You are on page 1of 662

‫مقدمة ابن خلدون‬

‫القسكم الول مكن المقدمكة فكي فضكل علم التاريكخ و تحقيكق مذاهبكه و اللماع لمكا يعرض للمؤرخيكن مكن المغالط و ذككر‬
‫شيىء من أسبابها ‪12.....................................................................................................................‬‬
‫القسكم الثانكي مكن المقدمكة فكي فضكل علم التاريكخ و تحقيكق مذاهبكه و اللماع لمكا يعرض للمؤرخيكن مكن المغالط و ذككر‬
‫شيىء من أسبابها ‪16.....................................................................................................................‬‬
‫القسكم الثالث مكن المقدمكة فكي فضكل علم التاريكخ و تحقيكق مذاهبكه و اللماع لمكا يعرض للمؤرخيكن مكن المغالط و ذككر‬
‫شيىء من أسبابها‪24......................................................................................................................‬‬
‫الكتاب الول فكي طبيعكة العمران فكي الخليقكة و مكا يعرض فيهكا مكن البدو و الحصكر و التغلب و الكسكب و‬
‫المعاش و الصنائع و العلوم و نحوها و ما لذلك من العلل و السباب‪37.........................................‬‬
‫الباب الول من الكتاب الول في العمران البشري على الجملة و فيه مقدمات‪44.................‬‬
‫المقدمة الثانية في قسط العمران من الرض و الشارة إلى بعض ما فيه من الشجار و النهار و القاليم‪46............‬‬
‫تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الرض أكثر عمرانًا من الربع الجنوبي و ذكر السبب في ذلك‪51. .‬‬
‫القسم الول من تفصيل الكلم على هذه الجغرافيا‪54................................................................................‬‬
‫القسم الثاني من تفصيل الكلم على هذه الجغرافيا‪65................................................................................‬‬
‫القسم الثالث من تفصيل الكلم على هذه الجغرافيا‪76...............................................................................‬‬
‫المقدمة الثالثة في المعتدل من القاليم و المنحرف و تأثير الهواء في ألوان البشر و الكثير في أحوالهم‪83................‬‬
‫المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلق البشر‪87...................................................................................‬‬
‫المقدمكة الخامسكة فكي اختلف أحوال العمران فكي الخصكب و الجوع و مكا ينشكأ عكن ذلك مكن الثار فكي أبدان البشكر و‬
‫أخلقهم‪88..................................................................................................................................‬‬
‫المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة و يتقدمه الكلم في الوحي و الرؤيا‪92............‬‬
‫و لنذكر الن تفسير حقيقة النبؤة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين و‬
‫غير ذلك من مدارك الغيب فنقول‪95...................................................................................................‬‬
‫أصناف النفوس البشرية ‪97.............................................................................................................‬‬
‫الوحي ‪98...................................................................................................................................‬‬
‫الكهانة ‪100................................................................................................................................‬‬
‫الرؤيا ‪102.................................................................................................................................‬‬
‫فصل‪105...................................................................................................................................‬‬
‫فصل‪106...................................................................................................................................‬‬
‫فصل ‪114..................................................................................................................................‬‬
‫الباب الثانكي فكي العمران البدوي و المكم الوحشيكة و القبائل و مكا يعرض فكي ذلك مكن الحوال‬
‫و فيه فصول و تمهيدات الفصل الول في أن أجيال البدو و الحضر طبيعية ‪119................‬‬
‫الفصل الثاني في أن جيل العرب في الخليقة طبيعي ‪120..........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث في أن البدو أقدم من الحضر و سابق عليه و أن البادية أصل العمران و المصار مدد لها ‪121...........‬‬
‫الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر ‪122...........................................................‬‬
‫الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر ‪124....................................................‬‬
‫الفصل السادس في أن معاناة أهل الحضر للحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالمنعة منهم ‪124..............................‬‬
‫الفصل السابع في أن سكنى البدو ل تكون إل للقبائل أهل العصبية ‪126.........................................................‬‬
‫الفصل الثامن في أن العصبية إنما تكون من اللتحام بالنسب أو ما في معناه ‪127.............................................‬‬
‫الفصل التاسع في أن الصريح من النسب إنما يوحد للمتوحشين في القفر من العرب و من في معناهم ‪128...............‬‬
‫الفصل العاشر في اختلط النساب كيف يقع ‪129...................................................................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر في أن الرئاسة ل تزال في نصابها المخصوص من أهل المصبية ‪130................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر في أن الرئاسة على أهل المصبية ل تكون في غير نسبهم ‪130...........................................‬‬
‫الفصل الثالث عشر في أن البيت و الشرف بالصالة و الحقيقة لهل المصبية و يكون لغيرهم بالمجاز و الشبه ‪132...‬‬
‫الفصل الرابع عشر في أن البيت و الشرف للموالي و أهل الصطناع إنما هو بمواليهم ل بأنسابهم ‪134..................‬‬
‫الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة آباء ‪135...................................................‬‬
‫الفصل السادس عشر في أن المم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها ‪136................................................‬‬
‫الفصل السابع عشر في أن الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك ‪137....................................................‬‬
‫الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملك حصول الترف و انغماس القبيل في النعيم ‪138................................‬‬
‫الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل و النقياد إلى سواهم ‪139..........................................‬‬
‫الفصل العشرون ك في أن من علمات الملك التنافس في الخلل الحميدة و بالعكس ‪141.....................................‬‬
‫الفصل الحادي و العشرون في أنه إذا كانت المة وحشية كان ملكها أوسع ‪143...............................................‬‬
‫الفصكل الثانكي و العشرون فكي أن الملك إذا ذهكب عكن بعكض الشعوب مكن أمكة فل بكد مكن عوده إلى شعكب أخكر منهكا مكا‬
‫دامت لهم العصبية ‪144..................................................................................................................‬‬
‫الفصككل الثالث و العشرون فككي أن المغلوب مولع أبداً بالقتداء بالغالب فككي شعاره وزيككه و نحلتككه و سككائر أحواله و‬
‫عوائده ‪145................................................................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون في أن المة إذا غلبت و صارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء ‪146.........................‬‬
‫الفصل الخامس و العشرون في أن العرب ل يتغلبون إل على البسائط ‪147....................................................‬‬
‫الفصل السادس و العشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب ‪147..................................‬‬
‫الفصل السابع و العشرون في أن العرب ل يحصل لهم الملك إل بصبغة دينية من نبوة أو ولية أو أثر عظيم من الدين‬
‫على الجملة ‪149..........................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثامن و العشرون في أن العرب أبعد المم عن سياسة الملك ‪149......................................................‬‬
‫الفصل التاسع و العشرون في أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوبون لهل المصار ‪150............................‬‬
‫الباب الثالث مكن الكتاب الول فكي الدول العامكة و الملك و الخلفكة و المراتكب السكلطانية و مكا‬
‫يعرض في ذلك كله من الحوال و فيه قواعد و متممات‪151........................................‬‬
‫الفصل الول في أن الملك و الدولة العامة إنما يحصلن بالقبيل و العصبية ‪151..............................................‬‬
‫الفصل الثاني في أنه إذا استقرت الدولة و تمهدت فقد تستغني عن العصبية ‪152..............................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬في أنه قد يحدث لبعض أهل النصاب الملكي دولة تستغني عن العصبية ‪154................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬في أن الدولة العامة الستيلء العظيمة الملك أصلها الدين إما من نبوة أو دعوة حق ‪155.................‬‬
‫الفصل الخامس في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها ‪155.......‬‬
‫الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية ل تتم ‪156................................................................‬‬
‫الفصل السابع في أن كل دولة لها حصة من الممالك و الوطان ل تزيد عليها ‪158...........................................‬‬
‫الفصل الثامن في أن عظم الدولة و اتساع نطاقها و طول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة و الكثرة ‪160...........‬‬
‫الفصل التاسع في أن الوطان الكثرة القبائل و العصائب قل أن تستحكم فيها دولة ‪161......................................‬‬
‫الفصل العاشر في أن من طبيعة الملك النفراد بالمجد ‪163.......................................................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر في أن من طبيعة الملك الترف ‪164..........................................................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر في أن من طبيعة الملك الدعة و السكون ‪164................................................................‬‬
‫الفصكل الثالث عشكر فكي أنكه إذا تحكمكت طبيعكة الملك مكن النفراد بالمجكد و حصكول الترف و الدعكة أقبلت الدولة على‬
‫الهرم ‪165..................................................................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للشخاص ‪167........................................................‬‬
‫الفصل الخامس عشر في انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة ‪168............................................................‬‬
‫الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها ‪171...................................................‬‬
‫الفصل السابع عشر في أطوار الدولة و اختلف أحوالها و خلق أهلها باختلف الطوار ‪171..............................‬‬
‫الفصل الثامن عشر في أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتها في أصلها ‪173....................................................‬‬
‫الفصل التاسع عشر في استظهار صاحب الدولة على قومه و أهل عصبيته بالموالي و المصطنعين ‪178................‬‬
‫الفصل العشرون في أحوال الموالي و المصطنعين في الدول ‪180...............................................................‬‬
‫الفصل الحادي و العشرون فيما يعرض في الدول من حجر السلطان و الستبداد عليه ‪181.................................‬‬
‫الفصل الثاني و العشرون في أن المتغلبين على السلطان ل يشاركونه في اللقب الخاص بالملك ‪182......................‬‬
‫الفصل الثالث و العشرون في حقيقة الملك و أصنافه ‪183.........................................................................‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون في أن إرهاف الحد مضر بالملك و مفسد له في الكثر ‪184.......................................‬‬
‫الفصل الخامس و العشرون في معنى الخلفة و المامة ‪185.....................................................................‬‬
‫الفصل السادس و العشرون فى اختلف المة في حكم هذا المنصب و شروطه ‪187.........................................‬‬
‫الفصل السابع و العشرون في مذاهب الشيعة في حكم المامة‪192...............................................................‬‬
‫الفصل الثامن و العثسرون في انقلب الخلفة إلى الملك‪197.....................................................................‬‬
‫الفصل التاسع و العشرون في معنى البيعة ‪204.....................................................................................‬‬
‫الفصل الثلثون في ولية العهد ‪205...................................................................................................‬‬
‫الفصل الحادي و الثلثون في الخطط الدينية الخلفية ‪213........................................................................‬‬
‫الحسبة و السكة ‪220.....................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني و الثلثون في اللقب بأمير المؤمنين و إنه من سمات الخلفة و هو محدث منذ عهد الخلفاء ‪221..........‬‬
‫الفصل الثالث و الثلثون في شرح اسم البابا و البطرك في الملة النصرانية و اسم الكوهن عند اليهود ‪225..............‬‬
‫الفصل الرابع و الثلثون في مراتب الملك و السلطان و ألقابها ‪229.............................................................‬‬
‫ديوان العمال و الجبايات ‪237.........................................................................................................‬‬
‫ديوان الرسائل و الكتابة ‪240.........................................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس و الثلثون في التفاوت بين مراتب السيف و القلم في الدول ‪250..............................................‬‬
‫الفصل السادس و الثلثون في شارات الملك و السلطان الخاصة به ‪251.......................................................‬‬
‫مقدار الدرهم و الدينار الشرعيين ‪256................................................................................................‬‬
‫الفساطيط و ا لسياج ‪260................................................................................................................‬‬
‫المقصورة للصلة و الدعاء في الخطبة ‪262.........................................................................................‬‬
‫الفصل السابع و الثلثون في الحروب و مذاهب المم و ترتيبها ‪263...........................................................‬‬
‫الفصل الثامن و الثلثون في الجباية و سبب قلتها و كثرتها ‪272.................................................................‬‬
‫الفصل التاسع و الثلثون في ضرب المكوس أواخر الدولة ‪273.................................................................‬‬
‫الفصل الربعون في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا و مفسدة للجباية ‪274...........................................‬‬
‫الفصل الحادي و الربعون في أن ثروة السلطان و حاشيته إنما تكون في وسط الدولة ‪276.................................‬‬
‫الفصل الثاني و الربعون في أن نقص العطاء من السلطان نقص في الجباية ‪279............................................‬‬
‫الفصل الثالث و الربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران ‪279.............................................................‬‬
‫الفصل الرابع و الربعون في أن الحجاب كيف يقع في الدول و في أنه يعظم عند الهرم ‪283...............................‬‬
‫الفصل الخامس و الربعون في انقسام الدولة الواحدة بدولتين ‪285..............................................................‬‬
‫الفصل السادس و الربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة ل يرتفع ‪286.........................................................‬‬
‫الفصل السابع و الربعون في كيفية طروق الخلل للدولة ‪287....................................................................‬‬
‫الفصككل الثامككن و الربعيككن فصككل فككي اتسككاع الدولة أول إلى نهايتككه ثككم تضايقككه طورا بعككد طور إلى فناء الدولة و‬
‫اضمحللها ‪290...........................................................................................................................‬‬
‫الفصل التاسع و الربعون في حدوث الدولة و تجددها كيف يقع ‪292...........................................................‬‬
‫الفصل الخمسون في أن الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة ل بالمناجزة ‪293..................‬‬
‫الفصل الحادي و الخمسون في وفور العمران آخر الدولة و ما يقع فيها من كثر الموتان و المجاعات ‪296...............‬‬
‫الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري ل بد له من سياسة ينتظم بها أمره ‪297...................................‬‬
‫القسم الول من الفصل الثالث و الخمسون في أمر الفاطمي و ما يذهب إليه الناس في شأنه و كشف الغطاء عن ذلك‬
‫القسم الول ‪305...........................................................................................................................‬‬
‫القسم الثاني من الفصل الثالث و الخمسون في أمر الفاطمي و ما يذهب إليه الناس في شأنه و كشف الغطاء عن ذلك‬
‫القسم الثاني ‪316..........................................................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع و الخمسون في ابتداء الدول و المم و في الكلم على الملحم و الكشف عن مسمى الجفر ‪324..........‬‬
‫الباب الرابكع مكن الكتاب الول فكي البلدان و المصكار و سكائر العمران و مكا يعرض فكي ذلك‬
‫من الحوال و فيه سوابق و لواحق ‪336.................................................................‬‬
‫الفصل الول في أن الدول من المدن و المصار و أنها إنما توجد ثانية عن الملك ‪336......................................‬‬
‫الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول المصار ‪338.........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث في أن المدن العظيمة و الهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير ‪338........................................‬‬
‫الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدًا ل تستقل ببنائها الدولة الواحدة ‪340.................................................‬‬
‫الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن و ما يحدث إذا غفل عن المراعاة ‪341...............................‬‬
‫الفصل السادس في المساجد و البيوت العظيمة في العالم ‪343.....................................................................‬‬
‫الفصل السابع في أن المدن و المصار بإفريقية و المغرب قليلة ‪351...........................................................‬‬
‫الفصل الثامن في أن المباني و المصانع في الملة السلمية قليلة بالنسبة إلى قدرتها و إلى من كان قبلها من الدول ‪.....‬‬
‫‪352‬‬
‫الفصل التاسع في أن المباني التي كانت تختطها العرب يسرع إليها الخراب إل في القل ‪353..............................‬‬
‫الفصل العاشر في مبادي الخراب في المصار ‪354................................................................................‬‬
‫الفصكل الحادي عشكر فكي أن تفاضكل المصكار و المدن فكي كثرة الرزق لهلهكا و نفاق السكواق إنمكا هكو فكي تفاضكل‬
‫عمرانها في الكثرة و القلة ‪354.........................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر في أسعار المدن ‪357.............................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث عشر في قصور أهل البادية عن سكنى المصر الكثير العمران ‪359............................................‬‬
‫الفصل الرابع عشر في أن القطار في اختلف أحوالها بالرفه و الفقر مثل المصار ‪359..................................‬‬
‫الفصل الخامس عشر في تأثل ا لعقار و الضياع في المصار و حال فوائدها و مستغلتها ‪361............................‬‬
‫الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل المصار إلى الجاه و المدافعة ‪362.....................................‬‬
‫الفصل السابع عشر في أن الحضارة في المصار من قبل ا لدول و أنها ترسخ باتصال الدولة ورسوخها ‪363..........‬‬
‫الفصل الثامن عشر في أن الحضارة غاية العمران و نهاية لعمره و أنها مؤذنة بفساده ‪365.................................‬‬
‫الفصل التاسع عشر في أن المصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانقراضها ‪368.....................‬‬
‫الفصل العشرون في اختصاص بعض المصار ببعض الصنائع دون بعض ‪371.............................................‬‬
‫الفصل الحادي و العشرون في و جود العصبية في المصار و تغلب بعضهم على بعض ‪371.............................‬‬
‫الفصل الثاني و العشرون في لغات أهل المصار ‪373............................................................................‬‬
‫الباب الخامس من الكتاب الول في المعاش و وجوبه من الكسب و الصنائع و ما يعرض في‬
‫ذلك كله من الحوال و فيه مسائل‪374...................................................................‬‬
‫الفصل الول في حقيقة الرزق و الكسب و شرحهما و أن الكسب هو قيمة العمال ا لبشرية ‪374.........................‬‬
‫الفصل الثاني في وجوه المعاش و أصنافه و مذاهبه ‪376..........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث في أن الخدمة ليست من الطبيعي ‪377...............................................................................‬‬
‫الفصل الرابع في ابتغاء الموال من الدفائن و الكنوز ليس بمعاش طبيعي ‪378................................................‬‬
‫الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال ‪383.........................................................................................‬‬
‫الفصل السادس في أن السعادة و الكسب إنما يحصل غالباً لهل الخضوع و التملق و أن هذا الخلق من أسباب السعادة‬
‫‪383‬‬
‫الفصل السابع في أن القائمين بأمور الدين من القضاء و الفتيا و التدريس و المامة و الخطابة و الذان و نحو ذلك ل‬
‫تعظم ثروتهم في الغالب ‪387...........................................................................................................‬‬
‫الفصل الثامن في أن الفلحة من معاش المتضعين و أهل العافية من البدو ‪388...............................................‬‬
‫الفصل التاسع في معنى التجارة و مذاهبها و أصنافها ‪388........................................................................‬‬
‫الفصل العاشر في أي أصناف الناس يحترف بالتجارة و أيهم ينبغي له اجتناب حرفها ‪388.................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الشراف و الملوك ‪389..............................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع ‪390........................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث عشر في الحتكار ‪391.................................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع عشر في أن رخص السعار مضر بالمحترفين بالرخص ‪391..................................................‬‬
‫الفصل الخامس عشر في أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء و بعيدة من المروءة ‪392...............................‬‬
‫الفصل السادس عشر في أن الصنائع ل بد لها من العلم ‪393......................................................................‬‬
‫الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري و كثرته ‪394.......................................‬‬
‫الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في المصار إنما هو برسوخ الحضارة و طول أمده ‪395.....................‬‬
‫الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد و تكثر إذا كثر طالبها ‪396....................................................‬‬
‫الفصل العشرون في أن المصار إذا قاربت الخراب انتقصت منها الصنائع ‪397.............................................‬‬
‫الفصل الحادي و العشرون في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع ‪397.........................................................‬‬
‫الفصل الثاني و العشرون فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعد في ملكة أخرى ‪398.........................‬‬
‫الفصل الثالث و العشرون في الشارة إلى أمهات الصنائع ‪399..................................................................‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون في صناعة الفلحة ‪400.................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس و العشرون في صناعة البناء ‪400.................................................................................‬‬
‫الفصل السادس و العشرون في صناعة النجارة ‪403...............................................................................‬‬
‫الفصل السابع و العشرون في صناعة الحياكة و الخياطة ‪405....................................................................‬‬
‫الفصل الثامن و العشرون في صناعة التوليد ‪406..................................................................................‬‬
‫الفصل التاسع و العشرون في صناعة الطب و أنها محتاج إليها في الحواضر و المصار دون البادية ‪408..............‬‬
‫الفصل الثلثون في أن الخط و الكتابة من عداد الصنائع النسانية ‪411.........................................................‬‬
‫الفصل الحادي و الثلثون في صناعة الوراقة ‪418.................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني و الثلثون في صناعة الغناء ‪419.....................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث و الثلثون في أن الصنائع تكسب صاحبها عقلً و خصوصاً الكتابة و الحساب ‪425........................‬‬
‫الباب السكادس مكن الكتاب الول فكي العلوم و أصكنافها و التعليكم و طرقكه و سكائر وجوهكه و مكا‬
‫يعرض في ذلك كله من الحوال و فيه مقدمة و لواحق ‪426.........................................‬‬
‫الفصل الول في أن العلم و التعليم طبيعي في العمران البشري ‪426............................................................‬‬
‫الفصل الثاني في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع ‪427...........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث في أن العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الحضارة ‪430..............................................‬‬
‫الفصل الرابع في أصناف العلوم الواقعة في العمران لهذا العهد ‪431............................................................‬‬
‫الفصل الخامس في علوم القرآن من التفسير و القراءات ‪433.....................................................................‬‬
‫الفصل السادس في علوم الحديث ‪437.................................................................................................‬‬
‫الفصل السابع في علم الفقه و ما يتبعه من الفرائض ‪441..........................................................................‬‬
‫الفصل الثامن في علم الفرائض ‪447...................................................................................................‬‬
‫الفصل التاسع في أصول الفقه و ما يتعلق به من الجدل و الخلفيات ‪448......................................................‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬في علم الكلم ‪454....................................................................................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر‪ :‬في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر ‪463..........................................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر في العقل التجريبي و كيفية حدوثه ‪464.......................................................................‬‬
‫الفصل الثالث عشر‪ :‬في علوم البشر و علوم الملئكة ‪465........................................................................‬‬
‫الفصل الرابع عشر في علوم النبياء عليهم الصلة و السلم ‪467...............................................................‬‬
‫الفصل الخامس عشر في أن النسان جاهل بالذات عالم بالكسب ‪468...........................................................‬‬
‫الفصكل السكادس عشكر‪ :‬فكي كشكف الغطاء عكن المتشابكه مكن الكتاب و السكنة و مكا حدث لجكل ذلك مكن طوائف السكنية و‬
‫المبتدعة في العتقادات ‪469............................................................................................................‬‬
‫الفصل السابع عشر‪ :‬في علم التصوف ‪478..........................................................................................‬‬
‫الفصل الثامن عشر‪ :‬في علم تعبير الرؤيا ‪489......................................................................................‬‬
‫الفصل التاسع عشر‪ :‬في العلوم العقلية و أصنافها ‪492.............................................................................‬‬
‫الفصل العشرون‪ :‬في العلوم العددية ‪496.............................................................................................‬‬
‫الفصل الحادي و العشرون‪ :‬في العلوم الهندسية ‪500...............................................................................‬‬
‫الفصل الثاني و العشرون‪ :‬في علم الهيئة ‪502.......................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث و العشرون‪ :‬في علم المنطق ‪503.....................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون‪ :‬في الطبيعيات ‪508......................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس و العشرون‪ :‬في علم الطب ‪508....................................................................................‬‬
‫الفصل السادس و العشرون‪ :‬في الفلحة ‪510........................................................................................‬‬
‫الفصل السابع و العشرون‪ :‬في علم اللهيات ‪510...................................................................................‬‬
‫الفصل الثامن و العشرون‪ :‬في علوم السحر و الطلسمات ‪512....................................................................‬‬
‫القسم الول من الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الحروف ‪519...........................................................‬‬
‫الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الحروف القسم الثاني ‪525...............................................................‬‬
‫كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول ال منقول عمن لقيناه من القائمين عليها ‪529.........‬‬
‫فصل في الطلع على السرار الخفية من جهة الرتباطات الحرفية ‪537.....................................................‬‬
‫فصل في الستدلل على ما في الضمائر الخفية بالقوانين الحرفية ‪541.........................................................‬‬
‫الفصل الثلثون‪ :‬في علم الكيمياء ‪543................................................................................................‬‬
‫الفصل الحادي و الثلثون‪ :‬في إبطال الفلسفة و فساد منتحلها ‪553...............................................................‬‬
‫الفصل الثاني و الثلثون‪ :‬في ابطال صناعة النجوم و ضعف مداركها و فساد غايتها ‪558..................................‬‬
‫الفصل الثالث و الثلثون‪ :‬في انكار ثمرة الكيميا و استحالة وجودها و ما ينشأ من المفاسد عن انتحالها ‪563.............‬‬
‫الفصل الرابع و الثلثون‪ :‬في أن كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل ‪570...........................................‬‬
‫الفصل الخامس و الثلثون‪ :‬في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف و إلغاء ما سواها ‪571..............................‬‬
‫الفصل السادس و الثلثون في أن كثرة الختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم ‪574..................................‬‬
‫الفصل السابع و الثلثون‪ :‬في وجه الصواب في تعليم العلوم و طريق إفادته ‪575.............................................‬‬
‫الفصل الثامن و الثلثون‪ :‬في أن العلوم اللهية ل توسع فيها النظار و ل تفرع المسائل ‪578..............................‬‬
‫الفصل التاسع و الثلثون‪ :‬في تعليم الولدان و اختلف مذاهب المصار السلمية في طرقه ‪579.........................‬‬
‫الفصل الربعون‪ :‬في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم ‪582...................................................................‬‬
‫الفصل الحادي و الربعون‪ :‬في أن الرحلة في طلب العلوم و لقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم ‪583.....................‬‬
‫الفصل الثاني و الربعون‪ :‬في أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة و مذاهبها ‪583...................................‬‬
‫الفصل الثالث و الربعون‪ :‬في أن حملة العلم في السلم أكثرهم العجم ‪585...................................................‬‬
‫الفصل الرابع و الربعون‪ :‬في أن العجمة إذا سبقت إلى اللسان قصرت بصاحبها في تحصيل العلوم عن أهل اللسان‬
‫العربي ‪587................................................................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس و الربعون‪ :‬في علوم اللسان العربي ‪589........................................................................‬‬
‫علم النحو ‪590.............................................................................................................................‬‬
‫علم اللغة ‪592..............................................................................................................................‬‬
‫علم البيان ‪595.............................................................................................................................‬‬
‫علم الدب ‪597............................................................................................................................‬‬
‫الفصل السادس و الربعون‪ :‬في أن اللغة ملكة صناعية ‪599......................................................................‬‬
‫الفصل السابع و الربعون‪ :‬في أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة مغايرة للغة مصر و حمير ‪600..........................‬‬
‫الفصل الثامن و الربعون‪ :‬في أن لغة أهل الحضر والمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر ‪603...........................‬‬
‫الفصل التاسع و الربعون في تعليم اللسان المضري ‪604.........................................................................‬‬
‫الفصل الخمسون‪ :‬في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية و مستغنية عنها في التعليم ‪605............................‬‬
‫الفصل الواحد و الخمسون‪ :‬فكي تفسر الذوق في مصطلح أهل البيان و تحقيكق معناه و بيان أنكه ل يحصل للمستعربين‬
‫من العجم ‪607.............................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثانكي و الخمسون‪ :‬فكي أن أهكل المصار على الطلق قاصرون في تحصكيل هذه الملكة اللسانية التكي تستفاد‬
‫بالتعليم و من كان منهم أبعد عن اللسان العربي كان حصولها له أصعب و أعسر ‪609.......................................‬‬
‫الفصل الثالث و الخمسون‪ :‬في انقسام الكلم إلى فني النظم و النثر ‪611........................................................‬‬
‫الفصل الرابع و الخمسون‪ :‬في أنه ل تتفق الجادة في فني المنظوم و المنثور معاً إل للقل ‪613...........................‬‬
‫الفصل الخامس و الخمسون‪ :‬في صناعة الشعر و وجه تعلمه‪614...............................................................‬‬
‫الفصل السادس و الخمسون‪ :‬في أن صناعة النظم و النثر إنما هي في اللفاظ ل في المعاني ‪623.........................‬‬
‫الفصل السابع و الخمسون‪ :‬في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ و جودتها بجودة المحفوظ ‪623........................‬‬
‫الفصل الثامن و الخمسون‪ :‬في بيان المطبوع من الكلم و المصنوع و كيف جودة المصنوع أو قصوره ‪626...........‬‬
‫الفصل التاسع و الخمسون‪ :‬في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر ‪630......................................................‬‬
‫الفصل الستون‪ :‬في أشعار العرب و أهل المصار لهذا العهد‪631................................................................‬‬
‫الموشحات و الزجال للندلس ‪641...................................................................................................‬‬
‫الموشحات و الزجال في المشرق ‪658...............................................................................................‬‬
‫خاتمة ‪662.................................................................................................................................‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫يقول العبد الفقي إل ال تعال الغن بلطفه عبد الرحن بن ممد بن خلدون الضرمي وفقه ال‬
‫ال مد ل الذي له العزة وال بوت وبيده اللك واللكوت وله ال ساء ال سن والنعوت العال‬
‫فل يغرب عنسه مسا تظهره النجوى أو يفيسه السسكوت القادر فل يعجزه شيسء فس السسموات‬
‫والرض ول يفوت أنشأنا من الرض نسما واستعمرنا فيها أجيال وأما ويسر لنا منها أرزاقا‬
‫وقسسما تكنفنسا الرحام والبيوت ويكفلنسا الرزق والقوت وتبلينسا اليام والوقوت وتعتورنسا‬
‫الجال ال ت خط علي نا كتاب ا الوقوت وله البقاء والثبوت و هو ال ي الذي ل يوت وال صلة‬
‫وال سلم على سيدنا ومول نا م مد ال نب العر ب الكتوب ف التوراة والن يل النعوت الذي‬
‫ت حض لف صاله الكون ق بل أن تتعا قب الحاد وال سبوت ويتبا ين ز حل واليهموت وعلى آله‬
‫وأ صحابه الذ ين ل م ف صحبته وأتبا عه ال ثر البع يد وال صيت والش مل الم يع ف مظاهر ته‬
‫ولعدو هم الش مل الشت يت صلى ال عل يه وعلي هم ما ات صل بال سلم جده البخوت وانق طع‬
‫بالكفسر حبله البتوت وسسلم كثيا أمسا بعسد فإن فسن التاريسخ مسن الفنون التس تتداوله المسم‬
‫والجيال وتشسد إليسه الركائب والرحال وتسسموا إل معرفتسه السسوقة والغفال وتتنافسس فيسه‬
‫اللوك والقيال وتت ساوى ف فه مه العلماء الهال إذ هو ف ظاهره ل يز يد على أخبار عن‬
‫اليام والدول والسوابق من القرون الول تنمو فيها القوال وتضرب فيها المثال وتطرف با‬
‫الند ية إذا غ صها الحتفال وتؤدي ل نا شأن اللي قة ك يف تقل بت ب ا الحوال وات سع للدول‬
‫في ها النطاق والجال وعمروا الرض ح ت نادى ب م الرتال وحان من هم الزوال و ف باط نه‬
‫نظر وتقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابا عميق فهو لذلك‬
‫أصيل ف الكمة عريق وجدير بأن يعد ف علومها وخليق وإن فحول الؤرخي ف السلم قد‬
‫استوعبوا أخبار اليام وجعوها وسطروها ف صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها التطفلون‬
‫بدسائس من الباطل وهوا فيها وابتدعوها وزخارف من الروايات الضعفة لفقوها ووضعوها‬
‫واقتفى تلك الثار الكثي من بعدهم واتبعوها وأدوها إلينا كما سعوها ول يلحظوا أسباب‬
‫الوقائع والحوال ول يراعوهسا ول رفضوا ترهات الحاديسث ول دفعوهسا فالتحقيسق قليسل‬
‫وطرف التنق يح ف الغالب كل يل والغلط والو هم ن سيب للخبار وخل يل والتقل يد عر يق ف‬
‫الدميي وسليل والتطفل على الفنون عريض طويل ومرعى الهل بي النام وخيم وبيل والق‬
‫ل يقاوم سلطانه والبا طل يقذف بشهاب الن ظر شيطا نه والنا قل إن ا هو يلي وين قل والب صية‬
‫تن قد ال صحيح إذا تع قل والعلم يلوا ل ا صفحات القلوب وي صقل هذا و قد دون الناس ف‬
‫الخبار وأكثروا وجعوا تواريخ المم والدول ف العال وسطروا والذين ذهبوا بفضل الشهرة‬
‫والما مة الع تبة وا ستفرغوا دواو ين من قبل هم ف صحفهم التأخرة هم قليلون ل يكادون‬
‫ياوزون عدد النامل ول حركات العوامل مثل ابن إسحق والطبي وابن الكلب وممد بن‬
‫عمر الواقدي وسيف بن عمر السدي وغيهم من الشاهي التميزين عن الماهي وإن كان‬
‫ف ك تب ال سعودي والواقدي من الط عن والغ مز ما هو معروف ع ند الثبات ومشهور ب ي‬
‫الف ظة الثقات إل أن الكافسة اختصستهم بقبول أخبارهسم واقتفاء سسننهم فس التصسنيف واتباع‬
‫آثارهم والناقد البصي قسطاس نفسه ف تزييفهم فيما ينقلون أو اعتبارهم فللعمران طبائع ف‬
‫أحواله تر جع إلي ها الخبار وت مل علي ها الروايات والثار ث إن أك ثر التوار يخ لؤلء عا مة‬
‫الناهج والسالك لعموم الدولتي صدر السلم ف الفاق والمالك وتناولا البعيد من الغايات‬
‫ف الآ خذ والتارك و من هؤلء من ا ستوعب ما ق بل اللة من الدول وال مم وال مر الع مم‬
‫كال سعودي و من ن ا منحاه وجاء من بعد هم من عدل عن الطلق إل التقي يد وو قف ف‬
‫العموم والحا طة عن الشأو البع يد فق يد شوارد ع صره وا ستوعب أخبار أف قه وقطره واقت صر‬
‫على تاريخ دولته ومصره كما فعل أبو حيان مؤرخ الندلس والدولة الموية با وابن الرفيق‬
‫مؤرخ أفريق ية والدولة ال ت كا نت بالقيوان ث ل يأت من ب عد هؤلء إل مقلد وبل يد الط بع‬
‫والعقسل أو متبلد ينسسج على ذلك النوال ويتذي منسه بالثال ويذهسل عمسا أحالتسه اليام مسن‬
‫الحوال واسستبدلت بسه مسن عوائد المسم والجيال فيجلبون الخبار عسن الدول وحكايات‬
‫الوقائع فس العصسور الول صسورا قسد تردت عسن موادهسا وصسفاحا انتضيست مسن أغمادهسا‬
‫ومعارف ت ستنكر للج هل بطارف ها وتلد ها إن ا هي حوادث ل تعلم أ صولا وأنواع ل تع تب‬
‫أجناسها ول تققت فصولا يكررون ف موضوعاتا الخبار التداولة بأعيانا اتباعا لن عن من‬
‫التقدمي بشأنا ويغفلون أمر الجيال الناشئة ف ديوانا با أعوز عليهم من ترجانا فتستعجم‬
‫صحفهم عن بيانا ث إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقا مافظي على نقلها وها أو‬
‫صدقا ل يتعرضون لبدايتها ول يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ول علة‬
‫الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعا بعد إل افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشا‬
‫عن أسباب تزاحها أو تعاقبها باحثا عن القنع ف تباينها أو تناسبها حسبما نذكر ذلك كله ف‬
‫مقد مة الكتاب ث جاء آخرون بإفراط الخت صار وذهبوا إل الكتفاء بأ ساء اللوك والقت صار‬
‫مقطو عة عن الن ساب والخبار موضو عة علي ها أعداد أيام هم بروف الغبار ك ما فعله ا بن‬
‫رش يق ف ميزان الع مل و من اقت فى هذا ال ثر من المل ول يس يع تب لؤلء مقال ول ي عد ل م‬
‫ثبوت ول انتقال لاس أذهبوا مسن الفوائد وأخلوا بالذاهسب العروفسة للمؤرخيس والعوائد ولاس‬
‫طال عت ك تب القوم و سبت غور ال مس واليوم نب هت ع ي القري ة من سنة الغفلة والنوم‬
‫وست التصنيف من نفسي وأنا الفلس أحسن السؤم فأنشات ف التاريخ كتابا رفعت به عن‬
‫أحوال الناشئة مسن الجيال حجابسا وفصسلته فس الخباروالعتبار بابسا باباوأبديست فيسه لوليسة‬
‫الدول والعمران علل وأ سبابا وبني ته على أخبار ال مم الذ ين عمروا الغرب ف هذه الع صار‬
‫وملوا أكناف الضواحي منه والمصار وما كان لم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف‬
‫لم من اللوك والنصار وها العرب والببر إذ ها اليلن اللذان عرف بالغرب مأواها وطال‬
‫فيسه على الحقاب مثواهاس حتس ل يكاد يتصسور فيسه مسا عداهاس ول يعرف أهله مسن أجيال‬
‫الدميي سواها فهذبت مناحيه تذيبا وقربته لفهام العلماء والاصة تقريبا وسلكت ف ترتيبه‬
‫وتبويبه مسلكا غريبا واخترعته من بي الناحي مذهبا عجيبا وطريقة مبتدعة وأسلوبا وشرحت‬
‫ف يه من أحوال العمران والتمدن و ما يعرض ف الجتماع الن سان من العوارض الذات ية ما‬
‫ينعك بعلل الكوائن وأسبابا ويعرفك كيف دخل أهل الدول من أبوابا حت تنع من التقليد‬
‫يدك وتقف على أحوال ما قبلك من اليام والجيال وما بعدك ورتبته على مقدمة وثلثة كتب‬
‫القدمسة فس فضسل علم التاريسخ وتقيسق مذاهبسه واللاع بغالط الؤرخيس الكتاب الول فس‬
‫العمران وذكسر مسا يعرض فيسه مسن العوارض الذاتيسة مسن اللك والسسلطان والكسسب والعاش‬
‫والصسنائع والعلوم ومسا لذلك مسن العلل والسسباب الكتاب الثانس فس أخبار العرب وأجيالمس‬
‫ودولم منذ مبدأ الليقة إل هذا العهد وفيه من اللاع ببعض من عاصرهم من المم الشاهي‬
‫ودولم مثل النبط والسريانيي والفرس وبن إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والفرنة‬
‫الكتاب الثالث ف أخبار الببر وموالي هم من زنا تة وذ كر أوليت هم وأحيال م و ما كان بديار‬
‫الغرب خاصسة مسن اللك والدول ثس كانست الرحلة إل الشرق لجتناء أنواره وقضاء الفرض‬
‫والسنة ف مطافه ومزاره والوقوف على آثاره ف دواوينه وأسفاره فزدت ما نقص من أخبار‬
‫ملوك الع جم بتلك الديار ودول الترك في ما ملكوه من القطار وأتب عت ب ا ما كتب ته ف تلك‬
‫السسطار وأدرجتهسا فس ذكسر العاصسرين لتلك الجيال مسن أمسم النواحسي وملوك المصسار‬
‫والضوا حي سالكا سبيل الخت صار والتلخ يص مفتد يا بالرام ال سهل من العو يص داخل من‬
‫باب ال سباب على العموم إل الخبار على الصوص فا ستوعب أخبار اللي قة ا ستيعابا وذلل‬
‫من الكم النافرة صعابا وأعطى لوادث الدول علل وأسبابا فأصبح للحكمة صوانا وللتاريخ‬
‫جرابا ولا كان مشتمل على أخبار العرب والببر من أهل الدر والوبر واللاع بن عاصرهم‬
‫من الدول الكب وأفصح بالذكرى والعب ف مبتدأ الحوال وما بعدها من الب سيته كتاب‬
‫ال عب وديوان البتدأ وال ب ف أيام العرب والع جم والببر و من عا صرهم من ذوي ال سلطان‬
‫الكب ول أترك شيئا ف أولية الجيال والدول وتعاصر المم الول وأسباب التصرف والول‬
‫ف القرون الالية واللل وما يعرض ف العمران من دولة وملة ومدينة وحلة وعزة وذلة وكثرة‬
‫وقلة وعلم و صناعة وك سب وإضا عة وأحوال متقل بة مشا عة وبدو وح ضر ووا قع ومنت ظر إل‬
‫واستوعبت جله وأوضحت براهينه وعلله فجاء هذا الكتاب فذا با ضمنته من العلوم الغريبة‬
‫والكم الحجوبة القريبة وأنامن بعدها موقف بالقصور بي أهل العصور معترف بالعجز عن‬
‫الضاء ف مثل هذا القضاء راغب من أهل اليد البيضاء والعارف التسعة الفضاء ف النظر بعي‬
‫النتقاد ل بعي الرتضاء والتغمد لا يعثرون عليه بالصلح والغضاء فالبضاعة بي أهل العلم‬
‫مزجاة والعتراف من اللوم منجاة وال سن من الخوان مرتاه وال أ سأل أن ي عل أعمال نا‬
‫خال صة لوج هه الكر ي و هو ح سب ون عم الوك يل وب عد أن ا ستوفيت عل جه وأنرت مشكا ته‬
‫للم ستبصرين وأذك يت سراجه وأوض حت ب ي العلوم طري قه ومنها جه وأو سعت ف فضاء‬
‫العارف نطاقه وأدرت سياجه أتفت بذه النسخة منه خزانة مولنا السلطان المام الجاهد‬
‫الفاتسح الاهسد التحلي منسذ خلع التمائم ولوث العمائم بلى القانست الزاهسد التوشسح بزكاء‬
‫النا قب والحا مد وكرم الشمائل والشوا هد بأج ل من القلئد ف نور الولئد التناول بالعزم‬
‫القوي ال ساعد وال د الوا ت ال ساعد وال جد الطارف والتالد ذوائب ملك هم الرا سي القوا عد‬
‫الكر ي العال وال صاعد جا مع أشتات العلوم والفوائد ونا ظم ش ل العارف والشوارد ومظ هر‬
‫اليات الربان ية ف ف ضل الدارك الن سانية بفكره الثا قب النا قد ورأ يه ال صحيح العا قد الن ي‬
‫الذاهسب والعقائد نور ال الواضسح الراشسد ونعمتسه العذبسة الوارد ولطفسه الكامسن بالراصسد‬
‫للشدائد ورحته الكرية القالد الت وسعت صلح الزمان الفاسد واستقامة الائد من الحوال‬
‫والعوائد وذه بت بالطوب الوا بد وخل عت على الزمان رو نق الشباب العائد وحج ته ال ت ل‬
‫يبطلها إنكار الاحد ول شبهات العاند أمي الؤمني أب فارس عبد العزيز ابن مولنا السلطان‬
‫العظم الشهي الشهيد أب سال إبراهيم ابن مولنا السلطان القدس أمي الؤمني أب السن ابن‬
‫ال سادة العلم من ملوك ب ن مر ين الذ ين جددوا الد ين ونجوا ال سبيل للمهتد ين وموا آثار‬
‫البغاة الفسدين أفاء ال على المة ظلله وبلغه ف نصر دعوة السلم آماله وبعثته إل خزانئهم‬
‫الوقفة لطلبة العلم بامع القرويي من مدينة فاس حاضرة ملكهم وكرسي سلطانم حيث مقر‬
‫الدى ورياض العارف خضلة الندى وفضاء ال سرار الربان ية ف سيح الدى والما مة الفار سية‬
‫الكري ة العزيزة إن شاء ال بنظر ها الشر يف وفضل ها الغ ن عن التعر يف تب سط له من العنا ية‬
‫مهادا وتف سح له ف جا نب القبول آمادا فتو ضح ب ا أدلة على ر سوخه وأشهادا ف في سوقها‬
‫تن فق بضائع الكتاب وعلى حضرت ا تع كف ركائب العلوم والداب و من مدد ب صائرها النية‬
‫نتائج القرائح واللباب وال يوزعنا شكر نعمتها ويوفر لنا حظوظ الواهب من رحتها ويعيننا‬
‫على حقوق خدمت ها ويعل نا من ال سابقي ف ميدان ا الحل ي ف حومت ها ويض في على أ هل‬
‫إيالتها وما أوي من السلم إل حرم عمالتها لبوس حايتها وحرمتها وهو سبحانه السئول أن‬
‫يعل أعمالنا خالصة ف وجهتها بريئة من شوائب الغفلة وشبهتها وهو حسبنا ونعم الوكيل‬
‫القسام الول مان القدماة فا فضال علم التارياخ و تقياق مذاهباه و اللاع لاا يعرض‬
‫للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬
‫اعلم أن فن التار يخ فن عز يز الذ هب جم الفوائد شر يف الغا ية إذ هو يوقف نا على أحوال‬
‫الاضي من المم ف أخلقهم‪ .‬و النبياء ف سيهم‪ .‬و اللوك ف دولم و سياستهم‪ .‬حت تتم‬
‫فائدة القتداء ف ذلك ل ن يرو مه ف أحوال الد ين و الدن يا ف هو متاج إل مآ خذ متعددة و‬
‫معارف متنوعة و حسن نظر و تثبت يفضيان بصاحبهما إل الق و ينكبان به عن الزلت و‬
‫الغالط لن الخبار إذا اعتمد فيها على مرد النقل و ل تكم أصول العادة و قواعد السياسة‬
‫و طبيعة العمران و الحوال ف الجتماع النسان و ل قيس الغائب منها بالشاهد و الاضر‬
‫بالذاهب فربا ل يؤمن فيها من العثور و مزلة القدم و اليد عن جادة الصدق و كثيا ما وقع‬
‫للمؤرخ ي و الف سرين و أئ مة الن قل من الغالط ف الكايات و الوقائع لعتماد هم في ها على‬
‫مرد النقل غثا أو سينا و ل يعرضوها على أصولا و ل قاسوها بأشباهها و ل سبوها بعيار‬
‫الكمة و الوقوف على طبائع الكائنات و تكيم النظر و البصية ف الخبار فضلوا عن الق‬
‫و تاهوا فس بيداء الوهسم و الغلط و ل سسيما فس إحصساء العداد مسن الموال و العسساكر إذا‬
‫عر ضت ف الكايات إذ هي مظ نة الكذب و مط ية الذر و ل بد من رد ها إل ال صول و‬
‫عرضها على القواعد‪.‬‬
‫و هذا كما نقل السعودي و كثي من الؤرخي ف جيوش بن إسرائيل بأن موسى عليه السلم‬
‫أحصاهم ف التيه بعد أن أجاز من يطيق حل السلح خاصة من ابن عشرين فما فوقها فكانوا‬
‫ستمائة ألف أو يزيدون و يذهل ف ذلك عن تقدير مصر و الشام و اتساعهما لثل هذا العدد‬
‫من اليوش لكل ملكة من المالك حصة من الامية تتسع لا و تقوم بوظائفها و تضيق عما‬
‫فوقها تشهد بذلك العوائد العروفة و الحوال الألوفة ث أن مثل هذه اليوش البالغة إل مثل‬
‫هذا العدد يبعد أن يقع بينها زحف أو قتال لضيق مساحة الرض عنها و بعدها إذا اصطفت‬
‫عن مدى البصر مرتي أو ثلثا أو أزيد فكيف يقتتل هذان الفريقان أو تكون غلبة أحد‬
‫الصفي و شيء من جوانبه ل يشعر بالانب الخر و الاضر يشهد لذلك فالاضي أشبه‬
‫بالت من الاء بالاء‪.‬‬
‫و لقد كان ملك الفرس و دولتهم أعظم من ملك بن إسرائيل بكثي يشهد لذلك ما كان من‬
‫غلب بتنصر لم و التهامه بلدهم و استيلئه على أمرهم و تريب بيت القدس قاعدة ملتهم‬
‫و سلطانم و هو من ب عض عمال مل كة فارس يقال إ نه كان مرزبان الغرب من توم ها و‬
‫كانت مالكهم بالعراقي و خراسان و ما وراء النهر و البواب أوسع من مالك بن إسرائيل‬
‫بكث ي و مع ذلك ل تبلغ جيوش الفرس قط م ثل هذا العدد و ل قريبا م نه و أع ظم ما كا نت‬
‫جوعهسم بالقادسسية مائة و عشريسن ألفا كلهسم متبوع على مسا نقله سسيف قال و كانوا فس‬
‫أتباعهم أكثر من مائت ألف و عن عائشة و الزهري فأن جوع رستم الذين زحف بم سعد‬
‫بالقادسية إنا كانوا ستي ألفا كلهم متبوع و أيضا فلو بلغ بنو إسرائيل مثل هذا العدد لتسع‬
‫نطاق ملك هم و انف سح مدى دولت هم فإن العمالت و المالك ف الدول على ن سبة الام ية و‬
‫القبيل القائمي با ف قتلها و كثرتا حسبما نبي ف فضل المالك من الكتاب الول و القوم‬
‫ل تتسع مالكهم إل غي الردن و فلسطي من الشام و بلد يثرب و خيب من الجاز على ما‬
‫هو العروف‪.‬‬
‫و أيضا فالذي بي موسى و إسرائيل إنا ف أربعة آباء على ما ذكره الحققون فإنه موسى بن‬
‫عمران بن يصهر بن قاهت بفتح الاء وكسرها ابن لري بكسر الواو و فتحها ابن يعقوب و‬
‫هو إسرائيل ال هكذا نسبه ف التوراة و الدة بينهما على ما نقله السعودي قال دخل إسرائيل‬
‫مصر مع ولده السباط و أولدهم حي أتوا إل يوسف سبعي نفسا و كان مقامهم بصر إل‬
‫أن خرجوا مع موسى عليه السلم إل التيه مائتي و عشرين سنة تتداولم ملوك القبط من‬
‫الفراعنة و يبعد أن يتشعب النسل ف أربعة أجيال إل مثل هذا العدد و إن زعموا أن عدد تلك‬
‫اليوش إنا كان ف زمن سليمان و من بعده فبعيد أيضا إذ ليس بي سليمان و إسرائيل إل‬
‫أحد عشر أبا فإنه سليمان بن داود بن يشا بن عوفيذ و يقال ابن عوفذ ابن باعز و يقال بوعز‬
‫بن سلمون بن نشون بن عمينوذب و يقال حيناذاب بن رم بن حصرون و يقال حسرون بن‬
‫بارس و يقال ببس بن يهوذا بن يعقوب و ل يتشعب النسل ف أحد عشر من الولد إل مثل‬
‫هذا العدد الذي زعموه اللهم إل الئتي و اللف فربا يكون و أما أن يتجاوز إل ما بعدها‬
‫من عقود العداد فبعيد و اعتب ذلك ف الاضر الشاهد و القريب العروف تد زعمهم باطلً‬
‫و نقلهم كاذبا‪.‬‬
‫و الذي ث بت ف ال سرائيليات أن جنود سليمان كا نت اث ن ع شر ألفا خا صة و أن مقربا ته‬
‫كانت ألفا و أربعمائة فرس مرتبطة على أبوابه هذا هو الصحيح من أخبارهم و ل يلتفت إل‬
‫خرافات العا مة من هم و ف أيام سليمان عل يه ال سلم و مل كه كان عنفوان دولت هم و أت ساع‬
‫ملك هم هذا و قد ن د الكا فة من أ هل ال صر إذا أفاضوا ف الد يث عن ع ساكر الدول ال ت‬
‫لعهد هم أو قريبا م نه و تفاوضوا ف الخبار عن جيوش ال سلمي أو الن صارى أو أخذوا ف‬
‫إح صاء أموال البايات و خراج ال سلطان و نفقات الترف ي و بضائع الغنياء الو سرين توغلوا‬
‫فس العدد و تاوزوا حدود العوائد و طاوعوا وسساوس العراب فإذا اسستكشف أصسحاب‬
‫الدواوين عن عساكرهم و استنبطت أحوال أهل الثروة ف بضائعهم و فوائدهم و استجليت‬
‫عوائد الترف ي ف نفقات م ل ت د معشار ما يعدو نه و ما ذلك إل لولوع الن فس يالغرائب و‬
‫سهولة التجاوز على اللسان و الغفلة على التعقب و النتقد حت ل ياسب نفسه على خطإ و‬
‫ل عمد و ل يطالبه ف الب بتوسط و ل عدالة ول يرجعها إل بث و تفتيش فيسل عنانه و‬
‫يسيم ف مراتع الكذب لسانه و يتخذ آيات ال هزءا و يشتري لو الديث ليصل عن سبيل‬
‫ال و حسبك با صفقة خاسرة‪.‬‬
‫و من الخبار الواهية للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف أخبار التبابعة ملوك اليمن و جزيرة العرب‬
‫أنم كانوا يغزون من قراهم باليمن إل أفريقية و الببر من بلد الغرب و أن أفريقش بن قيس‬
‫بن صيفي من أعاظم ملوكهم الول و كان لعهد موسى عليه السلم أو قبله بقليل غزا أفريقية‬
‫و أثخن ف الببر و أنه الذي ساهم بذا السم حي سع رطانتهم و قال ما هذه الببرة فأخذ‬
‫هذا السم عنه و دعوا به من حينئذ و أنه لا انصرف من الغرب حجز هنالك قبائل من حي‬
‫فأقاموا با و اختلطوا بأهلها و منهم صنهاجة و كتامة و من هذا ذهب الطبي و الرجان و‬
‫السعودي و ابن الكلب و البيلي إل أن صنهاجة و كتامة من حي وتاباه نسابة الببر و هو‬
‫الصحيح و ذكر السعودي أيضا أن ذا الذعار من ملوكهم قبل أفريقش و كان على عهد‬
‫سليمان عليه السلم غزا الغرب و دوخه و كذلك ذكر مثله عن ياسر ابنه من بعده و إنه بلغ‬
‫وادي الرمل ف بلد الغرب و ل يد فيه مسلكا لكثرة الرمل فرجع و كذلك يقولون ف تبع‬
‫الخر و هو أسعد أبو كرب و كان على عهد يستأنف من ملوك الفرس الكيانية أنه ملك‬
‫الوصل و أذربيجان و لقي الترك فهزمهم و أثخن ث غزاهم ثانية و ثالثة كذلك و أنه بعد‬
‫ذلك أغزى ثلثة من بنيه بلد فارس و إل بلد الصغد من بلد أمم الترك وراء النهر و إل‬
‫بلد الروم فملك الول البلد إل سرقند و قطع الفازة إل الصي فوجد أخاه الثان الذي غزا‬
‫إل سرقند قد سبقه إليها ث فأثخنا ف بلد الصي و رجعا جيعا بالغنائم و تركوا ببلد الصي‬
‫قبائل من حي فهم با إل هذا العهد و بلغ الثالث إل قسطنطينية فدرسها و دوخ بلد الروم‬
‫و رجع‪.‬‬
‫و هذه الخبار كل ها بعيدة عن ال صحة عري قة ف الو هم و الغلط و أش به بأحاد يث الق صص‬
‫الوضوعسة‪ .‬و ذلك أن ملك التبابعسة إناس كان بزيرة العرب و قرارهسم و كرسسيهم بصسنعاء‬
‫اليمن‪ .‬و جزيرة العرب ييط با البحر من ثلث جهاتا فبحر الند من النوب و بر فارس‬
‫الابط منه إل البصرة من الشرق و بر السويس الابط منه إل السويس من أعمال مصر من‬
‫جهة الغرب كما تراه ف مصور الغرافيا فل يد السالكون من اليمن إل الغرب طريقا من‬
‫غي السويس و السلك هناك ما بي بر السويس و البحر الشامي قدر مرحلتي فما دونما و‬
‫يبعد أن ير بذا السلك ملك عظيم ف عساكر موفورة من غي أن يصي من أعماله هذه متنع‬
‫ف العادة‪ .‬و قد كان بتلك العمال العمال قة و كنعان بالشام و القبط ب صر ث ملك العمال قة‬
‫مصر و ملك بنو إسرائيل الشام و ل ينقل قط أن التبابعة حاربوا أحدا من هؤلء المم‪ .‬و ل‬
‫ملكوا شيئا من تلك العمال و أيضا فالش قة من الب حر إل الغرب بعيدة و الزودة و العلوفة‬
‫للعساكر كثية فإذا ساروا ف غي أعمالم احتاجوا إل انتهاب الزرع و النعم و انتهاب البلد‬
‫في ما يرون عل يه و ل يك في ذلك للزودة و للعلو فة عادة و إن نقلوا كفايت هم من ذلك من‬
‫أعمالم فل تفي لم الرواحل بنقله فل بد و أن يروا ف طريقهم كلها بأعمال قد ملكوها و‬
‫دوخو ها لتكون الية من ها و إن قل نا أن تلك الع ساكر ت ر بؤلء ال مم من غ ي أن تيج هم‬
‫فتحصسل لمس الية بالسسالة فذلك أبعسد و أشسد امتناعا فدل على أن هذه الخبار واهيسة أو‬
‫موضوعة‪.‬‬
‫و أما وادي الرمل الذي يعجز السالك فلم يسمع قط ف ذكره ف الغرب على كثرة سالكه و‬
‫من يقص طرقه من الركاب و القرى ف كل عصر و كل جهة و هو على ما ذكروه من‬
‫الغرابة تتوفر الدواعي على نقله‪ .‬و أما غزوهم بلد الشرق و أرض الترك و إن كان طريقه‬
‫أوسع من مسالك السويس إل أن الشقة هنا أبعد و أمم فارس و الروم معترضون فيها دون‬
‫الترك و ل نقل قط أن التبابعة ملكوا بلد فارس و ل بلد الروم و إنا كانوا ياربون أهل‬
‫فارس على حدود بلد العراق و ما بي البحرين و الية و الزيرة بي دجلة و الفرات و ما‬
‫بينهما ف العمال و قد وقع ذلك بي ذي الذعار منهم و كيكاوس من ملوك الكيانية و بي‬
‫تبع الصغر أب كرب و يستاسف معهم أيضا و مع ملوك الطوائف بعد الكيانية و الساسانية‬
‫ف من بعدهم بجاوزة أرض فارس بالغزو إل بلد الترك و التبت و هو متنع عادة من بعدهم‬
‫أجل المم العترضة منهم و الاجة إل الزودة و العلوفات مع بعد الشقة كما مر فالخبار‬
‫بذلك واهية مدخولة و هي لو كانت صحيحة النقل لكان ذلك قادحا فيها فكيف و هي ل‬
‫تنقل من وجه صحيح و قول ابن إسحاق ف خب يثرب و الوس و الزرج أن تبعا الخر‬
‫سار إل الشرق ممولً على العراق و بلد فارس و أما بلد الترك و التبت فل يصح غزوهم‬
‫إليها بوجه لا تقرر فل تثق با يلقى إليك من ذلك و تأمل الخبار و أعرضها على القواني‬
‫الصحيحة يقع لك تحيصها بأحسن وجه و ال الادي إل الصواب‪.‬‬

‫القسم الثان من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و اللاع لا يعرض للمؤرخي‬
‫من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬

‫و أبعد من ذلك و أعرق ف الوهم ما يتناقله الفسرون ف تفسي سورة و الفجر ف قوله تعال‬
‫أل تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد فيجعلون لفظة إرم اسا لدينة وصفت بأنا ذات‬
‫عماد أي أساطي و ينقلون أنه كان لعاد بن عوص بن إرم ابنان ها شديد و شداد ملكا من‬
‫بعده و هلك شديد فخلص اللك لشداد و دانت له ملوكهم و سع وصف النة فقال لبني‬
‫مثلها فبن مدينة إرم ف صحارى عدن ف مدة ثلثمائة سنة و كان عمره تسعمائة سنة و أنا‬
‫مدينة عظيمة قصورها من الذهب و أساطينها من الزبرجد و الياقوت و فيها أصناف الشجر و‬
‫النار الطردة و لا ت بناؤها سار إليها بأهل ملكته حت إذا كان منها على مسية يوم و ليلة‬
‫بعث ال عليهم صيحة من السماء فهلكوا كلهم‪ .‬ذكر ذلك الطبي و الثعالب و الزمشري و‬
‫غي هم من الف سرين و ينقلون عن ع بد ال بن قل بة من ال صحابة أ نه خرج ف طلب إ بل له‬
‫فو قع علي ها و ح ل من ها ما قدر عل يه و بلغ خبه معاو ية فأحضره و قص عل يه فب حث عن‬
‫ك عب الخبار و سأله عن ذلك فقال هي إرم ذات العماد من سيدخلها ر جل من ال سلمي‬
‫أحر أشقر قصي على حاجبه خال و على عنقه خال يرج ف طلب إبل له ث التفت فأبصر‬
‫ابن قلبة فقال هذا و ال ذلك الرجل‪.‬‬

‫و هذه الدي نة ل ي سمع ل ا خب من يومئذ ف شيء من بقاع الرض و صحارى عدن ال ت‬


‫زعموا أن ا بنيت فيها هي ف و سط الي من و مازال عمرا نه متعاقبا و الدلء ت قص طر قه من‬
‫كل وجه و ل ينقل عن هذه الدينة خب و ل ذكرها أحد من الخباريي و ل من المم و لو‬
‫قالوا أنا درست فيما درس من الثار لكان أشبه إل أن ظاهر كلمهم أنا موجودة و بعضهم‬
‫يقول أنا دمشق بناء على أن قوم عاد ملكوها و قد ينتهي الذيان ببعضهم إل أنا غائبة و إنا‬
‫يع ثر علي ها أ هل الريا ضة و ال سحر مزا عم كل ها أش به بالرافات و الذي ح ل الف سرين على‬
‫ذلك مسا اقتضتسه صسناعة العراب فس لفظسة ذات العماد أناس صسفة إرم و حلوا العماد على‬
‫الساطي فتعي أن يكون بناء و رشح لم ذلك قراءة ابن الزبي عاد إرم على الضافة من غي‬
‫تنويون ث وقفوا على تلك الكايات ال ت هي أش به بالقا صيص الوضو عة ال ت هي أقرب إل‬
‫الكذب النقولة ف عداد الضحكات و إل فالعماد هي عماد الخب ية بل اليام و إن أر يد ب ا‬
‫الساطي فل بدع ف وصفهم بأنم أهل بناء و أساطي على العموم با اشتهر من قوتم لنه‬
‫بناء خاص ف مدينة معينة أو غيها و إن أضيفت كما ف قراءة ابن الزبي فعلى إضافة الفصيلة‬
‫إل ال قبيلة ك ما تقول قر يش كنا نة و إلياس م ضر و ربي عة نزار أي ضرورة إل هذا الح مل‬
‫البعيسد الذي تحلت لتوجيهسه لمثال هذه الكايات الواهيسة التس ينه كتاب ال عسن مثلهسا‬
‫لبعدها عن الصحة‪.‬‬
‫و من الكايات الدخولة للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف سبب نكبة الرشيد للبامكة من قصة‬
‫العباسة أخته مع جعفر بن يي بن خالد موله و أنه لكلفه بكانما من معاقرته إياها المر‬
‫أذن ل ما ف ع قد النكاح دون اللوة حر صا على اجتماعه ما ف مل سه و أن العبا سة تيلت‬
‫عل يه ف التماس اللوة به ل ا شغف ها من ح به ح ت واقع ها زعموا ف حالة ال سكر فحملت و‬
‫وشي بذلك للرشيد فاستغضب و هيهات ذلك من منصب العباسة ف دينها و أبويها و جللا‬
‫و أنا بنت عبد ال بن عباس و ليس بينها و بينه إل أربعة رجال هم أشراف الدين و عظماء‬
‫اللة من بعده‪ .‬و العباسة بنت ممد الهدي ابن عبد ال أب جعفر النصور بن ممد السجاد‬
‫ابن علي أب اللفاء ابن عبد ال ترجان القرآن ابن العباس عم النب صلى ال عليه و سلم ابنة‬
‫خليفة أخت خليفة مفوفة باللك العزيز و اللفة النبوية و صحبة الرسول و عمومته و إقامة‬
‫اللة و نور الوحي و مهبط اللئكة من سائر جهاتا قريبة عهد ببداوة العروبية و سذاجة الذين‬
‫البعيدة عن عوائد الترف و مرا تع الفوا حش فأ ين يطلب ال صون و العفاف إذا ذ هب عن ها أو‬
‫أين توجد الطهارة و الذكاء إذا فقدا من بيتها أو كيف تلحم نسبها بعفر بن يي و تدنس‬
‫شرفها العرب بول من موال العجم بلكة جده من الفرس أو بولء جدها من عمومة الرسول‬
‫و أشراف قر يش و غاي ته أن جذ بت دولت هم بضب عه وض بع أب يه و ا ستخلصتهم و رقت هم إل‬
‫منازل الشراف و كيف يسوغ من الرشيد أن يصهر إل موال العاجم على بعد هته و عظم‬
‫آبائه و لو نظر التأمل ف ذلك نظر النصف و قاس العباسة بابنة ملك من عظماء ملوك زمانه‬
‫ل ستنكف ل ا عن مثله مع مول من موال دولت ها و ف سلطان قوم ها و ا ستنكره و ل ف‬
‫تكذيبه و ابن قدر العباسة و الرشيد من الناس‪.‬‬

‫و إنا نكب البامكة ما كان من استبدادهم على الدولة و احتجافهم أموال الباية حت كان‬
‫الرشيد يطلب اليسي من الال فل يصل إليه فغلبوه على أمره و شاركوه ف سلطانه و ل يكن‬
‫له منهسم تصسرف فس أمور ملكسه فعظمست آثارهسم و بعسد صسيتهم و عمروا مراتسب الدولة و‬
‫خططها بالرؤساء من ولدهم و صنائعهم و احتازوها عمن سواهم من وزارة و كتابة و قيادة‬
‫و حجابة و سيف و قلم‪ .‬يقال إنه كان بدار الرشيد من ولد يي بن خالد خسة و عشرون‬
‫رئيسا من بي صاحب سيف و صاحب قلم زاحوا فيها أهل الدولة بالناكب و دفعوهم عنها‬
‫بالراح لكان أبيهم يي بن كفالة هارون ول عهد و خليفة حت شب ف حجره و درج من‬
‫عشه و غلب على أمره و كان يدعوه يا أبت فتوجه اليثار من السلطان إليهم وعظمت الدالة‬
‫منهسم و انبسسط الاه عندهسم و انصسرفت نوهسم الوجوه و خضعست لمس الرقاب و قصسرت‬
‫علي هم المال و ت طت إلي هم من أق صى التخوم هدا يا اللوك و ت ف المراء و ت سربت إل‬
‫خزائنهم ف سبيل التزلف و الستمالة أموال الباية و أفاضوا ف رجال الشيعة و عظماء القرابة‬
‫العطاء و طوقو هم ال نن و ك سبوا من بيوتات الشراف العدم و فكوا العا ن و مدحوا ب ا ل‬
‫يدح به خليفتهسم و أ سنوا لعفاتمس الوائز و ال صلت و ا ستولوا على القرى و الضياع من‬
‫الضوا حي و الم صار ف سائر المالك ح ت أ سفوا البطالة و أحقدوا الا صة و أغ صوا أ هل‬
‫الول ية فكش فت ل م وجوه الناف سة و ال سد و د بت إل مهاد هم الوث ي من الدولة عقارب‬
‫السعاية حت لقد كان بنو خطبة أخوال جعفر من أعظم الساعي عليهم ل تعطفهم لا وقر ف‬
‫نفو سهم من السد عوا طف الر حم و ل وزعت هم أوا صر القرابة و قارن ذلك عند مدومهم‬
‫نواشيء الغية و الستنكاف من الجر و النفة و كان القود الت بعثتها منهم صغائر الدالة‪.‬‬
‫و انتهى با الصرار على شأنم إل كبائر الخالفة كقصتهم ف يي بن عبد ال بن حسن بن‬
‫السن بن علي بن أب طالب أخي ممد الهدي اللقب بالنفس الزكية الارج على النصور و‬
‫يي هذا هو الذي استنله الفضل بن يي من بلد الديلم على أمان الرشيد بطه و بذل لم‬
‫ف يه ألف ألف در هم على ما ذكره ال طبي و دف عه الرش يد إل جع فر و ج عل اعتقاله بداره و‬
‫إل نظره فحبسه مدة ث حلته الدالة على تلية سبيله و الستبداد بل عقاله حرما لدماء أهل‬
‫البيت بزعمه و دالة على السلطان ف حكمه‪ .‬و سأله الرشيد عنه لا و شي به أليه ففطن و‬
‫قال أطلقته فأبدى له وجه الستحسان و أسرها ف نفسه فأوجد السبيل بذلك على نفسه و‬
‫قومه حت ثل عرشهم و ألقيت عليهم ساؤهم و خسفت الرض بم و بدارهم و ذهبت سلفا‬
‫و مثلً للخرين أيامهم و من تأمل أخبارهم و استقصى سي الدولة و سيهم وجد ذلك مقق‬
‫السر مهد السباب و انظر ما نقله ابن عبد ربه ف مفاوضة الرشيد عم جده داود بن علي ف‬
‫شأن نكبتهم و ما ذكره ف باب الشعراء ف كتاب العقد به ماورة الصمعي للرشيد و للفضل‬
‫بن يي ف سرهم تتفهم أنه إنا قتلتهم الغية و النافسة ف الستبداد من الليفة فمن دونه و‬
‫كذلك ما ت يل به أعداؤ هم من البطا نة في ما د سوه للمغن ي من الش عر احتيالً على إ ساعه‬
‫للخليفة و تريك حفائظه لم و هو قوله‪:‬‬

‫ليت هندا أنزتنا ما تعد و شفت أنفسنا ما ند‬

‫و استبدت مرةً واحدةًإنا العاجز من ليستبد‬

‫و إن الرش يد ل ا سعها قال أي و ال إ ن عا جز ح ت بعثوا بأمثال هذه كا من غي ته و سلطوا‬


‫عليهم بأس انتقامه نعوذ بال من غلبة الرجال و سوء الال‪.‬‬

‫و أما ما توه له الكاية من معاقرة الرشيد المر و اقتران سكره بسكر الندمان فحاشا ال ما‬
‫علمنا عليه من سوء و أين هذا من حال الرشيد و قيامه با يب لنصب اللفة من الدين و‬
‫العدالة و مسا كان عليسه مسن صسحابة العلماء و الولياء و ماوراتسه للفضيسل بسن عياض و ابسن‬
‫السمك و العمري و مكاتبته سفيان الثوري و بكائه من مواعظهم و دعائه بكة ف طوافه و‬
‫ما كان عليه من العبادة و الحافظة على أوقات الصلوات و شهود الصبح لول وقتها‪ .‬حكى‬
‫ال طبي و غيه أ نه كان ي صلي ف كل يوم مائة رك عة نافلة و كان يغزو عاما و ي ج عاما و‬
‫لقد زجر ابن أب مري مضحكه ف سره حي تعرض له بثل ذلك ف الصلة لا سعه يقرأ وما‬
‫ل ل أعبد الذي فطرن وإليه ترجعون و قال و ال ما أدري ل ؟ فما تالك الرشيد أن ضحك‬
‫ث التفت إليه مغضبا و قال يا ابن أب مري ف الصلة أيضا إياك إياك و القرآن و الدين و لك‬
‫ما شئت بعدها و أيضا فقد كان من العلم و السذاجة بكان لقرب عهده من سلفه النتحلي‬
‫لذلك و ل ي كن بي نه و ب ي جده أ ب جع فر بع يد ز من إن ا خل فه غلما و قد كان أ بو جع فر‬
‫بكان من العلم و الدين قبل اللفة و بعدها و هو القائل لالك حي أشار عليه بتأليف الوطإ‬
‫يا أبا عبد ال إنه ل يبقى على وجه الرض أعلم من و منك و إن قد شغلتن اللفة فضع‬
‫أ نت للناس كتابا ينتفعون به ت نب ف يه ر خص ا بن عباس و شدائد ا بن ع مر و وطئه للناس‬
‫توطئة قال مالك فوال‪ .‬لقد علمن التصنيف يومئذ و لقد أدركه ابنه الهدي أبو الرشيد هذا و‬
‫هو يتورع عن ك سوة الد يد لعياله من ب يت الال و د خل عل يه يوما و هو بجل سه يبا شر‬
‫الياط ي ف إرقاع اللقان من ثياب عياله فا ستنكف الهدي من ذلك و قال يا أم ي الؤمن ي‬
‫على كسسوة هذه العيال عامنا هذا مسن عطائي فقال له لك ذلك و ل يصسده عنسه و ل سسح‬
‫بالنفاق فيه من أموال السلمي فكيف يليق بالرشيد على قرب العهد من هذا الليفة و أبوته‬
‫و ما رب عليه من أمثال هذه السي ف أهل بيته و التخلق با أن يعاقر المر أو ياهر با و قد‬
‫كانت حالة الشراف من العرب الاهلية ف اجتناب المر معلومة و ل يكن الكرم شجرتم‬
‫و كان شربا مذمة عند الكثي منهم و الرشيد و آباؤه كانوا على ثبج من اجتناب الذمومات‬
‫ف دين هم و دنيا هم و التخلق بالحا مد و أو صاف الكمال و نزعات العرب‪ .‬و ان ظر ما نقله‬
‫الطبي و السعودي ف ف قصة جبيل بن بتيشوع الطبيب حي أحضر له السمك ف مائدته‬
‫فحماه ع نه ث أ مر صاحب الائدة بمله إل منله و ف طن الرش يد و ارتاب به و دس خاد مه‬
‫ح ت عاي نه يتناوله فا عد ا بن بتيشوع للعتذار ثلث ق طع من ال سمك ف ثل ثة أقداح خلط‬
‫إحدا ها بالل حم العال بالتوا بل و البقول و البوارد و اللوى و صب على الثان ية ماءً مثلجا و‬
‫على الثالثة خرا صرفا و قال ف الول و الثان هذا طعام أمي الؤمني إن خلط السمك بغيه‬
‫أو ل يلطه و قال ف الثالث هذا طعام ابن بتيشوع و دفعها إل صاحب الائدة حت إذا انتبه‬
‫الرش يد و أحضره للتوب يخ‪ ،‬أح ضر الثل ثة القداح فو جد صاحب ال مر قد اختلط و أماع و‬
‫تفتت و وجد الخرين قد فسدا و تغيت رائحتهما فكانت له ف ذلك معذرة و تبي من ذلك‬
‫أن حال الرشيد ف اجتناب المر كانت معروفة عند بطانته و أهل مائدته و لقد ثبت عنه أنه‬
‫ع هد ب بس أ ب نواس ل ا بل غه من انما كه ف العاقرة ح ت تاب و أقلع و إن ا كان الرش يد‬
‫يشرب نبيذ الت مر على مذ هب أ هل العراق و فتاوي هم في ها معرو فة و أ ما ال مر ال صرف فل‬
‫سبيل إل اتامه با و ل تقليد الخبار الواهية فيها فلم يكن الرجل بيث يواقع مرما من أكب‬
‫الكبائر عند أهل اللة و لقد كان أولئك القوم كلهم بنحاة من ارتكاب السرف و الترف ف‬
‫ملبسهم و زينتهم و سائر متناولتم لا كانوا عليه من خشونة البداوة و سذاجة الدين الت ل‬
‫يفارقو ها ب عد ف ما ظ نك ب ا يرج عن البا حة إل ال ظر و عن اللة إل الر مة و ل قد ات فق‬
‫الؤرخون ال طبي و ال سعودي و غي هم على أن ج يع من سلف من خلفاء ب ن أم ية و ب ن‬
‫العباس إنا كانوا يركبون باللية الفيفة من الفضة ف الناطق و السيوف و اللجم و السروج‬
‫و أن أول خليفة أحدث الركوب بلية الذهب هو العتز بن التوكل ثامن اللفاء بعد الرشيد‬
‫و هكذا كان حالم أيضا ف ملبسهم فما ظنك بشاربم و يتبي ذلك بأت من هذا إذا فهمت‬
‫طبيعة الدولة ف أولا من البداوة و الغضاضة كما نشرح ف مسائل الكتاب الول إن شاء ال‬
‫و ال الادي إل ال صواب‪ .‬و ينا سب هذا أو قر يب م نه ما ينقلو نه كا فة عن ي ي بن أك ثم‬
‫قاضي الأمون و صاحبه و أنه كان يعاقر المر و أنه سكر ليلة مع شربه فدفن ف الريان حت‬
‫أفاق و ينشدون على لسانه‪:‬‬

‫يا سيدي و أمي الناس كلهم قد جار ف حكمه من كان يسقين‬

‫إن غفلت عن الساقي فصين كما تران سليب العقل و الدين‬

‫و حال ابسن أكثسم و الأمون فس ذلك مسن حال الرشيسد و شرابمس إناس كان النسبيذ و ل يكسن‬
‫مظورا عندهم و أما السكر فليس من شأنم و صحابته للمأمون إنا كانت خلة ف الدين و‬
‫لقد ثبت أنه كان ينام معه ف البيت و نقل ف فضائل الأمون و حسن عشرته أنه انتبه ذات‬
‫ليلة عطشان فقام يتح سس و يتل مس الناء ما فة أن يو قظ ي ي بن أك ثم و ث بت أن ما كا نا‬
‫يصسليان الصسبح جيعا فإن هذا مسن العاقرة و أيضا فإن ييس بسن أكثسم كان مسن عليسة أهسل‬
‫الديث و قد أثن عليه المام أحد بن حنبل و إساعيل القاضي و خرج عنه التزمذي كتابه‬
‫الامع و ذكر الزن الافظ أن البخاري روى عنه ف غي الامع فالقدح فيه قدح ف جيعهم‬
‫و كذلك ما ينبزه الجان بال يل إل الغلمان بتانا على ال و فر ية على العلماء و ي ستندون ف‬
‫ذلك إل أخبار القصاص الواهية الت لعلها من افتراء أعدائه فإنه كان مسودا ف كماله خلته‬
‫للسلطان و كان مقامه من العلم و الدين منها عن مثل ذلك و قد ذكر لبن حنبل ما يرميه‬
‫به الناس فقال سبحان ال سبحان ال و من يقول هذا و أنكر ذلك إنكارا شديدا وأثن عليه‬
‫إ ساعيل القاضي فق يل له ما كان يقال ف يه فقال معاذ ال أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ و‬
‫حاسد و قال أيضا يي بن أكثم أبرأ إل ال من أن يكون فيه شيء ما كان يرمى به من أمر‬
‫الغلمان و لقد كنت أقف على سرائره فأجده شديد الوف من ال لكنه كانت فيه دعابة و‬
‫حسن خلق فرمى با رمى به ابن حيان ف الثقات و قال ل يشتغل با يكى عنه لن أكثرها ل‬
‫يصح عنه و من أمثال هذه الكايات ما نقله ابن عبد ربه صاحب العقد من حديث الزنبيل ف‬
‫سبب إصهار الأمون إل السن بن سهل ف بنته بوران و أنه عثر ف بعض الليال ف تطوافه‬
‫بسكك بغداد ف زنبيل مدل من بعض السطوح بعالق و جدل مغارة الفتل من الرير فاعتقده‬
‫و تناول العالق فاهتزت و ذ هب به صعدا إل ملس شأ نه كذا و و صف من زي نة فر شه و‬
‫تن صيد ابن ته و جال رؤي ته ما ي ستوقف الطرف و يلك الن فس و أن امرأة برزت له من خلل‬
‫الستور ف ذلك الجلس رائقة المال فتانة الحاسن فحيته و دعته إل النادمة فلم يزل يعاقرها‬
‫المسر حتس الصسباح و رجسع إل أصسحابه بكانمس مسن انتظاره و قسد شغفتسه حبا بعثسه على‬
‫ال صهار إل أبي ها و أ ين هذا كله من حال الأمون العرو فة ف دي نه و عل مه و اقتفائه سنن‬
‫اللفاء الراشدين من آبائه و أخذه بسي اللفاء الربعة أركان اللة و مناظرته العلماء و حفظه‬
‫لدود ال تعال ف صلواته‪ ،‬أحكامه فكيف تصح عنه أحوال الفساق الستهترين ف التطواف‬
‫بالل يل و طروق النازل و غشيان ال سمر سبيل عشاق العراب و أ ين ذلك من من صب اب نة‬
‫السن بن سهل و شرفها و ما كان بدار أبيها من الصون و العفاف و أمثال هذه الكايات‬
‫كثية و ف كتب الؤرخي معروفة و إنا يبعث على وضعها و الديث با النماك ف اللذات‬
‫الحرمة و هتك قناع الخدرات و يتعللون بالتأسي بالقوم فيما يأتونه من طاعة لذاتم فلذلك‬
‫تراهم كثيا ما يلهجون بأشباه هذه الخبار و ينقرون عنها عند تصفحهم لوراق الدواوين و‬
‫لو ائتسوا بم ف غي هذا من أحوالم و صفات الكمال اللئقة بم الشهورة عنهم لكان خيا‬
‫لم لو كانوا يعلمون‪ .‬و لقد عذلت يوما بعض المراء من أبناء اللوك ف كلفه بتعلم الغناء و‬
‫ولوعه بالوتار و قلت له ليس هذا من شأنك و ل يليق بنصبك فقال ل أفل ترى إل إبراهيم‬
‫بن الهدي ك يف كان إمام هذه ال صناعة و رئ يس الغن ي ف زما نه فقلت له يا سبحان ال و‬
‫هل تأسيت بأبيه أو أخيه أو ما رأيت كيف قعد ذلك بإبراهيم عن مناصبهم فصم عن عذل و‬
‫أعرض و ال يهدي من يشاء‪.‬‬
‫و من الخبار الواهية ما يذهب إليه الكثي من الؤرخي و الثبات ف العبيديي خلفاء الشيعة‬
‫بالقيوان و القاهرة من نفي هم عن أ هل الب يت صلوات ال علي هم و الط عن ف ن سبهم إل‬
‫ا ساعيل المام ا بن جع فر ال صادق يعتمدون ف ذلك على أحاد يث لف قت للم ستضعفي من‬
‫خلفاء بن العباس تزلفا إليهم بالقدح فيمن ناصبهم و تفننا ف الشمات بعدوهم حسبما تذكر‬
‫بعض هذه الحاديث ف أخبارهم و يغفلون عن التفطن لشواهد الواقعات و أدلة الحوال الت‬
‫اقتضت خلف ذلك من تكذيب دعواهم و الرد عليهم‪.‬‬

‫فإن م متفقون ف حديث هم عن مبدأ دولة الشي عة أن أ با ع بد ال الحت سب ل ا د عي بكتا مة‬


‫للرضى من آل ممد و اشتهر خبه و علم تويه على عبيد ال الهدي و ابنه أب القاسم خشيا‬
‫على أنفسهما فهربا من الشرق مل اللفة و اجتازا بصر و أنما خرجا من السكندرية ف‬
‫زي التجار و ن ي خبه ا إل عي سى النوشري عا مل م صر و ال سكندرية ف سرح ف طلبه ما‬
‫اليالة ح ت إذا أدر كا خ في حال ما على تابعه ما ب ا لب سوا به من الشارة و الزي فأفلتوا إل‬
‫الغرب‪ .‬و أن العت ضد أو عز إل الغال بة أمراء أفريق يا بالقيوان و ب ن مدرار أمراء سجلماسة‬
‫بأخذ الفاق عليهما وإذكاء العيون ف طلبهما فعثر اليشع صاحب سجلماسة من آل مدرار‬
‫على خفي مكانما ببلده و اعتقلهما مرضاة للخليفة‪.‬‬

‫القسام الثالث مان القدماة فا فضال علم التارياخ و تقياق مذاهباه و اللاع لاا يعرض‬
‫للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬

‫هذا قبل أن تظهر الشيعة على الغالبة بالقيوان ث كان بعد ذلك ما كان من ظهور دعوتم‬
‫بالغرب و أفريقية ث باليمن ث بالسكندرية ث بصر و الشام و الجاز و قاسوا بن العباس ف‬
‫مالك السلم شق البلمة و كادوا يلجون عليهم مواطنهم و يزايلون من أمرهم و لقد أظهر‬
‫دعوتم ببغداد و عراقها المي البساسيي من موال الديلم التغلبي على خلفاء بن العباس ف‬
‫مغاض بت جرت بي نه و ب ي أمراء الع جم و خ طب ل م على منابر ها حولً كاملً و مازال ب نو‬
‫العباس يغصون بكانم و دولتهم و ملوك بن أمية وراء البحر ينادون بالويل و الرب منهم و‬
‫كيف يقع هذا كله لدعي ف النسب يكذب ف انتحال المر و اعتب حال القرم طي إذ كان‬
‫دعيا ف انتسابه كيف تلشت دعو ته و تفرقت اتباعه و ظهر سريعا على خبثهم و مكرهم‬
‫فساءت عاقبتهم و ذاقوا و بال أمرهم و لو كان أمر العبيد بي كذلك لعرف و لو بعد مهلة‪:‬‬

‫ومهما يكن عند امرىء من خليقة و إن خالا تفى على الناس تعلم‬

‫فقد اتصلت دولتهم نوا من مائي و ستي سنة و ملكوا مقام إبراهيم عليه السلم و مصله و‬
‫مو طن الر سول صلى ال عل يه و سلم و مدف نه و مو قف الج يج و مه بط اللئ كة ث انقرض‬
‫أمرهم و شيعتهم ف ذلك كله على أت ما كانوا عليه من الطاعة لم و الب فيهم و اعتقادهم‬
‫بنسب المام إساعيل بن جعفر الصادق و لقد خرخوا مرارا بعد ذهاب الدولة و دروس أثرها‬
‫داع ي إل بدعت هم هاتف ي بأ ساء صبيان من أعقاب م يزعمون استحقاقهم للخلفة و يذهبون‬
‫إل تعيينهم بالوصية من سلف قبلهم من الية و لو ارتابوا ف نسبهم لا ركبوا أعناق الخطار‬
‫ف النتصار لم فصاحب البدعة ل يلبس ف أمره و ل يشبه ف بدعته و ل يكذب نفسه فيما‬
‫ينتحله‪.‬‬

‫والعجب من القاضي أب بكر الباقلن شيخ النظار من التكلمي كيف ينح إل هذه القالة‬
‫الرجو حة و يرى هذا الرأي الضع يف فأن كان ذلك ل ا كانوا عل يه من اللاد ف الد ين و‬
‫التع مق ف الرافض ية فل يس ذلك بدا فع ف صدر دعوت م و ل يس إثبات منت سبهم بالذي يغ ن‬
‫عنهم من ال شيئا ف كفرهم فقد قال تعال لنوح عليه السلم ف شأن ابنه إنه ليس من أهلك‬
‫إنه عمل غي صال فل تسألن ما ليس لك به علم و قال صلى ال عليه وسلم لفاطمة يعظها يا‬
‫فاطمة إعملي فلن أغن عنك من ال شيئا و مت عرف امرؤ قضيةً و استيقن أمرا وجب عليه‬
‫أن يصدع به و ال يقول الق و هو يهدي السبيل و القوم كانوا ف مال الظنون الدول بم و‬
‫ت ت رق بة من الطغاة لتو فر شيعت هم و انتشار هم ف القا صية بدعوت م و تكرر خروج هم مرة‬
‫بعد أخرى فلذت رجالتم بالختفاء و ل يكادوا يعرفون كما قيل‪:‬‬

‫و أين مكان ما عرفن مكانيا‬ ‫فلو تسأل اليام ما اسي ما درت‬


‫ح ت ل قد سي م مد بن إ ساعيل المام جد ع بد ال الهدي بالكتوم سته بذلك شيعت هم ل ا‬
‫إتفقوا عليه من إخفائه حذرا من التغلبي عليهم فتوصل شيعة بن العباس بذلك عند ظهورهم‬
‫إل الطعسن فس نسسبهم و ازدلفوا بذا الرأي القائل للمسستضعفي مسن خلفائهسم و أعجسب بسه‬
‫أولياؤهم و أمراء دولتهم التولون لروبم مع العداء يدفعون به عن أنفسهم و سلطانم معرة‬
‫العجز عن القاومة و الدافعة لن غلبهم على الشام و مصر و الجاز من الببر الكتامي شيعة‬
‫العبيديي و أهل دعوتم حت لقد أسجل القضاة ببغداد بنفيهم عن هذا النسب و شهد بذلك‬
‫عندهم من أعلم الناس جاعة منهم الشريف الرضي و أخوة الرتضى و ابن البطحاوي و من‬
‫العلماء أبو حامد السفرايين و القدوري و الصيمري و ابن الكفان و البيوردي و أبو عبد‬
‫ال بن النعمان فقيه الشيعة و غيهم من أعلم المة ببغداد ف يوم مشهود و ذلك سنة ستي‬
‫و أربعمائة ف أيام القادر و كانت شهادتم ف ذلك على السماع لا اشتهر وعرف بي الناس‬
‫ببغداد و غالبهسا شي عة ب ن العباس الطاعنون فس هذا النسسب فنقله الخباريون كمسا سسعوه و‬
‫رووه حسبما وعوه و الق من ورائه‪ .‬و ف كتاب العتضد ف شأن عبيد ال إل ابن الغلب‬
‫بالقيوان و ا بن مدرار بسجلماسة أصدق شا هد و أو ضح دل يل على صحة نسبهم فالعتضد‬
‫أقعد بنسب أهل البيت من كل أحد و الدولة و السلطان سوق للعال تلب إليه بضائع العلوم‬
‫والصنائع تلتمس ف ضوال الكم تدى إليه ركائب الروايات و الخبار و ما نفق فيها نفق‬
‫عند الكافة فأن تنهت الدولة عن التعسف و اليل و الفن و السفسفة و سلكت النهج المم‬
‫و ل ت ر عن قصد ال سبيل نفق ف سوقها البريز الالص و اللج ي ال صفى و أن ذهبت مع‬
‫الغراض و القود و ما جت ب سماسرة العرب الب غي و البا طل ن فق البهرج و الزائف و النا قد‬
‫البصي قسطاس نظره و ميزان بثه و ملتمسه‪.‬‬

‫و مثل هذا و أبعد منه كثيا ما يتناجى به الطاعنون ف نسب إدريس بن إدريس بن عبد ال‬
‫بن حسن بن السن بن علي بن أب طالب رضوان ال عليهم المام بعد أبيه بالغرب القصى‬
‫و يعرضون تعر يض ال د بالتظ نن ف ال مل الخلف عن إدر يس ال كب إ نه لرا شد مول هم‬
‫قبح هم ال و أبعد هم ما أجهل هم أ ما يعلمون أن إدر يس ال كب كان إ صهاره ف الببر و إ نه‬
‫منذ دخل الغرب إل أن توفاه ال عز و جل عريق ف البدو و أن حال البادية ف مثل ذلك غي‬
‫خافية ل مكامن لم يتأتى فيها الريب و أحوال حرمهم أجعي بزأى من جاراتن و مسمع‬
‫من جيانن لتلصق الدران و تطافن البنيان و عدم الفواصل بي الساكن و قد كان راشد‬
‫يتول خدمة الرم أجع من بعد موله بشهد من أوليائهم و شيعتهم و مراقبة من كافتهم و‬
‫قد أتفق برابرة الغرب القصى عامة على بيعة إدريس الصغر من بعد أبيه و آتوه طاعتهم عن‬
‫رضى و إصفاق و بايعوه على الوت الحر و خاضوا دونه بار النايا ف حروبه و غزواته و‬
‫لو حدثوا أنف سهم ب ثل هذه الري بة أو قر عت أ ساعهم و لو من عدو كا شح أو منا فق مرتاب‬
‫لتخلف عن ذلك و لو بعضهم كل و ال إنا صدرت هذه الكلمات من بن العباس أقتالم و‬
‫من بن الغلب عمالم كانوا بأفريقية و ولتم‪.‬‬

‫و ذلك إنه لا فر إدريس الكب إل الغرب من وقعة بلخ أوعز الادي إل الغالبة أن يقعدوا له‬
‫بالراصد و يذكوا عليه العيون فلم يظفروا به و خلص إل الغرب فتم أمره و ظهرت دعوته و‬
‫ظ هر الرش يد من ب عد ذلك على ما كان من وا ضح مول هم و عامل هم على ال سكندرية من‬
‫د سيسة التش يع للعلو ية و إدها نه ف ناة إدر يس إل الغرب فقتله و دس الشماخ من موال‬
‫الهدي أبيه للتحيل على قتل إدريس فأظهر اللحاق به و الباءة من بن العباس مواليه فاشتمل‬
‫عل يه إدر يس و خل طه بنف سه و ناوله الشماخ ف ب عض خلوا ته سا ا ستهلكه به و و قع خب‬
‫مهل كه من ب ن العباس أح سن الوا قع ل ا رجوه من ق طع أ سباب الدعوة العلو ية بالغرب و‬
‫اقتلع جرثومتها و لا تأدى إليهم خب المل الخلف لدريس فلم يكن لم إل كل و ل إذا‬
‫بالدعوة قد عادت و الشي عة بالغرب قد ظهرت و دولت هم بإدر يس بن إدر يس قد تددت‬
‫فكان ذلك عليهم أنكى من و وقع الشهاب وكان الفشل و الرم قد نزل بدولة العرب عن أن‬
‫يسموا إل القاصية فلم يكن منتهى قدرة الرشيد على إدريس الكب بكانه من قاصية الغرب‬
‫و اشتمال الببر عليه إل التحيل ف إهلكه بالسموم فعند ذلك فزعوا إل أوليائهم من الغالبة‬
‫بأفريقية ف سد تلك الفرجة من ناحيتهم و حسم الداء التوقع بالدولة من قبلهم و اقتلع تلك‬
‫العروق قبل أن تشج منهم ياطبهم بذلك الأمون و من بعده من خلفائهم فكان الغالبة عن‬
‫برابرة الغرب القصى أعجز و لثلها من الزبون على ملوكهم أحوج لا طرق اللفة من انتزاء‬
‫مالك العجسم على سسدتا و امتطائهسم صسهوة التغلب عليهسا و تصسريفهم أحكامهسا طوع‬
‫أغراضهم ف رجالا و جبايتها و أهل خططها و سائر نقضها و إبرامها كما قال شاعرهم‬

‫بي وصيف و بغا‬ ‫خليفة ف قفص‬

‫كما تقول الببغا‬ ‫يتوك ماقال له‬

‫فخشي هؤلء المراء الغالبة بوادر السعايات و تلوا بالعاذير فطورا باحتقار الغرب و أهله و‬
‫طورا بالرهاب بشأن إدر يس الارج به و من قام مقا مه من أعقا به ياطبو نه بتجاوزه حدود‬
‫التخوم من عمله و ينفذون سكته ف تفهم و هداياهم و مرتفع جبايتهم تعريضا باستفحاله و‬
‫تويلً باشتداد شوكته و تعظيما لا دفعوا إليه من مطالبته و مراسه و تديدا بقلب الدعوة إن‬
‫ألئوا إليه و طورا يطعنون ف نسب إدريس بثل ذلك الطعن الكاذب تفيضا لشأنه ل يبالون‬
‫بصدقه من كذبه لبعد السافة و أفن عقول من خلف بن صبية بن العباس و مالكهم العجم ف‬
‫القبول من كل قائل و السمع لكل ناعق و ل يزل هذا دأبم حت انقضى أمر الغالبة فقرعت‬
‫هذه الكلمة الشنعاء أساع الغوغاء و صر عليها بعض الطاعني أذنه و اعتدها ذريعة إل النيل‬
‫من خلفهم عند النافسة‪ .‬و ما لم قبحهم ال و العدول عن مقاصد الشريعة فل تعارض فيها‬
‫بي القطوع و الظنون و إدريس ولد على فراش أبيه و الولد للفراش‪.‬‬

‫على أن تن يه أ هل الب يت عن م ثل هذا من عقائد أ هل اليان فال سبحانه قد أذ هب عن هم‬


‫الرجس و طهرهم تطهيا ففراش إدريس طاهر من الدنس و منه عن الرجس بكم القرآن و‬
‫من اعت قد خلف هذا ف قد باء بإث ه و ول الك فر من با به و إن ا أطن بت ف هذا الرد سدا‬
‫لبواب الر يب و دفعا ف صدر الا سد ل ا سعته أذناي من قائله العتدي علي هم القادح ف‬
‫نسبهم بفريته و ينقله بزعمه عن بعض مؤرخي الغرب من انرف عن أهل البيت و ارتاب ف‬
‫اليان بسلفهم و إل فال حل منه عن ذلك معصوم منه و نفي العيب حيث يستحيل العيب‬
‫عيب لكن جادلت عنهم ف الياة الدنيا و أرجو أن يادلوا عن يوم القيامة و لتعلم أن أكثر‬
‫الطاعني ف نسبهم إنا هم السدة لعقاب إدريس هذا من منتهم إل أهل البيت أو دخيل‬
‫فيهم فإن ادعاء هذا النسب الكري دعوى شرف عريضة على المم و الجيال من أهل الفاق‬
‫فتعرض التهمة فيه‪.‬‬

‫و لا كان نسب بن إدريس هؤلء بواطنهم من فارس و سائر ديار الغرب قد بلغ من الشهرة‬
‫و الوضوح مبلغا ل يكاد يلحق و ل يطمع أحد ف دركه إذ هو نقل المة و اليل من اللف‬
‫عن ال مة و ال يل من ال سلف و ب يت جد هم إدر يس م تط فاس و مؤ سسها من بيوت م و‬
‫م سجده ل صق ملتهم و دروبم و سيفه منت ضى برأس الأذنة العظمى من قرار بلد هم و غي‬
‫ذلك مسن آثاره التس جاوزت أخبارهسا حدود التواتسر مرات و كادت تلحسق بالعيان فإذا نظسر‬
‫غيهم من أهل هذا النسب إل ما أتاهم ال من أمثالا و ما عضد شرفهم النبوي من جلل‬
‫اللك الذي كان لسلفهم بالغرب و استيقن أنه بعزل عن ذلك و أنه ل يبلغ مد أحدهم و ل‬
‫نصيفه أ و أن غاية أمر النتمي إل البيت الكري من ل يصل له أمثال هذه الشواهد أن يسلم‬
‫لم حالم لن الناس مصدوقون ف أنسابم و بون ما بي العلم و الظن و اليقي و التسليم فإذا‬
‫علم بذلك من نفسه غص بريقه و ود كثي منهم لو يردونم عن شرفهم ذلك سوقة و وضعاء‬
‫حسدا من عند أنفسهم فيجعون إل العناد و ارتكاب اللجاج و البهت بثل هذا الطعن الفائل‬
‫و القول الكذوب تعللً بال ساواة ف الظ نة و الشاب ة ف تطرق الحتمال و هيهات ل م ذلك‬
‫فليس ف الغرب فيما نعلمه من أهل هذا البيت الكري من يبلغ ف صراحة نسبه و وضوحه‬
‫مبالغ أعقاب إدريس هذا من آل السن‪.‬‬

‫و كباؤهم لذا الع هد ب نو عمران بفاس من ولد ي ي الو طي بن م مد بن ي ي العوام بن‬


‫القاسم بن إدريس بن إدريس و هم نقباء أهل البيت هناك و الساكنون ببيت جدهم ادريس و‬
‫ل م ال سيادة على أ هل الغرب كا فة ح سبما نذكر هم ع ند ذ كر الدار سة إن شاء ال تعال و‬
‫يل حق بذه القالت الفا سدة و الذا هب الفائلة ما يتناوله ضع فة الرأي من فقهاء الغرب من‬
‫القدح ف المام الهدي صاحب دولة الوحد ين و ن سبته إل الشعوذة و التلب يس فيما أتاه من‬
‫القيام بالتوحيد الق و النعي على أهل البغي قبله و تكذيبهم لميع مدعياته ف ذلك حت فيما‬
‫يزعم الوحدون أتباعه من انتسابه ف أهل البيت و إنا حل الفقهاء على تكذيبه ما كمن ف‬
‫نفوسهم من حسده على شأنه فإنم لا رأوا من أنفسهم مناهضته ف العلم و الفتيا و ف الدين‬
‫بزعم هم ث امتاز عن هم بأ نه متبوع الرأي م سموع القول مو طؤ الع قب نف سوا ذلك عل يه و‬
‫غضوا م نه بالقدح ف مذاه به و التكذ يب لدعيا ته و أيضا فكانوا يؤن سون من ملوك التو نة‬
‫أعدائه تلةً و كرامةً ل تكن لم من غيهم لا كانوا عليه من السذاجة و انتحال الديانة فكان‬
‫لملة العلم بدولت هم مكان من الوجا هة و النت صاب للشورى كل ف بلده و على قدره ف‬
‫قومه فأصبحوا بذلك شيعة لم و حربا لعدوهم و نقموا على الهدي ما جاء به من خلفهم و‬
‫التثريب عليهم و الناصبة‪ ،‬لم تشيعا للمتونة و تعصبا لدولتهم و مكان الرجل غي مكانم و‬
‫حاله على غي معتقداتم و ما ظنك برجل نقم على أهل الدولة ما نقم من أحوالم و خالف‬
‫اجتهاده فقهاؤهم فنادى ف قومه و دعا إل جهادهم بنفسه فاقتلع الدولة من أصولا و جعل‬
‫عاليها سافلها أعظم ما كانت قوةً و أشد شوكة و أعز أنصارا و حاميةً و تساقطت ف ذلك‬
‫من أتباعه نفوس ل يصيها إل خالقها و قد بايعوه على الوت و وقوه بأنفسهم من اللكة و‬
‫تقربوا إل ال تعال بإتلف مهجهم ف إظهار تلك الدعوة و التعصب لتلك الكلمة حت علت‬
‫على الكلم و دالت بالعدوتيس مسن الدول و هسو باله مسن التقشسف و الصسر و الصسب على‬
‫الكاره و التقلل من الدن يا ح ت قب ضه ال و ل يس على شيء من ال ظ و التاع ف دنياه ح ت‬
‫الولد الذي رب ا ت نح أل يه النفوس و تادع عن تن يه فل يت شعري ما الذي ق صد بذلك إن ل‬
‫يكن و جه ال و هو ل يصل له حظ من الدنيا ف عاجله و مع هذا فلو كان قصده غي صال‬
‫ل ا ت أمره و انف سحت دعو ته سنة ال ال ت قد خلت ف عباده و أ ما انكار هم ن سبه ف أ هل‬
‫البيت فل تعضده حجة لم مع أنه إن ثبت أنه ادعاه و انتسب إليه فل دليل يقوم على بطلنه‬
‫لن الناس مصدقون ف أنسابم و إن قالوا أن الرئاسة ل تكون على قوم ف غي أهل جلدتم‬
‫ك ما هو ال صحيح ح سبما يأ ت ف الف صل الول من هذا الكتاب و الر جل قد رأس سائر‬
‫الصامدة و دانوا باتباعه و النقياد إليه و إل عصابته من هرغة حت ت أمر ال ف دعوته فأعلم‬
‫أن هذا الن سب الفاط مي ل ي كن أ مر الهدي يتو قف عل يه و ل اتب عه الناس ب سببه و إن ا كان‬
‫اتباع هم له بع صبية الري غة و ال صمودية و مكا نه من ها و ر سوخ شجر ته في ها و كان ذلك‬
‫النسب الفاطمي خفيا قد درس عند الناس ليب قى عنده و عند عشيته يتناقلونه بينهم فيكون‬
‫النسب الول كأنه انسلخ منه و لبس جلدة هؤلء و ظهر فيها فل يضره النتساب الول ف‬
‫عصبيته إذ هو مهول عند أهل العصابة و مثل هذا واقع كثيا إذا كان النسب الول خفيا‪ .‬و‬
‫انظز قصة عرفجة و جرير ف رئاسة بيلة و كيف كان عرفجة من الزد و لبس جلدة بيلة‬
‫حت تنازع مع جرير رئاستهم عند عمر رضي ال عنه كما هو مذكور تتفهم منه وجه الق و‬
‫ال الادي للصسواب و قسد كدنسا أن نرج عسن غرض الكتاب بالطناب فس هذه الغالط فقسد‬
‫زلت أقدام كث ي من الثبات و الؤرخ ي الفاظ ف م ثل هذه الحاد يث و الراء و عل قت‬
‫أفكارهم و نقلها عنهم الكافة من ضعفة النظر و الغفلة عن القياس و تلقوها هم أيضا كذلك‬
‫من غي بث و ل روية و اندرجت ف مفوظاتم حت صار فن التاريخ واهيا متلطا و ناظره‬
‫مرتبكا وعد من مناحي العامة فإذا يتاج صاحب هذا الفن إل العلم بقواعد السياسة و طبائع‬
‫الوجودات و اختلف ال مم و البقاع و الع صار ف ال سي و الخلق و العوائد و الن حل و‬
‫الذا هب و سائر الحوال و الحا طة بالا ضر من ذلك و ماثلة ما بي نه و ب ي الغائب من‬
‫الوفاق أو بون ما بينهما من اللف و تعليل التفق منها و الختلف و القيام على أصول الدول‬
‫و اللل و مبادىء ظهورها و أسباب حدوثها و دواعي كونا و أحوال القائمي با و أخبارهم‬
‫حت يكون مستوعبا لسباب كل خبه و حينئذ يعرض خب النقول على ما عنده من القواعد‬
‫و ال صول فإن وافق ها و جرى على مقتض ها كان صحيحا و إل زي فه و ا ستغن ع نه و ما‬
‫استكب القدماء علم التاريخ إل لذلك حت انتحله الطبي و البخاري و ابن إسحاق من قبلهما‬
‫و أمثال م من علماء ال مة و قد ذ هل الكث ي عن هذا ال سر ف يه ح ت صار انتحاله مهلة و‬
‫ا ستخف العوام و من ل ر سوخ له ف العارف مطالع ته و حله و الوض ف يه و التط فل عل يه‬
‫فاختلط الرعسي بالمسل و اللباب بالقشسر و الصسادق بالكاذب و إل ال عاقبسة المور و مسن‬
‫الغلط الفي ف التاريخ الذهول عن تبدل الحوال ف المم و الجيال بتبدل العصار و مرور‬
‫اليام و هو داء دوي شد يد الفاء إذ ل ي قع إل ب عد أحقاب متطاولة فل يكاد يتف طن له إل‬
‫الحاد مسن أهسل الليقسة و ذلك أن أحوال العال و المسم و عوائدهسم و نلهسم ل تدوم على‬
‫وتية واحدة و منهاح مستقر إنا هو اختلف على اليام و الزمنة و انتقال من حال إل حال‬
‫و ك ما يكون ذلك ف الشخاص و الوقات و الم صار فكذلك ي قع ف الفاق و القطار و‬
‫الزم نة و الدول سنة ال ال ت قد خلت ف عباده و قد كا نت ف العال أ مم الفرس الول و‬
‫السريانيون و النبط و التبابعة و بنو إسرائيل و القبط و كانوا على أحوال خاصة بم ف دولم‬
‫و مالكهسم و سسياستهم و صسنائعهم و لغاتمس و اصسطلحاتم و سسائر مشاركاتمس مسع أبناء‬
‫جنسهم وأحوال اعتمارهم للعال تشهد با آثارهم ث جاء من بعدهم الفرق الثانية و الروم و‬
‫العرب فتبدلت تلك الحوال و انقل بت ب ا العوائد إل ما يان سها أو يشاب ها و إل ما يباين ها‬
‫أو يباعدها ث جاء السلم بدولة مضر فانقلبت تلك الحوال و أجع انقلبة أخرى و صارت‬
‫إل ما أكثره فتعارف لذا العهد بأخذه اللف عن السلف ث درست دولة العرب و أيامهم و‬
‫ذه بت ال سلف الذ ين شيدوا عزم هم و مهدوا ملك هم و صار ال مر ف أيدي سواهم من‬
‫العجم مثل الترك بالشرق و الببر بالغرب و الفرنة بالشمال فذهبت بذهابم أمم و انقلبت‬
‫أحوال و عوائد نسسي شأناس و أغفسل أمرهسا و السسبب الشائع فس تبدل الحوال و العوائد أن‬
‫عوائد كل ج يل تاب عة لعوائد سلطانه ك ما يقال ف المثال الكم ية الناس على د ين اللك و‬
‫أهل اللك و السلطان إذا استولوا على الدولة و المر فلبد من أن يفزعوا إل عوائد من قبلهم‬
‫و يأخذون الكثي منها و ل يغفلون عوائد جيلهم مع ذلك فيقع ف عوائد الدولة بعض الخالفة‬
‫لعوائد ال يل الول فإذا جاءت دولة أخرى من بعد هم و مز جت من عوائد هم و عوائد ها‬
‫خال فت أيضا ب عض الشيء و كا نت للول أ شد مال فة ث ل يزال التدر يج ف الخال فة ح ت‬
‫ينت هي إل الباي نة بالملة ف ما دا مت ال مم و الجيال تتعا قب ف اللك و ال سلطان ل تزال‬
‫الخالفة ف العوائد و الحوال واقعة‪ .‬و القياس و الحاكاة للنسان طبيعة معروفة و من الغلط‬
‫غي مأمونة ترجه مع الذهول و الغفلة عن قصده و تعوج به عن مرامه فربا يسمع السامع‬
‫كثيا من أخبار الاضي و ل يتف طن لا وقع من تغي الحوال و انقلبا فيجريها لول وهلة‬
‫على ما عرف و يقيسها با شهد و قد يكون الفرق بينهما كثيا فيقع ف مهواة من الغلط فمن‬
‫هذا الباب ما ينقله الؤرخون من أحوال الجاج و أن أباه كان من العلمي مع أن التعليم لذا‬
‫الع هد من جلة ال صنائع العاش ية البعيدة من اعتزاز أ هل الع صبية و العلم م ستضعف م سكي‬
‫منق طع الذم فيتشوف الكثي من ال ستضعفي أ هل الرف و الصنائع العاش ية إل نيل الرتب‬
‫ال ت لي سوا ل ا بأ هل و يعدون ا من المكنات ل م فتذ هب ب م و ساوس الطا مع و رب ا انق طع‬
‫حبلها من أيديهم فسقطوا ف مهواة اللكة و التلف و ل يعلمون استحالتها ف حقهم و أنم‬
‫أهل حرف و صنائع للمعاش و أن التعليم صدر السلم و الدولتي ل كذلك و ل يكن العلم‬
‫بالملة صناعة إنا كان نقلً لا سع من الشارع و تعليما لا جهل من الذين على جهة البلغ‬
‫فكان أهل النساب و العصبة الذين قاموا باللة ث الذين يعلمون كتاب ال و سنة نبيه صلى‬
‫ال عل يه و سلم على مع ن التبل يغ ال بي ل على و جه التعل يم ال صناعي إذ هو كتاب م النل‬
‫على الر سول من هم و به هدايات م و ال سلم دين هم قاتلوا عل يه و قتلوا و اخت صوا به من ب ي‬
‫ال مم و شرفوا فيحر صون على تبل يغ ذلك و تفهي مه لل مة ل ت صدهم ع نه لئ مة ال كب و ل‬
‫يزغهم عاذل الن فة و يش هد لذلك بعث ال نب صلى ال عليه و سلم كبار أصحابه مع وفود‬
‫العرب يعلمون م حدود ال سلم و ما جاء به من شرائع الد ين ب عث ف ذلك من أ صحابه‬
‫العشرة ف من بعد هم ف ما ا ستقر ال سلم و وش جت عروق اللة ح ت تناول ا ال مم البعيدة من‬
‫أيدي أهل ها و ا ستحالت برور اليام أحوال ا و ك ثر ا ستنباط الحكام الشرع ية من الن صوص‬
‫لتعدد الوقائع و تلحق ها فاحتاج ذلك لقانون يف ظه من ال طإ و صار العلم ملكةً يتاج إل‬
‫التعلم فأ صبح من جلة ال صنائع و الرف ك ما يأ ت ذكره ف ف صل العلم و التعل يم و اشت غل‬
‫أهل العصبية بالقيام باللك و السلطان فدفع لعلم من قام به من سواهم و أصبح حرفة للمعاش‬
‫و شخت أنوف الترفي و أهل السلطان عن التصدي للتعليم و اختص انتحاله بالستضعفي و‬
‫صار منتحله متقرا ع ند أ هل الع صبية و اللك و الجاج بن يو سف كان أبوه من سادات‬
‫ثق يف و أشراف هم و مكان م من ع صبية العرب و مناه ضة قر يش ف الشرف ما عل مت و ل‬
‫يكن تعليمه للقرآن على ما هو المر عليه لذا العهد من أنه حرفة للمعاش و أنا كان على ما‬
‫وصفناه من المر الول ف السلم و من هذا الباب أيضا ما يتوهه التصفحون لكتب التاريخ‬
‫إذا سعوا أحوال القضاة و ما كانوا عليه من الرئاسة ف الروب و قود العساكر فتترامى بم و‬
‫ساوس المم إل مثل تلك الرتب يسبون أن الشأن خطة القضاء لذا العهد على ما كان عليه‬
‫من قبل و يظنون بابن أب عامر صاحب هشام الستبد عليه و ابن عباس من ملوك الطوائف‬
‫بإشبيلية إذا سعوا أن آباءهم كانوا قضاة أنم مثل القضاة لذا العهد و ل يتفطنون لا وقع ف‬
‫رتبة القضاء من مالفة العوائد كما نبينه ف فصل القضاء من الكتاب الول و ابن أب عامر و‬
‫ابسن عباد كانسا مسن قبائل العرب القائميس بالدولة المويسة بالندلس و أهسل عصسبيتها و كان‬
‫مكانم فيها معلوما و ل يكن نيلهم لا نالوه من الرئاسة و اللك بطة القضاء كما هي لذا‬
‫الع هد بل إن ا كان القضاء ف ال مر القد ي ل هل الع صبية من قب يل الدولة و موال يه ك ما هي‬
‫الوزارة لعهدنا بالغرب و انظر خروجهم بالعساكر ف الطرائف و تقليدهم عظائم المور الت‬
‫ل تقلد إل لن له الغن فيها بالعصبية فيغلط السامع ف ذلك و يمل الحوال على غي ما هي‬
‫و أكثر ما يقع ف هذا الغلط ضعفاء البصائر من أهل الندلس لذا العهد لفقدان العصبية ف‬
‫مواطنهم م نذ أعصار بعيدة بفناء العرب و دولتهم با و خروجهم عن ملكة أهل الع صبيات‬
‫من الببر فبقيت أنسابم العربية مفوظة و الذريعة إل العز من العصبية و التناصر مفقودة بل‬
‫صاروا من جلة الرعايا التخاذلي الذين من تعبدهم القهر و رئموا للمذلة يسبون أن أنسابم‬
‫مع مالطة الدولة هي الت يكون لم با الغلب و التحكم فتجد أهل الرف و الصنائع منهم‬
‫متصدين لذلك ساعي ف نيله فأما من باشر أحوال القبائل و العصبية و دولم بالعدوة الغربية‬
‫و كيف يكون التغلب بي المم و العشائر فقلما يغلطون ف ذلك و يطئون ف اعتباره‪ .‬و من‬
‫هذا الباب أيضا ما يسلكه الؤرخون عند ذكر الدول و نسق ملوكها فيذكرون اسه و نسبه و‬
‫أباه و أمسه و نسساءه و لقبسه و خاتهس و قاضيسه و حاجبسه و وزيره كسل ذلك تقليسد لؤرخسي‬
‫الدولت ي من غ ي تف طن لقا صدهم و الؤرخون لذلك الع هد كانوا يضعون تواري هم ل هل‬
‫الدولة و أبناؤ ها متشوفون إل سي أسلفهم و معرفة أحوال م ليقتفوا آثار هم و ين سجوا على‬
‫منوالم حت ف اصطناع الرجال من خلف دولتهم و تقليد الطط و الراتب لبناء صنائعهم و‬
‫ذويهسم و القضاة أيضا كانوا مسن أهسل عصسبية الدولة و فس عداد الوزراء كمسا ذكرناه لك‬
‫فيحتاجون إل ذكسر ذلك كله و أ ما ح ي تباي نت الدول و تباعسد مسا بيس العصسور و وقسف‬
‫الغرض على معرفة اللوك بأنفسهم خاصة و نسب الدول بعضها من بعض ف قوتا و غلبتها و‬
‫من كان يناهضها من المم أو يقصر عنها فما الفائدة للمصنف ف هذا العهد ف ذكر النباء‬
‫و النساء و نقش الات و اللقب و القاضي و الوزير و الاجب من دولة قدية ل يعرف فيها‬
‫أصولم و ل أنسابم و ل مقاماتم إنا حلهم على ذلك التقليد و الغفلة عن مقاصد الؤلفي‬
‫القدميس و الذهول عسن تري الغراض مسن التاريسخ اللهسم إل ذكسر الوزراء الذيسن عظمست‬
‫آثارهسم و عمست على اللوك أخبارهسم كالجاج و بنس الهلب و البامكسة و بنس سسهل بسن‬
‫نوبت و كافور الخشيدي و ابن أب عامر و أمثالم فغي نكي اللاع بآبائهم و الشارة إل‬
‫أحوالم لنتظامهم ف عداد اللوك‪ .‬و لنذكر هنا فائدة نتم كلمنا ف هذا الفصل با و هي أن‬
‫التاريخ إنا هو ذكر الخبار الاصة بعصر أو جيل فأما ذكر الحوال العامة للفاق و الجيال‬
‫و الع صار ف هو أس للمؤرخ تنب ن عل يه أك ثر مقا صده و ت تبي به أخباره و قد كان الناس‬
‫يفردونه بالتأليف كما فعله السعودي ف كتاب مروج الذهب شرح فيه أحوال المم و الفاق‬
‫لعهده ف عصر الثلثي و الثلثائة غربا و شرقا و ذكر نلهم و عوائدهم و وصف البلدان و‬
‫البال و البحار و المالك و الدول و فرق شعوب العرب و العجسم فصسار إماما لؤرخيس‬
‫ل يعولون ف تقيق الكثي من أخبارهم عليه ث جاء البكري من بعده ففعل‬ ‫يرجعون إليه و أص ً‬
‫مثل ذلك ف السالك و المالك خاصة دون غيها من الحوال لن المم و الجيال لعهده ل‬
‫ي قع في ها كث ي انتقال و ل عظ يم تغ ي و أ ما لذا الع هد و هو آ خر الائة الثام نة ف قد انقل بت‬
‫أحوال الغرب الذي ن ن شاهدوه و تبدلت بالملة و اعتاض من أجيال الببر أهله على القدم‬
‫ب ا طرأ ف يه من لدن الائة الام سة من أجيال العرب ب ا ك سروهم و غلبو هم و انتزعوا من هم‬
‫عامة الوطان و شاركوهم فيما بقي من البلدان للكهم هذا إل ما نزل بالعمران شرقا و غربا‬
‫ف منت صف هذه الائة الثام نة من الطاعون الارف الذي ت يف ال مم و ذ هب بأ هل ال يل و‬
‫طوى كثيا مسن ماسسن العمران و ماهسا و جاء للدول على حيس هرمهسا و بلوغ الغايسة مسن‬
‫مدا ها فقلص من ظلل ا و فل من حد ها و أو هن من سلطانا و تداعست إل التل شي و‬
‫الضمحلل أموالاس و انتقسض عمران الرض بانتقاض البشسر فخربست المصسار و الصسانع و‬
‫درست السبل و العال و خلت الديار و النازل و ضعفت الدول و القبائل و تبدل الساكن و‬
‫كأن بالشرق قد نزل به مثل ما نزل بالغرب لكن على نسبته و مقدار عمرانه و كأنا نادى‬
‫لسان الكون ف العال بالمول و النقباض فبادر بالجابة و ال وارث الرض و من عليها و‬
‫إذا تبدلت الحوال جلة فكأنا تبدل اللق من أصله و تول العال بأسره و كأنه خلق جديد‬
‫و نشأة م ستأنفة و عال مدث فاحتاج لذا الع هد من يدون أحوال اللي قة و الفاق و أجيالا‬
‫ل يقتدي به‬ ‫و العوائد و النحل الت تبدلت لهلها و يقفو مسلك السعودي لعصره ليكون أص ً‬
‫من يأت من الؤرخي من بعده و أنا ذاكر ف كتاب هذا ما أمكنن منه ف هذا القطر الغرب إما‬
‫صريا أو مندرجا ف أخباره و تلويا لختصاص قصدي ف التأليف بالغرب و أحوال أجياله‬
‫و أمه و ذكر مالكه و دوله دون ما سواه من القطار لعدم اطلعي على أحوال الشرق و أمه‬
‫و أن الخبار التناقلة ل ت في ك نه ما أريده م نه و ال سعودي إن ا ا ستوف ذلك لب عد رحل ته و‬
‫تقلبه ف البلد كما ذكر ف كتابه مع أنه لا ذكر الغرب قصر ف استيفاء أحواله و فوق كل‬
‫ذي علم عليم و مرد العلم كله إل ال و البشر عاجز قاصر و العتراف متعي واجب و من‬
‫كان ال ف عونه تيسرت عليه الذاهب و انحت له الساعي و الطالب و نن آخذون بعون‬
‫ال في ما رمناه من أغراض التأل يف و ال ال سدد و الع ي و عل يه التكلن و قد ب قي علي نا أن‬
‫نقدم مقدمة ف كيفية وضع الروف الت ليست من لغات العرب إذا عرضت ف كتابنا هذا‪.‬‬

‫اعلم أن الروف ف النطق كما يأت شرحه بعد هي كيفيات الصوات الارجة من النجرة‬
‫تعرض من تقط يع ال صوت بقرع اللهاة و أطراف الل سان مع ال نك و اللق و الضراس أو‬
‫بقرع الشفتي أيضا فتتغاير كيفيات الصوات بتغاير ذلك القرع و تيء الروف متمايزة ف‬
‫السمع و تتركب منها الكلمات الدالة على ما ف الضمائر و ليست المم كلها متساوية ف‬
‫النطق بتلك الروف فقد يكون لمة من الروف ما ليس لمة أخرى و الروف الت نطقت‬
‫با العرب هي ثانية و عشرون حرفا كما عرفت و ند للعبانيي حروفا ليست ف لغتنا و ف‬
‫لغتنا أيضا حروف ليست ف لغتهم و كذلك الفرنج و الترك و الببر و غي هؤلء من العجم‬
‫ث إن أ هل الكتاب من العرب ا صطلحوا ف الدللة على حروف هم ال سموعة بأوضاع حروف‬
‫مكتوبة متميزة بأشخاصها كوضع ألف وباء و جيم وراء و طأ إل آخر الثمانية و العشرين و‬
‫إذا عرض لم الرف الذي ليس من حروف لغتهم بقي مهملً عن الدللة الكتابية مغفلً عن‬
‫البيان و رب ا ير سه ب عض الكتاب بش كل الرف الذي يكتن فه من لغت نا قبله أو بعده و ل يس‬
‫بكاف ف الدللة بل هو تغيي للحرف من أصله‪ .‬و لا كان كتابنا مشتملً على أخبار الببر و‬
‫بعض العجم و كانت تعرض لنا ف أسائهم أو بعض كلماتم حروف ليست من لغة كتابنا و‬
‫ل ا صطلح أوضاعنا اضطرر نا إل بيا نه و ل نك تف بر سم الرف الذي يل يه ك ما قلناه ل نه‬
‫عندنا غي واف بالدللة عليه فاصطلحت ف كتاب هذا على أن أضع ذلك الرف العجمي با‬
‫يدل على الرف ي اللذ ين يكتنفا نه ليتو سط القارىء بالن طق به ب ي مر جي ذي نك الرف ي‬
‫فتحصل تأديته و إنا اقتبست ذلك من رسم أهل الصحف حروف الشام كالصراط ف قراءة‬
‫خلف فإن الن طق ب صاده في ها مع جم متو سط ب ي ال صاد و الزاي فوضعوا ال صاد و ر سوا ف‬
‫داخل ها ش كل الزاي و دل ذلك عند هم على التو سط ب ي الرف ي فكذلك ر ست أ نا الكاف‬
‫حرف يتوسط بي حرفي من حروفنا كالكاف التوسطة عند الببر بي الكاف الصرية عندنا‬
‫و ال يم أو القاف م ثل ا سم بلك ي فأضع ها كافا و أنقط ها بنق طة ال يم واحدة من أ سفل أو‬
‫بنق طة القاف واحدة من فوق أو اثنت ي فيدل ذلك على أ نه متو سط ب ي الكاف و ال يم أو‬
‫القاف و هذا الرف أك ثر ما ي يء ف ل غة الببر و ما جاء من غيه فعلى هذا القياس أ ضع‬
‫الرف التوسط بي حرفي من لغتنا بالرفي معا ليعلم القارىء أنه متوسط فينطق به كذلك‬
‫فنكون قد دللنا عليه و لو وضعناه برسم الرف الواحد عن جانبه لكنا قد صرفناه من مرجه‬
‫إل مرج الرف الذي من لغت نا و غي نا ل غة القوم فأعلم ذلك و ال الو فق لل صواب ب نه و‬
‫فضله‪.‬‬

‫الكتاب الول ف طبيعة العمران ف الليقة و ما يعرض فيها من البدو و الصر و التغلب‬
‫و الكسب و العاش و الصنائع و العلوم و نوها و ما لذلك من العلل و السباب‬

‫إعلم أنه لا كانت حقيقة التاريخ أنه خب عن الجتماع النسان الذي هو عمران العال و ما‬
‫يعرض لطبيعسة ذلك العمران مسن الحوال مثسل التوحسش و التأنسس و العصسبيات و أصسناف‬
‫التغلبات للب شر بعض هم على ب عض و ما ين شأ عن ذلك من اللك و الدول و مراتب ها و ما‬
‫ينتحله البشر بأعمالم و مساعيهم من الكسب و العاش والعلوم و الصنائع و سائر ما يدث‬
‫من ذلك العمران ب طبيعته من الحوال‪ .‬و ل ا كان الكذب متطرقا لل خب بطبع ته و له أ سباه‬
‫تقتضيه‪ .‬فمنها التشيعات للراء و الذاهب فإن النفس إذا كانت على حال العتدال ف قبول‬
‫الب أعطته حقه من التمحيص و النظر حت تتبي صدقه من كذبه و إذا خامرها تشيع لرأي‬
‫أو نلة قبلت ما يوافق ها من الخبار لول وهلة‪ .‬و كان ذلك ال يل و التش يع غطاء على ع ي‬
‫بصسيتا عسن النتقاد و التمحيسص فتقسع فس قبول الكذب و نقله‪ .‬و مسن السسباب القتضيسة‬
‫للكذب ف الخبار أيضا الثقة بالناقلي و تحيص ذلك يرجع إل التعديل و التجريح‪ .‬و منها‬
‫الذهول عن القاصد فكثي من الناقلي ل يعرف القصد با عاين أو سع و ينقل الب على ما‬
‫ف ظنه و تمينه فيقع ف الكذب‪.‬‬

‫و منها توهم الصدق و هو كثي و إنا ييء ف الكثر من جهة الثقة بالناقلي و منها الهل‬
‫بتطبيق الحوال على الوقائع لجل ما يداخلها من التلبيس و التصنع فينقلها الخب كما رآها و‬
‫هي بالت صنع على غ ي ال ق ف نف سه‪ .‬و من ها تقرب الناس ف الك ثر ل صحاب التجلة و‬
‫الراتب بالثناء و الدح و تسي الحوال و إشاعة الذكر بذلك فيستفيض الخبار با على غي‬
‫حقيقسة فالنفوس مولعسة ببس الثناء و الناس متطلعون إل الدنيسا و أسسبابا مسن جاه أو ثروة و‬
‫ليسوا ف الكثر براغبي ف الفصائل و ل متنافسي ف أهلها‪ .‬و من السباب القتضية له أيضا‬
‫و هسي سسابقة على جيسع مسا تقدم الهسل بطبائع الحوال فس العمران فإن كسل حادث مسن‬
‫الوادث ذاتا كان أو فعلً ل بد له من طبيعة تصه ف ذاته و فيما يعرض له من أحواله فإذا‬
‫كان السامع عارفا بطبائع الوادث و الحوال ف الوجود و مقتضياتا أعانه ذلك ف تحيص‬
‫الب على تييز الصدق من الكذب و هذا أبلغ ف التمحيص من كل وجه يعرض و كثيا ما‬
‫يعرض للسسامعي قبول الخبار السستحيلة و ينقلوناس و تؤثرعنهسم كمسا نقله السسعودي عسن‬
‫السكندر لا صدته دواب البحر عن بناء السكندرية و كيف أتذ صندوق الزجاج و غاص‬
‫ف يه إل ق عر الب حر ح ت صور تلك الدواب الشيطان ية ال ت رآ ها و ع مل تاثيل ها من أج ساد‬
‫معدنيسة و نصسبها حذاء البنيان ففرت تلك الدواب حيس خرجست و عاينتهسا و تس بناؤهسا فس‬
‫حكاية طويلة من أحاديث خرافة مستحيلة من قبل اتاذه التابوت الزجاجي و مصادمة البحر‬
‫و أمواجه برمه و من قبل أن اللوك ل تمل أنفسها على مثل هذا الغرور و من اعتمده منهم‬
‫فقسد عرض نفسسه للهلكسة و انتقاض العقدة و اجتماع الناس إل غيه و فس ذلك إتلفسه و ل‬
‫ينظرون به رجو عه من غروره ذلك طر فة ع ي و من ق بل أن ال ن ل يعرف ل ا صورة و ل‬
‫تاثيل تتص با إنا هي قادرة على التشكيل و ما يذكره من كثرة الرؤوس لا فإنا الراد به‬
‫البشاعة و التهويل ل إنه حقيقة‪ .‬و هذه كلها قادحة ف تلك الكاية و القادح الحيل لا من‬
‫طريق الوجود أبي من هذا كله و هو أن النغمس ف الاء و لو كان ف الصندوق يضيق عليه‬
‫الواء للتن فس ال طبيعي و ت سخن رو حه ب سرعة لقل ته فيف قد صاحبه الواء البارد العدل لزاج‬
‫الرئة و الروح القل ب و يهلك مكا نه و هذا هو ال سبب ف هلك أ هل المامات إذا أطب قت‬
‫عليهم عن الواء البارد و التدلي ف البار و الطامي العميقة الهوى إذا سخن هواؤها بالعونة‬
‫و ل تداخلها الرياح فتخلخلها فإن التدل فيها يهلك لينه و بذا السبب يكون موت الوت‬
‫إذا فارق البحر فإن الواء ل يكفيه ف تعديل رئته إذ هو حار بإفراط و الاء الذي يعدله بارد و‬
‫الواء الذي ف خرج إل يه حار في ستول الار على رو حه اليوا ن و يهلك دف عة و م نه هلك‬
‫الصعوقي و أمثال ذلك ومن الخبار الستحيلة ما نقله السعودي أيضا ف تثال الزرزور الذي‬
‫برومة تتمع إليه الزرازير ف يوم معلوم من السنة حاملة للزيتون و منه يتخذون زيتهم و انظر‬
‫ما أبعد ذلك عن الجرى الطبيعي ف اتاذ الزيت‬

‫و من ها ما نقله البكري ف بناء الدي نة ال سماة ذات البواب ت يط بأك ثر من ثلث ي مرحلة و‬
‫تشتمسل على عشرة آلف باب و الدن إناس اتذت للتحصسن و العتصسام كمسا يأتس و هذه‬
‫خر جت عن أن ياط ب ا فل يكون فيها ح صن و ل معتصم و كما نقله السعودي أيضا ف‬
‫حد يث مدي نة النحاس و أن ا مدي نة كل بنائ ها ناس ب صحراء سجلماسة ظ فر ب ا مو سى بن‬
‫ن صي ف غرو ته إل الغرب و أن ا مغل قة البواب و أن ال صاعد إلي ها من أ سوارها إذا أشرف‬
‫على الائط صفق و رمي بنفسه فل يرجع آخر الدهر ف حديث مستحيل عادة من خرافات‬
‫القصساص و صسحراء سسجلماسة قسد نفضهسا الركاب و الدلء و ل يقفوا لذه الدينسة على‬
‫خبهم أن هذه الحوال ال ت ذكروا عن ها كل ها م ستحيل عادةً مناف للمور الطبيع ية ف بناء‬
‫الدن و اختطاطها و أن العادن غاية الوجود منها أن يصرف ف النية و الرثي و أما تشييد‬
‫مدي نة من ها فك ما تراه من ال ستحالة و الب عد و أمثال ذلك كثية و تحي صه إن ا هو بعر فة‬
‫طبائع العمران و هو أح سن الوجوه و أوثق ها ف تح يص الخبار وتي يز صدقها من كذب ا و‬
‫هو سابق على التمحيص بتعديل الرواة و ل يرجع إل تعديل الرواة حت يعلم أن ذلك الب ف‬
‫ل فل فائدة للنظر ف التعديل و التجريح و لقد عد‬ ‫نفسه مكن أو متنع و أما إذا كان مستحي ً‬
‫أ هل الن ظر من الطا عن ف ال ب ا ستحالة مدلول الل فظ و تأويله ب ا ل يقبله الع قل وإن ا كان‬
‫التعديل و التجريح هو العتب ف صحة الخبار الشرعية لن معظمها تكاليف إنشائية أوجب‬
‫الشارع الع مل ب ا ح ت ح صل ال ظن ب صدقها و سبيل صحة ال ظن الث قة بالرواة بالعدالة و‬
‫الض بط‪ .‬و أ ما الخبار عن الواقعات فل بد ف صدقها و صحتها من اعتبار الطاب قة فلذلك‬
‫و جب أن ين ظر ف إمكان وقو عه و صار في ها ذلك أ هم من التعد يل و مقدما عل يه إذ فائدة‬
‫النشاء مقتبسة منه فقط و فائدة الب منه و من الارج بالطابقة و إذا كان ذلك فالقانون ف‬
‫تييز الق من الباطل ف الخبار بالمكان و الستحالة أن ننظر ف الجتماع البشري الذي هو‬
‫العمران و نيز ما يلحقه من الحوال لذاته و بقتضى طبعه و ما يكون عارضا ل يعتد به و ما‬
‫ل يكن أن يعرض له و إذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا ف تييز الق من الباطل ف الخبار‬
‫و ال صدق من الكذب بو جه برها ن ل مد خل لل شك ف يه و حينئذ فإذا سعنا عن شيء من‬
‫الحوال الواق عة ف العمران علم نا ما ن كم بقبوله م ا ن كم بتزيي فه و كان ذلك ل نا معيارا‬
‫صحيحا يتحرى به الؤرخون طر يق ال صدق و ال صواب في ما ينقلو نه و هذا هو غرض هذا‬
‫الكتاب الول مسن تأليفنسا و كأن هذا علم مسستقل بنفسسه فإنسه ذو موضوع و هسو العمران‬
‫البشري و الجتماع النسان و ذو مسائل و هي بيان ما يلحقه من العوارض و الحوال لذاته‬
‫واحدة بعد أخرى و هذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أو عقليا‪.‬‬

‫و إعلم أن الكلم فس هذا الغرض مسستحدث الصسنعة غريسب النعسة عزيسز الفائدة اعثسر عل يه‬
‫البحث و أدى إليه الغوص و ليس من علم الطابة إنا هو القوال القنعة النافعة ف استمالة‬
‫المهور إل رأي أو صدهم عنه و ل هو أيضا من علم السياسة الدنية إذ السياسة الدنية هي‬
‫تدبي النل أو الدينة با يب بقتضى الخلق و الكمة ليحمل المهور على منهاح يكون‬
‫ف يه ح فظ النوع و بقاؤه ف قد خالف موضو عه موضوع هذ ين الفن ي اللذ ين رب ا يشبها نه و‬
‫كأ نه علم م سنبط النشأة و لعمري ل أ قف على الكلم ف منحاه ل حد من اللي قة ما أدري‬
‫ألغفلتهم عن ذلك و ليس الظن بم أو لعلهم كتبوا ف هذا الغرض و استوفوه و ل يصل إلينا‬
‫فالعلوم كثية و الكماء ف أمم النوع النسان متعددون و ما ل يصل إلينا من العلوم أكثر ما‬
‫وصل فأين علوم الفرس الت أمر عمر رضى ال عنه بحوها عند الفتح و أين علوم الكلدانيي‬
‫و السريانيي و أهل بابل و ما ظهر عليهم من آثارها و نتائجها و أين علوم القبط و من قبلهم‬
‫و إن ا و صل إلي نا علوم أ مة واحدة و هم يونان خا صة لكلف الأمون بإخراج ها من لغت هم و‬
‫اقتداره على ذلك بكثرة الترجي و بذل الموال فيها و ل نقف على شيء من علوم غيهم و‬
‫إذا كانت كل حقيقة متعلقة طبيعية يصلح أن نبحث عما يعرض لا من العوارض لذاتا وجب‬
‫أن يكون باعتبار كل مفهوم و حقي قة علم من العلوم ي صه ل كن الكماء لعل هم إن ا لحظوا‬
‫ف ذلك العناية بالثمرات و هذا إنا ثرته ف الخبار فقط كما رأيت و إن كانت مسائله ف‬
‫ذات ا و ف اخت صاصها شري فة ل كن ثر ته ت صحيح الخبار و هي ضعي فة فلهذا هجروه و ال‬
‫أعلم و ما أوتيتم من العلم إل قليلً و هذا الفن الذي لح لنا النظر فيه ند منة مسائل تري‬
‫بالعرض لهل العلوم ف براهي علومهم و هي من جنس مسائله بالوضوع و الطلب مثل ما‬
‫يذكره الكماء و العلماء ف إثبات النبوة من أن الب شر متعاونون ف وجود هم فيحتاجون ف يه‬
‫إل الاكم و الوازع و مثل ما يذكر ف أصول الفقه ف باب إثبات اللغات أن الناس متاجون‬
‫إل العبارة عن القا صد بطبي عة التعاون و الجتماع و تبيان العبارات أ خف و م ثل ما يذكره‬
‫الفقهاء ف تعل يل الحكام الشرع ية بالقا صد ف أن الز نا ملط للن ساب مف سد للنوع و أن‬
‫القتل أيضا مفسد للنوع و أن الظلم مؤذن براب العمران الفضي لفساد النوع غي ذلك من‬
‫سائر القاصد الشرعية ف الحكام فإنا كلها مبنية على الحافظة على العمران فكان لا النظر‬
‫في ما يعرض له و هو ظا هر من كلم نا هذا ف هذه ال سائل المثلة و كذلك أيضا ي قع إلي نا‬
‫القل يل من م سائله ف كلمات متفقر قة لكماء اللي قة لك هم ل ي ستوفوه ف من كلم الوبذان‬
‫برام بن برام ف حكاية البوم الت نقلها السعودي أيها اللك إن اللك ل يتم عزه إل بالشريعة‬
‫و القيام ل بطاع ته و الت صرف ت ت أمره و ن يه و ل قوام للشري عة إل باللك و ل عز للملك‬
‫إل بالرجال و ل قوام للرجال إل بالال و ل سسبيل للمال إل بالعمارة و ل سسبيل للعمارة إل‬
‫بالعدل و العدل اليزان الن صوب ب ي اللي قة ن صبه الرب و ج عل له قيما و هو اللك‪ .‬و من‬
‫كلم أنوشروان فس هذا العنس بعينسه اللك بالنسد و النسد بالال و الال بالراج و الراج‬
‫بالعمارة و العمارة بالعدل و العدل بإصلح العمال و إصلح العمال باستقامة الوزراء و رأس‬
‫الكسل بافتقاد اللك حال رعيتسه بنفسسه و اقتداره على تأديتهسا حتس يلكهسا و ل تلكسه و فس‬
‫الكتاب النسوب لرسطو ف السياسة التداول بي الناس جزء صال منه إل أنه غي مستوف و‬
‫ل مع طى ح قه من الباه ي و متلط بغيه و قد أشار ف ذلك الكتاب إل هذه الكلمات ال ت‬
‫نقلنا ها عن الوبذان و أنوشروان و جعل ها ف الدائرة القري بة ال ت أع ظم القول في ها هو قوله‪:‬‬
‫العال ب ستان سياجه الدولة و الدولة سلطان ت يا به ال سنة ال سنة سياسة ي سوسها اللك اللك‬
‫نظام يعضده ال ند ال ند أعوان يكفل هم الال الال رزق تم عه الرع ية الرع ية عب يد يكنف هم‬
‫العدل العدل مألوف و بسه قوائم العال العال بسستان ثس ترجسع إل أول الكلم‪ .‬فهذه ثان‬
‫كلمات حكمية سياسية ارتبط بعضها ببعض و ارتدت أعجاز ها إل صدورها و اتصلت ف‬
‫دائرة ل يتع ي طرف ها ف خر بعثوره علي ها و ع ظم من فوائد ها‪ .‬و أ نت إذا تأملت كلم نا ف‬
‫ف صل الدول و اللك و أعطي ته ح قه من الت صفح و التف هم عثرت ف أثنائه على تف سي هذه‬
‫الكلمات و تف صيل إجال ا م ستوف بينا بأو عب بيانا و أو ضح دل يل و برهان أطلع نا ال عل يه‬
‫من غ ي تعل يم أرسطو و ل إفادة موبذان و كذلك ت د ف كلم ا بن القفع و ما ي ستطرد ف‬
‫رسائله من ذكر السياسات الكثي من مسائل كتابنا هذا غي مبهنة كما برهناه إنا يليها ف‬
‫الذكرعلى منحى الطابة ف أسلوب الترسل و بلغة الكلم و كذلك حوم القاضي أبو بكر‬
‫الطرطوشي ف كتاب سراج اللوك و بوبه على أبواب تقرب من أبواب كتابنا هذا و مسائله‬
‫لك نه ل ي صادف ف يه الرم ية و ل أ صاب الشاكلة و ل ا ستوف ال سائل و ل أو ضح الدلة إن ا‬
‫يبوب الباب للمسألة ث يستكثر من الحادث و الثار و ينقل كلمات متفرقة لكماء الفرس‬
‫م ثل بزر ج هر و الوبذان و حكماء ال ند و الأثور عن دانيال و هر مس و غي هم من أكابر‬
‫اللي قة و ل يك شف عن التحق يق قناعا و ل ير فع الباه ي الطبيع ية حجابا إن ا هو ن قل و‬
‫ترك يب شبيه بالوا عظ و كأ نه حوم على العرض و ل ي صادفه و ل ت قق ق صده و ل ا ستوف‬
‫مسائله و نن ألمنا ال إل ذلك إلاما و أعثرنا على علم جعلنا بي نكرة و جهينة خبه فإن‬
‫كنت قد استوفيت مسائله و ميزت عن سائر الصنائع أنظاره و أناءه فتوفيق من ال و هداية‬
‫و أن فاتن شيء ف إحصائه و اشتبهت بغي فللناظر التحقق إصلحه ول الفضل لن نجت‬
‫له السبيل و أوضحت له الطريق و ال يهدي بنوره من يشاء‪ .‬و نن الن نبي ف هذا الكتاب‬
‫ما يعرض للب شر ف اجتماع هم من أحوال العمران ف اللك و الك سب و العلوم و ال صنائع‬
‫بوجوه برهان ية يت ضح ب ا التحق يق ف معارف الا صة و العا مة و تند فع ب ا الوهام و تر فع‬
‫الشكوك‪ .‬و نقول لا كان النسان متميزا عن سائر اليوانات بواص اختص با فمنها العلوم‬
‫و الصنائع الت هي نتيجة الفكر الذي تيز به عن اليوانات و شرف بوصفه على الخلوقات و‬
‫منهسا الاجسة إل الكسم الوازع و السسلطان القاهسر إذ ل يكسن وجوده دون ذلك مسن بيس‬
‫اليوانات كلها إل ما يقال عن النحل و الراد و هذه و أن كان لا مثل ذلك فبطريق إلامي‬
‫ل بفكر و روية و منها السعي ف العاش و العتمال ف تصيله من وجوهه و اكتساب أسبابه‬
‫لاس جعسل ال مسن الفتقار إل الغذاء فس حياتسه و بقائه و هداه إل التماسسه و طلبسه فإن تعال‬
‫أع طى كل ش يء خل قه ث هدى و منه ما العمران و هو الت ساكن و التنازل ف م صر أو حلة‬
‫للنس بالعشي و اقتضاء الاجات لا ف طباعهم من التعاون على العاش كما نبينه و من هذا‬
‫العمران ما يكون بدويا و هو الذي يكون ف الضوا حي و ف البال و ف اللل النتج عة ف‬
‫القفار و أطراف الرمال و منه ما يكون حضريا و هو الذي بالمصار و القرى و الدن والدر‬
‫للعتصام با و التحصن بدرانا و له ف كل هذه الحوال أمور تعرض من حيث الجتماع‬
‫عروضا ذاتيا له فل جرم انصر الكلم ف هذا الكتاب ف ستة فصول‪.‬‬

‫الول ف العمران البشري على الملة و أصنافه و قسطه من الرض‪.‬‬

‫و الثان ف العمران البدوي ف و ذكر القبائل و المم الوحشية‪.‬‬

‫و الثالث ف الدول و اللفة و اللك و ذكر الراتب السلطانية‬

‫و الرابع ف العمران الضري و البلدان و المصار‪.‬‬

‫و الامس ف الصنائع و العاش و الكسب و وجوهه‪.‬‬


‫و السادس ف العلوم و اكتسابا و تعلمها‪.‬‬

‫و قد قدمت العمران البدوي لنه سابق على جيعها كما نبي لك بعد و كذا تقدي اللك على‬
‫البلدان و المصسار وأمسا تقديس العاش فلن العاش ضروري طسبيعي و تعلم العلم كمال أو‬
‫حاجي و الطبيعي أقدم من الكمال و جعلت الصنائع مع الكسب لنا منه ببعض الوجوه و‬
‫من حيث العمران كما نبي لك بعد و ال الوفق للصواب و العي عليه‪.‬‬

‫الباب الول من الكتاب الول ف العمران البشري على الملة و فيه مقدمات‬

‫الول ف أن الجتماع النسان ضروري و يعب الكماء عن هذا بقولم النسان مدن بالطبع‬
‫أي ل بد له من الجتماع الذي هو الدينة ف اصطلحهم و هو معن العمران و بيانه أن ال‬
‫سبحانه خلق الن سان و رك به على صورة ل ي صح حيات ا و بقاؤ ها إل بالغذاء و هداه إل‬
‫التماسه بفطرته و با ركب فيه من القدرة على تصيله إل أن قدرة الواحد من البشر قاصرة‬
‫عن تصيل حاجته من ذلك الغذاء غي موفية له بادة حياته منه و لو فرضنا منه أقل ما يكن‬
‫فرصة و هو قوت يوم من النطة مثلً فل يصل إل بعلج كثي من الطحن و العجن و الطبخ‬
‫و كل واحد من هذه العمال الثل ثة يتاج إل مواعي و آلت ل ت تم إل ب صناعات متعددة‬
‫من حداد و نار و فاخوري و هب أ نه يأكله حبا من غ ي علج ف هو أيضا يتاج ف ت صيله‬
‫أيضا حبا إل أعمال أخرى أكثر من هذه من الزراعة و الصاد و الدراس الذي يرج الب‬
‫من غلف السنبل و يتاج كل واحد من هذه آلت متعددة و صنائع كثية أكثر من الول‬
‫بكثي و يستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد فل بد من اجتماع القدر الكثية‬
‫من أبناء جنسه ليحصل القوت له و لم فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الاجة لكثر منهم‬
‫بإضعاف و كذلك يتاج كل واحد منهم أيضا ف الدفاع عن نفسه إل الستعانة بأبناء جنسه‬
‫لن ال سبحانه لا ركب الطباع ف اليوانات كلها و قسم القدر بينها جعل حظوظ كثي من‬
‫اليوانات العجم من القدرة أكمل من حظ النسان فقدرة الفرس مثلً أعظم بكثي من قدرة‬
‫النسسان و كذا قدرة المار و الثور و قدرة السسد و الفيسل أضعاف مسن قدرتسه‪ .‬و لاس كان‬
‫العدوان طبيعيا ف اليوان جعل لكل واحد منها عضوا يتص بدافعته ما يصل إليه من عادية‬
‫غيه و ج عل للنسان عوضا من ذلك كله الفكر و اليد فاليد مهيئة للصنائع بد مة الف كر و‬
‫ال صنائع ت صل له اللت ال ت تنوب له عن الوارح العدة ف سائر اليوانات للدفاع م ثل‬
‫الرماح الت تنوب عن القرون الناطحة و السيوف النائبة عن الخالب الارحة و التراس النائبة‬
‫عسن البشرات الاسسية إل غيس ذلك و غيه ماس ذكره جالينوس فس كتاب منافسع العضاء‬
‫فالواحد من البشر ل تقاوم قدرته قدرة واحد من اليوانات العجم سيما الفترسة فهو عاجز‬
‫عن مدافعتها وحده بالملة و ل تفي قدرته أيضا باستعمال اللت العدة لا فل بد ف ذلك‬
‫كله من التعاون عل يه بأبناء جن سه و ما ل ي كن هذا التعاون فل ي صل له قوت و ل غذاءا و‬
‫ل تتم حياته لا ركبه ال تعال عليه من الاجة إل الغذاء ف حياته و ل يصل له أيضا دفاع‬
‫عن نفسه لفقدان السلح فيكون فريسة للحيوانات و يعاجله اللك عن مدى حياته و يبطل‬
‫نوع البشر و إذا كان التعاون حصل له القوت للغذاء و السلح للمدافعة و تت حكمة ال ف‬
‫بقائه و حفظ نو عه فإذن هذا الجتماع ضروري للنوع النسان و إل ل يك مل و جود هم و‬
‫مسا أراده ال مسن اعتمار العال بمس و اسستخلفه إياهسم و هذا هسو معنس العمران الذي جعلناه‬
‫موضوعا لذا العلم و ف هذا الكلم نوع إثبات للموضوع ف فنه الذي هو موضوع له و هذا‬
‫و أن ل يكن واجبا على صاحب الفن لا تقرر ف الصناعة النطقية أنه ليس على صاحب علم‬
‫إثبات الوضوع ف ذلك العلم فل يس أيضا من النوعات عند هم فيكون إثبا ته من ال تبعات و‬
‫ال الوفق بفضله‪ .‬ث أن هذا الجتماع إذا حصل للبشر كما قررناه و ت عمران العال بم فل‬
‫بد من وازع يدفع بعضهم عن ب عض ل ا ف طباعهم اليوان ية من العدوان و الظلم و لي ست‬
‫ال سلح ال ت جعلت داف عة لعدوان اليوانات الع جم عن هم كاف ية ف د فع العدوان عن هم لن ا‬
‫موجودة لميع هم فل بد من شيء آ خر يد فع عدوان بعض هم عن ب عض‪ .‬و ل يكون من‬
‫غي هم لق صور ج يع اليوانات عن مدارك هم و إلامات م فيكون ذلك الوازع واحدا من هم‬
‫يكون له عليهم الغلبة و السلطان و اليد القاهرة حت ل يصل أحد إل غيه بعدوان و هذا هو‬
‫مع ن اللك و قد تبي لك بذا أن للن سان خا صة طبيع ية و ل بد ل م من ها و قد يو جد ف‬
‫بعض اليوانات العجم على ما ذكره الكماء كما ف الن حل و الراد لا استقرىء فيها من‬
‫الكم و النقياد و التباع لرئيس من أشخاصها متميز عنهم ف خلقه و جثمانه إل أن ذلك‬
‫موجود لغي النسان بقتضى الفطرة و الداية ل بقتضى الفكرة و السياسة أعطى كل شيء‬
‫خلقه ث هدى و تزيد الفلسفة على هذا البهان حيث ياولون إثبات النبوة بالدليل! العقلي و‬
‫أنا خاصة طبيعية للنسان فيقررون هذا البهان إل غاية و أنه ل بد للبشر من الكم الوازع‬
‫ث يقولون بعد ذلك و ذلك الكم يكون بشرع مفروض من عند ال يأت به واحد من البشر‬
‫و أنه ل بد أن يكون متميزا عنهم با يودع ال فيه ف خواص هدايته ليقع التسليم له و القبول‬
‫م نه ح ت ي تم ال كم في هم و علي هم من غ ي إنكار و ل تز يف و هذه القض ية للحكماء غ ي‬
‫برهانية كما تراه إذ الوجود و حياة البشر قد تتم من دون ذلك با يفرضه الاكم لنفسه أو‬
‫بالع صبية ال ت يقتدر ب ا على قهر هم و حل هم على جاد ته فأ هل الكتاب و التبعون لل نبياء‬
‫قليلون بالنسبة إل الجوس الذين ليس لم كتاب فإنم أكثر أهل العال و مع ذلك فقد كانت‬
‫لم الدول و الثار فضلً عن الياة و كذلك هي لم لذا العهد ف القاليم النحرفة ف الشمال‬
‫و النوب بلف حياة البشر فوضى دون وازع لم البتة فإنه يتنع و بذا يتبي لك غلطهم ف‬
‫وجوب النبوات و أنه ليس بعقلي و إنا مدركه الشرع كما هو مذهب السلف من المة و‬
‫ال ول التوفيق و الداية‪.‬‬

‫القد مة الثان ية ف ق سط العمران من الرض و الشارة إل ب عض ما ف يه من الشجار و‬


‫النار و القاليم‬

‫اعلم أنسه تسبي فس كتسب الكماء الناظريسن فس أحوال العال أن شكسل الرض كروي و أناس‬
‫مفوفة بعنصر الاء كأنا عنبة طافية عليه فانسر الاء عن بعض جوانبها لا أراد ال من تكوين‬
‫اليوانات فيها و عمرانا بالنوع البشري الذي له اللفة على سائرها و قد يتوهم من ذلك أن‬
‫الاء تت الرض و ليس بصحيح و أنا النحت الطبيعي قلب بالرض و وسط كرتا الذي هو‬
‫مركزها و الكل يطلبه با فيه من الثقل و ما عدا ذلك من جوانبها و أما الاء الحيط با فهو‬
‫فوق الرض و أن ق يل ف شيء من ها إ نه ت ت الرض فبالضا فة إل ج هة أخرى م نه‪ .‬و أ ما‬
‫الذي انسر عنه الاء من الرض فهو النصف من سطح كرتا ف شكل دائرة أحاط العنصر‬
‫الاء من با من جيع جهاتا برا يسمى البحر الحيط و يسمى أيضا لبليه بتفخيم اللم الثانية‬
‫و يسمى أوقيانوس أساء أعجمية و يقال له البحر الخضر و السود ث أن هذا النكشف من‬
‫الرض للعمران فيه القفار و اللء أك ثر من عمرانه و الال من جهة النوب م نه أكثر من‬
‫جهة الشمال و إنا العمور منه أميل إل الانب الشمال على شكل مسطح كروي ينتهي من‬
‫ج هة النوب إل خط ال ستواء و من ج هة الشمال إل خط كروي و وراءه البال الفا صلة‬
‫بينسه و بيس الاء العنصسري الذي بينهمسا سسد يأجوج و مأجوج و هذه البال مائلة إل جهسة‬
‫الشرق و ينتهي من الشرق و الغرب إل عنصر الاء أيضا بقطعتي من الدائرة الحيطة و هذا‬
‫النكشف من الرض قالوا هو مقدار النصف من الكرة أو أقل و العمور منه مقدار ربعه و هو‬
‫النقسم بالقاليم السبعة و خط الستواء يقسم الرض بنصفي من الغرب إل الشرق و هو‬
‫طول الرض و أكب خط ف كرتا كما أن منطقة فلك البوج و دائرة فعدل النهار أكب خط‬
‫ف الفلك و منطقة البوج منقسمة بثلثمائة و ستي درجة و الدرجة من مسافة الرض خسة‬
‫و عشرون فرسخا و الفرسخ اثنا عشر ألف ذراع و الذراع أربعة و عشرون إصبعا و الصبع‬
‫ست حبات شعي مصفوفة ملصق بعضها إل بعض ظهرا لبطن و بي دائرة فعدل النهار الت‬
‫تقسم الفلك بنصفي و تسامت خط الستواء من الرض و بي كل واحد من القطبي تسعون‬
‫در جة ل كن العمارة ف الهة الشمال ية من خط ال ستواء أربع و ستون در جة و الباقي منها‬
‫خلء ل عمارة فيه لشدة البد و المود كما كانت الهة النوبية خلء كلها لشدة الر كما‬
‫نبي ذلك كله إن شاء ال تعال‪ .‬ث إن ال خبين عن هذا العمور و حدوده و ع ما ف يه من‬
‫المصسار و الدن و البال و البحار و النار و القفار و الرمال مثسل بطليموس فس كتاب‬
‫الغرافيا و صاحب كتاب زخار من بعده ق سموا هذا العمور ب سبعة أقسام ي سمونا القال يم‬
‫السبعة بدود وهية بي الشرق و الغرب متساوية ف العرض متلفة ف الطول فالقليم الول‬
‫أطول م ا بعده و هكذا الثا ن إل آخر ها فيكون ال سابع أق صر ل ا اقتضاه و ضع الدائرة الناشئة‬
‫عن ان سار الاء عن كرة الرض و كل وا حد من هذه القال يم عند هم منق سم بعشرة أجزاء‬
‫من الغرب إل الشرق على التوال و ف كل جزء الب عن أحواله و أحوال عمرانه‪ .‬و ذكروا‬
‫أن هذا البحر الحيط يرج من جهة الغرب ف القليم الرابع البحر الرومي العروف يبدأ ف‬
‫خليج فتضايق ف عرض اثن عشر ميلً أو نوها ما بي طنجة و طريف و يسمى أن الزقاق ث‬
‫يذهب مشرقا و ينفسح إل عرض ستمائة ميل و نايته ف آخر الزء الرابع من القليم الرابع‬
‫على ألف فر سخ و مائة و ستي فر سخا من مبدأه و عل يه هنالك سواحل الشام و عل يه من‬
‫جهة النوب سواحل الغرب أولا طنجة عند الليج ث أفريقية ث برقة إذ السكندرية و من‬
‫جهة الشمال سواحل القسطنطينية عند الليج ث البنادقة ث رومة ث الفرنة ث الندلس إل‬
‫طر يف ع ند أن الزقاق قبالة طن جة و ي سمى هذا الب حر الرو مي و الشا مي و ف يه جزر كثية‬
‫عامرة كبار م ثل أقري طش و قبص و صقلية و ميور قة و سردانية قالوا‪ :‬و يرج م نه ف جهة‬
‫الشمال بران آخران من خليجي‪ .‬أحدها مسامت للقسطنطينية يبدأ من هذا البحر متضايقا‬
‫ف عرض رمية السهم و ير ثلثة بار فيتصل بالقسطنطينية ث ينفسح ف عرض أربعة أميال و‬
‫ير ف جريه ستي ميلً و يسمى خليج القسطنطينية ث يرج من فوهة عرضها ستة أميال فيمد‬
‫ب ر ني طش و هو ب ر ينحرف من هنالك ف مذه به إل ناح ية الشرق في مر بأرض هرقلة و‬
‫ينتهي إل بلد الزرية على ألف و ثلثمائة ميل من فوهته و عليه من الانبي أمم من الروم و‬
‫الترك و برجان و الروس‪ .‬و الب حر الثا ن من خلي جي هذا الب حر الرو مي و هو ب ر البناد قة‬
‫يرج من بلد الروم على ست الشمال فإذا انتهى إل ست البل انرف ف ست الغرب إل‬
‫بلد البنادقسة و ينتهسي إل بلد إنكليسة على ألف و مائة ميسل مسن مبدإه و على حافتيسه مسن‬
‫البناد قة و الروم و غي هم أمم و ي سمى خل يج البناد قة‪ .‬قالوا و ينساح من هذا البحر الح يط‬
‫أيضا من الشرق و على ثلث عشرة درجة ف الشمال من خط الستواء بر عظيم متسع ير‬
‫ف النوب قليلً حت ينتهي إل القليم الول ث ير فيه مغربا إل أن ينتهي ف الزء الامس‬
‫م نه إل بلد البشة و الز نج و إل بلد باب الندب منه على أربعة آلف فرسخ من مبدئه و‬
‫يسمى البحر الصين و الندي و البشي و عليه من جهة النوب بلد الزنج و بلد بربر الت‬
‫ذكرها امرؤ القيس ف شعره و ليسوا من الببر الذين هم قبائل الغرب ث بلد سفالة و أرض‬
‫الواق واق و أمم أخر ليس بعدهم إل القفار و اللء و عليه من جهة الشمال الصي من عند‬
‫مبدئه ث الند ث السند ث سواحل اليمن من الحقاف و زبيد و غيها ث بلد الزنج عند نايته‬
‫و بعد هم الب شة‪ .‬قالوا و يرج من هذا الب حر الب شي بران آخران أحده ا يرج من ناي ته‬
‫عند باب الندب فيبدأ متضايقا ث ي ر م ستبحرا إل ناحية الشمال و مغربا قليلً إل أن بنتهي‬
‫إل القلزم ف الزء الامس من القليم الثان على ألف و أربعمائة ميل من مبدئه ف و يسمى‬
‫بر القلزم و بر السويس و بينه و بي فسطاط مصر من هنالك ثلث مراحل و عليه من جهة‬
‫الشرق سواحل اليمن ث الجاز و جدة ث مدين و أيلة و فازان عند نايته و من جهة الغرب‬
‫سواحل ال صعيد‪ ،‬و عيذاب و سواكن وزيلع ث بلد الب شة ع ند مبدئه و آخره ع ند القلزم‬
‫يسامت الب حر الرومي عند العر يش و بينهما نو ست مرا حل و مازال اللوك ف ال سلم و‬
‫قبله يرمون خرق ما بينه ما و ل ي تم ذلك‪ .‬و الب حر الثا ن من هذا الب حر الب شي و ي سمى‬
‫الليج الخضر يرج ما بي بلد السند و الحقاف من اليمن و ير إل ناحية الشمال مغربا‬
‫قليلً إل أن ينتهسي إل البلة من سسواحل البصسرة فس الزء السسادس مسن القليسم الثانس على‬
‫أربعمائة فرسسخ و أربعيس فرسسخا مسن مبدئه و يسسمى برس فارس و عليسه مسن جهسة الشرق‬
‫سسواحل السسند و مكران و كرمان و فارس و البلة و عنسد نايتسه مسن جهسة الغرب سسواحل‬
‫البحرين و اليمامة و عمان و الشحر و الحقاف عند مبدئه و فيما بي بر فارس و القلزم و‬
‫جزيرة العرب كأنا داخلة من الب ف البحر ييط با البحر البشي من النوب و بر القلزم‬
‫مسن الغرب و برس فارس مسن الشرق و تفضسي إل العراق بيس الشام و البصسرة على ألف و‬
‫خ سمائة م يل بينه ما و هنالك الكو فة و القاد سية و بغداد و إيوان ك سرى و الية و وراء‬
‫ذلك أمم العاجم من الترك و الزر و غيهم و ف جزيرة العرب بلد الجاز ف جهة الغرب‬
‫من ها و بلد اليما مة و البحر ين و عمان ف ج هة الشرق من ها و بلد الي من ف ج هة النوب‬
‫منها و سواحله على البحر البشي‪ .‬قالوا و ف هذا العمور بر آخر منقطع من سائر البحار‬
‫فس ناحيسة الشمال بأرض الديلم يسسمى برس جرجان و طبسستان طوله ألف ميسل فس عرض‬
‫ستمائة ميل ف غربه أذربيجان والديلم و ف شرقه أرض الترك و خوارزم و ف جنوبه طبستان‬
‫و ف شاله أرض الزر و اللن‪ .‬هذه جلة البحار الشهورة الت ذكرها أهل الغرافيا‪ .‬قالوا و‬
‫ف هذا الزء العمور أنار كثية أعظمها أربعة أنار و هي النيل و الفرات و دجلة و نر بلخ‬
‫السمى جيحون‪ .‬فأما النيل فمبدأه من جبل عظيم وراء خط الستواء بست عشرة درجة على‬
‫ست الزء الرابع من القليم الول و يسمى جبل القمر و ل يعلم ف الرض جبل أعلى منه‬
‫ترج م نه عيون كثية في صب بعض ها ف الية هناك و بعض ها ف أخرى ث ترج أنار من‬
‫البحيتي فتصب كلها ف بية واحدة عند خط الستواء على عشر مراحل من البل و يرج‬
‫من هذه البحية نران يذ هب أحده ا إل ناح ية الشمال على سته و ي ر ببلد النو بة ث بلد‬
‫مصر فإذا جاوزها تشعب ف شعب مقاربة يسمى كل واحد منها خليجا و تصب كلها ف‬
‫البحر الرومي عند السكندرية و يسمى نيل مصر و عليه الصيعد من شرقه و الواحات من‬
‫غربه و يذهب الخر منعطفا إل الغرب ث ير على سته إل أن يصب ي البحر الحيط و هو‬
‫نرس السسودان و أمهسم كلهسم على ضفتيسه‪ .‬و أمسا الفرات فمبدؤه مسن بلد أرمينيسة فس الزء‬
‫ال سادس من القل يم الا مس و ي ر جنوبا ف أرض الروم و ملط ية إل من بج ث ي ر ب صفي ث‬
‫بالر قة ث بالكو فة إل أن ينت هي إل البطحاء ال ت ب ي الب صرة و وا سط و من هناك ي صب ف‬
‫البحر البشي و تنجلب إليه ف طريقه أنار كثية و يرج منه أنار أخرى تصب ف دجلة‪ .‬و‬
‫أ ما دجلة فمبدؤ ها ع ي ببلد جلط من أرمين ية أيضا و ت ر على ست النوب بالو صل و‬
‫أذربيجان و بغداد إل واسط فتتفرق إل خلجان كلها تصب ف بية البصرة و تفضي إل بر‬
‫فارس و هو ف الشرق على ي ي الفرات و ينجلب إل يه أنار كثية عظي مة من كل جا نب و‬
‫فيمسا بيس الفرات و دجلة مسن أوله جزيرة الوصسل قبالة الشام مسن عدوتس الفرات و قبالة‬
‫أذربيجان مسن عدوة دجلة‪ .‬و أمسا نرس جيحون فمبدؤه مسن بلخ فس الزء الثامسن مسن القليسم‬
‫الثالث من عيون هناك كثية و تنجلب إليه أنار عظام و يذهب من النوب إل الشمال فيمر‬
‫ببلد خراسان ث يرج معها إل بلد خوارزم ف الزء الثامن من القليم الامس فيصب ف‬
‫بية الرجان ية ال ت بأ سفل مدينت ها و هي م سية ش هر ف مثله و إلي ها ين صب ن ر فرغا نة و‬
‫الشاش ال ت من بلد الترك و على غر ب ن ر جيحون بلد خرا سان و خوارزم و على شر قه‬
‫بلد بارى و تر مذ و سرقند و من هنالك إل ما وراءه بلد الترك و فرغا نة و الرجان ية و‬
‫أمم العاجم و قد ذكر ذلك كله بطليموس ف كتابه و الشريف ف كتاب روجار و صوروا‬
‫ف الغرافيا جيع ما ف العمور من البال و البحار و الودية و استوفوا من ذلك مل حاجة‬
‫ا نا به لطوله ولن عنايت نا ف الك ثر إن ا هي بالغرب الذي هو و طن الببر و بالوطان ال ت‬
‫للعرب من الشرق وال الوفق‪.‬‬
‫تكملة لذه القدمة الثانية ف أن الربع الشمال من الرض أكثر عمرانا من الربع النوب و‬
‫ذكر السبب ف ذلك‬

‫و نن نرى بالشاهدة و الخبار التواترة أن الول و الثان من القاليم لعمورة أقل عمرانا ما‬
‫بعدها و ما وجد من عمرانه فيتخلله اللء و لقفار و الرمال و البحر الندي الذي ف الشرق‬
‫منهما و أمم هذين القليمي و أناسيهما ليست لم الكثرة البالغة و أمصاره و مدنه كذلك و‬
‫الثالث و الرابع و ما بعدها بلف ذلك فالقفار فيها قليلة و الرمال كذلك أو معدومة و أمها‬
‫و أناسيها توز الد من الكثرة و أمصارها و مدنا تاوز الد عددا و العمران فيها مندرج ما‬
‫بي الثالث و السادس و النوب خلء كله و قد ذكر كثي من الكماء أن ذلك لفراط الر‬
‫و قلة م يل الش مس في ها عن ست الرؤوس فلنو ضح ذلك ببهانه و ي تبي م نه سبب كثرة‬
‫العمارة في ما ب ي الثالث و الرا بع من جا نب الشمال إل الا مس و ال سابع‪ .‬فنقول إن ق طب‬
‫الفلك النو ب و الشمال إذا كا نا على ال فق فهنالك دائرة عظي مة تق سم الفلك بن صفي هي‬
‫أع ظم الدوائر الارة من الشرق إل الغرب و ت سمى دائرة معدل النهار و قد تبي ف موض عه‬
‫من اليئة أن الفلك العلى متحرك من الشرق إل الغرب حركة يومية يرك با سائر الفلك‬
‫ف جوفه قهرا و هذه الركة مسوسة و كذلك تبي أن للكواكب ف أفلكها حركة مالفة‬
‫لذه الر كة و هي من الغرب إل الشرق و تتلف آماد ها باختلف حر كة الكوا كب ف‬
‫ال سرعة و الب طء و مرات هذه الكوا كب ف أفلك ها توازي ها كل ها دائرة عظي مة من الفلك‬
‫العلى تقسمه بنصفي و هي دائرة فلك البوج منقسمة باثن عشر برجا و هي على ما تبي‬
‫ف موضعه مقاطعة لدائرة معدل النهار على نقطتي متقابلتي من البوج ها أول المل و أول‬
‫اليزان فتق سمهما دائرة معدل النهار بن صفي ن صف مائل عن معدل النهار إل الشمال و هو‬
‫من أول المل إل آخر السنبلة و نصف مائل عنه إل النوب و هو من أول اليزان إل آخر‬
‫الوت و إذا و قع القطبان على ال فق ف ج يع نوا حي الرض كان على سطح الرض خط‬
‫واحد يسامت دائرة معدل النهار ير من الغرب إل الشرق و يسمى خط الستواء و وقع هذا‬
‫الط بالرصد على ما زعموا ف مبدإ القليم الول من القاليم السبعة و العمران كله ف الهة‬
‫الشمالية يرتفع عن آفاق هذا العمور بالتدريج إل أن ينتهي ارتفاعه إل أربع‪ ،‬و ستي درجة و‬
‫هنالك ينقطع العمران و هو آخر القليم السابع‪ ،‬إذا ارتفع على الفق و بقيت تسعي درجة و‬
‫هي الت بي القطب و دائرة معدل النهار على الفق و بقيت ستة من البوج فوق الفق و هي‬
‫الشمال ية و ستة ت ت ال فق و هي النوب ية و العمارة فيما بي الرب عة و ال ستي إل الت سعي‬
‫متنعسة لن الرس و البد حينئذ ل يصسلن متزجيس لبعسد الزمان بينهمسا يصسل التكويسن فإذا‬
‫الشمس تسامت الرؤوس على خط الستواء ف رأس ال مل و اليزان ث تيل ف السامتة إل‬
‫رأس السرطان ورأس الدي و يكون ناية ميلها عن دائرة معدل النهار أربعا و عشرين درجة‬
‫ثس إذا ارتفسع القطسب الشمال عسن الفسق مالت دائرة معدل النهار عسن سست الرؤوس بقدار‬
‫ارتفاع و انفسض القطسب النوبس كذلك بقدار متسساو فس الثلثسة وهسو السسمى عنسد أهسل‬
‫الواقيست عرض البلد و إذا مالت دائرة معدل النهار عسن سست الرؤوس علت عليهسا البوج‬
‫الشمال ية مندر جة ف مقدار علو ها إل رأس ال سرطان و انف ضت البوج النوب ية من ال فق‬
‫كذلك إل رأس الدي لنرافهسا إل الانسبي فس أفسق السستواء كمسا قلناه فل يزال الفسق‬
‫الشمال يرتفع حت يصي أبعد الشمالية و هو رأس السرطان ف ست الرؤوس و ذلك حيث‬
‫يكون عرض البلد أربعا و عشريسن فس الجاز و مسا يليسه و هذا هسو اليسل الذي إذا مال رأس‬
‫السرطان عن معدل النهار ف أفق الستواء ارتفع بارتفاع القطب الشمال حت صار مسامتا‬
‫فإذا ارتفع القطب أكثر من أربع و عشرين نزلت الشمس عن السامتة و ل تزال ف انفاض‬
‫إل أن يكون ارتفاع الق طب أربعا و ستي و يكون انفاض الش مس عن ال سامتة كذلك و‬
‫انفاض القطب النوب عن الفق مثلها فينقطع التكوين لفراط البد و المد و طول زمانه‬
‫غ ي متزج بال ر‪ .‬ث إن الش مس ع ند ال سامتة و ما يقارب ا تب عث الش عة قائ مة و في ما دون‬
‫ال سامتة على زوا يا منفر جة و حادة و إذا كا نت زوا يا الش عة قائ مة ع ظم الضوء و انت شر‬
‫بلفه ف النفرجة و الادة فلهذا يكون الر عند السامتة و ما يقرب منها أكثر منه فيما بعد‬
‫لن الضوء سبب الر و التسخي‪.‬‬
‫ث أن السامتة ف خط الستواء تكون مرتي ف السنة عند نقطت المل و اليزان و إذا مالت‬
‫فغي بعيد و ل يكاد الر يعتدل ف آخر ميلها عند رأس السرطان و الدي إل أن صعدت إل‬
‫ال سامتة فتب قى الش عة القائ مة الزوا يا تلح على ذلك ال فق و يطول مكث ها أو يدوم فيشت عل‬
‫الواء حرارة و يفرط ف شدتا و كذا ما دامت الشمس تسامت مرتي فيما بعد خط الستواء‬
‫إل عرض أربع و عشرين فإن الشعة ملحة على الفق ف ذلك بقريب من إلاحها ف خط‬
‫الستواء و إفراط الر يفعل ف الواء تفيفا و يبسا ينع من التكوين لنه إذا أفرط الر جفت‬
‫الياه و الرطوبات و فسسد التكوينس فس العدن و اليوان و النبات إذ التكويسن ل يكون إل‬
‫بالرطو بة ث إذا مال رأس ال سرطان عن ست الرؤوس ف عرض خ س و عشر ين ف ما بعده‬
‫نزلت الشمس عن السامتة فيصي الر إل العتدال أو ييل عنه ميلً قليلً فيكون التكوين و‬
‫يتزا يد على التدر يج إل أن يفرط البد ف شد ته لقلة الضوء و كون الش عة منفر جة الزوا يا‬
‫فينقص التكوين و يفسد بيد أن فساد التكوين من جهة شدة الر أعظم منه من جهة شدة‬
‫البد لن الر أسرع تأثيا ف التجفيف من تأثي البد ف المد فلذلك كان العمران ف القليم‬
‫الول و الثان قليلً و ف الثالث و الرابع و الامس متوسطا لعتدال الر بنقصان الضوء و ف‬
‫السادس و السابع كثيا لنقصان الر و أن كيفية البد ل تؤثر عند أولا ف فساد التكوين كما‬
‫يفعل الر إذ ل تفيف فيها إل عند الفراط با يعرض لا حينئذ من اليبس كما بعد السابع‬
‫فلهذا كان العمران ف الر بع الشمال أك ثر و أو فر و ال أعلم‪ .‬و من ه نا أ خذ الكماء خلء‬
‫خط ال ستواء و ما وراءه و أورد علي هم أ نه مغمور بالشاهدة و الخبار التواترة فك يف ي تم‬
‫البهان على ذلك و الظاهر أنم ل يريدوا امتناع العمران فيه بالكلية إنا أداهم البهان إل أن‬
‫ف ساد التكو ين ف يه قري بإفراط ال ر و العمران ف يه إ ما مت نع أو م كن أقلي و هو كذلك فإن‬
‫خط ال ستواء و الذي وراءه و إن كان ف يه عمران ك ما ن قل ف هو قل يل جدا‪ .‬و قد ز عم ا بن‬
‫رشد أن خط الستواء معتدل و أن ما وراءه ف النوب بثابة ما وراءه ف الشمال فيعمر منه‬
‫ما ع مر من هذا و الذي قاله غ ي مت نع من ج هة ف ساد التكو ين و إن ا امت نع في ما وراء خط‬
‫ال ستواء ف النوب من ج هة أن العن صر الائي غ مر و جه الرض هنالك إل ال د الذي كان‬
‫مقابله من الهة الشمالية قابلً للتكوين و لا امتنع العتدل لغيبة الاء تبعه ما سواه لن العمران‬
‫متدرج و يأخذ ف التدريج من جهة الوجود ل من جهة المتناع و أما القول بامتناعه ف خط‬
‫الستواء فيده النقل التواتر و ال أعلم‪ .‬و لنرسم بعد هذا الكلم صورة الغرافيا كما رسها‬
‫صاحب كتاب روجار ث نأخذ ف تفصيل الكلم عليها إل أخره‪.‬‬

‫القسم الول من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬

‫إعلم أن الكماء قسسموا هذا العمور كمسا تقدم ذكره على سسبعة أقسسام مسن الشمال إل‬
‫النوب يسسمون كسل قسسم منهسا إقليما فانقسسم العمور مسن الرض كله على هذه السسبعة‬
‫القاليم كل واحد منها أخذ من الغرب إل الشرق على طوله‪ .‬فالول منها مار من الغرب إل‬
‫الشرق مع خط ال ستواء بده من ج هة النوب و ل يس وراءه هنالك إل القفار و الرمال و‬
‫بعض عمارة إن صحت فهي كل عمارة و يليه من جهة شالية القليم الثان ث الثالث كذلك‬
‫ث الرا بع و الا مس و ال سادس و ال سابع و هو آ خر العمران من ج هة الشمال و ل يس وراء‬
‫ال سابع إل اللء و القفار إل أن ينت هي إل الب حر الح يط كالال في ما وراء القل يم الول ف‬
‫جهة النوب إل أن اللء ف جهة الشمال أقل بكثي من اللء الذي ف جهة النوب‪ .‬ث أن‬
‫أزم نة الل يل و النهار تتفاوت ف هذه القال يم ب سبب م يل الش مس عن دائرة معدل النهار و‬
‫ارتفاع الق طب الشمال عن آفاق ها فيتفاوت قوس الل يل و النهار لذلك و ينت هي طول الل يل و‬
‫النهار ف آ خر القل يم الول و ذلك ع ند حلول الش مس برأس الدي لل يل و برأس ال سرطان‬
‫للنهار كل واحد منهما إل ثلث عشرة ساعة و كذلك ف آخر القليم الثان ما يلي الشمال‬
‫فينت هي‪ ،‬طول النهار ف يه ع ند حلول الش مس برأس ال سرطان و هو منقلب ها ال صيفي إل ثلث‬
‫عشرة ساعة و ن صف ساعي و مثله أطول الل يل ع ند منقلب ها الشتوي برأس الدي و يب قى‬
‫للقصسر مسن الليسل و النهار مسا يبقسى بعسد الثلث عشرة و نصسف مسن جلة أربسع و عشريسن‬
‫الساعات الزمانية لجموع الليل و النهار و هي دورة الفلك الكاملة و كذلك ف آخر القليم‬
‫الثالث م ا يلي الشمال أيضا ينتهيان إل أر بع عشرة ساعة و ف آ خر الرا بع إل أر بع عشرة‬
‫ساعة و نصف ساعة و ف آخر الامس إل خس عشرة ساعة و ف آخر السادس إل خس‬
‫عشرة ساعة و نصف و إل آخر السابع إل ست عشرة ساعة و هنالك ينقطع العمران فيكون‬
‫تفاوت هذه القاليم ف الطول من ليلها و نارها بنصف ساعة لكل إقليمه يتزايد من أوله ف‬
‫ناحية النوب إل آخر ف ناحية الشمال موزعة على أجزاء هذا البعد‪ .‬و أما عرض البلدان ف‬
‫هذه القاليم و هو عبارة عن بعد ما بي ست رأس البلد و دائرة معدل النهار الذي هو ست‬
‫رأس خط الستواء و بثله سواء ينخفض القطب النوب عن أفق ذلك البلد و يرتفع القطب‬
‫الشمال عنه و هو ثلثة أبعاد متساوية تسمى عرض البلد كما مر ذلك قبل‪ .‬و التكلمون على‬
‫هذه الغرافيا قسموا كل واحد من هذه القاليم السبعة ف طوله من الغرب إل الشرق بعشرة‬
‫أجزاء مت ساوية و يذكرون ما اشت مل عل يه كل جزء من ها من البلدان و الم صار و البال و‬
‫النار و السافات بينها ف السالك و نن الن نوجز القول ف ذلك و نذكر مشاهي البلدان‬
‫و النار و البحار ف كل جزء منها و ناذي بذلك ما وقع ف كتاب نزهة الشتاق الذي ألفه‬
‫العلوي الدري سي المودي للك صقلية من الفر نج و هو زخار بن زخار عند ما كان نازلً‬
‫عليسه بصسقلية بعسد خروج صسقلية مسن إمارة مالقسة و كان تأليفسه للكتاب فس منتصسف الائة‬
‫السادسة و ج ع له كتبا جة للمسعودي و ا بن خرداذيه و الوقلي و القدري و ا بن إسحاق‬
‫النجسم و بطليموس و غيهسم و نبدأ منهسا بالقليسم الول إل آخرهسا و ال سسبحانه و تعال‬
‫يعصمنا بنه و فضله‪.‬‬

‫القل يم الول‪ ،‬و ف يه من ج هة غرب يه الزائر الالدات ال ت من ها بدأ بطليموس بأ خذ أطوال‬


‫البلد و ليست ف بسيط القليم و إنا هي ف البحر الحيط ف جزر متكثرة أكبها و أشهرها‬
‫ثلث و يقال أنا معمورة و قد بلغنا أن سفائن من الفرنج مرت با ف أواسط هذه الائة و‬
‫قاتلو هم فغنموا من هم و سبوا و باعوا ب عض أ سراهم ب سواحل الغرب الق صى و صاروا إل‬
‫خدمة السلطان فلما تعلموا اللسان العرب أخبوا عن حال جزائرهم و أنم يتفرون الرض‬
‫للزراعة بالقرون و أن الديد مفقود بأرضهم و عيشهم من الشعي و ماشيتهم العز و قتالم‬
‫بالجارة يرموناس إل خلف و عبادتمس السسجود للشمسس إذا طلعست و ل يعرفون دينا و ل‬
‫تبلغهم دعوة و ل يوقف على مكان هذه الزائر إل بالعثور ل بالقصد إلي ها لن سفر ال سفن‬
‫ف البحر إنا هو بالرياح و معرفة جهات مهابا و إل أين يوصل إذا مرت على الستقامة من‬
‫البلد الت ف مر ذلك الهب و إذا اختلف الهب و علم حيث يوصل على الستقامة حوذي‬
‫به القلع ماذاة يمل السفينة با على قواني ف ذلك مصلة عند النواتية و اللحي الذين هم‬
‫رؤساء السفن ف البحر و البلد الت ف حافات البحر الرومي و ف عدوته مكتوبة كلها ف‬
‫صحيفة على ش كل ما هي عل يه ف الوجود و ف وضع ها ف سواحل الب حر على ترتيب ها و‬
‫مهاب الرياح و مراتاس على اختلفهسا معهسا فس تلك الصسحيفة و يسسمونا الكنباص و عليهسا‬
‫يعتمدون ف أ سفارهم و هذا كله مفقود ف الب حر الح يط فلذلك ل تلج ف يه ال سفن لن ا إن‬
‫غابت عن مرأى السواحل فقل أن تتدي إل الرجوع إليها مع ما ينعقد ف جو هذا البحر و‬
‫على سطح مائه من البرة المانعة للسفن ف مسيها و هي لبعدها ل تدركها أضواء الشمس‬
‫النعكسة من سطح الرض فتحللها فلذلك عسر الهتداء إليها و صعب الوقوف على خبها‪.‬‬
‫و أ ما الزء الول من هذا القل يم فف يه م صب الن يل ال ت من مبدئه ع ند ج بل الق مر ك ما‬
‫ذكرناه و يسمى نيل السودان و يذهب إل البحر الحيط فيصب فيه عند جزيرة أوليك و على‬
‫هذا النيل مدينة سل و تكرور و غانة و كلها لذا العهد ف ملكة ملك مال من أمم السودان‬
‫و إل بلدهم تسافر تار الغرب القصى و بالقرب منها من شاليها بلد لتونة و سائر طوائف‬
‫اللثمي و مفاوز يولون فيها و ف جنوب هذا النيل قوم من السودان يقال لم (( للم )) و هم‬
‫كفار و يكتوون ف وجوههم و أصداغهم و أهل غانة و التكرور يغيون عليهم و يسبونم و‬
‫يبيعونم للتجار فيجلبونم إل الغرب و كلهم عامة رقيقهم و ليس وراءهم ف النوب عمران‬
‫يع تب إل أنا سي أقرب إل اليوان الع جم من النا طق ي سكنون الفيا ف و الكهوف و يأكلون‬
‫العشب و البوب غي مهيأة و ربا يأكل بعضهم بعضا و ليسوا ف عداد البشر‪ .‬و فواكه بلد‬
‫السودان كلها من قصور صحراء الغرب مثل توات و تكدرار ين و وركلن‪ .‬فكان ف غانة‬
‫فيما يقال ملك و دولة لقوم من العلويي يعرفون ببن صال و قال صاحب كتاب روجار إنه‬
‫صال بن عبد ال بن حسن بن السن و ل يعرف صال هذا ف ولد عبد ال بن حسن و قد‬
‫ذه بت هذه الدولة لذا الع هد و صارت غا نة ل سلطان مال و ف شر قي هذا البلد ف الزء‬
‫الثالث من القليم بلد ( كوكو ) على نر ينبع من بعض البال هنالك و ير مغربا فيغوص ف‬
‫رمال الزء الثالث و كان ملك كوكو قائما بنفسه ث استول عليها سلطان مال و أصبحت‬
‫ف ملكته و خربت لذا العهد من أجل فتنة وقعت هناك نذكرها عند ذكر دولة مال ف ملها‬
‫من تار يخ الببر و ف جنو ب بلد كو كو بلد كا ت من أ مم ال سودان و بعد هم و نغارة على‬
‫ض فة الن يل من شال يه و ف شر قي بلد و نغارة و كا ت بلد زغاوة و تاجرة الت صلة بأرض‬
‫النوبة ف الزء الرابع من هذا القليم و فيه ير نيل مصر ذاهبا من مبدإه عند خط الستواء إل‬
‫الب حر الرو مي ف الشمال و مرج هذا الن يل من ج بل الق مر الذي فوق خط ال ستواء ب ست‬
‫عشرة درجة و اختلفوا ف ضبط هذه اللفظة فضبطها بعضهم يفتح القاف و اليم نسبة إل قمر‬
‫ال سماء لشدة بيا ضه و كثرة ضوءه و ف كتاب الشترك لياقوت ب ضم القاف و سكون ال يم‬
‫نسبةً إل قوم من أهل الند و كذا ضبطه ابن سعيد فيخرج من هذا البل عشر عيون تتمع‬
‫كل خسة منها ف بية و بينهما ستة أميال و يرج من كل واحدة من البحيتي ثلثة أنار‬
‫تت مع كل ها ف بطي حة واحدة ف أ سفلها ج بل معترض ي شق البحية من ناح ية الشمال و‬
‫ينقسم ماؤها بقسمي فيمر الغرب منه إل بلد السودان مغربا حت يصب ف البحر الحيط و‬
‫يرج الشرقي منه ذاهبا إل الشمال على بلد البشة و النوبة و فيما بينهما و ينقسما ف أعلى‬
‫أرض مصر فيصب ثلثة من جداوله ف البحر الرومي عند السكندرية‪ .‬و رشيد و دمياط و‬
‫يصب واحد ف بية ملحة قبل أن يتصل بالبحر ف وسط هذا القليم الول و على هذا النيل‬
‫به بلد النوبة و البشة و بعض بلد الواحات إل أسوان و حاضرة بلد النوبة مدينة دنقلة و‬
‫هي ف غر ب هذا الن يل و بعد ها علوة و بلق و بعده ا ج بل النادل على ستة مرا حل من‬
‫بلق ف الشمال و هو جبل عال من جهة مصر و منخفض من جهة النوبة فينفذ فيه النيل و‬
‫يصب ف مهوى بعيد صبا هائلً فل يكن أن ت سلكه الراكب بل يول الوسق من مراكب‬
‫ال سودان فيح مل على الظ هر إل بلد أ سوان قاعدة ال صعيد إل فوق النادل و ب ي النادل و‬
‫أسسوان اثنتسا عشرة مرحلة و الواحات فس غربيهسا عدوة النيسل و هسي الن خراب و باس آثار‬
‫العمارة القدي ة‪ .‬و ف و سط هذا القل يم ف الزء الا مس م نه بلد الب شة على واد يأ ت من‬
‫وراء خط الستواء ذاهبا إل أرض النوبة فيصب هناك ف النيل الابط إل مصر و قد وهم فيه‬
‫كث ي من الناس و زعموا أ نه من ن يل الق مر و بطليموس ذكره ف كتاب الغراف يا و ذ كر أ نه‬
‫ليس من هذا النيل‪ .‬و إل وسط هذا القليم ف الزء الاص ينتهي بر الند الذي يدخل من‬
‫ناحية الصي و يغمر عامة هذا القليم إل هذا الزء الامس فل يبقى فيه عمران إل ما كان‬
‫ف الزائر الت ف داخله و هي متمددة يقال تنت هي إل ألف جزيرة أو فيما على سواحله من‬
‫جهة الشمال و ليس منها ف هذا القليم الول إل طرف من بلد الصي ف جهة الشرق و ف‬
‫بلد الي من‪ .‬و ف الزء ال سادس من هذا القل يم في ما ب ي البحر ين الابط ي من هذا الب حر‬
‫الندي إل ج هة الشمال و ه ا ب ر قلزم و ب ر فارس و في ما بينه ما جزيرة العرب و تشت مل‬
‫على بلد اليمن و بلد الشحر ف شرقيها على ساحل هذا البحر الندي و على بلد الجاز و‬
‫اليمامة و ما إليهما كما نذكره ف القليم الثان و ما بعده فأما الذي على ساحل هذا البحر‬
‫من غرب يه فبلد زالع من أطراف بلد الب شة و مالت الب جة ف شال الب شة ما ب ي ج بل‬
‫العل قي أعال ال صعيد و ب ي ب ر القلزم الا بط من الب حر الندي و ت ت بلد زالع من ج هة‬
‫الشمال ف هذا الزء خليج باب الندب يضيق البحر الابط هنالك بزاحة جبل الندب الائل‬
‫ف وسط البحر الندي متدا مع ساحل اليمن من النوب إل الشمال ف طول اثن عشر ميلً‬
‫فيضيق البحر بسبب ذلك إل أن يصي ف عرض ثلثة أميال أو نوها و يسمى باب الندب و‬
‫عليه تر مراكب اليمن إل ساحل السويس قريبا من مصر و تت باب الندب جزيرة سواكن‬
‫و دهلك و قبالته من غربيه مالت البخة من أمم السودان كما ذكرناه و من شرقيه ف هذا‬
‫الزء تائم الي من و من ها على ساحله بلد علي بن يعقوب و ف ج هة النوب من بلد زالع و‬
‫على ساحل هذا البحر من غربيه ترى بربر يتلو بعضها بعضا و ينعطف من جنوبيه إل آخر‬
‫الزء ال سادس و يلي ها هنالك من ج هة شرقي ها بلد الز نج ث بلد سفالة من ساحله النو ب‬
‫بلد الوقواق مت صلة إل آ خر الزء العا شر من هذا القل يم ع ند مد خل هذا الب حر من الب حر‬
‫الح يط‪ .‬و أ ما جزائر هذا الب حر فكثية‪ .‬من أعظم ها جزيرة سرنديب مدورة الش كل‪ .‬و ب ا‬
‫البل الشهور يقال ليس ف الرض أعلى منه و هي قبالة سفالة‪ .‬ث جزيرة القمر و هي جزيرة‬
‫مسستطيلة تبدأ مسن قبالة أرض سسفالة و تذهسب إل الشرق منحرفسة بكثيس إل أن تقرب مسن‬
‫سواحل أعال الصي و يتف با ف هذا البحر من جنوبيها جزائر الوقواق و من شرقيها جزائر‬
‫السيلن إل جزائر أخر ف هذا البحر كثية العدد و فيها أنواع الطيب و الفاويه و فيها يقال‬
‫معادن الذهسب و الزمرد و عامسة أهلهسا على ديسن الجوسسية و فيهسم ملوك متعددون و بذه‬
‫الزائر من أحوال العمران عجائب ذكرها أهل الغرافيا و على الضفة الشمالية من هذا البحر‬
‫ف الزء السادس من هذا القليم بلد اليمن كلها فمن جهة بر القلزم بلد زبيد و الهجم و‬
‫تامة اليمن و بعدها بلد صغية مقر المامة الزبدية و هي بعيدة عن البحر النوب و عن البحر‬
‫الشرقي و فيما بعد ذلك مدينة عدن و ف شالا صنعاء و بعدها إل الشرق أرض الحقاف و‬
‫ظفار و بعد ها أرض ح ضر موت ث بلد الش حر ما ب ي الب حر النو ب و ب ر فارس‪ .‬و هذه‬
‫القط عة من الزء ال سادس هي ال ت الك شف عن ها الب حر من أجزاء هذا القل يم الو سطى و‬
‫ينكشف بعدها قليل من الزء التاسع و أكثر منه من العاشر فيه أعال بلد الصي و من مدنه‬
‫الشهية خانكو و قبالتها من جهة الشرق جزائر السيلن و قد تقدم ذكرها و هذا آخر الكلم‬
‫ف القليم الول و ال سبحانه و تعال و ل التوفيق بنه و فضله‪.‬‬

‫القل يم الثا ن‪ :‬و هو مت صل بالول من ج هة الشمال و قبالة الغرب م نه ف الب حر الح يط‬
‫جزيرتان من الزائر الالدات الت مر ذكرها و ف الزء الول و الثان منه ف الانب العلى‬
‫منهما أرض قنورية و بعدها ف جهة الشرق أعال أرض غانة ث مالت زغاوة من السودان و‬
‫ف الانب السفل منهما صحراء نستر متصلة من الغرب إل الشرق ذات مفاوز تسلك فيها‬
‫التجار ما بي بلد الغرب و بلد السودان و فيها مالت اللثمي من صنهاجة و هم شعوب‬
‫كثية ما بي كزولة و لتونة و مسراتة و لطة و وريكة و على ست هذه الفاوز شرقا أرض‬
‫فزان ثس مالت أزكار مسن قبائل الببر ذاهبسة إل أعال الزء الثالث على سستها فس الشرق و‬
‫بعدها من هذا الزء الثالث و هي جهة الشمال منه بقية أرض وذان و على ستها شرقا أرض‬
‫سنترية و تسمى الواحات الداخلة و ف الزء الرابع من أعله بقية أرض الباجويي ث يعترض‬
‫ف وسط هذا الزء بلد الصعيد حافات النيل الذاهب من مبدأه ف القليم الول إل مصبه ف‬
‫البحر فيمر ف هذا الزء بي البلي الاجزين و ها جبل الواحات من غربيه و جبل القطم‬
‫من شرقيه و عليه من أعله بلد أسنا و أرمنت و يتصل كذلك حافاته إل أسيوط و قوص ث‬
‫إل صول و يفترق الن يل هنالك على شعبي ينتهي الين منهما ف هذا الزء عند اللهون و‬
‫الي سر ع ند دلص و في ما بينه ما أعال ديار م صر و ف الشرق من ج بل الق طم صحارى‬
‫عيذاب ذاهبة ف الزء الامس إل أن تنتهي إل بر السويس و هو بر القلزم الابط من البحر‬
‫الندي ف النوب إل جهة الشمال و ف عدوته الشرقية من هذا الزء أرض الجاز من جبل‬
‫يلملم إل بلد يثرب ف و سط الجاز م كة شرف ها ال و ف ساحلها مدي نة جدة تقا بل بلد‬
‫عيذاب ف العدوة الغرب ية من هذا الب حر‪ .‬و ف الزء ال سادس من غرب يه بلد ن د أعل ها ف‬
‫النوب و تبالة و جرش إل عكاظ من الشمال و تت ند من هذا الزء بقية أرض الجاز و‬
‫على ستها ف الشرق بلد نران و خ يب و تت ها أرض اليما مة و على ست نران ف الشرق‬
‫أرض سبأ و مأرب ث أرض الشحر و ينتهي إل بر فارس و هو البحر الثان الابط من البحر‬
‫الندي إل الشمال كما مر و يذهب ف هذا الزء بانراف إل الغرب في مر ما ب ي شرق يه و‬
‫جوفيه قطعة مثلثة عليها من أعله مدينة قلهات و هي ساحل الشحر ث تتها على ساحله بلد‬
‫عمال‪ .‬ث بلد البحر ين و ه جر من ها ف آ خر الزء و ف الزء ال سابع ف العلى من غرب يه‬
‫قطعة من بر فارس تتصل ب القطعة الخرى ف السادس و يغمر بر الند جانبه العلى كله و‬
‫عليه هنالك بلد السند إل بلد مكران و يقابلها بلد الطوبران و هي من السند أيضا فيتصل‬
‫السند كله ف الانب الغرب من هذا الزء و تول الفاوز بينه و بي أرض الند و ير فيه نره‬
‫الت من ناحية بلد الند و يصب ف البحر الندي ف النوب و أول بلد الند على ساحل‬
‫الب حر الندي و ف ستها شرقا بلد بلهرا و تت ها اللتان بلد ال صنم الع ظم عند هم‪ ،‬ث إل‬
‫أسفل من السند‪ ،‬ث إل أعال بلد سجستان‪ .‬و ف الزء الثامن من غربيه بقية بلد بلهرا من‬
‫الند‪ ،‬و على ستها شرقا بلد القندهار‪ .‬ث بلد منيبار و ف الانب العلى على ساحل البحر‬
‫الندي و تتها ف الالب السفل أرض كابل و بعدها شرقا إل البحر الحيط بلد القنوج ما‬
‫بي قشمي الداخلة و قشمي الارجة عند آخر القليم و ف الزء التاسع ث ف الانب الغرب‬
‫منه بلد الند القصى و يتصل فيه إل الانب الشرقي فيتصل من أعله إل العاشر و تبقى ف‬
‫أ سفل ذلك الا نب قط عة من بلد ال صي في ها مدي نة شيغون ث تت صل بلد ال صي ف الزء‬
‫العاشر كله إل البحر الحيط و ال و رسوله أعلم و به سبحانه التوفيق و هو و ل الفضل و‬
‫الكرم‪.‬‬
‫القليم الثالث‪ :‬و هو متصل بالثان من جهة الشمال ففي الزء الول م نه و على نو الثلث‬
‫من أعله جبل درن معترض فيه من غربيه عند البحر الحيط إل الشرق عند آخر و يسكن‬
‫هذا البل من الببر أمم ل يصيهم إل خالقهم حسبما يأت ذكره و ف القطعة الت بي هذا‬
‫ال بل و القل يم الثا ن و على الب حر الح يط من ها رباط ما سة و يت صل به شرقا بلد سوس و‬
‫نول و على ستها شرقا بلد در عة ث بلد سجلماسة ث قط عة من صحراء ن ستر الفازة ال ت‬
‫ذكرنا ها ف القل يم الثا ن و هذا ال بل م طل على هذه البلد كل ها ف هذا الزء و هو قل يل‬
‫الثنايا و السالك ف هذه الناحية الغربية إل أن يسامت وادي ملوية فتكثر ثناياه و مسالكه إل‬
‫أن ينتهي و ف هذه الناحية منه أمم الصامدة ث هنتانة ث تينملك ث كدميوه ث مشكورة و ث‬
‫آخر الصامدة فيه ث قبائل صنهاكة و هم صنهاجة و ف آخر هذا الزء منه بعض قبائل زناتة‬
‫و يتصل به هنالك من جوفيه جبل أوراس و هو جبل كتامة و بعد ذلك أمم أخرى من البابرة‬
‫نذكرهم ف أماكنهم‪ .‬ث إن جبل درن هذا من جهة غربيه مطل على بلد الغرب القصى و‬
‫هي ف جوفيه ففي الناحية النوبية منها بلد مراكش و أغمات و تادلً و على البحر الحيط‬
‫من ها رباط أ سفى و مدي نة سل و ف الوف عن بلد مرا كش بلد فاس و مكنا سة و تازا و‬
‫قصر كتامة و هذه هي الت تسمى الغرب القصى ف عرف أهلها و على ساحل البحر الحيط‬
‫منهسا بلدان أصسيل و العرايسش و فس سست هذه البلد شرقا بلد الغرب الوسسط و قاعدتاس‬
‫تلمسان و ف سواحلها على البحر الرومي بلد هني و وهران و الزائر لن هذا البحر الرومي‬
‫يرج من البحر الحيط من خليج طنجة ف الناحية الغربية من القليم الرابع و يذهب مشرقا‬
‫فينتهي إل بلد الشام فإذا خرج من الليج التضايق غي بعيد انفسح جنوبا و شالً فدخل ف‬
‫القل يم الثالث و الا مس فلهذا كان على ساحله من هذا القل يم الثالث الكث ي ف بلده ث‬
‫يتصل ببلد الزائر من شرقيها بلد باية ف ساحل البحر ث قسطنطينية ف الشرق منها و ف‬
‫آخسر الزء الول و على مرحلة مسن هذا البحسر فس جنوبس هذه البلد و مرتفعا إل جنوب‬
‫الغرب الوسط بلد أشي ث بلد السيلة ث الزاب و قاعدته بسكرة تت جبل أوراس التصل‬
‫بدرن كما مر و ذلك عند آخر هذا الزء من جهة الشرق و الزء الثالث من هذا القليم على‬
‫هيئة الزء الول ث جبل درن على نو الثلث من جنوبه ذاهبا فيه من غرب إل شرق فيقسمه‬
‫بقطعت ي و ي عب الب حر الرو مي م سافة من شاله فالقط عة النوب ية عن ج بل درن غربي ها كله‬
‫مفاوز و ف الشرق منها بلد عذامس و ف ستها شرقا أرض و دان الت بقيتها ف القليم الثان‬
‫ك ما مر و القط عة الوف ية عن ج بل درن ما بي نه و ب ي الب حر الرو مي ف الغرب من ها ج بل‬
‫أوراس و تب سة و الو بس و على ساحل الب حر بلد بو نة ث ف ست هذه البلد شرقا بلد‬
‫أفريق ية فعلى ساحل الب حر مدي نة تو نس ث ال سوسة ث الهد ية و ف جنوب هذه البلد ت ت‬
‫جبل درن بلد الريد توزر و قفصة و نفراوة و فيما بينها و بي ال سواحل مدينة القيوان و‬
‫جبل و سلت و سبيطلة و على ست هذه البلد كلها شرقا بلد طرابلس على البحر الرومي‬
‫و بإزائها ف النوب جبل دمر و نقرة من قبائل هوارة متصلة ببل درن و ف مقابلة غذامس‬
‫الت مر ف نرها ف آخر القطعة النوبية و آخر هذا الزء ف الشرق سويقة ابن مشكورة على‬
‫البحر و ف جنوبا مالت العرب ف أرض و دان و ف الزء الثالث من هذا القليم ير أيضا‬
‫فيه جبل درن إل أنه ينعطف عند آخر إل الشمال و يذهب على سته إل أن يدخل ف البحر‬
‫الرومي و يسمى هنالك طرف أوثان و البحر الرومي من شاليه يغمر طائفة منه إل أن يضايق‬
‫ما بي نه و ب ي ج بل درن فالذي وراء ال بل ف النوب و ف الغرب م نه بق ية أرض و دان‪ .‬و‬
‫مالت العرب فيها ث زويلة ابن خطاب ث رمال و قفار إل آخر الزء ف الشرقي و فيما بي‬
‫البسل و البحسر فس الغرب منسه بلد سسرت على البحسر ثس خلء و قفار تول فيهسا العرب ثس‬
‫أجداب ية ث بر قة عند منع طف ال بل ث طلم سة على البحر هنالك ث ف شرقي النع طف من‬
‫البل مالت هيب و رواحة إل آخر الزء و ف الزء الرابع من هذا القليم و ف العلى من‬
‫غربيه صحارى برقيق و أسفل منها بلد هيب و رواحة ث يدخل البحر الرومي ف هذا الزء‬
‫فيغي طائفة منه إل النوب حت يزاحم طرفه العلى و يبقى بينه و بي آخر الزء فيها قفار‬
‫تول في ها العرب و على ستها شرقا بلد الفيوم و هي على م صب أ حد الش عبي من الن يل‬
‫الذي ير على اللهون من بلد الصعيد ف الزء الرابع من القليم الثان و يصب ف بية فيوم‬
‫و على سته شرقا أرض مصر و مدينتها الشهية على الشعب الثان الذي ير بدلص من بلد‬
‫ال صعيد ع ند آ خر الزء الثا ن و يفترق هذا الش عب افترا قه ثان ية من ت ت م صر على ش عبي‬
‫آخرين من شطنوف و زفت و ينقسم الين منهما من قرمط بشعبي آخرين و يصب جيعها‬
‫ف البحر الرومي فعلى مصب الغرب من هذا الشعب بلد السكندرية و على مصب الوسط‬
‫بلد رشيسد و على مصسب الشرقسي بلد دمياط و بيس مصسر و القاهرة و بيس هذه السسواحل‬
‫البحر ية أ سافل الديار ال صرية كل ها مشوة عمرانا و فلجا و ف الزء الاص من هذا القل يم‬
‫بلد الشام و كثرها على ما أصف و ذلك لن بر القلزم ينتهي من النوب و ف الغرب منه‬
‫عند السويس لنه ف مره مبتدىء من البحر الندي إل الشمال ينعطف آخذا إل جهة الغرب‬
‫فتكون قطعة من انعطافه ف الزء طويلة فينتهي ف الطرف الغرب منه إل السويس و على هذه‬
‫القط عة ب غد ال سويس فاران ث ج بل الطور ث أيلة مد ين ث الوراء ف آخر ها و من هنالك‬
‫ينعطف بساحله إل النوب ف أرضي الجاز كما مر ف القليم الثان ف الزء الامس منه و‬
‫ف الناحية الشمالية من هذا الزء قطعة من البحر الرومي غمرت كثيا من غربيه عليها الفرما‬
‫و العريش و قارب طرفها بلد القلزم فيضايق ما بينهما من هنالك و بقي شبه الباب مفضيا إل‬
‫أرض الشام و ف غرب هذا الباب فحص التيه أرض جرداء ل تنبت كانت مالً لبن إسرائيل‬
‫ب عد خروج هم من م صر و ق بل دخول م إل الشام أربع ي سنة ك ما ق صة القرآن‪ ،‬و ف هذه‬
‫القطعة من البحر الرومي ف هذا الزء طائفة من جزيرة قبص و بقيتها ف القليم الرابع كما‬
‫نذكره و على ساحل هذه القطعة عند الطرف التضايق لبحر السويس بلد العريش و هو آخر‬
‫الديار ال صرية و ع سقلن و بينه ما طرف هذا الب حر ث تن حط هذه القط عة ف انعطاف ها من‬
‫هنالك إل القليم الرابع عند طرابلس و غزة و هنالك ينتهي البحر الرومي ف جهة الشرق و‬
‫على هذه القط عة أك ثر سواحل الشام ف في شر قه غزة ث ع سقلن و بانراف ي سي عن ها إل‬
‫الشمال بلد قيسارية ث كذلك بلد عكاء ث صور ث صيداء ث ينع طف الب حر إل الشمال ف‬
‫القليم الرابع و يقابل هذه البلد الساحلية من هذه القطعة ف هذا الزء جبل عظيها يرج من‬
‫سساحل أيلة مسن برس القلزم و يذهسب فس ناحيسة الشمال منحرفا إل الشرق إل أن ياوز هذا‬
‫الزء و يسمى جبل اللكام و كأنه حاجز بي أرض مصر و الشام ففي طرفه عند أيلة العقبة‬
‫الت يفر عليها الجاج من مصر إل مكة ث بعدها ف ناحية الشمال مدفن الليل عليه الصلة‬
‫و السلم عند جبل السراة يتصل من عند جبل اللكام الذكور من شال العقبة ذاهبا على ست‬
‫الشرق ث ينع طف قليلً و ف شر قه هنالك بلد ال جر و ديار ثود و تيماء و دو مة الندل و‬
‫هي أ سافل الجاز و فوق ها ج بل رضوى و ح صون خ يب ف ج هة النوب عن ها و في ما ب ي‬
‫جبل السراة و بر القلزم صحراء تبوك و ف شال جبل السراة مدينة القدس عند جبل اللكام‬
‫ث الردن ث طب ية و ف شرقي ها بلد الغور إل أذرعات و ف ستها دو مة الندل آ خر هذا‬
‫الزء و هي آ خر الجاز‪ .‬و ع ند منع طف ج بل اللكام إل الشمال من آ خر هذا الزء مدي نة‬
‫دم شق مقابلة صيدا و بيوت من القط عة البحر ية و ج بل اللكام يعترض بين ها و بين ها و على‬
‫سنت دمشق ف الشرق مدينة بعلبك ث مدينة حص ف الهة الشمالية آخر الزء عند منقطع‬
‫جبل اللكام و ف الشرق عن بعلبك و حص بلد تدمر و مالت الباد ية إل آ خر الزء و ف‬
‫الزء السسادس مسن أعله مالت العراب تتس بلد ندس و اليمامسة مسا بيس جبسل العرج و‬
‫الصمان إل البحرين و هجر على بر فارس و ف أسافل هذا الزء تت الجالت بلد الية و‬
‫القادسية و مغايض الفرات‪ .‬و فيما بعدها شرقا مدينة البصرة و ف هذا الزء ينتهي بر فارس‬
‫ع ند عبادان و اليلة من أ سافل الزء من شاله و ي صب! ف يه ع ند عبادان ن ر دجلة ب عد أن‬
‫ينقسسم بداول كثية و تتلط بسه جداول أخرى مسن الفرات ثس تتمسع كلهسا عنسد عبادان و‬
‫ت صب ف ب ر فارس و هذه القط عة من الب حر مت سعة ف أعله مضاي قة ف آ خر ف شرق يه و‬
‫ضيقة عند منتهاه مضايقة للحد الشمال منه و على عدوتا الغربية منه أسافل البحرين و هجر‬
‫و الحساء و ف غربا أخطب و الصمان و بقية أرض اليمامة و على عدوته الشرقية سواحل‬
‫فارس من أعلها و هو من عند آخر الزء من الشرق لا على طرف قد امتد من هذا البحر‬
‫مشرقا و وراءه إل النوب ف هذا الزء جبال القفص من كرمان و تت هرمز على الساحل‬
‫بلد سياف و نيم على ساحل هذا البحر و ف شرقيه إل آخر هذا الزء و تت هرمز بلد‬
‫فارس مثل سابور و دار أبرد و نسا و إصطخر و الشاهجان و شياز و هي قاعدتا كلها و‬
‫تت بلد فارس إل الشمال عند طرف البحر بلد خوزستان و منها الهواز و تستر و صدى‬
‫و سابور و السوس و رام هرمز و غيها و أزجال و هي حد ما بي فارس و خوزستان و ف‬
‫شر قي بلد خوز ستان جبال الكراد مت صلة إل نوا حي أ صبهان و ب ا م ساكنهم و مالت م‬
‫وراء ها ف أرض فارس و ت سمى الر سوم‪ .‬و ف الزء ال سابع ف العلى م نه من الغرب بق ية‬
‫جبال القفسص و يليهسا مسن النوب و الشمال بلد كرمان و مكران و مسن مدناس الرودن و‬
‫الشيجان و جيفت و يزدشي و البهرج و تت أرض كرمان إل الشمال بقية بلد فارس إل‬
‫حدود أ صبهان و مدي نة أ صبهان ف طرف هذا الزء ما ب ي غر به و شاله ث ف الشرق عن‬
‫بلد كرمان و بلد فارس أرض سسجستان و كوهسستان فس النوب و أرض كوهسستان فس‬
‫الشمال عن ها و يتو سط ب ي كرمان و فارس و ب ي سجستان و كوه ستان‪ ،‬و ف و سط هذا‬
‫الزء الفاوز العظمسى القليلة السسالك لصسعوبتها مسن مدن سسجستان بسست الطاق و أمسا‬
‫كوهستان فهي من بلد خراسان و من مشاهي بلد سرخس و قوهستان آ خر الزء‪ .‬و ف‬
‫الزء الثا من غر به و جنو به مالت اللج من أ مم الترك مت صلة بأرض سجستان من غربا و‬
‫بأرض كا بل الند من جنوب ا و ف الشمال عن هذه الجالة جبال الغور و بلد ها و قاعدتا‬
‫غزنة فرضة الند و ف آخر الغور من الشمال بلد أستراباذ ث ف الشمال غربا إل أخر الزء‬
‫بلد هراة أوسسط خراسسان و باس أسسفراين و قاشان و بوشنسج و مرو الروذ و الطالقان و‬
‫الوزجان و تنتهي خراسان هنالك إل نر جيحون‪.‬‬

‫القسم الثان من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬

‫و على هذا النهر من بلد خراسان من غرببه مدينة بلخ و ف شرقيه مدينة ترمذ و مدينة بلخ‬
‫كانت كرسي ملكة الترك و هذا النهر نر جيحون مرجه من بلد و جار ف حدود بذخشان‬
‫ما يلي الند و يرج من جنوب هذا الزء و عند آخر من الشرق فينعطف عن قرب مغربا إل‬
‫و سط الزء و ي سمى هنالك ن ر خرناب ث ينع طف إل الشمال ح ت ي ر برا سان و يذ هب‬
‫على سنته إل أن يصب ف بية خوارزم ف القليم لامس كما نذكره و يده عند انعطافه ف‬
‫وسط الزء من النوب إل الشمال خسة أنار عظيمة من بلد التل و الوخش من شرقيه و‬
‫أنار أخرى من جبال البتم من شرقيه أيضا و جوف البل حت يتسع و يعظم با ل كفاء له و‬
‫من هذه النار الم سة المدة له ن ر و خشاب يرج من بلد الت بت و هي ب ي النوب و‬
‫الشرق مسن هذا الزء فيمسر مغربا بالرس إل الشمال إل أن يرج إل الزء التاسسع قريبا مسن‬
‫شال هذا الزء يعتر ضه ف طري قه ج بل عظ يم ي ر من و سط النوب ف هذا الزء و يذ هب‬
‫مشرقا بانراف إل الشمال إل أن يرج إل الزء التاسسع قريبا مسن شال هذا الزء فيجوز‬
‫بلد الت بت إل القط عة الشرق ية النوب ية من هذا الزء و يول ب ي الترك و ب ي بلد ال تل و‬
‫ليس فيه إل مسلك واحد ف وسط الشرق من هذا الزء جعل فيه الفصل بن يي سدا و بن‬
‫فيه بابا كسد ياجوج و ماجوج فإذا خرج نر و خشاب من بلد التبت و اعترضه هذا البل‬
‫فيمر تته ف مدى بعيد إل أن ير ف بلد الوخش و يصب ف نر جيحون عند حدود بلخ ث‬
‫ي ر هابطا إل التر مذ ف الشمال إل بلد الوزجان و ف الشرق عن بلد الغور في ما بين ها و‬
‫بي نر جيحون بلد الناسان من خراسان و ف العدوة الشرقية هنالك من النهر بلد التل و‬
‫أكثرها جبال و بلد الوخش و يدها من جهة الشمال جبال البتم ترج من طرف خراسان‬
‫غرب نر جيحون و تذهب مشرقةً إل أن يتصل طرفها بالبل العظيم الذي خلفه بلد التبت‬
‫و ير تته نر و خشاب كما قلناه فيتصل عند باب الفضل بن يي و ير نر جيحون بي هذه‬
‫البال و أنار أخرى تصب فيه منها نر بلد الوخش يصب فيه من الشرق ت ت التر مذ إل‬
‫ج هة الشمال و ن ر بلخ يرج من جبال الب تم مبدإه عند الوزجان و يصب ف يه من غرب يه و‬
‫على هذا النهر من غربيه بلد آمد من خراسان و ف شرقي النهر من هنالك أرض الصغد و‬
‫أ سر وش نة من بلد الترك و ف شرق ها أرض فرغا نة أيضا إل آ خر الزء شرقا و كل بلد‬
‫الترك توزها جبال البتم إل شالا و ف الزء التاسع من غربه أرض التبت إل وسط الزء و‬
‫ف جنوبيها بلد الند و ف شرقيها بلد الصي إل آخر الزء و ف أسفل هذا الزء شالً عن‬
‫بلد الت بت بلد الزل ية من بلد الترك إل آ خر الزء شرقا و شالً و يت صل ب ا من غربي ها‬
‫أرض فرغانة أيضا إل آ خر الزء شرقا و من شرقي ها أرض التغرغر من الترك إل الزء شرقا‬
‫و شالً‪ .‬و ف الزء العاشر ف النوب منه جيعا بقية الصي و أسافله و ف الشمال بقية بلد‬
‫التغرغر ث شرقا عنهم بلد خرخي من الترك أيضا إل آخر الزء شرقا و ف الشمال من أرض‬
‫خرخي بلد كتمان من الترك و قبالتها ف البحر الحيط جزيرة الياقوت ف وسط جبل مستدير‬
‫ل منفذ منه إليها و ل مسلك و الصعود إل أعله من خارجه صعب ف الغاية و ف الزيرة‬
‫حيات قتالة و ح صى من الياقوت كثية فيحتال أ هل تلك الناح ية ب ا يلهم هم ال إل يه و أ هل‬
‫هذه البلد ف هذا الزء التاسع و العاشر فيما وراء خراسان و البال كلها مالت للترك أمم‬
‫ل ت صى و هم ظوا عن رحالة أ هل إ بل و شاء و ب قر و خ يل للنتاج و الركوب و ال كل و‬
‫طوائف هم كثية ل ي صيهم إل خالق هم و في هم م سلمون م ا يلي بلد الن هر ن ر جيحون و‬
‫يغزون الكفار منهم الدائني بالجوسية فيبيعون رقيقهم لن يليهم و يرجون إل بلد خراسان‬
‫و الند و العراق‬

‫القليم الرابع‪ :‬يتصل بالثالث من جهة الشمال‪ .‬و الزء الول منه ف غربيه قطعة من البحر‬
‫الح يط م ستطيلة من أوله جنوبا إل آ خر شالً و علي ها ف النوب مدي نة طن جة و من هذه‬
‫القطعة تت طنجة من البحر الحيط إل البحر الرومي ف خليج متضايق بقدار اثن عشر ميلً‬
‫ما ب ي طر يف و الزيرة الضراء شالً و ق صر الجاز و سبتة جنوبا و يذ هب مشرقا إل أن‬
‫ينتهي إل وسط الزء الامس من هذا القليم و ينفسح ف ذهابه بتدريج إل أن يغمر الربعة‬
‫الجزاء و أكثر الامس من هذا القليم الثالث و الامس كما سنذكره و يسمى هذا البحر‬
‫البحر الشامي أيضا و فيه جزائر كثية أعظمها ف جهة الغرب يابسة ث ما يرقة ث منرقة ث‬
‫سردانية ث صقلية و هي أعظمها ث بلونس ث أقريطش ث قبص كما نذكرها كلها ف أجزائها‬
‫الت وقعت فيها و يرج من هذا البحر الرومي عند آخر الزء الثالث منه و ف الزء الثالث‬
‫من القليم الا مس خليج البنادقة يذ هب إل ناحية الشمال ث ينع طف عند و سط الزء من‬
‫جو فه و ي ر مغربا إل أن ينت هي ف الزء الثا ن من الا مس و يرج م نه أيضا ف آ خر الزء‬
‫الرا بع شرقا من القل يم الا مس خل يج الق سطنطينية ي ر ف الشمال متضايقا ف عرض رم ية‬
‫السهم إل آخر القليم ث يفضي إل الزء الرابع من القليم السادس و ينعطف إل بر نيطش‬
‫ذاهبا إل الشرق ف الزء الامس كله و نصف السادس من القليم السادس كما نذكر ذلك‬
‫ف أماكنه و عندما يرج هذا البحر الرومي من البحر الحيط ف خليج طنجة و ينفسح إل‬
‫القليم الثالث‪ .‬يبقى ف النوب عن الليج قطعة صغية من هذا الزء فيها مدينة طنجة على‬
‫ممع البحرين و بعدها مدينة سبتة على البحر الرومي ث قطأون ث باديس ث يغمر هذا البحر‬
‫بق ية هذا الزء شرقا و يرج إل الثالث و أك ثر العمارة ف هذا الزء ف شاله و شال الل يج‬
‫منه و هي كلها بلد الندلس الغربية منها ما بي البحر الحيط و البحر الرومي أولا طريف‬
‫عند ممع البحرين و ف الشرق من ها على ساحل الب حر الرومي الزيرة الضراء ث مال قة ث‬
‫الن قب ث الر ية و ت ت هذه من لدن الب حر الح يط غربا و على مقر بة م نه شر يش ث لبلة و‬
‫قبالتها فيه جزيرة قادس و ف الشرق عن شريش و لبلة إشبيلية ث أستجة و قرطبة و مديلة ث‬
‫غرناطة و جيان و أبدة ث و اديش و بسطة و تت هذه شنتمرية و شلب على البحر الحيط‬
‫غربا و ف الشرق عنه ما بطلموس و ماردة و يابرة ث غا فق و بزجالة ث قل عة رياح و ت ت‬
‫هذه أشبونة على البحر الحيط غربا و على نر باجة و ف الشرق عنها شنترين و موزية على‬
‫الن هر الذكور ث قنطرة ال سيف و ي سامت اشبو نة من ج هة الشرق ج بل الشارات يبدأ من‬
‫الغرب هنالك و يذ هب مشرقا مع آ خر الزء من شال يه فينت هي إل مدي نة سال في ما ب عد‬
‫النصف منه و تت هذا البل طلبية ف الشرق من فورنة ث طليطلة ث وادي الجارة ث مدينة‬
‫سال و ع ند أول هذا ال بل في ما بي نه و ب ي أشبو نة بلد قلمر ية و هذه غر ب الندلس‪ .‬و أ ما‬
‫شرقي الندلس فعلى ساحل البحر الرومي منها بعد الرية قرطاجنة ث لفتة ث دانية ث بلنسية‬
‫إل طرطوشة آخر الزء ف الشرق‪ ،‬و تتها شالً ليورقة و شقورة تتاخان بسطة و قلعة رياح‬
‫من غرب الندلس ث مرسية شرقا ث شاطبة تت بلنسية شالً ث شقر ث طرطوشة ث طركونة‬
‫آخسر الزء ثس تتس هذه شالً أرض منجالة وريدة متاخان لشقورة و طليطلة مسن الغرب ثس‬
‫أفراغة شرقا تت طرطوشة و شالً عنها ث ف الشرق عن مدينة سال تقلة أيوب ث سرقسطة‬
‫ث لردة آخر الزء شرقا و شالً‪ .‬و الزء الثان من هذا القليم غمر الاء جيعه إل قطعة من‬
‫غرب يه ف الشمال في ها بق ية ج بل البنات و معناه ج بل الثنا يا و ال سالك يرج إل يه من آ خر‬
‫الزء الول من القل يم الا مس يبدأ من الطرف النت هي‪ ،‬من الب حر الح يط ع ند آ خر ذلك‬
‫الزء جنوبا و شرقا و ي ر ف النوب بال ر إل الشرق فيخرج ف هذا القل يم الرا بع منحرفا‬
‫عن الزء الول م نه إل هذا الزء الثا ن في قع ف يه قط عة م نه تف ضي ثنايا ها إل الب الت صل و‬
‫تسمى أرض غشكونية و فيه مدي نة خريدة و قرقشو نة و على ساحل البحر الرومي من هذه‬
‫القطعة مدينة برشلونة ث أربونة و ف هذا البحر الذي غمر الزء جزائر كثية و الكثي منها‬
‫غي مسكون لصغرها ففي غربيه جزيرة سردانية و ف شرقيه جزيرة صقلية متسعة القطار يقال‬
‫إن دور ها سبعمائة م يل و ب ا مدن كثية من مشاهي ها سرقوسة و بلرم و طراب غة و مازر و‬
‫مسسين و هذه الزيرة تقابسل أرض أفريقيسة و فيمسا بينهمسا جزيرة أعدوش و مالطسة‪ .‬و الزء‬
‫الثالث من هذا القليم مغمور أيضا بالبحر إل ثلث قطع من ناحية الشمال الغربية منها أرض‬
‫قلورية و الوسطى من أرض أبكيدة و الشرقية من بلد البنادقة‪ .‬و الزء الرابع من هذا القليم‬
‫مغمور أيضا بالبحر كما مر و جزائره كثية و أكثرها غي مسكون كما ف الثالث و الغمور‬
‫منها جزيرة بلونس ف الناحية الغريبة الشمالية و جزيرة أقريطش مستطيلة من وسط الزء إل‬
‫ما بي النوب و الشرق منة‪ .‬و الزء الامس من هذا القليم غمر البحر منه مثلثة كبية بي‬
‫النوب و الغرب ينتهي الضلع الغرب منها إل‪ ،‬آخر الزء ف الشمال و ينتهي الضلع النوب‬
‫منها إل نو الثلثي من الزء و يبقى ف الالب الشرقي من الزء قطعة نو الثلث ير الشمال‬
‫منها إل الغرب منعطفا مع البحر كما قلناه و ف النصف النوب منها أسافل الشام و ير ف‬
‫و سطها ج بل اللكام إل أن ينت هي إل آ خر الشام ف الشمال فينع طف من هنالك ذاهبا إل‬
‫الق طر الشر قي الشمال و ي سمى ب عد انعطا فه ج بل ال سلسلة و من هنالك يرج إل القل يم‬
‫الامسس و يوز مسن عنسد منعطفسه قطعسة مسن بلد الزيرة إل جهسة الشرق و يقوم مسن عنسد‬
‫منعطفه من جهة الغرب جبال متصلة بعضها ببعض إل أن ينتهي إل طرف خارج من البحر‬
‫الرو مي متأ خر إل آ خر الزء من الشمال و ب ي هذه البال ثنا يا تسمى الدروب و هي الت‬
‫تف ضي إل بلد الر من و ف هذا الزء قط عة من ها ب ي هذه البال و ب ي ج بل ال سلسلة فأ ما‬
‫الهة النوبية الت قدمنا أن فيها أسافل الشام و أن جبل اللكام معترض فيها بي البحر الرومي‬
‫و آخسر الزء مسن النوب إل الشمال فعلى سساحلي البحسر بلد أنطرطوس فس أول الزء مسن‬
‫النوب متاخ ة لغزة و طرابلس على ساحله من القل يم الثالث و ف شال أنطرطوس جبلة ث‬
‫اللذق ية ث إ سكندرونة ث سلوقية و بعد ها شالً بلد الروم و أ ما ج بل اللكام العترض ب ي‬
‫الب حر و آ خر الزء بافا ته في صاقبه من بلد الشام من أعلى الزء جنوبا من غرب يه ح صن‬
‫الوان و هو للحشيشة الساعيلية و يعرفون لذا العهد بالفداوية و يسمى مصيات و هو قبالة‬
‫أنطرطوس و قبالة هذا الصن ف شرق البل بلد سلمية ف الشمال عن حص و ف الشمال و‬
‫ف مصيات بي البل و البحر بلد انطاكية و يقابلها ف شرق البل العرة و ف شرقها الراغة و‬
‫ف شال انطاكية الصيصة ث أذنة ث طرسوس آخر الشام و ياذيها من غرب البل قنسرين ث‬
‫ع ي زر بة و قبالة قن سرين ف شرق ال بل حلب و يقا بل ع ي زر بة من بج آ خر الشام‪ .‬و أ ما‬
‫الدروب ف عن يين ها ما بين ها و ب ي الب حر الرو مي بلد الروم ال ت هي لذا الع هد للتركمان و‬
‫سلطانا ابن عثمان و ف ساحل البحر منها بلد أنطاكية و العليا‪ .‬و أما بلد الرمن الت بي‬
‫ج بل الدروب و ج بل ال سلسلة ففي ها بلد مر عش و ملط ية و العرة إل آ خر الزء الشمال و‬
‫يرج من الزء الامس ف بلد الرمن نر جيحان و نر سيحان ف شرقيه فيمر با جيحان‬
‫جنوبا ح ت يتجاوز الدروب ث ي ر بطر سوس ث بال صيصة ث ينع طف هابطا إل الشمال و‬
‫مغربا ح ت ي صب ف الب حر الرو مي جنوب سلوقية و ي ر ن ر سيحان مؤازيا لن هر جيحان‬
‫فيحاذى العرة و مرعش و يتجاوز جبال الدروب إل أرض الشام ث ير بعي زربة و يوز عن‬
‫نر جيحان ث ينعطف إل الشمال مغربا فيختلط بنهر جيحان عند الصيصة و من غربا و أما‬
‫بلد الزيرة الت ييط با منعطف جبل اللكام إل جبل السلسلة ففي جنوبا الرافضة و الرقة‬
‫ث حران ث سروج و الرها ث نصيبي ث سيساط و آمد تت جبل السلسلة و آخر الزء من‬
‫شاله و هو أيضا آ خر الزء من شرق يه و ي ر ف و سط هذه القط عة ن ر الفرات و ن ر دجلة‬
‫يرجان من القليم الامس و يران ف بلد الرمن جنوبا إل أن يتجاوزا جبل السلسلة فيمر‬
‫نر الفرات من غرب سيساط و سروج و ينحرف إل الشرق في مر بقرب الرافضة و الرقة و‬
‫يرج إل الزء السسادس و يرس دجلة شرق آمسد و ينعطسف قريبا إل الشرق فيخرج قريبا إل‬
‫الزء ال سادس و ف الزء ال سادس من هذا القل يم من غرب يه بلد الزيرة و ف الشرق من ها‬
‫بلد العراق متصلة با تنتهي ف الشرق إل قرب آخر الزء و يعترض من آخر العراق هنالك‬
‫ج بل أصبهان هابطا من جنوب الزء منحرفا إل الغرب فإذا انتهي إل و سط الزء من آ خر‬
‫ف الشمال يذهب مغربا إل أن يرج من الزء السادس و يتصل على سنته ببل السلسلة ف‬
‫الزء الا مس فينق طع هذا الزة ال سادس بقطعت ي غرب ية و شرق ية ف في الغرب ية من جنوبي ها‬
‫مرج الفرات من الامس و ف شاليها مرج دجلة منه أما الفرات فأول ما يرج إل السادس‬
‫يرس بقرقيسسيا و يرج مسن هنالك جدول إل الشمال ينسساب فس أرض الزيرة و يغوص فس‬
‫نواحي ها و ي ر من قرقي سيا غ ي بع يد ث ينع طف إل النوب في مر بقرب الابور إل غرب‬
‫الرحبة و يرج منه جداول من هنالك ير جنوبا و لبقى صفي ف غربيه ث ينعطف شرقا و‬
‫ينقسم بشعوب فيمر بعضها بالكوفة و بعضها بقصر ابن هبية و بالامعي و ترج جيعا ف‬
‫جنوب الزء إل القليم الثالث فيغوص هنالك ف شرق الية و القادسية و يرج الفرات من‬
‫الرحبة مشرقا على سته إل هيت من شالا ير إل الزاب و النبار من جنوبما ث يصب ف‬
‫دجلة ع ند بغداد‪ .‬و أ ما ن ر دجلة فإذا د خل من الزء الا مس إل هذا الزء ي ر بزيرة ا بن‬
‫ع مر على شال ا ث بالو صل كذلك و تكر يت و ينت هي إل الدي ثة فينع طف جنوبا و تب قى‬
‫الديثة ف شرقه و الزاب الكبي و الصغي كذلك و ير على سته جنوبا و ف غرب القادسية‬
‫إل أن ينت هي إل بغداد و يتلط بالفرات ث ي ر جنوبا على غرب جرجرا يا إل أن يرج من‬
‫الزء إل القليم الثالث فتنتشر هنالك شعوبه و جداوله ث يتمع و يصب هنالك ف بر فارس‬
‫عند عبادان و فيما بي نر دجلة و الفرات قبل ممعهما كما يبغداد هي بلد الزيرة و يتلط‬
‫بنهر دجلة بعد مفارقته ببغداد نر آخر يأت من الهة الشرقية الشمالية منه و ينتهي إل بلد‬
‫النهروان قبالة بغداد شرقا ث ينع طف جنوبا و يتلط بدجلة ق بل خرو جه إل القل يم الثالث و‬
‫يبقى ما بي هذا النهر و بي جبل العراق و العاجم بلد جلولء و ف شرقها عند البل بلد‬
‫حلوان و صيمرة‪ .‬و أما القطعة الغربية من الزء فيعترض‪ ،‬جبل يبدأ من جبل العاجيم مشرقا‬
‫إل آخر الزء و يسمى جبل شهرزور و يقسمها بقطعتي ف النوب من هذه القطعة الصغرى‬
‫بلد خونان من الغرب و الشمال عن أصبهان و تسمى هذه القطعة بلد اللوس و ف وسطها‬
‫بلد ناوند و ف شالا بلد شهرزور غربا عند ملتقى البلي و الدينور شرقا عند آخر الزء و‬
‫ف القط عة ال صغرى الثان ية من بلد أرمين ية قاعدت ا الرا غة و الذي يقابل ها من ج بل العراق‬
‫يسمى باريا و هو مساكن للكراد و الزاب الكبي و الصغي الذي على دجلة من ورائه و ف‬
‫آخر هذه القطعة من جهة الشرق بلد أذربيجان و منها تبيز و البيدقان و ف الزاوية الشرقية‬
‫الشمالية من هذا الزء قطعة من بر نيطش و هو بر الزر و ف الزء السابع من هذا القليم‬
‫من غربه و جنوبه معظم بلد اللوس و فيها هذان و قزوين و بقيتها ف القليم الثالث و فيها‬
‫هنالك أصبهان و ييط با من النوب جبل يرج من غربا و ير بالقليم الثالث ث ينعطف‬
‫من الزء السادس إل القليم الرابع و يتصل ببل العراق ف شرقيه الذي مر ذكره هنالك و إنه‬
‫ميط ببلد اللوس ف القطعة الشرقية و يهبط هذا البل الحيط بأصبهان من القليم الثالث إل‬
‫جهة الشمال و يرج إل هذا الزء السابع ميط ببلد اللوس من شرقها و تته هنالك قاشان‬
‫ث قم و ينع طف ف قرب الن صف من طري قه مغربا بعض الش يء ث ير جع مستديرا فيذ هب‬
‫مشرقا و منحرفا إل الشمال حت يرج إل القليم الامس و يشتمل على منعطفه و استدارته‬
‫على بلد الري ف شرقيه و يبدأ من منعطفه جبل آخر ير غربا إل آخر هذا الزء و من جنوبه‬
‫من هنالك قزو ين و من جان به الشمال و جا نب ج بل الري الت صل م عه ذاهبا إل الشرق و‬
‫الشمال إل وسط الزء ث إل القليم الاص بلد طبستان فيما بي هذه البال و بي قطعة‬
‫من بر طبستان و يدخل من القليم الامس ف هذا الزء ف نو النصف من غربه إل شرقه‬
‫و يعترض عند جبل الري و عند انعطافه إل الغرب جبل متصل ير على سته مشرقا و بانران‬
‫قليل إل النوب حت يدخل ف الزء الثامن من غربه و يبقى بي جبل الري و هذا البل من‬
‫عند مبدأها بلد جرجان فيما بي البلي و منها بسطام و وراء هذا البل قطعة من هذا الزء‬
‫فيها بقية الفازة الت بي فارس و خراسان و هي ف شرقيه قاشان و ف آخرها عند هذا البل‬
‫بلد أ ستراباذ و حافات هذا ال بل من شرق يه إل آ خر الزء بلد ني سابور من خرا سان ف في‬
‫جنوب ال بل و شرق الفازة بلد ني سابور ث مرو الشاهجان آ خر الزء و ف شاله و شر قي‬
‫جرجان بلد مهرجان و خازرون و طوس آخسر الزء شرقا و كسل هذا تتس البسل و فس‬
‫الشمال عن ها بلد ن سا و ي يط ب ا ع ند زاو ية الزئ ي الشمال و الشرق مفاوز معطلة‪ .‬و ف‬
‫الزء الثامن من هذا القليم و ف غربيه نر جيحون ذاهبا من النوب إل الشمال ففي عدوته‬
‫الغربية رمم و آمل من بلد خراسان و الظاهرية و الرجانية من بلد خوارزم و ييط بالزاوية‬
‫الغربية النوبية منه جبل أستراباذ العترض ف الزء السابع قبله و يرج ف هذا الزء من غربيه‬
‫و ي يط بذه الزاو ية و في ها بق ية بلد هراة و الوزخان ح ت يت صل ب بل الب تم ك ما ذكرناه‬
‫هنالك و ف شرقي نر جيحون من هذا الزء و ف النوب منه بلد بارى ث بلد الصغد و‬
‫قاعدتا سرقند ث سردارا و أشنة و منها خجندة آخر الزء شرقا و ف الشمال عن سرقند و‬
‫سردار و أشنة أرض إيلق ث ف الشمال عن إيلق أرض الشاش إل آخر الزء شرقا و يأخذ‬
‫قطعة من الزء التاسع ف جنوب تلك القطعة بقية أرض فرغانة و يرج من تلك القطعة الت‬
‫ف الزء التا سع ن ر الشاش ي ر معترضا ف الزء الثا من إل أن ين صب ف ن ر جيحون ع ند‬
‫مرجه من هذا الزء الثامن ف شاله إل القليم الامس و يتلط معه ف أرض إيلق نر يأت‬
‫من الزء التا سع من القل يم الثالث من توم بلد الت بت و يتلط م عه ق بل مر جه من الزء‬
‫التاسع نر فرغانة و على ست نر الشاش جبل جباغون يبدأ من القليم الامس و ينعطف‬
‫شرقا و منحرفا إل النوب حتس يرج إل الزء التاسسع ميطا بأرض الشاش ثس ينعطسف فس‬
‫الزء التا سع فيح يط بالشاش و فرغا نة هناك إل جنو به فيد خل ف القل يم الثالث و ب ي ن ر‬
‫الشاش و طرف هذا البسل فس وسسط هذا الزء بلد فاراب و بينسه و بيس أرض بارى و‬
‫خوارزم مفاوز معطلة و فس زاويسة هذا الزء مسن الشمال و الشرق أرض خجندة و فيهسا بلد‬
‫إ سبيجاب و طراز‪ .‬و ف الزء التا سع من هذا القل يم ف غرب يه ب عد أرض فرغا نة و الشاش‬
‫أرض الزلية ف النوب و أرض الليجة ف الشمال و ف شرقي الزء كله أرض الكيماكية‬
‫و يتصل ف الزء العاشر كله إل جبل قوقيا آخر الزء شرقا و على قطعة من البحر الحيط‬
‫هنالك و هو جبل يأجوج و مأجوج و هذه المم كلها من شعوب الترك‪ .‬انتهي‪.‬‬

‫القليسم الامسس‪ :‬الزء الول منسه أكثره مغمور بالاء إل قليلً مسن جنوبسه شرقسه لن البحسر‬
‫الح يط بذه ال هة الغرب ية د خل ف القل يم الا مس و ال سادس و ال سابع عن الدائرة الحي طة‬
‫بالقليم فأما النكشف من جنوبه فقطعة على شكل مثلث متصلة من هنالك بالندلس و عليها‬
‫بقيتها و ييط با البحر من جهتي كأنما ضلعان ميطان بزاوية الثلث ففيها من بقية غرب‬
‫الندلس سعيور على الب حر عند أول الزء من النوب و الغرب و سلمنكة شرقا عن ها و ف‬
‫جوفها سورة و ف الشرق عن سلمنكة أيلة آخر النوب و أرض قستالية شرقا عنها و فيها‬
‫مدينة شقونية و ف شالا أرض ليون و برغشت ث وراءها ف الشمال أرض جليقية إل زاوية‬
‫القطعة و فيها على البحر الحيط ف آخر الضلع الغرب بلد شنتياقو و معناه يعقوب و فيها من‬
‫شرق بلد الندلس مدينة شطلية عند آخر الزء ف النوب و شرقا عن قستالية و ف شالا و‬
‫شرقها و شقة و بنبلونة على ستها شرقا و شالً و ف غرب بنبلونة قشتالة ث ناجزة فيما بينها‬
‫و بي برغشت و يعترض وسط هذه القطعة جبل عظيم ماذ للبحر و للضلع الشمال الشرقي‬
‫منه و على قرب و يتصل به و بطرف البحر عند بنبلونة ف جهة الشرق الذي ذكرنا من قبل‬
‫أن يت صل ف النوب بالب حر الرو مي ف القل يم الرا بع و ي صي حجرا على بلد الندلس من‬
‫ج هة الشرق و ثناياه ل ا أبواب تف ضي إل بلد غشكون ية من أ مم الفر نج فمن ها من القل يم‬
‫الرابع برشلونة و أربونة على ساحل البحر الرومي و خريدة و قرقشونة وراءها ف الشمال و‬
‫من ها من القل يم الا مس طلو شة شالً عن خريدة‪ .‬و أ ما النك شف ف هذا الزء من ج هة‬
‫الشرق فقط عة على ش كل مثلث م ستطيل زاوي ته الادة وراء البنات شرقا و في ها على الب حر‬
‫الح يط على رأي القط عة ال ت يت صل ب ا ج بل البنات بلد نيو نة و ف آ خر هذه القط عة ف‬
‫الناحية الشرقية الشمالية من الزء أرض بنطو من الفرنج إل آخر الزء‪ .‬و ف الزء الثان من‬
‫الناح ية الغرب ية م نه أرض غشكون ية و ف شال ا أرض بن طو و برغ شت و قد ذكرناه ا و ف‬
‫شرق بلد غشكون ية ف شال ا قط عة أرض من الب حر الرو مي دخلت ف هذا الزء كالضرس‬
‫مائلة إل الشرق قليلً و صارت بلد غشكونية ف غربا داخلة ف جون من البحر و على رأس‬
‫هذه القطعة شالً بلد جنوة و على ستها ف الشمال جبل نيت جون و ف شاله و على سعه‬
‫أرض برغو نة و ف الشرق عن طرف جنوة الارج من الب حر الرو مي طرف آ خر خارج م نه‬
‫يب قى بينه ما جون دا خل من الب ف الب حر ف غزب يه ن يش و ف شرق يه مدي نة رو مة العظ مى‬
‫كر سي ملك الفرن ة و م سكن البا با بطركهم الع ظم و فيها من البان الضخمة و اليا كل‬
‫الائلة و الكنائس العادية ما هو معروف الخبار و من عجائبها النهر الاري ف وسطها من‬
‫الشرق إل الغرب مفروش قاعه ببلط النحاس و فيها كنيسة بطرس و بولس من الواريي و‬
‫هاس مدفونان باس و فس الشمال عسن بلد رومسة بلد أقرنصسيصة إل آخسر الزء‪ ،‬و على هذا‬
‫الطرف من البحر الذي ف جنوبه رومة بلد نابل ف الانب الشرقي منه متصلة ببلد قلورية‬
‫من بلد الفرنج و ف شالا طرف من خليج البنادقة دخل ف هذا الزء من الزء الثالث مغربا‬
‫و ماذيا للشمال من هذا الزء و انتهى إل نو الثلث منه و عليه كثي من بلد البنادقة دخل‬
‫ف هذا الزء من جنو به في ما بي نه و ب ي الب حر الح يط و من شاله بلد إنكل ية ف القل يم‬
‫السادس‪ .‬و ف الزء الثالث من هذا القليم ف غربيه بلد قلورية بي خليج البنادقة و البحر‬
‫الرومي ييط ب ا من شرق يه ي صل من بر ها ف القليم الرا بع ف الب حر الرومي ف جون ب ي‬
‫طرفي خرجا من البحر على ست الشمال إل هذا الزء ف شرقي بلد قلورية بلد أنكيدة‬
‫ف جون بي خليج البنادقة و البحر الرومي و يدخل طرف من هذا الزء ف الون ف القليم‬
‫الرابع و ف البحر الرومي و ييط به من شرقيه خليج البنادقة من البحر الرومي ذاهبا إل ست‬
‫الشمال ث ينع طف إل الغرب ماذيا لخر الزء الشمال و يرج على سته من القليم الرابع‬
‫ج بل عظ يم يواز يه و يذ هب م عه إل الشمال ث يغرب م عه ف القل يم ال سادس إل أن ينت هي‬
‫قبالة خليج ف شاليه ف بلد إنكلية من أمم اللمانيي كما نذكر و على هذا الليج و بينه و‬
‫بي هذا البل ماداما ذاهبي إل الشمال بلد البنادقة فإذا ذهبا إل الغرب فبينهما بلد حروايا‬
‫ث بلد اللانيي عند طرف الليج‪ .‬و ف الزء الرابع من هذا القليم قطعة من البحر الرومي‬
‫خرجت إليه من القليم الرابع مضرسةً كلها بقطع من البحر و يرج منها إل الشمال و بي‬
‫كل ضرسي منها طرف من البحر ف الون بينهما و ف آخر الزء شرقا قطع من البحر و‬
‫يرج منها إل الشمال خليج القسطنطينية يرج من هذا الطرف النوب و يذهب على ست‬
‫الشمال إل أن يدخل ف القليم السادس و ينعطف من هنالك عن قرب مشرقا إل بر نيطش‬
‫ف الزء الا مس و ب عض الرا بع قبلة و ال سادس بعدة من القل يم ال سادس ك ما نذ كر و بلد‬
‫القسطنطينية ف شرقي هذا الليج عند آخر الزء من الشمال و هي الدينة العظيمة الت كانت‬
‫كرسي القياصرة و با من آثار البناء و الضخامة ما كثرت عنه الحاديث و القطعة الت‪ ،‬ما‬
‫بيس البحسر الرومسي و خليسج القسسطنطينية مسن هذا الزء و فيهسا بلد مقدونيسة التس كانست‬
‫لليونانيي و منها ابتداء ملكهم و ف شرقي هذا الليج إل آخر الزء قطعة من أرض باطوس‬
‫و أظنها لذا العهد مالت للتركمان و با ملك ابن عثمان و قاعدته با بورصة و كانت من‬
‫قبل هم للروم و غلب هم علي ها ل ا ال مم إل أن صارت للتركمان‪ .‬و ف الزء الاص من هذا‬
‫القليم من غربيه و جنوبيه أرض باطوس و ف الشمال عنها إل آخر الزء بلد عمورية و ف‬
‫شرقي عمورية نر قباقب الذي يد الغرات و يرج من جبل هنالك و يذهب ف النوب حت‬
‫يالط الفرات قبل وصوله من هذا الزء إل مره ف القليم الرابع و هنالك ف غربيه آخر الزء‬
‫ف مبدأ سيحال ث نر جيحان غربيه الذاهبي على سته و قد مر ذكرها و ف شرقه هنالك‬
‫مبدأ ن ر دجلة الذا هب على سته و ف موازا ته ح ت يال طه ع ند بغداد و ف الزاو ية ال ت ب ي‬
‫النوب و الشرق من هذا الزء وراء البل الذي يبدأ منه نر دجلة بلد ميافارقي و نر قباقب‬
‫الذي ذكرناه يقسم هذا الزء بقطعتي إحداها غربية جنوبية و فيها أرض باطوس كما قلناه و‬
‫أسافلها إل آخر الزء شالً و وراء البل الذي يبدأ منه نر قباقب أرض عمورية كما قلناه و‬
‫القطعة الثانية شرقية شالية على الثلث ف النوب منها مبدأ دجلة و الفرات و ف الشمال بلد‬
‫البيلقان مت صلة بأر ضي عمور ية من وراء ج بل قبا قب و هي عري بة و ف آخر ها ع ند مبدإ‬
‫الفرات بلد خرشنسة و فس الزاويسة الشرقيسة الشماليسة قطعسة من برس نيطسش الذي يده خل يج‬
‫القسطنطينية‪.‬‬

‫القسم الثالث من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬

‫و ف الزء السادس من هذا القليم ف جنوبه و غربه بلد ارمينية متصلة إل أن يتجاوز وسط‬
‫الزء إل جانب الشرق و فيها بلدان أردن ف النوب و الغرب و ف شالا تفليس و دبيل و‬
‫ف شرق أردن مدينة خلط ث بردعة ف جنوبا بانراف إل الشرق مدينة أرمينية و من هنالك‬
‫مرج بلد أرمينية إل القليم الرابع و فيها هنالك بلد الراغة ف شرقي جبل الكراد السمى‬
‫بأر مى و قد مر ذكره ف الزء السادس منه و يتاخم بلد أرمينية ف هذا الزء و ف القليم‬
‫الرابع قبله من جهة الشرق فيها بلد أذربيجان و آخرها ف هذا الزء شرقا بلد اردبيل على‬
‫قطعة من بر طبستان دخلت ف الناحية الشرقية من الزء السابع و يسمى بر طبسان و‬
‫عل يه من شاله ف هذا الزء قط عة من بلد الزر و هم التركمان و يبدأ من ع ند آ خر هذه‬
‫القطعة البحرية ف الشمال جبال يتصل بعضها ببعض على ست الغرب إل الزء الاص فتمر‬
‫فيه منعطفة و ميطة ببلد ميافارقي و يرج إل القليم الرابع عند آمد و يتصل ببل السلسلة‬
‫ف أ سافل الشام و من هنالك يت صل ب بل اللكام كما مر و ب ي هذه البال الشمالية ف هذا‬
‫الزء ثنايا كالبواب تفضي من الانبي ففي جنوبيها بلد البواب متصلة ف الشرق إل بر‬
‫طبستان و عليه من هذه البلد مدينة باب البواب و تتصل بلد البواب ف الغرب من ناحية‬
‫جنوبيها ببلد أرمين ية و بينه ما ف الشرق و ب ي بلد أذربيجان النوب ية بلد الزاب مت صلة إل‬
‫ب ر طب ستان و ف شال هذه البال قط عة من هذا الزء ف غرب ا مل كة ال سرير ف الزاو ية‬
‫الغربيسة الشماليسة منهسا و فس زاويسة الزء كله قطعسة أيضا مسن برس نيطسش الذي يده خليسج‬
‫الق سطنطينية و قد مر ذكره و ي ف بذه القط عة من ني طش بلد ال سرير وعلي ها من ها بلد‬
‫أطرابزيدة و تت صل بلد ال سرير ب ي ج بل البواب و ال هة الشمال ية من الزء إل أن ينت هي‬
‫شرقا إل ج بل حا جز بين ها و ب ي أرض الزر و ع ند آخر ها مدي نة صول و وراء هذا ال بل‬
‫الاجسز قطعسة مسن أرض الزر تنتهسي إل الزاويسة الشرقيسة الشماليسة مسن هذا الزء مسن برس‬
‫طبستان و آخر الزء شالً‪ .‬و الزء السابع من هذا القليم غربيه كله مغمور ببحر طبستان‬
‫و خرج من جنوبه ف القليم الرابع القطعة الت ذكرنا هنالك أن عليها بلد طبستان و جبال‬
‫الديلم إل قزوين و ف غرب تلك القطعة متصلة با القطعة الت ف الزء السادس من القليم‬
‫الرابع و يتصل با من شالا القطعة الت ف الزء السادس من شرقه أيضا و ينكشف من هذا‬
‫الزء قطعة عند زاويته الشمالية الغربية يصب فيها نر أثل ف هذا البحر و يبقى من هذا الزء‬
‫ف ناحية الشرق قطعة منكشفة من البحر هي مالت للغز من أمم الترك ييط با جبل من‬
‫جهسة النوب داخسل فس الزء الثامسن و يذهسب فس الغرب إل مسا دون وسسطه فينعطسف إل‬
‫الشمال إل أن يل قي ب ر طب ستان فيح تف به ذاهبا م عه إل بقي ته ف القل يم ال سادس ث‬
‫ينعطف مع طرفه و يفارقه و يسمى هنالك جبل سياه و يذهب مغربا إل الزء السادس من‬
‫القليم السادس ث يرجع جنوبا إل الزء السادس من القليم الامس و هذا الطرف منه و هو‬
‫الذي اعترض ف هذا الزء ب ي أرض ال سرير و أرض الزر و ات صلت بأرض الزر ف الزء‬
‫السادس و السابع حافات هذا ال بل ال سمى جبل سياه كما سيأت‪ .‬و الزء الثا من من هذا‬
‫القليم الامس كله مالت للغز من أمم الترك و ف الهة النوبية الغربية‪ .‬منه بية خوارزم‬
‫التس يصسب فيهسا نرس جيحون دورهسا ثلثائة ميسل و يصسب فيهسا أنار كثية مسن أرض هذه‬
‫الجالت و ف الهة الشمالية الشرقية منه بية عرعون دورها أربعمائة ميل و ماؤها حلو و‬
‫ف الناح ية الشمال ية من هذا الزء ج بل مرغار و معناه ج بل الثلج ل نه ل يذوب ف يه و هو‬
‫متصل بآخر الزء و ف النوب عن بية عرعون جبل من الجر الصلد ل ينبت شيئا يسمى‬
‫عرعون و بسه سسيت البحية و ينجلب منسه و مسن جبسل مرغار شال البحية أنار ل تنحصسر‬
‫عدتا فتصب فيها من الانبي‪ .‬و ف الزء التاسع من هذا القليم بلد أركس من أمم الترك‬
‫ف غرب بلد الغز و شرق بلد الكيماكية و يف به من جهة الشرق آخر الزء جبل قوقيا‬
‫الحيسط بيأجوج و مأجوج يعترض هنالك مسن النوب إل الشمال حتس ينعطسف أول دخوله‬
‫من الزء العاشر و قد كان دخل إليه من آخر الزء العاشر من القليم الرابع قبله و احتف‬
‫هنالك بالبحر الحيط إل آخر الزء ف الشمال ث انعطف مغربا ف الزء العاشر من القليم‬
‫الرا بع إل ما دون ن صفه و أحاط من أوله إل ه نا ببلد الكيماك ية ث خرج إل الزء العا شر‬
‫من القليم الامس فذهب فيه مغربا إل آخره و بقيت ف جنوبه من هذا الزء قطعة مستطيلة‬
‫إل الغرب ق بل آ خر بلد الكيماك ية ث خرج إل الزء التا سع ف شرق يه و ف العلى م نه و‬
‫انعطف قريبا إل الشمال و ذهب على سته إل الزء التاسع من القليم السادس و فيه السد‬
‫هنالك كما نذكره و بقيت منه القطعة الت أحاط با جبل قوقيا عند الزاوية الشرقية الشمالية‬
‫من هذا الزء م ستطيلة إل النوب و هي من بلد يأجوج و مأجوج و ف الزء العا شر من‬
‫هذا القليم أرض يأجوج و مأجوج فتصله ف كله إل قطعةً من البحر غمرت طرفا ف شرقيه‬
‫من جنوبه إل شاله إل القطعة الت يفصلها إل جهة النوب و الغرب جبل قوقيا حي مر فيه‬
‫و ما سوى ذلك فأرض يأجوج و مأخوج و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫القل يم ال سادس‪ .‬فالزء الول م نه غ مر الب حر أك ثر من ن صفه و ا ستدار شرقا مع الناح ية‬
‫الشمالية ث ذهب مع الناحية الشرقية إل النوب و انتهى قريبا من الناحية النوبية فانكشف‬
‫قطعة من هذه الرض ف هذا الزء داخلة بي الطرفي و ف الزاوية النوبية الشرقية من البحر‬
‫الحيط كالون فيه و ينفسح طولً و عرضا و هي كلها أرض بريطانية و ف بابا بي الطرفي‬
‫و ف الزاوية النوبية الشرقية من هذا الزء بلد صاقس متصلة ببلد بنطو الت مر ذكرها ف‬
‫الزء الول و الثان من القليم الامس‪ .‬و الزء الثان من هذا القليم دخل البحر الحيط من‬
‫غر به و شاله ف من غر به قط عة م ستطيلة أ كب من ن صفه الشمال من شرق أرض بريطان ية ف‬
‫الزء الول و ات صلت ب ا القط عة الخرى ف الشمال من غر به إل شر قه و انف سحت ف‬
‫الن صف الغر ب م نه ب عض الش يء و ف يه هنالك قط عة من جزيرة أنكلترا و هي جزيرة عظي مة‬
‫مشتملة على مدن و ب ا ملك ض خم و بقيت ها ف القل يم ال سابع و ف جنوب هذه القط عة و‬
‫جزيرت ا ف الن صف الغر ب من هذا الزء بلد أرمند ية و بلد أفلدش مت صلي ب ا ث بلد‬
‫إفرنسية جنوبا و غربا من هذا الزء و بلد برغونية شرقا عنها و كلها لمم الفرنة و بلد‬
‫اللماني ي ف الن صف الشر قي من الزء فجنو به بلد أنكل ية ث بلد برغون ية شالً ث أرض‬
‫لويكة و شطونية و على قطعة البحر الحيط ف الزاوية الشمالية الشرقية أرض أفريرة و كلها‬
‫لمم اللمانيي‪ .‬و ف الزء الثالث من هذا القليم ف الناحية الغربية بلد مراتية ف النوب و‬
‫بلد شطونية ف الشمال و ف الناحية الشرقية بلد أنكوية ف النوب و بلد بلونية ف الشمال‬
‫يعترض بينهما جبل بلواط داخلً من الزء الرابع و ير مغربا بانراف إل الشمال إل أن يقف‬
‫ف بلد شطونية آخر النصف الغرب‪ .‬و ف الزء الرابع ف ناحية النوب أرض جثولية و تتها‬
‫فس الشمال بلد الروسسية و يفصسل بينهمسا جبسل بلواط مسن أول الزء غربا إل أن يقسف فس‬
‫الن صف الشر قي و ف شرق أرض جثول ية بلد جرمان ية و ف الزاو ية النوب ية الشرق ية أرض‬
‫القسطنطينية و مدينتها عند آخر الليج الارج من البحر الرومي و عند مدفعه ف بر نيطش‬
‫فيقع قطيعة من بر نيطش ف أعال الناحية الشرقية من هذا الزء و يدها الليج و بينهما ف‬
‫الزاو ية بلد م سيناه‪ .‬و ف الزء الا مس من القل يم ال سادس ث ف الناح ية النوب ية ع ند ب ر‬
‫نيطش يتصل من الليج ف آخر الزء الرابع و يرج من سته مشرقا فيمر ف هذا الزء كله و‬
‫ف بعض السادس على طول ألف و ثلثائة ميل من مبدإه ف عرض ستمائة ميل و يبقى وراء‬
‫هذا البحر ف الناحية النوبية من هذا الزء ف غربا إل شرقها بر مستطيل ف غربه هرقلية‬
‫على ساحل ب ر ني طش مت صلة بأرض البيلقان من القل يم الا مس و ف شر قه بلد اللن ية و‬
‫قاعدتا سوتلي على بر نيطش و ف شال بر نيطش ف هذا الزء غربا أرض ترخان و شرقا‬
‫بلد الروسية و كلها على ساحل هذا البحر و بلد الروسية ميطة ببلد ترخان من شرقها ف‬
‫هذا الزء من شالا ف الزء الامس من القليم السابع و من غربا ف الزء الرابع من هذا‬
‫القليم‪ .‬و ف الزء السادس ف غربيه بقية بر نيطش و ينحرف قليل إل الشمال و يبقى بينه‬
‫هنالك و ب ي آ خر الزء شالً بلد قمان ية و ف جنو به منف سحا إل الشمال ب ا انرف هو‬
‫كذلك بقية بلد اللنية الت كانت آخر جنوبه ف الزء الامس و ف الناحية الشرقية من هذا‬
‫الزء متصل أرض الزر و ف شرقها أرض برطاس و ف الزاوية الشرقية الشمالية أرض بلغار و‬
‫ف الزاوية الشرقية النوبية أرض بلجر يوزها هناك قطعة من جبل سياكوه النعطف مع بر‬
‫الزر ف الزء ال سابع بعده و يذ هب ب عد مفارق ته مغربا فيجوز ف هذه القط عة و يد خل إل‬
‫الزء السادس من القليم الامس فيتصل هنالك ببل البواب و عليه من هنالك ناحية بلد‬
‫الزر‪ .‬و ف الزء السابع من هذا القليم ف الناحية النوبية ما جازه جبل سياه بعد مفارقته‬
‫ب ر طب ستان و هو قط عة من أرض الزر إل آ خر الزء غربا و ف شرق ها القط عة من ب ر‬
‫طب ستان ال ت يوز ها هذا ال بل من شرق ها و شال ا و وراء ج بل سياه ف الناح ية الغرب ية‬
‫الشمالية أرض برطاس و ف الناحية الشرقية من الزء أرض شحرب و يناك و هم أمم الترك‪.‬‬
‫و ف الزء الثامن و الناحية النوبية منة كلها أرض الول من الترك ف الناحية الشمالية غربا‬
‫و الرض النت نة و شرق الرض ال ت يقال إن يأجوج و مأجوج خربا ها ق بل بناء ال سد و ف‬
‫هذه الرض النت نة مبدأ ن ر ال ثل من أع ظم أنار العال و مره ف بلد الترك و م صبه ف ب ر‬
‫طب ستان ف القل يم الا مس ف الزء ال سابع م نه و هو كث ي النعطاف يرج من ج بل من‬
‫الرض النتنة من ثلثة ينابيع تتمع ف نر واحد و ير على ست الغرب إل آخر السابع من‬
‫هذا القل يم فينع طف شالً إل الزء ال سابع من القل يم ال سابع في مر ف طر فه ب ي النوب و‬
‫الغرب فيخرج ف الزء ال سادس من ال سابع و يذ هب مغربا غ ي بع يد ث ينع طف ثان ية إل‬
‫النوب و ير جع إل الزء ال سادس من القل يم ال سادس و يرج م نه جدول يذ هب مغربا و‬
‫ي صب ف ب ر ني طش ف ذلك الزء و ي ر هو ف قط عة ب ي الشمال و الشرق ف بلد بلغار‬
‫فيخرج ف الزء السابع من القليم السادس ث ينعطف ثالثةً إل النوب و ينفذ ف جبل سياه‬
‫و ي ر ف بلد الزر و يرج إل القل يم الا مس ف الزء ال سابع م نه في صب هنالك ف ب ر‬
‫طبستان ف القطعة الت انكشفت من الزء عند الزاوية الغربية النوبية‪ .‬والزء التاسع من هذا‬
‫القل يم ف الا نب الغر ب م نه بلد خفشاخ من الترك و هم قفجاق و بلد الشر كس من هم‬
‫أيضا و ف الشرق م نه بلد يأجوج يف صل بينهما جبل قوقيا الحيط و قد مر ذكره يبدأ من‬
‫البحر الحيط ف شرق القليم الرابع و يذهب معه إل آخر القليم ف الشمال و يفارقه مغربا‬
‫و بانراف إل الشمال حت يدخل ف الزء التاسع من القليم الامس فيجع إل سته الول‬
‫ح ت يد خل ف هذا الزء التا سع من القل يم من جنو به إل شاله بانراف إل الغرب و ف‬
‫وسطه ههنا السد الذي بناه السكندر ث يرج على سته إل القليم السابع و ف الزء التاسع‬
‫منه فيمر فيه إل النوب إل أن يلقى البحر الحيط ف شاله ث ينعطف معه من هنالك مغربا‬
‫إل القليم السابع إل الزء الامس منه فيتصل هنالك بقطعة من البحر الحيط ف غربيه و ف‬
‫و سط هذا الزء التا سع هو ال سد الذي بناه ال سكندر ك ما قلناه و ال صحيح من خبه ف‬
‫القرآن و قد ذكر عبد ال بن خرداذبة ف كتابه ف الغرافيا أن الواثق رأى ف منامه كأن السد‬
‫انف تح فانت به فزعا و ب عث سلما الترجان فو قف عل يه و جاء ب به و صفه ف حكا ية طويلة‬
‫ليست من مقاصد كتابنا هذا و ف الزء العاشر من هذا القليم بلد مأجوج متصلة فيه إل‬
‫آخره على قط عة من هنالك من الب حر الح يط أحا طت به من شر قه و شاله م ستطيلة ف‬
‫الشمال و عريضة بعض الشيء ف الشرق‪.‬‬

‫القليم السابع‪ :‬و البحر الحيط قد غمر عامته من جهة الشمال إل وسط الزء الامس حيث‬
‫يتصسل ببسل قوقيسا الحيسط بيأجوج و مأجوج‪ .‬فالزء الول و الثانس مغموران بالاء إل مسا‬
‫انكشف من جزيرة أنكلترا الت معظمها ف الثان و ف الول منها طرف انعطف بانراف إل‬
‫الشمال و بقيتها مع قطعة من البحر مستديرة عليه ف الزء الثان من القليم السادس و هي‬
‫مذكورة هناك والجاز منها إل الب ف هذه القطعة سعة اثن عشر ميلً و وراء هذه الزيرة ف‬
‫شال الزء الثانس جزيرة رسسلندة مسستطيلةً مسن الغرب إل الشرق‪ .‬و الزء الثالث مسن هذا‬
‫القل يم مغمور أكثره بالب حر إل قط عة م ستطيلة ف جنو به و تت سع ف شرق ها و في ها هنالك‬
‫متصل أرض فلونية الت مر ذكرها ف الثالث من القليم السادس و أنا ف شاله و ف القطعة‬
‫من البحر الت تغ مر هذا الزء ث ف الانب الغرب منها م ستدير ًة ف سيحةً و تتصل بالب من‬
‫باب ف جنوبا يفضي إل بلد فلونية و ف شالا‪ .‬جزيرة برقاعة و ف نسخة بوقاعة مستطيلة‬
‫مع الشمال من الغرب إل الشرق‪ .‬و الزء الرا بع من هذا القل يم شاله كله مغمور بالب حر‬
‫الح يط من الغرب إل الشرق و جنو به منك شف و ف غر به أرض قيمازك من الترك و ف‬
‫شرقها بلد طست ث أرض رسلن إل آخر الزء شرقا وهي دائمة الثلوج و عمرانا قليل و‬
‫يتصل ببلد الروسية ف القليم السادس و ف الزء الرابع و الامس منه و ف الزء الامس من‬
‫هذا القليم ف الناحية الغربية منه بلد الروسية و ينتهي ف الشمال إل قطعة من البحر الحيط‬
‫الت يتصل با جبل قوقيا كما ذكرناه من قبل و ف الناحية الشرقية منه متصل أرض القمانية‬
‫الت على قطعة بر نيطش من الزء السادس من القليم السادس و ينتهي إل بية طرمى من‬
‫هذا الزء و هي عذ بة تنجلب إلي ها أنار كثية من البال عن النوب و الشمال و ف شال‬
‫الناح ية الشرق ية من هذا الزء أرض التتار ية من الترك و ف ن سخة التركمان إل آخره و ف‬
‫الزء السادس من الناحية الغربية النوبية متصل بلد القمانية و ف وسط الناحية بية عثور‬
‫عذبةً تنجلب إلي ها النار من البال ف النوا حي الشرق ية و هي جامدة دائما لشدة البد إل‬
‫قليلً ف ز من ال صيف و ف شرق بلد القمان ية بلد الرو سية ال ت كان مبدؤ ها ف القل يم‬
‫السادس ف الناحية الشرقية الشمالية من الزء الامس منه و ف الزاوية النوبية الشرقية من‬
‫هذا الزء بقية أرض بلغار الت كان مبدؤها ف القليم السادس و ف الناحية الشرقية الشمالية‬
‫من الزء السادس منه و ف وسط هذه القطعة من أرض بلغار منعطف نر أثل القطعة الول‬
‫إل النوب ك ما مر و ف آ خر هذا الزء ال سادس من شاله ج بل قوق يا مت صل من غر به إل‬
‫شرقه و ف الزء السابع من هذا القليم ف غربه بقية أرض يناك من أ مم الترك و كان من‬
‫مبدؤها من الناحية الشمالية الشرقية من الزء السادس قبله و ف الناحية النوبية الغربية من‬
‫هذا الزء و يرج إل القل يم ال سادس من فو قه و ف الناح ية الشرق ية بق ية أرض سحرب ث‬
‫بق ية الرض النت نة إل آ خر الزء شرقا و ف آ خر الزء من ج هة الشمال ج بل قوقيا الحيط‬
‫مت صل من غر به إل شر قه‪ .‬و ف الزء الثامن من هذا القليم ف النوب ية الغرب ية م نه مت صل‬
‫الرض النت نة و ف شرق ها الرض الحفورة و هي من العجائب خرق عظ يم ف الرض بع يد‬
‫الهوى فسيح القطار متنع الوصول إل قعره يستدل على عمرانه بالدخان ف النهار و النيان‬
‫ف الل يل تض يء و ت فى و رب ا رئي في ها ن ر يشق ها من النوب إل الشمال و ف الناح ية‬
‫الشرقية من هذا الزء البلد الراب التاخة للسد و ف آخر الشمال منه جبل قوقيا متصلً من‬
‫الشرق إل الغرب و ف الزء التاسع من هذا القليم ف الانب الغرب منه بلد خفشاخ و هم‬
‫قفجق يوزها جبل قوقيا حي ينع طف من شاله عند البحر الحيط و يذهب ف وسطه إل‬
‫النوب بانراف إل الشرق فيخرج ف الزء التاسع من القليم ال سادس و ير معترضا فيه و‬
‫ف و سطه هنالك سد‪ .‬يأجوج و مأجوج و قد ذكرناه و ف الناح ية الشرق ية من هذا الزء‬
‫أرض يأجوج وراء جبل قوقيا على البحر قليلة العرض مستطيلةً أحاطت به من شرقه و شاله‪.‬‬
‫و الزء العاشر غمر البحر جيعه‪ .‬هذا آخر الكلم على الغرافيا و أقاليمها السبعة و ف خلق‬
‫السموات و الرض و اختلف الليل و النهار ليات للعالي‪.‬‬

‫القدمة الثالثة ف العتدل من القاليم و النحرف و تأثي الواء ف ألوان البشر و الكثي ف‬
‫أحوالم‬

‫قد بينا أن العمور من هذا النكشف من الرض إنا هو وسطه لفراط الر ف النوب منه و‬
‫البد ف الشمال‪ .‬و لا كان الانبان من الشمال و النوب متضادين من الر و البد وجب أن‬
‫تندرج الكيف ية من كليه ما إل الو سط فيكون معتد ًل فالقل يم الرا بع أعدل العمران و الذي‬
‫حافاته من الثالث و الامس أقرب إل العتدال و الذي يليهما و الثان و السادس بعيدان من‬
‫العتدال و الول و ال سابع أب عد بكث ي فلهذا كا نت العلوم و ال صنائع و البا ن و الل بس و‬
‫القوات و الفواكسه بسل و اليوانات و جيسع مسا يتكون فس هذه القاليسم الثلثسة التوسسطة‬
‫مصوصة بالعتدال و سكانا من البشر أعدل أجساما و ألوانا و أخلقا و أديانا حت النبؤات‬
‫فإنا توجد ف الكثر فيها و ل نقف على خب بعثة ف القاليم النوبية و ل الشمالية و ذلك‬
‫أن النبياء و الرسل إنا يتص بم أكمل النوع ف خلقهم و أخلقهم قال تعال‪ :‬كنتم خي‬
‫أمة أخرجت للناس و ذلك ليتم القبول با يأتيهم به النبياء من عند ال و أهل هذه القاليم‬
‫أكمل لوجود العتدال لم فتجده على غاية من التوسط ف مساكنهم و ملبسهم و أقواتم و‬
‫صنائعهم يتخذون البيوت النجدة بالجارة النم قة بال صناعة و يتناغون ف ا ستجادة اللت‬
‫والواع ي ويذهبون ف ذلك إل الغا ية وتو جد لدي هم العادن الطبيع ية من الذ هب و الف ضة و‬
‫الديسد و النحاس و الرصساص و القصسدير و يتصسرفون فس معاملتمس بالنقديسن العزيزيسن و‬
‫يبعدون عسن النراف فس عامسة أحوالمس و هؤلء أهسل الغرب و الشام و الجاز و اليمسن و‬
‫العراقي و الند و السند و الصي و كذلك الندلس و من قرب منها من الفرنة و الللقة و‬
‫الروم و اليونانييس و مسن كان مسع هؤلء أو قريبا منهسم فس هذه القاليسم العتدلة و لذا كان‬
‫العراق و الشام أعدل هذه كلهسا لناس وسسط مسن جيسع الهات‪ .‬و أمسا القاليسم البعيدة مسن‬
‫العتدال م ثل الول و الثان و السادس و السابع فأهلها أبعد من العتدال ف جيع أحوالم‬
‫فبناؤهسم بالطيس و القصسب و أقواتمس مسن الذرة و العشسب و ملبسسهم مسن أوراق الشجسر‬
‫يصفونا عليهم أو اللود و أكثرهم عرايا من اللباس و فواكه بلدهم و أدمها غريبة التكوين‬
‫مائلة إل النراف و معاملتم بغي الجرين الشريفي من ناس أو حديد أو جلود يقدرونا‬
‫للمعاملت و أخلق هم مع ذلك قري بة من خلق اليوانات الع جم ح ت لين قل عن الكث ي من‬
‫السسودان أهسل القليسم الول أنمس يسسكنون الكهوف و الغياض و يأكلون العشسب و أنمس‬
‫متوحشون غي مستأنسي يأكل بعضهم بعضا و كذا الصقالبة و السبب ف ذلك أنم لبعدهم‬
‫عن العتدال يقرب عرض أمزجت هم و أخلق هم من عرض اليوانات الع جم و يبعدون عن‬
‫الن سانية بقدار ذلك و كذلك أحوال م ف الديا نة أيضا فل يعرفون نبؤ ًة و ل يدينون بشري عة‬
‫إل من قرب من هم من جوا نب العتدال و هو ف ال قل النادر م ثل الب شة الجاور ين للي من‬
‫الدائني بالنصرانية فيما قبل السلم و ما بعده لذا العهد و مثل أهل مال و كوكو و التكرور‬
‫الجاورين لرض الغرب الدائني بالسلم لذا العهد يقال أنم دانوا به ف الائة السابعة و مثل‬
‫من دان بالنصرانية من أمم الصقالبة و الفرنة و الترك من الشمال و من سوى هؤلء من أهل‬
‫تلك القاليسم النحرفسة جنوبا و شالً فالديسن مهول عندهسم و العلم مفقود بينهسم و جيسع‬
‫أحوال م بعيدة من أحوال النا سي قري بة من أحوال البهائم و يلق ما ل تعلمون و ل يعترض‬
‫على هذا القول بوجود اليمسن و حضرموت و الحقاف و بلد الجاز و اليمامسة و مسا يليهسا‬
‫من جزيرة العرب ف القل يم الول و الثا ن فأن جزيرة العرب كل ها أحا طت ب ا البحار من‬
‫الهات الثلث ك ما ذكر نا فكان لرطوبت ها أ ثر ف رطو بة هوائ ها فن قص ذلك من الي بس و‬
‫النراف الذي يقتض يه ال ر و صار في ها ب عض العتدال ب سبب رطو بة الب حر‪ .‬و قد تو هم‬
‫ب عض الن سابي م ن ل علم لد يه بطبائع الكائنات أن ال سودان هم ولد حام بن نوح اخت صوا‬
‫بلون السواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها ف لونه و فيما جعل ال من الرق ف عقبه‬
‫و ينقلون ف ذلك حكاية من خرافات القصاص و دعاء نوح على ابنه حام قد وقع ف التوراة‬
‫و ليس فيه ذكر السواد و إنا دعا عليه بأن يكون ولده عبيدا لولد إخوته ل غي و ف القول‬
‫بن سبة ال سواد إل حام غفلة عن طبي عة ال ر و البد و أثره ا ف الواء و في ما يتكون ف يه من‬
‫اليوانات و ذلك أن هذا اللون شلس أهسل القليسم الول و الثانس مسن مزاج هوائهسم للحرارة‬
‫التضاع فة بالنوب فأن الش مس ت سامت رؤو سهم مرت ي ف كل سنة قري بة إحداه ا من‬
‫الخرى فتطول ال سامتة عا مة الف صول فيك ثر الضوء لجل ها و يلح الق يظ الشد يد علي هم و‬
‫ت سود جلود هم لفراط ال ر ونظ ي هذ ين القليم ي م ا يقابله ما من الشمال القل يم ال سابع‬
‫وال سادس ش ل سكانما أيضا البياض من مزاج هوائ هم للبد الفرط بالشمال إذ الش مس ل‬
‫تزال بأفقهم ف دائرة مرأى العي أو ما قرب منها و ل ترتفع إل السامتة و ل ما قرب منها‬
‫فيضعف الر فيها و يشتد البد عامة الفصول فتبيض ألوان أهلها و تنتهي إل الزعورة و يتبع‬
‫ذلك مسا يقتضيسه مزاج البد الفرط مسن زرقسة العيون و برش اللود و صسهوبة الشعور و‬
‫توسطت بينهما القاليم الثلثة الامس و الرابع و الثالث فكان لا ف العتدال الذي هو مزاج‬
‫التوسط حظ وافر و الرابع أبلغها ف العتدال غاية لنهايته ف التوسط كما قدمناه فكان لهله‬
‫من العتدال ف خلقهم و خلقهم ما اقتضاه مزاج أهويتهم و تبعه من جانبيه الثالث و الامس‬
‫و أن ل يبل غا غا ية التو سط ل يل هذا قليل إل النوب الار و هذا قليل إل الشمال البارد إل‬
‫أن ما ل ينته يا إل النراف و كا نت القال يم الرب عة منحر فة و أهل ها كذلك ف خلق هم و‬
‫خلقهم فالول و الثان للحر و السواد و السابع للبد و البياض و يسمى سكان النوب من‬
‫القليم ي الول والثا ن با سم الب شة و الز نج و ال سودان أ ساء متراد فة على ال مم التغية‬
‫بالسواد و إن كان اسم البشة متصا منهم بن تاه مكة و اليمن و الزنج بن تاه بر الند و‬
‫لي ست هذه ال ساء ل م من أ جل انت سابم إل آد مي أ سود ل حام و ل غيه و قد ن د من‬
‫ال سودان أ هل النوب من ي سكن الر بع العتدل أو ال سابع النحرف إل البياض ف تبيض ألوان‬
‫أعقاب م على التدر يج مع اليام و بالع كس في من ي سكن من أ هل الشمال أو الرا بع بالنوب‬
‫فتسود ألوان أعقابم و ف ذلك دليل على أن اللون تابع لزاج الواء قال ابن سينا ف أرجوزته‬
‫ف الطب‬

‫بالزنج حر غي الجساداحت كسا جلودها سوادا‬

‫و الصقلب اكتسبت البياضاحت غدت جلودها بضاضا‬


‫و أ ما أ هل الشمال فلم ي سموا باعتبار ألوان م لن البياض كان لونا ل هل تلك الل غة الواض عة‬
‫للساء فلم يكن فيه غرابة تمل على اعتباره ف التسمية لوافقته و اعتياده و وجدنا سكانه من‬
‫الترك و الصقالبة و الطغر غر و الزر و اللن و الكثي من الفرن ة و يأجوج و مأجوج أساءً‬
‫متفرفةً و أجيالً متعددة مسمي بأساء متنوعة و أما أهل القاليم الثلثة التوسطة أهل العتدال‬
‫ف خلقهم و سيهم و كافة الحوال الطبيعية للعتمار لديهم من العاش و الساكن و الصنائع‬
‫و العلوم و الرئاسسات و اللك فكانست فيهسم النبؤات و اللك و الدول و الشرائع و العلوم و‬
‫البلدان و الم صار و البا ن و الفرا سة و ال صنائع الفائ قة و سائر الحوال العتدلة و أ هل هذه‬
‫القاليم الت وقفنا على أخبارهم مثل العرب و الروم و فارس و بن إسرائيل و اليونان و أهل‬
‫ال سند و ال ند و ال صي‪ .‬و ل ا رأى الن سابون اختلف هذه ال مم ب سماتا و شعار ها ح سبوا‬
‫ذلك ل جل الن ساب فجعلوا أ هل النوب كل هم ال سودان من ولد حام و ارتابوا ف ألوان م‬
‫فتكلفوا ن قل تلك الكا ية الواه ية و جعلوا أ هل الشمال كل هم أو أكثر هم من ولد يا فث و‬
‫أك ثر ال مم العتدلة و أ هل الو سط النتحل ي للعلوم و ال صنائع و اللل و الشرائع و ال سياسة و‬
‫اللك من ولد سام و هذا الز عم إن صادف ال ق ف انت ساب هؤلء فل يس ذلك بقياس مطرد‬
‫إنا هو إخبار عن الواقع ل أن تسمية أهل النوب بالسودان و البشان من أجل انتسابم إل‬
‫حام السود‪ .‬و ما أداهم إل هذا الغلط إل اعتقادهم أن التمييز بي المم إنا يقع بالنساب‬
‫فقط و ليس كذلك فإن التمييز للجيل أو المة يكون بالنسب ف بعضهم كما للعرب و بن‬
‫إ سرائيل و الفرس و يكون بال هة و ال سمة ك ما للز نج و الب شة و ال صقالبة و ال سودان و‬
‫يكون بالعوائد و الشعار و النسسب كمسا للعرب‪ .‬و يكون بغيس ذلك مسن أحوال المسم و‬
‫خواصهم و ميزاتم فتعميم القول ف أهل جهة معينة من جنوب أو شال بأنم من ولد فلن‬
‫العروف لا شلهم من نلة أو لون أو سة وجدت لذلك الب إنا هو من الغاليط الت أوقع‬
‫فيهسا الغفلة عسن طبائع الكوان و الهات أن هذه كلهسا تتبدل فس العقاب و ل يبس‬
‫استمرارها سنة ال ف عباده و لن ت د لسنة ال تبديلً و ال و ر سوله أعلم بغي به و أحكم و‬
‫هو الول النعم الرؤوف الرحيم‪.‬‬
‫القدمة الرابعة ف أثر الواء ف أخلق البشر‬

‫قسد رأينسا مسن خلق السسودان على العموم الفسة و الطيسش و كثرة الطرب فتجدهسم مولعيس‬
‫بالرقص على كل توقيع موصوفي بالمق ف كل قطر و السبب الصحيح ف ذلك أنه تقرر ف‬
‫موض عه من الك مة أن طبي عة الفرح و ال سرور هي انتشار الروح اليوا ن و تفش يه و طبي عة‬
‫الزن بالع كس و هو انقبا ضه و تكاث فه‪ .‬و تقرر أن الرارة مفش ية للهواء و البخار ملخلة له‬
‫زائدة ف كميته و لذا يد النتشي من الفرح و السرور مال يعب عنه و ذلك با يداخل بار‬
‫الروح ف القلب من الرارة العزيز ية ال ت تبعث ها سورة ال مر ف الروح من مزا جه فيتف شى‬
‫الروح و تيء طبيعة الفرح و كذلك ند التنعمي بالمامات إذا تنفسوا ف هوائها و اتصلت‬
‫حرارة الواء ف أرواح هم فت سخنت لذلك حدث ل م فرح و رب ا انب عث الكث ي من هم بالغناء‬
‫الناشئ عن السرور‪ .‬و لا كان السودان ساكني ف القليم الار و استول الر على أمزجتهم‬
‫و فس أصسل تكوينهسم كان فس أرواحهسم مسن الرارة على نسسبة أبدانمس و إقليمهسم فتكون‬
‫أرواح هم بالقياس إل أرواح أ هل القل يم الرا بع أ شد حرا فتكون أك ثر تفشيا فتكون أ سرع‬
‫فرحا و سرورا و أك ثر انب ساطا و ي يء الط يش على أ ثر هذه وكذلك يل حق ب م قليل أ هل‬
‫البلد البحر ية ل ا كان هواؤ ها متضا عف الرارة ب ا ينع كس عل يه من أضواء ب سيط الب حر و‬
‫أشع ته كا نت ح صتهم من توا بع الرارة ف الفرح و ال فة موجودة أك ثر من بلد التلول و‬
‫البال الباردة و قد ند يسيا من ذلك ف أهل البلد الزيرية من القليم الثالث لتوفر الرارة‬
‫فيها و ف هوائها لنا عريقة ف النوب عن الرياف و التلول و اعتب ذلك أيضا بأهل مصر‬
‫فإن ا م ثل عرض البلد الزير ية أو قريبا من ها ك يف غلب الفرح علي هم و ال فة و الغفلة عن‬
‫العواقب حت أنم ل يدخرون أقوات سنتهم و ل شهرهم و عامةً مأكلهم من أسواقهم‪ .‬و لا‬
‫كانست فاس مسن بلد الغرب بالعكسس منهسا فس التوغسل فس التلول الباردة كيسف ترى أهلهسا‬
‫مطرقي إطراق الزن و كيف أفرطوا ف نظر العواقب حت أن الرجل منهم ليدخر قوت سنتي‬
‫من حبوب الن طة و يبا كر ال سواق لشراء قو ته ليو مه ما فة أن يرزأ شيئا من مدخره وتت بع‬
‫ذلك ف القال يم و البلدان ت د ف الخلق أثرا من كيفيات الواء و ال اللق العل يم و قد‬
‫تعرض ال سعودي للب حث عن ال سبب ف خ فة ال سودان و طيش هم و كثرة الطرب في هم و‬
‫حاول تعليله فلم يأت بشيء أكثر من أنه نقل عن جالينوس و يعقوب بن إسحاق الكندي أن‬
‫ذلك لضعف أدمغتهم و ما نشأ عنه من ضعف عقولم و هذا كلم ل مصل له و ل برهان‬
‫فيه و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫القدمة الامسة ف اختلف أحوال العمران ف الصب و الوع و ما ينشأ عن ذلك من‬
‫الثار ف أبدان البشر و أخلقهم‬

‫إعلم أن هذه القاليم العتدلة ليس كلها يوجد با الصب و ل كل سكانا ف رغد من العيش‬
‫بل فيها ما يوجد لهله خصب العيش من البوب و الدم و النطة و الفواكه‪ .‬لزكاء النابت‬
‫و اعتدال الطينة و وفور العمران و فيها الرض الرة الترب ل تنبت زرعا و ل عشبا بالملة‬
‫فسكانا ف شظف من العيش مثل أهل الجاز و جنوب اليمن و مثل اللثمي من صنبهاجة‬
‫السساكني بصسحراء الغرب و أطراف الرمال فيمسا بيس الببر و السسودان فإن هؤلء يفقدون‬
‫البوب و الدم جلةً و إنا أغذيتهم و أقواتم اللبان و اللحوم و مثل العرب أيضا الائلي ف‬
‫القفار فإن م و إن كانوا يأخذون البوب و الدم من التلول إل أن ذلك ف الحاي ي و ت ت‬
‫ربقة من حاميتها و على القلل لقلة وجدهم فل يتوصلون منه إل سد اللة أو دونا فضلً‬
‫عن الرغد و الصب و تدهم يقتصرون ف غالب أحوالم على اللبان و تعوضهم من النطة‬
‫أحسن معاض و تد مع ذلك هؤلء الفاقدين للحبوب و الدم من أهل القفار أحسن حالً ف‬
‫ج سومهم و أخلق هم من أ هل التلول النغم سي ف الع يش فألوان م أ صفى و أبدان م أن قى و‬
‫أشكالم أت و أحسن و أخلقهم أبعد من النراف و أذهانم اثقب ف العارف و الدراكات‬
‫هذا أمر تشهد له التجربة ف كل جيل منهم فكثي ما بي العرب و الببر فيما وصفناه و بي‬
‫اللثمي و أهل التلول يعرف ذلك من خبه و السبب ف ذلك و ال أعلم أن كثرة الغذية و‬
‫كثرة الخلط الفاسدة العفنة و رطوباتا تولد ف السم فضلت رديئةً تنشأ عنها بعد افظارها‬
‫ف غي نسبة و يتبع ذلك انكساف اللوان و قبح الشكال من كثرة اللحم كما قلناه و تغطي‬
‫الرطوبات على الذهان و الفكار باس يصسعد إل الدماغ مسن أبرتاس الرديسة فتجيسء البلدة و‬
‫الغفلة و النراف عن العتدال بالملة و اع تب ذلك ف حيوان الق فر و موا طن الدب من‬
‫الغزال و النعام و الهسا و الزرافسة و المسر الوحشيسة و البقسر مسع أمثالاس مسن حيوان التلول و‬
‫الرياف و الرا عي ال صبة ك يف ت د بين ها بونا بعيدا ف صفاء أدي ها و ح سن رونق ها و‬
‫أشكالا و تناسب أعضائها و حدة مداركها فالغزال أخو العز و الزرافة أخو البعي و المار و‬
‫البقر أخو المار و البقر و البون بينها ما رأيت و ما ذاك إل لجل أن الصب ف التلول فعل‬
‫ف أ بدان هذه من الفضلت الرد ية و الخلط الفا سدة ما ظ هر علي ها أثره و الوع ليوان‬
‫القفر حسن ف خلقها و أشكالا ما شاء و اعتب ذلك ف الدميي أيضا فإنا ند أهل القاليم‬
‫الخصسبة العيسش الكثية الزرع و الضرع و الدم و الفواكسه يتصسف أهلهسا غالبا بالبلدة فس‬
‫أذهانم و الشونة ف أجسامهم و هذا شان الببر النغمسي ف الدم و النطة مع التقشفي‬
‫ف عيشهم القتصرين على الشعي أو الذرة مثل الصامدة منهم و أهل غمارة و السوس فتجد‬
‫هؤلء أحسن حالً ف عقولم و جسومهم و كذا أهل بلد الغرب على الملة النغمسي ف‬
‫الدم و الب مع أهل الندلس الفقود بأرضهم السمن حلةً و غالب عيشهم الذرة فتجد لهل‬
‫الندلس مسن ذكاء العقول و خفسة الجسسام و قبول التعليسم مال يوجسد لغيهسم و كذا أهسل‬
‫الضوا حي من الغرب بالملة مع أ هل ال ضر و الم صار فأن الم صار و إن كانوا مكثر ين‬
‫مثلهم من الدم ومصبي ف العيش إل أن استعمالم إياها بعد العلج بالطبخ و التلطيف با‬
‫يلطون معها فيذهب لذلك غلظها و يرق قوامها و عامة مآكلهم لوم الضأن و الدجاج و ل‬
‫يغبطون السمن من بي الدم لتفاهته فتقل الرطوبات لذلك ف أغذيتهم و يف ما تؤديه إل‬
‫أج سامهم من الفضلت الرد ية فلذلك ت د ج سوم أ هل الم صار أل طف من ج سوم الباد ية‬
‫الخشن ي ف الع يش و كذلك ت د العود ين بالوع من أ هل الباد ية ل فضلت ف ج سومهم‬
‫غليظةً و ل لطيفةً‪ .‬و اعلم أن أثر هذا الصب ف البدن و أحواله يظهر حت ف حال الدين و‬
‫العبادة فنجد التقشفي من أهل البادية أو الاضرة من يأخذ نفسه بالوع و التجاف عن اللذ‬
‫أحسن دينا و إقبالً على العبادة من أهل الترف و الصب بل ند أهل الدين قليلي ف الدن و‬
‫الم صار ل ا يعم ها من الق ساوة و الغفلة الت صلة بالكثار من اللحمان و الدم و لباب الب و‬
‫يتسص وجود العباد و الزهاد لذلك بالتقشفيس فس غذائهسم مسن أهسل البوادي و كذلك ندس‬
‫هؤلء الخصبي ف العيش النغمسي ف طيباته من أهل البادية و من أهل الواضر و المصار‬
‫إذا نزلت ب م ال سنون و أخذت م الجاعات ي سرع إلي هم اللك أك ثر من غي هم م ثل برابرة‬
‫الغرب و أهل مدي نة فاس و مصر فيما يبلغ نا ل مثل العرب أهل الق فر و الصحراء و ل مثل‬
‫أ هل بلد الن خل الذ ين غالب عيش هم الت مر و ل م ثل أ هل أفريق ية لذا الع هد الذ ين غالب‬
‫عيشهم الشعي و الز يت و أهل الندلس الذ ين غالب عيشيم الذرة و الزيت فإن هؤلء و أن‬
‫أخذتم السنون و الجاعات فل تنال منهم ما تنال من أولئك و ل يكثر فيهما اللك بالوع‬
‫بل و ل يندر و السبب ف ذلك و ال أعلم أن النغمسي ف الصب التعودين للدم و السمن‬
‫خصوصا تكتسب من ذلك أمعائهم رطوبة فوق رطوبتها الصلية الزاجية حت تاوز حدها‬
‫فإذا خولف ب ا العادة بقلة القوات و فقدان الدم و ا ستعمال ال شن غ ي الألوف من الغذاء‬
‫أ سرع إل ال عا الي بس و النكماش و هو ضع يف ف الغا ية ف في سرع إل يه الرض و يهلك‬
‫صاحبه دفعةً لنه من القاتل فالالكون ف الجاعات إنا قتلهم الشبع العتاد السابق ل الوع‬
‫الادث الل حق‪ .‬و أ ما التعودون لقلة الدم و ال سمن فل تزال رطوبت هم ال صلية واقفةً ع ند‬
‫حدها من غي زيادة و هي قابلة لميع الغذية الطبيعة فل يقع ف معاهم بتبدل الغذية يبس‬
‫و ل انراف في سلمون ف الغالب من اللك الذي يعرض لغي هم بال صب و كثرة الدم ف‬
‫الآكل و أصل هذا كله أن تعلم أن الغذية و ائتلفها أو تركها إنا هو بالعادة فمن عود نفسه‬
‫غذاء و لءمه تناوله كان له مألوفا و صار الروج عنه و التبدل به داءً ما ل يرج عن غرض‬
‫الغذاء بالملة كالسموم و اليتوع و ما أفرط ف النراف فأما ما وجد فيه التغذي و اللءمة‬
‫فيصي غذاء مألوفا بالعادة فإذا أخذ النسان نفسه باستعمال اللب و البقل عوضا عن النطة‬
‫حت صار له ديدنا فقد حصل له ذلك غذاء و استغن به عن النطة و البوب من غي شك و‬
‫كذا من عود نفسه ال صب على الوع و الستغناء عن الطعام كما ينقل عن أهل الرياضيات‬
‫فإ نا ن سمع عن هم ف ذلك أخبارا غري بة يكاد ينكر ها من ل يعرف ها و ال سبب ف ذلك العادة‬
‫فإن النفس إذا ألفت شيئا صار من جبلتها و طبيعتها لنا كثية التلون فإذا حصل لا اعتياد‬
‫الوع بالتدريج و الرياضة فقد حصل ذلك عادةً طبيعيةً لا و ما يتوهه الطباء من أن الوع‬
‫مهلك فليس على ما يتوهونه إل إذا حلت النفس عليه دفعة و قطع عنها الغذاء بالكلية فإنه‬
‫حينئذ ينحسم العاء و يناله الرض الذي يشى معه اللك و أما إذا كان ذلك القدر تدريا و‬
‫رياضةً بإقلل الغذاء شيئا فشيئا كمسا يفعله التصسوفة فهسو بعزل عسن اللك و هذا التدريسج‬
‫ضروري حت ف الرجوع عن هذه الرياضة فإنه إذا رجع به إل الغذاء الول دفعةً خيف عليه‬
‫اللك و إنا يرجع به كما بدأ ف الرياضة بالتدريج و لقد شاهدنا من يصب على الوع أربعي‬
‫يوما و صالً و أكثر‪ .‬و حضر أشياخنا بجلس السلطان أب السن و قد رفع إليه امرأتان من‬
‫أهل الزيرة الضراء و رندة حبستا أنفسهما عن الكل جلة منذ سني و شاع أمرها و وقع‬
‫اختبارها فصح شأنما و اتصل على ذلك حالما إل أن ماتتا و رأينا كثيا من أصحابنا أيضا‬
‫من يقتصر على حليب شاة من العز يلتقم ثديها ف بعض النهار أو عند الفطار و يكون ذلك‬
‫غذاءه و ا ستدام على ذلك خ س عشرة سنةً و غي هم كثيون و ل ي ستنكر ذلك‪ .‬و اعلم أن‬
‫الوع أ صلح للبدن من إكثار الغذ ية ب كل و جه ل ن قدر عل يه أو على القلل من ها أو على‬
‫القلل منها و إن له أثرا ف الجسام و العقول ف صفاتا و صلحها كما قلناه و اعتب ذلك‬
‫بآثار الغذية الت تصل عنها ف السوم فقد رأينا التغذين بلحوم اليوانات الفاخرة العظيمة‬
‫الثمان تن شأ أجيال م كذلك و هذا مشا هد ف أ هل الباد ية مع أ هل الاضرة و كذا التغذون‬
‫بألبان البل و لومها أيضا مع ما يؤثر ف أخلقهم من الصب و الحتمال و القدرة على حل‬
‫الثقال الوجود ذلك لل بل و تن شأ أمعاؤ هم أيضا على ن سبة أمعاء ال بل ف ال صحة و الغلظ‬
‫فل يطرق ها الو هن و ل ينال ا من مدار الغذ ية ما ينال غي هم فيشربون اليتوعات ل ستطلق‬
‫بطونم غي مجوبة كالنظل قبل طبخه و الدرياس و القربيون و ل ينال أمعاءهم منها ضرر‬
‫و هي لو تناولا أهل الضر الرقيقة أمعاؤهم با نشأت عليه من لطيف الغذية لكان اللك‬
‫أسرع إليهم من طرفة العي لا فيها من السمية و من تأثي الغذية ف البدان ما ذكره أهل‬
‫الفلحة و شاهده أهل التجربة أن الدجاج إذا غذيت بالبوب الطبوخة ف بعر البل و اتذ‬
‫بيضها ث حضنت عليه جاء الدجاج منها أعظم ما يكون و قد يستغنون عن تغذيتها و طبخ‬
‫البوب بطرح ذلك الب عر مع الب يض الح ضن فيج يء دجاج ها ف غا ية الع ظم و أمثال ذلك‬
‫كثية فإذا رأي نا هذه الثار من الغذ ية ف البدان فل شك أن للجوع أيضا آثارا ف البدان‬
‫لن الضد ين على ن سبة واحدة ف ال ستأثي و عد مه فيكون تأث ي الوع ف نقاء البدان من‬
‫الزيادات الفاسدة و الرطوبات الختلطة الخلة بالسم والعقل كما كان الغذاء مؤثرا ف وجود‬
‫ذلك السم و ال ميط بعلمه‪.‬‬

‫القد مة ال سادسة ف أ صناف الدرك ي من الب شر بالفطرة أو الريا ضة و يتقد مه الكلم ف‬


‫الوحي و الرؤيا‬

‫إعلم أن ال سبحانه ا صطفى من الب شر أشخا صا فضل هم بطا به و فطر هم على معرف ته و‬
‫جعل هم و سائل بين هم و ب ي عباده يعرفون م ب صالهم و يرضون م على هدايت هم و يأخذون‬
‫بجزاتم عن النار و يدلون م على طريق النجاة و كان فيما يلق يه إليهم من العارف ويظهره‬
‫على أل سنتهم من الوارق و الخبار الكائنات الغي بة عن الب شر ال ت ل سبيل إل معرفت ها إل‬
‫من ال بوساطتهم و ل يعلمونا إل بتعليم ال إياهم قال صلى ال عليه وسلم أل و أن ل أعلم‬
‫إل ما علمن ال و اعلم أن خبهم ف ذلك من خاصيته و ضرورته الصدق لا يتبي لك عند‬
‫بيان لك عند بيان حقيقة النبؤة و علمة هذا الصنف من البشر أن توجد لم ف حال الوحي‬
‫غيبة عن الاضرين معهم مع غطيط كأنا غشي أو إغماء ف رأي العي و ليست منهما ف‬
‫شيء و إنا هي ف القيقة استغراق ف لقاء اللك الروحان بإدراكهم الناسب لم الارج عن‬
‫مدارك الب شر بالكل ية ث يتنل إل الدارك البشر ية إ ما ب سماع دوي من الكلم فيتفه مه أو‬
‫يتمثل له صورة شخص ياطبه با جاء به من عند ال ث تنجلي عنه تلك الال و قد وعى ما‬
‫القي إليه قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬و قد سئل عن الوحي أحيانا يأتين مثل صلصلة الرس و‬
‫هو أشده علي فيفصم عن و قد وعيت ما قال و أحيانا يتمثل ل اللك رجل فيكلمن فأعي‬
‫ما يقول و يدركه أثناء ذلك من الشدة و الغط مال يعب عنه ففي الديث كان ما يعال من‬
‫التن يل شدة و قالت عائ شة كان ينل عل يه الو حي ف اليوم الشد يد البد فيف صم ع نه و إن‬
‫جبينه ليتف صد عرقا و قال تعال‪ :‬إ نا سنلقي عل يك قولً ثقيلً و ل جل هذه الغا ية ف تنل‬
‫الو حي كان الشركون يرمون ال نبياء بالنون و يقولون له رئي أو تا بع من ال ن و إن ا ل بس‬
‫علي هم ب ا شاهدوه من ظا هر تلك الحوال و من يضلل ال ف ما له من هاد‪ .‬و من علمات م‬
‫أيضا أنه يوجد لم قبل الوحي خلق الي و الزكاء و مانبة الذمومات و الرجس أجع و هذا‬
‫هو معن العصمة و كأنه مفطور على التنه عن الذمومات و النافرة لا و كأنا منافية لبلته و‬
‫فس الصسحيح أنسه حلس الجارة و هسو غلم مسع عمسه العباس لبناء الكعبسة فجعلهسا فس إزاره‬
‫فانك شف ف سقط مغشيا عل يه ح ت ا ستتر بإزاره و د عي إل مت مع ولي مة في ها عرس و ل عب‬
‫فأصابه غشي النوم إل أن طلعت الشمس و ل يضر شيئا من شأنم بل نزهه ال عن ذلك‬
‫كله حت إنه ببلته يتنه عن الطعومات الستكرهة فقد كان صلى ال عليه و سلم ل يقرب‬
‫البصل و الثوم فقيل له ف ذلك فقال إن أناجي من ل تناجون و انظر لا أخب النب صلى ال‬
‫عليه و سلم خدية رضي ال عنها بال الوحي أول ما فجأته و أرادت اختباره فقالت اجعلن‬
‫بي نك و ب ي ثو بك فل ما ف عل ذلك ذ هب ع نه فقالت إ نه ملك و ل يس بشيطان و معناه أ نه ل‬
‫يقرب النساء و كذلك سألته عن أحب الثياب إليه أن يأتيه فيها فقال البياض و الضرة فقالت‬
‫إنسه اللك يعنس أن البياض و الضرة مسن ألوان اليس و اللئكسة و السسواد مسن ألوان الشسر و‬
‫الشياطيس و أمثال ذلك‪ .‬و مسن علماتمس أيضا دعاؤهسم إل الديسن و العبادة مسن الصسلة و‬
‫الصدقة و العفاف و قد استدلت خدية على صدقه صلى ال عليه و سلم بذلك و كذلك أبو‬
‫بكر و ل يتاجا ف أمره إل دليل خارج عن حاله و خلقه و ف الصحيح أن هرقل حي جاءه‬
‫كتاب النب صلى ال عليه و سلم يدعوه إل السلم أحضر من وجد ببلده من قريش و فيهم‬
‫أبو سفيان ليسألم عن حاله فكان فيما سأل أن قال با يأمركم فقال أبو سفيان بالصلة و‬
‫الزكاة و ال صلة و العفاف إل آ خر ما سأل فأجا به فقال إن ي كن ما تقول حقا ف هو نب و‬
‫سيملك ما تت قدمي هاتي و العفاف الذي أشار إليه هرقل هو العصمة فانظر كيف أخذ‬
‫من العصمة و الدعاء إل الدين والعبادة دليلً على صحة نبؤته و ل يتج إل معجزة فدل على‬
‫أن ذلك من علمات النبؤة‪ .‬و من علمات م أيضا أن يكونوا ذوي ح سب ف قوم هم و ف‬
‫الصحيح ما بعث ال نبيا إل ف منعة من قومه و ف رواية أخرى ف ثروة من قومه استدركه‬
‫الاكم على الصحيحي و ف مسئلة هرقل لب سفيان كما هو ف الصحيح قال كيف هو‬
‫فيكم فقال أبو سفيان هو فينا ذو حسب فقال هرقل والرسل تبعث ف أحساب قومها و معناه‬
‫أن تكون له ع صبة و شو كة تن عه عي أذى الكفار ح ت يبلغ ر سالة ر به و ي تم مراد ال من‬
‫إكمال دي نه و مل ته‪ .‬و من علمات م أيضا وقوع الوارق ل م شاهدةً ب صدقهم و هي أفعال‬
‫يعجز البشر عن مثلها فسميت بذلك معجزةً و ليست من جنس مقدور العباد و إنا تقع ف‬
‫غي مل قدرتم و للناس ف كيفية وقوعها و دللتها على تصديق النبياء خلف فالتكلمون‬
‫بناء على القول بالفاعل الختار قائلون بأنا و اقعة بقدرة ال ل بفعل النب و إن كانت أفعال‬
‫العباد ع ند العتزلة صادرة عن هم إل أن العجزة ل تكون من ج نس أفعال م و ل يس لل نب في ها‬
‫عند سائر التكلمي إل التحدي با بأذن ال و هو أن يستدل با النب صلى ال عليه و سلم‬
‫قبل وقوعها على صدقه ف مدعاه فإذا وقعت تنلت منلة القول الصريح من ال بأنه صادق و‬
‫تكون دللتهسا حينئذ على الصسدق قطعيسة فالعجزة الدالة بجموع الارق و التحدي و لذلك‬
‫كان التحدي جزء منها و عبارة التكلمي صفة نفسها و هو واحد لنه معن الذات عندهم و‬
‫التحدي هو الفارق بين ها و ب ي الكرا مة و ال سحر إذ ل حا جة فيه ما إل الت صديق فل وجود‬
‫للتحدي إل إن و جد اتفاقا و إن و قع التحدي ف الكرا مة ع ند من ييز ها و كا نت ل ا دللة‬
‫فإنا هي على الولية و هي غي النبؤة و من هنا منع الستاذ أبو إسحق و غيه وقوع الوارق‬
‫كرامة فرارا من اللتباس بالنبؤة عند التحدي بالولية و قد أريناك الغايرة بينهما و إنه يتحدى‬
‫بغي ما يتحدى به النب فل لبس على أن النقل عن الستاذ ف ذلك ليس صريا و ربا حل‬
‫على إنكار لن تقع خوارق ال نبياء ل م بناء على اخت صاص كل من الفريق ي بوار قه‪ .‬و أما‬
‫العتزلة فالا نع من وقوع الكرا مة عند هم أن الوارق لي ست من أفعال العباد و أفعال م معتادة‬
‫فل فرق و أما وقوع ها على يد الكاذب تلبي سا ف هو مال أ ما ع ند الشعر ية فلن صفة ن فس‬
‫العجزة التصسديق و الدايسة فلو وقعست بلف ذلك انقلب الدليسل شبهةً و الدايسة ضللةً و‬
‫التصديق كذبا و استحالت القائق و انقلبت صفات النفس و ما يلزم من فرض وقوعه الحال‬
‫ل يكون مكنا و أ ما ع ند العتزلة فلن وقوع الدل يل شب هة و الدا ية ضللة قب يح فل ي قع من‬
‫ال‪ .‬و أمسا الكماء فالارق عندهسم مسن فعسل النسب و لو كان فس غيس ملس القدرة بناء على‬
‫مذهبهسم فس الياب الذاتس و وقوع الوادث بعضهسا عسن بعسض متوقسف عسن السسباب و‬
‫الشروط الاد ثة م ستندة أخيا إل الوا جب الفا عل بالذات ل بالختيار و أن الن فس النبو ية‬
‫عند هم ل ا خواص ذات ية من ها صدور هذه الوارق بقدر ته و طا عة العنا صر له ف التكو ين و‬
‫النب عندهم مبول على التصريف ف الكوان مهما توجه إليها و استجمع لا با جعل ال له‬
‫من ذلك و الارق عندهم يقع للنب سواء كان للتحدي أم ل يكن و هو شاهد بصدقه من‬
‫حيث دلل ته على ت صرف ال نب ف الكوان الذي هو من خواص الن فس النبو ية ل بأ نه يتنل‬
‫منلة القول الصريح بالتصديق فلذلك ل تكون دللتها عندهم قطعيةً كما هي عند التكلمي‬
‫و ل يكون التحدي جزأ مسن العجزة و ل يصسح فارقا لاس عسن السسحر و الكرامسة و فارقهسا‬
‫عند هم عن ال سحر أن ال نب مبول على أفعال ال ي م صروف عن أفعال ال شر فل يلم ال شر‬
‫بوار قه و ال ساحر على ال ضد فأفعاله كل ها شر و ف مقا صد ال شر و فارق ها عن الكرا مة أن‬
‫خوارق ال نب م صوصة كال صعود إل ال سماء و النفوذ ف الج سام الكثي فة و إحياء الو تى و‬
‫تكل يم اللئ كة و الطيان ف الواء و خوارق الول دون ذلك كتكث ي القل يل و الد يث عن‬
‫بعض الستقبل و أمثاله ما هو قاصر عن تصريف النبياء و يأت النب بميع خوارقه و ل يقدر‬
‫هو على م ثل خوارق ال نبياء و قد قرر ذلك الت صوفة في ما كتبوه ف طريقت هم و لقنوه ع من‬
‫أخبهم و إذا تقرر ذلك فاعلم أن أعظهم العجزات و أشرفها و أوضحها دللة القرآن الكري‬
‫النل على نبينا ممد صلى ال عليه و سلم فإن الوارق ف الغالب تقع مغايرةً للوحي الذي‬
‫يتلقاه ال نب و يأ ت بالعجزة شاهدة ب صدقه و القرآن هو بنف سه الو حي الد عى و هو الارق‬
‫العجز فشاهده ف عينه و ل يفتقر إل دليل مغاير له كسائر العجزات مع الوحي فهو أوضح‬
‫دللة لتاد الدليل و الدلول فيه وهذا معن قوله صلى ال عليه و سلم ما من نب من النبياء‬
‫إل و أ ت من اليات ما مثله آ من عل يه الب شر و إن ا كان الذي أوتي ته و حيا أو حى إل فأ نا‬
‫أرجو أن أكون تابعا يوم القيامة يشي إل أن العجزة مت كانت بذه الثابة ف الوضوح و قوة‬
‫الدللة و هو كونا نفس الوحي كان الصدق لا أكثر لوضوحها فكثر الصدق الؤمن و هو‬
‫التابع و المة‪.‬‬

‫و لنذكر الن تفسي حقيقة النبؤة على ما شرحه كثي من الحققي ث نذكر حقيقة الكهانة‬
‫ث الرؤيا ث شان العرافي و غي ذلك من مدارك الغيب فنقول‬

‫إعلم‪ .‬أرشدنسا ال و إياك أنسا نشاهسد هذا العال باس فيسه مسن الخلوقات كلهسا على هيئة مسن‬
‫الترت يب و الحكام و ر بط ال سباب بال سببات و ات صال الكوان بالكوان و ا ستحالة ب عض‬
‫الوجودات إل ب عض ل تنقضسي عجائ به فس ذلك و ل تنت هي غايا ته و أبدأ من ذلك بالعال‬
‫الح سوس الثما ن و أولً عال العنا صر الشاهدة ك يف تدرج صاعدا من الرض إل الاء ث‬
‫إل الواء ث إل النار متصلً بعضها ببعض و كل واحد منها مستعد إل أن يستحيل إل ما يليه‬
‫صاعدا و هابطا و ي ستحيل ب عض الوقات و ال صاعد من ها أل طف م ا قبله إل أن ينت هي إل‬
‫عال الفلك و هو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة ل يدرك الس‬
‫من ها إل الركات فقط و با يهتدي بعض هم إل معر فة مقادير ها و أوضاعها و ما ب عد ذلك‬
‫من وجود الذوات الت لا هذه الثار فيها ث انظر إل عال التكوين كيف ابتدأ من العادن ث‬
‫النبات ث اليوان على هيئة بدي عة من التدر يج آ خر أ فق العادن مت صل بأول أ فق النبات م ثل‬
‫الشائش و ما ل بذر له و آخر أفق النبات مثل النخل و الكرم متصل بأول أفق اليوان مثل‬
‫اللزون و الصدف و ل يوجد لما إل قوة اللمس فقط و معن التصال ف هذه الكونات أن‬
‫آخر أفق منها مستعد بالستعداد الغريب لن يصي أول أفق الذي بعده و اتسع عال اليوان و‬
‫تعددت أنواعه و انتهى ف تدريج التكوين إل النسان صاحب الفكر و الروية ترتفع إليه من‬
‫عال القدرة الذي اجتمع فيه الس و الدراك و ل ينته إل الروية و الفكر بالفعل و كان ذلك‬
‫أول أفق من النسان بعده و هذا غاية شهودنا ث إنا ند ف العوال على اختلفها آثارا متنوعةً‬
‫ففي عال الس آثار من حركات الفلك و العناصر و ف عال التكوين آثار من حركة النمو‬
‫و الدراك تشهد كلها بأن ل ا مؤثرا مباينا للجسام فهو روحان و يتصل بالكونات لوجود‬
‫اتصال هذا العال ف و جودها و لذلك هو النفس الدركة و الحركة و ل بد فوقها من وجود‬
‫آ خر يعطي ها قوى الدراك و الر كة و يت صل ب ا أيضا و يكون ذا ته إدرا كا صرفا و تعقلً‬
‫مضا و هو عال اللئكة فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للنسلخ من البشرية إل‬
‫اللكية ليصي بالفعل من جنس اللئكة وقتا من الوقات ف لحة من اللمحات و ذلك بعد أن‬
‫تك مل ذات ا الروحان ية بالف عل ك ما نذكره ب عد و يكون ل ا ات صال بال فق الذي بعد ها شأن‬
‫الوجودات الرتبة كما قدمناه فلها ف التصال جهتا العلو و السفل و هي متصلة بالبدن من‬
‫أ سعف من ها و تكت سب به الدارك ال سية ال ت ت ستعد ب ا للح صو ل على التع قل بالف عل و‬
‫مت صلة من ج هة العلى من ها بأ فق اللئ كة و مكت سبة به الدارك العلم ية و الغيب ية فإن عال‬
‫الوادث موجود ف تعقلت م من غ ي زمان و هذا على ما قدمناه من الترت يب الح كم ف‬
‫الوجود بات صال ذوا ته و قواه بعض ها بب عض ث إن هذه الن فس الن سانية غائ بة عن العيان و‬
‫آثارهسا ظاهرة فس البدن فكأنسه و جيسع أجزائه متمعةً و مفترقةً آلت للنفسس و لقواهسا أمسا‬
‫الفاعلية فالبطش باليد و الشي بالرجل و الكلم باللسان و الركة الكلية بالبدن متدافعا و أما‬
‫الدركة و إن كانت قوى الدراك مرتبة و مرتقيةً إل القوة العليا منها و من الفكرة الت يعب‬
‫عنها بالناطقة فقوى الس الظاهرة بآلته من السمع و البصر و سائرها يرتقي إل الباطن و‬
‫أوله ال س الشترك و هو قوة تدرك الح سوسات مب صرةً و م سموع ًة وملمو سةً و غي ها ف‬
‫حالة واحدة و بذلك فار قت قوة ال س الظا هر لن الح سوسات ل تزد حم علي ها ف الو قت‬
‫الواحد ث يؤديه الس الشترك إل اليال و هي قوة تثل الشي الحسوس ف النفس كما هو‬
‫مرد عن الواد الارجة فقط و آلة هاتي القوتي ف تصريفهما البطن الول من الدماغ مقدمه‬
‫للول و مؤخرة للثان ية ث يرت قي اليال إل الواه ة و الاف ظة فالواه ة لدراك العا ن التعل قة‬
‫بالشخ صيات كعداوة ز يد و صداقة عمرو و رح ة الب و افتراس الذئب و الاف ظة لبداع‬
‫الدركات كلها متخيلةً و هي لا كالزانة تفظها لوقت الاجة إليها و آلة هاتي القوتي ف‬
‫ت صريفهما الب طن الؤ خر من الدماغ أوله للول و مؤخره للخرى ث ترت قي جيع ها إل قوة‬
‫الفكر و آلته البطن الوسط من الدماغ و هي القوة الت يقع با حركة الرؤية و التوجه نو‬
‫التعقل فتحرك النفس با دائما لا ركب فيها من النوع للتخلص من درك القوة و الستعداد‬
‫الذي للبشريسة و ترج إل الفعسل فس تعقلهسا متشبهةً بالل العلى الروحانس و تصسي فس أول‬
‫مرا تب الروحانيات ف إدراك ها بغ ي اللت ال سمانية ف هي متحر كة دائما و متوج هة ن و‬
‫ذلك و قد تن سلخ بالكل ية من البشر ية و روحانيت ها إل اللك ية من ال فق العلى من غ ي‬
‫اكتساب بل با جعل ال فيها من البلة و الفطرة الول ف ذلك‪.‬‬

‫أصناف النفوس البشرية‬

‫إن النفوس البشرية على ثلثة أصناف‪ :‬صنف عاجز بالطبع عن الوصول فينقطع بالركة إل‬
‫الهة السفلى نو الدارك السية و اليالية و تركيب العان من الافظة و الواهة على قواني‬
‫م صورة و ترت يب خاص ي ستفيدون به العلو م الت صورية و الت صديقية ال ت للف كر ف البدن و‬
‫كلها خيال منحصر نطاقه إذ هو من جهة مبدإه ينتهي إل الوليات و ل يتجاوزها و إن فسد‬
‫فسد ما بعدها و هذا هو ف الغلب نطاق الدراك البشري ف السمان و إليه تنتهي مدارك‬
‫العلماء و ف يه تر سخ أقدام هم‪ .‬و صنف متو جه بتلك الر كة الفكر ية ن و الع قل الروحا ن و‬
‫الدراك الذي ل يفتقسر إل اللت البدنيسة باس جعسل فيسه مسن السستعداد لذلك فيتسسع نطاق‬
‫إدرا كه عن الوليات ال ت هي نطاق الدراك الول الب شر ف و ي سرح ف فضاء الشاهدات‬
‫الباطنية و هي وجدان كلها نطاق من مبدإها و ل من منتهاها و هذه مدارك العلماء الولياء‬
‫أهل العلوم الدينية و العارف الربانية و هي الاصلة بعد الوت لهل السعادة ف البزخ‪.‬‬

‫الوحي‬

‫و صنف مفطور على الن سلخ من البشر ية جلة ج سمانيتها و روحانيت ها إل اللئ كة من‬
‫الفسق العلى ليصسي فس لحسة مسن اللمحات ملكا بالفعسل و ي صل له شهود الل العلى ف‬
‫أفقهم و ساع الكلم النفسان و الطاب اللي ف تلك اللمحة و هؤلء النبياء صلوات ال‬
‫و سلمه عليهم جعل ال لم النسلخ من البشرية ف تلك اللمحة و هي حالة الوحي فطره‬
‫فطرهم ال عليها و جبلة صورهم فيها و نزههم عن موانع البدن و عوائقه ما داموا ملبسي‬
‫لا بالبشرية با ركب ف غرائزهم من القصد و الستقامة الت ياذون با تلك الوجهة وركز‬
‫ف طبائعهم رغبةً ف العبادة تكشف بتلك الوجهة و تسيغ نوها فهم يتوجهون إل ذلك الفق‬
‫بذلك النوع من النسلخ مت شاءوا بتلك الفطرة الت فطروا عليها ل باكتساب و ل صناعة‬
‫فلذا توجهوا و انسلخوا عن بشريتهم و تلقوا ف ذلك الل العلى ما يتلقونه‪ ،‬و عاجوا به على‬
‫الدارك البشر ية منلً ف قوا ها لك مة التبل يغ للعباد فتارةً ي سمع أحد هم دويا كأ نه ر مز من‬
‫الكلم يأخذ منه العن الذي ألقي إليه فل ينقضي الدوي إل و قد وعاه و فهمه و تار ًة يتمثل‬
‫له اللك الذي يلقسي إليسه رجلً فيكلمسه و يعسي مسا يقوله و التلقسى مسن اللك و الرجوع إل‬
‫الدارك البشرية و فهمه ما ألقي عليه كله كأنه ف لظة واحدة بل أقرب من لح البصر لنه‬
‫ليس ف زمان بل كلما تقع جيعا فيظهر كأنا سريعة و لذلك سيت وحيا لن الوحي ف اللغة‬
‫السراع و اعلم أن الول و هي حالة الدوي هي رتبة النبياء غي الرسلي على ما حققوه و‬
‫ل ياطب هي رتبة النبياء الرسلي و لذلك كانت أكمل من‬ ‫الثانية و هي حالة تثل اللك رج ً‬
‫الول و هذا معن الديث الذي فسر فيه النب صلى ال عليه و سلم الوحي لا سأله الارث‬
‫بن هشام و قال‪ :‬ك يف يأت يك الو حي ؟ فقال‪ :‬أحيانا يأتي ن م ثل صلصلة الرس و هو أشده‬
‫علي فيفصم عن و قد وعيت ما قال و أحيانا يتم ثل ل اللك فيكلمن فأعي ما يقول و إنا‬
‫كانت الول أشد لنا مبدأ الروج ف ذلك التصال من القوة إل الفعل فيعسر بعض العسر‬
‫و لذلك لا عاج فيها على الدارك البشرية اختصت بالسمع و صعب ما سواه و عندما يتكرر‬
‫الوحي و يكثر التلقي يسهل ذلك التصال فعندما يعرج إل الدارك البشرية يأت على جيعها‬
‫و خصوصا الوضح منها و هو إدراك البصر و ف العبارة عن الوعي ف الول بصيغة الاضي‬
‫و ف الثانية بصيغة الضارع لطيفة من البلغة و هي أن الكلم جاء ميء التمثيل لالت الوحي‬
‫فم ثل الالة الول بالدوي الذي هو ف التعارف غ ي كلم و أ خب أن الف هم و الو عي يتب عه‬
‫غسب انقضائه فناسسب عنسد تصسوير انقضائه و انفصساله العبارة عسن الوعسي بالاضسي الطابسق‬
‫للنقضاء و النقطاع و م ثل اللك ف الالة الثان ية بر جل يا طب و يتكلم و الكلم ي ساوقه‬
‫الوعي فناسب العبارة بالضارع القتضي للتجدد‪ .‬واعلم أن ف حالة الوحي كلها صعوبةً على‬
‫الملة و شدة قد أشار إلي ها القرآن قال تعال‪ :‬إ نا سنلقي عل يك قول ثقيل و قالت عائ شة‪:‬‬
‫كان ما يعان من التنيل شدة و قالت‪ :‬كان عليه الوحي ف اليوم الشديد البد فيفصم عنه و‬
‫أن جبينه ليتف صد عرقا‪ .‬و لذلك كان يدث ع نه ف تلك الالة من الغي بة و الغط يط ما هو‬
‫معروف و سبب ذلك أن الو حي كما قرر نا مفارقة البشر ية إل الدارك اللكية و تل قي كلم‬
‫الن فس فيحدث ع نه شدة من مفارقة الذات ذات ا و ان سلخها عنها من أفق ها إل ذلك ال فق‬
‫الخر و هذا هو معن الغط الذي عب به ف مبدإ الوحي ف قوله فغطن حت بلغ من الهد ث‬
‫أر سلن فقال اقرأ فقلت ما إ نا بقارئ و كذا ثان ية و ثال ثة‪ .‬ك ما ف الد يث و قسد يف ضي‬
‫العتياد بالتدريسج فيسه شيئا فشيئا إل بعسض السسهولة بالقياس إل مسا قبله و لذلك كان تنل‬
‫نوم القرآن و سوره و آ يه ح ي كان ب كة أق صر من ها و هو بالدي نة و ان ظر إل ما ن قل ف‬
‫نزول سورة براءة ف غزوة تبوك و أنا نزلت كلها أو أكثرها عليه و هو يسي على ناقته بعد‬
‫أن كان بكة ينل عليه بعض السورة من قصار الفصل ف وقت و ينل الباقي ف حي آخر و‬
‫كذلك كان آخر ما نزل بالدينة آية الدين و هي ما هي ف الطول بعد أن كانت الية تنل‬
‫ب كة م ثل آيات الرح ن و الذاريات و الد ثر و الض حى و الفلق و أمثال ا‪ .‬و اع تب من ذلك‬
‫علمة تيز با بي الكي و الدن من السور و اليات و ال الرشد إل الصواب‪ .‬هذا مصل‬
‫أمر النبؤة‪.‬‬

‫الكهانة‬

‫و أما الكهانة فهي أيضا من خواص النفس النسانية و ذلك أنه قد تقدم لنا ف جيع ما مر أن‬
‫للنفس النسانية استعدادا للنسلخ من البشرية إل الروحانية الت فوقها و أنه يصل من ذلك‬
‫لحة للبشر ف صنف النبياء با فطروا عليه من ذلك و تقرر أنه يصل لم من غي اكتساب و‬
‫ل استعانة بشيء من الدارك و ل من التصورات و ل من الفعال البدنية كلما أو حركةً و ل‬
‫بأمر من المور إنا هو انسلخ من البشرية إل اللكية بالفطرة ف لظة أقرب من لح البصر و‬
‫إذا كان كذلك و كان ذلك ال ستعداد موجودا ف الطبي عة البشر ية فيع طى التق سيم العقلي و‬
‫إن هنا صنفا آخر من البشر ناقصا عن رتبة الصنف الول نقصان الضد عن ضده الكامل لن‬
‫عدم الستعانة ف ذلك الدراك ضد الستعانة فيه و شتان ما بينهما فإذا أعطي تقسيم الوجود‬
‫إل ه نا صنفا آ خر من الب شر مفطورا على أن تتحرك قو ته العقل ية حركت ها الفكر ية بالرادة‬
‫عند ما يبعث ها النوع لذلك و هي ناق صة ع نه بالبلة عند ما يعوق ها الع جز عن ذلك تش بث‬
‫بأمور جزئ ية م سوسة أو متخيلة كالج سام الشفا فة و عظام اليوانات و سجع الكلم و ما‬
‫سنح من طي أو حيوان فيستدي ذلك الحساس أو التخيل مستعينا به ف ذلك النسلخ الذي‬
‫يق صده و يكون كالش يع له و هذه القوة ال ت في هم مبدأ لذلك الدراك هي الكها نة و لكون‬
‫هذه النفوس مفطورةً على النقص و القصور عن الكمال كان إدراكها ف الزئيات أكثر من‬
‫الكليات و لذلك تكون الخيلة فيهم ف غاية القوة لنا آلة الزئيات فتنفذ فيها نفوذا تاما ف‬
‫نوم أو يقظة و تكون عندها حاضرةً عتيدةً تضرها الخيلة و تكون لا كالرآة تنظر فيها دائما‬
‫و ل يقوى الكا هن على الكمال ف إدراك العقولت لن وح يه من و حي الشيطان و أرفسع‬
‫أحوال هذا ال صنف أن ي ستعي بالكلم الذي ف يه ال سجع و الواز نة ليشت غل به عن الواس و‬
‫يقوى ب عض الش يء على ذلك الت صال النا قص فيه جس ف قل به عن تلك الر كة و الذي‬
‫يشيعها من ذلك الجنب ما يقذفه على لسانه فربا صدق و وافق الق و با كذب لنه يتمم‬
‫نقصه بأمر أجنب عن ذاته الدركة و مباين لا غي ملئم فيعرض له الصدق و الكذب جيعا و‬
‫ل يكون موثوقا به و ربا يفزع إل الظنون و التخمينات حرصا على الظفر بالدراك بزعمه و‬
‫تويها على السائلي و أصحاب هذا السجع هم الخصوصون باسم الكهان لنم أرفع سائر‬
‫أصنافهم و قد قال صلى ال عليه و سلم ف مثله هذا من سجع الكهان فجعل السجع متصا‬
‫بم بقتضى الضافة و قد قال لبن صياد حي سأله كاشفا عن حاله بالخبار كيف يأتيك‬
‫هذا المسر ؟ قال‪ :‬يأتينس صسادقا و كاذبا فقال‪ :‬خلط عليسك المسر يعنس أن النبؤة خاصستها‬
‫الصدق فل يعتريها الكذب بال لنا اتصال من ذات النب بالل العلى من غي مشيع و ل‬
‫استعانة بأجنب و الكهانة لا احتاج صاحبها بسبب عجزه إل الستعانة بالتصورات الجنبية‬
‫كانت داخلة ف إدراكه و التبست بالدراك الذي توجه إليه فصار متلطا با و طرقه الكذب‬
‫من هذه الهة فامتنع أن تكون نبؤة و إنا قلنا إن أرفع مراتب الكهانة حالة السجع لن معن‬
‫السجع أخفه من سائر الغيبات من الرئيات و السموعات و تدل خفة العن على قرب ذلك‬
‫التصال و الدراك و البعد فيه عن العجز بعض الشيء و قد زعم بعض الناس أن هذه الكهانة‬
‫قد انقطعت منذ زمن النبؤة با وقع من شأن رجم الشياطي بالشهب ب ي يدي البع ثة و أن‬
‫ذلك كان لنعهم من خب السماء كما وقع ف القرآن و الكهان إنا يتعرفون أخبار السماء من‬
‫الشياطي فبطلت الكهانة من يومئذ و ل يقوم من ذلك دليل لن علوم الكهان كما تكون من‬
‫الشياطي تكون من نفوسهم أيضا كما قررناه و أيضا فالية إنا دلت على منع الشياطي من‬
‫نوع واحد من أخبار السماء و هو ما يتعلق بب البعثة و ل ينعوا ما سوى ذلك‪ .‬و أيضا فإنا‬
‫كان ذلك النقطاع ب ي يدي النبؤة ف قط و لعل ها عادت ب عد ذلك إل ما كا نت عل يه و هذا‬
‫هو الظا هر لن هذه الدارك كل ها ت مد ف ز من النبؤة ك ما ت مد الكوا كب و ال سرج ع ند‬
‫وجود الشمس لن النبؤة هي النور العظم الذي يفى معه كل نور و يذهب‪.‬‬
‫و قد زعم بعض الكماء أنا إنا توجد بي يدي النبؤة ث تنقطع و هكذا كل نبؤة وقعت لن‬
‫وجود النبوة ل بد له من وضع فلكي يقتضيه و ف تام ذلك الوضع تام تلك النبؤة الت تدل‬
‫عليها و نقص ذلك الوضع عن التمام يقتضي وجود طبيعة من ذلك النوع الذي يقتضيه ناقصة‬
‫و هو مع ن الكا هن على ما قررناه فق بل أن ي تم ذلك الو ضع الكا مل ي قع الو ضع النا قص و‬
‫يقتضسي وجود الكاهسن إمسا واحدا أو متعددا فإذا تس ذلك الوضسع تس وجود النسب بكماله و‬
‫انق ضت الوضاع الدالة على م ثل تلك الطبي عة فل يو جد من ها ش يء ب عد و هذا بناء على أن‬
‫بعض الوضع الفلكي يقتضي بعض أثره و هو غي مسلم‪ .‬فلعل الوضع إنا يقتضي ذلك الثر‬
‫بيئته الالصة و لو نقص بعض أجزائها فل يقتضي شيئا‪ ،‬ل إنه يقتضي ذلك الثر ناقصا كما‬
‫قالوه‪ .‬ث إن هؤلء الكهان إذا عاصروا زمن النبؤة فإنم عارفون بصدق النب و دللة معجزته‬
‫لن ل م ب عض الوجدان من أ مر النبؤة ك ما ل كل إن سان من أ مر اليوم و معقوب ية تلك الن سبة‬
‫موجودة للكاهن بأشد ما للنائم و ل يصدهم عن ذلك و يوقعهم ف التكذيب إل قوة الطامع‬
‫ف أنا نبؤة لم فيقعون ف العناد كما وقع لمية بن أب الصلت فإنه كان يطمع أن يتنبأ و كذا‬
‫و قع ل بن صياد و ل سيلمة و غي هم فإذا غلب اليان و انقط عت تلك الما ن آمنوا أح سن‬
‫إيان ك ما و قع لطلي حة ال سدي و سواد بن قارب و كان ل ما ف الفتوحات ال سلمية من‬
‫الثار الشاهدة بسن اليان‪.‬‬

‫الرؤيا‬

‫و أما الرؤيا فحقيقتها مطالعة النفس الناطقة ف ذاتا الروحانية لحة من صور الواقعات فإنا‬
‫عندمسا تكون روحانيسة تكون صسور الواقعات فيهسا موجودة بالفعسل كمسا هسو شأن الذوات‬
‫الروحانية كلها و تصي روحانية بأن تتجرد عن الواد السمانية و الدارك البدنية و قد يقع لا‬
‫ذلك لحة بسبب النوم كما نذكر فتقتبس با علم ما تتشوف إليه من المور الستقبلة و تعود‬
‫بسه إل مداركهسا فإن كان ذلك القتباس ضعيفا و غيس جلي بالحاكاة و الثال فس اليال‬
‫لتخلصه فيحتاج‪ .‬من أجل هذه الحاكاة إل التعبي و قد يكون القتباس قويا يستغن فيه عن‬
‫الحاكاة فل يتاج إل تعبي للوصه من الثال و اليال و السبب ف وقوع هذه اللمحة للنفس‬
‫أن ا ذات روحان ية بالقوة م ستكملة بالبد ن و مدار كه ح ت ت صي ذات ا تعقلً مضا و يك مل‬
‫وجودها بالفعل فتكون حينئذ ذاتا روحانية مدركة بغي شيء من اللت البدنية إل أن نوعها‬
‫ف الروحانية دون نوع اللئكة أهل الفق العلى على الذين ل يستكملوا ذواتم بشيء من‬
‫مدارك البدن و ل غيه فهذا ال ستعداد حا صل ل ا ما دا مت ف البدن و م نه خاص كالذي‬
‫للولياء و م نه عام للب شر على العموم و هو أ مر الرؤ يا‪ .‬و أ ما الذي لل نبياء فهسو ا ستعداد‬
‫بالنسلخ من البشرية إل اللكية الحضة الت هي‪ ،‬أعلى الروحانيات و يرج هذا الستعداد‬
‫فيهم متكررا ف حالت الوحي و هو عندما يعرج على الدارك البدنية و يقع فيها ما يقع من‬
‫الدراك يكون شبيها بال النوم شبها بينا و إن كان حال النوم أدون م نه بكث ي فل جل هذا‬
‫الشبه عب الشارع عن الرؤيا بأنا جزء من ستة و أربعي جزا من النبؤة و ف رواية ثلثة و‬
‫أربع ي و ف روا ية سبعي و ل يس العدد ف جيع ها مق صودا بالذات و إن ا الراد الكثرة ف‬
‫تفاوت هذه الراتب بدليل ذكر السبعي ف بعض طرقه و هو للتكثي عند العرب و ما ذهب‬
‫إل يه بعضهم ف روا ية ستي و أربع ي من أن الو حي كان ف مبدإه بالرؤ يا ستة أش هر و هي‬
‫نصف سنة و مدة النبوة كلها بكة و الدينة ثلث و عشرين سنة فنصف السنة منها جزء من‬
‫ستة و أربعي فكلم بعيد من التحقيق لنة إنا وقع ذلك للنب صلى ال عليه و سلم و من أين‬
‫لنا أن هذه الدة وقعت لغيه من النبياء مع أن ذلك إنا يعطي نسبة زمن الرؤيا من زمن النبؤة‬
‫و ل يعطي حقيقتها من حقيقة النبؤة و إذا تبي لك هذا ما ذكرناه أولً علمت أن معن هذا‬
‫الزء نسسبة السستعداد الول الشامسل للبشسر إل السستعداد القريسب الاص بصسنف النسبياء‬
‫الفطري لم صلوات ال عليهم إذ هو الستعداد البعيد و إن كان عاما ف البشر و معه عوائق‬
‫و موا نع كثية من ح صوله بالف عل و من أع ظم تلك الوا نع الواس الظاهرة فف طر ال الب شر‬
‫على ارتفاع حجاب الواس بالنوم الذي هو جبلي لم فتتعرض النفس عند ارتفاعه إل معرفة‬
‫ما تتشوف إليه ف عال الق فتدرك ف بعض الحيان منه لحة يكون فيها الظفر بالطلوب و‬
‫لذلك جعلها الشارع من البشرات فقال ل يبق من النبؤة إل البشرات قالوا و ما البشرات يا‬
‫ر سول ال قال الرؤ يا ال صالة يرا ها الر جل ال صال أو ترى له و أ ما سبب ارتفاع حجاب‬
‫الواس بالنوم فعلى مسا أصسفه لك و ذلك أن النفسس الناطقسة إناس إدراكهسا و أفعالاس بالروح‬
‫اليوا ن ال سمان و هو بار لط يف مركزه بالتجو يف الي سر من القلب على ما ف ك تب‬
‫التشريح لالينوس و غيه و ينبعث مع الدم ف الشريانات و العروق فيعطي الس و الركة‪،‬‬
‫و سائر الفعال البدن ية و يرت فع لطي فه إل الدماغ فيعدل من برده و ت تم أفعال القوى ال ت ف‬
‫بطونه فالنفس الناطقة إنا تدرك و تعقل بذا الروح البخاري و هي متعلقة به لا اقتضته حكمة‬
‫التكوين ف أن اللطيف ل يؤثر ف الكثيف و لا لطف هذا الروح اليوان من بي الواد البدنية‬
‫ل لثار الذات الباينة له ف جسمانيته وهي النفس الناطقة و صارت آثارها حاصلة ف‬ ‫صار م ً‬
‫البدن بواسطته و قد كنا قدمنا أن إدراكها على نوعي إدراك بالظاهر و هو الواس المس و‬
‫إدراك بالباطن و هو القوى الدماغية و أن هذا الدراك كله صارف لا عن إدراكها ما فوقها‬
‫من ذواتا الروحانية الت هي مستعدة له بالفطرة و لا كانت الواس الظاهرة جسمانية كانت‬
‫معرضةً للوسن و الفشل با يدركها من التعب و الكلل و تغشى الروح بكثرة التصرف فخلق‬
‫ال لا طلب الستجمام لتجرد الدراك على الصورة الكاملة و إنا يكون ذلك بانناس الروح‬
‫اليوا ن من الواس الظاهرة كل ها و رجو عه إل ال س البا طن و يع ي على ذلك ما يغ شى‬
‫البدن مسن البد بالليسل فتطلب الرارة الغزيرة أعماق البدن و تذهسب مسن ظاهره إل باطنسه‬
‫فتكون مشيعة مركبها و هو الروح اليوان إل الباطن و لذلك كال النوم للبشر ف الغالب إنا‬
‫هو بالليل فإذا اننس الروح عن الواس الظاهرة و رجع إل القوى الباطنة و خفت عن النفس‬
‫شواغل الس و موانعه و رجعت إل الصورة الت ف الافظة تثل منها بالتركيب و التحليل‬
‫صور خيالية و أكثر ما تكون معتادة لنا منتزعة من الدركات التعاهدة قريبا ث ينلا الس‬
‫الشترك الذي هو جا مع الواس الظاهرة فيدرك ها على أناء الواس ال مس الظاهرة و رب ا‬
‫التفتت النفس لفتة إل ذاتا الروحانية مع منازعتها القوى الباطنية فتدرك بإدراكها الروحان‬
‫لنا مفطورة عليه و تقيس من صور الشياء الت صارت متعلقة ف ذاتا حينئذ ث يأخذ اليال‬
‫تلك الصور الدركة فيمثلها بالقيقة أو الحاكاة ف القوالب العهودة و الحاكاة من هذه هي‬
‫الحتاجة للتعبي و تصرفها بالتركيب و التحليل ف صور الافظة قبل أن تدرك من تلك اللمحة‬
‫ما تدركه هي أضغاث أحلم‪ .‬و ف الصحيح أن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬الرؤيا ثلث‬
‫رؤيا من ال و رؤيا من اللك و رؤيا من الشيطان و هذا التفصيل مطابق لا ذكرناه فاللي من‬
‫ال و الحاكاة الداعية إل التعبي من اللك و أضغاث الحلم من الشيطان لنا كلها باطل و‬
‫الشيطان ينبوع الباطل هذه حقيقة الرؤيا و ما يسببها و يشيعها من النوم و هي خواص للنفس‬
‫الن سانية موجودة ف البشر على العموم ل يلو عنها أحد منهم بل كل واحد من النسان‬
‫رأى ف نومه ما صدر له ف يقظته مرارا غي واحدة و حصل له على القطع أن النفس مدركة‬
‫للغ يب ف النوم و ل بد و إذا جاز ف ذلك ف عال النوم فل يت نع ف غ ي من الحوال لن‬
‫الذات الدركة واحدة و خواصها عامة ف كل حال و ال الادي إل الق بنه و فصله‪.‬‬

‫فصل‬

‫و وقوع ما يقع للبشر من ذلك غالبا إنا هو من غي قصد ول قدرة عليه و إنا تكون النفس‬
‫متشو قة لذلك الش يء في قع بتلك اللم حة ف النوم لن ا تق صد إل ذلك فتراه و قد و قع ف‬
‫كتاب الغاية و غي من كتب أهل الرياضيات ذكر أساء تذكر عند النوم فتكون عنها الرؤيا‬
‫في ما يتشوف إل يه و ي سمونا الالوم ية و ذ كر من ها م سلمة ف كتاب الغا ية حالو مة ساها‬
‫حالو مة الطباع التام و هو أن يقال ع ند النوم ب عد فراغ ال سر و صحة التو جه هذه الكلمات‬
‫العجمية و هي تاغس بعد أن يسواد و غداس نوفنا غادس و يذكر حاجته فإنه يرى الكشف‬
‫ل فعل ذلك بعد رياضة ليال ف مأكله و ذكره فتمثل‬ ‫عما يسأل عنه ف النوم‪ .‬و حكى أن رج ً‬
‫له ش خص يقول له إن طبا عك التام ف سأله و أ خبه ع ما كان يتشوف إل يه و قد و قع ل أ نا‬
‫بذه الساء مراء عجيبة و اطلعت با على أمور كنت أتشوف عليها من أحوال و ليس ذلك‬
‫بدل يل على أن الق صد للرؤ يا يدث ها و إن ا هذه الالومات تدث ا ستعدادا ف الن فس لوقوع‬
‫الرؤيسا فإذا قوي السستعداد كال أقرب إل حصسول مسا يسستعد له و للشخسص أن يفعسل مسن‬
‫الستعداد ما أحب و ل يكون دليلً على إيقاع الستمد له فالقدرة على الستعداد غي القدرة‬
‫على الشيء فاعلم ذلك و تدبره فيما تد من أمثاله و ال الكيم البي‪.‬‬
‫فصل‬

‫ث إنا ند ف النوع النسان أشخاصا يبون بالكائنات قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميز با‬
‫صنفهم عن سائر الناس و ل يرجعون ف ذلك إل صناعة و ل يستدلون عليه بأثر من النجوم‬
‫و ل من غيها إنا ند مداركهم ف ذلك بقتضى فطرته الت فطروا عليها و ذلك مثل العرافي‬
‫و الناظر ين ف الج سام الشفاف ي كالرا يا و ط ساس الاء و الناظر ين ف قلوب اليوانات و‬
‫أكباد ها و عظام ها و أ هل الز جر ف الط ي و ال سباع و أ هل الطرق بال صى و البوب من‬
‫النطة و النوى و هذه كلها موجودة ف عال النسان ل يسع أحدا جحدها و ل إنكارها و‬
‫كذلك الجان ي يل قى على أل سنتهم كلمات من الغ يب في خبون ب ا و كذلك النائم و ال يت‬
‫لول موته أو نومه يتكلم بالغيب و كذلك أهل الرياضيات من التصوفة لم مدارك ف الغيب‬
‫على سسبيل الكرامسة معروفسة‪ .‬و ننس الن نتكلم عسن هذه الدراكات كلهسا و نبتدئ منهسا‬
‫بالكهانسة ثس نأتس عليهسا واحدةً واحدةً إل آخرهسا و نقدم على ذلك مقدمسة فس أن النفسس‬
‫النسسانية كيسف تسستعد لدراك الغيسب فس جيسع الصسناف التس ذكرناهسا و ذلك أناس ذات‬
‫روحانيسة موجودة بالقوة إل الفعسل بالبدن و أحواله و هذا أمسر مدرك لكسل أحسد و كسل مسا‬
‫بالقوة فله مادة و صورة و صورة هذه النفس الت با يتم وجودها هو عي الدراك و التعقل‬
‫ف هي تو جد أولً بالقوة م ستعدة للدراك و التع قل ف هي تو جد أولً بالقوة م ستعدة للدراك و‬
‫قبول ال صور الكل ية و الزئ ية ث ي تم نشؤ ها و وجود ها بالف عل ب صاحبة البدن و ما يعود ها‬
‫بورود مدركات ا الح سوسة علي ها و ما تنتزع من تلك الدراكات من العا ن الكل ية فتتع قل‬
‫ال صور مرة ب عد أخرى ح ت ي صل ل ا الدراك و التع قل بالف عل فت تم ذات ا و تب قى الن فس‬
‫كاليول و الصور متعاقبة عليها بالدراك واحدة بعد واحدة و لذلك ند الصب ف أول نشأته‬
‫ل يقدر على الدراك الذي ل ا من ذات ا ل بنوم و ل بك شف و ل بغيه ا و ذلك أن صورتا‬
‫الت هي عي ذاتا و هي الدراك و التعقل ل تتم بعد بل ل يتم لا انتزاع الكليات ث إذا تت‬
‫ذاتا بالفعل حصل لا ما دامت مع البدن نوعان من الدراك إدراك بآلت السم تؤديه إليها‬
‫الدارك البدنية و إدراك بذاتا من غي واسطة و هي مجوبة عنه بالنغماس ف البدن و الواس‬
‫و بشواغلها لن الواس أبدا جاذبة لا إل الظاهر با فطرت عليه أولً من الدراك السمان‬
‫و ربا تنغمس من الظاهر إل الباطن فيتفع حجاب البدن لظةً إما بالاصية الت هي للنسان‬
‫على الطلق مثل النوم أو بالاصية الوجودة لبعض البشر مثل الكهانة و الطرق أو بالرياضة‬
‫مثل أهل الكشف من الصوفية فتلتفت حينئذ إل الذوات الت فوقها من الل لا بي أفقها و‬
‫أفقهم من التصال ف الوجود كما قررنا قبل و تلك الذوات روحانية و هي إدراك مض و‬
‫عقول بالفعل و فيها صور الوجودات و حقائقها كما مر فيتجلى فيها شيء من تلك الصور‬
‫و تقتبس منها علوما و ربا دفعت تلك الصور الدركة إل اليال فيصرفه ف القوالب العتادة‬
‫ث يراجع الس با أدركت إما مردا أو ف قوالبه فتخب به‪ .‬هذا هو شرح استعداد النفس لذا‬
‫الدراك الغيب‪ .‬و لنرجع إل ما وعدنا به من بيان أصنافه‪ .‬فأما الناظرون ف الجسام الشفافة‬
‫من الرايا و طساس الياه و قلوب اليوان و أكبادها و عظامها و أهل الطرق بالصى و النوى‬
‫فكلهم من قبيل الكهان إل أنم أضعف رتبة فيه ف أصل خلقهم لن الكاهن ل يتاج ف رفع‬
‫حجاب ال س إل كث ي معاناة و هؤلء يعانو نه بان صار الدارك ال سية كل ها ف نوع وا حد‬
‫منها و أشرفها البصر فيعكف على الرئي البسيط حت يبدو له مدركه الذي يب به عنه و ربا‬
‫ي ظن أن مشاهدة هؤلء ل ا يرو نه هو ف سطح الرآة و ل يس كذلك بل ل يزالون ينفرون ف‬
‫سطح الرآة إل أن يغيب عن البصر و يبدو فيما بينهم و بي سطح الرآة حجاب كأنة غمام‬
‫يتم ثل ف يه صور هي مدارك هم فيشيون إل يه بالق صود ل ا يتوجهون إل معرف ته من ن في أو‬
‫إثبات فيخسبون بذلك على نوس مسا أدركوه و أمسا الرآة و مسا يدرك فيهسا مسن الصسور فل‬
‫يدركونه ف تلك الال و إنا ينشأ لم با هذا النوع الخر من الدراك و هو نفسان ليس من‬
‫إدراك الب صر بل يتش كل به الدرك النف سان لل حس ك ما هو معروف و م ثل ذلك ما يعرض‬
‫للناظر ين ف قلوب اليوانات و أكباد ها و لناظر ين ف الاء و الط ساس و أمثال ذلك‪ .‬و قد‬
‫شاهدنا من هؤلء من يشغل الس بالبخور فقط ث بالعزائم للستعداد ث يب كما أدرك و‬
‫يزعمون أنم يرون الصور متشخصة ف الواء تكي لم أحوال ما يتوجهون إل إدراكه بالثال‬
‫و الشارة وغيبة هؤلء عن الس أخف من الولي و العال أبو الغرائب‪ .‬و أما الزجر و هو‬
‫ما يدث من بعض الناس من التكلم بالغيب عند سنوح طائر أو حيوان و الفكر فيه بعد مغيبه‬
‫و هي قوة ف النفس تبعث على الرص و الفكر فيما زجر فيه من مرئي أو مسموع و تكون‬
‫قوته الخيلة كما قدمناه قوية فيبعثها ف البحث مستعينا با رآه أو سعه فيؤديه ذلك إل إدراك‬
‫ما‪ ،‬ك ما تفعله القوة التخيلة ف النوم و ع ند ركود الواس تتو سط ب ي الح سوس الرئي ف‬
‫يقظته و تمعه مع ما عقلته فيكون عنها الرؤيا‪ .‬و أما الجاني فنفوسهم الناطقة ضعيفة التعلق‬
‫بالبدن لف ساد أمزجت هم غالبا و ض عف الروح اليوا ن في ها فتكون نف سه غ ي م ستغرقة ف‬
‫الواس و ل منغم سة في ها ب ا شغل ها ف نف سها من أل الن قص و مر ضه و رب ا زاح ها على‬
‫التعلق به روحانية أخرى شيطانية تتشبث به و تض عف هذه عن مانعتها فيكون عنه التخبط‬
‫فإذا أصابه ذلك التخبط إما لفساد مزاجه من فساد ف ذاتا أو لزاحة من النفوس الشيطانية ف‬
‫تعل قه غاب عن ح سه جلة فأدرك ل حة من عال نف سه و الط بع في ها ب عض ال صور و صرفها‬
‫اليال و ربا نطق عن لسانه ف تلك الال من غي إرادة النطق وإدراك هؤلء كلهم مشوب‬
‫فيه الق بالباطل لنة ل يصل لم التصال و إن فقدوا الس إل بعد الستعانة بالتصورات‬
‫الجنب ية ك ما قررناه و من ذلك ي يء الكذب ف هذه الدارك و أ ما العرافون ف هم التعلقون‬
‫بذا الدراك و ليسس لمس ذلك التصسال فيسسلطون الفكسر على المسر الذي يتوجهون إليسه و‬
‫يأخذون ف يه بال فن و التخم ي بناء على ما يتوهو نه من مبادىء ذلك الت صال و الدراك و‬
‫يدعون بذلك معرفة الغيب و ليس منه على القيقة هذا تصيل هذه المور و قد تكلم عليها‬
‫السعودي ف مروج الذهب فما صادف تقيقا و ل إصابة و يظهر من كلم الرجل أنه كان‬
‫بعيدا عن الرسوخ ف العارف فينقل ما سع من أهله و من غي أهله و هذه الدراكات الت‬
‫ذكرناها موجودة كلها ف نوع البشر فقد كان العرب يفزعون إل الكهان ف تعرف الوادث‬
‫و يتنافرون إليهم ف الصومات ليعرفوهم بالق فيها من إدراك غيبهم و ف كتب أهل الدب‬
‫كثي من ذلك و اشتهر منهم ف الاهلية شق بن أنار بن نزار و سطيح بن مازن بن غسان و‬
‫كان يدرج كمسا يدرج الثوب و ل عظسم فيسه إل المجمسة و مسن مشهور الكايات عنهمسا‬
‫تأو يل رؤ يا ربي عه بن م ضر و ما أ خباه به ملك الب شة للي من و ملك م ضر من بعد هم و‬
‫لظهور النبؤة الحمدية ف قريش و رؤيا الوبذان الت أولا سطيح لا بعث إليه با كسرى عبد‬
‫السيح فاخبه بشأن النبؤة و خراب ملك فارس و هذه كلها مشهورة و كذلك العرافون كان‬
‫ف العرب منهم كثي و ذكروهم ف أشعارهم قال‬

‫فقلت لعراف اليمامة داون فإنك إن داويتن لطبيب‬

‫و قال الخر‬

‫جعلت لعراف اليمامة حكمه و عراف ند إن ها شفيان‬

‫فقال شفاك ال و ال مالنا با حلت منك الضلوع يدان‬

‫وعراف اليمامة هو رباح بن عجلة و عراف ند البلق السدي‪ .‬و من هذه الدارك الغيبية ما‬
‫يصدر لبعض الناس عند مفارقة اليقظة و التباسه بالنوم من الكلم على الشيء الذي يتشوف‬
‫إليه با يعطيه غيب ذلك المر كما يريد و ل يقع ذلك إل ف مبادىء النوم عند مفارقة اليقظة‬
‫و ذهاب الختبار فس الكلم فيتكلم كأنسه مبور على النطسق و غايتسه أن يسسمعه و يفهمسه و‬
‫كذلك ي صدر عن القتول ي ع ند مفار قة رؤو سهم و أو ساط أبدان م كلم ب ثل ذلك‪ .‬و ل قد‬
‫بلغنا عن بعض البابرة الظالي أن قتلوا من سجونم أشخاصا ليتعرفوا من كلمهم عند القتل‬
‫عواقب أمورهم ف أنفسهم فأعلموهم با يستبشع‪ .‬و ذكر مسلمة ف كتاب الغاية له ف مثل‬
‫ذلك أن آدميا إذا جعل ف دن ملوء بدهن السمسم و مكث فيه أربعي يوما يغذى بالتي و‬
‫الوز ح ت يذ هب ل مة و ل يب قى م نه إل العروق و شؤون رأ سه فيخرج من ذلك الد فن‬
‫فحي يف عليه الواء ييب عن كل شيء يسأل عنه من عواقب المور الاصة و العامة و‬
‫هذا ف عل من مناك ي أفعال ال سحرة ل كن يف هم م نه عجائب العال الن سان و من الناس‪ .‬من‬
‫ياول حصول هذا الدرك الغيب بالرياضة فيحاولون بالجاهدة موتا صناعيا بإماتة جيع القوى‬
‫البدنية ث مو آثارها الت تلونت با النسق ث تغذيتها بالذ كر لتزداد قوة ف نشئها و يصل‬
‫ذلك بمسع الفكسر و كثرة الوع و مسن العلوم على القطسع أنسه إذا نزل الوت بالبدن ذهسب‬
‫الس و حجابة و اطلعت الن فس على الغيبات و من هؤلء أهل الرياضة ال سحرية يرتاضون‬
‫بذلك ليح صل ل م الطلع على الغيبات و الت صرفات ف العوال و أك ثر هؤلء ف القال يم‬
‫النحر فة جنوبا و شالً خ صوصا بلد ال ند و ي سمون هنالك الوك ية و ل م ك تب ف كيف ية‬
‫هذه الرياضة كثية و الخبار عنهم ف ذلك غريبة‪ .‬و أما التصوفة فرياضتهم دينية و عرية عن‬
‫هذه القاصد الذمومة و إنا يقصدون جع المة و القبال على ال بالكلية ليحصل لم أذواق‬
‫أهل العرفان و التوحيد و يزيدون ف رياضتهم إل المع و الوع التغذية بالذكر فبها تتم و‬
‫جهت هم ف هذه الريا ضة ل نه إذا نشأة الن فس على الذ كر كا نت أقرب إل العرفان بال و إذا‬
‫عر يت عن الذ كر كا نت شيطان ية و ح صول ما ي صل من معر فة الغ يب و الت صرف لؤلء‬
‫التصوفة إنا هو بالعرض و ل يكون مقصودا من أول المر لنه إذا قصد ذلك كانت الوجهة‬
‫ف يه لغ ي ال و إن ا هي لق صد الت صرف و الطلع على الغ يب و أخ سر ب ا صفقة فإن ا ف‬
‫القي قة شرك قال بعض هم‪ :‬من آ ثر العرفان للعرفان ف قد قال بالثا ن ف هم يق صدون بوجهت هم‬
‫العبود ل لشيء سواه ل إذا حصل ف أثناء ذلك ما يصل فبالعرض و غي مقصود لم و كثي‬
‫من هم ي فر م نه إذا عرض له و ل ي فل به و إن ا ير يد ال لذا ته ل لغيه و ح صول ذلك ل م‬
‫معروف و يسمون ما يقع لم من الغيب و الديث على الواطر فراسة و كشفا و ما يقع لم‬
‫من التصرف كرامة و ليس شيء من ذلك بنكي ف حقهم و قد ذهب إل إنكاره الستاذ أبو‬
‫إسحق السفراين و أبو ممد بن أب زيد الالكي ف آخرين فرارا من التباس العجزة بغيها و‬
‫العول عل يه ع ند التكلم ي ح صول التفر قة بالتحدي ف هو كاف‪ .‬و قد ث بت ف ال صحيح أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬إن فيكم مدثي و أن منهم عمر و قد وقع للصحابة من‬
‫ذلك وقائع معروفة تشهد بذلك ف مثل قول عمر رضي ال عنة يا سارية البل و هو سارية‬
‫بن زنيم كان قائدا على بعض جيوش السلمي بالعراق أيام الفتوحات و تورط مع الشتركي‬
‫ف معترك و هم بالنزام و كان بقربه جبل يتحيز إليه فرفع لعمر ذلك و هو يطب على النب‬
‫بالدي نة فناداه يا سارية ال بل و سعه سارية و هو بكا نه و رأى شخ صه هنالك و الق صة‬
‫معروفة و وقع مثله أيضا لب بكر ف وصيته عائشة ابنته رضي ال عنهما ف شأن ما نلها من‬
‫أوسق التمر من حديقته ث نبهها على جذاذه لتحوزه عن الورثة فقال ف سياق كلمه و إنا‬
‫ها أخواك و أختاك فقالت‪ :‬إنا هي أساء فمن الخرى ؟ فقال‪ :‬إن ذا بطن بنت خارجة أراها‬
‫جارية فكانت جارية وقع ف الوطإ ف باب ما ل يوز من النحل و مثل هذه الوقائع كثية لم‬
‫و لن بعدهم من الصالي و أهل القتداء إل أن أهل التصوف يقولون إنه يقل ف زمن النبؤة‬
‫إذ ل يبقى للمريد حالة بضرة النب حت أنم يقولون إن الريد إذا جاء للمدينة النبوية يسلب‬
‫حاله ما دام فيها حت يفارقها و ال يرزقنا الداية و يرشدنا إل الق‪.‬‬

‫و من هؤلء الريد ين من الت صوفة قوم بال يل معتوهون أش به بالجان ي من العقلء و هم مع‬
‫ذلك قد صحت ل م مقامات الول ية و أحوال ال صديقي و علم ذلك من أحوال م من يف هم‬
‫عنهم من أهل الذوق مع أنم غي مكلفي و يقع لم من الخبار عن الغيبات عجائب لنم ل‬
‫يتقيدون بشيء فيطلقون كلمهم ف ذلك و يأتون منه بالعجائب و ربا ينكر الفقهاء أنم على‬
‫ش يء من القامات ل ا يرون من سقوط التكل يف عن هم و الول ية ل ت صل إل بالعبادة و هو‬
‫غلط فإن ف ضل ال يؤت يه من يشاء و ل يتو قف ح صول الول ية على العبادة و ل غي ها و إذا‬
‫كا نت الن فس الن سانية ثاب تة الوجود فال تعال ي صها ب ا شاء من مواه به و هؤلء القوم ل‬
‫تعدم نفوسهم الناطقة و ل فسدت كحال الجاني و إنا فقد لم العقل الذي يناط به التكليف‬
‫و هي صفة خاصة للنفس و هي علوم ضروية للنسان يشتد با نظره و يعرف أحوال معاشه‬
‫و اسستقامة منله و كأنسة إذا ميسز أحوال معاشسه و اسستقامة منله ل يبسق له عذر فس قبول‬
‫التكال يف ل صلح معاده و ل يس من ف قد هذه ال صفة بعا قل لنف سه و ل ذا هل عن حقيق ته‬
‫فيكون موجود القيقة معدوم العقل التكليفي الذي هو معرفة العاش و ل استحالة ف ذلك و‬
‫ل يتوقف اصطفاء ال عباده للمعرفة على شيء من التكاليف و إذا صح ذلك فأعلم أنه ربا‬
‫يلتبس حال هؤلء بالجاني الذين تفسد نفوسهم الناطقة و يلتحقون بالبهائم و لك ف تييزهم‬
‫علمات منها أن هؤلء البهاليل ل تد لم وجهة أصلً و منها أنم يلقون على البله من أول‪،‬‬
‫نشأتم و الجاني يعرض لم النون بعد مدة من العمر لعوارض بدنية طبيعية فإذا عرض لم‬
‫ذلك و ف سدت نفو سهم الناط قة ذهبوا بالي بة و من ها كثرة ت صرفهم ف الناس بال ي و ال شر‬
‫لن م ل يتوقفون على إذن لعدم التكل يف ف حق هم و الجان ي ل ت صرف ل م و هذا ف صل‬
‫انتهى بنا الكلم إليه و ال الرشد للصواب‪.‬‬
‫و قسد يزعسم بعسض الناس أن هنسا مدارك للغيسب مسن دون غيبسة عسن السس فمنهسم النجمون‬
‫القائلون بالدللت النجومية و مقتضى أوضاعها ف الفلك و آثارها ف العناصر و ما يصل‬
‫من المتزاج ب ي طباعها بالتنا ظر و يتأدى من ذلك الزاج إل الواء و هؤلء النجمون لي سوا‬
‫من الغ يب ف ش يء إن ا هي ظنون حد سية و تمينات مبن ية على التأث ي النجوم ية و ح صول‬
‫الزاج منه للهواء مع مزيد حدس يقف به الناظر على تفصيله ف الشخصيات ف العال كما‬
‫قاله بطليموس و ننسنسبي بطلن ذلك فس مله إن شاء ال و هؤلء لو ثبست فغايتسه حدس و‬
‫تمي و ليس ما ذكرناه ف شيء‪ .‬و من هؤلء قوم من العامة استنبطوا لستخراج الغيب و‬
‫تعرف الكائنات صناعة سوها خط الرمل نسبة إل الادة الت يضعون فيها عملهم و مصول‬
‫هذه ال صناعة أن م صيوا من الن قط أشكالً ذات أر بع مرا تب تتلف باختلف مراتب ها ف‬
‫الزوجية و الفردية و استوائها فيهما فكالت ستة عشر شكلً لنا إن كانت أزواجا كلها أو‬
‫أفرادا كل ها فشكلن و إن كان الفرد فيه ما ف مرت بة واحدة ف قط فأرب عة أشكال و إن كان‬
‫الفرد ف مرتبت ي ف ستة أشكال و إن كان ف ثلث مرا تب فأرب عة أشكال جاءت ستة ع شر‬
‫شكل ميزو ها كل ها بأ سائها و أنواع ها إل سعود و نوس شأن الكوا كب و جعلوا ل ا ستة‬
‫ع شر بيتا طبيع ية يزعم هم و كأن ا البوج الث نا ع شر ال ت للفلك و الوتاد الرب عة و جعلوا‬
‫لكل شكل منها بيتا و خطوطا‪ ،‬و دللة على صنف من موجودات عال العناصر يتص به و‬
‫ا ستنبطوا من ذلك ف نا حاذوا به فن النجا مة و نوع ف صائه إل أن أحكام النجا مة م ستندة إل‬
‫أوضاع طبيعية كما يزعم بطليموس و هذه إنا مستندها أوضاع تكيمية و أهواء اتفاقية و ل‬
‫دليل يقوم على شيء منها و يزعمون أن أصل ذلك من النبؤات القدية ف العال و ربا نسبوها‬
‫إل دانيال أو إل إدر يس صلوات ال عليهما شأن الصنائع كلها و رب ا يدعون مشروعيت ها و‬
‫يتجون بقوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬كان نب يط فمن وافق خطة فذاك و ليس ف الديث‬
‫دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من ل تصيل لديه لن معن الديث كان‬
‫نب يط فيأتيه الوحي عند ذلك الط و ل استحالة ف أن يكون ذلك عادة لبعض النبياء فمن‬
‫وافق خطة ذلك النب فهو ذاك أي فهو صحيح من بي الط با عضده من الوحي لذلك النب‬
‫الذي كا نت عاد ته أن يأت يه الو حي ع ند ال ط و أ ما إذا أ خذ ذلك من ال ط مردا من غ ي‬
‫موافقة وحي فل و هذا معن الديث و ال أعلم‪ .‬فإذا أرادوا استخراج مغيب بزعمهم عمدوا‬
‫إل قرطاس أو ر مل أو دق يق فوضعوا الن قط سطورا على عدد الرا تب الر بع ث كرروا ذلك‬
‫أربع مرات فتجيء ستة عشر سطرا ث يطرحون النقط أزواجا و يضعون ما بقى من كل سطر‬
‫زوجا كان أو فردا ف مرتبته على الترتيب فتجيء أربعة أشكال يضعونا ف سطر متتالية ث‬
‫يولدون منها أربعة أشكال أخرى من جالب العرض باعتبار كل مرتبة و ما قابلها من الشك‬
‫الذي بإزائه و ما يت مع منه ما من زوج أو فرد فتكون ثان ية أشكال موضو عة ف سطر ث‬
‫يولدون من كل شكلي شكلً تتهما باعتبار ما يتمع ف كل مرتبة من مراتب الشكلي أيضا‬
‫من زوج أو فرد فتكون أرب عة أخرى تت ها ث يولدون من الرب عة شكل ي كذلك تت ها من‬
‫الشكلي شكلً كذلك تتهما ث من هذا الشكل الامس عشر مع الشكل الول شكلً يكون‬
‫أخر الستة عشر ث يكمون على الط كله با اقتضته أشكاله من السعودة و النحوسة بالذات‬
‫و الن ظر و اللول و المتزاج و الدللة على أ صناف الوجودات و سائر ذلك تكما غريبا و‬
‫كثرت هذه الصناعة ف العمران و وضعت فيها التآليف و اشتهر فيها العلم من التقدمي و‬
‫التأخر ين و هي كما رأيت ت كم و هوى و التحق يق الذي ينب غي أن يكون نصب فكرك أن‬
‫الغيوب ل تدرك ب صناعة الب تة و ل سبيل إل تعرف ها إل للخواص من الب شر الفطور ين على‬
‫الرجوع من عال الس إل عال الروح و لذلك يسمى النجمون هذا الصنف كلهم بالزهريي‬
‫نسبة إل ما تقتضيه دللة الزهرة بزعمهم ف أصل مواليدهم على إدراك الغيب فالط و غيه‬
‫من هذه أن كان الناظر فيه من أهل هذه الاصية و قصد بذه المور الت ينظر فيها من النقط‬
‫أو العظام أو غي ها إشغال ال س لتر جع الن فس إل عال الروحانيات ل ظة ما‪ ،‬ف هو من باب‬
‫الطرق بالصسى و النظسر فس قلوب اليوانات و الرايسا الشفافسة كمسا ذكرناه‪ .‬و أن ل يكسن‬
‫كذلك و إنا قصد معرفة الغيب بذه الصناعة و أنا تفيده ذلك فهذر من القول و العمل و ال‬
‫يهدي مسن يشاء‪ .‬و العلمسة لذه الفطرة التس فطسر عليهسا أهسل هذا الدراك الغيسب أنمس عنسد‬
‫توجههسم إل تعرف الكائنات يعتريهسم خروج عسن حالتهسم الطبيعيسة كالتثاؤب و التمطسط و‬
‫مبادىء الغيبة عن الس و يتلف ذلك بالقوة و الضعف على اختلف وجودها فيهم فمن ل‬
‫توجد له هذه العلمة فليس من إدراك الغيب ف شيء و إنا هو ساع ف تنفيق كذبه‪.‬‬
‫فصل‬
‫و منهم طوائف يضعون قواني لستخراج الغيب ليست من الطور الول الذي هو من مدارك‬
‫الن فس الروحان ية و ل من الدس الب ن على تأثيات النجوم ك ما زع مه بطليموس و ل من‬
‫الظن و التخمي الذي ياول عليه العرافون و إنا هي مغالط يعلونا كالصائد لهل العقول‬
‫الستضعفة و لست أذكر من ذلك إل ما ذكره الصنفون و ولع به الواص فمن تلك القواني‬
‫الساب الذي يسمونه حساب النيم و هو مذكور ف آخر كتاب السياسة النسوب لرسطو‬
‫يعرف به الغالب من الغلوب ف التحاربي من اللوك و هو أن تسب الروف الت ف اسم‬
‫أحدها بساب المل الصطلح عليه ف حروف أبد من الواحد إل اللف آحادا و عشرات‬
‫و مئي وألوفا فإذا حسبت السم و تصل لك منه عدد فاحسب اسم الخر كذلك ث اطرح‬
‫من كل وا حد منه ما ت سعة و اح فظ بق ية هذا و بق ية هذا ث ان ظر ب ي العدد ين الباقي ي من‬
‫حسساب السسي فإن كان العددان متلفيس فس الكميسة وكانسا معسا زوجيس أو فرديسن معا‪.‬‬
‫فصاحب القل منهما هو الغالب و إن كان أحدها زوجا و الخر فردا فصاحب الصغر هو‬
‫الغالب و أن كانا متساويي ف الكمية و ها معا زوجان فالطلوب هو الغالب و إن كانا معا‬
‫فردين فالطالب هو الغالب و يقال هنالك بيتان ف هذا العمل اشتهرا بي الناس و ها‪:‬‬
‫و أكثرها عند التحالف غالب‬ ‫أرى الزوج و الفراد يسمو اقلها‬
‫و عند استواء الفرد يغلب طالب‬ ‫و يغلب مطلوب إذا الزوج يستوي‬
‫ث وضعوا لعرفة ما بقى من الروف بعد طرحها بتسعة قانونا معروفا عندهم ف طرح تسعة‬
‫و ذلك أنم جعوا الروف الدالة على الواحد ف الراتب الربع و هي (ا) الدالة على الواحد‬
‫وهسي (ي) الدالة على العشرة و هسي واحسد فس مرتبسة العشرات و(ق) الدالة على الائة لناس‬
‫واحد ف مرتبة الئي و (ش) الدالة على اللف لنا واحد ف منلة اللف و ليس بعد اللف‬
‫عدد يدل عليه بالروف لن الشي هي آخر حروف أبد ث رتبوا هذه الحرف الربعة على‬
‫نسق الراتب فكان منها كلمة رباعية و هي (ايقش) ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على اثني‬
‫ف الراتب الثلث و أسقطوا مرتبة اللف منها لنا كانت آخر حروف أبد فكان مموع‬
‫حروف الثني ف الراتب الثلث ثلثة حروف و هي (ب) الدالة على اثني ف الحاد و (ك)‬
‫الدالة على اثن ي ف العشرات و هي عشرون و (ر) الدالة على اثن ي ف الئ ي و هي مائتان و‬
‫صيوها كلمة واحدة ثلثة على نسق الراتب و هي بكر ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على‬
‫ثلثة فنشأت عنها كلمة جلس و كذلك إل آخر حروف أبد و صارت تسع كلمات ناية‬
‫عدد الحاد و هي اي قش ب كر جلس د مت ه نث و صخ ز عد ح فظ ط ضغ مرت بة على توال‬
‫العداد و لكل كلمة منها عددها الذي هي ف مرتبته فالواحد لكلمة ايقش و الثنان لكلمة‬
‫بكر و الثلثة لكلمة جلس و كذلك إل التاسعة الت هي طضغ فتكون لا التسعة فإذا أرادوا‬
‫طرح السم بتسعة نظروا كل حرف منه ف أي كلمة هو من هذه الكلمات و أخذوا عددها‬
‫مكانه ث جعوا العداد الت يأخذونا بدلً من حروف السم فإن كانت زائدة على التسمية‬
‫أخذوا ما ف ضل عن ها و إل أخذوه ك ما هو ث يفعلون كذلك بال سم ال خر و ينظرون ب ي‬
‫الارجي با قدمناه و السر ف هذا بي و ذلك أن الباقي من كل عقد من عقود العداد بطرح‬
‫تسعة إنا هو واحد فكأنه يمع عدد العقود خاصة من كل مرتبة فصارت أعداد العقود كأنا‬
‫آحاد فل فرق ب ي الثن ي و العشر ين و الائت ي و اللف ي و كل ها اثن ي و كذلك الثل ثة و‬
‫الثلثون و الثلثائة و الثلثسة اللف كلهسا ثلثةً ثلث ًة فوضعست العداد على التوال دالة على‬
‫أعداد العقود ل غي و جعلت الروف الدالة على أصناف العقود ف كل كلمة من الحاد و‬
‫العشرات و الئ ي و اللوف و صار عدد الكل مة الوضوع علي ها نائبا عن كل حرف في ها‬
‫سواء دل على الحاد أو العشرات أو الئ ي فيؤ خذ عدد كل كل مة عوضا من الروف ال ت‬
‫فيها و تمع كلها إل آخرها كما قلناه هذا هو العمل التداول بي الناس منذ المر القدي و‬
‫كان ب عض من لقيناه من شيوخ نا يرى أن ال صحيح في ها كلمات أخرى ت سعة مكان هذه و‬
‫متوالية كتواليها و يفعلون با ف الطرح بتسعة مثل ما يفعلونه بالخرى سواء و هي هذه ارب‬
‫يسسقك جزلط مدوص هسف تذن عسش خسع ثضسظ تسسع كلمات على توال‪ ،‬العدد و لكسل‬
‫كلمة منها عددها الذي ف مرتبته فيها الثلثي و الرباعي و الثنائي و ليست جارية على أصل‬
‫مطرد كما تراه ل كن كان شيوخنا ينقلونا عن شيخ الغرب ف هذه العارف من السيمياء و‬
‫أسرار الروف و النجامة و هو أبو العباس بن البناء و يقولون عنه أن العمل بذه الكلمات ف‬
‫طرح حساب النيم أصح من العمل بكلمات ايقش و ال يعلم كيف ذلك و هذه كلها مدارك‬
‫للغ يب غ ي معروف أر سطو ع ند الحقق ي ل ا ف يه من الراء البعيدة عن التحق يق و البهان‬
‫يشهد لك بذلك تصفحه إن كنت من أهل الرسوخ‪ .‬و من هذه القواني الصناعية لستخراج‬
‫الغيوب فيمسا يزعمون الزايرجسة السسماة بزايرجسة العال‪ ،‬العزوة إل أبس العباس سسيدي أحدس‬
‫ال سبت من أعلم الت صوفة بالغرب كان ف آ خر الائة ال سادسة برا كش و لع هد أ ب يعقوب‬
‫الن صور من ملوك الوحد ين و هي غري بة الع مل صناعة‪ .‬و كث ي من الواص يولعون بإفادة‬
‫الغيسب منهسا بعملهسا العروف اللغوز فيحرضون بذلك على حسل رمزه و كشسف غامضسه‪ .‬و‬
‫صورتا الت يقع العمل عندهم فيها دائرة عظيمة ف داخلها دوائر متوازية للفلك و العناصر و‬
‫الكونات و الروحانيات و غيس ذلك مسن أصسناف الكائنات و العلوم و كسل دائرة مقسسومة‬
‫س العناصسر أو غيهاس و خطوط كسل قسسم مارة إل الركسز و‬ ‫س البوج و إم ا‬
‫بأقسسام فلكهسا إم ا‬
‫يسمونا الوتار و على كل وتر حروف متتابعة موضوعة فمنها برشوم الزمام الت هي أشكال‬
‫العداد ع ند أ هل الدواو ين و ال ساب بالغرب لذا الع هد و من ها برشوم الغبار التعار فة ف‬
‫داخسل الزايرجسة و بيس الدوائر أسساء العلوم و مواضسع الكوان و على ظاهسر الدوائر جدول‬
‫متك ثر البيوت التقاط عة طولً و عرضا يشت مل على خ سة و خ سي بيتا ف العرض و مائة و‬
‫واحسد و ثلثيس فس الطول جوانسب منسه معمورة البيوت تارة بالعدد و أخرى بالروف و‬
‫جوا نب خال ية البيوت و ل تعلم ن سبة تلك العداد ف أو ضاع ها و ل الق سمة ال ت عي نت‬
‫البيوت العامرة مسن الاليسة و حافات الزايزجسة أبيات مسن عروض الطويسل على روي اللم‬
‫النصوبة تتضمن صورة العمل ف استخراج الطلوب من تلك الزايرجة إل أنا من قبيل اللغاز‬
‫ف عدم الوضوح و اللء و ف بعض جوانب الزايرجة بيت من الشعر منسوب لبعض أكابر‬
‫أهل الدثان بالغرب و هو مالك بن وهيب من علماء أشبيلية كان ف الدولة اللمتونية و نص‬
‫البيت‬
‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬
‫و هو البيت التداول عندهم ف العمل لستخراج الواب من السؤال ف هذه الزايرجة و غيها‬
‫فإذا أرادوا استخراج الواب عما يسأل عنه من السائل كتبوا ذلك السؤال و قطعوه حروفا‬
‫ث أخذوا الطالع لذلك الو قت من بروج الفلك و درج ها و عمدوا إل الزاير جة ث إل الو تر‬
‫الكت نف في ها بالبج الطالع من أوله مارا إل الر كز ث إل م يط الدائرة قبالة الطالع فيأخذون‬
‫ج يع الروف الكتو بة عل يه من أوله إل آخره و العداد الر سومة بينه ما و ي صيونا حروفا‬
‫بساب المل و قد ينقلون آحادها إل العشرات و عشراتا إل الئي و بالعكس فيهما كما‬
‫يقتضيه قانون العمل عندهم و يضعونا مع حروف السؤال و يضيفون إل ذلك جيع ما على‬
‫الو تر الكت نف بالبج الثالث من الطالع من الروف و العداد من أوله إل الركسز فقسط ل‬
‫يتجاوزونه إل الحيط و يفعلون بالعداد ما فعلوه بالول و يضيفونا إل الروف الخرى ث‬
‫يقطعون حروف الب يت الذي هو أ صل الع مل و قانو نه عند هم و هو ب يت مالك بن وه يب‬
‫التقدم و يضعون ا ناح ية ث يضربون عدد درج الطالع ف أس البج و أ سه عند هم هو ب عد‬
‫البج عن آخر الراتب عكس ما عليه الس عند أهل صناعة الساب فانه عندهم البعد عن‬
‫أول الرا تب ث يضربو نه ف عدد آ خر ي سمونه الس ال كب و الدور ال صلي و يدخلون ب ا‬
‫تمع لم من ذلك ف بيوت الدول على قواني معروفة و أعمال مذكورة و أدوار معدودة و‬
‫ي ستخرجون من ها حروفا و ي سقطون أخرى و يقابلون ب ا مع هم ف حروف الب يت و ينقلون‬
‫منه ما ينقلون إل حروف السؤال و ما معها ث يطرحون تلك الروف بأعداد معلومة يسمونا‬
‫الدوار و يرجون ف كل دور الرف الذي ينت هي عنده الدور و يعاودون ذلك بعدد الدوار‬
‫العينسة عندهسم لذلك فيخرج آخرهسا حروف متقطعسة و تؤلف على التوال فتصسي كلمات‬
‫منظو مة ف ب يت وا حد على وزن الب يت الذي يقا بل به الع مل و رو يه و هو ب يت مالك ا بن‬
‫وهيب التقدم حسبما نذكر ذلك كله ف فصل العلوم عند كيفية العمل بذه الزايرجة و قد‬
‫رأي نا كثيا من الواص يتهافتون على ا ستخراج الغ يب من ها بتلك العمال و ي سبون أن ما‬
‫و قع من مطاب قة الواب لل سؤال ف توا فق الطاب دل يل على مطاب قة الوا قع و ل يس ذلك‬
‫ب صحيح ل نه قد مر لك أن الغ يب ل يدرك بأ مر صناعي الب تة و إن ا الطاب قة ال ت في ها ب ي‬
‫الواب و السسؤل مسن حيسث الفهام و التوافسق فس الطاب حتس يكون الواب مسستقيما أو‬
‫موافقا لل سؤال و وقوع ذلك ف هذه ال صناعة ف تك سي الروف الجتم عة من ال سؤال و‬
‫الوتار و الدخول فس الدول بالعداد الجتمعسة مسن ضرب العداد الفروضسة و اسستخراج‬
‫الروف مسن الدول بذلك و طرح أخرى و معاودة ذلك فس الدوار العدودة و مقابلة ذلك‬
‫كله بروف البيت على التوال غي مستنكر و قد يقع الطلع من بعض الذكياء على تناسب‬
‫بيس هذه الشياء فيقسع له معرفسة الجهول فالتناسسب بيس الشياء هسو سسبب الصسول على‬
‫الجهول من العلوم الاصل للنفس و طريق لصوله سيما من أهل الرياضة فإنا تفيد العقل‬
‫قوة على القياس و زيادة ف الفكر و قد مر تعليل ذلك غي مرة و من أجل هذا العن ينسبون‬
‫هذه الزايرجة ف الغالب لهل الرياضة فهي منسوبة للسبت و لقد وقفت على أخرى منسوبة‬
‫لسهل بن عبد ال و لعمري إنا من العمال الغريبة و العاناة العجيبة‪ .‬و الواب الذي يرج‬
‫منها فالسر ف خروجه منظوما يظهر ل إنا هو القابلة بروف ذلك البيت و لذا يكون النظم‬
‫على وزنه و رويه و يدل عليه أنا و جدنا أعمالً أخرى لم ف مثل ذلك أسقطوا فيها القابلة‬
‫بالبيت فلم يرج الواب منظوما كما تراه عند الكلم على ذلك ف موضعه و كثي من الناس‬
‫تضيق مداركهم عن التصديق بذا العمل و نفوذه إل الطلوب فينكر صحتها و يسب أنا من‬
‫التخيلت و اليهامات و أن صاحب الع مل ب ا يث بت حروف الب يت الذي ينظ مه ك ما ير يد‬
‫ب ي أثناء حروف ال سؤال و أن الوتار و يف عل تلك ال صناعات على غ ي ن سبة و ل قانون ث‬
‫ي يء بالب يت و يو هم أن الع مل جاء على طريق ي منضب طة و هذا ال سبان تو هم فا سد ح ل‬
‫عليه العقول عن فهم التناسب بي الوجودات و العدومات و التفاوت بي الدارك و العقول و‬
‫لكن من شأن كل مدرك إنكار ما ليس ف طوقه إدراكه و يكفينا ف رد ذلك مشاهدة العمل‬
‫بذه الصناعي و الدس القطعي فإنا جاءت بعمل مطرد و قانون صحيح ل مرية فيه عند من‬
‫يباشسر ذلك منس له ذكاء و حدس و إذا كان كثيس مسن العاياة فس العدد الذي هسو أوضسح‬
‫الواضحات يعسر على الفهم إدراكه لبعد النسبة فيه و خفائها فما ظنك بثل هذا مع خفاء‬
‫النسبة فيه و غرابتها فلنذكر مسئلة من العاياة يتضح لك با شيء ما ذكرنا مثاله لو قيل لك‬
‫أخذت عددا من الدرا هم و اج عل بإزاء كل در هم ثل ثة من الفلوس ث ال مع الفلوس ال ت‬
‫أخذت و اشتر با طائرا ث اشتر بالدراهم كلها طيورا بسعر ذلك الطائر فكم الطيور الشتراة‬
‫بالدراهسم فجوابسه أن تقول هسي تسسعة لنسك تعلم أن فلوس الدراهسم أربعسة و عشرون و أن‬
‫الثلثة ثنها و أن عدة أثان الواحد ثانية فإذا جعت الثمن من الدراهم إل الثمن الخر فكان‬
‫كله ثن طائر فهي ثانية طيور عدة أثان الواحد و تزيد على الثمانية طائرا آخر و هو الشترى‬
‫بالفلوس الأخوذة أولً و على سعر اشتر يت بالدرا هم فتكون ت سعة فأ نت ترى ك يف خرج‬
‫لك الواب الضمر بسر التناسب الذي بي أعداد السئلة و الوهم أول ما يلقي إليك هذه و‬
‫أمثالا إنا يعله من قبيل الغيب الذي ل يكن معرفته و ظهر أن التناسب بي المور هو الذي‬
‫يرج مهولاس مسن معلومهسا و هذا إناس هسو فس الواقعات الاصسلة فس الوجود أو العلم و أمسا‬
‫الكائنات ال ستقبلة إذا ل تعلم أ سباب وقوع ها و ل يث بت ل ا خب صادق عن ها ف هو غ يب ل‬
‫ي كن معرف ته ل إذا تبي لك ذلك فالعمال الواق عة ف الزاير جة كل ها إن ا هي ف ا ستخراج‬
‫الواب من ألفاظ ال سؤال لن ا ك ما رأ يت ا ستنباط حروف على ترت يب من تلك الروف‬
‫بعينها على ترتيب آخر و سر ذلك إنا هو من تناسب بينهما يطلع عليه بعض دون بعض فمن‬
‫عرف ذلك التناسب تيسر عليه استخراج ذلك الواب يتلك القواني و الواب يدل ف مقام‬
‫آخر من حيث موضوع ألفاظه و تراكيبه على وقوع أحد طرف السؤال من نفي أو إثبات و‬
‫ليس هذا من القام الول بل إنا يرجع لطابقة الكلم لا ف الارج و ل سبيل إل معرفة ذلك‬
‫من هذه العمال بل البشر مجوبون عنه و قد استأثر ال بعلمه و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪.‬‬

‫الباب الثانا فا العمران البدوي و المام الوحشياة و القبائل و ماا يعرض فا ذلك مان‬
‫الحوال و فيه فصول و تهيدات الفصل الول ف أن أجيال البدو و الضر طبيعية‬
‫إعلم أن اختلف الجيال ف أحوالم إنا هو باختلف نلتهم ف العاش فإن اجتماعهم إنا هو‬
‫للتعاون على تصيله و البتداء با هو ضروري منعه و نشيطه قبل الاجي و الكمال فمنهم‬
‫من ي ستعمل الفلح من الغرا سة و الزرا عة و من هم من ينت حل القيام على اليوان من الغ نم و‬
‫البقسر و العسز و النحسل و الدود لنتاجهسا واسستخراج فضلتاس و هؤلء القائمون على الفلح و‬
‫اليوان تدعو هم الضرورة و ل بد إل البدو ل نه متسع ل ا ل يتسع له الواضر من الزارع و‬
‫الفدن و السارح للحيوان و غي ذلك فكان اختصاص هؤلء بالبدو أمرا ضروريا لم و كان‬
‫حينئذ اجتماعهم و تعاون م ف حاجات م و معاشهم و عمرانم من القوت و ال كن و الد فء‬
‫إن ا هو بالقدار الذي ي فظ الياة و ي صل بل غة الع يش من غ ي مز يد عل يه للع جز ع ما وراء‬
‫ذلك ث إذا ات سعت أحوال هؤلء النتحل ي للمعاش و ح صل ل م ما فوق الا جة من الغ ن و‬
‫الر فه دعا هم ذلك إل ال سكون و الدعسة و تعاونوا ف الزائد على الضرورة و اسستكثروا من‬
‫القوات و اللبس و التأنق فيها و توسعة البيوت و اختطاط الدن و المصار للتحضر ث تزيد‬
‫أحوال الرفه و الدعة فتجيء عوائد الترف البالغة مبالغها ف التأنق ف علج القوت و استجادة‬
‫الطابخ و التقاء اللبس الفاخرة ف أنواعها من الرير و الديباج و غي ذلك و معالة البيوت‬
‫و الصروح و إحكام وضعها ف تنجيدها و النتهاء ف الصنائع ف الروج من القوة إل الفعل‬
‫إل غايت ها فيتخذون الق صور و النازل و يرون في ها الياه و يعالون ف صرحها و يبالغون ف‬
‫تنجيدها و يتلفون ف استجادة ما يتخذونه لعاشهم من ملبوس أو فراش أو آنية أو ماعون و‬
‫هؤلء هم ال صر و معناه الاضرون أ هل الم صار و البلدان و من هؤلء من ينت حل معا شه‬
‫الصنائع و منهم من ينتحل التجارة و تكون مكاسبهم أنى و أرفه من أهل البدو لن أحوالم‬
‫زائدة على الضروري و معاشهم على نسبة و جدهم فقد تبي أن أجيال البدو و الضر طبيعية‬
‫ل بد منها كما قلناه‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أن جيل العرب ف الليقة طبيعي‬


‫قد قدمنا ف الف صل قبله أن أ هل البدر هم النتحلون للمعاش ال طبيعي من الفلح و القيام على‬
‫النعام و أنم مقتصرون على الضروري من القوات و اللبس و الساكن و سائر الحوال و‬
‫العوائد و مقصرون عما فوق ذلك من حاجى أو كمال يتخذون البيوت من الشعر و الوبر أو‬
‫الشجر أو من الطي و الجارة غي منجدة إنا هو قصد الستظلل والكن ل ما وراءه و قد‬
‫يأوون إل الغيان و الكهوف و أما أقواتم فيتناولون با يسيا بعلج أو بغي علج البتة إل ما‬
‫مسته النار فمن كان معاشه منهم ف الزراعة و القيام بالفلح كان القام به أول من الظعن و‬
‫هؤلء سسكان الدر و القرى و البال و هسم عامسة الببر و العاجسم و مسن كان معاشسه فس‬
‫السائمة مثل الغنم و البقر فهم ظعن ف الغلب لرتياد السارح و الياه ليواناتم فالتقلب ف‬
‫الرض أصلح بم و يسمون شاوية و معناه القائمون على الشاه و البقر و ل يبعدون ف القفر‬
‫لفقدان السارح الطي بة و هؤلء م ثل الببر و الترك و إخوانم من التركمان و الصقالبة و أما‬
‫من كان معاشهم ف البل فهم أكثر ظغنا و أبعد ف القفر مالً لن مسارح التلول و نباتا و‬
‫شجرها ل يستغن با البل ف قوام حياتا عن مراعي الشجر بالقفر وورود مياهه اللحة و‬
‫التقلب ف صل الشتاء ف نواح يه فرارا من أذى البد إل د فء هوائه و طلبا لا خض النتاج ف‬
‫رماله إذ ال بل أ صعب اليوان ف صالً و ماضا و أحوج ها ف ذلك إل الد فء فاضطروا إل‬
‫إبعاد النج عة و رب ا زادت م الام ية عن التلول أيضا فأوغلوا ف القفار نفرة عن الض عة من هم‬
‫فكانوا لذلك أشد الناس توحشا و ينلون من أهل الواضر منلة الوحش غي القدور عليه و‬
‫الفترس من اليوان الع جم و هؤلء هم العرب و ف معنا هم ظعون الببر و زنا تة بالغرب له‬
‫الكراد و التركمان و الترك بالشرق إل أنسا العرب أبعسد نعسة و أشسد بداوة لنمس متصسون‬
‫بالقيام على ال بل ف قط و هؤلء يقومو ن علي ها و على الشياه و الب قر مع ها ف قد تبي لك أن‬
‫جيل العرب طبيعي ل بد منه ف العمران و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن البدو أقدم من الضر و سابق عليه و أن البادية أصل العمران و‬
‫المصار مدد لا‬
‫قد ذكرنا أن البدو هم القتصرون على الضروري ف أحوالم العاجزون عما فوقه و أن الضر‬
‫العتنون باجات الترف و الكمال ف أحوال م و عوائد هم و ل شك أن الضروري أقدم من‬
‫الاجسي و الكمال و سسابق عليسه و لن الضروري أصسل و الكمال فرع ناشىء عنسه فالبدو‬
‫أصسل الدن و الضسر‪ ،‬و سسابق عليهمسا لن أول مطالب النسسان الضروري و ل ينتهسي إل‬
‫ل فخشو نة البداوة ق بل رقة الضارة و لذا ن د‬‫الكمال و الترف إل إذا كان الضروري حا ص ً‬
‫التمدن غا ية للبدوي يري إلي ها و ينت هي ب سعيه إل مقتر حه من ها و م ت ح صل على الرياش‬
‫الذي يصسل له بسه أحوال الترف و عوائده عاج إل الدعسة و أمكسن نفسسه إل قياد الدينسة و‬
‫هكذا شأن القبائل التبد ية كل هم و الضري ل يتشوف إل أحوال الباد ية إل لضرورة تدعوه‬
‫إليها أو لتقصي عن أحوال أهل مدينته و ما يشهد لنا أن البدو أصل للحضر و متقدم عليه أنا‬
‫إذا فتشنا أهل مصر من المصار و جدنا أولية أكثرهم من أهل البدو الذين بناحية ذلك الصر‬
‫و عدلوا إل الدعسة و الترف الذي فس الضسر و ذلك يدل على أن أحوال الضارة ناشئة عسن‬
‫أحوال البداوة و أنا أصل لا فتفهمه‪ .‬ث إن كل واحد من البدو و الضر متفاوت الحوال‬
‫من جنسه فرب حي أعظم من حي و قبيلة أعظم من قبيلة و مصر أوسع من مصر و مدينة‬
‫أكثر عمرانا من مدينة فقد تبي أن وجود البدو متقدم على وجود الدن و المصار و أصل لا‬
‫با أن وجود الدن و المصار من عوائد الترف و الدعة الت هي متأخرة عن عوائد الضروري‬
‫العاشية و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف أن أهل البدو أقرب إل الي من أهل الضر‬


‫و سببه أن النفس إذا كانت على الفطرة الول كانت متهيئة لقبول ما يرد‬
‫عليها و ينطبع فيها من خي أو شر قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬كل مولود يولد على الفطرة‬
‫فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يجسانه و بقدر ما سبق إليها من أحد اللقي تبعد عن الخر و‬
‫يصعب عليها اكتسابه فصاحب الي إذا سبقت إل نفسه عوائد الي و حصلت لا ملكته‬
‫بعد عن الشر و صعب عليه طريقة و كذا صاحب الشر إذا سبقت إليه أيضا عوائده و أهل‬
‫ال ضر لكثرة ما يعانون من فنون اللذ و عوائد الترف و القبال على الدن يا و العكوف على‬
‫شهواتم منها و قد تلونت أنفسهم بكثي من مذمومات اللق و الشر و بعدت عليهم طرق‬
‫ال ي و م سالكه بقدر ما ح صل ل م من ذلك ح ت ل قد ذه بت عن هم مذا هب الش مة ف‬
‫أحوال م فت جد الكث ي من هم يقذعون ف أقوال الفحشاء ف مال سهم و ب ي كبائهم و أ هل‬
‫مارمهم ل يصدهم عنه و ازع الشمة لا أخذتم به عوائد السوء ف التظاهر بالفواحش قولً‬
‫و عملً و أهسل البدو و إن كانوا مقبليس على الدنيسا مثلهسم إل أنسه فس القدار الضروري فس‬
‫الترف و ل ف شيء من أ سباب الشهوات و اللذات و دواعيها فعوائد هم ف معاملت م على‬
‫ن سبتها و ما ي صل في هم من مذا هب ال سوء و مذمومات اللق بالن سبة إل أ هل ال ضر أ قل‬
‫بكثيس فهسم أقرب إل الفطرة الول و أبعسد عمسا ينطبسع فس النفسس مسن سسوء اللكات بكثرة‬
‫العوائد الذمومة و قبحها في سهل علجهم عن علج الضر و هو ظا هر و قد يتو ضح فيما‬
‫بعد أن الضارة هي ناية العمران و خرو جه إل الف ساد و نا ية الشر و البعد عن الي ف قد‬
‫تبي أن أهل البدو أقرب إل الي من أهل الضر و ال يب التقي و ل يعترض على ذلك با‬
‫ورد ف صحيح البخاري من قول الجاج لسلمة بن الكوع و قد بلغة أنه خرج إل سكن‬
‫البادية فقال له ارتددت على عقبيك تعربت فقال ل و لكن رسول ال صلى ال عليه و سلم‬
‫أذن ل ف البدو فاعلم أن الجرة افترضت أول السلم على أهل مكة ليكونوا مع النب صلى‬
‫ال عليه و سلم حيث حل من الواطن ينصرونه و يظاهرونه على أمر و يرسونه و ل تكن‬
‫واجبة على العراب أهل البادية لن أهل مكة يسهم من عصبية النب صلى ال عليه و سلم ف‬
‫الظاهرة و الرا سة مال ي س غي هم من باد ية العراب و قد كان الهاجرون ي ستعيذون بال‬
‫من التعرب و هو سكن البادية حيث ل تب الجرة و قال صلى ال عليه و سلم ف حديث‬
‫سعد بن أب وقاص عند مرضه بكة اللهم أمض لصحاب هجرتم و ل تردهم على أعقابم و‬
‫معناه أن يوفقهم لتلزمه الدينة و عدم التحول عنها فل يرجعوا عن هجرتم الت ابتدأوا با و‬
‫هو من باب الرجوع على العقب ف السعي إل وجه من الوجوه و قيل أن ذلك كان خاصا‬
‫با قبل الفتح حي كانت الاجة داعية إل الجرة لقلة السلمي و أما بعد الفتح و حي كثر‬
‫السلمون و اعتزوا و تكفل ال لنبيه بالعصمة من الناس فإن الجرة ساقطة حينئذ لقوله صلى‬
‫ال عليه و سلم ل هجرة بعد الفتح و قيل سقط إنشاوها عمن يسلم بعد الفتح و قيل سقط‬
‫وجوباس عمسن أسسلم و هاجسر قبسل الفتسح و الكسل ممعون على أناس بعسد الوفاة سساقطة لن‬
‫الصحابة افترقوا من يومئذ ف الفاق و انتشروا و ل يبق إل فضل السكن بالدينة و هو هجرة‬
‫فقول الجاج لسلمة حي سكن البادية ارتددت على عقبيك تعربت نعى عليه ف ترك السكن‬
‫بالدينسة بالشارة إل الدعاء الأثور الذي فقدناه و هسو قوله ل تردهسم على أعقابمس و قوله‬
‫تعربت إشارة إل أنة صار من العراب الذين ل يهاجرون و أجاب سلمة بإنكار ما ألزمه من‬
‫المر ين و أن ال نب صلى ال عل يه و سلم أذن له ف البدر و يكون ذلك خا صا به كشهادة‬
‫خزيةس و عناق أبس بردة أو يكون الجاج إناس نعسى عليسه ترك السسكن بالدينسة فقسط لعلمسه‬
‫بسقوط الجرة بعد الوفاة و أجابه سلمة بأن اغتنامه لذن النب صلى ال عليه و سلم أول و‬
‫أفضل فما آثره به و اختصه إل لعن علمه فيه و على كل تقدير فليس دليلً على مذمة البدو‬
‫الذي عب ع نه بالتعرب لن مشروع ية الجرة إن ا كا نت ك ما عل مت لظاهرة ال نب صلى ال‬
‫عليه و سلم و حراسته ل لذمة البدو فليس ف النعي على ترك هذا الواجب دليل على مذمة‬
‫التعرب و ال سبحانه أعلم و به التوفيق‪.‬‬
‫الفصل الامس ف أن أهل البدو أقرب إل الشجاعة من أهل الضر‬
‫و السبب ف ذلك أن أهل الضر ألقوا جنوبم على مهاد الراحة و الدعة و انغمسوا ف النعيم‬
‫و الترف و وكلوا أمرهسم فس الدافعسة عسن أموالمس و أنفسسهم إل واليهسم و الاكسم الذي‬
‫ي سوسهم و الام ية ال ت تولت حرا ستهم و ا ستناموا إل ال سوار ال ت توط هم و الرز الذي‬
‫يول دون م فل تيج هم هي عة و ل ين فر ل م صيد ف هم غازون آمنون‪ ،‬قد ألقوا ال سلح و‬
‫توالت على ذلك منهسم الجيال و تنلوا منلة النسساء و الولدان الذيسن هسم عيال على أبس‬
‫مثواهم حت صار ذلك خلقا يتنل منلة الطبيعة و أهل البدو لتفردهم عن التجمع و توحشهم‬
‫ف الضوا حي و بعد هم عن الام ية و انتباذ هم عن ال سوار و البواب قائمون بالداف عة عن‬
‫أنف سهم ل يكلون ا إل سواهم و ل يثقون في ها بغي هم ف هم دائما يملون ال سلح و يتلفتون‬
‫عن كل جانب ف الطرق و يتجافون عن الجوع إل غرارا ف الجالس و على الرحال و فوق‬
‫القتاب و يتوج سون للنبات و اليعات و يتفردون ف الق فر و البيداء فدليس بيأ سهم واثق ي‬
‫بأنفسسهم قسد صسار لمس البأس خلقا و الشجاعسة سسجنةً يرجعون إليسه متس دعاهسم داع أو‬
‫استنفرهم صارخ و أهل الضر مهما خالطوهم ف البادية أو صاحبوهم ف السفر عيال عليهم‬
‫ل يلكون منهم شيئا من أمر أنفسهم و ذلك مشاهد بالعيان حت ف معرفة النواحي و الهات‬
‫و موارد الياه و مشار يع ال سبل و سبب ذلك ما شرحناه و أ صله أن الن سان ا بن عوائده و‬
‫مألو فه ل ا بن طبيعته و مزا جه فالذي أل فه ف الحوال ح ت صار خلقا و مل كة و عادة تنل‬
‫منلة الطبيعة و البلة و اعتب ذلك ف الدميي تده كثيا صحيحا و ال يلق ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل السادس ف أن معاناة أهل الضر للحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالنعة منهم‬
‫و ذلك أ نه ل يس كل أ حد مالك أ مر نف سه إذ الرؤ ساء و المراء الالكون ل مر الناس قل يل‬
‫بالن سبة إل غي هم ف من الغالب أن يكون الن سان ف مل كة غيه‪ ،‬و ل بد فإن كا نت الل كة‬
‫رفي قة و عادلة ل يعا ن من ها ح كم و ل م نع و صد كان الناس من ت ت يد ها مدل ي ب ا ف‬
‫أنفسهم من شجاعة أو جب واثقي بعدم الوازع حت صار لم الذلل جبلة ل يعرفون سواها‬
‫و أما إذا كانت اللكة و أحكامها بالقهر و السطوة و الخافة فتكسر حينئذ من سورة بأسهم‬
‫و تذ هب الن عة عن هم ل ا يكون من التكا سل ف النفوس الضطهدة ك ما نبينه و قد ن ى ع مر‬
‫سعدا رضي ال عنهما عن مثلها لا أخذ زهرة بن حوبة سلب الالنوس و كانت قيمته خسة‬
‫و سبعي ألفا من الذ هب و كان أت بع الالنوس يوم القاد سية فقتله و أ خذ سلبه فانتز عه م نه‬
‫سعد و قال له هل انتظرت ف أتباعه إذن و كتب إل عمر يستأذنه فكتب إليه عمر تعمد إل‬
‫مثل زهرة و قد صلى با صلى به و بقى عليك ما بقى من حربك و تكسر فوقه و تفسد قلبه‬
‫و أم ضى له ع مر سلبه و أ ما إذا كا نت الحكام بالعقاب فمذه بة للبأس بالكل ية لن وقوع‬
‫العقاب به و ل يدافع عن نف سه يك سبه الذلة الت تك سر من سورة بأ سه بل شك و أما إذا‬
‫كا نت الحكام تأديب ية و تعليم ية و أخذت من عند ال صبا أثرت ف ذلك ب عض الش يء لرباه‬
‫على الخافة و النقياد فل يكون مدلً ببأسه و لذا ند التوحشي من العرب أهل البدو أشد‬
‫بأ سا م ن تأخذه الحكام و ن د أيضا الذ ين يعانون الحكام و ملكت ها من لدن مربا هم ف‬
‫التأديب و التعليم ف الصنائع و العلوم و الديانات ينقص ذلك من بأسهم كثيا و ل يكادون‬
‫يدفعون عن أنفسهم عادية بوجه من الوجوه و هذا شأن طلبة العلم النتحلي للقراءة و الخذ‬
‫عن الشايخ و الية المارسي للتعليم و التأديب ف مالس الوقار و اليبة فيهم هذه الحوال و‬
‫ذهاب ا بالن عة و البأس‪ .‬و ل ت ستنكر ذلك ب ا و قع ف ال صحابة من أخذ هم بأحكام الد ين و‬
‫الشريعة و ل ينقص ذلك من بأسهم بل كانوا أشد الناس بأسا لن الشارع صلوات ال عليه‬
‫ل ا أ خذ ال سلمون ع نه دين هم كان وازع هم ف يه من أنف سهم ل ا تلي علي هم من الترغ يب و‬
‫التره يب و ل ي كن بتعل يم صناعي و ل تأد يب تعلي مي إن ا هي أحكام الذ ين و آدا به التلقاة‬
‫نقلً يأخذون أنف سهم ب ا با ر سخ في هم من عقائد اليان و الت صديق فلم تزل سورة بأسهم‬
‫مستحكمة كما كانت و ل تدشها أظفار التأديب و الكم قال عمر رضي ال عنه ( من ل‬
‫يؤدبسه الشرع ل أدبسه ال ) حرصسا على أن يكون الوازع لكسل أحسد مسن نفسسه و يقينا بأن‬
‫الشارع أعلم ب صال العباد و ل ا تنا قص الد ين ف الناس و أخذوا بالحكام الواز عة ث صار‬
‫الشرع علما و صناعة يؤخز بالتعليم و التأديب و رجع الناس إل الضارة و خلق النقياد إل‬
‫الحكام نقصت يذلك سورة البأس فيهم فقد تبي أن الحكام السلطانية و التعليمية مفسدة‬
‫للبأس لن الوازع في ها ذا ت و لذا كا نت هذه الحكام ال سلطانية و التعل يم م ا تؤ ثر ف أ هل‬
‫الوا ضر ف ض عف نفو سهم و ح ضد الشو كة من هم بعانات م ف وليد هم و كهول م و البدو‬
‫بعزل من هذه النلة لبعدهم عن أحكام السلطان و التعليم و الداب و لذا قال ممد بن أب‬
‫ز يد ف كتا به ف أحكام العلم ي و التعلم ي ( أ نه ل ينب غي للمؤدب أن يضرب أحدا من‬
‫الصبيان ف التعليم فوق ثلثة أسواط ) نقله عن شريح القاضي و احتج له بعضهم با وقع ف‬
‫حديث بدء الوحي من شأن الغط و أنه كان ثلث مرات و هو ضعيف و ل يصلح شأن الغط‬
‫أن يكون دليلً على ذلك لبعده عن التعليم التعارف و ال الكيم البي‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن سكن البدو ل تكون إل للقبائل أهل العصبية‬


‫إعلم أن ال سبحانه ر كب ف طبائع الب شر الي و الشر ك ما قال تعال و هديناه النجد ين و‬
‫قال فألمها فجورها و تقواها و الشر أقرب اللل إليه إذا أهل ف مرعى عوائده و ل يهذبه‬
‫القتداء بالد ين و على ذلك ال م الغف ي إل من وف قه ال و من أخلق الب شر في هم الظلم و‬
‫العدوان ب عض على ب عض ف من امتدت عي نه إل متاع أخ يه ف قل امتدت يده إل أخذه إل أن‬
‫يصده وازع كما قال‪:‬‬
‫و الظلم من شيم النفوس فإن تد ذا عفة فلعلة ل يظلم‬
‫فأما الدن و المصار فعدوان بعضهم على بعض‪ ،‬تدفعه الكام و الدولة با قبضوا على أيدي‬
‫من تتهم من الكافة أن يتد بعضهم على بعض أو يدو عليه فهم مكبوحون بكمة القهر و‬
‫السلطان عن التظال إل إذا كان من الاكم بنفسه و أما العدوان الذي من خال الدينة فيدفعه‬
‫سياج السوار عند الغفلة أو الغرة ليلً أو العجز عن القاومة نارا أو يدفعه ازدياد الامية من‬
‫أعوان الدولة عند الستعداد و القاومة و أما أحياء البدو فيزع بعضهم عن بعض مشائخهم و‬
‫كباؤهم ب ا و فر ف نفوس الكا فة ل م من الوقار و التجلة و أ ما حلل هم فإن ا يذود عن ها من‬
‫خارج حام ية ال ي من أناد هم و فتيان م العروف ي بالشجا عة في هم و ل ي صدق دفاع هم و‬
‫ذيادهم إل إذا كانوا عصبية و أهل نسب واحد لنم بذلك تشتد شوكتهم و يشى جانبهم‬
‫إذ نعرة كل أحد على نسبه و عصبيته أهم و ما جعل ال ف قلوب عباده من الشفقة و النعرة‬
‫على ذوي أرحام هم و قربا هم موجودة ف الطبائع البشر ية و ب ا يكون التعا ضد و التنا صر و‬
‫تعظم رهبة العدو لم و اعتب ذلك فيما حكاة القرآن عن اخوة يوسف عليه السلم حي قالوا‬
‫لب يه لئن أكلة الذئب و ن ن ع صبة إل إذا لا سرون و الع ن أ نه ل يتو هم العدوان على أ حد‬
‫مع وجود العصبة له و أما التفردون ف أنسابم فقل أن تصيب أحدا منهم نعرة على صاحبه‬
‫فإذا أظلم الو بالشر يوم الرب تسلل كل واحد منهم يبغي النجاة لنفسه خيفة و استيحاشا‬
‫من التخاذل فل يقدرون من أجل ذلك على سكن القفر لا أنم حينئذ طعمة لن يلتهمهم من‬
‫المم سواهم و إذا تبي ذلك ف السكن الت تتاج للمدافعة و الماية فبمثله يتبي لك ف كل‬
‫أ مر ي مل الناس عل يه من نبؤة أو إقا مة ملك أو دعوة إذ بلوغ الغرض من ذلك كله إن ا ي تم‬
‫بالقتال عليه لا ف طبائع البشر من الستعصاء و ل بد ف القتال من العصبية كما ذكرناه آنفا‬
‫فاتذه إماما تقتدي به فيما نورده عليك بعد و ال الوفق للصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن العصبية إنا تكون من اللتحام بالنسب أو ما ف معناه‬


‫و ذلك أن صلة الر حم طبيعي ف الب شر إل ف ال قل و من صلتها النعرة على ذوي القر ب و‬
‫أهل الرحام أن ينالم ضيم أو تصيبهم هلكة فإن القريب يد ف نفسه غضاضة من ظلم قريبه‬
‫أو العداء عليه و يود لو يول بينه و بي ما يصله من العاطب و الهالك نزعة طبيعية ف البشر‬
‫مسذ كانوا فإذا كان النسسب التواصسل بيس التناصسرين قريبا جدا بيسث حصسل بسه التاد و‬
‫اللتحام كانت الوصلة ظاهرة فاستدعت ذلك بجردها و وضوحها و إذا بعد النسب بعض‬
‫الشيء فربا تنوسي بعضها و يبقى منها شهر فتحمل على النصرة لذري نسبه بالمر الشهور‬
‫منه فرارا من الغضاضة الت يتوهها ف نفسه من ظلم من هو منسوب إليه بوجه و من هذا‬
‫الباب الولء و اللف إذ نعرة كل أحد على أهل ولئه و حلفه لللفة الت تلحق‪ ،‬النفس من‬
‫اهتضام جارها أوقريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب و ذلك لجل اللحمة الاصلة من‬
‫الولء مثل لمة النسب أو قريبا منها و من هذا تفهم معن قوله صلى ال عليه و سلم تعلموا‬
‫من أن سابكم ما ت صلون به أرحام كم بع ن أن الن سب إن ا فائد ته هذا اللتحام الذي يو جب‬
‫صلة الرحام حت تقع الناصرة و النعرة و ما فوق ذلك مستغن عنه إذ النسب أمر وهي ل‬
‫حقيقة له و نفعه إنا هو ف هذه الوصلة و اللتحام فإذا كان ظاهرا واضحا حل النفوس على‬
‫طبيعتها من النعرة كما قلناه وإذا كان إنا يستفاد من الب البعيد ضعف فيه الوهم و ذهبت‬
‫فائد ته و صار الش غل به مانا و من أعمال الل هو الن هي ع نه و من هذا العتبار مع ن قول م‬
‫النسب علم ل ينفع و جهالة ل تضر بعن أن النسب إذا خرج عن الوضوح و صار من قبيل‬
‫العلوم ذهبت فائدة الوهم فيه عن النفس و انتفعت النعرة الت تمل عليها العصبية فل منفعة‬
‫فيه حينئذ و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن الصريح من النسب إنا يوحد للمتوحشي ف القفر من العرب و من‬
‫ف معناهم‬
‫و ذلك لا اختصوا به من نكد العيش و شظف الحوال و سوء الواطن حلتهم عليها الضرورة‬
‫الت عينت لم تلك القسمة و هي لا كان معاشهم من القيام على البل و نتاجها و رعايتها و‬
‫البل تدعوهم إل التوحش ف القفر لرعيها من شجره و نتاجها ف رماله كما تقدم و القفر‬
‫مكان الشظف و السغب فصار لم إلفا و عادة و ربيت فيه أجيالم حت تكنت خلقا و جبلة‬
‫فل ينع إليها أحد من المم أن يساههم ف حالم و ل يأنس بم أحد من الجيال بل لو‬
‫وجد واحد منهم السبيل إل الفرار من حاله و أمكنه ذلك لا تركه فيؤمن عليهم لجل ذلك‬
‫من اختلط أنسابم و فسادها و ل تزال بينهم مفوظة صرية و اعتب ذلك ف مضر من قريش‬
‫وكنانة و ثقيف و بن أسد و هديل و من جاورهم من خزاعة لا كانوا أهل شظف و مواطن‬
‫غي ذات زرع و ل ضرع و بعدوا من أرياف الشام و العراق و معادن الدم و البوب كيف‬
‫كانت أنسابم صرية مفوظة ل يدخلها اختلط و ل عرف فيها شوب‪ .‬و أما العرب الذين‬
‫كانوا بالتلول و ف معادن الصب للمراعي و العيش من حي و كهلل مثل لم و جذام و‬
‫غسان و طي و قضاعة و إياد فاختلطت أنسابم و تداخلت شعوبم ففي كل واحد من بيوتم‬
‫من اللف ع ند الناس ما تعرف و إن ا جاء هم ذلك من ق بل الع جم و مالطت هم و هم ل‬
‫يعتبون الحافظة على النسب ف بيوتم و شعوبم و إنا هذا للعرب فقط‪ .‬قال عمر رضي ال‬
‫تعال عنه ( تعلموا النسب و ل تكونوا كنبط السواد ) إذا سئل أحدهم عن أصله قال من قرية‬
‫كذا هذا أي ما ل ق هؤلء العرب أ هل الرياف من الزدحام مع الناس على البلد الط يب و‬
‫الراعي الصيبة فكثر الختلط و تداخلت النساب و قد كان وقع ف صدر السلم النتماء‬
‫إل الواطن فيقال جند قنسرين جند دمشق جند العواصم و انتقل ذلك إل الندلس و ل يكن‬
‫لطراح العرب أ مر الن سب و إن ا كان لخت صاصهم بالوا طن ب عد الف تح ح ت عرفوا ب ا و‬
‫صارت لم علمة زائدة على النسب يتميزون با عند أمرائهم ث وقع الختلط ف الواضر‬
‫مع الع جم و غي هم و ف سدت الن ساب بالملة و فقدت ثرت ا من الع صبية فاطر حت ث‬
‫تلشت القبائل و دثرت فدثرت العصبية بدثورها و بقي ذلك ف البدو كما كان و ال وارث‬
‫الرض و من عليها‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف اختلط النساب كيف يقع‬


‫إعلم أنه من البي أن بعضا من أهل النساب يسقط إل أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف‬
‫أو ولء أو لفرار من قومه بناية أصابا فيدعي بنسب هؤلء و يعد منهم ف ثراته من النعرة و‬
‫القود و حل الديات و سائر الحوال و إذا و جدت ثرات النسب فكأنه وجد لنه ل معن‬
‫لكونه من هؤلء و من هؤلء إل جريان أحكامهم و أحوالم عليه و كأنه التحم بم ث أنه قد‬
‫يتنا سى الن سب الول بطول الزمان و يذ هب أ هل العل يم به فيخ فى على الك ثر و ما زالت‬
‫النساب تسقط من شعب إل شعب و يلتحم قوم بآخرين ف الاهلية و السلم و العرب و‬
‫العجم‪ .‬و انظر خلف الناس ف نسب أن النذر و غيهم يتبي لك شيء من ذلك و منه شأن‬
‫بيلة ف عرف جة بن هرث ة ل ا وله ع مر علي هم ف سألوه العفاء م نه و قالوا هو في نا لز يق أي‬
‫دخيل و لصيق و طلبوا أن يول عليهم جريرا فسأله عمر عن ذلك فقال عرفجة صدقوا يا أمي‬
‫الؤمني أنا رجل من الزد أصبت دما ف قومي و لقت بم و انظر منه كيف اختلط عرفجة‬
‫ببجيلة و لبس جلدتم و دعي بنسبهم حت ترشح للرئاسة عليهم لول علم بعضهم بوشائجه و‬
‫لو غفلوا عن ذلك و امتد الز من لتنو سي بالملة و عد من هم ب كل و جه و مذ هب فافه مه و‬
‫اعتب سر ال ف خليقته و مثل هذا كثي لذا العهد و لا قبله من العهود و ال الوفق للصواب‬
‫بنه و فضله و كرمه‪.‬‬
‫الفصل الادي عشر ف أن الرئاسة ل تزال ف نصابا الخصوص من أهل الصبية‬
‫إعلم أن كسل حسي أو بطسن مسن القبائل وإن كانوا عصسابة واحدة لنسسبهم العام ففيهسم أيضا‬
‫ع صبيات أخرى لن ساب خا صة هي أ شد التحاما من النسب العام ل م م ثل عشي وا حد أو‬
‫أ هل ب يت وا حد أو اخوة ب ن أب وا حد ل م ثل ب ن ال م القرب ي أو البعد ين فهؤلء أق عد‬
‫بن سبهم الخ صوص و يشاركون من سواهم من الع صائب ف الن سب العام و النعرة ت قع من‬
‫أهل نسبهم الخصوص و من أهل النسب العام إل أنا ف النسب الاص أشد لقرب اللحمة و‬
‫الرئاسة فيهم إنا تكون ف نصاب واحد منهم و ل تكون ف الكل و لا كانت الرئاسة إنا‬
‫تكون بالغلب وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب أقوى من سائر العصائب ليقع الغلب با‬
‫و تتسم الرئاسسة لهلهسا فإذا وجسب ذلك تعيس أن الرئاسسة عليهسم ل تزال فس ذلك النصساب‬
‫الخصوص بأهل الغلب عليهم إذ لو خرجت عنهم و صارت ف العصائب الخرى النازلة عن‬
‫عصابتهم ف الغلب لا تفت لم الرئاسة فل تزال ف ذلك النصاب متناقلة من فرع منهم إل‬
‫فرع و ل تنت قل إل إل القوى من فرو عه ل ا قلناه من سر الغلب لن الجتماع و الع صبية‬
‫بثابة الزاج للمتكون و الزاج ف التكون ل يصلح إذا تكافأت العناصر فل بد من غلبة أحدها‬
‫و إل ل يتم التكوين فهذا هو سر اشتراط الغلب ف العصبية و منه تعي استمرار الرئاسة ف‬
‫النصاب الخصوص با كما قررناه‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف أن الرئاسة على أهل الصبية ل تكون ف غي نسبهم‬


‫و ذلك أن الرئا سة ل تكون إل بالغلب و الغلب إن ا يكون بالع صبية ك ما قدمناه فل بد ف‬
‫الرئاسة على القوم أن تكون من عصبية غالبة لعصبياتم واحدة واحدة لن كل عصبية منهم‬
‫إذا أحست بغلب عصبية الرئيس لم أقروا بالذعان و التباع و الساقط ف نسبهم بالملة ل‬
‫تكون له عصبية فيهم بالنسب إنا هو ملصق لزيق و غاية التعصب له بالولء و اللف و ذلك‬
‫ل يو جب له غلبا عليهم البتة و إذا فرضنا أ نه قد التحم ب م و اختلط و تنو سي عهده الول‬
‫من اللتصاق و لبس جلدتم و دعي بنسبهم فكيف له الرئاسة قبل هذا اللتحام أو لحد من‬
‫سلفه و الرئاسة على القوم إنا تكون متناقلة ف منبت واحد تعي له الغلب بالعصبية فالولية‬
‫الت كانت لذا اللصق قد عرف فيها التصاقه من غي شك و منعة ذلك اللتصاق من الرئاسة‬
‫حينئذ فكيف تنوقلت عنه و هو على حال اللصاق و الرئاسة ل بد و أن تكون موروثة عن‬
‫مسستحقها لاس قلناه مسن التغلب بالعصسبية و قسد يتشوف كثيس مسن الرؤسساء على القبائل و‬
‫العصائب إل أنساب يلهجون با إما لصوصية فصيلة كانت ف أهل ذلك النسب من شجاعة‬
‫أو كرم أو ذ كر ك يف ات فق فينعون إل ذلك الن سب و يتورطون بالدعوى ف شعو به و ل‬
‫يعلمون ما يوقعون ف يه أنف سهم من القدح ف رئا ستهم و الط عن ف شرف هم و هذا كث ي ف‬
‫الناس لذا العهسد فمسن ذلك مسا يدعيسه زناتسة جلة أنمس مسن العرب و منسه ادعاء أولد رباب‬
‫العروفي بالجازيي من بن عامر أحد شعوب زغبة أنم من بن سليم ث من الشريد منهم‬
‫لق جدهم ببن عامر نارا يصنع الرجان و أختلط بم و التحم بنسبهم حت رأس عليهم و‬
‫يسمونه الجازي‪ .‬و من ذلك ادعاء بن عبد القوي بن العباس بن توجي أنم من ولد العباس‬
‫بن عبد الطلب رغبة ف هذا النسب الشريف و غلطا باسم العباس بن عطية أب عبد القوي و‬
‫ل يعلم دخول أ حد من العبا سي إل الغرب ل نه كان م نذ أول دولتي هم على دعوة العلوي ي‬
‫أعدائهم من الدارسة و العبيديي فكيف يكون من سبط العباس أحد من شيعة العلويي من و‬
‫كذلك ما يدعيه أبناء زيان ملوك تلمسان من بن عبد الواحد أنم من ولد القاسم بن إدريس‬
‫ذهابا إل ما اشتهر ف نسبهم أنم من ولد القاسم فيقولون بلسانم الزنات أنت القاسم أي بنو‬
‫القاسم ث يدعون أن القاسم هذا هو القاسم بن إدريس أو القاسم بن ممد بن إدريس و لو‬
‫كان ذلك صحيحا فغا ية القا سم هذا أ نه فر من مكان سلطانه م ستجيا ب م فك يف ت تم له‬
‫الرئاسة عليهم ف باديتهم و إنا هو غلط من قبل اسم القاسم فإنه كثي الوجود ف الدارسة‬
‫فتوهوا أن قا سهم من ذلك الن سب و هم غ ي متاج ي لذلك فإن منال م للملك و العزة إن ا‬
‫كان بعصبيتهم و ل يكن بادعاء علوية و ل عباسية و ل شيء من النساب و إنا يمل على‬
‫هذا التقربون إل اللوك بنازع هم و مذاهب هم و يشت هر ح ت يب عد عن الرد و ل قد بلغ ن عن‬
‫يغمرا سن بن زيان مؤئل سلطانم أ نه ل ا ق يل له ذلك أنكره و قال بلغ ته الزنات ية ما معناه أ ما‬
‫الدنيا و اللك فنلناها بسيوفنا ل بذا النسب و أما نفعهما ف الخرة فمردود إل ال و أعرض‬
‫عن التقرب إليه ما بذلك‪ .‬و من هذا الباب ما يدعيه بنو سعد شيوخ بن يزيد من زغبة أنم‬
‫من ولد أب بكر الصديق رضي ال عنه و بنو سلمة شيوخ بن يدللت من توجي أنم من‬
‫سليم و الزواودة شيوخ رياح أن م من أعقاب البام كة و كذا ب نو مه نا أمراء طيء بالشرق‬
‫يدعون فيما بلغ نا أنم من أعقابم و أمثال ذلك كثي و رئاستهم ف قومهم مان عة من ادعاء‬
‫هذه النسساب كمسا ذكرناه بسل تعيس أن يكونوا مسن صسريح ذلك النسسب و أقوى عصسبياته‬
‫فاع تبه و اجتنب الغالط ف يه و ل ت عل من هذا الباب إلاق مهدي الوحدين بنسب العلوية‬
‫فإن الهدي ل يكن من منبت الرئاسة ف هرثة قومه‪ ،‬و إنا رأس عليهم بعد اشتهاره بالعلم و‬
‫الدين و دخول قبائل الصامدة ف دعوته و كان مع ذلك من أهل النابت التوسطة فيهم و ال‬
‫عال الغيب و الشهادة‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ف أن البيت و الشرف بالصالة و القيقة لهل الصبية و يكون‬
‫لغيهم بالجاز و الشبه‬
‫و ذلك أن الشرف و ال سب إن ا هو باللل و مع ن الب يت أن ي عد الر جل ف آبائه أشرا فا‬
‫مذكورين يكون له بولدتم إياه و النتساب إليهم تلة ف أهل جلدته لا و قر ف نفوسهم من‬
‫تلة سلفه و شرفهم بللم و الناس ف نشأتم و تناسلهم معادن قال صلى ال عليه و سلم‬
‫الناس معادن خيار هم ف الاهل ية خيار هم ف ال سلم إذا فقهوا فمع ن ال سب را جع إل‬
‫النساب و قد بينا أن ثرة النساب و فائدتا إنا هي العصبية للنعرة و التناصر فحيث تكون‬
‫العصبية مرهوبة و النبت فيها زكي ممى تكون فائدة النسب أو صح و ثرتا أقوى و تعديد‬
‫الشراف من الباء زائد ف فائدتا فيكون السب و الشرف أصليي ف أهل العصبية لوجود‬
‫ثرة النسسب و تفاوت البيوت فس هذا الشرف بتفاوت العصسبية لنسه سسيها و ل يكون‬
‫للمنفردين من‪ ،‬أهل المصار بيت إل بالجاز و إن توهوه فزخرف من الدعاوى و إذا اعتبت‬
‫السب ف أ هل المصار و جدت معناه أن الر جل منهم يعد سلفا ف خلل الي و مالطة‬
‫أهله مع الركون إل العافية ما استطاع و هذا مغاير لسر العصبية الت هي ثرة النسب و تعديد‬
‫الباء لكنه يطلق عليه حسب وبيت بالجاز لعلمة ما فيه من تعديد الباء التعاقبي على طريقة‬
‫واحدة من الي و مسالكه و ليس حسبا بالقيقة و على الطلق و أن ثبت إنه حقيقة فيهما‬
‫بالوضع اللغوي فيكون من الشكك الذي هو ف بعض مواضعه أول و قد يكون للبيت شرف‬
‫أول بالعصسبية و اللل ثس ينسسلخون منسه لذهاباس بالضارة كمسا تقدم و يتلطون بالغمار و‬
‫يبقى ف نفوسهم وسواس ذلك السب يعدون به أنفسهم من أشراف البيوتات أهل العصائب‬
‫و ليسوا منها ف شيء لذهاب العصبية جلة و كثي من أهل المصار الناشئي ف بيوت العرب‬
‫أو العجم لول عهدهم موسوسون بذلك و أكثر ما رسخ الوسواس ف ذلك لبن إسرائيل فإنه‬
‫كان لم بيت من أعظم بيوت العال بالنبت أولً لا تعدد ف سلفهم من النبياء و الرسل من‬
‫لدن إبراهيم عليه السلم إل موسى صاحب ملتهم و شريعتهم ث بالعصبية ثانيا و ما أتاهم ال‬
‫با من اللك الذي وعدهم به ث انسلخوا من ذلك أجع و ضربت عليهم الذلة و السكنة و‬
‫ك تب علي هم اللء ف الرض و انفردوا بال ستعباد للك فر آلفا من ال سني و ما زال هذا‬
‫الوسواس مصاحبا لم فتجدهم يقولون هذا هارون هذا من نسل يوشع هذا من عقب كالب‬
‫هذا من سبط يهوذا مع ذهاب العصبية و رسوخ الذل فيهم منذ أحقاب متطاولة و كثي من‬
‫أهل المصار و غيهم النقطعي ف أنسابم عن العصبية يذهب إل هذا الذيان و قد غلط أبو‬
‫الوليد بن رشد ف هذا لا ذكر السب ف كتاب الطابة من تلخيص كتاب العلم الول و‬
‫ال سب هو أن يكون من قوم قد ي نزل م بالدي نة و ل يتعرض ل ا ذكرناه و ل يت شعري ما‬
‫الذي ينف عه قدم نزل م بالدي نة إن ا ل ت كن له ع صابة ير هب ب ا جان به و ت مل غي هم على‬
‫القبول منه فكأنه أطلق السب على تعديد الباء فقط مع أن الطابة إنا هي استمالة من تؤثر‬
‫ا ستمالته و هم أ هل ال ل و الع قد و أ ما من ل قدرة له الب تة فل يلت فت إل يه و ل يقدر على‬
‫استمالة أحد و ل يستمال هو و أهل المصار من الضر بذه الثابة إل أن ابن رشد ربا ف‬
‫جبل و بلد و ل يارسوا العصبية و ل أنسوا أحوالم فبقي ف أمر البيت و السب على المر‬
‫الشهور من تعديد الباء على الطلق و ل يراجع فيه حقيقة العصبية و سرها ف الليقة و ال‬
‫بكل شيء عليم‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر ف أن البيت و الشرف للموال و أهل الصطناع إنا هو بواليهم ل‬
‫بأنسابم‬
‫و ذلك أنا قدمنا أن الشرف بالصالة و القيقة إنا هو لهل العصبية فإذا اصطنع أهل العصبية‬
‫قوما من غي نسبهم أو استرقوا العبدان و الوال و التحموا به كما قلناه ضرب معهم أولئك‬
‫الوال و الصطنعون بنسبهم ف تلك العصبية و لبسوا جلدتا كأنا عصبتهم و حصل لم من‬
‫النتظام ف العصبية مساهة ف نسبها كما قال صلى ال تعال عليه و سلم مول القوم منهم و‬
‫سواء كال مول رق أو مول اصطناع و حلف و ليس نسب ولدته بنافع له ف تلك العصبية‬
‫إذ هي مباي نة لذلك الن سب و ع صبية ذلك الن سب مفقودة لذهاب سرها ع ند التحا مه بذا‬
‫النسب الخر و فقدانه أهل عصبيتها فيصي من هؤلء و يندرج فيهم فإذا تددت له الباء ف‬
‫هذه العصبية كان له بينهم شرف و بيت على نسبته ف ولئهم و اصطناعهم ل يتجاوزه إل‬
‫شرفهم بل يكون أدون منهم على كل حال و هذا شأن الوال ف الدول و الدمة كلهم فإنم‬
‫إن ا يشرفون بالر سوخ ف‪ ،‬ولء الدولة و خدمت ها و تعدد الباء ف وليت ها أل ترى إل موال‬
‫التراك ف دولة بن العباس و إل ب ن برمك من قبليهم و بن نوب ت ك يف أدركوا الب يت و‬
‫الشرف و بنوا ال جد و ال صالة بالر سوخ ف ولء الدولة فكان جع فر بن ي ي بن خالد من‬
‫أع ظم الناس بيتا و شرفا بالنت ساب إل ولء الرش يد و قو مه ل بالنت ساب ف الفرس و كذا‬
‫موال كل دولة و خدم ها إن ا يكون ل م الب يت و ال سب بالر سوخ ف ولئ ها و ال صالة ف‬
‫اصطناعها و يضمحل نسبه القدم من غي نسبها و يبقى ملغى ل عبة به ف أصالته و مده و‬
‫إن ا الع تب ن سبة ولئه و ا صطناعه إذ ف يه سر الع صبية ال ت ب ا الب يت و الشرف فكان شر فه‬
‫مشتقا من شرف مواليه و بناؤه من بنائهم فلم ينفعه نسب ولدته و إنا بن مده نسب الولء‬
‫ف الدولة و لمة ال صطناع فيها و الترب ية و قد يكون ن سبه الول ف ل مة ع صبته و دول ته‬
‫فإذا ذهبست و صسار ولوه و اصسطناعه فس أخرى ل تنفعسه الول لذهاب عصسبيتها و انتفسع‬
‫بالثان ية لوجود ها و هذا حال ب ن بر مك إذ النقول أن م كانوا أ هل ب يت ف الفرس من سدنة‬
‫بيوت النار عند هم و ل ا صاروا إل ولء ب ن العباس ل ي كن بالول اعتبار و إن ا كان شرف هم‬
‫من حيث وليتهم ف الدولة و اصطناعهم و ما سوى هذا فوهم توسوس به النفوس الامة و‬
‫ل حقيقة له و الوجود شاهد با قلناه ل إن أكرمكم عند ال أتقاكم و ال و رسوله أعلم‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن ناية السب ف العقب الواحد أربعة آباء‬


‫إعلم أن العال العنصري با فيه كائن فاسد ل من ذواته و ل من أحواله و الكونات من العدن‬
‫و النبات و جيع اليوانات النسان و غيه كائ نة فا سدة بالعاي نة و كذلك ما يعرض ل ا من‬
‫الحوال و خ صوصا الن سانية فالعلوم تن شأ ث تدرس و كذا ال صنائع و أمثال ا و ال سب من‬
‫العوارض الت تعرض للدميي فهو كائن فاسد ل مالة و ليس يوجد لحد من أ هل الليقة‬
‫شرف متصل ف آبائه من لدن آدم إليه إل ما كان من ذلك للنب صلى ال عليه و سلم كرامة‬
‫به و حياطةً على السر فيه و أول كل شرف خارجية كما قيل‪ ،‬و هي الروج عن الرئاسة و‬
‫الشرف إل الض عة و البتذال و عدم ال سب و معناه أن كل شرف و ح سب فعد مه سابق‬
‫عليه شأن كل مدث ث إن نايته ف أربعة آباء و ذلك أن بان الجد عال يا عاناه ف بنائه و‬
‫مافظ على اللل الت هي أسباب كونه و بقائه و ابنه من بعده مباشر لبيه فقد سع منه ذلك‬
‫و أخذه عنه إل أنه مقصر ف ذلك تقصي السامع بالشيء عن العان له ث إذا جاء الثالث كان‬
‫حظه القتفاء و التقليد خاصة فقصر عن الثان تقصي القلد عن الجتهد ث إذا جاء الرابع قصر‬
‫عن طريقتيهم جلة و أضاع اللل الافظة لبناء مدهم و احتقرها و توهم أن ذلك البنيان ل‬
‫يكسن بعاناة و ل تكلف و إناس هسو أ مر وجسب لمس منسذ أول النشأة بجرد انتسسابم و ليسس‬
‫بعصابة و ل بلل لا يرى من التجلة بي الناس و ل يعلم كيف كان حدوثها و ل سببها و‬
‫يتوهم أنه النسب فقط فيبأ بنفسه عن أهل عصيته و يرى الفصل له عليهم وثوقا با رب فيه‬
‫من استتباعهم و جهلً با أوجب ذلك الستتباع من اللل الت منها التواضع لم و الخذ‬
‫بجامع قلوبم فيحتقرهم بذلك فينغصون عليه و يتقرونه و يديلون منه سواه من أهل ذلك‬
‫النبت و من فروعه ف غي ذلك العقب للذعان لعصبيتهم كما قلناه بعد الوثوق با يرضونه‬
‫من خلله فتن مو فروع هذا و تذوي فروع الول و ينهدم بناء بي ته هذا ف اللوك و هكذا ف‬
‫بيوت القبائل و المراء و أ هل الع صبية أجعس ث ف بيوت أ هل الم صار إذا تط مت بيوت‬
‫نشأت بيوت أخرى من ذلك النسب إن يشأ يذهبكم ويأت بلق جديد * وما ذلك على ال‬
‫بعزيز و اشتراط الربعة ف الحساب إنا هو ف الغالب و إل فقد يدثر البيت من دون الربعة‬
‫و يتل شى و ينهدم و قد يت صل أمر ها إل الا مس و ال سادس إل أ نه ف انطاط و ذهاب و‬
‫اعتبار الربعة من قبل الجيال الربعة بأن و مباشر له و مقلد و هادم و هو أقل ما يكن و قد‬
‫اعتبت الربعة ف ناية السب ف باب الدح و الثناء قال صلى ال عليه و سلم إنا الكري‬
‫ابن الكري ابن الكري ابن الكري يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إشارة إل أنه بلغ‬
‫الغاية من الجد و ف التوراة ما معناه أن ال ربك طائق غيور مطالب بذنوب الباء للبني على‬
‫الثوالث و الروا بع و هذا يدل على أن الرب عة العقاب غا ية ف الن ساب و ال سب‪ .‬و ف‬
‫كتاب الغا ن ف أخبار عز يف الغوا ن أن ك سرى قال للنعمان هل ف العرب قبيلة تتشرف‬
‫على قبيلة قال ن عم قال بأي ش يء قال من كان له ثل ثة آباء متوال ية رؤ ساء ث ت صل ذلك‬
‫بكمال الرابع فالبيت من قبيلته و طلب ذلك فلم يده إل ف آل حذيفة بن بدر الفزاري و هم‬
‫بيت قيس و آل ذي الدين بيت شيبان و آل الشعث بن قيس من كندة و آل حاجب بن‬
‫زرارة و آل قيسس بسن عاصسم النقري مسن بنس تيسم فجمسع هؤلء الرهسط و مسن تبعهسم مسن‬
‫عشائر هم و أق عد ل م الكام و العدول فقام حذي فة بن بدر ث الشعث بن ق يس لقراب ته من‬
‫النعمان ث بسطام بن قيس بن شيبان ث حاجب بن زرارة ث قيس بن عاصم و خطبوا و نثروا‬
‫فقال كسرى كلهم سيد يصلح لوضعه و كانت هذه البيوتات هي الذكورة ف العرب بعد‬
‫بن هاشم و معهم بيت بن الذبيان من بن الرث بن كعب اليمن و هذا كله يدل على أن‬
‫الربعة الباء ناية ف السب و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف أن المم الوحشية أقدر على التغلب من سواها‬


‫إعلم أنه لا كانت البداوة سببا ف الشجاعة كما قلناه ف القدمة الثالثة ل جرم كان هذا اليل‬
‫الوحشي أشد شجاعة من اليل الخر فهم أقدر على التغلب و انتزاع ما ف أيدي سواهم من‬
‫المسم بسل اليسل الواحسد تتلف أحواله فس ذلك باختلف العصسار فكلمسا نزلوا الرياف و‬
‫تفنقوا النعيم و ألفوا عوائد الصب ف العاش و النعيم‪ ،‬نقص من شجاعتهم بقدار ما نقص‬
‫من توحشهم و بداوتم و اعتب ذلك ف اليوانات العجم بدواجن الظباء و البقر الوحشية و‬
‫الفر إذا زال توحشها بخالطة الدميي و أخصب عيشها كيف يتلف حالا ف النتهاض و‬
‫الشدة حت ف مشيتها و حسن أديها و كذلك الدمي التوحش إذا أ نس و ألف و سببه أن‬
‫تكون ال سجايا و الطباخ إن ا هو عن الألوفات و العوائد و إذا كان الغلب لل مم إن ا يكون‬
‫بالقدام و البسالة فمن كان من هذه الجيال أعرق ف البداوة و أكثر توحشا كان أقرب إل‬
‫التغلب على سواه إذا تقاربا ف العدد و تكافآ ف القوة العصبية و انظر ف ذلك شأن مضر مع‬
‫من قبلهم من حي و كهلن السابقي إل اللك و النعيم و مع ربيعة التوطني أرياف العراق و‬
‫نعيمه لا بقي مضر ف بداوتم و تقدمهم الخرون إل خصب العيش و غضارة النعيم كيف‬
‫أرهفت البداوة حدهم ف التغلب فغلبوهم على ما ف أيديهم و انتزعوه منهم و هذا حال بن‬
‫طيء و بن عامر بن صعصعة و بن سليم بن منصور و من بعدهم لا تأخروا ف باديتهم عن‬
‫سائر قبائل مضر و اليمن و ل يتلبسوا بشيء من دنياهم كيف أمسكت حال البداوة عليهم‬
‫قوة عصبيتهم و ل تلفها مذاهب الترف حت صاروا أغلب على المر منهم و كذا كل حي‬
‫مسن العرب يلي نعيما و عيشا خصسبا دون اليس الخسر فإن اليس التبدي‪ ،‬يكون أغلب له و‬
‫أقدر عليه إذا تكافآ ف القوة و العدد سنة ال ف خلقه‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أن الغاية الت تري إليها العصبية هي اللك‬


‫و ذلك لنا قدمنا أن العصبية با تكون الماية و الدافعة و الطالبة و كل أمر يتمع عليه و‬
‫قدمنا أن الدميي بالطبيعة النسانيه يتاجون ف كل اجتماع إل وازع و حاكم يزع بعضهم‬
‫عن ب عض فل بد أن يكون متغلبا علي هم بتلك الع صبية و إل ل ت تم قدر ته على ذلك و هذا‬
‫التغلب هو اللك و هو أمر زائد على الرئاسة لن الرئاسة إنا هي سؤدد و صاحبها متبوع و‬
‫ل يس له عليهم ق هر ف أحكامه و أ ما اللك فهو التغلب و الكم بالق هر و صاحبها متبوع و‬
‫ليس له عليهم قهر ف أحكامه‪ .‬و أما اللك فهو التغلب و الكم بالقوة و صاحب العصبية إذا‬
‫بلغ إل رتبة طلب ما فوقها فإذا بلغ رتبة السؤدد و التباع و وجد السبيل إل التغلب و القهر‬
‫ل يتركسه لنسه مطلوب للنفسس و ل يتسم اقتدارهسا عليسه إل بالعصسبية التس يكون باس متبوعا‬
‫فالتغلب اللكي غاية للعصبية كما رأيت ث أن القبيل الواحد و إن كانت فيه بيوتات مفترقة و‬
‫ع صبيات متعددة فل بد من ع صبية تكون أقوى من جيع ها تغلبها و تستتبعها وتلت حم جيع‬
‫العصبيات فيها و تصي كأنا عصبية واحدة كبى و إل وقع الفتراق الفضي إل الختلف و‬
‫التنافس ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض ث إذا حصل التغلب لتلك العصبية‬
‫على قوم ها طل بت بطبع ها التغلب على أ هل ع صبية أخرى بعيدة عن ها فإن كافأت ا أو مانعت ها‬
‫كانوا أقتالً و أنظارا و ل كل واحدة منهما التغلب على حوزتا و قومها شأن القبائل و المم‬
‫الفترقة ف العال و إن غلبتها و استتبعتها التحمت با أيضا و زادت قوة ف التغلب إل قوتا و‬
‫طل بت غا ية من التغلب و التح كم أعلى من الغا ية الول و أب عد و هكذا دائما ح ت تكافء‬
‫بقوتا قوة الدولة ف هرمها و ل يكن لا مانع من أولياء الدولة أهل العصبيات استولت عليها‬
‫و انتز عت ال مر من يد ها و صار اللك أج ع ل ا و إن انت هت قوت ا و ل يقارن ذلك هرم‪،‬‬
‫الدولة و إنا قارن حاجتها إل الستظهار بأهل العصبيات انتظمتها الدولة ف أوليائها تستظهر‬
‫با على ما يعن من مقاصدها و ذلك ملك آخر دون اللك الستبد و هو كما وقع للترك ف‬
‫دولة ب ن العباس و ل صنهاجة و زنا تة مع كتا مة و لب ن حدان مع ملوك الشي عة من العلو ية و‬
‫العباسية فقد ظهر أن اللك هو غاية العصبية و أنا إذا بلغت إل غايتها حصل للقبيلة اللك إما‬
‫بالستبداد أو بالظاهرة على حسب ما يسعه الوقت القارن لذلك و إن عاقها عن بلوغ الغاية‬
‫عوائق كما نبينه وقفت ف مقامها إل أن يقضي ال بأمره‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن من عوائق اللك حصول الترف و انغماس القبيل ف النعيم‬
‫و سسبب ذلك أن القبيسل إذا غلبست بعصسبيتها بعسض الغلب اسستولت على النعمسة بقداره و‬
‫شاركت أهل النعم و الصب ف نعمتهم و خصبهم و ضربت معهم ف ذلك بسهم و حصة‬
‫بقدار غلبها و استظهار الدولة با فإن كانت الدولة من القوة بيث ل يطمع أحد ف انتزاع‬
‫أمر ها و ل مشاركت ها ف يه أذ عن ذلك القب يل لوليت ها و القنوع ب ا ي سوغون من نعمت ها و‬
‫يشركون ف يه من جبايت ها و ل ت سم آمال م إل ش يء من منازع اللك و ل أ سبابه إن ا هت هم‬
‫النع يم و الك سب و خ صب الع يش و ال سكون ف ظل الدولة إل الد عة و الرا حة و ال خذ‬
‫بذا هب اللك ف البا ن و الل بس و ال ستكثار من ذلك و التأ نق ف يه بقدار ما ح صل من‬
‫الرياش و الترف و ما يدعو إليه من توابع ذلك فتذهب خشونة البداوة و تضعف العصبية و‬
‫البسالة و يتنعمون فيما أتاهم ال من البسطة و تنشأ بنوهم و أعقابم ف مثل ذلك من الترفع‬
‫عن خدمة أنفسهم و ولية حاجاتم و يستنكفون عن سائر المور الضرورية ف العصبية حت‬
‫يصي ذلك خلقا لم و سجية فتنقص عصبيتهم و بسالتهم ف الجيال بعدهم يتعاقبها إل أن‬
‫تنقرض العصسبية فيأذنون بالنقراض و على قدر ترفهسم و نعمتهسم يكون إشرافهسم على الفناء‬
‫فضلً عن اللك فإن عوارض الترف و الغرق ف النعيم كاسر من سورة الصبية الت با التغلب‬
‫و إذا انقرضت العصبية قصر القبيل عن الدافعة و الماية فضلً عن الطالبة و التهمتهم المم‬
‫سواهم فقد تبي أن الترف من عوائق اللك و ال يؤت ملكه من يشاء‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف أن من عوائق اللك الذلة للقبيل و النقياد إل سواهم‬


‫و سبب ذلك أن الذلة و النقياد كا سران ل سورة الع صبية و شدت ا فإن انقياد هم و مذلت هم‬
‫دليسل على فقداناس فمسا رئموا للمذلة حتس عجزوا عسن الدافعسة فأول أن يكون عاجزا عسن‬
‫القاومة و الطالبة و اعتب ذلك ف بن إسرائيل لا دعاهم موسى عليه السلم إل ملك الشام و‬
‫أخبهم بأن ال قد كتب لم ملكهم كيف عجزوا عن ذلك و قالوا‪ :‬إن فيها قوما جبارين و‬
‫إنا لن ندخلها حت يرجوا منها أي يرجهم ال تعال منها بضرب من قدرته غي عصبيتنا و‬
‫تكون من معجزاتك يا موسى و لا عزم عليهم لوا و ارتكبوا العصيان و قالوا له‪ :‬اذهب أنت‬
‫و ر بك فقاتل و ما ذلك إل ل ا أن سوا من أنف سهم من الع جز عن القاو مة و الطال بة ك ما‬
‫تقتضيه الية و ما يؤثر ف تفسيها و ذلك با حصل فيهم من خلق النقياد و ما رئموا من‬
‫الذل للقبط أحقابا حت ذهبت العصبية منهم جلة مع أنم ل يؤمنوا حق اليان با أخبهم به‬
‫مو سى من أن الشام ل م و أن العمال قة الذ ين كانوا بأري ا فري ستهم ب كم من ال قدره ل م‬
‫فأقصروا عن ذلك و عجزوا تعويلً على ما ف أنفسهم من العجز عن الطالبة لا حصل لم من‬
‫خلق الذلة و طعنوا فيما أخبهم به نبيهم من ذلك و ما أمرهم به فعاقبهم ال بالتيه و هو أنم‬
‫تاهوا ف ق فر من الرض ما ب ي الشام و م صر أربع ي سنة ل يأووا في ها العمران و ل نزلوا‬
‫مصسرا و ل خالطوا بشرا كمسا قصسه القرآن لغلظسة العمالقسة بالشام و القبسط بصسر عليهسم‬
‫لعجزهم عن مقاومتهم كما زعموه و يظهر من مساق الية و مفهومها أن حكمة ذلك التيه‬
‫مقصودة و هي فناء اليل الذين خرجوا من قبضة الذل و القهر و القوة و تلقوا به و أفسدوا‬
‫من عصبيتهم حت نشأ ف ذلك التيه جيل آخر عزيز ل يعرف الحكام و القهر و ل يساهم‬
‫بالذلة فنشأت بذلك عصبية أخرى اقتدروا با على الطالبة و التغلب و يظهر لك من ذلك أن‬
‫الربع ي سنة أقل ما يأت فيها فناء جيل و نشأة جيل آخر سبحان الكيم العليم و ف هذا‬
‫أوضح دليل على شأن العصبية و أنا هي الت تكون با الدافعة و القاومة و الماية و الطالبة‬
‫و أن من فقد ها ع جز عن ج يع ذلك كله و لق بذا الف صل فيما يو جب الذلة للقب يل شأن‬
‫الغارم و الضرائب فإن القب يل الغارم ي ما أعطوا ال يد من ذلك ح ت رضوا بالذلة ف يه لن ف‬
‫الغارم و الضرائب ضيما و مذلة ل تتمل ها النفوس الب ية إل إذا ا ستهونته عن الق تل و التلف‬
‫و أن عصبيتهم حينئذ ضعيفة عن الدافعة و الماية و من كانت عصبيته ل تدفع عنه الضيم‬
‫فك يف له بالقاو مة و الطال بة و قد ح صل له النقياد للذل و الذلة عائ قة ك ما قدمناه‪ .‬و م نه‬
‫قوله صلى ال عل يه و سلم شأن الرث ل ا رأى سكة الحراث ف ب عض دور الن صار ما‬
‫دخلت هذه دار قوم إل دخلهم الذل فهو دليل صريح على أن الغرم موجب للذلة هذا إل ما‬
‫يصحب ذل الغارم من خلق الكر و الديعة بسبب ملكة القهر فإذا رأيت القبيل بالغارم ف‬
‫رب قة من الذل فل تطم عن ل ا بلك آ خر الد هر و من ه نا ي تبي لك غلط من يز عم أن زنا تة‬
‫بالغرب كانوا شاو ية يودون الغارم لن كان على عهدهم من اللوك و هو غلط فاحش كما‬
‫رأيت إذ لو وقع ذلك لا استتب لم ملك و ل تت لم دولة و انظر فيما قاله شهر براز ملك‬
‫الباب لع بد الرح ن بن ربي عة ل ا أ طل عل يه و سأل ش هر براز أما نه على أن يكون له فقال أ نا‬
‫اليوم من كم يدي ف أيدي كم و صعري مع كم فمرحبا ب كم و بارك ال ل نا و ل كم و جزيت نا‬
‫إليكم النصر لكم و القيام با تبون و ل تذلونا بالزية فتوهونا لعدوكم فاعتب هذا فيما قلناه‬
‫فإنه كاف‪.‬‬
‫الفصل العشرون ا ف أن من علمات اللك التنافس ف اللل الميدة و بالعكس‬
‫لا كان اللك طبيعيا للنسان لا فيه من طبيعة الجتماع كما قلناه و كان النسان أقرب إل‬
‫خلل ال ي من خلل ال شر بأ صل فطر ته و قو ته الناط قة العاقلة لن ال شر إن ا جاءه من ق بل‬
‫القوى اليوان ية ال ت ف يه و إ ما من ح يث هو إن سان ف هو إل ال ي و خلله أقرب و اللك و‬
‫السياسة إنا كانا له من حيث هو إنسان لنما للنسان خاصة ل للحيوان فإذا خلل الي‬
‫فيه هي الت تناسب السياسة و اللك إذ الي هو الناسب للسياسة و قد ذكرنا أن الجد له‬
‫أصل يبن عليه و تتحقق به حقيقته و هو العصبية و العشي و فرع يتمم و جوده و يكمله و‬
‫هو اللل و إذا كان اللك غا ية للع صبية ف هو غا ية لفروع ها و متممات ا و هي اللل لن‬
‫وجوده دون متمماته كوجود شخص مقطوع العضاء أو ظهوره عريانا بي الناس ل إذا كان‬
‫وجود الع صبية ف قط من غ ي انتحال اللل الميدة نق صا ف أ هل البيوت و الح ساب ف ما‬
‫ظنك بأهل اللك الذي هو غاية لكل مد و ناية لكل حسب و أيضا فالسياسة و اللك هي‬
‫كفالة للخلق و خلفة ل ف العباد لتنفيذ أحكامه فيهم و أحكام ال ف خلقه و عباده إنا هي‬
‫بالي و مراعاة الصال كما تشهد به الشرائع و أحكام البشر إنا هي من الهل و الشيطان‬
‫بلف قدرة ال سبحانه و قدره فإ نه فا عل للخ ي و ال شر معا و مقدره ا إذ ل فا عل سواه‬
‫فمن حصلت له العصبية الكفيلة بالقدرة و أونست منه خلل الي الناسبة لتنفيذ أحكام ال‬
‫ف خل قه ف قد ت يأ للخل فة ف العباد و كفالة اللق و وجدت ف يه ال صلحية لذلك‪ .‬و هذا‬
‫البهان أو ثق من أن أول و أ صح مب ن ف قد تبي أن خلل ال ي شاهدة بوجود اللك ل ن و‬
‫جدت له العصبية فإذا نفرنا ف أهل العصبية و من حصل لم من الغلب على كثي من النواحي‬
‫و المم فوجدناهم يتنافسون ف الي و خلله من الكرم و العفو عن الزلت و الحتمال من‬
‫غيس القادر و القرى للضيوف و حلس الكسل و كسسب العدم و الصسب على الكاره و الوفاء‬
‫بالع هد و بذل الموال ف صون العراض و تعظ يم الشري عة و إجلل العلماء الامل ي ل ا و‬
‫الوقوف عند ما يددونه لم من فعل أو ترك و حسن الظن بم و اعتقاد أهل الدين و التبك‬
‫ب م و رغ به الدعاء من هم و الياء من الكابر و الشا يخ و توقي هم و إجلل م و النقياد إل‬
‫الق مع الداعي إليه و إنصاف الستضعفي من أنفسهم و التبدل ف أحوالم و النقياد للحق‬
‫و التواضع للمسكي و استماع شهوى الستغيثي و التدين بالشرائع و العبادات و القيام عليها‬
‫و على أ سبابا و التجا ف عن الغدر و ال كر و الدي عة و ن قض الع هد و أمثال ذلك علم نا أن‬
‫هذه خلق السياسة قد حصلت لديهم و استحقوا با أن يكونوا ساسة لن تت أيديهم أو على‬
‫العموم و أنه خي ساقه ال تعال إليهم مناسب لعصبيتهم و غلبهم و ليس ذلك سدىً فيهم و‬
‫ل وجد عبثا منهم و اللك أنسب الراتب و اليات لعصبيتهم فعلمنا بذلك أن ال تأذن لم‬
‫باللك و ساقه إلي هم و بالع كس من ذلك إذا تأذن ال بانقراض اللك من أ مة حلت هم على‬
‫ارتكاب الذمومات و انتحال الرذائل و سلوك طرقها فتفقد الفصائل السياسية منهم جلة و ل‬
‫تزال ف انتقاص إل أن يرج اللك من أيديهم و يتبدل به سواهم ليكون نعيا عليهم ف سلب‬
‫ما كان ال قد أتا هم من اللك و ج عل ف أيدي هم من ال ي وإذا أرد نا أن نلك قر ية أمر نا‬
‫مترفي ها فف سقوا في ها ف حق علي ها القول فدمرنا ها تدميا و ا ستقرىء ذلك و تتب عه ف ال مم‬
‫السابقة تد كثيا ما قلناه و رسناه و ال يلق ما يشاء و يتار و اعلم أن من خلل الكمال‬
‫ال ت يتنا فس في ها القبائل ألو الع صبية و تكون شاهدة ل م باللك إكرام العلماء و ال صالي و‬
‫الشراف و أهل الحساب و أصناف التجار و الغرباء و إنزال الناس منازلم و ذلك أن إكرام‬
‫القبائل و أهل العصبيات و العشائر لن يناهضهم ف الشرف و ياد بم حبل العشي و العصبية‬
‫و يشاركهم ف اتساع الاه أمر طبيعي يمل عليه ف الكثر الرغبة ف الاه أو الخافة من قوم‬
‫الكرم أو التماس مثلها منه و أما أمثال هؤلء من ليس لم عصبية تتقى و ل جاه يرتى فيندفع‬
‫ال شك ف شأن كرامت هم و يتم حض الق صد في هم أ نه للم جد و انتحال الكمال ف اللل و‬
‫القبال على السياسة بالكلية لن إكرام أقتاله و أمثاله ضروي ف السياسة الاصة بي قبيلة و‬
‫نظرائه و إكرام الطارئي من أهل الفضائل و الصوصيات كمال ف السياسة العامة فالصالون‬
‫للدين و العلماء للجاءي إليهم ف إقامة مراسم الشريعة و التجار للترغيب حت تعم النفعة با‬
‫ف أيديهم و الغرباء من مكارم الخلق و إنزال الناس منازلم من النصاف و هو من العدل‬
‫فيعلم بوجود ذلك من أ هل ع صبيته انتماؤ هم لل سياسة العا مة و هي اللك و أن ال قد تأذن‬
‫بوجودها فيهم لوجوب علماتا و لذا كان أول ما يذهب من القبيل أهل اللك إذا تأذن ال‬
‫تعال بسلب ملكهم و سلطانم إكرام هذا الصنف من اللق فإذا رأيته قد ذهب من أمة من‬
‫المم فاعلم أن الفضائل قد أخذت ف الذهاب عنهم و ارتقب زوال اللك منهم و إذا أراد ال‬
‫بقوم سوءا فل مرد له و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف أنه إذا كانت المة وحشية كان ملكها أوسع‬
‫و ذلك لنم أقدر على التغلب و الستبداد كما قلناه و استعباد الطوائف لقدرتم على ماربة‬
‫ال مم سواهم و لن م يتنلون من الهل ي منلة الفترس من اليوانات الع جم و هؤلء م ثل‬
‫العرب و زنا تة و من ف معنا هم من الكراد و التركمان و أ هل اللثام من صنهاجة و أيضا‬
‫فهؤلء التوحشون ل يس لم و طن يرتافون منه و ل بلد ينحون إليه فن سبة القطار و الوا طن‬
‫إليهم على السواء فلهذا ل يقتصرون على ملكة قطرهم و ما جاورهم من البلد و ل يقفون‬
‫عند حدود أفقهم بل يظفرون إل القاليم البعيدة و يتغلبون على المم النائية و انظر ما يكى‬
‫ف ذلك عن عمر رضي ال عنه لا بويع و قام يرض الناس على العراق فقال‪ :‬إن الجاز ليس‬
‫ل كم بدار إل على النج عة و ل قوى عل يه أهله إل بذلك أ ين القراء الهاجرون عن مو عد ال‬
‫سيوا ف الرض الت وعدكم ال ف الكتاب أن يورثكموها فقال‪ :‬ليظهره على الدين كله و‬
‫لو كره الشركون و اع تب ذلك أيضا بال العرب السالفة من ق بل م ثل التباب عة و حي ك يف‬
‫كانوا يطون من اليمن إل الغرب مرة و إل العراق و الند أخرى و ل يكن ذلك لغي العرب‬
‫مسن المسم و كذا حال اللثميس مسن الغرب لاس نزعوا إل اللك طفروا مسن القليسم الول و‬
‫مالتم منه ف جوار السودان إل القليم الرابع و الامس ف مالك الندلس من غي واسطة و‬
‫هذا شأن هذه المم الوحشية فلذلك تكون دولتهم أوسع نطاقا و أبعد من مراكزها ناية‪ ،‬و‬
‫ال يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار ل شريك له‪.‬‬
‫الفصل الثان و العشرون ف أن اللك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فل بد من‬
‫عوده إل شعب أخر منها ما دامت لم العصبية‬
‫و ال سبب ف ذلك أن اللك إن ا ح صل ل م ب عد سورة الغلب و الذعان ل م من سائر ال مم‬
‫سواهم فيتع ي من هم الباشرون لل مر الاملون سرير اللك و ل يكون ذلك لميع هم ل ا هم‬
‫عل يه من الكثرة ال ت يض يق عن ها نطاق الزاح ة و الغية ال ت تدع أنوف كث ي من التطاول ي‬
‫للرتبة فإذا تعي أولئك القائمون بالدولة انغمسوا ف النعيم و غرقوا ف بر الترف و الصب و‬
‫ا ستعبدوا إخوان م من ذلك ال يل و أنفقو هم ف وجوه الدولة و مذاهب ها و ب قي الذ ين بعدوا‬
‫عن المر و كبحوا عن الشاركة ف ظل من عز الدولة الت شاركوها بنسبهم و بنجاة من‬
‫الرم لبعدهسم عسن الترف و أسسبابه فإذا اسستولت على الوليس اليام و أباد غضراءهسم الرم‬
‫فطبخت هم الدولة و أكل الد هر عليهم و شرب ب ا أر هف النع يم من حد هم و ا ستقت غريزة‬
‫الترف من مائهم و بلغوا غايتهم من طبيعة التمدن النسان و التغلب السياسي شعر‪.‬‬
‫كدود القز ينسج ث يفنىبمركز نسجه ف النعكاس‬
‫كانت حينئذ عصبية الخرين موفورة و سورة غلبهم من الكاسر مفوظة و شارتم ف الغلب‬
‫معلو مة فت سمو آمال م إل اللك الذي كانوا منوع ي م نه بالقوة الغال بة من جنس عصبيتهم و‬
‫ترتفع النازعة لا عرف من غلبهم فيستولون على المر و يصي إليهم و كذا يتفق فيهم مع من‬
‫ب قي أيضا منتبذا ع نه من عشائر أمت هم فل يزال اللك ملجئا ف ال مة إل أن تنك سر سورة‬
‫الع صبية من ها أو يف ن سائر عشائر ها سنة ال ف الياة الدن يا و الخرة ع ند ر بك للمتق ي و‬
‫اع تب هذا ب ا و قع ف العرب ل ا انقرض ملك عاد قام به من بعد هم إخوان م من ثود و من‬
‫بعدهم إخوانم العمالقة و من بعدهم إخوانم من حي أيضا و من بعدهم إخوانم التبابعة من‬
‫ح ي أيضا و من بعد هم الذواء كذلك ث جاءت الدولة ل ضر و كذا الفرس ل ا انقرض أ مر‬
‫الكين ية ملك من بعد هم ال ساسانية ح ت تأذن ال بانقراض هم أج ع بال سلم و كذا اليونانيون‬
‫انقرض أمر هم و انت قل إل إخوان م من الروم و كذا الببر بالغرب ل ا انقرض أ مر مغراوة و‬
‫كتامة اللوك الول منهم رجع إل صنهاجة ث اللثمي من بعدهم ث من بقي من شعوب زناتة‬
‫و هكذا سنة ال ف عباده و خل قه و أ صل هذا كله إن ا يكون بالع صبية و هي متفاو تة ف‬
‫الجيال و اللك يلقه الترف و يذهبه كما سنذكره بعد فإذا انقرضت دولة فإنا يتناول المر‬
‫منهم من له عصبية مشاركة لعصبيتهم الت عرف لا التسليم و النقياد و أونس منها الغلب‪،‬‬
‫لم يع الع صبيات و ذلك إن ا يو جد ف الن سب القر يب من هم لن تفاوت الع صبية ب سب ما‬
‫قرب من ذلك النسب الت هي فيه أو بعد حت إذا وقع ف العال تبديل كبي من تويل ملة أو‬
‫ذهاب عمران أو ما شاء ال من قدرته فحينئذ يرج عن ذلك اليل إل اليل الذي يأذن ال‬
‫بقيامه بذلك التبديل كما وقع لضر حي غلبوا على المم و الدول و أخذوا المر من أيدي‬
‫أهل العال بعد أن كانوا مكبوحي عنه أحقابا‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف أن الغلوب مولع أبدا بالقتداء بالغالب ف شعاره وزيه و‬
‫نلته و سائر أحواله و عوائده‬
‫و السبب ف ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال ف من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال‬
‫ب ا و قر عند ها من تعظي مه أول ا تغالط به من أن انقياد ها ل يس لغلب طبيعي إن ا هو لكمال‬
‫الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لا اعتقادا فانتحلت جيع مذاهب الغالب و تشبهت به و‬
‫ذلك هو القتداء أو ل ا تراه و ال أعلم من أن غلب الغالب ل ا ل يس بع صبية و ل قوة بأس ل‬
‫إنا هو با انتحلته من العوائد و الذاهب تغالط أيضا بذلك عن الغلب و هذا راجع للول و‬
‫لذلك ترى الغلوب يتشبه أبدا بالغالب ف ملبسه و مركبه و سلحه ف اتاذها و أشكالا بل‬
‫و ف سائر أحواله و ان ظر ذلك ف البناء مع آبائ هم ك يف تد هم متشبه ي ب م دائما و ما‬
‫ذلك إل لعتقادهم الكمال فيهم و انظر إل كل قطر من القطار كيف يغلب على أهله زي‬
‫الامية و جند السلطان ف الكثر لنم الغالبون لم حت أنه إذا كانت أمة تاور أخرى و لا‬
‫الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و القتداء حظ كبي كما هو ف الندلس لذا العهد‬
‫مع أمم الللقة فإنك تدهم يتشبهون بم ف ملبسهم و شاراتم و الكثي من عوائدهم و‬
‫أحوالم حت ف رسم التماثيل ف الدان و الصانع و البيوت حت لقد يستشعر من ذلك الناظر‬
‫بعي الكمة أنه من علمات الستيلء و المر ل‪ .‬و تأمل ف هذا سر قولم العامة على دين‬
‫اللك فإنه من بابه إذ اللك غالب لن تت يده و الرعية مقتدون به لعتقاد الكمال فيه اعتقاد‬
‫البناء بآبائهم و التعلمي بعلميهم و ال العليم الكيم و به سبحانه و تعال التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون ف أن المة إذا غلبت و صارت ف ملك غيها أسرع إليها‬
‫الفناء‬
‫و السسبب فس ذلك و ال أعلم مسا يصسل فس النفوس مسن التكاسسل إذا ملك أمرهسا عليهسا و‬
‫صارت بالستعباد آلة لسواها و عالة عليهم فيقصر المل و يضعف التناسل و العتمار إنا هو‬
‫عن جدة المل و ما يدث عنه من النشاط ف القوى اليوانية فإذا ذهب المل بالتكاسل و‬
‫ذهب ما يدعو إليه من الحوال و كانت العصبية ذاهبة بالغلب الاصل عليهم تناقص عمرانم‬
‫و تل شت مكا سبهم و م ساعيهم وعجزوا عن الداف عة عن أنف سهم ب ا خ ضد الغلب من‬
‫شوكتيهم فأصبحوا مغلبي لكل متغلب و طعمةً لكل آكل و سواء كانوا حصلوا على غايتهم‬
‫من اللك أم ل ي صلوا‪ .‬و ف يه و ال أعلم سر آ خر و هو أن الن سان رئ يس بطب عه بقت ضى‬
‫الستخلف الذي خلق له و الرئيس إذا غلب على رئاسته و كبح عن غاية عزه تكاسل حت‬
‫عن شبع بطنه و ري كبده و هذا موجود ف أخلق الناسي‪ .‬و لقد يقال مثله ف اليوانات‬
‫الفترسة و أنا ل تسافد إل إذا كانت ف ملكة الدميي فل يزال هذا القبيل الملوك عليه أمره‬
‫ف تنا قص و اضمحلل إل أن يأخذ هم الفناء و البقاء ل وحده و اع تب ذلك ف أ مة الفرس‬
‫كيف كانت قد ملت العال كثرة و لا فنيت حاميتهم ف أيام العرب بقي منهم كثي و أكثر‬
‫من الكثي يقال إن سعدا أحصى ما وراء الدائن فكالوا مائة ألف و سبعة و ثلثي ألفا منهم‬
‫سبعة و ثلثون ألفا رب بيت و لا تصلوا ف ملكة الغرب و قبضة القهر ل يكن بقاؤهم إل‬
‫قليلً و دثروا كأن ل يكونوا و ل تسسب أن ذلك لظلم نزل بمس أو عدوان شلهسم فملكسة‬
‫السلم ف العدل ما علمت و إنا هي طبيعة ف النسان إذا غلب على أمر و صار آلة لغيه و‬
‫لذا إنا تذعن للرق ف الغالب أمم السودان لنقص النسانية فيهم و قربم من عرض اليوانات‬
‫العجم كما قلناه أو من يرجو بانتظامه ف ربقة الرق حصول رتبة أو إفادة مال أو عز كما يقع‬
‫لمالك الترك بالشرق و العلوج من اللل قة و الفرن ة فإن العادة جار ية با ستخلص الدولة‬
‫ل م فل يأنفون من الرق ل ا يأملو نه من الاه و الرت بة با صطفاء الدولة و ال سبحانه و تعال‬
‫أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف أن العرب ل يتغلبون إل على البسائط‬


‫و ذلك أنم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب و عيث ينتهبون ما قدروا عليه من غي‬
‫مغالبة و ل ركوب خطر و يفرون إل منتجعهم بالقفر و ل يذهبون إل الزاحفة و الحاربة إل‬
‫إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه إل ما يسهل عنه و‬
‫ل يعرضون له و القبائل المتنعسة عليهسم بأوعار البال بنجاة مسن عيثهسم و ف سادهم لنمس ل‬
‫يتسسنمون‪ ،‬إليهسم الضاب و ل يركبون الصسعاب و ل ياولون الطسر و أمسا البسسائط فمتس‬
‫اقتدروا علي ها بفقدان الام ية و ض عف الدولة ف هي ن ب ل م و طم عة لكل هم يرددون علي ها‬
‫الغارة و الن هب و الز حف ل سهولتها علي هم إل أن ي صبح أهل ها مغلب ي ل م ث يتعاورون م‬
‫باختلف اليدي و انراف السسياسة إل أن ينقرض عمرانمس و ال قادر على خلقسه و هسو‬
‫الواحد القهار ل رب غيه‪.‬‬

‫الفصل السادس و العشرون ف أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الراب‬
‫و السبب ف ذلك أنم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لم خلقا و‬
‫جبلةً و كان عندهم ملذوذا لا فيه من الروج عن ربقة الكم و عدم النقياد للسياسة و هذه‬
‫الطبي عة مناف ية للعمران و مناق ضة له فغا ية الحوال العاد ية كل ها عند هم الرحلة و التغلب و‬
‫ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و فناف له فالجر مثلً إنا حاجتهم إليه لنصبه أثاف‬
‫القدر فينقلو نه من البا ن و يربون ا عل يه و يعدو نه لذلك و ال شب أيضا إن ا حاجت هم إل يه‬
‫ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الوتاد منه لبيوتم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت طبيعة‬
‫وجود هم مناف ية للبناء الذي هو أ صل العمران هذا ف حال م على العموم و أيضا ف طبيعتهم‬
‫انتهاب ما ف أيدي الناس و أن رزقهم ف ظلل رماحهم و ليس عندهم ف أخذ أموال الناس‬
‫حد ينتهون إل يه بل كل ما امتدت أعين هم إل مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا ت اقتدار هم‬
‫على ذلك بالتغلب و اللك بطلت السسياسة فس حفسظ أموال الناس و خرب العمران و أيضا‬
‫فلنم يكلفون على أهل العمال من الصنائع و الرف أعمالم ل يرون لا قيمة و ل قسطا‬
‫من ال جر و الث من و العمال ك ما سنذكره هي أ صل الكا سب و حقيقت ها و إذا ف سدت‬
‫العمال و صارت مانا ضع فت المال ف الكا سب و انقب ضت اليدي عن الع مل و ابذ عر‬
‫الساكن و فسد العمران و أيضا فإنم ليست لم عناية بالحكام و زجر الناس عن الفاسد و‬
‫دفاع بعضهم عن بعض إنا ههم ما يأخذونه من أموال الناس نبا أو غرامة فإذا توصلوا إل‬
‫ذلك و ح صلوا عل يه أعرضوا ع ما بعده من ت سديد أحوال م و الن ظر ف م صالهم و ق هر‬
‫بعضهم عن أغراض الفاسد و ربا فرضوا العقوبات ف الموال حرصا على تصيل الفائدة و‬
‫الباية و الستكثار منها كما هو شأنم و ذلك ليس بغن ف دفع الفاسد و زجر التعرض لا‬
‫بل يكون ذلك زائدا فيها لستسهال الغرم ف جانب حصول الغرض فتبقى الرعايا ف ملكتهم‬
‫كأن ا فو ضى دون ح كم و الفو ضى مهل كة للب شر مف سدة للعمران ب ا ذكرناه من أن وجود‬
‫اللك خاصة طبيعية للنسان ل يستقيم وجودهم و اجتماعهم إل با و تقدم ذلك أول الفصل‬
‫و أيضا فهم متنافسون ف الرئاسة و قل أن يسلم أحد منهم المر لغيه و لو كان أباه أو أخاه‬
‫أو كسبي عشيتسه إل فس القسل و على كره مسن أجسل الياء فيتعدد الكام منهسم و المراء و‬
‫تتلف اليدي على الرعية ف الباية و الحكام فيفسد العمران و ينتقض‪ .‬قال العراب الوافد‬
‫على ع بد اللك ل ا سأله عن الجاج و أراد الثناء عل يه عنده ب سن ال سياسة و العمران فقال‪:‬‬
‫ترك ته يظلم و حده و ان ظر إل ما ملكوه و تغلبوا عل يه من الوطان من لدن اللي قة ك يف‬
‫تقوض عمرانه و اقفر ساكنه و بدلت الرض فيه غي الرض فاليمن قرارهم خراب إل قليلً‬
‫مسن المصسار و عراق العرب كذلك قسد خرب عمرانسه الذي كان للفرس أجعس و الشام لذا‬
‫العهد كذلك و أفريقية و الغرب لا جاز إليها بنو هلل و بنو سليم منذ أول الائة الامسة و‬
‫ترسوا با لثلثائة و خسي من السني قد لق با و عادت بسائطه خرابا كلها بعد أن كان‬
‫ما بي السودان و البحر الرومي كله عمرانا تشهد بذلك آثار العمران فيه من العال و تاثيل‬
‫البناء و شواهد القرى و الدر و ال يرث الرض و من عليها و هو خي الوارثي‪.‬‬
‫الفصل السابع و العشرون ف أن العرب ل يصل لم اللك إل بصبغة دينية من نبوة أو‬
‫ولية أو أثر عظيم من الدين على الملة‬
‫و السبب ف ذلك أنم للق التوحش الذي فيهم أصعب المم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة و‬
‫النفة و بعد المة و النافسة ف الرئاسة فقلما تتمع أهواؤهم فإذا كان الدين بالنبؤة أو الولية‬
‫كان الوازع لم من أنفسهم و ذهب خلق الكب و النافسة منهم فسهل انقيادهم و اجتماعهم‬
‫و ذلك با يشملهم من الدين الذهب للغلظة و اللفة الوازع عن التحاسد و التنافس فإذا كان‬
‫فيهسم النسب أو الول الذي يبعثهسم على القيام بأمسر ال يذهسب عنهسم مذمومات الخلق و‬
‫يأخذهم بحمودها و يؤلف كلمتهم لظهار الق ت اجتماعهم و حصل لم التغلب و اللك‬
‫و هم مع ذلك أسرع الناس قبولً للحق و الدى لسلمة طباعهم من عوج اللكات و براءتا‬
‫من ذميم الخلق إل ما كان من خلق التوحش القريب العاناة التهيء لقبول الي ببقائه على‬
‫الفطرة الول و بعده ع ما ينط بع ف النفوس من قب يح العوائد و سوء اللكات فإن كل مولود‬
‫يولد على الفطرة كما ورد ف الديث و قد تقدم‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون ف أن العرب أبعد المم عن سياسة اللك‬


‫و السبب ف ذلك أنم أكثر بداوة من سائر المم و أبعد مالً ف القفر و أغن عن حاجات‬
‫التلول و حبوباس لعتيادهسم لشظسف و خشونسة العيسش فاسستغنوا عسن غيهسم فصسعب انقياد‬
‫بعضهم لبعض لفلهم ذلك و للتوحش و رئيسهم متاج إليهم غالبا للعصبية الت با الدافعة‬
‫فكان مضطرا إل إح سان ملكت هم و ترك مراغمت هم لئل ي تل عل يه شأن ع صبيته فيكون في ها‬
‫هلكه و هلكهم و سياسة اللك و السلطان تقتضي أن يكون السائس وازعا بالقهر و إل ل‬
‫تستقم سياسته و أيضا فإن من طبيعتهم كما قدمناه أخذ ما ف أيدي الناس خاصة و التجاف‬
‫عما سوى ذلك من الحكام بينهم و دفاع بعضهم عن بعض فإذا ملكوا أمة من المم جعلوا‬
‫غا ية ملك هم النتفاع بأ خذ ما ف أيدي هم و تركوا ما سوى ذلك من الحكام بين هم و رب ا‬
‫جعلوا العقوبات على الفاسسد فس الموال حرصسا على تكثيس البايات و تصسيل الفوائد فل‬
‫يكون ذلك وازعا و ربا يكون باعثا بسب الغراض الباعثة على الفاسد و استهانة ما يعطي‬
‫من ماله ف جانب غرضه فتنمو الفاسد بذلك و يقع تريب العمران فتبقى تلك المة كأنا‬
‫فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض فل يستقيم لا عمران و ترب سريعا شأن الفوضى‬
‫كما قدمناه فبعدت طباع العرب لذلك كله عن سياسة اللك و إنا يصيون إليها بعد انقلب‬
‫طباعهم و تبدلا بصبغة دينية تحو ذلك منهم و تعل الوازع لم من أنفسهم و تملهم على‬
‫دفاع الناس بعضهم عن بعض كما ذكرناه و اعتب ذلك بدولتهم ف اللة لا شيد لم الدين أمر‬
‫السياسة بالشريعة و أحكامها الراعية لصال العمران ظاهرا و باطنا و تتابع فيها اللفاء عظم‬
‫حينئذ ملكهم و قوي سلطانم‪ .‬كان رستم إذا رأى السلمي يتمعون للصلة يقول أكل عمر‬
‫كبدي يعلم الكلب الداب ث إن م ب عد ذلك انقط عت من هم عن الدولة أجيال نبذوا الد ين‬
‫فنسوا السياسة و رجعوا إل قفرهم و جهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم ف النقياد‬
‫و إعطاء النصفة فتوحشوا كما كانوا و ل يبق لم من اسم اللك إل أنم من جنس اللفاء و‬
‫من جيلهم و لا ذهب أمر اللفة و امي رسها انقطع المر جلة من أيديهم و غلب عليهم‬
‫العجم دونم و أقاموا ف بادية قفارهم ل يعرفون اللك و ل سياسته بل قد يهل الكثي منهم‬
‫أن م قد كان ل م ملك ف القد ي و ما كان ف القد ي ل حد من ال مم ف اللي قة ما كان‬
‫لجيالم من اللك و دول عاد و ثود و العمالقة و حي و التبابعة شاهدة بذلك ث دولة مضر‬
‫ف السلم بن أمية و بن العباس لكن بعد عهدهم بالسياسة لا نسوا الدين فرجعوا إل أصلهم‬
‫من البداوة و قد يصل لم ف بعض الحيان غلب على الدول الستضعفة كما ف الغرب لذا‬
‫العهد فل يكون ماله و غايته إل تريب ما يستولون عليه من العمران كما قدمناه و ال يؤت‬
‫ملكه من يشاء‪.‬‬

‫الفصل التاسع و العشرون ف أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوبون لهل المصار‬


‫قد تقدم لنا أن عمران البادية ناقص عن عمران الواضر و المصار لن المور الضرورية ف‬
‫العمران ليس كلها موجودةً لهل البدو‪ .‬و إنا توجد لديهم ف مواطنهم أمور الفلح و موادها‬
‫معدومة و معظمها الصنائع فل توجد لديهم ف الكلية من نار و خياط و حداد و أمثال ذلك‬
‫م ا يق يم ل م ضروريات معاش هم ف الفلح و غيه و كذا الدنان ي و الدرا هم مفقودة لدي هم و‬
‫إنا بأيديهم أعواضها من م غل الزرا عة و أعيان اليوان أو فضل ته ألبانا و أوبارا و أشعارا و‬
‫إهابا م ا يتاج إل يه أ هل الم صار فيعوضون م ع نه بالدنان ي و الدرا هم إل أن حاجت هم إل‬
‫الم صار ف الضروري و حا جة أ هل الم صار إلي هم ف الا جي و الكمال ف هم متاجون إل‬
‫المصار بطبيعة وجودهم فما داموا ف البادية و ل يصل لم ملك و ل استيلء على المصار‬
‫فهم متاجون إل أهلها و يتصرفون ف مصالهم و طاعتهم مت دعوهم إل ذلك و طالبوهم‬
‫به و أن كان ف ال صر ملك كان خضوع هم و طاعت هم لغلب اللك و أن ل ي كن ف ال صر‬
‫ملك فل بد فيه من رئاسة و نوع استبداد من بعض أهله على الباقي و إل انتقض عمرانه و‬
‫ذلك الرئيس يملهم على طاعته و السعي ف مصاله إما طوعا ببذل الال لم ث يبدي لم ما‬
‫يتاجون إل يه من الضروريات ف م صره في ستقيم عمران مم و إ ما كرها إن ت ت قدر ته على‬
‫ذلك و لو بالتغر يب بين هم ح ت ي صل له جا نب من هم يغالب به الباق ي فيض طر الباقون إل‬
‫طاعته با يتوقعون لذلك من فساد عمرانم و ربا ل يسعهم مفارقة تلك النواحي إل جهات‬
‫أخرى لن كل الهات معمور بالبدو الذ ين غلبوا علي ها و منعو ها من غي ها فل ي د هؤلء‬
‫مل جأ إل طا عة ال صر ف هم بالضرورة مغلوبون ل هل الم صار و ال قا هر فوق عباده و هو‬
‫الواحد الحد القهار‪.‬‬

‫الباب الثالث من الكتاب الول ف الدول العامة و اللك و اللفة و الراتب السلطانية و‬
‫ما يعرض ف ذلك كله من الحوال و فيه قواعد و متممات‬

‫الفصل الول ف أن اللك و الدولة العامة إنا يصلن بالقبيل و العصبية‬


‫و ذلك أنا قررنا ف الفصل الول أن الغالبة و المانعة إنا تكون بالعصبية لا فيها من النعرة و‬
‫التذا مر و ا ستماتة كل وا حد من هم دون صاحبه‪ .‬ث أن اللك من صب شر يف ملذوذ يشت مل‬
‫على جيع اليات الدنيوية و الشهوات البدنية و اللذ النفسانية فيقع فيه التنافس غالبا و قل‬
‫أن يسلمه أحد لصاحبه إل إذا غلب عليه فتقع النازعة و تفضي إل الرب و القتال و الغالبة‬
‫و شيء منها ل يقع إل بالعصبية كما ذكرناه آنفا و هذا المر بعيد عن أفهام المهور بالملة‬
‫و متناسون له لنم نسوا عهد تهيد الدولة منذ أولا و طال أمد مرباهم ف الضارة و تعاقبهم‬
‫في ها جيلً ب عد ج يل فل يعرفون ما ف عل ال أول الدولة إن ا يدركون أ صحاب الدولة و قد‬
‫استحكمت صبغتهم و وقع التسليم لم و الستغناء عن العصبية ف تهيد أمرهم و ل يعرفون‬
‫كيف كان المر من أوله و ما لقي أولم من التاعب دونه و خصوصا أهل الندلس ف نسيان‬
‫هذه العصبية و أثرها لطول المد و استغنائهم ف الغالب عن قوة العصبية با تلشى وطنهم و‬
‫خل من العصائب و ال قادر على ما يشاء و هو بكل شيء عليم و هو حسبنا و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أنه إذا استقرت الدولة و تهدت فقد تستغن عن العصبية‬
‫و السبب ف ذلك أن الدول العامة ف أولا يصعب على النفوس النقياد لا إل بقوة قوية من‬
‫الغلب للغرابة و أن الناس ل يألفوا ملكها و ل اعتادوه فإذا استقرت الرئاسة ف أهل النصاب‬
‫الخصسوص باللك فس الدولة و توارثوه واحدا بعسد آخسر فس أعقاب كثييسن و دول متعاقبسة‬
‫ن سيت النفوس شأن الول ية و ا ستحكمت ل هل ذلك الن صاب صبغة الرئا سة و ر سخ ف‬
‫العقائد دين النقياد لم و التسليم و قاتل الناس معهم على أمرهم قتالم على العقائد اليانية‬
‫فلم يتاجوا حينئذ ف أمرهم إل كبي عصابة بل كأن طاعتها كتاب من ال ل يبدل و ل يعلم‬
‫خل فه و ل مر ما يو ضع الكلم ف الما مة آ خر الكلم على العقائد اليان ية كأ نه من جلة‬
‫عقودهسا و يكون اسستظهارهم حينئذ على سسلطانم و دولتهسم الخصسوصة إمسا بالوال و‬
‫الصطنعي الذين نشأوا ف ظل العصبية و غيها و إما بالعصائب الارجي عن نسبها الداخلي‬
‫ف وليتها و مثل هذا و قع لبن العباس فإن عصبية العرب كانت فسدت لعهد دولة العتصم و‬
‫ابنه الواثق و استظهارهم بعد ذلك إنا كان بالوال من العجم و الترك و الديلم و السلجوقية‬
‫و غيهسم ثس تغلب العجسم الولياء على النواحسي و تقلص ظسل الدولة فلم تكسن تعدو أعمال‬
‫بغداد حت زحف إليها الديلم و ملكوها و صار اللئق ف حكمهم ث انقرض أمرهم و ملك‬
‫السلجوقية من بعدهم فصاروا ف حكمهم ث انقرض أمرهم و زحف آخر التتار فقتلوا الليفة‬
‫و موا رسم الدولة و كذا صنهانة بالغرب فسدت عصبيتهم منذ الائة الامسة أو ما قبلها و‬
‫استمرت لم الدولة متقلصة الظل بالهدية و باية و القلعة و سائر ثغور أفريقية و ربا انتزى‬
‫بتلك الثغور من نازعهم اللك و اعتصم فيها و السلطان و اللك مع ذلك مسلم لم حت تأذن‬
‫ال بانقراض الدولة و جاء الوحدون بقوة قوية من العصبية ف الصامدة فمحوا آثارهم و كذا‬
‫دولة ب ن أم ية بالندلس ل ا ف سدت ع صبيتها من العرب ا ستول ملوك الطوائف على أمر ها و‬
‫اقتسموا خطتها و تنافسوا بينهم و توزعوا مالك الدولة و انتزى كل واحد منهم على ما كان‬
‫ف وليته و شخ بأنفه و بلغهم شأن العجم مع الدولة العباسية فتلقبوا بألقاب اللك و لبسوا‬
‫شارته و أمنوا من ينقص ذلك عليهم أو يغيه لن الندلس ليس بدار عصائب و ل قبائل كما‬
‫سنذكره و استمر لم ذلك كما قال ابن شرف‪.‬‬
‫‌ ‌ ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتصم فيها و معتضد‬
‫ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا صورة السد‬
‫فاستظهروا على أمرهم بالوال و ال صطنعي و الطراء على الندلس من أهل العدوة من قبائل‬
‫الببر و زنا تة و غي هم اقتدا ًء بالدولة ف آ خر أمر ها ف ال ستظهار ب م ح ي ضع فت ع صبية‬
‫العرب و استبد ا بن أ ب عامر على الدولة فكان ل م دول عظيمة ا ستبدت كل واحدة منها‬
‫با نب من الندلس و حظ كبي من اللك على ن سبة الدولة ال ت اقت سموها و ل يزالوا ف‬
‫سلطانم ذلك حت جاز إليهم البجر الرابطون أهل العصبية القوية من لتونة فاستبدلوا بم و‬
‫أزالوهم عن مراكزهم و موا آثارهم و ل يقتدروا على مدافعتهم لفقدان العصبية لديهم فبهذه‬
‫العصبية يكون تهيد الدولة و حايتها من أولا و قد ظن الطرطوشي أن حامية الدول بإطلق‬
‫هم الند أهل العطاء الفروض مع الهلة ذكر ذلك ف كتابه الذي ساه سراج اللوك و كلمه‬
‫ل يتناول تأ سيس الدول العا مة ف أول ا و إن ا هو م صوص بالدول الخية ب عد التمه يد و‬
‫ا ستقرار اللك ف الن صاب و ا ستحكام ال صبغة لهله فالر جل إن ا أدرك الدولة ع ند هرم ها و‬
‫خلق جدتا و رجوعها إل الستظهار بالوال و الصنائع ث إل الستخدمي من ورائهم بالجر‬
‫على الدافعة فإنه إنا أدرك دول الطوائف و ذلك عند اختلل بن أمية و انقراض عصبتها من‬
‫العرب و استبداد كل أمي بقطره و كان ف إيالة الستعي بن هود و ابنه الظفر أهل سرقسطة‬
‫و ل يكن بقي لم من أمر العصبية شيء لستيلء الترف على العرب منذ ثلثائة من السني و‬
‫هلكهم و ل ير إل سلطانا مستبدا باللك عن عشائره قد استحكمت له صبغة الستبداد منذ‬
‫عهد الدولة و بقية العصبية فهو لذلك ل ينازع فيه و ي ستعي على أمره بالجراء من الرتزقة‬
‫فأطلق الطرطوشي القول ف ذلك ل يتفطن لكيفية المر منذ أول الدولة و إنه ل يتم إل لهل‬
‫العصبية فتفطن أنت له و افهم سر ال فيه و ال يؤت ملكه من يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬ف أنه قد يدث لبعض أهل النصاب اللكي دولة تستغن عن العصبية‬
‫و ذلك أ نه إذا كان لع صبية غلب كث ي على ال مم و الجيال و ف نفوس القائم ي بأمره من‬
‫أهل القاصية إذعان لم و انقياد فإذا نزع إليهم هذا الارج و انتبذ عن مقر ملكه و منبت عزه‬
‫اشتملوا عليسه و قاموا بأمره و ظاهروه على شأنسه و عنوا بتمهيسد دولتسه يرجون اسستقراره فس‬
‫ن صابه و تناوله ال مر من يد أعيا صه و جزاءه ل م على مظاهر ته با صطفائهم لر تب اللك و‬
‫خططه من وزارة أو قيادة أو ولية ثغر و ل يطمعون ف مشاركته ف شيء من سلطانه تسليما‬
‫لعصبيته و انقيادا لا استحكم له و لقومه من صبغة الغلب ف العال و عقيدة إيانية استقرت ف‬
‫الذعان لم فلو راموها معه أو دونه لزلزلت الرض زلزالا و هذا كما وقع للدارسة بالغرب‬
‫القصى و العبيديي بأفريقية و مصر لا انتبذ الطالبيون من الشرق إل القاصية و ابتعدوا عن‬
‫مقر اللفة و سوا إل طلبها من أيدي بن العباس بعد أن استحكمت الصبغة لبن عبد مناف‬
‫لبن أمية أول ث لبن هاشم من بعدهم فخرجوا بالقاصية من الغرب و دعوا لنفسهم و قام‬
‫بأمرهم البابرة مرةً بعد أخرى فأوربة و مغيلة للدارسة و كتامة و صنهاجة و هوارة للعبيديي‬
‫فشيدوا دولتهم و مهدوا بعصائبهم أمرهم و اقتطعوا من مالك العباسيي الغرب كله ث أفريقية‬
‫و ل يزل ظسل الدولة يتقلص و ظسل العسبيديي يتسد إل أن ملكوا مصسر و الشام والجاز و‬
‫قا سوهم ف المالك ال سلمية شق البل مة و هؤلء البابرة القائمون بالدولة مع ذلك كل هم‬
‫م سلمون لل عبيديي أمر هم مذعنون للك هم و إن ا كانوا يتناف سون ف الرت بة عند هم خا صة‬
‫ت سليما لا حصل من صبغة اللك لبن ها شم و لا ا ستحكم من الغلب لقر يش و مضر على‬
‫سسائر المسم فلم يزل اللك فس أعقابمس إل أن انقرضست دولة العرب بأسسرها و ال يكسم ل‬
‫معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬ف أن الدولة العامة الستيلء العظيمة اللك أصلها الدين إما من نبوة أو‬
‫دعوة حق‬
‫و ذلك لن اللك إناس يصسل بالتغلب و التغلب إناس يكون بالعصسبية و اتفاق الهواء على‬
‫الطالبة و جع القلوب و تأليفها إنا يكون بعونة من ال ف إقامة دينه قال تعال‪ :‬لو أنفقت ما‬
‫ف الرض جيعا ما ألفت ب ي قلوبم و سره أن القلوب إذا تدا عت إل أهواء البا طل و ال يل‬
‫إل الدنيا حصل التنافس و فشا اللف و إذا انصرفت إل الق و رفضت الدنيا و الباطل و‬
‫أقبلت على ال اتدت و جهت ها فذ هب التنا فس و قل اللف و ح سن التعاون و التعا ضد و‬
‫اتسع نطاق الكلمة لذلك فعظمت الدولة كما نبي لك بعد أن شاء ال سبحانه و تعال و به‬
‫التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الامس ف أن الدعوة الدينية تزيد الدولة ف أصلها قوة على قوة العصبية الت‬
‫كانت لا من عددها‬
‫و ال سبب ف ذلك ك ما قدمناه أن ال صبغة الدين ية تذ هب بالتنا فس و التحا سد الذي ف أ هل‬
‫العصبية و تفرد الوجهة إل الق فإذا حصل لم الستبصار ف أمرهم ل يقف لم شيء لن‬
‫الوجهة واحدة و الطلوب متساو عندهم و هم مستميتون عليه و أهل الدولة الت هم طالبوها‬
‫إن كانوا أضعافهم فأغراضهم متباينة بالباطل و تاذلم لتقية الوت حاصل فل يقاومونم و إن‬
‫كانوا أكثر منهم بل يغلبون عليهم و يعاجلهم الفناء با فيهم من الترف و الذل كما قدمناه و‬
‫هذا كمسا وقسع للعرب صسدر السسلم فس الفتوحات فكانست جيوش السسلمي بالقادسسية و‬
‫اليموك بضعةً و ثلث ي ألفا ف كل مع سكر و جوع فارس مائة و عشر ين ألفا بالقاد سية و‬
‫جوع هرقل على ما قاله الواقدي أربعمائة ألف فلم يقف للعرب أحد من الانبي و هزموهم‬
‫و غلبو هم على ما بأيدي هم و اع تب ذلك أيضا ف دولة لتو نة و دولة الو حد ين ف قد كان‬
‫بالغرب من القبائل كث ي م ن يقاوم هم ف العدد و الع صبية أو ي شف علي هم إل أن الجتماع‬
‫الدي ن ضا عف قوة ع صبيتهم بال ستبصار و ال ستماتة ك ما قلناه فلم ي قف ل م ش يء و اع تب‬
‫ذلك إذا حالت صبغة الدين و فسدت كيف ينتقض المر و يصي الغلب على نسبة العصبية‬
‫وحدها دون زيادة الدين فتغلب الدولة من كان تت يدها من العصائب الكافئة لا أو الزائدة‬
‫القوة عليها الذين غلبتهم بضاعفة الدين لقوتا و لو كانوا أكثر عصبية منها و أشد بداوةً و‬
‫اع تب هذا ف الوحد ين مع زنا تة ل ا كا نت زنا تة أبدى من ال صامدة و أ شد توحشا و كان‬
‫للم صامدة الدعوة الدين ية باتباع الهدي فلب سوا صبغتها و تضاع فت قوة ع صبيتهم ب ا فغلبوا‬
‫على زناتة أولً و استتبعوهم و أن كانوا من حيث العصبية و البداوة أشد منهم فلما خلوا من‬
‫تلك الصبغة الدينية انتقضت عليهم زناتة من كل جانب و غلبوهم على المر و انتزعوه منهم‬
‫و ال غالب على أمره‪.‬‬

‫الفصل السادس ف أن الدعوة الدينية من غي عصبية ل تتم‬


‫و هذا لا قدمناه من أن كل أمر تمل عليه الكافة فل بد له من العصبية و ف الديث الصحيح‬
‫ك ما مر‪ :‬ما ب عث ال نبيا إل ف من عة من قو مه و إذا كان هذا ف ال نبياء و هم أول الناس‬
‫برق العوائد فما ظنك بغيهم أن ل ترق له العادة ف الغلب بغي عصبية و قد وقع هذا لبن‬
‫قسي شيخ الصوفية و صاحب كتاب خلع النعلي ف التصوف ثار بالندلس داعيا إل الق و‬
‫سي أصحابه بالرابطي قبيل دعوة الهدي فاستتب له المر قليلً لشغل لتونة با دههم من أمر‬
‫الوحديسن و ل تكسن هناك عصسائب و ل قبائل يدفعونسه عسن شأنسه فلم يلبسث حيس اسستول‬
‫الوحدون على الغرب أن أذعن لم و دخل ف دعوتم و تابعهم من معقله بصن أركش و‬
‫أمكنهم من ثغره و كان أول داعية لم بالندلس و كانت ثورته تسمى ثورة الرابطي و من‬
‫هذا الباب أحوال الثوار القائميس بتغييس النكسر مسن العامسة و الفقهاء فإن كثيا مسن النتحليس‬
‫للعبادة و سسلوك طرق الديسن يذهبون إل القيام على أهسل الور مسن المراء داعيس إل تغييس‬
‫النكر و النهي عنه و المر بالعروف رجاءً ف الثواب عليه من ال فيكثر أتباعهم و التلثلثون‬
‫ب م من الغوغاء و الدهاء و يعرضون أنف سهم ف ذلك للمهالك و أكثر هم يهلكون ف هذا‬
‫السبيل مأزورين غي مأجورين لن ال سبحانه ل يكتب ذلك عليهم و إنا أمر به حيث تكون‬
‫القدرة عليسه قال صسلى ال عليسه و سسلم‪ :‬مسن رأى منكسم منكرا فليغيه بيده فأن ل يسستطع‬
‫فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه و أحوال اللوك و الدول راسخة قوية ل يزحزحها و يهدم بناءها‬
‫إل الطالبسة القويسة التس مسن ورائهسا عصسبية القبائل و العشائر كمسا قدمناه و هكذا كان حال‬
‫النبياء عليهم الصلة و السلم ف دعوتم إل ال بالعشائر و العصائب و هم الؤيدون من ال‬
‫بالكون كله لو شاء‪ ،‬لك نه إن ا أجرى المور على م ستقر العادة و ال حك يم عل يم فإذا ذ هب‬
‫أحد من الناس هذا الذهب و كان فيه مقا قصر به النفراد عن العصبية فطاح ف هوة اللك‬
‫و أمسا إن كان مسن التلبسسي بذلك فس طلب الرئاسسة فأجدر إن تعوقسه العوائق و تنقطسع بسه‬
‫الهالك لنه أمر ال ل يتم إل برضاه و إعانته و الخلص له و النصيحة للمسلمي و ل يشك‬
‫ف ذلك مسلم و ل يرتاب فيه ذو بصية و أول ابتداء هذه النعة ف اللة ببغداد حي و قعت‬
‫فت نة طا هر و ق تل الم ي و أب طأ الأمون برا سان عن مقدم العراق ث ع هد لعلي بن مو سى‬
‫الرضى من آل السي فكشف بنو العباس عن‪.‬‬
‫و جه النك ي عل يه و تداعوا للقيام و خلع طا عة الأمون و ال ستبدال م نه و بو يع إبراه يم بن‬
‫الهدي فوقع الرج ببغداد و انطلقت أيدي الزعرة با من الشطار و الربية على أهل العافية و‬
‫ال صون و قطعوا ال سبيل و امتلت أيدي هم من ناب الناس و باعو ها علن ية ف ال سواق و‬
‫ا ستعدى أهل ها الكام فلم يعدو هم فتوا فر أ هل الد ين و ال صلح على م نع الف ساق و كف‬
‫عاديتهم و قام ببغداد رجل يعرف بالد الدريوس و دعا الناس إل المر بالعروف و النهي عن‬
‫النكر فأجابه خلق و قاتل أهل الزعارة فغلبهم و أطلق يده فيهم بالضرب و التنكيل ث قام من‬
‫بعده رجل آخر من سواد أهل بغداد يعرف بسهل بن سلمة النصاري و يكن أبا حات و‬
‫علق مصحفا ف عنقه و دعا الناس إل المر بالعروف و النهى عن النكر و العمل بكتاب ال‬
‫و سنة نبيه صلى ال عليه و سلم فاتبعه الناس كافةً من ب ي شريف و وضيع من ب ن هاشم‬
‫ف من دون م و نزل ق صر طا هر و أت ذ الديوان و طاف ببغداد و م نع كل من أخاف الارة و‬
‫منع الفارة لولئك الشطار و قال له خالد الدريوس أنا ل أعيب على السلطان فقال له سهل‬
‫لك ن أقا تل كل من خالف الكتاب و ال سنة كائنا من كان و ذلك سنة إحدى و مائت ي و‬
‫جهز له إبراهيم بن الهدي العساكر فغلبه و أسره و انل أمره سريعا و ذهب و نا بنفسه ث‬
‫اقتدى بذا الع مل ب عد كث ي من الو سوسي يأخذون أنف سهم بإقا مة ال ق و ل يعرفون ما‬
‫يتاجون إل يه ف إقام ته من الع صبية و ل يشعرون بغ بة أمر هم و مآل أحوال م و الذي يتاج‬
‫إل يه ف أ مر هؤلء إ ما الداواة إن كانوا من أ هل النون و إ ما التنك يل بالق تل أو الضرب إن‬
‫أحدثوا هرجا و إما إذاعة السخرية منهم و عدهم من جلة الصفاعي و قد ينتسب بعضهم إل‬
‫الفاطمي النتظر إما بأنه هو أو بأنه داع له و ليس مع ذلك على علم من أمر الفاطمي و ل ما‬
‫هو و أكثر النتحلي لثل هذا تدهم موسوسي أو ماني أو ملبسي يطلبون بثل هذه الدعوة‬
‫رئاسةً امتلت با جوانهم و عجزوا عن التوصل إليها بشيء من أسبابا العادية فيحسبون أن‬
‫هذا من ال سباب البال غة ب م إل ما يؤملو نه من ذلك و ل ي سبون ما ينال م ف يه من الل كة‬
‫في سرع إلي هم الق تل ب ا يدثو نه من الفت نة و ت سوء عاق بة مكر هم و قد كان لول هذه الائة‬
‫خرج بالسوس رجل من التصوفة يدعى التوبذري عمد إل مسجد ماسة بساحل البحر هناك‬
‫و زعم أنه الفاطمي النتظر تلبيسا على العامة هنالك با مل قلوبم من الدثان بانتظاره هنالك‬
‫و أن من ذلك السجد يكون أصل دعوته فتهافتت عليه طوائف من عامة الببر تافت الفراش‬
‫ث خشي رؤساؤهم أتساع نطاق الفتنة فدس إليه كبي الصامدة يومئذ عمر السكسيوي من‬
‫قتله ف فرا شه و كذلك خرج ف غماره أيضا لول هذه الائة ر جل يعرف بالعباس و اد عى‬
‫مثل هذه الدعوة و اتبع نعيقه الرذلون من سفهاء تلك القبائل و أغمارهم و زحف إل بادس‬
‫من أم صارهم و دخل ها عنوة‪ .‬ث ق تل لربع ي يو ما من ظهور دعو ته و م ضى ف الالك ي‬
‫الول ي و أمثال ذلك كث ي و الغلط ف يه من الغفلة عن اعتبار الع صبية ف مثل ها و أ ما إن كان‬
‫التلب يس فأحرى أن ل ي تم له أ مر و أن يبوء بإث ه و ذلك جزاء الظال ي و ال سبحانه و تعال‬
‫أعلم و به التوفيق ل رب غيه و ل معبود سواه‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن كل دولة لا حصة من المالك و الوطان ل تزيد عليها‬


‫و ال سبب ف ذلك أن ع صابة الدولة و قوم ها القائم ي ب ا المهد ين ل ا ل بد من توزيع هم‬
‫حصصا على المالك و الثغور الت تصي إليهم و يستولون عليها لمايتها من العدو و إمضاء‬
‫أحكام الدولة في ها من جبا ية و ردع و غ ي ذلك فإذا توز عت الع صائب كل ها على الثغور و‬
‫المالك فل بد من نفاد عدد ها و قد بل غت المالك حينئذ إل حد يكون ثغرا للدولة و تما‬
‫لوطنها و نطاقا لركز ملكها فإن تكفلت الدولة بعد ذلك زيادةً على ما بيدها بقى دون حاميةً‬
‫و كان موضعا لنتهاز الفرصسة مسن العدو و الجاور و يعود وبال ذلك على الدولة باس يكون‬
‫فيه من التجاسر و خرق سياج اليبة و ما كانت العصابة موفورة و ل ينفد عددها ف توزيع‬
‫ال صص على الثغور و النوا حي ب قي ف الدولة قوة على تناول ما وراء الغا ية ح ت ينف سح‬
‫نطاقها إل غايته و العلة الطبيعية ف ذلك هي قوة العصبية من سائر القوى الطبيعية و كل قوة‬
‫ي صدر عن ها ف عل من الفعال فشأن ا ذلك ف فعل ها و الدولة ف مركز ها أ شد م ا يكون ف‬
‫الطرف و النطاق و إذا انتهت إل النطاق الذي هو الغاية عجزت و أق صرت ع ما وراءه شأن‬
‫الشعة و النوار إذا انبعثت من الراكز و الدوائر النفسحة على سطح الاء من النقر عليه ث إذا‬
‫أدركها الرم و الضعف فإنا تأخذ ف التناقص من جهة الطراف و ل يزال الركز مفوظا إل‬
‫أن يتأذن ال بانقراض المسر جلة فحينئذ يكون انقراض الركسز و إذا غلب على الدولة مسن‬
‫مركزهسا فل ينفعهسا بقاء الطراف و النطاق بسل تضمحسل لوقتهسا فأن الركسز كالقلب الذي‬
‫تنبعسث منسه الروح فإذا غلب على القلب و ملك انزم جيسع الطراف و انظسر هذا فس الدولة‬
‫الفار سية كان مركز ها الدائن فل ما غلب ال سلمون على الدائن انقرض أ مر فارس أج ع و ل‬
‫ينفع يزدجرد ما بقي بيده من أطراف مالكه و بالعكس من ذلك الدولة الرومية بالشام لا كان‬
‫مركزها القسطنطينية و غلبهم السلمون بالشام تيزوا إل مركزهم بالقسطنطينية و ل يضرهم‬
‫انتزاع الشام من أيدي هم فلم يزل ملك هم مت صلً ب ا إل أن تأذن ال بانقرا ضه و ان ظر أيضا‬
‫شأن العرب أول السلم لا كانت عصائبهم موفورة كيف غلبوا على ما جاورهم من الشام‬
‫و العراق و مصر لسرع وقت ث تاوزوا ذلك إل ما وراءه من السند و البشة و أفريقية و‬
‫الغرب ثس إل الندلس فلمسا تفرقوا حصسصا على المالك و الثغور و نزلوهسا حاميسة و نفسد‬
‫عددهم ف تلك التوزيعات أقصروا عن الفتوحات بعد و انتهى أمر السلم و ل يتجاوز تلك‬
‫الدود و منها تراجعت الدولة حت تأذن ال بانقراضها و كذا كان حال الدول من بعد ذلك‬
‫كل دولة على ن سبة القائم ي ب ا ف القلة و الكثرة و ع ند نفاد عدد هم بالتوز يع ينق طع ل م‬
‫الفتح و الستيلء سنة ال ف خلقه‪.‬‬
‫الفصل الثامن ف أن عظم الدولة و اتساع نطاقها و طول أمدها على نسبة القائمي با ف‬
‫القلة و الكثرة‬
‫و السبب ف ذلك أن اللك إنا يكون بالعصبية و أهل العصبية هم الامية الذين ينلون بمالك‬
‫الدولة و أقطار ها و ينق سمون علي ها ف ما كان من الدولة العا مة قبيل ها و أ هل ع صابتها أك ثر‬
‫كانست أقوى و أكثسر مالك و أوطانا و كان ملكهسا أوسسع لذلك و اعتسب ذلك بالدولة‬
‫ال سلمية ل ا ألف ال كل مة العرب على ال سلم و كان عدد ال سلمي ف غزوة تبوك آ خر‬
‫غزوات النب صلى ال عليه و سلم مائة ألف و عشرة آلف من مضر و قحطان ما بي فارس‬
‫و را جل إل من أ سلم من هم ب عد ذلك إل الوفاة فل ما توجهوا لطلب ما ف أيدي ال مم من‬
‫اللك ل ي كن دو نه حىً و ل وزر فا ستبيح ح ى فارس و الروم أ هل الدولت ي العظيمت ي ف‬
‫العال لعهدهسم و الترك بالشرق و الفرنةس و الببر بالغرب و القوط بالندلس و خطوا مسن‬
‫الجاز إل السسوس القصسى و مسن اليمسن إل الترك بأقصسى الشمال و اسستولوا على القاليسم‬
‫السبعة ث انظر بعد ذلك دولة صنهاجة و الوحدين مع العبيديي قبلهم لا كان كتامة القائمي‬
‫بدولة ال عبيديي أك ثر من صنهاجة و من ال صامدة كا نت دولت هم أع ظم فملكوا أفريق ية و‬
‫الغرب و الشام و مصسر و الجاز ثس انظسر بعسد ذلك دولة زناتسة لاس كان عددهسم أقسل مسن‬
‫الصامدة قصر ملكهم عن ملك الوحدين لقصور عددهم عن عدد الصامدة فمذ أول أمرهم‬
‫ث اعتب بعد ذلك حال الدولتي لذا العهد لزناتة بن مرين و بن عبد الواد‪ ،‬كانت دولتهم‬
‫أقوى من ها و أ سع نطاقا و كان ل م علي هم الغلب مرة ب عد أخرى‪ .‬يقال أن عدد ب ن مر ين‬
‫لول ملكهم كان ثلثة آلف و أن بن عبد الواد كانوا ألفا إل أن الدولة بالرفه و كثرة التابع‬
‫كثرت من أعداد هم و على هذه الن سبة ف أعداد التغلب ي لول اللك يكون أت ساع الدولة و‬
‫قوتا و أما طول أمدها أيضا فعلى تلك النسبة لن عمر الادث من قوة مزاجه و مزاج الدول‬
‫إن ا هو بالع صبية فإذا كا نت الع صبية قو ية كان الزاج تابعا ل ا و كان أ مد الع مر طويلً و‬
‫الع صبية إن ا هي بكثرة العدد و وفوره ك ما قلناه و ال سبب ال صحيح ف ذلك أن الن قص إن ا‬
‫يبدو ف الدولة من الطراف فإذا كا نت مالك ها كثية كا نت أطراف ها بعيدةً عن مركز ها و‬
‫كثيةً و كل نقص يقع فل بد له من زمن فتكثر أزمان النقص لكثرة المالك و اختصاص كل‬
‫واحد منها بنقص و زمان فيكون أمدها أطول الدول ل بنو العباس أهل الركز و ل بنو أمية‬
‫ال ستبدون بالندلس و ل ين قص أ مر جيع هم إل ب عد الربعمائة من الجرة و دولة ال عبيديي‬
‫كان أمدها قريبا من مائتي و ثاني سنة و دولة صنهاجة دونم من لدن تقليد معز الدولة أمر‬
‫أفريقية لبلكي بن زيري ف سنة ثان و خسي و ثلثائة إل حي استيلء الوحدين على القلعة‬
‫و باية سنة سبع و خسي و خسمائة و دولة الوحدين لذا العهد تناهز مائتي و سبعي سنة‬
‫و هكذا نسب الدول ف أعمارها على نسبة القائمي با سنة ال الت قد خلت ف عباده‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن الوطان الكثرة القبائل و العصائب قل أن تستحكم فيها دولة‬


‫و ال سبب ف ذلك اختلف الراء و الهواء و أن وراء كل رأي من ها و هوىً ع صبية تا نع‬
‫دونا فيكثر النتقاض على الدولة و الروج عليها ف كل وقت و أن كانت ذات عصبية لن‬
‫كل ع صبية م ن ت ت يد ها ت ظن ف نف سها منعةً و قوة و ان ظر ما و قع من ذلك بأفريق ية و‬
‫الغرب منسذ أو ل السسلم و لذا العهسد فإن سساكن هذه الوطان مسن الببر أهسل قبائل و‬
‫عصبيات فلم يغن فيهم الغلب الول الذي كان لبن أب سرح عليهم و على الفرنة شيئا و‬
‫عاودوا بعد ذلك الثورة و الردة مرةً بعد أخرى و عظم الثخان من السلمي فيهم و لا استقر‬
‫الدين عندهم عادوا إل الثورة و الروج و الخذ بدين الوارج مرات عديدةً قال ابن أب زيد‬
‫ارتدت البابرة بالغرب اثنت عشرة مرة و ل تستقر كلمة السلم فيهم إل لعهد ولية موسى‬
‫بن نصي فما بعده و هذا معن ما ينقل عن عمر أن أفريقة مفرقة لقلوب أهلها إشارةً إل ما‬
‫في ها من كثرة الع صائب و القبائل الاملة ل م على عدم الذعان و النقياد و ل ي كن العراق‬
‫لذلك العهد بتلك الصفة و ل الشام إنا كانت حاميتها من فارس و الروم و الكافة دهاء أهل‬
‫مدن و أم صار فل ما غلب هم ال سلمون على ال مر و انتزعوه من أيدي هم ل ي بق في ها ما نع و ل‬
‫مشاق و الببر قبائلهم بالغرب أكثر من أن تص و كلهم بادية و أهل عصائب و عشائر و‬
‫كلما هلكت قبيلة عادت الخرى مكانا و إل دينها من اللف و الردة فطال أمر العرب ف‬
‫تهيد الدولة بوطن أفريقية و الغرب و كذلك كان المر بالشام لعهد بن إسرائيل كان فيه من‬
‫قبائل فل سطي و كنعان و ب ن عي صو و ب ن مد ين و ب ن لوط و الروم و اليونان و العمال قة و‬
‫أكريكش و النبط من جانب الزيرة و الوصل ما ل يصى كثرة و تنوعا ف العصبية فصعب‬
‫على ب ن إ سرائيل ته يد دولت هم و ر سوخ أمر هم و اضطرب علي هم اللك مرة ب عد أخرى و‬
‫سرى ذلك اللف إلي هم فاختلفوا على سلطانم و خرجوا عل يه و ل ي كن ل م ملك مو طد‬
‫سائر أيام هم إل أن غلبهم الفرس ث يونان ث الروم آ خر أمر هم ع ند اللء و ال غالب على‬
‫أمره و بعكسس هذا أيضسا الوطان الاليسة مسن العصسبيات يسسهل تهيسد الدولة فيهسا و يكون‬
‫سلطانا واز عا لقلة الرج و النتقاض و ل تتاج الدولة في ها إل كث ي من الع صبية ك ما هو‬
‫الشأن ف م صر و الشام لذا الع هد إذ هي خلو من القبائل و الع صبيات كأن ل ي كن الشام‬
‫معدنا لم كما قلناه فملك مصر ف غاية الدعة و الرسوخ لقلة الوارج و أهل العصائب إنا‬
‫هو سلطان و رعية و دولتها قائمة بلوك الترك و عصائبهم يغلبون على المر واحدا بعد واحد‬
‫و ينتقل المر فيهم من منبت إل منبت و اللفة مسماة للعباسي من أعقاب اللفاء ببغداد و‬
‫كذا شأن الندلس لذا العهد فإن عصبية ابن الحر سلطانا ل تكن لول دولتهم بقوية و ل‬
‫كانت كرات إنا يكون أهل بيت من بيوت العرب أهل الدولة الموية بقوا من ذلك القلة و‬
‫ذلك أن أهل الندلس لا انقرضت الدولة العربية منهم و ملكهم الببر من لتونة و الوحدين‬
‫سئموا ملكتهم و ثقلت وطأتم عليهم فأشربت القلوب بغضاءهم و أمكن الوحدون و السادة‬
‫ف آخر الدولة كثيا من الصون للطاغية ف سبيل الستظهار به على شأنم من تلك الضرة‬
‫مراكش فاجتمع من كان بقي با من أهل العصبية القدية معادن من بيوت العرب تاف بم‬
‫النبت عن الاضرة و المصار بعض الشيء و رسخوا ف العصبية مثل ابن هود و ابن الحر و‬
‫ا بن مردن يش و أمثال م فقام ا بن هود بال مر و د عا بدعوة الل فة العبا سية بالشرق و ح ل‬
‫الناس على الروج على الوحدين فنبذوا إليهم العهد و أخرجوهم و استقل ابن هود بالمر ف‬
‫الندلس ث سا ا بن الح ر لل مر و خالف ا بن هود ف دعو ته فد عا هؤلء ل بن أ ب ح فص‬
‫صاحب أفريق ية من الوحد ين و قام بال مر و تناوله بع صابة قري بة من قراب ته كانوا ي سمون‬
‫الرؤساء و ل يتج لكثر منهم لقلة العصائب بالندلس و إنا سلطان و رعية ث استظهر بعد‬
‫ذلك على الطاغ ية ب ن ي يز إل يه الب حر من أعياص زنا تة ف صاروا م عه ع صبة على الثاغرة و‬
‫الرباط ث سا لصاحب من ملوك زناتة أمل ف الستيلء على الندلس فصار أولئك العياص‬
‫ع صابة ا بن الح ر على المتناع م نه إل أن تأ ثل أمره و ر سخ و ألف ته النفوس و ع جز الناس‬
‫عن مطالبته و ورثة أعقابه لذا العهد فل تظن أنه بغي عصابة فليس كذلك و قد كان مبدأه‬
‫بعصابة إل أنا قليلة و على قدر الاجة فإن قطر الندلس لقلة العصائب و القبائل فيه يغن عن‬
‫كثرة العصبية ف التغلب عليهم و ال غن عن العالي‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف أن من طبيعة اللك النفراد بالجد‬


‫و ذلك أن اللك كمسا قدمناه إناس هسو بالعصسبية و العصسبية متألفسة مسن عصسبات كثية تكون‬
‫واحدة منها أقوى من الخرى كلها فتغلبها و تستول عليها حت تصيها جيعا ف ضمنها و‬
‫بذلك يكون الجتماع و الغلب على الناس و الدول و سره أن العصبية العامة للقبيل هي مثل‬
‫الزاج للمتكون و الزاج إنا يكون عن العناصر و قد تبي ف موضعه أن العناصر إذا اجتمعت‬
‫متكافئةً فل ي قع من ها مزاج أ صلً بل ل بد من أن تكون واحدة من ها هي الغال بة على ال كل‬
‫ح ت تمع ها و تؤلف ها و ت صيها ع صبيةً واحدةً شاملةً لم يع الع صائب و هي موجودة ف‬
‫ضمنها و تلك العصبية الكبى إنا تكون لقوم أهل بيت و رئاسة فيهم‪ ،‬و ل بد من أن يكون‬
‫واحد منهم رئيسا لم غالبا عليهم فيتعي رئيسا للعصابات كلها لغلب منبته لميعها و إذا‬
‫تعي له ذلك فمن الطبيعة اليوانية خلق الكب و النفة فيأنف حينئذ من الساهة و الشاركة‬
‫ف استتباعهم و التحكم فيهم و يئ خلق التأله الذي ف طباع البشر مع ما تقتضيه السياسة‬
‫من انفراد الا كم لف ساد ال كل باختلف الكام لو كان فيه ما آل ة إل ال لف سدتا فتجدع‬
‫حينئذ أنوف الع صبيات و تفلح شكائم هم عن أن ي سموا إل مشارك ته ف التح كم و تقرع‬
‫عصبيتهم عن ذلك و ينفرد به ما استطاع حت ل يترك لحد منهم ف المر ل ناقة و ل جلً‬
‫فينفرد بذلك الجد بكليته و يدفعهم عن مساهته و قد يتم ذلك للول من ملوك الدولة و قد‬
‫ل يتم إل للثان و الثالث على قدر مانعة العصبيات و قوتا إل أنه أمر لبد منه ف الدول سنة‬
‫ال الت قد خلت ف عباده و ال تعال أعلم‪.‬‬
‫الفصل الادي عشر ف أن من طبيعة اللك الترف‬
‫و ذلك أن المة إذا تغلبت و ملكت ما بأيدي أهل اللك قبلها كثر رياشها و نعمتها فتكثر‬
‫عوائدهسم و يتجاوزون ضرورات العيسش و خشونتسه إل نوافله و رقتسه و زينتسه و يذهبون إل‬
‫أتباع من قبل هم ف عوائد هم و أحوال م و ت صي لتلك النوا فل عوائد ضرور ية ف ت صيلها و‬
‫ينعون مع ذلك إل رقة الحوال ف الطاعم و اللبس و الفرش و النية و يتفاخرون ف ذلك‬
‫و يفاخرون ف يه غي هم من ال مم ف أ كل الط يب و ل بس الن يق و ركوب الفاره و ينا غي‬
‫خلف هم ف ذلك سلفهم إل آ خر الدولة و على قدر ملك هم يكون حظ هم من ذلك و ترف هم‬
‫فيه إل أن يبلغوا من ذلك الغاية الت للدولة إل أن تبلغها بسب قوتا و عوائد من قبلها سنة‬
‫ال ف خلقه و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف أن من طبيعة اللك الدعة و السكون‬


‫و ذلك أن المة ل يصل لا اللك إل بالطالبة و الطالبة غايتها الغلب و اللك و إذا حصلت‬
‫الغاية انقضى السعي إليها قال الشاعر‪:‬‬
‫فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر‬ ‫عجبت لسعي الدهر بين و بينها‬
‫فإذا حصل اللك أقصروا عن التاعب الت كانوا يتكلفونا ف طلبه و آثروا الراحة و السكون‬
‫و الد عة و رجعوا إل ت صيل ثرات اللك من البا ن و ال ساكن و الل بس فيبنون الق صور و‬
‫يرون الياه و يغر سون الرياض و ي ستمتعون بأحوال الدن يا و يؤثرون الرا حة على التا عب و‬
‫يتأنقون ف أحوال اللبس و الطاعم و النية و الفرش ما استطاعوا و يألفون ذلك و ويورثونه‬
‫من بعدهم من أجيالم و ل يزال ذلك يتزايد فيهم إل أن يتأذن ال بأمره و هو خي الاكمي‬
‫و ال تعال أعلم‪.‬‬
‫الفصل الثالث عشر ف أنه إذا تكمت طبيعة اللك من النفراد بالجد و حصول الترف و‬
‫الدعة أقبلت الدولة على الرم‬
‫و بيانه من وجود الول أنا تقتضي النفراد بالجد كما قلناه و مهما كان الجد مشتركا بي‬
‫العصابة و كان سعيهم له واحدا كانت همهم ف التغلب على الغي و الذب عن الوزة أسوةً‬
‫فس طموحهسا و قوة شكائمهسا و مرماهسم إل العسز جيعا يسستطيبون الوت فس بناء مدهسم و‬
‫يؤثرون اللكة على فساده و إذا انفرد الواحد منهم بالجد قرع عصبيتهم و كبح من أعنتهم و‬
‫ا ستأثر بالموال دون م فتكا سلوا عن الغزو و ف شل رب هم و رئموا الذلة و ال ستعباد ث ر ب‬
‫اليل الثان منهم على ذلك يسبون ما ينالم من العطاء أجرا من السلطان لم عن الماية و‬
‫العونة ل يري ف عقولم سواه و قل أن يستأجر أحد نفسه على الوت فيصي ذلك وهنا ف‬
‫الدولة و خضدا من الشو كة و تق بل به على منا حي الض عف و الرم لف ساد الع صبية بذهاب‬
‫البأس من أهلها‪ .‬و الوجه الثان أن طبيعة اللك تقتضي الترف كما قدمناه فتكثر عوائدهم و‬
‫تزيد نفقاتم على أعطياتم و ل يفي دخلهم برجهم فالفقي منهم يهلك و الترف يستغرق‬
‫عطاءه بترفه ث يزداد ذلك ف أجيالم التأخرة إل أن يقصر العطاء كله عن الترف و عوائده و‬
‫ت سهم الا جة و تطالب هم ملوك هم ب صر نفقات م ف الغزو و الروب فل يدون وليجةً عن ها‬
‫فيوقعون بم العقوبات و ينتزعون ما ف أيدي الكثي منهم يستأثرون به عليهم أو يؤثرون به‬
‫أبناءهسم و صسنائع دولتهسم فيضعفونمس لذلك عسن إقامسة أحوالمس و يضعسف صساحب الدولة‬
‫بضعف هم و أيضا إذا ك ثر الترف ف الدولة و صار عطاؤ هم مق صرا عن حاجات م و نفقات م‬
‫احتاج صاحب الدولة الذي هو ال سلطان إل الزيادة ف أعطيات م ح ت ي سد خلل هم و يز يح‬
‫علل هم و البا ية مقدار ها معلوم و ل تز يد و ل تن قص و أن زادت ب ا ي ستحدث من الكوس‬
‫فيصسي مقدارهسا بعسد الزيادة مدودا فإذا وزعست البايسة على العطيات و قسد حدثست فيهسا‬
‫الزيادة لكل واحد با حدث من ترفهم و كثرة نفقاتم نقص عدد الامية حينئذ عما كان قبل‬
‫زيادة العطيات ث يعظم الترف و تكثر مقادير العطيات لذلك فينقص عدد الامية و ثالثا و‬
‫رابعا إل أن يعود العسسكر إل أقسل العداد فتضعسف المايسة لذلك و تسسقط قوة الدولة و‬
‫يتجاسر عليها من ياوزها من الدول أو من هو تت يديها من القبائل و العصائب و يأذن ال‬
‫فيها بالفناء الذي كتبه على خليقته و أيضا فالترف مفسد للخلق با يصل ف النفس من ألوان‬
‫الشر و السفسفة و عوائدها كما يأت ف فصل الضارة فتذهب منهم خلل الي الت كانت‬
‫علمسة على اللك و دليلً عليسه و يتصسفون بس يناقضهسا مسن خلل الشسر فيكون علمسة على‬
‫الدبار و النقراض ب ا ج عل من ذلك ف خليق ته و تأ خذ الدولة مبادئ الع طب و تتضع ضع‬
‫أحوال ا و تنل ب ا أمراض مزمنة من الرم إل أن يقضي عليها‪ .‬الوجه الثالث أن طبيعة اللك‬
‫تقتضي الدعة كما ذكرناه و إذا اتذوا الدعة و الراحة مؤلفا و خلقا صار لم ذلك طبيعةً و‬
‫جبلةً شأن العوائد كل ها و إيلف ها فتر ب أجيال م الاد ثة ف غضارة الع يش و مهاد الترف و‬
‫الد عة و ينقلب خلق التو حش و ين سون عوائد البداوة ال ت كان ب ا اللك من شدة البأس و‬
‫تعود الفتراس و ركوب البيداء و هداية القفر فل يفرق بينهم و بي السوقة من الضر إل ف‬
‫الثقافة و الشارة فتضعف حايتهم و يذهب بأسهم و تنخضد شوكتهم و يعود وبال ذلك على‬
‫الدولة باس تلبسس مسن ثياب الرم ثس ل يزالون يتلونون بعوائد الترف و الضارة و السسكون و‬
‫الدعة و رقة الاشية ف جيع أحوالم و ينغمسون فيها و هم ف ذلك يبعدون عن البداوة و‬
‫الشونة و ينسلخون عنها شيئا فشيئا و ينسون خلق البسالة الت كانت با الماية و الدافعة‬
‫ح ت يعودوا عيالً على حام ية أخرى أن كا نت ل م و اع تب ذلك ف الدول ال ت أخبار ها ف‬
‫ال صحف لد يك ت د ما قل ته لك من ذلك صحيحا من غ ي ري بة و رب ا يدث ف الدولة إذا‬
‫طرق ها هذا الرم بالترف و الرا حة أن يتخ ي صاحب الدولة أن صارا و شيعةً من غ ي جلدت م‬
‫منس تعود الشونسة فيتخذهسم جندا يكون أصسب على الرب و أقدر على معاناة الشدائد مسن‬
‫الوع و الش ظف و يكون ذلك دواءً للدولة من الرم الذي عسساه أن يطرقهسا ح ت يأذن ال‬
‫في ها بأمره و هذا ك ما و قع ف دولة الترك بالشرق فإن غالب جند ها الوال من الترك فتتخ ي‬
‫ملوك هم من أولئك المال يك الجلوب ي إلي هم فر سانا و جندا فيكونون أجرا على الرب و‬
‫أصب على الشظف من أبناء الماليك الذين كانوا قبلهم و ربوا ف ماء النعيم و السلطان و ظله‬
‫و كذلك ف دولة الوحد ين بأفريق ية فإن صاحبها كثيا ما يت خذ أجناده من زنا تة و العرب‬
‫ويستكثر منهم و يترك أهل الدولة التعودين للترف فتستجد الدولة بذلك غفرا آخر سالا من‬
‫الرم و ال وارث الرض و من عليها‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر ف أن الدولة لا أعمار طبيعية كما للشخاص‬
‫إعلم أن العمر الطبيعي للشخاص على ما زعم الطباء و النجمون مائة وعشرون سنةً و هي‬
‫سنو القمر الكبى عند النجمي و يتلف العمر ف كل جيل بسب القرانات فيزيد عن هذا‬
‫و ينقص منه فتكون أعمار بعض أهل القرانات مائة تامة و بعضهم خسي أو ثاني أو سبعي‬
‫على ما تقتضيه أدلة القرانات عند الناظرين فيها و أعمار هذه اللة ما بي الستينن إل السبعي‬
‫كما ف الديث و ل يزيد على العمر الطبيعي الذي هو مائة و عشرون إل ف الصور النادرة و‬
‫على الوضاع الغري بة من الفلك كما و قع ف شأن نوح عل يه ال سلم و قليل من قوم عاد و‬
‫ثود‪ .‬و أما أعمار الدول أيضا و إن كانت تتلف بسب القرانات إل أن الدولة ف الغالب ل‬
‫تعدو أعمار ثلثة أجيال و اليل هو عمر شخص واحد من العمر الوسط فيكون أربعي الذي‬
‫هو انتهاء النمو و النشوء إل غايته قال تعال‪ :‬حت إذا بلغ أشده و بلغ أربعي سنة و لذا قلنا‬
‫أن عمر الشخص الواحد هو عمر اليل و يؤيده ما ذكرناه ف حكمة التيه الذي وقع ف بن‬
‫إسرائيل و أن القصود بالربعي فيه فناء اليل الحياء و نشأة جيل آخر ل يعهدوا الذل و ل‬
‫عرفوه فدل على اعتبار الربعي ف عمر اليل الذي هو عمر الشخص الواحد و إنا قلنا أن‬
‫عمسر الدولة ل يعدو فس الغالب ثلثسة أجيال لن اليسل الول ل يزالوا على خلق البداوة و‬
‫خشونت ها و توحش ها من ش ظف الع يش و الب سالة و الفتراس و الشتراك ف ال جد فل تزال‬
‫بذلك سورة العصبية مفوظ ًة فيهم فحدهم مرهف و جانبهم مرهوب و الناس لم مغلوبون و‬
‫ال يل الثا ن تول حال م باللك و التر فه من البداوة إل الضارة و من الش ظف إل الترف و‬
‫الصب و من الشتراك ف الجد إل انفراد الواحد به و كسل الباقي عن السعي فيه و من عز‬
‫ال ستطالة إل ذل ال ستكانة فتنك سر سورة الع صبية ب عض الش يء و تؤ نس من هم الها نة و‬
‫الضوع و يبقسى لمس الكثيس مسن ذلك باس أدركوا اليسل الول و باشروا أحوالمس و شاهدوا‬
‫اعتزازهم و سعيهم إل الجد و مراميهم ف الدافعة و الماية فل يسعهم ترك ذلك بالكلية و‬
‫إن ذهب منه ما ذهب و يكونون على رجاء من مراجعة الحوال الت كانت للجيل الول أو‬
‫على ظن من وجودها فيهم و أما اليل الثالث فينسون عهد البداوة و الشونة كأن ل تكن و‬
‫يفقدون حلوة العز و العصبية با هم فيه من ملكة القهر و يبلغ فيهم الترف غايته با تبنقوه‬
‫من النعيم و غضارة العيش فيصيون عيالً على الدولة و من جلة النساء و الولدان الحتاجي‬
‫للمدافعة عنهم و تسقط العصبية بالملة و ينسون الماية و الدافعة و الطالبة و يلبسون على‬
‫الناس ف الشارة و الزي و ركوب اليل و حسن الثقافة يوهون با و هم ف الكثر أجب من‬
‫النسوان على ظهور ها فإذا جاء الطالب لم ل يقاوموا مدافع ته فيحتاج صاحب الدولة حينئذ‬
‫إل الستظهار بسواهم من أهل النجدة و يستكثر بالوال و يصطنع من يغن عن الدولة بعض‬
‫الغناء حتس يتأذن ال بانقراضهسا فتذهسب الدولة باس حلت فهذه كمسا تراه ثلثسة أجيال فيهسا‬
‫يكون هرم الدولة و تلفها و لذا كان انقراض السب ف اليل الرابع كما مر ف أن الجد و‬
‫السب إنا هو أربعة آباء و قد أتيناك فيه ببهان طبيعي كاف ظافر مبن على ما مهدناه قبل‬
‫من القدمات فتأمله فلن تعدو و جه ال ق إن ك نت من أ هل الن صاف و هذه الجيال الثل ثة‬
‫عمرها مائة و عشرون سنة على ما مر و ل تعدو الدول ف الغالب هذا العمر بتقريب قبله أو‬
‫بعده إل أن عرض لا عارض آخر من فقدان الطالب فيكون الرم حاصلً مستوليا و الطالب‬
‫ل يضر ها و لو قد جاء الطالب ل ا و جد مدافعا فإذا جاء أجل هم ل ي ستأخرون ساعةً و ل‬
‫ي ستقدمون فهذا الع مر للدولة بثا بة ع مر الش خص من التزا يد إل سن الوقوف ث إل سن‬
‫الرجوع و لذا يري على ألسسنة الناس فس الشهور أن عمسر الدولة مائة سسنة و هذا معناه‬
‫فأعتبه و اتذ منه قانونا يصحح لك عدد الباء ف عمود النسب الذي تريده من قبل معرفة‬
‫ال سني الاض ية إذا ك نت قد ا ستربت ف عدد هم و كا نت ال سنون الاض ية م نذ أول م م صلة‬
‫لديك فعد لكل مائة من السني ثلثة من الباء فإن نفدت على هذا القياس مع نفود عددهم‬
‫ف هو صحح و إن نق صت ع نه ب يل ف قد غلط عدد هم بزيادة وا حد ف عمود الن سب و أن‬
‫ل لد يك‬ ‫زادت بثله ف قد سقط وا حد و كذلك تأ خذ عدد ال سني من عدد هم إذا كان م ص ً‬
‫فتأمله تده ف الغالب صحيحا و ال يقدر الليل و النهار‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف انتقال الدولة من البداوة إل الضارة‬


‫اعلم أن هذه الطوار طبيعيسة للدول فإن الغلب الذي يكون بسه اللك إناس هسو بالعصسيبة و باس‬
‫يتبع ها من شدة البأس و تعود الفتراس و ل يكون ذلك غالبا إل مع البداوة فطور الدولة من‬
‫أولا بداوة ث إذا حصل اللك تبعه الرفه و اتساع الحوال و الضارة إنا هي تفنن ف الترف‬
‫و إحكام ال صنائع ال ستعملة ف وجو هه و مذاه به من الطا بخ و الل بس و البا ن و الفرش و‬
‫البنية و سائر عوائد النل و أحواله فلكل واحد منها صنائع ف استجادته و التأنق فيه تتص‬
‫به و يتلو بعض ها بعضا و تتك ثر باختلف ما تنع إل يه النفوس من الشهوات و اللذ والتن عم‬
‫بأحوال الترف و مسا تتلون بسه مسن العوائد فصسار طور الضارة فس اللك يتبسع طور البداوة‬
‫ضرورة لضرورة تبعيسة الرفسه للملك و أهسل الدول أبدا يقلدون فس طور الضارة و أحوالاس‬
‫للدولة السابقة قبلهم‪ .‬فأحوالم يشاهدون‪ ،‬و منهم ف الغلب يأخذون‪ ،‬و مثل هذا وقع للعرب‬
‫ل ا كان الف تح و ملكوا فارس و الروم و ا ستخدموا بنات م و أبناء هم و ل يكونوا لذلك الع هد‬
‫فس شيسء مسن الضارة فقسد حكسي أنسه قدم لمس الرقسق فكانوا يسسبونه رقاعا و عثروا على‬
‫الكافور ف خزائن كسرى فاستعملوه ف عجينهم ملحا و مثال ذلك كثي فلما استعبدوا أهل‬
‫الدول قبلهم و استعملوهم ف مهنهم و حاجات منازلم و اختاروا منهم الهرة ف أمثال ذلك‬
‫و القو مة علي هم أفادو هم علج ذلك و القيام على عمله و التف نن ف يه مع ما ح صل ل م من‬
‫أت ساع الع يش و التف نن ف أحواله فبلغوا الغا ية ف ذلك و تطوروا بطور الضارة و الترف ف‬
‫الحوال و ا ستجادة الطا عم و الشارب و الل بس و البا ن و ال سلحة و الفرش و آلن ية و‬
‫سائر الاعون و الر ثي و كذلك أحوال م ف أيام الباهاة و الولئم و ليال العراس فأتوا من‬
‫ذلك وراء الغاية و انظر ما نقلة السعودي و الطبي و غيها ف أعراس الأمون ببوران بنت‬
‫السن بن سهل و ما بذل أبوها لاشية الأمون حي وافاه ف خطبتها إل داره بفم الصلح و‬
‫ركب إليها ف السفي و ما انفق ف أملكها و ما نلها الأمون و أنفق ف عرسها تقف من‬
‫ذلك على الع جب فم نة أن ال سن بن سهل ن ثر يوم الملك ف ال صنيع الذي حضره حاش ية‬
‫الأمون فنثسر على الطبقسة الول منهسم بنادق السسك ملثوثةً على الرقاع بالضياع و العقار‬
‫مسوغة لن حصلت ف يده يقع لكل واحد منهم ما أداه إليه التفاق و البخت و فرق على‬
‫الطب قة الثان ية بدر الدنان ي ف كل بدرة عشرة آلف و فرق على الطب قة الثال ثة بدر الدرا هم‬
‫كذلك بعد أن أنفق على مقامة الأمون بداره أضعاف ذلك و منه أن الأمون أعطاها ف مهرها‬
‫ليلة زفافها ألف حصاة من الياقوت و أوقد شوع العنب ف كل واحدة مائة من و هو رطل و‬
‫ثلثان و بسسط لاس فرشا كان الصسي منهسا منسسوجا بالذهسب مكللً بالدر و الياقوت و قال‬
‫الأمون حي رآه قاتل ال أبا نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول ف صفة المر‪:‬‬
‫كأن صغرى و كبى من فواقعها حصباء در على أرض من الذهب‬
‫و أعد بدار الطبخ من الطب لليلة الوليمة نقل مائة و أربعي بغلً مدة عام كامل ثلث مرات‬
‫ف كل يوم و ف ن ال طب لليلت ي و أوقدوا الر يد ي صبون عل يه الز يت و أو عز إل النوات ية‬
‫بإحضار السسفن لجازة الواص مسن الناس بدجلة مسن بغداد إل قصسور اللك بدينسة الأمون‬
‫لضور الوليمة فكانت الراقات العدة لذلك ثلثي ألفا أجازوا الناس فيها أخريات نارهم و‬
‫كث ي من هذا و أمثاله و كذلك عرس الأمون بن ذي النون بطليطلة نقلة ا بن سام ف كتاب‬
‫الذخية و ا بن حيان ب عد أن كانوا كل هم ف الطور الول من البداوة عاجز ين عن ذلك جلةً‬
‫لفقدان أ سبابه و القائم ي على صنائعه ف غضاضت هم و سذاجتهم يذ كر أن الجاج أول ف‬
‫اختتان ب عض ولده فا ستحضر ب عض الدهاق ي ي سأله عن ولئم الفرس و قال أ خبن بأع ظم‬
‫صنيع شهد ته فقال له ن عم أي ها الم ي شهدت ب عض مراز بة ك سرى و قد صنع ل هل فارس‬
‫صنيعا أح ضر ف يه صحاف الذ هب على أخو نة الف ضة أربعا على كل وا حد و تمله أر بع و‬
‫صائف و يلس عل يه أرب عة من الناس فإذا طعموا أتبعوا أربعت هم الائدة ب صحافها و و صفائها‬
‫فقال الجاج يسا غلم انرس الزر و أطعسم الناس و علم أنسه ل يسستقل بذه البةس و كذلك‬
‫كا نت‪ .‬و من هذا الباب أعط ية ب ن أم ية و جوائز هم فإن ا كان أكثر ها ال بل أخذا بذا هب‬
‫العرب وبداوت م ث كا نت الوائز ف دولة ب ن العباس و ال عبيديي من بعد هم ما عل مت من‬
‫أحال الال و توت الثياب و إعداد اليسل براكبهسا و هكذا كان شأن كتامسة مسع الغالبسة‬
‫بأفريقية و كذا بن طفج بصر و شأن لتونة مع ملوك الطوائف بالندلس و الوحدين كذلك‬
‫و شأن زنا تة مع الوحد ين و هلم جرا تنت قل الضارة من الدول ال سالفة إل الدول الال فة‬
‫فانتقلت حضارة الفرس للعرب بن أمية و بن العباس و انتقلت حضارة بن أمية بالندلس إل‬
‫ملوك الغرب من الوحد ين و زنا تة لذا الع هد و انتقلت حضارة ب ن العباس إل الديلم ث إل‬
‫الترك ث إل ال سلجوقية ث إل الترك المال يك ب صر و الت تر بالعراق ي و على قدر ع ظم لدولة‬
‫يكون شأنا ف الضارة إذ أمور الضارة من توابع الترف و الترف من توا بع الثروة و النعمة‬
‫و الثروة و النعمة من توابع اللك و مقدار ما يستول عليه أهل الدولة فعلى نسبة اللك يكون‬
‫ذلك كله فاعتبه و تفهمه و تأمله تده صحيحا ف العمران و ال وارث الرض و من عليها‬
‫و هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف أن الترف يزيد الدولة ف أولا قوة إل قوتا‬


‫و ال سبب ف ذلك أن القب يل إذا ح صل ل م اللك و الترف ك ثر التنا سل و الولد والعموم ية‬
‫فكثرت العصابة و استكثروا أيضا من الوال و الصنائع و ربيت أجيالم ف جو ذلك النعيم و‬
‫الرفه فازدادوا به عددا إل عددهم و قوة إل قوتم بسبب كثرة العصائب حينئذ بكثرة العدد‬
‫فإذا ذ هب ال يل الول و الثا ن و أخذت الدولة ف الرم ل ت ستقل أولئك ال صنائع و الوال‬
‫بأنفسهم ف تأسيس الدولة و تهيد ملكها لنم ليس لم من المر شيء إنا كانوا عيالً على‬
‫أهلها و معونةً ل ا فإذا ذهب ال صل ل ي ستقل الفرع بالرسوخ فيذ هب و يتل شى و ل تبقى‬
‫الدولة على حالا من القوة‪ .‬و اعتب هذا با وقع ف الدولة العربية ف السلم‪.‬كان عدد العرب‬
‫كما قلنا لعهد النبؤة و اللقة مائة و خسي ألفا و ما يقاربا من مضر و قحطان و لا بلغ‬
‫الترف مبالغة قي الدولة و توفر نوهم بتوفر النعمة و استكثر اللفاء من الوال و الصنائع بلغ‬
‫ذلك العدد إل أضعا فه يقال إن العتصم نازل عمور ية لا افتتحها ف ت سعمائة ألف و ل يبعد‬
‫م ثل هذا العدد أن يكون صحيحا إذا اع تبت حاميت هم ف الثغور الدان ية و القا صية شرقا و‬
‫غربا إل الند الاملي سرير اللك و الوال والصطنعي و قال السعودي أحصى بنو العباس‬
‫ابن عبد الطلب خاصة أيام الأمون للنفاق عليهم فكانوا ثلثي ألفا بي ذكران و إناث فانظر‬
‫مبالغ هذا العدد لقل من مائت سنة و اعلم أن سببه الرفه و النعيم الذي حصل للدولة و رب‬
‫فيه أجيالم و إل فعدد العرب لول الفتح ل يبلغ هذا و ل قريبا منة و ال اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أطوار الدولة و اختلف أحوالا و خلق أهلها باختلف الطوار‬
‫إعلم أن الدولة تنتقل ف أطوار متلفة و حالت متجددة و يكتسب القائمون با ف كل طور‬
‫خلقا من أحوال ذلك الطور ل يكون مثله ف الطور الخر لن اللق تابع بالطبع لزاج الال‬
‫الذي هو ف يه و حالت الدولة و أطوارها ل تعدو ف الغالب خ سة أطوار‪ .‬الطور الول طور‬
‫الظفر بالبغية و غلب الدافع و المانع و الستيلء على اللك و انتزاعه من أيدي الدولة ف هذا‬
‫الطور أ سوة قو مه ف اكت ساب ال جد و جبا ية الال و الداف عة عن الوزة و الما ية ل ينفرد‬
‫دونم بشيء لن ذلك هو مقتضى العصبية الت وقع با الغلب وهي ل تزل بعد بالا‪ .‬الطور‬
‫الثا ن طور ال ستبداد على قو مه و النفراد دون م باللك و كبح هم عن التطاول للم ساهة و‬
‫الشاركسة و يكون صساحب الدولة فس هذا الطور معنيا باصسطناع الرجال و اتاذ الوال و‬
‫الصسنائع و السستكثار مسن ذلك لدع الوت أهسل عصسبيته و عشيتسه القاسسي له فس نسسبة‬
‫الضارب ي ف اللك ب ثل سهمه ف هو يدافع هم عن ال مر و ي صدهم عن موارده و يرد هم على‬
‫أعقابم‪ ،‬أن يلصوا إليه حت يقر المر ف نصابه و يفرد أهل بيته با يبن من مده فيعان من‬
‫مدافعتهم و مغالبتهم مثل ما عاناه الولون ف طلب المر أو أشد لن الولي دافعوا الجانب‬
‫فكان ظهراؤ هم على مدافعت هم أ هل الع صبية بأجع هم و هذا يدا فع القارب ل يظاهره على‬
‫مدافعت هم إل ال قل من البا عد في كب صعبا من ال مر‪ .‬الطور الثالث طور الفراغ و الد عة‬
‫لتحصيل ثرات اللك ما تنع طباع البشر إليه من تصيل الال و تليد الثار و بعد الصيت‬
‫فيستفرغ وسعه ف الباية و ضبط الدخل و الرج و إحصاء النفقات و القصد فيها و تشييد‬
‫البا ن الافلة و ال صانع العظي مة و الم صار الت سعة و اليا كل الرتف عة و إجازة الوفود من‬
‫أشراف المم و وجوه القبائل و بث العروف ف أهله هذا مع التوسعة على صنائعه و حاشيته‬
‫ف أحوالم بالال و الاه واعتراض جنوده و إدرار أرزاقهم و إنصافهم ف أعطياتم لكل هلل‬
‫ح ت يظ هر أ ثر ذلك علي هم ف ملب سهم و شكث هم و شارات م يوم الزي نة فيبا هي ب م الدول‬
‫السالة و يرهب الدول الحاربة و هذا الطور آخر أطوار الستبداد من أصحاب الدولة لنم‬
‫فس هذه الطوار كلهسا مسستقلون بآرائهسم بانون لعزهسم موضحون الطرق لنس بعدهسم‪ .‬طور‬
‫القنوع و السالة و يكون صاحب الدولة ف هذا قانعا با بن أولوه سلما لنظاره من اللوك و‬
‫أقتاله مقلدا للماضي من سلفه فيتبع آثارهم حذو النعل بالنعل و يقتفي طرقهم بأحسن مناهج‬
‫القتداء و يرى أن ف الروج عن تقليد هم ف ساد أمره و أن م أب صر ب ا بنوا من مده‪ .‬الطور‬
‫الامس طور السراف و التبذير و يكون صاحب الدولة ف هذا الطور متلفا لا جع أولوه ف‬
‫سبيل الشهوات و اللذ و الكرم على بطانته و ف مالسه و اصطناع أخدان السوء و خضراء‬
‫الدمن و تقليدهم عظيمات المور الت ل يستقلون بملها و ل يعرفون ما يأتون منها يذرون‬
‫من ها م ستفسدا لكبار الولياء من قو مه و صنائع سلفه ح ت يضطغنوا عل يه و يتخاذلوا عن‬
‫ن صرته مضيعا من جنده ب ا أن فق من أعطيات م ف شهوا ته و ح جب عن هم و جه مباشر ته و‬
‫تفقده فيكون مربا لا كان سلفه يؤسسون و هادما لا كانوا يبنون و ف هذا الطور تصل ف‬
‫الدولة طبيعة الرم و يستول علي ها الرض الزمن الذي ل تكاد تلص منه و ل يكون ل ا معه‬
‫برء إل أن تنقرض كما نبينه ف الحوال الت نسردها و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتا ف أصلها‬
‫و السبب ف ذلك أن الثار إنا تدث عن القوة الت با كانت أولً و على قدرها يكون الثر‬
‫فمن ذلك مبان الدولة و هياكلها العظيمة فإنا تكون على نسبة قوة الدولة ف أصلها لنا ل‬
‫تتسم إل بكثرة الفعلة و اجتماع اليدي على العمسل بالتعاون فيسه فإذا كانست الدولة عظيمسة‬
‫فسيحة الوانب كثية المالك و الرعايا كان الفعلة كثيين جدا و حشروا من آفاق الدولة و‬
‫أقطار ها ف تم الع مل على أع ظم هياكله أل ترى إل م صانع قوم عاد و ثود و ما ق صة القرآن‬
‫عنهما‪.‬‬
‫و انظر بالشاهدة إيوان كسرى و ما أقتدر فيه الفرس حت أنه عزم الرشيد على هدمه و تريبه‬
‫فتكاءد ع نه و شرع ف يه ث أدر كه الع جز و ق صة ا ستشارته ليح ي بن خالد ف شأ نه معرو فة‬
‫فانظر كيف تقتدر دولة على بناء ل تستطيع أخرى على هدمه مع بون ما بي الدم و البناء ف‬
‫ال سهولة‪ .‬تعرف من ذلك بون ما ب ي الدولت ي و ان ظر إل بلط الول يد بدم شق و جا مع ب ن‬
‫أم ية بقرط بة و القنطرة ال ت على وادي ها كذلك بناء النا يا للب الاء إل قرطاج نة ف القناة‬
‫الراك بة علي ها آثار شرشال بالغرب و الهرام ب صر و كث ي من هذه الثار الاثلة للعيان يعلم‬
‫م نه اختلف الدول ف القوة و الض عف و اعلم أن تلك الفعال للقدم ي إن ا كا نت بالندام و‬
‫اجتماع الفعلة و كثرة اليدي عليهسا فبذلك شيدت تلك الياكسل و الصسانع و ل تتوهسم مسا‬
‫تتوه ه العا مة أن ذلك لع ظم أجسام القدم ي عن أج سامنا ف أطراف ها و أقطار ها فل يس ب ي‬
‫البشر ف ذلك كبي بون كما ند بي الياكل و الثار و لقد ولع القصاص بذلك و تغالوا فيه‬
‫و سطروا عن عاد و ثود و العمال قة ف ذلك أخبارا عري قة ف الكذب من أغرب ا ما يكون‬
‫عن عوج بن عناق رجل من العمالقة الذين قاتلهم بنو إسرائيل ف الشام زعموا أنه كان لطوله‬
‫يتناول ال سمك من الب حر و يشو يه إل الش مس و يزيدون إل جهل هم بأحوال الب شر ال هل‬
‫بأحوال الكواكب لا اعتقدوا أن للشمس حرارة و أنا شديدة فيما قرب منها و ل يعلمون أن‬
‫ال ر هو الضوء و أن الضوء في ما قرب من الرض أك ثر لنعكاس الش عة من سطح الرض‬
‫بقابلة الضواء فتتضا عف الرارة ه نا ل جل ذلك و إذا تاوزت مطارح الش عة النعك سة فل‬
‫حر هنالك بل يكون ف يه البد ح يث ماري ال سحاب و أن الش مس ف نف سها ل حارة و ل‬
‫باردة و أنا هي جسم بسيط مضيء ل مزاج له‪.‬‬
‫و كذلك عوج بن عناق هو فيما ذكروه من العمالقة أو من الكنعانيي الذين كانوا فريسة بن‬
‫إ سرائيل ع ند فتح هم الشام و أطوال ب ن إ سرائيل و ج سمانم لذلك الع هد قري بة من هياكل نا‬
‫يش هد لذلك أبواب بيت القدس فإن ا وإن خربت و جددت ل تزل الحاف ظة على أشكالا و‬
‫مقاديسر أبواباس و كيسف يكون التفاوت بيس عوج و بيس أهسل عصسره بذا القدار و إناس‬
‫مثارغلطهم ف هذا أنم استعظموا آثار المم و ل يفهموا حال الدول ف الجتماع و التعاون‬
‫و مسا يصسل بذلك و بالندام مسن الثار العظيمسة فصسرفوه إل قوة الجسسام و شدتاس بعظسم‬
‫هياكلها و ليس المر كذلك‪ .‬و قد زعم السعودي و نقله عن الفلسفة مزعما ل مستند له‬
‫إل التح كم و هو أن الطبي عة ال ت هي جبلة للج سام ل ا برأ ال اللق كا نت ف تام الكرة و‬
‫ناية القوة و الكمال و كانت العمار أطول و الجسام أقوى لكمال تلك الطبيعة فإن طروء‬
‫الوت أنا هو بانلل القوى الطبيعية فإذا كانت قوية كانت العمار أزيد فكان العال ف أولية‬
‫نشأ ته تام العمار كا مل الج سام ث ل يزل يتنا قص لنق صان الادة إل أن بلغ إل هذه الال‬
‫الت هو عليها ث ل يزال يتناقص إل وقت النلل و انقراض العال و هذا رأي ل وجه له إل‬
‫التح كم ك ما تراه و ل يس له علة طبيع ية و ل سبب برها ن و ن ن نشا هد م ساكن الول ي و‬
‫أبوابم و طرقهم فيما أحدثوه من البنيان و الياكل و الديار و الساكن كديار ثود النحوتة ف‬
‫ال صلد من ال صخر بيوتا صغارا و أبواب ا ضي قة و قد أشار صلى ال عل يه و سلم إل أن ا‬
‫ديار هم و ن ى عن ا ستعمال مياه هم و طرح ما ع جن به و أهرق و قال‪ :‬ل تدخلوا مساكن‬
‫الذين ظلموا أنفسهم إل أن تكونوا باكي يصيبكم ما أصابم‪.‬‬
‫و كذلك أرض عاد و مصسر و الشام و سسائر بقاع الرض شرقا و غربا و القس مسا قررناه و‬
‫من آثار الدول أيضا حالا ف العراس و الولئم كما ذكرناه ف وليمة بوران و صنيع الجاج‬
‫و ابن ذي النون و قد مر ذلك كله‪.‬‬
‫و من آثارها أيضا عطايا الدول و أنا تكون على نسبتها و يظهر ذلك فيها و لو أشرفت على‬
‫الرم فإن المم الت لهل الدولة تكون على نسبة قوة ملكهم و غلبهم للناس و المم ل تزال‬
‫م صاحبة ل م إل انقراض الدولة و اع تب ذلك بوائز ا بن ذي يزن لو فد قر يش ك يف أعطا هم‬
‫من أرطال الذ هب و الف ضة و الع بد و الو صائف عشرا عشرا و من كرش الع نب واحدة و‬
‫أض عف ذلك بعشرة أمثاله لع بد الطلب و إن ا مل كه يومئذ قرارة الي من خا صة ت ت ا ستبداد‬
‫فارس و إنا حله على ذلك هة نفسه با كان لقومه التبابعة من اللك ف الرض و الغلب على‬
‫ال مم ف العراق ي و ال ند و الغرب و كان ال صنهاجيون بأفريق ية أيضا إذا أجازوا الو فد من‬
‫أمراء زناتة الوافدين عليهم فإنا يعطونم الال أحالً و الكساء توتا ملوءةً و الملن جنائب‬
‫عديدة‪.‬‬
‫و فس تاريسخ ابسن الرقيسق مسن ذلك أخبار كثية و كذلك كان عطاء البامكسة و جوائزهسم و‬
‫نفقاتم و كانوا إذا كسبوا معدما فإنا هو الولية و النعمة آخر الدهر ل العطاء الذي يستنفده‬
‫يوم أو بعض يوم و أخبارهم ف ذلك كثية مسطورة و هي كلها على نسبة الدول جارية هذا‬
‫جوهر الصقلب الكاتب قائد جيش العبيديي لا ارتل إل فتح مصر استعد من القيوان بألف‬
‫حل من الال و ل تنتهي اليوم دولة إل مثل هذا‪ .‬و كذلك وجد بط أحد بن ممد بن عبد‬
‫الم يد ع مل ب ا ي مل إل ب يت الال ببغداد أيام الأمون من ج يع النوا حي نقل ته من جراب‬
‫الدولة غلت السواد سبع و عشرون ألف ألف درهم مرتي و ثانائة ألف درهم و من اللل‬
‫النجرانية مائتا حلة و من طي التم مائتان و أربعون رطلً كنكر أحد عشر ألف ألف درهم‬
‫مرتي و ستمائة ألف درهم كورد جلة عشرون ألف ألف درهم و ثانية دراهم حلوان أربعة‬
‫آلف ألف درهم مرت ي و ثانائة ألف درهم الهواز خسة و عشرون ألف در هم مرة و من‬
‫السكر ثلثون ألف رطل فارس سبعة و عشرون ألف ألف درهم و من ماء الورد ثلثون ألف‬
‫قارورة و من الزيت السود عشرون ألف رطل كرمان أربعة آلف ألف درهم مرتي و مائتا‬
‫ألف درهم و من التاع اليمان خسمائة ثوب و من التمر عشرون ألف رطل مكران أربعمائة‬
‫ألف درهم مرة السند و ما يليه أحد ع شر ألف ألف درهم مرتي و خسمائة ألف درهم و‬
‫من العود الندي مائة و خ سون رطلً سجستان أرب عة آلف ألف در هم مرت ي و من الثياب‬
‫العينة ثلثمائة ثوب ومن الفانيد عشرون رطلً خراسان ثانية و عشرون ألف ألف درهم مرتي‬
‫و من ن قر الف ضة أل فا نقرة و من الباذ ين أرب عة آلف و من الرق يق ألف رأس‪ .‬و من التاع‬
‫عشرون ألف ثوب و من الهليلج ثلثون ألف رطل جرجان اثنا عشر ألف ألف درهم مرتي‬
‫و من البري سم ألف ش قة‪ .‬قو مس ألف ألف مرت ي و خ سمائة من ن قر الف ضة طب ستان و‬
‫الروبان و ناوند ستة آلف ألف مرتي و ثلئمائة ألف و من الفرش الطبي ستمائة قطعة و‬
‫من الك سية مائتان و من الثياب خ سمائة ثوب و من الناد يل ثلثائة و من الامات ثلثائة‬
‫الري اثنا عشر ألف ألف درهم مرتي و من العسل عشرون ألف رطل هذان أحد عشر ألف‬
‫ألف در هم مرت ي و ثلثائة ألف و من رب الرمان ألف ر طل و من الع سل اث نا ع شر ألف‬
‫رطل ما بي البصرة و الكوفة عشرة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة ألف درهم ماسبذان‬
‫والدينار أربعة آلف ألف درهم مرتي شهر زور ستة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة ألف‬
‫درهم الوصل و ما يليها أربعة و عشرون ألف ألف درهم مرتي و من العسل البيض عشرون‬
‫ألف ألف رطل أذربيجان أربعة آلف ألف درهم مرتي الزيرة و ما يليها من أعمال الفرات‬
‫أربعة و ثلثون ألف ألف درهم مرتي و من الرقيق ألف رأس و من العسل اثنا عشر ألف زق‬
‫و من البزاة عشرة و من الك سية عشرون أرمين ية ثل ثة ع شر ألف ألف در هم مرت ي و من‬
‫الب سط الحفور عشرون و من الز قم خ سمائة و ثلثون رطلً و من ال سايج ال سور ما هي‬
‫عشرة آلف ر طل و من ال صونج عشرة آلف ر طل و من البغال مائتان و من الهرة ثلثون‬
‫قنسرين أربعمائة ألف دينار و من الزيت ألف حل دمشق أربعمائة ألف دينار و عشرون ألف‬
‫دينار و الردن سبعة و ت سعون ألف دينار فل سطي ثلثائة ألف دينار و عشرة آلف دينار و‬
‫مسن الزيست ثلثائة ألف رطسل مصسر ألف ألف دينار و تسسعمائة ألف دينار و عشرون ألف‬
‫دينار‪ .‬بر قة ألف ألف در هم مرت ي‪ .‬أفريق ية ثل ثة ع شر ألف ألف در هم مرت ي و من الب سط‬
‫مائة و عشرون‪ .‬اليمسن ثلثائة ألف دينار و سسبعون ألف دينار سسوى التاع‪ .‬الجاز ثلثائة‬
‫ألف د ينار انتهي‪.‬‬
‫و أما الندلس فالذي ذكره الثقات من مؤرخيها أن عبد الرحن الناصر خلف ف بيوت أمواله‬
‫خسة آلف ألف ألف دينار مكررة ثلث مرات يكون جلتها بالقناطي خسمائة ألف قنطار‪.‬‬
‫و رأ يت ف ب عض توار يخ الرش يد أن الحمول إل ب يت الال ف أيا مه سبعة آلف قنطار و‬
‫خسمائة قنطار ف كل سنة فاعتب ذلك ف نسب الدول بعضها من بعض و لتنكرن ما ليس‬
‫بعهود عندك و ل ف ع صرك شيء من أمثاله فتض يق حو صلتك ع ند ملت قط المكنات فكث ي‬
‫من الواص إذا سعوا أمثال هذه الخبار عن الدول ال سالفة بادر بالنكار و ل يس ذلك من‬
‫ال صواب فإن أحوال الوجود والعمران متفاو تة و من أدرك من ها رت بة سفلى أو و سطى فل‬
‫ي صر الدارك كل ها في ها و ن ن إذا اعتب نا ما ين قل ل نا عن دولة ب ن العباس و ب ن أم ية و‬
‫العبيديي و ناسبنا الصحيح من ذلك و الذي ل شك فيه بالذي نشاهده من هذه الدول الت‬
‫هي أ قل بالن سبة إلي ها وجد نا بين ها بونا و هو ل ا بين ها من التفاوت ف أ صل قوت ا و عمران‬
‫مالكها فالثار كلها جارية على نسبة الصل ف القوة كما قدمناه و ل يسعنا إنكار ذلك عنها‬
‫إذ كثي من هذه الحوال ف غاية الشهرة و الوضوح بل فيها ما يلحق بالستفيض و التواتر و‬
‫فيها العاين و الشاهد من آثار البناء و غيه فخذ من الحوال النقولة مراتب الدول ف قوتا‬
‫أو ضعفها و ضخامتها أو صغرها و اعتب ذلك با نقصه عليك من هذه الكاية الستظرفة‪.‬‬
‫و ذلك أنه ورد بالغرب لعهد السلطان أب عنان من ملوك بن مرين رجل من مشيخة طنجة‬
‫يعرف با بن بطو طة كان ر حل م نذ عشر ين سنة قبل ها إل الشرق و تقلب ف بلد العراق و‬
‫اليمن و الند و دخل مدينة دهلي حاضرة ملك الند و هو السلطان ممد شاه و اتصل بلكها‬
‫لذلك العهد و هو فيوزجوه و كان له منه مكان و استعمله ف خطة القضاء بذهب الالكية‬
‫ف عمله ث انقلب إل الغرب و اتصل بالسلطان أب عنان و كان يدث عن شأن رحلته و ما‬
‫رأى من العجائب بمالك الرض و أك ثر ما كان يدث عن دولة صاحب ال ند و يأ ت من‬
‫أحواله ب ا ي ستغربه ال سامعون م ثل أن ملك ال ند إذا خرج إل ال سفر أح صى أ هل مدين ته من‬
‫الرجال و النساء و الولدان و فرض لم رزق ستة أشهر تدفع لم من عطائه و أنه عند رجوعه‬
‫من سفره يدخل ف يوم مشهود يبز فيه الناس كافة إل صحراء البلد و يطوفون به و ينصب‬
‫أمامه ف ذلك القل منجنيقات على الظهر ترمى با شكائر الدراهم و الدناني على الناس إل‬
‫أن يد خل إيوا نه و أمثال هذه الكايات فتنا حى الناس بتكذي به و لق يت أيامئذ وز ير ال سلطان‬
‫فارس بن وردار البع يد ال صيت ففاوض ته ف هذا الشأن و أري ته إنكار أخبار ذلك الر جل ل ا‬
‫استفاض ف الناس من تكذيبه‪.‬‬
‫فقال ل الوزير فارس إياك أن تستنكر مثل هذا من أحوال الدول با أنك ل تره فتكون كابن‬
‫الوزير الناشىء ف السجن و ذلك أن وزيرا اعتقله سلطانه و مكث ف السجن سني رب فيها‬
‫اب نه ف ذلك الجلس فل ما أدرك و ع قل سأل عن اللحمان ال ت كان يتغذى ب ا فقال له أبوه‬
‫هذا لم الغنم فقال و ما الغنم فيصفها له أبوه بشياتا و نعوتا فيقول يا أبت تراها مثل الفأر‬
‫فينكر عليه و يقول أين الغنم من الفأر و كذا ف لم البل و البقر إذ ل يعاين ف مبسه من‬
‫اليوانات إل الفأر فيح سبها كل ها أبناء ج نس الفأر و لذا كثيا ما يعتري الناس ف الخبار‬
‫كما يعتريهم الوسواس ف الزيادة عند قصد الغراب كما قدمناه أول الكتاب فليجع النسان‬
‫إل أصسوله و ليكسن مهيمنا على نفسسه و ميزا بيس طبيعسة المكسن و المتنسع بصسريح عقله و‬
‫مستقيم فطرته فما دخل ف نطاق المكان قبله و ما خرج عنه رفضه و ليس مرادنا المكان‬
‫العقلي الطلق فإن نطاقسه أوسسع شيسء فل يفرض حدا بيس الواقعات و أناس مرادنسا المكان‬
‫بسب الادة الت للشيء فإنا إذا نظرنا أصل الشيء و جنسه و صنفه و مقدار عظمه و قوته‬
‫أجرينا الكم من نسبة ذلك على أحواله و حكمنا بالمتناع على ما خرج من نطاقه‪ ،‬و قل‬
‫رب زدن علما و أنت أرحم الراحي و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف استظهار صاحب الدولة على قومه و أهل عصبيته بالوال و‬
‫الصطنعي‬
‫إعلم أن صاحب الدولة إنا يتم أمره كما قلناه بقومه فهم عصابته و ظهراؤه على شأنه و بم‬
‫يقارع الوارج على دولتسه و منهسم يقلد أعمال ملكتسه و وزارة دولتسه و جبايسة أموله لنمس‬
‫أعوا نه على الغلب و شركاؤه ف ال مر و م ساهوه ف سائر مهما ته هذا ما دام الطور الول‬
‫للدولة كما قلناه فإذا جاء الطور الثان و ظهر الستبداد عنهم و النفراد بالجد و دافعهم عنه‬
‫بالراح صاروا ف حقيقة المر من بعض أعدائه و احتاج ف مدافعتهم عن المر و صدهم عن‬
‫الشار كة إل أولياء آخر ين من غ ي جلدت م ي ستظهر ب م علي هم و يتول هم دون م فيكونون‬
‫أقرب إل يه من سائرهم و أ خص به قربا و ا صطناعا و أول إيثارا و جاها ل ا أن م ي ستميتون‬
‫دونه ف مدافعة قومه عن المر الذي كان لم و الرتبة الت ألفوها ف مشاركتهم فيستخلصهم‬
‫صاحب الدولة و يصهم بزيد التكرمة و اليثار و يقسم لم ما للكثي من قومه و يقلدهم‬
‫جليل العمال و الوليات من الوزارة و القيادة و الباية و ما يتص به لنفسه و تكون خالصة‬
‫له دون قو مه من ألقاب المل كة لن م حينئذ أولياؤه القربون و ن صحاؤه الخل صون و ذلك‬
‫حينئذ مؤذن باهتضام الدولة و علمسة على الرض الزمسن فيهسا لفسساد العصسبية التس كان بناء‬
‫الغلب عليها‪.‬‬
‫و مرض قلوب أهل الدولة حينئذ من المتهان و عداوة السلطان فيضطغنون عليه و يتربصون‬
‫به الدوائر و يعود وبال ذلك على الدولة و ل يط مع ف برئ ها من هذا الداء ل نه ما م ضى‬
‫يتأكسد فس العقاب إل أن ذهسب رسسها و اعتسب ذلك فس دولة بنس أميسة كيسف كانوا إناس‬
‫يستظهرون ف حروبم و ولية أعمالم برجال العرب مثل عمرو بن سعد بن أب و قاص و‬
‫عبد ال بن زياد بن أب سفيان والجاج بن يوسف و الهلب بن أب صفرة و خالد بن عبد‬
‫ال الق سري و ا بن هبية و مو سى بن ن صي و بلل بن أ ب بردة بن أ ب مو سى الشعري و‬
‫نصر بن سيار و أمثالم من رجالت العرب و كذا صدر من دولة بن العباس كان الستظهار‬
‫في ها أيضا برجالت العرب فل ما صارت الدولة للنفراد بال جد و ك بح العرب عن التطاول‬
‫للوليات صارت الوزارة للعجم و الصنائع من البامكة و بن سهل بن نوبت و بن طاهر ث‬
‫بن بويه و موال الترك مثل بغا و وصيف و أثلمش و باكناك و ابن طولون و أبنائهم و غي‬
‫هؤلء من موال العجم فتكون الدولة لغي من مهدها و العز لغي من اجتلبه سنة ال ف عباده‬
‫و ال تعال أعلم‪.‬‬
‫الفصل العشرون ف أحوال الوال و الصطنعي ف الدول‬
‫إعلم أن الصطنعي ف الدول يتفاوتون ف اللتحام بصاحب الدولة بتفاوت قديهم و حديثهم‬
‫ف اللتحام بصاحبها و السبب ف ذلك أن القصود ف العصبية من الدافعة و الغالبة إنا يتم‬
‫بالنسب لجل التناصر ف ذوي الرحام و القرب و التخاذل ف الجانب و البعداء كما قدمناه‬
‫و الولية و الخالطة بالرق أو باللف تتنل منلة ذلك لن أمر النسب و إن كان طبيعيا فإنا‬
‫هو وهي و العن الذي كان به اللتحام إنا هو العشرة و الدافعة و طول المارسة و الصحبة‬
‫بالربس و الرضاع و سسائر أحوال الوت و الياة و إذا حصسل اللتحام بذلك جاءت النعرة و‬
‫التنا صر و هذا مشا هد ب ي الناس و اع تب مثله ف ال صطناع فإ نه يدث ب ي ال صطنع و من‬
‫اصطنعه نسبة خاصة من الوصلة تتنل هذه النلة و تؤكد اللحمة و إن ل يكن نسب فثمرات‬
‫الن سب موجودة فإذا كا نت هذه الول ية ب ي القب يل و ب ي أوليائ هم ق بل ح صول اللك ل م‬
‫كانت عروقها أوشج و عقائدها أصح و نسبها أصرح لوجهي أحدها أنم قبل اللك أسوة‬
‫ف حالم فل يتميز النسب عن الولية إل عند القل منهم فينلون منهم منلة ذوي قرابتهم و‬
‫أهل أرحامهم و إذا اصطنعوهم بعد اللك كانت مرتبة اللك ميزة للسيد عن الول‪ .‬و لهل‬
‫القرابة عن أهل الولية و الصطناع لا تقتضيه أحوال الرئاسة و اللك من تيز الرتب و تفاوتا‬
‫فتتميز حالتهم و يتنلون منلة الجانب و يكون اللتحام بينهم أضعف و التناصر لذلك أبعد‬
‫و ذلك انقص من الصطناع قبل اللك‪.‬‬
‫الو جه الثا ن أن ال صطناع ق بل اللك يب عد عهده عن أ هل الدولة بطول الزمان و ي في شأن‬
‫تلك اللحمة و يظن با ف الكثر النسب فيقوى حال العصبية و أما بعد اللك فيقرب العهد و‬
‫يستوي ف معرفته الكثر فتتبي اللحمة و تتميز عن النسب فتضعف العصبية بالنسبة إل الولية‬
‫الت كانت قبل الدولة و اعتب ذلك ف الدول و الرئاسات تده فكل من كان اصطناعه قبل‬
‫ح صول الرئا سة و اللك ل صطنعه تده أ شد التحاما به و أقرب قرابةً إل يه و يتنل م نه منلة‬
‫أبنائه و إخوا نه و ذوي رح ه و من كان ا صطناعه ب عد ح صول اللك و الرئا سة ل صطنعه ل‬
‫يكون له من القرابة و اللحمة ما للولي و هذا مشاهد بالعيان حت أن الدولة ف آخر عمرها‬
‫تر جع إل الشمال الجا نب و ا صطناعهم و ل يب ن ل م م د ك ما بناه ال صطنعون ق بل الدولة‬
‫لقرب العهسد حينئذ بأوليتهسم و مشارفسة الدولة على النقراض فيكونون منحطيس فس مهاوي‬
‫الضعة‪.‬‬
‫و إنا يمل صاحب الدولة على اصطناعهم و العدول إليهم عن أوليائها القدمي و صنائعها‬
‫الول ي ما يعتري هم ف أنف سهم من العزة على صاحب الدولة و قلة الضوع له و نظره ب ا‬
‫ينظره به قبيله و أ هل ن سبه لتأ كد اللح مة م نذ الع صور التطاولة بالر ب و الت صال بآبائه و‬
‫سلف قو مه و النتظام مع كباء أ هل بي ته فيح صل ل م بذلك دالة عل يه و اعتزاز فينافر هم‬
‫بسسببها صساحب الدولة و يعدل عنهسم إل اسستعمال سسواهم و يكون عهسد اسستخلصهم و‬
‫اصطناعهم قريبا فل يبلغون رتب الجد و يبقون على حالم من الارجية و هكذا شأن الدول‬
‫ف أواخرها و أكثر ما يطلق اسم الصنائع و الولياء على الولي و أما هؤلء الحدثون فخدم‬
‫و أعوان وال ول الؤمني و هو على كل شيء وكيل‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون فيما يعرض ف الدول من حجر السلطان و الستبداد عليه‬
‫إذا ا ستقر اللك ف ن صاب مع ي و من بت وا حد من القب يل القائم ي بالدولة و انفردوا به و‬
‫دفعوا سائر القبيل عنه و تداوله بنو واحدا بعد واحد بسب الترشيح فربا حدث التغلب على‬
‫الن صب من وزرائ هم و حاشيت هم و سببه ف الك ثر ول ية صب صغي أو مض عف من أ هل‬
‫النبت يترشح للولية بعهد أبيه أو بترشيح ذويه و خوله و يؤنس منه العجز عن القيام باللك‬
‫فيقوم به كافله من وزراء أبيه و حاشيته و مواليه أو قبيله و يوري بفظ أمره عليه حت يؤنس‬
‫منه الستبداد و يعل ذلك ذريعة للملك فيححب الصب عن الناس و يعوده إليها ترف أحواله‬
‫و يسيمه ف مراعيها مت أمكنه و ينسيه النظر ف المور السلطانية حت يستبد عليه و هو با‬
‫عوده يعتقسد أن حسظ السسلطان مسن اللك إناس هسو جلوس السسرير إعطاء الصسفقة و خطاب‬
‫التهو يل و القعود مع الن ساء خلف الجاب و أن ال ل و الر بط و ال مر و الن هي و مباشرة‬
‫الحوال اللوكية و تفقدها من النظر ف اليش و الال و الثغور أنا هو للوزير و يسلم له ف‬
‫ذلك إل أن ت ستحكم له صبغة الرئا سة و ال ستبداد و يتحول اللك إل يه و يؤ ثر به عشي ته و‬
‫أبناءه من بعده كما وقع لبن بويه و الترك و كافور الخشيدي و غيهم بالشرق و للمنصور‬
‫بن أب عامر بالندلس‪.‬‬
‫و قد يتفطن ذلك الحجور الغلب لشأنه فيحاول على الروج من ربقة الجر و الستبداد و‬
‫يرجع اللك إل نصابه و يصرب على أيدي التغلبي عليه إما بقتل أو برفع عن الرتبة فقط إل‬
‫أن ذلك ف النادر ال قل لن الدولة إذا أخذت ف تغلب الوزراء و الولياء ا ستمر ل ا ذلك و‬
‫قل أن ترج عنه لن ذلك إنا يوجد ف الكثر عن أحوال الترف و نشأة أبناء اللك منغمسي‬
‫ف نعيمة قد نسوا عهد الرجولة و ألفوا أخلق الدايات و الظار و ربوا عليها فل ينعون إل‬
‫رئا سة و ل يعرفون ا ستبدادا من تغلب إن ا ه هم ف القنوع بالب ة و التن فس ف اللذات و‬
‫أنواع الترف و هذا التغلب يكون للموال و ال صطنعي ع ند ا ستبداد عش ي اللك على قوم هم‬
‫و انفراد هم به دون م و هو عارض للدولة ضروري ك ما قدمناه و هذان مرضان لبرء للدولة‬
‫منهما إل ف القل النادر و ال يؤت ملكه من يشاء و هو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫الف صل الثا ن و العشرون ف أن التغلب ي على ال سلطان ل يشاركو نه ف الل قب الاص‬


‫باللك‬
‫و ذلك أن اللك و السسلطان حصسل لوليسه منسذ أول الدولة بعصسبية قومسه و عصسبيته التس‬
‫استتبعتهم حت استحكمت له و لقومه صبغة اللك و الغلب و هي ل تزل باقية و با انفظ‬
‫ر سم الدولة و بقاؤ ها و هذا التغلب و إن كان صاحب ع صبية من قب يل اللك أو الوال و‬
‫الصنائع فعصبيته مندرجة ف عصبية أهل اللك وتابعة لا و ليس له صبغة ف اللك و هو ل‬
‫ياول ف استبداده انتزاع ثراته من المر والنهي و الل و العقد و البرام و النقض يوهم فيها‬
‫أهل الدولة أنه متصرف عن سلطانه منفذ ف ذلك من وراء الجاب لحكامه‪ .‬فهو يتجاف‬
‫عن سات اللك و شاراته و ألقى به جهده و يبعد نفسه عن التهمة بذلك‪.‬‬
‫و إن حصل له الستبداد لنه مستتر ف استبداده ذلك بالجاب الذي ضربه السلطان و أولوه‬
‫على أنفسسهم عسن القبيسل منسذ أول الدولة و مغالط ع نه بالنيابسة و لو تعرض لشيء مسن ذلك‬
‫لنفسه عليه أهل العصبية و قبيل اللك و حاولوا الستئثار به دونه لنه ل يستحكم له ف ذلك‬
‫صبغة تملهم على التسليم له و النقياد فيهلك لول وهلة و قد وقع مثل هذا لعبد الرحن بن‬
‫الناصر بن منصور بن أب عامر حي سى إل مشاركة هشام و أهل بيته ف لقب اللفة و ل‬
‫يق نع ب ا ق نع به أبوه و أخوه من ال ستبداد بال ل و الع قد و الرا سم التاب عة فطلب من هشام‬
‫خليفته أن يعهد له باللفة فنفس ذلك عليه بنو مروان و سائر قريش و بايعوا لبن عم الليفة‬
‫هشام ممد بن عبد البار بن الناصر و خرجوا عليهم و كان ف ذلك خراب دولة العامريي و‬
‫هلك الؤيسد خليفتهسم و اسستبدل منسه سسواه مسن أعياص الدولة إل آخرهسا و اختلت مراسسم‬
‫ملكهم و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف حقيقة اللك و أصنافه‬


‫اللك منصب طبيعي للنسان لننا قد بنا أن البشر ل يكن حياتم و وجودهم إل باجتماعهم‬
‫و تعاونم على تصيل قوتم و ضرورياتم و إذا اجتمعوا دعت الضرورة إل العاملة و اقتضاء‬
‫الاجات و مد كل واحد منهم يده إل حاجته يأخذها من صاحبه لا ف الطبيعة اليوانية من‬
‫الظلم و العدوان بعضهم على بعض و يانعه الخر عنها بقتضى الغضب و اللفة و مقتضى‬
‫القوة البشرية ف ذلك فيقع التنازع الفضي إل القاتلة و هي تؤدي إل الرج و سفك الدماء و‬
‫إذهاب النفوس الفضسي ذلك إل انقطاع النوع و هسو ماس خصسه الباري سسبحانه بالحافظسة‬
‫فاسستحال بقاؤهسم فوضسى دون حال يزغ بعضهسم عن بعسض و احتاجوا مسن أجسل ذلك إل‬
‫الوازع و هو الا كم عليهم و هو بقت ضى الطبي عة البشر ية اللك القا هر التحكم و ل بد ف‬
‫ذلك من العصبية لا قدمناه من أن الطالبات كلها و الدافعات ل تتم إل بالعصبية و هذا اللك‬
‫كما تراه منصب شريف تتوجه نوه الطالبات و يتاج إل الدافعات‪ .‬و ل يتم شيء من ذلك‬
‫إل بالعصبيات كما مر و العصبيات متفاوتة و كل عصبية فلها تكم و تغلب على من يليها‬
‫من قومها و عشيها و ليس اللك لكل عصبية و إنا اللك على القيقة لن يستعبد الرعية و‬
‫يب الموال و يبعث البعوث و يمي الثغور و ل تكون فوق يده يد قاهرة و هذا معن اللك‬
‫و حقيقته ف الشهور فمن قصرت به عصبيته عن بعضها مثل حاية الثغور أو جباية الموال أو‬
‫بعث البعوث فهو ملك ناقص ل تتم حقيقته كما وقع لكثي من ملوك الببر ف دولة الغالبة‬
‫بالقيوان و للوك العجم صدر الدولة العباسية‪ .‬و من قصرت به عصبيته أيضا عن الستعلء‬
‫على ج يع الع صبيات‪ ،‬و الضرب على سائر اليدي و كان فو قه ح كم غيه ف هو أيضا ملك‬
‫ناقص ل تتم حقيقته و هؤلء مثل أمراء النواحي و رؤساء الهات الذين تمعهم دولة واحدة‬
‫و كثيا ما يو جد هذا ف الدولة الت سعة النطاق أع ن تو جد ملوك على قوم هم ف النوا حي‬
‫القاصية يدينون بطاعة الدولة الت جعتهم مثل صنهاجة مع العبيديي و زناتة مع المويي تارة‬
‫و العسبيديي تارةً أخرى و مثسل ملوك العجسم فس دولة بنس العباس و مثسل ملوك الطوائف مسن‬
‫الفرس مع السكندر و قومه اليونانيي و كثي من هؤلء فاعتبه تده و ال القاهر فوق عباده‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون ف أن إرهاف الد مضر باللك و مفسد له ف الكثر‬


‫إعلم أن مصلحة الرعية ف السلطان ليست ف ذاته و جسمه من حسن شكله أو ملحة وجهه‬
‫أو عظم جثمانه أو أتساع علمه أو جودة خطه أو ثقوب ذهنه و إنا مصلحتهم فيه من حيث‬
‫إضاف ته إلي هم فإن اللك و ال سلطان من المور الضاف ية و هي ن سبة ب ي منت سبي فحقي قة‬
‫ال سلطان أ نه الالك للرع ية القائم ف أمور هم علي هم فال سلطان من له رع ية و الرع ية من ل ا‬
‫سلطان و الصفة الت له من حيث إضافته إليهم هي الت تسمى اللكة و هي كونه يلكهم فإذا‬
‫كا نت هذه الل كة و توابع ها من الودة بكان ح صل الق صود من ال سلطان على أ ت الوجوه‬
‫فإنا إن كانت جيلة صالة كان ذلك مصلحة لم و إن كانت سيئة متعسفة كان ذلك ضررا‬
‫عليهم و إهلكا لم‪.‬‬
‫و يعود ح سن الل كة إل الر فق فإن اللك إذا كان قاهرا باطشا بالعقوبات منقبا عن عورات‬
‫الناس و تعديد ذنوبم شلهم الوف و الذل و لذوا م نه بالكذب و الكر و الديعة فتخلقوا‬
‫ب ا و ف سدت ب صائرهم و أخلق هم و رب ا خذلوه ف موا طن الروب و الدافعات فف سدت‬
‫الما ية بف ساد النيات و رب ا أجعوا على قتله لذلك فتف سد الدولة و يرب ال سياج و إن دام‬
‫أمره عليهم و قهره فسدت العصبية لا قلناه أولً و فسد السياج من أصله بالعجز عن الماية‬
‫و إذا كان رفيقا بم متجاوزا عن سيئاتم استناموا إليه و لذوا به و أشربوا مبته و استماتوا‬
‫دونه ف ماربة أعدائه فاستقام المر من كل جانب و أما توابع حسن اللكة فهي النعمة عليهم‬
‫و الدافعة عنهم فالدافعة با تتم حقيقة اللك و أما النعمة عليهم و الحسان لم فمن حلة‬
‫الرفق بم و الن ظر لم ف معاشهم و هي أصل كبي من التحبب إل الرعية و أعلم أنه قلما‬
‫تكون ملكة الرفق ف من يكون يقظا شديد الذكاء من الناس و أكثر ما يوجد الرفق ف الغفل‬
‫و التغ فل و أ قل ما يكون ف الي قظ ل نه يكلف الرع ية فوق طاقت هم لنفوذ نظره في ما وراء‬
‫مداركهم و إطلعه على عواقب المور ف مبادئها بالعية فيهلكون لذلك قال صلى ال عليه و‬
‫سلم سيوا على سي أضعف كم‪ .‬و من هذا الباب اشترط الشارع ف الا كم قلة الفراط ف‬
‫الذكاء‪ ،‬و مأخذه من قصة زياد ابن أب سفيان لا عزله عمر عن العراق و قال له ل عزلتن يا‬
‫أمي الؤمني لعجز أم ليانة فقال عمر ل أعزلك لواحدة منهما و لكن كرهت أن أحل فضل‬
‫عقلك عن الناس‪ ،‬فأخذ من هذا أن الاكم ل يكون مفرط الذكاء و الكيس مثل زياد بن أب‬
‫سفيان و عمرو بن العاص لا يتبع ذلك من التعسف و سوء اللكة و حل الوجود على ما ليس‬
‫ف طبعه كما يأت ف آخر هذا الكتاب و ال خي الالكي و تقرر من هذا أن الكيس و الذكاء‬
‫ع يب ف صاحب ال سياسة ل نه إفراط ف الف كر ك ما أن البلدة إفراط ف المود و الطرفان‬
‫مذمومان من كل صفة إنسانية و الحمود هو التوسط كما ف الكرم مع التبذير و البخل و‬
‫كما ف الشجاعة مع الوج و الب و غي ذلك من الصفات النسانية و لذا يوصف الشديد‬
‫الكيسس بصسفات الشيطان فيقال شيطان و متشيطسن و أمثال ذلك و ال يلق مسا يشاء و هسو‬
‫العليم القدير‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف معن اللفة و المامة‬


‫لا كانت حقيقة اللك أنه الجتماع الضروري للبشر و مقتضاه التغلب و القهر اللذان ها من‬
‫آثار الغضب و اليوانية كانت أحكام صاحبه ف الغالب جائزة عن الق محفة بن تت يده‬
‫من اللق ف أحوال دنيا هم لمله إيا هم ف الغالب على ما ل يس ف طوق هم من أغرا ضه و‬
‫شهواته و يتلف ف ذلك باختلف القاصد من اللف و السلف منهم متعسر طاعته لذلك و‬
‫تيء العصبية الفضية إل الرج و القتل فوجب أن يرجع ف ذلك إل قواني سياسية مفروضة‬
‫يسلمها الكافة و ينقادون إل أحكامها كما كان ذلك للفرس و غيهم من المم و إذا خلت‬
‫الدولة من مثل هذه السياسة ل يستتب أمرها و ل يتم استيلؤها سنة ال ف الذين خلوا من‬
‫ق بل فإذا كا نت هذه القوان ي مفرو ضة من العقلء و أكابر الدولة و ب صرائها كا نت سياسة‬
‫عقل ية و إذا كا نت مفرو ضة من ال بشارع يقرر ها و يشرع ها كا نت سياسة دين ية ناف عة ف‬
‫الياة الدنيا و ف الخرة و ذلك أن اللق ل يس الق صود ب م دنياهم فقط فإن ا كل ها عبث و‬
‫باطل إذ غايتها الوت و الفناء‪ ،‬و ال يقول أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا فالقصود بم إنا هو‬
‫دينهم الفضي بم إل السعادة ف آخرتم صراط ال الذي له ما ف السموات و ما ف الرض‬
‫فجاءت الشرائع بمل هم على ذلك ف ج يع أحوال م من عبادة و معاملة ح ت ف اللك الذي‬
‫هو طبيعي للجتماع الن سان فأجر ته على منهاج الد ين ليكون ال كل موطا بن ظر الشارع‪.‬‬
‫ف ما كان م نه بقت ضى الق هر و التغلب و إهال القوة الع صبية ف مرعا ها فجور و عدوان و‬
‫مذموم عنده ك ما هو مقت ضى الك مة ال سياسية و ما كان م نه بقت ضى ال سياسة و أحكام ها‬
‫فمذموم أيضا ل نه ن ظر بغ ي نور ال و من ل ي عل ال له نورا ف ما له من نور لن الشارع‬
‫أعلم بصال الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور آخرتم و أعمال البشر كلها عائدة عليهم‬
‫ف معاد هم من ملك أو غيه قال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬إن ا هي أعمال كم ترد علي كم‪ .‬و‬
‫أحكام ال سياسة إن ا تطلع على م صال الدن يا ف قط يعلمون ظاهرا من حياة الدن يا و مق صود‬
‫الشارع بالناس صلح آخرتم فوجب بقتضى الشرائع حل الكافة على الحكام الشرعية ف‬
‫أحوال دنياهم و آخرتم و كان هذا الكم لهل الشريعة و هم النبياء و من قام فيه مقامهم‬
‫و هم اللفاء ف قد تبي لك من ذلك مع ن الل فة و أن اللك ال طبيعي هو ح ل الكا فة على‬
‫مقتضى النظر العقلي ف جلب الصال الدنيوية و دفع الضار و اللفة هي حل الكافة على‬
‫مقتضى النظر الشرعي ف مصالهم الخروية و الدنيوية الراجعة إليها إذ أحوال الدنيا ترجع‬
‫كلها عند الشارع إل اعتبارها بصال الخرة فهي ف القيقة خلفة عن صاحب الشرع ف‬
‫حراسة الدين و سياسة الدنيا به فأفهم ذلك و اعتبه فيما نورده عليك من بعد و ال الكيم‬
‫العليم‪.‬‬
‫الفصل السادس و العشرون ف اختلف المة ف حكم هذا النصب و شروطه‬
‫و إذ قد بي نا حقي قة هذا الن صب و أ نه نيا بة عن صاحب الشري عة ف ح فظ الد ين و سياسة‬
‫الدن يا به ت سمى خل فة و إما مة و القائم به خلي فة و إماما فأ ما ت سميته إماما فت شبيها بإمام‬
‫الصلة ف أتباعه و القتداء به و لذا يقال المامة الكبى و أما تسميته خليفة فلكونه يلف‬
‫النب ف أمته فيقال خليفة بإطلق و خليفة رسول ال و اختلف ف تسميته خليفة ال فأجازه‬
‫بعض هم اقتبا سا من اللفة العا مة الت للدم ي ف قوله تعال إ ن جا عل ف الرض خليفة و‬
‫قوله جعلكم خلئف الرض‪.‬‬
‫و منع المهور منه لن معن الية ليس عليه و قد نى أبو بكر عنه لا دعي به و قال‪ :‬لست‬
‫خليفة ال و لكن خليفة رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ .‬و لن الستخلف إنا هو ف حق‬
‫س الاضسر فل‪ .‬ثس إن نصسب المام واجسب قسد عرف وجوبسه فس الشرع بإجاع‬ ‫الغائب و أم ا‬
‫الصحابة و التابعي لن أصحاب رسول ال صلى ال عليه و سلم عند وفاته بادروا إل بيعة‬
‫أب بكر رضي ال عنه و تسليم النظر إليه ف أمورهم و كذا ف كل عصر من بعد ذلك و ل‬
‫تترك الناس فوضى ف عصر من العصار واستقر ذلك إجاعا دالً على وجوب نصب المام‪.‬‬
‫و قد ذ هب ب عض الناس إل أن مدرك وجو به الع قل‪ ،‬و أن الجاع الذي و قع إن ا هو قضاء‬
‫بكم العقل فيه‪.‬‬
‫قالوا و إنا وجب بالعقل لضرورة الجتماع للبشر و استحالة حياتم و وجودهم منفردين و‬
‫من ضرورة الجتماع التنازع لزدحام الغراض‪ .‬فما ل ي كن الاكم الوازع أف ضى ذلك إل‬
‫الرج الؤذن بلك البشر و انقطاعهم مع أن حفظ النوع من مقاصد الشرع الضرورية و هذا‬
‫العن بعينه هو الذي لظه الكماء ف وجوب النبؤات ف البشر و قد نبهنا على فساده و أن‬
‫إحدى مقدماته أن الوازع إنا يكون بشرع من ال تسلم له الكافة تسليم إيان ما و اعتقاد و‬
‫هو غي مسلم لن الوازع قد يكون بسطوة اللك و قهر أهل الشوكة و لو ل يكن شرع كما‬
‫ف أمم الجوس و غيهم من ليس له كتاب أو ل تبلغه الدعوة أو نقول يكفي ف رفع التنازع‬
‫معرفة كل واحد بتحري الظلم عليه بكم العقل فادعاؤهم أن ارتفاع التنازع إنا يكون بوجود‬
‫الشرع هناك و نصسب المام هنسا غيس صسحيح بسل كمسا يكون بنصسب المام يكون بوجود‬
‫الرؤ ساء أ هل الشو كة أو بامتناع الناس عن التنازع و التظال فل ين هض دليل هم العقلي الب ن‬
‫على هذه القدمة فدل على أن مدرك وجوبه أنا هو بالشرع و هو الجاع الذي قدمناه‪.‬‬
‫و قسد شسذ بعسض الناس فقال بعدم وجوب هذا النصسب رأسسا ل بالعقسل و ل بالشرع منهسم‬
‫ال صم من العتزلة و ب عض الوارج و غي هم‪ ،‬و الوا جب ع ند هؤلء إن ا هو إمضاء ال كم‬
‫الشرع فإذا تواطأت المسة على العدل و تنفيسذ أحكام ال تعال ل يتسج إل إمام و ل يبس‬
‫نصبه و هؤلء مجوجون بإلجاع‪ .‬و الذي حلهم على هذا الذهب إنا هو الفرار عن اللك‬
‫و مذاهبه من الستطالة و التغلب و الستمتاع بالدنيا لا رأوا الشريعة متلئة بذم ذلك و النعي‬
‫على أهله و مرغبة ف رفضه‪ .‬و أعلم أن الشرع ل يذم اللك لذاته و ل حظر القيام به ل إنا‬
‫ذم الفاسسد الناشئة عنسه مسن القهسر و الظلم و التمتسع باللذات و ل شسك أن فس هذه مفاسسد‬
‫مظورة و هي من توابعه كما أثن على العدل و النصفة و إقامة مراسم الدين و الذب عنه و‬
‫أوجب بإزائها الثواب و هي كلها من توابع اللك‪.‬‬
‫فإذا إنا وقع الذم للملك على صفة و حال دون حال أخرى و ل يذمه لذاته و ل طلب تركه‬
‫كما ذم الشهوة و الغضب من الكلفي و ليس مراده تركهما بالكلية لدعاية الضرورة إليه و‬
‫أمسا الراد تصسريفهما على مقتضسى القس و قسد كان لداود و سسليمان صسلوات ال و سسلمه‬
‫عليهما اللك الذي ل ي كن لغيها و ها من أنبياء ال تعال و أكرم اللق عنده ث نقول لم‬
‫أن هذا الفرار عسن اللك بعدم و جوب هذا النصسب ل يغنيكسم شيئا لنكسم موافقون على‬
‫وجوب إقامسة أحكام الشريعسة و ذلك ل يصسل إل بالعصسبية و الشوكسة و العصسبية مقتضيسة‬
‫بطبعها للمك فيحصل اللك و إن ل ينصب إمام و هو عي ما قررت عنه‪ .‬و إذا تقرر أن هذا‬
‫النصب واجب بإجاع فهو من فروض الكفاية و راجع إل اختيار أهل العقد و الل فيتعي‬
‫علي هم ن صبه و ي ب على اللق جيعا طاع ته لقوله تعال أطيعوا ال و أطيعوا الر سول و أول‬
‫المر منكم‪.‬‬
‫و أ ما شروط هذا الن صب ف هي أرب عة‪ :‬العلم و العدالة و الكفا ية و سلمة الواس و العضاء‬
‫ما يؤثر ف الرأي و العمل و اختلف ف شرط خامس و هو النسب القرشي فأما اشتراط العلم‬
‫فطاهر لنه إنا يكون منفذا لحكام ال تعال إذا كان عالا با و ما ل يعلنها ل يصح تقديه‬
‫لا و ل يكفي من العلم إل أن يكون متهدا لن التقليد نقص و المامة تستدعي الكمال ف‬
‫الوصاف و الحوال و أما العدالة فلنه منصب دين ينظر ف سائر الناصب الت هي شرط‬
‫فيها فكان أول باشتراطها فيه‪.‬‬
‫و لخلف ف انتقاء العدالة فيه بفسق الوارح من ارتكاب الحظورات و أمثالا و ف انتفائها‬
‫بالبدع العتقادية خلف‪.‬‬
‫و أما الكفاية فهو أن يكون جزئيا على إقامة الدود و اقتحام الروب بصيا با كفيلً يمل‬
‫الناس عليها عارفا بالعصبية و أحوال الدهاء قويا على معاناة السياسة ليصح له بذلك ما جعل‬
‫إليه من حاية الدين و جهاد العدو و إقامة الحكام و تدبي الصال‪.‬‬
‫و أما سلمة الواس و العضاء من النقص و العطلة كالنون و العمى و الصمم و الرس و‬
‫ما يؤثر فقده من العضاء ف العمل كفقد اليدين و الرجلي و النثيي فتشترط السلمة منها‬
‫كلها لتأثي ذلك ف تام عمله و قيامه با جعل إليه و إن كان إنا يشي ف النظر فقط كفقد‬
‫إحدى هذه العضاء فشرط السسلمة منسه شرط كمال و يلحسق بفقدان العضاء النسع مسن‬
‫التصرف و هو ضربان ضرب يلحق بذه ف اشتراط السلمة منه شرط وجوب و هو القهر و‬
‫العجز عن التصرف جلة بالسر و شبهه و ضرب ل يلحق بذه و هو الجر باستيلء بعض‬
‫أعوا نه عل يه من غ ي ع صيان و ل مشا قة فينت قل الن ظر ف حال هذا ال ستول فإن جرى على‬
‫حكم الدين و العدل و حيد السياسة جاز قراره و إل استنصر السلمون بن يقبض يده عن‬
‫ذلك و يدفع علته حت ينفذ فعل الليفة‪.‬‬
‫و أما النسب القرشي فلجاع الصحابة يوم السقيفة على ذلك و احتجت قريش على النصار‬
‫لا هوا يومئذ ببيعة سعد بن عبادة و قالوا‪ :‬منا أمي و منكم أمي‪ .‬بقوله صلى ال عليه و سلم‪:‬‬
‫الئمة من قريش‪ .‬و بأن النب صلى ال عليه و سلم أوصانا بأن نسن إل مسنكم و نتجاوز‬
‫عن م سيئكم و لو كا نت المارة في كم ل ت كن الو صية ب كم فحجوا الن صار و رجعوا عن‬
‫قولم منا أمي و منكم أمي و عدلوا عما كانوا هوا به من بيعة سعد لذلك‪ .‬و ثبت أيضا ف‬
‫الصحيح ل يزال هذا المر ف هذا الي من قريش و أمثال هذه الدلة كثية إل أنه لا ضعف‬
‫أمر قريش و تلشت عصبيتهم با نالم من الترف و النعيم و با أنفقتهم الدولة ف سائر أقطار‬
‫الرض عجزوا بذلك عن ح ل الل فة و تغل بت علي هم العا جم و صار ال ل و الع قد ل م‬
‫فاشت به ذلك على كث ي من الحقق ي ح ت ذهبوا إل ن في طه اشتراط القرش ية و عولوا على‬
‫ظواهر ف ذلك مثل قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬اسعوا و أطيعوا و إن ول عليكم عبد حبشي‬
‫ذو زبي بة‪ .‬و هذا ل تقوم به ح جة ذلك فإ نه خرج مرج التمث يل و الغرض للمبال غة ف إياب‬
‫السمع و الطاعة و مثل قول عمر لو كان سال مول حذيفة حيا لوليته أو لا دخلتن فيه الظنة‬
‫و هو أيضا ل يفيد ذلك لا علمت أن مذهب الصحاب ليس بجة و أيضا فمول القوم منهم‬
‫و عصبية الولء حاصلة لسال ف قريش و هي الفائدة ف اشتراط النسب و لا استعظم عمر‬
‫أمر اللفة و رأى شروطها كأنا مفقودة ف ظنه عدل إل سال لتوفر شروط اللفة عنده فيه‬
‫حت من النسب الفيد للعصبية كما نذكر و ل يبق إل صراحة النسب فرآه غي متاج إليه إذ‬
‫الفائدة ف النسب إنا هي العصبية و هي حاصلة من الولء فكان ذلك حرصا من عمر رضي‬
‫ال عنه على النظر للمسلمي و تقليد أمرهم لن ل تلحقه فيه لئمة و ل عليه فيه عهدة‪.‬‬
‫و من القائلي بنفي اشتراط القرشية القاضي أبو بكر الباقلن لا أدرك عليه عصبية قريش من‬
‫التل شي و الضمحلل و ا ستبداد ملوك الع جم من اللفاء فأ سقط شرط القرش ية و إن كان‬
‫موافقا لرأي الوارج لا رأى عليه حال اللفاء لعهده و بقي المهور على القول باشتراطها و‬
‫صحة الما مة للقر شي و لو كان عاجزا عن القيام بأمور السلمي و رد عليهم سقوط شرط‬
‫الكفاية الت يقوى با على أمره لنه إذا ذهبت الشوكة بذهاب العصبية فقد ذهبت الكفاية و‬
‫إذا وقع الخلل بشرط الكفاية تطرق ذلك أيضا إل العلم والدين و سقط اعتبار شروط هذا‬
‫النصب و هو خلف الجتماع‪.‬‬
‫و لنتكلم الن فس حك مة اشتراط النسسب ليتحقسق به الصسواب فس هذه الذاهسب فنقول‪ :‬أن‬
‫الحكام الشرعية كلها ل بد لا من مقاصد و حكم تشتمل عليها و تشرع لجلها و نن إذا‬
‫بثنا عن الكمة ف اشتراط النسب القرشي و مقصد الشارع منه ل يقتصر فيه على التبك‬
‫بوصلة النب صلى ال عليه و سلم كما هو ف الشهور و إن كانت تلك الوصلة موجودة و‬
‫التبك با حاصلً لكن التبك ليس من القاصد الشرعية كما علمت فل بد إذن من الصلحة‬
‫ف اشتراط الن سب و هي الق صودة من مشروعيت ها و إذا سبنا و ق سمنا ل ند ها إل اعتبار‬
‫العصبية الت تكون با الماية و الطالبة و يرتفع اللف و الفرقة بوجودها لصاحب النصب‬
‫فت سكن إل يه اللة و أهل ها و ينت ظم ح بل الل فة في ها و ذلك أن قريشا كانوا ع صبة م ضر و‬
‫أ صلهم و أ هل الغلب من هم و كان ل م على سائر م ضر العزة بالكثرة و الع صبية و الشرف‬
‫فكان سائر العرب يعترف ل م بذلك و ي ستكينون لغلب هم فلو ج عل ال مر ف سواهم لتو قع‬
‫افتراق الكل مة بخالفت هم و عدم انقياد هم و ل يقدر غي هم من قبائل م ضر أن يرد هم عن‬
‫اللف و ل يملهم على الكرة فتتفرق الماعة و تتلف الكلمة‪.‬‬
‫و الشارع مذر من ذلك حريص على أتفاقهم و رفع التنازع و الشتات بينهم لتحصل اللحمة‬
‫و العصبية و تسن الماية بلف ما إذا كان المر ف قريش لنم قادرون على سوق الناس‬
‫بعصا الغلب إل ما يراد منهم فل يشى من أحد من خلف عليهم و ل فرقة لنم كفيلون‬
‫حينئذ بدفع ها و منع الناس منها فاشترط نسبهم القر شي ف هذا النصب و هم أ هل الع صبية‬
‫القو ية ليكون أبلغ ف انتظام اللة و أتفاق الكل مة و إذا انتظ مت كلمت هم انتظ مت بانتظام ها‬
‫كل مة م ضر أج ع فأذ عن ل م سائر العرب و انقادت ال مم سواهم إل أحكام اللة و وطئت‬
‫جنودهم قاصية البلد كما وقع ف أيام الفتوحات و استمر بعدها ف الدولتي إل أن أضمحل‬
‫أ مر الل فة و تل شت ع صبية العرب و يعلم ما كان لقر يش من الكثرة و التغلب على بطون‬
‫مضر من مارس أخبار العرب و سيهم و تفطن لذلك ف أحوالم‪.‬‬
‫و قد ذكر ذلك ابن إسحاق ف كتاب السي و غيه فإذا ثبت أن اشتراط القرشية أنا هو لدفع‬
‫التنازع ب ا كان لمس مسن العصسبية و الغلب و علمنسا أن الشارع ل يصس الحكام ب يل و ل‬
‫ع صر و ل أ مة علم نا أن ذلك إن ا هو من الكفا ية فرددناه إلي ها و طرد نا اللة الشتملة على‬
‫القصود من القرشية و هي وجود العصبية فاشترطنا ف القائم بأمور السلمي أن يكون من قوم‬
‫أول ع صبية قو ية غال بة على من مع ها لع صرها لي ستتبعوا من سواهم و تت مع الكل مة على‬
‫حسن الماية و ل يعلم ذلك ف القطار و الفاق كما كان ف القرشية إذ الدعوة السلمية‬
‫الت كانت لم كانت عامة و عصبية العرب كانت وافية با فغلبوا سائر المم و إنا يص لذا‬
‫العهد كل قطر بن تكون له فيه العصبية الغالبة و إذا نظرت سر ال ف اللفة ل تعد هذا لنه‬
‫سبحانه إنا جعل الليفة نائبا عنه ف القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالهم و يردهم عن‬
‫مضارهم و هو ماطب بذلك و ل ياطب بالمر إل من له قدرة عليه أل ترى ما ذكره المام‬
‫ا بن الط يب ف شأن الن ساء و أن ن ف كبي من الحكام الشرع ية جعلن تبعا للرجال و ل‬
‫يدخلن ف الطاب بالوضع‪ .‬و إنا دخلن عنده بالقياس و ذلك لا ل يكن لن من المر شيء‬
‫و كان الرجال قواميس عليهسن اللهسم إل فس العبادات التس كسل أحسد فيهسا قائم على نفسسه‬
‫فخطابن فيها بالوضع ل بالقياس ث أن الوجود شاهد بذلك فإنه ل يقوم بأمر أمة أو جيل إل‬
‫من غلب عليهم و قل أن يكون المر الشرعي مالفا للمر الوجودي و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون ف مذاهب الشيعة ف حكم المامة‬


‫إعلم أن الشيعة لغة هم الصحب و التباع و يطلق ف عرف الفقهاء و التكلمي من اللف و‬
‫السلف على اتباع علي و بنيه رضي ال عنهم و مذهبهم جيعا متفقي عليه أن القامة ليست‬
‫من الصال العامة الت تفوض إل نظر المة و يتعي القائم با بتعيينهم بل هي ركن الدين و‬
‫قاعدة السلم و ل يوز ل نب إغفاله و ل تفويضه إل المة بل يب عليه تعيي المام لم و‬
‫يكون مع صوما من الكبائر و ال صغائر و أن عليا ر ضي ال ع نه هو الذي عي نه صلوات ال و‬
‫سلمه عل يه بن صوص ينقلون ا و يؤولون ا على مقتضى مذهبهم ل يعرف ها جهابذة ال سنة و ل‬
‫نقله الشريعة بل أكثرها موضوع أو مطعون ف طريقه أو بعيد عن تأويلتم الفاسدة‪.‬‬
‫و تنقسسم هذه النصسوص عندهسم إل جلي و خفسي فاللي مثسل قوله‪ :‬مسن كنست موله فعلي‬
‫موله‪ .‬قالوا و ل تطرد هذه الولية إل ف علي و لذا قال له عمر أصبحت مول كل مؤمن و‬
‫مؤم نة و من ها قوله‪ :‬أقضا كم علي و ل مع ن للما مة إل القضاء بأحكام ال و هو الراد بأول‬
‫المر الواجبة طاعتهم بقوله‪ :‬أطيعوا ال و أطيعوا الرسول و أول المر منكم‪ .‬و الراد الكم‬
‫و القضاء و لذا كان حكما ف قض ية الما مة يوم ال سقيفة دون غيه و من ها قوله من يبايع ن‬
‫على روحه و هو وصي و ول هذا المر من بعدي فلم يبايعه إل علي‪.‬‬
‫و من الفي عندهم بعث النب صلى ال عليه و سلم عليا لقراءة سورة براءة ف الوسم حي‬
‫أنزلت فإ نه ب عث ب ا أولً أ با ب كر ث أو حي إل يه ليبل غه ر جل م نك أو من قو مك فب عث عليا‬
‫ليكون القارىء البلغ قالوا‪ :‬و هذا يدل على تقدي علي‪ .‬و أيضا فلم يعرف أنه قدم أحدا على‬
‫علي‪ .‬و أ ما أ بو ب كر و ع مر فقدم عليه ما ف غزات ي أ سامة بن ز يد مرة و ع مر بن العاص‬
‫أخرى و هذه كل ها أدلة شاهدة بتعي ي علي للخل فة دون غيه فمن ها ما هو غ ي معروف و‬
‫من ها ما هو بع يد عن تأويل هم ث من هم من يرى أن هذه الن صوص تدل على تعي ي علي و‬
‫تشخيصه‪ .‬و كذلك تنتقل منه إل من بعده و هؤلء هم المامية و يتبأون من الشيخي حيث‬
‫ل يقدموا عليا و يبايعوه بقت ضى هذه النصوص و يغمصون ف إمامتهما و ل يلتفت إل ن قل‬
‫القدح فيه ما من غلت م ف هو مردود عند نا و عند هم و من هم من يقول أن هذه الدلة إن ا‬
‫اقتضت تعيي علي بالوصف ل بالشخص و الناس مقصرون حيث ل يصغوا الوصف موضعه‬
‫و هؤلء هم الزيدية و ل يتبأون من الشيخي و ل يغمصون ف إمامتهما مع قولم بأن عليا‬
‫أفضل منهما لكنهم يوزون إمامة الفضول مع وجود الفضل‪.‬‬
‫ث اختل فت نقول هؤلء الشي عة ف م ساق الل فة ب عد علي فمن هم من ساقها ف ولد فاط مة‬
‫بالنص عليهم واحدا بعد واحد على ما يذكر بعد و هؤلء يسمون المامية نسبةً إل مقالتهم‬
‫باشتراط معرفة المام و تعيينه ف اليان و هي أصل عندهم و منهم من ساقها ف ولد فاطمة‬
‫لكن بالختيار من الشيوخ و يشترط أن يكون المام منهم عالا زاهدا جوادا شجاعا و يرج‬
‫داعيا إل إمامته و هؤلء هم الزيدية نسبة إل صاحب الذهب و هو زيد بن علي بن السي‬
‫ال سبط و قد كان ينا ظر أخاه ممدا البا قر على اشتراط الروج ف المام فيلز مه البا قر أن ل‬
‫يكون أبوها زين العابدين إماما لنه ل يرج و ل تعرض للخروج و كان مع ذلك ينعى عليه‬
‫مذاهب العتزلة و أخذه إياها عن واصل بن عطاء و لا ناظر المامية زيدا ف إمامة الشيخي و‬
‫رأوه يقول بإمامته ما و ل ي تبأ منه ما رفضوه و ل يعلوه من الئ مة و بذلك سوا راف ضة و‬
‫منهم من ساقها بعد علي و ابنيه السبطي على اختلفهم ف ذلك إل أخيهما ممد بن النفية‬
‫ثس إل ولده و هسم الكيسسانية نسسبة إل كيسسان موله و بيس هذه الطوائف اختلفات كثية‬
‫تركناها اختصارا و منهم طوائف يسمون الغلة تاوزوا حد العقل و اليان ف القول بألوهية‬
‫هؤلء الئمة‪ .‬إما على أنم بشر اتصفوا بصفات اللوهية أو أن الله حل ف ذاته البشرية و هو‬
‫قول باللول يوافق مذهب النصارى ف عيسى صلوات ال عليه و لقد حرق علي رضي ال‬
‫عنه بالنار من ذهب فيه إل ذلك منهم و سخط ممد بن النفية الختار بن أب عبيد لا بلغه‬
‫مثل ذلك عنه فصرح بلعنته و الباءة منه و كذلك فعل جعفر الصادق رضي ال تعال عنه بن‬
‫بل غه م ثل هذا ع نه و من هم من يقول إن كمال المام ل يكون لغيه فإذا مات انتقلت رو حه‬
‫إل إمام آ خر ليكون ف يه ذلك الكمال و هو قول بالتنا سخ و من هؤلء الغلة من ي قف ع ند‬
‫وا حد من الئ مة ل يتجاوزه إل غيه ب سب من يع ي لذلك عند هم و هؤلء هم الواقف ية‬
‫فبعضهم يقول هو حي ل يت إل أنه غائب عن أعي الناس و يستشهدون لذلك بقصة الضر‬
‫قيل مثل ذلك ف علي رضي ال عنه ل أنه ف السحاب و الرعد صوته و البق ف صوته و‬
‫قالوا مثله ف ممد بن النيفة و إنه ف جبل رضوى من أرض الجاز‪.‬‬
‫و قال شاعرهم‪.‬‬
‫ولة الق أربعة سواء‬ ‫أل أن الئمة من قريش‬
‫علي و الثلثة من بنيه هم السباط ليس بم خفاء‬
‫فسبط سبط إيان و بر و سبط غيبته كربلء‬
‫و سبط ل يذوق الوت حت يقود اليش يقدمه اللواء‬
‫تغيب ل يرى فيهم زمانا برضوى عنده عسل و ماء‬
‫و قال مثله غلة المامية و خصوصا الثنا عشرية منهم يزعمون أن الثان عشر من أئمتهم و‬
‫هو ممد بن السن العسكري و يلقبونه الهدي دخل ف سرداب بدارهم ف اللة و تغيب‬
‫حي اعتقل مع أمه و غاب هنالك و هو يرج آخر الزمال فيمل الرض عدلً يشيون بذلك‬
‫إل الد يث الوا قع ف كتاب الترمذي ف الهدي و هم إل الن ينتظرو نه و ي سمونه النت ظر‬
‫لذلك‪ ،‬و يقفون فس كسل ليلة بعسد صسلة الغرب بباب هذا السسرداب و قسد قدموا مركبا‬
‫فيهتمون با سه و يدعو نه للخروج ح ت تشت بك النجوم ث ينفضون و يرجئون ال مر إل الليلة‬
‫التية و هم على ذلك لذا العهد و بعض هؤلء الواقفية يقول أن المام الذي مات يرجع إل‬
‫حياته الدنيا و يستشهدون لذلك با وقع ف القرآن الكري من قصة أهل الكهف و الذي مر‬
‫على قر ية و قت يل ب ن إ سرائيل ح ي ضرب بعظام البقرة ال ت أمروا بذب ها و م ثل ذلك من‬
‫الوارق الت وقعت على طريق العجزة و ل يصح الستشهاد با ف غي مواضعها و كان من‬
‫هؤلء السيد الميي و من شعره ف ذلك‬
‫إذا ما الرء شاب له قذال وعلله الواشط بالضاب‬
‫فقد ذهبت بشاشته و أودى فقم يا صاح نبك على الشباب‬
‫إل يوم تتوب الناس فيه إل دنياهم قبل الساب‬
‫فليس بعائد مافات منه إل أحد إل يوم الياب‬
‫أدين بأن ذلك دين حق وما أنا ف النشور بذي ارتياب‬
‫كذاك ال أخب عن أناس حيوا من بعد درس ف التراب‬
‫و قد كفانا مؤونة هؤلء الغلة أئمة الشيعة فإنم ل يقولون با و يبطلون احتجاجاتم عليها و‬
‫أما الكيسانية فساقوا المامة من بعد ممد بن النفية إل ابنه أب هاشم و هؤلء هم الاشية ث‬
‫افترقوا فمنهم من ساقها بعده إل أخيه علي ث إل ابنه السن بن علي و آخرون يزعمون أن‬
‫أبا هاشم ل ا مات بأرض ال سراة منصرفا من الشام أو صى إل ممد بن علي بن عبد ال بن‬
‫عباس و أوصسى ممسد إل ابنسه ابراهيسم العروف بالمام و أوصسى هسو إل أخيسه عبسد ال بسن‬
‫الارثية اللقب بالسفاح و أوصى هو إل أخيه عبد ال أب جعفر اللقب بالنصور و انتقلت ف‬
‫ولده بالنص و العهد واحدا بعد واحد إل آخرهم و هذا مذهب الاشية القائمي بدولة بن‬
‫العباس و كان من هم أ بو م سلم و سليمان بن كث ي و أ بو سلمة اللل و غي هم من شي عة‬
‫العبا سية و رب ا يعضدون ذلك بأن حق هم ف هذا ال مر ي صل إل يه من العباس ل نه كان حيا‬
‫وقت الوفاة و هو أول بالوراثة بعصبية العمومة و أما الزيدية فساقوا المامة على مذهبهم فيها‬
‫و إنا باختيار أهل الل و العقد ل بالنص فقالوا بإمامة علي ث ابنه السن ث أخيه السي ث‬
‫ابنه زيد بن علي و هو صاحب هذا الذهب و خرج بالكوفة داعيا إل المامة فقتل و صلب‬
‫بالكناسة و قال الزيدية بإمامة ابنه يي من بعده فمضى إل خراسان و قتل بالوزجان بعد أن‬
‫أو صى إل م مد بن ع بد ال بن ح سن بن ال سن ال سبط و يقال له الن فس الزك ية‪ ،‬فخرج‬
‫بالجاز و تلقب بالهدي و جاءته عساكر النصور فقتل و عهد إل أخيه إبراهيم فقام بالبصرة‬
‫و معه عيسى بن زيد بن علي فوجه إليهم النصور عساكره فهزم و قتل إبراهيم و عيسى و‬
‫كان جعفر الصادق أخبهم بذلك كله و هي معدودة ف كراماته و ذهب آخرون منهم إل‬
‫أن المام بعد ممد ابن عبد ال النفس الزكية هو ممد بن القاسم بن علي بن عمر‪ ،‬و عمر‬
‫هو أخو زيد بن علي فخرج ممد بن القاسم بالطالقان فقبض عليه و سيق إل العتصم فحبسه‬
‫و مات ف حبسه و قال آخرون من الزيدية أن المام بعد يي بن زيد هو أخوه عيسى الذي‬
‫حصر مع إبراهيم بن عبد ال ف قتاله مع منصور و نقلوا المامة ف عقبه و إليه انتسب دعي‬
‫الزنج كما نذكره ف أخبارهم و قال آخرون من الزيدية أن المام بعد ممد بن عبد ال أخوة‬
‫إدريس الذي فر إل الغرب و مات هنالك و قام بأمر ابنه إدريس و اختط مدينة فاس و كان‬
‫من بعده عقبه ملوكا بالغرب إل أن انقرضوا كما نذكره ف أخبارهم‪ .‬و بقي أمر الزيدية بعد‬
‫ذلك غي منتظم و كان منهم الذاعي الذي ملك طبستان و هو السن بن زيد بن ممد بن‬
‫إساعيل بن السن بن زيد بن علي بن السي السبط و أخوه ممد بن زيد ث قام بذه الدعوة‬
‫ف الديلم الناصر الطروش منهم‪ ،‬و أسلموا على يده و هو السن بن علي بن السن بن علي‬
‫بن عمر و عمر أخو زيد بن علي فكانت لبنيه بطبستان دولة و توصل الديلم من نسبهم إل‬
‫اللك و الستبداد على اللفاء ببغداد كما نذ كر ف أخبارهم‪ .‬و أما المام ية فساقوا الما مة‬
‫من علي الرضى إل ابنه السن بالوصية ث إل أخيه السي ث إل ابنه علي زين العابدين ث إل‬
‫ابنه ممد الباقر ث إل ابنه جعفر الصادق و من هنا افترقوا فرقتي فرقة ساقها إل ولده إساعيل‬
‫و يعرفونه بينهم بالمام و هم الساعيلية و فرقة ساقوها إل ابنه موسى الكاظم و هم الثنا‬
‫عشر ية لوقوف هم ع ند الثا ن ع شر من الئ مة و قول م بغيب ته إل آ خر الزمان ك ما مر فأ ما‬
‫الساعيلية فقالوا بإمامة اساعيل المام بالنص من أبيه جعفر و فائدة النص عليه عندهم و إن‬
‫كان قد مات ق بل أب يه إن ا هو بقاء الما مة ف عق به كق صة هارون مع مو سى صلوات ال‬
‫عليهما قالوا انتقلت المامة من إساعيل إل ابنه ممد الكتوم و هو أول الئمة الستورين لن‬
‫المام عندهم قد ل يكون له شوكة فيستتر و تكون دعاته ظاهرين إقامة للحجة على اللق و‬
‫إذا كانت له شوكة ظهر و أظهر دعوته قالوا و بعد ممد الكتوم ابنه جعفر الصادق و بعده‬
‫ابنه ممد البيب و هو آخر الستورين و بعده ابنه عبد ال الهدي الذي أظهر دعوته أبو عبد‬
‫ال الشي عي ف كتا مة و تتا بع الناس على دعو ته ث أخر جه من معتقله ب سجلماسة و ملك‬
‫القيوان و الغرب و ملك بنوه من بعده مصر كما هو معروف ف أخبار هم و يسمى هؤلء‬
‫ن سبة إل القول بإما مة إ ساعيل و ي سمون أيضا بالباطن ية ن سبة إل قول م بالمام البا طن أي‬
‫السستور و يسسمون أيضا اللحدة لاس فس ضمسن مقالتهسم مسن اللاد و لمس مقالت قديةس و‬
‫مقالت جديدة د عا إلي ها ال سن بن م مد ال صباح ف آ خر الائة الام سة و ملك ح صونا‬
‫بالشام و العراق و ل تزل دعوته فيها إل أن توزعها اللك بي ملوك الترك بصر و ملوك التتر‬
‫بالعراق فانفرضست‪ .‬و مقالة هذا الصسباح فس دعوتسه مذكورة فس كتاب اللل و النحسل‬
‫للشهرستان‪ .‬و أما الثنا عشرية فربا خصوا باسم المامية عند التأخرين منهم فقالوا بإمامة‬
‫موسى الكاظم بن جعفر الصادق لوفاة أخيه الكب إساعيل المام ف حياة أبيهما جعفر فنص‬
‫على إمامة موسى هذا ث ابنه علي الرضا الذي عهد إليه الأمون و مات قبله ل يتم له أمر ث‬
‫ابنه ممد التقي ث ابنه علي الادي ث ابنه ممد السن العسكري ث ابنه ممد الهدي النتظر‬
‫الذي قدمناه ق بل و ف كل واحدة من هذه القالت للشي عة اختلف كث ي إل أن هذه أش هر‬
‫مذاهبهم و من أراد استيعابا و مطالعتها فعليه بكتاب اللل و النحل لبن حزم و الشهرستان‬
‫و غيه ا ففي ها بيان ذلك و ال ي ضل من يشاء و يهدي من يشاء إل صراط م ستقيم و هو‬
‫العلي الكبي‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العثسرون ف انقلب اللفة إل اللك‬


‫إعلم أن اللك غاية طبيعية للعصبية ليس وقوعه عنها باختيار إنا هو بضرورة الوجود و ترتيبه‬
‫ك ما قلناه من ق بل و أن الشرائع و الديانات و كل أ مر ي ل عل يه المهور فل بد ف يه من‬
‫العصبية إذ الطالبة ل تتم إل با كما قدمناه‪.‬‬
‫فالع صبية ضرور ية للملة و بوجود ها ي تم أ مر ال من ها و ف ال صحيح ما ب عث ال نبيا إل ف‬
‫من عة من قو مه ث وجد نا الشارع قد ذم الع صبية و ندب إل إطراح ها و ترك ها فقال‪ :‬إن ال‬
‫أذ هب عن كم عب ية الاهل ية و فخر ها بالباء أن تم ب نو آدم و آدم من تراب‪ ،‬و قال تعال إن‬
‫أكرم كم ع ند ال أتقا كم و وجدناه أيضا قد ذم اللك و أهله و ن عى على أهله أحوال م من‬
‫ال ستمتاع باللق و ال سراف ف غ ي الق صد و التن كب عن صراط ال و إن ا حض على‬
‫اللفة ف الدين و حذر من اللف و الفرقة‪ ،‬و أعلم أن الدنيا كلها و أحوالا مطية للخرة و‬
‫من فقد الطية فقد الوصول‪ ،‬و ليس مراده فيما ينهى عنه أو يذمه من أفعال البشر أو يندب‬
‫إل تركه إهاله بالكلية أو اقتلعه من أصله و تعطيل القوى الت ينشأ عليها بالكلية إنا قصده‬
‫تصريفها ف أغراض الق جهد الستطاعة حت تصي القاصد كلها حقا و تتحد الوجهة كما‬
‫قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬من كانت هجرته إل ال و رسوله فهجرته إل ال و رسوله و من‬
‫كانت هجرته إل دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إل ما هاجر إليه‪ .‬فلم يذم الغضب و‬
‫هو يقصد نزعه من النسان فإنه لو زالت منه قوة الغضب لفقد منه النتصار للحق و بطل‬
‫الهاد و إعلء كل مة ال و إن ا يذم الغ ضب للشيطان و للغراض الذمي مة فإذا كان الغ صب‬
‫لذلك كان مذموما و إذا كان الغضسب فس ال و ل كان مدوحا و هسو مسن شائله صسلى ال‬
‫عل يه و سلم و كذا ذم الشهوات أيضا ل يس الراد إبطال ا بالكل ية فإن من بطلت شهو ته كان‬
‫نق صا ف ح قه و إن ا الراد ت صريفها في ما أب يح له باشتماله على ال صال ليكون الن سان عبدا‬
‫متصرفا طوع الوامر اللية و كذا العصبية حيث ذمها الشارع و قال لن تنفعكم أرحامكم‬
‫ول أولدكم‪ ،‬فإنا مراده حيث تكون العصبية على الباطل و أحواله كما كانت ف الاهلية و‬
‫أن يكون ل حد ف خر ب ا أو حق على أ حد لن ذلك مال من أفعال العقلء و غ ي نا فع ف‬
‫الخرة الت هي دار القرار فأما إذا كانت العصبية ف الق و إقامة أمر ال فأمر مطلوب و لو‬
‫ب طل لبطلت الشرائع إذ ل ي تم قوام ها إل بالع صبية ك ما قلناه من ق بل و كذا اللك ل ا ذ مه‬
‫الشارع ل يذم منه الغلب بالق و قهر الكافة على الدين و مراعاة الصلح و إنا ذمه لا فيه من‬
‫التغلب بالباطسل و تصسريف الدمييس طوع الغراض و الشهوات كمسا قلناه‪ ،‬فلو كان اللك‬
‫مل صا ف غل به للناس أ نه ل و لمل هم على عبادة ال و جهاد عدوه ل ي كن ذلك مذموما و‬
‫قد قال سليمان صلوات ال عليه‪ :‬رب هب ل ملكا ل ينبغي لحد من بعدي‪.‬‬
‫لا علم من نفسه أنه بعزل عن الباطل ف النبؤة و اللك‪ .‬و لا لقي معاوية عمر بن الطاب‬
‫رضي ال عنهما عند قدومه إل الشام ف أبة اللك وزيه من العديد و العدة استنكر ذلك و‬
‫قال‪ :‬أك سروية يا معاو ية فقال يا أم ي الؤمن ي أ نا ف ث غر تاه العدو و ب نا إل مباهات م بزي نة‬
‫الرب و الهاد حاجة فسكت و ل يطئه لا احتج عليه بقصد من مقاصد الق و الدين فلو‬
‫كان الق صد ر فض اللك من أ صله ل يقن عه الواب ف تلك الك سروية و انتحال ا بل كان‬
‫يرض على خرو جه عن ها بالملة و إن ا أراد ع مر بالك سروية ما كان عل يه أ هل فارس ف‬
‫ملك هم من ارتكاب البا طل و الظلم و الب غي و سلوك شبله و الغفلة عن ال و أجا به معاو ية‬
‫بأن القصد بذلك ليس كسروية فارس و باطلهم و إنا قصده با وجه ال فسكت‪ ،‬و هكذا‬
‫كان شأن الصحابة ف رفض اللك و أحواله و نسيان عوائده حذرا من التباسها بالباطل فلما‬
‫ا ستحضر ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ا ستخلف أ با ب كر على ال صلة إذ هي أ هم أمور‬
‫الدين و ارتضاه الناس للخلفة و هي حل الكافة على أحكام الشريعة و ل ير للملك ذكر لا‬
‫أنه مظنة للباطل و نلة يومئذ لهل الكفر و أعداء الدين فقام بذلك أبو بكر ما شاء ال متبعا‬
‫سنن صاحبه وقاتل أهل الردة حت اجتمع العرب على السلم ث عهد إل عمر فاقتفى أثره و‬
‫قاتل المم فغلبهم و أذن للعرب بانتزاع ما بأيديهم من الدنيا و اللك فغلبوهم عليه و انتزعوه‬
‫من هم ث صارت إل عثمان بن عفان ث إل علي ر ضى عنه ما و ال كل م تبئون من اللك‬
‫منكبون عن طرقه و أكد ذلك لديهم ما كانوا عليه من عضاضة السلم و بداوة العرب فقد‬
‫كانوا أب عد ال مم عن أحوال الدن يا و ترف ها ل من ح يث دين هم الذي يدعو هم إل الز هد ف‬
‫النعيم و ل من حيث بداوتم و مواطنهم و ما كانوا عليه من خشونة العيش و شظفه الذي‬
‫ألفوه‪ ،‬فلم تكن أمة من المم أسغب عيشا من مضر لا كانوا بالجاز ف أرض غي ذات زرع‬
‫و ل ضرع و كانوا منوعي من الرياف و حبوبا لبعدها و اختصاصها بن وليها من ربيعة و‬
‫الي من فلم يكونوا يتطاولون إل خ صبها و ل قد كانوا كثيا ما يأكلون العقارب و النا فس و‬
‫يفخرون بأ كل العل هز و هو وبر ال بل يهو نه بالجارة ف الدم و يطبخو نه و قري با من هذا‬
‫كانت حال قريش ف مطاعمهم و مساكنهم حت إذا اجتمعت عصبية العرب على الدين با‬
‫أكرم هم ال من نبوة م مد صلى ال عل يه و سلم زحفوا إل أ مم فارس و الروم و طلبوا ما‬
‫كتب ال لم من الرض بوعد الصدق فابتزوا ملكهم و استباحوا دنياهم فزخرت بار الرفه‬
‫لديهم حت كان الفارس الواحد يقسم له ف بعض الغزوات ثلثون ألفا من الذهب أو نوها‬
‫فا ستولوا من ذلك على مال يأخذه ال صر و هم مع ذلك على خشو نة عيش هم فكان ع مر‬
‫يرقسع ثوبسه باللد و كان علي يقول‪ :‬يسا صسفراء و يسا بيضاء غري غيي و كان أبسو موسسى‬
‫يتجاف عن أكل الدجاج لنه ل يعهدها للعرب لقلتها يومئذ و كانت الناخل مفقودةً عندهم‬
‫بالملة و إنا يأكلون النطة بنخالا و مكاسبهم مع هذا أت ما كانت لحد من أهل العال‬
‫قال‪ :‬السسعودي فس أيام عثمان أفتس الصسحابة الضياع و الال فكان له يوم قتسل عنسد خازنسه‬
‫خ سون و مائة ألف دينار و ألف ألف در هم و قي مة ضيا عه بوادي القرى و حن ي و غيه ا‬
‫مائ تا ألف دينار و خلف إبلً و خيلً كثيةً و بلغ الث من الوا حد من متروك الزب ي ب عد وفا ته‬
‫خ سي ألف دينار و خلف ألف فرس و ألف أ مة و كا نت غلة طل حة من العراق ألف دينار‬
‫كل يوم و من ناحية السراة أكثر من ذلك و كان على مربط عبد الرحن بن عوف ألف فرس‬
‫و له ألف بعي و عشرة آلف من الغنم و بلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة و ثاني ألفا و‬
‫خلف زيد بن ثابت من الفضة و الذهب ما كان يكسر بالفؤوس غي ما خلف من الموال و‬
‫الضياع بائة ألف دينار و بن الزبي داره بالبصرة و كذلك بن بصر و الكوفة والسكندرية و‬
‫كذلك ب ن طل حة داره بالكو فة و ش يد دارة بالدي نة وبنا ها بال ص و ال جر و ال ساج و ب ن‬
‫سعد بن أب وقاص داره بالعقيق و رفع سكها و أوسع فضاءها و جعل على أعلها شرفات و‬
‫بن القداد داره بالدينة و جعلها مصصة الظاهر و الباطن و خلف يعلى بن منبه خسي ألف‬
‫دينار و عقارا و غي ذلك ما قيمته ثلثائة ألف درهم من كلم السعودي‪ .‬فكانت مكاسب‬
‫القوم كما تراه و ل يكن ذلك منيعا عليهم ف دينهم إذ هي أموال حلل لنا غنائم و فيوء و‬
‫ل يكن تصرفهم فيها بإسراف إنا كانوا على قصد ف أحوالم كما قلناه فلم يكن ذلك بقادح‬
‫في هم و أن كان ال ستكثار من الدن يا مذموما فإن ا ير جع إل ما أشر نا إل يه من ال سراف و‬
‫الروج به عن القصد و إذا كان حالم قصدا و نفقاتم ف سبيل الق و مذاه به كان ذلك‬
‫الستكثار عونا لم على طرق الق و اكتساب الدار الخرة فلما تدرجت البداوة و الغضاضة‬
‫إل نايتها و جاءت طبيعة اللك الت هي مقتضى العصبية كما قلناه و حصل التغلب و القهر‬
‫كان ح كم ذلك اللك عند هم ح كم ذلك الر فه و ال ستكثار من الموال فلم ي صرفوا ذلك‬
‫التغلب ف باطل ول خرجوا به عن مقاصد الديانة و مذاهب الق‪ ،‬و لا وقعت الفتنة بي علي‬
‫و معاوية و هي مقتضى العصبية كان طريقهم فيها الق و الجتهاد و ل يكونوا ف ماربتهم‬
‫لغرض دنيوي أو ليثار باطل أو لستشعار حقد كما قد يتوهه متوهم وينع إليه ملحد و إنا‬
‫اختلف اجتهادهم ف الق و سفه كل واحد نظر صاحبه باجتهاده ف الق فاقتتلوا عليه و إن‬
‫كان الصيب عليا فلم يكن معاوية قائما في ها بقصد البا طل إنا قصد ال ق و أخطأ و ال كل‬
‫كانوا ف مقاصدهم على حق ث اقتضت طبيعة اللك النفراد بالجد و استئثار الواحد به و ل‬
‫يكن لعاوية أن يدفع عن نفسه و قومه فهو أمر طبيعي ساقته العصبية بطبيعتها و استشعرته بنو‬
‫أمية و من ل يكن على طريقة معاويه ف اقتفاء الق من أتباعهم فاعصوصبوا عليه و استماتوا‬
‫دونه و لو حلهم معاوية على غي تلك الطريقة و خالفهم ف النفراد بالمر لوقوع ف افتراق‬
‫الكلمة الت كان جعها و تأليفها أهم عليه من أمر ليس وراءه كبي مالفة و قد كان عمر بن‬
‫عبد العز يز رضي ال ع نه يقول‪ :‬إذا رأى القا سم بن م مد بن أ ب ب كر لو كان ل من ال مر‬
‫شيء لوليته اللفة و لو أراد أن يعهد إليه لفعل و لكنة كان يشى من بن أمية أهل الل و‬
‫الع قد ل ا ذكرناه فل يقدر أن يول ال مر عن هم لئل ت قع الفر قة‪ .‬و هذا كله إن ا ح ل عل يه‬
‫منازع اللك الت هي مقتضى العصبية فاللك إذا حصل و فرضنا أن الواحد انفرد به و صرفه‬
‫ف مذا هب ال ق و وجو هه ل ي كن ف ذلك نك ي عل يه و ل قد انفرد سليمان و أبوه داود‬
‫صلوات ال عليهما بلك بن إسرائيل لا اقتضته طبيعة اللك من النفراد به وكانوا ما علمت‬
‫من النبؤة و الق و كذلك عيد معاوية إل يزيد خوفا من افتراق الكلمة با كانت بنو أمية ل‬
‫يرضوا تسليم المر إل من سواهم‪ .‬فلو قد عهد إل غيه اختلفوا عليه مع أن ظنهم كان به‬
‫صالا و ل يرتاب أ حد ف ذلك و ل ي ظن بعاو ية غيه فلم ي كن ليع هد إل يه و هو يعتقد ما‬
‫كان عليه من الفسق حاشا ال لعاوية من ذلك و كذلك كان مروان بن الكم و ابنه و أن‬
‫كانوا ملوكا ل يكن مذهبهم ف اللك مذهب أهل البطالة و البغي إنا كانوا متحرين لقاصد‬
‫ال ق جهد هم إل ف ضرورة تمل هم على بعض ها م ثل خش ية افتراق الكل مة الذي هو أ هم‬
‫لديهم من كل مقصد يشهد لذلك ما كانوا عليه من التباع و القتداء و ما علم السلف من‬
‫أحوالم و مقاصدهم فقد احتج مالك ف الوطأ بعمل عند اللك و أما مروان فكان من الطبقة‬
‫الول من التابع ي و عدالت هم معرو فة ث تدرج ال مر ف ولد ع بد اللك و كانوا من الد ين‬
‫بالكان الذي كانوا عل يه و تو سطهم ع مر بن ع بد العز يز فنع إل طري قة اللفاء الرب عة و‬
‫ال صحابة جهده و ل يه مل‪ .‬ث جاء خلف هم و ا ستعملوا طبي عة اللك ف أغراض هم الدنيو ية و‬
‫مقاصدهم و نسوا ما كان عليه سلفهم من تري القصد فيها و اعتماد الق ف مذاهبها فكان‬
‫ذلك م ا د عا الناس إل أن نعوا علي هم أفعال م و أدالوا بالدعوة العبا سية من هم و ول رجال ا‬
‫المر فكانوا من العدالة بكان و صرفوا اللك ف وجوه الق و مذاهبه ما استطاعوا حت جاء‬
‫ب نو الرش يد من بعده فكان من هم ال صال و الطال ث أف ضى ال مر إل بني هم فأعطوا اللك و‬
‫الترف ح قه و انغم سوا ف الدن يا و باطل ها و نبذوا الد ين وراء هم ظهريا فتأذن ال برب م و‬
‫انتزاع المر من أيدي العرب جلة و أمكن سواهم و ال ل يظلم مثقال ذرة‪ .‬و من تأمل سي‬
‫هؤلء اللفاء و اللوك و اختلفهم ف تري الق من الباطل علم صحة ما قلناه و قد حكاه‬
‫السعودي مثله ف أحوال بن أمية عن أب جعفر النصور و قد حصر عمومته و ذكروا بن أمية‬
‫فقال‪ :‬أما عبد اللك فكان جبارا ل يبال با صنع و أما سليمان فكان هه بطنه و فرجه و أما‬
‫عمر فكان أعور بي عميان و كان رجل القوم هشام قال و ل يزل بنو أمية ضابطي لا مهد‬
‫ل م من ال سلطان يوطو نه و ي صونون ما و هب ال ل م م نه مع ت سلمهم معال المور و‬
‫رفضهم دنياتا حت أفضى المر إل أبنائهم الترفي فكانت هتهم قصد الشهوات و ركوب‬
‫اللذات مسن معاصسي ال جهلً باسستدراجه و أمنا لكره مسع اطراحهسم صسيانة اللفسة و‬
‫استخفافهم بق الرئاسة و ضعفهم عن السياسة فسلبهم ال العز و ألبسهم الذل و نفى عنهم‬
‫النعمة ث استحضر عبد ال ابن مروان فقص عليه خبه مع ملك النوبة لا دخل أرضهم فارا‬
‫أيام ال سفاح قال أق مت مليا ث أتا ن ملك هم فق عد على الرض و قد ب سطت ل فرش ذات‬
‫قيمة فقلت ما منعك عن القعود على ثيابنا فقال إن ملك و حق لكل ملك أن يتواضع لعظمة‬
‫ال إذ رف عه ال ث قال ل‪ :‬ل تشربون ال مر و هي مر مة علي كم ف كتاب كم ؟ فقلت‪ :‬اجترأ‬
‫على ذلك عبيدنا و أتباعنا قال‪ :‬فلم تطئون الزرع بدوابكم و الفساد مرم عليكم ؟ قلت‪ :‬فعل‬
‫ذلك عبيدنا و أتباعنا بهلهم قال‪ :‬فلم تلبسون الديباج و الذهب و الرير و هو مرم عليكم‬
‫ف كتاب كم ؟ قلت‪ :‬ذ هب م نا اللك و انت صرنا بقوم من الع جم دخلوا ف دين نا فلب سوا ذلك‬
‫على الكره م نا‪ ،‬فأطرق ين كث بيده ف الرض و يقول عبيد نا و أتباع نا و أعا جم دخلوا ف‬
‫دين نا ث ر فع رأ سه إل و قال‪ :‬ل يس ك ما ذكرت بل أن تم قوم ا ستحللتم ما حرم ال علي كم‬
‫وأتيتم ما عنه نيتم و ظلمتم فيما ملكتم فسلبكم ال العز و ألبسكم الذل بذنوبكم و ل نقمة‬
‫ل تبلغ غايتها فيكم و أنا خائف أن يل بكم العذاب و أنتم ببلدي فينالن معكم و إنا الضيافة‬
‫ثلث فتزود ما احتجت إليه و ارتل عن أرضي فتعجب النصور و أطرق فقد تبي لك كيف‬
‫انقلبت اللفة إل اللك و أن المر كان ف أوله خلفة و وازع كل أحد فيها من نفسه و هو‬
‫الدين و كانوا يؤثرونه على أمور دنياهم و أن أفضت إل هلكهم وحدهم دون الكافة فهذا‬
‫عثمان ل ا ح صر ف الدار جاءه ال سن و ال سي و ع بد ال بن ع مر و ا بن جع فر وأمثال م‬
‫يريدون الدافعة عنه فأب و منع من سل السيوف بي السلمي مافة الفرقة و حفظا لللفة الت‬
‫ب ا ح فظ الكل مة و لو أدى إل هل كه‪ .‬و هذا علي أشار عل يه الغية لول ولي ته با ستبقاء‬
‫الزبي ومعاوية و طلحة على أعمالم حت يتمع الناس على بيعته و تتفق الكلمة و له بعد ذلك‬
‫ما شاء من أمره و كان ذلك من سياسة اللك فأب فرارا من الغش الذي ينافيه السلم و غدا‬
‫عليه الغية من الغداة فقال‪ :‬لقد أشرت عليك بالمس با أشرت ث عدت إل نظري فعلمت‬
‫أ نه ل يس من ال ق و الن صيحة وأن ال ق في ما رأي ته أ نت فقال علي‪ :‬ل و ال بل أعلم أ نك‬
‫نصسحتن بالمسس و غششتنس اليوم و لكسن منعنس ماس أشرت بسه زائد القس و هكذا كانست‬
‫أحوالم ف إصلح دينهم بفساد دنياهم و نن‪:‬‬
‫نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فل ديننا يبقى و ل ما نرقع‬
‫فقد رأيت كيف صار المر إل اللك و بقيت معان اللفة من تري الدين ومذاهبه و الري‬
‫على منهاج ال ق و ل يظ هر التغ ي إل ف الوازع الذي كان دينا ث انقلب ع صبيةً و سيفا و‬
‫هكذا كان المر لعهد معاوية و مروان و ابنه عبد اللك و الصدر الول من خلفاء بن العباس‬
‫إل الرشيد و بعض ولده ث ذهبت معان اللفة و ل يبق إل اسها و صار المر ملكا بتا و‬
‫جرت طبيعة التغلب إل غايتها و استعملت ف أغراضها من القهر التقلب ف الشهوات و اللذ‬
‫و هكذا كان المر لولد عبد اللك و لن جاء بعد الرشيد من بن العباس و اسم اللفة باقيا‬
‫فيهم لبقاء عصبية العرب و اللفة و اللك ف الطورين ملتبس بعضهما ببعض ث ذهب رسم‬
‫اللفة و أثرها بذهاب عصبية العرب و فناء جيلهم و تلشى أحوالم وبقى المر ملكا بتا‬
‫كما كان الشأن ف ملوك العجم بالشرق يدينون بطاعة الليفة تبكا و اللك بميع ألقابه و‬
‫مناح يه ل م و ل يس للخلي فة م نه ش يء و كذلك ف عل ملوك زنا تة بالغرب م ثل صنهاجة مع‬
‫ال عبيديي و مغراوة و ب ن يفرن أيضا مع خلفاء ب ن أم ية بالندلس و ال عبيديي بالقيوان ف قد‬
‫تبي أن الل فة قد وجدت بدون اللك أول ث التب ست معانيه ما و اختل طت ث انفرد اللك‬
‫حيث افترقت عصبيته من عصبية اللفة و ال مقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار‪.‬‬

‫الفصل التاسع و العشرون ف معن البيعة‬


‫إعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة كأن البايع يعاهد أميه على أنه يسلم له النظر ف أمر‬
‫نف سه و أمور ال سلمي ل يناز عه ف ش يء من ذلك و يطي عه في ما يكل فه به من ال مر على‬
‫النشط و الكره و كانوا إذا بايعوا المي و عقدوا عهده جعلوا أيديهم ف يديه تأكيدا للعهد‬
‫فأش به ذلك ف عل البائع و الشتري ف سمي بيعةً م صدر باع و صارت البي عة م صافحةً باليدي‬
‫هذا مدلولا ف عرف اللغة و معهود الشرع و هو الراد ف الديث ف بيعة النب صلى ال عليه‬
‫و سلم ليلة العقبة و عند الشجرة وحيثما و رد هذا اللفظ و منه بيعة اللفاء و منه أيان البيعة‬
‫كان اللفاء ي ستحلفون على الع هد و ي ستوعبون اليان كل ها لذلك ف سمي هذا ال ستيعاب‬
‫إيان البيعة و كان الكراه فيها أكثر و أغلب و لذا لا أفت مالك رضي ال عنه بسقوط يي‬
‫الكراه أنكرها الولة عليه و رأوها قادحةً ف أيان البيعة‪ ،‬و وقع ما وقع من منة المام رضي‬
‫ال عنه و أما البيعة الشهورة لذا العهد فهي تية اللوك الكسروية من تقبيل الرض أو اليد أو‬
‫الرجل أو الذيل أطلق عليها اسم البيعة الت هي العهد على الطاعة مازا لا كان هذا الضوع‬
‫ف التحية و التزام الداب من لوازم الطاعة و توابعها و غلب فيه حت صارت حقيقيةً عرفيةً و‬
‫استغن با عن مصافحة أيدي الناس الت هي القيقة ف الصل لا ف الصافحة لكل أحد من‬
‫التنل و البتذال النافيي للرئاسة و صون النصب اللوكي إل ف القل من يقصد التواضع من‬
‫اللوك فيأخذ به نفسه مع خواصه و مشاهي أهل الدين من رعيته فافهم معن البيعة ف العزف‬
‫فإنه أكيد على النسان معرفته لا يلزمه من حق سلطانه و إمامه و ل تكون أفعاله عبثا و مانا‬
‫و اعتب ذلك من أفعالك مع اللوك و ال القوي العزيز‪.‬‬
‫الفصل الثلثون ف ولية العهد‬
‫إعلم أ نا قدم نا الكلم ف الما مة و مشروعيت ها ل ا في ها من ال صلحة و أن حقيقت ها للن ظر ف‬
‫مصال المة لدينهم و دنياهم فهو وليهم و المي عليهم ينظر لم ذلك ف حياته و يتبع ذلك‬
‫أن ينظر لم بعد ماته و يقيم لم من يتول أمورهم كما كان هو يتولها ويثقون بنظره لم ف‬
‫ذلك كما و ثقوا به فيما قبل و قد عرف ذلك من الشرع بإجاع المة على جوازه و انعقاده‬
‫إذ و قع بع هد أ ب ب كر ر ضي ال ع نه لع مر بح ضر من ال صحابة و أجازوه و أوجبوا على‬
‫أنفسهم به طاعة عمر رضي ال عنه و عنهم و كذلك عهد عمر ف الشورى إل الستة بقية‬
‫العشرة و ج عل ل م أن يتاروا للمسلمي ففوض بعض هم إل ب عض ح ت أف ضى ذلك إل عبد‬
‫الرح ن بن عوف فاجت هد و نا ظر ال سلمي فوجد هم متفق ي على عثمان و على علي فآ ثر‬
‫عثمان بالبيعة على ذلك لوافقته إياه على لزوم القتداء بالشيخي ف كل ما يعن دون اجتهاده‬
‫فانع قد أ مر عثمان لذلك و أوجبوا طاع ته و الل من ال صحابة حاضرون للول و الثان ية و ل‬
‫ينكره أحد منهم فدل على أنم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بشروعيته‪.‬‬
‫و الجاع حجة كما عرف وليتهم المام ف هذا المر و أن عهد إل أبيه أو ابنه لنه مأمون‬
‫على النظر لم ف حياته فأول أن ل يتمل فيها تبعةً بعد ماته خلفا لن قال باتامه ف الولد و‬
‫الوالد أو ل ن خ صص الته مة بالولد دون الوالد فإ نه بع يد عن الظ نة ف ذلك كله ل سيما إذا‬
‫كانت هناك داعية تدعو إليه من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة ف ذلك رأسا كما‬
‫و قع ف ع هد معاو ية لب نه يز يد و إن كان ف عل معاو ية مع وفاق الناس له ح جة ف الباب و‬
‫الذي د عا معاو ية ليثار اب نه يز يد بالع هد دون من سواه إن ا هو مراعاة ال صلحة ف اجتماع‬
‫الناس و اتفاق أهوائهم باتفاق أهل الل و العقد عليه حينئذ من بن أمية إذ بنو أمية يومئذ ل‬
‫يرضون سواهم و هم ع صابة قر يش و أ هل اللة أج ع و أ هل الغلب من هم فآثره بذلك دون‬
‫غيه م ن ي ظن أ نه أول ب ا و عدل عن الفا ضل إل الفضول حر صا على التفاق و اجتماع‬
‫الهواء الذي شأنه أهم عند الشارع‪.‬‬
‫و إن كان ل ي ظن بعاو ية غ ي هذا فعدال ته و صحبته مان عة من سوى ذلك وحضور أكابر‬
‫الصحابة لذلك و سكوتم عنه دليل على انتفاء الريب فيه فليسوا من يأخذهم ف الق هوادة‬
‫و ليس معاوية من تأخذه العزة ف قبول الق فإنم كلهم أجل من ذلك و عدالتهم مانعة منه‬
‫و فرار عبد ال بن عمر من ذلك إنا هو ممول على تورعه من الدخول ف شيء من المور‬
‫مباحا كان أو مظورا كما هو معروف عنه و ل يبق ف الخالفة لذا العهد الذي اتفق عليه‬
‫المهور إل ا بن الزب ي و ندور الخالف معروف ث إ نه و قع م ثل ذلك من ب عد معاو ية من‬
‫اللفاء الذيسن كانوا يتحرون القس و يعملون بسه مثسل عبسد اللك و سسليمان مسن بنس أميسة و‬
‫ال سفاح والن صور والهدي و الرش يد من ب ن العباس و أمثال م م ن عر فت عدالت هم و ح سن‬
‫رأيهم للمسلمي و النظر لم و ل يعاب عليهم إيثار أبنائهم و إخوانم و خروجهم عن سنن‬
‫اللفاء الربعة ف ذلك فشأنم غي شأن أولئك اللفاء فأنم كانوا على حي ل‪ .‬تدث طبيعة‬
‫اللك و كان الوازع دينيا فعند كل أحد وازع من نفسه فعهدوا إل من يرتضيه الدين فقط و‬
‫آثروه على غيه و وكلوا كل من يسمو إل ذلك إل وازعه‪ .‬و أما من بعدهم من لدن معاوية‬
‫فكا نت الع صبية قد أشر فت على غايت ها من اللك و الوازع الدي ن قد ض عف و احت يج إل‬
‫الوازع السلطان و العصبان فلو عهد إل غي من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد و انتقض‬
‫أمره سريعا و صارت الماعة إل الفرقة و الختلف‪.‬‬
‫سأل ر جل عليا ر ضي ال ع نه‪ :‬ما بال ال سلمي اختلفوا عل يك و ل يتلفوا على أ ب ب كر و‬
‫ع مر فقال‪ :‬لن أ با ب كر و ع مر كا نا والي ي على مثلي و أ نا اليوم وال على مثلك يش ي إل‬
‫وازع الدين أفل ترى إل الأمون لا عهد إل علي بن موسى بن جعفر الصادق و ساه الرضا‬
‫كيسف أنكرت العباسسية ذلك و نقضوا بيعتسه و بايعوا لعمسه بسن الهدي و ظهسر مسن الرج و‬
‫اللف وانقطاع ال سبل و تعدد الثوار و الوارج ما كاد أن ي صطلم ال مر ح ت بادر الأمون‬
‫من خرا سان إل بغداد ورد أمر هم لعاهده فل بد من اعتبار ذلك ف الع هد فالع صور تتلف‬
‫باختلف ما يدث فيها من المور و القبائل و العصبيات و تتلف باختلف الصال و لكل‬
‫واحد منها حكم يصه لطفا من ال بعباده و أما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على‬
‫البناء فليس من القاصد الدينية إذ هو أمر من ال يص به من يشاء من عباده ينبغي أن تسن‬
‫فيه النية ما أمكن خوفا من العبث بالناصب الدينية و اللك ل يؤتيه من يشاء‪ ،‬و عرض هنا‬
‫أمور تدعو الضرورة إل بيان الق فيها‪.‬‬
‫فالول منها ما حدث ف يزيد من الفسق أيام خلفته فإياك أن تظن بعاوية رضي ال عنه أنه‬
‫علم ذلك من يز يد فإ نه أعدل من ذلك و أف ضل بل كان يعذله أيام حيا ته ف ساع الغناء و‬
‫ينهاه عنه و هو أقل من ذلك و كانت مذاهبهم فيه متلفة و لا حدث ف يزيد ما حدث من‬
‫الفسق اختلف الصحابة حينئذ ف شأنه فمنهم من رأى الروج عليه و نقض بيعته من أجل‬
‫ذلك كما فعل السي و عبد ال بن الزبي رضي ال عنهما و من اتبعهما ف ذلك و منهم من‬
‫أباه لا ف يه من إثارة الفت نة و كثرة الق تل مع العجز عن الوفاء به لن شوكة يزيد يومئذ هي‬
‫ع صابة ب ن أم ية و جهور أ هل ال ل و الع قد من قر يش و ت ستتبع ع صبية م ضر أج ع و هي‬
‫أعظم من كل شوكة و ل تطاق مقاومتهم فأقصروا عن يزيد بسبب ذلك وأقاموا على الدعاء‬
‫بدايته و الرا حة منه و هذا كان شأن جهور السلمي و الكل متهدون و ل ينكر على أحد‬
‫من الفريقي فمقاصدهم ف الب و تري الق معروفة وفقنا ال للقتداء بم‪.‬‬
‫و المر الثان هو شأن العهد مع النب صلى ال عليه و سلم و ما تدعيه الشيعة من وصيته لعلي‬
‫رضي ال عنه و هو أمر ل يصح و ل نقله أحد من أئمة النقل و الذي وقع ف الصحيح من‬
‫طلب الدواة و القرطاس ليكتب الوصية و أن عمر منع من ذلك فدليل واضح على أنه ل يقع‬
‫و كذا قول عمر رضي ال عنه حي طعن و سئل ف العهد فقال‪ :‬إن أعهد فقد عهد من هو‬
‫خي من يعن أبا بكر و إن أترك فقد ترك من هو خي من يعن النب صلى ال عليه و سلم ل‬
‫يعهد و كذلك قول علي للعباس رضي ال عنهما حي دعاه للدخول إل النب صلى ال عليه‬
‫و سلم يسألنه عن شأنما ف العهد فأب على من ذلك و قال إنه إن منعنا منها فل نطمع فيها‬
‫آخر الدهر و هذا دليل على أن عليا علم أنه ل يوص و ل عهد إل أحد و شبهة المامية ف‬
‫ذلك إنا هي كون المامة من أركان الدين كما يزعمون و ليس كذلك و إنا هي من الصال‬
‫العا مة الفو ضة إل ن ظر اللق و لو كا نت من أركان الد ين لكان شأن ا شأن ال صلة و لكان‬
‫ي ستخلف في ها ك ما ا ستخلف أ با ب كر ف ال صلة و لكان يشت هر ك ما اشت هر أ مر ال صلة و‬
‫احتجاج الصحابة على خلفة أب بكر بقياسها على الصلة ف قولم ارتضاه رسول ال صلى‬
‫ال عليه و سلم لديننا أفل نرضاه لدنيانا دليل على أن الوصية ل تقع‪ .‬و يدل ذلك أيضا على‬
‫أن أمر المامة و العهد با ل يكن مهما كما هو اليوم و شأن العصبية الراعاة ف الجتماع و‬
‫الفتراق فس ماري العادة ل يكسن يومئذ بذلك العتبار لن أمسر الديسن و السسلم كان كله‬
‫بوارق العادة من تأل يف القلوب عل يه و ا ستماتة الناس دو نه و ذلك من أ جل الحوال ال ت‬
‫كانوا يشاهدونا ف حضور اللئكة لنصرهم و تردد خب السماء بينهم و تدد خطاب ال ف‬
‫كل حادثة تتلى عليهم فلم يتج إل مراعاة العصبية لا شل الناس من صبغة النقياد و الذعان‬
‫و ما ي ستفزهم من تتا بع العجزات الار قة و الحوال الل ية الواق عة و اللئ كة الترددة ال ت‬
‫وجوا من ها و دهشوا من تتابع ها فكان أ مر الل فة و اللك و الع هد والع صبية و سائر هذه‬
‫النواع مندرجا ف ذلك القب يل ك ما و قع فل ما ان صر ذلك الدد بذهاب تلك العجزات ث‬
‫بفناء القرون الذيسن شاهدوهسا فاسستحالت تلك الصسبغة قليلً قليلً و ذهبست الوارق و صسار‬
‫ال كم للعادة ك ما كان فاع تب أ مر الع صبية و ماري العوائد في ما ين شأ عن ها من ال صال و‬
‫الفاسد و أصبح اللك واللفة و العهد بما مهما من الهمات الكيدة كما زعموا و ل يكن‬
‫ذلك من قبل فانظر كيف كانت اللفة لعهد النب صلى ال عليه وسلم غي مهمة فلم يعهد‬
‫فيها ث تدرجت الهية زمان اللفة بعض الشيء با دعت الضرورة إليه ف الماية والهاد و‬
‫شأن الردة و الفتوحات فكانوا باليار ف الفعل و الترك ك ما ذكرناه عن عمر رضي ال عنه‬
‫ث صارت اليوم من أهم المور لللفة على الماية و القيام بالصال فاعتبت فيها العصبية الت‬
‫هي سر الوازع عن الفرقة و التخاذل و منشأ الجتماع و التوافق الكفيل بقاصد الشريعة و‬
‫أحكامها‪.‬‬
‫و المر الثالث شأن الروب الواقعة ف السلم بي الصحابة و التابعي فاعلم أن اختلفهم إنا‬
‫يقع ف المور الدينية و ينشأ عن الجتهاد ف الدلة الصحيحة و الدارك العتبة و الجتهدون‬
‫إذا اختلفوا فإن قل نا إن ال ق ف ال سائل الجتهاد ية وا حد من الطرف ي و من ل ي صادفه ف هو‬
‫مطئ فإن جهته ل تتعي بإجاع فيبقى الكل على احتمال الصابة و ل يتعي الخطئ منها و‬
‫التأثيم مدفوع عن الكل إجاعا و إن قلنا إن الكل حق و إن كل متهد مصيب فأحرى بنفي‬
‫الطأ و التأثيم و غاية اللف الذي بي الصحابة و التابعي أنه خلف اجتهادي ف مسائل‬
‫دينية ظنية و هذا حكمه و الذي وقع من ذلك ف السلم إنا هو واقعة على مع معاوية و مع‬
‫الزبي و عائشة و طلحة و واقعة السي مع يزيد و واقعة ابن الزبي مع عبد اللك فأما و واقعة‬
‫علي فإن الناس كانوا ع ند مق تل عثمان مفترق ي ف الم صار فلم يشهدوا بي عة علي و الذ ين‬
‫شهدوا فمنهم من بايع و منهم من توقف حت يتمع الناس و يتفقوا على إمام كسعد و سعيد‬
‫و ابن عمر و أسامة بن زيد و الغية بن شعبة و عبد ال بن سلم و قدامة بن مظعون و أب‬
‫سعيد الدري و كعب بن مالك و النعمان بن بشي و حسان بن ثابت و مسلمة بن ملد و‬
‫فضالة بن عبيد و أمثالم من أكابر الصحابة و الذين كانوا ف المصار عدلوا عن بيعته أيضا‬
‫إل الطلب بدم عثمان و تركوا ال مر فو ضى ح ت يكون شورى ب ي ال سلمي ل ن يولو نه و‬
‫ظنوا بعلي هوادة ف ال سكوت عن ن صر عثمان من قاتله ل ف المالة عل يه فحاش ل من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫و ل قد كان معاو ية إذا صرح بلم ته إن ا يوجه ها عل يه ف سكوته ف قط ث اختلفوا ب عد ذلك‬
‫فرأى علي أن بيعته قد انعقدت و لزمت من تأخر عنها باجتماع من اجتمع عليها بالدينة دار‬
‫النب صلى ال عليه و سلم و موطن الصحابة و أرجأ المر ف الطالبة بدم عثمان إل اجتماع‬
‫الناس و اتفاق الكلمسة فيتمكسن حينئذ مسن ذلك و رأى الخرون أن بيعتسه ل تنعقسد لفتراق‬
‫الصحابة أهل الل و العقد بالفاق و ل يصر إل قليل و ل تكون البيعة إل باتفاق أهل الل‬
‫و العقد و ل تلزم بعقد من تولها من غيهم أو من القليل منهم و إن السلمي حينئذ فوضى‬
‫فيطالبون أو ًل بدم عثمان ث يتمعون على إمام وذهب إل هذا معاوية و عمرو بن العاص و أم‬
‫الؤمني عائشة و الزبي و ابنه عبد ال و طلحة و ابنه ممد و سعد و سعيد و النعمان بن بشي‬
‫و معاو ية بن خد يج و من كان على رأي هم من ال صحابة الذ ين تلفوا عن بي عة علي بالدي نة‬
‫كمسا ذكرنسا إل أن أهسل العصسر الثانس مسن بعدهسم اتفقوا على انعقاد بيعسة علي و لزومهسا‬
‫للمسلمي أجعي و تصويب رأيه فيما ذهب إليه و تعيي الطأ من جهة معاوية و من كان‬
‫على رأ يه و خ صوصا طل حة و الزب ي لنتقاضه ما على علي ب عد البي عة له في ما ن قل مع د فع‬
‫التأثيم عن كل من الفريقي كالشأن ف الجتهدين و صار ذلك إجاعا من أهل العصر الثان‬
‫على أحد قول أهل العصر الول كما هو معروف‪.‬‬
‫و ل قد سئل علي ر ضي ال ع نه عن قتلى ال مل و صفي فقال‪ :‬و الذي نف سي بيده ل يو تن‬
‫أ حد من هؤلء و قل به ن قي إل د خل ال نة يش ي إل الفريق ي نقله ال طبي و غيه فل يق عن‬
‫عندك ر يب ف عدالة أ حد من هم و ل قدح ف ش يء من ذلك ف هم من عل مت و أقوال م و‬
‫أفعالم إنا هي عن الستندات و عدالتهم مفروغ منها عند أهل السنة إل قولً للمعتزلة فيمن‬
‫قا تل عليا ل يلت فت إل يه أ حد من أ هل ال ق و ل عرج عل يه و إذا ن ظر ت بع ي الن صاف‬
‫عذرت الناس أجعي ف شأن الختلف ف عثمان و اختلف الصحابة من بعد و علمت أنا‬
‫كا نت فتنةً ابتلى ال ب ا ال مة بين ما ال سلمون قد أذ هب ال عدو هم و ملك هم أرض هم و‬
‫ديارهم و نزلوا المصار على حدودهم بالبصرة و الكوفة و الشام و مصر و كان أكثر العرب‬
‫الذيسن نزلوا هذه المصسار جفاةً ل يسستكثروا مسن صسحبة النسب صسلى ال عليسه و سسلم و ل‬
‫ارتاضوا بلقه مع ما كان فيهم من الاهلية من الفاء و العصبية و التفاخر و البعد عن سكينة‬
‫اليان و إذا ب م ع ند ا ستفحال الدولة قد أ صبحوا ف مل كة الهاجر ين و الن صار من قر يش‬
‫وكنا نة و ثق يف و هذ يل و أ هل الجاز و يثرب ال سابقي الول ي إل اليان فا ستنكفوا من‬
‫ذلك و غضوا به لا يرون لنفسهم من التقدم بأنسابم و كثرتم ومصادمة فارس و الروم مثل‬
‫قبائل بكر بن وائل و عبد القيس بن ربيعة و قبائل كندة و الزد من اليمن و تيم و قيس من‬
‫مضر فصاروا إل الغض من قريش و النفة عليهم‪ ،‬و التمريض ف طاعتهم و التعلل ف ذلك‬
‫بالتظلم من هم و ال ستعداء علي هم والط عن في هم بالع جز عن ال سوية و العدل ف العدل عن‬
‫ال سوية و ف شت القالة بذلك و انت هت إل الدي نة و هم من عل مت فأعظموه و أبلغوه عثمان‬
‫فبعث إل المصار من يكشف له الب‪.‬‬
‫بعث ابن عمر و ممد بن مسلمة و أسامة بن زيد و أمثالم فلم ينكروا على المراء شيئا و ل‬
‫رأوا عليهسم طعنا و أدوا ذلك كمسا علموه فلم ينقطسع الطعسن مسن أهسل المصسار و مازالت‬
‫الشناعات تنمو و رمي الوليد بن عقبة و هو على الكو فة بشرب المر و ش هد عليه جاعة‬
‫منهم و حده عثمان و عزلة ث جاء إل الدينة من أهل المصار يسألون عزل العمال و شكوا‬
‫إل عائشة و علي و الزبي و طلحة و عزل لم عثمان بعض العمال فلم تنقطع بذلك ألسنتهم‬
‫بل وفد سعيد بن العاصي و هو على الكو فة فلما ر جع اعترضوه بالطر يق و ردوه معزولً ث‬
‫انتقل اللف بي عثمان ومن معه من الصحابة بالدينة و نقموا عليه امتناعه من العزل فأب إل‬
‫أن يكون على جرحة ث نقلوا النكي إل غ ي ذلك من أفعاله و هو متم سك بالجتهاد و هم‬
‫أيضا كذلك ث ت مع قوم من الغوغاء وجاءوا إل الدي نة يظهرون طلب الن صفة من عثمان و‬
‫هم يضمرون خلف ذلك من قتله و فيهم من البصرة و الكوفة و مصر وقام معهم ف ذلك‬
‫علي و عائشة و الزبي و طلحة و غيهم ياولون تسكي المور و رجوع عثمان إل رأيهم و‬
‫عزل لم عامل مصر فانصرفوا قليلً ث رجعوا و قد لبسوا بكتاب مدلس يزعمون أنم لقوة ف‬
‫يد حامله إل عا مل م صر بأن يقتل هم و حلف عثمان على ذلك فقالوا مك نا من مروان فإ نه‬
‫كات بك فحلف مروان فقال ليس ف الكم أكثر من هذا فحاصروه بداره ث بيتوه على حي‬
‫غفلة مسن الناس و قتلوه وانفتسح باب الفتنسة فلكسل مسن هؤلء عذر فيمسا وقسع و كلهسم كانوا‬
‫مهتمي بأمر الدين ول يضيعون شيئا من تعلقاته‪.‬‬
‫ث نظروا بعد هذا الواقع و اجتهدوا و ال مطلع على أحوالم و عال بم و نن ل نظن بم إل‬
‫خيا لا شهدت به أحوالم و مقالت الصادق فيهم و أما السي فإنه لا ظهر فسق يزيد عند‬
‫الكافة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسي أن يأتيهم فيقوموا بأمره فرأى‬
‫السي أن الروج على يزيد متعي من أجل فسقه ل سيما من له القدرة على ذلك و ظنها‬
‫من نفسه بأهليته و شوكته فأما الهلية فكانت كما ظن و زيادة و أما الشوكة فغلط يرحه‬
‫ال فيها لن عصبية مضر كانت ف قريش و عصبية عبد مناف إنا كانت ف بن أمية تعرف‬
‫ذلك لم قريش و سائر الناس و ل ينكرونه و إنا نسي ذلك أول السلم لا شغل الناس من‬
‫الذهول بالوارق و أمسر الوحسي و تردد اللئكسة لنصسرة السسلمي فأغفلوا أمور عوائدهسم و‬
‫ذهبت عصبية الاهلية و منازعها و نسيت و ل يبق إل العصبية الطبيعية ف الماية و الدفاع‬
‫ينتفع با ف إقامة الدين و جهاد الشركي و الدين فيها مكم و العادة معزولة حت إذا انقطع‬
‫أمر النبؤة و الوارق الهولة تراجع الكم بعض الشيء للعوائد فعادت العصبية كما كانت و‬
‫لن كانت و أصبحت مصر أطوع لبن أمية من سواهم با كان لم من ذلك قبل فقد تبي لك‬
‫غلط السي إل أنه ف أمر دنيوي ل يضره الغلط فيه و أما الكم الشرعي فلم يغلط فيه لنه‬
‫منوط بظنه و كان ظنه القدرة على ذلك و لقد عذله ابن العباس و ابن الزبي و ابن عمر و ابن‬
‫النفية أخوه و غيه ف مسيه إل الكوفة و علموا غلطه ف ذلك و ل يرجع عما هو بسبيله لا‬
‫أراده ال‪.‬‬
‫و أما غي السي من الصحابة الذين كانوا بالجاز و مع يزيد بالشام والعراق و من التابعي‬
‫لمس فرأوا أن الروج على يزيسد و إن كان فاسسقا ل يوز لاس ينشسأ عنسه مسن الرج و الدماء‬
‫فأق صروا عن ذلك و ل يتابعوا ال سي و ل أنكروا عل يه و ل أثوه ل نه مت هد و هو أ سوة‬
‫الجتهدين و ل يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلء بخالفة السي و قعودهم عن نصره‬
‫فإن م أك ثر الصحابة و كانوا مع يزيد و ل يروا الروج عل يه و كان ال سي يستشهد بم و‬
‫هو بكربلء على فصله و حقه و يقول سلوا جابر بن عبد ال و أبا سعيد الدري و أنس بن‬
‫مالك و سهل بن سعيد و زيد بن أرقم و أمثال م و ل ينكر عليهم قعودهم عن ن صره و ل‬
‫تعرض لذلك لعلمه أنه عن اجتهاد و إن كان هو على اجتهاد و يكون ذلك كما يد الشافعي‬
‫و الالكي و النفي على شرب النبيذ و اعلم أن المر ليس كذلك و قتاله ل يكن عن اجتهاد‬
‫هؤلء و إن كان خلفه عن اجتهادهم و إنا انفرد بقتاله يزيد و أصحابه و ل تقولن إن يزيد‬
‫و إن كان فاسقا و ل يز هؤلء الروج عليه فأفعاله عندهم صحيحة و اعلم أنه إنا ينفذ من‬
‫أعمال الفاسق ما كان مشروعا و قتال البغاة عندهم من شرطه أن يكون مع المام العادل و‬
‫هو مفقود ف م سئلتنا فل يوز قتال ال سي مع يز يد و ل ليز يد بل هي من فعل ته الؤكدة‬
‫لفسقه و السي فيها شهيد مثاب و هو على حق و اجتهاد و الصحابة الذين كانوا مع يزيد‬
‫على حق أيضا و اجتهاد و قد غلط القاضي أبو بكر بن العرب الالكي ف هذا فقال ف كتابه‬
‫الذي ساه بالعواصم و القواصم ما معناه‪:‬‬
‫إن السي قتل بشرع جده و هو غلط حلته عليه الغفلة عن اشتراط المام العادل و من أعدل‬
‫من السي ف زمانه ف إمامته و عدالته ف قتال أهل الراء و أما ابن الزبي فإنه رأى ف منامه‬
‫ما رآه السي و ظن كما ظن و غلطه ف أمر الشوكة أعظم لن بن أسد ل يقاومون بن أمية‬
‫ف جاهلية و ل إسلم‪ .‬و القول بتعي الطاء ف جهة مالفة كما كان ف جهة معاوية مع علي‬
‫ل سبيل إليه‪ .‬لن الجاع هنالك قضى لنا به و ل نده ها هنا‪ .‬و أما يزيد فعي خطأه فسقه‪.‬‬
‫و ع بد اللك صاحب ا بن الزب ي أع ظم الناس عدالة و ناه يك بعدال ته احتجاج مالك بفعله و‬
‫عدول ا بن عباس و ا بن ع مر إل بيع ته عن ا بن الزب ي و هم م عه بالجاز مع أن الكث ي من‬
‫ال صحابة كانوا يرون أن بي عة ا بن الزب ي ل تنع قد ل نه ل يضر ها أ هل الع قد و ال ل كبي عة‬
‫مروان و ابن الزبي على خلف ذلك و الكل متهدون ممولون على الق ف الظاهر و إن ل‬
‫يتعي ف جهة منهما و القتل الذي نزل به بعد تقرير ما قررناه ييء على قواعد الفقه و قوانينه‬
‫مع أ نه شه يد مثاب باعتبار ق صده و تر يه ال ق هذا هو الذي ينب غي أن ت مل عل يه أفعال‬
‫السلف من الصحابة و التابعي فهم خيار المة و إذا جعلناهم عرضة للقدح فمن الذي يتص‬
‫بالعدالة و النب صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬خي الناس قرن ث الذين يلونم مرتي أو ثلثا ث‬
‫يفشسو الكذب فجعسل الية و هسي العدالة متصسة بالقرن الول و الذي يليسه فإياك أن تعود‬
‫نف سك أو ل سانك التعرض ل حد من هم و ل يشوش قل بك بالر يب ف ش يء م ا و قع م هم و‬
‫التمس لم مذاهب الق و طرقه ما استطعت فهم أول الناس بذلك و ما اختلفوا إل عن بينة‬
‫و ما قاتلوا أو قتلوا إل ف سبيل جهاد أو إظهار حق واعتقد مع ذلك أن اختلفهم رحة لن‬
‫بعدهم من المة ليقتدي كل واحد بن يتاره منهم و يعله إمامه و هادية و دليله فافهم ذلك‬
‫و تبي حكمه ال ف خلقه و أكوانه و اعلم أنه على كل شيء قدير و إليه اللجأ و الصي و‬
‫ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي و الثلثون ف الطط الدينية اللفية‬


‫لا تبي أن حقيقة اللفة نيابة عن صاحب الشرع ف حفظ الدين و سياسة الدنيا فصاحب‬
‫الشرع متصرف ف المرين أما ف الدين فبمقتضى التكاليف الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها‬
‫و حل الناس عليها و أما سياسة الدنيا فبمقتضى رعايته لصالهم ف العمران البشري و قد‬
‫قدمنسا أن هذا العمران ضروري للبشسر و أن رعايسة مصساله كذلك لئل يفسسد إن أهلت و‬
‫قدمنا أن اللك و سطوته كاف ف حصول هذه الصال‪.‬‬
‫ن عم إن ا تكون أك مل إذا كا نت بالحكام الشرع ية ل نه أعلم بذه ال صال ف قد صار اللك‬
‫يندرج تت اللفة إذا كان إسلميا و يكون من توابعها و قد ينفر إذا كان ف غي اللة و له‬
‫على كسل حال مراتسب خادمسة و وظائف تابعسة تتعيس خططا و تتوزع على رجال الدولة‬
‫وظائف فيقوم كل واحد بوظيفته حسبما يعينه اللك الذي تكون يده عاليةً عليهم فيتم بذلك‬
‫أمره و ي سن قيا مه ب سلطانه و أ ما الن صب الل ف و إن كان اللك يندرج ت ته بذا العتبار‬
‫الذي ذكرناه فت صرفه الدي ن ي ص ب طط و مرا تب ل تعرف إل للخلفاء ال سلميي فلنذ كر‬
‫الن الطط الدينية الختصة باللفة و نرجع إل الطط اللوكية السلطانية‪.‬‬
‫فاعلم أن الطط الدينية الشرعية من الصلة و الفتيا و لقضاء و الهاد و السبة كلها مندرجة‬
‫تت المامة الكبى الت هي اللفة فكأنا المام الكبي و الصل الامع و هذه كلها متفرعة‬
‫عنها و داخلة فيها لعموم نظر اللفة وتصرفها ف سائر أحوال اللة الدينية و الدنيوية و تنفيذ‬
‫أحكام الشرع فيها على العموم‪.‬‬
‫فأما إمامة الصلة فهي أرفع هذه الطط كلها و أرفع من اللك بصوصه الندرج معها تت‬
‫اللفة‪ .‬و لقد يشهد لذلك استدلل الصحابة ف شأن أب بكر رضي ال عنه باستخلفه ف‬
‫الصلة على استخلفه ف السياسة ف قولم ارتضاه رسول ال صلى ال عليه و سلم لديننا أفل‬
‫نرضاه لدنيا نا ؟ فلول أن ال صلة أر فع من ال سياسة ل ا صح القياس و إذا ث بت ذلك فاعلم أن‬
‫ال ساجد ف الدي نة صنفان م ساجد عظي مة كثية الغاش ية معدة للصلوات الشهودة‪ .‬و أخرى‬
‫دون ا مت صة بقوم أو ملة ولي ست لل صلوات العا مة فأ ما ال ساجد العظي مة فأمر ها را جع إل‬
‫اللي فة أو من يفوض إل يه من سلطان أو من وز ير أو قاض فين صب ل ا المام ف ال صلوات‬
‫المس و المعة و العيدين و السوفي و الستسقاء و تعي ذلك إنا هو من طريق الول و‬
‫السستحسان و لئلً يفتات الرعايسا عليسه فس شيسء مسن النظسر فس الصسال العامسة وقسد يقول‬
‫بالوجوب ف ذلك من يقول بوجوب إقامة المعة فيكون نصب المام لا عنده واجبا و أما‬
‫الساجد الختصة بقوم أو ملة فأمرها راجع إل اليان و ل تتاج إل نظر خليفة و ل سلطانا‬
‫و أحكام هذه الول ية و شروط ها و الول في ها معرو فة ف ك تب الف قه و مب سوطة ف ك تب‬
‫سد كان اللفاء الولون ل‬ ‫سا و لقس‬ ‫سلطانية للماوردي و غيه فل نطول بذكرهس‬ ‫الحكام السس‬
‫يقلدون ا لغي هم من الناس‪ .‬و ان ظر من ط عن من اللفاء ف ال سجد ع ند الذان بال صلة و‬
‫ترصدهم لذلك ف أوقاتا‪ .‬يشهد لك ذلك بباشرتم لا و أنم ل يكونوا مستخلفي فيها‪ .‬و‬
‫كذا كان رجال الدولة الموية من بعدهم استئثارا با و استعظاما لرتبتها‪.‬‬
‫يكى عن عبد اللك أنه قال لاجبه قد جعلت لك حجاب هً يأب إل عن ثلثة صاحب الطعام‬
‫فإ نه يف سد بالتأخ ي و الذان بال صلة فإ نه داع إل ال و الب يد فال ف تأخيه ف ساد القا صية‬
‫فلما جاءت طبيعة اللك و عوارضه من الغلظة و الترفع عن مساواة الناس ف دينهم و دنياهم‬
‫استنابوا ف الصلة فكانوا يستأثرون با ف الحيان و ف الصلوات العامة كالعيدين و المعة‬
‫إشارةً و تنويها فعل ذلك كثي من خلفاء بن العباس و العبيديي صدر دولتهم‪.‬‬
‫و أما الفتيا فللخليفة تصفح أهل العلم و التدريس و رد الفتيا إل من هو أهل لا وإعانته على‬
‫ذلك و منع من ليس أهل لا و زجره لنا من مصال السلمي ف أديانم فتجب عليه مراعاتا‬
‫لئل يتعرض لذلك من ل يس له بأ هل في ضل الناس‪ .‬وللمدرس النت صاب لتعل يم العلم و ب ثه و‬
‫اللوس لذلك ف الساجد فإن كانت من الساجد العظام الت للسلطان الولية عليها و النظر‬
‫ف أئمت ها ك ما مر فل بد من ا ستئذانه ف ذلك و إن كا نت من م ساجد العا مة فل يتو قف‬
‫ذلك‪ .‬على إذن‪ .‬على أ نه ينب غي أن يكون ل كل أ حد من الفت ي و الدر سي زا جر من نف سه‬
‫ينعه عن التصدي لا ليس له بأهل فيضل به الستهدي و يضل به السترشد و ف الثر أجراكم‬
‫على الفتيا أجراكم على جراثيم جهنم فللسلطان فيهم لذلك من النظر ما توجبه الصلحة من‬
‫إجازة أو رد‪.‬‬
‫و أمسا القضاء فهسو مسن الوظائف الداخلة تتس اللفسة لنسه منصسب الفصسل بيس الناس فس‬
‫ال صومات ح سما للتدا عي و قطعا للتنازع إل أ نه بالحكام الشرع ية التلقاة من الكتاب و‬
‫السنة‪ ،‬فكان لذلك من وظائف اللفة و مندرجا ف عمومها و كان اللفاء ف صدر السلم‬
‫يباشرونه بأنفسهم و ل يعلون القضاء إل من سواهم‪ .‬و أول من دفعه إل غيه و فوضه فيه‬
‫عمسر رضسي ال عنسه فول أبسا الدرداء معسه بالدينسة و ول شريا بالبصسرة و ول أبسا موسسى‬
‫الشعري بالكو فة و ك تب له ف ذلك الكتاب الشهور الذي تدور عل يه أحكام القضاة و هي‬
‫مستوفاة فيه يقول أما بعد‪ :‬فإن القضاء فريضة مكمة و سنة متبعة فافهم إذا أدل إليك فإنه ل‬
‫ينفسع تكلم بقس ل نفاذ له و آس بيس الناس فس وجهسك و ملسسك و عدلك حتس ل يطمسع‬
‫شريف ف حيفك و ل ييأس ضعيف من عدلك البينة على من ادعى و اليمي على من أنكر‪.‬‬
‫و ال صلح جائز ب ي ال سلمي إل صلحا أ حل حراما أو حرم حللً و ل ين عك قضاء قضي ته‬
‫أ مس فراج عت اليوم ف يه عقلك و هد يت ف يه لرشدك أن تر جع إل ال ق فإن ال ق قد ي و‬
‫مراج عة ال ق خ ي من التمادي ف البا طل الف هم الف هم في ما يتلجلج ف صدرك م ا ل يس ف‬
‫كتاب و ل سنة ث اعرف المثال و الشباه و قس المور بنظائر ها و اج عل ل ن اد عى حقا‬
‫غائبا أو بينةً أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينته أخذت له بقه و إل استحللت القضاء عليه فإن‬
‫ذلك أن فى لل شك و أجلى للع مى‪ .‬ال سلمون عدول بعض هم على ب عض إل ملودا ف حد أو‬
‫مرى عليسه شهادة زور أو ظنينا فس نسسب أو ولء‪ ،‬فإن ال سسبحانه عفسا عسن اليان و درأ‬
‫بالبينات‪ .‬و إياك و القلق و الضجر و التأفف بالصوم فإن استقرار الق ف مواطن الق يعظم‬
‫ال به الجر و يسن به الذكر و السلم‪.‬‬
‫انتهسى كتاب عمسر و إناس كانوا يقلدون القضاء لغيهسم و إن كان ماس يتعلق بمس لقيامهسم‬
‫بالسياسة العامة و كثرة أشغالا من الهاد و الفتوحات و سد الثغور وحاية البيضة‪ ،‬و ل يكن‬
‫ذلك ما يقوم به غيهم لعظم العناية فاستحقوا القضاء ف الواقعات بي الناس و استخلفوا فيه‬
‫من يقوم به تفيفا على أنفسهم و كانوا مع ذلك إنا يقلدونه أهل عصبيتهم بالنسب أو الولء‬
‫و ل يقلدونه لن بعد عنهم ف ذلك‪ .‬و أما أحكام هذا النصب و شروطه فمعروفة ف كتب‬
‫الفقه و خصوصا كتب الحكام السلطانية‪ .‬إل أن القاضي إنا كان له ف عصر اللفاء الفصل‬
‫ب ي ال صوم ف قط ث د فع ل م ب عد ذلك أمور أخرى على التدر يج ب سب اشتغال اللفاء و‬
‫اللوك بال سياسة ال كبى و ا ستقر من صب القضاء آ خر ال مر على أ نه ي مع مع الف صل ب ي‬
‫الصوم استيفاء بعض القوق العامة للمسلمي بالنظر ف أموال الحجور عليهم من الجاني و‬
‫اليتامى و الفلسي و أهل السفه و ف وصايا السلمي و أوقافهم و تزويج اليامى عند فقد‬
‫الولياء على رأي من رآه و الن ظر ف م صال الطرقات و البن ية و ت صفح الشهود و المناء و‬
‫النواب و ا ستيفاء العلم و البة فيهم بالعدالة و الرح ليح صل له الوثوق بم و صارت هذه‬
‫كلها من تعلقات وظيفته و توابع وليته‪ .‬و قد كان اللفاء من قبل يعلون للقاضي النظر ف‬
‫الظال و هي وظيفة متزجة من سطوة السلطنة و نصفة القضاء و تتاج إل علو يد و عظيم‬
‫رهبة تقمع الظال من الصمي و تزجر التعدي و كأنه يضي ما عجز القضاة أو غيهم عن‬
‫إمضائه و يكون نظره فس البينات و التقريسر و اعتماد المارات و القرائن و تأخيس الكسم إل‬
‫ا ستجلء ال ق و ح ل ال صمي على ال صلح و ا ستحلف الشهود و ذلك أو سع من ن ظر‬
‫القاضي‪.‬‬
‫و كان اللفاء الولون يباشرونا بأنفسهم إل أيام الهتدي من بن العباس و ربا كانوا يعلونا‬
‫لقضاتم كما فعل عمر رضي ال عنه مع قاضيه أب أدريس الولن و كما فعله الأمون ليحي‬
‫بن أكثم و العتصم لحد بن أب داود و ربا كانوا يعلون للقاضي قيادة الهاد ف عساكر‬
‫الطوائف و كان ييس بسن أكثسم يرج أيام الأمون بالطائفسة إل أرض الروم و كذا منذر بسن‬
‫سعيد قاضي عبد الرحن الناصر من بن أمية بالندلس فكانت توليه هذه الوظائف إنا تكون‬
‫للخلفاء أو مسن يعلون ذلك له مسن وزيسر مفوض أو سسلطان متغلب‪ .‬و كان أيضا النظسر فس‬
‫الرائم و إقامسة الدود فس الدولة العباسسية و المويسة بالندلس و العسبيديي بصسر و الغرب‬
‫راجعا إل صاحب الشر طة و هي وظي فة أخرى دين ية كا نت من الوظائف الشرع ية ف تلك‬
‫ل فيجعسل للتهمسة فس الكسم مالً و يفرض‬ ‫الدول توسسع النظسر فيهسا عسن أحكام القضاء قلي ً‬
‫العقوبات الزاجرة قبسل ثبوت الرائم و يقيسم الدود الثابتسة فس مالاس و يكسم فس القود و‬
‫القصاص و يقيم التعزيز و التأديب ف حق من ل ينته عن الرية‪.‬‬
‫ث تنوسي شأن هاتي الوظيفتي ف الدول الت تنوسي فيها أمر اللفة فصار أمر الظال راجعا‬
‫إل ال سلطان كان له تفو يض من اللي فة أو ل ي كن و انق سمت وظي فة الشر طة ق سمي من ها‬
‫وظيفة التهمة على الرائم و إقامة حدودها و مباشرة القطع و القصاص حيث يتعي و نصب‬
‫لذلك ف هذه الدول حا كم ي كم في ها بو جب ال سياسة دون مراج عة الحكام الشرع ية و‬
‫يسمى تارةً باسم الوال و تارةً باسم الشرطة و بقي قسم التعازير و إقامة الدود ف الرائم‬
‫الثابتة شرعا فجمع ذلك للقاضي مع ما تقدم و صار ذلك من توابع وظيفة وليته و استقر‬
‫المر لذا العهد على ذلك و خرجت هذه الوظيفة عن أهل عصبية الدولة لن المر لا كان‬
‫خلفةً دينيةً و هذه ال طة من مرا سم الد ين فكانوا ل يولون في ها إل من أ هل ع صبيتهم من‬
‫العرب و مواليهم باللف أو بالرق أو بالصطناع من يوثق بكفايته أو غنائه فيما يدفع إليه‪ ،‬و‬
‫لا انقرض شأن اللفة و طورها و صار المر كله ملكا أو سلطانا صارت هذه الطط الدينية‬
‫بعيدة ع نه ب عض الش يء لن ا لي ست من ألقاب اللك و ل مرا سه ث خرج ال مر جلة من‬
‫العرب و صار اللك لسواهم من أمم الترك و الببر فازدادت هذه الطط اللفية بعدا عنهم‬
‫بنحاها وعصبيتها‪ .‬و ذلك أن العرب كانوا يرون أن الشريعة دينهم و هل النب صلى ال عليه‬
‫و سلم من هم و أحكا مه و شرائ عه نلت هم ب ي ال مم و طريق هم‪ ،‬و غي هم ل يرون ذلك إن ا‬
‫يولونا جانبا من التعظيم لا دانوا باللة فقط‪ .‬فصاروا يقلدونا من غي عصابتهم من كان تأهل‬
‫لا ف دول اللفاء السالفة‪.‬‬
‫و كان أولئك التأهلون با أخذهم ترف الدول منذ مئتي من السني قد نسوا عهد البداوة و‬
‫خشونتها و التبسوا بالضارة ف عوائد ترفهم و دعتهم‪ ،‬و قلة المانعة عن أنفسهم‪ ،‬و صارت‬
‫هذه ال طط ف الدول اللوك ية من ب عد اللفاء مت صةً بذا ال صنف من ال ستضعفي ف أ هل‬
‫الم صار و نزل أهل ها عن مرا تب ال عز لف قد الهل ية بأن سابم و ما هم عل يه من الضارة‬
‫فلحقهم من الحتقار ما لق الضر النغمسي ف الترف و الد عة‪ ،‬البعداء عن عصبية اللك‬
‫الذيسن هسم عيال على الام ية‪ ،‬و صسار اعتبارهسم ف الدولة من أ جل قيامهسا باللة و أخذهسا‬
‫بأحكام الشري عة‪ ،‬ل ا أن م الاملون للحكام القتدون ب ا‪ .‬و ل ي كن إيثار هم ف الدولة حينئذ‬
‫إكراما لذواتمس‪ ،‬و إناس هسو لاس يتلمسح مسن التجمسل بكانمس فس مالس اللك لتعظيسم الرتسب‬
‫الشرعية‪ ،‬و ل يكن لم فيها من الل و العقد شيء‪ ،‬و أن حضروه فحضور رسي ل حقيقة‬
‫وراءه‪ ،‬إذ حقيقة الل و العقد إنا هي لهل القدرة عليه فمن ل قدرة له عليه فل حل له و ل‬
‫عقد لديه‪ .‬اللهم إل أخذ الحكام الشرعية عنهم‪ ،‬و تلقي الفتاوى منهم فنعم و ال الوفق‪ .‬و‬
‫ربا يظن بعض الناس أن الق فيما وراء ذلك و أن فعل اللوك فيما فعلوه من إخراج الفقهاء‬
‫و القضاة من الشورى مرجوح و قد قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬العلماء ورثة النبياء فاعلم أن‬
‫ذلك ليس كما ظنه و حكم اللك و السلطان إنا يري على ما تقتضيه طبيعة العمران و إل‬
‫كان بعيدا عن السياسة‪ .‬فطبيعة العمران ف هؤلء ل تقضي لم شيئا من ذلك لن الشورى و‬
‫الل و العقد ل تكون إل لصاحب عصبية يقتدر با على حل أو عقد أو فعل أو ترك‪ ،‬و أما‬
‫من ل عصبية له و ل يلك من أمر نفسه شيئا و ل من حايتها و إنا هو عيال على غيه فأي‬
‫مدخسل له فس الشورى أو أي معنس يدعسو إل اعتباره فيهسا اللهسم إل شوراه فيمسا يعلمسه مسن‬
‫الحكام الشرع ية فموجودة ف ال ستفتاء خا صة‪ .‬و أ ما شوراه ف ال سياسة ف هو بع يد عن ها‬
‫لفقدا نه الع صبية و القيام على معر فة أحوال ا وأحكام ها و إن ا إكرام هم من تبعات اللوك و‬
‫المراء الشاهدة لم بميل العتقاد ف الدين و تعظيم من ينتسب إليه بأي جهة انتسب و أما‬
‫قوله صلى ال عل يه و سلم العلماء ورثة ال نبياء فاعلم أن الفقهاء ف الغلب لذا العهد و ما‬
‫احتف به إنا حلوا الشريعة أقوالً ف كيفية العمال ف العبادات و كيفية القضاء ف العاملت‬
‫ين صونا على من يتاج إل الع مل ب ا هذه غا ية أكابر هم و ل يت صفون إل بال قل من ها و ف‬
‫بعض الحوال و السلف رضوان ال عليهم و أهل الدين و الورع من السلمي حلوا الشريعة‬
‫اتصافا با و تققا بذاهبها‪ .‬فمن حلها اتصافا و تققا دون نقل فهو من الوارثي مثل أهل‬
‫رسالة القشيي و من اجتمع له المران فهو الوارث على القيقة مثل فقهاء التابعي و السلف‬
‫و الئ مة الرب عة و من اقت فى طريق هم و جاء على أثر هم و إذا انفرد وا حد من ال مة بأ حد‬
‫المرين فالعابد أحق بالوراثة من الفقيه الذي ليس بعابد لن العابد ورث بصفة و الفقيه الذي‬
‫ليس بعابد ل يرث شيئا إنا هو صاحب أقوال بنصها علينا ف كيفيات العمل و هؤلء أكثر‬
‫فقهاء عصرنا إل الذين آمنوا و عملوا الصالات و قليل ما هم‪.‬‬
‫العدالة‪ :‬و هي وظيفة دينية تابعة للقضاء و من مواد تصريفه و حقيقة هذه الوظيفة القيام عن‬
‫إذن القا ضي بالشهادة ب ي الناس في ما ل م و علي هم تملً ع ند الشهاد و أداء ع ند التنازع و‬
‫كتبا ف السجلت تفظ به حقوق الناس و أملكهم و ديونم و سائر معاملتم و شرط هذه‬
‫الوظيفة التصاف بالعدالة الشرعية و الباءة من الرح ث القيام بكتب السجلت و العقود من‬
‫جهة عباراتا و انتظام فصولا و من جهة إحكام شروطها الشرعية و عقودها فيحتاج حينئذ‬
‫إل ما يتعلق بذلك من الف قه و ل جل هذه الشروط و ما يتاج إل يه من الران على ذلك و‬
‫المارسة له اختص ذلك ببعض العدول و صار الصنف القائمون به كأنم متصون بالعدالة و‬
‫ليسس كذلك و إناس العدالة مسن شروط اختصساصهم بالوظيفسة و يبس على القاضسي تصسفح‬
‫أحوالم و الكشف عن سيهم رعاية لشرط العدالة فيهم و أن ل يهمل ذلك لا يتعي عليه من‬
‫حفسظ حقوق الناس فالعهدة عليسه فس ذلك كله و هسو ضامسن دركسه و إذا تعيس هؤلء لذه‬
‫الوظيفة عمت الفائدة ف تعبي من تفى عدالته على القضاة بسبب اتساع المصار و اشتباه‬
‫الحوال و اضطرار القضاة إل الفصل بي التنازعي بالبينات الوثوقة فيعولون غالبا ف الوثوق‬
‫ب ا على هذا ال صنف و ل م ف سائر الم صار دكاك ي و م صاطب يت صون باللوس علي ها‬
‫فيتعاهدهم أصحاب العاملت للشهاد و تقييده بالكتاب و صار مدلول هذه اللفظة مشتركا‬
‫بي هذه الوظيفة الت تبي مدلولا و بي العدالة الشرعية الت هي أخت الرح و قد يتواردان و‬
‫يفترقان و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫السبة و السكة‬
‫إما السبة فهي وظيفة دينية من باب المر بالعروف و النهي عن النكر الذي هو فرض على‬
‫القائم بأمور السلمي يعي لذلك من يراه أهلً له فيتعي فرضه عليه ويتخذ العوان على ذلك‬
‫و يبحسث عسن النكرات و يعزر و يؤدب على قدرهسا و يمسل الناس على الصسال العامسة فس‬
‫الدينة مثل النع من الضايقة ف الطرقات و منع المالي و أهل السفن من الكثار ف المل و‬
‫ال كم على أ هل البا ن التداع ية لل سقوط بدم ها و إزالة ما يتو قع من ضرر ها على ال سابلة‬
‫والضرب على أيدي العلمي ف الكاتب و غيها ف البلغ ف ضربم للصبيان التعلمي و ل‬
‫يتو قف حك مه على تنازع أو ا ستعداء بل له الن ظر و ال كم في ما ي صل إل عل مه من ذلك و‬
‫ير فع إل يه و ل يس له إمضاء ال كم ف الدعاوي مطلقا بل في ما يتعلق بال غش و التدل يس ف‬
‫العايش و غيها ف الكاييل و الوازين و له أيضا حل الماطلي على النصاف و أمثال ذلك‬
‫ما ليس فيه ساع بينة و ل إنفاذ حكم و كأنا أحكام ينه القاضي عنها لعمومها و سهولة‬
‫أغراضها فتدفع إل صاحب هذه الوظيفة ليقوم با فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لنصب‬
‫القضاء و قد كا نت ف كث ي من الدول ال سلمية م ثل ال عبيديي ب صر و الغرب و الموي ي‬
‫بالندلس داخلة ف عموم ولية القاضي يول فيها باختياره ث لا انفردت وظيفة السلطان عن‬
‫اللفة و صار نظره عاما ف أمور السياسة اندرجت ف وظائف اللك و أفردت بالولية‪.‬‬
‫و أما السكة فهي النظر ف النقود التعامل با بي الناس و حفظها ما يداخلها من الغش أو‬
‫الن قص إن كان يتعا مل ب ا عددا أو ما يتعلق بذلك و يو صل إل يه من ج يع العتبارات ث ف‬
‫وضع علمة السلطان على تلك النقود بالستجادة و اللوص برسم تلك العلمة فيها من خات‬
‫حديد أتذ لذلك و نقش فيه نقوش خاصة به فيوضع على الدينار بعد أن يقدر ويضرب عليه‬
‫بالطرقة حت ترسم فيه تلك النقوش و تكون علمة على جودته بسب الغاية الت وقف عندها‬
‫السبك والتخليص ف متعارف أهل القطر و مذاهب الدولة الاكمة فإن السبك و التخليص‬
‫ف النقود ل يقف عند غاية و إنا ترجع غايته إل الجتهاد فإذا وقف أهل أفق أو قطر على‬
‫غاية من التخليص وقفوا عندها و سوها إماما و عيارا يعتبون به نقودهم وينتقدونا بماثلته‬
‫فإن ن قص عن ذلك كان زيفا و الن ظر ف ذلك كله ل صاحب هذه الوظي فة و هي دين ية بذا‬
‫العتبار فتندرج تت اللفة و قد كانت تندرج ف عموم ولية القاضي ث أفردت لذا العهد‬
‫كما وقع ف البشة‪.‬‬
‫هذا آ خر الكلم ف الوظائف اللف ية و بق يت من ها وظائف ذه بت بذهاب ما ين ظر ف يه و‬
‫أخرى صارت سلطاني ًة فوظي فة المارة و الوزارة و الرب و الراج صارت سلطانية نتكلم‬
‫عليهسا فس أماكنهسا بعسد وظيفسة الهاد وظيفسة الهاد بطلت ببطلنسه إل فس قليسل مسن الدول‬
‫يار سونه و يدرجون أحكا مه غالبا ف ال سلطانيات وكذا نقا بة الن ساب ال ت يتو صل ب ا إل‬
‫اللفة أو الق ف بيت الال قد بطلت لدثور اللفة و رسومها و بالملة قد اندرجت رسوم‬
‫اللفة و وظائفها ف رسوم اللك و السياسة ف سائر الدول لذا العهد و ال مصرف المور‬
‫كيف يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون ف اللقب بأمي الؤمني و إنه من سات اللفة و هو مدث منذ‬
‫عهد اللفاء‬
‫و ذلك أنه لا بويع أبو بكر رضي ال عنه و كان الصحابة رضي ال عنهم و سائر السلمي‬
‫ي سمونه خلي فة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و ل يزل ال مر على ذلك إل أن هلك فل ما‬
‫بو يع لعمر بعهده إل يه كانوا يدعو نه خلي فة خلي فة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و كأن م‬
‫استثقلوا هذا اللقب بكثرته و طول إضافته و أنه يتزايد فيما بعد دائما إل أن ينتهي إل الجنة‬
‫و يذ هب م نه التمي يز بتعدد الضافات و كثرت ا فل يعرف فكانوا يعدلون عن هذا الل قب إل‬
‫ما سواه ما يناسبه و يدعى به مثله و كانوا يسمون قواد البعوث باسم المي و هو فعيل من‬
‫المارة و قد كان الاهلية يدعون النب صلى ال عليه و سلم أمي مكة و أمي الجاز و كان‬
‫ال صحابة أيضا يدعون سعد بن أ ب و قاص أم ي الؤمن ي لمار ته على ج يش القاد سية و هم‬
‫مع ظم ال سلمي يومئذ و ات فق أن د عا ب عض ال صحابة ع مر ر ضي ال ع نه يا أم ي الؤمن ي‬
‫فاستحسنه الناس و استصوبوه و دعوه به‪.‬‬
‫يقال إن أول من دعاه بذلك عبد ال بن جحش و قيل عمرو بن العاصي والغية بن شعبة و‬
‫قيل بريد جاء بالفتح من بعض البعوث و دخل الدينة و هو يسأل عن عمر و يقول أين أمي‬
‫الؤمن ي و سمها أ صحابه فا ستحسنوه و قالوا أ صبت و ال ا سه إ نه و ال أم ي الؤمن ي حقا‬
‫فدعوه بذلك و ذ هب لقبا له ف الناس وتوار ثه اللفاء من بعده سةً ل يشارك هم في ها أ حد‬
‫سواهم إل سائر دولة بن أمية ث إن الشيعة خصوا عليا باسم المام نعتا له بالمامة الت هي‬
‫أ خت الل فة وتعريضا بذهب هم ف أ نه أ حق بإما مة ال صلة من أ ب ب كر ل ا هو مذهب هم و‬
‫بدعتهم فخصوه بذا اللقب و لن يسوقون إليه منصب اللفة من بعده فكانوا كلهم يسمون‬
‫بالمام ما داموا يدعون لم ف اللفاء حت إذا يستولون على الدولة يولون اللقب فيما بعده‬
‫إل أم ي الؤمن ي ك ما فعله شي عة ب ن العباس فإن م ما زالوا يدعون أئمت هم بالمام إل إبراه يم‬
‫الذي جهروا بالدعاء له و عقدوا الرايات للحرب على أمره فلمسا هلك دعسي أخوة السسفاح‬
‫بأمي الؤمني‪.‬‬
‫و كذا الرافضة بأفريقيا فإنم ما زالوا يدعون أئمتهم من ولد إساعيل بالمام حت انتهى المر‬
‫إل عبيد ال الهدي و كانوا أيضا يدعونه بالمام و لبنه أب القاسم من بعده فلما استوثق لم‬
‫ال مر دعوا من بعده ا بأم ي الؤمن ي و كذا الدار سة بالغرب كانوا يلقبون إدر يس بالمام و‬
‫ابنه إدريس الصغر كذلك وهكذا شأنم و توارث اللفاء هذا اللقب بأمي الؤمني و جعلوه‬
‫سة لن يلك الجاز و الشام و العراق و الواطن الت هي ديار العرب و مراكز الدولة و أهل‬
‫اللة و الفتح و ازداد لذلك ف عنفوان الدولة و بذخها لقب آخر اللفاء يتميز به بعضهم عن‬
‫ب عض ل ا ف أم ي الؤمن ي من الشتراك بين هم فا ستحدث لذلك ب نو العباس حجابا ل سائهم‬
‫العلم عن امتهان ا ف أل سنة ال سوقة و صونا ل ا عن البتذال فتلقبوا بال سفاح و الن صور و‬
‫الهدي و الادي و الرشيد إل آخر الدولة و اقتفى أثرهم ف ذلك العبيديون بأفريقية و مصر و‬
‫تا ف ب نو أم ية عن ذلك بالشرق قبل هم مع الغضا ضة و ال سذاجة لن العروب ية و منازع ها ل‬
‫تفارقهسم حينئذ و ل يتحول عنهسم شعار البداوة إل شعار الضارة و أمسا بالندلس فتلقبوا‬
‫ك سلفهم مع ما عملوه من أنف سهم من الق صور عن ذلك بالق صور عن ملك الجاز أ صل‬
‫العرب و اللة و البعد عن دار اللفة الت هي مركز العصبية و أنم إنا منعوا بإمارة القاصية‬
‫أنفسهم من مهالك بن العباس حت إذا جاء عبد الرحن الداخل الخر منهم و هو الناصر بن‬
‫ممد بن المي عبد ال بن ممد بن عبد الرحن الوسط لول الائة الرابعة و اشتهر ما نال‬
‫اللفة بالشرق من الجر و استبداد الوال و عيثهم ف اللفاء بالعزل و الستبدال و القتل و‬
‫ال سمل ذ هب ع بد الرح ن هذا إل م ثل مذاهسب اللفاء بالشرق و أفريق ية و ت سمى بأم ي‬
‫الؤمن ي و تل قب بالنا صر لد ين ال‪ .‬و أخذت من بعده عادة و مذ هب ل قن ع نه و ل ي كن‬
‫لبائه و سلف قومه‪ .‬و استمر الال على ذلك إل أن انقرضت عصبية العرب أجع و ذهب‬
‫ر سم الل فة و تغلب الوال من الع جم على ب ن العباس و ال صنائع على ال عبيديي بالقاهرة و‬
‫صنهاجة على أمراء أفريقية و زناتة على الغرب و ملوك الطوائف بالندلس على أمر بن أمية‬
‫واقت سموه و افترق أ مر ال سلم فاختل فت مذا هب اللوك بالغرب و الشرق ف الخت صاص‬
‫باللقاب بعد أن تسموا جيعا باسم السلطان‪.‬‬
‫فأمسا ملوك الشرق مسن العجسم فكان اللفاء يصسونم يألقاب تشريفيسة حتس يسستشعر منهسا‬
‫انقيادهم و طاعتهم و حسن وليتهم مثل شرف الدولة و عضد الدولة و ركن الدولة و معز‬
‫الدولة و نصي الدولة و نظام اللك و باء الدولة و ذخية اللك و أمثال هذه و كان العبيديون‬
‫أيضا ي صون ب ا أمراء صنهاجة فل ما ا ستبدوا على الل فة قنعوا بذه اللقاب و تافوا عن‬
‫ألقاب اللفة أدبا معها و عدول عن ساتا الختصة با شأن التغلبي الستبدين كما قلناه و‬
‫نزع التأخرون أعاجسم الشرق حيس قوي اسستبدادهم على اللك و عل كعبهسم فس الدولة و‬
‫السلطان و تلشت عصبية اللفة و اضمحلت بالملة إل انتحال اللقاب الاصة باللك مثل‬
‫الناصر و النصور و زيادة على ألقاب يتصون با قبل هذا النتحال مشعرة بالروج عن ربقة‬
‫الولء و الصطناع با أضافوها إل الدين فقط فيقولون صلح الدين أسد الدين نور الدين‪ .‬و‬
‫أ ما ملوك الطوائف بالندلس فاقت سموا ألقاب الل فة و توزعو ها لقوة ا ستبدادهم علي ها ب ا‬
‫كانوا من قبيلها و عصبتها فتلقبوا بالناصر و النصور و العتمد و الظفر و أمثالا كما قال ابن‬
‫أب شرف ينعى عليهم‪:‬‬
‫ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتمد فيها و معتضد‬
‫ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا صورة السد‬
‫و أما صنهاجة فاقصروا عن اللقاب الت كان اللفاء العبيديون يلقبون با للتنويه مثل نصي‬
‫الدولة و معز الدولة و اتصل لم ذلك لا أدالوا من دعوة العبيديي بدعوة العباسيي ث بعدت‬
‫الشقة بينهم و بي اللفة و نسوا عهدها فنسوا هذه اللقاب و اقتصروا على اسم السلطان و‬
‫كذا شأن ملوك مغراوة بالغرب ل ينتحلوا شيئا من هذه اللقاب إل اسم السلطان جريا على‬
‫مذاهب البداوة و الغضاضة‪ .‬و لا مي رسم اللفة و تعطل دستها ا و قام بالغرب من قبائل‬
‫الببر يوسف بن تاشفي ملك لنتونة فملك العدوتي و كان من أهل الي و القتداء نزعت‬
‫به ه ته إل الدخول ف طاعة الليفة تكميلً لراسم دينه فخاطب الستظهر العبا سي و أوفد‬
‫عليه بيعته عبد ال بن العرب و ابنه القاضي أبا بكر من مشيخة إشبيلية يطلبان توليته إياها على‬
‫الغرب و تقليده ذلك فانقلبوا إليه بعهد اللفة له على الغرب و استشعار زيهم ف لبوسه و‬
‫رتب ته وخاط به ف يه يا أم ي الؤمن ي تشريفا و اخت صاصا فاتذ ها لقبا و يقال إ نه كان د عي له‬
‫بأمي الؤمني من قبل أدبا مع رتبة اللفة لا كان عليه هو و قومه الرابطون من انتحال الدين‬
‫و اتباع السنة و جاء الهدي على أثرهم داعيا إل الق آخذا بذاهب الشعرية ناعيا على أهل‬
‫الغرب عدولم عنها إل تقليد السلف ف ترك التأويل لظواهر الشريعة و ما يؤول إليه ذلك من‬
‫التجسيم كما هو معروف ف مذهب الشعرية و سي أتباعه الوحدين تعريضا بذلك النكي و‬
‫كان يرى رأي أهل البيت ف المام العصوم و أنه ل بد منه ف كل زمان يفظ بوجوده نظام‬
‫هذا العال فسمى بالمام لا قلناه أولً من مذهب الشيعة ف ألقاب خلفائهم و أردف بالعصوم‬
‫إشارةً إل مذهبه ف عصمة المام و تنه عند اتباعه عن أمي الؤمني أخذا بذاهب التقدمي‬
‫من الشيعة و لا فيها من مشاركة الغمار و الولدان من أعقاب أهل اللفة يومئذ بالشرق‪.‬‬
‫ث انت حل ع بد الؤ من ول عهده الل قب بأم ي الؤمن ي و جرى عل يه من بعده خلفاء ب ن ع بد‬
‫الؤمن و آل أب حفص من بعدهم استئثارا به عمن سواهم لا دعا إليه شيخهم الهدي من‬
‫ذلك و أ نه صاحب ال مر و أولياؤه من بعده كذلك دون كل أ حد لنتقاء ع صبية قر يش و‬
‫تلشي ها فكان ذلك دأب م‪ .‬و ل ا انت قض ال مر بالغرب و انتز عه زنا تة ذ هب أول م مذا هب‬
‫البداوة و ال سذاجة و أتباع لتو نة ف انتحال الل قب بأم ي الؤمن ي أدبا مع رت بة الل فة ال ت‬
‫كانوا على طاعتها لبن عبد الؤمن أول و لبن أب حفص من بعدهم ث نزع التأخرون منهم‬
‫إل اللقب بأمي الؤمني و انتحلوه لذا العهد استبلغا ف منازع اللك و تتميما لذاهبه وساته‬
‫و ال غالب على أمره‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الثلثون ف شرح اسم البابا و البطرك ف اللة النصرانية و اسم الكوهن‬
‫عند اليهود‬
‫إعلم أن اللة ل بد ل ا من قائم ع ند غي بة ال نب يمل هم على أحكام ها و شرائع ها و يكون‬
‫كاللي فة في هم لل نب في ما جاء به من التكال يف و النوع الن سان أيضا ب ا تقدم من ضرورة‬
‫السياسة فيهم للجتماع البشري ل بد لم من شخص يملهم على مصالهم و يزعهم عن‬
‫مفا سدهم بالق هر و هو ال سمى باللك و اللة ال سلمية ل ا كان الهاد في ها مشروعا لعموم‬
‫الدعوة و ح ل الكا فة على د ين ال سلم طوعا أو كرها اتذت في ها الل فة و اللك لتو جه‬
‫الشوكة من القائمي با إليهما معا‪ .‬و أما ما سوى اللة السلمية فلم تكن دعوتم عامة و ل‬
‫الهاد عند هم مشروعا إل ف الداف عة ف قط ف صار القائم بأ مر الد ين في ها ل يغن يه ش يء من‬
‫سياسة اللك و إن ا و قع اللك ل ن و قع من هم بالعرض و ل مر غ ي دي ن و هو ما اقتض ته ل م‬
‫العصبية لا فيها من الطلب للملك بالطبع لا قدمناه لنم غي مكلفي بالتغلب على المم كما‬
‫ف اللة السلمية و إنا هم مطلوبون بإقامة دينهم ف خاصتهم‪.‬‬
‫و لذلك ب قي ب نو إ سرائيل من ب عد مو سى و يو شع صلوات ال عليه ما ن و أربعمائة سنة ل‬
‫يعتنون بشيء من أمر اللك إنا ههم إقامة دينهم فقط و كان القائم به بينهم يسمى الكوهن‬
‫كأنه خليفة موسى صلوات ال عليه يقيم لم أمر الصلة و القربان و يشترطون فيه أن يكون‬
‫من ذر ية هارون صلوات ال عل يه لن مو سى ل يع قب ث اختاروا لقا مة ال سياسة ال ت هي‬
‫للبشر بالطبع سبعي شيخا كانوا يتلون أحكامهم العامة و الكوهن أعظم منهم رتبةً ف الدين‬
‫و أبعد عن شغب الحكام و اتصل ذلك فيهم إل أن استحكمت طبيعة العصبية و تحضت‬
‫الشوكة للملك فغلبوا الكنعاني على الرض الت أورثهم ال بيت القدس و ما جاورها كما‬
‫بي لم على لسان موسى صلوات ال عليه فحاربتهم أمم الفلسطي و الكنعانني و الرمن و‬
‫أردن و عمان و مأرب و رئا ستهم ف ذلك راج عة إل شيوخ هم و أقاموا على ذلك نوا من‬
‫أربعمائة سنة و ل ت كن ل م صولة اللك و ض جر ب نو إ سرائيل من مطال بة ال مم فطلبوا على‬
‫لسان شويل من أنبيائهم أن يأذن ال لم ف تليك رجل عليهم فول عليهم طالوت و غلب‬
‫ال مم و ق تل جالوت ملك الفل سطي ث ملك بعده داود ث سليمان صلوات ال عليه ما و‬
‫استفحل ملكه وامتد إل الجاز ث أطراف اليمن ث إل أطراف بلد الروم ث افترق السباط‬
‫من ب عد سليمان صلوات ال عل يه بقت ضى الع صبية ف الدول ك ما قدمناه إل دولت ي كا نت‬
‫إحداها يالزيرة و الوصل للسباط العشرة و الخرى بالقدس و الشام لبن يهوذا و بنيامي‪.‬‬
‫ث غلبهم بت نصر ملك بابل على ما كان بأيديهم من اللك أولً السباط العشرة ث ثانيا بن‬
‫يهوذا و بنت القدس بعد اتصال ملكهم نو ألف سنة و خرب مسجدهم و أحرق توراتم و‬
‫أمات دينهم و نقلهم إل أصبهان و بلد العراق إل أن ردهم بعض ملوك الكيانية من الفرس‬
‫إل بيت القدس من بعد سبعي سنةً من خروجهم فبنوا السجد وأقاموا أمر دينهم على الرسم‬
‫الول للكهنة فقط و اللك للفرس ث غلب السكندر و بنو يونان على الفرس و صار اليهود‬
‫ف ملكتهم ث فشل أمر اليونانيي فاعز اليهود عليهم بالعصبية الطبيعية و دفعوهم عن الستيلء‬
‫علي هم و قام بلك هم الكه نة الذ ين كانوا في هم من ب ن حشمناي و قاتلوا يونان ح ت انقرض‬
‫أمر هم و غلب هم الروم ف صاروا ت ت أمر هم ث رجعوا إل ب يت القدس و في ها ب نو هيودس‬
‫أصهار بن حشمناي و بقيت دولتهم فحاصروهم مدة ث افتتحوها عنوة و أفحشوا ف القتل و‬
‫الدم و التحر يق و خربوا ب يت القدس و أجلو هم عن ها إل رو مة و ما وراء ها و هو الراب‬
‫الثان للمسجد و يسميه اليهود باللوة الكبى فلم يقم لم بعدها ملك لفقدان العصبية منهم‬
‫و بقوا بعد ذلك ف ملكة الروم من بعدهم يقيم لم أمر دينهم الرئيس عليهم السمى بالكوهن‬
‫ث جاء ال سيح صلوات ال و سلمة عل يه ب ا جاء هم به من الد ين و الن سخ لب عض أحكام‬
‫التوراة و ظهرت على يديسه الوارق العجيبسة مسن إبراء الكمسة و البرص و إحياء الوتسى و‬
‫اجتمع عليه كثي من الناس و آمنوا به و أكثرهم الواريون من أصحابه و كانوا أثن عشر و‬
‫ب عث من هم ر سلً إل الفاق داع ي إل مل ته و ذلك أيام أوغ سطس أول ملوك القيا صرة و ف‬
‫مدة هيودس ملك اليهود الذي انتزع اللك مسن بنس حشمناي أصسهاره فحسسده اليهود و‬
‫كذبوه و كاتب هيودس ملكهم ملك القياصرة أوغسطس يغريه به فأذن لم ف قتله و وقع ما‬
‫تله القرآن مسن أمره و افترق الواريون شيعا و دخسل أكثرهسم بلد الروم داعيس إل ديسن‬
‫الن صرانية و كان بطرس كبيهم فنل برو مة دار ملك القيا صرة ث كتبوا الن يل الذي انزل‬
‫على عيسى صلوات ال عليه ف نسخ أربع على اختلف رواياتم فكتب مت إنيله ف بيت‬
‫القدس بالعبان ية و نقله يوح نا بن زبدي من هم إل الل سان اللتي ن و ك تب لو قا من هم إنيله‬
‫باللتي ن إل ب عض أكابر الروم و ك تب يوح نا بن زبدي من هم إنيله برو مة و ك تب بطرس‬
‫إنيله باللتي ن و ن سبه إل مرقاص تلميذه و اختل فت هذه الن سخ الر بع من الن يل مع أن ا‬
‫لي ست كل ها و ح يا صرفا بل مشو بة بكلم عي سى عل يه ال سلم و بكلم الواري ي و كل ها‬
‫مواعظ و قصص و الحكام فيها قليلة جدا و اجتمع الواريون الرسل لذلك العهد برومة و‬
‫وضعوا قواني اللة النصرانية و صيوها بيد أقليمنطس تلميذ بطرس و كتبوا فيها عدد الكتب‬
‫الت يب قبولا و العمل با‪.‬‬
‫فمن شريعة اليهود القدية التوراة و هي خسة أسفار و كتاب يوشع و كتاب القضاة و كتاب‬
‫راعوث و كتاب يهوذا و أ سفار اللوك أرب عة و سفر بنيام ي و ك تب القابي ي ل بن كريون‬
‫ثلثة و كتاب عزرا المام و كتابا أوشي و قصة هامان و كتاب أيوب الصديق و مزامي داود‬
‫عل يه ال سلم و ك تب اب نه سليمان عل يه ال سلم خ سة و نبؤات ال نبياء الكبار و ال صغار ستة‬
‫عشر و كتاب يشوع بن شارخ وزير سليمان‪ .‬و من شريعة عيسى صلوات ال عليه التلقاة‬
‫من الواري ي نسخ الن يل الر بع و ك تب القتاليقون سبع ر سائل و ثامنها البريكسيس ف‬
‫قصص الرسل و كتاب بولس أربع عشرة رسالة و كتاب أقليمنطس و فيه الحكام و كتاب‬
‫أ بو غال سيس و ف يه رؤ يا يوح نا بن زبدي‪ .‬و اختلف شأن القيا صرة ف ال خذ بذه الشري عة‬
‫تارة و تعظيم أهلها ث تركها أخرى و التسلط عليهم بالقتل و البغي إل أن جاء قسطنطي و‬
‫أخذ با و استمروا عليها‪ .‬و كان صاحب هذا الدين و القيم لراسيمه يسمونه البطرك و هو‬
‫رئيس اللة عندهم و خليفة السيح فيهم يبعث نوابه و خلفاءه إل ما بعد عنه من أمم النصرانية‬
‫و يسمونه السقف أي نائب البطرك و يسمون المام الذي يقيم الصلوات و يفتيهم ف الدين‬
‫بالقسيس و يسمون النقطع الذي حبس نفسه ف اللوة للعبادة بالراهب‪.‬‬
‫و أك ثر خلوات م ف ال صوامع و كان بطرس الر سول رأس الواري ي و كبي التلم يذ برو مة‬
‫يقيهم با دين النصرانية إل أن قتله نيون خامس القياصرة فيمن قتل من البطارق و الساقفة‬
‫ث قام بلفته ف كرسي رومة آريوس و كان مرقاس النيلي بالسكندرية و مصر و الغرب‬
‫داعيا سبع سنيي فقام بعده حنانيا و تسمى بالبطرك و هو أول البطاركة فيها و جعل معه اثن‬
‫ع شر ق سا على أ نه إذا مات البطرك يكون وا حد من الث ن ع شر مكا نه و يتار من الؤمن ي‬
‫واحدا مكان ذلك الثان عشر فكان أمر البطاركة إل القسوس ث لا وقع الختلف بينهم ف‬
‫قواعد دينهم و عقائده و اجتمعوا بنيقية أيام قسطنطي لتحرير الق ف الدين و اتفق ثلثائة و‬
‫ثان ية ع شر من أ ساقفتهم على رأي وا حد ف الد ين فكتبوه و سوه المام و صيوه أ صلً‬
‫يرجعون إليه و كان فيما كتبوه أن البطرك القائم بالدين ل يرجع ف تعيينه إل اجتهاد القسة‬
‫كما قرره حنانيا تلم يذ مرقاس و أبطلوا ذلك الرأي و إنا يقدهم عن بلء و اختبار من أئمة‬
‫الؤمني و رؤسائهم فبقي المر كذلك‪.‬‬
‫ث اختلفوا بعد ذلك ف تقرير قواعد الذين و كانت لم متمعات ف تقرير و ل يتلفوا ف هذه‬
‫القاعدة فبقي المر فيها على ذلك و تصل فيهم نيابة الساقفة عن البطاركة و كان الساقفة‬
‫يدعون البطرك بالب أيضا تعظيما له فاشت به ال سم ف أع صار متطاولة يقال آخر ها بطرك ية‬
‫هر قل بإ سكندرية فأرادوا أن ييزوا البطرك عن ال سقف ف التعظ يم فدعوه البا با و معناه أ بو‬
‫الباء و ظهر هذا السم أول ظهوره بصر على ما زعم جرجيس بن العميد ف تأريه ث نقلوه‬
‫إل صاحب الكر سي الع ظم عند هم و هو كر سي بطرس الر سول ك ما قدمناه فلم يزل سة‬
‫عليه حت الن ث اختلفت النصارى ف دينهم بعد ذلك و فيما يعتقدونه ف السيح و صاروا‬
‫طوائف و فرقا و ا سظهروا بلوك الن صرانية كل على صاحبه فاختلف الال ف الع صور ف‬
‫ظهور فرقة دون فرقة إل أن استقرت لم ثلث طوائف هي فرقهم و ل يلتفتون إل غيها و‬
‫هم اللك ية و اليعقوب ية و الن سطورية ث اخت صت كل فر قة من هم ببطرك فبطرك رو مة اليوم‬
‫السسمى بالبابسا على رأي اللكيسة و رومسة للفرنةس و ملكلهسم قائم بتلك الناحيسة و بطرك‬
‫العاهد ين ب صر على رأي اليعقوب ية و هو ساكن ب ي ظهراني هم و الب شة يدينون بدين هم و‬
‫لبطرك مصر فيهم أساقفة ينوبون عنه ف إقامة دينهم هنالك‪.‬‬
‫و اختص اسم البابا ببطرك رومة لذا العهد و ل تسمي اليعاقبة بطركهم بذا السم و ضبط‬
‫هذه اللفظة بباءين موحدتي من أسفل و النطق با مفخمة و الثانية مشددة و من مذاهب البابا‬
‫ع ند الفرن ة أ نه يض هم على النقياد للك وا حد يرجعون إل يه ف اختلف هم و اجتماع هم‬
‫ترجا مسن افتراق الكلمسة و يتحرى بسه العصسبية التس ل فوقهسا منهسم لتكون يده عاليسة على‬
‫جيعهم و يسمونه النبذور و حرفة الوسط بي الذال و الظاء العجمتي و مباشرة يضع التاج‬
‫على رأ سه لل تبك في سمى التوج‪ ،‬و لعله مع ن لف ظة ال نبذور و هذا مل خص ما أوردناه من‬
‫شرح هذين السي الذين ها البابا و الكوهن و ال يضل من يشاء و يهدي من يشاء‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الثلثون ف مراتب اللك و السلطان و ألقابا‬


‫إعلم أن السلطان ف نفسه ضعيف يمل أمرا ثقيلً فل بد له من الستعانة بأبناء جنسه و إذا‬
‫كان يستعي بم ف ضرورة معاشه و سائر مهنه فما ظنك بسياسة نوعه و من استرعاه ال من‬
‫خل قه و عباده و هو متاج إل حا ية الكا فة من عدو هم بالداف عة عن هم و إل كف عدوان‬
‫بعضهم على بعض ف أنفسهم بإمضاء الحكام الوازعة فيهم و كف عدوان عليهم ف أموالم‬
‫بإصلح سابلتهم و إل حلهم على مصالهم و ما تعمهم به البلوى ف معاشهم و معاملتم‬
‫من تفقد العايش و الكاييل و الوازين حذرا من التطفيف و إل النظر ف السكة بفظ النقود‬
‫ال ت يتعاملون ب ا من ال غش و إل سياستهم ب ا يريده من هم من النقياد له و الر ضى بقا صده‬
‫منهسم و انفراده بالجسد دونمس فيتحمسل مسن ذلك فوق الغايسة مسن معاناة القلوب قال بعسض‬
‫الشراف من الكماء‪ :‬لعاناة ن قل البال من أماكن ها أهون على من معاناة قلوب الرجال ث‬
‫إن ال ستعانة إذا كا نت بأول القر ب من أ هل الن سب أو الترب ية أو ال صطناع القد ي للدولة‬
‫كانت أكمل لا يقع ف ذلك من مانسة خلقهم للقه فتتم الشاكلة ف الستعانة قال تعال‬
‫واجعل ل وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه ف أمري و هو إما أن‬
‫يسستعي فس ذلك بسسيفه أو قلمسه أو رأيسه أو معارفسه أو بجابسه عسن الناس أن يزدحوا عليسه‬
‫فيشغلوه عن الن ظر ف مهمات م أو يد فع الن ظر ف اللك كله و يعول على كفاي ته ف ذلك و‬
‫اضطلعه فلذلك قد توجد ف رجل واحد و قد تفترق ف أشخاص و قد يتفرع كل واحد‬
‫منهسسا إل فروع كثية كالقلم يتفرع إل قلم الرسسسائل و الخاطبات و قلم الصسسكوك و‬
‫القطاعات و إل قلم الحا سبات و هو صاحب البا ية و العطاء و ديوان ال يش و كال سيف‬
‫يتفرع إل صساحب الرب و صساحب الشرطسة و صساحب البيسد و وليسة الثغور ثس اعلم أن‬
‫الوظائف السلطانية ف هذه اللة السلمية مندرجة تت اللفة لحتمال منصب اللفة على‬
‫الدين و الدنيا كما قدمناه فالحكام الشرعية متعلقة بميعها و موجودة لكل واحدة منها ف‬
‫سائر وجوهها لعموم تعلق الكم الشرعية بميع أفعال العباد و الفقية ينظر ف مرتبة اللك و‬
‫ال سلطان و شروط تقليد ها ا ستبدادا على الل فة و هو معن ال سلطان أو تعويضا منها و هو‬
‫معن الوزارة عندهم كما يأت و ف نظره ف الحكام و القوال و سائر السياسات مطلقا أو‬
‫مقيدا و ف موجبات العزل إن عر ضت و غ ي ذلك م ن معا ن اللك و ال سلطان و كذا ف‬
‫سائر الوظائف الت تت اللك و السلطان من وزارة أو جباية أو ولية ل بد للفقيه من النظر‬
‫ف ج يع ذلك ك ما قدمناه من ان سحاب ح كم الل فة الشرع ية ف اللة ال سلمية على رت بة‬
‫اللك و ال سلطان إل أن كلم نا ف وظائف اللك و ال سلطان و رتب ته إن ا هو بقت ضى طبي عة‬
‫العمران و وجود البشر ل با يصها من أحكام الشرع فليس من غرض كتابنا كما علمت فل‬
‫نتاج إل تفصيل أحكامها الشرعية مع أنا مستوفاة ف كتب الحكام السلطانية مثل كتاب‬
‫القا ضي أ ب ال سن الاوردي و غيه من أعلم الفقهاء فإن أردت ا ستيفاءها فعل يك بطالعت ها‬
‫هنالك و إنا تكلمنا ف الوظائف اللفية و أفردناها لنمي بينها و بي الوظائف السلطانية فقط‬
‫ل لتحق يق أحكام ها الشرع ية فل يس من غرض كتاب نا و إن ا نتكلم ف ذلك ب ا تقتض يه طبي عة‬
‫العمران ف الوجود النسان و ال الوفق‪.‬‬
‫الوزارة‪ :‬و هي أهم الطط السلطانية و الرتب اللوكية لن اسها يدل على مطلق العانة فإن‬
‫الوزارة مأخوذة إما من الؤازرة و هي العاونة أو من الوزر و هو الثقل كأنه يمل مع مفاعله‬
‫أوزاره و أثقاله و هو را جع إل العاو نة الطل قة و قد ك نا قدم نا ف أول الف صل أن أحوال‬
‫السلطان و تصرفاته ل تعدو أربعةً لنا إما أن تكون ف أمور حاية الكافة و أسبابا من النظر‬
‫فس الدس و السسلح و الروب و سسائر أمور المايسة و الطالبسة و صساحب هذا هسو الوزيسر‬
‫التعارف ف الدول القدية بالشرق و لذا العهد بالغرب و إما أن تكون ف أمور ماطباته لن‬
‫ب عد ع نه ف أمور جبا ية الال و إنفا قه و ض بط ذلك من ج يع وجو هه أن يكون بضب طة و‬
‫صاحب هذا هو صاحب الال و البا ية و هو ال سمى بالوز ير لذا الع هد بالشرق و إ ما أن‬
‫يكون ف مداف عة الناس ذوي الاجات ع نه أن يزدحوا عل يه فيشغلوه عن فه مه و هذا را جع‬
‫ل صاحب الباب الذي يج به‪ .‬فل تعدو أحواله هذه الرب عة بو جه‪ .‬و كل خ طة أو رت بة من‬
‫رتب اللك و السلطان فإليها ترجع‪ .‬إل أن الرفع منها ما كانت العانة فيه عامة فيما تت‬
‫يد السلطان من ذلك الصنف إذ هو يقتضي مباشر السلطان دائما و مشاركته ف كل صنف‬
‫مسن أحوال ملكسه و أمسا مسا كان خاصسا ببعسض الناس أو ببعسض الهات فيكون دون الرتبسة‬
‫الخرى كقيادة ثغر أو ولية جباية خاصة أو النظر ف أمر خاص كحسبة الطعام أو النظر ف‬
‫ال سكة فإن هذه كل ها ن ظر ف أحوال خا صة فيكون صاحبها تبعا ل هل الن ظر العام و تكون‬
‫رتبته مرؤوسة لولئك‪ .‬و ما زال المر ف الدول قبل السلم هكذا حت جاء السلم و صار‬
‫ال مر خل فة فذه بت تلك ال طط كل ما بذهاب ر سم اللك إل ما هو طبيعي من العاو نة‬
‫بالرأي و الفاوضة فيه فلم يكن زواله إذ هو أمر ل بد منه فكان صلى ال عليه و سلم يشاور‬
‫أصحابه و يفاوضهم ف مهماته العامة و الاصة و يص مع ذلك أبا بكر بصوصيات أخرى‬
‫حت كان العرب الذين عرفوا الدول و أحوالا ف كسرى و قيصر و النجاشي يسمون أبا بكر‬
‫وزيره و ل يكن لفظ الوز ير يعرف بي السلمي لذهاب رتبة اللك بسذاجة السلم و كذا‬
‫عمر مع أب بكر و علي ف و عثمان مع عمر و أما حال الباية و النفاق و السبان فلم يكن‬
‫عندهم برتبة لن القوم كانوا عربا أميي ل يسنون الكتاب و الساب فكانوا يستعملون ف‬
‫ل في هم و أ ما أشراف هم‬
‫ال ساب أ هل الكتاب أو أفرادا من موال الع جم م ن ييده و كان قلي ً‬
‫فلم يكونوا ييدونه لن المية كانت صفتهم الت امتازوا با و كذا حال الخاطبات و تنفيذ‬
‫المور ل تكن عندهم رتبة خاصة للمية الت كانت فيهم و المانة العامة ف كتمان القول و‬
‫تأديته و ل ترج السياسة إل اختياره لن اللفة إنا هي دين ليست من السياسة اللكية ف‬
‫ش يء و أيضا فلم ت كن الكتا بة صناعة في ستجاد للي فة أح سنها لن ال كل كانوا ي عبون عن‬
‫مقا صدهم بأبلغ العبارات و ل ي بق إل ال ط فكان اللي فة ي ستنيب ف كتاب ته م ت عن له من‬
‫يسنه و أما مدافعة ذوي الاجات عن أبوابم فكان مظورا بالشريعة فلم يفعلوه فلما انقلبت‬
‫الل فة إل اللك و جاءت ر سوم ال سلطان و ألقا به كان أول ش يء بد يء به ف الدولة شأن‬
‫الباب و سده دون الهور ب ا كانوا يشون عن أنف سهم من اغتيال الوارج و غي هم ك ما‬
‫وقع بعمر و علي و معاوية و عمر بن العاص و غيهم مع‬
‫ما ف فتحه من ازدحام الناس عليهم و شغلهم بم عن الهمات فاتذوا من يقوهم لم بذلك و‬
‫سوه الا جب و قد جاء أن ع بد اللك لا ول حاج به قال له قد ولي تك حجا بة باب إل عن‬
‫ثل ثة الؤذن لل صلة فإ نه دا عي ال و صاحب الب يد فأ مر ما جاء به و صاحب الطعام لئل‬
‫يفسسد ثس اسستفحل اللك بعسد ذلك فظهسر الشاور و العيس فس أمور القبائل و العصسائب و‬
‫استئلفهم و أطلق عليه اسم الوزير و بقي أمر السبان ف الوال و الذميي و أتذ للسجلت‬
‫كاتب مصوص حوطةً على أسرار السلطان أن تشتهر فتفسد سياسته مع قومه و ل يكن بثابة‬
‫الوزير لنه إنا احتيج له من حيث الط و الكتاب ل من حيث اللسان الذي هو الكلم إذ‬
‫اللسان لذلك العهد على حاله ل يفسد فكانت الوزارة لذلك أرفع رتبهم يومئذ ف سائر دولة‬
‫ب ن أم ية فكان الن ظر للوز ير عا ما ف أحوال التدب ي و الفاوضات و سائر أمور المايات و‬
‫الطالبات و ما يتبعها من النظر ف ديوان الند و فرض العطاء بالهلية و غي ذلك فلما جاءت‬
‫دولة بن العباس و استفحل اللك و عظمت مراتبه و ارتفعت و عظم شأن الوزير و صارت‬
‫إل يه النيا بة ف إنفاذ ال ل و الع قد تعي نت مرتب ته ف الدولة و ع نت ل ا الوجوه و خض عت ل ا‬
‫الرقاب و جعل لا النظر ف ديوان السبان لا تتاج إليه خطته من قسم العطيات ف الند‬
‫فاحتاج إل الن ظر ف ج عه و تفري قه و أض يف إل يه الن ظر ف يه ث ج عل له الن ظر ف القلم و‬
‫الترسيل لصون أسرار السلطان و لفظ البلغة لا كان اللسان قد فسد عند المهور و جعل‬
‫الات لسجلت السلطان ليحفظها من الذياع و الشياع و دفع إليه فصار اسم الوزير جامعا‬
‫لطت السيف و القلم و سائر معال الوزارة و العاونة حت لقد دعي جعفر بن يي بالسلطان‬
‫أيام الرشيد إشارة إل عموم نظره و قيامه بالدولة و ل يرج عنه من الرتب السلطانية كلها إل‬
‫الجا بة ال ت هي القيام على الباب فلم ت كن له ل ستنكافه عن م ثل ذلك ث جاء ف الدولة‬
‫العبا سية شأن ال ستبداد على ال سلطان و تعاور في ها ا ستبداد الوزارة مرة و ال سلطان أخرى و‬
‫صار الوز ير إذا ا ستبد متاجا إل ا ستنابة اللي فة إياه لذلك لت صح الحكام الشرع ية و ت يء‬
‫على حالاس كمسا تقدمست فانقسسمت الوزارة حينئذ إل وزارة تنفيسذ و هسي حال مسا يكون‬
‫ال سلطان قائما على نف سه و إل وزارة تفو يض و هي حال ما يكون الوز ير م ستبدا عل يه ث‬
‫استمر الستبداد و صار المر للوك العجم و تعطل رسم اللفة و ل يكن لولئك التغلبي أن‬
‫ينتحلوا ألقاب الل فة و ا ستنكفوا من مشار كة الوزراء ف الل قب لن م خول ل م فت سموا‬
‫بالمارة و السلطان و كأن الستبد على الدولة يسمى أمي المراء أو بالسلطان إل ما يليه به‬
‫الليفة من ألقابه كما تراه ف ألقابم و تركوا اسم الوزارة إل من يتولها للخليفة ف خاصته‬
‫و ل يزل هذا الشأن عندهم إل آخر دولتهم و فسد اللسان خلل ذلك كله و صارت صناعة‬
‫ينتحلها بعض الناس فامتهنت و ترفع الوزراء عنها لذلك و لنم عجم و ليست تلك البلغة‬
‫هي القصودة من لسانم فتخي لا من سائر الطبقات و اختصت به و صارت خادمة للوزير و‬
‫اختص اسم المي بصاحب الروب و الند و ما يرجع إليها و يده مع ذلك عالية على أهل‬
‫الرتب و أمره نافذ ف الكل إما نيابة أو استبدادا و استمر المر على هذا ث جاءت دولة الترك‬
‫آخرا ب صر فرأوا أن الوزارة قد ابتذلت بتر فع أولئك عن ها و دفع ها ل ن يقو هم ب ا للخلي فة‬
‫الحجور و نظره مع ذلك فتع قب بن ظر الم ي ف صارت مرؤو سة ناق صة فا ستنكف أ هل هذه‬
‫الرت بة الال ية ف الدولة عن ا سم الوزارة و صار صاحب الحكام و الن ظر ف ال ند ي سمى‬
‫عندهم بالنائب لذا العهد و بقي اسم الاجب ف مدلوله و اختص اسم الوزير عندهم بالنظر‬
‫ف البا ية‪ .‬و أ ما دولة ب ن أم ية بالندلس فأنفوا ا سم الوز ير ف مدلوله أول الدولة ث ق سموا‬
‫خطتسه أصسنافا و أفردوا لكسل صسنف وزيرا فجعلوا لسسبان الال وزيرا و للترسسيل وزيرا و‬
‫للنظسر فس حوائج التظلميس وزيرا و للنظسر فس أحوال أهسل الثغور وزيرا و جعسل لمس بيست‬
‫يل سون ف يه على فرش منضدة ل م و ينفذون أ مر ال سلطان هناك كل في ما ج عل له و أفرد‬
‫للتردد بين هم و ب ي اللي فة وا حد من هم ارت فع عن هم بباشرة ال سلطان ف كل و قت فارت فع‬
‫ملسه عن مالسهم و خصوه باسم الاجب و ل يزل الشأن هذا إل آخر دولتهم فارتفعت‬
‫خ طة الا جب و مرتب ته على سائر الر تب ح ت صار ملوك الطوائف ينتحلون لقب ها فأكثر هم‬
‫يومئذ يسمى الاجب كما نذكره ث جاءت دولة الشيعة بإفريقية و القيوان و كان للقائمي‬
‫با رسوخ ف البداوة فاغفلوا أمر هذه الطط أولً و تنقيح أسائها كما تراه ف أخبار دولتهم‪،‬‬
‫و لاس جاءت دولة الوحديسن مسن بعسد ذاك أغفلت المسر أول للبداوة ثس صسارت إل انتحال‬
‫الساء و اللقاب و كان اسم الوزير ف مدلوله ث اتبعوا دولة المويي و قلدوها ف مذاهب‬
‫السلطان و اختاروا اسم الوزير لن يجب السلطان ف ملسه و يقف بالوفود و الداخلي على‬
‫السلطان عند الدود ف تيتهم و خطابم و الداب الت تلزم ف الكون بي يديه و رفعوا خطة‬
‫الجابسة عنسه مسا شاءوا و ل يزل الشأن ذلك إل هذا العهسد و أمسا فس دولة الترك بالشرق‬
‫في سمون هذا الذي ي قف بالناس على حدود الداب ف اللقاء و التح ية ف مالس ال سلطان و‬
‫التقدم بالوفود بيس يدي الدويدار و يضيفون إليسه اسستتباع كاتسب السسر و أصسحاب البيسد‬
‫التصرفي ف حاجات السلطان بالقاصية و بالاضرة و حالم على ذلك لذا العهد و ال مول‬
‫المور لن يشاء‪.‬‬
‫الجا بة‪ :‬قد قدم نا أن هذا الل قب كان م صوصا ف الدولة المو ية و العبا سية ب ن ي جب‬
‫السلطان عن العامة و يغلق بابه دونم أو يفتحه لم على قدره ف مواقيته و كانت هذه منلة‬
‫يوما عن ال طط مرؤو سة ل ا إذ الوز ير مت صرف في ها ب ا يراه و هكذا كا نت سائر أيام ب ن‬
‫العباس ل إل هذا ال هد فهي ب صر مرؤو سة ل صاحب ال طة العل يا السمى بالنائب‪ .‬و أ ما ف‬
‫الدولة المو ية بالندلس فكا نت الجا بة ل ن ي جب ال سلطان عن الا صة و العا مة و يكون‬
‫وا سطة بي نه و ب ي الوزراء ف من دون م فكا نت ف دولت هم رفي عة غا ية ك ما تراه ف أخبار هم‬
‫كابن حديد و غي من حجابم ث لا جاء الستبداد على الدولة اختص الستبد باسم الجابة‬
‫لشرفها فكان النصور بن أب عامر و أبناوه كذلك و لا بدوا ف مظاهر اللك و أطواره جاء‬
‫من بعد هم من ملوك الطوائف فلم يتركوا لقب ها و كانوا يعدو نه شرفا ل م و كان أعظم هم‬
‫ملكا بعد انتحال ألقاب اللك و أ سائه ل بد له من ذ كر الا جب و ذي الوزارت ي يعنون به‬
‫السيف و القلم و يدلون بالجابة على حجابة السلطان عن العامة و الاصة و بذي الوزارتي‬
‫عن جعه لطت السيف و القلم‪ .‬ث ل يكن ف دول الغرب و أفريقية ذكر لذا السم للبداوة‬
‫الت كانت فيهم و ربا يوجد ف دولة العبيديي بصر عند استعظامها و حضارتا إل أنه قليل‪.‬‬
‫و لاس جاءت دولة الوحديسن ل تسستمكن فيهسا الضارة الداعيسة إل انتحال اللقاب و تييسز‬
‫الطط و تعيينها بالساء إل آخرا فلم يكن عندهم من الرتب إل الوزير فكانوا أولً يصون‬
‫بذا ال سم الكا تب الت صرف الشارك لل سلطان ف خاص أ مر كا بن عط ية و ع بد ال سلم‬
‫الكومي و كان له مع ذلك النظر ف الساب و الشغال الالية ث صار بعد ذلك اسم الوزير‬
‫ل هل ن سب الدولة من الوحد ين كا بن جا مع و غيه و ل ي كن ا سم الا جب معروفا ف‬
‫دولتهم يومئذ‪ .‬و أما بنو أب حفص بأفريقية فكانت الرئاسة ف دولتهم أو ًل و التقدم لوزير و‬
‫الرأي و الشورة و كان يص باسم شيخ الوحدين و كان له النظر ف الوليات و العزل وقود‬
‫العسساكر و الروب و اختسص السسبان و الديوان برتبسة أخرى و يسسمى متوليهسا بصساحب‬
‫الشغال ينظر فيها النظر الطلق ف الدخل و الرج و ياسب و يستخلص الموال و يعاقب‬
‫على التفريط و كان من شرطه أن يكون من الوحدين و اختص عندهم القلم أيضا بن ييد‬
‫الترسيل و يؤتن على السرار لن الكتابة ل تكن من منتحل القوم و ل الترسيل بلسانم فلم‬
‫يشترط فيه النسب و احتاج السلطان لتساع ملكه و كثرة الرتزقي بداره إل قهرمان خاص‬
‫بداره ف أحواله يريها على قدرها و ترتيبها من رزق و عطاء و كسوة و نفقة ف الطابخ و‬
‫الصطبلت و غيها و حصر الذخية و تنفيذ ما يتاج إليه ف ذلك على أهل الباية فخصوه‬
‫با سم الا جب و رب ا أضافوا إل يه كتا بة فعل مة على ال سجلت إذا ات فق أ نه ي سن صناعة‬
‫الكتابة و ربا جعلوه لغيه و استمر المر على ذلك و حجب السلطان نفسه عن الناس فصار‬
‫هذا الا جب وا سطة ب ي الناس و ب ي أ هل الر تب كل هم ث ج ع له آ خر الدولة ال سيف و‬
‫الرب ث الرأي و الشورة فصارت الطة أرفع الرتب و أوعبها للخطط ث جاء الستبداد و‬
‫الجر مدة من بعد السلطان الثان عشر منهم ث استبد بعد ذلك حفيده السلطان أبو العباس‬
‫على نف سه و أذ هب آثار ال جر و ال ستبداد بإذهاب خ طة الجا بة ال ت كا نت سلما إل يه و‬
‫باشر أموره كلها بنفسه من غي استعانة بأحد و المر على ذلك لذا العهد‪.‬‬
‫و أما دولة زناتة بالغرب و أعظمها دولة بن مرين فل أثر لسم الاجب عندهم و أما رئاسة‬
‫الرب و الع ساكر ف للوز ير و رت بة القلم ف ال سبان و الر سائل راج عة إل من ي سنها من‬
‫أهلها و إن اختصت ببعض البيوت الصطنعي ف دولتهم و قد تمع عندهم و قد تفرق و أما‬
‫باب ال سلطان و حج به عن الائة ف هي رت بة عند هم في سمى صاحبها عند هم بالزوار و معناه‬
‫القدم على النادرة التصسرفي بباب السسلطان فس تنفيسذ أوامسر و تصسريف عقوباتسه و إنزال‬
‫سسطواته و حفسظ العتقليس فس سسجونه و العريسف عليهسم فس ذلك فالباب له و أخسذ الناس‬
‫بالوقوف عند الدود ف دار العامة راجع إليه فكأنا وزارة صغرى‪ .‬و أما دولة بن عبد الواد‬
‫فل أ ثر عند هم لش يء من هذه اللقاب و ل تي يز ال طط لبداوة دولت هم و ق صورها و إن ا‬
‫يصون باسم الاجب ف بعض الحوال منفذ الاص بالسلطان ف داره كما كان ف دولة بن‬
‫أب حفص و قد يمعون له السبان و السجل كما كان فيها حلهم على ذلك تقليد الدولة‬
‫با كانوا ف تبعتها و قائمي بدعوتا منذ أول أمرهم‪.‬‬
‫و أ ما أ هل الندلس لذا الع هد فالخ صوص عند هم بال سبان و تنف يذ حال ال سلطان و سائر‬
‫المور الال ية ي سمونه بالوك يل و أ ما الوز ير فكالوز ير إل أ نه ي مع له التر سيل و ال سلطان‬
‫عندهم يضع خطه على السجلت كلها فليس هناك خطة العلمة كما لغيهم من الدول‪ .‬و‬
‫أما دولة الترك بصر فاسم الاجب عندهم موضوع لاكم من أهل الشوكة و هم الترك ينفذ‬
‫الحكام بي الناس ف الدينة و هم متعددون و هذه الوظيفة عندهم تت وظيفة النيابة الت لا‬
‫ال كم ف أ هل الدولة و ف العا مة على الطلق و للنائب التول ية و العزل ف ب عض الوظائف‬
‫على الحيان و يقطع القليل من الرزاق و يبتها و تنفذ أوامره كما تنفذ الراسم السلطانية و‬
‫كان له النيا بة الطل قة عن ال سلطان و للحجاب ال كم ف قط ف طبقات العا مة و ال ند ع ند‬
‫الترا فع إلي هم و إجبار من أ ب النقياد للح كم و طور هم ت ت طور النيا بة و الوز ير ف دولة‬
‫الترك هو صاحب جباية الموال ف الدولة على اختلف أصنافها من خراج أو مكس أو جزية‬
‫ث ف ت صريفها ف النفاقات ال سلطانية أو الرايات القدرة و له مع ذلك التول ية و العزل ف‬
‫سائر العمال الباشر ين لذه البا ية و التنف يذ على اختلف مراتب هم و تبا ين أ صنافهم و من‬
‫عوائدهسم أن يكون هذا الوزيسر مسن صسنف القبسط القائميس على ديوان السسبان و البايسة‬
‫لخت صاصهم بذلك ف م صر م نذ ع صور قدي ة و قد يولي ها ال سلطان ب عض الحيان ل هل‬
‫الشوكة من رجالت الترك أو أبنائهم على حسب الداعية لذلك و ال مدبر المور و مصرفها‬
‫بكمته ل إله إل هو رب الولي و الخرين‪.‬‬
‫ديوان العمال و البايات‬
‫إعلم أن هذه الوظيفسة مسن الوظائف الضروريسة للملك و هسي القياهسم على أعمال البايات و‬
‫حفسظ حقوق الدولة فس الدخسل و الرج و إحصساء العسساكر بأسسائهم و تقديسر أرزاقهسم و‬
‫صرف أعطيات م ف إبانات ا و الرجوع ف ذلك إل القوان ي ال ت يرتب ها قو مه تلك العمال و‬
‫قهارمة الدولة و هي كلها مسطورة ف كتاب شاهد بتفاصيل ذلك ف الدخل و الرج مبن‬
‫على جزء كسبي مسن السساب ل يقوهسم بسه إل الهرة مسن أهسل تلك العمال و يسسمى ذلك‬
‫الكتاب بالديوان و كذلك مكان جلوس العمال الباشر ين ل ا‪ .‬و يقال أن أ صل هذه الت سمية‬
‫أن كسرى نظر يوما إل كتاب ديوانه و هم يسبون على أنفسهم كأنم يادثون فقال ديوانه‬
‫أي مان ي بل غة الفرس ف سمي موضع هم بذلك و حذ فت الاء لكثرة ال ستعمال تفيفا فق يل‬
‫ديوان ث ن قل هذا ال سم إل كتاب هذه العمال التض من للقوان ي و ال سبانات و ق يل أ نه‬
‫اسم للشياطي بالفارسية سي الكتاب بذلك لسرعة نفوذهم ف المور و وقوفهم على اللي‬
‫معها و الفي و جعهم لا شد و تفرق ث نقل إل مكان جلوسهم لتلك العمال و على هذا‬
‫فيتناول ا سم الديوان كتاب الر سائل و مكان جلو سه بباب ال سلطان على ما يأ ت ب عد و قد‬
‫تفرد هذه الوظيفة بناظر واحد ينظر ف سائر هذه العمال و قد يفرد كل صنف منها بناظر‬
‫كما يفرد ف بعض الدول الن ظر ف العساكر و إقطاعات م و حسبان أعطيه ل م أو غي ذلك‬
‫على ح سب م صطلح الدولة و ما قرره أولو ها‪ .‬و اعلم أن هذه الوظي فة إن ا تدث ف الدول‬
‫ع ند ت كن الغلب و ال ستيلء و الن ظر ف أعطاف اللك و فنون التمه يد‪ .‬و أول من و ضع‬
‫الديوان ف الدولة ال سلمية عمر رضي ال ع نه يقاد لسبب مال أتى به أبو هريرة رضي ال‬
‫ع نه من البحر ين فا ستكثروه و تعبوا ف ق سمه ف سموا إل إح صاء الموال و ض بط العطاء و‬
‫القوق فأشار خالد بن الول يد بالديوان و قال‪ :‬رأ يت ملوك الشام يدونون فق بل م نه ع مر و‬
‫قيل بل أشار عليه به الرمزان لا رآه يبعث البعوث بغي ديوان فقيل له و من يعلهم بغيبة من‬
‫يغ يب من هم فإن من تلف أ خل بكا نه و إن ا يض بط ذلك الكتاب فأث بت ل م ديوانا و سأل‬
‫عمر عن اسم الديوان‪ .‬فعب له و لا اجتمع ذلك أمر عقيل بن أب طالب و مرمة بن نوفل و‬
‫خسبي بسن مطعسم و كانوا مسن كتاب قريسش فكتبوا ديوان العسساكر السسلمية على ترتيسب‬
‫النساب مبتدأ من قرابة رسول ال صلى ال عليه و سلم و ما بعدها القرب فالقرب هكذا‬
‫كان ابتداء ديوان ال يش و روى الزهري بن سعيد بن ال سيب أن ذلك كان ف الحرم سنة‬
‫عشر ين و أ ما ديوان الراج و البايات فب قي ب عد ال سلم على ما كان عل يه من ق بل ديوان‬
‫العراق بالفارسية و ديوان الشام بالرومية و كتاب الدواوين من أهل العهد من الفريقي و لا‬
‫جاء عبد اللك بن مروان و استحال المر ملكا و انتقل القوم من غضاضة البداوة إل رونق‬
‫الضارة و من سذاجة المية إل حذق الكتابة و ظهر ف العرب و مواليه م مهرة ف الكتاب و‬
‫السبان فأمر عبد اللك سليمان بن سعد وال الردن لعهده أن ينقل ديوان الشام إل العربية‬
‫فأكمله لسسنة مسن يوم ابتدائه و وقسف عليسه سسرحون كاتسب عبسد اللك فقال لكتاب الروم‪:‬‬
‫اطلبوا الع يش ف غ ي هذه ال صناعة ف قد قطع ها ال عن كم‪ .‬و أ ما ديوان العراق فأ مر الجاج‬
‫كات به صال بن ع بد الرح ن و كان يك تب بالعرب ية و الفار سية و ل قن ذلك عن زادان فروخ‬
‫كا تب الجاج قبله و ل ا ق تل زادان ف حرب ع بد الرح ن بن الش عث ا ستخلف الجاج‬
‫صالا هذا مكانه و أمره أن ينقل الديوان من الفارسية إل العربية ففعل و رغم لذلك كتاب‬
‫الفرس و كان ع بد الم يد بن ي ي يقول ل در صال ما أع ظم من ته على الكتاب ث جعلت‬
‫هذه الوظيفة ف دولة بن العباس مضافة إل من كان له النظر فيه كما كان شأن بن برمك و‬
‫ب ن سهل بن نوب ت و غي هم من وزراء الدولة‪ .‬و أ ما ما يتعلق بذه الوظي فة من الحكام‬
‫الشرعية ما يتص باليش أو بيت الال ف الدخل و الرج و تييز النواحي بالصلح و الغنوة و‬
‫ف تقل يد هذه الوظي فة ل ن يكون و شروط النا ظر في ها و الكا تب و قوان ي ال سبانات فأ مر‬
‫را جع إل ك تب الحكام ال سلطانية و هي م سطورة هنالك و لي ست من عرض كتاب نا و إن ا‬
‫نتكلم فيها من حيث طبيعة اللك الذي نن بصدد الكلم فيه و هذه الوظيفة جزء عظيم من‬
‫اللك بل هي ثال ثة أركا نه لن اللك ل بد له من ال ند و الال و الخاط بة ل ن غاب ع نه‬
‫فاحتاج صساحب اللك إل العوان فس أمسر السسيف و أمسر القلم و أمسر الال فينفرد صساحبها‬
‫لذلك بزء من رئاسة اللك و كذلك كال المر ف دولة بن أمية بالندلس و الطوائف بعدهم‬
‫و أ ما ف دولة الوحد ين فكان صاحبها إن ا يكون من الوحد ين ي ستقل بالن ظر ف ا ستخراج‬
‫الموال و جع ها و ضبط ها و تع قب ن ظر الولة و العمال في ها ث تنفيذ ها على قدر ها و ف‬
‫مواقيتهسا و كان يعرف بصساحب الشغال و كان رباس يليهسا فس الهات غيس الوحديسن منس‬
‫يسنها‪ .‬و لا استبد بنو أب حفص بأفريقية و كان شأن الالية من الندلس فقدم عليهم أهل‬
‫البيوتات و في هم من كان ي ستعمل ذلك ف الندلس م ثل ب ن سعيد أ صحاب القل عة جوار‬
‫غرناطة العروفي ببن أب السن فاستكفوا بم ف ذلك و جعلوا لم النظر ف الشغال كما‬
‫كان لم بالندلس و دالوا فيها بينهم و بي الوحدين ث استقل با أهل السبان و الكتاب و‬
‫خرجت عن الوحدين ث لا استغلظ أمر الاجب و نفذ أمره ف كل شأن من شؤون الدولة‬
‫تع طل هذا الر سل و صار صاحبه مرؤو سا للحا جب و أ صبح من جلة الباة و ذه بت تلك‬
‫الرئا سة ال ت كا نت له ف الدولة‪ .‬و أ ما دولة ب ن مر ين لذا الع هد فح سبان العطاء و الراج‬
‫مموع لواحد و صاحب هذه الرتبة هو الذي يصحح السبانات كلها و يرجع إل ديوانه و‬
‫نظره مع قب بن ظر ال سلطان أو الوز ير و خ طه مع تب ف صحت ال سبان ف الارج و العطاء‬
‫هذه أ صول الر تب و ال طط ال سلطانية و هي الر تب العال ية ال ت هي عا مة الن ظر و مبا شر‬
‫للسلطان‪ .‬و أما هذه الرتبة ف دولة الترك فمتنوعة و صاحب ديوان العطاء يعرف بناظر اليش‬
‫و صاحب الال مصوص باسم الوزير و هو الناظر ف ديوان الباية العامة للدولة و هو أعلى‬
‫رتب الناظرين ف الموال لن النظر ف الموال عندهم يتنوع إل رتب كثية لنفساح دولتهم‬
‫و عظمة سلطانم و أتساع الموال و البايات عن أن يستقل بضبطها الواحد من الرجال و‬
‫لو بلغ ف الكفا ية مبال غة فتع ي للن ظر العام منها هذا الخ صوص با سم الوزير و هو مع ذلك‬
‫رديف لول من موال السلطان و أهل عصبيته و أرباب السيوف ف الدولة يرجع نظر الوزير‬
‫إل نظره و يتهد جهده ف متابعته و يسمى عندهم أستاذ الدولة و هو أحد المراء الكابر ف‬
‫الدولة من ال ند و أرباب ال سيوف و يت بع هذه ال طة خ طط عند هم أخرى كل ما راج عة إل‬
‫الموال و ال سبان مق صورة الن ظر إل أمور خا صة م ثل نا ظر الاص و هو البا شر لموال‬
‫السلطان الاصة به من إقطاعاته أو سهمانه من أموال الراج و بلد الباية ما ليس من أموال‬
‫السلمي العامة و هو تت يد المي أستاذ الدار و إن كان الوزير من الند فل يكون لستاذ‬
‫الدار نظر عليه و نظر الاص تت يد الازن لموال السلطان من ماليكه السمى خازن الدار‬
‫لختصاص وظيفتهما بال السلطان الاص‪ .‬هذا بيان هذه الطة بدولة الترك بالشرق بعد ما‬
‫قدمناه من أمرها بالغرب و ال مصرف المور ل رب غيه‪.‬‬

‫ديوان الرسائل و الكتابة‬


‫هذه الوظيفة غي ضرورية ف اللك لستغناء كثي من الدول عنها رأسا كما ف الدول العريقة‬
‫ف البداوة الت ل يأخذها تذيب الضارة و ل استحكام الصنائع و إنا أكد الاجة إليها ف‬
‫الدولة السلمية شأن اللسان العرب و البلغة ف العبارة عن القاصد فصار الكتاب يؤدي كنه‬
‫الاجة ب بلغ من العبارة اللسانية ف الكثر و كان الكاتب للمي يكون من أهل نسبه و من‬
‫عظماء قسبيله كمسا كان للخلفاء و أمراء الصسحابة بالشام و العراق لعظسم أمانتهسم و خلوص‬
‫أسرارهم فلما فسد اللسان و مهار صناعة اختص بن يسنه و كانت عند بن العباس رفيعةً و‬
‫كان الكاتب يصدر السجلت مطلقة و يكتب ف آخرها اسه و يتم عليها بات السلطان و‬
‫هو طابع منقوش فيه اسم السلطان أو شارته يغمس ف طي أحر مذاب بالاء و يسمى طي‬
‫التم و يطبع به على طرف السجل عند طيه و إلصاقه ث صارت السجلت من بعدهم تصدر‬
‫باسم السلطان و يضع الكاتب فيها علمته أولً أو آخرا على حسب الختيار ف ملها و ف‬
‫لفظها ث قد تنل هذه الطة بارتفاع الكان عند السلطان لغي صاحبها من أهل الراتب ف‬
‫الدولة أو استبداد وزير عليه فتصي علمة هذا الكتاب ملغاة الكم بعلمة الرئيس عليه يستدل‬
‫با فيكتب صورة علمته العهودة و الكم لعلمة ذلك الرئيس كما وقع آخر الدولة الفصية‬
‫ل ا ارت فع شأن الجا بة و صار أمر ها إل التفو يض ث ال ستبداد ف صار ح كم العل مة ال ت‬
‫للكاتب ملغى و صورتا ثابتة إتباعا لا سلف من أمرها فصار الاجب يرسم للكاتب إمضاء‬
‫كتا به ذلك ب ط يض عه و يتخي له من صيغ النفاذ ما شاء فيأت ر الكا تب له و ي ضع العل مة‬
‫العتادة و قد يتص السلطان لنفسه بوضع ذلك إذا كان مستبدا بأمر قائما على نفسه فيسم‬
‫ال مر للكا تب لي ضع علم ته و من خ طط الكتا بة التوق يع و هو أن يلس الكا تب ب ي يدي‬
‫السلطان ف مالس حكمه و فصله و يوقع على القصص الرفوعة إليه أحكامها و الفصل فيها‬
‫متلقاة من ال سلطان بأو جز ل فظ و أبل غه فإ ما أن ت صدر كذلك و إ ما أن يذو الكا تب على‬
‫مثال ا ف سجل يكون بيد صاحب القصة و يتاج الو قع إل عار ضة من البلغة يستقيم با‬
‫توقي عه و قد كان جع فر بن ي ي يو قع ف الق صص ب ي يدي الرش يد و ير مي بالق صة إل‬
‫صاحبها فكانت توقيعاته يتنافس البلغاء ف تصيلها للوقوف فيها على أساليب البلغة و فنونا‬
‫حت قيل أنا كانت تباع كل قصة منها بدينار و هكذا كان شأن الدول‪ ،‬و اعلم أن صاحب‬
‫هذه الطة ل بد من أن يتخي أرفع طبقات الناس و أهل الرؤة و الشمة منهم و زيادة العلم‬
‫و عار ضة البل غة فأ نه معرض للن ظر ف أ صول العلم ل ا يعرض ف مالس اللوك و مقا صد‬
‫أحكامهم من أمثال ذلك ما تدعو إليه عشرة اللوك من القيام على الداب و التخلق بالفضائل‬
‫مع ما يضطر إليه ف الترسيل و تطبيق مقاصد الكلم من البلغة و أسرارها و قد تكون الرتبة‬
‫ف بعض الدول مستندة إل أرباب السيوف لا يقتضيه طبع الدولة من البعد عن معاناة العلوم‬
‫لجل سذاجة العصبية فيختص السلطان أهل عصبيته بطط دولته و سائر رتبه فيقلد الال و‬
‫السيف و الكتابة منهم فأما رتبة السيف فتستغن عن معاناة العلم و أما الال و الكتابة فيضطر‬
‫إل ذلك البل غة ف هذه و ال سبان ف الخرى فيختارون ل ا من هذه الطب قة ما د عت إل يه‬
‫الضرورة و يقلدو نه إل أ نه ل تكون يد آ خر من أ هل الع صبية غال بة على يده و يكون نظره‬
‫منصرفا عن نظره كما هو ف دولة الترك لذا العهد بالشرق فإن الكتابة عندهم و إن كانت‬
‫ل صاحب النشاء إل أ نه ت ت يد أم ي من أ هل ع صبية ال سلطان يعرف بالدويدار و تعو يل‬
‫السلطان و وثوقه به و استنامته ف غالب أحواله إليه و تعويله على الخر ف أحوال البلغة و‬
‫تطبيق القاصد و كتمان السرار و غي ذلك من توابعها‪ .‬و أما الشروط العتبة ف صاحب‬
‫هذه الرتبة الت يلحظها السلطان ف اختياره و انتقائه من أصناف الناس فهي كثية و أحسن‬
‫من استوعبها عبد الميد الكاتب ف رسالته إل الكتاب و هي‪ :‬أما بعد حفظكم ال يا أهل‬
‫صناعة الكتابة و حاطكم و وفقكم و أرشدكم فإن ال عز و جل جعل الناس بعد النبياء و‬
‫الرسلي صلوات ال و سلمه عليهم أجعي و من بعد اللوك الكرمي أصنافا و إن كانوا ف‬
‫القي قة سواء و صرفهم ف صنوف ال صناعات و ضروب الحاولت إل أ سباب معاش هم و‬
‫الواب أرزاق هم فجعل كم مع شر الكتاب ف أشرف الهات أ هل الدب و الرؤات و العلم و‬
‫الرزانة بكم ينتظم للخلفة ماسنها و تستقيم أمورها و بنصحائكم يصلح ال للخلق سلطانم‬
‫و تعمر بلدانم ل يستغن اللك عنكم و ل يوجد كاف إل منكم فموقعكم من اللوك موقع‬
‫أساعهم الت با يسمعون و أبصارهم الت با يبصرون و ألسنتهم الت با ينطقون و أيديهم الت‬
‫با يبطشون فأمتعكم ال با خصكم من فصل صناعتكم و ل نزع عنكم ما أضفاه من النغمة‬
‫عليكسم و ليسس أحسد مسن أهسل الصسناعات كلهسا أحوج إل اجتماع خلل اليس الحمودة و‬
‫خصال الفضل الذكورة العدودة منهم أيها الكتاب إذا كنتم على ما يأت ف هذا الكتاب من‬
‫صفتكم فإن الكا تب يتاج ف نف سه و يتاج م نه صاحبه الذي ي ثق به ف مهمات أموره أن‬
‫يكون حليما ف مو ضع اللم فهيما ف مو ضع ال كم مقداما ف مو ضع القدام مجما ف‬
‫مو ضع الحجام مؤثرا للعفاف و العدل و الن صاف كتوما لل سرار و فيا ع ند الشدائد عالا‬
‫با يأت من النوازل يضع المور مواضعها و الطوارق ف أماكنها قد نظر ف كل فن من فنون‬
‫العلم فأحكمه و إن ل يكمه أخذ منه بقدار ما يكتفي به يعرف بغريزة عقله و حسن أدبه و‬
‫فضل تربته ما يرد عليه قبل وروده و عاتبة ما يصدر عنه قبل صدور فيعد لكل أمر عدته و‬
‫عتاده و يهيء لكل وجه هيئته و عادته فتنافسوا يا معشر الكتاب ف صنوف الداب و تفقهوا‬
‫ف الد ين و ابدأوا بعلم كتاب ال عز و جل و الفرائض ث العرب ية فإن ا ثقاف أل سنتكم ث‬
‫أجيدوا ال ط فإ نه حل ية كتب كم و ارووا الشعار و اعرفوا غريب ها و معاني ها و أيام العرب و‬
‫العجم و أحاديثها و سيها فإن ذلك معي لم على ما تسمو إليه همكم و ل تضيعوا النظر‬
‫ف الساب فإنه قوام كتاب الراج و ارغبوا بأنفسكم عن الطامع سنيها و دنيها و سفساف‬
‫س فإناس مذلة للرقاب مفسسدة للكتاب و نزهوا صسناعتكم عسن الدناءة و اربأوا‬ ‫المور و ماقره ا‬
‫بأنفسكم عن السعاية و النميمة و ما فيه أهل الهالت و إياكم و الكب و السخف و العظمة‬
‫فإنا عداوة متلبة من غي إحنة و تابوا ف ال عز و جل ف صناعتكم و تواصوا عليها بالذي‬
‫هو أليق لهل الفضل و العدل و النبل من سلفكم و إن نبا الزمان برجل منكم فاعطفوا عليه‬
‫و آسوه حت يرجع إليه حاله و يثوب إليه أمره و إن أقعد أحدا منهم الكن عن مكسبه و لقاء‬
‫إخوانه فزوروه و عظموه و شاوروه و استظهروا بفضل تربته و قدي معرفته و ليكن الرجل‬
‫منكسم على مسن اصسطنعه و اسستظهر بسه ليوم حاجتسه إليسه أحوط منسه على ولده و أخيسه فإن‬
‫عرضت ف الشغل ممدة فل يصفها إل إل صاحبه و إن عرضت مذمة فليحملها هو من دونه‬
‫و ليحذر السقطة و الزلة و اللل عند تغي الال فإن العيب إليكم معشر الكتاب أسرع منه إل‬
‫القراء و هو لكم أفسد منه لم فقد علمتم أن الرجل منكم إذا صحبة من يبذل له من نفسه ما‬
‫يبس له عليسه مسن حقسه فواجسب عليسه أن يعتقسد له مسن وفائه و شكره و احتماله و خيه و‬
‫نصيحته و كتمان سر و تدبي أمر ما هو جزاء لقه و يصدق ذلك بفعاله عند الاجة إليه و‬
‫الضطرار إل ما لد يه فا ستشعروا ذلك و فق كم ال من أنف سكم ف حالة الرخاء و الشدة و‬
‫الرمان و الؤاساة و الحسان و السراء و الضراء فنعمت السيمة هذه من وسم با من أهل‬
‫هذه الصناعة الشريفة و إذا ول الرجل منكم أو صي إليه من أمر خلق ال و عياله أمر فلياقب‬
‫ال عز و جل و ليؤثر طاعته و ليكن على الضعيف رفيقا و للمظلوم منصفا ( فإن اللق عيال‬
‫ال و أحبهم إليه أرفقهم بعياله ) ث ليكن بالعدل حاكما و للشراف مكرما و للفيء موفرا و‬
‫للبلد عامرا و للرعيسة متألفا و عسن أذاهسم متخلفا و ليكسن فس ملسسه متواضعا حليما و فس‬
‫سجلت خرا جه و ا ستقضاء حقو قه رفيقا و إذا صحب أحد كم رجلً فليخ تب خلئ قه فإذا‬
‫عرف ح سنها و قبح ها أعا نه على ما يواف قه من ال سن و احتال على صرفه ع ما يهواه من‬
‫الق بح بأل طف حيلة و أج ل و سبيلة و قد علم تم أن سائس البهي مة إذا كان ب صي ب سياستها‬
‫الت مس معر فة إخلقها فإن كا نت رموحا ل يهج ها إذا ركب ها و إن كا نت شبوبا أتقا ها من‬
‫ب ي يدي ها و إن خاف من ها شرودا توقا ها من ناح ية رأ سها و إن كا نت حرونا ق مع بر فق‬
‫هواها ف طرقها فإن استمرت عطفها يسيا فيسلس له قيادها و ف هذا الوصف من السياسة‬
‫دلئل لن ساس الناس و عاملهم و جربم و داخلهم و الكاتب يفضل أدبه و شريف صنعته و‬
‫لطيسف حيلتسه و معاملتسه لبس ياوره من الناس و يناظره و يفهسم عنسه أو ياف سسطوته أول‬
‫بالرفق لصاحبه و مداراته و تقوي أوده من سائس البهيمة الت ل تي جوابا و ل تعرف صوابا‬
‫و ل تف هم خطابا إل بقدر ما يصيها إليه صاحبها الراكب عليها أل فارفقوا رح كم ال ف‬
‫الن ظر و اعملوا ما أمكن كم ف يه من الرو ية و الف كر تأمنوا بإذن ال م ن صحبتموه النبوة و‬
‫الستثقال و الفوة و يصي منكم إل الوافقة و تصيوا منه إل الؤاخاة و الشفقة إن شاء ال‪.‬‬
‫و ل ياوزن الرجل منكم ف هيئة ملسه و ملبسه و مركبه و مطعمه و مشربه و بنائه و خدمه‬
‫و غي ذلك من فنون أمر قدر حقه فإنكم مع ما فضلكم ال به من شرف صنعتكم خدمة ل‬
‫تملون ف خدمتكم على التقصي و حفظة ل تتمل منكم أفعال التضييع و التبذير و استعينوا‬
‫على عفاف كم بالق صد ف كل ما ذكر ته ل كم و ق صصته علي كم و احذروا متالف ال سرف و‬
‫سوء عاق بة الترف فإنما يعقبان الفقر و يذلن الرقاب و يفصحان أهلهما و سيما الكتاب و‬
‫أرباب الداب و للمور أشباه و بعض ها دل يل على ب عض فا ستدلوا على مؤت نف أعمال كم ب ا‬
‫سبقت إليه تربتكم ث اسلكوا من مسالك التدبي أوضحها مجةً و أصدقها حجةً و أحدها‬
‫عاقبةً و اعلموا أن للتدب ي آ فة متل فة و هو الو صف الشا غل ل صاحبه عن إنقاذ عل مه و روي ته‬
‫فليقصد الرجل منكم ف ملسه قصد الكاف من منطقه و ليوجز ف ابتدائه و جوابه و ليأخذ‬
‫بجا مع حج جه فإن ذلك م صلحة لفعله و مدف عه للتشا غل عن إكثاره و ليضرع إل ال ف‬
‫صلة توفي قه و إمداده بتسديده مافة وقوعه ف الغلط الضر ببدنه و عقله و أدبه فإنه إن ظن‬
‫من كم ظان أو قال قائل إن الذي برز من ج يل صنعته و قوة حرك ته إن ا هو بف صل حيل ته و‬
‫حسن تدبيه ف قد تعرض بظ نه أو مقال ته إل أن يكله ال عز و جل إل نف سه في صي من ها إل‬
‫غ ي كاف و ذلك على من تأمله غ ي خاف و ل ي قل أ حد من كم إ نه أب صر بالمور و أح ل‬
‫لعبء التدبي من مرافقه ف صناعته و مصاحبه ف خدمته فإن أعقل الرجلي عند ذوي اللباب‬
‫من ر مى بالع جب وراء ظهره و رأى أن أ صحابه أع قل م نه و أح د ف طريق ته و على كل‬
‫واحد من الفريقي أن يعرف فضل نعم ال جل ثنأوه من غي اغترار برأيه و ل تزكية لنفسه و‬
‫ل يكاثسر على أخيسه أو نظيه و صساحبه و عشيه و حدس ال واجسب على الميسع و ذلك‬
‫بالتواضع لعظمته و التذلل لعزته و التحدث بنعمته و أنا أقول ف كتاب هذا ما سبق به الثل‬
‫من تلزمه النصيحة يلزمه العمل و هو جوهر هذا الكتاب و غره كلمه بعد الذي فيه من ذكر‬
‫ال عز و جل فلذلك جعلته آخره و تمته به تولنا ال و إياكم يا معشر الطلبة و الكتبة با‬
‫يتول به من سبق عليه بإسعاده و إرشاده فإن ذلك إليه و بيده و السلل عليكم و رحة ال و‬
‫بركاته‪.‬‬
‫( الشرطة )‪ :‬و يسمى صاحبها لذا العمل بأفريقية الاكم و ف دولة أهل الندلس صاحب‬
‫الدينة و ف دولة الترك الوال‪ .‬و هي وظيفة مرؤوسة لصاحب السيف ف الدولة و حكمه نافذ‬
‫ف صاحبها ف بعض الحيان و كان أصل و ضعها ف الدولة العباسية لن يقيم أحكام الرائم‬
‫ف حال اسبدادها أولً ث الدود بعد استيفائها فإن التهم الت تعرض ف الرائم ل نظر للشرع‬
‫إل ف ا ستيفاء حدود ها و لل سياسة الن ظر ف ا ستيفاء موجبات ا بإقرار يكر هه عل يه الا كم إذا‬
‫احتفت به القرائن لا توجبه الصلحة العامة ف ذلك فكان الذي يقوم بذا الستبداد و باستيفاء‬
‫الدود بعده إذا تنه عنه القاضي يسمى صاحب الشرطة و ربا جعلوا إليه النظر ف الدود و‬
‫الدماء بإطلق‪ ،‬و أفردوهسا مسن نظسر القاضسي و نزهوا هذه الرتبسة و قلدوهسا كبار القواد و‬
‫عظماء الا صة من موالي هم و ل ت كن عا مة التنف يذ ف طبقات الناس إن ا كان حكم هم على‬
‫الدماء و أ هل الر يب و الضرب على أيدي الرعاع و الفجرة‪ .‬ث عظ مت نباهت ها ف دولة ب ن‬
‫أمية بالندلس و نوعت إل شرقي كبى و شرطة صغرى و جعل حكم الكبى على الاصة‬
‫و الدماء و جعل له الكم على أهل الراتب السلطانية و الضرب على أيديهم ف الظلمات و‬
‫على أيدي أقاربم و من إليه من أهل الاه و جعل صاحب الصغرى مصوصا بالعامة و نصب‬
‫لصاحب الكبى كرسي بباب دار السلطان و رجال يتبوؤن القاعد بي يديه فل يبحون عنها‬
‫إل ف ت صريفه و كا نت وليت ها للكابر من رجالت الدولة ح ت كا نت ترشيحا للوزارة و‬
‫الجابة‪.‬‬
‫و أما ف دولة الوحدين بالغرب فكان لا حظ من التنويه إن ل يعلوها عامة و كان ل يليها‬
‫إل رجالت الوحد ين و كباؤهم و ل ي كن له التح كم على أ هل الرا تب السلطانية ث فسد‬
‫اليوم منصبها و خرجت عن رجال الوحدين و صارت وليتها لن قام با من الصطنعي‪ .‬و‬
‫أما ف دولة بن مرين لذا العهد بالشرق فوليتها ف بيوت مواليه و أهل اصطناعهم و ف دولة‬
‫الترك بالشرق ف رجالت الترك أو أعقاب أهل الدولة قبلهم من الترك يتخيونم لا ف النظر‬
‫با يظهر منهم من الصلبة و الضاء ف الحكام لقطع مواد الفساد و حسم أبواب الدعارة و‬
‫تريب مواطن الفسوق و تفريق مامعه مع إقامة الدود الشرعية و السياسة كما تقتضيه رعاية‬
‫الصال العامة ف الدينة و ال مقلب الليل و النهار و هو العزيز البار و ال تعال أعلم‪.‬‬
‫( قيادة الساطيل )‪ :‬و هي من مراتب الدولة و خططها ف ملك الغرب و أفريقية و مرؤسة‬
‫ل صاحب ال سيف و ت ت حك مه ف كث ي من الحوال و ي سمى صاحبها ف عرف هم البلم ند‬
‫بتفخيم اللم منقولً من لغة الفرنة فإنه اسها ف اصطلح لغتهم و إنا اختصت هذه الرتبة‬
‫بلك أفريقية و الغرب لنما جيعا على ضفة البحر الرومي من جهة النوب و على عدوته‬
‫النوبية بلد الببر كلهم من سبتة إل الشام و على عدوته الشمالية بلد الندلس و الفرنة و‬
‫ال صقالبة و الروم إل بلد الشام أيضا و ي سمى الب حر الرو مي و الب حر الشا مي ن سبةً إل أ هل‬
‫عدوته و الساكنون بسيف هذا البحر و سواحله من عدوتيه يعانون من أحواله مال تعانيه أمة‬
‫من أمم البحار فقد كانت الروم و الفرنة و القوط بالعدوة الشمالية من هذا البحر الرومي و‬
‫كانت أكثر حروبم و متاجرهم ف السفن فكانوا مهرة ف ركوبه و الرب ف أساطيله و لا‬
‫أسسف مسن أسسف منهسم إل تلك العدوة النوبيسة مثسل الروم إل أفريقيسة و القوط إل الغرب‬
‫أجازوا ف الساطيل و ملكوها و تغلبوا على الببر با و انتزعوا من أيديهم أمرها و كان لا‬
‫باس الدن الافلة مثسل قرطاجنسة و سسبيطلة و جلولء و مرناق و شرشال و طنجسة و كان‬
‫صساحب قرطاجنسة مسن قبليهسم يارب صساحب رومسة و يبعسث السساطيل لربسه مشحونسة‬
‫بالع ساكر و الدد فكا نت هذه عادة ل هل هذا الب حر ال ساكني حفاف يه معرو فة ف القد ي و‬
‫الد يث و ل ا ملك ال سلمون م صر ك تب ع مر بن الطاب إل عمرو بن العاص ر ضي ال‬
‫عنهما أن ( صف ل البحر ) فكتب إليه‪ ( :‬إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على‬
‫عود ) فأو عز حينئذ بنع ال سلمي من ركو به و ل يرك به أحد من العرب إل من افتات على‬
‫عمر ف ركوبه و نال من عقابه كما فعل بعرفجة بن هرثة الزدي سيد بيلة لا أغزاه عمال‬
‫فبلغه غزوه ف البحر فأنكر عليه و عنفه أنه ركب البحر للغزو و ل يزل الشأن ذلك حت إذا‬
‫كان لعهد معاوية أذن للمسلمي ف ركوبه و الهاد على أعواده و السبب ف ذلك أن العرب‬
‫لبداوتم ل يكونوا مهرة ف ثقافته و ركوبه و الروم و الفرنة لمارستهم أحواله و مرباهم ف‬
‫التقلب على أعواده مرنوا عليسه و أحكموا الدرايسة بثقافتسه فلمسا اسستقر اللك للعرب و شخس‬
‫سلطانم و صارت أمم الع جم خول ل م و ت ت أيدي هم و تقرب كل ذي صنعة إلي هم ببلغ‬
‫صناعته و استخدموا من النواتية ف حاجاتم البحرية أما و تكررت مارستهم للبحر و ثقافته‬
‫و اسستحدثوا بصسراء باس فشرهوا إل الهاد فيسه و أنشأوا السسفن فيسه و الشوانس و شحنوا‬
‫ال ساطيل بالرجال و ال سلح و أمطو ها الع ساكر و القاتلة ل ن وراء الب حر من أ مم الك فر و‬
‫اخت صوا بذلك من مالك هم و ثغور هم ما كان أقرب لذا الب حر و على حاف ته م ثل الشام و‬
‫أفريق ية و الغرب و الندلس و أو عز اللي فة ع ند اللك إل ح سان بن النعمان عا مل أفريق ية‬
‫باتاذ دار صناعة بتو نس لنشاء اللت البحر ية حر صا على مرا سم الهاد و من ها كان ف تح‬
‫صقلية أيام زيادة ال الول ابن إبراهيم بن الغلب على يد أسد بن الفرات شيخ الفتيا و فتح‬
‫قوصرة أيضا ف أيامه بعد أن كان معاوية بن حديج أغزى صقلية أيام معاوية بن أب سفيان‬
‫فلم يف تح ال على يد يه و فت حت على يد ا بن الغلب و قائده أ سد بن الفرات و كا نت من‬
‫بعد ذلك أساطيل أفريقية و الندلس ف دولة العبيديي و المويي تتعاقب إل بلدها ف سبيل‬
‫الفتنسة فتجوس خلل السسواحل بالفسساد و التخريسب‪ .‬و انتهسي أسسطول الندلس أيام عبسد‬
‫الرح ن النا صر إل مائ ت مر كب أو نو ها و أ سطول أفريق ية كذلك مثله أو قريبا م نه و كان‬
‫قائد السساطيل بالندلس ابسن دماحسس و مرفأهسا للخسط و القلع بايسة و الريسة و كانست‬
‫أساطيلها متمعة من سائر المالك من كل بلد تتخذ فيه السفن أسطول يرجع نظره إل قائد‬
‫من النواتية يدبر أمر حربه و سلحه و مقاتلته و رئيس يدبر أمر جزيته بالريح أو بالجاذيف و‬
‫أ مر إر سائه ف مرفئه فإذا اجتم عت ال ساطيل لغزو مت فل أو غرض سلطان م هم ع سكرت‬
‫برفئها العلوم و شحنها السلطان برجاله و أناد عساكره و مواليه و جعلهم لنظر أمي واحد‬
‫من أعلى طبقات أهل ملكته يرجعون كلهم إليه ث يسرحهم لوجههم و ينتظر إيابم الفتح و‬
‫الغنيمة و كان السلمون لعهده الدولة السلمية قد غلبوا على هذا البحر من جيع جوانبه و‬
‫عظمت صولتهم و سلطانم فيه فلم يكن للمم النصرانية قبل بأساطيلهم بشي من جوانبه و‬
‫امتطوا ظهره للف تح سائر أيام هم فكا نت ل م القامات العلو مة من الف تح و الغنائم و ملكوا‬
‫سائر الزائر النقطعة عن السواحل فيه مثل ميورقة و منورقة و يابسة و سردانية و صقلية و‬
‫قوصرة و مالطة و أقريطش و قبص و سائر مالك الروم و الفرنج و كان أبو القاسم الشيعي‬
‫و أبناوه يغزون أ ساطيلهم من الهد ية جزيرة جنوة فتنقلب بالظ فر و الغني مة و افت تح ما هد‬
‫العامري صاحب دانية من ملوك الطوائف جزيرة سردانية ف أساطيل سنة خس و أربعمائة و‬
‫ارتعها النصارى لوقتها و السلمون خلل ذلك كله قد تغلبوا على كثي من لة هذا البحر و‬
‫صارت أساطيلهم فيهم جائية و ذاهبة و العساكر السلمية تيز البحر ف الساطيل من صقلية‬
‫إل الب الكبي القابل لا من العدوة الشمالية فتوقع بلوك الفرنج و تثخن ف مالكهم كما وقع‬
‫فس أيام بنس السسي ملوك صسقلية القائميس فيهسا بدعوة العسبيديي و انازت أمسم النصسرانية‬
‫بأساطيلهم إل الالب الشمال الشرقي منه من سواحل الفرنة و الصقالبة و جزائر الرومانية‬
‫ل يعدونا و أساطيل السلمي قد ضربت عليهم ضراء السد على فريسته و قد ملت الكثر‬
‫من بسيط هذا البحر عدة و عددا و اختلفت ف طرقه سلما و حربا فلم تظهر للنصرانية فيه‬
‫ألواح حت إذا أدرك الدولة العبيدية و الموية الفشل و الوهن و طرقها العتلل مد النصارى‬
‫أيديهم إل جزائر البحر الشرقية مثل صقلية و إقريطش و مالطة فملكوها ث ألوا على سواحل‬
‫الشام ف تلك الفترة و ملكوا طرابلس و عسقلن و صور و عكاء و استولوا على جيع الثغور‬
‫ب سواحل الشام و غلبوا على ب يت القدس و بنوا عل يه كني سة لظ هر دين هم و عبادت م و غلبوا‬
‫ب ن خزرون على طرابلس ث على قا بس و صفاقس و وضعوا علي هم الز ية ث ملكوا الهد ية‬
‫مقر ملوك العبيديي من يد أعقاب بلكي بن زيري و كانت لم ف الائة الامسة الكرة بذا‬
‫البحر و ضعف شأن الساطيل ف دولة مصر و الشام إل أن انقطع و ل يعتنوا بشيء من أمره‬
‫لذا الع هد ب عد أن كان ل م به ف الدولة العبيد ية عنا ية تاوزت ال د ك ما هو تاوزت ف‬
‫أخبارهم فبطل رسم هذه الوظيفة هنالك و بقيت بأفريقية و الغرب فصارت متصة با و كان‬
‫الا نب الغر ب من هذا الب حر لذا الع هد موفور ال ساطيل ثا بت القوة ل يتحي فه عدو و ل‬
‫كانت لم به كرة فكال قائد السطول به لعهد لتونة بن ميمون رؤساء جزيرة قادس و من‬
‫أيدي هم أخذ ها ع بد الؤ من بت سليمهم و طاعت هم و انت هى عدد أ ساطيلهم إل الائة من بلد‬
‫العدوت ي جيعا‪ .‬و ل ا ا ستفحلت دولة الوحد ين ف الائة ال سادسة و ملكوا العدوت ي أقاموا‬
‫خ طة هذا ال سطول على أ ت ما عرف و أع ظم ما ع هد و كان قائد أ سطولم أح د ال صقلي‬
‫أصله من صد غيار الوطني بزيرة جربة من سرويكش أسرة النصارى من سواحلها و رب‬
‫عندهم و استخلصه صاحب صقلية و استكفاه ث هلك‪ ،‬و ول النة فأسخطه ببعض النعات‬
‫و خشي على نفسه و لق بتونس و نزل على السند با من بن عبد الؤمن و أجاز مراكش‬
‫فتلقاه الليفة يوسف بن عبد الؤمن بالبة و الكرامة و أجزل الصلة و قلده أمر أساطيله فجلى‬
‫ف جهاد أ مم الن صرانية و كا نت له آثار و أخبار و مقامات مذكورة ف دولة الوحد ين‪ .‬و‬
‫انتهت أساطيل السلمي على عهده ف الكثرة و الستجادة إل ما ل تبلغه من قبل و ل بعد‬
‫في ما عهدناه و ل ا قام صلح الد ين يو سف بن أيوب ملك م صر و الشام لعهده با سترجاع‬
‫ثغور الشام من يد أمم النصرانية و تطهي بيت القدس تتابعت أساطيلهم بالدد لتلك الثغور من‬
‫كل ناح ية قري بة لب يت القدس الذي كانوا قد ا ستولوا عل يه فأمدو هم بالعدد و القوات و ل‬
‫تقاومهم أساطيل السكندرية لستمرار الغلب لم ف ذلك الانب الشرقي من البحرية و تعدد‬
‫أساطيلهم فيه و ضعف السلمي منذ زمان طويل عن مانعتهم هناك كما أشرنا إليه قبل فأوفد‬
‫صلح الدين على أب يعقوب فمنصور سلطان الغرب لعهده من الوحدين رسوله عبد الكري‬
‫بن منقذ من ملوك بن منقذ ملوك شيزر‪ ،‬و كان ملكها من أيديهم و أبقى عليهم ف دولته‬
‫فبعسث عنسد الكريس منهسم هذا إل ملك الغرب طالبا مدد السساطيل لتحول فس البحسر بيس‬
‫أساطيل الجانب و بي مرامهم من أمداد النصرانية بثغور الشام و أصحبه كتابة إليه ف ذلك‬
‫مسن إنشاء الفاضسل البيسسان يقول فس افتتاحسه ( فتسح ال لسسيدنا أبواب الناحسج و اليامسن )‬
‫حسبما نقله العماد الصفهان ف كتاب الفتح القيسي فنقم عليهم النصور تافيهم عن خطابه‬
‫بأمي الؤمني و أسرها ف نفسه و حلهم على مناهج الب و الكرامة و ردهم إل مرسلهم و ل‬
‫يبه إل حاجته من ذلك و ف هذا دليل على اختصاص ملك الغرب بالساطيل و ما حصل‬
‫للنصرانية ف الانب الشرقي من هذا البحر من الستطالة و عدم عناية الدول بصر و الشام‬
‫لذلك العهد و ما بعده لشأن الساطيل البحرية و الستعداد منها للدولة و لا هلك أبو يعقوب‬
‫الن صور و اعتلت دولة الوحد ين و ا ستولت أم هم اللل قة على الك ثر من بلد الندلس و‬
‫ألأوا ال سلمي إل سيف الب حر و ملكوا الزائر ال ت بالا نب الغر ب ف من الب حر الرو مي‬
‫قويت ريهم ف بسيط هذا البحر و اشتدت شوكتهم و كثرت فيه أساطيلهم و تراجعت قوة‬
‫ال سلمي ف يه إل الساواة مع هم ك ما و قع لع هد ال سلطان أ ب ال سن ملك زنا تة بالغرب فإن‬
‫أ ساطيله كا نت ع ند مرا مه الهاد م ثل عدة الن صرانية و عديد هم ث تراج عت عن ذلك قوة‬
‫ال سلمي ف ال ساطيل لض عف الدولة و ن سيان عوائد الب حر بكثرة العوائد البدو ية بالغرب و‬
‫انقطاع الوائد الندلسية و رجع النصارى فيه إل دينهم العروف من الدربة فيه و الران عليه‬
‫و البصر بأحواله و غلب المم ف لته على أعواده و صار السلمون فيه كالجانب إل قليلً‬
‫من أ هل البلد ال ساحلية ل م الران عل يه لو وجدوا كثرة من الن صار و العوال أو قلة من‬
‫الدولة تستجيش لم أعوانا و ترضع لم ف هذا الغرض مسلكا و بقيت الرتبة لذا العهد ف‬
‫الدولة الغرب ية مفو ظة و الر سم ف معاناة ال ساطيل بالنشاء و الركوب مهودا ل ا ع ساه أن‬
‫تد عو إليه الاجة من الغراض السلطانية ف البلد البحرية و السلمون يستهبون الر يح على‬
‫الكفر و أهله فمن الشتهر بي أهل الغرب عن كتب الدثان أنه ل بد للمسلمي من الكرة‬
‫على النصرانية و افتتاح ما وراء البحر من بلد الفرنة و أن ذلك يكون ف الساطيل و ال و‬
‫ل الؤمني و هو حسبنا و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الامس و الثلثون ف التفاوت بي مراتب السيف و القلم ف الدول‬


‫إعلم أن السيف و القلم كلها آلة لصاحب الدولة يستعي با على أمر إل أن الاجة ف أول‬
‫الدولة إل ال سيف ما دام أهل ها ف ته يد أمر هم أ شد من الا جة إل القلم لن القلم ف تلك‬
‫الال خادم فقط منفذ للحكم السلطان و السيف شريك ف العونة و كذلك ف آخر الدولة‬
‫ح يث تض عف ع صبيتهما ك ما ذكرناه و ي قل أهل ها ب ا ينال م من الرم الذي قذفناه فتحتاج‬
‫الدولة إل الستظهار بأرباب السيوف و تقوى الا جة إليهم ف حاية الدولة و الدافعة عنها‬
‫ك ما كان الشأن أول ال مر ف تهيد ها فيكون لل سيف مز ية على القلم ف الالت ي و يكون‬
‫أرباب السيف حينئذ أوسع جاها و أكثر نعمة و اسن إقطاعا و أما ف وسط الدولة فيستغن‬
‫صاحبها بعض الشيء عن السيف لنه قد تهد أمره و ل يبقى هه إل ف تصيل ثرات اللك‬
‫من البا ية و الض بط و مباهاة الدول و تنف يذ الحكام و القلم هو الع ي له ف ذلك فتع ظم‬
‫الاجة إل تصريفه و تكون السيوف مهملة ف مضاجع أعمالا إل إذا أنابت نائبة أو دعيت‬
‫إل سد فر جة و م ا سوى ذلك فل حا جة إلي ها فتكون أرباب القلم ف هذه الا جة أو سع‬
‫جاها و أعلى رتبة و أعظم نعمةً و ثروةً و أقرب من السلطان ملسا و أكثر إليه ترددا و ف‬
‫خلوا ته نيا ل نه حينئذ آل ته ال ت ب ا ي ستظهر على ت صيل ثرات مل كه و الن ظر إل أعطا فه و‬
‫تثقيف أطرافه و الباهاة بأحواله و يكون الوزراء حينئذ و أهل السيوف مستغن عنهم مبعدين‬
‫عن باطن السلطان حذرين على أنفسهم من بوادره‪ .‬و ف معن ذلك ما كتب به أبو مسلم‬
‫للمنصور حي أمره بالقدوم أما بعد فإنه ما حفظناه من وصايا الفرس أخوف ما يكون الوزراء‬
‫إذا سكنت الدها سنة ال ف عباده و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السادس و الثلثون ف شارات اللك و السلطان الاصة به‬


‫إعلم أن للسلطان شارات و أحوالً تقتضيها البة و البذخ فيختص با و يتميز بانتحالا عن‬
‫الرعية و البطالة و سائر الرؤساء ف دولته فنذكر ما هو مشتهر منها ببلغ العرفة ( و فوق كل‬
‫ذي علم عليم )‪.‬‬
‫اللة‪ :‬فمسن شارات اللك اتاذ اللة مسن نشسر اللويسة و الرايات و قرع الطبول و النفسخ فس‬
‫البواق و القرون و قد ذ كر أر سطو ف الكتاب الن سوب إل يه ف ال سياسة أن ال سر ف ذلك‬
‫إرهاب العدو ف الرب فإن ال صوات الائلة ل ا تأث ي ف النفوس بالرو عة و لعمري أ نه أ مر‬
‫وجدان ف مواطن الرب يده كل أحد من نفسه و هذا السبب الذي ذكره أرسطو أن كان‬
‫ذكره فهو صحيح ببعض العتبارات‪ .‬و أما الق ف ذلك فهو أن النفس عند ساع النغم و‬
‫الصوات يدركها الفرح و الطرب بل شك فتصيب مزاج الروح نشوة يستسهل با الصعب‬
‫و يستميت ف ذلك الوجه الذي هو فيه و هذا موجود حت ف اليوانات العجم بانفعال البل‬
‫بالداء و اليسل بالصسفي و الصسريخ كمسا علمست و يريسد ذلك تأثيا إذا كانست الصسوات‬
‫متنا سبة ك ما ف الغناء و أ نت تعلم ما يدث ل سامعه من م ثل هذا الع ن ل جل ذلك تت خذ‬
‫الع جم ف موا طن حروب م اللت الو سيقية ل طبلً و ل بوقا فيحدق الغنون بال سلطان ف‬
‫موكبسه بآلتمس و يغنون فيحركون نفوس الشجعان بضربمس إل السستماتة و لقسد رأينسا فس‬
‫حروب العرب مسن يتغنس أمام الوكسب بالشعسر و يطرب فتجيسش همس البطال باس فيهسا و‬
‫ي سارعون إل مال الرب و ينب عث كل قرن إل قر نه و كذلك زنا تة من أ مم الغرب يتقدم‬
‫الشا عر عند هم أمام ال صفوف و يتغ ن فيحرك بغنائه البال الروا سي و يب عث على ال ستماتة‬
‫من ل يظن با و يسمون ذلك الغناء تاصو كايت و أصله كأنه فرح يدث ف النفس فتنبعث‬
‫ع نه الشجا عة كما تنب عث عن نشوة ال ب ب ا حدث عن ها من الفرح و ال أعلم و أ ما تكثي‬
‫الرايات و تلوين ها و إطالت ها فالق صد به التهو يل ل أك ثر و ب ا تدث ف النفوس من التهو يل‬
‫زيادة ف القدام و أحوال النفوس و تنويعاتا غريبة و ال اللق العليم‪ .‬ث أن اللوك و الدول‬
‫يتلفون ف اتاذ هذه الشارات فمنهم مكثر و منهم مقلل بسب أتساع الدولة و عظمها فأما‬
‫الرايات فإن ا شعار الروب من ع هد اللي قة و ل تزل ال مم تعقد ها ف موا طن الروب و‬
‫الغزوات لعهد النب صلى ال عليه و سلم و من بعده من اللفاء‪ .‬و أما قرع الطبول النفخ ف‬
‫البواق فكان السسلمون لول اللة متجافيس عنسه تنهسا عسن غلظسة اللك و رفضا لحواله و‬
‫احتقارا لب ته ال ت لي ست من ال ق ف ش يء ح ت إذا انقل بت الل فة ملكا و تبجحوا بزهرة‬
‫الدن يا و نعيم ها و ل ب سهم الوال من الفرس و الروم أ هل الدول ال سالفة و أرو هم ما كان‬
‫أولئك ينتحلونه من مذاهب البذخ و الترف فكان ما استحسنوه اتاذ اللة فأخذوها و أذنوا‬
‫لعمالم ف أتاذها تنويها باللك و أهله فكثيا ما كان العامل صاحب الثغر أو قائد اليش و‬
‫يع قد له اللي فة من العبا سيي أو ال عبيديي لواءه و يرج إل بع ثه أو عمله من دار اللي فة أو‬
‫داره ف موكب من أصحاب الرايات و اللت فل ييز بي موكب العامل و الليفة إل بكثرة‬
‫اللو ية و قلتها أو ب ا اخ تص به اللي فة من اللوان لراي ته كالسواد ف رايات بن العباس فإن‬
‫راياتم كانت سودا حزنا على شهدائهم من بن هاشم و نعيا على بن أمية ف قتلهم و لذلك‬
‫سوا السودة‪ ،‬و لا افترق أمر الاشيي و خرج الطالبيون على العباسيي من كل جهة و عصر‬
‫ذهبوا إل مالفت هم ف ذلك فاتذوا الرايات بيضا و سوا البي ضة لذلك سائر أيام ال عبيديي و‬
‫من خرج من الطالبيي ف ذلك العهد بالشرق كالداعي بطبستان و داعي صعدة أو من دعا‬
‫إل بدعة الرافضة من غيهم كالقرامطة‪ .‬و لا نزع الأمون عن لبس السواد و شعاره ف دولته‬
‫عدل إل لون الضرة فج عل راي ته خضراء‪ .‬و أ ما ال ستكثار من ها فل ينت هي إل حد و قد‬
‫كانت أنه العبيدبي لا خرج العزيز إل فتح الشام خسمائة من البنود و خسمائة من البواق‪.‬‬
‫و أما ملوك الببر بالغرب من صنهاجة و غيها فلم يتصوا بلون واحد بل وشوها بالذهب و‬
‫اتذو ها من الر ير الالص ملو نة و ا ستمروا على الذن في ها لعمال م ح ت إذا جاءت دولة‬
‫الوحد ين و من بعد هم من زنا تة ق صروا اللة من الطبول و البنود على ال سلطان و حظرو ها‬
‫على من سواه من عماله و جعلوا لا موكبا خاصا يتبع أثر السلطان ف مسيه يسمى الساقة و‬
‫هم فيه بي م كر و م قل باختلف مذاهب الدول ف ذلك فمنهم من يقت صر على سبعة من‬
‫العدد تبكا بالسنة كما هو ف دولة الوحدين و بن الحر بالندلس و منهم من يبلغ العشرة‬
‫و العشرين كما هو عند زناتة و قد بلغت ف أيام السلطان أب السن فيما أدركناه مائة من‬
‫الطبول و مائة من البنود ملونة بالرير منسوجة بالذهب ما بي كبي و صغي و يأذنون للولة‬
‫و العمال و القواد ف اتاذ را ية واحدة صغية من الكتان بيضاء و ط بل صغي أيام الرب ل‬
‫يتجاوزون ذلك و أما دولة الترك لذا العهد بالشرق فيتخذون راية واحدة عظيمة و ف رأسها‬
‫خ صلة كبية من الش عر ي سمونا الشالش و ال تر و هي شعار ال سلطان عند هم ث تتعدد‬
‫الرايات و يسمونا السناجق واحدها سنجق و هي الراية بلسانم‪ .‬و أما الطبول فيبالغون ف‬
‫الستكثار منها و يسمونا الكوسات و يبيحون لكل أمي أو قائد عسكر أن يتخذ من ذلك ما‬
‫يشاء إل التر فإنه خاص بالسلطان‪ .‬و أما الللقة لذا العهد من أمم الفرنة بالندلس فأكثر‬
‫شأنمس اتاذ اللويسة القليلة ذاهبسة فس الوس صسعدا و معهسا قرع الوتار مسن الطنابيس و نفسخ‬
‫الغيطات يذهبون في ها مذ هب الغناء و طري قه ف موا طن حروب م هكذا يبلغ نا عن هم و ع من‬
‫وراءهم من ملوك العجم و من آياته خلق السموات و الرض و اختلف ألسنتكم و ألوانكم‬
‫إن ف ذلك ليات للعالي‪.‬‬
‫ال سرير‪ :‬و أ ما ال سرير و ال نب و الت خت و الكر سي‪ ،‬ف هي أعواد من صوبة أو أرائك منضدة‬
‫للوس السلطان عليها مرتفعا عن أهل ملسه أن يساويهم ف الصعيد و ل يزل ذلك من سنن‬
‫اللوك قبل السلم و ف دول العجم و قد كانوا يلسون على أسرة الذهب و كان لسليمان‬
‫بن داود صلوات ال عليهما و سلمه كرسي و سرير من عاج مغشى بالذهب إل أنه ل تأخذ‬
‫به الدول إل ب عد ال ستفحال و الترف شأن الب ة كل ها ك ما قلناه و أ ما ف أول الدولة ع ند‬
‫البداوة فل يتشوقون إليه و أول من أتذه ف السلم معاوية و استأذن الناس فيه و قال لم إن‬
‫قد بدنت فأذنوا له فاتذه و أتبعه اللوك السلميون فيه و صار من منازع البة و لقد كان‬
‫عمرو بن العاصي بصر يلس ف قصره على الرض مع العرب و يأتيه القوقس إل قصره و‬
‫معه سرير من الذهب ممولً على اليدي للوسه شأن اللوك فيجلس عليه و هو أمامه و ل‬
‫يغيون عل يه وفاءً له ب ا ع قد مع هم من الذ مة و اطراحا لب ة اللك ث كان ب عد ذلك لب ن‬
‫العباس و العبيديي و سائر ملوك السلم شرقا و غربا من السرة و النابر و التخوت ما عفا‬
‫عن الكاسرة و القياصرة و ال مقلب الليل و النهار‪.‬‬
‫السكة‪ :‬و هي التم على الدناني و الدراهم التعامل با بي الناس بطابع حديد ينقش فيه صور‬
‫أو كلمات مقلوبسة و يضرب باس على الدينار أو الدرهسم فتخرج رسسوم تلك النقوش عليهسا‬
‫ظاهرةً مستقيمةً بعد أن يعتب عيار النقد من ذلك النس ف خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى و‬
‫ب عد تقد ير أشخاص الدرا هم و الدنان ي بوزن مع ي صحيح ي صطلح عل يه فيكون التعا مل ب ا‬
‫عددا و أن ل تقدر أشخاصها يكون التعامل با وزنا و لفظ السكة كان ا سا للطابع و هي‬
‫الديدة التخذة لذلك ث نقل إل أثرها و هي النقوش الاثلة على الدناني و الدراهم ث نقل إل‬
‫القيام على ذلك و الن ظر ف ا ستيفاء حاجا ته و شرو طه و هي الوظي فة ف صار علما علي ها ف‬
‫عرف الدول و هي وظي فة ضرور ية للملك إذ ب ا يتم يز الالص من الغشوش ب ي الناس ف‬
‫النقود عند العاملت و يتقون ف سلمتها الغش بتم السلطان عليها بتلك النقوش العروفة و‬
‫كان ملوك العجسم يتخذوناس و ينقشون فيهسا تاث يل تكون مصسوصة باس م ثل تثال السسلطان‬
‫لعهدها أو تثيل حصن أو حيوان أو مصنوع أو غي ذلك و ل يزل هذا الشأن عند العجم إل‬
‫آ خر أمر هم و ل ا جاء ال سلم أغ فل ذلك ل سذاجة الد ين و بداوة العرب و كانوا يتعاملون‬
‫بالذهب و الفضة وزنا و كانت دناني الفرس و دراههم بي أيديهم و يردونا ف معاملتهم‬
‫إل الوزن و يتصارفون با بينهم إل أن تفاحش الغش ف الدناني و الدراهم لغفلة الدولة عن‬
‫ذلك و أمر عبد اللك الجاج على ما نقل سعيد بن السيب و أبو الزناد بضرب الدراهم و‬
‫تييز الغشوش من الالص و ذلك سنة أربع و سبعي و قال الدائن سنة خس و سبعي ث أمر‬
‫بصرفها ف سائر النواحي سنة ست و سبعي و كتب عليها ال أحد ال الصمد ث ول ابن‬
‫هبية العراق أيام يزيد بن عبد اللك فجود السكة ث بالغ خالد القسري ف تويدها ث يوسف‬
‫بن عمر بعده و قيل أول من ضرب الدناني و الدراهم مصعب بن الزبي بالعراق سنة سبعي‬
‫بأمر أخيه عبد ال لا ول الجاز و كتب عليها ف أحد الوجهي بركة ال و ف الخر اسم‬
‫ال ث غيها الجاج بعد ذلك بسنة و كتب عليها اسم الجاج و قدر وزنا على ما كانت‬
‫استقرت أيام عمر و ذلك أن الدرهم كان وزنه أول السلم ستة دوانق و الثقال وزنه درهم‬
‫و ثل ثة أ سباع در هم فتكون عشرة درا هم ب سبعة مثاق يل و كان ال سبب ف ذلك أن أوزان‬
‫الدرهم أيام الفرس كانت متلفة و كان منها على وزن الثقال عشرون قياطا و منها اثنا عشر‬
‫و من ها عشرة فل ما احت يج إل تقديره ف الزكاة أ خذ الو سط و ذلك اث نا ع شر قياطا فكان‬
‫الثقال درها و ثلثة أسباع درهم و قيل كان منها البغلي بثمانية دوانق و الطبي أربعة دوانق‬
‫و الغرب ثانية دوانق و اليمن ستة دوانق فأمر عمر أن ينظر الغلب ف التعامل فكان البغلي و‬
‫الطبي اثن عشر دانقا و كان الدرهم ستة دوانق و إن زدت ثلثة أسباعه كان مثقالً و إذا‬
‫أنقصست ثلثسة أعشار الثقال كان درها فلمسا رأى عبسد اللك اتاذ السسكة لصسيانة النقديسن‬
‫الاريي ف معاملة السلمي من الغش عي مقدارها على هذا الذي استقر لعهد عمر رضي ال‬
‫عنه و اتذ فيه كلمات ل صورا‪ ،‬لن العرب كان الكلم و البلغة أقرب مناحيهم و أظهرها‬
‫مع أن الشرع ين هى عن ال صور فل ما ف عل ذلك ا ستمر ب ي الناس ف أيام اللة كل ها و كان‬
‫الدينار و الدرهم على شكلي مدورين و الكتابة عليهما ف دوائر متوازية يكتب فيها من أحد‬
‫الوجه ي أ ساء ال تليلً و تميدا و صلة على ال نب و آله و ف الو جه الثا ن التار يخ و ا سم‬
‫الليفة و هكذا أيام العباسيي و العبيديي و المويي و أما صنهاجة فلم يتخذوا سكةً إل آخر‬
‫المر اتذها منصور صاحب باية ذكر ذلك ابن حاد ف تاريه و لا جاءت دولة الوحدين‬
‫كان ما سن لم الهدي اتاذ السكة الدرهم مربع الشكل و أن يرسم ف دائرة الدينار شكل‬
‫ل و تميدا من الا نب ال خر كتبا ف ال سطور‬ ‫مر بع ف و سطه و يل من أ حد الا نبي تلي ً‬
‫با سه و ا سم اللفاء من بعده فف عل ذلك الوحدون و كا نت سكتهم على هذا الش كل لذا‬
‫الع هد و ل قد كان الهدي في ما ين قل ين عت ق بل ظهوره ب صاحب الدر هم الر بع نع ته بذلك‬
‫التكلمون بالدثان من قبله ال خبون ف ملح هم عن دول ته و أ ما أ هل الشرق لذا الع هد‬
‫فسكتهم غي مقدرة و إنا يتعاملون بالدناني و الدراهم وزنا بالصنجات القدرة بعدة منها و‬
‫ل يطبعون عليها بالسكة نقوش الكلمات بالتهليل و الصلة و اسم السلطان كما يفعله أهل‬
‫الغرب ذلك تقدير العزيز العليم‪.‬‬
‫و لنختم الكلم ف السكة بذكر حقيقة الدرهم و الدينار الشرعيي و بيان حقيقة مقدارها‪.‬‬
‫مقدار الدرهم و الدينار الشرعيي‬
‫و ذلك أن الدينار و الدر هم متل فا ال سكة ف القدار و الواز ين بالفاق و الم صار و سائر‬
‫العمال و الشرع قد تعرض لذكرها و علق كثيا من الحكام بما ف الزكاة و النكحة و‬
‫الدود و غي ها فل بد ل ما عنده من حقي قة و مقدار مع ي ف تقد ير تري عليه ما أحكا مه‬
‫دون غ ي الشر عي‪ ،‬منه ما فاعلم أن الجاع منع قد م نذ صدر ال سلم و ع هد ال صحابة و‬
‫التابعي أن الدرهم الشرعي‪ ،‬هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب و الوقية منه‬
‫أربع ي درها و هو على هذا سبعة أعشار الدينار و وزن الثقال من الذ هب اثنتان و سبعون‬
‫ح بة من الشع ي فالدر هم الذي هو سبعة أعشاره خ سون ح بة و خ سا ح بة و هذه القاد ير‬
‫كل ها ثاب تة بالجاع فإن الدر هم الاهلي كان بينهم على أنواع أجود ها ال طبي و هو أرب عة‬
‫دوانسق و البغلي وهسو ثانيسة دوانسق فجعلوا الشرعسي بينمسا و هوسست دوانسق فكانوا يوجبون‬
‫الزكاة ف مائة در هم بغل ية و مائة طب ية خ سة درا هم و سطا و قد اختلف الناس هل كان‬
‫ذلك من وضع عبد اللك أو إجاع الناس بعد عليه كما ذكرناه‪ .‬ذكر ذلك الطام ف كتاب‬
‫معال السنن و الاوردي ف الحكام السلطانية و أنكره الحققون من التأخرين لا يلزم عليه أن‬
‫يكون الدينار و الدرهسم الشرعيان مهوليس فس عهسد الصسحابة مسن بعدهسم مسع تعلق القوق‬
‫الشرعية بما ف الزكاة و النكحة والدود و غيها كما ذكرناه و الق أنما كانا معلومي‬
‫القدار ف ذلك الع صر لريان الحكام يومئذ ب ا يتعلق بما من القوق و كان مقدارها غي‬
‫م ستخص ف الارج و إن ا كان متعارفا بين هم بال كم الشر عي على القدار ف مقداره ا و‬
‫زنته ما ح ت ا ستفحل ال سلم و عظ مت الدولة و د عت الال إل تشخي صهما ف القدار و‬
‫الوزن كما هو عند الشرع ليستريوا من كلفة التقدير و قارن ذلك أيام عبد اللك فشخص‬
‫مقداره ا و عينهما ف الارج كما هو ف الذ هن و نقش عليهما ال سكة با سه و تأري ه أ ثر‬
‫الشهادتي اليانيتي و طرح النقود الاهلية رأسا حت خلصت و نقش عليها سكةً و تلشى‬
‫وجود ها فهذا هو الق الذي ل ميد عنه و من بعد ذلك وقع اختيار أهل ال سكة ف الدول‬
‫على مال فة القدار الشرعي ف الدينار و الدرهم و اختلفت ف كل القطار و الفاق و رجع‬
‫الناس إل ت صور مقاديره ا الشرع ية ذهنا ك ما كان ف ال صدر الول و صار أ هل كل أ فق‬
‫يستخرجون القوق الشرعية من سكتهم بعرفة النسب الت بينها و بي مقاديرها الشرعية و‬
‫أ ما وزن الدينار باثنت ي و سبعي ح بة من الشع ي الو سط ف هو الذي نقله الحققون و عل يه‬
‫الجاع إل ابن حزم خالف ذلك و زعم أن وزنه أربع و ثانون حبة‪ .‬نقل ذلك عنه القاضي‬
‫ع بد ال ق و رده الحققون و عدوه وها و غلطا و هو ال صحيح و ال ي ق ال ق بكلما ته و‬
‫كذلك تعلم أن الوق ية الشرع ية لي ست هي التعار فة ب ي الناس لن التعار فة متل فة باختلف‬
‫القطار و الشرعية متحدة ذهنا ل اختلف فيها و ال خلق كل شيء فقدره تقديرا‪.‬‬
‫الا ت و أ ما الا ت ف هو من ال طط ال سلطانية و الوظائف اللوك ية و ال تم على الر سائل و‬
‫ال صكوك معروف للملوك ق بل ال سلم و بعده و قد ث بت ف ال صحيحي أن ال نب صلى ال‬
‫عل يه و سلم أراد أن يك تب إل قي صر فق يل له إن الع جم ل يقبلون كتابا إل أن يكون متوما‬
‫فاتذ خاتا من فضة و نقش ف يه ممد ر سول ال قال البخاري ج عل الثلث الكلمات ثلثة‬
‫أسطر و ختم به و قال ل ينقش أحد مثله قال و تتم به أبو بكر و عمر و عثمان ث سقط من‬
‫يد عثمان ف بئر أريس و كانت قليلة الاء فلم يدرك قعرها بعد و اغتم عثمان و تطي منه و‬
‫صنع آخر على مثله و ف كيفية نقش الات و التم به وجوه و ذلك أن الات يطلق على اللة‬
‫الت تعل ف الصبع و منه تتم إذا لبسه و يطلق على النهاية و التمام و منه ختمت المر إذا‬
‫بل غت آخره و خت مت القرآن كذلك و م نه خا ت ال نبيي و خا ت ال مر و يطلق على ال سداد‬
‫الذي يسد به الوان و الدنان و يقال فيه ختام و منه قوله تعال‪ :‬ختامه مسك و قد غلط من‬
‫فسر ذلك بالنهاية و التمام قال لن آخر ما يدونه ف شرابم ريح السك و ليس العن عليه و‬
‫إنا هو من التام هو السداد لن المر يعل لا ف الدن سداد الطي أو القار يفظها و يطيب‬
‫عرفها و ذوقها فبولغ ف وصف خر النة بأن سدادها من السك و هو أطيب عرفا و ذوقا‬
‫من القار و الطي العهودين ف الدنيا فإذا صح إطلق الات على هذه كلها صح إطلقه على‬
‫أثرها الناشئ عنها و ذلك أن الات إذا نقشت به كلمات أو أشكال ث غمس ف مداف من‬
‫الطي أو مداد و وضع على صفح القرطاس بقى أكثر الكلمات ف ذلك الصفح و كذلك إذا‬
‫ط بع به على ج سم ل ي كالش مع فإ نه يب قى ن قش ذلك الكتوب مرت سما ف يه و إذا كا نت‬
‫كلمات و ارتسمت فقد تقرأ من الهة اليسرى إذا كان النفش على الستقامة من اليمن و قد‬
‫يقرأ من الهة اليمن إذا كان النقش من الهة اليسرى لن التم يقلب جهة الط ف الصفح‬
‫عما كان ف النقش من يي أو يسار فيحتمل أن يكون التم بذا الات بغمسه ف الداد أو‬
‫الط ي و وض عه ف الصفح فتنتقش الكلمات ف يه و يكون هذا من معن النها ية و التمام بعن‬
‫صحة ذلك الكتوب و نفوذه كأن الكتاب إن ا ي تم الع مل به بذه العلمات و هو من دون ا‬
‫ملغى ليس بتمام و قد يكون هذا التم بالط آخر الكتاب أو أوله بكلمات منتظمة من تميد‬
‫أو ت سبيح أو با سم ال سلطان أو المي أو صاحب الكتاب من كان أو ش يء من نعو ته يكون‬
‫ذلك الطس علمسة على صسحة الكتاب و نفوذه و يسسمى ذلك فس التعارف علمسة‪ ،‬و ليسس‬
‫ختما تشبيها له بأثر الات الصفي ف النقش و من هذا خات القاضي الذي يبعث به للخصوم‬
‫أي علم ته و خطه الذي ينفذ بما أحكامه و م نه خات ال سلطان أو اللي فة أي علمته‪ .‬قال‬
‫الرشيد ليحي بن خالد لا أراد أن يستوزر جعفرا و يستبدل به من الفضل أخيه فقال لبيهما‬
‫ي ي‪ :‬يا أ بت إ ن أردت أن أحول الا ت من يي ن إل شال‪ .‬فك ن له بالا ت ف الوزارة ل ا‬
‫كا نت العل مة على الر سائل و ال صكوك من وظائف الوزارة لعهد هم و يش هد ل صحة هذا‬
‫الطلق ما نقله الطبي أن معاوية أرسل إل السن عند مراودته إياه ف الصلح صحيفة بيضاء‬
‫ختم على أسفلها و كتب إليه أن اشترط ف هذه الصحيفة الت ختمت أسفلها ما شئت فهو‬
‫لك و معن التم هنا علمة ف آخر الصحيفة بطه أو غيه و يتمل أن يتم به ف جسم لي‬
‫فتنتقش فيه حروفه و يعل على موضع الزم من الكتاب إذا حزم و على الودوعات و هو من‬
‫ال سداد ك ما مر و هو ف الوجه ي آثار الا ت فيطلق عل يه خا ت و أول من أطلق ال تم على‬
‫الكتاب أي العلمة معاوية لنه أمر لعمر بن الزبي عند زياد بالكوفة بائة ألف ففتح الكتاب و‬
‫صي الائة مائتي و رفع زياد حسابه فأنكرها معاوية و طلب با عمر و حبسه حت قضاها عنه‬
‫أخوه عبسد ال و اتذس معاويسة عنسد ذلك ديوان الاتس‪ .‬ذكره الطسبي و قال آخرون و حزم‬
‫الك تب و ل ت كن تزم أي ج عل ل ا ال سداد و ديوان ال تم عبارة عن الكتاب القائم ي على‬
‫إنفاذ كتسب السسلطان و التسم عليهسا إمسا بالعلمسة أو بالزم و قسد يطلق الديوان على مكان‬
‫جلوس هؤلء الكتاب ك ما ذكرناه ف ديوان العمال و الزم للك تب يكون إ ما بدس الورق‬
‫ك ما ف عرف كتاب الغرب و إ ما بإل صاق رأس ال صحيفة على ما تنطوي عل يه من الكتاب‬
‫ك ما ف عرف أ هل الشرق و قد ي عل على مكان الدس أو الل صاق عل مة يؤ من مع ها من‬
‫فتحه و الطلع على ما فيه فأهل الغرب يعلون على مكان الدس قطعة من الشمع و يتمون‬
‫علي ها بات ه نق شت ف يه عل مة لذلك فيت سم الن قش ف الش مع و كان ف الشرق ف الدول‬
‫القدية يتم على مكان اللصق باته منقوش أيضا قد غمس ف مداف من الطي معد لذلك‬
‫صبغه أحر فيتسم ذلك النقش عليه و كان هذا الطي ف الدولة العباسية يعرف بطي التم و‬
‫كان يلب من سياف فيظهر أنه مصوص با فهذا الات الذي هو العلمة الكتوبة أو النقش‬
‫للسسداد و الزم للكتسب خاص بديوان الرسسائل و كان ذلك للوزيسر فس الدولة العباسسية ثس‬
‫اختلف العرف و صار ل ن إل يه التر سيل و ديوان الكتاب ف الدولة ث صاروا ف دول الغرب‬
‫يعدون من علمات اللك و شاراته الات للصبع فيستجيدون صوغه من الذهب و يرصعونه‬
‫بالف صوص من الياقوت و الفيوزج و الزمرد و يلب سه ال سلطان شارة ف عرف هم ك ما كا نت‬
‫البدة و القضيب ف الدولة العباسية و الظلة ف الدولة العبيدية و ال مصرف المور بكمه‪.‬‬
‫الطراز‪ :‬من أبة اللك و السلطان و مذاهب الدول إل ترسم أساؤهم أو علمات تتص بم‬
‫ف طراز أثوابم العدة للباسهم من الرير أو الديباج أو البريسم تعتب كتابة خطها ف نسج‬
‫الثوب ألاما و إسداءً بيط الذهب أو ما يالف لون الثوب من اليوط اللونة من غي الذهب‬
‫على ما يكمه الصناع ف تقدير ذلك و وضعه ف صناعة نسجهم فتصي الثياب اللوكية معلمة‬
‫بذلك الطراز ق صد التنو يه بلب سها من ال سلطان ف من دو نه أو التنو يه ب ن يت صه ال سلطان‬
‫بلبو سه إذا ق صد تشري فه بذلك أو ولي ته لوظيفة من وظائف دول ته و كان ملوك الع جم من‬
‫ق بل ال سلم يعلون ذلك الطراز ب صور اللوك و أشكال م أو أشكال و صور معي نة لذلك ث‬
‫اعتاض ملوك السسلم عسن ذلك بكتسب أسسائهم مسع كلمات أخرى تري مرى الفأل أو‬
‫ال سجلت‪ .‬و كان ذلك ف الدولت ي من أب ة المور و أف خم الحوال و كا نت الدور العدة‬
‫لنسسج أثوابمس فس قصسورهم تسسمى دور الطراز لذلك و كان القائم على النظسر فيهسا يسسمى‬
‫صاحب الطراز‪ ،‬ينظر ف أمور الصباغ و اللة و الاكة فيها و إجراء أرزاقهم و تسهيل آلتم‬
‫و مشارفسة أعمالمس و كانوا يقلدون ذلك لواص دولتيهسم و ثقات مواليهسم و كذلك كان‬
‫الال ف دولة بن أمية بالندلس و الطوائف من بعدهم و ف دولة العبيديي بصر و من كان‬
‫على عهدهم من ملوك العجم بالشرق ث لا ضاق نطاق الدول عن الترف و التفنن فيه لضيق‬
‫نطاق ها ف ال ستيلء و تعددت الدول تعطلت هذه الوظي فة و الول ية علي ها من أك ثر الدول‬
‫بالملة و لا جاءت دولة الوحدين بالغرب بعد بن أمية أول الائة السادسة ل يأخذوا بذلك‬
‫أول دولت هم ل ا كانوا عل يه من منازع الديا نة و ال سذاجة ال ت لقنو ها عن إمام هم م مد بن‬
‫تومرت الهدي و كانوا يتورعون عن لباس الرير و الذهب فسقطت هذه الوظيفة من دولتهم‬
‫و ا ستدرك من ها أعقاب م آ خر الدولة طرفا ل ي كن بتلك النبا هة و أ ما لذا الع هد‪ ،‬فأدرك نا‬
‫بالغرب ف الدولة الرينية لعنفوانا و شوخها رسا جليلً لقنوه من دولة ابن الحر معاصرهم‬
‫بالندلس و اتبع هو ف ذلك ملوك الطوائف فأتى منه بلمحة شاهدة بالثر‪ .‬و أما دولة الترك‬
‫بصر و الشام لذا العهد ففيها من الطراز ترير آخر على مقدار ملكهم و عمران بلدهم إل‬
‫أن ذلك ل يصنع ف دورهم و قصورهم و ليست من وظائف دولتهم و إنا ينسج ما تطلبه‬
‫الدولة من ذلك عنسد صسناعه من الر ير و مسن الذهسب الالص و ي سمونه الزر كش لف ظة‬
‫أعجمية و يرسم اسم السلطان أو المي عليه و يعده الصناع لم فيما يعدونه للدولة من طرف‬
‫الصناعة اللئقة با و ال مقدر الليل و النهار و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفساطيط و ا لسياج‬
‫اعلم أن مسن شارات اللك و ترفسه اتاذ الخبيسة و الفسساطيط و الفازات مسن ثياب الكتان و‬
‫الصوف و القطن فيباهى با ف السفار و تنوع منها اللوان ما بي كبي و صغي على نسبة‬
‫الدولة فس الثروة و اليسسار و إناس يكون المسر فس أول الدولة فس بيوتمس التس جرت عادتمس‬
‫باتاذ ها ق بل اللك و كان العرب لع هد اللفاء الول ي من ب ن أم ية إن ا ي سكنون بيوت م ال ت‬
‫كانست لمس خياما من الوبر و الصسوف و ل تزل العرب لذلك الع هد باد ين إل ال قل منهسم‬
‫فكا نت أ سفارهم لغزوات م و حروب م بظعون م و سائر حلل هم و أحيائ هم من ال هل و الولد‬
‫ك ما هو شأن العرب لذا الع هد و كا نت ع ساكرهم لذلك كثية اللل بعيدة ما ب ي النازل‬
‫متفرقة الحياء يغيب كل واحد منها عن نظر صاحبه من الخرى كشأن العرب و لذلك ما‬
‫كان عبد اللك يتاج إل ساقة تشد الناس على أثره و أن يقيموا إذا ظعن‪.‬‬
‫و نقسل أنسه اسستعمل فس ذلك الجاج حيس أشار بسه روح بسن زنباغ و قصستهما فس إحراق‬
‫ف ساطيط روح و خيا مه لول ولي ته ح ي وجد هم مقيم ي ف يوم رح يل ع بد اللك ق صة‬
‫مشهورة‪ .‬و من هذه الولية تعرف رتبة الجاج بي العرب فإنه ل يتول إرادتم على الظعن‬
‫إل من يأمن بوادر ال سفهاء من أحيائهم با له من العصبية الائلة دون ذلك و لذلك اختصه‬
‫عبد اللك بذه الرتبة ثقة بغنائه فيها بعصبيته و صرامته فلما تفننت الدولة العربية ف مذاهب‬
‫الضارة و البذخ و نزلوا الدن و المصار و انتقلوا من سكن اليام إل سكن القصور و من‬
‫ظ هر ال ف إل ظ هر الا فر اتذوا لل سكن ف أ سفارهم ثياب الكتان ي ستعملون من ها بيوتا‬
‫متل فة الشكال مقدرة المثال من القوراء و الستطيلة و الربعة و يتفلون فيها بأبلغ مذاهب‬
‫الحتفال و الزينة و يدير المي و القائد للعساكر على فساطيطه و فازاته من بينهم سياجا من‬
‫الكتان يسمى ف الغرب بلسان الببر الذي هو لسان أهله أفراك بالكاف و القاف و يتص به‬
‫السسلطان بذلك القطسر ل يكون لغيه‪ .‬و أمسا فس الشرق فيتخذه كسل أميس و إن كان دون‬
‫السسلطان ثس جنحست الدعسة بالنسساء و الولدان إل القام بقصسورهم و منازلمس فخسف لذلك‬
‫ظهرهم و تقاربت السياج بي منازل العسكر و اجتمع اليش و السلطان ف معسكر واحد‬
‫ي صره الب صر ف ب سيطة زهوا أنيقا لختلف ألوا نه و ا ستمر الال على ذلك ف مذا هب‬
‫الدول ف بذخها و ترفها‪ .‬و كذا كانت دولة الوحدين و زناتة الت أظلتنا كان سفرهم أول‬
‫أمرهم ف بيوت سكناهم ق بل اللك من اليام و القياط ي حت إذا أخذت الدولة ف مذا هب‬
‫الترف و سكن القصور و عادوا إل سكن الخبية و الفساطيط بلغوا من ذلك فوق ما أرادوه‬
‫و هو من الترف بكان إل أن الع ساكر به ت صي عر ضة للبيات لجتماع هم ف مكان وا حد‬
‫تشمل هم ف يه ال صيحة و لفت هم من ال هل و الولد الذ ين تكون ال ستماتة دون م فيحتاج ف‬
‫ذلك إل تفظ آخر و ال القوي العزيز‪.‬‬
‫القصورة للصلة و الدعاء ف الطبة‬

‫و ها من المور اللفية و من شارات اللك السلمي و ل يعرف ف غي دول السلم‪ .‬فأما‬


‫الب يت الق صورة من ال سجد ل صلة ال سلطان فيت خذ سياجا على الحراب فيحوزه و ما يل يه‬
‫فأول من اتذها معاوية بن أب سفيان حي طعنه الارجي و القصة معروفة و قيل أول من‬
‫اتذها مروان بن الكم حي طعنه اليمان ث اتذها اللفاء من بعدها و صارت سنة ف تييز‬
‫ال سلطان عن الناس ف ال صلة و هي إنا تدث عند حصول الترف ف الدول و ال ستفحال‬
‫شأن أحوال البة كلها و ما زال الشأن ذلك ف الدول السلمية كلها‪ ،‬و عند افتراق الدولة‬
‫العباسسية و تعدد الدول بالشرق و كذا بالندلس عنسد انقراض الدولة المويسة و تعدد ملوك‬
‫الطوائف و أ ما الغرب فكان ب نو الغلب يتخذون ا بالقيوان ث اللفاء ال عبيديون ث ولت م‬
‫على الغرب من صنهاجة بنو باديس بفاس و بنو حاد بالقلعة ث ملك الوحدين سائر الغرب‬
‫و الندلس و موا ذلك الرسم على طريقة البداوة الت كانت شعارهم و لا استفحلت الدولة‬
‫و أخذت بظها من الترف و جاء أبو يعقوب النصور ثالث ملوكهم فات ذ هذه القصورة و‬
‫بقيت من بعده سنة للوك الغرب و الندلس و هكذا كان الشأن ف سائر الدول سنة ال ف‬
‫عباده‪.‬‬

‫و أما الدعاء على النابر ف الطبة فكان الشأن أولً عند اللفاء ولية الصلة بأنفسهم فكانوا‬
‫يدعون لذلك بعد الصلة على النب صلى ال عليه و سلم و الرضى عن أصحابه و أول من‬
‫اتذ النب عمرو بن العاص لا بن جامعه بصر و أول من دعا للخليفة على النب ابن عباس دعا‬
‫لعلي ر ضي ال عنه ما ف خطب ته‪ .‬و هو بالب صرة عا مل له علي ها فقال الل هم ان صر عليا على‬
‫ال ق و ات صل الع مل على ذلك في ما ب عد و ب عد أ خذ عمرو بن العاص ال نب بلغ ع مر بن‬
‫الطاب ذلك فكتب إليه عمر بن الطاب أما بعد فقد بلغن أنك اتذت منبا ترقى به على‬
‫رقاب السلمي أو ما يكفيك أن تكون قائما و السلمون تت عقبيك فعزمت عليك إل ما‬
‫كسرته فلما حدثت البة و حدث ف اللفاء الانع من الطبة و الصلة استنابوا فيهما فكان‬
‫الطيب يشيد بذكر الليفة على النب تنويها باسه و دعاءً له با جعل ال مصلحة العال فيه و‬
‫لن تلك ال ساعة مظ نة للجا بة و ل ا ث بت عن ال سلف ف قول م من كا نت له دعوة صالة‬
‫فليضع ها ف ال سلطان و كان اللي فة يفرد بذلك فل ما جاء ال جر و ال ستبداد صار التغلبون‬
‫على الدول كثيا مسا يشاركون الليفسة فس ذلك و يشاد باسسهم عقسب اسسه و ذهسب ذلك‬
‫بذهاب تلك الدول و صار المر إل اختصاص السلطان بالدعاء له على النب دون من سواه و‬
‫حظر أن يشاركه فيه أحد أو يسمو إليه و كثيا ما يغفل العاهدون من أهل الدول هذا الرسم‬
‫عند ما تكون الدولة ف أ سلوب الغضا ضة و منا حي البداوة ف التغا فل و الشو نة و يقنعون‬
‫بالدعاء على البام و الجال ل ن ول أمور ال سلمي و ي سمون م ثل هذه الط بة إذا كا نت‬
‫على هذا النحسى عباسسية يعنون بذلك أن الدعاء على الجال إناس يتناول العباسسي تقليدا فس‬
‫ذلك ل ا سلف من ال مر و ل يفلون ب ا وراء ذلك من تعيي نه و الت صريح با سه ي كى أن‬
‫يغمراسن بن زيان عاهد دولة بن عبد الواد لا غلبه المي أبو زكريا يي بن أب حفص على‬
‫تلمسان ث بدا له ف إعادة المر إليه على شروط شرطها كان فيها ذكر اسه على منابر عمله‬
‫فقال يغمراسن تلك أعوادهم يذكرون عليها من شاءوا و كذلك يعقوب بن عبد الق عاهد‬
‫دولة بن مرين حضره رسول الستنصر الليفة بتونس من بن أب حفص و ثالث ملوكهم و‬
‫تلف ب عض أيا مه عن شهود الم عة فق يل له ل ي ضر هذا الر سول كراه ية للو الط بة من‬
‫ذ كر سلطانه فأذن ف الدعاء له و كان ذلك سببا لخذ هم بدعو ته و هكذا شأن الدول ف‬
‫بدايتهسا و تكنهسا فس الغضاضسة و البداوة فإذا انتبهست عيون سسياستهم و نظروا فس أعطاف‬
‫ملكهم و استتموا شيات الضارة و مفان البذخ و البة انتحلوا جيع هذه السمات و تفننوا‬
‫فيها و تاروا إل غايتها و أنفوا من الشاركة فيها و جزعوا من افتقاد ها و خلو دولت هم من‬
‫أثارها و العال بستان و ال على كل شيء رقيب‪.‬‬

‫الفصل السابع و الثلثون ف الروب و مذاهب المم و ترتيبها‬

‫اعلم أن الروب و أنواع القاتلة ل تزل واق عة ف اللي قة م نذ برا ها ال و أ صلها إرادة انتقام‬
‫بعض البشر من بعض و يتعصب لكل منها أهل عصبيه فإذا تذامروا لذلك و توافقت الطائفتان‬
‫إحداها تطلب النتقام و الخرى تدافع كانت الرب و هو أمر طبيعي ف البشر ل تلو عنه‬
‫أمة و ل جيل و سبب هذا النتقام ف الكثر إما غية و منافسة‪ .‬و إما عدوان و إما غضب ل‬
‫ولدي نه و أ ما غ ضب للملك و سعي ف تهيده فالول أك ثر ما يري ب ي القبائل التجاورة و‬
‫العشائر التناظرة و الثا ن و هو العدوان أك ثر ما يكون من ال مم الوحش ية ال ساكني بالق فر‬
‫كالعرب و الترك و التركمان و الكراد و أشباههسم لنمس جعلوا أرزاقهسم فس رماحهسم و‬
‫معاش هم في ما بأيدي غي هم و من دافع هم عن متا عه آذنوه بالرب و ل بغ ية ل م في ما وراء‬
‫ذلك من رتبة و ل ملك و إنا ههم و نصب أعينهم غلب الناس على ما ف أيديهم و الثالث‬
‫هو ال سمى ف الشري عة بالهاد و الرا بع هو حروب الدول مع الارج ي علي ها و الانع ي‬
‫لطاعتها فهذه أربعة أصناف من الروب الصنفان الولن منها حروب بغي و فتنة و الصنفان‬
‫الخيان حروب جهاد و عدل و صفة الروب الواق عة ب ي أ هل اللي قة م نذ أول وجود هم‬
‫على نوع ي نوع بالز حف صفوفا و نوع بال كر و ال فر أ ما الذي بالز حف ف هو قتال الع جم‬
‫كلهم على تعاقب أجيالم و أما الذي بالكر و الفر فهو قتال العرب و الببر من أهل الغرب‬
‫و قتال الزحف أوثق و أشد من قتال الكر و الفر و ذلك لن قتال الزحف ترتب فيه الصفوف‬
‫و ت سوى ك ما ت سوى القداح أو صفوف ال صلة و يشون ب صفوفهم إل العدو قدما‪ ،‬فلذلك‬
‫تكون أث بت ع ند ال صال و أ صدق ف القتال و أر هب للعدو‪ .‬ل نه كالائط الم تد و الق صر‬
‫الشيد ل يطمع ف إزالته و ف التنيل إن ال يب الذين يقاتلون ف سبيله صفا كأنم بنيان‬
‫مر صوص أي ي شد بعض هم بعضا بالثبات و ف الد يث الكر ي الؤ من للمؤ من كالبنيان ي شد‬
‫بعضة بعضا و من هنا يظهر لك حكمة إياب الثبات و تري التول يوم الزحف فإن القصود‬
‫من ال صف ف القتال ح فظ النظام ك ما قلناه ف من ول العدو ظهره ف قد أ خل بال صاف و باء‬
‫بإث الزية إن وقعت و صار كأنه جرها على السلمي و أمكن منهم عدوهم فعظم الذنب‬
‫لعموم الف سدة و تعدي ها إل الد ين برق سياجه ف عد من الكبائر و يظ هر من هذه الدلة أن‬
‫قتال الزحف أشد عند الشارع و أما قتال الكر و الفر فليس فيه من الشدة و المن من الزية‬
‫ما ف قتال الزحف إل أنم قد يتخذون وراءهم ف القتال مصافا ثابتا يلجأون إليه ف الكر و‬
‫الفر و يقوم لم مقام قتال الزحف كما نذكره بعد‪ .‬ث إن الدول القدية الكثية النود التسعة‬
‫المالك كانوا يقسسمون اليوش و العسساكر أقسساما يسسمونا كراديسس و يسسوون فس كسل‬
‫كردوس صسفوفه ذلك أنسه لاس كثرت جنودهسم الكثرة البالغسة و حشدوا مسن قاصسية النواحسي‬
‫استدعى ذلك أن يهل بعضهم بعضا إذا اختلطوا ف مال الرب و اعتوروا مع عدوهم الطعن‬
‫و الضرب فيخشى من تدافعهم فيما بينهم لجل النكراء و جهل بعضهم ببعض فلذلك كانوا‬
‫يق سمون الع ساكر جوعا و يضمون التعارف ي بعض هم لب عض و يرتبون ا قريبا من الترت يب‬
‫الطبيعي ف الهات الربع و رئيس العساكر كلها من سلطان أو قائد ف القلب و يسمون هذا‬
‫الترتيب التعبئة و هو مذكور ف أخبار فارس و الروم و الدولتي و صدر السلم فيجعلون بي‬
‫يدي اللك عسسكرا منفردا بصسفوفه متميزا بقائده و رايتسه و شعاره و يسسمونه القدمسة ثس‬
‫عسكرا آخر ناحية اليمي عن موقف اللك و على سته يسمونه اليمنة ث عسكرا آخر من‬
‫ناحية الشمال كذلك يسمونه اليسرة ث عسكرا آخر من وراء العسكر يسمونه الساقة و يقف‬
‫اللك و أ صحابه ف الو سط ب ي هذه الر بع و يسمون موقفه القلب فإذا ت لم هذا الترتيب‬
‫الحكسم أمسا فس مدى واحسد للبصسر أو على مسسافة بعيدة أكثرهسا اليوم و اليومان بيس كسل‬
‫عسكرين منها أو كيفما أعطاه حال العساكر ف القلة و الكثرة فحينئذ يكون الزحف من بعد‬
‫هذه التعبئة و انظسر ذلك فس أخبار الفتوحات و أخبار الدولتيس بالشرق و كيسف كانست‬
‫العساكر لعهد عبد اللك تتخلف عن رحيله لبعد الدى ف التعبئة فاحتيج لن يسوقها من خلفه‬
‫و ع ي لذلك الجاج بن يو سف ك ما أشر نا إل يه و ك ما هو معروف ف أخباره و كان ف‬
‫الدولة المو ية بالندلس أيضا كث ي م نه و هو مهول في ما لدي نا ل نا إن ا أدرك نا دولً قليلة‬
‫العساكر ل تنتهي ف مال الرب إل التناكر بل أكثر اليوش من الطائفتي معا يمعهم لدينا‬
‫حلة أو مدينة و يعرف كل واحد منهم قرنة و يناديه ف حومة الرب باسه و لقبه فاستغن‬
‫عن تلك التعبئة‪.‬‬

‫و من مذا هب أ هل ال كر و ال فر ف الروب ضرب ال صاف وراء ع سكرهم من المادات و‬


‫اليوانات الع جم فيتخذون ا ملجأً للخيالة ف كر هم و فر هم يطلبون به ثبات القاتلة ليكون‬
‫أدوم للحرب و أقرب إل الغلب و قد يفعله أهل الزحف أيضا ليزيدهم ثباتا و شدة فقد كان‬
‫الفرس و هم أهل الزحف يتخذون الفيلة ف الروب و يملون عليها أبراجا من الشب أمثال‬
‫ال صروح مشحو نة بالقاتلة و ال سلح و الرايات و ي صفونا وراء هم ف حو مة الرب كأن ا‬
‫ح صون فتقوى بذلك نفو سهم و يزداد وثوق هم و ان ظر ما و قع من ذلك ف القاد سية و إن‬
‫فارس ف اليوم الثالث اشتدوا بم على السلمي حت اشتدت رجالت من العرب فخالطوهم‬
‫و بعجوها بالسيوف على خراطيمها فنفرت و نكصت على أعقابا إل مرابطها بالدائن فجفا‬
‫مع سكر فارس لذلك و انزموا ف اليوم الرا بع‪ .‬و أ ما الروم و ملوك القوط بالندلس و أك ثر‬
‫الع جم فكانوا يتخذون لذلك ال سرة ين صبون للملك سريره ف حو مة الرب و ي ف به من‬
‫خدمه و حاشيته و جنوده من هو زعيم بالستماتة دونه و ترفع الرايات ف أركان السرير و‬
‫يدق به سياج آ خر من الرماة و الرجالة فيع ظم هي كل ال سرير و ي صي فئة للمقاتلة و مل جأ‬
‫للكر و الفر و جعل ذلك الفرس أيام القادسية و كان رستم جالسا على سرير نصبه للوسه‬
‫حت اختلفت صفوف فارس و خالطه العرب ف سريره ذلك فتحول عنه إل الفرات و قتل‪ .‬و‬
‫أما أهل الكر و الفر من العرب و أكثر المم البدوية الرحالة فيصفون لذلك إبلهم و الظهر‬
‫الذي يمل ظعائنهم فيكون فئة لم و يسمونا الجبوذة و ليس أمة من المم إل و هي تفعل‬
‫ف حروب ا و تراه أو ثق ف الولة و آ من من الغرة و الزي ة و هو أ مر مشا هد و قد أغفل ته‬
‫الدول لعهد نا بالملة و اعتاضوا ع نه بالظ هر الا مل للثقال و الف ساطيط يعلون ا ساقةً من‬
‫خلفهسم و ل تغنس غناء الفيلة و البسل فصسارت العسساكر بذلك عرضسة للهزائم و مسستشعرة‬
‫للفرار ف الوا قف‪ .‬و كان الرب أول ال سلم كله زحفا و كان العرب إن ا يعرفون ال كر و‬
‫الفسر لكسن حلهسم على ذلك أول السسلم أمران أحدهاس أن أعداءهسم كانوا يقاتلون زحفا‬
‫فيضطرون إل مقاتلتهم بثل قتالم‪ .‬و الثان أنم كانوا مستميتي ف جهادهم لا رغبوا فيه من‬
‫الصب‪ ،‬و لا رسخ فيهم من اليان و الزحف إل الستماتة أقرب‪ .‬و أول من أبطل الصف ف‬
‫الروب و صار إل التعبئة كراد يس مروان بن ال كم ف قتال الضحاك الار جي و ال بيي‬
‫بعده قال الطبي لا ذكر قتال البيي فول الوارج عليهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري و‬
‫يلقب أبا الذلفاء قاتلهم مروان بعد ذلك بالكراديس و أبطل الصف من يومئذ انتهى‪ .‬فتنوسي‬
‫قتال الزحف بإبطال الصف ث تنوسي الصف وراء القاتلة با داخل الدول من الترف و ذلك‬
‫أنا حينما كانت بدوية و سكناهم اليام كانوا يستكثرون من البل و سكن النساء و الولدان‬
‫مع هم ف الحياء فل ما ح صلوا على ترف اللك و ألفوا سكن الق صور و الوا ضر و تركوا‬
‫شأن البادية و القفر نسوا لذلك عهد البل و الظعائن و صعب عليهم اتاذها فخلفوا النساء‬
‫فس السسفار وحلهسم اللك و الترف على اتاذ الفسساطيط و الخبيسة فاقتصسروا على الظهسر‬
‫الامل للثقال و البنية و كان ذلك صفتهم ف الرب و ل يغن كل الغناء لنه ل يدعو إل‬
‫ال ستماتة ك ما يد عو إلي ها ال هل و الال في خف ال صب من أ جل ذلك و ت صرفهم اليعات و‬
‫ترم صفوفهم‪ .‬و لا ذكرناه من ضرب الصاف وراء الع ساكر و تأكده ف قتال ال كر و ال فر‬
‫صار ملوك الغرب يتخذون طائ فة من الفر نج ف جند هم و اخت صوا بذلك لن قتال أ هل‬
‫وطنهم كله بالكر و الفر و السلطان يتأكد ف حقه ضرب الصاف ليكون ردءا للمقاتلة أمامه‬
‫فل بد من أن يكون أهل ذلك الصف من قوم متعودين للثبات ف الزحف و إل أجفلوا على‬
‫طريقة أهل الكر و الفر فانزم السلطان و العساكر بإجفالم فاحتاج اللوك بالغرب أن يتخذوا‬
‫جندا من هذه ال مة التعودة الثبات ف الز حف و هم الفر نج و يرتبون مصافهم الحدق ب م‬
‫منها هذا على ما فيه من الستعانة بأهل الكفر‪ .‬و إنم استخفوا ذلك للضرورة الت أريناكها‬
‫من توف الجفال على مصاف السلطان و الفرنج ل يعرفون غي الثبات ف ذلك لن عادتم‬
‫ف القتال الزحف فكانوا أقوم بذلك من غيهم مع أن اللوك ف الغرب إنا يفعلون ذلك عند‬
‫الرب مع أ مم العرب و الببر و قتال م على الطاعة و أما ف الهاد فل يستعينون بم حذرا‬
‫من مالتم على السلمي هذا هو الواقع لذا العهد و قد أ بدينا سببه و ال بكل شيء عليم‪.‬‬
‫و بلغ نا أن أ مم الترك لذا الع هد قتال م مناضلة بال سهام و إن تعبئة الرب عند هم بال صاف و‬
‫أن م يق سمون بثل ثة صفوف يضربون صفا وراء صف و يترجلون عن خيول م و يفرغون‬
‫سهامهم بي أيديهم ث يتناضلون جلوسا و كل صف ردء للذي أمامه أن يكبسهم العدو إل‬
‫أن يتهيأ النصر لحدى الطائفتي على الخرى و هي تعبئة مكمة غريبة‪ .‬و كان من مذاهب‬
‫الول فس حروبمس حفسر النادق على معسسكرهم عندمسا يتقاربون للزحسف حذرا مسن معرة‬
‫البيات و الجوم على العسكر بالليل لا ف ظلمته و وحشته من مضاعفة الوف فيلوذ اليش‬
‫بالفرار و تد النفوس ف الظلمة سترا من عاره فإذا تساووا ف ذلك أرجف العسكر و وقعت‬
‫الزيةس فكانوا لذلك يتفرون النادق على معسسكرهم إذا نزلوا و ضربوا أبنيتهسم و يديرون‬
‫الفائر نطاقا علي هم من ج يع جهات م حر صا أن يالط هم العدو بالبيات فيتخاذلوا‪ .‬و كا نت‬
‫للدول ف أمثال هذا قوة و عليه اقتدار باحتشاد الرجال و جع اليدي عليه ف كل منل من‬
‫منازل م ب ا كانوا عل يه من وفور العمران و ضخا مة اللك فل ما خرب العمران و تب عه ض عف‬
‫الدول و قلة النود و عدم الفعلة ن سي هذا الشأن جلة كأ نه ل ي كن و ال خ ي القادر ين‪ .‬و‬
‫انظر وصية علي رضي ال عنه و تريضه لصحابه يوم صفي تد كثيا من علم الرب و ل‬
‫يكن أحد أبصر با منه قال ف كلم له‪ :‬فسووا صفوفكم كالبنيان الرصوص و قدموا الدارع‬
‫و أخروا الاسسر و عضوا على الضراس فإنسه أنسب للسسيوف عسن الام و التووا على أطراف‬
‫الرماح فإنسه أصسون للسسنة و غضوا البصسار فإنسه أربسط للجأش و أسسكن للقلوب و اخفتوا‬
‫الصوات فإنه أطرد للفشل و أول بالوقار و أقيموا راياتكم فل تيلوها و ل تعلوها إل بأيدي‬
‫شجعانكم و استعينوا بالصدق و الصب فإنه بقدر الصب ينل النصر و قال الشتر يومئذ يرص‬
‫الزد‪ :‬عضوا على النوا جذ من الضراس و ا ستقبلوا القوم بام كم و شدوا شدة قوم موتور ين‬
‫من يثأرون بآبائهم و إخوانم حناقا على عدوهم و قد وطنوا على الوت أنفسهم لئل يسبقوا‬
‫بوتر و ل يلحقهم ف الدنيا عار و قد أشار إل كثي من ذلك أبو بكر الصيف شاعر لتونة و‬
‫أهل الندلس ف كلمة يدح با تاشفي بن علي بن يوسف و يصف ثباته ف حرب شهدها و‬
‫يذكره بأمور الرب ف وصايا تذيرات تنبهك على معرفة كثي من سياسة الرب يقول فيها‪.‬‬

‫يا أيها الل الذي يتقنعمن منكم اللك المام الروع‬

‫فانفض كل و هو ل يتزعزع‬ ‫و من الذي غدر العدو به دجى‬

‫عنه و يدمرها الوفاء فترجع‬ ‫تضي الفوارس و الطعان يصدها‬

‫و الليل من وضح الترائك إنصبح على هام اليوش يلمع‬

‫أن فزعتم يا بن صنهاجةو إليكم ف الروع كان الفزع‬

‫إنسان عي ل يصبها منكمحضن و قلب أسلمته الضلع‬


‫و صددت عن تاشفي و إنلعقابه لو شاء فيكم موضع‬

‫كل لكل كريهة مستطلع‬ ‫ما أنتم إل أسود خفية‬

‫يا تاشفي أقم ليشك عذرهبالليل و العذر الذي ل يدفع‬

‫و منها ف سياسة الرب‬

‫أهديك من أدب السياسة ما به كانت ملوك الفرس قبلك تولع‬

‫ل إنن أدري با لكنها ذكرى تض الؤمني و تنفع‬

‫وصى با صنع الصنائع تبع‬ ‫و البس من اللق الضاعفة الت‬

‫و الندوان الرقيق فإنأمضى على حد الدلص و أقطع‬

‫و اركب من اليل السوابق عدة حصنا حصينا ليس فيه مدفع‬

‫سيان تتبع ظافرا أو تتبع‬ ‫خندق عليك إذا ضربت ملة‬

‫و الواد ل تعبه و انزل عنده بي العدو و بي جيشك يقطع‬

‫و اجعل مناجزة اليوش عشية و وراءك الصدق الذي هو أمنع‬

‫و إذا تضايقت اليوش بعرك ضنك فأطراف الرماح توشع‬

‫و اصدمه أول وهلة ل تكترث شيئا فإظهار النكول يضعضع‬

‫و اجعل من الطلع أهل شهامة للصدق فيهم شيمة ل تدع‬

‫ل تسمع الكذاب جاءك مرجفا ل رأي للكذاب فيما يصنع‬


‫قوله و ا صدمه أول وهلة ل تكترث البيت مالف لا عل يه الناس ف أ مر الرب ف قد قال عمر‬
‫لب عبيد بن مسعود الثقفي لا وله حرب فارس و العراق فقال له اسع و أطع من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه و سلم و أشركهم ف المر و ل تيب مسرعا حت تتبي فإنا الرب و ل‬
‫يصلح ل ا الر جل الكيث الذي يعرف الفرصة و ال كف و قال له ف أخرى‪ :‬إ نه لن ينعن أن‬
‫أؤمر سليطا إل سرعته ف الرب و ف التسرع ف الرب إل عن بيان ضياع و ال لول ذلك‬
‫لمرته لكن الرب ل يصلحها إل الرجل الكيث هذا كلم عمر و هو شاهد بأن التثاقل ف‬
‫الرب أول من الفوف ح ت ي تبي حال تلك الرب و ذلك ع كس ما قاله ال صيف إل أن‬
‫يريسد أن الصسدم بعسد البيان فله وجسه و ال تعال اعلم‪ .‬و ل وثوق فس الرب بالظفسر و إن‬
‫حصلت أسبابه من العدة و العديد و إنا الظفر فيها و الغلب من قبيل البحث و التفاق و بيان‬
‫ذلك أن أ سباب الغلب ف الك ثر متم عة من أمور ظاهرة و هي اليوش و وفور ها و كمال‬
‫السسلحة و اسستجادتا و كثرة الشجعان و ترتيسب الصساف و منسه صسدق القتال و مسا جرى‬
‫مرى ذلك و من أمور خفية و هي إما خداع البشر و حيلهم ف الرجاف و التشانيع الت يقع‬
‫با التخذيل و ف التقدم إل الماكن الرتفعة ليكون الرب من أعلى فيتوههم النخفض لذلك‬
‫و فس الكمون فس الغياض و مطمئن الرض و التواري بالكدى حول العدو حتس يتداولمس‬
‫العسسكر دفعسة و قسد تورطوا فيتلفتون إل النجاة و أمثال ذلك و إمسا أن تكون تلك السسباب‬
‫الف ية أمورا ساوية ل قدرة للب شر على اكت سابا تل قى ف القلوب في ستول الر هب علي هم‬
‫لجلها فتختل مراكزهم فتقع الزية و أكثر ما تقع الزائم عن هذه السباب الفية لكثرة ما‬
‫يعت مل ل كل وا حد من الفريق ي في ها حر صا على الغلب فل بد من وقوع التأث ي ف ذلك‬
‫لحده ا ضرورة و لذلك قال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬الرب خد عة و من أمثال العرب رب‬
‫حيلة أنفع من قبيلة فقد تبي أن وقوع الغلب ف الروب غالبا عن أسباب خفية غي ظاهرة و‬
‫وقوع الشياء عن السباب الفية هو معن البخت كما تقرر ف موضعه فاعتبه و تفهم من‬
‫وقسع الغلب عسن المور السسماوية كمسا شرحناه معنس قوله صسلى ال عليسه و سسلم‪ :‬نصسرت‬
‫بالرعب مسية شهر و ما وقع من غلبه للمشركي ف حياته بالعدد القليل و غلب السلمي‬
‫من بعده كذلك ف الفتوحات فإن ال سبحانه و تعال تك فل ل نبيه بإلقاء الر عب ف قلوب‬
‫الكافرين حت يستول على قلوبم فينهرموا معجزة لرسوله صلى ال عليه و سلم فكان الرعب‬
‫فس قلوبمس سسببا للهزائم فس الفتوحات السسلمية كلهسا أنسه خفسي عسن العيون‪ .‬و قسد ذكسر‬
‫الطرطوشي‪ :‬أن من أسباب الغلب ف الرب أن تفضل عدة الفرسان الشاهي من الشجعان ف‬
‫أحد الانبي على عدتم ف الانب الخر مثل أن يكون أحد الانبي فيه عشرة أو عشرون‬
‫من الشجعان الشاهي و ف الالب الخر ثانية أو ستة عشر فالانب الزائد و لو بواحد يكون‬
‫له الغلب و أعاد فس ذلك و أبدى و هسو راجسع إل السسباب الظاهرة التس قدمنسا و ليسس‬
‫ب صحيح‪ .‬و إن ا ال صحيح الع تب ف الغلب حال الع صبية أن يكون ف أ حد الا نبي ع صبية‬
‫واحدة جامعة لكلهم و ف الانب الخر عصائب متعددة لن العصائب إذا كانت متعددة يقع‬
‫بينها من التخاذل ما يقع ف الوحدان التفرقي الفاقدين للعصبية تنل كل عصابة منهم منلة‬
‫الواحسد و يكون الانسب الذي عصسابته متعددة ل يقاوم الانسب الذي عصسبته واحدة لجسل‬
‫ذلك فتفهمه و اعلم أ نه أصح ف العتبار م ا ذهب إليه الطرطو شي و ل يمله على ذلك إل‬
‫نسسيان شأن العصسبية فس حلة و بلدة و أنمس إناس يرون ذلك الدفاع و المايسة و الطالبسة إل‬
‫الوحدان و الما عة الناشئة عن هم ل يع تبون ف ذلك ع صبية و ل ن سبا و قد بي نا ذلك أول‬
‫الكتاب مع أن هذا و أمثاله على تقدير صحته إنا هو من السباب الظاهرة مثل اتفاق اليش‬
‫ف العدة و صدق القتال و كثرة السلحة و ما أشبهها فكيف يعل ذلك كفيلً بالغلب و نن‬
‫قد قرر نا لك الن أن شيئا من ها ل يعارض ال سباب الف ية من ال يل و الداع و ل المور‬
‫السسماوية مسن الرعسب و الذلن الليس فافهمسه و تفهسم أحوال الكون و ال مقدر الليسل و‬
‫النهار‪ .‬و يلحسق بعنس الغلب فس الروب و أن أسسبابه خفيسة و غيس طبيعيسة حال الشهرة و‬
‫الصيت فقل أن تصادف موضعها ف أحد من طبقات الناس من اللوك و العلماء و الصالي و‬
‫النتحلي للفصائل على العموم و كثي من اشتهر بالشر و هو بلفه و كثي من تاوزت عنه‬
‫الشهرة و هو أحق با و أهلها و قد تصادف موضعها و تكون طبقا على صاحبها و السبب‬
‫ف ذلك أن الشهرة و ال صيت إن ا ه ا بالخبار و الخبار يدخل ها الذهول عن القا صد ع ند‬
‫التنا قل و يدخل ها التع صب و التشي يع و يدخل ها الوهام و يدخل ها ال هل بطاب قة الكايات‬
‫س التقرب لصسحاب التجلة و‬ ‫للحوال لفائهسا بالتلب يس و التصسنع أو لهسل الناقسل و يدخله ا‬
‫الراتب الدنيوية بالثناء و الدح و تسي الحوال و إشاعة الذكر بذلك و النفوس مولعة بب‬
‫الثناء و الناس متطاولون إل الدن يا و أ سبابا من جاه أو ثروة و لي سوا من الك ثر برا غبي ف‬
‫الفضائل و ل منافسي ف أهلها و أين مطابقة الق مع هذه كلها فتختل الشهرة عن أسباب‬
‫خفية من هذه و تكون غي مطابقة و كل ما حصل بسبب خفي فهو الذي يعب عنه بالبخت‬
‫كما تقرر و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الثلثون ف الباية و سبب قلتها و كثرتا‬


‫إعلم أن الباية أول الدولة تكون قليلة الوزائع كثية الملة و آخر الدولة تكون كثية الوزائع‬
‫قليلة الملة و السبب ف ذلك أن الدولة إن كانت على سنن الدين فليست تقتضي إل الغارم‬
‫الشرعية من الصدقات و الراج و الزية و هي قليلة الوزائع لن مقدار الزكاة من الال قليل‬
‫ك ما عل مت و كذا زكاة البوب و الاش ية و كذا الز ية و الراج و ج يع الغارم الشرع ية و‬
‫هي حدود ل تتعدى و إن كانت على سنن التغلب و العصبية فل بد من البداوة ف أولا كما‬
‫تقدم و البداوة تقتضي السامة و الكارمة و خفض الناح و التجاف عن أموال الناس و الغفلة‬
‫عن تصيل ذلك إل ف النادر فيقل لذلك مقدار الوظيفة الواحدة و الوزيعة الت تمع الموال‬
‫مسن مموعهسا و إذا قلت الوزائع و الوظائف على الرعايسا نشطوا للعمسل و رغبوا فيسه فيكثسر‬
‫العتمار و يتزايد لصول الغتباط بقلة الغرم و إذا كثر العتمار كثرت أعداد تلك الوظائف‬
‫و الوزائع فكثرت البا ية ال ت هي جلت ها فإذا ا ستمرت الدولة و ات صلت و تعا قب ملوك ها‬
‫واحدا بعد واحد و اتصفوا بالكيس و ذهب سر البداوة و السذاجة و خلقها من الغضاء و‬
‫التجا ف و جاء اللك العضوض و الضارة الداع ية إل الك يس و تلق أ هل الدولة حينئذ بلق‬
‫التحذلق و تكثرت عوائدهم و حوائجهم بسبب ما انغمسوا فيه من النعيم و الترف فيكثرون‬
‫الوظائف و الوزائع حينئذ على الرعايا و الكرة و الفلحي و سائر أهل الغارم و يزيدون ف‬
‫كل وظي فة و وزي عة مقدارا عظيما لتك ثر ل م البا ية و يضعون الكوس على البايعات و ف‬
‫البواب ك ما نذ كر ب عد ث تتدرج الزيادات في ها بقدار ب عد مقدار لتدرج عوائد الدولة ف‬
‫الترف و كثرة الاجات و النفاق ب سببه ح ت تث قل الغارم على الرعا يا و تضم هم و ت صي‬
‫عادة مفروضة لن تلك الزيادة تدرجت قليلً قليلً و ل يشعر أحد بن زادها على التعيي و ل‬
‫من هو واضع ها إن ا ث بت على الرعا يا ف العتمار لذهاب ال مل من نفو سهم بقلة الن فع إذا‬
‫قا بل ب ي نف عه و مغار مه و ب ي ثر ته و فائد ته فتنق بض كث ي من اليدي عن العتمار جلة‬
‫فتنقص جلة الباية حينئذ بنقصان تلك الوزائع منها و ربا يزيدون ف مقدار الوظائف إذا رأوا‬
‫ذلك النقص ف الباية و يسبونه جبا لا نقص حت تنتهي كل وظيفة و وزيعة إل غاية ليس‬
‫وراءهسا نفسع و ل فائدة لكثرة النفاق حينئذ فس العتمار و كثرة الغارم و عدم وفاء الفائدة‬
‫الرجوة به فل تزال الملة ف نقص و مقدار الوزائع و الوظائف ف زيادة لا يفتقدونه من جب‬
‫الملة باس إل أن ينتقسص العمران بذهاب المال مسن العتمار و يعود وبال ذلك على الدولة‬
‫لن فائدة العتمار عائدة إليها و إذا فهمت ذلك علمت إل أقوى السباب ف العتمار تقليل‬
‫مقدار الوظائف على العتمرين ما أمكن فبذلك تنبسط النفوس إليه لثقتها بإدراك النفعة فيه و‬
‫ال سبحانه و تعال مالك المور كلها و بيده ملكوت كل شيء‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الثلثون ف ضرب الكوس أواخر الدولة‬


‫إعلم أن الدولة تكون فس أولاس بدويسة كمسا قلنسا فتكون لذلك قليلة الاجات يعدم الترف و‬
‫ل فيكون فس البايسة حينئذ وفاء بأزيسد منهسا كثيس عسن‬
‫عوائده فيكون خرجهسا و إنفاقهسا قلي ً‬
‫حاجات م ث ل تل بث أن تأ خذ بد ين الضارة ف الترف و عوائد ها و تري على ن ج الدول‬
‫ال سابقة قبل ها فيك ثر لذلك خراج أ هل الدولة و يك ثر خراج ال سلطان خ صوصا كثرة بال غة‬
‫بنفقته ف خاصته و كثرة عطائه و ل تفي بذلك الباية فتحتاج الدولة إل زيادة ف الباية لا‬
‫تتاج إل يه الام ية من العطاء و ال سلطان من النف قة فيز يد ف مقدار الوظائف و الوزائع أولً‬
‫كما قلناه ث يزيد الراج و الاجات و التدريج ف عوائد الترف و ف العطاء للحامية و يدرك‬
‫الدولة الرم و تضعف عصابتها عن جباية الموال من العمال و القاصية فتقل الباية و تكثر‬
‫العوائد و يك ثر بكثرت ا أرزاق ال ند و عطاؤ هم في ستحدث صاحب الدولة أنواعا من البا ية‬
‫يضرب ا على البياعات و يفرض ل ا قدرا معلوما على الثان ف ال سواق و على أعيان ال سلع‬
‫ف أموال الدينة و هو مع هذا مضطر لذلك با دعاه إليه طرق الناس من كثرة العطاء من زيادة‬
‫اليوش و الامية و ربا يزيد ذلك ف أواخر الدولة زيادة بالغة فتكسد السواق لفساد المال‬
‫و يؤذن ذلك باختلل العمران و يعود على الدولة و ل يزال ذلك يتزايسد إل أن تضمحسل‪ .‬و‬
‫قد كان وقع منه بأمصار الشرق ف أخريات الدولة العباسية و العبيدية كثي و فرضت الغارم‬
‫ح ت على الاج ف الو سم و أ سقط صلح الد ين أيوب تلك الر سوم جلة و أعاض ها بآثار‬
‫الي و كذلك وقع بالندلس لعهد الطوائف حت مى رسه يوسف بن تاشفي أمي الرابطي‬
‫و كذلك وقع بأمصار الريد بإفريقية لذا العهد حي استبد با رؤساؤها و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الربعون ف أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا و مفسدة للجباية‬


‫اعلم أن الدولة إذا ضاقست جبايتهسا باس قدمناه مسن الترف و كثرة العوائد و النفقات و قصسر‬
‫الا صل من جبايت ها على الوفاء باجات ا و نفقات ا و احتا جت إل مز يد الال و البا ية فتارة‬
‫توضع الكوس على بياعات الرعايا و أسواقهم كما قدمنا ذلك ف الفصل قبله و تارة بالزيادة‬
‫فس ألقاب الكوس إن كان قسد اسستحدث مسن قبسل و تارة بقاسسة العمال و الباة و امتكاك‬
‫عظامهم لا يرون أنم قد حصلوا على شيء طائل من أموال الباية ل يظهره السبان و تارة‬
‫باسستحداث التجارة و الفلحسة للسسلطان على تسسمية البايسة لاس يرون التجار و الفلحيس‬
‫يصسلون على الفوائد و الغلت مسع يسسارة أموالمس و أن الرباح تكون على نسسبة رؤوس‬
‫الموال فيأخذون ف اكتساب اليوان و النبات لستغلله ف شراء البضائع والتعرض با لوالة‬
‫السواق و يسبون ذلك من إدرار الباية و تكثي الفوائد و هو غلط عظيم و إدخال الضرر‬
‫على الرعايا من وجوه متعددة فأولً مضاي قة الفلحي و التجار ف شراء اليوان و البضائع و‬
‫تيسي أسباب ذلك فإن الرعايا متكافئون ف اليسار متقاربون و مزاحة بعضهم بعضا تنتهي إل‬
‫غا ية موجود هم أو تقرب و إذا رافق هم ال سلطان ف ذلك و ماله أع ظم كثيا من هم فل يكاد‬
‫أحد منهم يصل على غرضه ف شيء من حاجاته و يدخل على النفوس من ذلك غم و نكد‬
‫ث إن السلطان قد ينتزع الكثي من ذلك إذا تعرض له غضا أو بأيسر ثن أو ل يد من يناقشه‬
‫ف شرائه فيبخس ثنه على بائعه ث إذا حصل فوائد الفلحة و مغلها كله من زرع أو حرير أو‬
‫عسل أو سكر أو غي ذلك من أنواع الغلت و حصلت بضائع التجارة من سائر النواع فل‬
‫ينتظرون به حوالة السواق و ل نفاق البياعات لا يدعوهم إليه تكاليف الدولة فيكلفون أهل‬
‫تلك ال صناف من تا جر أو فلح بشراء تلك البضائع و ل يرضون ف أثان ا إل الق يم و أز يد‬
‫فيسستوعبون فس ذلك ناض أموالمس و تبقسى تلك البضائع بأيديهسم عروضا جامدة و يكثون‬
‫عطلً من الدارة ال ت في ها ك سبهم و معاش هم و رب ا تدعو هم الضرورة إل ش يء من الال‬
‫ف يبيعون تلك ال سلع على ك ساد من ال سواق بأب س ث ن‪ .‬و رب ا يتكرر ذلك على التا جر و‬
‫الفلح من هم ب ا يذ هب رأس ماله فيق عد عن سوقه و يتعدد ذلك و يتكرر و يد خل به على‬
‫الرعا يا من الع نت و الضاي قة و ف ساد الرباح ما يق بض آمال م عن ال سعي ف ذلك جلة و‬
‫يؤدي إل فساد الباية فإن معظم الباية إنا هي من الفلحي و التجار و ل سيما بعد وضع‬
‫الكوس و نو الباية با فإذا انقبض الفلحون عن الفلحة و قعد التجار عن التجارة ذهبت‬
‫الباية جلة أو دخلها النقص التفاحش و إذا قايس السلطان بي ما يصل له من الباية و بي‬
‫هذه الرباح القليلة وجدها بالنسبة إل الباية أقل من القليل ث إنه و لو كان مفيدا فيذهب له‬
‫بظ عظيم من الباية فيما يعانيه من شراء أو بيع فإنه من البعيد أن يوجد فيه من الكس و لو‬
‫كان غيه ف تلك الصفقات لكال تكسبها كلها حاصلً من جهة الباية ث فيه التعرض لهل‬
‫عمرانه و اختلل الدولة بفسادهم و نقصهم فإن الرعايا إذا قعدوا عن تثمي أموالم بالفلحة‬
‫و التجارة نقصت و تلشت بالنفقات و كان فيها تلف أحوالم‪ ،‬فافهم ذلك و كان الفرس‬
‫ل يلكون علي هم إل من أ هل ب يت المل كة ث يتارو نه من أ هل الف ضل و الد ين و الدب و‬
‫ال سخاء و الشجا عة و الكرم ث يشترطون عل يه مع ذلك العدل و أن ل يت خذ صنعة في ضر‬
‫بيا نه و ل يتا جر في حب غلء ال سعار ف البضائع و أن ل ي ستخدم العب يد فإن م ل يشيون‬
‫ب ي و ل م صلحة‪ .‬و اعلم أن ال سلطان ل ين مي ماله و ل يدر موجوده إل البا ية و إدرار ها‬
‫إنا يكون بالعدل ف أهل الموال و النظر لم بذلك فبذلك تنبسط آمالم و تنشرح صدورهم‬
‫للخذ ف تثمي الموال و تنميتها فتعظم منها جباية السلطان و أما غي ذلك من تارة أو فلح‬
‫فإناس هسو مضرة عاجلة للرعايسا و فسساد للجبايسة و نقسص للعمارة و قسد ينتهسي الال بؤلء‬
‫النسلخي للتجارة و الفلحة من المراء و التغلبي ف البلدان أنم يتعرضون لشراء الغلت و‬
‫السلع من أربابا الوارد ين على بلد هم و يفرضون لذلك من الث من ما يشاءون و يبيعون ا ف‬
‫وقتها لن تت أيديهم من الرعايا با يفرضون من الثمن و هذه أشد من الول و أقرب إل‬
‫فساد الرعية و اختلل أحوالم و ربا يمل السلطان على ذلك من يداخله من هذه الصناف‬
‫أعن التجار و الفلحي لا هي صناعته الت نشأ عليها فيحمل السلطان على ذلك و يضرب‬
‫م عه ب سهم لنف سه ليح صل على غر ضه من ج ع الال سريعا و ل سيما مع ما ي صل له من‬
‫التجارة بل مغرم و ل مكس فإنا أجدر بنمو الموال و أسرع ف تثميه و ل يفهم ما يدخل‬
‫على السسلطان مسن الضرر بنقسص جبايتسه فينبغسي للسسلطان أن يذر مسن هؤلء و يعرض عسن‬
‫سعايتهم الضرة ببايته و سلطانه و ال يلهمنا رشد أنفسنا و ينفعنا بصال العمال و ال تعال‬
‫أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي و الربعون ف أن ثروة السلطان و حاشيته إنا تكون ف وسط الدولة‬
‫و السبب ف ذلك أن الباية ف أول الدولة تتوزع على أهل القبيل و العصبية بقدار غنائهم و‬
‫عصبيتهم و لن الاجة إليهم ف تهيد الدولة كما قلناه من قبل فرئيسهم ف ذلك متجاف لم‬
‫عما يسمون إليه من الستبداد عليهم فله عليهم عزة و له إليهم حاجة فل يطي ف سهمانه من‬
‫البايسة إل القسل مسن حاجتسه فتجسد حاشيتسه لذلك و أذياله مسن الوزراء و الكتاب و الوال‬
‫متملقي ف الغالب و جاههم متقلص لنه من جاه مدومهم و نطاقه قد ضاق بن يزاحه فيه‬
‫من أ هل ع صبيته فإذا ا ستفحلت طبي عة اللك و ح صل ل صاحب الدولة ال ستبداد على قو مه‬
‫قبض أيديهم عن البايات إل ما يطي لم بي الناس ف سهمانم و تقل حظوظهم ذاك لقلة‬
‫غنائهم ف الدولة با انكبح من أعنتهم و صار الوال و الصنائع مساهي لم ف القيام بالدولة‬
‫و تهيسد المسر فينفرد صساحب الدولة حينئذ بالبايسة أو معظمهسا و يتوي على الموال و‬
‫يتجنها للنفقات ف مهمات الحوال فتكثر ثروته و تتلئ خزائنه و يتسع نطاق جاهه و يعتز‬
‫على سائر قومه فيعظم حال حاشيته و ذويه من وزير و كاتب و حاجب و مول و شرطي و‬
‫يتسع جاههم و يقتنون الموال و يتأثلونا ث إذا أخذت الدولة ف الرم بتلشي العصبية و فناء‬
‫القل يل العاهد ين للدولة احتاج صاحب ال مر حينئذ إل العوان و الن صار لكثرة الوارج و‬
‫النازع ي و الثوار و تو هم النتقاض ف صار خرا جه لظهرائه و أعوا نه و هم أرباب ال سيوف و‬
‫أهل العصبيات و أنفق خزائنه و حاصله ف مهمات الدولة و قلت مع ذلك الباية لا قدمناه‬
‫من كثرة العطاء و النفاق في قل الراج و تش تد حا جة الدولة إل الال فيتقلص ظل النع مة و‬
‫الترف عسن الواص و الجاب و الكتاب بتقلص الاه عنهسم و ضيسق نطاقسه على صساحب‬
‫الدولة ث تشتد حاجة صاحب الدولة إل الال و تنفق أبناء البطانة و الاشية ما تأثله آباؤهم‬
‫من الموال ف غي سبيلها من إعانة صاحب الدولة و يقبلون على غي ما كان عليه آباؤهم و‬
‫سلفهم من الناصحة و يرى صاحب الدولة أنه أحق بتلك الموال الت اكتسبت ف دولة سلفه‬
‫و باههم فيصطلمها و ينتزعها منهم لنفسه شيئا فشيئا و واحدا بعد واحد على نسبة رتبهم‬
‫و تن كر الدولة ل م و يعود وبال ذلك على الدولة بفناء حاشيت ها و رجالت ا و أ هل الثروة و‬
‫النعمة من بطانتها و يتقوض بذلك كثي من مبان الجد بعد أن يدعمه أهله و يرفعوه‪ .‬و انظر‬
‫ما وقع من ذلك لوزراء الدولة العباسية ف بن قحطبة و بن برمك و بن سهل و بن طاهر و‬
‫أمثالم ث ف الدولة الموية بالندلس عند انللا أيام الطوائف ف بن شهيد و بن أب عبدة و‬
‫بن حدير و بن برد و أمثالم و كذا ف الدولة الت أدركناها لعهدنا سنة ال الت قد خلت ف‬
‫عباده‪.‬‬
‫فصل‪ :‬و لا يتوقعه أهل الدولة من أمثال هذه العاطب صار الكثي منهم ينعون إل الفرار عن‬
‫الرتب و التخلص من ربقة السلطان با حصل ف أيديهم من مال الدولة إل قطر آخر و يرون‬
‫أنه أهنأ لم و أسلم ف إنفاقه و حصول ثرته و هو من الغلط الفاحشة و الوهام الفسدة‬
‫لحوالم و دنياهم و اعلم أن اللص من ذلك بعد الصول فيه عسي متنع فإن صاحب هذا‬
‫الغرض إذا كان هسو اللك نفسسه فل تكنسه الرعيسة مسن ذلك طرفسة عيس و ل أهسل العصسبية‬
‫الزاحون له بل ف ظهور ذلك منه هدم للكه و إتلف لنفسه بجاري العادة بذلك لن ربقة‬
‫اللك يعسر اللص منها و ل سيما عند استفحال الدولة و ضيق نطاقها و ما يعرض فيها من‬
‫البعسد عسن الجسد و اللل و التخلق بالشسر و أمسا إذا كان صساحب هذا الغرض مسن بطانسة‬
‫السلطان و حاشيته و أهل الرتب ف دولته فقل أن يلى بينه و بي ذلك‪ .‬أما أول فلما يراه‬
‫اللوك أن ذويهم و حاشيتهم بل و سائر رعاياهم ماليك لم مطلعون على ذات صدورهم فل‬
‫ي سمحون ب ل ربق ته من الد مة ض نا بأ سرارهم و أحوال م أن يطلع علي ها أ حد‪ .‬و غيه من‬
‫خدمته لسواهم و لقد كان بنو أمية بالندلس ينعون أهل دولتهم من السفر لفريضة الج لا‬
‫يتوهونه من وقوعهم بأيدي بن العباس فلم يج سائر أيامهم أحد من أهل دولتهم و ما أبيح‬
‫الج لهل الدول من الندلس إل بعد فراغ شأن الموية و رجوعها إل الطوائف و أما ثانيا‬
‫فلنم و إن سحوا بل ربقته فل يسمحون بالتجاف عن ذلك الال لا يرون أنه جزء من مالم‬
‫كما يرون أنه جزء من دولتهم إذ ل يكتسب إل با و ف ظل جاهها‪ ،‬فتخوم نفوسهم على‬
‫انتزاع ذلك الال و التقامه كما هو جزء من الدولة ينتفعون به ث إذا توهنا أنه خلص بذلك‬
‫الال إل قطسر آخسر و هسو فس النادر القسل فتمتسد إليسه أعيس اللوك بذلك القطسر و ينتزعونسه‬
‫بالرهاب و التخويف تعريضا أو بالقهر ظاهرا لا يرون أنه مال الباية و الدول و أنه مستحق‬
‫للنفاق ف ال صال و إذا كا نت أعين هم ت تد إل أ هل الثروة و الي سار التك سبي من وجوه‬
‫العاش فأحرى ب ا أن ت تد إل أموال البا ية و الدول ال ت ت د ال سبيل إل يه بالشرع و العادة و‬
‫لقد حاول السلطان أبو يي زكريا بن أحد اللحيان تاسع أو عاشر ملوك الفصيي بأفريقة‬
‫الروج عن عهدة اللك و اللحاق ب صر فرارا من طلب صاحب الثغور الغرب ية ل ا ا ستجمع‬
‫لغزو تو نس فا ستعمل اللحيا ن الرحلة إل ث غر طرابلس يوري بتمهيده و ر كب ال سفي هن‬
‫هنالك و خلص إل السسكندرية بعسد أن حلس جيسع مسا وجده بسبيت الال مسن الصسامت و‬
‫الذخية و باع كل ما كان بزائنهم من التاع و العقار و الوهر حت الكتب و احتمل ذلك‬
‫كله إل مصر و نزل على اللك الناصر ممد بن قلون سنة سبع عشرة من الائة الثامنة فأكرم‬
‫نزله و رفع ملسة و ل يزل يستخلص ذخيته شيئا فشيئا بالتعريض إل أن حصل عليها و ل‬
‫يبق معاش ابن اللحيان إل ف جرابته الت فرضت له إل أن هلك سنة ثان و عشرين حسبما‬
‫نذكره ف أخباره فهذا و أمثاله من جلة الو سواس الذي يعتري أ هل الدول ل ا يتوقعو نه من‬
‫ملوكهم من العاطب و إنا يلصون إن اتفق لم اللص بأنفسهم و ما يتوهونه من الاجة‬
‫فغلط و وهسم و الذي حصسل لمس مسن الشهرة بدمسة الدول كاف فس وجدان العاش لمس‬
‫بالرايات السلطانية أو بالاه ف انتحال طرق الكسب من التجارة و الفلحة و الدول أنساب‬
‫لكن‪:‬‬
‫و إذا ترد إل قليل تقنع‬ ‫النفس راغبة إذا رغبتها‬
‫و ال سبحانه هو الرزاق و هو الوفق بنه و فضله و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثان و الربعون ف أن نقص العطاء من السلطان نقص ف الباية‬


‫و ال سبب ف ذلك أن الدولة و ال سلطان هي ال سوق الع ظم للعال و م نه مادة العمران فإذا‬
‫احتجن السلطان الموال أو البايات أو فقدت فلم يصرفها ن مصارفها قل حينئذ ما بأيدي‬
‫الاشية و الامية و انقطع أيضا ما كان يصل منهم لاشيتهم و ذويهم و قلت نفقاتم جلة و‬
‫هم معظم السواد و نفقاتم أكثر مادة للسواق من سواهم فيقع الكساد حينئذ ف السواق و‬
‫تضعف الرباح ف التاجر فيقل الراج لذلك لن الراج و الباية إنا تكون من العتمار و‬
‫العاملت و نفاق السسسواق و طلب الناس للفوائد و الرباح و وبال ذلك عائد على الدولة‬
‫بالن قص لقلة أموال ال سلطان حينئذ بقلة الراج فإن الدولة ك ما قلناه هي الشرق الع ظم أم‬
‫السواق كلها و أصلها و مادتا ف الدخل و الرج فإن كسدت و قلت مصارفها فاجدر با‬
‫بعدها من السواق أن يلحقها مثل ذلك و أشد منه و أيضا فالال إنا هو متردد بي الرعية و‬
‫السلطان منهم إليه و منه إليهم فإذا حبسه السلطان عنده فقدته الرعية سنة ال ف عباده‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الربعون ف أن الظلم مؤذن براب العمران‬


‫اعلم أن العدوان على الناس ف أموالم ذاهب بآمالم ف تصيلها و اكتسابا لا يرونه حينئذ‬
‫من أن غايت ها و مصسيها انتهاب ا من أيديهسم و إذا ذه بت آمال م ف اكت سابا و ت صيلها‬
‫انقب ضت أيدي هم عن ال سعي ف ذلك و على قدر العتداء و ن سبته يكون انقباض الرعا يا عن‬
‫ال سعي ف الكت ساب فإذا كان العتداء كثيا عا ما ف ج يع أبواب العاش كان القعود عن‬
‫الك سب كذلك لذها به بالمال جلة بدخوله من ج يع أبواب ا و إن كان العتداء ي سيا كان‬
‫النقباض عن الكسب على نسبته و العمران و وفوره و نفاق أسواقه إنا هو بالعمال و سعي‬
‫الناس ف الصال و الكاسب ذاهبي و جائي فإذا قعد الناس عن العاش و انقبضت أيديهم ف‬
‫الكاسب كسدت أسواق العمران و انتفضت الحوال و ابذعر الناس ف الفاق من غي تلك‬
‫اليالة ف طلب الرزق في ما خرج عن نطاق ها ف خف ساكن الق طر و خلت دياره و خر جت‬
‫أم صاره و اخ تل باختلله حال الدولة و ال سلطان ل ا أن ا صورة للعمران تف سد بف ساد مادت ا‬
‫ضرورة و انظسر فس ذلك مسا حكاه السسعودي فس أخبار الفرس عسن الوبذان صساحب الديسن‬
‫عندهم أيام برام بن برام و ما عرض به للملك ف إنكار ما كان عليه من الظلم و الغفلة عن‬
‫عائدته على الدولة بضرب الثال ف ذلك على لسان البوم حي سع اللك أصواتا و سأله عن‬
‫فهم كلمها فقال له‪ :‬إن بوما ذكرا يروم نكاح بوم أنثى و إنا شرطت عليه عشرين قرية من‬
‫الراب ف أيام برام فق بل شرط ها‪ ،‬و قال ل ا‪ :‬إن دا مت أيام اللك أقطع تك ألف قر ية و هذا‬
‫أ سهل مرام‪ .‬فتن به اللك من غفل ته و خل بالوبذان و سأله عن مراده فقال له أي ها اللك إن‬
‫اللك ل يتسم عزه إل بالشريعسة و القيام ل بطاعتسه و التصسرف تتس أمره و نيسه و ل قوام‬
‫للشريعة إل باللك و ل عز للملك إل بالرجال و ل قوام للرجال إل بالال و ل سبيل إل الال‬
‫إل بالعمارة و ل سبيل للعمارة إل بالعدل و العدل اليزان النصوب بي الليقة نصبه الرب و‬
‫جعل له قيما و هو اللك و أنت أيها اللك عمدت إل الضياع فانتزعتها من أربابا و عمارها‬
‫و هسم أرباب الراج و مسن تؤخسذ منهسم الموال و أقطعتهسا الاشيسة و الدم و أهسل البطالة‬
‫فتركوا العمارة و النظر ف العواقب و ما يصلح الضياع و سوموا ف الراج لقربم من اللك‬
‫و و قع ال يف على من ب قي من أرباب الراج و عمار الضياع فانلوا عن ضياع هم و خلوا‬
‫ديارهسم و أووا إل مسا تعذر مسن الضياع فسسكنوها فقلت العمارة و خربست الضياع و قلت‬
‫الموال و هل كت النود و الرع ية و ط مع ف ملك فارس من جاور هم من اللوك لعلم هم‬
‫بانقطاع الواد ال ت ل ت ستقيم دعائم اللك إل ب ا‪ .‬فل ما سع اللك ذلك أق بل على الن ظر ف‬
‫ملكه و انتزعت الضياع من أيدي الاصة و ردت على أربابا و حلوا على رسومهم السالفة‬
‫و أخذوا فس العمارة و قوي مسن ضعسف منهسم فعمرت الرض و أخصسبت البلد و كثرت‬
‫الموال عنسد جباة الراج و قويست النود و قطعست مواد العداء و شحنست الثغور و أقبسل‬
‫اللك على مباشرة أموره بنفسه فحسنت أيامه و انتظم ملكه فتفهم من هذه الكاية أن الظلم‬
‫مرب للعمران و أن عائدة الراب ف العمران على الدولة بالفساد و النتقاض‪ .‬و ل تن ظر ف‬
‫ذلك إل أن العتداء قد يو جد بالم صار العظي مة من الدول ال ت ب ا و ل ي قع في ها خراب و‬
‫اعلم أن ذلك إنا جاء من قبل الناسبة بي العتداء و أحوال أهل الصر فلما كان الصر كبيا‬
‫و عمرانه كثيا و أحواله متسعة با ل ينحصر كان وقوع النقص فيه بالعتداء و الظلم يسيا‬
‫لن الن قص إن ا ي قع بالتدر يج فإذا خ في بكثرة الحوال و ات ساع العمال ف ال صر ل يظ هر‬
‫أثره إل بعسد حيس و قسد تذهسب تلك الدولة العتديسة مسن أصسلها قبسل خراب و تيسء الدولة‬
‫الخرى فترف عه بدت ا و ت ب الن قص الذي كان خف يا ف يه فل يكاد يش عر به إل أن ذلك ف‬
‫القل النادر و الراد من هذا أن حصول النقص ف العمران عن الظلم و العدوان أمر و اقع ل‬
‫بد م نه لا قدمناه و وباله عائد على الدول‪ .‬و ل ت سب الظلم إن ا هو أ خذ الال أو اللك من‬
‫يد مالكه من غي عوض و ل سبب كما هو الشهور بل الظلم أعم من ذلك و كل من أخذ‬
‫ملك أحد أو غصبه ف عمله أو طالبه بغي حق أو فرض عليه حقا ل يفرضه الشرع فقد ظلمه‬
‫فجباة الموال بغي حقها ظلمة و العتدون عليها ظلمة و النتهبون لا ظلمة و الانعون لقوق‬
‫الناس ظلمسة و خ صاب الملك على العموم ظل مة و وبال ذلك كله عائد على الدولة براب‬
‫العمران الذي هو مادتا لذهابه المال من أهله و اعلم أن هذه هي الكمة القصودة للشارع‬
‫ف تر ي الظلم و هو ما ين شأ ع نه من ف ساد العمران و خرا به و ذلك مؤذن بانقطاع النوع‬
‫البشري و هي الكمة العا مة الراع ية للشرع ف ج يع مقا صده الضرور ية الم سة من ح فظ‬
‫الدين و النفس و العقل و النسل و الال‪ .‬فلما كان الظلم كما رأيت مؤذنا بانقطاع النوع لا‬
‫أدى إليه من تريب العمران‪ ،‬كانت حكمة الطر فيه موجودة‪ ،‬فكان تريه مهما‪ ،‬و أدلته‬
‫من القرآن و السنة كثية‪ ،‬أكثر من أن يأخذها قانون الضبط و الصر‪ .‬و لو كان كل واحد‬
‫قادرا على الظلم لو ضع بإزائه من العقوبات الزاجرة ما و ضع بإزاء غيه من الف سدات للنوع‬
‫الت يقدر كل أحد على اقترافها من الزنا و القتل و السكر إل أن الظلم ل يقدر عليه إل من‬
‫يقدر عليه لنه إنا يقع من أهل القدرة و السلطان فبولغ ف ذمة و تكرير الوعيد فيه عسى أن‬
‫يكون الوازع ف يه للقادر عل يه ن نف سه و ما ر بك بظلم للعب يد و ل تقولن إن العقو بة قد‬
‫وضعت بإزاء الرابة ف الشرع و هي من ظلم القادر لن الحارب زمن حرابته قادر فإن ف‬
‫الواب عن ذلك طريقي‪ .‬أحدها أن تقول العقوبة على ما يقترفه من النايات ف نفس أموال‬
‫على ما ذهب إليه كثي و ذلك إنا يكون بعد القدرة عليه و الطالبة بنايته و أما نفس الرابة‬
‫فهي خلو من العقوبة‪ .‬الطريق الثان أن تقول‪ :‬الحارب ل يوصف بالقدرة لنا إنا نعن بقدرة‬
‫الظال اليد البسوطة الت ل تعارضها قدرة فهي الؤذنة بالراب و أما قدرة الحارب فإنا هي‬
‫إخافة يعلها ذريعة لخذ الموال و الدافعة عنها بيد الكل موجودة شرعا و سياسة فليست‬
‫من القدر الؤذن بالراب و ال قادر على ما يشاء‪.‬‬
‫ف صل‪ :‬و من أ شد الظلمات و أعظم ها ف إف ساد العمران تكل يف العمال و ت سخي الرعا يا‬
‫بغيس حسق و ذلك أن العمال مسن قبيسل التمولت كمسا سسنبي فس باب الرزق لن الرزق و‬
‫الكسب إنا هو قيم أعمال أهل العمران‪ .‬فإذا مساعيهم و أعمالم كلها متمولت و مكاسب‬
‫ل م بل ل مكا سب ل م سواها فإن الرع ية العتمل ي ف العمارة إن ا معاشهم و مكاسبهم من‬
‫اعتمال م ذلك فإذا كلفوا الع مل ف غ ي شأن م و اتذوا سخريا ف معاش هم ب طل ك سبهم و‬
‫اغت صبوا قي مة عمل هم ذلك و هو متمول م فد خل علي هم الضرر و ذ هب ل م حظ كبي من‬
‫معاشهم بل هو معاشهم بالملة و إن تكرر ذلك عليهم أفسد آمالم ف العمارة و قعدوا عن‬
‫السسعى فيهسا جلة فأدى ذلك إل انتقاض العمران و تريبسه و ال سسبحانه و تعال أعلم و بسه‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫الحتكار‪ :‬و أعظسم مسن ذلك فس الظلم و إفسساد العمران و الدولة التسسلط على أموال الناس‬
‫بشراء ما بي أيديهم بأبس الثان ث فرض البضائع عليهم بأرفع الثان على وجه الغصب و‬
‫الكراه ف الشراء و الب يع و رب ا تفرض علي هم تلك الثان على التوا حي و التعج يل فيتعللون‬
‫ف تلك السارة الت تلحقهم با تدثهم الطامع من جب ذلك بوالة السواق ف تلك البضائع‬
‫ال ت فر ضت علي هم بالغلء إل بيع ها بأب س الثان‪ ،‬و تعود خ سارة ما ب ي ال صفقتي على‬
‫رؤوس أموال م‪ .‬و قد ي عم ذلك أ صناف التجار القيم ي بالدي نة و الوارد ين من الفاق ف‬
‫البضائع و سائر السوقة و أهل الدكاكي ف الآكل و الفواكه و أهل الصنائع فيما يتخذ من‬
‫اللت و الواعيس فتشمسل السسارة سسائر الصسناف و الطبقات و تتوال على السساعات و‬
‫تحسف برؤوس الموال و ل يدون عنهسا وليجسة إل القعود عسن السسواق لذهاب رؤوس‬
‫الموال ف جبها بالرباح و يتثاقل الواردون من الفاق لشراء البضائع و بيعها من أجل ذلك‬
‫فتك سد ال سواق و يب طل معاق الرعا يا لن عام ته من الب يع و الشراء و إذا كا نت ال سواق‬
‫عطل منها بطل معاشهم و تنقص جباية السلطان أو تفسد لن معظمها من أوسط الدولة و‬
‫ما بعد ها إن ا هو من الكوس على البياعات ك ما قدمناه و يؤول ذلك إل تل شى الدولة و‬
‫فساد عمران الدينة و يتطرق هذا اللل على التدريج و ل يشعر به‪ .‬هذا ما كان بأمثال هذه‬
‫الذرائع و ال سباب إل أ خذ الموال و أ ما أخذ ها ما نا و العدوان على الناس ف أموال م و‬
‫حرم هم و دمائ هم و أ سرارهم و أغراض هم ف هو يف ضي إل اللل و الف ساد دف عة و تنت قض‬
‫الدولة سريعا ب ا ين شأ ع نه من الرج الف ضي إل النتقاض و من أ جل هذه الفا سد ح ظر‬
‫الشرع ذلك كله و شرع الكاي سة ف الب يع و الشراء و ح ظر أ كل أموال الناس بالبا طل سدا‬
‫لبواب الفاسسد الفضيسة إل انتقاض العمران بالرج أو بطلن العاش واعلم أن الداعسي لذلك‬
‫كله إنا هو حاجة الدولة و السلطان إل الكثار من الال با يعرض لم من الترف ف الحوال‬
‫فتك ثر نفقات م و يع ظم الرج و ل ي في به الد خل على القوان ي العتادة ي ستحدثون ألقابا و‬
‫وجوها يو سعون ب ا البا ية لي في ل م الد خل بالرج ث ل يزال الترف يز يد و الرج ب سببه‬
‫يكثر و الاجة إل أموال الناس تشتد و نطاق الدولة بذلك يزيد إل أن تحي دائرتا ويذهب‬
‫برسها و يغلبها طالبها و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الربعون ف أن الجاب كيف يقع ف الدول و ف أنه يعظم عند الرم‬
‫اعلم أن الدولة فس أول أمرهسا تكون بعيدة عسن منازع اللك كمسا قدمناه لتسه لبسد لاس مسن‬
‫الع صبية ال ت ب ا ي تم أمر ها و ي صل ا ستيلؤها و البداوة هي شعار الع صبية و الدولة إن كان‬
‫قيام ها بالد ين فإ نه بع يد عن منازع اللك و إن كان قيام ها ب عز الغلب ف قط فالبداوة ال ت ب ا‬
‫ي صل الغلب بعيدة أي ضا عن منازع اللك و مذاه به فإذا كا نت الدولة ف أول أمر ها بدو ية‬
‫كان صاحبها على حال الغضاضة و البداوة و القرب من الناس و سهولة الذن فإذا رسخ عزه‬
‫و صار إل النفراد بنف سه عن الناس للحد يث مع أوليائه ف خواص شؤو نه ل ا يك ثر حينئذ‬
‫باشيته فيطلب النفراد من العامة ما استطاع و يتخذ الذن ببابه على من ل يأمنه من أوليائه‬
‫و أ هل دول ته و يت خذ حاج با له عن الناس يقي مه ببا به لذه الوظي فة ث إذا ا ستفحل اللك و‬
‫جاءت مذاهبسه و منازعسه اسستحالت أخلق صساحب الدولة إل أخلق اللك و هسي أخلق‬
‫غريبة مصوصة يتاج مباشرها إل مداراتا و معاملتها با يب لا و ربا جهل تلك الخلق‬
‫منهم بعض من يباشرهم فوقع فيما ل يرضيهم فسخطوا و صاروا إل حالة النتقام منة فانفرد‬
‫بغرفة هذه الداب الواص من أوليائهم و حجبوا غي أولئك الاصة عن لقائهم ف كل وقت‬
‫حف ظا على أنف سهم من معاي نة ما ي سخطهم على الناس من التعرض لع قا ب م ف صار حجاب‬
‫آ خر أ خص من الجاب الول يف ضي إلي هم م نه خوا صهم من الولياء و ب جب دو نه من‬
‫سواهم من العامة‪ .‬و الجاب الثان يفضي إل مالس الولياء و يجب دونه من سواهم من‬
‫العا مة‪ .‬و الجاب الول يكون ف أول الدولة ك ما ذكر نا ك ما حدث ليام معاو ية و ع بد‬
‫اللك و خلفاء ب ن أم ية و كان القائم على ذلك الجاب ي سمى عند هم الا جب جر يا عل‬
‫مذهب الشتقاق الصحيح‪ .‬ث لا جاءت دولة بن العباس وجدت الدولة من الترف و العز ما‬
‫هو معررف و كملت خلق اللك على ما يب فيها فدعا ذلك إل الجاب الثان و صار اسم‬
‫الا جب أ خص به و صار بباب اللفاء داران للعبا سية‪ :‬دار الا صة و دار العا مة ك ما هو‬
‫مسطور ف أخبارهم‪ .‬ث حدث ف الدولة حجاب ثالث أخص من الولي و هو عند ماولة‬
‫الجسر على صساحب الدولة و ذلك أن أهسل الدولة و خواص اللك إذ نصسبوا البناء مسن‬
‫العقاب و حاولوا الستبداد عليهم فأول ما يبدأ به ذلك الستبد أن يجب عنة بطانة ابنه و‬
‫خواص أوليائه يوههس أن فس مباشرتمس إياه خرق حجاب اليبسة و فسساد قانون الدب ليقطسع‬
‫بذلك لقاء الغي و يعوده ملبسة أخلقه هو حت ل يتبدل به سواه إل أن يستحكم الستيلء‬
‫عليه فيكون هذا الجاب من دواعيه و هذا الجاب ل يقع ف الغالب إل أواخر الدولة كما‬
‫قدمناه ف الجر و يكون دليل على هرم الدولة و نفاد قوتا و هو ما يشاه أهل الدول على‬
‫أنفسهم لن القائمي بالدولة ياولون على ذلك بطباعهم عند هرم الدولة و ذهاب الستبداد‬
‫من أعقاب ملوك هم ل ا ر كب ف النفوس من م بة ال ستبداد باللك و خصوصا مع الترش يح‬
‫لذلك و حصول دواعيه و مباديه‪.‬‬
‫الفصل الامس و الربعون ف انقسام الدولة الواحدة بدولتي‬
‫اعلم أن أول ما يقع من آثار الرم ف الدولة انقسامها و ذلك أن اللك عندما يستفحل و يبلغ‬
‫من أحوال الترف و النعيم إل غايتها و يستبد صاحب الدولة بالجد و ينفرد به و يأنف حينئذ‬
‫عن الشار كة ي صي إل ق طع أ سبابا ما ا ستطاع بإهلك من ا ستراب به من ذوي قراب ته‬
‫الرشح ي لن صبه فرب ا ارتاب ال ساهون له ف ذلك بأنف سهم و نزعوا إل القا صية إلي هم من‬
‫يل حق ب م م ثل حال م من العتزاز و ال سترابة و يكون نطاق الدولة قد أ خذ ف التضا يق و‬
‫ر جع عن القا صية في ستبد ذلك النازع من القرا بة في ها و ل يزال أمره يع ظم بترا جع نطاق‬
‫الدولة ح ت يقا سم الدولة أو يكاد و ان ظر ذلك ف الدولة ال سلمية العرب ية ح ي كان أمر ها‬
‫حريزا متمعا و نطاقا متدا ف التساع و عصبية بن عبد مناف واحدة غالبة على سائر مضر‬
‫ينبض عرق من اللفة سائر أيامه إل ما كان من بدعة الوارج الستميتي ف شأن بدعتهم ل‬
‫يكن ذلك لنعة ملك و ل رئاسة و ل يتم أمرهم لزاحتهم العصبية القوية ث لا خرج المر‬
‫من بن أمية و استقل بنو العباس بالمر‪ .‬و كانت الدولة العربية قد بلغت الغاية من الغلب و‬
‫الترف و آذنست بالتقلص عسن القاصسية نزع عبسد الرحنس الداخسل إل الندلس قاصسية دولة‬
‫السلم فاستحدث با ملكا و اقتطعها عن دولتهم و صي الدولة دولتي ث نرع إدريس إل‬
‫الغرب و خرج به و قام بأمره و أمر ابنه من بعده البابرة من أوربة و مغيلة و زناتة و استول‬
‫على ناح ية الغرب ي ث ازدادت الدولة تقل صا فاضطرب الغال بة ن المتناع علي هم ث خرج‬
‫الشي عة و قام بأمر هم كتا مة و صنهاجة و ا ستولوا على أفريق ية و الغرب ث م صر و الشام و‬
‫الجاز و غلبوا على الدار سة و ق سموا الدولة دولت ي أخري ي و صارت الدولة العرب ية ثلث‬
‫دول‪ :‬دولة ب ن العباس مر كز العرب و أ صلهم و مادت م ال سلم‪ ،‬و دولة ب ن أم ية الجدد ين‬
‫بالندلس ملكهسم القديس و خلفتهسم بالشرق‪ ،‬و دولة العسبيديي بأفريقيسة و مصسر و الشام و‬
‫الجاز و ل تزل هذه الدولة إل أن أصبح انقراضها متقاربا أو جيعا و كذلك انقسمت دولة‬
‫بن العباس بدول أخرى و كان بالقاصية بنو ساسان فيما وراء النهر و خراسان و العلوية ف‬
‫الديلم و طب ستان و آل ذلك إل ا ستيلء الديلم على العراقي ي و على بغداد و اللفاء ث جاء‬
‫السلجوقية فملكوا جيع ذلك ث انقسمت دولتهم أيضا بعد الستفحال كما هو معروف ف‬
‫أخبارهم و كذلك اعتبه ف دولة صنهاجة بالغرب و أفريقية لا بلغت إل غابتها أيام باديس‬
‫بسن النصسور‪ ،‬خرج عليسه عمسه حاد و اقتطسع مالك العرب لنفسسه مسا بيس جبسل أوراس إل‬
‫تلمسان و ملوية و اختط القلعة ببل كتامة حيال السيلة و نزلا و استول على مركزهم أشي‬
‫ببل تيطرى و استحدث ملكا آخر قسيما للك آل باديس و بقى آل باديس بالقيوان و ما‬
‫إليها و ل يزل ذلك إل أن انقرض أمرها جيعا‪ .‬و كذلك دولة الوحدين‪ ،‬لا تقلص ظلها ثار‬
‫بأفريقية بنو أب حفص فاستقلوا با و استحدثوا ملكا لعقابم بنواحيها ث لا استفحل أمرهم‬
‫و استول على الغاية خرج على المالك الغربية من أعقابم المي أبو زكريا يي ابن السلطان‬
‫أب إسحاق إبراهيم رابع خلفائهم و استحدث ملكا بباية و قسنطينة و ما إليها‪ ،‬أورثه بنيه و‬
‫قسموا به الدولة قسمي ث استولوا على كرسي الضرة بتونس ث انقسم ما بي أعقابم ث‬
‫عاد الستيلء فيهم و قد ينتهي النقسام إل أكثر من دولتي و ثلث و ف غي أعياص اللك‬
‫من قومه كما وقع ف ملوك الطوائف بالندلس و ملوك العجم بالشرق و ف ملك صنهاجة‬
‫بأفريقية فقد كان لخر دولتهم ف كل حصن من حصون أفريقية ثائر مستقل بأمره كما تقدم‬
‫ذكره و كذا حال الريد و الزاب من أفريقية قبيل هذا العهد كما نذكره و هكذا شأن كل‬
‫دولة لبسد و أن يعرض فيهسا عوارض الرم بالترف و الدعسة و تقلص ظسل الغلب فينقسسم‬
‫أعياصها أو من يغلب من رجال دولتها ال مر و يتعدد فيها الدول و ال وارث الرض و من‬
‫عليها‪.‬‬

‫الفصل السادس و الربعون ف أن الرم إذا نزل بالدولة ل يرتفع‬


‫قد قدم نا ذ كر العوارض الؤذ نة بالرم و أ سبابه واحدا ب عد وا حد و بي نا أن ا تدث للدولة‬
‫بالطبع و أنا كلها أمور طبيعية لا و إذا كان الرم طبيعيا ف الدولة كان حدوثه بثابة حدوث‬
‫المور الطبيع ية ك ما يدث الرم ف الزاج اليوا ن و الرم من المراض الزم نة ال ت ل ي كن‬
‫دواؤها و ل ارتفاعها با أنه طبيعي و المور الطبيعية ل تتبدل و قد يتنبه كثي من أهل الدول‬
‫م ن له يق ظة ف ال سياسة فيى ما نزل بدولت هم من عوارض الرم و ي ظن أ نه م كن الرتفاع‬
‫فيأخذ نفسه بتلف الدولة و إصلح مزاجها عن ذلك الرم و يسبه أنه لقها بتقصي من قبله‬
‫من أهل الدولة و غفلتهم و ليس كذلك فإنا أمور طبيعية للدولة و العوائد هي الانعة له من‬
‫تلفيها و العوائد منلة طبيعية أخرى فإن من أدرك مثل أباه و أكثر أهل بيته يلبسون الرير و‬
‫الديباج و يتحلون بالذهسب فس السسلح و الراكسب و يتجبون عسن الناس فس الجالس و‬
‫الصلوات فل يكنه مالفة سلفه ف ذلك إل الشونة ف اللباس و الزي و الختلط بالناس إذ‬
‫العوائد حينئذ تنعه و تقبح عليه مرتكبه و لو فعله لرمي بالنون و الوسواس ل ف الروج عن‬
‫العوائد دف عة‪ ،‬و خ شي عل يه عائده ذلك و عاقب ته ف سلطانه و ان ظر شأن ال نبياء ف إنكار‬
‫العوائد و فخالفت ها لول التأي يد الل ي و الن صر ال سماوي و رب ا تكون الع صبية قد ذه بت‬
‫فتكون البةس تعوض عسن موقعهسا مسن النفوس فإذا أزيلت تلك البةس مسع ضعسف العصسبية‬
‫تا سرت الرعا يا على الدولة بذهاب أوهام الب ة فتتدرع الدولة بتلك الب ة ما أمكن ها ح ت‬
‫ينقضيي المر و ربا يدث عند آخر الدولة قوة توهم أن الرم قد ارتفع عنها و يومض ذبالا‬
‫إياضة المود كما يقع ف الذبال الشتعل فإ نه عند مقار بة انطفائه يو مض إياضة تو هم أنا‬
‫اشتعال و هي انطفاء فاعتب ذلك و ل تغفل سر ال تعال و حكمته ف اطراد وجوده على ما‬
‫قرر فيه و لكل أجل كتاب‪.‬‬

‫الفصل السابع و الربعون ف كيفية طروق اللل للدولة‬


‫إعلم أن مبن اللك على أساسي لبد منهما فالول الشوكة و العصبية و هو العب عنه بالند‬
‫و الثان الال الذي هو قوام أولك الند و إقامة ما يتاج إليه اللك من الحوال‪ .‬و اللل إذا‬
‫طرق الدولة طرق ها ف هذ ين ال ساسي فلنذ كر أول طروق اللل ف الشو كة و الع صبية ث‬
‫نر جع إل طرو قه ف الال و البا ية‪ .‬و اعلم أن ته يد الدولة و تأ سيسها ك ما قلناه إن ا يكون‬
‫بالع صبة و أ نه ل بد من ع صبية كبى جام عة للع صائب م ستتبعة ل ا و هي ع صبية صاحب‬
‫الدولة الاصة من عشية و قبيلة فإذا جاءت الدولة طبيعة اللك من الترف و جدع أنوف أهل‬
‫الع صبية كان أول ما يدع أنوف عشي ته و ذري قرباه القا سي له ف ا سم اللك في ستبد ف‬
‫جدع أنوفهم با بلغ من سوادهم لكانم من اللك و العز و الغلب فيحيط بم هادمان و ها‬
‫الترف و الق هر ث ي صي الق هر آخرا إل الق تل ل ا ي صل من مرض قلوب م ع ند ر سوخ اللك‬
‫ل صاحب المر فيقلب غي ته من هم إل الوف على ملكه فيأخذ هم بالق تل و الها نة و سلب‬
‫النع مة و الترف الذي تعودوا الكث ي م نه فيهلكون و يقلون و تف سد ع صبيبة صاحب الدولة‬
‫منهم و هي العصبية الكبى الت كانت تمع با العصائب و تستتبعها فتنحل عروتا و تضعف‬
‫شكيمتها و تستبدل عنها بالبطانة من موال النعمة و صنائع الحسان و تتخذ منهم عصبة إل‬
‫أن ا لي ست م ثل تلك الشدة الشكيم ية لفقدان الر حم و القرا بة من ها و قد ك نا قدم نا أن شأن‬
‫الع صبية و قوت ا إن ا هي بالقرا بة و الر حم ل ا ج عل ال ف ذلك فينفرد صاحب الدولة عن‬
‫العشي و النصار الطبيعية و يس بذلك أهل العصاب الخرى فيتجاسرون عليه و على بطانته‬
‫تاسرا طبيعيا فيهلكهم صاحب الدولة و يتبعهم بالقتل واحد بعد واحد و يقلد الخر من أهل‬
‫الدولة ف ذلك‪ ،‬الول مع ما يكون قد نزل بم من مهلكة الترف الذي قدمنا فيستول عليهم‬
‫اللك بالترف و القتل حت يرجوا عن صبغة تلك العصبة و يفشوا بعزتا و ثورتا و يصيوا‬
‫أوجز على الماية و يقلون لذلك فتقل الماية الت تنل بالطراف و الثغور فتتجاسر الرعايا‬
‫على بعسض الدعوة فس الطراف و يبادر الوارج على الدولة مسن العياص و غيهسم إل تلك‬
‫الطراف لا يرجون حينئذ من حصول غرضهم ببايعة أهل القاصية لم و أمنهم من وصول‬
‫الاميسة إليهسم و ل يزال ذلك يتدرج و نطاق الدولة يتضايسق حتس تصسي الوارج فس أقرب‬
‫الماكن إل مركز الدولة و ربا انقسمت الدولة عند ذلك بدولتي أو ثلث على قدر قوتا ف‬
‫الصل كما قلناه و يقوم بأمرها غي أهل عصبيتها لكن إذعانا لهل عصبتها و لغلبهم العهود‬
‫و اعتب هذا ف دولة العرب ف السلم كيف انتهت أول إل الندلس و الند و الصي و كان‬
‫أمر بن أمية نافذا ف جيع العرب بعصبة بن عبد مناف حت لقد أمر سليمان بن عبد اللك‬
‫بدمشق بقتل عبد العزيز بن موسى بن نصي بقرطبة فقتل و ل يرد أمره‪ .‬ث تلشت عصبة بن‬
‫أم ية ب ا أ صابم من الترف فانقرضوا‪ .‬و جاء ب نو العباس فنضوا من أع نة ب نب ها شم و قتلوا‬
‫الطالبي و شردوهم فانلت عصبية عبد مناف و تلشت و تاسر العرب عليهم فاستبد عليهم‬
‫أهل القاصية مثل بن الغلب بأفريقية و أهل الندلس و غيهم و انقسمت الدولة ث خرج بنو‬
‫إدريس بالغرب و قام الببر بأمرهم إذعانا للعصبية الت لم و أمنا أن تصلهم مقاتلة أو حامية‬
‫للدولة‪ .‬فإذا خرج الدعاة آخرا فيتغلبون على الطراف و القا صية و ت صل ل م هناك دعوة و‬
‫ملك تنق سم به الدولة و رب ا يز يد ذلك م ت زادت الدولة تقل صا إل أن ينت هي إل الر كز و‬
‫تض عف البطا نة ب عد ذلك ب ا أ خذ من ها الترف فتهلك و تضم حل و تض عف الدولة النق سمة‬
‫كلها و ربا طال أمدها بعد ذلك فتستغن عن العصبية با حصل لا من الصبغة ف نفوس أهل‬
‫إيالتها و هي صبغة النقياد و التسليم منذ السني الطويلة الت ل يعقل أحد من الجيال مبدأها‬
‫و ل أوليتها فل يعقلون إل التسليم لصاحب الدولة فيستغن بذلك عن قوة العصائب و يكفي‬
‫صاحبها با حصل لا ف تهيد أمرها الجراء على الامية من جندي و مرتزق و يعضد ذلك‬
‫ما وقع ف النفوس عامة من التسليم فل يكاد أحد يتصور عصيانا أو خروجا إل و المهور‬
‫منكرون عليه مالفون له فل يقدر على التصدي لذلك و لو جهد جهده و ربا كانت الدولة‬
‫ف هذا الال أ سلم من الوارج و الناز عة ل ستحكام صبغة الت سليم و النقياد ل م فل تكاد‬
‫النفوس تدث سرها بخالفة و ل يتلج ف ضميها انراف عن الطاعة فيكون أسلم من الرج‬
‫و النتقاض الذي يدث من الع صاب و العشائر ث ل يزال أ مر الدولة كذلك و هي تتل شى‬
‫ف ذات ا شأن الرارة الغريز ية ف البدن العادم للغذاء إل أن تنت هي إل وقت ها القدور و ل كل‬
‫أجل كتاب و لكل دولة أمد و ال يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار‪ .‬و أما اللل الذي‬
‫يتطرق من جهة الال فاعلم أن الدولة ف أولا تكون بدوية كما مر فيكون خلق الرفق بالرعايا‬
‫و القصسد فس النفقات و التعفسف عسن الموال فتتجافس عسن المعان فس البايسة و التحذلق و‬
‫الك يس ف ج يع الموال ح سبان العمال و ل داع ية حينئذ إل ال سراف ف النف قة فل تتاج‬
‫الدولة إل كثرة الال ث ي صل ال ستيلء و يع ظم و ي ستفحل اللك فيد عو إل الترف و يك ثر‬
‫النفاق ب سببه فتعظ هم نفقات ال سلطان و أ هل الدولة على العموم بل يتعدى ذلك إل أ هل‬
‫ال صر و يد عو ذلك إل الزيادة ف أعطيات ال ند و أرزاق أ هل الدولة ث يع ظم الترف فيك ثر‬
‫السراف ف النفقات و ينتشر ذلك ف الرعية لن الناس على دين ملوكها و عوائدها و يتاج‬
‫ال سلطان إل ضرب الكوس على أثان البياعات ف ال سواق لدرار البا ية ل ا يراه من ترف‬
‫الدي نة الشا هد علي هم بالر فه و ل ا يتاج هو إل يه من نفقات سلطانه و أرزاق جنده ث تز يد‬
‫عوائد الترف فل تفي با الكوس و تكون الدولة قد استفحلت ف الستطالة و القهر لن تت‬
‫يدها من الرعايا فتمتد أيديهم إل جع الال من أموال الرعايا من مكس أو تارة أو نقد ف‬
‫ب عض الحوال بشب هة أو بغ ي شب هة و يكون ال ند ف ذلك الطور قد تا سر على الدولة ب ا‬
‫لقهسا مسن الفشسل و الرم فس العصسبية فتتوقسع ذلك منهسم و تداوى بسسكينة العطايسا و كثرة‬
‫النفاق فيهم و ل تد عن ذلك وليجة و تكون جباة الموال ف الدولة قد عظمت ثروتم ف‬
‫هذا الطور بكثرة الباية و كونا بأيديهم و با اتسع لذلك من جاههم فيتوجه إليهم باحتجان‬
‫الموال من الباية و تفشو السعاية فيهم‪ ،‬بعضهم من بعض للمنافسة و القد فتعمهم النكبات‬
‫و الصادرات واحدا واحدا إل أن تذهب ثروتم و تتلشى أحوالم و يفقد ما كان للدولة من‬
‫البة و المال بم و إذا اصطلمت نعمتهم تاوزتم الدولة إل أهل الثروة من الرعايا سواهم‬
‫و يكون الو هن ف هذا الطور قد ل ق الشو كة و ضع فت عن ال ستطالة و الق هر فتن صرف‬
‫سياسة صاحب الدولة حينئذ إل مداراة المور ببذل الال و يراه أر فع من ال سيف لقلة غنائه‬
‫فتعظم حاجته إل الموال زيادة على النفقات و أرزاق الند و ل يغن فيما يريد و يعظم الرم‬
‫بالدولة و يتجا سر علي ها أ هل النوا حي و الدولة تن حل عرا ها ف كل طور من هذه إل أن‬
‫تفضي إل اللل و تتعوض من الستيلء الكلل فإن قصدها طالب انتزعها من أيدي القائمي‬
‫با و إل بقيت و هي تتلشى إل أن تضمحل كالذبال ف السراج إذا فن زيته و طفئ و ال‬
‫مالك المور و مدبر الكوان ل إله إل هو‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الربعي فصل ف ات ساع الدولة أول إل نايته ث تضايقه طورا بعد طور‬
‫إل فناء الدولة و اضمحللا‬
‫قد كان تقدم لنا ف فصل اللفة و اللك‪ ،‬و هو الثالث من هذه القدمة أن كل دولة لا حصة‬
‫من المالك و العمالت ل تزيد عليها‪ .‬و اعتب ذلك بتوزيع عصابة الدولة على حاية أقطارها‬
‫و جهاتا‪ .‬فحيث نفد عددهم فالطرف الذي انتهى عنده هو الثغر‪ ،‬و ييط بالدولة من سائر‬
‫جهاتا كالنطاق‪ .‬و قد تكون النهاية هي نطاق الدولة الول‪ .‬و قد تكون أوسع منه إذا كان‬
‫عدد العصابة أوفر من الدولة قبلها‪ .‬و هذا كله عندما تكون الدولة ف شعار البداوة و خشونة‬
‫البأس‪ .‬فإذا اسستفحل العسز و الغلب و توفرت النعسم و الرزاق بدرور البايات‪ ،‬و زخسر برس‬
‫الترف و الضارة و نشأت الجيال على اعتبار ذلك لطفسست أخلق الاميسسة و رقسست‬
‫حواشيهم‪ ،‬و عاد من ذلك إل نفوسهم هينات الب و الكسل‪ ،‬با يعانونه من ضنث الضارة‬
‫الؤدي إل النسلخ من شعار البأس و الرجولية بفارقة البداوة و خشونتها‪ ،‬و بأخذهم العز‬
‫بالتطاول إل الرياسة و التنازع عليها‪ ،‬فيفضي إل قتل بعضهم ببغض‪ ،‬و يبكهم السلطان عن‬
‫ذلك با يؤدي إل قتل أكابرهم و إهلك رؤسائهم‪ ،‬فتفقد المراء و الكباء‪ ،‬و تكثر التابع و‬
‫الرؤوس‪ ،‬في فل ذلك من حد الدولة‪ ،‬و يك سر من شوكت ها‪ .‬و ي قع اللل الول ف الدولة و‬
‫هو الذي من جهة الند و الامية كما تقدم‪ .‬و يساوق ذلك السرف ف النفقات با يعتريهم‬
‫مسن أبةس العسز‪ .‬و تاوز الدود بالبذخ‪ .‬بالناغاة فس الطاعسم و اللبسس و تشييسد القصسور و‬
‫استجادة السلح و ارتباط اليول‪ ،‬فيقصر دخل الدولة حينئذ عن خرجها و يطرق اللل‪.‬‬
‫الثانس فس الدولة و هسو الذي مسن جهسة الال و البايسة‪ .‬و يصسل العجسز و النتقاض بوجود‬
‫اللليس‪ .‬و رباس تنافسس رؤسساؤهم فتنازعوا و عجزوا عسن مغالبسة الجاوريسن و النازعيس و‬
‫مدافعتهم‪ .‬و ربا اعتز أهل الثغور و الطراف با يسبون من ضعف الدولة وراءهم‪ ،‬فيصيون‬
‫إل ال ستغلل و ال ستبداد ب ا ف أيدي هم من العمالت‪ ،‬و يع جز صاحب الدولة عن حل هم‬
‫على الادة فيض يق نطاق الدولة عن كا نت انت هت إل يه ف أول ا‪ ،‬و تر جع العنا ية ف تدبي ها‬
‫بنطاق دونه‪ ،‬إل أن يدث ف النطاق الثان ما حدث ف الول بعينه من العجز و الكسل ف‬
‫الع صابة و قلة الموال و البا ية‪ .‬فيذ هب القائم بالدولة إل تغ ي القوان ي ال ت كا نت علي ها‬
‫سياسة الدولة من قبل الند و الال و الوليات‪ ،‬ليجري حالا على استقامة بتكافؤ الدخل و‬
‫الرج و الاميسة و العمالت و توزيسع البايسة على الرزاق‪ ،‬و مقايسسة ذلك بأول الدولة فس‬
‫سائر الحوال‪.‬‬
‫و الفاسد مع ذلك متوقعة من كل جهة‪ .‬فيحدث ف هذا الطور من بعد ما حدث ف الول‬
‫من قبل‪ .‬و يعتب صاحب الدولة ما اعتبه الول‪ ،‬و يقايس بالوزان الول أحوالا الثانية‪ ،‬يروم‬
‫دفع مفاسد اللل الذي يتجدد ف كل طور و يأخذ من كل طرف حت يضيق نطاقها الخر‬
‫إل نطاق دونه كذلك‪ ،‬و يقع فيه ما وقع ف الول‪ .‬فكل واحد من هؤلء الغيين للقواني‬
‫قبلهسم كأنمس منشئون دولة أخرى‪ ،‬و مددون ملكسا‪ .‬حتس تنقرض الدولة‪ ،‬و تتطاول المسم‬
‫حولا إل التغلب عليها و إنشاء دولة أخرى لم‪ ،‬فيقع من ذلك ما قدر ال وقوعه‪.‬‬
‫و اعتب ذلك ف الدولة السلمية كيف اتسع نطاقها بالفتوحات و التغلب على المم‪ ،‬ث تزايد‬
‫الامية و تكاثر عددهم ما تولوه من النعم و الرزاق‪ ،‬إل أن انقرض أمر بن أمية و غلب بنو‬
‫العباس‪ .‬ثس تزايسد الترف‪ .‬و نشأت الضارة و طرق اللل‪ ،‬فضاق النطاق مسن الندلس و‬
‫الغرب بدوث الدولة الموية الروانية و العلوية‪ ،‬و اقتطعوا ذينك الثغرين عن نطاقها‪ ،‬إل أن‬
‫وقع اللف بي بن الرشيد‪ ،‬و ظهر دعاة العلوية من كل جانب‪ ،‬و تهدت لم دول‪ ،‬ث قتل‬
‫التوكل‪ ،‬و استبد الرار على اللفاء و حجروهم‪ ،‬و استقل الولة بالعملت ف الطراف‪ .‬و‬
‫انق طع الراج من ها‪ ،‬و تزا يد الترف‪ .‬و جاء العت ضد فغ ي قوان ي الدولة إل قانون آ خر من‬
‫السياسة أقطع فيه ولة الطراف ما غلبوا عليه‪ ،‬مثل بن سامان وراء النهر و بن طاهر العراق‬
‫و خرا سان‪ ،‬و بن الصغار السند وفارس‪ ،‬و بن طولون م صر‪ ،‬و ب ن الغلب أفريقية‪ ،‬إل أن‬
‫افترق أمر العرب وغلب العجم‪ ،‬و استبد بنو بويه و الديلم بدولة السلم و حجروا اللفة‪،‬‬
‫و بقي بنو سامان ف استبدادهم وراء النهر و تطاول الفاطميون من الغرب إل مصر و الشام‬
‫فملكوه‪ .‬ث قامت الدولة السلجوقية من الترك فاستولوا على مالك السلم و أبقوا اللفاء ف‬
‫حجر هم‪ ،‬إل أن تل شت دول م‪ .‬و ا ستبد اللفاء م نذ ع هد النا صر ف نطاق أض يق من هالة‬
‫القمسر و هسو عراق العرب إل أصسبهان و فارس و البحريسن‪ .‬و أقامست الدولة كذلك بعسض‬
‫الشيء إل أن انقرض أمر اللفاء على يد هولكو بن طول بن دوشي خان ملك التتر و الغل‬
‫حي غلبوا السلجوقية و ملكوا ما كان بأيديهم من مالك السلم‪ .‬و هكذا يتضايق نطاق كل‬
‫دولة على ن سبة نطاق ها الول‪ .‬و ل يزال طورا ب عد طور إل أن تنقرض الدولة‪ .‬و اع تب ذلك‬
‫ف كل دولة عظ مت أو صغرت‪ .‬فهكذا سنة ال ف الدول إل أن يأ ت ما قدر ال من الغناء‬
‫على خلقه‪ .‬و كل شيء هالك إل وجهه‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الربعون ف حدوث الدولة و تددها كيف يقع‬


‫اعلم أن نشأة الدول و بدائتهسا إذا أخذت الدولة السستقرة فس الرم و النتقاص تكون على‬
‫نوعي إما بأن يستبد ولة العمال ف الدولة بالقاصية عندما يتقلص ظلها عنهم فيكون لكل‬
‫واحد منهم دولة يستجدها لقومه و ما يستقر ف نصابه يرثه عنه أبناؤه أو مواليه و يستفحل‬
‫لم اللك بالتدريج و ربا يزدحون على ذلك اللك و يتقارعون عليه و يتنازعون ف الستئثار‬
‫به و يغلب منهم من يكون له فضل قوة على صاحبه و ينتزع ما ف يده كما وقع ف دولة بن‬
‫العباس حي أخذت دولتهم ف الرم و تقلص ظلها عن القاصية و استبد بنو ساسان با وراء‬
‫النهر و بنو حدان بالوصل و الشام و بنو طولئون بصر و كما وقع بالدولة الموية بالندلس‬
‫و افترق ملكها ف الطوائف الذين كانوا ولتا ف العمال و انقسمت دول و ملوكا أورثوها‬
‫من بعد هم من قرابت هم أو موالي هم و هذا النوع ل يكون بين هم و ب ي الدولة ال ستقرة حر با‬
‫لنمس مسستقرون فس رئاسستهم و ل يطمعون فس السستيلء على الدولة السستقرة برب و إناس‬
‫الدولة أدركها الرم و تقلص ظلها عن القاصية و عجزت عن الوصول إليها و النوع الثان بأن‬
‫يرج على الدولة خارج م ن ياور ها من ال مم و القبائل إ ما بدعوة ي مل الناس علي ها ك ما‬
‫أشرنا إليه أو يكون صاحب شوكة و عصبية كبيا ف قومه قد استفحل أمره فيسمو بم إل‬
‫اللك و قد حدثوا به أنفسهم با حصل لم من العتزاز على الدولة الستقرة و ما نزل با من‬
‫الرم فيتع ي له و لقو مه ال ستيلء عليها و يار سونا بالطال بة إل أن يظفروا ب ا و يزنون ك ما‬
‫تبي و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصال المساون فا أن الدولة الساتجدة إناا تساتول على الدولة الساتقرة بالطاولة ل‬
‫بالناجزة‬
‫قسد ذكرنسا أن الدول الادثسة التجددة نوعان نوع مسن وليسة الطراف إذا تقلص ظسل الدولة‬
‫عنهم و انسر تيارها و هؤلء ل يقع منهم مطالبة للدولة ف الكثر كما قدمناه لن قصاراهم‬
‫القنوع ب ا ف أيدي هم و هو نا ية قوت م و النوع الثا ن نوع الدعاة و الوارج على الدولة و‬
‫هؤلء ل بد ل م من الطال بة لن قوت م واف ية ب ا فإن ذلك إن ا يكون ف ن صاب يكون له من‬
‫الع صبية و العتزاز ما هو كفاء ذلك و واف به في قع بين هم و ب ي الدولة ال ستقرة حروب‬
‫سجال تتكور و تتصل إل أن يقع لم الستيلء و الظفر بالطلوب و ل يصل لم ف الغالب‬
‫ظفر بالناجزة و السبب ف ذلك أن الظفر ف الروب إنا يقع كما قدمناه بأمور نفسانية وهية‬
‫و إن كان العدد و السلح و صدق القتال كفيل به لكنه قاصر مع تلك المور الوهية كما‬
‫مر و لذلك كان الداع من أرفع ما يستعمل ف الرب و أكثر ما يقع الظفر به و ف الديث‬
‫الرب خدعة و الدولة الستقرة قد صيت العوائد الألوفة طاعتها ضرورية واجبة كما تقدم ف‬
‫غ ي مو ضع فتك ثر بذلك العوائق ل صاحب الدولة ال ستجدة و يك ثر من ه م أتبا عه و أ هل‬
‫شوكته و إن كان القربون من بطانته على بصية ف طاعته و مؤازرته إل أن الخرين أكثر و‬
‫قد داخل هم الف شل بتلك العقائد ف الت سليم للدولة ال ستقرة فيح صل ب عض الفتور من هم و ل‬
‫يكاد صساحب الدولة السستقرة يرجسع إل الصسب و الطاولة حتس يتضسح هرم الدولة السستقرة‬
‫فتضمحل عقائد التسليم لا من قومه و تنبعث منهم المم لصدق الطالبة معه فيقع الظفر و‬
‫الستيلء و أيضا فالدولة الستقرة كثية الرزق با استحكم لم من اللك و توسع من النعيم و‬
‫اللذات و اخت صوا به دون غي هم من أموال البا ية فيك ثر عند هم ارتباط اليول و ا ستجادة‬
‫ال سلحة و تع ظم في هم الب ة اللك ية و يف يض العطاء بين هم من ملوك هم اختيارا و اضطرارا‬
‫فيهبون بذلك كله عدو هم و أ هل الدولة ال ستجدة بعزل عن ذلك ل ا هم ف يه من البداوة و‬
‫أحوال الفقر و الصاصة فيسبق إل قلوبم أوهام الرعب با يبلغهم من أحوال الدولة الستقرة‬
‫و يرمون عن قتالم من أجل ذلك فيصي أمرهم إل الطاولة حت تأخذ الستقرة مآخذها من‬
‫الرم و يستحكم اللل فيها ف العصبية و الباية فينتهز حينئذ صاحب الدولة الستجدة فرصته‬
‫ف الستيلء عليها بعد حي منذ الطالبة سنة ال ف عباده و أيضا فأهل الدولة الستجدة كلهم‬
‫مباينون للدولة السستقرة بأنسسابم و عوائد هم و ف سسائر مناحيهسم ثس هسم مفاخرون لمس و‬
‫منابذون ب ا و قع من هذه الطال بة و بطمع هم ف ال ستيلء عل يه فتتم كن الباعدة ب ي أ هل‬
‫الدولتيس سسرا و جهرا و ل يصسل إل أهسل الدولة السستجدة خسب عسن أهسل الدولة السستقرة‬
‫يصيبون منه غرة باطنا و ظاهرا لنقطاع الداخلة بي الدولتي فيقيمون على الطالبة و هم ف‬
‫إحجام و ينكلون عن الناجزة حت يأذن ال بزوال الدولة الستقرة و فناء عمرها و وفور اللل‬
‫ف جيع جهاتا و اتضح لهل الدولة السنتجدة مع ما كان يفى من هرمها و تلشيها و قد‬
‫عظمست قوتمس باس اقتطعوه مسن أعمالاس و نقصسوه مسن أطرافهسا فتنبعسث همهسم يدا واحدة‬
‫للمناجزة و يذهب ما كان بث ف عزائمهم من التوهات و تنتهي الطاولة إل حدها و يقع‬
‫السستيلء آخرا بالعاجلة و اعتسب ذلك فس دولة بنس العباس حيس ظهورهسا حيس قام الشيعسة‬
‫براسان بعد انعقاد الدعوة و اجتماعهم على الطالبة عشر سني أو تزيد و حينئذ ت لم الظفر‬
‫و ا ستولوا على الدولة المو ية و كذا العلو ية بطب ستان ع ند ظهور دعوت م ف الديلم ك يف‬
‫كانت مطاولتهم حت استولوا على تلك الناحية ث لا انقضى أمر العلوية و سا الديلم إل ملك‬
‫فارس و العراق ي فمكثوا سني كثية يطاولون ح ت اقتطعوا أ صبهان ث ا ستولوا على اللي فة‬
‫ببغداد‪ .‬و كذا العبيديون أقام داعيتهم بالغرب أبو عبد ال الشيعي ببن كتامة من قبائل الببر‬
‫ع شر سيني و يز يد تطاول ب ن الغلب بأفريق ية ح ت ظ فر ب م و ا ستولوا على الغرب كله و‬
‫سوا إل ملك مصر فمكثوا ثلثي سنة أو نوها ف طلبها يهزون إلا العساكر و الساطيل ف‬
‫كل وقت و ييء الدد لدافعتهم برا و برا من بغداد و الشام و ملكوا السكندرية و الفيوم و‬
‫ال صعيد و ت طت دعوت م من هنالك إل الجاز و أقي مت بالرم ي ث نازل قائد هم جو هر‬
‫الكا تب بع ساكره مدي نة م صر و ا ستول علي ها و اقتلع دولة ب ن ط غج من أ صولا و اخ تط‬
‫القاهرة فجاء الليفسة بعسد العسز لديسن ال فنلاس لسستي سسنة أو نوهسا منسذ اسستيلئهم على‬
‫السكندرية و كذا السلجوقية ملوك النك لا استولوا على بن ساسان و أجازوا من وراء النهر‬
‫مكثوا نوا من ثلثي سنة يطاولون بن سبكتكي براسان حت استولوا على دولته‪ .‬ث زحفوا‬
‫إل بغداد فاستولوا عليها و على الليفة با بعد أيام من الدهر‪ .‬و كذا التتر من بعدهم خرجوا‬
‫من الفازة عام سبعة ع شر و ستمائة فلم ي تم ل م ال ستيلء إل ب عد أربع ي سنة‪ .‬و كذا أ هل‬
‫الغرب خرج به الرابطون من لتونة على ملوكه من مغراوة فطاولوهم سني ث استولوا عليه‪.‬‬
‫ث خرج الوحدون بدعوتم على لتونة فمكثوا نوا من ثلثي سنة ياربونم حت استولوا على‬
‫كرسيهم براكش و كذا بنو مرين من زناتة خرجوا على الوحدين فمكثوا يطاولونم نوا من‬
‫ثلثي سنة و استولوا على فاس و اقتطعوها و أعمالا من ملوكهم ث أقاموا ف ماربتهم ثلثي‬
‫أخرى ح ت ا ستولوا على كر سيهم برا كش ح سبما نذ كر ذلك كله ف توار يخ هذه الدول‬
‫فهكذا حال الدول ال ستجدة مع ال ستقرة ف الطال بة و الطاولة سنة ال ف عباده و لن ت د‬
‫لسنة ال تبديل‪ .‬و ل يعارض ذلك با وقع ف الفتوحات السلمية و كيف كان ا ستيلؤهم‬
‫على فارس و الروم لثلث أو أر بع من وفاة ال نب صلى ال عل يه و سلم و اعلم أن ذلك إن ا‬
‫كان معجزة من معجزات نبينا سرها استماتة السلمي ف جهاد عدوهم استبعادا باليان و ما‬
‫أوقسع ال فس قلوب عدوهسم مسن الرعسب و التخاذل فكان ذلك كله خارقسا للعادة القررة فس‬
‫مطاولة الدول الستجدة للمستقرة و إذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبينا صلوات ال‬
‫عليسه التعارف ظهورهسا فس اللة السسلمية و العجزات ل يقاس عليهسا المور العاديسة و ل‬
‫يعترض با و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الادي و المسون ف وفور العمران آخر الدولة و ما يقع فيها من كثر الوتان و‬
‫الجاعات‬
‫اعلم أ نه قد تقرر لك في ما سلف أن الدولة ف أول أمر ها ل بد ل ا من الر فق ف ملكت ها و‬
‫العتدال ف إيالت ها إ ما من الد ين إن كا نت الدعوة دين ية أو من الكار هة و الحا سنة ال ت‬
‫تقتضيهسا البداوة الطبيعيسة للدول و إذا كانست اللكسة رفيقسة مسسنة انبسسطت آمال الرعايسا و‬
‫انتشطوا للعمران و أسبابه فتوفر و يكثر التناسل و إذا كان ذلك كله بالتدريج فإنا يظهر أثره‬
‫ب عد ج يل أو جيل ي ف ال قل و ف انقضاء اليل ي تشرف الدولة على نا ية عمر ها ال طبيعي‬
‫فيكون حينئذ العمران فس غايسة الوفور و النماء و ل تقولن إنسه قسد مسر لك أن أواخسر الدولة‬
‫يكون فيهسا الجحاف بالرعايسا و سسوء اللكسة فذلك صسحيح و ل يعارض مسا قلناه لن‬
‫الجحاف و إن حدث حينئذ و قلت البايات فإنا يظهر أثره ف تناقص العمران بعد حي من‬
‫أجل التدريج ف المور الطبيعية ث إن الجاعات و الوتان تكثر عند ذلك ف أواخر الدول و‬
‫السبب فيه‪ :‬إما الجاعات فلقبض الناس أيديهم عن الفلح ف الكثر بسبب ما يقع ف آخر‬
‫الدولة من العدوان ف الموال و البايات أو الفت الواقعة ف انتقاص الرعايا و كثرة الوارج‬
‫لرم الدولة في قل احتكار الزرع غال با و ل يس صلح الزرع و ثر ته ب ستمر الوجود و ل على‬
‫وتية واحدة فطبي عة العال ف كثرة المطار و قلت ها متل فة و ال طر يقوى و يض عف و ي قل و‬
‫يكثسر و الزرع و الثمار و الضرع على نسسبته إل أن الناس واثقون فس أقواتمس بالحتكار فإذا‬
‫ف قد الحتكار ع ظم تو قع الناس للمجاعات فغل الزرع و ع جز ع نه أولو ال صاصة فهلكوا و‬
‫كان بعض السنوات الحتكار مفقودا فشمل الناس الوع و أما كثرة الوتان فلها أسباب من‬
‫كثرة الجاعات كمسا ذكرناه أو كثرة الفتس لختلل الدولة فيكثسر الرج و القتسل أو وقوع‬
‫الوباء و سببه ف الغالب ف ساد الواء بكثرة العمران لكثرة ما يال طه من الع فن و الرطوبات‬
‫الفاسدة و إذا فسد الواء و هو غذاء الروح اليوان و ملبسه دائما فيسري الفساد إل مزاجه‬
‫فإن كان الفساد قويا وقع الرض ف الرئة و هذه هي الطواعي و أمراضها مصوصة بالرئة و‬
‫إن كان الف ساد دون القوي و الكث ي فيك ثر الع فن و يتضا عف فتك ثر الميات ف المز جة و‬
‫ترض البدان و تلك سسبب كثرة العفسن و الرطوبات الفاسسدة فس هذا كله كثرة العمران و‬
‫وفوره آخر الدولة لا كان ف أوائلها من حسن اللكة و رفقها و قلة الغرم و هو ظاهر و لذا‬
‫تبي ف موض عه من الك مة أن تلل اللء و الق فر ب ي العمران ضروري ليكون توج الواء‬
‫يذهب با يصل ف الواء من الفساد و العفن بخالطة اليوانات و يأت بالواء الصحيح و لذا‬
‫أيضا فإن الوتان يكون ف الدن الوفورة العمران أكثر من غيها بكثي كمصر بالشرق و فاس‬
‫بالغرب و ال يقدر ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثان والمسون ف أن العمران البشري ل بد له من سياسة ينتظم با أمره‬


‫اعلم أ نه قد تقدم ل نا ف غ ي مو ضع أن الجتماع للب شر ضروري و هو مع ن العمران الذي‬
‫نتكلم ف يه و أ نه ل بد ل م ف الجتماع من وازع حا كم يرجعون إل يه و حك مه في هم تارة‬
‫يكون مستندا إل شرع منل من عند ال يوجب انقيادهم إليه إيانم بالثواب و العقاب عليه‬
‫الذي جاء به مبلغه و تارة إل سياسة عقلية يوجب انقيادهم إليها ما يتوقعونه من ثواب ذلك‬
‫الاكم بعد معرفته بصالهم‪ .‬فالول يصل نفعها ف الدنيا و الخرة لعلم الشارع بالصال‬
‫ف العاقبة و لراعاته ناة العباد ف الخرة و الثانية إنا يصل نفعها ف الدنيا فقط و ما تسمعه‬
‫من السياسة الدنية فليس من هذا الباب و إنا معناه عند الكماء ما يب أن يكون عليه كل‬
‫وا حد من أ هل ذلك الجت مع ف نف سه و خل قه ح ت ي ستغنوا عن الكام رأ سا و ي سمون‬
‫الجتمسع الذي ي صل ف يه ما ي سمى من ذلك بالدي نة الفاضلة‪ ،‬و القوان ي الراعاة ف ذلك‬
‫بالسياسة الدنية و ليس مرادهم السياسة الت يمل عليها أهل الجتماع بالصال العامة فإن‬
‫هذه غي تلك و هذه الدينة الفاضلة عندهم نادرة أو بعيدة الوقوع و إنا يتكلمون علنها على‬
‫جهة الفرض و التقدير ث إن السياسة العقلية الت قدمناها تكون على وجهي أحدها يراعى‬
‫في ها ال صال على العموم و م صال ال سلطان ف ا ستقامة مل كه على ال صوص و هذه كا نت‬
‫سياسة الفرس و هي على جهة الكمة‪ .‬و قد أغنانا ال تعال عنها ف اللة و لعهد اللفة لن‬
‫الحكام الشرعية مغنية عنها ف الصال العامة و الاصة و أحكام اللك مندرجة فيها‪ .‬الوجه‬
‫الثان أن يراعى فيها مصلحة السلطان و كيف يستقيم له اللك مع القهر و الستطالة و تكون‬
‫الصال العامة ف هذه تبعا و هذه السياسة الت يمل عليها أهل الجتماع الت لسائر اللوك ف‬
‫العال من مسلم و غيه إل أن ملوك السلمي يرون من ها على ما تقتض يه الشري عة السلمية‬
‫بسب جهدهم فقوانينها إذا متمعة من أحكام شرعية و آداب خلقية و قواني ف الجتماع‬
‫طبيعيسة‪ ،‬و أشياء مسن مراعاة الشوكسة و العصسبية ضروريسة و القتداء فيهسا بالشرع أولً ثس‬
‫الكماء ف آدابم و اللوك ف سيهم و من أحسن ما كتب ف ذلك و أودع كتابا طاهر بن‬
‫السي لبنه عبد ال بن طاهر لا وله الأمون الرقة و مصر و ما بينهما فكتب إليه أبوه طاهر‬
‫كتابه الشهور عهد إليه فيه و وصاه بميع ما يتاج إليه ف دولته و سلطانه من الداب الدينية‬
‫و اللق ية و ال سياسة الشرع ية و اللوك ية‪ ،‬و ح ثه على مكارم الخلق و ما سن الش يم ب ا ل‬
‫يستغن عنة ملك و ل سوقة‪ .‬و نص الكتاب بسم ال الرحن الرحيم أما بعد فعليك بتقوى‬
‫ال وحده ل شر يك له و خشي ته و مراقب ته عز و جل و مزايلة سخطه و اح فظ رعي تك ف‬
‫الليل و النهار و الزم ما ألبسك ال من العافية بالذكر لعادك و ما أنت صائر إليه و موقوف‬
‫عليه و مسئول عنه‪ ،‬و العمل ف ذلك كله با يعصمك ال عز و جل و ينجيك يوم القيامة من‬
‫عقابه و أليم عذابه فإن ال سبحانه قد أحسن إليك و أوجب الرأفة عليك بن استرعاك أمرهم‬
‫من عباده و ألز مك العدل في هم و القيام ب قه و حدوده علي هم و الذب عن هم و الد فع عن‬
‫حري هم و من صبهم و ال قن لدمائ هم و ال من ل سربم و إدخال الرا حة علي هم و مؤاخذك ب ا‬
‫فرض عل يك و موق فك عل يه و سائلك ع نه و مثي بك عل يه ب ا قد مت و أخرت ففرغ لذلك‬
‫فهمك و عقلك و بصرك و ل يشغلك عنه شاغل‪ ،‬و أنه رأس أمرك و ملك شأنك و أول ما‬
‫يوقعك ال عليه و ليكن أول ما تلزم به نفسك و تنسب إليه فعلك الواظبة على ما فرض ال‬
‫عز و جل عليك من الصلوات المس و الماعة عليها بالناس قبلك و توابعها على سننها من‬
‫إسباغ الوضوء لا و افتتاح ذكر ال عز وجل فيها و رتل ف قراءتك و تكن ف ركوعك و‬
‫سجودك و تشهدك و لت صرف ف يه رأ يك و ني تك و اح ضض عل يه جا عة م ن م عك و ت ت‬
‫يدك و ادأب علي ها فإن ا ك ما قال ال عز و جل تن هى عن الفحشاء و الن كر ث ات بع ذلك‬
‫بال خذ ب سنن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و الثابرة على خلئ قه و اقتفاء أ ثر ال سلف‬
‫الصال من بعده‪ ،‬و إذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة ال عز و جل و تقواه و بلزوم‬
‫ما أنزل ال عز و جل ف كتابه من أمره و نيه و حلله و حرامه و ائتمام ما جاءت به الثار‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه و سلم ث قم فيه بالق ل عز وجل و ل تيلن عن العدل فيما‬
‫أحببت أو كرهت لقريب من الناس أو لبعيد و آثر الفقه و أهله و الدين و حلته و كتاب ال‬
‫عز و جل و العاملي به فإن أفضل ما يتزين به الرء الفقه ف الدين و الطلب له و الث عليه و‬
‫العرفة با يتقرب به إل ال عز و جل فإنه الدليل على الي كله و القائد إليه و المر و الناهي‬
‫عن العاصي و الوبقات كلها و مع توفيق ال عز و جل يزداد الرء معرفة و إجللً له و دركا‬
‫للدرجات العلى ف العاد مع ما ف ظهوره للناس من التوقي لمرك و اليبة لسلطانك و النسة‬
‫بك و الثقة بعدلك و عليك بالقتصاد ف المور كلها فليس شيء أبي نفعا و ل أخص أمنا و‬
‫ل أج ع فضلً م نه‪ .‬و الق صد داع ية إل الر شد و الر شد دل يل على التوف يق و التوف يق قائد إل‬
‫السعادة و قوام الدين و السنن الادية بالقتصاد و كذا ف دنياك كلها‪ .‬و ل تقصر ف طلب‬
‫الخرة و الجر و العمال الصالة و السنن العروفة و معال الرشد و العانة و الستكثار من‬
‫الب و السعي له إذا كان يطلب به وجه ال تعال و مرضاته و مرافقة أولياء ال ف دار كرامته‬
‫أ ما تعلم أن القصد ف شأن الدنيا يورث ال عز و يحص من الذنوب و أ نك لن توط نفسك‬
‫من قائل و ل تن صلح أمورك بأف ضل م نه فأ ته و اف تد به ت تم أمورك و تزد مقدر تك و ت صلح‬
‫عامتك و خاصتك و أحسن ظنك بال عز و جل تستقيم لك رعيتك و التمس الوسيلة إليه ف‬
‫المور كلها تستدم به النعمة عليك و ل تتهمن أحدا من الناس فيما توليه من عملك قبل أن‬
‫تك شف أمره فإن إيقاع الت هم بالباء و الظنون ال سيئة ب م آ ث إ ث‪ .‬فاج عل من شأ نك ح سن‬
‫الظن بأصحابك و اطرد عنك سوء الظن بم‪ ،‬و ارفضه فيهم يعنك ذلك على استطاعتهم و‬
‫رياضتهم‪ .‬و ل يدن عدو ال الشيطان ف أمرك مغمزا فإنه يكتفي بالقليل من وهنك و يدخل‬
‫عليك من الغم بسوء الظن بم ما ينقص لذاذة عيشك‪ .‬و اعلم أنك تد بسن الظن قوة و‬
‫راحة‪ ،‬و تكتفي به ما أحببت كفايته من أمورك و تدعو به الناس إل مبتك و الستقامة ف‬
‫المور كلها و ل ينعك حسن الظن بأصحابك و الرأفة برعيتك أن تستعمل السألة و البحث‬
‫عن أمورك و الباشرة لمور الولياء و حيا طة الرع ية و الن ظر ف حوائج هم و ح ل مؤونات م‬
‫أيسر عندك ما سوى ذلك فإنه أقوم للدين و أحيا للسنة‪ .‬و أخلص نيتك ف جيع هذا و تفرد‬
‫بتقوي نفسك تفرد من يعلم أنه مسئول عما صنع و مزي با أحسن و مؤاخذ با أساء فإن ال‬
‫عز و جل جعل الدين حرزا و عزا و رفع من اتبعه و عزره و اسلك بن تسوسه و ترعاه نج‬
‫الديسن و طريقسة الدى‪ .‬و أقسم حدود ال تعال فس أصسحاب الرائم على قدر منازلمس و مسا‬
‫استحقوه و ل تعطل ذلك و ل تتهاون به و ل تؤخر عقوبة أهل العقوبة فإن ف تفريطك ف‬
‫ذلك ما يفسد عليك حسن ظنك و اعتزم على أمرك ف ذلك بالسنن العروفة و جانب البدع‬
‫و الشبهات ي سلم لك دي نك و ت قم لك مرؤ تك‪ .‬و إذا عاهدت عهدا فأوف به و إذا وعدت‬
‫خيا فأنزه و اقبل السنة و ادفع با‪ ،‬و اغمض عن عيب كل ذي عيب من رعيتك‪ ،‬و اشدد‬
‫لسانك عن قول الكذب و الزور‪ ،‬و أبغض أهل النميمة‪ ،‬فإن أول فساد أمورك ف عاجلها و‬
‫آجل ها‪ ،‬تقر يب الكذوب‪ ،‬و الراءة على الكذب‪ ،‬لن الكذب رأس الآ ث‪ ،‬و الزور و النمي مة‬
‫خاتت ها‪ ،‬لن النمي مة ل يسلم صاحبها و قائل ها‪ ،‬ل ي سلم له صاحب و ل يستقيم له أ مر‪ .‬و‬
‫أحبب أهل الصلح و الصدق‪ ،‬و أعز الشراف بالق‪ ،‬و آس الضعفاء‪ ،‬و صل الرحم‪ ،‬و ابتغ‬
‫بذلك وجه ال تعال و إعزاز أمره‪ ،‬و التمس فيه ثوابه و الدار الخرة‪ .‬و اجتنب سوء الهواء‬
‫و الور‪ ،‬و اصرف عنهما رأيك و أظهر براءتك من ذلك لرعيتك و أنعم بالعدل ف سياستهم‬
‫و قم بالق فيهم‪ ،‬و بالعرفة الت تنتهي بك إل سبيل الدى‪ .‬و املك نفسك عند الغضب‪ ،‬و‬
‫آ ثر اللم و الوقار‪ ،‬و إياك و الدة و الط يش و الغرور في ما أ نت ب سبيله‪ .‬و إياك أن تقول أ نا‬
‫مسلط أفعل ما أشاء فإن ذلك سريع إل نقص الرأي و قلة اليقي بال عز و جل و أخلص ل‬
‫وحده الن ية ف يه و اليق ي به‪ .‬و اعلم أن اللك ل سبحانه و تعال يؤت يه من يشاء و ين عه م ن‬
‫يشاء‪ .‬و لن تد تغي النعمة و حلول النقمة على أحد أسرع منه إل حلة النعمة من أصحاب‬
‫السلطان و البسوط لم ف الدولة إذا كفروا نعم ال و إحسانه و استطالوا با أعطاهم ال عز‬
‫و جل من فضله‪ .‬و دع عنك شره نفسك و لتكن ذخائرك و كنوزك الت تدخر و تكن الب و‬
‫التقوى و ا ستصلح الرع ية و عمارة بلد هم و التف قد لمور هم و ال فظ لدمائ هم و الغا ثة‬
‫للهوفهم‪ .‬و اعلم أن الموال إذا اكتنت و ادخرت ف الزائن ل تنمو و إذا كانت ف صلج‬
‫الرعية و إعطاء حقوقهم و كف الذية عنهم نت و زكت و صلحت با العامة و ترتبت با‬
‫الولية و طاب با الزمان و اعتقد فيها العز و النفعة‪ .‬فليكن كن خزائنك تفريق الموال ف‬
‫عمارة ال سلم و أهله‪ .‬و و فر م نه على أولياء أم ي الؤمن ي قبلك حقوق هم و أوف من ذلك‬
‫ح صصهم و تع هد ما ي صلح أمور هم و معاش هم فإ نك إذا فعلت ذلك قرت النع مة عل يك و‬
‫ا ستوجبت الز يد من ال تعال و ك نت بذلك على جبا ية خرا جك و ج ع أموال رعي تك و‬
‫عملك أقدر و كان الميع لا شلهم من عدلك و إحسانك أسلس لطاعتك و أطيب أنفسا‬
‫بكل ما أردت‪ .‬و أجهد نفسك فيما حددت لك ف هذا الباب و ليعظم حقك فيه و إنا يبقى‬
‫من الال ما أنفق ف سبيل ال و اعرف للشاكرين حقهم و أثبهم عليه و إياك أن تنسيك الدنيا‬
‫و غرور ها هول الخرة فتتهاون ب ا ي ق عل يك فإن التهاون يورث التفر يط و التفر يط يورث‬
‫البوار‪ .‬و ليكن عملك ل عز و جل و ارج الثواب فيه فإن ال سبحانه قد أسبغ عليك فضله‪.‬‬
‫و اعتصم بالشكر و عليه فاعتمد يزدك ال خيا و إحسانا فإن ال عز و جل يثيب بقدر شكر‬
‫الشاكر ين و إح سان الح سني‪ .‬و ل تقرن ذنبا و ل تالئن حا سدا و ل ترح ن فاجرا و ل‬
‫ت صلن كفورا و ل تداه نن عدوا و ل تصدقن ناما و ل تأم نن غدارا و ل توال ي فاسقا و ل‬
‫تتبعن غاويا و ل تمدن مرائيا و ل تقرن إنسانا و ل تردن سائلً فقيا و ل تسنن باطلً و‬
‫ل تلحظن مضحكا و ل تلفن وعدا و ل تزهون فخرا و ل تظهرن غضبا و ل تباينن رجاءً‬
‫و ل تش ي مرحا و ل تفر طن ف طلب الخرة و ل تر فع للنمام عينا و ل تغم ضن عن ظال‬
‫رهبسة منسه أو ماباةً و ل تطلبس ثواب الخرة فس الدنيسا‪ .‬و أكثسر مشاورة الفقهاء و اسستعمل‬
‫نف سك باللم و خذ عن أ هل التجارب و ذوي الع قل و الرأي و الك مة‪ .‬و ل تدخلن ف‬
‫مشورتك أهل الرفه و البخل و ل تسمعن لم قو ًل فإن ضررهم أكثر من نفعهم و ليس شيء‬
‫أسرع فسادا لا استقبلت فيه أمر رعيتك من الشح‪ .‬و اعلم أنك إذا كنت حريصا كنت كثي‬
‫الخذ قليل العطية و إذا كنت كذلك ل يستقم لك أمرك إل قليلً فإن رعيتك إنا تعقد على‬
‫مب تك بال كف عن أموال م و ترك الور علي هم‪ .‬و ابتدئ من صافاك من أوليائك بالف صال‬
‫علي هم و ح سن العط ية ل م‪ .‬و اجت نب ال شح و اعلم أ نه أول ما ع صى الن سان به ر به و إن‬
‫العا صي بنلة خزي و هو قول ال عز و جل و من يوق شح نف سه فأولئك هم الفلحون‬
‫فسهل طريق الود بالق و اجعل للمسلمي كلهم من فيئك‪ ،‬حظا و نصيبا و أيقن أن الود‬
‫أفضل أعمال العباد فأعده لنفسك خلقا و ارض به عملً و مذهبا‪ .‬و تفقد الند ف دواوينهم‬
‫و مكانتهم و أدر عليهم أرزاقهم و و و سع عليهم ف معايشهم يذهب ال عز و جل بذلك‬
‫فاقتهم فيقوى لك أمرهم و تزيد قلوبم ف طاعتك و أمرك خلوصا و انشراحا‪ .‬و حسب ذي‬
‫ال سلطان من ال سعادة أن يكون على جنده و رعي ته ذا رح ة ف عدله و حيط ته و إن صافه و‬
‫عناي ته و شفق ته و بره و تو سعته فزا يل مكروه أ حد الباب ي با ستشعار فضيلة الباب ال خر و‬
‫لزوم العمسل بسه تلق إن شاء ال تعال ناحا و صسلحا و فلحا‪ .‬و اعلم أن القضاء مسن ال‬
‫تعال بالكان الذي ليس فوقه شيء من المور لنه ميزان ال الذي تعدل عليه أحوال الناس ف‬
‫الرض‪ .‬و بإقا مة العدل ف القضاء و الع مل ت صلح أحوال الرع ية و تأ من ال سبل و ينت صف‬
‫الظلوم و تأ خذ الناس حقوق هم و ت سن العي شة و يؤدى حق الطا عة و يرزق ال العاف ية و‬
‫السلمة و يقيم الدين و يري السنن و الشرائع ف ماريها‪ .‬و اشتد ف أمر ال عز و جل و‬
‫تورع عن الن طف و ا مض لقا مة الدود‪ .‬و أ قل العجلة و اب عد عن الض جر و القلق و اق نع‬
‫بالقسم و انتفع بتجربتك و انتبه ف صمتك و اسدد ف منطقك و أنصف الصم و قف عند‬
‫الشبهة و أبلغ ف الجة و ل يأخذك ف أحد من رعيتك ماباة و ل ماملة و ل لومة لئم و‬
‫تث بت و تأن و را قب و ان ظر و تن كر و تدبر و اع تب و توا ضع لر بك و ار فق بم يع الرع ية و‬
‫سلط الق على نفسك و ل تسرعن إل سفك دم فإن الدماء من ال عز و جل بكان عظيم‬
‫انتهاكا ل ا بغ ي حق ها‪ .‬و ان ظر هذا الراج الذي ا ستقامت عل يه الرع ية و جعله ال لل سلم‬
‫عزا و رفعةً و لهله توسعة و منعة و لعدوه و عدوهم كبتا و غيظا و لهل الكفرمن معاديهم‬
‫ذلً و صغارا فوزعه بي أصحابه بالق و العدل و التسوية و العموم و ل تدفعن شيئا منه عن‬
‫شريسف لشرفسه و ل عسن غنس لغناه و ل عسن كاتسب لك و ل عسن أحسد مسن خاصستك و ل‬
‫حاشيتك و ل تأخذن منه فوق الحتمال له‪ .‬و ل تكلف أمرا فيه شطط‪ .‬و احل الناس كلهم‬
‫على أ مر ال ق فإن ذلك أج ع لنف سهم و ألزم لرضاء العا مة‪ .‬و اعلم أ نك جعلت بولي تك‬
‫خازنا و حافظا و راعيا و إنا سي أهل عملك رعيتك لنك راعيهم و قيمهم‪ .‬فخذ منهم ما‬
‫أعطوك من عفوهم و نفذه ف قوام أمرهم و صلحهم و تقوي أودهم‪ .‬و استعمل عليهم أول‬
‫الرأي و التدب ي و التجر بة و ال بة بالعلم و الع مل بال سياسة و العفاف‪ .‬و و سع علي هم ف‬
‫الرزق فإن ذلك من القوق اللز مة لك في ما تقلدت و أ سند إل يك فل يشغلك ع نه شا غل و‬
‫ل يصرفك عنه صارف فإنك مت آثرته و قمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النعمة من‬
‫ر بك و ح سن الحدو ثة ف عملك و اجتررت به الح بة من رعي تك و أع نت على ال صلح‬
‫فدرت اليات ببلدك و فشت العمارة بناحيتك و ظهر الصب ف كورك و كثر خراجك و‬
‫توفرت أموالك و قو يت بذلك على ارتياض جندك و إرضاء العا مة بإفا ضة العطاء في هم من‬
‫نفسك و كنت ممود السياسة مرضي العدل ف ذلك عند عدوك و كنت ف أمورك كلها ذا‬
‫عدل و آلة و قوة و عدة‪ .‬فنا فس ف ذلك و ل تقدم عل يه شيئا ت مد عاق بة أمرك إن شاء ال‬
‫تعال‪ .‬و اجعل ف كل كورة من عملك أمينا يبك أخبار عمالك و يكتب إليك بسيهم و‬
‫أعمالم حت كأنك مع كل عامل ف عمله معاين لموره كلها‪ .‬فإن أردت أن تأمرهم بأمر‬
‫فان ظر ف عوا قب ما أردت من ذلك فإن رأ يت ال سلمة ف يه و العاف ية و رجوت ف يه ح سن‬
‫الدفاع و الصنع فأمضه و إل فتوقف عنه و راجع أهل البصر و العلم به ث خذ فيه عدته فإنه‬
‫رب ا ن ظر الر جل ف أمره و قدره و أتاه على ما يهوى فأغواه ذلك و أعج به فإن ل ين ظر ف‬
‫عواقبه أهلكه و نقص عليه أمره‪ .‬فاستعمل الزم ف كل ما أردت و باشره بعد عون ال عز و‬
‫جل بالقوة‪ .‬و أكثر من استخارة ربك ف جيع أمورك‪ .‬و افرغ من يومك و ل تؤخره لغدك‬
‫و أك ثر مباشرته بنفسك فإن لل غد أمورا و حوادث تله يك عن ع مل يو مك الذي أخرت‪ .‬و‬
‫اعلم أن اليوم إذا مضى ذهب با فيه و إذا أخرت عمله اجتمع عليك عمل يومي فيثقلك ذلك‬
‫حت ترض منه‪ .‬و إذا مضيت لكل يوم عمله أرحت بدنك و نفسك و جعت أمر سلطانك و‬
‫انظسر أحرار الناس و ذوي الف ضل منهسم منس بلوت صفاء طويتهسم و شهدت مودتمس لك و‬
‫مظاهرتم بالنصح و الحافظة على أمرك فاستخلصهم و أحسن إليهم و تعاهد أهل البيوتات‬
‫من قد دخلت عليهم الاجة و احتمل مؤونتهم و أصلح حالم حت ل يدوا للتهم مسا و‬
‫أفرد نفسك للنظر ف أمور الفقراء و الساكي و من ل يقدر على رفع مظلمته إليك و الحتقر‬
‫الذي ل علم له بطلب حقه فسل عنه أحفى مسألة و وكل بأمثاله أهل الصلح من رعيتك و‬
‫مرهم برفع حوائجهم و حالتم إليك لتنفر فيما يصلح ال به أمرهم و تعاهد ذوي البأساء و‬
‫أيتام هم و أرامل هم و اج عل ل م أرزاقا من ب يت الال اقتداء بأم ي الؤمن ي أعزه ال تعال ف‬
‫الع طف علي هم و ال صلة ل م لي صلح ال بذلك عيش هم و يرز قك به بر كة و زيادة‪ .‬و أ جر‬
‫للضراء من ب يت الال و قدم حلة القرآن من هم و الافظ ي لكثره ف الرا ية على غي هم و‬
‫انصب لرضى السلمي دورا تأويهم و قواما يرفقون بم و أطباء يعالون أسقامهم و أسعفهم‬
‫بشهواتمس مال يؤد ذلك إل إسسراف فس بيست الال‪ .‬و اعلم أن الناس إذا أعطوا حقوقهسم و‬
‫أف ضل أماني هم ل يرضي هم ذلك و ل ت طب أنف سهم دون ر فع حوائج هم إل ولت م طمعا ف‬
‫نيل الزيادة و فضل الرفق منهم‪ .‬و ربا تبم التصفح لمور الناس لكثرة ما يرد عليه و يشغل‬
‫فكره و ذهنه فيها ما يناله به من مؤونة و مشقة‪ .‬و ليس من يرغب ف العدل و يعرف ماسن‬
‫أموره ف العاجل و فضل ثواب الجل كالذي يستقبل ما يقرئه إل ال تعال و يلتمس رحته‬
‫و أكثر الذن للناس عليك و أبرز لم وجهك و سكن لم حواسك و اخفض لم جناحك و‬
‫أظهر لم بشرك و لن لم ف السألة و النطق و اعطف عليهم بودك و فضلك‪ .‬و إذا أعطيت‬
‫فأعط بسماحة و طيب نفس و التماس للصنيعة و الجر من غي تكدير و ل امتنان فإن العطية‬
‫على ذلك تارة مربة إن شاء ال تعال‪ .‬و اعتب با ترى من أمور الدنيا و من مضى قبلك من‬
‫أ هل ال سلطان و الرئا سة ف القرون الال ية و ال مم البائدة‪ .‬ث اعت صم ف أحوالك كل ها بال‬
‫سبحانه و تعال و الوقوف عند مبته و العمل بشريعته و سنته و بإقامة دينه و كتابه و اجتنب‬
‫ما فارق ذلك و خالفه و دعا إل سخط ال عز و جل و اعرف ما يمع عمالك من الموال‬
‫و ما ينفقون منها و ل تمع حراما و ل تنفق إسرافا‪ .‬و أكثر مالسة العلماء و مشاورتم و‬
‫مالطتهم و ليكن هواك اتباع السنن و إقامتها و إيثار مكارم الخلق و معاليها و ليكن أكرم‬
‫دخلئك و خاصتك عليك من إذا رأى عيبا فيك ل تنعه هيبتك عن إناء ذلك إليك ف سرك‬
‫و إعلنك با فيه من النقص فإن أولئك أنصح أوليائك و مظاهرون لك‪ .‬و انظر عمالك الذين‬
‫بضرتك و كتابك فوقت لكل رجل منهم ف كل يوم وقتا يدخل فيه عليك بكتبه و مؤامراته‬
‫و ما عنده من حوائج عمالك و أمور الدولة و رعيتك ث فرغ لا يورد عليك من ذلك سعك‬
‫و بصسرك و فهمسك و عقلك و كرر النظسر فيسه و التدبر له فمسا كان موافقا للحسق و الزم‬
‫فأمضه و استخر ال عز و جل فيه و ما كان مالفا لذلك فاصرفه إل السألة عنه و التثبت منه‬
‫و ل تنسن على رعيتسك و ل غيهسم بعروف تؤتيسه إليهسم‪ .‬و ل تقبسل مسن أحسد إل الوفاء و‬
‫ال ستقامة و العون ف أمور أم ي ال سلمي و ل تض عن العروف إل على ذلك‪ .‬و تف هم كتا ب‬
‫إل يك و ان عم الن ظر ف يه و الع مل به و ا ستعن بال على ج يع أمورك و ا ستخره فإن ال عز و‬
‫جل مع الصلح و أهله و ليكن أعظم سيتك و أفضل رغبتك ما كان ل عز و جل رضى و‬
‫لدي نه نظاما و لهله عزا و تكينا و للملة و الذ مة عدلً و صلحا و أ نا أ سأل ال أن ي سن‬
‫عونسك و توفيقسك و رشدك و كلءتسك و السسلم‪ .‬و حدث الخباريون أن هذا الكتاب لاس‬
‫ظ هر و شاع أمره أعجب به الناس و ات صل بالأمون فلما قرئ عل يه قال ما أب قى أ بو الطيب‬
‫يعن طاهرا شيئا من أمور الدنيا والدين و التدبي و الرأي و السياسة و صلح اللك و الرعية‬
‫و حفظ السلطان و طاعة اللفاء و تقوي اللفة إل و قد أحكمه و أوصى به ث أمر الأمون‬
‫فكتب به إل جيع العمال ف النواحي ليقتدوا به و يعملوا با فيه هذا أحسن ما وقفت عليه ف‬
‫هذه السياسة و ال أعلم‪.‬‬

‫الق سم الول من الف صل الثالث و الم سون ف أ مر الفاط مي و ما يذ هب إل يه الناس ف‬


‫شأنه و كشف الغطاء عن ذلك القسم الول‬
‫اعلم أن ف الشهور بي الكافة من أهل السلم على مر العصار أنه ل بد ف آخر الزمان من‬
‫ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين و يظهر العدل و يتبعه السلمون و يستول على المالك‬
‫ال سلمية و ي سمى بالهدي و يكون خروج الدجال و ما بعده من أشراط ال ساعة الثاب تة ف‬
‫الصحيح على أثره‪ .‬و أن عيسى ينل من بعده فيقتل الدجال أو ينل معه فيساعده على قتله و‬
‫يأ ت بالهدي ف صلته و يتجون ف الشأن بأحاد يث خرج ها ال مة و تكلم في ها النكرون‬
‫لذلك و رب ا عارضو ها بب عض الخبار و للمت صوفة التأخر ين ف أ مر هذا الفاط مي طري قة‬
‫أخرى و نوع من الستدلل و ربا يعتمدون ف ذلك على الكشف الذي هو أصل طرائقهم‪.‬‬
‫و نن الن نذكر هنا الحاديث الواردة ف هذا الشأن و ما للمنكرين فيها من الطاعن و ما‬
‫لم ف إنكارهم من الستند ث نتبعه بذكر كلم التصوفة و رأيهم ليتبي لك الصحيح من ذلك‬
‫إن شاء ال تعال فنقول إن جاعة من المة خرجوا أحاديث الهدي منهم الترمذي و أبو داود‬
‫و البزاز و ابسن ماجسة و الاكسم و الطسبان و أبسو يعلى الوصسلي و أسسندوها إل جاعسة مسن‬
‫الصحابة مثل علي و ابن عباس و ابن عمر و طلحة و ابن مسعود و أب هريرة و أنس و أب‬
‫سسعيد الدري و أم حبيبسة و أم سسلمة و ثوبان و قرة بسن إياس و علي اللل و عبسد ال بسن‬
‫الارث بسن جزء بأسسانيد رباس يعرض لاس النكرون كمسا نذكره إل أن العروف عنسد أهسل‬
‫الديث أن الرح مقدم على التعديل فإذا وجدنا طعنا ف بعض رجال السانيد بغفلة أو بسوء‬
‫ح فظ أو ض عف أو سوء رأي تطرق ذلك إل صحة الد يث و أو هن من ها و ل تقولن م ثل‬
‫ذلك ربا يتطرق إل رجال الصحيحي فإن الجاع قد اتصل ف المة على تلقيهما بالقول و‬
‫العمل با فيهما و ف الجاع أعظم حاية و أحسن دفعا و ليس غي الصحيحي بثابتهما ف‬
‫ذلك فقد تد مالً للكلم ف أسانيدها با نقل عن أمة الديث ف ذلك‪.‬‬
‫و لقد توغل أبو بكر بن أب خيثمة على ما نقل السهيلي عنه ف جعه للحاديث الواردة ف‬
‫الهدي فقال و من أغرب ا إ سنادا ما ذكره أ بو ب كر ال سكاف ف فوائد الخبار م ستندا إل‬
‫مالك بن أنس عن ممد بن النكدر عن جابر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬من‬
‫كذب بالهدي فقد كفر و من كذب بالدجال فقد كذب و قال ف طلوع الشمس من مغربا‬
‫مثل ذلك فيما أحسب و حسبك هذا غلوا‪ .‬و ال أعلم بصحة طريقه إل مالك بن أنس على‬
‫أن أبا بكر السكاف عندهم متهم وضاع‪.‬‬
‫و أما الترمذي فخرج هو و أبو داود بسند ها إل ابن عباس‪ .‬من طريق عاصم بن أب النجود‬
‫أحد القراء السبعة إل زر بن حبيش عن عبد ال بن مسعود عن النب صلى ال عليه و سلم‪:‬‬
‫لو ل يبق من الدنيا إل يوم لطول ال ذلك اليوم حت يبعث ال فيه رجلً من أو من أهل بيت‬
‫يوا طئ ا سه ا سي و ا سم أب يه ا سم أ ب‪ .‬هذا ل فظ أ ب داود و سكت عل يه و قال ف ر سالته‬
‫الشهورة إن ما سكت عليه ف كتابه فهو صال و لفظ الترمذي ل تذهب الدنيا حت يلك‬
‫العرب رجل من أهل بيت يواطىء اسه اسي و ف لفظ آخر حت يلي رجل من أهل بيت و‬
‫كلها حديثا حسن صحيح و رواه أيضا من طريق موقوفا على أب هريرة و قال الاكم رواه‬
‫الثوري و شع بة و زائدة و غي هم من أئ مة ال سلمي عن عا صم قال‪ :‬و طرق عا صم عن زر‬
‫عن عبد ال كلها صحيحة على ما أصلته من الحتجاج بأخبار عاصم إذ هو إمام من أئمة‬
‫ال سلمي انت هى إل أن عا صما قال ف يه أح د بن حن بل‪ :‬كان رجلً صالا قارئا للقرآن خيا‬
‫ثقة و العمش أحفظ منه و كان شعبة يتار العمش عليه ف تثبيت الديث و قال العجلي‬
‫كان يتلف عليه ف زر و أب وائل يشي بذلك إل ضعف روايته عنهما و قال ممد بن سعد‬
‫كان ثقة إل أنه كثي الطأ ف حديثه و قال يعقوب بن سفيان ف حديثه اضطراب و قال عبد‬
‫الرحن بن أب حات قلت لب أن أبا زرعة يقول عاصم ثقة فقال ليس مله هذا و قد تكلم فيه‬
‫ابن علية فقال كل من اسه عاصم سيء الفظ و قال أبو حات مله عندي مل الصدق صال‬
‫الديث و ل يكن بذلك الافظ و اختلف فيه قول النسائي و قال ا بن حراش ف حديثه نكرة‬
‫و قال أبو جع فر العقيلي ل يكن ف يه إل سوء الفظ و قال الدارقطن ف حف ظه ش يء و قال‬
‫ي ي القطان ما وجدت رجلً ا سه عا صم إل وجد ته سيء ال فظ و قال أيضا سعت شع بة‬
‫يقول حدث نا عا صم بن أ ب النجود و ف الناس ما في ها و قال الذ هب ث بت ف القراءة و هو‬
‫ح سن الد يث‪ .‬و إن ح تج أ حد بأن الشيخ ي أخر جا له منقول أخر جا له مقرونا بغيه ل‬
‫أصلً و ال أعلم‪.‬‬
‫و خرج أبو داود ف الباب عن علي رضي ال عنه من رواية قطن بن خليفة عن لقاسم بن أب‬
‫مرة عن أب الطفيل عن علي عن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬لو ل يبق من الدهر إل يوم‬
‫لبعث ال رجلً من أهل بيت يلها عدلً كما ملئت جورا و قطن بن خليفة و إن وثقه أحد‬
‫و يي بن القطان و ا بن مع ي و النسائي و غي هم إل أن العجلي قال‪ :‬حسن الديث و ف يه‬
‫تشيع قليل و قال ابن معي مرة‪ :‬ثقة شيعي‪ .‬و قال أحد بن عبد ال بن يونس‪ :‬كنا نر على‬
‫قطسن و هسو مطروح ل نكتسب عنسه‪ .‬و قال مرة‪ :‬كنست أمسر بسه و أد عه مثسل الكلب‪ .‬و قال‬
‫الدارقطن‪ :‬ل يتج به‪ .‬و قال أبو بكر بن عياش‪ :‬ما تركت الرواية عنه إل لسوء مذهبه‪ .‬و‬
‫قال الرجان‪ :‬زائغ غي ثقة انتهى‪ .‬و خرج أبو داود أيضا بسنده إل علي رضي ال عنه عن‬
‫مروان بن الغية عن عمر بن أب قيس عن شعيب بن أب خالد عن أب إسحاق النسفي قال‪:‬‬
‫قال علي و نظر إل ابنه السن إن ابن هذا سيد كما ساه رسول ال صلى ال عليه و سلم‪.‬‬
‫سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه ف اللق و ل يشبهه ف اللق يل الرض‬
‫عدلً و قال هارون حدثنا عمر بن أب قيس عن مطرف بن طريف عن أب السن عن هلل‬
‫بن عمر سعت عليا يقول‪ :‬قال النب صلى ال عليه و سلم‪ :‬يرج رجل من وراء النهر يقال له‬
‫الارث على مقدم ته ر جل يقال له من صور يوطىء أو ي كن لل م مد ك ما مك نت قر يش‬
‫لرسول ال صلى ال عليه و سلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال إجابته‪ .‬سكت أبو داود‬
‫عليه‪ .‬و قال ف موضع آخر ف هارون‪ :‬هو من ولد الشيعة‪ .‬و قال السليمان‪ :‬فيه نظر‪ .‬و قال‬
‫أبو داود ف عمر بن أب قيس‪ :‬ل بأس ف حديثه خطأ‪ .‬و قال الذهب‪ :‬صدق له أوهام‪ .‬و أما‬
‫أبو إسحاق الشيعي و إن خرج عنه ف الصحيحي فقد ثبت أنه اختلط آخر عمره و روايته‬
‫عن علي‪ ،‬منقط عة‪ ،‬و كذلك روا ية أ ب داود عن هارون بن الغية‪ .‬و أ ما ال سند الثا ن فأ بو‬
‫السن فيه و هلل بن عمر مهولن و ل يعرف أبو السن إل من رواية مطرف بن طريف‬
‫عنه انتهى‪ .‬و خرج أبو داود أيضا عن أم سلمة قالت سعت ف الستدرك من طريق علي بن‬
‫نفيل عن سعيد بن السيب عن أم سلمة قالت سعت رسول ال صلى ال عليه و سلم يقول‪:‬‬
‫الهدي من ولد فاطمة و لفظ الاكم‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه و سلم يذكر الهدي‬
‫فقال‪ :‬نعم هو حق و هو من بن فاطمة و ل يتكلم عليه بالصحيح و ل غيه و قد ضعفه أبو‬
‫جع فر العقيلي و قال‪ :‬ل يتا بع علي بن نف يل عل يه و ل عرف إل به‪ .‬و خرج أ بو داود أيضا‬
‫عن أم سلمة من رواية صال أب الليل عن صاحب له عن أم سلمة قال‪ :‬يكون اختلف عند‬
‫موت خليفة فيخرج رجل من أهل الدينة هاربا إل مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه و‬
‫هو كاره فيبايعونه بي الركن و القام فيبعث إليه بعث من الشام فيخسف بم بالبيداء بي مكة‬
‫و الدي نة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال أ هل الشام و ع صائب أ هل العراق فيبايعو نه ث ين شأ‬
‫رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم و ذلك بعث كلب و اليبة‬
‫لن ل يشهد غنيمة كلب فيقسم الال و يعمل ف الناس بسنة نبيهم صلى ال عليه و سلم و‬
‫يلقي السلم برانه على الرض فيلبث سبع سني و قال بعضهم تسع سني ث رواه أبو داود‬
‫من رواية أب الليل عن عبد ال بن الارث عن أم سلمة فتبي بذلك البهم ف السناد الول‬
‫و رجاله رجال الصحيحي ل مطعن فيهم و ل مغمز و قد يقال إنه من رواية قتادة عن أب‬
‫الليل و قتادة مدلس و قد عنعنه و الدلس ل يقبل من حديثه إل ما صرح فيه بالسماع‪ .‬مع‬
‫أن الديث ليس فيه تصريح بذكر الهدي نعم ذكره أبو داود ف أبوابه و خرج أبو داود أيضا‬
‫و تابعه الاكم عن أب سعيد الدري قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الهدي من‬
‫أجلى البهة اقن النف يل الرض قسطا و عدلً كما ملئت ظلما و جورا يلك سبع سني‬
‫هذا لفظ أب داود و سكت عليه و لفظ الاكم‪ :‬الهدي منا أهل البيت أشم النف أقن أجلى‬
‫يل الرض ق سطا و عدلً ك ما ملئت جورا و ظلما يع يش هكذا و يب سط ي ساره و إ صبعي‬
‫من يينه السبابة و البام و عقد ثلث قال الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم و‬
‫ل يرجاه‪ .‬و عمران القطان متلف ف الحتجاج يه إنا أخرج له البخاري استشهادا ل أصلً‬
‫و كان يي القطان ل يدث عنه و قال يي بن معي‪ :‬ليس بالقوي و قال مرة‪ :‬ليس بشيء‪.‬‬
‫و قال أحد بن حنبل أرجو أن يكون صال الديث و قال يزيد بن زريع كان حروريا و كان‬
‫يرى السيف على أهل القبلة و قال النسائي ضعيف و قال أبو عبيد الجري‪ :‬سألت أبا داود‬
‫عنسه‪ .‬فقال‪ :‬مسن أصسحاب السسن و مسا سسعت إل خيا‪ .‬و سسعته مرة أخرى ذكره فقال‪:‬‬
‫ضع يف أف ت ف إبراه يم بن ع بد ال بن ح سن بفتوى شديدة في ها سفك الدماء‪ .‬و خرج‬
‫الترمذي و ابن ماجة و الاكم عن أب سعيد الدري من طريق زيد العمي عن أب صديق‬
‫الناجي عن أب سعيد الدري قال‪ :‬خشينا أن يكون بعض شيء حدث فسألنا نب ال صلى‬
‫ال عليه و سلم فقال‪ :‬إن ف أمت الهدي يرج و يعيش خسا أو سبعا أو تسعا زيد الشاك‬
‫قال قلنا‪ :‬و ما ذاك ؟ قال سني ! قال‪ :‬فيجيء إليه الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطن قال‪ :‬فيحثو‬
‫له ف ثوبه ما استطاع أن يمله لفظ الترمذي و قال‪ :‬هذا حديث حسن و قد روى من غي‬
‫وجه عن أب سعيد عن النب صلى ال عليه و سلم و لفظ ابن ماجة و الاكم‪ :‬يكون ف أمت‬
‫الهدي إن قصر فسبع و إل فتسع فتنعم أمت فيه نعمة ل يسمعوا بثلها قط تؤتى الرض أكلها‬
‫و ل يدخر منه شيء و الال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطن فيقول خذ‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬و زيد العمي و إن قال فيه الدارقطن و أحد بن حنبل و يي بن معي إنه صال و زاد‬
‫أحد إنه فوق يزيد الرقاش و فضل بن عيسى إل أنه قال فيه أبو حات‪ :‬ضعيف يكتب حديثه و‬
‫ل ي تج به‪ .‬و قال ي ي بن مع ي ف روا ية أخرى‪ :‬ل ش يء‪ .‬و قال مرة يك تب حدي ثه و هو‬
‫ضعيف‪ .‬و قال الرجان‪ :‬متماسك و قال أبو زرعة ليس بقوي واهي الديث ضعيفا و قال‬
‫أبو حات ليس بذاك و قد حدث عنه شعبة‪ .‬و قال النسائي‪ :‬ضعيف و قال ابن عدي‪ :‬عامة ما‬
‫يرويه و من يروى عن هم ضعفاء على أن شعبة قد روى عنه و لعل شعبة ل يرو عن أضعف‬
‫منه‪.‬‬
‫و قد يقال إن حديث الترمذي وقع تفسيا لا رواه مسلم ف صحيحه من حديث جابر قال‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬يكون ف آخر أمت‪ ،‬خليفة يثو الال حثوا ل يعده عدا‬
‫و من حديث أب سعيد قال‪ :‬من خلفائكم خليفة يثو الال حثوا و من طريق أخرى عنهما‬
‫قال‪ :‬يكون ف آخر الزمان خليفة يقسم الال و ل يعده انتهى‪ .‬و أحاديث مسلم يقع فيها ذكر‬
‫الهدي و ل دليل يقوم على أنه الراد منها‪ .‬و رواة الاكم أيضا من طريق عوف العراب عن‬
‫أب الصديق الناجي عن أب سعيد الدري قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل تقوم‬
‫الساعة حت تل الرض جورا و ظلما و عدوانا ث يرج من أهل بيت رجل يلها قسطا و‬
‫عدلً كمسا ملئت ظلما و عدوانا و قال فيسه الاكسم‪ :‬هذا صسحيح على شرط الشيخيس و ل‬
‫يرجاه‪ .‬و رواه الا كم أيضا عن طر يق سليمان بن عب يد عن أ ب ال صديق النا جي عن أ ب‬
‫سعيد الدري عن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬يرج ف آخر أمت الهدي يسقيه ال‬
‫الغيث و ترج الرض نباتا و يعطي الال صحاحا و تكثر الاشية و تعظم المة يعيش سبعا‬
‫أو ثانيا يعن حججا و قال فيه حديث صحيح السناد و ل يرجاه‪ .‬مع أن سليمان بن عبيد‬
‫ل يرج له أحد من الستة لكن ذكره ابن حبان ف الثقات و ل يرد أن أحدا تكلم فيه ث رواه‬
‫الا كم أيضا من طر يق أ سد بن مو سى عن حاد بن سلمة عن م طر الوراق و أ ب هارون‬
‫العبدي عن أب الصديق الناجي عن أب سعيد أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬تل‬
‫الرض جورا و ظلما فيخرج رجسل مسن عترتس فيملك سسبعا أو تسسعا فيمل الرض عدلً و‬
‫قسطا كما ملئت جورا و ظلما و قال الاكم فيه‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم لنه‬
‫أخرج عن حاد بن سلمة و عن‬
‫شيخه مطر الوراق‪ .‬و أما شيخه الخر و هو أبو هارون العبدي فلم يرج له‪ .‬و هو ضعيف‬
‫جدا متهم بالكذب و ل حاجة إل بسط أقوال الئمة ف تضعيفه‪ .‬و أما الراوي له عن حاد‬
‫بسن سسلمة فهسو أسسد بسن موسسى يلقسب أسسد السسنة و إن قال البخاري‪ :‬مشهور الديسث و‬
‫ا ستشهد به ف صحيحه‪ .‬و اح تج به أ بو داود و الن سائي إل إ نه قال مرة أخرى‪ :‬ث قة لو ل‬
‫ي صنف كان خيا له‪ .‬و قال ف يه م مد بن حزم‪ :‬من كر الد يث‪ .‬و رواه ال طبان ف معج مه‬
‫الوسط من رواية أب الواصل عبد الميد بن واصل عن أب الصديق الناجي عن السن بن‬
‫يز يد ال سعدي أ حد ب ن بذلة عن أ ب سعيد الدري قال سعت ر سول ال صلى ال عل يه و‬
‫سلم يقول‪ :‬يرج رجل من أمت يقول بسنت ينل ال عز و جل له القطر من السماء و ترج‬
‫الرض بركتهسا و تل الرض منسه قسسطا و عد ًل كمسا ملئت جورا و ظلما يعمسل على هذه‬
‫المة سبع سني و ينل على بيت القدس و قال الطبان‪ :‬فيه رواة جاعة عن أب الصديق و ل‬
‫يدخل أحد منهم بينه و بي أب سعيد أحدا إل أبا الواصل فإنه رواه عن السن بن يزيد عن‬
‫أ ب سعيد انت هى‪ .‬و هذا ال سن بن يز يد ذكره ا بن أ ب حا ت و ل يعر فه بأك ثر م ا ف هذا‬
‫السناد من روايته عن أب سعيد و رواية أب الصديق عنه و قال الذهب ف اليزان‪ :‬إنه مهول‪.‬‬
‫ل كن ذكره ا بن حبان ف الثقات و أ ما أ بو الوا صل الذي رواه عن أ ب ال صديق فلم يرج له‬
‫أحد من الستة‪ .‬و ذكره ابن حبان ف الثقات ف الطبقة الثانية و قال فيه‪ :‬يروى عن أنس روى‬
‫ع نه شع بة و عتاب بن ب شر و خرج ا بن ما جة ف كتاب ال سنن عن عبد ال بن مسعود من‬
‫طريق يزيد بن أب زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال قال بينما نن عند رسول ال صلى‬
‫ال عليه و سلم إذ أقبل فتية من بن هاشم فلما رآهم رسول ال صلى ال عليه و سلم ذرفت‬
‫عيناه و تغي لونه قال فقلت ما نزال نرى ف وجهك شيئا نكرهه فقال‪ :‬إنا أهل البيت اختار‬
‫ال لنا الخرة على الدنيا و إن أهل بيت سيلقون بعدي بلء و تشريدا و تطريدا حت يأت قوم‬
‫من قبل الشرق معهم رايات سود فيسألون الب فل يعطونه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما‬
‫سألوا فل يقبلونه حت يدفعوها إل رجل من أهل بيت فيملها قسطا كما ملوها جورا فمن‬
‫أدرك ذلك منكم فليأتم و لو حبوا على الثلج انتهى‪.‬‬
‫و هذا الديث يعرف عند الحدثي بديث الرايات‪ .‬و يزيد بن أب زياد راويه قال فيه شعبة‪:‬‬
‫كان رفاعا يع ن ير فع الحاد يث ال ت ل تعرف مرفو عة‪ .‬و قال م مد بن الفض يل‪ :‬من كبار‬
‫أئ مة الشي عة‪ .‬و قال أح د بن حن بل‪ :‬ل ي كن بالا فظ و قال مرة‪ :‬حدي ثة ل يس بذلك‪ .‬و قال‬
‫يي بن معي‪ :‬ضعيف‪ .‬و قال العجلي‪ :‬جائز الديث‪ ،‬و كان بآخره يلقن‪ .‬و قال أبو زرعة‪:‬‬
‫ل ي يك تب حدي ثه و ل ي تج به‪ .‬و قال أ بو حا ت‪ :‬ل يس بالقوي‪ .‬و قال الرجا ن‪ :‬سعتهم‬
‫يضعفون حديثه‪ .‬و قال أبو داود‪ :‬ل أعلم أحدا ترك حديثه و غيه أحب إل منه‪ .‬و قال ابن‬
‫عدي هو من شي عة أ هل الكو فة و مع ضع فه يك تب حدي ثه‪ .‬و روى له م سلم ل كن مقرونا‬
‫بغيه‪ .‬و بالملة فالكثرون على ضعفه‪ .‬و قد صرح الئمة بتضعيف هذا الديث الذي رواه‬
‫عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال و هو حديث الرايات‪ .‬و قال وكيع بن الراح فيه‪ :‬ليس‬
‫بشيء‪ .‬و كذلك قال أحد بن حنبل و قال أبو قدامة سعت أبا أسامة يقول ف حديث يزيد‬
‫عن إبراهيم ف الرايات لو حلف عندي خ سي يينا أسامة ما صدقته أهذا مذهب إبراهيم ؟‬
‫أهذا مذ هب علق مة ؟ أهذا مذ هب ع بد ال ؟ و أورد العقيلي هذا الد يث ف الضعفاء و قال‬
‫الذهب ليس بصحيح‪ .‬و خرج ابن ماجة عن علي رضي ال عنه من رواية ياسي العجلي عن‬
‫إبراه يم بن م مد بن النف ية عن أب يه عن جده قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫الهدي منا أهل البيت يصلح ال به ف ليلة‪.‬‬
‫و ياسي العجلي و إن قال فيه ابن معي ليس به بأس فقد قال البخاري فيه نظر‪ .‬و هذه اللفظة‬
‫من اصطلحه قوية ف التضعيف جدا‪ .‬و أورد له ابن عدي ف الكامل و الذهب ف اليزان هذا‬
‫الديث على وجه الستنكار له و قال هو معروف به‪ .‬و خرج الطبان ف معجمه الوسط‬
‫عن علي رضي ال عنه إنه قال للنب صلى ال عليه و سلم أمنا الهدي أم من غينا يا رسول‬
‫ال ؟ فقال‪ :‬بل منا بنا يتم ال كما بنا فتح و بنا يستنقذون من الشرك و بنا يؤلف ال قلوبم‬
‫بعد عداوة بينة كما بنا ألف بي قلوبم بعد عداوة الشرك‪ .‬قال علي أمؤمنون أم كافرون ؟‪،‬‬
‫قال‪ :‬مفتون و كافر انتهى‪ .‬و فيه عبد ال بن ليعة و هو ضعيف معروف الال‪ .‬و فيه عمر‬
‫بن جابر و الضرمي و هو أضعف منه‪ .‬قال أحد بن حنبل‪ :‬روي عن جابر مناكيز و بلغن‬
‫أ نه كان يكذب و قال الن سائي ل يس بث قة و قال كان ا بن لي عة شيخا أح ق ضع يف الع قل و‬
‫كان يقول‪ :‬علي ف ال سحاب‪ ،‬و كان يلس مع نا فيب صر سحابة فيقول‪ ،‬هذا علي قد مر ف‬
‫السحاب‪ ،‬و خرج الطبان عن علي رضي ال تعال عنه أن رسول ال صلى ال عليه و سلم‬
‫قال‪ :‬يكون ف آخر الزمان فتنة يصل الناس فيها كما يصل الذهب ف العدن فل تسبوا أهل‬
‫الشام و ل كن سبوا أشرار هم فإن في هم البدال يو شك أن ير سل على أ هل الشام صيب من‬
‫السماء فيفرق جاعتهم حت لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم فعند ذلك يرج خارج من أهل بيت‬
‫ف ثلث رايات الك ثر يقول ب م خ سة ع شر ألفا و ال قل يقول ب م اث نا ع شر ألفا و أمارت م‬
‫امت امت يلقون سبع رايات تت كل راية منها رجل يطلب اللك فيقتلهم ال جيعا و يرد‬
‫ال إل السلمي إلفتهم و نعمتهم و قاصيتهم و رأيهم‪.‬‬
‫و فيه عبد ال بن ليعة و هو ضعيف معروف الال و رواه الاكم ف الستدرك و قال صحيح‬
‫السناد و ل يرجاه ف روايته ث يظهر الاشي فيد ال الناس إل إلفتهم ال و ليس ف طريقه‬
‫ابن ليعة و هو إسناد صحيح كما ذكر‪.‬‬
‫و خرج الاكم ف الستدرك عن علي رضي ال عنه من رواية أب الطفيل عن ممد بن النفية‬
‫قال‪ :‬كنا عند علي رضي ال عنه فسأله رجل عن الهدي فقال له‪ :‬هيهات ث عقد بيده سبعا‬
‫فقال ذلك يرج ف آ خر الزمان إذا قال الر جل ال ال ق تل و ي مع ال له قوما قزعا‪ ،‬كقزع‬
‫السحاب يؤلف ال بي قلوبم فل يستوحشون إل أحد و ل يفرحون بأحد دخل فيهم عدتم‬
‫على عدة أ هل بدر ل ي سبقهم الولون و ل يدرك هم الخرون و على عدد أ صحاب طالوت‬
‫الذين جاوزوا معه النهر‪ .‬قال أبو الطفيل قال ابن النفية‪ :‬أتريده ؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فإنه يرج‬
‫من بي هذين الخشبي قلت ل جرم و ال و ل أدعها حت أموت‪ .‬و مات با يعن مكة قال‬
‫الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخي‪.‬‬
‫و إنا هو على شرط مسلم فقط فإن فيه عمارا الذهب و يونس بن أب إسحاق و ل يرج لما‬
‫البخاري و فيه عمرو بن ممد العبقري و ل يرج له البخاري احتجاجا بل استشهادا مع ما‬
‫ينضم إل ذلك من تشيع عمار الذهب و هو و إن وثقه أحد و ابن معي و أبو حات النسائي و‬
‫غيهم فقد قال علي بن الدن عن سفيان أن بشر بن مروان قطع عرقوبيه قلت ف أي شيء ؟‬
‫قال‪ :‬ف التشيع‪ .‬و خرج ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي ال عنه ف رواية سعد بن عبد‬
‫الميد بن جعفر عن علي بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد ال عن‬
‫أ نس قال سعت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يقول‪ :‬ن ن ولد ع بد الطلب سادات أ هل‬
‫النة أنا و حزة و علي و جعفر و السن و السي و الهدي‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫و عكر مة بن عمار و إن أخرج له م سلم فإن ا أخرج له متاب عة‪ .‬و قد ضع فه ب عض و وث قه‬
‫آخرون و قال أ بو حا ت الرازي‪ :‬هو مدلس فل يق بل إل أن ي صرح بال سماع علي بن زياد‪.‬‬
‫قال الذهب ف اليزان‪ :‬ل ندري من هو‪ ،‬ث قال الصواب فيه‪ :‬عبد ال بن زياد و سعد بن عبد‬
‫الم يد و إن وث قه يعقوب بن أ ب شي بة و قال ف يه ي ي بن مع ي ل يس به بأس ف قد تكلم ف يه‬
‫الثوري قالوا لنه رآه يفت ف مسائل و يطئ فيها‪ .‬و قال ابن حبان‪ :‬كان من فحش عطاؤه‬
‫فل يتج فيه‪ .‬و قال أحد بن حنبل‪ :‬سعيد بن عبد الميد يدعي أنه سع عرض كتب مالك و‬
‫الناس ينكرون عل يه ذلك و هو هه نا ببغداد ل ي تج فك يف سعها ؟ و جعله الذ هب م ن ل‬
‫يقدح ف يه كلم من تكلم ف يه و خرج الا كم ف م ستدركه من روا ية ما هد عن ا بن عباس‬
‫موقوفا عل يه قال ما هد قال ل ا بن عباس‪ :‬لو ل أ سع أ نك م ثل أ هل الب يت ما حدث تك بذا‬
‫الديث قال فقال ماهد‪ :‬فإنه ف ستر ل أذكره لن يكره قال فقال ابن عباس‪ :‬منا أهل البيت‬
‫أرب عة م نا ال سفاح و م نا النذر و م نا الن صور و م نا الهدي قال فقال ما هد‪ :‬ب ي ل هؤلء‬
‫الربعة‪ .‬فقال ابن عباس‪ :‬أما السفاح فربا قتل أنصاره و عفا عن عدوه‪ ،‬و أما النذر أراه قال‬
‫فإنه يعطي الال الكثي و ل يتعاظم ف نفسه و يسك القليل من حقه و أما النصور فإنه يعطى‬
‫النصر على عدوه الشطر ما كان يعطي رسول ال صلى ال عليه و سلم و يرهب منه عدوه‬
‫على م سية شهر ين و الن صور ير هب م نه عدوه على م سية ش هر و أ ما الهدي الذي يل‬
‫الرض عدلً كما ملئت جورا و تأمن البهائم السباع و تلقي الرض أفلذ كبدها‪ .‬قال‪ :‬قلت‬
‫و ما أفلذ كبد ها ؟ قال‪ :‬أمثال ال سطوانة من الذ هب و الف ضة‪ .‬و قال الا كم هذا حد يث‬
‫صحيح السناد و ل يرجاه و هو من رواية إساعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه و إساعيل‬
‫ضع يف و إبراه يم أبوه و إن خرج له م سلم فالكثرون على تضعي فه‪ .‬و خرج ا بن ما جة عن‬
‫ثوبان قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬يقتتل عند كبكم ثلثة كلهم ابن خليفة ث‬
‫ل يصي إل واحد منهم ث تطلع الرايات السود من قبل الشرق فيقتلونم قتلً ل يقتله قوم ث‬
‫ذكر شيئا ل أحفظه قال‪ :‬فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا على الثلج فإنه خليفة ال الهدي‪.‬‬
‫و رجاله رجال الصحيحي إل أن فيه أبا قلبة الرمي و ذكر الذهب و غيه أنه مدلس و فيه‬
‫سفيان الثوري و هو مشهور بالتدل يس و كل وا حد منه ما عن عن و ل ي صرح بال سماع فل‬
‫يقبل و فبه عبد الرزاق بن هام و كان مشهورا بالتشيع و عمي ف آخر وقته فخلط قال ابن‬
‫عدي‪ :‬حدث بأحاديث ف الفضائل ل يوافقه عليها أحد‪ ،‬و نسبوه إل التشيع‪ .‬انتهى‪ .‬و خرج‬
‫ابن ماجة عن عبد ال بن الارث بن جزء الزيدي من طريق ابن ليعة عن أب زرعة عن عمر‬
‫بن جابر الضر مي عن ع بد ال بن الارث بن جزء قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و‬
‫سلم‪ :‬يرج ناس من الشرق فيوطئون للمهدي‪ .‬يعن سلطانه‪ .‬قال الطبان‪ :‬تفرد به ابن ليعة‬
‫و قد تقدم لنا ف حديث علي الذي خرجه الطبان ف معجمه الوسط أن ابن ليعة ضعيف و‬
‫أن شيخه عمر بن جابر أضعف منه و خرج البزاز ف مسنده و الطبان ف معجمه الوسط و‬
‫اللفظ للطبان عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬يكون ف أمت الهدي إن‬
‫قصر فسبع و إل فثمان و إل فتسع تنعم فيها أمت نعمة ل ينعموا بثلها ترسل السماء عليهم‬
‫مدرارا و ل تدخر الرض شيئا من النبات و الال كدوس يقوم الرجل يقول يا مهدي أعطن‬
‫فيقول خذ‪.‬‬
‫قال الطبان و البزار تفرد به ممد بن مروان العجلي زاد البزار‪ :‬و ل نعلم أنه تابعه عليه أحد‬
‫و هو و إن وثقه أبو داود و ابن حبان أيضا با ذكره ف الثقات و قال فيه يي بن معي صال‬
‫و قال مرة ليس به بأس فقد اختلفوا فيه و قال أبو زرعة‪ :‬ليس عندي بذلك و قال عبد ال بن‬
‫أحد بن حنبل‪ :‬رأيت ممد بن مروان العجلي حدث بأحاديث و أنا شاهد ل نكتبها تركتها‬
‫على عمد و كتب بعض أصحابنا عنه كأنه ضعفه‪ .‬و خرجه أبو يعلى الوصلي ف مسنده عن‬
‫أب هريرة و قال‪ :‬حدثن خليلي أبو القاسم صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬ل تقوم ال ساعة حت‬
‫يرج عليهم رجل من أهل بيت فيضربم حت يرجعوا إل الق قال قلت و كم يلك ؟ قال‪:‬‬
‫خسا و اثنتي قال قلت و ما خسا و اثنتي قال ل أدري‪.‬‬
‫و هذا السند غي متج به و إن قال فيه بشي بن نيك و قال فيه أبو حات ل يتج به فقلت‬
‫احتج به الشيخان و وثقه الناس و ل يلتفتوا إل قول أب حات ل يتج به إل أنه قال فيه رجاء‬
‫ابن أب رجاء اليشكري و هو متلف فيه قال أبو زرعة ثقة و قال يي بن معي‪ :‬ضعيف‪ .‬و‬
‫قال أ بو داود‪ :‬ضع يف‪ .‬و قال مرة‪ ،‬صال‪ .‬و علق له البخاري ف صحيحه حديثا واحدا‪ .‬و‬
‫خرج أبو بكر الباز ف مسنده و الطبان ف معجمه الكبي و الوسط عن قرة بن إياس قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬لتملن الرض جورا و ظلما فإذا ملئت جورا و ظلما‬
‫بعث ال رجلً من أمت اسه اسي و اسم أبيه اسم أب يلها عد ًل و قسطا كما ملئت جورا‬
‫و ظلما فل تنع السماء من قطرها شيئًا و ل تدخر الرض من نباتا يلبث فيكم سبعا أو ثانيا‬
‫أو تسعا يعن سني‪ .‬ا هس‪ .‬و فيه داود بن الحب بن الحرم عن أبيه و ها ضعيفان جدا‪ .‬و‬
‫خرج الطبان ف معجمه الوسط عن ابن عمر قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه و سلم ف‬
‫نفر من الهاجرين و النصار و علي بن أ ب طالب عن يساره و العباس عن يينه إذ تلحى‬
‫العباس و ر جل من الن صار فأغلظ الن صاري للعباس فأ خذ ال نب صلى ال عل يه و سلم ب يد‬
‫العباس و ب يد علي و قال‪ :‬سيخرج من صلب هذا ف ت يل الرض جورا و ظلما و سيخرج‬
‫من صلب هذا فتً يل الرض قسطا و عدلً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفت التميمي فإنه يقبل‬
‫من قبل الشرق و هو صاحب راية الهدي انتهى‪ .‬و فيه عبد ال بن عمر و عبد ال بن ليعة و‬
‫ها ضعيفان‪.‬‬

‫القسم الثان من الفصل الثالث و المسون ف أمر الفاطمي و ما يذهب إليه الناس ف شأنه‬
‫و كشف الغطاء عن ذلك القسم الثان‬
‫و خرج الطبان ف معجمه الوسط عن طلحة بن عبد ال عن النب صلى ال عليه و سلم‬
‫قال‪ :‬ستكون فت نة ل ي سكن من ها جا نب إل تشا جر جا نب ح ت ينادي مناد من ال سماء أن‬
‫أميكم فلن‪ 1 .‬هس‪ .‬و فيه الثن بن الصباح و هو ضعيف جدا‪ .‬و ليس ف الديث تصريح‬
‫بذ كر الهدي و إن ا ذكروه ف أبوا به و ترج ته ا ستئناسا‪ .‬فهذه جلة الحاد يث ال ت خرج ها‬
‫الئمة ف شأن الهدي و خروجه آخر الزمان‪ .‬و هي كما رأيت ل يلص منها من النقد إل‬
‫القليل و القل منه‪ .‬و ربا تسك النكرون لشأنه با رواه ممد بن خالد الندي عن أبان بن‬
‫صال بن أ ب عياش عن ال سن الب صري عن أنس بن مالك عن ال نب صلى ال عليه و سلم‬
‫قال‪ :‬ل مهدي إل عيسى بن مري و قال يي بن معي ف ممد بن خالد الندي‪ :‬إنه ثقة‪ .‬و‬
‫قال البيهقي‪ :‬تفرد به ممد بن خالد‪ .‬و قال الاكم فيه‪ :‬أنه رجل مهول و اختلف عليه ف‬
‫إ سناده فمرة يروو نه كما تقدم و ينسب ذلك لحمد بن إدر يس الشاف عي و مرة يروو نه عن‬
‫م مد بن خالد عن أباب عن ال سن عن ال نب صلى ال عل يه و سلم مر سلً‪ .‬قال البيه قي‪:‬‬
‫فرجع إل رواية ممد بن خالد و هو مهول عن أبان بن أب عياش و هو متروك عن السن‬
‫عن النب صلى ال عليه و سلم و هو منقطع و بالملة فالديث ضعيف مضطرب‪ .‬و قد قيل‬
‫أن ل مهدي إل عيسى أي ل يتكلم ف الهد إل عيسى ياولون بذا التأويل رد الحتجاج به‬
‫أو المع بينه و بي الحاديث و هو مدفوع بديث جريج و مثله من الوارق‪ .‬و أما التصوفة‬
‫فلم يكن التقدمون منهم يوضون ف شيء من هذا ل إنا كان كلمهم ف الجاهدة بالعمال‬
‫و ما يصل عنها من نتائج الواجد و الحوال و كان كلم المامية و الرافضة من الشيعة ف‬
‫تفصيل علي رضي ال عنه و القول بإمامته و ادعاء الوصية له بذلك من النب صلى ال عليه و‬
‫سلم و ال تبىء من الشيخ ي ك ما ذكرناه ف مذاهب هم ث حدث في هم ب عد القول بالمام‬
‫العصوم و كثرت التأليف ف مذاهبهم‪ .‬و جاء الساعيلية منهم يدعون الوهية المام بنوع من‬
‫اللول و آخرون يدعون رج عة من مات من الئمة بنوع التنا سخ‪ ،‬و آخرون منتظرون م يء‬
‫من يق طع بو ته من كم و آخرون منتظرون عود ال مر ف أ هل الب يت م ستدلي على ذلك ب ا‬
‫قدمناه من الحاديث ف الهدي و غيها‪ .‬ث حدث أيضا عند التأخرين من الصوفية الكلم ف‬
‫الك شف و في ما وراء ال س و ظ هر من كث ي من هم القول على الطلق باللول و الوحدة‬
‫فشاركوا فيها المامية و الرافضة لقولم بألوهية الئمة و حلول الله فيهم‪.‬‬
‫و ظهر منهم أيضا القول بالقطب و البدال و كأنه ياكي مذهب الرافضة ف المام و النقباء‪.‬‬
‫و أشربوا أقوال الشي عة و توغلوا ف الديا نة بذاهب هم‪ ،‬ح ت جعلوا م ستند طريق هم ف ل بس‬
‫الر قة أن عليا ر ضي ال ع نه ألب سها ال سن الب صري و أ خذ عل يه الع هد بالتزام الطري قة‪ .‬و‬
‫اتصل ذلك عنهم بالنيد من شيوخهم‪ .‬و ل يعلم هذا عن علي من وجه صحيح‪ .‬و ل تكن‬
‫هذه الطري قة خا صة بعلي كرم ال وج هه بل ال صحابة كل هم أ سوة ف طر يق الدى و ف‬
‫تصيص هذا بعلي دونم رائحة من التشيع قوية يفهم منها و من غيها من القوم دخلهم ف‬
‫التشيع و انراطهم ف سلكه‪ .‬و ظهر منهم أيضا القول بالقطب و امتلت كتب ال ساعيلية‬
‫من الرافضة و كتب التأخرين من التصوفة بثل ذلك ف الفاطمي النتظر و كان بعضهم يليه‬
‫على بعض و يلقنه بعضهم عن بعض و كانة مبن على أصول واهية من الفريقي و ربا يستدد‬
‫بعضهم بكلم النجمي ف القرانات و هو من نوع الكلم ف اللحم و يأت الكلم عليها ف‬
‫الباب الذي يلي هذا‪ .‬و أك ثر من تكلم من هؤلء الت صوفة التأخر ين ف شأن الفاط مي‪ ،‬ا بن‬
‫العر ب‪ ،‬الات ي ف كتاب عنقاء مغرب و ا بن ق سي ف كتاب خلع النعل ي و ع بد ال ق بن‬
‫سبعي و ابن أب واصل تلميذه ف شرحه لكتاب خلع النعلي‪ .‬و أكثر كلماتم ف شأنه ألغاز‬
‫و أمثال و ربا يصرحون ف القل أو صرح مفسرو كلمهم‪ .‬و حاصل مذهبهم فيه على ما‬
‫ذكر ابن أ ب واصل أن النبؤة با ظهر الق و الدى بعد الضلل و العمى و أنا تعقبها اللفة‬
‫ث يعقب اللفة اللك ث يعود تبا و تكبا و باطلً‪ .‬قالوا‪ :‬و لا كان ف العهود من سنة ال‬
‫رجوع المور إل ما كا نت و جب أن ي يا أ مر النبؤة و ال ق بالول ية ث بلفت ها ث يعقب ها‬
‫الدجسل مكان اللك و التسسلط ثس يعود الكفسر باله يشيون بذا لاس وقسع مسن شأن النبؤة و‬
‫اللفة بعدها و اللك بعد اللفة‪ .‬هذه ثلث مراتب‪ .‬و كذلك الولية الت هي لذا الفاطمي‬
‫و الدجل بعدها كناية عن خروج الدجل على أثره و الكفر من بعد ذلك فهي ثلث مراتب‬
‫على نسبة الثلث الراتب الول‪ .‬قالوا‪ :‬و لا كان أمر اللفة لقريش حكما شرعيا بالجاع‬
‫الذي ل يوهنه إنكار من يزاول علمه وجب أن تكون المامة فيمن هو أخص من قريش بالنب‬
‫صلى ال عل يه و سلم إ ما ظاهرا كب ن ع بد الطلب و إ ما باطنا م ن كان من حقي قة الل‪ ،‬و‬
‫الل من إذا حضر ل يلقب من هو آله‪.‬‬
‫و ا بن العر ب الات ي ساه ف كتا به عنقاء مغرب من تألي فه‪ :‬خا ت الولياء و ك ن ع نه بلب نة‬
‫الفضة إشارة إل حديث البخاري ف باب خات النبيي قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬مثلي فيمن‬
‫قبلي من ال نبياء كم ثل ر جل ابتن بيتا و أكمله حت إذا ل يبق م نه إل موضع لب نة فأنا تلك‬
‫اللب نة فيف سرون خا ت ال نبيي باللب نة ح ت أكملت البنيان و معناه ال نب الذي ح صلت له النبؤة‬
‫الكاملة‪ .‬و يثلون الوليسة فس تفاوت مراتبهسا بالنبؤة و يعلون صساحب الكمال فيهسا خاتس‬
‫الولياء أي حائز الرتبة الت هي خاتة الولية كما كان خات النبياء حائزا للمرتبة الت هي‬
‫خاتة النبؤة‪ .‬فكن الشارح عن تلك الرتبة الاتة بلبنة البيت ف الديث الذكور‪.‬‬
‫و ها على نسبة واحدة فيهما‪ .‬فهي لبنة واحدة ف التمثيل‪ .‬ففي النبؤة لبنة ذهب و ف الولية‬
‫لبنة فضة للتفاوت بي الرتبتي كما بي الذهب و الفضة‪ .‬فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النب‬
‫صلى ال عليه و سلم و لبنة الفضة كناية عن هذا الول الفاطمي النتظر و ذلك خات النبياء و‬
‫هذا خات الولياء‪ .‬و قال ابن العرب فيما نقل ابن أب واصل عنه و هذا المام النتظر هو من‬
‫أ هل الب يت من ولد فاط مة و ظهوره يكون من ب عد م ضي ( خ ف ج ) من الجرة و ر سم‬
‫حروفا ثلثة يريد عددها بساب المل و هو الاء العجمة بواحدة من فوق ستمائة و الفاء‬
‫أخت القاف بثماني و اليم العجمة بواحدة من أسفل ثلثة و ذلك ستمائة و ثلث و ثانون‬
‫سنة و هي آخر القرن السابع و لا انصرم هذا العصر و ل يظهر حل ذلك بعض القلدين لم‬
‫على أن الراد بتلك الدة مولده و عسب بظهوره عسن مولده و أن خروجسه يكون بعسد العشسر‬
‫ال سبعمائة فإ نه المام النا جم من ناج ية الغرب‪ .‬قال‪ :‬و إذا كان مولده ك ما ز عم ا بن العر ب‬
‫سنة ثلث و ثاني و ستمائة فيكون عمره عند خروجه ستا و عشرين سنة قال و زعموا أن‬
‫خروج الدجال يكون سسنة ثلث و أربعيس و سسبعمائة مسن اليوم الحمدي و ابتداء اليوم‬
‫الحمدي عندهم من يوم وفاة النب صلى ال عليه و سلم إل تام ألف سنة قال ابن أب واصل‬
‫ف شر حه كتاب خلع النعل ي الول النت ظر القائم بأ مر ال الشار إل يه بح مد الهدي و خا ت‬
‫الولياء و ليس هو بنب و إنا هو ول ابتعثه روحه و حبيبه‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬العال‬
‫ف قومه كالنب ف أمته‪ .‬و قال‪ :‬علماء أمت كأنبياء بن إسرائيل و ل تزل البشرى تتابع به من‬
‫أول اليوم الحمدي إل قب يل الم سمائة ن صف اليوم و تأكدت و تضاع فت بتباش ي الشا يخ‬
‫بتقريب وقته و ازدلف زمانه منذ انقضت إل هلم جرا قال و ذكر الكندي‪ :‬أن هذا الول هو‬
‫الذي يصسلي بالناس صسلة الظهسر و يدد السسلم و يظهسر العدل و يفتسح جزيرة الندلس و‬
‫ي صل إل روم ية فيفتح ها و ي سي إل الشرق فيفت حه و يف تح الق سطنطيبية و ي صي له ملك‬
‫الرض فيتقوى السلمون و يعلو السلم و يطهر دين النيفية فإن من صلة الظهر إل صلة‬
‫الع صر و قت صلة قال عل يه ال صلة و ال سلم‪ :‬ما ب ي هذ ين و قت و قال الكندي أيضا‪:‬‬
‫الروف العرب ية غ ي العج مة يع ن الفت تح ب ا سور القرآن جلة عدد ها سبعمائة و ثلث و‬
‫أربعون و سبع دجال ية ث ينل عي سى ف و قت صلة الع صر في صلح الدن يا وتشي الشاة مع‬
‫الذئب ث مبلغ ملك العجم بعد إسلمهم مع عيسى مائة و سبعون عاما عدد حروف العجم (‬
‫ق ي ن ) دولة العدل من ها أربعون عاما قال ا بن أ ب وا صل و ما ورد من قوله ل مهدي إل‬
‫عيسسى فمعناه ل مهدي تسساوي هدايتسه وليتسه و قيسل ل يتكلم فس الهسد إل عيسسى و هذا‬
‫مدفوع بديث جريج و غي‪ .‬و قد جاء ف الصحيح أنه قال‪ ( :‬ل يزال هذا المر قائما حت‬
‫تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة يعن قرشيا )‪.‬‬
‫و قد أعطى الوجود أن منهم من كان ف أول السلم و منهم من سيكون ف آخره‪ .‬و قال‪:‬‬
‫الل فة بعدي ثلثون أو إحدى و ثلثون أو ست و ثلثون وانقضاؤ ها ف خل فة ال سن و‬
‫أول أ مر معاوية فيكون أول أمر معاو ية خل فة أخذا بأوائل ال ساء فهو سادس اللفاء و أما‬
‫سابع اللفاء فعمر بن عند العزيز‪ .‬و الباقون خسة من أهل البيت من ذرية علي يؤيده قوله‪( :‬‬
‫إنك لذو قرنيها ) يريد المة أي إنك لليفة ف أولا و ذريتك ف آخبها‪ .‬و ربا استدل بذا‬
‫الديث القائلون بالرجعة‪ .‬فالول هو الشار إليه عندهم بطلوع الشمس من مغربا‪ .‬و قد قال‬
‫صلى ال عل يه و سلم إذا هلك ك سرى فل ك سرى بعده و إذا هلك قي صر فل قي صر بعده و‬
‫الذي نفسي بيده لتنفقن كنوزها ف سبيل ال و قد انفق عمر بن الطاب كنوز كسرى ف‬
‫سسبيل ال و الذي يهلك قيصسر و ينفسق كنوزه فس سسبيل ال هسو هذا النتظسر حيس يفتسح‬
‫القسطنطينية‪ :‬فنعم المي أميها و نعم اليش ذلك اليش‪.‬‬
‫كذا قال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬و مدة حك مه ب ضع و الب ضع من ثلث إل ت سع و ق يل إل‬
‫عشر و جاء ذكر أربعي و ف بعض الروايات سبعي‪ .‬و أما الربعون فإنا مدته و مدة اللفاء‬
‫الرب عة الباق ي من أهله القائم ي بأمره من بعده على جيع هم ال سلم قال و ذ كر أ صحاب‬
‫النجوم و القرانات أن مدة بقاء أمر و أ هل بيته من بعده مائة و تسعة و خسون عاما فيكون‬
‫ال مر على هذا جاريا على الل فة و العدل أربع ي أو سبعي ث تتلف الحوال فتكون ملكا‬
‫انتهي كلم ابن أب واصل‪ .‬و قال ف موضع آخر‪ ( :‬نزول عيسى يكون ف وقت صلة العصر‬
‫من اليوم الحمدي ح ي ت ضي ثل ثة أربا عه ) قال و ذ كر الكندي يعقوب بن إ سحاق ف‬
‫كتاب الفر الذي ذكر فيه القرانات‪ ( :‬أنه إذا وصل القرآن إل الثور على رأس ضح برفي‬
‫الضاد العجمة و الاء الهملة ) يريد ثانية و تسعي و ستمائة من الجرة ينل السيح فيحكم‬
‫فس الرض مسا شاء ال تعال قال و قسد ورد فس الديسث أن عيسسى ينل عنسد النارة البيضاء‬
‫شرقي دمشق ينل بي مهرودتي يعن حلتي مزعفرتي صفراوين مصرتي واضعا كفيه على‬
‫أجن حة اللك ي له ل ة كأن ا خرج من دياس إذا طأ طأ رأ سه ق طر و إذا رف عه تدر م نه جان‬
‫كاللؤلؤ كثيس خيلن الوجسه و فس حديسث آخسر مربوع اللق و إل البياض و المرة‪ .‬و فس‬
‫آ خر‪ :‬أ نه يتزوج ف الغرب‪ .‬و الغرب دلو الباد ية ير يد اله يتزوج من ها و تلد زوج ته‪ .‬و ذ كر‬
‫وفاته بعد أربعي عاما‪ .‬و جاء أن عيسى يوت بالدينة و يدفن إل جانب عمر بن الطاب‪ .‬و‬
‫جاء أن أبا بكر و عمر يشران بي نبيي قال ابن أب واصل‪ ( :‬و الشيعة تقول إنه هو السيح‬
‫مسيح السائح من آل ممد قلت و عليه حل بعض التصوفة حديث ل مهدي إل عيسى أي‬
‫ل يكون مهدي إل الهدي الذي نسبته إل الشريعة الحمدية نسبة عيسى إل الشريعة الوسوية‬
‫ف التباع و عدم الن سخ إل كلم من أمثال هذا يعينون ف يه الو قت و الر جل و الكان بأدلة‬
‫واهية و تكمات متلفة فينقضي الزمان و ل أثر لشيء من ذلك فيجعون إل تديد رأي آخر‬
‫تنتحل كما تراه من مفهومات لغوية و أشياء تييلية و أحكام نومية ف هذا انقضت أعمار أن‬
‫أول منهم و الخر‪.‬‬
‫و أما التصوفة الذين عاصرناهم فأكثرهم يشيون إل ظهور رجل مدد لحكام اللة و مراسم‬
‫ال ق و يتحينون ظهوره ل ا قرب من ع صرنا فبعض هم يقول من ولد فاط مة و بعض هم يطلق‬
‫القول ف يه سعناه من جا عة أ كبهم أ بو يعقوب الباد سي كبي الولياء بالغرب كان ف أول‬
‫هذه الائة الثامنة و أخبن عنه حافده صاحبنا أبو يي زكرياء عن أبيه أب ممد عبد ال عن‬
‫أبيه الول أب يعقوب الذكور هذا آخر ما اطلعنا عليه أو بلغنا من كلم هؤلء التصوفة و ما‬
‫أورده أ هل الد يث من أخبار الهدي قد ا ستوفينا جي عه ببلغ طاقت نا و ال ق الذي ينب غي أن‬
‫يتقرر لديك أنه ل تتم دعوة من الدين و اللك إل بوجود شوكة عصبية تظهره و تدافع عنه‬
‫من يدفعه حت يتم أمر ال فيه‪ .‬و قد قررنا ذلك من قبل بالباهي القطعية الت أريناك هناك و‬
‫ع صبية الفاطمي ي بل و قر يش أج ع قد تل شت من ج يع الفاق و و جد أ مم آخرون قد‬
‫اشتغلت عصبيتهم على عصبية قريش إل ما بقي بالجاز ف مكة و ينبع بالدينة من الطالبي‬
‫من بن حسن و بن حسي و بن جعفر و هم منتشرون ف تلك البلد و غالبون عليها و هم‬
‫ع صائب بدو ية متفرقون ف مواطن هم و إمارات م يبلغون آلفا من الكثرة فإن صح ظهور هذا‬
‫الهدي فل وجه لظهور دعوته إل بأن يكون منهم و يؤلف ال بي قلوبم ف اتباعه حت تتم‬
‫له شوكة و عصبة وافية بإظهار كلمته و حل الناس عليها و أما على غي هذا الوجه مثل أن‬
‫يدعو فاطمي منهم إل مثل هذا المر ف أفق من الفاق من غي عصبية و ل شوكة إل مرد‬
‫نسبة ف أهل البيت فل يتم ذلك و ل يكن لا أسلفناه من الباهي الصحيحة‪ .‬و أما ما تدعيه‬
‫العا مة و الغمار من الدهاء م ن ل ير جع ف ذلك إل ع قل يهد يه و ل علم يفيده فيجيبون‬
‫ذلك على غ ي ن سبة و ف غ ي مكان تقليدا ل ا اشت هر من ظهور فاط مي و ل يعلمون حقي قة‬
‫المر كما بيناه و أكثر ما ييبون ف ذلك القاصية من المالك و أطراف العمران مثل الزاب‬
‫بأفريقية و السوس من الغرب‪ .‬و ند الكثي من ضعفاء البصائر يقصدون رباطا باسة لا كان‬
‫ذلك الرباط بالغرب من اللثم ي من كدالة و اعتقاد هم أ نه منهم أو قائمون بدعوته زعما ل‬
‫مستند لم إل غرابة تلك المم و بعدهم عن يقي العرفة بأحوالا من كثية أو قلة أو ضعف‬
‫س فتقوى عندهسم الوهام فس‬ ‫أو قوة و لبعسد القاصسية عسن منال الدولة و خروجهسا عسن نطاقه ا‬
‫ظهوره هناك بروجه عن برقة الدولة و منال الحكام و القهر و ل مصول لديهم ف ذلك إل‬
‫هذا‪ .‬و قد يقصد ذلك الوضع كثي من ضعفاء العقول للتلبيس بدعوة يييه تامها وسواسا و‬
‫حقا و ق تل كث ي من هم‪ .‬ا خبن شيخنا م مد بن إبراه يم البلي قال خرج برباط ما سة لول‬
‫الائة الثامنة و عصر السلطان يوسف بن يعقوب رجل من منتحلي التصوف يعرف بالتويرزي‬
‫نسبة إل توزر مصغرا و ادعى أنه الفاطمي النتظر و اتبعه الكثي من أهل السوس من ضالةً و‬
‫كزولة و عظم أمره و خافه رؤساء الصامدة على أمرهم فدس عليه السكسوي من قتله بياتا و‬
‫انل أمره‪ .‬و كذلك ظهر ف غمارة ف آخر الائة السابعة و عشر التسعي منها رجل يعرف‬
‫بالعباس و ادعسى أنسه الفاطمسي و اتبعسه الدهاء مسن غمارة و دخسل مدينسة فاس عنوة و حرق‬
‫أسواقها و ارتل إل بلد الزمة فقتل با غيلة و ل يتم أمره‪ .‬و كثي من هذا النمط‪ .‬و أخبن‬
‫شيخ نا الذكور بغري بة ف م ثل هذا و هو أ نه صحب ف ح جة ف رباط العباد و هو مد فن‬
‫الشيخ أب مدين ف جبل تلمسان الطل عليها رجلً من أهل البيت من سكان كربلء كان‬
‫متبوعا معظما كثي التلميذ و الادم‪ .‬قال و كان الرجال من موطنه يتلقونه بالنفقات ف أكثر‬
‫البلدان‪ .‬قال و تأكدت الصحبة بيننا ف ذلك الطريق فانكشف ل أمرهم و أنم إنا جاءوا من‬
‫موطن هم ب كر بلء لطلب هذا ال مر و انتحال دعوة الفاط مي بالغرب‪ .‬فل ما عا ين دولة ب ن‬
‫مرين و يوسف بن يعقوب يومئذ منازل تلمسان قال لصحابه ارجعوا فقد أزرى بنا الغلط و‬
‫ليس هذا الوقت وقتنا‪ .‬و يدل هذا القول من هذا الرجل على أنه مستبصر ف أن المر ل يتم‬
‫إل بالع صبية الكافئة ل هل الو قت فل ما علم أ نه غر يب ف ذلك الو طن و ل شو كة له و أن‬
‫ع صبية ب ن مر ين لذلك الع هد ل يقاوم ها أ حد من أ هل الغرب ا ستكان و ر جع إل ال ق و‬
‫أق صر عن مطام عه‪ .‬و ب قي عل يه أن ي ستيقن أن ع صبية الفوا طم و قر يش أج ع قد ذه بت ل‬
‫سيما ف الغرب إل أن التعصب لشأنه ل يتركه لذا القول و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪ .‬و قد‬
‫كانت بالغرب لذه العصور القريبة نزعة من الدعاة إل الق و القيام بالسنة ل ينتحلون فيها‬
‫دعوة فاطمي و ل غيه و إنا ينع منهم ف بعض الحيان الواحد فالواحد إل إقامة السنة و‬
‫تغيي الن كر و يعتن بذلك و يك ثر تابعه و أك ثر ما يعنون بإصلح ال سابلة ل ا أن أكثر فساد‬
‫العراب فيها لا قدمناه من طبيعة معاشهم فيأخذون ف تغيي النكر با استطاعوا إل أن الصبغة‬
‫الدينية فيهم ل تستحكم لا أن توبة العرب و رجوعهم إل الدين إنا يقصدون با القصار عن‬
‫الغارة و الن هب ل يعقلون ف توبت هم و إقبال م إل منا حي الديا نة غ ي ذلك لن ا الع صية ال ت‬
‫كانوا عليها قبل القربة و منها توبتهم‪ .‬فتجد ذلك النتحل للدعوة و القائم بزعمه بالسنة غي‬
‫متعمقي ف فروع القتداء و التباع إنا دينهم العراض عن النهب و البغي و إفساد السابلة ث‬
‫القبال على طلب الدنيا و العاش بأقصى جهدهم‪ .‬و شتان بي طلب هذا الجر من إصلح‬
‫اللق و من طلب الدن يا فاتفاقه ما مت نع ل ت ستحكم له صبغة ف الد ين و ل يك مل له نزوع‬
‫عن الباطل على الملة و ل يكثرون‪ .‬و يتلف حال صاحب الدعوة معهم ف استحكام دينه‬
‫و ول ي ته ف نف سه دون تاب عه فإذا هلك ان ل أمر هم و تل شت ع صبتهم و قد و قع ذلك‬
‫بأفريقية لرجل من كعب من سليم يسمى قاسم بن مرة بن أحد ف الائة السابعة ث من بعده‬
‫لرجل آخر من بادية رياح من بطون منهم يعرفون بسلم و كان يسمى سعادة و كان أشد‬
‫دينا من الول و أقوم طريقة ف نفسه و مع ذلك فلم يستتب أمر تابعه كما ذكرناه حسبما‬
‫يأت ف ذكر ذلك ف موضعه عند ذكر قبائل سليم و رياح و بعد ذلك ظهر ناس بذه الدعوة‬
‫يتشبهون بثل ذلك و يلبسون فيها و ينتحلون اسم السنة و ليسوا عليها إل القل فل يتيم لم‬
‫و ل لن بعدهم شيء من أمرهم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫الف صل الرا بع و الم سون ف ابتداء الدول و ال مم و ف الكلم على الل حم و الك شف‬
‫عن مسمى الفر‬
‫إعلم أن من خواص النفوس البشرية التشوق إل عواقب أمورهم و علم ما يدث لم من حياة‬
‫و موت و خي و شر سيما الوادث العامة كمعرفة ما بقي من الدنيا و معرفة مدد الدول أو‬
‫تفاوتاس و التطلع إل هذا طبيعسة مبولون عليهسا و لذلك تدس الكثيس مسن الناس يتشوقون إل‬
‫الوقوف على ذلك ف النام و الخبار من الكهان لن قصدهم ب ثل ذلك من اللوك و السوقة‬
‫معرو فة و ل قد ن د ف الدن صنفا من الناس ينتحلون العاش من ذلك لعلم هم برص الناس‬
‫عليه فينتصبون لم ف الطرقات و الدكاك ي يتعرضون لن يسألم عنه فتغدو عليهم و تروح‬
‫نسوان الدينة و صبيانا و كثي من ضعفاء العقول يستكشفون عواقب أمرهم ف الكسب و‬
‫الاه و العاش و العاشرة و العداوة و أمثال ذلك ما ب ي خط ف الر مل و ي سمونه الن جم و‬
‫طرف بالصى و البوب و يسمونه الاسب و نظر ف الرايا و الياه و يسمونه ضارب الندل‬
‫و هو من النكرات الفاشية ف المصار لا تقرر ف الشريعة من ذم ذلك و إن البشر مجوبون‬
‫عن الغيب إل من أطلعه ال عليه من عنده ف نوم أو ولية‪ .‬و أكثر ما يعتن بذلك و يتطلع‬
‫إليه المراء و اللوك ف آماد دولتهم و لذلك انصرفت العناية من أهل العلم إليه و كل أمة من‬
‫ال مم يو جد ل م كلم من كا هن أو من جم أو ول ف م ثل ذلك من ملك يرتقبو نه أو دولة‬
‫يدثون أنفسهم با و ما يدث لم من الرب و اللحم و مدة بقاء الدولة و عدد اللوك فيها‬
‫و التعرض لسائهم و يسمى مثل ذلك الدثان و كان ف العرب الكهان و العرافون يرجعون‬
‫إليهم ف ذلك و قد أخبوا با سيكون للعرب من اللك و الدولة كما وقع لشق و سطيح ف‬
‫تأويل رؤيا ربيعة بن نصر من ملوك اليمن أخبهم بلك البشة بلدهم ث رجوعها إليهم ث‬
‫ظهر اللك و الدولة للعرب من بعد ذلك و كذا تأويل سطيح لرؤيا الوبذان حيث بعث إليه‬
‫ك سرى ب ا مع ع ند ال سيح و أ خبهم بظهور دولة العرب‪ .‬و كذا كان ف ج يل الببر كهان‬
‫من أشهرهم موسى بن صال من بن يفرن و يقال من غمرة له كلمات حدثانية على طريقة‬
‫الشر برطانتهم و فيها حدثان كثي و معظمة فيما يكون‪ .‬لزناتة من اللك و الدولة بالغرب و‬
‫هي متداولة ب ي أ هل ال يل و هم يزعمون تارة أ نه ول و تارة أ نه كا هن و قد يز عم ب عض‬
‫مزاعمهم أنه كان نبيا لن تاريه عندهم قبل الجرة بكثي و ال أعلم‪ .‬و قد يستند اليل إل‬
‫خب النبياء أن كان لعهدهم كما وقع لبن إسرائيل فإن أنبياءهم التعاقبي فيهم كانوا يبونم‬
‫بثله عندما يعنونم ف السؤال عنه‪ .‬و أما ف الدولة السلمية فوقع منه كثي فيما يرجع إل‬
‫بقاء الدنيسا و مدتاس على العموم و فيمسا يرجسع إل الدولة و أعمارهسا على الصسوص و كان‬
‫العتمد ف ذلك ف صدر السلم لثار منقولة عن الصحابة و خصوصا مسلمة بن إسرائيل‬
‫مثل كعب الخبار و وهب بن منبه و أمثالما و ربا اقتبسوا بعض ذلك من ظواهر مأثورة و‬
‫تأويلت متملة‪ .‬و وقع لعفر و أمثاله من أهل البيت كثي من ذلك مستندهم فيه و ال أعلم‬
‫الكشف با كانوا عليه من الولية و إذا كان مثله ل ينكر من غيهم من الولياء ف ذويهم و‬
‫أعقابم و قد قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬إن فيكم مدثي فهم أول الناس بذه الرتب الشريفة‬
‫و الكرامات الوهوبة‪ .‬و أما بعد صدر اللة و حي علق الناس على العلوم و الصطلحات و‬
‫ترجت كتب الكماء إل اللسان العرب‪ .‬فأكثر معتمدهم ف ذلك كلم النجمي ف اللك و‬
‫الدول و سائر المور العا مة من القرانات و ف الوال يد و ال سائل و سائر المور الا صة من‬
‫الطوالع لا و هي شكل الفلك عند حدوثها فلنذكر الن ما وقع لهل الثر ف ذلك ث يرجع‬
‫إل كلم النجم ي‪ .‬أ ما أ هل ال ثر فل هم ف مدة اللل و بقاء الدن يا على ما و قع ف كتاب‬
‫السهيلي فإنه نقل عن الطبي ما يقتضي أن مدة بقاء الدنيا منذ اللة خسمائة سنة و نقص‬
‫ذلك بظهور كذبه و مستند الطبي ف ذلك أنه نقل عن ابن عباس أن الدنيا جعة من جع‬
‫الخرة و ل يذكر لذلك دليلً‪ .‬و سره و ال أعلم تقدير الدنيا بأيام خلق السماوات و الرض‬
‫و هي سبعة ث اليوم بألف سنة لقوله‪ :‬وإن يوما عند ربك كألف سنة ما تعدون و قد ثبت ف‬
‫ال صحيحي‪ :‬أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال‪ :‬أجل هم ف أ جل من كان قبل هم من‬
‫صسلة العصسر إل غروب الشمسس و قال‪ :‬بعثست أنسا و السساعة كهاتيس و أشار بالسسبابة و‬
‫الوسطى و قدر ما بي صلة العصر و غروب الشمس و حي صيورة ظل كل شيء مثليه‬
‫يكون على التقريسب نصسف سسبع‪ ،‬و كذلك وصسل الوسسطى على السسبابة فتكون هذه الدة‬
‫نصف سبع المعة كلها و هو خسمائة سنة و يؤيده قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لن يعجز ال‬
‫أن يؤخر هذه المة نصف يوم فدل ذلك على أن مدة الدنيا قبل اللة خسة آلف و خسمائة‬
‫سنة و عن وهب بن منبه أنا خسة آلف و ستمائة سنة أعن الاضي و عن كعب أن مدة‬
‫الدنيا كلها ستة آلف سنة قال السهيلي‪ :‬و ليس ف الديثي ما يشهد لشيء ما ذكره مع‬
‫وقوع الوجود بلفه فأما قوله‪ :‬لن يعجز ال أن يؤخر هذه المة نصف يوم فل يقتضي نفي‬
‫أن الزيادة على النصف و أما قوله‪ :‬بعثت أنا و الساعة كهاتي فإنا فيه الشارة إل القرب و‬
‫أنه ليس بينه و بي الساعة نب غيه و ل شرع غي شرعه ث رجع السهيلي إل تعيي أمد اللة‬
‫من مدرك آخر لو ساعده التحقيق و هو أنه جع الروف القطعة ف أوائل السور بعد حذف‬
‫الكرر قال و هي أربعة عشر حرفا يمعها قولك ( أل يسطع نص حق كره ) فأخذ عددها‬
‫بساب المل فكان سبعمائة و ثلثة أضافه إل النقضي من اللف الخر قبل بعثته فهذه هي‬
‫مدة اللة قال و ل يب عد ذلك أن يكون من مقتضيات هذه الروف و فوائد ها قلت‪ :‬و كو نه‬
‫ل يبعد ل يقتضي ظهوره و ل التعويل عليه‪ .‬و الذي حل السهيلي على ذلك إنا هو ما وقع‬
‫ف كتاب السي لبن إسحاق ف حديث ابن أخطب من أخبار اليهود و ها أبو ياسر و أخوه‬
‫حي ح ي سعا من الحرف القط عة ( أل ) و تأول ها على بيان الدة بذا ال ساب فبل غت‬
‫إحدى و سبعي فاستقل الدة و جاء حي إل النب صلى ال عليه و سلم يسأله‪ :‬هل مع هذا‬
‫غيه ؟ فقال ( الص ) ث استزاد ( الرث ) ث استزاد ( الر ) فكانت إحدى و سبعي و مائتي‬
‫فا ستطال الدة و قال‪ :‬قد ل بس علي نا أمرك يا م مد ح ت ل ندري أقليلً أعط يت أم كثيا ث‬
‫ذهبوا عنه و قال لم أبو ياسر ما يدريكم لعله أعطى عددها كلها تسعمائة و أربع سني قال‬
‫ابن إسحاق فنل قولة تعال‪ :‬منه آيات مكمات هن أم الكتاب و أخر متشابات‪ 1 .‬هس‪ .‬و‬
‫ل يقوم من الق صة دل يل على تقد ير اللة بذا العدد لن دللة هذه الروف على تلك العداد‬
‫ليست طبيعية و ل عقلية و إنا هي بالتواضع و الصطلح الذي يسمونه حساب المل نعم‬
‫إنه قدي مشهور و قدم الصطلح ل يصي حجة و ليس أبو ياسر و أخوة حي من يؤخذ رأيه‬
‫ف ذلك دليلً و ل من علماء اليهود لنم كانوا بادية بالجاز غفلً عن الصنائع و العلوم حت‬
‫عن علم شريعتهم وفقه كتابم و ملتهم و إنا يتلقفون مثل هذا الساب كما تتلقفه العوام ف‬
‫كل ملة فل ين هض لل سهيلي دل يل على ما ادعاه من ذلك‪ .‬و و قع ف اللة ف حدثان دولت ها‬
‫على الصوص مسند من ال ثر إجال ف حديث خرجه أبو داود عن حذيفة بن اليمان من‬
‫طريق شيخه ممد بن يي الذهب عن سعيد بن أب مري عن عبد ال بن فروخ عن أسامة بن‬
‫زيد الليثي عن أب قبيصة بن ذؤيب عن أبيه قال قال حذيفة بن اليمان‪ :‬و ال ما أدري أنسي‬
‫أصحاب أم تناسوه و ال ما ترك رسول ال صلى ال عليه و سلم من قائد فئة إل أن تنقضي‬
‫الدنيا ل يبلغ من معه ثلثمائة فصاعدا إل قد ساه لنا باسه و اسم أبيه و قبيلته و سكت عليه‬
‫أبو داود و قد تقدم أنه قال ف رسالته ما سكته عليه ف كتابه فهو صال و هذا الديث إذا‬
‫كان صسحيحا فهسو ممسل و يفتقسر فس بيان إجاله و تعييس مبهماتسه إل آثار أخرى يود‬
‫أ سانيدها‪ .‬و قد و قع إ سناد هذا الد يث ف غ ي كتاب ال سنن على غ ي هذا الو جه فو قع ف‬
‫الصحيحي من حديث حذيفة أيضا قال‪ :‬قام رسول ال صلى ال عليه و سلم فينا خطيبا فما‬
‫ترك شيئا يكون ف مقا مه ذاك إل قيام ال ساعة إل حدث ع نه حف ظه من حف ظه و ن سيه من‬
‫ن سيه قد عل مه أ صحابه هؤلء و ل فظ البخاري‪ :‬ما ترك شيئا إل قيام ال ساعة إل ذكره و ف‬
‫كتاب الترمذي من حديث أب سعيد الدري قال صلى بنا رسول ال صلى ال عليه و سلم‬
‫يوما صلة العصر بنهار ث قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إل قيام الساعة إل أخبنا به حفظه‬
‫من حفظه و نسيه من نسيه و هذه الحاديث كلها ممولة على ما ثبت ف الصحيحي من‬
‫أحاديث الفت و الشتراط ل غي لنه العهود من الشارع صلوات ال و سلمه عليه ف أمثال‬
‫هذه العمومات و هذه الزيادة الت تفرد با أبو داود ف هذه الطريق شاذة منكرة مع أن الئمة‬
‫اختلفوا ف رجاله فقال ابن أب مري ف ابن فروخ أحاديثه مناكي‪ .‬و قال البخاري يعرف منه‬
‫و ينكر و قال ابن عدي أحاديثه غي مفوظة و أسامة بن زيد و أن خرج له ف الصحيحي و‬
‫وثقه ابن معي فإنا خرج له البخاري استشهادا و ضعفه يي بن سعيد و أحد بن حنبل و‬
‫قال ابن حات يكتب حديثه و ل يتج به‪ .‬و أبو قبيضة ابن ذؤيب مهول‪ .‬فتضعف هذه الزيادة‬
‫الت وقعت لب داود ف هذا الديث من هذه الهات مع شذوذها كما مر‪ .‬و قد يستندون‬
‫ف حدثان الدول على ال صوص إل كتاب ال فر و يزعمون أن ف يه علم ذلك كله من طر يق‬
‫الثار و النجوم ل يزيدون على ذلك و ل يعرفون أصسل ذلك و ل مسستنده و اعلم أن كتاب‬
‫ال فر كان أ صله أن هازون بن سعيد العجلي و هو رأس الزيد ية كان له كتاب يرو يه عن‬
‫جع فر ال صادق و ف يه علم ما سيقع ل هل الب يت على العموم و لب عض الشخاص من هم على‬
‫ال صوص و قع ذلك لع فر و نظائره من رجالت م على طر يق الكرا مة و الك شف الذي ي قع‬
‫لثل هم من الولياء و كان مكتوبا ع ند جع فر ف ج ند ثور صغي فرواه ع نه هارون العجلي و‬
‫كتبه و ساه الفر باسم اللد الذي كتب فيه لن الفر ف اللغة هو الصغي و صار هذا السم‬
‫علما على هذا الكتاب عندهم و كان فيه تفسي القرآن و ما ف باطنه من غرائب العان مروية‬
‫عن جعفر الصادق‪ .‬و هذا الكتاب ل تتصل روايته و ل عرف عينه و إنا يظهر منه شواذ من‬
‫الكلمات ل يصحبها دليل و لو صح السند إل جعفر الصادق لكان فيه نعم الستند من نفسه‬
‫أو من رجال قومه فهم أهل الكرامات و قد صح عنه أنه كان يذر بعض قرابته بوقائع تكون‬
‫ل م فت صح ك ما يقول و قد حذر ي ي ا بن ع مه ز يد من م صرعه و ع صاه فخرج و ق تل‬
‫بالوزجان كما هو معروف‪ .‬و إذا كانت الكرامة تقع لغيهم فما ظنك بم علما و دينا و‬
‫آثارا من النؤة و عناية من ال بالصل الكري تشهد لفروعه الطيبة و قد ينقل بي أهل البيت‬
‫كث ي من هذا الكلم غ ي من سوب إل أ حد و ف أخبار دولة ال عبيديي كث ي م نه و ان ظر ما‬
‫حكاه ا بن الرق يق ف لقاء أ ب ع بد ال الشي عي لعب يد ال الهدي مع اب نه م مد ال بيب و ما‬
‫حدثاه بسه و كيسف بعثاه إل ابسن حوشسب داعيتهسم باليمسن فأمره بالروج إل الغرب و بسث‬
‫الدعوة ف يه على عل مه لق نه أن دعو ته ت تم هناك و أن عب يد ال ل ا ب ن الهد ية ب عد ا ستفحال‬
‫دولت هم بأفريق ية قال‪ ( :‬بنيت ها ليعت صم ب ا الفوا طم ساعة من نار ) و أرا هم مو قف صاحب‬
‫المار أب يزيد بالدية و كان يسأل عن منتهى موقفه حت جاءه الب ببلوغه إل الكان الذي‬
‫عينه جده أبو عبيد ال فأيقن بالظفر و برز من البلد فهزمه و اتبعه إل ناحية الزاب فظفر به و‬
‫قتله و مثل هذه الخبار كثية‪.‬‬
‫و أ ما النجمون في ستندون ف حدثان الدول إل الحكام النجوم ية أ ما ف المور العا مة م ثل‬
‫اللك و الدول ف من القرانات و خ صوصا ب ي العلوي ي و ذلك أن العلوي ي ز حل و الشتري‬
‫يقترنان ف كل عشرين سنة مرة ث يعود القرآن إل برج آخر ف تلك الثلثة من التثليث الين‬
‫ث بعده إل آخر كذلك إل أن يتكرر ف الثلثة الواحدة اثنت عشرة مرة تستوي بروجه الثلثة‬
‫ف ستي سنة ث يعود فيستوي با ف ستي سنة ث يعود ثالثة ث رابعة فيستوي ف الثلثة باثنت‬
‫عشرة مرة و أر بع عودات ف مائت ي و أربع ي سنة و يكون انتقاله ف كل برج على التثل يث‬
‫الي ن و ينت قل من الثل ثة إل الثل ثة ال ت تلي ها أع ن البج الذي يلي البج الخ ي من القرآن‬
‫الذي قبلة ف الثل ثة و هذا القرآن الذي هو قران العلوي ي ينق سم إل كبي و صغي و و سط‬
‫فال كبي هو اجتماع العلوي ي ف در جة واحدة من الفلك إل أن يعود إلي ها ب عد ت سعمائة و‬
‫ستي سنة مرة واحدة و الوسط هو اقتران العلويي ف كل مثلثة اثنت عشرة مرة و بعد مائتي‬
‫و أربعي سنة ينتقل إل مثلثة أخرى و الصغي هو اقتران العلويي ف درجة برج و بعد عشرين‬
‫سنة يقترنان ف برج آ خر على تثلي ثه الي ن ف م ثل در جه أو دقائ قه مثال ذلك و قع القرآن‬
‫يكون أول دقيقة من المل و بعد عشرين يكون ف أول دقيقة من السد و هذه كلها نارية و‬
‫هذا كله قران صغي ث يعود إل أول المل بعد ستي سنة و يسمى دور القران و عود القران‬
‫و بعد مائتي و أربعي ينتقل من النارية إل الترابية لنا بعدها و هذا قران وسط ث ينتقل إل‬
‫الوائية ث الائية ث يرجع إل أول المل ف تسعمائة و ستي سنة و هو الكبي و القران الكبي‬
‫يدل على عظام المور مثل تغيي اللك و الدولة و انتقال اللك من قوم إل قوم و الوسط على‬
‫ظهور التغلبيس و الطالبيس للملك و الصسغي على ظهور الوارج والدعاة و خراب الدن أو‬
‫عمرانا و يقع ف أثناء هذه القرانات قران النحسي ف برج السرطان ف كل ثلثي سنة مرة و‬
‫ي سمى الرا بع و برج ال سرطان هو طالع العال و ف يه و بال ز حل و هبوط الريخ فتع ظم دللة‬
‫هذا القران ف الفت و الروب و سفك الدماء و ظهور الوارج و حركة العساكر و عصيان‬
‫الند و الوباء و القحط و يدوم ذلك أو ينتهي على قدر السعادة و النحوسة ف وقت قرانما‬
‫على قدر تيسي الدليل فيه‪ .‬قال جراس بن أحد الاسب ف الكتاب الذي ألفه لنظام اللك و‬
‫رجوع الر يخ إل العرب له أ ثر عظ يم ف اللة ال سلمية ل نه كان دليل ها فالولد النبوي كان‬
‫عند قران العلويي ببج العقرب فلما رجع هنالك حدث التشويش على اللفاء و كثر الرض‬
‫ف أهل العلم و الدين و نقصت أحوالم و ربا اندم بعض بيوت العبادة و قد يقال أنه كان‬
‫عند قتل علي رضي ال عنه و مروان من بن أمية و التوكل من بن العباس فإذا روعيت هذه‬
‫الحكام مع أحكام القرانات كانت ف غاية الحكام و ذكر شاذان البلخي‪ :‬أن اللة تنتهي إل‬
‫ثلثائة و عشرين‪ .‬و قد ظهر كذب هذا القول‪ .‬و قال أبو معشر‪ :‬يظهر بعد الائة و المسي‬
‫من ها اختلف كث ي و ل ي صح ذلك‪ .‬و قال خرا شى‪ :‬رأ يت ف ك تب القدماء أن النجم ي‬
‫أخبوا كسرى عن ملك العرب و ظهور النبؤة فيهم‪ .‬و أن دليلهم الزهرة و كانت ف شرفها‬
‫فيب قى اللك في هم أربع ي سنة و قال أ بو مع شر ف كتاب القرانات الق سمة إذا انت هت إل‬
‫السابعة و العشرين من الوت فيها شرف الزهرة و وقع القران مع ذلك ببج العقرب و هو‬
‫دليل الرب ظهرت حينئذ دولة العرب و كان منهم نب و يكون قوة ملكه و مدته على ما بقي‬
‫مسن درجات شرف الزهرة و هسي إحدى عشرة در جة بتقريسب مسن برج الوت و مدة ذلك‬
‫ستمائة و عشر سني و كان ظهور أب مسلم عند انتقال الزهرة و وقوع القسمة أول المل و‬
‫صاحب ال د الشتري‪ .‬و قال يعقوب بن إ سحاق الكندي أن مدة اللة تنت هي إل ستمائة و‬
‫ثلثا و تسعي سنة‪ .‬قال‪ :‬لن الزهرة كانت عند قران اللة ف ثان و عشرين درجة و ثلثي‬
‫دقيقسة مسن الوت فالباقسي إحدى عشرة در جة و ثان عشرة دقيقسة و دقائقهسا سستون فيكون‬
‫ستمائة و ثلثا و تسعي سنة‪ .‬قال‪ :‬و هذه مدة اللة باتفاق الكماء و يعضده الروف الواقعة‬
‫ف أول السور بذف الكرر و اعتبار بساب المل‪ .‬قلت و هذا هو الذي ذكره السهيلي و‬
‫الغالب أن الول هو م ستند ال سهيلي في ما نقلناه ع نه‪ .‬قال خراش‪ :‬سأل هر مز إفر يد الك يم‬
‫عن مدة أردش ي و ولده ملوك ال ساسانية فقال‪ :‬دل يل مل كه الشتري و كان ف شر فه فيع طى‬
‫أطول السني و أجودها أربعمائة و سبعا و عشرين سنة ث تزيد الزهرة و تكون ف شرفها و‬
‫هي دل يل العرب فيملكون لن طالع القران اليزان و صاحبه الزهرة و كا نت ع ند القران ف‬
‫شرف ها مدة ان م يلكون ألف سنة و ستي سنة‪ .‬و سأل ك سرى أنوشروان وزيره بزر ج هر‬
‫الك يم عن خروج اللك من فارس إل العرب فأ خبه أن القائم من هم يولد ل مس و أربع ي‬
‫من دولته و يلك الشرق و الغرب و الشتري يغوص إل الزهرة و ينتقل القران من الوائية إل‬
‫العقرب و هو مائي و هو دليل العرب فهذه الدلة تفضي للملة بدة دور الزهرة و هي ألف و‬
‫ستون سنة‪ .‬و سأل كسرى الوزير أليوس الكيم عن ذلك فقال مثل قول بزر جهر‪ .‬و قال‬
‫توفيل الرومي النجم ف أيام بن أمية‪ :‬أن ملة السلم تبقى مدة القران الكبي تسعمائة و ستي‬
‫سسنة فإذا عاد القران إل برج العقرب كمسا كان فس ابتداء اللة و تغيس وضسع الكواكسب عسن‬
‫هيئت ها ف قران اللة فحينئذ إ ما أن يف تر الع مل به أو يتجدد من الحكام ما يو جب خلف‬
‫ال فن‪ .‬قال خراش‪ :‬و اتفقوا على أن خراب العال يكون با ستيلء الاء و النار ح ت تلك سائر‬
‫الكونات و ذلك عند ما يق طع قلب ال سد أربعا و عشر ين در جة و هي حد الر يخ‪ ،‬و ذلك‬
‫بعد مضي تسعمائة و ستي سنة‪ .‬و ذكر خراش‪ :‬أن ملك زابلستان بعث إل الأمون بكيمه‬
‫ذوبان أت فه به ف هد ية و أ نه ت صرف للمأمون ف الختيارات بروب أخ يه و بع قد اللواء‬
‫لطا هر و أن الأمون أع ظم حكم ته ف سأله عن مدة ملك هم فأ خبه بانقطاع اللك من عق به و‬
‫اتصاله ف ولد أخيه و أن العجم يتغلبون على اللفة من الديلم ف دولة سنة خسي و يكون‬
‫ما يريده ال ث ي سوء حال م ث تظ هر الترك من شال الشرق فيملكون إل الشام و الفرات و‬
‫سسيحون و سسيملكون بلد الروم و يكون مسا يريده ال فقال له الأمون‪ :‬مسن أيسن لك هذا ؟‬
‫فقال‪ :‬من كتب الكماء و من أحكام صصة بن داهر الندي الذي وضع الشطرنج‪ .‬قلت و‬
‫الترك الذ ين أشار إل ظهور هم ب عد الديلم هم ال سلجوقية و قد انق ضت دولت هم أول القرن‬
‫السسابع‪ .‬قال خراش‪ :‬و انتقال القران إل الثلثسة الائيسة مسن برج الوت يكون سسنة ثلث و‬
‫ثلثي و ثانائة ليزدجرد و بعدها إل برج العقرب حيث كان قران الئة سنة ثلث و خسي‪.‬‬
‫قال‪ :‬و الذي ف الوت هو أول النتقال و الذي ف العقرب يستخرج منه دلئل اللة‪ .‬قال‪ :‬و‬
‫تويل السنة الول من القران الول ف الثلثات الائية ف ثان رجب سنة ثان و ستي و ثانائة‬
‫و ل ي ستوف الكلم على ذلك‪ .‬و أ ما م ستند النجم ي ف دولة على ال صوص ف من القران‬
‫الوسسط و هيئة الفلك عنسد وقوعسه لن له دللة عندهسم على حدوث الدولة و جهاتاس مسن‬
‫العمران و القائمي با من المم و عدد ملوكهم و أسائهم و أعمارهم و نلهم و أديانم و‬
‫عوائدهم و حروبم ك ما ذ كر أ بو مع شر ف كتا به ف القرانات و قد توجد هذه الدللة من‬
‫القران الصغر إذا كان الوسط دالً عليه فمن يوجد الكلم ف الدول و قد كان يعقوب بن‬
‫إسحاق الكندي منجم الرشيد و الأمون وضع ف القرانات الكائنة ف اللة كتابا ساه الشيعة‬
‫بالفر باسم كتابم النسوب إل جعفر الصادق و ذكر فيه فيما يقال حدثان‪ :‬دولة بن العباس‬
‫و أنا نايته و أشار إل انقراضها و الادثة على بغداد أنا تقع ف انتصاف الائة السابعة و أنه‬
‫بانقراضها يكون انقراض اللة و ل نقف على شيء من خب هذا الكتاب و ل رأينا من وقف‬
‫عليه و لعله غرق ف كتبهم الت طرحها هلكو ملك التتر ف دجلة عند استيلئهم على بغداد‬
‫و قتل الستعصم آخر اللفاء و قد وقع بالغرب جزء منسوب إل هذا الكتاب يسمونه الفر‬
‫الصغي و الظاهر أنه وضع لبن عبد الؤمن لذكر الولي من ملوك الوحدين فيه على التفصيل‬
‫و مطابقة من تقدم عن ذلك من حدثانه و كذب ما بعده و كان ف دولة بن العباس من بعد‬
‫الكندي منجمون و كتب ف الدثان و ان ظر ما نقله ال طبي ف أخبار الهدي عن أب بد يل‬
‫من أ صحاب صنائع الدولة قال ب عث إل الرب يع و ال سن ف غزات ما مع الرش يد أيام أب يه‬
‫فجئته ما جوف الل يل فإذا عنده ا كتاب من ك تب الدولة يع ن الدثان و إذا مدة الهدي ف يه‬
‫ع شر سيني فقلت‪ :‬هذا الكتاب ل ي فى على الهدي و قد م ضى من دول ته ما م ضى فإذا‬
‫وقف عليه كنتم قد نعيتم إليه نفسه‪ .‬قال فما اليلة فاستدعيت عنبسة الوراق مول آل بديل و‬
‫قلت له انسخ هذه الورقة و اكتب مكان عشر أربعي ففعل فو ال لول أن رأيت العشرة ف‬
‫تلك الورقة و الربعي ف هذه ما كنت أشك أنا هي ث كتب الناس من بعد ذلك ف حدثان‬
‫الدول منظوما و منثورا و رجزا مسا شاء ال أن يكتبوه و بأيدي الناس متفرقسة كثيس منهسا و‬
‫تسمى اللحم‪ .‬و بعضها ف حدثان اللة على العموم و بعضها ف دولة على الصوص و كلها‬
‫منسوبة إل مشاهي من أهل الليقة و ليس منها أصل يعتمد على روايته عن واضعه النسوب‬
‫إليه فمن هذه اللحم بالغرب قصيدة ابن مرانة من بر الطويل على روي الراء و هي متداولة‬
‫بي الناس و تسب العامة أنا من الدثان العام فيطلقون الكثي منها على الاضر و الستقبل و‬
‫الذي سعناه من شيوخنا أنا مصوصة بدولة لتونه لن الرجل كان قبيل دولتهم و ذكر فيها‬
‫استيلءهم على سبتة من يد موال بن حود و ملكهم لعدوة الندلس و من اللحم بيد أهل‬
‫الغرب أيضا قصيدة تسمى التبعية أولا‪:‬‬
‫طربت و ما ذاك من طرب و قد يطرب الطائر الغتصب‬
‫و ما ذاك من للهو أراه و لكن لتذكار بعض السبب‬
‫قريبا من خسمائة بيت أو ألف فيما يقال ذكر فيها كثيا من دولة الوحدين و أشار فيها إل‬
‫الفاطمي و غيه و الظاهر أنا مصنوعة و من اللحم بالغرب أيضا ملعبة من الشعر الزجلي‬
‫منسوبة لبعض اليهود ذكر فيها أحكام القرانات لعصره العلويي و النحسي و غيها و ذكر‬
‫ميتته قتيلً بفاس و كان كذلك فيما زعموه و أوله‪:‬‬
‫ف صبغ ذا الزرق لشرفه خيارا فافهموا يا قوم هذي الشارا‬
‫نم زحل اخب بذي العلما و بدل الشكل و هي سلما‬
‫شاشية زرقا بدل العماما و شاش أزرق بدل الغرارا‬
‫يقول ف آخره‬
‫قد ت ذا التجنيس لنسان يهودي يصلب ف بلدة فاس ف يوم عيد‬
‫حت ييه الناس من البوادي و قتله يا قوم على الفراد‬
‫و أبياته نو المسمائة و هي ف القرانات الت دلت على دولة الوحدين و من ملحم الغرب‬
‫أيضا ق صيدة من عروض التقارب على روي الباء ف حدثان دولة ب ن أ ب ح فص بتو نس من‬
‫الوحدين منسوبة لبن البار‪ .‬و قال ل قاضي قسنطينية الطيب الكبي أبو علي بن باديس و‬
‫كان بصسيا باس يقوله و له قدم فس التنجيسم فقال ل‪ :‬أن هذا ابسن البار ليسس هسو الافسظ‬
‫الندلسي الكاتب مقتول الستنصر و إنا هو رجل خياط من أهلي تونس تواطأت شهرته مع‬
‫شهرة الافظ و كان والدي رحه ال تعال ينشد هذه البيات من هذه اللحمة و بقي بعضها‬
‫ف حفظي مطلعها‪:‬‬
‫عذيري من زمن قلب يغز ببارقه الشنب‬
‫و منها‪.‬‬
‫و يبقى هناك على مرقب‬ ‫و يبعث من جيشه قائدا‬
‫فتأت إل الشيخ أخباره فيقبل كالمل الجرب‬
‫و يظهر من عدله سية و تلك سياسة مستجلب‬
‫و منها ف ذكر أحوال تونس على العموم‪.‬‬
‫فأما رأيت الرسوم امت و ل يرع حق لذي منصب‬
‫فخذ ف الترحل عن تونس وودع معالها و اذهب‬
‫تضيف البيء إل الذنب‬ ‫فسوف تكون با فتنة‬
‫و وقفت بالغرب على ملحمة أخرى ف دولة بن أب حفص هؤلء بتونس‬
‫فيها بعد السلطات أب يي الشهي عاشر ملوكهم ذكر ممد أخيه من بعده‬
‫يقول فيها‪:‬‬
‫و يعرف بالوثاب ف نسخة الصل‬ ‫و بعد أب عبد الله شقيقه‬
‫إل أن هذا الرجل ل يلكها بعد أخيه و كان ين بذلك نفسه إل أن هلك‬
‫و من اللحم ف الغرب أيضا اللعبة النسوبة إل الوثن على لغة العامة ف عروض البلد‪:‬‬
‫فترت المطار و ل تفتر‬ ‫دعن بدمعي التان‬
‫و ان تلى و تغدر‬ ‫و استقت كلها الويدان‬
‫فأول ما ميل ما تدري‬ ‫البلد كلما تروي‬
‫و العام و الربيع تري‬ ‫ما بي الصيف و الشتوي‬
‫دعن نبكي و من عذر‬ ‫قال حي صحت الدعوى‪:‬‬
‫ذا القرن اشتد و تري‬ ‫أنادي من ذي الزمان‬
‫و هي طويلة و مفوظة بي عامة الغرب القصى و الغالب عليها الوضع‬
‫لنه ل يصح منها قول إل على تأويل ترفه العامة أو الارف فيه من ينتحلها من الاصة و‬
‫وق فت بالشرق على ملح مة من سوبة ل ب العر ب الات ي ف كلم طو يل ش به اللغاز ل يعلم‬
‫تأويله إل ال لتحلله إل أوفاق عدديسسة و رموز ملغوزة و أشكال حيوانات تامسسه و رؤوس‬
‫مقطعة و تاثيل من حيوانات غريبة‪ .‬و ف آخرها قصيدة على روي اللم و الغالب أنا كلها‬
‫غ ي صحيحة لن ا ل تن شأ عن أ صل عل مي من نا مة و ل غي ها و سعت أيضا أن هناك‬
‫ملحم أخرى منسوبة لبن سيناء و ابن عقاب و ليس ف شيء معها دليل على الصحة لن‬
‫ذلك إناس يؤخسذ مسن القرانات و وقفست بالشرق أيضا على ملحمسة مسن حدثان دولة الترك‬
‫منسوبة إل رجل من الصوفية يسمى الباجر بقي و كلها إلغاز بالروف أولا‪.‬‬
‫من علم جفر و صي والد السن‬ ‫إن شئت تكسف سر الفر يا سائلي‬
‫و الوصف فافهم كفعل الاذق الفطن‬ ‫فافهم و كن و اعيا حرفا و جلته‬
‫لكنن أذكر الت من الزمن‬ ‫أما الذي قبل عصري لست أذكره‬
‫باء ميم بطيش نام ف الكنن‬ ‫يشهر بيبس يبقى بعد خستها‬
‫له القضاء قضى أي ذلك النن‬ ‫شي له أثر من تت سرته‬
‫و أذربيجان ف ملك إل اليمن‬ ‫فمصر و الشام مع أرض العراق له‬
‫و منها‪:‬‬
‫الفاتك الباتك العن بالسمن‬ ‫و آل بوران لا نال طاهرهم‬
‫ل لو فاق و نوت ذي قرن‬ ‫للع سي ضعيف السن سي أتى‬
‫يبقى باء و أين بعد ذو سن‬ ‫قوم شجاع له عقل و مشورة‬
‫و منها‪:‬‬
‫يلي الشورة ميم اللك ذو اللسن‬ ‫من بعد باء من العوام قتلته‬
‫و منها‪:‬‬
‫ف عصره فت ناهيك من فت‬ ‫هذا هو العرج الكلب فاعن به‬
‫عار عن القاف قاف جد بالفت‬ ‫يأت من الشرق ف جيش يقدمهم‬
‫أبدت بشجو على الهلي و الوطن‬ ‫بقتل دال و مثل الشام أجعها‬
‫ن الزلزال ما زال حاء غي مقتطن‬ ‫إذا أتى زلزلت يا ويح مصر مس‬
‫هلكا و ينفق أموالً بل ثن‬ ‫طاء و ظاء و عي كلهم حبسوا‬
‫هون به إن ذاك الصن ف سكن‬ ‫يسي القاف قافا عند جعهم‬
‫ل سلم اللف سي لذاك بن‬ ‫و ينصبون أخاه و هو صالهم‬
‫من السني يدان اللك ف الزمن‬ ‫تت وليتهم بالاء ل أحد‬
‫و يقال أنه أشار إل اللك الظاهر و قدوم أبيه عليه بصر‪:‬‬
‫و طول غيبته و الشطف و الزرن‬ ‫يأت إليه أبوه بعد هجرته‬
‫و أبياتا كثية و الغالب أنا موضوعة و مثل صنعتها كان ف القدي كثي و معروف للنتحال‪.‬‬
‫حكى الؤرخون لخبار بغداد أنه كان با أيام القتدر وراق ذكي يعرف بالدانال يبل الوراق‬
‫و يكتب فيها بط عتيق يرمز فيه بروف من أساء أهل الدولة و يشي با إل ما يعرف ميلهم‬
‫إليه من أحوال الرفعة و الاه كأنا ملحم و يصل على ما يريده منهم من الدنيا و أنه وضع‬
‫ف بعض دفاتره ميما مكررة ثلث مرات و جاء به إل مفلح مول القتدر‪ .‬فقال له هذا كناية‬
‫عنك و هو مفلح مول القتدر و ذكر عنه ما يرضاه و يناله من الدولة و نصب لذلك علمات‬
‫يوه با عليه فبدل له ما أغناه به ث وضعه للوزير ابن القاسم بن وهب على مفلح هذا و كان‬
‫معزولً فجاءه بأوراق مثل ها و ذ كر ا سم الوز ير ب ثل هذه الروف و بعلمات ذكر ها و أ نه‬
‫يلي الوزارة للثان عشر من اللفاء و تستقيم المور على يديه و يقهر العداء و يغي الدنيا ف‬
‫أيامه و أوقف مفلحا هذا على الوراق و ذكر فيها كوائن أخرى و ملحم من هذا النوع ما‬
‫وقع و ما ل يقع و نسب جيعه إل دانيال فأعجب به مفلح‪ .‬و وقف عليه القتدر و اهتدى‬
‫من تلك المور و العلمات إل ا بن و هب و كان ذلك سببا لوزار ته ب ثل هذه اليلة العري قة‬
‫ف الكذب و الهل بثل هذه اللغاز و الظاهر أن هذه اللحمة الت ينسبونا إل الباجربقي من‬
‫هذا النوع و ل قد سألت أك مل الد ين ا بن ش يخ النف ية من الع جم بالديار ال صرية عن هذه‬
‫اللحمسة و عسن هذا الرجسل الذي تنسسب إليسه مسن الصسوفية و هسو الباجربقسي و كان عارفا‬
‫بطرائقهم فقال كان من القلندرية البتد عة ف حلق اللحية و كان يتحدث عما يكون بطريق‬
‫الكشف و يومي إل رجال معيني عنده و يلغز عليهم بروف يعينها ف ضمنها لن يراه منهم‬
‫و ربا يظهر نظم ذلك ف أبيات قليلة كان يتعاهدها فتنوقلت عنه و ولع الناس با و جعلوها‬
‫ملح مة مرموزة و زاد في ها الرا صون من ذلك ال نس ف كل ع صر و ش غل العا مة ب فك‬
‫رموزها و هو أمر متنع إذ الرمز إنا يهدي إل كشفه قانون يعرف قبله و يوضع له و أما مثل‬
‫هذه الروف فدللتها على الراد منها مصوصة بذا النظم ل يتجاوزوه فرأيت من كلم هذا‬
‫الرجل الفاصل شفاء لا كان ف النفس من أمر هذه اللحمة و ما كنا لنهتدي لول أن هدانا‬
‫ال و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الباب الرابع من الكتاب الول ف البلدان و المصار و سائر العمران و ما يعرض ف ذلك‬
‫من الحوال و فيه سوابق و لواحق‬

‫الفصل الول ف أن الدول من الدن و المصار و أنا إنا توجد ثانية عن اللك‬
‫و بيانه أن البناء و اختطاط النازل إنا من منازع الضارة الت يدعو إليها الترف و الدعة كما‬
‫قدمناه و ذلك متأ خر عن البداوة و منازع ها و أيضا فالدن و الم صار ذات هيا كل و أجرام‬
‫عظيمة و بناء كبي و هي موضوعة للعموم ل للخصوص فتحتاج إل اجتماع اليدي و كثرة‬
‫التعاون و لي ست من المور الضرور ية للناس ال ت ت عم ب ا البلوى ح ت يكون نزوع هم إلي ها‬
‫اضطرارا بل ل بد من إكراههم على ذلك و سوقهم إليه مضطهدين بعصا اللك أو مرغبي ف‬
‫الثواب و الجر الذي ل يفي بكثرته إل اللك و الدولة‪ .‬فل بد ف تصي المصار و اختطاط‬
‫الدن من الدولة و اللك‪ .‬ث إذا بن يت الدي نة و ك مل تشييد ها ب سب ن ظر من شيد ها و ب ا‬
‫اقتض ته الحوال ال سماوية و الرض ية في ها فع مر الدولة حينئذ ع مر ل ا فإن كان ع مر الدولة‬
‫ق صيا و قف ال ل في ها ع ند انتهاء الدولة و ترا جع عمران ا و خر بت و إن كان أ مد الدولة‬
‫طويلً و مدت ا منف سحة فلتزال ال صانع في ها تشاد و النازل الرحي بة تك ثر و تتعدد و نطاق‬
‫السواق يتباعد و ينفسح إل أن تسمع الطة و تبعد السافة و ينفسح ذرع الساحة كما وقع‬
‫ببغداد و أمثالا‪ .‬ذكر الطيب ف تأريه أن المامات بلغ عددها ببغداد لعهد الأمون خسة و‬
‫ستي ألف حام و كانت مشتملة على مدن و أمصار متلصقة و متقاربة تاوز الربعي و ل‬
‫تكن مدينة وحدها يمعها سور واحد لفراط العمران و كذا حال القيوان و قرطبة و الهدية‬
‫ف اللة ال سلمية و حال م صر القاهرة بعدها فيما بلغنا لذا العهد و أما بعد انقراض الدولة‬
‫الشيدة للمدي نة فإ ما أن يكون لضوا حي تلك الدي نة و ما قارب ا من البال و الب سائط باد ية‬
‫يدها العمران دائما فيكون ذلك حافظا لوجودها و يستمر عمرها بعد الدولة كما تراه بفاس‬
‫و باية من الغرب و بعراق العجم من الشرق الوجود لا العمران من البال لن أهل البداوة‬
‫إذا انتهت أحوالم إل غاياتا من الرفه و الكسب تدعو إل الدعة و السكون الذي ف طبيعة‬
‫البشر فينلون الدن و المصار و يتأهلون و أما إذا ل يكن لتلك الدينة الؤسسة مادة تفيدها‬
‫العمران بترادف السساكن مسن بدرهسا فيكون انقراض الدولة خرقا لسسياجها فيزول حفظهسا و‬
‫يتناقص عمرانا شيئا فشيئا إل أن يبذعر ساكنها و ترب كما و قع بصر و بغداد و الكوفة‬
‫بالشرق و القيوان و الهدية و قلعة بن حاد بالغرب و أمثالا فتفهمه و ربا ينل الدينة بعد‬
‫انقراض متطيهسا الوليس ملك آخسر و دولة ثانيسة يتخذهسا قرارا و كرسسيا يسستغن باس عسن‬
‫اختطاط مدي نة ينل ا فتح فظ تلك الدولة سياجها و تتزا يد مباني ها و م صانعها بتزا يد أحوال‬
‫الدولة الثانية و ترفها و تستجد بعمرانا عمرا آخر كما وقع بفاس و القاهرة لذا العهد و ال‬
‫سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أن اللك يدعو إل نزول المصار‬


‫و ذلك أن القبائل و الع صائب إذا ح صل ل م اللك اضطروا لل ستيلء على الم صار لمر ين‬
‫أحدها ما يدعو إليه اللك من الدعة و الراحة و حط الثقال و استكمال ما كان ناقصا من‬
‫أمور العمران ف البدو و الثا ن د فع ما يتو قع على اللك من أ مر النازع ي و الشا غبي لن‬
‫الصر الذي يكون ف نواحيهم ربا يكون ملجأ لن يروم منازعتهم و الروج عليهم و انتزاع‬
‫ذلك اللك الذي سوا إليه من أيديهم فيعتصم بذلك الصر و يغالبهم و مغالبة الصر على ناية‬
‫من الصعوبة و الشقة و الصر يقوم مقام العساكر التعددة لا فيه من المتناع و نكاية الرب‬
‫من وراء الدران من غي حاجة إل كثي عدد و ل عظيم شوكة لن الشوكة و العصابة إنا‬
‫احت يج إليه ما ف الرب للثبات ل ا ي قع من ب عد كرة القوم بعض هم على ب عض ع ند الولة و‬
‫ثبات هؤلء بالدران فل يضطرون إل كبي عصابة و ل عدد فيكون حال هذا الصن و من‬
‫يعتصم به من النازعي ما يفت عضد المة الت تروم الستيلء و يضد شوكة استيلئها فإذا‬
‫كا نت ب ي أجناب م أمصار انتظمو ها ف ا ستيلئهم لل من من م ثل هذا النرام و إن ل ي كن‬
‫هناك مصر استحدثوه ضرورة لتكميل عمرانم أولً و حط أثقالم و ليكون شجا ف حلق من‬
‫يروم العزة و المتناع عليهم من طوائفهم و عصائبهم فتعي أن اللك يدعو إل نزول المصار‬
‫و الستيلء عليها و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن الدن العظيمة و الياكل الرتفعة إنا يشيدها اللك الكثي‬
‫قد قدم نا ذلك ف آثار الدولة من البا ن و غي ها و أن ا تكون على ن سبتها و ذلك أن تشي يد‬
‫الدن إنا يصل باجتماع الفعلة و كثرتم و تعاونم فإذا كانت الدولة عظيمة متسعة المالك‬
‫حشر الفعلة من أقطارها و جعت أيديهم على عملها و ربا استعي ف ذلك ف أكثر المر‬
‫بالندام الذي يضا عف القوي و القدر ف ح ل أثقال البناء لع جز القوة البشر ية و ضعف ها عن‬
‫ذلك كالخال و غيه و رباس يتوهسم كثيس مسن الناس إذا نظسر إل آثار القدميس و مصسانعهم‬
‫العظيمة مثل إيوان كسرى و أهرام مصر و حنايا العلقة و شرشال بالغرب إنا كانت بقدرهم‬
‫متفرقي أو متمعي فيتخيل لم أجساما تناسب ذلك أعظم من هذه بكثي ف طولا و قدرها‬
‫لتناسب بينها و بي القدر الت صدرت تلك البان عنها و يغفل عن شأن الندام و الخال و ما‬
‫اقتضته ف ذلك الصناعة الندسية و كثي من التغلبي ف البلد يعاين ف شأن البناء و استعمال‬
‫اليل ف نقل الجرام عند أهل الدولة العتني بذلك من العجم ما يشهد له با قلناه عيانا و‬
‫أكثر آثار القدمي لذا العهد تسميها العامة عاديةً نسبةً إل قوم عاد لتوههم أن مبان عاد و‬
‫م صانعهم إن ا عظ مت لع ظم أج سامهم و تضا عف قدر هم‪ .‬و ل يس كذلك‪ ،‬ف قد ن د آثارا‬
‫كثية من آثار الذين تعرف مقاد ير أجسامهم من المم و هي ف مثل ذلك الع ظم أو أعظم‬
‫كإيوان ك سرى و مبان ال عبيديي من الشي عة بأفريقية و ال صنهاجيي وأثر هم باد إل اليوم ف‬
‫صومعة قلعة بن حاد و كذلك بناء الغالبة ف جامع القيوان و بناء الوحدين ف رباط الفتح‬
‫و رباط السلطان أب سعيد لعهد أربعي سنة ف النصورة بإزاء تلمسان و كذلك النايا الت‬
‫جلب إليها أهل قرطاجنة الاء ف القناة الراكبة عليها ماثلة لذا العهد و غي ذلك من البان و‬
‫اليا كل ال ت نقلت إلي نا أخبار أهل ها قريبا و بعيدا و تيقنا أن م ل يكونوا بإفراط ف مقاديسر‬
‫أجسامهم و إنا هذا رأي ولع به القصاص عن قوم عاد و ثود و العمالقة‪ .‬و ند بيوت ثود‬
‫ف ال جر منحو تة إل هذا الع هد و قد ث بت ف الد يث ال صحيح أن ا بيوت م ي ر ب ا الر كب‬
‫الجازي ف أكثر السني و يشاهدونا ل تزيد ف جوها و مساحتها و سكها على التعاهد و‬
‫إنم ليبالغون فيما يعتقدون من ذلك حت أنم ليزعمون أن عوج بن عناق من جيل العمالقة‬
‫كان يتناول السمك من البحر طريئا فيشويه ف الشمس يزعمون بذلك أن الشمس حارة فيما‬
‫قرب منها و ل يعلمون أن الر فيما لدينا هو الضوء لنعكاس الشعاع بقابلة سطح الرض و‬
‫الواء و أما الشمس ف نفسها فغي حارة و ل باردة و إنا هي كوكب مضيء ل مزاج له و‬
‫قد تقدم شيء من هذا ف الفصل الثان حيث ذكر نا أن آثار الدولة على نسبة كل قوتا ف‬
‫أصلها‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يكم ما يريد‪.‬‬
‫الفصل الرابع ف أن الياكل العظيمة جدا ل تستقل ببنائها الدولة الواحدة‬
‫و السبب ف ذلك ما ذكرناه من حاجة البناء إل التعاون و مضاعفة القدر البشرية و قد تكون‬
‫البان ف عظمها أكثر من القدر مفردة أو مضاعفة بالندام كما قلناه فيحتاج إل معاودة قدر‬
‫أخرى مثلها ف أزمنة متعاقبة إل أن تتم‪.‬‬
‫فيبتدئ الول منهم بالبناء‪ ،‬و يعقبه الثان و الثالث‪ ،‬و كل واحد منهم قد استكمل شأنه ف‬
‫حشر الفعلة و جع اليدي حت يتم القصد من ذلك و يكمل و يكون ماثلً للعيان يظنه من‬
‫يراه من الخرين أنه بناء دولة واحدة‪ .‬و انظر ف ذلك ما نقله الؤرخون ف بناء سد مأرب و‬
‫أن الذي بناه سبأ بن يش خب و ساق إل يه سبعي واديا و عا قه الوت عن إتا مه فأت ه ملوك‬
‫حي من بعده و مثل هذا ما نقل ف بناء قرطاجنة و قناتا الراكبة على النايا العادية و أكثر‬
‫البان العظيمة ف الغالب هذا شأنا و يشهد لذلك أن البان العظيمة لعهدنا ند اللك الواحد‬
‫يشرع ف اختطاطها و تأسيسها فإذا ل يتبع أثره من بعده من اللوك ف إتامها بقيت بالا و‬
‫ل يكمل القصد فيها‪ .‬و يشهد لذلك أيضا أنا ند آثارا كثية من البان العظيمة تعجز الدول‬
‫عن هدمها و تريبها مع أن الدم أيسر من البناء بكثي لن الدم رجوع إل الصل الذي هو‬
‫العدم و البناء على خلف الصل‪.‬‬
‫فإذا وجدنا بناء تضعف قوتنا البشرية عن هدمه مع سهولة الدم علمنا أن القدرة الت أسسته‬
‫مفرطة القوة و أنا ليست أثر دولة واحدة و هذا مثل ما وقع للعرب ف إيوان كسرى لا اعتزم‬
‫الرشيد على هدمه و بعث إل يي بن خالد و هو ف مبسه يستشيه ف ذلك فقال يا أمي‬
‫الؤمني ل تفعل و اتركه ماثلً يستدل به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا اللك لهل ذلك‬
‫اليكل فاتمه ف النصيحة و قال أخذته النعرة للعجم و ال لصر عنه و شرع ف هدمه و جع‬
‫اليدي عليه و اتذ له الفؤس و حاه بالنار و صب عليه الل حت إذا أدركه العجز بعد ذلك‬
‫كله وخاف الفضيحة بعث إل يي يستشيه ثانيا ف التجاف عن الدم فقال ل تفعل و استمر‬
‫على ذلك لئل يقال عجسز أميس الؤمنيس و ملك العرب عسن هدم مصسنع مسن مصسانع العجسم‬
‫فرفع ها الرش يد و أق صر عن هد مه و كذلك ات فق للمأمون ف هدم الهرام ال ت ب صر و ج ع‬
‫الفعلة لدمها فلم يل بطائل و شرعوا ف نقبه فانتهوا إل جو بي الائط و الظاهر و ما بعده‬
‫مسن اليطان و هنالك كان منتهسى هدمهسم و هسو إل اليوم فيمسا يقال منفسذ ظاهسر و يزعسم‬
‫الزاعمون أ نه و جد ركازا ب ي تلك اليطان وال أعلم‪ .‬و كذلك حنا يا العل قة إل هذا الع هد‬
‫تتاج أ هل مدي نة تو نس إل انتخاب الجارة لبنائ هم أو ت ستجيد ال صناع حجارة تلك النا يا‬
‫فيحاولون على هدمها اليام العديدة و ل يسقط الصغي من جدرانا إل بعد عصب الريق و‬
‫تتمع له الحافل الشهورة شهدت منها ف أيام صباي كثيا وال خلقكم وما تعملون‪.‬‬

‫الفصل الامس فيما تب مراعاته ف أوضاع الدن و ما يدث إذا غفل عن الراعاة‬
‫إعلم أن الدن قرار يتخذه المم عند حصول الغاية الطلوبة من الترف و دواعيه فتؤثر الدعة و‬
‫السكون و تتوجه إل اتاذ النازل للقرار و لا كان ذلك القرار و الأوى وجب أن يراعى فيه‬
‫دفع الضار بالماية من طوارقها و جلب النافع و تسهيل الرافق لا فأما الماية من الضار‬
‫فياعسى لاس أن يدار على منازلاس جيعا سسياج السسوار و أن يكون وضسع ذلك فس تنسع مسن‬
‫المكنة إما على هضبة متوعرة من البل و إما باستدارة بر أو نر با حت ل يوصل إليها إل‬
‫ب عد العبور على ج سر أو قنطرة في صعب منال ا على العدو و يتضا عف امتناع ها و ح صنها‪ .‬و‬
‫ما يراعى ف ذلك للحماية من الفات السماوية طيب الواء للسلمة من المراض‪ .‬فإن الواء‬
‫إذا كان راكدا خبيثا أو ماورا للمياه الفا سدة أو منا فع متعف نة أو مروج خبي ثة أ سرع إلي ها‬
‫الع فن من ماورت ا فأ سرع الرض للحيوان الكائن ف يه ل مالة و هذا مشا هد‪ .‬و الدن ال ت ل‬
‫يراع فيها طيب الواء كثية المراض ف الغالب‪ .‬و قد اشتهر بذلك ف قطر الغرب بلد قابس‬
‫من بلد الريد بأفريقية فل يكاد ساكنها أو طارقها يلص من حى العفن بوجه‪ .‬و لقد يقال‬
‫أن ذلك حادث فيها و ل تكن كذلك من قبل و نقل البكري ف سبب حدوثه أنه وقع فيها‬
‫ح فر ظ هر ف يه أناء من ناس متوم بالر صاص‪ .‬فل ما فض ختا مه صعد م نه دخان إل ال و و‬
‫انق طع‪ .‬و كان ذلك مبدأ أمراض الميات ف يه و أراد بذلك أن الناء كان مشتملً على ب عض‬
‫أعمال الطلمسات لوبائه و أنه ذهب سره بذهابه فرجع إليها العغن و الوباء و هذه الكاية من‬
‫مذاهب العامة و مباحثهم الركيكة و البكري ل يكن من نباهة العلم و استنارة البصية بيث‬
‫يد فع م ثل هذا أو ي تبي خر فه فنقله ك ما سعه‪ .‬و الذي يك شف لك ال ق ف ذلك أن هذه‬
‫الهوية العفنة أكثر ما يهيئها لتعفي الجسام و أمراض الميات ركودها‪ .‬فإذا تللتها الريح و‬
‫تفشت و ذهبت با يينا و شالً خف شأن العفن و الرض البادي منها للحيوانات‪ .‬و البلد إذا‬
‫كان كثيس السساكن و كثرت حركات أهله فيتموج الواء ضرورة و تدث الريسح التخللة‬
‫للهواء الرا كد و يكون ذلك معينا له على الر كة و التموج و إذا خف ال ساكن ل ي د الواء‬
‫معينا على حركته و توجه و بقي ساكنا راكدا و عظم عفنه و كثر ضرره‪ .‬و بلد قابس هذه‬
‫كا نت عند ما كا نت أفريق ية م ستجدة العمران كثية ال ساكن توج بأهل ها موجا فكان ذلك‬
‫معينا على توج الواء و اضطرا به و تف يف الذى م نه فلم ي كن في ها كث ي ع فن و ل مرض‪،‬‬
‫وعندما خف ساكنها ركد هواؤها التعفن بفساد مياهها فكثر العفن و الرض‪ .‬فهذا و جهه ل‬
‫غي‪ .‬و قد رأينا عكس ذلك ف بلد وضعت و ل يراع فيها طيب الواء و كانت أولً قليلة‬
‫الساكن فكانت أمراضها كثية فلما كثر سكانا انتقل حالا عن ذلك و هذا مثل دار اللك‬
‫بفاس لذا العهد السمى بالبلد الديد و كثي من ذلك ف العال فتفهمه تد ما قلته لك‪ .‬و أما‬
‫جلب النافع و الرافق للبلد فياعى فيه أمور منها الاء بأن يكون البلد على نر أو بإزائها عيون‬
‫عذبة ثرة فإن وجود الاء قريبا من البلد يسهل على الساكن حاجة الاء و هي ضرورية فيكون‬
‫لم ف وجوده مرفقة عظيمة عامة‪ .‬و ما يراعى من الرافق ف الدن طيب الراعي لسائمتهم إذ‬
‫صاحب كل قرار ل بد له من دو جن اليوان للنتاج و الضرع و الركوب و ل بد ل ا من‬
‫الر عى فإذا كان قريبا طيبا كان ذلك أر فق بال م ل ا يعانون من الش قة ف بعده و م ا را عى‬
‫أيضا الزارع فإن الزروع هي القوات‪ .‬فإذا كانت مزارع البلد بالقرب منها كان ذلك أسهل‬
‫ف اتاذه و أقرب ف تصيله و من ذلك الشجر للحطب و البناء فإن الطب ما تعم البلوى ف‬
‫اتاذه لوقوب النيان للصسطلء و الطبسخ‪ .‬و الشسب أيضا ضروري لسسقفهم و كثيس ماس‬
‫ي ستعمل ف يه ال شب من ضروريات م و قد يرا عى أيضا قرب ا من الب حر لت سهيل الاجات‬
‫القاصية من البلد النائية إل أن ذلك ليس بثابة الول و هذه كلها متفاوتة بتفاوت الاجات‬
‫و ما تدعو إليه ضرورة الساكن‪ .‬و قد يكون الواضع غافلً عن حسن الختيار الطبيعي أو إنا‬
‫يراعي ما هو أهم على نفسه و قومه‪ ،‬و ل يذكر حاجة غيهم كما فعله العرب لول السلم‬
‫ف الدن الت اختطوها بالعراق و أفريقية فإنم ل يراعوا فيها إل الهم عندهم من مراعي البل‬
‫و ما يصلح لا من الشجر و الاء اللح و ل يراعوا الاء و ل الزارع و ل الطب و ل مراعي‬
‫السائمة من ذوات الظلف و ل غي ذلك كالقيوان و الكوفة و البصرة و أمثالا و لذا كانت‬
‫أقرب إل الراب ما ل تراع فيها المور الطبيعية‪.‬‬
‫و م ا يرا عى ف البلد إل ال ساحلية ال ت على الب حر أن تكون ف ج بل أو تكون ب ي أ مة من‬
‫المم موفورة العدد تكون صريا للمدينة مت طرقها‪ .‬طارق من العدو و السبب ف ذلك أن‬
‫الدينسة إذا كانست حاضرة البحسر و ل يكسن بسساحتها عمران للقبائل أهسل العصسبيات و ل‬
‫موضع ها متو عر من ال بل كا نت ف غرة للبيات و سهل طروقها ف ال ساطيل البحر ية على‬
‫عدو ها و تي فه ل ا ل ا يأ من من وجود ال صريخ ل ا‪ .‬و أن ال ضر التعود ين للد عة قد صاروا‬
‫عيالً و خرجوا عن ح كم القاتلة‪ .‬و هذه كال سكندرية من الشرق و طرابلس من الغرب و‬
‫بونة و سل‪.‬‬
‫و مت كانت القبائل و العصائب موطني بقربا بيث يبلغهم الصريخ و النعي و كانت متوعرة‬
‫السالك على من يرومها باختطاطها ف هضاب البال و على أسنمتها كان لا بذلك منعة من‬
‫العدو و يئسوا من طروقها لا يكابدونه من وعرها و ما يتوقعونه من إجابة صريها كما ف‬
‫سبتة و با ية و بلد ال قل على صغرها فاف هم ذلك و اع تبه ف اخت صاص ال سكندرية با سم‬
‫الثغر من لدن الدولة العبا سية مع أن الدعوة من ورائها بب قة و أفريق ية‪ .‬و إن ا اعتب ف ذلك‬
‫الخافسة التوقعسة فيهسا مسن البحسر لسسهولة وضعهسا و لذلك و ال أعلم كان طروق العدو‬
‫للسكندرية و طرابلس ف اللة مرات متعددة و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السادس ف الساجد و البيوت العظيمة ف العال‬


‫إعلم أن ال سبحانه و تعال فضل من الرض بقاعا اختصها بتشريفه و جعلها مواطن لعبادته‬
‫يضاعف فيها الثواب و ينمو با الجور و أخبنا بذلك على ألسن رسله و أنبيائه لطفا بعباده‬
‫و تسهيلً لطرق السعادة لم‪ .‬و كانت الساجد الثلثة هي أفضل بقاع الرض حسبما ثبت‬
‫ف ال صحيحي و هي م كة و الدي نة و ب يت القدس‪ .‬أ ما الب يت الرام الذي ب كة ف هو ب يت‬
‫إبراهيم صلوات ال و سلمه عليه‪ .‬أمره ال ببنائه و أن يؤذن ف الناس بالج إليه فبناه هو و‬
‫ابنه إساعيل كما نصه القرآن و قام با أمره ال فيه و سكن إساعيل به مع هاجر و من نزل‬
‫معهم من جرهم إل أن قبضهما ال و دفنا بالجر منه‪ .‬و بيت القدس بناه داوود و سليمان‬
‫عليه ما ال سلم‪ .‬أمره ا ال ببناء م سجده و ن صب هياكله و د فن كث ي من ال نبياء من ولد‬
‫إسحاق عليه السلم حوال يه‪ .‬و الدينة فها جر نبينا ممد صلوات ال و سلمة عليه أمره ال‬
‫تعال بالجرة إليها و إقامة دين السلم با فبن مسجده الرام با و كان ملحده الشريف ف‬
‫تربتها فبهذه الساجد الثلثة قرة عي السلمي و مهوى أفئدتم و عظمة دينهم و ف الثار من‬
‫فضلها و مضاعفة الثواب ف ماورتا و الصلة فيها كثي معروف فلنشر إل شيء من الب‬
‫عن أولية هذه الساجد الثلثة و كيف تدرجت أحوالا إل أن كمل ظهورها ف العال‪ .‬فأما‬
‫م كة فأوليتها في ما يقال أن آدم صلوات ال عليه بنا ها قبالة الب يت العمور ث هدمها الطوفان‬
‫بعد ذلك و ليس فيه خب صحيح يعول عليه‪ .‬و إنا اقتبسوه من ممل الية ف قوله و إذ يرفع‬
‫إبراهيم القواعد من البيت و إساعيل ث بعث ال إبراهيم و كان من شأنه و شأن زوجته سارة‬
‫و غيتا من هاجر ما هو معروف و أوحى ال إليه أن يترك ابنه اساعيل و أمه هاجر بالفلة‬
‫فوضعهما ف مكان البيت و سار عنهما و كيف جعل ال لما من اللطف ف نبع ماء زمزم و‬
‫مرور الرف قة من جر هم ب ا ح ت احتملوه ا و سكنوا إلي هم ك ما و نزلوا معه ما حوال زمزم‬
‫كما عرف ف موضعه فاتذ إساعيل بوضع الكعبة بيتا يأوي إليه و أدار عليه سياجا من الردم‬
‫و جعله زربا لغنمه و جاء إبراهيم صلوات ال عليه مرارا لزيارته من الشام أمر ف آخرها ببناء‬
‫س الناس إل حجسه و بقسي‬ ‫الكعبسة مكان ذلك الزرب فبناه و اسستعان فيسه بابنسه إسساعيل و دع ا‬
‫إ ساعيل ساكنا به و ل ا قب ضت أ مه ها جر و قام بنوه من بعده بأ مر الب يت مع أخوال م من‬
‫جرهم ث العماليق من بعدهم و استمر الال على ذلك و الناس يهرعون إليها من كل أفق من‬
‫جيع أهل الليقة ل من بن إساعيل و ل من غيهم من دنا أو نأى فقد نقل أن التبابعة كانت‬
‫تج البيت وتعظمه و أن تبعا كساها اللء و الوصائل و أمر بتطهيها و جعل لا مفتاحا‪.‬‬
‫و ن قل أيضا أن الفرس كا نت ت جه و تقرب إل يه و أن غزال الذ هب اللذ ين وجده ا ع بد‬
‫الطلب حي احتقر زمزم كانا من قرابينهم‪ .‬و ل يزل لرهم الولية عليه من بعد ولد إساعيل‬
‫من قبل خؤولتهم حت إذا خرجت خزاعة و أقاموا با بعدهم ما شاء ال‪ .‬ث كثر ولد إساعيل‬
‫و انتشروا و تشعبوا إل كنا نة ث كنا نة إل قر يش و غي هم و ساءت ول ية خزا عة فغلبت هم‬
‫قريش على أمره و أخرجوهم من البيت و ملكوا عليهم يومئذ قصي بن كلب فبن البيت و‬
‫سقفه بشب الدوم و جريد النخل و قال العشى‪:‬‬
‫بناها قصي و الضاض بن جرهم‬ ‫خلفت بثوب راهب الدور و الت‬
‫ث أصاب البيت سيل و يقال حريق و تدم و أعادوا بناءه و جعوا النفقة لذلك من أموالم و‬
‫انكسرت سفينة بساحل جدة فاشتروا خشبها للسقف و كانت جدرانه فوق القامة فجعلوها‬
‫ثانس عشرة ذراعا و كان الباب لصسقا بالرض فجعلوه فوق القامسة لئل تدخله السسيول و‬
‫ق صرت ب م النف قة عن إتا مه فق صروا عن قواعده و تركوا م نه ست أذرع و شبا أدارو ها‬
‫بدار قصي يطاف من ورائه و هو الجر و بقي البيت على هذا البناء إل أن تصن ابن الزبي‬
‫بكة حي دعا لنفسه و زحفت إليه جيوش يزيد بن معاوية مع الصي بن ني السكون‪ .‬و‬
‫ر مى الب يت سنة أر بع و ستي فأ صابه حر يق‪ ،‬يقال من الن فط الذي رموا به على ا بن الزب ي‬
‫فتصدعت حيطانه فهدمه ابن الزبي فأعاد بناءه أحسن ما كان بعد أن اختلفت عليه الصحابة‬
‫ف بنائه‪ .‬و احتج عليهم بقول رسول ال صلى ال عليه و سلم لعائشة رضي ال عنها‪ ،‬لول‬
‫قومك حديثو عهد بكفر لرددت البيت على قواعد إبراهيم و لعلت له بابي شرقيا و غربيا‬
‫فهدمه و كشف عن أساس إبراهيم عليه السلم و جع الوجوه و الكابر حت عاينوه و أشار‬
‫عليه ا بن عباس بالتحري ف حفظ القبلة على الناس فأدار على ال ساس الشب و نصب من‬
‫فوقها الستار حفظا للقبلة و بعث إل صنعاء ف الفضة و الكلس فحملها‪ .‬وسأل عن مقطع‬
‫الجارة الول فجمع منها ما احتاج إليه ث شرع ف البناء على أساس إبراهيم عليه السلم و‬
‫رفع ف جدرانا سبعا و عشرين ذراعا و جعل لا بابي لصقي بالرض كما روى ف حديثه‬
‫و ج عل فرش ها و إزر ها بالرخام و صاغ ل ا الفات يح و صفائح البواب من الذ هب‪ .‬ث جاء‬
‫الجاج لصاره أيام عبد اللك و رمى على السجد بالنجنيقات إل أن تصدعت حيطانا‪ .‬ث‬
‫ل ا ظ فر با بن الزب ي شاور ع بد اللك في ما بناه و زاده ف الب يت فأمره بد مه و رد الب يت على‬
‫قوا عد قر يش ك ما هي اليوم‪ .‬و يقال‪ :‬أ نه ندم على ذلك ح ي علم صحة روا ية ا بن الزب ي‬
‫لديث عائشة‪ ،‬و قال وددت أن كنت حلت أبا حبيب ف أمر البيت و بنائه ما تمل‪ .‬فهدم‬
‫الجاج منها ست أذرع و شبا مكان الجر و بناها على أساس قريش و سد الباب الغرب و‬
‫ما تت عتبة بابا اليوم من الباب الشرقي‪ .‬و ترك سائرها ل يغي منه شيئا فكل البناء الذي فيه‬
‫اليوم بناء ا بن الزب ي و بناء الجاج ف الائط صلة ظاهرة للعيان ل مة ظاهرة ب ي البناء ين‪ .‬و‬
‫البناء متميز عن البناء بقدار إصبع شبه الصدع و قد لم‪.‬‬
‫و يعرض هه نا إشكال قوي لنافا ته ل ا يقوله الفقهاء ف أ مر الطواف و يذر الطائف أن ي يل‬
‫على الشاذروان الدائر على أسساس الدر مسن أسسفلها فيقسع طوافسه داخسل البيست بناء على أن‬
‫الدر إنا قامت على بعض الساس و ترك بعضه و هو مكان الشاذروان و كذا قالوا ف تقبيل‬
‫ال جر ال سود ل بد من رجوع الطائف من التقب يل حت ي ستوي قائما لئل ي قع بعض طوا فه‬
‫داخل البيت و إذا كانت الدران كلها من بناء ابن الزبي و هو إنا بن على أساس ابراهيم‬
‫فكيسف يقسع هذا الذي قالوه و ل ملص مسن هذا إل بأحسد أمريسن أحدهاس أن يكون الجاج‬
‫هدم جيعه و أعاده و قد نقل ذلك جاعة إل أن العيان ف شواهد البناء بالتحام ما بي البناءين‬
‫و تي يز أ حد الشق ي من أعله على ال خر ف ال صناعة يرد ذلك و أ ما أن يكون ا بن الزب ي ل‬
‫يرد الب يت على أ ساس إبراهيم مع ج يع جها ته و إن ا ف عل ذلك ف ال جر ف قط ليدخله فهي‬
‫الن مع كونا من بناء ابن الزني ليست على قواعد إبراهيم و هذا بعيد و ل ميص من هذين‬
‫و ال تعال اعلم‪ .‬ث أن مساحة البيت و هو السجد كان فضاء للطائفي و ل يكن عليه جدر‬
‫أيام النب صلى ال عليه و سلم و أب بكر من بعده‪ .‬ث كثر الناس فاشترى عمر رضي ال عنه‬
‫دورا هدمها و زاد ها ف السجد و أدار علي ها جدارا دون القا مة و ف عل م ثل ذلك عثمان ث‬
‫ابن الزبي ث الوليد بن عبد اللك و بناه بعمد الرخام ث زاد فيه النصور و ابنه الهدي من بعده‬
‫و وقفت الزيادة و استقرت على ذلك لعهدنا‪.‬‬
‫و تشريسف ال لذا البيست و عناي ته به أكثسر مسن أن ياط به و كفسى بذلك أن جعله مهبطا‬
‫للو حي و اللئ كة و مكانا للعبادة و فرض شرائع ال ج و منا سكه و أو جب لر مه من سائر‬
‫نواح يه من حقوق التعظ يم و ال ق ما ل يوج به لغ ي فم نع كل من خالف د ين ال سلم من‬
‫دخول ذلك الرم و أوجب على دخله أن يتجرد من الحيط إل أزارا يستره و حى العائذ به‬
‫و الراتع ف مسارحه من مواقع الفات فل يرام فيه خائف و ل يصاد له وحش و ل يتطب له‬
‫ش جر‪ .‬و حد الرم الذي ي تص بذه الر مة من طر يق الدي نة ثل ثة أميال إل التنع يم و من‬
‫طريق العراق سبعة أميال إل الثنية من جبل النقطع و من طريق الطائف سبعة أميال إل بطن‬
‫نرة و من طر يق جدة سبعه أميال إل منق طع العشائر‪ .‬هذا شأن م كة و خب ها و ت سمى أم‬
‫القرى و ت سمى الكع بة لعلو ها من ا سم الك عب‪ .‬و يقال ل ا أيضا ب كة قال ال صمعي‪ ،‬لن‬
‫الناس يبك بعضهم بعضا إليها أي يدفع و قال ماهد باء بكة أبدلوها ميما كما قالوا لزب و‬
‫لزم لقرب الخرجي‪ .‬و قال النخعي بالباء و باليم البلد و قال الزهري بالباء للمسجد كله و‬
‫بال يم للحرم و قد كا نت ال مم م نذ ع هد الاهل ية تعظ مه و اللوك تب عث إل يه بالموال و‬
‫الذخائر م ثل ك سرى و غيه و ق صة ال سياف و غزال الذ هب اللذ ين وجده ا ع بد الطلب‬
‫ح ي احت فر زمزم معرو فة و قد و جد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح ي افت تح م كة ف‬
‫ال ب الذي كان في ها سبعي ألف أوق ية من الذ هب م ا كان اللوك يهدون للب يت في ها ألف‬
‫ألف دينار مكررة مرتي بائت قنطار‪ ،‬وزنا و قال له علي بن أب طالب رضي ال عنه‪:‬‬
‫يا رسول ال لو استعنت بذا الال على حربك‪ .‬فلم يفعل ث ذكر لب بكر فلم يركه‪ .‬هكذا‬
‫قال الزرقي‪ .‬و ف البخاري يسنده إل أب وائل قال‪:‬‬
‫جل ست إل شي بة بن عثمان و قال جلس إل ع مر بن الطاب فقال‪ :‬ه مت أن ل أدع في ها‬
‫صفراء و ل بيضاء إل ق سمتها ب ي ال سلمي‪ ،‬قلت‪ :‬ما أ نت بفا عل‪ ،‬قال‪ :‬و ل ؟ قلت‪ :‬فلم‬
‫يفعله صاحباك فقال ها اللذان يقتدى بما‪ .‬و خرجه أبو داود و ابن ماجة و أقام ذلك الال‬
‫إل أن كانت فتنة الفطس و هو السن بن السي بن علي بن علي زين العابدين سنة تسع و‬
‫تسعي و مائة حي غلب مكة عمد إل الكعبة فأخذ ماف خزائنها و قال ما تصنع الكعبة بذا‬
‫الال موضوعا فيها ل ينتفع به نن أحق به نستعي به على حربنا و أخرجه و تصرف فيه و‬
‫بطلت الذخية من الكعبة من يومئذ‪ .‬و أما بيت القدس و هو السجد القصى فكان أول أمره‬
‫أيام الصابئة موضع الزهرة و كانوا يقربون إليه الزيت فيما يقربونه يصبونه على الصخرة الت‬
‫هناك ث دثر ذلك اليكل و اتذها بنو إسرائيل حي ملكوها قبلة لصلتم‪ .‬و ذلك أن موسى‬
‫صلوات ال عليه لا خرج ببن إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت القدس كما وعد ال أباهم‬
‫إسرائيل و أباه إسحق من قبله و أقاموا بأرض التيه أمره ال باتاذ قبة من خشب السنط عي‬
‫بالوحي و مقدارها و صفتها و هياكلها و تاثيلها و أن يكون فيها التابوت و مائدة بصحافها‬
‫و منارة بقناديلها و أن يصنع مذبا للقربان وصف ذلك كأنه ف التوراة أكمل وصف فصنع‬
‫القبة و وضع فيها تابوت العهد و هو التابوت الذي فيه اللواح الصنوعة عوضا عن اللواح‬
‫النلة بالكلمات الع شر ل ا تك سرت و و ضع الذ بح عند ها‪ .‬و ع هد ال إل مو سى بأن يكون‬
‫هارون صاحب القربان و ن صبوا تلك الق بة ب ي خيام هم ف الت يه ي صلون إلي ها و يتقربون ف‬
‫الذبح أمامها و يتعرضون للوحي عندها‪.‬‬
‫و لا ملكوا أرض الشام أنزلوها بكلكال من بلد الرض القدسة ما بي قسم بن يامي و بن‬
‫أفراي يم‪ .‬و بق يت هنالك أر بع عشرة سنة سبعا مدة الرب‪ ،‬و سبعا ب عد الف تح أيام ق سمة‬
‫البلد‪ .‬و ل ا تو ف يو شع عل يه ال سلم نقلو ها إل بلد شيلو قريبا من كلكال‪ ،‬و أداروا علي ها‬
‫اليطان‪ .‬و أقا مت على ذلك ثلثمائة سنة‪ ،‬ح ت ملك ها ب نو فل سطي من أيدي هم ك ما مر‪ ،‬و‬
‫تغلبوا علي هم‪ .‬ث ردوا علي هم الق بة و نقلو ها ب عد وفاة عال الكو هن إل نوف‪ .‬ث نقلت أيام‬
‫طالوت إل كنعون ف بلد بن يامي‪ .‬و لا ملك داوود عليه السلم نقل القبة و التابوت إل‬
‫بيت القدس و جعل عليها خباء خاصا و وضعها على الصخرة‪.‬‬
‫و بقيت تلك القبة قبلتهم و وضعوها على الصخرة ببيت القدس و أراد داود عليه السلم بناء‬
‫مسجده على الصخرة مكانا فلم يتم له ذلك و عهد به إل ابنه سليمان فبناه لربع سني من‬
‫ملكه و لمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلم‪.‬‬
‫و أتذ عمده من الصفر و جعل به صرح الزجاج و غشى أبوابه و حيطانه بالذهب و صاغ‬
‫هياكله و تاثيله و أوعي ته و منار ته و مفتا حه من الذ هب و ج عل ف ظهره قبا لي ضع ف يه‬
‫تابوت الع هد و هو التابوت الذي ف يه اللواح و جاء به من صهيون بلد أب يه داوود نقله إل يه‬
‫أيام عمارة السجد‪ ،‬فجيء به تمله السباط و الكهنوتية حت وضعه ف القب و وضعت القبة‬
‫و الوعية و الذبح كل واحد حيث أعد له من السجد‪ .‬و أقام كذلك ما شاء ال‪ .‬ث خربه‬
‫بت نصر بعد ثانائة سنة من بنائه و أحرق التوراة و العصا و صاغ الياكل و نثر الحجار‪.‬‬
‫ث لا أعادهم ملوك الفرس بناه عزيز بن إسرائيل لعهده بإعانة بمن ملك الفرس الذي كانت‬
‫الولدة لبن إسرائيل عليه من سب بت نصر و حد لم ف بنيانه حدودا دون بناء سليمان بن‬
‫داوود عليهما السلم فلم يتجارزوها‪.‬‬
‫و أما الواوين الت تت السجد‪ ،‬يركب بعضها بعضا‪ ،‬عمود العلى منها على قوس السفل‬
‫ف طبقتي‪ .‬و يتوهم كثي من الناس أنا إصطبلت سليمان عليه السلم‪ ،‬و ليس كذلك‪ .‬لو‬
‫إن ا بنا ها تنيها للب يت القدس ع ما يتو هم من النجا سة‪ ،‬لن النجا سات ف شريعت هم و إن‬
‫كا نت ف با طن الرض و كان ما بين ها و ب ي ظا هر الرض مشوا بالتراب‪ ،‬ب يث ي صل ما‬
‫بينها و بي الظاهر خط مستقيم ينجس ذلك الظاهر بالتوهم‪ .‬و التوهم عندهم كالحقق‪.‬‬
‫فبنوا هذه الواويسن على هذه الصسورة بعمود الواويسن السسفلية تنتهسي إل أقواسسها و ينقطسع‬
‫خطه‪ ،‬فل تتصل النجاسة بالعلى على خط مستقيم‪ .‬و تنه البيت عن هذه النجاسة التوهة‬
‫ليكون ذلك أبلغ ف الطهارة و التقديس‪.‬‬
‫ث تداونت هم ملوك يونان الفرس و الروم و ا ستفحل اللك لب ن ا سرائيل ف هذه الدة ث لب ن‬
‫حشمناي من كهنتهم ث لصهرهم هيودس و لبنيه من بعد‪.‬‬
‫و ب ن هيودوس ب يت القدس على بناء سليمان عل يه ال سلم و تأ نق ف يه ح ت أكمله ف ست‬
‫سسني فلمسا جاء طيطسش مسن ملوك الروم و غلبهسم و ملك أمرهسم خرب بيست القدس و‬
‫م سجدها و أ مر أن يزرع مكا نه ث أ خذ الروم بد ين ال سيح عل يه ال سلم و دانوا بتعظي مه ث‬
‫اختلف حال ملوك الروم ف الخذ بدين النصارى تارةً و تركه أخرى إل أن جاء قسطنطي و‬
‫تن صرت أ مه هيل نة و ارتلت إل القدس ف طلب الش بة ال ت صلب علي ها ال سيح بزعم هم‬
‫فأخبهسا القسساوسة بأنسه رمسى بشبتسه على الرض و ألقسى عليهسا القمامات و القاذورات‬
‫فا ستخرجت الش بة و ب نت مكان تلك القمامات كني سة القما مة كأن ا على قبه بزعم هم و‬
‫هربست مسا وجدت مسن عمارة البيست و أمرت بطرح الزبسل و القمامات على الصسخرة حتس‬
‫غطاها و خفي مكانا جزاء بزعمها لا فعلوه بقب السيح ث بنوا بإزاء القمامة بيت لم و هو‬
‫البيت الذي ولد فيه عيسى عليه السلم و بقي المر كذلك إل أن جاء السلم و حضر عمر‬
‫لفتح بيت القدس و سأل عن الصخرة فأري مكانا و قد علها الزبل و التراب فكشف عنها‬
‫و بن عليها مسجدا على طريق البداوة و عظم من شأنه ما أذن ال من تعظيمه و ما سبق من‬
‫أم الكتاب ف فضله حسبما ثبت ث احتفل الوليد بن عبد اللك ف تشييد مسجده على سنن‬
‫مساجد السلم با شاء ال من الحتفال كما فعل ف السجد الرام و ف مسجد النب صلى‬
‫ال عل يه و سلم بالدي نة و ف م سجد دم شق و كا نت العرب ت سميه بلط الول يد و ألزم ملك‬
‫الروم أن يب عث الفعلة و الال لبناء هذه ال ساجد و أن ينمقو ها بالف سيفساء فأطاع لذلك و ت‬
‫بناؤها على ما اقترحه‪ .‬ث لا ضعف أمر اللفة أعوام المسمائة من الجرة ف آخرها وكانت‬
‫ف مل كة ال عبيديي خلفاء القا هر من الشي عة و اخ تل أمر هم ز حف الفرن ة إل ب يت القدس‬
‫فملكوه و ملكوا معه عامة ثغور الشام و بنوا على الصخرة القدسة منه كنيسة كانوا يعظمونا‬
‫و يفتخرون ببنائها حت إذا استقل صلح الدين بن أيوب الكردي بلك مصر و الشام و ما‬
‫أثر العبيديي و بدعهم زحف إل الشام و جاهد من كان به من الفرنة حت غلبهم على بيت‬
‫القدس و على ما كانوا ملكوه من ثغور الشام و ذلك لن حو ثان ي و خ سمائة من الجرة و‬
‫هدم تلك الكنيسة و أظهر الصخرة و بن السجد على النحو الذي هو عليه اليوم لذا العهد‪.‬‬
‫و ل يعرض لك الشكال العروف ف الد يث ال صحيح أن ال نب صلى ال عل يه و سلم سئل‬
‫عن أول بيت وضع فقال‪ :‬بي مكة و بي بناء بيت القدس قيل فكم بينهما ؟ قال أربعون سنة‬
‫فإن الدة ب ي بناء م كة و ب ي بناء ب يت القدس بقدار ما ب ي إبراه يم و سليمان لن سليمان‬
‫بانيه و هو ينيف على اللف بكثي‪ .‬و أعلم أن الراد بالوضع ف الديث ليس البناء و إنا الراد‬
‫أول بيت عي للعبادة و ل يبعد أن يكون بيت القدس عي للعبادة قبل بناء سليمان بثل هذه‬
‫الدة و قد نقل أن الصابئه بنوا على الصخرة هيكل الزهرة فلعل ذلك أنا كانت مكانا للعبادة‬
‫كما كانت الاهلية تضع الصنام و التماثيل حوال الكعبة و ف جوفها و الصابئة الذين بنوا‬
‫هيكل الزهرة كانوا على عهد إبراهيم عليه السلم فل تبعد مدة الربعي سنة بي وضع مكة‬
‫للعبادة و وضع بيت القدس و إن ل يكن هناك بناء كما هو العروف و أن أول من بن بيت‬
‫القدس سليمان عليه السلم فتفهمه ففيه حل هذا الشكال‪ .‬و أما الدينة و هي السماة بيثرب‬
‫فهي من بناء يثرب بن مهلئيل من العمالقة و ملكها بنو إسرائيل من أيديهم فيما ملكوه من‬
‫أرض الجاز ث جاور هم ب نو قيلة من غ سان و غلبو هم علي ها و على ح صونا‪ .‬ث أ مر ال نب‬
‫صلى ال عليه و سلم بالجرة إليها لا سبق من عناية ال با فهاجر إليها و معه أبو بكر و تبعه‬
‫أصحابه و نزل با و بن مسجده و بيوته ف الوضع الذي كان ال قد أعده لذلك و شرفه ف‬
‫سابق أزله و أواه أبناء قيلة و نصروه فلذلك سوا النصار و تت كلمة السلم من الدينة حت‬
‫علت على الكلمات و غلب على قومه و فتح مكة و ملكها و ظن النصار أنه يتحول عنهم‬
‫إل بلده فأه هم ذلك فخاطب هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و أ خبهم ا نه غ ي متحول‬
‫حت إذا قبض صلى ال عليه و سلم كان ملحده الشريف با و جاء ف فضلها من الحاديث‬
‫الصحيحة مال خفاء به و وقع اللف بي العلماء ف تفضيلها على مكة و به قال مالك رحه‬
‫ال لا ثبت عنده ف ذلك من النص الصريح عن رفيع بن مدج أن النب صلى ال عليه و سلم‬
‫قال الدي نة خ ي من م كة ن قل ذلك أ بو الوهاب ف العو نة إل أحاد يث أخرى تدل بظاهر ها‬
‫على ذلك و خالف أ بو حني فة و الشاف عي‪ .‬و أ صبحت على كل حال ثان ية ال سجد الرام و‬
‫جنح إليها المم بأفئدتم من كل أوب فانظر كيف تدرجت الفضيلة ف هذه الساجد العظمة‬
‫لا سبق من عناية ال لا و تفهم سر ال ف الكون و تدريه على ترتيب مكم ف أمور الدين‬
‫و الدنيا‪ .‬و أما غي هذه الساجد الثلثة فل نعلمه ف الرض إل ما يقال من شأن مسجد آدم‬
‫عليه السلم بسرنديب من جزائر الند لكنه ل يثبت فيه شيء يعول عليه و قد كانت للمم ف‬
‫القدي مساجد يعظمونا على جهة الديانة بزعمهم منها بيوت النار للفرس و هياكل يونان و‬
‫بيوت العرب بالجاز ال ت أمسر النسب صسلى ال عليسه و سلم بدم ها ف غزواتسه و قد ذ كر‬
‫السعودي منها بيوتا لسنا من ذكرها ف شيء إذ هي غي مشروعة و ل هي على طريق دين و‬
‫ل يلت فت إلي ها و ل إل ال ب عن ها و يك في ف ذلك ما و قع ف التوار يخ ف من أراد معر فة‬
‫الخبار فعليه با و ال يهدي من يشاء سبحانه‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن الدن و المصار بإفريقية و الغرب قليلة‬


‫و ال سبب ف ذلك أن هذه القطار كا نت للببر م نذ آلف من ال سني ق بل ال سلم و كان‬
‫عمرانا كله بدويا و ل تستمر فيهم الضارة حت تستكمل أحوالا و الدول الت ملكتهم من‬
‫الفرنة و العرب ل يطل أمد ملكهم فيهم حت ترسخ الضارة منها فلم تزل عوائد البداوة و‬
‫شؤونا فكانوا إليها أقرب فلم تكثر مبانيهم و أيضا فالصنائع بعيدة عن الببر لنم أعرق ف‬
‫البدو و ال صنائع من توا بع الضارة و إن ا تتم البا ن ب ا فل بد من الذق ف تعلمها فل ما ل‬
‫يكسن للببر انتحال لاس ل يكسن لمس تشوق إل البانس فضلً عسن الدن‪ .‬و أيضا فهسم أهسل‬
‫عصبيات و أنساب ل يلو عن ذلك جع منهم و النساب و العصبية أجنح إل البدو و إنا‬
‫يد عو إل الدن الدعة و السكون و يصي ساكنها عيالً على حاميتها فت جد أهل البدو لذلك‬
‫يستنكفون عن سكن الدينة أو القامة با فل يدعو إل ذلك إل الترف و الغن و قليل ما هو‬
‫فس الناس فلذلك كان عمران أفريقيسة و الغرب كله أو أكثره بدويا أهسل خيام و ظواعسن و‬
‫قياطن و كنن ف البال و كان عمران بلد العجم كله أو أكثره قرى و أمصارا و رساتيق من‬
‫بلد الندلس و الشام و مصسر و عراق العجسم و أمثالاس لن العجسم ليسسوا بأهسل أنسساب‬
‫يافظون عليها و يتباهون ف صراحتها و التحامها إل ف القل و أكثر ما يكون سكن البدو‬
‫ل هل الن ساب لن ل مة الن سب أقرب و أ شد فتكون ع صبيته كذلك و تنع ب صاحبها إل‬
‫سكن البدو و التجا ف عن ال صر الذي يذ هب بالب سالة و ي صيه عيالً على غيه فأفه مه و‬
‫قسى عليه و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن البان و الصانع ف اللة السلمية قليلة بالنسبة إل قدرتا و إل من‬
‫كان قبلها من الدول‬
‫و ال سبب ف ذلك ما ذكر نا مثله ف الببر بعي نه إذ العرب أيضا أعرق ف البدو و أب عد عن‬
‫ال صنائع و أيضا فكانوا أجا نب من المالك ال ت ا ستولوا علي ها ق بل ال سلم و ل ا تلكو ها ل‬
‫ينفسح المد حت تستوف رسوم الضارة مع أنم استغنوا با وجدوا من مبان غيهم و أيضا‬
‫فكان الدين أول المر مانعا من الغالة أو البنيان و السراف فيه ف غي القصد كما عهد لم‬
‫عمر حي استأذنوه ف بناء الكوفة بالجارة و قد وقع الريق ف القصب الذي كانوا بنوا به‬
‫من ق بل فقال افعلوا و ل يزيدن أ حد على ثل ثة أبيات و ل تطاولوا ف البنيان و ألزموا ال سنة‬
‫تلزمكسم الدولة و عهسد إل الوفسد و تقدم إل الناس أن ل يرفعوا بنيانا فوق القدر قالوا‪ :‬و مسا‬
‫القدر ؟ قال‪ :‬ل يقرب كم من ال سرف و ل يرج كم عن الق صد فل ما ب عد الع هد بالد ين و‬
‫التخرج ف أمثال هذه القا صد و غل بت طبي عة اللك و الترف و ا ستقدم العرب أ مة الفرس و‬
‫أخذوا عن هم ال صنائع و البا ن و دعت هم إلي ها أحوال الد عة و الترف فحينئذ شيدوا البا ن و‬
‫الصسانع و كان عهسد ذلك قريبا بانقراض الدولة و ل ينفسسح المسد لكثرة البناء و اختطاط‬
‫الدن و المصسار إل قليلً و ليسس كذلك غيهسم مسن المسم فالفرس طالت مدتمس آلفا مسن‬
‫ال سني و كذلك الق بط و الن بط و الروم و كذلك العرب الول من عاد و ثود و العمال قة و‬
‫التبابعة طالت أمادهم و رسخت الصنائع فيهم فكانت مبانيهم و هياكلهم أكثر عددا و أبقى‬
‫على اليام أثرا و استبصر ف هذا تده كما قلت و ال وارث الرض و من عليها‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن البان الت كانت تتطها العرب يسرع إليها الراب إل ف القل‬
‫و ال سبب ف ذلك شأن البداوة و الب عد عن ال صنائع ك ما قدمناه فل تكون البا ن وثي قة ف‬
‫تشييد ها و له و ال أعلم و جه آ خر و هو أ مس به و ذلك قلة مراعات م ل سن الختيار ف‬
‫اختطاط الدن كما قلناه ف الكان و طيب الواء‪ .‬و الياه و الزارع و الراعي فإنه بالتفاوت ف‬
‫هذا تتفاوت جودة ال صر و رداء ته من ح يث العمران ال طبيعي و العرب بعزل عن هذا و إن ا‬
‫يراعون مراعي إبلهم خاصة ل يبالون بالاء طاب أو خبث و ل قل أو كثر و ل يسألون عن‬
‫زكاء الزارع و النابت و الهوية لنتقالم ف الرض و نقل هم البوب من البلد البعيد و أما‬
‫الرياح فالقفر متلف للمهاب كلها و الظعن كفيل لم بطيبها لن الرياح إنا تبث مع القرار‬
‫و السكن و كثرة الفضلت و انظر لا اختطوا الكوفة و البصرة و القيوان كيف ل يراعوا ف‬
‫اختطا ها إل مرا عي إبل هم و ما يقرب من الق فر و م سالك الظ عن فكا نت بعيدة عن الو ضع‬
‫الطبيعي‪ ،‬للمدن و ل تكن لا مادة تد عمرانا من بعدهم كما قدمنا أنه يتاج إليه ف العمران‬
‫فقد كانت مواطن ها غ ي طبيع ية للقرار و ل ت كن ف وسط المم فيعمرها الناس فلول وهلة‬
‫من انلل أمرهم و ذهاب عصبيتهم الت كانت سياجا لا أتى عليها الراب و النلل كأن‬
‫ل تكن‪ .‬و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬
‫الفصل العاشر ف مبادي الراب ف المصار‬
‫إعلم أن المصار إذا اختطت أولً تكون قليلة ال ساكن و قليلة آلت البناء من الجر و الي‬
‫و غيها ما يعال على اليطان عند التأنق كالزل و الرخام و الربج و الزجاج و الفسيفساء و‬
‫ال صدف فيكون بناؤ ها يؤمئذ بدويا و آلت ا فا سدة فإذا ع ظم عمران الدي نة و ك ثر ساكنها‬
‫كثرت اللت بكثرة العمال حينئذ و كثرت ال صناع إل أن تبلغ غايتها من ذلك ك ما سبق‬
‫بشأنا فإذا تراجع عمرانا و خف ساكنها قلت الصنائع لجل ذلك و فقدت الجادة ف البناء‬
‫و الحكام و العالة عليه بالتنميق ث تقل العمال لعدم الساكن فيقل جلب اللت من الجر‬
‫و الرخام و غيها فتفقد و يصي بناؤهم و تشيدهم من اللت الت ف مبانيهم فينقلونا من‬
‫م صنع إل م صنع ل جل خلء أك ثر ال صانع و الق صور و النازل بقلة العمران و ق صوره ع ما‬
‫كان أولً ث ل تزال تن قل من ق صر إل قصر و من دار إل دار إل أن يف قد الكث ي منها جلة‬
‫فيعودون إل البداوة ف البناء و أتاذ الطوب عوضا عن الجارة و القصور عن التنميق بالكلية‬
‫فيعود بناء الدي نة م ثل بناء القرى و الدر و تظ هر علي ها سيماء البداوة ث ت ر ف التنا قص إل‬
‫غايتها من الراب إن قدر لا به سنة ال ف خلقه‪.‬‬

‫الفصال الادي عشار فا أن تفاضال المصاار و الدن فا كثرة الرزق لهلهاا و نفاق‬
‫السواق إنا هو ف تفاضل عمرانا ف الكثرة و القلة‬
‫و السبب ف ذلك أنه قد عرف و ثبت أن الواحد من البشر غي مستقل بتحصيل حاجاته ف‬
‫معاشه و إنم متعاونون جيعا ف عمرانم على ذلك و الاجة الت تصل بتعاون طائفة منهم‬
‫تشتد ضرورة الكثر من عددهم أضعافا‪ .‬فالقوت من النطة مثلً ل يستقل الواحد بتحصيل‬
‫حصته منه‪ .‬و إذا انتدب لتحصيله الستة أو العشرة من حداد و نار لللت و قائم على البقر‬
‫و إثارة الرض و حصاد السنبل و سائر مؤن الفلح و توزعوا على تلك العمال أو اجتمعوا و‬
‫حصسل بعملهسم ذلك مقدار مسن القوت فإنسه حينئذ قوت لضعافهسم مرات‪ .‬فالعمال بعسد‬
‫الجتماع زائدة على حاجات العاملي و ضروراتم‪ .‬فأهل مدين أو مصر إذا وزعت أعمالم‬
‫كلها على مقدار ضروراتم و حاجاتم اكتفي فيها بالقل من تلك العمال و بقيت العمال‬
‫كلها زائدة على الضرورات فت صرف ف حالت الترف و عوائده و ما يتاج إل يه غي هم من‬
‫أهل المصار و يستجلبونه منهم بأعواضه و قيمه فيكون لم بذلك حظا من الغن و قد تبي‬
‫لك ف الفصل الامس ف باب الكسب و الرزق أن الكاسب إنا هي قيم العمال فإذا كثرت‬
‫العمال كثرت قيمهسا بينهسم فكثرت مكاسسبهم ضرورة و دعتهسم أحوال الرفسه و الغنس إل‬
‫الترف و حاجاته من التأنق ف الساكن و اللبس و استجادة النية و الاعون و اتاذ الدم و‬
‫الراكب و هذه كلها أعمال تستدعى بقيمها و يتار الهرة ف صناعتها و القيام عليها فتنفق‬
‫أسواق العمال و الصنائع و يكثر دخل الصر و خرجه و يصل اليسار لنتحلي ذلك من قبل‬
‫أعمالم‪ .‬و مت زاد العمران زادت العمال ثانية ث زاد الترف تابعا للكسب و زادت عوائده‬
‫و حاجاته‪ .‬و استنبطت الصنائع لتحصيلها فزادت قيمها و تضاعف الكسب ف الدينة لذلك‬
‫ثانية و نفقت سوق العمال با أكثر من الول‪ .‬و كذا ف الزيادة الثانية و الثالثة لن العمال‬
‫الزائدة كل ها ت تص بالترف و الغ ن بلف العمال ال صلية ال ت ت تص بالعاش‪ .‬فال صر إذا‬
‫فضل بعمران واحد ففضله بزيادة كسب و رفه بعوائد من الترف ل توجد ف الخر فما كان‬
‫عمرانه من المصار أكثر و أوفر كان حال أهله ف الترف أبلغ من حال الصر الذي دونه على‬
‫وتية واحدة ف ال صناف‪ .‬القاضي مع القا ضي و التا جر مع التا جر و ال صانع مع الصانع و‬
‫السوقي مع السوقي و المي مع المي و الشرطي مع الشرطي‪ .‬و اعتب ذلك ف الغرب مثلً‬
‫بال فاس مع غي ها من أم صاره م ثل با ية و تلم سان و سبتة ت د بينه ما بونا كثيا على‬
‫الملة‪ ،‬ث على ال صوصيات فحال القا ضي بفاس أو سع من حال القا ضي بتلم سان و هكذا‬
‫كل صنف مع صنف أهله‪ .‬و كذا أيضا حال تلمسان مع وهران أو الزائر و حال وهران و‬
‫الزائر مع ما دون ما إل أن تنت هي إل الدر الذ ين اعتمال م ف ضروريات معاش هم ف قط و‬
‫يقصرون عنها‪ .‬و ما ذلك إل لتفاوت العمال فيها فكأنا كلها أسواق للعمال‪ .‬و الرج ف‬
‫كل سوق على ن سبته فالقا ضي بفاس دخله كفاء خر جه و كذا القا ضي بتلم سان و ح يث‬
‫الد خل و الرج أك ثر تكون الحوال أع ظم و ه ا بفاس أك ثر لنفاق سوق العمال ب ا يد عو‬
‫إليسه الترف فالحوال أضخسم‪ .‬ثس هكذا حال وهران و قسسطنطينية و الزائر و بسسكرة حتس‬
‫تنتهي كما قلناه إل المصار الت ل توف أعمالا بضروراتا و ل تعد ف المصار إذ هي من‬
‫قبيل القرى و الدر‪ .‬فلذلك تد أهل هذه المصار الصغية ضعفاء الحوال متقاربي ف الفقر‬
‫و الصساصة لاس أن أعمالمس ل تفسي بضروراتمس و ل يفضسل مسا يتأثلونسه كسسبا فل تنمسو‬
‫مكا سبهم‪ .‬و هم لذلك م ساكي ماو يج إل ف ال قل النادر‪ .‬و اع تب ذلك ح ت ف أحوال‬
‫الفقراء و السسؤال فإن السسائل بفاس أحسسن حالً مسن السسائل بتلمسسان أو وهران‪ .‬و لقسد‬
‫شاهدت بفاس ال سؤال ي سألون أيام الضا حي أثان ضحايا هم و رأيت هم ي سألون كثيا من‬
‫أحوال الترف و اقتراح الآكل مثل سؤال اللحم و السمن و علج الطبخ و اللبس و الاعون‬
‫كالغربال و النية‪ .‬و لو سأل سائل مثل هذا بتلمسان أو وهران لستنكر و عنف و زجر‪ .‬و‬
‫يبلغ نا لذا الع هد عن أحوال القاهرة و م صر من الترف و الغ ن ف عوائد هم ما يق ضى م نه‬
‫العجب حت أن كثيا من الفقراء بالغرب ينعون من الثقلة إل مصر لذلك و لا يبلغهم من‬
‫شأن الرفه بصر أعظم من غيها‪ .‬و بعتقد العامة من الناس أن ذلك لزيادة إيثار ف أهل تلك‬
‫الفاق على غيهم أو أموال متزنة لديهم‪ .‬و أنم أكثر صدقة و إيثارا من جيع أهل المصار‬
‫و ليس كذلك و إنا هو لا تعرفه من أن عمران مصر و القاهرة أكثر من عمران هذه المصار‬
‫ال ت لد يك فعظ مت لذلك أحوال م‪ .‬و أ ما حال الد خل و الرج فمتكا فئ ف ج يع الم صار‬
‫أحوال السساكن و وسسع الصسر‪ .‬كسل شيسء يبلغسك مسن مثسل هذا فل تنكره و اعتسبه بكثرة‬
‫العمران و ما يكون ع نه من كثرة الكا سبة ال ت ي سهل ب سببها البذل و اليثار على مبتغ يه و‬
‫مثله بشأن اليوانات الع جم مع بيوت الدي نة الواحدة و ك يف تتلف أحوال ا ف هجران ا أو‬
‫غشيان ا فإن بيوت أ هل الن عم و الثروة و الوائد ال صبة من ها تك ثر ب ساحتها و أقنيت ها بن ثر‬
‫البوب و سواقط الفتات فيزد حم علي ها غوا شي الن مل و الشاش و يل حق فوق ها ع صائب‬
‫الطيور حتس تروح بطانا و تتلئ شبعا و ريا و بيوت أهسل الصساصة و الفقراء الكاسسدة‬
‫أرزاقهم ل يسري بساحتها دبيب و ل يلق بوها طائر و ل تأوي إل زوايا بيوتم فأرة و ل‬
‫هرة كما قال الشاعر‪:‬‬
‫و تغشى منازل الكرماء‬ ‫تسقط الطي حيث تلتقط الب‬
‫فتأ مل سر ال تعال ف ذلك و اع تب غاش ية النا سي بغاش ية الع جم من اليوانات و فتات‬
‫الوائد بفضلت الرزق و الترف و سهولتها على من يبذلا لستغنائهم عنها ف الكثر لوجود‬
‫أمثالا لديهم و اعلم أن اتساع الحوال و كثرة النعم ف العمران تابع لكثرته و ال سبحانه و‬
‫تعال أعلم و هو غن عن العالي‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف أسعار الدن‬


‫إعلم أن السواق كلها تشتمل على حاجات الناس فمنها الضروري و هي القوات من النطة‬
‫و ما معناها كالباقلء و البصل و الثوم و أشباهه و منها الاجي والكمال مثل الدم و الفواكه‬
‫و الل بس و الاعون و الرا كب و سائر ال صانع والبا ن فإذا ا ستبحر ال صر و ك ثر ساكنة‬
‫رخ صت أ سعار الضروري من القوت و ما ف معناه و غلت أ سعار الكمال من الد ي و‬
‫الفواكه و ما يتبعها و إذا قل ساكن الصر و ضعف عمرانه كان المر بالعكس من ذلك‪ .‬و‬
‫السبب ف ذلك أن البوب من ضرورات القوت فتتوفر الدواعي على اتاذها إذ كل أحد ل‬
‫يهمل قوت نفسه و ل قوت منله لشهر أو سنته فيعم اتاذها أهل الصر أجع أو الكثر منهم‬
‫ف ذلك الصر أو فيما قرب منه ل بد من ذلك‪ .‬و كل متخذ لقوته فتفضل عنه و عن أهل‬
‫بيته فضلة كبية تسد خلة كثيين من أهل ذلك الصر فتفضل القتوات عن أهل الصر من غي‬
‫شك فترخص أسعارها ف الغالب إل ما يصيبها ف بعض السني من الفات السماوية و لول‬
‫احتكار الناس لا لا يتوقع من تلك الفات لبذلت دون ثن و ل عوض لكثرتا بكثرة العمران‪.‬‬
‫و أما سائر الرافق من الدم و الفواكه و ما إليها ل تعم با البلوى و ل يستغرق اتاذها أعمال‬
‫أهسل الصسر أجعيس و ل الكثيس منهسم ثس أن الصسر إذا كان مسستبحرا موفور العمران كثيس‬
‫حاجات الترف توفرت حينئذ الدوا عي على طلب تلك الرافق و ال ستكثار منها كل بسب‬
‫حاله فيق صر الوجود من ها على الاجات ق صورا بالغا و يك ثر ال ستامون ل ا و هي قليلة ف‬
‫نف سها فتزد حم أ هل الغراض و يبذل أ هل الر فه و الترف أثان ا بإ سراف ف الغلء لاجت هم‬
‫إليها أكثر من غيهم فيقع فيها الغلء كما تراه‪ .‬و أما الصنائع و العمال أيضا ف المصار‬
‫الوفورة العمران فسسبب الغلء فيهسا أمور ثلثسة‪ :‬الول كثرة الاجسة لكان الترف فس الصسر‬
‫بكثرة عمرانه‪ ،‬و الثان اعتزاز أهل العمال لدمتهم وامتهان أنفسهم لسهولة العاش ف الدينة‬
‫بكثرة أقواتاس‪ ،‬و الثالث كثرة الترفيس و كثرة حاجاتمس إل امتهان غيهسم و إل اسستعمال‬
‫الصناع ف مهنهم فيبذلون ف ذلك لهل العمال أكثر من قيمة أعمالم مزاحة و منافسة ف‬
‫الستئثار با فيغتر العمال و الصناع و أهل الرف و تغلو أعمالم و تكثر نفقات أهل الصر‬
‫ف ذلك‪ .‬و أما المصار الصغية و القليلة الساكن فأقواتم قليلة لقلة العمل فيها و ما يتوقعونه‬
‫لصغر مصرهم من عدم القوت فيتمسكون با يصل منه ف أيديهم ويتكرونه ف فيعز وجوده‬
‫لدي هم و يغلو ث نه على م ستامه‪ .‬و أ ما مرافق هم فل تد عو إلي ها أيضا حا جة بقلة ال ساكن و‬
‫ضعف الحوال فل تنفق لديهم سوقه فيختص بالرخص ف سعره‪ .‬و قد يدخل أيضا ف قيمة‬
‫القوات قيمة ما يعرض عليها من الكوس و الغارم للسلطان ف السواق و باب الفر و الياة‬
‫ف منا فع و صولا عن البيوعات ل ا ي سهم‪ .‬و بذلك كا نت ال سعار ف الم صار أغلى من‬
‫السسعار فس الباديسة إذ الكوس و الغارم و الفرائض قليلة لديهسم أو معدومسة‪ .‬و كثرتاس قسي‬
‫المصار ل سيما ف آخر الدولة و قد تدخل أيضا ف قيمة القوات قيمة علجها ف الفلح و‬
‫يافظ على ذلك ف أسعارها كما و قع بالندلس لذا العهد‪ .‬و ذلك أنم لا ألأهم النصارى‬
‫إل سيف البحر و بلده التوعرة البيثة الزارعة النكدة النبات وملكوا عليهم الرض الزاكية و‬
‫البلد الطيب فاحتاجوا إل علج الزارع و الفدن ل صلح نباتا و فلحها و كان ذلك العلج‬
‫بأعمال ذات ق يم و مواد من الز بل و غيه ل ا مؤ نة و صارت ف فلح هم نفقات ل ا خ طر‬
‫فاعتبوها ف سعرهم‪ .‬و اختص قطر الندلس بالغلء منذ اضطرهم النصارى إل هذا العمور‬
‫بالسلم مع سواحلها لجل ذلك‪ .‬و يسب الناس إذا سعوا بغلء السعار ف قطرهم أنا لقلة‬
‫القوات و البوب فس أرضهسم و ليسس كذلك فهسم أكثسر أهسل العمور فلحا فيمسا علمناه و‬
‫أقومهم عليه و قل أن يلو منهم سلطان أو سوقة عن فدان أو مزرعة أو فلح إل قليلً من أهل‬
‫ال صناعات و ال هن أو الطراء على الو طن من الغزاة الجاهد ين‪ .‬و لذا يت صهم ال سلطان ف‬
‫عطائهم بالعولة و أقواتم و علوفاتم من الزرع‪ .‬و إنا السبب ف غلء سعر البوب عندهم ما‬
‫ذكرناه‪ .‬و لا كانت بلد الببر بالعكس من ذلك ف زكاء منابتهم و طيب أرضهم ارتفعت‬
‫عنهم الون جلة ف الفلح مع كثرته و عمومته فصار ذلك سببا لرخص القوات ببلدهم و ال‬
‫مقدر الليل والنهار و هو الواحد القهار ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ف قصور أهل البادية عن سكن الصر الكثي العمران‬
‫والسبب ف ذلك أن الصر الكثي العمران يكثر ترفه كما قدمناه و تكثر حاجات ساكنه من‬
‫أجل الترف‪ .‬و تعتاد تلك الاجات لا يدعو إليها فتنقلب ضرورات و تصي فيه العمال كلها‬
‫مع ذلك عزيزة و الرا فق غال ية بازدحام العراض علي ها من أ جل الترف و بالغارم ال سلطانية‬
‫الت توضع على السواق والبياعات و تعتب ف قيم البيعات و يعظهم فيها الغلء ف الرافق و‬
‫أن أوقات والعمال فتكثر لذلك نفقات ساكنه كثرة بالغة على نسبة عمرانه‪ .‬و يعظم خرجه‬
‫فيحتاج حينئذ إل الال الكثيس للنفقسة على نفسسه و عياله فس ضرورات عيشهسم و سسائر‬
‫مؤونت هم‪ .‬والبدوي ل ي كن دخله كثيا ساكنا بكان كا سد ال سواق ف العمال ال ت هي‬
‫سبب الكسب فلم يتأهل كسبا و ل مالً فيتعذر عليه من أجل ذلك سكن الصر الكبي لغلء‬
‫مراف قه و عزة حاجا ته‪ .‬و هو ف بدوه ي سد حاج ته بأ قل العمال ل نه قل يل عوائد الترف ف‬
‫معا شه و سائر مؤون ته فل يض طر إل الال و كل من يتشوف إل ال صر و سكناه من الباد ية‬
‫ف سريعا ما يظ هر عجزه و يفت ضح ف ا ستيطانه إل من يقدم من هم تأ ثل الال و ي صل له م نه‬
‫فوق الا جة و يري إل الغا ية الطبيع ية ل هل العمران من الد عة و الترف فحينئذ ينت قل إل‬
‫الصسر و ينتظسم حالة مسع أحوال أهله فس عوائدهسم و ترفهسم‪ .‬و هكذا شأن بداءة عمران‬
‫المصار‪ .‬و ال بكل شيء ميط‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن القطار ف اختلف أحوالا بالرفه و الفقر مثل المصار‬
‫إعلم أن ما توفر عمرانه من القطار و تعددت المم ف جهاته و كثر ساكنه اتسعت أحوال‬
‫أهله و كثرت أموال م و أم صارهم و عظ مت دول م و مالك هم‪ .‬و ال سبب ف ذلك كله ما‬
‫ذكرناه من كثرة العمال و ما سيأت ذكره من أن ا سبب للثروة ب ا يف صل عن ها ب عد الوفاء‬
‫بالضروريات ف حاجات ال ساكن من الفضلة البال غة على مقدار العمران و كثر ته فيعود على‬
‫الناس كسبا يتأثلونة حسبما نذكر ذلك ف فصل العا ش و بيان الرزق و الكسب فيتزيد الرفه‬
‫لذلك و تتسع الحوال و ييء الترف والغن و تكثر الباية للدولة بنفاق السواق فيكثر مالا‬
‫و يش مخ سلطانا و تتف نن ف اتاذ العا قل و ال صون و اختطاط الدن و تشي يد الم صار‪ .‬و‬
‫اعتب ذلك بأقطار الشرق مثل مصر و الشام و عراق العجم و الند و الصي و ناحية الشمال‬
‫كلها وأقطارها وراء البحر الرومي وعظمت لا كثر عمرانا كيف كثر الال فيهم و عظمت‬
‫دولت هم و تعددت مدن م و حواضر هم و عظ مت متاجر هم و أحوال م‪ .‬فالذي نشاهده لذا‬
‫الع هد من أحوال تار ال مم الن صرانية الوارد ين على ال سلمي بالغرب ف رفه هم و ات ساع‬
‫أحوالم أكثر من أن ييط به الوصف‪ .‬و كذا تار أهل الشرق و ما يبلغنا عن أحوالم و أبلغ‬
‫منها أهل الشرق القصى من عراق العجم و الند و الصي فإنه يبلغنا عنهم ف باب الغن و‬
‫الرفسه غرائب تسسي الركبان بديثهسا و رباس تتلقسى بالنكار فس غالب المسر‪ .‬و يسسب مسن‬
‫يسمعها من العامة أن ذلك لزيادة ف أموالم أو لن العادن الذهبية و الفضية أكثر بأرضهم أو‬
‫لن ذ هب القدم ي من ال مم ا ستأثروا به دون غي هم و ل يس كذلك فمعدن الذ هب الذي‬
‫نعرفه ف هذه القطار إنا هو من بلد السودان و هي إل الغرب أقرب‪ .‬وجيع ما ف أرضهم‬
‫من البضاعة فإنا يلبونه إل غي بلدهم للتجارة‪ .‬فلو كان الال عتيدا موفورا لديهم لا جلبوا‬
‫بضائع هم إل سواهم يبتغون ب ا الموال و ل ا ستغنوا عن أموال الناس بالملة‪ .‬و ل قد ذ هب‬
‫النجمون ل ما رأوا م ثل ذلك وا ستغربوا ما ف الشرق من كثرة الحوال و ات ساعها و وفور‬
‫أموالا فقالوا بأن عطايا الكواكب و السهام ف مواليد الشرق أكثر منها حصصا ف مواليد‬
‫أهل الغرب و ذلك صحيح من جهة الطابقة بي الحكام النجومية و الحوال الرضية كما‬
‫قلناه و هم إنا أعطوا ف ذلك السبب النجومي و بقي عليهم أن يعطوا السبب الرضي و هو‬
‫ما ذكرناه من كثرة العمران و اخت صاصه بأرض الشرق وأقطاره و كثرة العمران تف يد كثرة‬
‫الكسب بكثرة قي العمال الت هي سببه فلذلك اختص الشرق بالرفه من ب ي الفاق ل إن‬
‫ذلك لجرد الثر النجومي‪ .‬فقد فهمت ما أشرنا لك أولً أنه ل يستقل بذلك و أن الطابقة‬
‫بي حكمه و عمران الرض و طبيعتها أمر ل بد منه‪ .‬و اعتب حال هذا الرفه من العمران ف‬
‫قطر أفريقية و برقة لا خف سكنها وتناقص عمرانا كيف تلشت أحوال أهلها وانتهوا إل‬
‫الفقر والصاصه‪ .‬و ضعفت جباياتا فقلت أموال دولا بعد أن كانت دول الشيعة و صنهاجة‬
‫ب ا على ما بل غك من الر فه و كثرة البايات و ات ساع الحوال ف نفقات م و أعطيات م‪ .‬ح ت‬
‫ل قد كا نت الموال تر فع من القيوان إل صاحب م صر لاجا ته و مهما ته و كا نت أموال‬
‫الدولة بيث حل جوهر الكاتب ف سفر إل فتح مصر ألف حل من الال يستعد با لرزاق‬
‫النود و أعطيات م ونفقات الغزاة‪ .‬و ق طر الغرب و أن كان ف القد ي دون أفريق ية فلم ي كن‬
‫بالقليل ف ذلك و كانت أحواله ف دول الوحدين متسعة و جباياته موفورة و هو لذا العهد‬
‫قد أقصر عن ذلك لقصور العمران فيه و تناقصه فقد ذهب من عمران الببر فيه أكثره و نقص‬
‫عن معهوده نقصا ظاهرا مسوسا‪ ،‬و كاد أن يلحق ف أحواله بثل أحوال أفريقية بعد أن كان‬
‫عمرانه متصلً من البحر الرومي إل بلد السودان ف طول ما بي السوس القصى و برقة‪ .‬و‬
‫هي اليوم كلها أو أكثرها قفار و خلء و صحارى إل ما هو منها بسيف البحر أو ما يقاربه‬
‫من التلول و ال وارث الرض ومن عليها و هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف تأثل ا لعقار و الضياع ف المصار و حال فوائدها و مستغلتا‬
‫اعلم أن تأ ثل العقار و الضياع الكثية ل هل الم صار و الدن ل يكون دف عة واحدة و ل ف‬
‫ع صر وا حد إذ ل يس يكون ل حد من هم من الثروة ما يلك به الملك ال ت ترج قيمت ها عن‬
‫الد و لو بلغت أحوالم ف الرفه ما عسى أن تبلغ‪ .‬وإنا يكون ملكهم و تأثلهم لا تدريا أما‬
‫بالوراثة من آبائه و ذوي رحه حت تتأدى أملك الكثيين منهم إل الواحد و أكثر لذلك أو‬
‫أن يكون بوالة ال سواق فإن العقار ف آ خر الدولة و أول الخرى ع ند فناء الام ية و خرق‬
‫ال سياج وتدا عى ال صر إل الراب ت قل الغب طة به لقلة النف عة في ها بتل شي الحوال فتر خص‬
‫قيمت ها و تتملك بالثان الي سية و تتخلى بالياث إل ملك آ خر و قد ا ستجد ال صر شبا به‬
‫باسستفحال الدولة الثانيسة و انتظمست له أحوال رائقسة حسسنة تصسل معهسا الغبطسة فس العقار‬
‫والضياع لكثرة منافعها حينئذ فتعظم قيمها و يكون لا خ طر ل يكن ف الول‪ .‬و هذا معن‬
‫الوالة فيها و يصبح مالكها من أغن أهل الصر و ليس ذلك بسعيه و اكتسابه إذ قدرته تعجز‬
‫عن مثل ذلك‪ .‬و أما فوائد العقار و الضياع فهي غي كافية لالكها ف حاجات معاشه إذ هي‬
‫ل تفي بوائد الترف و أسبابه و إنا هي ف الغالب لسد اللة و ضرورة العاش‪ .‬و الذي سعناه‬
‫من مشي خة البلدان أن الق صد باقتناء اللك من العقار والضياع إن ا هو الش ية على من يترك‬
‫خلفه من الذرية الضعفاء ليكون مرباهم به و رزقه فيه و نشؤهم بفائدته ما داموا عاجزين عن‬
‫الكتساب فإذا اقتدروا على تصيل الكاسب سعوا فيها بأنفسهم و ربا يكون من الولد من‬
‫يع جز عن التك سب لض عف ف بد نه أو آ فة ف عقله العا شي فيكون ذلك العقار قواما لاله‪.‬‬
‫هذا ق صد الترف ي ف اقتنائه‪ .‬و أ ما التمول م نه وإجراء أحوال الترف ي فل‪ .‬و قد ي صل ذلك‬
‫منه للقليل أو النادر بوالة السواق و حصول الكثرة البالغة منه و العال ف جنسه و قيمته ف‬
‫ال صر إل أن ذلك إذا ح صل رب ا امتدت إل يه أع ي المراء و الولة و اغت صبوه ف الغالب أو‬
‫أرادوه على بيعه منهم و نالت أصحابه منه مضار و معاطب و ال غالب على أمره و هو رب‬
‫العرش العظيم‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف حاجات التمولي من أهل المصار إل الاه و الدافعة‬


‫وذلك أن الضري إذا ع ظم توله و ك ثر للعقار و الضياع تأثله و أ صبح أغ ن أ هل ال صر و‬
‫رمقتسه العيون بذلك و انفسسحت أحواله فس الترف و العوائد زاحسم عليهسا المراء و اللوك و‬
‫غ صوا به‪ .‬و ل ا ف طباع الب شر من العدوان ت تد أعين هم إل تلك ما بيده و يناف سونه ف يه و‬
‫يتحيلون على ذلك ب كل م كن ح ت ي صلوه ف رب قة حك مه سلطان و سبب من الؤاخذة‬
‫ظاهر ينتزع به ماله و أكثر الحكام ال سلطانية جائزة ف الغالب إذ العدل ال حض إنا هو ف‬
‫الل فة الشرع ية و هي قليلة الل بث قال صلى ال عل يه و سلم الل فة بعدي ثلثون سنة ث‪.‬‬
‫تعود ملكا عضوضا‪ .‬فل بد حينئذ لصاحب الال و الثروة الشهية ف العمران من حامية تذود‬
‫ع نه و جاه ين سحب عل يه من ذي قرا بة للملك أو خال صة له أو ع صبية يتحاما ها ال سلطان‬
‫في ستظل هو بظل ها و ير تع ف أمن ها من طوارق التعدي‪ .‬و أن ل ي كن له ذلك أ صبح نبا‬
‫بوجوه التخيلت و أسباب الكام‪ .‬و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬
‫الف صل ال سابع ع شر ف أن الضارة ف الم صار من ق بل ا لدول و أن ا تر سخ بات صال‬
‫الدولة ورسوخها‬
‫و السسبب فس ذلك أن الضارة هسي أحوال عاديسة زائدة على الضروري مسن أحوال العمران‬
‫زيادة تتفاوت بتفاوت الرفه و تفاوت المم ف القلة و الكثرة تفاوتا غي منحصر و تقع فيها‬
‫ع ند كثرة التف نن ف أنواع ها و أ صنافها فتكون بنلة ال صنائع و يتاج كل صنف من ها إل‬
‫القومة عليه و الهرة فيه و بقدر ما يتزيد من أصنافها تتزيد أهل‪ .‬صناعتها و يتلون ذلك اليل‬
‫با و مت اتصلت اليام و تعاقبت تلك الصناعات حذق أولئك الصناع ف صناعتهم و مهروا‬
‫ف معرفتها و العصار بطولا و انفساح أمدها و تكرير أمثالا تزيدها استحكاما و رسوخا و‬
‫أكثر ما يقع ذلك ف المصار لستجار العمران و كثرة الرفه ف أهلها‪ .‬و ذلك كله إنا ييء‬
‫من ق بل الدولة لن الدولة ت مع أموال الرع ية و تنفق ها ف بطانت ها و رجال ا وتت سع أحوال م‬
‫بالاه أكثر من أتساعها بالال فيكون دخل تلك الموال من الرعايا و خرجها ف أهل الدولة‬
‫ث ف من تعلق ب م من أ هل ال صر و هم الك ثر فتع ظم لذلك ثروت م ويك ثر غنا هم و تتز يد‬
‫عوائد الترف و مذاهبه و تستحكم لديهم الصنائع ف سائر فنونه و هذه هي الضارة‪ .‬و لذا‬
‫ت د الم صار ال ت ف القا صية و لو كا نت موفورة العمران تغلب علي ها أحوال البداوة و تبعد‬
‫عن الضارة ف جيع مذاهبها بلف الدن التوسطة ف القطار الت هي مركز الدولة و مقرها‬
‫و ما ذاك إل لجاورة السلطان لم و فيض أمواله فيهم كالاء يضر ما قرب منه فما قرب من‬
‫الرض إل أن ينت هي إل الفوف على الب عد و قد قدم نا أن ال سلطان و الدولة سوق للعال‪.‬‬
‫فالبضائع كل ها موجودة ف ال سوق و ما قرب م نه و إذا أبعدت عن ال سوق افتقدت البضائع‬
‫جلة ثس أنسه إذا اتصسلت تلك الدولة و تعاقسب ملوكهسا فس ذلك الصسر واحدا بعسد واحسد‬
‫ا ستحكمت الضارة في هم و زادت ر سوخا و اع تب ذلك ف اليهود ل ا طال ملك هم بالشام‬
‫نوا من ألف و أربعمائة سني ر سخت حضارت م و حذقوا ف أحوال ال عا ش و عوائده و‬
‫التفنن ف صناعاته من الطاعم و اللبس و سائر أحوال النل حت أنا لتؤخذ عنهم ف الغالب‬
‫إل اليوم‪ .‬و رسخت الضارة أيضا و عوائدها ف الشام منهم و من دولة الروم بعدهم ستمائة‬
‫سنة فكانوا ف غا ية الضارة‪ .‬و كذلك أيضا الق بط دام ملك هم ف اللي قة ثل ثة آلف من‬
‫ال سني فر سخت عوائد الضارة ف بلد هم م صر وأعقب هم ب ا ملك اليونان و الروم ث ملك‬
‫السسلم الناسسخ للكسل‪ .‬فلم تزل عوائد الضارة باس متصسلة و كذلك أيضا رسسخت عوائد‬
‫الضارة باليمن لتصال دولة العرب با منذ عهد العمالقة و التبابعة آلفا من السني و أعقبهم‬
‫ملك مصر‪ .‬و كذلك الضارة بالعراق لتصال دولة النبط و الفرس با من لدن الكلدانيي و‬
‫الكيانية و الكسروية و العرب بعدهم آلفا من السني فلم يكن على وجه الرض لذا العهد‬
‫أح ضر من أ هل الشام و العراق و م صر‪ .‬و كذا أيضا ر سخت عوائد الضارة و ا ستحكمت‬
‫بالندلس لتصال الدولة العظيمة فيها للقوط ث ما أعقبها من ملك بن أمية آلفا من السني و‬
‫كلتا الدولتي عظيمة فاتصلت فيها عوائد الضارة و استحكمت‪ .‬و أما أفريقية و الغرب فلم‬
‫يكن با قبل السلم ملك ضخم إنا قطع الفرنة إل أفريقية البحر و ملكوا الساحل و كانت‬
‫طاعة الببر أهل الضاحية لم طاعة غي مستحكمة فكانوا على قلعة و أوفاز و أهل الغرب ل‬
‫تاورهم دولة و إنا كانوا يبعثون بطاعتهم إل القوط من وراء البحر ولا جاء ال بالسلم و‬
‫ملك العرب أفريقية و الغرب ل يلبث فيهم ملك العرب إل قليلً أول السلم و كانوا لذلك‬
‫العهد ف طور البداوة و من استقر منهم بإفريقية والغرب ل يد بما من الضارة ما يقلد فيه‬
‫من سلفة إذ كانوا برابر منغم سي ف البداوة ث انت قض برابرة الغرب الق صى لقرب العهود‬
‫على مي سرة الطفري أيام هشام بن ع بد اللك و ل يراجعوا أ مر العرب ب عد و ا ستقلوا بأ مر‬
‫أنفسهم و إن بايعوا لدريس فل تعد دولته فيهم عربية لن الباير هم الذين تولوها و ل يكن‬
‫من العرب في ها كث ي عدد و بق يت أفريق ية للغال بة و من إلي هم من العرب فكان ل م من‬
‫الضارة بعض الشيء با حصل لم من ترف اللك و نعيمه و كثرة عمران القيوان و ورث‬
‫ذلك عنهم كتامة ث صنهاجة من بعد هم و ذلك كله قل يل ل يبلغ أربعمائة سنة و ان صرمت‬
‫دولت هم و ا ستحالت صبغة الضارة ب ا كا نت غ ي م ستحكمة و تغلب بدو العرب الللي ي‬
‫عليها و خربوها و بقي أثر خفي من حضارة العمران فيها و إل هذا العهد يونس فيمن سلف‬
‫له بالقل عة أو القيوان أو الهد ية سلف فت جد له من الضارة ف شؤن منله و عوائد أحواله‬
‫آثارا ملتبسة بغيها ييزها الضري البصي با و كذا ف أكثر أمصار أفريقية و ليس كذلك ف‬
‫الغرب و أمصاره لرسوخ الدولة بأفريقية أكثر أمدا منذ عند الغالبة و الشيعة وصنهاجة و أما‬
‫الغرب فانتقل إليه منذ دولة الوحدين من الندلس حظ كبي من الضارة و استحكمت به‬
‫عوائد ها ب ا كان لدولت هم م ن ال ستيلء على بلد الندلس و انت قل الكث ي من أهل ها إلي هم‬
‫طوعا و كرها و كا نت من ات ساع النطاق ما عل مت فكان في ها حظ صال من الضارة و‬
‫استحكامها و معظمها من أهل الندلس ث انتقل أهل شرف الندلس عند جالية النصارى إل‬
‫أفريقية فأبقوا فيها وبأمصارها من الضارة آثارا و معظمها بتونس امتزجت بضارة مصر و‬
‫ما ينقله السافرون من عوائدها فكان بذلك للمغرب و أفريقية حظ صال من الضارة عفي‬
‫عل يه اللء و ر جع إل أعقا به و عاد الببر بالغرب إل أديان م من البداوة و الشو نة و على‬
‫كسل حال فآثار الضارة بإفريقيسة أكثسر منهسا بالغرب و أمصساره لاس تداول فيهسا مسن الدول‬
‫السالفة أكثر من الغرب و لقرب عوائدهم من عوائد أهل مصر بكثرة الترددين بينهم‪ .‬فتفطن‬
‫لذا السر فإنه خفي عن الناس‪ .‬و اعلم أنا أمور متناسبة و هي حال الدولة ف القوة و الضعف‬
‫و كثرة ال مة أو ال يل و ع ظم الدي نة أو ال صر و كثرة النع مة و الي سار و ذلك أن الدولة و‬
‫اللك صورة الليفة و العمران وكلها مادة لا من الرعايا و المصار و سائر الحوال و أموال‬
‫الباية عائدة عليهم ويسارهم ف الغالب من أسواقهم و متاجرهم و إذا أفاض السلطان عطاءه‬
‫و أمواله ف أهلها انبثت فيهم و رجعت إليه ث إليهم منه فهي ذاهبة عنهم ف الباية و الراج‬
‫عائدة عليهسم فس العطاء فعلى نسسبة حال الدولة يكون يسسار الرعايسا و على يسسار الرعايسا و‬
‫كثرت م يكون مال الدولة و أ صله كله العمران و كثر ته فاع تبه و تأمله ف الدول تده و ال‬
‫يكم و ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن الضارة غاية العمران و ناية لعمره و أنا مؤذنة بفساده‬
‫قسد بينسا لك فيمسا سسلف أن اللك و الدولة غايسة للعصسبية و أن الضارة غايسة للبداوة و أن‬
‫العمران كله من بداوة و حضارة و ملك و سوقة له ع مر م سوس ك ما أن للش خص الوا حد‬
‫من أشخاص الكونات عمرا مسوسا و تبي ف العقول والنقول أن الربعي للنسان غاية ف‬
‫تزايد قواه و نوها و أنه إذا بلغ سن الربعي و قفت الطبيعة عن أثر النشوء و النمو برهة ث‬
‫تأ خذ ب عد ذلك ف النطاط‪ .‬فلتعلم أن الضارة ف العمران أيضا كذلك ل نه غا ية ل مز يد‬
‫وراءها و ذلك أن الترف و النعمة إذا حصل لهل العمران دعاهم بطبعه إل مذاهب الضارة‬
‫و التخلق بعوائدها و الضارة كما علمت هي التفنن ف الترف و استجاده أحواله و الكلف‬
‫بالصنائع الت تؤنق من أصنافه و سائر فنونه من الصنائع الهيئة للمطابخ أو اللبس أو البان أو‬
‫الفرش أو النية و لسائر أحوال النل‪ .‬و للتأنق ف كل واحد من هذه صنائع كثية ل يتاج‬
‫إلي ها ع ند البداوة و عدم التأ نق في ها‪ .‬و إذا بلغ أن التأ نق ف هذه الحوال النل ية الغا ية تب عه‬
‫طاعة الشهوات فتتلون النفس من تلك العوائد بألوان كثية ل يستقيم حالا معها ف دينها و‬
‫ل دنياها أما دينها فلستحكام صبغة العوائد الت يعسر نزعها و أما دنياها فلكثرة الاجات و‬
‫الؤنات ائت تطالب با العوائد و يعجز و ينكب عن الوفاء با‪ .‬و بيانه أن‪ ،‬الصر بالتفنن ف‬
‫الضارة تعظسم نفقات أهله و الضارة تتفاوت بتفاوت العمران فمتس كان العمران أكثسر‬
‫كا نت الضارة أك مل‪ .‬و قد ك نا قدم نا أن ال صر الكث ي العمران ي تص بالغلء ف أ سواقه و‬
‫أشعار حاجته‪ .‬ث تزيدها الكوس غلة لن الضارة إنا تكون عند انتهاء الدولة ف استفحالا‬
‫و هسو زمسن وضسع الكوس فس الدول لكثرة خرجهسا حينئذ كمسا تقدم‪ .‬و الكوس تعود إل‬
‫البياعات بالغلء لن السوقة و التجار كلهم يتسبون على سلعهم و بضائعهم جيع ما ينفقونه‬
‫حت ف مؤنة أنفسهم فيكون الكس لذلك داخلً ف قيم البيعات و أثانا‪ .‬فتعظم نفقات أهل‬
‫الضارة و ترج عن الق صد إل ال سراف‪ .‬و ل يدون و لي جة عن ذلك ل ا ملك هم من أ ثر‬
‫العوائد و طاعت ها و تذ هب مكا سبهم كل ها ف النفقات و يتتابعون ف الملق و الا صة و‬
‫يغلب علي هم الف قر و ي قل ال ستامون للبضائع فتك سد ال سواق و يف سد حال الدي نة و داع ية‬
‫ذلك كله إفراط الضارة و الترف‪ .‬و هذه مفسسدات فس الدينسة على العموم فس السسواق و‬
‫العمران‪ .‬و أ ما ف ساد أهل ها ف ذات م واحدا واحدا على ال صوص ف من ال كد و الت عب ف‬
‫حاجات العوائد و التلون بألوان الشسر فس تصسيلها و مسا يعود على النفسس مسن الضرر بعسد‬
‫تصيلها بصول لون آخر من ألوانا‪ .‬فلذلك يكثر منهم الفسق و الشر و السفسفة و التحيل‬
‫على ت صيل العاش من وج هه و من غ ي وج هه‪ .‬و تن صرف الن فس إل الف كر ف ذلك و‬
‫الغوص عل يه و ا ستجماع اليلة له فتجد هم أجرياء على الكذب و القامرة و ال غش و الل بة‬
‫و ال سرقة و الفجور ف اليان و الر با ف البياعات ث تد هم لكثرة الشهوات و اللذ الناشئة‬
‫عن الترف أبصر بطرق الفسق و مذاهبه و الجاهرة به و بداوعيه و اطراح الشمة ف الوض‬
‫فيه حت بي القارب و ذوي الرحام و الحارم الذين تقتضي البداوة الياء منهم ف القذاع‬
‫بذلك‪ .‬و تدهم أيضا أبصر بالكر و الديعة يدفعون بذلك ما عساه أن ينالم من القهر و ما‬
‫يتوقعونه من العقاب على تلك القبائح حت يصي ذلك عادة و خلقا لكثرهم إل من عصمه‬
‫ال‪ .‬و يوج ب ر الدي نة بال سفلة من أ هل الخلق الذمي مة و ياري هم في ها كث ي من ناشئة‬
‫الدولة وولدانم من أهل عن التأديب و أهلته الدولة من عدادها و غلب عليه خلق الوار و‬
‫إن كانوا أهل أنساب و بيوتات و ذلك أن الناس بشر متماثلون و إنا تفاضلوا و تيزوا باللق‬
‫و اكتساب الفضائل و اجتناب الرذائل‪ .‬فمن استحكمت فيه صبغة الرذيلة بأي وجه كان‪ ،‬و‬
‫فسد خلق الي فيه‪ ،‬ل ينفعه زكاء نسبه و ل طيب منبته‪ .‬و لذا تد كثيا من أعقاب البيوت‬
‫و ذوي الح ساب و ال صالة و أ هل الدول منطرح ي ف الغمار منتحل ي للحرف الدنيئة ف‬
‫معاشهم با فسد من أخلقهم و ما تلونوا به من صبغة الشر و السفسفة و إذا كثر ذلك ف‬
‫الدي نة أو ال مة تأذن ال براب ا و انقراض ها و هو مع ن قوله تعال‪ :‬و إذا أرد نا أن نلك قر ية‬
‫أمر نا مترفي ها فف سقوا في ها ف حق علي ها القول فدمرنا ها تدميا‪ .‬و وج هه حينئذ إن مكا سبهم‬
‫حينئذ ل ت في باجات م لكثرة العوائد و مطال بة الن فس ب ا فل ت ستقيم أحوال م‪ .‬و إذا ف سدت‬
‫أحوال الشخاص واحدا واحدا اخ تل نظام الدي نة و خر بت وهذا مع ن ما يقوله ب عض أ هل‬
‫الواص أن الدينة إذا كثر فيها غرس النارنج تأذنت بالراب حت أن كثيا من العامة يتحامى‬
‫غرس النار نج بالدور تطيا به‪ .‬و ل يس الراد ذلك و ل أ نه خا صية ف النار نج و إن ا معناه أن‬
‫البساتي وإجراء الياه هو من توابع الضارة‪ .‬ث أن النارنج و اللية و السرو و أمثال ذلك ما ل‬
‫ط عم ف يه و ل منفعة هو من غا ية الضارة إذ ل يق صد ب ا ف الب ساتي إل أشكالا ف قط ول‬
‫تغرس إل ب عد التف نن ف مذا هب الترف‪ .‬و هذا هو الطور الذي ي شى م عه هلك ال صر و‬
‫خرابه كما قلناه‪ .‬و لقد قيل مثل ذلك ف الدفلى و هو من هذا الباب إذ الدفلى ل يقصد با‬
‫إل تلون البساتي بنورها ما بي أحر وأبيض و هو من مذاهب الترف‪ .‬و من مفاسد الضارة‬
‫النماك فس الشهوات و السسترسال فيهسا لكثرة الترف فيقسع التفنسن فس شهوات البطسن مسن‬
‫الآ كل و اللذ و الشارب وطيب ها‪ .‬و يت بع ذلك التف نن ف شهوات الفرج بأنواع النا كح من‬
‫الز نا و اللواط‪ ،‬فيف ضي ذلك إل ف ساد النوع‪ .‬إ ما بوا سطة اختلط الن ساب ك ما ف الز نا‪،‬‬
‫فيجهل كل واحد ابنه‪ ،‬إذ هو لغي رشدة‪ ،‬لن الياه متلطة ف الرحام‪ ،‬فتفقد الشفقة الطبيعية‬
‫على البنيس و القيام عليهسم فيهلكون‪ ،‬و يؤدي ذلك إل انقطاع النوع‪ ،‬أو يكون فسساد النوع‬
‫بغي واسطة‪ ،‬كما ف اللواط الؤدي إل عدم النسل رأسا و هو أشد ف فساد النوع‪ .‬و الزنا‬
‫يؤدي إل عدم ما يوجد منه‪ .‬و لذلك كان مذهب مالك رحه ال ف اللواط أظهر من مذهب‬
‫غيه‪ ،‬و دل على أنه أبصر بقاصد الشريعة واعتبارها للمصال‪.‬‬
‫فاف هم ذلك و اع تب به أن غا ية العمران هي الضارة و الترف و أ نه إذا بلغ غاي ته انقلب إل‬
‫الفسساد و أخسذ فس الرم كالعمار الطبيعيسة للحيوانات‪ .‬بسل نقول إن الخلق الاصسلة مسن‬
‫الضارة و الترف هي ع ي الف ساد لن الن سان إن ا هو إن سان باقتداره على جلب مناف عه و‬
‫د فع مضاره و ا ستقامة خل قه لل سعي ف ذلك‪ .‬و الضري ل يقدر على مباشر ته حاجا ته أ ما‬
‫عجزا ل ا ح صل له من الد عة أو ترفا ل ا ح صل من الر ب ف النع يم و الترف و كل المر ين‬
‫ذميم‪ .‬و كذلك ل يقدر على دفع الضار و استقامة خلقه للسعي ف ذلك‪ .‬و الضري با قد‬
‫فقد من خلق النسان بالترف و النعيم ف قهر التأديب و التعلم فهو بذلك عيال على الامية‬
‫الت تدافع عنه‪ .‬ث هو فاسد أيضا غالبا با فسدت منه العوائد و طاعتها ف ما تلونت به النفس‬
‫من مكانتها كما قررناه إل ف القل النادر‪ .‬و إذا فسد النسان ف قدرته على أخلقه و دينه‬
‫فقد فسدت إنسانيته و صار مسخا على القيقة‪ .‬و بذا العتبار كان الذين يتقربون من جند‬
‫ال سلطان إل البداوة و الشو نة أنفع من الذ ين يتربون على الضارة و خلق ها‪ .‬موجودون ف‬
‫كسل دولة‪ .‬فقسد تسبي أن الضارة هسي سسن الوقوف لعمسر العال فس العمران و الدولة و ال‬
‫سبحانه و تعال كل يوم هو ف شأن ل يشغله شأن عن شأن‪.‬‬

‫الفصال التاساع عشار فا أن المصاار التا تكون كراساي للملك ترب براب الدولة‬
‫وانقراضها‬
‫قسد اسستقرينا فس العمران أن الدولة إذا اختلت و انتقصست فإن الصسر الذي يكون كرسسيا‬
‫لسسلطانا ينتقسض عمرانسه و رباس ينتهسي فس انتقاضسه إل الراب و ل يكاد ذلك يتخلف‪ .‬و‬
‫السبب فيه أمور‪ :‬الول أن الدولة ل بد ف أولا من البداوة القتضية للتجاف عن أموال الناس‬
‫و الب عد عن التحذلق‪ .‬و يد غو ذلك إل تف يف البا ية و الغارم‪ .‬ال ت من ها مادة الدولة فت قل‬
‫النفقات و يقل الترف فإذا صار الصر الذي كان كرسيا للملك ف ملكة هذه الدولة التجددة‬
‫و نق صت أحوال الترف في ها ن قص الترف في من ت ت أيدي ها من أ هل ال صر لن الرعا يا ت بع‬
‫الدولة فيجعون إل خلق الدولة أ ما طوعا ل ا ف طباع الب شر من تقل يد متبوع هم أو كرها ل ا‬
‫يد عو إل يه خلق الدولة من النقباض عن الترف ف جيع الحوال و قلة الفوائد الت هي مادة‬
‫العوائد فتقصر لذلك حضارة الصر و يذهب معه كثي من عوائد الترف‪ .‬و هو معن ما نقول‬
‫ف خراب الصر‪ .‬المر الثان أن الدولة إنا يصل لا اللك و الستيلء بالغلب‪ ،‬و إنا يكون‬
‫بعسد العداوة و الروب‪ .‬و العداوة تقتضسي منافاة بيس أهسل الدولتيس و تكثسر إحداهاس على‬
‫الخرى فس العوائد والحوال‪ .‬و غلب أحسد التنافييس يذهسب بالنافس الخسر فتكون أحوال‬
‫الدولة السابقة منكرة عند أهل الدولة الديدة و مستبشعة و قبيحة‪ .‬و خصوصا أحوال الترف‬
‫فتفقد ف عرفهم بنكي الدولة لا حت تنشأ لم بالتدريج عوائد أخرى من الترف فتكون عنها‬
‫حضارة مستأنفة‪ .‬و فيما بي ذلك قصور الضارة الول ونقصها و هو معن اختلل العمران‬
‫ف الصر‪ .‬المر الثالث أن كل أمة ل بد لم من وطن و هو منشآهم و منه أولية ملكهم‪ .‬و‬
‫إذا ملكوا ملكا آخسر صسار تبعا للول وأمصساره تابعسة لمصسار الول‪ .‬و أتسسع نطاق اللك‬
‫عليهم‪ .‬و ل بد من توسط الكرسي بي توم المالك الت للدولة لنه شبه الركز للنطاق فيبعد‬
‫مكا نه عن مكان الكر سي الول و توي أفئدة الناس من أ جل الدولة و ال سلطان فينت قل إل يه‬
‫العمران و يف من مصر الكرسي الول‪ .‬و الضارة إنا هي توفر العمران كما قدمناه فتنقص‬
‫حضارته و تدنه‪ .‬و هو معن اختلله‪ .‬و هذا كما وقع للسلجوقية ف عدولم بكرسيهم عن‬
‫بغداد إل أصبهان و للعرب قبلهم ف العدول عن الدائن إل الكوفة و البصرة‪ ،‬و لبن العباس‬
‫ف العدول عن دم شق إل بغداد و لب ن مر ين بالغرب ف العدول عن مرا كش إل فاس‪ .‬و‬
‫بالملة فاتاذ الدولة الكر سي ف م صر ي ل بعمران الكر سي الول‪ .‬ال مر الرا بع أن الدولة‬
‫الثانية ل بد فيها من أهل الدولة السابقة و أشياعها بتحويلهم إل قطر آخر هو من فيه غائلتهم‬
‫على الدولة و أكثر أهل الصر الكرسي أتباع الدولة‪ .‬أما من الامية الذين نزلوا به أول الدولة‬
‫أو أعيان ال صر لن ل م ف الغالب مال طة للدولة على طبقات م و تنوع أ صنافهم‪ .‬بل أكثر هم‬
‫نا شئ ف الدولة ف هم شي عة ل ا‪ .‬و إن ل يكونوا بالشو كة والع صبية ف هم بال يل و الح بة و‬
‫العقيدة‪ .‬و طبي عة الدولة التجددة م و آثار الدولة ال سابقة فينقل هم من م صر الكر سي إل و‬
‫طنها التمكن ف ملكتها‪ .‬فبعضهم على نوع التغريب و البس و بعضهم على نوع الكرامة و‬
‫التلطف بيث ل يؤدي إل النفرة حت ل يبقى ف مصر الكرسي إل الباعة و المل من أهل‬
‫الفلح و العيارة و سواد العامة و ينل مكانم حاميتها و أشياعها من يشتد به الصر وإذا ذهب‬
‫من ال صر أعيان م على طبقات م ن قص ساكنه و هو مع ن اختلل عمرا نه‪ .‬ث ل بد من أن‬
‫يستجد عمران آخر ف ظل الدولة الديدة و تصل فيه حضارة أخرى على قدر الدولة‪ .‬و إنا‬
‫ذلك بثابة من له بيت على أوصاف مصوصة فاظهر من قدرته على تغيي تلك الوصاف و‬
‫إعادة بنائ ها على ما يتاره و يقتر حه فيخري ذلك الب يت ث يع يد بناءه ثانيا‪ .‬و قد و قع من‬
‫ذلك كثيس فس المصسار التس هسي كراسسي للملك و شاهدناه‪ .‬و عرفناه و ال يقدر الليسل و‬
‫النهار‪ .‬و السبب الطبيعي الول ف ذ لك على الملة أن الدولة و اللك للعمران بثابة الصورة‬
‫للمادة و هو الشكل الافظ بنوعه لوجودها‪ .‬و قد تقرر ف علوم الكمة أنه ل يكن انفكاك‬
‫أحدها عن الخر‪ .‬فالدولة دون العمران ل تتصور و العمران دون الدولة و اللك متعذر لا ف‬
‫طباع البشر من العدوان الداعي إل الوازع فتتعي السياسة لذلك أما الشريعة أو اللكية و هو‬
‫مع ن الدولة و إذا كا نا ل ينفكان فاختلل أحده ا ف مؤ ثر ف اختلل ال خر ك ما أن عد مه‬
‫مؤثر ف عدمه و اللل العظيم إنا يكون من خلل الدولة الكلية مثل دولة الروم أو الفرس أو‬
‫العرب على العموم أو ب ن أم ية أو ب ن العباس كذلك‪ .‬و أ ما الدولة الشخ صية م ثل دولة أ نو‬
‫شروان أو هر قل أو ع بد اللك بن مروان أو الرش يد فأشخا صها متعاق بة على العمران حاف ظة‬
‫لوجوده و بقائه و قري بة الش به بعض ها من ب عض فل تؤ ثر كث ي اختلل لن الدولة بالقي قة‬
‫الفاعلة ف مادة العمران إن ا هي الع صبية و الشو كة و هي م ستمرة على أشخاص الدولة فإذا‬
‫ذهبت تلك العصبية و دفعتها عصبية أخرى مؤثرة ف العمران ذهبت أهل الشوكة بأجعهم و‬
‫عظم اللل كما قررناه أولً و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬
‫الفصل العشرون ف اختصاص بعض المصار ببعض الصنائع دون بعض‬
‫وذلك أ نه من الب ي أن أعمال أ هل ال صر ي ستدعي بعض ها بعضا ل ا ف طبي عة العمران من‬
‫التعاون و ما ي ستدعي من العمال ي تص بب عض أ هل ال صر فيقومون عل يه و ي ستبصرون ف‬
‫صناعته و يت صون بوظيف ته و يعلون معاش هم ف يه و رزق هم م نه لعموم البلوى به ف ال صر‬
‫والاجة إليه‪ .‬و ما ل تستدعي ف الصر يكون غفلً إذ ل فائدة لنتحله ف الحتراف به‪ .‬و ما‬
‫يستدعي من ذلك لضرورة العاش فيوجد ف كل مصر كالياط و الداد و النجار وأمثالا و‬
‫ما يستدعي لعوائد الترف وأحواله فإنا يوجد ف الدن الستبحرة ف العمارة الخذة ف عوائد‬
‫الترف والضارة مثسل الزجاج و الصسائغ و الدهان و الطباخ و الصسفار و السسفاج و الفراش‬
‫والذباح و أمثال هذه و هسي متفاوتسة‪ .‬و بقدر مسا تزيسد الضارة و تسستدعي أحوال الترف‬
‫تدث صنائع لذلك النوع فتوجد بذلك الصر دون غيه و من هذا الباب المامات لنا إنا‬
‫تو جد ف الم صار ال ستحضرة ال ستبحرة العمران ل ا يد عو إل يه الترف و الغ ن من التن عم و‬
‫لذلك ل تكون ف الدن التو سطة‪ .‬و أن نزع ب عض اللوك و الرؤ ساء إلي ها فيختط ها و يري‬
‫أحوال ا‪ .‬إل أن ا إذا ل ت كن ل ا داع ية من كافة الناس ف سرعان ما تجر و ترب و ت فر عنها‬
‫القومة لقلة فائدتم ومعاشهم منها‪ .‬و ال يقبض و يبسط‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف و جود العصبية ف المصار و تغلب بعضهم على بعض‬
‫من البي أن اللتحام أو التصال موجود ف طباع البشر و أن ل يكونوا أهل نسب واحد إل‬
‫أنه كما قدمناه أضعف ما يكون بالنسب و أنه تصل به العصبية بعضا ما تصل بالنسب‪ .‬و‬
‫أ هل الم صار كث ي من كم ملتحمون بال صهر يذب بعض هم بعضا إل أن يكونوا لما لما و‬
‫قرا بة قرا بة و ت د بين هم من العداوة وال صداقة ما يكون ب ي القبائل و العشائر مثله فيفترقون‬
‫شيعا و عصائب فإذا نزل الرم بالدولة و تقلص ظل الدولة عن القاصية احتاج أهل أمصارها‬
‫إل القيام على أمرهم و النظر ف حاية بلدهم و رجعوا إل الشورى و تيز العلية عن السفلة و‬
‫النفوس بطباعهسا متطاولة إل الغلب و الرئاسسة فتطمسح الشيخسة للء الوس مسن السسلطان و‬
‫الدولة القاهرة إل الستبداد و تنازع كل صاحبه و يستوصلون بالتباع من الوال و الشيع و‬
‫الحلف و يبذلون مسا فس أ يديهسم للوغاد و الوشاب فيعصسوصب كسل لصساحبه و يتعيس‬
‫الغلب لبعضهم فيعطف على أكفائه ليقص من أعنتهم و يتتبعهم بالقتل أو التغريب حت يضد‬
‫منهم الشوكات النافذة و يقلم الظفار الادشة و يستبد بصر أجع و يرى أنه قد استحدث‬
‫ملكا يورثه عقبه فيحدث ف ذلك اللك الصغر ما يدث ف اللك العظم من عوارض الدة‬
‫والرم و رباس يسسمو بعسض هؤلء إل مناخ اللوك العاظسم أصسحاب القبائل والعشائر و‬
‫العصبيات و الزحوف و الروب و القطار و المالك فينتحلون با من اللوس على السرير و‬
‫اتاذ اللة و إعداد الوا كب لل سي ف أقطار البلد و التخ تم والتح ية و الطاب بالتهو يل ما‬
‫يسخر منه من يشاهد أحوالم لا انتحلوه من شارات اللك الت ليسوا لا بأهل‪ .‬إنا دفعهم إل‬
‫ذلك تقلص الدولة و التحام بعض القرابات حت صارت عصبية‪ .‬و قد يتنه بعضهم عن ذلك‬
‫و يري على مذ هب ال سذاجة فرارا من التعر يض بنف سه لل سخرية و الع بث‪ .‬و قد و قع هذا‬
‫بأفريق ية لذا الع هد ف آ خر الدولة الف صية ل هل بلد الر بد من طرابلس وقا بس و تؤزر و‬
‫نفطة و قفصة و بسكرة و الزاب و ما إل ذلك‪ .‬سوا إل مثلها عند تقلص ظل الدولة عنهم‬
‫م نذ عقود من ال سني فا ستغلبوا على أم صارهم و ا ستبدوا بأمر ها على الدولة ف الحكام و‬
‫البا ية‪ .‬و أعطوا طا عة معرو فة و صفقة مر ضة و أقطعو ها جانبا من اللي نة و اللط فة و‬
‫النقياد و هم بعزل عنه‪ .‬و أورثوا ذلك أعقابم لذا العهد‪ .‬و حدث ف خلفهم من الغلظة و‬
‫التجسب مسا يدث لعقاب اللوك و خلفهسم و نظموا أنفسسهم فس عداد السسلطي على قرب‬
‫عهد هم بال سوقة ح ت م ا ذلك مول نا أم ي الؤمن ي أ بو العباس و انتزع ما كان بأيدي هم من‬
‫ذلك ك ما نذكره ف أخبار الدولة‪ .‬و قد كان م ثل ذلك و قع ف آ خر الدولة ال صنهاجية‪ .‬و‬
‫ا ستقل بأم صار الر يد أهل ها و ا ستبدوا على الدولة ح ت انتزع ذلك من هم ش يخ الوحد ين‬
‫وملكهم عبد الؤمن بن علي و نقلهم من إماراتم با إل الغرب و ما من تلك البلد آثارهم‬
‫كما نذكر ف أخباره‪ .‬و كذا و قع بسبتة لخر دولة بن عبد الؤمن‪.‬‬
‫وهذا التغلب يكون غالبا فس أهسل السسروات و البيوتات الرشحيس للمشيخسة و الرئاسسة فس‬
‫ال صر‪ ،‬و قد يدذث التغلب لب عض ال سفلة من الغوغاء والدهاء‪ .‬و إذا ح صلت له الع صبية و‬
‫اللتحام بالوغاد لسسباب يرهسا له القدار فيتغلب على الشيخسة والعليسة إذا كانوا فاقديسن‬
‫للعصابة و ال سبحانه و تعال غالب على أمره‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون ف لغات أهل المصار‬


‫إعلم أن لغات أهل المصار إنا تكون بلسان المة أو اليل الغالبي عليها أو الختطي لا و‬
‫لذلك كا نت لغات الم صار ال سلمية كل ها بالشرق و الغرب لذا الع هد عرب ية و أن كان‬
‫الل سان العر ب ال صري قد ف سدت ملك ته و تغ ي إعرا به وال سبب ف ذلك ما و قع للدولة‬
‫ال سلمية من الغلب على ال مم و الد ين و اللة صورة للوجود و للملك‪ .‬و كل ها مواد له و‬
‫ال صورة مقد مة على الادة و الد ين إن ا ي ستفاد من الشري عة و هي بل سان العرب ل ا أن ال نب‬
‫صلى ال عليه و سلم عرب فوجب هجر ما سوى اللسان العرب من اللسن ف جيع مالكها‪.‬‬
‫و اع تب ذلك ف ن ي ع مر ر ضي ال ع نه عن بطالة العا جم و قال إن ا خب‪ .‬أي م كر و‬
‫خدي عة‪ .‬فل ما ه جر الد ين اللغات العجم ية و كان ل سان القائم ي بالدولة ال سلمية عربيا‬
‫هجرت كل ها ف ج يع مالك ها لن الناس ت بع لل سلطان و على دي نه ف صار ا ستعمال الل سان‬
‫العرب من شعائر السلم و طاعة العرب‪ .‬و هجر المم لغاتم و ألسنتهم ف جيع المصار‬
‫والمالك‪ .‬و صار الل سان العر ب ل سانم ح ت ر سخ ذلك ل غة ف ج يع أم صارهم ومدن م و‬
‫صارت الل سنة العجم ية دخيلة في ها و غري بة‪ .‬ث ف سد الل سان العر ب بخالطت ها ف ب عض‬
‫أحكامه و تغي أواخره و إن كان بقي ف الدللت على أصله وسي لسانا حضريا ف جيع‬
‫أمصار السلم‪ .‬و أيضا فأكثر أهل المصار ف اللة لذا العهد من أعقاب العرب الالكي لا‪،‬‬
‫الالك ي فس ترفهسا ب ا كثروا الع جم الذ ين كانوا ب ا و ورثوا أرضهسم و ديار هم‪ .‬و اللغات‬
‫متوار ثة فبق يت ل غة العقاب على حيال ل غة الباء و إن ف سدت أحكام ها بخال طة العجام‬
‫شيئا فشيئا‪ .‬و سيت لغتهم حضرية منسوبة إل أهل الواضر و المصار بلف لغة البدو من‬
‫العرب فإناس كانست أعرق فس العروبيسة و لاس تلك العجسم مسن الديلم و السسلجوقية بعدهسم‬
‫بالشرق‪ ،‬و زناتة و الببر بالغرب‪ ،‬و صار لم اللك و الستيلء على جيع المالك السلمية‬
‫فسد اللسان العرب لذلك و كاد يذهب لول ما حف ظه من عنا ية السلمي بالكتاب و السنة‬
‫اللذين بما حفظ الدين و سار ذلك مرجحا لبقاء اللغة العربية الصرية من الشر و الكلم إل‬
‫ل بالمصسار فلمسا ملك التتسر والغول بالشرق و ل يكونوا على ديسن السسلم ذهسب ذلك‬ ‫قلي ً‬
‫الرجح و فسدت اللغة العربية على الطلق و ل يبق لا رسم ف المالك السلمية بالعراق و‬
‫خرا سان وبلد فارس و أرض النسد و ال سند و ما وراء الن هر و بلد الشمال و بلد الروم و‬
‫ذهبت أسابيب اللغة العربية من الشعر و الكلم إل قليلً يقع تعليمه صناعيا بالقواني التدارسة‬
‫من كلم العرب و حفظ كلمهم لن يسره ال تعال لذلك‪ .‬و ربا بقيت اللغة العربية الصرية‬
‫بصر والشام و الندلس و بالغرب لبقاء الدين طلبا لا فانفظت ببعض الشيء و أما ف مالك‬
‫العراق و مسا وراءه فلم يبسق له أثسر و ل عيس حتس إن كتسب العلوم صسارت تكتسب باللسسان‬
‫العج مي و كذا تدري سه ف الجالس و ال أعلم بال صواب‪ .‬و ال مقدر الل يل و النهار‪ .‬صلى‬
‫ال على سيدنا ممد و آله و صحبه و سلم تسليما كثيا دائما أبدا إل يوم الدين و المد ل‬
‫رب العالي‪.‬‬

‫الباب الامس من الكتاب الول ف العاش و وجوبه من الكسب و الصنائع و ما يعرض‬


‫ف ذلك كله من الحوال و فيه مسائل‬

‫الف صل الول ف حقي قة الرزق و الك سب و شرحه ما و أن الك سب هو قي مة العمال ا‬


‫لبشرية‬
‫إعلم أن الن سان مفت قر بالط بع إل ما يقو ته و يو نة ف حال ته و أطواره من لدن نشوءه إل‬
‫أشده إل كبه و ال الغن و أنتم الفقراء و ال سبحانه خلق جيع ما ف العال للنسان و امت‬
‫به عليه ف غي ما آية من كتابه فقال‪ :‬خلق لكم ما ف السماوات وما ف الرض جيعا منه و‬
‫سخر لكم البحر و سخر لكم الفلك و سخر لكم النعام‪ .‬و كثي من شواهده‪ .‬و يد النسان‬
‫مب سوطة على العال و ما ف يه ب ا ج عل ال له من ال ستخلف‪ .‬و أيدي الب شر منتشرة ف هي‬
‫مشتركة ف ذلك‪ .‬و ما حصل عليه يد هذا امتنع عن الخر إل بعوض‪ .‬فالنسان مت اقتدر‬
‫على نف سه و تاوز طور الض عف سعى ف اقتناء الك سب لين فق ما آتاه ال من ها ف ت صيل‬
‫حاجاته و ضروراته بدفع العواض عنها‪ .‬قال ال تعال‪ :‬فابتغوا عند ال الرزق و قد يصل له‬
‫ذلك بغ ي سعي كال طر ال صلح للزرا عة و أمثاله‪ .‬إل أن ا إن ا تكون معي نة و ل بد من سعيه‬
‫معها كما يأت فتكون له‪ .‬تلك الكاسب معاشا إن كانتا بقدار الضرورة و الاجة و رياشا و‬
‫متمولً إن زادت على ذلك‪ .‬ثس إن ذلك الاصسل أو القتنس إن عادت منفعتسه على العبسد و‬
‫حصلت له ثرته من إنفاقه ف مصاله و حاجاته سي ذلك رزقا‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪:‬‬
‫إنا لك من مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت و إن ل ينتفع به ف‬
‫شيء من مصاله و ل حاجاته فل يسمى بالنسبة إل الالك رزقا و التملك منه حينئذ بسعي‬
‫الع بد و قدر ته ي سمى ك سبا‪ .‬و هذا م ثل التراث فإ نه ي سمى بالن سبة إل الالك ك سبا و ل‬
‫ي سمى رزقا إذ ل ي صل به منت فع و بالن سبة إل الوارث ي م ت انتفعوا به ي سمى رزقا‪ .‬هذا‬
‫حقي قة م سمى الرزق ع ند أ هل ال سنة و قد اشترط العتزل ف ت سميته رزقا إن يكون ب يث‬
‫يصح تلكه و ما ل يتملك عندهم ل يسمى رزقا و أخرجوا الغصوبات و الرام كله عن أن‬
‫يسمى شيء منها رزقا و ال تعال يرزق الغاصب و الظال و الؤمن و الكافر برحته و هدايته‬
‫من يشاء‪ .‬و ل م ف ذلك ح جج ل يس هذا مو ضع ب سطها‪ .‬ث اعلم أن الك سب إن ا يكون‬
‫بالسعي ف القتناء و القصد إل التحصيل فل بد ف الرزق من سعي و عمل و لو ف تناوله و‬
‫ابتغائه من وجوهه‪ .‬قال تعال‪ :‬فابتغوا عند ال الرزق و السعي إليه إنا يكون بأقدار ال تعال‬
‫و إلامه‪ ،‬فالكل من عند ال‪ .‬فل بد من العمال النسانية ف كل مكسوب و متمول‪ .‬لنه إن‬
‫كان عملً بنفسه مثل الصنائع فظاهر دال كان مقتن من اليوان و النبات و العدن فل بد فيه‬
‫من العمل النسان كما تراه و إل ل يصل و ل يقع به انتفاع‪ .‬ث إن ال تعال خلق الجرين‬
‫العدنيي من الذهب و الفضة قيمة لكل متمول‪ ،‬و ها الذخية و القنية لهل العال ف الغالب‪.‬‬
‫و إن اقت ن سواها ف ب عض الحيان فإن ا هو لق صد ت صيلهما ب ا ي قع ف غيه ا من حوالة‬
‫ال سواق ال ت ه ا عن ها بعزل فه ما أ صل الكا سب و القن ية و الذخية‪ .‬و إذا تقرر هذا كله‬
‫فاعلم أن ما يفيده النسان و يقتنيه من التمولت إن كان من الصنائع فالفاد القتن منه قيمة‬
‫عمله و هو القصد بالقنية إذ ليس هناك إل العمل و ليس بقصود بنفسه للقنية‪ .‬و قد يكون‬
‫مع الصنائع ف بعضها غيها مثل التجارة و الياكة معهما الشب و الغزل إل أن العمل فيهما‬
‫أكثر فقيمته أكثر و إن كان من غي الصنائع فل بد من قيمة ذلك الفاد و القنية من دخول‬
‫قيمة العمل الذي حصلت به إذ لول العمل ل تصل قنيتها‪ .‬و قد تكون ملحظة العمل ظاهرة‬
‫ف الكثي منها فتجعل له حصة من القيمة عظمت أو صغرت‪ .‬و قد تفى ملحظة العمل كما‬
‫ف أ سعار القوات ب ي الناس فإن اعتبار العمال و النفقات في ها مل حظ ف أ سعار البوب‬
‫كما قدمناه لكنه خفي ف القطار الت علج الفلح فيها و مؤنته بسية فل يشعر به إل القليل‬
‫من أ هل الفلح‪ .‬ف قد تبي أن الفادات و الكت سبات كل ها أو أكثر ها إن ا هي ق يم العمال‬
‫النسسانية و تسبي مسسمى الرزق و أنسه النتفسع بسه‪ .‬فقسد بان معنس الكسسب و الرزق و شرح‬
‫مسسماها‪ .‬و اعلم أنسه إذا فقدت العمال أو قلت بانتقاص العمران تأذن ال برفسع الكسسب‬
‫أترى أل المصسار القليلة السساكن كيسف يقسل الرزق و الكسسب فيهسا أو يفقسد لقلة العمال‬
‫النسانية و كذلك المصار الت يكون عمرانا أكثر يكون أهلها أوسع أحوالً و أشد رفاهية‬
‫كما قدمناه قبل و من هذا الباب تقول العامة ف البلد إذا تناقص عمرانا إنا قد ذهب رزقها‬
‫حت إن النار و العيون ينقطع جريها ف القفر لا أن فور العيون إنا يكون بالنباط و المتراء‬
‫الذي هو بالع مل الن سان كالال ف ضروع النعام ف ما ل ي كن إنباط و ل امتراء ن صبت و‬
‫غارت بالملة كمسا يفس الضرع إذا ترك امتراؤه‪ .‬و انظره فس البلد التس تعهسد فيهسا العيون‬
‫ليام عمرانا ث يأت عليها الراب كيف تغور مياهها جلة كأنا ل تكن و ال مقدر الليل و‬
‫النهار‪.‬‬

‫الفصل الثان ف وجوه العاش و أصنافه و مذاهبه‬


‫إعلم أن العاش هو عبارة عن ابتغاء الرزق و السعي ف تصيله و هو مغفل من العيش‪ .‬كأنه لا‬
‫كان العيسش الذي هسو الياة ل يصسل إل بذه جعلت موضعا له على طريسق البالغسة ثس إن‬
‫تصيل الرزق و كسبه‪ ،‬إما أن يكون بأخذه من يد الغي و انتزاعه بالقتدار عليه على قانون‬
‫متعارف و يسمى مغرما و جباية و إما أن يكون من اليوان الوحشي بافتراسه و أخذه برميه‬
‫من الب أو الب حر و ي سمى ا صطيادا و إ ما أن يكون من اليوان الدا جن با ستخراج فضوله‬
‫الن صرفة ب ي الناس ف منافع هم كالل ب من النعام و الر ير من دوده و الع سل من نله أو‬
‫يكون من النبات ف الزرع و الشجر بالقيام عليه و إعداده لستخراج ثرته و يسمى هذا كله‬
‫فلحا و إما أن يكون الكسب من العمال النسانية إما ف مواد معينة و تسمى الصنائع من‬
‫كتا بة و تارة و خيا طة و حيا كة و فرو سية و أمثال ذلك أو ف مواد غ ي معي نة و هي ج يع‬
‫المتهانات و التصرفات و إما أن يكون الكسب من البضائع و إعدادها للعواض إما بالتغلب‬
‫ب ا ف البلد و احتكار ها و ارتقاب حوالة ال سواق في ها‪ .‬و ي سمى هذا تارة‪ .‬فهذه وجوه‬
‫العاش و أصنافه و هي معن ما ذكره الحققون من أ هل الدب و الك مة كالريري و غيه‬
‫فإنمس قالوا‪ :‬العاش إمارة و تارة و فلحسة و صسناعة‪ .‬فأمسا المارة فليسست بذهسب طسبيعي‬
‫للمعاش فل حاجة بنا إل ذكرها و قد تقدم شيء من أحوال البايات السلطانية و أهلها ف‬
‫الفصل الثان‪ .‬و أما الفلحة و الصناعة و التجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش أما الفلحة فهي‬
‫متقد مة علي ها كل ها بالذات إذ هي ب سيطة و طبيع ية فطر ية ل تتاج إل ن ظر و ل علم و لذا‬
‫تن سب ف اللي قة إل آدم أ ب الب شر و أ نه معلم ها و القائم علي ها إشارة إل أن ا أقدم وجوه‬
‫العاش و أنسبها إل الطبي عة‪ .‬و أما الصنائع فهي ثانيتها و متأخرة عنها لنا مركبة و علمية‬
‫تصرف فيها الفكار و النظار و بذا ل يوجد غالبا إل ف أهل الضر الذي هو متأخر عن‬
‫البدو و ثان ع نه‪ .‬و من هذا الع ن ن سبت إل إدر يس الب الثا ن للخلي قة فإ نه م ستنبطها ل ن‬
‫بعده من البشر بالوحي من ال تعال‪ .‬و أما التجارة و إن كانت طبيعية ف الكسب فالكثر‬
‫من طرق ها و مذاهب ها إن ا هي تيلت ف ال صول على ما ب ي القيمت ي ف الشراء و الب يع‬
‫لتح صل فائدة الك سب من تلك الفضلة‪ .‬و لذلك أباح الشرع ف يه الكا سبة ل ا أ نه من باب‬
‫القامرة إل أنه ليس أخذ الال الغي مانا فلهذا اختص بالشروعية‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن الدمة ليست من الطبيعي‬


‫إعلم أن السلطان ل بد له من اتاذ الدمة ف سائر أبواب المارة و اللك الذي هو بسبيله من‬
‫الندي و الشر طي و الكا تب‪ .‬و ي ستكفي ف كل باب ب ن الض يع و لو كان مأمونا فضرره‬
‫بالتضي يع أك ثر من نف عه‪ .‬فاعلم ذلك و اتذه قانونا ف ال ستكفاء بالد مة‪ .‬و أ نه سبحانه و‬
‫تعال قادر على كل شيء‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف ابتغاء الموال من الدفائن و الكنوز ليس بعاش طبيعي‬


‫اعلم أن كثيا مسن ضعفاء العقول فس المصسار يرصسون على اسستخراج الموال مسن تتس‬
‫الرض و يبتغون اكسسب مسن ذلك‪ .‬و يعتقدون أن أموال المسم السسالفة متزنسة كلهسا تتس‬
‫الرض متوم علي ها كل ها بطل سم سحرية‪ .‬ل ي فض ختام ها ذلك إل من ع ثر على عل مه و‬
‫اسستحضر مسا يله مسن البخور و الدعاء و القربان‪ .‬فأهسل المصسار بإفريقيسة يرون أن الفرنةس‬
‫الذ ين كانوا ق بل ال سلم ب ا دفنوا أموال م كذلك و أودعو ها ف ال صحف بالكتاب إل أن‬
‫يدوا السبيل إل استخراجها‪ .‬و أهل المصار بالشرق يرون مثل ذلك ف أمم القبط و الروم‬
‫و الفرس‪ .‬و يتناقلون ف ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة من انتهاء بعض الطالبي لذلك إل‬
‫حفسر موضسع الال منس ل يعرف طلسسمه و ل خسبة فيجدونسه خاليا أو معمورا بالديدان‪ .‬أو‬
‫يشاهد الموال و الواهر موضوعة و الرس دونا منتضي سيوفهم‪ .‬أو تيد به الرض حت‬
‫يظنه خسفا أو مثل ذلك من الذر‪ .‬و ند كثيا من طلبة الببر بالغرب العاجزين عن العاش‬
‫الطبيعي و أسبابه يتقربون إل أهل الدنيا بالوراق التخرمة الواشي إما بطوط عجمية أو با‬
‫ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدفائن بإعطاء المارات عليها ف أماكنها يبتغون بذلك‬
‫الرزق منهم با يبعثونه على الفر و الطلب و يوهون عليهم بأنم إنا حلهم على الستعانة‬
‫بم طلب الاه ف مثل هذا من منال الكام و العقوبات‪ .‬و ربا تكون عند يعلم غناءه فيه و‬
‫يتك فل بأرزاق هم من ب يت ماله‪ .‬و هذا كله مندرج ف المارة و معاش ها إذ كل هم ين سحب‬
‫علي هم ح كم المارة و اللك الع ظم هو ينبوع جداول م‪ .‬و أ ما ما دون ذلك من الد مة‬
‫فسببها أن أكثر الترفي يترفع عن مباشرة حاجاته أو يكون عاجزا عنها لا رب عليه من خلق‬
‫التنعسم و الترف فيتخسذ مسن يتول ذلك له و يقطعسه عليسه أجرا مسن ماله‪ .‬و هذه الالة غيس‬
‫ممودة بسب الرجولية الطبيعية للنسان إذ الثقة بكل أحد عجز‪ ،‬و لنا تزيد ف الوظائف و‬
‫الرج و تدل على العجسز و النسث الذي ينبغسي فس مذاهسب الرجوليسة التنه عنهمسا‪ .‬إل أن‬
‫العوائد تقلب طباع النسان إل مألوفها فهو ابن عوائده ل ابن نسبه‪ .‬و مع ذلك فالدي الذي‬
‫يستكفى به و يو ثق بغنائه كالفقود إذ الدي القائم بذلك ل يعدو أربع حالت‪ :‬إما مضطلع‬
‫بأمره و ل موثوق فيما يصل بيده و إما بالعكس فيهما‪ ،‬و هو أن يكون غي مضطلع بأمر و‬
‫ل موثوق فيما يصل بيده و إما بالعكس ف إحداها فقط مثل أن يكون مضطلعا غي موثوق‬
‫أو موثوقا غ ي مضطلع‪ .‬فأ ما الول و هو الضطلع الوثوق فل ي كن أحدا ا ستعماله بو جه إذ‬
‫هو باضطلعه و ثقته غن عن أهل الرتب الدنيئة و متقر لثال الجر من الدمة لقتداره على‬
‫أكثسر مسن ذلك فل يسستعمله إل المراء أهسل الاه الغريسض لعموم الاجسة إل الاه‪ .‬و أمسا‬
‫ال صنف الثا ن و هو م ن ل يس بضطلع و ل موثوق فل ينب غي لعا قل ا ستعماله ل نه ي جف‬
‫بخدومه ف المرين معا فيضيع عليه لعدم الصطناع تارة و يذهب ماله باليانة أخرى فهو‬
‫على كل حال كل على موله‪ .‬فهذان ال صنفان ل يط مع أ حد ف ا ستعمالما‪ .‬و ل ي بق إل‬
‫ا ستعمال ال صنفي الخر ين‪ :‬موثوق غ ي مضطلع و مضطلع غ ي موثوق و للناس ف الترج يح‬
‫بينهما مذهبان‪ ،‬و لكل من الترجيحي وجه‪ .‬إل أن الضطلع و لو كان غي موثوق أرجح لنه‬
‫يؤ من من تضيي عه و ياول على التحرز من خيان ته ج هد ال ستطاعة و أ ما بعض هم نادرة أو‬
‫غريبة من العمال السحرية يوه با على تصديق ما بقي من دعواه و هو بعزل عن السحر و‬
‫طر قه فتولع كث ي من ضعفاء العقول ب مع اليدي على الحتفار و الت ستر ف يه بظلمات الل يل‬
‫مافة الرقباء و عيون أهل الدول‪ ،‬فإذا ل يعثروا على شيء ردوا ذلك إل الهل بالطلسم الذي‬
‫ختم به على ذلك الال يادعون به أنفسهم عن إخفاق مطامعهم‪ .‬و الذي يمل على ذلك ف‬
‫الغالب زيادة على ضعف العقل إنا هو العجز عن طلب العاش بالوجوه الطبيعية للكسب من‬
‫التجارة و الفلح و ال صناعة فيطلبو نه بالوجوه النحر فة و على غ ي الجرى ال طبيعي من هذا و‬
‫أمثاله عجزا عن السعي ف الكاسب و ركونا إل تناول الرزق من غ ي تعب و ل نصب ف‬
‫تصيله و اكتسابه و ل يعلمون أنم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غي وجهه ف نصب و‬
‫متا عب و ج هد شد يد أ شد من الول و يعرضون أنف سهم مع ذلك لنال العقوبات‪ .‬و رب ا‬
‫يمل على ذلك ف الكثر زيادة الترف و عوائده و خروجها عن حد النهاية حت تقصر عنها‬
‫وجوه الكسب و مذاهبه و ل تفي بطالبها‪ .‬فإذا عجز عن الكسب بالجرى الطبيعي ل يد‬
‫وليجة ف نفسه إل التمن لوجود الال العظيم دفعة من غي كلفة ليفي له ذلك بالعوائد الت‬
‫حصل ف أسرها فيحرص على ابتغاء ذلك و يسعى فيه جهده و لذا فأكثر من تراهم يرصون‬
‫على ذلك هم الترفون من أ هل الدولة و من سكان الم صار الكثية الترف الت سعة الحوال‬
‫مثل مصر و ما ف معناها فنجد الكثي منهم مغرمي بابتغاء ذلك و تصيله و مساءلة الركبان‬
‫عن شواذه كما يرصون على الكيمياء‪ .‬هكذا بلغن عن أهل مصر ف مفاوضة من يلقونه من‬
‫طلبة الغاربة لعلهم يعثرون منه على دفي أو كن و يزيدون على ذلك البحث عن تغوير الياه‬
‫ل ا يرون أن غالب هذه الموال الدفي نة كل ها ف ماري الن يل و أ نه أع ظم ما ي ستر دفينا أو‬
‫متزنا ف تلك الفاق و يوه عليهم أصحاب تلك الدفاتر الفتعلة ف العتذار عن الوصول إليها‬
‫برية النيل تسترا بذلك من الكذب حت يصل على معاشه فيحرص سامع ذلك منهم على‬
‫نضوب الاء بالعمال ال سحرية لتح صيل مبتغاه من هذه كلفا بشأن ال سحر متوارثا ف ذلك‬
‫القطر عن أوليه فعلومهم السحرية و آثارها باقية بأرضهم ف الباري و غيها‪ .‬و قصة سحرة‬
‫فرعون شاهدة باختصاصهم بذلك و قد تناقل أهل الغرب قصيدة ينسبونا إل حكماء الشرق‬
‫تعطى فيها كيفية العمل بالتغوير بصناعة سحرية حسبما تراه فيها و هي هذه‪:‬‬
‫إسع كلم الصدق من خبي‬ ‫يا طالبا للسر ف التغوير‬
‫من قول بتان و لفظ غرور‬ ‫دع عنك ما قد صنفوا فيكتبهم‬
‫إن كنت من ل يرى بالزور‬ ‫و اسع لصدق مقالت و نصيحت‬
‫حارت لا الوهام ف التدبي‬ ‫فإذا أردت تغور البئر الت‬
‫و الرأس رأس الشبل ف التقوير‬ ‫صور كصورتك الت أوقفتها‬
‫ف الدلو ينشل من قرار البي‬ ‫و يداه ماسكتان للحبل الذي‬
‫عدد الطلق احذر من التكرير‬ ‫و بصدره هاء كما عاينتها‬
‫مشي اللبيب الكيس النحرير‬ ‫و يطا على الطاءات غي ملمس‬
‫تربيعه أول من التكوير‬ ‫و يكون حول الكل خط دائر‬
‫و اقصده عقب الذبح بالتبخي‬ ‫و اذبح عليه الطي و الطخه به‬
‫و القسط و البسه بثوب حرير‬ ‫بالسندروس و باللبان و ميعة‬
‫من أحر أو أصفر ل أزرقل أخضر فيه و ل تكدير‬
‫أحر من خالص التحمي‬ ‫و يشده خيطان صوف أبيضأو‬
‫و يكون بدء الشهر غي مني‬ ‫و الطالع السد الذي قد بينوا‬
‫ف يوم سبت ساعة التدبي‬ ‫و البدر متصل بسعد عطارد‬
‫يع ن أن تكون الطاءات ب ي قدم يه كأ نه ي شي علي ها و عندي أن هذه الق صيدة من تويهات‬
‫التخرفي فلهم ف ذلك أحوال غريبة و اصطلحات عجيبة و تنتهي التخرفة و الكذب بم إل‬
‫أن يسكنوا النازل الشهورة و الدور العروفة لثل هذه و يتفرون الفر و يضعون الطابق فيها‬
‫و الشواهد الت يكتبونا ف صحائف كذبم ث يقصدون ضعفاء العقول بأمثال هذه الصحائف‬
‫و يعثون على كباء ذلك النل و سكناه و يوهون أن به دفينا من الال ل يعب عن كثرته و‬
‫يطالبون بالال لشتراء العقاق ي و البخورات ل ل الطل سم و يعدو نه بظهور الشوا هد ال ت قد‬
‫أعدوها هنالك بأنفسهم و من فعلهم فينبعث لا يراه من ذلك و هو قد خدع و لبس عليه من‬
‫حي ل يشعر و بينهم ف ذلك اصطلح ف كلمهم يلبسون به عليهم ليخفى عند ماورتم‬
‫فيما يتلونه من حفر و بور‪ ،‬و ذبح حيوان و أمثال ذلك‪ .‬و أما الكلم ف ذلك على القيقة‬
‫فل أ صل له ف علم و ل خب و اعلم أن الكنوز و إن كا نت تو جد لكن ها ف ح كم النادر و‬
‫على وجه التفاق ل على وجه القصد إليها‪ .‬و ليس ذلك بأمر تعم به البلوى حت يدخر الناس‬
‫أموالم تت الرض و يتمون عليها بالطلسم ل ف القدي و ل ف الديث‪ .‬و الركاز الذي‬
‫ورد ف الديث و فرضه الفقهاء و هو دفي الاهلية إنا يوجد بالعثور و التفاق ل بالقصد و‬
‫الطلب و أيضا ف من اختزن ماله و خ تم عل يه بالعمال ال سحرية ف قد بالغ ف إخفائه فك يف‬
‫ينصب عليه الدلة و المارات لن يبتغيه‪ .‬و يكتب ذلك ف الصحائف حت يطلع على ذخيته‬
‫أ هل الم صار و الفاق ؟ هذا يناقض ق صد الخفاء‪ .‬و أيضا فأفعال العقلء ل بد و أن تكون‬
‫لغرض مق صود ف النتفاع‪ .‬و من اختزن الال فإنه يتزنه لولده أو قري به أو من يؤثره‪ .‬و أما‬
‫أن يقصد إخفاءه بالكلية عن كل أحد و إنا هو للبلء و اللك أو لن ل يعرفه بالكلية من‬
‫سيأت من المم فهذا ليس من مقاصد العقلء بوجه‪ .‬و أما قولم‪ :‬أين أموال المم من قبلنا و‬
‫ما علم فيها‪ .‬من الكثرة و الوفور فاعلم أن الموال من الذهب و الفضة و الواهر و المتعة‬
‫إن ا هي معادن و مكا سب م ثل الد يد و النحاس و الر صاص و سائر العقارات و العادن‪ .‬و‬
‫العمران يظهرها بالعمال النسانية و يزيد فيها أو ينقصها و ما يوجد منها بأيدي الناس فهو‬
‫متناقل متوارث و ربا انتقل من قطر إل قطر و من دولة إل أخرى بسب أغراضه‪ .‬و العمران‬
‫الذي ي ستدعي له فإن ن قص الال ف الغرب و أفريق ية فلم ين قص ببلد ال صقالبة و الفر نج و‬
‫إن ن قص ف م صر و الشام فلم ين قص ف ال ند و ال صي‪ .‬و إن ا هي اللت و الكا سب و‬
‫العمران يوفرها أو ينقصها‪ ،‬مع أن العادن يدركها البلء كما يدرك سائر الوجودات و يسرع‬
‫إل اللؤلؤ و الوهر أعظم ما يسرع إل غيه‪ .‬و كذا الذهب و الفضة و النحاس و الديد و‬
‫الرصاص و القصدير ينالا من البلء و الفناء ما يذهب بأعيانا لقرب وقت‪ .‬و أما ما وقع ف‬
‫مصر من أمر الطالب و الكنوز فسببه أن مصر ف ملكة القبط منذ آلف أو يزيد من السني و‬
‫كان موتاهم يدفنون بوجودهم من الذهب و الفضة و الواهر و الللئ على مذهب من تقدم‬
‫من أ هل الدول فل ما انق ضت دولة الق بط و ملك الفرس بلد هم نقروا على ذلك ف قبور هم‬
‫فكشفوا ع نه فأخذوا من قبور هم ما ل يو صف‪ :‬كالهرام من قبور اللوك و غي ها‪ .‬و كذا‬
‫فعل اليونانيون من بعدهم و صارت قبورهم مظنة لذلك لذا العهد‪ .‬و يعثر على الدفي فيها‬
‫كثيا من الوقات‪ .‬أما ما يدفنونه من أموالم أو ما يكرمون به موتاهم ف الدفن من أوعية و‬
‫تواب يت من الذ هب و الف ضة معدة لذلك ف صارت قبور الق بط م نذ آلف من ال سني مظ نة‬
‫لوجود ذلك فيهسا‪ .‬فلذلك عنس أهسل مصسر بالبحسث عسن الطالب لوجود ذلك فيهسا و‬
‫ا ستخراجها‪ .‬ح ت أن م ح ي ضر بت الكوس على ال صناف آ خر الدولة ضر بت على أ هل‬
‫الطالب‪ .‬و صسدرت ضريبسة على مسن يشتغسل بذلك مسن المقسى و الهوسسي فوجسد بذلك‬
‫التعاطون من أ هل الطماع الذري عة إل الك شف ع نه و الذرع با ستخراجه و ما ح صلوا إل‬
‫على اليبسة فس جيسع مسساعيهم نعوذ بال مسن السسران فيحتاج مسن وقسع له شيسء مسن هذا‬
‫الوسواس و ابتلي به أن يتعوذ بال من العجز و الكسل ف طلب معاشه كما تعوذ رسول ال‬
‫صسلى ال عليسه و سسلم مسن ذلك و ينصسرف عسن طرق الشيطان و وسسواسه و ل يشغسل‬
‫بالحالت و الكاذب من الكايات و ال يرزق من يشاء بغي حساب‪.‬‬
‫الفصل الامس ف أن الاه مفيد للمال‬
‫و ذلك أنا ند صاحب الال و الظوة ف جيع أصناف العاش أكثر يسارا و ثروة من فاقد‬
‫الاه‪ .‬و السبب ف ذلك أن صاحب الاه مدوم بالعمال يتقرب با إليه ف سبيل التزلف و‬
‫الاجة إل جاهه فالناس معينون له بأعمالم ف جيع حاجاته من ضروري أو حاجي أو كمال‬
‫فتحصل قيم تلك العمال كلها من كسبه و جيع معاشاته إن تبذل فيه العواض من العمل‬
‫ي ستعمل في ها الناس من غ ي عوض فتتو فر ق يم تلك العمال عل يه‪ .‬ف هو ب ي ق يم للعمال‬
‫يكت سبها و ق يم أخرى تدعوه الضرورة إل إخراج ها فتتو فر عل يه‪ .‬و العمال ل صاحب الاه‬
‫كثية فتف يد الغ ن لقرب و قت و يزداد مع اليام ي سارا و ثروة‪ .‬و لذا الع ن كا نت المارة‬
‫أحد أسباب العاش كما قدمناه و فاقد الاه بالكلية و لو كان صاحب مال فل يكون يساره‬
‫إل بقدار ماله و على نسسبة سسعيه و هؤلء هسم أكثسر التجار‪ .‬و لذا تدس أهسل الاه منهسم‬
‫يكونون أي سر بكث ي‪ .‬و م ا يش هد لذلك أل ن د كثيا من الفقهاء و أ هل الد ين و العبادة إذا‬
‫اشتهروا ح سن ال ظن ب م و اعت قد المهور معاملة ال ف إرفاد هم فأخلص الناس ف إعالت هم‬
‫على أحوال دنياهم و العتمال ف مصالهم و أسرعت إليهم الثروة و أصبحوا مياسي من غي‬
‫مال مقتن إل ما يصل لم من قيم العمال الت وقعت العونة با من الناس لم‪ .‬رأينا من‬
‫ذلك أعدادا ف الم صار و الدن‪ .‬و ف البدو ي سعى ل م الناس ف الفلح و الت جر و كل هو‬
‫قاعد بنله ل يبح من مكانه فينمو ماله و يعظم كسبه و يتأثل الغن من غي سعي و يعجب‬
‫من ل يفطن لذا السر ف حال ثروته و أسباب غناه و يساره و ال سبحانه و تعال يرزق من‬
‫يشاء بغي حساب‪.‬‬

‫الفصل السادس ف أن السعادة و الكسب إنا يصل غالبا لهل الضوع و التملق و أن‬
‫هذا اللق من أسباب السعادة‬
‫قد سلف لنا فيما سبق أن الكسب الذي يستفيده البشر إنا هو قيم أعمالم و لو قدر أحد‬
‫ع طل عن الع مل جلة لكان فا قد الك سب بالكل ية‪ .‬و على قدر عمله و شر فه ب ي العمال و‬
‫حاجة الناس إليه يكون قدر قيمته‪ .‬و على نسبه ذلك نو كسبه أو نقصانه‪ .‬و قد بينا آنفا أن‬
‫الاه يف يد الال ل ا ي صل ل صاحبه من تقرب الناس إل يه بأعمال م و أموال م ف د فع الضار و‬
‫جلب النافع‪ .‬و كان ما يتقربون به من عمل أو مال عوضا عما يصلون عليه بسبب الاه من‬
‫الغراض ف صال أو طال‪ .‬و تصي تلك العمال ف كسبه و قيمها أموال و ثروة له فيستفيد‬
‫الغ ن و الي سار لقرب و قت‪ .‬ث إن الاه متوزع ف الناس و متر تب في هم طب قة ب عد طب قة و‬
‫ينتهي ف العلو إل اللوك الذ ين ل يس فوقهم يد عال ية و ف ال سفل إل من ل يلك ضرا و ل‬
‫نفعا ب ي أبناء جن سه و ب ي ذلك طبقات متعددة حك مة ال ف خل قه ب ا ينت ظم معاش هم و‬
‫تتي سر م صالهم و ي تم بقاؤ هم لن النوع الن سان ل ي تم وجوده و بقاؤه إل بالتعاون ب ي‬
‫أبنائه على م صالهم‪ ،‬ل نه قد تقرر أن الوا حد من هم ل ي تم وجوده و إ نه و إن ندر ذلك ف‬
‫صسورة مفروضسة ل يصسح بقاؤه‪ .‬ثس إن هذا التعاون ل يصسل إل بالكراه عليسه لهلهسم فس‬
‫الك ثر ب صال النوع و ل ا ج عل ل م من الختيار و أن أفعال م إن ا ت صدر بالف كر و الرو ية ل‬
‫بالط بع‪ .‬و قد يت نع من العاو نة فيتع ي حله علي ها فل بد من حا مل يكره أبناء النوع على‬
‫مصالهم لتتم الكمة اللية ف بقاء هذا النوع‪ .‬و هذا معن قوله تعال و رفعنا بعضهم فوق‬
‫بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا و رحة ربك خي ما يمعون فقد تبي أن الاه‬
‫هو القدرة الاملة للبشر على التصرف ف من تت أيديهم من أبناء جنسهم بالذن و النع و‬
‫التسسلط بالقهسر و الغلبسة ليحملهسم على دفسع مضارهسم و جلب منافعهسم فس العدل بأحكام‬
‫الشرائع و ال سياسة و على أغرا ضه في ما سوى ذلك و ل كن الول مق صود ف العنا ية الربان ية‬
‫بالذات و الثان داخل فيها بالعرض كسائر الشرور الداخلة ف القضاء اللي‪ ،‬لنه قد ل يتم‬
‫وجود الي الكثي إل بوجود شر يسي من أجل الواد فل يفوت الي بذلك بل يقع على ما‬
‫ينطوي عليه من الشر اليسي‪ .‬و هذا معن وقوع الظلم ف الليقة فتفهم‪ .‬ث إن كل طبقة من‬
‫طباق أ هل العمران من مدي نة أو إقل يم ل ا قدرة على من دون ا من الطباق و كل واحدة من‬
‫الطبقة السفلى يستمد بذي الاه من أهل الطبقة الت فوقه و يزداد كسبه تصرفا فيمن تت‬
‫يده على قدر مسا يسستفيد منسه و الاه على ذلك داخسل على الناس فس جيسع أبواب العاش و‬
‫يتسع و يضيق بسب الطبقة و الطور الذي فيه صاحبه‪ .‬فإن كان الاه متسعا كان الكسب‬
‫ل فمثله‪ .‬و فاقسد الاه و إن كان له مال فل يكون‬ ‫الناشسئ عنسه كذلك و إن كان ضيقا قلي ً‬
‫يسساره إل بقدار عمله أو ماله و نسسبة سسعيه ذاهبا و آيبا فس تنميتسه كأكثسر التجار و أهسل‬
‫الفلحة ف الغالب و أهل الصنائع كذلك إذا فقدوا الاه و اقتصروا على فوائد صنائعهم فإنم‬
‫يصيون إل الفقر و الصاصة ف الكثر و ل تسرع إليهم ثروة و إنا يرمقون العيش ترميقا و‬
‫يدافعون ضرورة الفقسر مدافعسة‪ .‬و إذا تقرر ذلك و أن الاه متفرع و أن السسعادة و اليس‬
‫مقترنان بصوله علمت إن بذله و إفادته من أعظم النعم و أجلها و أن باذلة من أجل النعمي‬
‫و إنا يبدله لن تت يديه فيكون بذله بيد عالية و عزة فيحتاج طالبه و مبتغيه إل خضوع و‬
‫تلق كما يسال أهل العز و اللوك و إل فيتعذر حصوله‪ .‬فلذلك قلنا إن الضوع و التملق من‬
‫أ سباب ح صول هذا الاه الح صل لل سعادة و الك سب و إن أك ثر أ هل الثروة و ال سعادة بذا‬
‫التملق و لذا ند الكثي من يتخلق بالترفع و الشمم ل يصل لم غرض الاه فيقتصرون ف‬
‫التك سب على أعمال م و ي صيون إل الف قر و ال صاصة‪ .‬و اعلم أن هذا ال كب و التر فع من‬
‫الخلق الذمو مة إن ا ي صل من تو هم الكمال و أن الناس يتاجون إل بضاع ته من علم أو‬
‫صناعة كالعال التبحر ف علمه و الكاتب الجيد ف كتابته أو الشاعر البليغ ف شعره و كل‬
‫مسن ف صناعته يتوهم أن الناس متاجون لا بيده فيحدث له ترفع عليهم بذلك و كذا يتوهم‬
‫أهل النساب من كان ف آبائه ملك أو عال مشهور أو كامل ف طور يعبون به با رأوه أو‬
‫سعوه من رجال آبائهم ف الدينة و يتوهون أنم استحقوا مثل ذلك بقرابتهم إليهم و وراثتهم‬
‫عن هم‪ .‬ف هم متم سكون ف الا ضر بال مر العدوم و كذلك أ هل اليلة و الب صر و التجارب‬
‫بالمور قد يتوهم بعضهم كمالً ف نفسه بذلك و احتياجا إليه‪ .‬و تد هؤلء الصناف كلهم‬
‫مترفعي ل يضعون لصاحب الاه و ل يتملقون لن هو أعلى منهم و يستصغرون من سواهم‬
‫لعتقاد هم الف ضل على الناس في ستنكف أحد هم عن الضوع و لو كان للملك و يعده مذلة‬
‫و هوانا و سفها‪ .‬و ياسب الناس ف معاملتهم إياه بقدار ما يتوهم ف نفسه و يقد على من‬
‫قصر له ف شيء ما يتوهه من ذلك‪ .‬و ربا يدخل على نفسه الموم و الحزان من تقصيهم‬
‫ف يه و ي ستمر ف عناء عظ يم من إياب ال ق لنف سه أو إبا ية الناس له من ذلك‪ .‬و ي صل له‬
‫القت من الناس لا ف طباع البشر من التأله‪ .‬و قل أن يسلم أحد منهم لحد ف الكمال و‬
‫التر فع عل يه إل أن يكون ذلك بنوع من الق هر و الغل بة و ال ستطالة‪ .‬و هذا كله ف ض من‬
‫الاه‪ .‬فإذا فقد صاحب هذا اللق الاه و هو مفقود له كما تبي لك مقته الناس بذا الترفع و‬
‫ل ي صل له حظ من إح سانم و ف قد الاه لذلك من أ هل الطب قة ال ت هي أعلى م نه ل جل‬
‫القت و ما يصل له بذلك من القعود عن تعاهدهم و غشيان منازلم ففسد معاشه و بقي ف‬
‫خ صاصة و ف قر أو فوق ذلك بقل يل‪ .‬و أ ما الثروة فل ت صل له أ صلً‪ .‬و من هذا اشت هر ب ي‬
‫الناس أن الكامل ف العرفة مروم من الظ و أنه قد حوسب با رزق من العرفة و اقتطع ذلك‬
‫من ال ظ و هذا معناه‪ .‬و من خلق لش يء ي سر له‪ .‬و ال القدر ل رب سواه‪ .‬و ل قد ي قع ف‬
‫الدول أضراب ف الراتب من أهل اللق و يرتفع فيها كثي من السفلة و ينل كثي من العلية‬
‫بسبب ذلك و ذلك أن الدول إذا بلغت نايتها من التغلب و الستيلء انفرد منها منبت اللك‬
‫بلكهم و سلطانم و يئس من سواهم من ذلك و إنا صاروا ف مراتب دون مرتبة اللك‪ ،‬و‬
‫تت يد السلطان و كأنم خول له‪ .‬فإذا استمرت الدولة و شخ اللك تساوى حينئذ ف النلة‬
‫ع ند ال سلطان كل من انت مى إل خدم ته و تقرب إل يه بن صيحة و ا صطنعه ال سلطان لغنائه ف‬
‫كث ي من مهما ته‪ .‬فت جد كثيا من ال سوقة ي سعى ف التقرب من ال سلطان بده و ن صحه و‬
‫يتزلف إل يه بوجوه خدم ته و ي ستعي على ذلك بعظ يم من الضوع و التملق له و لاشي ته و‬
‫أهل نسبه‪ .‬حت يرسخ قدمه معهم و ينظمه السلطان ف جلته فيحصل له بذلك حظ عظيم‬
‫من ال سعادة و ينت ظم ف عدد أ هل الدولة و ناشئة الدولة حينئذ من أبناء قوم ها الذ ين ذللوا‬
‫أضغان م و مهدوا أكناف هم مغتر ين ب ا كان لبائ هم ف ذلك من الثار ل ت سمح به نفو سهم‬
‫على ال سلطان و يعتدون بآثاره و يرون ف مضمار الدولة ب سببه فيمقت هم ال سلطان لذلك و‬
‫يباعدهم‪ .‬و ييل إل هؤلء الصطنعي الذين ل يعتدون بقدي و ل يذهبون إل دالة و ل ترفع‪.‬‬
‫إن ا دأب م الضوع له و التملق و العتمال ف غر ضه م ت ذ هب إل يه فيت سع جاه هم و تعلو‬
‫منازلم و تنصرف إليهم الوجوه و الواطر با يصل لم من قبل السلطان و الكانة عنده و‬
‫يب قى ناشئة الدولة في ما هم ف يه من التر فع و العتداد بالقد ي ل يزيد هم ذلك إل بعدا من‬
‫السلطان و مقتا و إيثارا لؤلء الصطنعي عليهم إل أن تنقرض الدولة‪ .‬و هذا أمر طبيعي ف‬
‫الدولة و م نه جاء شأن ال صطنعي ف الغالب و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوف يق ل رب‬
‫سواه‪.‬‬

‫الف صل ال سابع ف أن القائم ي بأمور الد ين من القضاء و الفت يا و التدر يس و الما مة و‬


‫الطابة و الذان و نو ذلك ل تعظم ثروتم ف الغالب‬
‫و السبب لذلك أن الكسب كما قدمناه قيمة العمال و أنا متفاوتة بسب الاجة إليها‪ .‬فإذا‬
‫كانت العمال ضرورية ف العمران عامة البلوى به كانت قيمتها أعظم و كانت الاجة إليها‬
‫أ شد‪ .‬و أ هل هذه ال صنائع الدين ية ل تضطسر إليهسم عامسة اللق و إناس يتاج إل ما عندهسم‬
‫الواص م ن أق بل على دينه‪ .‬و إن احت يج إل الفتيا و القضاء ف الصومات فل يس على و جه‬
‫الضطرار و العموم فيقع الستغناء عن هؤلء ف الكثر‪ .‬و إنا يهتم بإقامة مراسهم صاحب‬
‫الدولة ب ا ناله من الن ظر ف الصال فيقسم ل م حظا من الرزق على ن سبة الا جة إلي هم على‬
‫النحو الذي قررناه‪ .‬ل يساويهم بأهل الشوكة و ل بأهل الصنائع من حيث الدين و الراسم‬
‫الشرعية لكنه يقسم بسب عموم الاجة و ضرورة أهل العمران فل يصح قسمهم إل القليل‪.‬‬
‫و هم أيضا لشرف بضائع هم أعزة على اللق و ع ند نفو سهم فل يضعون ل هل الاه ح ت‬
‫ينالوا م نه حظا ي ستدرون به الرزق بل و ل تفرغ أوقات م لذلك ل ا هم ف يه من الش غل بذه‬
‫البضائع الشري فة الشتملة على إعمال الف كر و البدن‪ .‬بل و ل ي سعهم ابتذال أنف سهم ل هل‬
‫الدنيا لشرف بضائعهم فهم بعزل عن ذلك‪ ،‬فلذلك ل تعظم ثروتم ف الغالب‪ .‬و لقد باحثت‬
‫ب عض الفضلء فأن كر ذلك علي فوقع بيدي أوراق مر قة من ح سابات الدواو ين بدار الأمون‬
‫تشتمسل على كثيس مسن الدخسل و الرج و كان فيمسا طالعست فيسه أرزاق القضاة و الئمسة و‬
‫الؤذني فوقفته عليه و علم منه صحة ما قلته و رجع إليه و قضينا العجب من أسرار ال ف‬
‫خلقه حكمته ف عواله و ال الالق القادر ل رب سواه‪.‬‬
‫الفصل الثامن ف أن الفلحة من معاش التضعي و أهل العافية من البدو‬
‫و ذلك لنه أصيل ف الطبيعة و بسيط ف منحاه و لذلك ل تده ينتحله أحد من أهل الضر‬
‫ف الغالب و ل من الترف ي‪ .‬و ي تص منتحله بالذلة قال صلى ال عل يه و سلم و قد رأى‬
‫السسكة ببعسض دور النصسار‪ :‬مسا دخلت هذه دار قوم إل دخله الذل‪ ،‬و حله البخاري على‬
‫ال ستكثار م نه‪ .‬و تر جم عل يه باب ما يذر من عوا قب الشتغال بآلة الزرع أو تاوز ال د‬
‫الذي أمر به‪ .‬و السبب فيه و ال أعلم ما يتبعها من الغرم الفضي إل التحكم و اليد العالية‬
‫فيكون الغارم ذليلً بائ سا ب ا تتناوله أيدي الق هر و ال ستطالة‪ .‬قال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬ل‬
‫تقوم السساعة حتس تعود الزكاة مغرما‪ ،‬إشارة إل اللك العضوض القاهسر للناس الذي معسه‬
‫التسلط و الور و نسيان حقوق ال تعال ف التمولت و اعتبار القوق كلها مغرم للملوك و‬
‫الدول‪ .‬و ال قادر على ما يشاء‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف معن التجارة و مذاهبها و أصنافها‬


‫اعلم أن التجارة ماولة الكسب بتنمية الال بشراء السلع بالرخص و بيعها بالغلء أيام كانت‬
‫السسلعة مسن دقيسق أو زرع أو حيوان أو قماش‪ .‬و ذلك القدر النامسي يسسمى ربا‪ .‬فالحاول‬
‫لذلك الر بح إ ما أن يتزن ال سلعة و يتح ي ب ا حوالة ال سواق من الر خص إل الغلء فيع ظم‬
‫ربه و إما بأن ينقله إل بلد آخر تنفق فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه فيعظم‬
‫ربه‪ .‬و لذلك قال بعض الشيوخ من التجار لطلب الكشف عن حقيقة التجارة أنا أعلمها لك‬
‫ف كلمت ي‪ :‬اشتراء الرخ يص و ب يع الغال‪ .‬ف قد ح صلت التجارة إشارة م نه بذلك إل الع ن‬
‫الذي قررناه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف أي أصناف الناس يترف بالتجارة و أيهم ينبغي له اجتناب حرفها‬
‫قد قدم نا أن مع ن التجارة تنم ية الال بشراء البضائع و ماولة بيع ها بأغلى من ث ن الشراء إ ما‬
‫بانتظار حوالة السواق أو نقلها إل بلد هي فيه أنفق و أغلى أو بيعها بالغلء على الجال‪ .‬و‬
‫هذا الر بح بالن سبة إل أ صل الال ي سي إل أن الال إذا كان كثيا ع ظم الر بح لن القل يل ف‬
‫الكثي كثي‪ .‬ث ل بد ف ماولة هذه التنمية الذي هو الربح من حصول هذا الال بأيدي الباعة‬
‫ف شراء البضائع و بيعها‪ .‬و معاملتهم ف تقاضي أثانا‪ .‬و أهل النصفة قليل‪ ،‬فل بد من الغش‬
‫و التطف يف الج حف بالبضائع و من ال طل ف الثان الج حف بالر بح‪ .‬كتعط يل الحاولة ف‬
‫تلك الدة و باس ناؤه‪ .‬و مسن الحود و النكار السسحت لرأس الال إن ل يتقيسد بالكتاب و‬
‫الشهادة‪ ،‬و غن الكام ف ذلك قليل لن الكم إنا هو على الظاهر‪ .‬فيعان التاجر من ذلك‬
‫أحوالً صعبة‪ .‬و ل يكاد ي صل على ذلك التا فه من الر بح إل بع ظم العناء و الش قة‪ ،‬أو ل‬
‫ي صل أو يتل شى رأس ماله‪ .‬فإن كان جريئا على الصومة بصيا بالسبان شديد الماحكة‬
‫مقداما على الكام كان ذلك أقرب له إل النصفة براءته منهم و ماحكته و إل فل بد له من‬
‫جاه يدرع به‪ ،‬يو قع له الي بة ع ند البا عة و ي مل الكام على إن صافه من معامل يه فيح صل له‬
‫بذلك النصفة ف ماله طوعا ف الول و كرها ف الثان و أما من كان فاقدا للجراءة و القدام‬
‫من نفسه فاقد الاه من الكام فينبغي له أن ينب الحتراف بالتجارة لنه يعرض ماله للضياع‬
‫و الذهاب و ي صي مأكلة للبا عة و ل يكاد ينت صف من هم لن الغالب ف الناس و خ صوصا‬
‫الرعاع و البا عة شرهون إل ما ف أيدي الناس سواهم متوثبون عل يه‪ .‬و لول وازع الحكام‬
‫ل صبحت أموال الناس نبا و لول د فع ال الناس بعض هم بب عض لف سدت الرض و ل كن ال‬
‫ذو فضل على العالي‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر ف أن خلق التجار نازلة عن خلق الشراف و اللوك‬


‫و ذلك أن التجار ف غالب أحوالم إنا يعانون البيع و الشراء و ل بد فيه من الكايسة ضرورة‬
‫فإن اقت صر علي ها اقت صرت به على خلق ها و هي أع ن خلق الكاي سة بعيدة عن الرؤة ال ت‬
‫تتخلق با اللوك و الشراف‪ .‬و أما إن استرذل خلقه با يتبع ذلك ف أهل الطبقة السفلى منهم‬
‫من الماحكة و الغش و اللبة و تعاهد اليان الكاذبة على الثان ردا و قبولً فأجدر بذلك‬
‫اللق أن يكون ف غا ية الذلة ل ا هو معروف‪ .‬و لذلك ت د أ هل الرئا سة يتحامون الحتراف‬
‫بذه الر فة ل جل ما يك سب من هذا اللق‪ .‬و قد يو جد من هم من ي سلم من هذا اللق و‬
‫يتحاماه لشرف نفسه و كرم جلله إل أنه ف النادر بي الوجود و ال يهدي من يشاء بفضله‬
‫و كرمه و هو رب الولي و الخرين‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف نقل التاجر للسلع‬


‫التاجر البصي بالتجارة ل ينقل من السلع إل ما تعم الاجة إليه من الغن و الفقي و السلطان‬
‫و السوقة إذ ف ذلك نفاق سلعته‪ .‬و أما إذا اختص نقله با يتاج إليه البعض فقط فقد يتعذر‬
‫نفاق سلعته حينئذ بإعواز الشراء من ذلك البعض لعارض من العوارض فتكسد سوقه و تفسد‬
‫أرباحه‪ .‬و كذلك إذا نقل السلعة الحتاج إليها فإنا ينقل الوسط من صنفها فإن العال من كل‬
‫صنف من ال سلع إن ا ي تص به أ هل الثروة و حاش ية الدولة و هم ال قل‪ .‬و إن ا يكون الناس‬
‫أسوة ف الاجة إل الوسط من كل صنف فليتحر ذلك جهده ففيه نفاق سلعة أو كسادها و‬
‫كذلك ن قل ال سلع من البلد البع يد ال سافة أو ف شدة ال طر ف الطرقات يكون أك ثر فائدة‬
‫للتجار و أع ظم أرباحا و أك فل بوالة ال سواق لن ال سلعة النقولة حينئذ تكون قليلة معوزة‬
‫لبعد مكانا أو شدة الغرر ف طريقها فيقل حاملوها و يعز وجودها و إذا قلت و عزت غلت‬
‫أثانا‪ .‬و أما إذا كان البلد قريب السافة و الطريق سابل بالمن فإنه حينئذ يكثر ناقلوها فتكثر‬
‫و ترخسص أثاناس و بذا تدس التجار الذيسن يولعون بالدخول إل بلد السسودان أرفسه الناس و‬
‫أكثرهم أموالً لبعد طريقها و مشقته و اعتراض الفازة الصعبة الخطرة بالوف و العطش‪ .‬ل‬
‫يوجد فيها الاء إل ف أماكن معلومة يهتدي إليها أدلء الركبان فل يرتكب خطر هذا الطريق‬
‫و بعده إل القسل مسن الناس فتجسد سسلع بلد السسودان قليلة لدينسا فتختسص بالغلء و كذلك‬
‫سلعنا لديهم‪ .‬فتعظم بضائع التجار من تناقلها و يسرع إليهم الغن و الثروة من أجل ذلك‪ .‬و‬
‫كذلك السافرون من بلدنا إل الشرق لبعد الشقة أيضا‪ .‬و أما الترددون ف أفق واحد ما بي‬
‫أمصاره و بلدانه ففائدتم قليلة و أرباحهم تافهة لكثرة السلع و كثرة ناقليها إن ال هو الرزاق‬
‫ذو القوة التي‪.‬‬
‫الفصل الثالث عشر ف الحتكار‬
‫و م ا اشت هر ع ند قوي الب صر و التجر بة ف الم صار أن احتكار الزرع لتح ي أوقات الغلء‬
‫مشؤم‪ .‬و أ نه يعود على فائد ته بالتلف و ال سران‪ .‬و سببه و ال أعلم أن الناس لاجت هم إل‬
‫القوات مضطرون إل ما يبذلون في ها من الال اضطرارا فتب قى النفوس متعل قة به و ف تعلق‬
‫النفوس ب ا ل ا سر كبي ف وباله على من يأخذه مانا و فعله الذي اع تبه الشارع ف أ خذ‬
‫أموال الناس بالباطسل و هذا و إن ل يكسن مانا فالنفوس متعلقسة بسه لعطائه ضرورة مسن غيس‬
‫سسي فس العذر فهسو كالكره و مسا عدا القوات و الأكولت مسن البسيعات ل اضطرار للناس‬
‫إليها و إنا يبعثهم عليها التفنن ف الشهوات فل يبذلون أموالم فيها إل ياختيار و حرص‪ .‬و ل‬
‫يبقى لم تعلق با أعطوه فلهذا يكون من عرف بالحتكار تتمع القوى النفسانية على متابعته‬
‫لا يأخذه من أموالم فيفسد ربه‪ .‬و ال تعال أعلم‪ .‬و سعت فيما يناسب هذا حكاية ظريفة‬
‫عن بعض مشيخة الغرب‪ .‬أخبن شيخنا أبو عبد ال البلي قال‪ :‬حضرت عند القاضي بفاس‬
‫لع هد ال سلطان أ ب سعيد و هو الفق يه أ بو ال سن الليلي و قد عرض عل يه أن يتار ب عض‬
‫اللقاب الخزنية لرايته قال فأطرق مليا ث قال‪ :‬من مكس المر‪ .‬فاستضحك الاضرون من‬
‫أ صحابه و عجبوا و سألوه عن حك مة ذلك‪ .‬فقال‪ :‬إذا كا نت البايات كل ها حراما فأختار‬
‫من ها مالً تتاب عه ن فس معط يه و ال مر قل أن يبذل في ها أ حد ماله إل و هو طرب م سرور‬
‫بوجودا ته غ ي أ سف عل يه و ل متعل قة به نف سه و هذه ملح ظة غري بة و ال سبحانه و تعال‬
‫يعلم ما تكن الصدور‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن رخص السعار مضر بالحترفي بالرخص‬


‫و ذلك أن الك سب و العاش ك ما قدمناه إن ا هو بال صنائع أو التجارة‪ .‬و التجارة هي شراء‬
‫البضائع و ال سلع و ادخار ها‪ .‬يتح ي ب ا حوالة ال سواق بالزيادة ف أثان ا و ي سمى ربا‪ .‬و‬
‫يصل منه الكسب و العاش للمحترفي بالتجارة دائما فإذا استدي الرخص ف سلعة أو عرض‬
‫من مأكول أو ملبوس أو متمول على الملة و ل يصل للتاجر حوالة السواق فسد الربح و‬
‫النماء بطول تلك الدة و كسدت سوق ذلك الصنف و ل يصل التا جر إل على العناء فقعد‬
‫التجار عن ال سعي في ها و ف سدت رؤوس أموال م‪ .‬و اع تب ذلك أولً بالزرع فإ نه إذا ا ستدي‬
‫رخصه يفسد به حال الحترفي بسائر أطواره من الفلح و الزراعة لقلة الربح فيه و ندارته أو‬
‫فقده‪ .‬فيفقدون النماء ف أموالم أو يدونه على قلة و يعودون بالنفاق على رؤوس أموالم و‬
‫تفسسد أحوالمس و بصسيون إل الفقسر و الصساصة‪ .‬و يتبسع ذلك فسساد حال الحترفيس أيضا‬
‫بالطحن و البز و سائر ما يتعلق بالزراعة من الرث إل صيورته مأكولً‪ .‬و كذا يفسد حال‬
‫ال ند إذا كا نت أرزاق هم من ال سلطان على أ هل الفلح زرعا فإن ا ت قل جبايت هم من ذلك و‬
‫يعجزون عن إقامة الندية الت هي بسببها و مطالبون با و منقطعون لا فتفسد أحوالم و كذا‬
‫إذا استدي الرخص ف السكر أو العسل فسد جيع ما يتعلق به و قعد الحترفون عن التجارة‬
‫ف يه و كذا حال اللبو سات إذا ا ستدي في ها الر خص أيضا فإذا الر خص الفرط ي حف بعاش‬
‫الحترفي بذلك الصنف الرخيص و كذا الغلء الفرط أيضا‪ .‬و إنا معاش الناس و كسبهم ف‬
‫التوسسط مسن ذلك و سرعة حوالة السسواق و علم ذلك يرجسع إل العوائد التقررة بيس أهسل‬
‫العمران‪ .‬و إنا ي مد الر خص ف الزرع من ب ي البيعات لعموم الا جة إل يه و اضطرار الناس‬
‫إل القوات من بي الغن و الفقي‪ .‬و العالة من اللق هم الكثر ف العمران فيعم الرفق بذلك‬
‫و يرجح جانب القوت على جانب التجارة ف هذا الصنف الاص إن ال هو الرزاق ذو القوة‬
‫التي و ال سبحانه و تعال رب العرش العظيم‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء و بعيدة من الروءة‬
‫قد قدمنا ف الفصل قبله أن التاجر مدفوع إل معاناة البيع و الشراء و جلب الفوائد و الرباح‬
‫و ل بد ف ذلك من الكاي سة و الماح كة و التحذلق و مار سة ال صومات و اللجاج و هي‬
‫عوارض هذه الرفة‪ .‬و هذه الوصاف نقص من الذكاء و الروءة و ترح فيها لن الفعال ل‬
‫بسد مسن عود آثارهسا على النفسس‪ .‬فأفعال اليس تعود بآثار اليس و الذكاء و أفعال الشسر و‬
‫ال سفسفة تعود ب ضد ذلك فتتم كن و تر سخ إن سبقت و تكررت و تن قص خلل ال ي إن‬
‫تأخرت عن ها ب ا ينط بع من آثار ها الذمو مة ف الن فس شأن اللكات الناشئة عن الفعال‪ .‬و‬
‫تتفاوت هذه الثار بتفاوت أ صناف التجار ف أطوار هم ف من كان من هم سافل الطور مالفا‬
‫لشرار البا عة أ هل ال غش و الل بة و الدي عة و الفجور ف الثان إقرارا و إنكارا‪ .‬كا نت‬
‫رداءة تلك اللق عنه أشد و غلبت عليه السفسفة و بعد عن الروءة و اكتسابا بالملة‪ .‬و إل‬
‫فل بد له من تأثي الكايسة و الماحكة ف مروءته‪ ،‬و فقدان ذلك منهم ف الملة‪ .‬و وجود‬
‫الصنف الثان منهم الذي قدمناه ف الفصل قبلة أنم يدرعون بالاه و يعوض لم من مباشرة‬
‫ذلك‪ ،‬فهم نادر و أقل من النادر‪ .‬و ذلك أن يكون الال قد يوجد عنده دفعة بنوع غريب أو‬
‫ورثه عن أحد من أهل بيته فحصلت له ثروة تعينه على التصال بأهل الدولة و تكسبه ظهورا‬
‫و شهرة بي أهل عصره فيتفع عن مباشرة ذلك بنفسه و يدفعه إل من يقوم له به من وكلئه‬
‫و حشمه‪ .‬و يسهل له الكام النصفة ف حقوقهم با يؤنسونه من بره و إتافه فيبعدونه عن‬
‫تلك اللق بالبعد عن معاناة الفعال القتضية لا كما مر‪ .‬فتكون مروءتم أرسخ و أبعد عن‬
‫تلك الحاجاة إل ما يسري من آثار تلك الفعال من وراء الجاب فإنم يضطرون إل مشارفة‬
‫أحوال أولئك الوكلء و رفاق هم أو خلف هم في ما يأتون أو يدرون من ذلك إل أ نه قل يل و ل‬
‫يكاد يظهر أثره و ال خلقكم و ما تعملون‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف أن الصنائع ل بد لا من العلم‬


‫إعلم أن ال صناعة هي مل كة ف أ مر عملي فكري و بكو نه عمليا هو ج سمان م سوس‪ .‬و‬
‫الحوال ال سمانية الح سوسة فنقل ها بالباشرة أو عب ل ا و أك مل‪ ،‬لن الباشرة ف الحوال‬
‫السمانية الحسوسة أت فائدة و اللكة صفة راسخة تصل عن استعمال ذلك الفعل و تكرره‬
‫مرة بعد أخرى حت ترسخ صورته‪ .‬و على نسبة الصل تكون اللكة‪ .‬و نقل العاينة أوعب و‬
‫أت من نقل الب و العلم‪ .‬فاللكة الاصلة عن الب‪ .‬و على قدر جودة التعليم و ملكة العلم‬
‫يكون حذق التعلم ف الصناعة و حصول ملكته‪ .‬ث أن الصنائع منها البسيط و منها الركب‪.‬‬
‫و البسيط هو الذي يتص بالضروريات و الركب هو الذي يكون للكماليات‪ .‬و التقدم منها‬
‫ف التعليم هو البسيط لبساطته أولً‪ ،‬و لنه متص بالضروري الذي تتوفر الدواعي على نقله‬
‫فيكون سسابقا فس التعليسم و يكون تعليمسه لذلك ناقصسا‪ .‬و ل يزال الفكسر يرج أصسنافها و‬
‫مركباتا من القوة إل الفعل بالستنباط شيئا فشيئا على التدريج حت تكمل‪ .‬و ل يصل ذلك‬
‫دف عة و إن ا ي صل ف أزمان و أجيال إذ خروج الشياء من القوة إل الف عل ل يكون دف عة ل‬
‫سيما ف المور ال صناعية فل بد له إذن من زمان‪ .‬و لذا ت د ال صنائع ف الم صار ال صغية‬
‫ناقصسة و ل يوجسد منهسا إل البسسيط فإذا تزايدت حضارتاس و دعست أمور الترف فيهسا إل‬
‫ا ستعمال ال صنائع خر جت من القوة إل الف عل‪ .‬و تنق سم ال صنائع أيضا إل ما ي تص بأ مر‬
‫العاش ضروريا كان أو غ ي ضروري و إل ما ي تص بالفكار ال ت هي خا صية الن سان من‬
‫العلوم و ال صنائع و ال سياسة‪ .‬و من الول اليا كة و الزارة و النجارة و الدادة و أمثال ا‪ .‬و‬
‫من الثان الوراقة و هي معاناة الكتب بالنتساخ و التخليد و الغناء و الشعر و تعليم العلم و‬
‫أمثال ذلك‪ .‬و من الثالث الندية و أمثالا‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أن الصنائع إنا تكمل بكمال العمران الضري و كثرته‬
‫و السسبب فس ذلك أن الناس مسا ل يسستوف العمران الضري و تتمدن الدينسة إناس ههسم فس‬
‫الضروري من العاش و هو تصيل القوات من النطة و غيها‪ .‬فإذا تدنت الدبنة و تزايدت‬
‫فيها العمال و وفت بالضروري و زادت عليه صرف الزائد و إنا إل الكمالت من العاش‪.‬‬
‫ث إن الصنائع و العلوم إنا هي للنسان من حيث فكره الذي يتميز به عن اليوانات و القوت‬
‫له من حيث اليوانية و الغذائية فهو مقدم لضرورته على العلوم و الصنائع و هي متأخرة عن‬
‫الضروري‪ .‬و على مقدار عمران البلد تكون جودة ال صنائع للتأ نق في ها و إن ا و ا ستجادة ما‬
‫يطلب منها بيث تتوفر دواعي الترف و الثروة و أما العمران البدوي أو القليل فل يتاج من‬
‫ال صنائع إل الب سيط خا صة ال ستعمل ف الضروريات من نار أو حداد او خياط أو حائك أو‬
‫جزار‪ .‬و إذا وجدت هذه ب عد فل تو جد ف يه كاملة و ل م ستجادة و إن ا يو جد من ها بقدار‬
‫الضرورة إذ هي كل ها و سائل إل غي ها و لي ست مق صودة لذات ا‪ .‬و إذا ز خر ب ر العمران و‬
‫طلبت فيه الكمالت كان من جلتها التأنق ف الصنائع و استجادتا فكملت بميع متمماتا و‬
‫تزايدت صنائع أخرى معها ما تد عو إل يه عوائد الترف و أحواله من جزار و دباغ و خراز و‬
‫صائغ و أمثال ذلك‪ .‬و قد تنت هي هذه ال صناف إذا ا ستبحر العمران إل أن يو جد في ها كث ي‬
‫من الكمالت و التأنق فيها ف الغاية و تكون من وجوه العاش ف الصر لنتحلها‪ .‬بل تكون‬
‫فائدتا من أعظم فوائد العمال لا يدعو إليه الترف ف الدينة مثل الدهان و الصفار و المامي‬
‫و الطباخ و الشماع و الراس و معلم الغناء و الرقسص و قرع الطبول على الترقيسع‪ .‬و مثسل‬
‫الوراق ي الذ ين يعانون صناعة انت ساخ الك تب و تليد ها و ت صحيحها فإن هذه ال صناعة إن ا‬
‫يدعو إليها الترف ف الدينة من الشتغال بالمور الفكرية و أمثال ذلك‪ .‬و قد ترج عن الد‬
‫إذا كان العمران خارجا عن الد كما بلغنا عن أهل مصر أن فيهم من يعلم الطيور العجم و‬
‫المسر النسسية و يتخيسل أشياء مسن العجائب بإيهام قلب العيان و تعليسم الداء و الرقسص و‬
‫الشي على اليوط ف الواء و رفع الثقال من اليوان و الجارة و غي ذلك من الصنائع الت‬
‫ل تو جد عند نا بالغرب‪ .‬لن عمران أم صاره ل يبلغ عمران م صر و القاهرة‪ .‬أدام ال عمران ا‬
‫بالسلمي‪ .‬و ال الكيم العليم‪.‬‬

‫الف صل الثا من ع شر ف أن ر سوخ ال صنائع ف الم صار إن ا هو بر سوخ الضارة و طول‬


‫أمده‬
‫و ال سبب ف ذلك ظا هر و هو أن هذه كل ها عوائد للعمران و الوان‪ .‬و العوائد إن ا تر سخ‬
‫بكثرة التكرار و طول ال مد فت ستحكم صبغة ذلك و تر سخ ف الجيال‪ .‬و إذا ا ستحكمت‬
‫ال صبغة ع سر نزع ها‪ .‬و لذا ن د ف الم صار ال ت كا نت ا ستبحرت ف الضارة ل ا ترا جع‬
‫عمران ا و تنا قص بقيت فيها آثار من هذه الصنائع ليست ف غي ها من المصار الستحدثة‬
‫العمران و لو بل غت مبالغ ها ف الوفور و الكثرة و ما ذاك إل لن أحوال تلك القدي ة العمران‬
‫م ستحكمة را سخة بطول الحقاب و تداول الحوال و تكرر ها و هذه ل تبلغ الغا ية ب عد‪ .‬و‬
‫هذا كالال فس الندلس لذا العهسد فإنسا ندس فيهسا رسسوم الصسنائع قائمسة و أحوالاس فمسن‬
‫مستحكمة راسخة ف جيع ما تدعو إليه عوائد أمصارها كالبان و الطبخ و أصناف الغناء و‬
‫اللهسو مسن اللت و الوتار و الرقسص و تنضيسد الفرش فس القصسور‪ ،‬و حسسن الترتيسب و‬
‫الوضاع فس البناء و صسوغ النيسة مسن العادن و الزف و جيسع الواعيس و إقامسة الولئم و‬
‫العراس و سائر الصنائع الت يدعو إليها الترف و عوائده‪ .‬فنجدهم أقوم عليها و أبصر با‪ .‬و‬
‫ن د صنائعها م ستحكمة لدي هم ف هم على ح صة موفورة من ذلك و حظ متم يز ب ي ج يع‬
‫المصسار‪ .‬و إن كان عمراناس قسد تناقسص‪ .‬و الكثيس منسه ل يسساوي عمران غيهسا مسن بلد‬
‫العدوة‪ .‬و ما ذاك إل لا قدمناه من رسوخ الضارة فيهم برسوخ الدولة الموية و ما قبلها من‬
‫دولة القوط و ما بعدها من دولة الطوائف و هلم جرا‪ .‬فبلغت الضارة فيها مبلغا ل تبلغه ف‬
‫ق طر إل ما ين قل عن العراق و الشام و م صر أيضا لطول آماد الدول في ها فا ستحكمت في ها‬
‫ال صنائع و كملت ج يع أ صنافها على ال ستجادة و التنم يق‪ .‬و بق يت صبغتها ثاب تة ف ذلك‬
‫العمران ل تفار قه إل أن ينت قض بالكل ية حال ال صبغ إذا ر سخ ف الثوب‪ .‬و كذا أيضا حال‬
‫تونس فيما حصل فيها بالضارة من الدول الصنهاجية و الوحدين من بعدهم و ما استكمل‬
‫ل ا ف ذلك من ال صنائع ف سائر الحوال و إن كان ذلك دون الندلس‪ .‬إل أ نه متضا عف‬
‫برسوم منها تنقل إليها من مصر لقرب السافة بينهما‪ .‬و تردد السافرين من قطرها إل قطر‬
‫مصر ف كل سنة و ربا سكن أهلها هناك عصورا فينقلون من عوائد ترفهم و مكم صنائعهم‬
‫ما يقع لديهم موقع الستحسان‪ .‬فصارت أحوالا ف ذلك متشابة من أحوال مصر لا ذكرناه‬
‫و من أحوال الندلس لا أن أكثر ساكنها من شرق الندلس حي اللء لعهد الائة السابعة‪.‬‬
‫و رسخ فيها من ذلك أحوال و إن كان عمرانا ليس مناسب لذلك لذا العهد‪ .‬إل أن الصبغة‬
‫إذا ا ستحكمت فقليلً ما تول إل بزوال مل ها‪ .‬و كذا ن د بالقيوان و مرا كش و قل عة ا بن‬
‫حاد أثرا باقيا من ذلك و إن كانت هذه كلها اليوم خرابا أو ف حكم الراب‪ .‬و ل يتفطن‬
‫لا إل البصي من الناس فيجد من هذه الصنائع آثارا تدله على ما كان با كأثر الط المحو‬
‫ف الكتاب و ال اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف أن الصنائع إنا تستجاد و تكثر إذا كثر طالبها‬
‫و ال سبب ف ذلك ظا هر و هو أن الن سان ل ي سمح بعمله أن ي قع مانا ل نه ك سبه و م نه‬
‫معاشه‪ .‬إذ ل فائدة له ف جيع عمره ف شيء ما سواه فل يصرفه إل فيما له قيمة ف مصره‬
‫ليعود عل يه بالن فع‪ .‬و إن كا نت ال صناعة مطلو بة و تو جه إلي ها النفاق كا نت و إن ا ال صناعة‬
‫بثا بة ال سلعة ال ت تن فق سوقها و تلب للب يع‪ .‬فتجت هد الناس ف الدي نة لتعلم تلك ال صناعة‬
‫ليكون من ها معاش هم‪ .‬و إذا ل ت كن ال صناعة مطلو بة ل تن فق سوقها و ل يو جه ق صد إل‬
‫تعلم ها‪ ،‬فاخت صت بالترك و فقدت للهال‪ .‬و لذا يقال عن علي ر ضي ال ع نه‪ ،‬قي مة كل‬
‫امرئ ما يسن بعن أن صناعته هي قيمته أي قيمة عمله الذي هو معاشه‪ .‬و أيضا فهنا سر‬
‫آ خر و هو أن ال صنائع و إجادت ا إن ا تطلب ها الدولة ف هي ال ت تن فق سوقها و تو جه الطالبات‬
‫إليها‪ .‬و ما ل تطلبه الدولة و إنا يطلبها غيها من أ هل الصر فليس على نسبتها لن الدولة‬
‫هي السوق العظم و فيها نفاق كل شيء و القليل و الكثي فيها على نسبة واحدة‪ .‬فما نفق‬
‫منها كان أكثريا ضرورة‪ .‬و السوقة و إن طلبوا الصناعة فليس طلبهم بعام و ل شوقهم بنافقة‪.‬‬
‫و ال سبحانه و تعال قادر على ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل العشرون ف أن المصار إذا قاربت الراب انتقصت منها الصنائع‬


‫و ذلك ل ا بي نا أن ال صنائع إن ا ت ستجاد إذا احت يج إلي ها و ك ثر طالب ها‪ .‬و إذا ضع فت أحوال‬
‫الصر و أخذ ف الرم بانتقاض عمرانه و قلة ساكنه تناقص فيه الترف و رجعوا إل القتصار‬
‫على الضروري من أحوالم فتقل الصنائع الت كانت من توابع الترف لن صاحبها حينئد ل‬
‫يصح له با معاشه فيفر إل غيها‪ ،‬أو يوت و ل يكون خلف منه‪ .‬فيذهب رسم تلك الصنائع‬
‫جلة‪ ،‬ك ما يذ هب النقاشون و ال صواغ و الكتاب و الن ساخ و أمثال م من ال صنائع لاجات‬
‫الترف‪ .‬و ل تزال ال صناعات ف التنا قص إل أن تضم حل‪ .‬و ال اللق العل يم و سبحانه و‬
‫تعال‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف أن العرب أبعد الناس عن الصنائع‬


‫و السبب ف ذلك أنم أعرق ف البدو و أبعد عن العمران الضري و ما يدعو إليه من الصنائع‬
‫و غيها‪ .‬و العجم من أهل الشرق و أمم النصرانية عدوة البحر الرومي أقوم الناس عليها لنم‬
‫أعرق ف العمران الضري و أبعد عن البدو و عمرانه‪ .‬حت إن البل الت أعانت العرب على‬
‫التوحش و ف القفر‪ ،‬و العراق ف البدو‪ ،‬مفقودة لديهم بالملة‪ ،‬و مفقودة مراعيها‪ ،‬و الرمال‬
‫الهيئة لنتاجها‪ .‬و لذا ن د أوطان العرب و ما ملكوه ف ال سلم قليل الصنائع بالملة‪ ،‬حت‬
‫تلب إليه من قطر آخر‪ .‬و انظر بلد العجم من الصي و الند و أرض الترك و أمم النصرانية‪،‬‬
‫كيف استكثرث فيهم الصنائع و استجلبها المم من عندهم‪ .‬و عجم الغرب من الببر مثل‬
‫العرب ف ذلك لرسوخهم ف البداوة منذ أحقاب من السني‪ .‬و يشهد لك بذلك قلة المصار‬
‫بقطر هم ك ما قدمناه‪ ..‬فال صنائع بالغرب لذلك قليلة و غ ي م ستحكمة الما كن من صناعة‬
‫ال صوف من ن سجه‪ ،‬و اللد ف خرزه و دب غه‪ .‬فإن م ل ا ا ستحضروا بلغوا في ها البالغ لعموم‬
‫البلوى با و كون هذين أغلب السلع ف قطرهم‪ ،‬لا هم عليه من حال البداوة‪ .‬و أما الشرق‬
‫فقد رسخت الصنائع فيه منذ ملك المم القدمي من الفرس و النبط و القبط و بن إسرائيل‬
‫و يونان و الروم أحقابا متطاولة‪ ،‬فر سخت في هم أحوال الضارة‪ .‬و من جلت ها الصنائع ك ما‬
‫قدمناه‪ ،‬فلم يح رسها‪ .‬و أما اليمن و البحر ين و عمان و الزيرة و إن ملكه العرب إل أنم‬
‫تداولوا ملكه آلفا من السني ف أمم كثيين منهم‪ .‬و اختطوا أمصاره و مدنه و بلغوا الغاية‬
‫من الضارة و الترف مثل عاد و ثود و العمالقة و حي من بعدهم‪ .‬و التبابعة و الذواء فطال‬
‫أمسد اللك و الضارة و اسستحكمت صسبغتها و توفرت الصسنائع و رسسخت‪ ،‬فلم تبسل ببلى‬
‫الدولة كما قدمناه‪ .‬فبقيت مستجدة حت الن‪ .‬و اختصت بذلك للوطن‪ ،‬كصناعة الوشي و‬
‫العصب و ما يستجاد من حول الثياب و الرير فيها و ال وارث الرض و من عليها و هو‬
‫خي الوارثي‪.‬‬

‫الف صل الثا ن و العشرون في من ح صلت له مل كة ف صناعة ف قل أن ي يد ب عد ف مل كة‬


‫أخرى‬
‫و مثال ذلك الياط إذا أجاد ملكة الياطة و أحكمها و رسخت ف نفسه فل ييد من بعدها‬
‫ملكة النجارة أو البناء إل أن تكون الول ل تستحكم بعد و ل ترسخ صبغتها‪ .‬و السبب ف‬
‫ذلك أن اللكات صفات للنفس و ألوان فل تزدحم دفعة‪ .‬و من كان على الفطرة كان أسهل‬
‫لقبول اللكات و أحسن استعدادا لصولا‪ .‬فإذا تلونت النفس باللكة الخرى و خرجت عن‬
‫الفطرة ض عف في ها ال ستعداد باللون الا صل من هذه الل كة فكان قبولاس للمل كة الخرى‬
‫أضعف‪ .‬و هذا بي يشهد له الوجود‪ .‬فقل أن تد صاحب صناعة يكمها ث يكم من بعدها‬
‫أخرى و يكون فيه ما معا على رت بة واحدة من الجادة‪ .‬ح ت أن أ هل العلم الذ ين ملكت هم‬
‫فكرية فهم بذه الثابة‪ .‬و من حصل منهم على ملكة علم من العلوم و أجادها ف الغاية فقل‬
‫أن ي يد مل كة علم آ خر على ن سبته بل يكون مق صرا ف يه إن طل به إل ف ال قل النادر من‬
‫الحوال‪ .‬و مبن سببه على ما ذكرناه من الستعداد و تلوينه بلون اللكة الاصلة ف النفس‪ .‬و‬
‫ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف الشارة إل أمهات الصنائع‬


‫إعلم أن الصنائع ف النوع النسان كثية لكثرة العمال التداولة ف العمران‪ .‬فهي بيث تشذ‬
‫عن ال صر و ل يأخذ ها ال عد‪ .‬إل أن من ها ما هو ضروري ف العمران أو شر يف بالو ضع‬
‫فنخ صها بالذ كر و نترك ما سواها‪ .‬فأ ما الضروري فالفل حة و البناء و اليا طة و النجارة و‬
‫الياكة‪ ،‬و أما الشريفة بالوضع فكالتوليد و الكتابة و الوراقة و الغناء و الطب‪ .‬فأما التوليد‬
‫فإن ا ضرور ية ف العمران و عا مة البلوى إذ ب ا ت صل حياة الولود و ت تم غالبا‪ .‬و موضوع ها‬
‫مع ذلك الولودون و أمهات م‪ .‬و أ ما ال طب ف هو ح فظ ال صحة لن سان و د فع الرض ع نه و‬
‫يتفرع عن علم الطبي عة‪ ،‬و موضو عه مع ذلك بدن الن سان‪ .‬و أ ما الكتا بة و ما يتبع ها من‬
‫الوراقة فهي حاف ظة على النسان حاج ته و مقيدة لا عن النسيان و مبلغة ضمائر النفس إل‬
‫البعيد الغائب و ملدة نتائج الفكار و العلوم ف الصحف و رافعة رتب الوجود للمعان‪ .‬و أما‬
‫الغناء فهو نسب الصوات و مظهر جالا للساع‪ .‬و كل هذه الصنائع الثلث داع إل مالطة‬
‫اللوك العاظم ف خلواتم و مالس أنسهم فلها بذلك شرف ليس لغيها‪ .‬و ما سوى ذلك‬
‫من الصنائع فتابعة و متهنة ف الغالب‪ .‬و قد يتلف ذلك باختلف الغراض و الدواعي‪ .‬و ال‬
‫أعلم بالصواب‪.‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون ف صناعة الفلحة‬
‫هذه الصسناعة ثرتاس اتاذ القوات و البوب بالقيام على إثارة الرض لاس ازدراعهسا و علج‬
‫نباتا و تعهده بالسقي و التنمية إل بلوغ غايته ث حصاد سنبله و استخراج حبه من غلفه و‬
‫إحكام العمال لذلك‪ .‬و تصيل أسبابه و دواعيه‪ .‬و هي أقدم الصنائع لا أنا مصلة للقوت‬
‫الك مل لياة الن سان غالبا إذ ي كن وجوده من دون القوت‪ .‬و لذا اخت صت هذه ال صناعة‬
‫بالبدو‪ .‬إذ قدمنا أنه أقدم من الضر و سابق عليه فكانت هذه الصناعة لذلك بدوية ل يقوم‬
‫عليها الضر و ل يعرفونا لن أحوالم كلها ثانية على البداوة فصنائعهم ثانية عن صنائعها و‬
‫تابعة لا‪ .‬و ال سبحانه و تعال مقيم العباد فيما أراد‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف صناعة البناء‬


‫هذه ال صناعة أول صنائع العمران الضري و أقدم ها و هي معر فة الع مل ف اتاذ البيوت و‬
‫النازل للكسن و الأوى للبدان فس الدن‪ .‬و ذلك أن النسسان لاس جبسل عليهسا مسن الفكسر فس‬
‫عواقب أحواله‪ ،‬ل بد أن يفكر فيما يدفع عنه الذى من الر و البد كاتاذ البيوت الكتنفة‬
‫بالسقف و اليطان‪ .‬من سائر جهاتا و البشر متلف ف هذه البلة الفكرية فمنهم العتدلون‬
‫في ها فيتخذون ذلك باعتدال أهال الثا ن و الثالث و الرا بع و الا مس و ال سادس و أ ما أ هل‬
‫البدو فيبعدون عن اتاذ ذلك لقصور أفكارهم عن إدراك الصنائع البشرية فيبادرون للغيان و‬
‫الكهوف العدة مسن غيس علج‪ .‬ثس العتدلون و التخذون البيوت للمأوى قسد يتكاثرون فس‬
‫الب سيط الوا حد ب يث يتناكرون و ل يتعارفون فيخشون طرق بعض هم بعضا بياتا فيحتاجون‬
‫إل حفظ متمعهم بإدارة ماء أو أسوار توطهم و يصي جيعا مدينة واحدة و مصرا واحدا و‬
‫يوط هم ال كم من دا خل يد فع بعض هم عن ب عض و قد يتاجون إل النت صاف و يتخذون‬
‫العاقل و الصون لم و لن تت أيديهم و هؤلء مثل اللوك و من ف معناهم من المراء و‬
‫كبار القبائل‪ .‬ث تتلف أحوال البناء ف الهن كل مدينة على ما يتعارفون و يصطلحون عليه و‬
‫ينا سب مزاج هوائ هم و اختلف أحوال م ف الغ ن و الف قر‪ .‬و كذا حال أ هل الدي نة الواحدة‬
‫فمنهسم مسن يتخسذ القصسور و البضائع العظيمسة السساحة الشتملة على عدة الدور و البيوت و‬
‫الغرف الكبية لكثرة ولده و حشمه و عياله و تابعه و يؤسس جدرانا بالجارة و يلحم بينها‬
‫بالكلس و يعال عليهسا بالصسبغة و الصس و يبالغ فس كسل ذلك بالتنجيسد و التنميسق إظهارا‬
‫للبسسطة بالعنايسة فس شأن الأوى‪ .‬و يهيء مسع ذلك السسراب و الطاميس للختزان لقواتسه و‬
‫السطبلت لربط مقرباته إذا كان من أهل النود و كثرة التابع و الاشية كالمراء و من ف‬
‫معناهسم و منهسم مسن يبنس الدويرة و البيوت لنفسسه و سسكنه و ولده ل يبتغسي مسا وراء ذلك‬
‫لقصور حاله عنه و اقتصاره عن الكن الطبيعي للبشر و بي ذلك مراتب غي منحصرة و قد‬
‫يتاج لذه الصناعة أيضا عند تأسيس اللوك و أهل و الدول الدن العظيمة و الياكل الرتفعة‬
‫و يبالغون فس إتقان الوضاع و علو الجرام مسع الحكام بتبلغ الصسناعة مبالغهسا‪ .‬و هذه‬
‫الصناعة هي الت تصل الدواعي لذلك كله و أكثر ما تكون هذه الصناعة ف القاليم العتدلة‬
‫من الرا بع و ما حوال يه إذ القال يم النحر فة ل بناء في ها‪ .‬و إن ا يتخذون البيوت حظائر من‬
‫القصسب و الطيس أو يأوون إل الكهوف و الغيان‪ .‬و أهسل هذه الصسناعة القائلون عليهسا‬
‫متفاوتون‪ :‬فمنهسم البصسي الاهسر و منهسم القاصسر‪ .‬ثس هسي تتنوع أنواعا كثية فمنهسا البناء‬
‫بالجارة النجدة أو بال جر يقام ب ا الدران مل صقا بعض ها إل ب عض بالط ي و الكلس الذي‬
‫يعقد معها و يلتحم كأنا جسم واحد و منها البناء بالتراب خاصة تقام منه حيطان يتخذ لا‬
‫لوحان من الشب فقدران طولً و عرضا باختلف العادات ف التقدير‪ .‬و أوسطه أربع أذرع‬
‫ف ذراعي فينصبان على أساس و قد يوعد ما بينهما با يراه صاحب البناء ف عرض الساس‬
‫و يوصل بينهما بأذرع من الشب يربط عليها بالبال و الدر‪ .‬و يسد الهتان الباقيتان من‬
‫ذلك اللء بينهمسا بلوحيس آخريسن صسغيين ثس يوضسع فيسه التراب ملطا بالكلس و يركسز‬
‫بالراكسز العدة حتس ينعسم ركزه و يتلط أجزاؤه بالكلس ثس يزاد التراب ثانيا و ثالثا إل أن‬
‫يتلىء ذلك اللء بيس اللوحيس و قسد تداخلت أجزاء الكلس و التراب و صسارت جسسما‬
‫واحدا‪ .‬ث يعاد ن صب اللوح ي على صورة و ير كز كذلك إل أن ي تم و ين ظم اللواح كل ها‬
‫سطرا من فوق سطر إل أن ينتظم الائط كله ملتحما كأنه قطعة واحدة و يسمى الطابية و‬
‫صانعه الطواب‪ .‬و من صنائع البناء أيضا أن تلل اليطان بالكلس ب عد أن ي ل بالاء و ي مر‬
‫أسبوعا أو أسبوعي على قدر ما يعتدل مزاجه عن إفراط النارية الفسدة لللام‪ .‬فإذا ت له ما‬
‫يرضاه من ذلك عله من فوق الائط و ذلك إل أن يلتحم‪ .‬و من صنائع البناء عمل السقف‬
‫بأن يد الشب الحكمة النجارة أو الساذجة على حائطي البيت و من فوقها اللواح كذلك‬
‫موصولة بالدسائر و يصب عليها التراب و الكلس و يبسط بالراكز حت تتداخل أجزاؤها و‬
‫تلتحم و يعال عليها الكلس كما يعال على الائط‪ .‬و من صناعة البناء ما يرجع إل التنميق و‬
‫التزيي كما يصنع من فوق اليطان الشكال الجسمة من الص يمر بالاء ث يرجع جسدا‬
‫و فيه بقية البلل‪ ،‬فيشكل على التناسب تريا بثاقب الديد إل أن يبقى له رونق و رؤاء‪ .‬و‬
‫رب ا عول على اليطان أيضا بق طع الرخام أو ال جر أو الزف أو بال صدف أو ال سبج يف صل‬
‫أجزاء متجان سة أو متل فة و تو ضع ف الكلس على ن سب و أوضاع مقدرة عند هم يبدو به‬
‫الائط للعيان‪ ،‬كأ نه ق طع الرياض النمن مة‪ .‬إل غ ي ذلك من بناء الباب و ال صهاريج ل سفح‬
‫الاء ب عد أن ت عد ف البيوت ق صاع الرخام القوراء الحك مة الرط بالفوهات ف و سطها لن بع‬
‫الاء الاري إل ال صهريج يلب إل يه من خارج القنوات الفض ية إل البيوت و أمثال ذلك من‬
‫أنواع البناء‪ .‬و تتلف الصناع ف جيع ذلك باختلف الذق و البصر و يعظم عمران الدينة‬
‫و يت سع فيكثرون‪ .‬و رب ا ير جع الكام إل ن ظر هؤلء فيما هم أب صر به من أحوال البناء‪ .‬و‬
‫ذلك أن الناس ف الدن لكثرة الزدحام و العمران يتشاحون حت ف الفضاء و الواء العلى و‬
‫السفل و من النتفاع بظاهر البناء ما يتوقع معه حصول الضرر ف اليطان‪ .‬فيمنع جاره من‬
‫ذلك إل ما كان له ف يه حق‪ .‬و يتلفون أيضا ف ا ستحقاق الطرق و النا فذ للمياه الار ية و‬
‫الفضلت ال سربة ف القنوات و رب ا يد عي بعض هم حق ب عض ف حائ طه أو علوه أو قنا ته‬
‫لتضايق الوار أو يدعي بعضهم على جاره اختلل حائطه خشية سقوطه و يتاج إل الكم‬
‫عليه بدمه و دفع ضرر عن جاره عند من يراه أو يتاج إل قسمة دار أو عرضة بي شريكي‬
‫ب يث ل ي قع مع ها ف ساد ف الدار و ل إهال لنفعت ها‪ .‬و أمثال ذلك‪ .‬و ي فى ج يع ذلك إل‬
‫على أهل البصر العارفي بالبناء و أحواله الستدلي عليها بالعاقد و القمط و مراكز الشب و‬
‫م يل اليطان و اعتدال ا و ق سم ال ساكن على ن سبة أوضاع ها‪ .‬و منافع ها و ت سريب الياه ف‬
‫القنوات ملوبة و مرفوعة بيث ل تضر با مرت عليه من البيوت و اليطان و غي ذلك‪ .‬فلهم‬
‫بذا كله الب صر و ال بة ال ت لي ست لغي هم‪ .‬و هم مع ذلك يتلفون بالودة و الق صور ف‬
‫الجيال باعتبار الدول و قوت ا‪ .‬فإ نا قدم نا أن ال صنائع و كمال ا‪ ،‬إن ا هو بكمال الضارة و‬
‫كثرتا بكثرة الطالب لا‪ .‬فلذلك عندما تكون الدولة بدوية ف أول أمرها تفتقر ف أمر البناء‬
‫إل غي قطرها‪ .‬كما وقع للوليد بن عبد اللك حي أجع على بناء مسجد الدينة و القدس و‬
‫مسجده بالشام‪ .‬فبعث إل ملك الروم بالقسطنطينية ف الفعلة الهرة ف البناء فبعث إليه منهم‬
‫من ح صل له غر ضه من تلك ال ساجد و قد يعرف صاحب هذه ال صناعة أشياء من الند سة‬
‫مثسل تسسوية اليطان بالوزن و إجراء الياه بأخسذ الرتفاع و أمثال ذلك فيحتاج إل البصسر‬
‫بشيء من مسائله‪ .‬و كذلك ف جر الثقال بالندام فإن الجرام العظيمة إذا شيدت بالجارة‬
‫ال كبية يع جز قدر الفعلة عن رقم ها إل مكان ا من الائط فيتح يل لذلك بضاع فة قوة ال بل‬
‫بإدخاله ف العالق من أثقاب مقدرة على نسب هندسية تصي الثقيل عند معاناة الرفع خفيفا‬
‫فيتم الراد من ذلك بغي كلفة و هذا إنا يتم بأصول هندسية معروفي متداولي بي البشر و‬
‫بثلها كان بناء الياكل الاثلة لذا العهد الت يسب أنا من بناء الاهلية‪ .‬و أن أبدانم كانت‬
‫على نسبتها ف العظم السمان و ليس كذلك و إنا ت لم ذلك باليل الندسية كما ذكرناه‪.‬‬
‫فتفهم ذلك‪ .‬و ال يلق ما يشاء سبحانه‪.‬‬

‫الفصل السادس و العشرون ف صناعة النجارة‬


‫هذه ال صناعة من ضروريات العمران و مادت ا ال شب و ذلك أن ال سبحانه و تعال ج عل‬
‫للدمي ف كل مكون من الكونات منافع تكمل با ضروراته و كان منها الشجر فإن له فيه‬
‫من النافع مال ينحصر ما هو معروف لكل أحد‪ .‬و من منافعها اتاذها خشبا إذا يبست و‬
‫أول منافعسه أن يكون وقودا للنيان فس معاشهسم و عصسيا للتكاء و الذود و غيهاس مسن‬
‫ضرورياتم و دعائم لا يشى ميله من أثقالم‪ .‬ث بعد ذلك منافع أخرى لهل البدو و الضر‬
‫فأما أهل البدو فيتخذون منها العمد و الوتاد ليامهم و الدوج لظعائنهم و الرماح و القسي‬
‫و السسهام لسسلحهم و أمسا أهسل الضسر فالسسقف لبيوتمس و الغلق ل بوابمس و الكراسسي‬
‫للو سهم‪ .‬و كسل واحدة من هذه فالشبسة مادة لاس و ل تصسي إل الصسورة الاصسة ب ا إل‬
‫بالصسناعة‪ .‬و الصسناعة التكفلة بذلك الحصسلة لكسل واحسد مسن صسورها هسي النجارة على‬
‫اختلف رتبها‪ .‬فيحتاج صاحبها إل تفصيل الشب أولً‪ ،‬إما بشب أصغر منه أو ألواح‪.‬‬
‫ث تركب تلك الفضائل بسب الصور الطلوبة‪ .‬و هو ف كل ذلك ياول بصنعته إعداد تلك‬
‫الف صائل بالنتظام إل أن ت صي أعضاء لذلك الش كل الخ صوص‪ .‬و القائم على هذه ال صناعة‬
‫هو النجار و هو ضروري ف العمران‪ .‬ث إذا عظمت الضارة و جاء الترف و تأنق الناس فيما‬
‫يتخذونه من كل صنف من سقف أو باب أو كرسي أو ماعون‪ ،‬حدث التأنق ف صناعة ذلك‬
‫و ا ستجادته بغرائب من ال صناعة كمال ية لي ست من الضروري ف ش يء م ثل التخط يط ف‬
‫البواب و الكراسي و مثل تيئة القطع من الشب بصناعة الرط يكم بريها و تشكيلها ث‬
‫تؤلف على نسب مقدرة و تلحم بالدسائر فتبدو لرأي العي ملتحمة و قد أخذ منها اختلف‬
‫الشكال على تنا سب‪ .‬يصنع هذا ف كل ش يء يت خذ من ال شب فيج يء آ نق ما يكون‪ .‬و‬
‫كذلك ف جيع ما يتاج إليه من اللت التخذة من الشب من أي نوع كان‪ .‬و كذلك قد‬
‫يتاج إل هذه الصناعة ف إنشاء الراكب البحرية ذات اللواح و الدسر و هي أجرام هندسية‬
‫صنعت على قالب الوت و اعتبار سبحه ف الاء بقوادمه و كلكله ليكون ذلك الشكل أعون‬
‫ل ا ف م صادمة الاء و ج عل ل ا عوض الر كة اليوان ية ال ت لل سمك تر يك الرياح‪ .‬و رب ا‬
‫أعينت بركة القاذيف كما ف الساطيل‪ .‬و هذه الصناعة من أصلها متاجة إل أصل كبي من‬
‫الندسة ف جيع أصنافها لن إخراج الصور من القوة إل الفعل على وجه الحكام متاج إل‬
‫معرفة التناسب ف القادير إما عموما أو خصوصا و تناسب القادير ل بد فيه من الرجوع إل‬
‫الهندس‪ .‬و لذا كا نت أئ مة الند سة اليونانيون كل هم أئ مة ف هذه ال صناعة فكان أوقليدوس‬
‫صساحب كتاب الصسول فس الندسسة نارا و باس كان يعرف‪ .‬و كذلك أبلونيوس صساحب‬
‫كتاب الخروطات و ميلوش و غي هم‪ .‬و في ما يقال‪ :‬أن معلم هذه ال صناعة ف اللي قة هو‬
‫نوح عليه السلم و با أنشأ سفينة النجاة الت كانت با معجزته عند الطوفان‪ .‬و هذا الب و‬
‫إن كان مكنا أعن كونه نارا إل أن كونه أول من علمها أو تعلمها ل يقوم دليل من النقل‬
‫عل يه لب عد الماد‪ .‬و إن ا معناه و ال أعلم الشارة إل قدم النجارة ل نه ل ي صح حكا ية عن ها‬
‫قبل خب نوع عليه السلم فجعل كأنه أول من تعلمها‪ .‬فتفهم أسرار الصنائع ف الليقة‪ .‬و ال‬
‫سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون ف صناعة الياكة و الياطة‬


‫إعلم أن العتدلي من البشر ف معن النسانية ل بد لم من الفكر ف الدفء كالفكر ف الكن‪.‬‬
‫و يصل الدفء باشتمال النسوج للوقاية من الر و البد‪ .‬و ل بد لذلك من إلام الغزل حت‬
‫يصسي ثوبا واحدا‪ ،‬و هسو النسسج و الياكسة‪ .‬فإن كانوا باديسة اقتصسروا عليسه‪ ،‬و إن قالوا إل‬
‫الضارة فصسلوا تلك النسسوجة قطعا يقدرون منهسا ثوبا على البدن بشكله و تعدد أعضائه و‬
‫اختلف نواحي ها‪ .‬ث يلئمون بي تلك القطع بالو صائل ح ت تصي ثوبا واحدا على البدن و‬
‫يلبسونا‪ .‬و الصناعة الحصلة لذه اللءمة هي الياطة‪.‬‬
‫هاتان الصناعتان ضروريتان ف العمران لا يتاج إليه البشر من الرفه فالول لنسج الغزل من‬
‫الصسوف و الكتان و القطسن إسسداء فس الطول و إلاما فس العرض و إحكاما لذلك النسسج‬
‫باللتحام الشديد‪ ،‬فيتم منها قطع مقدرة فمنها الكسية من الصوف للشتمال‪ ،‬و منها الثياب‬
‫مسن القطسن و الكتان للباس‪ .‬و الصسناعة الثانيسة لتقديسر النسسوجات على اختلف الشكال و‬
‫العوائد‪ ،‬تفصل بالقراض قطعا مناسبة للعضاء البدنية ث تلحم تلك القطع بالياطة الحكمة‬
‫وصلً أو تنبيتا أو تفسحا على حسب نوع الصناعة‪ .‬و هذه الصناعة متصة بالعمران الضري‬
‫لاس أن أهسل البدو يسستغنون عنهسا و إناس يشتملون الثواب اشتمالً‪ .‬و إناس تفصسيل الثياب و‬
‫تقدير ها و إلام ها باليا طة للباس من مذا هب الضارة و فنون ا‪ .‬و تف هم هذه ف سر تر ي‬
‫الخيط ف الج لا أن مشروعية الج مشتملة على نبذ العلئق الدنيويئة كلها و الرجوع إل‬
‫ال تعال ك ما خلق نا أول مرة‪ ،‬ح ت ل يعلق الع بد قل به بش يء من عوائد تر فه‪ ،‬ل طيبا و ل‬
‫ن ساءً ل ميطا و ل خفا‪ ،‬و ل يتعرض ل صيد و ل لش يء من عوائده ال ت تلو نت ب ا نف سه و‬
‫خلقه‪ ،‬مع أنه يفقدها بالوت ضرورة‪ .‬و إنا ييء كأنه وارد إل الحشر ضارعا بقلبه ملصا‬
‫لربه‪ .‬و كان جزاؤه إن ت له إخلصه ف ذلك أن يرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه‪ .‬سبحانك‬
‫ما أرفقك بعبادك و أرحك بم ف طلب هدايتهم إليك‪ .‬و هاتان الصنعتان قديتان ف الليقة‬
‫ل ا أن الد فء ضروري للب شر ف العمران العتدل‪ .‬و أ ما النحرف إل ال ر فل يتاج أهله إل‬
‫د فء‪ .‬و لذا يبلغ نا عن أ هل القل يم الول من ال سودان أن م عراة ف الغالب‪ .‬و لقدم هذه‬
‫الصنائع ينسبها العامة إل ادريس عليه السلم و هو أقدم النبياء‪ .‬و ربا ينسبونا إل هرمس و‬
‫قد يقال إن هرمس هو إدريس‪ .‬و ال سبحانه و تعال هو اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون ف صناعة التوليد‬


‫و هي صناعة يعرف با العمل ف استخراج الولود الدمي من بطن أمه من الرفق ف إخراجه‬
‫من رحها و تيئة أسباب ذلك‪ .‬ث ما يصلحه بعد الروج على ما نذكر‪ .‬و هي متصة بالنساء‬
‫ف غالب ال مر ل ا أن ن الظاهرات بعض هن على عورات ب عض‪ .‬و ت سمى القائ مة على ذلك‬
‫من هن القابلة‪ .‬استعي فيها معن العطاء و القبول كأن الن ساء تعطيها الن ي و كأن ا تقبله‪ .‬و‬
‫ذلك أن الن ي إذا ا ستكمل خل قه ف الر حم و أطواره و بلغ إل غاي ته و الدة ال ت قدر ها ال‬
‫لك ثه هي ت سعة أش هر ف الغالب فيطلب الروج ب ا ج عل ال ف الولود من النوع لذلك و‬
‫يضيق عليه النفذ فيعسر‪ .‬و ربا مزق بعض جوانب الفرج بالضغط و ربا انقطع بعض ما كان‬
‫من الغشية من اللتصاق و اللتحام بالرحم‪ .‬و هذه كلها آلم يشتد لا الوجع و هو معن‬
‫الطلق فتكون القابلة معينة ف ذلك بعض الشيء بغمز الظهر و الوركي و ما ياذي الرحم من‬
‫السافل تساوق بذلك فعل الدافعة ف إخراج الني و تسهيل ما يصعب منه با يكنها و على‬
‫ما تتدي إل معر فة ع سرة‪ .‬ث إن أخرج الن ي بق يت بي نه و ب ي الر حم الو صلة ح يث كان‬
‫يتغذى منها متصلة من سرته بعاه‪ .‬و تلك الوصلة عضو فضلي لتغذية الولود خاصة فتقطعها‬
‫القابلة مسن حيسث ل تتعدى مكان الفضلة و ل تضسر بعاه و ل برحسم أمسه ثس تدمسل مكان‬
‫الراحة منه بالكي أو با تراه من وجوه الندمال‪ .‬ث إن الني عند خروجه من ذلك النفذ‬
‫الض يق و هو ر طب العظام سهل النعطاف و النثناء فرب ا تتغ ي أشكال أعضائه و أو صافها‬
‫لقرب التكو ين و رطو بة الواد فتتناوله القابلة بالغ مز و ال صلح ح ت ير جع كل ع ضو إل‬
‫شكله ال طبيعي و وض عه القدر له و يرتد خل قه سويا‪ .‬ث بعد ذلك ترا جع النف ساء و تاذيها‬
‫بالغمز و اللينة لروج أغشية الني لنا ربا تتأخر عن خروجه قليلً‪ .‬و يشى عند ذلك أن‬
‫تراجع الاسكة حالا الطبيعية قبل استكمال خروج الغشية و هي فضلت فتتعفن و يسري‬
‫عفنهسا إل الر حم فيقسع اللك فتحاذر القابلة هذا و تاول ف إعا نة الدفسع إل أن ترج تلك‬
‫الغشيسة التس كانست قسد تأخرت ثس ترجسع إل الولود فتمرخ أعضاءه بالدهان و الذرورات‬
‫القابضة لتشده و تفف رطوبات الرحم و تنكه لرفع لاته و تسعطه لستفراغ نطوف دماغه‬
‫و تغرغره باللعوق لدفع السدد من معاه و تويفها عن اللتصاق‪ .‬ث تداوي النفساء بعد ذلك‬
‫من الوهن الذي أصابا بالطلق و ما لق رحها من أل النفصال‪ ،‬إذ الولود إن ل يكن عضوا‬
‫طبيعيا فحالة التكوين ف الرحم صيته باللتحام كالعضو التصل فلذلك كان ف انفصاله أل‬
‫يقرب من أل الق طع‪ .‬و تداوي مع ذلك ما يل حق الفرج من أل من جرا حة التمز يق ع ند‬
‫الضغط ف الروج‪ .‬و هذه كلها أدواء ند هولء القوابل أبصر بدوائها‪ .‬و كذلك ما يعرض‬
‫للمولود مدة الرضاع من أدواء ف بدنه إل حي الفصال ندهن أبصر با من الطبيب الاهر‪ .‬و‬
‫ما ذاك إل لن بدن النسان ف تلك الالة إنا هو بدن إنسان بالقوة فقط‪ .‬فإذا جاوز الفصال‬
‫صار بدنا إن سانيا بالف عل فكا نت حاج ته حينئذ إل ال طبيب أ شد‪ .‬فهذه ال صناعة ك ما تراه‬
‫ضرور ية ف العمران للنوع الن سان‪ ،‬ل ي تم كون أشخا صه ف الغالب دون ا‪ .‬و قد يعرض‬
‫لبعسض أشخاص النوع السستغناء عسن هذه الصسناعة‪ ،‬إمسا بلق ال ذلك لمس معجزة و خرقا‬
‫للعادة ك ما ف حق ال نبياء صلوات ال و سلمه علي هم أو بإلام و هدا ية يل هم ل ا الولود و‬
‫يفطرعليها فيتم وجودهم من دون هذه الصناعة‪ .‬فأما شأن العجزة من ذلك فقد وقع كثيا‪.‬‬
‫و م نه ما روي أن ال نب صلى ال عل يه و سلم ولد م سرورا متونا واضعا يد يه على الرض‬
‫شاخصا ببصره إل السماء‪ .‬و كذلك شأن عيسى ف الهد و غي ذلك‪ .‬و أما شأن اللام فل‬
‫ين كر‪ .‬و إذا كا نت اليوانات الع جم ت تص بغرائب اللامات كالن حل و غي ها ف ما ظ نك‬
‫بالن سان الف ضل علي ها‪ .‬و خ صوصا ب ن اخ تص بكرا مة ال‪ .‬ث اللام العام للمولود ين ف‬
‫القبال على الثدي أوضح شاهد على وجوب اللام العام لم‪ .‬فشأن العناية اللية أعظم من‬
‫أن ياط به‪ .‬و من ه نا يف هم بطلن رأي الفارا ب و حكماء الندلس في ما احتجوا به لعدم‬
‫انقراض اللواح و اسستحالة انقطاع الكونات‪ .‬و خصسوصا فس النوع النسسان‪ ،‬و قالوا‪ :‬لو‬
‫انقط عت أشخا صه ل ستحال وجود ها ب عد ذلك لتوق فه على وجود هذه ال صناعة ال ت ل ي تم‬
‫كون النسان إل با‪ .‬إذ لو قدرنا مولودا دون هذه الصناعة و كفالتها إل حي الفصال ل يتم‬
‫بقاؤه أ صلً‪ .‬و وجود ال صنائع دون الف كر مت نع لن ا ثر ته و تاب عة له‪ .‬و تكلف ا بن سينا ف‬
‫الرد على هذا الرأي لخالفته إياه و ذهابه إل إمكان انقطاع النواع و خراب عال التكوين ث‬
‫عوده ثانيا لقتضاءات فلك ية و أوضاع غري بة تنذر ف الحقاب بزع مه فتقت ضي تم ي طي نة‬
‫مناسبة لزاجه برارة مناسبة فيتم كونه إنسانا ث يقيض له حيوان يلق فيه إلاما لتربيته و النو‬
‫عليه إل أن يتم وجوده و فصاله‪ .‬و أطنب ف بيان ذلك ف الرسالة الت ساها رسالة حي بن‬
‫يقظان‪ .‬و هذا الستدلل غي صحيح و إن كنا نوافقه على انقطاع النواع لكن من غي ما‬
‫استدل به‪ .‬فإن دليله مبن على إسناد الفعال إل العلة الوجبة‪ .‬و دليل القول بالفاعل الختار‬
‫يرد عليه و ل واسطة على القول بالفاعل الختار بي الفعال و القدرة القدية و ل حاجة إل‬
‫هذا التكلف‪ .‬ث لو سلمناه جد ًل فغاية ما ينبن عليه اطراد وجوب هذا الشخص بلق اللام‬
‫لترتي به ف اليوان الع جم‪ .‬و ما الضرورة الداع ية لذلك ؟ و إذا كان اللام يلق ف اليوان‬
‫العجم فما الانع من خلقه للمولود نفسه كما قررناه أولً‪ .‬و خلق اللام ف شخص لصال‬
‫نفسسه أقرب مسن خلقسه فيسه لصسال غيه فكل الذهسبي شاهدان على أنفسسهما بالبطلن فس‬
‫مناحيهما لا قررته لك و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع و العشرون ف صناعة الطب و أنا متاج إليها ف الواضر و المصار دون‬
‫البادية‬
‫هذه الصسناعة ضروريسة فس الدن و المصسار لاس عرف مسن فائدتاس فإن ثرتاس حفسظ الصسحة‬
‫لل صحاء و د فع الرض عن الر ضى بالداواة ح ت ي صل ل م البء من أمراض هم‪ .‬و اعلم أن‬
‫أصل المراض كلها إنا هو من الغذ ية ك ما قال صلى ال عليه و سلم ف الديث الامع‬
‫للطسب و هسو قوله‪ :‬العدة بيست الداء و الميسة رأس الدواء و أصسل كسل داء البدة فأمسا قوله‬
‫العدة ب يت الداء ف هو ظا هر و أ ما قوله الم ية رأس الدواء فالم ية الوع و هو الحتماء من‬
‫الطعام‪ .‬و العن أن الوع هو الدواء العظيم الذي هو أصل الدوية و أما قوله أصل كل داء‬
‫البدة فمع ن البدة إدخال الطعام على الطعام ف العدة ق بل أن ي تم ه ضم الول‪ .‬و شرح هذا‬
‫أن ال سبحانه خلق النسان و حفظ حياته بالغذاء يستعمله بالكل و ينفذ فيه القوى الاضمة‬
‫و الغاذيسة إل أن يصسي دما فل ملئما لجزاء البدن مسن اللحسم و العظسم‪ ،‬ثس تأخذه الناميسة‬
‫فينقلب لما و عظما‪ .‬و معنس الضسم طبسخ الغذاء بالرارة الغريزيسة طورا بعسد طور حتس‬
‫يصيجزءا بالفعل من البدن و تفسيه أن الغذاء إذا حصل ف الفم و لكته الشداق أثرت فيه‬
‫حرارة الفم طبخا يسيا و قلبت مزاجه بعض الشيء‪ ،‬كما تراه ف اللقمة إذا تناولتها طعاما ث‬
‫أجدتا مضغا فترى مزاج ها غ ي مزاج الطعام ث ي صل ف العدة فتطب خه حرارة العدة إل أن‬
‫يصي كيموسا و هو صفو ذلك الطبوخ و ترسله إل الكبد و ترسل ما رسب منه ف العى‬
‫ثقلً ينفذ إل الخرجي‪ .‬ث تطبخ حرارة الكبد ذلك الكيموس إل أن يصي دما عبيطا و تطفو‬
‫عل يه رغوة من الط بخ هي ال صفراء‪ .‬و تر سب م نه أجزاء ياب سة هي ال سوداء و يق صر الار‬
‫الغريزي بعض الشيء عن طبخ الغليظ منه فهو البلغم‪ .‬ث ترسلها الكبد كلها ف العزوق و‬
‫الداول‪ ،‬و يأخذ ها ط بخ الال الغريزي هناك فيكون عن الدم الالص بار حار ر طب ي د‬
‫الروح اليوان و تأخذ النامية مأخذها ف الدم فيكون لما ث غليظة عظاما‪ .‬ث يرسل البدن‬
‫ما يف ضل عن حاجا ته من ذلك فضلت متل فة من العرق و اللعاب و الخاط و الد مع‪ .‬هذه‬
‫صسورة الغذاء و خروجسه مسن القوة إل الفعسل لما‪ .‬ثس إن أصسل المراض و معظمهسا هسي‬
‫الميات‪ .‬و سببها أن الار الغريزي قد يض عف عن تام الن ضج ف طب خه ف كل طور من‬
‫هذه‪ ،‬فيبقى ذلك الغذاء دون نضج‪ ،‬و سببه غالبا كثرة الغذاء ف العدة حت يكون أغلب على‬
‫الار الغزيري أو إدخال الطعام إل العدة قبل أن تستوف طبخ الول فيستقل به الار الغريزي‬
‫و يترك الول بالة أو يتوزع عليهما فيق صر عن تام الطبخ و النضج‪ .‬و تر سله العدة كذلك‬
‫إل الك بد فل تقوى حرارة الك بد أيضا على إنضا جه‪ .‬و رب ا ب قي ف الك بد من الغذاء الول‬
‫فضلة غي ناضجة‪ .‬و ترسل الكبد جيع ذلك إل العروق غي ناضج كما هو‪ .‬فإذا أخذ البدن‬
‫حاجته اللئمة أرسله مع الفضلت الخرى من العرق و الدمع و اللعاب إن اقتدر على ذلك‪.‬‬
‫و ربا يعجز عن الكثي منه فيبقى ف العروق و الكبد و العدة و تتزايد مع اليام‪ .‬و كل ذي‬
‫رطوبة من المتزجات إذا ل يأخذه الطبخ و النضج يعفن فيتعفن ذلك الغذاء غي الناضج و هو‬
‫السمى باللط‪ .‬و كل متعفن ففيه حرارة غريبة و تلك هي السماة ف بدن النسان بالمى‪.‬‬
‫و اختب ذلك بالطعام إذا ترك حت يتعفن و ف الزبل إذا تعفن أيضا‪ ،‬كيف تنبعث فيه الرارة‬
‫و تأخذ مأخذها‪ .‬فهذا معن الميات ف البدان و هي رأس المراض و أصلها كما وقع ف‬
‫الد يث‪ .‬و هذه الميات علجها بقطع الغذاء عن الريض أسابيع معلومة ث يتناول الغذية‬
‫اللئمة حت يتم برؤه‪ .‬و ذلك ف حال الصحة له علج ف التحفظ من هذا الرض و غيه و‬
‫أصله كما وقع ف الديث و قد يكون ذلك العفن ف عضو مصوص‪ ،‬فيتولد عنه مرض ف‬
‫ذلك العضو و يدث جراحات ف البدن‪ ،‬إما ف العضاء الرئيسية أو ف غيها‪ .‬و قد يرض‬
‫العضو و يدث عنه مرض القوى الوجودة له‪ .‬هذه كلها جاع المراض‪ ،‬و أصلها ف الغالب‬
‫من الغذية و هذا كله مرفوع إل الطبيب‪ .‬و وقوع هذه المراض ف أهل الضر و المصار‬
‫أك ثر‪ .‬ل صب عيش هم و كثرة مآكل هم و قلة اقت صارهم على نوع وا حد من الغذ ية و عدم‬
‫توقيتهم لتناولا‪ .‬و كثيا ما يلطون بالغذية من التوابل و البقول و الفواكه‪ ،‬رصبا و يابسا‬
‫ف سبيل العلج بالط بخ و ل يقت صرون ف ذلك على نوع أو أنواع‪ .‬فرب ا عدد نا ف اليوم ا‬
‫الوا حد من ألوان الط بخ أربع ي نوعا من النبات و اليوان فيصي للغذاء مزاج غر يب‪ .‬و رب ا‬
‫يكون غريبا عن ملء مة البدن و أجزائه‪ .‬ث إن الهو ية ف الم صار تف سد بخال طة البرة‬
‫العفنة من كثرة الفصلت‪ .‬و الهوية فنشطة للرواح و مقوية بنشاطها الثر الار الغريزي ف‬
‫ال ضم‪ .‬ث الرياضة مفقودة ل هل المصار إذ هم ف الغالب وادعون ساكنون ل تأ خذ من هم‬
‫الرياضة شيئا و ل تؤثر فيهم أثرا‪ ،‬فكان وقوع المراض كثيا ف الدن و المصار و على قدر‬
‫وقوعه كانت حاجتهم إل هذه الصناعة‪ .‬و أما أهل البدو فمأكولم قليل ف الغالب و الوع‬
‫أغلب علي هم لقلة البوب ح ت صار ل م ذلك عادة‪ .‬و رب ا ي ظن أن ا جبلة ل ستمرارها‪ .‬ث‬
‫الدم قليلة لدي هم أو مفقودة بالملة‪ .‬و علج الط بخ بالتوا بل و الفوا كه إن ا يد عو إل ترف‬
‫الضارة الذ ين هم بعزل ع نه فيتناولون أغذيت هم ب سيطة بعيدة ع ما يالط ها و يقرب مزاج ها‬
‫من ملءمة البدن‪ .‬و أما أهويتهم فقليلة العفن لقلة الرطوبات و العفونات إن كانوا آهلي‪ ،‬أو‬
‫لختلف الهو ية إن كانوا ظوا عن‪ .‬ث إن الريا ضة موجودة في هم لكثرة الر كة ف ر كض‬
‫اليل أو الصيد أو طلب الاجات لهنة أنفسهم ف حاجاتم فيحسن بذلك كله الضم و يود‬
‫و يفقد إدخال الطعام على الطعام فتكون أمزجتهم أصلح و أبعد من المراض فتقل حاجتهم‬
‫إل الطب‪ .‬و لذا ل يوجد الطبيب ف البادية بوجه‪ .‬و ما ذاك إل للستغناء عنه إذ لو احتيج‬
‫إليه لوجد‪ ،‬لنه يكون له بذلك ف البدو معاش يدعوه إل سكناه سنة ال ف عباده و لن تد‬
‫لسنة ال تبديلً‪.‬‬

‫الفصل الثلثون ف أن الط و الكتابة من عداد الصنائع النسانية‬


‫و هو رسوم و أشكال حرفية تدل على الكلمات السموعة الدالة على ما ف النفس‪ .‬فهو ثان‬
‫رت بة من الدللة اللغو ية و هو صناعة شري فة إذ الكتا بة من خواص الن سان ال ت ي يز ب ا عن‬
‫اليوان‪ .‬و أيضا فهي تطلع على ما ف الضمائر و تتأدى با الغراض إل البلد البعيدة فتقضي‬
‫الاجات و قد دفعت مؤنة الباشرة لا و يطلع با على العلوم و العارف و صحف الولي و‬
‫ما كتبوه من علومهم و أخبارهم فهي شريفة بذه الوجوه و النافع‪ .‬و خروجها ف النسان‬
‫من القوة إل الفعل إنا يكون بالتعليم و على قدر الجتماع و العمران و التناغي ف الكمالت‬
‫و الطلب لذلك تكون جودة ال ط ف الدي نة‪ .‬إذ هو من جلة ال صنائع‪ .‬و قد قدم نا أن هذا‬
‫شأنا و أنا تابعة للعمران و لذا ند أكثر البدو أميي ل يكتبون و ل يقرأون و من قرأ منهم‬
‫أو ك تب فيكون خ طه قا صرا أو قراء ته غ ي نافذة‪ .‬و ن د تعل يم ال ط ف الم صار الارج‬
‫عمران ا عن الد أبلغ و أحسن و أ سهل طريقا ل ستحكام الصنعة فيها‪ .‬كما ي كى لنا عن‬
‫مصر لذا العهد و أن با معلمي منتصبي لتعليم الط يلقون على التعلم قواني و أحكاما ف‬
‫وضع كل حرف و يزيدون إل ذلك الباشر بتعليم وضعه فتعتضد لديه رتبة العلم و الس ف‬
‫التعل يم و تأ ت ملك ته على أ ت الوجوه‪ .‬و إن ا أ تى هذا من كمال ال صنائع و وفور ها بكثرة‬
‫العمران و انفسساح العمال و قسد كان الطس العربس بالغا مبالغسه مسن الحكام و التقان و‬
‫الودة ف دولة التبابعة لا بلغت من الضارة و الترف و هو السمى بالط الميي‪ .‬و انتقل‬
‫منها إل الية لا كان با من دولة آل النذر نسباء التبابعة ف العصبية و الجددين للك العرب‬
‫بأرض العراق‪ .‬و ل ي كن ال ط عند هم من الجادة ك ما كان ع ند التباب عة لق صور ما ب ي‬
‫الدولتي‪ .‬و كانت الضارة و توابعها من الصنائع و غيها قاصرة عن ذلك‪ .‬و من الية لقنه‬
‫أهل الطائف و قريش فيما ذكر‪ .‬و يقال إن الذي تعلم الكتابة من الية هو سفيان بن أمية و‬
‫يقال حرب بن أمية و أخذها من أسلم بن سدرة‪ .‬و هو قول مكن و أقرب من ذهب إل أنم‬
‫تعلموها من إياد أهل العراق لقول شاعرهم‪:‬‬
‫ساروا جيعا و الط و القلم‬ ‫قوم لم ساحة العراقإذا‬
‫و هو قول بعيد لن إيادا و إن نزلوا ساحة العراق فلم يزالوا على شأنم من البداوة‪ .‬و الط‬
‫من ال صنائع الضر ية‪ .‬و إن ا مع ن قول الشا عر أن م أقرب إل ال ط و القلم من غي هم من‬
‫العرب لقربم من ساحة المصار و ضواحيها فالقول بأن أهل الجاز إنا لقنوها من الية و‬
‫لقن ها أ هل الية من التباب عة و ح ي هو الل يق من القوال و رأ يت ف كتاب التكملة ل بن‬
‫البار عند التعريف بابن فروخ الفيوان القاسي الندلسي من أصحاب مالك رضي ال عنه و‬
‫اسه عبد ال بن فروخ بن عبد الرحن بن زياد بن أنعم‪ .‬عن أبيه قال قلت لعبد ال بن عباس‪:‬‬
‫يا معشر قريش‪ ،‬خبون عن هذا الكتاب العرب‪ ،‬هل كنتم تكتبونه قبل أن يبعث ال ممدا‬
‫صلى ال عليه و سلم تمعون منه ما أجتمع و تفرقون منه ما افترق مثل اللف و اللم و اليم‬
‫و النون ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلت و من أخذتوه ؟ قال‪ ،‬من حرب بن أمية‪ .‬قلت‪ :‬و من أخذه حرب‬
‫؟ قال‪ ،‬من عبد ال بن جدعان‪ .‬قلت‪ :‬و من أخذه عبد ال بن جدعان ؟ قال من أهل النبار‪.‬‬
‫قلت‪ :‬و من أخذه أهل النبار ؟ قال‪ :‬من طارئ طرأ عليه من أهل اليمن‪ .‬قلت و من أخذه‬
‫ذلك لطار يء ؟ قال‪ :‬من اللجان بن الق سم كا تب الو حي ليهود ال نب عل يه ال سلم‪ .‬و هو‬
‫الذي يقول‪:‬‬
‫و رأي على غي الطريق يعب‬ ‫أف كل عام سنة تدثونا‬
‫با جرهم فيمن يسب و حي‬ ‫و الوت خي من حياة تسبنا‬
‫انتهى ما نقله ابن البار ف كتاب التكملة‪ .‬و زاد ف آخره حدثن بذلك أبو بكر بن أب حيه‬
‫ف كتابه عن أب بر بن العاص عن أب الوليد الوقشي عن أب عمر الطلعنكي بن أب عبد ال‬
‫بن مفرح‪ .‬و من خطه نقلته عن أب سعيد بن يونس عن ممد بن موسى بن النعمان عن يي‬
‫بن ممد بن حشيش بن عمر بن أيوب الغافري التونسي عن بلول بن عبيدة المي عن عبد‬
‫ال بن فروخ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫و كان لمي كتابة تسمى السند حروفها منفصلة و كانوا ينعون من تعلمها إل بإذنم‪ .‬و من‬
‫حي تعلمت مصر الكتابة العربية إل أنم ل يكونوا ميدين لا شأن الصنائع إذا وقعت بالبدو‬
‫فل تكون مكمسة الذاهسب و ل مائلة إل التقان والتنميسق لبون مسا بيس البدو و الصسناعة و‬
‫استغناء البدو عنها ف الكثر‪ .‬و كانت كتابة العرب بدوية مثل كتابتهم أو قريبا من كتابتهم‬
‫لذا العهسد أو نقول أن كتابتهسم لذا العهسد أحسسن صسناعة لن هؤلء أقرب إل الضارة و‬
‫مالطة المصار و الدول‪ .‬و أما مصر فكانوا أعرق ف البدو و أبعد عن الضر من أهل اليمن‬
‫و أ هل العراق و أ هل الشام و م صر فكان ال ط العر ب لول ال سلم غ ي بالغ إل الغا ية من‬
‫الحكام و التقان و الجادة و ل إل التو سط لكان العرب من البداوة و التو حش و بعد هم‬
‫عن الصنائع‪ ،‬و انظر ما وقع لجل ذلك ف رسهم الصحف حيث رسه الصحابة بطوطهم و‬
‫كانت غي مستحكمة ف الجادة فخالف الكثي من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة‬
‫الط عند أهلها ث اقتفى التابعون من السلف رسهم فيها تبكا با ر سه أصحاب الرسول‬
‫صلى ال عل يه و سلم و خ ي اللق من بعده التلقون لوح يه من كتاب ال و كل مه‪ .‬ك ما‬
‫يقت فى لذا العهد خط ول أو عال تبكا و يتبع ر سه خطا أو صوابا‪ .‬و أين ن سبة ذلك من‬
‫الصحابة فيما كتبوه فاتبع ذلك و أثبت رسا و نبه العلماء بالرسم على مواضعه‪ .‬و ل تلتفت‬
‫ف ذلك إل ما يزعمه بعض الغفلي من أنم كانوا مكمي لصناعة الط و أن ما يتخيل من‬
‫مالفة خطوطهم لصول الرسم ليس كما يتخيل بل لكلها وجه‪ .‬يقولون ف مثل زيادة اللف‬
‫ف ل أذبنه‪ :‬إنه تنبيه على الذبح ل يقع و ف زيادة الياء ف بأييد إنه تنبيه على كمال القدرة‬
‫الربانية و أمثال ذلك ما ل أصل له إل التحكم الحض‪ .‬و ما حلهم على ذلك إل اعتقادهم‬
‫أن ف ذلك تنيها لل صحابة عن تو هم الن قص ف قلة إجادة ال ط‪ .‬و ح سبوا أن ال ط كمال‬
‫فنهوهم عن نقصه و نسبوا إليهم الكمال بإجادته و طلبوا تعليل ما خالف الجادة من رسه‬
‫و ذلك ليس بصحيح‪ .‬و اعلم أن الط ليس بكمال ف حقهم إذ الط من جلة الصنائع الدنية‬
‫العاش ية ك ما رأي ته في ما مر‪ .‬و الكمال ف ال صنائع إضا ف و ل يس بكمال مطلق إذ ل يعود‬
‫نقصه على الذات ف الدين و ل ف اللل و إنا يعود على أسباب العا ش و بسب العمران‬
‫و التعاون عليه لجل دللته على ما ف النفوس‪ .‬و قد كان صلى ال عليه و سلم أميا و كان‬
‫ذلك كمالً ف حقه و بالنسبة إل مقامه لشرفه و تنهه عن الصنائع العملية الت هي أسباب‬
‫ال عا ش و العمران كل ها‪ .‬و لي ست الم ية كمالً ف حق نا ن ن إذ هو منق طع إل ر به و ن ن‬
‫متعاونون على الياة الدن يا شأن ال صنائع كل ها ح ت العلوم ال صطلحية فإن الكمال ف ح قه‬
‫تن هه عن ها جل ًة بلف نا‪ .‬ث ل ا جاء اللك للعرب و فتحوا الم صار و ملكوا المالك و نزلوا‬
‫الب صرة و الكو فة و احتا جت الدولة إل الكتا بة ا ستعملوا ال ط و طلبوا صناعته و تعلموه و‬
‫تداولوه فتر قت الجادة ف يه و ا ستحكم و بلغ ف الكو فة و الب صرة رت بة من التقان إل أن ا‬
‫كانت دون الغا ية‪ .‬و الط الكو ف معروف الرسم لذا الع هد‪ .‬ث انتشر العرب ف القطار و‬
‫المالك و افتتحوا أفريقيسة و الندلس و اختسط بنسو العباس بغداد و ترقست الطوط فيهسا إل‬
‫الغاية لا استبحرت ف العمران و كانت دار السلم و مركز الدولة العربية و خالفت أوضاع‬
‫ال ط ببغداد أوضا عه بالكو فة‪ .‬ف ال يل إل إجادة الر سوم و جال الرو نق و ح سن الرواء‪ .‬و‬
‫استحكمت هذه الخالفة ف المصار إل أن رفع رايتها ببغداد علي بن مقلة الوزير‪ .‬ث تله ف‬
‫ذلك علي بن هلل‪ .‬الكاتب الشهي بابن البواب‪ .‬و وقف سند تعليمها عليه ف الاية الثالثة و‬
‫ما بعدها‪.‬‬
‫و بعدت رسسوم الطس البغدادي و أوضاعسه عسن الكوفسة حتس انتهسى إل الباينسة‪ .‬ثس ازدادت‬
‫الخالفسة بعسد تلك القصسور بتفنسن الهابذة فس إحكام رسسومه و أوضاعسه‪ ،‬حتس انتهست إل‬
‫التأخرين مثل ياقوت و الول علي العجمي‪ .‬و وقف سند تعليم الط عليهم و انتقل ذلك إل‬
‫مصر‪ ،‬و خالفت طريقة العراق بعض الشيء و لقنها العجم هنالك‪ ،‬و ظهرت مالفة لط أهل‬
‫مصر أو مباينة‪.‬‬
‫و كان ال ط البغدادي معروف الر سم و تب عه الفري قي العروف ر سه القد ي لذا الع هد‪ .‬و‬
‫يقرب من أوضاع الط الشرقي و تيز ملك الندلس بالمويي فتميزوا بأحوالم من الضارة‬
‫و ال صنائع و الطوط فتم يز صنف خط هم الندل سي ك ما هو معروف الر سم لذا الع هد‪ .‬و‬
‫طما بر العمران و الضارة ف الدول السلمية ف كل قطر‪ .‬و عظم اللك و نفقت أسواق‬
‫العلوم و انتسخت الكتب و أجيد كتبها و تليدها و ملئت با القصور و الزائن اللوكية با‬
‫ل كفاء له و تنا فس أ هل القطار ف ذلك و تناغوا ف يه‪ .‬ث ل ا ان ل نظام الدولة ال سلمية و‬
‫تناقص ذلك أجع و درست معال بغداد بدروس اللفة فانتقل شأنا من الط و الكتابة بل و‬
‫العلم إل مصر و القاهرة فلم تزل أسواقه با نافقة لذا العهد و له با معلمون يرسون لتعليم‬
‫الروف بقوان ي ف وضع ها و أشكال ا متعار فة بين هم فل يل بث التعلم أن ي كم أشكال تلك‬
‫الروف على تلك الوضاع و قد لقن ها ح سنا و حذق في ها دربةً و كتابا و أخذ ها قوان ي‬
‫علمية فتجئ أحسن ما يكون‪ .‬و أما أهل الندلس فافترقوا ف القطار عند تلشي ملك العرب‬
‫با و من خلفهم من الببر‪ ،‬و تغلبت عليهم أمم النصرانية فانتشروا ف عدوة الغرب و أفريقية‬
‫من لدن الدولة اللمتونية إل هذا العهد‪ .‬و شاركوا أهل العمران با لديهم من الصنائع و تعلقوا‬
‫بأذيال الدولة فغلب خطهم على الط الفري قي و ع فى عليه و نسي خط القيوان و الهدية‬
‫بن سيان عوائده ا و صنائعهما‪ .‬و صارت خطوط أ هل أفريق ية كل ها على الر سم الندل سي‬
‫بتونس و ما إليها لتوفر أهل الندلس با عند الالية من شرق الندلس‪ .‬و بقي منه رسم ببلد‬
‫الريد الذين ل يالطوا كتاب الندلس و ل ترسوا بوارهم‪ .‬إنا كانوا يغدون على دار اللك‬
‫بتو نس ف صار خط أ هل أفريق ية من أح سن خطوط أ هل الندلس ح ت إذا تقلص ظل الدولة‬
‫الوحدية بعض الشيء و تراجع أمر الضارة و الترف بتراجع العمران نقص حينئذ حال الط‬
‫و فسدت رسومه و جهل فيه وجه التعليم بفساد الضارة و تناقص العمران‪ .‬و بقيت فيه آثار‬
‫الط الندلسي تشهد با كان لم من ذلك لا قدمناه من أن الصنائع إذا رسخت بالضارة‬
‫فيعسسر موهسا و حصسل فس دولة بنس مريسن مسن بعسد ذلك بالغرب القصسى لون مسن الطس‬
‫الندل سي لقرب جرار هم و سقوط من خرج من هم إل فاس قريبا و ا ستعمالم إيا هم سائر‬
‫الدولة‪ .‬و نسي عهد الط فيما بعد عن سدة اللك و داره‪ .‬كأنه ل يعرف‪ .‬فصارت الطوط‬
‫بإفريقية و الغربيي مائلة إل الرداءة بعيدة عن الودة و صارت الكتب إذا انتسخت فل فائدة‬
‫تصل لتصفحها منها إل العناء و الشقة لكثرة ما يقع فيها من الفساد و التصحيف و تغيي‬
‫الشكال الطية عن الودة حت ل تكاد تقرأ إل بعد عسر و وقع فيه ما وقع ف سائر الصنائع‬
‫بنقص الضارة و فساد الدول و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬
‫و لل ستاذ أ ب ال سن علي بن هلل الكا تب البغدادي الشه ي با بن البواب ق صيدة من ب ر‬
‫البسيط على روي الراء يذكر فيها صناعة الط و قوادها من أحسن ما كتب ف ذلك‪ .‬رأيت‬
‫إثباتا ف هذا الكتاب من هذا الباب لينتفع با من يريد تعلم هذه الصناعة‪ .‬و أولا‪:‬‬
‫و يروم حسن الط و التصوير‬ ‫يا من يريد إجادة التحرير‬
‫فارغب إل مولك ف التيسي‬ ‫إن كان عزمك ف الكتابة صادقا‬
‫يصوغ صناعة التحبي‬ ‫أعدد من القلم كل مثقفصلب‬
‫عند القياس بأوسط التقدير‬ ‫و إذا عمدت لبية فتوخه‬
‫من جانب التدقيق و التحضي‬ ‫انظر إل طرفيه فاجعل بريه‬
‫خلوا عن التطويل و التقصي‬ ‫و اجعل للفته قواما عادلً‬
‫من جانبيه مشاكل التقدير‬ ‫و الشق وسطه ليبقى بريه‬
‫فالقط فيه جلة التدبي‬ ‫حت إذا أيقنت ذلك كله‬
‫إن أضن بسره الستور‬ ‫ل تطمعن ف أن أبوح بسره‬
‫ما بي تريف إل تدوير‬ ‫لكن جلة ما أقول بأنه‬
‫بالل أو بالصرم العصور‬ ‫و ألق دواتك بالدخان مدبرا‬
‫مع أصغر الزرنيخ و الكافور‬ ‫و أضف إليه قفرة قد صولت‬
‫الورق النقي الناعم الخبور‬ ‫حت إذا ما خرت فاعمد إل‬
‫ينأى عن التشعيث و التغيي‬ ‫فاكسبه بعد القطع بالعصابر كي‬
‫ما أدرك الأمول مثل صبور‬ ‫ث اجعل التمثيل دأبك صابرا‬
‫غرما ترده عن التشمي‬ ‫إبدأ به ف اللوح منتفيا له‬
‫ف أول التمثيل و الشطي‬ ‫ل تجلن من الردى تتطه‬
‫و لرب سهل جاء بعد عسي‬ ‫فالمر يصعب ث يرجع هينا‬
‫أضحيت رب مسرة و حبور‬ ‫حت إذا أدركت ما أملته‬
‫إن الله ييب كل شكور‬ ‫فاشكر الك و اتبع رضوانه‬
‫خيا يلفه بدار غرور‬ ‫و ارغب لكفك أن تط بنانا‬
‫عند الشقاء كتابه النشور‬ ‫فجميع فعل الرء يلقاه غدا‬
‫و اعلم بأن ال ط بيان عن القول و الكلم‪ ،‬ك ما أن القول و الكلم‪ .‬بيان ع ما ف الن فس و‬
‫الضمي من العان فل بد لكل منهما أن يكون واضح الدللة‪.‬‬
‫قال ال تعال‪ :‬خلق النسسان * علمسه البيان و هسو يشتمسل‪ .‬بيان الدلة كلهسا‪ .‬فالطس الجود‬
‫كماله أن تكون دللته واضحة‪ ،‬بإبانة حروفه التواضعة و إجادة وضعها و رسها كل واحد‬
‫على حدة متم يز عن ال خر‪ .‬إل ما ا صطلح عل يه الكتاب من إي صال حرف الكل مة الواحدة‬
‫بعضها ببعض‪ .‬سوى حروف اصطلحوا على قطعها‪ ،‬مثل اللف التقدمة ف الكلمة‪ ،‬و كذا‬
‫الراء و الزاي و الدال و الذال و غيها‪ ،‬بلف ما إذا كانت متأخرة‪ .‬و هكذا إل آخرها‪ .‬ث‬
‫إن التأخريسن مسن الكتاب اصسطلحوا على وصسل كلمات‪ ،‬بعضهسا ببعسض‪ ،‬و حذف حروف‬
‫معروفة عندهم‪ ،‬ل يعرفها إل أهل مصطلحهم فتستعجم على غيهم و هؤلء كتاب دواوين‬
‫ال سلطان و سجلت القضاة‪ ،‬كأن م انفردوا بذا ال صطلح عن غي هم لكثرة موارد الكتا بة‬
‫عليهم‪ ،‬و شهرة كتابتهم و إحاطة كثي من دونم بصطلحهم فإن كتبوا ذلك لن ل خبة له‬
‫بصسطلحهم فينبغسي أن يعدلوا عسن ذلك إل البيان مسا اسستطاعوه‪ ،‬و إل كان بثابسة الطس‬
‫العجمي‪ ،‬لنما بنلة واحدة من عدم التواضع عليه‪ .‬و ليس بعذر ف هذا القدر‪ ،‬إل كتاب‬
‫العمال السسلطانية فس الموال و اليوش‪ ،‬لنمس مطلوبون بكتمان ذلك عسن الناس فإنسه مسن‬
‫السرار السلطانية الت يب إخفاؤها‪ ،‬فيبالغون ف رسم اصطلح خاص بم‪ .‬و يصي بثابة‬
‫الع مى‪ .‬و هو ال صطلح على العبارة عن الروف بكلمات من أ ساء الط يب و الفوا كه و‬
‫الطيور و الزاهيس‪ ،‬و وضسع أشكال أخرى غيس أشكال الروف التعارفسة يصسطلح عليهسا‬
‫التخاطبون لتأد ية ما ف ضمائر هم بالكتا بة‪ .‬و رب ا و ضع الكتاب للعثور على ذلك‪ ،‬و إن ل‬
‫يضعوه أولً‪ ،‬قوان ي بقاي يس ا ستخرجوها لذلك بدارك هم ي سفونا فك الع مى‪ .‬و للناس ف‬
‫ذلك دواوين مشهورة‪ .‬و ال العليم الكيم‪.‬‬
‫الفصل الادي و الثلثون ف صناعة الوراقة‬
‫كانت العناية قديا بالدواوين العلمية و السجلت ف نسخها و تليدها و تصحيحها بالرواية‬
‫و الضبط‪ .‬و كان سبب ذلك ما وقع من ضخامة الدولة و توابع الضارة‪ .‬و قد ذهب ذلك‬
‫لذا العهسد بذهاب الدولة و تناقسص العمران بعسد أن كان منسه فس اللة السسلمية برس زاخسر‬
‫بالعراق و الندلس إذ هو كله من توا بع العمران و ات ساع نطاق الدولة و نفاق أ سواق ذلك‬
‫لديهمسا‪ .‬فكثرت التآليسف العلميسة و الدواويسن و حرص الناس على تناقلهمسا فس الفاق و‬
‫الع صار فانتسسخت و جلدت‪ .‬و جاءت صسناعة الوراقيس العان ي للنتسساخ و الت صحيح و‬
‫التجليد و سائر المور الكتب ية‪ .‬و الدواو ين و اخت صت بالم صار العظي مة العمران‪ .‬و كا نت‬
‫ال سجلت أولً‪ :‬لنت ساخ العلوم و ك تب الر سائل ال سلطانية و القطاعات‪ ،‬و ال صكوك ف‬
‫الرقوق الهيأة بالصسناعة مسن اللد لكثرة الرفسه و قلة التآليسف صسدر اللة كمسا نذكره‪ .‬و قلة‬
‫الرسائل السلطانية و الصكوك مع ذلك فاقتصروا على الكتاب ف الرق تشريفا للمكتوبات و‬
‫ميلً باس إل الصسحة و التقان‪ .‬ثس طمسا برس التآليسف و التدويسن و كثسر ترسسيل السسلطان و‬
‫صكوكه و ضاق الرق عن ذلك‪ .‬فأشار الفضل بن يي صناعة الكاغد و صنعه و كتب فبه‬
‫رسائل السلطان و صكوكه‪ .‬و اتذه الناس من بعده صحفا لكتوباتم السلطانية و العلمية‪ .‬و‬
‫بلغت الجادة ف صناعته ما شاءت‪ .‬ث وقفت عناية أهل العلوم و هم أهل الدول على ضبط‬
‫الدواوين العلمية و تصحيحها بالروا ية السندة إل مؤلفيها و واضعيها ل نه الشأن ال هم من‬
‫الت صحيح و الض بط فبذلك ت سند القوال إل قائل ها و الفت يا إل الا كم ب ا الجت هد ف طر يق‬
‫استنباطها‪ .‬و ما ل يكن تصحيح التون بإسنادها إل مدونا فل يصح إسناد قول لم و ل فتيا‪.‬‬
‫و هكذا كان شأن أهل العلم و حلته ف العصور و الجيال و الفاق‪.‬‬
‫حت لقد قصرت فائدة الصناعة الديثية ف الرواية على هذه فقط إذ ثرتا الكبى من معرفة‬
‫صحيح الحاديث و حسنها و مسندها و مرسلها و مقطوعها و موقوفها من موضوعها قد‬
‫ذهبت و تخضت زبدةً ف ذلك المهات التلقاة بالقبول عند المة‪ .‬و صار القصد إل ذلك‬
‫لغوا من العمل‪ .‬و ل تبق ثرة الرواية و الشتغال با إل ف تصحيح تلك المهات الديثية و‬
‫سواها من كتب الفقه للفتيا‪ ،‬و غي ذلك من الدواوين و التآلبف العلمية‪ .‬و اتصال سندها‬
‫بؤلفيها ليصح النقل عنهم‪ ،‬و السناد إليهم‪ .‬و كانت هذه الرسوم بالشرق و الندلس معبدة‬
‫الطرق واضحة السالك‪ .‬و لذا ند الدواوين النتسخة لذلك العهد ف أقطارهم على غاية من‬
‫التقان و الحكام و ال صحة‪ .‬و من ها لذا الع هد بأيدي الناس ف العال أ صول عتي قة تش هد‬
‫ببلوغ الغاية لم ف ذلك‪ .‬و أهل الفاق يتناقلونا إل الن و يشدون عليها يد الضنانة و لقد‬
‫ذهبت هذه الرسوم لذا العهد جلة بالغرب و أهله لنقطاع صناعة الط و الضبط و الرواية‬
‫منسه بانتقاص عمرانسه و بداوة أهله و صسارت المهات و الدواويسن تنسسخ بالطوط اليدويسة‬
‫تن سخها طل بة الببر صحائف م ستعجمة برداءة ال ط و كثرة الف ساد و الت صحيف فت ستغلق‬
‫على متصفحها و ل يصل منها فائدة إل ف المل النادر‪ .‬و أيضا فقد دخل اللل من ذلك‬
‫ف الفتيا فإن غالب القوال العزوة غي مروية عن أئمة الذهب و إنا تتلقى من تلك الدواوين‬
‫على ما هي عل يه‪ .‬و ت بع ذلك أيضا ما يت صدى إل يه ب عض أئمت هم من التأل يف لقلة ب صرهم‬
‫ب صناعته و عدم ال صنائع الواف ية بقا صده‪ .‬و ل ي نق من هذا الر سم بالندلس إل إثارة خف ية‬
‫بالماء و هي الضمحلل ف قد كاد العلم ينق طع بالكل ية من الغرب‪ .‬و ال غالب على أمره‪.‬‬
‫و يبلغنا لذا العهد أن صناعة الرواية قائمة بالشرق و تصحيح الدواوين لن يرومه بذلك سهل‬
‫على مبتغيسه لنفاق أسسواق العلوم و الصسنائع كمسا نذكره بعسد‪ .‬إل أن الطس الذي بقسي مسن‬
‫الجادة ف النت ساخ هنالك إن ا هو للع جم و ف خطوط هم‪ .‬و أ ما الن سخ ب صر فف سد ك ما‬
‫فسد بالغرب و أشد‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون ف صناعة الغناء‬


‫هذه الصناعة هي تلحي الشعار الوزونة بتقطيع الصوات على نسب منتظمة معروفة يوقع‬
‫كل صوت من ها توقيعا ع ند قط عه فيكون نغ مة‪ .‬ث تؤلف تلك الن غم بعض ها إل ب عض على‬
‫نسسب متعارفسة فيلذ سساعها لجسل ذلك التناسسب و مسا يدث عنسه مسن الكيفيسه فس تلك‬
‫ال صوات‪ .‬و ذلك أ نه تبي ف علم الو سيقى أن ال صوات تتنا سب‪ ،‬فيكون صوت ن صف‬
‫صوت و ربع آخر و خس آخر و جزء من أحد عشر من آخر و اختلف هذه النسب عند‬
‫تأديتها إل السمع بروجها من البساطة إل التركيب و ليس كل تركيب منها ملذوذا عند‬
‫السماع بل للمنذور تراك يب خاصة و هي الت حصرها أهل علم الوسيقى و تكلموا عليها‬
‫كما هو مذكور ف موض عه و قد ي ساوق ذلك التلح ي ف النغمات الغنائ ية بتقط يع أ صوات‬
‫أخرى من المادات إما بالقرع أو بالنفخ ف اللت تتخذ لذلك فترى لا لذة عند السماع‪.‬‬
‫فمنها لذا العهد بالغرب أصناف منها الزمار و يسمونه الشبابة و هي قصبة جوفاء بأباش ف‬
‫جوانبها معدودة ينفخ فيها فتصوت‪ .‬فيخرج الصوت من جوفها على سداده من تلك الباش‬
‫و يقطع الصوت بوضع الصابع من اليدين جيعا على تلك الباش وضعا متعارفا حت تدث‬
‫الن سب ب ي ال صوات ف يه و تت صل كذلك متنا سبة فيل تذ ال سمع بإدراك ها للتنا سب الذي‬
‫ذكرناه‪ .‬و مسن جنسس هذه اللة الزمار الذي يسسمى الزلمسي و هسو شكسل القصسبة منحوتسة‬
‫الانبي من الشب جوفاء من غي تدوير لجل ائتلفها ف قطعتي منفردتي كذلك بأباش‬
‫معدودة ين فخ في ها بق صبة صغية تو صل فين فذ الن فخ بوا سطتها إلي ها و ت صوت بنغ مة حادة‬
‫يرى في ها من تقط يع ال صوات من تلك الباش بال صابع م ثل ما يري ف الشبا بة‪ .‬و من‬
‫أحسن آلت الزمر لذا العهد البوق و هو بوق من ناس أجوف ف مقدار الذراع‪ .‬يتسع إل‬
‫أن يكون انفراج مرجه ف مقدار دون الكف ف شكل بري القلم‪ .‬و ينفخ فيه بقصبة صغية‬
‫تؤدي الريح من الفم إليه فيخرج الصوت ثخينا دويا و فيه أباش أيضا معدودة‪ .‬و تقطع نغمة‬
‫منها كذلك بالصابع على التناسب فيكون ملذوذا‪ .‬و منها آلت الوتار و هي جوفاء كلها‬
‫إ ما على ش كل قط عة من الكرة م ثل الر بط و الرباب أو على ش كل مر بع كالقانون تو ضع‬
‫الوتار على بسسائطها مشدودة فس رأسسها إل دسسر جائلة ليأتس شسد الوتار و رخوهسا عنسد‬
‫الاجة إليه بإدارتا‪ .‬ث تقرع الوتار إما بعود آخر أو بوتر مشدود بي طرف قوس ير عليها‬
‫بعد أن يطلى بالشمع و الكندر‪ .‬و يقطع الصوت فيه بتخفيف اليد ف إمراره أو نقله من وتر‬
‫إل و تر‪ .‬و ال يد الي سرى مع ذلك ف ج يع آلت الوتار تو قع بأ صابعها على أطراف الوتار‬
‫فيما يقرع أو يك بالوتر فتحدث الصوات متناسبة ملذوذة‪ .‬و قد يكون القرع ف الطسوت‬
‫بالقضبان أو ف العواد بعضها ببعض على توقيع مناسب يدث عنه التذاذ بالسموع‪ .‬و لنبي‬
‫لك السبب ف اللذة الناشئة عن الغناء‪ .‬و ذلك أن اللذة كما تقرر ف موضعه هي إدراك اللئم‬
‫و الحسوس إنا تدرك منه كيفية‪ .‬فإذا كانت مناسبة للمدرك و ملئمة كانت ملذوذة‪ ،‬و إذا‬
‫كا نت مناف ية له منافرة كا نت مؤل ة‪ .‬فاللئم من الطعوم ما نا سبت كيفي ته حا سة الذوق ف‬
‫مزاجها و كذا اللئم من اللموسات و ف الروائح ما ناسب مزاج الروح القلب البخاري لنه‬
‫الدرك و إليه تؤديه الاسة‪ .‬و لذا كانت الرياحي و الزهار العطريات أحسن رائحة و أشد‬
‫ملء مة للروح لغل بة الرارة في ها ال ت هي مزاج الروح القل ب‪ .‬و أ ما الرئيات و ال سموعات‬
‫فاللئم فيها تناسب الوضاع ف أشكالا و كيفياتا فهو أنسب عند النفس و أشد ملءمة لا‪.‬‬
‫فإذا كان الرب متناسبا ف أشكاله و تاطيطه الت له بسب مادته بيث ل يرج عما تقتضيه‬
‫مادته الا صة من كمال الناسبة و الو ضع و ذلك هو مع ن المال و ال سن ف كل مدرك‪.‬‬
‫كان ذلك حينئذ مناسبا للنفس الدركة فتلتذ بإدراك ملئمها‪ ،‬و لذا تد العاشقي الستهترين‬
‫ف الحبة يعبون عن غاية مبتهم و عشقهم بامتزاج أرواحهم بروح الحبوب‪ .‬و ف هذا سر‬
‫تفهمه إن كنت من أهله و هو اتاد البدأ و إن كان ما سواك إذا نظرته و تأملته رأيت بينك‬
‫و بينه اتادا ف البداءة‪ .‬يشهد لك به اتاد كما ف الكون و معناه من وجه آخر أن الوجود‬
‫يشرك بي الوجودات كما تقوله الكماء‪ .‬فتود أن يتزج بشاهدات فيه الكمال لتتحد به بل‬
‫تروم النفسس حينئذ الروج عن الوهسم إل القيقسة التس هي اتاد البدإ و الكون‪ .‬و لاس كان‬
‫أنسسب الشياء إل النسسان و أقرباس إل أن يدرك الكمال فس تناسسب موضوعهسا هسو شكله‬
‫النسان فكان إدراكه للجمال و السن ف تاطيطه و أصواته من الدارك الت هي أقرب إل‬
‫فطرتسه‪ ،‬فيلهسج كسل إنسسان بالسسن مسن الرئي أو السسموع بقتضسى الفطرة‪ .‬و السسن فس‬
‫السموع أن تكون الصوات متناسبة ل متنافرة‪ .‬و ذلك أن الصوات لا كيفيات من المس‬
‫و الهر و الرخاوة و الشدة و القلقلة و الضغط و غي ذلك‪ .‬و التناسب فيها هو الذي يوجب‬
‫ل ا ال سن‪ .‬فأولً‪ :‬أن ل يرج من ال صوت إل مده دف عة بل بتدر يج‪ .‬ث ير جع كذلك‪ ،‬و‬
‫هكذا إل الثل‪ ،‬بل ل بد من توسط الغاير بي الصوتي‪ .‬و تأمل هذا من افتتاح أهل اللسان‬
‫التراكيب من الروف التنافرة أو التقاربة الخارج فإنه من بابه‪ .‬و ثانيا‪ :‬تناسبها ف الجزاء‬
‫كما مر أول الباب فيخرج من الصوت إل نصفه أو ثلثه أو جزء من كذا منه‪ ،‬على حسب ما‬
‫يكون التن قل متنا سبا على ما ح صره أ هل ال صناعة‪ .‬فإذا كا نت ال صوات على تنا سب ف‬
‫الكيفيات كما ذكره أهل تلك الصناعة كانت ملئمة ملذوذة‪ .‬و من هذا التناسب ما يكون‬
‫بسيطا و يكون الكثي من الناس مطبوعا عليه ل يتاجون فيه إل تعليم و ل صناعة كما ند‬
‫الطبوع ي على الواز ين الشعر ية و توق يع الر قص و أمثال ذلك‪ .‬و ت سمي العا مة هذه القابل ية‬
‫بالضمار‪ .‬و كث ي من القراء بذه الثا بة يقرأون القرآن فيجيدون ف تلح ي أ صواتم كأن ا‬
‫الزامي فيطربون بسن مساقهم و تناسب نغماتم‪ .‬و من هذا التناسب ما يدث بالتركيب و‬
‫ليس كل الناس يستوي ف معرفته و ل كل الطباع توافق صاحبها ف العمل به إذا علم‪ .‬و هذا‬
‫هو التلحي الذي يتكفل به علم الوسيقى كما نشرحة بعد عند ذكر العلوم‪ .‬و قد أنكر مالك‬
‫رح ه ال تعال القراءة بالتلح ي و أجاز ها الشاف عي ر ضي ال تعال ع نه‪ .‬و ل يس الراد تلح ي‬
‫الوسيقى الصناعي فإنه ل ينبغي أن يتلف ف حظره إذ صناعة الغناء مباينة للقرآن بكل وجه‬
‫لن القراءة و الداء تتاج إل مقدار مسن الصسوت لتعيس أداء الروف ل مسن حيسث اتباع‬
‫الركات ف مواضعها و يقدار الد عند من يطلقه أو يقصره‪ ،‬و أمثال ذلك‪ .‬و التلحي أيضا‬
‫يتع ي له مقدار من ال صوت ل ت تم إل به من أ جل التنا سب الذي قلناه ف حقي قة التلح ي و‬
‫اعتبار أحدها قد يل بالخر إذا تعارضا‪ .‬و تقدي الرواية‪ ،‬متعي فرارا من تغيي الرواية النقولة‬
‫ف القرآن‪ ،‬فل ي كن اجتماع التلح ي و الداء الع تب ف القرآن بو جه و إن ا مراد هم التلح ي‬
‫البسيط الذي يهتدي إليه صاحب الضمار بطبعه كما قدمناه فيدد أصواته ترديدا على نسب‬
‫يدركها العال بالغناء و غيه و ل ينبغي ذلك بوجه و إنا الراد من اختلفهم التلحي البسيط‬
‫الذي يهتدي إليسه صساحب الضمار بطبعسه كمسا قدمناه‪ ،‬فيدد أصسواته ترديدا على نسسب‬
‫يدركها العال بالغناء و غيه‪ ،‬و ل ينبغي ذلك بوجه كما قاله مالك‪ .‬هذا هو مل اللف‪ .‬و‬
‫الظاهر تنيه القرآن عن هذا كله كما ذهب إليه المام رحة ال تعال لن القرآن مل خشوع‬
‫بذكر الوت و ما بعده و ليس مقام التذاذ بإدراك السن من الصوات‪ .‬و هكذا كانت قراءة‬
‫الصحابة رضي ال عنهم كما ف أخبارهم‪ .‬و أما قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لقد أوت مزمارا‬
‫من مزامي آل داود فليس الراد به الترديد و التلحي إنا معناه حسن الصوت و أداء القراءة و‬
‫البانة ف مارج الروف و النطق با‪ .‬و إذ قد ذكرنا معن الغناء فاعلم أنه يدث ف العمران‬
‫إذا توفسر و تاوز حسد الضروري إل الاجسي‪ ،‬ثس إل الكمال‪ ،‬و تفننوا فيسه‪ ،‬فتحدث هذه‬
‫ال صناعة‪ ،‬ل نه ل ي ستدعيها إل من فرغ من ج يع حاجا ته الضرور ية و اله مة من العاش و‬
‫النل و غيه فل يطلبها إل الفارغون عن سائر أحوالم تفننا ف مذاهب اللذوذات‪ .‬و كان ف‬
‫سلطان العجم قبل اللة منها بر زاخر ف أمصارهم و مدنم‪ .‬و كان ملوكهم يتخذون ذلك و‬
‫يولعون به‪ ،‬حت لقد كان للوك الفرس اهتمام بأهل هذه الصناعة‪ ،‬و لم مكان ف دولتهم‪ ،‬و‬
‫كانوا يضرون مشاهدهم و مامعهم و يغنون فيها‪ .‬و هذا شأن العجم لذا العهد ف كل أفق‬
‫من آفاق هم‪ .‬و مل كة من مالك هم‪ .‬و أ ما العرب فكان ل م أولً فن الش عر يؤلفون ف يه الكلم‬
‫أجزاء متساوية على تناسب بينها ف عدة حروفها التحركة و الساكنة‪ .‬و يفصلون الكلم ف‬
‫تلك الجزاء تفصيلً يكون كل جزء منها مستقلً بالفادة‪ ،‬ل ينعطف على الخر‪ .‬و يسمونه‬
‫الب يت‪ .‬فتلئم الط بع بالتجزئة أولً ث يتنا سب الجزاء ف القا طع و البادئ‪ ،‬ث بتأد ية الع ن‬
‫القصود و تطبيق الكلم عليها‪ .‬فلهجوا به فامتاز من بي كلمهم بط من الشرف ليس لغيه‬
‫لجسل اختصساصه‪ .‬بذا التناسسب‪ .‬و جعلوه ديوانا لخبارهسم و حكمهسم و شرفهسم و مكا‬
‫لقرائحهم ف إصابة العان و إجادة الساليب‪ .‬و استمروا على ذلك‪ .‬و هذا التناسب الذي من‬
‫أجل الجزاء و التحرك و الساكن من الروف قطرة من بر من تناسب الصوات كما هو‬
‫معروف ف ك تب الو سيقى‪ .‬إل أن م ل يشعروا ب ا سواه لن م حينئذ ل ينتحلوا علما و ل‬
‫عرفوا صناعةً‪ .‬و كانت البداوة أغلب نلهم‪ .‬ث تغن الداة منهم ف حداء إبلهم و الفتيان ف‬
‫فضاء خلوات م فرجعوا ال صوات و ترنوا‪ .‬و كانوا ي سمون التر ن إذا كان بالش عر غناء و إذا‬
‫كان بالتهليسل أو نوع القراءة تغييا بالغيس العجمسة و الباء الوحدة‪ .‬و عللهسا أبسو إسسحاق‬
‫الزجاج بأناس تذكسر بالغابر و هسو الباقسي أي بأحوال الخرة‪ .‬و رباس ناسسبوا فس غنائهسم بيس‬
‫النغمات منا سبة ب سيطة ك ما ذكره ا بن رش يق آ خر كتاب العمدة و غيه‪ .‬و كانوا ي سمونه‬
‫السناد‪ .‬و كان أكثر ما يكون منهم‪ ،‬ف الفيف الذي يرقص عليه و يشى بالدف و الزمار‬
‫فيضطرب و يستخف اللوم‪ .‬و كانوا يسمون هذا الرج و هذا البسيط كله من التلحي هو‬
‫من أوائلها و ل يبعد أن تتفطن له الطباع من غي تعليم شأن البسائط كلها من الصنائع‪ .‬و ل‬
‫يزل هذا شأن العرب ف بداوتم و جاهليتهم‪ .‬فلما جاء السلم و استولوا على مالك الدنيا و‬
‫حازوا سلطان الع جم و غلبو هم عل يه و كانوا من البداوة و الغضا ضة على الال ال ت عر فت‬
‫ل م مع غضارة الد ين و شد ته ف ترك أحوال الفراغ و ما ل يس بنا فع ف د ين و ل معاش‬
‫فهجروا ذلك شيئا ما‪ .‬و ل ي كن اللذوذ عند هم إل ترج يع القراءة و التر ن بالش عر الذي هو‬
‫ديدن م و مذهب هم‪ .‬فل ما جاء هم الترف و غلب علي هم الر فه ب ا ح صل ل م من غنائم ال مم‬
‫صاروا إل نصارة العيش و رقة الاشية و استحلء الفراغ‪ .‬و افترق الغنون من الفرس و الروم‬
‫فوقعوا إل الجاز و صسساروا موال للعرب و غنوا جيعا بالعيدان و الطنابيسس و العازف و‬
‫الزاميس و سسع العرب تلحينهسم للصسوات فلحنوا عليهسا أشعارهسم‪ .‬و ظهسر بالدينسة نشيسط‬
‫الفارسي و طويس و سائب بن جابر مول عبيد ال بن جعفر فسمعوا شعر العرب و لنوه و‬
‫أجادوا فيه و طار لم ذكر‪ .‬ث أخذ عنهم معبد و طبقته و ابن شربح و أنظاره‪ .‬و ما زالت‬
‫صناعة الغناء تتدرج إل أن كملت أيام بن العباس عند إبراهيم بن الهدي و إبراهيم الوصلي‬
‫و اب نه إ سحاق و اب نه حاد‪ .‬و كان من ذلك ف دولت هم ببغداد ما تب عه الد يث بعده به و‬
‫بجالسه بذا العهد و أمعنوا ف اللهو و اللعب و اتذت آلت الرقص ف اللبس و القضبان و‬
‫الشعار الت يترن با عليه‪ .‬و جعل صنفا وحده و اتذت آلت أخرى للرقص تسمى بالكرج‬
‫و هي تاثيل خيل مسرجة من الشب معلقة بأطراف أقبية يلبسها النسوان و ياكي با امتطاء‬
‫اليسل فيكرون و يفرون و يتثاقفون و أمثال ذلك مسن اللعسب العسد للولئم و العراس و أيام‬
‫العياد و مالس الفراغ و اللهو‪ .‬و كثر ذلك ببغداد و أمصار العراق و انتشر منها إل غيها‪.‬‬
‫و كان للموصسليي غلم اسسه زرياب أخسذ عنهسم الغناء فأجاد فصسرفوه إل الغرب غية منسه‬
‫فلحق بالكم بن هشام بن عبد الرحن الداخل أمي الندلس‪ .‬فبالغ ف تكرمته و ركب للقائه‬
‫سه و ندمائه بكان‪ .‬فأورث‬ ‫سن دولتس‬‫سن له الوائز و القطاعات و الرايات و أحله مس‬ ‫و أسس‬
‫بالندلس من صناعة الغناء ما تناقلوه إل أزمان الطوائف‪ .‬و ط ما من ها بإشبيل ية ب ر زا خز و‬
‫تناقل منها بعد ذهاب غضارتا إل بلد العدوة بإفريقية و الغرب‪ .‬و انقسم على أمصارها و‬
‫ب ا الن من ها صبابة على ترا جع عمران ا و تنا قص دول ا‪ .‬و هذه ال صناعة آ خر ما ي صل ف‬
‫العمران من الصنائع لنا كمالية ف غي وظيفة من الوظائف إل وظيفة الفراغ و الفرح‪ .‬و هو‬
‫أيضا أول ما ينقطع من العمران عند اختلله و تراجعه‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬
‫الفصال الثالث و الثلثون فا أن الصانائع تكساب صااحبها عقلً و خصاوصا الكتاباة و‬
‫الساب‬
‫قد ذكرنا ف الكتاب أن النفس الناطقة للنسان إنا توجد فيه بالقوة‪ .‬و أن خروجها من القوة‬
‫إل الف عل إن ا هو بتجدد العلوم و الدراكات عن الح سوسات أولً‪ ،‬ث ما يكت سب بعد ها‬
‫ل مضا فتكون ذاتا روحانيةً و يسستكمل‬ ‫بالقوة النظريسة إل أن يصسي إدراكا بالفعسل و عق ً‬
‫حينئذ وجودهسا‪ .‬فوجسب لذلك أن يكون كسل نوع مسن العلم و النظسر يفيدهسا عقلً فريدا و‬
‫ال صنائع أبدا ي صل عن ها و عن ملكت ها قانون عل مي م ستفاد من تلك الل كة‪ .‬فلهذا كا نت‬
‫الن كة ف التجر بة تف يد عقلً و الضارة الكاملة تف يد عقلً لن ا متم عة من صنائع ف شأن‬
‫تدبي النل و معاشرة أبناء النس و تصيل الداب ف مالطتهم ث القيام بأمور الدين و اعتبار‬
‫آداب ا و شرائط ها‪ .‬و هذه كلها قوان ي تنت ظم علوما فيح صل منها زيادة عقل‪ .‬و الكتابة من‬
‫بي الصنائع أكثر إفادة لذلك لنا تشتمل على العلوم و النظار بلف الصنائع‪ .‬و بيانه أن ف‬
‫الكتا بة انتقالً من الروف الط ية إل الكلمات اللفظ ية ف اليال و من الكلمات اللفظ ية ف‬
‫اليال إل العان الت ف النفس فهو ينتقل أبدا من دليل إل دليل‪ ،‬ما دام ملتبسا بالكتابة و‬
‫تتعود النفس ذلك دائما‪ .‬فيحصل لا ملكة النتقال من الدلة إل الدلولت و هو معن النظر‬
‫العقلي الذي يكسسب العلوم الجهولة فيكسسب بذلك ملكسة مسن التعقسل تكون زيادة عقسل و‬
‫يصل به قوة فطنة و كيس ف المور لا تعودوه من ذلك النتقال‪ .‬و لذلك قال كسرى ف‬
‫كتابه لا رآهم بتلك الفطنة و الكيس فقال‪ :‬ديوانه أي شياطي و جنون‪ .‬قالوا‪ :‬و ذلك أصل‬
‫اشتقاق الديوان لهل الكتابة و يلحق بذلك الساب فإن ف صناعة الساب نوع تصرف ف‬
‫الدد بال ضم و التفر يق يتاج ف يه إل ا ستدلل كث ي فيب قى متعودا لل ستدلل و الن ظر و هو‬
‫معنس العقسل‪ .‬و ال أخرجكسم مسن بطون أمهاتكسم ل تعلمون شيئا‪ ،‬و جعسل لكسم السسمع و‬
‫البصار و الفئدة‪ ،‬قليلً ما تشكرون‪.‬‬
‫الباب السادس من الكتاب الول ف العلوم و أصنافها و التعليم و طرقه و سائر وجوهه و‬
‫ما يعرض ف ذلك كله من الحوال و فيه مقدمة و لواحق‬
‫فالقدمة ف الفكر النسان الذي تيز به البشر عن اليوانات و اهتدى به لتحصيل معاشه و‬
‫التعاون عل يه بأبناء جن سه و الن ظر ف معبوده‪ .‬و ما جاءت به الر سل من عنده‪ ،‬ف صار ج يع‬
‫اليوانات ف طاعته و ملك قدرته و فضله به على كثي خلقه‪.‬‬

‫الفصل الول ف أن العلم و التعليم طبيعي ف العمران البشري‬


‫و ذلك أن الن سان قد شارك ته ج يع اليوانات ف حيواني ته من ال س و الر كة و الغذاء و‬
‫ال كن و غ ي ذلك‪ .‬و إن ا ت يز عن ها بالف كر الذي يهتدي به لتح صيل معا شه و التعاون عل يه‬
‫بأبناء جن سه و الجتماع اله يء لذلك التعاون و قبول ما جاءت به ال نبياء عن ال تعال و‬
‫العمل به و اتباع صلح أخراه‪ .‬فهو منكر ف ذلك كله دائما ل يفترعن الفكر فيه طرفة عي‬
‫بل اختلج الفكر أسرع من لح البصر‪ .‬و عن هذا الفكر تنشأ العلوم و ما قدمناه من الصنائع‪.‬‬
‫ث لجل هذا الفكر و ما جبل عليه النسان بل اليوان من تصيل ما تستدعيه الطباع فيكون‬
‫الف كر راغبا ف ت صيل ما ل يس عنده من الدراكات في جع إل من سبقه بعلم أو زاد عل يه‬
‫بعر فة أو إدراك أو أخذه م ن تقد مه من ال نبياء الذ ين يبلغو نه ل ن تلقاه فيل قن ذلك عن هم و‬
‫يرص على أخذه و علمه‪ .‬ث أن فكره و نظره يتوجه إل واحد واحد من القائق و ينظر ما‬
‫يعرض له لذا ته واحدا ب عد آ خر و يتمرن على ذلك ح ت ي صي إلاق العوارض بتلك القي قة‬
‫مل كة له فيكون حينئذ عل مه ب ا يعرض لتلك القي قة علما م صوصا‪ .‬و تتشوف نفوس أ هل‬
‫ال يل الناشىء إل ت صيل ذلك فيفرغون إل أ هل معرف ته و ي يء التعل يم من هذا‪ .‬ف قد تبي‬
‫بذلك أن العلم و التعليم طبيعي ف البشر‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬
‫الفصل الثان ف أن التعليم للعلم من جلة الصنائع‬
‫و ذلك أن الذق ف العلم و التف نن ف يه و ال ستيلء عل يه إن ا هو ب صول مل كة ف الحا طة‬
‫ببادئه و قواعده و الوقوف على م سائله و ا ستنباط فرو عه من أ صوله‪ .‬و ما ل ت صل هذه‬
‫اللكة ل يكن الذق ف ذلك الفن التناول حاصلً‪ .‬و هذه اللكة هي ف غي الفهم و الوعي‪.‬‬
‫لنا ند فهم السألة الواحدة من الفن الواحد و وعيها مشتركا بي من شدا ف ذلك الفن و‬
‫ب ي من هو مبتدئ فيه و بي العامي الذي ل يعرف علما و بي العال النحرير‪ .‬و اللكة إنا‬
‫هي للعال أو الشادي ف‪ .‬الفنون دون من سواها فدل على أن هذه اللكة غي الفهم و الوعي‪.‬‬
‫و اللكات كلها جسمانية سواء كانت ف البدن أو ف الدماغ من الفكر و غيه كالساب‪ .‬و‬
‫ال سمانيات كل ها م سوسة فتفت قر إل التعل يم‪ .‬و لذا كان ال سند ف التعل يم ف كل علم أو‬
‫صناعة يفتقر إل مشاهي العلمي فيها معتبا عند كل أهل أفق و جيل‪ .‬و يدل أيضا على أن‬
‫تعل يم العلم صناعة اختلف ال صطلحات ف يه‪ .‬فل كل إمام من الئ مة الشاه ي ا صطلح ف‬
‫التعل يم ي تص به شأن ال صنائع كل ها فدل على أن ذلك ال صطلح ل يس من العلم‪ ،‬و إذ لو‬
‫كان مسن العلم لكان واحدا عنسد جيعهسم‪ .‬أل ترى إل علم الكلم كيسف تالف فس تعليمسه‬
‫اصطلح التقدم ي و التأخرين و كذا أصول الفقه و كذا العربية و كذا كل علم يتو جه إل‬
‫مطالع ته ت د ال صطلحات ف تعلي مه متخال فة فدل على أن ا صناعات ف التعل يم‪ .‬و العلم‬
‫وا حد ف نف سه‪ .‬و إذا تقرر ذلك فاعلم أن سند تعل يم العلم لذا الع هد قد كاد ينق طع ع من‬
‫أهل الغرب باختلل عمرانه و تناقص الدول فيه‪ .‬و ما يدث عن ذلك من نقص الصنائع و‬
‫فقدان ا ك ما مر‪ .‬و ذلك أن القيوان و قرط بة كان تا حاضر ت الغرب و الندلس و ا ستبحر‬
‫عمران ما و كان فيه ما للعلوم و ال صنائع أ سواق ناف قة و بور زاخرة‪ .‬و ر سخ فيه ما التعل يم‬
‫لمتداد عصورها و ما كان فيهما من الضارة‪ .‬فلما خربتا انقطع التعليم من الغرب إل قليلً‬
‫كان ف دولة الوحد ين برا كش م ستفادا من ها‪ .‬و ل تر سخ الضارة برا كش لبداوة الدولة‬
‫الوحدية ف أولا و قرب عهد انقراضها ببدئها فلم تتصل أحوال الضارة فيها إل ف القل‪ .‬و‬
‫بعد انقراض الدولة براكش ارتل إل الشرق من أفريقية القاضي أبو القاسم بن زيتون لعهد‬
‫أواسط الائة السابعة فأدرك تلميذ المام ابن الطيب فأخذ عنهم و لقن تعليمهم‪ .‬و حذق ف‬
‫العقليات و النقليات و رجع إل تونس بعلم كثي و تعليم حسن‪ .‬و جاء على أثره من الشرق‬
‫أبو عبد ال بن شعيب الدكال‪ .‬كان ارتل إليه من الغرب فأخذ عن مشيخة مصر و رجع إل‬
‫تونس و استقر با و كان تعليمه مفيدا فأخذ عنهما أهل تونس‪ .‬و اتصل سند تعليمهما ف‬
‫تلميذها جيلً بعد جيل حت انتهى إل القاضي ممد بن عبد السلم‪ .‬شارح بن الاجب و‬
‫تلميذه و انتقل من تونس إل تلمسان ف ابن المام و تلميذه‪ .‬فإنه قرأ مع ابن عبد السلم على‬
‫مشيخة واحدة ف مالس بأعيانا و تلميذ ابن عبد السلم بتونس و ابن المام بتلمسان لذا‬
‫العهد إل أنم من القلة بيث يشى انقطاع سندهم‪ .‬ث ارتل من زواوة ف آخر الائة السابعة‬
‫أ بو علي نا صر الد ين الشدال و أدرك تلم يذ أ ب عمرو بن الا جب و أ خذ عن هم و ل قن‬
‫تعليمهم‪ .‬و قرأ مع شهاب الدين القراف ف مالس واحدة و حذق ف العقليات و النقليات‪ .‬و‬
‫رجع إل الغرب بعلم كثي و تعليم مفيد‪ .‬و نزل ببجاية و اتصل سند تعليمه ف طلبتها‪ .‬و ربا‬
‫انتقسل إل تلمسسان عمران الشدال مسن تلميذه و أوطنهسا و بسث طريقتسه فيهسا‪ .‬و تلميذه لذا‬
‫العهد ببجاية و تلمسان قليل أو أقل من القليل‪ .‬و بقيت فاس و سائر أقطار الغرب خلوا من‬
‫ح سن التعل يم من لدن انقراض تعل يم قرط بة و القيوان و ل يت صل سند التعل يم في هم فع صر‬
‫علي هم ح صول الل كة و الذق ف العلوم‪ .‬و أي سر طرق هذه الل كة ف تق الل سان بالحاورة و‬
‫الناظرة ف ال سائل العلم ية ف هو الذي يقرب شأن ا و ي صل مرام ها‪ .‬فت جد طالب العلم من هم‬
‫بعد ذهاب الكثي من أعمارهم ف ملزمة الجالس العلمية سكوتا ل ينطقون و ل يفاوضون‬
‫و عنايت هم بال فظ أك ثر من الا جة‪ .‬فل ي صلون على طائل من مل كة الت صرف ف العلم و‬
‫التعليم ث بعد تصيل من يرى منهم أنه قد حصل تد ملكته قاصرة ف علمه إن فاوض أو‬
‫نا ظر أو علم و ما أتا هم الق صور إل ق بل التعل يم و انقطاع سنده‪ .‬و إل فحفظ هم أبلغ من‬
‫حفظ سواهم لشدة عنايتهم به‪ ،‬و ظنهم أنه القصود من اللكة العلمية و ليس كذلك‪ .‬و ما‬
‫يشهد بذلك ف الغرب أن الدة العينة لسكن طلبة العلم بالدارس عندهم ست عشرة سنة و‬
‫هي بتو نس خ س سني‪ .‬و هذه الدة بالدارس على التعارف هي أ قل ما يتأ تى في ها لطالب‬
‫العلم حصول مبتغاه من اللكة العلمية أو اليأس من تصيلها فطال أمدها ف الغرب لذه الدة‬
‫لجل عسرها من قلة الودة ف التعليم خاصة ل ما سوى ذلك‪ .‬و أما أهل الندلس فذهب‬
‫ر سم التعل يم من بين هم و ذه بت عنايت هم بالعلوم لتنا قص عمران ال سلمي ب ا م نذ مئ ي من‬
‫ال سني‪ .‬و ل ي بق من ر سم العلم فيهم إل فن العرب ية و الدب‪ .‬اقتصروا عل يه و الفظ سند‬
‫تعليمه بينهم فانفظ بفظه‪ .‬و أما الفقه بينهم فرسم خلو و أثر بعد عي‪ .‬و أما العقليات فل‬
‫أ ثر و ل ع ي‪ .‬و ما ذاك إل لنقطاع سند التعل يم في ها بتنا قص العمران و تغلب العدو على‬
‫عامتها إل قليلً بسيف البحر شغلهم بعايشهم أكثر من شغلهم با بعدها‪ .‬و ال غالب على‬
‫أمره‪ .‬و أمسا الشرق فلم ينقطسع سسند التعليسم فيسه بسل أسسواقه نافقسة و بوره زاخرة لتصسال‬
‫العمران الوفور و اتصال السند فيه‪ .‬و إن كانت المصار العظيمة الت كانت معادن العلم قد‬
‫خربت مثل بغداد و البصرة و الكوفة إل أن ال تعال قد أدال منها بأمصار أعظم من تلك‪ .‬و‬
‫انت قل العلم منها إل عراق الع جم برا سان‪ ،‬و ما وراء النهر من الشرق‪ ،‬ث إل القاهرة و ما‬
‫إلي ها من الغرب‪ ،‬فلم تزل موفورة و عمران ا مت صلً و سند التعل يم ب ا قائما‪ .‬فأ هل الشرق‬
‫على الملة أرسخ ف صناعة تعليم العلم بل و ف سائر الصنائع‪ .‬حت أنه ليظن كثي من رحالة‬
‫أهل الغرب إل الشرق ف طلب العلم أن عقولم على الملة أكمل من عقول أهل الغرب و‬
‫أنم أشد نباهة و أعظم كيسا بفطرتم الول‪ .‬و أن نفوسهم الناطقة أكمل بفطرتا من نفوس‬
‫أهل الغرب‪ .‬و يعتقدون التفاوت بيننا و بينهم ف حقيقة النسانية و يتشيعون لذلك و يولعون‬
‫به لا يرون من كيسهم ف العلوم و الصنائع و ليس كذلك‪ .‬و ليس بي قطر الشرق و الغرب‬
‫تفاوت بذا القدار الذي هو تفاوت ف القيقة الواحدة اللهم إل القاليم النحرفة مثل الول و‬
‫ال سابع فإن المز جة في ها منحر فة و النفوس على ن سبتها ك ما مر و إن ا الذي ف ضل به أ هل‬
‫الشرق أهل الغرب هو ما يصل ف النفس من آثار الضارة من العقل الزيد كما تقدم ف‬
‫ال صنائع‪ ،‬و نزيده الن شرحا و تقيقا‪ .‬و ذلك أن ال ضر ل م آداب ف أحوال م ف العاش و‬
‫ال سكن و البناء و أمور الد ين و الدن يا و كذا سائر أعمال م و عادات م‪ .‬و معاملت م و ج يع‬
‫تصرفاتم‪ .‬فلهم ف ذلك كله آداب يوقف عندها ف جيع ما يتناولونه و يتلبسون به من أخذ‬
‫و ترك حت كأنا حدود ل تتعدى‪ .‬و هي مع ذلك صنائع يتلقاها الخر عن الول منهم‪ .‬و‬
‫ل شك أن كل صناعة مرتبة يرجع منها إل النفس أثر يكسبها عقلً جديدا تستعد به لقبول‬
‫صناعة أخرى و يتهيأ با العقل بسرعة الدراك للمعارف‪ .‬و لقد بلغنا ف تعليم الصنائع عن‬
‫أهل مصر غايات ل تدرك مثل أنم يعلمون المر النسية و اليوانات العجم من الاشي‪ ،‬و‬
‫الطائر مفردات من الكلم و الفعال يستغرب ندورها و يعجز أ هل الغرب عن فهمها فضلً‬
‫عن تعليمها و حسن اللكات ف التعليم و الصنائع و سائر الحوال العادية يزيد النسان ذكاء‬
‫فس عقله و إضاءة فس فكره بكثرة اللكات الاصسلة للنفسس‪ .‬إذ قدمنسا أن النفسس إناس تنشسأ‬
‫بالدراكات‪ .‬و ما ير جع إلي ها من اللكات فيزدادون بذلك كي سا ل ا ير جع إل الن فس من‬
‫الثار العلمية فيظنه العامي تفاوتا ف القيقة النسانية و ليس كذلك‪ .‬أل ترى إل أهل الضر‬
‫مع أهل البدو كيف تد الضري متحليا بالذكاء متلئا من الكيس حت أن البدوي ليظنه أنه‬
‫قد فاته ف حقيقة إنسانيته و عقله و ليس كذلك‪ .‬و ما ذاك إل لجادته ف ملكات الصنائع و‬
‫الداب ف العوائد و الحوال الضر ية مال يعر فه البدوي‪ .‬فل ما امتل الضري من ال صنائع و‬
‫ملكاتا و حسن تعليمها ظن كل من قصر عن تلك اللكات أنا لكمال ف عقله و أن نفوس‬
‫أهل البدو قاصرة بفطرتا و جبلتها عن فطرته و ليس كذلك‪ .‬فإنا ند من أهل البدو من هو‬
‫ف أعلى رتبة من الفهم و الكمال ف عقله و فطرته إنا الذي ظهر على أهل الضر من ذلك‬
‫هو رونق الصنائع و التعليم فإن لما آثارا ترجع إل النفس كما قدمناه‪ .‬و كذا أهل الشرق لا‬
‫كانوا ف التعل يم و ال صنائع أر سخ رت بة و أعلى قدما و كان أ هل الغرب أقرب إل البداوة ل ا‬
‫قدمناه ف الفصل قبل هذا ظن الغفلون ف بادئ الرأي أنه لكمال ف حقيقة النسانية اختصوا‬
‫بسه عن أهسل الغرب و ليسس ذلك بصسحيح فتفهمسه و ال يزيسد فس اللق مسا يشاء و هسو إله‬
‫السموات و الرض‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن العلوم إنا تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الضارة‬
‫و السبب ف ذلك أن تعليم العلم كما قدمناه من جلة الصنائع‪ .‬و قد كنا قدمنا أن الصنائع إنا‬
‫تك ثر ف الم صار‪ .‬و على ن سبة عمران ا ف الكثرة و القلة و الضارة و الترف تكون ن سبة‬
‫ال صنائع ف الودة و الكثرة ل نه أ مر زائد على العاش‪ .‬فم ت فضلت أعمال أ هل العمران عن‬
‫معاشهم انصرفت إل ما وراء العاش من التصرف ف خاصية النسان و هي العلوم و الصنائع‪.‬‬
‫و من تشوف بفطرته إل العلم من نشأ ف القرى و المصار غي التمدنة فل يد فيها التعليم‬
‫الذي هو صناعي لفقدان الصنائع ف أهل البدو‪ .‬كما قدمناه و ل بد له من الرحلة ف طلبه إل‬
‫الم صار ال ستبحرة شأن ال صنائع كل ها‪ .‬و اع تب ما قررناه بال بغداد و قرط بة و القيوان و‬
‫البصرة و الكوفة لا كثر عمرانا صدر السلم و استوت فيها الضارة‪ .‬كيف زخرت فيها‬
‫بار العلم و تفننوا ف اصطلحات التعليم و أصناف العلوم و ا ستنباط السائل و الفنون حت‬
‫أربوا على التقدميس و فاتوا التأخريسن‪ .‬و لاس تناقسص عمراناس و ابذعسر سسكانا انطوى ذلك‬
‫البساط با عليه جلة‪ ،‬و فقد العلم با و التعليم‪ .‬و انتقل إل غيها من أمصار السلم‪ .‬و نن‬
‫لذا الع هد نرى أن العلم و التعل يم إن ا هو بالقاهرة من بلد م صر ل ا أن عمران ا م ستبحر و‬
‫حضارتا مستحكمة منذ آلف من السني‪ ،‬فاستحكمت فيها الصنائع و تفننت و من جلتها‬
‫تعليم العلم‪ .‬و أكد ذلك فيها و حفظه ما وقع لذه العصور با منذ مائتي من السني ف دولة‬
‫الترك من أيام صلح الد ين بن أيوب و هلم جرا‪ .‬و ذلك أن أمراء الترك ف دولت هم يشون‬
‫عادية سلطانم على من يتخلفونه من ذريتهم لا له عليهم من الرق أو الولء و لا يشى من‬
‫معاطب اللك و نكباته‪ .‬فاستكثروا من بناء الدارس و الزوايا و الربط و وقفوا عليها الوقاف‬
‫الغلة يعلون فيها شركا لولدهم ينظر عليها أو يصيب منها مع ما فيهم غالبا من النوح إل‬
‫اليس و التماس الجور فس القاصسد و الفعال‪ .‬فكثرت الوقاف لذلك و عظمست الغلت و‬
‫الفوائد و ك ثر طالب العلم و معل مه بكثرة جرايت هم من ها و ارت ل إلي ها الناس ف طلب العلم‬
‫من العراق و الغرب و نفقت با أسواق العلوم و زخرت بارها‪ .‬و ال يلق ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف أصناف العلوم الواقعة ف العمران لذا العهد‬


‫سلً و تعليما هسي على‬ ‫س البشسر و يتداولوناس فس المصسار تص ي‬‫اعلم أن العلوم التس يوض فيه ا‬
‫صنفي‪ :‬صنف طبيعي للنسان يهتدي إليه بفكره‪ ،‬و صنف نقلي يأخذه عمن وضعه‪ .‬و الول‬
‫هي العلوم الكمية الفلسفية و هي الت يكن أن يقف عليها النسان بطبيعة فكره و يهتدي‬
‫بداركه البشرية إل موضوعاتا و مسائلها و أناء براهينها و وجوه تعليمها حت يقفه نظره و‬
‫ي ثه على ال صواب من ال طأ في ها من ح يث هو إن سان ذو ف كر‪ .‬و الثا ن هي العلوم النقل ية‬
‫الوضعية و هي كلها مستندة إل الب عن الواضع الشرعي‪ .‬و ل مال فيها للعقل إل ف إلاق‬
‫الفروع من مسائلها بالصول لن الزئيات الادثة التعاقبة ل تندرج تت النقل الكلي بجرد‬
‫وضعه فتحتاج إل اللاق بوجه قياسي‪ .‬إل أن هذا القياس يتفرع عن الب بثبوت الكم ف‬
‫ال صل و هو نقلي فر جع هذا القياس إل الن قل لتفر عه ع نه‪ .‬و أ صل هذه العلوم النقل ية كل ها‬
‫هي الشرعيات من الكتاب و السنة الت هي مشروعة لنا من ال و رسوله و ما يتعلق بذلك‬
‫من العلوم الت تيئوها للفادة‪ .‬ث يستتبع ذلك علوم اللسان العرب الذي هو لسان اللة و به‬
‫نزل القرآن‪ .‬و أ صناف هذه العلوم النقل ية كثية لن الكلف ي ب عل يه أن يعرف أحكام ال‬
‫تعال الفروضة عليه و على أبناء جنسه و هي مأخوذة من الكتاب و السنه بالنص أو بالجاع‬
‫أو باللاق فل بد من النظر بالكتاب ببيان ألفاظه أولً و هذا هو علم التفسي ث بإسناد نقله‬
‫و روايته إل النب صلى ال عليه و سلم الذي جاء به من عند ال و اختلف روايات القراء ف‬
‫قراءته و هذا هو علم القراءات ث بإسناد السنة إل صاحبها و الكلم ف الرواة الناقلي لا و‬
‫معرفة أحوالم وعدالتهم ليقع الوثوق بأخبارهم بعلم ما يب العمل بقتضاه من ذلك‪ ،‬و هذه‬
‫هي علوم الديث‪ .‬ث ل بد ف استنباط هذه الحكام من أصولا من وجه قانون يفيد العلم‬
‫بكيفية هذا الستنباط و هذا هو أصول الفقه‪ .‬و بعد هذا تصل الثمرة بعرفة أحكام ال تعال‬
‫ف أفعال الكلف ي و هذا هو الف قه‪ .‬ث أن التكال يف من ها بد ن‪ ،‬و من ها قل ب‪ ،‬و هو الخ تص‬
‫باليان و ما يب أن يعتقد ما ل يعتقد‪ .‬و هذه هي العقائد اليانية ف الذات و الصفات و‬
‫أمور الشر و النعيم و العذاب و القدر‪ .‬و الجاج عن هذه بالدلة العقلية هو علم الكلم‪ .‬ث‬
‫النظر ف القرآن و الديث ل بد أن تتقدمه العلوم اللسانية لنه متوقف عليها و هي أصناف‪.‬‬
‫فمن ها علم الل غة و علم النحو و علم البيان و علم الداب ح سبما نتكلم عليها‪ .‬و هذه العلوم‬
‫النقل ية كل ها مت صة باللة ال سلمية و أهل ها و إن كا نت كل ملة على الملة ل بد في ها من‬
‫مثل ذلك فهي مشاركة لا ف النس البعيد من حيث أنا العلوم الشرعية النلة من عند ال‬
‫تعال على صاحب الشريعة البلغ لا‪ .‬و أما على الصوص فمباينة لميع اللل لنا ناسخة لا‪.‬‬
‫و كل ما قبلها من علوم اللل فمهجورة و الن ظر في ها مظور‪ .‬فقد ن ى الشرع عن الن ظر ف‬
‫الكتب النلة غي القرآن‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل تصدقوا أهل الكتاب و ل تكذبوهم و‬
‫قولوا آمنا بالذي‬
‫أنزل علينا و أنزل إليكم و إلنا و إلكم واحد و رأى النب صلى ال عليه و سلم ف يد عمر‬
‫رضي ال عنه ورقة من التوراة فغضب حت تبي الغضب ف وجهه ث قال‪ :‬أل آتكم با بيضاء‬
‫نق ية ؟ و ال لو كان مو سى حيا ما و سعه إل أتبا عي‪ .‬ث إن هذه العلوم الشرع ية قد نف قت‬
‫أ سواقها ف هذه اللة ب ا ل مز يد عل يه و انت هت في ها مدارك الناظر ين إل الغا ية ال ت ل ش يء‬
‫فوقها و هذبت الصطلحات و رتبت الفنون فجاءت من وراء الغاية ف السن و التنميق‪ .‬و‬
‫كان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه و أوضاع يستفاد منها التعليم‪ .‬و اختص الشرق من ذلك‬
‫و الغرب با هو مشهور منها حسبما نذكره الن عند تعديد هذه الفنون‪ .‬و قد كسدت لذا‬
‫العهد أسواق العلم بالغرب لتناقص العمران فيه و انقطاع سند العلم و التعليم كما قدمناه ف‬
‫الف صل قبله‪ .‬و ما أدري ما ف عل ال بالشرق و ال ظن به نفاق العلم ف يه و ات صال التعل يم ف‬
‫العلوم و فس سسائر الصسنائع الضروريسة و الكماليسة لكثرة عمرانسه و الضارة و وجود العانسة‬
‫لطالب العلم بالراية من الوقاف الت اتسعت با أرزاقهم‪ .‬و ال سبحانه و تعال هو الفعال‬
‫لا يريد و بيده التوفيق و العانة‪.‬‬

‫الفصل الامس ف علوم القرآن من التفسي و القراءات‬


‫القرآن هو كلم ال النل على نبيه الكتوب بي دفت الصحف‪ .‬و هو متواتر بي المة إل أن‬
‫ال صحابة رووه عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم على طرق متلف ي ف ب عض ألفا ظه و‬
‫كيفيات الروف ف أدائها‪ .‬و تنوقل ذلك و اشتهر إل أن استقرت منها سبع طرق معينة تواتر‬
‫نقلها أيضا بأدائها و اختصت بالنتساب إل من اشتهر بروايتها من الم الغفي فصارت هذه‬
‫القراءات السبع أصولً للقراءة‪ .‬و ربا زيد ب عد ذلك قراءات أخر لقت بالسبع إل أنا عند‬
‫أئ مة القراءة ل تقوى قوت ا ف الن قل‪ .‬و هذه القراءات ال سبع معرو فة ف كتب ها‪ .‬و قد خالف‬
‫ب عض الناس ف توا تر طرق ها لن ا عند هم كيفيات للداء و هو غ ي منض بط‪ .‬و ل يس ذلك‬
‫عندهم بقادح ف تواتر القرآن‪ .‬و أباه الكثر و قالوا بتواترها و قال آخرون بتواتر غي الداء‬
‫منهسا كالدس و التسسهيل لعدم الوقوف على كيفيتسه بالسسمع و هسو الصسحيح‪ .‬و ل يزل القراء‬
‫يتداولون هذه القراءات و روايتها إل أن كتبت العلوم و دونت فكتبت فيما كتب من العلوم‬
‫و صسارت صسناعة مصسوصة و علما منفردا و تناقله الناس بالشرق و الندلس فس ج يل بعسد‬
‫جيل‪ .‬إل أن ملك بشرق الندلس ماهد من موال العامريي و كان معتنيا بذا الفن من بي‬
‫فنون القرآن ل ا أخذه به موله الن صور بن أ ب العا مر و اجت هد ف تعلي مه و عر ضه على من‬
‫كان من أئمة القراء بضرته فكان سهمه ف ذلك وافرا‪ .‬و اختص ماهد بعد ذلك بإمارة دانية‬
‫و الزائر الشرقية فنفقت با سوق القراءة لا كان هو من أئمتها و با كان له من العناية بسائر‬
‫العلوم عموما و بالقراءات خصوصا‪ .‬فظهر لعهده أبو عمرو الدان و بلغ الغاية فيها و وقفت‬
‫عل يه معرفت ها‪ .‬و انت هت إل رواي ته أ سانيدها و تعددت تآلي فه في ها‪ .‬و عول الناس علي ها و‬
‫عدلوا عن غيها و اعتمدوا من بينها كتاب التيسي له‪ .‬ث ظهر بعد ذلك فبما يليه من العصور‬
‫و الجيال أبو القاسم بن فيه من أهل شاطبة فعمد إل تذيب ما دونه أ بو عمرو و تلخيصه‬
‫فنظم ذلك كله ف قصيدة لغز فيها أساء القراء بروف ا ب ج د ترتيبا أحكمه ليتيسر عليه ما‬
‫ق صده من الخت صار و ليكون أ سهل للح فظ ل جل نظم ها‪ .‬فا ستوعب في ها ال فن ا ستيعابا‬
‫ح سنا و غ ن الناس بفظ ها و تلقين ها للولدان التعلم ي و جرى الع مل على ذلك ف أم صار‬
‫الغرب و الندلس‪ .‬و رباس أضيسف إل فسن القراءات فسن الرسسم أيضا و هسي أوضاع حروف‬
‫القرآن ف الصحف و رسومه الطية لن فيه حروفا كثية وقع رسها على غي العروف من‬
‫قياس ال ط كزيادة الياء ف بأي يد و زيادة اللف ف ل أذب نه و ل أوضعوا و الواو ف جزاؤ‬
‫الظالي و حذف اللفات ف مواضع دون أخرى و ما رسم فيه من التاءات مدودا‪ .‬و الصل‬
‫ف يه مربوط على ش كل الاء و غ ي ذلك و قد مر تعل يل هذا الر سم ال صحفي ع ند الكلم ف‬
‫الط‪ .‬فلما جاءت هذه الخالفة لوضاع الط و قانونه احتيج إل حصرها‪ ،‬فكتب الناس فيها‬
‫أيضا عند كتبهم ف العلوم‪ .‬و انتهت بالغرب إل أب عمر الدان الذكور فكتب فيها كتبا من‬
‫أشهرها‪ :‬كتاب القنع و أخذ به الناس و عولوا عليه‪ .‬و نظمه أبو القاسم الشاطب ف قصيدته‬
‫الشهورة على روي الراء و ولع الناس بفظهسا‪ .‬ثس كثسر اللف فس الرسسم فس كلمات و‬
‫حروف أخرى‪ ،‬ذكرها أبو داود سليمان بن ناح من موال ماهد ف كتبه و هو من تلميذ‬
‫أب عمرو الدان و الشتهر بمل علومه و رواية كتبه ث نقل بعده خلف آخر فنظم الرزاز من‬
‫التأخرين بالغرب أرجوزة أخرى زاد فيها على القنع خلفا كثيا‪ ،‬و عزاه لناقليه‪ .‬و اشتهرت‬
‫بالغرب‪ ،‬و اقتصر الناس على حفظها‪ .‬و هجروا با كتب أب داود و أب عمرو و الشاطب ف‬
‫الرسم‪.‬‬
‫و أمسا التفسسي‪ :‬فاعلم أن القرآن نزل بلغسة العرب و على أسساليب بلغتهسم فكانوا كلهسم‬
‫يفهمو نه و يعلمون معان يه ف مفردا ته و تراكي به‪ .‬و كان ينل جلً جلً و آيات آيات لبيان‬
‫التوحيد و الفروض الدينية بسب الوقائع‪ .‬و منها ما هو ف العقائد اليانية‪ ،‬و منها ما هو ف‬
‫أحكام الوارح‪ ،‬و منها ما يتقدم و منها ما يتأخر و يكون ناسخا له‪ .‬و كان النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم هو ال بي لذلك ك ما قال تعال‪ :‬ل تبي للناس ما نزل إلي هم فكان ال نب صلى ال‬
‫عليه و سلم يبي الجمل و ييز الناسخ من النسوخ و يعرفه أصحابه فعرفوه و عرفوا سبب‬
‫نزول اليات و مقت ضى الال من ها منقولً ع نه‪ .‬ك ما علم من قوله تعال‪ :‬إذا جاء ن صر ال و‬
‫الفتح إنا نعي النب صلى ال عليه و سلم و أمثال ذلك و نقل ذلك عن الصحابة رضوان ال‬
‫تعال علي هم أجع ي‪ .‬و تداول ذلك التابعون من بعد هم و ن قل ذلك عن هم‪ .‬و ل يزل متناقلً‬
‫ب ي ال صدر الول و ال سلف ح ت صارت العارف علوما و دو نت الك تب فك تب الكث ي من‬
‫ذلك و نقلت الثار الواردة فيه عن الصحابة و التابعي و انتهى ذلك إل الطبي و الواقدي و‬
‫الثعالب و أمثال ذلك من الفسرين فكتبوا فيه ما شاء ال أن يكتبوه من الثار‪ .‬ث صارت علوم‬
‫الل سان صسناعية من الكلم فس موضوعات اللغسة و أحكام العراب و البل غة ف التراكيسب‬
‫فوض عت الدواوين ف ذلك بعد أن كا نت ملكات للعرب ل يرجع في ها إل ن قل و ل كتاب‬
‫فتنوسي ذلك و صارت تتلقى من كتب أهل اللسان‪ .‬فاحتيج إل ذلك ف تفسي القرآن لنه‬
‫بل سان العرب و على منهاج بلغت هم‪ .‬و صار التف سي على صنفي‪ :‬تف سي نقلي م سند إل‬
‫الثار النقولة عن السلف و هي معرفة الناسخ و النسوخ و أسباب النول و مقاصد الي‪ .‬و‬
‫كل ذلك ل يعرف إل بالنقل عن الصحابة‪ .‬و التابعي‪ .‬و قد جع التقدمون ف ذلك و أوعوا‪،‬‬
‫إل أن كتبهم و منقولتم تشتمل على الغث و السمي و القبول و الردود‪ .‬و السبب ف ذلك‬
‫أن العرب ل يكونوا أ هل كتاب و ل علم و إن ا غل بت علي هم البداوة و الم ية‪ .‬و إذا تشوقوا‬
‫إل معر فة ش يء م ا تتشوق إل يه النفوس البشر ية ف أ سباب الكونات و بدء اللي قة و أ سرار‬
‫الوجود فإنا يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم و يستفيدونه منهم و هم أهل التوراة من اليهود و‬
‫من تبع دينهم من النصارى‪ .‬و أهل التوراة الذين بي العرب يومئذ بادية مثلهم و ل يعرفون‬
‫من ذلك إل ما تعرفه العامة من أهل الكتاب و معظمهم من حي الذين أخذوا بدين اليهودية‪.‬‬
‫فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم ما ل تعلق له بالحكام الشرعية الت يتاطون لا مثل‬
‫أخبار بدء الليقسة و مسا يرجسع إل الدثان و اللحسم و أمثال ذلك‪ .‬و هؤلء مثسل كعسب‬
‫الحبار و وهب بن منبه و عبد ال بن سلم و أمثالم‪ .‬فامتلت التفاسي من النقولت عندهم‬
‫فس أمثال هذه الغراض أخبار موقوفسة عليهسم و ليسست ماس يرجسع إل الحكام فيتحرى فس‬
‫ال صحة ال ت ي ب ب ا الع مل‪ .‬و ت ساهل الف سرون ف م ثل ذلك و ملوا ك تب التف سي بذه‬
‫النقولت‪ .‬و أ صلها ك ما قلناه عن أ هل التوراة الذ ين ي سكنون الباد ية‪ ،‬و ل تق يق عند هم‬
‫بعرفة ما ينقلونه من ذلك إل أنم بعد صيتهم و عظمت أقدارهم‪ .‬لا كانوا عليه من القامات‬
‫ف الدين و اللة‪ ،‬فتلقيت بالقبول من يومئذ‪ .‬فلما رجع الناس إل التحقيق و التمحيص و جاء‬
‫أبو ممد بن عطية من التأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسي كلها و ترى ما هو أقرب إل‬
‫الصحة منها و وضع ذلك ف كتاب متداول بي أهل الغرب و الندلس حسن النحى‪ .‬و تبعه‬
‫القرطب ف تلك الطريقة على منهاج و احد ف كتاب آخر مشهور بالشرق‪.‬‬
‫و الصنف الخر من التفسي و هو ما يرجع إل اللسان من معرفة اللغة و العراب و البلغة‬
‫ف تأدية العن بسب القاصد و الساليب‪ .‬و هذا الصنف من التفسي قل أن ينفرد عن الول‬
‫إذ الول هو القصود بالذات‪ .‬و إنا جاء هذا بعد أن صار اللسان و علومه صناعة‪ .‬نعم قد‬
‫يكون ف ب عض التفا سي غالبا و من أح سن ما اشت مل عل يه هذا ال فن من التفا سي كتاب‬
‫الكشاف للزمشري من أ هل خوارزم العراق إل أن مؤل فه من أ هل العتزال ف العقائد فيأ ت‬
‫بالجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له ف آي القرآن من طرق البلغة‪ .‬فصار ذلك‬
‫للمحققي من أهل السنة انراف عنه و تذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه‬
‫فيما يتعلق باللسان و البلغة و إذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على الذاهب السنية مسنا‬
‫للحجاج عنها فل جرم إ نه مأمون من غوائله فلتغت نم مطالعته لغرابة فنو نه ف اللسان‪ .‬و لقد‬
‫وصل إلينا ف هذه العصور تأليف لبعض العراقيي و هو شرف الدين الطيبب من أهل توريز‬
‫من عراق الع جم شرح ف يه كتاب الزمشري هذا و تت بع ألفا ظه و تعرض لذاه به ف العتزال‬
‫بأدلة تزيفها و يبي أن البلغة إنا تقع ف الية على ما يراه أهل السنة ل على ما يراه العتزلة‬
‫فأحسن ف ذلك ما شاء مع إمتاعه ف سائر فنون البلغة و فوق كل ذي علم عليم‪.‬‬

‫الفصل السادس ف علوم الديث‬


‫و أما علوم الديث فهي كثية و متنوعة لن منها ما ينظر ف ناسخه و منسوخه و ذلك با‬
‫ثبت ف شريعتنا من جواز النسخ و وقوعه لطفا من ال بعباده و تفيفا عنهم باعتبار مصالهم‬
‫الت تكفل ال لم با‪ .‬قال تعال ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بي منها أو مثلها و معرفة‬
‫الناسسخ و النسسوخ و إن كان عاقا للقرآن و الديسث إل إن الذي فس القرآن منسه اندرج فس‬
‫تفاسسيه و بقسي مسا كان خاصسا بالديسث راجعا إل علومسه‪ .‬فإذا تعارض البسان بالنفسي و‬
‫الثبات و تعذر ال مع بينه ما بب عض التأو يل و علم تقدم أحده ا تع ي إن التأ خر نا سخ‪ .‬و‬
‫معرفسة الناسسخ و النسسوخ مسن أهسم علوم الديسث و أصسعبها‪ .‬قال الزهري‪ :‬أعيسا الفقهاء و‬
‫أعجز هم إن يعرفوا نا سخ حد يث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم من من سوخه‪ .‬و كان‬
‫للشافعي رضي ال عنه فيه قدم راسخة‪ .‬و من علوم الحاديث النظر ف السانيد و معرفة ما‬
‫ي ب الع مل به من الحاد يث بوقو عه على ال سند الكا مل الشروط لن الع مل إن ا و جب ب ا‬
‫يغلب على ال ظن صدقه من أخبار ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فيجت هد ف الطر يق ال ت‬
‫تصل ذلك الظن و هو بعرفة رواة الديث بالعدالة و الضبط‪ .‬و إنا يثبت ذلك بالعقل عن‬
‫أعلم الديسن لتعديلهسم و براءتمس مسن الرح و الغفلة و يكون لنسا ذلك دليلً على القبول و‬
‫الترك‪ .‬و كذلك مراتب هؤلء النقلة من الصحابة و التابعي و تفاوتم ف ذلك و تيزهم فيه‬
‫واحدا واحدا‪ .‬و كذلك السسانيد تتفاوت باتصسالا و انقطاعهسا بأن يكون الراوي ل يلق‬
‫الراوي الذي ن قل ع نه و ب سلمتها من العلل الوه نة ل ا و تنت هي بالتفاوت إل طرف ي فح كم‬
‫بقبول العلى و رد ال سفل‪ .‬و يتلف ف التو سط ب سب النقول عن أئ مة الشأن‪ .‬و ل م ف‬
‫ذلك‪ ،‬ألفاظ اصطلحوا على وضعها لذه الراتب الرتبة‪ .‬مثل الصحيح و السن و الضعيف و‬
‫الرسل و النقطع و العضل و الشاذ و الغريب‪ ،‬و غي ذلك من ألقابه التداولة بينهم‪ .‬و بوبوا‬
‫على كل وا حد منها و نقلوا ما فيه من اللف لئ مة الل سان أو الوفاق‪ .‬ث الن ظر ف كيفية‬
‫أخذ الرواية بعضهم عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة و تفاوت رتبها و ما للعلماء‬
‫ف ذلك من اللف بالقبول و الرد‪ .‬ث اتبعوا ذلك بكلم ف ألفاظ تقع ف متون الديث من‬
‫غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق منها أو متلف و ما يناسب ذلك‪ .‬هذا معظم ما ينظر‬
‫ف يه أ هل الد يث و غال به و كا نت أحوال نقلة الد يث ف ع صور ال سلف من ال صحابة و‬
‫التابع ي معرو فة ع ند أ هل بلده فمن هم بالجاز و منهم بالب صرة و الكو فة من العراق و منهم‬
‫بالشام و م صر و الم يع معروفون مشهورون ف أع صارهم و كا نت طري قة أ هل الجاز ف‬
‫أعصارهم ف السانيد أعلى من سواهم و امت ف الصحة لستبدادهم ف شروط النقل من‬
‫العدالة و الض بط و تافي هم عن قبول الجهول الال ف ذلك و سند الطري قة الجاز ية ب عد‬
‫ال سلف المام مالك عال الدي نة ر ضي ال تعال ع نه ث أ صحابه م ثل المام م مد بن إدر يس‬
‫الشافعي رضي ال تعال ع نه‪ ،‬و ا بن و هب و ا بن بك ي و الق صنب و م مد بن ال سن و من‬
‫بعدهم المام أحد بن حنبل و ف آخرين من أمثا لم‪ .‬و كان علم الشريعة ف مبدإ هذا المر‬
‫نقلً صرفا ش ر ل ا ال سلف و تروا ال صحيح ح ت أكملو ها‪ .‬و ك تب مالك رح ه ال كتاب‬
‫الوطأ أودعه أصول الحكام من الصحيح التفق عليه و رتبه على أبواب الفقه‪ .‬ث عن الافظ‬
‫بعرفة طرق الحاديث و أسانيدها الختلفة‪ .‬و ربا يقع إسناد الديث من طرق متعددة عن‬
‫رواة متلفي و قد يقع الديث أيضا ف أبواب متعددة باختلف العان الت اشتمل عليها‪ .‬و‬
‫جاء ممد بن إساعيل البخاري إمام الحدثي ف عصره فخرج أحاديث السنة على أبوابا ف‬
‫مسنده الصحيح بميع الطرق الت للحجازيي و العراقيي و الشاميي‪ .‬و اعتمد منها ما أجعوا‬
‫عليه دون ما اختلفوا فيه و كرر الحاديث يسوقها ف كل باب بعن ذلك الباب الذي تضمنه‬
‫الد يث فتكررت لذلك أحادي ثه ح ت يقال‪ :‬إ نه اشت مل على ت سعة آلف حد يث و مائت ي‪.‬‬
‫من ها ثل ثة آلف متكررة و فرق الطرق و ال سانيد علي ها متل فة ف كل باب‪ .‬ث جاء المام‬
‫مسلم بن الجاج القشيي رحه ال تعال فألف مسنده الصحيح‪ .‬حذا فيه حذو البخاري‪ .‬ف‬
‫نقل الجمع عليه و حذف التكرر منها و جع الطرق و السانيد و بوبه على أبواب الفقه و‬
‫تراجه‪ .‬و مع ذلك فلم يستوعبا الصحيح كله‪ .‬و قد استدرك الناس عليهما ف ذلك‪ .‬ث كتب‬
‫أ بو داود السجستان و أبو عيسى الترمذي و أبو عبد الرح ن النسائي ف ال سنن بأو سع من‬
‫الصحيح و قصدوا ما توفرت فيه شروط العمل إما من الرتبة العالية ف السانيد و هو الصحيح‬
‫كما هو معرف و إما من الذي دونه من السن و غيه ليكون ذلك إماما للسنة و العمل‪ .‬و‬
‫هذه هي ال سانيد الشهورة ف اللة و هي أمهات ك تب الد يث ف ال سنة فإن ا و إن تعددت‬
‫ترجع إل هذه ف الغلب‪ .‬و معرفة هذه الشروط و الصطلحات كلها هي علم الديث و‬
‫رباس يفرد عنهسا الناسسخ و النسسوخ فيجعسل فنا برأسسه و كذا الغريسب‪ .‬و للناس فيسه تآليسف‬
‫مشهورة ثس الؤتلف و الختلف‪ .‬و قسد ألف الناس فس علوم الديسث و أكثروا‪ .‬و مسن فحول‬
‫علمائه و أئمتهم أبو عبد ال الاكم و تآليفه فيه مشهورة و هو الذي هذبه و أظهر ماسنه‪ .‬و‬
‫أشهر كتاب للمتأخرين فيه كتاب أب عمرو بن الصلح كان لعهد أوائل الائة السابعة و تله‬
‫ميي الدين النووي بثل ذلك‪ .‬و الفن شريف ف مغزاه لنه معرفة ما يفظ به السنن النقولة‬
‫عن صاحب الشريعة‪ .‬و قد انقطع لذا العهد تريج شيء من الحاديث و استدراكها على‬
‫التقدم ي إذ العادة تش هد بأن هؤلء الئ مة على تعدد هم و تل حق ع صورهم و كفايت هم و‬
‫اجتهادهم ل يكونوا ليغفلوا شيئا من السنة أو يتركوه حت يعثر عليه التأخر هذا بعيد عنهم و‬
‫إنا تنصرف العناية لذا العهد إل تصحيح المهات الكتوبة و ضبطها بالزواية عن مصنفيها و‬
‫الن ظر ف أ سانيدها إل مؤلف ها و عرض ذلك على ما تقرر ف علم الد يث من الشروط و‬
‫الحكام لتتصل السانيد مكمة إل منتهاها‪ .‬و ل يزيدوا ف ذلك على العناية بأكثر من هذه‬
‫المهات ال مس إل ف القل يل‪ .‬فأ ما البخاري و هو أعل ها رت بة فا ستصعب الناس شر حه و‬
‫استغلقوا منحاه من أجل ما يتاج إليه من معرفة الطرق التعددة و رجالا من أهل الجاز و‬
‫الشام و العراق و معر فة أحوالمس و اختلف الناس في هم‪ .‬و لذلك يتاج إل إمعان الن ظر ف‬
‫التفقه ف تراجه لنه يترجم الترجة و يورد فيها الديث بسند أو طريق ث يترجم أخرى و‬
‫يورد فيها ذلك الديث بعينه لا تضمنه من العن الذي ترجم به الباب‪ .‬و كذلك ف ترجة و‬
‫ترج ة إل أن يتكرر الد يث ف أبواب كثية ب سب معان يه و اختلف ها و من شر حه و ل‬
‫يستوف هذا فيه فلم يوف حق الشرح كابن بطال و ابن الهلب و ابن التي و نوهم‪ .‬و لقد‬
‫سعت كثيا من شيوخنا رحهم ال يقولون‪ :‬شرح كتاب البخاري دين على المة يعنون أن‬
‫أحدا مسن علماء المسة ل يوف مسا يبس له مسن الشرح بذا العتبار‪ .‬و أمسا صسحيح مسسلم‬
‫فكثرت عنا ية علماء الغرب به و أكبوا عل يه و أجعوا على تف صيله على كتاب البخاري من‬
‫غي الصحيح ما ل يكن على شرطه و أكثر ما وقع له ف التراجم‪ .‬و أملى المام الارزي من‬
‫فقهاء الالك ية عل يه شرحا و ساه العلم بفوائد م سلم اشت مل على عيون من علم الد يث و‬
‫فنون من الف قه ث أكمله القا ضي عياض من بعده و ت مه و ساه إكمال العلم و تله ا م يي‬
‫الد ين النووي بشرع ا ستوف ما ف الكتاب ي و زاد عليه ما فجاء شرحا وافيا‪ .‬و أ ما ك تب‬
‫السنن الخرى و فيها معظم مآخذ الفقهاء فأكثر شرحها ف كتب الف قه إل ما يتص بعلم‬
‫الديث فكتب الناس عليها و استوفوا من ذلك ما يتاج إليه من علم الديث و موضوعاتا و‬
‫السانيد الت اشتملت على الحاديث العمول با من السنة‪ .‬و اعلم أن الحاديث قد تيزت‬
‫مراتب ها لذا الع هد ب ي صحيح و ح سن و ضع يف و معلول و غي ها تنل ا أئ مة الد يث و‬
‫جهابذ ته و عرفو ها‪ .‬و ل ي غب طر يق ف ت صحيح ما ي صح من ق بل‪ .‬و ل قد كان الئ مة ف‬
‫الد يث يعرفون الحاد يث بطرق ها و أ سانيدها ب يث لو روي حد يث بغ ي سنده و طري قه‬
‫يفطنون إل أنه قلب عن وضعه و لقد وقع مثل ذلك للمام ممد بن إساعيل البخاري حي‬
‫ورد على بغداد و قصد الحدثون امتحانه فسألوه عن أحاديث قبلوا أسانيدها فقال‪ :‬ل أعرف‬
‫هذه و لكن حدثن فلن‪ .‬ث أتى بميع تلك الحاديث على الوضع الصحيح و رد كل مت‬
‫إل سنده و أقروا له بالما مة‪ .‬و اعلم أيضا أن الئ مة الجتهد ين تفاوتوا ف الكثار من هذه‬
‫الصناعة و القلل فأبو حنيفة رضي ال تعال عنه يقال بلغت روايته إل سنة عشر حديثا أو‬
‫نوها و مالك رحه ال إنا صح عنده ما ف كتاب الوطأ و غايتها ثلثمائة حديثا أو نوها‪ .‬و‬
‫أحد بن حنبل رحه ال تعال ف مسنده خسون ألف حديث و لكل ما أداه إليه اجتهاده ف‬
‫ذلك‪ .‬و قد تقول ب عض البغض ي التع سفي إل أن من هم من كان قل يل البضا عة ف الد يث‬
‫فلهذا قلت روايتسه‪ .‬و ل سسبيل إل هذا العتقسد فس كبار الئمسة لن الشريعسة إناس تؤخسذ مسن‬
‫الكتاب و ال سنة‪ .‬و من كان قليل البضا عة من الديث فيتع ي عل يه طلبه و رواي ته و الد و‬
‫التشمي ف ذلك ليأخذ الدين عن أصول صحيحة و يتلقى الحكام عن صاحبها البلغ لا‪ .‬و‬
‫إنا قلل منهم من قلل الروا ية ل جل الطاعن ال ت تعترضه فيها و العلل ال ت تعرض ف طرقها‬
‫سيما و الرح مقدم عند الكثر فيؤديه الجتهاد إل ترك الخذ با يعرض مثل ذلك فيه من‬
‫الحاد يث و طرق ال سانيد و يك ثر ذلك فت قل رواي ته لض عف ف الطرق‪ .‬هذا مع أن أ هل‬
‫الجاز أك ثر روا ية للحد يث من أ هل العراق لن الدي نة دار الجرة و مأوى ال صحابة و من‬
‫انتقل منهم إل العراق كان شغلهم بالهاد أكثر‪ .‬و المام أبو حنيفة إنا قلت روايته لا شدد‬
‫ف شروط الرواية و التحمل و ضعف رواية الديث اليقين إذا عارضها الفعل النفسي‪ .‬و قلت‬
‫من أجلها رواية فقل حديثه‪ .‬لنه ترك رواية الديث متعمدا فحاشاه من ذلك‪ .‬و يدل على‬
‫أنه من كبار الجتهدين ف علم الديث اعتماد مذهبه بينهم و التعويل عل يه و اعتباره ردا و‬
‫قبولً‪ .‬و أ ما غيه من الحدث ي و هم المهور فتو سعوا ف الشروط و ك ثر حديث هم و ال كل‬
‫عن اجتهاد و قد توسع أصحابه من بعده ف الشروط و كثرت روايتهم‪ .‬و روى الطحطاوي‬
‫فأكثر و كتب مسنده و هو جليل القدر إل أنه ل يعدل الصحيحي لن الشروط الت اعتمدها‬
‫البخاري و م سلم ف كتابيه ما م مع علي ها ب ي ال مة ك ما قالوه‪ .‬و شروط الطحطاوي غ ي‬
‫س كالروايسة عن ال ستور الال و غيه فلهذا قدم ال صحيحان بل و كتسب ال سنن‬ ‫متفسق عليه ا‬
‫العروفة عليه لتأخر شروطه عن شروطهم‪ .‬و من أجل هذا قيل ف الصحيحي بالجاع على‬
‫قبولما من جهة الجاع على صحة ما فيهما من الشروط التفق عليها‪ .‬فل تأخذك ريبة ف‬
‫ذلك فالقوم أ حق الناس بال فن الم يل ب م و التماس الخارج ال صحيحة ل م‪ .‬و ال سبحانه و‬
‫تعال أعلم با ف حقائق المور‪.‬‬

‫الفصل السابع ف علم الفقه و ما يتبعه من الفرائض‬


‫الفقسه معرفسة أحكام ال تعال فس أفعال الكلفيس بالوجوب و الذر و الندب و الكراهسة و‬
‫الباحسة و هسي متلقاة مسن الكتاب و السسنة و مسا نصسبه الشارع لعرفتهسا مسن الدلة فإذا‬
‫استخرجت الحكام من تلك الدلة قيل لا فقه‪ .‬و كان السلف يستخرجونا من تلك الدلة‬
‫على اختلف فيما بينهم‪ .‬و ل بد من وقوعه ضرورة‪ .‬فإن الدلة غالبها من النصوص و هي‬
‫بلغة العرب و ف اقتضاءات ألفاظها لكثي من معانيها و خصوصا الحكام الشرعية اختلف‬
‫بينهم معروف‪ .‬و أيضا فالسنة متلفة الطرق ف الثبوت و تتعارض ف الكثر أحكامها فتحتاج‬
‫إل الترجيسح و هسو متلف أيضا‪ .‬فالدلة مسن غيس النصسوص متلف فيهسا و أيضا فالوقائع‬
‫التجددة ل توف با النصوص‪ .‬و ما كان منها غي ظاهر ف النصوص فيحكم على النصوص‬
‫لشاب ة بينه ما و هذه كل ها إشارات للخلف ضرور ية الوقائع‪ .‬و من ه نا و قع اللف ب ي‬
‫السلف و الئمة من بعدهم‪ .‬ث إن الصحابة كلهم ل يكونوا أهل فتيا و ل كان الدين يؤخذ‬
‫عن جيعهم‪ .‬و إنا كان ذلك متصا بالاملي للقرآن العارفي بناسخه و منسوخه و متشابه‬
‫و مك مه و سائر دلل ته ب ا تلقوه من ال نب صلى ال عل يه و سلم أو م ن سعه من هم و من‬
‫عليت هم‪ .‬و كانوا ي سمون لذلك القراء أي الذ ين يقرأون الكتاب لن العرب كانوا أ مة أم ية‪.‬‬
‫فاخ تص من كان من هم قارئا للكتاب بذا ال سم لغراب ته يومئذ‪ .‬و ب قي ال مر كذلك صدر‬
‫اللة‪ .‬ث عظمت أمصار السلم و ذهبت المية من العرب بمارسة الكتاب و تكن الستنباط‬
‫و كمل الفقه و أصبح صناعة و علما فبدلوا باسم الفقهاء و العلماء من القراء‪ .‬و انقسم الفقه‬
‫فيهم إل طريقتي‪ :‬طريقة أهل الرأي و القياس و هم أهل العراق و طريقة أهل الديث و هم‬
‫أهل الجاز‪ .‬و كان الديث قليلً ف أهل العراق لا قدمناه فاستكثروا من القياس و مهروا فيه‬
‫فلذلك قيل أهل الرأي‪ .‬و مقدم جاعتهم الذي استقر الذهب فيه و ف أصحابه أبو حنيفة و‬
‫إمام أ هل الجاز مالك بن أ نس و الشاف عي من بعده‪ .‬ث أن كر القياس طائ فة من العلماء و‬
‫أبطلوا الع مل به و هم الظاهر ية‪ .‬و جعلوا الدارك كل ها منح صرة ف الن صوص و الجاع و‬
‫ردوا القياس اللي و العلة النصوصة إل النص‪ ،‬لن النص على العلة نص على الكيم ف جيع‬
‫مالاس‪ .‬و كان إمام هذا الذهسب داود بسن علي و ابنسه و أصسحابما‪ .‬و كانست هذه الذاهسب‬
‫الثل ثة هي مذا هب المهور الشتهرة ب ي ال مة‪ .‬و شذ أ هل الب يت بذا هب ابتدعو ها و ف قه‬
‫انفردوا به و بنوه على مذهبهم ف تناول بعض الصحابة بالقدح‪ ،‬و على قولم بعصمة الئمة‬
‫و ر فع اللف عن أقوال م و هي كل ها أ صول واه ية و شذ ب ثل ذلك الوارج و ل يت فل‬
‫المهور بذاهبهسم بسل أوسسعها جانسب النكار و القدح‪ .‬فل نعرف شيئا مسن مذاهبهسم و ل‬
‫نروي كتبهم و ل أثر بشيء منها إل ف مواطنهم‪ .‬فكتب الشيعة ف بلدهم و حيث كانت‬
‫دولتهم قائمة ف الغرب و الشرق و اليمن و الوارج كذلك‪ .‬و لكل منهم كتب و تآليف و‬
‫آراء ف الف قه غري بة‪ .‬ث درس مذ هب أ هل الظا هر اليوم بدروس أئم ته و إنكار المهور على‬
‫منتحله و ل يبسق إل الكتسب الجلدة و رباس يعكسف كثيس مسن الطالبيس منس تكلف بانتحال‬
‫مذهبهم على تلك الكتب يروم أخذ فقههم منها و مذهيهم فل يلو بطائل و يصي إل مالفة‬
‫المهور و إنكارهم عليه و ربا عد بذه النحلة من أهل البدع بنقله العلم من الكتب من غي‬
‫مفتاح العلمي‪ .‬و قد فعل ذلك ابن حزم بالندلس على علو رتبته ف حفظ الديث و صار‬
‫إل مذهب أهل الظاهر و مهر فيه باجتهاد زعمه ف أقوالم‪ .‬و خالف إمامهم داود و تعرض‬
‫للكثي من الئمة السلمي فنقم الناس ذلك عليه و أوسعوا مذهبه استهجانا و إنكارا‪ ،‬و تلقوا‬
‫كت به بالغفال و الترك ح ت إنا ليح صر بيع ها بال سواق و رب ا تزق ف بعض الحيان‪ .‬و ل‬
‫ي بق إل مذ هب أ هل الرأي من العراق و أ هل الد يث من الجاز‪ .‬فأ ما أ هل العراق فإمام هم‬
‫الذي استقرت عنده مذاهبهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت و مقامه ف الفقه ل يلحق شهد له‬
‫بذلك أ هل جلده و خ صوصا مالك و الشاف عي‪ .‬و أ ما أ هل الجاز فكال إمام هم مالك ا بن‬
‫أنسس الصسبحي إمام دار الجرة رحهس ال تعال و اختسص بزيادة مدرك آخسر للحكام غيس‬
‫الدارك العتبة عند غيه و هو عمل أهل الدينة لنه رأى أنم فيما ينفسون عليه من فعل أو‬
‫ترك متابعون ل ن قبل هم ضرورة لدين هم و اقتدائ هم‪ .‬و هكذا إل ال بل الباشر ين لف عل ال نب‬
‫صلى ال عليه و سلم الخذين ذلك عنه و صار ذلك عنده من أصول الدلة الشرعية‪ .‬و ظن‬
‫كثي أن ذلك من مسائل الجاع فأنكره لن دليل الجاع ل يص أهل الدينة من سواهم بل‬
‫هو شا مل لل مة‪ .‬و اعلم أن الجاع إن ا هو التفاق على ال مر الدي ن عن اجتهاد‪ .‬و مالك‬
‫رح ه ال تعال ل يعت ي ع مل أ هل الدي نة من هذا الع ن و إن ا اع تبه من ح يث اتباع ال يل‬
‫بالشاهدة للجيل إل أن ينتهي إل الشارع صلوات ال و سلمه عليه‪ .‬و ضرورة اقتدائهم بعي‬
‫ذلك ي عم اللة ذكرت ف باب الجاع و البواب ب ا من ح يث ما في ها من التفاق الا مع‬
‫بينها و بي الجاع‪ .‬إل أن اتفاق أهل الجاع عن نظر و اجتهاد ف الدلة و اتفاق هؤلء ف‬
‫فعل أو ترك مستندين إل مشاهدة من قبلهم‪ .‬و لو ذكرت السألة ف باب فعل النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم و تقريره أو مع الدلة الختلف في ها م ثل مذ هب ال صحاب و شرع من قبل نا و‬
‫الستصحاب لكان أليق با ث كان من بعد مالك بن أنس ممد بن إدريس الطلب الشافعي‬
‫رحهم اال تعال‪ .‬رحل إل العراق من بعد مالك و له أصحاب المام أب حنيفة و أخذ عنهم‬
‫و مزج طري قة أ هل الجاز بطري قة أ هل العراق و اخ تص بذ هب‪ ،‬و خالف مالكا رح ه ال‬
‫تعال ف كثي من مذهبه‪ .‬و جاء من بعدها أحد بن حنبل رحه ال‪ .‬و كان من علية الحدثي‬
‫و قرأ أصحابه على أصحاب المام أب حنيفة مع وفور بضاعتهم من الديث فاختصوا بذهب‬
‫آ خر‪ .‬و و قف التقل يد ف الم صار ع ند هؤلء الرب عة و درس القلدون ل ن سواهم‪ .‬و سد‬
‫الناس باب اللف و طرقه لا كثر تشعب الصطلحات ف العلوم‪ .‬و لا عاق عن الوصول‬
‫إل رت بة الجتهاد و ل ا خ شي من إ سناد ذلك إل غ ي أهله و من ل يو ثق برأ يه و ل بدي نه‬
‫ف صرحوا بالعجز و العواز و ردوا الناس إل تقليد هؤلء كل من اختص به من القلدين‪ .‬و‬
‫حظروا أن يتداول تقليدهم لا فيه من التلعب و ل يبق إل نقل مذاهبهم‪ .‬و عمل كل فقلد‬
‫بذهب من قلده منهم بعد تصحيح الصول و اتصال سندها بالرواية ل مصول اليوم للفقه‬
‫غيس هذا‪ .‬و مدعسي الجتهاد لذا العهسد مردود على عقبسه مهجور تقليده و قسد صسار أهسل‬
‫السلم اليوم على تقليد هؤلء الئمة الربعة‪ .‬فأما أحد بن حنبل فمقلده قليل لبعد مذهبه‬
‫عسن الجتهاد و أصسالته فس معاضدة الروايسة و للخبار بعضهسا ببعسض‪ .‬و أكثرهسم بالشام و‬
‫العراق من بغداد و نواحيها و هم أكثر الناس حفظا للسنة و رواية الديث و ميلً بالستنباط‬
‫إليه عن القياس ما أمكن‪ .‬و كان لم ببغداد صولة و كثرة حت كانوا يتواقعون مع الشيعة ف‬
‫نواحيها‪ .‬و عظمت الفتنة من أجل ذلك ث انقطع ذلك عند استيلء التتر عليها‪ .‬و ل يراجع و‬
‫صارت كثرتم بالشام‪ .‬و أما أبو حنيفة فقلده اليوم أهل العراق و مسلمة الند و الصي و ما‬
‫وراء النهر و بلد العجم كلها‪ ..‬و لا كان مذهبه أخص بالعراق و دار السلم و كان تلميذه‬
‫صحابة اللفاء من بن العباس فكثرت تآليفه و مناظراتم مع الشافعية و حسنت مباحثهم ف‬
‫اللفيات‪ .‬و جاءوا من ها بعلم م ستظرف و أنظار غري بة و هب ب ي أيدي الناس‪ .‬و بالغرب‬
‫منها شيء قليل نقله إليه القاضي بن العرب و أبو الوليد الباجي ف رحلتهما‪ .‬و أما الشافعي‬
‫فمقلدوه بصر أكثر ما سواها و قد كان انتشر مذهبه بالعراق و خراسان و ما وراء النهر و‬
‫قا سوا النف ية ف الفتوى و التدر يس ف ج يع الم صار‪ .‬و عظ مت مالس الناظرات بين هم و‬
‫شحنت كتب اللفيات بأنواع استدللتم‪ .‬ث درس ذلك كله بدروس الشرق و أقطاره‪ .‬و‬
‫كان المام ممد بن إدريس الشافعي لا نزل على بن عبد الكم بصر أخذ عنه جاعة منهم‪.‬‬
‫و كان من تلميذه با‪ :‬البويطي و الزن و غيهم‪ ،‬و كان با من الالكية جاعة من بن عبد‬
‫الكم و أشهب و ابن القاسم و ابن الواز و غيهم ث الارس بن مسكي و بنوه ث القاضي‬
‫أبو إ سحق بن شعبان و أو لده‪ .‬ث انقرض ف قه أ هل ال سنة من مصر بظهور دولة الراف ضة و‬
‫تداول با فقه أهل البيت و تلشى من سواهم و ارتل إليها القاضي عبد الوهاب من بغداد‪.‬‬
‫آخسر الائة الرابعسة على مسا أعلم‪ ،‬مسن الاجسة و التقليسب فس العاش‪ .‬فتأذن خلفاء العسبيديي‬
‫بإكرامه‪ ،‬و إظهار فضله نعيا على بن العباس ف إطراح مثل هذا المام‪ ،‬و الغتباط به‪ .‬فنفقت‬
‫سوق الالك ية ب صر قليلً‪ ،‬إل أن ذه بت دولة ال عبيديي من الراف ضة على يد صلح الد ين‬
‫يو سف بن أيوب فذ هب من ها ف قه أ هل الب يت و عاد ف قه الما عة إل الظهور بين هم و ر جع‬
‫إليهم فقه الشافعي و أصحابه من أهل العراق و الشام فعاد إل أحسن ما كان و نفقت سوقه‬
‫و اشت هر من هم م يي الد ين النووي من الل بة ال ت رب يت ف ظل الدولة اليوب ية بالشام و عز‬
‫الد ين بن ع بد ال سلم أيضا‪ .‬ث ا بن الرق عة ب صر و ت قي الد ين بن دق يق الع يد ث ت قي الد ين‬
‫ال سبكي بعده ا إل أن انت هى ذلك إل ش يخ ال سلم ب صر لذا الع هد و هو سراج الد ين‬
‫البلقي ن ف هو اليوم أ كب الشافع ية ب صر كبي العلماء بل أ كب العلماء من أ هل الع صر‪ .‬و أ ما‬
‫مالك رحه ال تعال فاختص بذهبه أهل الغرب و الندلس‪ .‬و إن كان يوجد ف غيهم إل‬
‫أنم ل يقلدوا غيه إل ف القليل لا أن رحلتهم كانت غالبا إل الجاز و هو منتهى سفرهم‪.‬‬
‫و الدي نة يومئذ دار العلم و منها خرج إل العراق و ل يكن العراق ف طريقهم فاقتصروا عن‬
‫ال خذ عن علماء الدي نة‪ .‬و شيخ هم يومئذ و إمام هم مالك و شيو خه من قبله و تلميذه من‬
‫بعده‪ .‬فرجع إليه أهل الغرب و الندلس و قلدوه دون غي من ل تصل إليهم طريقته‪ .‬و أيضا‬
‫فالبداوة كانست غالبسة على أهسل الغرب و الندلس و ل يكونوا يعانون الضارة التس لهسل‬
‫العراق فكانوا إل أهسل الجاز أميسل لناسسبة البداوة‪ ،‬و لذا ل يزل الذهسب الالكسي غضا‬
‫عند هم‪ ،‬و ل يأخذه تنق يح الضارة و تذيب ها ك ما و قع ف غيه من الذا هب‪ .‬و ل ا صار‬
‫مذهب كل إمام علما مصوصا عند أهل مذهبه و ل يكن لم سبيل إل الجتهاد و القياس‬
‫فاحتاجوا إل تنظي السائل ف اللاق و تفريقها عند الشتباه بعد الستناد إل الصول القررة‬
‫من مذاهب إمامهم‪ .‬و صار ذلك كله يتاج إل ملكة راسخة يقتدر با على ذلك النوع من‬
‫التنظي أو التفرقة و اتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا‪ .‬و هذه اللكة هي علم الفقه لذا‬
‫العهسد‪ .‬و أهسل الغرب جيعا مقلدون لالك رحهس ال‪ .‬و قسد كان تلميذه افترقوا بصسر و‬
‫العراق‪ .‬فكان بالعراق من هم القا ضي إ ساعيل و طبق ته م ثل ا بن خو يز منداد و ا بن اللبان و‬
‫القا ضي و أ ب ب كر البري و القا ضي أ ب ح سي بن الق صار و القا ضي ع بد الوهاب و من‬
‫بعدهم‪ .‬و كان بصر ابن القاسم و أشهب و ابن عبد الكم و الارث بن مسكي و طبقتهم‬
‫و رحل من الندلس يي بن يي الليثي‪ ،‬و لقي مالكا‪ .‬و روى عنه كتاب الوطأ‪ ،‬و كان من‬
‫جلة أصحابه‪ .‬و رحل بعده عبد اللك بن حبيب فأخذ عن ابن القاسم و طبقته و بث مذهب‬
‫مالك ف الندلس و دون ف يه كتاب الواض حة‪ .‬ث دون الع تب من تلمذ ته كتاب العتب ية‪ .‬و‬
‫ر حل من أفريقية أسد بن الفرات فكتب عن أصحاب أب حنيفة أولً‪ .‬ث انت قل إل مذهب‬
‫مالك‪ .‬و كتسب على ابسن القاسسم فس سسائر أبواب الفقسه و جاء إل القيوان بكتابسه و سسي‬
‫السدية نسبة إل أسد بن الفرات‪ ،‬فقرأ با سحنون على أسد ث ارتل إل الشرق و لقي ابن‬
‫القاسم و أخذ عنه و عارضه بسائل السدية فرجع عن كثي منها‪ .‬و كتب سحنون مسائلها‬
‫و دونا و أثبت ما رجع عنه منها و كتب لسد و أن يأخذ بكتاب سحنون فأنف من ذلك‬
‫فترك الناس كتا به و اتبعوا مدو نة سحنون على ما كان في ها من اختلط ال سائل ف البواب‬
‫فكا نت ت سمى الدو نة و الختل طة‪ .‬و ع كف أ هل القيوان على هذه الدو نة و أ هل الندلس‬
‫على الواضحة و العتبية‪ .‬ث اختصر ابن أب زيد الدونة و الختلطة ف كتابه السمى بالختصر و‬
‫لصسه أيضا أبسو سسعيد البادعسي مسن فقهاء القيوان فس كتابسه السسمى بالتهذيسب و اعتمده‬
‫الشيخة من أهل أفريقية و أخذوا به و تركوا ما سواه‪ .‬و كذلك اعتمد أهل الندلس كتاب‬
‫العتبيسة و هجروا الواضحسة و مسا سسواها‪ .‬و ل تزل علماء الذهسب يتعاهدون هذه المهات‬
‫بالشرح و اليضاح و ال مع فك تب أ هل أفريق ية على الدو نة ما شاء ال أن يكتبوا م ثل ا بن‬
‫يونس و اللخمي و ابن مرز التونسي و ابن بشي و أمثالم‪ .‬و كتب أهل الندلس على العتبية‬
‫ما شاء ال أن يكتبوا م ثل ا بن ر شد و أمثاله‪ .‬و ج ع ا بن أ ب ز يد ج يع ما ف المهات من‬
‫السسائل و اللف و القوال فس كتاب النوادر فاشتمسل على جيسع أقوال الذاهسب و فرع‬
‫المهات كلها ف هذا الكتاب و نقل ابن يونس معظمه ف كتابه على الدونة و زخرت بار‬
‫الذهب الالكي ف الفقي إل انقراض دولة قرطبة و القيوان‪ .‬ث تسك بما أهل الغرب بعد‬
‫ذلك إل أن جاء كتاب أ ب عمرو بن الا جب ل ص ف يه طرق أ هل الذ هب ف كل باب و‬
‫تعد يد أقوال م ف كل م سئلة فجاء كالبنا مج للمذ هب‪ .‬و كا نت الطري قة الالك ية بق يت ف‬
‫مصر من لدن الارث بن مسكي و ابن البشر و ابن اللهيث و ابن الرشيق و ابن شاس‪ .‬و‬
‫كانت بالسكندرية ف بن عوف و بن سند و ابن عطاء ال‪ .‬و ل أدر عمن أخذها أبو عمرو‬
‫بن الا جب لك نه جاء ب عد انقراض دولة ال عبيديي و ذهاب ف قه أ هل الب يت و ظهور فقهاء‬
‫السنة من الشافعية و الالكية و لا جاء كتابه إل الغرب آخر الائة السابعة عكف عليه الكثي‬
‫من طلبة الغرب و خصوصا أهل باية لا كان كبي مشيختهم أبو علي ناصر الدين الزواوي‬
‫هو الذي جلبه إل الغرب‪ .‬فإنه كان قرأ على أصحابه بصر و نسخ متصره ذلك فجاء به و‬
‫انتشر بقطر باية ف تلميذه‪ ،‬و منهم انتقل إل سائر المصار الغربية و طلبة الفقه بالغرب لذا‬
‫الع هد يتداولون قراء ته و يتدار سونه ل ا يؤ ثر عن الش يخ نا صر الد ين من الترغ يب ف يه‪ .‬و قد‬
‫شرحه جاعة من شيوخهم‪ :‬كابن عبد السلم و ابن رشد و أب هارون و كلهم من مشيخة‬
‫أ هل تو نس و سابق حلبت هم ف الجادة ف ذلك ا بن ع بد ال سلم و هم مع ذلك يتعاهدون‬
‫كتاب التهذيب ف دروسهم‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف علم الفرائض‬


‫و هو معرفة فروض الوراثة و تصحيح سهام الفريضة ما تصح‪ ،‬باعتباره فروضها الصول أو‬
‫منا سختها‪ .‬و ذلك إذا هلك أ حد الور ثة و انك سرت سهامه على فروض ورث ته فإ نه حينئذ‬
‫يتاج إل ح سب ت صحيح الفري ضة الول ح ت ي صل أ هل الفروض جيعا ف الفريضت ي إل‬
‫فروض هم من غ ي تزئة‪ .‬و قد تكون هذه النا سخات أك ثر من وا حد و اثن ي و تتعدد لذلك‬
‫بعدد أكثر‪ .‬و يقدر ما تتاج إل السبان و كذلك إذا كانت فريضة ذات وجهي مثل أن يقر‬
‫ب عض الور ثة بوارث و ينكره ال خر فت صحح على الوجه ي حينئذ‪ .‬و ين ظر مبلغ ال سهام ث‬
‫تق سم التر كة على ن سب سهام الور ثة من أ صل الفري ضة‪ .‬و كل ذلك يتاج إل ال سبان و‬
‫كان غالبا فيه و جعلوه فنا مفردا‪ .‬و للناس فيه تآليف كثية أشهرها عند الالكية من متأخري‬
‫الندلس كتاب ا بن ثا بت و مت صر القا ضي أ ب القا سم الو ف ث العدي و من متأخري‬
‫أفريق ية ا بن الن مر الطرابل سي و أمثال م‪ .‬و أ ما الشافع ية و النف ية و النابلة فل هم ف يه تآل يف‬
‫كثية و أعمال عظي مة صعبة شاهدة ل م بات ساع الباع ف الف قه و ال ساب و خ صوصا أ با‬
‫العال ر ضي ال تعال ع نه و أمثاله من أ هل الذا هب و هو فن شر يف لم عه ب ي العقول و‬
‫النقول و الو صول به إل القوق ف الوراثات بوجوه صحيحة يقين ية عندما ت هل الظوظ و‬
‫تشكل على القاسي‪ .‬و للعلماء من أهل المصار با عناية‪ .‬و من الصنفي من يتاج فيها إل‬
‫الغلو فس السساب و فرض السسائل التس تتاج إل اسستخراج الجهولت مسن فنون السساب‬
‫كالب و القابلة و التصرف ف الذور و أمثال ذلك فيملون با تآليفهم‪ .‬و هو و إن ل يكن‬
‫متداولً بي الناس و ل يفيد فيما يتداولونه من وراثتهم لغرابته و قلة وقوعه فهو يفيد الران و‬
‫تصيل اللكة ف التداول على أكمل الوجوه‪ .‬و قد يتج الكثر من أهل هذا الفن على فضله‬
‫بالديث النقول عن أب هريرة رضي ال عنه أن الفرائض ثلث العلم و أنا أول ما ينسى و ف‬
‫روايسة نصسف العلم خرجسه أبسو نعيسم الافسظ و احتسج بسه أهسل الفرائض بناء على أن الراد‬
‫بالفرائض فروض الوراثسة‪ .‬و الذي يظهسر أن هذا الحسل بعيسد و أن الراد بالفرائض إناس هسي‬
‫الفرائض التكليفية ف العبادات و العادات و الواريث و غيها و بذا العن يصح فيها النصفية‬
‫و الثلثية‪ .‬و إما فروض الوراثة فهي أقل من ذلك كله بالنسبة إل علم الشريعة كلها يعن هذا‬
‫الراد أن ح ل ل فظ الفرائض على هذا ال فن الخ صوص أو ت صيصه بفروض الورا ثة إن ا هو‬
‫اصطلح ناشئ للفقهاء عند حدوث الفنون و الصطلحات‪ .‬و لا يكن صدر السلم يطلق‬
‫على هذا إل على علومه مشتقا من الفرض الذي هو لغة التقدير أو القطع‪ .‬و ما كان الراد به‬
‫ف إطلقه إل جيع الفروض كما قلناه و هي حقيقته الشرعية فل ينبغي‪ .‬أن يمل إل على ما‬
‫كان يمل ف عصرهم فهو أليق برادهم منه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أصول الفقه و ما يتعلق به من الدل و اللفيات‬


‫إعلم أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية و أجلها قدرا و أكثرها فائدة و هو النظر ف‬
‫الدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الحكام و التآليف‪ .‬و أصول الدلة الشرعية هي الكتاب‬
‫الذي هو القرآن ث ال سنة البي نة له‪ .‬فعلى ع هد ال نب صلى ال عل يه و سلم كا نت الحكام‬
‫تتلقى منه با يوحى إليه من القرآن و بينه بقوله و فعله بطاب شفاهي ل يتاج إل نقل و ل‬
‫إل نظسر و قياس‪ .‬و مسن بعده صسلوات ال و سسلمه عليسه تعذر الطاب الشفاهسي و انفسظ‬
‫القرآن بالتوا تر‪ .‬و أ ما ال سنة فأج ع ال صحابة رضوان ال تعال علي هم على وجوب الع مل ب ا‬
‫ي صل إلي نا من ها قولً أو فعلً بالن قل ال صحيح الذي يغلب على ال ظن صدقه‪ .‬و تعي نت دللة‬
‫الشرع ف الكتاب و السنة بذا العتبار ث ينل الجاع منلتهما لجاع الصحابة على النكي‬
‫على مالفي هم‪ .‬و ل يكون ذلك إل عن م ستند لن مثل هم ل يتفقون من غ ي دل يل ثا بت مع‬
‫شهادة الدلة بعصسمة الماعسة فصسار الجاع دليلً ثابتا فس الشرعيات‪ .‬ثس نظرنسا فس طرق‬
‫اسستدلل الصسحابة و السسلف بالكتاب و السسنة فإذا هسم يقي سون الشباه بالشباه منه ما‪ .‬و‬
‫يناظرون المثال بالمثال بإجاع منهسم و تسسليم بعضهسم لبعسض فس ذلك‪ .‬فإن كثيا مسن‬
‫الواقعات بعده صلوات ال و سلمه عل يه ل تندرج ف الن صوص الثاب تة فقا سوها ب ا ث بت و‬
‫ألقوها با نص عليه بشروط ف ذلك اللاق‪ .‬تصحح تلك الساواة بي الشبيهي أو الثلي‪.‬‬
‫ح ت يغلب على ال ظن أن ح كم ال تعال فيه ما وا حد و صار ذلك دليلً شرعيا بإجاع هم‬
‫عليه‪ .‬و هو القياس و هو رابع الدلة و اتفق جهور العلماء على أن هذه هي أصول الدلة و‬
‫إن خالف بعض هم ف الجاع و القياس إل أ نه شذوذ ف و أل ق بعض هم بذه الدلة الرب عة‬
‫أدلة أخرى ل حا جة ب نا إل ذكر ها‪ .‬لض عف مدارك ها و شذوذ القول في ها‪ .‬فكان من أول‬
‫مبا حث هذا ال فن الن ظر ف كون هذه أدلة‪ .‬فأ ما الكتاب فدليله العجزة القاط عة ف مت نه و‬
‫التوا تر ف نقله‪ .‬فلم ي بق ف يه مال للحتمال و أ ما ال سنة و ما ن قل إلي نا من ها فالجاع على‬
‫وجوب العمل با يصح منها كما قلناه‪ .‬معتضدا با كان عليه العمل ف حياته صلوات ال و‬
‫سلمه عل يه من إنفاذ الك تب و الر سل إل النوا حي بالحكام و الشرائع آمرا و ناهيا‪ .‬و أ ما‬
‫الجاع فلتفاقهم رضوان ال تعال عليهم على إنكار مالفتهم مع العصمة الثابتة للمة و أما‬
‫القياس فبإجاع الصحابة رضي ال عنهم عليه كما قدمناه‪ .‬هذه أصول الدلة ث إن النقول من‬
‫ال سنة متاج إل ت صحيح ال ب بالن ظر ف طرق الن قل و عدالة الناقل ي لتتم يز الالة الح صلة‬
‫لل ظن ب صدقه الذي هو مناط وجوب الع مل بال ي‪ .‬و هذه أيضا من قوا عد ال فن‪ .‬و يل حق‬
‫بذلك ع ند التعارض ب ي ال بين و طلب التقدم منه ما معر فة النا سخ و الن سوخ و هي من‬
‫فصوله أيضا و أبوابه‪ .‬ث بعد ذلك يتعي النظر ف دللة اللفاظ و ذلك أن استفادة العان على‬
‫الطلق مسن تراكيسب الكلم على الطلق يتوقسف على معرفسة الدللت الوضعيسة مفردة و‬
‫مركبة‪ .‬و القواني اللسانية ف ذلك هي علوم النحو و التصريف و البيان و حي كان الكلم‬
‫مل كة لهله ل ت كن هذه علوما و ل قوان ي و ل ي كن الف قه حينئذ يتاج إلي ها لن ا جبلة و‬
‫مل كة‪ .‬فل ما ف سدت الل كة ف ل سان العرب قيد ها الهابذة التجردون لذلك بن قل صحيح و‬
‫مقاييس مستنبطة صحيحة و صارت علوما يتاج إليها الفقيه ف معرفة أحكام ال تعال‪ .‬ث إن‬
‫هناك استفادات أخرى خاصة من تراكيب الكلم و هي استفادة الحكام الشرعية بي العان‬
‫من أدلتها الاصة من تراكيب الكلم و هو الف قه‪ .‬و ل يكفي ف يه معرفة الدللت الوضعية‬
‫على الطلق بسل ل بسد مسن معرفسة أمور أخرى تتوقسف عليهسا تلك الدللت الاصسة و باس‬
‫ت ستفاد الحكام ب سب ما أ صل أ هل الشرع و جهابذة العلم من ذلك و جعلوه قوان ي لذه‬
‫السستفادة‪ .‬مثسل أن اللغسة ل تثبست قياسسا و الشترك ل يراد بسه معناه معا و الواو ل تقتضسي‬
‫الترتيب و العام إذا أخرجت أفراد الاص منة هل يبقى حجة فيما عداها و المر للوجوب أو‬
‫الندب و للفور أو التراخي و النهي يقتضي الفساد أو الصحة و الطلق هل يمل على القيد و‬
‫ال نص على العلة كاف ف التعدد أم ل و أمثال هذه‪ .‬فكا نت كل ها من قوا عد هذا ال فن‪ .‬و‬
‫لكونا من مباحث الدللة كانت لغوية‪ .‬ث إن النظر ف القياس من أعظم قواعد هذا الفن لن‬
‫فيه تقيق الصل و الفرع فيما يقاس و ياثل من الحكام و ينفتح الوصف الذي يغلب على‬
‫ال ظن أن ال كم علق به ف ال صل من تبي أو صاف ذلك ال حل أو وجود ذلك الو صف ف‬
‫الفرع من غ ي معارض ي نع من ترت يب ال كم عل يه ف م سائل أخرى من توا بع ذلك كل ها‬
‫قواعد لذا الفن‪ .‬و اعلم أن هذا الفن من الفنون الستحدثة ف اللة و كان السلف ف غنية عنه‬
‫با أن استفادة العان من اللفاظ ل يتاج فيها إل أزيد ما عندهم من اللكة اللسانية‪ .‬و أما‬
‫القواني الت يتاج إليها ف ا ستفادة الحكام خصوصا فمنهم أخذ معظمها‪ .‬و أما السانيد‬
‫فلم يكونوا يتاجون إل الن ظر في ها لقرب الع صر ومار سة النقلة و خبتم ب م‪ .‬فل ما انقرض‬
‫السلف و ذهب الصدر الول و انقلبت العلوم كلها صناعة كما قررناه من قبل احتاج الفقهاء‬
‫و الجتهدون إل ت صيل هذه القوان ي و القوا عد ل ستفادة الحكام من الدلة فكتبو ها ف نا‬
‫قائما برأسه سوه أصول الفقه‪ .‬و كان أول من كتب فيه الشافعي رضي ال تعال عنه‪ .‬أملى‬
‫ف يه ر سالته الشهورة تكلم في ها ف الوا مر والنوا هي و البيان و ال ب و الن سخ و ح كم العلة‬
‫النصوصة من القياس‪ .‬ث كتب فقهاء النفية فيه و حققوا تلك القواعد و أوسعوا القول فيها‪.‬‬
‫و ك تب التكلمون أي ضا كذلك إل أن كتا بة الفقهاء في ها أ مس بالف قه و أل يق بالفروع لكثرة‬
‫المثلة من ها و الشوا هد و بناء ال سائل في ها على الن كت الفقه ية‪ .‬و التكلمون يردون صور‬
‫تلك ال سائل عن الف قه و ييلون إل ال ستدلل العقلي ما أم كن ل نه غالب فنون م و مقت ضى‬
‫طريقتهم فكان لفقهاء النفية فيها اليد الطول من الغوص على النكت الفقهية و التقاط هذه‬
‫القوان ي من م سائل الف قه ما أم كن‪ .‬و جاء أ بو ز يد الدبو سي من أئمت هم فك تب ف القياس‬
‫بأوسع من جيعهم و تم الباث و الشروط الت يتاج إليها فيه و كملت صناعة أصول الفقه‬
‫بكماله و تذبست مسسائله وتهدت قواعده و عنس الناس بطريقسة التكلميس فيسه‪ .‬و كان مسن‬
‫أح سن ما ك تب ف يه التكلمون كتا به البهان لمام الرم ي و ال ستصفى للغزال و ه ا من‬
‫الشعرية و كتاب العهد لعبد البار و شرحه العتمد لب السي البصري وها من العتزلة‪ .‬و‬
‫كانت الربعة قواعد هذا الفن و أركانه‪ .‬ث لص هذه الكتب الربعة فحلن من التكلمي‬
‫التأخرين و ها المام فخز الدين بن الطيب ف كتاب الحصول و سيف الدين المدي ف‬
‫كتاب الحكام‪ .‬و اختلفت طرائقهما ف الفن بي التحقيق و الجاج‪ .‬فابن الطيب أميل إل‬
‫ال ستكثار من الدلة والحتجاج و المدي مولع بتحق يق الذا هب و تفر يع ال سائل‪ .‬و أ ما‬
‫كتاب الحصول فاختصره تلميذ المام سراج الدين الرموي ف كتاب التحصيل و تاج الدين‬
‫الرموي ف كتاب الاصل و اقتطف شهاب الدين القراف منهما فقدمات و قواعد ف كتاب‬
‫صسغي سساه التنقيحات‪ .‬و كذلك فعسل البيضاوي فس كتاب النهاج‪ .‬و عنس البتدئون يهذيسن‬
‫الكتاب ي و شرحه ما كث ي من الناس‪ .‬و أ ما كتاب الحكام للمدي و هو أك ثر تقي قا ف‬
‫السائل فلخصة أبو عمر بن الاجب ف كتاب العروف بالختصر الكبي‪ .‬ث أختصره ف كتاب‬
‫آ خر تداوله طل بة العلم و ع ن أ هل الشرق و الغرب به و بطالع ته و شر حه و ح صلت زبدة‬
‫طري قة التكلم ي ف هذا ال فن ف هذه الخت صرات‪ .‬و أ ما طري قة النف ية فكتبوا في ها كثيا و‬
‫كان من أحسن كتابة فيها‪ .‬للمتقدمي تأليف أب زيد الدبوسي و أحسن كتابة التأخرين فيها‬
‫تأل يف سيف ال سلم البزدوي من أئمت هم و هو م ستوعب و جاء ا بن ال ساعات من فقهاء‬
‫النفية فجمع بي كتاب الحكام و كتاب البزدون ف الطريقتي و سي كتابه بالبدائع فجاء‬
‫من أحسن الوضاع و أبدع ها و أئمة العلماء لذا العهد يتداولونه قراءة و ب ثا‪ .‬و أولع كثي‬
‫مسن علماء العجسم بشرحسه‪ .‬و الال على ذلك لذا العهسد‪ .‬هذه حقيقسة هذا الفسن و تعييس‬
‫موضوعاته و تعديد التأليف الشهورة لذا العهد فيه‪ .‬و ال ينفعنا بالعلم و يعلنا من أهله بنه‬
‫و كرمه إنه على كل شيء قدير‪.‬‬
‫و أما اللفات فاعلم أن هذا الفقة الستنبط من الدلة الشرعية كثر فيه اللف بي الجتهدين‬
‫ياختلف مداركهم و أنظارهم خلفا ل بد من وقوعه لا قدمناه‪ .‬و اتسع ذلك ف اللة اتساعا‬
‫غظي ما و كان للمقلد ين أن يقلدوا من شاؤوا من هم ث ل ا انت هى ذلك إل الئ مة الرب عة من‬
‫علماء الم صار و كانوا بكان من ح سن ال ظن ب م اقت صر الناس على تقليد هم و منعوا من‬
‫تقليسد سسواهم لذهاب الجتهاد لصسعوبته و تشعسب العلوم التس هسي موادة باتصسال الزمان و‬
‫افتقاد من يقوم على سوى هذه الذاهب الربعة‪ .‬فاقيمت هذه الذاهب الربعة أصول اللة و‬
‫أجري اللف بي التمسكي با و الخذين بأحكامها مرى اللف ف النصوص الشرعية و‬
‫ال صول الفقه ية‪ .‬و جرت بين هم الناظرات ف ت صحيح كل من هم مذ هب إما مه تري على‬
‫أ صول صحيحة و طرائق قوي ة ي تج ب ا كل على صحة مذه به الذي قلده و ت سك به و‬
‫أجر يت ف م سائل الشري عة كل ها و ف كل باب من أبواب الف قه فتارة يكون اللف ب ي‬
‫الشافعي و مالك و أبو حنيفة يوافق أحدها و تارة بي مالك و أب حنيفة و الشافعي يوافق‬
‫أحدها و تارة بي الشافعي و أب حنيفة و مالك يوافق أحدها و كان ف هذه الناظرات بيان‬
‫مآخسذ هؤلء الئمسة و مثارات اختلفهسم و مواقسع اجتهادهسم‪ .‬كان هذا الصسنف مسن العلم‬
‫ي سمى باللفيات‪ .‬و ل بد ل صاحبه من معر فة القوا عد ال ت يتو صل ب ا إل ا ستنباط الحكام‬
‫ك ما يتاج إلي ها الجت هد إل أن الجت هد يتاج إلي ها لل ستنباط و صاحب اللفيات يتاج‬
‫إلي ها ل فظ تلك ال سائل ال ستنبطة من أن يهدم ها الخالف بأدل ته‪ .‬و هو لعمري علم جل يل‬
‫الفائدة ف معر فة مآ خذ الئ مة و أدلت هم و مران الطالع ي له على ال ستدلل في ما يرومون‬
‫الستدلل عليه‪ .‬وتآليف النفية و الشافعية فيه أكثر من تآليف الالكية لن القياس عند النفية‬
‫أ صل للكث ي من فروع مذهب هم كما عر فت ف هم لذلك أ هل الن ظر و الب حث‪ .‬و أ ما الالك ية‬
‫فالثر أكثر معتمدهم و ليسوا بأهل نظر و أ يضا فأكثرهم أهل الغرب و هم بادية غفل من‬
‫الصنائع إل ف القل‪ .‬و للغزال رحه ال تعال فيه كتاب الآخذ و لب بكر العرب من الالكية‬
‫كتاب التلخ يص جل به من الشرق‪ .‬و ل ب ز يد الدبو سي كتاب التعلي قة و ل بن الق صار من‬
‫شيوخ الالكية عيون الدلة و قد جع ابن الساعات ف متصره ف أصول الفقه جيع ما ينبن‬
‫عليها من الفقه اللف مدرجا‪ ،‬ف كل مسألة ما ينبن عليها من اللفيات‪.‬‬
‫و أما الدال و هو معرفة آداب الناظرة الت تري بي أهل الذاهب الفقهية و غيهم فإنة لا‬
‫كان باب الناظرة ف الرد و القبول متسعا و كل واحد من التناظرين ف الستدلل و الواب‬
‫يرسل عنانة ف الحتجاج‪ .‬و منة ما يكون صوابا و منة ما يكون خطأ فاحتاج الئمة إل أن‬
‫يضعوا آدا با و أحكا ما ي قف التناظران ع ند حدود ها ف الرد و القبول و ك يف يكون حال‬
‫الستدل و الجيب و حيث يسوغ له أن يكون فستدل و كيف يكون مصوصا فنقطعا و مل‬
‫اعتراضه أو معارضته و أين يب عليه السكوت و لصمه الكلم و الستدلل‪ .‬و لذلك قيل‬
‫فيه إنه معرفة بالقواعد من الدود و الداب ف الستدلل الت يتوصل با إل حفظ رأي و‬
‫هدمه سواء كان ذلك الرأي من الفقه أو غيه‪ .‬و هي طريقتان طريقة البزدوي و هي خاصة‬
‫بالدلة الشرعية من النص و الجاع و الستدلل و طريقة العميدي و هي عامة ف كل دليل‬
‫يستدل به من أي علم كان و أكثره استدلل‪ .‬و هو من الناحي السنة و الغالطات فيه ف‬
‫نفسس المسر كثية‪ .‬و إذا اعتبنسا النظسر النطقسي كان فس الغالب أشبسه بالقياس الغالطسي و‬
‫ال سوفسطائي‪ .‬إل أن صور الدلة و القي سة ف يه مفو ظة مراعاة يتحرى في ها طرق ال ستدلل‬
‫ك ما ينب غي‪ .‬و هذا العميدي هو أول من ك تب في ها و ن سبت الطري قة إل يه‪ .‬و ضع الكتاب‬
‫ال سمى يالرشاد مت صرا و تب عه من بعده من التأخر ين كالن سفي و غيه جاؤوا على أثره و‬
‫سلكوا مسلكه و كثرت ف الطريقة التآليف‪ .‬و هي لذا العهد مهجورة لنقص العلم و التعليم‬
‫ف المصار السلمية‪ .‬و هي مع ذلك كمالية و ليست ضرورية و ال سبحانه و تعال أعلم و‬
‫به التوفيق‪.‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬ف علم الكلم‬
‫هو علم يتض من الجاج عن العقائد اليان ية بالدلة العقل ية و الرد على البتد عة النحرف ي ف‬
‫العتقادات عن مذاهب السلف و أهل السنة‪ .‬و سر هذه العقائد اليانية هو التوحيد‪ .‬فلنقدم‬
‫ه نا لطي فة ف برهان عقلي يك شف لنا عن التوحيد على أقرب الطرق و الآ خذ ث نر جع إل‬
‫تق يق عل مه و في ما ين ظر و يش ي إل حدو ثه ف اللة و ما د عا إل وض عه فنقول‪ :‬إعلم أن‬
‫الوادث ف عال الكائنات سواء كانت من الذوات أو من الفعال البشرية أو اليوانية فلبد‬
‫لا من أسباب متقدمة عليها با تقع ف مستقر العادة و عنها يتم كونة‪ .‬و كل واحد من هذه‬
‫السباب حادث أيضا فلبد له من أسباب أخرى و ل تزال تلك السباب مرتقية حت تنتهي‬
‫إل مسبب السباب و موجدها و خالقها سبحانه ل إله إل هو‪ .‬و تلك السباب ف ارتقائها‬
‫تتف سح و تتضا عف طول و عر ضا و يار الع قل ف إدراك ها و تعديد ها‪ .‬فإذا ل ي صرها إل‬
‫العلم الح يط سيما الفعال البشر ية و اليوان ية فإن من جلة أ سبابا ف الشا هد الق صود و‬
‫الرادات إذ ل يتم كون الفعل إل بإرادته و القصد إليه‪ .‬و القصود و الرادات أمور نفسانية‬
‫ناشئة ف الغالب عن تصورات سابقة يتلو بعضها بعضا‪ .‬و تلك التصورات هي أسباب قصد‬
‫الف عل و قد تكون أ سباب تلك الت صورات ت صورات أخرى و كل ما ي قع ف الن فس من‬
‫الت صورات مهول سببه‪ .‬إذ ل يطلع أ حد على مبادئ المور النف سانية و ل على ترتيب ها‪ .‬إن ا‬
‫هي أشياء يلقيها ال ف الفكر يتبع بعضها بعضا و النسان عاجز عن معرفة مبادئها و غاياتا‪.‬‬
‫و إنا ييط علما ف الغالب بالسباب الت هي طبيعة ظاهرة و يقع ف مداركها على نظام و‬
‫ترتيب لن الطبيعة مصورة للنفس و تت طورها‪ .‬و أما التصورات فنطاقها أوسع من النفس‬
‫لنا للعقل الذي هو فوق طور النفس فل تدرك الكثي منها فضل عن الحاطة‪ .‬و تأمل من‬
‫ذلك حكمة الشارع ف نيه عن النظر إل السباب و الوقوف معها فإنه واد يهيم فيه الفكر و‬
‫ل يلو منة يطائل و ل يظفز بقيقة‪ .‬قال ال‪ :‬ث ذرهم ف خوضهم يلعبون‪ .‬و ربا انقطع ف‬
‫وقوفه عن الرتقاء إل ما فوقه فزلت قدمة و أصبح من الضابي الالكي نغوذ بال من الرمان‬
‫و السران البي‪ .‬و ل تسب أن هذا الوقوف أو الرجوع عنة ف قدرتك و اختيارك بل هو‬
‫لون ي صل للن فس و صبغة ت ستحكم من الوض ف ال سباب على ن سبة ل نعلم ها‪ .‬إذ لو‬
‫علمنا ها لتحرر نا من ها‪ .‬فلنتحرر من ذلك بق طع الن ظر عن ها جلة‪ .‬و أي ضا فو جه تأث ي هذه‬
‫السباب ف الكثي من مسبباتا مهول لنا إنا يوقف عليها بالعادة لقتران الشاهد يالستناد‬
‫إل الظاهر‪ .‬وحقيقة التأثي و كيفيته مهولة‪ .‬و ما أوتيتم من العلم إل قليل‪ .‬فلذلك أمرنا بقطع‬
‫الن ظر عن ها و إلغائ ها جلة و التو جه إل م سبب ال سباب كل ها و فاعل ها و موجد ها لتر سخ‬
‫صفة التوحيد ف النفس على ما علمنا الشارع الذي هو أعرف بصال ديننا و طرق سعادتنا‬
‫لطل عه على ما وراء ال سن‪ .‬قال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬من مات يش هد أن ل إله إل ال‬
‫دخل النة‪ .‬فإن وقف عند تلك السباب فقد انقطع و حقت عليه كلمة الكفر و أن سبح ف‬
‫بر النظر و البحث عنها و عن أسبابا وتأثياتا واحدا بعد واحد فإنا الضامن له أن ل يعود‬
‫إل باليبة‪ .‬فيذلك نانا الشارع عن النظر ف السباب و أمرنا بالتوجيد الطلق قل هو ال أحد‬
‫* ال الصمد * ل يلد و ل يولد * ول يكن له كفوا أحد و ل تثقن با يزعم لك الفكر من أنه‬
‫مقتدر على الحا طة بالكائنات و أ سبابا و الوقوف على تف صيل الوجود كله و سفه رأ يه ف‬
‫ذلك‪ .‬و اعلم أن الوجود عند كل مدرك ف بادئ رأيه منحصر ف مداركه ل يعدوها و المر‬
‫فس نفسسه بلف ذلك و القس مسن ورائه‪ .‬أل ترى الصسم كيسف ينحصسر الوجود عنده فس‬
‫الح سوسات الر بع و العقولت و ي سقط من الوجود عنده صنف ال سموعات‪ .‬و كذلك‬
‫العمى أيضا يسقط عنده صنف الرئيات و لول ما يردهم إل ذلك تقليد الباء و الشيخة من‬
‫أ هل ع صرهم و الكا فة ل ا أقروا به لكن هم يتبعون الكا فة ف إثبات هذه ال صناف ل بقت ضى‬
‫فطرتمس و طبيعسة إدراكهسم و لو سسئل اليوان العجسم و نطسق لوجدناه منكرا للمعقولت و‬
‫ساقطة لديه بالكلية فإذا علمت هذا فلعل هناك ضربا من الدراك غي مدركاتنا لن إدراكاتنا‬
‫ملوقة مدثة و خلق ال أكب من خلق الناس‪ .‬و الصر مهول و الوجود أوسع نطاقا من ذلك‬
‫و ال من ورائهم ميط‪ .‬فاتم إدراكك و مدركاتك ف الصر و اتبع ما أمرك الشارع به من‬
‫اعتقادك و عملك فهو أحرص على سعادتك و أعلم يا ينفغك لنه من طور فوق إدراكك و‬
‫من نطاق أو سع من نطاق عقلك و ل يس ذلك بقادح ف الع قل و مدار كه بل الع قل ميزان‬
‫صحيح فأحكامه يقينية ل كذب فيها‪ .‬غي أنك ل تطمع أن تزن به أمور التوحيد و الخرة و‬
‫حقي قة النبوة و حقائق ال صفات الل ية و كل ما وراء طوره فإن ذلك ط مع ف مال‪ .‬و مثال‬
‫ذلك مثال ر جل رأى اليزان الذي يوزن به الذ هب فط مع أن يزن يه البال و هذا ل يدرك‪.‬‬
‫على أن اليزان ف أحكامه غي صادق لكن العقل قد يقف عنده و ل يتعدى طوره حت يكون‬
‫له أن ييط بال و يصفاته فإ نة ذرة من ذرات الوجود الاصل منة‪ .‬و تفطن ف هذا الغلط و‬
‫من يقدم العقل على السمع ف أمثال هذه القضايا و قصور فهمه و اضمحلل رأيه فقد تبي‬
‫لك ال ق من ذلك و إذ تبي ذلك فل عل ال سباب إذا تاوزت ف الرتقاء نطاق إدراك نا و‬
‫وجود نا خر جت عن أن تكون مدر كة في ضل الع قل ف بيداء الوهام و يار و ينق طع‪ .‬فإذا‬
‫التوحيد هو العجز عن إدراك السباب و كيفيات تأثيها و تفويض ذلك إل خالقها الحيط‬
‫ب ا إذ ل فا عل غية و كل ها ترت قي إل يه و تر جع إل قدر ته و علم نا به إن ا هو من ح يث‬
‫صدورنا عنة ل غي و هذا هو معن ما نقل عن بعض الصديقي‪ :‬العجز عن الدراك إدراك‪ .‬ث‬
‫إن العتب ف هذا التوحيد ليس هو اليان فقط الذي هو تصديق حكمي فإن ذلك من حديث‬
‫النفس و إنا الكمال فيه حصول صفة منه تتكيف با النفس كما أن الطلوب من العمال و‬
‫العبادات أي ضا ح صول مل كة الطا عة و النقياد و تفر يغ القلب عن شوا غل ما سوى العبود‬
‫ح ت ينقلب الريد السالك ربان يا‪ .‬و الفرق ب ي الال و العلم ف العقائد فرق ما ب ي القول و‬
‫التصساف‪ .‬و شرحسه أن كثيا مسن الناس يعلم أن رحةس اليتيسم و السسكي قربسة إل ال تعال‬
‫مندوب إلي ها و يقول بذلك و يعترف به و يذ كر مأخذه من الشري عة و هو لو رأى يتي ما أو‬
‫مسكينا من أبناء الستضعفي لفرعنه و استنكف أن يباشره فضل عن التمسح عليه للرحة و‬
‫ما بعد ذلك من مقامات العطف و النو و الصدقة‪ .‬فهذا إنا حصل له من رحة اليتيم مقام‬
‫العلم و ل يصسل له مقام الال و التصساف‪ .‬ومسن الناس مسن يصسل له مسع مقام العلم و‬
‫العتراف بأن رحةس السسكي قربسة إل ال تعال مقام آخسر أعلى مسن الول و هسو التصساف‬
‫بالرحة و حصول ملكتها‪ .‬فمت رأى يتيما أو مسكينا بادر إليه و مسح عليه و التمس الثواب‬
‫ف الشفقة عليه ل يكاد يصب عن ذلك و لو دفع عنه‪ .‬ث يتصدق عليه با حضره من ذات يده‬
‫و كذا علمك بالتوحيد مع اتصافك به و العلم حاصل عن التصاف ضرورة و هو أوثق مبن‬
‫من العلم الاصل قبل التصاف‪ .‬و ليس التصاف باصل عن مرد العلم حت يقع العمل و‬
‫يتكرر مرارا غ ي منح صرة فتر سخ الل كة و ي صل الت صاف و التحق يق و ي يء العلم الثا ن‬
‫النافع ف الخرة‪ .‬فإن العلم الول الجرد عن التصاف قليل الدوى و النفع و هذا علم أكثر‬
‫النظار و الطلوب إن ا هو العلم الال النا شئ عن العادة‪ .‬و اعلم أن الكمال ع ند الشارع ف‬
‫كل ما كلف به إن ا هو ف هذا ف ما طلب اعتقاده فالكمال ف يه ف العلم الثا ن الا صل عن‬
‫التصاف و ما طلب عمله من العبادات فالكمال فيها ف حصول التصاف و التحقق با‪ .‬ث‬
‫إن القبال على العبادات و الواظبة عليها هو الحصل لذه الثمرة الشريفة‪ .‬قال صلى ال عليه‬
‫و سلم‪ :‬ف رأس العبادات جعلت قرة عين ف الصلة فإن الصلة صارت له صفة و حال يد‬
‫فيها منتهى لذاته و قرة عينه و أين هذا من صلة الناس و من لم با ؟ فويل للمصلي * الذين‬
‫هم عن صلتم ساهون اللهم وفقنا اهدنا الصراط الستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غي‬
‫الغضوب عليهم و ل الضالي فقد تبي لك من جيع ما قررناه أن الطلوب ف التكاليف كلها‬
‫حصول ملكة راسخة ف النفس يصل عنها علم اضطراري للنفس هو التوحيد و هو العقيدة‬
‫اليانية و هو الذي تصل به السعادة و أن ذلك سواء ف التكاليف القلبية و البدنية‪ .‬و يتفهم‬
‫م نه أن اليان الذي هو أ صل التكال يف و ينبوع ها هو بذه الثا بة ذو مرا تب‪ .‬أول ا الت صديق‬
‫القل ب الوا فق لل سان و أعل ها ح صول كيف ية من ذلك العتقاد القل ب و ما يتب عه من الع مل‬
‫مسستولية على القلب فيسستتبع الوارح‪ .‬و تندرج فس طاعتهسا جيسع التصسرفات حتس تنخرط‬
‫الفعال كلها ف طاعة ذلك التصديق اليان‪ .‬و هذا أرفع مراتب اليان و هو اليان الكامل‬
‫الذي ل يقارف الؤمن معه صغية و ل كبية إذ حصول اللكة و رسوخها مانع من النراف‬
‫عن مناهجه طرفة غي قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل يزن الزان حي يزن و هو مؤمن و ف‬
‫حديث هرقل لا سأل أبا سفيان بن حرب عن النب صلى ال عليه و سلم و أحواله فقال ف‬
‫أ صحابه‪ :‬هل ير تد أ حد من هم سخطة لدي نه ب عد أن يد خل ف يه ؟ قال‪ :‬ل ! قال‪ :‬و كذلك‬
‫اليان ح ي تالط بشاش تة القلوب‪ .‬و معناه أن مل كة اليان إذا ا ستقرت ع سر على الن فس‬
‫مالفتها شأن اللكات إذا استقرت فإنا تصل بثابة البلة و الفطرة و هذه هي الرتبة العالية‬
‫من اليان و هي ف الرتبة الثانية من العصمة‪ .‬لن العصمة واجبة للنبياء وجوبا سابقا و هذه‬
‫حاصلة للمؤمنية حصول تابعا لعمالم و تصديقهم‪ .‬و بذه اللكة و رسوخها يقع التفاوت‬
‫ف اليان كالذي يتلى عليك من أقاويل السلف‪ .‬و ف تراجم البخاري رضي ال عنه ف باب‬
‫اليان كث ي م نه‪ .‬م ثل أن اليان قول و ع مل و يز يد و ين قص و أن ال صلة و ال صيام من‬
‫اليان و أن تطوع رمضان مسن اليان و الياء مسن اليان‪ .‬و الراد بذا كله اليان الكامسل‬
‫الذي أشرنا إليه و إل ملكته و هو فعلي‪ .‬و أما التصديق الذي هو أول مراتبه فل تفاوت فيه‪.‬‬
‫فمن اعتب أوائل الساء و حله على التصديق منع من التفاوت كما قال أئمة التكلمي و من‬
‫اعتب أواخر الساء و حله على هذه اللكة الت هي اليان الكامل ظهر له التفاوت‪ .‬و ليس‬
‫ذلك بقادح ف اتاد حقيقته الول الت هي الت صديق إذ الت صديق موجود ف جيع رتبه ل نة‬
‫أقل ما يطلق عليه اسم اليان و هو الخلص من عهدة الكفر و الفيصل بي الكافر و السلم‬
‫فل يزي أقل منه‪ .‬و هو ف نفسه حقيقة واحدة ل تتفاوت و إنا التفاوت ف الال الاصلة‬
‫عن العمال كما قلناه فافهم‪ .‬و اعلم أن الشارع وصف لنا هذااليان الذي ف الرتبة الول‬
‫الذي هو تصديق و عي أمورا مصوصة كلفنا التصديق با بقلوبنا و اعتقادها ف أنفسنا مع‬
‫القرار با بألسنتنا و هي العقائد الت تقررت ف الدين‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم حي سئل‬
‫عن اليان فقال‪ :‬أن تؤمن بال و ملئكته و كتبه و رسله و اليوم الخر و تؤمن بالقدر خيه‬
‫و شره و هذه هي العقائد اليانية القررة ف عليم الكلم‪ .‬و لنشر إليها مملة لتتبي ف حقيقة‬
‫هذا الفسن و كيفيسة حدوثسه فنقول‪ .‬اعلم أن الشارع لقسد أمرنسا باليان بذا الالق الذي رد‬
‫الفعال كلهسا إليسه و أفرده بسه كمسا قدمناه و عرفنسا أن فس هذا اليان ناتنسا عنسد الوت إذا‬
‫حضر نا ل يعرف نا بك نه حقي قة هذا الالق العبود و هو إذ ذاك يتعذر على إدراك نا و من فوق‬
‫طورنا‪ .‬فكلنا أول‪ :‬اعتقاد تنيهه ف ذاته عن مشابة الخلوقي و إل لا صح أنة خالق لم لعدم‬
‫الفارق على هذا التقدير ث تنيهه غن صفات النقص و إل لشابة الخلوقي ث توحيده با لتاد‬
‫و إل ل يتسم اللق للتمانسع ثس اعتقاد أنسه عال قادر فبذلك تتسم الفعال شاهسد قضيتسه لكمال‬
‫التاد و اللق و مريد و إل ل يصص شيء من الخلوقات و مقدر لكل كائن و إل فالرادة‬
‫حاد ثة‪ .‬و أ نة يعيد نا ب عد الوت تكميل لعناي ته‪ ،‬بالياد و لو كان ل مر فإن كان عب ثا ف هو‬
‫للبقاء السرمدي بعد الوت‪ .‬ث اعتقاد بعثة الرسل للنجاة من شقاء هذا العاد لختلف أحوله‬
‫بالشقاء و ال سعادة و عدم معرفت نا بذلك و تام لط فه ب نا ف اليتاء بذلك و بيان الطريق ي‪ .‬و‬
‫أن النة للنعيم و جهنم للعذاب‪ .‬هذه أمهات العقائد اليانية معللة بأدلتها العقلية و أدلتها من‬
‫الكتاب و السنة كثية‪ .‬و عن تلك الدلة أخذها السلف و أرشد إليها العلماء و حققها الئمة‬
‫إل أ نة عرض ب عد ذلك خلف ف تفا صيل هذه العقائد أك ثر مثار ها من الي التشاب ة فد عا‬
‫ذلك إل الصام و التناظر و الستدلل يالعقل و زيادة إل النقل‪ .‬فحدث بذلك علم الكلم‪.‬‬
‫و لنسبي لك تفصسيل هذا الجمسل‪ .‬و ذلك أن القرآن ورد فيسه وصسف العبود بالتنيسه الطلق‬
‫الظاهر الدللة من غي تأويل ف آي كثية و هي سلوب كلها و صرية ف بابا فوجب اليان‬
‫باس‪ .‬و وقسع فس كلم الشارع صسلوات ال عليسه و كلم الصسحابة و التابعيس تفسسيها على‬
‫ظاهرهسا‪ .‬ثس وردت فس القرآن آي أخرى قليلة توهسم التشسبيه مرة فس الذات و أخرى فس‬
‫الصفات‪ .‬فأما السلف فغلبوا أدلة التنيه لكثرتا و وضوح دللتها‪ ،‬و علموا استحالة التشبيه‪.‬‬
‫و قضوا بأن اليات مسن كلم ال فآمنوا باس و ل يتعرضوا لعناهسا ببحسث و ل تأويسل‪ .‬و هذا‬
‫معن قول الكثي منهم‪ :‬إقرأوها كما جاءت أي آمنوا بأنا من عند ال‪ .‬و ل تتعرضوا لتأويلها‬
‫و ل تفسسيها لواز أن تكون ابتلء‪ .‬فيجسب الوقسف و الذعان له‪ .‬و شسذ لعصسرهم مبتدعسة‬
‫أتبعوا ما تشابه من اليات و توغلوا ف التشبيه‪ .‬ففريق أشبهوا‪ ،‬ف الذات باعتقاد اليد و القدم‬
‫و الو جه عمل بظوا هر وردت بذلك فوقعوا ف التج سيم ال صريح و مال فة آي التن يه الطلق‬
‫التس هي أكثر موارد و أوضح دللة لن معقولية السم تقتضي النقص و الفتقار‪ .‬و تغليب‬
‫آيات ال سلوب ف التن يه الطلق ال ت هي أك ثر موارد و أو ضح دللة أول من التعلق بظوا هر‬
‫هذه الت لنا عنها غنية و جع بي الدليلي بتأويلها ث يفرون من شناعة ذلك بقولم جسم ل‬
‫كالج سام‪ .‬و ل يس ذلك بدا فع عن هم ل نه قول متنا قض و ج ع ب ي ن في و إثبات إن كا نا‬
‫بالعقولية واحدة من السم‪ ،‬و إن خالفوا بينهما و نفوا العقولية التعارفة فقد وافقونا ف التنيه‬
‫و ل يبق إل جعلهم لفظ السم اسا من أسائه‪ .‬ويتوقف مثلة على الذن‪ .‬و فريق منهم ذهبوا‬
‫إل التشبيه ف الصفات كإثبات الهة و الستواء و النول و الصوت و الرف و أمثال ذلك‪.‬‬
‫و آل قولم إل التجسيم فنعوا مثل الولي إل قولم صوت ل كالصوات جهة ل كالهات‬
‫نزول ل كالنول يعنون من الج سام‪ .‬و اند فع ذلك ب ا اند فع به الول‪ ،‬و ل ي بق ف هذه‬
‫الظوا هر إل اعتقادات ال سلف و مذاهب هم و اليان ب ا ك ما هي لئل ي كر الن في على معاني ها‬
‫بنفيها مع أنا صحيحة ثابتة من القرآن‪ .‬و لذا تنظر ما تراه ف عقيدة الرسالة لبن أب زيد و‬
‫كتاب الختصر له و ف كتاب الافظ ابن عبد الب و غيهم فإنم يومون على هذا العن‪ .‬و‬
‫ل تغمسض عينسك عسن القرائن الدالة على ذلك فس غضون كلمهسم‪ .‬ثس لاس كثرت العلوم و‬
‫ال صنائع و ول الناس بالتدو ين و الب حث ف سائر الناء و ألف التكلمون ف التن يه حد ثت‬
‫بد عة العتزلة ف تعم يم هذا التن يه ف آي ال سلوب فقضوا بن في صفات العا ن من العلم و‬
‫القدرة و الرادة و الياة زائدة على أحكامها لا يلزم على ذلك من تعدد القدي بزعمهم و هو‬
‫مردود بأن ال صفات لي ست ع ي الذات و ل غي ها و قضوا بن في صفة الرادة فلزم هم ن في‬
‫القدر لن معناه سبق الرادة للكائنات و قضوا بنفسي ال سمع و الب صر لكون ما من عوارض‬
‫الجسام‪ .‬و هو مردود لعدم اشتراط البنية ف مدلول هذا اللفظ و إنا هو إدراك السموع أو‬
‫الب صر‪ .‬و قضوا بن في الكلم لش به ما ف ال سمع و الب صر و ل يعقلوا صفة الكلم ال ت تقوم‬
‫بالنفسس فقضوا بأن القرآن ملوق و ذلك بدعسة صسرح السسلف بلفهسا‪ .‬و عظسم ضرر هذه‬
‫البدعة و لقنها بعض اللفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها و خالفهم أئمة السلف فاستحل‬
‫للفهم إيسار كثي منهم ودماؤهم‪ ،‬و كان ذلك سببا لنتهاض أهل السنة بالدلة العقلية على‬
‫هذه العقائد دفعا ف صدور هذه البدع و قام بذلك الشيخ أبو السن الشعري إمام التكلمي‬
‫فتوسط بي الطرق و نفى التشبيه و أثبت الصفات العنويه و قصر التنيه على ما قصره عليه‬
‫ال سلف‪ .‬و شهدت له الدلة الخ صصة لعمو مه فأث بت ال صفات الر بع العنو ية و ال سمع و‬
‫البصر و الكلم القائم بالنفس بطريق النقل و العقل‪ .‬و رد على البتدعة ف ذلك كله و تكلم‬
‫مع هم في ما مهدوه لذه البدع من القول بال صلح و ال صلح و التح سي و التقب يح و ك مل‬
‫العقائد ف البع ثة و أحوال العاد و ال نة و النار و الثواب و العقاب‪ .‬و أل ق بذلك الكلم ف‬
‫المامة لا ظهر حينئذ من بدعة المامية من قولم إنا من عقائد اليان و إنه يب على النب‬
‫تعيينها و الروج عن العهدة ف ذلك لن هي له‪ ،‬و كذلك على المة‪ .‬و قصارى أمر المامة‬
‫أناس قضيسة مصسلحية إجاعيسة و ل تلحسق بالعقائد فلذلك ألقوهسا بسسائل هذا الفسن و سسوا‬
‫ممو عة علم الكلم‪ :‬إ ما ل ا ف يه من الناظرة على البدع و هي كلم صرف و لي ست براج عة‬
‫إل عمل‪ ،‬و إما لن سبب وضعه و الوض فيه هو تنازعهم ف إثبات الكلم النفسي‪ .‬و كثر‬
‫أتباع الشيخ أب السن الشعري و اقتفى طريقتة من بعده تلميذه كابن ماهد و غيه‪ .‬و أخذ‬
‫عنهم القاضي أبو بكر الباقلن فتصدر للمامة ف طريقتهم و هذبا و وضع القدمات العقلية‬
‫ال ت تتو قف علي ها الدلة و النظار و ذلك م ثل إثبات الو هر الفرد و اللء‪ .‬و أن العرض ل‬
‫يقوم بالعرض و أنسه ل يبقسى زمانيس‪ .‬و أمثال ذلك ماس تتوقسف عليسه أدلتهسم‪ .‬و جعسل هذه‬
‫القواعد تبعا للعقائد اليانية ف وجوب اعتقادها لتوقف تلك الدلة عليها و أن بطلن الدليل‬
‫يؤذن ببطلن الدلول‪ .‬و جلت هذه الطريقسة و جاءت مسن أحسسن الفنون النظريسة و العلوم‬
‫الدينية‪ .‬إل أن صور الدلة فيها بعض الحيان‪ .‬على غي الوجه الصناعي لسذاجة القوم و لن‬
‫صناعة الن طق ال ت ت سي ب ا الدلة و تع تب ب ا القي سة و ل ت كن حينئذ ظاهرة ف الئلة‪ ،‬و لو‬
‫ظهسر منهسا بعسض الشيسء فلم يأخسذ بسه التكلمون للبسستها للعلوم الفلسسفية الباينسة للعقائد‬
‫الشرعية بالملة فكانت مهجورة عندهم لذلك‪ .‬ث جاء بعد القاضي أب بكر الباقلن من أئمة‬
‫الشعرية إمام الرمي أبو العال فأملى ف الطريقة كتاب الشامل و أوسع القول فيه‪ .‬ث لصه‬
‫ف كتاب الرشاد و اتذه الناس إماما لعقائدهم‪ .‬ث انتشرت من بعد ذلك علوم النطق ف اللة‬
‫و قرأه الناس و فرقوا بينه و بي العلوم الفلسفية بأنة قانون و معيار للدلة فقط يسب به الدلة‬
‫من ها ك ما ت سب من سواها‪ .‬ث نظروا ف تلك القوا عد و القدمات ف فن الكلم للقدم ي‬
‫فخالفوا الكثيس منهسا بالباهيس التس أدلت إل ذلك و باس أن كثيا منهسا مقتبسس مسن كلم‬
‫الفلسسفة فس الطسبيعيات و الليات‪ .‬فلمسا سسبوها بعيار النطسق ردهسم إل ذلك فيهسا و ل‬
‫يعتقدوا بطلن الدلول مسن بطلن دليله كمسا صسار إليسه القاضسي فصسارت هذه الطريقسة فس‬
‫مصسطلحهم مباينسة للطريقسة الول و تسسمى طريقسة التأخريسن و رباس أدخلوا فيهسا الرد على‬
‫الفلسفة فيما خالفوا فيه من العقائد اليانية و جعلوهم من خصوم العقائد لتناسب الكثي من‬
‫مذاهب البتدعة و مذاهبهم‪ .‬و أول من كتب ف طريقة الكلم على هذا النحى الغزال رحه‬
‫ال و تبعه المام ابن الطيب و جاعة قفوا أثرهم و اعتمدوا تقليدهم ث توغل التأخرون من‬
‫بعدهم ف مالطة كتب الفلسفة و التبس عليهم شان الوضح ف العلمي فحسبوه فيهما واحدا‬
‫من اشتباه السائل فيهما‪ .‬و اعلم أن التكلمي لا كانوا يستدلون ف أكثر أحوالم بالكائنات و‬
‫أحوالا على وجود البارئ و صفاته و هو نوع استدللم غالبا‪ .‬و السم الطبيعي الذي ينظر‬
‫ف يه الفيل سوف ف ال طبيعيات و هو ب عض من هذه الكائنات‪ .‬إل أن نظره في ها مالف لن ظر‬
‫التكلم و هو ين ظر ف ال سم من ح يث يتحرك و ي سكن و التكلم ين ظر ف يه من ح يث يدل‬
‫على الفا عل‪ .‬و كذا ن ظر الفيل سوف ف الليات إنا هو ن ظر ف الوجود الطلق و ما يقتض يه‬
‫لذاتسه و نظسر التكلم فس الوجود مسن حيسث إنسه يدل على الوجسد‪ .‬و بالملة فموضوع علم‬
‫الكلم عند أهله إنا هو العقائد اليانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يكن أن‬
‫سستدل عليهسا بالدلة العقليسة فترفسع البدع و تزول الشكوك و الشسبيه عسن تلك العقائد و إذا‬
‫تأملت حال الفن قي حدوثه و كيف تدرج كلم الناس فيه صدرا بعد صدر و كلهم يفرض‬
‫العقائد صحيحة و يستنهض الجج و الدلة علمت حينئذ ما قررناه لك ف موضوع الفن و‬
‫أنه ل يعدوه‪ .‬و لقد اختلطت الطريقتان عند هؤلء التأخرين و التبست مسائل الكلم بسائل‬
‫الفلسفة ب يث ل يتميز أ حد الفن ي من ال خر‪ .‬و ل ي صل عل يه طال به من كتب هم ك ما فعله‬
‫البيضاوي ف الطوالع و من جاء بعدة من علماء العجم ف جيع تآليفهم‪ .‬إل أن هذه الطريقة‬
‫قد يعن با بعض طلبة العلم للطلع على الذاهب و الغراق ف معرفة الجاج لوفور ذلك‬
‫فيها‪ .‬و أما ماذاة طريقة السلف بعقائد علم الكلم فإنا هو ف الطريقة القدية للمتكلمي و‬
‫أصلها كتاب الرشاد و ما حذا حذوة‪ .‬و من أراد إدخال الرد على الفلسفة ف عقائده فعليه‬
‫بكتب الغزال و المام ابن الطيب فإنا و إن وقع فيها مالفة للصطلح القدي فليس فيها‬
‫من الختلط ف ال سائل و اللتباس ف الوضوع ما ف طري قة هؤلء التأخر ين من بعد هم و‬
‫على الملة فينبغسي أن يعلم أن هذا العلم الذي هسو علم الكلم غيس ضروري لذا العهسد على‬
‫طالب العلم إذ اللحدة و البتدعة قد انقرضوا و الئمة‪ .‬من أهل السنة كفونا شأنم فيما كتبوا‬
‫و دونوا و الدلة العقلية إن ا احتاجوا إليها حي دافعوا و ن صروا‪ .‬و أما الن فلم يبق منها إل‬
‫كلم تنه الباري عن كثي إيهاماته و إطلقه و لقد سئل النيد رحه ال عن قوم مر بم بعض‬
‫التكلمي يفيضون فيه فقال‪ :‬ما هؤلء ؟ فقيل‪ :‬قوم ينهون ال بالدلة عن صفات الدوث و‬
‫سات الن قص‪ .‬فقال‪ :‬ن في الع يب ح يث ي ستحيل الع يب ع يب ل كن فائد ته ف آحاد الناس و‬
‫طلبة العلم فائدة معتبة إذ ل يسن بامل السنة الهل بالجج النظرية على عقائدها‪ .‬و ال‬
‫ول الؤمني‪.‬‬
‫الفصل الادي عشر‪ :‬ف أن عال الوادث الفعلية إنا يتم بالفكر‬
‫اعلم أن عال الكائنات يشتمسل على ذوات مضسة‪ ،‬كالعناصسر و آثارهسا و الكونات الثلثسة‬
‫عن ها‪ .‬ال ت هي العدن و النبات و اليوان‪ .‬و هذه كل ها متعلقات القدرة الل ية و على أفعال‬
‫صادرة عن اليوانات‪ ،‬واقعة بقصودها‪ ،‬متعلقة بالقدرة الت جعل ال لا عليها‪ :‬فمنها منتظم‬
‫مر تب‪ ،‬و هي الفعال البشر ية‪ ،‬و من ها غ ي منت ظم و ل مر تب‪ ،‬و هي أفعال اليوانات غ ي‬
‫البشر‪ .‬و ذلك الفكر يدرك الترتيب بي الوادث بالطبع أو بالوضع‪ ،‬فإذا قصد إياد شيء من‬
‫الشياء‪ ،‬فلجل الترتيب بي الوادث لبد من التف طن بسببه أو علته أو شرطه‪ ،‬و هي على‬
‫الملة مبادئه‪ ،‬إذ ل يوجد إل ثانيا عنها و ل يكن إيقاع التقدم متأخرا‪ ،‬و ل التأخر متقدما‪.‬‬
‫و ذلك البدأ قد يكون له مبدأ آ خر من تلك البادئ ل يو جد إل متأخرا ع نه‪ ،‬و قد يرت قي‬
‫ذلك أو ينت هي‪ .‬فإذا انت هى إل آ خر البادىء ف مرتبت ي أو ثلث أو أز يد‪ ،‬و شرع ف الع مل‬
‫الذي يوجد به ذلك الشيء بدأ بالبدأ الخي الذي انتهى إليه الفكر‪ ،‬فكان أول عمله‪ .‬ث تابع‬
‫ما بعده إل آ خر السببات الت كا نت أول فكر ته‪ .‬مثل‪ :‬لو ف كر ف إياد سقف يكنه انت قل‬
‫بذهنه إل لائط الذي يدعمه‪ ،‬ث إل الساس الذي يقف عليه الائط فهو آخر الفكر‪ .‬ث يبدأ‬
‫ف العمل بالساس‪ ،‬ث بالائط‪ ،‬ث بالسقف‪ ،‬و هو آخر العمل‪.‬‬
‫و هذا معن قولم‪ :‬أول العمل آخر الفكرة‪ ،‬و أول الفكرة آخر العمل فل يتم فعل النسان ف‬
‫الارج إل بالفكر ف هذه الرتبات لتوقف بعضها على بعض‪ .‬ث يشرع ف فعلها‪ .‬و أول هذا‬
‫الفكر هو السبب الخي‪ ،‬و هو آخرها ف العمل‪ .‬و أولا ف العمل هو السبب الول و هو‬
‫آخرها ف الفكر‪ .‬و لجل العثور على هذا الترتيب يصل النتظام ف الفعال البشرية‪.‬‬
‫و أ ما الفعال اليوان ية لغ ي الب شر فل يس في ها انتظام لعدم الف كر الذي يع ثر به الفا عل علي‬
‫الترتيب فيما يفعل‪ .‬إذ اليوانات إنا تدرك بالواس و مدركاتا متفرقة خلية من الربط لنة ل‬
‫يكون إل بالفكر‪ .‬و لا كانت الواس العتبة ف عال الكائنات هي النتظمة‪ ،‬و غي النتظمة‬
‫إن ا ه ي ت بع ل ا‪ .‬اندر جت حينئذ أفعال اليوانات في ها‪ ،‬فكا نت م سخرة للب شر‪ .‬و ا ستولت‬
‫أفعال البشسر على عال الوادث‪ .‬باس فيسه‪ ،‬فكان كله فس طاعتسه و تسسخره‪ .‬و هذا معنس‬
‫ال ستحلف الشار إل يه ف قوله تعال‪ :‬إ ن جا عل ف الرض خلي فة فهذا الف كر هو الا صة‬
‫البشرية الت تيز با البشر عن غيه من اليوان‪ .‬و على قدر حصول السباب و السببات ف‬
‫الفكر مرتبة تكون إنسانيتة‪ .‬فمن الناس من تتوال له السببية ف مرتبتي أو ثلث‪ ،‬و منهم من‬
‫ل يتجاوزها‪ ،‬و منهم من ينتهي إل خس أو ست فتكون إنسانيته أعلى‪ .‬و اعتب ذلك بلعب‬
‫الشطر نج‪ :‬فإن ف الل عبي من يت صور الثلث حركات و ال مس الذي ترتيب ها وض عي‪ ،‬و‬
‫منهم من يقصر عن ذلك لقصور ذهنه‪ .‬و إن كان هذا الثال غي مطابق‪ .‬لن لعب الشطرنج‬
‫باللكة‪ ،‬و معرفة ال سباب و السببات بالطبع‪ .‬لكنه مثال يتذي به الناظر ف تعقل ما يورد‬
‫عليه من القواعد‪ .‬و ال خلق النسان و فضله على كثي من خلق تفضيل‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف العقل التجريب و كيفية حدوثه‬


‫إنك تسمع ف كتب الكماء قولم أن النسان هو مدن الطبع‪ ،‬يذكرونه ف إثبات النبوات و‬
‫غي ها‪ .‬و الن سبة ف يه إل الدي نة‪ ،‬و هي عند هم كنا ية عن الجتماع البشري‪ .‬و مع ن هذا‬
‫القول‪ ،‬أنة ل تكن حياة النفرد من البشر‪ ،‬و ل يتم وجوده إل مع أبناء جنسه‪ .‬و ذلك لا هو‬
‫عليه من العجز عن استكمال وجوده و حياته‪ ،‬فهو متاج إل العاو نة ف ج يع حاجاته أبدا‬
‫بطب عه‪ .‬و تلك العاو نة ل بد في ها من الفاو ضة أول‪ ،‬ث الشار كة و ما بعد ها‪ .‬و رب ا تف ضي‬
‫العاملة عنسد اتاد العراض إل النازعسة و الشاجرة فتنشسأ النافرة و الؤالفسة‪ .‬و الصسداقة و‬
‫العداوة‪ .‬و يؤول إل الرب و ال سلم ب ي ال مم و القبائل‪ .‬و ل يس ذلك على أي و جه ات فق‪،‬‬
‫كما بي المل من اليوانات‪ ،‬بل للبشر يا جعل ال فيهم من انتظام الفعال و ترتيبها بالفكر‬
‫كما تقدم‪ .‬جعل منتظما فيهم و يسرهم ليقاعه على وجوه سياسية و قواني حكمية‪ .‬ينكبون‬
‫في ها عن الفا سد إل ال صال‪ ،‬و عن ال سن إل القب يح‪ ،‬ب عد أن ييزوا القبائح و الف سدة‪ .‬ب ا‬
‫ين شأ عن الف عل من ذلك عن تر بة صحيحة‪ ،‬و عوائد معرو فة بين هم‪ ،‬فيفارقون ال مل من‬
‫اليوان‪ .‬و تظهر عليهم نتيجة الفكر ف انتظام الفعال و بعدها عن الفاسد‪.‬‬
‫هذه العان الت يصل با ذلك ل تبعد عن الس كل البعد و ل يتعمق فيها الناظر‪ ،‬بل كلها‬
‫تدرك بالتجربة و با يستفاد‪ .‬لنا معان جزئية تتعلق بالحسوسات و صدقها و كذبا‪ ،‬يظهر‬
‫قريبا ف الواقع‪ ،‬فيستفيد طالبها حصول العلم با من ذلك‪ .‬و يستفيد كل واحد من البشر‬
‫القدر الذي يسر له منها مقتنصا له بالتجربة بي الواقع ف معاملة أبناء جنسه‪ .‬حت يتعي له ما‬
‫يب و ينبغي‪ ،‬فعل و تركا‪ .‬و تصل ف ملبسة اللكة ف معاملة أبناء جنسه‪ .‬و من تتبع ذلك‬
‫سائر عمره حصل له العثور على كل قضية‪ .‬و لبد با تسعه التجربة من الزمن‪ .‬و قد يسهل‬
‫ال على كث ي من الب شر ت صيل ذلك ف أقرب ز من التجر بة‪ ،‬إذ قلد فيها الباء و الشي خة و‬
‫الكابر‪ ،‬و لقن عن هم و و عى تعليم هم‪ ،‬فيستغن عن طول العانات ف تتبع الوقائع و اقتناص‬
‫هذا العن من بينها‪ .‬و من فقد العلم ف ذلك و التقليد ف يه أو أعرض عن حسن ا ستماعه و‬
‫اتباعسه‪ ،‬طال عناؤة فس التأديسب بذلك‪ ،‬فيجري فس غيس مألوف و يدركهسا على غيس نسسبة‪،‬‬
‫فتوجد آدابه و فعاملته سيئة الوضاع بادية اللل‪ ،‬و يفسد حاله ف معاشه بي أبناء جنسه‪.‬‬
‫و هذا معن القول الشهور‪ :‬من ل يؤدبه والده أدبه الزمان‪ .‬أي من ل يلقن الداب ف معاملة‬
‫البشر من والديه و ف معناها الشيخة و الكابر و يتعلم ذلك منهم رجع إل تعلمه بالطبع من‬
‫الواقعات على توال اليام‪ ،‬فيكون الزمان معل مه و مؤد بة لضرورة ذلك بضرورة العاو نة ال ت‬
‫ف طبعه‪.‬‬
‫و هذا هو العقل التجريب‪ ،‬و هو يصل بعد العقل التمييزي الذي تقع به الفعال كما بيناه‪ .‬و‬
‫بعد هذين مرتبة العقل النظري الذي تكفل يتفسيه أهل العلوم‪ ،‬فل تتاج إل تفسيه ف هذا‬
‫الكتاب‪ .‬و ال وجعل لكم السمع والبصار والفئدة قليل ما تشكرون‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر‪ :‬ف علوم البشر و علوم اللئكة‬


‫إنا نشهد ف أنفسنا بالوجدان الصحيح وجود ثلثة عوال‪ :‬أولا‪ :‬عال الس و نعتبه بدارك‬
‫الس الذي شاركنا فيه اليوانات بالدراك‪ .‬ث نعتبه الفكر الذي اختص به البشر فنعلم منه‬
‫وجود الن فس الن سانية علما ضروريا ب ا ب ي جنبي نا من مدارك العلم ية الت هي فوق مدارك‬
‫الس‪ ،‬فتراه عالا آخر فوق عال الس‪ .‬ث نستدل على عال ثالث فوقنا با ند فينا من آثاره‬
‫الت تلقى ف أفئدتنا كالرادات و الوجهات‪ ،‬نو الركات الفعلية‪ ،‬فنعلم أن هناك فاعل يبعثنا‬
‫عليها من عال فوق عالنا و هو عال الرواح و اللئكة‪ .‬و فيه ذوات مدركة لوجود آثارها‬
‫في نا مع ما بين نا و بين ها من الغايرة‪ .‬و رب ا ي ستدل على هذا العال العلى الروحا ن و ذوا ته‬
‫بالرؤ يا و ما ن د ف النوم‪ ،‬و يل قى إلي نا ف يه من المور ال ت ن ن ف غفلة عن ها ف اليق ظة‪ ،‬و‬
‫تطابق الواقع ف الصحيحة منها‪ ،‬فنعلم أنا حق و من عال الق‪ .‬و أما أضغاث الحلم فصور‬
‫خيالية يزنا الدراك ف الباطن و يول فيها الفكر بعد الغيبة عن الس‪ .‬و ل ند على هذا‬
‫العال الروحان برهانا أوضح من هذا‪ ،‬فنعلمه كذلك على الملة و ل ندرك له تفصيل‪.‬‬
‫و ما يزعمه الكماء الليون ف تفصيل ذواته و ترتيبها‪ ،‬السماة عندهم بالعقول فليس شيء‬
‫من ذلك بيقين لختلل شرط البهان النظري فيه‪ .‬كما هو مقرر ف كلمهم ف النطق‪ .‬لن‬
‫من شر طه أن تكون قضاياه أول ية ذات ية‪ .‬و هذه الذوات الروحان ية مهولة الذاتيات فل سبيل‬
‫للبهان في ها‪ .‬و ل يب قى ل نا مدرك ف تفا صيل هذه العوال إل ما نقتب سه من الشرعيات ال ت‬
‫يوضحها اليان و يكمها‪ .‬و أعقد هذه العوال ف مدركنا عال البشر‪ ،‬لنه وجدان مشهود‬
‫ف مداركنا السمانية و الروحانية‪ .‬و يشترك ف عال الس مع اليوانات و ف عال العقل و‬
‫الرواح مع اللئكة الذين ذواتم من جنس ذواته‪ ،‬و هي ذوات مردة عن السمانية و الادة‪،‬‬
‫و ع قل صرف يت حد ف يه الع قل و العا قل و العقول‪ ،‬و كأ نه ذات حقيقت ها الدراك و الع قل‪،‬‬
‫فعلومهم حاصلة دائما مطابقة بالطبع لعلوماتم ل يقع فيها خلل البتة‪.‬‬
‫و علم البشر هو حصول صورة العلوم ف ذواتم بعد أن ل تكون حاصلة‪ .‬فهو كله مكتسب‪،‬‬
‫و الذات ال ت ي صل في ها صور العلومات و هي الن فس مادة هيولن ية تل بس صور الوجود‬
‫بصور العلومات الاصلة فيها شيئا فشيئا‪ ،‬حت تستكمل‪ ،‬و يصح وجودها بالوت ف مادتا و‬
‫صورتا‪ .‬فالطلوبات فيها مترددة بي النفي و الثبات دائما‪ ،‬بطلب أحدها بالوسط الرابط بي‬
‫الطرفي‪ .‬فإذا حصل و صار معلوما افتقر إل بيان الطابقة‪ ،‬و ربا أوضحها البهان الصناعي‪،‬‬
‫لكنه من وراء الجاب‪ .‬و ليس كالعاينة الت ف علوم اللئكة‪ .‬و قد ينكشف ذلك الجاب‬
‫فيصي إل الطابقة بالعيان الدراكي‪ .‬فقد تبي أن البشر جاهل بالطبع للتردد ف علمه‪ ،‬و عال‬
‫بالكسسب و الصسناعة لتحصسيله الطلوب بفكرة الشروط الصسناعية‪ .‬و كشسف الجاب الذي‬
‫أشرنا إليه إنا هو بالرياضة بالذكار الت أفضلها صلة تنتهي عن الفحشاء و النكر‪ .‬و بالتنه‬
‫عن التناولت الهمة و رأسها الصوم‪ ،‬و بالوجهة إل ال بميع قواه‪ .‬و ال علم النسان ما ل‬
‫يعلم‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر ف علوم النبياء عليهم الصلة و السلم‬
‫إنا ند هذا الصنف من البشر تعتريهم حالة إلية خارجة عن منازع البشر و أحوالم فتغلب‬
‫الوج هة الربان ية في هم على البشر ية ف القوى الدراك ية و النوع ية من الشهوة و الغ ضب و‬
‫سسائر الحوال البدن ية‪ .‬فتجدهسم متنهيس عن الحوال الربانيسة‪ ،‬مسن العبادة و الذ كر ل باس‬
‫يقتضي معرفتهم به‪ ،‬فخبين عنة با يوحي إليهم ف تلك الالة‪ ،‬من هداية المة على طريقة‬
‫واحدة و سنن معهود منهم ل يتبدل فيهم كأنة جبلة فطرهم ال عليها‪ .‬و قد تقدم لنا الكلم‬
‫ف الو حي أول الكتاب ف ف صل الدرك ي للغ يب‪ .‬و بي نا هنالك أن الوجود كله ف عوال ه‬
‫البسيطة و الركبة على تركيب طبيعي من أعلها و أسفلها متصلة كلها اتصال ل ينخرم‪ .‬و‬
‫أن الذوات ال ت ف آ خر كل أ فق من العوال م ستعدة لن تنقلب إل الذات ال ت تاوز ها من‬
‫السفل و العلى‪ .‬استعدادا طبيعيا‪ .‬كما ف العناصر السمانية البسيطة‪ .‬و كما ف النخل و‬
‫الكرم من آ خر أ فق النبات مع اللزون و ال صدف من أ فق اليوان و ك ما ف القردة ال ت‬
‫استجمع فيها الكيس و الدراك مع النسان صاحب الفكر و الروية‪ .‬و هذا الستعداد الذي‬
‫ف جانب كل أفق من العوال هو معن التصال فيها‪.‬‬
‫و فوق العال البشري عال روحا ن‪ ،‬شهدت ل نا به الثار ال ت في نا م نه‪ ،‬ب ا يعطي نا من قوى‬
‫الدراك و الرادة فذوات العلم العال إدراك صرف و تعقل مض‪ ،‬و هو عال اللئكة‪ ،‬فوجب‬
‫من ذلك كله أن يكون للن فس الن سانية ا ستعداد للن سلخ من البشر ية إل اللك ية‪ .‬لت صي‬
‫بالفعل من جنس اللئكة وقتا من الوقات‪ .‬و ف لحة من اللمحات‪ .‬ث تراجع بشريتها و قد‬
‫تلقت ف عال اللكية ما كفلت بتبليغه إل أبناء جنسها من البشر‪ .‬و هذا هو معن الوحي و‬
‫خطاب اللئكة‪ .‬و النبياء كلهم مفطورون عليه‪ .‬كأنه جبلة لم و يعالون ف ذلك النسلخ‬
‫من الشدة و الغطيط ما هو معروف عنهم‪ .‬و علوم هم ف تلك الالة علم شهادة و عيان‪ ،‬ل‬
‫يلحقه الطأ و الزلل‪ ،‬و ل يقع فيه الغلط و الوهم‪ ،‬بل الطابقة فيه ذاتية لزوال حجاب الغيب‬
‫و حصول الشهادة الواضحة‪ ،‬عند مفارقة هذه الالة إل البشرية‪ ،‬ل تفارق علمهم الوضوح‪.‬‬
‫ا ستصحابا له من تلك الالة الول‪ ،‬و ل ا هم عل يه من الذكاء الف ضي ب م إلي ها‪ ،‬يتردد ذلك‬
‫في هم دائ ما إل أن تك مل هدا ية ال مة ال ت بعثوا ل ا ك ما ف قوله تعال‪ :‬إن ا أ نا ب شر مثل كم‬
‫يوحى إل أنا إلكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه‪ .‬فافهم ذلك و راجع ما قدمناه لك‬
‫أول الكتاب‪ ،‬ف أ صناف الدرك ي للغ يب‪ ،‬يت ضح لك شر حه و بيا نه‪ ،‬ف قد ب سطناه هنالك‬
‫بسطا شافيا‪ .‬و ال الوفق‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن النسان جاهل بالذات عال بالكسب‬


‫قد بي نا أول هذه الف صول أن الن سان من ج نس اليوانات‪ ،‬و أن ال تعال ميزه عنها بالف كر‬
‫الذي ج عل له‪ ،‬يو قع به أفعاله على انتظام و هو الع قل التمييزي أو يقت نص به العلم بالراء و‬
‫الصلح و الفاسد من أبناء جنسه‪ ،‬و هو العقل التجريب‪ ،‬أو يصل به ف تصور الوجودات‬
‫غائبا و شاهدا‪ ،‬على ما هي عليه‪ ،‬و هو العقل النظري‪ ،‬و هذا الفكر إنا يصل له بعد كمال‬
‫اليوانية فيه‪ .‬و يبدأ من التمييز‪ ،‬فهو قبل التمييز خلو من العلم بالملة‪ ،‬معدود من اليوانات‪،‬‬
‫لحق ببدئه ف التكوين‪ ،‬من النطفة و العلقة و الضغة‪ .‬و ما حصل له بعد ذلك فهو با جعل‬
‫ال له من مدارك ال س و الفئدة ال ت هي الف كر‪ .‬قال تعال ف المتنان علي نا‪ :‬و ج عل ل كم‬
‫السمع و البصار و الفئدة فهو ف الالة الول قبل التمييز هيول فقط‪ .‬لهله بميع العارف‪.‬‬
‫ث تستكمل صورته بالع ل الذي يكتسبه بآلته‪ ،‬فكمل ذاته النسانية ف وجودها‪ .‬و انظر إل‬
‫قوله تعال مبدأ الو حي على نبيه اقرأ با سم ر بك الذي خلق * خلق الن سان من علق * اقرأ‬
‫ور بك الكرم * الذي علم بالقلم * علم الن سان ما ل يعلم أي أك سبه من العلم ما ل ي كن‬
‫حاصل له بعد أن كان علقة و مضغة فقد كشفت لنا طبيعته و ذاته ما هو عليه من الهل‬
‫الذات و العلم الكسب و أشارت إليه الية الكرية تقرر فيه المتنان عليه بأول مراتب وجوده‪.‬‬
‫و هي النسانية‪ .‬و حالتاه الفطرية و الكسبية ف أول التنيل و مبدأ الوحي‪ .‬و كان ال عليما‬
‫حكيما‪.‬‬
‫الف صل ال سادس ع شر‪ :‬ف ك شف الغطاء عن التشا به من الكتاب و ال سنة و ما حدث‬
‫لجل ذلك من طوائف السنية و البتدعة ف العتقادات‬
‫اعلم أن ال سبحانه ب عث إلي نا نبي نا ممدا صلى ال عل يه و سلم يدعو نا إل النجاة و الفوز‬
‫بالنعيم و أنزل عليه الكتاب الكري باللسان العرب البي‪ .‬ياطبنا فيه بالتكاليف الفضية بنا إل‬
‫ذلك‪ .‬و كان ف خلل هذا الطاب‪ ،‬و من ضروراته‪ ،‬ذكر صفاته سبحانه و أسائه‪ ،‬ليعرفنا‬
‫بذاته‪ ،‬و ذكر الروح التعلقة بنا‪ ،‬و ذكر الوحي و اللئكة‪ ،‬الوسائط بينه و بي رسله إلينا‪ .‬و‬
‫ذكر لنا يوم البعث و إنذاراته و ل يعي لنا الوقت ف شيء منه‪ .‬و ثبت ف هذا القرآن الكري‬
‫حرو فا من الجاء مقط عة ف أوائل ب عض سوره‪ ،‬ل سبيل ل نا إل ف هم الراد ب ا‪ .‬و سى هذه‬
‫النواع كلهسا مسن الكتاب متشاباس‪ .‬و ذم على اتباعهسا فقال تعال‪ :‬هسو الذي أنزل عليسك‬
‫الكتاب منه آيات مكمات هن أم الكتاب وأخر متشابات فأما الذين ف قلوبم زيغ فيتبعون‬
‫ما تشا به م نه ابتغاء الفت نة وابتغاء تأويله و ما يعلم تأويله إل ال والرا سخون ف العلم يقولون‬
‫آم نا به كل من ع ند رب نا و ما يذ كر إل أولو اللباب‪ ،‬و ح ل العلماء من سلف ال صحابة و‬
‫التابعيس هذه اليسة على أن الحكمات هسي البسينات الثابتسة الحكام‪ .‬و لذا قال الفقهاء فس‬
‫اصطلحهم‪ :‬الحكم التضح العن‪ .‬و أما التشابات فلهم فيها عبارات‪ .‬فقيل هي الت تفتقر‬
‫إل ن ظر و تف سي ت صحح معنا ها‪ ،‬لتعارض ها مع آ ية أخرى أو مع الع قل‪ ،‬فتخ فى دللت ها و‬
‫تشت به‪ .‬و على هذا قال ا بن عباس‪ :‬التشا به يؤ من به و ل يع مل به و قال ما هد و عكر مة‪:‬‬
‫كلما سوى آيات الحكام و القصص متشابه و عليه القاضي أبو بكر و إمام الرمي‪ .‬و قال‬
‫الثوري و الشعب و جاعة من علماء السلف‪ :‬التشابه‪ ،‬ما ل يكن سبيل إل علمه‪ ،‬كشروط‬
‫الساعة و أوقات النذارات و حروف الجاء ف أوائل السور‪ ،‬و قوله ف الية هن أم الكتاب‬
‫أي معظمة و غالبة و التشابه أقله‪ ،‬و قد يرد إل الحكم‪ .‬ث ذم التبعي للمتشابه بالتأويل أو‬
‫بملها على معان ل تفهم منها ف لسان العرب الذي خوطبنا به‪ .‬وساهم أهل زيغ‪ ،‬أي ميل‬
‫عن ال ق من الكفار و الزناد قة و جهلة أ هل البدع‪ .‬و أن فعل هم ذلك ق صد الفت نة ال ت هي‬
‫الشرك أو اللبس على الؤمني أو قصدا لتأويلها با يشتهونه فيقتدون به ف بدعتهم‪.‬‬
‫ث أخب سبحانه بأنه استأثر بتأويلها و ل يعلمه إل هو فقال‪ :‬و ما يعلم تأويله إل ال‪ .‬ث أثن‬
‫على العلماء باليان باس فقسط‪ .‬فقال‪ :‬و الراسسخون فس العلم يقولون آمنسا بسه‪ .‬و لذا جعسل‬
‫ال سلف و الرا سخون م ستأنفا و رجحوه على الع طف لن اليان بالغ يب أبلغ ف الثناء و مع‬
‫عط فه إن ا يكون إيا نا بالشا هد‪ .‬لن م يعلمون التأو يل حينئذ فل يكون غي با‪ .‬و يع ضد ذلك‬
‫قوله كل من ع ند رب نا و يدل على أن التأو يل في ها غ ي معلوم للب شر‪ .‬إن اللفاظ اللغو ية إن ا‬
‫يفهم‪ .‬منها العان الت وضعها العرب لا‪ ،‬فإذا استحال إسناد الب إل مب عنه جهلنا مدلول‬
‫الكلم حينئذ‪ ،‬و إن جاءنا من عند ال فوضنا علمه إليه و ل نشغل أنفسنا بدلول نلتمسه‪ ،‬فل‬
‫سبيل لنا إل ذلك‪ .‬و قد قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬إذا رأيتم الذين يادلون ف القرآن‪ ،‬فهم‬
‫الذ ين ع ن ال‪ ،‬فاحذرو هم‪ .‬هذا مذ هب ال سلف ف اليات التشاب ة‪ .‬و جاء ف ال سنة ألفاظ‬
‫مثل ذلك مملها عندهم ممل اليات لن النبع واحد‪.‬‬
‫و إذا تقررت أصناف التشابات على ما قلناه‪ ،‬فلنرجع إل اختلف الناس فيها‪ .‬فأما ما يرجع‬
‫من ها على ما ذكروه إل ال ساعة و أشراط ها و أوقات النذارات و عدد الزبان ية وأمثال ذلك‪،‬‬
‫فل يس هذا و ال أعلم من التشا به‪ ،‬ل نه ل يرد ف يه ل فظ م مل و ل غيه و إن ا هي أزم نة‬
‫لادثات ا ستأثر ال بعلم ها بن صه ف كتا به و على ل سان نبيه‪ .‬و قال‪ :‬إن ا علم ها ع ند ال‪ .‬و‬
‫العجب من عدها من التشابه‪ .‬و أما الروف القطعة ف أوائل السور فحقيقتها حروف الجاء‬
‫و ليس ببعيد أن تكون مرادة‪ .‬و قد قال الزمشري‪ :‬فيها إشارة إل بعد الغاية ف العجاز‪ ،‬لن‬
‫القرآن النل مؤلف منها‪ ،‬و البشر فيها سواء‪ ،‬و التفاوت موجود ف دللتها بعد التأل يف‪ .‬و‬
‫إن عدل عن هذا الوجه الذي يتضمن الدللة على القيقة فإنا يكون بنقل صحيح‪ ،‬كقولم ف‬
‫طه‪ ،‬إنه نداء من طاهر و هادي و أمثال ذلك‪ .‬و النقل الصحيح متعذر‪ ،‬فيجيء التشابه فيها‬
‫من هذا الوجه‪ .‬و أما الوحي واللئكة و الروح و الن‪ ،‬فاشتباهها من حاء دللتها القيقية‬
‫لن ا غ ي متعار فة‪ ،‬فجاء التشا به في ها من أ جل ذلك‪ .‬و قد أل ق ب عض الناس ب ا كل ما ف‬
‫معناهسا مسن أحوال القيامسة و النسة والدجال و الفتس و الشروط‪ ،‬و مسا هسو بلف العوائد‬
‫الألوفسة‪ ،‬و هسو غيس بعيسد‪ ،‬إل أن المهور ل يوافقونمس عليسه‪ .‬و سسيما التكلمون فقسد عينوا‬
‫ماملها على ما تراه ف كتبهم‪ ،‬و ل يبق من التشابه إل الصفات الت وصف ال با نفسه ف‬
‫كتابه و على لسان نبيه‪ ،‬ما يوهم ظاهره نقصا أو تعجيزا‪ .‬و قد اختلف الناس ف هذه الظواهر‬
‫من بعد السلف الذين قررنا مذهبهم‪ .‬و تنازعوا و تطرقت البدع إل العقائد‪ .‬فلنشر إل بيان‬
‫مذاهبهم و إيثار الصحيح منه على الفاسد فنقول‪ ،‬و ما توفيقي إل بال‪ :‬اعلم أن ال سبحانه‬
‫و صف نف سه ف كتا به بأ نه عال‪ ،‬قادر‪ ،‬شد يد‪ ،‬حي‪ ،‬سيع‪ ،‬ب صي‪ .‬متكلم‪ ،‬جل يل‪ ،‬كر ي‪،‬‬
‫جواد‪ ،‬منعم‪ ،‬عزيز‪ ،‬عظيم‪ .‬و كذا أثبت لنفسه اليدين و العيني و الوجه و القدم واللسان‪ ،‬إل‬
‫غي ذلك من الصفات‪ :‬فمنها ما يقتضي صحة ألوهية‪ .‬مثل العلم والقدرة و الرادة‪ .‬ث الياة‬
‫ال ت هي شرط جيع ها‪ ،‬و من ها ما هي صفة كمال‪ ،‬كال سمع و الب صر و الكلم‪ ،‬و من ها ما‬
‫يو هم الن قص كال ستواء و النول و الج يء‪ ،‬و كالو جه و اليد ين و العين ي ال ت هي صفات‬
‫الحدثات‪ .‬ث أخب الشارع أنا نرى ربنا يوم القيامة كالقمر ليلة البدر‪ ،‬ل نضام ف رؤيته كما‬
‫ثبت ف الصحيح‪.‬‬
‫فأما السلف من الصحابة و التابعي فأثبتوا له صفات اللوهية و الكمال و فوضوا إليه ما يوهم‬
‫الن قص ساكتي عن مدلوله‪ .‬ث اختلف الناس من بعد هم و جاء العتزلة فأثبتوا هذه ال صفات‬
‫أحكامسا ذهنيسة مردة‪ ،‬و ل يثبتوا صسفة تقوم بذاتسه‪ .‬و سسوا ذلك توحيدا‪ ،‬و جعلوا النسسان‬
‫خالقسا لفعاله‪ .‬و ل تتعلق باس قدرة ال تعال‪ ،‬سسيما الشرور و العاصسي منهسا‪ ،‬إذ يتنسع على‬
‫الك يم فعل ها‪ .‬و جعلوا مراعاة ال صلح للعباد واج بة عل يه‪ .‬و سوا ذلك عدل‪ ،‬ب عد أن كانوا‬
‫أول يقولون بن في القدر‪ ،‬و أن ال مر كله ف ستأنف بعلم حادث و قدرة و إرادة كذلك‪ ،‬ك ما‬
‫ورد ف ال صحيح‪ .‬و أن ع بد ال بن ع مر تبأ من مع بد اله ن و أ صحابه القائل ي بذلك‪ .‬و‬
‫انتهى نفي القدر إل واصل بن عطاء الغزال‪ ،‬منهم‪ ،‬تلميذ السن البصري‪ ،‬لعهد عبد اللك‬
‫بن مروان‪ .‬ث آخرا إل معمر السلمي و رجعوا عن القول به‪ .‬و كان منهم أبو الذيل العلف‪،‬‬
‫و هو شيخ العتزلة‪ .‬أخذ الطريقة عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل‪ .‬و كان من صفات‬
‫القدر‪ ،‬و اتبع رأي الفلسفة ف نفي الصفات الوجودية لظهور مذاهبهم يومئذ‪.‬‬
‫ثس جاء إبراهيسم النظام‪ ،‬و قال بالقدر‪ ،‬و اتبعوه‪ .‬و طالع كتسب الفلسسفة و شدد فس نفسي‬
‫الصفات و قرر قواعد العتزال‪ .‬ث جاء الاحظ و الكعب و البائي‪ .‬و كانت طريقتهم تسمى‬
‫علم الكلم‪ :‬إ ما ل ا في ها من الجاج و الدال‪ .‬و هو الذي ي سمى كل ما‪ ،‬و إ ما أن أ صل‬
‫طريقت هم ن في صفة الكلم‪ .‬فلهذا كأن ا الشاف عي يقول‪ :‬حق هم أن يضربوا بالر يد و يطاف‬
‫بم‪ .‬و قرر هؤلء طريقتهم أثبتوا منها و ردوا‪ ،‬إل أن ظهر الشيخ أبو السن الشعري و ناظر‬
‫بعض مشيختهم ف مسائل الصلح و الصلح‪ ،‬فرفض طريقتهم‪ ،‬و كان على رأي عبد ال بن‬
‫سعيد بن كلب و أب العباس القلنسي و الرث ابن أسد الحاسب من أتباع السلف و على‬
‫طريقة السنة‪ .‬فأيد مقالتم بالجج الكلمية و أثبت الصفات ل قائمة بذات ال تعال‪ ،‬من‬
‫العلم و القدرة و الرادة التس يتسم باس دليسل التمانسع وتصسح العجزات للنسبياء‪ .‬و كان مسن‬
‫مذهب هم إثبات الكلم و ال سمع و الب صر لن ا وإن أو هم ظاهرا الن قص بال صوت و الرف‬
‫السمانيي‪ ،‬فقد وجد للكلم عند العرب مدلول آخر غي الروف و الصوت‪ ،‬و هو ما يدور‬
‫ف اللد‪ .‬و الكلم حقي قة ف يه دون الول‪ ،‬فأثبتو ها ل تعال و انت فى إيهام الن قص‪ .‬و أثبتوا‬
‫هذه الضفة قدية عامة التعلق بشأن الصفات الخرى‪ .‬و صار القرآن اسا مشتركا بي القدي‬
‫بذات ال تعال‪ .‬و هسسو الكلم النفسسسي و الحدث الذي هسسو الروف الؤلفسسة القروءة‬
‫بالصوات‪ .‬فإذا قيل قدي‪ ،‬فالراد الول‪ ،‬و إذا قيل مقروء‪ ،‬مسموع‪ ،‬فلدللة القراءة و الكتابة‬
‫عليه‪ .‬و تورع المام أحد بن حنبل من إطلق لفظ الدوث عليه‪ ،‬لنه ل يسمع من السلف‬
‫قبله‪ :‬ل إنه يقول أن الصاحف الكتوبة قدية‪ ،‬و ل أن القراءة الارية على السنة قدية‪ .‬و هو‬
‫شاهدهسا فحدثسه‪ .‬و إناس منعسه مسن ذلك الورع الذي كان عليسه‪ .‬و أمسا غيس ذلك فإنكار‬
‫للضروريات‪ ،‬و حاشاة منه‪ .‬و أما السمع و البصر‪ ،‬و إن كان يوهم إدراك الارحة‪ .‬فهو يدل‬
‫أيضا لغة على إدراك السموع و البصر و ينتفي إيهام النقص حينئذ لنه حقيقة لغوية فيهما‪ .‬و‬
‫أ ما ل فظ ال ستواء و الج يء و النول و الو جه و اليد ين و العين ي و أمثال ذلك‪ ،‬فعدلوا عن‬
‫حقائقها اللغوية لا فيها من إيهام النقص بالتشبيه إل مازاتا‪ ،‬على طريقة العرب‪ ،‬حيث تتعذر‬
‫حقائق اللفاظ‪ ،‬فيجعون إل الجاز‪ .‬كمسا فس قوله تعال‪ :‬يريسد أن ينقسض و أمثاله‪ ،‬طريقسة‬
‫معرو فة‪ .‬ل م غ ي منكرة و ل مبتد عة‪ .‬وحل هم على هذا التأو يل‪ ،‬و إن كان مال فا لذ هب‬
‫السسلف فس التفويسض أن جاعسة مسن أتباع السسلف و هسم الحدثون و التأخرون مسن النابلة‬
‫ارتكبوا ف ممل هذه الصفات فحملوها على صفات ثابتة ل تعال‪ ،‬مهولة الكيفية‪ .‬فيقولون‬
‫ف ا ستوى على العرش تث بت له ا ستواء‪ ،‬ب يث مدلول اللف ظة‪ .‬فرارا من تعطيله‪ .‬و ل نقول‬
‫بكيفيته فرارا من القول بالتشبيه الذي تنفيه آيات السلوب‪ ،‬من قوله ليس كمثله شيء سبحان‬
‫ال عمسا يصسفون تعال ال عمسا يقول الظالون ل يلد و ل يولد و ل يعلمون مسع ذلك أنمس‬
‫ولوا من باب الت شبيه ف قول م بإثبات ا ستواء‪ ،‬و ال ستواء ع ند أ هل الل غة إن ا موضو عه‬
‫ال ستقرار و التم كن‪ .‬و هو ج سمان‪ .‬و أ ما التعط يل الذي يشنعون بإلزا مه‪ ،‬و هو تعط يل‬
‫اللفظ‪ ،‬فل مذور فيه‪ .‬و إنا الحذور ف تعطيل اللة‪ .‬و كذلك يشنعون بإلزام التكليف با ل‬
‫يطاق و هو تو يه‪ .‬لن التشا به ل ي قع ف التكال يف‪ ،‬ث يدعون أن هذا مذ هب ال سلف‪ ،‬و‬
‫حاشسا ل مسن ذلك‪ .‬و إناس مذهسب السسلف مسا قررناه أول مسن تفويسض الراد باس إل ال‪ ،‬و‬
‫السسكوت عسن فهمهسا‪ .‬و قسد يتجون لثبات السستواء ل بقول مالك‪ :‬إن السستواء معلوم‬
‫الثبوت ل و حاشاه من ذلك‪ ،‬ل نة يعلم مدلول ال ستواء‪ .‬و إن ا أراد أن ال ستواء معلوم من‬
‫ال‪ ،‬و هو السمان‪ .‬و كيفيته أي حقيقته‪ .‬لن حقائق الصفات كلها كيفيات‪ ،‬و هي مهولة‬
‫الثبوت ل‪ .‬و كذلك يتجون على إثبات الكان بديث السوداء‪ .‬و أنا لا قال لا النب صلى‬
‫ال عليه و سلم‪ :‬أين ال ؟ و قالت ف السماء‪ ،‬فقال أعتقها فإنا مؤمنة‪ .‬والنب صلى ال عليه‬
‫و سلم ل يثبت لا اليان بإثباتا الكان ل‪ ،‬بل لنا آمنت با جاء به من ظواهر‪ ،‬أن ال ف‬
‫السماء‪ ،‬فدخلت ف جلة الراسخي الذين يؤمنون بالتشابه من غي كشف عن معناه‪ .‬و القطع‬
‫بنفي الكان حاصل من دليل العقل الناف للفتقار‪ .‬و من أدلة السلوب الؤذنة بالتنيه مثل ليس‬
‫كمثله شيء‪ ،‬وأشباهه‪ .‬و من قوله‪ :‬و هو ال ف السموات و ف الرض‪ ،‬إذ الوجود ل يكون‬
‫ف مكاني‪ ،‬فليست ف هذا للمكان قطعا‪ ،‬و الراد غيه‪ .‬ث طردوا ذلك الحمل الذي ابتدعوه‬
‫فس ظواهسر الوجسه و العينيس و اليديسن‪ ،‬و النول و الكلم بالرف والصسوت يعلون لاس‬
‫مدلولت أعم من السمانية و ينهونه عن مدلول السمان منها‪ .‬و هذا شيء ل يعرف ف‬
‫اللغة‪ .‬و قد درج على ذلك الول و الخر منهم و نافرهم أهل السنة من التكلمي الشعرية‬
‫و النفية‪ .‬و رفضوا عقائدهم ف ذلك‪ ،‬و وقع بي متكلمي النفية ببخارى و بي المام ممد‬
‫بن إساعيل البخاري ما هو معروف‪ .‬و أما الجسمة ففعلوا م ثل ذلك ف إثبات السمية‪ .‬و‬
‫أنا ل كالجسام‪ .‬و لفظ السم له يثبت ف منقول الشرعيات‪ .‬و إنا جرأهم عليه إثبات هذه‬
‫الظوا هر‪ ،‬فلم يقت صروا عل يه‪ ،‬بل توغلوا و أثبتوا ال سمية‪ .‬يزعمون في ها م ثل ذلك و ينهو نه‬
‫بقول متناقض سفساف‪ ،‬و هو قولم‪ :‬جسم ل كالجسام‪ .‬و السم ف لغة العرب هو العميق‬
‫الحدود و غيس هذا التفسسي مسن أنسه القائم بالذات أو الركسب مسن الواهسر و غيس ذلك‪،‬‬
‫فاصطلحات للمتكلمي يريدون با غي الدلول اللغوي‪ .‬فلهذا كان الجسمة أوغل ف البدعة‬
‫بل والكفر‪ .‬حيث أثبتوا ل وصفا موها يوهم النقص ل يرد ف كلمه‪ .‬و ل كلم نبيه‪ .‬فقد‬
‫تبي لك الفرق ب ي مذا هب ال سلف و التكلم ي ال سنية و الحدث ي والبتد عة من العتزلة و‬
‫الج سمة ب ا أطلعناك عل يه‪ .‬و ف الحدث ي غلة ي سمون الش به لت صريهم بالت شبيه‪ ،‬ح ت إ نه‬
‫يكى عن بعضهم أنه قال‪ :‬أعفون من اللحية و الفرج و سلوا عما بدا لكم من سواها‪ .‬و إن‬
‫ل يتأول ذلك ل م‪ ،‬بأن م يريدون ح صر ما ورد من هذه الظوا هر الوه ة‪ .‬و حل ها على ذلك‬
‫الح مل الذي لئمت هم‪ ،‬و إل ف هو ك فر صريح و العياذ بال‪ .‬و ك تب أ هل ال سنة مشحو نة‬
‫بالجاج على هذه البدع‪ .‬و ب سط الرد علي هم بالدلة ال صحيحة‪ .‬و إن ا أومأ نا إل ذلك إياء‬
‫يتميز به فصول القالت و جلها‪ .‬و المد ل الذي هدانا لذا و ما كنا لنهتدي لول أن هدانا‬
‫ال‪.‬‬
‫و أما الظواهر الفية الدلة و الدللة‪ ،‬كالوحي و اللئكة و الروح و الن والبزخ و أحوال‬
‫القيامة والدجال و الفت و الشروط‪ .‬و سائر ما هو متعذر على الفهم أو مالف للعادات‪ ،‬فإن‬
‫حلناه على ما يذهب إليه الشعرية ف تفاصيله‪ ،‬و هم أهل السنة‪ .‬فل تشابه‪ ،‬و إن قلنا فيه‬
‫بالتشابسه‪ ،‬فلنوضسح القول فيسه بكشسف الجاب عنسه فنقول‪ :‬اعلم أن العال البشري أشرف‬
‫العوال من الوجودات‪ ،‬و أرفع ها‪ .‬و هو و إن اتدت حقي قة الن سانية ف يه فله أطوار يالف‬
‫كل واحد منها الخر بأحوال تتص به حت‪ ،‬كأن القائق فيها متلفة‪.‬‬
‫فالطور الول‪ :‬عاله السمان بسه الظاهر و فكره العاشي و سائر تصرفاته الت أعطاه إياها‬
‫وجوده الاضر‪.‬‬
‫الطور الثانس‪ :‬عال النوم‪ ،‬و هسو تصسور اليال بانفاذ تصسوراته جائلة فس باطنسه فيدرك منهسا‬
‫بواسه الظاهرة مردة عن الزمنة و المكنة و سائر الحوال السمانية‪ ،‬و يشاهدها ف إمكان‬
‫ليس هو فيه‪ .‬و يدث للصال منها البشرى با يترقب من مسراته الدنيوية و الخروية‪ ،‬كما‬
‫و عد به ال صادق صلوات ال عل يه‪ .‬و هذان الطوران عامان ف ج يع أشخاص الب شر‪ ،‬و ه ا‬
‫متلفان ف الدارك كما تراه‪.‬‬
‫الطور الثالث‪ :‬طور النبوة‪ ،‬و هو خاص بإشراف صنف البشر با خصهم ال به من معرفته و‬
‫توحيده‪ .‬و تنل ملئك ته علي هم بوح يه‪ .‬و تكليف هم بإ صلح الب شر ف أحوال كل ها مغايرة‬
‫للحوال البشرية الظاهرة‪.‬‬
‫الطور الرابسع‪ :‬طور الوت الذي تفارق أشخاص البشسر فيسه حياتمس الظاهرة إل وجود قبسل‬
‫القيا مة ي سمى البزخ يتنعمون ف يه و يعذبون على ح سب أعمال م ث يفضون إل يوم القيا مة‬
‫الكبى‪ ،‬و هي دار الزاء الكب نعيما و عذابا ف النة أو ف النار‪.‬‬
‫و الطوران الولن شاهدهاسس وجدانسس‪ .‬و الطور الثالث النبوي شاهده العجزة و الحوال‬
‫الخت صة بال نبياء‪ ،‬و الطور الرا بع شاهده ما تنل على ال نبياء من و حي ال تعال ف العاد و‬
‫أحوال البزخ و القيا مة‪ ،‬مع أن الع قل يقت ضي به‪ ،‬ك ما نبه نا ال عل يه‪ ،‬ف كث ي من آيات‬
‫البعثة‪ .‬و من أوضح الدللة على صحتها أن أشخاص النسان لو ل يكن لم وجود آخر بعد‬
‫الوت غي هذه الشاهد يتلقى فيه أحوال تليق به‪ .‬لكان إياده الول عبثا‪ .‬إذ الوت إذا كان‬
‫عد ما كان مآل الش خص إل العدم‪ .‬فل يكون لوجوده الول حك مة‪ .‬و الع بث على الك يم‬
‫مال‪ .‬وإذا تقررت هذه الحوال الرب عة‪ ،‬فلنأ خذ ف بيان مدارك الن سان في ها ك يف تتلف‬
‫اختلفا بي نا يك شف لك غور التشا به‪ .‬فأ ما مدار كه ف الطور الول فواضحة جلية‪ .‬قال ال‬
‫تعال‪ :‬وال أخرجكسم مسن بطون أمهاتكسم ل تعلمون شيئا وجعسل لكسم السسمع والبصسار‬
‫والفئدة‪ .‬فبهذه الدارك يستول على ملكات العارف و ي ستكمل حقي قة إن سانية و يو ف حق‬
‫العبادة الفضية به إل النجاة‪.‬‬
‫و أ ما مدار كه ف الطور الثا ن‪ .‬و هو طور النوم‪ .‬ف هي الدارك ال ت ف ال س الظا هر بعين ها‪.‬‬
‫لكن ليست ف الوارح كما هي ف اليقظة‪ .‬لكن الرأي يتيقن كل شيء أدركه ف نومه ل‬
‫ي شك ف يه و ل يرتاب‪ .‬مع خلو الوارح عن ال ستعمال العادي ل ا‪ .‬و الناس ف حقي قة هذه‬
‫الال فريقان‪ :‬الكماء‪ ،‬يزعمون أن الصسور الياليسة يدفعهسا اليال بركسة الفكسر إل السس‬
‫الشترك الذي هو الفصل الشترك بي الس الظاهر و الس الباطن‪ .‬فتصور مسوسة بالظاهر‬
‫ف الواس كلها‪ .‬و يشكل عليهم هذا بأن الرائي الصادقة الت هي من ال تعال أو من اللك‬
‫أث بت و أر سخ ف الدراك من الرائي اليال ية الشيطان ية‪ ،‬مع أن اليال في ها على ما قرروه‬
‫واحد‪.‬‬
‫الفريق الثان‪ :‬التكلمون‪ .‬أجلوا فيها القول‪ .‬و قالوا‪ :‬هو إدراك يلقه ال ف الاسة فيقع كما‬
‫يقع ف اليقظة‪ .‬و هذا أليق و إن كنا ل نتصور كيفيته‪.‬‬
‫و هذا الدراك النومي أوضح شاهد على ما يقع بعده من الدارك السية ف الطوار‪.‬‬
‫و أ ما الطور الثالث‪ ،‬و هو طور ال نبياء‪ .‬فالدارك ال سية في ها مهولة الكيف ية‪ .‬ع ند وجداني ته‬
‫عندهم بأوضح من اليقي‪ .‬فيى النب ال و اللئكة‪ .‬و يسمع كلم ال منه أو من اللئكة‪ .‬و‬
‫يرى النة و النار‪ ،‬و العرش و الكرسي‪ ،‬و يترق السموات السبع ف إسرائه و يركب الباق‬
‫فيها‪ ،‬و يلقى النبيي هنالك‪ .‬و يصلى بم‪ ،‬و يدرك أنواع الدارك السية كما يدرك ف طوره‬
‫ال سمان و النو مي‪ ،‬بعلم ضروري يل قه ال له‪ ،‬ل بالدراك العادي للب شر ف الوارح‪ .‬و ل‬
‫يلتفت ف ذلك إل ما يقوله ابن سينا من تنيله أمر النبوة على أمر النوم ف دفع اليال صورة‬
‫إل ال س الشترك‪ .‬فإن الكلم علي هم ه نا أ شد من الكلم ف النوم‪ ،‬لن هذا التن يل طبي عة‬
‫واحدة كمسا قررناه‪ ،‬فيكون على هذا حقيقسة الوحسي و الرؤيسا مسن النسب واحدة فس يقينهسا و‬
‫حقيقتها‪ .‬و ليست كذلك على ما علمت من رؤيا النب صلى ال عليه و سلم قبل الوحي ستة‬
‫أشهر و أنا كانت بدة الوحي و مقدمته‪ .‬و يشعر ذلك بأنه رؤية ف القيقة‪ .‬و كذلك حال‬
‫الوحي ف نفسه فقد كان يصعب عليه و يقاسي منه شدة كما هي ف الصحيح‪ .‬حت كان‬
‫القرآن يتنل عل يه آيات مقطعات‪ .‬و ب عد ذلك نزل عل يه براءة ف غزوة تبوك جلة واحدة‪ ،‬و‬
‫هو ي سي على ناق ته‪ .‬فلو كان ذلك من تنل الف كر إل اليال ف قط‪ ،‬و من اليال إل ال س‬
‫الشترك‪ ،‬ل يكن بي هذه الالت فرق‪ .‬و أما الطور الرابع‪ ،‬و هو طور الموات ف برزخهم‬
‫الذي أوله القسب‪ .‬و هسم مردون عسن البدن‪ .‬أو فس بعثتهسم عندمسا يرجعون إل الجسسام‪.‬‬
‫فمداركهم ال سية موجودة‪ ،‬فيى اليت ف قبه اللكان ي سألنه‪ .‬و يرى مقعده من النة أو‬
‫النار بعين رأسه‪ ،‬و يرى شهود النازة و يسمع كلمهم و خفق نعالم ف النصراف عنه‪ ،‬و‬
‫ي سمع ما يذكرو نه به من التوح يد أو من تقر ير الشهادت ي‪ ،‬و غ ي ذلك‪ .‬و ف ال صحيح أن‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و قف على قل يب بدر و ف يه قتلى الشرك ي من قر يش‪ ،‬و‬
‫نادا هم بأ سائهم‪ ،‬فقال ع مر‪ :‬يا ر سول ال ! أتكلم هؤلء ال يف ؟ فقال صلى ال عل يه و‬
‫سلم‪ :‬و الذي نف سي بيده‪ ،‬ما أن تم بأ سع من هم ل ا أقول‪ .‬ث ف البع ثة يوم القيا مة يعاينون‬
‫بأسائهم و أبصارهم كما كانوا يعاينون ف الياة من نعيم النة على مراتبه و عذاب النار على‬
‫مراتبه‪ ،‬و يرون اللئكة و يرون ربم‪ ،‬كما ورد ف الصحيح‪ :‬إنكم ترون ربكم يوم القيامة‪،‬‬
‫كالق مر ليلة البدر ل تضامون ف رؤي ته‪ .‬و هذه الدارك ل ت كن ل م ف‪ .‬الياة الدن يا و هي‬
‫ح سية مثل ها‪ .‬و ت قع ف الوارح بالعلم الضروري الذي يل قه ال ك ما قلناه‪ .‬و سر هذا أن‬
‫تعلم أن النفس النسانية هي تنشأ بالبدن و بداركه‪ ،‬فإذا فارقت البدن بنوم أو بوت أو صار‬
‫ال نب حالة الو حي من الدارك البشر ية إل الدارك اللك ية‪ ،‬ف قد ا ستصبحت ما كان مع ها من‬
‫الدارك البشرية مردة عن الوارح‪ ،‬فيدرك با ف ذلك الطور أي إدراك شاءت منها‪ ،‬أرفع من‬
‫إدراكها‪ ،‬و هي ف السد‪ .‬قاله الغزال رحه ال‪ ،‬و زاد على ذلك أن النفس النسانية صورة‬
‫تبقى لا‪ .‬بعد الفارقة فيها العينان و الذنان و سائر الوارح الدركة أمثال لا‪ ،‬كان ف البدن‬
‫و صورا‪.‬‬
‫و أنا أقول‪ :‬إنا يشي بذلك إل اللكات الاصلة من تصريف هذه الوارح ف بدنا زيادة على‬
‫الدراك‪ .‬فإذا تفط نت لذا كله عل مت أن هذه الدارك موجودة ف الطوار الرب عة ل كن ل يس‬
‫على ما كانت ف الياة الدن يا‪ ،‬و إن ا هي تتلف بالقوة و الض عف ب سب ما يعرض ل ا من‬
‫الحوال‪ .‬و يشيس التكلمون إل ذلك إشارة مملة بأن ال يلق فيهسا علمسا ضروريسا بتلك‬
‫الدارك‪ .‬أي مدرك كان‪ ،‬و يعنون به هذا القدر الذي أوضحناه‪ .‬و هذه نبذة أومأنا ب ا إل ما‬
‫يوضح القول ف التشابه‪ .‬و لو أوسعنا الكلم فيه لقصرت الدارك عنه‪ .‬فلنفرع إل ال سبحانه‬
‫ف الداية و الفهم عن أنبيائه و كتابه‪ ،‬با يصل به الق ف توحيدنا‪ .‬و الظفر بنجاتنا و ال‬
‫يهدي من يشاء‪.‬‬
‫الفصل السابع عشر‪ :‬ف علم التصوف‬
‫هذا العلم من العلوم الشرعية الادثة ف اللة و أصله أن طريقة هؤلء القوم ل تزل عند سلف‬
‫المة و كبارها من الصحابة و التابعي و من بعدهم طريقة الق والداية و أصلها العكوف‬
‫على العبادة و النقطاع إل ال تعال و العراض عن زخرف الدن يا و زينت ها‪ ،‬و الز هد في ما‬
‫يق بل عل يه المهور من لذة و مال و جاه والنفراد عن اللق ف اللوة للعبادة و كان ذلك‬
‫عا ما ف ال صحابة و ال سلف‪ .‬فل ما ف شا القبال على الدن يا ف القرن الثا ن و ما بعده و ج نح‬
‫الناس إل مالطة الدنيا اختص القبلون على العبادة باسم الصوفية و التصوفة‪ .‬و قال القشيي‬
‫رحه ال‪ :‬ول يشهد لذا السم اشتقاق من جهة العربة و ل قياس‪ .‬و الظاهر أنه لقب‪ .‬و من‬
‫قال اشتقا قه من ال صفاء أو من الصسفة فبع يد من ج هة القياس اللغوي‪ ،‬قال‪ :‬و كذلك من‬
‫الصوف لنم ل يتصوا بلبسه‪ .‬قلت‪ :‬و الظهر إن قيل بالشتقاق أنه من الصوف و هم ف‬
‫الغالب متصون بلبسه لا كانوا عليه من فخالفه الناس ف لبس فاخر الثياب إل لبس الصوف‬
‫فل ما اخ تص هؤلء بذ هب الز هد و النفراد عن اللق و القبال على العبادة اخت صوا بآ خذ‬
‫مدركة لم و ذلك أن النسان با هو إنسان إنا يتميز عن سائر اليوان بالدراك و إدراكه‬
‫نوعان‪ :‬إدراك للعلوم و العارف من اليقي و الفن و الشك و الوهم و إدراك للحوال القائمة‬
‫من الفرح و الزن و الق بض و الب سط و الر ضى و الغ ضب و ال صب و الش كر و أمثال ذلك‪.‬‬
‫فالروح العاقل والتصرف ف البدن تنشأ من إدراكات و إرادات و أحوال و هي الت ييز با‬
‫النسان‪ .‬و بعضها ينشأ من بعض كما ينشأ العلم من الدلة و الفرح و الزن عن إدراك الؤل‬
‫أو التلذذ به و النشاط عن المام و الكسل عن العياء‪ .‬و كذلك الريد ف ماهدته و عبادته‬
‫ل بد و أن ينشأ له عن ف ماهدة حال نتي جة تلك الجاهدة‪ .‬و تلك الال إ ما أن تكون نوع‬
‫عبادة فترسخ و تصي مقاما للمريد و إما أن ل تكون عبادة و إنا تكون صفة حاصلة للنفس‬
‫من حزن أو سرور أو نشاط أو ك سل أو غ ي ذلك من القامات‪ .‬و ل يزال الر يد يتر قى من‬
‫مقام إل مقام إل أن ينت هي إل التوحيد و العرفة الت هي الغاية الطلو بة لل سعادة‪ .‬قال صلى‬
‫ال عليه و سلم‪ :‬من مات يشهد أن ل إله إل ال دخل النة فالريد لبد له من الترقي ف هذه‬
‫الطوار و أصسلها كلهسا الطاعسة و الخلص و يتقدمهسا اليان و يصساحبها‪ ،‬و تنشسأ عنهسا‬
‫الحوال و الصفات نتائج و ثرات‪ .‬ث تنشأ عنها أخرى و أخرى إل مقام التوحيد و العرفان‪.‬‬
‫و إذا و قع‪ ،‬تق صي ف النتي جة أو خلل فنعلم أ نه إن ا أ تى من ق بل التق صي ف الذي قبله‪ .‬و‬
‫كذلك ف الواطر النفسانية و الواردات القلبية‪ .‬فلهذا يتاج الريد إل ماسبة نفسه ف سائر‬
‫أعماله و ينظر ف حقائقها لن حصول النتائج عن العمال ضروري و تصورها من اللل فيها‬
‫كذلك‪ .‬و الر يد ي د ذلك بذو قه و يا سب نف سه على أ سبابه‪ .‬و ل يشارك هم ف ذلك إل‬
‫القل يل من الناس لن الغفلة عن هذا كأن ا شاملة‪ .‬و غا ية أ هل العبادات إذا ل ينتهوا إل هذا‬
‫النوع أنم يأتون بالطاعات ملصة من نظر الفقه ف الجزاء و المتثال‪ .‬و هؤلء يبحثون عن‬
‫نتائجهسا بالذواق و الواجسد ليطلعوا على أناس خالصسة مسن التقصسي أو ل‪ ،‬فظهسر أن أصسل‬
‫طريقتهم كلها ماسبة الن فس على الفعال و التروك و الكلم ف هذه الذواق و الواجد الت‬
‫ت صل عن الجاهدات ث ت ستقر للمر يد مقا ما يتر قى من ها إل غي ها ث ل م مع ذلك آداب‬
‫مصسوصة بمس و اصسطلحات فس ألفاظ تدور بينهسم إذ الوضاع اللغويسة إناس هسي للمعانس‬
‫التعارفة‪ .‬فإذا عرض من العان ما هو غي متعارف اصطلحنا عن التعبي عنه بلفظ يتيسر فهمة‬
‫منه‪ .‬فلهذا اختص هؤلء بذا النوع من العلم الذي ليس لواحد غيهم من أهل الشريعة الكلم‬
‫فيه‪ .‬و صار علم الشريعة على صنفي‪ :‬صنف مصوص بالفقهاء و أهل الفتيا و هي الحكام‬
‫العامة ف العبادات و العادات و العاملت‪ .‬و صنف مصوص بالقوم ف القيام بذه الجاهدة و‬
‫ماسبة النفس عليها و الكلم ف الذواق و الواجد العارضة ف طريقها و كيفية الترقي منها‬
‫مسن ذوق إل ذوق و شرح الصسطلحات التس تدور بينهسم فس ذلك‪ .‬فلمسا كتبست العلوم و‬
‫دونت و ألف الفقهاء ف الفقه و أصوله و الكلم و التفسي وغي ذلك‪ .‬كتب رجال من أهل‬
‫هذه الطرقة ف طريقهم فمنهم من كتب ف الورع و ماسبة النفس على القتداء ف الخذ و‬
‫الترك كما فعله القشيي ف كتاب الرسالة و السهرودي ف كتاب عوارف العارف و أمثالم‪.‬‬
‫و ج ع الغزال رح ه ال ب ي المر ين ف كتاب الحياء فدون ف يه أحكام الورع و القتداء ث‬
‫بي آداب القوم وسننهم و شرح اصطلحاتم ف عباراتم و صار علم التصوف ف اللة علما‬
‫مدونا بعد أن كانت الطريقة عبادة فقط و كانت أحكامها إنا تتلقى من صدور الرجال كما‬
‫وقع ف سائر العلوم الت دونت بالكتاب من التفسي و الديث و الفقه والصول و غي ذلك‪.‬‬
‫ثس إن هذه الجاهدة و اللوة و الذكسر يتبعهسا غالبسا كشسف حجاب السس و الطلع على‬
‫عوال من أمر ال ليس لصاحب الس إدراك شيء منها‪ .‬و الروح من تلك العوال‪ .‬و سبب‬
‫هذا الكشف أن‪ .‬الروح إذا رجع ف الس الظاهر إل الباطن ضعفت أحوال الس و قويت‬
‫أحوال الروح و غلب سلطانه و تدد نشؤه أعان على ذلك الذ كر فإ نه كالغذاء لتنم ية الروح‬
‫و ل يزال ف نو و تزيد إل أن يصي شهودا بعد أن كان علما‪ .‬و يكشف حجاب الس‪ ،‬و‬
‫ي تم وجود الن فس ال ت ل ا من ذات ا‪ .‬و هو ع ي الدراك‪ .‬فيتعرض حينئذ للموا هب الربان ية و‬
‫العلوم اللدنية و الفتح اللي و تقرب ذاته ف تقيق حقيقتها من الفق العلى أفق اللئكة‪ .‬و‬
‫هذا الك شف كثيا ما يعرض ل هل الجاهدة فيدركون من حقائق الوجود مال يدرك سواهم‬
‫و كذلك يدركون كثيا من الواقعات ق بل وقوع ها و يت صرفون بمم هم و قوى نفو سهم ف‬
‫الوجودات السسفلية و تصسي طوع إرادتمس‪ .‬فالعظماء منهسم ل يعتسبون هذا الكشسف و ل‬
‫يتصرفون و ل يبون عن حقيقة شيء ل يؤمروا بالتكلم فيه بل يعدون ما يقع لم من ذلك‬
‫منة و يتعوذون منة إذا هاجهم‪ .‬و قد كان الصحابة رضي ال عنهم على مثل هذه الجاهدة‬
‫و كان حظهم من هذه الكرامات أوفر الظوظ لكنهم ل يقع لم با عناية‪ .‬و ف فضائل أب‬
‫ب كر و ع مر و عثمان و علي رضي ال عنهم كثي من ها‪ .‬و تبعهم ف ذلك أ هل الطري قة م ن‬
‫اشتملت رسالة القشيي على ذكرهم و من تبع طريقتهم من بعدهم‪ .‬ث إن قوما من التأخرين‬
‫انصرفت عنايتهم إل كشف الجاب و الكلم ف الدارك الت وراءه و اختلفت طرق الرياضة‬
‫عن هم ف ذلك باختلف تعليم هم ف إما تة القوى ال سية و تغذ ية الروح العا قل بالذ كر ح ت‬
‫ي صل للن فس إدراك ها الذي ل ا من ذات ا بتمام نشوت ا و تغذيت ها فإذا ح صل ذلك زعموا أن‬
‫الوجود قد انصر ف مداركها حينئذ و أنم كشفوا ذوات الوجود و تصوروا حقائقها كلها‬
‫من العرش ث إل ال طش‪ .‬هكذا قال الغزال رح ه ال ف كتاب الحياء ب عد أن ذ كر صورة‬
‫الرياضة‪ .‬ث إن هذا الكشف ل يكون صحيحا كامل عندهم إل إذا كان ناشئا عن الستقامة‬
‫لن الك شف قد ي صل ل صاحب الوع و اللوة و إن ل ي كن هناك ا ستقامة كال سحرة و‬
‫غيهسم مسن الرتاضيس‪ .‬و ليسس مرادنسا إل الكشسف الناشسئ عسن السستقامة و مثاله أن الرآة‬
‫الصقيلة إذا كانت مدبة أو مقعرة و حوذي با جهة الرئي فإنه يتشكل فيه معوجا على غي‬
‫صورته‪ .‬و إن كا نت م سطحة تش كل في ها الرئي صحيحا‪ .‬فال ستقامة للن فس كالنب ساط‬
‫للمرآة في ما ينط بع في ها من الحوال‪ .‬و ل ا ع ن التأخرون بذا النوع من الك شف تكلموا ف‬
‫حقائق الوجودات العلويسة و السسفلية و حقائق اللك و الروح و العرش و الكرسسي و أمثال‬
‫ذلك‪ .‬و قصرت مدارك من ل يشاركهم ف طريقهم عن فهم أذواقهم و مواجدهم ف ذلك‪.‬‬
‫و أهل الفتيا بي فنكر عليهم و مسلم لم‪ .‬و ليس البهان و الدليل بنافع ف هذا الطريق ردا و‬
‫قبول إذ هي من قبيل الوجدانيات‪.‬‬
‫تفصيل و تقيق‪ :‬يقع كثيا ف كلم أهل العقائد من علماء الديث و الفقه أن ال تعال مباين‬
‫لخلوقاته‪ .‬و يقع للمتكلمي أنة ل مباين و ل متصل‪ .‬و يقع للفلسفة أنة ل داخل العال و ل‬
‫خارجه‪ .‬و يقع للمتأخرين من التصوفة أنه متحد بالخلوقات‪ :‬إما بعن اللول فيها‪ ،‬أو بعن‬
‫إ نه هو عين ها‪ .‬و ل يس هناك غيه جلة و ل تف صيل‪ .‬فل نبي تف صيل هذه الذا هب و نشرح‬
‫حقيقة كل واحد منها‪ ،‬حت تتضح معانيها فنقول‪ ،‬إن الباينة تقال لعنيي‪:‬‬
‫أحده ا الباي نة ف ال يز و ال هة‪ ،‬و يقابله الت صال‪ .‬و نش عر هذه القابلة على هذه التق يد‪.‬‬
‫بالكان إما صريا و هو تسيم‪ ،‬أو لزوما و هو تشبيه من قبيل القول بالهة‪ .‬و قد نقل مثله‬
‫عن بعض علماء السلف من التصريح بذه الباينة‪ ،‬فيحتمل غي هذا العن‪ .‬و من أجل ذلك‬
‫أنكر التكلمون هذه الباينة وقالوا‪ :‬ل يقال ف البارئ أنة مباين ملوقاته‪ ،‬و ل متصل با‪ ،‬لن‬
‫ذلك إن ا يكون للمتحيزات‪ .‬و ما يقال من أن ال حل ل يلو عي الت صاف بالع ن و ضده‪.‬‬
‫فهو مشروط بصحة التصاف أول‪ ،‬و أما مع امتناعه فل‪ ،‬بل يوز اللو عن العن و ضده‪.‬‬
‫كما يقال ف الماد‪ ،‬ل عال و ل جاهل‪ ،‬و ل قادر و ل عاجز ول كاتب و ل أمي‪ .‬و صحة‬
‫التصاف بذه الباينة مشروط بالصول ف الهة على ما تقرر من مدلولا‪ .‬و البارئ سبحانه‬
‫منه عن ذلك‪ .‬ذكره ابن التلمسان ف شرح اللمع لمام الرمي و قال‪ :‬و ل يقال ف البارئ‬
‫مباين للعال و ل متصل به‪ ،‬و ل داخل فيه و ل خارج عنة‪ .‬و هو معن ما يقول الفلسفة أنة‬
‫ل دا خل العال و ل خار جه‪ ،‬يناء على وجود الوا هر غ ي التحيزة‪ .‬و أنكر ها التكلمون ل ا‬
‫يلزم من مساواتا للبارئ ف أخص الصفات‪ .‬و هو مبسوط ف علم الكلم‪.‬‬
‫وأ ما الع ن ال خر للمباي نة‪ ،‬ف هو الغايرة و الخال فة فيقال‪ :‬البارئ مبا ين لخلوقا ته ف ذا ته و‬
‫هوي ته و وجوده و صفاته‪ .‬و يقابله التاد و المتزاج والختلط‪ .‬و هذه الباي نة هي مذ هب‬
‫أ هل ال ق كل هم من جهور ال سلف و علماء الشرائع و التكلم ي و الت صوفة القدم ي أ هل‬
‫الر سالة و مسن ناس منحاهسم‪ .‬و ذهسب جا عة من الت صوفة التأخر ين الذ ين صسيوا الدارك‬
‫الوجدانية علمية نظرية‪ ،‬إل أن البارئ تعال متحد بخلوقاته ف هويته و وجوده و صفاته‪ .‬و‬
‫رب ا زعموا أ نة مذ هب الفل سفة ق بل أر سطو‪ ،‬م ثل أفلطون و سقراط‪ ،‬و هو الذي يقي نه‬
‫التكلمون ح يث ينقلو نه ف علم الكلم عن الت صوفة و ياولون الرد عل يه ل نه ذاتان‪ ،‬تنت في‬
‫إحداه ا‪ ،‬أو تندرج اندراج الزء‪ .‬فإن تلك مغايرة صرية‪ .‬و ل يقولون بذلك‪ .‬و هذا التاد‬
‫هو اللول الذي تدع يه الن صارى ف ال سيح عل يه ال سلم و هو أغرب ل نه حلول قد ي ف‬
‫مدث أو اتاده به‪ .‬و هو أي ضا ع ي ما تقوله المام ية من الشي عة ف الئ مة‪ .‬و تقر ير هذا‬
‫التاد ف كلمهم على طريقي‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن ذات القد ي كائ نة ف الحدثات م سوسها و معقول ا‪ ،‬متحدة ب ا ف الت صورين‪ ،‬و‬
‫هي كل ها مظا هر له‪ ،‬و هو القائم علي ها‪ ،‬أي القدم لوجود ها بع ن لوله كا نت عد ما و هو‬
‫رأي أهل اللول‪.‬‬
‫الثان ية‪ :‬طر يق أ هل الوحدة الطل قة و كأن م ا ستشعروا من تقر ير أ هل اللول الغي ية الناف ية‬
‫لعقول التاد‪ ،‬فنفوها بي القدي و بي الخلوقات ف الذات و الوجود و الصفات‪ .‬و غالطوا‬
‫ف غي ية الظا هر الدر كة بال س و الع قل بأن ذلك من الدارك البشر ية‪ ،‬و هي أوهام‪ .‬و ل‬
‫يريدون الوهم الذي هو قسيم العلم و الفن و الشك‪ ،‬إنا يريدون أنا كلها عدم ف القيقة‪ ،‬و‬
‫وجود ف الدرك البشري فقط‪ .‬و ل وجود بالقي قة إل للقد ي‪ ،‬ل ف الظاهر و ل ف الباطن‬
‫كما نقرره بعد‪ ،‬بسب المكان‪ .‬و التعويل ف تعقل ذلك على النظر و الستدلل‪ ،‬كما ف‬
‫الدارك البشر ية‪ ،‬غ ي مف يد‪ ،‬لن ذلك إن ا ن قل من الدارك اللك ية‪ ،‬وإن ا هي حا صلة لل نبياء‬
‫بالفطرة و من بعد هم للولياء بدايت هم‪ .‬و ق صد من يق صد ال صول علي ها بالطري قة العلم ية‬
‫ضلل‪ .‬و ربا قصد بعض الصنفي ذلك ف كشف الوجودات و ترتيب حقائقه على طريق‬
‫أهل الظاهر فأتى يالغمض فالغمض‪.‬‬
‫و ربا قصد بعض الصنفي بيان مذهبهم ف كشف الوجود و ترتيب حقائقه فأتى بالغمض‬
‫فالغمض بالنسبة إل أهل النظر و الصطلحات و العلوم كما ف عل الفرغان شارح قصيدة‬
‫ا بن الفارض ف الديبا جة ال ت كتب ها ف صدر ذلك الشرح فإ نه ذ كر ف صدور الوجود عن‬
‫الفاعل و ترتيبه أن الوجود كله صادر عن صفة الوحدانية الت هي مظهر الحدية و ها معا‬
‫صادران عن الذات الكرية الت هي عي الوحدة ل غي‪ .‬و يسمون هذا الصدور بالتجلي‪ .‬و‬
‫أول مرا تب التجليات عند هم تلي الذات على نف سه و هو يتض من الكمال بإفا ضة الياد و‬
‫الظهور لقوله ف الد يث الذي يتناقلو نه‪ :‬ك نت كنا مف يا فأحب بت أن أعرف فخل قت اللق‬
‫ليعرفونس و هذا الكمال فس الياد التنل فس الوجود و تفصسيل القائق و هسو عندهسم عال‬
‫العانس و الضرة الكماليسة و القيقسة الحمديسة و فيهسا حقائق الصسفات و اللوح و القلم و‬
‫حقائق ال نبياء و الر سل أجع ي و الك مل من أ هل اللة الحمدية‪ .‬و هذا كله تف صيل القي قة‬
‫الحمد ية‪ .‬و ي صدر عن هذه القائق حقائق أخرى ف الضرة البائ ية و هي مرت بة الثال ث‬
‫عنها العرش ث الكرسي ث الفلك‪ ،‬ث عال العناصر‪ ،‬ث عال التركيب‪ .‬هذا ف عال الرتق فإذا‬
‫تلت فهي ف عال الفتق‪ .‬و يسمى هذا الذهب مذهب أهل التجلي و الظاهر و الضرات و‬
‫هسو كلم ل يقتدر أهسل النظسر إل تصسيل مقتضاه لغموضسه و انغلقسه و بعسد مسا بيس كلم‬
‫صاحب الشاهدة و الوجدان و صاحب الدل يل‪ .‬و رب ا أن كر بظا هر الشرع‪ .‬هذا الترت يب و‬
‫كذلك ذهب آخرون منهم إل القول بالوحدة الطلقة و هو رأي أغرب من الول ف تعقله و‬
‫تفاريعه‪ .‬يزعمون فيه أن الوجود له قوى ف تفاصيله با كانت حقائق الوجودات و صورها و‬
‫موادها‪ .‬و العناصر إنا كانت با فيها من القوى و كذلك مادتا لا ف نفسها قوة با كان‬
‫وجود ها‪ .‬ث إن الركبات في ها تلك القوى متضم نة ف القوة ال ت كان ب ا الترك يب‪ ،‬كالقوة‬
‫العدنية فيها قوى العناصر بيولها و زيادة القوة العدنية ث القوة اليوانية تتضمن القوة العدنية‬
‫و زيادة قوتا ف نفسها و كذا القوة النسانية مع اليوانية ث الفلك يتضمن القوة النسانية و‬
‫زيادة‪ .‬و كذا الذوات الروحان ية و القوة الام عة لل كل من غ ي تف صيل هي القوة الل ية ال ت‬
‫انبثت ف جيع الوجودات كلية و جزئية و جعتها و أحاطت با من كل وجه‪ .‬ل من جهة‬
‫الظهور و ل من ج هة الفاء و ل من ج هة ال صورة و ل من ج هة الادة فال كل وا حد و هو‬
‫نفس الذات اللية و هي ف القيقة واحدة بسيطة و العتبار هو الفصل لا كالنسانية مع‬
‫اليوانية‪ .‬أل ترى أنا مندرجة فيها و كائنة بكونا‪ .‬فتارة يثلونا بالنس مع النوع‪ ،‬ف كل‬
‫موجود كما ذكرناه و تارة بال كل مع الزء على طري قة الثال‪ .‬و هم ف هذا كله يفرون من‬
‫التركيب و الكثرة بوجه من الوجوه و إنا أوجبها عندهم الوهم و اليال‪ .‬و الذي يظهر من‬
‫كلم ابن دهقان ف تقرير هذا الذهب أن حقيقة ما يقولونه ف الوحدة شبيه با تقوله الكماء‬
‫ف اللوان من أن وجودها مشروط بالضوء فإذا عدم الضوء ل تكن اللوان موجودة بوجه‪ .‬و‬
‫كذا عند هم الوجودات الح سوسة كل ها مشرو طة بوجود الدرك ال سي‪ ،‬بل و الوجودات‬
‫العقولة و التوهةس أيضسا مشروطسة بوجود الدرك العقلي فإذا الوجود الفصسل كله مشروط‬
‫بوجود الدرك البشري‪ .‬فلو فرضنا عدم الدرك البشري جلة ل يكن هناك تفصيل الوجود بل‬
‫هسو بسسيط واحسد فالرس و البد و الصسلبة و الليس بسل والرض و الاء و النار و السسماء و‬
‫الكواكب‪ ،‬إنا وجدت لوجود الواس الدركة لا لا جعل ف الدرك من التفصيل الذي ليس‬
‫ف الوجود و إن ا هو ف الدارك ف قط فإذا فقدت الدارك الف صلة فل تف صيل إن ا هو إدراك‬
‫واحد و هو أنا ل غيه‪ .‬و يعتبون ذلك بال النائم فإنه إذا نام و فقد الس الظاهر فقد كل‬
‫مسسوس و هسو فس تلك الال إل مسا يفصسله له اليال‪ .‬قالوا‪ :‬فكذا اليقظان إناس يعتسب تلك‬
‫الدركات كلها على التفصيل بنوع مدركه البشري ولو قدر فقد مدركه فقد التفصيل و هذا‬
‫هو معن قولم الوهم ل الوهم الذي هو من جلة الدارك البشرية‪ .‬هذا ملخص رأيهم على ما‬
‫يفهم من كلم ابن دهقان و هو ف غاية السقوط لنا نقطع بوجود البلد الذي نن مسافرون‬
‫عنه و إليه يقينا مع غيبته عن أعيننا و بوجود السماء الظلة و الكواكب و سائر الشياء الغائبة‬
‫ع نا‪ .‬و الن سان قا طع بذلك و ل يكابر أ حد نف سه ف اليق ي مع أن الحقق ي من الت صوفة‬
‫التأخريسن يقولون إن الريسد عنسد الكشسف رباس يعرض له توهسم هذه الوحدة و يسسمى ذلك‬
‫عندهم مقام المع ث يترقى عنه إل التمييز بي الوجودات و يعبون عن ذلك بقام الفرق و‬
‫هو مقام العارف الحقق و لبد للمريد عندهم من عقبة المع و هي عقبة صعبة لنه يشى‬
‫على الريد من وقوفه عندها فتخسر صفقته فقد تبينت مراتب أهل هذه الطريقة ث إن كل‬
‫هؤلء التأخرين من التصوفة التكلمي ف الكشف و فيما وراء الس توغلوا ف ذلك فذهب‬
‫الكثي منهم إل اللول و الوحدة كما أشرنا إليه و ملئوا الصحف منه مثل الروي ف كتاب‬
‫القامات له و غيه‪ .‬و تبعهم ابن العرب و ابن سبعي و تلميذها ابن العفيف وابن الفارض و‬
‫الن جم ال سرائيلي ف ق صائدهم‪ .‬و كان سلفهم مالط ي لل ساعيلية التأخر ين من الراف ضة‬
‫الدائن ي أي ضا باللول و إل ية الئ مة مذه با ل يعرف لول م فأشرب كل وا حد من الفريق ي‬
‫مذهسب الخسر‪ .‬و اختلط كلمهسم و تشابتس عقائدهسم‪ .‬و ظهسر فس كلم التصسوفة القول‬
‫بالقطب و معناه رأس العارفي‪ .‬يزعمون أنه ل يكن أن يساويه أحد ف مقامه ف العرفة حت‬
‫يقب ضه ال‪ .‬ث يورث مقا مه ل خر من أ هل العرفان‪ .‬و قد أشار إل ذلك ا بن سينا ف كتاب‬
‫الشارات ف فضول التصوف منها فقال‪ :‬جل جناب الق أن يكون شرعة لكل وارد أو يطلع‬
‫عليه إل الواحد بعد الواحد‪ .‬و هذا كلم ل تقوم عليه حجة عقلية‪ ،‬و ل دليل شرعي و إنا‬
‫هو من أنواع الطابة و هو بعينه ما تقوله الرافضة و دانوا به‪ .‬ث قالوا بترتيب وجود البدال‬
‫بعد هذا القطب كما قاله الشيعة ف النقباء‪ .‬حت إنم لا أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه‬
‫أصل لطريقتهم و نلتهم رفعوه إل علي رضي ال عنه و هو من هذا العن أيضا‪ .‬و إل فعلي‬
‫رضي ال عنه ل يتص من بي الصحابة بتخليه و ل طريقة ف لباس و ل حال‪ .‬بل كان أبو‬
‫ب كر و ع مر ر ضي ال عنه ما أز هد الناس ب عد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و أكثر هم‬
‫عبادة‪ .‬و ل يتص أحد منهم ف الدين بشيء يؤثر عنه ف الصوص بل كان الصحابة كلهم‬
‫أسوة ف الدين و الزهد و الجاهدة‪.‬‬
‫تش هد بذلك سيهم و أخبار هم‪ ،‬ن عم إن الشي عة ييلون ب ا ينعلون من ذلك اخت صاص علي‬
‫رضي ال ع نه بالفضائل دون من سواه من ال صحابة ذها با مع عقائد التشيع العروفة ل م‪ .‬و‬
‫الذي يظهر أن التصوفة بالعراق‪ ،‬لا ظهرت الساعيلية من الشيعة‪ ،‬و ظهر كلمهم ف المامة‬
‫و ما ير جع إلي ها ما هو معروف‪ ،‬فاقتب سوا من ذلك الوزا نة ب ي الظا هر و البا طن و جعلوا‬
‫الما مة ل سياسة اللف ف النقياد إل الشرع‪ ،‬و أفردوه بذلك أن ل ي قع اختلف ك ما تقرر‬
‫ف الشرع‪ .‬ث جعلوا الق طب لتعل يم العر فة بال ل نه رأس العارف ي‪ ،‬و أفردوه بذلك تشبي ها‬
‫بالمام ف الظا هر و أن يكون على وزا نه ف البا طن و سوه قط با لدار العر فة عليه‪ ،‬و جعلوا‬
‫البدال كالنقباء مبالغة ف التشبيه فتأمل ذلك‪.‬‬
‫يشهد لذلك من كلم هؤلء التصوفة ف أمر الفاطمي و ما شحنوا كتبهم ف ذلك ما ليس‬
‫ل سلف الت صوفة ف يه كلم بن في أو إثبات و إن ا هو مأخوذ من كلم الشي عة و الراف ضة و‬
‫مذاهبهم ف كتبهم‪ .‬و ال يهدي إل الق‪.‬‬
‫تذييل‪ :‬و قد رأيت أن أجلب هنا فصل من كلم شيخنا العارف كبي الولياء بالندلس‪ ،‬أب‬
‫مهدي عيسسى بسن الزيات كان يقسع له أكثسر الوقات على أ بيات الروي التس وقعست له فس‬
‫كتاب القامات توهم القول بالوحدة الطلقة أو يكاد يصرح با و بقوله‪:‬‬
‫إذ كل من وحده جاحد‬ ‫ما وحد الواحد من واحد‬
‫تثنيه أبطلها الواحد‬ ‫توحيد من ينطق عن نعته‬
‫و نعت من ينعته لحد‬ ‫توحيده إياه توحيده‬
‫فيقول رحه ال على سبيل العذر عنه‪ :‬استشكل الناس إطلق لفظ المود على كل من وحد‬
‫الوا حد و ل فظ اللاد على من نع ته و و صفه‪ .‬و ا ستبشعوا هذه البيات و حلوا قائل ها على‬
‫الك فر و ا ستخفوه‪ .‬و ن ن نقول على رأي هذه الطائ فة أن مع ن التوح يد عند هم انتقاء ع ي‬
‫الدوث بثبوت عي القدم و أن الوجود كله حقيقة واحدة وانية واحدة‪ .‬و قد قال أبو سعيد‬
‫الزار من كبار القوم‪ :‬ال ق ع ي ما ظ هر و ع ي ما ب طن‪ .‬و يرون أن وقوع التعدد ف تلك‬
‫القيقة وجود الثنينية‪ .‬و هم باعتبار حضرات الس بنلة صور الضلل و الصدا و الرأى‪ .‬و‬
‫أن كل ما سوى عي القدم‪ ،‬إذا استتبع فهو عدم‪ .‬و هذا معن‪ :‬كان ال‪ ،‬و ل شيء معه‪ ،‬و‬
‫هو الن على ما هو عل يه كان عند هم‪ .‬و مع ن قول كبي الذي صدقه ر سول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم ف قوله‪ :‬أل كل ش يء‪ ،‬ما خل ال با طل‪ .‬قالوا‪ :‬ف من و حد و ن عت‪ ،‬ف قد قال‬
‫بوجد مدث‪ .‬هو نفسه‪ ،‬و توحيد مدث هو فعله‪ ،‬موجود قدير‪ ،‬هو معبود‪.‬‬
‫و قسد تقدم معنس التوحيسد انتقاء عيس الدوث‪ ،‬و عيس الدوث‪ ،‬الن ثابتسة بسل متعددة‪ ،‬و‬
‫التوحيد محود والدعوى كاذبة‪ .‬كمن يقول لغيه‪ ،‬و ها معا ف بيت واحد‪ :‬ليس ف البيت‬
‫غيك‪ ،‬فيقول الخر بلسان حاله‪ :‬ل يصح هذا إل لو عدمت أنت ! و قد قال بعض الحققي‬
‫فس قولمس‪ :‬خلق ال الزمان‪ ،‬هذه ألفاظ تناقسض أصسولا لن خلق الزمان متقدم على الزمان و‬
‫هو فعل لبد من وقوعه ف الزمان‪ .‬و إنا حل ذلك ضيق العبارة عن القائق و عجز اللغات‬
‫عن تأد ية ال ق في ها و ب ا‪ .‬فإذا ت قق أن الو حد هو الو حد‪ ،‬و عدم ما سواه جلة‪ .‬صح‬
‫التوحيد حقيقة‪ .‬و هذا معن قولم ل يعرف ال إل ال و ل حرج على من وحد الق مع بقاء‬
‫الرسوم و الثار‪ ،‬و إنا هو من باب‪ :‬حسنات البرار سيئات القربي‪ .‬لن ذلك لزم التقييد و‬
‫العبودية و الشفعية‪ .‬و من ترقى إل مقام المع كان ف حقه نقصا‪ ،‬مع علمه برتبته‪ ،‬و أنه‬
‫تلب يس ت ستلزمه العبود ية و يرم عه الشهود و يط هر من د نس حدو ثه ع ي ال مع‪ .‬و أعرق‬
‫الصناف ف هذا الزعم القائلون بالوحدة الطلقة‪ .‬و مدار العرفة بكل اعتبار على النتهاء إل‬
‫الواحد‪ ،‬و إنا صدر هذا القول من الناظم على سبيل التحريض و التنبيه و التفطي لقام أعلى‬
‫ترتفع فيه الشفعية و يصل التوحيد الطلق عينا ل خطابا‪ .‬و عبارة‪ :‬فمن سلم استراح و من‬
‫نازعته حقيقة أنس بقوله‪ :‬كنت سعه و بصره‪ .‬و إذا عرفت العان ل مشاحة ف اللفاظ‪ .‬و‬
‫الذي يفيده هذا كله تقق أمر فوق هذا الطور‪ ،‬ل ن طق فيه و ل خب عنه‪ .‬و هذا القدار من‬
‫الشارة كاف‪ .‬و التعمق ف مثل هذا حجاب‪ .‬و هو الذي أوقع ف القالت العروفة‪ .‬انتهى‬
‫كلم الشيخ أب مهدي الزيات‪ ،‬و نقلته من كتاب الوزير أب الطيب الذي ألفه ف الحبة‪ .‬و‬
‫ساه التعريف بالب الشريف‪ .‬و قد سعته من شيخنا أب مهدي مرارا‪ .‬إل أن رأيت رسوم‬
‫الكتاب أوعى له‪ .‬لطول عهدي به‪ .‬و ال الوفق‪.‬‬
‫ثس إن كثيا مسن الفقهاء و أهسل الفتيسا انتدبوا للرد على هؤلء التأخريسن فس هذه القالت و‬
‫أمثالا و شلوا بالنكي سائر ما وقع لم ف الطريقة‪ .‬و الق أن كلمهم معهم فيه تفصيل فإن‬
‫كلمهم ف أربعة مواضع‪ :‬أحدها الكلم على الجاهدات و ما يصل من الذواق و الواجد و‬
‫ماسبة النفس على أعمالا لتحصل تلك الذواق الت تصي مقاما و يترقى منة إل غيه كما‬
‫قلناه و ثاني ها الكلم ف الك شف والقي قة الدر كة من عال الغ يب م ثل ال صفات الربان ية و‬
‫العرش و الكرسي واللئكة و الوحي و النبؤة و الروح و حقائق كل موجود غائب أو شاهد‬
‫و تركيب اللوان ف صدورها عن موجودها و تكونا كما مر‪ ،‬و ثالثها التصرفات ف العوال‬
‫والكوان بأنواع الكرامات‪ ،‬و رابعها ألفاظ موهة الظاهر صدرت من الكثي من أئمة القوم‬
‫ي عبون عن ها ف ا صطلحهم بالشطحات ت ستشكل ظواهر ها فمن كر و م سن و متأول‪ .‬فأ ما‬
‫الكلم ف الجاهدات و القامات و ما يصل من الذواق والواجد ف نتائجها و ماسبة النفس‬
‫على التقصي ف أسبابا فأمر ل مدفع فيه لحد و أذواقهم فيه صحيحة و التحقق با هو عي‬
‫ال سعادة‪ .‬و أ ما الكلم ف كرامات القوم و أخبار هم بالغيبات و ت صرفهم ف الكائنات‪ .‬فأ مر‬
‫صحيح غي منكر‪ .‬و إن مآل بعض العلماء إل إنكارها فليس ذلك من الق‪ .‬و ما احتج به‬
‫ال ستاذ أبو إ سحاق ال سفرائن من أئ مة الشعر ية على إنكار ها للتبا سها بالعجزة ف قد فرق‬
‫الحققون من أ هل ال سنة بينه ما بالتحدي و هو دعوى وقوع العجزة على و فق ما جاء به‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ثس إن وقوعهسا على وفسق دعوى الكاذب غيس مقدور لن دللة العجزة على الصسدق‬
‫عقلية فإن صفة نفسها التصديق‪ .‬فلو وقعت مع الكاذب لتبدلت صفة نفسها و هو مال‪ .‬هذا‬
‫مع أن الوجود شا هد بوقوع الكث ي من هذه الكرامات و إنكار ها نوع مكابرة‪ .‬و قد و قع‬
‫لل صحابة و أكابر ال سلف كث ي من ذلك و هو معلوم مشهور‪ .‬و أ ما الكلم ف الك شف و‬
‫إعطاء حقائق العلويات و ترتيب صدور الكائنات فأكثر كلمهم فيه نوع من التشابه لا أنه‬
‫وجدا ن عند هم و فا قد الوجدان عند هم بعزل عن أذواق هم ف يه‪ .‬و اللغات ل تع طى له دللة‬
‫على مراد هم م نه لن ا ل تو ضع إل للتعارف و أكثره من الح سوسات‪ .‬فينبغي أن ل نتعرض‬
‫لكلمهسم فس ذلك و نتركسه فيمسا تركناه مسن التشابسه و مسن رزقسه ال فهسم شيسء مسن هذه‬
‫الكلمات على الوجه الوافق لظاهر الشريعة فأكرم با سعادة‪ .‬و أما اللفاظ الوهة الت يعبون‬
‫عنها بالشطحات و يوآخذهم با أهل الشرع فاعلم أن النصاف ف شأن القوم أنم أهل غيبة‬
‫عن الس و الواردات تلكهم حت ينطقوا عنها با ل يقصدونه و صاحب الغيبة غي ماطب و‬
‫الجبور معذور‪ .‬ف من علم من هم فضله و اقتداؤه ح ل على الق صد الم يل من هذا و أمثاله و‬
‫أن العبارة عن الواجد صعبة لفقدان الوضع لا كما وقع لب يزيد البسطامي و أمثاله‪ .‬و من‬
‫ل يعلم فضله و ل اشتهر فموآخذ با صدر عنه من ذلك إذا ل يتبي لنا ما يملنا على تأويل‬
‫كلمه‪ .‬و أما من تكلم بثلها و هو حاضر ف حسه و ل يلكه الال فموآخذ أيضا‪ .‬و لذا‬
‫أفتس الفقهاء و أكابر التصسوفة بقتسل اللج لنسه تكلم فس حضور و هسو مالك لاله‪ .‬و ال‬
‫أعلم‪ .‬و سلف الت صوفة من أ هل الر سالة أعلم اللة الذ ين أشر نا إلي هم من ق بل ل ي كن ل م‬
‫حرص على كشسف الجاب و ل هذا النوع مسن الدراك إناس ههسم التباع و القتداء مسا‬
‫استطاعوا‪ .‬و من عرض له شيء من ذلك أعرض عنه و ل يفل به بل يفرون منه و يرون أنة‬
‫مسن العوائق و الحسن و أنسه إدراك مسن إدراكات النفسس ملوق حادث و أن الوجودات ل‬
‫تنحصر ف مدارك النسان‪ .‬و علم ال أوسع و خلقه أكب و شريعته بالداية أملك فل ينطقون‬
‫بشيء ما يدركون‪ .‬بل حظروا الوض ف ذلك و منعوا من يكشف له الجاب من أصحابم‬
‫من الوض فيه و الوقوف عنده بل يلتزمون طريقتهم كما كانوا ف عال الس قبل الكشف‬
‫من التباع و القتداء و يأمرون أصحابم بالتزامها‪ .‬و هكذا ينبغي أن يكون حال الريد و ال‬
‫الوفق للصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر‪ :‬ف علم تعبي الرؤيا‬


‫هذا العلم من العلوم الشرعية و هو حادث ف اللة عندما صارت العلوم صنائع و كتب الناس‬
‫فيها‪ .‬و أما الرؤيا و التعبي لا فقد كان موجودا ف السلف كما هو ف اللف‪ .‬و ربا كان ف‬
‫اللوك و المم من قبل إل أنه ل يصل إلينا للكتفاء فيه بكلم العبين من أهل السلم‪ .‬و إل‬
‫فالرؤيا موجودة ف صنف البشر على الطلق و لبد من تعبيها‪ .‬فلقد كان يوسف الصديق‬
‫صلوات ال عليه يعب الرؤيا كما وقع ف القرآن‪ .‬و كذلك ثبت عن الصحيح عن النب صلى‬
‫ال عليه و سلم و عن أب بكر رضي ال عنه و الرؤيا مدرك من مدارك الغيب‪ .‬و قال صلى‬
‫ال عل يه و سلم‪ :‬الرؤ يا ال صالة جزء من ستة و أربع ي جزءا من النبؤة‪ .‬و قال‪ :‬ل ي بق من‬
‫البشرات إل الرؤيا الصالة يراها الرجل الصال أو ترى له و أول ما بدأ به النب صلى ال عليه‬
‫و سلم من الوحي الرؤيا فكان ل يرى رؤيا إل جاءت مثل فلق الصبح‪ .‬و كان النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم إذا انف تل من صلة الغداة يقول ل صحابه‪ :‬هل رأى أ حد من كم الليلة رؤ يا ؟‬
‫ي سألم عن ذلك لي ستبشر ب ا و قع من ذلك م ا ف يه ظهور الد ين و إعزازه‪ .‬و أ ما ال سبب ف‬
‫كون الرؤ يا مدر كا للغ يب ف هو أن الروح القل ب و هو البخار اللط يف النب عث من تو يف‬
‫القلب اللحمسي ينتشسر فس الشريانات و مسع الدم فس سسائر البدن و بسه تكمسل أفعال القوى‬
‫اليوانيسة و إحسساسها‪ .‬فإذا أدركسه اللل بكثرة التصسرف فس الحسساس بالواس المسس و‬
‫ت صريف القوى الظاهرة و غ شي سطح البدن ما يغشاه من برد الل يل ان بس الروح من سائر‬
‫أقطار البدن إل مركزه القلبس فيسستجم بذلك لعاودة فعله فتعطلت الواس الظاهرة كلهسا و‬
‫ذلك هو معن النوم كما تقدم ف أول الكتاب‪ .‬ث إن هذا الروح القلب هو مطية للروح العاقل‬
‫من الن سان و الروح العا قل مدرك لميسع ما ف عال ال مر بذا ته إذ حقيق ته و ذا ته ع ي‬
‫الدراك‪ .‬و إنا ينع من تعلقه للمدارك الغيبية ما هو فيه من حجاب الشتغال بالبدن و قواه و‬
‫حواشه‪ .‬فلو قد خل من هذا الجاب و ترد عنه لرجع إل حقيقته و هو عي الدراك فيعقل‬
‫كل مدرك‪ .‬فإذا ترد عن بعض ها خ فت شواغله فل بد له من إدراك ل حة من عال ه بقدر ما‬
‫ترد له و هو ف هذه الالة قد خ فت شوا غل ال س الظا هر كل ها و هي الشا غل الع ظم‬
‫فاستعد لقبول ما هنالك من الدارك اللئقة من عاله‪ .‬و إذا أدرك ما يدرك من عواله رجع به‬
‫إل بدنه‪ .‬إذ هو ما دام ف بدنه جسمان ل يكنه التصرف إل بالدارك السمانية‪ .‬و الدارك‬
‫السمانية للعلم إنا هي الدماغية و التصرف منها هو اليال‪ .‬فإنه ينتزع من الصور الحسوسة‬
‫صورا خيالية ث يدفعها إل الافظة تفظها له إل وقت الاجة إليها عند النظر و الستدلل‪ .‬و‬
‫كذلك ترد النفس منها صورا أخرى نفسانية عقلية فيترقى التجريد من الحسوس إل العقول‬
‫و اليال وا سطة بينه ما‪ .‬و لذلك إذا أدر كت الن فس من عال ها ما تدر كه ألق ته إل اليال‬
‫في صوره بال صورة النا سبة و يدف عه إل ال س الشترك فياه النائم كأ نة م سوس فيتنل الدرك‬
‫من الروح العقلي إل ال سي‪ .‬و اليال أي ضا وا سطة‪ .‬هذه حقي قة الرؤ يا‪ .‬و من هذا التقر ير‬
‫يظهر لك الفرق بي الرؤيا الصالة وأضغاث الحلم الكاذبة فإنا كلها صور ف اليال حالة‬
‫النوم‪ .‬و ل كن إن كا نت تلك ال صور متتزلة من الروح العقلي الدرك ف هو رؤ يا‪ .‬و إن كا نت‬
‫مأخوذة من ال صور ال ت ف الاف ظة ال ت كان اليال أودع ها إيا ها م نذ اليق ظة ف هي أضغاث‬
‫أحلم‪.‬‬
‫و اعلم أن للرؤ يا ال صادقة علمات تؤذن ب صدقها و تش هد ب صحتها في ستشعر الرائي البشارة‬
‫من ال م ا أل قى إل يه ف نو مه‪ :‬فمن ها سرعة انتباه الرائي عند ما يدرك الرؤ يا‪ ،‬كأ نة يعا جل‬
‫الرجوع إل الس باليقظة و لو كان مستغرقا ف نومه‪ ،‬لتقل ما ألقي عليه من ذلك الدراك‬
‫فيفر من تلك الالة إل حالة الس الت تبقى النفس فيها منغمسة بالبدن و عوارضه‪ ،‬و منها‬
‫ثبوت ذلك الدراك و دوا مه بانطباع تلك الرؤ يا بتفا صيلها ف حف ظه فل يتخيل ها سهو و ل‬
‫نسيان‪ .‬و ل يتاج إل إحضارها بالفكر و التذكي‪ ،‬بل تبقى متصورة ف ذهنه إذا انتبه‪ .‬و ل‬
‫يغرب عنه شيء منها‪ ،‬لن الدراك النفسان ليس بزمان و ل يلحقه ترتبت‪ ،‬بل يدركه دفعة‬
‫فس زمسن فرد‪ .‬و أضغاث الحلم زمانيسة‪ .‬لناس فس القوى الدماغيسة يسستخرجها اليال مسن‬
‫الافظة إل الس الشترك كما قلناه‪ .‬و أفعال البدن كلها زمانية فيلحقها الترتيب ف الدراك‬
‫و التقدم و التأ خر‪ .‬و يعرض الن سيان العارض للقوى الدماغ ية‪ .‬و ل يس كذلك مدارك الن فس‬
‫الناط قة إذ لي ست بزمان ية‪ ،‬و ل ترت يب في ها‪ .‬و ما ينط بع في ها من الدراكات فينط بع دف عة‬
‫واحدة ف أقرب من ل ح الب صر‪ .‬و قد تب قى الرؤ يا ب عد النتباه‪ .‬حاضرة ف ال فظ أيا ما من‬
‫الع مر‪ .‬ل ت شذ بالغفلة عن الف كر بو جه إذا كان الدراك الول قو يا‪ ،‬و إذا كان إن ا يتذ كر‬
‫الرؤيا بعد النتباه من النوم بإعمال الفكر و الوجهة إليها‪ ،‬و ينسى الكثي من تفاصيلها حت‬
‫يتذكرها فليست الرؤيا بصادقة‪ ،‬و إنا هي من أضغاث الحلم‪ .‬و هذه العلمات من خواص‬
‫الو حي‪ .‬قال ال تعال ل نبيه صلى ال عل يه و سلم‪ :‬ل ترك به ل سانك لتع جل به * إن علي نا‬
‫جعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ث إن علينا بيانه و الرؤيا لا نسبة من النبوة و الوحي‬
‫كما ف الصحيح‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الرؤيا جزء من ستة و أربع ي جزءا من النبوة‬
‫فلخوا صها أي ضا ن سبة إل خواص النبوة‪ .‬بذلك القدر‪ ،‬فل ت ستبعد ذلك‪ ،‬فهذا و جه ال ق‪ .‬و‬
‫ال الالق لا يشاء‪.‬‬
‫و أمسا معنس التعسبي فاعلم أن الروح العقلي إذا أدرك مدركسة و ألقاه إل اليال فصسوره فإناس‬
‫يصوره ف الصور الناسبة لذلك العن بعض الشيء كما يدرك معن السلطان العظم فيصوره‬
‫اليال بصورة البحر أو يدرك العداوة فيصورها اليال ف صورة الية‪ .‬فإذا استيقظ و هو ل‬
‫يعلم من أمره إل أنه رأى البحر أو الية فينظر العب بقوة التشبيه بعد أن يتيقن أن البحر صورة‬
‫مسسوسة و أن الدرك وراءهسا و هسو يهتدي بقرائن أخرى تعيس له الدرك فيقول مثل‪ :‬هسو‬
‫السلطان لن البحر خلق عظيم يناسب أن يشبه با السلطان و كذلك الية يناسب أن تشبه‬
‫بالعدو لع ظم ضرر ها و كذا الوا ن تش به بالن ساء لن ن أوع ية وأمثال ذلك‪ .‬و من الرئي ما‬
‫يكون صريا ل يفتقر إل تعبي للئها و وضوحها أو لقرب الشبه فيها بي الدرك و شبهه‪ .‬و‬
‫لذا وقع ف الصحيح الرؤيا ثلث‪ :‬رؤيا من ال و رؤيا من اللك و رؤيا من الشيطان‪ .‬فالرؤيا‬
‫الت من ال هي الصرية الت ل تفتقر إل تأويل و الت من اللك هي الرؤيا الصادقة تفتقر إل‬
‫التعبي و الرؤيا الت من الشيطان هي الضغاث‪ .‬و اعلم أن اليال إذا ألقى إليه الروح مدركه‪.‬‬
‫فإنا يصوره ف القوالب العتادة للحس و ما ل يكن الس أدركه قط من القوالب فل يصور‬
‫ف يه شيئا فل ي كن من ولد أع مى أن يصور له السلطان بالب حر و ل العدو بالية و ل النساء‬
‫بالوان لنه ل يدرك شيئا من هذه و إنا يصور له اليال أمثال هذه ف شبهها و مناسبها من‬
‫جنس مداركه الت هي السموعات و الشمومات‪ .‬و ليتحفظ العب من مثل هذا فربا اختلط‬
‫به التعبي و فسد قانونه‪ .‬ث إن علم التعبي علم بقواني كلية يبن عليها العب عبارة ما يقص‬
‫عليه‪ .‬و تأويله كما يقولون‪ :‬البحر يدل على السلطان‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬البحر يدل‬
‫على الغيظ‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬البحر يدل على الم والمر الفادح‪ .‬و مثل ما يقولون‪:‬‬
‫ال ية تدل على العدو‪ ،‬و ف مو ضع آ خر يقولون‪ :‬هي كا ت سر‪ ،‬و ف مو ضع آ خر يقولون‪:‬‬
‫تدل على الياة و أمثال ذلك‪ .‬فيح فظ ال عب هذه القوان ي الكل ية‪ ،‬و ي عب ف كل مو ضع ب ا‬
‫تقتضيه القرائن الت تعي من هذه القواني ما هو أليق بالرؤيا‪ .‬و تلك القرائن منها ف اليقظة و‬
‫منها ف النوم و منها ما ينقدح ف نفس العب بالاصية الت خلقت فيه و كل ميسر لا خلق له‪.‬‬
‫و ل يزل هذا العلم فتناقل بي السلف‪ .‬و كان ممد بن سيين فيه من أشهر العلماء و كتب‬
‫عنسه فس ذلك القوانيس و تناقلهسا الناس لذا العهسد‪ .‬و ألف الكرمانس فيسه مسن بعده‪ .‬ثس ألف‬
‫التكلمون التأخرون و أكثروا‪ .‬و التداول بيس أهسل الغرب لذا العهسد كتسب ابسن أبس طالب‬
‫القيوان من علماء القيوان مثل المتع و غيه و كتاب الشارة للسالي من أنفع الكتب فيه و‬
‫أحضر ها‪ .‬و كذلك كتاب الرق بة العل يا ل بن را شد من مشيخت نا بتو نس‪ .‬و هو علم مض يء‬
‫ينور النبؤة للمناسبة الت بينهما و لكونا كانت من مدارك الوحي كما وقع ف الصحيح و ال‬
‫علم الغيوب‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر‪ :‬ف العلوم العقلية و أصنافها‬


‫و أما العلوم العقلية الت هي طبيعية للنسان من حيث إنه ذو فكر فهي غي متصة بلة بل‬
‫بوجه الن ظر فيها إل أ هل اللل كلهم و يستوون ف مدارك ها و مباحثها‪ .‬و هي موجودة ف‬
‫النوع النسان منذ كان عمران الليقة‪ .‬و تسمى هذه العلوم علوم الفلسفة و الكمة و هي‬
‫مشتملة على أرب عة علوم‪ :‬الول علم الن طق و هو علم يع صم الذ هن عن ال طأ ف اقتناص‬
‫الطالب الجهولة من المور الاصلة العلومة و فائدته تييز الطأ من الصواب‪ .‬فيما يلتمسه‬
‫النا ظر ف الوجودات و عوارض ها لي قف على تق يق ال ق ف الكائنات نف يا و ثبو تا بنت هى‬
‫فكره‪ .‬ث النظر بعد ذلك عندهم إما ف الحسوسات من الجسام العنصرية و الكونة عنها من‬
‫العدن و النبات و اليوان و الجسام الفلك ية والركات الطبيعية‪ .‬و النفس الت تنبعث عنها‬
‫الركات و غ ي ذلك‪ .‬و ي سمى هذا ال فن بالعلم ال طبيعي و هو العلم الثا ن من ها‪ .‬و إ ما أن‬
‫يكون النظر ف المور الت وراء الطبيعة من الروحانيات و يسمونه العلم اللي و هو الثالث‬
‫منها‪ .‬و العلم الرابع و هو الناظر ف القادير و يشتمل على أربعة علوم و تسمى التعاليم‪ .‬أولا‪:‬‬
‫علم الند سة و هو الن ظر ف القاد ير على الطلق‪ .‬إ ما النف صلة من ح يث كون ا معدودة أو‬
‫التصلة و هي إما ذو بعد واحد و هو الط أو ذو بعدين و ف السطح‪ ،‬أو ذو أبعاد ثلثة و‬
‫هو السم التعليمي‪ .‬ينظر ف هذه القادير و ما يعرض لا إما من حيث ذاتا أو من حيث نسبة‬
‫بعض ها إل ب عض‪ .‬و ثاني ها علم الرتاطي قي و هو معر فة ما يعرض لل كم النف صل الذي هو‬
‫العدد و يؤخذ له من الواص و العوارض اللحقة‪ .‬و ثالثها علم الوسيقى و هو معرفة نسب‬
‫الصوات و النغم بعضها من بعض و تقديرها بالعدد و ثرته معرفة تلحي الغناء‪ .‬و رابعها‬
‫علم اليئة و هو تعيي الشكال للفلك و حصر أوضاعها و تعددها لكل كوكب من السيارة‬
‫و الثاب تة والقيام على معر فة ذلك من ق بل الركات ال سماوية الشاهدة الوجودة ل كل وا حد‬
‫منها و من رجوعها و استقامتها و إقبالا و إدبارها‪ .‬فهذه أصول العلوم الفلسفية و هي سبعة‪:‬‬
‫النطق و هو القدم منها و بعده التعاليم فالرتاطيقي أول ث الندسة ث اليئة ث الوسيقى ث‬
‫الطبيعيات ث الليات و لكل واحد منها فروع تتفرع عنه‪ .‬فمن فروع الطبيعيات الطب و من‬
‫فروع علم العدد علم الساب والفرائض و العاملت و من فروع اليئة الزياج و هي قواني‬
‫ل ساب حركات الكوا كب و تعديلها للوقوف على مواضعها مت ق صد ذلك و من فروعها‬
‫الن ظر ف النجوم على الحكام النجوم ية و ن ن نتكلم علي ها واحدا ب عد وا حد إل آخر ها‪ .‬و‬
‫اعلم أن أك ثر من ع ن ب ا ف الجيال الذ ين عرف نا أخبار هم المتان العظيمتان ف الدولة ق بل‬
‫السلم و ها فارس و الروم فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم على ما بلغنا لا كان العمران‬
‫موفورا في هم والدولة و ال سلطان ق بل ال سلم و ع صره ل م فكان لذه العلوم بور زاخرة ف‬
‫آفاقهم و أمصارهم‪ .‬و كان للكلدانيي و من قبلهم من السريانيي و من عاصرهم من القبط‬
‫عناية بالسحر و النجامة و ما يتبعها من الطلسم و أخذ ذلك عنهم المم من فارس و يونان‬
‫فاختص با القبط و طمى برها فيهم كما وقع ف التلو من خب هاروت و ماروت و شأن‬
‫ال سحرة و ما نقله أ هل العلم من شأن الباري ب صعيد م صر‪ .‬ث تتاب عت اللل ب ظر ذلك و‬
‫تريه فدرست علومه و بطلت كأن ل تكن إل بقايا يتناقلها منتحلو هذه الصنائع‪ .‬و ال أعلم‬
‫ب صحتها‪ .‬مع أن سيوف الشرع قائ مة على ظهور ها مان عة من اختبار ها‪ .‬و أ ما الفرس فكان‬
‫شأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيما و نطاقها متسعا لا كانت عليه دولتهم من الضخامة و‬
‫اتصال اللك‪ .‬و لقد يقال إن هذه العلوم إنا وصلت إل يونان منهم حي قتل السكندر دارا‬
‫و غلب على مل كة الكين ية فا ستول على كتب هم و علوم هم‪ .‬إل أن ال سلمي ل ا افتتحوا بلد‬
‫فارس‪ ،‬و أصابوا من كتبهم وصحائف علومهم ما ل يأخذه الصر و لا فتحت أرض فارس و‬
‫وجدوا فيها كتبا كثية كتب سعد بن أب وقاص إل عمر بن الطاب لي ستأذنه ف شأنا و‬
‫تنقيلها للمسلمي‪ .‬فكتب إليه عمر أن اطرحوها ف الاء‪ .‬فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا ال‬
‫بأهدى م نه و إن ي كن ضلل ف قد كفا نا ال‪ .‬فطرحو ها ف الاء أو ف النار و ذه بت علوم‬
‫الفرس فيها عن أن تصل إلينا‪ .‬و أما الروم فكانت الدولة منهم ليونان أول و كان لذه العلوم‬
‫بينهم مال رحب و حلها مشاهي من رجالم مثل أساطي الكمة و غيهم‪ .‬و اختص فيها‬
‫الشاءون من هم أ صحاب الرواق بطري قة ح سنة ف التعل يم كانوا يقرؤون ف رواق يظلم من‬
‫الش مس و البد على ما زعموا‪ .‬و ات صل في ها سند تعليم هم على ما يزعمون من لدن لقمان‬
‫الكيسم فس تلميذه بقراط الدن‪ ،‬ثس إل تلميذه أفلطون ثس إل تلميذه أرسسطو ثس إل تلميذه‬
‫السكندر الفرودسي‪ ،‬و تامسطيون و غيهم‪ .‬و كان أرسطو معلما للسكندر ملكهم الذي‬
‫غلب الفرس على ملك هم و انتزع اللك من أيدي هم‪ .‬و كان أر سخهم ف هذه العلوم قد ما و‬
‫أبعدهم فيه صيتا و شهرة‪ .‬و كان يسمى العلم الول فطار له ف العال ذكر‪ .‬ولا انقرض أمر‬
‫اليونان و صار المر للقياصرة و أخذوا بدين النصرانية هجروا تلك العلوم كما تقتضيه اللل و‬
‫الشرائع فيها‪ .‬و بقيت ف صحفها و دواوينها ملدة باقية ف خزائنهم ث ملكوا الشام و كتب‬
‫هذه العلوم باقيسة فيهسم‪ .‬ثس جاء ال بالسسلم و كان لهله الظهور الذي ل كفاء له و ابتزوا‬
‫الروم ملكهم فيما ابتزوه للمم‪ .‬و ابتدأ أمرهم بالسذاجة و الغفلة عن الصنائع حت إذا تبحبح‬
‫من ال سلطان و الدولة و أ خذ الضارة بال ظ الذي ل ي كن لغي هم من ال مم و تفننوا ف‬
‫الصسنائع و العلوم‪ .‬تشوقوا إل الطلع على هذه العلوم الكميسة باس سسعوا مسن السساقفة و‬
‫الق سة العاهد ين ب عض ذ كر من ها و ب ا ت سمو إل يه أفكار الن سان في ها‪ .‬فب غث أ بو جع فر‬
‫الن صور إل ملك الروم أن يب عث إل يه بك تب التعال يم مترج ة فب عث إل يه بكتاب أوقليدس و‬
‫بعض كتب الطبيعيات‪ .‬فقرأها السلمون و اطلعوا على ما فيها و ازدادوا حرصا على الظفر با‬
‫ب قي من ها‪ .‬و جاء الأمون ب عد ذلك و كا نت له ف العلم رغ بة ب ا كان ينتحله فانب عث لذه‬
‫العلوم حرصا و أوفد الرسل على ملوك الروم ف استخراج علوم اليونانيي و انتساخها بالط‬
‫العرب و بعث الترجي لذلك فأوعى منه و استوعب‪ .‬و عكف عليها النظار من أهل السلم‬
‫و حذقوا ف فنون ا و انت هت إل الغا ية أنظار هم في ها‪ .‬و خالفوا كثيا من آراء العلم الول و‬
‫اختصسوه بالرد و القبول لوقوف الشهرة عنده‪ .‬و دونوا فس ذلك الدواويسن وأربوا على مسن‬
‫تقدم هم ف هذه العلوم و كان من أكابر هم ف اللة أ بو ن صر الفارا ب و أ بو علي بن سينا‬
‫بالشرق و القاضي أبو الوليد بن رشد و الوزير أبو بكر بن الصائغ بالندلس إل آخرين بلغوا‬
‫الغاية ف هذه العلوم‪ .‬و اختص هؤلء بالشهرة والذكر و اقتصر كثيون على انتحال التعاليم و‬
‫ما ينضاف إلي ها من علوم النجا مة وال سحر و الطل سمات‪ .‬و وق فت الشهرة ف هذا النت حل‬
‫على جابر بن حيان من أهل الشرق و مسلمة بن أحد الجريطي من أهل الندلس و تلميذه‪.‬‬
‫و دخل على اللة من هذه العلوم و أهلها داخلة و استهوت الكثي من الناس با جنحوا إليها‬
‫وقلدوا آراءها و الذنب ف ذلك لن ارتكبه‪ .‬و لو شاء ال ما فعلوه‪ .‬ث إن الغرب والندلس لا‬
‫ركدت ريح العمران بما و تناقصت العلوم بتناقصه اضمحل ذلك منهما إل قليل من رسومه‬
‫تدها ف تفاريق من الناس و تت رقبة من علماء السنة‪ .‬و يبلغنا عن أهل الشرق أن بضائع‬
‫هذه العلوم ل تزل عند هم موفورة و خ صوصا ف عراق الع جم و ما بعده في ما وراء الن هر و‬
‫أنم على بح من العلوم العقلية لتوفر عمرانم و استحكام الضارة فيهم‪ .‬و لقد وقفت بصر‬
‫على تآل يف ف العقول متعددة لر جل من عظماء هراة من بلد خرا سان يشت هر ب سعد الد ين‬
‫التفتازا ن من ها ف علم الكلم و أ صول الف قه و البيان تش هد بأن له مل كة را سخة ف هذه‬
‫العلوم‪ .‬و ف أثنائ ها ما يدل على أن له اطل عا على العلوم الكم ية و قد ما عال ية ف سائر‬
‫الفنون العقل ية و ال يؤ يد بن صره من يشاء‪ .‬كذلك بلغ نا لذا الع هد أن هذه العلوم الفل سفية‬
‫ببلد الفرن ة من أرض رو مة و ما إلي ها من العدوة الشمال ية ناف قة ال سواق و أن ر سومها‬
‫هناك‪ .‬متجددة و مالس تعليمها متعددة و دواوينها جامعة متوفرة و طلبتها متكثرة و ال أعلم‬
‫با هنالك و هو يلق ما يشاء و يتار‪.‬‬

‫الفصل العشرون‪ :‬ف العلوم العددية‬


‫و أولاس الرتاطيقسي و هسو معرفسة خواص العداد مسن حيسث التأليسف إمسا على التوال أو‬
‫بالتضعيف مثل أن العداد إذا توالت متفاضلة بعدد واحد فإن جع الطرفي منها مساو لمع‬
‫كل عددين بعدها من الطرفي بعدد واحد و مثل ضعف الواسطة إن كانت عدة تلك العداد‬
‫فردا م ثل الفراد على توالي ها و الزواج على توالي ها و م ثل أن العداد إذا توالت على ن سبة‬
‫واحدة يكون أول ا ن صف ثانيها وثانيها ن صف ثالثها ال‪ ،‬أو يكون أول ا ثلث ثاني ها و ثانيها‬
‫ثلث ثالثها ال فإن ضرب الطرفي أحدها ف الخر كضرب كل عددين بعدها من الطرفي‬
‫بعدد وا حد أحده ا ف ال خر‪ .‬و م ثل مربع الوا سطة إن كانت العدة فردا و ذلك م ثل أعداد‬
‫زوج الزوج التوالية من اثني فأربعة فثمانية فستة عشر و مثل ما يدث من الواص العددية‬
‫ف وضع الثلثات العددية و الربعات و الخمسات والسدسات إذا وضعت متتالية ف سطورها‬
‫بأن ت مع من الوا حد إل العدد الخ ي فتكون مثل ثة‪ .‬و تتوال الثلثات هكذا ف سطر ت ت‬
‫الضلع ث تزيد على كل مثلث ثلث الضلع الذي قبله فتكون مربعة‪ .‬و تزيد على كل مربع‬
‫سة و هلم جرا‪ .‬و تتوال الشكال على توال الضلع و‬ ‫مثلث الضلع الذي قبلة فتكون ممسس‬
‫يدث جدول ذو طول و عرض‪ .‬ف في عر ضه العداد على توالي ها ث الثلثات على توالي ها ث‬
‫الربعات ث الخم سات ال و ف طوله كل عدد و أشكاله بال غا ما بلغ و تدث ف جع ها و‬
‫ق سمة بعض ها على ب عض طول و عر ضا خواص غري بة ا ستقرت من ها و تقررت ف دواوين هم‬
‫مسسائلها كذلك مسا يدث للزوج و الفرد و زوج الزوج و زوج الفرد و زوج الزوج و الفرد‬
‫فإن لكل منها خواص متصة به تضمنها هذا الفن و ليست ف غيه‪ .‬و هذا الفن أول أجزاء‬
‫التعاليم و أثبتها و يدخل ف براهي الساب‪ .‬و للحكماء التقدمي و التأخرين فيه تآليف‪ ،‬و‬
‫أكثرهم يدرجونه ف التعال يم و ل يفردونه بالتآليف‪ .‬ف عل ذلك ابن سينا ف كتاب الشفاء و‬
‫النجاة و غيه من التقدمي‪ .‬و أما التأخرون فهو عندهم مهجور إذ هو غي متداول و منفعته‬
‫ف الباهي ل ف الساب فهجروه لذلك بعد أن استخلصوا زبدته ف الباهي السابية كما‬
‫فعله ا بن البناء ف كتاب ر فع الجاب و غيه و ال سبحانه و تعال أعلم‪ .‬و من فروع علم‬
‫العدد صناعة ال ساب‪ .‬و هي صناعة علم ية ف ح ساب العداد بال ضم و التفر يق‪ .‬فال ضم‬
‫يكون ف العداد بالفراد و هو ال مع‪ .‬و بالتضع يف تضا عف عددا بآحاد عدد آ خر و هذا‬
‫هو الضرب و التفر يق أي ضا يكون ف العداد إ ما بالفراد م ثل إزالة عدد من عدد و صرفه‬
‫الباقي و هو الطرح أو تفصيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتا مصلة و هو القسمة‪ .‬و سواء‬
‫كان هذا الضم و التفريق ف الصحيح من العب أو الكسر‪ .‬و معن الكسر نسبة عدد إل عدد‬
‫و تلك النسبة تسمى كسرا‪ .‬و كذلك يكون بالضم و التفريق ف الذور و معناها العد الذي‬
‫يضرب ف مثله فيكون منه العدد الربع‪ .‬فإن تلك الذور أيضا يدخلها الضم و التفريق و هذه‬
‫الصسناعة حادثسة احتيسج إليهسا للحسساب فس العاملت ألف الناس فيهسا كثيا و تداولوهسا فس‬
‫الم صار بالتعل يم للولدان‪ .‬و من أح سن التعل يم عند هم البتداء ب ا لن ا معارف متض حة و‬
‫براه ي منتظ مة فين شأ عن ها ف الغالب ع قل مض يء درب على ال صواب‪ .‬و قد قال من أ خذ‬
‫نف سه بتعل يم ال ساب أول أمره إ نه يغلب عل يه ال صدق ل ا ف ال ساب من صحة البا ن و‬
‫مناق شة الن فس في صي ذلك خل قا و يتعود ال صدق و يلز مه مذه با‪ .‬و من أح سن التآل يف‬
‫البسوطة فيها لذا العهد بالغرب كتاب الصار الصغي‪ .‬و لبن البناء الراكشي فيه تلخيص‬
‫ضابط لقواني أعماله مفيد ث شرحه بكتاب ساه رفع الجاب و هو مستغلق على البتدئ با‬
‫فيه من الباهي الوثيقة البان‪ .‬و هو كتاب جليل القدر أدركنا الشيخة تعظمه و هو كتاب‬
‫جديسر بذلك‪ .‬و سساوق فيسه الؤلف رحهس ال كتاب فقسه السساب‪ ،‬لبسن منعسم و الكامسل‬
‫للحدب‪ ،‬و لص براهينها و غيها عن اصطلح الروف فيها إل علل معنوية ظاهرة‪ ،‬هي‬
‫سر الشارة بالروف و زبدتا‪ .‬و هي كلها مستغلقة و إنا جاءه الستغلق من طريق البهان‬
‫ببيان علوم التعاليم لن مسائلها و أعمالا واضحة كلها‪ .‬و إذا قصد شرحها فإنا هو إعطاء‬
‫العلل ف تلك العمال‪ .‬و ف ذلك من العسر على الفهم ما ل يوجد ف أعمال السائل فتأمله‪.‬‬
‫و ال يهدي بنوره من يشاء و هو القوي الت ي‪ .‬و من فرو عه ال ب و القابلة‪ .‬و هي صناعة‬
‫تسستخرج باس العدد الجهول مسن قبسل العلوم الفروض إذا كان بينهمسا نسسبة تقتضسي ذلك‪.‬‬
‫فاصطلحوا فيها على أن جعلوا للمجهولت مراتب من طريق التضعيف بالضرب‪ .‬أولا العدد‬
‫ل نه به يتع ي الطلوب الجهول با ستخراجه من ن سبة الجهول إل يه و ثاني ها الش يء لن كل‬
‫مهول فهو من جهة إبامه شيء و هو أيضا جذر لا يلزم من تضعيفه ف الرتبة الثانية و ثالثها‬
‫الال و هو أمر مبهم و ما بعد ذلك فعلى نسبة الس ف الضروبي‪ .‬ث يقع العمل الفروض ف‬
‫ال سألة فتخرج إل معادلة ب ي متلف ي أو أك ثر من هذه الجناس فيقابلون بعض ها بب عض و‬
‫يبون ما فيها من الكسر حت يصي صحيحا‪ .‬و يطون الراتب إل أقل السوس إن أمكن‬
‫حت يصي إل الثلثة الت عليها مدار الب عندهم و هي العدد و الشيء و الال‪ .‬فإن كانت‬
‫العادلة ب ي‪ ،‬وا حد و وا حد تع ي فالال و الذر يزول إبا مه بعادلة العدد و يتع ي‪ .‬و الال و‬
‫إن عادل الذور فيتعي بعدتا‪ .‬و إن كانت العادلة بي واحد و اثني أخرجه العمل الندسي‬
‫من طر يق تف صيل الضرب ف الثن ي و هي مبه مة فيعني ها ذلك الضرب الف صل‪ .‬و ل ي كن‬
‫العادلة بي اثني و اثني‪ .‬و أكثر ما انتهت العادلة بينهم إل ست مسائل لن العادلة بي عدد‬
‫و جذر و مال مفردة أو مركبسة تيسء سستة‪ .‬و أول مسن كتسب فس هذا الفسن أبسو عبسد ال‬
‫الوارزمي و بعده أبو كامل شجاع بن أسلم‪ ،‬و جاء الناس على أثره فيه‪ .‬و كتابه ف مسائله‬
‫الست من أحسن الكتب الوضوعة فيه‪ .‬و شرحه كثي من أهل الندلس فأجادوا و من أحسن‬
‫شروحاته كتاب القرشي‪ .‬و قد بلغنا أن بعض أئمة التعاليم من أهل الشرق أنى العاملت إل‬
‫أكثر من هذه الستة الجناس‪ ،‬و بلغها إل فوق العشرين و استخرج لا كلها أعمال و أتبعه‬
‫بباهي هندسية‪ .‬و ال يزيد ف اللق ما يشاء سبحانه و تعال‪ .‬و من فروعه أيضا العاملت‪.‬‬
‫و هو ت صريف ال ساب ف معاملت الدن ف البياعات و ال ساحات و الزكوات و سائر ما‬
‫يغرض فيسه العدد مسن العاملت يصسرف فس صسناعتنا ذلك السساب فس الجهول و العلوم و‬
‫الكسر والصحيح و الذور و غيها‪ .‬و الغرض من تكثي السائل الفروضة فيها حصول الران‬
‫و الدربة بتكرار العمل حت ترسخ اللكة ف صناعة الساب‪ .‬و لهل الصناعة السابية من‬
‫أهل الندلس تآليف فيها متعددة من أشهرها معاملت الزهراوي و ابن السمح و أب مسلم‬
‫بن خلدون من تلميذ مسلمة الجريطي وأمثالم‪ .‬و من فروعه أيضا الفرائض‪ .‬و هي صناعة‬
‫حسابية ف تصحيح السهام لذوي الفروض ف الوراثات إذا تعددت و هلك بعض الوارثي و‬
‫انكسسرت سسهامه على ورثتسه أو زادت الفروض عنسد اجتماعهسا و تزاحهسا على الال كله أو‬
‫كان ف الفريضة إقرار و إنكار من بعض الورثة فتحتاج ف ذلك كله إل عمل يعي به سهام‬
‫الفريضة من كم تصح و سهام الورثة من كل بطن مصححا حت تكون حظوظ الوارثي من‬
‫الال على نسبة سهامهم من جلة سهام الفريضة‪ .‬فيدخلها من صناعة الساب جزء كبي من‬
‫صحيحه و كسرة و جذره و معلومه و مهوله و ترتب على ترتيب أبواب الفرائض الفقهية و‬
‫مسائلها‪ .‬فتشتمل حينئذ هذه الصناعة على جزء من الفقه و هو أحكام الوراثة من الفروض و‬
‫العول و القرار و النكار و الوصسايا و التدبيس و غيس ذلك مسن مسسائلها و على جزء مسن‬
‫ال ساب و هو ت صحيح ال سهمان باعتبار ال كم الفق هي و هي من أ جل العلوم‪ .‬و قد يورد‬
‫أهلها أحاديث نبوية تشهد بفضلها مثل الفرائض ثلث العلم و أنا أول ما يرفع من العلوم و‬
‫غي ذلك‪ .‬و عندي أن ظواهر تلك الحاديث كلها إنا هي ف الفرائض العينية كما تقدم ل‬
‫فرائض الوراثات فإنا أقل من أن تكون ف كميتها ثلث العلم‪ .‬و أما الفرائض العينية فكثية و‬
‫قد ألف الناس ف هذا ال فن قدي ا و حدي ثا و أوعبوا و من أح سن التآل يف ف يه على مذ هب‬
‫مالك رح ه ال كتاب ا بن ثا بت و مت صر القا ضي أ ب القا سم الو ف و كتاب ا بن الن مر و‬
‫العدي و الصردي و غيهم‪ .‬لكن الفضل للحوف فكتابه مقدم على جيعها‪ .‬و قد شرحه من‬
‫شيوخنا أبو عبد ال ممد بن سليمان الشطي كبي مشيخة فاس فأوضح و أوعب‪ .‬و لمام‬
‫الرمي فيها تآليف على مذهب الشافعي تشهد باتساع باعه ف العلوم‪ ،‬و رسوخ قدمه‪ ،‬و‬
‫كذا للحنف ية والنابلة‪ .‬و مقامات الناس ف العلوم متل فة‪ .‬و ال يهدي من يشاء ب نه و كر مه‬
‫ل رب سواه‪.‬‬
‫الفصل الادي و العشرون‪ :‬ف العلوم الندسية‬
‫هذا العلم هو النظر ف القادير إما التصلة كالط و السطح و السم و إما النفصلة كالعداد‬
‫و فيما يعرض لا من العوارض الذاتية‪ .‬مثل أن كل مثلث فزواياه مثل قائمتي‪ .‬و مثل أن كل‬
‫خطي متوازيي ل يلتقيان ف وجه و لو خرجا إذ غي ناية‪ .‬و مثل أن كل خطي متقاطعي‬
‫فالزاويتان التقابلتان منهما متساويتان‪ .‬و مثل أن الربعة مقادير التناسبة ضرب الول منها ف‬
‫الثالث كضرب الثا ن ف الرا بع و أمثال ذلك‪ .‬و الكتاب التر جم لليوناني ي ف هذه ال صناعة‬
‫كتاب أوقليدس و يسسمى كتاب الصسول و كتاب الركان و هسو أبسسط مسا وضسع فيهسا‬
‫للمتعلمي و أول ما ترجم من كتاب اليونانيي ف اللة أيام أب جعفر النصور و نسخه متلفة‬
‫باختلف الترجي‪ .‬فمنها لني بن إسحاق ولثابت بن قرة و ليوسف بن الجاج و يشتمل‬
‫على خ س عشرة مقالة‪ .‬أر بع ف ال سطوح و واحدة ف القدار التنا سبة و أخرى ف ن سب‬
‫السطوح بعضها إل بعض و ثلث ف العدد و العاشرة ف النطقات و القوى على النطقات و‬
‫معناه الذور و خ س ف الج سمات‪ .‬و قد اخت صره الناس اخت صارات كثية ك ما فعله ا بن‬
‫سينا ف تعاليم الشفاء‪ .‬أفرد له جزءا منها اختصه به‪ .‬و كذلك ابن الصلت ف كتاب القتصار‬
‫و غيهسم‪ .‬و شرحسه آخرون شروحسا كثية و هسو مبدأ العلوم الندسسية بإطلق‪ .‬و اعلم أن‬
‫الندسة تفيد صاحبها إضاءة ف عقله‪ ،‬استقامة ف فكره لن براهينها كلها بينة النتظام جلية‬
‫الترتيب ل يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها و انتظامها فيبعد الفكر بمارستها عن الطأ و‬
‫ينشأ لصاحبها عقل على ذلك الهيع و قد زعموا أنة كان مكتوبا على باب أفلطون‪ :‬من ل‬
‫يكن مهندسا فل يدخلن منلنا و كان شيوخنا رحهم ال يقولون مارسة الندسة للفكر بثابة‬
‫الصابون للثوب الذي يغ سل م نه القذار و ينق يه من الوضار والدران‪ ،‬و إن ا ذلك ل ا أشرنا‬
‫إل يه من ترتي به و انتظا مه‪ .‬و من فروع هذا ال فن الند سة الخ صوصة بالشكال الكرو ية و‬
‫الخروطات أما الشكال الكروية ففيها كتابان من كتب اليونانيي لثاوذوسيوس و ميلوش ف‬
‫سطوحها و قطوع ها وكتاب ثاوذو سيوس مقدم ف التعل يم على كتاب ميلوش لتو قف كث ي‬
‫من براهي نه عل يه‪ .‬و ل بد منه ما ل ن ير يد الوض ف علم اليئة لن براهين ها متوق فة عل يه‪.‬‬
‫فالكلم فس اليئة كله كلم فس الكرات السسماوية و مسا يعرض فيهسا مسن القطوع والدوائر‬
‫بأ سباب الركات كما نذكره فقد يتو قف على معر فة أحكام الشكال الكرو ية سطوحها و‬
‫قطوعها‪ .‬و أما الخروطات فهو من فروع الندسة أيضا‪ .‬و هو علم ينظر فيما يقع ف الجسام‬
‫الخروطة من الشكال و القطوع و يبهن على ما يعرض لذلك من العوارض بباهي هندسية‬
‫متوقفة على التعليم الول‪ .‬و فائدتا تظهر ف الصنائع العملية الت موادها الجسام مثل التجارة‬
‫و البناء و ك يف ت صنع التماث يل الغري بة و اليا كل النادرة و ك يف يتخ يل على جر الثقال و‬
‫نقل الياكل بالندام و اليخال و أمثال ذلك‪ .‬و قد أفرد بعض الؤلفي ف هذا الفن كتابا ف‬
‫اليل العلمية يتضمن من الصناعات الغريبة و اليل الستظرفة كل عجيبة‪ .‬و ربا استغلق على‬
‫الفهوم لصعوبة براهينه الندسية و هو موجود بأيدي الناس ينسبونه إل بن شاكر‪ .‬و ال تعال‬
‫أعلم‪ .‬و من فروع الند سة ال ساحة و هو فن يتاج إل يه ف م سح الرض و معناه ا ستخراج‬
‫مقدار الرض العلومة بنسبة شب أو ذراع أو غيها و نسبة أرض من أرض إذ قويست بثل‬
‫ذلك‪ .‬و يتاج إل ذلك ف توظيف الراج على الزارع و الفدن و بساتي الغراسة و ف قسمة‬
‫الوائط والراضسي بيس الشركاء و الورثسة و أمثال ذلك‪ .‬و للناس فيهسا موضوعات حسسنة و‬
‫كثية و ال الوفق للصواب بنه و كرمه‪ .‬الناظرة من فروع الندسة و هو علم يتبي به أسباب‬
‫الغلط فس الدراك البصسري بعرفسة كيفيسة وقوعهسا بناء على أن إدراك البصسر يكون بخروط‬
‫شعاعي رأسه نقطة الباصر و قاعدته الرئي‪ .‬ث يقع الغلط كثيا ف رؤية القريب كبيا و البعيد‬
‫صغيا‪ .‬و كذا رؤية الشباح الصغية تت الاء و وراء الجسام الشفافة كبية و رؤية النقطة‬
‫النازلة من الطر خطا مستقيما و السلقة دائرة و أمثال ذلك‪ .‬فيتبي ف هذا العلم أسباب ذلك‬
‫و كيفياته بالباهي الندسية و يتبي به أيضا اختلف النظر ف القمر باختلف العروض الذي‬
‫ينبن عليه معرفة رؤية الهلة و حصول الكسوفات و كثي من أمثال هذا‪ .‬و قد ألف ف هذا‬
‫الفن كثي من اليونانيي‪ .‬و أشهر من ألف فيه من السلميي ابن اليثم‪ .‬و لغيه أيضا تآليف و‬
‫هو من هذه الرياضة و تفاريعها‪.‬‬
‫الفصل الثان و العشرون‪ :‬ف علم اليئة‬
‫و هو علم ينظر ف حركات الكواكب الثابتة و الحركة و التحية‪ .‬و يستدل بكيفيات تلك‬
‫سا لذه الركات الحسسسوسة بطرق‬ ‫ست عنهس‬ ‫الركات على أشكال و أوضاع للفلك لزمس‬
‫هندسية‪ .‬كما يبهن على أن مركز الرض مباين لركز فلك الشمس بوجود حركة القبال و‬
‫الدبار و ك ما ي ستدل بالرجوع و ال ستقامة للكوا كب على وجود أفلك صغية حاملة ل ا‬
‫متحركة داخل فلكها العظم و كما يبهن على وجود الفلك الثامن بركة الكواكب الثابتة‬
‫و كمسا يسبهن على تعدد الفلك للكوكسب الواحسد بتعداد اليول له و أمثال ذلك‪ .‬و إدراك‬
‫الوجود من الركات و كيفيات ا و أجنا سها إن ا هو بالر صد فإ نا إن ا علم نا حر كة القبال و‬
‫الدبار بسه‪ .‬و كذا تركيسب الفلك فس طبقاتاس و كذا الرجوع و السستقامة و أمثال ذلك‪ .‬و‬
‫كان اليونانيون يعتنون بالرصسد كثيا و يتخذون له اللت التس توضسع ليصسد باس حركسة‬
‫الكو كب الع ي‪ .‬و كا نت ت سمى عند هم ذات اللق و صناعة عمل ها و الباه ي عل يه ف‬
‫مطابقة حركتها بركة الفلك منقول بأيدي الناس‪.‬‬
‫و أما ف السلم فلم تقع به عناية إل ف القليل‪ .‬و كان ف أيام الأمون شيء منه و صنع هذه‬
‫اللة العروفة للرصد ال سماة ذات اللق‪ .‬و شرع ف ذلك فلم يتم‪ .‬و لا مات ذهب رسه و‬
‫أغ فل و اعت مد من بعده على الر صاد القدي ة و لي ست بغن ية لختلف الركات بات صال‬
‫الحقاب‪ .‬و أن مطابقة حركة اللة للرصد بركة الفلك و الكواكب إنا هو بالتقريب‪ .‬و‬
‫هذه اليئة صناعة شري فة و لي ست على ما يف هم ف الشهور أن ا تع طى صورة ال سماوات و‬
‫ترتيب الفلك والكواكب بالقيقة بل إنا تعطي أن هذه الصور و اليئات للفلك لزمت عن‬
‫هذه الركات‪ .‬و أنت تعلم أنه ل يبعد أن يكون الشيء الواحد لزما لختلفي و إن قلنا إن‬
‫الركات لز مة ف هو ا ستدلل باللزم على وجود اللزوم و ل يع طي القي قة بو جه على أ نه‬
‫علم جل يل و هو أ حد أركان التعال يم‪ .‬و من أح سن التآل يف ف يه كتاب الج سطي من سوب‬
‫لبطليموس‪ .‬و ليس من ملوك اليونان الذين أساؤهم بطليموس على ما حققه شراح الكتاب‪ .‬و‬
‫قد اختصره الئمة من حكماء السلم كما فعله ابن سينا و أدرجه ف تعاليم الشفاء‪ .‬و لصه‬
‫ابن رشد أيضا من حكماء الندلس و ابن السمح و ابن أب الصلت ف كتاب القتصار‪ .‬و‬
‫ل بن الفرغا ن هيئة ملخ صة قرب ا و حذف براهينها الند سية‪ .‬و ال علم الن سان ما ل يعلم‪.‬‬
‫سبحانه ل إله إل هو رب العال ي‪ .‬و من فرو عه علم الزياج‪ .‬و هي صناعة ح سابية على‬
‫قواني عددية فيما يص كل كوكب من طريق حركته و ما أدى إليه برهان اليئة ف وضعه‬
‫من سرعة و بطء و استقامة و رجوع و غي ذلك يعرف به مواضع الكواكب ف أفلكها لي‬
‫و قت فرض من ق بل ح سبان حركات ا على تلك القوان ي ال ستخرجة من ك تب اليئة‪ .‬و لذه‬
‫الصسناعة قوانيس كالقدمات و الصسول لاس فس معرفسة الشهور و اليام و التواريسخ الاضيسة و‬
‫أ صول متقررة من معر فة الوج والض يض و اليول و أ صناف الركات و ا ستخراج بعض ها‬
‫مسن بعسض‪ ،‬يضعوناس فس جدول مرتبسة تسسهيل على التعلميس و تسسمى الزياج‪ .‬و يسسمى‬
‫استخراج مواضع الكواكب للوقت الفروض لذه الصناعة تعديل و تقويا‪ .‬و للناس فيه تآليف‬
‫كثية للمتقدميس و التأخريسن مثسل البتانس و ابسن الكماد‪ .‬و قسد عول التأخرون لذا العهسد‬
‫بالغرب على زيج منسوب لبن إسحاق من منجمي تونس ف أول الائة السابعة‪ .‬و يزعمون‬
‫أن ا بن إ سحاق عول ف يه على الر صد‪ .‬و أن يهود يا كان ب صقلية ماهرا ف اليئة و التعال يم و‬
‫كان قد ع ن بالر صد و كان يب عث إل يه ب ا ي قع ف ذلك من أحوال الكوا كب و حر كه ل ا‬
‫فكان أهل الغرب لذلك عنوا به لوثاقة مبناه على ما يزعمون‪ .‬و لصه ابن البناء ف آخر ساه‬
‫النهاج فولع به الناس لا سهل من العمال فيه و إنا يتاج إل مواضع الكواكب من الفلك‬
‫لتنبن عليها الحكام النجومية و هو معرفة الثار الت تدث عنها بأوضاعها ف عال النسان‬
‫من اللك و الدول و الواليد البشرية و الكوائن الادثة كما نبينه بعد و نوضح فيه أدلتهم إن‬
‫شاء ال تعال‪ .‬و ال الوفق لا يبه و يرضاه ل معبود سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون‪ :‬ف علم النطق‬


‫و هو قوان ي يعرف ب ا ال صحيح من الفا سد ف الدود العر فة للماهيات و ال جج الفيدة‬
‫للت صديقات و ذلك لن ال صل ف الدراك إن ا هو الح سوسات بالواس ال مس‪ .‬و ج يع‬
‫اليوانات مشتركسة فس هذا الدراك مسن الناطسق و غيه و إناس يتميسز النسسان عنهسا بإدراك‬
‫الكليات و هي مردة من الح سوسات‪ .‬و ذلك بأن ي صل ف اليال من الشخاص التف قة‬
‫صورة منطب قة على ج يع تلك الشخاص الح سوسة و هي الكلي‪ .‬ث ين ظر الذ هن ب ي تلك‬
‫الشخاص التف قة وأشخاص أخرى توافقها ف بعض‪ .‬فيح صل له صورة تنطبق أيضا عليهما‬
‫باعتبار ما اتفقا فيه‪ .‬و ل يزال يرتقي ف التجريد إل الكل الذي ل يد كليا آخر معه يوافقه‬
‫فيكون ل جل ذلك ب سيطا‪ .‬و هذا م ثل ما يرد من أشخاص الن سان صورة النوع النطب قة‬
‫عليها‪ .‬ث ينظر بينه و بي اليوان و يرد صورة النس النطبقة عليهما‪ .‬ث ينظر بينهما و بي‬
‫النبات إل أن ينتهي إل النس العال و هو الوهر فل يد كليا يوافقه ف شيء فيقف العقل‬
‫هنالك عن التجر يد‪ .‬ث إن الن سان ل ا خلق ال له الف كر الذي به يدرك العلوم و ال صنائع و‬
‫كان العلم‪ :‬إما تصورا للماهيات و يعن به إدراك ساذج من غي حكم معه و إما تصديقا أي‬
‫حك ما بثبوت أ مر ل مر ف صار سعي الف كر ف ت صيل الطلوبات إ ما بأن ت مع تلك الكليات‬
‫بعض ها إل ب عض على ج هة التأل يف فتح صل صورة ف الذ هن كل ية منطب قة على أفراد ف‬
‫الارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لعرفة ماهية تلك الشخاص و إما بأن يكم بأمر‬
‫على أ مر فيث بت له و يكون ذلك ت صديقا‪ .‬و غاي ته ف القي قة راج عة إل الت صور لن فائدة‬
‫ذلك إذا حصل إنا هي معرفة حقائق الشياء الت هي مقتضى العلم الكمي‪ .‬و هذا السعي‬
‫من الفكر قد يكون بطريق صحيح و قد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تييز الطريق الذي‬
‫ي سعى به الف كر ف ت صيل الطالب العلم ية ليتم يز ال صحيح من الفا سد فكان ذلك قانون‬
‫النطق‪ .‬و تكلم فيه التقدمون أول ما تكلموا به جل جل و مفترقا مفترقا‪ .‬و ل تذب طرقه‬
‫و ل تمع مسائله حت ظهر ف يونان أرسطو فهذب مباحثه و رتب مسائله و فصوله و جعله‬
‫أول العلوم الكمية و فاتتها‪ .‬و لذلك يسمى بالعلم الول و كتابة الخصوص بالنطق يسمى‬
‫النص و هو يشتمل على ثانية كتب أربعة منها ف صور القياس و أربعة ف مادته‪ .‬و ذلك أن‬
‫الطالب التصسديقية على أناء‪ .‬فمنهسا مسا يكون الطلوب فيسه اليقيس بطبعسه و منهسا مسا يكون‬
‫الطلوب ف يه ال فن و هو على مرا تب فيظ هر ف القياس من ح يث الطلوب الذي يفيده و ما‬
‫ينب غي أن تكون مقدما ته بذلك العتبار و من أي ج نس يكون من العلم أو من ال فن‪ .‬و قد‬
‫ينظر ف القياس ل باعتبار مطلوب مصوص بل من جهة إنتاجه خاصة‪ .‬و يقال للنظر الول‬
‫إنه من حيث الادة و نعن به الادة النتجة للمطلوب الخصوص من يقي أو ظن و يقال للنظر‬
‫الثا ن إ نه من ح يث ال صورة و إنتاج القياس على الطلق فكا نت لذلك ك تب الن طق ثان ية‪:‬‬
‫الول ف الجناس العالية الت ينتهي إليها تريد الحسوسات و هي الت ليس فوقها جنس و‬
‫ي سمى كتاب القولت‪ .‬و الثا ن ف القضا يا الت صديقية و أ صنافها و ي سمى كتاب العبارة‪ .‬و‬
‫الثالث ف القياس و صورة إنتاجه على الطلق و يسمى كتاب القياس و هذا آخر النظر من‬
‫حيث الصورة‪ .‬ث الرابع كتاب البهان و هو النظر ف القياس النتج لليقي و كيف يب أن‬
‫تكون مقدما ته يقين ية‪ .‬و ي تص بشروط أخرى لفادة اليق ي مذكورة ف يه م ثل كون ا ذات ية و‬
‫أول ية و غ ي ذلك‪ .‬و ف هذا الكتاب الكلم ف العرفات و الدود إذ الطلوب في ها إن ا هو‬
‫اليقي لوجوب الطابقة بي الد و الحدود ل تتمل غيها فلذلك اختصت عند التقدمي بذا‬
‫الكتاب‪ .‬و الا مس‪ :‬كتاب الدل و هو القياس الف يد ق طع الشا غب و إفحام ال صم و ما‬
‫يب أن يستعمل فيه من الشهورات و يتص أيضا من جهة إفادته لذا الغرض بشروط أخرى‬
‫مسن حيسث إفادتسه لذا الغرض و هسي مذكورة هناك‪ .‬و فس هذا الكتاب يذكسر الواضسع التس‬
‫يستنبط منها صاحب القياس قياسه و فيه عكوس القضايا‪ .‬و السادس‪ :‬كتاب السفسطة و هو‬
‫القياس الذي يفيد غلف الق و يغالط به الناظر صاحبه و هو فاسد و هذا إنا كتب ليعرف‬
‫به القياس الغالطي فيحذر منه‪ .‬و السابع‪ :‬كتاب الطابة و هو القياس الفيد ترغيب المهور‬
‫و حلهم على الراد منهم و ما يب أن يستعمل ف ذلك من القالت‪ .‬و الثامن‪ :‬كتاب الشعر‬
‫و هو القياس الذي يفيد التمثيل و التشبيه خاصة للقبال على الشيء أو النفرة عنه و ما يب‬
‫أن ي ستعمل ف يه من القضا يا التخيل ية‪ .‬هذه هي ك تب الن طق الثمان ية ع ند التقدم ي‪ .‬ث إن‬
‫حكماء اليونانيي بعد أن تذبت الصناعة و رتبت رأوا أنة لبد من الكلم ف الكليات المس‬
‫الفيدة للتصور الطابق للماهيات ف الارج‪ ،‬أو لجزائها أو عوارضها و هي النس و الفصل‬
‫و النوع و الاص و العرض العام‪ ،‬فاسستدركوا فيهسا مقالة تتسص باس مقدمسة بيس يدي الفسن‬
‫فصارت تسعا و ترجت كلها ف اللة السلمية‪ .‬و كتبها و تداولا فلسفة السلم بالشرح و‬
‫التلخيص كما فعله الفاراب و ابن سينا ث ابن رشد من فلسفة الندلس‪ .‬و لبن سينا كتاب‬
‫الشفاء ا ستوعب ف يه علوم الفل سفة ال سبعة كل ها‪ .‬ث جاء التأخرون فغيوا ا صطلح الن طق و‬
‫ألقوا بالن ظر ف الكليات ال مس ثر ته و هي الكلم ف الدود و الرسوم نقلو ها من كتاب‬
‫البهان‪ .‬و حذفوا كتاب القولت لن نظسر النطقسي فيسه بالعرض ل بالذات‪ .‬و ألقوا فس‬
‫كتاب العبارة الكلم ف الع كس‪ .‬و إن كان من كتاب الدل ف ك تب التقدم ي لك نة من‬
‫توابع الكلم ف القضا يا بب عض الوجوه ث تكلموا ف القياس من حيث إنتا جه للمطالب على‬
‫العموم ل بسسب مادة و حدقوا النظسر فيسه بسسب الادة و هسي الكتسب المسسة‪ :‬البهان و‬
‫الدل و الطابة و الشعر و السفسطة‪ .‬و ربا يلم بعضهم باليسي منها إلاما و أغفلوها كأن‬
‫ل تكن هي الهم العتمد ف الفن‪ .‬ث تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلما مستبحرا و نظروا‬
‫فيه من حيث إنه فن برأسه ل من حيث إنه آلة للعلوم فطال الكلم فيه و اتسع‪ .‬و أول من‬
‫فعل ذلك المام فخر الدين بن الطيب و من بعده أفضل الدين الوني و على كتبه معتمد‬
‫الشارقة لذا العهد‪ .‬و له ف هذه الصناعة كتاب كشف السرار و هو طويل و اختصر فيها‬
‫متصر الوجز و هو حسن ف التعليم ث متصر المل ف قدر أربعة أوراق أخذ بجامع الفن و‬
‫أصوله متداولة التعلمون لذا العهد فينتفعون به‪ .‬و هجرت كتب التقدمي و طرقهم كأن ل‬
‫تكن و هي متلئة من ثرة النطق و فائدته كما قلناه‪ .‬و ال الادي للصواب‪.‬‬
‫اعلم أن هذا ال فن قد اش تد النك ي على انتحاله من متقد مي ال سلف و التكلم ي‪ .‬و بالغوا ف‬
‫الط عن عل يه و التحذ ير م نه و حظروا تعل مه و تعلي مه‪ .‬وجاء التأخرون من بعد هم من لدن‬
‫الغزال و المام ا بن الط يب ف ساموا ف ذلك ب عض الش يء‪ .‬و أ كب الناس على انتحاله من‬
‫يومئذ إل قليل‪ ،‬ينحون فيه إل رأي التقدمي‪ .‬فينفرون عنه و يبالغون ف إنكاره‪ .‬فلنبي لك‬
‫نكتة القول و الرد ف ذلك‪ ،‬لتعلم مقاصد العلماء ف مذاهبهم‪ ،‬و ذلك أن التكلمي لا وضعوا‬
‫علم الكلم لن صر العقائد اليان ية بال جج العقل ية‪ ،‬كا نت طريقت هم ف ذلك بأدلة خا صة و‬
‫ذكروهسا فس كتبهسم كالدليسل على حدث العال بإثبات الغراض و حدوثهسا‪ .‬و امتناع خلو‬
‫الجسام عنها‪ ،‬و ما ل يلو عن الوادث حادث‪ .‬و كإثبات التوحيد بدليل التمانع‪ .‬و إثبات‬
‫الصفات القدية بالوامع الربعة إلاقا للغائب بالشاهد‪ .‬و غي ذلك من أدلتهم الذكورة ف‬
‫كتب هم‪ .‬ث مرروا تلك الدلة بتمه يد قوا عد و أ صول هي كالقدمات ل ا م ثل إثبات الو هر‬
‫الفرد و الزمن الفرد و اللء بي الجسام و نفي الطبيعة و التركيب العقلي للماهيات‪ .‬و أن‬
‫العرض ل يب قى زمن ي و إثبات الال و هي صفة الوجود‪ ،‬ل موجودة و ل معدو مة و غ ي‬
‫ذلك من قواعدهم الت بنوا عليها أدلتهم الاصة‪ .‬ث ذهب الشيخ أبو السن‪ ،‬و القاضي أبو‬
‫ب كر و ال ستاذ أ بو إ سحاق إل أن أدلة العقائد منعك سة بع ن أن ا إذا بطلت ب طل مدلول ا‪ .‬و‬
‫لذا رأى القاضي أبو بكر أنا بثابة العقائد و القدح فيها قدح ف العقائد لبتنائها عليها‪ .‬و إذا‬
‫تأملت النطسق وجدتسه كله يدور على التركيسب العقلي‪ ،‬و إثبات الكلي الطسبيعي فس الارج‬
‫لينط بق عل يه الكلي الذه ن النق سم إل الكليات ال مس‪ ،‬ال ت هي ال نس و النوع و الف صل‬
‫والاصة و العرض العام‪ ،‬و هذا باطل عند التكلمي‪ .‬و الكلي و الذات عندهم إنا اعتبار ذهن‬
‫ليس ف الارج ما يطابقه‪ .‬أو حال عند من يقول با فتبطل الكليات المس و التعريف البن‬
‫علي ها‪ .‬و القولت الع شر‪ ،‬و يب طل العرض الذا ت‪ ،‬فتب طل ببطل نه القضا يا الضرور ية الذات ية‬
‫الشرو طة ف البهان و تب طل الوا ضع ال ت هي لباب كتاب الدل‪ .‬و هي ال ت يؤ خذ من ها‬
‫الوسسط الامسع بيس الطرفيس فس القياس‪ ،‬و ل يبقسى إل القياس الصسوري‪ ،‬و مسن التعريفات‬
‫ال ساوئ ف ال صادقية على أفراد الحمود‪ ،‬ل يكون أعلم من ها‪ ،‬فيد خل غي ها‪ ،‬و ل أ خص‬
‫فيخرج بعضها‪ ،‬و هو الذي يعب عنه النحاة بالمع و النع و التكلمون بالطرد و العكس‪ ،‬و‬
‫تنهدم أركان النطسق جلة‪ .‬و إن أثبتنسا هذه كمسا فس علم النطسق أبطلنسا كثيا مسن مقدمات‬
‫التكلمي فيؤدي إل إبطال أدلتهم على العقائد كما مر‪ .‬فلهذا بالغ التقدمون من التكلمي ف‬
‫النكي على انتحال النطق و عده بدعة أو كفرا على نسبة الدليل الذي يبطل‪ .‬و التأخرون من‬
‫لدن الغزال لاس أنكروا انعكاس الدلة‪ ،‬و ل يلزم عندهسم مسن بطلن الدليسل بطلن مدلوله‪ ،‬و‬
‫صح عند هم رأي أ هل الن طق ف الترك يب العقلي و وجوب الاهيات الطبيع ية و كليات ا ف‬
‫الارج‪ ،‬قضوا بأن الن طق غ ي مناف للعقائد اليان ية‪ .‬و إن كان مناف يا لب عض أدلت ها‪ ،‬بل قد‬
‫ي ستدلون على إبطال كث ي من تلك القدمات الكلم ية‪ ،‬كن في الو هر الفرد و اللء و بقاء‬
‫العراض و غيها‪ ،‬و يستبدلون من أدلة التكلمي على العقائد بأدلة أخرى يصححونا بالنظر‬
‫و القياس العقلي‪ .‬و ل يقدح ذلك عندهم ف العقائد السنية بوجه‪ .‬و هذا رأي المام و الغزال‬
‫و تابعهما لذا العهد‪ ،‬فتأمل ذلك و اعرف مدارك العلماء و مآخذهم فيما يذهبون إليه‪ .‬و ال‬
‫الادي و الوفق للصواب‪.‬‬
‫الفصل الرابع و العشرون‪ :‬ف الطبيعيات‬
‫و هو علم يب حث ف ال سم من ج هة ما يلح قه من الر كة و ال سكون فين ظر ف الج سام‬
‫ال سماوية و العن صرية و ما يتولد عن ها من حيوان و إن سان و نبات و معدن و ما يتكون ف‬
‫الرض من العيون و الزلزل و ف الو من السحاب و البخار و الرعد والبق و الصواعق و‬
‫غ ي ذلك‪ .‬و ف مبدأ الر كة للج سام و هو الن فس على تنوع ها ف الن سان و اليوان و‬
‫النبات‪ .‬و كتب أرسطو فيه موجودة بي أيدي الناس ترجت مع ما ترجم من علوم الفلسفة‬
‫أيام الأمون و ألف الناس على حذوهسا مسستتبعي لاس بالبيان و الشرح و أوعسب مسن ألف فس‬
‫ذلك ابن سينا ف كتاب الشفاء جع فيه العلوم السبعة للفلسفة كما قدمنا ث لصه ف كتاب‬
‫النجا و ف كتاب الشارات و كأنه يالف أرسطو ف الكثي من مسائلها و يقول برأيه فيها‪.‬‬
‫و أ ما ا بن ر شد فل خص ك تب أر سطو و شرح ها متب عا له غ ي مالف‪ .‬و ألف الناس ف ذلك‬
‫كثيا لكن هذه هي الشهورة لذا العهد و العتبة ف الصناعة‪ .‬و لهل الشرق عناية بكتاب‬
‫الشارات ل بن سينا و للمام ا بن الط يب عل يه شرح ح سن و كذا المدي و شر حه أي ضا‬
‫نصي الدين الطوسي العروف بواجه من أهل الشرق و بث مع المام ف كثي من مسائله‬
‫فأوفس على أنظاره و بوثسه و فوق كسل ذي علم عليسم و ال يهدي مسن يشاء إل صسراط‬
‫مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون‪ :‬ف علم الطب‬


‫و من فروع الطبيعيات صناعة الطب و هي صناعة تنظر ف بدن النسان من حيث يرض و‬
‫يصح فيحاول صاحبها حفظ الصحة و برء الرض بالدوية والغذية بعد أن يتبي الرض الذي‬
‫يص كل عضو من أعضاء البدن و أسباب تلك المراض الت تنشأ عنها و ما لكل مرض من‬
‫الدوية مستدلي على ذلك بأمزجة الدوية و قواها و على الرض بالعلمات الؤذن بنضجه و‬
‫قبوله الدواء أول‪ :‬ف ال سجية و الفضلت و الن بض ماذ ين لذلك قوة الطبي عة فإن ا الدبرة ف‬
‫حالت الصحة و الرض‪ .‬و إنا الطبيب ياذيها و يعينها بعض الشيء بسب ما تقتضيه طبيعة‬
‫الادة و الفصسل و السسن و يسسمى العلم الامسع لذا كله علم الطسب‪ .‬و رباس أفردوا بعسض‬
‫العضاء بالكلم و جعلوه عل ما خا صا‪ ،‬كالع ي و علل ها وأكحال ا‪ .‬كذلك ألقوا بال فن من‬
‫مناخ العضاء و معناها النفعة الت لجلها خلق كل عضو من أعضاء البدن اليوان‪ .‬و إن ل‬
‫يكن ذلك من موضوع علم الطب إل أنم جعلوه من لواحقه و توابعه‪ .‬و إمام هذه الصناعة‬
‫الت ترجت كتبه فيها من القدمي جالينوس يقال إنه كان معاصرا لعيسى عليه السلم و يقال‬
‫إنه مات بصقلية ف سبيل تغلب و مطاوعة اغتراب‪ .‬و تآليفه فيها هي المهات الت اقتدى با‬
‫جيع الطباء بعده‪ .‬و كان ف السلم ف هذه الصناعة أئمة جاءوا من وراء الغاية مثل الرازي‬
‫و الجوسي و ابن سينا و من أهل الندلس أيضا كثي وأشهرهم ابن زهر‪ .‬و هي لذا العهد ف‬
‫الدن السلمية كأنا نقصت لوقوف العمران و تناقصه و هي من الصنائع الت ل تستدعيها‬
‫إل الضارة و الترف ك ما نبينه ب عد‪ .‬و للباد ية من أ هل العمران طب يبنو نه ف غالب ال مر‬
‫على تربة قاصرة على بعض الشخاص متوارثا عن مشايخ الي و عجائزه‪ ،‬و ربا يصح منه‬
‫الب عض إل أ نة ل يس على قانون طبيعي و ل على مواف قة الزاج‪ .‬و كان ع ند العرب من هذا‬
‫الطسب كثيس و كان فيهسم أطباء معروفون كالارث بسن كلدة و غيه‪ .‬و الطسب النقول فس‬
‫الشرعيات من هذا القبيل و ليس من الوحي ف شيء و إنا هو أمر كان عاديا للعرب‪ .‬و وقع‬
‫ف ذكر أحوال النب صلى ال عليه و سلم من نوع ذكر أحواله الت هي عادة و جبلة ل من‬
‫جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل‪ .‬فإنه صلى ال عليه و سلم إنا بعث ليعلمنا‬
‫الشرائع و ل يبعث لتعريف الطب و ل غيه من العاديات‪ .‬و قد وقع له ف شأن تلقيح النخل‬
‫ما و قع فقال‪ :‬أن تم أعلم بأمور دنيا كم‪ .‬فل ينب غي أن ي مل ش يء من ال طب الذي و قع ف‬
‫الحاديث ال صحيحة النقولة على أ نة مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم إل إذا استعمل‬
‫على جهة التبك و صدق العقد اليان فيكون له أثر عظيم ف النفع‪ .‬و ليس ذلك ف الطب‬
‫الزا جي و إنا هو من آثار الكل مة اليان ية كما وقع ف مداواة البطون بالع سل و نوه و ال‬
‫الادي إل الصواب ل رب سواه‪.‬‬
‫الفصل السادس و العشرون‪ :‬ف الفلحة‬
‫هذه الصناعة من فروع الطبيعيات و هي النظر ف النبات من حيث تنميته و نشؤه بالسقي و‬
‫العلج و تعهده بثل ذلك و كان للمتقدمي با عناية كثية و كان النظر فيها عندهم عاما ف‬
‫النبات من ج هة غر سه و تنمي ته و من ج هة خوا صه و روحاني ته و مشاكلت ها لروحانيات‬
‫الكواكب و الياكل الستعمل ذلك كله ف باب السحر فعظمت عنايتهم به ل جل ذلك‪ .‬و‬
‫ترجم من كتب اليونانيي كتاب الفلحة النبطية منسوبة لعلماء النبط مشتملة من ذلك على‬
‫علم كبي‪ .‬و ل ا ن ظر أ هل اللة في ما اشت مل عل يه هذا الكتاب و كان باب ال سحر م سدودا و‬
‫النظر فيه مظورا فاقتصروا منه على الكلم ف النبات من جهة غرسه و علجه و ما يعرض له‬
‫ف ذلك و حذفوا الكلم ف الفن الخر منه جلة‪ .‬و اختصر ابن العوام كتاب الفلحة النبطية‬
‫على هذا النهاج و بقي الفن الخر منه مغفل‪ ،‬نقل منة مسلمة ف كتبه السحرية أمهات من‬
‫مسائله كما نذكره عند الكلم على السحر إن شاء ال تعال‪ .‬و كتب التأخرين ف الفلحة‬
‫كثية و ل يعدون فيها الكلم ف الغراس و العلج و حفظ النبات من حوائجه و عوائقه و ما‬
‫يعرض ف ذلك كله و هي موجودة‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون‪ :‬ف علم الليات‬


‫و هسو علم ينظسر فس الوجود الطلق فأول فس المور العامسة للجسسمانيات و الروحانيات مسن‬
‫الاهيات و الوحدة و الكثرة و الوجوب و المكان و غ ي ذلك ث ين ظر ف مبادئ الوجودات‬
‫و أن ا روحانيات ث ف كيف ية صدور الوجودات عن ها و مراتب ها ث ف أحوال الن فس ب عد‬
‫مفارقة الجسام و عودها إل البدأ‪ .‬و هو عندهم علم شريف يزعمون أنة يوقفهم على معرفة‬
‫الوجود على ما هو عليه و أن ذلك عي السعادة ف زعمهم‪ .‬و سيأت الرد عليهم بعد‪ .‬و هو‬
‫تال للطسبيعيات فس ترتيبهسم ولذلك يسسمونه علم مسا وراء الطبي عة‪ .‬و كتسب العلم الول فيسه‬
‫موجودة ب ي أيدي الناس‪ .‬و ل صه ا بن سينا ف كتاب الشفاء و النجاة و كذلك ل صه ا بن‬
‫ر شد من حكماء الندلس‪ .‬و ل ا و ضع التأخرون ف علوم القوم و دونوا في ها و رد علي هم‬
‫الغزال مسا رد منهسا ثس خلط التأخرون مسن التكلميس مسسائل علم الكلم بسسائل الفلسسفة‬
‫لشتراكه ما ف البا حث‪ ،‬و تشا به موضوع علم الكلم بوضوع الليات و م سائله ب سائلها‬
‫فصارت كأنا فن واحد ث غيوا ترتيب الكماء ف مسائل الطبيعيات و الليات و خلطوها‬
‫ف نا واحدا قدموا الكلم ف المور العا مة ث أتبعوه بال سمانيات و توابع ها ث بالروحانيات و‬
‫توابعها إل آخر العلم كما فعله المام ابن الطيب ف الباحث الشرقية و جيع من بعده من‬
‫علماء الكلم‪ .‬و صار علم الكلم متل طا ب سائل الك مة و كت به مشوة ب ا كأن الغرض مم‬
‫موضوعهمسا و مسسائلهما واحسد‪ .‬و التبسس ذلك على الناس و هسو صسواب لن مسسائل علم‬
‫الكلم إنا هي عقائد متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غي رجوع فيها إل العقل و ل‬
‫تعو يل عل يه بع ن أن ا ل تث بت إل به فإن الع قل معزول عن الشرع و أنظاره و ما تدث ف يه‬
‫التكلمون من إقامة الجج فليس بثا عن الق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن ل يكن معلوما هو‬
‫شأن الفل سفة بل إن ا هو التماس ح جة عقل ية تع ضد عقائد اليان و مذا هب ال سلف في ها و‬
‫تد فع ش به أ هل البدع عن ها الذ ين زعموا أن مدارك هم في ها عقل ية‪ .‬و ذلك ب عد أن تفرض‬
‫صحيحة بالدلة النقل ية ك ما تلقا ها ال سلف و اعتقدو ها و كث ي ما ب ي القام ي‪ .‬و ذلك أن‬
‫مدارك صاحب الشريعة أوسع لتساع نطاقها عن مدارك النظار العقلية فهي فوقها و ميطة‬
‫با لستمدادها من النوار اللية فل تدخل تت قانون النظر الضعيف و الدارك الحاط با‪.‬‬
‫فإذا هدا نا الشارع إل مدرك فينب غي أن نقد مه على مدارك نا و ن ثق به دون ا و ل نن ظر ف‬
‫تصحيحه بدارك العقل و لو عارضه بل نعتمد ما أمرنا به اعتقادا و علما و نسكت عما ل‬
‫نفهم من ذلك و نفوضه إل الشارع و نعزل العقل عنه و التكلمون إنا دعاهم إل ذلك كلم‬
‫أ هل اللاد ف معارضات العقائد ال سلفية بالبدع النظر ية فاحتاجوا إل الرد علي هم من ج نس‬
‫معارضاتم و استدعى ذلك الجج النظرية و ماذاة العقائد السلفية با و أما النظر ف مسائل‬
‫الطسبيعيات والليات بالتصسحيح و البطلن فليسس مسن موضوع علم الكلم و ل مسن جنسس‬
‫أنظار التكلم ي‪ .‬فاعلم ذلك لتم يز به ب ي الفن ي فإن ما متلطان ع ند التأخر ين ف الو ضع و‬
‫التأل يف و ال ق مغايرة كل منه ما ل صاحبه بالوضوع و ال سائل و إن ا جاء اللتباس من اتاد‬
‫الطالب ع ند ال ستدلل و صار احتجاج أ هل الكلم كأ نه إنشاء لطلب العتداد بالدل يل و‬
‫ل يس كذلك بل إن ا هو رد على اللحد ين و الطلوب مفروض ال صدق معلو مة‪ .‬و كذا جاء‬
‫التأخرون من غلة الت صوفة التكلم ي بالوا جد أي ضا فخلطوا م سائل الفن ي بفن هم و جعلوا‬
‫الكلم واحدا فيها كلها مثل كلمهم ف النبؤات و التاد و اللول و الوحدة و غي ذلك‪ .‬و‬
‫الدارك فس هذه الفنون الثلثسة متغايرة متلفسة و أبعدهسا مسن جنسس الفنون و العلوم مدارك‬
‫التصوفة لنم يدعون فيها الوجدان و يفرون عن الدليل و الوجدان بعيد عن الدارك العلمية و‬
‫أباثهسا و توابعهسا كمسا بيناه و نسبينه‪ .‬و ال يهدي مسن يشاء إل طريسق مسستقيم و ال أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون‪ :‬ف علوم السحر و الطلسمات‬


‫و هي علوم بكيف ية ا ستعدادات تقتدر النفوس البشر ية ب ا على التأثيات ف عال العنا صر إ ما‬
‫بغ ي مع ي أو بع ي من المور ال سماوية و الول هو ال سحر و الثا ن هو الطل سمات و ل ا‬
‫كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لا فيها من الضرر و لا يشترط فيها من الوجهة إل‬
‫غي ال من كوكب أو غيه كانت كتبها كالفقودة ب ي الناس‪ .‬إل ما وجد ف كتب المم‬
‫القدمي فيما ق بل نبؤة موسى عليه السلم مثل النبط و الكلداني ي فإن جيع من تقدمه من‬
‫النسبياء ل يشرعوا الشرائع و ل جاءوا بالحكام إناس كانست كتبهسم مواعسظ و توحيدا ل و‬
‫تذكيا بالنة والنار و كانت هذه العلوم ف أهل بابل من السريانيي و الكلدانيي و ف أهل‬
‫مصر من القبط و غيهم‪ .‬و كان لم فيها التآليف و الثار و ل يترجم لنا من كتبهم فيها إل‬
‫القل يل م ثل الفل حة النبط ية من أوضاع أ هل با بل فأ خذ الناس من ها هذا العلم و تفننوا ف يه و‬
‫وضعت بعد ذلك الوضاع مثل مصاحف الكواكب السبعة و كتاب طمطم الندي ف صور‬
‫الدرج و الكواكسب و غيهسا‪ .‬ثس ظهسر بالشرق جابر بسن حيان كسبي السسحرة فس هذه اللة‬
‫فتصفح كتب القوم و استخرج الصناعة و غاص ف زبدتا و استخرجها و وضع فيها غيها‬
‫من التآل يف و أك ثر الكلم في ها و ف صناعة ال سيمياء لن ا من توابع ها لن إحالة الج سام‬
‫النوعية من صورة إل أخرى إنا يكون بالقوة النفسية ل بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر‬
‫ك ما نذكره ف موض عه‪ .‬ث جاء م سلمة بن أح د الجري طي إمام أ هل الندلس ف التعال يم‬
‫والسحريات فلخص جيع تلك الكتب و هذبا و جع طرقها ف كتابه الذي ساه غاية الكيم‬
‫و ل يك تب أ حد ف هذا العلم بعده‪ .‬و لتقدم ه نا مقد مة ي تبي ب ا حقي قة ال سحر و ذلك أن‬
‫النفوس البشر ية و إن كا نت واحدة بالنوع ف هي متل فة بالواص و هي أ صناف كل صنف‬
‫متص باصية واحدة بالنوع ل توجد ف الصنف الخر‪ .‬و صارت تلك الواص فطرة و جبلة‬
‫لصنفها فنفوس النبياء عليهم الصلة و السلم لا خاصية تستعد با للنسلخ من الروحانية‬
‫البشرية إل الروحانية اللكية حت يصي ملكا ف تلك اللمحة الت انسلخت فيها‪ ،‬و هذا هو‬
‫معن الوحي كما مر ف موضعه‪ ،‬و هي ف تلك الالة مصلة للمعرفة الربانية و ماطبة اللئكة‬
‫عليهم السلم عن ال سبحانه و تعال كما مر‪ .‬و ما يتسع ف ذلك من التأثي ف الكوان و‬
‫نفوس السحرة لا خاصة التأثي ف الكوان و استجلب روحانية الكواكب للتصرف فيها و‬
‫التأثي بقوة نفسانية أو شيطانية‪ .‬فأما تأثي النبياء فمدد إلي و خاصية ربانية و نفوس الكهنة‬
‫لا خاصية الطلع على الغيبات بقوى شيطانية‪ .‬و هكذا كل صنف متص باصية ل توجد‬
‫ف الخر‪ .‬و النفوس الساحرة على مراتب ثلث يأت شرحها فأولا الؤثرة بالمة فقط من غي‬
‫آلة و ل مع ي و هذا هو الذي ت سميه الفل سفة ال سحر و الثا ن بع ي من مزاج الفلك أو‬
‫العناصر أو خواص العداد و يسمونه الطلسمات و هو أضعف رتبة من الول و الثالث تأثي‬
‫فس القوى التخيلة‪ .‬يعمسد صساحب هذا التأثيس إل القوى التخيلة فيتصسرف فيهسا بنوع مسن‬
‫التصرف و يلقي فيها أنواعا من اليالت و الحاكاة و صورا ما يقصده من ذلك ث ينلا إل‬
‫الس من الرائي بقوة نفسه الؤثرة فيه فينظر الراؤن كأنا ف الارج و ليس هناك شيء من‬
‫ذلك‪ ،‬ك ما ي كى عن بعض هم أ نه يري الب ساتي و النار و الق صور و ل يس هناك ش يء من‬
‫ذلك ويسسمى هذا عنسد الفلسسفة الشعوذة أو الشعبذة‪ .‬هذا تفصسيل مراتبسه ثس هذه الاصسية‬
‫تكون ف ال ساحر بالقوة شأن القوى البشر ية كل ها و إن ا ترج إل الف عل بالريا ضة و ريا ضة‬
‫ال سحر كل ها إن ا تكون بالتو جه إل الفلك و الكوا كب و العوال العلو ية والشياط ي بأنواع‬
‫التعظ يم و العبادة و الضوع و التذلل ف هي لذلك وج هة إل غ ي ال و سجود له‪ .‬و الوج هة‬
‫إل غيس ال كفسر فلهذا كان السسحر كفرا و الكفسر من مواده و أسسبابه كمسا رأيست‪ .‬و لذا‬
‫اختلف الفقهاء ف قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالفساد و ما ينشأ‬
‫عنه من الفساد ف الكوان و الكل حاصل منه‪ .‬و لا كانت الرتبتان الوليان من السحر لا‬
‫حقيقة ف الارج و الرتبة الخية الثالثة ل حقيقة لا اختلف العلماء ف السحر هل هو حقيقة‬
‫أو إنا هو تييل فالقائلون بأن له حقيقة نظروا إل الرتبتي الوليي و القائلون بأن ل حقيقة له‬
‫نظروا إل الرتبة الثالثة الخية‪ .‬فليس بينهم اختلف ف نفس المر بل إنا جاء من قبل اشتباه‬
‫هذه الراتب و ال أعلم‪ .‬و اعلم أن وجود السحر ل مرية فيه بي العقلء من أجل التأثي الذي‬
‫ذكرناه و قد نطق به القرآن‪ .‬قال ال تعال‪ :‬و لكن الشياطي كفروا يعلمون الناس السحر و‬
‫ما أنزل على اللكي ببابل هاروت و ماروت و ما يعلمان من أحد حت يقول إنا نن فتنة فل‬
‫تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بي الرء و زوجه و ما هم بضارين به من أحد إل بإذن‬
‫ال‪ .‬و سحر رسول ال صلى ال عليه و سلم حت كان ييل إليه أنة يفعله و جعل سحره ف‬
‫مشط و مشاقة و جف طلعة و دفن ف بئر ذروان فأنزل ال عز و جل عليه ف العوذتي‪ :‬و‬
‫من شر النفاثات ف العقد قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬كان ل يقرأ على عقدة من تلك العقد‬
‫ال ت سحر في ها إل انلت‪ .‬و أ ما وجود ال سحر ف أ هل با بل و هم الكلدانيون من الن بط و‬
‫السريانيي فكثي و نطق به القرآن و جاءت به الخبار و كان للسحر ف بابل و مصر أزمان‬
‫بع ثة مو سى عل يه ال سلم أ سواق ناف قة‪ .‬و لذا كا نت معجزة مو سى من ج نس ما يدعون و‬
‫يتاناغون فيسه و بقسي مسن آثار ذلك فس الباري بصسعيد مصسر شواهسد دالة على ذلك و رأينسا‬
‫بالعيان مسن يصسور صسورة الشخسص السسحور بواص أشياء مقابلة لاس نواه و حاوله موجودة‬
‫بالسحور و أمثال تلك العان من أ ساء و صفات ف التأل يف و التفر يق‪ .‬ث يتكلم على تلك‬
‫الصورة الت أقامها مقام الشخص السحور عينا أو معن ث ينفث من ريقه بعد اجتماعه ف فيه‬
‫بتكر ير مارج تلك الروف من الكلم ال سوء و يع قد على ذلك الع ن ف سبب أعده لذلك‬
‫تفاؤل بالعقد و اللزام و أخذ العهد على من أشرك به من الن ف نفثه ف فعله ذلك استشعارا‬
‫للعزي ة بالعزم‪ .‬و لتلك البن ية و ال ساء ال سيئة روح خبي ثة ترج م نه مع الن فخ متعل قة يري قه‬
‫الارج من فيه بالنفث فتنل عنها أرواح خبيثة و يقع عن ذلك بالسحور ما ياوله الساحر‪.‬‬
‫و شاهدنا أيضا من النتحلي للسحر و عمله من يشي إل كساء أو جلد و يتكلم عليه ف سره‬
‫فإذا هسو مقطوع متخرق‪ .‬و يشيس إل بطون الغنسم كذلك فس مراعيهسا بالبعسج فإذا أمعاؤهسا‬
‫ساقطة من بطونا إل الرض‪ .‬و سعنا أن بأرض الند لذا العهد من يشي إل إنسان فيتحتت‬
‫قلبه و يقع ميتا و ينقلب عن قلبه فل يوجد ف حشاه و يشي إل الرمانة و تفتح فل يوجد من‬
‫حبوب ا ش يء‪ .‬و كذلك سعنا أن بأرض ال سودان و أرض الترك من ي سحر ال سحاب فيم طر‬
‫الرض الخصوصة‪ .‬و كذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب ف العداد التحابة و هي ر‬
‫ك ر ف د أحد العددين مائتان و عشرون و الخر مائتان و أربعة و ثانون و معن التحابة أن‬
‫أجزاء كل وا حد ال ت ف يه من ن صف و ثلث و ر بع و سدس و خ س و أمثال ا إذا ج ع كان‬
‫مت ساويا للعدد ال خر صاحبه فت سمى ل جل ذلك التحا بة‪ .‬و ن قل أ صحاب الطل سمات أن‬
‫لتلك العداد أثرا ف الل فة ب ي التحاب ي و اجتماعه ما إذا و ضع ل ما مثالن أحده ا بطالع‬
‫الزهرة و هي ف بيتها أو شرفها ناظرة إل القمر ن ظر مودة و قبول و يعل طالع الثان سابع‬
‫الول و ي ضع على أحد التمثال ي أ حد العدد ين و ال خر على ال خر‪ .‬و يق صد بالكثر الذي‬
‫يراد ائتل فه أع ن الحبوب ما أدري الك ثر كم ية أو الك ثر أجزاء فيكون لذلك من التألف‬
‫العظيم بي التحابي مال يكاد ينفك أحدها عن الخر‪ .‬قاله صاحب الغاية و غيه من أئمة‬
‫هذا الشأن و شهدت له التجر بة‪ .‬و كذا طا بع ال سد و ي سمى أي ضا طا بع ال صى و هو أن‬
‫يرسم ف قالب هند إصبع صورة أسد سائل ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنصفي و بي‬
‫يديه صورة حية منسابة من رجليه إل قبالة وجهه فاغرة فاها فيه و على ظهره صورة عقرب‬
‫تدب‪ .‬و يتحي برسه حلول الشمس بالوجه الول أو الثالث من السد بشرط صلح النيين‬
‫و سلمتهما من النحوس‪ .‬فإذا و جد ذلك و ع ثر عل يه ط بع ف ذلك الو قت ف مقدار الثقال‬
‫فما دونه من الذهب و غمس بعد ف الزعفران ملول باء الورد و رفع ف خرقة حرير صفراء‬
‫فإنم يزعمون أن لمسكه من العز على السلطي ف مباشرتم و خدمتهم و تسخيهم له مال‬
‫يعب عنه‪ .‬و كذلك للسلطي فيه من القوة و العز على من تت أيديهم‪ .‬ذكر ذلك أيضا أهل‬
‫هذا الشأن ف الغاية و غيها و شهدت له التجربة‪ .‬و كذلك وفق السدس الختص بالشمس‬
‫ذكروا أنه‪ .‬يوضع عند حلول الشمس ف شرفها و سلمتها من النحوس و سلمة القمر بطالع‬
‫ملوكي يعتب فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة و قبول و يصلح فيه ما يكون‬
‫من مواليد اللوك من الدلة الشريفة و يرفع ف خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس ف الطيب‪.‬‬
‫فزعموا أن له أثرا فس صسحابة اللوك و خدمتهسم و معاشرتمس‪ .‬و أمثال ذلك كثيس‪ .‬و كتاب‬
‫الغاية لسلمة بن أحد الجريطي هو مدونة هذه الصناعة و فيه استيفاؤها و كمال مسائلها و‬
‫ذكر لنا أن المام الفخر بن الطيب وضع كتابا ف ذلك و ساه بالسر الكتوم و أنه بالشرق‬
‫يتداوله أهله و نن ل نقف عليه‪ .‬و المام ل يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن و لعل المر‬
‫بلف ذلك‪ .‬و بالغرب صنف من هؤلء النتحل ي لذه العمال ال سحرية يعرفون بالبعاج ي‬
‫و هم الذين ذكرت أول أنم يشيون إل الكساء أو اللد فيتخرق و يشيون إل بطون الغنم‬
‫بالبعج فتنبعج‪ .‬و يسمى أحدهم لذا العهد باسم البعاج لن أكثر ما ينتحل من السحر بعج‬
‫النعام ير هب بذلك أهل ها ليعطوه من فضل ها و هم م ستترون بذلك ف الغا ية خو فا على‬
‫أنفسهم من الكام‪ ،‬لقيت منهم جا عة و شاهدت من أفعالم هذه بذلك و أخبون أن لم‬
‫وجهة و رياضة خاصة بدعوات كفرية و إشراك لروحانيات الن و الكواكب‪ ،‬شطرت فيها‬
‫صحيفة عندهم تسمى الزيرية يتدارسونا و أنم بذه الرياضة و الوجهة يصلون إل حصول‬
‫هذه الفعال لم و أن التأثي الذي لم إنا هو فيما سوى النسان الر من التاع و اليوان و‬
‫الرف يق و ي عبون عن ذلك يقول م إن ا نف عل في ما ت شي ف يه الدرا هم أي ما يلك و يباع و‬
‫يشترى من سائر التملكات هذا ما زعموه‪ .‬و سألت بعضهم فأخبن به و أما أفعالم فظاهرة‬
‫موجودة وقفنا على الكثي منها و عاينتها من غي ريبة ف ذلك‪ .‬هذا شأن السحر والطلسمات‬
‫و أثارها ف العال فأما الفلسفة ففرقوا بي السحر و الطلسمات بعد أن أثبتوا أنما جيعا أثر‬
‫للن فس الن سانية و استدلوا على وجود ال ثر للن فس الن سانية بأن ل ا آثارا ف بدن ا على غي‬
‫الجرى ال طبيعي و أ سبابه ال سمانية بل آثار عار ضة من كيفيات الرواح تارة كال سخونة‬
‫الاد ثة عن الفرح و ال سرور و من ج هة الت صورات النف سانية أخرى كالذي ي قع من ق بل‬
‫التوهم‪ .‬فإن الاشي على حرف حائط أو حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بل‬
‫شك‪ .‬و لذا ت د كثيا من الناس يعودون أنف سهم ذلك بالدر بة عل يه حت يذ هب عن هم هذا‬
‫الو هم فتجد هم يشون على حرف الائط و ال بل النت صب و ل يافون ال سقوط‪ .‬فث بت أن‬
‫ذلك مسن آثار النفسس النسسانية و تصسورها للسسقوط مسن أجسل الوهسم‪ .‬و إذا كان ذلك أثرا‬
‫للنفس ف بدنا من غي السباب السمانية الطبيعية فجائز أن يكون لا مثل هذا الثر ف غي‬
‫بدناس إذ نسسبتها إل البدان فس ذلك النوع مسن التأثيس واحدة لناس غيس حالة فس البدن و ل‬
‫منطبعة فيه فثبت أنا مؤثرة ف سائر الجسام‪ .‬و أما التفرقة عندهم بي السحر و الطلسمات‬
‫فهسو أن السسحر ل يتاج السساحر فيسه إل معيس و صساحب الطلسسمات يسستعي بروحانيات‬
‫الكواكب و أسرار العداد و خواص الوجودات و أوضاع الفلك الؤثرة ف عال العناصر كما‬
‫يقول النجمون و يقولون‪ :‬السسحر اتاد روح بروح و الطلسسم اتاد روح يسسم و معناه‬
‫عندهسم ربسط الطبائع العلويسة السسماوية بالطبائع السسفلية‪ ،‬و الطبائع العلويسة هسي روحانيات‬
‫الكواكب و لذلك يستعي صاحبه ف غالب المر بالنجامة‪ .‬و الساحر عندهم غي مكتسب‬
‫لسسحره بسل هسو مفطور عندهسم على تلك البلة الختصسة بذلك النوع مسن التأثيس‪ .‬و الفرق‬
‫عند هم ب ي العجزة و ال سحر أن العجزة قوة إل ية تب عث على الن فس ذلك التأث ي ف هو مؤ يد‬
‫بروح ال على فعله ذلك‪ .‬و الساحر إنا يفعل ذلك من لدن نفسه و بقوته النفسانية و بإمداد‬
‫الشياطي ف بعض الحوال فبينهما الفرق ف العقولية و القيقة و الذات ف نفس المر و إنا‬
‫نستدل نن على التفرقة بالعلمات الظاهرة و هي وجود العجزة لصاحب الي و ف مقاصد‬
‫اليس و للنفوس التمحصسة للخيس و التحدي باس على دعوى النبؤة‪ .‬و السسحر إناس يوجسد‬
‫ل صاحب الشر و ف أفعال ال شر ف الغالب من التفر يق ب ي الزوج ي و ضرر العداء و أمثال‬
‫ذلك‪ .‬و للنفوس التمح صة لل شر‪ .‬هذا هو الفرق بينه ما ع ند الكماء اللي ي‪ :‬و قد يو جد‬
‫لب عض الت صوفة و أ صحاب الكرامات تأث ي أي ضا ف أحوال العال و ل يس معدودا من ج نس‬
‫ال سحر و إن ا هو بالمداد الل ي لن طريقت هم و نلت هم من آثار النبؤة و توابع ها و ل م ف‬
‫الدد‪ ،‬اللي حفظ على قدر حالم و إيانم و تسكهم بكلمة ال و إذا اقتدر أحد منهم على‬
‫أفعال الشر ل يأتيها لنة متقيد فيما يأتيه بذرة للمر اللي‪ .‬فما ل يقع لم فيه الذن ل يأتونه‬
‫بوجه و من أتاه منهم فقد عدل عن طريق الق و ربا سلب حاله‪ .‬و لا كانت العجزة بإمداد‬
‫روح ال و القوى اللية فلذلك ل يعارضها شيء من السحر‪ .‬و انظر شأن سحرة فرعون مع‬
‫موسى ف معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا به يأفكون و ذهب سحرهم و اضمحل كأن‬
‫ل يكن‪ .‬و كذلك لا أنزل على النب صلى ال عليه و سلم ف العوذتي و من شر النفاثات ف‬
‫العقد‪ .‬قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬فكان ل يقرأها على عقد ف من العقد الت سحر فيها إل‬
‫انلت‪ .‬فالسحر ل يثبت مع اسم ال و ذكره بالمة اليانية و قد نقل الؤرخون أن زركش‬
‫كاويان و هي راية كسرى كان فيها الوفق الئين العددي منسوجا بالذهب ف أوضاع فلكية‬
‫رصدت لذلك الوفق‪ .‬و وجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الرض بعد انزام‬
‫أهسل فارس و شتاتمس‪ .‬و هسو فيمسا يزعسم أهسل الطلسسمات و الوفاق مصسوص بالغلب فس‬
‫الروب و أن الراية الت يكون فيها أو معها ل تنهزم أصل‪ .‬إل أن هذه عارضها الدد الل ي‬
‫من إيان أصحاب رسول ال صلى ال علية و سلم و تسكهم بكلمة ال فانل معها كل عقد‬
‫سسحري و ل يثبست و يطسل مسا كانوا يعملون‪ .‬و أمسا الشريعسة فلم تفرق بيس السسحر و‬
‫الطلسمات و جعلته كله بابا واحدا مظورا‪ .‬لن الفعال إنا أباح لنا الشارع منها ما يهمنا ف‬
‫دين نا الذي ف يه صلح آخرت نا أو ف معاش نا الذي ف يه صلح دنيا نا و ما ل يهم نا ف ش يء‬
‫منهمسا فإن كان فيسه ضرر أو نوع ضرر كالسسحر الاصسل ضرره بالوقوع و يلحسق بسه‬
‫الطل سمات لن أثره ا وا حد و كالنجا مة ال ت في ها نوع ضرر باعتقاد التأث ي فتف سد العقيدة‬
‫اليانية برد المور إل غي ال فيكون حينئذ ذلك الفعل مظورا على نسبته ف الضرر‪ .‬و إن ل‬
‫يكن مهما علينا و ل فيه ضرر فل أقل من تركه قربة إل ال فإن من حسن إسلم الرء تركه‬
‫مال يعنيه‪ .‬فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات و الشعوذة بابا واحدا لا فيها من الضرر‬
‫و خصته بالظر و التحري‪ .‬و أما الفرق عندهم بي العجزة و السحر فالذي ذكره التكلمون‬
‫أنة راجع إل التحدي و هو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه‪ .‬قالوا‪ :‬و الساحر مصروف عن‬
‫مثسل هذا التحدي فل يقسع منسه‪ .‬و وقوع العجزة على وفسق دعوى الكاذب غيس مقدور لن‬
‫دللة العجزة على ال صدق عقلية لن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب ل ستحال‬
‫الصسادق كاذبسا و هسو مال فإذا ل تقسع العجزة مسع الكاذب بإطلق‪ .‬و أمسا الكماء فالفرق‬
‫بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بي الي و الشر ف ناية الطرفي‪ .‬فالساحر ل يصدر منه‬
‫ال ي و ل ي ستعمل ف أ سباب ال ي و صاحب العجزة ل ي صدر م نه ال شر و ل ي ستعمل ف‬
‫أ سباب ال شر و كأن ما على طر ف النق يض ف أ صل فطرت ما‪ .‬و ال يهدي من يشاء و هو‬
‫القوي العز يز ل رب سواه و من قب يل هذه التأثيات النف سية ال صابة بالع ي و هو تأث ي من‬
‫ن فس العيان عند ما ي ستحسن بعي نه مدر كا من الذوات أو الحوال و يفرط ف ا ستحسانه و‬
‫ينشأ عن ذلك الستحسان حسد يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده‪ .‬و‬
‫هو جبلة فطرية أعن هذه الصابة بالعي‪ .‬و الفرق بينها و بي التأثيات النفسانية أن صدورة‬
‫فطري جبلي ل يتخلف و ل ير جع اختيار صاحبه و ل يكت سبه‪ .‬و سائر التأثيات و إن كان‬
‫من ها مال يكت سب ف صدورها را جع إل اختيار فاعل ها و الفطري من ها قوة صدورها و لذا‬
‫قالوا‪ :‬القا تل بال سحر أو بالكرا مة يق تل و القا تل بالع ي ل يق تل‪ .‬و ما ذلك إل أ نه ل يس م ا‬
‫يريده و يقصده أو يتركه و إنا هو مبور ف صدوره عنه‪ .‬و ال أعلم با ف الغيوب و مطلع‬
‫على ما ف السرائر‪.‬‬

‫القسم الول من الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الروف‬


‫و هو السمى لذا العهد بالسيميا‪ .‬نقل وضعه من الطلسمات إليه ف اصطلح أهل التصرف‬
‫من التصوفة‪ ،‬فاستعمل استعمال العام ف الاص‪ .‬و حدث هذا العلم ف اللة بعد صدر منها‪،‬‬
‫و عند ظهور الغلة من التصوفة و جنوحهم إل كشف حجاب الس‪ ،‬و ظهور الوارق على‬
‫أيديهم و التصرفات ف عال العناصر‪ ،‬و تدوين الكتب و الصطلحات‪ ،‬و مزاعمهم ف تنل‬
‫سائي مظاهره أرواح الفلك و‬ ‫سه‪ .‬و زعموا أن الكمال السس‬ ‫سد و ترتيبس‬ ‫سن الواحس‬‫الوجود عس‬
‫الكوا كب‪ ،‬و أن طبائع الروف و أ سرارها سارية ف ال ساء‪ ،‬ف هي سارية ف الكوان على‬
‫هذا النظام‪ .‬و الكوان من لدن البداع الول تتن قل ف أطواره و تعرب عن أ سراره‪ ،‬فحدث‬
‫لذلك علم أسرار الروف‪ ،‬و هو من تفاريع علم السيمياء ل يوقف على موضوعه و ل تاط‬
‫بالعدد م سائله‪ .‬تعددت ف يه تآل يف البو ن و ا بن العر ب و غيه ا م ن ات بع آثاره ا‪ .‬و حا صلة‬
‫عند هم و ثر ته ت صرف النفوس الربان ية ف عال الطبي عة بال ساء ال سن و الكلمات الل ية‬
‫الناشئة عن الروف الحيطة بالسرار السارية ف الكوان‪.‬‬
‫ث اختلفوا ف سر الت صرف الذي ف الروف ب ا هو‪ :‬فمن هم من جعله للمزاج الذي ف يه‪ ،‬و‬
‫قسم الروف بقسمة الطبائع إل أربعة أصناف كما للعناصر‪ .‬و اختصت كل طبيعة بصنف‬
‫من الروف يقع التصرف ف طبيعتها فعل و انفعال بذلك الصنف‪ ،‬فتنوعت الروف بقانون‬
‫صسناعي يسسمونه التكسسي إل ناريسة و هوائيسة و مائيسة و ترابيسة على حسسب تنوع العناصسر‪،‬‬
‫فاللف للنار و الباء للهواء واليسم للماء والدال للتراب‪ .‬ثس ترجسع كذلك على التوال مسن‬
‫الروف و العناصسر إل أن تنفسذ‪ .‬فتعيس لعنصسر النار حروف سسبعة‪ :‬اللف و الاء و الطاء و‬
‫اليم و الفاء والسي و الذال‪ ،‬و تعي لعنصر الواء سبعة أيضا‪ :‬الباء و الواو و الياء و النون و‬
‫الضاد والتاء و الظاء‪ ،‬و تعي لعنصر الاء أيضا سبعة‪ :‬اليم و الزاي و الكاف و الصاد والقاف‬
‫و الثاء و الغيس‪ ،‬و تعيس لعنصسر التراب أيضسا سسبعة‪ :‬الدال و الاء و اللم و العيس و الراء و‬
‫الاء و الشي‪.‬‬
‫و الروف النار ية لد فع المراض الباردة و لضاع فة قوة الرارة ح يث تطلب مضاعفت ها‪ ،‬إ ما‬
‫حسا أو حكما‪ .‬كما ف تضيف قوى الريخ ف الروب ف القتل و الفتك‪ .‬و الائية أيضا لدفع‬
‫المراض الارة من حيات و غيها و لتضعيف القوى الباردة حيث تطلب مضاعفتها حسا أو‬
‫حكما‪ ،‬كتضعيف قوى القمر و أمثال ذلك‪.‬‬
‫و منهم من جعل سر التصرف الذي ف الروف للنسبة العددية‪ :‬فإن حروف أبد دالة على‬
‫أعدادها التعارفة وضعا و طبعا فبينها من أجل تناسب العداد تناسب ف نفسها أيضا‪ ،‬كما‬
‫بي الباء و الكاف و الراء لدللتها كلها على الثني كل ف مرتبته‪ ،‬فالباء على اثني ف مرتبة‬
‫الحاد‪ ،‬و الكاف على اثني ف مرتبة العشرات‪ ،‬و الراء على اثني ف مرتبة الئي‪ .‬و كالذي‬
‫بينها و بي الدال و اليم والتاء لدللتها على الربعة‪ ،‬و بي الربعة و الثني نسبة الضعف‪ .‬و‬
‫خرج لل ساء أوفاق ك ما للعداد ي تص كل صنف من الروف ب صنف من الوفاق الذي‬
‫ينا سبه من ح يث عدد الش كل أو عدد الروف‪ ،‬و امتزج الت صرف من ال سر الر ف و ال سر‬
‫العددي ل جل التناسسب الذي بينه ما‪ .‬فأ ما سر التنا سب الذي ب ي هذه الروف و أمز جة‬
‫الطبائع‪ ،‬أو بيس الروف و العداد‪ ،‬فأمسر عسسي على الفهسم‪ ،‬إذ ليسس مسن قبيسل العلوم و‬
‫القياسات‪ ،‬و إنا مستندهم فيه الذوق و الكشف‪ .‬قال البون‪ :‬و ل تظن أن سر الروف ما‬
‫يتو صل إل يه بالقياس العقلي‪ ،‬و إن ا هو بطر يق الشاهدة و التوف يق الل ي‪ .‬و أ ما الت صرف ف‬
‫عال الطبيعة بذه الروف و الساء الركبة فيها و تأثر الكوان عن ذلك فأمر ل ينكر لثبوته‬
‫عن كثي منهم تواترا‪ .‬و قد يظن أن تصرف هؤلء و تصرف أصحاب الطلسمات واحد‪ ،‬و‬
‫ل يس كذلك‪ ،‬فإن حقي قة الطل سم و تأثيه على ما حق قه أهله أ نة قوى روحان ية من جو هر‬
‫القهر‪ ،‬تفعل فيما له ركب فعل غلبة و قهر‪ .‬بأسرار فلكية و نسب عددية و بورات جالبات‬
‫لروحان ية ذلك الطل سم‪ ،‬مشدودة ف يه بالمة‪ ،‬فائدتا ر بط الطبائع العلو ية بالطبائع ال سفلية‪ ،‬و‬
‫هو عندهم كالمية الركبة من هوائية و أرضية و مائية و نارية حاصلة ف جلتها‪ ،‬تيل و‬
‫ت صرف ما ح صلت ف يه إل ذات ا و تقل به إل صورتا‪ .‬و كذلك الك سي للج سام العدن ية‬
‫سها بالحالة‪ .‬و لذلك يقولون‪ :‬موضوع‬ ‫سه إل نفسس‬ ‫سري فيس‬ ‫كالمية تقلب العدن الذي تسس‬
‫الكمياء ج سد ف ج سد لن الك سي أجزاؤه كل ها ج سدانية‪ .‬و يقولون‪ :‬موضوع الطل سم‬
‫روح ف جسد ل نه ربط الطبائع العلو ية بالطبائع ال سفلية‪ .‬و الطبائع ال سفلية جسد و الطبائع‬
‫العلوية روحانية‪ .‬و تقيق الفرق بي تصرف أهل الطلسمات و أهل الساء‪ ،‬بعد أن تعلم أن‬
‫التصرف ف عال الطبيعة كله إنا هو للنفس النسانية والمم البشرية أن النفس النسانية ميطة‬
‫بالطبيعة و حاكمة عليها با الذات‪ ،‬إل أن تصرف أهل الطلسمات إنا هو ف استنال روحانية‬
‫الفلك و ربطها بالصور أو بالنسب العددية‪ .‬حت يصل من ذلك نوع مزاج يفعل الحالة و‬
‫القلب بطبيعته‪ ،‬فعل المية فيما حصلت فيه‪ .‬و تصرف أصحاب الساء إنا هو با حصل لم‬
‫بالجاهدة و الكشسف مسن النور الليس و المداد الربانس‪ ،‬فيسسخر الطبيعسة لذلك طائعسة غيس‬
‫مستعصية‪ ،‬و ل يتاج إل مدد من القوى الفلكية و ل غيها‪ ،‬لن مدده أعلى منها‪.‬‬
‫و يتاج أهل الطلسمات إل قليل من الرياضة تفيد النفس قوة على استنال روحانية الفلك‪.‬‬
‫و أهون با وجهة و رياضة‪ .‬بلف أهل الساء فإن رياضتهم هي الرياضة الكبى‪ ،‬و ليست‬
‫لقصد الت صرف ف الكوان إذ هو حجاب‪ .‬و إنا الت صرف حا صل لم بالعرض‪ ،‬كرا مة من‬
‫كرامات ال لم‪ .‬فإن خل صاحب الساء عن معرفة أسرار ال و حقائق اللكوت‪ ،‬الذي هو‬
‫نتي جة الشاهدة والك شف‪ ،‬و اقت صر على منا سبات ال ساء و طبائع الروف و الكلمات‪ .‬و‬
‫ت صرف ب ا من هذه اليث ية و هؤلء هم أ هل ال سيياء ف الشهور كأن إذا ل فرق بي نه و ب ي‬
‫صاحب الطلسمات‪ ،‬بل صاحب الطلسمات أوثق منه لنه يرجع إل أصول طبيعية علمية و‬
‫قوانيس مرتبسة‪ .‬و أمسا صساحب أسسرار السساء إذا فاتسه الكشسف الذي يطلع بسه على حقائق‬
‫الكلمات و آثار الناسبات بفوات اللوص ف الوجهة‪ ،‬و ليس له ف العلوم الصطلحية قانون‬
‫برهانس يعول عليسه يكون حاله أضعسف رتبسة‪ .‬و قسد يزج صساحب السساء قوى الكلمات و‬
‫الساء بقوى الكواكب‪ ،‬فيعي لذكر الساء السن‪ ،‬أو ما يرسم من أوفاقها‪ ،‬بل و لسائر‬
‫ال ساء‪ ،‬أوقا تا تكون من حظوظ الكوا كب الذي ينا سب ذلك ال سم‪ ،‬ك ما فعله البو ن ف‬
‫كتايه الذي ساه الناط‪ .‬و هذه الناسبة عندهم هي من لدن الضرة العمائية‪ .‬و هي برزخية‬
‫الكمال السان‪ .‬و إنا تنل تفصيلها ف القائق على ما هي عليه من الناسبة‪ .‬و إثبات هذه‬
‫الناسبة عندهم إنا هو بكم الشاهدة‪ .‬فإذا خل صاحب الساء عن تلك الشاهدة‪ ،‬و تلقى‬
‫تلك النا سبة تقليدا‪ ،‬كان عمله بثا بة ع مل صاجب الطل سم‪ ،‬بل هوأو ثق م نه ك ما قلناه‪ .‬و‬
‫كذلك قد يزج أي ضا صاحب الطل سمات عمله و قوى كواك به بقوى الدعوات الؤل فة من‬
‫الكلمات الخصوصة لناسبة بي الكلمات و الكواكب‪ ،‬إل أن مناسبة الكلمات عندهم ليست‬
‫ك ما هي ع ند أ صحاب ال ساء من الطلع ف حال الشاهدة‪ ،‬و إن ا ير جع إل ما اقتض ته‬
‫أ صول طريقت هم ال سحرية‪ .‬من اقت سام الكوا كب لم يع ما ف عال الكونات‪ ،‬من جوا هر و‬
‫أعراض و ذوات و معان‪ ،‬و الروف و الساء من جلة ما فيه‪.‬‬
‫فلكل واحد من الكواكب قسم منها يصه‪ ،‬و يبنون على ذلك مبان غريبة منكرة من تقسيم‬
‫سورالقرآن و آيه على هذا النحو‪ ،‬كما فعله مسلمة الجريطي ف الغاية‪ .‬و الظاهر من حال‬
‫البون ف أناطه أنه اعتب طريقتهم‪ .‬فإن تلك الناط إذا تصفحتها‪ ،‬و تصفحت الدعوات الت‬
‫تضمنت ها‪ .‬و تق سيمها على ساعات الكوا كب ال سبعة‪ ،‬ث وق فت على الغا ية‪ ،‬و ت صفحت‬
‫قيامات الكوا كب ال ت في ها‪ ،‬و هي الدعوات ال ت ت تص ب كل كو كب‪ ،‬و ي سمونا قيامات‬
‫الكوا كب‪ ،‬أي الدعوة ال ت يقام له ب ا‪ ،‬ش هد له ذلك‪ :‬إ ما بأ نه من مادت ا‪ ،‬أو بأن التنا سب‬
‫الذي كان ف أصل البداع و برزخ العلم قضى بذلك كله‪ .‬و ما أوتيتم من العلم إل قليل‪ .‬و‬
‫ليس كل ما حرمه الشارع من العلوم بنكر الثبوت‪ ،‬فقد ثبت أن السحر حق مع حظره‪ .‬لكن‬
‫حسبنا من العلم ما علمنا‪.‬‬
‫و من فروع علم السيمياء عندهم استخراج الجوبة من السئلة‪ ،‬بارتباطات ش بي الكلمات‬
‫حرفية‪ ،‬يوهون أنا أصل ف معرفة ما ياولون علمه من الكائنات الستقبالية‪ ،‬و إنا هي شبه‬
‫العاياة و السائل السيالة‪ .‬و لم ف ذلك كلم كثي من أدعية و أوراد‪ .‬و أعجبه زايرجة العال‬
‫لل سبت و قد تقدم ذكر ها‪ .‬و نبي ه نا ما ذكروه ف كيف ية الع مل بتلك الزاير جة بدائرت ا و‬
‫جدولا الكتوب حولا‪ ،‬ث نكشف عن الق فيها و أنا ليست من الغيب‪ .‬و إنا هي مطابقة‬
‫بي مسئلة و جوابا ف الفادة فقط‪ ،‬و قد أشرنا إل ذلك من قبل‪ .‬و ليس عندنا رواية يعول‬
‫عليها ف صحة هذه القصيدة إل أننا ترينا أصح النسخ منها ف ظاهر المر‪ .‬و ال الوفق بنه‪.‬‬
‫و هي هذه‪:‬‬
‫مصل على هاد إل الناس أرسل‬ ‫يقول سبيت و يمد ربه‬
‫و يرضى عن الصحب و من لم تل‬ ‫ممد البعوث خات النبيا‬
‫تراه بيكم و بالعقل قد خل‬ ‫أل هذه زايرجة العال الذي‬
‫و يدرك أحكاما تدبرها العل‬ ‫فمن أحكم الوضع فيحكم جسمه‬
‫و يدرك للتقوى و للكل حاصل‬ ‫و من أحكم الربط فيدرك قوة‬
‫و يعقل نفسه و صح له الول‬ ‫ومن أحكم التصريف يكم سره‬
‫و هذا مقام من بالذكار كمل‬ ‫و ف عال المر تراه مققا‬
‫أقمها دوائر وللحاء عدل‬ ‫فهذي سرائر عليكم بكتمها‬
‫بنظم و نثر قبد تراه مدول‬ ‫فطاء لا عرش و فيظ نقوشنا‬
‫و ارسم كواكبا لدراجها العل‬ ‫و نسب دوائر كنسبة فلكها‬
‫و كور بثله على حد من خل‬ ‫و أخرج لوتار و ارسم حروفها‬
‫و حقق بامهم و نورهم جل‬ ‫أقم شكل زيرهم و سو بيوته‬
‫و علما لوسيقى و الرباع مثل‬ ‫و حصل علوما للطباع مهندسا‬
‫و علم بآلت فحقق و حصل‬ ‫و سو لوسيقى و علم حروفهم‬
‫و عالها أطلق و القليم جدول‬ ‫و سو دوائرها و نسب حروفها‬
‫زناتية آبت و حكم لا خل‬ ‫أمي لنا فهو ناية دولة‬
‫و جاء بنو نصر و ظفرهم تل‬ ‫و قطر لندلس فابن لودهم‬
‫فإن شئت نصبتهم و قطرهم حل‬ ‫ملوك و فرسان و أهل لكمة‬
‫ملوك بالشرق بالوفاق نزل‬ ‫و مهدي توحيد بتونس حكمهم‬
‫فإن شئت للروم فبالر شكل‬ ‫و اقسم على القطر و كن متفقدا‬
‫و إفرنسهم دال و بالطاء كمل‬ ‫ففنش و برشنون الراء حرفهم‬
‫و إعرب قومنا بترقيق أعمل‬ ‫ملوك كناوة دلوا لقافهم‬
‫و فرس ططاري و ما بعدهم طل‬ ‫فهند حباشي و سند فهرمس‬
‫لكاف و قبطهم بلمه طول‬ ‫فقيصرهم جاء و يزدجردهم‬
‫و لكن تركي بذا الفعل عطل‬ ‫و عباس كلهم شريف معظم‬
‫فختم بيوتا ث نسب و جدول‬ ‫فإن شئت تدقيق اللوك و كلهم‬
‫و علم طبائعها و كله مثل‬ ‫على حكم قانون الروف و علمها‬
‫و يعلم أسرار الوجود و أكمل‬ ‫فمن علم العلوم تعلم علمنا‬
‫و علم ملحيم باميم فصل‬ ‫فيسخ علمه و يعرف ربه‬
‫فحكم الكيم فيه قطهعا ليقتل‬ ‫و حيث أتى اسم و العروض يشقه‬
‫و أحرف سيبويه تأتيك فيصل‬ ‫و تأتيك أحرف فسو لضربا‬
‫بترنيمك الغال للجزاء خلخل‬ ‫فمكن بتنكي و قابل و عوضن‬
‫و زد لح وصفيه ف العقل فعل‬ ‫و ف العقد و الجزور يعرف غالبا‬
‫و اعكس بذبيه و بالدور عدل ؟‬ ‫و اختر لطلع و سويه رتبة‬
‫و تعطي حروفها و ف نظمها انل‬ ‫و يدركها الرء فيبلغ قصده‬
‫فحسبك ف اللك و نيل اسه العل‬ ‫إذا كان سعد و الكواكب اسعدت‬
‫فنسب دنادينا تد فيه منهل‬ ‫و إيقاع دالم برموز ثمة‬
‫و مثناهم الثلث بيمه قد جل‬ ‫و أوتار زيرهم فللحاء بهم‬
‫و أرسم أباجاد و باقيه جل‬ ‫و أدخل بأفلك و عدل بدول‬
‫أتى ف عروض الشعر عن جلة مل‬ ‫و جوز شذوذ النو تري و مثله‬
‫و علم لنحونا فاحفظ و حصل‬ ‫فأصل لديننا و أصل لفقهنا‬
‫و سبح باسه و كب و هلل‬ ‫فادخل لفسطاط على الوفق جذره‬
‫بنظم طبيعي و سر من العل‬ ‫فتخرج أبياتا و ف كل مطلب‬
‫فعلم الفواتيح ترى فيه منهل‬ ‫و تفن بصرها كذا حكم عدهم‬
‫من اللف طبعيا فيا صاح جدول‬ ‫فتخرج أبياتا و عشرون ضعفت‬
‫فصح لك الن و صح لك العل‬ ‫تريك صنائعا من الضرب أكملت‬
‫أقمها دوائر الزير و حصل‬ ‫و سجع بزيرهم و أثن بنقرة‬
‫من أسرار أحرفهم فعذبه سلسل‬ ‫أقمها بأوفاق و أصل لعدها‬
‫‪ 43‬ك ‪ 1‬ك و ك ح و ا ه عم له ر ل سع كط ‪ 1‬ل م ن ح ع ف و ل‬

‫الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الروف القسم الثان‬


‫الكلم على ا ستخراج ن سبة الوزان و كيفيات ا و مقاد ير القا بل من ها و قوة الدر جة التميزة‬
‫بالنسبة إل موضع العلق من امتزاج طبائع و علم طب أو صناعة الكيميا‬
‫و عال مقدار القادير بالول‬ ‫أيا طالبا للطب مع علم جابر‬
‫لحكام ميزان تصادف منهل‬ ‫إذا شئت علم الطب لبد نسبة‬
‫و أمزاج وضعكم بتصحيح أنل‬ ‫فيشفي عليكم و الكسي مكم‬
‫الطب الروحان‬
‫لبهرام برجيس و سبعة أكمل‬ ‫و شئت إيلوش ‪ 565‬سهس و دهنه بل‬
‫كذلك و التركيب حيث تنقل‬ ‫لتحليل أوجاع البوارد صححوا‬
‫كد منع مهم ‪ 355‬و هح ‪ 6‬صح لاى و لح ‪ 1‬آ ‪ 1‬و هح وى سكره ل ل ح مههت‬
‫مهههس ع ع مى مرح حس ‪ 2242‬ل ك عا عر‪.‬‬
‫مطاريح الشعاعات ف مواليد اللوك و بنيهم‬
‫و ضلع قسيها بنطقة جل‬ ‫و علم مطاريح الشعاعات مشكل‬
‫و يبدو إذا عرض الكواكب عدل‬ ‫و لكن قي حج مقام إمامنا‬
‫فمن أدرك العن عل ث فوضل‬ ‫بدال مراكز بي طول و عرضها‬
‫لتسديسهم تثليث بيت الت تل‬ ‫مواقع تربيع و سه مسقط‬
‫يقينا و جذره و بالعي أعمل‬ ‫يزاد لتربيع و هذا قياسه‬
‫بصاد و ضعفه و تربيعه أنل‬ ‫و من نسبة الربعي ركب شعاعك‬
‫اخ تص صح صحس ع س ‪ 8‬سع وى هذا الع مل ه نا للملوك و القانون مطرد عمله و ل ير‬
‫أعجب منه‪.‬‬
‫مقامات اللوك القام الول ‪ 5‬القام الثان‬
‫ع ع و القام الرا بع للح القام الامس لى القام السادس بي القام السابع عره‬
‫خط التصال و النفصال‬
‫خط التصال‬
‫خط النفصال‬
‫الوتر للجميع و تابع الرر التام‬
‫التصال و النفصال‬
‫الواجب التام ف التصالت‬
‫إقامة النوار‬
‫الزر الجيب ف العمل‬
‫إقامة السوال عن اللوك‬
‫مقام الول نورعه ي مقام با ‪ 5‬حج ل‬
‫النفعال الروحان و ال نقياد الربان‬
‫لدى أسائه السن تصادف منهل‬ ‫أيا طالب السر لتهليل ربه‬
‫كذلك ريسهم و ف الشمس أعمل‬ ‫تطيعك أخيار النام بقلبهم‬
‫و ما قلته حقا و ف الغي أهل‬ ‫ترى عامة الناس إليك تقيدوا‬
‫أقوله غيكم و نصركموا اجتلى‬ ‫طريقك هذا السيل و السبل الذي‬
‫و دينا متينا أو تكن متوصل‬ ‫إذا شئت تيا ف الوجود مع التقى‬
‫و ف سر بسطام أراك مسربل‬ ‫كذي النون و النيد مع سر صنعة‬
‫كذا قالت الند و صوفية الل‬ ‫و ف العال العلوي تكون مدثا‬
‫و ما حكم صنع مثل جبيل أنزل‬ ‫طريق رسول ال بالق ساطع‬
‫و يوم الميس البدء و الحدانلى‬ ‫فبطشك تليل و قوسك مطلع‬
‫و ف اثني للحسن تكون مكمل‬ ‫و ف جعة أيضا بالساء مثله‬
‫أراك با مع نسبة الكل أعطل‬ ‫و ف طائه سر ف هائه إذا‬
‫و عود و مصطكى بور تصل‬ ‫و ساعة سعد شرطهم ف نقوشها‬
‫و الخلص و السبع الثان مرتل‬ ‫و تتلو عليها آخر الشر دعوة‬
‫اتصال أنوار الكواكب بلعان ل هي ى ل ظ غ لدسع ق صح مس ف و ى‬
‫و كل برأسك و ف دعوة فل‬ ‫و ف يدك اليمن حديد و خات‬
‫و اتلو إذا نام النام و رتل‬ ‫و آية حشر فاجعل القلب وجهها‬
‫هي الية الغظمى فحقق و حصل‬ ‫هي السر ف الكوان ل شيء غيها‬
‫و تدرك أسرارا من العال العل‬ ‫تكون با قطبا إذا جدت خدمة‬
‫و باح با اللج جهرا فأعقل ؟‬ ‫سري با ناجي و معروف قبله‬
‫إل أن رقى فوق الريدين و اعتلى‬ ‫و كان با الشبلي يدأب دائما‬
‫و لزم لذكار و صم و تنقل‬ ‫فصف من الدناس قلبك جاهدا‬
‫عليم بأسرار العلوم مصل‬ ‫فما نال سر القوم إل مقق‬
‫مقامات الح بة و م يل النفوس و الجاهدة و الطا عة و العبادة و حب و تع شق و فناء الفناء و‬
‫توجه و مراقبة و خلة و أئمة‬
‫النفعال الطبيعي‬
‫بقزدير أو ناس اللط أكمل‬ ‫لبجيس ف الحبة الوفق صرفوا‬
‫فجعلك طالعا خطوطه ما عل‬ ‫و قيل بفضة صحيحا رأيته‬
‫و جعلك للقبول شسه أصل‬ ‫توخ به زيادة النور للقمر‬
‫و وقت لساعة و دعوته أل‬ ‫و يومه و البخور عود لندهم‬
‫و عن طسيمان دعوة و لا جل‬ ‫و دعوته بغاية فهي أعملت‬
‫بر هواء أو مطالب أهل‬ ‫و قيل بدعوة حروف لوضعها‬
‫و ذلك وفق للمربع حصل‬ ‫فتنقش أحرفا بدال و لمها‬
‫فدال ليبدو واو زينب معطل‬ ‫إذا ل يكن يهوى هواك دللا‬
‫هواك و باقيهم قليلة جل‬ ‫فحسن لبائه و بائهم إذا‬
‫و ما زدت أنسبه لفعلك عدل‬ ‫و نقش مشاكل بشرط لوضعهم‬
‫فبوري و بسطامي بسورتا تل‬ ‫و مفتاح مري ففعلهما سوا‬
‫أدلة و حشي لقبضة ميل‬ ‫و جعلك بالقصد و كن متفقدا‬
‫فباطنها سر و ف سرها انل‬ ‫فاعكس بيوتا بألف و نيف‬
‫فصل ف القامات للنهاية‬
‫و توجدها دار أو ملبسها الل‬ ‫لك الغيب صورة من العال العل‬
‫بنثر و ترتيل حقيقة أنزل‬ ‫و يوسف ف السن و هذا شبيهه‬
‫فيحكى إل عود ياوب بلبل‬ ‫و ف يده طول و ف الغيب ناطق‬
‫و عند تليها لبسطام أخذل‬ ‫و قد جن بلول بعشق جالا‬
‫جنيد و بصرى و السم أهل‬ ‫و مات أجليه و أشرب حبها‬
‫بأسائه السن بل نسبة خل‬ ‫فتطلب ف التهليل غايته و من‬
‫و يسهم بالزلفى لدى جية العل‬ ‫و من صاحب السن له الفوز بالن‬
‫تريك عجائبا بن كان موئل‬ ‫و تب بالغيب إذا جدت خدمة‬
‫و منها زيادات لتفسيها تل‬ ‫فهذا هو الفوز و حسن تناله‬
‫الوصية و التختم و اليان و السلم و التحري و الهلية‬
‫و ما زاد خطبة و ختما و جدول‬ ‫فهذا قصيدنا و تسعون عده‬
‫تولد أبياتا و ما حصرها انل‬ ‫عجبت لبيات و تسعون عدها‬
‫و يفهم تفسيا تشابه أشكل‬ ‫فمن فهم السر فيفهم نفسه‬
‫لناس و إن خصوا و كان التأهل‬ ‫حرام و شرعي لظهار سرنا‬
‫و تفهم برحلة و دين تطول‬ ‫فإن شئت أهليه فغلظ يينهم‬
‫من القطع و الفشا فترأس بالعل‬ ‫لعلك أن تنجو و سامع سرهم‬
‫فنال سعادات و تابعه عل‬ ‫فنجل لعباس لسره كات‬
‫فمن يرأس عرشا فذلك أكمل‬ ‫و قام رسول ال ف الناس خاطبا‬
‫فآلت لقتلهم بدق تطول‬ ‫و قد ركب الرواح أجساد مظهر‬
‫و يلبس أثواب الوجود على الول‬ ‫إل العال العلوي يفن فناؤنا‬
‫على خات الرسل صلة با العل‬ ‫فقد ت نظما و صلى إلنا‬
‫على سيد ساد النام و كمل‬ ‫و صلى إله العرش ذو الجد و العل‬
‫و أصحابه أهل الكارم و العل‬ ‫ممد الادي الشفيع إمامنا‬

‫كيفية العمل ف استخراج أجوبة السائل من زايرجة العال بول ال منقول عمن لقيناه من‬
‫القائمي عليها‬
‫ال سؤال له ثلثمائة و ستون جوا با عدة الدرج‪ ،‬و تتلف الجو بة عن سؤال وا حد ف طالع‬
‫مصسوص باختلف السسئلة الضافسة إل حروف الوتار‪ .‬و تناسسب العمسل مسن اسستخراج‬
‫الحرف من بيت القصيد‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬تركيب حروف الوتار و الدول على ثلثة أصول‪ :‬حروف عربية تنقل على هيآتا‪ .‬و‬
‫حروف بر سم الغبار‪ .‬و هذه تتبدل‪ :‬فمن ها ما ين قل على هيئ ته م ت ل تزد الدوار عن أرب عة‪،‬‬
‫فإن زادت عن أرب عة نقلت إل الرت بة الثان ية من مرت بة العشرات و كذلك لرت بة الئ ي على‬
‫ح سب الع مل ك ما سنبينه‪ ،‬و من ها حروف بر سم الزمام كذلك‪ ،‬غ ي أن ر سم الزمام يع طي‬
‫ن سبة ثان ية‪ ،‬ف هي بنلة وا حد ألف و بنلة عشرة‪ ،‬و ل ا ن سبة من خ سي بالعر ب‪ .‬فا ستحق‬
‫البيت من الدول أن توضع فيه ثلثة حروف ف هذا الرسم و حرفان ف الرسم‪ ،‬فاختصروا‬
‫من الدول بيو تا خال ية‪ .‬فم ت كا نت أ صول الدوار زائدة على أربع ي ح سبت ف العدد ف‬
‫طول الدول و إن ل تزد على أربعة ل يسب إل العامر منها‪.‬‬
‫و العمل ف السؤال يفتقر إل سبعة أصول‪ :‬عدة حروف الول حساب أدوارها بعد طرحها‪،‬‬
‫اث ن ع شر اث ن ع شر‪ ،‬و هي ثان ية أحرف ف الكا مل و ستة ف النا قص أبدا‪ .‬و معر فة درج‬
‫الطالع و سلطان البج‪ ،‬و الدور ال كب ال صلي‪ ،‬و هو وا حد أبدا‪ .‬و ما يرج من إضا فة‬
‫الطالع للدور الصسلي‪ ،‬و مسا يرج مسن ضرب الطالع و الدور فس سسلطان البج‪ .‬و إضافسة‬
‫سلطان البج للطالع و العمل جيعه ينتج عن ثلثة أدوار مضروبة ف أربعة‪ ،‬تكون اثن عشر‬
‫دورا‪ .‬و نسبة هذه الثلثة الدوار الت هي كل دور من أربعة نشأة ثلثية‪ ،‬كل نشأة لا ابتداء‪.‬‬
‫ث إنا تضرب أدوارا رباعية أيضا ثلثية‪ .‬ث إنا من ضرب ستة ف اثني‪ ،‬فكان لا نشأة‪ ،‬يظهر‬
‫ذلك ف العمل‪ .‬و يتبع هذه الدوار الثن عشر نتائج‪ .‬و هي ف الدوار‪ ،‬إما أن تكون نتيجة‬
‫أو أكثر إل ستة‪.‬‬
‫فأول ذلك نفرض سؤال عن الزاير جة‪ ،‬هل هي علم قد ي‪ ،‬أو مدث بطالع أول در جة من‬
‫القوس أثناء حروف الوتار ؟ ث حروف ال سؤال‪ .‬فوضع نا حروف و تر رأس القوس و نظيه‬
‫من رأس الوزاء‪ .‬و ثال ثه و تر رأس الدلو إل حد الر كز‪ ،‬و أضف نا إل يه حروف ال سؤال‪ ،‬و‬
‫نظرنا عدتا و أقل ما تكون ثانية و ثاني‪ ،‬و أكثر ما تكون ستة و تسعي‪ ،‬و هي جلة الدور‬
‫الصحيح‪ ،‬فكانت ف سؤالنا ثلثة و تسعي‪ .‬و يتصر السؤال إن زاد عن ستة و تسعي‪ ،‬بأن‬
‫يسقط جيع أدواره الثن عشرية‪ ،‬و يفظ ما خرج منها و ما بقي‪ ،‬فكانت ف سؤالنا سبعة‬
‫أدوار‪ ،‬الباقي تسعة‪ ،‬أثبتها ف الروف ما ل يبلغ الطالع اثنت عشرة درجة‪ ،‬فإن بلغها ل تثبت‬
‫لا عدة و ل دور‪.‬‬
‫ث تثبت أعدادها أيضا إن زاد الطالع عن أربعي و عشرين ف الوجه الثالث‪ ،‬ث تثبت الطالع و‬
‫هو واحد‪ ،‬و سلطان الطالع و هو أربعة‪ ،‬و الدور الكب و هو واحد‪ ،‬و اجع ما بي الطالع و‬
‫الدور و هو اثنان ف هذا ال سؤال‪ ،‬و اضرب ما خرج منه ما ف سلطان البج يبلغ ثان ية‪ ،‬و‬
‫أضف السلطان للطالع فيكون خسة‪ ،‬فهذه سبعة أصول‪ .‬فما خرج من ضرب الطالع و الدور‬
‫ال كب ف سلطان القوس‪ ،‬م ا ل يبلغ اث ن ع شر ف يه تد خل ف ضلع ثان ية من أ سفل الدول‬
‫صاعدا‪ ،‬و إن زاد على اث ن ع شر طرح أدوارا‪ ،‬و تد خل بالبا قي ف ضلع ثان ية‪ ،‬و تعلم على‬
‫منتهسى العدد و المسسة السستخرجة مسن السسلطان و الطالع‪ ،‬يكون الطالع فس ضلع السسطح‬
‫البسوط العلى من الدول‪ ،‬و تعد متواليا خسات أدوارا‪ ،‬و تفظها إل أن يقف العدد على‬
‫حرف من أربعة‪ ،‬و هي ألف أو باء أو جيم أو زاي‪ .‬فوقع العدد ف عملنا على حرف اللف‬
‫و خلف ثلثة أدوار‪ ،‬فضربنا ثلثة ف ثلثي كانت تسعة‪ .‬و هو عدد الدور الول‪ .‬فأثبته و‬
‫اجع ما بي الضلعي‪ :‬القائم و البسوط يكن ف بيت ثانية ف مقابلة البيوت العامرة بالعدد من‬
‫الدول‪ ،‬و إن وقف ف مقابلة الال من بيوت الدول على أحد ها‪ .‬فل يعتب و تستمر على‬
‫أدوارك‪ .‬و أدخل يعدد ما ف الدور الول‪ ،‬و ذلك تسعة ف صدر الدول ما يلي البيت الذي‬
‫اجتمعا فيه‪ .‬و هي ثانية‪ ،‬مارا إل جهة اليسار‪ ،‬فوقع على حرف لم ألف و ل يرج منها أبدا‬
‫حرف مركب‪ .‬و إنا هو إذن حرف تاء أربعمائة برسم الزمام‪ ،‬فعلم عليها بعد نقلها من بيت‬
‫القصيد‪ ،‬و اجع عدد الدور للسلطان يبلغ ثلثة عشر‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار‪ ،‬و أثبت‬
‫ما وقع عليه العدد و علم عليه من بيت القصيد‪ .‬و من هذا القانون تدري كم تدور الروف‬
‫ف الن ظم ال طبيعي‪ ،‬و ذلك أن ت مع حروف الدور الول و هو ت سعة ل سلطان البج و هو‬
‫أرب عة تبلغ ثل ثة ع شر‪ ،‬أضعف ها يثل ها تكون ستة و عشر ين‪ ،‬أ سقط من ها درج الطالع و هو‬
‫واحد ف هذا السؤال الباقي خسة و عشرون‪.‬‬
‫فعلى ذلك يكون ن ظم الروف الول‪ ،‬ث ثل ثة و عشرون مرت ي‪ ،‬ث إثنان و عشرون مرت ي‪،‬‬
‫على حسب هذا الطرح إل أن ينتهي للواحد من آخر البيت النظوم‪ .‬و ل تقف على أربعة و‬
‫عشرين لطرح ذلك الواحد أول‪ .‬ث ضع الدور الثان و أضف حروف الدور الول إل ثانية‪،‬‬
‫الارجة من ضرب الطالع و الدور ف السلطان تكن سبعة عشر الباقي خسة‪ .‬فاصعد ف ضلع‬
‫ثانيه بمسة من حيث انتهيت ف الدور الول و علم عليه‪ ،‬و أدخل ف صدر الدول بسبعة‬
‫عشر‪ ،‬ث بمسة‪ .‬و ل تعد الال‪ ،‬و الدور عشرون‪ ،‬فوجدنا حرف ثاء خسمائة‪ ،‬و إنا هو‬
‫نون لن دورنا ف مرتبة العشرات‪ ،‬فكانت المسمائة بمسي لن دورها سبعة عشر فلو ل‬
‫تكن سبعة عشر لكانت مئي‪ .‬فأثبت نونا ث أدخل بمسة أيضا من أوله‪ .‬و انظر ما حاذى‬
‫ذلك من ال سطح ت د واحدا‪ ،‬فقه قر العدد واحدا ي قع على خ سة‪ ،‬أ ضف ل ا واحدا ل سطح‬
‫ت كن ستة‪ .‬أث بت واوا و علم علي ها من ب يت الق صيد أرب عة‪ ،‬و أضف ها للثمان ية الار جة من‬
‫ضرب الطالع مع الدور ف ال سلطان تبلغ اث ن ع شر‪ ،‬أ ضف ل ا البا قي من الدور الثا ن و هو‬
‫خسة تبلغ سبعة عشر‪ ،‬و هو ما للدور الثان‪ .‬فدخلنا بسبعة عشر ف حروف الوتار‪ ،‬فوقع‬
‫العدد على وا حد‪ .‬أث بت الول و علم علي ها من ب يت الق صيد و أ سقط من حروف الوتار‬
‫ثلثة حروف عدة الارج من الدور الثان‪ .‬و ضع الدور الثالث و أضف خسة إل ثانية تكن‬
‫ثل ثة ع شر‪ ،‬الباقي وا حد‪ .‬ان قل الدور ف ضلع ثان ية بوا حد و أد خل ف بيت القصيد بثل ثة‬
‫عشر‪ ،‬و خذ ما وقع عليه العدد و هو ق و علم عليه‪ .‬و أدخل بثلثة عشر ف حروف الوتار‬
‫و أثبت ما خرج‪ ،‬و هو سي‪ ،‬و علم عليه من بيت القصيد‪ ،‬ث أدخل ما يلي السي الارجة‬
‫بالباقي من دور ثلثة عشر و هو واحد‪ ،‬فخذ ما يلى حرف سي من الوتار فكان ب أثبتها‬
‫و علم علي ها من ب يت الق صيد‪ .‬و هذا يقال له‪ :‬الدور العطوف‪ ،‬و ميزا نه صحيح‪ .‬و هو أن‬
‫تضعف ثلثة عشر بثلها‪ ،‬و تضيف إليها الواحد الباقي من الدور‪ .‬تبلغ سبعة و عشرين‪ .‬و هو‬
‫حرف باء الستخرج من الوتار من بيت القصيد‪ .‬و أدخل ف صدر الدول بثلثة عشر‪ ،‬و‬
‫انظر ما قابله من السطح و أضعفه بثله‪ ،‬و زد عليه الواحد الباقي من ثلثة عشر‪ ،‬فكان حرف‬
‫ج يم‪ ،‬و كا نت للجملة سبعة‪ ،‬فذلك حرف زاي فأثبتناه و علم نا عل يه من ب يت الق صيد‪ .‬و‬
‫ميزانه أن تضعف السبعة بثلها و زد عليها الواحد الباقي هن ثلثة عشر يكن خسة عشر‪ ،‬و‬
‫هو الا مس ع شر من ب يت الق صيد و هذا آ خر أدوار الثلثيات و ضع الدور الرا بع و له من‬
‫العدد ت سعة بإضا فة البا قي من الدور ال سابق‪ ،‬فاضرب الطالع مع الدور ف ال سلطان‪ ،‬و هذا‬
‫الدور آخر العمل ف البيت الول من الرباعيات‪.‬‬
‫فاضرب على حرفي من الوتار و اصعد يتسعة ف ضلع ثانية و أدخل بتسعة من دور الرف‬
‫الذي أخذته آخرا من بيت القصيد‪ ،‬فالتاسع حرف راء‪ ،‬فأثبته و علم عليه‪ .‬و أدخل ف صدر‬
‫الدول بت سعة و ان ظر ما قابل ها من ال سطح يكون ج‪ ،‬قه قر العدد واحدا يكون ألف و هو‬
‫الثان من حرف الراء من بيت القصيد فأثبته و علم عليه‪ .‬و عد ما يلي الثان تسعة يكون ألف‬
‫أي ضا أثب ته و علم عل يه و أضرب على حرف من الوتار‪ ،‬و أض عف ت سعة يثل ها تبلغ ثان ية‬
‫عشر‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار تقف على حرف راء‪ ،‬أثبتها و علم عليها من بيت القصيد‬
‫ثان ية و أربع ي‪ .‬و أد خل بثمان ية ع شر ف حروف الوتار ت قف على س أثيت ها و علم علي ها‬
‫اثني‪ .‬و أضعف اثني إل تسعة تكون أحد عشر‪ .‬أدخل ف صدر الدول بأحد عشر تقابلها‬
‫من ال سطح ألف أثبت ها و علم علي ها ستة‪ ،‬و ضع الدور الا مس و عد ته سبعة ع شر البا قي‬
‫خسة‪ .‬اصعد بمسة ف ضلع ثانية و اضرب على حرفي من الوتار و أضعف خسة بثلها‪،‬‬
‫و أضفها إل سبعة عشر عدد دورها الملة سبعة و عشرون‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار تقع‬
‫على ب أثبتها و علم عليها اثني وثلثي و اطرح من سبعة عشر اثني الت هي ف أس اثني و‬
‫ثلثي الباقي خسة عشر‪ .‬أدخل ف حروف الوتار تقف على ق أثبتها و علم عليها ستة و‬
‫عشرين‪ .‬و أدخل ف صدر الدول بست و عشرين تقف على اثني بالغبار و ذلك حرف ب‬
‫أثبته و علم عليه أربعة و خسي‪ ،‬و أضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور السادس‪ ،‬و‬
‫عد ته ثل ثة ع شر‪ .‬البا قي م نة وا حد‪ ،‬ف تبي إذ ذاك أن دور الن ظم من خ سة و عشر ين‪ ،‬فإن‬
‫الدوار خ سة و عشرون و سبعة ع شر و خ سة و ثل ثة ع شر و وا حد‪ ،‬فاضرب خ سة ف‬
‫خسة تكن خسة و عشرين‪ ،‬و هو الدور ف نظم البيت‪ ،‬فانقل الدور ف ضلع ثانية بواحد‪ .‬و‬
‫لكن ل يدخل ف بيت القصيد بثلثة عشر كما قدمناه‪ ،‬لنة دور ثان من نشأة تركيبية ثانية‪،‬‬
‫بل أضف نا الرب عة ال ت من أرب عة و خ سي الار جة على حروف ب من ب يت الق صيد إل‬
‫الواحد تكون خسة‪ ،‬تضييف خسة إل ثلثة عشر الت للدور تبلغ ثانية عشر‪ .‬أدخل با ف‬
‫صدر الدول و خذ ما قابلها من السطح و هو ألف أثبته و علم عليه من بيت القصيد اثن‬
‫ع شر و اضرب على حرف ي من الوتار‪ .‬و من هذا الدول تن ظر أحرف ال سؤال‪ ،‬ف ما خرج‬
‫منها زده مع بيت القصيد من آخره و علم عليه من حروف السؤال ليكون داخل ف العدد ف‬
‫بيت القصيد‪ .‬و كذلك تفعل ب كل حرف بعد ذلك منا سبا لروف السؤال‪ ،‬فما خرج منها‬
‫زده إل ب يت الق صيد من آ خر و علم عل يه‪ .‬ث أ ضف إل ثان ية ع شر ما علم ته على حرف‬
‫اللف من الحاد‪ ،‬فكان اثن ي تبلغ الملة عشر ين‪ .‬أد خل ب ا ف حروف الوتار ت قف على‬
‫حرف راء‪ ،‬أثب ته و علم عل يه من ب يت الق صيد‪ ،‬ستة و ت سعي و هو نا ية الدور ف الرف‬
‫الوتري‪ .‬فاضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور السابع‪ .‬و هو ابتداء لخترع ثان ينشأ‬
‫من الختراعي‪ .‬و لذا الدور من العدد تسعة‪ ،‬تضيف لا واحدا تكون عشرة للنشأة الثانية‪ ،‬و‬
‫هذا الواحد تزيده بعد إل اثن عشر دورا‪ ،‬إذا كان من هذه النسبة‪ ،‬أو تنقصه من الصل تبلغ‬
‫الملة خ سة ع شر‪ .‬فا صعد ف ضلع ثان ية و ت سعي و أد خل ف صدر الدول بعشرة ت قف‬
‫على خسمائة‪ ،‬و إنا هي خسون‪ ،‬نون مضاعفة بثلها‪ ،‬و تلك ق أثبتها و علم عليها من بيت‬
‫القصيد اثني و خسي‪ ،‬و أسقط من اثني و خسي اثني‪ ،‬و أسقط تسعة الت للدور‪ ،‬الباقي‬
‫واحد و أربعون‪ ،‬فأدخل با ف حروف الوتار تقف على واحد أثبته‪ .‬و كذلك أدخل با ف‬
‫بيت القصيد تد واحدا‪ ،‬فهذا ميزان هذه النشأة الثانية فعلم عليه من بيت القصيد علمتي‪.‬‬
‫علمة على اللف الخي اليزان‪ ،‬و أخرى على اللف الول فقط‪ ،‬و الثانية أربعة و عشرون‬
‫و اضرب على حرفي من الوتار‪ ،‬و ضع الدور الثامن و عدته سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬أدخل‬
‫ف ضلع ثانية و خسي و أدخل ف بيت القصيد بمسة تقع على عي بسبعي‪ ،‬أثبتها و علم‬
‫عليها‪ .‬و أدخل ف الدول بمسة‪ ،‬و خذ ما قابلها من السطح‪ .‬و ذلك واحد‪ ،‬أثبته و علم‬
‫عليه من البيت ثانية و أربعي‪ ،‬و أسقط واحدا من ثانية و أربعي للس الثان و أضف إليها‬
‫خسة‪ ،‬الدور‪ .‬الملة اثنان و خسون‪ .‬أدخل با ف صدر الدول تقف على حرف ب غبارية‬
‫و هسي مرت بة مئين ية لتزايسد العدد‪ ،‬فتكون مائتيس و هي حرف راء‪ ،‬أثبتهسا و علم علي ها من‬
‫القصيد أربعة و عشرين‪ ،‬فانتقل المر من ستة و تسعي إل البتداء و هو أربعة و عشرون‪،‬‬
‫فأ ضف إل أرب عة و عشر ين خ سة‪ ،‬الدور‪ ،‬و أ سقط واحدا تكون الملة ثان ية و عشر ين‪.‬‬
‫أدخل بالنصف منها ف بيت القصيد تقف على ثانية‪ ،‬أثبت و علم عليها و ضع الدور التاسع‪،‬‬
‫و عدده ثل ثة ع شر البا قي وا حد‪ .‬إ صعد ف ضلع ثان ية بوا حد‪ .‬و لي ست ن سبة الع مل ه نا‬
‫كنسبتها ف الدور السادس لتضاعف العدد‪ ،‬و لنه من النشأة الثانية‪ ،‬و لنه أول الثلث الثالث‬
‫من مربعات البوج و آخر الستة الرابعة من الثلثات‪ .‬فاضرب ثلثة عشر الت للدور ف أربعة‬
‫الت هي مثلثات البوج السابقة‪ ،‬الملة اثنان و خسون‪ ،‬أدخل با ف صدر الدول تقف على‬
‫حرف اثني غبارية‪ ،‬و إنا هي مئينية لتجاوزها ف العدد عن مرتبت الحاد و العشرات‪ ،‬فأثبته‬
‫مائت ي راء‪ .‬و علم علي ها من ب يت الق صيد ثان ية و أربع ي‪ ،‬و أ ضف إل ثل ثة ع شر‪ ،‬الدور‪،‬‬
‫واحد الس‪ ،‬و أدخل بأربعة عشر ف بيت القصيد تبلغ ثانية‪ ،‬فعلم عليها ثانية و عشرين‪ ،‬و‬
‫اطرح من أربعة عشر سبعة يبقى سبعة إضرب على حرفي من الوتار‪ ،‬و أدخل بسبعة تقف‬
‫على حرف لم‪ ،‬أثبته و علم عليه من البيت‪ .‬و ضع الدور العاشر و عدده تسعة‪ ،‬و هذا ابتداء‬
‫الثلثة الرابعة‪ ،‬و اصعد ف ضلع ثانية بتسعة‪ ،‬تكون خلء‪ ،‬فاصعد بتسعة ثانية تصي ف السابع‬
‫من البتداء‪ .‬اضرب تسعة ف أربعة لصعودنا بتسعتي‪ ،‬و إنا كانت تضرب ف اثني‪ .‬و أدخل‬
‫فس الدول بسستة و ثلثيس تقسف على أربعسة زماميسة و هسي عشريسة‪ ،‬فأخذناهسا أحاديسة لقلة‬
‫الدوار‪ .‬فأثبت حرف دال‪ ،‬و إن أضفت إل ستة و ثلثي واحد الس كان حدها من بيت‬
‫الق صيد‪ .‬فعلم علي ها‪ ،‬و لو دخلت بالت سعة ل غ ي من ضرب ف صدر الدول لو قف على‬
‫ثانية‪ .‬فاطرح من ثانية أربعة الباقي أربعة و هو القصود‪ .‬و لو دخلت ف صدر الدول بثمانية‬
‫عشر الت هي تسعة ف اثني لوقف على واحد زمامي و هو عشري‪ .‬فاطرح منه اثني تكرار‬
‫التسعة‪ ،‬الباقي ثانية نصفها الطلوب‪ .‬و لو دخلت ف صدر الدول بسبعة و عشرين بضربا‬
‫ف ثلثة لوقعت على عشرة زمامية‪ ،‬و العمل واحد‪ .‬ث أدخل بتسعة ف بيت القصيد و أثبت‬
‫ما خرج و هو ألف‪ ،‬ث اضرب تسعة ف ثلثة الت هي مركب تسعة الاضية و أسقط واحدا و‬
‫أدخل ف صدر الدول بستة و عشرين‪ ،‬و أثبت ما خرج و هو مائتان برف راء و علم عليه‬
‫من بيت القصيد ستة و تسعي‪ .‬و اضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور الادي عشر‬
‫و له سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬إصعد ف ضلع ثانية بمسة و تسب ما تكرر عليه الشي ف‬
‫الدور الول‪ ،‬و أدخل ف صدر الدول بمسة تقف على خال‪ ،‬فخذ ما قابله من السطح و‬
‫هو وا حد‪ ،‬فاد خل بوا حد ف ب يت الق صيد ت كن سي‪ ،‬أثب ته و علم عل يه أرب عة‪ .‬و لو يكون‬
‫الوقف ف الدول على بيت عامر لثبتنا الواحد ثلثة‪ .‬و أضعف سبعة عشر بثلها و أسقط‬
‫واحدا و أضعفها بثلها و زدها أربعة تبلغ سبعة و ثلثي‪ ،‬أدخل با ف الوتار تقف على ستة‬
‫أثبت ها و علم علي ها‪ ،‬و أض عف خ سة بثل ها‪ .‬و أد خل ف الب يت ت قف على لم أثبت ها و علم‬
‫علي ها عشر ين‪ ،‬و اضرب على حرف ي من الوتار‪ .‬و ضع الدور الثا ن ع شر و له ثل ثة ع شر‬
‫الباقي واحد‪ ،‬إصعد ف ضلع ثانية بواحد‪ ،‬و هذا الدور آخر الدوار و آخر الختراعي و آخر‬
‫الربعات الثلثية و آخر الثلثات الرباعية‪ .‬و الواحد ف صدر الدول يقع على ثاني زمامية‪ ،‬و‬
‫إن ا هي آحاد ثان ية‪ ،‬و ل يس مع نا من الدوار إل وا حد‪ ،‬فلو زاد عن أرب عة من مربعات اث ن‬
‫ع شر أو ثل ثة من مثلثات اث ن ع شر لكانت ح‪ ،‬و إن ا هي د‪ ،‬فأثبتها و علم علي ها من ب يت‬
‫القصيد أربعة و سبعي‪ ،‬ث انظر ما ناسبها من السطح تكن خسة‪ ،‬أضعفها بثلها للس تبلغ‬
‫عشرة‪ ،‬أثبت ى و علم عليها‪ ،‬و انظر ف أي الراتب وقعت‪ :‬وجدناها ف الرابعة‪ .‬دخلنا بسبعة‬
‫ف حروف الوتار‪ ،‬و هذا الدخل يسمى التوليد الرف فكانت ف‪ ،‬أثبتها وأضف إل سبعة‬
‫وا حد الدور‪ ،‬الملة ثان ية‪ .‬أد خل ب ا ف الوتار تبلغ س أثبت ها و علم علي ها ثان ية‪ ،‬و اضرب‬
‫ثانيسة فس ثلثسة الزائدة على عشرة الدور‪ ،‬فإناس أخسر مربعات الدوار بالثلثات تبلغ أربعسة و‬
‫عشرين‪ ،‬أد خل با ف بيت القصيد وعلم على ما يرج منها و هو مائتان و علمت ها ستة و‬
‫تسعون‪ .‬و هو ناية الدور الثان ف الدوار الرفية‪ ،‬و اضرب على حرفي من الوتار و ضع‬
‫النتي جة الول و ل ا ت سعة‪ .‬و هذا العدد ينا سب أبدا البا قي من حروف الوتار ب عد طرح ها‬
‫أدوارا و ذلك تسعة‪ ،‬فاضرب تسعة ف ثلثة الت هي زائدة على تسعي من حروف الوتار‪ ،‬و‬
‫أ ضف ل ا واحدا البا قي من الدور الثا ن ع شر تبلغ ثان ية و عشر ين‪ ،‬فأد خل ب ا ف حروف‬
‫الوتار تبلغ ألفا‪ ،‬أنبته و علم عليه ستة و تسعي‪ .‬و إن ضربت سبعة الت هي أدوار الروف‬
‫الت سعينية ف أرب عة و هي الثل ثة الزائدة على ت سعي‪ .‬و الوا حد البا قي من الدور الثا ن ع شر‬
‫كان كذلك‪ ،‬و ا صعد ف ضلع ثان ية يت سعة و أد خل ف الدول بت سعة تبلغ اثن ي زمام ية‪ .‬و‬
‫اضرب تسسعة فيمسا ناسسب مسن السسطح‪ ،‬و ذلك ثلثسة‪ ،‬و أضسف لذلك سسبعة‪ ،‬عدد الوتار‬
‫الرفية‪ ،‬و اطرح واحدا الباقي من دور اثن عشر تبلغ ثلثة و ثلثي‪ ،‬أدخل با ف البيت تبلغ‬
‫خ سة‪ .‬فأثبت ها و أ ضف ت سعة بثل ها و أد خل ف صدر الدول بثمان ية ع شر‪ ،‬و خذ ما ف‬
‫ال سطح و هو وا حد‪ ،‬أد خل به ف حروف الوتار تبلغ م أثب ته و علم عل يه‪ ،‬و اضرب على‬
‫حرفي من الوتار‪ .‬و ضع النتيجة الثانية و لا سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬فاصعد ف ضلع ثانية‬
‫بمسة و اضرب خسة ف ثلثة الزائدة على تسعي تبلغ خسة عشر‪ ،‬أضف لا واحدا الباقي‬
‫من الدور الثان عشر تكن تسعة‪ ،‬و أدخل بستة عشرف بيت القصيد تبلغ ت أثبته و علم عليه‬
‫أرب عة و ستي‪ .‬و أ ضف إل خ سة الثل ثة الزائدة على ت سعي‪ .‬و زد واحدا البا قي من الدور‬
‫الثان عشر يكن تسعة‪ .‬أدخل با ف صدر الدول تبلغ ثلثي زمامية‪ ،‬و انظر ما ف السطح‬
‫تد واحدا أثبته و علم عليه من بيت القصيد و هو التاسع أيضا من البيت‪ .‬و أدخل بتسعة ف‬
‫صدر الدول تقف على ثلثة و هي عشرات‪ .‬فأثبت لم و علم عليه و ضع النتيجة الثالثة و‬
‫عددها ثلثة عشر الباقي واحد‪ .‬فانقل ف ضلع ثانية بواحد و أضف إل ثلثة عشر الثلثة‬
‫الزائدة على التسعي‪ .‬و واحد الباقي من الدور الثان عشر تبلغ سبعة عشر‪ ،‬و واحد النتيجة‬
‫تكن ثانية عشر‪ .‬أدخل با ف حروف الوتار تكن لما أثبتها فهذا آخر العمل‪.‬‬
‫و الثال ف هذا السؤال السابق‪ :‬أردنا أن نعلم أن هذه الزايرجة علم مدث أو قدي‪ ،‬بطالع أول‬
‫درجة من القوس‪ ،‬أثبتنا حروف الوتار‪ ،‬ث حروف السؤال‪ .‬ث الصول‪ ،‬و هي عدة الروف‬
‫ثل ثة و ت سعون أدوار ها سبعة البا قي من ها ت سعة‪ ،‬الطالع وا حد‪ ،‬سلطان القوس أرب عة‪ ،‬الدور‬
‫الكب واحد‪ ،‬درج الطالع مع الدور اثنان‪ ،‬ضرب الطالع مع الدور ف السلطان ثانية‪ ،‬إضافة‬
‫السلطان للطالع خسة بيت القصيد‪.‬‬
‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬
‫حروف الوتار‪ :‬ص ط ه رث ك هس م ص ص و ن ب هس س ا ن ل م ن ص ع ف ص و‬
‫رس ك ل م ن ص ع ف ض ق ر س ت ث خ ذ ظ غ ش ط ى ع ح ص ر و ح ر و ح ل‬
‫ص ك ل م ن ص ا ب ج د ه و ز ح ط ى‪.‬‬
‫سسؤال ا ل زا ى رج ة ع ل م م ح د ث ا م ق د ى م الدورالول ‪ 19‬الدور‬ ‫حروف السس‬
‫الثان ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور الثالث ‪ 13‬الباقي ‪ 1‬الدور الرا بع ‪ 9‬الدور الامس ‪ 17‬الباقي‬
‫‪ 5‬الدور السادس ‪ 13‬الباقي ‪ 1‬الدور السابع ‪ 9‬الدور الثامن ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور التاسع‬
‫‪ 13‬الباقي ‪ 1‬الدور العاشر ‪ 13‬الدور الادي عشر ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور الثان عشر ‪13‬‬
‫الباقي ‪ 1‬النتيجة الول ‪ 9‬النتيجة الثانية ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬النتيجة الثالثة ‪ 13‬الباقي ‪ .1‬دورها‬
‫على خ سة و عشر ين ث على ثل ثة و عشر ين مرت ي ث على وا حد و عشر ين مرت ي إل أن‬
‫تنتهي إل الواحد من آخر البيت و تنقل الروف جيعا و ال أعلم ن ف ر و ح ر و ح ا ل‬
‫و د س ا د ر ر س ر ه ا ل د ر ى س و ا ن س د ر و ا ب ل ا م ر ب و ا ا ل ع ل ل‪.‬‬
‫هذا آ خر الكلم ف ا ستخراج الجو بة من زاير جة العال منظو مة‪ .‬و للقوم طرائق أخرى من‬
‫غ ي الزاير جة ي ستخرجون ب ا أجو بة ال سائل غ ي منظو مة‪ .‬و عند هم أن ال سر ف ا ستخراج‬
‫الواب منظوما من الزايرجة‪ ،‬إنا هو مزجهم بيت مالك بن وهيب و هو‪ :‬سؤال عظيم اللق‬
‫الب يت‪ ،‬و لذلك يرج الواب على رو يه‪ .‬و أ ما الطرق الخرى فيخرج الواب غ ي منظوم‪.‬‬
‫فمن طرائقهم ف استخراج الجوبة ما ننقله عن بعض الحققي منهم‪.‬‬

‫فصل ف الطلع على السرار الفية من جهة الرتباطات الرفية‬


‫إعلم أرشدنا ال و إياك أن هذه الروف أصل ال سئلة ف كل قضية‪ ،‬و إنا تستنتج الجوبة‬
‫على تزئ ته بالكل ية‪ ،‬و هي ثل ثة و أربعون حر فا ك ما ترى و ال علم الغيوب ا و ل ا ع ظ‬
‫سالمخىدلزقتارذصفنغقشاككىبمضبحطلجه‬
‫د ن ل ث ا‪.‬‬
‫و قد نظم ها ب عض الفضلء ف ب يت ج عل ف يه كل حرف مشدد من حرف ي و ساه الق طب‬
‫فقال‪:‬‬
‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬
‫فإذا أردت استنتاج السئلة فاحذف ما تكرر من حروفها و أثبت ما فضل منه‪ .‬ث احذف من‬
‫الصل و هو القطب لكل حرف فضل من السألة حرفا ياثله‪ ،‬و أثبت ما فضل منه‪ .‬ث امزج‬
‫الفضلي ف سطر واحد تبدأ بالول من فضله‪ .‬و الثان من فضل السئلة‪ .‬و هكذا إل أن يتم‬
‫الفضلن أو ينفسد أحدهاس قبسل الخسر‪ ،‬فتضسع البقيسة على ترتيبهسا‪ .‬فإذا كان عدد الروف‬
‫الار جة ب عد الزج مواف قا لعدد حروف ال صل ق بل الذف فالع مل صحيح‪ ،‬فحينئذ تض يف‬
‫إليها خس نونات لتعدل با الوازين الوسيقية و تكمل الروف ثانية و أربعي حرفا‪ .‬فتعمر‬
‫با جدول مربعا يكون آخر ما ف السطر الول أول ما ف السطر الثان‪ .‬و تنقل البقية على‬
‫حالاس‪ .‬و هكذا إل أن تتسم عمارة الدول‪ .‬و يعود السسطر الول بعينسه و تتوال الروف فس‬
‫القطر على نسبة الركة‪ ،‬ث ترج وتر كل حرف بقسمة مربعة على أعظم جزء يوجد له‪ ،‬و‬
‫ت ضع الو تر مقابل لر فه‪ .‬ث ت ستخرج الن سب العن صرية للحروف الدول ية‪ ،‬و تعرف قوت ا‬
‫الطبيع ية و موازين ها الروحان ية و غرائز ها النف سانية و أ سوسها ال صلية من الدول الوضوع‬
‫لذلك‪ ،‬و هذه صورته‪:‬‬
‫ث تأخذ وتر كل حرف بعد ضربه ف أسوس أوتاد الفلك الربعة‪ ،‬و احذر ما يلي الوتاد و‬
‫كذلك السواقط لن نسبتها مضطربة‪ .‬و هذا الارج هو أول رتب السريان‪ .‬ث تأخذ مموع‬
‫العناصسر و تطس منهسا أسسوس الولدات‪ ،‬يبقسى أس عال اللق بعسد عروضسه للمدد الكونيسة‪،‬‬
‫فتح مل عل يه ب عض الجردات عن الواد و هي عنا صر المداد‪ ،‬يرج أ فق الن فس الو سط‪ ،‬و‬
‫تطرح أول رتسب السسريان مسن مموع العناصسر يبقسى عال التوسسط‪ .‬و هذا مصسوص بعوال‬
‫الكوان البسسيطة ل الركبسة‪ .‬ثس تضرب عال التوسسط فس أفسق النفسس الوسسط يرج الفسق‬
‫العلى‪ ،‬فتحمل عليه أول رتب السريان‪ ،‬ث تطرح من الرابع أول عناصر المداد الصلي يبقى‬
‫ثالث رتبة السريان‪ ،‬فتضرب مموع أجزاء العناصر الربعة أبدا ف رابع مرتبة السريان‪ ،‬يرج‬
‫أول عال التفصيل‪ ،‬و الثان ف الثان يرج ثان عال التفصيل‪ ،‬و الثالث ف الثالث يرج ثالث‬
‫عال التفصيل‪ ،‬و الرابع ف الرابع يرج رابع عال التفصيل‪ .‬فتجمع عوال التفصيل و تط من‬
‫عال الكسل‪ .‬تبقسى العوال الجردة‪ ،‬فتقسسم على الفسق العلى يرج الزء الول‪ .‬و يقسسم‬
‫النكسر على الفق الوسط يرج الزء الثان‪ ،‬و ما انكسر فهو الثالث‪ .‬و يتعي الرابع هذا ف‬
‫الرباعي‪ .‬و إن شئت أكثر من الرباعي فتستكثر من عوال التفصيل و من رتب السريان و من‬
‫الوفاق ب عد الروف‪ .‬و ال يرشد نا و إياك‪ .‬و كذلك إذا ق سم عال التجر يد على أول ر تب‬
‫السسريان خرج الزء الول مسن عال التركيسب‪ ،‬و كذلك إل نايسة الرتبسة الخية مسن عال‬
‫الكون‪ .‬فافهم و تدبر و ال الرشد العي‪.‬‬
‫و من طريق هم أي ضا ف ا ستخراج الواب‪ ،‬قال ب عض الحقق ي من هم‪ :‬اعلم أيد نا ال و إياك‬
‫بروج منه‪ ،‬أن علم الروف جليل يتوصل العال به لا ل يتوصل بغيه من العلوم التداولة بي‬
‫العال‪ .‬و للعمل به شرائط تلتزم‪ .‬و قد يستخرج العال أسرار الليقة و سرائر الطبيعة‪ ،‬فيطلع‬
‫بذلك على نتيجتس الفلسسفة‪ ،‬أعنس السسيميا و أختهسا‪ .‬و يرفسع له حجاب الجهولت و يطلع‬
‫بذلك على مكنون خبايا القلوب‪ .‬و قد شهدت جاعة بأرض الغرب من اتصل بذلك‪ ،‬فأظهر‬
‫الغرائب و خرق العوائد و تصرف ف الوجود بتأييد ال‪.‬‬
‫و اعلم أن ملك كل فضيلة الجتهاد و ح سن الل كة مع ال صب‪ .‬مفتاح كل خ ي‪ ،‬ك ما أن‬
‫الرق و العجلة رأس الرمان‪ ،‬فأقول‪ :‬إذا أردت أن تعلم قوة كسسل حرف مسسن حروف‬
‫الفابيطوس أع ن أب د إل آ خر العدد‪ ،‬و هذا أول مد خل من علم الروف‪ ،‬فان ظر ما لذلك‬
‫الرف من العداد‪ ،‬فتلك الدر جة ال ت هي منا سبة للحرف هي قو ته ف ال سمانيات‪ .‬ث‬
‫اضرب العدد ف مثله ترج لك قوته ف الروحانيات و هي وتره‪ .‬و هذا ف الروف النقوطة‬
‫ل يتم بل يتم لغي النقوطة‪ ،‬لن النقوطة منها مراتب لعان يأت عليها البيان فيما بعد‪.‬‬
‫و اعلم أن لكسل شكسل مسن أشكال الروف شكل فس العال العلوي أعنس الكرسسي‪ ،‬و منهسا‬
‫التحرك و ال ساكن و العلوي و ال سفلي ك ما هو مرقوم ف أماك نه من الداول الوضو عة ف‬
‫الزيارج‪.‬‬
‫و اعلم أن قوى الروف ثلثة أقسام‪ :‬الول و هو أقلها قوة تظهر بعد كتابتها‪ ،‬فتكون كتابته‬
‫لعال روحا ن م صوص بذلك الرف الر سوم‪ ،‬فم ت خرج ذلك الرف بقوة نف سانية و ج ع‬
‫ه ة كا نت قوى الروف مؤثرة ف عال الج سام‪ .‬الثا ن قوت ا ف اليئة الفكر ية و ذلك ما‬
‫يصدر عن تصريف الروحانيات لا‪ ،‬فهي قوة ف الروحانيات العلويات‪ ،‬و قوة شكلية ف عال‬
‫السمانيات‪ .‬الثالث و هو يمع الباطن‪ ،‬أعن القوة النفسانية على تكوينه‪ ،‬فتكون قبل النطق‬
‫به صورة ف النفس‪ ،‬بعد النطق به صورة ف الروف و قوة ف النطق‪.‬‬
‫و أ ما طبائع ها ف هي ال طبيعيات الن سوبة للمتولدات ف الروف و هي الرارة و اليبو سة‪ ،‬و‬
‫الرارة و الرطوبة و البودة و اليبوسة و البودة و الرطوبة‪ ،‬فهذا سر العدد اليمان‪ ،‬و الرارة‬
‫جامعسة للهواء و النار و هاس‪ :‬ا هسس ط م ف ش ذ ج ز ك س ق ث ظ‪ ،‬و البودة جامعسة‬
‫للهواء و الاء ب و ى ن ص ت ض د ح ل ع ر خ غ‪ ،‬و اليبوسسة جامعسة للنار و الرض ا‬
‫هس ط م ف ش ذ ب و ى ن ص ت ض‪ ،‬فهذه نسبة حروف الطبائع و تداخل أجزاء بعضها‬
‫فس بعسض‪ .‬و تداخسل أجزاء العال فيهسا علويات و سسفليات بأسسباب المهات الول‪ ،‬أعنس‬
‫الطبائع الر بع النفردة‪ ،‬فم ت أردت ا ستخراج مهول من م سئلة ما‪ ،‬فح قق طالع ال سائل أو‬
‫طالع م سئلته وا ستنطق حروف أوتار ها الرب عة‪ :‬الول و الرا بع و ال سابع و العا شر م ستوية‬
‫مرت بة‪ ،‬و ا ستخرج أعداد القوى و الوتار ك ما سنبي‪ ،‬و اح ل و ان سب و ا ستنتج الواب‬
‫يرج لك الطلوب‪ ،‬إما بصريح اللفظ أو بالعن‪ .‬و كذلك ف كل مسئلة تقع لك‪ .‬بيانه‪ :‬إذا‬
‫أردت أن ت ستخرج قوى حروف الطالع‪ .‬مع ا سم ال سائل والا جة‪ .‬فاج ع أعداد ها بال مل‬
‫الكسبي‪ ،‬فكان الطالع المسل رابعسه السسرطان سسابعه اليزان عاشره الدي‪ .‬و هسو أقوى هذه‬
‫الوتاد‪ .‬فاسقط من كل برج حرف التعريف‪ .‬و ان ظر ما يص كل برج من العداد النطقة‬
‫الوضوعة ف دائرتا‪ ،‬و احذف أجزاء الكسر ف النسب الستنطاقية كلها و أثبت تت كل‬
‫حرف ما ي صه من ذلك‪ ،‬ث أعداد حروف العنا صر الرب عة و ما ي صها كالول‪ .‬و ار سم‬
‫ذلك كله أحرفا و رتب الوتاد و القوى و القرائن سطرا متزجا‪ .‬و كسر و اضرب ما يضرب‬
‫لسستخراج الوازيسن‪ .‬و اجعس و اسستنتج الواب يرج لك الضميس و جوابسه‪ .‬مثاله افرض أن‬
‫الطالع المل كما تقدم‪ .‬ترسم ح م ل‪ :‬فللحاء من العدد ثانية لا النصف و الربع و الثمن د‬
‫ب ا اليم لا من العدد أربعون‪ .‬لا النصف و الربع و الثمن و العشر و نصف العشر إذا أردت‬
‫التدقيق م ك ى ه د ب‪ ،‬اللم لا من العدد ثلثون‪ ،‬لا النصف و الثلثان و الثلث و المس و‬
‫السدس و العشر ك ى و هس ج‪ .‬و هكذا تفعل بسائر حروف السئلة و السم من كل لفظ‬
‫ي قع لك‪ .‬و أ ما ا ستخراج الوتار ف هو أن تق سم مر بع كل حرف على أع ظم جزء يو جد له‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬حرف د له من العداد أرب عة مربعها ستة عشر‪ .‬إقسمها على أعظم جزء يو جد لا و‬
‫هو اثنان يرج وترا لدال ثانية‪ .‬ث تضع كل وتر مقابل لرفه‪ .‬ث تستخرج النسب العنصرية‪،‬‬
‫ك ما تقدم ف شرح ال ستنطاق‪ .‬و ل ا قاعدة تطرد ف ا ستخراجها من ط بع الروف و ط بع‬
‫البيت الذي يل فيه من الدول كما ذكر الشيخ لن عرف الصطلح‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫فصل ف الستدلل على ما ف الضمائر الفية بالقواني الرفية‬


‫و ذلك لو سأل سائل عن عليل ل يعرف مرضه ما علته‪ .‬و ما الوافق لبئه منه‪ ،‬فمر السائل‬
‫أن يسسمي مسا شاء مسن الشياء على اسسم العلة الجهولة‪ ،‬لتجعسل ذلك السسم قاعدة لك‪ .‬ثس‬
‫ا ستنطق ال سم مع ا سم الطالع و العنا صر و ال سائل و اليوم وال ساعة إن أردت التدق يق ف‬
‫السئلة‪ ،‬و إل اقتصرت على السم الذي ساه السائل‪ .‬و فعلت به كما نبي‪ .‬فأقول مثل‪ :‬سى‬
‫السائل فرسا فأثبت الروف الثلثة مع أعدادها النطقة‪ .‬بيانه‪ :‬أن للفاء من العدد ثاني و لا م‬
‫ك ي ح ب‪ ،‬ث الراء لا من العدد مائتان ق ن ك ى ث السي لا من العدد ستون و لا م ل ك‬
‫فالواو عدد تام له د جس ب‪ ،‬و السي مثله و لا م ل ك‪ .‬فإذا بسطت حروف الساء وجدت‬
‫عنصرين متساويي‪ ،‬فاحكم لكثرها حروفا بالغلبة على الخر‪ ،‬ث احل عدد حروف عناصر‬
‫اسم الطلوب و حروفه دون بسط‪ .‬و كذلك اسم الطالب و احكم للكثر و القوى بالغلبة‪.‬‬
‫و صفة قوى إستخراج العناصر‬
‫فتكون الغلبسة هنسا للتراب و طبعسه البودة‪ .‬و اليبوسسة طبسع السسوداء‪ ،‬فتحكسم على الريسض‬
‫بالسوداء‪ .‬فإذا ألفت من حروف الستنطاق كلما على نسبة تقريبية خرج موضع الوجع ف‬
‫اللق‪ ،‬و يوافقه من الدوية حقنة و من الشربة شراب الليمون‪ .‬هذا ما خرج من قوى أعداد‬
‫حروف اسم فرس و هو مثال تقريب متصر‪ .‬و أما استخراج قوى العناصر من الساء العلمية‬
‫فهو أن تسمي مثل ممدا‪ ،‬فترسم أحرفه مقطعة‪ .‬ث تضع أساء العناصر الربعة على ترتيب‬
‫الفلك‪ ،‬يرج لك ما ف كل عنصر من الروف و العدد‪ .‬و مثاله‪:‬‬
‫فتجد أقوى هذه العناصر من هذا السم الذكور عنصر الاء‪ ،‬لن عدد حروفه عشرون حرفا‪،‬‬
‫فجعلت له الغلبة على بقية عناصر السم الذكور‪ .‬و هكذا يفعل بميع الساء‪ .‬حينئذ تضاف‬
‫إل أوتارها‪ ،‬أو للوتر النسوب للطالع ف الزايرجة‪ ،‬أو لوتر البيت النسوب لالك بن وهيب‪.‬‬
‫الذي جعله قاعدة لزج السئلة و هو هذا‪:‬‬
‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬
‫و هو و تر مشهور ل ستخراج الجهولت‪ ،‬و عل يه كان يعت مد ا بن الرقام و أ صحابه‪ .‬و هو‬
‫ع مل تام قائم بنف سه ف الثالت الوضع ية‪ .‬و صفة الع مل بذا الو تر الذكور أن تر سه مقط عا‬
‫متزجا بألفاظ السؤال على قانون صنعة التكسي‪ .‬و عدة حروف هذا الوتر أعن البيت ثلثة و‬
‫أربعون حرفا‪ ،‬لن كل حرف مشدد من حرفي‪.‬‬
‫ث تذف ما تكرر عند الزج من الروف و من الصل‪ .‬لكل حرف فضل من السئلة حرف‬
‫ياثله‪ ،‬و تثبت الفضلي سطرا متزجا بعضه ببعض الروف‪ .‬الول من فضلة القطب و الثان‬
‫من فضلة السؤال‪ ،‬حت يتم الفضلتان جيعا فتكون ثلثة و أربعي‪ ،‬فتضيف إليها خس نونات‬
‫ليكون ثانية و أربعي‪ ،‬لتعدل با الوازين الوسيقية‪ .‬ث تضع الفضلة على ترتيبها فإن كان عدد‬
‫الروف الار جة ب عد الزج يوا فق العدد ال صلي ق بل الذف فالع مل صحيح‪ ،‬ث ع مر ب ا‬
‫مزجت جدول مربعا يكون آخر ما ف السطر الول أول ما ف السطر الثان‪.‬‬
‫و على هذا النسسق حتس يعود السسطر الول بعينسه‪ ،‬و تتوال الروف فس القطسر على نسسبة‬
‫الركة‪ .‬ث ترج وتر كل حرف كما تقدم تضعه مقابل لرفه‪ ،‬ث تستخرج النسب العنصرية‬
‫للحروف الدولية‪ ،‬لتعرف قوتا الطبيعية و موازينها الروحانية و غرائزها النفسانية و أسوسها‬
‫ال صلية من الدول الوضوع لذلك‪ .‬و صفة ا ستخراج الن سب العن صرية هو أن تن فر الرف‬
‫الول مسن الدول مسا طسبيعته و طبيعسة البيست الذي حسل فيسه‪ ،‬فإن اتفقست فحسسن‪ ،‬و إل‬
‫فاستخرج بي الرفي نسبة‪ .‬و يتسع هذا القانون ف جيع الروف الدولية‪ .‬و تقيق ذلك‬
‫سهل على من عرف قوانينة كما هو مقرر ف دوائرها الوسيقية‪ .‬ث تأخذ وتر كل حرف بعد‬
‫ضر به ف أ سوس أوتاد الفلك الرب عة ك ما تقدم‪ .‬و احذر ما يلي الوتاد‪ .‬و كذلك ال سواقط‬
‫لن نسسبتها مضطربسة‪ .‬و هذا الذي يرج لك هسو أول مراتسب السسريان‪ .‬ثس تأخسذ مموع‬
‫العناصر و تط منها أسوس الولدات يبقى أس عال اللق بعد عروضه للمدد الكونية‪ .‬فتحمل‬
‫عليه بعض الجردات عن الواد و هي عناصر المداد‪ ،‬يرج أفق النفس الوسط‪ .‬و تطرح أول‬
‫رتب السريان من مموع العناصر يبقى عال التوسط‪ .‬و هذا مصوص بعوال الكوان البسيطة‬
‫ل الركبة‪ .‬ث تضرب عال التوسط ف أفق النفس الوسط يرج الفق العلى‪ .‬فتحمل عليه‬
‫أول رتب السريان‪ .‬ث تطرح من الرابع أول عناصر المداد الصلي يبقى ثالث رتبة السريان‪.‬‬
‫ث تضرب مموع أجزاء العناصر الربعة أبدا ف رابع رتب السريان يرج أول عال التفصيل‪،‬‬
‫و الثان ف الثان يرج ثان عال التفصيل‪ ،‬و كذلك الثالث و الرابع‪ ،‬فتجمع عوال التفصيل و‬
‫تط من عال الكل‪ ،‬تبقى العوال الجردة‪ ،‬فتقسم على الفق العلى يرج الزء الول‪ .‬و من‬
‫هنا يطرد العمل ف التامة‪ .‬و له مقامات ف كتب ابن وحشية و البون و غيها‪ .‬و هذا التدبي‬
‫يري على القانون الطبيعي الكمي ف هذا الفن و غيه من فنون الكمة اللية‪ ،‬و عليه مدار‬
‫وضع الزيارج الرفية و الصنعة اللية و النيجات الفلسفية‪ .‬و ال اللهم و به الستعان و عليه‬
‫التكلن‪ ،‬و حسبنا ال و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الثلثون‪ :‬ف علم الكيمياء‬


‫و هو علم ين ظر ف الادة ال ت ي تم ب ا كون الذ هب و الف ضة بال صناعة و يشرح الع مل الذي‬
‫يو صل إل ذلك فيت صفحون الكونات كل ها ب عد معر فة أمزجت ها و قوا ها لعل هم يعثرون على‬
‫الادة الستعدة لذلك حت من العضلت اليوانية كالعظام والريش و البيض و العذرات فضل‬
‫عن العادن‪ .‬ث يشرح العمال الت ترج با تلك الادة من القوة إل الفعل مثل حل الجسام‬
‫إل أجزائها الطبيعية يالتصعيد والتقطي و جد الذائب منها بالتكليس و إمهاء الصلب بالقهر و‬
‫ال صلبة و أمثال ذلك‪ .‬و ف زعم هم أ نه يرج بذه ال صناعات كل ها ج سم طبيعي ي سمونه‬
‫الكسي‪ .‬و أنه يلقى منه على السم العدن الستعد لقبول صورة الذهب أو الفضة بالستعداد‬
‫القريب من الفعل مثل الرصاص و القصدير و النحاس بعد أن يمى بالنار فيعود ذهبا إبريزا‪ .‬و‬
‫يكنون عن ذلك الك سي إذا ألغزوا ف ا صطلحاتم بالروح و عن ال سم الذي يل قى عل يه‬
‫بال سد‪ .‬فشرح هذه ال صطلحات و صورة هذا الع مل ال صناعي الذي يقلب هذه الج ساد‬
‫ال ستعدة إل صورة الذ هب و الف ضة هو علم الكيمياء‪ .‬و ما زال الناس يؤلفون في ها قدي ا و‬
‫حديثا‪ .‬و ربا يعزى الكلم فيها إل من ليس من أهلها‪ .‬و إمام الدوني فيها جابر بن حيان‬
‫ح ت إن م ي صونا به في سمونا علم جابر و له في ها سبعون ر سالة كل ها شبي هة باللغاز‪ .‬و‬
‫زعموا أنه ل يفتح مقفلها إل من أحاط علما بميع ما فيها‪ .‬و الطغرائي من حكماء الشرق‬
‫التأخر ين له في ها دواو ين و مناظرات مع أهل ها و غي هم من الكماء‪ .‬و ك تب في ها م سلمة‬
‫الجري طي من حكماء الندلس كتا به الذي ساه رت بة الك يم و جعله قري نا لكتا به ال خر ف‬
‫السحر و الطلسمات الذي ساه غاية الكيم‪ .‬و زعم أن هاتي الصناعتي ها نتيجتان للحكمة‬
‫و ثرتان للعلوم و من ل يقف عليهما فهو فاقد ثرة العلم و الكمة أجع‪ .‬و كلمه ف ذلك‬
‫الكتاب وكلم هم أج ع ف تآليف هم هي ألغاز يتعذر فهم ها على من ل يعان ا صطلحاتم ف‬
‫ذلك‪ .‬و ن ن نذ كر سبب عدول م إل هذه الرموز و اللغاز‪ .‬و ل بن الغي ب من أئ مة هذا‬
‫الشأن كلمات شعر ية على حروف الع جم من أبدع ما ي يء ف الش عر ملغوزة كل ها ل غز‬
‫الحاجي و العاياة فل تكاد تفهم‪ .‬و قد ينسبون للغزال رحه ال بعض التآليف فيها و ليس‬
‫بصحيح لن الرجل ل تكن مداركه العالية لتقف عن خطأ ما يذهبون إليه حت ينتحله‪ .‬و ربا‬
‫نسبوا بعض الذاهب و القوال فيها لالد بن يزيد بن معاوية ربيب مروان بن الكم و من‬
‫العلوم الب ي أن خالدا من ال يل العر ب و البداوة إل يه أقرب ف هو بع يد عن العلوم و الهناج‬
‫بالملة فك يف له بصناعة غريبة النحى مبنية على معر فة طبائع الركبات و أمزجتها و كتب‬
‫الناظرين ف ذلك من الطبيعيات و الطب ل تظهر بعد و ل تترجم أللهم إل أن يكون خالد بن‬
‫يزيد آخر من أهل الدارك الصناعية تشبه باسه فممكن‪ .‬و أنا أنقل لك هنا رسالة أب بكر بن‬
‫بشرون لب السمح ف هذه الصناعة و كلها من تلميذ مسلمة فيستدل من كلمه فيها على‬
‫ما ذهب إليه ف شأنا إذا أعطيته حقه من التأمل قال ابن بشرون بعد صدر من الرسالة خارج‬
‫عن الغرض‪ :‬و القدمات ال ت لذه ال صناعة الكري ة قد ذكر ها الولون و اق تص جيع ها أ هل‬
‫الفلسفة من معرفة تكوين العادن و تلق الحجار و الواهر و طباع البقاع و الماكن فمنعنا‬
‫اشتهار ها من ذكر ها و ل كن أب ي لك من هذه ال صنعة ما يتاج إل يه فتبدأ بعرف ته فقد قالوا‪:‬‬
‫ينبغسي لطلب هذا العلم أن يعلموا أول ثلث خصسال‪ :‬أولاس هسل تكون ؟ و الثانيسة مسن أي‬
‫تكون ؟ و الثالثة من أي كيف تكون ؟ فإذا عرف هذه الثلثة و أحكمها فقد ظفر بطلوبه و‬
‫بلغ نايته من هذا العلم و أما البحث عن وجوبا و الستدلل عن تكونا فقد كفيناكه با‬
‫بعثنا به إليك من الكسي‪ .‬و أما من أي شيء تكون فإنا يريدون بذلك البحث عن الجر‬
‫الذي يكنه العمل و إن كان العمل موجودا من كل شيء بالقوة لنا من الطبائع الربع منها‬
‫تركبت ابتداء و إليها ترجع انتهاء و لكن من الشياء ما يكون فيه بالقوة و ل يكون بالفعل و‬
‫ذلك أن من ها ما ي كن تف صيلها تعال و تدبر و هي ال ت ترج من القوة إل الف عل و ال ت ل‬
‫يكن تفصيلها ل تعال و ل تدبر لنا فيها بالقوة فقط و إنا ل يكن تفصيلها لستغراق بعض‬
‫طبائعها ف بعض و فضل قوة الكبي منها على الصغي‪ .‬فينبغي لك وفقك ال أن تعرف أوفق‬
‫الحجار النفصلة الت يكن فيها العمل و جنسه و قوته و عمله و ما تدبر من الل و العقد و‬
‫التنق ية و التكل يس و التنش يف و التقل يب فإن من ل يعرف هذه ال صول ال ت هي عماد هذه‬
‫الصنعة ل ينجح و ل يظفر بي أبدا‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم هل يكن أن يستعان عليه بغيه أو‬
‫يكت فى به وحده و هل هو واحد ف البتداء أو شار كه غيه فصار ف التدبي واحدا فسمي‬
‫حجرا‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم كيفية عمله و كمية أوزانه و أزمانه و كيف تركيب الروح فيه و‬
‫إدخال النفس عليه ؟ و هل تقدر النار على تفصيلها منه بعد تركيبها ؟ فإن ل تقدر فلي علة‬
‫و ما السبب الوجب لذلك ؟ فان هذا هو الطلوب فافهم‪ .‬و اعلم أن الفلسفة كلها مدحت‬
‫النفس و زعمت أنا الدبرة للجسد و الاملة له و الدافعة عنه و الفاعلة فيه‪ .‬و ذلك أن السد‬
‫إذا خرجت النفس منه مات و برد فلم يقدر على الركة و المتناع من غيه لنه ل حياة فيه‬
‫و ل نور‪ .‬و إنا ذكرت السد و النفس لن هذه الصفات شبيهة بسد النسان الذي تركيبه‬
‫على الغذاء و العشاء و قوا مه و تا مه بالن فس ال ية النوران ية ال ت ب ا يف عل العظائم و الشياء‬
‫القابلة الت ل يقدر عليها غيها بالقوة الية الت فيها‪ .‬و إنا انفعل النسان لختلف تركيب‬
‫طبائعه و لو اتفقت طبائعه لسلمت من العراض و التضاد و ل تقدر النفس على الروج من‬
‫بدنه و لكان خالدا باقيا‪ .‬فسبحان مدبر الشياء تعال‪ .‬و اعلم أن الطبائع الت يدث عنها هذا‬
‫العمل كيفية دافعة ف البتداء فيضية متاجة إل النتهاء و ليس لا إذا صارت ف هذا الد أن‬
‫تستحيل إل ما منه تركبت كما قلناه آنفا ف النسان لن طبائع هذا الوهر قد لزم بعضها‬
‫بعضا و صارت شيئا واحدا شبيها بالنفس ف قوتا و فعلها و بالسد ف تركيبه و مسته بعد‬
‫أن كا نت طبائع مفردة بأعيان ا‪ .‬ف يا عج با من أفاع يل الطبائع إن القوة للضع يف الذي يقوى‬
‫على تفصيل الشياء و تركيبها و تامها فلذلك قلت قوي و ضعيف‪ .‬و إنا وقع التعبي و الفناء‬
‫ف التركيب الول للختلف و عدم ذلك ف الثان للتفاق‪ .‬و قد قال بعض الولي التفصيل‬
‫و التقط يع ف هذا الع مل حياة و بقاء و الترك يب موت و فناء‪ .‬و هذا الكلم دق يق الع ن لن‬
‫الك يم أراد بقوله حياة و بقاء خرو جه من العدم إل الوجود ل نه ما دام على تركي به الول‬
‫ف هو فان ل مالة‪ ،‬فإذا ر كب الترك يب الثا ن عدم الفناء‪ .‬و الترك يب الثا ن ل يكون إل ب عد‬
‫التف صيل و التقط يع فإذا التف صيل و التقط يع ف هذا الع مل خا صة‪ .‬فإذا ب قي ال سد الحلول‬
‫انبسط فيه لعدم الصورة لنه قد صار ف السد بنلة النفس الت ل صورة لا و ذلك أنه ل‬
‫وزن له فيسه و سسترى ذلك إن شاء ال تعال و قسد ينبغسي لك أن تعلم أن اختلط اللطيسف‬
‫باللط يف أهون من اختلط الغل يظ و إن ا أر يد بذلك التشا كل ف الرواح و الج ساد لن‬
‫الشياء تتصل بأشكالا‪ .‬و ذكرت لك ذلك لتعلم أن العمل أوفق و أيسر من الطبائع اللطائف‬
‫الروحانية منها من الغليظة السمانية‪ .‬و قد يتصور ف العقل أن الحجار أقوى و أصب على‬
‫النار من الرواح ك ما ترى أن الذ هب و الد يد و النحاس أ صب على النار من ال كبيت و‬
‫الزئ بق و غيه ا من الرواح فأقول إن الج ساد قد كا نت أروا حا ف بدن ا فل ما أ صابا حر‬
‫الكيان قلب ها أج سادا لز جة غلي ظة فلم تقدر النار على أكل ها لفراط غلظ ها و تلزج ها‪ .‬فإذا‬
‫أفر طت النار علي ها صيتا أروا حا ك ما كا نت أول خلق ها‪ .‬و إن تلك الرواح اللطي فة إذا‬
‫أصابتها النار أبقت و ل تقدر على البقاء عليها فينبغي لك أن تعلم ما صي الجساد ف هذه‬
‫الالة و صي الرواح ف هذا الال فهو أجل ما تعرفه‪ .‬أقول إنا أبقت تلك الرواح لشتعالا‬
‫و لطافت ها‪ .‬و إن ا اشتعلت لكثرة رطوبت ها و لن النار إذا أح ست بالرطو بة تعل قت ب ا لن ا‬
‫هوائية تشاكل النار و ل تزال تغتذي با إل أن تفن‪ .‬و كذلك الجساد إذا أحست بوصول‬
‫النار إليها لقلة تلزجها و غلظها و إنا صارت تلك الجساد ل تشتعل لنا مركبة من أرض و‬
‫ماء صابر على النار فلطي فه مت حد بكثي فه لطول الط بخ الل ي الازج للشياء‪ .‬و ذلك أن كل‬
‫متلش إنا يتلشى بالنار لفارقة لطيفه من كثيفه و دخول بعضه ف بعض على غي التحليل و‬
‫الوافقسة فصسار ذلك النضمام و التداخسل ماورة ل مازجسة فسسهل بذلك افتراقهمسا كالاء و‬
‫الد هن و ما أشبهه ما‪ .‬و إن ا و صفت ذلك لت ستدل به على ترك يب الطبائع و تقابل ها فإذا‬
‫علمت ذلك علما شافيا فقد أخذت حظك منها‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم أن الخلط الت هي‬
‫طبائع هذه الصناعة موافقة بعضها لبعض مفصلة من جوهر واحد يمعها نظام واحد بتدبي‬
‫واحد ل يدخل عليه غريب ف الزء منه و ل ف الكل كما قال الفيلسوف‪ :‬إنك إذا أحكمت‬
‫تدب ي الطبائع و تآليف ها و ل تد خل علي ها غري با ف قد أحك مت ما أردت إحكا مه و قوا مه إذ‬
‫الطبيعة واحدة ل غريب فيها فمن أدخل عليها غريبا فقد زاغ عنها و وقع ف الطأ‪ .‬و اعلم‬
‫أن هذه الطبيعة إذا حل لا جسد من قرائنها على ما ينبغي ف الل حت يشاكلها ف الرقة و‬
‫اللطافة انبسطت فيه و جرت معه حيثما جرى لن الجساد ما دامت غليظة جافية ل تنبسط‬
‫و ل تتزاوج و حل الجساد ل يكون بغي الرواح فافهم هداك ال هذا القول‪ .‬و اعلم هداك‬
‫ال أن هذا ال ل ف ج سد اليوان هو ال ق الذي ل يضم حل و ل ين قص و هو الذي يقلب‬
‫الطبائع و يسكها و يظهر لا ألوانا و أزهارا عجيبة‪ .‬و ليس كل جسد يل خلف هذا هو‬
‫الل التام لنة مالف للحياة‪ ،‬فإنا حله با يوافقه و يدفع عنه حرق النار‪ ،‬حت يزول عن الغلظ‬
‫و تنقلب الطبائع عن حالت ا إل ما ل ا أن تنقلب من اللطا فة و الغلظ‪ .‬فإذا بل غت الج ساد‬
‫نايتها من التحليل و التلطيف ظهرت لا هنالك قوة تسك و تغوص و تقلب و تنفذ و كل‬
‫عمل ل يرى له مصداق ف أوله فل خي فيه‪ .‬و اعلم أن البارد من الطبائع هو ييبس الشياء و‬
‫يع قد رطوبت ها و الار من ها يظ هر رطوبت ها و يع قد يب سها و إن ا أفردت ال ر و البد لن ما‬
‫فاعلن و الرطوبة و اليبس منفعلن و على انفعال كل واحد منهما لصاحبه تدث الجسام و‬
‫تتكون و إن كان الر أكثر فعل ف ذلك من البد لن البد ليس له نقل الشياء و ل تركها‬
‫و الر هو علة الركة‪ .‬و مت ضعفت علة الكون و هو الرارة ل يتم منها شيء أبدا كما إنه‬
‫إذا أفرطت الرارة على شيء و ل يكن ث برد أحرقته و أهلكته‪ .‬فمن أجل هذه العلة احتيج‬
‫إل البارد ف هذه العمال ليقوى به كل ضسد على ضده و يد فع ع نه حر النار‪ .‬و ل يذر‬
‫الفلسسفة أكسب شيسء إل مسن النيان الحرقسة‪ .‬و أمرت بتطهيس الطبائع و النفاس و إخراج‬
‫دن سها و رطوبت ها و نفور آفات ا و أو ساخها عن ها على ذلك ا ستقام رأي هم و تدبي هم فإن ا‬
‫عملهم إنا هو مع النار أول و إليها يصي أخيا فلذلك قالوا‪ :‬إياكم و النيان الحرقات‪ .‬و إنا‬
‫أرادوا بذلك نفي الفات الت معها فتجمع على السد آفتي فتكون أسرع للكه‪ .‬و كذلك‬
‫كل شيء إنا يتلشى و يفسد من ذاته لتضاد طبائعه و اختلفه فيتوسط بي شيئي فلم يد ما‬
‫يقو يه و يعي نه إل قهر ته ال فة و أهلك ته‪ .‬و اعلم أن الكماء كل ها ذكرت ترداد الرواح على‬
‫الجساد مرارا ليكون ألزم إليها و أقوى على قتال النار إذا هي باشرتا عند اللفة أعن بذلك‬
‫النار العنصرية فاعلمه‪ .‬و لنقل الن على الجر الذي يكن منه العمل على ما ذكرته الفلسفة‬
‫فقد اختلفوا فيه فمنهم من زعم أنه ف اليوان و منهم من زعم أنه ف النبات و منهم من زعم‬
‫أنه ف العادن و منهم من زعم أنه ف الميع‪ .‬و هذه الدعاوى ليست بنا حاجة إل استقصائها‬
‫و مناظرة أهل ها علي ها لن الكلم يطول جدا و قد قلت في ما تقدم إن الع مل يكون ف كل‬
‫شيء بالقوة لن الطبائع موجودة ف كل شيء فهو كذلك فنريد أن تعلم من أي شيء يكون‬
‫العمل بالقوة و الفعل فنقصد إل ما قاله الران إن الصبغ كله أحد صبغي‪ :‬إما صبغ جسد‬
‫كالزعفران ف الثوب البيض حت يول فيه و هو مضمحل منتقض التركيب‪ ،‬و الصبغ الثان‬
‫تقليب الوهر من جوهر نفسه إل جوهر غيه و لونه كتقليب الشجر بل التراب إل نفسه و‬
‫قلب اليوان و النبات ال نفسه حت يصي التراب نباتا و النبات حيوانا و ل يكون إل بالروح‬
‫اليس و الكيان الفاعسل الذي له توليسد الجرام و قلب العيان‪ .‬فإذا كان هذا هكذا فنقول إن‬
‫العمل لبد أن يكون إما ف اليوان و إما ف النبات و برهان ذلك أنما مطبوعان على الغذاء‬
‫و به قوامهما و تامهما‪ .‬فأما النبات فليس فيه ما ف اليوان من اللطافة و القوة و لذلك قل‬
‫خوض الكماء ف يه‪ .‬و أ ما اليوان ف هو آ خر ال ستحالت الثلث و نايت ها و ذلك أن العدن‬
‫يستحيل نباتا و النبات يستحيل حيوانا و اليوان ل يستحيل إل شيء هو الطف م نه إل أن‬
‫ينع كس راج عا إل الغلظ و أ نه أي ضا ل يو جد ف العال ش يء تتعلق ف يه الروح ال ية غيه و‬
‫الروح أل طف ما ف العال و ل تتعلق الروح باليوان إل بشاكل ته إيا ها‪ .‬فأ ما الروح ال ت ف‬
‫النبات فإنا يسية فيها غلظ و كثافة و هي مع ذلك مستغرقة كامنة فيه لغلظها و غلظ جسد‬
‫النبات فلم يقدر على الركسة لغلظسه و غلظ روحسه‪ .‬و الروح التحركسة ألطسف مسن الروح‬
‫الكامنة كثيا و ذلك أن التحركة لا قبول الغذاء و التنقل و التنفس و ليس للكامنة غي قبول‬
‫الغذاء وحده‪ .‬و ل تري إذا قي ست بالروح ال ية إل كالرض ع ند الاء‪ .‬كذلك النبات ع ند‬
‫اليوان فالعمسل فس اليوان أعلى و أرفسع و أهون و أيسسر‪ .‬فينبغسي للعاقسل إذا عرف ذلك أن‬
‫يرب ما كان سهل و يترك ما يشسى ف يه ع سرا‪ .‬و اعلم أن اليوان ع ند الكماء ينق سم‬
‫أق ساما من المهات ال ت هي الطبائع و الدي ثة ال ت هي الوال يد و هذا معروف متي سر الف هم‬
‫فلذلك قسمت الكماء العناصر و الواليد أقساما حية و أقساما ميتة فجعلوا كل متحرك فاعل‬
‫ح يا و كل ساكن مفعول مي تا‪ .‬و ق سموا ذلك ف ج يع الشياء و ف الج ساد الذائ بة و ف‬
‫العقاقي العدنية فسموا كل شيء يذوب ف النار و يطي و يشتعل حيا و ما كان على خلف‬
‫ذلك سوه مي تا فأ ما اليوان و النبات ف سموا كل ما انف صل من ها طبائع أرب عا ح يا و ما ل‬
‫ينفصل سوه ميتا ث إنم طلبوا جيع القسام الية‪ .‬فلم يدوا لوفق هذه الصناعة ما ينفصل‬
‫ف صول أرب عة ظاهرة للعيان و ل يدوا غ ي ال جر الذي ف اليوان فبحثوا عن جن سه ح ت‬
‫عرفوه و أخذوه و دبروه فتك يف ل م م نه الذي أرادوا‪ .‬و قد يتك يف م ثل هذا ف العادن و‬
‫النبات‪ .‬بعد جع العقاقي و خلطها ث تفصل بعد ذلك‪ .‬فأما النبات فمنه ما ينفصل ببعض هذه‬
‫الفصول مقل الشنان و أما العادن ففيها أجساد و أرواح و أنفاس إذا مزجت و دبرت كان‬
‫منها ما له تأثي‪ .‬و قد دبرنا كل ذلك فكان اليوان منها أعلى و أرفع و تدبيه أسهل و أيسر‪.‬‬
‫فينبغي لك أن تعلم ما هو الجر الوجود ف اليوان و طريق وجوده‪ .‬إنا بينا أن اليوان أرفع‬
‫الواليد و كذا ما تركب منه فهو ألطف منه كالنبات من الرض‪ .‬و إنا كان النبات ألطف من‬
‫الرض لنه إنا يكون من جوهره الصاف و جسده اللطيف فوجب له بذلك اللطافة و الرقة‪.‬‬
‫و كذا هذا الجسر اليوانس بنلة النبات فس التراب‪ .‬و بالملة فإنسه ليسس فس اليوان شيسء‬
‫ينفصل طبائع أربعا غيه فافهم هذا القول فإنة ل يكاد يفى إل على جاهل بي الهالة و من‬
‫ل عقل له‪ .‬فقد أخبتك ماهية هذا الجر و أعلمتك جنسه و أنا أبي لك وجوه تدابيه حت‬
‫يكمل الذي شرطناه على أنفسنا من النصاف إن شاء ال سبحانه‪.‬‬
‫التدبي على بركة ال خذ الجر الكري فأودعه القرعة و النبيق و فصل طبائعه الربع الت هي‬
‫النار و الواء و الرض و الاء و هي ال سد و ال صبغ فإذا عزلت الاء عن التراب و الواء عن‬
‫النار فارفع كل واحد ف إنائه على حدة و خذ الابط أسفل الناء و هو الثفل فاغسله بالنار‬
‫الارة حت تذهب النار عنه سواده و يزول غلظه و جفاؤه و بيضه تبييضا مكما و طي عنه‬
‫فضول الرطوبات ال ستجنة ف يه فإ نه ي صي ع ند ذلك ماء أب يض ل ظل مة ف يه و ل و سخ و ل‬
‫تضاد‪ .‬ث اعمد إل تلك الطبائع الول الصاعدة منه فطهرها أيضا من السواد و التضاد و كرر‬
‫عليها الغسل و التصعيد حت تلطف و ترق و تصفو‪ .‬فإذا فعلت ذلك فقد فتح ال عليك فابدأ‬
‫بالترك يب الذي عل يه مدار الع مل‪ .‬و ذلك أن الترك يب ل يكون إل بالتزو يج و التعف ي فأ ما‬
‫التزويج فهو اختلط اللطيف بالغليظ و أما التعفي فهو التمشية و السحق حت يتلط بعضه‬
‫ببعض و يصي شيئا واحدا ل اختلف فيه و ل نقصان بنلة المتزاج بالاء‪ .‬فعند ذلك يقوى‬
‫الغل يظ على إم ساك اللطيسف و تقوى الروح على مقابلة النار و تصسب علي ها و تقوى النفسس‬
‫على الغوص ف الجساد والدبيب فيها‪ .‬و إنا وجد ذلك بعد التركيب لن السد الحلول لا‬
‫ازدوج بالروح ماز جه بم يع أجزائه و د خل بعض ها ف ب عض لتشاكل ها ف صار شيئا واحدا و‬
‫وجب من ذلك أن يعرض للروح من الصلح و الفساد و البقاء و الثبوت و ما يعرض للجسد‬
‫لو ضع المتزاج‪ .‬و كذلك الن فس إذا امتز جت ب ما و دخلت فيه ما بد مة التدب ي اختل طت‬
‫أجزاؤهسا بميسع أجزاء الخريسن أعنس الروح و السسد و صسارت هسي و هاس شيئا واحدا ل‬
‫اختلف ف يه بنلة الزء الكلي الذي سلمت طبائ عه و اتف قت أجزاؤه فإذا أل قى هذا الر كب‬
‫السسد الحلول و أل عليسه النار و أظهسر مسا فيسه مسن الرطوبسة على وجهسه ذاب فس السسد‬
‫الحلول‪ .‬و من شأن الرطو بة الشتمال و تعلق النار ب ا فإذا أرادت النار التعلق ب ا منع ها من‬
‫التاد بالن فس ماز جة الاء ل ا‪ .‬فإن النار ل تت حد بالد هن ح ت يكون خال صا‪ .‬و كذلك الاء‬
‫من شأنه النفور من النار‪ .‬فإذا ألت عليه النار و أرادت تطييه حبسه السد اليابس المازج‬
‫له ف جوفه فمنعه من الطيان فكان السد علة لمساك الاء و الاء علة لبقاه الدهن و الدهن‬
‫علة لثبات الصبغ و الصبغ علة لظهور الدهن و اظهار الدهنية ف الشياء الظلمة الت ل نور لا‬
‫و ل حياة في ها‪ .‬فهذا هو ال سد ال ستقيم و هكذا يكون الع مل‪ .‬و هذه الت صفية ال ت سألت‬
‫عن ها و هي ال ت ستها الكماء بي ضة و إيا ها يعنون ل بي ضة الدجاج و اعلم أن الكماء ل‬
‫تسميها بذا السم لغي معن بل أشبهتها‪ .‬و لقد سألت مسلمة عن ذلك يوما و ليس عنده‬
‫غيي فقلت له‪ :‬أيها الكيم الفاضل أخبن لي شيء ست الكماء مركب اليوان بيضة ؟‬
‫اختيارا منهم لذلك أم لعن دعاهم إليه ؟ فقال‪ :‬بل لعن غامض فقلت أيها الكيم و ما ظهر‬
‫ل م من ذلك من النف عة و ال ستدلل على ال صناعة ح ت شبهو ها و سوها بي ضة ؟ فقال‪:‬‬
‫لشبهها و قرابتها من الركب ففكر فيه فإنه سيظهر لك معناه‪ .‬فبقيت بي يديه مفكرا ل أقدر‬
‫على الوصول إل معناه‪ .‬فلما رأى ما ب من الفكر و أن نفسي قد مضت فيها أخذ بعضدي و‬
‫هز ن هزة خفي فة و قال ل‪ :‬يا أبا ب كر ذلك للنسبة الت بينهما ف كمية اللوان عند امتزاج‬
‫الطبائع و تأليفهسا‪ .‬فل ما قال ذلك انلت ع ن الظلمسة و أضاء ل نور قل ب و قوي عقلي على‬
‫فهمسه فنهضست شاكرا ال عليسه إل منل و أقمست على ذلك شكل هندسسيا يسبهن بسه على‬
‫صحة ما قاله مسلمة‪ .‬و أنا واضعه لك ف هذا الكتاب‪ .‬مثال ذلك أن الركب إذا ت و كمل‬
‫كان نسبة ما فيه من طبيعة الواء إل ما ف البيضة من طبيعة الواء كنسبة ما ف الركب من‬
‫طبيعسة النار إل مسا فس البيضسة مسن طبيعسة النار‪ .‬و كذلك الطسبيعتان الخريان‪ ،‬الرض و الاء‬
‫فأقول‪ :‬إن كل شيئ ي متنا سبي على هذه ال صفة ه ا متشابان‪ .‬و مثال ذلك أن ت عل ل سطح‬
‫البيضة هزرح فإذا أردنا ذلك فإنا نأخذ أقل طبائع الركب و هي طبيعة اليبوسة و نضيف إليها‬
‫مثلها من طبيعة الرطوبة و ندبرها حت تنشف طبيعة اليبوسة طبيعة الرطوبة و تقبل قوتا‪ .‬و‬
‫كأن ف هذا الكلم رمزا و لكنه ل يفى عليك‪ .‬ث تمل عليهما جيعا مثليهما من الروح و‬
‫هو الاء فيكون الميع ستة أمثال‪ .‬ث تمل على الميع بعد التدبي مثل من طبيعة الواء الت‬
‫هي النفس و ذلك ثلثة أجزاء فيكون الميع ت سعة أمثال اليبو سة بالقوة‪ .‬و تمل تت كل‬
‫ضلعي من الركب الذي طبيعته ميطة بسطح الركب طبيعتي فتجعل أول الضلعي الحيطي‬
‫بسطحه طبيعة الاء و طبيعة الواء و ها ضلعا ا ح د و سطح ابد و كذلك الضلعان الحيطان‬
‫ب سطح البي ضة اللذان ه ا الاء و الواء ضل عا هزوح فأقول أن سطح اب د يش به سطح هزوح‬
‫طبيعة الواء الت تسمى نفسا و كذلك بس من سطح الركب‪ .‬و الكماء ل تسم شيئا باسم‬
‫ش يء إل لشب هه به‪ .‬و الكلمات ال ت سألت عن شرح ها الرض القد سة و هي النعقدة من‬
‫الطبائع العلو ية و ال سفلية‪ .‬و النحاس هو الذي أخرج سواده و ق طع ح ت صار هباء ث ح ر‬
‫بالزاج حت صار ناسيا و الغنيسيا حجرهم الذي تمد فيه الرواح و ترجه الطبيعة العلوية‬
‫الت تستجن فيها الرواح لتقابل عليها النار و الفرفرة لون أحر قان يدثه الكيان‪ .‬و الرصاص‬
‫ح جر له ثلث قوى متل فة الشخوص و لكن ها متشاكلة و متجان سة‪ .‬فالواحدة روحان ية نية‬
‫صافية و هي الفاعلة و الثان ية نف سانية و هي متحر كة ح ساسة غ ي أن ا أغلظ من الول و‬
‫مزكزها دون مركز الول و الثالثة قوة أرضية حاسة قابضة منعكسة إل مركز الرض لثقلها‬
‫و هي الا سكة الروحان ية والنف سانية جي عا و الحي طة ب ما‪ .‬و أ ما سائر الباق ية فمبتد عة و‬
‫متر عة‪ .‬إلبا سا على الا هل‪ ،‬و من عرف القدمات ا ستغن عن غي ها‪ .‬فهذا ج يع ما سألتن‬
‫عنه و قد بعثت به إليك مفسرا و نرجو بتوفيق ال أن تبلغ أملك و السلم‪ .‬انتهى كلم ابن‬
‫بشرون و هو من كبار تلميذ مسلمة الجريطي شيخ الندلس ف علوم الكيمياء و السيمياء و‬
‫السحر ف القرن الثالث و ما بعده‪ .‬و أنت ترى كيف صرف ألفاظهم كلها ف الصناعة إل‬
‫الزمز و اللغاز الت ل تكاد تبي و ل تعرف و ذلك دليل على أنا ليست بصناعة طبيعية‪ .‬و‬
‫الذي ي ب أن يعت قد ف أ مر الكيمياء و هو ال ق الذي يعضده الوا قع أن ا من ج نس آثار‬
‫النفوس الروحانية و تصرفها ف عال الطبيعة‪ ،‬إما من نوع الكرامة إن كانت النفوس خية أو‬
‫مسن نوع السسحر إن كانست النفوس شريرة فاجرة‪ .‬فأمسا الكرامسة فظاهرة و أمسا السسحر فلن‬
‫ال ساحر كما ث بت ف مكان تقيقه يقلب العيان الاد ية بقو ته ال سحرية‪ .‬و ل بد له مع ذلك‬
‫عندهم من مادة يقع فعله السحري فيها كتخليق بعض اليوانات من مادة التراب أو الشجر و‬
‫النبات و بالملة من غي مادتا الخصوصة با‪ ،‬كما وقع لسحرة فرعون ف البال و العصي و‬
‫ك ما ين قل عن سحرة ال سودان و النود ف قا صية النوب و الترك ف قا صية الشمال أن م‬
‫يسحرون الو للمطار و غي ذلك‪ .‬و لا كانت هذه تليقا للذهب ف غي مادته الاصة به‬
‫كان من قب يل ال سحر و التكلمون ف يه من أعلم الكماء م ثل جابر و م سلمة‪ .‬و من كان‬
‫قبل هم من حكماء ال مم إن ا نوا هذا الن حى و لذا كان كلم هم ف يه ألغازا حذرا علي ها من‬
‫إنكار الشرائع على ال سحر و أنوا عه ل أن ذلك ير جع إل الضنا نة ب ا ك ما هو رأي من ل‬
‫يذهب إل التحقيق ف ذلك‪ .‬و انظر كيف سى مسلمة كتابه فيها رتبة الكيم و سى كتابه‬
‫ف ال سحر و الطل سمات غا ية الك يم إشارة إل عموم موضوع الغا ية و خ صوص موضوع‬
‫هذه لن الغا ية أعلى من الرت بة فكان م سائل الرت بة ب عض من م سائل الغا ية و تشارك ها ف‬
‫الوضوعات‪ .‬و من كل مه ف الفن ي ي تبي ما قلناه و ن ن نبي في ما ب عد غلط من يز عم أن‬
‫مدارك هذا المر بالصناعة الطبيعية‪ .‬و ال العليم البي‪.‬‬

‫الفصل الادي و الثلثون‪ :‬ف إبطال الفلسفة و فساد منتحلها‬


‫هذا الفصل و ما بعده مهم لن هذه العلوم عارضة ف العمران كثية ف الدن‪ .‬و ضررها ف‬
‫الد ين كث ي فو جب أن ي صدع بشأن ا و يك شف عن العت قد ال ق في ها‪ .‬و ذلك أن قو ما من‬
‫عقلء النوع النسسان زعموا أن الوجود كله السسي منسه و مسا وراء السسي تدرك أدواتسه و‬
‫أحواله بأسبابا و عللها بالنظار الفكرية و القيسة العقلية و أن تصحيح العقائد اليانية من‬
‫ق بل الن ظر ل من ج هة ال سمع فإن ا ب عض من مدارك الع قل‪ .‬و هؤلء ي سمون فل سفة ج ع‬
‫فيل سوف و هو بالل سان اليونا ن م ب الك مة‪ .‬فبحثوا عن ذلك و شروا له و حوموا على‬
‫إصابة الغرض منه و وضعوا قانونا يهتدي به العقل ف نظره إل التمييز بي الق و الباطل و‬
‫سوه بالنطق‪ .‬و مصل ذلك أن النظر الذي يفيد تييز الق من الباطل إنا هو للذهن ف العان‬
‫النتز عة من الوجودات الشخ صية فيجرد من ها أول صور منطب قة على ج يع الشخاص ك ما‬
‫ينط بق الطا بع على ج يع النقوش ال ت تر سها ف ط ي أو ش ع‪ .‬و هذه مردة من الح سوسات‬
‫تسمى العقولت الوائل‪ .‬ث ترد من تلك العان الكلية إذا كانت مشتركة مع معان أخرى و‬
‫قد تيزت عنها ف الذ هن فتجرد منها معان أخرى و هي الت اشتركت با‪ .‬ث ترد ثانيا إن‬
‫شاركها غيها و ثالثا إل أن ينتهي التجريد إل العان البسيطة الكلية النطبقة على جيع العان‬
‫و الشخاص و ل يكون من ها تر يد ب عد هذا و هي الجناس العال ية‪ .‬و هذه الجردات كل ها‬
‫من غ ي الح سوسات هي من ح يث تأل يف بعض ها مع ب عض‪ .‬لتح صيل العلوم من ها ت سمى‬
‫العقولت الثوان‪ .‬فإذا نظر الفكر ف هذه العقولت الجردة و طلب تصور الوجود‪ .‬كما هو‬
‫فل بد للذ هن من إضا فة بعض ها إل ب عض و ن في بعض ها عن ب عض بالبهان العقلي اليقي ن‬
‫ليحصل تصور الوجود تصورا صحيحا مطابقا إذا كان ذلك بقانون صحيح كما مر‪ .‬و صنف‬
‫الت صديق الذي هو تلك الضا فة و ال كم متقدم عند هم على صنف الت صور ف النها ية و‬
‫التصور متقدم عليه ف البداءة و التعليم لن التصور التام عندهم هو غاية الطلب الدراكي و‬
‫إنا التصديق وسيلة له و ما تسمعه ف كتب النطقيي من تقدم التصور و توقف التصديق عليه‬
‫فبمعن الشعور ل بعن العلم التام و هذا هو مذهب كبيهم أرسطو ث يزعمون أن السعادة ف‬
‫إدراك الوجودات كل ها ما ف ال س و ما وراء ال س بذا الن ظر و تلك الباه ي‪ .‬و حا صل‬
‫مداركهم ف الوجود على الملة و ما آلت إليه و هو الذي فرعوا عليه قضايا أنظار هم أنم‬
‫عثروا أول على السم السفلي بكم الشهود و الس ث ترقى إدراكهم قليل فشعروا بوجود‬
‫الن فس من ق بل الر كة و ال س ف اليوانات ث اح سوا من قوى الن فس ب سلطان الع قل‪ .‬و‬
‫وقف إدراكهم فقضوا على السم العال السماوي بنحو من القضاء على أمر الذات النسانية‪.‬‬
‫و وجب عندهم أن يكون للفلك نفس و عقل كما للنسان ث أنوا ذلك ناية عدد الحاد و‬
‫هي العشر‪ ،‬تسع مفصلة ذواتا جل و واحد أول مفرد و هو العاشر‪ .‬و يزعمون أن السعادة‬
‫ف إدراك الوجود على هذا النحو من القضاء مع تذيب النفس و تلقها بالفضائل و أن ذلك‬
‫مكسن للنسسان و لو ل يرد شرع لتمييزه بيس الفضيلة و الرذيلة مسن الفعال بقتضسى عقله و‬
‫نظره و ميله إل الحمود منها و اجتنابه للمذموم بفطرته و أن ذلك اذا حصل للنفس حصلت‬
‫ل ا البه جة و اللذة و أن ال هل بذلك هو الشقاء ال سرمدي و هذا عند هم هو مع ن النع يم و‬
‫العذاب ف الخرة إل خ بط ل م ف تفا صيل ذلك معروف ف كلمات م‪ .‬و إمام هذه الذا هب‬
‫الذي حصل مسائلها و دون علمها و سطر حججها فيما بلغنا ف هذه الحقاب هو أرسطو‬
‫القدون من أهل مقدونية من بلد الروم من تلميذ أفلطون و هو معلم السكندر و يسمونه‬
‫العلم الول على الطلق يعنون معلم صسناعة النطسق إذ ل تكسن قبله مهذبسة و هسو أول مسن‬
‫ر تب قانون ا و ا ستوف م سائلها و أح سن ب سطها و ل قد أح سن ف ذلك القانون ما شاء لو‬
‫تكفل له بقصدهم ف الليات ث كان من بعده ف السلم من أخذ بتلك الذاهب و أتبع فيها‬
‫رأيه حذو النعل بالنعل إل ف القليل‪ .‬و ذلك أن كتب أولئك التقدمي لا ترجها اللفاء من‬
‫ب ن العباس من الل سان اليونا ن إل الل سان العر ب ت صفحها كث ي من أ هل اللة و أ خذ من‬
‫مذاهبهم من أضله ال من منتحلي العلوم و جادلوا عنها و اختلفوا ف مسائل من تفاريعها و‬
‫كان من أشهرهم أبو نصر الفاراب ف الائة الرابعة لعهد سيف الدولة و أبو علي بن سينا ف‬
‫الائة الام سة لع هد نظام اللك من ب ن بو يه بأ صبهان و غيه ا‪ .‬و اعلم أن هذا الرأي الذي‬
‫ذهبوا إليه باطل بميع وجوهه‪ .‬فأما إسنادهم الوجودات كلها إل العقل الول و اكتفاؤهم به‬
‫ف الترقي إل الواجب فهو قصور عما وراء ذلك من رتب خلق ال فالوجود أوسع نطاقا من‬
‫ذلك و يلق ما ل تعلمون و كأن م ف اقت صارهم على إثبات الع قل ف قط و الغفلة ع ما وراءه‬
‫بثابة الطبيعيي القتصرين على إثبات الجسام خاصة العرضي عن النقل و العقل العتقدين أنه‬
‫ليسس وراء السسم فس حكمسة ال شيسء‪ .‬و أمسا الباهيس التس يزعموناس على مدعياتمس فس‬
‫الوجودات و يعرضونا على معيار النطق و قانونه ف قاصرة و غي وافية بالغرض‪ .‬أما ما كان‬
‫من ها ف الوجودات ال سمانية و ي سمونه العلم ال طبيعي فو جه ق صوره أن الطاب قة ب ي تلك‬
‫النتائج الذهنية الت تستخرج بالدود و القيسة كما ف زعمهم و بي ما ف الارج غي يقين‬
‫لن تلك أحكام ذهنية كلية عامة و الوجودات الارجية متشخصة بوادها‪ .‬و لعل ف الواد ما‬
‫ينع مطابقة الذهن الكلي للخارجي الشخصي اللهم إل مال يشهد له الس من ذلك فدليله‬
‫شهوده ل تلك الباهي فأين اليقي الذي يدونه فيها ؟ و ربا يكون تصرف الذهن أيضا ف‬
‫العقولت الول الطابقة للشخصيات بالصور اليالية ل ف العقولت الثوان الت تريدها ف‬
‫الرتبسة الثانيسة فيكون الكسم حينئذ يقينيسا بثابسة الحسسوسات إذ العقولت الول أقرب إل‬
‫مطاب قة الارج لكمال النطباق في ها فن سلم ل م حينئذ دعاوي هم ف ذلك‪ .‬إل أ نه ينب غي ل نا‬
‫العراض عن النظر فيها إذ هو من ترك السلم لا ل يعنيه فإن مسائل الطبيعيات ل تمنا ف‬
‫ديننا و ل معاشنا فوجب علينا تركها‪ .‬و أما ما كان منها ف الوجودات الت وراء الس و‬
‫هي الروحانيات و ي سمونه العلم الل ي و علم ما ب عد الطبي عة فإن ذوات ا مهولة رأ سا و ل‬
‫يكن التوصل إليها و ل البهان عليها لن تريد العقولت من الوجودات الارجية الشخصية‬
‫إن ا هو م كن فيما هو مدرك ل نا‪ .‬و ن ن ل ندرك الذوات الروحان ية ح ت نرد منها ماهيات‬
‫أخرى بجاب الس بيننا و بينها فل يأت لنا برهان عليها و ل مدرك لنا ف إثبات وجودها‬
‫على الملة إل ما نده بي جنبينا من أمر النفس النسانية و أحوال مداركها و خصوصا ف‬
‫الرؤيا الت هي وجدانية لكل أحد و ما وراء ذلك من حقيقتها و صفاتا فأمر غامض ل سبيل‬
‫إل الوقوف عليسه‪ .‬و قسد صسرح بذلك مققوهسم حيسث ذهبوا إل أن مال مادة له ل يكسن‬
‫البهان عل يه لن مقدمات البهان من شرط ها أن تكون ذات ية‪ .‬و قال كبيهم أفلطون‪ :‬إن‬
‫الليات ل يوصل فيها إل أيني و إنا يقال فيها بالخلق و الول يعن الظن‪ :‬و إذا كنا إنا‬
‫ن صل ب عد الت عب و الن صب على ال ظن ف قط قيكفي نا ال ظن الذي كان أول فأي فائدة لذه‬
‫العلوم و الشتغال با و نن إنا عنايتنا بتحصيل اليقي فيما وراء الس من الوجودات و هذه‬
‫هي غاية الفكار النسانية عندهم‪ .‬و أما قولم إن السعادة ف إدراك الوجودات على ما هي‬
‫عل يه يتلك الباه ي فقول مز يف مردود و تف سيه أن الن سان مر كب من جزء ين أحده ا‬
‫جسمان و الخر روحان مترج به و لكل واحد من الزءين مدارك متصة به و الدرك فيهما‬
‫واحد و هو الزء الروحان يدرك تارة مدارك روحانية و تارة مدارك جسمانية إل أن الدارك‬
‫الروحان ية يدرك ها بذا ته بغ ي وا سطة و الدارك ال سمانية بوا سطة آلت ال سم من الدماغ‬
‫والواس‪ .‬و كل مدرك فله ابتهاج با يدركه‪ .‬و اعتبه بال الصب ف أول مداركه السمانية‬
‫الت هي بوا سطة ك يف يبت هج ب ا يب صره من الضوء و ب ا يسمعه من ال صوات فل شك أن‬
‫البتهاج بالدراك الذي للنفس من ذاتا بغي واسطة يكون أشد و ألذ‪ .‬فالنفس الروحانية إذا‬
‫شعرت بإدراكها الذي لا من ذاتا بغي واسطة حصل لا ابتهاج و لذة ل يعب عنهما و هذا‬
‫الدراك ل يصسل بنظسر و ل علم و إناس يصسل بكشسف حجاب السس و نسسيان الدارك‬
‫السمانية بالملة‪ .‬و التصوفة كثيا ما يعنون بصول هذا الدراك للنفس بصول هذه البهجة‬
‫فيحاولون بالرياضسة إماتسة القوى السسمانية و مداركهسا حتس الفكسر مسن الدماغ و ليحصسل‬
‫للنفس إدراكها الذي لا من ذاتا عند زوال الشواغب و الوانع السمانية يصل لم بجة و‬
‫لذة ل ي عب عنه ما‪ .‬و هذا الذي زعموه بتقد ير صحته م سلم ل م و هو مع ذلك غ ي واف‬
‫بق صودهم‪ .‬فأ ما قول م إن الباه ي و الدلة العقل ية م صلة لذا النوع من الدراك و البتهاج‬
‫عنه فباطل كما رأيته إذ الباهي و الدلة من جلة الدارك السمانية لنا بالقوى الدماغية من‬
‫اليال و الفكر و الذكر‪ .‬و نن نقول إن أول شيء نعن به ف تصيل هذا الدراك إماتة هذه‬
‫القوى الدماغية كلها لنا منازعة له قادحة فيه و تد الاهر منهم عاكفا على كتاب الشفاء و‬
‫الشارات و النجاء و تلخ يص ا بن ر شد لل قص من تأل يف أر سطو و غيه يبع ثر أوراق ها و‬
‫يتو ثق من براهين ها و يلت مس هذا الق سط من ال سعادة في ها و ل يعلم أ نه ي ستكثر بذلك من‬
‫الوانع عنها‪ .‬و مستندهم ف ذلك ما ينقلونه عن أرسطو و الفاراب و ابن سينا أن من حصل له‬
‫إدراك العقل الفعال و اتصل به ف حياته فقد حصل حظة من هذه السعادة‪ .‬و العقل الفعال‬
‫عند هم عبارة عن أول رت بة ينك شف عن ها ال س من ر تب الروحانيات و يملون الت صال‬
‫بالع قل الفعال على الدراك العل مي و قد رأ يت ف ساده و إن ا يع ن أر سطو و أ صحابه بذلك‬
‫التصال و الدراك إدراك النفس الذي لا من ذاتا و بغي واسطة و هو ل يصل إل بكشف‬
‫حجاب ال س‪ .‬و أما قول م إن البه جة الناشئة عن هذا الدراك هي ع ي ال سعادة الوعود با‬
‫فباطل أيضا لنا إنا تبي لنا با قرروه أن وراء الس مدركا آخر للنفس من غي واسطة و أنا‬
‫تبتهج بإدراكها ذلك ابتهاجا شديدا و ذلك ل يعي لنا أنه عي السعادة الخروية و لبد بل‬
‫هي من جلة اللذ الت لتلك السعادة‪ .‬و أما قولم إن السعادة ف إدراك هذه الوجودات على‬
‫ما هي عليه فقول باطل مبن على ما كنا قدمناه ف أصل التوحيد من الوهام و الغلط ف أن‬
‫الوجود ع ند كل مدرك منح صر ف مدار كه‪ .‬و بي نا ف ساد ذلك و إن الوجود أو سع من أن‬
‫ياط به أو يستوف إدراكه بملته روحانيا أو جسمانيا‪ .‬و الذي يصل من جيع ما قررناه من‬
‫مذاهبهم أن الزء الروحان إذا فارق القوى السمانية أدرك إدراكا ذاتيا له متصا بصنف من‬
‫الدارك و هي الوجودات الت أحاط با علمنا و ليس بعام الدراك ف الوجودات كلها إذ ل‬
‫تنحصر و أنه يبتهج بذلك النحو من الدراك ابتهاجا شديدا كما يبتهج الصب بداركه السية‬
‫ف أول نشوءه و من لنا بعد ذلك بإدراك جيع الوجودات أو بصول السعادة الت وعدنا با‬
‫الشارع إن ل نعمل لا‪ ،‬هيهات هيهات لا توعدون‪ .‬و أما قولم إن النسان مستقل بتهذيب‬
‫نفسه و إصلحها بلبسة الحمود من اللق و مانبة الذموم فأمر مبن على أن ابتهاج للنفس‬
‫بإدراك ها الذي ل ا من ذات ا هو ع ي ال سعادة الوعود ب ا لن الرذائل عائ قة للن فس عن تام‬
‫إدراك ها ذلك ب ا ي صل ل ا من اللكات ال سمانية و ألوان ا‪ .‬و قد بي نا أن أ ثر ال سعادة و‬
‫الشقاوة و من وراء الدراكات السمانية و الروحانية فهذا التهذيب الذي توصلوا إل معرفته‬
‫إنا نفعه ف البهجة الناشئة عن الدراك الروحان فقط الذي هو على مقاييس و قواني‪ .‬و أما‬
‫ما وراء ذلك من السعادة الت وعدنا با الشارع على امتثال ما أمر به من العمال و الخلق‬
‫فأمر ل ييط به مدارك الدركي‪ .‬و قد تنبه لذلك زعيمهم أبو علي ابن سينا فقال ف كتاب‬
‫البدأ و العاد ما معناه‪ :‬إن العاد الروحا ن و أحواله هو م ا يتو صل إل يه بالباه ي العقل ية و‬
‫القاييس لنه على نسبة طبيعية مفوظة و وتية واحدة فلنا ف الباهي عليه سعة‪ .‬و أما العاد‬
‫ال سمان و أحواله فل ي كن إدرا كه بالبهان ل نه ل يس على ن سبة واحدة و قد ب سطته ل نا‬
‫الشريعة القة الحمدية فلنظر فيها و ليجع ف أحواله إليها‪ .‬فهذا العلم كما رأيته غي واف‬
‫بقاصدهم الت حوموا عليها مع ما فيه من مالفة الشرائع و ظواهرها‪ .‬و ليس له فيما علمنا إل‬
‫ثرة واحدة و هي شحذ الذهن ف ترتيب الدلة و الجج لتحصيل ملكة الودة و الصواب ف‬
‫الباهي‪ .‬و ذلك أن نظم القاييس و تركيبها على وجه الحكام و التقان هو كما شرطوه ف‬
‫صناعتهم النطيقية و قولم بذلك ف علومهم الطبيعية و هم كثيا ما يستعملونا ف علومهم‬
‫الكم ية من ال طبيعيات و التعال يم و ما بعد ها في ستول النا ظر في ها بكثرة ا ستعمال الباه ي‬
‫بشروطها على ملكة التقان و الصواب ف الجج و الستدللت لنا و إن كانت غي وافية‬
‫بقصودهم فهي أصح ما علمناه من قواني النظار‪ .‬هذه ثرة هذه الصناعة مع الطلع على‬
‫مذاهب أهل العلم و آرائهم و مضارها ما علمت‪ .‬فليكن الناظر فيها متحرزا جهده معاطبها و‬
‫لي كن ن ظر من ين ظر في ها ب عد المتلء من الشرعيات و الطلع على التف سي و الف قه و ل‬
‫يك ب أ حد علي ها و هو خلو من علوم اللة ف قل أن ي سلم لذلك من معاطب ها‪ .‬و ال الو فق‬
‫للصواب و للحق و الادي إليه‪ .‬و ما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون‪ :‬ف ابطال صناعة النجوم و ضعف مداركها و فساد غايتها‬
‫هذه الصناعة يزعم أصحابا أنم يعرفون با الكائنات ف عال العناصر قبل حدوثها من قبل‬
‫معر فة قوى الكوا كب و تأثي ها ف الولدات العن صرية مفردة و متم عة فتكون لذلك أوضاع‬
‫الفلك و الكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية و الشخصية‪.‬‬
‫فالتقدمون منهم يرون أن معرفة قوى الكواكب و تأثياتا بالتجربة و هو أمر تقصر العمار‬
‫كلما لو اجتمعت عن تصيله إذ التجربة إنا تصل ف الرات التعددة بالتكرار ليحصل عنها‬
‫العلم أو الظن‪ .‬و أدوار الكواكب منها ما هو طويل الزمن فيحتاج تكرره إل آماد و أحقاب‬
‫متطارلة يتقاصر عنها ما هو طويل من أعمار العال‪ .‬و ربا ذهب ضعفاء منهم إل أن معرفة‬
‫قوى الكوا كب و تأثيات ا كا نت بالو حي و هو رأي فائل و قد كفو نا مؤ نة إبطاله‪ .‬و من‬
‫أوضح الدلة فيه أن تعلم أن النبياء عليهم الصلة و السلم أبعد الناس عن الصنائع و أنم ل‬
‫يتعرضون للخبار عن الغيب إل أن يكون عن ال فكيف يدعون استنباطه بالصناعة و يشيون‬
‫بذلك لتابعيهم من اللق‪ .‬و أما بطليمس و من تبعه من التأخرين فيون أن دللة الكواكب‬
‫على ذلك دللة طبيع ية من ق بل مزاج ي صل للكوا كب ف الكائنات العن صرية قال لن ف عل‬
‫النيين و أثرها ف العنصريات ظاهر ل يسع أحدا حجده مثل فعل الشمس ف تبدل الفصول‬
‫و أمزجت ها و ن ضج الثمار و الزرع و غ ي ذلك و ف عل الق مر ف الرطوبات و الاء و إنضاج‬
‫الواد التعف نة و فوا كه القناء و سائر أفعاله‪ .‬ث قال‪ :‬و ل نا في ما بعد ها من الكوا كب طريقان‬
‫الول التقليد لن نقل ذلك عنه من أئمة الصناعة إل أنه غي مقنع للنفس و الثانية الدس و‬
‫التجربة بقياس كل واحد منها إل الني العظم الذي عرفنا طبيعته و أثره معرفة ظاهرة فننظر‬
‫هل يزيد ذلك الكوكب عند القران ف قوته و مزاجه فتعرف موافقته له ف الطبيعة أو ينقص‬
‫عنها فتعرف مضادته‪ .‬ث إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركبة و ذلك عند تناظرها بأشكال‬
‫التثليث و التربيع و غيها و معرفة ذلك من قبل طبائع البوج بالقياس أيضا إل الني العظم‪.‬‬
‫و إذا عرف نا قوى الكوا كب كل ها ف هي مؤثرة ف الواء و ذلك ظا هر‪ .‬و الزاج الذي ي صل‬
‫منها للهواء يصل لا تته من الولدات و تتخلق به النطف و البزر فتصي حال للبدن التكون‬
‫عنها و للنفس التعلقة به الفائضة عليه الكتسبة لا لا منه و لا يتبع النفس و البدن من الحوال‬
‫لن كيفيات البزرة و النطفة كيفيات لا يتولد عنهما و ينشأ منهما‪ .‬قال‪ :‬و هو مع ذلك ظن‬
‫و ل يس من اليق ي ف ش يء و ل يس هو أي ضا من القضاء الل ي يع ن القدر إن ا هو من جلة‬
‫السباب الطبيعية للكائن و القضاء اللي سابق على كل شيء‪ .‬هذا مصل كلم بطليمس و‬
‫أ صحابه و هو من صوص ف كتا به الر بع و غيه‪ .‬و م نه ي تبي ض عف مدرك هذه ال صناعة و‬
‫ذلك أن العلم الكائن أو ال ظن به إن ا ي صل عن العلم بملة أ سبابه من الفا عل و القا بل و‬
‫الصورة و الغاية على ما يتبي ف موضعه‪ .‬و القوى النجومية على ما قرروه إنا هي فاعلة فقط‬
‫و الزء العنصري هو القابل ث إن القوى النجومية ليست هي الفاعل بملتها بل هناك قوى‬
‫أخرى فاعلة معها ف الزء الادي مثل قوة التوليد للب و النوع الت ف النطفة و قوى الاصة‬
‫الت تيز با صنف من النوع و غي ذلك‪ .‬فالقوى النجومية إذا حصل كمالا و حصل العلم‬
‫في ها إن ا هي فا عل وا حد من جلة ال سباب الفاعلة للكائن‪ .‬ث إ نة يشترط مع العلم بقوى‬
‫النجوم و تأثياتا مزيد حدس و تمي و حينئذ يصل عنده الظن بوقوع الكائن‪ .‬و الدس و‬
‫التخم ي قوى للنا ظر ف فكره و ل يس من علل الكائن و ل من أ صول ال صناعة فإذا فقد هذا‬
‫الدس و التخمي رجعت أدراجها عن الظن إل الشك‪ .‬هذا إذا حصل العلم بالقوى النجومية‬
‫على سداده و ل تعتر ضه آ فة و هذا معوز ل ا ف يه من معر فة ح سبانات الكوا كب ف سيها‬
‫لتتعرف به أوضاعها و لا أن اختصاص كل كوكب بقوة ل دليل عليه‪ .‬و مدرك بطليمس ف‬
‫إثبات القوى للكوا كب الم سة بقيا سها إل الش مس مدرك ضع يف لن قوة الش مس غال به‬
‫لميع القوى من الكواكب و مستولية عليها فقل أن يشعر بالزيادة فيها أو النقصان منها عند‬
‫القارنسة كمسا قال و هذه كلهسا قادحسة فس تعريسف الكائنات الواقعسة فس عال العناصسر بذه‬
‫الصناعة‪ .‬ث إن تأثي الكواكب فيما تتها باطل إذ قد تبي ف باب التوحيد أن ل فاعل إل ال‬
‫بطر يق ا ستدلل ك ما رأي ته و اح تج له أ هل علم الكلم ب ا هو غ ن ف البيان من أن إ سناد‬
‫السباب إل السببات مهول الكيفية و العقل منهم على ما يقضى به فيما يظهر بادئ الرأي‬
‫من التأثي فلعل استنادها على غي صورة التأثي التعارف‪ .‬و القدرة اللية رابطة بنهما كما‬
‫رب طت ج يع الكائنات علوا و سفل سيما و الشرع يرد الوادث كل ها إل قدرة ال تعال و‬
‫يسبأ ماس سسوى ذلك‪ .‬و النبؤات أيضسا منكرة لشأن النجوم و تأثياتاس‪ .‬و اسستقراء الشرعيات‬
‫شا هد بذلك ف م ثل قوله إن الش مس و الق مر ل ي سفان لوت أ حد و ل ليا ته و ف قوله‬
‫أصبح من عبادي مؤمن ب و كافر ب‪ .‬فأما من قال مطرنا بفضل ال و رحته فذلك مؤمن ب‬
‫كا فر بالكوا كب و أ ما من قال مطر نا بنوء كذا فذلك كا فر ب مؤ من بالكوا كب الد يث‬
‫الصحيح‪ .‬فقد بان لك بطلن هذه الصناعة من طريق الشرع و ضعف مداركها مع ذلك من‬
‫طريق العقل مع ما لا من الضار ف العمران النسان با تبعث من عقائد العوام من الفساد إذا‬
‫اتفق الصدق من أحكامها ف بعض الحايي أتفاقا ل يرجع إل تعليل و ل تقيق فيلهج بذلك‬
‫من ل معرفة له و يظن اطراد الصدق ف سائر أحكامها و ليس كذلك‪ .‬فيقع ف رد الشياء‬
‫إل غي خالقها‪ .‬ث ما ينشأ عنها كثيا ف الدول من توقع القواطع و ما يبعث عليه ذلك التوقع‬
‫مسن تطاول العداء و التربصسي بالدولة إل الفتسك و الثورة‪ .‬و قسد شاهدنسا مسن ذلك كثيا‬
‫فينب غي أن ت ظر هذه ال صناعة على ج يع أ هل العمران ل ا ين شأ عن ها من الضار ف الد ين و‬
‫الدول‪ ،‬و ل يقدح ف ذلك كون وجودها طبيعيا للبشر بقتضى مداركهم و علومهم‪ .‬فالي‬
‫و الشر طبيعتان موجودتان ف العال ل يكن نزعهما و إنا يتعلق التكليف بأسباب حصولما‬
‫فيتعي السعي ف اكتساب الي بأسبابه و دفع أسباب الشر و الضار‪ .‬هذا هو الواجب على‬
‫من عرف مفاسد هذا العلم و مضاره‪ .‬و ليعلم من ذلك أنا و إن كانت صحيحة ف نفسها‬
‫فل يكن أحدا من أهل اللة تصيل علمها و ل ملكتها بل إن نظر فيها ناظر و ظن الحاطة‬
‫با فهو ف غاية القصور ف نفس المر‪ .‬فإن الشريعة لا حظرت النظر فيها فقد الجتماع من‬
‫أ هل العمران لقراءت ا و التحل يق لتعليم ها و صار الولع ب ا من الناس و هم ال قل و أ قل من‬
‫ال قل إن ا يطالع كتب ها و مقالت ا ف ك سر بي ته مت سترا عن الناس و ت ت رب قة المهور مع‬
‫تشغب الصناعة و كثرة فروعها و اعتياصها على الفهم فكيف يصل منها على طائل ؟ و نن‬
‫ند الفقه الذي عم نفعه دينا و دنيا و سهلت مآخذه من الكتاب و السنة و عكف المهور‬
‫على قراءته و تعليمه ث بعد التحقيق و التجميع و طول الدارسة و كثرة الجالس و تعدها إنا‬
‫يذق فيه الواحد بعد الواحد ف العصار و الجيال‪ .‬فكيف يعلم مهجور للشريعة مضروب‬
‫دونه سد الطر و التحري مكتوم عن المهور صعب الآخذ متاج بعد المارسة و التحصيل‬
‫لصوله و فروعه إل مزيد حدس و تمي يكتنفان به من الناظر فأين التحصيل و الذق فيه‬
‫مع هذه كل ها‪ .‬و مد عى ذلك من الناس مردود على عق به و ل شا هد له يقوم بذلك لغرا بة‬
‫الفن بي أهل اللة و قلة حلته فاعتب ذلك يتبي لك صحة ما ذهبنا إليه‪ .‬و ال أعلم بالغيب‬
‫فل يظهر على غيبه أحدا‪ .‬و ما وقع ف هذا العن لبعض أصحابنا من أهل العصر عندما غلب‬
‫العرب ع ساكر ال سلطان أ ب ال سن و حا صروه بالقيوان و ك ثر إرجاف الفريق ي الولياء و‬
‫العداء و قال ف ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس‪:‬‬
‫قد ذهب العيش و الناء‬ ‫أستغفر ال كل حي‬
‫و الصبح ل و الساء‬ ‫أصبح ف تونس و أمسي‬
‫يدثها الرج و الوباء‬ ‫الوف و الوع و النايا‬
‫و ما عسى ينفع الراء‬ ‫و الناس ف مرية و حرب‬
‫حل به اللك و التواء‬ ‫فأحدي يرى عليا‬
‫به إليكم صبا رخاء‬ ‫و آخر قال سوف يأت‬
‫يقضي لعيديه ما يشاء‬ ‫و ال من فوق ذا و هذا‬
‫ما فعلت هذه السماء‬ ‫يا راصد النس الواري‬
‫أنكم اليوم أملياء‬ ‫مطلتمونا و قد زعمتم‬
‫و جاء سبت و أربعاء‬ ‫مر خيس على خيس‬
‫و ثالث ضمه القضاء‬ ‫و نصف شهر و عشر ثان‬
‫أذاك جهل أم ازدراء‬ ‫و ل نرى غي زور قول‬
‫أن ليس يستدفع القضاء‬ ‫إنا إل ال قد علمنا‬
‫حسبكم البدر أو ذكاء‬ ‫رضيت بال ل إلا‬
‫إل عباديد أو إماء‬ ‫ما هذه النم السواري‬
‫و ما لا ف الورى اقتضاء‬ ‫يقضى عليها و ليس تقضي‬
‫ما شأنه الرم و الفناء‬ ‫ضلت عقول ترى قديا‬
‫يدثه الاء و الواء‬ ‫و حكمت ف الوجود طبعا‬
‫تغذوهم تربة و ماء‬ ‫ل تر حلوا إزاء مر‬
‫ما الوهر الفرد و اللء‬ ‫ال رب و لست أدري‬
‫ما ل عن صورة عراء‬ ‫و ل اليول الت تنادي‬
‫و ل ثبوت و ل انتفاء‬ ‫و ل وجود و ل انعدام‬
‫ما جلب البيع و الشراء‬ ‫و الكسب ل أدر فيه إل‬
‫ما كان للناس أولياء‬ ‫و إنا مذهب و دين‬
‫و ل جدال و ل رياء‬ ‫إذ ل فصول و ل أصول‬
‫يا حبذا كان القتفاء‬ ‫ما تبع الصدر و اقتفينا‬
‫و ل يكن ذلك الذاء‬ ‫كانوا كما يعلمون منهم‬
‫أشعرن الصيف و الشتاء‬ ‫يا أشعري الزمان إن‬
‫و الي عن مثله جزاء‬ ‫ل أجز بالشر غي شر‬
‫فلست أعصى و ل رجاء‬ ‫و إنن إن أكن مطيعا‬
‫أطاعه العرش و الثراء‬ ‫و إنن تت حكم بار‬
‫أتاحه الكم و القضاء‬ ‫ليس انتصار بكم و لكن‬
‫له إل رأيه انتماء‬ ‫لو حدث الشعري عمن‬
‫ما يقولونه براء‬ ‫لقال أخبهم بأن‬

‫الفصل الثالث و الثلثون‪ :‬ف انكار ثرة الكيميا و استحالة وجودها و ما ينشأ من الفاسد‬
‫عن انتحالا‬
‫اعلم أن كثيا من العاجزين عن معاشهم تملهم الطامع على انتحال هذه الصنائع و يرون أنا‬
‫أحد مذاهب العاش و وجوهه و أن اقتناء الال منها أيسر و أسهل على مبتغيه فيتكبون فيها‬
‫من التاعب و الشاق و معاناة الصعاب و عسف الكام و خساره الموال ف النفقات زيادة‬
‫على النيل من غرضه و العطب آخرا إذا ظهر على خيبة و هم يسبون أنم يسنون صنعا‪ .‬و‬
‫إن ا أطمع هم ف ذلك رؤ ية أن العادن ت ستحيل و ينقلب بعض ها إل ب عض للمادة الشتر كة‬
‫فيحاولون بالعلج صيورة الفضة ذهبا و النحاس و القصدير فضة و يسبون أنا من مكنات‬
‫عال الطبي عة و ل م ف علج ذلك طرق متل فة لختلف مذاهب هم ف التدب ي و صورته و ف‬
‫الادة الوضوعة عندهم للعلج الساة عندهم بالجر الكرم هل هي العذرة أو الدم أو الشعر‬
‫أو البيض أو كذا أو كذا ما سوى ذلك‪ .‬و جلة التدبي عندهم بعد تعي الادة أن تهى بالفهر‬
‫على حجر صلد أملس و تسقى أثناء إمهائها بالاء و بعد أن يضاف إليها من العقاقي و الدوية‬
‫ما ينا سب الق صد من ها و يو ثر ف انقلب ا إل العدن الطلوب‪ .‬ث ت فف بالش مس من ب عد‬
‫السقي أو تطبخ بالنار أو تصعد أو تكلس لستخراج مائها أو ترابا فإذا رضي بذلك كله من‬
‫علجها و ت تدبيه على ما اقتضته أصول صنعته حصل من ذلك كله تراب أو مائع يسمونه‬
‫الكسسي و يزعمون أنسه إذا ألقسى على الفضسة الحماة بالنار عادت ذهبسا أو النحاس الحمسى‬
‫بالنار عاد ف ضة على ما ق صد به ف عمله‪ .‬و يز عم الحققون من هم أن ذلك الك سي مادة‬
‫مرك بة من العنا صر الرب عة ح صل في ها بذلك العلج الاص و التدب ي مزاج ذو قوى طبيع ية‬
‫ت صرف ما ح صلت ف يه إلي ها و تقل به إل صورتا و مزاج ها و ت بث ف يه ما ح صل في ها من‬
‫الكيفيات و القوى كالمية للخبسز تقلب العجيس إل ذاتاس و تعمسل فيسه مسا حصسل لاس مسن‬
‫النفشاش و الشا شة ليح سن هض مة ف العدة و ي ستحيل سريعا إل الغذاء‪ .‬و كذا إك سي‬
‫الذهب و الفضة فيما يصل ف يه من العادن ي صرفه إليه ما و يقل به إل صورتما‪ .‬هذا م صل‬
‫زعم هم على الملة فتجد هم عاكف ي على هذا العلج يبتغون الرزق و العاش ف يه و يتناقلون‬
‫أحكا مه و قواعده من ك تب لئ مة ال صناعة من قبل هم يتداولون ا بين هم و يتناظرون ف ف هم‬
‫لغوزها و كشف أسرارها إذ هي ف الكثر تشبه العمى‪ .‬كتآليف جابر بن حيان ف رسائله‬
‫السبعي و مسلمة الجريطي ف كتابه رتبة الكيم و الطغرائي و الغيب ف قصائده العريقة ف‬
‫إجادة الن ظم و أمثال ا و ل يلون من ب عد هذا كله بطائل من ها‪ .‬ففاو ضت يو ما شيخ نا أ با‬
‫البكات التلفيفسي كسبي مشيخسة الندلس فس مثسل ذلك و وقفتسه على بعسض التآليسف فيهسا‬
‫فت صفحه طويل ث رده إل و قال ل و أنا الضا من له أن ل يعود إل بيته إل باليبة‪ .‬ث منهم‬
‫من يقتصر ف ذلك على الدلسة فقط‪ .‬إما الظاهرة كتمويه الفضة بالذهب أو النحاس بالفضة‬
‫أو خلطه ما على ن سبة جزء أو جزء ين أو ثل ثة أو الف ية كإلقاء الش به ب ي العادن بال صناعة‬
‫مثل تبييض النحاس و تلبيسه بالزوق الصعد فيجيء جسما معدنيا شبيها بالفضة و يفى إل‬
‫على النقاد الهرة فيقدر أصسحاب هذه الدلس مسع دلسستهم هذه سسكة يسسربونا فس الناس و‬
‫يطبعونا بطابع السلطان تويها على المهور باللص‪ .‬و هؤلء أخس الناس حرفة و أسوأهم‬
‫عاق بة لتلبسهم بسرقة أموال الناس فإن صاحب هذه الدلسة إنا هو يدفع نا سا ف الف ضة و‬
‫فضة ف الذهب ليستخلصها لنفسه فهو سارق أو شر من السارق‪ .‬و معظم هذا الصنف لدينا‬
‫بالغرب من طلبة الببر النتبذ ين بأطراف البقاع و مساكن الغمار يأوون إل مساجد البادية‬
‫و يوهون على الغنياء من هم بأن بأيدي هم صناعة الذ هب و الف ضة و النفوس مول عة ببه ما و‬
‫الستهلك ف طلبهما فيحصلون من ذلك على معاش‪ .‬ث يبقى ذلك عندهم تت الوف و‬
‫الرقبة إل أن يظهر العجز و تقع الفضيحة فيفرون إل موضع آخر و يستجدون حال أخرى ف‬
‫استهواء بعض أهل الدنيا بأطماعهم فيما لديهم‪ .‬و ل يزالون كذلك ف ابتغاء معاشهم و هذا‬
‫الصنف ل كلم معهم لنم بلغوا الغاية ف الهل و الرداءة و الحتراف بالسرقة و ل حاسم‬
‫لعلت هم إل اشتداد الكام علي هم و تناول م من ح يث كانوا و ق طع أيدي هم م ت ظهروا على‬
‫شأنم لن فيه إفسادا للسكة الت تعم با البلوى و هي متمول الناس كافة‪ .‬و السلطان مكلف‬
‫بإ صلحها و الحتياط علي ها و الشتداد على مف سديها‪ .‬و أ ما من انت حل هذه ال صناعة ول‬
‫يرض بال الدلسة بل استنكف عنها و نزه نفسه عن إفساد سكة السلمي و نقودهم و إنا‬
‫يطلب إحالة الفضسة للذهسب و الرصساص و النحاس و القصسدير إل الفضسة بذلك النحسو مسن‬
‫العلج و بالكسي الاصل عنده فلنا مع هؤلء متكلم و بث ف مداركهم لذلك‪ .‬مع أنا ل‬
‫نعلم أن أحدا من أهل العال ت له هذا الغرض أو حصل منه على بغية إنا تذهب أعمارهم ف‬
‫التدب ي و الف هر و ال صلبة و الت صعيد و التكل يس و اعتيام الخطار ب مع العقاق ي و الب حث‬
‫عنهسا‪ .‬و يتناقلون فس ذلك حكايات و تتس لغيهسم منس تس له الغرض منهسا أو وقسف على‬
‫الوصسول يقنعون باسستماعها و الفاوضات فيهسا و ل يسستريبون فس تصسديقها شأن الكلفيس‬
‫الغرمي بوساوس الخبار فيما يكلفون به فإذا سئلوا عن تقيق ذلك بالعاينة أنكروه و قالوا‬
‫إنا سعنا و ل نر‪ .‬هكذا شأنم ف كل عصر و جيل و اعلم أن انتحال هذه الصنعة قدي ف‬
‫العال و قد تكلم الناس في ها من التقدم ي و التأخر ين فلنن قل مذاهب هم ف ذلك ث نتلوه ب ا‬
‫يظهر فيها من التحقيق الذي عليه المر ف نفسه فنقول إن مبن الكلم ف هذه الصناعة عند‬
‫الكماء على حال العادن ال سبعة التطر قة و هي الذ هب و الف ضة و الر صاص و الق صدير و‬
‫النحاس و الديد والارصي هل هي متلفات بالفصول و كلها أنواع قائمة بأنفسها أو إنا‬
‫متل فة بواص من الكيفيات و هي كل ها أ صناف لنوع وا حد ؟ فالذي ذ هب إل يه أ بو الب صر‬
‫الفارا ب و تاب عه عل يه حكماء الندلس أن ا نوع وا حد و أن اختلف ها إن ا هو بالكيفيات من‬
‫الرطو بة و اليبو سة و الل ي و ال صلبة و اللوان من ال صفرة و البياض وال سواد و هي كل ها‬
‫أ صناف لذلك النوع الوا حد و الذي ذ هب إل يه ا بن سينا و تاب عه عل يه حكماء الشرق أن ا‬
‫متل فة بالف صول و أن ا أنواع متباي نة كل وا حد من ها قائم بنف سه متح قق بقيق ته له ف صل و‬
‫جنس شأن سائر النواع‪ .‬و بن أبو نصر الفاراب على مذهبه ف اتفاقها بالنوع إمكان انقلب‬
‫بعض ها إل ب عض لمكان تبدل الغراض حينئذ و علج ها بال صنعة‪ .‬ف من هذا الو جه كا نت‬
‫صناعة الكيمياء عنده مك نة سهلة الأ خذ‪ .‬و ب ن أ بو علي بن سينا على مذه به ف اختلف ها‬
‫بالنوع إنكار هذه الصنعة و استحالة وجودها بناء على أن الفصل ل سبيل بالصناعة إليه و إنا‬
‫يلقه خالق الشياء و مقدرها و هو ال عز و جل‪ .‬و الفصول مهولة القائق رأسا بالتصوف‬
‫فكيف ياول انقلبا بالصنعة‪ .‬و غلطه الطغرائي من أكابر أهل هذه الصناعة ف هذا القول‪ .‬و‬
‫رد عليه بأن التدبي و العلج ليس ف تليق الفصل و إبداعه و إنا هو ف إعداد الادة لقبوله‬
‫خاصة‪ .‬و الفصل يأت من بعد العداد من لدن خالقه و بارئه كما يفيض النور على الجسام‬
‫بالصقل و المهاء‪ .‬و ل حاجة بنا ف ذلك إل تصوره و معرفته قال‪ :‬و إذا كنا قد عثرنا على‬
‫تل يق ب عض اليوانات مع ال هل بف صولا م ثل العقرب من التراب و الن ت و م ثل اليات‬
‫التكونة من الشعر و مثل ما ذكره أصحاب الفلحة من تكوين النحل إذا فقدت من عجاجيل‬
‫الب قر‪ .‬و تكو ين الق صب من قرون ذوات الظلف و ت صييه سكرا ب شو القرون بالع سل ب ي‬
‫يدي ذلك الفلح للقرون ف ما الا نع إذا من العثور على م ثل ذلك ف الذ هب و الف ضة‪ .‬فتت خذ‬
‫مادة تضيفها للتدبي بعد أن يكون فيها استعداد أول لقبول صورة الذهب و الفضة‪ .‬ث تاولا‬
‫بالعلج إل أن يتسم فيهسا السستعداد لقبول فصسلها‪ .‬انتهسى كلم الطغرائي بعناه‪ .‬و هسو الذي‬
‫ذكرة ف الرد على ابن سينا صحيح‪ .‬لكن لنا ف الرد على أهل هذه الصناعة مأخذا آخر يتبي‬
‫منه استحالة وجودها و بطلن مزعمهم أجعي ل الطغرائي و ل ابن سينا‪ .‬و ذلك أن حاصل‬
‫علج هم أن م ب عد الوقوف على الادة ال ستعدة بال ستعداد الول يعلون ا موضو عا و ياذون‬
‫ف تدبيها و علجها تدبي الطبيعة ف السم العدن حت أحالته ذهبا أو فضة و يضاعفون‬
‫القوى الفاعلة و النفعلة لي تم ف زمان أق صر‪ .‬ل نة تبي ف موضو عه أن مضاع فة قوة الفا عل‬
‫تنقص من زمن فعله و تبي أن الذهب إنا يتم كونه ف معدنه بعد ألف و ثاني من السني‬
‫دورة الشمس الكبى فإذا تضاعفت القوى و الكيفيات ف العلج كان زمن كونه أقصر من‬
‫ذلك ضرورة على مسا قلناه أو يتحرون بعلجهسم ذلك حصسول صسورة مزاجيسة لتلك الادة‬
‫تصيها كالمية فتفعل ف السم العال الفاعيل الطلوبة ف إحالته و ذلك هو الكسي على‬
‫ما تقدم‪ .‬و اعلم أن كل متكون من الولدات العنصرية فلبد فيه من اجتماع العناصر الربعة‬
‫على نسبة متفاوتة إذ لو كانت متكافئة ف النسبة لا ت امتزاجها فلبد من الزء الغالب على‬
‫الكسل‪ .‬و لبسد فس كسل متزج مسن الولدات مسن حرارة غريزيسة هسي الفاعلة لكوناس الافظسة‬
‫لصورته‪ ،‬ث كل متكون ف زمان فلبد من اختلف أطواره و انتقاله ف زمن التكوين من طور‬
‫إل طور ح ت ينت هي إل غاي ته‪ .‬و ان ظر شأن الن سان ف طور النط فة ث العل قة ث الض غة ث‬
‫التصوير ث الني ث الولود ث الرضيع ث إل نايته‪ .‬و نسب الجزاء ف كل طور تتلف ف‬
‫مقادير ها و كيفيات ا و إل لكان الطور الول بعي نه هو ال خر و كذا الرارة الغريز ية ف كل‬
‫طور مالفة لا ف الطور الخر‪ .‬فانظر إل الذهب ما يكون له ف معدنه من الطوار منذ ألف‬
‫سنة و ثاني و ما ينتقل فيه من الحوال فيحتاج صاحب الكيمياء إل أن يساوق فعل الطبيعة‬
‫ف العدن و ياذيه بتدبيه و علجه إل أن يتم‪ .‬و من شرط الصناعة أبدا تصورها يقصد إليه‬
‫بال صنعة ف من المثال ال سائرة للحكماء أول الع مل آ خر الفكرة و آ خر الفكرة أول الع مل‪.‬‬
‫فل بد من ت صور هذه الالت للذ هب ف أحواله التعددة و ن سبها التفاو تة ف كل طور و‬
‫اختلف الار الغريزي عند اختلفها و مقدار الزمان ف كل طور و ما ينوب عنه من مقدار‬
‫القوى الضاع فة و يقوم مقا مه ح ت ياذي بذلك كله ف عل الطبي عة ف العدن أو ت عد لب عض‬
‫الواد صورة مزاجية كصورة المية للخبز و تفعل ف هذه الادة بالناسبة لقواها و مقاديرها‪.‬‬
‫و هذه الادة إنا يصرها العلم الحيط والعلوم البشرية قاصرة عن ذلك و إنا حال من يدعي‬
‫حصوله على الذهب بذه الصنعة‪ .‬بثابة من يدعي بالصنعة تليق إنسان من الن‪ .‬و نن إذا‬
‫سلمنا له الحاطة بأجزائه و نسبته و أطواره و كيفية تليقه ف رحه و علم ذلك علما مصل‬
‫بتفاصيله حت ل يشذ منه شيء عن علمه سلمنا له تليق هذا النسان وأن له ذلك‪ .‬و لنقرب‬
‫هذا البهان بالختصار ليسهل فهمه فنقول حاصل صناعة الكيمياء و ما يدعونه بذا التدبي‬
‫أنه مساوقة الطبيعية العدنية بالفعل الصناعي و ماذاتا به إل أن يتم كون السم العدن أو‬
‫تل يق مادة بقوى و أفعال و صورة مزاج ية تف عل ف ال سم فعل طبيع يا فت صيه و تقل به إل‬
‫صورتا‪ .‬و الفعل الصناعي مسبوق بتصورات أحوال الطبيعة العدنية الت يقصد مساوقتها أو‬
‫ماذات ا أو ف عل الادة ذات القوى في ها ت صورا مف صل واحدة ب عد أخرى‪ .‬و تلك الحوال ل‬
‫ناية لا و العلم البشري عاجز عن الحاطة با دونا و هو بثابة من يقصد تليق إنسان أو‬
‫حيوان أو نبات‪ .‬هذا مصل هذا البهان و هو أوثق ما علمته و ليست الستحالة فيه من جهة‬
‫الفصول كما رأيته و ل من الطبيعة إنا هو من تعذر الحاطة و قصور البشر عنها‪ .‬و ما ذكره‬
‫ابن سينا بعزل عن ذلك و له وجه آخر ف الستحالة من جهة غايته‪ .‬و ذلك أن حكمة ال‬
‫ف الجر ين و ندوره ا أن ما ق يم لكا سب الناس و متمولت م‪ .‬فلو ح صل عليه ما بال صنعة‬
‫لبطلت حكمة ال ف ذلك و كثر وجودها حت ل يصل أحد من اقتنائهما على شيء‪ .‬و له‬
‫و جه آ خر من ال ستحالة أي ضا و هو أن الطبي عة ل تترك أقرب الطر يق ف أفعال ا و ترت كب‬
‫العوص و الب عد‪ .‬فلو كان هذا الطر يق ال صناعي الذي يزعمون أ نه صحيح و أ نه أقرب من‬
‫طريق الطبيعة ف معدنا أو أقل زمانا لا تركته الطبيعة إل طريقها الذي سلكته ف كون الفضة‬
‫و الذ هب و تلقه ما و أ ما ت شبيه الطغراءي هذا التدب ي ب ا ع ثر عل يه من مفردات لمثاله ف‬
‫الطبيعة كالعقرب و النحل و الية وتليقها فأمر صحيح ف هذه أدى إليه العثور كما زعم‪ .‬و‬
‫أ ما الكيمياء فلم تن قل عن أ حد من أ هل العال أ نه ع ثر علي ها و ل على طريق ها و ما زال‬
‫منتحلوهسا يبطون فيهسا عشواء إل هلم جرا و ل يظفرون إل بالكايات الكاذبسة‪ .‬و لو صسح‬
‫ذلك لحسد منهسم لفظسه عنسه أولده أو تلميذه و أصسحابه و تنوقسل فس الصسدقاء و ضمسن‬
‫تصديقه صحة العمل بعده إل أن ينتشر و يبلغ إلينا و إل غينا‪ .‬و أما قولم إن الكسي بثابة‬
‫المية‪ .‬و إنه مركب ييل ما يصل فيه و يقلبه إل ذلك فاعلم أن المية إنا تقلب العجي‬
‫و تعده للهضم و هو فساد و الفساد ف الواد سهل يقع بأيسر شيء من الفعال و الطبائع‪ .‬و‬
‫الطلوب بالكسي قلب العدن إل ما هو أشرف منه و أعلى فهو تكوين و صلح و التكوين‬
‫أ صعب من الف ساد فل يقاس الك سي بالمية‪ .‬و تق يق ال مر ف ذلك أن الكيمياء إن صح‬
‫وجودها كما تزعم الكماء التكلمون فيها مثل جابر بن حيان و مسلمة بن أحد الجريطي و‬
‫أمثال م فلي ست من باب ال صنائع الطبيع ية و ل ت تم بأ مر صناعي‪ .‬و ل يس كلم هم في ها من‬
‫منحى الطبيعيات إنا هو من منحى كلمهم ف المور السحرية و سائر الوارق و ما كان من‬
‫ذلك للحلج و غيه و قد ذكر مسلمة ف كتاب الغاية ما يشبة ذلك‪ .‬و كلمه فيها ف كتاب‬
‫رت بة الك يم من هذا الن حى و هذا كلم جابر ف ر سائله و ن و كلم هم ف يه معروف و ل‬
‫حا جة ب نا إل شر حه و بالملة فأمر ها عند هم من كليات الواد الار جة عن ح كم ال صنائع‬
‫فكما ل يتدبر ما منه الشب و اليوان ف يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مرى تليقه‬
‫كذلك ل يتدبر ذهب من مادة الذهب ف يوم و ل شهر و ل يتغي طريق عادته إل بإرفاد ما‬
‫وراء عال الطبائع و عمل الصنائع فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله و عمله و‬
‫يقال لذا التدبي الصناعي التدبي العقيم لن نيله إن كان صحيحا فهو واقع ما وراء الطبائع و‬
‫الصسنائع كالشسي على الاء و امتطاء الواء و النفوذ فس كشائف الجسساد و نوس ذلك مسن‬
‫كرامات الولياء الارقة للعادة أو مثل تليق الطي و نوها من معجزات النبياء‪ .‬قال تعال‪:‬‬
‫وإذ تلق من الطي كهيئة الطي بإذن فتنفخ فيها فتكون طيا بإذن وتبئ الكمه والبرص‬
‫بإذن و على ذلك فسبيل تيسيها متلف بسب حال من يؤتاها‪ .‬فربا أوتيها الصال و يؤتيها‬
‫غيه فتكون عنده معارة‪ .‬و رب ا أوتي ها ال صال و ل يلك إيتاء ها فل ت تم ف يد غيه‪ .‬و من‬
‫هذا الباب يكون عمل ها سحريا ف قد تبي أن ا إن ا ت قع بتأثيات النفوس و خوارق العادة إ ما‬
‫معجزة أو كرا مة أو سحرا‪ .‬و لذا كان كلم الكماء كل هم في ها إلغازا ل يظ فر بقيق ته إل‬
‫من خاض ل ة من علم ال سحر و اطلع على ت صرفات الن فس ف عال الطبي عة‪ .‬و أمور خرق‬
‫العادة غ ي منح صرة و ل يق صد أ حد إل ت صيلها‪ .‬و ال ب ا يعملون م يط‪ .‬و أك ثر ما ي مل‬
‫على التماس هذه الصناعة و انتحالا هو كما قلناه العجز عن الطرق الطبيعية للمعاش و ابتغاؤه‬
‫من غ ي وجو هه الطبيع ية كالفل حة و التجارة و ال صناعة في صعب العا جز ابتغاءه من هذه و‬
‫يروم الصول على الكثي من الال دفعة بوجوه غي طبيعية من الكيمياء و غيها‪ .‬و أكثر من‬
‫يعن بذلك الفقراء من أهل العمران حت ف الكماء التكلمي ف إنكارها و استحالتها‪ .‬فإن‬
‫ا بن سينا القائل با ستحالتها كان عل يه الوزراء فكان من أ هل الغ ن و الثروة و الفارا ب القائل‬
‫بإمكانا كان من أهل الفقر الذين يعوزهم أدن بلغة من العاش و أسبابه‪ .‬و هذه تمة ظاهرة‬
‫ف أنظار النفوس الولعة بطرقها و انتحالا‪ .‬و ال الرازق ذو القوة التي ل رب سواه‪.‬‬
‫الفصل الرابع و الثلثون‪ :‬ف أن كثرة التآليف ف العلوم عائقة عن التحصيل‬
‫اعلم أنسه ماس أضسر بالناس فس تصسيل العلم و الوقوف على غاياتسه كثرة التآليسف و اختلف‬
‫الصطلحات ف التعاليم و تعد طرقها ث مطالبة التعلم و التلميذ باستحضار ذلك‪ .‬و حينئذ‬
‫ي سلم له من صب التح صيل فيحتاج التعلم إل حفظ ها كل ها أو أكثر ها و مراعاة طرق ها‪ .‬و ل‬
‫يفي عمره با كتب ف صناعة واحدة إذا ترد لا فيقع القصور و لبد دون رتبة التحصيل‪ .‬و‬
‫ي ثل ذلك من شأن الف قه ف الذ هب الال كي بالك تب الدو نة مثل و ما ك تب علي ها من‬
‫الشروحات الفقه ية م ثل كتاب ا بن يو نس و اللخ مي و ا بن بش ي و الت نبيهات و القدمات و‬
‫البيان و التحصيل على العتبية و كذلك كتاب ابن الاجب و ما كتب عليه‪ .‬ث إنه يتاج إل‬
‫تييز الطريقة القيوانية من القرطبية و البغدادية و الصرية و طرق التأخرين عنهم و الحاطة‬
‫بذلك كله و حينئذ يسلم له منصب الفتيا و هي كلها متكررة والعن واحد‪ .‬و التعلم مطالب‬
‫باسستحضار جيعهسا و تي يز ما بينهسا والعمسر ينق ضي ف واحسد منهسا‪ .‬و لو اقت صر العلمون‬
‫بالتعلميس على السسائل الذهبيسة فقسط لكان المسر دون ذلك بكثيس و كان التعليسم سسهل و‬
‫مأخذه قريبا و لكنه داء ل يرتفع لستقرار العوائد عليه فصارت كالطبيعة الت ل يكن نقلها و‬
‫ل تويلها و يثل أيضا علم العربية من كتاب سيبويه و جيع ما كتب عليه و طرق البصريي‬
‫و الكوفييس و البغدادييس و الندلسسيي مسن بعدهسم و طرق التقدميس و التأخريسن مثسل ابسن‬
‫الاجب و ابن مالك و جيع ما كتب ف ذلك كيف يطالب به التعلم و ينقضي عمره دونه و‬
‫ل يطمع أحد ف الغاية منه إل ف القليل النادر مثل ما وصل إلينا بالغرب لذا العهد من تآليف‬
‫رجل من أهل صناعة العربية من أهل مصر يعرف بابن هاشم ظهر من كلمه فيها أنه استول‬
‫على غا ية من مل كة تلك ال صناعة ل ت صل إل ل سييبويه و ا بن ج ن و أ هل طبقته ما لعظ يم‬
‫ملك ته و ما أحاط به من أم صول ذلك ال فن و تفاري عه و ح سن ت صرفه ف يه‪ .‬و ذلك على أن‬
‫الف ضل ل يس منحصرا ف التقدمي سيما مع ما قدمناه من كثرة الشوا غب بتعدد الذاهب و‬
‫الطرق و التآليف و لكن فضل ال يؤتيه من يشاء‪ .‬و هذا نادر من نوادر الوجود و إل فالظاهر‬
‫أن التعلم و لو قطع عمره ف هذا كله فل يفي له بتحصيل علم العربية مثل الذي هو آلة من‬
‫اللت و وسيلة فكيف يكون ف القصود الذي هو الثمرة ؟ و لكن ال يهدي من يشاء‪.‬‬
‫الفصل الامس و الثلثون‪ :‬ف القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و إلغاء ما سواها‬
‫اعلم أن العلوم البشر ية خزانت ها الن فس الن سانية ب ا ج عل ال في ها من الدراك الذي يفيد ها‬
‫ذلك الف كر الح صل ل ا ذلك بالت صور للحقائق أول‪ ،‬ث بإثبات العوارض الذات ية ل ا أو نفي ها‬
‫عن ها ثان يا‪ ،‬إ ما بغ ي و سط أو بو سط‪ ،‬ح ت ي ستنتج الف كر بذلك مطال به ال ت يع ن بإثبات ا أو‬
‫نفيها‪ .‬فإذا استقرت من ذلك صورة علمية ف الضمي فلبد من بيانا لخر‪ :‬إما على وجه‬
‫التعليسم‪ ،‬أو على وجسه الفاوضسة‪ ،‬تصسقل الفكار فس تصسحيحها‪ .‬و ذلك البيان إناس يكون‬
‫بالعبارة‪ ،‬و هي الكلم الركب من اللفاظ النطقية الت خلقها ال ف عضو اللسان مركبة من‬
‫الروف‪ ،‬و هي كيفيات الصوات القطعة بعضلة اللهاة و اللسان ليتبي با ضمائر التكلمي‬
‫بعضهم لبعض ف ماطباتم و هذه رتبة أول ف البيان عما ف الضمائر‪ ،‬و إن كان معظمها و‬
‫أشرفها العلوم‪ ،‬ف هي شاملة ل كل ما يندرج ف الضمي من خب أو إنشاء على العموم‪ .‬و بعد‬
‫هذه الرتبة الول من البيان رتبة ثانية ل يؤدى با ما ف الضمي‪ ،‬لن توارى أو غاب شخصه و‬
‫ب عد‪ ،‬أو ل ن يأ ت ب عد و ل يعا صره و ل لق يه‪ .‬و هذا البيان منح صر ف الكتا بة‪ ،‬و هي رقوم‬
‫باليسد تدل أشكالاس و صسورها بالتواضسع على اللفاظ النطقيسة حروفسا بروف و كلمات‬
‫بكلمات‪ ،‬فصار البيان فيها على ما ف الضمي بواسطة الكلم النطقي‪ ،‬فلهذا كانت ف الرتبة‬
‫الثانية واحدا‪ ،‬فسمي هذا البيان‪ .‬يدل على ما ف الضمائر من العلوم و العارف‪ ،‬فهو أشرفها‪.‬‬
‫و أهل الفنون معتنون يإيداع ما يصل ف ضمائرهم من ذلك ف بطون الوراق بذه الكتابة‪،‬‬
‫لتعلم الفائدة ف حصوله للغائب و التأخر و هؤلء هم الؤلفون‪ .‬و التآليف بي العوال البشرية‬
‫و المم النسانية كثي‪ ،‬و منتقلة ف الجيال و العصار و تتلف باختلف الشرائع و اللل و‬
‫الخبار عن المم و الدول‪ .‬و أما العلوم الفلسفية‪ ،‬فل اختلف فيها‪ ،‬لنا إنا تأت على نج‬
‫وا حد‪ ،‬في ما تقتض يه الطبي عة الفكر ية‪ ،‬ف ت صور الوجودات على ما هي عل يه‪ ،‬ج سمانيها و‬
‫روحانيهسا و فلكيهسا و عنصسريها و مردهسا و مادتاس‪ .‬فإن هذه العلوم ل تتلف‪ ،‬و إناس يقسع‬
‫الختلف ف العلوم الشرع ية لختلف اللل‪ ،‬أو التاري ية لختلف خارج ال ب‪ .‬ث الكتا بة‬
‫متل فة باصطلحات الب شر ف رسومها و أشكال ا‪ ،‬و يسمى ذلك قل ما و خطا‪ .‬فمنها الط‬
‫الميي‪ ،‬و يسمى السند‪ ،‬و هو كتابة حي و أهل اليمن القدمي‪ ،‬و هو يالف كتابة العرب‬
‫التأخر ين من م ضر‪ ،‬ك ما يالف لغت هم‪ .‬و إن ال كل عرب يا‪ .‬إل أن مل كة هؤلء ف الل سان و‬
‫العبارة غي ملكة أولئك‪ .‬و لكل منهما قواني كلية مستقرأة من عبارتم غي قواني الخرين‪.‬‬
‫و ربا يغلط ف ذلك من ل يعرف ملكات العبارة‪ .‬و منها الط السريان‪ ،‬و هو كتابة النبط و‬
‫الكلدانيي‪ .‬و ربا يزعم بعض أهل الهل أنه الط الطبيعي لقدمه فإنم كانوا أقدم المم‪ ،‬و‬
‫هذا وهم‪ ،‬و مذ هب عا مي‪ .‬لن الفعال الختيارية كلها ليس شيء من ها بالط بع‪ ،‬و إنا هو‬
‫يستمر بالقدي و الران حت يصي ملكة راسخة‪ ،‬فيظنها الشاهد طبيعية كما هو رأي كثي من‬
‫البلداء ف اللغة العربية‪ ،‬فيقولون‪ :‬العرب كانت تعرب بالطبع و تنطق بالطبع‪ .‬و هذا وهم‪ .‬و‬
‫منها الط العبان الذي هو كتابة بن عابر بن شال من بن إسرائيل و غيهم‪ .‬و منها الط‬
‫اللطين‪ ،‬خط اللطينيي من الروم‪ ،‬و لم أيضا لسان متص بم‪ .‬و لكل أمة من المم اصطلح‬
‫ف الكتاب يعزى إليها و يتص با‪ .‬مثل الترك و الفرنج و النود و غيهم‪ .‬و إنا وقعت العناية‬
‫بالقلم الثلثة الول‪ .‬أما السريان فلقدمه كما ذكرنا‪ ،‬و أما العرب و العبي فلتنل القرآن و‬
‫التوراة ب ما بل سانما‪ .‬و كان هذان الطان بيا نا لتلوه ا‪ ،‬فوق عت العنا ية بنظومه ما أول و‬
‫انب سطت قوان ي لطراد العبارة ف تلك الل غة على أ سلوبا لتف هم الشرائع التكليف ية من ذلك‬
‫الكلم الربان‪ .‬و أما اللطين فكان الروم‪ ،‬و هم أهل ذلك اللسان‪ ،‬لا أخذوا بدين النصرانية‪،‬‬
‫و هو كله من التوراة‪ ،‬كما سبق ف أول الكتاب‪ ،‬ترجوا التوراة و كتب النبياء السرائيليي‬
‫إل لغت هم‪ ،‬ليقتن صوا من ها الحكام على أ سهل الطرق‪ .‬و صارت عنايت هم بلغت هم و كتابت هم‬
‫آ كد من سواها‪ .‬و أ ما الطوط الخرى فلم ت قع ب ا عنا ية‪ ،‬و إن ا هي ل كل أ مة ب سب‬
‫ا صطلحها‪ .‬ث إن الناس ح صروا مقا صد التآل يف ال ت ينب غي اعتماد ها و إلغاء ما سواها‪،‬‬
‫فعدوها سبعة‪:‬‬
‫أولا‪ :‬استنباط العلم بوضوعه و تقسيم أبوابه و فصوله و تتبع مسائله‪ ،‬أو استنباط مسائل و‬
‫مباحث تعرض للعال الحقق و يرص على إيصاله بغيه‪ ،‬لتعم النفعة به فيودع ذلك بالكتاب‬
‫ف ال صحف‪ ،‬ل عل التأ خر يظ هر على تلك الفائدة‪ ،‬ك ما و قع ف ال صول ف الف قه‪ .‬تكلم‬
‫الشافعى أول ف الدلة الشرعية اللفظية و لصها‪ ،‬ث جاء النفية فاستنبطوا مسائل القياس و‬
‫استوعبوها‪ ،‬و انتفع بذلك من بعدهم إل الن‪.‬‬
‫و ثانيها‪ :‬أن يقف على كلم الولي و تآليفهم فيجدها مستغلقة على الفهام و يفتح ال له ف‬
‫فهمها فيحرص على إبانة ذلك لغيه من عساه يستغلق عليه‪ ،‬لتصل الفائدة لستحقها‪ .‬و هذه‬
‫طريقة البيان لكتب العقول و النقول‪ ،‬و هو فصل شريق‪.‬‬
‫و ثالث ها‪ :‬أن يع ثر التأ خر على غلط أو خ طأ ف كلم التقدم ي م ن اشت هر فضله و ب عد ف‬
‫الفادة صيتة‪ ،‬و ي ستوثق ف ذلك بالبهان الوا ضح الذي ل مد خل لل شك ف يه‪ ،‬فيحرص على‬
‫إيصسال ذلك لنس بعدة‪ ،‬إذ قسد تعذر موه و نزعسه بانتشار التآليسف فس الفاق و العصسار‪ ،‬و‬
‫شهرة الؤلف و وثوق الناس بعارفه‪ ،‬فيودع ذلك الكتاب ليقف على بيان ذلك‪.‬‬
‫و رابع ها‪ :‬أن يكون ال فن الوا حد قد نق صت م نه م سائل أو ف صول ب سب انق سام موضو عه‬
‫فيق صد الطلع على ذلك أن يت مم ما ن قص من تلك ال سائل ليك مل ال فن بكمال م سائله و‬
‫فصوله‪ ،‬و ل يبقى للنقص فيه مال‪.‬‬
‫و خامسها‪ :‬أن تكون مسائل العلم قد وقعت غي مرتبة ف أبوابا و ل منتظمة‪ ،‬فيقصد الطلع‬
‫على ذلك أن يرتب ها و يهذب ا‪ ،‬و ي عل كل م سئلة ف باب ا‪ ،‬ك ما و قع ف الدو نة من روا ية‬
‫سحنون عن ابن القاسم‪ ،‬و ف العتبية من رواية العتب عن أصحاب مالك‪ ،‬فإن مسائل كثية‬
‫من أبواب الفقه منها قد وقعت ف غي بابا فهذب ابن أب زيد الدونة و بقيت العتبية غي‬
‫مهذبة‪ .‬فنجد ف كل باب مسائل من غيه‪ .‬و استغنوا بالدونة و ما فعله ابن أب زيد فيها و‬
‫البادعي من بعده‪.‬‬
‫و سادسها‪ :‬أن تكون مسائل العلم مفرقة ف أبوابا من علوم أخرى فيتنبه بعض الفضلء إل‬
‫موضوع ذلك ال فن و ج يع م سائله‪ ،‬فيف عل ذلك‪ ،‬و يظ هر به فن ينظ مه ف جلة العلوم ال ت‬
‫ينتحل ها الب شر بأفكار هم‪ ،‬ك ما و قع ف علم البيان‪ .‬فإن ع بد القا هر الرجا ن و أ با يو سف‬
‫السكاكي وجدا مسائله مستقرية ف كتب النحو و قد جع منها الاحظ ف كتاب البيان و‬
‫التبيي مسائل كثية‪ ،‬تنبه الناس فيها لوضوع ذلك العلم و انفراده عن سائر العلوم‪ ،‬فكتبت ف‬
‫ذلك تأليفهم الشهورة‪ ،‬و صارت أصول ل فن البيان‪ ،‬و لقنها التأخرون فأربوا فيها على كل‬
‫متقدم‪.‬‬
‫و سابعها‪ :‬أن يكون الشيء من التآليف الت هي أمهات للفنون مطول مسهبا فيقصد بالتآليف‬
‫تلخيسص ذلك‪ ،‬بالختصسار و الياز و حذف التكرر‪ ،‬إن وقسع‪ ،‬مسع الذر مسن حذف‬
‫الضروري لئل يل بقصد الؤلف الول‪.‬‬
‫فهذه جاع القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و مراعاتا‪ .‬و ما سوى ذلك ففعل غي متاج‬
‫إل يه و خ طأ عن الادة ال ت يتع ي سلوكها ف ن ظر العقلء‪ ،‬م ثل انتحال ما تقدم لغيه من‬
‫التآل يف أن ين سبه إل نف سه بب عض تلب يس‪ ،‬من تبد يل اللفاظ و تقد ي التأ خر و عك سه‪ ،‬أو‬
‫يذف ما يتاج إليه ف الفن أو يأت با ل يتاج إليه‪ ،‬أو يبدل الصواب بالطأ‪ ،‬أو يأت با ل‬
‫فائدة ف يه‪ .‬فهذا شأن ال هل و الق حة‪ .‬و لذا قال أر سطو‪ ،‬ل ا عدد هذه القا صد‪ ،‬و انت هى إل‬
‫آخر ها فقال‪ :‬و ما سوى ذلك فف صل أو شره‪ ،‬يع ن بذلك ال هل و الق حة‪ .‬نعوذ بال من‬
‫العمل ف ما ل ينبغي للعاقل سلوكه‪ .‬و ال يهدي للت هي أقوم‪.‬‬

‫الفصل السادس و الثلثون ف أن كثرة الختصارات الؤلفة ف العلوم ملة بالتعليم‬


‫ذ هب كث ي من التأخر ين إل اخت صار الطرق و الناء ف العلوم يولعون ب ا و يدونون من ها‬
‫برناما متصرا ف كل علم يشتمل على حصر مسائله و أدلتها باختصار ف اللفاظ و حشو‬
‫القليل منها بالعان الكثية من ذلك الفن‪ .‬و صار ذلك مل بالبلغة و عسرا على الفهم‪ .‬و‬
‫ربا عمدوا إل الكتب المهات الطولة ف الفنون للتفسي و البيان فاختصروها تقريبا للحفظ‬
‫كما فعله ابن الاجب ف الفقه و ابن مالك ف العربية و الوني ف النطق و أمثالم‪ .‬و هو‬
‫فساد ف التعليم و فيه اخلل بالتحصيل و ذلك لن فيه تليطا على البتدئ بإلقاء الغايات من‬
‫العلم عليه و هو ل يستعد لقبولا بعد و هو من سوء التعليم كما سيأت‪ .‬ث فيه مع ذلك شغل‬
‫كبي على التعلم بتتبع ألفاظ الختصار العويصة للفهم بتراحم العان عليها و صعوبة استخراج‬
‫السائل من بينها‪ .‬لن ألفاظ الختصرات تدها لجل ذلك صعبة عويصة فينقطع ف فهمها‬
‫حظ صال عن الوقت‪ .‬ث بعد ذلك فاللكة الاصلة من التعليم ف تلك الختصرات إذا ت على‬
‫سداده و ل تعق به آ فة ف هي مل كة قا صرة عن اللكات ال ت ت صل من الوضوعات الب سيطة‬
‫الطولة لكثرة ما يقع ف تلك من التكرار و الحالة الفيدين لصول اللكة التامة‪ .‬و إذا اقتصر‬
‫على التكرار قصرت اللكة لقلته كشأن هذه الوضوعات الختصرة فقصدوا إل تسهيل الفظ‬
‫على التعلمي فأركبوهم صعبا يقطعهم عن ت صيل اللكات الناف عة و تكنها‪ .‬و من يهد ال‬
‫فل مضل له و من يضلل فل هادي له‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع و الثلثون‪ :‬ف وجه الصواب ف تعليم العلوم و طريق إفادته‬
‫اعلم أن تلقي العلوم للمتعلمي إنا يكون مفيدا إذا كان على التدريج شيئا فشيئا و قليل قليل‬
‫يلقى عليه أول مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب‪ .‬و يقرب له ف شرحها‬
‫على سبيل الجال و يرا عى ف ذلك قوة عقله وا ستعداده لقبول ما يرد عل يه ح ت ينت هي إل‬
‫آ خر ال فن و ع ند ذلك ي صل له مل كة ف ذلك العلم إل أن ا جزئ ية و ضعي فة‪ .‬و غايت ها أن ا‬
‫هيأته لفهم الفن و تصيل مسائله‪ .‬ث يرجع به إل الفن ثانية فيفعه ف التلقي عن تلك الرتبة‬
‫إل أعلى منها و يستوف الشرح و البيان و يرج عن الجال و يذكر له ما هنالك من اللف‬
‫و وجهه إل أن ينتهي إل آخر الفن فتجود ملكته‪ .‬ث يرجع به و قد شد فل يترك عويصا و ل‬
‫مه ما و ل مغل قا إل وض حه و ف تح له مقفله فيخلص من ال فن و قد ا ستول على ملك ته هذا‬
‫وجه التعليم الفيد و هو كما رأيت إنا يصل ف ثلثا تكرارات‪ .‬و قد يصل للبعض ف أقل‬
‫من ذلك ب سب ما يلق له و يتي سر عل يه و قد شاهد نا كثيا من العلم ي لذا الع هد الذي‬
‫أدرك نا يهلون طرق التعل يم و إفادا ته و يضرون للمتعلم ف أول تعلي مه ال سائل القفلة من‬
‫العلم و يطالبو نه بإحضار ذه نه ف حل ها و ي سبون ذلك مرا نا على التعل يم و صوابا ف يه و‬
‫يكلفونه رعي ذلك و تصيله و يلطون عليه با يلقون له من غايات الفنون ف مبادئها و قبل‬
‫أن يستعد لفهمها فإن قبول العلم و الستعدادات لفهمه تنشأ تدريا و يكون التعلم أول المر‬
‫عاجزا عن الفهم بالملة إل ف القل و على سبيل التقريب و الجال والمثال السنة‪ .‬ث ل‬
‫يزال الستعداد فيه يتدرج قليل قليل بخالفة مسائل ذلك الفن و تكرارها عليه و النتقال فيها‬
‫من التقريب إل الستيعاب الذي فوقه‪ ،‬حت تتم اللكة ف الستعداد ث ف التحصيل و ييط‬
‫هو بسائل الفن و إذا ألقيت عليه الغايات ف البداءات و هو حينئذ عاجز عن الفهم و الوعي‬
‫و بعيد عن الستعداد له كل ذهنه عنها و حسب ذلك من صعوبة العلم ف نفسه فتكاسل عنه‬
‫و انرف عن قبوله و تادى ف هجرانه‪ .‬و إنا إل ذلك من سوء التعليم‪ .‬و ل ينبغي للمعلم أن‬
‫يز يد متعل مه على ف هم كتا به الذي أ كب على التعل يم م نه ب سب طاق ته و على ن سبة قبوله‬
‫للتعل يم مبتدئا كان أو منته يا و ل يلط م سائل الكتاب بغي ها ح ت يع يه من أوله إل أخره و‬
‫يصل أغراضه و يستول منه على ملكة با ينفذ ف غيه‪ .‬لن التعلم إذا حصل ملكة ما ف‬
‫علم من العلوم ا ستعد ب ا لقبول ما ب قي و ح صل له نشاط ف طلب الز يد و النهوض إل ما‬
‫فوق حت يستول على غايات العلم و إذا خلط عليه المر عجز عن الفهم و أدركه الكلل و‬
‫انط مس فكره و يئس من التحصيل و هجر العلم و التعليم‪ .‬و ال يهدي من يشاء‪ .‬و كذلك‬
‫ينبغي لك أن ل تطول على التعلم ف الفن الواحد بتفريق الجالس و تقطيع ما بينها لنه ذريعة‬
‫إل الن سيان و انقطاع م سائل ال فن بعض ها من ب عض فيع سر ح صول الل كة بتفريق ها‪ .‬و إذا‬
‫كانت أوائل العلم و أواخره حاضرة عند الفكرة مانبة للنسيان كانت اللكة أيسر حصول و‬
‫أحكم ارتباطا و أقرب صنعة لن اللكات إنا تصل بتتابع الفعل و تكراره و إذا تنوسي الفعل‬
‫تنو سيت الل كة الناشئة ع نه‪ .‬و ال علم كم ما ل تكونوا تعلمون‪ .‬و من الذا هب الميلة و‬
‫الطرق الواج بة ف التعل يم أن ل يلط على التعلم علمان م عا فإ نه حينئذ قل أن يظ فر بوا حد‬
‫منهما لا فيه من تقسيم البال و انصرافه عن كل واحد منهما إل تفهم الخر فيستغلقان معا و‬
‫ي ستصعبان و يعود منه ما بالي بة‪ .‬و إذا تفرغ الف كر لتعل يم ما هو ب سبيله مقت صرا عل يه فرب ا‬
‫كان ذلك أجدر لتحصسيله و ال سسبحانه و تعال الوفسق للصسواب‪ .‬و اعلم أيهسا التعلم أنس‬
‫أت فك بفائدة ف تعل مك فإن تلقيت ها بالقبول و أم سكتها ب يد ال صناعة ظفرت بك ن عظ يم و‬
‫ذخية شريفة و أقدم لك مقدمة تعينك ف فهمها و ذلك أن الفكر النسان طبيعة مصوصة‬
‫فطرها ال كما فطر سائر مبتدعاته و هو وجدان حركة للنفس ف البطن الوسط من الدماغ‪.‬‬
‫تارة يكون مبدأ للفعال النسسانية على نظام و ترتيسب و تارة يكون مبدأ لعلم مسا ل يكسن‬
‫حاصل بأن يتوجه إل الطلوب‪ .‬و قد يصور طرفيه يروم نفيه أو إثباته فيلوح له الوسط الذي‬
‫يمع بينهما أسرع من لح البصر إن كان واحدا‪ .‬أو ينتقل إل تصيل آخر إن كان متعددا و‬
‫ي صي إل الظ فر بطلو به هذا شأن هذه الطبي عة الفكر ية ال ت ت يز ب ا الب شر من ب ي سائر‬
‫اليوانات‪ .‬ث الصناعة النطقية هي كيفية فعل هذه الطبيعة الفكرية النظرية تصفه لتعلم سداده‬
‫من خطئه و أنا و إن كان الصواب لا ذاتيا إل أنه قد يعرض لا الطأ ف القل من تصور‬
‫الطرف ي على غ ي صورتما من اشتباه اليئات ف ن ظم القضا يا و ترتيب ها للنتاج فتع ي الن طق‬
‫للتخلص من ورطة هذا الفساد إذا عرض‪ .‬فالنطق إذا أمر صناعي مساوق للطبيعة الفكرية و‬
‫منطبق على صورة فعلها و لكونه أمرا صناعيا استغن عنه ف الكثر‪ .‬و لذلك تد كثيا من‬
‫فحول النظار ف الليقة يصلون على الطالب ف العلوم دون صناعة علم النطق و ل سيما مع‬
‫صدق النية و التعرض لرحة ال تعال فإن ذلك أعظم معن‪ .‬و يسلكون بالطبيعة الفكرية على‬
‫سدادها فيفضي بالطبع إل حصول الوسط و العلم بالطلوب كما فطرها ال عليه‪ .‬ث من دون‬
‫هذا ال مر ال صناعي الذي هو الن طق مقد مة أخرى من التعلم و هي معر فة اللفاظ و دللت ها‬
‫على العان الذهنية تردها من مشافهة الرسوم بالكتاب و مشافهة اللسان بالطاب‪ .‬فلبد أيها‬
‫التعلم من ماوزتك هذه الجب كلها إل الفكر ف مطلوبك‪ .‬فأول‪ :‬دللة الكتابة الرسومة‬
‫على اللفاظ القولة و هي أخف ها ث دللة اللفاظ القولة على العا ن الطلو بة ث القوان ي ف‬
‫ترتيب العان للستدلل ف قوالبها العروفة ف صناعة النطق‪ .‬ث تلك العان مردة ف الفكر‬
‫اشتراطا يقتنص با الطلوب بالطبيعة الفكرية بالتعرض لرحة ال و مواهبه‪ .‬و ليس كل أحد‬
‫يتجاوز هذه الراتب بسرعة و ل يقطع هذه الجب ف التعليم بسهولة‪ ،‬بل ربا وقف الذهن‬
‫ف حجب اللفاظ بالناقشات أو عثر ف اشتراك الدلة بشغب الدال و الشبهات و قعد عن‬
‫ت صيل الطلوب‪ .‬و ل ي كد يتخلص من تلك الغمرة إل قليل م ن هداه ال‪ .‬فإذا ابتل يت ب ثل‬
‫ذلك و عرض لك ارتباك فس فهمسك أو تشغيسب بالشبهات فس ذهنسك فاطرح ذلك و انتبسذ‬
‫حجسب اللفاظ و عوائق الشبهات و أترك المسر الصسناعي جلة و اخلص إل فضاء الفكسر‬
‫ال طبيعي الذي فطرت عل يه‪ .‬و سرح نظرك ف يه و فرغ ذه نك ف يه للغوص على مرا مك م نه‬
‫واضعا لا حيث وضعها أكابر النظار قبلك مستعرضا للفتح من ال كما فتح عليهم من ذهنهم‬
‫من رحته و علمهم ما ل يكونوا يعلمون‪ .‬فإذا فعلت ذلك أشرقت عليك أنوار الفتح من ال‬
‫بالظفر بطلوبك و حصل المام الوسط الذي جعله ال من مقتضيات هذا الفكر و نظره عليه‬
‫كما قلناه و حينئذ فارجع به إل قوالب الدلة و صورها فأفرغه فيها و وفه حقه من القانون‬
‫الصسناعي ثس اكسسه صسور اللفاظ و أبرزة إل عال الطاب و الشافهسة وثيسق العرى صسحيح‬
‫البنيان‪ .‬و أما إن وقفت عند الناقشة و الشبهة ف الدلة الصناعية و تحيص صوابا من خطئها‬
‫و هذه أمور صناعية وضع ية ت ستوي جهات ا التعددة و تتشا به ل جل الو ضع وال صطلح فل‬
‫تتميز جهة الق منها إذ جهة الق إنا تستبي إذا كانت بالطبع فيستمر ما حصل من الشك و‬
‫الرتياب و ت سدل ال جب على الطلوب و تق عد بالنا ظر عن ت صيله‪ .‬و هذا شأن الكثر ين‬
‫من النظار و التأخرين سيما من سبقت له عجمة ف لسانه فربطت عن ذهنه و من حصل له‬
‫شغب بالقانون النطقي تعصب له فاعتقد أنه الذريعة إل إدراك الق بالطبع فيقع ف الية بي‬
‫شبه الدلة و شكوكها و ل يكاد يلص منها‪ .‬و الذريعة إل إدراك الق بالطبع إنا هو الفكر‬
‫ال طبيعي ك ما قلناه إذا جرد عن ج يع الوهام و تعرض النا ظر ف يه إل رح ة ال تعال و أ ما‬
‫النطق فإنا هو واصف لفعل هذا الفكر فيساوقه ف الكثر‪ .‬فاعتب ذلك و استمطر رحة ال‬
‫تعال مت أعوزك فهم السائل تشرق عليك أنواره باللام إل الصواب‪ .‬و ال الادي إل رحته‬
‫و ما العلم إل من عند ال‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الثلثون‪ :‬ف أن العلوم اللية ل توسع فيها النظار و ل تفرع السائل‬
‫اعلم أن العلوم التعارفة بي أهل العمران على صنفي‪ :‬علوم مقصودة بالذات كالشرعيات من‬
‫التفسي و الديث و الفقه و علم الكلم و كالطبيعيات و الليات من الفلسفة‪ ،‬و علوم هي‬
‫وسيلة آلية بذه العلوم كالعربية و الساب و غيها للشرعيات كالنطق للفلسفة‪ .‬و ربا كان‬
‫آلة لعلم الكلم و لصول الفقه على طريقة التأخرين فأما العلوم الت هي مقاصد فل حرج ف‬
‫توسعة الكلم فيها و تفريع السائل و استكشاف الدلة و النظار فإن ذلك يزيد طالبها تكنا‬
‫ف ملكته و إيضاحا لعانيها القصودة‪ .‬و أما العلوم الت هي آلة لغيها مثل العربية و النطق و‬
‫أمثالما فل ينبغي أن ينظر فيها إل من حيث هي آلة لذلك الغي فقط‪ .‬و ل يوسع فيها الكلم‬
‫و ل تفرع ال سائل لن ذلك يرج ل ا عن الق صود إذ الق صود من ها ما هي آلة له ل غ ي‪.‬‬
‫فكلما خرجت عن ذلك خرجت ف القصود و صار الشتغال با لغوا مع ما فيه من صعوبة‬
‫ال صول على ملكت ها بطول ا و كثرة فروع ها‪ .‬و رب ا يكون ذلك عائ قا عن ت صيل العلوم‬
‫القصودة بالذات لطول وسائلها مع أن شأنا أهم و العمر يقصر عن تصيل الميع على هذه‬
‫الصورة فيكون الشتغال بذه العلوم اللية تضييعا للعمر و شغل با ل يغن‪ .‬و هذا كما فعل‬
‫التأخرون ف صناعة النحو و صناعة النطق و أصول الفقه لنم أوسعوا دائرة الكلم فيها و‬
‫أكثروا من التفاريع و الستدللت با أخرجها عن كونا آلة و صيها من القاصد و ربا يقع‬
‫في ها لذلك أنظار و م سائل ل حا جة ب ا ف العلوم الق صودة فهي من نوع الل غو و هي أي ضا‬
‫مضرة بالتعلم ي على الطلق لن التعلم ي اهتمام هم بالعلوم الق صودة أك ثر من اهتمام هم‬
‫بوسسائلها فإذا قطعوا العمسر فس تصسيل الوسسائل فمتس يظفرون بالقاصسد ؟ فلهذا يبس على‬
‫العلمي لذه العلوم اللية أن ل يستجيوا ف شأنا و ل يستكثروا من مسائلها و ينبهوا التعلم‬
‫على الغرض منها و يقفوا به عنده‪ .‬فمن نزعت به هته بعد ذلك إل شيء من التوغل و رأى‬
‫من نفسه قياما بذلك و كفاية به فليق له ما شاء من الراقي صعبا أو سهل و كل ميسر لا‬
‫خلق له‪.‬‬

‫الف صل التا سع و الثلثون‪ :‬ف تعل يم الولدان و اختلف مذا هب الم صار ال سلمية ف‬
‫طرقه‬
‫اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل اللة و درجوا عليه ف جيع أمصارهم‬
‫لاس يسسبق فيسه إل القلوب مسن رسسوخ اليان و عقائده مسن آيات القرآن و بعسض متون‬
‫الحاديث‪ .‬و صار القرآن أصل التعليم الذي ينبن عليه ما يصل بعد من اللكات‪ .‬و سبب‬
‫ذلك أن التعليسم فس الصسفر أشسد رسسوخا و هسو أصسل لاس بعده لن السسابق الول للقلوب‬
‫كالسساس و للملكات‪ .‬و على حسسب السساس و أسساليبه يكون حال مسن ينبنس عليسه‪ .‬و‬
‫اختل فت طرق هم ف تعل يم القرآن للولدان باختلف هم باعتبار ما ين شأ عن ذلك التعل يم من‬
‫اللكات‪ .‬فأ ما أ هل الغرب فمذهب هم ف الولدان القت صار على تعل يم القرآن ف قط‪ ،‬و أخذ هم‬
‫أثناء الدارسة بالرسم و مسائله و اختلف حلة القرآن فيه ل يلطون ذلك بسواه ف شيء من‬
‫مالس تعليمهم ل من حديث و ل من فقه و ل من شعر و ل من كلم العرب إل أن يذق‬
‫ف يه أو ينق طع دو نه فيكون انقطاعه ف الغالب انقطا عا عن العلم بالملة‪ .‬و هذا مذهب أهل‬
‫الم صار بالغرب و من تبع هم من قرى الببر‪ ،‬أ مم الغرب ف ولدان م إل أن ياوزوا حد‬
‫البلوغ إل الشبيبة‪ .‬و كذا ف الكبي إذا رجع مدارسة القرآن بعد طائفة من عمره‪ .‬فهم لذلك‬
‫أقوم على ر سم القرآن و حف ظه من سواهم‪ .‬و أ ما أ هل الندلس فمذهب هم تعل يم القرآن و‬
‫الكتاب من حيث هو‪ ،‬و هذا هو الذي يراعونه ف التعليم‪ .‬إل أنه لا كان القرآن أصل ذلك و‬
‫أسه و منبع الدين و العلوم جعلوه أصل ف التعليم‪ .‬فل يقتصرون لذلك عليه فقط بل يلطون‬
‫ف تعليم هم للولدان روا ية الش عر ف الغالب و التر سل و أخذ هم بقوان ي العرب ية و حفظها و‬
‫تو يد ال ط و الكتاب‪ .‬و ل ت تص عنايت هم ف التعل يم بالقرآن دون هذه‪ ،‬بل عنايت هم ف يه‬
‫بالط أكثر من جيعها إل أن يرج الولد من عمر البلوغ إل الشبيبة و قد شدا بعض الشيء‬
‫ف العربية و الشعر و البصر بما و برز ف الط و الكتاب و تعلق بأذيال العلم على الملة لو‬
‫كان فيها سند لتعليم العلوم‪ .‬لكنهم ينقطعون عن ذلك لنقطاع سند التعليم ف آفاقهم و ل‬
‫يصسل بأيديهسم إل مسا حصسل مسن ذلك التعليسم الول‪ .‬و فيسه كفايسة لنس أرشده ال تعال و‬
‫استعداد إذا وجد العلم‪ .‬و أما أهل أفريقية فيخلطون ف تعليمهم للولدان القرآن بالديث ف‬
‫الغالب و مدارسسة قوانيس العلوم و تلقيس بعسض مسسائلها إل أن عنايتهسم بالقرآن و اسستنظار‬
‫الولدان إياه و وقوف هم على اختلف روايا ته و قراءا ته أك ثر م ا سواه و عنايت هم بال ط ت بع‬
‫لذلك‪ .‬و بالملة فطريقهم ف تعليم القرآن أقرب إل طريقة أهل الندلس لن سند طريقتهم‬
‫ف ذلك مت صل بشي خة الندلس الذ ين أجازوا ع ند تغلب الن صارى على شرق الندلس‪ ،‬و‬
‫استقروا بتونس و عنهم أخذ ولدانم بعد ذلك‪ .‬و أما أهل الشرق فيخلطون ف التعليم كذلك‬
‫على ما يبلغ نا و ل أدري ب عنايت هم من ها‪ .‬و الذي ين قل ل نا أن عنايت هم بدرا سة القرآن و‬
‫صحف العلم و قوانينه ف زمن الشبيبة و ل يلطون بتعليم الط بل لتعليم الط عندهم قانون‬
‫و معلمون له على انفراده كما تتعلم سائر الصنائع و ل يتداولونا ف مكاتب الصبيان‪ .‬و إذا‬
‫كتبوا لم اللواح فبخط قاصر عن الجادة و من أراد تعلم الط فعلى قدر ما يسنح له بعد‬
‫ذلك من المة ف طلبه و يبتغيه من أهل صنعته‪ .‬فأما أهل أفريقية والغرب فأفادهم القتصار‬
‫على القرآن القصور عن ملكة اللسان جلة و ذلك أن القرآن ل ينشأ عنه ف الغالب ملكة لا‬
‫أن الب شر م صروفون عن التيان بثله ف هم م صروفون لذلك عن ال ستعمال على أ ساليبه و‬
‫الحتذاء با‪ .‬و ل يس ل م مل كة ف غ ي أ ساليبه فل ي صل ل صاحبه ملكة ف الل سان العرب و‬
‫ح ظه المود ف العبارات و قلة الت صرف ف الكلم‪ .‬و رب ا كان أ هل أفريق ية ف ذلك أخف‬
‫من أهل الغرب با يلطون ف تعليمهم القرآن بعبارات العلوم ف قوانينها كما قلناه فيقتدرون‬
‫على شيء من التصرف و ماذاة الثل بالثل إل أن ملكتهم ف ذلك قاصرة عن البلغة كما‬
‫سيأت ف فصله‪ .‬و أما أهل الندلس فأفادهم التفنن ف التعليم و كثرة رواية الشعر و الترسل و‬
‫مدارسة العربية من أول العمر‪ ،‬حصول ملكة صاروا با أعرف ف اللسان العرب‪ .‬و قصروا ف‬
‫سائر العلوم لبعد هم عن مدار سة القرآن و الد يث الذي هو أ صل العلوم و أ ساسها‪ .‬فكانوا‬
‫لذلك أ هل حظ و أدب بارع أو مق صر على ح سب ما يكون التعل يم الثا ن من ب عد تعل يم‬
‫ال صب‪ .‬و ل قد ذ هب القا ضي أ بو ب كر بن العرب ف كتاب رحل ته إل طري قة غري بة ف و جه‬
‫التعل يم وأعاد ف ذلك و أبدأ و قدم تعليم العرب ية و الش عر على سائر العلوم كما هو مذهب‬
‫أ هل الندلس‪ .‬قال‪ :‬لن الش عر ديوان العرب و يد عو على تقدي ه و تعل يم العرب ية ف التعل يم‬
‫ضرورة فساد اللغة ث ينتقل منه إل الساب فيتمرن فيه حت يرى القواني ث ينتقل إل درس‬
‫القرآن فإنه يتيسر عليك بذه القدمة‪ .‬ث قال‪ :‬و يا غفلة أهل بلدنا ف أن يؤخذ الصب بكتاب‬
‫ال ف أوامره يقرأ مال يفهم و ينصب ف أمر غيه أهم ما عليه منه‪ .‬ث قال ينظر ف أصول‬
‫الدين ث أصول الفقه ث الدل ث الديث و علومه‪ ،‬و نى مع ذلك أن يلط ف التعليم علمان‬
‫إل أن يكون التعلم قابل لذلك بودة الفهسم و النشاط‪ .‬هذا مسا أشار إليسه القاضسي أبسو بكسر‬
‫رح ه ال و هو لعمري مذ هب ح سن إل أن العوائد ل ت ساعد عل يه و هي أملك بالحوال و‬
‫وجه ما اختصت به العوائد من تقدم دراسة القرآن إيثارا للتبك و الثواب‪ ،‬و خشية ما يعرض‬
‫للولد ف جنون ال صب من الفات و القوا طع عن العلم فيفو ته القرآن‪ ،‬ل نه ما دام ف ال جر‬
‫منقاد للح كم‪ .‬فإذا تاوز البلوغ و ان ل من ربقة القهر فرب ا عصفت به رياح الشبيبة فألقته‬
‫بساجل البطالة فيغتنمون ف زمان الجر و ربقة الكم تصيل القرآن لئل يذهب خلوا منه‪ .‬و‬
‫لو حصسل اليقيس باسستمراره فس طلب العلم و قبوله التعليسم لكان هذا الذهسب الذي ذكره‬
‫القاضي أول ما أخذ به أهل الغرب و الشرق‪ .‬و لكن ال يكم ما يشاء ل معقب لكمه‪.‬‬
‫الفصل الربعون‪ :‬ف أن الشدة على التعلمي مضرة بم‬
‫و ذلك أن إرهاف الد بالتعليم مضر بالتعلم سيما ف أصاغر الولد لنه من سوء اللكة‪ .‬و من‬
‫كان مرباه بالع سف و الق هر من التعلم ي أو المال يك أو الدم سطا به الق هر و ض يق عن‬
‫النفس ف انبساطها و ذهب بنشاطها و دعاه إل الكسل و حل على الكذب و البث و هو‬
‫التظاهر بغي ما ف ضميه خوفا من انبساط اليدي بالقهر عليه و علمه الكر و الديعة لذلك‬
‫و صسارت له هذه عادة و خلقسا و فسسدت معانس النسسانية التس له مسن حيسث الجتماع‪ .‬و‬
‫التمرن و هسي الميسة و الدافعسة عسن نفسسه و منله‪ .‬و صسار عيال على غيه فس ذلك بسل و‬
‫كسلت النفس عن اكتساب الفضائل و اللق الميل فانقبضت عن غايتها و مدى إنسانيتها‬
‫فارتكس و عاد ف أسفل السافلي‪ .‬و هكذا وقع لكل أمة حصلت ف قبضة القهر و نال منها‬
‫الع سف و اع تبه ف كل من يلك أمره عل يه‪ .‬و ل تكون الل كة الكافلة له رفي قة به‪ .‬و ت د‬
‫ذلك في هم ا ستقراء و انظره ف اليهود و ما ح صل بذلك في هم من خلق ال سوء ح ت إن م‬
‫يو صفون ف كل أ فق‪ .‬و ع صر بالرج و معناه ف ال صطلح الشهور التخا بث و الك يد و‬
‫سببه ما قلناه‪ .‬فينبغي للمعلم ف متعلمه و الوالد ف ولده أن ل يستبدا عليهما ف التأديب‪ .‬و‬
‫قد قال ممد بن أب زيد ف كتابه الذي ألفه ف حكم العلمي و التعلمي‪ :‬ل ينبغي لؤدب‬
‫الصبيان أن يزيد ف ضربم إذا احتاجوا إليه على ثلثة أسواط شيئا‪ .‬و من كلم عمر رضي‬
‫ال عنه‪ :‬من ل يؤدبه الشرع ل أدبه ال‪ .‬حرصا على صون النفوس عن مذلة التأديب و علما‬
‫بأن القدار الذي عينه الشرع لذلك أملك له فإنه أعلم بصلحته‪ .‬و من أحسن مذاهب التعليم‬
‫ما تقدم به الرشيد لعلم ولده‪ .‬قال خلف الحر‪ :‬بعث إل الرشيد ف تأديب ولده ممد المي‬
‫فقال‪ :‬يا أحر إن أمي الؤمني قد دفع إليك مهجة نفسه و ثرة قلبه فصي يدك عليه مبسوطة و‬
‫طاع ته لك واج بة و كن له ب يث وض عك أم ي الؤمن ي أقرئه القرآن و عر فه الخبار و روه‬
‫الشعار و علمه السنن و بصره بواقع الكلم و بدئه و امنعه من الضحك إل ف أوقاته و خذه‬
‫بتعظ يم مشا يخ ب ن ها شم إذا دخلوا عل يه و ر فع مالس القواد إذا حضروا مل سه‪ .‬و ل ترن‬
‫بك ساعة إل و أ نت مغت نم فائدة تفيده إيا ها من غ ي أن تز نه فتم يت ذه نه‪ .‬و ل ت عن ف‬
‫م سامته في ستجلي الفراغ و يأل فه‪ .‬و قو مه ما ا ستطعت بالقرب واللي نة فإن أباه ا فعل يك‬
‫بالشدة و الغلظة‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫الف صل الادي و الربعون‪ :‬ف أن الرحلة ف طلب العلوم و لقاء الشي خة مز يد كمال ف‬
‫التعلم‬
‫و ال سبب ف ذلك أن الب شر يأخذون معارف هم و أخلق هم و ما ينتحلون به من الذا هب و‬
‫الفضائل‪ :‬تارة عل ما و تعلي ما و إلقاء و تارة ماكاة و تلقي نا بالباشرة‪ .‬إل أن ح صول اللكات‬
‫عن الباشرة و التلقي أشد استحكاما و أقوى رسوخا‪ .‬فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول‬
‫اللكات و رسوخها‪ .‬و الصطلحات أيضا ف تعليم العلوم ملطة على التعلم حت لقد يظن‬
‫كث ي من هم أن ا جزء من العلم‪ .‬و ل يد فع ع نه ذلك إل مباشر ته لختلف الطرق في ها من‬
‫العلميس‪ .‬فلقاء أهسل العلوم و تعدد الشايسخ يفيده تييسز الصسطلحات باس يراه مسن اختلف‬
‫طرقهم فيها فيجرد العلم عنها و يعلم أنا أناء تعليم و طرق توصل و تنهض قواه إل الرسوخ‬
‫و ال ستحكام ف الكان و ت صحح معار فه و تيز ها عن سواها مع تقو ية ملك ته بالباشرة و‬
‫التلقي و كثرتما من الشيخة عند تعددهم و تنوعهم‪ .‬و هذا لن يسر ال عليه طرق العلم و‬
‫الداية‪ .‬فالرحلة ل بد منها ف طلب العلم لكتساب الفوائد و الكمال بلقاء الشايخ و مباشرة‬
‫الرجال‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الثان و الربعون‪ :‬ف أن العلماء من بي البشر أبعد عن السياسة و مذاهبها‬


‫و السسبب فس ذلك أنمس معتادون النظسر الفكري و الغوص على العانس و انتزاعهسا مسن‬
‫الحسوسات و تريدها ف الذهن‪ ،‬أمورا كلية عامة ليحكم عليها بأمر العلوم ل بصوص مادة‬
‫و ل ش خص و ل ج يل و ل أ مة و ل صنف من الناس‪ .‬و يطبقون من ب عد ذلك الكلي على‬
‫الارجيات‪ .‬و أيضا يقيسون المور على أشباهها و أمثالا با اعتادوه من القياس الفقهي‪ .‬فل‬
‫تزال أحكامهم و أنظارهم كلها ف الذهن و ل تصي إل الطابقة إل بعد الفراغ من البحث و‬
‫الن ظر‪ .‬و ل ت صي بالملة إل الطاب قة و إن ا يتفرغ ما ف الارج ع ما ف الذ هن من ذلك‬
‫كالحكام الشرعية فإنا فروع عما ف الحفوظ من أدلة الكتاب و السنة فتطلب مطابقة ما ف‬
‫الارج لا عكس النظار ف العلوم العقلية‪ .‬الت تطلب ف صحتها مطابقتها لا ف الارج‪ .‬فهم‬
‫متعودون ف سائر أنظار هم المور الذهن ية و النظار الفكر ية ل يعرفون سواها‪ .‬و ال سياسة‬
‫يتاج صاحبها إل مراعاة ما ف الارج و ما يلحقها من الحوال و يتبعها فإنا خفية‪ .‬و لعل‬
‫أن يكون فيها ما ينع من إلاقها بشبه أو مثال و يناف الكلي الذي ياول تطبيقه عليها‪ .‬و ل‬
‫يقاس شيء من أحوال العمران على الخر كما اشتبها ف أمر واحد فلعلهما اختلفا ف أمور‬
‫فتكون العلماء لجسل مسا تعودوه مسن تعميسم الحكام و قياس المور بعضهسا على بعسض إذا‬
‫نظروا ف السياسة افرغوا ذلك ف قالب أنظارهم و نوع استدللتم فيقعون ف الغلط كثيا و‬
‫ل يؤ من علي هم‪ .‬و يل حق ب م أ هل الذكاء و الك يس من أ هل العمران لن م ينعون بثقوب‬
‫أذهانم إل مثل شأن الفقهاء من الغوص على العان و القياس و الحاكاة فيقعون ف الغلط‪ .‬و‬
‫العا مي ال سليم الط بع التو سط الك يس لقصور فكره عن ذلك و عدم اعتياده إياه يقتصر ل كل‬
‫مادة على حكم ها و ف كل صنف من الحوال و الشخاص على ما اخ تص به و ل يعدي‬
‫ال كم بقياس و ل تعم يم و ل يفارق ف أك ثر نظره الواد الح سوسة و ل ياوز ها ف ذه نه‬
‫كالسابح ل يفارق الب عند الوج‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫فإن السلمة ف الساحل‬ ‫فل توغلن إذا ما سبحت‬
‫فيكون مأمو نا من الن ظر ف سياسته م ستقيم الن ظر ف معاملة أبناء جن سه فيح سن معا شه و‬
‫تند فع آفا ته و مضاره با ستقامة نظره‪ .‬و فوق كل ذي علم عل يم‪ .‬و من ه نا ي تبي أن صناعة‬
‫الن طق غ ي مأمو نة الغلط لكثرة ما في ها من النتزاع‪ ،‬و بعد ها عن الح سوس فإن ا تن ظر ف‬
‫العقولت الثوانس‪ .‬و لعسل الواد فيهسا مسا يانسع تلك الحكام و ينافيهسا عنسد مراعاة التطسبيق‬
‫اليقين‪ .‬و أما النظر ف العقولت الول و هي الت تريدها قريب فليس كذلك لنا خيالية و‬
‫صور الحسوسات حافظة مؤذنة بتصديق انطباقه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬
‫الفصل الثالث و الربعون‪ :‬ف أن حلة العلم ف السلم أكثرهم العجم‬
‫من الغريب الواقع أن حلة العلم ف اللة السلمية أكثرهم العجم ل من العلوم الشرعية و ل‬
‫من العلوم العقلية إل ف القليل النادر‪ .‬و إن كان منهم العرب ف نسبته فهو أعجمي ف لغته و‬
‫مرباه و مشيخ ته مع أن اللة عرب ية و صاحب شريعت ها عر ب‪ .‬و ال سبب ف ذلك أن اللة ف‬
‫أول ا ل ي كن في ها علم و ل صناعة لقت ضى أحوال ال سذاجة و البداوة و إن ا أحكام الشري عة‬
‫الت هي أوامر ال و نواهيه كان الرجال ينقلونا ف صدورهم و قد عرفوا مأخذها من الكتاب‬
‫و السنة با تلقوه من صاحب الشرع و أصحابه‪ .‬و القوم يومئذ عرب ل يعرفوا أمر التعليم و‬
‫التأليسف و التدويسن و ل دفغوا إليسه و ل دعتهسم إليسه حاجسة‪ .‬و جرى المسر على ذلك زمسن‬
‫الصحابة و التابعي و كانوا يسمون الختصي بمل ذلك‪ .‬و نقله إل القراء أي الذين يقرأون‬
‫الكتاب و لي سوا أمي ي لن الم ية يومئذ صفة عا مة ف ال صحابة ب ا كانوا عر با فق يل لملة‬
‫القرآن يومئذ قراء إشارة إل هذا‪ .‬فهم قراء لكتاب ال و السنة الأثورة عن ال لنم ل يعرفوا‬
‫الحكام الشرع ية إل م نه و من الد يث الذي هو ف غالب موارده تف سي له و شرح‪ .‬قال‬
‫صلى ال عليه و سلم‪ :‬تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تسكتم بما‪ :‬كتاب ال و سنت‪ .‬فلما‬
‫ب عد الن قل من لدن دولة الرش يد ف ما ب عد احت يج إل و ضع التفا سي القرآن ية و تقي يد الد يث‬
‫مافة ضياعه ث احتيج إل معرفة السانيد و تعديل الناقلي للتمييز بي الصحيح مم السانيد و‬
‫ما دو نه ث ك ثر ا ستخراج أحكام الواقعات من الكتاب و ال سنة و ف سد مع ذلك الل سان‬
‫فاحتيج إل وضع القواني النحوية و صارت العلوم الشرعية كلها ملكات ف الستنباطات و‬
‫السستخراج و التنظيس و القياس و احتاجست إل علوم أخرى و هسي الوسسائل لاس مسن معرفسة‬
‫قوان ي العرب ية و قوان ي ذلك ال ستنباط و القياس و الذب عن العقائد اليان ية بالدلة لكثرة‬
‫البدع و اللاد فصارت هذه العلوم كلها علوما ذات ملكات متاجة إل التعليم فاندرجت ف‬
‫جلة ال صنائع‪ .‬و قد ك نا قدم نا أن ال صنائع من منت حل ال ضر و أن العرب أب عد الناس عن ها‬
‫ف صارت العلوم لذلك حضر ية و ب عد عن ها العرب و عن سوقها‪ .‬و ال ضر لذلك الع هد هم‬
‫العجم أو من هم ف معناهم من الوال و أهل الواضر الذين هم يومئذ تبع للعجم ف الضارة‬
‫و أحوالا من الصنائع و الرف لنم أقوم على ذلك للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس‬
‫فكان صاحب صناعة النحو سيبويه و الفارسي من بعده و الزجاج من بعدها و كلهم عجم‬
‫ف أنسابم‪ .‬و إنا ربوا ف اللسان العرب فاكتسبوه بالرب و مالطة العرب و صيوه قواني و‬
‫فنسا لنس بعدهسم‪ .‬و كذا حلة الديسث الذيسن حفظوة عسن أهسل السسلم أكثرهسم عجسم أو‬
‫مستعجمون باللغة و الرب لتساع الفن بالعراق‪ .‬و كان علماء أصول الفقه كلهم عجما كما‬
‫عرف و كذا حلة علم الكلم و كذا أكثسر الفسسرين‪ .‬و ل يقسم بفسظ العلم و تدوينسه إل‬
‫العاجم‪ .‬و ظهر مصداق قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لو تعلق العلم بأكناف السماء لناله قوم‬
‫من أهل فارس‪ .‬و أما العرب الذين أدركوا هذه الضارة و سوقها و خرجوا إليها عن البداوة‬
‫فشغلتهم الرئاسة ف الدولة العباسية و ما دفعوا إليه من القيام باللك عن القيام بالعلم‪ .‬و النظر‬
‫فيه‪ ،‬فإنم كانوا أهل الدولة و حاميتها و أول سياستها مع ما يلحقهم من النفة عن انتحال‬
‫العلم حينئذ با صار من جلة الصنائع‪ .‬و الرؤساء أبدا يستنكفون عن الصنائع و الهن و ما ير‬
‫إليها و دفعوا ذلك إل من قام به من العجم والولدين‪ .‬و ما زالوا يرون لم حق القيام به فإنه‬
‫دين هم و علوم هم و ل يتقرون حلت ها كل الحتقار‪ .‬حت إذا خرج ال مر من العرب جلة و‬
‫صار للعجم صارت العلوم الشرع ية غري بة الن سبة ع ند أ هل اللك ب ا هم عل يه من البعد عن‬
‫ن سبتها و امت هن حلت ها ب ا يرون أن م بعداء عن هم مشتغل ي ب ا ل يغ ن و ل يدي عن هم ف‬
‫اللك و السياسة كما ذكرناه ف نقل الراتب الدينية‪ .‬فهذا الذي قررناه هو السبب ف أن حلة‬
‫الشريعة أو عامتهم من العجم‪ .‬و أما العلوم العقلية أيضا فلم تظهر ف اللة إل بعد أن تيز حلة‬
‫العلم و مؤلفوه‪ .‬و استقر العلم كله صناعة فاختصت بالعجم و تركتها العرب و انصرفوا عن‬
‫انتحالاس فلم يملهسا إل العربون مسن العجسم شأن الصسنائع كمسا قلناه أول‪ .‬فلم يزل ذلك فس‬
‫الم صار ال سلمية ما دا مت الضارة ف الع جم و بلد هم من العراق و خرا سان و ما وراء‬
‫النهر‪ .‬فلما خربت تلك المصار و ذهبت منها الضارة الت هي سر ال ف حصول العلم و‬
‫ال صنائع ذ هب العلم من الع جم جلة ل ا شل هم من البداوة و اخ تص العلم بالم صار الوفورة‬
‫الضارة‪ .‬و ل أوفر اليوم ف الضارة من مصر فهي أم العال و إيوان السلم و ينبوع العلم و‬
‫الصنائع‪ .‬و بقي بعض الضارة ف ما وراء النهر لا هناك من الضارة بالدولة الت فيها فلهم‬
‫بذلك‪ ،‬ح صة من العلوم و ال صنائع ل تن كر‪ .‬و قد دل نا على ذلك كلم ب عض علمائ هم من‬
‫تآليف وصلت إلينا إل هذه البلد و هو سعد الدين التفتازان‪ .‬و أما غيه من العجم فلم نر‬
‫ل م من بعد المام ا بن الطيب و نصي الد ين الطو سي كل ما يعول على ناي ته ف ال صابة‪.‬‬
‫فاعت ي ذلك و تأمله تر عج با ف أحوال اللي قة‪ .‬و ال يلق ما بشاء ل شر يك له اللك و له‬
‫المد و هو على كل شيء قدير و حسبنا ال و نعم الوكيل و المد ل‪.‬‬

‫الفصال الراباع و الربعون‪ :‬فا أن العجماة إذا سابقت إل اللساان قصارت بصااحبها فا‬
‫تصيل العلوم عن أهل اللسان العرب‬
‫و السر ف ذلك أن مباحث العلوم كلها إنا هي ف العان الذهنية و اليالية‪ ،‬من بي العلوم‬
‫الشرعية‪ ،‬الت هي أكثر مباحثها ف اللفاظ و مودها من الحكام التلقاة من الكتاب و السنة‬
‫و لغاتا الؤدية لا‪ ،‬و هي كلها ف اليال‪ ،‬و بي العلوم العقلية‪ ،‬و هي ف الذهن‪ .‬و اللغات إنا‬
‫هي ترجان ع ما ف الضمائر من تلك العا ن‪ ،‬يؤدي ها ب عض إل ب عض بالشاف هة بالناظرة و‬
‫التعليم‪ ،‬و مارسة البحث بالعلوم لتحصيل ملكاتا بطول الران على ذلك‪ .‬و اللفاظ و اللغات‬
‫وسائط و حجب بي الضمائر‪ ،‬و روابط و ختام بي العان‪ .‬و لبد ف اقتياض تلك الضمائر‬
‫من العان من ألفاظها لعرفة دللتا اللغوية عليها‪ ،‬و جودة اللكة لناظر فيها‪ ،‬و إل فيعتاض‬
‫عليه اقتناصها زيادة على ما يكون ف مباحثها الذهنية من العتياص‪ .‬و إذا كانت ملكته ف‬
‫تلك الدللت راسسخة‪ ،‬بيسث يتبادر العانس إل ذهنسه مسن تلك اللفاظ عسن اسستعمالا‪ ،‬أن‬
‫البدي هي والبلي‪ ،‬زال ذاك الجاب بالملة ب ي العا ن و الف هم أو خف‪ ،‬و ل ي بق إل معاناة‬
‫ما ف العان من الباحث فقط‪ .‬هذا كله إذا كان التعاليم تلقينا و بالطاب و العبارة‪ .‬و أما إن‬
‫احتاج التعلم إل الدرا سة و التقي يد بالكتاب و مشاف هة الر سوم الط ية من الدواو ين ب سائل‬
‫العلوم‪ ،‬كان هنالك حجاب آ خر ب ي ال ط و ر سومه ف الكتاب‪ ،‬و ب ي اللفاظ القولة ف‬
‫اليال‪ .‬لن رسسوم الكتاب لاس دللة خاصسة على اللفاظ القولة‪ .‬و مسا ل تعرف تلك الدللة‬
‫تعذرت معر فة العبارة‪ .‬و إن عر فت بل كة قا صرة كا نت معرفت ها أي ضا قا صرة‪ ،‬و يزداد على‬
‫الناظر و التعلم بذلك حجاب آخر بينه و بي مطلوبه‪ ،‬من تصيل ملكات العلوم أعوص من‬
‫الجاب الول‪ .‬و إذا كا نت ملك ته ف الدللة اللفظ ية و الط ية م ستحكمة ارتف عت ال جب‬
‫بينه و بي العان‪ .‬و صار إنا يعان فهم مباحثها فقط‪ .‬هذا شأن العان مع اللفاظ و الط‬
‫بالنسسبة إل كسل لغسة‪ .‬و التعلمون لذلك فس الصسغر أشسد اسستحكاما للكاتمس‪ ،‬ثس إن اللة‬
‫السلمية لا اتسع ملكها و اندرجت المم ف طيها و درست علوم الولي بنبوتا و كتابا‪،‬‬
‫و كانت أمية النعة و الشعار‪ ،‬فأخذ اللك و العزة و سخرية المم لم بالضارة و التهذيب‪،‬‬
‫و صيوا علوم هم الشرع ية صناعة‪ ،‬ب عد أن كا نت نقل‪ ،‬فحد ثت في هم اللكات‪ ،‬و كثرت‬
‫الدواو ين و التآل يف‪ ،‬و تشوفوا إل علوم ال مم فنقلو ها بالترج ة إل علوم هم و أفرغو ها ف‬
‫قالب أنظارهم‪ ،‬و جردوها من تلك اللغات العجمية إل لسانم و أربوا فيها على مداركهم‪،‬‬
‫و بقيست تلك الدفاتسر التس بلغتهسم العجميسة نسسيا منسسيا و طلل مهجورا و هباء منثورا‪ .‬و‬
‫أصبحت العلوم كلها بلغة العرب‪ ،‬و دواوينها السطرة بطهم‪ ،‬و احتاج القائمون بالعلوم إل‬
‫معر فة الدللت اللفظ ية و الط ية ف ل سانم دون ما سواه من الل سن‪ ،‬لدرو سها و ذهاب‬
‫العناية با‪ .‬و قد تقدم لنا أن اللغة ملكة ف اللسال‪ ،‬و كذا الط صناعة ملكتها ف اليد‪ ،‬فإذا‬
‫تقد مت ف الل سان مل كة العج مة‪ ،‬صار مق صرا ف الل غة العرب ية‪ ،‬ل ا قدمناه من أن الل كة إذا‬
‫تقدمت ف صناعة بحل‪ ،‬فقل أن ييد صاحبها ملكة ف صناعة أخرى‪ ،‬و هو ظاهر‪ .‬و إذا‬
‫كال مقصرا ف اللغة العربية و دللتا اللفظية و الطية اعتاص عليه فهم العان منها كما مر‪.‬‬
‫إل أن تكون مل كة العج مة ال سابقة ل ت ستحكم ح ي انت قل من ها إل العرب ية‪ ،‬كأ صاغر أبناء‬
‫العجم الذين يربون مع العرب قبل أن تستحكم عجمتهم‪ .‬فتكون اللغة العربية كأنا السابقة‬
‫لم‪ ،‬و ل يكون عندهم تقصي ف فهم العان من العربية‪ .‬و كذا أيضا شأن من سبق له تعلم‬
‫ال ط العج مي ق بل العر ب‪ .‬و لذا ن د الكث ي من علماء العا جم ف درو سهم و مالس‬
‫تعليم هم يعدلون عن ن قل التفا سي من الك تب إل قراءت ا ظاهرا يففون بذلك عن أنف سهم‬
‫مؤونة بعض الجب ليقرب عليهم تناول العان‪ .‬و صاحب اللكة ف العبارة و الط مستغن‬
‫عن ذلك‪ ،‬بتمام ملك ته‪ ،‬و إن صار له ف هم القوال من ال ط‪ ،‬و العا ن من القوال كالبلة‬
‫الرا سخة‪ ،‬و ارتف عت ال جب بي نه و ب ي العا ن‪ .‬و رب ا يكون الدؤوب على التعل يم و الران‬
‫على اللغة‪ ،‬و مارسة الط يفيضان لصاحبهما إل تكن اللكة‪ ،‬كما نده ف الكثي من علماء‬
‫العا جم‪ ،‬إل أنه ف النادر‪ .‬و إذا قرن بنظيه من علماء العرب و أ هل طبق ته من هم‪ ،‬كان باع‬
‫العرب أطول و ملكته أقوى‪ ،‬لا عند الستعجم من الفتور بالعجمة السابقة الت يؤثر القصور‬
‫بالضرورة و ل يعترص ذلك باس تقدم بأن علماء السسلم أكثرهسم العجسم‪ ،‬لن الراد بالعجسم‬
‫هنالك عجم النسب لتداول الضارة فيهم الت قررنا أنا سبب لنتحال الصنائع و اللكات و‬
‫من جلت ها العلوم‪ .‬و أ ما عج مة الل غة فلي ست من ذلك و هي الرادة ه نا‪ .‬و ل يعترض ذلك‬
‫أيضا ما كان لليونانيي ف علومهم من رسوخ القدم فأنم إنا تعلموها من لغتهم السابقة لم‬
‫و خط هم التعارف بين هم‪ .‬و العج مي التعلم للعلم ف اللة ال سلمية يأ خذ العلم بغ ي ل سانه‬
‫الذي سبق إليه‪ ،‬و من غي خطه الذي يعرف ملكته‪ .‬فلهذا يكون له ذلك حجابا كما قلناه‪ .‬و‬
‫هذا عام ف جيع أصناف أهل اللسان العجمي من الفرس و الروم و الترك و الببر و الفرنج‪.‬‬
‫و سائر من ليس من أهل اللسان العرب‪ .‬و ف ذلك آيات للمتوسي‪.‬‬

‫الفصل الامس و الربعون‪ :‬ف علوم اللسان العرب‬


‫أركانه أربعة و هي اللغة و النحو و البيان و الدب و معرفتها ضرورية على أهل الشريعة إذ‬
‫مأخذ الحكام الشرعية كلها ف الكتاب و السنة و هي بلغة العرب و نقلتها من الصحابة و‬
‫التابعي عرب و شرح مشكلتا من لغاتم فلبد من معرفة العلوم التعلقة بذا اللسان لن أراد‬
‫علم الشريعة‪ .‬و تتفاوت ف التأكيد بتفاوت مراتبها ف التوفية بقصود الكلم حسبما يتبي ف‬
‫الكلم عليها فنا فنا و الذي يتحصل أن الهم القدم منها هو النحو إذ به تتبي أصول القاصد‬
‫بالدللة فيعرف الفا عل من الفعول و البتدأ من ال ب و لوله ل هل أ صل الفادة‪ .‬و كان من‬
‫حسق علم اللغسة التقدم لول أن أكثسر الوضاع باقيسة فس موضوعاتاس ل تتغيس بلف العراب‬
‫الدال على ال سناد و السند و السند إليه فإنه تغي بالملة و ل يبق له أثر‪ .‬فلذلك كان علم‬
‫النحو أهم من اللغة إذ ف جهله الخلل بالتفاهم جلة و ليست كذلك اللغة و ال سبحانه و‬
‫تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬
‫علم النحو‬
‫اعلم أن اللغة ف التعارف هي عبارة التكلم عن مقصوده‪ .‬و تلك العبارة فعل لسان ناشئ عن‬
‫القصد بإفادة الكلم فلبد أن تصي ملكة متقررة ف الغصو الفاعل لا و هو اللسان و هو ف‬
‫كل أ مة ب سب ا صطلحاتم‪ .‬و كا نت الل كة الا صلة للعرب من ذلك أح سن اللكات و‬
‫أوضحها إبانة عن القاصد لدللة غي الكلمات فيها على كثي من العان‪ .‬مثل الركات الت‬
‫تع ي الفا عل من الفعول من الجرور أع ن الضاف و م ثل الروف ال ت تف ضي بالفعال أي‬
‫الركات إل الذوات من غ ي تكلف ألفاظ أخرى‪ .‬و ل يس يو جد ذلك إل ف ل غة العرب‪ .‬و‬
‫أما غيها من اللغات فكل معن أو حال لبد له من ألفاظ تصه بالدللة و لذلك ند كلم‬
‫الع جم من ماطبات م أطول م ا تقدره بكلم العرب‪ .‬و هذا هو مع ن قوله صلى ال عل يه و‬
‫سسلم‪ :‬أوتيست جوامسع الكلم و اختصسر ل الكلم اختصسارا‪ .‬فصسار للحروف فس لغتهسم‪ .‬و‬
‫الركات و اليئات أي الوضاع اعتبار فس الدللة على القصسود غيس متكلفيس فيسه لصسناعة‬
‫يستفيدون ذلك منها‪ .‬إنا هي ملكة ف ألسنتهم يأخذها الخر عن الول كما تأخذ صبياننا‬
‫لذا العهد لغاتنا‪ .‬فلما جاء السلم و فارقوا الجاز لطلب اللك الذي كان ف أيدي المم و‬
‫الدول و خالطوا الجم تغيت تلك اللكة با ألقى إليها السمع من الخالفات الت للمستعربي‪.‬‬
‫و السمع أبو اللكات اللسانية ففسدت با ألقي إليها ما يغايرها لنوحها إليه باعتياد السمع‪.‬‬
‫و خشسي أهسل العلوم منهسم أن تفسسد تلك اللكسة رأسسا و يطول العهسد باس فينغلق القرآن و‬
‫الديث على الفهوم فاستنبطوا من ماري كلمهم قواني لتلك اللكة مطردة شبه الكليات و‬
‫القواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلم و يلحقون الشباه بالشباه مثل أن الفاعل مرفوع و‬
‫الفعول منصوب و البتدأ مرفوع‪ .‬ث رأوا تغي الدللة بتغي حركات هذه الكلمات فاصطلحوا‬
‫على تسسميته إعرابسا و تسسمية الوجسب لذلك التغيس عامل و أمثال ذلك‪ .‬و صسارت كلهسا‬
‫اصطلحات خاصة بم فقيدوها بالكتاب و جعلوها صناعة لم مصوصة‪ .‬و اصطلحوا على‬
‫تسميتها بعلم النحو‪ .‬و أو ل من كتب فيها أبو السود الدؤل من بن كنانة و يقال بإشارة‬
‫علي رضسي ال عنسه لنسه رأى تغيس اللكسة فأشار عليسه بفظهسا ففزع إل ضبطهسا بالقوانيس‬
‫الاضرة الستقرأة‪ .‬ث كتب فيها الناس من بعده إل أن انتهت إل الليل بن أحد الفراهيدي‬
‫أيام الرش يد و كان الناس أحوج ما كان الناس إلي ها لذهاب تلك الل كة من العرب‪ .‬فهذب‬
‫الصناعة و كمل أبوابا‪ .‬و أخذها عنه سيبويه فكمل تفاريعها و استكثر من أدلتها و شواهدها‬
‫و وضع فيها كتابه الشهور الدي صار إماما لكل ما كتب فيها من بعده‪ .‬ث وضع أبو علي‬
‫الفارسي و أبو القاسم الزجاج كتبا متصرة للمتعلمي يذون فيها حذو المام ف كتابه‪ .‬ث‬
‫طال الكلم ف هذه الصناعة و حدث اللف بي أهلها ف الكوفة و البصرة الصرين القديي‬
‫للعرب‪ .‬و كثرت الدلة و الجاج بينهسم و تباينست الطرق فس التعليسم و كثسر الختلف فس‬
‫إعراب كث ي من آي القرآن باختلف هم ف تلك القوا عد و طال ذلك على التعلم ي‪ .‬و جاء‬
‫التأخرون بذاهبهم ف الختصار فاختصروا كثيا من ذلك الطول مع استيعابم لميع ما نقل‬
‫كما فعله ابن مالك ف كتاب التسهيل و أمثاله أو اقتصارهم على البادئ للمتعلمي‪ ،‬كما فعله‬
‫الزمشري ف الفصل و ابن الاجب ف القدمة له‪ .‬و ربا نظموا ذلك نظما مثل ابن مالك ف‬
‫الرجوزتي الكبى و الصغرى و ابن معطي ف الرجوزة اللفية‪ .‬و بالملة فالتآليف ف هذا‬
‫الفن أكثر من أن تصى أو ياط با و طرق التعليم فيها متلفة فطريقة التقدمي مغايرة لطريقة‬
‫التأخر ين‪ .‬و الكوفيون و الب صريون و البغداديون و الندل سيون متل فة طرق هم كذلك‪ .‬و قد‬
‫كادت هذه ال صناعة تؤذن بالذهاب ل ا رأي نا من الن قص ف سائر العلوم و ال صنائع بتنا قص‬
‫العمران و وصل إلينا بالغرب لذه العصور ديوان من مصر منسوب إل جال الدين بن هشام‬
‫من علمائها استوف فيه أحكام العراب مملة و مفصلة‪ .‬و تكلم على الروف و الفردات و‬
‫المل و حذف ما ف الصناعة من التكرر ف أكثر أبوابه و ساه بالغن ف العراب‪ .‬و أشار‬
‫إل نكت إعراب القرآن كلها و ضبطها بأبواب و فصول و قواعد انتظم سائرها فوقفنا منع‬
‫على علم جم يشهد بعلو قدره ف هذه الصناعة و وفور بضاعته منها و كأنه ينحو ف طريقته‬
‫منحاة أ هل الو صل الذ ين اقتفوا أ ثر ا بن ج ن و اتبعوا م صطلح تعلي مه فأ تى من ذلك بش يء‬
‫عجيب دال على قوة ملكته و اطلعه‪ .‬و ال يزيد ف اللق ما يشاء‪.‬‬
‫علم اللغة‬
‫هذا العلم هو بيان الوضوعات اللغوية و ذلك أنه لا فسدت ملكة اللسان العرب ف الركات‬
‫ال سماة ع ند أ هل الن حو بالعراب و ا ستنبطت القوان ي لفظ ها ك ما قلناه‪ .‬ث ا ستمر ذلك‬
‫الف ساد بلب سة الع جم و مالطت هم ح ت تأدى الف ساد إل موضوعات اللفاظ فا ستعمل كث ي‬
‫من كلم العرب ف غي موضوعه عندهم ميل مع هجنه الستعربي ف اصطلحاتم الخالفة‬
‫لصريح العربية فاحتيج إل حفظ الوضوعات اللغوية بالكتاب و التدوين خشية الدروس و ما‬
‫ينشسا عنسه مسن الهسل بالقرآن و الديسث فشمسر كثيس مسن أئمسة اللسسان لذلك و أملوا فيسه‬
‫الدواو ين‪ .‬و كان سابق الل بة ف ذلك الل يل بن أح د الفراهيدي‪ .‬ألف في ها كتاب الع ي‬
‫فحصر فيه فركبات حروف العجم كلها من الثنائي و الثلثي والرباعي و الماسي و هو غاية‬
‫ما ينتهي إليه التركيب ف اللسان العرب‪ .‬و تأت له حصر ذلك بوجوه عديدة حاضرة و ذلك‬
‫أن جلة الكلمات الثنائية ترج من جيع العداد على التوال من واحد إل سبعة و عشرين و‬
‫هو دون ناية حروف العجم بواحد‪ .‬لن الرف الواحد منها يؤخذ مع كل واحد من السبعة‬
‫و العشرين فتكون سبعة و عشرين كلمة ثنائية‪ .‬ث يؤخذ الثان مع الستة و العشرين كذلك‪.‬‬
‫ث الثالث و الرا بع‪ .‬ث يؤ خذ ال سابع و العشرون مع الثا من و العشر ين فيكون واحدا فتكون‬
‫كلها أعدادا على توال العدد من واحد إل سبعة و عشرين فتجمع كما هي بالعمل العروف‬
‫ع ند أ هل ال ساب و هو أن ت مع الول مع الخ ي و تضرب الجموع ف ن صف العدة‪ .‬ث‬
‫تصساعف لجسل قلب الثنائي لن التقديس و التأخيس بيس الروف معتسب فس التركيسب فيكون‬
‫الارج جلة الثنائيات‪ .‬و ترج الثلثيات من صرب عدد الثنائيات في ما ي مع من وا حد إل‬
‫ستة و عشرين على توال العدد لن كل ثنائية يزيد عليها حرفا فتكون ثلثية‪ .‬فتكون الثنائية‬
‫بنلة الرف الواحد مع كل واحد من الروف الباقية و هي ستة و عشرون حرفا بعد الثنائية‬
‫فتجمع من واحد إل ستة و عشرين على توال العدد و يضرب فيه جلة الثنائيات‪ .‬ث تضرب‬
‫الارج ف ستة‪ ،‬جلة مقلوبات الكلمة الثلثية فيخرج مموع تراكيبها من حروف العجم‪ .‬و‬
‫كذلك ف الرباعي و الماسي‪ .‬فانصرت له التراكيب بذا الوجه و رتب أبوابه على حروف‬
‫العجم بالترتيب التعارف‪ .‬و اعتمد فيه ترتيب الخارج فبدأ بروف اللق ث بعده من خروف‬
‫ال نك ث الضراس ث الش فة و ج عل حروف العلة آخرا و هي الروف الوائ ية‪ .‬و بدأ من‬
‫حروف اللق بالعي لنه القصر منها فلذلك سي كتابه بالعي لن التقدمي كانوا يذهبون‬
‫ف تسمية دواوينهم إل مثل هذا و هو تسميته بأول ما يقع فيه من الكلمات و اللفاظ‪ .‬ث بي‬
‫الهمل منها من الستعمل و كان الهمل ف الرباعي و الماسي أكثر لقلة استعمال العرب له‬
‫لثقله و لق به الثنائي لقلة دورانه و كان الستعمال ف الثلثي أغلب فكانت أوضاعه أكثر‬
‫لدورا نه‪ .‬و ض من الل يل ذلك كله ف كتاب الع ي و ا ستوعبه أح سن ا ستيعاب و أوعاه‪ .‬و‬
‫جاء أ بو ب كر الزبيدي و ك تب لشام الؤ يد بالندلس ف الائة الراب عة فاخت صره مع الحاف ظة‬
‫على الستيعاب و حذف منه الهمل كله و كثيا من شواهد الستعمل و لصه للحفظ أحسن‬
‫تلخيص‪ .‬و ألف الوهري من الشارقة كتاب الصحاح على الترتيب التعارف لروف العجم‬
‫فجعل البداءة منها بالمزة و ج ل الترج ة بالروف على الرف الخي من الكلمة لضطرار‬
‫الناس ف الكثر إل أواخر الكلم فجعل ذلك بابا‪ .‬ث يأت بالروف أول الكلمة على ترتيب‬
‫حروف العجم أيصا و يترجم عليها بالفصول إل آخرها‪ .‬و حصر اللغة اقتداء بصر الليل‪.‬‬
‫ث ألف فيها من الندلسيي ابن سيده من أهل دانية ف دولة علي بن ماهد كتاب الحكم على‬
‫ذلك الن حى من ال ستيعاب و على ن و ترت يب كتاب الع ي‪ .‬و زاد ف يه التعرض لشتقاتات‬
‫الكلم و تصاريفها فجاء من أحسن الدواوين‪ .‬و لصه ممد بن أب السي صاحب الستنصر‬
‫من ملوك الدولة الف صية بتو نس‪ .‬و قلب ترتي به إل ترت يب كتاب ال صحاح ف اعتبار أوا خر‬
‫الكلم و بناء الترا جم علي ها فكا نا توأ مي ر حم و سليلي أبوة و لكراع من أئ مة الل غة كتاب‬
‫الن جد‪ ،‬و ل بن در يد كتاب المهرة و ل بن النباري كتاب الزا هر هذه أ صول ك تب الل غة‬
‫فيما علمناه‪ .‬و هناك متصرات أخرى متصة بصنف من الكلم و مستوعبة لبعض البواب أو‬
‫لكل ها‪ .‬إل أن و جه ال صر في ها خ في و و ف ال صر ف تلك جلي من ق بل التراك يب ك ما‬
‫رأيت‪ .‬و من الكتب الوضوعة أيضا ف اللغة كتاب الزمشري ف الجاز ساه أساس البلغة‬
‫ب ي ف يه كل ما توزت به العرب من اللفاظ و في ما توزت به من الدلولت و هو كتاب‬
‫شر يف الفادة‪ .‬ث ل ا كا نت العرب ت ضع الش يء على العموم ث ت ستعمل ف المور الا صة‬
‫ألفاظا أخرى خاصة با فوق ذلك عندنا‪ ،‬و بي الوضع و الستعمال و احتاج إل فقه ف اللغة‬
‫عزيز الأخذ كما وضع البيض بالوضع العام لكل ما فيه بياض ث اختص ما فيه بياض من‬
‫اليل بالشهب و من النسان بالزهر و من الغنم بالملح حت صار استعمال البيص ف هذه‬
‫كلها لنا و خروجا عن لسان العرب‪ .‬و اختص بالتأليف ف هذا النحى الثعالب و أفرده ف‬
‫كتاب له ساه فقه اللغة و هو من أكد ما بأخذ به اللغوي نفسه أن يرف استعمال العرب عن‬
‫مواضعه‪ .‬فليس معرفة الوضع الول بكاف ف الترتيب حت يشهد له استعمال العرب لذلك‪.‬‬
‫و أكثر ما يتاج إل ذلك الديب ف فن نظمه و نثره حذرا من أن يكثر لنه ف الوضوعات‬
‫اللغو ية ف مفردات ا و تراكيب ها و هو أ شد من الل حن ف العراب و أف حش‪ .‬و كذلك ألف‬
‫ب عض التأخر ين ف اللفاظ الشتر كة و تك فل ب صرها و إن ل تبلغ إل النها ية ف ذلك ف هو‬
‫م ستوعب للك ثر‪ .‬و أ ما الخت صرات الوجودة ف هذا ال فن الخ صوصة بالتداول من الل غة‬
‫الكثي الستعمال تسهيل لفظها على الطالب فكثية مثل اللفاظ لبن السكيت و الفصيح‬
‫لثعلب و غيها‪ .‬و بعضها أقل لغة من بعض لختلف نظرهم ف الهم على الطالب للحفظ‪.‬‬
‫و ال اللق العليم ل رب سواه‪.‬‬
‫ف صل‪ :‬و اعلم أن الن قل الذي تث بت به الل غة‪ ،‬إن ا هو الن قل عن العرب أن م ا ستعملوا هذه‬
‫اللفاظ لذه العا ن‪ ،‬ل ت قل إن م و صغوها ل نه متعذر و بع يد‪ .‬و ل يعرف ل حد من هم‪ .‬و‬
‫كذلك ل تث بت اللغات بقياس ما ل نعلم ا ستعماله‪ .‬على ما عرف ا ستعماله ف ماء الع نب‪،‬‬
‫باعتبار السسكار الامسع‪ .‬لن شهادة العتبار فس باب القياس إناس يدركهسا الشرع الدال على‬
‫صحة القياس من أ صله‪ .‬و ل يس ل نا مثله ف الل غة إل بالع قل‪ ،‬و هو م كم‪ ،‬و على هذا ف‬
‫جهور الئ مة‪ .‬و إن مال إل القياس في ها القا ضي و ا بن سريح و غي هم‪ .‬ل كن القول بنف يه‬
‫أرجح‪ .‬و ل تتوهن أن إثبات اللغة ف باب الدود اللفظية‪ ،‬لن الد راجع إل العان‪ .‬ببيان‬
‫أن مدلول الل فظ الجهول ال في هو مدلول الوا ضح الشهور‪ ،‬و الل غة إثبات أن الل فظ كذا‪،‬‬
‫لعن كذا‪ ،‬و الفرق ف غاية الظهور‪.‬‬
‫علم البيان‬
‫هذا العلم حادث ف اللة بعد علم العربية و اللغة‪ ،‬و هو من العلوم اللسانية لنه متعلق باللفاظ‬
‫و ما تفيده‪ .‬و يقصد با الدللة عليه من العان و ذلك أن المور الت يقصد التكلم با إفادة‬
‫السامع من كلمه هي‪ :‬إما تصور مفردات تسند و مسند إليها و يفضي بعضها إل بعض‪ .‬و‬
‫الدالة على هذه هي الفردات من الساء و الفعال و الروف و إما تييز السندات من السند‬
‫إليها و الزمنة‪ .‬و يدل عليها بتغي الركات من العراب و أبنية الكلمات‪ .‬و هذه كلها هي‬
‫صناعة الن حو‪ .‬و يب قى من المور الكتن فة بالواقعات الحتا جة للدللة أحوال التخا طبي أو‬
‫الفاعليس و مسا يقتضيسه حال الفعسل و هسو متاج إل الدللة عليسه لنسه مسن تام الفادة و إذا‬
‫حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الفادة ف كلمه‪ .‬و إذا ل يشتمل على شيء منها فليس من‬
‫جنس كلم العرب فإن كلمهم واسع و لكل مقام عندهم مقال يتص به بعد كمال العراب‬
‫و البانة‪ .‬أل ترى أن قولم زيد جاءن مغاير لقولم جاءن زيد من قبل أن التقدم منهما هو‬
‫الهم عند التكلم فمن قال‪ :‬جاءن زيد أفاد أن اهتمامه بالجيء قبل الشخص السند إليه و‬
‫من قال‪ :‬ز يد جاء ن أفاد أن اهتما مة بالشخص قبل الج يء ال سند‪ .‬و كذا التعبي عن أجزاء‬
‫الملة ب ا ينا سب القام من مو صول أو مب هم أو معر فة‪ .‬و كذا تأك يد ال سناد على الملة‬
‫كقول م‪ :‬ز يد قائم و أن زيدا قائم و إن زيدا لقائم متغايرة كل ها ف الدللة و إن ا ستوت من‬
‫طريق العراب فإن الول العاري عن التأكيد أنا يفيد الال الذهن و الثان الؤكد بإن يفيد‬
‫التردد و الثالث يفيد النكر فهي متلفة‪ .‬و كذلك تقول‪ :‬جاءن الرجل ث تقول مكانه بعينه‬
‫جاءن رجل إذا قصدت بذلك التنكي تعظيمه و أنه رجل ل يعادله أحد من الرجال‪ .‬ث الملة‬
‫السنادية تكون خبية و هي الت لا خارج تطابقه أول‪ ،‬و إنشائية و هي الت ل خارج لا‪.‬‬
‫كالطلب و أنواعه‪ .‬ث قد يتعي ترك العاطف بي الملتي إذا كان للثانية مل من العراب‪:‬‬
‫فيشرك بذلك منلة التا بع الفرد نع تا و توكيدا و بدل بل ع طف أو يتع ي الع طف إذا ل ي كن‬
‫للثانية مل من العراب‪ .‬ث يقتضي الحل الطناب و الياز فيورد الكلم عليهما‪ .‬ث قد يدل‬
‫بالل فظ و ل يراد منطو قه و يراد لز مه إن كان مفردا ك ما تقول‪ :‬ز يد أ سد فل تر يد حقي قة‬
‫السد النطوقة و إنا تريد شجاعته اللزمة و تسندها إل زيد و تسمى هذه استعارة‪ .‬و قد‬
‫تريد باللفظ الركب الدللة على ملزومه كما تقول‪ :‬زيد كثي الرماد و تريد ما لزم ذلك عنه‬
‫من الود و قرى الض يف لن كثرة الرماد ناشئة عنه ما ف دالة عليه ما‪ .‬و هذه كل ها دللة‬
‫زائدة على دللة اللفاظ مسن الفرد و الركسب و إناس هسي هيئات و أحوال الواقعات جعلت‬
‫للدللة علي ها أحوال و هيئات ف اللفاظ كل ب سب ما يقتض يه مقا مه‪ ،‬فاشت مل هذا العلم‬
‫ال سمى بالبيان على الب حث عن هذه الدللة ال ت هي للهيئات و الحوال و القامات و ج عل‬
‫على ثل ثة أ صناف‪ :‬ال صنف الول يب حث ف يه عن هذه اليآت و الحوال ال ت تطا بق بالل فظ‬
‫جيع مقتضيات الال و يسمى علم البلغة‪ ،‬و الصنف الثان يبحث فيه عن الدللة على اللزم‬
‫اللف ظي و ملزو مه و هي ال ستعارة و الكنا ية ك ما قلناه و ي سمى علم البيان‪ .‬و ألقوا ب ما‬
‫صنفا آخر و هو النظر ف تزيي الكلم و تسينه بنوع من التنميق إما بسجع يفصله أو تنيس‪.‬‬
‫يشابه بي ألفاظه أو ترصيع يقطع أو تورية عن العن القصود بإيهام معن أخفى منة لشتراك‬
‫الل فظ بينه ما و أمثال ذلك و ي سمى عند هم علم البدء‪ .‬و أ طق على ال صناف الثل ثة ع ند‬
‫الحدثي اسم البيان و هو اسم الصنف الثان لن القدمي أول من تكلموا فيها ث تلحقت‬
‫م سائل ال فن واحدة ب عد أخرى و ك تب في ها جع فر بن ي ي و الا حظ و قدا مة وأمثال م‬
‫إملءات غي وافية فيها‪ .‬ث ل تزل مسائل الفن تكمل شيئا فشيئا إل أن مص السكاكي زبدته‬
‫و هذب م سائله و ر تب أبوا به على ن و ما ذكرناه أن فا من الترت يب و ألف كتا به ال سمى‬
‫بالفتاح ف الن حو و الت صريف و البيان فج عل هذا ال فن من ب عض أجزائه‪ .‬و أخذه التأخرون‬
‫من كتابه و لصوا منه أمهات قي التداولة لذا العهد كما فعله السكاكي ف كتاب التبيان و‬
‫ا بن مالك ف كتاب ال صباح و جلل الد ين القزوي ن ف كتاب اليضاح و التلخ يص و هو‬
‫أ صغر حج ما من اليضاح و العنا ية به لذا الع هد ع ند أ هل الشرق ف الشرح و التعل يم م نه‬
‫أك ثر من غيه‪ .‬و بالملة فالشار قة على هذا ال فن أقوم من الغار بة و سببه و ال أعلم أ نه‬
‫كمال ف العلوم اللسانية و الصنائع الكمال ية تو جد ف وفور العمران‪ .‬و الشرق أو فر عمرانا‬
‫من الغرب كما ذكرناه‪ .‬أو نقول لعناية العجم و هم معظم أهل الشرق كتفسي الزمشري‪،‬‬
‫و هو كله مبن على هذا الفن و هو أصله‪ .‬و إنا اختص بأ هل الغرب من أصنافه علم البدء‬
‫خاصسة‪ ،‬و جعلوه مسن جلة علوم الدب الشعريسة‪ ،‬و فرغوا له ألقابسا و عدوا أبوابسا و نوعوا‬
‫أنواعسا‪ .‬و زعموا أنمس أحصسوها مسن لسسان العرب و إناس حلهسم على ذلك الولوع بتزييس‬
‫اللفاظ‪ ،‬و العلم البديع سهل الأخذ‪ .‬و صعبت عليهم مآخذ البلغة و البيان لدقة أنظارها و‬
‫غموض معانيه ما فتجافوا عنه ما‪ .‬و م ن ألف ف البدء من أ هل أفريق ية ا بن رش يق و كتاب‬
‫العمدة له مشهور‪ .‬و جرى كث ي من أ هل أفريق ية و الندلس على منحاه‪ .‬و اعلم أن ثرة هذا‬
‫ال فن إن ا هي ف ف هم العجاز من القرآن لن إعجازه ف وفاء الدللة م نه بم يع مقتضيات‬
‫الحوال منطو قة و مفهو مة و هي أعلى مرا تب الكمال مع الكلم في ما ي تص باللفاظ ف‬
‫انتقائها و جودة رصفها و تركيبها‪ .‬و هذا هو العجاز الذي تقصر الفهام عن إدراكه‪ .‬و إنا‬
‫يدرك بغض الشيء منه من كان له ذوق بخالطة اللسان العرب و حصول ملكته فيدرك من‬
‫إعجازه على قدر ذوقه‪ .‬فلهذا كانت مدارك العرب الذين سعوة من مبلغه أعلى مقاما ف ذلك‬
‫لنم فرسان الكلم و جهابذته و الذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون و أصحه‪ .‬و أحوج ما‬
‫يكون إل هذا الفن الفسرون و أكثر تفاسي التقدمي غفل عنه حت ظهر جاز ال الزمشري‬
‫و و ضع كتا به ف التف سي و تت بع آي القرآن بأحكام هذا ال فن ب ا يبدي الب عض من إعجازه‬
‫فانفرد بذا الفصل على جيع التفاسي لول أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن‬
‫بوجوه البلغة‪ .‬و لجل هذا يتحاماه كثي من أهل السنة مع وفور بضاعته من البلغة‪ .‬فمن‬
‫أحكم عقائد السنة و شارك ف هذا الفن بعض الشاركة حت يقتدر على الرد عليه من جنس‬
‫كل مه أو يعلم أ نه بد عة فيعرض عن ها و ل ت ضر ف معتقده فإ نه يتع ي عل يه الن ظر ف هذا‬
‫الكتاب للظفر بشيء من العجاز مع السلمة من البدع و الهواء‪ .‬و ال الادي من يشاء إل‬
‫سواء السبيل‪.‬‬

‫علم الدب‬
‫هذا العلم ل موضع له ينظر ف إثبات عوارضه أو نفيها‪ .‬و إنا القصود منة عند أهل اللسان‬
‫ثرتسه‪ ،‬و هسي الجادة فس فنس النظوم و النثور‪ ،‬على أسساليب العرب و مناحيهسم‪ ،‬فيجمعون‬
‫لذلك من كلم العرب ما عساه تصل به الكلمة‪ .‬من شعر عال الطبقة‪ ،‬و سجع متساو ف‬
‫الجادة‪ ،‬و مسائل من اللغة و النحو مبثوثة أثناء ذلك‪ ،‬متفرقة‪ ،‬يستقري منها الناظر ف الغالب‬
‫مع ظم قوان ي العرب ية‪ ،‬مع ذ كر ب عض من أيام العرب يف هم به ما ي قع ف أشعار هم من ها‪ .‬و‬
‫كذلك ذ كر ال هم من الن ساب الشهية و الخبار العا مة‪ .‬و الق صود بذلك كله أن ل ي فى‬
‫على الناظر فيه شيء من كلم العرب و أساليبيهم و مناحي بلغتهم إذا تصفحه لنه ل تصل‬
‫اللكة من حفظه إل بعد فهمه فيحتاج إل تقدي جيع ما يتوقف عليه فهمة‪ .‬ث إنم إذا أرادوا‬
‫حد هذا ال فن قالوا‪ :‬الدب هو ح فظ أشعار العرب وأخبار ها و ال خذ من كل علم بطرف‬
‫يريدون من علوم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونا فقط و هي القرآن و الديث‪ .‬إذ‬
‫ل مدخل لغي ذلك من العلوم ف كلم العرب إل ما ذهب إليه التأخرون عند كلفهم بصناعة‬
‫البد يع من التور ية ف أشعار هم و تر سلهم بال صطلحات العلم ية فاحتاج صاحب هذا ال فن‬
‫حينئذ إل معرفة اصطلحات العلوم ليكون قائما على فهمها‪ .‬و سعنا من شيوخنا ف مالسى‬
‫التعل يم أن أ صول هذا ال فن و أركا نه أرب عة دوار ين و هي أدب الكتاب ل بن قتي بة و كتاب‬
‫الكامل للمبد و كتاب البيان و التبيي للجاحظ و كتاب النوادر لب علي القال البغدادي‪ .‬و‬
‫ما سوى هذه الربعة فتبع لا و فروع عنها‪ .‬و كتب الحدثي ف ذلك كثية‪ .‬و كان الغناء‬
‫ف الصدر الول من أجزاء هذا الفن لا هو تابع للشعر إذ الغناء إنا هو تلحينه‪ .‬و كان الكتاب‬
‫و الفضلء من الواص ف الدولة العبا سية يأخذون أنف سهم به حر صا على ت صيل أ ساليب‬
‫الشعسر و فنونسه فلم ي كن انتحالة قادحسا فس العدالة و الروءة‪ .‬و قد ألف القاضسي أ بو الفرج‬
‫الصبهان كتابه ف الغان جع فيه أخبار العرب و أشعارهم و أنسابم و أيامهم و دولتهم‪ .‬و‬
‫جعسل مبناه على الغناء فس الائة صسوتا التس اختارهسا الغنون للرشيسد فاسستوعب فيسه ذلك أتس‬
‫استيعاب و أوفاه‪ .‬و لعمري إنه ديوان العرب و جامع أشتات الحاسن الت سلفت لم ف كل‬
‫فن من فنون الش عر و التار يخ و الغناء و سائر الحوال و ل يعدل به كتاب ف ذلك في ما‬
‫نعل مه و هو الغا ية ال ت ي سمو إلي ها الد يب و ي قف عند ها و أ ن له ب ا‪ .‬و ن ن الن نر جع‬
‫بالتحقيق على الجال فيما تكلمنا عليه من علوم اللسان‪ .‬و ال الادي للصواب‪.‬‬
‫الفصل السادس و الربعون‪ :‬ف أن اللغة ملكة صناعية‬
‫إعلم أن اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة إذ هي ملكات ف اللسان للعبارة عن العان و‬
‫جودتا و تصورها بسب تام اللكة أو نقصانا‪ .‬و ليس ذلك بالن ظر إل الفردات و إنا هو‬
‫بالنظر إل التراكيب‪ .‬فإذا حصلت اللكة التامة ف تركيب اللفاظ الفردة للتعبي با عن العان‬
‫القصودة و مراعاة التأليف الذي يطبق الكلم على مقتضى الال بلغ التكلم حينئد الغاية من‬
‫إفادة مق صوده لل سامع و هذا هو مع ن البل غة‪ .‬و اللكات ل ت صل إل بتكرار الفعال لن‬
‫الف عل ي قع أول و تعود م نه للذات صفة ث تتكرر فتكون حال‪ .‬و مع ن الال أن ا صفة غ ي‬
‫راسخه ث يزيد التكرار فتكون ملكة أي صفة راسخة‪ .‬فالتكلم من العرب حي كانت ملكته‬
‫الل غة العرب ية موجودة في هم يسمع كلم أ هل جيله و أ ساليبهم ف ماطبات م و كيف ية تعبيهم‬
‫عن مقاصدهم كما يسمع الصب استعمال الفردات ف معانيها فيلقنها أول ث يسمع التراكيب‬
‫بعد ها فيلقن ها كذلك‪ .‬ث ل يزال ساعهم لذلك يتجدد ف كل ل ظة و من كل متكلم و‬
‫ا ستعماله يتكرر إل أن يض ي ذلك مل كة و صفة را سخة و يكون كأحد هم‪ .‬هكذا ت صيت‬
‫الل سن و اللغات من ج يل إل ج يل و تعلم ها الع جم و الطفال‪ .‬و هذا هو مع ن ما تقوله‬
‫العا مة من أن الل غة للعرب بالط بع أي بالل كة الول ال ت أخذت عن هم و ل يأخذو ها عن‬
‫غيهم‪ .‬ث إنه لا فسدت هذه اللكة لضر بخالطتهم العاجم و سبب فسادها أن الناشئ من‬
‫ال يل صار ي سمع ف العبارة عن القا صد كيفيات أخرى غ ي الكيفيات ال ت كا نت للعرب‬
‫فيم يز ب ا عن مق صوده لكثرة الخالط ي للعرب من غي هم و ي سمع كيفيات العرب أي ضا‬
‫فاختلط عليه المر و أخذ من هذه وهذه فاستحدث ملكة و كانت ناقصة عن الول‪ .‬و هذا‬
‫معن فساد اللسان العرب‪ ،‬و لذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية و أصرحها لبعدهم‬
‫عن بلد العجم من جيع جهاتم‪ .‬ث من اكتنفهم من ثقيف و هذيل و خزاعة و بن كنانة‬
‫وغطفان و بن أسد و بن تيم‪ .‬و أما من بعد عنهم من ربيعة و لم و جذام و غسان و إياد‬
‫و قضاعة و عرب اليمن الجاورين لمم الفرس و الروم و البشة فلم تكن لغتهم تامة اللكة‬
‫بخالطة العاجم‪ .‬و على نسبة بعدهم من قريش كان الحتجاج بلغاتم ف الصحة و الفساد‬
‫عند أهل الصناعة العربية‪ .‬و ال سبحانة و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬
‫الفصل السابع و الربعون‪ :‬ف أن لغة العرب لذا العهد مستقلة مغايرة للغة مصر و حي‬
‫و ذلك أنا ندها ف بيان القاصد و الوفاء بالدللة على سنن اللسان الضري و ل يفقد منها‬
‫إل دللة الركات على تع ي الفا عل من الفعول فاعتاضوا من ها بالتقد ي و التأخ ي و بقرائن‬
‫تدل على خصوصيات القاصد‪ .‬إل أن البيان و البلغة ف اللسان الضري أكثر و أعرق‪ ،‬لن‬
‫اللفاظ بأعيان ا دالة على العا ن بأعيان ا‪ .‬و يب قى ما تقتض يه الحوال و ي سمى ب ساط الال‬
‫متا جا إل ما يدل عل يه‪ .‬و كل مع ن ل بد و أن تكتن فه أحوال ت صه في جب أن تع تب تلك‬
‫الحوال ف تأد ية الق صود لن ا صفاته و تلك الحوال ف ج يع الل سن أك ثر ما يدل علي ها‬
‫بألفاظ تصها بالوضع‪ .‬و أما ف اللسان العرب فإنا يدل عليها بأحوال و كيفيات ف تراكيب‬
‫اللفاظ و تأليفها من تقد ي أو تأخ ي أو حذف أو حر كة أعراب‪ .‬و قد يدل علي ها بالروف‬
‫غ ي ال ستقلة‪ .‬و لذلك تفاو تت طبقات الكلم ف الل سان العر ب ب سب تفاوت الدللة على‬
‫تلك الكيفيات ك ما قدمناه فكان الكلم العر ب لذلك أو جز و أ قل ألفا ظا و عبارة من ج يع‬
‫الل سن‪ .‬و هذا مع ن قوله صلى ال عل يه و سلم‪ :‬أوت يت جوا مع الكلم و اخت صر ل الكلم‬
‫اختصارا‪ .‬و اعتب ذلك با يكى عن عيسى بن عمر و قد قال له بعض النحاة‪ :‬إن أجد ف‬
‫كلم العرب تكرارا ف قول م‪ :‬ز يد قائم و إن زيدا قائم و إن زيدا لقائم و الع ن وا حد‪ .‬فقال‬
‫له‪ :‬إن معانيها متلفة‪ .‬فالول‪ :‬لفادة الال الذهن من قيام زيد‪ .‬و الثان‪ :‬لن سعه فتردد فيه‪،‬‬
‫و الثالث لنس عرف بالصسرار على إنكاره فاختلفست الدللة باختلف الحوال‪ .‬و مسا زالت‬
‫هذه البلغسة و البيان ديدن العرب و مذهبهسم لذا العهسد‪ .‬و ل تلتفتس فس ذلك إل خرفشسة‬
‫النحاة أ هل صناعة العراب القا صرة مدارك هم عن التحق يق ح يث يزعمون أن البل غة لذا‬
‫العهد ذهبت و أن اللسان العرب فسد اعتبارا با وقع ف أواخر الكلم من فساد العراب الذي‬
‫يتدار سون قواني نه‪ .‬و هي مقالة د سها التش يع ف طباع هم و ألقا ها الق صور ف أفئدت م و إل‬
‫فنحن ند اليوم الكثي من ألفاظ العرب ل تزل ف موضوعاتا الول و التعبي عن القاصد و‬
‫التعاون فيه بتفاوت البانة موجود ف كلمهم لذا العهد و أساليب اللسان و فنونه من النظم‬
‫و الن ثر موجودة ف ماطبات م و ف هم الط يب ال صقع ف مافل هم و مامع هم و الشا عر الفلق‬
‫على أساليب لغتهم‪ .‬و الذوق الصحيح و الطبع السليم شاهدان بذلك‪ .‬و ل يفقد من أحوال‬
‫الل سان الدون إل حركات العراب ف أوا خر الكلم ف قط الذي لزم ف ل سان م ضر طري قة‬
‫واحدة و مهيما معروفا و هو العراب‪ .‬و هو بعض من أحكام اللسان‪ .‬و إنا وقعت العناية‬
‫بلسان مضر لا فسد بخالطتهم العاجم حي استولوا على مالك العراق و الشام و مصر و‬
‫الغرب و صارت ملكته على غي الصورة الت كانت أول فانقلب لغة أخرى‪ .‬و كان القرآن‬
‫منل به و الد يث النبوي منقول بلغ ته و ه ا أ صل الد ين و اللة فخ شي تنا سيهما و انغلق‬
‫الفهام عنه ما بفقدان الل سان الذي نزل به فاحت يج إل تدو ين أحكا مه و و ضع مقايي سه و‬
‫استباط قوانينه‪ .‬و صار علما ذا فصول و أبواب و مقدمات و مسائل ساه أهله بعلم النحو و‬
‫صناعة العرب ية فأ صبح ف نا مفو ظا و عل ما مكتو با و سلما إل ف هم كتاب ال و سنة ر سوله‬
‫صلى ال عليه و سلم وافيا‪ .‬و لعلنا لو اعتنينا بذا اللسان العرب لذا العهد و استقرينا أحكامه‬
‫نعتاض عن الركات العرابية ف دللتها بأمور أخرى موخودة فيه تكون با قواني تصها‪ .‬و‬
‫لعلها تكون ف أواخره على غي النهاج الول ف لغة مضر فليست اللغات و ملكاتا مانا‪ .‬و‬
‫لقد كان اللسان الضري مع اللسان الميي بذه الثابة و تغي عند مضر كثي من موضوعات‬
‫الل سان الميي و ت صاريف كلما ته‪ .‬تش هد بذلك النقال الوجودة لدي نا خل فا ل ن يمله‬
‫القصسور على أناس لغسة واحدة و يلتمسس إجراء اللغسة المييسة على مقاييسس اللغسة الضريسة و‬
‫قوانينها كما يزعم بعضهم ف اشتقاق القيل ف اللسان الميي أنه من القول و كثي من أشباه‬
‫هذا و ليس ذلك بصحيح‪ .‬و لغة حي لغة أخرى مغايرة للغة مضر ف الكثي من أوضاعها و‬
‫تصاريفها و حركات إعرابا كما هي لغة العرب لعهفدنا مع لغة مضر إل أن العناية بلسان‬
‫م ضر من أ جل الشري عة ك ما قلناه ح ل ذلك على ال ستنباط و ال ستقراء و ل يس عند نا لذا‬
‫العهد ما يملنا على مثل ذلك و يدعونا إليه‪ .‬و ما وقع ف لغة هذا اليل العرب لذا العهد‬
‫حيث كانوا من القطار شأنم ف النطق بالقاف فإنم ل ينطقون با من مرج القاف عند أهل‬
‫المصار كما هو مذكور ف كتب العربية أنه من أقصى اللسان و ما فوقه من النك العلى‪.‬‬
‫و ما ينطقون ب ا أي ضا من مرج الكاف و إن كان أ سفل من مو ضع القاف و ما يل يه من‬
‫النك العلى كما هي بل ييئون با متوسطة بي الكاف و القاف و هو موجود للجيل أجع‬
‫حيث كانوا من غرب أو شرق حت صار ذلك علمة عليهم من بي المم و الجيال متصا‬
‫بم ل يشاركهم فيها غيهم‪ .‬حت إن من يريد التقرب و النتساب إل اليل و الدخول فيه‬
‫ياكيهم ف النطق با‪ .‬و عندهم أنه إنا يتميز العرب الصريح من الدخيل ف العروبية والضري‬
‫بالن طق بذه القاف‪ .‬و يظ هر بذلك أن ا ل غة م ضر بعين ها فإن هذا ال يل الباق ي معظم هم و‬
‫رؤساؤهم شرقا و غربا ف ولد منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلن من سليم بن‬
‫منصور و من بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور‪ .‬و هم لذا العهد‬
‫أكثر المم ف العمور و أغلبهم و هم من أعقاب مضر و سائر اليل معهم من بن كهلن ف‬
‫الن طق بذه القاف أ سوة‪ .‬و هذه الل غة ل يبتدع ها هذا ال يل بل هي متوار ثة في هم متعاق بة و‬
‫يظهر من ذلك أنا لغة مضر الولي و لعلها لغة النب صلى ال عليه و سلم بعينها قد ادعى‬
‫ذلك فقهاء أ هل الب يت و زعموا أن من قرأ ف أم القرآن اهد نا ال صراط ال ستقيم بغ ي القاف‬
‫الت لذا اليل فقد لن و أفسد صلته و ل أدر من أين جاء هذا ؟ فإن لغة أهل المصار أيضا‬
‫ل يستحدثوها و إنا تناقلوها من لدن سلفهم و كان أكثرهم من مضر لا نزلوا المصار من‬
‫لدن الف تح‪ .‬و أ هل ال يل أي ضا ل ي ستحدثوها إل أن م أب عد من مال طة العا جم من أ هل‬
‫المصار‪ .‬فهذا يرجح فيما يوجد من اللغة لديهم أنه من لغة سلفهم‪ .‬هذا مع اتفاق أهل اليل‬
‫كلهم شرقا و غربا ف النطق با و أنا الاصية الت يتميز با العرب من الجي و الضري‪ .‬و‬
‫الظاهر أن هذه القاف الت ينطق با أهل اليل العرب البدوي هو من مرج القاف عند أولم‬
‫مسن أهسل اللغسة‪ ،‬و أن مرج القاف متسسع‪ ،‬فأوله مسن أعلى النسك و آخره ماس يلي الكاف‪.‬‬
‫فالن طق ب ا من أعلى ال نك ف ل غة المصار‪ ،‬و الن طق با م ا يلي الكاف هي ل غة هذا ال يل‬
‫البدوي‪ .‬و بذا يند فع ما قاله أ هل الب يت من ف ساد ال صلة بترك ها ف أم القرآن‪ ،‬فإن فقهاء‬
‫المصار كلهم على خلف ذلك‪ .‬و بعيد أن يكونوا أهلوا ذلك‪ ،‬فوجهه ما قلناه‪ .‬نعم نقول‬
‫إن الرجح و الول ما ينطق به أهل اليل البدوي لن تواترها فيهم كما قدمناه شاهد بأنا‬
‫ل غة ال يل الول من سلفهم‪ ،‬و أن ا ل غة ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ .‬و ير جح ذلك أي ضا‬
‫ادغامهم لا ف الكاف لتقارب الخرجي‪ .‬و لو كانت كما ينطق با أهل المصار من أصل‬
‫ال نك‪ ،‬ل ا كا نت قري بة الخرج من الكاف‪ ،‬و ل تد غم‪ .‬ث إن أ هل العرب ية قد ذكروا هذه‬
‫القاف القري بة من الكاف‪ ،‬و هي ال ت ين طق ب ا أ هل ال يل البدوي من العرب لذا الع هد‪ ،‬و‬
‫جعلوها متوسطة بي مرجي القاف و الكاف‪ .‬على أنا حرف مستقل‪ ،‬و هو بعيد‪ .‬و الظاهر‬
‫أنا من آخر مرج القاف لتساعه كما قلناه‪ .‬ث إنم يصرحون باستهجانه و استقباحه كأنم‬
‫ل يصح عندهم أنا لغة اليل الول‪ .‬و فيما ذكرناه من اتصال نطقهم با‪ ،‬لنم إنا ورثوها‬
‫من سلفهم جيل بعد جيل‪ ،‬و أنا شعارهم الاص بم‪ ،‬دليل على أنا لغة ذلك اليل الول‪ ،‬و‬
‫ل غة ال نب صلى ال عل يه و سلم ك ما تقدم ذلك كله‪ .‬و قد يز عم زا عم أن هذه القاف ال ت‬
‫ينطق با أهل المصار ليست من هذا الرف‪ ،‬و أنا إنا جاءت من مالطتهم للعجم‪ ،‬و إنم‬
‫ينطقون با كذلك‪ ،‬فليست من لغة العرب‪ .‬و لكن القيس كما قدمناه من أنما حرف واحد‬
‫متسع الخرج‪ .‬فتفهم ذلك‪ .‬و ال الادي البي‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الربعون‪ :‬ف أن لغة أهل الضر والمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر‬
‫اعلم أن عرف التخاطب ف المصار و بي الضر ليس بلغة مضر القدية و ل بلغة أهل اليل‬
‫بل هي لغة أخرى قائمة بنفسها بعيدة عن لغة مضر و عن لغة هذا اليل العرب الذي لعهدنا و‬
‫هي عن لغة مضر أبعد‪ .‬فأنا إنا لغة قائمة بنفسها فهو ظاهر يشهد له ما فيها من التغاير الذي‬
‫يعد عند صناعة أهل النحو لنا‪ .‬و هي مع ذلك تتلف باختلف المصار ف اصطلحاتم‬
‫فلغة أهل الشرق مباينة بعض الشيء للغة أهل الغرب و كذا أهل الندلس عنهما و كل منهم‬
‫متوصل بلغته إل تأدية مقصوده و البانة عما ف نفسه‪ .‬و هذا معن اللسان و اللغة‪ .‬و فقدان‬
‫العراب ليس بضائر لم كما قلناه ف لغة العرب لذا الهد‪ .‬و أما أنا أبعد عن اللسان الول‬
‫من ل غة هذا ال يل فلن الب عد عن الل سان إن ا هو بخال طة العج مة‪ .‬ف من خالط الع جم أك ثر‬
‫كا نت لغ ته عن ذلك الل سان ال صلي أب عد لن الل كة إن ا ت صل بالتعل يم ك ما قلناه‪ .‬و هذه‬
‫ملكة متزجة من اللكة الول الت كانت للعرب و من اللكة الثانية الت للعجم‪ .‬فعلى مقدار‬
‫ما يسمعونه من العجم و يربون عليه يبعون عن اللكة الول‪ .‬و اعتب ذلك ف أمصار أفريقية‬
‫و الغرب والندلس و الشرق‪ .‬أ ما أفريق ية و الغرب فخال طت العرب في ها البابرة من الع جم‬
‫بوفور عمرانا بم و ل يكد يلو عنهم مضر و ل جيل فغلبت العجمة فيها على اللسان العرب‬
‫الذي كان لم و صارت لغة أخرى متزجة‪ .‬و العجمة فيها أغلب لا ذكرناه فهي عن اللسان‬
‫الول أبعد‪ .‬و كذا الشرق لا غلب العرب على أمه من فارس و الترك فخالطوهم و تداولت‬
‫بين هم لغات م ف الكرة و الفلح ي و ال سب الذ ين اتذوا خولً و دايات و أظآرا و مرا ضع‬
‫ففسدت لغتهم بفساد اللكة حت انقلبت لغة أخرى‪ .‬و كذا أهل الندلس مع عجم الللقة و‬
‫الفرنة‪ .‬و صار أهل المصار كلهم من هذه القاليم أهل لغة أخرى مصوصة بم تالف لغة‬
‫م ضر و يالف أي ضا بعض هم بع ضا ك ما نذكره و كأ نه ل غة أخرى ل ستحكام ملكت ها ف‬
‫أجيالم‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يقدر‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الربعون ف تعليم اللسان الضري‬


‫اعلم أن ملكة اللسان الضري لذا العهد قد ذهبت و فسدت و لغة أهل اليل كلهم مغايرة‬
‫للغة مضر الت نزل با القرآن و إنا هي لغة أخرى من امتزاح العجمة با كما قدمناه‪ .‬إل أن‬
‫اللغات لا كانت ملكات كما مر كان تعلمها مكنا شأن سائر اللكات‪ .‬و وجه التعليم لن‬
‫يبتغي هذه اللكة و يروم تصيلها أن يأخذ نفسه بفظ كلمهم القدي الاري على أساليبهم‬
‫من القرآن و الد يث و كلم ال سلف و ماطبات فحول العرب ف أ سجاعهم و أشعار هم و‬
‫كلمات الولدين أيضا ف سائر فنونم حت يتنل لكثرة حفظه لكلمهم من النظوم و النثور‬
‫منلة من نشأ بينهم و لقن العبارة عن القاصد منهم‪ .‬ث يتصرف بعد ذلك ف التعبي عما ف‬
‫ضميه على ح ساب عبارات م و تأل يف كلمات م و ما وعاه و حف ظه من أ ساليبهم و ترت يب‬
‫ألفاظهسم فتحثسل له هذه اللكسة بذا الفسظ و السستعمال و يزداد بكثرتمسا رسسوخا و قوة و‬
‫يتاج مع ذلك إل سلمة الط بع و التف هم ال سن لنازع العرب و أ سليبهم ف التراك يب و‬
‫مراعاة التطبيق بينهما و بي مقتضيات الحوال‪ .‬و الذوق يشهد بذلك و هو ينشأ ما بي هذه‬
‫اللكة و الطبع السليم فيهما كما نذكر‪ .‬و على قدر الحفوظ و كثرة الستعمال تكون جودة‬
‫القول الصنوع نظما و نثرا‪ ،‬و من حصل على هذه اللكات فقد حصل على لغة مضر و هو‬
‫النا قد الب صي بالبل غة في ها و هكذا ينب غي أن يكون تعلم ها‪ .‬و ال يهدي من يشاء بفضله و‬
‫كرمه‪.‬‬
‫الفصل المسون‪ :‬ف أن ملكة هذا اللسان غي صناعة العربية و مستغنية عنها ف التعليم‬
‫و السبب ف ذلك أن صناعة العربية إنا هي معرفة قواني هذه اللكة و مقاييسها خاصة‪ .‬فهو‬
‫علم بكيفية ل نفس كيفية‪ .‬فليست نفس اللكة و إنا هي بثابة من يعرف صناعة من الصنائع‬
‫علما ول يكمها عملً‪ .‬مثل أن يقول بصي بالياطة غي مكم للكتها ف التعبي عن بعض‬
‫أنواع ها اليا طة هي أن يد خل ال يط ف خرت البرة ث يغرز ها ف لف قي الثوب متمع ي و‬
‫يرجها من الانب الخر بقدار كذا ث يردها إل حيث ابتدأت ويرجها قدام منفذها الول‬
‫بطرح ما ب ي الث قبي الول ي ث يتمادى على ذلك إل آ خر الع مل و يع طي صورة ال بك و‬
‫الت ثبيت و التفت يح و سائر أنواع اليا طة و أعمال ا‪ .‬و هو إذا طولب أن يع مل ذلك بيده ل‬
‫يكم منه شيئا‪ .‬و كذا لو سئل عامل بالنجارة عن تفصيل الشب فيقول‪ :‬هو أن تضع النشار‬
‫على رأس الش بة وت سك بطر فه و آ خر قبال تك م سك بطر فه ال خر و تتعاقبا نه بينك ما و‬
‫أطرافه الضرسة الحددة تقطع ما مرت عليه ذاهبة و جائية إل أن ينتهي إل آخر الشبة‪ .‬و‬
‫هسو لو طولب بذا العمسل أو شيسء منسه ل يكمسه‪ .‬و هكذا العلم بقوانيس العراب مسع هذه‬
‫اللكة ف نفسها فإن العلم بقواني العراب إنا هو علم بكيفية العمل و ليس هو نفس العمل‪.‬‬
‫و لذلك ند كثيا من جهابذة النحاة و الهرة ف صناعة العربية الحيطي علما بتلك القواني‬
‫إذا سئل ف كتابة سطرين إل أخيه أو ذوي مودته أو شكوى ظلمه أو قصد من قصوده أخطأ‬
‫فيها عن الصواب و أكثر من اللحن ول يد تأليف الكلم لذلك و العبارة عن القصود على‬
‫أ ساليب الل سان العر ب ‪ ,‬و كذا ن د كثيا م ن ي سن هذه الل كة وي يد التف نن ف النظوم و‬
‫النثور و هسو ل يسسن إعراب الفاعسل مسن الفعول و ل الرفوع مسن الجرور و ل شيئا مسن‬
‫قواني صناعة العربية‪.‬‬
‫فمن هذا تعلم أن اللكة هي غي صناعة العربية و إنا مستغنية عنها بالملة و قد ند بعض‬
‫الهرة فس صسناعة العراب بصسيا بال هذه اللكسة و هسو قليسل و اتفاقسي و أكثسر مسا يقسع‬
‫للمخالطي لكتاب سيبوبه‪ .‬فإنه ل يقتصر على قواني العراب فقط بل مل كتابه من أمثال‬
‫العرب و شواهد أشعارهم و عباراتم فكان فيه جزء صال من تعليم هذه اللكة فتجد العاكف‬
‫عل يه و الح صل له قد ح صل على خط من كلم العرب و اندرج ف مفو ظه ف أماك نه و‬
‫مفا صل حاجا ته‪ .‬و تن به به لشأن الل كة فا ستوف تعليم ها فكان أبلغ ف الفادة‪ .‬و من هؤلء‬
‫الخالطي لكتاب سيبويه يغفل عن التفطن لذا فيحصل على علم اللسان صناعة و ل يصل‬
‫عليه ملكة‪ .‬و أما الخالطون لكتب التأخرين العارية عن ذلك إل من القواني النحوية مردة‬
‫عسن أشعار العرب و كلمهسم‪ ،‬فقسل مسا يشعرون لذلك بأمسر هذه اللكسة أو ينتبهون لشأناس‬
‫فتجد هم ي سبون أن م قد ح صلوا على رت بة ف ل سان العرب و هم أب عد الناس ع نه‪ .‬و أ هل‬
‫صناعة العربية بالندلس ومعلموها أقرب إل تصيل هذه اللكة و تعليمها من سواهم لقيامهم‬
‫فيها على شواهد العرب و أمثالم و التفقه ف الكثي من التراكيب ف مالس تعليمهم فيسبق‬
‫إل البتدئ كثي من اللكة أثناء التعليم فتنقطع النفس لا و تستعد إل تصيلها و قبولا‪ .‬و أما‬
‫من سواهم من أ هل الغرب و أفريق ية و غي هم فأجروا صناعة العرب ية مرى العلوم بثا و‬
‫قطعوا النظسر فس التفقسه فس كلم العرب إل أن أعربوا شاهدا أو رجحوا مذهبا مسن جهسة‬
‫القتضاء الذهن ل من جهة مامل اللسان و تراكيبه‪ .‬فأصبحت صناعة العربية كأنا من جلة‬
‫قوان ي الن طق العقل ية أو الدل و بعدت عن منا حي الل سان و ملك ته و أفاد ذلك حلت ها ف‬
‫المصار و آفاقها البعد عن اللكة ف الكلية‪ ،‬و كأنم ل ينظرون ف كلم العرب‪ .‬و ما ذلك‬
‫إل لعدول م عن البحث ف شواهد اللسان و تراكي به و تي يز أ ساليبه و غفلتهم عن الران ف‬
‫ذلك للمتعلم ف هو أح سن ما تف يد الل كة ف الل سان‪ .‬و تلك القوان ي إن ا هي و سائل للتعل يم‬
‫لكن هم أجرو ها على غ ي ما ق صد ب ا و أ صاروها علما بتا و بعدوا عن ثرت ا‪ .‬و تعلم م ا‬
‫قررناه ف هذا الباب أن ح صول مل كة الل سن العر ب إن ا هو بكثرة الح فظ من كلم العرب‬
‫حت يرتسم ف خياله النوال الذي نسجوا عليه تراكيبهم فينسج هو عليه و يتنل بذلك منلة‬
‫من نشأ معهم و خالط عباراتم ف كلمهم حت حصلت له اللكة الستقرة ف يالعبارة عن‬
‫القاصد على نو كلمهم‪ .‬و ال مقد المور كلها و ال أعلم بالغيب‪.‬‬
‫الفصل الواحد و المسون‪ :‬ف تفسر الذوق ف مصطلح أهل البيان و تقيق معناه و بيان‬
‫أنه ل يصل للمستعربي من العجم‬
‫اعلم أن لفظة الذوق يتداولا العتنون بفنون البيان و معناها حصول ملكة البلغة للسان‪ .‬و قد‬
‫مر تفسي البلغة و أنا مطابقة الكلم للمعن من جيع وجوهه بواص تقع للتراكيب ف إفادة‬
‫ذلك‪ .‬فالتكلم بلسسان العرب و البليسغ فيسه يتحرى اليئة الفيدة لذلك على أسساليب العرب و‬
‫أناء ماطباتمس و ينظسم الكلم على ذلك الوجسه جهده فإذا اتصسلت مقاماتسه بخالطسة كلم‬
‫العرب حصلت له اللكة ف نظم الكلم على ذلك الوجه و سهل عليه أمر التركيب حيث ل‬
‫يكاد ينحو فيه غي منحى البلغة الت للعرب و إن سع تركيبا غي جار على ذلك النحى مه‬
‫و نبا عنه سعه بأدن فكر‪ ،‬بل و بغي فكر‪ ،‬إل با استفاد من حصول هذه اللكة‪ .‬فإن اللكات‬
‫إذا استقرت و رسخت ف مالا ظهرت كأنا طبيعة و جبلة لذلك الحل‪ .‬و لذلك يظن كثي‬
‫مسن الغفليس منس ل يعرف شأن اللكات أن الصسواب للعرب ف لغتهسم إعرا با و بل غة أ مر‬
‫طبيعي‪ .‬و يقول كا نت العرب تن طق بالط بع و ل يس كذلك و إن ا هي مل كة ل سانية ف ن ظم‬
‫الكلم تك نت و ر سخت فظهرت ف بادئ الرأي أن ا جبلة و ط بع‪ .‬و هذه الل كة ك ما تقدم‬
‫إناس تصسل بمارسسة كلم العرب و تكرره على السسمع و التفطسن لواص تراكيبسه و ليسست‬
‫تصل بعرفة القواني العلمية ف ذلك الت استنبطها أهل صناعة اللسان فإن هذه القواني إنا‬
‫تفيد علما بذلك اللسان و ل تفيد حصول اللكة بالفعل ف ملها و قد مر ذلك‪ .‬و إذا تقرر‬
‫ذلك فملكة البلغة ف اللسان تدي البليغ إل وجود النظم و حسن التركيب الوافق لتراكيب‬
‫العرب ف لغتهم و نظم كلمهم‪ .‬و لو رام صاحب هذه اللكة حيدا عن هذه السبل العينة و‬
‫التراكيب الخصوصة لا قدر عليه و ل وافقه عليه لسانه لنه ل يعتاده و ل تديه إليه ملكته‬
‫الراسخة عنده‪ .‬و إذا عرض عليه الكلم حائدا عن أسلوب العرب و بلغتهم ف نظم كلمهم‬
‫أعرض ع نه و م ه و علم أ نة ل يس من كلم العرب الذ ين مارس كلم هم‪ .‬و رب ا يع جز عن‬
‫الحتجاج لذلك كما تصنه أهل القواني النحوية و البيانية فإن ذلك استدلل با حصل من‬
‫القواني الفادة بالستقراء‪ .‬و هذا أمر وجدان حاصل بمارسة كلم العرب حت يصي كواحد‬
‫من هم‪ .‬و مثاله‪ :‬لو فرض نا صبيا من صبيانم ن شأ و ر ب ف جيل هم فإ نه يتعلم لغت هم و ي كم‬
‫شأن العراب و البلغة فيها حت يستول على غايتها‪ .‬و ليس من العلم القانون ف شيء و إنا‬
‫هو ب صول هذه الل كة ف ل سانه و نط قه‪ .‬و كذلك ت صل هذه الل كة ل ن ب عد ذلك ال يل‬
‫بفظ كلمهم و أشعارهم و خطبهم و الداومة على ذلك بيث يصل اللكة و يصي كواحد‬
‫من نشأ ف جيلهم و رب بي أجيالم‪ .‬و القواني بعزل عن هذا و استعي لذه اللكة عندما‬
‫ترسخ و تستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان و الذوق و إنا هو موضوع‬
‫لدراك الطعوم‪ .‬لكن لا كان مل هذه اللكة ف اللسان من حيث النطق بالكلم كما هو مل‬
‫لدراك الطعوم استعي لا اسه‪ .‬و أيضا فهو وجدان اللسان كما أن الطعوم مسوسة له فقيل‬
‫له ذوق‪ .‬و إذا تبي لك ذلك علمت منه أن العاجم الداخلي ف اللسان العرب الطارئي عليه‬
‫الضطرين إل النطق به لخالطة أهله كالفرس و الروم و الترك بالشرق و كالببر بالغرب فإنه‬
‫ل ي صل ل م هذا الذوق لق صور حظ هم ف هذه الل كة ال ت قرر نا أمر ها لن ق صاراهم ب عد‬
‫طائفة من العمر و سبق ملكة أخرى إل اللسان و هي لغاتم أن يعتنوا با يتداوله أهل مصر‬
‫بين هم ف الحاورة من مفرد و مر كب ل ا يضطرون إل يه من ذلك‪ .‬و هذه الل كة قد ذه بت‬
‫لهل المصار و بعدوا عنها كما تقدم‪ .‬و إنا لم ف ذلك ملكة أخرى و ليست هي ملكة‬
‫الل سان الطلو بة‪ .‬و من عرف أحكام تلك الل كة من القوان ي ال سطرة ف الك تب فل يس من‬
‫تصيل اللكة ف شيء‪ .‬إنا حصل أحكامها كما عرفت‪ .‬و إنا تصل هذه اللكة بالمارسة و‬
‫العتياد و التكرر لكلم العرب‪ .‬فإن عرض لك مسا تسسمعة مسن أن سسيبويه و الفارسسي و‬
‫الزمشري و أمثال م من فر سان الكلم كانوا أعجا ما مع ح صول هذه الل كة ل م فاعلم أن‬
‫أولئك القوم الذين تسمع عنهم إنا كانوا عجما ف نسبهم فقط‪ .‬و أما الرب و النشأة فكانت‬
‫ب ي أ هل هذه الل كة من العرب و من تعلم ها من هم فا ستولوا بذلك من الكلم على غا ية ل‬
‫شيء وراءها و كأنم ف أول نشأتم من العرب الذين نشأوا ف أجيالم حت أدركوا كنه اللغة‬
‫و صاروا من أهلها فهم و إن كانوا عجما ف النسب فليسوا بأعجام ف اللغة و الكلم لنم‬
‫أدركوا اللة ف عنفوان ا و الل غة ف شباب ا و ل تذ هب أثار الل كة و ل من أ هل الم صار ث‬
‫عكفوا على المار سة و الدار سة لكلم العرب ح ت ا ستولوا على غاي ته‪ .‬و اليوم الوا حد من‬
‫الع جم إذا خالط أهل اللسان العرب بالمصار فأول ما يد تلك اللكة القصودة من اللسان‬
‫العرب متحية الثار‪ .‬و يد ملكتهم الاصة بم ملكة أخرى مالفة للكة اللسان العرب‪ .‬ث إذا‬
‫فرض نا أ نة أق بل على المار سة لكلم العرب و أشعار هم بالدار سة و ال فظ ي ستفيد ت صيلها‬
‫فقل أن يصل له ما قدمناه من أن اللكة إذا سبقتها ملكة أخرى ف الحل فل تصل إل ناقصة‬
‫مدوشة‪ .‬و إن فرضنا أعجميا ف النسب سلم من مالطة اللسان العجمي بالكلية و ذهب إل‬
‫تعلم هذه اللكة بالفظ و الدارسة فربا يصل له ذلك لكنه من الندور بيث ل يفى عليك‬
‫با تقرر‪ .‬و ربا يدعى كثي من ينظر ف هذه القواني البيانية حصول هذا الذوق له با و هو‬
‫غلط أو مغالطة و إنا حصلت له اللكة إن حصلت ف تلك القواني البيانية و ليست من ملكة‬
‫العبارة ف شيء‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل طريق مستقيم‪.‬‬

‫الف صل الثا ن و الم سون‪ :‬ف أن أ هل الم صار على الطلق قا صرون ف ت صيل هذه‬
‫اللكة اللسانية الت تستفاد بالتعليم و من كان منهم أبعد عن اللسان العرب كان حصولا‬
‫له أصعب و أعسر‬
‫و السبب ف ذلك ما يسبق إل التعلم من حصول ملكة منافية للملكة الطلوبة با سبق إليه من‬
‫اللسان الضري الذي أفاد ته العج مة ح ت نزل ب ا الل سان عن ملك ته الول إل مل كة أخرى‬
‫هي لغة الضر لذا العهد‪ .‬و لذا ند العلمي يذهبون إل السابقة بتعليم اللسان للولدان‪ .‬و‬
‫تعتقد النحاة أن هذه السابقة بصناعتهم و ليس كذلك و إنا هي بتهليم هذه اللكة بخالطة‬
‫الل سان و كلم العرب‪ .‬ن عم صناعة الن حو أقرب إل مال طة ذلك و ما كان من لغات أ هل‬
‫الم صار أعرق ف العج مة و أن عد عن ل سان م ضر ق صر ب صاحبه عن تعلم الل غة الضر ية و‬
‫حصول ملكتها لتمكن النافاة حينئذ‪ .‬و اعتب ذلك ف أهل المصار‪ .‬فأهل أفريقية و الغرب لا‬
‫كانوا أعرق ف العجمة و أبعد عن اللسان الول كان لم قصور تام ف تصيل ملكته بالتعليم‪.‬‬
‫و لقد نقل ابن الرفيق أن بعض كتاب القيوان كتب إل صاحب له‪ :‬يا أخي و من ل عدمت‬
‫فقده أعلمن أبو سعيد كلما أنك كنت ذكرت أنك تكون مع الذين تأت و عاقنا اليوم فلم‬
‫يتهيأ لنا الروج‪ .‬و أما أهل النل الكلب من أمر الشي فقد كذبوا هذا باطل ليس من هذا‬
‫حرفا واحدا‪ .‬و كتاب إليك و أنا مشتاق إليك إن شاء ال‪ .‬و هكذا كانت ملكتهم ف اللسان‬
‫الضري شبية با ذكرنا‪ .‬و كذلك أشعارهم كانت بعيدة عن اللكة نازلة عن الطبقة و ل تزل‬
‫كذلك لذا العهد و لذا ما كان بأفريقية من مشاهي الشعراء إل ابن رشيق و ابن شرف‪ .‬و‬
‫أك ثر ما يكون في ها الشعراء طارئ ي علي ها و ل تزل طبقت هم ف البل غة ح ت الن مائلة إل‬
‫الق صور‪ .‬و أ هل الندلس أقرب من هم إل ت صيل هذه الل كة بكثرة معانات م و امتلئ هم من‬
‫الحفوظات اللغويسة نظمسا و نثرا‪ .‬و كان فيهسم ابسن حيان الؤرخ إمام أ هل الصسناعة فس هذه‬
‫اللكة و رافع الراية لم فيها و ابن عبد ربه و السقطلي و أمثالم من شعراء ملوك الطوائف لا‬
‫زخرت فيها بار اللسان و الدب و تداول ذلك فيهم مئي من السني حت كان النفضاض‬
‫و اللء أيام تغلب الن صرانية‪ .‬و شغلوا عن تعلم ذلك و تنا قص العمران فتنا قص لذلك شأن‬
‫الصنائع كلها فقصرت اللكة فيهم عن شأنا حت بلغت الضيض‪ .‬و كان من آخرهم صال‬
‫بن شريف و مالك بن مرحل من تلميذ الطبقة الشبيليي بسبتة و كتاب دولة بن الحر ف‬
‫أولا‪ .‬و ألقت الندلس أفلذ كبدها من أهل تلك اللكة باللء إل العدوة لعدوة الشبيلية إل‬
‫سبته و من شرقي الندلس إل أفريقية‪ .‬و ل يلبثوا إل أن انقرضوا و انقطع سند تعليمهم ف‬
‫هذه الصناعة لعسر قبول العدوة لا و صعوبتها عليهم بعوج ألسنتهم و رسوخهم ف العجمة‬
‫الببرية و هي منافية لا قلناه‪ .‬ث عادت اللكة من بعد ذلك إل الندلسس كما كانت و نم‬
‫با ابن بشرين و ابن جابر و ابن الياب و طبقتهم‪ .‬ث إبراهيم الساحلي الطريي و طبقته و‬
‫قفا هم ا بن الطيب من بعد هم الالك لذا العهد شهيدا ب سعاية أعدائه‪ .‬و كان له ف اللسان‬
‫ملكسة ل تدرك و اتبسع أثره تلميذه مسن بعده‪ .‬و بالملة فشأن هذه اللكسة بالندلس أكثسر و‬
‫تعليمها أيسر و أسهل با هم عليه لذا العهد كما قدمناه من معاناة علوم اللسان و مافظتهم‬
‫عليها و على علوم الدب و سند تعليم ها‪ .‬و لن أهل اللسان العجمي الذ ين تف سد ملكتهم‬
‫إنا هم طارئون عليهم‪ .‬و ليست عجمتهم أصل للغة أهل الندلس و الببر ف هذه العدوة و‬
‫هم أهلها و لسانم لسانا إل ف المصار فقط‪ .‬و هم منغمسون ف بر عجمتهم و رطانتهم‬
‫الببرية فيصعب عليهم تصيل اللكة اللسانية بالتعليم بلف أهل الندلس‪ .‬و اعتب ذلك بال‬
‫أهل الشرق لعهد الدولة الموية و العباسية فكان شأنم شأن أهل الندلس ف تام هذه اللكة‬
‫و إجادتا لبعدهم لذلك العهد عن العاجم و مالطتهم إل ف القليل‪ .‬فكان أمر هذه اللكة ف‬
‫ذلك العهسد أقوم و كان فحول الشعراء و الكتاب أوفسر لتوفسر العرب و أبنائهسم بالشرق‪ .‬و‬
‫انظز ما اشتمل عليه كتاب الغان من نظمهم و نثرهم فإن ذلك الكتاب هو كتاب العرب و‬
‫ديوانم و فيه لغتهم و أخبارهم و أيامهم و ملتهم العربية وسيتم و آثار خلفائهم و ملوكهم‬
‫و أشعار هم و غناو هم و سائر معاني هم له فل كتاب أو عب م نه لحوال العرب‪ .‬و ب قي أ مر‬
‫هذه اللكة مستحكما ف الشرق ف الدولتي و ربا كانت فيهم أبلغ من سواهم من كان ف‬
‫الاهلية كما نذكره بعد‪ .‬حت تلشى أمر العرب و درست لغتهم و فسد كلمهم و انقضى‬
‫أثر هم و دولت هم و صار ال مر للعا جم و اللك ف أيدي هم و التغلب ل م‪ .‬و ذلك ف دولة‬
‫الديلم و ال سلجوقية‪ .‬و خالطوا أ هل الم صار و كثرو هم فامتلت الرض بلغات م‪ .‬وا ستولت‬
‫العجمة على أهل المصار و الواضر حت بعدوا عن اللسان العرب و ملكته و صار متعلمها‬
‫من هم مق صرا عن ت صيلها‪ .‬و على ذلك ن د ل سانم لذا الع هد ف ف ن النظوم و النثور و إن‬
‫كانوا مكثر ين م نه‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يتار و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوف يق ل‬
‫رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و المسون‪ :‬ف انقسام الكلم إل فن النظم و النثر‬


‫اعلم أن ل سان العرب و كلم هم على فن ي ف الش عر النظوم و هو الكلم الوزون الق فى و‬
‫معناه الذي تكون أوزا نه كل ها على روي وا حد و هو القاف ية‪ .‬و ف الن ثر و هو الكلم غ ي‬
‫الوزون و كل واحد من الفني يشتمل على فنون و مذاهب ف الكلم‪ .‬فأما الشعر فمنه الدح‬
‫و الجاء و الرثاء و أما النثر فمنه السجع الذي يؤتى به قطعا و يلتزم ف كل كلمتي منه قافية‬
‫واحدة تسمى سجعا و م نه الر سل و هو الذي يطلق ف يه الكلم إطلقا و ل يقطع أجزاء بل‬
‫ير سل إر سال من غ ي تقي يد بقاف ية و ل غي ها‪ .‬و ي ستعمل قي ال طب و الدعاء و ترغ يب‬
‫المهور و ترهيب هم‪ .‬و أ ما القرآن و إن كان من النثور إل أ نه خارج عن الو صفي و ل يس‬
‫ي سمى مر سل مطل قا و ل م سجعا‪ .‬بل تف صيل آيات ينت هي إل مقا طع يش هد الذوق بانتهاء‬
‫الكلم عندها‪ .‬ث يعاد الكلم ف الية الخرى بعدها و يثن من غي التزام حرف يكون سجعا‬
‫و ل قافية و هو معن قوله تعال‪ :‬ال نزل أحسن الديث كتابا متشابا مثان تقشعر منه جلود‬
‫الذ ين يشون رب م‪ .‬و قال‪ :‬قد ف صلنا اليات‪ .‬و ي سمى آ خر اليات من ها فوا صل إذ لي ست‬
‫أ سجاعا و ل التزم في ها ما يلتزم ف ال سجع و ل هي أي ضا قواف‪ .‬و أطلق ا سم الثا ن على‬
‫آيات القرآن كل ها على العموم ل ا ذكرناه و اخت صت بأم القرآن للغل بة في ها كالن جم للثر يا و‬
‫لذا سيت السبع الثان‪ .‬و انظر هذا مع ما قاله الفسرون ف تعليل تسميتها بالثان يشهد لك‬
‫الق برجحان ما قلناه‪ .‬و اعلم أن لكل واحد من هذه الفنون أساليب تتص به عند أهله و ل‬
‫تصلح للفن الخر و ل تستعمل فيه مثل النسيب الختص بالشعر و المد و الدعاء الختص‬
‫بالطب و الدعاء الختص بالخاطبات و أمثال ذلك‪ .‬و قد استعمل التأخرون أساليب الشعر‬
‫و موازينه ف النثور من كثرة الشجاع و التزام التقفية و تقدي النسيب بي يدي الغراض‪ .‬و‬
‫صار هذا النثور إذا تأملته من باب الشعر و فنه و ل يفترقا إل ف الوزن‪ .‬و استمر التأخرون‬
‫من الكتاب على هذه الطري قة و ا ستعملوها ف الخاطبات ال سلطانية و قصروا ال ستعمال ف‬
‫النثور كله على هذا ال فن الذي ارتضوه و خلطوا ال ساليب ف يه و هجروا الر سل و تنا سوه و‬
‫خ صوصا أ هل الشرق‪ .‬و صارت الخاطبات ال سلطانية لذا الع هد ع ند الكتاب الغ فل جار ية‬
‫على هذا السلوب الذي أشرنا إليه و هو غي صواب من جهة البلغة لا يلحظ ف تطبيق‬
‫الكلم على مقتضى الال من أحوال الخاطب و الخاطب‪ .‬و هذا الفن النثور القفى أدخل‬
‫التأخرون فيه أساليب الشعر فوجب أن تنه الخاطبات السلطانية عنه إذ أساليب الشعر تنافيها‬
‫اللوذع ية و خلط ال د بالزل و الطناب ف الو صاف و ضرب المثال و كثرة الت شبيهات و‬
‫الستعارات حيث ل تدعو ضرورة إل ذلك ف الطاب‪ .‬و التزام التقفية أيضا من اللوذعة و‬
‫التزي ي و جلل اللك و ال سلطان و خطاب المهور عن اللوك بالترغ يب و التره يب تنا ف‬
‫ذلك و يباي نة‪ .‬و الحمود ف الخاطبات ال سلطانية التر سل و هو إطلق الكلم و إر ساله من‬
‫غ ي ت سجيع إل ف ال قل النادر‪ .‬و ح يث تر سله الل كة إر سال من غ ي تكلف له ث إعطاء‬
‫الكلم ح قه ف مطابق ته لقت ضى الال فإن القامات متل فة و ل كل مقام أ سلوب ي صه من‬
‫إطناب أو إياز أو حذف أو إثبات أو تصسريح أو إشارة أو كنايسة و اسستعارة‪ .‬و أمسا إجراء‬
‫الخاطبات ال سلطانية على هذا الن حو الذي هو على أ ساليب الش عر فمذموم و ما ح ل عل يه‬
‫أ هل الع صر إل ا ستيلء العج مة على أل سنتهم و ق صورهم لذلك عن إعطاء الكلم ح قه ف‬
‫مطابقته لقتضى الال فعجزوا عن الكلم الرسل لبعد أمده ف البلغة و انفساح خطوبه‪ .‬و‬
‫ولعوا بذا السجع يلفقون به ما نقصهم من تطبيق الكلم على القصود و مقتضى الال فيه‪.‬‬
‫و يبونه بذلك القدر من التزيي بالسجاع و اللقاب البديعة و يغفلون عما سوى ذلك‪ .‬و‬
‫أكثر من أخذ بذا الفن و بالغ فيه ف سائر أناه كلمهم كتاب الشرق و شعراؤه لذا العهد‬
‫ح ت إن م ليخلون بالعراب ف الكلمات و الت صريف إذا دخلت ل م ف تن يس أو مطاب قة ل‬
‫يتمعان معهسا فيجحون ذلك الصسنف مسن التجنيسس‪ .‬و يدعون العراب و يفسسدون بنيسة‬
‫الكلمة عساها تصادف التجنيس‪ .‬فتأفل ذلك با قدمناه لك تقف على صحة ما ذكرناه‪ .‬و ال‬
‫الوفق للصواب بنه و كرمه و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع و المسون‪ :‬ف أنه ل تتفق الجادة ف فن النظوم و النثور معا إل للقل‬
‫و ال سبب ف ذلك أ نه ك ما بيناه مل كة ف الل سان فإذا ت سبقت إل مله مل كة أخرى ق صرت‬
‫بال حل عن تام الل كة اللح قة‪ .‬لن تام اللكات و ح صولا للطبائع ال ت على الفطرة الول‬
‫أسهل و أيسر‪ .‬و إذا تقدمتها ملكة أخرى كانت منازعة لا ف الادة القابلة و عالقة عن سرعة‬
‫القبول فوقعت النافاة و تعذر التمام ف اللكة و هذا موجود به ف اللكات الصناعية كلها على‬
‫الطلق‪ .‬و قد بره نا عل يه ف موض عه بن حو من هذا البهان‪ .‬فاع تب مثله ف اللغات فإن ا‬
‫ملكات اللسان و هي بنلة الصناعة‪ .‬و انظر من تقدم له شيء من العجمة كيف يكون قاصرا‬
‫ف اللسان العرب أبدا‪ .‬فالعجمي الذي سبقت له اللغة الفارسية ل يستول على ملكة اللسان‬
‫العرب و ل يزال قاصرا فيه و لو تعلمه و علمه‪ .‬و كذا الببري و الرومي‪ .‬و الفرني قل أن‬
‫ت د أحدا من هم مك ما لل كة الل سان العر ب‪ .‬و ما ذلك إل ل ا سبق إل أل سنتهم من مل كة‬
‫اللسان الخر حت إن طالب العلم من أهل هذه اللسن إذا طلبه بي أهل اللسان العرب جاء‬
‫مقصرا ف معارفه عن الغاية و التحصيل و ما أوت إل من قبل اللسان‪ .‬و قد تقدم لك من قبل‬
‫أن الل سن و اللغات شبي هة بال صنائع‪ .‬و قد تقدم لك أن ال صنائع و ملكات ا ل تزد حم‪ .‬و أن‬
‫من سبقت له إجادة ف صناعة ف قل أن ي يد ف أخرى أو ي ستول في ها على الغا ية‪ .‬و ال‬
‫خلقكم و ما تعملون‪.‬‬
‫الفصل الامس و المسون‪ :‬ف صناعة الشعر و وجه تعلمه‬

‫هذا الفن من فنون كلم العرب و هو السمى بالشعر عندهم و يوجد ف سائر اللغات إل أننا‬
‫الن إنا نتكلم ف الشعر الذي للعرب‪ .‬فإن أمكن أن تد فيه أهل اللسن الخرى مقصودهم‬
‫من كلمهم و إل فلكل لسان أحكام ف البلغة تصه‪ .‬و هو ف لسان العرب غريب النعة‬
‫عزيز النحى إذ هو كلم مفصل قطعا قطعا متساوية ف الوزن متحدة ف الرف الخي من‬
‫كل قطعة و تسمى كل قطعي من هذه القطعات عندهم بيتا و ي سمى الرف الخي الذي‬
‫تتفق فيه رويا و قافية و يسمى جلة الكلم إل آخره قصيدة و كلمة‪ .‬و ينفرد كل بيت منه‬
‫بإفادته ف تراكيبه حت كأنه كلم وحده مستقل عما قبله و ما بعده‪ .‬و إذا أفرد كان تاما ف‬
‫بابه ف مدح أؤ تشبيب أو رثاء فيحرص الشاعر على إعطاء ذلك البيت ما يستقل ف إفادته‪.‬‬
‫ث ي ستأنف ف الب يت ال خر كل ما آ خر كذلك و ي ستطرد للخروج من فن إل فن و من‬
‫مق صود إل مق صود بأن يو طئ الق صود الول و معان يه إل أن ينا سب الق صود الثان و يبعد‬
‫الكلم عن التنا فر‪ .‬ك ما ي ستطرد من الت شبيب إل الدح و من و صف البيداء و الطلول إل‬
‫وصف الركاب أو اليل أو الطيف و من وصف المدوح إل وصف قومه و عساكره و من‬
‫التفجع و العزاء ف الرثاء إل التأثر و أمثال ذلك‪ .‬و يراعي فيه اتفاق القصيدة كلها ف الوزن‬
‫الواحد حذرا من أن يتساهل الطبع ف الروج من وزن إل وزن يقاربه‪ .‬فقد يفى ذلك من‬
‫أ جل القار بة على كثي من الناس‪ .‬و لذه الواز ين شروط و أحكام تضمنها علم العروض‪ .‬و‬
‫ليس كل وزن يتفق ف الطبع استعملته العرب ف هذا الفن و إنا هي أوزان مصوصة تسميها‬
‫أهل تلك الصناعة البحور‪ .‬و قد حصروها ف خسة عشر برا بعن أنم ل يدوا للعرب ف‬
‫غيها من الوازين الطبيعية نظما‪ .‬و اعلم أن فن الشعر من بي الكلم كان شريفا عند العرب‪.‬‬
‫و لذلك جعلوه ديوان علومهم و أخبارهم و شاهد صوابم و خطئهم و أصل يرجعون إليه ف‬
‫الكثيس مسن علومهسم و حكمهسم‪ .‬و كانست ملكتسه مسستحكمة فيهسم شأن اللكات كلهسا‪ .‬و‬
‫اللكات اللسانية كلما إنا تكسب بالصناعة و الرتياض ف كلمهم حت يصل شبة ف تلك‬
‫اللكة‪ .‬و الشعر من بي فنون الكلم صعب الأخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة من‬
‫التأخرين لستقلل كل بيت منه بأنه كلم تام ف مقصوده و يصلح أن ينفرد دون ما سواه‬
‫فيحتاج من أجل ذلك إل نوع تلطف ف تلك اللكة حت يفرغ الكلم الشعري ف قوالبه الت‬
‫عرفت له ف ذلك النحى من شعر العرب و يبز مستقل بنفسه‪ .‬ث يأتى ببيت آخر كذلك ث‬
‫ببيت آ خر و ي ستكمل الفنون الواف ية بق صوده‪ .‬ث ينا سب ب ي البيوت ف موالة بعض ها مع‬
‫بعسض بسسب اختلف الفنون التس فس القصسيدة‪ .‬و لصسعوبة منحاه و غرابسة فنسه كان مكسا‬
‫للقرائح ف استجادة أساليبه و شحذ الفكار ف تنيل الكلم ف قوالبه‪ .‬و ل يكفي فيه ملكة‬
‫الكلم العر ب على الطلق بل يتاج ب صوصه إل تل طف و ماولة ف رعا ية ال ساليب ال ت‬
‫اختصته العرب با و استعمالا فيه‪ .‬لنذكر هنا سلوك السلوب عند أهل هذه الصناعة و ما‬
‫يريدون ب ا ف إطلق هم‪ .‬فاعلم أن ا عبارة عند هم عن النوال الذي ين سج ف يه التراك يب أو‬
‫القالب الذي يفرغ بسه‪ .‬و ل يرجسع إل الكلم باعتبار إفادتسه أصسل العنس الذي هسو وظيفسة‬
‫العراب و ل باعتبار إفاد ته كمال الع ن من خواص التراك يب الذي هو و ظي فة البل غة و‬
‫البيان و ل باعتبار الوزن كمسا اسستعمله العرب فيسه الذي هسو وظيفسة العروض‪ .‬فهذه العلوم‬
‫الثلثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية و إنا يرجع إل صورة ذهنية للتراكيب النتظمة كلية‬
‫باعتبار انطباق ها على ترك يب خاص‪ .‬و تلك ال صورة ينتزع ها الذ هن من أعيان التراك يب و‬
‫أشخا صها و ي صيها ف اليال كالقالب أو النوال ث ينت قي التراك يب ال صحيحة ع ند العرب‬
‫باعتبار العراب و البيان فيصها فيه رصا كما يفعله البناء ف القالب أو النساج ف النوال حت‬
‫يت سع القالب ب صول التراك يب الواف ية بق صود الكلم و ي قع على ال صورة الصحيحة باعتبار‬
‫ملكة اللسان العرب فيه فإن لكل فن من الكلم أساليب تتص به و توجد فيه على أناء متلفة‬
‫فسسؤال الطلول فس الشعسر يكون بطاب الطلول كقوله‪ :‬يسا دار ميسة بالعلياء فالسسند و يكون‬
‫باستدعاء الصحب للوقوف و السؤال كقوله‪ :‬قفا نسأل الدار الت خف أهلها‪ .‬أو باستبكاء‬
‫الصحب على الطلل كقوله‪ :‬قفا نبك من ف ذكرى حبيب و منل‪ .‬أو بالستفهام عن الواب‬
‫لخاطب غي معي كقوله‪ :‬أل تسأل فتخبك الرسوم‪ .‬و مثل تية الطلول بالمر لخاطب غي‬
‫معي بتحيتها كقوله‪ :‬حي الديار بانب الغزل‪ .‬أو بالدعاء لا بالسقيا كقوله‪:‬‬
‫و غدت عليهم نضرة و نعيم‬ ‫أسقى طلولم أجش هزي‬

‫أو سؤاله السقيا لا من البق كقوله‪:‬‬

‫واحد السحاب لا حداء الينق‬ ‫يا برق طالع منل بالبرق‬

‫أو مثل التفجع ف الزع باستدعاء البكاء كقوله‪:‬‬

‫و ليس لعي ل يفض ماؤها عذر‬ ‫كذا فليجل الطب و ليفدح المر‬

‫أو باستعظام الادث كقوله‪ :‬أرأيت من حلوا على العواد أرأيت كيف خبا ضياء النادي‪ .‬أو‬
‫بالتسجيل على الكوان بالصيبة لفقده كقوله‪:‬‬

‫مضى الردى بطويل الرمح و الباع‬ ‫منابت العشب ل حام و ل راع‬

‫أو بالنكار على من ل يتفجع له من المادات كقول الارجية‪:‬‬

‫كأنك ل تزع على ابن طريف‬ ‫أيا شجر الابور مالك مورقا‬

‫أو بتهيئة فريقه بالراحة من ثقل وطأته كقوله‪:‬‬

‫أودى الردى بفريقك الغوار‬ ‫ألقى الرماح ربيعة بن نزار‬

‫و أمثال ذلك كث ي من سائر فنون الكلم و مذاه به‪ .‬و تنت ظم التراك يب ف يه بال مل و غ ي‬
‫المل إنشائية و خبية‪ ،‬إسية و فعلية‪ ،‬متفقة‪ ،‬مفصولة و موصولة‪ ،‬على ما هو شأن التراكيب‬
‫ف الكلم العرب ف مكان كل كلمة من الخرى‪ .‬يعرفك فيه ما تستفيده بالرتياض ف أشعار‬
‫العرب من القالب الكلي الجرد ف الذ هن من التراك يب العي نة ال ت ينط بق ذلك القالب على‬
‫جيع ها‪ .‬فإن مؤلف الكلم هو كالبناء أو الن ساج و ال صورة الذهن ية النطب قة كالقالب الذي‬
‫يب ن ف يه أو النوال الذي ين سج عل يه‪ .‬فإن خرج عن القالب ف بنائه أو عن النوال ف ن سجه‬
‫كان فاسدا‪ .‬و ل تقولن إن معرفة قواني البلغة كافية لذلك لنا نقول قواني البلغة إنا هي‬
‫قواعد علم ية قياسية تفيد جواز استعمال التراكيب على هيئتها الا صة بالقياس‪ .‬و هو قياس‬
‫علمي صحيح مطرد كما هو قياس القواني العرابية‪ .‬و هذه الساليب الت نن نقررها ليست‬
‫من القياس ف شيء إنا هي هيئة ترسخ ف النفس من تتبع التراكيب ف شعر العرب لريانا‬
‫على الل سان ح ت ت ستحكم صورتا في ستفيد ب ا الع مل على مثال ا و الحتذاء ب ا ف كل‬
‫ترك يب من الش عر ك ما قدم نا ذلك ف الكلم بإطلق‪ .‬و إن القوان ي العلم ية من العرب ية و‬
‫البيان ل يف يد تعلي مه بو جه‪ .‬و ل يس كل ما ي صح ف قياس كلم العرب و قواني نه العلم ية‬
‫اسستعملوه‪ .‬و إناس السستعمل عندهسم مسن ذلك أناء معروفسة يطلع عليهسا الافظون لكلمهسم‬
‫تندرج صورتا ت ت تلك القوان ي القيا سية‪ .‬فإذا ن ظر ف ش عر العرب على هذا الن حو و بذه‬
‫ال ساليب الذهن ية ال ت ت صي كالقوالب كان نظرا ف ال ستعمل من تراكيب هم ل في ما يقتض يه‬
‫القياس‪ .‬و لذا قلنا إن الحصل لذه القوالب ف الذهن إنا هو حفظ أشعار العرب و كلمهم‪.‬‬
‫و هذه القوالب ك ما تكون ف النظوم تكون ف النثور فإن العرب ا ستعملوا كلم هم ف كل‬
‫الفني وجاؤوا به مفصل ف النوعي‪ .‬ففي الشعر بالقطع الوزونة و القواف القيدة و استقلل‬
‫الكلم ف كل قطع ي و ف النثور يع تبون الواز نة و التشا به ب ي الق طع غال با و قد يقيدو نه‬
‫بالسجاع‪ .‬و قد يرسلونه و كل واحد ف من هذه معروفة ف لسان العرب‪ .‬و الستعمل منها‬
‫عندهم هو الذي يبن مؤلف الكلم عليه تأليفه و ل يعرفه إل من حفظ كلمهم حت يتجرد‬
‫ف ذه نه من القوالب العي نة الشخ صية قالب كلي مطلق يذو حذوه ف التأل يف ك ما يذو‬
‫البناء على القالب و النساج على النوال‪ .‬فلهذا كان من تآليف الكلم منفردا عن نظر النحوي‬
‫و البيان و العروضي‪ .‬نعم إنه مراعاة قواني هذه العلوم شرط فيه ل يتم بدونا فإذا تصلت‬
‫هذه ال صفات كل ها ف الكلم اخ تص بنوع من الن ظر لط يف ف هذه القوالب ال ت ي سمونا‬
‫أ ساليب‪ .‬و ل يفيده إل ح فظ كلم العرب نظ ما و نثرا‪ .‬و إذا تقرر مع ن ال سلوب ما هو‬
‫فلنذكر بعده حدا أو رسا للشعر به تفهم حقيقته على صعوبة هذا العرض‪ .‬فإنا ل نقف عليه‬
‫لحد من التقدمي فيما رأيناه‪ .‬و قول العروضيي ف حده إنه الكلم الوزون القفى ليس بد‬
‫لذا الش عر الذي ن ن ب صدده و ل ر سم له‪ .‬و صناعتهم إن ا تن ظر ف الشعر من حيث اتفاق‬
‫أبيا ته فس عدد التحركات و السسواكن على التوال‪ ،‬و ماثلة عروض أبيات الشعسر لضرباس‪ .‬و‬
‫ذلك نظر ف وزن مدد عن اللفاظ و دللتها‪ .‬فناسب أن يكون حدا عندهم‪ ،‬و نن هنا ننظر‬
‫فس الشعسر باعتبار مسا فيسه مسن العراب و البلغسة‪ .‬و الوزن و القوالب الاصسة‪ .‬فل جرم إن‬
‫حدهم ذلك ل يصلح له عندنا فل بد من تعريف يعطينا حقيقته من هذه اليثية فنقول‪ :‬الشعر‬
‫هو الكلم البل يغ الب ن على ال ستعاره و الو صاف‪ ،‬الف ضل بأجزاء متفقة ف الوزن و الروي‬
‫مسستقل كسل جزء منهسا فس غرضسه و مقصسده عمسا قبله و بعده الاري على أسساليب العرب‬
‫الخصوصة به‪ .‬فقولنا الكلم البليغ جنس و قولنا البن على الستعارة و الوصاف فصل له‬
‫ع ما يلو من هذه فإ نه ف الغالب ل يس بش عر و قول نا الف صل بأجزاء متف قة الوزن و الروي‬
‫فصل له عن الكلم النثور الذي ليس بشعر عند الكل و قولنا مستقل كل جزء منها ف غرضه‬
‫و مق صده ع ما قبله و بعده بيان للحقي قة لن الش عر ل تكون أبيا ته إل كذلك و ل يفصل به‬
‫ش يء‪ .‬و قول نا الاري على ال ساليب الخ صوصة به ف صل له ع ما ل ي ر م نه على أ ساليب‬
‫العرب العروفة فإنه حينئذ ل يكون شعرا إنا هو كلم منظوم لن الشعر له أساليب تصه ل‬
‫تكون للمنثور‪ .‬و كذا أساليب النثور ل تكون للشعر فما كان من الكلم منظوما و ليس على‬
‫تلك السساليب فل يكون شعرا‪ .‬و بذا العتبار كان الكثيس منس لقيناه مسن شيوخنسا فس هذه‬
‫الصناعة الدبية يرون أن نظم التنب و العري ليس هو من الشعر ف شيء لنما ل يريا على‬
‫أساليب العرب فيه‪ ،‬و قولنا ف الد الاري على أساليب العرب فصل له عن شعر غي العرب‬
‫من المم عندما يرى أن الشعر يو جد للعرب و غيهم‪ .‬و من يرى أنه ل يوجد لغيهم فل‬
‫يتاج إل ذلك و يقول مكا نه الاري على ال ساليب الخ صوصة‪ .‬و إذ قد فرغ نا من الكلم‬
‫على حقي قة الش عر فلنر جع إل الكلم ف كيف ية عمله فنقول‪ :‬اعلم أن لع مل الش عر و إحكام‬
‫صناعته شروطا أولا‪ :‬الفظ من جنسه أي من جنس شعر العرب حت تنشأ ف النفس ملكة‬
‫ينسج على منوالا و يتخي الحفوظ من الر النقي الكثي الساليب‪ .‬و هذا الحفوظ الختار‬
‫أ قل ما يك في ف يه ش عر شا عر من الفحول ال سلميي م ثل ا بن ربي عة و كث ي و ذي الر مة و‬
‫جر ير و أ ب نواس و حبيب و البحتري و الر ضي و أ ب فراس‪ .‬و أكثره ش عر كتاب الغا ن‬
‫ل نه جع شعر أ هل الطبقة السلمية كله و الختار من شعر الاهل ية‪ .‬و من كان خاليا من‬
‫الحفوظ فنظمه قاصر رديء و ل يعطيه الرونق و اللوة إل كثرة الحفوظ‪ .‬فمن قل حفظه‬
‫أو عدم ل يكن له شعر و إنا هو نظم ساقط‪ .‬و اجتناب الشعر أول بن ل يكن له مفوظ‪ .‬ث‬
‫ب عد المتلء من ال فظ و ش حذ القري ة للن سج على النوال يق بل على الن ظم و بالكثار م نه‬
‫ت ستحكم ملك ته و تر سخ‪ .‬و رب ا يقال إن من شر طه ن سيان ذلك الحفوظ لتم حى ر سومه‬
‫الرفية الظاهرة إذ هي صادرة عن استعمالا بعينها‪ .‬فإذا نسيها و قد تكيفت النفس با انتقش‬
‫السلوب فيها كأنه منوال يؤخذ بالنسج عليه بأمثالا من كلمات أخري ضرورة‪ .‬ث ل بد له‬
‫من اللوة و استجادة الكان النظور فيه من الياه و الزهار و كذا السموع لستنارة القرية‬
‫با ستجماعها و تنشيط ها بلذ ال سرور‪ .‬ث مع هذا كله فشر طه أن يكون على جام و نشاط‬
‫فذلك أجعس له و أنشسط للقريةس أن تأتس بثسل ذلك النوال الذي فس حفظسه‪ .‬قالوا‪ :‬و خيس‬
‫الوقات لذلك أوقات الب كر ع ند البوب من النوم و فراغ العدة و نشاط الف كر و ف هؤلء‬
‫المام‪ .‬و ربا قالوا إن من بواعثه العشق و النتشاء ذكر ذلك ابن رشيق ف كتاب العمدة و‬
‫هو الكتاب الذي انفرد بذه الصناعة و إعطاء حقها و ل يكتب فيها أحد قبله و ل بعده مثله‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فإن استصعب عليه بعد هذا كله فليتركه إل وقت أخر و ل يكره نفسه عليه‪ .‬و ليكن‬
‫بناء البيت على القافية من أول صوغه و نسجه بعضها و يبن الكلم عليها إل آخره لنه إن‬
‫غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها ف ملها‪ .‬فربا تيء نافرة قلقة و إذا سح‬
‫الا طر بالب يت و ل ينا سب الذي عنده فليتر كه إل موض عه الل يق به فإن كل ب يت م ستقل‬
‫بنفسه و ل تبق إل الناسبة فليتخي فيها كما يشاء و لياجع شعره بعد اللص منه بالتنقيح و‬
‫النقسد و ل يضسن بسه على الترك إذا ل يبلغ الجادة‪ .‬فإن النسسان مفتون بشعره إذ هسو نبات‬
‫فكره و اختراع قريته و ل يستعمل فيه من الكلم إل الفصح من التراكيب‪ .‬و الالص من‬
‫الضرورات الل سانية فليهجر ها فإن ا تنل بالكلم عن طب قة البل غة‪ .‬و قد ح ظر أئ مة الل سان‬
‫الولد من ارتكاب الضرورة إذ هو ف سعة منها بالعدول عنها إل الطريقة الثلى من اللكة‪ .‬و‬
‫يتنب أيضا العقد من التراكيب جهده‪ .‬و إنا يقصد منها ما كانت معانيه تسابق ألفاظه إل‬
‫الفهم‪ .‬و كذلك كثرة العان ف الب يت الوا حد فإن ف يه نوع تعق يد على الف هم‪ .‬و إن ا الختار‬
‫م نه ما كا نت ألفا ظه طب قا على معان يه أو أو ف من ها‪ .‬فإن كا نت العا ن كثية كان حشوا و‬
‫استعمل الذهن بالغوص عليها فمنع الذوق عن استيفاء مدركه من البلغة‪ .‬و ل يكون الشعر‬
‫سهل إل إذا كا نت معان يه ت سابق ألفا ظه إل الذ هن‪ .‬و لذا كان شيوخ نا رح هم ال يعيبون‬
‫شعر أب بكر بن خفاجة شاعر شرق الندلس لكثرة معانيه و ازدحامها ف البيت الواحد كما‬
‫كانوا يعيبون ش عر التنبئ و العري بعدم النسج على الساليب العربية كما مر فكان شعرها‬
‫كل ما منظو ما نازل عن طب قة الش عر و الا كم بذلك هو الذوق‪ .‬و ليجت نب الشا عر أي ضا‬
‫الوشي من اللفاظ و القصر و كذلك السوقي البتذل بالتداول بالستعمال فإنه ينل بالكلم‬
‫عن طبقة البلغة و كذلك العان البتذلة بالشهرة فإن الكلم ينل با عن البلغة أيضا فيصي‬
‫مبتذل و يقرب من عدم الفادة كقول م‪ :‬النار حارة و ال سماء فوق نا‪ .‬و بقدار ما يقرب من‬
‫طبقسة عدم الفادة يبعسد عسن رتبسة البلغسة إذ هاس طرفان‪ .‬و لذا كان الشعسر فس الربانيات و‬
‫النبويات قليسل الجادة فس الغالب و ل يذق فيسه إل الفحول و فس القليسل على العشسر لن‬
‫معانيها متداولة بي المهور فتصي مبتذلة لذلك‪ .‬و إذا تعذر الشعر بعد هذا كله فلياوضه و‬
‫سل الضرع يدر بالمتراء و يف س بالترك و الهال‪ .‬و بالملة فهذه‬ ‫يعاوده فإن القرية س مثس‬
‫الصناعة و تعلمها مستوف ف كتاب العمدة لبن رشيق و قد ذكرنا منها ما حضرنا بسب‬
‫الهد‪ .‬و من أراد استيفاء ذلك فعليه بذلك الكتاب ففيه البغية من ذلك‪ .‬و هذه نبذة كافية و‬
‫ال العي‪ .‬و قد نظم الناس ف أمر هذه الصناعة الشعرية ما يب فيها‪ .‬و من أحسن ما قيل ف‬
‫ذلك و أظنه لبن رشيق‪:‬‬

‫من ضنوف الهال منه لقينا‬ ‫لعن ال صنعة الشعر ماذا‬

‫كان سهل للسامعي مبينا‬ ‫يؤثرون الغريب منه على ما‬

‫و خسيس الكلم شيئا ثينا‬ ‫ويرون الحال معن صحيحا‬

‫رون للجهل أنم يهلونا ‌‬ ‫يهلون الصواب منه و ل يد‬

‫ن و ف الق عندنا يعذرونا‬ ‫فهم عند من سوانا يلمو‬

‫و إن كان ف الصفات فنونا‬ ‫إنا الشعر ما يناسب ف النظم‬


‫وأقامت له الصدور التونا‬ ‫فأتى بعضه يشاكل بعضا‬

‫تتمن و ل يكن أن يكونا‬ ‫كل معن أتاك منه على ما‬

‫كاد حسنا يبي للناظرينا‬ ‫فتناهى من البيان إل أن‬

‫و العان ركب فيها عيونا‬ ‫فكأن اللفاظ منه وجوه‬

‫يتحلى بسنه النشدونا‬ ‫إنا ف الرام حسب المان‬

‫رمت فيه مذاهب الشتهينا‬ ‫فإذا ما مدحت بالشعر حرا‬

‫و جعلت الديح صدقا مبينا‬ ‫فجعلت النسيب سهل قريبا‬

‫و إن كان لفظه موزونا‬ ‫و تنكبت ما يهجن ف السمع‬

‫عبت فيه مذاهب الرقبينا‬ ‫و إذا ما عرضته بجاء‬

‫و جعلت التعريض داء دفينا‬ ‫فجعلت التصريح منه دواء‬

‫دين يوما للبي و الظاعنينا‬ ‫و إذا ما بكيت فيه على الغا‬

‫ن من الدعع ف العيون مصونا‬ ‫خلت دون السى و ذللت ما كا‬

‫عد وعيدا و بالصعوبة بينا‬ ‫ث إن كنت عاتبا جئت بالو‬

‫حذرا آمنا عزيزا مهينا‬ ‫فتركت الذي عتبت عليه‬

‫و إن كان واضحا مستبينا‬ ‫و أصح القريض ما قارب النظم‬

‫و إذا ري أعجز العجزينا‬ ‫فإذا قيل أطمع الناس طرا‬


‫ومن ذلك أيضا قول بعضهم و هو الناشي‪:‬‬

‫و شددت بالتهذيب أس متونه‬ ‫الشعر ما قومت ربع صدوره‬

‫و فتحت بالياز عور عيونه‬ ‫و رأيت بالطناب شعب صدوعه‬

‫و جعت بي ممه و معينه‬ ‫و جعت بي قريبه و بعيده‬

‫و قضيته بالشكر حق ديونه‬ ‫و إذا مدحت به جوادا ماجدا‬

‫و خصصته بطيه و ثينه‬ ‫أصفيته بتفتش و رضيته‬

‫و يكون سهل ف اتفاق فنونه‬ ‫فيكون جزل ف مساق صنوفه‬

‫أجريت للمخزون ماء شؤونه‬ ‫و إذا بكيت به الديار و أهلها‬

‫باينت بي ظهوره و بطونه‬ ‫و إذا أردت كناية عن ريبة‬

‫بثبوته و ظنونه بيقينه‬ ‫فجعلت سامعه يشوب شكوكه‬

‫أدمت شدته له ف لينه‬ ‫و إذا عتبت على أخ ف زلة‬

‫مستأمنا لوعوته و حزونه‬ ‫فتركته مستانسأ بدماثة‬

‫إذ صارمتك بفاتنات شؤونه‬ ‫و إذا نبذت إل الذي علقتها‬

‫و شغفتها ببيه و كمنه‬ ‫تيمتها بلطيفه و رفيقه‬

‫و أشكت بي ميله و مبينه‬ ‫و إذا اعتذرت لسقطة أسقطتها‬

‫عتبا عليه مطالبا بيمينه‬ ‫فيحول ذنبك عند من يعتده‬


‫الفصل السادس و المسون‪ :‬ف أن صناعة النظم و النثر إنا هي ف اللفاظ ل ف العان‬
‫إعلم أن صناعة الكلم نظ ما و نثرا إنا هي ف اللفاظ ل ف العان إنا العان تبع لا و هي‬
‫أصل‪ .‬فالصانع الذي ياول ملكة الكلم ف النظم و النثر إنا ياولا ف اللفاظ بفظ أمثالا‬
‫من كلم العرب ليك ثر ا ستعماله و جر يه على ل سانه ح ت ت ستقر له الل كة ف ل سان م ضر و‬
‫يتخلص من العجمة الت رب عليها ف جبله و يفرض نفسه مثل وليد نشأ ف جبل العرب و‬
‫يلقن لغتهم كما يلقنها الصب حت يصي كأنه واحد منهم ف ل سانم‪ .‬و ذلك أنا قدمنا أن‬
‫لل سان مل كة من اللكات ف الن طق ياول ت صيلها بتكرار ها على الل سان ح ت ت صل شأن‬
‫اللكات و الذي ف الل سان و الن طق إن ا هو اللفاظ و أ ما العا ن ف هي ف الضمائر‪ .‬وأي ضا‬
‫فالعا ن موجودة ع ند كل وا حد و ف طوع كل ف كر من ها ما يشاء و ير ضى فل يتاج إل‬
‫تكلف صناعة ف تأليف ها و تأل يف الكلم للعبارة عن ها هو الحتاج لل صناعة ك ما قلناه و هو‬
‫بثا بة القوالب للمعا ن‪ .‬فك ما أن الوا ن ال ت يغترف ب ا الاء من الب حر من ها آن ية الذ هب و‬
‫الفضسة و الصسدف و الزجاج و الزف و الاء واحسد فس نفسسه‪ .‬و تتلف الودة فس الوانس‬
‫الملؤة بالاء باختلف جن سها ل باختلف الاء‪ .‬كذلك جودة الل غة و بلغت ها ف ال ستعمال‬
‫تتلف بإختلف طبقات الكلم فس تأليفسه باعتبار تطسبيقه على القاصسد‪ .‬و العانس واحدة فس‬
‫نفسها و إنا الاهل بتأليف الكلم و أساليبه على مقتضى ملكة اللسان إذا حاول العبارة عن‬
‫مقصوده و ل يسن بثابة القعد الذي يروم النهوض و ل يستطيعه لفقدان القدرة عليه‪ .‬و ال‬
‫يعلمكم ما ل تكونوا تعلمون‪.‬‬

‫الفصال الساابع و المساون‪ :‬فا أن حصاول هذه اللكاة بكثرة الفاظ و جودتاا بودة‬
‫الحفوظ‬
‫قد قدمنا أنه ل بد من كثرة الفظ لن يروم تعلم اللسان العرب و على قدر جودة الحفوظ و‬
‫طبقته ف جنسه و كثرته من قلته تكون جودة اللكة الاصلة عنه للحافظ‪ .‬فمن كان مفوظه‬
‫من أشعار العرب ال سلميي ش عر حبيب أو العتا ب أو ا بن الع تز أو ا بن ها نئ أو الشر يف‬
‫الر ضي أو ر سائل ا بن الق فع أو سهل ا بن هارون أو ا بن الزيات أو البد يع أو ال صابئ تكون‬
‫ملكته أجود و أعلى مقاما و رتبة ف البلغة من يفظ شعر ابن سهل من التأخرين أو ابن‬
‫النبيه أو ترسل البيسان أو العماد الصبهان لنول طبقة هؤلء عن أولئك يظهر ذلك للبصي‬
‫الناقد صاجب الذوق‪ .‬و على مقدار جودة الحفوظ أو السموع تكون جودة الستعمال من‬
‫بعده ث إجادة اللكة من بعدها‪ .‬فبارتقاء الحفوظ ف طبقته من الكلم ترتقي اللكة الاصلة‬
‫لن الطبع إنا ينسج على منوالا و تنمو قوى اللكة بتغذيتها‪ .‬و ذلك أن النفس و إن كانت‬
‫ف جبلتها واحدة بالنوع فهي تتلف ف البشر بالقوة و الضعف ف الدراكات‪ .‬و اختلفها إنا‬
‫هو باختلف ما يرد عليها من الدراكات و اللكات و اللوان الت تكيفها من خارج‪ .‬فبهذه‬
‫ي تم وجود ها و ترج من القوة إل الف عل صورتا و اللكات ال ت ت صل ل ا إن ا ت صل على‬
‫التدر يج ك ما قدمناه‪ .‬فالل كة الشعر ية تن شأ ب فظ الش عر و مل كة الكتا بة ب فظ ال سجاع و‬
‫الترسيل‪ ،‬و العلمية بخالطة العلوم و الدراكات و الباث و النظار‪ ،‬و الفقهية بخالطة الفقه‬
‫و تنظيس السسائل و تفريعهسا و تريسج الفروع على الصسول والتصسوفية الربانيسة بالعبادات و‬
‫الذكار و تعطيل الواس الظاهرة باللوة و النفراد عن اللق ما استطاع حت تصل له ملكة‬
‫الرجوع إل حسه الباطن و روحه و ينقلب ربانيا و كذا سائرها‪ .‬و للنفس ف كل واحد منها‬
‫لون تتكيف به و على حسب ما نشأت اللكة عليه من جودة أو رداءة تكون تلك اللكة ف‬
‫نفسها فملكة البلغة العالية الطبقة ف جنسها إنا تصل بفظ العال ف طبقته من الكلم و‬
‫بذا كان الفقهاء و أهل العلوم كلهم قاصرين ف البلغة و ما ذلك إل لا سبق إل مفوظهم و‬
‫يتلئ به من القوان ي العلم ية و العبارات الفقه ية الار جة عن أ سلوب البل غة و النازلة عن‬
‫الطب قة لن العبارات عن القوان ي و العلوم ل حظ ل ا ف البلغة فإذا سبق ذلك الخفوظ إل‬
‫الفكر و كثر و تلونت به النفس جاءت اللكة الناشئة عنه ف غاية القصور و انرفت عباراته‬
‫عن أ ساليب العرب ف كلم هم‪ .‬و هكذا ن د ش عر الفقهاء و النحاة و التكلم ي و النظار و‬
‫غيهم من ل يتلئ من حفظ النقي الر من كلم العرب‪ .‬أخبن صاحبنا الفاضل أبو القاسم‬
‫بن رضوان كا تب العل مة بالدولة الرين ية قال‪ :‬ذكرت يو ما صاحبنا أ با العباس بن شع يب‬
‫كاتب السلطان أب السن و كان القدم ف البصر باللسان لعهده فأنشدته مطلع قصيدة ابن‬
‫النحوي و ل أنسبها له و هو هذا‪:‬‬
‫ما الفرق بي جديدها و البال‬ ‫ل أذر حي وقفت بالطلل‬
‫فقال ل على البديهسة‪ :‬هذا شعسر فقيسه‪ ،‬فقلت له‪ :‬و مسن أيسن لك ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬مسن قوله مسا‬
‫الفرق ؟ إذ هي من عبارات الفقهاء و ليست من أساليب كلم العرب‪ ،‬فقلت له‪ :‬ل أبوك إنه‬
‫ابن النحوي‪ .‬و أما الكتاب و الشعراء فليسوا كذلك لتخيهم ف مفوظهم و مالطتهم كلم‬
‫العرب و أساليبهم ف الترسل و انتقائهم لم اليد من الكلم‪ .‬ذاكرت يوما صاحبنا أبا عند‬
‫ال بن الطيب وزير اللوك بالندلس من بن الحر و كان الصدر القدم ف الشعر و الكتابة‬
‫فقلت له‪ :‬أ جد ا ستصعابا علي ف ن ظم الش عر م ت رم ته مع ب صري به و حف ظي للج يد من‬
‫الكلم من القرآن و الديث و فنون من كلم العرب و إن كان مفوظي قليل‪ .‬و إنا أتيت و‬
‫ال أعلم بقيقة الال من قبل ما حصل ف حفظي من الشعار العلمية و القواني التألفية‪ .‬فإن‬
‫حفظت قصيدت الشاطب الكبى و الصغرى ف القراءات ف الرسم و استظهرتما و تدارست‬
‫كتاب ابن الاجب ف الفقه و الصول و جل الونى ف النطق و بعض كتاب التسهيل و‬
‫كثيا مسن قوانيس التعليسم فس الجالس فامتل مفوظسي مسن ذلك و خدش وجسه اللكسة التس‬
‫استعددت لا بالحفوظ اليد من القرآن و الديث و كلم العرب تعاق القرية عن بلوغها‪.‬‬
‫فنظسر إل سساعة معجبسا ثس قال‪ :‬ل أنست و هسل يقول هذا إل مثلك ؟ و يظهسر لك مسن هذا‬
‫الفصل و ما تقرر فيه سر آخر و هو إعطاء السبب ف أن كلم السلميي من العرب أعلى‬
‫طبقة ف البلغة و أذواقها من كلم الاهلية ف منثورهم و منظومهم‪ .‬فإنا ند شعر حسان بن‬
‫ثا بت و ع مر بن أ ب ربي عة و الطيئة و جر ير و الفرزدق و ن صيب و غيلن ذي الر مة و‬
‫الحوص و بشار ث كلم السلف من العرب ف الدولة الموية و صدرا من الدولة العباسية ف‬
‫خطبهم و ترسيلهم و ماوراتم للملوك أرفع طبقة ف البلغة من شعر النابغة و عنترة و ابن‬
‫كلثوم و زهي و علقمة بن عبدة و طرفة بن العبد و من كلم الاهلية ف منثورهم و ماوراتم‬
‫و الطبع السليم و الذوق الصحيح شاهدان بذلك للناقد البصي بالبلغة‪ .‬و السبب ف ذلك أن‬
‫هؤلء الذين أدركوا السلم سعوا الطبقة العالية من الكلم ف القرآن و الديث اللذين عجز‬
‫الب شر ف التيان بثليه ما لكون ا ول ت ف قلوب م و نشأت على أ ساليبها نفو سهم فنه ضت‬
‫طباعهم و ارتقت ملكاتم ف البلغة على ملكات من قبلهم من أهل الاهلية من ل يسمع‬
‫هذه الطبقة و ل نشأ عليها فكان كلمهم ف نظمهم و نثرهم أحسن ديباجة و أصفى رونقا‬
‫من أولئك و أرصف مبن و أعدل تثقيفا با استفادوه من الكلم العال الطبقة‪ .‬و تأمل ذلك‬
‫يش هد لك به ذو قك إن ك نت من أ هل الذوق و الب صر بالبل غة‪ .‬و ل قد سألت يو ما شيخ نا‬
‫الشريف أبا القاسم قاضي غرناطة لعهدنا و كان شيخ هذه الصناعة أخذ بسبتة عن جاعة من‬
‫مشيختها من تلميذ الشلوبي و استبحر ف علم اللسان و جاء من وراء الغاية فيه فسألته يوما‬
‫ما بال العرب السلميي أعلى طبقة ف البلغة من الاهليي ؟ و ل يكن ليستنكر ذلك بذوقه‬
‫فسكت طويل ث قال ل‪ :‬و ال ما أدري‪ ،‬فقلت‪ :‬أعرض عليك شيئا ظهر ل ف ذلك و لعله‬
‫ال سبب ف يه‪ .‬و ذكرت له هذا الذي كت بت ف سكت معج با ث قال ل‪ :‬يا فق يه هذا كلم من‬
‫ح قه أن يك تب بالذ هب‪ .‬و كان من بعد ها يؤ ثر ملي و ي صيخ ف مالس التعل يم إل قول و‬
‫يشهد ل بالنباهة ف العلوم‪ ،‬و ال خلق النسان و علمه البيان‪.‬‬

‫الفصل الثامن و المسون‪ :‬ف بيان الطبوع من الكلم و الصنوع و كيف جودة الصنوع‬
‫أو قصوره‬
‫إعلم أن الكلم الذي هو العبارة و الطاب‪ ،‬إنا سره و روحه ف إفادة العن‪ .‬و أما إذا كان‬
‫مهمل فهو كالوات الذي ل عبة به‪ .‬و كمال الفادة هو البلغة على ما عرفت من حدها‬
‫عند أهل البيان لنم يقولون هي مطابقة الكلم لقتضى الال‪ ،‬و معرفة الشروط و الحكام‬
‫ال ت ب ا تطا بق التراك يب اللفظ ية مقت ضى الال‪ ،‬هو فن البل غة‪ .‬و تلك الشروط و الحكام‬
‫للتراكيب ف الطابقة اسقريت من لغة العرب و صارت كالقواني‪ .‬فالتراكيب بوضعها تفيد‬
‫السناد بي السندين‪ ،‬بشروط و أحكام هي جل قواني العربية‪ .‬و أحوال هذه التراكيب من‬
‫تقديس و تأخيس‪ ،‬و تعريسف و تنكيس‪ ،‬و إضمار و إظهار‪ .‬و تقييسد و إطلق و غيهسا‪ ،‬يفيسد‬
‫الحكام الكتنفسة مسن خارج بالسسناد و بالتخاطسبي حال التخاطسب بشروط و أحكام هسي‬
‫قواني لفن‪ ،‬يسمونه علم العان من فنون البلغة‪ .‬فتندج قواني العربية لذلك ف قواني علم‬
‫العا ن لن إفادت ا ال سناد جزء من إفادت ا للحوال الكتن فة بال سناد‪ .‬و ما ق صر من هذه‬
‫التراك يب عن إفادة مقت ضى الال للل ف قوان ي العراب أو قوان ي العا ن كان قا صرا عن‬
‫الطابقة لقتضى الال‪ ،‬و لق بالهمل الذي هو ف عداد الوات‪.‬‬
‫ث يتبع هذه الفادة لقتضى الال التفنن ف انتقال التركيب بي العان بأصناف الدللت لن‬
‫الترك يب يدل بالو ضع على مع ن ث ين قل الذ هن إل لز مه أو ملزو مه أو شب هه‪ ،‬فيكون في ها‬
‫مازا‪ :‬إ ما با ستعارة أو كنا ية ك ما هو مقرر ف موض عه‪ ،‬و ي صل للف كر بذلك النتقال لذة‬
‫ك ما ت صل ف الفادة و أ شد‪ .‬لن ف جيع ها ظ فر بالدلول من دليله‪ .‬و الظ فر من أ سباب‬
‫اللذة ك ما عل مت‪ .‬ث لذه النتقالت أي ضا شروط و أحكام كالقوان ي صيوها صناعة‪ ،‬و‬
‫سوها بالبيان‪ .‬و هي شقيقة علم العان الفيد لقتضى الال لنا راجعة إل معان التراكيب و‬
‫مدلولتا‪ .‬و قواني علم العان راجعة إل أحوال التراكيب أنفسها من حيث الدللة‪ .‬و اللفظ‬
‫و الع ن متلزمان متضايقان ك ما عل مت‪ .‬فإذا علم العا ن و علم البيان ه ا جزء البل غة‪ ،‬و‬
‫بما كمال الفادة‪ ،‬فهو مقصر عن البلغة و يلتحق عند البلغاء بأصوات اليوانات العجم و‬
‫أجدر به أن ل يكون عربيا‪ ،‬لن العرب هو الذي يطابق بإفادته مقتضى الال‪ .‬فالبلغة على‬
‫هذا هي أصل الكلم العرب و سجيته و روحه و طبيعته‪.‬‬
‫ث اعلم أنم إذا قالوا‪ :‬الكلم الطبوع فإنم يعنون به الكلم الذي كملت طييعته و سجيته من‬
‫إفادة مدلوله الق صود م نه‪ ،‬ل نه عبارة و خطاب‪ ،‬ل يس الق صود م نه الن طق ف قط‪ .‬بل التكلم‬
‫يقصد به أن يفيد سامعه ما ف ضميه إفادة تامة‪ ،‬و يدل به عليه دللة وثيقة‪ .‬ث يتبع تراكيب‬
‫الكلم ف هذه السجية الت له بالصالة ضروب من التحسي و التزيي‪ ،‬بعد كمال الفادة و‬
‫كأن ا تعطي ها رو نق الف صاحة من تنم يق ال سجاع‪ ،‬و الواز نة ب ي ح ل الكلم و تق سيمه‬
‫بالق سام الختل فة الحكام و التور ية بالل فظ الشترك عن ال في من معان يه‪ ،‬و الطاب قة ب ي‬
‫التضادات‪ ،‬لي قع التجا نس ب ي اللفاظ و العا ن‪ .‬فيح صل للكلم رو نق و لذة ف ال ساع و‬
‫حلوة و جال كلها زائدة على الفادة‪.‬‬
‫و هذه الصنعة موجودة ف الكلم العجز ف مواضيع متعددة مثل‪ :‬والليل إذا يغشى * والنهار‬
‫إذا تلى‪ ،‬و مثل‪ :‬فأما من أعطى واتقى * وصدق بالسن‪ ،‬إل آخر التقسيم ف الية‪ .‬و كذا‪:‬‬
‫فأما من طغى * وآثر الياة الدنيا إل آخر الية‪ .‬و كذا‪ :‬هم يسبون أنم يسنون صنعا‪ .‬و‬
‫أمثاله كثي‪ .‬و ذلك بعد كمال الفادة ف أصبل هذه التراكيب قبل وقوع هذا البديع فيها‪ .‬و‬
‫كذا وقع ف كلم الاهلية منه‪ ،‬لكن عفوا من غي قصد ول تعمد‪ .‬و يقال إنه وقع ف شعر‬
‫زهي‪.‬‬
‫و أ ما ال سلميون فو قع ل م عفوا و ق صدا‪ ،‬و أتوا م نه بالعجائب‪ .‬و أول من أح كم طريق ته‬
‫حبيب بن أوس و البحتري و م سلم بن الول يد‪ ،‬ف قد كانوا مولع ي بال صنعه‪ .‬و يأتون من ها‬
‫بالع جب‪ .‬و ق يل أن أول من ذ هب إل معانات ا بشاز بن برد و ا بن هر مة‪ ،‬و كا نا آ خر من‬
‫يستشهد بشعره ف اللسان العرب‪ .‬ث اتبعهما عمرو بن كلثوم و العتاب و منصور النميي و‬
‫مسلم بن الوليد و أبو نواس‪ .‬و جاء على آثارهم حبيب و البحتري‪ .‬ث ظهر ابن العتز فختم‬
‫على البدء و الصناعة أجع‪ .‬و لنذكر مثال من الطبوع الال من الصناعة‪ .‬مثل قول قيس بن‬
‫ذريح‪:‬‬
‫أحدث عنك النفس ف السر خاليا‬ ‫و أخرج من بي البيوت لعلن‬
‫و قول كثي‪:‬‬
‫تليت عما بيننا و تليت‬ ‫و إن و تيامي بعزة بعدما‬
‫تبوأ منها للمقيل اضمحلت‬ ‫لكالرتي ظل الغمامة كلها‬
‫فتأمل هذا الطبوع‪ ،‬الفقيد الصنعة‪ ،‬ي أحكام تأليفه و ثقافة تركيبه‪ .‬فلو جاءت فيه الصنعة من‬
‫بعد هذا الصل زادته حسنا‪.‬‬
‫و أ ما ال صنوع فكث ي من لدن بشار‪ ،‬ث حبيب و طبقته ما‪ ،‬ث ا بن الع تز خا ت ال صنعة الذي‬
‫جرى التأخرون بعدهم ف ميدانم‪ ،‬و نسجوا على منوالم‪ .‬و قد تعددت أصناف هذه الصنعة‬
‫عند أهلها‪ ،‬و اختلفت اصطلحاتم ف ألقابا‪ .‬و كثي منهم يعلها مندرجة ف البلغة على‬
‫أن ا غ ي داخلة ف الفادة‪ ،‬و أن ا هي تع طى التح سي و الرو نق‪ .‬و أ ما التقدمون من أ هل‬
‫البديع‪ ،‬فهي عندهم خارجة عن البلغة‪ .‬و لذلك يذكرونا ف الفنون الدبية الت ل موضوع‬
‫لا‪ .‬و هو رأي ابن رشيق قي كتاب العمدة له‪ ،‬و أدباء الندلس‪ .‬و ذكروا ف ا ستعمال هذه‬
‫الصنعة شروطا منها أن تقع من غي تكلف و ل اكتراث ف ما يقصد منها‪ .‬و أما العفو فل‬
‫كلم فيه لنا إذا برئت من التكلف سلم الكلم من عيب الستهجان‪ ،‬لن تكلفها و معاناتا‬
‫ي صي إل الغفلة عن التراك يب ال صلية للكلم‪ ،‬فت خل بالفادة من أ صلها‪ ،‬و تذ هب بالبل غة‬
‫رأسا‪ .‬و ل يبقى ف الكلم إل تلك التحسينات‪ ،‬و هذا هو الغالب اليوم على أهل العصر‪ .‬و‬
‫أصحاب الذواق ف البلغة يسخرون من كلفهم بذه الفنون‪ ،‬و يعدون ذلك من القصور عن‬
‫سواه‪ .‬و سعت شيخ نا ال ستاذ أ با البكات البلفي قي‪ ،‬و كان من أ هل الب صر ف الل سان و‬
‫القري ة‪ .‬ف ذو قه يقول‪ ،‬إن من أش هى ما تقتر حه على نف سي أن أشا هد ف ب عض اليام من‬
‫ينت حل فنون هذا البد يع ف نظ مه أو نثره‪ ،‬و قد عو قب بأ شد العقو بة‪ ،‬و نودي عل يه‪ ،‬يذر‬
‫بذلك تلميذه أن يتعاطوا هذه الصسنعة‪ ،‬فيكلفون باس‪ ،‬و يتناسسون البلغسة‪ .‬ثس مسن شروط‬
‫استعمالا عندهم القلل منها و أن تكون ف بيتي أو ثلثة من القصيد‪ ،‬فتكفي ف زينة الشعر‬
‫و رون قه‪ .‬و الكثار من ها ع يب‪ ،‬قاله ا بن رش يق و غيه‪ .‬و كان شيخ نا أ بو القا سم الشر يف‬
‫ال سبت من فق الل سان العر ب بالندلس لوق ته يقول‪ :‬هذه الفنون البديع ية إذا وق عت للشا عر أو‬
‫للكا تب فيق بح أن ي ستكثر من ها‪ ،‬لن ا من م سنات الكلم و مزينا ته‪ ،‬ف هي بثا بة اليلن ف‬
‫الوجه يسن بالواحد و الثني منها‪ ،‬و يقبح بتعدادها‪ .‬و على نسبة الكلم النظوم هو الكلم‬
‫النثور ف الاهل ية و السسلم‪ .‬كان أول مرسسل معتسب الوازنسة بيس جله و تراكي به‪ ،‬شاهدة‬
‫موازنته بفواصله من غي التزام سجع و ل اكتراث بصنعة‪ .‬حت نبغ إبراهيم بن هلل الصاب‬
‫كا تب ب ن بو يه‪ ،‬فتعا طى ال صنعة و التقف يه و أ تى بذلك بالع جب‪ .‬و عاب الناس عل يه كل فه‬
‫بذلك ف الخاطبات ال سلطانية‪ .‬و إن ا حله عل يه ما كان ف ملو كه من العج مة و الب عد عن‬
‫صولة اللفة النفقة لسوق البلغة‪ .‬ث انتشرت الصناعة بعده ف منثور التأخرين و نسي عهد‬
‫الترسسيل و تشابتس السسلطانيات و الخوانيات و العربيات بالسسوقيات‪ .‬و اختلط الرعسى‬
‫بالمسل‪ .‬و هذا كله يدلك على أن الكلم الصسنوع بالعاناة و التكليسف‪ ،‬قاصسر عسن الكلم‬
‫الطبوع‪ ،‬لقلة الكتراث فيه بأصل البلغة‪ ،‬و الاكم ف ذلك الذوق‪ .‬و ال خلقكم و علمكم‬
‫ما ل تكونوا تعلمون‪.‬‬
‫الفصل التاسع و المسون‪ :‬ف ترفع أهل الراتب عن انتحال الشعر‬
‫اعلم أن الشعر كان ديوانا للعرب فيه علومهم و أخبارهم و حكمهم‪ .‬و كان رؤساء العرب‬
‫مناف سي ف يه و كانوا يقفون ب سوق عكاظ لنشاده و عرض كل وا حد من هم ديباج ته على‬
‫فحول الشأن و أ هل الب صر لتمي يز حوله‪ .‬ح ت انتهوا إل الناغاة ف تعل يق أشعار هم بأركان‬
‫البيت الرام موضع حجهم و بيت أبيهم إبراهيم كما ف عل امرؤ الق يس ا بن حجر و الناب غة‬
‫الذبيان و زهي بن أب سلمى و عنترة بن شداد و طرفة بن العبد و علقمة بن عبدة و العشى‬
‫و غيهم من أصحاب العلقات السبع‪ .‬فإنه إنا كان يتوصل إل تعليق الشعر با من كان له‬
‫قدرة على ذلك بقومه و عصبته و مكانه ف مضر على ما قيل ف سبب تسميتها بالعلقات‪ .‬ث‬
‫انصرف العرب عن ذلك أول السلم با شغلهم من أمر الدين والنبؤة و الوحي و ما أدهشهم‬
‫من أسلوب القرآن و نظمه فأخرسوا عن ذلك و سكتوا عن الوض ف النظم و النثر زمانا‪ .‬ث‬
‫استقر ذلك و أونس الرشد من اللة‪ .‬و ل ينل الوحي ف تري الشعر و حظره و سعه النب‬
‫صلى ال عليه و سلم و أثاب عليه‪ ،‬فرجعوا حينئذ إل ديدنم منه‪ .‬و كان لعمر بن أب ربيعة‬
‫كبي قريش لذلك العهد مقامات فيه عالية و طبقة مرتفعة و كان كثيا ما يعرض شعره على‬
‫ا بن عباس في قف ل ستماعه معج با به‪ .‬ث جاء من ب عد ذلك اللك الف حل و الدولة العزيزة و‬
‫تقرب إليهسم العرب بأشعارهسم يتدحونمس باس‪ .‬و ييزهسم اللفاء بأعظسم الوائز على نسسبة‬
‫الودة ف أشعارهم و مكانم من قومهم و يرصون على استهداء أشعارهم يطلعون منها على‬
‫الثار و الخبار و اللغسة و شرف اللسسان‪ .‬و العرب يطالبون ولدهسم بفظهسا‪ .‬و ل يزل هذا‬
‫الشأن أيام بن أمية و صدرا من دولة ب ن العباس‪ .‬و ان ظر ما نقله صاحب العقد ف م سامرة‬
‫الرش يد لل صمعي ف باب الش عر و الشعراء ت د ما كان عل يه الرش يد من العر فة بذلك و‬
‫الرسوخ فيه و العناية بانتحاله و التبصر بيد الكلم و رديئه و كثرة مفوظه منه‪ .‬ث جاء خلق‬
‫من بعدهم ل يكن اللسان لسانم من أجل العجمة و تقصيها باللسان و إنا تعلموه صناعة ث‬
‫مدحوا بأشعارهم أمراء العجم الذين ليس اللسان لم طالبي معروفهم فقط ل سوى ذلك من‬
‫الغراض ك ما فعله حبيب و البحتري و التن بئ و ا بن ها نئ و من بعد هم و هلم جرا‪ .‬ف صار‬
‫غرض الشعر ف الغلب إنا هو الكذب و الستجداء لذهاب النافع الت كانت فيه للولي‬
‫كما ذكرناه آنفا‪ .‬و أنف منه لذلك أهل المم و الراتب من التأخرين و تغي الال و أصبح‬
‫تعاطيه هجنة ف الرئاسة و مذمة لهل الناصب الكبية‪ .‬و ال مقلب الليل و النهار‪.‬‬

‫الفصل الستون‪ :‬ف أشعار العرب و أهل المصار لذا العهد‬


‫اعلم أن الشعر ل يتص باللسان العرب فقط بل هو موجود ف كل لغة سواء كانت عربية أو‬
‫عجمية و قد كان ف الفرس شعراء و ف يونان كذلك و ذكر منهم أرسطو ف كتاب النطق‬
‫أوميوس الشاعر و أثن عليه‪ .‬و كان ف حي أيضا شعراء متقدمون‪ .‬و لا فسد لسان مضر و‬
‫لغتهم الت ذونت مقاييسها و قواني إعرابا و فسدت اللغات من بعد بسب ما خالطها و‬
‫مازج ها من العج مة فكا نت ت يل العرب بأنف سهم ل غة خال فت ل غة سلفهم من م ضر ف‬
‫العراب جلة و فس كثيس مسن الوضوعات اللغويسة و بناء الكلمات‪ .‬و كذلك الضسر أهسل‬
‫المصسار نشأت فيهسم لغسة أخرى خالفست لسسان مضسر فس العراب و أكثسر الوضاع و‬
‫التصاريف وخالفت أيضا لغة اليل من العرب لذا العهد‪ .‬و اختلفت هي ف نفسها بسب‬
‫اصطلحات أهل الفاق فلهل الشرق و أمصاره لغة غي لغة أهل الغرب و أمصاره وتالفهما‬
‫أيضا ل غة أهل الندلس و أم صاره‪ .‬ث ل ا كان الشعر موجودا بالطبع ف أهل كل ل سان لن‬
‫الوازين على نسبة واحدة ف أعداد التحركات و السواكن و تقابلها موجودة ف طباع البشر‬
‫فلم يه جر الش عر بفقدان ل غة واحدة و هي ل غة م ضر الذ ين كانوا فحولة و فر سان ميدا نه‬
‫حسبما اشتهر بي أهل الليقة‪ .‬بل كل جيل وأهل كل لغة من العرب الستعجمي و الضر‬
‫أ هل الم صار يتعاطون م نه ما يطاوع هم ف انتحاله و ر صف بنائه على مه يع كلم هم‪ .‬فأ ما‬
‫العرب أهل هذا اليل الستعجمون عن لغة سلفهم من مضر فيعرضون الشعر لذا العهد ف‬
‫سائر العار يض على ما كان عل يه سلفهم ال ستعربون و يأتون م نه بالطولت مشتملة على‬
‫مذاهب الشعر و أغراضه من النسيب و الدح و الرثاء و الجاء و يستطردون ف الروج من‬
‫فن إل فن ف الكلم‪ .‬و ربا هجموا على القصود لول كلمهم و أكثر ابتدائهم ف قصائدهم‬
‫با سم الشا عر ث ب عد ذلك ين سبون‪ .‬فأ هل أم صار الغرب من العرب ي سمون هذه الق صائد‬
‫بالصمعيات نسبة إل الصمعي راوية العرب ف أشعارهم و أهل الشرق من العرب يسمون‬
‫هذا النوع من الش عر بالبدوي والورا ن و القي سي‪ .‬و رب ا يلحنون ف يه ألا نا ب سيطة ل على‬
‫طريقة الصناعة الوسيقية‪ .‬ث يغنون به و يسمون الغناء به باسم الوران نسبة إل حوران من‬
‫أطراف العراق و الشام و هي من منازل العرب البادية و مساكنهم إل هذا العهد‪ .‬و لم فن‬
‫آخر كثي التداول ف نظمهم ييئون به معصبا على أربعة أجزاء يالف آخرها الثلثة ف رويه‬
‫و يلتزمون القافية الرابعة ف كل بيت إل آخر القصيدة شبيها بالربع و الخمس الذي أحدثه‬
‫التأخرون من الولدين‪ .‬و لؤلء العرب ف هذا الشعر بلغة فائقة و فيهم الفحول و التأخرون‬
‫و الكثي من النتحلي للعلوم لذا العهد و خصوصا علم اللسان يستنكر صاحبها هذه الفنون‬
‫الت لم إذا سعها و يج نظمهم إذا أنشد و يعتقد أن ذوقه إنا نبا عنها لستهجانا و فقدان‬
‫العراب من ها‪ .‬و هذا إن ا أ تى من فقدان الل كة ف لغت هم فلو ح صلت له مل كة من ملكات م‬
‫لشهد له طبعة و ذوقه ببلغتها إن كان سليما من الفات ف فطرته و نظره و إل فالعراب ل‬
‫مدخل له ف البلغة إنا البلغة مطابقة الكلم للمقصود و لقتضى الال من الوجود فيه سواء‬
‫كان الرفسع دال على الفاعسل و النصسب دال على الفعول أو بالعكسس و إناس يدل على ذلك‬
‫قرائن الكلم كما هو ف لغتهم هذه‪ .‬فالدللة بسب ما يصطلح عليه أهل اللكة فإذا عرف‬
‫اصطلح ف ملكة و اشتهر صحة الدللة و إذا طابقت تلك الدللة القصود و مقتضى الال‬
‫صسحت البلغسة و ل عسبة بقوانيس النحاة فس ذلك‪ .‬و أسساليب الشعسر و فنونسه موجودة فس‬
‫أشعارهم هذه ما عدا حركات العراب ف أواخر الكلم فإن غالب كلماتم موقوفة الخر‪ .‬و‬
‫يتميز عندهم الفاعل من الفعول و البتدأ من الب بقرائن الكلم ل بركات العراب‪.‬‬
‫فمن أشعارهم على لسان الشريف بن هاشم يبكي الارية بنت سرحان‪ ،‬و يذكر ظعنها مع‬
‫قومها إل الغرب‪:‬‬
‫ترى كبدي حرى شكت من زفيها‬ ‫قال الشريف ابن هاشم علي‬
‫يرد غلم البدو يلوي عصيا‬ ‫يغز للعلم أين ما رأت خاطري‬
‫عداة وزائع تلف ال خبيها‬ ‫و ماذا شكاة الروح ما طرا لا‬
‫طوى و هند جاف ذكيها‬ ‫يس إن قطاع عامر ضميها‬
‫على مثل شوك الطلح عقدوا يسيها‬ ‫و عادت كما خوارة ف يد غاسل‬
‫على شوك لعه و البقايا جريرها‬ ‫تابذوها اثني و النع بينهم‬
‫شبيه دوار السوان يديرها‬ ‫و باتت دموع العي ذارفات لشانا‬
‫مرون يي متراكبا من صبيها‬ ‫تدارك منها النجم حذرا و زادها‬
‫عيون و لاز البق ف غزيرها‬ ‫يصب من القيعان من جانب الصفا‬
‫ناضت من بغداد حت فقيها‬ ‫هاذا الغن حت تسابيت غزوة‬
‫و عرج عاريها على مستعيها‬ ‫و نادى النادي بالرحيل و شدوا‬
‫على أيدين ماضي وليد مقرب ميها‬ ‫و شد لا الدهم دياب بن غان‬
‫و سوقوا النجوع إن كان أنا هو غفيها‬ ‫و قال لم حسن بن سرحان غزبوا‬
‫و باليمي ل يدوا ف مغيها‬ ‫و يركض و بيده شهامه بالتسامح‬
‫و ما كان يرضى زين حي و ميها‬ ‫غدرن زيان السيح من عابس‬
‫و أناليه ما من درقت ما يديرها‬ ‫غدرن و هو زعما صديقي و صاحب‬
‫برالبلدالعطشى ما بيها‬ ‫و رجع يقول لم بلل بن هاشم‬
‫داخل و ل عائد ركيه من نعيها‬ ‫حرام علي باب بغداد و أرضها‬
‫على الشمس أوحول الغظامن هجيها‬ ‫تصدف روحي عن بلد بن هاشم‬
‫يلوذ و برجان يشدوا أسيها‬ ‫و باتت نيان العذارى قوادح‬
‫ومن قولم ف رثاء أمي زناتة أب سعدى اليفرن مقارعهم بأفريقية و أرض الزاب و رثاؤهم له‬
‫على جهة التهكم‪:‬‬
‫لا ف ظعون الباكرين عويل‬ ‫تقول فتاة الي سعدى و هاضها‬
‫خذ النعت من ل تكون هبيل‬ ‫أيا سائلي عن قب الزنات خليفه‬
‫من الربط عيساوي بناه طويل‬ ‫تراه يعال وادي ران و فوقه‬
‫به الواد شرقا و الياع دليل‬ ‫أراه ييل النور من شارع النقا‬
‫قد كان لعقاب الياد سليل‬ ‫أيا لف كبدي على الزنات خليفه‬
‫جراحه كافواه الزاد تسيل‬ ‫قتيل فت اليجا دياب بن غان‬
‫لترحل إل أن يريذ رحيل‬ ‫أيا جائزا مات الزنات خليفه‬
‫و عشرا و ستا ف النهار قليل‬ ‫أل واش رحلنا ثلثي مرة‬
‫و من قولم على لسان الشريف بن هاشم يذكر عتابا وقع بينه و بي ماضي بن مقرب‪:‬‬
‫أشكر ما ننا عليك رضاش‬ ‫تبدى ماضي البار و قال ل‬
‫و رانا عريب عربا لبسي ناش‬ ‫أشكر أعد ما بقي ود بيننا‬
‫كما صادفت طعم الزباد طشاش‬ ‫نن غدينا نصدفو ما قضى لنا‬
‫ليحدو و من عمر بلده عاش‬ ‫أشكر أعد إل يزيد ملمه‬
‫هنا العرب ما زدنا لن صياش‬ ‫إن كان نبت الشوك يلقح بأرضكم‬
‫و من قولم ف ذكر رحلتهم إل الغرب و غلبهم زناتة عليه‪:‬‬
‫و أي رجال ضاع قبلي جيلها‬ ‫و أي جيل ضاع ل ف الشريف بن هاشم‬
‫عنان بجة ماغبان دليلها‬ ‫لقد كنت أنا وياه ف زهو بيتنا‬
‫من المر فهو ما قدر من ييلها‬ ‫وعدت كأن شارب من مدامة‬
‫غريبا و هي مدوخه عن قبيلها‬ ‫أو مثل شطامات مظنون كبدها‬
‫و هي بي عربا غافل عن نزيلها‬ ‫أتاها زمان السوء حت تدوحت‬
‫شاكي بكبد باديتها زعيلها‬ ‫كذلك أنا ما لان من الوجى‬
‫و قووا و شداد الوايا حيلها‬ ‫و أمرت قومي بالرحيل و بكروا‬
‫و البدو ماترفع عمود يقيلها‬ ‫قعدنا سبعة أيام مبوس نعنا‬
‫يظل الرى فوق النضا و نصيلها‬ ‫نظل على حداب الثنايا نوازي‬
‫و من شعر يلطان بن مظفر بن يي من الزواودة أحد بطون رياح و أهل الرياسة فيهم‪ ،‬يقولا‬
‫و هسو معتقسل بالهديسة فس سسجن الميس أبس زكريسا بسن أبس حفسص أول ملوك أفريقيسة مسن‬
‫الوحدين‪:‬‬
‫حرام على أجفان عين منامها‬ ‫يقول و ف بوح الدجا بعد وهنة‬
‫و روح هيامي طال ما ف سقامها‬ ‫يا من لقلب حالف الوجد و السى‬
‫عداوية و لا بعيد مرامها‬ ‫حجازية بدوية عربية‬
‫سوى عانك الوعسا يؤت خيامها‬ ‫مولعة بالبدو ل تألف القرى‬
‫محونة بيها و بيها صحيح غرامها‬ ‫غيات و مشتاها با كل شتوة‬
‫يوات من الورالليا جسامها‬ ‫و مرباها عشب الراضي من اليا‬
‫عليها من السحب السواري عمامها‬ ‫تشوق شوق العي ما تداركت‬
‫عيون غرار الزن عذبا حامها‬ ‫و ماذا بكت بالا و ماذا تناحطت‬
‫عليها و من نور القاحي خزامها‬ ‫كأن عروس البكر لحت ثيابا‬
‫و مرعى سوى ما ف مراعي نعامها‬ ‫فلة و دهنا و اتساع و منة‬
‫غنيم و من لم الوازي طعامها‬ ‫و مشروبا من مض ألبان شولا‬
‫يشيب الفت ما يقاسي زحامها‬ ‫تفانت عن البواب و الوقف الذي‬
‫و بل و يي ما بلي من رمامها‬ ‫سقى ال ذا الوادي الشجر باليا‬
‫ظفرت بأيام مضت ف ركامها‬ ‫فكافأتا بالود من و ليتن‬
‫إذا قمت ل تظ من أيدي سهامها‬ ‫ليال أقواس الصبا ف سواعدي‬
‫زمان الصبا سرجا و بيدي لامها‬ ‫و فرسي عديد تت سرجي مشاقة‬
‫من اللق أبى من نظام ابتسامها‬ ‫و كم من رداح أسهرتن و ل أرى‬
‫مطرزة الجفان باهي و شامها‬ ‫و كم غيها من كاعب مرجحنة‬
‫بكفي و ل ينسى جداها ذمامها‬ ‫و صفقت من وجدي عليها طرية‬
‫و توهج ل يطفا من الاء ضرامها‬ ‫و نار بطب الوجد توهج ف الشا‬
‫فن العمر ف دار عمان ظلمها‬ ‫أيا من وعدت الوعد هذا إل مت‬
‫و يغمى عليها ث يبدا غيامها‬ ‫و لكن رأيت الشمس تكسف ساعة‬
‫إلينا بعون ال يهفو علمها‬ ‫بنود و رايات من السعد أقبلت‬
‫و رمى على كتفي و سيي أمامها‬ ‫أرى ف الفل بالعي أظعان عزوت‬
‫أحب بلد ال عندي حشامها‬ ‫يرعا عتاق النوق من فوق شامس‬
‫مقيم با مالذ عندي مقامها‬ ‫إل منل بالعفرية للوى‬
‫يزيل الصدا و الغل عن سلمها‬ ‫ونلقى سراة من هلل بن عامر‬
‫إذا قاتلوا قوما سريع انزامها‬ ‫بم تضرب المثال شرقا و مغربا‬
‫مدى الدهر ما غن يفينا حامها‬ ‫عليهم و من هو ف حاهم تية‬
‫فذي الدنيا ما دامت لحد دوامها‬ ‫فدع ذا و ل تأسف على سالف مضى‬
‫و من أشعار التأخرين منهم قول خالد بن حزة بن عمر‪ .‬شيخ الكعوب‪ .‬من أولد أب الليل‪.‬‬
‫يعاتب أقتالم أولد مهلهل و ييب شاعرهم شبل بن مسكيانة بن مهلمهل‪ .‬عن أبيات فخر‬
‫عليهم فيها بقومه‪:‬‬
‫قوارع قيعان يعان صعابا‬ ‫يقول و ذا قول الصاب الذي نشا‬
‫فنونا من انشاد القواف عذابا‬ ‫يريح با حادي الصاب إذا سعى‬
‫تدى با تام الوشا ملتها با‬ ‫مية متارة من نشادها‬
‫مكمة القيعان داب و دابا‬ ‫مغربلة عن ناقد ف غضونا‬
‫قوارع من شبل و هذي جوابا‬ ‫و هيض بتذكاري لا يا ذوي الندى‬
‫فراح يريح الوجعي الغنا با‬ ‫اشبل جنينا من حباك طرائفا‬
‫سوى قلت ف جهورها ما أعابا‬ ‫فخرت و ل تقصر و ل أنت عادم‬
‫وحامي حاها عاديا ف حرابا‬ ‫لقولك ف أم التي بن حزة‬
‫رصاص بن يي و غلق دابا‬ ‫أما تعلم أنه قامها بعد ما لقي‬
‫و هل ريت من جا للوغى و اصطلى با‬ ‫شهابا من أهل المر يا شبل خارق‬
‫و أثن طفاها جاسرا ل يهابا‬ ‫سواها طفاها أضرمت بعد طفيه‬
‫لفاس إل بيت الن يقتدى با‬ ‫و اضرمت بعد الطفيتي ألن صحت‬
‫فصار و هي عن كب السنة تابا‬ ‫و بان لوال المر ف ذا انشحابا‬
‫رجال بن كعب الذي يتقى با‬ ‫كما كان هو يطلب على ذا تنبت‬
‫منها ف العتاب‪:‬‬
‫غنيت بعلق الثنا و اغتصابا‬ ‫وليدا تعاتبتوا أنا أغن لنن‬
‫بأسياف ننتاش العدا من رقابا‬ ‫علي ونا ندفع با كل مبضع‬
‫علينا بأطراف القنا اختضابا‬ ‫فإن كانت الملك بغت عرايس‬
‫و زرق كالسنة الناش انسلبا‬ ‫و ل بعدها الرهاف و ذبل‬
‫تسي السبايا و الطايا ركابا‬ ‫بن عمنا ما نرتضي الذل غلمه‬
‫بل شك و الدنيا سريع انقلبنها‬ ‫و هي عالا بأن النايا تنيلها‬
‫و منها ف وصف الظعائن‪:‬‬
‫فتوق بوبات موف جنابا‬ ‫قطعنا قطوع البيد ل نتشي العدا‬
‫وكل مهاة متظيها ربابا‬ ‫ترى العي فيها قل لشبل عرائف‬
‫بكل حلوب الوف ما سد بابا‬ ‫ترى أهلها غب الصباح أن يفلها‬
‫ورا الفاجر المزوج عفو رضابا‬ ‫لا كل يوم ف الرامي قتائل‬
‫و من قولم ف المثال الكمية‬
‫و صدك عمن صد عنك صواب‬ ‫و طلبك ف المنوع منك سفاهة‬
‫ظهور الطايا يفتح ال باب‬ ‫إذا رأيت أناسا يغلقوا عنك بابم‬
‫و من قول شبل يذكر انتساب الكعوب إل برجم‪:‬‬
‫جيع البايا تشتكي من ضهادها‬ ‫لشيب و شبان من أولد برجم‬
‫و من قول خالد يعاتب إخوانه ف موالة شيخ الوحدين أب ممد بن تافراكي الستبد بجابة‬
‫السلطان بتونس على سلطانا مكفولة أب إسحاق ابن السلطان أب يي و ذلك فيما قرب من‬
‫عصرنا‪:‬‬
‫مقالة قوال و قال صواب‬ ‫يقول بل جهل فت الود خالد‬
‫هريا و ل فيما يقول ذهاب‬ ‫مقالة حب ذات ذهن و ل يكن‬
‫و ل هرج ينقاد منه معاب‬ ‫تجست معنا نابا ل لاجة‬
‫حزينة فكر و الزين يصاب‬ ‫و كنت با كبدي و هي نعم صابة‬
‫جرت من رجال ف القبيل قراب‬ ‫تفوهت بادي شرحها عن مآرب‬
‫بن عم منهم شايب و شباب‬ ‫بن كعب أدن القربي لدمنا‬
‫مصافاة ود و اتساع جناب‬ ‫جرى عند فتح الوطن منا لبعضهم‬
‫كما يعلموا قول بقيه صواب‬ ‫و بعضهم ملنا له عن خصيمه‬
‫جزاعا و ف جو الضمي كتاب‬ ‫و بعضهمو مرهوب من بعض ملكنا‬
‫خواطر منها للنيل و هاب‬ ‫و بعضهمو جانا جريا تسمحت‬
‫نقهناه حت ماعنا به ساب‬ ‫و بعضهمو نظار فينا بسوة‬
‫مرارا و ف بعض الرار يهاب‬ ‫رجع ينتهي ما سفهناقبيحه‬
‫غلق عنه ف أحكام السقائف باب‬ ‫و بعضهمو شاكي من أوغاد قادر‬
‫على كره مول البالقي و دياب‬ ‫فصمناه عنه و اقتضي منه مورد‬
‫لم ما حططنا للفجور نقاب‬ ‫و نن على داف الدى نطلب العل‬
‫نفقنا عليها سبقا و رقاب‬ ‫و حزنا حى وطن بترشيش بعدما‬
‫على أحكام وال أمرها له ناب‬ ‫و مهد من الملك ما كان خارجا‬
‫بن كعب لواها الغري و طاب‬ ‫بردع قروم من قروم قبيلنا‬
‫و قمنا لم عن كل قيد مناب‬ ‫جرينا بم عن كل تاليف ف العدا‬
‫ربيها و خياته عليه نصاب‬ ‫إل أن عاد من ل كان فيهم بمة‬
‫و لبسوا من أنواع الرير ثياب‬ ‫و ركبوا السبايا الثمنات من أهلها‬
‫جاهي ما يغلو با بلب‬ ‫و ساقوا الطايا يالشرا ل نسوا له‬
‫ضخام لزات الزمان تصاب‬ ‫و كسبوا من أصناف السعايا ذخائر‬
‫و إل هلل ف زمان دياب‬ ‫و عادوا نظي البمكيي قبل ذا‬
‫إل أن بان من نار العدو شهاب‬ ‫و كانوا لنا درعا لكل مهمة‬
‫ملمه و ل دار الكرام عتاب‬ ‫و خلوا الدار ف جنح الظلم و ل اتقوا‬
‫وهم لو دروا لبسوا قبيح جباب‬ ‫كسوا الي جلباب البهيم لستره‬
‫ذهل حلمي إن كان عقله غاب‬ ‫كذلك منهم حانس ما دار النبا‬
‫تن يكن له ف السماح شعاب‬ ‫يظن ظنونا ليس نن بأهلها‬
‫بالثبات من ظن القبايح عاب‬ ‫خطا هو و من واتاه ف سو ظنه‬
‫وهوب للف بغي حساب‬ ‫فوا عزوت إن الفت بو ممد‬
‫بروحه ما يي بروح سحاب‬ ‫و برحت الوغاد منه و يسبوا‬
‫لقوا كل ما يستاملوه سراب‬ ‫جروا يطلبوا تت السحاب شرائع‬
‫و ل كان ف قلة عطاه صواب ‌‬ ‫و هو لو عطى ما كان للرأي عارف‬
‫و إنه باسهام التلف مصاب‬ ‫و إن نن ما نستاملوا عنه راحة‬
‫عليه و يشي بالفزوع لزاب‬ ‫و إن ما وطا ترشيش يضياق وسعها‬
‫خنوج عناز هوالا و قباب‬ ‫و إنه منها عن قريب مفاصل‬
‫ربوا خلف أستار و خلف حجاب‬ ‫و عن فاتنات الطرف بيض غوانج‬
‫بسن قواني و صوت رباب‬ ‫يتيه إذا تاهوا و يصبوا إذا صبوا‬
‫يطارح حت ما كأنه شاب‬ ‫يضلوه عن عدم اليمي و ربا‬
‫و لذة مأكول و طيب شراب‬ ‫بم حازله زمه و طوع أوامر‬
‫من الود إل ما بدل براب‬ ‫حرام على ابن تافركي ما مضى‬
‫يلجج ف اليم الغريق غراب‬ ‫و إن كان له عقل رجيح و فطنة‬
‫كبار إل أن تبقى الرجال كباب‬ ‫و أما البدا ل بدها من فياعل‬
‫و يمار موصوف القنا و جعاب‬ ‫‌ و يمي با سوق علينا سلعه‬
‫ندوما و ل يسي صحيح بناب‬ ‫و يسي غلم طالب ريح ملكنا‬
‫غلطتوا أدمتوا ف السموم لباب‬ ‫أيا واكلي البز تبغوا أدامه‬
‫و من شعر علي بن عمر بن إبراهيم من رؤساء بن عامر لذا العهد أحد بطون زغبة يعاتب‬
‫بن عمه التطاولي إل رياسته‪:‬‬
‫إذا كان ف سلك الرير نظام‬ ‫مبة كالدر ف يد صانع‬
‫و شاء تبارك و الضعون تسام‬ ‫أباحها منها فيه أسباب ما مضى‬
‫عصاها و ل صبنا عليه حكام‬ ‫غدا منه لم الي حيي و انشطت‬
‫تبم على شوك القتاد برام‬ ‫و لكن ضميي يوم بان بم إلينا‬
‫و بي عواج الكانفات ضرام‬ ‫و إل كأبراص التهامي قوادح‬
‫أتاهم بنشار القطيع غشام‬ ‫و إل لكان القلب ف يد قابض‬
‫إذا كان ينادي بالفراق و خام‬ ‫لا قلت سا من شقا البي زارن‬
‫بيحي و حله و القطي لام‬ ‫أل يا ربوع كان بالمس عامر‬
‫دجى الليل فيهم ساهر و نيام‬ ‫و غيد تدان للخطا ف ملعب‬
‫لنا ما بدا من مهرق و كظام‬ ‫و نعم يشوف الناظرين التحامها‬
‫و لطلق من شرب الها و نعام‬ ‫و عرود باسها ليدعو لسربا‬
‫ينوح على اطلل لا و خيام‬ ‫و اليوم ما فيها سوى البوم حولا‬
‫بعي سخينا و الدموع سجام‬ ‫وقفنا با طورا طويل نسالا‬
‫و سقمي من أسباب إن عرفت أوهام‬ ‫‌ و ل صح ل منها سوى وحش خاطري‬
‫سلم و من بعد السلم سلم‬ ‫و من بعد ذا تدى لنصور بو علي‬
‫دخلتم بور غامقات دهام‬ ‫و قولوا له يا بو الوفا كلح رأيكم‬
‫لا سيلت على الفضا و أكام‬ ‫زواخر ما تنقاس بالعود إنا‬
‫و ليس البحور الطاميات تعام‬ ‫و ل قمستمو فيها قياسا يدلكم‬
‫من الناس عدمان العقول لئام‬ ‫و عانوا على هلكاتم ف ورودها‬
‫قرار و ل دنيا لن دوام‬ ‫أيا عزوة ركبوا الضللة و ل لم‬
‫مثل سراب فله ما لن تام‬ ‫أل غناهو لو ترى كيف زايهم‬
‫مواضع ماهيا لم بقام‬ ‫خلو القنا يبغون ف مرقب العل‬
‫و من زارها ف كل دهر و عام‬ ‫و حق النب و البيت و أركانه العلى‬
‫يذوقون من خط الكساع مدام‬ ‫لب الليال فيه إن طالت اليا‬
‫بكل ردين مطرب و حسام‬ ‫و ل بزها تبقى البوادي عواكف‬
‫عليها من أولد الكرام غلم‬ ‫و كل مسافة كالسد إياه عابر‬
‫يظل يصارع ف العنان لام‬ ‫و كل كميت يكتعص عض نابه‬
‫و تولدنا من كل ضيق كظام‬ ‫و تمل بنا الرض العقيمة مدة‬
‫لا وقت و جنات البدور زحام‬ ‫بالبطال و القود الجان و بالقنا‬
‫وف سن رمي للحروب علم‬ ‫أتحدن و أنا عقيد نقودها‬
‫حت يقاضوا من ديون غرام‬ ‫و نن كاضراس الواف بنجعكم‬
‫يلقى سعايا صايرين قدام‬ ‫مت كان يوم القحط يا مي أبو علي‬
‫و خلى الياد العاليات تسام‬ ‫كذلك بو حو إل اليسر ابعته‬
‫و ل يمعوا بدهى العدو زفام‬ ‫و خل رجال ل يرى الضيم جارهم‬
‫و هم عذر عنه دائما و دوام‬ ‫أل يقيموها و عقد بؤسهم‬
‫ما بي صحاصيح و ما بي حسام‬ ‫و كم ثار طعنها على البدو سابق‬
‫لنا أرض ترك الظاعني زمام‬ ‫فت ثار قطار الصوى يومنا على‬
‫حليف الثنا قشاع كل غيام‬ ‫و كم ذا ييبوا أثرها من غنيمة‬
‫غدا طبعه يدى عليه قيام‬ ‫و إن جاء خافوه اللوك و وسعوا‬
‫ما غنت الورقا و ناح حام‬ ‫عليكم سلم ال من لسن فاهم‬
‫و من شعر عرب نر بنواحي حوران لمرأة قتل زوجها فبعثت إل أحلفه من قيس تغريهم‬
‫بطلب ثأره تقول‪:‬‬
‫بعي أراع ال من ل رثى لا‬ ‫تقول فتاة الي أم سلمه‬
‫موجعة كان الشقا ف مالا‬ ‫تبيت بطول الليل ما تألف الكرى‬
‫بلحظة عي البي غي حالا‬ ‫على ما جرى ف دارها و بو عيالا‬
‫و نتوا عن أخذ الثار ماذا مقالا‬ ‫فقدنا شهاب الدين يا قيس كلكم‬
‫و يبد من نيان قلب ذبالا ‌‬ ‫أنا قلت إذا ورد الكتاب يسرن‬
‫و بيض العذارى ما حيتو جالا‬ ‫أيا حي تسريح الذوائب و اللحى‬

‫الوشحات و الزجال للندلس‬


‫و أ ما أ هل الندلس فل ما ك ثر الش عر ف قطر هم و تذ بت مناح يه و فنو نه و بلغ التنم يق ف يه‬
‫الغاية استحدث التأخرون منهم فنا منه سوه بالوشح ينظمونه أساطا أساطا و أغصانا أغصانا‬
‫يكثرون من أعاري ضا الختل فة‪ .‬و ي سمون التعدد من ها بي تا واحدا و يلتزمون ع ند قوا ف تلك‬
‫الغصان و أوزانا متتاليا فيما بعد إل آخر القطعة و أكثر ما تنتهى عندهم إل سبعة أبيات‪ .‬و‬
‫يشتمل كل بيت على أغصان عددها بسب الغراض و الذاهب و ينسبون فيها و يدحون‬
‫ك ما يف عل ف الق صائد‪ .‬و تاروا ف ذلك إل الغا ية و ا ستظرفة الناس جلة الا صة والكا فة‬
‫ل سهولة تناوله و قرب طري قه‪ .‬و كان الخترع ل ا بزيرة الندلس مقدم بن معافرالفريري من‬
‫شعراء المي عبد ال بن ممد الروان‪ .‬و أخذ ذلك عنه أبو عبد ال أحد بن عبد ربه صاحب‬
‫كتاب العقد و ل يظهر لما مع التأخرين ذكر و كسدت موشحاتما‪ .‬فكان أول من برع ف‬
‫هذا الشأن عبادة القزاز شاعسر العتصسم بسن صسمادح صساحب الريسة‪ .‬و قسد ذكسر العلم‬
‫البطليوسي أنه سع أبا بكر بن زهي يقول‪ :‬كل الوشاحي عيال على عبادة القزاز فيما أتفق له‬
‫من قوله‪:‬‬
‫غصن نقا‪ .‬مسك شم‬ ‫بدر ت‪ .‬شس ضحا‬
‫ما أورقا‪ .‬ما أن‬ ‫ما أت‪ .‬ما أوضحا‬
‫قد عشقا‪ .‬قد حرم‬ ‫ل جرم‪ .‬من لحا‬
‫و زعموا أنة ل يسبقه وشاح من معاصريه الذين كانوا ف زمن الطوائف‪ .‬و ذكر غي واحد‬
‫من الشايخ أن أهل هذا الشأن بالندلس يذكرون أن جاعة من الوشاحي اجتمعوا ف ملس‬
‫بأشبيلية و كان كل واحد منهم اصطنع موشحة و تأنق فيها فتقدم العمى الطليطلي للنشاد‬
‫فلما افتتح موشحته الشهورة بقوله‪:‬‬
‫ضاق عنه الزمان‪ .‬و حواه صدري‬ ‫ضاحك عن جان‪ .‬سافرعن در‬
‫صرف ابن بقي موشحته و تبعه الباقون‪ .‬و ذكر العلم البطليوسي أنه سع ابن زهر يقول‪ :‬ما‬
‫حسدت قط وشاحا على قول إل ابن بقي حي وقع له‪:‬‬
‫أطلعه الغرب‪ .‬فأرنا مثله يا مشرق‬ ‫أما ترى أحد‪ .‬ف مده العال ل يلحق‬
‫و كان ف عصرها من الوشحي الطبوعي أبو بكر البيض‪ .‬و كان ف عصرها أيضا الكيم‬
‫أبو بكر بن باجة صاحب التلحي العروفة و من الكايات الشهورة أنه حضر ملس مدومه‬
‫ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشحته الت أولا‪:‬‬
‫وصل الشكر منك بالشكر‬ ‫جرر الذيل أيا جر‬
‫فطرب المدوح لذلك لا ختمها بقوله‪:‬‬
‫لمي العل أب بكر‬ ‫عقد ال راية النصر‬
‫فلما طرق ذلك التلحي سع ابن تيفلويت صاح‪ :‬و اطرباه‪ :‬و شق ثيابه و قال‪ :‬ما أحسن ما‬
‫بدأت و ختمت و حلف باليان الغلظة ل يشي ابن باجة إل داره إل على الذهب‪ .‬فخاف‬
‫الكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا ف نعله و مشى عليه‪ .‬و ذكر أبو الطاب بن زهر‬
‫أنه جرى ف ملس أب بكر ابن زهي ذكر أب بكر البيض الوشاح التقدم الذكر فغص منه‬
‫نعض الاضرين فقال كيف تغص من يقول‪:‬‬
‫لول هضيم الوشاح إذا أسا ف الصباح‬ ‫ما لذي شراب راح على رياض القاح‬
‫ما للشمول لطمت خدي ؟‬ ‫أو ف الصيل أضحى يقول‪:‬‬
‫غصن اعتدال ضمه بردي‬ ‫و للشمال هبت فمال‬
‫يا لظة رد نوبا و يا لاه الشنيبا‬ ‫ما أباد القلوبا يشي لنا مستريبا‬
‫ل يستحيل فيه عن عهدي‬ ‫برد غليل صب عليل‬
‫يرجو الوصال و هو ف الصد‬ ‫و ل يزال ف كل حال‬
‫و اشتهر بعد هؤلء ف صدر دولة الوحدين ممد بن أب الفضل بن شرف‪ .‬قال السن بن‬
‫دويدة‪ :‬رأيت حات بن سعيد على هذا الفتتاح‪:‬‬
‫و ندي‬ ‫شس قاربت بدرا راح‬
‫و ابن برودس الذي له‪:‬‬
‫بال عودي‬ ‫يا ليلة الوصل و السعود‬
‫و ا بن مؤهل الذي له‪:‬‬
‫و إنا العيد ف التلقي‪ .‬مع البيب‪.‬‬ ‫ما العيد ف حلة و طاق‪ .‬و شم و طيب‪.‬‬
‫و أبو إسحاق الروين قال ابن سعيد‪ :‬سعت أبا السن سهل بن مالك يقول‪ :‬إنه دخل على‬
‫ا بن زه ي و قد أ سن و عل يه زي الباد ية إذ كان ي سكن ب صن سبتة فلم يعر فة فجلس ح يث‬
‫انتهى به الجلس‪ .‬و جرت الحاضرة فانشد لنفسه موشحة وقع فيها‪:‬‬
‫الفجر على الصباح‬ ‫كحل الدجى يري من مقلة‬
‫خضر من البطاح‬ ‫و معصم النهر ف حلل‬
‫فتحرك ا بن زه ي و قال أ نت تقول هذا ؟ قال‪ :‬اخ تب ! قال‪ :‬و من تكون فعر فة‪ ،‬فقال ارت فع‬
‫فوال ما عرف تك‪ ،‬قال ا بن سعيد و سابق الل بة الذي أدرك هؤلء أ بو ب كر بن زه ي و قد‬
‫شرقت موشحاته و غربت‪ ،‬قال‪ :‬و سعت أبا السن سهل بن مالك يقول قيل لبن زهي لو‬
‫قيل لك ما أبدع و أرفع ما وقع لك ف التوشيح قال كنت أقول‪:‬‬
‫ما للموله من سكره ل يفيق‪ .‬يا له سكران‪ .‬من غي خر‪ .‬ما للكئيب الشوق‪ .‬يندب الوطان‪.‬‬
‫بالليج‪ .‬و ليالينا‬ ‫هل تستعاد‪ .‬أيامنا‬
‫الريج‪ .‬مسك دارينا‬ ‫أو نستفاد‪ .‬من النسيم‬
‫البهيج‪ .‬أن ييينا ؟‬ ‫أو هل يكاد‪ .‬حسن الكان‬
‫روض أظله‪ .‬دوح عليه أنيق‪ .‬مورق الفنان‪ .‬و الاء يري‪ .‬و عائم و غريق‪ .‬من جن الريان‬
‫و اشتهر بعده ابن حيون الذي له من الزجل الشهور قوله‪:‬‬
‫با شئت من يد و عي‬ ‫يفوق سهمه كل حي‬
‫و ينشد ف القصيد‪:‬‬
‫فليس تل ساع من قتال‬ ‫خلقت مليح علمت رامي‬
‫ما تعمل يدي بالنبال‬ ‫و تعمل بذي العيني متاعي‬
‫و اشتهر معهما يومئذ بغرناطة الهر بن الفرس‪ ،‬قال ابن سعيد‪ ،‬و لا سع ابن زهر قوله‪:‬‬
‫بنهر حص على تلك الروج‬ ‫ل ما كان من يوم بيج‬
‫نفض ف حانه مسك التام‬ ‫ث انعطفنا على فم الليج‬
‫و رداء الصيل ضمه كف الظلم‬ ‫عن عسجد زانه صاف الدام‬
‫قال ابن ز هر‪ :‬أين كنا نن عن هذا الرداء و كان معه ف بلده مطرف‪ .‬أخب ابن سعيد عن‬
‫والده أن مطرفسا هذا دخسل على ابسن الفرس فقام له و أكرمسه‪ ،‬فقال‪ :‬ل تفغسل ! فقال ابسن‬
‫الفرس‪ :‬كيف ل أقوم لن يقول‪:‬‬
‫فقل كيف تبقى بل وجد‬ ‫قلوب تصاب بألاظ تصيب‬
‫و بعد هذا ابن خزمون برسية‪ .‬ذكر ابن الرائس أن يي الزرجي دخل عليه ف ملسه فأنشده‬
‫موشحة لنفسه فقال له ا بن حزمون‪ :‬ل يكون الوشح بوشح حت يكون عاريا غن التكلف‪،‬‬
‫قال على مثل ماذا ؟ قال على مثل قول‪:‬‬
‫منك سبيل‬ ‫يا هاجري هل إل الوصال‬
‫قلب العليل‬ ‫أو هل ترى عن هواك سال‬
‫و أبو السن سهل بن مالك بغرناطة‪ .‬قال ابن سعيد كان والدي يعجب بقوله‪:‬‬
‫عاد برا ف أجع الفق‬ ‫إن سيل الصباح ف الشرق‬
‫فتداعت نوادب الورق‬
‫فبكت سحرة على الورق‬ ‫أتراها خافت من الغرق‬
‫و اشتهر بأشبيلية لذلك العهد أبو السن بن الفضل‪ ،‬قال ابن سعيد عن والده‪ ،‬سعت سهل‬
‫ابن مالك يقول‪ :‬له يا ابن الفضل لك على الوشاحي الفضل بقولك‪:‬‬
‫عشية بأن الوى و انقضى‬ ‫واحسرتا لزمان مضى‬
‫و بت على جرات الغضى‬ ‫و أفردت بالرغم ل بالرضى‬
‫و ألثم بالوهم تلك الرسوم‬ ‫أعانق بالفكر تلك الطلول‬
‫قال و سعت أبا بكر بن الصابون ينشد الستاذ أبا السن الدباج موشحاته غي ما مرة‪ ،‬فما‬
‫شنمعتة يقول له ل درك‪ ،‬إل ف قوله‪:‬‬
‫ما لليل الشوق من فجر‬ ‫قسما بالوى لذي حجر‬
‫جد الصبح ليس يطرد ما لليلي فيما أظن غد إصح ياليل إنك البد‬
‫فنجوم السماء ل تسري‬ ‫أو قفصت قوادم النسر‬
‫و من ماسن موشحات ابن الصابون قوله‪:‬‬
‫أمرضة يا ويلتاه الطبيب‬ ‫ما حال صب ذي ضن و اكتئاب‬
‫ث اقتدى فيه الكرى بالبيب‬ ‫عامله مبوبه باجتناب‬
‫ل أبكه أل لفقد اليال‬ ‫جفا جفون النوم لكنن‬
‫منه كما شاء و شاء الوصال‬ ‫و ذا الوصال اليوم قد غرن‬
‫بصورة الق و ل بالحال‬ ‫فلست باللئم من صدن‬
‫و اشتهر بب أهل العدوة ابن خلف الزائري صاحب الوشحة الشهورة‪:‬‬
‫يد الصباح قدحت زناد النوار ف مامز الزهر‬
‫و ابن خرز البجائي و له من موشحة‪:‬‬
‫حباك منه بابتسام‬ ‫ثغر الزمان موافق‬
‫و من ماسن الوشحات للمتأخرين موشحة ابن سهل شاعر أشبيلية و سبتة من بعدها فمنها‬
‫قوله‪:‬‬
‫قلب صب حله عن مكنس‬ ‫هل درى ظب المى أن قد حى‬
‫لعبت ريح الصبا بالقبس‬ ‫فهو ف نار و خفق مثل ما‬
‫و قد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد ال ابن الطيب شاعر الندلس و الغرب‬
‫لعصره و قد مر ذكره فقال‪:‬‬
‫يا زمان الوصل بالندلس‬ ‫جادك الغيث إذا الغيث هى‬
‫ف الكرى أو خلسة الختلس‬ ‫ل يكن وصلك إل حلما‬
‫ينقل الطو على ما يرسم‬ ‫إذ يقود الدهر أشتات الن‬
‫مثل ما يدعو الوفود الوسم‬ ‫زمرا بي فرادى و ثنا‬
‫فثغور الزهر فيه تبسم‬ ‫و اليا قد جلل الروض سن‬
‫كيف يروي مالك عن أنس‬ ‫و روى النعمان عن ماء السما‬
‫يزذهي منه بأبى ملبس‬ ‫فكساه السن ثوبا معلما‬
‫بالدجى لو ل شوس الغرر‬ ‫ف ليال كتمت سر الوى‬
‫مستقيم السي سعد الثر‬ ‫مال نم الكأس فيها و هوى‬
‫أنه مر كلمح البصر‬ ‫وطر ما فيه من غيب سوى‬
‫هجم الصبح هجوم الرس‬ ‫حي لذ النوم منا أو كما‬
‫أثرت فينا عيون النرجس‬ ‫غارت الشهب بنا أو ربا‬
‫فيكون الروض قد مكن فيه‬ ‫أي شيء لمرئ قد خلصا‬
‫أمنت من مكره ما تتقيه‬ ‫تنهب الزهار فيه الفرصا‬
‫و خل كل خليل بأخيه‬ ‫فإذا الاء يناجي و الصا‬
‫يكتسي من غيظيه ما يكتسي‬ ‫تبصر الورد غيورا برما‬
‫يسرق الدمع بأذن فرس‬ ‫و ترى الس لبيبا فهما‬
‫و بقلب مسكن أنتم به‬ ‫يا أهيل الي من وادي الغضا‬
‫ل أبال شرقه من غربه‬ ‫ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا‬
‫تنقذوا عانيكم من كربه‬ ‫فأعيدوا عهد أنس قد مضى‬
‫يتلشى نفسا ف نفس‬ ‫و اتقوا ال احيوا مغرما‬
‫أفترضون خراب البس‬ ‫حبس القلب عليكم كرما‬
‫بأحاديث الن و هو بعيد‬ ‫و بقلب منكم مقترب‬
‫شقوة الغرى به و هو سعيد‬ ‫قمر أطلع منه الغرب‬
‫ف هواه بي وعد و وعيد‬ ‫قد تساوي مسن أو مذنب‬
‫جال ف النفس مال النفس‬ ‫ساحر القلة معسول اللمى‬
‫بفؤادي نبلة الفترس‬ ‫سدد السهم فأصمى إذ رمى‬
‫و فؤاد الصب بالشوق يذوب‬ ‫إن يكن جار و خاب المل‬
‫ليس ف الب لحبوب ذنوب‬ ‫فهو للنفس حبيب أول‬
‫ف ضلوع قد براها و قلوب‬ ‫أمره معتمل متثل‬
‫ل يراقب ف ضعاف النفس‬ ‫حكم اللحظ با فاحتكما‬
‫و يازي الب منها و السي‬ ‫ينصف الظلوم من ظلما‬
‫عادة عيد من الشوق جديد ؟‬ ‫ما لقلب كلما هبت صبا‬
‫قوله إن عذاب لشديد‬ ‫كان ف اللوح له مكتتبا‬
‫فهو للشجان ف جهد جهيد‬ ‫جلب الم له و الوصبا‬
‫فهي نار ف هشيم اليبس‬ ‫لعج ف أضلعي قد أضرما‬
‫كبقاء ألصبح بعد الغلس‬ ‫ل يدع من مهجت إل الدما‬
‫و اعتبي الوقت برجعى و متاب‬ ‫سلمي يا نفس ف حكم القضا‬
‫بي عتب قد تقضت و عتاب‬ ‫و اتركي ذكرى زمان قد مضى‬
‫ملهم التوفيق ف أم الكتاب‬ ‫و اصرف القول إل الول الرضى‬
‫أسد السرج و بدر الجلس‬ ‫الكري النتهى و النتمى‬
‫ينل الوحي يروح القدس‬ ‫ينل النصر عليه مثلما‬
‫و أما الشارقة فالتكلف ظاهر على ما عانوه من الوشحات‪ .‬و من أحسن ما وقع لم ف ذلك‬
‫موشحة ابن سناء اللك الت اشتهرت شرقا و غربا و أولا‪:‬‬
‫عن العذار‬ ‫حبيب ارفع حجاب النور‬
‫ف جلنار‬ ‫تنظر السك على كافور‬
‫باللى و اجعلي‬ ‫كللي يا سحب تيجان الرب‬
‫سوارها منعطف الدول‬
‫و ل ا شاع فن التوش يح ف أ هل الندلس‪ ،‬و أ خذ به المهور‪ .‬ل سلسته و تنم يق كل مه و‬
‫ترصسيع أجزائه‪ ،‬ن سجت العا مة من أ هل المصسار على منواله‪ .‬و نظموا ف طريق ته بلغتهسم‬
‫الضر ية من غ ي أن يلتزموا في ها إعرابا‪ .‬و ا ستحدثوا ف نا سوه يالز جل‪ ،‬و التزموا الن ظم ف يه‬
‫على مناحيهسم لذا العهسد‪ ،‬فجاءوا فيسه بالغرائب و اتسسع فيسه للبلغسة مال بسسب لغتهسم‬
‫الستعجمة‪.‬‬
‫و أول مسن أبدع فس هذه الطريقسة‪ .‬الزجليسة أبسو بكسر بسن قزمان‪ .‬و إن كانست قيلت قبله‬
‫بالندلس‪ ،‬ل كن ل يظ هر حل ها‪ ،‬و ل انسبكت معانيها و اشتهرت رشاقت ها إل ف زما نه‪ .‬و‬
‫كان لعهد اللثمي‪ ،‬و هو إمام الزجالي على الطلق‪ .‬قال ابن سعيد‪ :‬و رأيت أزجاله مروية‬
‫ببغداد أك ثر م ا رأيت ها بوا ضر الغرب‪ .‬قال‪ :‬و سعت أ با ال سن بن جحدر ال شبيلي‪ ،‬إمام‬
‫الزجالي ف عصرنا يقول‪:‬‬
‫ما وقع لحد من أئمة هذا الشأن مثل ما وقع لبن قزمان شيخ الصناعة‪ ،‬و قد خرج إل منتزه‬
‫مع بعض أصحابه‪ ،‬فجلسوا تت عريش و أمامهم تثال أسد من رخام يصب الاء من فيه على‬
‫صفائح من الجر متدرجة فقال‪:‬‬
‫بال رواق‬ ‫و عريش قد قام على دكان‬
‫من غلظ ساق‬ ‫و أسد قد ابتلع ثعبان‬
‫بيه الفراق‬ ‫و فتح فمه بال إنسان‬
‫و ألقى الصياح‬ ‫و انطلق من ث على الصفاح‬
‫و كان ا بن قزمان‪ ،‬مع أ نه قر طب الدار‪ .‬كثيا ما يتردد إل إشبيل ية و نيتاب نر ها‪ ،‬فات فق أن‬
‫اجتمع ذات يوم جاعة من أعلم هذا الشأن‪ .‬و قد ركبوا ف النهر للنهة‪ .‬و معهم غلم جيل‬
‫الصورة من سروات أهل البلد و بيوتم‪ .‬و كانوا متمعي ف زورق للصيد‪ ،‬فنظموا ف وصف‬
‫الال‪ ،‬و بدأ منهم عيسى البليدي فقال‪:‬‬
‫و قد ضمن عشقو لشهماتو‬ ‫يطمع باللص قلب و قد فاتو‬
‫يغلق و كذاك أمر عظيم صاباتو‬ ‫تراه قد حصل مسكي ملتو‬
‫وذيك الفون الكحل أبلتو‬ ‫توحش الفون الكحل إن غابو‬
‫ث قال أبو عمرو بن الزاهر الشبيلي‪:‬‬
‫ترى ايش دعاه يشقى و يتعذب‬ ‫نشب و الوى من ل فيه ينشب‬
‫و خلق كثي من ذا اللعب ماتوا‬ ‫مع العشق قام ف بالوان يلعب‬
‫ث قال أبو السن القري الدان‪:‬‬
‫شراب و ملح من حول قد طافوا ‌‬ ‫نار مليح يعجب أوصافو‬
‫و البوري أخرى فقلتو‬ ‫و القلي يقول من فوق صفصافو‬
‫ث قال أبو بكر بن مرتي‪:‬‬
‫ف الواد النيه و البوري و الصياد‬ ‫الق تريد حديث بقال عاد‬
‫قلوب الورى هي ف شبيكاتو‬ ‫لسنا حيتان ذيك الذي يصطاد‬
‫ث قال أبو بكر بن قزقان‪:‬‬
‫ترى البوري يرشق لذاك اليها‬ ‫إذا شر كمامو يرميها‬
‫إل أن يقبل بدياتو‬ ‫و ليس مرادو أن يقع فيها‬
‫و كان ف عصرهم يشرق الندلس ملف السود‪ ،‬و له ماسن من الزجل منها قوله‪:‬‬
‫و ردن ذا العشق لمر صعب‬ ‫قد كنت منشوب و اختشيت النشب‬
‫تنتهي ف المر إلا تنتهي‬ ‫حت تنظر الد الشريق البهي‬
‫تنظر با الفضة و ترجع ذهب‬ ‫يا طالب الكيميا ف عين هي‬
‫و جاءت‪ .‬بعدهم حلبة كان سابقها مدغليس‪ ،‬وقعت له العجائب ف هذه الطريقة‪ ،‬فمن قوله‬
‫ف زجله الشهور‪:‬‬
‫و شعاع الشمس يضرب‬ ‫و رذاذ دق ينل‬
‫و ترى الخر يذهب‬ ‫فترى الواحد يفضض‬
‫و الغصون ترقص و تطرب‬ ‫و النبات يشرب و يسكر‬
‫ث تستحي و ترب‬ ‫و تريد تي إلينا‬
‫و من ماسن أزجاله قوله‪:‬‬
‫فقم بنا ننع الكسل‬ ‫لح الضيا و النجوم حيارى‬
‫أحلى هي عندي من العسل‬ ‫شربت مزوج من قراعا‬
‫قلدك ال با تقول‬ ‫يا من يلمن كما تقلد‬
‫و أنه يفسد العقول‬ ‫يقول بان الذنوب تولد‬
‫ايش ما ساقك معي ف ذا الفضول‬ ‫لرض الجاز موريكن لك أرشد‬
‫و دعن ف الشرب منهمل‬ ‫مر أنت للحج و الزيارا‬
‫النية أبلغ من العمل‬ ‫من ليس لو قدره و ل استطاع‬
‫و ظهر بعد هؤلء بأشبيلية ابن جحدر الذي فضل على الزجالي ف فتح ميورقة بالزجل الذي‬
‫أوله هذا‪:‬‬
‫أنا بري من يعاند الق‬ ‫من عاند التوحيد بالسيف يحق‬
‫قال ابن سعيد لقيتة و لقيت تلميذة العمع صاحب الزجل الشهور الذي أوله‪:‬‬
‫أفتل اذنو بالرسيل‬ ‫يا ليتن ان رأيت حبيب‬
‫و سرق فم الجيل‬ ‫ليش أخذ عنق الغزيل‬
‫ث جاء من بعدهم أبو السن سهل بن مالك إمام الدب‪ ،‬ث من بعدهم لذه العصور صاحبنا‬
‫الوزير أبو عبد ال بن الطيب إمام النظم و النثر ف اللة السلمية غي مدافع‪ ،‬فمن ماسنه ف‬
‫هذه الطريقة‪:‬‬
‫ما خلق الال إل أن يبدد‬ ‫امزج الكواس و املل تدد‬
‫و من قوله على طريقة الصوفية و ينحو منحى الششتري منهم‪:‬‬
‫اختلطت الغزول‬ ‫بي طلوع و بي نزول‬
‫و بقي من ل يزول‬ ‫و مضى من ل يكن‬
‫و من ماسنه أيضا قوله ف ذلك العن‪:‬‬
‫و حي حصل ل قربك سببت قارب‬ ‫البعد عنك يا بن أعظم مصايب‬
‫و كان لعصر الوزير ابن الطيب بالندلس ممد بن عبد العظيم من أهل وادي آش‪ ،‬و كان‬
‫إماما ف هذه الطريقة و له من زجل يعارض به مدغليس ف قوله‪:‬‬
‫لح الضياء و النجوم حيارى بقوله‪:‬‬
‫مذ حلت الشمس ف المل‬ ‫حل الجون يا أهل الشطارا‬
‫ل تعلوا بينها ثل‬ ‫تددوا كل يوم خلعا‬
‫على خضورة ذاك النبات‬ ‫إليها يتخلعوا ف شنبل‬
‫أحسن عندي من ذيك الهات‬ ‫و حل بغداد و اجتياز النيل‬
‫ان مرت الريح عليه و جات‬ ‫و طاقتها أصلح من أربعي ميل‬
‫و ل بقدار ما يكتحل‬ ‫ل تلتق الغبار امارا‬
‫إل و نسرح فيه النحل‬ ‫و كيف ولش فيه موضع رقاعا‬
‫و هذه الطريقة الزجلية لذا العهد هي فن العامة بالندلس من الشعر‪ .‬و فيها نظمهم حت أنم‬
‫لينظمون با ف سائر البحور المسة عشر‪ ،‬لكن بلغتهم العامية و يسمونه الشعر الزجلي مثل‬
‫قول شاعرهم‪:‬‬
‫و أنت ل شفقة و ل قلب يلي‬ ‫دهر ل نعشق جفونك و سني‬
‫صنعة السكة بي الدادين‬ ‫حت ترى قلب من أجلك كيف رجع‬
‫و الطارق من شال و من يي‬ ‫الدموع ترشرش و النار تلتهب‬
‫و أنت تغزو قلوب العاشقي‬ ‫خلق ال النصارى للغزو‬
‫و كان من الجيدين لذه الطريقة لول هذه الائة الديب أبو عبد ال اللوشي و له فيها قصيدة‬
‫يدح فيها السلطان ابن الحر‪:‬‬
‫و نضحكو من بعدما نطربو‬ ‫طل الصباح قم يا نديي نشربو‬
‫ف ميلق الليل فقم قلبو‬ ‫سبيكة الفجر أحكت شفق‬
‫فضة هو لكن الشفق ذهبو‬ ‫ترى عيارها خالص أبيض نقي‬
‫نور الفون من نورها يكسبو‬ ‫فتنتفق سكتوا عند البشر‬
‫عيش الغن فيه بال ما أطيبو‬ ‫فهو النهار يا صاحب للمعاش‬
‫على سرير الوصل يتقلبو ‌‬ ‫والليل أيضا للقبل و العناق‬
‫ولش ليفلت من يديه عقربو‬ ‫جاد الزمان من بعدما كان بيل‬
‫يشرب بيننو و ياكل طيبو‬ ‫كما جرع مرو فما قد مضى‬
‫ف الشرب و العشق ترى ننجبو‬ ‫قال الرقيب يا أدبا إيش ذا‬
‫فقلت يا قوم من ذا تتعجبوا‬ ‫و تعجبوا عذال من ذا الب‬
‫علش تكفروا بال أو تكتبوا‬ ‫نعشق مليح ال رقيق الطباع‬
‫يفض بكرو و يدع ثيبو‬ ‫ليش يربح السن إل شاعر أديب‬
‫على الذي ما يدري كيف يشربو‬ ‫أما الكاس فحرام نعم هو حرام‬
‫يقدر يسن الفاظ أن يلبوا‬ ‫و يد الذي يسن حسابه و ل‬
‫يغفر ذنوبم لذا إن أذنبوا‬ ‫و أهل العقل و الفكر و الجون‬
‫و قلب ف جر الغضى يلهبو‬ ‫ظب بي فيها يطفي المر‬
‫و بالوهم قبل النظر يذهبوا‬ ‫غزال بي ينظر قلوب السود‬
‫و يفرحوا من بعدما يندبوا‬ ‫ث يييهم إذا ابتسم يضحكوا‬
‫خطيب المة للقبل يطبو‬ ‫فميم كالات و ثغر نقي‬
‫قد صففه الناظم و ل يثقبو‬ ‫جوهر و مرجان أي عقد يا فلن‬
‫من شبهه بالسك قد عيبو‬ ‫و شارب أخضر يريد لش يريد‬
‫ليال هجري منه يستغربوا‬ ‫يسبل دلل مثل جناح الغراب‬
‫ما قط راعي للغنم يلبوا‬ ‫على بدن أبيض بلون الليب‬
‫ديك الصليا ريت ما أصلبو‬ ‫و زوج هندات ما علمت قبلها‬
‫من رقتو يفي إذا تطلبوا‬ ‫تت العكاكن منها خصر رقيق‬
‫جديد عتبك حق ما أكذبو‬ ‫أرق هو من دين فيما تقول‬
‫من يتبعك من ذا و ذا تسلبوا‬ ‫أي دين بقا ل معاك و أي عقل‬
‫جي ينظر العاشق و حي يرقبو‬ ‫تمل ارداف ثقال كالرقيب‬
‫ف طرف ديسا و البشر تطلبو‬ ‫ان ل ينفس عدر أو ينقشع‬
‫و حي تغيب ترجع ف عين تبو‬ ‫يصي إليك الكان حي تي‬
‫أو الرمل من هو الذي يسبو‬ ‫ماسنك مثل خصال المي‬
‫من فصاحة لفظه يتقربو‬ ‫عماد المصار و فصيح العرب‬
‫و مع بديع الشعر ما أكتبو‬ ‫بمل العلم انفرد و العمل‬
‫و ف الرقاب بالسيف ما أضربو‬ ‫ففي الصدور بالرمح ما أطعنه‬
‫فمن يعد قلب أو يسبو‬ ‫من السماء يسد ف أربع صفات‬
‫الغيث جودو و النجوم منصبو‬ ‫الشمس نورو و القمر هتو‬
‫الغنيا و الند حي يركبوا‬ ‫يركب جواد الود و يطلق عنان‬
‫منه بنات العال تطيبوا‬ ‫من خلعتو يلبس كل يوم بطيب‬
‫قاصد و وارد قط ما خيبوا‬ ‫نعمتو تظهر على كل من ييه‬
‫لش يقدر الباطل بعدما يجبو‬ ‫قد أظهر الق و كان ف حجاب‬
‫من بعد ما كان الزمان خربو‬ ‫و قد بن بالسر ركن التقى‬
‫فمع ساحة وجهو ما أسيبو‬ ‫تاف حي تلقاه كما ترتيه‬
‫غلب هو ل شي ف الدنيا يغلبو‬ ‫يلقى الروب ضاحكا و هي عابسة‬
‫فليس شيء يغن من يضربو‬ ‫إذا جبد سيفه ما بي الردود‬
‫للسلطنة اختار و استنخبو‬ ‫و هو سي الصطفى و الله‬
‫يقود جيوشو و يزين موكبو‬ ‫تراه خليفة أمي الؤمني‬
‫نعم و ف تقبيل يديه يرغبوا‬ ‫لذي المارة تضع الرؤوس‬
‫يطلعوا ف الجد و ل يغربوا‬ ‫ببيته بقى بدور الزمان‬
‫و ف التواضع و اليا يقربوا‬ ‫و ف العال و الشرف يبعدوا‬
‫و أشرقت شسه و لح كوكبو‬ ‫و ال يبقيهم ما دار الفلك‬
‫يا شس خدر مالا مغربو‬ ‫و ما يغن ذا القصيد ف عروض‬
‫ث استحدث أهل المصار بالغرب فنا آخر من الشعر‪ ،‬ف أعاريض مزدوجة موشح‪ ،‬نظموا‬
‫ف يه بلغت هم الضر ية أي ضا و سوه عروض البلد‪ ،‬و كان أول من حد ثه في هم ر جل من أ هل‬
‫الندلس نزل بفاس يعرف بابن عمي‪ .‬فنظم قطعة بطريقة الوشح و ل يرج فيها عن مذاهب‬
‫العراب إل قليل مطلعها‪:‬‬
‫على الغصن ف البستان قريب الصباح‬ ‫ان بشاطي النهر نوح المام‬
‫و ماء الندى يري بثغر القاح‬ ‫السحر يحو مداد الظلم‬
‫كثي الواهر ف نور الوار‬ ‫جرت الرياض و الطل فيها افتراق‬
‫ياكي ثعابي حلقت بالثمار‬ ‫مع النواعي ينهرق انراق‬
‫و دار الميع بالروض دور السوار‬ ‫بالغصون خلخال على كل ساق‬
‫و يمل نسيم السك عنها رياح‬ ‫الندى ترق جيوب الكمام‬
‫و جر النسيم ذيلو عليها و فاح‬ ‫الصبا يطلى بسك الغمام‬
‫قد ابتلت ارياشو بقطر الندى‬ ‫و يطي المام بي الورق ف القضيب‬
‫قد التف من توبو الديد ف ردا‬ ‫تنوح مثل ذاك الستهام الغريب‬
‫ينظم سلوك جوهر و يتقلدا‬ ‫و لكن با أحر و ساقو خضيب‬
‫جناحا توسد و التوى ف جناح‬ ‫جلس بي الغصان جلسة الستهام‬
‫منها ضم منقاره لصدره و صاح‬ ‫و صار يشتكي ما ف الفؤاد من غرام‬
‫أراك ما تزال تبكي بدمع سفوح‬ ‫قلت يا حام احرمت عين الجوع‬
‫بل دمع نبقى طول حيات ننوح‬ ‫قال ل بكيت حت صفت ل الدموع‬
‫ألفت البكا و الزن من عهد نوح‬ ‫على فرخ طار ل ل يكن لو رجوع‬
‫انظر جفون صارت بال الراح‬ ‫كذا هو الوفا و كذا هو الزمام‬
‫يقول عنان ذا البكا و النواح‬ ‫و أنتم من بكى منكم إذا ت عام‬
‫كنت تبكي و ترثي ل بدمع هتون‬ ‫قلت يا حام لو خضت بر الضن‬
‫ما كان يصي تتك فروع الغصون‬ ‫و لو كان بقلبك ما بقلب أنا‬
‫حت ل سبيل جله تران العيون‬ ‫اليوم نقاسي الجر كم من سنا‬
‫أخفان نول عن عيون اللواح‬ ‫و ما كسا جسمي النحول و السقام‬
‫و من مات بعد يا قوم لقد استراح‬ ‫لو جتن النايا كان يوت ف القام‬
‫من خوف عليه ودا النفوس للفؤاد‬ ‫قال ل لو رقدت لوراق الرياض‬
‫طوق العهد ف عنقي ليوم التناد‬ ‫و تضبت من دمعي و ذاك البياض‬
‫بأطراف البلد و السم صار ف الرماد‬ ‫أما طرف منقاري حديثو استفاض‬
‫فاسستحسنه أهسل فاس و ولعوا بسه و نظموا على طريقتسه‪ .‬و تركوا العراب الذي ليسس مسن‬
‫شأنم‪ ،‬و كثر ساعه بينهم و استفحل فيه كثي منهم و نوعةه أصنافا إل الزدوج و الكازي و‬
‫اللع بة و الغزل‪ .‬و اختل فت أ ساؤها باختلف ازدواج ها و ملحظات م في ها‪ .‬ف من الزدوج ما‬
‫قاله ابن شجاع من فصولم و هو من أهل تازا‪:‬‬
‫يبهي وجوها ليس هي باهيا‬ ‫الال زينة الدنيا و عز النفوس‬
‫ولوه الكلم و الرتبة العاليا‬ ‫فها كل من هو كثي الفلوس‬
‫و يصغر عزيز القوم اذ يفتقر‬ ‫يكب من كثر مالو و لو كان صغي‬
‫و كاد ينفقع لول الرجوع للقدر‬ ‫من ذا ينطبق صدري و من ذا تغي‬
‫لن ل أصل عندو و ل لو خطر‬ ‫حت يلتجي من هو ف قومو كبي‬
‫و يصبغ عليه ثوب فراش صافيا‬ ‫لذا ينبغي يزن على ذي العكوس‬
‫و صار يستفيد الواد من الساقيا‬ ‫اللي صارت الذناب أمام الرؤوس‬
‫ما يدروا على من يكثروا ذا العتاب‬ ‫ضعف الناس على ذا و فسد ذا الزمان‬
‫و لو رأيت كيف يرد الواب‬ ‫اللي صار فلن يصبح بو فلن‬
‫أنفاس السلطي ف جلود الكلب‬ ‫عشنا و السلم حت رأينا عيان‬
‫هم ناحيا و الجد ف ناحيا‬ ‫كبار النفوس جدا ضعاف السوس‬
‫و جوه البلد و العمدة الراسيا‬ ‫يرو أنم و الناس يروهم تيوس‬
‫و من مذاهبهم قول ابن شجاع منهم ف بعض مزدوجاته‪:‬‬
‫اهل يا فلن ل يلعب السن فيك‬ ‫تعب من تبع ذا الزمان‬
‫قليل من عليه تبس و يبس عليك‬ ‫ما منهم مليح عاهد إل و خان‬
‫و يستعمدوا تقطيع قلوب الرجال‬ ‫يهبوا على العشاق و يتمنعوا‬
‫و ان عاهدوا خانوا على كل حال‬ ‫و ان واصلوا من حينهم يقطعوا‬
‫و صيت من خدي لقدمو نعال‬ ‫مليح كان هويتو وشت قلب معو‬
‫و قلت لقلب اكرم لن حل فيك‬ ‫و مهدت لو من وسط قلب مكان‬
‫فل بد من هول الوى يعتريك‬ ‫و هون عليك ما يعتريك من هوان‬
‫فلو كان يرى حال اذا يبصرو‬ ‫حكمتوا علي و ارتضيت بو أمي‬
‫مرديه و يتعطس بال انرو‬ ‫يرجع مثل در حول بوجه الغدير‬
‫و يفهم مرادو قبل أن يذكرو‬ ‫و تعلمت من ساعا بسبق الضمي‬
‫عصر ف الربيع أو ف الليال يريك‬ ‫و يتل ف مطلو لوان كان‬
‫وايش ما يقل يتاج لو ييك‬ ‫و يشي بسوق كان و لو باصبهان‬
‫حت أتى على آخرها‪.‬‬
‫و كان من هم علي بن الؤذن بتلم سان‪ ،‬و كان لذه الع صور القري بة من فحول م بزرهون من‬
‫ضواحي مكناسة رجل يعرف بالكفيف‪ .‬أبدع ف مذاهب هذا الفن‪ .‬و من أحسن ما علق له‬
‫بحفوظي قوله ف رحلة السلطان أب السن و بن مرين إل أفريقية يصف هزيتهم بالقيوان‪.‬‬
‫و يعزيهم عنها و يؤنسهم با وقع لغيهم بعد أن عيبهم على غزاتم إل إفريقية ف ملعبة من‬
‫فنون هذه الطريقة يقول ف مفتتحها‪ .‬و هو من أبدع مذاهب البلغة ف الشعار بالقصد ف‬
‫مطلع الكلم و افتتاحه و يسمى براعة الستهلل‪:‬‬
‫و نواصيها ف كل حي و زمان‬ ‫سبحان مالك خواطر المرا‬
‫و ان عصيناه عاقب بكل هوان‬ ‫ان طعناه أعظم لنا نصرا‬
‫إل أن يقول ف السؤال عن جيوش الغرب بعد التخلص‪:‬‬
‫فالراعي عن رعيته مسؤول‬ ‫كن مرعى قل و ل تكن راعي‬
‫للسلم و الرضا السن الكمول‬ ‫‌ و استفتح بالصلة على الداعي‬
‫و اذكر بعدهم اذا تب و قول‬ ‫على اللفاء الراشدين و التباع‬
‫ودوا سرح البلد مع السكان‬ ‫أحجاجا تللوا الصحرا‬
‫وين سارت بوعزاي السلطان‬ ‫عسكر فاس النية الغرا‬
‫و قطعتم لو كلكل البيدا‬ ‫أحجاج بالنب الذي زرت‬
‫التلوف ف افريقيا السودا‬ ‫عن جيش الغرب حي يسألكم‬
‫و يدع برية الجاز رغدا‬ ‫و من كان بالعطايا يزودكم‬
‫و يعجز شوط بعدما يفان‬ ‫قام قل للسد صادف الزرا‬
‫أي ما زاد غزالم سبحان‬ ‫و يزف كر دوم تب ف الغبا‬
‫و بلد الغرب سد السكندر‬ ‫لو كان ما بي تونس الغربا‬
‫طبقا بديد أو ثانيا بصفر‬ ‫مبن من شرقها إل غربا‬
‫أو يأت الريح عنهم بفرد خب‬ ‫ل بد الطي أن تيب نبا‬
‫لو تقرا كل يوم على الديوان‬ ‫ما أعوصها من أمور و ما شرا‬
‫و هوت الراب و خافت الغزلن‬ ‫لرت بالدم و انصدع حجرا‬
‫و تفكر ل باطرك جعا‬ ‫أدرل بعقلك الفحاص‬
‫عن السلطان شهر و قبله سبعا‬ ‫ان كان تعلم حام و ل رقاص‬
‫و علمات تنشر على الصمعا‬ ‫تظهر عند الهيمن القصاص‬
‫مهولي ل مكان و ل امكان‬ ‫ال قوم عاريي فل سترا‬
‫و كيف دخلوا مدينة القيوان‬ ‫ما يدروا كيف يصوروا كسرا‬
‫قضية سينا إل تونس‬ ‫امولي أبو السن خطينا الباب‬
‫واش لك ف اعراب افريقيا القوبس‬ ‫فقنا كنا على الريد و الزاب‬
‫الفاروق فاتح القرى الولس‬ ‫ما بلغك من عمر فت الطاب‬
‫و فتح من افريقيا و كان‬ ‫ملك الشام و الجاز و تاج كسرى‬
‫و نقل فيها تفرق الخوان‬ ‫رد ولدت لو كره ذكرى‬
‫صرح ف افريقيا بذا التصريح‬ ‫هذا الفاروق مردي العوان‬
‫و فتحها ابن الزبي عن تصحيح‬ ‫و بقت حى إل زمن عثمان‬
‫مات عثمان و انقلب علينا الريح‬ ‫لن دخلت غنائمها الديوان‬
‫و بقي ما هو للسكوت عنوان‬ ‫و افترق الناس على ثلثة أمرا‬
‫اش نعمل ف أواخر الزمان‬ ‫اذا كان ذا ف مدة البارا‬
‫و ف تاريخ كأنا و كيوانا‬ ‫و أصحاب الضر ف مكناساتا‬
‫شق و سطيح و ابن مرانا‬ ‫تذكر ف صحتها أبياتا‬
‫لدا و تونس قد سقط بنيانا‬ ‫ان مرين إذا تكف براياتا‬
‫عيسى بن السن الرفيع الشان‬ ‫قد ذكرنا ما قال سيد الوزرا‬
‫لكن إذا جاء القدر عميت العيان‬ ‫قال ل رأيت و أنا بذا أدري‬
‫من حضرة فاس إل عرب دياب‬ ‫و يقول لك ما دهى الرينيا‬
‫سلطان تونس و صاحب البواب‬ ‫أراد الول بوت ابن يي‬
‫ث أخذ ف ترحيل السلطان و جيوشه‪ ،‬إل آخر رحلته و منتهى أمره‪ ،‬مع أعراب إفريقية‪ .‬و‬
‫أ تى في ها ب كل غري بة من اليداع‪ .‬و أ ما أ هل تو نس فا ستحدثوا فن اللع بة أي ضا على لغت هم‬
‫الضرية‪ ،‬إل أن أكثره رديء و ل يعلق بحفوظي منة شيء لرداءته‪.‬‬

‫الوشحات و الزجال ف الشرق‬


‫و كان لعامة بغداد أيضا فن من الشعر يسمونه الواليا‪ ،‬و تته فنون كثية يسمون منها القوما‪،‬‬
‫و كان و كان‪ ،‬و منه مفرد و منه ف بيتي‪ ،‬و يسمونه دوبيت على الختلفات العتبة عندهم‬
‫ف كل واحد منها‪ ،‬و غالبها مزدوجة من أربعة أغصان‪ .‬و تبعهم ف ذلك أهل مصر القاهرة و‬
‫أتوا فيهسا بالغرائب‪ .‬و تبحروا فيهسا فس أسساليب البلغسة بقتضسى لغتهسم الضريسة‪ ،‬فجاؤوا‬
‫بالعجائب‪ .‬و رأ يت ف ديوان ال صفي اللي من كل مه أن الوال يا من ب ر الب سيط‪ ،‬و هو ذو‬
‫أرب عة أغصان و أربع قواف‪ ،‬و ي سمى صوتا و بيت ي‪ .‬و أ نه من مترعات أ هل وا سط‪ ،‬و أن‬
‫كان و كان فهو قاف ية واحدة و أوزان متل فة ف أشطاره‪ :‬الش طر الول من الب يت أطول من‬
‫الش طر الثا ن و ل تكون قافي ته إل مرد فة برف العلة و أ نه من مترعات البغدادي ي‪ .‬و أن شد‬
‫فيه لنا‪:‬‬
‫بغ مز الوا جب حد يث تف سي و م نو أو بو‪ ،‬و أم الخرس تعرف بل غة الر سان‪ .‬انت هى كلم‬
‫الصفي‪ .‬و من أعجب ما علق بفظى منه قول شاعرهم‪:‬‬
‫و الدما تنضح‬ ‫هذي جراحي طريا‬
‫ف الفل يرح‬ ‫و قاتلي يا أخيا‬
‫قلت ذا أقبح‬ ‫قالوا و ناخذ بثارك‬
‫يكون أصلح‬ ‫إل جرحت يداوين‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫فقلت مفتون ل ناهب ول سارق‬ ‫طرقت باب البا قالت من الطارق‬
‫رجعت حيان من بر أدمعي غارق‬ ‫تبسمت لح ل من ثغرها بارق‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫و ان شكوت الوى قالت فديتك العي‬ ‫عهدي با و هي ل تأمن علي البي‬
‫ذكرتا العهد قالت لك على دين‬ ‫لن يعاين لا غيي غلم الزين‬
‫و لغيه ف وصف الشيش‪:‬‬
‫تغن عن المر و المار و الساقي‬ ‫دي خر صرف الت عهدي با باقي‬
‫خبيتها ف الشى طلت من احداقي‬ ‫قحبا و من قحبها تعمل على احراقي‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫كم توجع القلب بالجران أوه أح‬ ‫يا من و صالو لطفال الحبة بح‬
‫كل الورى كخ ف عين و شخصك دح‬ ‫أودعت قلب حوحو و التصب بح‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫جودي علي بقبلة ف الوى يا مي‬ ‫ناديتها و مسيب قد طوان طي‬
‫ما ظن ذا القطن يغشى فم من هو حي‬ ‫قالت و قد كوت داخل فؤادي كي‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫ماط اللثام تبدي بدر ف شرقه‬ ‫ران ابتسم سبقت سحب أدمعي برقه‬
‫رجع هدانا بيط الصبح من فرقه‬ ‫اسبل دجى الشعرتاه القلب ف طرقه‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫وقف على منل أحباب قبيل الفجر‬ ‫يا حادي العيس ازجر بالطايا زجر‬
‫ينهض يصلي على ميت قتيل الجر‬ ‫و صيح ف حيهم يا من يريد الجر‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫ترعى النجوم و بالتسهيد اقتاتت‬ ‫عين الت كنت ارعاكم با باتت‬
‫و سلوت عظم ال أجركم ماتت‬ ‫و أسهم البي صابتن و ل فاتت‬
‫و لغيه‪:‬‬
‫غزال يبلى السود الضاريا بالفكر‬ ‫هويت ف قنطرتكم يا ملح الكر‬
‫وان تلل فما للبدر عندو ذكر‬ ‫غصن اذا ما انثن يسب البنات البكر‬
‫و من الذي يسمونه دوبيت‪:‬‬
‫أن يبعث طيفه مع السحار‬ ‫قد اقسم من أحبه بالباري‬
‫ليل فعساه يهتدي بالنار‬ ‫يا نار أشواقي به فاتقدي‬
‫و اعلم أن الذواق كلها ف معرفة البلغة إنا تصل لن خالط تلك اللغة و كثر استعماله لا و‬
‫ماطبته بي أجيالا حت يصل ملكتها كما قلناه ف اللغة العربية‪ .‬فل يشعر الندلس بالبلغة‬
‫ال ت ف ش عر أ هل الغرب و ل الغر ب بالبل غة ال ت ف ش عر أ هل الندلس و الشرق و ل‬
‫الشرقي بالبلغة الت ف شعر الندلس و الغرب‪ .‬لن اللسان الضري و تراكيبه متلفة فيهم‪.‬‬
‫و كسل وا حد منهسم مدرك لبل غة لغ ته و ذائق لحاسسن الشعسر من أ هل جلد ته و ف خلق‬
‫السسماوات والرض و اختلف ألسسنتكم و ألوانكسم آيات للعاليس و قسد كدنسا نرج عسن‬
‫الغرض‪.‬‬
‫و جاء مصليا خلفه منهم ابن رافع‪ ،‬رأس شعراء الأمون ابن ذي النون صاحب طليطلة‪ .‬قالوا و‬
‫قد أحسن ف ابتدائه ف موشحته الت طارت له حيث يقول‪:‬‬
‫و سقت الذانب رياض البساتي‬ ‫العود قد ترن بأبدع تلحي‬
‫و ف انتهائه حيث يقول‪:‬‬
‫مروع الكتائب يي بن ذي النون‬ ‫تطر و ل تسلم عساك الأمون‬
‫ث جاءت الل بة ال ت كا نت ف دولة اللثم ي‪ ،‬فظهرت ل م البدائع‪ ،‬و سابق فر سان حلبت هم‬
‫العمى الطليطلي‪ ،‬ث يي بن بقي‪ ،‬و للطليطلي من الوشوحات الهذبة قوله‪:‬‬
‫صبي و ف العال أشجان‬ ‫كيف السبيل إل‬
‫بالرد النواعم قد بان‬ ‫و الركب وسط الفل‬
‫خاتة‬
‫و لذلك عزمنا أن نقبض العنان عن القول ف هذا الكتاب الول الذي هو طبيعة العمران و ما‬
‫يعرض فيه و قد استوفينا من مسائله ما حسيناه كفاية له‪ .‬و لعل من يأت بعدنا من يؤيده ال‬
‫بف كر صحيح و علم مبي يغوف من م سائله على أك ثر م ا كتب نا فل يس على م ستنبط ال فن‬
‫إح صاء م سائله و إن ا عل يه تعي ي مو ضع العلم و تنو يع ف صوله و ما يتكلم ف يه و التأخرون‬
‫يلحقون السائل من بعده شيئا فشيئا إل أن يكمل‪ .‬و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪.‬‬
‫قال مؤلف الكتاب عفسى ال عنسه‪ :‬أتمست هذا الزء الول الشتمسل على القدمسة بالوضسع و‬
‫التأل يف ق بل التنق يح و التهذ يب ف مدة خ سة أش هر آخر ها منت صف عام ت سعة و سبعي و‬
‫سبعمائة‪ .‬ث نقح ته ب عد ذلك و هذب ته و ال قت به توار يخ ال مم ك ما ذكرت ف أوله و‬
‫شرطته‪ .‬و ما العلم إل من عند ال العزيز الكيم‪.‬‬

You might also like