You are on page 1of 2

‫لضطهاد الفكري‬

‫‪.‬ل يظهر في القرن السابق أن جماعة قد اضطهدت لمجرد فكرها وعقيدتها غير الجماعة السلمية الحمدية‬

‫أما القول إن الجماعة السلمية الفلنية أو العلنية تلقي اضطهادا وسجنا وتعذيبا وتشريدا وتقتيل‪ ،‬فإن مردّ ذلك‬
‫إلى أعمالها المادية وليس إلى فكرها؛ ذلك أن بعضها يسعى لغتيال مسؤولين في النظام الحاكم‪ ،‬وبعضها الخر‬
‫يخطط سرا للقيام بانقلب عسكري ضد النظام‪ .‬وأما الجماعات المسيحية فيعود اضطهاد بعضها إلى سلوكٍ‬
‫غريب يؤدي إلى انتحار التباع وما شابه ذلك من أعمال مضرة بهؤلء الفراد‪ .‬وهكذا لو رحت تتتبع الضطهاد‬
‫‪.‬في العالم كله ما وجدت اضطهادا فكريا إل ضد جماعتنا السلمية الحمدية‬

‫فما السبب في هذا النفراد؟‬

‫قبل ذكر السبب الذي ل سبب غيره‪ ،‬يجدر التذكير بأن النبياء عبر تاريخهم قد تعرضوا لضطهاد كبير‪ ،‬ولم‬
‫يبعث ال نبيا ثم رحب به قومه وفرشوا طريقه بالورود! بل (يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إل كانوا به‬
‫‪(..‬يستهزئون)‪( ..‬وكلما جاءهم رسول منهم كذبوه‬

‫لقد وضح أسباب المعاداة المودودي الذي ظل معارضا للجماعة داعيا إلى منع أي فرد فيها من ادعاء السلم‪،‬‬
‫‪:‬حيث قال تحت عنوان‪ :‬السباب الساسية الثلثة للنزاع‬

‫السبب الول هو نشاط أتباع هذه النحلة الجديدة‪ ،‬وتحمسهم للدعوة إلى فكرتهم ومثابرتهم على المجادلة والمناظرة‬
‫مما جعل كل رجل منهم يحدث صراعا عنيفا في بيئته ووسطه الذي يعيش فيه‪(.‬المودودي‪ ،‬ما هي القاديانية‪ ،‬ص‬
‫‪107(.‬‬

‫أليس هذه التهمة هي ذاتها التي وجهها الكفار للرسول صَلّى الُ عََليْهِ وَسَلّ َم والمؤمنين معه؟ أليست هي التحمس‬
‫للدعوة؟ أليست هي إحداث صراع فكري داخل محيطه؟ أليست خالية من أي عمل عسكري أو تآمري؟‬

‫نعم‪ ،‬هذا هو الضطهاد الحقيقي‪ .‬إنه معاقبة شخص‪ ،‬بأي طريقة كانت‪ ،‬بسبب فكره فقط‪ .‬أما المعاقبة بسبب‬
‫ت بعضَ‬
‫السلوك الذي يضر بالخرين‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا أم حكومات‪ ،‬فليس باضطهاد‪ .‬لذا فإن سجن الحكوما ِ‬
‫المشايخ –أحيانًا‪ -‬ليس اضطهادًا؛ إذ إن ذلك ليس لمجرد فكرهم‪ ،‬بل لمحاولتهم النقلبية‪ ،‬أو إثارة البلبلة في‬
‫طهَد‪ ،‬بل هو حزب له آراؤه التي يؤمن‬
‫الشارع‪ ،‬أو ما شاكل ذلك‪ .‬من هنا ل يجدر أن يقال إن حزب التحرير مض َ‬
‫بها‪ ،‬وله خططه النقلبية العسكرية التي توجب على أي حكومة مقاومتها‪ ،‬حتى تبقى محافظة على نظامها‪ .‬ول‬
‫يعني قولنا هذا أن آراء الحكومة هي الحق‪ ،‬أو أن آراء الحزب هي الباطل‪ ،‬بل ل علقة للصحة والبطلن في‬
‫موضوعنا‪ .‬إننا نتحدث عن حدود الضطهاد فقط‪ .‬فقد يضطهدُ مسلمٌ كافرًا‪ ،‬وقد يضطهدُ كاف ٌر مسلمًا‪ .‬فالمضطَهدُ‬
‫ق دومًا‪ ،‬وليس على الباطل أبدًا‪ .‬لكن الضطهادَ نفسه باطلٌ وجريمة‪ .‬وليس كل من ادّعى الضطهاد‬
‫ليس على الح ّ‬
‫‪.‬فهو صادق في دعواه‬
‫هاني طاهر‬
‫‪2005/07/18‬‬

You might also like