Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بحوث في نهج البلاغة: الرسل والرسالات
بحوث في نهج البلاغة: الرسل والرسالات
بحوث في نهج البلاغة: الرسل والرسالات
Ebook208 pages1 hour

بحوث في نهج البلاغة: الرسل والرسالات

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

: صدر من هذه السلسلة من البحوث
١ - الفلسفة الالهية
٢ - الخلافة والخلفاء
٣ - الطبقات الاجتماعية
٤ - الرسل والرسالات
٥ - جهاد الانسان
والله ولي التوفيق

Languageالعربية
Release dateJan 29, 2018
ISBN9781370914265
بحوث في نهج البلاغة: الرسل والرسالات
Author

علي الشيخ سليمان يحفوفي

جمعية العلامة الشيخ سليمان يحفوفي - قدّس سره علي الشيخ سليمان يحفوفي

Read more from علي الشيخ سليمان يحفوفي

Related to بحوث في نهج البلاغة

Related ebooks

Related categories

Reviews for بحوث في نهج البلاغة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بحوث في نهج البلاغة - علي الشيخ سليمان يحفوفي

    Rosol.png

    بحوث في نهج البلاغة

    (٤)

    الرّسل والرّسالات

    علي الشّيخ سليمان يحفوفي

    النّاشر

    جمعية العلاّمة الشّيخ سليمان يحفوفي

    (قدّس سرّه)

    مقدمة

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

    يتعرّض الإمام عليه السّلام في نهج البلاغة لمواضيع كثيرة ومتعددة تدخل في صميم الحياة الإجتماعية، أحياناً باختصار وإيجاز، وأخرى بشيء من التّفصيل. وقد كان لنا مع نهج البلاغة لقاءات سابقة في ثلاثة بحوث متنوعة، نضيف اليها هذا البحث الذي بين أيدينا والذي نتناول فيه موضوع (الرّسل والرّسالات).

    والإمام عليه السّلام يتعرّض لظاهرة النبوّة بشكل عام في عدة مواضع من نهجه، ويولي نبوّة النبيّ محمد صلّى الله عليه وآله أهمية خاصّة بإعتباره خاتم الرّسل والأنبياء، وقد أطال عليه السّلام في الحديث عن نبوّته وبيان صفاته وحال الناس وقت بعثته، في حين كان تعرّضه لنبوّة السلف من الأنبياء قليلاً نسبياً.

    وكذلك الحال بالنسبة للرّسالات السّماوية التي جاؤا بها، حيث نرى الإمام عليه السّلام يختصر في كلامه عنها بينما نراه يستوفي الحديث عن رسالة النبيّ محمد صلّى الله عليه وآله بإعتبارها خاتمة الرسالات. والله سبحانه قد قبل منّا الإعتراف الإجمالي بالرّسل والرّسالات السابقة، ولكن لم يرضَ ذلك بالنسبة للرّسالة الخاتمة، فإنه سبحانه يريد منّا العلم التفصيلي بها والعمل على مقتضاها، لذلك أطال عليه السّلام في حديثه عنها.

    ونحن في بحثنا هذا نحذو حذو الإمام عليه السّلام ونسير على خطاه، فنتحدّث عن الأنبياء والرسّالات بشكل مقتضب، بينما نتناول بعثة النبيّ محمد صلّى الله عليه وآله ورسالته بشيء من التفصيل، وكل ذلك من خلال نهج البلاغة.

    علي الشيخ سليمان يحفوفي

    بيروت، ١٩٨٢

    الفصل الأوّل:

    النبوّة

    علّة بعث الأنبياء والهدف منه

    الله - جلّ جلاله - هو الكامل المطلق، بمعنى أنه الكمال بنفسه، لا أنه يُوصف به كما تُوصف الأشياء والكائنات. وهو سبحانه الكمال المطلق الوحيد الذي يمكن إفتراضه، ومهما وُجد من كمال في هذا الكون فالله مُعطيه وواهبه.

    كما لا يمكن بحال أن يوجد شيء مخلوق لله ثم لا يكون متّصفاً بالكمال، لأن الكمال المطلق لا يصدر عنه إلّا الكمال، ولكن كماله يكون نسبياً. فالمخلوقات كلها كاملة في عالمها حتى الحشرة والذرّة، والإنسان من جملة هذه المخلوقات، وهو يزيد عنها في كونها بمجملها مخلوقة لأجله وموضوعة في خدمته، فهو يتمتعّ بالسّيادة عليها، ولذا لا بدّ أن يكون أكملها.

    وتوخّياً للدقة بدرجة أكبر نقول: الإنسان مخلوق من جسد وروح، ففيه إذن جانبان: جانب مادي أرضي، وجانب روحي سماوي. أما الجانب المادّي فهو متكامل بالفعل، بمعنى أن الإنسان بهيكله المادّي البحت يكون كاملاً منذ اللحظة التي يُولد فيها، فالعينان موجودتان في المكان الأفضل والذي يجب أن تكونا فيه، والأذنان كذلك، والأطراف تحتلّ الموضع الأفضل، وهكذا الحال بالنسبة لسائر الأعضاء، وما ذلك إلّا لأجل ظهور الانسان في أحسن تقويم من حيث الشكل الخارجي والتركيب العضوي لتحقيق الإستفادة القصوى من أعضائه.

    وأما الجانب الروحي في الإنسان - والذي هو الانسان حقاً - فهو كامل أيضا، ولكن بالقوة لا بالفعل، بمعنى أن الانسان يولد حاملّا معه رصيدا يتيح له كماله الروحي فيما لو استفاد منه، وهذا الرصيد هو الذي نسميه: الفطرة.

    فالفطرة ترتفع بالإنسان الى أعلى درجات الكمال، هذا إذا بقيت محافظة على صفائها ونقاوتها بأن كان سلوك الإنسان معها لا معارضاً لها، فإنه من خلال تصرفاته المنحرفة قد يحيد عن طريق الفطرة، فلا يتمكن بعد هذا من الرّجوع اليه، وبذلك تفوته فرصة تكامله، فيكون وجوده لغواً لأن علة خلق الانسان هي تكامله، فإذا أصبح تكامله مستحيلاً فقد أصبح وجوده عبثياً، بينما الحقيقة أن الإنسان لم يُخلق عن عبث، والى هذا يشير الإمام عليّ عليه السّلام بقوله:

    فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدىً، وَلَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَة وَلاَ عَمىً (خطبة ٨٥)

    وبقوله أيضا في مورد آخر:

    أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ، فَمَا خُلِقَ امْرءٌ عَبَثاً فَيَلْهُوَ (١) وَلاَ تُرِكَ سُدىً فَيَلْغُوَ (حكمة ٣٥٩)

    (١) اللهو: الإتيان بالشيء طابا للذة. واللغو: الشيء الذي ليس فيه فائدة.

    فالله سبحانه لم يترك الإنسان في جهالة ولا عمى، وإنما زوّده بالفطرة تنير له طريقه وتهديه سُبُل الكمال التي هي علة وجوده، وهو لم يُخلق عن عبث، وحاشا لله أن يفعل شيئا عبثا، بل كل ما خلقه له غاية من وجوده، فالكائنات المحيطة بنا بأجمعها لها غاية من وجودها، وهي خدمة الإنسان سيّدها، فهي جميعها قد وُضعت في خدمته، وتلك هي الغاية من خلقها. وأما الإنسان، فإن غاية وجوده هي تكامله ليعرف الله ربّه. وذلك أن الانسان كلما إزداد ارتقاءً لسلّم الكمال، كلما اقترب من الله الذي هو الكمال المطلق، فإزدادت معرفته به.

    فمعرفة الانسان لله إنما تتمّ عن طريق تكامله، ومن هنا كان لازماً أن يكون الانسان حراً مختاراً في تصرفاته، فإن شاء فعل وإن شاء ترك، ليحقّق كماله بنفسه. وفِعل الصالحات يقرّب من الله زلفى، بينما إرتكاب المعاصي يباعد الإنسان عن متعة معرفته سبحانه وتعالى.

    والله جلّ إسمه، من كمال لطفه بالإنسان قد زوّده بالفطرة لتهديه الى طريق الخير والصلاح ليسلكه ويصل الى هدفه، والإمام عليه السّلام يؤكد على وجود الفطرة الانسانية، فيقول من جملة كلامه:

    جَابِلَ الْقُلُوبِ (١) عَلَى فِطْرَتِهَا (خطبة ٧١)

    (١) جابِل القُلوب: خالقها.

    وقد تحدثنا بشكل موسّع عن الفطرة وماهيتها ووجودها في بحث «الفلسفة الإلهية» ولا نجد داعياً للإعادة هنا، ولكن نقول: إن الانسان قد ينحرف عن الطريق القويم الذي تفرضه الفطرة، فلا تتمكن بعد هذا من القيام بعملها المتمثّل في هدايته، لأنها تكون قد تشوّهت، فلا يتمكن حينئذ من التكامل ومعرفة الله.

    وهنا يأتي دور النبوة في حياة الانسان، فإن الله سبحانه لا يتركه ليتابع سيره الخاطئ الذي يبتعد به كلما توغّل فيه عن الهدف من وجوده، بل يُرسل الأنبياء والرسل ليقوِّموا إعوجاجه ويعيدوه الى فطرته، بعد تذكيرها ما نسيت وإصلاحها إن فسدت، وفي هذا يقول الإمام عليه السّلام:

    وَاصْطَفى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدَهِ أَنْبيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ (١) وَعَلَى تَبْليغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللهِ إِلَيْهِمْ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ، واتَّخَذُوا الأَنْدَادَ (٢) مَعَهُ، وَاجْتَالَتْهُمُ (٣) الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرفَتِهِ، وَاقتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ (٤) مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ (خطبة ١)

    (١) ميثاقهم: عهدهم.

    (٢) الانْدَادُ: الامْثَال، وأراد المعبودين من دونه سبحانه وتعالى.

    (٣) اجْتَالَتْهُمْ بالجيم: صرفتهم عن قصدهم

    (٤) وَاتَرَ إليهم أنبياءهُ: أرسلهم وبين كل نبيّ ومَن بعده فترة، وقوله «لِيَسْتَأدُوهُمْ»: ليطلبوا الاداء.

    فكلام الإمام عليه السّلام صريح في وجود الفطرة في الانسان، وإن الله سبحانه قد أخذ ميثاقه عليها، وهو صريح أيضا في ان بعث الأنبياء إنما كان نتيجة إنحراف الإنسان عن هذه الفطرة، وتكون مهمّتهم تذكيره بها.

    وبهذا يتبين أن بعث الأنبياء وإرسال الرّسل هو من كمال لطفه تعالى بالبشر، فالإنسان الناسي لفطرته المنحرف عن خطّها، يعود بتذكير الأنبياء له ليصحّح خطأه ويقوّم إعوجاج نفسه ليتابع مسيرته نحو المطلق.

    وبإرسال الرسل أيضا تقوم الحجة كاملة عليه فيما لو إستمر في إنحرافه، إذ قد يكابر الإنسان وينكر الفطرة، ولكنه أبداً لا يستطيع إنكار الأنبياء والرسّل مع ما يملونه من معجزات. والإمام عليه السّلام يصرّح بأن من هدف الانبياء إقامة الحجة على الناس فيقول مشيراً اليهم عليهم السّلام :

    بَعَثَ اللهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1