Professional Documents
Culture Documents
إن من أكثر التهامات التي تشن على الدين السلمي من قبل العداء ،أنه دين انتشر بالقوة والجبروت،
وأنه دين انتهازي عمل على الترويج للفكار السلمية في مكة ،مراعاة لحالة الضعف التي كان يعاني
منها المسلمون هناك ،أما بعد الهجرة إلى المدينة ،حيث أصبح المسلمون في موضع من القوة ل بأس
به ،استغل المسلمون قوتهم بهدف نشر الدين السلمي عنوة ،ونبذوا وراء ظهورهم التعاليم السلمية
المكية ،وأخذت المبادئ القتالية والعدوانية تحل محل التعاليم السلمية ،لدرجة أن هذه التعاليم القتالية
قد نسخت تلك التي تدعو لمسالمة الخرين وحرية الفكر والنتماء الديني والعقائدي.
فوفقا لهذه التهامات ،يكون الدين السلمي قد تحول بنزول اليات القرآنية التي أذنت للمسلمين
بالقتال ،الى دين القتل والرهاب وسفك الدماء وتقييد الحريات ،ل سيما الحرية الدينية ،بعد ما كان يدعو
لحرية الضمير والمعتقد و المسالمة وعدم رد العدوان بعدوان آخر ،وهو ما كان متمثل بمبدأ ل إكراه في
الدين.
ولدحض هذه الفكار والتهامات الزائفة ،ل بد من الشارة إلى بعض الحقائق الهامة ،التي من شأنها أن
تكشف الحقيقة جلية أمام القارئ ،كي ل يقع في مصيدة المتكالبين على الدين السلمي ،والهادفين
لزعزعة أركانه ،خاصة من الناحية اليمانية والعقائدية.
إن التهامات العبثية التي تكال ضد الدين السلمي ،غير نابعة عن دراسة نزيهة وموضوعية ليات القرآن
الكريم والسنة النبوية المشرفة ،ولدحضها ل بد من الرجوع إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم،
وإظهار الحقائق التي غابت عن أذهان الناس فيها ،والعمل على الترويج لها بكل وسيلة ،كلما سنحت
الفرصة لذلك ،لكي تطغى على تلك الفكار المشوهة التي تسربت إلى عقول بعض المسلمين،
ويمتطيها أعداء الدين السلمي من أجل تشويه صورته .كما أنه من الواجب دراسة القرآن المجيد
دراسة شمولية نزيهة وموضوعية ،من أجل فهم المبادئ المتعلقة بالجهاد القتالي وشروطه ،ولفهم مدى
انسجام هذه المبادئ مع التعاليم السلمية التي جاء بها الدين السلمي ،إذ لم يكن نشر الدين السلمي
بقوة السيف بأي حال من الحوال مبدأ من المبادئ السلمية ،ول هدفا من أهداف الدعوة السلمية
الحقة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
د .أيمن عودة