You are on page 1of 19

‫الملف الشيعي‪ ،‬رؤية سياسية‬

‫شرعية‬
‫كثيًرا ما تختلط الوراق عند‬
‫الحديث عن الشيعة‪ ,‬وتعالج القضية‬
‫بمنهجية واحدة باعتبارها قضية‬
‫ذات بعد واحد ل يحتمل التعدد‬
‫والتنوع‪ ,‬ويكون لهذا الخلط‪ ,‬وتلك‬
‫النظرة الحادية والتفكير الحدي‬
‫آثار سلبية على الرؤية‬
‫الستراتيجية في التعامل مع هذا‬
‫الملف بحساسيته الشديدة‬
‫‪.‬وتعقيداته المتنوعة‬
‫والحقيقة التي تبدو لنا أن الملف‬
‫الشيعي يمكن تناوله بصورة‬
‫منهجية من خلل مدخلين اثنين‪,‬‬
‫يكمل كل منهما الخر‪ ،‬بل ل غنى‬
‫لحدهما عن الخر على وجه الدقة‪،‬‬
‫ول ندري لماذا يفصل كثير من‬
‫المحللين والمفكرين بينهما عند‬
‫الحديث عن الشيعة‪ ،‬أو حتى أي‬
‫نازلة تنزل بالمة على وجه‬
‫‪:‬العموم‪ ،‬هذان المدخلن هما‬
‫المدخل الول‪ :‬وهو المدخل‬
‫الشرعي المنهجي‪ ,‬ويتناول البعد‬
‫الشرعي في التعامل مع المخالف‬
‫من أهل الفرق والبدع‪ ,‬ومنهم‬
‫الشيعة‪ ,‬ويطلب في مظانه من‬
‫‪.‬كلم أهل العلم‬
‫المدخل الثاني‪ :‬هو المدخل‬
‫السياسي الواقعي‪ ,‬ويتناول‬
‫المشروع السياسي للشيعة‪,‬‬
‫وكيفية مواجهته والحد من أثاره‬
‫‪.‬السلبية على على أمة السلم‬
‫والجمع بين المدخلين هو مقتضى‬
‫النظر الشرعي الصحيح‪ ،‬لن الدلة‬
‫الشرعية ل يمكن إعمالها بمعزل‬
‫عن الواقع الذي تعمل فيه‪ ،‬حتى‬
‫يمكن أن يتحقق مقصود الشارع‬
‫الحكيم‪ ،‬من جلب المصلحة ودرء‬
‫المفسدة‪ ،‬بل في إعمال البعد‬
‫الشرعي بمعزل عن البعد‬
‫السياسي الواقعي من الفساد ما‬
‫ل يعلمه إل الله‪ ،‬كما يقول المام‬
‫ابن القيم رحمه الله‪ ( :‬وهذا‬
‫موضع مزلة أقدام ‪ ،‬ومضلة‬
‫أفهام ‪ ،‬وهو مقام ضنك‪ ،‬ومعترك‬
‫صعب‪ ،‬فرط فيه طائفة‪ ،‬فعطلوا‬
‫الحدود‪ ،‬وضيعوا الحقوق‪ ،‬وجرءوا‬
‫أهل الفجور على الفساد‪ ،‬وجعلوا‬
‫الشريعة قاصرة ل تقوم بمصالح‬
‫العباد‪ ،‬محتاجة إلى غيرها‪ ،‬وسدوا‬
‫قا صحيحة من‬ ‫على نفوسهم طر ً‬
‫طرق معرفة الحق والتنفيذ له‪،‬‬
‫وعطلوها‪ ،‬مع علمهم وعلم غيرهم‬
‫عا أنها حق مطابق للواقع‪ ،‬ظنًّا‬
‫قط ً‬
‫‪ .‬منهم منافاتها لقواعد الشرع‬
‫ولعمر الله إنها لم تناف ما جاء به‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم؛‬
‫وإن نافت ما فهموه من شريعته‬
‫باجتهادهم‪ ،‬والذي أوجب لهم ذلك‬
‫‪ :‬نوع تقصير في معرفة الشريعة‪،‬‬
‫وتقصير في معرفة الواقع‪ ،‬وتنزيل‬
‫أحدهما على الخر‪ ،‬فلما رأى ولة‬
‫المور ذلك‪ ،‬وأن الناس ل يستقيم‬
‫لهم أمرهم إل بأمر وراء ما فهمه‬
‫هؤلء من الشريعة‪ ،‬أحدثوا من‬
‫أوضاع سياساتهم شًّرا طويًل ‪،‬‬
‫ضا فتفاقم المر‪،‬‬ ‫وفسادًا عري ً‬
‫وتعذر استدراكه‪ ،‬وعز على‬
‫العالمين بحقائق الشرع تخليص‬
‫النفوس من ذلك‪ ،‬واستنقاذها من‬
‫تلك المهالك) ‪[ .‬الطرق الحكمية‬
‫في السياسة الشرعية‪ ،‬ابن القيم‪،‬‬
‫‪1/18(([.‬‬

‫أوًل‪ :‬الشيعة والسنة خلف جذري‬


‫أم فرعي؟‬
‫لقد كثر الحديث عن طبيعة الخلف‬
‫بين الشيعة والسنة‪ ،‬وهل هو‬
‫خلف في فروع الفقه السلمي‬
‫أم في أصوله العقدية‪ ،‬وسنعرض‬
‫من أقوال أئمة الشيعة ـ على‬
‫سبيل المثال ل الحصر ـ ما يوضح‬
‫موقفهم العقدي؛ حتى نتبين من‬
‫ذلك مدى اتفاقه أو اختلفه مع‬
‫‪:‬المواقف العقدية لهل السنة‬
‫‪1-‬‬ ‫‪:‬قولهم في القرآن الكريم‬
‫يرى الشيعة أن القرآن الكريم بدل‬
‫وحرف على أيدي الصحابة الجلء‪،‬‬
‫رضوان الله عليهم أجمعين‪،‬‬
‫وعندهم مصحف يسمونه مصحف‬
‫فاطمة‪ ،‬وجاء في كتابهم‬
‫( الكافي‪ ))1/239( ،‬وهو بمثابة‬
‫البخاري عندنا ـ أهل السنة ـ ما‬
‫يلي ‪( :‬عن أبي بصير قال ‪ :‬دخلت‬
‫على أبي عبد الله ‪ ...‬إلى أن قال‬
‫أبو عبد الله ـ أي جعفر الصادق ـ‪:‬‬
‫وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬قلت وما مصحف‬
‫فاطمة؟ قال‪ :‬مصحف فيه مثل‬
‫قرآنكم هذا ثلث مرات‪ ،‬والله ما‬
‫‪.‬فيه من قرآنكم حرف واحد‬
‫تقديسهم للئمة‪ ،‬واعتقادهم أن‬
‫‪2-‬‬

‫‪:‬بيدهم الحل والتحريم‬


‫ويعتقد الشيعة بأن أئمتهم لهم حق‬
‫التحريم والتحليل والتشريع‪ ،‬حيث‬
‫ذكر إمامهم الكليني في أصول‬
‫الكافي [‪ ]1/441‬والمجلسي في بحار‬
‫النوار [‪ ]25/340‬ما نصه‪( :‬خلق ـ أي‬
‫الله ـ محمدا ً وعليًّا وفاطمة‪،‬‬
‫ر‪ ،‬ثم خلق جميع‬ ‫فمكثوا ألف ده ٍ‬
‫الشياء‪ ،‬فأشهدهم خلقها‪ ،‬وأجرى‬
‫طاعتهم عليها‪ ،‬وفوض أمورهم‬
‫إليها‪ ،‬فهم يحلون ما يشاءون‬
‫ويحرمون ما يشاءون) انتهى‬
‫‪.‬كلمهم‬
‫اعتقادهم في صفات الله عز‬
‫‪3-‬‬

‫‪:‬وجل‬
‫فقد نفوا عن الله تعالى صفاته‬
‫فقالوا ‪ :‬ليس لله سمع ول بصر‪،‬‬
‫وليس له وجه ول يد‪ ،‬ول هو داخل‬
‫العالم ول خارجه‪ ،‬ووافقوا بذلك‬
‫شيوخهم من المعتزلة‪ ،‬ومن ذلك‬
‫تفسير الكاشاني لقوله تعالى‪:‬‬
‫(ليس كمثله شيء)‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬
‫(هذا رد على من وصف‬
‫‪[.‬الله)[البرهان ‪968 / 4‬‬

‫بل ألصقوا أسماء الله تعالى‬


‫وصفاته بأئمتهم‪ ،‬كما روى إمامهم‬
‫الكليني في الصول من الكافي [‬
‫‪ ]1/143‬قوله‪ :‬قال جعفر بن محمد‬
‫(ع) في قوله تعالى (ولله السماء‬
‫الحسنى فادعوه بها)‪ :‬نحن والله‪،‬‬
‫السماء الحسنى يعني الئمة‪ ،‬التي‬
‫ل يقبل الله من عباده عمل ً إل‬
‫‪(.‬بمعرفتنا‬
‫ويلخص شيخ السلم ابن تيمية ـ‬
‫رحمه الله ـ بعض عقائد الشيعة؛‬
‫فيقول‪( :‬وأصل قولهم أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم نص على‬
‫عا للعذر؛ وأنه إمام‬ ‫علي ن ًّ‬
‫صا قاط ً‬
‫معصوم ومن خالفه كفر؛ وأن‬
‫المهاجرين والنصار كتموا النص‬
‫وكفروا بالمام المعصوم؛ واتبعوا‬
‫أهواءهم وبدلوا الدين وغيروا‬
‫الشريعة وظلموا واعتدوا؛ بل‬
‫كفروا إل نفًرا قليًل‪ :‬بضعة عشر أو‬
‫أكثر‪ ،‬ثم يقولون‪ :‬إن أبا بكر وعمر‬
‫ونحوهما ما زال منافقين‪..‬وقد‬
‫يقولون‪ :‬بل آمنوا ثم‬
‫كفروا‪..‬وأكثرهم يكفر من خالف‬
‫قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين‬
‫ومن خالفهم كفاًرا ويجعلون‬
‫مدائن السلم التي ل تظهر فيها‬
‫أقوالهم دار ردة أسوأ حاًل من‬
‫مدائن المشركين والنصارى؛ ولهذا‬
‫يوالون اليهود والنصارى‬
‫والمشركين على بعض جمهور‬
‫المسلمين وعلى معاداتهم‬
‫ومحاربتهم‪ ,‬كما عرف من‬
‫موالتهم الكفار المشركين على‬
‫جمهور المسلمين؛ ومن موالتهم‬
‫الفرنج النصارى على جمهور‬
‫المسلمين؛ ومن موالتهم اليهود‬
‫على جمهور المسلمين)[مجموع‬
‫‪([.‬الفتاوى (‪3/356‬‬

‫وجدير بالذكر أن تلك النحرافات‬


‫العقدية السالفة الذكر إنما هي‬
‫للشيعة المامية الثنا عشرية‪،‬‬
‫والتي تمثلها إيران وحزب الله‪،‬‬
‫وهناك طوائف أخرى للشيعة أقل‬
‫غلوا من ذلك‪ ،‬مثل الزيدية‬
‫والمفضلة‪ ،‬فهم أكثر اعتداًل من‬
‫الثنا عشرية‪ ،‬وأقرب منهم لهل‬
‫‪.‬السنة‬
‫ولعل هذا الكلم يوضح لنا مدى‬
‫الخلف الجذري بين أهل السنة‬
‫والشيعة‪ ،‬ويرد على بعض من‬
‫يحاولون تبسيطه وتخفيفه من‬
‫علماء أهل السنة‪ ،‬أو دعاة الشيعة‬
‫الذين يحاولون التلبيس على أهل‬
‫‪.‬السنة بذلك‬
‫الضوابط الشرعية للتعامل مع أهل‬
‫‪.‬البدع‬
‫ولكن التعامل مع هذا الخلف‬
‫العقدي الجذري ينبغي أن يكون‬
‫في إطار من الضوابط الشرعية‬
‫التي تحكم العلقة بين أهل السنة‬
‫وغيرهم من أصحاب الفرق‪ ،‬وأهل‬
‫الهواء والبدع‪ ،‬ومنهم الشيعة‪،‬‬
‫‪:‬ومن تلك الضوابط ما يلي‬
‫إن البدع على مراتب‪ ،‬منها ما‬
‫‪1.‬‬

‫يصل إلى حد الكفر‪ ،‬ومنها ما دون‬


‫ذلك‪ ،‬ومنها الحقيقي ومنها‬
‫الضافي‪ ،‬وأهل السنة يفرقون‬
‫بين الداعي لبدعته وغيره‪ ،‬وبين‬
‫المعلن والمسر‪ ،‬والمجتهد‬
‫والمقلد‪ ،‬كما يفرقون بين كون‬
‫البدعة مشكَلة مختلف فيها أم‬
‫مبينة‪ ،‬ويفرقون بين كون صاحبها‬
‫مصًرا عليها أم أنها كانت فلتة أو‬
‫‪.‬زلة تراجع عنها‬
‫‪2.‬‬ ‫كما يفرق في الهجر وإظهار‬
‫العداوة بين المناطق التي عظم‬
‫فيها قدر أهل البدع واشتدت‬
‫قوتهم وسطوتهم‪ ،‬وبين المناطق‬
‫التي ليس لهم فيها سطوة‪ ،‬فإن‬
‫كانت الغلبة لهل السنة كان الهجر‬
‫والزجر أولى‪ ،‬أما إن كانت لهل‬
‫البدع‪ ،‬فلن يحقق الهجر والزجر‬
‫مقصوده‪ ،‬بل ربما يأتي بالشر‪،‬‬
‫‪.‬فيكون مسلك التأليف حينها أولى‬
‫‪3.‬‬‫وإن كان عند أهل البدع بعض من‬
‫الخير فإن أهل السنة يشهدون‬
‫بالخير الذي عندهم‪ ،‬حتى أن كثيًرا‬
‫من أهل الحديث يقبلون رواية‬
‫المبتدع إن كان غير داعية لبدعته‪،‬‬
‫وتوفرت فيه شروط قبول الرواية‪،‬‬
‫كما أن أهل السنة يرون ضرورة‬
‫مجادلة أهل البدع ومناظرتهم‬
‫‪.‬خشية أن يفتتن العامة بهم‬
‫هجر المبتدع يندرج تحت قاعدة‬
‫‪4.‬‬

‫الولء والبراء‪ ،‬فالمبتدع إذا كانت‬


‫بدعته غير مكفرة ل يعادى من كل‬
‫وجه كالكافر‪ ،‬وإنما يعادى ويبغض‬
‫على حسب ما معه من بدعة ويحب‬
‫ويوالى على حسب ما معه من‬
‫‪.‬إيمان‬
‫النكار على المبتدع ينبغي أن‬
‫‪5.‬‬

‫يكون في إطار من إخلص النية‬


‫لله‪ ،‬والطاعة له‪ ،‬والموافقة لمره‪،‬‬
‫والرغبة في الصلح‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت ينبغي لهذا النكار أن يكون‬
‫من خلل عمل شرعي مأمور به‬
‫بحيث يحقق المصلحة ويدفع‬
‫‪.‬المفسدة‬
‫وعلى هذا يكون الواجب الشرعي‬
‫هو بيان ما عليه هذه الفرقة‬
‫الضالة من ضلل وانحراف عقدي‪،‬‬
‫وبيان حكم الشريعة السلمية‬
‫فيهم وفي معتقداتهم الباطلة‪،‬‬
‫وتحذير المة من خداعهم وفساد‬
‫باطنهم‪ ،‬وتعاونهم مع أعداء المة‪،‬‬
‫حفظا لعقيدة المسلمين من أن‬
‫يطالها أذى‪ ،‬دون خروج عن‬
‫الضوابط الشرعية المذكورة آن ً‬
‫فا‪,‬‬
‫ودون أن يؤدي ذلك إلى حدوث‬
‫الفتن والمفاسد‪ ،‬أو زعزعة المن‬
‫‪.‬والستقرار داخل ديار المسلمين‬
‫‪.‬ثانيًا‪ :‬الشيعة والسياسة‬
‫وعلى الرغم من أهمية كون‬
‫الخلف العقدي بين الشيعة‬
‫فا جذريًّا‪ ،‬إل أن هناك‬
‫والسنة خل ً‬
‫بعدًا آخر في هذه العلقة بين‬
‫السنة والشيعة‪ ،‬ل يقل أهمية ول‬
‫خطورة عن البعد العقدي للشيعة‪،‬‬
‫أل وهو البعد السياسي اليراني‬
‫‪.‬الشيعي‬
‫وتعود أسباب تلك الخطورة إلى‬
‫طبيعة أهداف المشروع اليراني‬
‫الفارسي‪ ،‬والذي يرتكز على أمرين‬
‫‪:‬هامين‪ ،‬وهما‬
‫‪1-‬‬ ‫استلب ريادة العالم السلمي‬
‫‪:‬من يد السنة‬
‫فإيران قرأت الواقع القليمي‬
‫غا في‬ ‫المحيط ورأت فيه فرا ً‬
‫القيادة والزعامة السنية‪ ,‬فأرادت‬
‫استغلل هذا الظرف الزمني وحالة‬
‫الوهن الحادثة في صفوف قادة‬
‫البلد السنية‪ ,‬لسيما بعد سقوط‬
‫بغداد في يد الحتلل المريكي‬
‫الذي أطلق يد الشيعة فيها‪,‬‬
‫للستحواذ على قيادة المة‪،‬‬
‫وتحويل دفتها إلى يد الشيعة بدًل‬
‫‪.‬من السنة‬
‫إعادة مجد المبراطورية‬
‫‪2-‬‬

‫الفارسية القديمة‪ ،‬وتكوين الهلل‬


‫‪:‬الشيعي‬
‫مشروع (الهلل الشيعي) الذي‬
‫يمتد من إيران إلى لبنان ماًّرا‬
‫بالعراق‪ ،‬والذي من الممكن أن‬
‫تمتد أطرافه لتشمل عددًا من دول‬
‫الخليج؛ والذي ورد على لسان‬
‫الملك عبد الله الثاني ملك الردن‪،‬‬
‫مشروع حقيقي إلى حد بعيد‪،‬‬
‫يكشف حقيقة الهداف اليرانية‬
‫الشيعية في العالمين العربي‬
‫‪.‬والسلمي‬
‫فالحلم الشيعية‪ ,‬أحلم بعودة‬
‫المجد الفارسي‪ ،‬ونشير هنا إلى‬
‫حادثة قد تكون ذات دللة تكشف‬
‫بوضوح عن المخططات اليرانية‪،‬‬
‫فقد هدد التلفزيون اليراني دولة‬
‫قطر بأن طهران ستقاطع دورة‬
‫اللعاب السيوية؛ لن الدوحة‬
‫استخدمت تعبير (الخليج العربي)‬
‫وليس (الخليج الفارسي) في‬
‫الدعايات الخاصة بهذه الدورة‪,‬‬
‫وقال في حفل الفتتاح‪( :‬إن‬
‫عراقة اسم الخليج الفارسي‬
‫واضحة ل لبس فيها على امتداد‬
‫‪(.‬التاريخ‬
‫ولتحقيق تلك الهداف تنتهج‬
‫الحكومات اليرانية المتعاقبة على‬
‫اختلف توجهاتها ما بين‬
‫الصلحيين والمحافظين سبًل من‬
‫شأنها تحقيق أهداف ذلك‬
‫المشروع‪ ،‬ومن أهم تلك السبل ما‬
‫‪:‬يلي‬
‫تكوين المليشيات التابعة لها في‬
‫‪1.‬‬

‫الدول الرخوة بحيث تدعم التوجه‬


‫والمصالح اليرانية بصورة ضاغطة‪,‬‬
‫على نحو ما يفعل حزب الله في‬
‫‪.‬لبنان‪ ,‬وحزب الدعوة في العراق‬
‫‪2.‬‬‫نشر التشيع السياسي في الدول‬
‫القابلة‪ ,‬والتي تحتفظ معها‬
‫بعلقات استراتيجية‪ ,‬تمهيدًا لجذبها‬
‫خارج النسق العربي السني‪ ,‬على‬
‫الصعيد الواقعي‪ ,‬على نحو ما‬
‫‪.‬يحدث في سوريا‬
‫نشر التشيع المذهبي كبذور أولية‬
‫‪3.‬‬

‫لتكوين طابور خامس في الدول‬


‫المستهدفة سواء تلك الداخلة‬
‫ضمنًا في الهلل الشيعي‪ ,‬أو التي‬
‫قد تقف عثرة في سبيل تحقيقه‪,‬‬
‫على نحو ما يحدث في مصر‪،‬‬
‫‪.‬وبعض الدول العربية الخرى‬
‫‪4.‬‬‫تكوين قاعدة تسليحية حديثة‪,‬‬
‫تكون متفوقة على مجموع دول‬
‫المحيط القليمي‪ ,‬بحيث يسهل‬
‫عليها كسب ثقة الغرب في قدرتها‬
‫على القيام بدور الشرطي في‬
‫المنطقة‪ ,‬وهو ما يفهم في إطار‬
‫السعي المضني لستكمال‬
‫‪.‬البرنامج النووي اليراني‬
‫مما سبق يتضح لنا جليًّا خطورة‬
‫المشروع اليراني الشيعي على‬
‫بلد أهل السنة‪ ،‬مما يستلزم من‬
‫الجميع شعوبا وحكومات أن يقفوا‬
‫فا واحدًا لدرء هذا الخطر‪ ،‬الذي‬ ‫ص ًّ‬
‫حا للمن القومي‬ ‫يحمل تهديدًا واض ً‬
‫لبلدنا‪ ،‬خاصة للدول الكبرى في‬
‫‪.‬المنطقة مثل مصر والسعودية‬
‫لكن مواجهة هذا المد الشيعي‬
‫ينبغي أن تكون بحكمة وحذر‪ ،‬حتى‬
‫ل يأتي بعكس مقصوده‪ ،‬ول يؤدي‬
‫إلى انتهاك الضوابط الشرعية‪ ،‬أو‬
‫يحقق مفاسد واقعية‪ ،‬فالشيعة‬
‫رغم بدعهم المغلظة هم من أهل‬
‫ملة السلم‪ ،‬ووجودهم كأقليات‬
‫في بعض بلد المسلمين أمر‬
‫واقعي استقر منذ سنين‪ ،‬فينبغي‬
‫إعطاؤهم حقوق المواطنة في تلك‬
‫البلد‪ ،‬بما ل يتعارض مع الحفاظ‬
‫على عقيدة المسلمين‪ ،‬أو حفظ‬
‫أمن البلد واستقرارها‪ ،‬هذا لن‬
‫إساءة معاملتهم وإيقاع الظلم بهم‬
‫فوق أنه مسلك غير شرعي‪ ،‬إل أنه‬
‫قد يدفعهم إلى التحول إلى طابور‬
‫شيعي خامس بالفعل‪ ،‬قد يحدث‬
‫من الفساد في البلد والعباد ما ل‬
‫‪.‬يعلمه إل الله‬
‫وفي مقابل ذلك فل ينبغي التقليل‬
‫من الخطر الشيعي‪ ،‬ل سيما في‬
‫دولة مثل مصر‪ ،‬والتي تحمل بحكم‬
‫التاريخ والواقع‪ ،‬قابلية لنتشار‬
‫المذهب الشيعي في أراضيها‪،‬‬
‫نظًرا للحكم العبيدي السابق لمصر‪،‬‬
‫ولنتشار الفرق الصوفية فيها‪،‬‬
‫والتي تتخذ من قبور آل البيت ـ‬
‫كما يزعمون ـ مزارات وأعياد‪ ،‬مما‬
‫يسهل على دعاة التشيع الدخول‬
‫‪.‬إليهم تحت شعار حب آل البيت‬
‫ما نقول إن المشروع الشيعي‬‫وختا ً‬
‫الفارسي ل يقل خطًرا على المة‬
‫من غيره‪ ,‬بل قد يفوقه في كثير‬
‫من الحيان‪ ,‬ومن ثم فإن مواجهته‬
‫وكشف تفاصيله والتصدي له بحنكة‬
‫السياسيين وخبرتهم‪ ,‬وفهم‬
‫العلماء الشرعيين وثقلهم‪ ,‬لهي‬
‫من أفرض الواجبات في اللحظة‬
‫‪.‬الراهنة‬

You might also like