Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

العلم والدين
العلم والدين
العلم والدين
Ebook496 pages5 hours

العلم والدين

Rating: 4 out of 5 stars

4/5

()

Read preview

About this ebook

موجز حول الكتاب
يعتبر كتاب العلم والدين لمؤلفه "خلدون الشَلَق" كتاباً جريئا في تناوله مواضيع هامة تشغل أفكار الكثير من الناس. وذلك بأسلوب جديد يختلف من حيث الشكل والمضمون أسلوب الكتب التقليدية المعروفة في مكتبتنا العربية.
الكتاب يطرح أفكار ثورية جديدة حول مفهوم الحقيقة والوجود والخلق وحول فكرة الله. يشرح الكتاب أيضا مفهوم الإيمان ومدى علاقته في إنتاج المعرفة.
يستخدم الكتاب النظريات العلمية والفيزيائية لتفسير مفاهيم وأفكار طالما احتكرتها الأديان واعتبرت نفسها صاحبة الوصاية عليها.
كما يبين الكتاب مدى قدرة العلم والفكر العلمي وإتباع النهج العلمي على تحرير أفكارنا ويعطينا القدرة على اكتشاف أفكار ومفاهيم جديدة قد تكون غريبة تماماً ولكنها تحمل بذور التقدم والرقي.
كتاب أنصح به الجميع وأرجو أن يحقق الغاية التي أسعى إليها في ترسيخ الفكر والنهج العلمي في مجتمعاتنا العربية.

Summary about the book
The book of Science and Religion by " Khaldoun Al shalak " is a bold book in dealing with important topics that occupy a lot of people's ideas, and that by a new style is different in terms of form and content, from traditional books that exist in our Arabic library .
The book presents revolutionary new ideas about the concept of the truth of existence and creation , and about the idea of creator . The book also explains the concept of faith and the extent of its relationship in production of knowledge .
The book uses scientific theories and physical theories to interpretation the concepts and ideas, as long as the religions monopolized this concepts and ideas and considered itself the owner of guardianship .
The book also shows ability of science and scientific thought and follow the Scientific method, to liberate our thoughts and gives us the ability to explore new ideas and concepts may be completely alien but carry the seeds of progress and prosperity .
Book I recommend it to everyone and I hope to achieve the purpose for which I am trying to fixation the thought and scientific method in our Arab societies .

Languageالعربية
Release dateJan 18, 2014
ISBN9781310712340
العلم والدين
Author

Khaldoun Al Shalak

خلدون الشلق إجازة في العلوم الرياضية والفيزيائية. خريج جامعة دمشق، عملت في تدريس الرياضيات والفيزياء اعمل الآن ضمن مشروع يعرف باسم "السلسلة العلمية المتميزة".احاول من خلال هذه السلسلة ترسيخ الثقافة العلمية في مجتمعنا العربي، خاصة عند الناشئة من الشبان. تتالف السلسلة العلمية من مجموعة من الكتب ، علم الفلك، الفيزياء، الرياضيات، ....أحاول من خلال أعمالي طرح فكرة توحيد رؤية العالم، العلم والفكر العلمي سيجعل منا اصحاب رؤية مشتركة.أعمل منذ فترة على تحرير فكرة الله وإطلاقها خارج الأديان. هذه الأديان التي طالما احتكرت فكرة الله وسخرتها لأهداف ورؤى خاصة حيث فشلت فشلا ذريعا في احداث التقارب وزرع المحبة بين شعوب الأرض.Khaldoun Al Shalak, degree in sciences of mathematics and physics . Graduate of Damascus University , worked in the teaching of mathematics and physics . I work now in a project known as the " The Special scientific series."I'm trying through this series instill the scientific culture in our Arab society , especially at emerging from the young. The Series consists of a set of scientific books , astronomy , physics , mathematics , ....I'm trying out of my works offering the idea of unifying vision of the world , science and scientific thought would make us the owners of a shared vision .I've been working from time on the liberalization and launched God idea outside religions. These religions that have long monopolized the idea of God and tame it for its objectives and its especial visions , where failed miserably in bringing about convergence and the laying of love among the peoples of the earth .

Read more from Khaldoun Al Shalak

Related to العلم والدين

Related ebooks

Reviews for العلم والدين

Rating: 4.190476190476191 out of 5 stars
4/5

21 ratings2 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

  • Rating: 5 out of 5 stars
    5/5
    bine merci b1 pour tout gg uu ii oo pp
  • Rating: 4 out of 5 stars
    4/5
    روعه

Book preview

العلم والدين - Khaldoun Al Shalak

كثيراً ما نقرأ في أيامنا الحاضرة مواضيع مختلفة عن مدى توافق الدين مع العلم، وأنه لا يوجد تناقض بين العلم والدين. البعض ينظر إلى العلم على أنه تأكيداً لما جاء في النصوص الدينية، هل هذا صحيح أو مقبول؟ نحن نلاحظ أن الكثير من الناس يندفعون في هذا الاتجاه، هل هي رغبة التوفيق بين العلم والدين؟ أم أنه الخوف من هذا القادم ومحاولة تطويعه لما نؤمن ونعتقد به؟

يعتبر العلم (النهج العلمي) : نظام معرفي صارم يعتمد التجربة، يعيد تقييم واختبار نظرياته وأفكاره باستمرار. نظام حي يعيش بقوة يجدد نفسه بنفسه، لا ينتمي إلى أي أيديولوجيا معينة. لكن الأيديولوجيات المختلفة تحاول جذبه إليها، فترتكب بذلك خطيئتها الكبرى، كما فعلت الماركسية اللينينية التي اعتبرت نفسها نظرية علمية فكانت نهايتها على يد العلم الذي تبنته.

بمرور الزمن وتراكم الخبرات واطّلاع الجماعات البشرية بعضها على خبرات بعض اكتشف الإنسان شيئاً فشيئاً الطريقة الفضلى والمثلى لفهم الطبيعة وظواهرها، فكان العلم والأسلوب العلمي في التفكير والمعرفة. بالعلم وبالمنهج العلمي في المعرفة والتفكير استطاع الإنسان أن يخلص عقله من الأكاذيب والأفكار غير الصحيحة، وبهذا استطاع أن يثبت أقدامه على الطريق الصحيح للمعرفة. لم تكن العملية سهلة، كانت عنيفة حيث فقد الكثير حياتهم، ودخلت المجتمعات في صراعات دامية نتيجة الأفكار الجديدة والثورة التي أحدثها الأسلوب الجديد في التفكير والحياة. فالأسلوب العلمي نهج صارم موضوعي لا يخضع للعواطف والنزوات.

عندما قال نيقولاس كبرنيق : إن الشمس ثابتة وأن الأرض متحركة تدور حولها، قد خالف بذلك تعاليم أرسطو، وأعراف وتقاليد الكنيسة، فالقداسة التي كانت تتمتع بها الأرض الثابتة كمركز للكون بدأت تفقد جلالها ومكانتها، فكان لا بد من إنقاذ شرف الأرض بإيقافها عن الحركة وإعادتها مركزاً للكون. ولكن الأرض رفضت وأصرت على خلع ثوب القداسة عنها مستمرة في حركتها حول الشمس كجرمٍ صغير.

لقد حطم الواقع كبرياء البشرية : عندما طرح داروين نظريته في التطور، كان لرجال الكنيسة موقفاً مضاداً. كيف يكون أصل الإنسان قرداً ؟!؟!، هذه الفكرة لم يستسغها رجال الكنيسة وبعض المفكرين، فهي تحط من قدر الإنسان ومن قدسيته. ولو كانت الفكرة أن الإنسان من أصول إلهية ربما كانت مستحبة ومرغوبة أكثر. إذن المسألة مسألة كرامات، أوهام نطلقها، ثم نؤمن بها ونصدقها تصديقاً أعمى لنرضي غرورنا و كبرياءنا.

لم يستطع العلم الإجابة بشكل قاطع على أسئلة مثل : لماذا وُجِدَ الكون ؟ لماذا نحن بني البشر موجودون ؟ من أين آتى الكون (العالم) ؟ وإذا لم يكن موجوداً، ماذا سيكون هناك ؟ ، فقط الدين هو الذي امتلك أجوبة لهذه الأسئلة، هل كانت أجوبته مقنعة؟ هل توافقت الأفكار الدينية مع النهج العلمي والأسلوب العلمي والنظريات العلمية؟

إن الوسائل التي نمتلكها متواضعة جداً للإجابة على مثل هذه الأسئلة، فالحقيقة المطلقة التي ظن بعض العلماء والفلاسفة، أنه من الممكن الوصول إليها، باتت اليوم أبعد ما يمكن. إن التخلي عن هذه الحقيقة وكذلك البحث عنها، أصبح أمراً موضوعياً، فالاهتمام بالكون وظواهره ومحاولة تفسيرها أصبح الشغل الشاغل للعلماء، فالحقائق العلمية والقوانين الكونية المكتشفة والتي ستكتشف ستجعلنا نقترب دون أن نبتعد بشكل أو بآخر من هذه الحقيقة.

Back to Contents

***

القسم الأول

"إن من أعظم خيرات الفكر في هذا الوجود معرفة الله."

Baruch Spinoza

"معرفتنا لا يمكن إلا أن تكون محدودة، أما جهلنا فغير محدود بطبيعته"

Karl Popper

"كل الأشياء فيها غموض لا ندركه إلا حين نحاول رؤيتها بشكل واضح"

Bertrand Russell

"كل شخص تُطوِّقه أينما ذهب سحابة من القناعات المريحة التي تتحرك معه مثل الذباب في يوم من أيام الصيف"

Bertrand Russell

الفصل الأول

حول أصول نشأة الدين والعلم

بدأ الإنسان مغامرته الأولى مع الطبيعة، عندما حاول استخدام بعض الأشكال الحجرية الموجودة في الطبيعة لتقطيع لحم الحيوانات وطحن عظامها، فكان لهذه الأحجار ذات الحواف الحادة والأشكال المعينة التي أنتجتها الطبيعة بفعل عوامل مختلفة تأثيرٌ قويٌ على عقل الإنسان البدائي. فأخذ يعتقد بأن هذه الأحجار تمتلك قوى خاصة، وأن هذه القوى كامنة في الطبيعة.

بمرور الزمن وازدياد خبرة الإنسان البدائي، أخذ يحاول تقليد أشكال هذه الحجارة، فنجح في ذلك فكانت خطوته الثانية. وساد الاعتقاد : بأنه عندما يقلد هذه الأحجار، فان أحجاره التي صنعها بنفسه ستمتلك هذه القوى الخفية.

a- من أقدم الأدوات الحجرية المعروفة أداة قطع مصنوعة من حصى البازلت البركاني تعود إلى 2.6 مليون سنة. b- أدوات‎ حجرية من المرحلة العليا للعصر الحجري القديم. قبل حوالي 35000 سنة.

الشكل (1-1-1) : بعض الأشكال الحجرية التي استخدمها الإنسان القديم.

وبهذا امتلك الإنسان لأول مرة تكنولوجيا خاصة به، انعكست بوجود وعي وفكر خاص به، فأصبحت لديه القناعة بأنه إذا قلَّد ظاهرة طبيعية فإن هذه الظاهرة ستقع.

أخذت هذه المعتقدات بالانتشار والتوطد، فبعض هذه المعتقدات مازالت موجودة حتى الآن لدى بعض الشعوب البدائية. فقبل الخروج إلى الصيد يقوم صيادو القبيلة بتمثيل عملية الصيد على تمثال أو رسم يشبه الحيوان المراد صيده، فإذا كانت إصابة الرماح جيدة وفي منطقة محددة من جسم الحيوان, خرج الرجال إلى الصيد معتقدين أن الصيد محقق وناجح. أما إذا كانت الإصابات غير دقيقة، فيتم إلغاء عملية الصيد. فتقليد هطول المطر وصوت الرعد سيؤدي بدوره إلى هطول المطر (إذاً .. من تقليد الحجارة إلى تقليد الظواهر الطبيعية). وهكذا ساد فكر وفلسفة جديدة، ومن خلالهما أخذ الإنسان يحاول فهم العالم.

يعد اكتشاف الإنسان البدائي للنار الخطوة الهامة في تطوره. فبواسطة النار استطاع الإنسان طهي اللحم الذي أصبح أطيب وأسهل هضماً. واكتشف بواسطتها أعماق الكهوف المظلمة التي لم يجرؤ قط على دخولها. كما استطاع قهر أعداءه بها، وإبعاد الحيوانات المفترسة عنه، وتبديد ظلام الليالي المخيفة.

استطاع الإنسان لأول مرة تحرير هذه القوى الكامنة من الطبيعة، التي كانت فيما مضى قوى عاتية. فباكتشافه للنار اكتشف المعادن وبواسطتها صنع أسلحته من رماح وسيوف. وبدأ الإنسان يغزو الطبيعة، وشيئا فشيئا يضع يده على أسرارها محاولاً تسخيرها.

عصر السحر (التقليد)

أدرك الإنسان البدائي ضمنياً أنه قادر على تسخير الطبيعة لغاياته، إلا أن أموراً كثيرة وظواهر وأخطار شتى كالعواصف والفيضانات والزلازل، لم يستطع السيطرة عليها أو التحكم بها فلجأ إلى السحر. يعمل الساحر على إجبار قوى الطبيعة لتحقيق رغباته ضمن طقوس معينة يمارسها معتقداً أن هذه الطقوس هي السبب الرئيسي في إخضاع قوى الطبيعة

يعتبر السحر من الناحية الشكلية أقرب إلى الأسلوب العلمي، فممارس السحر الذي يحاول تقليد الظواهر الطبيعية ومحاكاتها بغية وقوعها. لا يعرف السبب الخفي وراء وقوع هذه الحوادث، فهو لا يمتلك الوسائل والخبرات اللازمة لذلك. فهو يعتمد على التقليد وهي أسس وبدايات التفكير البدائي.

السحر في وقتنا الحاضر Magic

إذا نظرنا إلى أحد السحرة وهو يقوم بأحد عروضه، والتي كنا نطلق عليها اسم ألعاب الخفة، فيد الساحر ليست أسرع من عين المشاهد، ولكن مهارة الساحر بجعل المشاهدين يركزون انتباههم حيث يريد لفترة زمنية محددة. ونجاح السحر يكون في القدرة على خلق الوهم الذي يأخذ مظهر الحقيقة الواقعية.

لمحة تاريخية عن السحر

لآلاف السنين كان يعتقد بأن السحرة والمشعوذين قادرين على استخدام القوى الخارقة للطبيعة، ليكتسبوا السيطرة والتحكم بقوى الطبيعة (كالعواصف، والزلازل، والفيضانات، وسقوط الأمطار، والصيد الناجح...). ولهذا السبب في بعض الأديان ارتبط السحر بالدين -هناك أديان حاربت السحر واعتبرته من الشرور-، كان يفترض للسحرة الشخصيين للملك أن يكون لديهم القدرة على جعل السماء تمطر، ويبعدون الأعداء، ويمنعون ويشفون من الأمراض، ويلقون السحر على الجيوش الغازية، والأكثر أهمية هو كسب عطف واستحسان الآلهة. ولكن في أيامنا هذه حيث ظهر سحرة بارعين أساتذة الوهمmaster illusionists مثل : هاري بلاك ستون، دوغ هينينج، وديفيد كوبيرفيلد حيث فاقت القيمة الترفيهية للسحر مدلوله في الطقوس الدينية. وهناك سجلات مصرية قديمة حول تفاصيل لأداءات سحرية تعود إلى 2494 قبل الميلاد.

عندما سيطرت المسيحية على الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع الميلادي انقلبت المسيحية ضد السحرة. واعتبرت السحر والسحرة غير شرعيين ومناهضين لتعاليم المسيحية. استمر هذا حتى عصر النهضة حيث سمح للسحرة والمشعوذين القيام بأعمالهم أمام الأسرة المالكة وطبقة النبلاء والأساقفة ولكن ليس أمام العامة والجمهور، وفي القرن السادس عشر أصبح هناك سحرة محترفين يقدمون الخدع في ورق اللعب وقراءة العقول ويقومون أيضاً بتقديم خدع لإخفاء الأجسام.

Back to Contents

عصر الدين

بازدياد خبرة المجتمعات البشرية وازدياد اعتمادها على الطبيعة وإلى ضرورة التحكم بها خاصة عند المجتمعات الزراعية البدائية؛ وبازدياد تأثير الظواهر الطبيعية على تركيبة هذه المجتمعات وطرق إنتاجها لحاجاتها البشرية ؛ بقيت المجتمعات البشرية غير قادرة على التحكم بأساليب حياتهم ومعيشتهم، كان للطبيعة وللظواهر الطبيعية الدور الفصل في التحكم بمصير هذه المجتمعات. فبدا الإنسان ضعيفاً، عاجزاً أمام قوى الطبيعة العاتية، ومازال حتى الآن عاجزاً بشكل من الأشكال. فظهر الدين أو ما يعرف بالفكر الديني، أخذ البشر بالاعتقاد بوجود كائنات غير مرئية، أو كائنات تعيش في أماكن بعيدة، تتحكم بمصير المجتمعات البشرية فكان لابد من استرضاء هذه الكائنات وطاعتها وتقديم القرابين لها، لتحميهم وتمنع الأخطار عنهم. وبهذا ظهر ما يعرف بالدين أو الفكر الديني.

التنجيم (ربط ما يحدث على الأرض مع ما يحدث في السماء)

منهج قائم على الاعتقاد بأن الأحداث على الأرض تتأثر بمواقع وحركة الأجرام الفلكية، وبصورة خاصة الشمس، القمر، الكواكب، والنجوم. اشتقت كلمة Astrology من الكلمة اليونانية astron (النجم) والكلمة logos (دراسة). التنجيم دراسة للأجرام السماوية للتعرف على مدى التأثير الممكن الذي تبديه هذه الأجرام على حياة البشر. منذ فجر الحضارة، والبشر ينظرون بدهشة ورهبة إلى السماء، سعياً في فهم طبيعة الشمس، القمر، الكواكب، والنجوم. وبالوسائل المحدودة والمتوفرة لديهم درست شعوب ما بين النهرين، الشعب المصري، والشعب اليوناني الحركات المنتظمة التي شاهدوها في السماء. التي قدمتها هذه الشعوب قادت إلى تطور علم الفلك. فالتنجيم نشأ بالتأملات حول كيفية تأثير السماء في الحياة على سطح الأرض. منذ الأزمنة القديمة وخلال العديد من القرون فيما بعد، لم يكن هناك أي تمييز بين التنجيم وعلم الفلك. حيث يؤكد المنجمون أن مواقع الأجسام الفلكية عند لحظة ميلاد إنسان والحركة التالية لهذه الأجسام سوف تعكس شخصيته وبالتالي قَدَره. الأوضاع والأشكال التي تتخذها النجوم والكواكب في السماء تترجم على أنها حوادث يمكن أن تجري على الأرض. فالمنجمون يعتقدون بوجود علاقة لهذه الأشكال السماوية مع خصائص وصفات الأفراد.

إذاً التنجيم واحد من أقدم أشكال الدراسة والبحث المعروفة، حيث يمكن تتبع أثره إلى ما قبل 4,000 سنة في الشرق الأوسط القديم. لقد اُستُخدم التنجيم في الهند وفي الغرب حيث كانت الأصول المشتركة له. ولكن معظم الحضارات طورت أشكال خاصة بها من علم الكونيات الروحاني Mystical cosmology، وعلى أقل تقدير الحضارة الصينية حوالي 2000 قبل الميلاد وحضارتي المايان Mayan والأزتك Aztec في أمريكا الوسطى، قد طورتا نظاماً معقداً من التنجيم. فمن المحتمل أن هذه الشعوب رصدت حركات لأجسام فلكية محدد، وعلى وجه الخصوص الشمس فتأثر وتغير الفصول والنجاح في حصد المحاصيل الزراعية حسب تغير وضع الشمس في السماء، كان تنجيماً، والأمل بالتنبؤ بالمستقبل ، قاد إلى دراسة منظمة للسماء ، وهذه الدراسات تطورت بدورها إلى علم الفلك Astronomy.

ورغم ذلك فإن العديد من البشر، وخاصة علماء الفلك وعلماء آخرين يعتقدون بأن التنجيم لاشيء أكثر من خرافة وخزعبلات، فقد كان للتنجيم شعبية و أتباع في القرن الماضي. فالعديد من سماسرة Wall Street كانوا يستأجرون المنجمين. ومن أشهر حالات التأثر بالتنجيم، استشارة نانسي ريغن Nancy Reagan زوجة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغن Ronald Reagan لمنجم كاليفورنيا لمدة سبع سنوات، بعد محاولة اغتيال رونالد ريغن في 30 مارس (آذار) 1981، حول الأزمنة والتواريخ الميمونة لأهم الحوادث في حياة الرئيس. لقد بدأت شعبية التنجيم تنطلق في أواخر القرن التاسع عشر، وابتكار عامود الأبراج في الصحف اليومية في عام 1930 رسخ التنجيم كجزء من الإعلام الجماهيري والثقافة الشعبية.

يستخدم المنجمون رسوم تخطيطية تعرف بخرائط الأبراج Horoscopes (رسوم للسماء)، خريطة لمواضع أجسام فلكية عند أوقات محددة، تعتمد رموز (إشارات) الأبراج السماوية ، برج الحمل Aries ، برج الثور Taurus ، برج التوأمان Gemini ، برج السرطان Cancer ، برج الأسد Leo ، برج العذراء Virgo ، برج الميزان Libra ، برج العقرب Scorpio ، برج القوس Sagittarius ، برج الجدي Capricorn ، برج الدلو Aquarius ، وبرج الحوت Pisces.

Back to Contents

الشكل (1-1-2) دائرة الأبراج

تظهر نصائح ونبوءات المنجمين في الكثير من الصحف اليومية. حيث تنشر كل سنة أعداد هائلة من مجلات وكتب التنجيم. فمعظم توجيهات ونصائح التنجيم التي تظهر هي بالأصل مخطط مفصل مصاغ كلامياً بشكل يدل على مدى تأثير الأجسام السماوية على حياة الأفراد الذين ولدوا في أوقات محددة. وهي عبارات كلامية موجزة من التوجيهات والنصائح تظهر في الطباعة للجمهور الواسع. فنبوءات الأفراد التنجيمية (هي بالأصل -رسم- مخطط للميلاد) تتحدد بواسطة مواضع جميع الكواكب عند لحظة ميلاد الفرد. لقد قسم المنجمون السنة إلى 12 قسم متساوٍ، يدعى هذا التقسيم دائرة الأبراج Zodiac، حيث تتطابق بالأصل مع 12 حشد نجمي (برج) تقع في حزام كبير يحيط بالسموات. هذا المخطط اعتمد على حركة الشمس عبر الاثني عشر برجاً لدائرة الأبراج خلال سنة واحدة. كل حشد نجمي (برج) يعتبر كمنزلة لكوكب معين، ورغم ذلك، بعض الكواكب تحكم أكثر من برج واحد. حيث يعتقد بأن كل كوكب يمتلك تأثيراً قوياً أو ضعيفاً على حياة الشخص، حسب موقعه في السماء. ويعتقد أيضاً أن كل برج من الأبراج 12 لدائرة الأبراج له علاقة بأجزاء من الجسم البشري وبالعناصر اليونانية الأربعة : التراب ، الهواء، النار ، والماء. كما أن اليونانيين ربطوا صفات وسمات ذكريه وأنثوية مع رموز أبراج الميلاد.

لمحة تاريخية حول أصول التنجيم

الأصول الشرق أوسطية للتنجيم

يمكننا تقفي أثر التنجيم عند أقدم الحضارات المدنية التي عرفت الكتابة في بلاد ما بين النهرين وذلك قبل BC 2,000. ورغم ذلك فمن المحتمل أن تؤرخ أصول التنجيم إلى محاولات تسبق اختراع التقويم، وذلك لتنظيم الحياة المدنية والدينية أو التكهن بالمستقبل. إن علامات قرون الغزال الموجودة حوالي 15,000 BC قد تشير إلى الأوجه القمرية، بينما فتحات الأعمدة عند ستون هينج Stonehenge في الجنوب الإنكليزي تؤرخ بحوالي 8,000 BC. فالقليل هو المعروف عن نوع التنجيم الذي كانت تمارسه شعوب العصر الحجري الحديث Neolithic، أو عند الشعوب اللاحقة التي لم تترك تسجيلات مكتوبة مثل الشعوب السلتية Celts (عرق هندي أوربي قطن فيما مضى أجزاء واسعة من أوربة الغربية).

فأول نص فلكي كامل بقي هو لوح الزهرة، مجموعة من البشائر لكوكب الزهرة Venus وضع في ظل حكم الملك Amisaduqa البابلي حوالي 1650 BC. وفي الألف السنة التالية جمعالإمبراطور الآشوري Ashurbanipal كل الألواح الفلكية مع بعضها في مجموعة واحدة. مبدئياً، كل التنجيم كان، كما يبدو، مكرساً للملك والدولة، أما مهمة المنجمين كانت إعطاء النصيحة السياسية. وأول ظهور لرسم تخطيطي مستقل، يعود تاريخه إلى العصر الفارسي 410 BC.

أما تطورات التنجيم في مصر القديمة فقد اتبعت مساراً مختلفاً، وأصبحت مخالفة لما كان معروفاً، فسكان دلتا النيل عاشوا ضمن بيئة آمنة نسبياً، لقد كانت حاجتهم لتنبؤ بالمستقبل قليلة، ولذلك فهم لم يحتاجوا إلى تنجيم تنبوئي معقد. فبدلاً عن التنجيم، طور المصريون نظام لاهوتي نجمي (آلهة نجمية) حيث كانت الشمس رمز للرب الخالق الأعلى آمون Amon. أما مجموعة نجوم برج الجوزاء Orion تمثل الرب أوزيريس Osiris، حيث اعتبر الفرعون تجسيداً له، بينما نجم الشِّعْرَى اليمانية Sirius يمثل الزوجة ايزيس Isis (آلهة الأمومة والخصوبة المصرية). فأعظم الآثار الباقية من التاريخ المصري تعنى باصطفافها ومحاذاتها للشمس أو النجوم، فالهرم الكبير 2,600 BC على سبيل المثال يصطف مع نجم الشِّعْرَى اليمانية و مجموعة نجوم برج الجوزاء.

Back to Contents

التنجيم عند اليونان

اخترع اليونانيون الأوائل القواعد التقنية والفلسفية للتنجيم والتي ما تزال تستخدم حتى يومنا هذا. فالفيلسوف الأثيني أفلاطون Plato (428 ? - 347 ? BC) كان يجادل بأن الكون كله إلهي ويمكن أن يبدو كصورة للرب، الذي وضع الكواكب في السماء بشكل مرتب حسب مشيئته، وخططه. أما أرسطو Aristotle (384 - 322 BC) فقد استحدث فكرة التأثيرات والأسباب السماوية، فقد كان يعتقد بأن الكواكب كانت المسؤولة عن نقل إرادة الرب إلى البشرية. ففي القرن الأول قبل الميلاد طور اليونانيون خريطة الأبراج إلى 12 إشارة برجية، و12 منزلة، و7 كواكب، و5 هيئات رئيسية، والتي تعد الأساس لتأويل خريطة الأبراج الحديثة. فالشكل الأصلي : كان النموذج البطليموسي Ptolemaic System الذي لخص الكثير من تعاليم التنجيم، كما أنه أصبح النص القياسي في أوروبا العصر الوسيط، وعصر النهضة.

المسيحية والتنجيم

باتجاهات متناقضة ظهر التنجيم في العهد القديم، وبارتباطه بالمؤسسات الوثنية في الإمبراطورية الرومانية، جعل الكثير من المسيحيين يناصبوه العداء، ويقومون بالهجوم عليه وهذا ما جاء باعترافات أوغسطين القديس (354-430) Saint Augustine (لاهوتي وفيلسوف كاثوليكي حاول التوفيق بين الفكر الأفلاطوني والعقيدة النصرانية). لقد اعتبرت المسيحية بشكل خاص أن جبرية التنجيم تدخل في صراع وتعارض مع حرية الفرد وإرادته بالاختيار بين الخطاء والصواب، بين الخير والشر، وبسعيه للخلاص من الخطيئة.

هذا وبالإضافة إلى انهيار الإمبراطورية الرومانية في أوروبا الغربية عام 476، تحرك مركز الاهتمام شرقاً باتجاه الهند وبلاد فارس. من هنا تم إعادة اكتشاف التنجيم بواسطة العرب بعد فتحهم لبلاد الشرق الأوسط. فبدأ الباحثون الأوربيون بتعلم التنجيم من العالم الإسلامي في أواخر القرن العاشر الميلادي، وأصبح التنجيم في القرن الثاني عشر جزءاً أساسياً في رؤية العالم الجديد، حيث كان يدرس في الجامعة كموضوع مستقل مع علم الفلك. لقد أصلح القديس توماس الأكويني (1225-1274) Thomas Aquinas (راهب وفيلسوف ولاهوتي إيطالي) بين التنجيم والمسيحية، وذلك بالمحاجة : بما أن الروح وكذلك حرية الفرد في اختياراته الأخلاقية، كانت من مسؤولية الرب، فهناك أيضاً حاجات جسدية وعاطفية، وكذلك مسائل الحرب، السلام، الأمراض والاقتصاد تخضع لتأثير النجوم. بشرط احترام أولوية اللاهوت المسيحي وسلطة الكنيسة، فالموضوع هو قبول جزء من فلسفة الطبيعة.

فبغياب العلم المتقدم، التكنولوجيا، والطب، كان التنجيم يبدو جزءاً أساسياً من التشخيص الطبي والعلاجي، وعوناً للسلطة السياسية حيث كان يستخدمه الملوك والباباوات، وأيضاً كوسيلة لتحديد الأوقات الميمونة للزيجات أو لجني المال، وكأداة للتنبؤ بالمستقبل.

التنجيم عند المجتمعات الشرقية

يبقى التنجيم جزءاً متكاملاً للحياة الدينية والاجتماعية في الهند، وخاصة عند الزواج. فالتنجيم استخدم لتوقيت والتنبؤ بالأحداث بشكل أدق مما هو عليه في الغرب، حيث اعتمدت دائرة الأبراج على نظام إحداثي مختلف. أما التنجيم الصيني فقد كان معقداً كما هو التنجيم الهندي والغربي وكان مترابطاً مع الطب التقليدي.

الثورة العلمية وأثرها على التنجيم

في أواخر القرن السابع عشر، فقد التنجيم الأوروبي الاحترام الفكري. كان ذلك نتيجة للاكتشافات العلمية والفلكية لكل من غاليلو، نيوتن وكبرنيق، حيث تبين أن الشمس هي مركز النظام الشمسي Solar System، كما أن نواحي ومظاهر أخرى للنظام الشمسي لم تكن معروفة في السابق. هذه الاكتشافات وبالإضافة إلى نشأة المذهب المادي Materialism والطريقة العلمية، قاد ذلك إلى رفض التنجيم من قبل الكثير من علماء الغرب وفلاسفته. تعزي آراء أخرى ذلك، لارتباط التنجيم بالحركات الأصولية والحركات المتطرفة التي برزت في أوائل القرن السابع عشر. تجدد الاهتمام بالتنجيم في نهاية القرن الثامن عشر في إنكلترا، حيث استفاد التنجيم من انتشار المذاهب الروحانية Spiritualism، واكتشاف الأديان الشرقية.

موقف العلم من التنجيم

تقليدياً،

Enjoying the preview?
Page 1 of 1