You are on page 1of 5

‫هل انتشر السلم بالسيف؟‬

‫دراسة تحليلية حول مقولة انتشار السلم بالسيف‬

‫إن من أكثر التهامات التي تشن على الدين السلمي من قبل العداء‪ ،‬أنه دين انتشر بالقوة والجبروت‪،‬‬
‫وأنه دين انتهازي عمل على الترويج للفكار السلمية في مكة‪ ،‬مراعاة لحالة الضعف التي كان يعاني‬
‫منها المسلمون هناك‪ ،‬أما بعد الهجرة إلى المدينة‪ ،‬حيث أصبح المسلمون في موضع من القوة ل بأس‬
‫به‪ ،‬استغل المسلمون قوتهم بهدف نشر الدين السلمي عنوة ‪ ،‬ونبذوا وراء ظهورهم التعاليم السلمية‬
‫المكية‪ ،‬وأخذت المبادئ القتالية والعدوانية تحل محل التعاليم السلمية‪ ،‬لدرجة أن هذه التعاليم القتالية‬
‫قد نسخت تلك التي تدعو لمسالمة الخرين وحرية الفكر والنتماء الديني والعقائدي‪.‬‬

‫فوفقا لهذه التهامات‪ ،‬يكون الدين السلمي قد تحول بنزول اليات القرآنية التي أذنت للمسلمين‬
‫بالقتال‪ ،‬الى دين القتل والرهاب وسفك الدماء وتقييد الحريات‪ ،‬ل سيما الحرية الدينية‪ ،‬بعد ما كان يدعو‬
‫لحرية الضمير والمعتقد و المسالمة وعدم رد العدوان بعدوان آخر‪ ،‬وهو ما كان متمثل بمبدأ ل إكراه في‬
‫الدين‪.‬‬

‫ولدحض هذه الفكار والتهامات الزائفة‪ ،‬ل بد من الشارة إلى بعض الحقائق الهامة‪ ،‬التي من شأنها أن‬
‫تكشف الحقيقة جلية أمام القارئ‪ ،‬كي ل يقع في مصيدة المتكالبين على الدين السلمي‪ ،‬والهادفين‬
‫لزعزعة أركانه‪ ،‬خاصة من الناحية اليمانية والعقائدية‪.‬‬

‫آلية حض المسلمين على القتال‬


‫إستمرارية التعاليم السلمية في الحقبة المدنية‬
‫الهدف من القتال في السلم‬
‫سياق آيات القتال يؤكد حرية المعتقد‬

‫آلية حض المسلمين على القتال‬


‫إن عامل القوة ووضع المسلمين الستراتيجي‪ ،‬لم يكن ليلعب أي دور في حضهم وحثهم على الخروج‬
‫لقتال الكفار بعد الهجرة إلى المدينة المنورة‪ ،‬بل قد جاء هذا الحث معتمدا على قوة المسلمين اليمانية‬
‫وتوكلهم على الله عز وجل‪ ،‬والذي كان اللية الساسية والسلح الوحد الذي أخرج المسلمين لمواجهة‬
‫جيوش الكفار‪ ،‬بحيث ل يمكن الزعم بأي نوع من التفكير في العتماد على القوة " الفجائية الجديدة"‬
‫التي حصل عليها المسلمون في المدينة‪ ،‬مثلما تبينه اليات التالية ‪:‬‬
‫ن الل ّهَ‬ ‫َ‬ ‫َ َهم ظُلموا وإ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫صُرهُ إ ِ َّ‬
‫من يَن ُ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫م لَقَدِيٌر * ‪ ...‬وَلَيَن ُ‬
‫صَر َّ‬ ‫صرِهِ ْ‬ ‫ه ع َلَى ن َ ْ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ن بِأن ّ ُ ْ‬ ‫ن يُقَاتَلُو َ‬ ‫ن ل ِل ّذِي َ‬ ‫‪{ -1‬أذ ِ َ‬
‫لَقَوِيٌّ ع َزِيٌز} (الحج ‪)41-40‬‬
‫ن وَإِن يَكُن‬ ‫ن يَغْل ِبُوا ْ ِ‬
‫مئَتَي ْ ِ‬ ‫صابُِرو َ‬ ‫ن َ‬‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬
‫م ِ‬‫منك ُ ْ‬ ‫ل إِن يَكُن ِّ‬ ‫قتَا ِ‬‫ن ع َلَى ال ْ ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫ض ال ْ ُ‬ ‫حّرِ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫‪{ -2‬يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن} (النفال ‪)66‬‬ ‫م ل ّ يَفْقَهُو َ‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ن كَفَُروا ْ بِأنَّهُ ْ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫م َ‬ ‫ة يَغْلِبُوا ْ ألْفا ً ِّ‬ ‫منكُم ِّ‬
‫مئ َ ٌ‬ ‫ِّ‬
‫ن} (البقر ‪)250‬‬ ‫َ‬
‫صابِرِي َ‬ ‫معَ ال ّ‬‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن اللهِ وَالل ُ‬‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ة كثِيَرة ً بِإِذ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت فِئ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من فِئةٍ قل ِيلةٍ غلب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ...{ -3‬كم ِّ‬
‫هذه اليات تبين جليا‪ ،‬أن الله عز وجل في حضه المسلمين على القتال‪ ،‬لم يأخذ بعين العتبار قوتهم‬
‫ومدى جاهزيتهم للحرب‪ ،‬وعليه فإن انصياع المسلمين للمر بالقتال‪ ،‬لم يكن ليعتمد على قوتهم الحربية‬
‫بأي شكل من الشكال‪ ،‬بل على النقيض من ذلك‪ ،‬فإن هذه اليات تؤكد حالة الضعف والهوان‬
‫العسكرية‪ ،‬التي كان يعاني منها المسلمون‪ ،‬والتي كانت بصورة ل يمكن العتماد عليها البتة في قتال‬
‫جيوش الكفار المدججة بالسلح والعتاد الحربي‪.‬‬
‫ولما كان المحرك الساسي الذي أخرج المسلمين للقتال بعد الهجرة‪ ،‬والسلح الذي اعتمدوا عليه –‬
‫توكلهم وإيمانهم الراسخ بالله عز وجل‪ ، -‬متوفرا بهم ومتجليا عليهم بكل قواه ومعانيه‪ ،‬منذ اليوم الول‬
‫لنشوء الدين السلمي في مكة المكرمة‪ ،‬ولكون دافع المواجهة واستعدادهم للدفاع عن النفس‪ ،‬متوقدا‬
‫في نفوسهم حتى قبل الهجرة إلى المدينة‪ ،‬وذلك بشهادة الكيثر من الحوادث التاريخية التي ل مجال‬
‫لذكرها بين هذه السطور‪ ،‬فإن هذه الحقيقة لوحدها تنسف فكرة النتهازية التي يُتهم بها المسلمون عن‬
‫بكرة أبيها‪ ،‬إذ ل يبقى أي مجال للنتهازية إذا كانت الوسيلة الساسية والسلح الذي اعتمد عليه‬
‫المسلمون عند الخروج للقتال‪ ،‬متوفرا لديهم أيضا في الفترة التي كانوا يدعون فيها للمسالمة‬
‫والتسامح وعدم رد العدوان بعدوان آخر‪.‬‬

‫إستمرارية التعاليم السلمية في الحقبة المدنية‬


‫ل بد في بادئ المر من التنويه إلى أن القول بنسخ اليات القرآنية السلمية‪ ،‬وعلى الخص مبدأ ل إكراه‬
‫في الدين بآيات القتال المدنية‪ ،‬وأن التعاليم السلمية في المدينة لم تعد لتحفظ حرية الفكر والمعتقد‪،‬‬
‫لهو أمر عار من الصحة‪ ،‬لن نظرية الناسسخ والمنسوخ في آيات القرآن الكريم باطلة ول أساس لها‬
‫من الصحة‪ ،‬إذ لنسخ في آيات كتاب الله الكريم‪ ،‬إل أن هذا ليس مجال البحث في هذا المقال ولست‬
‫في صدد إثبات بطلن هذه النظرية‪.‬‬
‫إل أنه وبالضافة إلى ذلك‪ ،‬ل بد من الشارة إلى أن نفس هذه التعاليم السلمية‪ ،‬التي تحث على‬
‫المسالمة وعدم الكراه في مسألة النتماء الديني والعقائدي‪ ،‬قد استمرت على مدار الحقبة المدنية‬
‫لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم من بدايتها الى نهايتها‪ ،‬تماما كما كانت عليه قبل الهجرة‪ ،‬ومما‬
‫يثبت ذلك أن السور المدنية سواء أولها أو آخرها نزول قد أكدت مرة تلو الخرى هذه التعاليم والمبادئ‬
‫السامية كما يلي‪:‬‬
‫َ‬
‫ك‬‫س َ‬‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬‫من بِاللّهِ فَقَد ِ ا ْ‬‫ت وَيُؤ ْ ِ‬‫ن يَكْفُْر بِالط ّاغُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫ن الْغَ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫شد ُ ِ‬ ‫ن الُّر ْ‬ ‫ن قَد تَّبَي َّ َ‬ ‫‪{ -1‬ل َ إِكَْراه َ فِي الدِّي ِ‬
‫م} (البقرة ‪ .)257‬وسورة البقرة أولى السور المدنية‬ ‫ميعٌ عَل ِي ٌ‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫م لَهَا وَالل ّ ُ‬ ‫صا َ‬‫ف َ‬ ‫ى ل َ ان ِ‬ ‫بِالْعُْروَةِ الْوُثْقَ َ‬
‫نزول‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م فَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫مت ُ ْ‬‫سل َ ْ‬‫ن أأ ْ‬ ‫ن أوْتُوا ْ الْكِتَا َ‬
‫ب وَال ِّ‬
‫ميِّي َ‬ ‫ن وَقُل ل ِّل ّذِي َ‬‫ن اتَّبَعَ ِ‬ ‫ي ل ِلّهِ وَ َ‬
‫م ِ‬ ‫جهِ َ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ك فَقُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫حآ ُّ‬
‫ن َ‬‫‪{ -2‬فَإ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صيٌر بِالْعِبَادِ} ( آل عمران ‪)21‬‬ ‫ك الْبَلَغ ُ وَالل ّ ُ‬
‫ه بَ ِ‬ ‫ما ع َلَي ْ َ‬ ‫موا ْ فَقَد ِ اهْتَدَوا ْ وَّإِن تَوَل ّوْا ْ فَإِن َّ َ‬ ‫سل َ ُ‬
‫أ ْ‬
‫سبِيلً} (الدهر ‪)30‬‬ ‫خذ َ إِلَى َربِّهِ َ‬ ‫شاء ات َّ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن هَذِهِ تَذ ْكَِرة ٌ فَ َ‬ ‫‪{ -3‬إ ِ َّ‬
‫ثم بعد ذلك كله تأتي سورة المائدة وهي مدنية وآخر السور نزول‪ ،‬لتؤكد هذه المبادئ مرة أخرى حيث‬
‫جاء فيها‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حَرام ِ أن تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا ع َلى البّرِ وَالت ّقْوَى وَلَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جد ِ ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َ‬‫م عَ ِ‬ ‫صد ّوك ْ‬ ‫ن قَوْم ٍ أن َ‬ ‫شنَآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ّك ْ‬ ‫جرِ َ‬ ‫‪ ...{ -4‬وَل َ ي َ ْ‬
‫ب} (المائدة ‪)3‬‬ ‫ْ‬
‫شدِيد ُ العِقَا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن وَات ّقُوا الل َ‬ ‫تَعَاوَنُوا ْ ع َلَى الِث ْم ِ وَالعُدْوَا ِ‬
‫ْ‬
‫ن} (المائدة ‪)88‬‬ ‫معْتَدِي َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫ح ُّ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫‪{ -5‬وَل َ تَعْتَدُوا ْ إ ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن} (المائدة‬ ‫سول ِنَا الْبَلَغ ُ ال ْ ُ‬
‫مبِي ُ‬ ‫ما ع َلَى َر ُ‬
‫موا ْ أن َّ َ‬
‫م فَاع ْل َ ُ‬ ‫حذَُروا ْ فَإِن تَوَل ّيْت ُ ْ‬ ‫ل وَا ْ‬‫سو َ‬ ‫ه وَأطِيعُوا ْ الَّر ُ‬ ‫{وأطِيعُوا ْ الل ّ َ‬ ‫‪َ -6‬‬
‫‪)93‬‬
‫َ‬ ‫‪َ -7‬‬
‫ن} (المائدة ‪)100‬‬ ‫مو َ‬ ‫ما تَكْت ُ ُ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ما تُبْدُو َ‬ ‫م َ‬ ‫ه يَعْل َ ُ‬ ‫ل إِل ّ الْبَلَغ ُ وَالل ّ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫{ّا ع َلَى الَّر ُ‬
‫فبناء على ما ذكر آنفا‪ ،‬تكون التعاليم السلمية التي بدأت في مكة‪ ،‬قد أكدها القرآن الكريم على مدار‬
‫الحقبة المدنية كلها ل سيما في آخرها (في سورة المائدة)‪ ،‬هذه المبادئ التي عمل الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم وخلفائه من بعده حسبها‪ ،‬لحفظ الحرية الدينية وإفشاء السلم والوئام‪ ،‬جنبا إلى جنب مع‬
‫الخذ بالتعاليم الجهادية التي كان الهدف منها رد عدوان العداء فقط‪ ،‬وليس نشر السلم عنوة ‪،‬بحيث‬
‫ل يمكن القول أن التعاليم القتالية عند نزولها‪ ،‬قد ألغت التعاليم السلمية التي تحض على المسالمة‬
‫وحرية الفكر‪.‬‬

‫الهدف من القتال في السلم‬


‫لفهم الهدف المرجومن القتال المشرع في السلم أكتفي بذكر اليات القرآنية التالية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪{ -1‬أُذن ل ِل َّذين يقَاتلُون بأَنَهم ظُلموا وإ َ َ‬
‫قّ‬
‫ح ٍ‬ ‫م بِغَيْرِ َ‬‫من دِيَارِه ِ ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫خرِ ُ‬ ‫م لَقَدِيٌر * ال ّذِي َ‬ ‫ه ع َلَى ن َ ْ‬
‫صرِهِ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫َِ ّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ ُ َ َ ِ ُّ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫جد ُ يُذ ْكَُر‬
‫سا ِ‬
‫م َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫صلَوَا ٌ‬ ‫معُ وَبِيَعٌ وَ َ‬‫صوا ِ‬
‫ت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ل ّهُ ِ‬
‫دّ َ‬ ‫ضهم بِبَعْ ٍ‬ ‫س بَعْ َ ُ‬ ‫ه وَلوَْل دَفْعُ الل ّهِ النَّا َ‬‫َ‬ ‫إ ِ ّل أن يَقُولوا َربُّنَا الل ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫م اللَّهِ كَثِيراً‪ ( } ...‬الحج ‪)41-40‬‬ ‫س ُ‬ ‫فِيهَا ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن} (البقرة‬ ‫مي َ‬ ‫ن إِل ّ ع َلَى الظ ّال ِ ِ‬ ‫ن انتَهَوا ْ فَل َ عُدْوَا َ‬ ‫ن ل ِلّهِ فَإ ِ ِ‬
‫ن الدِّي ُ‬ ‫ة وَيَكُو َ‬ ‫ن فِتْن َ ٌ‬‫حتَّى ل َ تَكُو َ‬‫م َ‬ ‫{وقَاتِلُوهُ ْ‬
‫‪َ -2‬‬
‫‪)194‬‬
‫عند التفكر مليا في كلمات هذه اليات القرآنية نستنتج ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الية الولى تذكر المسلمين منذ البداية وتوضح للجميع‪ ،‬لي غرض يدفع الله الناس بعضهم ببعض‪ ،‬أي‬
‫يأمر البعض بقتال الخرين‪ ،‬وذلك للحفاظ على الماكن المقدسة أيا كانت‪ ،‬بغض النظر إن كانت من‬
‫المقدسات السلمية أو غير السلمية (الصوامع تعني اماكن العبادة المرتفعة للرهبان والمتعبدين‪ ،‬البيع‬
‫تعني معابد النصارى واليهود)‪ .‬ولعل من حكمة الله عز وجل‪ ،‬أن قدم في هذه الية ذكر المقدسات غير‬
‫السلمية على السلمية‪ ،‬وذلك للتشديد والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الحرية الدينية لغير‬
‫المسلمين أيضا‪ ،‬ولكي ل يظن المسلمون أن الذن بالقتال يعطيهم الحق لستعمال القوة من أجل‬
‫فرض السلم ونشره بواسطة هذا الذن‪.‬‬
‫‪ -2‬المقصود من الفتنة المذكورة في الية الثانية‪ ،‬هو تعريض الدين لخطر التفكك والتشرذم والنمحاء‪،‬‬
‫وذلك بقتل أتباعه خاصة عندما يكون الدين في بدايته ويكون عدد أتباعه قلئل جدا‪ ،‬أو بزرع بذور الفرقة‬
‫والخلف بين أتباع هذا الدين‪ ،‬أو بتأليب الخرين عليهم‪ ،‬وهو ما يؤكده كتاب الله في آية أخرى جاء فيها‬
‫"والفتنة أشد من القتل" ‪ .‬فإذا لم يقم الكفار بإثارة هذه الفتنة ضد المسلمين فل مجال ول إذن لقتالهم‪.‬‬
‫‪{ -3‬ويكون الدين لله} فتعني أن يكون الحكم على النتماءات الدينية والعقائدية بيد الله عز وجل وحده‪،‬‬
‫ل بيد الكفار ول حتى بيد المسلمين أنفسهم‪ ،‬إذ ل يحق لحد على وجه هذه الكرة الرضية أن ينزل‬
‫أحكاما كالقتل وغيره‪ ،‬في حق الخرين بسبب إنتماءهم الديني أو العقائدي‪.‬‬
‫وفقا لهذه اليات نخلص إلى أن الهدف من القتال المشروع في السلم‪ ،‬لم يكن لنشر الدين السلمي‬
‫وإرغام غير المسلمين على قبول السلم بالقوة كما يدعي أعداء السلم‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪،‬‬
‫فقد نزل الذن بالقتال لتحقيق أحد أهم وأرقى وأسمى الحقوق النسانية التي يعترف بها العالم‬
‫المتحضر اليوم‪ ،‬وهو إرساء قواعد الحرية الدينية والنتماء الديني‪ ،‬وذلك ليس للمسلمين وحدهم بل‬
‫لجميع بني البشر‪ .‬ولما كان السلم آنذاك هو الدين الفتي الجديد المحاط بمؤامرات العداء من جميع‬
‫الجهات‪ ،‬كان ل بد من تحقيق هذه الحرية الدينية لتباعه أول‪ ،‬وذلك بخروجهم للدفاع عن أنفسهم إزاء‬
‫مكائد وهجمات الكفار‪ ،‬من أجل أن يعملوا على ترسيخ وتجذير الحرية الدينية في العالم فيما بعد‪.‬‬

‫سياق آيات القتال يؤكد حرية المعتقد‬


‫إن التفاسير المغلوطة ليات القتال‪ ،‬نابعة بمعظمها إن لم تكن كلها‪ ،‬من اقتطاعها من السياق الذي‬
‫وردت فيه‪ ،‬وهو ما يؤدي الى فهم سطحي لهذه اليات‪ ،‬ولذا فل بد من ذكر بعض هذه اليات بسياقها‪.‬‬
‫َ‬
‫ب‬‫ح ِّ‬‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م وَل َ تَعْتَدُوا ْ (عدم البدء بالعدوان بل رده) إ ِ َّ‬ ‫ن يُقَاتِلُونَك ُ ْ‬ ‫ل اللّهِ ال ّذِي َ‬ ‫سبِي ِ‬ ‫{وقَاتِلُوا ْ فِي َ‬ ‫‪َ -1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل وَل َ تُقَاتِلُوهُ ْ‬
‫م‬ ‫ن الْقَت ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫شد ُّ ِ‬
‫ةأ َ‬ ‫م وَالْفِتْن َ ُ‬ ‫جوك ُ ْ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ثأ ْ‬‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫جوهُم ِّ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫ث ثَقِفْت ُ ُ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن * وَاقْتُلُوهُ ْ‬ ‫معْتَدِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن انتَهَوْا ْ (دون‬ ‫ن * فَإ ِ ِ‬ ‫جَزاء الْكَافِرِي َ‬ ‫ك َ‬ ‫م كَذَل ِ َ‬‫م فَاقْتُلُوهُ ْ‬ ‫م فِيهِ فَإِن قَاتَلُوك ُ ْ‬ ‫حتَّى يُقَاتِلُوك ُ ْ‬ ‫حَرام ِ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬
‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫عند َ ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ن انتَهَوا ْ فَ َ‬
‫ل‬ ‫ن ل ِلّهِ فَإ ِ ِ‬ ‫دّي ُ‬ ‫ن ال ِ‬‫ة وَيَكُو َ‬ ‫ن فِتْن َ ٌ‬ ‫حتَّى ل َ تَكُو َ‬ ‫م َ‬ ‫م * وَقَاتِلُوهُ ْ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ه غَفُوٌر َّر ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫الشتراط بإسلمهم) فَإ ِ َّ‬
‫َ‬
‫ن} (البقرة ‪)194-191‬‬ ‫مي َ‬ ‫ن إِل َّ ع َلَى الظ ّال ِ ِ‬ ‫عُدْوَا َ‬
‫حَرام ِ أن تَعْتَدُوا ْ وَتَعَاوَنُوا ْ ع َلَى الْبّرِ وَالتَّقْوَى وَلَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫صدُّوك ُ ْ‬ ‫ن قَوْم ٍ أن َ‬ ‫شنَآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫منَّك ُ ْ‬
‫جرِ َ‬‫‪{ -2‬وَل َ ي َ ْ‬
‫ب} (المائدة ‪)3‬‬ ‫شدِيد ُ الْعِقَا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إ ِ َّ‬ ‫ن (عدم البدء بالعدوان بل رده) وَاتَّقُوا ْ الل ّ َ‬ ‫تَعَاوَنُوا ْ ع َلَى الِث ْم ِ وَالْعُدْوَا ِ‬
‫َ‬
‫ب (ليس‬ ‫حْر ِ‬‫م فِي ال ْ َ‬ ‫ما تَثْ َقفَنَّهُ ْ‬ ‫ن * فَإ ِ َّ‬ ‫م ل َ يَتَّقُو َ‬ ‫مَّرةٍ وَهُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م فِي ك ُ ِّ‬ ‫ن ع َهْدَهُ ْ‬ ‫ضو َ‬ ‫م يَن ُق ُ‬ ‫م ثُ َّ‬ ‫منْهُ ْ‬
‫ت ِ‬‫ن ع َاهَد َّ‬‫‪{ -3‬ال ّذِي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫من قَوْم ٍ ِ‬
‫خيَان َ ً‬ ‫ن ِ‬ ‫خافَ َّ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ن * وَإ ِ َّ‬ ‫م يَذَّك ُّرو َ‬ ‫م لَعَل ّهُ ْ‬ ‫خلْفَهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫شّرِد ْ بِهِم َّ‬ ‫قتال عشوائا بل في أرض المعركة) فَ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن*‬ ‫جُزو َ‬ ‫َ‬
‫م ل يُعْ ِ‬ ‫سبَقُوا إِن ّهُ ْ‬ ‫ن كفَُروا َ‬ ‫َ‬ ‫ن الذِي َ‬ ‫سب َ َّ‬‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ن * وَل ي َ ْ‬ ‫خائِنِي َ‬
‫ب ال َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫م ع َلَى َ‬
‫سوَاء إ ِ َّ‬ ‫فَانبِذ ْ إِلَيْهِ ْ‬
‫م لَ‬ ‫من دُونِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خرِي َ‬ ‫م وَآ َ‬ ‫ن بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّك ُ ْ‬ ‫ل تُْرهِبُو َ‬ ‫خي ْ ِ‬‫ط ال ْ َ‬ ‫من ّرِبَا ِ‬ ‫من قُوَّةٍ وَ ِ‬ ‫ستَطَعْتُم ِّ‬ ‫ما ا ْ‬‫عدُّوا ْ لَهُم َّ‬ ‫وَأ َ ِ‬
‫حواْ‬ ‫َ‬ ‫و َّ‬
‫جن َ ُ‬
‫ن * وَإِن َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ تُظْل َ ُ‬ ‫م وَأنت ُ ْ‬ ‫ف إِلَيْك ُ ْ‬ ‫ل اللّهِ ي ُ َ‬
‫سبِي ِ‬ ‫يءٍ فِي َ‬ ‫من َ‬
‫ش ْ‬ ‫ما تُنفِقُوا ْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ه يَعْل َ ُ‬
‫م الل ّ ُ‬ ‫مونَهُ ُ‬ ‫تَعْل َ ُ‬
‫م * وَإِن يُرِيدُوا ْ أَن‬ ‫ميعُ الْعَل ِي ُ‬ ‫ه هُوَ ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫ل ع َلَى اللّهِ (دون الشتراط بإسلمهم) إِن َّ ُ‬ ‫وك َّ ْ‬‫ح لَهَا وَت َ َ‬ ‫جن َ ْ‬ ‫سلْم ِ فَا ْ‬ ‫ل ِل َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُو ال ّذِيَ أيَّد َ َ‬
‫صرِهِ‬ ‫ك بِن َ ْ‬ ‫ه (حسن الظن وعدم التذرع بكل عذر من أجل القتال) ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ك فَإ ِ َّ‬ ‫خدَع ُو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن} (النفال ‪)63-57‬‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫وَبِال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م لَقَدِيٌر * ال ّذِي َ‬
‫ن‬ ‫صرِه ِ ْ‬ ‫ه ع َلَى ن َ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موا (عدم البدء بالعدوان بل رده) وَإ ِ َّ‬ ‫م ظُل ِ ُ‬ ‫ن بِأن َّهُ ْ‬ ‫ن يُقَاتَلُو َ‬ ‫ن ل ِل ّذِي َ‬ ‫‪{ -4‬أذ ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬‫صوا ِ‬ ‫ت َ َ‬ ‫م ْ‬‫دّ َ‬‫ض ل ّهُ ِ‬‫ضهم بِبَعْ ٍ‬ ‫س بَعْ َ ُ‬ ‫ه وَلَوَْل دَفْعُ الل ّهِ الن َّا َ‬ ‫ق إ ِ ّل أن يَقُولُوا َربُّنَا الل ّ ُ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫م بِغَيْرِ َ‬ ‫من دِيَارِه ِ ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫أُ ْ‬
‫ن الل َّه من ينصره إ َ َ‬ ‫َ‬
‫ه لَقَوِيٌّ ع َزِيٌز} (الحج‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ُ َ َ ُ ُ ُ ِ ّ‬ ‫م الل ّهِ كَثِيرا ً وَلَيَن ُ‬
‫صَر َّ‬ ‫جد ُ يُذ ْكَُر فِيهَا ا ْ‬
‫س ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬ ‫وَبِيَعٌ وَ َ‬
‫‪)41-40‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م عَهْدَهُ ْ‬ ‫موا ْ إِلَيْهِ ْ‬ ‫حدا ً فَأت ِ ُّ‬ ‫مأ َ‬ ‫م يُظَاهُِروا ْ ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫شيْئا ً وَل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صوك ُ ْ‬ ‫م يَن ُق ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ن ثُ َّ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ع َاهَدتُّم ِّ‬ ‫‪{ -5‬إِل ّ ال ّذِي َ‬
‫م‬
‫حُر ُ‬ ‫شهُُر ال ْ ُ‬ ‫خ ال َ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ن * فَإِذ َا ان َ‬ ‫متَّقِي َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إ ِ َّ‬ ‫مدَّتِهِ ْ‬ ‫(أساس التعامل مع الكفار هو المسالمة) إِلَى ُ‬
‫مواْ‬ ‫َ‬ ‫م ك ُ َّ‬
‫صد ٍ فَإِن تَابُوا ْ وَأقَا ُ‬ ‫مْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَاقْعُدُوا ْ لَهُ ْ‬ ‫صُروهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م وَا ْ‬ ‫خذ ُوهُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫جدت ُّ ُ‬ ‫ث وَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَاقْتُلُوا ْ ال ْ ُ‬
‫شركين استجار َ َ‬ ‫حيم * وإ َ‬ ‫ْ َ َ َ ُ‬
‫حتَّى‬ ‫جْرهُ َ‬ ‫ك فَأ ِ‬ ‫م ْ ِ ِ َ ْ َ َ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫حد ٌ ِّ‬ ‫نأ َ‬ ‫َِ ْ‬ ‫ه غَفُوٌر َّر ِ ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إ ِ َّ‬ ‫سبِيلَهُ ْ‬ ‫خل ّوا ْ َ‬ ‫صلَة َ وَآتَوُا ال ّزكاة َ ف َ‬ ‫ال َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مو َ‬ ‫م ل ّ يَعْل ُ‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ك بِأن ّهُ ْ‬ ‫ه (أساس التعامل مع الكفار هو المسالمة) ذَل ِ َ‬ ‫من َ ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م أبْلِغْ ُ‬ ‫م اللهِ ث ُ َّ‬ ‫َ‬
‫معَ كل َ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫مواْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ستَقَا ُ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫حَرام ِ فَ َ‬ ‫جد ِ ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عند َ ال َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ع َاهَدت ّ ْ‬ ‫سولِهِ إِل ّ الذِي َ‬ ‫عند َ َر ُ‬ ‫عند َ اللهِ وَ ِ‬ ‫ن ع َهْد ٌ ِ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ل ِل ُ‬ ‫ف يَكُو ُ‬ ‫كَي ْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من‬ ‫مانَهُم ِّ‬ ‫ن * ‪ ...‬وَإِن ن ّكَثُوا أي ْ َ‬ ‫مت ّقِي َ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م (دون الشتراط بدخولهم السلم) إ ِ َّ‬ ‫موا لهُ ْ‬ ‫ستَقِي ُ‬ ‫م فَا ْ‬ ‫لَك ُ ْ‬
‫ة الْكُفْرِ (وليس كل الكفار من أجل إرغامهم على دخول‬ ‫م َ‬ ‫م فَقَاتِلُوا ْ أَئ ِ َّ‬ ‫م وَطَعَنُوا ْ فِي دِينِك ُ ْ‬ ‫بَعْد ِ ع َهْدِه ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫منُو َ‬ ‫ن ل َ يُؤْ ِ‬ ‫ن (دون الشتراط بدخولهم السلم) * ‪ ...‬قَاتِلُوا ْ ال ّذِي َ‬ ‫م يَنتَهُو َ‬ ‫م لَعَل ّهُ ْ‬ ‫ن لَهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م ل َ أي ْ َ‬ ‫السلم) إِن َّ ُه ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن أوتُوا ْ الْكِتَا َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫م َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن دِي َ‬ ‫ه وَل َ يَدِينُو َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حَّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫خر وَل َ ي ُ َ‬ ‫بِاللّهِ وَل َ بِالْيَوْم ِ ال ِ ِ‬
‫ن} (التوبة ‪)3-1‬‬ ‫صاِغُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ع َن يَد ٍ وَهُ ْ‬ ‫حت َّى يُعْطُوا ْ ال ْ ِ‬
‫جْزي َ َ‬ ‫(ليس كل الذين أوتوا الكتاب) َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ‪( }...‬وجوب التحقق من نية الكفار أنها تميل‬ ‫سبِي ِ‬ ‫م فِي َ‬ ‫ضَربْت ُ ْ‬ ‫منُوا ْ إِذ َا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫‪{ -6‬يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫للقتال) (النساء ‪)95‬‬
‫وبتتبع سياق اليات السابقة نجد‪:‬‬
‫‪ -1‬إنها قيلت في حق فئة معينة من الكفار‪ ،‬وهي المقاتلين منهم وناقضي العهود‪ ،‬وبالخص أئمة الكفر‬
‫الذين ل يؤلون جهدا في إثارة الفتن والطعن في الدين‪ ،‬وليس قتال عشوائيا ل يميز بين المجرم‬
‫والبريء‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم البدء بالعتداء بل العمل فقط على رد العدوان أو الفتنة‪.‬‬
‫‪ -3‬دافع إنهاء القتال هو كف الطرف الخر عن القتال أو الفتنة‪ ،‬وليس فقط بقبوله أو دخوله السلم كما‬
‫يفهم خطأ من حديث الرسول‪" ،‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل الله"‪.‬‬
‫‪ -4‬قبول السلم إذا أظهر الطرف الخر ميله لذلك‪ ،‬دون الشتراط في ذلك بقبوله السلم‪.‬‬
‫‪ -5‬الساس في التعامل مع الكفار هو المسالمة وحسن الظن بالتوكل على الله عز وجل‪ ،‬وعدم التذرع‬
‫بأعذار واهية لللقتال‪ ،‬بل محتم على المسلمين قبل الخروج للقتال التأكد التام من نية الطرف الخر أنها‬
‫تميل إلى القتال‪.‬‬

‫إن التهامات العبثية التي تكال ضد الدين السلمي‪ ،‬غير نابعة عن دراسة نزيهة وموضوعية ليات القرآن‬
‫الكريم والسنة النبوية المشرفة‪ ،‬ولدحضها ل بد من الرجوع إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وإظهار الحقائق التي غابت عن أذهان الناس فيها‪ ،‬والعمل على الترويج لها بكل وسيلة‪ ،‬كلما سنحت‬
‫الفرصة لذلك‪ ،‬لكي تطغى على تلك الفكار المشوهة التي تسربت إلى عقول بعض المسلمين‪،‬‬
‫ويمتطيها أعداء الدين السلمي من أجل تشويه صورته‪ .‬كما أنه من الواجب دراسة القرآن المجيد‬
‫دراسة شمولية نزيهة وموضوعية‪ ،‬من أجل فهم المبادئ المتعلقة بالجهاد القتالي وشروطه‪ ،‬ولفهم مدى‬
‫انسجام هذه المبادئ مع التعاليم السلمية التي جاء بها الدين السلمي‪ ،‬إذ لم يكن نشر الدين السلمي‬
‫بقوة السيف بأي حال من الحوال مبدأ من المبادئ السلمية‪ ،‬ول هدفا من أهداف الدعوة السلمية‬
‫الحقة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫د‪ .‬أيمن عودة‬

You might also like