You are on page 1of 258

‫تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬

‫(اضغط هنا للنتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على النترنت)‬

‫الكتاب ‪ :‬دراسات عن الباضية‬

‫المؤلف‪:‬الدكتورالشهيد عمرو خليفة النامي‬


‫تنسيق ‪:‬هلل بن مصبح الكلباني‬
‫‪hilalmusabah@gmail.com‬‬

‫دراسات عن الباضية‬
‫بقلم الدكتور‬
‫عمرو خليفة النامي‬
‫ترجمة مراجعه‬
‫ميخائيل خوري د ‪ .‬ماهر جرار‬
‫أصوله وعلق عليه ودقق وراجع‬
‫د ‪ .‬محمد صالح ناصر د ‪ .‬مصطفى صالح باجو‬
‫[*]مقدمه (واقع التراث الباضي)‬
‫[*]واقع التراث الباضي في العصر الحاضر)‬
‫[*]مكانة هذه الدراسة)‬
‫[*]مؤلف هذه الدراسة)‬
‫[*]نماذج من رسائله)‬
‫[*]نماذج من شعره أماه ( ‪)) 1‬‬
‫[*]كلمة شكر)‬
‫[*]تمهيد)‬
‫[*]الفصل الول نشأة الباضية ‪ ،‬آراء الباضية في الخوارج)‬
‫[*]آراء الباضية في الخوارج)‬
‫[*]الفصل الثاني جابر بن زيد ‪ ،‬المام الول للمذهب الباضي)‬
‫[*]الفصل الثالث ‪:‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمةالمام الثاني للجماعة الباضيةفي البصرة)‬
‫[*]انتشار الباضية في شمالي إفريقية)‬
‫[*]حملة العلم)‬
‫[*]الفصل الرابع الفقه الباضي)‬
‫[*]مقدمه (السهام الباضي في حقل الحديث)‬
‫[*]الجامع الصحيح)‬
‫[*]‪ -1‬المدونة لبي غانم بشر بن غانم الخراساني ‪):‬‬
‫[*]‪ -2‬الديوان المعروض على علماء الباضية ‪):‬‬
‫[*]‪ -3‬كتاب نكاح الشغار لبي سعيد عبد ال بن عبد العزيز ‪):‬‬
‫[*]الخصائص البارزة في الفقه الباضي)‬
‫[*]الفصل الخامس علم الكلم الباضي)‬
‫[*]وضع العقيدة الباضية بالنسبة للفرق السلمية الكبرى)‬
‫[*]فروع المذهب الباضي)‬
‫[*]الديانات( العقيدة الباضية الوهبية ))‬
‫[*]كتابات الباضية في علم العقيدة)‬
‫[*]تعليقات لحقة ‪ :‬موجز المراجع)‬
‫[*]الفصل السادس نظام الولية والبراءة)‬
‫[*]قواعد الولية ‪):‬‬
‫[*]قواعد البراءة ‪):‬‬
‫[*]الوقوف ‪):‬‬
‫[*]منشأ نظام الولية والبراءة ‪):‬‬
‫[*]أمثلة على تأثير نظام الولية والبراءة على الفقه الباضي)‬
‫[*]الفصل السابع مسالك الدين)‬
‫[*]الخلصة)‬
‫[*]البيبليوغرافيا (المراجع))‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/2‬‬

‫مقدمة (واقع التراث الباضي)‬


‫عرف الفكر الباضي بأئمته وعلمائه الذين حاولوا أن يبنوا قواعد دولته ‪ ،‬وجاهدوا في إرساء‬
‫أصوله الفكرية ‪ ،‬فألقوا في مسائلة الفقهية والكلمية ‪ ،‬وكتبوا في مسيرته الحضارية والتاريخية ‪،‬‬
‫ولكنهم كشأن أي حركة دينية ذات طابع سياسي واجهروا المطاردة والملحقة من خصومهم منذ‬
‫ظهور هذا الفكر على الساحة السياسية ‪.‬‬
‫وكان هذا الواقع المؤسف من أقوى السباب التي جعلت أصحاب هذا الفكر مضطرين إلى إخفاء‬
‫مؤلفاتهم خشية أن يطلع عليها خصومهم فيصادروها ‪ ،‬بل فعلوا ذلك في بعض المراحل من‬
‫تاريخهم مخافة أن يتعرضوا هم أنفسهم للتعذيب والضطهاد ‪ .‬وبسبب هذا الموقف المتعسف‬
‫وبسبب الخوف على تلك المعارف أن تضيع ‪ ،‬لجأ العلماء الوائل إلى إيصال معارفهم تلك ‪ ،‬عن‬
‫طريق المشافهة والتلقين بعيدا عن أعين الناس ‪ ،‬كما فعل أحد رواد هذا الفكر وهو أبو عبيدة‬
‫مسلم بن أبي كريمة ‪.‬‬

‫( ‪)1/3‬‬

‫وكان هذا الواقع المؤلم مصاحبا للمذهب ‪ ،‬وتراثه في المشرق والمغرب ‪ ،‬منذ نشأته في منتصف‬
‫القرن الثاني الهجري إلى حين قيام أول دولة قوية للباضية وهي الدولة الرستمية ‪ ،‬أو بعبارة‬
‫أدق نستخدم فيها مصطلحا طالما استخدمة أصحاب هذا الفكر ‪ ،‬من مرحلة الكتمان إلى مرحلة‬
‫الظهور ‪ .‬ففي ظل الدولة الرستمية التي وفرت الحماية لحرية الفكر والتعبير لمذهبها الذي اعتنقته‬
‫ولغيرها من المذاهب والطوائف الخرى ‪ ،‬وبفضل العدالة السلمية التي انتهجتها الدولة‬
‫الرستمية كطريقة حكم ازدهر التأليف ‪ ،‬وكثرت حلق المذاكرة ‪ ،‬وشاعت أسواق الجدال والمناظرة‬
‫‪ ،‬وأنتجت هذه السياسة الرشيدة مكتبة المعصومة التي أشاد بتراثها المؤرخون ‪ ،‬ولكنها والسف‬
‫ملء الجوانح ‪ ،‬احترقت أثناء هجوم عبيد ال الشيعي على تاهرت ‪ ،‬وكانت شاهدة لئمة الدولة‬
‫الرستمية بالنزاهة والعدل ‪ ،‬بقدر ما ستبقى شاهدة على أعدائهم الفاطميين على التعصب المقيت ‪،‬‬
‫ومعاداة أنوار العلم والمعرفة ‪.‬‬
‫وشهد الفكر الباضي مرحلة أخرى من الضطهاد والظلم ‪ ،‬وعاد أصحابه مرة أخرى إلى مرحلة‬
‫الكتمان ‪ ،‬متسترين بالشعاب والمسالك الصحراوية ‪ ،‬لئذين بعقيدتهم إلى واد غير ذي زرع ‪،‬‬
‫وكان ذلك حالهم إلى حين استقرارهم بوادي ميزاب في بداية القرن الخامس الهجري ‪.‬‬

‫( ‪)1/4‬‬

‫وأحب أن أوكد على أن هذه المرحلة رغم قساوتها السياسية ‪ ،‬فإنها لم تعرف نضوبا فكريا ‪ ،‬إذ‬
‫أن المصادر الخاصة بدراسة سير العلماء والمشايخ والئمة تدل على أن الباضية كانوا مثل‬
‫غيرهم من المذاهب الخرى أصحاب عناية بالتأليف ‪ ،‬والتحقيق والتدوين ‪ ،‬ول سيما في الشريعة‬
‫والتاريخ ‪ .‬فالذي يرجع إلى سير الشماخي ‪ ،‬أو جواهر البرادي ‪ ،‬أو ملحق السير لبي اليقظان‬
‫يتأكد من هذا التراث المعرفي الواسع ‪ ،‬فمن خلل عناوين هذه المؤلفات يدرك أن الباضية ألفوا‬
‫في مختلف العلوم النسانية ‪ ،‬وأنهم كتبوا في شتى ضروب المعرفة ‪ ،‬ولعل بعض البيبلوغرافيات‬
‫الحديثة مثل تلك التي قام بإعدادهما لفتسكي ‪ ،‬أو شاخت أو غيرهما من الوروبيين تساعد على‬
‫تصور نصيب الباضية ومكانتهم في هذا المجال ‪ .‬على أنه لو قام احد بإحصاء جميع الكتب التي‬
‫ألفها أصحاب هذا الفكر ونسبتها المئوية إلى عددهم ‪ ،‬ثم فعل مثل ذلك في بقية المذاهب ‪ ،‬ثم‬
‫قارن بين نسب الجميع ‪ ،‬لوجد نسبتهم من أعلى النسب إن لم تكن أعلها ‪ ،‬على أن الكثير منها‬
‫ضاع للملحقة السياسية التي لم تتوقف في أي زمان عن مطاردتهم ومضايقتهم بشتى الساليب‬
‫والصور ‪ ،‬حتى بلغت في مداها أحيانا حرق الكتب والمكتبات ‪ ،‬وفي أحيان كثيرة تكون أصابع‬
‫الفقهاء المتعصبين وراء أجهزة السلطة ‪....‬وإلى الن ل تزال أكثر كتب هذا الفكر وأهمها‬
‫مجهولة حتى عند أصحابها أنفسهم ‪.‬‬
‫ولكن الذي يؤسف له حقا هو أن هذا التراث ضاع أكثره إذ جنت عليه الظروف الخارجية ‪ ،‬من‬
‫حروب وملحقات ‪ ،‬وأودى ببعضه الخر الظروف الجتماعية والقتصادية الصعبة التي لم‬
‫تساعد أهل العلم على الستقرار النفسي لمتابعة المسيرة ‪ ،‬بل إنهم زهدوا في نشر هذا التراث‬
‫وطبعه ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/5‬‬

‫واقع التراث الباضي في العصر الحاضر‬


‫أحسب أنه من أسبق علماء الباضية في العصر الحديث بنشر هذا التراث وإخراجه للناس ‪ ،‬ما‬
‫قام به الشيخ سليمان الباروني والمطبعة البارونية بمصر ‪ ،‬وما طبعه الشيخ أطفيش من نفائس‬
‫وذخائر ‪ .‬هذه المجهودات أخرجت من حيز النسيان تراثا قيما ما زال بعضه إلى يومنا هذا في‬
‫طبعه الحجرية مثل ‪ :‬قناطر الخيرات ‪ ،‬والنيل وشفاء العليل ‪ ،‬وفاء الضمانة ‪ ،‬والدليل لهل‬
‫العقول ‪ ،‬والزهار الرياضية ‪ ،‬وغيرها ‪ .‬كان ذلك قبل الحرب العالمية الولى ‪.‬‬
‫وجاء بعد المطبعة البارونية المرحلة القيمة التي قطعها الشيخ أبو إسحق أطفيش ‪ ،‬الذي كان نفيه‬
‫من قبل الستعمار الفرنسي إلى القاهرة خيرا وبركة ‪ ،‬حيث أخرج هو الخر ذخائر نفيسة من‬
‫مؤلفات قطب الئمة ‪ ،‬بطبعه أحسن وإخراج أجود ‪ ،‬وإليه يعود الفضل في إخراج الجزاء‬
‫الخيرة من شرح النيل ‪ ،‬والذهب الخالص ‪ ،‬وشامل الصل والفرع ‪ ،‬والوضع وغيرهما من‬
‫المصادر والمراجع الهامة في الفقه والتاريخ ‪ .‬وما نزال حتى اليوم نتدارس بعض هذه الطبعات‬
‫التي تعود إلى الثلثينيات والربعينيات ‪.‬‬

‫( ‪)1/6‬‬
‫وما من شك في أن التعاون السلمي بين أبي إسحق إبراهيم أطفيش وبين صديقه الداعية الكبير‬
‫محب الدين الخطيب ‪ ،‬صاحب المطبعة السلفية ‪ ،‬قد ساعد على إخراج الكثير من هذه الكنوز‬
‫إخراجا جيدا ‪ ،‬وكان لمجلة المناهج التي كانت تطبع بهذه المطبعة دور الداعية الذي كان همه‬
‫الول وهاجسه الوحيد إيقاظ المسلمين إلى واقعهم المرير تحت وطأة الحتلل الغربي ‪ ،‬وما‬
‫يتهددهم من غزو فكري ‪ ،‬وما يستخدم من وسائل إعلمية حاقدة على رأسها الرساليات‬
‫التنصيرية هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنها كانت ‪ -‬أي المناهج ‪ -‬تعرف بالفكر السلمي‬
‫وتراثه وحضارته وتصحح المفاهيم التي علقت بأذهان المسلمين من رواسب عصور التخلف‬
‫والنحطاط ‪ .‬وبما أن أبا إسحق إباضي فإنه لم يأل جهدا في التعريف بهذا المذهب وتراثه‬
‫الحضاري ‪.‬‬
‫وفي أوائل الستينيات برز إلى عالم الفكر السلمي كاتبان إباضيان ‪ ،‬أحدهما هو الشيخ علي بن‬
‫يحيى معمر الليبي النفوسي ‪ ،‬وثانيهما هو الشيخ محمد علي دبوز الجزائري الميزابي ‪ .‬وإذا اتجه‬
‫محمد علي دبوز إلى تاريخ المغرب السلمي ‪ ،‬ثم إلى الحركة الصلحية يصحح ما فيها من‬
‫مواقف ومعلومات خاطئة ‪ ،‬في وقفات طويلة ‪ ،‬فإن الشيخ علي يحيى معمر اتجه إلى تاريخ‬
‫الباضية قديما وحديثا ‪ ،‬فأصدر سلسلته الرائعة القيمة الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬وهي تشتمل‬
‫على حلقات ‪ ،‬كانت الحلقة الولى عن النشأة التاريخية للباضية ‪ ،‬فالحلقة الثانية والثالثة عن‬
‫الباضية في ليبيا ‪ ،‬فالرابعة عن الباضية في تونس ‪ ،‬ثم الخامسة عن الباضية في الجزائر ‪.‬‬
‫ولقد كشف بمنهجه الدعوي ‪ ،‬وذكائه الوقاد ‪ ،‬وورعه الشديد ‪ ،‬وحبه العارم لمته السلمية عن‬
‫كنوز عرفت القارئ المسلم بشخصيات وزعماء وعلماء لم يكن يعرف عنهم شيء من قبل ‪.‬‬

‫( ‪)1/7‬‬

‫ولكن الكتاب الذي يصب في قناة التوحيد بين المسلمين ‪ ،‬وجمع كلمتهم هو كتبه الرائد في منهجه‬
‫وفحواه الباضية بين الفرق السلمية ‪ ،‬وقد هداه فكره النير ‪ ،‬وذهنه السلمي الثاقب إلى وضع‬
‫نظرية يعلي عليها المسلمون المعاصرون بناء وحدتهم ‪ ،‬وعبد طريقا يسلكونه إلى جمع كلمتهم‬
‫ولم شملهم ‪ ،‬وقد لخص هذه النظرية في المبادئ الثلثة ‪ :‬المعرفة ‪ ،‬التعارف ‪ ،‬العتراف ‪.‬‬
‫والشيخ علي يحيى معمر بمؤلفاته القيمة تلك يعد من أهم الدعاة السلميين الداعين إلى وحدة‬
‫المسلمين في هذه العقود الخيرة ‪.‬‬
‫وأحسب أن أغلب الكتابات التي أخذت تنتشر هنا وهناك عربية أو أجنبية في محاولة منها‬
‫لنصاف الباضية تتخذ كتب الشيخ علي يحيى معمر من مصادرها الساسية ‪.‬‬
‫أما في المشرق فقد برز الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان ‪ ،‬فتحمل مسؤولية‬
‫الدعوة إلى التقارب ونبذ الخلف ‪ ،‬وقد وهبه ال صفات أهلته لذلك عن جدارة واستحقاق ‪ ،‬فهو‬
‫علم راسخ القدم في الشريعة السلمية ‪ ،‬حباه ال ذاكرة فياضة ‪ ،‬تسعفه بالدلة من القرآن‬
‫والسنة ‪ ،‬إلى تواضع جم يحببه من النفوس ‪ ،‬ويقربه منها ‪ ،‬وهو في سبيل هذه الرسالة ما فتئ‬
‫مشاركا في المؤتمرات السلمية يدعو إلى ال على المنابر ‪ ،‬وإذا سمع أو رأى باطل أو تهجما‬
‫إنبرى إلى الرد غير هياب ول وجل ‪ ..‬يجادل بالتي هي أحسن ‪ ،‬ويحاور بالعقل والمنطق والدلة‬
‫العقلية والنقلية ‪ .‬وعسى أن يجتهد الناشرون في نشر كتاباته القيمة ‪ ،‬ومؤلفاته الهامة فإنها من أهم‬
‫وسائل التقريب بين المذاهب السلمية ‪ ،‬وقد وضحت آثار جهوده تلك في منطقة الخليج‬
‫والمشرق العربي بما سيدخره ال له في صالح العمال إن شاء ال ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/8‬‬

‫مكانة هذه الدراسة‬


‫وفي خضم هذا الواقع المشار إليه سابقا تجيء دراسة الدكتور عمرو النامي القيمة ( دراسات عن‬
‫الباضية ) ‪ ،‬وهي فيما أعلم أول دراسة أكاديمية جادة يقدمها باحث إباضي ‪ ،‬ونظرا لهميتها‬
‫ذات الطابع المعرفي العام الشامل ونظرا لمنهجية صاحبها ‪ ،‬واستناده إلى الوثائق والنصوص‬
‫عودة إلى مصادرها الساسية ‪ ،‬فقد اعتمدها كثير من الباحثين المعاصرين عربا وأجانب ‪ ،‬ولعل‬
‫من توفيق ال سبحانه وتعالى لصاحبها أن يقدم هذه الدراسة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة‬
‫كمبودج باللغة النجليزية ليطلع الجانب والعرب معا على حقيقة هذا المذهب ومنهجه الدعوي ‪.‬‬

‫( ‪)1/9‬‬

‫وظلت أطروحة الدكتور عمرو النامي حبيسة لغتها النجليزية منذ سنة ‪ 1971‬إلى أن قيض ال‬
‫لها الفاضل الحاج حبيب اللمسي صاحب دار الغرب السلمي لنشرها مترجمة إلى اللغة‬
‫العربية ‪ ،‬حتى يطلع عليها الباحثون والدارسون في الوطن العربي ‪ ،‬ليعم بها النتفاع ‪ ،‬ويحصل‬
‫القصد النبيل الذي من أجله ألفت وترجمت ‪ ،‬فيضيف بذلك مؤلفا هاما إلى قائمة المنشورات التي‬
‫ما فتئت دار الغرب السلمي تقدمها إلى القارئ العربي مشكورة مأجورة ‪ .‬ولست في حاجة إلى‬
‫تقديم هذه الطروحة العلمية الهامة إلى القارئ الكريم لن مثل هذا العمل القيم في غنى عن ذلك ‪،‬‬
‫وإنما أرغب في أن أشير إلى أننا حاولنا قدر المستطاع أن نقدم للقارئ النصوص المعتمدة في‬
‫الطروحة من مظانها بلغتها العربية التي كانت كتبت بها أصل ‪ ،‬ولذا فقد يلحظ اختلف بين‬
‫النسخ التي جاءت في الصل النجليزي وبين الصل المترجم إلى اللغة العربية ‪ ،‬لننا لم نستطع‬
‫التوصل إليها لندرتها ‪ ،‬وأغلبها مخطوطات رجع إليها الباحث الدكتور عمرو النامي هنا وهناك‬
‫من المكتبات الخاصة والعامة وخصوصا ‪ ،‬وأن الكثير مما كان مخطوطا أثناء كتابة الطروحة‬
‫أصبح اليوم مطبوعا وهو ما يسهل للباحثين الرجوع إلى النصوص في مظانها الصلية إن هم‬
‫رغبوا في ذلك ‪ ،‬والمهم على كل حال هو ذكر النص المعتمد كما هو موجود في أصله ‪.‬‬
‫وحسبنا أننا اجتهدنا في العودة بالقارئ الكريم إلى النصوص الصلية كلما وجدنا إلى ذلك سبيل ‪،‬‬
‫ونعتذر عما تعذر الوصول إليه ‪.‬‬
‫نسأل ال أ‪ ،‬يجعل هذا العمل ذخرا في ميزان حسنات الدكتور عمرو النامي حيثما كان ‪ ،‬ونسأل‬
‫ال أن يجمع قلوب المؤمنين على حب شريعته ودينه ويوحد صفوفهم لنصرته وتمكينه ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/10‬‬

‫مؤلف هذه الدراسة‬


‫‪ -‬من هو عمرو النامي ‪:‬‬
‫ولد عمرو خليفة النامي في سنة ( ‪ ) 1939‬في نالوت إحدى قلع الجبل الغربي من جبل نفوسة‬
‫الشم ‪.‬‬
‫وتربى في أحضان عائلة فقيرة مثل أغلب عائلت الجبل ولكنها غنية بقيمها ‪ ،‬ومحافظتها على‬
‫الدين السلمي ‪ ،‬والخلق الفاضلة ‪ ،‬ومن هنا فتح عمرو عينيه على هذا الجبل الذي تنطق كل‬
‫ذرة فيه بالمجاد السلمية موطن المازيغ الصناديد المشهورين بالبطولة ‪ ،‬والبسالة ‪،‬‬
‫والرجولة ‪ ،‬ونالوت تعد أحد معاقل الجبل حيث نشأ المذهب الباضي وترعرع قبل أن يمتد إلى‬
‫باقي أجزاء المغربين الدنى والوسط في القرون الهجرية الولى ‪.‬‬
‫‪ -‬مسيرته العلمية ‪:‬‬
‫اختلف إلى الكتاب يحفظ القرآن مثل لداته ‪ ،‬وتعلم مبادئ اللغو العربية والعلوم الشرعية وكانت‬
‫نالوت تتحدث عن حركة إصلحية ونهضة إسلمية واعية يترأسها ويدعو إليها أحد أبناء نالوت‬
‫الشيخ علي يحيى معمر ‪ ،‬وسرعان ما ارتسمت صورة الشيخ علي المهيبة في ذاكرة الطفل الذي‬
‫انتقل بعد ذلك إلى مدينة غريان حيث درس في المدرسة العدادية والثانوية ‪.‬‬
‫وكانت ليبيا مثل غيرها من البلد السلمية تتطلع إلى عهد مشرق وغد أفضل بعد الحسرات التي‬
‫مرت بها من جراء أتون الحرب العالمية الثانية التي خلفت آثارها بصفة خاصة في الوضاع‬
‫القتصادية والجتماعية ‪.‬‬
‫وكان الفتى اليافع عمرو يختلف إلى مجالس الشيخ علي ويسمع منه فصول من تاريخ الفاتحين‬
‫الوائل والمجاهدين الذين رفعوا لواء السلم عاليا في هذه الربوع ‪ ،‬ويحرك في ضميره ذكريات‬
‫الرجال العظام من أسلفه المجاد الذين تشهد كل ذرة رمل في الجبل على منافحتهم عن السلم‬
‫سواء في العهدين الموي أم العباسي أم في العصر الحديث ضد الستعمار اليطالي والحكم‬
‫العثماني ول سيما ما تركه الشيخ سليمان الباروني من آثار وأفكار ‪.‬‬

‫( ‪)1/11‬‬

‫في هذه الثناء كانت عودة الشيخ علي من الجزائر حيث قضى حوالي عشر سنوات ينهل من‬
‫معين معهد الشباب على يد شيخ الحركة الصلحية المام الشيخ إبراهيم بيوض ‪ ،‬عاد الشيخ‬
‫علي متحمسا للنهضة والصلح وبعث ما أذبلته اليام من نضارة المجاد السالفة ‪ ،‬وكان ل بد‬
‫أن يتأثر الشاب الذكي عمرو النامي بكل ما يجري حوله ويدور من مناقشات ودروس ووعظ‬
‫وإرشاد ‪ ،‬ويتطلع إلى أن يتبوأ منزلة مرموقة في هذه الصفوف العلمية تستشرف غدا أفضل‬
‫للمسلمين ول سيما تلك الربوع التي ران عليها الجهل والتخلف والفقر ‪.‬‬
‫ول نكاد نصل سنة ‪ 1957‬حتى يلتحق الطالب الذكي الجاد بجامعة بنغازي هذه الجامعة التي تعد‬
‫أول جامعة في ليبيا إذ افتتحت سنة ‪ 1955‬وتمكنت هذه الجامعة في عقدي الخمسينات والستينات‬
‫من استقدام عدد من الساتذة الجامعيين اللمعين وجلهم من جامعتي القاهرة والسكندرية ‪ ،‬وكانت‬
‫لعمرو علقات حميمة مع أستاذة الدكتور محمد محمد حسين الذي ربطته به علقة بنوة عميقة ‪،‬‬
‫وكان الدكتور معجبا بذكاء عمرو ونجابته وأخلقه وسلوكه ‪.‬‬
‫ونحسب أن التقاء عمرو النامي بالشيخ الدكتور محمد محمد حسين كان توجيها إلهيا وتوفيقا ربانيا‬
‫إذ وجد على يد الدكتور الملتزم الجاد ‪ ،‬المربي والموجه وكأن ال سخر له الدكتور الصيل بفكرة‬
‫وثقافته وأخلقه وسلوكه ليكمل ما وجده في شيخه علي يحيى معمر في مرحلته البتدائية والثانوية‬
‫‪.‬‬
‫يقول زميله الناكوع عن تلك العلقة ‪:‬‬
‫(( كان الدكتور محمد محمد حسين مولعا شديد العجاب بذكاء عمرو النامي فاهتم به وشجعه‬
‫على المضي في طريق البحث والدراسة حتى يصبح يوما ما أستاذا جامعيا ‪ ،‬وجمعت بين الستاذ‬
‫وتلميذه رابطة المنطلق والتوجيه السلمي )) ( ‪. ) 1‬‬
‫‪-‬الدراسات العليا ‪:‬‬

‫( ‪)1/12‬‬

‫وما لبث عمرو حتى أظهر تفوقا وذكاء مميزين أهله ليكون من بين الطلب المتفوقين الذين‬
‫اختارتهم الجامعة ليزاولوا دراستهم العليا خارج ليبيا ‪ ،‬وراح يستعد لمرحلة الدراسات العليا ‪،‬‬
‫وتوجه في بداية المر إلى مصر ‪.‬‬
‫‪ -‬تعرفي عليه ‪:‬‬
‫في هذه الونة كان تعرفي اللو على عمرو النامي عن طريق أستاذي الشيخ محمد علي دبوز ‪،‬‬
‫فقد حظينا ببعض اللقاءات القليلة معه ومع الشيخ علي معمر الذي كان يزور القاهرة عندئذ لطبع‬
‫كتابه الهام ( الباضية في موكب التاريخ ) وقد ترك عمرو النامي في ذاكرتي انطباعا ملؤه‬
‫العجاب برصانته وذكائه ‪ ،‬واجتهاده ‪ ،‬وتطلعه إلى المشاركة بقلمه في الدرس والبحث في مجال‬
‫العلوم السلمية ‪ ،‬وعرفت فيه أيضا شاعرا حساسا وتقديرا عظيما لتاريخ السلف ‪ ،‬وشغفا‬
‫واضحا بالتراث فكرا ورجال ‪ ،‬وكان النامي يستروح هذه الروحانية من جلساته المتكررة إلى أبي‬
‫إسحاق إبراهيم اطفيش بقية السلف الصالح ‪.‬‬
‫وبينما كان في تلك المرحلة وقعت أحداث ‪ 1965‬وهي أحداث اعتقالت الخوان وإعدامهم وكان‬
‫على رأسهم الشهيد سيد قطب ‪ ،‬ونظرا لن عمرو النامي يقع في نفس الدائرة من حيث التوجه‬
‫الفكري ولعلقته الحميمة بسيد قطب وخشيته من أن تمتد إليه يد العتقال ترك مصر ‪ ،‬وترك‬
‫شأن الدراسات العليا بها وعاد إلى ليبيا لبعض الوقت ( ‪. ) 2‬‬
‫لم يستسلم عمرو لحظة العاثر في مصر إذ سرعان ما تجهت به همته نحو الغرب وإلى جامعة‬
‫كمبردج بالذات وبموافقة الجامعة الليبية وبمنحه منها بفضل مديرها الستاذ مصطفى بعيو الذي‬
‫قدر ظروف عمرو النامي ووافق على إجراءات التغيير ‪.‬‬
‫سافر عمرو إلى بريطانيا سنة ‪ 1967‬وأمضى في رحاب جامعة كمبردج خمس سنوات ‪ ،‬باحثا‬
‫منقبا مستفيدا من الثقافة النجليزية التي تفوق تفوقا ظاهرا حتى بات يكتب بها أبحاثه ومقالته‬
‫بكل اقتدار وهي التي كتب بها أطروحته التي نال بها الدكتوراه تحت عنون ‪ :‬دراسات عن‬
‫الباضية ‪.‬‬

‫( ‪)1/13‬‬

‫وكان لقائي الثاني به في رحلة قمت بها أنا وصديقي المرحوم أحمد فرصوص إلى كمبردج نزلنا‬
‫أثناءها ضيفين مكرمين عليه ( ‪ ) 3‬واستطعت في هذه المدة القصيرة أن أتعرف على عمرو‬
‫النامي عن قرب ‪ ،‬واكتشفت فيه جانبا جديدا من اهتماماته السلمية في أوساط الغرب ‪ ،‬وأطلعني‬
‫على بعض مقالته التي كان يكتبها ضد التيار اليساري في البلد العربية بعامة وفي ليبيا‬
‫بخاصة ‪ ،‬كما كان ينتقد بمرارة لذعة مواقف المنبهرين بالمدارسة الغربية ويوضح بأسلوب‬
‫علمي رصين تهافت الحضارة الغربية وسلبياتها ‪.‬‬
‫والحق إن الفترة التي قضاها في كمبردج كانت كلها عطاء سخيا ‪ ،‬وفكرا نيرا ‪ ،‬يقول عنها‬
‫صديقه محمود الناكوع ‪:‬‬
‫(( كان حصادها التعليمي الدكتوراه في الدراسات العربية السلمية ‪ ،‬وحصادها العام ثقافة واسعة‬
‫‪ ،‬وتجربة حضارية وعلقات متنوعة مع أهل العلم والفكر ورواد الحركات السلمية من مختلف‬
‫الجناس واللغات والقارات )) ( ‪. ) 4‬‬
‫‪-‬كتاباته ‪:‬‬
‫كان عمرو النامي في هذه المرحلة في أوج نشاطه عطاء وفكرا وإنتاجا كان يمثل في كتاباته ذلك‬
‫النموذج من الشباب المسلم الملتزم دون جمود أو تزمت المتفتح دون انحلل أو تسيب ‪ ،‬كانت‬
‫أغلب اهتماماته تحوم حلو الفكر السلمي ورؤاه في جميع الموضوعات التي كانت يعالجها‬
‫منطلقا من منظور إسلمي ثابت ‪ ،‬سواء في مقالته الدبية النقدية ‪ ،‬أم في بحوثه الكاديمية ‪ ،‬أم‬
‫في متابعاته السياسية ‪ ،‬وشمل بنظرته مجريات الحداث داخل الوطن العربي وخارجه ‪ ،‬كان‬
‫يتابع أخبار وطنه وما يجري فيه من تفاعلت ثقافية وسياسية ‪ ،‬وظل يرصد بعض ما تنشره‬
‫الصحف الليبية من مقالت فكرية وأدبية ‪ ،‬أو ما تنشره من شعر ‪ ،‬ول يفوته أن يقيمها ‪ ،‬وأن‬
‫يعبر عن موقفه من اتجاهاتها ‪ ،‬وما تعكس من دللت ل يرضى عنها في بعض الوقات ‪ ،‬وفي‬
‫بعض ذلك النتاج ‪.‬‬
‫يقول صديقه وزميله محمود الناكوع الذي عرفه في الجامعة وفي محنة السجن عن هذه المرحلة ‪:‬‬

‫( ‪)1/14‬‬

‫(( كنت أنا في تلك السنوات صحافيا في صحفية العلم أكتب عادة عمودا يوميا وأكتب أحيانا‬
‫مقالت في بعض الصحف والمجالت الخرى ‪ ، ...‬ونظرا لعلقة الصداقة بيني وبين عمرو‬
‫النامي ‪ ،‬ونظرا لهتماماتنا بالفكر والثقافة ‪ ،‬وحواراتنا المتواصلة أحيانا والمتقطعة أحيانا أخرى‬
‫منذ كنا في الجامعة ‪ ،‬فقد اتفقنا أن يكتب المقالت تنشر بصحيفة العلم وكان من بين ما نشر له‬
‫بين ( ‪ ) 1969 - 1968‬عددا من المقالت النقدية التي كانت تدور حول ‪ ( :‬الحضارة الغربية‬
‫وموقفها من السلم والعالم السلمي ) ( والشعر الحديث ‪ ،‬نماذج ليبية ) ( واختار لها عنوانا )‬
‫( فصول من الجد الهازل ) ‪.‬‬
‫وعكست نقدا ساخرا ولذعا لبعض النتاج الشعري الليبي الذي انفلت من موازين الشعر‬
‫العربي ‪ ،‬وانفلت من ثقافة وقيم وصورة البنية العربية السلمية ‪ ،‬وكثرت فيه على حد إشارات‬
‫النامي ( النواقيس ‪ ،‬والصلبان ) وأشياء أخرى ‪ ،‬وهي ثقافة تعلمها الشباب الليبيون من مجالت ‪:‬‬
‫الطليعة ‪ ،‬و‬

‫( ‪)1/15‬‬
‫الكاتب المصريتين ‪ ،‬والداب البيروتية ‪ ،‬وغيرها ‪ ،‬أما المقالت التي أثارت دويا هائل فهي‬
‫المقالت التي أنشأها بعنوان ‪ ( :‬رمز أم غمز في القرآن ) وفيها رد على كتابات الصادق النيهوم‬
‫التي نشرها في صحيفة ‪ :‬الحقيقة ‪ ،‬ونشر بعضها الخر في صحيفة ‪ :‬الرائد وكانت عن الرمز‬
‫في القرآن ‪ ،‬ومن أكثرها جدل مقالته بعنوان ‪ ( :‬إلى متى يظل المسيح بدون أب ) حيث أحدثت‬
‫ردود أفعال في عدة دوائر دينية وصحافية وأدبية ‪ ،‬ومن بين ردود الفعل تلك كانت مقالة عمرو‬
‫النامي التي أرسلها من مدينة كمبردج ونشرت بالعلم بتاريخ ( ‪ ) 1969 / 4 / 18‬وجاء فيها ‪:‬‬
‫(( لول أنني كنت أعرف الصادق النيهوم جيدا ‪ -‬كان زميل له في الجامعة ‪ -‬لكتبت غير هذا‬
‫عن المر ‪ ،‬فأنا أعرف الصادق شخصا ل ينطلق من أسس واضحة فيما يفعل أو يكتب ‪ ،‬وهو‬
‫يصنع ذلك استجابة لما يقرأ أو ما يطرأ عليه من أحوال تكتنف حياته التي ل يحكمها تصور‬
‫واضح للحياة ‪ ،‬أو سلوك ثابت محدود ولذلك فعندما نشر بعض فصوله عن الرمز في القرآن‬
‫حسبت ذلك على ما قدمته من أحواله ‪ ،‬وقلت نوبة وستمضي بما جاءت ‪ ،‬وهو شيء غير ذي‬
‫قيمة في الواقع ل من ناحية الجهل والدراسة ‪ ،‬والبحث العلمي السليم ‪ ،‬ول من حيث آثاره‬
‫ونتائجه )) ‪.‬‬
‫وكتف النامي أن ما يردده النيهوم قد سبقه إليه الباطنية نظريا وتطبيقيا ( ‪. ) 5‬‬
‫هكذا ظل النامي يتفيأ ظلل الحرية الفكرية في أجواء كمبردج ‪ ،‬وانتهت السنوات الخمس محملة‬
‫بالعلم والفكر والتجربة ‪ ،‬وعاد إلى ليبيا سنة ‪ 1971‬وفي نفسه حلم يتطلع إلى تحقيقه وهو أن‬
‫يصبح أستاذا جامعيا إسلميا مرموقا يعالج قضايا مجتمعه وأمته السلمية بفكر نير وبصيرة نافذة‬
‫ويقف بالمرصاد للنحرافات الزائغة في ميادين الفكر والسياسة ( ‪ ، ) 6‬ولعله كان حسن الظن في‬
‫نظام القذافي الذي أحل النظام الجمهوري بديل للنظام الملكي إثر ( ثورة الفاتح ) في ‪/ 9 / 1‬‬
‫‪ ، 1969‬وسارع‬

‫( ‪)1/16‬‬

‫الكاتب المسلم إلى إسداء النصائح لقادة الثورة في مسيرة خيل للناس أنها تبشر بالخير والعطاء ‪،‬‬
‫والرفاهية والرخاء فكتب مقالة بعنوان كلمات للثورة نشرت بصحيفة الثورة في ‪/ 11 / 4‬‬
‫‪ ، 1969‬وسنشير إلى مضمونها لحقا في هذا المقال ‪.‬‬
‫هكذا وفي صيف ‪ 1971‬حزم الستاذ المؤمن بدينه ووطنه وأمته أمتعته متجها صوب ليبيا‬
‫ليشارك في معركة البناء وليقف على منابر الكلمة الطيبة فيها صادعا بالحق ‪ ،‬مشاركا بالقلم في‬
‫ميادينه التي وفق فيها باحثا ‪ ،‬وأستاذا جامعيا ‪ ،‬وأديبا ناقدا ‪ ،‬وشاعرا مبدعا ‪ ،‬وبدل أن تفتح أمامه‬
‫أبواب هذه المنابر استقبلته ظلمات العنابر ‪ ،‬فمن مراكز الشرطة ‪ ،‬إلى غرفات التحقيق وزنازن‬
‫السجون والمعتقلت ‪ ،‬وتبدأ رحلة شاقة من المحن والعذاب والنفي والغتراب ‪.‬‬
‫‪ -‬رحلة المعانات والعذاب ‪:‬‬
‫إن شخصا مثل عمرو النامي ما كان ليكون مجهول لدى السلطات الليبية الحاكمة ‪ ،‬فهو معروف‬
‫في الوساط الثقافية والعلمية والجامعية بفكره السلمي النير ‪ ،‬وموقفه الثابت الواضح شأن‬
‫المسلم المخلص الذي يخلص النصح لمته ووطنه ‪ ،‬وقد دخل عمرو النامي هذا المعترك عن نية‬
‫صافية ‪ ،‬وتوقع أن يأتي عهد الثورة بما هو أجدى نفعا ‪ ،‬وأحسن استقرار ‪ ،‬وأوفر أمنا من العهد‬
‫الملكي السابق ‪ ،‬ومن منطلق هذا التصور كتب مقالة ( كلمات للثورة ) نشرت بصحيفة الثورة‬
‫بتاريخ ‪ 1969 / 11 / 4‬وكان يومئذ بكمبودج طالبا ‪ ،‬وقد حدد في ذلك المقال ‪ ،‬مبررات الثورة‬
‫ومهمة الجيش ‪ ،‬وهي مهمة استثنائية ضرورية محدودة يعقبها تسليم السلطة إلى الشعب ‪ ،‬وهو‬
‫الذي يختار أسلوب حياته السياسي والجتماعي في الفترة القادمة ‪ ،‬وتناولت المقالة التجاهات‬
‫الفكرية السياسية القائمة في ليبيا في ذلك الوقت ورتبها على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬القوميون العرب ‪.‬‬
‫‪ -2‬البعثيون ‪.‬‬
‫‪ -3‬الناصريون ‪.‬‬
‫‪ -4‬الشيوعيون ‪.‬‬
‫‪ -5‬السلميون ‪.‬‬

‫( ‪)1/17‬‬

‫ووصفها بأنها تجمعات عقدية ولذلك حسب تعبيره (( فغالب الظن لن تتخلى عن اتجاهاتها‬
‫القائمة ‪ ،‬بل ستستمر في ارتباطها بهذه التجاهات والدعوة إليها ‪ ،‬ونحن نعتقد أن لها جميعا حقا‬
‫في اعتناق أفكارها ‪ ،‬وعرضها في إطار الخلق العامة للشعب بعيدا عن التراشق بالتهم ‪،‬‬
‫والكذب والرجاف ‪....‬‬
‫ويجب أن تتاح الفرصة الكاملة لهذه التجمعات للتعبير عن أفكارها وعرضها بكل الصور‬
‫المشروعة التي تختارها ‪ ،‬كما يجب الستفادة من خبرات هذه الفئات جميعا على النطاق الفردي‬
‫في الجهاز الداري للدولة مع تجنب تمكين أي فئة منها من كل المراكز الحيوية التي تجعلها‬
‫تستغل نرافق الدولة في سبيل أهدافها الخاصة ‪. )) ....‬‬
‫كما تحدث في مقالته الطويلة عن الثورة والسلم ‪ ،‬وأكد أن السلم هو الصل وهو الساس في‬
‫أحداث الصلح المنشود في ليبيا ‪ ،‬فل توجد في ليبيا عقيدة غير عقيدة السلم ( ‪. ) 7‬‬
‫ومن الواضح أن الفكار التي دعا إليها عمرو النامي ل تعجب النظام الذي كان همه أن يحكم‬
‫ويتسلط ‪ ،‬ونظام شأنه هذا كيف يؤمن بالديمقراطية أو الشورى أو إعطاء الفرص لكل الفئات‬
‫والطوائف والراء والفكار ‪ ،‬وهو ينطلق من أيديولوجية معينة منذ البداية ‪.‬‬
‫ومن الواضح أيضا أن عمرو النامي يدعو صراحة إلى التجاه السلمي باعتباره العامل القوى‬
‫لتوحيد الشعب الليبي انطلقا من تاريخه وواقعه وحضارته ‪.‬‬
‫وقد صدقت في أولئك الحكام فراسة شيخه علي يحيى معمر إلى قال عنهم أنهم حفنة من الطفال‬
‫وتخوف من مصير ليبيا في ظل حكمهم ( ‪. ) 8‬‬
‫ومن هنا ما إن وطأت رجله أرض ليبيا حتى زج به إلى التحقيق ووضع في قائمة الشخاص‬
‫المشبوهين الذين يعارضون السلطة الحاكمة وكان أول اعتقال له إنذارا وتحذيرا ولم يستغرق‬
‫سوى بضعة أيام ‪.‬‬

‫( ‪)1/18‬‬

‫واستأنف عمرو النامي نشاطه العادي أستاذا بالجامعة في بنغازي ثم ما لبث أن نقل إلة جامعة‬
‫طرابلس لسباب نجهلها وإن كنا نرجح أنها ليست ذات طابع أكادمي بقدر ما هي ذات طابع‬
‫سياسي ‪.‬‬
‫وجاءت الحملة الواسعة التي تفجرت سنة ‪ 1973‬تحت شعارات ‪ :‬الثورة الثقافية ومن تحزب خان‬
‫‪ ،‬والثورة الدارية ‪ ،‬وغير ذلك من الشعارات التي يكتظ بها الكتاب الخضر ‪ ،‬وهكذا طالت هذه‬
‫الحملة فئات المثقفين والطلبة من ذوي الفكر الحر والشخصيات المتميزة ‪ ،‬فكان من بين من ألقي‬
‫عليهم القبض الدكتور عمرو النامي ‪ ،‬والشيخ علي يحيى معمر أبنائه وكثير من أستاذة وشيوخ‬
‫وأصدقاء النامي ومن بينهم صديقه الحميم محمود الناكوع ‪ ،‬ودامت محنة السجن قرابة سنتين ‪.‬‬
‫وبعد أن أفرج عن المسجونين طلب من الدكتور النامي أن يغادر البلد وهو تعبير مهذب يراد به‬
‫( النفي ) وأعطى حق اختيار منفاه في اليابان أو أمريكا اللتينية أو إفريقيا والنفي الختياري هنا‬
‫بعناية فكل من اليابان ‪ ،‬وأمريكا ‪ ،‬وإفريقيا ‪ ،‬تنفي المرء جسدا لبعدها وروحا لغربتها ‪ ،‬ولكن‬
‫عمرو النامي ‪ -‬ربما لثقافته النجليزية ‪ -‬سافر إلى الوليات المتحدة لتدريس اللغة العربية‬
‫والسلم في جامعة أمريكية وكان إلى جانب ذلك يعمل بنشاط كبير في مجال الدعوة إلى دين ال‬
‫الحق ونشره بين المتعطشين إلى روحانية الرسالة الخالدة ‪ ،‬وقد استغل ما أتاه ال من فصاحة‬
‫وذكاء وحيوية في هذا المجال مما خلد له السمعة الحسنة في الوساط السلمية بتلك الديار ‪.‬‬
‫ولكن ما لبث أن طلب منه الذهاب إلى اليابان وكان ذلك سنة ‪ 1979‬وهنالك رغم ما قدمه من‬
‫خدمات جلي للحركة السلمية ول سيما في الميدان الطلبي والشبابي السلمي شعر بالغربة‬
‫القاسية تعصره وتؤلمه ‪ ،‬واستبد به الشوق والحنين إلى مرابع الطفولة ومرابع الشباب وقد أودع‬
‫تلك الحاسيس الجياشة في قصيدة كتبها في هذه الونة وهو باليابان يقول فيها ‪:‬‬

‫( ‪)1/19‬‬
‫وهكذا لم يطق حياة الغتراب ‪ ،‬وهمه وهواه أن يصلح أمته ووطنه ‪ ،‬وأن يكون قريبا من أهله‬
‫وذويه ‪ ،‬وأقاربه فعاد إلى ليبيا قبل دوران حول عن مفارقتها ‪.‬‬
‫بعد هذه التجربة المريرة ما بين نفي واغتراب واعتقال أيقن عمرو النامي أن النظام الليبي لن‬
‫يسكت عنه وأنه سيختلق المبررات لملحقته واضطهاده كلما حلى له أن يفعل ذلك ‪ ،‬وآمن أن‬
‫حرية الكلمة والحركة التي هي حق من حقوق النسان ‪ ،‬وأن الصدع بالحق وأداء النصيحة التي‬
‫هي واجب على كل مسلم ‪ ،‬ل يمكن أن تجد مكانها في ظل حكم دكتاتوري ولو تظاهر‬
‫بالديموقراطية ‪ ،‬ومن هنا قرر النسحاب من المدن الكبيرة آوايا إلى جبل نفوسة بعيدا عن أعين‬
‫المخابرات والجواسيس ‪ ،‬وقرر أن ينفذ قرارا مريرا يتحول به من حياة إلى حياة ‪ ،‬قرر الستاذ‬
‫الجامعي أن يترك مهنة التدريس إلى مهنة الرعي ‪ ،‬ويودع أبهاء الجامعة إلى قمة الجبل ‪،‬‬
‫ويستبدل بأضواء المدن والعواصم ‪ ،‬سكون الصحراء وهدوء الجبل ويكتفي بشظف العيش‬
‫وخشونة الملبس عن رفاهية المدينة ورقة حواشيها ‪ ،‬فاشترى قطيعا من الغنام فذهب إلى ظاهر‬
‫( نالوت ) مسقط رأسه ومرابع ذكرياته ومقر أسرته وأهله ‪ ،‬وفي هذا القرار الصعب احتجاج‬
‫صارخ وإدانة موخزة للنظام الليبي الذي كان يبلغه بعمله هذا أن ل مكان للثقافة وحرية الرأي في‬
‫هذه البلد ‪.‬‬
‫وأحسب أن عمرو النامي اختار هذه المهنة أسوة بالنبياء والرسل فمن شأن هذه الحياة الهادئة‬
‫البعيدة عن صخب المدينة وبريقها الزائف أن تقرب المرء من نفسه وتجعله يعيش في روحانية‬
‫مطلقة ‪ ،‬كان ذلك اختيار عمرو النامي على الرغم من أنه يمثل المسلم الحركي والمثقف‬
‫الجتماعي ‪ ،‬والديب صاحب الرسالة الصادقة ‪.‬‬
‫غير أن أعين الجواسيس لحقته وهو في عزلته ‪ ،‬وطاردته وهو في صحرائه ومع شويهاته ‪ ،‬ولم‬
‫يسالموه حتى يحقق مشروعه ‪ ،‬أو يعيش عزا كريما كما كان يمني نفسه بذلك دوما ‪.‬‬
‫‪ -‬في مواجهة الطغيان ‪:‬‬

‫( ‪)1/20‬‬

‫وفي سنة ‪ 1981‬فوجئ عمرو مرة أخرى بقبضة شرطة القذافي تلقي عليه القبض وتزج به في‬
‫السجن وتوصد دونه البواب ‪ ،‬بعيدا عن أهله وذويه ‪ ،‬وأغنامه وأحلمه وظل بين جدران السجن‬
‫ل يسمح له بمغادرته أو محاكمته ‪ ،‬ومنذ ‪ 1986‬انقطعت أخباره عن أهله وذويه وغاص النامي‬
‫في ظلمة النسيان ن وامتدت هذه الظلمة ثقيلة مريرة على أنفس ذويه ومحبيه وعارفي فضله في‬
‫مصير مجهول ل يدرك مداه سوى ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬ولم يبق من الدكتور النامي الذي كان‬
‫ملء السمع والبصر سوى أعماله الصالحة تشهد له بالتقوى والصلح ‪ ،‬ولم يعد يهو النفس عند‬
‫تذكره سوى أبياته المشجية المؤثرة الحزينة أو دمعة حرى تسلل في حيرة وصمت عميقين ‪.‬‬
‫وكأن النامي كان واعيا مصيره المحتوم هذا الذي عبر عنه تعبيرا تصويريا مؤثرا في قصيدته‬
‫التي سارت بأبياتها الركبان حيث يخاطب أمه من خلف القضبان قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬في طي النسيان ‪:‬‬
‫هكذا يطوي النسيان علما بارزا من أعلم ليبيا المعاصرة وتستمر مؤامرة الصمت مرعبة قاتلة ‪،‬‬
‫ول أحد يحرك ساكنا من ذوي قرابته الوطنية أو العقدية وكأن شيئا لم يكن ولكن الذي ل يستطيع‬
‫الطاغوت فعله هو أن يمحو أثر النامي الوضيء في النفوس المسلمة سواء تلك التي علمها ذات‬
‫يوم من اليام في اليابان أو أمريكا آية من آيات القرآن أو حرك مشاعرها ببيت من أبياته‬
‫الشعرية الملتهبة ‪ ،‬أو أفادها معرفة وعلما بتحقيقاته العلمية التراثية الرصينة ‪.‬‬
‫فأنى اتجهت تجد للدكتور النامي آثارا في النفوس وفي مختلف الميادين العلمية في ميدان التحقيق‬
‫العلمي ‪ ،‬وفي مجال النشاط السلمي ‪ ،‬وفي فضاءات الشعر السلمي الصادق ‪ ،‬وكفاه فخرا أن‬
‫له في هذه الميادين حضورا وخلودا أحب الطاغوت ذاك أم كره ‪.‬‬
‫وكأن النامي كان يتحدث صادقا عما سيؤول إليه أمره مع الظلمة حيث يقول ‪:‬‬
‫رحمك ال يا عمرو حيث تكون صابرا محتسبا أو شهيدا منعما ‪.‬‬
‫نسأل ال التوفيق في البداية والنهاية‬
‫د ‪ .‬محمد صالح ناصر‬

‫( ‪)1/21‬‬

‫الجزائر ‪2000 / 6 / 1 :‬‬


‫====================================‬
‫‪ ) 1‬محمود الناكوع ‪ ،‬مجلة العالم لندن ‪ ،‬ع ‪. 1993 / 1 / 13 ، 468 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬أخبرني أحد الخوان القريبين من الدكتور النامي ‪ ،‬أن السلطات المصرية حكمت على‬
‫النامي بخمس عشرة سنة سجنا لتصاله المباشر بسيد قطب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬وما زلت أحتفظ بكل اعتزاز بكتاب ( بروتوكولت حكماء صهيون ) الذي أهداه لي‬
‫بمناسبة هذه الزيارة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬محمد الناكوع ‪ ،‬مصدر سابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬العالم ‪ ،‬ع ‪ ، 1992 / 1 / 3 ،‬ص ‪. 34 :‬‬
‫( ‪ ) 6‬ذلك ما صرح به في رسائله إلى الشيخ أبي اليقظان ( مكتبة خاصة ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬الناكوع ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 35 :‬‬
‫( ‪ ) 8‬من رسالة أرسلها النامي إلى الشيخ أبي اليقظان من كمبردج غير مؤرخة ولكن أحداثها‬
‫تدل على أنها كتبت بعد ثورة سبتمبر مباشرة ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/22‬‬

‫نماذج من رسائله‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫أستاذنا المام الجليل المجاهد الصابر أبو اليقظان حفظه ال وأدام فضله وعزه ‪.‬‬
‫وعليكم السلم ورحمة ال وبركاته ‪ ،‬وأما بعد ‪:‬‬
‫فأحمد إليك ال الذي ل إله إل هو وأصلي وأسلم على سيدنا محمد رسول ال وعلى من تبع هداه‬
‫ونهج سبيله من المؤمنين ‪ .‬وأبتهل إلى ال سبحانه أن يجنبنا العجز والكسل ويعيننا على الخير من‬
‫العمل ‪ ،‬وأعتذر إليك من تقصير كبير هو شهادة على ضعف هذه النفس التي ما تزال تعيش في‬
‫متاهات من العجز والتواني والضعف مما يحضها من صور الخمول والجمود في كل ناحية بهذه‬
‫الديار ‪....‬‬
‫وكيف أعتذر إليك بالتقصير وقد أقام ال علي حجته وأمضى علي حجتك ولكن ل حول ول قوة‬
‫إل بال ‪ ...‬فلقد وصلتني كتبك ‪ ،‬وهي حيث هي من نفسي ومن نفوس الخوان إعزازا وإكبارا‬
‫وإجلل واعتبارا واستفادة ثم ل أزال أؤامر نفسي في الكتابة إليك وتسوف يوما بعد يوم حتى‬
‫تطاولت اليام فصارت شهورا وامتدت الشهور فصارت أعواما ‪ ...‬وقد كان ف يكل تلك المدة‬
‫من الحوال والحداث ما يكون له شأن فيما أكتب ‪ ..‬ولقد هيأت من نفسي أكثر من مرة بعض ما‬
‫أريد أن أسطره إلى مقامك الجليل وهممت مرات كذلك بالكتابة إلى الستاذ العلمة المجاهد الشيخ‬
‫بيوض في شؤون لها بعض الهمية ثم ل يتهيأ لي ذلك ول أنفذ ما نويت ‪ ،‬وأنا أصبحت أخشى‬
‫هذه الحال من نفسي ولعلي أستطيع التغلب عليها بعون ال سبحانه ‪...‬‬

‫( ‪)1/23‬‬

‫أثلج صدري دعائكم المبارك بالتوفيق لنا في نهضتنا التي نعتزمها والتي رأيت صورة منها في‬
‫القسم اللو المطبوع من كتاب القناطر ‪ ،‬وأمن الخوان على الدعاء المبارك وكان لنا من حسن‬
‫ظنكم وجميل تشجيعكم حافزا جديدا ودافعا على مواصلة العمل ‪ ،‬أما بالنسبة لبقية القسام فقد‬
‫تأخرت عن العمل فيها لن مكتبتي بقيت في مصر ‪ ،‬ول سبيل إليها الن ‪ ،‬ونحن في موطن ل‬
‫مكتبات به ولم تتهيأ لي فرصة الستقرار حتى الن ‪ ،‬زد على ذلك أنني أتطلع في الحصول على‬
‫بعض النسخ المخطوطة من الخوان بميزاب أو جربة لعلكم تستحثون الخوان في موافاتنا ببعض‬
‫النسخ الخطية التي سبقت بتاريخ نسخها تاريخ طبع المطبوعة البارونية فما لدي من مخطوطات‬
‫الكتاب للجزء الول فقط ‪ ...‬وحبذا لو يتيسر الحصول على بقية كتب الجيطالي المخطوطة‬
‫الخرى ‪ :‬الفرائض ‪ ،‬وكتاب الحج ‪ ،‬ورسائل الئمة ‪ ،‬وشرح نونية أبي نصر فإنني أعزم إخراج‬
‫كتاب خاص عن هذا العالم الجليل ‪ ،‬ويستدعي ذلك الطلع الكامل على كامل مؤلفاته إن أمكن‬
‫فلعل إخواننا بوادي ميزاب يعينون في هذا المر ‪.‬‬
‫أنا مقيم هذه المدة في نالوت وسوف أسافر إلى لندن بعد مدة لتمام الدراسة إذا تيسرت‬
‫الجراءات المتعلقة بالسفر والحصول على مكان في إحدى الجامعات البريطانية ‪ ....‬وسأوافيكم‬
‫بخبر ذلك إذا كان ‪.‬‬
‫كان لزيارة الخوان للجبل هذا الصيف الماضي أثر عظيم في تحريك النفوس وإحيائها وقد كانت‬
‫جولتهم كالهزة الكهربائية جعلت الجبل بكامله ينتفض لها فاختلفت المشاعر ف ينفسه بين ماض‬
‫رائع وواقع سائب وأمل غائم ونسأل ال التوفيق إلى الطريق ‪ ...‬وزيارة الشيخ بيوض حفظه ال‬
‫سوف سكون لها أعظم الثر إذا تمت فلعلكم تستعجلونه بها ‪.‬‬

‫( ‪)1/24‬‬

‫كل الخوان بخير ن ولعلكم لحظتم أثر الزيارة في استجابة الناس بإرسال أبنائهم للدراسة‬
‫بمعاهدكم وقد كان لزواره في هذا السبق والفضل ‪ ،‬والستاذ الفاضل الشيخ علي معمر يخشى أن‬
‫يكون لكثرة الموفدين أثر في تكوين وحدة تستعصي على الذوبان في المعهد ‪ ،‬ويرى أهمية‬
‫التركيز على هذه الناحية حتى يكون في تخلصهم من الحتفاظ بوحدة الطابع انطباع بالخلق‬
‫السلمية الصحيحة في ميزاب ‪ ،‬وحتى يساهم ذلك في تخليصهم من رواسب أخلقهم هنا ‪ ،‬المهم‬
‫هو يرى ضرورة التركيز على تربية هذه المجموعة تركيزا خاصا حتى تكون فاتحة الخير‬
‫ومبعث المل ول حاجة للتنويه بمثل هذا ولكن ذلك ما أشار إليه أستاذنا الجليل فأحببت إطلعكم‬
‫عليه ومثلكم ل ينبه لهذا ‪....‬‬
‫منتصف رمضان ‪ 1386‬هـ‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫وصلى ال على سيدنا محمد وسلم ‪:‬‬
‫الستاذ الجليل العلمة المجاهد بقية السلف وبركة المذهب الشريف شيخنا أبو اليقظان إبراهيم‬
‫حفظه ال تعالى وزاده رفعة ‪ .‬السلم عليكم ورحمة ال وبركاته والسلم على من يلوذ بكم من‬
‫البناء والخوان والسادة المشايخ ‪ .‬والسلم على رياض ذلك الوادي المبارك الذي انكشف عبابة‬
‫عن رجالت السلم الفذاذ فكنتم فيهم غرة الزمان وكنتم أنفة الذي يعطس عنه ‪ ،‬وفخره الذي‬
‫يشمخ به ‪ .‬وبعد ‪..‬‬
‫ها أنا ذا أفرغ إلى القلم مترددا بين إلحاح الشوق وعقال العجز ‪ ،‬يحفزني الول ويعلقني الخر ‪،‬‬
‫وتقف الكلمات حيرى أمام ما يتتابع في أيامنا من حوادث هي كلها باهت عابر ‪ ،‬ولكنها تبتلع‬
‫اليام فتطويها طيا سريعا أجدني كلما أفقت على حقيقة غارقا في بحار التقصير تدفعني موجة إلى‬
‫أخرى ‪ ،‬ويقودني أمر ذلك إلى حال من الخجل أهرب منها إلى تقصير أكبر ‪ ،‬فهذه طويلة قد‬
‫مضت أعجب اليوم كيف انقطعت فيها عنك ‪.‬‬

‫( ‪)1/25‬‬

‫‪ ...‬ويعلم ال أن القلب موصول بك ‪ ،‬ولكن كما قلت ل تطاوعني نفسي بالكتابة إليك كما أكتب‬
‫لغيرك ‪ ،‬فيقطعني عنك هذا الشعور بأن ما أقوله لك أو ما أريد أن أقوله وأن أعبر هو خارج عن‬
‫نطاق الكلمات ومما يعجز أن يستقر في حروف على قرطاس ‪ ،‬ولكنه من مناجاة الروح التي تأبى‬
‫إل أن تحلق في أجوائها الطليقة المرفرفة ‪ ...‬ويعلم ال أن في القلب من ذلك ما فيه وأن ما يلج‬
‫علي به من اللوم والتأنيب أشد علي مما يحمل من مشاعر الشوق التي يقر بالعجز عن وفاء حقها‬
‫في مجال البيان والمواصلة ويتداخل المران فيأخذان على النفس مسارها بما يكون أشد من كل‬
‫ذلك ‪...‬‬
‫أسأل ال لك الهناء والعافية وأسألك الدعاء لنا فأنت وسيلتنا إلى ربنا فيما يحوط بنا من أهوال هذا‬
‫الزمان الذي اشتدت ضرباته على السلم والمسلمين فنشأ فيه أجيالنا على مصيبتين ‪ ،‬مصيبة‬
‫الضياع والذلة التي يعيشها المسلمون ‪ ،‬ومصيبة النسان التي تعقل ألسنتهم عن نداء الصلح‬
‫‪..‬أما أنا فماض بحول ال في عملي ‪ ،‬وبالرغم من وجود الحقيبة الضائعة في تونس كما أخبرني‬
‫الخ فرحات إل أنها لم تصلني بعد ( ‪ ... ) 1‬ول زال بعدها يقيدني عن بعض عملي ‪ ..‬وإذا‬
‫يسر ال تعالى فسوف أنتهي من أمر هذه الدراسة قبل هذا الوقت من العام القادم فإذا تم ذلك ‪،‬‬
‫فسيكون طريق عودتي بإذن ال وادي ميزاب حتى أسعد بإمضاء وقت معكم فأسألكم دعواتكم‬
‫حتى ييسر ال تعالى هذا ‪...‬‬
‫لقد شغلت نفسي فترة من الوقت بكتابة عدة فصول في النقد الدبي نشرت في الجريدة الرسمية‬
‫في طرابلس سميتها فصول من الجد الهازل ‪.‬‬

‫( ‪)1/26‬‬

‫عرضت فيها لقضية الشعر الحر وتتبعت بعض دعاته وأوضحت خطره على اللغة والفكر‬
‫السلمي بما يحمله من سم زعاف في طياته من الفكار المسمومة والمبادئ الهدامة ‪ ،‬وكان‬
‫للمقالت صدى طيب ‪ .‬كما نشرت فصل طويل في الرد على أحد الكتاب الليبيين قام يردد أفكارا‬
‫ضالة حول تفسير القرآن يدعو فيها إلى تفسير القرآن حسب الرمز ويبطل بذلك المعجزات‬
‫الربانية ‪ ،‬وكان للرد الذي كتبته أيضا صدى حسن وقد توقفت عن هذا النشاط الثقافي العام للتفرغ‬
‫النهائي لعملي ‪ ،‬وآخر ما ساهمت به في ذلك النشاط فصل طويل ضاف عن ( نوادي الروتاري )‬
‫ناقشت فيها نشأة هذه النوادي وفكرتها وسيطرة اليهود عليها وما يجره وجودها من مصائب على‬
‫بلد المسلمين وذلك بمناسبة إنشاء فرع لهذا النادي في ليبيا وسوف أبعث إليكم نسخة من الجريدة‬
‫التي نشر فيها هذا الفصل عند حصولي عليها ‪..‬‬
‫أما في نطاق العلم النافع ‪ ،‬فقد فرغت من طباعة ومقابلة رسالة الشيخ يوسف بن خلفون وبعثت‬
‫بنسخة منها للشيخ الجليل الستاذ بيوض إبراهيم حفظه ال لمراجعتها فهي عنده ‪ ،‬وفرغت حتى‬
‫الن من طباعة رسائل المام جابر بن زيد على اللة الراقنة من نسخة قديمة رديئة وسوف أطبع‬
‫منها عدة نسخ لبعث لكم منها لتصحيحها ‪ ،‬لن هناك بع العبارات صعب علي تخريجها جدا ‪،‬‬
‫وعلمت أن نسخة منها في مكتبة الشيخ صالح بن عمر ( ‪ ) 2‬فلعل أحد منكم يظفر بفرصة‬
‫لمقابلتها بذلك الصل ‪ ،‬وسوف يتم إرسالها في حدود نصف شهر بحول ال تعالى ‪...‬‬

‫( ‪)1/27‬‬

‫انقطعت عني رسائل الشيخ علي يحيى معمر لمدة طويلة ولكني علمت أنه بخير وأنه انتقل‬
‫واستقر بطرابلس وهذا أمر استبشرت به كثيرا فإن كتابه الباضية في موكب التاريخ قد أحيا في‬
‫نفوس الناس هنا بعض نعاني العتزاز بالمهذب والتعلق به فإقامته بطرابلس سوف تكون طورا‬
‫آخر في هذا الصدد ‪ ...‬كما علمت أن الرسالة الثالثة التي نفحتم بها رسالة المسجد قد تم طبعها‬
‫وأنها وصلت الميناء بطرابلس ولكن لم تصلنا منها نسخة بعد ‪...‬ز وهذه كلها طلئع خير وبركة‬
‫فنحمد ال كثيرا ‪ ،‬سلمي الكثير إلى شيخنا الجليل الشيخ بيوض وإلى السادة المشايخ وأساتذة‬
‫المعهد وجماعة العزابة وجميع أحبابنا هناك ‪..‬‬
‫ابنكم المتحنن إليكم‬
‫عمرو خليفة النامي‬
‫‪ 4‬أغسطس ‪1969‬‬
‫==============================‬
‫( ‪ ) 1‬ذكر في رسالة أخرى ضياع حقيبة مؤلفاته ومخطوطاته وأطروحته ‪ ،‬وفرحات هو د ‪/‬‬
‫فرحات الجعبيري الجربي التونسي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬توجد هذه المكتبة ببني يزفن ولية غرداية ( الجزائر ) ‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫( ‪)1/28‬‬

‫نماذج من شعره أماه ( ‪) 1‬‬


‫عمرو خليفة النامي ‪..‬ز شاعر مسلم ‪ ،‬ولد عام ‪ 1939‬م ‪ ،‬وعاش ودرس في ليبيا ‪ ..‬وواصل‬
‫دراسته العليا في بريطانيا وتخرج فيها عام ‪ 1970‬م ‪ ...‬وعمل مدرسا بجامعة طرابلس الغرب ‪،‬‬
‫ثم أقصي عنها بعد سجنه لمدة سنتين تقريبا ‪...‬‬
‫‪...‬والستاذ النامي داعية إسلمي ‪ ،‬وقف في وجه الظلم والطاغوت ‪ ،‬وتعرض للوان من‬
‫التعذيب ‪..‬وكان من الدعاة الصابرين المحتسبين ‪ ،‬الذين تحررت قلوبهم من كل خوف ‪ ،‬واستعدوا‬
‫لمقارعة الباطل ‪ ،‬ووطنوا نفوسهم على الصبر والمصابرة ‪ ،‬وابذل والتضحية ‪ ،‬وثبتوا على‬
‫طريق الحق ‪..‬‬
‫والنامي داعية مجاهد ‪ ،‬جاهد من أجل دعوته بصلبة وثبات ‪..‬وآمن بقضاء ال وقدره ‪ ..‬فثمة‬
‫أمور ثلثة ‪ ،‬ال وحده مدبرها ومتكفل بها ‪ ،‬ول دخل ول حيلة لنسان فيها ‪ :‬العمار ‪،‬‬
‫والرزاق ‪ ،‬والنصر ‪ (..‬وما النصر إل من عند ال العزيز الحكيم ) ( ‪... ) 2‬‬
‫لقد آمن النامي بهذه المبادئ الصلية والقواعد الثابتة ‪ ..‬فبايع ربه عليها ‪ ،‬واعتصم بحبله المتين ‪،‬‬
‫وسار في موكب الدعاة الصادقين ‪...‬واستعد لتحمل النتيجة بل وهن ول جزع ‪ .‬ولو كانت النتيجة‬
‫مفارقة هذه الحياة ‪ ..‬فالموت في ال أسمى ما تمناه ‪...‬‬
‫===============================‬
‫(‪ ) 1‬حسني أدهم جرار قصائد إلى الم والسرة ‪ ،‬دار الضياء للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬الردن‬
‫‪ ، 1989‬ص ‪ ، 57 :‬نقل عن مجلة الغرباء ‪ ،‬السنة الثامنة العدد الول ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬والجدير‬
‫بالذكر أن هذه القصيدة تنشدها كثير من فرق الناشيد السلمية مشرقا ومغربا ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬سورة آل عمران ‪ ،‬آية ‪. 126 :‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/29‬‬

‫كلمة شكر‬
‫أتقدم بصادق شكري إلى الستاذ ر ‪ .‬ب ‪ .‬سرجنت على ما وفره لي من المقترحات والمناقشات‬
‫والنتقادات المفيدة الكثيرة أثناء الفترة التي أشرف فيها على كتابة هذا البحث ‪.‬‬
‫كذلك أتقدم بشكري الخاص إلى الكثيرين من الصدقاء والباحثين الباضية في الوساط الباضية‬
‫في شمالي إفريقية على ضيافتهم وعلى مساعدتهم التي جاءت بل حدود ‪ .‬وإنني ممتن أشد‬
‫المتنان لصحاب المجموعات المختصة من المخطوطات لتمكيني من استعمال مكتباتهم القيمة ؛‬
‫بدون ذلك كان هذا العمل مستحيل ‪ .‬وأشكر أيضا الشيخ محمد السالمي ‪ ،‬وسالم الحارثي من‬
‫عمان لعارتي العديد من المخطوطات القيمة ؛ كما أتوجه بشكري إلى جميع الصدقاء الذين مدوا‬
‫لي يد العون بصورة أو بأخرى ‪.‬‬
‫وأود أن أتقدم بالشكر أيضا إلى وزارة التربية الليبية لنها زودتني بمنحة مالية خلل هذا البحث ‪،‬‬
‫كما أشكر معهد الداب في الجامعة الليبية لعطائي الجازة الدراسية للقيام بهذا العمل ‪ .‬ثم إن‬
‫علي واجب الشكر للستاذ عمر الشيباني ‪ ،‬رئيس الجامعة الليبية ‪ ،‬والدكتور منصور كيخيا ‪،‬‬
‫عميد معهد الداب ‪ ،‬والسيد عبد الرحمن الشريدي ‪ ،‬رئيس الطبع والنشر ‪ ،‬وإليه يعود نشر هذا‬
‫العمل بهذا الشكل الممتاز ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/30‬‬

‫تمهيد‬
‫الباضية أو الباضية هي إحدى أقدم الفرق السلمية ‪ ،‬التي تعود نشأتها إلى النصف الول من‬
‫القرن الهجري الول ؛ وقد أخذت اسمها من عبد ال بن إباض أحد فقهائها الولين ‪.‬‬
‫ويشمل اسم الباضية مجموعة إسلمية اعتبرت من قبل معظم الكتاب فرعا معتدل من حركة‬
‫الخوارج ‪ .‬ويشكل أنصار هذا المذهب عددا من الوساط المستقلة التي ل تزال تتمسك بتعاليمها‬
‫بقوة ؛ وأكبر هذه المجموعات تعيش حاليا في عمان في جنوبي شرقي شبه الجزيرة العربية ؛ ثم‬
‫إن هنالك أقليات أخرى في زنجبار ‪ ،‬مقابل شاطئ أفريقية الشرقي ‪ ،‬وفي جبل نفوسه وزواره في‬
‫ليبيا ‪ ،‬وفي جزيرة جربة في تونس ‪ ،‬وفي وادي مزاب في الجزائر ‪.‬‬
‫ل يعرف إل القليل جدا المعلومات عن الباضية ‪ ،‬وتعاليمها ‪ ،‬وأصولها ‪ ،‬وتطورها ‪ .‬وهنالك‬
‫باحثون أوربيون حديثون حققوا إسهامات مفيدة في ميدان الدراسات الباضية ‪ ،‬غير أن دراساتهم‬
‫جاءت موجهة بالدرجة الولى إلى تاريخ الجماعات الباضية ‪ ،‬أو إلى بعض نواحي حياتهم‬
‫الدينية والجتماعية الحالية ‪ .‬وباستثناء عدد قليل من المقالت عن الفقه الباضي ‪ ،‬بقيت التعاليم‬
‫الباضية بوجه عام غير معالجة بصورة جادة ‪ .‬والدراسات التي قام بها البحاثة الوربيون عن‬
‫الباضية تعتمد بالدرجة الولى مصادر تاريخية ‪ .‬أما الكتابات الباضية الغزيرة في الفقه والكلم‬
‫فلم تستخدم بالطريقة الملئمة ؛ ومرد ذلك ‪ ،‬ول ريب ‪ ،‬إلى صعوبة الوصول إلى مثل هذه‬
‫المصادر ‪.‬‬

‫( ‪)1/31‬‬
‫وأقدم ورقة تناولت مصادر الباضية ومرجعها ‪ ،‬قدمها موتيلنسكي في مقال له عن (( بيبوغرافيا‬
‫مزاب )) ( * ) ( ‪ ) 1‬سرد فيها العمال الباضية التي ذكرها البرادي ‪ ،‬مضيفا إلى ذلك‬
‫ملحظاته والنتائج التي توصل إليها ‪ .‬غير أنه ‪ ،‬على أي حال ‪ ،‬لم يحدد بدقة مواضع‬
‫المخطوطات التي ذكرها ‪ ،‬ولم يعط وصفا مرضيا لها ‪ ،‬باستثناء العمال التاريخية ‪ ،‬وتكمن قيمة‬
‫هذه الدراسة في كونها خطوة تمهيدية سهلت البحاث اللحقة ‪ .‬أما الجدول الحداث والكثر فائدة‬
‫للعمال الباضية في مزاب فهو من وضع الستاذ جوزيف شاخت في مقال له عن (( مصادر‬
‫ومراجع ومخطوطات أباضية )) سرد فيه المخطوطات الباضية الموجودة في المكتبات الخاصة‬
‫بميزاب ‪ ،‬مرتبة وفق موضوعاتها ‪ ،‬ذاكرا أسماء المكتبات وأرقام المخطوطات ‪ .‬ثم إن هنالك‬
‫مجموعات أخرى لمخطوطات إباضية جمعها بحاثة معاصرون آخرون ‪ :‬لئحة المخطوطات‬
‫الباضية في كركوفيا في بولندا جمعها فلديسلف كوبياك في مقال له عنوانه (( المخطوطات‬
‫العربية في بولونيا )) في (( مجلة معهد المخطوطات العربية )) ؛ وقائمة المخطوطات الباضية‬
‫في المعهد الشرقي في نابولي ‪ ،‬من إعداد روبيناتشي ؛ وهنالك وصف للمخطوطات الباضية في‬
‫دار الكتب في القاهرة ‪ ،‬من إعداد فؤاد سيد في فهرس دار الكتب ‪.‬‬

‫( ‪)1/32‬‬

‫وخلل إعداد هذه الدراسة قمت بجولتين بين الجامعات الباضية في شمالي إفريقية بحثا عن‬
‫مخطوطات ومواد لعملي ‪ .‬كانت الجولة الولى في حزيران ‪ /‬يونيو ‪ -‬أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪ 1968‬؛‬
‫وكانت الثانية في تشرين ‪ /‬نوفمبر ‪ -‬كانون الول ‪ /‬ديسمبر ‪ . 1969‬وقد كان من السهل علي‬
‫بما أنني إباضي بعكس غير الباضيين أن أطلع على المكتبات والمكتبات الخاصة بالمخطوطات ‪.‬‬
‫ووجدت لدهشتي أن غالبية العمال المغربية الهامة ‪ ،‬بما في ذلك التي كان يظن أنها مفقودة ‪ ،‬ل‬
‫تزال موجودة وفي حالة جيدة ‪ .‬يضاف إلى ذلك أن هنالك أمل كبيرا باحتمال تحيقي اكتشافات‬
‫هامة في المستقبل في هذا الميدان ‪ .‬ونشرت وصفا لبعض المخطوطات الجديدة التي اكتشفت في‬
‫جولتي الولى في (( مجلة الدراسات السامية )) وآمل أن يصار في المستقبل القريب إلى إعداد‬
‫جدول كامل يتضمن وصفا شامل لجميع المخطوطات التي تفحصتها ‪.‬‬
‫أما المنطقة التي لم تستكشف كليا وهي ‪ ،‬ول ريب ‪ ،‬مكان يحتمل أن توجد فيه مخطوطات‬
‫إباضية أكثر قيمة ‪ ،‬فهي عمان ويتطلب ذلك اهتماما خاصا من دارسي الشؤون الباضية ‪ .‬ولم‬
‫أستطع أن أزور عمان شخصيا ‪ ،‬لكنني زودت من بعض الصدقاء العمانيين بمخطوطات إباضية‬
‫قيمة عن بعض أعمال قديمة في الفقه وفي السير لعلماء الباضية الوائل ؛ وقد كانت ذات فائدة‬
‫كبيرة في دراسة أصول المذهب الباضي وعلقته بحركات المعارضة الولى في السلم ‪.‬‬
‫( ‪)1/33‬‬

‫ولما كانت عمان مركزا رئيسا للباضية وللمامة الباضية فإنها حظيت باهتمام وثيق من‬
‫الباحثين الوربيين ‪ ،‬وقد عرض ج ‪ .‬ويلكنسون ذلك في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه بعنوان‬
‫(( الستيطان العربي في عمان )) من أوكسفورد ‪ ،‬سنة ‪ ، 1969‬وهو ما لن أعالجه هنا ‪ .‬غير‬
‫أن الذي ل يزال مطلوبا بالنسبة لعمان هو ‪ -‬على صعوبة احتمال إنجازه ‪ -‬اكتشاف المزيد من‬
‫المواد مما يسهم ول ريب في تكوين صورة أكثر وضوحا لمذهب الباضية وتطوره في جميع‬
‫المناطق الباضية ‪ .‬انتقلت غالبية المراجع الباضية الولى من البصرة إلى عمان حيث جرى‬
‫تأسيس إمامة قوية وتوفر جو أكثر ملءمة لولئك العلماء لتطوير وجهات نظرهم ‪ ،‬والسهام‬
‫بصورة أكبر في الدب الباضي ؛ ومنه ما انتقل إلى بلدان إباضية أخرى ‪ ،‬لكن المواد الصلية‬
‫للعقيدة الباضية في فترتها الولى ربما كانت محفوظة في عمان ؛ والتوصل إلى اكتشافات هامة‬
‫هناك هو أمر محتمل جدا ‪.‬‬

‫( ‪)1/34‬‬

‫كذلك أبدى الباحثون الوربيون اهتماما وثيقا بالباضية في إفريقية الشمالية ‪ .‬لقد بدأت دراساتهم‬
‫بواسطة ماسكوراي الذي ترجم سيرة أبي زكريا الوارجلني إلى الفرنسية ‪ .‬ولفت عمله انتباه‬
‫علماء آخرين أسهموا بالدراسات الباضية في ميادين مختلفة ‪ .‬ففي ميدان التاريخ ‪ ،‬قدم‬
‫موتيلنسكي في مقالة عن الكتب الباضية جداول كاملة عن محتويات العمال الباضية بخصوص‬
‫سير شيوخ الباضية ‪ :‬سيرة أبي زكريا و (( طبقات الدرجيني )) ؛ و (( الجواهر )) للبرادي ‪،‬‬
‫وسير الشماخي ‪ .‬ثم حقق بعد ذلك ‪ ،‬وترجم إلى اللغة الفرنسية ‪ ،‬تاريخ ابن الصغير المالكي عن‬
‫الئمة الرستميين ‪ .‬وفي وقت لحق ظهرت مراجعات كاملة لهذه المصادر الباضية ‪ :‬فقد راجع‬
‫ليفتسكي (( طبقات الدرجيني )) وسير الشماخي معا ؛ وراجع روبيناتشي (( كتاب الجواهر ))‬
‫للبرادي ؛ كذلك نشر ليفتسكي ‪ ،‬وهو يملك نسخة من سير الوسياني ‪ ،‬سلسة من مقالت مستفيدا‬
‫من مواد ذكرها الوسياني والعمال الباضية التاريخية الخرى ‪ ،‬وهي تغطي عددا من‬
‫الموضوعات المعنية بالدراسات الباضية وبالجماعات الباضية في بلدانها المختلفة ‪ ،‬ل سيما في‬
‫شمالي إفريقية ‪ ،‬من حيث حياتهم الفكرية ونشاطاتهم التجارية والسياسية ‪ .‬والظاهر أن دراساته‬
‫تبدو أكثر قبول من تلك ذكرت من قبل برغم ما فيها من نقاط ثانوية قليلة ضللة فيها بالدرجة‬
‫الولى نقص المواد ‪ .‬وعن الباضية في شمالي إفريقية قدم إشتروتمان أول عروضا تاريخية‬
‫موجزة في مقال له عنوانه (( البربر والباضية )) ليقدم شيخ بكري بعده في وقت لحق عرضا‬
‫أكمل عن الباضية وغيرهم من الخوارج في شمالي إفريقية في مقال له عنوانه (( الخوارج‬
‫والبربر )) ثم إن المصادر الباضية استخدمت منذ وقت وجيز من قبل العلماء اليطاليين في‬
‫دراسة النزاع السياسي الباكر في السلم ‪ ،‬ل سيما من قبل فالييري لعرض الصراع بين علي‬
‫ومعاوية ‪ ،‬ومن قبل روبيناتشي لعرض العلقة بين الخليفة الموي عبد الملك بن‬

‫( ‪)1/35‬‬

‫مروان والباضية ‪.‬‬


‫عالج البحاثة الغربيون من المقالت علم الكلم الباضي ‪ .‬وقد ظهرت هذه المقالت بعد أن قدم‬
‫موتيلنسكي ترجمة بالفرنسية للعقيدة الباضية عند عمرو بن جميع في سنة ‪ . 1905‬بعد ذلك كتب‬
‫نلينو ملحظاته حلو ما اعتبره تأثرا معتزليا في علم الكلم الباضي ‪ .‬وعلى هذا الغرار من‬
‫الدراسة سار مورنيو في مقالة (( ملحظات فقهية إباضية )) وفي هذا الحقل كتب سمو‬
‫غورفسكي مقال عن الفروق بين الباضية والمالكية مبنيا على عدد قليل من منظومة لباضي‬
‫مجهول ‪ (( :‬شعر إباضي عن الراء الخلفية بين المالكية والباضية )) ‪ .‬ومن جهته كتب‬
‫ليفتسكي مقال حاشدا بالمعلومات عن تفرعات الباضية ‪ .‬وهنالك كذلك دراسة عن العقيدة‬
‫الباضية لبي زكريا الجناوني قدمه روبيناتشي مع مترجمة إيطالية ‪ ،‬وبحث عن صلتها بالفرق‬
‫السلمية الخرى ‪.‬‬
‫ثم إن الفقه الباضي لم يعالج حتى الوقت الحاضر بصورة جادة ‪ .‬وثمة عدد قليل من المقالت‬
‫عولجت فيها نواح ثانوية من هذا الموضوع ‪ :‬مقال لوربيناتشي عنوانه ‪La purita rituale :‬‬
‫‪ secondo gli Ibditi‬وفيه قدم دراسة مقارنة لموضوع (( الطهارة )) في المذاهب الباضية‬
‫والسلمية الخرى ؛ ومقال تناول المراجع التي نشرت العقيدة الباضية في إفريقية الشمالية ‪،‬‬
‫كتبه غروبي لروزا باللغة اليطالية ‪ ،‬مبني على عمل للبحاثة الحديث عبد ال بن يحيى الباروني‬
‫(( سلم العامة والمبتدئين )) ‪ .‬وهنالك عمل باللغة الفرنسية لغواشوان عن (( الحياة النسائية في‬
‫مزاب )) ‪ 'La vie feminine au M'ZAB ،‬كما أن هنالك عمل لميليو عنوانه (( مجموعة‬
‫مناقشات جماعة مزاب )) وفيه ملمسات لبعض نقاط الفقه الباضي ‪.‬‬

‫( ‪)1/36‬‬

‫وثمة عدد قليل من المقالت الخرى عنيت بدراسة التنظيم الباضي للعزابة ‪ ،‬كما أن هنالك مقال‬
‫لليفتسكي عن (( الحلقة )) ‪ ،‬و (( مقال آخر لروبيناتشي عنوانه ‪Un antico documento di‬‬
‫‪ vita cenobitica musulmana‬يتناول أصول (( الحلقة )) ‪ .‬هذه هي العمال الساسية‬
‫باللغات الوروبية حول الدراسات التي تتعلق بالباضية في المغرب ‪ .‬وقليلة هي الملحظات التي‬
‫تتوفر حين تكون الحركات المذهبية الولى في السلم هي موضوع البحث لن جميع البحاثة‬
‫الوروبيين يضعون الباضية بين الخوارج ‪.‬‬

‫( ‪)1/37‬‬

‫أما بالنسبة للعلماء المسلمين غير الباضية ‪ ،‬فإنهم كانوا باستمرار ينظرون إلى الباضية‬
‫باعتبارهم خوارج متطرفين ومبتدعة ‪ .‬ولم يعيروا أي اهتمام جدي للدراسة العقيدة الباضية وإلى‬
‫تكوين صورة أوضح للمذهب الباضي ‪ .‬ومنذ وقت وجيز فقط أدخل المذهب بين المذاهب‬
‫السلمية ‪ ،‬ممثلة في الموسوعتين الجديدتين حول الفقه السلمي في مصر والكويت ‪ .‬وقد تحقق‬
‫هذا الحدث السار نتيجة النشاطات الباضية المستمرة التي تهدف إلى الحصول على فهم أفضل‬
‫لها من قبل المسلمين المجاورين ‪ .‬لقد بدأ بهذه النشاطات سليمان باشا الباروني من جبل نفوسة ‪،‬‬
‫وهو سياسي مسلم نشط لعب دورا رئسا في محاربة الغزاة اليطاليين لليبيا سنة ‪ . 1911‬وقد أثير‬
‫اهتمام المسلمين بشؤون الباضية بفعل الدور الذي لعبه الباروني وإباضيو جبل نفوسة في‬
‫محاربة إيطاليا ‪ ،‬وبولئه الراسخ للمبراطورية العثمانية وبكفاحه الصلب في سبيل قضية السلم‬
‫‪ ،‬إذ كان يدعو إلى التفاهم الفضل بين المسلمين ؛ وكان أحد أول من دعا المسلمين لنسيان‬
‫الخلفات التي نشأت عن خلفات في الرأي بين الئمة الولين لمذاهبهم ‪ ،‬وللعودة إلى الحكم‬
‫المباشر للقرآن والسنة ‪ .‬وإن المكانة التي رسخها الباروني لنفسه في الوساط السلمية الدولية‬
‫بفضل نضاله البطولي في وجه الغزو الستعماري الغربي وفرت التقدير للسهام الباضي في‬
‫سبيل الوحدة السلمية التي كانت شعار غالبية القادة المسلمين آنذاك ‪ ،‬ومهدت السبيل لسماع‬
‫وجهات نظر الباضية ‪ .‬وبالضافة إلى المطبعة الحجرية البارونية التي أنشئت في القاهرة قبل‬
‫بداية القرن الحالي ‪ ،‬أنشأ سليمان الباروني مطبعته الخاصة به في وقت باكر من هذا القرن ‪،‬‬
‫وأصدر صحيفته (( السد السلمي )) التي بث فيها آراءه وسعى إلى إعطاء صورة للباضية‬
‫أكثر وضوحا ‪ .‬وكذلك نشر عددا قليل من الكتب الباضية لمؤلفين عمانيين ومغاربة ‪ ،‬بما في‬
‫ذلك كتابه الخاص عن تاريخ الباضية (( الزهار الرياضية )) ‪ .‬ثم‬

‫( ‪)1/38‬‬

‫واصل إبراهيم أطفيش من مزاب ‪ ،‬الذي نفاه الفرنسيون من الجزائر فاستقر ف يمصر ‪ ،‬حيث‬
‫أصدر صحيفته (( المنهاج )) وشارك في تحرير ونشر أعمال العالم الباضي المعاصر محمد بن‬
‫يوسف أطفيش وبعض أعمال العلمة العماني السالمي ‪ .‬وكان خلل المدة الطويلة التي بقيها في‬
‫مصر ‪ ،‬الممثل غير الرسمي للمذهب الباضي يدافع عن الراء الباضية وينشرها ‪ .‬كما كان‬
‫باستمرار على استعداد لسداء المشورة بشأن الدراسات الباضية ‪ .‬ول مجال للشك بأن إسهامه‬
‫من أجل تقديم عرض أوضح للمذهب الباضي ذو أهمية كبيرة ‪ .‬وتجلى هذا بوضوح شديد في‬
‫مجلته (( المنهاج )) وفي ملحظاته على المؤلفات التي حررها ‪ ،‬وفي ملحظاته على أجزاء من‬
‫(( دائرة المعارف السلمية )) المترجمة إلى العربية ‪ ،‬وفيها حاول أن يصحح آراء خاطئة عن‬
‫الباضية ‪.‬‬

‫( ‪)1/39‬‬

‫وفي تونس والجزائر جرت نشاطات مماثله من قبل قادة حزب الصلح في مزاب المشاركة‬
‫بنشاطات جمعية العلماء في الجزائر ‪ ،‬ومن قبل علماء وقادة إباضية في تونس شاركوا في‬
‫نشاطات الحزب الدستوري لعبد العزيز الثعالبي ‪ .‬ومن الشخصيات الباضية البارزة التي لعبت‬
‫دورا هاما في تونس ‪ ،‬المغفور له محمد الثميني ؛ وهو في الصل من مزاب وقد أسس مكتبة في‬
‫تونس ‪ ،‬وشارك في نشر وتوزيع المؤلفات الباضية ؛ والمغفور له الشيخ سليمان الجادوي من‬
‫جربة ‪ ،‬وكان محرر الصحيفة الشهيرة (( مرشد المة )) ‪ .‬ومن الشخصيات البارزة في مثل هذه‬
‫النشاطات المماثلة في الجزائر أبو اليقظان إبراهيم الذي أصدر نحو ثماني صحف مختلفة ف يظل‬
‫العهد الفرنسي ؛ والشيخ بيوض إبراهيم بن عمر الذي كان مسؤول عن الحركة الصلحية‬
‫الحديثة في مزاب ‪ ،‬وعن مدارسها ومؤسساتها ‪ .‬وقد كان الرجلن عضوين ناشطين في‬
‫(( جمعية العلماء )) ‪ ،‬وصديقين شخصيين لعلماء السنة البارزين في (( الجمعية )) ‪ .‬وكانوا‬
‫جميعا مخلصين في استهداف تفاهم أفضل مع جيرانهم من السنة ‪ .‬وأسفرت هذه الحركة التي‬
‫كانت بالدرجة الولى من وحي الباروني ومقاربته ‪ ،‬عن تلطيف موقف المعارضة المرير من‬
‫الباضية في مختلف أوساطهم ‪ ،‬ووفرت جوا أفضل للباضين لعرض وجهات نظرهم بطريقة‬
‫معتدلة ‪ .‬والسهام الخير في هذا الميدان قدمه علي بن معمر من جبل نفوسة ‪ ،‬في ليبيا ‪ ،‬وهو‬
‫الذي نشر حديثا عددا من المؤلفات تحت عنوان (( الباضية في موكب التاريخ )) هادفا بذلك إلى‬
‫تقديم دراسة عامة عن الباضيين في بلدانهم المختلفة ‪ .‬كما نشر أعمال أخرى تتناول قضايا‬
‫شرعية ودينية ‪ .‬والعالم الخر هو محمد علي دبوز من القرارة في مزاب ؛ وقد تعهد بإعادة كتابة‬
‫تاريخ المغرب من وجهة النظر الباضية ‪ ،‬ونشر حتى الن سبعة مجلدات من عشرة ‪ ،‬ينوي فيها‬
‫أن يكمل عمله ‪ .‬وفي المجلدات الثلثة الولى تناول تاريخ المغرب الكبير فيما كانت المجلدات‬
‫التالية مخصصه لدارسة‬

‫( ‪)1/40‬‬
‫الجزائر في العصر الحديث ‪ -‬ثورة الجزائر ونهضتها المباركة ‪ -‬وكل المؤلفين هما من طلب‬
‫الشيخ بيوض ‪ ،‬وقد تأثرا إلى حد كبير بآرائه الصلحية ‪ ،‬وهما يدعوان المسلمين في مؤلفاتهما‬
‫بصورة مقنعة وبقوة إلى أن عليهم أن يعودوا إلى القرآن والسنة وأن يتركوا جانبا أساب النقسام‬
‫الناشئ عن إتباع العلماء المتأخرين الذي تأثروا بالخلفات السياسية ‪ .‬وذلك هو إسهام الباضية‬
‫في المسعى السلمي الحديث للعودة إلى السلم الصيل كما هو عليه في الكتاب والسنة ‪ .‬وكان‬
‫من شأن هذا التجاه الذي دعا إليه محمد عبده وتلميذه رشيد رضا ‪ ،‬ثم واصله تلميذتهما قاموا به‬
‫من نشاطات تالية ‪ ،‬أن أمن للباضية أمل جديدا بفهمهم على وجه أفضل لقد بدأ لهم أن خصومهم‬
‫المسلمين بدأوا في النهاية يدركون ما مثلته الباضية ودعت إليه منذ البداية ‪ .‬وقد لعب الباضية‬
‫دورا في هذه الحركة بواسطة النضال السياسي في سبيل الستقلل الوطني في ديارهم المختلفة ‪،‬‬
‫ووقفوا جنبا إلى جنب مع جيرانهم السنة في وجه الدول الغازية وحاولوا دائما أن يعرضوا‬
‫آراءهم وعقائدهم لتوضيح سوء الفهم القديم والتخلص من العزلة التقليدية التي عاشوا فيها‬
‫باستمرار حيال جيرانهم المسلمين ‪ .‬وقد اتخذت المساهمة الباضية في الدراسات الباضية‬
‫اتجاهين اثنين هما ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬توفير إنتاجهم الخاص بهم عن طريق تحقيق ونشر أعمالهم الباضية السابقة ‪ ،‬وإضافة‬
‫مساهمات جديدة بكتابات جديدة لتلبية المتطلبات الحالية ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عرض آراءهم وتاريخهم بصورة أوضح لتحقيق فهم أفضل لهم من قبل المسلمين غير‬
‫الباضيين ‪.‬‬

‫( ‪)1/41‬‬

‫أما بالنسبة للمسلمين غير الباضية ‪ ،‬فليست هنالك حتى الن أية محاولة جادة من جانبهم لدراسة‬
‫الباضية بعمق عبر مصادرها الخاصة بها ‪ ،‬غير أن علمات على مثل هذا الهتمام بالدراسات‬
‫الباضية بدأت تظهر في الجامعات الحديثة عبر علماء معاصرين توجهوا ول ريب إلى الدراسات‬
‫الباضية بفعل اهتمام العلماء الوروبيين وإسهامهم ‪ .‬وفي طليعة هذا التجاه تأتي جامعة القاهرة‬
‫حيث يقوم طالب إباضي هو محمد حنبولة بدراسة مقارنة لقوانين الملكية في الفقه الباضي‬
‫والقانون الحديث في ليبيا ‪ ،‬بإشراف محمد سلم مدكور ‪ .‬ول شك أن أصالة هذا الموضوع‬
‫والمكانات التي يفتحها في سبيل اتجاهات جديدة في البحث ستشجع على إجراء المزيد من‬
‫الدراسات في المستقبل ‪. ) 2 ( .‬‬
‫إن الغرض من الدراسة الحالية هو عرض صورة أكثر وضوحا للمذهب الباضي مبنية على‬
‫مواد إباضية لكنها مكتشفة حديثا ‪ .‬وإذا كانت هذه الدراسة معنية بالباضية في شمال إفريقية من‬
‫حيث المنطقة ‪ ،‬إل أنه كان ل بد لنا من أن ندرس أصول الحركة الباضية ومؤسسيها الوائل في‬
‫البصرة ‪ ،‬وعلقتها بحركة الخوارج ‪ ،‬وصلتها بالحداث الولى للتاريخ السلمي والتطور‬
‫السياسي ‪ ،‬والتأثير الذي كان لهاتين الناحيتين الخيرتين على المذهب الباضي بالنسبة لرائه‬
‫الفقهية والكلمية ‪ ،‬ثم توسعه في شمالي إفريقية ‪ .‬ونهدف أيضا إلى تقديم نظرة واضحة للفقه‬
‫وعلم الكلم الباضيين ؛ ونقاط التفاق والختلف مع حركات المعارضة المعاصرة لها‬
‫والمدارس الفقهية وبعض الخصائص المميزة للعقيدة الباضية ‪ :‬وتحديدا ‪ (( ،‬نظام الولية‬
‫والبراءة )) ومراحل تطور الجماعة الباضية ‪ ،‬أي (( مسالك الدين )) ‪ .‬وقد حررت كجزء من‬
‫هذه الطروحة ثلثة نصوص أباضية لتقديم نماذج من النتاج الباضي تغطي ميادين الفقه‬
‫والشرع ‪ ،‬وموضوع الولية والبراءة الذي يدخل في الميدانين معا ( ‪. ) 3‬‬

‫( ‪)1/42‬‬

‫تعتبر هذه الدارسة حتى الن ‪ ،‬الولى المبنية على أساس واسع من مواد أصلية مكتشفة حديثا‬
‫للمصادر الباضية الولى وعلى دراسة تامة شاملة لغالبية العمال الباضية الموجودة في مختلف‬
‫حقول الدارسة ‪ .‬وأرجو أن يؤدي ذلك إلى فتح أفق جديد في ميدان الدراسات السلمية وإلى‬
‫التشجيع على المزيد من التحقيق في ضوء المواد الجديدة المستخدمة هنا ‪ ،‬والراء التي توصلنا‬
‫إليها ‪ .‬وهي على كل حال ليست غير الخطوة الولى في دراسة الباضية ‪ .‬ول ريب أن هنالك‬
‫الكثير مما يبقى عمله ولو أن‬

‫( ‪)1/43‬‬

‫الكاتب يثق بأن الطريق قد مهدت بفضل النتائج التي تحققت بفضل هذا البحث ‪.‬‬
‫=========================‬
‫( ‪ ) 1‬بخصوص المقالت والعمال المذكورة هنا ‪ ،‬انظر المصادر والمراجع ص ‪ 295‬وما يليها‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ظهرت رسائل أكاديمية كثيرة في هذا التجاه لباحثين إباضيين وغير إباضيين ‪ .‬في‬
‫جامعات عربية وأجنبية ‪ ،‬ساعدت كلها على تقريب الفهم بين المسلمين ‪ ( .‬محمد ناصر ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬سننشر هذه النصوص منفصلة ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/44‬‬
‫الفصل الول نشأة الباضية ‪ ،‬آراء الباضية في الخوارج‬
‫عبد ال بن إباض‬
‫أخذ المذهب الباضي اسمه عن عبد ال بن إباض المري التميمي ؛ وقد سمي المذهب على اسم‬
‫أبيه لنه كان أ‪/‬ثر من ابنه شهرة ‪ ،‬كما هي الحال في علم النساب عند العرب ( ‪ ) 1‬والملطي‬
‫هو الوحيد الذي ذكر أن هذه الفرقة سميت على اسم مؤسسها ‪ ،‬وهو كما قال ‪ ،‬إباض بن عمرو (‬
‫‪ . )2‬على أن هذه المعلومة ل يمكن أن تؤخذ بالعتبار لن الملطي أورد في كتابه معلومات عن‬
‫الخوارج مناقضة لجميع المراجع الموثوقة التي تناولت الموضوع ( ‪. )3‬‬

‫( ‪)1/45‬‬

‫ما نعلمه عن عبد ال بن إباض قليل جدا ‪ ،‬سواء في المصادر الباضية أم غير الباضية ؛ وهو‬
‫من بنى صريم بن الحارث بن مقاعس من بني تميم ‪ ،‬إحدى قبائل مضر الرئيسة ( ‪ . ) 4‬ول‬
‫يعرف شيء عن حياته الولى ‪ ،‬ويرى العالم الباضي الحديث محمد بن يوسف اطفيش أن ابن‬
‫إباض انتقل من نجد ‪ ،‬موطن قبيلته ‪ ،‬إلى البصرة ( ‪ ) 5‬كذلك ذكر أن هنالك روايات معنية تفيد‬
‫أنه كان صحابيا لفترة قصيرة ( ‪ ) 6‬؛ إل أن رواة إباضيين أوردوا ابن إباضي طبقة التابعين‬
‫الذين عاشوا في أثناء النصف الثاني من القرن الهجري الول ( ‪ . ) 7‬ول يعرف هل اشترك في‬
‫الحروب الهلية التي وقعت بين المسلمين قبل خلفة بني أمية ‪ ،‬ويبدو أنه لم يكن راضيا عن حكم‬
‫معاوية ‪ ،‬وقد انتقد مخالفته للقرآن وللسنة ( ‪ . ) 8‬وترد أول معلومة أكيدة حلو نشاطاته العامة‬
‫عن دوره في الدفاع عن مكة بوجه القائد الموي حصين بن نمير السكوني ‪ ،‬الذي خلف مسلم بن‬
‫عقبة ( ‪ ) 9 ( ) 682 / 63‬؛ كما كان أحد زعماء فريق المحكمة الذين حاولوا أن يكسبوا عبد ال‬
‫بن الزبير إلى جانبهم ‪ ،‬وقدموا له دعمهم الكامل إذا وافق على آرائهم وانفصل عن عثمان ‪،‬‬
‫وطلحة ‪ ،‬ووالده بالذات الزبير بن العوام ؛ غير أن عبد ال بن الزبير رفض الموافقة على آرائهم‬
‫فتركوه وعاد بعضهم إلى البصرة ‪ ،‬ومن بين هؤلء عبد ال بن إباض ( ‪ . ) 10‬والظاهر أن‬
‫موقف ابن الزبير دفعهم إلى اليأس من تأمين قيادة بارزة من القرشيين وهو ما كانوا يسعون إليه‬
‫باتصالهم بابن الزبير ‪ .‬وفي أثناء هذه الفترة دخلت حركتهم مرحلة حرجة بالنسبة لمسألة قيادتها‬
‫فقد ظهر عدد من الشخصيات البارزة التي حاولت الفوز بقيادة الحركة عبر العمل العسكري ‪،‬‬
‫وأول هؤلء أبو راشد نافع بن الزرق الذي اتخذ منحى متطرفا في انتفاضته وانسحب هو‬
‫وأنصاره من الجماعة السلمية على أساس أن دارهم دار حرب وأنهم جميعا مشركون ( ‪. ) 11‬‬
‫في هذه المرحلة برز عبد ال بن إباض شخصية قائدة تعارض موقف‬
‫( ‪)1/46‬‬

‫نافع وسواه من القادة الخوارج ودعا إلى مقاومتهم علنا ( ‪ . ) 12‬وترى المصادر غير الباضية‬
‫أن ذلك كان بداية المذهب الباضي ‪ ،‬وتنسب تأسيسه إلى عبد ال بن إباض الذي كان ‪ ،‬وفقا‬
‫لغالبية تلك المصادر (( رأس )) المذهب الباضي ( ‪. ) 13‬‬
‫والمعلومات الواردة في المصادر الباضية تبين أن عبد ال بن إباض لعب دورا ثانويا في تأسيس‬
‫الحركة الباضية وقيادتها بالمقارنة مع إمامها الول ومؤسسها جابر بن زيد ‪ .‬ويقال إن ابن‬
‫إباض كان يعمل في كل نشاطاته وفقا لوامر جابر بن زيد ( ‪ ) 14‬ويذكر كذلك أن ابن إباض‬
‫كان الفقيه البرز في زمن جابر بن زيد ‪ ،‬وأنه كان الشخص الذي رفض علنا آراء المجموعات‬
‫المعارضة من القدرية ‪ ،‬والمعتزلة ‪ ،‬والمرجئة ‪ ،‬والشيعة ‪ ،‬والخوارج المتطرفين ( ‪. ) 15‬‬
‫والمعتقد أن ابن إباض دعا علنا إلى آراء مذهبه مع أن نشاطات المذهب الباضي كانت آنذاك‬
‫تنفذ سرا ‪ ،‬لنه كان يتمتع بحماية قبيلته ‪ .‬وهنالك سبب آخر هو أن الحركة الباضية كانت بعد‬
‫انتفاضة نافع بن الزرق ‪ ،‬مضطرة للعلن عن آرائها تجاه الزارقة أمام الناس للحتفاظ بدعم‬
‫المسلمين العاديين ‪ ،‬وأمام السلطات لتتجنب ملحقتها ‪ .‬وكانت نشاطات ابن إباض موجهة من قبل‬
‫جابر بن زيد الذي كان إمام الحركة الباضية آنذاك ‪ .‬وأخذ المذهب اسم ابن إباض لنه اعتاد أن‬
‫يبشر علنا بآراء المذهب ‪ ،‬كما كان معروفا بين غير الباضيين برفض آرائهم ‪ ،‬وبسبب موقفه‬
‫الواضح الحازم من الخوارج المتطرفين أيضا ‪ .‬ولعل السبب الخر الذي جعل المذهب الباضي‬
‫يحمل اسمه هو نشاطاته السياسية واتصالته بالخليفة الموي عبد الملك بن مروان الذي كان‬
‫يتبادل وإياه الرسائل ( ‪ . ) 16‬ولم يكن الباضيون في البداية يستخدمون اسم الباضية ؛ بل‬
‫استخدموا عبارات (( المسلمين )) و (( أمة المسلمين )) و (( جماعة المسلمين )) و (( أهل‬
‫الدعوة )) ‪ .‬ولم يرد ذكر اسم (( الباضية )) في العمال الباضية الولى مثل (( مدونة )) أبي‬
‫غانم‬

‫( ‪)1/47‬‬

‫أو أي عمل آخر مبكر ‪ ،‬إل أنهم ‪ ،‬عادوا في وقت لحق ‪ ،‬فاعترفوا بهذا السم وقبلوه ‪ .‬وقد ظهر‬
‫لول مرة في العمال الباضية المغربية في رسالة عمروس بن فتح ت ‪. ) 17 ( 893 / 280‬‬
‫ويظهر أن عبد ال بن إباض أصبح شخصية معروفة بسبب آرائه ونشاطاته ‪ ،‬حتى إن هنالك‬
‫مجموعات أخرى غير إباضية ‪ ،‬كالمعمرية ‪ ،‬على سبيل المثال ( ‪ ، ) 18‬زعمت أنه قائدها ‪،‬‬
‫ويقال أيضا إن الحارثية ‪ ،‬أتباع الحارث بن مزيد الباضي أعلنوا بعد وفاة أبي بلل مرداس أنهم‬
‫ل يعترفون بغير إمامة عبد ال بن إباض ‪. ) 19( .‬‬
‫وليس من الواضح أن عبد ال بن إباض لعب أي دور نشيط في النتفاضات العسكرية التي جرت‬
‫في حياته ‪ ،‬في حين أن الكدمي ذكره في نفس القائمة مع أبي بلل وعبد ال بن يحيى الكندي‬
‫ووصفهما بأنهما من الخوارج ( ‪ . ) 20‬وبناء على ما ذكره القزويني فقد ثار ابن إباض بتبالة في‬
‫أثناء عهد مروان بن محمد بن عطية ( ‪ . ) 21‬كذلك ذكر الشهرستاني أن عبد ال بن يحيى كان‬
‫إلى جانب ابن إباض في انتفاضته ‪ ،‬وكان رفيقا له في جميع أحواله وأقواله ( ‪) 22‬الذي كتب إليه‬
‫رسائله الشهيرة ( ‪ ، ) 23‬إل أنهما ‪ ،‬كغيرهما من المؤلفين الباضيين ‪ ،‬لم يذكرا هل بقي حيا‬
‫بعده ‪ ،‬أو هل لعب دورا في انتفاضة عبد ال بن يحيى الكندي ؟ وليس من المحتمل أن يكون ابن‬
‫إباض لعب أي دور في تلك الحروب من غير أن يذكره المؤلفون الباضيون أو المؤرخون‬
‫الخرون الذين رووا أخبار هذه الحروب كالطبري والصفهاني وسواهما ( ‪. ) 24‬‬

‫( ‪)1/48‬‬

‫وتدل لئحة المراجع الباضية القديمة التي أوردها القلهاني أن عبد ال بن إباض وعروة بن جدير‬
‫هما من تلمذة جابر بن زيد ‪ ،‬وعبد ال بن وهب الراسبي وزيد بن صوحان ؛ وتدل كذلك على‬
‫أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬وفروة بن نوفل ‪ ،‬ووداع بن حوثرة هم من تلمذة عبد ال بن‬
‫إباض ‪ ،‬ومعاصرون له ‪ ،‬فيما كان عبد ال بن يحيى الكندي والمختار بن عوف معدودين بين‬
‫طلبة أبي عبيدة مسلم ( ‪ . ) 25‬والظاهر أن ابن إباض كان قد توفي حين توفي جابر بن زيد‬
‫وخلفه أبو عبيدة أو أنه لم يكن مهما إلى درجة كافية لستلم قيادة الحركة ‪ .‬ويبدو أن الرأي‬
‫الول أكثر إقناعا ؛ ثم إنه مدعوم بمعلومة ترد عند البغدادي هي أن الحارث الباضي ترأس‬
‫مجموعته خلفا لعبد ال بن إباض ‪ .‬ووفقا لذلك ل بد أن ابن إباض كان قد توفي حين بدأ الحارث‬
‫بنشر آراءه بشأن القدر والتي عارض فيها القيادات الباضية ‪ .‬ومن الصعب أن نصدق أن ابن‬
‫إباض كان ل يزال حيا ‪ ،‬إذ أنه لو كان ل زال على قيد الحياة ‪ ،‬لكان رفض آراء الحارث ‪ ،‬وقد‬
‫ذكرت المراجع هذه الحقائق تؤيد رأي ليفتسكي الذي أشار إلى أن المعلومات التي أوردها‬
‫الشهرستاني والقزويني معا بالنسبة لدور ابن إباض في النتفاضات في وجه مروان بن محمد‬
‫ليست مقنعة جيدا ( ‪ . ) 26‬على أن المعلومات المقدمة عن ابن إباض محدودة ومربكة جدا كذلك‬
‫‪ ،‬وكان ابن حزم من بين المؤلفين الوائل الذين لحظوا هذه الحقيقة إذ يذكر أن أكثر الباضيين‬
‫علما في الندلس لم يكونوا يعرفون شيئا عن عبد ال بن إباض ( ‪ . ) 27‬والسبب كما رآه ابن‬
‫حزم ‪ ،‬هو أن ابن إباض تنكر آرائه وانضم إلى مجوعة الثعالبة من الخوارج (‪ . ) 28‬كذلك ذكر‬
‫الذهبي أن ابن إباض تراجع عن بدعته الباضية ( ‪ ، ) 29‬غير أن هذه المعلومات ل تؤيدها‬
‫المراجع الباضية ‪ .‬وهنالك مثل آخر عن المعلومات المشوشة وغير الموثوقة ذكرها ابن حوقل‬
‫إذ قال ‪ :‬إن كل من عبد ال بن إباض وعبد بن وهب الراسبي قدما إلى‬

‫( ‪)1/49‬‬

‫جبل نفوسة وماتا هناك ‪. ) 30 ( .‬‬


‫ومن الضروري هنا أن نذكر أن قول ليفتسكي ‪ ،‬بأن حالة الكتمان الباضية بدأت بابن إباض (‬
‫‪ ) 31‬مناقض للمعلومة الواردة في المؤلفات الباضية ‪ .‬ولقد ذكرت المراجع الباضية بوضوح‬
‫أن هذه الحالة من الكتمان أدخلت في عهد إمامة جابر بن زيد الذي وجه نشاطات الحركة‬
‫ونشاطات أعضائها ( ‪ . ) 32‬كما تذكر أن النتفاضات التي وقعت في أثناء حياته ‪ ،‬سواء‬
‫انتفاضة أبي بلل أو سواها ‪ ،‬كانت بتخطيط من جابر بن زيد ( ‪ ) 33‬الذي كان المسئول عن‬
‫تأسيس المذهب الباضي وتطويره ‪.‬‬
‫==================================================‬
‫===‬
‫( ‪ )1‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 1054 ، 1051 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المطلي ‪ ،‬التنبيه والرد على أهل الهواء والبدع ‪ ،‬تحقيق محمد زاهر الكوثري ‪ ( ،‬القاهرة‬
‫‪ ، ) 1368 / 1949‬ص ‪. 55‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر نفسه ‪. 56 ، 55 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬ابن حزم ‪ ،‬جمهرة أنساب العرب ‪ ،‬تحقيق إ ‪ .‬ليفي بروفنسال ( القاهرة ‪ 207 ، ) 1948‬؛‬
‫ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ ،‬تحقيق أمين وآخرين ( القاهرة ‪. 347 - 346 / 3 ) 1940‬‬
‫( ‪ ) 5‬القطب ‪ ،‬محمد بن يوسف اطفيش الرسالة الشافية في بعض التواريخ ( مطبعة حجرية ‪،‬‬
‫الجزائر ‪ 1299 ،‬هـ ) ‪ ( . 49 ،‬وقد رأيت مخطوطة لهذا المؤلف بعنوان (( الحرز المتين للعقل‬
‫والدين ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ( ‪ ) 6‬؛ الطبري محمد بن جرير تاريخ الرسل والملوك ‪ ،‬تحقيق‬
‫محمد أبو الفضل إبراهيم ( القاهرة ‪. 567 - 566 / 5 ) 1963 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬القطب ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 49 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬أبو عمار الكافي ‪ ،‬مختصر طبقات المشايخ ‪ ،‬مخطوطة ‪ 2‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات مخطوطة‬
‫‪ 6 - 205‬؛ محمد بن زكريا الباروني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 8‬رسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان في البرادي ‪ :‬الجواهر المنتقاة في ما‬
‫أخل به كتاب الطبقات ‪ ( .‬المطبعة الحجرية ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬القاهرة ‪. 164 - 163 ، ) 1300 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 563 / 5 ،‬‬
‫(‪ )10‬المصدر السابق‬
‫( ‪)1/50‬‬

‫( ‪ ) 11‬الشعري ‪ ،‬مقالت السلميين ‪ ،‬تحقيق هـ ‪ .‬ريتر ( اسطنبول ‪ ، ) 1969 ،‬ص ‪ 86‬وما‬


‫يليها ؛ الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ ،‬تحقيق أحمد فهمي محمد ( القاهرة ‪179 / 1 ، ) 1369 / 1948 ،‬‬
‫‪ 86 -‬؛ المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 32 - 1031 / 3 ،‬‬
‫( ‪ )12‬الكامل ‪ 1040 / 3 ،‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد ‪. 261 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬ابن حزم ‪ ،‬الجمهرة ‪ 207 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬لسان الميزان ‪ 248 / 3 ،‬؛ ابن خلدون ‪ ،‬التاريخ‬
‫‪. 656 / 2 ،‬‬
‫(‪ ) )14‬الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 77 ،‬؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪ ، 43 ،‬نقل عن المؤلف العماني ابن‬
‫وصاف ‪.‬‬
‫( ‪ )15‬القلهاتي ‪ ،‬الكشف والبيان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 224‬ب ؛ الرقيشي ‪ ،‬مصباح الظلم ‪ ،‬مخطوطة‬
‫‪ 74‬؛ المصعبي ‪ :‬حاشية على المصرح ‪ ،‬مخطوطة ‪ ( 247‬أ ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬حول نصوص رسائل عبد ال بن إباض ‪ ،‬انظر البرادي ‪ ،‬جواهر ‪ 76 - 156 ،‬؛‬
‫سرحان بن سعيد ‪ ،‬كشف الغمة ؛ مخطوطة القطب ‪ :‬شرح عقيدة التوحيد ( طبعة حجرية ‪،‬‬
‫الجزائر ‪ 62 - 248 ، ) 1326 ،‬؛ انظر أيضا ساخاو ‪Ueber die religiosen " :‬‬
‫‪Ausschaunngen der Ibaditischen Muhammedaner in Oman und M.S.O.S., II‬‬
‫‪"Ostafrika‬‬
‫‪ : II Califfio, " Abd al-Malik b . Marwan e gli‬وروبرتو روبيناشي ‪, 62 - 69 .‬‬
‫‪ 1899‬؛ ‪ 4 , 1952 , 99 - 121‬مجلد ‪ A.I.O.U.N‬في ‪"Ibaditi .‬‬
‫( ‪ )17‬عمروس بن فتح ‪ ،‬الدينونة الصافية ‪ ،‬مخطوطة ‪. 4‬‬
‫( ‪ ) 18‬القطب الرسالة الشافية ‪ 51 ،‬؛ أبو زكريا الوارجلني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 15‬أ [ طبعة‬
‫دار الغرب السلمي ‪ 88 ،‬؛ طبعة الدار التونسية ‪ ] 91‬؛ وانظر أيضا ما يلي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 19‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ‪ ،‬تحقيق الكوثري ( القاهرة ‪. 62 ، ) 1367 - 1948 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬الكدمي ‪ ،‬محمد بن سعيد ‪ ،‬كتاب الستقامة مخطوطة ‪. 35‬‬
‫( ‪ ) 21‬القزويني ؛ زكريا بن محمد ؛ كتاب آثار البلد وأخبار العباد ؛ تحقيق وستنفلد ؛ ‪37 / 1‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 22‬الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪. 213 - 212 / 1 ،‬‬
‫( ‪ )23‬القلهاتي ‪ ،‬الكشف ‪ 224‬ب ؛ الرقيشي ‪ ،‬مصباح ‪. 74 ،‬‬

‫( ‪)1/51‬‬
‫(‪ ) 24‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 402 - 399 ، 76 - 374 ، 348 / 7 ،‬؛ أبو الفرج الصفهاني ‪،‬‬
‫الغاني ‪ ،‬تحقيق فراج ‪. 158 - 111 / 23 ،‬‬
‫(‪ ) 254‬القلهاتي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ - 230 ،‬أ ‪ -‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 26‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 232 - 231 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 85‬؛ وللمزيد من التفاصيل انظر‬
‫ما يلي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 27‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬في ‪ :‬الموسوعة السلمية ‪ ،‬طبعة ‪. 649 / 2‬‬
‫( ‪ ) 28‬ابن حزم ‪ ،‬الفصل في الملل والنحل ‪. 191 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 30‬الذهبي ‪ ،‬لسان ‪. 248 ، 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬ابن حوقل ‪ ،‬صورة الرض ‪. 95 ، 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 32‬ليفتسكي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ،‬ص ‪. 648‬‬
‫( ‪ ) 33‬الجناوني ‪ ،‬كتاب الوضع ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ( القاهرة ل ‪ .‬ت ) ‪ 22‬؛ عمرو بن جميع ‪،‬‬
‫مقدمة التوحيد ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ( القاهرة ‪. 54 ، ) 1353 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/52‬‬

‫آراء الباضية في الخوارج‬


‫تنظر المصادر غير الباضية إلى المذهب الباضي باعتباره فرعا من حركة الخوارج انفصل‬
‫الخط العام ليشكل مجموعة معتدلة بقيادة عبد ال بن إباض ‪ .‬ومثل هذا العرض للمذهب الباضي‬
‫كرره أولئك العلماء الذين درسوا الموضوع على أساس معلومات مستقاه من المصادر غير‬
‫الباضية ‪.‬‬
‫لقد كان من الصعب على غير الباضية أن يكونوا نظرة واضحة عن الحركة الباضية وعن‬
‫طبيعة علقاتها بحركة الخوارج ‪ .‬ومرد ذلك إلى التكتم حول النشاطات والمخططات التي وجهت‬
‫معظم النشاطات الباضية الولى ‪ .‬والسبب الخر هو ‪ ،‬كما ذكره ابن النديم ‪ ،‬أن خوف الباضية‬
‫من الضطهاد من قبل خصومهم ‪ ،‬جعلهم يسترون كتبهم ( ‪ . ) 1‬فمن المهم إذا نعرض نظرة‬
‫الباضية الخاصة إلى منشأ حركتهم وإلى موقعها بالنسبة لحركات الخوارج كما رأت مصادرها‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫لقد حفظ الباضية شرحا مفصل لرائهم عن التطور السياسي الباكر للمة السلمية وذكر‬
‫البرادي الجدول التالي للعمال والوثائق الولى التي تناولت الموضوع ( ‪. ) 2‬‬
‫‪ -1‬أخبار صفين والنهروان ‪.‬‬
‫‪ -2‬صفة أحداث عثمان ‪.‬‬
‫‪ -3‬الرسالة التي وجهها علي بن أبي طالب إلى ابن عباس بعد هزيمة أهل النهر ورد ابن عباس‬
‫عليها ‪.‬‬
‫‪ -4‬رسالة جابر بن زيد إلى أحد أفارد الشيعة ‪.‬‬
‫‪ -5‬رسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان ‪.‬‬
‫‪ -6‬رسالة أبي بلل مرداس إلى المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -7‬رسالة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وحاجب إلى أهل المغرب ‪.‬‬
‫‪ -8‬رسالة الربيع بن حبيب بخصوص عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬وأبي المؤرج وشعيب ‪.‬‬
‫‪ -9‬رسالة أبي الحر علي بن الحصين ‪.‬‬
‫‪ -10‬كتاب سالم بن حطيئة الهللي ‪.‬‬
‫‪ -11‬كتاب أبي سفيان محبوب بن الرحيل ‪.‬‬
‫‪ -12‬سيرة محمد بن محبوب إلى أهل المغرب ‪.‬‬
‫‪ -13‬سيرة منير بن النير الجعلني ‪.‬‬

‫( ‪)1/53‬‬

‫وذكر البرادي أنه شاهد جميع الوثائق والعمال أعله وقرأها باستثناء سيرة محمد بن محبوب (‬
‫‪ . ) 3‬ويقال إن هنالك نسخة كاملة من هذه السيرة مؤلفة من سبعين جزءا كانت موجودة في جبل‬
‫نفوسة حوالي نهاية القرن الرابع الهجري ؛ وإن الجزء السادس فقط من هذا الكتاب كان موجودا‬
‫في جزيرة جربة أثناء هذه الفترة ( ‪ . ) 4‬إن معظم هذه العمال والوثائق ل يزال موجودا‬
‫باستثناء أعمال أبي سفيان وابنه محمد بن محبوب ‪ ،‬وكتاب سالم بن حطيئة الهللي ‪ ،‬ورسالة‬
‫جابر بن زيد إلى شيعي ‪ ،‬ورسالة أبي بلل مرداس ‪ .‬على أن البرادي احتفظ لنا في‬
‫(( جواهره )) بمعلومات مفيدة عن بعض هذه العمال المفقودة ( ‪ ) 5‬فيما احتفظ الدرجيني في ((‬
‫طبقاته )) بمعلومات مفيدة عن علماء الباضية الوائل من كتاب أبي سفيان محبوب ( ‪. ) 6‬‬
‫وهنالك وثائق إباضية أخرى قديمة تناولت الموضوع ‪ ،‬ل تزال موجودة وبالمكان العودة إليها ‪:‬‬
‫‪ -1‬سيرة سالم بن ذكوان ‪ ،‬وهو عالم إباضي معاصر لجابر بن زيد ( ‪. ) 7‬‬
‫‪ -2‬سيرة شبيب بن عطية العماني ( ‪. ) 8‬‬
‫‪ -3‬سيرة أبي قحطان خالد بن قحطان الهجاري ( ‪. ) 9‬‬
‫يضاف إلى ذلك أيضا خطب لعبد ال بن يحيى وخطب للمختار بن عوف ‪ ،‬ألقاها بنفسه في مكة‬
‫والمدينة ‪ ،‬وقد كانت مسجلة ومحفوظة ( ‪. ) 10‬‬
‫وجميع هذه العمال التي ترد في مراجع إباضية قديمة ( ‪ ) 11‬تحتوي على النظرة الباضية‬
‫للتغييرات الباكرة التي حدثت في المجتمع السلمي ؛ وهي التي بدأت بمعارضة سياسة الخليفة‬
‫الثالث عثمان بن عفان ‪ ،‬وعلى العرض الباضي للفرق المختلفة التي نشأت في أوائل التاريخ‬
‫السلمي ‪ ،‬وعلى موقف الباضية منها ‪ .‬والعرض التالي لنظرة الباضية للتطور السياسي الباكر‬
‫للمة السلمية ‪ ،‬ولرأيها بالخوارج بني على هذه المواد المذكورة أعله ‪.‬‬

‫( ‪)1/54‬‬

‫اعتبر الباضية حركتهم استمرارا للمعارضة التي أسقطت الخليفة الثالث عثمان بن عفان وسببت‬
‫وفاته ‪ .‬ونظروا إلى تلك المعارضة باعتبارها رفضا إسلميا صرفا (( للحداث )) التي أدخلها‬
‫عثمان وحاشيته الموية ؛ ثم إن هذه (( الحداث )) معروضة في كتاب (( صفة أحداث عثمان ))‬
‫ورسالة عبد ال بن إباض ‪ ،‬وسيرة سالم بن ذكوان ‪ .‬ول ذكر في المصادر الباضية لدور عبد‬
‫ال بن سبأ في النتفاضة الولى بوجه عثمان ؛ وتلك حقيقة تشير إلى أن الباضية رأوا في تلك‬
‫النتفاضة واجبا إسلميا يقوم به صحابة النبي الذين أرادوا أن يتقيدوا بسنة الرسول ومثال خليفتيه‬
‫الولين ‪ ،‬ل نتيجة أي نفوذ خارجي أو غريب ‪ .‬وقد وافق الباضية على خلفة علي بن أبي‬
‫طالب ونظروا إلى طلحة بن الزبير وعائشة وأنصارهما باعتبارهما (( الفئة الباغية )) ( ‪. ) 12‬‬
‫وهنا يذكر أن جابر بن زيد وأبا بلل مرداس ناقشا عائشة بموفقها من معركة الجمل ‪ ،‬ووجها‬
‫إليها اللوم على مقاومتها لعلي الذي كان الخليفة الشرعي آنذاك ‪ ،‬و (( تابت مما كانت قد دخلت‬
‫فيه )) ( ‪ . ) 13‬كذلك وافقوا عليا في حروبه مع معاوية ونظروا إلى معاوية وعمرو بن العاص‬
‫معا ومناصريهما باعتبارهم الفئة الباغية التي يجب محاربتها حتى تخضع لمر ال ( ‪. ) 14‬‬
‫لكنهم لم يوافقوا على قبول علي بالتحكيم معتبرين أن الذين رفضوا التحكيم هم المسلمون‬
‫الحقيقيون وأن زعيمهم عبد ال بن وهب الراسبي هو الخليفة الشرعي الخامس ( ‪. ) 15‬‬
‫وهاجموا عليا بن أبي طالب لنه فتك بأهل النهر وحجتهم أنه لم يكن يحق له على الطلق بأن‬
‫يقاتلهم ‪ .‬وعلق أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة على ما أعلنه علي بالنسبة لشعار أهل النهر (( ل‬
‫حكم إل ل )) بأنها كلمة حق أريد بها باطل ؛ قال أبو عبيدة ‪ (( :‬لقد علم علي أن شعارهم هو‬
‫الحق ‪ ،‬فمن أخبره أنهم يريدون به باطل )) ؟ ( ‪. ) 16‬‬

‫( ‪)1/55‬‬

‫وبناء على ما قاله جابر بن زيد يذكر أن عليا بن أبي طالب ‪ ،‬حين لحظ أن مناصريه قلقوا لمقتل‬
‫المسلمين التقياء في معركة النهروان ‪ ،‬وندموا على ما فعلوه ‪ ،‬طلب منهم في اليوم التالي‬
‫للمعركة أن يبحثوا عن شيطان بين قتلى أهل النهر ؛ جاءوه برجل كان قد عضه الجمل في‬
‫صدره ‪ ،‬فقال لهم علي ‪ :‬ذاك هو الشيطان ‪ .‬وحين نبهه ابنه السحن إلى أن هذا الرجل هو‬
‫الصحابي نافع ‪ ،‬مولى الصحابي ثرملة ‪ ،‬أسهم بالجهاد ‪ ،‬أسكته علي وقال له ‪ (( :‬إن الحرب‬
‫خدعة )) ( ‪ . ) 17‬ومن شأن هذه المعلومات أن تدل على أن المراجع الباضية الولى اعتقدت‬
‫أن عليا بن أبي طالب لم يكن على حق في محاربة أهل النهر ‪ ،‬وأن موقفه آنذاك كان مبنيا على‬
‫طموحات دنيوية ‪ ،‬ل على أسس دينية كما هي الحال بالنسبة لهل النهر ( ‪. ) 18‬‬
‫هكذا كانت نظرة الباضية بالنسبة للتطورات السياسية الولى كما فهموها ‪ .‬وعندهم أن المحكمة‬
‫هم المجموعة الوحيدة التي كانت تكافح من أجل العودة بالمامة السلمية إلى ما كانت عليه أثناء‬
‫عهدي أبي بكر وعمر ‪ ،‬والسنوات الست الولى من خلفة عثمان والسنوات الولى من خلفة‬
‫علي قبل أن يرضى بالتحكيم ‪ .‬ثم انتهى جهاد هذه الجماعة في مقتله أهل النهر على يدي علي بن‬
‫أبي طالب وجيشه ( ‪ ، ) 658 / 27‬ومقتله أهل النخيلة على أيدي عسكريي معاوية والحسن بن‬
‫علي معا ( ‪. ) 19‬‬

‫( ‪)1/56‬‬

‫بعد هذه المرحلة ترسخت الخلفة الموية وجعلت همها أن تضرب أي مقاومة ‪ .‬وهكذا فإن‬
‫مؤيدي مجموعة المحكمة ‪ ،‬أو (( المسلمين )) أو (( جماعة المسلمين )) كما كانوا يدعون في‬
‫الدب الباضي القديم ‪ ،‬اضطروا لخفاء عقيدتهم والقيام بنشاطاتهم سرا ( ‪ . ) 20‬ومن الذين‬
‫نجوا من معركة النهروان ‪ ،‬عروة بن أدية وشقيقه أوب بلل مرداس ( ‪ . ) 21‬وقد واصل‬
‫نشاطاتهما في البصرة ‪ ،‬وهما المعروفان بتفانيهما في واجباتهما الدينية ‪ ،‬وكانا بارزين بين‬
‫جماعة المسلمين هناك ‪ .‬ويبدو أن أبا بلل كان زعيما في البصرة لنه كان أحد ثلثة رجال‬
‫علقوا على خطبة زياد بن أبيه الولى في جامع البصرة حين عين هذا الخير من قبل معاوية‬
‫حاكما على البصرة وخرسان وسجستان ( ‪ . ) 22‬ويذكر أيضا أن أبا بلل وجابر بن زيد كانا‬
‫على صلة وثيقة خلل هذه الفترة ‪ ،‬وأنه كان ينفق وقتا طويل مع جابر بن زيد ‪ .‬ويقال إنهما‬
‫دخل على عائشة فعاتباها على ما كان منها يوم الجمل فاستغفرت وتابت ( ‪ . ) 23‬وفي أثناء هذه‬
‫الفترة ترسخت قيادة جابر لمجوعة المحكمة ؛ وهو رجل تقي عالم من الزد ‪ ،‬من قبيلة عبد ال‬
‫بن وهب الراسبي ‪ ،‬وآخر زعيم منتخب للمجموعة ‪ .‬وبوجه عام كانت نشاطات جابر فكرية ‪،‬‬
‫بحيث أنه استطاع الدعوة للسلم والحفاظ على تعاليمه بطريقة لم تثر شك السلطات الموية ‪ .‬ثم‬
‫إن منصبه كمفت بارز في البصرة أمن له غطاء مفيدا ومكنه من إقامة صلت واسعة مع‬
‫شخصيات بارزة في مختلف أنحاء البلدان السلمية ( ‪. ) 24‬‬
‫وقامت سياسة جابر على اللجوء إلى جميع الوسائل لضمان أمن حركته وسلمة أباعه ‪ ،‬حتى‬
‫ذهب إلى حد المر بمقتل شخص يدعى خردلة أبلغ السلطات الموية عن أسماء أفراد الحركة‬
‫الباضية في البصرة وجعل يطعن فيهم ويدل على عوراتهم ويفضح أسرارهم ( ‪ . ) 25‬كذلك‬
‫سمح جابر بأخذ التاوة لتفادي العراقيل مع السلطات في عهد عبيد ال بن زياد ‪) 26 ( .‬‬

‫( ‪)1/57‬‬

‫وأدى الضطهاد المتزايد المتواصل ‪ ،‬لعضاء مجموعة المحكمة في البصرة على يد عبيد ال بن‬
‫زياد إلى حمل العضاء أن يتصرفوا حيال ذلك بعنف ‪ ،‬كما دفع بالسلطات لمتابعة اضطهاد‬
‫إخوانهم المسلمين ( ‪. ) 27‬‬
‫وقد واجهوا أنواع التنكيلت مما يتراوح بين السجن والموت ( ‪ ) 28‬؛ حتى إن النساء تعرضن‬
‫للعقوبة القاسية ( ‪ . ) 29‬وفي هذا الوضع تعذر على الشخصيات البارزة في المجموعة أن‬
‫يعيشوا حياة هادئة ‪ ،‬إن لم نقل أنه حال دون احتمال نشر آرائهم وتعليمها ‪ .‬وفي هذه المرحلة‬
‫أدخل مبدأ (( الشراء )) ‪ ،‬أي التضحية بالذات في الحركة بموجب أصول محددة ‪ ،‬ثم نفذ من قبل‬
‫أربعين عضوا في الحركة بقيادة أبي بلل مرداس الذي أوضح أنه ل ينوي أن يقاتل إل الذين‬
‫يقاتلونه ‪ ،‬وأنه لن يأخذ من الغنائم إل نصيبه ‪ ،‬أي العطيات التي هي من حقه ( ‪ . ) 30‬وكان‬
‫ذلك بالفعل رفضا مكشوفا لسياسة (( الستعراض )) التي كان يمارسها بعض الخوارج قبل أبي‬
‫بلل ‪ ،‬ممن كانوا معروفين بتعاطفهم مع جماعة المحكمة ( ‪ , ) 31‬تلك كانت تنفيذا عمليا لسياسة‬
‫(( الشراء )) أي التضحية بالذات ‪ ،‬و (( القعود )) أي البقاء في حالة هدوء في عهد الطغاة وعدم‬
‫الخروج إلى الجهاد ضدهم في أثناء (( مرحلة الكتمان )) وبذلك لم يرفض أبو بلل مبدأ القعود أو‬
‫التقية ‪ .‬والواقع أنه وافق على مبدأ التقية ونصح البلجاء بأن تتكتم في معتقداتها حين علم أن عبيد‬
‫ال بن زياد قرر أن يعاقبها ( ‪ . ) 32‬وفي أي حال فإن أبا بلل وأنصاره ‪ ،‬بعد أن هزموا جيشا‬
‫من ألفي شخص ‪ ،‬قتلوا في معركة تالية فيما كانوا يؤيدون صلواتهم ( ‪ . ) 33‬وتقول المراجع‬
‫الباضية إن هذه النتفاضة من قبل أبي بلل كانت قد خططت من قبل جابر بن زيد إمام‬
‫الباضية آنذاك وبموافقته ( ‪ . ) 34‬ويقال كذلك إن أبا بلل طلب من جابر عند مغادرة البصرة ‪،‬‬
‫أن ينضم إليه ( ‪ ) 35‬ولكن جابرا بقي في البصرة وتابع سياسته القائمة على تجنب العنف ‪.‬‬

‫( ‪)1/58‬‬

‫وتقوم العلقة بين الباضية وخصومهم المسلمين على أساس المبادئ التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬على الباضية أل يقاتلوا أحدا إل الذين يقاتلونهم ؛ وليس لهم أن ينهجوا سياسة الستعراض ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ل يجوز أن تؤخذ ممتلكات المسلمين غنائم ؛ ول يجوز قتل نسائهم وأولدهم أو أن يؤخذوا‬
‫سبايا ‪ .‬ويعتمد هذا المبدأ على سيرة المسلمين الوائل في قتالهم لعثمان وأنصاره ‪ ،‬وعلى سيرة‬
‫علي في حربة ضد طلحة والزبير حين كان علي الخليفة الشرعي ( ‪. )36‬‬
‫ج‪ -‬ليس (( الخروج )) واجبا ؛ ويمكن للمسلمين أن يعيشوا ف يظل الطغاة لجئين إلى التقية ‪،‬‬
‫عند اللزوم ‪.‬‬
‫د‪ -‬الشراء ‪ ،‬أو التضحية بالذات ‪ ،‬واجب اختياري على من اكتمل عددهم أربعين شخصا أو أكثر‬
‫حين يكونون هم الذين اختاروا الخروج ‪.‬‬
‫وأصبحت هذه المبادئ سيرة للمسلمين متبعة ل يجوز تغييرها ؛ وأيدت المراجع الباضية هذه‬
‫المبادئ قياسا على سيرة الرسول طوال كفاحه في سبيل المة السلمية والدولة السلمية وفقا‬
‫لشريعة ال ( ‪ . ) 37‬كذلك زعموا أن هذه المبادئ لم تخرق قبل انتفاضة نافع بن الزرق الذي‬
‫تصرف خلفا لذلك ‪ ،‬أو كما قال ابن إباض نفسه ‪ ... (( :‬ولكننا باسم ال نختلف مع ابن الزرق‬
‫وأنصاره ‪ :‬حين ثاروا بدا لنا أنهم كانوا على دين المسلمين ‪ ،‬لكنهم تركوه بعد ذلك وأصبحوا‬
‫كافرين )) ( ‪. ) 38‬‬
‫وكانت حركة ابن الزرق أول انشقاق جاد خطير في جماعة المحكمة ( ‪ ) 39‬؛ وقد أدت التعاليم‬
‫التي أدخلها نافع بن الزرق إلى ردود فعل مختلفة وقد عارض جابر بن زيد وعبد ال بن إباض‬
‫آراء نافع ودافعا عن مبادئ المحكمة الولى وعمل على نشرها ‪.‬‬

‫( ‪)1/59‬‬

‫ويدل هذا العرض لتطور جماعة المحكمة على أن زعماء المذهب الباضي لم يدخلوا أي عقائد‬
‫جديدة على مسألة (( الخروج )) أو على العلقة بين العضاء وبقية المسلمين في زمن السلم‬
‫والحرب ‪ ،‬وكل ما فعلوه هو مواصلة نشر العقائد الموضوعة من قبل سواء في أثناء الحروب بين‬
‫علي وطلحة ‪ ،‬أم تلك التي أرسها أبو بلل في وقت لحق ‪ .‬ورفضوا من ناحية أخرى ‪ ،‬آراء‬
‫نافع بن الزرق وسواه من زعماء الخوارج المتطرفين كنجدة وداود ‪ ،‬لخرقهم تلك الصول‬
‫الموضوعة من قبل أسلفهم ‪ .‬وقد عبر سالم بن ذكوان عن الموقف الباضي بالعبارات التالية ‪:‬‬
‫فأمرنا تبع لئمة المسلمين قبل نزول للمسلمين يوم قتلوا عثمان ‪ ،‬ويوم الجمل ‪ ،‬ويوم أنكروا‬
‫تحكيم الرجال في دينهم ‪ .‬وأرينا اليوم لرأيهم تبع يومئذ ‪ ،‬وتأويلنا القرآن اليوم لتأويلهم يومئذ تبع‬
‫‪ .‬لسنا ممن يزعم أنه أفاد علما في القرآن والسنة حتى غلبهم )) ( ‪ . ) 40‬هكذا فهم الباضية‬
‫حكمهم الذي لم يكن بالنسبة لهم سوى استمرار لحكم المحكمة قبل انفصال نافع والخوارج‬
‫المتطرفين ‪ .‬ولذلك نظروا إلى الخوارج المتطرفين بأنهم (( المارقة )) أي الذين تجاوزوا الدين ‪،‬‬
‫وطبقوا عليهم الوصف المعروف المذكور في حديث شهير للرسول ( ‪ ، ) 41‬وهو ‪ (( :‬يخرج‬
‫فيكم قوم تحقرون صلتكم مع صلتهم ‪ ،‬وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم ‪ ،‬يقرؤون‬
‫القرآن ول يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية تنظر في النصل فل‬
‫ترى شيئا ثم تنظر في القدح فل ترى شيئا ثم تنظر في الريش فل ترى شيئا وتتمارى في‬
‫الفوق )) ( ‪. ) 42‬‬

‫( ‪)1/60‬‬

‫أما بالنسبة لكلمتي (( الخوارج )) و (( الخروج )) فقد استعملها الباضية بمعنى (( الخروج ))‬
‫إلى الجهاد ( ‪ . ) 43‬وفي وقت لحق ‪ ،‬حصر بعض المؤلفين الباضية هذا السم في مجوعات‬
‫متطرفة من الخوارج تصرفت على النقيض لمبادئ المحكمة ( ‪ . ) 44‬غير أن غالبية المراجع‬
‫الباضية القديمة ‪ ،‬وبعض المؤلفين العمانيين المتأخرين كذلك ‪ ،‬استعملوا كلمتي (( خروج )) و‬
‫(( الخوارج )) مشيرين بذلك للباضية ‪ ،‬وميزوا الخوارج المتطرفين بعبارة (( خروج الجور ))‬
‫( ‪ . ) 45‬واستعملوا كذلك (( شراء )) و (( شراة )) بدل من كلمتي (( خروج )) و ((خوارج‬
‫)) ‪ ،‬مع أنه كان لكلمتي (( شراء )) و (( شراة )) معناهما الخاص بهما في العقيدة الباضية (‬
‫‪ . ) 46‬وبالنسبة للمحكمة ولهل النهر ‪ ،‬والنخيلة ‪ ،‬وأبي بلل وأنصاره ‪ ،‬فقد استعملت عادة‬
‫عبارتا (( المسلمين )) و (( جماعة المسلمين )) ‪ .‬وكان هذان السمان بالضافة إلى اسم (( أهل‬
‫الدعوة )) يستعملن من قبل الباضية للشارة إلى مذهبهم ‪.‬‬
‫وفيما يلي النقاط التي اختلف عليها الباضية والخوارج ‪:‬‬
‫‪ -1‬مسألة الخروج ‪:‬‬

‫( ‪)1/61‬‬

‫إن العقيدة التي أدخلها نافع بن الزرق هي أن (( الخروج )) أو (( الهجرة )) إلى معسكرهم أمر‬
‫إلزامي ‪ .‬وقد اعتبر بلد خصومهم من المسلمين ( المخالفين ) دار حرب ‪ ،‬ونظر إلى أولئك‬
‫الذين ل يقومون بأي عمل ( القعدة ) باعتبارهم مشركين على أساس الية القرآنية ‪ ( :‬وأن‬
‫أطعتموهم إنكم لمشركون ) ( ‪ . ) 47‬وهذه العقيدة مناقضة للعقيدة التي قال بها المحكمة وهي إن‬
‫معارضيهم من المسلمين هم محض (( كفار نعمة )) ( ‪ ) 48‬ل مشركون ‪ ،‬وإن إخوانهم المسلمين‬
‫قادرون على الحياة بين خصومهم ‪ ،‬وسمحوا بالقعود ‪ ،‬إذ إن الخروج أو الهجرة ليسا إلزاميين ‪.‬‬
‫والواقع أن المحكمة الولين كانوا واضحين كثيرا بشأن القعود باعتباره شرعيا بالنسبة لخوانهم‬
‫المسلمين حتى أنهم انتخبوا عبد ال بن وهب الراسبي إماما ‪ ،‬وآثروه على معدان اليادي لنه قال‬
‫( ‪. ) 49‬‬
‫لقد تمسك الباضية بعقيدة المحكمة الوائل ورفضوا نافع ‪ ،‬وقالوا إن كل من المجاهدين والقعدة ‪،‬‬
‫هم مسلمون ؛ (( يخرج من يخرج ويتخلف من يتخلف ‪ ،‬فيتولى الخارج القاعد والقاعد الخارج ‪،‬‬
‫على ذلك مضوا وانقرضوا ‪ ،‬رحمهم ال وغفر لهم )) ( ‪ . )50‬وقد جرى التعبير عن هذه العقيدة‬
‫في وقت لحق بالقول التالي ‪ (( :‬ل هجرة بعد الفتح )) ‪ ،‬وهو في الواقع جزء من حديث للرسول‬
‫( ‪ ، ) 51‬وقد ورد في جميع المعتقدات الباضية للتعبير عن رأيهم بمسألة الهجرة أو الخروج (‬
‫‪. ) 52‬‬
‫‪ -2‬والمسألة الثانية هي موقفهم بالنسبة لخصومهم المسلمين (( المخالفين )) ( ‪. ) 53‬‬
‫لقد اعتقد الزارقة أن خصومهم المسلمين كفار ‪ .‬ونظروا بالتالي إلى بلدهم باعتبارها دار‬
‫حرب ‪ ،‬وآمنوا بشرعية قتل نسائهم وأولدهم ‪ ،‬أو بسبيهم ‪ ،‬وبالستيلء على ممتلكاتهم ‪ .‬ومن‬
‫ناحية أخرى فإنهم منعوا أتباعهم من أن يرثوا منهم ومن أن يتزوجوا من نسائهم ‪ .‬كذلك رأوا‬
‫شرعية الحتفاظ بما أمنهم عليه من خالفهم من المسلمين ‪ ،‬وأن ينكروا عليهم حقهم فيه ( ‪. ) 54‬‬

‫( ‪)1/62‬‬

‫إن جميع هذه العقائد عن علقتهم بخصومهم المسلمين نظر إليها الباضية (( كضللت )) لنها‬
‫معارضة لراء المسلمين مناقضة لسيرتهم ‪ .‬ورفض الزعيمان الباضيان ‪ ،‬جابر بن زيد وعبد‬
‫ال بن إباض آراء الزارقة وأنكروها ( ‪ . ) 55‬كذلك اتخذ الموقف نفسه من مجموعات أخرى‬
‫من الخوارج كالصفرية والنجدات وغيرهما ‪ ،‬مع أن هذه المجموعة الخيرة اختلفت عن الزارقة‬
‫حول بعض المسائل ( ‪. ) 56‬‬
‫واعتبر الباضية هذه العقائد الجديدة التي أدخلها نافع وخوارج آخرون ‪ ،‬بأنها (( بدع )) ‪،‬‬
‫وانفصلوا عن حركاتهم ورفضوا آرائهم ‪ ،‬حتى أنهم خاضوا حروبا ضدهم (‪ , )57‬وتعد سيرة‬
‫سالم بن ذكوان من بين الوثائق الباضية القديمة التي ناقشت مشكلة متطرفي الخوارج وآرائهم ‪.‬‬
‫ولعله من المفيد أن ننقل هنا آراءه حول هذه المسألة لنها تمثل الرأي المعاصر لعلمة إباضي‬
‫بارز ‪ ،‬وتعكس الموقف الباضي العام نحو الخوارج ‪.‬‬
‫==========================================‬
‫(‪)1‬‬
‫الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 77 ،‬؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪ 43 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪،‬‬
‫مخطوطة قسم ‪ ، 88‬الصفحة التي تتعلق بالموضوع ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪. 329 - 258 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬البرادي ‪ ،‬البحث الصادق والستكشاف في شرح كتاب العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪، 1 ،‬‬
‫‪. 29‬‬
‫(‪ ) 4‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬الوسياني ‪ ،‬أبو الربيع سليمان بن عبد السلم ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 15‬‬
‫( ‪ ) 6‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ( طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. ) 1302 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬ذكرت المعلومات نفسها تقريبا عن أبي سفيان في سير الشماخي ‪ ،‬غير أنه لسنا نعلم ‪ :‬هل‬
‫يستخدم الدرجيني فقط أم أنه استطاع الحصول على عمل أبي سفيان الصلي ‪.‬‬

‫( ‪)1/63‬‬

‫( ‪ ) 8‬هنالك نسخة كاملة لهذه السيرة في مخطوطة عمانية متعددة المحتويات ‪ ،‬والمعتقد أنها جزء‬
‫من (( تاريخ البسياني )) أو (( السيرة الكبيرة )) له ( انظر السالمي ‪ ،‬اللمعة ‪ . ) 84 ،‬وهنالك‬
‫نسخة مصورة لهذه المخطوطة العمانية أعطيت لي من قبل صديق عماني ‪ ،‬هي في حوزة مكتبة‬
‫معهد الدراسات الشرقية في كمبريدج ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬هنالك نسخة كاملة لهذه السيرة في القلهاتي ‪ ،‬الكشف والبيان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 160‬أ ‪ 195 -‬ب‬
‫؛ المخطوطة العمانية ذات المحتويات المختلطة ‪ 161 - 125‬؛ وهنالك مخطوطة عمانية مختلطة‬
‫المحتويات تتضمن سيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬وسيرة منير بن النير الجعلني ‪ ،‬وسيرة‬
‫شبيب بن عطية العماني ‪ ( .‬أعطيت هذه المخطوطة لي من قبل صديق عماني ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬استعمل مخطوطة هذه السيرة التي أرسلها لي صديق عماني ‪ .‬وهي تحتل أول سبعين‬
‫صفحة من مخطوطة مختلفة المحتويات [ انظر الن ‪ :‬السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان ‪،‬‬
‫تحقيق سيدة إسماعيل كاشف ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1986 ،‬ص ‪ ] 15 - 86‬؛ وفي سيرة أبي قحطان انظر‬
‫ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء وموتهم ‪. 35 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬حول نصوص خطب أبي حمزة وعبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬انظر ‪ :‬الصفهاني ‪،‬‬
‫الغاني ؛ = الجاحظ ‪ ،‬البيان والتبيين ؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪ .‬وانظر ما يلي (‬
‫‪ ، 53‬ملحوظة ‪.) 115‬‬
‫( ‪ ) 12‬مختصر صفة أحداث عثمان ( قسم من مخطوطة عمانية ‪ ( . ) 176 - 161 ،‬انظر‬
‫أيضا البرادي ‪ ،‬جواهر ‪ 219 ،‬؛ موتيلنسكي ‪ ،‬مادة (( مصادر مزاب )) في ‪Bull. de‬‬
‫‪ ، Corresp. Afric 3‬ص ‪ 16‬؛ روبيناتشي ‪ "II K. Gawahir di al Barradi " ،‬في‬
‫‪ ، A.I.U.O.N; NS. 4‬روما ‪ - 1952 ،‬ولرسالة ابن إباض ‪ ،‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪- 161 ،‬‬
‫‪ 167‬؛ سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 201 - 195‬‬
‫( ‪ ) 13‬البرادي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 102 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 21‬وما بعدها‬
‫[ السير والجوابات ‪ . ] 107 - 106‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 202‬‬

‫( ‪)1/64‬‬
‫( ‪ ) 14‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 198‬اطلي ‪ ] 206 ،‬؛ البرادي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا‬
‫‪ ، 105 ،‬الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 72‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪. 23‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر السابق ‪ 25 ،‬وما يليه ؛ سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 202 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪ 204 - 203‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ، 29 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 17‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬مسائل أبي عبيدة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 25‬‬
‫( ‪ ) 18‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪. 141 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬سالم بن ذكوان ‪. 204 - 203 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬البرادي ؛ مصدر مذكور سابقا ‪ 147 - 146 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ 32‬؛ الطبري ‪،‬‬
‫تاريخ ‪ 166 - 165 / 5 ،‬؛ المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 978 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬أبو قحطان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 33 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 314 - 312 / 5 ،‬؛ المبرد الكامل ‪ 991 / 3 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪،‬‬
‫شرح نهج البلغة ‪ ،‬تحقيق هارون ‪ 84 / 5 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 213 - 206‬‬
‫( ‪ ) 23‬الجاحظ ‪ ،‬البيان والتبيين ‪ ،‬تحقيق هارون ( القاهرة ‪ 65 ، ) 1367 / 1948 ،‬؛ المبرد‬
‫الكامل ‪ 949 / 3 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 207 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 198 ،‬؛ البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 105 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير‬
‫‪. 72 ،‬‬
‫( ‪ ) 25‬الوارجلني ‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 150 ،‬ب ‪ ،‬وما يليه ؛‬
‫الجيطالي ‪ ،‬قواعد ؛ انظر القسم ‪ ، 2‬النص رقم ‪ 28 ، 1‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 76 ،‬؛ القطب ‪،‬‬
‫الذهب الخالص ظن تحقيق أبي إسحق ( القاهرة ‪ 48 ، ) 1343‬؛ شرح النيل ‪ ،‬تحقيق أبي‬
‫إسحق ‪ ،‬القاهرة ( ‪. 29 - 428 / 10 ، ) 1343‬‬
‫( ‪ ) 26‬أقوال قتادة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 189 ، 6‬؛ الوسياني ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 31‬‬
‫( ‪ ) 27‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 990 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬المصدر السابق ‪. 1004 ، 1001 ، 989 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 989 ، 985 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 992 / 3 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 85 / 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬المبرد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 984 / 3 ،‬‬

‫( ‪)1/65‬‬

‫( ‪ ) 32‬المصدر السابق ‪. 989 - 988 / 3 ،‬‬


‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪ 97 - 991 / 3 ،‬؛ الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 471 - 470 / 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬الرقيشي ‪ ،‬مصباح ‪ 38 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬مخطوطة ‪ ،‬قسم ‪، 88‬‬
‫الصفحة التي تتناول الموضوع ؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافعية ‪. 43‬‬
‫( ‪ ) 35‬البغطوري ‪ ،‬مقران بن محمد ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 36‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 204‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ [ 25 - 24 ،‬السير والجوابات ‪،‬‬
‫‪. ] 109‬‬
‫( ‪ ) 37‬انظر السابق ‪. 407 - 402 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 165 ،‬؛ ابن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 205 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪ 1040 - 1039 / 3 ،‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪98 - 397 / 11 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 40‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 221 - 220‬‬
‫( ‪ ) 41‬البرادي ‪ ،‬البحث الصادق والستكشاف ‪ 35 / 1 ،‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪،‬‬
‫‪ 13‬ب ‪ 14 -‬أ ‪ .‬وهنالك بحث تفصيلي لمسألة (( المارقة )) في سيرة شبيب بن عطية حيث‬
‫رفض تطبيق الحديث عن المارقة على مجموعة المحكمة ‪ ،‬كما غلب أن يفعل السنة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 42‬هنالك نصوص مختلفة لهذا الحديث مذكورة في مجموعات الحديث ‪ .‬ويرد النص‬
‫الباضي في مسند الربيع بن حبيب ‪ [ 15 ، 1 ،‬ط ‪ .‬دار الحكمة ‪ ، 1955‬رقم ‪ ] 36‬؛ انظر‬
‫أيضا ‪ = :‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ( القاهرة ‪ . 60 - 56 / 1 ) 1326 ،‬وترجمة هذا‬
‫الحديث هنا منقولة عن فنسنك ‪.‬‬
‫( ‪ ) 43‬السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 59 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 44‬السوفي ‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن خليفة ‪ :‬رسالة في بيان كل فرقة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ل ‪ .‬ت ‪.‬‬
‫‪. 61‬‬
‫( ‪ ) 45‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 204‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ 37‬؛ الكدمي ‪ ،‬كتاب الستقامة ‪،‬‬
‫‪ 35‬؛ عبارة (( خوارج الجور )) مستعملة في أماكن كثيرة من كتاب (( بيان الشرع )) لمحمد بن‬
‫إبراهيم الكندي ‪ ،‬مخطوطة ‪. 111‬‬
‫( ‪ ) 46‬انظر ما يلي ‪. 407 - 402 :‬‬
‫( ‪ ) 47‬النعام ‪ 121‬؛ انظر أيضا الوارجلني ‪ ،‬دليل ‪ 92 ،‬ب ‪.‬‬

‫( ‪)1/66‬‬

‫( ‪ ) 48‬عبارة ‪ Infidel - ingrate‬اقترحها علي الستاذ المشرف ر ‪ .‬ب ‪ .‬سرجنت للعبارة‬


‫العربية (( كافر كفر نعمة )) وهي تستخدم في الكتابات الباضية للمسلمين الذين يرتكبون آثاما‬
‫خطيرة ‪ .‬وقد استخدمت هذه العبارة لتمييزها عن كفار ( مفردها كافر ) وهي التي يمكن‬
‫استخدامها للمشركين كذلك ‪.‬‬
‫( ‪ ) 49‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 891 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 50‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 225 ، 204 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪. 38 ،‬‬
‫( ‪ ) 51‬هذا الحديث مذكور في معظم مجموعات الحديث ‪ .‬انظر أية ‪ .‬جيه ونسنك ‪:‬‬
‫‪ ، Conordance et indices de la Tradition Musulmane‬ليدن ‪. 67 ، 7 ، 1969 ،‬‬
‫( ‪ ) 52‬انظر ابن ذكوان ‪. 260 ، 227 ،‬‬
‫( ‪ ) 53‬الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ ، 186 / 1 ،‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ‪. 51 - 50 ،‬‬
‫( ‪ ) 54‬المصدر نفسه ‪ :‬انظر شرح نافع لهذه القضايا في رسالته إلى نجدة في المبرد ‪ ،‬الكامل ‪،‬‬
‫‪ 37 - 1035 / 3‬؛ وابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ .‬وللمزيد من التفاصيل عن آراء الزارقة‬
‫ومجموعات الخوارج الخرى ‪ ،‬انظر ايلي أديب سالم ‪ :‬النظرية السياسية والمؤسسات عند‬
‫الخوارج ‪ ،‬بلتيمور ‪ . 1956 ،‬ومع أن المؤلف قدم في عمله هذا دراسة مفيدة للخوارج بوجه عام‬
‫‪ ،‬فإن الراء المعروضة عن المذهب الباضي غير مرضية ‪ ،‬كما أن الدبيات الباضية لم‬
‫تستخدم حق الستخدام ‪ .‬أنظر أيضا عن آراء الزارقة والخوارج الخرين ‪ :‬وات ‪ :‬الفلسفة‬
‫والفقه السلميان ‪ ،‬ادنبره ‪ 10 ، 1967 /‬وما يليها‪.‬‬
‫( ‪ ) 55‬أنظر ما يلي ‪. 72 - 70‬‬
‫( ‪ ) 56‬البغدادي ‪ ،‬الفرق ‪ 54 ، 52 ،‬؛ الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ 163 / 1 ،‬وما يليها ‪.‬‬

‫( ‪)1/67‬‬

‫( ‪ ) 57‬هنالك على سبيل المثال ‪ ،‬حروب الباضية في عمان على شيبان ‪ ،‬زعيم الصفريين ‪.‬‬
‫السالمي ‪ ،‬النفحة ‪ 77 / 1 ،‬؛ وحرب أبي الخطاب عبد العلى الباضي إمام أفريقية الشمالية ‪،‬‬
‫ضد الصفريين في ورفجومة في القيروان ‪ ،‬ابن عذاري ‪ ،‬البيان ‪ 82 ،‬؛ ابن = خلدون ‪ ،‬تاريخ ‪4‬‬
‫‪ 191 /‬؛ النويري ‪ ،‬نهاية الرب ‪ 44 ،‬؛ وقد جرت الحربان لسباب دينية ‪.‬‬
‫تابع بقية الموضوع >>>>>>‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/68‬‬

‫تابع آراء الباضية في الخوارج‬


‫استهل سالم بن ذكوان سيرته بعرض مفصل لسير السلم من بداية الوحي حتى وقت قبول علي‬
‫بن أبي طالب الخليفة الرابع ‪ ،‬بالتحكيم ‪ ،‬ثم رفضه المحكمة وراحوا يقيمون حكم ال على الرض‬
‫بطريقتهم الخاصة ‪ ،‬يضحون بأرواحهم في سبيل قضيتهم ‪ .‬لقد قدم ابن ذكوان العرض التالي عن‬
‫المحكمة وخلفائهم ‪ ،‬ووصف سيرتهم كما يلي ‪ (( :‬ثم تتابعت على ذلك خوارج المسلمين يحكمون‬
‫ال وحده ويرضون سبيل من مضى قبلهم من المسلمين ‪ ،‬ل يقتلون ذرية قومهم ‪ ،‬ول يستحلون‬
‫فروج نسائهم ‪ ،‬ول يستعرضونهم ول يخمسون أموالهم ‪ ،‬ول يقطعون الميراث منهم ‪ ،‬ويؤدون‬
‫المانة إليهم وإلى غيرهم ‪ ،‬ويوفون بعهودهم ‪ ،‬ومن غيرهم ‪ ،‬ويأمن عندهم الكاف والمعتزل من‬
‫قومهم ‪ ،‬من غير أن يكونوا يشكون في ضللتهم ول تخاذلهم بين الحق والباطل منزلة ‪ ،‬وليس‬
‫بعد الحق إل الضلل ‪ .‬ويصلون الرحم ‪ ،‬ويعرفون حق الجار والصاحب واليتيم وابن السبيل وما‬
‫ملكت أيمانهم ‪ ،‬ويتولى ماضيهم وقاعدهم لماضيهم الفضيلة التي أعطاه ال ‪ ،‬ويتحابون بحب ال‬
‫يتولى بعضهم بعضا ابتغاء مرضاة ال ويواسي غنيهم فقيرهم ابتغاء وجه ال والدار الخرة ‪ .‬وإذا‬
‫مضت طائفة تركوا لمن خلفهم من أوليائهم على عدوهم الحجة الثابتة عند ذوي العقول والعلم‬
‫بأمر ال )) ( ‪. ) 1‬‬

‫( ‪)1/69‬‬

‫بعد ذلك راح ابن ذكوان يشرح موقف الزارقة كما يلي ‪ (( :‬ثم خرج من بعدهم ابن الزرق‬
‫وأصحابه ‪ ،‬فمكثوا ما شاء ال يسيرون بسيرة من كان قبلهم من الخوارج ‪ ،‬ثم إنهم حرمهم شنآن‬
‫قوم أن أنزلوهم بمنازل عبدة الوثان ‪ ،‬فقطعوا الميراث منهم وحرموا مناكحتهم ‪ ،‬وقد ناكحهم من‬
‫يتولون ووارثهم ‪ ،‬فإن يكن ذلك هدى وعمل به من يتولون فقد خالفوهم فيه ودانوا اليوم بالبراءة‬
‫ممن عمل به ‪ ،‬وإن يكون ذلك ضللة ضلوا بتوليهم من عمل به ‪ ،‬واستحوا سبي قوم واستنكاح‬
‫نسائهم وخمس أموالهم وقتل ذراريهم واستعراضهم ‪ ،‬ولك يكن من يتولون يستحلون شيئا من ذلك‬
‫من قومهم ‪ ،‬فإن يكن الذي عمل به من يتولون من قومهم هدى ‪ ،‬فقد خالفوهم عليه وأبوا أن‬
‫يجيروا من استجارهم من قومهم حتى يسمع كلم ال ‪ ،‬وهم يشهدون أنهم بمنزل عبدة الوثان ‪.‬‬
‫وقال ال لنبيه (‪ ( : )2‬وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ثم أبلغه مأمنه‬
‫)(‪.)3‬‬
‫وجعلوا للقوم محبة ‪ ،‬وأبوا أن يقبلوا ممن أتاهم إقامة الصلة وإيتاء الزكاة وإقرارهم بحكمهم ‪،‬‬
‫وهم يزعمون أنه حكم ال ‪ ...‬ويرثون من كل أعرابي وإن كان يتولهم ويسأل ال أن يرزقهم‬
‫مثل الذي رزقهم من جهاد أعدائه ‪.‬‬
‫وقد قال ال ‪ ( :‬ومن العراب من يؤمن بال واليوم الخر ويتخذ ما ينفق قربات عند ال‬
‫وصلوات الرسول أل إنها قربة لهم ‪ ،‬سيدخلهم ال في رحمته إن ال غفور رحيم ) ( ‪. ) 4‬‬
‫(( وكفروا قعدتهم واستحلوا دمائهم وأموالهم وحرموا وليتهم والستغفار لهم وقد علموا ذلك منهم‬
‫‪ ،‬فإن يكن ذلك هدى عمل به من يتولون فقد خالفوهم فيه وكفروا من يتولى اليوم عليه ‪ ،‬وإن يكن‬
‫من يتولون تولى كافرا فقد كفروا ‪ ،‬وكفروا هم بوليتهم إياهم على تولي الكفار ‪ ،‬فزعموا أنما‬
‫يكفرون فعذبهم بكفرهم إياهم دونهم وقد أمر ال أن يتوبوا )) ( ‪. ) 5‬‬

‫( ‪)1/70‬‬

‫وبعد ذلك يتابع ابن ذكوان مناقشة رأي الزارقة بخصوص (( التقية )) كما يلي ‪ :‬فقد مكث مؤمن‬
‫آل فرعون ( ‪ ) 6‬ما شاء ال أن يمكث كاتما إيمانه فلم يرده ال عليه بكتمانه إياه ‪،‬‬
‫وقد قال ال ‪ ( :‬ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من ال‬
‫في شيء إل أن تتقوا منهم تقاة ) ‪ ( .‬آل عمران ‪ ، ) 28 :‬فحرض ال المؤمنين في التقية ‪،‬‬
‫وكيف يتقي المؤمنون الكفار إل بأن يظهروا لهم ما يحبون ويكتمون دينهم مع أنهم إذا خرجوا‬
‫( الزارقة ) كانوا أكتم ما كانوا قط لدينهم ‪ ،‬وذلك أن الرجل يأتيهم فيقول ‪ :‬اعرضوا علي‬
‫دينكم ‪ ،‬فيقولون ‪ (( :‬ل ‪ ،‬إنا إذا فعلنا كنا من الكافرين ‪ ،‬ولكن أخبرنا أنت به ‪ .‬فإن أخطأ في‬
‫شيء مما في أنفسهم قتلوه ‪ .‬وغيرها من المعاصي ليس كلها تحصى ‪ ،‬من استحلل أكل المانات‬
‫التي أمر ال بالوفاء بها ‪ ،‬وأوفى بها المؤمنون ‪ ،‬ويشهدون أن النفاق قد رفع ‪ ،‬وأن أحدا ل‬
‫يستطيع أن يكون منافقا ‪ ،‬ويشهدون أن ال يغفر للزاني والسارق إذا كان فيهم ‪) 7 ( )) ..‬‬
‫بعد ذلك واصل ابن ذكوان عرض آراء نجدة وأنصاره ‪ ،‬مبينا عقائدهم الزائفة ومنها ‪:‬‬
‫[‪]COLOR=Green‬أ‪ -‬اعتبار من خالفهم من المسلمين كفارا ‪ ،‬إل أنهم سمحوا في الوقت ذاته‬
‫بالزواج من نسائهم وبأكل ذبائحهم ‪ .‬كذلك منعوا أخذ الجزية منهم للحماية ‪ ،‬وقاموا بواجبات‬
‫خصومهم المسلمين نحو أهل الذمة ‪ ،‬مع أنهم اعتبروا خصومهم المسلمين مشركين ‪.‬‬
‫ب‪ -‬رأوا أن عليهم أن يهاجروا من بلد خصومهم المسلمين كما هاجر الرسول من مكة ‪.‬‬

‫( ‪)1/71‬‬

‫بعد ذلك أوضح أن نجدة واجه معارضة من قبل داود وأنصاره ‪ ،‬وعطية وأنصاره ‪ ،‬وأبي فديك‬
‫وأنصاره ‪ .‬إذ كانوا يختلفون معه بخصوص مسائل معينة زعموا أنه انحرف فيها ‪ (( :‬ثم فارقه‬
‫داود وأصحابه وعطية وأصحابه وأبو فديك وأصحابه في أمور نقموها عليه وزعموا أنه قد ضل‬
‫بها ‪ ،‬وليس الذي فارقوه فيه بأكثر من الذي جامعوه عليه من سبي أهل القبلة وقتل ذراريهم‬
‫واستنكاح نسائهم وخمس أموالهم واستعراضهم وقطع الميراث منهم ‪ ،‬فكلهم بحمد ال ضال تارك‬
‫للحق متبع لهواه بغير هدى من ال ‪ .‬وهم في ذلك معترفون فيما بينهم )) ( ‪ . ) 8‬ثم أشار إلى‬
‫عقائد أخرى خاطئة تميز أولئك الخوارج ‪ .‬نافع ‪ ،‬داود ‪ ،‬عطية ‪ ،‬أبا فديك وأنصارهم ( ‪. ) 9‬‬
‫وهناك شروح مماثلة لعقائد الخوارج وردت في مصادر إباضية أخرى مرفقة بحجة قوية‬
‫ضدهم ‪ ،‬مبينة على القرآن والسنة ‪ ،‬ومثال المسلمين الوائل والمحكمة القدماء ( ‪ . ) 10‬وإلى‬
‫جانب رفض آراء الخوارج المتطرفين ‪ ،‬فقد جعل الئمة الباضية الوائل سياستهم شديدة‬
‫الوضوح حول هذه القضايا ‪ .‬وحين استشار عبد ال يحيى الكندي قادة الباضية في البصرة بشأن‬
‫النتفاضة ‪ ،‬كتب أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة المام الثاني للجماعة الباضية في البصرة ‪،‬‬
‫وزملءه ‪ ،‬ويقولون له ‪ (( :‬إذا خرجتم فل تغلوا ول تغدروا واقتدوا بسلفكم الصالحين ‪ ،‬وسيروا‬
‫سيرتهم ‪ ،‬فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العيب لعمالهم )) ( ‪. ) 11‬‬
‫وقد عبر عبد ال بن إباض بشكل موجز عن موقف الباضية تجاه علقاتهم ببقية المة السلمية‬
‫بقوله الشهير ‪ (( :‬ل نقول فيمن خالفنا إنه مشرك لن معهم التوحيد والقرار بالكتاب والرسول ‪،‬‬
‫وإنما هم كفار بالنعم ومواريثهم ومناكيحهم والقامة معهم حل ‪ ،‬ودعوة السلم تجمعهم )) (‬
‫‪ . ) 12‬ثم إن هذا القول أكدته وكررته المراجع الباضية ‪ ،‬التالية المعاصرة ‪ ،‬واللحقة ‪ ،‬أمثال‬
‫سالم بن ذكوان ‪ ،‬وعبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬وأبي حمزة المختار بن عوف ‪.‬‬

‫( ‪)1/72‬‬

‫وكتب عبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬أول إمام إباضي في حضرموت واليمن في رسالته التفويضية‬
‫إلى حاكمة عبد الرحمن بن محمد ‪ :‬قول عبد ال بن يحيى طالب الحق لعبد الرحمن بن محمد ‪:‬‬
‫(( إننا ل نقطع الطريق على الناس ونقتلهم لمجرد رؤيتهم من غير أن ندعوهم أول إلى إدراك‬
‫الحقيقة ‪ ،‬إننا ندعوهم إلى الحقيقة ‪ .‬إن ذلك الذي يقبل بها يتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها‬
‫المسلمون ( الباضية ) وهو خاضع لجميع التزاماتهم ‪ .‬أما ذاك الذي ينكر الحقيقة ويقاتلنا فنقاتله‬
‫ونسأل ال أن يؤيدنا ضده )) ( ‪. ) 13‬‬
‫مثل هذا الموقف ‪ ،‬أي دعوة الناس وإعطائهم الفرصة لفهم آراء الباضية ‪ ،‬وانتظارهم لتقرير‬
‫موقفهم أول ‪ ،‬طالما كرره الباضية ‪ .‬وطالما أوضحوا باستمرار أنهم سيقاتلون خصومهم فقط ‪،‬‬
‫عندما يهاجمهم هؤلء أول ‪ .‬والمثلة العملية على هذا الموقف الباضي تظهر باستمرار خلل‬
‫تاريخهم ف يحين أن سياسة قتل الخصوم بدون النذار المسبق ‪ -‬وهي المعروفة بالستعراض ‪-‬‬
‫كانت العلمة المميزة للزارقة في كل الزمنة ‪ .‬تلك كانت إحدى القضايا الرئيسة التي جعلت‬
‫الباضية يقاومون الزارقة وسواهم من الخوارج المتطرفين ‪ ،‬بالضافة إلى مقاومة المواقف‬
‫الخرى المتطرفة الناشئة عن النظر إلى خصومهم المسلمين كمشركين ‪ .‬والموقف الباضي من‬
‫هذه القضايا عبر عنه بصور مختلفة عبد ال بن يحيى ‪ ،‬وأبو حمزة وسالم بن ذكوان ‪ .‬وكتب عبد‬
‫ال بن يحيى يقول ‪ .... (( :‬هذه سيرتنا ‪ ،‬نحن ل نروع المسالمين أو نكمن لهم ‪ ،‬نحن ل نعاقب‬
‫البرياء عن المجرمين ‪ ،‬ول الطيبين عن الشرار ‪ ،‬ول المرأة عن الرجل ‪ ،‬ول الصغير عن‬
‫الكبير ‪ ،‬نحن ل نقتل الناس لمجرد الرؤية بدون دعوتهم إلى الحقيقة أول وإيضاحها لهم )) (‬
‫‪. ) 14‬‬

‫( ‪)1/73‬‬

‫وفي الرسالة نفسها كتب ‪ :‬قول عبد ال بن يحيى ‪ ،‬طالب الحق ‪ ... (( :‬إن من يقاتلنا نقاتله ‪،‬‬
‫ونبحث في ممتلكاته لنرد إلى أصحابها تلك الحقوق التي استولى عليها ‪ ،‬ونعيد إليه ما هو حق له‬
‫من غير أن يكون قد أذى بسببها أي إنسان آخر ‪ ،‬ونسلمها إلى أبنائه وورثتهم ‪ ،‬ل غنيمة ول‬
‫أسى يمكن أن تؤخذ من أهل القبلة ( المسلمين ) لنهم ليسوا بالمشركين الذين تنهب أموالهم‬
‫وتؤسر نساؤهم وأبناؤهم ‪ .‬على أن أهل القبلة فئتان إحداهما تمتثل لما هو حق ‪ ،‬وتتمسك به‬
‫والثانية تفعل الجور وتصر عليه )) ( ‪. ) 15‬‬
‫وقال أبو حمزة المختار بن عوف ‪ ،‬أحد الباضية البارزين في البصرة ‪ ،‬والزعيم الهم في‬
‫حروب عبد ال بن يحيى الكندي ‪ (( :‬أيها الناس ‪ ،‬إنا نخيركم في ثلث خلل ‪ ،‬أيما شئتم فخذوا‬
‫لنفسكم ‪ .‬رحم ال امرأ أخذ الخيار لنفسه ‪ .‬إما قائل بقولنا ودائن بالذي قلناه ‪ ،‬حملته نيته على أن‬
‫يجاهد معنا بنفسه ‪ ،‬فيكون للمجاهد منا ومن قسم هذا الفيء ما له ‪ ،‬وعارف بهذا المر مقيم ف‬
‫يداره يدعو إليه بقلبه ولسانه ‪ ،‬فعسى أن يكون أحسن منزلة منا ‪ ،‬وثالث كره قولنا فليخرج آمنا‬
‫على أهله وماله ‪ ،‬ويكف عناده ولسانه ‪ ،‬فإن ظفرنا ولم يعرض نفسه لم نفسك دمه ‪ ،‬وإن نحن‬
‫قتلنا كان قد كفي مؤنتنا ‪ ،‬وعسى أن ل يعمر في كفره إل قليل )) ( ‪. ) 16‬‬

‫( ‪)1/74‬‬

‫والعرض القدم والكثر تفصيل لسياسات الباضية نحو هذه القضايا ‪ ،‬وهي سياسات خرقها‬
‫متطرفة الخوارج ‪ ،‬ويرد في سيرة سالم بن ذكوان ‪ ،‬ومنها المقتطفات التالية ‪ (( :‬نرى حق‬
‫الوالدين وحق ذي القربى وحق اليتامى وحق المساكين وحق أبناء السبيل وحق الصاحب وحق‬
‫الجار وحق ما ملكت أيماننا علينا حقا ‪ ،‬أبرارا كانوا أم فجارا ‪ .‬ونؤدي المانة إلى من استأمننا‬
‫عليها من الناس كلهم من قومنا أو غيرهم ن ونوفي بعهود قومنا من أهل الذمة ‪ ،‬ونرد على أهل‬
‫الذمة إن استطعنا الذي يأخذونهم به من الظلم من قومنا أو من غيرهم ‪ ،‬ونجير من استجارنا من‬
‫قومنا ومن أن نكون نشك في ضللتهم ولتخاذهم بين الحق والباطل منزلة ‪ ( :‬فماذا بعد الحق إل‬
‫الضلل ) ( ‪ . ) 17‬فإذا أخلى إليهم المر دعوناهم إلى كتاب ال معرفة الحق وموالة أهله‬
‫ومفارقة الباطل ومعاداة أهله ‪ ،‬فمن عرف منهم الحق وأقر به وتولنا عليه توليناه وحرمنا دمه ‪،‬‬
‫وإن ينفر معنا ‪ ،‬ومن أنكر حق ال منهم واستحب العمى على الهدى ومفارقة المسلمين على‬
‫مجامعتهم فارقناه وقاتلناه حتى يفيء إلى أمر ال أو يهلك على ضللته ‪ ،‬من غير أن يكون نراهم‬
‫نزلوا منازل عبدة الوثان ‪ ،‬فنستحل سباهم وقتل ذراريهم وخمس أموالهم وقطع الميراث منهم ‪.‬‬
‫ول نرى الفتك بقومنا وقتلهم في السر وإن كانوا ضلل ما دمنا بين ظهرانيهم نظهر لهم الرضى‬
‫بالذي هم عليه ‪ ،‬وذلك أن ال لم يأمر به في كتابه ‪ ،‬ول نعلم أحدا ممن مضى من أولياء ال في‬
‫المم الماضية استحل شيئا من ذلك ‪ ،‬وهو بمثل منزلتنا فقتدى بسنتهم في ذلك ‪ ،‬ولم يفعله أحد من‬
‫المسلمين ممن كانوا بمكة بأحد من المشركين فنفعله نحن بأهل القبلة ‪.‬‬
‫وقد أمر ال نبيه أن ينبذ إلى من خاف منه خيانة فقال ‪ ( :‬وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم‬
‫على سواء إن ال ل يحب الخائنين ) ( ‪. ) 18‬‬

‫( ‪)1/75‬‬

‫ويكره أن يتكلف أحد من المسلمين مع ملوك قومه ما كانوا على ضللتهم ‪ ،‬وذلك أن الرجل‬
‫المسلم إذا هو غزا معهم ‪ ...‬فإنما يصير المقاتل معهم على أحد منزلتين ‪ :‬إما على وليتهم‬
‫ورضى بأمرهم ‪ ،‬وإما نصرهم وتسديد سلطانهم ‪.‬‬
‫ونرى مناكحة قومنا وموارثتهم ل تحرم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا ‪ ،‬لن المسلمين قد كانوا‬
‫يناكحون المنافقين ويوارثوهم وهم يعلمون ويظهر منهم من المعاصي أكثر ما يظهر اليوم من‬
‫كثير من قومنا ‪.‬‬
‫ول نرى أن نقذف أحدا ممن يستقبل قبلتنا ‪ ،‬ثم ل علم لنا به ‪ ،‬فإن كثيرا من الخوارج يستحلون‬
‫في دينهم قذف من يعلمون أنه بريء من الزنا من قومهم بفراقهم ‪ ،‬زعموا إياه ولعلهم ل يكونوا‬
‫كلموه قط ‪ ،‬ول أخبرهم أحد ممن يتولون أنه كلمه ول يدرون على ما هو ‪ .‬قال ال تعالى ‪ ( :‬إن‬
‫ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) ( النحل ‪ . ) 125 :‬وقال له ‪ ( :‬قل هذه‬
‫سبيلي أدعو إلى ال على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان ال وما أنا من المشركين ) ( يوسف ‪:‬‬
‫‪ . ) 108‬وقال ‪ ( :‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‬
‫وأولئك هم المفلحون ) ( آل عمران ‪ ، ) 104 :‬ثم قال ‪ ( :‬ومن أحسن قول ممن دعا إلى ال‬
‫وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) ( فصلت ‪. ) 33 :‬‬
‫ول نرى قتل صغير من أهل قبلتنا ل ذنب له ولم يعمل مما اختلف فيه ممن يستقبل القبلة بينهم‬
‫بذنب آخر كبير قد غفل عما أمر ال وعلم المر الذي اختلف الناس فيه ثم جهل بعد العلم وعمي‬
‫بعد البينة ‪ ،‬وإنما ذرية من يستقبل القبلة اليوم في ذلك بمنزلتهم ‪ ،‬ولو كان عليهم إمام هدى يحكم‬
‫عليهم بطاعة ال ففارقه بعض آبائهم ‪.‬‬
‫ول نرى أن يستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب ال وسنة نبيه حتى يطلقها زوجها أو يتوفى‬
‫عنها ثم تعتد عدة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها ‪.‬‬
‫( ‪)1/76‬‬

‫ونبرأ ممن ظهر لنا منه عمل هو ل معصية منه أو وعد ال عليه العذاب وأمر بفراق من عمل‬
‫بذلك العمل والبراءة منه أو يتولى عليه حتى ينزع ويحدث منه توبة ( ‪. ) 18‬‬
‫(( ول نرى أن يتولى أحدا من الناس أحد إل أظهر لنا منه معرفة حق ال وعمل بطاعة ال‬
‫وموالة لوليائه ومفارقة لعدائه )) ‪.‬‬
‫ول نرى انتحال الهجرة من دار قومنا كهجرة النبي ( صلى ال عليه وسلم ) وأصحابه من دار‬
‫قومهم ‪ .‬ولكن يخرج منا مجاهدا في سبيل ال على طاعته ‪ ،‬فإن هو رجع إلى دار قومه توليناه‬
‫إذا كان عرافا لحق ال مقرا به في نفسه وماله ‪.‬‬
‫ونرى أن نتولى المرأة والمملوك على الخروج إذا ما نحن علمنا منهما قبل الخروج الرضا بالحق‬
‫والمعرفة له والموالة عليه ‪ ،‬ولم يخرجهما إل الرغبة في السلم والثرة على ما سواه ‪ ،‬لن ال‬
‫يقول ‪ ( :‬والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‬
‫ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيرحمهم ال إن ال عزيز حكيم ) (‬
‫التوبة ‪. ) 71 :‬‬
‫ول نرى النفر من المسلمين أن يبايعوا إمامهم إل على الجهاد في سبيل ال والطاعة بالمعروف‬
‫حتى يهلكوا على ذلك أو يظهروا على عدوهم ‪ ،‬فيولوا المر أفضالهم وفقهائهم ‪.‬‬
‫ونتولى ماضينا وقاعدنا ‪ ،‬ويعرف قاعدنا لماضينا الفضيلة التي أعطاه ال ( ‪. ) 19‬‬
‫إن هذه المسائل التي ناقشها سالم بن ذكوان ‪ ،‬لم تعرض فقط وجهات نظر الباضية بخصوص‬
‫القضايا التي تناولها ‪ ،‬بل عرضت أيضا رفضا قويا لجميع وجهات نظر الخوارج بشأن هذه‬
‫القضايا ‪.‬‬
‫وواضح من هذه المناقشات والمقتطفات من الدبيات الباضية القديمة أنه يكاد ل يوجد أي اتفاق‬
‫بين الباضية والخوارج على أية مسألة ‪ .‬والواقع أن الباضية اختلفوا مع الخوارج في جميع‬
‫معتقداتهم وعارضوهم نظريا وممارسة ‪ ،‬والمسألة الوحيدة التي يشتركون فيها مع الخوارج هي‬
‫رأيهم في المحكمة ‪.‬‬

‫( ‪)1/77‬‬

‫بعد مناقشة الرأي الباضي في الخوارج وحركتهم ‪ ،‬لعله من الهمية بمكان أن نذكر بإيجاز رأيهم‬
‫في المويين المعاصرين والشيعة ‪ ,‬فقد عبر أبو حمزة المختار بن عوف في خطبته في المدينة‬
‫بوضوح عن رأي الباضية في المويين وفي الشيعة معا ‪ .‬وبعد أن تكلم عن أعمال الخلفاء‬
‫المويين واحدا فواحدا ‪ ،‬بدءا بمعاوية وانتهاء بيزيد بن عبد الملك ‪ ،‬تكلم أبو حمزة عن حكم‬
‫سللة بني أمية عموما في العبارات التالية ‪:‬‬
‫(( وأما بنو أمية ففرقة الضللة ‪ ،‬بطشهم بطش جبرية ‪ ،‬يأخذون بالظنة ‪ ،‬ويقضون بالهوى ‪،‬‬
‫ويقتلون على الغضب ‪ ،‬ويحكمون بالشفاعة ‪ ،‬ويأخذون الفريضة من غير موضعها ‪ ،‬ويضعونها‬
‫في غير أهلها ‪ ،‬وقد بين ال أهلها فجعلهم ثمانية أصناف فقال إنما الصدقات للفقراء والمساكين‬
‫والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل ال وابن السبيل ( التوبة ‪60 :‬‬
‫) ‪ ،‬فأقبل صنف تاسع ليس منها فأخذها كلها ‪ ،‬تلكم الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل ال )) ‪.‬‬
‫وبخصوص الشيعة قال أبو حمزة ‪ (( :‬وأما هذه الشيع فشيع ظاهرت بكتاب ال ‪ ،‬وأعلنت الفرية‬
‫على ال ‪ ،‬لم يفارقوا الناس ببصر نافذ في الدين ول بعلم نافذ في القرآن ‪ ،‬وينقمون المعصية على‬
‫أهلها ويعملون إذا ولوا بها ‪ ،‬يصرون على الفتنة ول يعرفون المخرج منها ‪ ،‬جفاة عن القرآن ‪،‬‬
‫أتباع كهان ‪ ،‬ويؤملون الدول في بعث الموتى ‪ ،‬ويعتقدون الرجعة إلى الدنيا ‪ ،‬قلدوا دينهم رجل ل‬
‫ينظر لهم ‪ ،‬قاتلهم ال أنى يؤفكون )) ( ‪. ) 20‬‬
‫وفي هذه الخطبة تكلم أبو حمزة أيضا عن فئة عن الباضية ‪ ،‬وقضيتهم ودوافعهم ‪ .‬وجه أبو‬
‫حمزة كلمه إلى أهل المدينة ‪ ،‬قائل ‪ (( :‬ندعوكم إلى كتاب ال ‪ ،‬وسنة نبيه ‪ ،‬والقسم بالسوية ‪،‬‬
‫والعدل في الرعية ‪ ،‬ووضع الخماس مواضعها التي أمر ال بها )) ‪ .‬ثم راح يصف فئته‬
‫وأهدافها ودوافعها ‪ ،‬وأسبابها للثورة )) ( ‪. ) 21‬‬

‫( ‪)1/78‬‬

‫وعلى أي حال ‪ (( ،‬ل يمكن الشك )) كما قال مكدونالد ‪ (( :‬بأن هؤلء الرجال كانوا الممثلين‬
‫الحقيقيين للسلم السالف ‪ .‬لقد ادعوا لنفسهم أنهم يرثون أبا بكر وعمر ؛ ولقد كانوا في ادعائهم‬
‫على حق ‪ .‬لقد جرى تحويل السلم إلى دنيوي ؛ الطمع الدنيوي ‪ ،‬والنزاع الخوي ‪ ،‬والترف ‪،‬‬
‫والخطيئة دمرت رابطة الخاء القديمة ‪ .‬ولذلك انسحبوا جانبا ومضوا في سبيلهم ‪ ،‬وهي السبيل‬
‫التي ل يزال المتحدرون منهم ينهجونها في عمان ‪ ،‬وإفريقية الشرقية ‪ ،‬وفي الجزائر )) ( ‪. ) 22‬‬
‫ولعله يجب علينا أن نذكر أن الستاذ مكدونالد لم يكن ‪ ،‬حين كتب هذا الكلم ‪ ،‬يملك تمييزا‬
‫واضحا بين الباضية والخوارج ‪ ،‬على أنه واضح أن وصفه ل يمكن أن يكون صحيحا إل إذا‬
‫طبق على الباضية ‪.‬‬
‫================================‬
‫( ‪ ) 1‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 204 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 205 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬سورة التوبة ‪. 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬سورة التوبة ‪. 99 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬انظر سورة آل عمران ن ‪ 28‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪. 210 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬المصدر السابق ‪. 211 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 17‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 13 ،‬ب ‪ 14 -‬أ ؛ العدل‬
‫والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 310 / 11‬وما يليها ؛ القلهاتي ‪ ،‬الكشف ‪ 197 ،‬أ ‪ 204 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ 112 / 13 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬قسم ‪، 88‬‬
‫الصفحة التي تتعلق بالموضوع ‪.‬‬
‫( ‪ ) 12‬ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ 261 / 1 ،‬؛ المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 1041 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬جميل بن خميس ‪ ،‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 14‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 120‬المصدر نقسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬سورة يونس ‪. 32 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬سورة النفال ‪. 58 ،‬‬
‫( ‪ ) 18‬المصدر نفسه ‪. 223‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪. 224‬‬
‫( ‪ ) 20‬وليمز ‪ ،‬جون ألدن ‪ ،‬السلم ‪ ،‬نيويورك ‪. 218 ، 1961 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬المصدر السابق ‪. 219 - 218 ،‬‬

‫( ‪)1/79‬‬

‫( ‪ ) 22‬المصدر السابق ‪ 216‬؛ وللنصوص المختلفة والنصوص الكاملة لخطب أبي حمزة ‪ ،‬انظر‬
‫‪ :‬الجاحظ ‪ ،‬البيان ‪ 25 - 121 / 2‬؛ الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ 139 - 130 / 23 ،‬؛ ابن عبد‬
‫ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ 47 - 144 / 4 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح تهج البلغة ‪ 114 / 5 ،‬وما يليها‬
‫‪ .‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 55 - 251‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 46 - 45‬بتحقيق‬
‫شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 112 ،‬‬
‫‪---‬‬
‫( ‪)1/80‬‬

‫الفصل الثاني جابر بن زيد ‪ ،‬المام الول للمذهب الباضي‬


‫ينتسب أبو الشعثاء جابر بن زيد الزدي الجوفي إلى بني عمرو بن اليحمد ‪ ،‬أحد فروع قبيلة‬
‫الزد ؛ وهو من قرية (( فرق )) بين (( منح )) و (( نزوى )) في عمان ( ‪ ) 1‬حيث يرجح أنه‬
‫ولد ‪ ،‬ثم انتقل وعائلته للستقرار في درب الجوف بالبصرة ‪ ،‬وهو المكان الذي أخذ اسمه من‬
‫المنطقة التي كانت قبيلة جابر تقطنها في عمان ( ‪ ) 2‬؛ وقد ذكر ياقوت موقعا في عمان كان‬
‫يستوطنه جابر جاءت إلى البصرة بنو الزد معروفا بجوف الحميلة ( ‪ . ) 3‬ومن المحتمل أن‬
‫عائلة جابر جاءت إلى البصرة مع الجيش الذي جهزه عثمان بن أبي العاص لمحاربة الفرس ؛‬
‫وقد ضم هذا الجيش عددا كبيرا من الزد ‪ .‬وبناء على ما ذكره السالمي ‪ ،‬فإن الجيش ‪ ،‬بعد أن‬
‫هزم الفرس وقتل قائدهم (( شاه رك )) أو ابن الحمراء ‪ ،‬توجه نحو فارس واستقر في (( تواج ))‬
‫ثم انتقل إلى البصرة في أثناء حكم عبد ال بن عامر ‪ ،‬حاكم البصرة من قبل عثمان بن عفان ( ‪4‬‬
‫) ‪ .‬ويقال إن الرجل الذي قتل القائد الفارسي هو جابر بن حديد اليحمدي ( ‪ ، ) 5‬من عائلة جابر‬
‫بن زيد نفسها مما يشير إلى أن أفراد عائلة جابر بن زيد كانوا في عداد ذلك الجيش ‪ ،‬ثم استقروا‬
‫في البصرة في خلفة عثمان ‪ .‬ويشير السالمي إلى أن جابر ولد في (( فرق )) في عمان ‪ ،‬ثم قدم‬
‫إلى البصرة طلبا للعلم ( ‪ ، ) 6‬غير أنه يمكن رفض هذا الرأي لن جابرا ‪ ،‬لو كان جاء إلى‬
‫البصرة لمجرد طلب العلم ‪ ،‬لكان عاد إلى عمان بعد ذلك إلى عائلته ‪ ،‬إل أنه عاش في البصرة‬
‫طوال حياته ‪ .‬ويذكر لمولد جابر تاريخان ‪ 18 :‬هـ ‪ 639 /‬م ( ‪ . ) 7‬وهنالك مصادر تذكر أن‬
‫جابرا كان في المدينة في اليوم الذي بويع فيه للخليفة الول أبي بكر (‪ . ) 8‬على أنه ل معلومات‬
‫لدينا عن طفولة جابر ول عن حياته في سنواته الولى ؛ ثم إننا ل نعرف شيئا عن والديه ‪ .‬لذلك‬
‫ينبغي علينا أن نصرف جهدنا‬

‫( ‪)1/81‬‬

‫في هذه الدراسة لمناقشة تعلمه وثقافته ‪.‬‬


‫لم تكن الدراسات السلمية قد نشأت وترسخت ف يزمن جابر ؛ فإلى جانب القراءة والكتابة ‪،‬‬
‫هنالك القرآن الذي يجب حفظه غيبا من قبل الطلبة ‪ ،‬وأحاديث الرسول ‪ ،‬والفتاوى ‪ ،‬أو الراء‬
‫الشرعية التي كان قد أصدرها الخلفاء الولون والصحابة البارزون ‪ .‬أما الشيوخ الذين كان يمكن‬
‫الحصول منهم على هذه المعرفة بالسلم فهم صحابة الرسول ‪ .‬ومن حسن حظ جابر أنه عاصر‬
‫عددا كبيرا من الصحابة الولين ‪ ،‬فالتقى سبعين من الصحابة الذين حضروا معركة بدر الكبرى ‪،‬‬
‫وحفظ عنهم جميع الخبار والحاديث التي كانوا يعرفونها ( ‪ . ) 9‬كذلك التقى بعائشة ‪ ،‬زوج‬
‫الرسول المفضلة ‪ ،‬وسألها عن حياة الرسول الخاصة ( ‪ ، ) 10‬وناقش معها مشاكل المة‬
‫السلمية السياسية التي لعبت فيها دورا رئيسا ( ‪ . ) 11‬وبالضافة إلى عبد ال بن عمر ‪،‬‬
‫وعائشة ‪ ،‬وابن مسعود ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬فإن أبرز شيوخه كان عبد ال بن عباس ( ‪، ) 12‬‬
‫وهو كان الوسع علما بين الصحابة الشبان ‪ ،‬وعرف بحبر المة وبالبحر بسبب معارفه الواسعة‬
‫بالقرآن وتفسيره وبالسنة ‪ ،‬معا ‪ .‬ثم إن جابر كان صديقا مقربا لبن عباس ‪ ،‬وتلميذه المفضل (‬
‫‪. ) 13‬‬

‫( ‪)1/82‬‬

‫وحفظ جابر أحاديث الرسول عن الصحابة الذين التقاهم بالبصرة ‪ ،‬والمدينة ‪ ،‬ومكة ‪ .‬واستغل‬
‫مناسبة الحج للقاء الصحابة الذين كانوا يأتون إلى مكة في وقت الحج من شتئ أنحاء البلدان‬
‫السلمية ‪ .‬ويقال إن جابرا تنقل بين البصرة ومكة حاجا ما ل يقل عن أربعين مرة ( ‪ ) 14‬ولقد‬
‫دفعه توقه إلى معرفة أحاديث الرسول إلى بذل كل الجهود لجمع هذه الحاديث ‪ .‬وقد قدم إلى‬
‫المدينة بصورة خاصة ‪ ،‬وقصد بني عمرو بن حزم النصاري وطلب منهم أن يروه الرسالة التي‬
‫بعث بها الرسول مع والدهم عمرو بن حزم إلى أهل اليمن بخصوص الزكاة ‪ ،‬واستجابوا إلى‬
‫طلبه ( ‪ . ) 15‬لقد حصل جابر على معرفة واسعة بالقرآن والحاديث والفتاوى ‪ .‬وكان شيخه‬
‫ابن عباس راضيا عنه تمام الرضى ‪ ،‬ويروي عن ابن عباس أنه قال ‪ (( :‬لو أن أهل البصرة‬
‫نزلوا عند قول جابر بن زيد لوسعهم علما في كتاب ال )) ( ‪ . )16‬ثم وصف جابرا بأنه (( من‬
‫العلماء )) ؛ واعتقد أن جابرا بلغ مرتبة عالية من العلم ‪ ،‬حتى أنه ل حاجة للعودة إلى أحد بعده ‪،‬‬
‫ولو إلى ابن عباس نفسه ‪ ،‬لصدار أية أحكام شرعية إذا كان جابر قد عبر عن رأيه في ذلك ‪.‬‬
‫وسأل الربيع ‪ -‬وهو أحد أبناء البصرة ‪ -‬ابن عباس عن رأيه الشرعي في مسائل معينة ‪ ،‬فرد‬
‫عليه ابن عباس ‪ (( :‬تسألونني وفيكم جابر بن زيد ؟ )) ( ‪ . ) 17‬وكان لصحابة آخرين ‪ ،‬كعبد‬
‫ال بن عمر ‪ ،‬وجابر بن عبد ال النصاري مثل رأي ابن عباس في جابر ‪ .‬وقد نقل البخاري‬
‫عن جابر بن زيد أنه قال ‪ (( :‬مر بي ابن عمر بينما كنت في الطواف ‪ ،‬وقال لي ‪ (( :‬يا جابر‬
‫إنك من فقهاء أهل البصرة وإنك ستستفتى ‪ ،‬فل تفتين إل بقرآن ناطق أو سنة ماضية ‪ ،‬فإنك إن‬
‫فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت )) ( ‪ . ) 18‬ويقال أيضا إن سعيد بن جبير سأل الصحابي جابر‬
‫بن عبد ال النصاري عن رأيه في قضية معينة ‪ ،‬وبعد أن أعطى الصحابي رأيه قال ‪:‬‬
‫(( تسألونني وفيكم أبو الشعثاء ؟ )) ( ‪ ) 19‬وهكذا فإن جابرا كان أحد علماء البصرة البارزين‬

‫( ‪)1/83‬‬
‫؛ وبناء على ما قاله محمد بن محبوب ‪ ،‬فإن جابرا كان أوسع علما من الحسن البصري ( ‪. ) 20‬‬
‫ثم أصبح جابر مفتيا للبصرة ( ‪ ) 21‬وقضى حياته يصدر الفتاوى ‪ ،‬ويدرس أحاديث الرسول ‪،‬‬
‫وينقل علمه الواسع بالسلم إلى طلبته ‪ .‬ولما كان جابر تابعيا بارزا ‪ ،‬فإن إسهامه للمة‬
‫السلمية النامية يمكن إدراكه في إطار الدور الذي لعبته طبقة التابعين الذين ورثوا العلم وتطبيق‬
‫السلم عن الصحابة مباشرة ‪ ،‬ثم نقلوه إلى طلبهم ‪ .‬وبما أنه كان طالبا وثيق الصلة بابن عباس‬
‫الذي أسهم في معظم النشاطات السياسية للمة السلمية منذ شبابه ‪ ،‬فقد تمكن جابر من أن‬
‫يتعرف إلى المواقف المتناقضة في النشاطات السياسية التي بدأت مع النزاع الهلي في خلفة‬
‫عثمان وانتهت بانتصار معاوية ‪.‬‬
‫وبعيشه في البصرة ‪ ،‬إحدى أهم مراكز النشاطات السياسية ‪ ،‬وبمعاصرته لحداث تلك الفترة‬
‫المفعمة بالحيوية ( ‪ 28‬هـ ‪ 684 /‬م ‪ 93 -‬هـ ‪ 701 /‬م ) استطاع جابر أن يكون فهما واضحا‬
‫للسير المعقد للشؤون الدينية والسياسية في المة السلمية النامية ‪ .‬ونتيجة لذلك اختار السبيل‬
‫المثل لتحقيق أهدافه ‪ ،‬إذ بقي بعيدا عن جميع النشاطات السياسية ونهج نهجا يتسم بالحذر الشديد‬
‫في علقاته برجال الحكم المويين ‪ .‬ومن ناحية أخرى فقد كرس وقته لتعليم السلم للناس‬
‫وصياغة الحكام الشرعية بشأن المشاكل الدينية ‪.‬‬

‫( ‪)1/84‬‬

‫وبالنسبة لطريقة حياته ‪ ،‬فقد عاش جابر حياة تقوى وزهد ‪ ،‬وهو الذي قال ذات مرة ‪ (( :‬طلبت‬
‫من ربي ثلثة أشياء ‪ ،‬وقد منحها لي ‪ :‬زوجة مؤمنة ‪ ،‬وراحلة صالحة ‪ ،‬ورزقا حلل كفافا يوما‬
‫بيوم )) ( ‪ . ) 22‬وفي حديث له إلى أصحابه عن ثروته قال ‪ (( :‬ليس منكم أحد أغنى مني ‪،‬‬
‫ليس عندي درهم وليس علي دين )) ( ‪ . ) 23‬وقال الحجاج بن عيينة ‪ (( :‬لقد عتاد جابر بن زيد‬
‫أن يأتينا في جامعنا ؛ وذات يوم أتانا يحتذي حذاء قديما وقال ‪ (( :‬مضى من أجلي ستون سنة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأصبت فيها ونعمت فنعلي الن أعز علي من ذلك كله إل خيرا قدمته )) ( ‪ . ) 24‬وعن‬
‫محمد بن سيرين أنه قال ‪ (( :‬رحم ال جابرا كان مسلما عند الدراهم )) وهو يعني بذلك أنه كان‬
‫ورعا تقيا ( ‪ ) 25‬؛ فالبساطة والتقوى هما الصفتان الرئيستان في حياة جابر ‪.‬‬

‫( ‪)1/85‬‬

‫ومعرفة جابر الواسعة بتفسير القرآن وبالسنة جعلت منه شخصية بارزة في هذا الميدان من‬
‫العلم ‪ ،‬وروايته لحاديث الرسول مقبولة بوجه عام ؛ وهو يوصف (( بالثقة )) ( ‪ ) 26‬من قبل‬
‫المحدثين ‪ .‬والستثناء الوحيد لذلك هو الصيلي الذي نعته بالمحدث (( الضعيف )) ورد ابن حجر‬
‫العسقلني رأيه هذا ( ‪ . ) 27‬وبالضافة إلى طلبه العاديين الذين درسوا عليه الحديث والفقه ‪،‬‬
‫فقد كان الناس يأتون إليه يطلبون منه آراءه الشرعية بخصوص القضايا الدينية ‪ .‬وكان بعض هذه‬
‫الراء مكتوبا على صورة أسئلة مرسلة إليه من الصدقاء خارج البصرة ؛ وكان يوصف بأنه‬
‫أكثر الناس علما في حقل الفتا ( ‪ . ) 28‬واعتاد الكثير من طلبه أن يسجلوا آراءه الشرعية كتابة‬
‫‪ ،‬غير أن جابرا لم يكن مؤيدا لتدوين آرائه بهذه الطريقة وحين علم بأن طلبه يفعلون ذلك ‪ ،‬علق‬
‫على ذلك بقوله ‪ (( :‬إنا ل ‪ ،‬يكتبون عني آراء وقد أرجع عنها غدا )) ( ‪ . )29‬على أن غالبية‬
‫آرائه ورواياته دونت ‪ ،‬برغم ذلك ‪ ،‬من قبل طلبه ‪ .‬وقد نقل علمه إلى الجيال التالية عبر قناتين‬
‫‪ :‬الولى الساسية مبنية على ما دونه طلبه الباضية أمثال ضمام بن السائب ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم‬
‫بن أبي كريمة ‪ ،‬وأبي نوح صالح الدهان ‪ ،‬وحيان العرج ‪ ،‬وسواهم ؛ والثانية قائمة على ما‬
‫دونه طلبه غير الباضية ‪ ،‬وبينهم عمرو بن دينار ‪ ،‬وعمرو بن هرم ‪ ،‬وقتادة بن دعامة‬
‫السدوسي ‪ ،‬وأيوب السختياني وآخرون ( ‪. ) 30‬‬
‫ومن العمال الباقية التي دونت فيها فتاوى جابر ورواياته نذكر ‪:‬‬
‫‪ )1‬روايات ضمام ‪ :‬رواها أبو صفرة عبد الملك بن صفرة ‪ ،‬عن الربيع بن حبيب ‪ ،‬عن ضمام‬
‫عن جابر بن زيد ( ‪. ) 31‬‬
‫‪ )2‬مسند الربيع بن حبيب ‪ :‬وقد ضم بالدرجة الولى أحاديث رواها الربيع بن حبيب الفراهيدي‬
‫عن أبي عبيدة ‪ ،‬و ضمام عن جابر بن زيد ( ‪. ) 32‬‬
‫‪ (( )3‬جوابات )) جابر ‪ :‬وفيها بعض فتاويه مرسلة إلى بعض أصدقائه وأتباعه ‪.‬‬

‫( ‪)1/86‬‬

‫وهذه كلها من مدونات الباضية ‪ ،‬على أن هنالك العمال التالية أيضا ‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب النكاح ‪ :‬وهو يضم أحكاما بخصوص الزواج ‪ ،‬نقل عن جابر ‪.‬‬
‫ول زلنا نجهل من هو الذي روى هذا الكتاب ‪ ،‬لكن وجوده في مخطوطة كتاب (( نكاح‬
‫الشغار )) لعبد ال بن عبد العزيز يشير إلى احتمال روايته من قبل مؤلف (( كتاب نكاح‬
‫الشغار )) نفسه ( ‪. ) 33‬‬
‫‪ -2‬كتاب الصلة ( ‪ : ) 34‬رواه حبيب بن أبي حبيب الحرمي عن عمرو بن هرم عن جابر بن‬
‫زيد ( ‪. ) 35‬‬
‫‪ -3‬روايتان عن عمرو بن دينار وعمرو بن هرم ‪ ،‬موجودتان في القسمين الخامس والسادس من‬
‫(( كتاب أقوال قتادة )) ( ‪ ) 36‬وفيهما أحاديث وفتاوى تتناول بالدرجة الولى مواضيع الزواج ‪،‬‬
‫والزكاة ‪ ،‬والصلة إلى جانب فتاويه وأحاديثه المنقولة عنه بواسطة قتادة ‪) 37 ( .‬‬
‫ويقال إن كتب جابر كانت في حوزة أبي عبيد مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬ثم انتلقت إلى الربيع بن‬
‫حبيب ‪ ،‬فإلى أبي سفيان محبوب بن الرحيل ‪ ،‬ثم ابنه محمد بم محبوب ‪ ،‬وعنه نسخت في مكة (‬
‫‪. ) 38‬‬
‫ويقول بعض المؤرخين الباضيين إن جابرا نفسه جمع كتابا كبيرا من الحاديث والفتاوى يعرف‬
‫بديوان جابر بن زيد ‪ ،‬وإن نسخة من الديوان كانت موجودة في مكتبة الخليفة العباسي هارون‬
‫الرشيد ( ‪ 170‬هـ ‪ . ) 809 - 786 /‬ويقال أيضا إن العالم الباضي في جبل نفوسة ‪ ،‬نفاث‬
‫( فرج ) بن نصر تمكن من نسخ الديوان وجاء به إلى جبل نفوسة ‪ ،‬لكن نفاثا ‪ ،‬وهو المعارض‬
‫لحاكم الجبل وللمامة الرستمية ‪ ،‬أتلف نسخة الديوان كي ل يتمكن خصومه ( أهل الدعوة ) من‬
‫الحصول عليها ( ‪ . ) 39‬وعلى أي حال فإن الفقه الباضي قام بالدرجة الولى على أساس‬
‫الحاديث والفتاوى التي رواها جابر إلى طلبه الباضيين ‪ .‬وقال أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪:‬‬
‫(( كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضال ‪ .‬ولول أن ال تعالى من علينا بجابر بن‬
‫زيد لضللنا )) (‪. )40‬‬

‫( ‪)1/87‬‬

‫ولقد حاول العلماء غير الباضيين أن يثبتوا أن جابرا لم تكن له علقة بالباضية ؛ وهنالك‬
‫قصص مختلفة تروى للدللة على أن جابرا نفسه أنكر مثل هذه العلقة ( ‪ . ) 41‬وقد نقل قتادة‬
‫وداود أبي هند عنه عزرة أنه قال ‪ (( :‬قلت لجابر إن الباضية يزعمون أنك منهم )) فقال ‪:‬‬
‫(( أبرأ إلى ال منهم )) ( ‪ . ) 42‬كذلك يقال إن هند بنت المهلب قالت ‪ (( :‬كان جابر بن زيد أشد‬
‫الناس انقطاعا إلي وإلى أمي ‪ ،‬فما أعلم شيئا كان يقربني إلى ال إل أمرني به ‪ ،‬ول شيئا يباعدني‬
‫عن ال عز وجل إل نهاني عنه ‪ ،‬وما دعاني إلى الباضية قط ول أمرني بها ‪. ) 43 ( )) ...‬‬
‫====================================‬
‫( ‪ ) 1‬ماكدونالد ‪ ،‬دنكان ب ‪ ،‬تطور الفقه السلمي والشرع والنظرية الدستورية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪. 24 ، 1956‬‬
‫( ‪ ) 2‬ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء ‪ ،‬مخطوطة ‪ 4‬؛ ووفقا لبن حبان ‪ ،‬ولد جابر في مكان‬
‫يدعى الحرقة بجوار عمان ‪ ،‬ولعله تصحيف لـ (( فرق )) ‪ .‬انظر ابن حبان كتاب مشاهير‬
‫علماء المصار ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬فليشهامر ( القاهرة ‪. 89 ، ) 1959‬‬
‫( ‪ ) 3‬البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪ 203 / 1 / 2 ،‬هامش ‪. 1‬‬
‫( ‪ ) 4‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ( ،‬القاهرة ‪ 175 / 3 ، ) 1906‬؛ ووفقا للصمعي ‪ ،‬فالجوف هو‬
‫في اليمن ؛ انظر ابن قتيبة كتاب المعارف ‪ ،‬تحقيق محمد الصاوي ( القاهرة ‪. 200 ، ) 1934‬‬
‫( ‪ ) 5‬السالمي ‪ ،‬التحفة ‪ ( ،‬ط ‪ 2 .‬القاهرة ‪. 57 - 55 ) 1347‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪. 56 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 8 ، 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 155 ،‬؛ القطب ‪ :‬شرح العقيدة ‪. 132 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 197 ، 1‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 77 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬مجهول ‪ ،‬كتاب نوازل نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 208‬ب ؛ المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪ 147‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬المصدر نفسه ‪ 147 ،‬ب ؛ ابن مداد مصدر مذكور سابقا ‪. 4 ،‬‬

‫( ‪)1/88‬‬

‫( ‪ ) 12‬عبد ال بن عبد العزيز كتاب نكاح الشغار مخطوطة ‪ .‬هذه المعلومة موجودة كذلك في‬
‫مخطوطة أخرى محلقة بهذا الكتاب الذي يحتوي روايات إباضية ‪ ،‬بعنوان باب فضائل جابر بن‬
‫زيد ‪ 22 ،‬؛ انظر القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪ ، 233 ، 9 ،‬وهامش ‪ 34 - 232‬؛ ابن سلم = بدء‬
‫السلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 42‬بتحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 108 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 67‬‬
‫( ‪ ) 14‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية الولياء ‪ 90 / 3 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة الحافظ ‪ 62 / 1 ،‬؛ ابن حجر ‪،‬‬
‫تهذيب ‪ 39 - 38 / 2 ،‬؛ ابن مداد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ص ‪. 4‬‬
‫( ‪ ) 15‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 6 - 85 / 3‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1‬‬
‫( ‪ ) 16‬البغطوري ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 17‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 38‬أ ؛ العدل مخطوطة ‪ . 72 ، 1‬نقل عن ابن عبد البر‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 18‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ن ‪ 180 - 179 / 7‬؛ البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪ 204 / 1 / 2 ،‬؛ الذهبي ‪،‬‬
‫مصدر مذكور سابقا ‪ 62 / 1 ،‬؛ أبو نعيم مصدر مذكور سابقا ‪ 85 / 3 ،‬؛ ابن حجر ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور سابقا ‪. 38 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 20‬البخاري ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 204 / 1 / 2 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 86 / 3 ،‬؛ ابن‬
‫حزم ‪ ،‬ملخص إبطال القياس والرأي والستحسان والتقليد والتعليل ‪ ،‬تحقيق سعيد الفغاني ‪،‬‬
‫دمشق ‪. 69 ، 1960 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 86 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 7 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 131 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 86 / 3 ،‬؛ ابن حجر ‪،‬‬
‫تهذيب ‪. 39 - 38 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬روايات الباضية مخطوطة محلقة بكتاب نكاح الشغار ‪. 21 ،‬‬
‫( ‪ ) 25‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 26‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 180 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 88 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 187 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 88 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪. 38 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 39 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪ 62 / 1 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 86 /3 ،‬‬

‫( ‪)1/89‬‬

‫( ‪ ) 31‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 181 / 7 ،‬؛ ابن حزم ‪ ،‬ملخص ‪. 64 ،‬‬


‫( ‪ ) 32‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 90 / 3 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1‬‬
‫( ‪ ) 33‬انظر للمؤلف ‪ (( :‬وصف المخطوطات الباضية الجديدة من شمالي إفريقية ‪ ،‬مجلة‬
‫الدراسات السامية ‪. 67 ، 1 / 15 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬انظر ما يلي ( ‪ 150‬وما يليه ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 35‬انظر للمؤلف (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) مصدر مذكور سابقا ‪. 67 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬انظر ما يلي ص ‪. 151 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬انظر للمؤلف (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 67 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬لسيرة حبيب بن أبي حبيب ‪ ،‬انظر ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪. 180 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬انظر ما يلي ( ‪. ) 61 - 160‬‬
‫( ‪ ) 40‬الوسياني ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 120‬‬
‫( ‪ ) 41‬أبو زكريا ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 31‬أ ‪ 32 -‬أ [ ط ‪ .‬دار الغرب السلمي ‪146 - 142 ،‬‬
‫] ؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 42 - 82‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 82 - 81 ،‬؛ انظر ما يلي ‪- 146‬‬
‫‪.47‬‬
‫( ‪ ) 42‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬مسائل مخطوطة ‪ ، 37‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪. 47 ، 1‬‬
‫( ‪ ) 43‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 182 - 181 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 89 / 3 ،‬‬
‫تابع بقيه الموضوع >>>>>‬
‫‪---‬‬
‫( ‪)1/90‬‬

‫تابع الفصل الثاني جابر بن زيد ‪ ،‬المام الول للمذهب الباضي‬


‫ومن شأن الفحص الدقيق للمعلومات السابقة أن يؤدي تصنيفها إلى ثلث فئات ‪:‬‬
‫‪ -1‬معلومات يذكر أنها منقولة عن جابر ‪ ،‬ينكر فيها أية علقة بالباضية ‪ .‬وفي هذه الفئة تأتي‬
‫المعلومات التي ل تذكر إل في المصادر غير الباضية ‪ ،‬وقد نقلها ثابت البناني وعزرة ‪.‬‬
‫وكلهما يزعم أن جابرا أعلن هذا النفي وهو على فراش الموت ‪ .‬ثم إن زيارة ثابت البناني لجابر‬
‫برفقة الحسن البصري مذكورة في المصادر الباضية أيضا ‪ .‬ولقد جرت فعل وهي واردة في‬
‫جميع المصادر وتؤكد أن جابرا ‪ ،‬وهو على وشك الموت ‪ ،‬تمنى بأن يرى الحسن البصري الذي‬
‫كان آنذاك متواريا عن النظار خوفا من الحجاج ‪ .‬ولقد ذكر ثابت البناني للحسن رغبة جابر‬
‫وجاء كلهما سرا إلى منزل جابر ‪ .‬وحين شاهداه ‪ ،‬قال الحسن لجابر ‪ :‬قل ل إله إل ال وأن‬
‫محمدا رسول ال )) ‪ .‬فرد عليه جابر ‪ :‬يا أبا سعيد ‪ ( ،‬يوم تأتي بعض آيات ربك ل ينفع نفسا‬
‫إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) ( ‪ . ) 1‬ثم أردف يقول ‪ (( :‬أعوذ بال‬
‫من غدو ورواح إلى النار )) ‪ .‬عند سماع ذلك قال الحسن معلقا ‪ (( :‬هذا وال الفقيه العالم )) ( ‪2‬‬
‫)‪.‬‬
‫إلى هنا المصادر التي تروي هذه الحكاية ‪ :‬أما الضافة بأن الحسن سأل جابرا رأيه بأهل النهر ‪،‬‬
‫ورأيه بالباضية فلم يروها غير ابن سعد وحده نقل عن عزرة وثابت البناني ‪ .‬مثل هذه الضافة‬
‫ل يمكن اعتبارها صحيحة لعدة أسباب ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن غالبية المصادر ‪ ،‬بما فيها المصادر غير الباضية ذكرت هذه الحكاية بدون أن تذكر أن‬
‫جابرا تكلم عن موقفه من الباضية أو أهل النهر ‪ .‬ثم إن البغطوري أكد ‪ ،‬بعد أن روى محادثة‬
‫جابر والحسن كما وردت أعله ‪ ،‬أن جابرا لم يضف بعد ذلك أي كلم ‪.‬‬

‫( ‪)1/91‬‬

‫ب‪ -‬إذا كان جابر يعتقد هذا العتقاد ‪ ،‬ل سيما بخصوص هذه المسائل المهمة ‪ ،‬فإن ذلك كان‬
‫ينبغي أن يكون معروفا عنه قبل أن يصبح على وشك الموت ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ل يبدو أن المناسبة كانت ملئمة فعل لطرح مثل هذه السئلة على جابر ‪.‬‬
‫‪ - II‬وهنالك معلومات منقولة عن العلماء السنة ينفون فيها أن يكون لجابر أية علقات بالباضية‬
‫( ‪ . )3‬مثل هذه المعلومات ‪ ،‬بالضافة إلى تلك المنسوبة إلى جابر نفسه ‪ ،‬بالنسبة لنكاره أية‬
‫علقة مختلفة بالباضية ‪ ،‬على ما يبدو ‪ ،‬تسمح لعلماء الحديث من أهل السنة بقبول الحاديث‬
‫التي يرويها جابر ‪ .‬ووفقا للقواعد التي وضعها بعض المحدثين السنة ‪ ،‬فإن الحاديث التي تروى‬
‫عن أهل (( البدع )) ليست مقبولة ‪ .‬فإذا كان الشخص شيعيا ‪ ،‬أو خارجيا ‪ ،‬أو إباضيا ‪ ،‬فإن هذا‬
‫كاف لتجريحه ( ‪ . ) 4‬ولذلك يعتقد أن المعلومات المذكورة آنفا مختلفة من قبل بعض المحدثين‬
‫السنة بقصد تبرئة جابر من تهمة الباضية ‪.‬‬
‫‪ - III‬والطبقة الثالثة من المعلومات تعتمد على خبر لهند بنت المهلب تذكر فيه أن جابرا لم‬
‫يدعها إلى الباضية أبدا ( ‪ . ) 5‬لعل صحيح ‪ ،‬لن جابرا كان يعلمها السلم ‪ ،‬ثم إن مصطلحي‬
‫الباضيين والباضية بالذات لم يكونا يستعملن بين الباضيين الوائل حتى بعد وفاة جابر ‪،‬‬
‫وبدل منهما كانوا يستعملون مصطلحي (( المسلمين )) و (( جماعة المسلمين )) ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن ابن حجر العسقلني ذكر اعتمادا على ما نقله عن (( ضعفاء ))‬
‫الساجي ‪ ،‬أن جابر بن زيد كان إباضيا ( ‪ ) 6‬وذكر أبو الحسن الشعري ‪ ،‬حين عدد معتقدات‬
‫الخوارج ‪ ،‬وقد ضم الباضيين إليهم ‪ (( ،‬ويدعون من السلف جابر بن زيد )) ( ‪ . ) 7‬ثم إن هذا‬
‫الرأي نفسه يرويه ابن أبي الحديد ( ‪ . ) 8‬والسؤال هنا هو ‪ :‬هل كانت هنالك حركة إباضية بهذا‬
‫السم ف يزمن جابر بن زيد ؟ وأي دور لعبه جابر في تلك الحركة ؟‬
‫وللرد على هذين السؤالين يجب أن نذكر أوضاع المة السلمية آنذاك ‪ ،‬تحت ثلثة عناوين ‪:‬‬

‫( ‪)1/92‬‬

‫أ‪ -‬بنو أمية الذين كانوا في السلطة وأنصارهم ‪.‬‬


‫ب‪ -‬الشيعة أو جماعة علي بن أبي طالب ‪.‬‬
‫ج‪ -‬والجماعة الثالثة يمكن أن تقسم إلى فئتين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أولئك الذين آثروا العتزال وامتنعوا عن أي نشاط سياسي ‪.‬‬
‫‪ -2‬أولئك الذي رفضوا تأييد المويين والشيعة معا ‪ ،‬لمحاذير دينية ‪ ،‬وأرادوا أن يكونوا هم‬
‫الحاكمين ‪ -‬أي الذين نجوا من معركة النهروان ‪ ،‬والمحكمة الخرون الذين رفضوا محاربة علي‬
‫‪ ،‬لكنهم كانوا معارضين أشداء للحكم الموي ‪ .‬ومن الشخصيات البارزة التي نجت من معركة‬
‫النهروان نذكر أبا بلل مرداس بن حدير ‪ .‬وتقول المراجع الباضية إن أبا بلل كان صديقا مقربا‬
‫لجابر بن زيد ( ‪ . ) 9‬ووفقا لبعض العلماء الباضيين فقد ثار أبو بلل على بني أمية بموافقة‬
‫جابر ( ‪ . ) 10‬ويذكر آخرون أن الثورة كانت فكرة أبي بلل وأنه حث جابر بن زيد كي ينضم‬
‫إليه ( ‪ . ) 11‬وهنا يمكن القول إن المحكمة ‪ ،‬بعد وفاة إمامهم عبد ال بن وهب ‪ ،‬ذو علم واسع‬
‫بالقرآن والسنة ‪ .‬وفي رأيي الشخصي فإنه لم يكن أكثر من زعيم ديني قصده أتباعه لتعلم السلم‬
‫‪ ،‬ولطرح أسئلة تتعلق بالشؤون الدينية ‪ ،‬ولم تكن قيادته في المرحلة الولى ذات فعالية ‪ ،‬لن هذه‬
‫الفئة لم تكن ‪ ،‬من ناحية ‪ ،‬لتتاح لها فرصة التنظيم في حركة دينية وسياسية واضحة ‪ .‬ولن‬
‫المويين لن يكونوا ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬يسمحون بظهور أي نوع من القيادة ‪ ،‬لن إعلن مثل‬
‫هذه القيادة يمكن أن يعني إعلن خلفة جديدة ‪ ،‬وهو ما كان المويون يقاومونه بقوة ‪ .‬وهنالك‬
‫سبب آخر يتمثل في مفهوم القيادة القرشية ؛ إذ كان واضحا أن المة السلمية بوجه عام لم تكن‬
‫توافق على أية قيادة على مستوى الخلفة إل إذا كانت قرشية ‪ .‬ولعل هذا هو السبب الذي دفع‬
‫القادة البارزين من هذه الجماعة لن ينضموا إلى عبد ال بن الزبير ويؤيدوه في وجه المويين ‪،‬‬
‫آملين منه أن يقبل آراءهم ‪.‬‬

‫( ‪)1/93‬‬

‫وكان عبد ال بن إباض بين هؤلء القادة ( ‪ ) 12‬؛ لكن ثورة نافع بن الزرق زعيم حركة‬
‫الخوارج المتطرفين الذين حملوا اسمه ‪ ،‬الزارقة ‪ ،‬جاءت حدثا جديدا غير مسار فئة المحكمة‬
‫وطبيعة علقة جابر بها ‪ .‬لقد كان جابر معارضا بقوة لراء نافع ونهجه ولنصاره ورفض‬
‫آراءهم بالنسبة لمعارضيهم المسلمين الذين اعتبروهم مشركين ‪ ،‬وارتأوا شرعية قتلهم وتجريدهم‬
‫من ممتلكاتهم ‪ ،‬بالضافة إلى سبي نسائهم وأولدهم وهذا ما رفضه جابر ‪ .‬وقد حفظت المصادر‬
‫الباضية عرضا للنقاش التالي بين جابر والخوارج ‪ ،‬منقول عن ضمام ؛ جاء فيه ‪ (( :‬كان جابر‬
‫يأتي الخوارج فيقول لهم ‪ :‬أليس قد حرم ال دماء المسلمين بدين ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ؛ وحرم ال‬
‫البراءة منهم بدين ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ؛ فيقول ‪ :‬أوليس قد أحل ال دماء أهل الحرب بدين بعد‬
‫تحريمها بدين ؟ فيقولون ‪ :‬بلى ؛ فيقول ‪ :‬وحرم ال وليتهم بدين بعد المر بها بدين ؟ فيقولون ‪:‬‬
‫نعم ؛ فيقول ‪ :‬هل أحل ما بعد هذا بدين ؟ ( مشيرا بذلك إلى تجريد المسلمين من ممتلكاتهم والفتك‬
‫بنسائهم وأولدهم ) فيسكتون )) ( ‪ . ) 13‬ويمكن القول إنه عند هذا المنعطف بدأ انقسام جدي‬
‫داخل فئة المحكمة بسبب الخطوة التي اتخذها نافع بن الزرق الذي اعتبر المسلمين المعارضين‬
‫كفارا وعاملهم كمشركين ‪ ،‬وجعل الخروج إلزاميا على زملئه المسلمين ‪ .‬كل هذه الراء كانت‬
‫مناقضة لمعتقدات أهل النهروان وممارساتهم ‪ ،‬وقدماء المحكمة ‪ ،‬وأتباعهم ‪ ،‬أبي بلل مرداس‬
‫وصحبه ‪ .‬وهكذا أصبح إلزاما على الزعماء البارزين في هذه الفئة أمثال زيد بن جابر أن‬
‫يرفضوا خطة نافع وغيره ممن اعتقدوا آراءه وأن يوضحوا ذلك للجميع ‪ ،‬أفرادا ومجوعات ‪،‬‬
‫ليحتفظوا بعطفهم ‪ .‬وكان عبد ال بن إباض بين القادة الذين هموا بالنضمام إلى نافع ‪ ،‬غير أنه‬
‫حين كان ف يجامع البصرة ينتظر الصلة ويستمع للناس وهم يتلون القرآن ‪ ،‬ويسمع الدعوة إلى‬
‫الصلة ‪ ،‬غير رأيه وقرر معارضة الخروج ( ‪ . ) 14‬و (( آمن‬

‫( ‪)1/94‬‬
‫بشرعية القامة بين المسلمين والختلط بهم على أساس التسامح المتبادل )) ( ‪ . ) 15‬فقد آمن‬
‫بآراء أهل النهروان وأنصارهم كما وصته ‪ ،‬ورفض بقوة آراء نافع وأعلن انفصاله عنه ( ‪. ) 16‬‬
‫وهنا يمكن القول إن جابرا ‪ ،‬بعد ثورة نافع ‪ ،‬كلف ابن إباض برفض آراء نافع والدعوة علنا‬
‫لراء جماعة المسلمين ( أي الباضية ) ‪ .‬والواقع أنه بسبب الدور الناجح الذي لعبه عبد ال بن‬
‫إباض في تلك المرحلة ‪ ،‬حملت الحركة بكليتها اسمه وعرفت بين المسلمين باسم الباضية ‪.‬‬
‫وثمة حوادث عديدة تشير إلى أنه كانت لجابر علقة وثيقة وفاعلة بالحركة الباضية في مرحلة‬
‫باكرة جدا ‪ .‬ويقال إن جابرا اعتاد أن يذهب إلى مكة برفقة عضو آخر من (( جماعة المسلمين ))‬
‫يدعى أبو الفقاس السود بن قيس ‪ ،‬وكانا يلتقيان بابن عباس في مكة ‪ .‬وفي إحدى المواسم جاء‬
‫جابر ابن عباس وحده ‪ ،‬فقال له ابن عباس ‪ :‬أين صاحبك ؟ قال ‪ :‬أخذه عبيد ال بن زياد ‪ ،‬فقال‬
‫ابن عباس ‪ :‬وإنه لمتهم ‪ ،‬فقال جابر ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪ :‬أو ما أنت متهم ‪ ،‬قال ‪ :‬أجل )) (‬
‫‪ . )17‬ويضيف الشماخي أن هنالك شيخا كبيرا من جماعة المسلمين هو أبو سفيان قنبر أخذ وجلد‬
‫مائة جلدة لحمله على إفشاء المعلومات عن عضو آخر من جماعة المسلمين ‪ ،‬لكنه رفض‬
‫الفضاء بأسمائهم ؛ قال جابر بن زيد ‪ (( :‬وكنت قريبا منه وما كنت أتنظر إل أن يقول هذا هو‬
‫فعصمه ال )) ( ‪ ، ) 18‬والحديث الخر الذي يدل على أنه كانت لجابر صلة قوية بالحركة‬
‫الباضية هو أنه أمر أحد شبان الباضية بالفتك بخردلة وهو عضو سابق بالحركة أفشى أسماء‬
‫بعض أعضاء الباضية مما أدى إلى قتلهم على أيدي الطغاة ( ‪ . ) 19‬وقد رويت هذه الحادثة ف‬
‫يوقت لحق كبرهان على وجوب قتل من يشهر بالباضية ( الطاعن في الدين ) في الشرع‬
‫الباضي ‪. )20‬‬

‫( ‪)1/95‬‬

‫على أي حال ‪ ،‬بعد ثورة نافع والخوارج الخرين ‪ ،‬انكشف بوضوح طابع الفئة التي عرفت فيما‬
‫بعد بالباضية ‪ ،‬أو أهل الدعوة ‪ ،‬أو بجماعة المسلمين ‪ ،‬وأصبح جابر رئيس هذه الحركة أو‬
‫إمامها ‪.‬‬
‫ويمكننا الن أن ننتقل إلى دراسة نهج جابر كإمام للحركة الباضية ‪ ،‬ولنا أن نميز فيه أربعة‬
‫اتجاهات رئيسة ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬تجنب أي صدام علني مع السلطات والحفاظ على علقات ودية مع الحكام ( الولة ) ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عدم عزل أعضاء الحركة عن المة السلمية ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الستمرار بتدريس الحاديث والفتاوى للناس بصرف النظر عن كونهم أعضاء في الحركة‬
‫أم ل ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬لما كان جابر مصمما على المحافظة على سلمة الحركة بتنفيذ بعض نشاطاته سرا ‪،‬‬
‫وبإبقاء أفراد المنظمة مجهولين لدى الحكام ‪ ،‬فقد اتخذ موقفا متشددا ممن يفشون أسماء العضاء‬
‫(( للطغاة )) ( ‪ . ) 21‬وينظر الباضية إلى جابر باعتباره أول إمام لمذهبهم ‪ ،‬ويعتبرون فترة‬
‫إمامة جابر مثال على حالة الكتمان ‪. ) 22 ( .‬‬
‫قليلة هي معلوماتنا عن نشاطات جابر في أثناء ولية زياد بن أبي سفيان وابنه عبيد ال بن زياد ‪.‬‬
‫ومع أن الحركة واجهت الضطهاد في تلك الفترة ‪ ،‬وقد قتل أصدقاء مقربون من جابر ‪ ،‬مثل أبي‬
‫بلل ‪ ،‬وشقيقه عروة ‪ ،‬وسجن آخرون مثل أبي فقاس ‪ ،‬وقنبر فإنه ل توجد معلومات مؤكدة على‬
‫أن جابرا واجه مثل هذه المعاملة ‪ .‬وقد قدرت المصادر الباضية أن جابرا قال ‪ (( :‬لم يبق شيء‬
‫أنفع لنا في تلك العهد ‪ -‬عهد عبيد ال ‪ -‬إل الرشوة )) ( ‪ . ) 23‬وهكذا فإن جابرا بلغ حد‬
‫استخدام الرشوة لتجنب أي اضطهاد ينزله الطغاة به وبأنصاره ‪.‬‬

‫( ‪)1/96‬‬

‫وفي أثناء حكم الحجاج ‪ ،‬حافظ جابر على صلت طيبة معه عبر كاتبه يزيد بن مسلم الذي كان‬
‫صديقا مقربا لجابر ( ‪ . ) 24‬كان بنو المهلب ‪ ،‬وهم أقاربه ‪ ،‬من بين العائلت القوية التي أقام‬
‫جابر معها علقات طيبة ‪ .‬على أن الهم من رابطة القربى هو أن جابرا كان المعلم الديني لعائلته‬
‫‪ . .‬إذ اعتاد أن يزورهم ويلقنهم تعاليم السلم و (( يأمرهم بالعمل الصالح )) ( ‪ . ) 25‬ومن‬
‫رسائل جابر الباقية هنالك ثلث أرسها ردا على رسائل من أفراد عائلة المهلب ‪ .‬اثنتان منها‬
‫أرسلتا إلى عبد الملك بن المهلب والثالثة إلى خيرة بنت ضمرة القشيرية ‪ ،‬زوجة المهلب ‪ .‬ومن‬
‫مراسلته الخرى نلحظ أنه كانت لجابر عدة اتصالت مع أناس في مناصب رسمية في مواقع‬
‫مختلفة ‪ .‬ومن هؤلء النعمان بن سلمة الذي وجه رسالة إلى جابر يسأله نصيحته بحيث يتمكن من‬
‫جمع المبلغ المالي اللزم كضريبة الخراج وكضريبة الحماية من غير أن يجور على الرعية ‪ ،‬أو‬
‫أن يتصرف بما يخالف التعاليم السلمية ‪ .‬وفي الرسالة التي وجهها جابر إلى النعمان حول هذه‬
‫القضية معلومات طريفة عن الوسائل المتبعة لجمع الضرائب ‪ ،‬ودللة على أنه من اصل ثلثمائة‬
‫درهم ‪ ،‬ل يصل بيت المال إل ما هو دون المائة ‪ ،‬فيما يأخذ الباقي الدهاقين ( أسياد المزارعين )‬
‫وجامعوا الضرائب ( ‪ . ) 26‬والشخص الخر يدعى يزيد بن يسار ‪ ،‬وقد أرسل رسالة إلى جابر‬
‫يبلغه فيها أنه عين مسؤول عن بعض المراكز في عمان ويطلب منه رأيه حول عدد من القضايا‬
‫( ‪ . ) 27‬ومن أهل عمان الخرين الذين كانت لهم صلت بجابر هنالك مالك بن أسيد ( أو‬
‫أسيد ) وهو الذي وجه رسالة إلى جابر يعرض فيها عليه شراء ناقة من عمان ؛ ووافق جابر‬
‫على ذلك ‪ ،‬كما جاء في رسالة منه إلى مالك بن أسيد ( ‪. ) 28‬‬
‫وبالضافة إلى توجيه الفتاوى إلى أصدقائه ف يتلك المكنة النائية ‪ ،‬كان جابر يطلب منهم أن‬
‫يبعثوا إليه بتقارير حول الوضاع في بلدانهم ‪ ،‬وأن يذكروا له كل شيء يحدث فيها ( ‪. ) 29‬‬
‫( ‪)1/97‬‬

‫وكان من شأن هذه التصالت الواسعة بأناس نافذين ‪ ،‬وبعائلت ذات مكانة ‪ ،‬وهذا التقدير العام‬
‫لمعارف جابر ‪ ،‬أن يثير حذر الحجاج بن ويسف منه ‪ .‬فقد حاول أن يستميله إلى جانبه وعرض‬
‫عليه منصب القضاء ‪ ،‬غير أن جابرا رفض هذا العرض ( ‪ . )30‬وتقول المصادر إن جابرا‬
‫أظهر في حالت كثيرة معارضته للحجاج ؛ ويقال أن جابرا رفض تسليم قلم للحجاج قائل له أن‬
‫النبي قال ‪ (( :‬لعن ال الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ولو بمد قلم )) ( ‪. ) 31‬‬
‫كذلك رفض أن يوافق الحجاج على مسألة المسح على الخفين في الوضوء وقال ‪ :‬أدركت جماعة‬
‫من صحابة النبي ( صلى ال عليه وسلم ) فسألتهم ‪ :‬هل يمسح رسول ال على خفيه ؟ فقالوا ‪ :‬ل‬
‫( ‪) 32‬‬
‫وكان جابر نفسه حذرا ‪ ،‬متيقظا في اتصالته بأصدقائه وأنصاره ‪ ،‬هذا ما يمكن أن نلحظه‬
‫بوضوح من مراسلته ‪ ،‬إذ طلب إتلف خمس من رسائله وأعطى السباب لذلك في ثلث منها ‪-‬‬
‫( أ ) في رسالته إلى الحارث بن عمرو ‪ ،‬أحد قدماء (( التباع )) في الكوفة ( ‪ ، ) 33‬كتب جابر‬
‫‪ :‬أعلم ‪ ،‬أصلحك ال ‪ ،‬أنك في بلد ل أحب أن تذكر فيها اسمي ولذلك ل تنقل أي شيء مما كتبته‬
‫لك ( ‪. ) 34‬‬
‫ولعل ذلك وقع في عهد زياد لن الحارث توفي في أثناء خلفة يزيد بن معاوية ‪ ( .‬ب ) في‬
‫رسالته إلى عبد الملك بن المهلب ‪ ،‬كتب جابر ‪ :‬اكتب لي ما تحتاجه وأرسله لي سرا مع من تثق‬
‫به ؛ إنك تعرف وضعنا ‪ ،‬والذي نخشاه هو أولئك الذين يبحثون عن أسباب ليذائنا ‪ ،‬ولذلك ل‬
‫تخاطر بما قد تسبب لنا به زوالنا ‪ .‬أصلح ال أمورك )) ( ‪. ) 35‬‬
‫وفي رسالة أخرى وصف شؤون المراء ( الحكام ) بما يلي ‪ (( :‬أنتم تعلمون شؤون المراء ؛‬
‫أننا نخشاهم ؛ وهم يبحثون عن أعذار ضدنا )) ( ‪ . ) 36‬إن جميع هذه المقتطفات من المعلومات‬
‫تبين أن جابرا كان دائما يخاف المراء ‪ ،‬الحكام ‪ ،‬وأنه كان حذرا في نشاطاته ‪.‬‬

‫( ‪)1/98‬‬

‫وفي إحدى رسائله إلى عبد الملك بن المهلب ‪ ،‬عبر جابر ن شكره ل لنه حمى عبد الملك‬
‫ووقاه ‪ ،‬وتوسل إلى الخالق كي ينقذه ويحميه (( إلى أن يظهر لكم ولنا في شؤونكم وشؤوننا ما‬
‫يجعلنا سعداء ‪ ،‬ويسحق أعدائنا )) ( ‪ . ) 37‬ويحتمل أن جابرا كان بهذه الكلمات الخيرة يشير‬
‫إلى الحجاج ‪.‬‬
‫ولما اصطدم الحجاج بآل المهلب ‪ ،‬اعتقلهم وسجنهم ‪ .‬ويحتمل أن الحجاج نفى جابرا وأحد مؤيديه‬
‫‪ ،‬هبيرة ؛ إلى عمان ( ‪ ) 38‬بحيث ل يستطيع أن يقدم أية مساعدة لل المهلب ‪ .‬وفي الفترة‬
‫اعتقل الحجاج وسجن ثلثة من الشخصيات البارزة في الحركة الباضية ‪ ،‬وهم أبو عبيدة وضمام‬
‫‪ ،‬وأبو سلمة ( ‪ . ) 39‬ذلك هو أول عمل قمع جدي واجه قادة الحركة الباضية ‪ ،‬بمن فيهم جابر‬
‫نفسه ‪ ،‬في عهد الحجاج ‪ .‬والظاهر أن السبب الرئيس الذي دفع الحجاج إلى تغيير سياسته نحو‬
‫الباضية هو صراعه مع آل المهلب ‪ .‬وهنا يمكن القول أن الحجاج ‪ ،‬بسبب العلقات القوية بين‬
‫جابر وهذه العائلة ‪ ،‬ظن أن جابرا قد يقوم بعمل ما ضده لمساعدة آل المهلب ‪ .‬وسوى ذلك ‪ ،‬ل‬
‫تمكن الشارة إلى أي سبب آخر لتفسير هذا التغيير في سياسة الحجاج نحو جابر والحركة‬
‫الباضية ‪ .‬إل أن آل المهلب تمكنوا من الهرب من السجن واللجوء إلى سليمان بن عبد الملك في‬
‫دمشق ‪ ،‬ونالوا منه الحماية ( ‪ . ) 40‬وبناء على رواية الذين يقولون إن جابرا توفي سنة ‪ 93‬هـ‬
‫‪ ، 711 /‬فإنه من المحتمل أنه عاد إلى البصرة بسبب الموقف الودي نحو آل المهلب من قبل‬
‫سليمان والوليد بن عبد الملك ‪.‬‬
‫ذلك هو موجز عن سياسة جابر ونشاطاته العامة ؛ على أن الدور الهم الذي لعبه جابر كان‬
‫إسهامه في الفقه السلمي ‪ ،‬وبتأسيس فقه المذهب الباضي ‪.‬‬

‫( ‪)1/99‬‬

‫من المفروض على كل مسلم أن يحفظ عددا من اليات القرآنية وبعض الحاديث النبوية لكي يقوم‬
‫بالواجبات الدينية كالصلة وغيرها من الواجبات الدينية ‪ .‬وقد أدى تطور المة السلمية‬
‫وتوسعها السريع ‪ ،‬إلى نشوء مراكز جديدة استقرت فيها جماعات من الصحابة ‪ .‬وكانت مدينة‬
‫البصرة أحد هذه المراكز الرئيسة إذ نشأت في أثناء خلفة عمر بن الخطاب كقاعدة عسكرية ‪ ،‬ثم‬
‫سرعان ما أصبحت إحدى العواصم الفكرية في السلم ‪ .‬وفي هذه المدينة نشأ جابر ‪ ،‬وهنا التقى‬
‫بعدد كبير من الصحابة الذين كانوا تواقين لتعليم الناس دين السلم ‪ .‬ونشأن طبقة جديدة في‬
‫المجتمع السلمي مؤلفة من تابعي الصحابة ‪ ،‬وهم الجيل الثاني الذين ورثوا تعاليم السلم كما‬
‫قدمها لهم (( الصحابة )) وأصبحوا دعاة للدين ‪ ،‬وعلموا الناس القرآن ‪ ،‬وأحاديث الرسول ‪،‬‬
‫وقدموا لهم مثال حقيقيا للمسلمين من خلل حياتهم العملية ‪ ،‬وكان جابر بن زيد بين قدماء التابعين‬
‫في البصرة ممن كرسوا حياتهم لهذه المهمة ‪ .‬وقد سبق أن ذكرنا أنه أصبح أحد أكثر أهل البصرة‬
‫علما ؛ ونتيجة لذلك أصبح مفتي البصرة ‪ .‬وقد ذكر إياس بن معاوية أن جابرا كان (( مفتي‬
‫البصرة )) ( ‪ . ) 41‬والمرجح أن ذلك كان لفترة محدودة لن هنالك مصادر أخرى تذكر أن‬
‫هنالك علماء آخرين شاركوه عبء الفتوى في البصرة ‪ ،‬ومنهم الحسن البصري ‪ ،‬وعمرو بن‬
‫سلمة الجرمي ‪ ،‬وأبو مريم الحنفي ‪ ،‬وكعب بن سور ( ‪ . ) 42‬وكان لعمرو بن دينار تلميذ‬
‫جابر ‪ ،‬رأي رفيع جدا بجابر حتى أنه ذهب إلى حد القول ‪ (( :‬ما رأيت أحدا أعلم بالفتيا من‬
‫جابر بن زيد )) ( ‪. ) 43‬‬

‫( ‪)1/100‬‬

‫ومن شأن دراسة موجزة للطريقة التي نهجها جابر في إصدار فتاويه أن تساعد على فهم طبيعة‬
‫الفقه الباضي ‪ .‬فهو محدث ؛ وكانت معرفته الواسعة بالحديث وبفتاوى الصحابة هي ميزة‬
‫طريقته في الستنباط ‪ .‬وعنده أن أي فتوى يجب أن تستند إلى القرآن والسنة وآراء الصحابة ؛ ثم‬
‫يلي برأيه ‪ .‬والمصدر الثاني لفتاويه ‪ ،‬بعد القرآن هو السنة ‪ ،‬وهو القائل ‪ (( :‬ما كان من أمر‬
‫خوالف فيه السنة نقض )) ( ‪ . ) 44‬بانتهاج هذه الطريقة كان جابر يتقيد بالحكم الذي وضعه‬
‫الصحابة ‪ .‬ولقد حذره معلمه عبد ال بن عمر من أن يصدر فتوى إل بكتاب ناطق أو سنة ماضية‬
‫( ‪ . ) 45‬ويقال أيضا إن جابرا قال ‪ (( :‬أدركت ناسا من الصحابة ‪ ،‬أكثر فتياهم أحاديث رسول‬
‫ال ( صلى ال عليه وسلم ) ( ‪ . )) )46‬وبعد السنة يأتي (( الرأي )) ‪ .‬وبالنسبة لهذا المصدر‬
‫الثالث للشرع ‪ ،‬اعتقد جابر بأن حكمه ينبغي أن يأتي بعد حكم الصحابة ‪ ،‬ل قبله ؛ فقال ‪:‬‬
‫(( ورأي من قبلنا أفضل من رأينا الذي نرى ‪ ،‬لم يزل الخر يعرف للول فضله ‪ ،‬وكانوا أحق‬
‫بذلك من المهاجرين مع رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) والتابعين لهم بإحسان ‪ ،‬فقد شهدوا‬
‫وعملوا ‪ ،‬فالحق علينا وطء أقدامهم وأتباع آثارهم )) ( ‪ . ) 47‬ثم يقول بعد ذلك ‪ (( :‬فلعمري ما‬
‫أنا إل متعلم متبع آثار قد وطئت قبلي ‪ ،‬وما عندي من ذلك ثقة ول دللة إل رواية عسى أن‬
‫نختلف فيها )) ( ‪. ) 48‬‬

‫( ‪)1/101‬‬

‫وفي رسالته إلى عنيفة ‪ ،‬عبر جابر عن هذا المبدأ نفسه كما يلي ‪ (( :‬ليس من ذلك شيء إل ما‬
‫يروي الناس عن الناس ‪ ،‬وأما رأي من عندنا فنحن في ذلك أنقض رأيا )) ( ‪ . ) 49‬وفيما يلي‬
‫قصة تبين مدى تمسك جابر بهذا المبدأ ‪ .‬وهي قصة امرأة طلقها زوجها المريض ‪ .‬فكان رأي‬
‫ابن عباس ‪ ،‬أن عليها أن تنتظر زوال خطر مرض زوجها كي تحتفظ بحقها بالمهر وبالرث ؛‬
‫أما إذا تزوجت رجل آخر قبل ذلك ‪ ،‬فإنها تفقد حقها بالمهر وبالرث ‪ .‬وبعد رواية هذا الرأي‬
‫لبن عباس ‪ ،‬قال جابر ‪ (( :‬ولول قول ابن عباس في ذلك لسرني ‪ -‬وإن تزوجت ‪ -‬إذا عرف‬
‫الضرر ‪ ،‬أن تستوجب المر كله ما لم يذهب ميراثها )) ( ‪ . ) 50‬على أن جابرا كان يفضل رأي‬
‫ابن عباس على رأيه تأكيدا على المبدأ المذكور أعله ‪ ،‬ولو أنه كان يرى أن رأيه في هذه الحالة‬
‫هو الفضل ‪ .‬وهكذا يمكن القول أن مصادر الفقه الباضي هي القرآن والسنة والرأي ‪ .‬إل أن‬
‫الرأي ل يلجأ إليه إل إذا لم يتوفر الحديث ‪ .‬وكخلصة لهذه الدراسة الموجزة يمكن القول أن‬
‫المذهب الفقهي الذي أنشأه جابر بن زيد كان متأثرا إلى حد كبير بالحديث ( ‪ . ) 51‬ثم إن طريقة‬
‫جابر هذه اتبعها بعد وفاته طلبه الباضيون الذين بنوا فقههم على الثار بالدرجة الولى ‪ .‬ويقال‬
‫إن أبا عبيدة مسلم ‪ ،‬الذي خلف جابرا ‪ ،‬قبل له إن أهل عمان يفتون بالرأي في أحكامهم‬
‫الشرعية ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ‪ (( :‬لن تسلموا من الفروج والدماء )) ( ‪. ) 52‬‬

‫( ‪)1/102‬‬

‫لقد ذكر كتاب سيرة جابر خمسة تواريخ مختلفة لوفاته ‪ .‬إن أولئك الذين يقولون إن جابرا توفي‬
‫في نفس السبوع الذي توفي فيه الصحابي أنس بن مالك ‪ ،‬يذكرون تاريخين أولهما ‪ 91‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 709‬كما يقول ابن حبان ( ‪ ، ) 53‬وثانيهما ‪ 93‬هـ ‪ 711 /‬وهذا التاريخ الخير يذكره الربيع بن‬
‫حبيب ‪ ،‬والبخاري ‪ ،‬وأحمد بن حنبل ‪ ،‬والفلس ‪ ،‬والنجار ‪ ،‬وأبو نعيم ‪ ،‬وابن حبان ( ‪. ) 54‬‬
‫هؤلء جميعا محدثون ‪ ،‬وقد كانوا ملزمين بالدقة في إعطاء التاريخ المضبوط لوفاة المحدث ‪ ،‬لن‬
‫ذلك ذو أهمية كبيرة بالنسبة لهم ‪ ،‬فيما يتعلق بصحة السناد ‪.‬‬
‫ويؤرخ ابن سلم ‪ ،‬وابن سعد ‪ ،‬والواقدي ‪ ،‬والمسعودي ‪ ،‬والصمعي ‪ ،‬وبن مداد وفاته في سنة‬
‫‪ 103‬هـ ‪ ) 55 ( 721 /‬؛ في حين أن الشماخي وحده يذكر تاريخ وفاته سنة ‪ 96‬هـ ‪( 714 /‬‬
‫‪ ) 56‬؛ ونقل ابن حجر عن ابن عدي أن جابرا توفي سنة ‪ 104‬هـ ‪ . ) 57 ( 722 /‬ولمحاولة‬
‫تقرير التاريخ المضبوط لوفاة جابر ‪ ،‬ينبغي أن نأخذ الحقائق التالية بعين العتبار ‪:‬‬
‫أ ) إن غالبية المصادر تقول إن جابرا أراد ليلة وفاته ‪ ،‬أن يرى الحسن البصري الذي كان آنذاك‬
‫مختفيا يتجنب الحجاج ‪ .‬وبناء على ذلك لبد أن وفاة جابر حصلت قبل وفاة الحجاج ‪ 95‬هـ ‪/‬‬
‫‪. 713‬‬
‫ب ) إن غالبية المصادر ذكرت أن جابرا توفي قبل وفاة الصحابي أنس بن مالك الذي قال عند‬
‫السماع بنبأ وفاة جابر ‪ (( :‬اليوم قضى أعلم أهل الرض )) ( ‪. ) 58‬‬

‫( ‪)1/103‬‬

‫ج ) في أثناء خلفة عمر بن عبد العزيز ( ‪ 99‬هـ ‪ ) 101 /‬كانت للباضية صلت ناشطة به ‪،‬‬
‫وبعث إليه وفد إباضي ‪ .‬ثم إن المصادر الباضية ل تذكر غير تعليق أبي عبيدة على نتائج ذلك‬
‫الوفد ‪ .‬ول يروي شيء عن جابر بخصوص هذه الحادثة ‪ .‬ومن الصعب أن نعتقد أن جابرا لم‬
‫يكن ليعلق لو أنه كان حيا ‪ ،‬مما يوحي بأنه توفي قبل سنة ‪ ، 719 / 101‬ل سنة ‪ 103‬كما يقول‬
‫المؤرخون ‪ ،‬أو ‪ 104‬كما يقول ابن عدي ‪ .‬ولئن كان يستحيل التوصل إلى التاريخ الدقيق في‬
‫حالة كهذه ‪ ،‬فإن سنة ‪ 93‬التي يذكرها المحدثون وتؤيدها المراجع الباضية يمكن أن تعتبر في‬
‫رأيي قريبة جدا من الحقيقة ‪.‬‬
‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫(‬
‫(‪ ) 1‬ابن سعد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 181 / 7 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 89 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬سورة النعام ‪. 158 / 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬روايات إباضية ‪ ،‬مخطوطة محلقة بكتاب نكاح الشغار ‪ 20 ،‬؛ البغطوري ‪ ،‬السير ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪ ، 4‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 199 ،‬‬
‫( ‪ )5‬ابن سعد ن طبقات ‪. 181 / 7 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬القاسمي ‪ ،‬قواعد التحديث ‪. 195 - 192 ،‬‬
‫( ‪ )7‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪98 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب التهذيب ‪. 39 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬الشعري ‪ ،‬مقالت ‪ ،‬تحقيق ريتر ‪. 109 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪. 76 / 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 67‬؛ انظر ما تقدم ص ‪. 54 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬مخطوطة ‪ ،‬مجلد ‪ ، 88 ،‬الصفحة التي تتعلق‬
‫بالموضوع ؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪ 43 ،‬؛ الرقيشي ‪ ،‬المصباح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 38‬‬
‫( ‪ ) 13‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 14‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 563 / 5‬وما يليه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬أبو صفرة ‪ ،‬عبد الملك بن صفرة ‪ ،‬روايات ضمام ‪ ،‬مخطوطة ‪. 8‬‬
‫( ‪ ) 16‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 99 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 17‬نيكولسون ‪ ، Literary history of the Arabs A ، 211‬انظر ( ما تقدم ص ‪. ) 30‬‬
‫( ‪ ) 18‬انظر ما تقدم ص ‪ 44‬وما يليها ‪.‬‬

‫( ‪)1/104‬‬

‫( ‪ ) 19‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ‪ [ 224 - 223‬وفيه ‪ ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ (( : 235 ،‬أو ما أنت منهم ؟‬
‫قال ‪ :‬اللهم ل ] ؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 96 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 93‬‬
‫( ‪ ) 21‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 28 ،‬‬
‫( ‪ ( ) 22‬انظر ما يلي ‪ ،‬ص ‪. ) 239 ،‬‬
‫( ‪ )23‬كما فعل بالنسبة لخردلة ‪ ،‬مثل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 24‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ 54 ،‬؛ الجناوني ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ ( ،‬طبعة حجرية ‪،‬‬
‫‪. 20 ، ) 1325‬‬
‫( ‪ ) 25‬أقوال قتادة مخطوطة ‪. 189‬‬
‫( ‪ ) 26‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 74 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 89 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات جابر ‪ ،‬تحقيقي ( المؤلف ) ‪ ،‬مخطوطة ‪. 31‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 22 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪. 36‬‬
‫( ‪ ) 31‬المصدر السابق ‪. 24‬‬
‫(‪ ) 32‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 74 ،‬‬
‫( ‪ ) 33‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 108 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 34‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪ 39 ،‬؛ انظر أيضا الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 16 - 15 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬ابن جبان ‪ ،‬مشاهير علماء المصار ‪. 105 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 15 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬المصدر السابق ‪. 40 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬المصدر السابق ‪. 33 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬المصدر السابق ‪. 37 ،‬‬
‫(‪ ) 40‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 81‬‬
‫( ‪ ) 41‬المصدر السابق ‪ 96‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 224 ،‬‬
‫( ‪ ) 42‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 452 - 448 / 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 43‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 131 / 7 ،‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪. 42 ،‬‬
‫(‪ ) 44‬ابن القيم ‪ ،‬أعلم الموقعين ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 45‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1 ،‬‬
‫(‪ ) 46‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 19 ،‬‬
‫( ‪ ) 47‬المصدر السابق ‪. 14 ،‬‬
‫( ‪ ) 48‬البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪. 2 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 49‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 14 - 13 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 50‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 42 ،‬‬
‫( ‪ ) 51‬المصدر السابق ‪. 38 ،‬‬
‫( ‪ ) 52‬المصدر السابق ‪. 18 ،‬‬
‫( ‪ ) 53‬المصدر السابق ‪. 42 ،‬‬
‫( ‪ ( ) 54‬انظر ما يلي ‪ 142 ،‬وما يليه ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 55‬أبو المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 20 ،‬السير والجوابات ‪271 - 270‬‬
‫]‪.‬‬
‫( ‪ ) 56‬ابن حبان ‪ ،‬مشاهير علماء المصار ‪. 37 ،‬‬

‫( ‪)1/105‬‬

‫( ‪ ) 57‬المصدر السابق ‪ 89 ،‬؛ الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪ 103 / 2 ،‬؛ البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪1 / 2 ،‬‬
‫‪ 204 /‬؛ ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪ 39 - 38 / 11 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 63 / 1‬‬
‫( ‪ ) 58‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 133 / 7‬؛ ابن سلم بدء السلم ‪ [ 42 ،‬بتحقيق شفارتس وابن‬
‫يعقوب ‪ ] 108 ،‬؛ المسعودي ‪ ،‬مروج الذهب ( القاهرة ‪ 141 / 2 ، ) 1283 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة‬
‫‪ 63 / 1 ،‬؛ ابن قتيبة ‪ ،‬كتاب المعارف ‪. 200 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/106‬‬

‫الفصل الثالث ‪:‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمةالمام الثاني للجماعة الباضيةفي البصرة‬
‫هو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي ‪ ،‬مولى بني تميم ( ‪ . ) 1‬ذكر الجاحظ أنه كان مولى‬
‫عروة بن أدية ‪ ،‬شقيق أبي بلل مرداس ( ‪ . ) 2‬عاش في البصرة ودرس على جابر بن زيد ‪،‬‬
‫وصحار العبدي وجعفر بن السماك ( ‪ . )3‬يقول بعض العلماء إن أبا عبيدة التقى بالصحابة الذين‬
‫التقى بهم شيخه جابر ‪ ،‬وروى الحديث عن ‪ :‬جابر بن عبد ال ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وأبي هريرة ‪،‬‬
‫وابن عباس ‪ ،‬وأبي سعيد الخدري ‪ ،‬وعائشة ( ‪. ) 4‬‬
‫ويحتمل أنه التقى ببعض هؤلء الصحابة ‪ ،‬أو جميعهم ‪ ،‬لكنه لم يصحبهم طويل كما فعل جابر‬
‫بن زيد ‪ .‬أما شيوخه فهم جعفر بن السماك ‪ ،‬وصحار العبدي ‪ ،‬وجاب بن زيد ‪ ،‬إل أنه أخذ القسم‬
‫الكبر من علمه على أيدي جعفر بن السماك وصحار ( ‪ ) 5‬ثم كرس حياته للتعلم والتعليم ‪.‬‬
‫ويقال إنه أنفق أربعين سنة من حياته يتعلم ‪ ،‬ثم أنفق أربعين سنة أخرى في التعليم ( ‪ . ) 6‬ول‬
‫شك أن تطور الحركة الباضية ونمو تنظيمها ‪ ،‬وانتشار حركتها السريعة في اليمن ‪ ،‬وعمان ‪،‬‬
‫وخرسان ‪ ،‬وشمالي إفريقية ‪ ،‬ويعود إلى أبي عبيدة وقدراته الطبيعية كعالم وكرجل سياسة معا (‬
‫‪ . ) 7‬وقد لعب الدور الكبر باعتباره القائد الكثر نجاحا للحركة الباضية في أثناء الفترة‬
‫الخيرة من العهد الموي وبداية العهد العباسي ‪ .‬وقد ذكر الشماخي أن أبا عبيدة توفي في خلفة‬
‫أبي جعفر المنصور ( ‪ . ) 8 ( ) 774 / 158 - 735 / 136‬وسبق أن ذكرنا أنه عاش ثمانين‬
‫سنة قضاها في التعلم والتعليم ‪ ،‬ولذلك يمكن القول إن أبا عبيدة عاش في الفترة التي تبدأ بنهاية‬
‫النصف الول من القرن الول حتى نهاية النصف الول من القرن الثاني ‪ .‬ثم يشار أيضا إلى أنه‬
‫أصبح زعيم الحركة الباضية بعد أن أطلق سراحه من السجن سنة ‪ ، 713 / 95‬بعد سنتين من‬
‫وفاة جابر بن زيد ( ‪. ) 9‬‬

‫( ‪)1/107‬‬

‫ولدراك الطابع المميز لبي عبيدة والناحية الخاصة التي ميزت شخصيته ‪ ،‬ل بد لنا من الشارة‬
‫إلى تأثير شيوخه ‪ .‬فهناك أول عروة بن أدية ؛ وهو رجل قوي وتقي ذو خبرة واسعة بالنزاع‬
‫السياسي والديني الذي وقع في أثناء الحروب الهلية بين علي ومعاوية ‪ .‬وكان أول من رفض‬
‫التحكيم وحارب عليا في معركة النهروان ‪ ،‬ثم قتله عبيد ال بن زياد في وقت لحق ‪ .‬ووصفه‬
‫خادم عروة إلى عبيد ال كما يلي ‪ (( :‬ما أتيته بطعام بنهار قط ‪ ،‬ول فرشت له فراشا بليل قط ))‬
‫( ‪ ، ) 10‬وقد قصد بذلك أنه كان يصوم باستمرار في أثناء النهار ‪ ،‬وينفق الليالي في الصلوات ‪.‬‬
‫ولبد أن أباب عبيدة ‪ ،‬وهو مولى عروة ‪ ،‬قد تأثر به إلى حد بعيد ‪ .‬وكان شيخه الخر صحار‬
‫العبدي خطيبا مفوها ‪ ،‬ونسابة عظيما ‪ ،‬وهو مؤلف كتاب في المثال ( ‪ ، ) 11‬وكان فقيها كذلك‬
‫( ‪ . ) 12‬وكان شيخه جابر بن زيد ضليعا في الشرع ‪ ،‬ومحدثا بارزا ‪ .‬ولما كان أبو عبيدة قد‬
‫درس على هؤلء العظام فإنه امتلك صفاتهم جميعا ؛ كان زاهدا ‪ ،‬وعابدا تقيا ( ‪ ، ) 13‬وخطيبا‬
‫مفوها ( ‪ ، ) 14‬ومدرسا ممتازا ‪ ،‬وعالما كبيرا ‪ ،‬وسع ميادين الفقه والكلم والحديث ‪ .‬وأخيرا ‪،‬‬
‫فإنه كان ذا قدرة تنظيمية ممتازة ‪.‬‬

‫( ‪)1/108‬‬

‫وفي ميدان العقيدة الباضية ‪ ،‬نهج أبو عبيدة نهج جابر بن زيد نفسه ‪ ،‬إل أنه إسهامه بالراء‬
‫الفقهية كان أكبر لكي يواجه المشاكل في هذا الميدان ‪ .‬ولعل ذلك عائد إلى تأثير مدرسة صحار‬
‫العبدي أيضا ‪ .‬وسار أبو عبيدة في فتاويه على نفس نهج سلفه ‪ ،‬جابر بن زيد ‪ ،‬وهو الذي كان‬
‫فخورا به جدا ‪ ،‬وقد قال ‪ (( :‬كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه ‪ ،‬فهو في ضلل ‪ .‬ولول‬
‫أن ال أنعم عليما بجابر بن زيد ‪ ،‬لضللنا ( ‪ . ) 15‬وكان مثل شيخه يحترم الصحابة وآراءهم‬
‫بنفس الدرجة ‪ .‬من أمثال عبد ال بن مسعود وعبد ال بن سلم ‪ ،‬وهم الراسخون في العلم وهو‬
‫القائل عنهم ‪ :‬وعلة آثارهم اقتفينا وبقولهم اقتدينا وعلى سيرتهم اعتمدنا وعلى مناهجهم سلكنا )) (‬
‫‪. ) 16‬‬
‫والطريقة التي نهجها أبو عبيدة هي أن يتمسك بقوة بتعاليم الصحابة والتابعين ‪ ،‬ل أن يتبع أي‬
‫مسار قد يبعده عنهم ‪ .‬وعنده أن أتباع السنة دليل على تقوى المسلم ‪ .‬وقد نقل عن ابن عباس أنه‬
‫قال ‪ (( :‬من روى حديثا يدعو إلى الصلح ‪ ،‬ثم بذل جهده في إتباعه ‪ ،‬كما رواه فإنه له أجرين ‪،‬‬
‫أجر الحفظ ‪ ،‬وأجر العمل ؛ وإذا لم يكن الحديث كمما رواه ‪ ،‬فهو ينال الجر نفسه ‪ ،‬لن ال ل‬
‫يضيع أجر من عمل صالحا ؛ ولن يضيع ال أجر العمل الصالح والعبادة إل إذا كان العمل بدعة‬
‫( ‪ ) 17‬وبعد عرض هذا الرأي لبن عباس ‪ ،‬علق أبو عبيدة قائل ‪ (( :‬اعلموا أن المسلم ‪ ،‬إذا‬
‫كان ال قد وهبه نفسا صالحة موجهة إلى عبادة ال ‪ ،‬حين يسمع ما يقربه من ال يبذل وسعه في‬
‫إتباعه ‪ ،‬فهو سيؤجر كما ذكر من قبل ‪ .‬أما إذا كان هذا الشخص ذا نفس شريرة فهو يمل عبادة‬
‫ال ويكره العبادة ‪ .‬همه كله عند ذاك في الجدل والشك ‪ .‬وإذا ما سمع حديثا يدعوه إلى العمل ‪،‬‬
‫عارضه بالقياس وقال ‪ :‬هذا الحديث ليس صحيحا ‪ ،‬لن رأيه الذي يلئم رغبته ل صلة له بطاعة‬
‫ال ( ‪. ) 18‬‬

‫( ‪)1/109‬‬

‫وعلى أي حال ‪ ،‬فقد كان أبو عبيدة محدثا ‪ ،‬وكان إلى حد كبير ‪ ،‬متأثرا بالحديث بصفته ضليعا‬
‫في الشرع وفقيها ‪ ،‬وكان يعارض اللجوء إلى الرأي ‪ .‬ولما قيل له أن أهل عمان يلجأون إلى‬
‫الرأي لصدار الفتاوى ‪ ،‬قال ‪ (( :‬ما نجوا من الفروج والدماء )) ( ‪ . ) 19‬ثم إنه قال لنصاره‬
‫أن ل يقبلوا أي رأي إذا كان رواية ‪ ،‬أو (( آثارا )) من شيوخ المذهب الباضي ‪ .‬ويروي أن أم‬
‫شهاب ‪ ،‬وهي امرأة إباضية ‪ ،‬زارها عبد ال بن عبد العزيز وصالح بن كثير ‪ ،‬وكانا طالبين لدى‬
‫أبي عبيدة ‪ ،‬فسألتهما فتوى في قضية فأجابها صالح ‪ ،‬فقالت له ‪ :‬عمن أخذتها ؟ فقال ‪ (( :‬هو‬
‫رأيي ؛ فقالت له ‪ :‬اضرب برأيك عرض الحائط ‪ .‬ل حاجة لي فيه )) ( ‪ . ) 20‬وزاد في زمنه‬
‫الهتمام بنظام الولية والبراءة ‪ ،‬من الناحيتين النظرية والعملية ‪ ،‬عما كان علي في وقت جابر‬
‫بن زيد ‪ .‬والحالتان التاليتان تبينان الفارق في الموقف بين المامين‪:‬‬
‫‪ -I‬قيل إن إباضيا يدعى الحسن بن عبد الرحمن طلب يد أن عفان وهي إباضية كوالدها ‪،‬‬
‫فستأمرها أبوها ذلك فنهاه جابر أن يزوجها وهي كارهة ‪ ،‬وحين تقدم مسلم غير إباضي منها‬
‫يطلب يدها رضيت به ‪ ،‬فأمره جابر أن يزوجها إياه ( ‪. ) 21‬‬

‫( ‪)1/110‬‬
‫‪ - II‬وفي حالة مماثلة اتخذ أبو عبيدة موقفا مغايرا ‪ .‬يقال إنه هاجم رجل إباضيا زوج ابنته من‬
‫مسلم غير إباضي وأبدى استياء شديدا ‪ .‬ويذكر تلميذه أبو المؤرخ ‪ (( :‬وكره أبو عبيدة نكاح‬
‫المنافق المسلمة ‪ ،‬وهو ممن أحل ال نكاحه من المسلمات ‪ ،‬كما كره عمر نكاح من أحل ال‬
‫نكاحه من المشركات ‪ ،‬وكره الخذ بالرخصة في ذلك مخافة الفتنة لهن ‪ ،‬والردة عن بصيرتهن‬
‫من غير أن يكون ذلك حراما )) ( ‪ . ) 22‬والظاهر أن أبا عبيدة أخذ هذا الموقف الحازم لعزل‬
‫الباضيين عن الفئات الخرى من المسلمين بحيث ل يتأثرون بالراء المختلفة الناشئة آنذاك ‪.‬‬
‫ولعل هنالك سببا آخر هو أن أبا عبيدة أراد في تصميمه على إقامة المامة الباضية أن يضمن‬
‫سلمة مخططاته وحركته بحيث ل يستطيع أي غريب أن يؤثر فيها ‪ .‬فقد كان نظام الولية‬
‫والبراءة آنذاك ذا أهمية كبيرة من هذه الناحية ( ‪. ) 23‬‬
‫وقد غطت نشاطات أبي عبيدة اتجاهين أساسيين ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬العناية بتنظيم الفرقة الباضية ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تعليم العقيدة الباضية للطلبة الذين يتلقون العلم ‪.‬‬
‫وفي مؤسسته السرية هذه التي لم يكن أكثر من سرداب عميق في مكان ما في البصرة ( ‪، ) 24‬‬
‫علم الرجال الذين لعبوا الدور الهم في تطوير العقيدة الباضية وفي نجاحها السياسي ‪.‬‬
‫وقد ظلت البصرة مركز الحركة الباضية حتى نهاية القرن الثاني لسباب مختلفة ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬فزعماء الحركة الدينيون كانوا يعيشون في البصرة ويقومون بنشاطاتهم التعليمية كلها هناك ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وفي البصرة نالت الحركة الدعم الكامل من العدد الكبير من أقارب جابر من الزد ‪ ،‬ومن‬
‫عائلة آل المهلب البارزة ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬وكانت البصرة إحدى عواصم السلم الفكرية تشكل ‪ ،‬إلى جانب الكوفة ‪ ،‬مركزا ثقافيا‬
‫للدراسات السلمية والعربية ‪.‬‬
‫د ‪ -‬وأخيرا ‪ ،‬تقع البصرة في قلب بلدان آسيا السلمية مما سهل التصالت بين مركز الحركة‬
‫في البصرة والفروع الخرى في خراسان ‪ ،‬وعمان ‪ ،‬واليمن ‪ ،‬ومكة ‪.‬‬

‫( ‪)1/111‬‬

‫وفي البصرة كانت المنظمة الباضية بزعامة أبي عبيدة ومجلس الشيوخ ‪ ،‬تقوم بمسؤولية تصميم‬
‫سياسة الحركة وإعداد المتعلمين للقيام بالدعوة لرسالهم إلى البلدان السلمية لنشر العقيدة‬
‫الباضية ‪ .‬وأحد هؤلء الدعاة الباضيين المبعوثين من البصرة هو سلمة بن سعد وقد أرسل إلى‬
‫شمالي إفريقية مع نهاية القرن الول وبداية القرن الثاني الهجري ( ‪ . ) 251‬ويروي عن المام‬
‫عبد الوهاب عن والده عبد الرحمن بن رستم أنه قال ‪ (( :‬أول من جاء يطلب مذهب الباضية‬
‫ونحن بقيروان إفريقية سلمة بن سعد قدم علينا من أرض البصرة ومعه عكرمة مولى ابن عباس ‪،‬‬
‫متعاقبين على بعير فكان [ سلمة ] يدعو إلى مذهب الباضية وعكرمة يدعو إلى مذهب‬
‫الصفرية ‪ ،‬فسمعت [ سلمة ] يقول ‪ :‬وددت لو ظهر هذا المر ‪ ،‬يعني مذهب الباضية ‪ ،‬يوما‬
‫واحدا من أول النهار إلى آخره فل آسف على (( الحياة بعده )) ( ‪. ) 25‬‬
‫وكانت مهمة سلمة بن سعد في شمالي إفريقية تتوخى ثلث غايات ‪:‬‬
‫‪ -1‬نشر عقيدة المذهب الباضية ‪.‬‬
‫‪ -2‬اختيار أفراد بارزين من البلدان المقصودة و إرسالهم للتدريب في البصرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬القيام بدراسة دقيقة لتلك البلدان وتقديم تقرير عنها للمام الباضي في البصرة ‪.‬‬
‫ونتيجة لرحلة سلمة بن سعد إلى شمالي إفريقية في ‪ 725 / 107 - 723 / 105‬تقريبا ‪ ،‬بعث‬
‫حملة العلم إلى البصرة ودرسوا على أبي عبيدة مدة خمس سنوات ( ‪ . ) 26‬ثم إن العديد من‬
‫الدعاة كانوا قد بعثوا إلى مختلف البلدان للغراض ذاتها التي استهدفها سلمة بن سعد ؛ فتوجه‬
‫حملة العلم إلى اليمن ‪ ،‬وحضرموت ‪ ،‬وخرسان ‪ ،‬وعمان ( ‪. ) 27‬‬

‫( ‪)1/112‬‬

‫وكانت نشاطات الحركة الباضية في البصرة تجري كلها سرا ؛ وهي حالة خاصة في العقيدة‬
‫الباضية معروفة بحالة الكتمان ( ‪ . ) 28‬ولقد كان من شأن القمع الموي للمعارضة أن أرغم‬
‫الباضيين على القيام بنشاطاتهم سرا للحفاظ على سلمتهم وسلمة الدعوة ؛ وقد تحقق لهم ذلك‬
‫بإنشاء مجالس خاصة في أماكن سرية حيث كانوا يمارسون نشاطاتهم الدينية والثقافية ‪.‬‬
‫والظاهر أن فكرة المجالس السرية نشأت منذ أيام زياد بن أبي سفيان إذ يروي أن عروة بن أدية‬
‫قبض عليه في (( سرب )) ( نفق سري ) كان يتعبد فيه ( ‪ . ) 29‬ولقد كانت هذه الملجئ‬
‫السرية تستخدم لجتماعات أعضاء الحركة حيث يذكرون ال ويناقشون أمور الدعوة ‪ .‬وقد ذكر‬
‫أبو بلل مرداس مثل هذه المجالس أيضا ( ‪ . ) 30‬والظاهر من المعلومات المتوفرة أنه كانت‬
‫هنالك ثلثة أنواع من المجالس ‪:‬‬

‫( ‪)1/113‬‬

‫‪ -1‬مجالس الشيوخ ‪ ،‬أو قادة الحركة ‪ .‬وفي هذه المجالس كان الشيوخ يبحثون مخططات التنظيم‬
‫‪ .‬ثم إن اجتماعات هذه المجالس كانت تحدث أثناء الليل عادة ؛ ولم يسمح للعضاء الصغار في‬
‫السن بحضور هذه الجتماعات ما لم يكونوا موثوقا بهم كل الثقة ‪ .‬قال أبو سفيان محبوب ابن‬
‫الرحيل ‪ (( :‬بلغنا ذات ليلة أن في منزل حاجب مجلسا للذكر ‪ ،‬وكان المشايخ ل يحضرون معهم‬
‫بالليل الفتيان ‪ ،‬قال المليح فقلت لرجل من أهل عمان ‪ :‬انطلق بنا إلى منزل حاجب فلعلهم يأذنون‬
‫لنا ‪ ،‬قال فسرنا حتى جئنا المنزل ‪ ،‬فأذن لنا ‪ ،‬فوجدنا عنده المختار بن عوف ورجلين أو ثلثة‬
‫من المشايخ ‪ ،‬قال ‪ ،‬فقال لي حاجب ‪ :‬يا مليح اذهب أنت وهذا العماني إلى بلج بن عقبة فأخبره‬
‫بمكاننا وقول له يأتينا ‪ ،‬قال فسرنا إليه فأعلمناه فجاء ‪ .‬قال المليح ‪ ،‬فصلينا العتمة ثم أخذنا في‬
‫المذاكرة ‪ ،‬قال ‪ :‬ربما قام أحدهم قائما فيتكلم ما شاء ال ثم يجلس ‪ ،‬فيقوم الخر كذلك حتى أضاء‬
‫الصبح ‪ ،‬قال المليح ‪ :‬فما رأيت أحدا بعد تلك الليلة ‪ ،‬ول رأيت قبلها متكلما قائما في مجلس ‪ .‬قال‬
‫‪ :‬وكان شعيب بن عمر من أفاضل الفتيان يومئذ ‪ ،‬وكانت أخته تحت حاجب ‪ ،‬قال فجاءه تلك‬
‫الليلة فأخذ به حاجب فقال ‪ :‬ردوه ‪ ،‬قالوا له ‪ :‬يا أبا مودود سبحان ال جاء من السماح في هذه‬
‫الساعة وترده ؟ فقال ‪ :‬ردوه ‪ ،‬فردوه ؛ قال ‪ :‬وكان بين منزله ومنزل حاجب نحو ثلثة أميال ))‬
‫( ‪. ) 31‬‬

‫( ‪)1/114‬‬

‫‪ -2‬والنوع الثاني من المجالس هو المجالس العامة يأتون إليها لسماع خطابات الشيوخ حول‬
‫الموضوعات الدينية بوجه عام ‪ .‬وليس لهذه المجالس أي برنامج خاص ؛ إذ يتوقف ذلك على‬
‫الشخاص المسئولين عهنا ‪ ،‬وعلى قدراتهم وميولهم ‪ (( .‬وإذا ما شوهد شخص وعلى وجهه أثر‬
‫الخشوع ‪ ،‬فذلك يعني أنه قريب العهد بمجالس أبي سفيان قنبر ‪ ،‬إذ إن مجالسه كانت ذكرا ل ‪،‬‬
‫وتلوة للقرآن وتخويفا للناس من النار وعقاب ال ( ‪ . ) 32‬وفي بعض الحيان يطلب منظم‬
‫المجالس من المتكلمين أن يؤدوا على موضوع معين للفت انتباه أعضاء معينين إليه ( ‪. ) 33‬‬
‫وفي هذه الفترة عقدت مجالس كثيرة في البصرة ؛ ويذكر المؤرخون الباضيون مجالس أبي الحر‬
‫علي بن الحصين التي كانت تعقد أيام الثنين والخميس ( ‪ ، ) 34‬ومجالس أبي سفيان قنبر ‪،‬‬
‫ومجالس عبد الملك الطويل ( ‪ . ) 35‬وفي هذه المجالس كانت للنساء غرف خاصة ؛ كان يؤذن‬
‫لهن بحضور هذا النوع من المجالس ( ‪ . ) 36‬ثم إن بعض النساء كن يقدمن منازلهن لعقد مثل‬
‫هذه المجالس ( ‪. ) 37‬‬

‫( ‪)1/115‬‬

‫‪ -3‬والنوع الثالث من المجالس هو تلك التي كانت تعقد للطلبة العاديين الذين كانوا يريدون دراسة‬
‫العقيدة الباضية ‪ ،‬أو التدرب على بث الدعوة ‪ .‬ويقال إن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ألف تعليم‬
‫طلبه في سرب سري ؛ وكان يقف حارس على المدخل لتحذيرهم إذا شاهد غريبا يأتي ‪،‬بتحريك‬
‫سلسلة حديدية كي يتوقف أبو عبيدة عن خطبته ويواصل عمله صنع القفاف ‪ ،‬وهي العملية التي‬
‫كان يتستر بها ‪ ،‬ومنها نال لقب القفاف ‪ ،‬أي صانع السلل ( ‪ . ) 38‬ويؤذن فقط لعضاء الحركة‬
‫بالنضمام إلى هذه المجالس ‪ ،‬إل أنهم كانوا يطردون منها إذا ما أبدوا أي انحراف ( ‪. ) 39‬‬
‫وخلل زمن جابر وأبي عبيدة كان الفراد شديدي الحذر في نشاطاتهم ؛ وفي بعض المناسبات‬
‫كانوا يحضرون هذا الجتماعات مرتدين ملبس نسائية ‪ ،‬أو متخفين كتجار وعمال بحيث ل ينتبه‬
‫إليهم أحد من الخصوم ( ‪ . ) 40‬وفي عهد زياد وابنه ‪ ،‬كانت المساكن التي تستخدم للمجالس‬
‫تقتحم في مناسبات عديدة وكان الفراد يعتقلون ‪ .‬على أن نشاطات الباضيين كانت برغم هذه‬
‫المصاعب كلها ‪ ،‬تجري في هذه المجالس بالدرجة الولى ‪. ) 41 ( .‬‬
‫ويبدو أن فكرة المجالس نقلها الطلب الباضيون من البصرة إلى شمالي إفريقية ‪ .‬ويروي أن أبا‬
‫خليل الدركلي ‪ ،‬أول من أخذ عن (( حملة العلم )) قال لطلبه ‪ (( :‬سيروا إلى الحلقة واقصدوها‬
‫حيثما كانت يا كسالى فإن رجل قد سار من الجبل إلى فزان وإلى غدامس وإلى الساحل رغبة في‬
‫الحلقة )) ( ‪ ، ) 42‬ويقال إنه كان بذلك يقصد نفسه ‪ .‬على أن هذه المجالس نشأت خلل مرحلة‬
‫الكتمان لضمان سلمة الباضيين ‪ ،‬ثم أصبحت بعد ذلك إحدى الضرورات الساسية للجماعة‬
‫الباضية أثناء فترة الكتمان ‪.‬‬

‫( ‪)1/116‬‬

‫ويمكن القول إن الحركة الباضية بقيادة أبي عبيدة مسلم كانت حركة دينية وفكرية ‪ ،‬وإن‬
‫نشاطاتها في البصرة كانت ثقافية بالدرجة الولى ‪ .‬وكان نهج أبي عبيدة أن يثقف العضاء وأن‬
‫يعلمهم العقيدة الباضية ‪ ،‬وأن يكون له العدد الكبر الممكن من مختلف أقاليم البلدان السلمية ‪،‬‬
‫لكي ينشيء إمامة عالمية شاملة كل العالم السلمي ( ‪ . ) 43‬ولكي يقوم بنشاطاته في البصرة ‪،‬‬
‫فقد انقطع أبو عبيدة كليا عن الحكام ( الولة ) ليبقى سليما ‪ ،‬وكانت سياسته في هذه الناحية‬
‫مناقضة لسياسة سلفه جابر بن زيد ‪ .‬ولقد أوصى أتباعه بأن ل تكون لهم أية علقة مع الحكام ‪.‬‬
‫وقد روى عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬أحد طلب أبي عبيدة ‪ ،‬أن أحد العمال ( الحكام ) قال لعضو‬
‫إباضي ‪ (( :‬دعني أسجل اسمك في الديوان ‪ ،‬واقتسم معك مرتبك ‪ .‬شقيقي سيكفيك مشكلة‬
‫البيعة ‪ ،‬وأنت تأخذ المال للحال )) هنا قال عبد ال ‪ :‬ذهبت إلى أبي عبيدة أسأله عن رأيه بهذا‬
‫العرض ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل تذهب إليهم ‪ ،‬ول تكن قريبا منهم ‪ ،‬ل خير لك ف يذلك )) ( ‪ . ) 44‬وهنالك‬
‫رواية أخرى مشابهة لها رواها الربيع بن حبيب ‪ ،‬وهو طالب آخر لبي عبيدة ‪ ،‬جاء بعده قائدا‬
‫للجماعة الباضية في البصرة ‪ .‬قال ‪ (( :‬أراد فرد إباضي أن يرافق حاكما معينا منذ فترة وجيزة‬
‫وأن يخرج معه ‪ .‬سألنا الرجل ‪ :‬من طلب منك أن ترافق هذا الحاكم ؟ فرد رجل آخر يقول إن أبا‬
‫عبيدة سمح له بذلك ‪ ،‬فقال الربيع ‪ :‬قصدت أبا عبيدة وسألته هل سمح لذلك الشخص بأن يرافق‬
‫الحاكم ؟ فقال ‪ (( :‬لم اقل له شيئا من ذلك ‪ .‬لقد جاء في المثل ‪ :‬الثعلب يقول لدي تسع وتسعون‬
‫خدعة ؛ ولكنه ليس بينها ما هو أنفع لي من أن ل يراني الكلب ‪ ،‬وأن ل أراه )) والشيء ذاته هو‬
‫بالنسبة للمسلم ‪ ،‬ل شيء أفضل له من أن ل يراهم ( الحكام ) وأن ل يدعهم يرونه ‪ .‬وحق ال‬
‫أنني أخشى على المؤذن أن ل يكون مأمونا في الدعوة لهم للصلة فكيف بالخرين )) ( ‪. ) 45‬‬
‫مثل هذا الموقف الحاسم المتخذ‬

‫( ‪)1/117‬‬

‫من قبل أبي عبيدة نحو الحكام هو الميزة الرئيسة لسياسته ‪ ،‬ول استثناء لذلك غير عمر بن عبد‬
‫العزيز الذي أرسل إليه وفد باسم الحركة الباضية ( ‪. ) 46‬‬
‫وفي زمن جابر ‪ ،‬ذكر أن مجموعة من الزعماء البارزين في فريق المحكمة ‪ ،‬بمن فيهم عبد ال‬
‫بن إباض ‪ ،‬اتصلت بعبد ال بن الزبير وعرضت عليه المساعدة بأمل أن يوافق على آرائها ( ‪47‬‬
‫) ‪ .‬إل أن أبا عبيدة نهج سياسة أخرى مناقضة ‪ .‬إذ كان يريد باستمرار حركة إباضية خالصة‬
‫تتمكن من تحقيق أهدافها بدون أي ارتباك ‪ .‬ويقال إن عبد ال بن الحسن ‪ ،‬حين أراد الخروج‬
‫على بني أمية بعث إلى أبي عبيدة ومشايخ آخرين في المجموعة الباضية في البصرة يطلب‬
‫مناقشة مخططاته معهم ‪ ،‬ووافق المشايخ على إيفاد صالح بن كثير إليه ‪ ،‬غير أن أبا عبيدة رفض‬
‫الموافقة على رأيهم ‪ ،‬وقال ‪ (( :‬أترون رجل يخاف على نفسه ويطلب الملك ل يعطيكم كل ما‬
‫سألتموه ‪ ،‬وإذا طاوعكم على ما تدعونه إليه قال ‪ :‬أنا مقر بدعوتكم ولكن الناس إلي أسرع وأنا‬
‫أحق ؛ فما عسى تقول له يا صالح وقد صدق ؟ فإن أراد الدين كما يزعم فليلحق بصاحبنا‬
‫بحضرموت عبد ال بن يحيى فليقاتل بين يديه حتى الموت )) ( ‪ . ) 48‬وهكذا فقد غيروا آراءهم‬
‫بسبب أبي عبيدة ‪ .‬ومثل هذا الموقف الحازم لبي عبيدة ضد أي اتصالت بمسلمين غير إباضيين‬
‫كان شديد الوضوح ؛ كان يغطي نواحي أخرى في الحياة كالزواج ( ‪ ) 49‬بالضافة إلى‬
‫النشاطات السياسية والدينية ‪ .‬وقد تأكدت هذه السياسة مع مبدأ الولية والبراءة ومع نظام المجالس‬
‫‪ .‬وفي البصرة حافظت الحركة الباضية على سياسة الكتمان بقيادة أبي عبيدة ‪ .‬والظاهر أن‬
‫جماعة الشيوخ في البصرة كانوا بمثابة اللجنة التنفيذية للحركة الباضية ‪ .‬وكان أبو عبيدة هو‬
‫القائد أو المام وهو المسؤول عن الشؤون الدينية وعن السياسة العامة للجماعة كلها ‪ ،‬وكان‬
‫يستشار من قبل الباضيين في جميع البلدان السلمية بخصوص مشاكلهم ومخططاتهم ‪ .‬وفي‬
‫اليمن ‪ ،‬لم يعلن‬

‫( ‪)1/118‬‬

‫عبد ال بن يحيى المامة حتى نال موافقة أبي عبيدة ( ‪ . ) 50‬كذلك كانت إمامة أبي الخطاب في‬
‫شمالي إفريقية مقررة من قبل أبي عبيدة ( ‪. ) 51‬‬
‫وكان هنالك عدد من الشيوخ البارزين الذين يلعبون دورا هاما إلى جانب أبي عبيدة في مهمته ‪.‬‬
‫وبين هؤلء نذكر ‪ ) 1 ( :‬أباب مودود حاجب الطائي ‪ ،‬ومن بني هلل ‪ ،‬وهو مولى عمان ولد‬
‫في البصرة ( ‪ ) 52‬؛ وانضم إلى الحركة الباضية بعد موت جابر بن زيد ( ‪ ، ) 53‬وأصبح اليد‬
‫اليمنى لبي عبيدة فكان مسؤول عن الشؤون المالية والعسكرية ( ‪ ) 54‬؛ وكان منزله أحد‬
‫المراكز المهمة للحركة في البصرة ‪ ،‬وكانت تقام فيه الصلة في أثناء رمضان ( ‪ ، ) 55‬وتعقد‬
‫اجتماعات مهمة للشيوخ ( ‪ . ) 56‬وحين أعلن عبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬وأبو حمزة المامة ‪،‬‬
‫جمع حاجب مبلغا كبيرا من المال لمساعدتهما ‪ ،‬واشترى السلحة لهما ( ‪ . ) 57‬وحين توفي‬
‫ترك دينا بلغ خمسين ألف درهم ؛ وباع زميله الفضل بن جندب منزله في صحار لتسديد ذلك‬
‫الدين ( ‪ . ) 58‬كذلك أرسل إلى مكة في أثناء الحج لعقد الصلح بين إباضيي حضرموت في عهد‬
‫عبد ال بن سعيد ( ‪ . ) 59‬وكذلك اعتاد أن يشرف على نشاطات المنظمة في البصرة وأن يدعو‬
‫إلى الجتماعات العامة ( ‪ . ) 60‬وتوفي حاجب قبل أبي عبيدة في أثناء خلفة أبي جعفر‬
‫المنصور ( ‪. ) 61‬‬
‫( ‪ ) 2‬وحيان العرج ‪ ،‬وهو محدث مشهور ‪ ،‬عاش في البصرة في نفس المنطقة التي عاش فيها‬
‫معلمه جابر بن زيد ( ‪ . ) 62‬وكان أكبر سنا من أبي عبيدة ( ‪ ، )63‬درس مع جابر بن زيد ‪،‬‬
‫ونقل الحاديث عن جابر إلى الطلبة الباضيين ‪ ،‬حتى أولئك الذين كانوا يدرسون على يدي جابر‬
‫‪ ،‬كأبي نوح صالح الدهان ( ‪. ) 64‬‬

‫( ‪)1/119‬‬

‫( ‪ ) 3‬وأبا نوح صالح بن نوح الدهان ؛ وهو من البصرة ‪ ،‬كان ينزل في طيء ( ‪ ) 295‬ودرس‬
‫على جابر بن زيد ( ‪ ) 65‬وشارك أبا عبيدة في تعليم العقيدة الباضية ‪ .‬ويروي أن الربيع بن‬
‫حبيب قال ‪ :‬أخذت الفقه عن ثلثة رجال ‪ (( :‬أبي عبيدة ‪ ،‬وضمام ‪ ،‬وأبي نوح )) ( ‪ . ) 66‬ومن‬
‫العمال الباقية التي رويت عن أبي عبيدة وأبي نوح كتاب (( نكاح الشغار )) لعبد ال بن‬
‫العزيز ‪ ،‬وهو تمليذهما ( ‪. ) 67‬‬
‫( ‪ ) 4‬وضمام بن السائب ‪ ،‬وهو في الصل من الندب في عمان ( ‪ . ) 68‬ولد في البصرة ‪،‬‬
‫ودرس على جابر بن زيد ‪ ،‬وروى الحديث عنه بالدرجة الولى ( ‪ . ) 69‬ويروي ضمام أن أبا‬
‫عبيدة نفسه أخذ الحديث عن جابر بن زيد والدور الهم الذي لعبه ضمام هو تعليم العقيدة‬
‫الباضية والحاديث وغالبيتها دونها أبو صفرة عن أبي عمرو الربيع بن حبيب ‪ .‬وسجن ضمام‬
‫مع أبي عبيدة وشيخ إباضي آخر ‪ ،‬يدعى أبو سالم ‪ ،‬في عهد الحجاج بن يوسف ‪ ،‬ثم أفرج عنه‬
‫بعد وفاة الحجاج ( ‪ . ) 70‬وهنالك شيوخ آخرون كأبي الحر علي بن الحصين ‪ ،‬وأبي حمزة‬
‫المختار بن عوف ‪ ،‬وبلج بن عقبة ‪ ،‬وسواهم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬وبين صغار طلبة أبي عبيدة ‪ ،‬ممن لعب دورا كبيرا في المنظمة الباضية في البصرة في‬
‫أثناء حياة أبي عبيدة ثم في وقت لحق ‪ ،‬نذكر أبا عمرو الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي ‪،‬‬
‫وكان ينزل الخريبة من البصرة ( ‪ . ) 71‬وغادر البصرة في وقت لحق إلى عمان وسكن في‬
‫غضفان في الباطنة ( ‪ ) 72‬وكان معاصرا لجابر بن زيد ‪ ،‬ودرس على يديه ‪ ،‬كما درس أيضا‬
‫على ضمام بن السائب ‪ ،‬وأبي عبيدة ‪ ،‬وأبي نوح صالح بن نوح الدهان ( ‪ . ) 73‬وكان في زمن‬
‫أبي عبيدة ‪ ،‬إلى جانب أعضاء آخرين ‪ ،‬مسؤول عن المجالس ( ‪ ) 74‬؛ ثم إن أبا عبيدة عينه‬
‫مفتيا للباضيين في أثناء حياته ‪ ،‬ووصفه بأنه (( فقيهنا وإمامنا وتقينا )) ( ‪. ) 75‬‬

‫( ‪)1/120‬‬

‫وبمعونة هؤلء الرجال استطاع أبو عبيدة أن ينفذ سياسته بنجاح ‪ ،‬وتمكن من إنشاء دولتين‬
‫إباضيتين كانتا خطرا حقيقيا على المويين ثم على العباسيين من بعدهم في شبه الجزيرة العربية‬
‫وفي شمالي إفريقية ‪.‬‬
‫ولصح أن البصرة كانت المركز الرئيسي للنشاطات الباضية في العراق ‪ .‬على أن هنالك دليل‬
‫على وجود جماعات إباضية أخرى ناشطة في الكوفة ‪ ،‬والموصل ‪ ،‬ومكة ‪ ،‬والمدينة وبعض‬
‫أنحاء خرسان حيث برز عدد كبير من كبار العلماء وأسهموا في المذهب الباضي ‪ .‬وعرضت‬
‫آراء هؤلء جنبن إلى جنب مع آراء جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم ‪ ،‬كما هو واضح في‬
‫العمال الباضية الولى مثل (( مدونة )) أبي غانم ‪ ،‬والديوان المعروض ‪ (( ،‬وروايات ))‬
‫ضمام ‪ .‬باستثناء هذه الحقيقة ‪ ،‬فإن معلوماتنا قليلة جدا عن الجماعات وإسهامها في الحركة‬
‫الباضية من حيث النشاطات السياسية والثقافية ( ‪ . ) 76‬وعلى أي حال ‪ ،‬لقد كان للقادة‬
‫الباضيين الوائل سياسة واضحة قائمة على توجيه نشاطاتهم نحو الصقاع النائية في‬
‫المبراطورية السلمية بحيث ل يكون القضاء عليهم سهل ‪ .‬كما تجنبوا بحذر محاولة أية ثورة‬
‫علنية في العراق ‪ ،‬وركزوا على جنوبي شبه الجزيرة العربية ( ‪ ) 77‬وشمالي إفريقية ‪ .‬وننوي‬
‫في الصفحات التالية إلقاء الضوء على انتشار التعاليم الباضية في شمالي إفريقية ‪.‬‬
‫=================================‬
‫(‪]COLOR=Green‬‬
‫(‪ )1‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 77‬‬
‫( ‪ ) 2‬ابن حجر تهذيب ‪. 39 / 2 ،‬‬
‫( ‪ )3‬روايات إباضية ‪ ،‬مخطوطة ‪ 20‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 70 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 83 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬الجاحظ ‪ ،‬البيان والتبيين ‪ ،‬تحقيق السندوبي ‪. 227 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 28 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 6 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬الموسوعة السلمية ‪ ،‬ط ‪. 2‬‬
‫( ‪ ) 11‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 91 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬انظر ما تقدم ‪. 68‬‬

‫( ‪)1/121‬‬

‫( ‪ ) 13‬المبرد الكامل ‪. 910 / 3 ،‬‬


‫( ‪ ) 14‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪ 132 ،‬؛ ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 61 / 7 ،‬؛ ابن قتيبة ‪ ،‬المعارف ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 81 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 30 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬من كلم لحد طلبته عبد ال بن عبد العزيز ‪ .‬مقتطفات من مجموعة البارونية ‪ ،‬جربة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 18‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 37‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 20‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ‪ ،‬طبعة من تحقيقي ( المؤلف ) ‪ ،‬المقدمة ‪. 18 - 17 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 22‬أبو المؤثر ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20‬‬
‫( ‪ ) 23‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 121 - 120‬‬
‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪. 113‬‬
‫( ‪ ) 25‬أبو غانم الخراساني ‪ ،‬مدونة مخطوطة ‪. 8 ، 11‬‬
‫( ‪ ) 26‬انظر ما يلي ص ‪. 239 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 12 ،‬؛ البغطوري ‪ ،‬سير ‪ 5 - 4‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 124‬‬
‫( ‪ ) 28‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 11‬؛ الشماخي المصدر السابق ‪. 98 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 12 - 11 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪، 124 - 123 ،‬‬
‫المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪ 50 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 50 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 31‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪ 4 / 1 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 119‬‬
‫( ‪ ) 32‬انظر ما يلي ‪ 407‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 33‬المبرد الكامل ‪ 909 / 3 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 214 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج‬
‫البلغة ‪. 102 - 101 / 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 66 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 236 - 235 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 91 - 90 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬المصدر السابق ‪. 93 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬المصدر السابق ‪ ،‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 256 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 39‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 236‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 107 - 101 ،‬‬
‫( ‪ ) 40‬المصدر السابق ‪ 109 ، 108‬؛ الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 21،‬‬
‫( ‪ ) 41‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 21 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 124 ،‬‬
‫( ‪ ) 41‬السابق ‪ ،‬ص ‪ 368 ،‬وما يليها ‪.‬‬

‫( ‪)1/122‬‬

‫( ‪ ) 42‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 108 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 237 ،‬‬


‫( ‪ ) 43‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 44‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ 84 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 12 - 211‬‬
‫( ‪ ) 44‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬الموسوعة السلمية ط ‪. 2‬‬
‫( ‪ ) 45‬روايات إباضية مخطوطة ‪. 14‬‬
‫( ‪ ) 46‬المصدر السابق ‪. 15 - 14‬‬
‫( ‪ ) 47‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 19‬؛ ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 10 - 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 48‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 84 - 83‬‬
‫( ‪ ) 49‬أبو غانم ‪ ،‬مدونة ‪. 8 ، 11 ،‬‬
‫( ‪ ) 50‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪. 112 / 23 ،‬‬
‫( ‪ ) 51‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 22 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 124 ،‬‬
‫( ‪ ) 52‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 30 ، 29 ، 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 53‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 92 ،‬‬
‫( ‪ ) 54‬المصدر السابق ‪ 92 ،‬؛ ابن مداد ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 55‬الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 118 ،‬‬
‫( ‪ ) 56‬المصدر السابق ‪. 90 ، 84 ،‬‬
‫( ‪ ) 57‬المصدر السابق ‪ 92 ،‬؛ ابن مداد ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 58‬المصدر السابق ‪ 6 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 106 ،‬‬
‫( ‪ ) 59‬المصدر السابق ‪. 92‬‬
‫( ‪ ) 60‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 85 ،‬‬
‫( ‪ ) 61‬المصدر السابق ‪. 91‬‬
‫( ‪ ) 62‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪. 173 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 63‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 89‬‬
‫( ‪ ) 64‬المصدر السابق ‪. 90‬‬
‫( ‪ ) 65‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 13 - 12 ،‬‬
‫( ‪ ) 66‬الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 88‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 42 - 241 ،‬‬
‫( ‪ ) 67‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 104 ،‬‬
‫( ‪ ) 68‬السابق ‪ ،‬ص ‪. 164 ،‬‬
‫( ‪ ) 69‬ابن مداد المصدر السابق ‪. 29 ، 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 70‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 88 ،‬‬
‫( ‪ ) 71‬المصدر السابق ‪ 87‬؛ ‪ 96‬؛ الدرجيني طبقات ‪. 35 - 234 ،‬‬
‫( ‪ ) 72‬المصدر السابق ‪ 261‬؛ ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء ‪. 37 - 36 ،‬‬
‫( ‪ ) 73‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 4 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 74‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪ 28‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 103‬‬
‫( ‪ ) 75‬المصدر السابق ‪. 86‬‬
‫( ‪ )76‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 103 ،‬‬

‫( ‪)1/123‬‬

‫( ‪ ) 77‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة (( الباضية )) الموسوعة السلمية ‪ ،‬ط ‪. 2‬‬


‫[‪]COLOR/‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/124‬‬

‫انتشار الباضية في شمالي إفريقية‬


‫لسنا نعرف بالضبط متى بدأ المذهب الباضي يكسب له أنصارا في شمالي إفريقية ‪ .‬وفي الوقت‬
‫الذي ترسخ فيه المذهب الباضي في البصرة أثناء النصف الثاني من القرن الول الهجري ‪ ،‬كان‬
‫السلم نفسه قد ترسخ في شمالي إفريقية برغم ما لقيه في البداية من معارضة من قبل البربر ‪.‬‬
‫ويقول ليفتسكي ‪ ،‬أن أهل جبل نفوسه طلوا متمسكين بالمسيحية بعد الفتح السلمي إلى أن اعتنقوا‬
‫المذهب الباضي مباشرة ( ‪ ) 1‬على أن هذا القول تناقضه مصادر أخرى زعمت أن أهل نفوسه‬
‫اعتنقوا السلم بصورة جماعية من غير أي صراع على الطلق ( ‪. ) 2‬‬
‫وثمة حقيقة راسخة هي أن السلم انتشر حتى غدامس إلى الجنوب الغربي من جبل نفوسه ‪،‬‬
‫على يدي عقبة بن عمرو ‪ ،‬قائد الجيش الذي وجهه عمرو بن العاص نحو الغرب وافتتح طرابلس‬
‫سنة ‪ . 643 / 23‬ومن شأن ذلك أن يؤيد القول بأن بعض النفوسيين كانوا آنذاك قد اعتنقوا‬
‫السلم ‪ ،‬ثم تبنوا العقيدة الباضية في وقت لحق ‪ .‬وهنالك معلومات موثوقة تفيد أن عائلت‬
‫مسيحية كانت ل تزال موجودة في جبل نفوسه بعد أن ترسخ المذهب الباضي في الجبل ( ‪. ) 3‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن هنالك إثباتا موثوقا على أن عائلت نفوسيه معينة بقيت مسلمة ‪ ،‬عير‬
‫إباضية ‪ ،‬حتى فترة طويلة بعد أن ساد المذهب الباضي في المنطقة ‪ ،‬وبين هذه العائلت عائلة‬
‫أبي منصور إلياس ‪ ،‬من تندميرة ‪ ،‬وهي إحدى العائلت المهمة في نفوسه ( ‪ . )4‬على أنه‬
‫بالمعلومات المتوفرة ‪ ،‬وهي قليلة ومتناقضة ‪ ،‬يصعب الوصول إلى نتيجة حاسمة حول هذا‬
‫الموضوع ‪.‬‬

‫( ‪)1/125‬‬

‫وثمة شخص يدعى سلمة بن سعد الحضرمي ( ‪ ) 5‬له صلة بالبصرة وبشمالي إفريقية ف ينشر‬
‫تعاليم المذهب ‪ .‬ل يذكر تاريخ محدد لهذه المهمة ول لوصول سلمة إلى شمالي إفريقية ؛ على أن‬
‫قول مراجع إباضية موثوقة بأن سلمة جاء القيروان برفقة عكرمة ‪ ،‬مولى ابن عباس ( ‪ ) 6‬يشير‬
‫إلى أن هذه المهمة جرت قبل ‪ ، 725 / 107 - 723 / 105‬وهو التاريخ الذي يذكر لوفاة‬
‫عكرمة ( ‪ . ) 7‬وقد شبه العلماء الباضيون دور سلمة بن سعد في المغرب بدور عبد ال بن‬
‫إباض في المشرق ( ‪ . )8‬وربطوا انتشار المذهب الباضي بزيارته إلى شمالي إفريقية ‪ ،‬وهي‬
‫التي أسفرت عن إيفاد الطلبة المعروفين في وقت لحق بـ (( حملة العلم )) إلى البصرة لدراسة‬
‫التعاليم الباضية على يدي المام الثاني للمذهب الباضي ‪ ،‬أي أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪.‬‬
‫والحقيقة التي ينبغي أن ل تنسى هي أنه عند قدوم سلمة بن سعد إلى شمالي إفريقية كانت هنالك‬
‫مجموعات إباضية كبيرة موجودة من قبل في بعض المناطق الوسطى في شمالي إفريقية ‪ ،‬أي في‬
‫القسم الغربي من ليبيا ‪ .‬ولعل ذلك عائد إلى أن المبادئ الباضية كسبت لها أول أنصارا بين‬
‫المفاتحين العرب الذين قدموا في مجموعات قبلية لحتلل شمالي إفريقية ‪ ،‬واستوطنوا بعد ذلك‬
‫في البلد الجديدة ‪ .‬ثم وجدت لها دعما بين قبائل نفوسة ‪ ،‬وهوارة ‪ ،‬ولواته ‪ ،‬وزهانه ‪ ،‬وزناته ‪،‬‬
‫المحلية التي رأت في المبادئ الباضية تمثيل حقيقيا لدين السلم ل يخضعها لي حكم استبدادي‬
‫‪ ،‬ويعطيها المبرر لنضالها من أجل الحكم الذاتي في إطار الدين الجديد على قدم المساواة مع‬
‫العرب ‪ .‬ويعتقد أيضا أن السكان المحليين وجدوا في التعاليم الباضية الحافز الديني لمقاومة‬
‫الحكم الستبدادي للمويين والعباسيين ‪ .‬وواضح هنا أيضا أن الدور الهم في الصراع الباضي‬
‫الول في شمالي إفريقية لعبه العرب الذين كانوا من أصول حضرمية ويمنية ‪.‬‬

‫( ‪)1/126‬‬

‫والظاهر أن مهمة سلمة بن سعد كانت تستهدف اختيار شخصيات محلية لرسالها إلى البصرة‬
‫لتدريبها بحيث تستطيع تحمل عبء القيادة الباضية في شمالي إفريقية ‪ .‬ولمثل هذا التوجه أن‬
‫يجعل السكان المحليين ينظرون إلى التعاليم الباضية باعتبارها شيئا خاصا بهم ‪ ،‬مما يؤمن دعم‬
‫البربر الكامل للقضية الباضية ‪.‬‬
‫ومن الطموحات الرئيسة لسلمة بن سعد رغبته في أن يرى إمامة الباضية سائدة في شمالي‬
‫إفريقية ‪ .‬ويروي عن المام عبد الرحمن بن رستم أنه قال ‪ (( :‬سمعت سلمة بن سعد يقول في‬
‫القيروان )) وددت لو ظهر هذا المر ‪ ،‬يعني مذهب الباضية ‪ ،‬يوما واحدا من أول النهار إلى‬
‫آخره ثم ل آسف على الحياة بعده )) ( ‪ ) 9‬ولعل في هذه الكلمات إشارة محتملة إلى وجود‬
‫مجموعة إباضية في شمالي إفريقية قبل مجيء سلمة بن سعد ‪ ،‬لكنها ل تزال في حالة الكتمان ‪،‬‬
‫وإلى أنه لم تكن آنذاك قد جرت أية محاولة لترسيخ المامة الباضية علنا ‪.‬‬
‫والمحاولة الولى من قبل الباضيين لنشاء إمامتهم في شمالي إفريقية بدأت حين عين إلياس بن‬
‫حبيب واليا على طرابلس بعد سنة ‪ . 744 / 127‬ويروي أن إلياس صرع عبد ال بن مسعود‬
‫التجيبي ‪ ،‬من أصل حضرمي ‪ ،‬وهو أحد زعماء الجماعة الباضية في طرابلس ( ‪ . ) 10‬ول‬
‫نعرف سبب مصرع هذا الزعيم الباضي ‪ .‬ولكن علي معمر وإحسان عباس يوحيان بأن إلياس‬
‫أراد بذلك تخويف الباضيين ( ‪ ، ) 11‬وهي حقيقة تشير إلى أن الباضيين كانوا آنذاك قوة ذات‬
‫أثر كبير في طرابلس وما جاورها ‪ .‬على أنني أعتقد أن هذا العمل ربما كان نتيجة مباشرة‬
‫للثورات الناجحة التي قام بها إباضيو حضرموت واليمن في نحو ذلك الوقت في وجه بني أمية‬
‫لنشاء إمامة مستقلة ‪ .‬وطبيعي أن يكون بنو أمية حريصين على منع أي تكرار لهذه الثورات في‬
‫أية معاقل أخرى للباضية باتخاذ تدابير رادعة ‪.‬‬

‫( ‪)1/127‬‬

‫والظاهر أن إلياس بن حبيب أساء تقدير قوة الباضية ‪ ،‬وكان من شأن عمله هذا ‪ ،‬أن لم يكرههم‬
‫على الرضوخ ‪ ،‬بل أثار غضبهم ووفر السبب المباشر لثورتهم ؛ فانتخبوا الحارث بن تليد‬
‫الحضرمي إماما ؛ وبمساعدة قاضيه عبد الجبار بن قيس المرادي ‪ ،‬استطاع الحارث أن يستولي‬
‫على طرابلس وأن يقتل شخصا يدعى قيس بن نصير بن راشد ‪ ،‬مولى النصار ‪ ،‬ثأرا لعبد ال‬
‫بن مسعود التجيبي ( ‪ . ) 12‬وحكم الحارث كامل المنطقة الواقعة بين قابس وسرت ‪ ،‬غير أن‬
‫الحارث وعبد الجبار معا قتل على يدي شعيب بن عثمان أحد القادة الذين عينهم عبد الرحمن بن‬
‫حبيب لخماد الثورة الباضية ( ‪ . ) 13‬عند ذاك اختار الباضيون أبا الزاخر إسماعيل بن زياد‬
‫النفوسي قائدا لهم في صراعهم ‪ ،‬واستطاع أن يسيطر على مناطق طرابلس ( ‪ . ) 14‬وقد جاء‬
‫في المصادر الباضية أن أبا الزاخر كان (( إمام دفاع )) ( ‪ ) 15‬وهي حقيقة تشير إلى أن هذه‬
‫الفترة بقيادته كانت فترة كفاح عسكري متواصل ف يوجه أعدائه ‪ ،‬وإلى أنه لم يستطع أن ينشيء‬
‫دولة مستقرة ‪.‬‬
‫ولقد وقع هذا الصراع الول من أجل المامة في شمالي إفريقية ‪ ،‬في السنوات الواقعة بين ‪127‬‬
‫‪ 744 /‬و ‪ . 749 / 132‬وعادت بعد ذلك الجماعة الباضية إلى الكتمان طوال ثمانية أعوام ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 757 / 140‬انتخب أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري ‪ ،‬أحد (( حملة‬
‫العلم )) لمنصب المام في طرابلس ‪ ،‬فحكم المنطقة الواقعة بين سرت والقيروان وزويلة ؛ غير‬
‫أن هذه المامة الباضية لم تتمكن من مقاومة جيش الخليفة العباسي الجديد ‪ .‬وفي سنة ‪/ 144‬‬
‫‪ 761‬قتل أبو الخطاب ونحو ‪ 14000‬من أتباعه على أيدي القوات العباسية بقيادة محمد بن‬
‫الشعث ‪ ،‬والي مصر من قبل أبي جعفر المنصور ( ‪. ) 16‬‬
‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪ : 651‬الباضيون في جنوب الجزيرة العربية في العصر الوسيط ‪or .‬‬
‫‪. Folia ، 1 ، ( 1959 ) ، 3 -17‬‬

‫( ‪)1/128‬‬

‫( ‪ ) 2‬ليفتسكي ‪ :‬دراسات إباضية ‪. 54 / 1‬‬


‫( ‪ ) 3‬أبو إسحق مقدمة كتاب الوضع ‪. 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬البغطوري ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 141 ، 96 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬المصدر السابق ‪ 59 ،‬؛ ليفتسكي ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 49 - 48 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 11 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 98 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر سابق ‪ 11‬؛ المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪ 250‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬ابن حجر العسقلني ‪ :‬تهذيب التهذيب ‪. 73 - 263 / 7‬‬
‫( ‪ ) 9‬السوفي ‪ :‬سؤالت نقل عن القطب ‪ :‬شرح النيل ‪. 236 / 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 12 - 11‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 98‬‬
‫( ‪ ) 11‬ابن عبد الحكم ‪ ،‬كتاب فنوح إفريقية والندلس ‪ ،‬تحقيق البرت غاتو ‪ ،‬الجزائر ‪، 1947 ،‬‬
‫‪. 140‬‬
‫( ‪ ) 12‬علي معمر ‪ ،‬الباضية في ليبيا ‪ 450 / 1 ،‬؛ إحسان عباس ‪ ،‬تاريخ ليبيا ‪. 43 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬ابن عبد الحكم المصدر السابق ‪. 140 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬الرقيق القيرواني ‪ ،‬تاريخ إفريقية والمغرب ‪. 29 - 128‬‬
‫( ‪ ) 15‬ابن عبد الحكم المصدر السابق ‪. 142‬‬
‫( ‪ ) 16‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 77 ،‬؛ ليفتسكي ‪ :‬دراسات إباضية ‪128 - 127 / 1 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/129‬‬

‫حملة العلم‬
‫نرى لزاما علينا هنا أن نقدم عرضا لدور (( حملة العلم )) في نشر العقيدة الباضية في شمالي‬
‫إفريقية ‪ .‬والظاهر أن نشاطاتهم الثقافية بدأت خلل العقود الولى من القرن الثاني للهجرة ‪ .‬لقد‬
‫سبق أن ذكرنا أن اتصالهم بعلماء الباضية في البصرة كان بعد زيارة سلمة بن سعد إلى شمالي‬
‫إفريقية ‪ .‬وقد جرى اختيارهم من مناطق مختلفة بحيث أن أ‪:‬ثر المراكز أهمية في شمالي إفريقية‬
‫الوسط كانت ممثلة لكي يكون بالتالي لكل منطقة زعيمها الديني من السكان الصليين ‪ .‬وهؤلء‬
‫الطلبة هم ‪ :‬أبو دارا إسماعيل بن دار الغدامسي ‪ ،‬من غدامس ؛ وعبد الرحمن بن رستم ‪ ،‬وهو‬
‫فارسي الصل ‪ ،‬من القيروان ؛ وعاصم السدراتي من سدراته ‪ .‬وأبو داود القبلي النفزاوي ‪ ،‬من‬
‫نفزاوة ( جنوبي تونس ) ثم انضم إليهم أبو الخطاب عبد العلى ‪ ،‬اليمني الصل ‪ ،‬في البصرة (‬
‫‪ )1‬حيث ميزه شيخهم أبو عبيدة مسلم بأنه المام الول للباضية المرتقبة في شمالي إفريقية ‪.‬‬
‫ومن شأن ذلك أن يبين أن القوة التي كانت ل تزال البرز بالنسبة لمسألة القيادة هي قوة‬
‫المستوطنين العرب ؛ وقد أرسل أبو الخطاب إلى شمالي إفريقية لسد هذه الحاجة ‪ .‬ولم يكن بين‬
‫أفراد هذه البعثة أي نفوسي لن ممثل نفوسة في بعثة مماثلة ‪ ،‬ابن مغطير الجناوني كان قد ذهب‬
‫إلى البصرة ثم عاد في وقت باكر ( ‪. ) 2‬‬

‫( ‪)1/130‬‬

‫وقام أبو عبيدة نفسه بتدريب هؤلء الطلبة فقضوا معه خمس سنوات ‪ ،‬وكان راضيا عن المستوى‬
‫الذي بلغوه ‪ .‬وبالضافة إلى كفاحهم السياسي الذي بدأ سنة ‪ 757 / 140‬بقيادة أبي الخطاب ‪ ،‬ثم‬
‫استمر بقيادة زميله عبد الرحمن بن رستم الذي تمكن من الفرار إلى وسط الجزائر بعد وفاة أبي‬
‫الخطاب حيث أنشأ المامة الرستمية سنة ‪ 776 / 160‬ودامت حتى ‪ ، 980 / 296‬وأدى (( حملة‬
‫العلم )) دورا هاما في نقل التعاليم التي تلقوها في البصرة إلى رفاقهم الباضيين في شمالي‬
‫إفريقية ‪ .‬ولسنا نعرف هل أتوا بهذه التعاليم خطية ‪ ،‬والواقع أن العمل الخطي الوحيد الذي ينسب‬
‫إلى أحد (( حملة العلم )) هو (( تفسير )) عبد الرحمن بن رستم ( ‪ . ) 3‬ويروي أن العقيدة‬
‫الباضية بالشكل المكتوب من قبل أبي عبيدة مسلم كانت موجودة في فزان في ليبيا في منتصف‬
‫القرن الثاني للهجرة ‪ .‬وفي رسالة إلى العالم الفزاني عبد القهار بن خلف ‪ ،‬كتب جناو بن فتى‬
‫المديوني ‪ ،‬من قبيلة مديونة من البربر يرغبه في القدوم عليه لدراسة كتب أبي عبيدة (( لعل ال‬
‫أن يحيى بك أهل هذه الدعوة ‪ ،‬وأحب تعجيل ذلك لني على آخر أيامي واقترب أجلي )) ( ‪. ) 4‬‬
‫لسنا نعلم كيف انتقلت كتب أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة إلى يدي العالم الفزاني ؛ ولعله درس‬
‫على أبي عبيدة في البصرة وعاد بها معه ‪.‬‬
‫والمسألة التي ينبغي أن نؤكد عليها هنا هي أن الشكل النهائي للعقيدة الباضية ترسخ في‬
‫البصرة ‪ ،‬ونقل إلى شمالي إفريقية بواسطة الطلبة الدعاة وهم ‪ ،‬على ما يبدو ‪ ،‬أكثر من الخمسة‬
‫الذين ذكرناهم فيما مضى ؛ وهم معروفون في المصادر الباضية باسم (( حملة العلم )) ‪.‬‬
‫والواضح أيضا أن التصالت بين مركز الحركة الباضية في البصرة وشمالي إفريقية ترسخت‬
‫في مرحلة باكرة من تاريخ هذه الخيرة ‪.‬‬

‫( ‪)1/131‬‬

‫ول دليل على وجود علماء إباضيين بين البربر قبل عهد أبي عبيدة مسلم ‪ .‬وأول عالم إباضي من‬
‫البربر ذكر في المصادر الباضية هو ابن مغطير الجناوني الذي درس على أبي عبيدة في‬
‫البصرة قبل أن يحدد هذا الخير آراءه النهائية بشأن نظام الفقه الباضي ( ‪ . ) 5‬ولقد كان ابن‬
‫مغطير مفتي جبل نفوسة قبل عودة (( حملة العلم )) الخمسة ‪ .‬وتذكر المصادر الباضية كذلك‬
‫عمرو بن يمكتن بأنه أول عالم إباضي من نفوسة بدأ بتدريس القرآن في مسجد قريته إفاطمان ‪.‬‬
‫وصار بعد ذلك أحد القادة المهمين في نفوسة ن واشترك في حروب أبي الخطاب بوجه الجيش‬
‫العباسي ( ‪. ) 6‬‬
‫وبناء على المعلومات المتوفرة يتضح أن إباضيي شمالي إفريقية كانوا على صلة راسخة بالبصرة‬
‫لدراسة التعاليم الباضية منذ البداية ‪ .‬كذلك من الثابت أيضا أن مثل هذه التصالت كانت قائمة‬
‫حوالي نهاية القرن الول للهجرة ‪.‬‬
‫وكان إباضيو شمالي إفريقية يعتمدون إلى حد كبير على علماء البصرة ‪ ،‬ل سيما أبي عبيدة مسلم‬
‫‪ ،‬في أية مشكلة يواجهونها في المسائل الشرعية والفقهية ‪ .‬ومن بين العمال الباقية مما كتبه أبو‬
‫عبيدة إلى أهل المغرب (( رسالة عن الزكاة )) كتبها إلى شخص يدعى إسماعيل بن سليمان‬
‫المغربي ( ‪ . ) 7‬كذلك روى الجيطالي أن أبا عبيدة وجه (( جوابات )) على مسائل فقهية لهل‬
‫المغرب ( ‪ ) 8‬لكن هذه الجوابات ل تزال مفقودة ‪ .‬والمفترض أن هذه التصالت كانت شديدة‬
‫الفعالية في عهد أبي عبيدة قبل عودة الطلبة الخمسة (( حملة العلم )) إلى إفريقية وقد تحملوا‬
‫عبء نشر التعاليم الباضية وتعميق جذورها بين أهل المغرب ‪ .‬والقسم الهم من هذه المهمة قام‬
‫به أبو درار الغدامسي ‪ ،‬وأبو داود القبلي وعبد الرحمن بن رستم ‪ .‬وأما الخران ‪ ،‬أي أبو‬
‫الخطاب عبد العلى وعاصم السدراتي فوجها نشاطاتهما نحو الكفاح السياسي والعسكري ‪ ،‬وتوفيا‬
‫قبل أن يستطيعا الستقرار للسهام في النشاطات الثقافية ‪.‬‬

‫( ‪)1/132‬‬

‫وتواصلت التصالت بين الجماعتين الباضيتين في المشرق وفي المغرب طوال الوقت ‪ .‬وحين‬
‫انتخب عبد الرحمن بن رستم لمامة تاهرت ‪ ،‬أرسل إباضيو المشرق وفدا خاصا لفحص مسلكه ‪،‬‬
‫حتى إذا ما اقتنع الوفد به ‪ ،‬منحوه الدعم الكامل أدبيا وماليا ‪ .‬بعد ذلك كلما حدث أي نزاع بين‬
‫إباضيي شمالي إفريقية سعى هؤلء إلى احل لدى زملئهم في المشرق ‪ .‬وهنالك عدد من‬
‫(( الرسائل )) كتبها علماء المشرق يعرضون فيها آراءهم حول القضايا الدينية والسياسية التي‬
‫كانت تنشأ بين الباضيين في المغرب ( ‪. ) 9‬‬
‫وكانت المؤلفات الباضية التي يكتبها علماء المشرق تقدم إلى الباضيين في المغرب ( ‪. ) 10‬‬
‫وطلب عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم في عهده كتبا من المشرق ‪ ،‬ونسخ زملؤه‬
‫الباضيون في المشرق حمولة أربعين جمل من المواد على ورق قيمته ألف دينار دفعها المام‬
‫عبد الوهاب وأرسلوها إليه ( ‪ . ) 11‬وفي عهد عبد الوهاب أيضا ذهب أبو غانم بشر غانم‬
‫الخرساني إلى تاهرت لعرض أعماله على المام ‪ .‬وظلت التصالت الثقافية بين الجماعتين قائمة‬
‫مترسخة ‪ ،‬وكان المؤتمر السنوي للباضيين يعقد في أثناء الحد فكانوا يلتقون في مكة لتبادل‬
‫الخبار ومقارنة الملحظات ‪.‬‬

‫( ‪)1/133‬‬

‫وبوجه عام كان الدور الذي لعبه إباضيو شمالي إفريقية في تطوير الفكر الباضي ضئيل ‪ ،‬لكنهم‬
‫حافظوا عليه من الناحيتين النظرية والعملية ‪ .‬وبعد رجوع (( حملة العلم )) ‪ ،‬برز عدد من‬
‫العلماء الكبار بين إباضيي المغرب عرفوا بطلبة (( حملة العلم )) ‪ ،‬ومنهم ‪ :‬عبد الوهاب بن عبد‬
‫الرحمن بن رستم ‪ ،‬وعبد الخليل الدركلي ‪ ،‬ومحمد بن يانس ‪ ،‬وآخرون ( ‪ . ) 12‬وبعد تأسيس‬
‫مدينة تاهرت ‪ ،‬عاصمة المامة الباضية ‪ ،‬تحولت هذه المدينة إلى أحد أهم المراكز لبث التعاليم‬
‫الباضية ‪ .‬وكان الئمة أنفسهم يؤدون دورا في التعليم وكتابة الكتب ؛ وكانت هنالك مراكز‬
‫أخرى في نفوسة وفي أماكن أخرى في المغرب ‪ .‬وبعد انهيار إمامة تاهرت انتقلت نشاطات‬
‫الباضية الفكرية إلى وارجلن ووادي ريغ ‪ .‬كذلك أصبحت جزيرة جربة أحد المراكز الثقافية‬
‫الرئيسة نتيجة نشاطات مجلس العزابة في المنطقة ( ‪ . ) 13‬ولعب جبل نفوسة ‪ ،‬برغم ضعف‬
‫اتصالته بإمامة تاهرت بعد معركة مانوا بوجه الغالبة سنة ‪ 896 / 283‬دورا مستقل تقريبا في‬
‫الحفاظ على التعاليم الباضية ؛ ونشأت مراكز ومدارس عديدة في مناطق مختلفة في الجبل لتعليم‬
‫العقيدة الباضية ‪ .‬ونشأ عدد كبير من العلماء الباضيين الكبار بين الجماعات الثلث في جبل‬
‫نفوسة ‪ ،‬وجزيرة جربة ‪ ،‬ووسط شمالي إفريقية أي جنوبي تونس والجزائر ‪ ،‬وأسهموا في‬
‫الدراسات الباضية إسهاما كبيرا ‪ .‬ول تزال الغالبية من هذه العمال الهامة التي كتبها هؤلء‬
‫العلماء عبر القرون موجودة وهي تستحق اهتماما أكاديميا خاصا بها‪.‬‬
‫==================================================‬
‫( ‪ ) 1‬ابن عذاري ‪ ،‬البيان ‪ 72 / 1 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 10‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 33‬؛ البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 4 - 3‬‬
‫( ‪ ) 3‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 76‬؛ ليفتسكي ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 17 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬ما يلي ( ‪ ، 191 ، 141‬هامش ‪. ) 10‬‬
‫( ‪ ) 5‬أجوبة علماء فزان مخطوطة ‪ 3‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 191 ،‬‬

‫( ‪)1/134‬‬

‫( ‪ ) 6‬السابق ( ‪ ) 196 ، 169‬هامش ‪. 93‬‬


‫( ‪ ) 7‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم وشرائع الدين ‪ [ 50 ،‬تحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 126 ،‬‬
‫( ‪ (( ) 8‬وصف مخطوطات إباضية جديدة )) لمؤلف الكتاب في ‪ . J.S.S 15 / 1 / 67 - 68‬لعل‬
‫إسماعيل بن سليمان المغربي المذكور في مقالة أبي عبيدة هو نفسه إسماعيل بن زياد النفوسي ‪،‬‬
‫إمام (( الدفاع )) الذي انتخب بعد وفاة الحارث ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬الجيطالي ‪ :‬شرح النونية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 187 ، 146 ،‬؛ ابن سلم المصدر السابق ‪ 63 - 60‬؛ الدرجيني ‪،‬‬
‫طبقات ‪. 72 - 71 ، 52 - 51 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬السالمي ‪. 25 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 13‬عن سيرتي أبي خليل ومحمد بن يانس ‪ ،‬انظر ليفتسكي ‪ :‬مصدر سابق ‪ 30 - 27 ،‬؛‬
‫‪. 101 ، 87‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/135‬‬

‫الفصل الرابع الفقه الباضي‬


‫في العام ‪ 1903‬كتب الستاذ دنكان مكدونالد ‪ (( :‬إننا نعلم القليل نسبيا عن الفقه الباضي ‪.‬‬
‫فالدراسة الشاملة للفقه الباضي ذات أهمية قصوى ‪ ،‬لنه يعود في تسلسل نشأته إلى ما قبل‬
‫تشكيل أي من المدارس الفقهية الخرى )) ( ‪. ) 1‬‬
‫على أن الدراسة الشاملة للفقه الباضي لم تجر منذ ذلك الوقت كما كان هذا العالم البحاثة يأمل ‪.‬‬
‫وبدل من ذلك فقد عومل الفقه الباضي من قبل الذين درسوا الفقه السلمي بالقليل من الهتمام‬
‫وكان يشار إليه على الدوام بأقوال عامة قليلة القيمة ‪.‬‬
‫ومع أن شاخت كان يعي حقيقة أن مذهب الفقه الباضي ينسب إلى التابعي جابر بن زيد ( ‪، ) 2‬‬
‫فإنه ختم ملحظته بشأنه بالقول إن الباضيين استمدوا فقههم من المذاهب السلمية القائمة ( ‪) 3‬‬
‫‪.‬‬
‫وخلفا لما يعلنه فإن المذهب الباضي أخذ منذ البداية خطا منفصل ‪ .‬لقد كانت له مرجعياته‬
‫المستقلة الخاصة به ‪ ،‬ومجموعاته الحديثية ‪ ،‬وأعمال فقهائه ‪ .‬ويبدو أن شاخت أنساق إلى هذه‬
‫النظرة للسباب التالية ‪ :‬النقص في المعلومات بشأن المصادر الساسية للفقه الباضي ؛ والنظرة‬
‫العامة القائلة بأن الباضيين فئة من حركة الخوارج ‪ .‬وبما أن الباضيين ‪ ،‬كالسنة ن كانت لهم‬
‫آراء مناقضة لراء الخوارج حول نقاط معينة ‪ ،‬فقد اعتقد أن الباضيين استمدوا هذه الراء من‬
‫المذاهب السنية ‪ .‬وهو أخيرا ‪ ،‬ينفي باتا حقيقة كون الخصائص المشتركة بين المذاهب الفقهية‬
‫السلمية المختلفة هي أقدم من قيام هذه المذاهب ( ‪. ) 4‬‬
‫وفي هذا الفصل نأخذ على أنفسنا أن ندرس نشؤ مذهب الفقه الباضي ‪ ،‬وتأسيسه ‪ ،‬وتطوره ‪،‬‬
‫ونقاط الختلف بين الباضية والمذاهب السلمية الرئيسة الخرى ‪.‬‬

‫( ‪)1/136‬‬

‫يعد الفقه الباضي أحد أقدم المذاهب الباقية بين مذاهب الفقه السلمي ‪ ،‬إن لم نقل أقدمها ‪ .‬ويعود‬
‫قيامه إلى التابعي جابر بن زيد الزدي وزميله المعاصر له ‪ ،‬وتلميذه ‪ ،‬أبي عبيدة مسلم بن أبي‬
‫كريمة ‪ .‬فقول مكدونالد (( بأن الفقه الباضي لبد أنه جمع وصنف ‪ ،‬إلى هذا الحد أو ذاك ‪ ،‬على‬
‫يدي عبد ال بن إباض )) ( ‪ ) 5‬غير صحيح ‪ .‬فقد دل البحث الدقيق بأن عبد ال بن إباض لم‬
‫يقدم أي إسهام للفقه الباضي ‪ ،‬وإن دوره الرئيس انحصر في الكلم وفي العقيدة السياسية‬
‫للباضية ‪.‬‬
‫والرجل الذي كان مسؤول فعليا عن تأسيس مدرسة للفقه الباضي هو جابر بن زيد ‪ .‬وهو محدث‬
‫‪ ،‬وفقيه ؛ وبسبب معرفته الواسعة بالقرآن وبأحاديث الرسول ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬فقد كان‬
‫قادرا أن ينشيء مذهبا مستقل ‪ ،‬وأن يجذب إليه عددا من المتعلمين ‪ .‬وفي وقت لحق راح هؤلء‬
‫يطورون آراء وينشرونها ‪.‬‬
‫واتخذ الفقه الباضي شكله النهائي على يدي تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة في سنواته‬
‫الخيرة ‪ ،‬وعلى يدي الربيع بن حبيب ‪ ،‬تلميذ جابر بن زيد وأبي عبيدة معا ‪ .‬غير أن جابر بن‬
‫زيد يظل الشخصية ذات الهمية الكبرى في تأسيس هذا المذهب ‪ .‬وبالضافة إلى مهارته مفتيا‬
‫صرف معظم حياته لصدار الحكام الشرعية وضبط آرائه باستشارة صحابة الرسول الحياء ‪،‬‬
‫والتابعين البارزين ‪ ،‬وكان كذلك صلة الوصل الساسية يبن أتباع مذهبه وأولئك الصحابة الذين‬
‫لعبوا الدور الرئيس في صياغة الراء حول الشؤون الدينية والشرعية ونشرها ‪.‬‬

‫( ‪)1/137‬‬

‫والدور الطليعي الذي لعبه جابر في تأسيس المذهب الباضي معترف له به بوضوح من قبل‬
‫المام الثاني للباضية ‪ ،‬أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه‬
‫فهو ضال ‪ .‬ولول أن ال من علينا بجابر بن زيد لضللنا ( ‪ . ) 6‬وحقيقة كون جابر صاحب‬
‫مذهب فقهي مستقل أمر اعترفت له به المرجعيات السنية أيضا ‪ .‬يقول أبو زكريا النووي ( ت‬
‫‪ ) 1277 / 676‬في كتابه (( تهذيب السماء )) بعد الحديث عن جابر بن زيد ‪ ،‬ومدرسيه ‪،‬‬
‫وتلميذه (( اتفقوا على توثيقه وجللته وهو معدود في أئمة التابعين وفقهائهم وله مذهب يتفرد‬
‫به )) ( ‪. ) 7‬‬
‫لقد سبق أن ذكرت قصة حياة جابر ونشاطاته مفتيا ( ‪ . ) 8‬أما هنا فإننا بالدرجة الولى معنيون‬
‫بإسهامه وبمقاربته فقهيا ‪ .‬وقد سجلت فتاويه أو أحكامه الشرعية من قبل كلبه الباضيين وهي‬
‫تشكل جزءا هاما من أساس المذهب الباضي في الفقه ‪.‬‬
‫وقد كانت مصادر الحكام الشرعية المعروفة لدى جابر والتي استخدمها هي القرآن والسنة ‪،‬‬
‫وآراء الصحابة ( الثار ) ‪ ،‬ثم رأيه الخاص ‪.‬‬
‫بالنسبة للقرآن ‪ ،‬كان جابر يملك معرفة تامة بتفسيره من شيخه ابن عباس الذي يعتبر خير مرجع‬
‫في تفسير القرآن ‪ .‬والثقتان اللذان نقل عنهما القسم الكبر من المعلومات في التفسير ‪ ،‬أي مجاهد‬
‫وقتادة ‪ ،‬كانا على صلة وثيقة بجابر ‪ .‬والواقع أن قتادة كان أحد تلمذة جابر ( ‪. ) 9‬‬
‫( ‪)1/138‬‬

‫ومن الطريف أن نؤكد هنا أنه لم توجد أية أعمال إباضية خاصة بالتفسير خلل المائة والخمسين‬
‫سنة الولى من الهجرة ‪ .‬ولقد ذكرت المصادر الباضية تفسير عبد الرحمن بن رستم ( ‪) 10‬‬
‫أحد تلمذة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬وأول إمام في إمامة تاهرت الباضية ‪ .‬والتفسير‬
‫الثاني الكامل هو لهود بن محكم الهواري الذي وضع خلل القرن الثالث للهجرة ( ‪ . ) 11‬وأهم‬
‫وأكبر تفسير وضعه مؤلف إباضي هو تفسير أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني ( ت ‪.‬‬
‫‪ . ) 11 ( ) 1174 / 570‬على أن هذا العمل ل يزال مفقودا ؛ والعثور على هذا الكتاب يشكل‬
‫قيمة كبيرة للدراسات السلمية والباضية ‪.‬‬
‫وتفسير اليات القرآنية التي تتناول القضايا الفقهية والدينية موجود في تلك العمال التي تضم‬
‫الفتاوى والروايات المنقولة عن جابر وأبي عبيدة ‪ .‬أما اليات التي تتناول المسائل الشعرية‬
‫فمعالجة في عمل خاص للشيخ أبي المؤثر الصلت بن خميس وهو أعمى ‪ ( .‬ت ‪ 278 :‬هـ ) ‪.‬‬
‫وعنوان مؤلفه (( تفسير آيات الحكام )) أو (( تفسير الخمسمائة آية )) ( ‪. ) 13‬‬
‫وأما بالنسبة لدراسات جابر بن زيد ‪ ،‬فقد اكتسب معرفته بالسلم ونظامه الديني والفقهي عبر‬
‫عدد من الصحابة ‪ ،‬ل سيما ابن عباس ‪ ،‬وابن عمرو ‪ ،‬وعبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعائشة ‪ .‬ثم إن‬
‫المام الباضي أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة يزعم أنه تتلمذ في المذهب الباضي على الصحابة‬
‫عبد ال بن عباس وعبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعبد ال بن سلم ووصفهم بأنهم (( راسخون في‬
‫العلم )) ‪ .‬ثم أضاف قائل ‪ (( :‬لقد اقتفينا خطاهم ‪ ،‬وتبعنا أقوالهم ‪ ،‬واعتمدنا على تصرفهم وقلدنا‬
‫أساليبهم )) ( ‪. ) 14‬‬
‫وقد سبق أن ذكرنا أن المصادر الساسية التي استخدمها جابر بن زيد لتكوين الحكام الشرعية‬
‫هي القرآن ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬والثار ‪ ،‬والرأي ‪.‬‬

‫( ‪)1/139‬‬

‫والسنة ‪ ،‬وهي أقوال الرسول ( صلى ال عليه وسلم ) وأعماله ‪ ،‬وموافقته على أعمال وأقوال‬
‫معينة من قبل صحابته ‪ ،‬ومعروفة لدى الثقات الباضية الولين بأوسع معانيها ‪ .‬وفي ذلك قال‬
‫شاخت ‪ (( :‬أول دليل موثوق بالطبع ‪ ،‬على استعمال عبارة (( سنة الرسول )) بالشارة إلى‬
‫استعمالها السياسي الصلي الذي مثل رابطة عقائدية بين (( سنة الرسول )) وسنة أبي بكر ‪،‬‬
‫وعمر ‪ ،‬والقرآن ‪ ،‬وردت في رسالة وجهها عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان نحو ‪76‬‬
‫‪ . ) 15 ( 695 /‬على أن المراجع الباضية استعملت هذه العبارة بمعناها التقني منذ الفترة‬
‫الباكرة لتأسيس مذهبهم ‪ .‬وقد استعمل جابر بن زيد هذه العبارة في رسالتين من رسائله ‪ .‬وفي‬
‫رسالة إلى عثمان بن ياسر ‪ ،‬كتب جابر ‪ ( :‬فأما الذي كتبت تسألني عنه من المملوك هل يصلي‬
‫ولم يختتن ‪ ،‬فإن الختان من المسلمين سنة واجبة ل ينبغي تركها ‪ ،‬ويكره أن تتركوا لكم مملوكا‬
‫غير مختون ‪ ،‬ول يصلي حتى يختتن )) ( ‪ . ) 16‬وفي رسالة أخرى للحارث بن عمرو ‪ ،‬كتب‬
‫جابر مرة أخرى ‪ (( :‬وأما ما ذكرت من رجل يصلي المغرب والعشاء والصبح لم يقرأ فيهن‬
‫بشيء من القرآن ‪ ،‬فإنه أحب إلي أن يعيد صلته فيقرأ منها ‪ ،‬فإنه قد ترك سنة فيها ‪ ،‬إل أن‬
‫يكون رجل أميا ل يقرآ واغتم ‪ ،‬فإن ال ل يكلف نفسا إل وسعها )) ( ‪. ) 17‬‬
‫كذلك ذكر جابر كلمة (( السنة )) في رسالته إلى طريف بن خليد بالقول التالي ‪ (( :‬وأما الذي‬
‫ذكرت من أن إماما يؤم الناس في الصلة الواجبة ‪ ،‬ولكنه ترك فيها الركوع وتبعه في ذلك‬
‫المأمومون ‪ ،‬فالفضل لهم إعادة صلتهم تلك لنهم بذلك قد خالفوا السنة )) ( ‪ . ) 18‬ثم إن هذين‬
‫الخبرين الخيرين مذكوران في كتاب جابر بن زيد كما رواه حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن‬
‫هرم عن جابر بن زيد ( ‪. ) 19‬‬

‫( ‪)1/140‬‬

‫وعند مناقشة الخوارج المتطرفين ‪ ،‬قال سالم بن ذكوان ‪ ،‬وهو معاصر لجابر بن زيد ‪ (( :‬لسنا‬
‫ممن يزعم أنه أفاد اليوم علما في القرآن والسنة حتى غلبهم )) ( ‪ . ) 20‬إن دور السنة كمصدر‬
‫ثان للفقه الباضي ذكره بصراحة أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬خليفة جابر بن زيد ‪ ،‬في عدد‬
‫من القوال ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬إن إمام المسلم هو القرآن ‪ ،‬ودليله هو سنة رسول ال ‪ ،‬يحب فقط ما يحبه ال ورسوله ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬بالنسبة لحكم المام ‪ :‬هل يمكن لعلماء المة أن يغيروه أم ل ‪ ،‬قال أبو عبيدة مسلم ‪ :‬إذا‬
‫كان حكمه معارضا لما في الكتاب والسنة ‪ ،‬وكان الحكم على هذه القضية معروفا في القرآن وفي‬
‫السنة ‪ ،‬فإن عليهم أن يغروا ما هو مناقض للكتاب وللسنة ( ‪. ) 21‬‬
‫( ‪ ) 3‬الخير فيما اختار ال ورسوله ‪ ،‬والضرر في معارضتهما ؛ ل يمكن لحد أن يكون مصيبا‬
‫إل إذا كان موافقا لهما ( ‪. ) 22‬‬
‫وتمسك تلمذة أبي عبيدة بهذا النهج نفسه ‪ ،‬وقد ذهب بعضهم إلى حد رفض أحكام المراجع‬
‫الباضية الولى كجابر بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة ‪ ،‬حين نقلت أحاديث موثوقة بالنسبة لقضية معينة ‪،‬‬
‫حتى من قبل مراجع غير إباضية ( ‪ . ) 23‬وبالنسبة لمسألة (( الحيازة )) قيل إن جابر بن زيد ‪،‬‬
‫أضاف ‪ ،‬على سبيل الحتياط ‪ ،‬عشر سنوات أخرى على السنوات العشر التي حددها الرسول‬
‫كمدة قصوى للستيلء على حق حيازة الرض أو الممتلكات ‪ ،‬إذا لم يتقدم المالك الصلي بدعاء‬
‫ملكيته خلل تلك السنوات العشرين ‪ .‬غير أن عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬تلميذ أبي عبيدة ‪ ،‬رفض‬
‫رأي جابر على أساس حديث الرسول كما روته المراجع المدنية والكوفية معا وهو أنه حدد مدة‬
‫الحيازة بعشر سنوات فقط ( ‪ . ) 24‬وختم قوله بما يلي ‪ (( :‬إن ما قاله الرسول هو وحده الحقيقة‬
‫‪ .‬والسنة أول ‪ ،‬شرط أن تكون سنة موثوقة عن الرسول ‪ .‬أما القياس ‪ ،‬ولو كان قديما ‪ ،‬فل يمكن‬
‫له أن يحل محل السنة )) ( ‪. ) 25‬‬
‫============================‬

‫( ‪)1/141‬‬

‫( ‪ ) 1‬عن إباضية جربة انظر علي معمر (( الباضية في تونس )) ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬مكدونالد ‪ (( :‬تطور الفقه ‪ ،‬والشرع والنظرية الدستورية في السلم )) ‪ ،‬بيروت ‪1965 ،‬‬
‫‪. 116 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬شاخت ‪ ،‬ج ‪ .‬نشأة الفقه السلمي ‪. 261 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬المصدر السابق ‪. 260 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬مكدونالد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 116 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪ 37 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1‬‬
‫( ‪ ) 8‬النووي ‪ ،‬تهذيب السماء ؛ تحقيق ر ‪ .‬دوزي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ) ‪. 140 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬أنظر ما تقدم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 90 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 44‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 139 ،‬؛ انظر ابن الصغير ‪17 ،‬‬
‫[ ط دار الغرب السلمي ‪ ، ] 45 ،‬حيث ينفي أن يكون عبد الرحمن قد كتب أي كتب ‪ .‬انظر‬
‫كذلك ‪ :‬موتيلنسكي ‪Bibliographie du Mzab" Bulletin de Corresp Afric" ، 1885" ،‬‬
‫‪. ، 23 - 24‬‬
‫( ‪ ) 12‬يعد شريفي بالحاج من القرارة مزاب ‪ ،‬نسخة علمية محققة للتفسير ‪ .‬انظر الذهبي ‪،‬‬
‫محمد حسين ‪ ،‬التفسير والمفسرون ‪ ،‬القاهرة ‪ [ ، 11 ، 1961 ،‬وقد صدر عن دار الغرب‬
‫السلمي سنة ‪. ] 1995‬‬
‫( ‪ ) 13‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ ، 221 - 220 ،‬نسب إيلي أديب سالم في كتابه (( النظرية‬
‫والمؤسسة السياسية لدى الخوارج )) ‪ ، 68 ،‬هذا التفسير للربيع بن حبيب ‪ ،‬لكن ذلك خطأ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 14‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 219 ،‬؛ أخبرني الشيخ بيوض إبراهيم بن عمر من القرارة مزاب ‪،‬‬
‫أن مخطوطات هذا التفسير للصلت بن خميس موجودة في مزاب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪ 37 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬شاخت (( مدخل إلى الشرع السلمي )) ( أوكسفورد ‪. 18 ، ) 1964 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات جابر ‪ ،‬تحقيق المؤلف مخطوطة ‪ ،‬رقم ‪. 4 ، 2‬‬
‫( ‪ ) 18‬المصدر السابق ‪ ،‬رقم ‪. 14 ، 5‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 20‬جابر بن زيد ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ ، 5 ،‬انظر البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪. 204 / 1 / 2‬‬

‫( ‪)1/142‬‬

‫( ‪ ) 21‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 221 ،‬‬


‫( ‪ ) 22‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪. 15 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬الديوان المعروض ‪ ،‬كتاب الممتنعين من الحدود ‪ ،‬مخطوطة ‪. 4‬‬
‫( ‪ ) 24‬أبو عبيدة ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ، 10 ،‬انظر أيضا رسالة في الزكاة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 11‬‬
‫( ‪ ) 25‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ ،‬مخطوطة ‪400‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/143‬‬

‫السهام الباضي في حقل الحديث‬


‫لقد تمثل توق المراجع الباضية الولى إلى إتباع سنة الرسول بإسهامهم في ميدان الحديث واعتبر‬
‫الباضية أنفسهم التابعين الحقيقين للسنة ؛ واستعمال عبارة (( السنة )) للتعبير عن المذاهب‬
‫السلمية الفقهية السنية الربعة مرفوض بصورة عامة من قبل الباضيين على أساس أنهم هم‬
‫أيضا ‪ ،‬إن لم يكونوا وحدهم ‪ ،‬التابعون الحقيقيون للسنة ( ‪ . ) 1‬وأسهموا في ميدان الحديث بأن‬
‫حفظوا ودونوا مجموعاتهم الخاصة بهم من الحديث ‪ .‬إن جميع العلماء الوائل الذين أسسوا‬
‫المذهب الباضي كانوا محدثين بارزين أمثال جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي نوح صالح بن نوح الدهان ‪،‬‬
‫وحيان بن العرج وأسماءهم معروفة جيدا في مجموعات الحديث السلمية ‪ ،‬وهم معتبرون من‬
‫قبل المحدثين (( ثقاة )) ( ‪ . ) 2‬أما بالنسبة للعلماء الخرين أمثال أبي سفيان محبوب بن‬
‫الرحيل ‪ ،‬فقد كانوا محدثين أيضا ‪ ،‬ونظر إليهم المحدثون السنة بأنهم (( ثقاة )) ولو أنهم لم‬
‫يكونوا معروفين إلى الحد الذي عرف به المذكورون سابقا ( ‪ . ) 3‬وبالضافة إلى نقل أحاديث‬
‫الرسول ‪ ،‬فإن جابر بن زيد أسهم في تدوين أحاديث الرسول بكتابة الحاديث نقل عن زملئه (‬
‫‪ ) 4‬وبالسماح لطلبه بأن يسجلوا الحاديث بناء على مصداقيته ( ‪ . ) 5‬ثم كررت المصادر‬
‫الباضية المعلومات التي ذكرها أبو زكريا الوارجلني في (( سيرة )) عن ديوان جابر ب زيد ‪،‬‬
‫والذي كان موجودا في مكتبة الخليفة العباسي هارون الرشيد ( ‪ . ) 6‬كذلك ذكر حاجي خليفة‬
‫ديوان جابر بن زيد ( ‪ ) 7‬لكنه لم يذكر أية معلومات إضافية عن الديوان أو عن مصدر معلوماته‬
‫عنه ‪ .‬وبما أنه لم يذكر أية مصادر إباضية في كتابه ‪ ،‬فمن المحتمل أنه استمد معلوماته عن‬
‫الباضية عن الديوان ويعطينا أمل باحتمال اكتشاف أحد أقدم العمال عن الحديث ‪ ،‬في المستقبل‬
‫( ‪ . ) 8‬ويجب أخذ المعلومة التالية بعين العتبار لدعم‬

‫( ‪)1/144‬‬

‫القول بأن جابر بن زيد دون الحاديث وأنواعا أخرى من الحكام الشرعية نقل عن الصحابة‬
‫وبعض زملئه ‪ :‬قال أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي ‪ ،‬عن الشيخ يخلفتن بن أيوب ‪ ،‬عن أبي‬
‫محمد ‪ :‬إن ديوان جابر كان في عهدة أبي عبيدة ‪ ،‬ثم في عهدة الربيع بن حبيب ‪ ،‬ثم في عهدة‬
‫أبي سفيان محبوب ‪ ،‬ثم في عهدة ابنه محمد بن محبوب ‪ ،‬وهنه نسخت ( كتب أو مجلدات الديوان‬
‫) في مكة ( ‪ . ) 9‬ولعله جدير بالذكر هنا أن كلمة ديوان تستعمل في أماكن كثيرة في الخبار‬
‫الباضية بمعنى أنها مجموعة كتب ‪ ،‬ل مجرد كتاب معين بالذات ( ‪. ) 10‬‬
‫وحفظت المصادر الباضية الولى عددا من الملحظات بخصوص أصول سرد الحاديث‬
‫وتدوينها ‪ .‬وقال أبو عبيدة ‪ :‬ل يؤثر تغيير موقع كلمات في أحاديث الرسول أو الثار ‪ ،‬بأن‬
‫نقدمها أو نؤخرها إذا بقي المعنى واحدا ‪ .‬ثم سئل ‪ (( :‬ماذا بشأن إضافة أو حذف حروف كالواو‬
‫أو اللف المهموزة إذا لم يغير ذلك المعنى ؟ )) فقال ‪ (( :‬أرجو أن ل حرج في ذلك )) ‪.‬‬
‫وفي كلم له عمن يؤخذ الدين ‪ ،‬قال أبو عبيدة ‪ (( :‬ل ينبغي أن تأخذ العلم من مبتدع لنه يدعو‬
‫إلى بدعته ‪ ،‬ول من سفيه يدعو إلى سفهه ‪ ،‬ول ممن يكذب وإن كان يصدق في فتواه ‪ ،‬ول ممن‬
‫يفرز مذهبه من مذهب غيره )) ( ‪. ) 11‬‬
‫والظاهر أن معرفة الحاديث ليست ضرورية للعلماء لتدريس العلم ‪ ،‬أي الفقه ‪ ،‬أو معرفة الحكام‬
‫الشرعية ‪ .‬وقد سئل أبو عبيدة عن الشخص الذي ل يحفظ أحاديث الرسول ‪ :‬هل هو ثقة ‪ ،‬هل‬
‫يستطيع أن يدرس العلم ؟ فقال ‪ ( :‬سبحان ال ‪ ،‬أكل الناس يحفظون الحديث ؟ بل يؤخذ العلم عن‬
‫الثقات ‪ ،‬وإن كانوا ل يعلمون حديثا واحدا )) ( ‪. ) 12‬‬

‫( ‪)1/145‬‬

‫وبالنسبة لعتماد الحاديث ‪ ،‬هنالك قولن ‪ :‬الول يرد في مسائل أبي عبيدة ‪ .‬وقد سئل ‪ :‬هل‬
‫على السائل أن يتبع فتوى الشخص الموثوق إذا كان قد بناها على حديث منقول عن صحابي ؟‬
‫فقال ‪ (( :‬إذا عرفت الحق كان عليك أن تتبعه ‪ ،‬وإل فل )) ‪ .‬ثم أضاف ‪ (( :‬ينبغي أن ل تصغي‬
‫لرجل يروي لك كل ما سمعه ؛ إنما يجب عليك أن تميز الحكام الموثوقة ‪ ،‬وأن تسأل عمن هو‬
‫أعلم منه ( ‪ . ) 13‬أما بالنسبة للعودة إلى الكتب لصدار الحكام الفقهية ‪ ،‬فقد سئل أبو عبيدة عن‬
‫تلك الحالة التي قال فيها رجل عالم لرجل آخر ‪ :‬هذا هو كتابي ‪ ،‬خذه وانشره ؛ وأصدر الفتاوى‬
‫معتمدا ما فيه ‪ .‬فقال ‪ :‬ل يحق للرجل أن يفتي إل بما كان قد سمعه من الرجل العالم ‪ ،‬أو قال إنه‬
‫رآه في كتاب كذا وكذا ( ‪ . ) 14‬وذكر عبد ال بن عبد العزيز أن الحاديث التي كانت مشهورة‬
‫بين الصحابة و (( التابعين )) هي التي يجب أن تعتمد ‪ ،‬أما الشواذ فينبغي أل تؤخذ بعين العتبار‬
‫( ‪. ) 15‬‬
‫على أي حال ‪ ،‬ظهرت في وقت لحق أصول أخرى تتعلق بالحديث في عمل لبي يعقوب‬
‫الوارجلني هو (( العدل والنصاف )) ‪ ،‬وغالبية تلك الصول معروفة في كتب السنة عن علم‬
‫الحديث ‪ .‬ولعل أبا يعقوب جمع بعضها من مدرسية السنة في قرطبة ‪ ،‬أو لعل عددا من تلك‬
‫الصول انتقل إليه من مراجع إباضية تعود إلى عهود سابقة ‪ ،‬أمثال محمد بن محبوب ‪ ،‬ووالده‬
‫أبي سفيان ‪ ،‬إذ يقال أن كتبهما وقعت في يديه ( ‪ . ) 16‬ولعله من الهمية بمكان هنا أن نذكر‬
‫الصول التي وضعها الباضيون لتدوين ونسخ كتب الحكام الفقهية التي منها يمكن إصدار‬
‫الحكام الشرعية ‪ .‬والصول هي أن الناسخ ينبغي أن يكون وليا ‪ ،‬وأن الرجل الذي يملي عليه‬
‫ينبغي كذلك أن يكون وليا ‪ .‬ثم إنه ينبغي لوليين أن يراقبا الملء ‪ ،‬فيما يراقب وليان آخران‬
‫الكتابة ( ‪. ) 17‬‬
‫====================================‬
‫( ‪ ) 1‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر نفسه ‪.‬‬

‫( ‪)1/146‬‬

‫( ‪ ) 3‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 25‬؛ السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 59 / 1 ،‬‬


‫( ‪ ) 4‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب التهذيب ‪ 68 / 3‬؛ لسان ‪. 187 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 115 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬الذهبي ‪ ،‬ميزان العتدال ‪ 93 / 3 ،‬؛ الخطيب البغدادي (( تقييد العلم )) ‪ ( ،‬تحقيق يوسف‬
‫عشي ‪ ،‬دمشق ‪ 109 ، ) 1949 ،‬؛ ابن خلفون العظمي ‪ ،‬دراسات في أدب الحديث القديم ‪،‬‬
‫( بيروت ‪. 77 ، 67 ، 66 ، ) 1968 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪. 31 / 1 / 7 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 30 ،‬وما يليها ‪ [ .‬بتحقيق عبد الرحمن أيوب ( تونس ‪،‬‬
‫‪ ، ) 1985‬ص ‪. ] 140‬‬
‫( ‪ ) 9‬حاجي خليفة ‪ ،‬كشف الظنون ‪. 781 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬لعل عملي جابر هذين ‪ ،‬كتاب النكاح و كتاب الصلة ‪ ،‬الموجودين في مخطوطة الديوان‬
‫المعروض يشكلن جزءا من ديوان جابر الوارد ذكره هنا ‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 120 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬المصدر السابق ‪. 129 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪. 24 - 23 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬المصدر السابق ‪ 24 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 17‬أبو عبيدة ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 24 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/147‬‬

‫الجامع الصحيح‬
‫إن العمل الذي يضم المجوعة الباضية للحاديث ‪ ،‬بالمعنى الدقيق للكلمة ‪ ،‬هو الجامع الصحيح ‪،‬‬
‫أو مسند الربيع بن حبيب ؛ والنص الصلي للكتاب كما وضعه الربيع بن حبيب ‪ ،‬ليس بشائع‬
‫الستعمال ؛ أما النسخة الشائعة فهي التي أعاد أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني تنظيمها‬
‫بعنوان (( ترتيب المسند )) ( ‪ . ) 1‬وفي هذه النسخة الخيرة روايات إباضية زادها أبو يعقوب‬
‫وهي تحتل القسمين الثالث والرابع من الطبقات الحالية وتضم روايات الربيع في المسائل الفقهية ‪،‬‬
‫وهي كلها في القسم الثالث ‪ .‬أما في القسم الرابع هنالك راويات أبي سفيان محبوب بم الرحيل عن‬
‫الربيع ‪ ،‬وروايات المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم عن أبي غانم الخراساني ‪،‬‬
‫مراسيل جابر بن زيد ‪ .‬وفي هذه المراسيل ل يذكر حلقات السند بين جابر والرسول ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للقسمين الولين من المسند ‪ ،‬فإنهما يضمان الحاديث التي تتناول القضايا الشرعية‬
‫والدينية ‪ ،‬مرتبة وفق مجموعات السنة للحديث ‪ .‬والسناد بين القسمين الولين هو كما يلي ‪:‬‬
‫الربيع بن حبيب ‪ -‬أبو عبيدة ‪ -‬جابر بن زيد ‪ -‬صحابي ‪ -‬الرسول ‪ .‬والصحابة هم بالدرجة‬
‫الولى ابن عباس ‪ ،‬أبو هريرة ‪ ،‬وأبو سعيد الخدري ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وعائشة وآخرون ‪ ،‬ووفقا‬
‫للربيع ‪ ،‬فإن الحاديث المنقولة عن ‪:‬‬
‫عائشة ‪68‬‬
‫ابن عباس ‪150‬‬
‫أنس بن مالك ‪40‬‬
‫أبي سعيد الخدري ‪60‬‬
‫أبي هريرة ‪72‬‬
‫أما الحاديث (( المراسيل )) عن جابر بن زيد فهي ‪ ، 180‬وتلك التي عن أبي عبيدة هي ‪. 88‬‬
‫وترد الحاديث عبر السانيد التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الربيع ‪ -‬أبو أيوب النصاري ‪ -‬الرسول ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الربيع ‪ -‬عبادة بن الصامت ‪ -‬الرسول ‪.‬‬

‫( ‪)1/148‬‬

‫ج‪ -‬الربيع ‪ -‬ابن مسعود ‪ -‬الرسول ‪ ،‬وعددها ‪ . 92‬وبقية الحاديث التي أضافها أبو يعقوب في‬
‫القسمين الثالث والرابع هي ‪ . ) 2 ( 261‬أما مجموعة الحاديث الباضية فهي أقل بكثير من‬
‫مجموعات الحاديث السنية ‪ .‬وقد أكد الربيع نفسه القول الشهير حول مجموع الحاديث الموثوقة‬
‫المنقولة عن الرسول بأنها ‪ ، 4000‬منها ‪ 900‬حول الصول ‪ ،‬والباقي حول الداب والخبار ( ‪3‬‬
‫) ‪ .‬أما المجموعة الباضية بما في ذلك إضافات أبي يعقوب فتضم ‪ 1005‬أحاديث ‪.‬‬
‫ومواد مسند الربيع بن حبيب هي المواد المذكورة في مجموعات السنة نفسها ؛ وغالبية الحاديث‬
‫التي رواها الربيع بن حبيب مذكورة في المراجع السنية الخرى بالنص نفسه ‪ ،‬أو بفروق طفيفة‬
‫‪ .‬وفي التعليق على المسند أبرز السالمي الحاديث المذكورة بشكل فريد غير الشكل الوارد في‬
‫المجموعات السنية ‪ ،‬إل أن هنالك أحاديث أخرى مماثلة تعبر عن الراء نفسها ‪ ،‬تمسى اصطلحا‬
‫بالشواهد ‪ .‬على أن هنالك ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬في المجموعة الباضية عددا من الحاديث‬
‫المنقولة بإسناد السنية ‪ ،‬إذ وصف بعضها بأنه موضوع ‪ .‬والمر نفسه يقال بالنسبة لعدد من‬
‫الحاديث التي تعتبرها المراجع السنية موثوقة ‪ ،‬لكنها بالنسبة للمراجع الباضية ليست أكثر من‬
‫كذب صريح أو (( بدع )) ( ‪. ) 4‬‬

‫( ‪)1/149‬‬

‫ولم يعتمد الفقه الباضي خلل تاريخه الطويل إل على مواد إباضية مروية من قبل علماء‬
‫إباضيين ‪ .‬أما مجموعات الحاديث السنية الخرى فلم تستخدم في أية مرحلة ‪ .‬والواقع أن أول‬
‫عالم إباضي في شمالي إفريقية ذكر بعض مجموعات الحاديث السنية في أعماله هو أبو يعقوب‬
‫الوارجلني من القرن السادس للهجرة ( ‪ . ) 5‬وحتى زمن البرادي كان الباضيون ل يزالون‬
‫يثبطون استخدام مجموعات الحاديث السنية ‪ .‬ونصح البرادي في رسالته (( الحقائق )) الطلبة‬
‫الباضيين أن يمتنعوا عن قراءتها ما أمكن ( ‪ ) 6‬وهكذا فإن النظام الفقهي الباضي كان قائما‬
‫على مواد ترويها المصادر الباضية فقط ‪ .‬وتطور ‪ ،‬خلل تاريخه ‪ ،‬في إطار هذه المواد ‪ .‬ول‬
‫يمكن فهم طبيعة التشريع الباضي إل بدراسة مواده ومراجعه الصلية ‪ ،‬والظروف التي أدت إلى‬
‫تأسيس الحركة الباضية ووجهت نموها وتطورها ‪ .‬ونظر الباضيون إلى الفترة الولى في عهد‬
‫الخليفتين الولين بعتبارها العصر المثالي الذي بعده أخذت البدع والشهوات الدنيوية تسبب في‬
‫فساد المجتمع السلمي من حيث الحياة الدينية والسياسية ؛ فهدفهم هو التمسك بالمثال الذي سنة‬
‫الرسول ‪ ،‬وخليفتاه والصحابة المستقيمون ‪ ،‬وإعادة ترسيخ المجتمع على نفس أسس المجتمع‬
‫السلمي أول ‪ .‬ولذلك اختار الباضيون مصادرهم من الصحابة و التابعين الذين عاصروهم‬
‫ورووا الحاديث والثار عن أولئك الذين اعتبروهم من وجهة نظرهم ‪ ،‬مسلمين حقيقيين ‪.‬‬

‫( ‪)1/150‬‬

‫وقد جرح الباضية عددا من الصحابة ؛ والحجة الباضية لهذا الموقف مذكورة في (( العدل‬
‫والنصاف )) للوارجلني ( ‪ ) 7‬وهنالك عمل آخر خاص بهذا الموضوع ‪ ،‬هو (( كتاب‬
‫التخصيص )) للعلمة العماني أحمد بن عبد ال النزوي ( ت ‪ . ) 1161 / 557‬وبالنسبة للتابعين‬
‫ولتابعيهم ‪ ،‬حتى زمن قيام المذاهب الشرعية المختلفة ‪ ،‬فقد كانوا جميعا متأثرين بالفتنة الولى ‪،‬‬
‫وكانوا إما شيعة لعلي أو مؤيدين لمعاوية وسللة بني أمية ‪ ،‬أو مناصرين لفئة المحكمة ؛ وكان‬
‫كل فريق يرعى مجموعة خاصة به ‪ ،‬ويتجنب الخرين ( ‪ . )8‬هكذا صنف الباضيون المجتمع‬
‫السلمي واختاروا بعناية مراجعهم التي تلقوا منها المعلومات عن سنة الرسول وآثار الصحابة ‪،‬‬
‫وعليها بنوا فقههم ‪.‬‬
‫والمادة الصلية للفقه الباضي محفوظة في العمال التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الجامع الصحيح ‪ ،‬للربيع بن حبيب ‪.‬‬
‫‪ -2‬المدونة لبي غانم بشر بن غانم الخراساني ‪.‬‬
‫‪ -3‬الديوان المعروض على علماء الباضية ‪.‬‬
‫‪ -4‬روايات ضمام ( ‪ . ) 9‬ألفه صفرة عبد الملك بن صفرة ‪.‬‬
‫‪ -5‬فتيا الربيع بن حبيب ( ‪. ) 10‬‬
‫‪ -6‬كتاب نكاح الشغار لعبد ال بن عبد العزيز ‪.‬‬
‫‪ -7‬كتب ورسائل المامين الولين للمذهب الباضي ‪ ،‬جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم ( ‪. ) 11‬‬
‫وجميع العمال الباضية التالية جاءت ‪ -‬إلى حد ما ‪ -‬مبنية بالدرجة الولى على المواد‬
‫المحفوظة في العمال المذكورة أعله ‪ .‬ورغم أن مخطوطاتها ل تزال موجودة فإنها لم تخضع‬
‫لدراسة أكاديمية حتى الن ‪ .‬إن نشرة علمية دقيقة وأكاديمية لهذه العمال ستكون ذات قيمة كبيرة‬
‫‪ .‬ولعله من المفيد أن نقدم هنا ملحظات موجزة عن بعضها ‪ ،‬على أمل أني صار في وقت لحق‬
‫إلى دراية تفصيلية لها ‪.‬‬
‫====================================‬
‫( ‪ ) 1‬الديوان المعروض ‪ ،‬كتاب أيواب البيوع ‪ ،‬مخطوطة ‪. 5‬‬
‫( ‪ ) 2‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬سير ( مطبعة حجرية ‪ ،‬تونس ‪. 91 ، ) 1321‬‬
‫( ‪ ) 3‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 120‬‬

‫( ‪)1/151‬‬

‫( ‪ ) 4‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 220 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 444‬‬


‫( ‪ ) 5‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 104 - 103 / 2‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪ 104 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬شرح الجامع الصحيح ( تحقيق عز الدين التنوخي ‪،‬‬
‫دمشق ‪ 621 - 620 / 3 ، ) 1963 ،‬؛ العظمي ‪ ،‬دراسات في الحديث القديم ‪. 304 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬انظر على سبيل المثال ‪ ،‬الربيع ‪ ،‬المسند ‪ 81 / 1‬عن مسألة القنوت ؛ وأبا غانم ‪ ،‬مدونة ‪،‬‬
‫‪. 127 ، 119 ، 34‬‬
‫( ‪ ) 8‬الوارجلني ن الدليل ‪ 35 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬البرادي ‪ ،‬رسالة في الحقائق ‪ ،‬مخطوطة ‪. 23‬‬
‫( ‪ ) 10‬الوارجلني ‪ ،‬العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 85 ، 11‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬المصدر السابق ‪. 88- 87‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/152‬‬

‫‪ -1‬المدونة لبي غانم بشر بن غانم الخراساني ‪:‬‬


‫ثمة دليل على أن الراء الباضية وصلت منطقة خراسان في اليام الولى للحركة الباضية (‬
‫‪ . ) 1‬وفي القرن الثاني للهجرة برز عدد من العلماء الباضيين الذين لقبوا بالخراسانيين ‪ ،‬إما‬
‫بالولدة ‪ ،‬أو بالقامة ‪ ،‬وأسهموا بحفظ العقيدة الباضية وتدوينها عن أبي عبيدة مسلم ( ‪. ) 2‬‬
‫وبين هؤلء عالم متأخر من حيث الزمن ‪ ،‬هو أبو غانم مؤلف (( المدونة )) ؛ عاش في الفترة‬
‫الواقعة بين بداية النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة والعقود الولى من القرن الهجري الثالث‬
‫( نحو ‪ ) 820 / 205 - 765 / 148‬درس في البصرة على أيدي طلب أبي عبيدة ‪ ،‬وألف‬
‫(( المدونة )) نحو نهاية القرن الثاني للهجرة ‪ .‬رحل إلى تاهرت يحمل نسخة من (( المدونة ))‬
‫وقدمها للمام الرستمي الثاني ‪ ،‬عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ( ت ‪) 3 ( ) 805 / 190‬‬
‫‪ .‬وقد جرت هذه الرحلة إلى شمالي إفريقية نحو نهاية القرن الثاني للهجرة ‪ ،‬في أثناء عهد عبد‬
‫الوهاب ‪.‬‬
‫محتويات المدونة ( ‪: ) 4‬‬

‫( ‪)1/153‬‬

‫تحتوي المدونة على آراء العلماء الباضيين التالية أسماؤهم ورواياتهم ‪ :‬الربيع بن حبيب ؛ أبو‬
‫المهاجر هاشم بن المهاجر ؛ أبو المؤرخ عمرو بن محمد ؛ أبو سعيد عبد ال بن عبد العزيز ؛ أبو‬
‫غسان مخلد بن العمرد ؛ أبو أيوب وائل بن أيوب ؛ حاتم بن منصور ؛ ابن بعاد المصري ‪ ،‬وأبو‬
‫سفيان محبوب بن الرحيل ‪ .‬وكان هؤلء جميعا قد درسوا على يدي أبي عبيدة في البصرة ؛ وهم‬
‫من أصول مختلفة ؛ ثم استقروا في وقت لحق في أماكن مختلفة ‪ .‬كان أبو المؤرخ من قدام في‬
‫اليمن ( ‪ ) 5‬؛ وأبو عباد المصري ‪ ،‬مصري الصل لكنه عاد ‪ ،‬بعد إكمال دراساته في البصرة‬
‫إلى مصر ‪ ،‬واستقر فيها ( ‪ . ) 6‬وفي الطريق إلى تاهرت دون أبو غانم بعض الراء التي تنسب‬
‫إلى ابن عباد ‪ ،‬عن الباضيين في مصر ‪ ،‬ثم ضمها في المدونة ( ‪ . ) 7‬وأبو أيوب وائل بن‬
‫أيوب من حضرموت ( ‪ ) 8‬؛ شارك في حروب عبد ال بن يحيى الكندي في اليمن ‪ ،‬وفي إقامة‬
‫المامة الباضية في حضرموت ؛ وكان عضوا في الوفد الذي أرسل إلى مكة باسم المجموعة‬
‫الباضية التي عارضت عبد ال بن سعيد ‪ ،‬إمام حضرموت ‪ ،‬للتفاوض بشأن النشقاق بين‬
‫المجموعتين الباضيتين في حضرموت مع الئمة الباضيين في البصرة ( ‪ . ) 9‬واستقر في‬
‫وقت لحق في البصرة ‪ ،‬ثم أصبح رئيس شيوخ الباضيين في العراق ‪ ،‬بعد أن ذهب الربيع بن‬
‫حبيب إلى عمان ( ‪ . ) 10‬أما بالنسبة لحاتم بن منصور ‪ ،‬وعبد ال بن عبد العزيز وأبي غسان‬
‫مخلد بن العمرد ‪ ،‬فل يعرف شيء عن أصولهم ‪ ،‬ولكنهم عاشوا في البصرة ‪ ،‬ودرسوا على يدي‬
‫أبي عبيدة وقدموا الكثير ‪ ،‬ول سيما عبد ال بن عبد العزيز منهم من أجل تطوير الفقه الباضي ‪.‬‬
‫ودون أبو غانم المدونة عن العلماء المذكورة أسماؤهم أعله إما بسماع آرائهم مباشرة ‪ ،‬أو بنقلها‬
‫عمن قد سمعها عنهم ( ‪ . ) 11‬والمدونة مقسومة إلى اثنى عشر كتابا ( ‪ ) 12‬؛ وكل كتاب‬
‫يحتوي على عدد من البواب ‪ .‬وفيما يلي جدول بكتب (( المدونة )) ‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب الصلة ‪.‬‬

‫( ‪)1/154‬‬

‫‪ -2‬كتاب الزكاة ‪.‬‬


‫‪ -3‬كتاب الصوم ‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب النكاح ‪.‬‬
‫‪ -5‬كتاب الطلق ‪.‬‬
‫‪ -6‬كتاب الهبة والهدية ‪.‬‬
‫‪ -7‬كتاب الوصايا ‪.‬‬
‫‪ -8‬كتاب الديات ‪.‬‬
‫‪ -9‬كتاب الشربة والحدود ‪.‬‬
‫‪ -10‬كتاب الشهادات ‪.‬‬
‫‪ -11‬كتاب البيوع ‪.‬‬
‫‪ -12‬كتاب الحكام والقضية ‪.‬‬
‫والمخطوطة التي استخدمتها هنا لهذه الدراسة تضيف كتابا آخر عنوانه كتاب (( البيوع والقضية‬
‫))‪.‬‬
‫وتغطي (( المدونة جميع الموضوعات التي عالجها العلماء الباضيون في العصر الذهبي للفقه‬
‫الباضي ‪.‬ولعله من الممتع بعض الشيء أن نذكر هنا أن في المدونة مادة قليلة عن موضوع‬
‫الحج ‪ ،‬وهو الذي يعطي عادة عناية كبيرة في أعمال من هذا النوع ‪ .‬على أي حال ‪ ،‬قدمت‬
‫المدونة آراء الباضية حول الشؤون الدينية والشرعية ‪ ،‬والفروق في الرأي ‪ ،‬ووجهات نظر‬
‫العلماء الباضيين ‪ ،‬وآراءهم التي تتعلق بالفروق المشهورة في آراء علماء السنة ‪ .‬كما تعطي‬
‫عرضا واضحا لتطور الفقه الباضي في أزمنته الولى ‪.‬‬
‫ولقد أبدي علماء الباضية اهتماما كبيرا بالمدونة ‪ .‬وكتبت عنها التعليقات باللغتين البربرية‬
‫والعربية ( ‪ . ) 13‬وهنالك مصادر إباضية تذكر تعليقا لبي القاسم بن ناجد أو ناصر ( ‪. ) 14‬‬
‫وكان محمد بن يوسف اطفيش آخر من علق على المدونة ‪ .‬فأعاد ترتيب مادة الكتاب ‪ ،‬وأدخل‬
‫إضافات على النص ‪ .‬ويذكر العالم العماني المعاصر ‪ ،‬محمد بن عبد ال السالمي ‪ ،‬أن عمل‬
‫اطفيش هذا يعرف بأنه المدونة الكبرى فيما تميز المدونة الصلية لبي غانم باسم المدونة‬
‫الصغرى ( ‪ ، ) 15‬ويشار إليها في المصادر الباضية بالغانمية ( ‪. ) 16‬‬
‫===========================================‬
‫( ‪ ) 1‬انظر مقال لكاتب ‪ (( :‬وصف مخطوطات إباضية جديدة )) ‪ ،‬في ‪Jour. Semitic‬‬
‫‪. Studies ، 15 / 1 / 68 - 69‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 69 - 68‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪. 68 - 67 ، 66 - 65‬‬
‫( ‪ ) 4‬ابن مداد ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ . 28‬وهو يقول إن صحار العبدي ‪ ،‬شيخ أبي عبيدة مسلم ‪،‬‬
‫هو من خراسان ‪.‬‬
‫( ‪)1/155‬‬

‫( ‪ ) 5‬أبو غانم ‪ ،‬مدونة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 26 ،‬؛ ابن مداد ‪ :‬مصدر مذكور سابقا ‪ 14 ،‬؛ كذلك تذكر‬
‫المصادر الباضية شخصا باسم محمود بن نصر الخراساني الذي سجل العقيدة الباضية عن طلبة‬
‫أبي عبيدة‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ، 3 ،‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 228 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬رأيت عددا من المخطوطات المدونة في جربة ‪ ،‬البارونية ؛ ليبيا ‪ ،‬وزاره مجموعة‬
‫مصطفى العزابي ؛ ومزاب ‪ ،‬بني يزفن ‪ ،‬مجموعة محمد بابانو ‪ .‬وهناك نسخة أخرى في دار‬
‫الكتب ‪ ،‬القاهرة ؛ انظر جدول القاهرة ‪ .‬والمخطوطة التي استعملها في هذه الدراسة قدمت لي من‬
‫قبل العالم العماني محمد السالمي ‪ .‬كذلك أعطاني نسخة أخرى من المدونة بتعليق للقطب ‪.‬‬
‫وزودني بمخطوطة كتاب الستقامة والجزء الثالث من كتاب بيان الشرع ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬السالمي ‪ ،‬عبد ال ‪ ،‬ملحظات على المدونة ‪ .‬مخطوطة ‪ . 1‬لقدام انظر البكري ‪ ،‬معجم ‪،‬‬
‫‪. 1052 / 3‬‬
‫( ‪ ) 9‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم مخطوطة ‪ 47‬؛ ابن مداد ن صفة ‪. 14‬‬
‫( ‪ ) 10‬السوفي ‪ ،‬أبو عثمان ‪ ،‬سؤالت ‪ ،‬مخطوطة ‪ 70‬؛ ابن سلم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪44 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 87 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 29 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 263 - 262‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 105 ، 92 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬الكندي ‪ ،‬بيان الشرع ‪ ،‬مخطوطة ‪ ، 111‬الصفحة المتعلقة بالمسألة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬المدونة ‪. 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 3 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 303 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 228‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/156‬‬

‫‪ -2‬الديوان المعروض على علماء الباضية ‪:‬‬


‫خلل قيامي بالبحث في (( جربة )) اكتشفت نسختين من هذا العمل ‪ ،‬وهنالك نسخة ثالثة منه في‬
‫دار الكتب في القاهرة ( ‪ . ) 1‬ومصدر نسخة القاهرة أصل من جربة ‪ .‬ويحتمل أن دار الكتب‬
‫حصلت بطريقة ما على نسختها من المجموعة الباضية لمخطوطة وكالة الجاموس ‪ ،‬وهي وقف‬
‫أنشيء للطلبة الباضيين الذين يقصدون مصر للدارسة في الزهر ‪.‬‬
‫ويضم هذا العمل عددا من الكتب المتعلقة بالمراجع الباضية ‪ ،‬كما أنه يضم روايات من مراجع‬
‫مختلفة في البصرة ‪ ،‬والكوفة ‪ ،‬والمدينة ‪ ،‬تتعلق بموضوعات فقهية متنوعة ‪.‬‬
‫ويرد عنوان هذا العمل في بعض أقسام المخطوطة كما ورد أعله ‪ .‬ومؤلف هذا العمل غير‬
‫معروف ‪ ،‬لكنه يظن أنه من تأليف أبي غانم مؤلف المدونة ‪ ،‬لن الكثير من العمال الواردة في‬
‫هذه المخطوطة الكبيرة منقولة عن مصادر المدونة نفسها ‪.‬‬
‫جدول المحتويات ‪:‬‬
‫كتاب أقوال قتادة وهو في سبعة أقسام ‪ ،‬ويحتوي الكتاب بالدرجة الولى روايات عن‬
‫(( التابعي )) قتادة بن دعامة السدوسي ( ‪ ) 2‬حول موضوعات متنوعة ‪ ،‬فقهية ودينية ‪.‬‬
‫القسم الول ‪ :‬روايات تتعلق بالدرجة الولى بالوضوء ‪ ،‬وبالصلة ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬روايات تتعلق بالزكاة ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬والشراب ‪ ،‬وكذلك روايات عن الربيع بن حبيب‬
‫تتعلق بالنكاح ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬النكاح والطلق ‪ ،‬وروايات عن الربيع بن حبيب حول موضوعات مختلفة ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬الشراب ‪ ،‬والذبائح ‪ ،‬والصيد ‪ ،‬الخ ‪....‬‬
‫القسم الخامس ‪ :‬روايات عن عمر بن هرم عن جابر بن زيد حول موضوع النكاح ‪.‬‬
‫القسم السادس ‪ :‬روايات قتادة التي تتناول البيوع ‪ ،‬والنكاح والحج ‪ .‬كذلك يضم روايات عن‬
‫عمرو بن دينار عن جابر بن زيد حول النكاح ‪.‬‬
‫القسم السابع ‪ :‬روايات عن قتادة في باب الوضوء ‪.‬‬

‫( ‪)1/157‬‬

‫يتلو القسم السابع كتاب جابر بن زيد عن الصلة ‪ ،‬كما رواه حبيب بن أبي حبيب ( ‪ ) 3‬وفي‬
‫بعض النسخ نجد كتاب جابر في القسم السابع من أقوال قتادة ‪.‬‬
‫ويختلف ترتيب الكتب بين هذه المخطوطات للديوان المعروض ‪ .‬وفيما يلي العمال الموجودة‬
‫فيها ‪ ،‬أو في بعضها ‪ ،‬بصرف النظر عن ترتيبها في كل مخطوطة من المخطوطات ‪.‬‬
‫‪ -1‬القسم اللو من آثار الربيع ‪ ( ،‬روايات ضمام ) ( ‪. ) 4‬‬
‫‪ -2‬القسم الثاني من فتيا الربيع بن حبيب ( ‪. ) 5‬‬
‫‪ -3‬كتاب نكاح الشغار لعبد ال بن عبد العزيز ؛ أربعة أجزاء ‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب النكاح لجابر بن زيد ( ‪. ) 6‬‬
‫‪ -5‬كتاب الصيام ‪ ،‬وهو يبدأ بروايات أبي المؤرخ عن شيخه أبي عبيدة على شكل أسئلة وإجابات‬
‫‪ .‬وبعد العنوان التالي ‪ (( :‬باب اختلف العلماء في الصيام )) ترد آراء مختلف العلماء حول‬
‫الموضوع ‪ ،‬منوهة بالراء التي يعتمدها الئمة الباضيون ‪ ،‬لسيما أبو عبيدة ‪.‬‬
‫‪ (( -6‬كتاب الممتنعين من الحدود من المام )) ‪ .‬وفي مخطوطة القاهرة (( كتاب العمال ومن‬
‫يلي على الناس )) ‪ .‬والكتاب يتناول بالدرجة الولى موضوع الدارة وواجبات الئمة والحكام‬
‫وعلقاتهم برعيتهم ‪ .‬والظاهر أن هذا الكتاب هو جزء من كتاب المامة الذي يتناول موضوعات‬
‫مماثلة ‪ ،‬لكنه غير موجود في مخطوطة القاهرة ‪ ،‬وهو غير كامل في مخطوطة البارونية ‪.‬‬
‫‪ -7‬كتاب كفارات اليمان ‪ ،‬أحكام تنسب للكوفيين ‪.‬‬
‫‪ -8‬كتاب الوصايا ‪ ،‬روايات عن أبي عبيدة مسلم ‪.‬‬
‫‪ -9‬كتاب الديات ‪.‬‬
‫‪ -10‬كتاب القسمة وتفنين أصولها ‪ ،‬أحكام تعزى إلى الكوفيين ‪.‬‬
‫‪ -11‬كتاب البيوع ‪.‬‬
‫‪ -12‬أبواب الحدود ‪.‬‬
‫‪ -13‬الحكام ‪.‬‬
‫‪ -14‬كتاب الشفعة وتفنين أصولها ‪.‬‬
‫‪ -15‬كتاب الجعل والجارات ‪ ،‬آراء تعزى إلى أهل المدينة ‪.‬‬
‫‪ -16‬كتاب القضاء في القراض ‪ ،‬أقوال تنسب إلى أهل المدينة ‪.‬‬
‫‪ -17‬كتاب القضاء في التفليس والعيوب ‪.‬‬
‫‪ -18‬كتاب الديات ‪ ،‬آراء تعزى إلى الكوفيين ‪.‬‬
‫‪ -19‬كتاب الكفالت ‪.‬‬
‫‪ -20‬كتاب الودائع والعارية ‪ ،‬أقوال تنسب إلى الكوفيين ‪.‬‬

‫( ‪)1/158‬‬

‫‪ -21‬كتاب العارية ‪.‬‬


‫‪ -22‬كتاب الشهادات ‪.‬‬
‫وهناك أيضا رسالة أبي عبيدة مسلم بشأن الزكاة ( ‪ . ) 7‬و (( كتاب ذكر مسائل الحيض‬
‫وتلخيصها )) ‪ .‬ومؤلف هذا العمل الخير غير معروف ؛ والظاهر أنه مؤلف في وقت لحق بعد‬
‫العمال السابقة ‪.‬‬
‫وباستثناء هذا الكتاب الخير ‪ ،‬فإن جميع المواد الموجودة في هذا المجموع الضخم منقولة عن‬
‫مراجع إباضية قديمة وهي تغطي كل المسائل الدينية والفقهية التي نشأت خلل القرنين الولين‬
‫من السلم ‪ .‬كذلك يحتوي الكتاب على الروايات الشائعة عن موضوعات مختلفة من المراجع‬
‫الكوفية والمدنية ‪ ،‬مدروسة ومنقودة من قبل علماء الباضية في البصرة ‪ .‬والقسم الكبير من مواد‬
‫هذه العمال منقول عن المراجع ذاتها التي اعتمد عليها أبو غانم الخرساني في مدونته ؛ وتلك‬
‫حقيقة تدعم القول بأن العمل الحالي الذي نناقشه هنا سجله أبو غانم أيضا ‪ .‬والخلصة النهائية‬
‫بشأن هذه القضية بحاجة إلى إثبات إضافي ؛ ويساعد اكتشاف مخطوطة كاملة بحالة جيدة لهذا‬
‫العمل مساعدة كبيرة في هذا الطار ===============================‬
‫( ‪ ) 1‬شاخت ‪ ، Bibliotheque et manuscripts Abadites :‬في ‪Rev . Afr 100 ،‬‬
‫‪ ، ( 1956 ) ، 381‬هامش ‪ 8‬؛ موتيلتسكي ‪Le manuscript Arabo-berbere de Zougha :‬‬
‫‪ ، ، 14‬في ‪ / Or Cong. Int ، 1905 / 2 / 4‬قسم ‪. 78 - 68‬‬
‫( ‪ ) 2‬الديوان المعروض ‪ ،‬مخطوطة البارونية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬انظر شاخت ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 381 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 30‬‬
‫( ‪ ) 5‬انظر جدول القاهرة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬لسيرة قتادة ‪ :‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 109 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬انظر لكاتب الكتاب ‪ :‬وصفي للمخطوطات الباضية الجديدة في ‪Jour . Semitic Stud ،‬‬
‫‪. . ، 15 / 1 / 66 - 69‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/159‬‬

‫‪ -3‬كتاب نكاح الشغار لبي سعيد عبد ال بن عبد العزيز ‪:‬‬


‫يشكل هذا الكتاب قسما من المخطوطة السابقة ‪ ،‬ومن المحتمل أنه كان في الصل قسما من‬
‫الديوان المعروض ‪ .‬وبما أنه مروي عن عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬فقد نسب إليه كما في حالة‬
‫(( كتاب أقوال قتادة )) والكتاب يتألف من أربعة أقسام ‪ ،‬والقسم الثالث مفقود في نسخة مخطوطة‬
‫القاهرة وفي نسخة إحدى مخطوطات البارونية ‪.‬‬
‫والكتاب يتناول موضوع الزواج والطلق والمسائل الفقهية المتعلقة بهما معا ‪ .‬وهو ينتهي بالقول‬
‫التالي‪:‬‬
‫(( هذه نهاية كتاب النكاح من أقوال ابن عبد العزيز عن أبي نوح صالح الدهان وأبي عبيدة مسلم‬
‫بن أبي كريمة مع الثار التي توجه بالقياس مما ل يترك أي شك في الذهان ‪ ،‬أو أي ريبة لدى‬
‫أهل الفهم ‪ .‬وهو يسمى كتاب الشغار ؛ والشغار تعني أن الرجل يزوج ابنته لرجل آخر مقابل ابنة‬
‫ذلك الخر بدون تحديد أي مهر ‪ .‬وإذا كان المر كذلك ‪ ،‬فهو محظور )) ( ‪. ) 1‬‬
‫وألحق بهذا الكتاب في المخطوطة نفسها كتاب النكاح لجابر بن زيد ‪ ،‬وفي العملين معا عرض‬
‫للراء الباضية القديمة والصلية حول موضوع الزواج ‪ ،‬وهو الموضوع الذي وصف فيه ابن‬
‫عباس جابر بن زيد ‪ ،‬مؤسس المذهب الباضي ‪ ،‬بأنه (( المرجع الفضل )) ( ‪. ) 2‬‬
‫وتشكل هذه العمال المذكورة أعله العمود الفقري للفقه الباضي في القرنين الولين ‪ .‬وهي‬
‫تحتوي عرضا واضحا ومفصل للجهود التي بذلها العلماء الباضيون الوائل في تطوير مذهبهم ‪.‬‬
‫والدراسة الحالية لطبيعة مذهب الفقه الباضي ‪ ،‬وللوسائل التي اعتمدها مؤسسوه مبنية بالدرجة‬
‫الولى على تلك العمال ؛ وهكذا فإنه يمكن إعطاء عرض واضح للراء الباضية الخالصة قبل‬
‫احتمال وقوع أي اتصال مباشر بين المذهب الباضي ومذاهب الفقه السلمية الخرى التي‬
‫تأسست في وقت لحق ‪.‬‬

‫( ‪)1/160‬‬

‫لقد تكلمنا عن دور السنة باعتبارها المصدر الثاني للفقه ‪ .‬أما الرأي فقد ذكره جابر بن زيد في‬
‫مناسبات متعددة ‪ .‬وهنالك العديد من الثباتات على أنه لجأ إلى الرأي في إصدار الحكام الشرعية‬
‫‪ .‬وقد ذكر عدد من المصادر الباضية والسنية قول له يتعلق بتسجيل آرائه ‪ ،‬هو كما يلي ‪:‬‬
‫(( إنا ل ‪ ،‬يكتبون ما قد أرجع عنه غدا )) ( ‪ . ) 3‬كذلك أنكر جابر على نفسه حق الرأي في‬
‫مسألة سبق للصحابة أن أصدروا آرائهم فيها ‪ . ) 4 ( .‬وتدل هذه المقتطفات ‪ ،‬على أي حال ‪ ،‬أن‬
‫جابرا لجأ إلى رأيه الخاص حين لم يرو عن الصحابة أي رأي ‪ .‬إن أسبقية الحكام التي أصدرها‬
‫الصحابة مبدأ معترف به بين المراجع الباضية ‪ .‬وقد عبر جابر بن زيد عن هذا الرأي في إحدى‬
‫رسائله كما يلي ‪:‬‬
‫(( ورأي من قبلنا أفضل من رأينا الذي نرى ‪ ،‬لم يزل الخر يعرف للول فضله ‪ ،‬وكانوا أحق‬
‫بذلك المهاجرين مع رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) والتابعين لهم بإحسان ‪ ،‬فقد شهدوا‬
‫وعلموا ‪ ،‬فالحق علينا وطء أقدامهم وإتباع آثارهم ( ‪ . ) 5‬وهنالك المزيد من الثباتات التي يمكن‬
‫ذكرها هنا لتبرير هذا الموقف لجابر ( ‪ . ) 6‬وإذا ما اختلف الصحابة فيما بينهم ‪ ،‬احتفظ جابر‬
‫لنفسه بحق اختيار ما يفضله من أحكامهم ‪ .‬وفي مثل هذه الحالت يتبع عادة رأي شيخه ابن‬
‫عباس ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ( ‪ ) 7‬فقد سبق أن ذكرنا أنه عزا آراء مذهبه إلى‬
‫الصحابة عبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعبد ال بن عباس ‪ ،‬وعبد ال بن سلم ‪ ،‬وهؤلء هم الذين‬
‫وصفهم بأنهم (( الراسخون في العلم )) ‪ .‬كذلك ذكر (( أن أولئك الذين يملكون الذكاء والفهم ل‬
‫يهتمون بالراء ووجهات النظر التي ظهرت بعد عهد الصحابة ‪ .‬هدف الذين في عبادتهم فقط أن‬
‫يعنوا بما حدث بعد الصحابة )) ( ‪. )8‬‬

‫( ‪)1/161‬‬
‫ومع أن جابر بن زيد كره تسجيل أحكامه خشية أن يغيرها ‪ ،‬فإنه لم يعارض استعمال الرأي‬
‫لتكوين الحكم الشرعي حول قضايا لم يتناولها القرآن أو السنة ‪ .‬غير أن خلفه أبا عبيدة نهى عن‬
‫استعمال الرأي في تكوين الحكام الشرعية ‪ .‬وحين قيل له إن أهل عمان يصدرون أحكاما‬
‫شرعية على أساس الرأي ‪ ،‬قال معلقا ‪ (( :‬ما نجوا من الفروج والدماء )) ( ‪. ) 9‬‬
‫و والطريفة المقبولة بين المراجع الباضية الولى بخصوص تكوين الحكام الفقهية هي أن الحكم‬
‫في أية مسألة شرعية يجب أن يكون مبنيا بالدرجة الولى على القرآن ‪ .‬وإذا لم يكن هنالك حكم‬
‫مستمد من القرآن ‪ ،‬فالواجب العودة إلى السنة ‪ .‬وإذا لم تعالج السنة ذلك ‪ ،‬فإنه يجب الرجوع إلى‬
‫(( إجماع الصحابة )) ؛ أما إذا اختلف الصحابة فيما بينهم في أحكامهم ‪ ،‬فيجب إذ ذاك ممارسة‬
‫أقصى الحذر في اختيار أفضل أحكام الصحابة ‪ .‬وعلى أي حال ‪ ،‬فحين ل يمكن أن يستمد أي‬
‫حكم سابق حول القضية من القرآن ‪ ،‬أو السنة ‪ ،‬أو آراء الصحابة ‪ ،‬فيجب إذ ذاك أن يستمد من‬
‫آراء المراجع الولى في المذهب الباضي ‪ ،‬ويجب إتباع الرأي الفضل ( ‪ . ) 10‬وهنا يذكر أن‬
‫الراء السابقة للصحابة أو للمراجع الولى ل يجوز أن تمهل ( ‪ . ) 11‬وقد مارست المراجع‬
‫الباضية الولى اهتماما شديدا في إتباع الراء السابقة حين تكون سليمة ‪ .‬وقد قال عبد ال بن‬
‫عبد العزيز المعروف بولعه بالقياس وبالرأي ‪ ،‬في مناسبات عدة أنه لن يلجأ إلى رأيه الخاص‬
‫حيث يروي رأي سليم عن أسلفه ( ‪. ) 12‬‬

‫( ‪)1/162‬‬

‫وبانقضاء ثلثة عقود من القرن الثاني للهجرة كانت الراء الباضية بخصوص معظم المسائل‬
‫الشرعية والدينية قد استقرت ‪ ،‬وقد وقعت هذه المرحلة خلل السنوات الخيرة لبي عبيدة مسلم‬
‫بن أبي كريمة ‪ .‬ويقال إن العمال النفوسي ‪ ،‬ابن مغطير الجناوني الذي درس على يدي أبي مسلم‬
‫في البصرة قبل (( حملة العلم )) الخمسة ‪ ،‬امتنع عن إصدار الحكام الشرعية عند وصول هؤلء‬
‫من البصرة ‪ .‬وسبب اتخاذه هذا الموقف هو أنه درس على أبي عبيدة قبل أن يحدد هذا الخير‬
‫رأيه النهائي بخصوص الراء المختلفة التي درسه إياها ‪ ،‬فيما كان (( حملة العلم )) قد درسوا‬
‫على أبي عبيدة بعد أن حرر المختار عنده من القوال )) ( ‪. ) 13‬‬
‫ومن طلب أبي عبيدة ‪ ،‬أبو المؤرخ وعبد ال بن عبد العزيز وقد دأبا على معارضة شيخهما في‬
‫آرائه المؤسسة على القياس ( ‪ . )14‬وكان من شأن هذا الموقف من قبل العالمين الباضيين أن‬
‫أثار زملءهما عليهما ( ‪ . ) 15‬وقبل انقسام المذهب الباضي ‪ ،‬كانت آراء الربيع بن حبيب هي‬
‫التي تتبع ( ‪ ، ) 16‬عند اختلف طلب أبي عبيدة ‪ .‬أما في وقت لحق فقد وجد عبد ال بن عبد‬
‫العزيز وأبو المؤرخ أتباعا لهما في المجموعة النكارية التي تبنت وجهة نظرهما في الفقه ( ‪) 17‬‬
‫‪.‬‬

‫( ‪)1/163‬‬

‫وبرغم الختلف بين المراجع الباضية الولى حول الرأي والقياس ‪ ،‬فإن هذه المبادئ أصبحت‬
‫جزاء من أساليب معترف بها في الفقه أو الجراء الباضي ‪ .‬وقاموا بقوة العتماد على التقليد ‪،‬‬
‫فعلى الذين يبلغون المستوى المطلوب من العلم أن يستخدموا الرأي ‪ .‬وبين أقدم العمال‬
‫للباضيين في شمال إفريقية حيث جمعت أصول الجتهاد وبوبت ‪ ،‬وكتاب (( التحف )) لبي‬
‫الربيع سليمان بن يخلف المزاتي ( ‪ . ) 18‬وفي كلم عن مسألة اجتهاد الرأي ‪ ،‬قال أبو الربيع‬
‫بعد الشارة إلى وجهات النظر المختلفة الناشئة بسبب الرأي ‪ ،‬إن الباضيين يعتقدون أن هنالك‬
‫رأيا واحدا فقط يمكن له أن يكون الصواب ؛ وإذا ما بذل المسلمون جهدهم للوصول إلى الحكم‬
‫الصائب لكنهم أخفقوا ‪ ،‬فإنهم يكافأون على جهودهم ول يحاسبون على الحكم الخاطئ ‪ .‬والقضايا‬
‫التي يسمح فيها بالرأي هي التي لم تعالج في القرآن أو السنة أو من قبل المراجع السابقة ( ‪) 19‬‬
‫‪ .‬والشخص الذي يسمح له باستخدام رأيه ينبغي له أن يكون عالما بالقرآن وبالسنة وبآراء‬
‫المراجع السابقة ‪ .‬مثل هذا الشخص له الحق باستعمال الرأي وتكوين الحكام الشرعية ومن ينكر‬
‫عليه هذا الحق يكون كافرا ‪ .‬أما الشخص غير المؤهل فليس له أن يلجأ إلى الرأي ؛ والذي يبيح‬
‫له مثل هذا الحق يكون (( كافر نعمة )) والشخص الذي يلجأ إلى رأيه في حالت تناولها القرآن‬
‫أو السنة ‪ ،‬أو إجماع المسلمين ‪ ،‬وعارضها ‪ ،‬فإنه ضال ( ‪ . ) 20‬وختم أبو الربيع سليمان بن‬
‫يخلف ملحظاته حول هذا الموضوع بالقول التالي ‪:‬‬
‫(( الرأي مسموح به لكل عالم في كل حين ‪ ،‬ومحظور على مل جاهل في كل حين )) ( ‪. ) 21‬‬
‫وأبواب الجتهاد مفتوحة دائما عند الباضية ؛ وهي لم توصد في أية مرحلة على أي شخص‬
‫مؤهل‪.‬‬

‫( ‪)1/164‬‬

‫وبالنسبة للختلف حول الراء نتيجة الرأي في حالت ذات صلة بالفروع ‪ ،‬يرى الباضيون ‪،‬‬
‫أن رأيا واحدا فقط يمكن له أن يكون صوابا ‪ ،‬ومباح للمسلمين أن يتبنوا آراء أخرى إذا رأوها‬
‫محقة ‪ ،‬إل أن ذلك ‪ ،‬في الواقع غير مباح ما لم يبذلوا جهدهم لبلوغ الرأي الصحيح ( ‪. ) 22‬‬
‫مثل هذا المبدأ رواجه في وقت لحق معارضة من قبل عالمين إباضيين أسسا مجموعتين‬
‫خاصتين بهما ‪ :‬نفاث بن نصر مؤسس النفاثية وأحمد بن حسين مؤسس الحسينية ( ‪ . ) 23‬فهما‬
‫يعتبران أن الرأي الصواب فقط هو الذي يجب أن يتبع ‪ ،‬وأن أولئك الذين يتبعون أية آراء أخرى‬
‫هم آثمون ( ‪ . ) 24‬هذه النظرة من قبل نفاث وابن الحسين مرفوضة من قبل بقية علماء الباضية‬
‫على أساس أن الخلف في الرأي في حالت الفروع وقعت بين الصحابة ‪ ،‬وقد اعتبروا أنه‬
‫شرعي لكل واحد أن يحتفظ برأيه بصرف النظر عن كونه الرأي المصيب ‪ ،‬أم ل ؛ ولم يختلف‬
‫الصحابة فيما بينهم على ذلك ( ‪. ) 25‬‬
‫واحتل القياس مكانة باعتباره أسلوبا مسلما به بين المراجع الباضية لصدار الحكام الشرعية‬
‫منذ النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة ‪ .‬وقد مورس إلى حد كبير من قبل طلبة أبي عبيدة ‪،‬‬
‫ل سيما من قبل عبد ال بن عبد العزيز وأبي المؤرخ ‪ .‬ومع أن الربيع بن حبيب وفئته عارضوا‬
‫القياس وعرفوا بتمسكهم الشديد بالثار ( ‪ ، ) 26‬فإن أسلوب القياس اعترف به في وقت لحق‬
‫من قبل جميع الباضيين واعتمد بصورة واسعة ‪.‬‬
‫وذكر الوارجلني أن علماء الباضية كانوا عارفين بمختلف أنواع القياس ‪ ،‬بما فيها الستحسان‬
‫الذي مارسته المراجع الباضية في عدد من الحالت ( ‪ . ) 27‬وأشار الوارجلني إلى أهمية‬
‫الرأي والقياس في المذهب الباضي في (( العدل والنصاف )) ‪ .‬ولقد كان مبدأ مسلما به بين‬
‫الباضيين ‪ .‬وقد ظهر تطبيق هذا المبدأ في الصول والشرائع التي وضعها المراجع الباضية‬
‫لمسلك الكتمان في مجتمعهم ( ‪. ) 28‬‬

‫( ‪)1/165‬‬

‫وعلى أساس القياس كان الباضيون ينظرون إلى مسلك الكتمان في حركتهم باعتباره مماثل‬
‫للمرحلة الموازية في حياة الرسول والمجتمع السلمي أثناء الفترة المكية ‪ ،‬ولذلك علقوا جميع‬
‫الحدود وحصروا تنفيذها بسلطة إمام (( الدولة القائمة )) ( ‪. ) 29‬‬
‫وكذلك علقت صلة يوم الجمعة في غير (( المصار السبعة )) ( ‪ . ) 30‬وهنالك خلف في‬
‫الرأي حول الجهاد إذ سمح به البعض وحظره آخرون ( ‪. ) 31‬‬
‫وكانت عقوبة الموت بغير الرجم صحيحة أثناء مرحلتي الكتمان والظهور ‪ .‬وكانت هذه العقوبة‬
‫تشمل ‪ ) 1 ( :‬المرتد ( ‪ )2‬والطاعن في الدين ( ‪ ) 3‬والجناة ( ‪ ) 4‬وأولئك الذين يرفضون‬
‫سلطان الشريعة ومانعي الحق أو الذين يرفضون للخرين استعادة حقوقهم ‪ .‬هؤلء جميعا يجب‬
‫قتلهم بالجلد أو بالسلح ‪ ،‬باستثناء سافكي الدماء ‪ ،‬وكان لولي الجاني القرب ( ولي الدم ) أن‬
‫يقرر كيف يجب تنفيذ العقوبة ‪.‬‬
‫ثم إن الزعم غير المثبت بأن الزوجة زانية ( اللعان ) ‪ ،‬وإنكار الزوج لبوة الطفل الذي تلده‬
‫امرأة متهمة باللعان بسبب اللعان معلق ل يعمل به أثناء فترة الكتمان ‪.‬‬
‫وبالنسبة لواجب الولية ‪ ،‬فقد كانت ولية الشخاص وولية البيضة ( أي عاصمة الحكم ) معلقين‬
‫أثناء مرحلة الكتمان ‪.‬‬
‫وجميع هذه الصول والحكام التي كانت توقف تنفيذ تشريعات كثيرة مستمدة من القرآن والسنة ‪،‬‬
‫كانت تستند إلى الرأي والقياس فقط ( ‪ . ) 32‬ووفقا للوارجلني فـ (( إن جميع أو غالبية أحكام‬
‫الكتمان مبنية على الستحسان )) ( ‪. ) 33‬‬
‫وبعض المثلة على الفوارق بين المذهب الباضي والمذاهب السلمية الخرى في الحكام‬
‫الفقهية ‪:‬‬
‫ذكر الستاذ شاخت (( أن الفروق المعترف بها في الشرع السلمي من قبل الفرق السلمية‬
‫السابقة ‪ ،‬كالخوارج ‪ ،‬والشيعة ‪ ،‬ل تختلف عن عقيدة مدارس الفقه والسنة بأكثر مما تختلف هي‬
‫فيما بينها )) ( ‪. ) 34‬‬

‫( ‪)1/166‬‬

‫كذلك لحظ أن (( النتيجة المترتبة على عقائد الخوارج الول لم تكن ‪ ،‬على ما هو واضح ‪ ،‬جزءا‬
‫من النظام الشرعي المعترف به من قبل الباضيين ‪ ) 35 ( )) ...‬ثم أضاف ‪ (( :‬وفيما يعود‬
‫التاريخ السياسي للباضيين إلى منتصف القرن الول للهجرة ‪ ،‬فإن فقههم مستمد من المذاهب‬
‫السنية في وقت لحق بعد ذلك بزمن طويل )) ( ‪. ) 36‬‬
‫ل ريب أن الستنتاج الخير متسرع فالباضيون لم يتبنوا عقيدة الخوارج الولى لكنهم طوروا‬
‫عقيدتهم الخاصة بهم بعيد عن مجموعات الخوارج التي انفصلت عن الصل نفسه لفئة المحكمة‬
‫القديمة ‪ .‬كذلك لم يستمد الباضيون شرعهم من المذاهب السنية لن شرعهم كان قد ترسخ قبل أن‬
‫تظهر المذاهب السنية إلة الوجود ‪ .‬وحين توفي جابر بن زيد مؤسس المذهب الباضي ‪ ،‬كان‬
‫مالك بن أنس ‪ ،‬صاحب المذهب المالكي في نحو الثالثة من العمر ( ‪ . ) 37‬ويعود التشابه في‬
‫الراء بين جميع المذاهب السلمية إلى أصلها الواحد الذي استمدت منه أنظمتها الشرعية ‪:‬‬
‫القرآن والسنة ‪ ،‬والجماع ‪.‬‬
‫وأشار كولسون إلى أن فقه الخوارج نظام متماسك بروحيته وطابعه ( ‪ . ) 38‬ثم وافق على‬
‫وجهة نظر شاخت بما يتعلق بالفروق بين النظامين الفقهيين السني والباضي ‪ ،‬قائل إن (( القسم‬
‫الكبر من فقه الخوارج ( بما في ذلك الباضية ) وعقائده الساسية بالطبع ‪ ،‬يمكن أن يجد دعما‬
‫وافيا له بين فقهاء السنة )) ( ‪. ) 39‬‬
‫ولما كان الباضيون قد استمدوا نظامهم الفقهي من المصادر ذاتها للمذاهب الخرى ‪ ،‬أي من‬
‫القرآن ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬والجماع ‪ ،‬استعملوا نفس الساليب تقريبا للجتهاد في تكوين الحكام التي لم‬
‫تناولها المصادر السابقة ؛ فإن الفروق التي ظهرت بين نظامهم الفقهي وأنظمة المذاهب السلمية‬
‫الخرى محصورة في الفروع ‪ .‬وقد نشأت هذه الفروق في حالت كانت فيها للباضيين أحاديث‬
‫ورتها مراجعهم ولم توافق في الرأي في تفسير المصدرين الرئيسين ‪ ،‬القرآن والسنة ‪.‬‬

‫( ‪)1/167‬‬

‫=============================================‬
‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬انظر لكاتب الكتاب ‪ :‬وصفي للمخطوطات الباضية الجديدة ‪ ،‬في ‪Jour. Semitic Stud.‬‬
‫‪. ، 15 / 1 / 66 - 69‬‬
‫( ‪ ) 5‬عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬نكاح الشغار ‪ ،‬مخطوطة ‪. 69 ، 4‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 181 / 7‬؛ ابن حزم ؛ ملخص ‪ 64 ،‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 58 ،‬ب‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬راجع ما تقدم ‪. 63 - 62 ، 52‬‬
‫( ‪ ) 9‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪ ،‬رقم ‪. 42 ، 17‬‬
‫( ‪ ) 10‬المصدر السابق ‪ ،‬رقم ‪ 18 ، 6‬؛ رقم ‪. 38 ، 16‬‬
‫( ‪ ) 11‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 168 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪. 37 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬المصدر السابق ‪. 11 - 10‬‬
‫( ‪ ) 14‬أبو المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20‬‬
‫( ‪ ) 15‬الديوان المعروض ؛ كتاب الممتنعين من الحدود ( باب الرأي مع إمام الهدى ) ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪. 6 - 4‬‬
‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬المصدر السابق ‪. 11 ، 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 18‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 120‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 143 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 120 - 119 ،‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ ،‬مخطوطة‬
‫‪ 47‬؛ [ كتاب فيه بدء السلم ‪. ] 114 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 119 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬ابن سلم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 47 ،‬؛ [ كتاب فيه بدء السلم ‪. ] 114 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬انظر الشماخي ‪ ،‬ص ‪. 263 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬انظر ‪ :‬وصف مخطوطات إباضية جديدة (( للكاتب ‪. J.S.S )) 15 / 1 / 72‬‬
‫( ‪ ) 24‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 28‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 25‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 28‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 26‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 27‬المصدر نفسه ؛ الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 218 ، 11‬؛ ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 28‬لهذه المجموعات راجع ما يلي ‪. 281 - 272‬‬
‫( ‪ ) 29‬الوارجلني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 219 - 218 / 2 ،‬‬

‫( ‪)1/168‬‬

‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 222 / 2‬؛ سليمان بن يخلف ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 29 ،‬أ ‪ -‬ب ‪.‬‬
‫للمزيد من التفاصيل حول الموضوع انظر ‪ :‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 58‬أ ‪ 64 -‬ب ؛‬
‫السالمي ‪ :‬شرح طلعة الشمس ‪ 280 - 279 / 2 ،‬؛ مشارق أنوار العقول ( القاهرة ‪ 1314 ،‬هـ‬
‫) ‪ 71 ،‬وما يليه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 31‬مؤلف مجهول ‪ ،‬ذكر أسماء بعض شيوخ الوهبية ( مطبعة حجرية مع سير الشماخي ) ‪،‬‬
‫‪. 590‬‬
‫( ‪ ) 32‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪. 43 - 42 / 3‬‬
‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪ 17 - 1 / 3‬؛ الدليل ‪ 64 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 34‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ 293 / 2 ،‬وما يليه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 35‬المصدر السابق ‪. 293 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬المصدر السابق ‪. 294 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬المصدر نفسه ‪. 294 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬الوارجلني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 297 - 295 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬المصدر السابق ‪295 / 2 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/169‬‬

‫الخصائص البارزة في الفقه الباضي‬


‫ونقدم في الصفحات التالية عرضا موجزا لعدد من الخصائص البارزة في الفقه الباضي لكي‬
‫نمثل لطبيعة الخلف ومداه ‪.‬‬
‫‪ -1‬المسح على الخفين كجزء من الوضوء ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المسح على الخفين ( بدل من غسل القدمين كجزء من الوضوء ) ‪ .‬هذه المسألة ناقشها شاخت‬
‫بتفصيل كنقطة خلف مميزة بين الشيعة الذين يرفضونها والسنة الذين أجازوها ( ‪. ) 1‬‬
‫رفض الباضيون بالجماع المسح على الخفين ‪ .‬وقد قال جابر بن زيد بالنسبة لهذه القضية ‪:‬‬
‫(( كيف يمسح الرجل على خفيه وال تعالى يخاطبنا في كتابه بنفس الوضوء )) ‪ .‬وفي رأي‬
‫المراجع الباضية أن الحديث الذي يتعلق بالمسح على الخفين أبطل بآية الوضوء في سورة المائدة‬
‫‪ ( :‬يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا‬
‫برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ( ‪ . ) 2‬وبين الصحابة الذين يروي الباضيون عنهم أنهم رووا‬
‫الحديث الذي يقر بصحة المسح لكنهم قالوا أبطل ‪ ،‬علي بن أبي طالب ‪ ،‬وعبد ال بن عباس و‬
‫بلل ‪ ،‬وأبو هريرة ‪ ،‬وعائشة ( ‪ . ) 3‬ويقال أيضا أن سعيد بن جبير الذي قال للحجاج بأن يعتمد‬
‫المسح تخلى عن رأيه وزعم أنه قال ذلك لخوفه من الحجاج ( ‪. ) 4‬‬
‫ومن ناحية أخرى روى الباضيون عددا من الثار ترفض المسح على الخفين ‪.‬‬
‫‪ -1‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ‪ (( :‬ما رأيت رسول ال ( صلى ال عليه وسلم )‬
‫مسح على خفه قط )) ( ‪. ) 5‬‬
‫‪ -2‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أنها قالت ‪ (( :‬ما رأيت رسول ال ( صلى ال عليه‬
‫وسلم ) مسح على خفه قط ‪ ،‬وإني وددت أن يقطع الرجل رجليه من الكعبين أو يقطع الخفين من‬
‫أن يمسح عليهما )) ( ‪. ) 6‬‬
‫‪ -3‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أنها قالت ‪ (( :‬لن أحمل السكين على قدمي أحب إلي‬
‫من أن أمسح على الخفين )) ( ‪. ) 7‬‬

‫( ‪)1/170‬‬

‫‪ -4‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال ‪ (( :‬أدركت جماعة من أصحاب رسول ال ( صلى ال عليه‬
‫وسلم ) فسألتهم هل يمسح رسول ال عليه السلم ‪ ،‬على خفيه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ل ؛ قال جابر ‪ :‬كيف‬
‫يمسح الرجل على خفيه وال تعالى يخاطبنا في كتبه بنفس الوضوء ؛ وال أعلم بما يرويه‬
‫مخالفونا في أحاديثهم ؟ )) ( ‪. ) 8‬‬
‫ورأي الباضيون بخصوص مسألة المسح على الخفين ‪ ،‬مختلف كل الختلف عن رأي السنة‬
‫الذين أجازوا المسح ‪ ،‬أثناء السفر عند البعض ‪ ،‬وأثناء القامة والسفر عند البعض الخر ‪ .‬وقد‬
‫تبنى المذهب الشيعي ‪ ...‬رأي الباضيين حول هذه المسألة ‪. ) 9 ( .‬‬
‫نقاط الختلف الرئيسة حول هذا الموضوع ثلث ‪:‬‬
‫‪ -1‬تتعلق النقطة الولى بقراءة القرآن في صلة الظهر والعصر ‪ .‬وفي فقه الباضية أن سورة‬
‫(( الفاتحة )) هي التي يجب أن تقرأ في الركعتين الوليين معا ‪ ،‬وفي الركعتين التاليتين ‪ ،‬وهو‬
‫رأي يعزى إلى جابر بن زيد ( ‪ . ) 10‬وهذا الموقف مدعوم بحقيقة أنه في جميع الركعات السرية‬
‫من الصلوات الخرى كالركعة الثالثة من صلة المغرب ‪ ،‬وفي الركعتين التاليتين من صلة‬
‫العشاء ‪ ،‬ل تقرأ غير سورة الفاتحة فقط ‪ ،‬وأن كل صلة أو ركعة من صلة ل تقرأ فيه غير‬
‫سورة الفاتحة تقرأ بصمت سواء كانت الصلة في الليل أو في النهار ؛ أما في صلة الجمعة‬
‫والعيد فإن القراءة فيهما ‪ ،‬برغم أنها في النهار ‪ ،‬يجب أن تكون جهرية بسبب قراءة السور‬
‫الخرى فيها إلى جانب الفاتحة ‪ .‬وبما أن صلوات العصر والظهر سرية فإن الصول ذاتها هي‬
‫التي يجب أن تطبق ‪ .‬وهكذا فقد اتبع الباضيون رأي الذين رفضوا قراءة السورة إلى جانب‬
‫الفاتحة في صلوات الظهر والعصر ( ‪. ) 11‬‬

‫( ‪)1/171‬‬

‫‪ -2‬ونقطة الخلف الثانية هي القنوت ( أي لعن الخصوم السياسيين أثناء الصلوات ) ( ‪. ) 12‬‬
‫وتقر مذاهب السنة والشيعة بصحة ذلك ‪ .‬أما الباضيون فإنهم يرفضون القنوت ويرون أن‬
‫الصلة مع الئمة الذين يمارسون القنوت ل تصح وأن تلك الصلة ينبغي لها أن تعاد ( ‪. ) 13‬‬
‫ويروي عن عمرو بن هرم أنه قال ‪ (( :‬سئل جابر بن زيد عن القنوت في صلة الفجر والوتر‬
‫فقال ‪ :‬إنها بدعة ابتدعها الناس ‪ ،‬إن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) لم يقنت قط في صلته ول‬
‫الخليفتين بعده ( ‪. ) 14‬‬
‫‪ -3‬ونقطة الخلف الثالثة هي بشأن صلة السفر ‪ .‬هنالك عدد من النقاط التي يختلف فيها‬
‫الباضيون عن بعض مذاهب السنة أو عن كلها ‪.‬‬
‫أ‪ -‬يعتبر قصر الصلة أثناء السفر فرضا من قبل الباضية ‪ ،‬وعتمدا الكوفيون والحنفية هذه‬
‫النظرة نفسها ‪ ،‬وعد المالكية القصر في السفر سنة ‪ .‬على أن هنالك رأيين آخرين حول هذه‬
‫المسألة ‪ :‬الول هو أن القصر رخصة ‪ ،‬والمفضل أن تكون الصلة كاملة تامة ‪ .‬والثاني هو أن‬
‫القصر الصلة في السفر مسألة اختيارية ‪ .‬وكل الصلة نظر مما ذكر أعله مبنية على أحاديث‬
‫منسوبة إلى الرسول عليه السلم ( ‪. ) 15‬‬
‫ب‪ -‬المسافة التي يبدأ بها تنفيذ القصر ‪ .‬قال الباضيون وبعض الكوفيين والظاهرية بأنها‬
‫فرسخان ‪ ،‬أي نحو ستة أميال ‪ .‬ويستند هذا الرأي إلى حديث يرويه أنس بن مالك عن الرسول ؛‬
‫ثم إن الصحابيين علي بن أبي طالب وعبد ال بن عباس قال بهذا الرأي أيضا ‪ .‬أما مالك‬
‫والشافعي وأهل المدينة فقالوا إن المسافة ينبغي أن ل تنقص عن أربع رحلت ‪ ،‬أي ما يعادل‬
‫مسيرة يوم ‪ ،‬ف يحين أن بعض الكوفيين وأبا حنيفة قالوا بأن السفر ينبغي أن ل يقل عن ثلثة‬
‫أيام ‪ ،‬ونسبوا رأيهم هذا إلى ابن مسعود ( ‪. ) 16‬‬
‫ج‪ -‬الوقت الذي بعده ينبغي (( للمسافر )) أن يصلي الصلة التامة ‪.‬‬

‫( ‪)1/172‬‬

‫في رأي الباضيون أن (( المسافر )) ينبغي أن يواصل قصر صلته حتى ولو بقي إلى البد في‬
‫المكان الذي سافر إليه ‪ ،‬ما لم يتخذه وطنا له ‪ ،‬أو ما لم يملك ‪ -‬كما قال ا[و عبيدة مسلم بن أبي‬
‫كريمة ‪ -‬منزل له فيه ‪ .‬غير أن المالكية والشافعية ارتأوا أن على (( المسافر )) أن يكمل صلته‬
‫إذا قرر المقام أربعة أيام أو أكثر ؛ أما أبو حنيفة وسفيان الثوري فقال إنه عليه أن يكمل صلته‬
‫إذا قرر البقاء مدة خمسة عشرة يوما ‪ .‬وحكم الباضيين مبني على ممارسة عدد من الصحابة ‪،‬‬
‫كابن عمر الذي يروي عنه أنه بقي في أذربيجان ستة أشهر ‪ ،‬أو بناء على رواية أخرى ‪ ،‬سبعة‬
‫عشر شهرا ‪ ،‬وهو يقصر في صلته ‪ .‬ويروي أيضا عن إبراهيم النخعي أن علقمة بن قيس ‪،‬‬
‫صاحب ابن مسعود ‪ ،‬بقي في خوارزم سنتين وهو يقصر في صلته ‪ ،‬وأن الصحابي سعد بن‬
‫أبي وقاص وعددا من صحابة الرسول بقوا في القادسية مدة طويلة وهم يقصرون ‪ .‬وفي رأي‬
‫الجيطالي أن الفرق في هذه القضية يعود إلى أن الرسول لم يحدد وقتا معينا لذلك ( ‪. ) 17‬‬
‫‪ -3‬الصوم ‪:‬‬

‫( ‪)1/173‬‬

‫نقطة الخلف الرئيسة حول هذا الموضوع تتعلق بغسل الجنابة بالنسبة للصوم ‪ .‬يرى الباضية أن‬
‫التطهر من الجنابة ضروري للصوم كما هو ضروري للصلة ‪ .‬وموفقهم هذا مبني على أحاديث‬
‫تروى عن أبي هريرة والفضل بن عباس معا بأن النبي قال ‪ (( :‬من أصبح جنبنا أصبح مفطرا ))‬
‫( ‪ . ) 18‬ويقول الباضيون إن أسلفهم في هذا الموقف هم أبو هريرة ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬وعروة بن‬
‫الزبير ‪ ،‬وإبراهيم النخعي ‪ .‬أما المذاهب السلمية الخرى كلها فقالت إن الغسل من الجنابة ليس‬
‫ضروريا في حالة الصوم وإن إهمال ذلك حتى الصباح ول يضر بالصوم ‪ .‬وموقفهم هذا مبني‬
‫على أحاديث تروى عن عائشة وأم سلمة ‪ ،‬وهي أن الرسول استيقظ في الصباح جنبنا من جماع‬
‫غير احتلم في رمضان ثم صام ( ‪ . ) 19‬وبناء على ذلك فإنهم قالوا بأن إهمال الغسل من‬
‫الجنابة خلل رمضان حتى صلة الظهر ل يؤثر في الصوم ‪ ،‬إذ إنه ضروري للصلة فقط ل‬
‫للصوم ‪.‬‬
‫ويقول الباضية ‪ ،‬دعما لوجهة نظرهم ‪ ،‬إن أقوال الرسول تنقض أعماله ‪ .‬وبالنسبة للحاديث‬
‫المنقولة عن عائشة وأم سلمة بخصوص عمله في هذه الحالة فلعل ذلك كان عمل خاصا بالرسول‬
‫‪ ،‬أو لعله قد نسي ‪ ،‬أو كان نائما ‪ .‬غير أن الحاديث المروية عنه عن طريق أبي هريرة والفضل‬
‫بن عباس ‪ ،‬تشير إلى قرار واضح ‪ ،‬ول تترك مجال لي تكهن ( ‪. ) 20‬‬
‫والنقطة الخرى التي تميز المذهب الباضي في قضية الصوم هي تأثير الذنوب المعنوية على‬
‫الصوم ‪ .‬ورأيهم أن جميع الذنوب الكبيرة تبطل الصوم ‪ .‬وهذه النظرة معتمدة على القياس بناء‬
‫على حديث الرسول بأن الغيبة تفطر الصائم وتنقض الوضوء ( ‪ . ) 21‬وبناء على ذلك ‪ ،‬إن‬
‫رواية الكذب ‪ ،‬والنميمة ‪ ،‬والحنث باليمين والذنوب المماثلة تبطل الصوم ( ‪. ) 22‬‬

‫( ‪)1/174‬‬

‫وهنا يمكن أن نضيف نقطة أخرى في الفرق بين الباضية والمذاهب السلمية الخرى ؛ وهي‬
‫تتعلق بقضاء اليام التي لم يصمها المرء في رمضان السابق ‪ .‬وقد قال الباضيون إنه لبد من‬
‫قضاء الصوم بصورة متوالية أياما بدل عن اليام التي لم تصم خلل رمضان ؛ ولكن المذاهب‬
‫السلمية الخرى قالت إن التتابع ليس ضروريا في مثل هذه الحالة ؛ على المرء أن يصوم العدد‬
‫المطلوب من اليام بصرف النظر عن تتابعها أو عدمه ( ‪. ) 23‬‬
‫‪ -4‬الزكاة ‪:‬‬
‫بالنسبة للزكاة هنالك نقطتان ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتبر الباضيون الغنم كالبل ‪ .‬فحد النصاب الدنى للزكاة هو نفسه للغنم والبل ( ‪. )24‬‬
‫في خمس بقرات ‪ ،‬شاة واحدة ؛ في عشر ‪ ،‬شاتان في خمس عشرة ‪ ،‬ثلث شياه ؛ في عشرين ‪،‬‬
‫أربع شياه ؛ في خمس وعشرين ‪ ،‬بقرة عمرها سنة واحدة ‪ .‬في ست وثلثين ‪ ،‬بقرة عمرها‬
‫سنتان ( ثنية ) ؛ في ست وأربعين ‪ ،‬بقرة واحدة عمرها خمس سنوات ( رباعية ) في إحدى‬
‫وستين ‪ ،‬بقرة واحدة عمرها ست سنوات الخ ‪ ...‬وبالنسبة لمذاهب السنة ‪ ،‬فقد رأت أن النصاب‬
‫الدنى للماشية هو ‪ :‬في ثلثين بقرة ‪ ،‬عجل عمره سنة واحدة ؛ وفي أربعين ‪ ،‬بقرة عمرها سنتان‬
‫الخ ‪ ....‬وهذا الرأي الخير مبني على عدد من أحاديث تروى عن الرسول تتعلق بالحد الدنى‬
‫من النصاب للماشية ( ‪ . ) 25‬وسأل أبو غانم أبا المؤرخ عن حديث لمعاذ ترويه مراجع السنة‬
‫دعما لوجهة نظرها ‪.‬وكان جوابه ‪ (( :‬الثر عند فقهائنا الذين نأخذ عنهم ونعتمد عليهم أن السنة‬
‫في زكاة البقر كالسنة في زكاة البل ‪ ،‬فيؤخذ منها ما يؤخذ من البل ‪ ،‬ويعمل فيها ما يعمل في‬
‫البل ‪ ،‬وليس بينهم اختلف ‪ ....‬وأما حديث معاذ عن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) فال أعلم به‬
‫‪ ،‬ولو نعلم أن ذلك عن معاذ عن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) لخذنا به واعتمدنا عليه ‪ ،‬غير‬
‫أن أصحابنا وأبيا عبيدة وجابر بن زيد لم يأخذوا به ‪ ،‬وقد بلغهم قول من وصفت )) ( ‪. ) 26‬‬

‫( ‪)1/175‬‬
‫وفي محاولة لشرح سبب الفرق والدليل الباضي على موقفهم ‪ ،‬قال الجيطالي ‪ (( :‬وأظن أنهم‬
‫قاسوا ذلك على نصاب البل ‪ ،‬أو صح عندهم فيه حديث لم أقف أنا عليه )) ( ‪ . ) 27‬على أن‬
‫هنالك مجموعات سنية للحاديث تروى أحاديث يبدو أنها أساس الرأي ( الباضي ) ( ‪. ) 28‬‬
‫‪ -2‬والنقطة الثانية تتعلق بالشخاص الذين ينبغي أن تعطي الزكاة لهم ‪ .‬الباضيون يشترطون أن‬
‫يكون هذا الشخص في حالة (( ولية )) ‪ .‬وبناء على ذلك وينبغي للزكاة أن ل تعطى إل لهل‬
‫الولية ‪ .‬وإذا لم يكن هنالك فقراء بين هؤلء فإنه يجب أن تعطي لفقراء الباضية حتى ولو لم‬
‫يكونوا من أهل (( الولية )) ‪ .‬وإذا لم يوجد مثل هؤلء عندئذ تعطى للمسلمين الضعاف الفقراء‬
‫من غير الباضية ممن ل يخشى أن يسببوا أذى للباضية ( ‪. ) 29‬‬
‫‪ -5‬النكاح ‪:‬‬
‫تتناول نقطة الخلف هنا حالة الطرفين اللذين يرتكبان فاحشة الزنى ‪ .‬قال الباضيون إن مثل هذه‬
‫العلقة تشكل عائقا دائما يمنع الزواج بين هذين الطرفين المذنبين ‪ .‬ويروي ابن خلفون أن سائر‬
‫فقهاء الباضية مجمعون على هذه النقطة وأسلفهم في هذا الموقف هم الصحابة ‪ :‬عبد ال بن‬
‫مسعود ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬والبراء بن عازب ‪ ،‬وعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وأبو هريرة ‪ ،‬وجابر بن عبد‬
‫ال ‪ ،‬وكان عالما البصرة الحسن بن أبي الحسن ومحمد بن سيرين على هذا الرأي أيضا ( ‪) 30‬‬
‫‪ .‬وكذلك قال به الشيعة الثناء عشرية ( ‪ . ) 313‬أما مذاهب السنة الخرى فقالت إنه يجوز‬
‫للطرفين اللذين ارتكبا فاحشة الزنى أن يتزوج أحدهما الخر ‪ ،‬إنما اشترط البعض عليهما التوبة‬
‫والحياة الصالحة فيما لم يضع البعض الخر أي شرط ‪.‬‬
‫وقدم ابن خلفون في رسالته عرضا مفصل لهذه القضية ولحجج سائر الطراف ( ‪. ) 32‬‬
‫‪ -6‬الرث ‪:‬‬

‫( ‪)1/176‬‬

‫بالنسبة للمولى ‪ ،‬قال علماء الباضية ‪ -‬باستثناء أبي نوح الدهان ‪ -‬إن أموال المولى الذي ل‬
‫أنسباء له يرثها أهله ل موله ( ‪ . ) 33‬وإذا كان للمولى المتوفى أقرباء ‪ ،‬فإن أمواله يجب أن‬
‫تعطى لهم ؛ وأما إذا لم يكن هنالك وريث له ينتسب إلى قبيلته فالموال يجب أن تعطى لبناء‬
‫جنسه الحاضرين في بلده يوم وفاته ‪ ،‬على أن يتساوى نصيب النثى والذكر ‪ .‬وإذا كان والداه‬
‫من عرقين مختلفين فإن بعض علماء الباضية قالوا بإعطاء أمواله لهل والده ‪ .‬وبناء على ما‬
‫قاله أبو الحوارني ‪ ،‬فإن أمواله يجب أن تقسم ثلثة أنصبة ‪ ،‬ثلثين لهل والده ‪ ،‬وثلث لهل والدته‬
‫‪ .‬وقال شيوخ جبل نفوسة أن من حضر أول من أهل المتوفى فهو أحق بالميراث ( ‪ . ) 34‬وقالت‬
‫المذاهب السلمية الخرى أنه إذا لم تكن للمولى (( عصبة )) ‪ ،‬فإن موله الذي كان قد أعتقه هو‬
‫وريثه ‪ .‬وإذا لم يكن موله حيا ‪ ،‬فإن (( عصبته )) ينبغي لها أن ترث أملك المولى ‪ .‬وعند عدم‬
‫وجود أحد من هؤلء ‪ ،‬فإن أموال المولى تؤول إلى بيت المال ( ‪.) 35‬‬
‫‪ -7‬الحدود والقصاص ‪:‬‬
‫إن الخاصة الرئيسة المميزة للمذهب الباضي في هذا المجال هي التعطيل المؤقت للحدود باستثناء‬
‫عقوبة العدام ( ما عدا الرجم ) خلل فترة الكتمان ( ‪ . ) 36‬وبالضافة إلى هذه الخاصة ‪ ،‬يمكن‬
‫لنا هنا أن نذكر نقطتين أخريين ‪:‬‬

‫( ‪)1/177‬‬

‫‪ -1‬بين المذاهب السلمية كلها ‪ ،‬كان الباضيون وحدهم هم الذين حددوا الجراءات التي‬
‫بموجبها ينبغي أن تدفع مبالغ محددة تعويضا عن إنزال الضرار الجسدية ‪ ،‬دون الدامية‬
‫خطورة ‪ ،‬في حين أنه لم يحدد لذلك أي مبلغ من قبل السنة ‪ .‬لقد تركت المذاهب السلمية‬
‫الخرى مثل هذه الحالت لقرار (( الحكومة )) التي تقدر العقوبة ‪ ،‬أي مقدار ما يخفضه الضرر‬
‫المشار إليه بقيمة الرقيق ‪ ،‬وهو ما يحدد نسبة الدية التي تدفع ( ‪ . ) 37‬وقد وضع علماء‬
‫الباضية ‪ ،‬بغية اجتناب القرارات غير العادلة من قبل الحكومة ‪ ،‬مقياسا لتقدير الضرار وتحديد‬
‫المبلغ الذي يجب أن يدفع تعويضا عنها ‪ .‬ووحده تقدير الضرار هي (( الراجبة )) ‪ ،‬أو عقدة‬
‫الطرف في البهام ‪ ،‬أي ما يقرب من بوصة واحدة ( ‪. ) 38‬‬
‫‪ -2‬وفي القصاص ‪ ،‬إذا كان ينبغي قتل الرجل عقوبة له لقتله امرأة متعمدا ‪ ،‬فإنه يجب على ولي‬
‫المرأة أن يعيد نصف دية الرجل إلى أقارب الرجل ( ‪ . ) 39‬وهذا هو الموقف نفسه الذي اتخذه‬
‫الثناء عشرية ( ‪. ) 40‬‬
‫وباستثناء المثلة التي ذكرناها أعله ‪ ،‬قد يختلف الباضيون أو يتفقون في نواح عديدة من نظامهم‬
‫الفقهي مع هذا المذهب السلمي أو ذاك ‪ .‬وما عدا ذلك فل فارق كبيرا بين الفقه الباضي والفقه‬
‫السني بوجه عام ‪ .‬وإذا كان الباضيون يرون نفس الرأي كالشيعة الثنى عشرية في بعض‬
‫المسائل ‪ ،‬فإنهم يختلفون عنهم أيضا في نقاط أخرى ‪ .‬ونكاح المتعة ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬هي‬
‫إحدى المسائل التي يرى فيها الباضيون رأي السنة والفرع الزيدي ‪ ،‬لكن الشيعة الثنى عشرية‬
‫يعتبرونها شرعية ( ‪. ) 41‬‬

‫( ‪)1/178‬‬

‫على أي حال ‪ ،‬فقد نوقش بعض هذه المسائل في وقت باكر من قبل المصادر الباضية كمدونة‬
‫أبي غانم ‪ .‬وفي عدد من الحالت واجه أبو غانم شيوخه برأي العلماء غير الباضيين ‪ ،‬لكن‬
‫ردهم كان عادة (( ل شيء فيما يقولونه ؛ هم رووا الكاذيب و أخطأوا في الرواية ؛ إننا ل نتبع‬
‫هذا الخبر ‪ .‬فقهاؤنا ل يعترفون بهذه الرواية الخ ‪ ، ) 42 ( ...‬من غير إيراد أي حجج دعما لهذه‬
‫الدعاءات ‪ .‬وفي حالت معينة ‪ ،‬كحالة أن الولد ‪ ،‬وحالة المكاتب عرضوا حججهم وبراهينهم‬
‫بالتفصيل ( ‪ . ) 43‬والعلماء المسلمون الخرون يشار إليهم بعبارة (( فقهاء قومنا ‪ .‬وعند سماع‬
‫أبي المؤرخ شخصيا بأن أبا عبيدة قال ‪ (( :‬وكل صلة ل يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ‪ ،‬فقلت‬
‫( أبو غانم ) له حينئذ ‪ :‬يا أبا المؤرخ إن هذا قول قومنا ‪ ،‬قال ‪ :‬قومك يقولون حقا كثيرا لم‬
‫يخالفهم المسلمون فيما أصابوا ‪ ،‬ولكن إنما خالفوهم فيما أخطأوا فيه وكذبوا )) ( ‪. ) 44‬‬
‫كان الباضيون ينظرون إلى أنفسهم باستمرار بأنهم المسلمون الحقيقيون ؛ وبأن شرعهم هو الدين‬
‫السلمي الصحيح معتبرين أن مذهبهم هو الممثل الحث للسنة الصحيحة والمتفوق على المذاهب‬
‫السلمية الخرى ‪ .‬وقد عبر الشيخ الباضي محمد يوسف اطفيش في العصر الحديث عن هذا‬
‫الرأي بالكلمات التالية ‪:‬‬
‫(( قولنا صواب ويحتمل الخطأ ‪ ،‬وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب )) ( ‪. ) 45‬‬
‫على أن هذه النظرة الباضية إلى المذاهب الفقهية غير الباضية لم تمنع أحد علمائهم البارزين‬
‫من إدخال مبدأ جديد على الفقه الباضي بقوله أنه مسموح للمفتين الباضيين أن يستعينوا بآراء‬
‫المذاهب غير الباضية إذا لم يوجد لعلماء الباضية آراء في تلك المسائل ( ‪. ) 46‬‬
‫==================================‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 1‬شاخت ‪ ،‬نشأة الفقه السلمي ‪. 261 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪.‬‬

‫( ‪)1/179‬‬

‫( ‪ ) 4‬توفي جابر سنة ‪ 93‬هـ ‪ .‬وولد مالك بين ‪ 90‬و ‪ 97‬هـ ‪ .‬انظر ‪ :‬أبو زهرة ‪ ،‬مالك ( ط‬
‫‪ ، 2‬القاهرة ‪. 24 ، ) 1952 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬ولد أبو حنيفة نحو ‪ 700 / 81‬؛ انظر محمد أبو زهرة ‪ ،‬أبو حنيفة ‪ ( ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪. 12 ، ) 1955‬‬
‫( ‪ ) 6‬كولسون ‪ ،‬تاريخ الشرع السلمي ‪. 109 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪. 237 - 236 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪ 39‬؛ السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 179 - 177 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬القرآن ‪. 6 ، 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬ابن خلفون ن المصدر نفسه ‪ 39‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 18 - 17 ،‬؛ الجيطالي ‪ :‬قواعد ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪. 67‬‬
‫( ‪ ) 12‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 39 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 36 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر السابق ‪. 37 - 36 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪. 36 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪ 263 ،‬؛ المام زيد بن علي ‪ ،‬مسند ‪. 82 - 80 ،‬‬
‫( ‪ ) 18‬جابر بن زيد ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 19‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد مخطوطة ‪ 120 - 199‬؛ علي معمر أجوبة وفتاوى ( ليبيا ‪ ،‬نالوت ‪،‬‬
‫‪. 23 - 18 ، ) 1970‬‬
‫( ‪ ) 20‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪ 267 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 21‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 92 - 91 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬جابر ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ 6 - 5‬؛ الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪ 81 / 1‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪،‬‬
‫‪. 26‬‬
‫( ‪ ) 23‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 112 - 111 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪. 112‬‬
‫( ‪ ) 25‬المصدر السابق ‪ 114 - 113‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 26 ،‬؛ للمزيد من التفاصيل عن‬
‫الموضوع انظر علي معمر ‪ :‬أحكام السفر في السلم ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬
‫( ‪ ) 26‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 85 - 84 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬مالك ‪ ،‬الموطأ ‪ . 213 / 1‬البخاري ‪ ،‬صحيح ‪ 249 / 1‬؛ مسلم ‪ ،‬صحيح ‪- 137 / 3‬‬
‫‪. 38‬‬
‫( ‪ ) 28‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 71‬؛ الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 196 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 85 ، 33 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 198 ،‬؛ الجناوني ‪ :‬الوضع ‪. 156 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬

‫( ‪)1/180‬‬
‫( ‪ ) 32‬المصدر السابق ‪. 164 ،‬‬
‫( ‪ ) 33‬الزيلعي ‪ ،‬نصب الراية ( ‪. 353 - 346 / 2 ، ) 1357 / 1938‬‬
‫( ‪ ) 34‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 69 - 68 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 164 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬الزيلعي ‪ ،‬نصب الراية ‪. 348 - 347 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪ 180‬؛ أبو ساكن الشماخي ‪ ،‬إيضاح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 46 / 2‬‬
‫( ‪ ) 38‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪. 268 ،‬‬
‫( ‪ ) 40‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 14 - 9‬‬
‫( ‪ ) 41‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 337‬‬
‫( ‪ ) 42‬السالمي ‪ ،‬شرح الجامع الصحيح ‪ 441 / 3 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬فرائض مخطوطة ‪ 12‬ب ‪-‬‬
‫‪ 13‬أ‪.‬‬
‫( ‪ ) 43‬شاخت ‪ ،‬مدخل ‪. 170 ،‬‬
‫( ‪ ) 44‬انظر أعله ‪ 174 - 172‬وما يلي ‪. 412‬‬
‫( ‪ ) 45‬شاخت مصدر مذكور سابقا ‪. 186‬‬
‫( ‪ ) 46‬للمزيد من التفاصيل انظر ‪ :‬عبد العزيز الثميني ‪ ،‬النيل ( تحقيق بكلي عبد الرحمن بن‬
‫عمر ن الجزائر ‪ ، 987 - 980 / 3 ، ) 1969 ،‬والوامش ص ‪. 90 - 987 ، 982 - 981‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/181‬‬

‫الفصل الخامس علم الكلم الباضي‬


‫خلفا للفقه الباضي ‪ ،‬فإن علم الكلم الباضي جذب إليه انتباه البحاثة الوروبيين ‪ ،‬واهتم‬
‫ماسكيراي بدراسة علم الكلم الباضي في ملحظاته على الترجمة التي قام بها لـ (( سير ))‬
‫أبي زكريا الوارجلني ( ‪ ، ) 1‬وقدم آ ‪ .‬دي سيه موتيلنسكي ترجمة فرنسية للعقيدة الباضية من‬
‫وضع عمرو بن جميع إلى المؤتمر الرابع عشر للمستشرقين في الجزائر سنة ‪. ) 2 ( 1905‬‬
‫ولحظ العلمتان غولدزيهر ونلينو التشابه في المواقف والراء بين الباضيين والمعتزلة حول‬
‫قضايا محددة ‪ ،‬وردا هذا التشابه إلى تأثير المعتزلة على علم الكلم الباضي ( ‪ . ) 3‬وعند‬
‫مناقشة بعض هذه القضايا أشار وليم تومسون وهو محق في ذلك ‪ ،‬إلى أنها كانت قد أثارت‬
‫أوساط الخوارج في فترة باكرة نسبيا ‪ ،‬وإلى أنها لم تكن معتزلة في الصل ‪ ،‬كما أشار إلى أن‬
‫احتمال ظهورها بين الخوارج ( بما في ذلك الباضية ) هو أمر طبيعي ( ‪. ) 4‬‬
‫ثم جاء نشر المصادر الباضية الصلية بمطبعة البارونية الحجرية ليقدم مادة جديدة حول‬
‫الموضوع ويشجع على إسهامات إضافية ‪ .‬وفي سنة ‪ 1936‬قام آي ‪ .‬إس ‪ .‬علوش بترجمة‬
‫فصلين من (( كتاب الدليل والبرهان )) للوارجلني إلى الفرنسية ‪ .‬وفي سنة ‪ ، 1949‬حاول‬
‫ماريو مورينو أن يقدم عرضا أكثر وضوحا لعلم الكلم الباضي مستندا بالدرجة الولى إلى‬
‫أعمال العلمة عبد ال بن حميد السالمي العماني ( ت ‪ 1332‬هـ ) وإلى أعمال أخرى نشرتها‬
‫المطبعة البارونية ( ‪ ) 5‬ومنذ ست سنوات ظهرت دراسة مقارنة للعقيدة الباضية عند أبي زكريا‬
‫الجناوني وعلقتها بالعقائد السنية الخرى موفقة بترجمة إلى اليطالية (( العقيدة )) أبي زكريا (‬
‫‪.)6‬‬

‫( ‪)1/182‬‬

‫ولتقييم الراء التي تكونت لدى العلماء الوروبيين حول علم الكلم الباضي ‪ ،‬ل سيما آراء‬
‫الباحثين غولدزيهر ونلينو ‪ ،‬ينبغي للمرء أن يبدأ بدراسة علم الكلم الباضي من المرحلة الولى‬
‫للحركة ‪ ،‬ثم أن يتتبع تطور أصوله لكي يحدد وجهة نظر المذهب الباضي ويميزها بالنسبة‬
‫للفرق الخرى ‪.‬‬
‫وفي الصفحات التالية سأتناول بالدراسة تطور علم الكلم الباضي بدءا من مراحله الولى ‪،‬‬
‫مقدما عرضا واضحا للمشاكل التي نشأت آنذاك ‪ ،‬ثم يتبع ذلك بدراسة للنقسامات الفرعية التي‬
‫نشأت في الحركة الباضية نتيجة لفروق قامت على أسس كلمية ‪ ،‬ثم بمراجعة عامة للعمال‬
‫الباضية حول الكلم ‪ ،‬وأخيرا يصار إلى تقديم دراسة موجزة لوجهات النظر الكلمية الباضية‬
‫بالمقارنة مع وجهات نظر الفرق السلمية الخرى حول قضايا أساسية ‪.‬‬
‫القرآن هو المصدر الساسي لعلم الكلم الباضي ( ‪ . ) 7‬والصحابة الذين نصبوا أنفسهم‬
‫مدرسين للقرآن ولتفسيره للمسلمين يمكن اعتبارهم الفئة الولى من علماء الكلم المسلمين ‪ .‬ولقد‬
‫كانت مناقشتهم للمشاكل الكلمية التي عالجها القرآن أو نشأت عن التعابير القرآنية ‪ ،‬مبنية‬
‫بالدرجة الولى على أحاديث سمعوها من الرسول ‪ ،‬أو نقلت عن مراجع موثوقة تعود بسندها إلى‬
‫الرسول ‪.‬‬
‫وبالنسبة للباضية ‪ ،‬فإن إمامهم الول ‪ ،‬مؤسس مذهبهم ‪ ،‬جابر بن زيد حمل وجهات نزره عن‬
‫عدد كبير من الصحابة ‪ ،‬ل سيما ابن عباس ‪ ،‬الصحابي الذي روى عنه القسم الكبر من‬
‫المعلومات بشأن التفسير ( ‪ . ) 8‬ومن شأن هذه الحقيقة الكبيرة الهمية أن تكون دليل على صحة‬
‫وجهة نظر الباضيين في ما يتعلق بالمسائل الكلمية التي تصل بالقرآن ‪ .‬وقد دونت غالبية هذه‬
‫الراء في المجموعة الباضية للحديث بعنوان (( مسند الربيع بن حبيب )) ( ‪. ) 9‬‬
‫( ‪)1/183‬‬

‫وهنالك حقيقة أخرى هي أن الحركة الباضية انطلقت كحركة فكرية ‪ ،‬ومكنت نشاطاتها التي‬
‫كانت تجري بالسر ‪ ،‬قادتها الذين راقبوا عن كثب وبعناية تطور المجتمع السلمي دينيا‬
‫وسياسيا ‪ ،‬من أن يطوروا ‪ ،‬بصورة طبيعية ‪ ،‬وجهات نظرهم حول موضوعات مختلفة ‪.‬‬
‫يمكن أن تصنف المسائل الكلمية التي ظهرت في المصادر الباضية في وقت باكر في ثلث‬
‫مجموعات ‪:‬‬
‫‪ -1‬مسائل تتعلق بالخالق ‪.‬‬
‫‪ -2‬مسائل تتعلق بالعلقات بين النسان والخالق ‪.‬‬
‫‪ -3‬مسائل تتعلق بين النسان والنسان ‪.‬‬
‫‪ -1‬تحت العنوان الول تأتي مسألة التشبيه ‪ ،‬التي نشأت عن العبارات القرآنية التي تتناول‬
‫التجسيم ( ‪ . ) 10‬ودرست هذه المسألة في وقت لحق كبند في إطار مبدأ التوحيد في العقيدة‬
‫الباضية ‪ .‬غير أن المراجع الباضية الولى نقلت تفسير عبارات من هذا النوع عن الصحابة ‪،‬‬
‫وحافظت عليها كما هي ‪ .‬وفيما يلي بعض المثلة من التأويلت المورية عن هذه اليات ‪:‬‬
‫القبضة وهي التي ترد في الية التالية ‪ ( :‬والرض جميعا قبضته يوم القيامة ) ( ‪. ) 11‬‬
‫فتفسير القبضة هنا هو أنها القدرة والملك ‪ ،‬وقال جابر بن زيد أن ابن عباس أعلن أن الذين‬
‫يعتقدون بأن القبضة هي شيء غير الملك والقدرة هم مشركون ‪ .‬ولقد قال ال تعالى ‪ ( :‬وال‬
‫يقبض ويبسط وإليه ترجعون ) ( ‪ ) 12‬قاصدا بذلك أنه يعطي ويمنع ‪ .‬ثم قال كذلك في آية الظل‬
‫‪ ( :‬ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) ( ‪ . )13‬بعد ذلك أورد ابن عباس أمثلة على قبضة يعني بها‬
‫الحيازة والحماية في اللغة العربية ( ‪. ) 14‬‬
‫واليد تفسير كذلك بأنها قدرة ال وملكه في قوله تعالى ‪ ( :‬قل إن الفضل بيد ال ) ( آل عمران ‪:‬‬
‫‪ . ) 15 ( ) 73‬ويد ال تفسير بالرزق ( ‪ ) 16‬في قوله تعالى ‪ ( :‬وقالت اليهود يد ال مغلولة ) ‪.‬‬
‫وفي قوله تعالى ‪ ( :‬يد ال فوق أيديهم ) تفسير اليد بأنها المكافأة والهبة من الخالق ( ‪17‬‬
‫) ‪ .‬مثل هذا السلوب طبق على عبارات أخرى مشابهة وردت في القرآن ‪ ،‬أمثال ‪:‬‬

‫( ‪)1/184‬‬

‫أ‪ -‬العين في قوله تعالى ‪ ( :‬ولتصنع على عيني ) ( طه ‪ . ) 39 :‬وهي تعني العلم والحفظ ( ‪18‬‬
‫)‪.‬‬
‫ب‪ -‬النور في قوله تعالى ‪ ( :‬ال نور السموات والرض ) ( النور ‪ . ) 35 :‬يعني أن الخالق هو‬
‫العدل في السموات وعلى الرض ‪ ،‬وهادي من في السموات والرض ( ‪. ) 19‬‬
‫ج‪ -‬وجه الخالق يعني الخالق وحده ( ‪. ) 20‬‬
‫د‪ -‬الساق يعني المر الشديد ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬النفس التي تنسب إلى الخالق تعني العلم ( ‪. ) 21‬‬
‫و ‪ -‬مجيء الخالق مع ملئكته في يوم القيامة فسر باعتباره مجيء ملكه ( ‪. ) 22‬‬
‫ز ‪ -‬استواء ال على العرش يعني أمره وقدرته على الكون ( ‪. ) 23‬‬
‫الرؤية ‪:‬‬
‫تحت المجموعة الولى من المسائل الكلمية التي ظهرت في المرحلة الولى لعلم الكلم الباضي‬
‫‪ ،‬تقع مسألة الرؤية وهي الصلة بالتشبيه ‪ .‬قال الباضيون إن الخالق ل يرى في الدنيا ول في‬
‫الخرة ‪ .‬وهنالك حديثان للرسول رويا في مسند الربيع يؤكدان على هذه النظرة ‪ .‬الحديث الول‬
‫يروى بطريق مسروق عن عائشة أنها قالت ‪ (( :‬من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على ال‬
‫الفرية )) ( ‪ . ) 24‬والحديث الثاني يروى عن محمد الشيباني ‪ ،‬وهو أن رسول ال سئل ‪ (( :‬هل‬
‫ترى ربك ؟ فقال ‪ :‬سبحان ال وأنى أراه )) ( ‪ . ) 25‬أما بالنسبة لليات القرآنية التي توحي بأن‬
‫الخالق سوف يرى ‪ ،‬فقد لجأ الباضيون إلى التأويل وفسروها بطريقة ل تتناقض مع وجهة‬
‫نظرهم ‪.‬‬
‫وكلمة (( ناظرة )) في سورة النسان الية (‪) 26‬فسرت بأنها انتظار الذن من الخالق لدخول‬
‫الجنة ‪ .‬وقد نقل هذا التفسير عن الصحابيين علي بن أبي طالب وابن عباس معا ( ‪ . ) 27‬ثم إن‬
‫مسألة الرؤية مناقشة بصورة كاملة في مسند الربيع بن حبيب ( ‪. ) 28‬‬

‫( ‪)1/185‬‬

‫والثار التي تورى في المجموعة الباضية للحاديث تبين بوضوح أن التشبيه كان مرفوضا بقوة‬
‫من قبل الصحابة ‪ .‬ويروي أن ابن مسعود وعبد ال بن عمر ارتعدا فرقا حين سمعا أن المسلمين‬
‫في الشام يقولون بأن الخالق صعد إلى السماء من بيت المقدس ؛ ووضع قدمه على الصخرة (‬
‫‪ . ) 29‬ورأى أن اليهود كانوا وراء هذه الراء التشبيهية ( ‪ ) 30‬؛ قال ابن مسعود ‪ (( :‬ل تسألوا‬
‫أهل الكتاب عن شيء ؛ فلن يهدوكم وقد ضلوا )) ( ‪. ) 31‬‬
‫وتحت عنوان (( السنة في تعظيم ال عز وجل )) ( ‪ ) 32‬يروى عدد كبير من الحاديث‬
‫والثار ‪ ،‬وهي كلها تعبر عن وجهات نظر تنفي التشبيه عن الخالق ‪ .‬ومن الصحابة الذي رويت‬
‫عنهم هذه الحاديث يذكر عمر بن الخطاب ‪ ،‬وعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وعبد ال بن عباس ‪ ،‬وعبد‬
‫ال بن مسعود ‪ ،‬وعبد ال بن عمر ‪ .‬وبين التابعين هنالك ‪ ،‬باستثناء جابر بن زيد المام الباضي‬
‫‪ ،‬مجاهد ‪ ،‬والحسن البصري ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬والضحاك ‪ ،‬وسواهم ‪.‬‬
‫وقد اعتمد المعتزلة أيضا التفسير التأويلي لعبارات التشبيه الواردة في القرآن ‪ ،‬على أنه من‬
‫الواضح أن هذه الطريقة مبنية على أحاديث الرسول وطبيعة اللغة العربية التي تتيح مثل هذه‬
‫التفسيرات ‪ .‬وهنالك حالت كثيرة استشهد فيها بآيات أخرى من القرآن لمعارضة التفسيرات‬
‫التشبيهية في إطار القرآن حيث إن التعابير المعنية نجدها مستعملة في معان واضحة ل لبس فيها‬
‫تأييدا للتفسيرات التي وضعها العلماء الباضيون ‪.‬‬
‫وفي ما يتعلق بمسألة وجود ال أو عدم وجوده في مكان ما ‪ ،‬أي على العرش ؛ أو قادما مع‬
‫الملئكة يوم القيامة الخ ‪ ....‬فقد نقل جابر بن زيد عن ابن عباس نقاشا مفصل حول هذه المسألة‬
‫رافضا جميع أشكال التشبيه المبنية على عدد من اليات القرآنية ( ‪ . ) 33‬وختم ابن عباس‬
‫عرضه بالقول التالي ‪:‬‬

‫( ‪)1/186‬‬

‫(( لقد أخبر ( القرآن ) عنه أنه تعالى ل يخلو منه مكان في السموات العلى والرضين السفلى‬
‫ول يجوز أن يأخذوا ببعض القرآن دون بعض لنه يصدق بعضه بعضا ‪ ،‬وهو على العرش‬
‫استوى وهو على مل شيء شهيد ‪ ،‬وهو بكل شيء محيط بل تكيف ول تحديد ‪ ،‬ول تمثيل ول‬
‫تشبيه ول توهيم )) ( ‪. ) 34‬‬
‫ومن المشاكل الولى التي تتعلق بمسألة التشبيه مسألة ولية الخالق للمسلمين ‪ .‬وبما أن هذه‬
‫العقيدة تتعلق بمسلك المسلم الذي ل يستحق ولية ال ما لم يكن مسلما صالحا ‪ ،‬فإن بعض علماء‬
‫الباضية رأوا أ‪ ،‬ولية الخالق تتغير وفقا لحالة الشخص ؛ على أن غالبية علماء الباضية قالوا‬
‫إن ولية الخالق ثابتة ل تتغير ( ‪. ) 35‬‬
‫ونتيجة معارضتهم لي نوع من التشبيه ‪ ،‬فقد أصر الباضيون على أن الصفات التي تنسب إلى‬
‫ال هي عين ذاته ( ‪. ) 36‬‬
‫إن هذه الطريقة التأويلية التي استخدمت لتفسير التعابير التشبيهية في القرآن استخدمت كذلك‬
‫لمسائل تتعلق باليوم الخر ‪ ،‬كالميزان والصراط ( ‪. ) 37‬‬
‫‪ -2‬مسائل تتعلق بالعلقة بين ال والنسان ‪:‬‬
‫تقع تحت هذه المجموعة الثانية مسألتان ‪ :‬مسألة القدر ومسألة حرية الدارة والقضاء والقدر ‪ .‬هنا‬
‫أيضا كانت الحاديث المروية عن الرسول أساس الموقف الباضي من المسائل ‪ .‬وفي ما يلي‬
‫بعض الحاديث الواردة في المجموعة الباضية للحاديث مما يتعلق بالقدر ‪.‬‬
‫‪ ) 1‬قال رسول ال عليه السلم ‪ (( :‬أبرأ إلى ال من القدرية ‪ ،‬أبرأ من المرجئة ‪ ،‬برئ ال منهما‬
‫ورسوله )) ( ‪. )38‬‬
‫‪ (( ) 2‬القدرية مجوس هذه المة ‪ ،‬إن مرضوا فل تعودوهم ‪ ،‬وإن ماتوا فل تصلوا عليهم )) (‬
‫‪. ) 39‬‬

‫( ‪)1/187‬‬

‫‪ (( ) 3‬صنفان من أمتي ل تنالهم شفاعتي يوم القيامة ‪ ،‬لعنهم ال على لسان سبعين نبيا قبلي ‪،‬‬
‫قيل ‪ :‬فمن هم يا رسول ال ؟ قال القدرية والمرجئة ‪ ،‬قيل ‪ :‬فمن المرجئة ؟ قال ‪ :‬الذين يقولون‬
‫اليمان قول بل عمل ‪ ،‬والقدرية الذين يعملون بالمعاصي ويقولون هن من ال إجبار أما لو شاء‬
‫اله ما أشركنا ول عصينا )) ( ‪. ) 40‬‬
‫‪ (( ) 4‬ما كان كفر إل مفتاحه تكذيبا بالقدر )) ( ‪. ) 41‬‬
‫‪ (( ) 5‬أول ما خلق ال القلم فقال له ‪ :‬اكتب ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رب وما أكتب ‪ ،‬قال ‪ :‬اكتب القدر فجرى‬
‫بما هو كائن إلى يوم القيامة )) ( ‪. ) 42‬‬
‫‪ (( ) 6‬إذا وقعت النطفة في الرحم أوصى ال إلى ملك الرحام أن يكتب ‪ ،‬فيقول ‪ :‬يا رب وما‬
‫أكتب ؟ فيقول ‪ :‬اكتبه سعيدا أو شقيا بعمله ‪ ،‬واكتب أثره وعمله وأجله ورزقه )) ( ‪. ) 43‬‬
‫‪ ) 7‬قال جابر بن زيد ‪ :‬سئل ابن عباس عمن قال ‪ :‬إنه يستطيع أن يعمل بما أمر ال به ويكف‬
‫عما نهاه ال عنه من غير أن يخلق ال فعله ‪ ،‬فقال ‪ :‬سأل سراقة بن جشعم رسول ال ( صلى ال‬
‫عليه وسلم ) فقال ‪ :‬ما العمل يا رسول ال في أمر مبتدأ مستأنف أم في شيء قد فرغ منه ؟ فقال‬
‫‪ :‬بل في شيء قد فرغ منه ثم قال ‪ :‬ففيم العمل إذا يا رسول ال ؟ فقال ‪ :‬اعملوا فكل ميسر لما‬
‫خلق له ( ‪. ) 44‬‬

‫( ‪)1/188‬‬

‫وكان القول بأن النسان يخلق أعماله قد ظهر في البصرة ‪ .‬وكان شخص يدعى معبد الجهني أول‬
‫من استهل النقاش حول القدر هنا ( ‪ . ) 45‬ثم إن هذا الرأي نشره تلميذه غيلن الدمشقي ‪.‬‬
‫والظاهر أن هذا الرأي وجد سبيله إلى الوساط الباضية في البصرة وسواها من المكنة ‪.‬‬
‫ويروى أنه جرى مناقشات حول هذه المسألة بين غيلن والمام الباضي الثاني ‪ ،‬أبي عبيدة مسلم‬
‫بن أبي كريمة ( ‪ . ) 46‬على أن بعض الباضيين اعتمدوا وجهة نظر القدرية لكن أبا عبيدة كان‬
‫معارضا لهم بقوة ‪ .‬وبين الذين اعتمدوا وجهات نظر القدرية ذكرت المصادر الباضية حمزة‬
‫الكوفي ‪ ،‬والحارث الباضي وعطية وهو من خراسان ‪ .‬ورفض أبو عبيدة وجهة نظرهم وقال‬
‫لحمزة ‪ (( :‬يا حمزة على هذا القول فارقت غيلن )) وعمد الباضيون إلى هجر حمزة‬
‫وزملئه ‪ ،‬وطردوهم من المجالس الباضية ولم يقربهم أحد )) ( ‪. ) 47‬‬
‫وكانت مسألة القدر إحدى المسائل الساسية التي جرى الجدال والنقاش حولها بين الباضية‬
‫وخصومهم ‪ ،‬القدرية أول ‪ ،‬ثم المعتزلة من بعدهم ‪ .‬ولقد كانت هذه النقاشات قائمة قبل أبي عبيدة‬
‫‪ .‬وقال أبن سفيان محبوب بن الرحيل إن صحار العبدي ‪ ،‬شيخ أبي عبيدة ‪ ،‬كان يقول ‪ :‬كلموهم (‬
‫القدرية ) في العلم ‪ ،‬فإن أقروا به نقضوا أقوالهم وإن أنكروه كفروا )) ( ‪. ) 48‬‬
‫وكان أبو عبيدة نفسه قد اعتاد مناقشة مسألة القدر ‪ ،‬متبعا السلوب نفسه الذي استنه أستاذه‬
‫صحار ‪ .‬ويقال إن رجل جاء أبا عبيدة وتكلم إليه في القرد ‪ ،‬فقال له أبو عبيدة ‪ (( :‬هل علم ال‬
‫ما العباد عاملون ‪ ،‬وإلى ما هو إليه صائرون قبل أن يخلقهم ؟ فقال الرجل ‪ :‬ما أسرع ما استعنت‬
‫بالعلم يا أبا عبيدة ‪ ،‬وإنما هذه مسائل الضعفاء ‪ .‬فقال له ‪ :‬أجب هذا الضعيف )) فلم يجبه فافترقا‬
‫( ‪. ) 49‬‬
‫ويروى أيضا أن معتزليا يدعى ابن الشيخ البصري ‪ ،‬فيما كان يقوم بالسعي وهو في الحج في‬
‫مكة ‪ ،‬سأل أبا عبيدة ‪ (( :‬أأنت الذي يزعم أن ال يعصى بزعم إرادته )) ( ‪. ) 50‬‬

‫( ‪)1/189‬‬

‫والظاهر أن المراجع الباضية الولى نظرت إلى مسألة القدر باعتبارها أقل أهمية بالمقارنة مع‬
‫مواقف الخوارج الذين جاؤوا ببدع جديدة خطيرة بخصوص علقاتهم بالمجتمع السلمي ‪،‬‬
‫وبالحكام الطغاة الذين ينفذون شرائع غير ما أنزله ال ‪.‬‬
‫وقال المرجع الباضي ‪ ،‬أبو سفيان محبوب أن ‪ (( :‬أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة كان يضعف‬
‫من أمر القدر ويقول ‪ (( :‬وال ما فيه نكاح ذات بعل ‪ ،‬ول انتحال هجرة ‪ ،‬ول حكم بغير ما أنزل‬
‫ال ‪ ،‬إنما هو رأي أحدثه الناس فيما بينهم ‪ ،‬فمن أقر بأن ال علم الشياء قبل أن تكون فقد أقر‬
‫بالقدر )) ( ‪. ) 51‬‬
‫والمسألة الخرى هي مسألة الجبر والختيار ‪ .‬وقد حفظت المصادر الباضية وجهات نظر تعزى‬
‫إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة متعلقة بهذه المسألة ‪ .‬ولم يكن موقفه إقرارا واضحا بالدارة‬
‫الحرة ول بالجبر ‪ .‬قال أبو سفيان ‪ :‬التقى أبو عبيدة وابن الشيخ البصري في منى ؛ فسأل ابن‬
‫الشيخ أبا عبيدة ‪ :‬يا أبا عبيدة هل جبر ال أحدا على طاعته أو معصيته ؟ قال ‪ :‬ما أعلم أن ال‬
‫جبر العباد على طاعته أو معصيته ‪ ،‬ولو كنت قائل أن ال جبر أحدا لقلت ‪ :‬جبر أهل التقوى‬
‫على التقوى لعظم تخويفه لهم وشدة ترغيبهم به إياه ‪ ،‬قال ‪ :‬يا أبا عبيدة ‪ ،‬فالعلم هو الذي قاد‬
‫العباد إلى ما عملوا ؟ قال ‪ :‬ل لكن سولت لهم أنفسهم وزين لهم الشيطان أعمالهم ‪ ،‬وكان منهم ما‬
‫علم ال )) ( ‪. ) 52‬‬

‫( ‪)1/190‬‬
‫ويروى أيضا أن أبا عبيدة سئل ‪(( :‬ل يستطيع الكافر اليمان ؟ فقال ‪ :‬ل أقول إن من يستطيع أن‬
‫يأتي بحزمة حطب من حل إلى حرم ( ‪ ) 53‬ل يستطيع أن يصلي ركعتين ‪ ،‬ول أقول إنه يستطيع‬
‫ذلك إل أن يوفقه ال تعالى )) ( ‪ . ) 54‬ويعبر أبو عبيدة عن رأيه بشأن حرية الرادة كما يلي ‪:‬‬
‫(( ال أمر الناس بالطاعة ‪ .‬لقد أحب ال ذلك وزينه ‪ .‬ومن يفعل وفقا لذلك فهو بعلم ال ‪ ،‬وهو‬
‫ينظر إليه بعين العطف )) ( ‪ . ) 55‬وكان هذا الرأي لبي عبيدة أساس نظرة الباضية للكتساب‬
‫‪ ،‬أي أن العمال هي من ال خلق ‪ ،‬ومن العبد اكتساب ( ‪. ) 56‬‬
‫والظاهر أن رأي العلماء الباضيين الوائل حول هذه المسألة لم يكن واضحا ومحددا بما فيه‬
‫الكفاية بسبب النزاع في الرأي حول هذه القضية بين إباضيي جبل نفوسة وإباضيي إفريقيا أي‬
‫تونس والجزائر ‪ .‬فهؤلء قالوا إن النسان حر (( في اكتساب أعماله )) ( ‪ . ) 57‬بينما اعتقد‬
‫النفوسيون بـ (( الجبل )) ‪ ،‬أي بأنهم خلقوا بميل طبيعي لتنفيذ ما يعلمه ال من عمل النسان (‬
‫‪ . ) 58‬على أن إباضيي شمالي إفريقيا كلهم أقروا بالكتساب واستثنوا مسألتي (( الجبل )) ‪,‬‬
‫(( الختيار )) ‪ .‬وحاول الجيطالي في (( شرح النونية )) تفسير كلمة (( جبل )) بطريقة تميزها‬
‫عن الجبر وهي تعني الكراه ول تترك وجها مفتوحا للكتساب ( ‪ . ) 59‬ووفقا للعلماء النفوسيين‬
‫‪ ،‬لم ترو أية آراء حول هذه المسألة عن الئمة الباضيين الوائل في البصرة ‪ ،‬ول عن‬
‫تلمذتهم ‪ (( ،‬حملة العلم )) ‪ ،‬ول عن الئمة الرستميين ( ‪. ) 60‬‬
‫غير أن فكرة (( الجبل )) اختفت في الكتابات الباضية في نفوسة منذ وقت أبي ساكن عامر بن‬
‫علي الشماخي ‪ ،‬المعاصر للجيطالي الذي عبر في عقيدته (( الديانات )) عن أن الناس يكتسبون‬
‫أعمالهم ويقومون بها وهم غير مرغمين عليها ( ‪. ) 61‬‬
‫‪ -3‬مسائل تتعلق بالعلقة بين النسان والنسان ‪:‬‬

‫( ‪)1/191‬‬

‫إن العلقات بين المسلمين وغير المسلمين محددة في القرآن ‪ .‬وقد ذكر القرآن ثلث مجموعات‬
‫مختلفة من الناس هي ‪ :‬المشركون ‪ ،‬وأهل الكتاب ‪ ،‬والمنافقون ‪ .‬وبالنسبة للمجموعتين الوليين‬
‫أوضح القرآن علقة المسلمين بكل مجموعة منهما في الحرب والسلم ‪ ،‬وتمسك الرسول بذلك ‪ .‬ثم‬
‫إن الحروب الهلية بين المسلمين سببت مشاكل جديدة للمجتمع السلمي ‪ .‬وقد بدأت هذه‬
‫الحروب حين قتل عثمان بن عفان على أيدي رفاقه المسلمين ‪ ،‬ثم استمرت بين علي ‪ ،‬الخليفة‬
‫الرابع من ناحية ‪ ،‬وطلحة والزبير من ناحية أخرى ‪ ،‬ثم بين علي ومعاوية ‪ ،‬فبين علي وأهل‬
‫النهر كذلك ‪ .‬وكانت كل مجموعة في هذه الفتن تدعى ما يبرر لها محاربة المجموعة الخرى‬
‫على أسس دينية ؛ وكان لكل مجموعة حججها وبراهينها ‪ .‬المعلومات عن هذه الفترة شديدة‬
‫الضطراب وقد يكون الكثير منها صيغ في وقت لحق لدعم مزاعم كل مجموعة من المجموعات‬
‫المتصارعة ‪ .‬ثم إن المراجع الباضية روت خمسة مواقف مختلفة للصحابة في ما يتعلق بمسألة‬
‫عثمان ‪:‬‬
‫أ ) أولئك الذين ارتأوا أن عثمان استحق أن يقتله المسلمون لما أتى به من بدع ‪ .‬وعلى مدى ست‬
‫سنوات ظل المسمون يحاولون حمله على تغييرها والسير على نهج أسلفه ‪ ،‬أو أ‪ ،‬يستقيل ‪.‬‬
‫وحين رفض أن يقبل بذلك ‪ ،‬قتلوه ‪ .‬فسفك دمه مشروع لنه كان جائزا وفظا ‪ ،‬ووصفوه بالجائر‬
‫وبالفاسق والظالم ‪ ،‬والكافر كفر نعمة ‪ .‬ومن هؤلء الصحابة عبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعمار بن‬
‫ياسر ‪ ،‬وأبو ذر الغفاري ‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف ‪ ،‬وعمرو بن محمد بن مسلمة ‪ ،‬وزيد بن‬
‫ثابت وغالبية النصار ‪.‬‬
‫ب ) أولئك الذين اعتبروا مسألة الفتنة بين الصحابة هي قضية اجتهاد شخصية ؛ والمحق ينبغي‬
‫له أن يكافأ ‪ ،‬والمخطئ يجب أن يسامح ‪ .‬حتى إن هنالك من يقول إ‪ ،‬الجانبين كانا على حق ؛‬
‫وهذا الرأي الخير ينسب إلى علي بن أبي طالب ‪.‬‬

‫( ‪)1/192‬‬

‫ج ) أولئك الذين يقولون إن عثمان تاب عن بدعه ‪ ،‬وأنه قتل بعد توبته ‪ ،‬وبذلك يكون خصومه‬
‫مخطئين ‪ .‬وهذا هو رأي الصحابة طلحة والزبير وعائشة ‪.‬‬
‫د ) أولئك الذين احتفظوا لنفسهم برأيهم حول الفتنة واعتزلوهم ‪ ،‬كانوا في ريبة من الوضع‬
‫برمته ؛ وبين هؤلء سعد بن أبي وقاص ‪ ،‬وعبد ال بن عمر ومحمد بن مسلمة وآخرون ‪.‬‬
‫هـ ) وأخيرا هنالك موقف معاوية وعمرو بن العاص اللذين قال بأن عثمان محق كل الحق‬
‫وطالبا بالثأر لمقتله ( ‪. ) 62‬‬
‫على أن الحروب الهلية تركت أثرها على تاريخ السلم حتى زمننا الحالي ‪ .‬وتلونت حياة‬
‫المسلمين السياسية والعقلية والدينية بتلك الراء الولى التي تكونت لدى المجموعات والمراجع‬
‫المختلفة ‪ .‬وباستثناء شيعة علي التي أصبحت المذهب الشيعي ‪ ،‬وأنصار معاوية ‪ ،‬هنالك فريق‬
‫ثالث رفض قيادة الثنين وأبيد بالكامل من قبل الثنين معا ‪ ،‬قي النهروان من قبل علي ‪ ،‬ثم في‬
‫النخيلة من قبل معاوية ‪.‬كان هؤلء في جيش علي لكنهم انشقوا عنه حين قبل بالتحكيم لنه تخلى‬
‫عن حكم القرآن لصالح حكم البشر ‪ .‬وبما أن إمامهم السابق علي بن أبي طالب تخلى عن حقه‬
‫بالمامة بقبوله التحكيم ‪ ،‬فقد قرروا مبايعة إمام جديد ‪ ،‬ولول مرة بويع زعيم من غير قريش‬
‫أميرا للمؤمنين ‪ ،‬هو الصحابي الزدي عبد ال بن وهب الراسبي ‪ ،‬فقاد رجاله في المعركة بوجه‬
‫علي بن أبي طالب ؛ فأبيد أفرا جيش عبد ال بن وهب ‪ ،‬وهو أكثر نم ألفي مسلم أتقياء من‬
‫(( أهل الصلة والصوم )) عن بكرة أبيهم على يد جيش علي في معركة النهروان ‪.‬‬
‫( ‪)1/193‬‬

‫وقد عرفت هذه المجموعة بأسماء أربعة مختلفة ‪ :‬المحكمة ؛ وأهل النهر ؛ والحرورة ؛ والخوارج‬
‫‪ .‬والسم الول منشق من شعارهم (( ل حكم إل ل )) ‪ .‬وبالنسبة للسمين الخرين ‪ ،‬فإن اسم‬
‫الحرورية منشق من موقع حوراء حيث احتشد بعضهم بجوار الكوفة ‪ ،‬والسم الخر ‪ ،‬أهل النهر‬
‫‪ ،‬مرده إلى اسم ساحة المعركة ‪ -‬النهروان ‪ .‬أما بالنسبة للسم الخير ‪ ،‬الخوارج ‪ ،‬فهنالك من‬
‫يقول أن السم مشتق من كلمة (( خرج )) ‪ ،‬عن المة ‪ ،‬كما يحب خصومهم أن يفسروا هذا‬
‫السم ‪ ،‬أو من منازلهم كمهاجرين إلى ال كما يحب المتعاطفون معهم أن يفسروا هذا السم على‬
‫أساس الية القرآنية ‪ ( :‬ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى ال ورسوله ‪ ( ) ....‬النساء ‪. ) 100 :‬‬
‫ويشار أيضا إلى أن هذا السم استخدام لهذه المجموعة من قبل خصومهم كإشارة إلى الكلمة‬
‫الولى من حديث معروف للرسول يصف فيه مجموعة من الناس تظهر في المة السلمية ‪:‬‬
‫(( إنه يخرج من ضئضيء هذا قوم يتلون كتاب ال رطبا ل يجاوز حناجرهم ‪ ،‬يمرقون من الدين‬
‫كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لقتلنهم قتل ثمود )) ( ‪. ) 63‬‬
‫وأدى هذا الموقف السياسي إلى نشوء عدة مسائل ظهرت حولها آراء متناقضة ‪ .‬ومن هذه‬
‫المسائل موقف المسلمين من الطغيان ‪ ،‬أو الحكام الجائرين الذي ل يتبعون الشريعة ‪ .‬قال‬
‫الخوارج بوجه عام بأن خصومهم (( مشركون )) ثم اختلفوا بشأن مبدأ التقية الدينية ‪ .‬فقال‬
‫الزارقة ‪ ،‬أتباع نافع بن الزرق إن الخروج أو الهجرة إلى صفوفهم واجب إلزامي ونظروا إلى‬
‫بلد خصومهم باعتبارها دار الحرب ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬رفض الباضيون أن ينظروا إلى أهل (( القبلة )) ( المسلمين ) كمشركين ‪،‬‬
‫ودعوهم بالموحدين ‪ ،‬أو كفار النعمة ‪ ،‬ورأوا أن العيش بين ظهرانيهم على أساس التسامح‬
‫المتبادل أمر مشروع ( ‪ . ) 64‬وعبر عبد ال بن إباض بوضوح عن هذه العقيدة ‪ ،‬ولذلك‬
‫عارضه زعماء الخوارج ( ‪. ) 65‬‬

‫( ‪)1/194‬‬

‫فقد أعلن عبد ال بن إباض البراءة من نافع بن الزرق فهو مرتد عن السلم مشرك لنه قتل‬
‫نساء وأطفال مسلمين واستولى على أمولهم غنيمة ( ‪ . ) 66‬واتخذ جابر بن زيد نفس موقف عبد‬
‫ال بن إباض ‪ ،‬وراح يناقش الخوارج ويرفض وجهة نظرهم فيما يتعلق بموقفهم من خصومهم‬
‫المسلمين ( ‪ , ) 67‬ويروي أن جابر بن زيد عرف بأن زيد بن العشم الذي كان يعتقد أنه مسلم‬
‫صالح ‪ ،‬كان ينظر إلى خصومه المسلمين كمشركين ‪ .‬فأرسل إليه جابر وسأله رأيه في‬
‫(( الهدي )) التي يضحي بها المسلمون الخصوم ‪ .‬وجاء رده ‪ (( :‬اذبحها وآكل أكبادها وسنامها ؛‬
‫ل هدي لهم )) ‪ .‬ومعنى هذا القول الموجز أن زيد بن العشم كان يرفض أن يعتبر الضاحي‬
‫التي يضحي بها المسلمون الخصوم للخوارج تضحية ل لنه يعتبر هؤلء مشركين ‪ ،‬ويرى أن‬
‫ذبحها شرعي إذا ما وقعت في يده ‪ ،‬بحرية ‪ ،‬لنه ليست مما أهل به ال ‪ ،‬والكباد والسنام هي‬
‫أفضل لحم الجمال ؛ فرفضه جابر وشجبه ( ‪. ) 68‬‬
‫ولم يتخل الباضية عن هذا المبدأ خلل تاريخهم ‪ ،‬فلم يقتلوا نساء خصومهم ول أطفالهم ‪ ،‬ول‬
‫أجهزوا على الجرحى ‪ ،‬ول تعقبوا عدوا لهم مهزوما ‪ ،‬ول غنموا أموالهم ( ‪ . ) 69‬ومن أشهر‬
‫المثلة على هذا الموقف عمل مشهور لبي منصور إلياس ‪ ،‬حاكم جبل نفوسة باسم المام‬
‫الرستمي الرابع محمد بن افلح ‪ .‬فقد قام أبو منصور إلياس بمحاربة العباس بن طولون الذي هاجم‬
‫طرابلس سنة ‪ 267‬هـ ‪ ،‬وانتظر عليه ‪ ،‬لكنه ترك في أرض المعركة ستين حمل من الذهب لم‬
‫يأخذ منها قطعة واحدة ( ‪ . ) 70‬ويقول العلمة الباضي أبو يعقوب الوارجلني في تعليق له‬
‫على هذا الحدث ‪ (( :‬يا هل من خسارة كبيرة ! )) ( ‪. ) 71‬‬

‫( ‪)1/195‬‬

‫والمسألة الخرى هي ‪ :‬من هم المسلمون الحقيقيون بين الفرق المتنازعة ؟ وماذا كان الخرون ؟‬
‫هل هم مسلمون أيضا أم أنهم كفار ؟ ل إنكار في أن هذه المجموعات كلها تؤمن بال ربا‬
‫وبالرسول نبيا ؛ فالمسألة تتعلق إذا بتطبيق الدين ؛ وكان حل الباضيين لهذه المشكلة قائما على‬
‫تحديدهم للخطيئة ؛ وللذنب ‪ ،‬وللكبائر ‪ ،‬أي الخطايا الخطيرة ‪ ،‬وهي تنقسم إلى مجموعتين (‬
‫‪: ) 72‬‬
‫أ ) الخطايا الكبيرة ( الكبائر ) التي تقع في إطار الشرك ( كبائر الشرك ) وهي تشمل ‪:‬‬
‫‪ -1‬إنكار ما ل يسع جهله من أمور الدين كوحدانية ال ‪ ،‬ومعرفة ال ‪ ،‬والنبياء والملئكة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تحليل ما حرمه القرآن كالميتة ‪ ،‬والدم ‪ ،‬ولحم الخنزير ‪ ،‬وقتل النفس بغير حق ‪ ،‬والتعامل‬
‫بالربا الخ ‪ ...‬إن أولئك الذين يرتكبون هذه الكبائر يعدون مشركين ‪.‬‬
‫ب ) كبائر النفاق ‪ ،‬وهي تتألف من ‪:‬‬
‫‪ -1‬استحلل ما حرمه ال عن طريق التأويل الخاطئ ( الستحلل بتأويل الخطأ ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬ارتكاب ما هدد ال بالمعاقبة عليه في هذه الدنيا وبالتأديب له في الخرة أو ما عاقب ال عليه‬
‫أمما سابقة ‪ .‬فمرتكب ذنب من هذا النوع ليس (( مؤمنا )) ول (( مشركا )) لكنه (( منافق )) و‬
‫(( كافر كفر نعمة )) ( ‪. ) 73‬‬
‫وقد استعمل هذا التعبير لتمييز هذا النوع من المعاصي عن المشركين الذين تستعمل لهم كلمة‬
‫كافر أيضا ‪ .‬وتتكلم المصادر الباضية عن نوعين من الكفر ( ‪ ) 1‬كفر جحود أو كفر مساواة‬
‫وهو يعني عدم اليمان بال أو مساواة ال بغيره ‪ .‬وبهذا المعنى يكون تعبير الكافر معادل‬
‫للمشرك ( ‪. ) 74‬‬
‫( ‪ ) 2‬كفر نعمة وهو إنكار نعم ال ‪ ،‬وهو تعبير الكافر معادل المسلمين الذين يقترفون كبائر نفاق‬
‫خطيرة والذين يعتنقون السلم لكنهم ل يطبقونه ( ‪ . )75‬والكلمات نفاق ‪ ،‬وكفر نفاق وكفر نعمة‬
‫تستخدم بالمعنى نفسه لن الباضيين اعتقدوا أن النفاق هو في العمال ل في اليمان ( ‪.) 76‬‬

‫( ‪)1/196‬‬

‫وأورد الربيع بن حبيب في مجموعته الحديثية ‪ 25 ،‬دعما للعقيدة الباضية التي تطبق كلمة الكفر‬
‫على المسلمين ( ‪ . ) 77‬والستعمال الباضي لهذه العبارة بهذا المعنى مبني على استعمالها في‬
‫القرآن والحاديث ( ‪ ) 78‬ويستند هذا التمييز بالعبارات ( السماء ) إلى وجهة النظر الباضية‬
‫في اليمان الذي يجمع بين اليمان بالكلم وممارسة الواجبات المطلوبة ‪ .‬وأولئك الذين يوفون‬
‫بالتزامات اليمان بالكلم والممارسة معا هم مسلمون أو مؤمنون ( مسلمون موفون أو مؤمنون‬
‫موفون ) ‪ .‬ثم إن العقائد الباضية تذكر مادتين لشرح عقائدها بالنسبة لحالة (( الموحدين ))‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬المنزلة بين المنزلتين أي حالة النفاق بين اليمان الشرك ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ل منزلة بين المنزلتين ؛ أي ل حالة بين اليمان والكفر ( ‪ . ) 79‬وهذا الموقف الخير‬
‫موجه إلى المعتزلة الذين قالوا بأن الذي يرتكب إحدى الكبائر هو في منزلة متوسطة ؛ ل هو‬
‫مؤمن ول هو مشرك ‪ ،‬ولكنه فاسق ورفضوا نعته بالكافر ‪ ،‬أما الفسق والكفر في العقيدة الباضية‬
‫فشيء واحد ‪.‬‬
‫وبالعودة إلى وجهة النظر الباضية حول العلقة بين جماعتهم وبقية المة السلمية ‪ ،‬فقد قالوا‬
‫إن المسلمين الحقيقية هم الذين يتممون واجبات اليمان قول وعمل ‪ .‬هؤلء هم المسلمون‬
‫الموفون ‪ ،‬وهم الذين يشكلون (( جماعة المسلمين )) أو أهل الدعوة ‪ ،‬أي المة الباضية ‪ .‬وتقسم‬
‫بقية المة السلمية إلى ثلث فئات ‪ :‬الطغاة ‪ ،‬و أهل البدع ‪ ،‬وهيئة المسلمين عامة ‪ .‬هؤلء كلهم‬
‫عدوا كفار نعمة ولذلك يمكن للباضيين أن يختلطوا بهم ويعيشوا تحت حكمهم على أساس التقية‬
‫الدينية ( ‪ ) 80‬في حالة الكتمان ‪ .‬أما تغيير حكم الجور ‪ ،‬أ‪ ,‬الدعوة إلى الصلح ومنع الشر‬
‫فينصح به في ظل أصول معينة ( ‪. ) 81‬‬

‫( ‪)1/197‬‬
‫ووافق الباضيون على المبدأ الذي يقول بأنه (( ل هجرة بعد الفتح )) ؛ وهو موجه ضد الزارقة‬
‫وسواهم من الخوارج الذين قالوا إن مكان إقامتهم فقط هو دار السلم وإن القعدة الذين ل يقومون‬
‫بعمل ول يقومون بالهجرة إلى معسكرهم هم خطاة وغير مؤمنين ( ‪ . ) 82‬وفي موعظة له في‬
‫المدينة ‪ ،‬قال أبو حمزة المختار بن عوف ‪ (( :‬الناس منا ونحن منهم ‪ ،‬إل مشركا عابد وثن ‪ ،‬أو‬
‫كافر من أهل الكتاب ‪ ،‬أو إماما جائرا ‪ ،‬أو مبتدعا يدعو الناس إلى بدعته )) ( ‪. ) 83‬‬
‫وفي زمن الربيع بن حبيب حاول زعماء فرع النكار من الحركة الباضية أن يقنعوا الربيع بأن‬
‫ينظر إلة خصومهم المسلمين المخالفين باعتبارهم مشركين بسبب آرائهم التشبيهية غير أن الربيع‬
‫رفض التفاق معهم مشيرا إلى أ‪ ،‬مثل هذه الراء ل يؤمن بها إل الجهلة ‪ ،‬ل المتعلمون‬
‫المخلصون ( ‪ . ) 84‬وروى مثل هذا الموقف عن سلفه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬ويروى‬
‫أنه قيل له إن مقاتل يقول ‪ (( :‬إن ال خلق آدم على مثاله فرد أبو عبيدة قائل ‪ (( :‬كذب مقاتل‬
‫)) ‪ ،‬لكنه لم يعتبره مشركا ( ‪. ) 85‬‬
‫والمسألة الخرى تتعلق بالمسلمين العصاة مرتكبي الكبائر ‪ ،‬وبعقوبتهم في اليوم الخر ورأى‬
‫الباضيون أن على مرتكب الكبيرة أن يتوب ليتمتع بحق الشفاعة ‪ ،‬ولينجو من العقوبة على‬
‫الكبيرة ‪ ،‬وهي الخلود في جهنم إلى البد ( ‪ . ) 86‬وإذا كانت المعصية تتصل بالتزامات نحو‬
‫ال ‪ ،‬فالتوبة وحدها كافية ‪ ،‬لكنها إذا كانت تؤثر على حقوق الخرين ‪ ،‬فعلى العاصي أن يعيد‬
‫لولئك الناس حقوقهم لتكتمل توبته ( ‪. ) 87‬‬

‫( ‪)1/198‬‬

‫وكان هذا الموقف ‪ ،‬في الواقع ‪ ،‬أساس العقيدة الباضية في الوعد والوعيد وهي الموجهة ضد‬
‫المرجئة الذين قالوا بأن اعتناق السلم ( الشهادة ) هو كل ما مطلوب من المؤمن لكي يدخل‬
‫الجنة ‪ .‬إن الحاديث المروية عن الرسول حددت المرجئة بأنهم أولئك الذين يقولون إن اليمان‬
‫هو بالقول فقط ل بالعمل ( ‪ . ) 88‬ويقال إن جابر بن زيد قال ‪ (( :‬المرجئة هم يهود أهل القبلة‬
‫لنهم يعدون أهل المعصية بالجنة وقالوا ‪ (( :‬لمن تمسنا النار إل أياما معدودة كما قالت اليهود‬
‫والنصارى )) ( ‪. ) 89‬‬
‫ووضع نظام الولية والبراءة في مرحلة باكرة من الحركة الباضية لتنظيم العلقات بين المؤمنين‬
‫و العصاة ‪ ،‬بحيث يصار إلى تذكير المسلمين باستمرار بأن ممارسة التعاليم السلمية فقط هي‬
‫التي تستحق المحبة والتآلف من خلل الممارسة الكاملة للتعاليم السلمية ‪ ،‬وأن الذين يهملون‬
‫واجباتهم الدينية ويصرون على العصيان ينبغي هجرهم وإقصاؤهم إلى أن يتوبوا ‪.‬‬
‫وكانت عقيدة الولية والبراءة من الموضوعات الرئيسة في العقيدة الباضية ‪ .‬وضعت قواعدها‬
‫في زمن جابر بن زيد مؤسس الحركة الباضية ‪ .‬وبالضافة إلى العدد الكبير من اليات القرآنية‬
‫التي بنيت عليها هذه العقيدة ‪ ،‬هنالك أيضا عدد كبير من الحاديث التي اعتبرت كتوجيهات في‬
‫هذا النظام ‪ .‬ووفقا للربيع بن حبيب ‪ ،‬فإن أي حديث يشير إلى شخص بعبارة (( ليس منا )) فلذلك‬
‫يعني أن هذا الشخص ينبغي أ‪ ،‬يعتبر في حالة (( براءة )) ( ‪. ) 90‬‬
‫وقد شرحنا عقيدة الولية والبراءة بتفصيل في فصل خاص في هذا الكتاب ( ‪ . ) 91‬ونذكرها هنا‬
‫للدللة على أنها كانت إحدى العقائد الولى التي ظهرت في الفقه الباضي ‪.‬‬
‫القرآن ‪:‬‬

‫( ‪)1/199‬‬

‫من المسائل الرئيسة التي أثارت خلفا كبيرا في علم الكلم السلمي بوجه عام ‪ ،‬مسائل خلق‬
‫القرآن ‪ ،‬وكلم ال ‪ .‬وتشير الروايات عن بدايات علم الكلم الباضي إلى أن هذه المسألة نوقشت‬
‫بطريقة محدودة ‪ .‬والخبر الوحيد عن هذه القضية يتصل بمسألة الزيادة على القرآن أو الحذف منه‬
‫‪ .‬وقد قال جابر بن زيد ‪ (( :‬سئل ابن عباس عن القرآن ‪ :‬أيزاد فيه أو ينقص منه ؟ فقال ‪ :‬قال‬
‫رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ :‬لعن ال الزائد في كتاب ال ‪ ،‬قال ‪ :‬ومن كفر بحرف فقد‬
‫كفر بالقرآن أجمع )) ( ‪ . ) 92‬كذلك روى جابر أن عقبة بن عامر الجهني قال ‪ (( :‬صلى بنا‬
‫رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬صلة الغداة فقرأ بالمعوذتين فقال ‪ :‬يا عقبة إن هاتين أفضل‬
‫سورة في القرآن والزبور والنجيل والتوراة ‪ ،‬وقد قال قوم ‪ :‬إنهما ليستا من القرآن فقد كذبوا‬
‫وأثموا )) ( ‪. ) 93‬‬
‫ويروى أيضا أن ابن عباس قال ‪ (( :‬لو أن أحدا زاد فيه أو نقص منه كان عند المة كافرا ‪...‬‬
‫وهو كلمه وحجته على عبده وإمام عباده الذي يكون يوم القيامة عليهم شهيدا )) ( ‪. ) 94‬‬
‫ول ذكر لمسألة خلق القرآن أو أزليته ؛ وقد وصفه ابن عباس بأنه كلم ال ‪ ،‬والحجة والمام ‪.‬‬
‫وقد عولجت مسألة الزيادة في القرآن أو الحذف منه لترسيخ موقف الباضية المعارض لفرع‬
‫الميمونية الخارجي ‪ ،‬أنصار ميمون بن عمران ‪ ،‬الذي قال أن سورة يوسف ليست من القرآن ‪،‬‬
‫وأنكر أن تكون قصة حب جزءا من كتاب ال ( ‪ . ) 95‬وبالنسبة لسورتي (( الفلق )) و (( الناس‬
‫)) يقال إن الصحابي المعروف عبد ال بن مسعود رفض لبعض الوقت أن يضمهما في جمعه‬
‫للقرآن ‪ ،‬لكنه عاد بعد ذلك فأدخلهما فيه ( ‪. ) 96‬‬

‫( ‪)1/200‬‬

‫ومن ناحية أخرى يقال إن أبي بن كعب قال إن الدعاء الذي يتلى بعد صلة الوتر هو جزء من‬
‫القرآن ( ‪ . )97‬ومن المحتمل أن بعض الناس ممن تأثروا بموقف ابن مسعود قالوا إن السورتين‬
‫الخيرتين في القرآن ليستا إل دعاء ‪ .‬ولتجنب أي ارتباك يحصل عن الراء التي تنسب إلى ابن‬
‫مسعود وأبي بن كعب ‪ ،‬فقد جمعت المراجع الباضية تلك الحاديث التي تروى عن ابن عباس‬
‫وعقبة بن عامر للحسم في القضية ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمسألة خلق القرآن ‪ ،‬فليس معروفا أن الربيع بن حبيب أو خليفته وائل بن أيوب ‪ ،‬قد‬
‫خلصا إلى رأي حولها ‪ .‬وبالنسبة لعبد ال بن يزيد الفزاري ‪ ،‬الفقيه النكاري ‪ ،‬فقد قارب‬
‫الموضوع بنفس طريقة جابر بن زيد وناقش فقط مسألة الضافة للقرآن أو الحذف منه ( ‪. ) 98‬‬
‫وجرت مناقشة خلق القرآن لول مرة في الوساط الباضية في عمان في العقود الولى من القرن‬
‫الهجري الثالث ‪ .‬ولقد قال الفضل بن الحواري ( ت ‪ ) 891 / 278‬إن شيوخ الباضية ومنهم‬
‫الوضاح بن عقبة ‪ ،‬وسعيد بن محرز ‪ ،‬ومحمد بن هاشم ‪ ،‬ومحمد بن محبوب وآخرون ‪ ،‬التقوا‬
‫في منزل في ( دما ) في عمان وتناقشوا في القرآن ‪ .‬محمد بن محبوب قال ‪ (( :‬إنني أقول أن‬
‫القرآن مخلوق )) ؛ فغضب محمد بن هاشم وقال ‪ (( :‬سأترك عمان ولن أبقى فيها أبدا )) ‪ ،‬وظن‬
‫ابن محبوب أن ابن هاشم يشير إليه فقال ‪ (( :‬أنا أولى بالخروج من عمان ؛ فأنا غريب عنها )) (‬
‫‪. ) 99‬‬
‫وعلى أي حال يروى أن هؤلء الشيوخ أنفسهم اجتمعوا ثانية ‪ ،‬ورجع محمد بن وحبوب عن‬
‫موقفه السابق لتجنب النشقاق ( ‪. ) 100‬‬
‫ويرى أبو يعقوب الوارجلني أن مسألة خلق القرآن أثارها أبو ساكن الديصاني وهو من أصل‬
‫فارسي جاء البصرة بغية إفساد المجتمع السلمي ‪ .‬وهو الذي أثرا هذه المسألة ( ‪ . ) 101‬وقد‬
‫تكون هذه القصة التي يرويها الوارجلني غير صحيحة لكنها تبين أن مثل هذه المناقشات التي‬
‫تؤدي إلى النزاع لم تكن محببة ‪ ،‬ولم تكن متوقعة من المسلمين ‪.‬‬

‫( ‪)1/201‬‬

‫وللباضية وجهات نظر مختلفة حول هذه المسألة ‪ .‬وفي عمان كانت هنالك ثلث وجهات نزر‬
‫يقول بها كبار علماء القرن الثالث للهجرة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬من قال بأن القرآن هو كلمة ال ؛ هو ليس صفة له ‪ ،‬ول لذاته ول لعلمه ‪ .‬هذه وجهة نظر‬
‫قال بها أبو علي موسى بن علي ( ت ‪ ) 844 / 230‬وآخرون ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬من لم يتوصل إلى أي موقف حاسم من المسألة ‪ ،‬كلنهم قالوا بأن القرآن هو كلمة ال ووحيه‬
‫إلى الرسول ‪ ،‬وقالوا بأنها قضية قد يبقى المسلمون جاهلين لها ‪ ،‬منقسمين حولها ( مما يسع جهله‬
‫) ‪ .‬هذا هو موقف محمد بن محبوب ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ومن رفض وجهة النظر القائلة بأن القرآن مخلوق واتخذوا موقف (( الوقوف )) ( التحفظ )‬
‫بالنسبة للذين قالوا بأن القرآن مخلوق ‪ .‬هذا هو موقف سليمان بن الحكم ‪ ،‬والوضاح بن عقبة ‪،‬‬
‫ومحمد بن هاشم ‪ ،‬وسواهم ( ‪ . ) 102‬وبقيت هذه القضية مسألة قام حولها الخلف بين إباضيي‬
‫(( الشرق )) حتى وقت لحق وقال أبو يعقوب الوارجلني ( ت ‪ 750‬هـ ) أنه سأل أحمد‬
‫الحضرمي في مكة عن القرآن ‪ ،‬فرد عليه ‪ (( :‬إن أهل عمان يقولون أنه غير مخلوق ‪ ،‬فيما‬
‫يقول أهل شرق أباض إنه مخلوق ‪ .‬أما بالنسبة لنا ‪ ،‬أهل حضرموت ‪ ،‬فإننا بين بين ‪ ،‬ل مع‬
‫هؤلء ول مع الخرين )) ( ‪ . ) 103‬على أ‪ ،‬هذه الراء كانت تعتبر نتيجة الرأي الشخصي الذي‬
‫يسمح بالخلف من غير أن يؤثر على اليمان ( ‪. ) 104‬‬
‫أما بالنسبة للباضية في شمالي إفريقيا فكانوا جميعا على رأي واحد يقولون إن القرآن مخلوق ‪.‬‬
‫وأقدم وثيقة تعالج هذه المسألة هي رسالة ألفها المام الرستمي ‪ ،‬أبو اليقظان محمد بن أفلح ( ت‬
‫‪ ) 281‬ناقش المسألة بتفصيل مقدما حججا قوية لدعم عقيدة خلق القرآن ( ‪. ) 105‬‬

‫( ‪)1/202‬‬

‫وكانت العمال اللحقة لمؤلفين من إفريقيا الشمالية تتبنى الموقف نفسه كالمام محمد بن أفلح ‪.‬‬
‫كيف حدث أن الباضية في شمالي إفريقيا تبنوا وجهة نظر واحدة واضحة حول هذه المسألة فيما‬
‫كان إباضيو الشرق مرتبكين بهذا الخصوص ؟ هل كان ذلك بسبب تأثير المعتزلة ‪ ،‬كما يقول‬
‫بعض العلماء الوروبيين ؟ وإذا صح ذلك فلماذا كان النفوذ في شمالي إفريقيا بالغ الفعالية فيما‬
‫هو أقل فعالية في الشرق ؟ ودعما لوجهة نظر نلينو القائلة بأن الباضية في شمالي إفريقيا تأثروا‬
‫بالمعتزلة بالنسبة لعقيدة خلق القرآن ‪ ،‬فالمرجح أن هذا التأثير وجد طريقة إلى علم الكلم‬
‫الباضي في شمالي إفريقيا بواسطة محمد بن أفلح ‪ ،‬المام الرستمي الذي وضع أول عمل حول‬
‫هذه المسألة ‪ .‬والمحتمل نه اقتنع بهذه العقيدة أثناء سجنه في بغداد في عهد أحد الخلفاء العباسيين‬
‫( ‪. ) 106‬‬
‫ولما لم يكن أحد من الئمة الباضيين قبله في شمالي إفريقيا قد ناقش هذه المسألة فقد استطاع أبو‬
‫اليقظان أن يدخل وجهة نظره لول مرة ؛ ولكونه إمام الدولة الباضية كلها في شمالي إفريقيا فإن‬
‫أنصاره ارتضوا وجهة نظهر بالجماع ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية يحتمل أن تكون عقيدة خلق القرآن قد تطورت ‪ ،‬بصورة طبيعية ومستقلة ‪ ،‬على‬
‫أيدي علماء الباضيين على أساس نظريتهم في ذات ال وصفاته ‪ .‬على أنه برغم ذلك فإن‬
‫الباضية في مرحلتهم الولى لم يعالجوا هذه المسألة من هذه الناحية ؛ وحين عالجوها كانت‬
‫وجهة نظر المعتزلة حول خلق القرآن قد انتشرت في أوساطهم انتشارا واسعا ‪.‬‬
‫المامة ‪:‬‬

‫( ‪)1/203‬‬
‫كانت مسألة المامة من الموضوعات التي عولجت في المرحلة الولى من تطور علم الكلم‬
‫الباضي ‪ .‬والحاديث التي رواها جابر بن زيد حول هذه المسألة قليلة جدا ؛ وحكم القرشيين‬
‫مذكور في أحدها كما يلي ‪ (( :‬ل يزال المر ‪ -‬يعني الولية ‪ -‬في قريش ما دام رجلن ‪-‬‬
‫وأشار بإصبعيه ‪ -‬ولكن الويل لمن افتتن بالملك )) ( ‪ . ) 107‬غير أن هذا الحديث ل يذكر أن‬
‫للقرشيين حقا خاصا بالمامة ‪ .‬ومن ناحية أخرى هنالك عدد من الحاديث تتعلق بواجب الطاعة‬
‫للحكام ‪ ،‬وهي تذكر بوضوح أن طاعة أولي المر من أمر ال ورسوله ( ‪. ) 108‬‬
‫ومن ناحية العملة ‪ ،‬لم يعترف الباضيون بإمامة أي شخص آخر غير أئمتهم ‪ ،‬مستثنين إمامة‬
‫عمر الثاني فقط ‪ .‬وقد قامت حركتهم على حافز العودة إلى الخلفة السلمية كما كانت في عهد‬
‫الخليفتين الراشدين الولين ‪ ،‬أبي بكر الصديق وعمر ‪ .‬ووجهوا نشاطاتهم منذ البداية نحو هذا‬
‫الهدف ‪ ،‬وأنشأوا أصول خاصة لمثل هذه النشاطات ‪ .‬ونقشت هذه الصول في باب خاص‬
‫بمراحل المجتمع السلمي ‪ -‬مسالك الدين ‪. ) 109 ( -‬‬
‫من الراء الولى التي تكونت على أساس أحاديث الرسول هنالك رأيان إضافيان يجب أن‬
‫نذكرهما هنا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشفاعة ‪ :‬وقد روى جابر بن زيد أن الرسول قال ‪ (( :‬ما منكم أحد يدخل الجنة إل بعمل‬
‫صالح ‪ ،‬وبرحمة ال وشفاعتي )) ( ‪ . ) 10‬ووفقا لحاديث أخرى رواها جابر بن زيد ‪ ،‬لم تكن‬
‫الشفاعة تحق لمن راتكبوا الكبائر ‪ .‬وروى أن الرسول قال ‪ (( :‬ليست الشفاعة لهل الكبائر من‬
‫أمتي )) ( ‪ . ) 111‬عند ذاك يحلف جابر أن ليس لهل الكبائر شفاعة لن ال قد أوعد أهل‬
‫الكبائر في كتابه وإن جاء الحديث عن أنس بن مالك أن الشفاعة لهل الكبائر ‪ ،‬فو ال ما عنى‬
‫القتل والزنى والسحر وما أوعد ال عليه النار ‪ ،‬وذكر أ‪ ،‬أنس بن مالك يقول ‪ (( :‬إنكم لتعملون‬
‫أعمال هي أدق في أعينكم من الشعر ما كنا نعدها على عهد رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪،‬‬
‫إل من الكبائر )) ( ‪. ) 112‬‬

‫( ‪)1/204‬‬

‫وهنالك حديثان آخران يؤيدان هذا الرأي ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬الرسول قال ‪ (( :‬ل تنال شفاعتي سلطانا غشوما للناس ورجل ل يراقب ال في اليتيم )) (‬
‫‪. ) 113‬‬
‫ب ‪ (( -‬ل ينال شفاعتي الغالي في الدين ول الجافي عنه )) ( ‪. ) 114‬‬
‫وهنالك حديث طويل يصف الطريقة التي بها تتم الشفاعة يوم القيامة ‪ ،‬مذكورة في المجموعة‬
‫الباضية للحديث ‪ :‬إن أهل اليمان يحبسون في الموقف بعدما بشروا عند الموت وبعدما أجابوا‬
‫عند المحنة في القبور أن ال ربهم قد غفر لهم وأخذ كتبهم بإيمانهم وابيضت وجوههم ونقلت‬
‫موازينهم وأراد ال أ‪ ،‬يدخلهم الجنة بالشفاعة ‪ ،‬والشفاعة مخزنة ل يصل إليها نبي ول ملك حتى‬
‫يفتحها رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬قال ‪ :‬والنبياء ومن اتبعهم محبوسون والولون‬
‫والخرون ‪ ،‬قال ‪ :‬فبينما هم كذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من هذا المقام ‪ ،‬فيقول‬
‫بعضهم لبعض ‪ ( :‬عليكم بآدم ) ( ‪ .... ) 115‬ثم يأتون نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجميعهم‬
‫يردونهم لذنب اقترفوه وحياء من لقاء ربهم ‪ ،‬فيأتون محمدا ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ (( ،‬عبدا قد‬
‫غفر به ما تقدم من ذنبه وما تأخر )) ‪ ...‬حتى يفتح رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬الشفاعة‬
‫‪ (( ...‬وكذلك شاء ال أن يدخل المؤمنون الجنة بالشفاعة حتى بلغنا أن الشهيد يشفع في سبعين‬
‫من أهل بيته إذا كانوا مؤمنين متقين )) ( ‪. ) 116‬‬
‫ب ) والحديث الثاني هو في عذاب القبر ‪ .‬ويشير عدد من الحاديث التي رواها جابر بن زيد إلى‬
‫عذاب القبر ( ‪ . ) 117‬ويعلق أبو عبيدة قائل ‪ :‬كان جابر ممن يثبت عذاب القبر )) ( ‪. ) 118‬‬
‫وهذا الموقف أقره الباضيون بوجه الجمال ‪ ،‬لكن بعض البحاثة الباضيين أنكروه على أساس‬
‫المنطق ( ‪ . ) 119‬ويمكننا هنا أن نذكر أيضا استنطاق الموات من قبل المكلين ‪ :‬منكر ونكير‬
‫حسبما ورد في حديث رواه جابر بن زيد ( ‪. ) 120‬‬
‫======================================‬

‫( ‪)1/205‬‬

‫( ‪ ) 1‬أبو جعفر محمد بن جعفر ‪ ،‬الجامع ‪ ،‬مخطوطة ‪ ،‬جزء الديات ‪ 23‬؛ شرح الجامع الصحيح‬
‫‪. 432 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬الشوكاني ‪ ،‬نيل الوطار ‪ 17 - 16 ، 7 ،‬؛ الكليني ‪ ،‬الكافي ‪ 300 - 298 / 7 ،‬؛ شاخت‬
‫‪ ،‬مادة (( قصاص )) ‪ ،‬الموسوعة السلمية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬شاخت نشأة ‪. 264 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪، 195 ، 134 ، 127 ، 119 ، 117 ، 116 ، 93 ، 50 ، 5 ،‬‬
‫‪ ، 364 ، 198‬الخ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬المصدر السابق ‪. 212 - 211 ، 198 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪. 12‬‬
‫( ‪ ) 7‬القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪. 323 / 10 ،‬‬
‫( ‪ )8‬مقتطفات من روضة الشراق للطلعاتي ‪ ،‬مخطوطة ‪ 2‬؛ ذكر أن هذا الرأي أعطى من قبل‬
‫أبي ستة في حواشي ترتيب المسند ‪ ( .‬وهذا العمل الخير لبي ستة في زنجبار ‪ ،‬غير أنني لم‬
‫أستطع أن لطلع عليه ل مطبوعا ول مخطوطا ) ‪ [ .‬وهو رأي الشيخ بيوض ( ت ‪ 1981 :‬م ) ]‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬ماسكيراي إي ‪ ،‬سيرة أبي زكريا ‪ ،‬الجزائر ‪. 1878 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬موتيلنسكي ‪ ،‬عقيدة الباضية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1905 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬غولدزيهر في ‪ ، Revue de l'historie des Religions‬عدد ‪ ، ) 1905 ( ، 52‬ص‬
‫‪ 232‬وما يليها ؛ نلينو ‪Rapporti fra dogmatica Mu'tazilita e quella Ibaditi dell'" :‬‬
‫‪ "Africa Settentrionale‬في ‪ ( ، R.S.O ، 7‬روما ‪. 60 - 455 ، ) 18 - 1916 ،‬‬
‫الترجمة العربية بقلم عبد الرحمن بدوي ‪ ،‬التراث اليوناني ‪ ( ،‬القاهرة ‪210 - 204 ، ) 1946 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 12‬تومبسون والخارجية والخوارج ‪ .‬في ‪، The Macdonald Presentaion Volum‬‬
‫برنستون ( ‪. 386 ، ) 193‬‬
‫( ‪ ) 13‬مارينو "‪ ، "Note di Teologia ibadita‬في ‪A.I.O.N. ، 3 ، ( 1949 ) ، 299 -‬‬
‫‪. 313‬‬
‫( ‪ ) 14‬روبرتو روبيناتشي ‪ ، "La Professione di feda di al-Gannawuni" :‬في‬
‫‪. A.I.O.N. 14 ، ( 1964 ) ، 552 - 92‬‬
‫( ‪ ) 15‬ترتيون ‪ ،‬الفقه السلمي ‪ ،‬لندن ( ‪. 7 ، ) 1947‬‬
‫( ‪ ) 16‬انظر ما تقدم ‪. 57 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪ ،‬المجلدان ‪ 3‬و ‪. 4‬‬

‫( ‪)1/206‬‬

‫( ‪ ) 18‬توجد مناقشة تفصيلية للموضوع في كتاب الموجز لبي عمار عبد الكافي ‪ ،‬المخطوطة ‪1‬‬
‫‪ [ 92 - 48 ،‬ط ‪ .‬عمار طالبي ‪ 351 / 1‬وما يليها ] ‪.‬‬
‫( ‪ ) 19‬البقرة ‪. 245 /‬‬
‫( ‪ ) 20‬البقرة ‪. 245 /‬‬
‫( ‪ ) 21‬الفرقان ‪. 46 /‬‬
‫( ‪ ) 22‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 43 - 42 / 3‬‬
‫( ‪ ) 23‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 44 / 3‬‬
‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪. 45‬‬
‫( ‪ ) 25‬المصدر السابق ‪ . 51‬وللمزيد من التفاصيل ‪ ،‬انظر أبا عمار ‪ ،‬الموجز ‪92 - 48 / 1 ،‬‬
‫[ ‪ 351 / 1‬وما يليها ] ؛ البرادي ‪ ،‬البحث الصادق والستكشاف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 155 / 2‬ب ‪-‬‬
‫‪ 168‬أ ؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪ ،‬مخطوطة ‪. 168 - 151 / 1‬‬
‫( ‪ ) 26‬الربيع بن حبيب المسند ‪. 50 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬المصدر السابق ‪. 46 - 45 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬المصدر السابق ‪. 50 - 49 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 52 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪. 50 / 3 ،‬‬
‫( ‪ )31‬المصدر السابق ‪. 46 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 32‬المصدر السابق ‪. 49 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪. 22 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬المصدر السابق ‪. 37 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬المصدر السابق ‪. 35 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬المصدر السابق ‪ 42 - 35 / 3 ،‬؛ وللمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع انظر‬
‫الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 181 - 170 / 1 ،‬؛ تبغورين بن عيسى ‪ ،‬أصول الدين ‪65 ،‬‬
‫‪. 69 -‬‬
‫( ‪ ) 37‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 53 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 39‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 40‬المصدر السابق ‪. 60 - 19 / 3‬‬
‫( ‪ ) 41‬المصدر السابق ‪. 39 - 38 / 3‬‬
‫( ‪ ) 42‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 39 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 43‬للمزيد من التفاصيل راجع ما يلي ‪. 337‬‬
‫( ‪ ) 44‬التلتي ‪ ،‬شرح الديانات ‪ ،‬مخطوطة ‪ 4‬وما يليه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 45‬تبغوربن بن عيسى ‪ ،‬أصول الدين ‪. 72 ، 69 - 68 ،‬‬
‫( ‪ ) 46‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 25 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 47‬المصدر السابق ‪. 13 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 48‬المصدر السابق ‪. 15 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 49‬المصدر السابق ‪. 13 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 50‬المصدر السابق ‪. 14 - 3 / 3 ،‬‬

‫( ‪)1/207‬‬
‫( ‪ ) 51‬المصدر السابق ‪. 14 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 52‬المصدر السابق ‪. 13 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 53‬فنسينك ‪ ،‬أ ‪ .‬ج ‪، Concordanee et indices de la tradition Musulmane .‬‬
‫( لندن ‪. 18 - 317 / 4 ، ) 1965 ،‬‬
‫( ‪ ) 54‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 14 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 55‬وات ‪ ،‬م ‪Free Will and Predestination in Early Islam ، ( 1946 ) ، 40 .‬‬
‫وما يليها ؛ البرادي ‪ ،‬شفاء الحائم ‪ ،‬مخطوطة ‪. 206 ،‬‬
‫( ‪ ) 56‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات مخطوطة ‪ [ 32 - 231 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 244 - 241 ،‬؛ الشماخي ‪،‬‬
‫سير ‪. 85 ،‬‬
‫( ‪ ) 57‬المصدر السابق ‪ [ 85 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪. ] 244 ، 241 ،‬‬
‫( ‪ ) 58‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 222 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 74 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 59‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 74 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 60‬المصدر ذاته ؛ البرادي ‪ ،‬شفاء الحائم ‪. 25 - 224 ،‬‬
‫( ‪ ) 61‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 222 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪. ] 233 ،‬‬
‫( ‪ ) 62‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 228 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 241 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور سابقا ‪. 75 - 74 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 63‬النص الصلي (( من حل إلى حرم )) والترجمة "‪From a profane territory to a‬‬
‫‪. "sacred enclave‬‬
‫( ‪ ) 64‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 229 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪. ] 241 ،‬‬
‫( ‪ ) 65‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 62 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 66‬التلتي ‪ ،‬شرح الديانات ‪ ،‬مخطوطة ‪. 9 - 7 ،‬‬
‫( ‪ ) 67‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 70 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 68‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 69‬المصدر السابق ‪. 68 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 70‬مقتطفات إباضية ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 71‬انظر ما يلي ‪. 256 ،‬‬
‫( ‪ ) 72‬الوارجلني ‪ ،‬العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 307 - 297 / 1‬؛ البرادي ‪ ،‬جواهر ‪96 ،‬‬
‫‪. 97 -‬‬
‫( ‪ ) 73‬فنسينك ‪ Muslim Creed 41 - 42‬؛ وللنص الباضي لهذا الحديث انظر الربيع بن‬
‫حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 15 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 74‬نكولسون ‪. Literary History of the Arabs ، 211 ،‬‬
‫( ‪ ) 75‬المبرد ‪ ،‬الكامل ( القاهرة ‪. 179 / 2 ) 1364 ،‬‬

‫( ‪)1/208‬‬

‫( ‪ ) 76‬رسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان ؛ البرادي ‪ ،‬جواهر ‪. 165 ،‬‬
‫( ‪ ) 77‬انظر هذا البحث ‪ ،‬ص ‪. 84 ،‬‬
‫( ‪ ) 78‬الكندي ‪ ،‬بيان الشرع ‪ ،‬مخطوطة ‪. 484 - 483 / 3‬‬
‫( ‪ ) 79‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ‪. 87 - 86 ،‬‬
‫( ‪ ) 80‬سليمان الباروني ‪ ،‬أزهار ‪. 58 - 255 ،‬‬
‫( ‪ ) 81‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 103 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 82‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 39 - 238 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 83‬المصدر السابق ‪. 221 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 84‬أبو عمار ‪ ،‬شرح الجهالت ‪ 28 ،‬أ ‪ 39 ،‬أ ‪ 41 -‬ب ؛ الجيطالي مصدر مذكور سابقا ‪،‬‬
‫‪. 213 / 2‬‬
‫( ‪ ) 85‬المصدر السابق ‪ 214 - 213 / 2 ،‬؛ أبو عمار الموجز ‪ 65 - 58 / 2 ،‬؛ شرح‬
‫الجهالت ‪ 90 ،‬أ ‪ 91 -‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 86‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ( طبعة كاتب هذا الكتاب ) ‪. 371 / 1‬‬
‫( ‪ ) 87‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 6 - 2 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 88‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 223 - 222 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 89‬تبغورين بن عيسى ‪ ،‬أصول الدين ‪ ، 34 - 21 ،‬انظر أدناه ‪. 275‬‬
‫( ‪ ) 90‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪ ،‬انظر أدناه ‪ ،‬النصوص المحققة ‪. 25 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 91‬انظر أدناه ‪ 275‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 92‬وات ‪ ،‬م ‪. Islamic Philosophy and Theology ، 12 .‬‬
‫( ‪ ) 93‬أبو الفرج الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ [ 132 / 23 ،‬ولم أجد فيه قوله ‪ :‬أو مبتدعا ‪. ]....‬‬
‫( ‪ ) 94‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 66 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 95‬الكندي ‪ ،‬بيان الشرع ‪ ،‬مخطوطة ‪. 485 / 3‬‬
‫( ‪ ) 96‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 31 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 97‬المصدر السابق ‪. 90 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 98‬المصدر السابق ‪. 15 ، 6 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 99‬المصدر السابق ‪. 19 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 100‬المصدر السابق ‪. 40 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 101‬انظر أدناه ‪ 239‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 102‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 16 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 103‬المصدر السابق ‪. 16 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 104‬المصدر السابق ‪. 17 - 16 / 3 ،‬‬

‫( ‪)1/209‬‬

‫( ‪ )105‬القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪ ، 383 / 10‬انظر أيضا الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ [ 176 / 1 ،‬وفيه ‪:‬‬
‫ميمون بن خالد ] ‪ .‬يعزو وربيناتشي في ‪ Religion in the Middle East ، 11 ، 309‬هذه‬
‫النظرة إلى الباضيين ‪.‬‬
‫( ‪ ) 106‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ( القاهرة ) ‪. 40 ، 1348‬‬
‫( ‪ ) 107‬صبحي الصالح ‪ ،‬مباحث في علوم القرآن ‪. 159 ،‬‬
‫( ‪ ) 108‬عبد ال بن يزيد الفزاري ‪ ،‬كتاب الردود ‪ ،‬مخطوطة ‪. 33‬‬
‫( ‪ ) 109‬الخميس بن سعيد ‪ ،‬المناهج ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬مخطوطة ‪ ، 1‬القول السادس عشر ؛‬
‫البرادي ‪ ،‬شفاء الحائم ‪ ،‬مخطوطة ‪ 86 - 285‬؛ السالمي ‪ ،‬تحفة العيان ‪. 129 - 128 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 110‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 111‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 7 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 112‬البرادي ‪ ،‬شفاء الحائم ‪. 285 ،‬‬
‫( ‪ ) 113‬المصدر السابق ‪ 286‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 149 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 114‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 115‬هذه الرسالة موجودة في كتاب الجواهر للبرادي ‪. 201 - 182 ،‬‬
‫( ‪ ) 116‬ابن الصغير ‪ [ Chronique sur les Imams Rostemides ، 27 - 30 ،‬ط ‪ .‬دار‬
‫الغرب السلمي ‪ 65 - 64 ،‬تحقيق د ‪ .‬محمد ناصر وإبراهيم بحاز ] ‪.‬‬
‫( ‪ ) 117‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 18 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 118‬المصدر السابق ‪ 19 - 18 / 1 ،‬؛ ‪ . 10 / 3‬وللمزيد من التفاصيل انظر ج ‪.‬‬
‫ولكنسون ‪ ،‬عمان ( أطروحة دكتوراه ‪ ،‬اوكسفورد ‪ 88 - 64 ، ) 1969 ،‬والملحق ‪ : F‬المام‬
‫وصلحياته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 119‬انظر أدناه ‪ 275‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 120‬الربيع ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 31 / 4 ،‬‬
‫‪---‬‬
‫( ‪)1/210‬‬

‫وضع العقيدة الباضية بالنسبة للفرق السلمية الكبرى‬


‫لحظ غولدزيهر أن عقيدة عمرو بن جميع الباضي تشتمل على وجهات نظر ذات طبيعة‬
‫معتزلية واضحة ‪ .‬وبين وجهات النظر هذه ذكر ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬خلق القرآن ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬استحالة رؤية ال في الخرة ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تطبيق أسلوب التأويل على التعابير التشبيهية في القرآن ‪ ،‬ل سيما بما يتعلق بالستواء على‬
‫العرش ‪ ،‬وبقضايا معينة تتصل بيوم القيامة ‪ ،‬كالصراط والميزان ( ‪. ) 1‬‬
‫وفي وقت لحق أشار نلينو إلى أن هنالك نقاطا أخرى اتخذ فيها الباضية وجهات نظر المعتزلة‬
‫ذاتها وهي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ال ل يغفر الكبائر ما لم يتب الخاطئ قبل أن يموت ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬دوام القصاص للمسلمين الذي يواصلون ارتكاب الكبائر ول تنالهم الشفاعة إل إذا كانوا قد‬
‫تابوا قبل مماتهم ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬صفات ال ليست زائدة على الذات ( ‪ . ) 2‬أي أن الصفات هي عين الذات ‪ .‬الظاهر أن‬
‫الباحثين الوروبيين الذين ناقشوا هذا الموضوع متفقون على أن كل وجهات النظر هذه في الكلم‬
‫الباضي هي من أصل معتزلي ؛ ولن السؤال الذي لم يجيبوا عليه هو ‪ :‬متى وأين ظهر هذا‬
‫التأثير ( ‪. )3‬‬
‫ومع أن وليم تومسون ارتأى نهجا جديدا في مناقشة هذه المسألة ‪ ،‬بقوله بإمكانية نشوء بعض هذه‬
‫الراء بين الباضية بصورة طبيعية ( ‪ ، ) 4‬فإن الباحثين اللحقين لم يواصلوا هذا النمط من‬
‫التحقيق ‪ .‬وبما أنه أصبح بالمكان أن نعود إلى عدد كبير من المصادر الباضية التي لم تكن‬
‫متوفرة من قبل ‪ ،‬فإنه يمكن لنا الن أن نعرض ‪ ،‬بصورة أكثر وضوحا ‪ ،‬تطور علم الكلم‬
‫الباضي وطبيعة علقته بالفرق السلمية الخرى على وجه أفضل ‪.‬‬

‫( ‪)1/211‬‬

‫من الصعب أن تقرر بالنسبة لوجهات نظر معينة ‪ :‬هل جاءت نتيجة تطور طبيعي داخل الفرقة‬
‫بالذات ‪ ،‬أم نتيجة تأثير خارجي ‪ .‬إن غالبية المناقشات الولى للمسائل الكلمية من قبل العلماء‬
‫المسلمين كانت مبنية بطريقة أو بأخرى على أساس القرآن وسنة الرسول ‪ ،‬وعلى تفسير هذا‬
‫المصدر أو ذاك ‪ ،‬وعلى درجة المنطق الذي استخدمه هؤلء الفقهاء في تفسيرهم ‪.‬‬
‫هنالك فارق أساسي بين الباضية والمعتزلة هو أن المعتزلة معروفون باستخدام الساليب‬
‫العقلنية في الكلم ( ‪ ) 5‬وبقلة مراعاة الحديث ( ‪ ) 6‬في حين أن الباضية لم يأخذوا بالمنطق‬
‫عند توفر الحديث الموثوق ‪ .‬أما بالنسبة للنشأة فإن غالبية وجهات النظر الباضية كانت قد‬
‫استقرت وقت طويل من وجهات نظر المعتزلة ‪.‬‬
‫وإذا أخذنا هاتين النقطتين بعين العتبار ‪ ،‬بقي احتمال بقاء نقطة واحدة فقط من النقاط الست‬
‫المذكورة أعله خاضعة لتأثير المعتزلة على الكلم الباضي ‪ ،‬وهي خلق القرآن ‪ .‬إن جميع‬
‫النقاط الخرى كانت المراجع الباضية قد حددتها في مرحلة باكرة ‪ .‬والواقع أنها كانت قد‬
‫تحددت من قبل الصحابة على أساس أحاديث منقولة عن الرسول بتسلسل السناد ‪ .‬ولم يكن دور‬
‫المرجع الباضية غير سرد هذه الراء واعتمادها ‪.‬‬
‫وقد سبق أن ذكرنا أن عددا كبيرا من الحاديث المدونة في المجموعات الباضية للحاديث تذكر‬
‫بوضوح استحالة رؤية الخالق في اليوم الخر وترفض جميع أشكال التشبيه أما بالنسبة لكون‬
‫صفات ال غير إضافية ‪ ،‬فإن هذا الموقف اتخذ للتأكيد على وحدانية ال وهي أساس في العقيدة‬
‫السلمية ‪.‬‬
‫وبالنسبة للمسألتين الخريين اللتين تتعلقان بدوام العقوبة للمسلمين الذين يرتكبون الكبائر ‪،‬‬
‫بالشفاعة وغفران ال لولئك الذين اقترفوا الكبائر ‪ ،‬فقد عالجهما جابر بن زيد أول إمام للمذهب‬
‫الباضي ‪ ،‬على أساس اليات القرآنية وأحاديث الرسول ‪.‬‬

‫( ‪)1/212‬‬

‫لقد نشأت المسألة من الية التالية ‪ ( :‬إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم‬
‫مدخل كريما ) ( ‪ . ) 7‬ووفقا لبن عباس أن ارتكاب ما ينهون عنه في القرآن هو إحدى‬
‫الكبائر ‪ ،‬وارتكاب ما تنهى عنه السنة يعتبر معصية ‪ .‬والغفران المذكور في الية السابقة متعلق‬
‫بالسيئات فقط ‪ ،‬أي بالمعاصي ‪ ،‬وبذلك تبقى جميع الكبائر سببا للوعيد ( ‪. ) 8‬‬
‫وهنالك آيات أخرى تتناول هذه المسألة ‪:‬‬
‫‪ ( - 1‬إن ال يغفر الذنوب جميعا ‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم ) ( ‪. ) 9‬‬
‫‪ ( - 2‬إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ( ‪. ) 10‬‬
‫‪ ( - 3‬إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل كريما ) ( ‪. ) 11‬‬
‫‪ ( - 4‬ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) ( ‪. ) 12‬‬
‫في الية الولى لم يحدد ال شرطا للغفران ‪ ،‬وفي الية الرابعة لم يشترط أي شرط للعقوبة‬
‫الدائمة للذين يعصون ال ورسوله ‪ ،‬وهكذا فإن اليتين هما بمثابة قول عام حول المسألة ‪ .‬أما في‬
‫الية الثانية وفي الية الثالثة فقد فرض التوبة شرطا لغفرانه ؛ ولقد قال أيضا ‪ ( :‬وإني لغفار لمن‬
‫تاب ) ( ‪. ) 13‬‬
‫ونشأ الخلف في الرأي حول هذه المسألة بالنسبة لرادة ال في ما يتعلق بغفران الذنوب التي هي‬
‫دون الشرك ‪ .‬وكان رأي جابر بن زيد أن (( ال أبلغنا مشيئته بالنسبة للمغفرة ‪ .‬إذ قال أنه يريد‬
‫أن يغفر على التوبة ‪ (.‬وإني لغفار لمن تاب ) ( ‪ . ) 14‬وبما أن القرآن يذكر أن الذين يعصون‬
‫الخالق ورسوله يخلدون في نار جهنم إلى البد ‪ ،‬فل مبرر لعدم تنفيذ ذلك إل إذا تابوا ‪ ،‬كما هو‬
‫مبين في القرآن فالتوبة فقط هي التي تنقذهم من الخلود في النار ‪.‬‬
‫وبالنسبة للشفاعة فقد روى جابر بن زيد عددا من الحاديث عن الرسول بخصوص أولئك الذين‬
‫يستحقون الشفاعة ‪ .‬وقد ذكر جابر بوضوح أن الشفاعة ليست للخاطئين الذين لم يتوبوا قبل أن‬
‫يموتوا ( ‪. ) 15‬‬

‫( ‪)1/213‬‬

‫أما بالنسبة لخلق القرآن ‪ ،‬فقد كانت للباضية كما سبق أن شرحنا ‪ ،‬ثلثة آراء مختلفة ‪ ،‬أحدها أن‬
‫القرآن مخلوق ‪ .‬ولقد نظروا إلى هذه المسألة كواحدة من تلك المسائل التي يمكنهم أن يختلفوا‬
‫حولها بناء على حكم شخصي أو اجتهاد ‪ .‬وهي لذلك ليست من العقائد الساسية التي ينبغي اتخاذ‬
‫نظرة معينة بشأنها ‪ ،‬كما هي الحال بالنسبة للمعتزلة ‪ .‬إن احتمال تأثير المعتزلة في هذه القضية‬
‫ذكر من قبل ‪ .‬والظاهر أن هذا الحتمال ل يمكن إنكاره لن الباضية لم يناقشوا المسألة من هذه‬
‫الزاوية قبل أن أثارها المعتزلة ‪.‬‬
‫ومع أن الباضية والمعتزلة اعتمدوا وجهات النظر نفسها حول هذه العقائد المذكورة أعله ‪،‬‬
‫فالحقيقة هي أ‪ ،‬الباضية كانوا قد صاغوا وجهات نظرهم حول هذه المسائل في مرحلة سابقة ؛‬
‫وقد كانت قائمة على أحاديث مروية عن الرسول أو على آراء بعض الصحابة بالنسبة لتفسير‬
‫آيات قرآنية معينة عالجت بعض تلك العقائد ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬عارض الباضية بقوة بعض وجهات نظر المعتزلة الساسية ‪ ،‬حول القدر ‪،‬‬
‫والرادة اللهية والمنزلة بين المنزلتين ‪.‬‬
‫وبالنسبة للمسألتين الوليين ‪ ،‬أي القدر والرادة اللهية ‪ ،‬قال الباضية إن ال هو خالق النسان‬
‫وأعماله ‪ ،‬وأن النسان هو الذي يقوم بعمله ‪ .‬وبالنسبة للرادة اللهية ‪ ،‬قال الباضية إن كل‬
‫شيء يحدث في هذا العالم ‪ ،‬سواء كان صالحا أم سيئا ‪ ،‬هو بإرادة ال ‪ ،‬ثم إن هذين الرأيين‬
‫تبناهما الشاعرة ‪.‬‬
‫وطور المعتزلة بين المنزلتين للحالة التي تقع بين اليمان والشرك ؛ ورفضوا أن يعتبروا مرتكب‬
‫الكبيرة ‪ ،‬مؤمنا كما فعل المرجئة ‪ ،‬وكذلك رفضوا أ‪ ،‬يعتبروه كافرا كفر نعمة ‪ ،‬وعتبروه فاسقا‬
‫في منزلة بين المنزلتين ‪ ،‬قاصدين بذلك أنه ل هو بمؤمن ول هو بكافر ‪ .‬وميز الباضية موقفهم‬
‫حيال هذه المسألة بالمبدأين التاليين ‪:‬‬

‫( ‪)1/214‬‬

‫‪ ) 1‬إن المنزلة بين المنزلتين تفترض منزلة نفاق بين اليمان والشرك ‪ .‬وهو موقف معارض‬
‫للمرجئة الذين رفضوا النظر إلى مرتكب الكبيرة بأنه غير مؤمن ؛ وهو معارض للخوارج الذين‬
‫نظروا إلى كل من يرتكب الكبائر أنه مشرك ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬ل منزلة بين المنزلتين ‪ ،‬أي أنه ل منزلة بين اليمان والكفر ‪ .‬وعندهم أن أولئك الذين ل‬
‫يمارسون تعاليم الدين هم (( كفار النعم )) ‪ .‬وهو موقف موجه ضد نظرة المعتزلة إلى هذه‬
‫القضية ‪ .‬وبالنسبة للباضية إن عبارات الفسق والنفاق وكفر النعمة واحدة وهي تعني نفاقا ‪ .‬إن‬
‫الذي يقع في هذه الفئة ل هو بمؤمن ول هو بمشرك لكنه كافر نعمة ‪ ،‬أو منافق كالمنافقين في‬
‫زمن الرسول عليه السلم ‪.‬‬
‫=========================================‬
‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪. 32 - 31 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 32 - 31 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬الفتح ‪. 2 /‬‬
‫( ‪ ) 6‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 34 - 32 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬المصدر السابق ‪ 33 - 31 / 2 ،‬الحاديث ‪. 490 ، 487 ، 483‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪. 32 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ( تحقيق كاتب الكتاب ) ‪. 490 - 316 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 37 - 26 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬غولدزيهر في ‪. Revue de l'Histoire des Religions ، 52 ، 232‬‬
‫( ‪ ) 12‬نلينو ‪Rapporti far la dogmatica Mu'tazilita e quella degli Ibaditi dell :‬‬
‫‪ ، Africa Settentrionale‬في ‪. Revista degli Studi Orientali ، 7 / 955 - 60‬‬
‫( ‪ ) 13‬اربري ‪ ،‬محقق عام ‪ ، Religion in the Middle East ،‬روبيناتشي ‪Ibadis )) (( ،‬‬
‫‪. ، 2 / 309‬‬
‫( ‪ ) 14‬تومسون ‪ (( :‬الخارجية والخوارج )) ‪. Macdonald Presentstion ، 386 ،‬‬
‫( ‪ ) 15‬وات ‪. Islamic Philosophy and Theology ، 61 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/215‬‬

‫فروع المذهب الباضي‬


‫نخصص الصفحات التالية لدراسة تطور المناقشات الكلمية في المذهب الباضي ‪ ،‬ووجهات‬
‫النظر المختلفة التي ظهرت بالتالي ‪ ،‬ثم النقسامات التي تفرعت بالتالي عن المذهب ‪.‬‬
‫كان البحاثة البولوني تاديوش ليفتسكي أول بحاثة عالج هذا الموضوع باعتماد معلومات من‬
‫مصادر إباضية وجاءت مقالته عن (( النقسامات الباضية الفرعية )) ( ‪ ) 1‬خير دراسة عن‬
‫المجموعات الباضية الفقهية ‪.‬‬
‫وفي هذا العمل نأمل أن نقدم دراسة لهذا الموضوع أكثر تفصيل ‪ .‬نحن ل ننوي أن نتناول‬
‫النقسامات الفرعية عن الباضية في (( الشرق )) إل حين تكون ذات صلة بالنقسامات الباضية‬
‫الفرعية في شمالي إفريقيا ‪.‬‬
‫إن المصادر التي تتوفر لنا تحتوي على مقدار محدود جدا من المعلومات حول المناقشات الكلمية‬
‫الولى التي جرت في مرحلة الولى بين علماء الباضية في زمن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫‪ .‬ويذكر الباضية شخصا باسم صالح بن كثير ( أو كثير ) أثار مسائل جعلت الباضية يتجنبونه‬
‫(‪.)2‬‬
‫لسنا نعرف ماذا كانت هذه المسائل ‪ ،‬ولكن نسبتها إلى متكلم تشير إلى أنها ربما كانت ذات طبيعة‬
‫كلمية ‪ .‬والظاهر أن وجهات نظره لم تكن ذات أهمية كبيرة ‪ ،‬وأنها لم تكن تحمل محمل جديا ‪،‬‬
‫ل من قبله ول من قبل معاصري الباضية ‪ ،‬إذ إنه ظل موقرا إلى حد كاف لختياره لمفاوضة‬
‫عبد ال بن الحسن باسم الباضية ( ‪ ) 3‬وبرغم أن المفاوضات لم تجر ‪ ،‬فإن ذلك دليل على أن‬
‫(( صالح )) كان ل يزال مقبول في المجتمع الباضي ‪.‬‬

‫( ‪)1/216‬‬

‫وكانت مسألة القدر تربك بعض الباحثين الباضية ‪ ،‬وتبنى البعض منهم وجهات نظر القدرية ‪.‬‬
‫وبين هؤلء حمزة الكوفي ‪ ،‬والحارث بن مزيد الباضي ‪ ،‬وعالم آخر يدعى عطية من خراسان (‬
‫‪ . ) 4‬لقد كانوا جميعا متأثرين بوجهة نظر القدرية بشأن خلق العمال ‪ ،‬أي أن النسان هو خالق‬
‫أعماله ‪ ،‬ل ال ؛ وعارضهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة بقوة ‪ ،‬ومن ثم نبذهم الباضية ( ‪) 5‬‬
‫‪.‬‬
‫والمسألة الثانية التي ظهرت حولها الخلفات بين الباضية في هذه المرحلة هي عقيدة الولية‬
‫والبراءة ‪ .‬ويروى أن شابا إباضيا يدعى عبد الرحمن بن المؤسر قال إن جميع الناس هم أهل‬
‫ولية ‪ ،‬إل من ظهر لي منه ما أبر به منه ‪ .‬وحاول والده وعلماء آخرون أن يحملوه على تغيير‬
‫آرائه وتصحيحها ‪ ،‬لكنه رفض تغييرها ‪ .‬فخلعوه وبرؤا منه وأعملوا الناس أنه ليس منهم ( ‪. ) 6‬‬
‫وهنالك حادثة أخرى ذات طبيعة مماثلة جرت خلل هذه المرحلة ‪ .‬فقد وجد الحارث بن تليد إمام‬
‫طرابلس الباضي ‪ ،‬وقاضيه عبد الجبار بن قيس المرادي قتيلين ‪ ،‬وسيف كل واحد منهم مغروس‬
‫في جسم الخر ؛ لم يعلم أحد هل كان أحدهما هو الذي قتل الخر ؛ وإذا كان المر كذلك ‪ ،‬فمن‬
‫المخطئ منهما ؟ وكانت المسألة ‪ :‬هل يبقيان في حالة الولية أم ينقلن إلى حالتي الوقوف أو‬
‫البراءة ( ‪ . ) 7‬ونشأت بالتالي آراء متناقضة حول الموضوع بين الباضية في شمالي إفريقيا ثم‬
‫عرضت القضية على أبي عبيدة في البصرة للحسم فيها ( ‪. ) 8‬‬

‫( ‪)1/217‬‬

‫وهنالك مسألة أخرى يورى أنها نشأت خلل النقاش في المجتمع الباضي حول مسألة ثبوت‬
‫الحجة ‪ .‬ولقد دار النقاش فيها حول قضية افتراضية عن مسيحي لم يكن قد سمع بنبي السلم ‪،‬‬
‫وهدى مجوسيا إلى اعتناق المسيحية ‪ .‬وجاء عدد من الشبان الباضيين إلى أبي عبيدة برأي‬
‫غريب هو أن المسيحي مسلم لنه لم يكن قد سمع بالنبي محمد ‪ ،‬وأن المجوسي كافر برغم‬
‫اعتناقه المسيحية ‪ .‬ولكن أبا عبيدة رفض وجهة نظرهم هذه وبرئ منهم ( ‪ . ) 9‬وهذه النظرة‬
‫أثيرت من قبل الفرقة الحسينية في وقت لحق ( ‪. ) 10‬‬
‫بعد وفاة أبي عبيدة نشأ مجال نزاع واختلف في الرأي ؛ إذ فقدت الحركة الباضية بموته قيادة‬
‫قوية حافظت على وحدة الحركة وأمنت قرارات حاسمة حول المسائل التي كانت تنشأ بين الحين‬
‫والخر ‪ .‬وتوسعت الحركة ‪ ،‬ولكن الربيع بن حبيب الذي خلف أبا عبيدة بصفته قائدها الديني ‪،‬‬
‫أخفق في كسب الدعم له والقبول به من قبل جميع معاصريه ‪ .‬وفي هذه الفترة بدأ ظهور الفئات‬
‫الباضية المنشقة ‪.‬‬
‫سنعالج هنا أول الحركة الصلية أو التيار الساسي في المذهب الباضي ‪ ،‬وهو الذي عرف‬
‫بالوهبية ‪ .‬وبعد عرض وجهات نظرهم الساسية يمكن بالتالي فهم طبيعة الخلف بين‬
‫المجموعات الباضية ‪.‬‬
‫‪ -1‬الوهبية ‪:‬‬
‫تميز التيار الساسي في الحركة الباضية في شمالي إفريقيا باسم الوهبية ‪ ،‬وهنالك آراء متعددة‬
‫حول نشأة هذه التسمية ‪ .‬ويقول ابن الدقيق إنها سميت بذلك على اسم عبد الوهاب ‪ ،‬المام‬
‫الرستمي الثاني ( ‪ ) 11‬وهذا الرأي نفسه رواه ابن الصغير على أنه أنكر المعرفة بمصدره ( ‪12‬‬
‫)‪.‬‬

‫( ‪)1/218‬‬

‫واستعمل القلهاتي في كتابه (( الكشف والبيان )) اسم الوهبية للباضيين بوجه عام وذكر أن‬
‫التسمية هي على اسم عبد ال بن وهب الراسبي ( ‪ . ) 13‬واعتمد الباحثان الباضيان المعاصران‬
‫في شمالي إفريقيا ‪ ،‬محمد يوسف اطفيش وعبد ال الباروني ‪ ،‬هذا الرأي نفسه وقال بأن الوهبية‬
‫هي على اسم عبد ال بن وهب ل عبد الوهاب ‪ .‬وحجة اطفيش أن التسمية لو كانت على اسم عبد‬
‫الوهاب ‪ ،‬لكان يجب أن تكون وهابية ل وهبية ( ‪ . ) 14‬ولكن هذا الرأي يستند إلى قواعد اللغة‬
‫العربية فقط ‪.‬‬
‫يجدر بنا أن نذكر هنا أن السم استعمل بالدرجة الولى من قبل البربر في شمالي إفريقيا ‪ ،‬ومن‬
‫الممكن أن الشكل الصحيح للسم حور لتسهيله على النطق البربري ‪ ،‬فأصبح الوهبية بدل من‬
‫الشكل الصحيح وهو الوهابية ‪ .‬والحقيقة الخرى التي تدعم القول بأن اسم الوهبية مشتق من عبد‬
‫الوهاب هو أن السم لم يظهر قبل معارضة النكار لمامة عبد الوهاب ‪ ،‬وهي المعارضة التي‬
‫شقت المة الباضية في شمالي إفريقيا إلى فريقين ‪ ،‬أتباع يزيد بن فندين الذين سموا بالنكار‬
‫وأتباع عبد الوهاب الذين كان يجب أن يسموا بالوهابية ‪ ،‬على اسمه ‪ ،‬كما أشير من قبل ‪ ،‬ولكن‬
‫السم عدل فأصبح الوهبية ‪.‬‬

‫( ‪)1/219‬‬

‫وتمثل الوهبية التيار الرئيس للباضية في شمالي إفريقيا ‪ .‬وقد لعبت الدور الهم في الميدانين‬
‫السياسي والفكري ‪ ،‬وهي المجموعة الوحيدة التي تمكنت من أن تستمر بوجودها حتى الونة‬
‫الحاضرة ‪ .‬نحن مدينون إلى هذه المجموعة وإلى أدبها بخصوص كل المعلومات هن المجتمعات‬
‫الباضية ونشاطاتها في الماضي ‪ .‬وبما أن هذا الفصل معني بالدرجة الولى بالفروق الكلمية‬
‫بين المجموعات الباضية المختلفة ‪ ،‬فإنه من المفيد أن نقدم هنا ترجمة (( للعقيدة )) الوهبية كما‬
‫كتبها أبو ساكن عامر بن علي الشماخي ( ت ‪ 592‬هـ ) ‪ .‬وللمزيد من التفاصيل عن الراء‬
‫الكلمية للوهبية وعقائدها تتوفر دراسات اختصاصية للطلع عليها باللغتين الفرنسية واليطالية‬
‫( ‪. ) 15‬‬
‫=============================‬
‫( ‪ ) 1‬شاخت ‪. Origins of Mohammadan Jurisprudence ، 258 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬النساء ‪. 31 /‬‬
‫( ‪ ) 3‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 84 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬الزمر ‪. 53 /‬‬
‫( ‪ ) 5‬النساء ‪. 48 /‬‬
‫( ‪ ) 6‬النساء ‪. 31 /‬‬
‫( ‪ ) 7‬الجن ‪. 23 /‬‬
‫( ‪ ) 8‬طه ‪. 82 /‬‬
‫( ‪ ) 9‬الوارجلني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 48 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬انظر ص ‪ ، 185 ،‬من هذا البحث ‪.‬‬
‫( ‪. Studia Islamic ( 9 ) ، 71 - 82 ) 11‬‬
‫( ‪ ) 12‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 83 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 14‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 32 - 231‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 244 - 243 ،‬؛ الشماخي ‪،‬‬
‫مصدر مذكور سابقا ‪. 85 ،‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر السابق نفسه ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/220‬‬

‫الديانات( العقيدة الباضية الوهبية )‬


‫بقلم ‪ :‬عامر بن علي الشماخي‬
‫(( وإنما جاء اختلف الناس من قبل تسعة أصول ‪ ،‬وهي ‪ :‬التوحيد ‪ ،‬والعدل ‪ ،‬والقدر ‪ ،‬والولية‬
‫والعداوة ‪ ،‬والمر والنهي ‪ ،‬والوعد والوعيد ‪ ،‬والمنزلة بين المنزلتين ‪ ،‬وأن ل منزلة بين‬
‫المنزلتين ‪ ،‬والسماء ( ‪ ) 1‬والحكام ‪.‬‬
‫‪ - 1‬التوحيد ‪:‬‬
‫ندين بأن ال واحد ليس كمثله شيء في صفة ول في ذات ‪ ،‬وفي فعل ‪ .‬وندين بأنه ل يرى في‬
‫الدنيا ول في الخرة ‪ ( :‬ل تدركه البصار وهو يدرك البصار وهو اللطيف الخبير ) ( ‪. ) 2‬‬
‫وندين بأن استوى على العرش ‪ ،‬وعلى كل شيء استواء غير معقول ‪ .‬والستواء صفة له ‪ ،‬لم‬
‫يزل ربنا موصوفا بها ‪.‬‬
‫وندين بأنه في كل مكان بالحفظ والقدرة ‪ ،‬وبكونه في الشياء ومع الشياء بالحاطة لها وبالزيادة‬
‫وبالنقصان ‪ ،‬ول على الحلول والتمكن والجنان ‪.‬‬
‫وندين بأن أسماءه هو ‪ ،‬وبأن صفته هو ‪ ،‬وندين بأنه ليس ثم شيء غيره ‪ ،‬ل يجري عليه العد‬
‫والتغاير والختلف ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العدل ‪:‬‬
‫ندين بأن ال عدل ل ينسب إليه الجور في حكم ول في فصل ‪ ،‬وندين بتصويب أهل النهر الذين‬
‫أنكروا على علي تحكيم الحكمين بعد حكم ال تعالى في الفئة الباغية حين قال ‪ ( :‬فقاتلوا التي‬
‫تبغي حتى تفيء إلى أمر ال ) ( ‪. ) 3‬‬
‫وندين بأن ال ( ل يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) ( ‪ ، ) 4‬ومعناه ل يؤاخذهم‬
‫بغير ما اكتسبوه ‪ ،‬ول يعذبهم بغير ما اجترموه ‪.‬‬
‫وندين بأن أفعال العباد اكتسبوها وعملوها ‪ ،‬ولم يجبروا عليها ‪ ،‬ولم يضطروا إليها ‪ ( .‬ورد في‬
‫أصل البحث بالنكليزية كلمة ‪ SERVANTS‬وتعني العباد ‪ .‬وقد أشار إليها في الهامش ( ‪. ) 5‬‬
‫‪ - 3‬القدر ‪:‬‬
‫وندين بأن ال خالق كل شيء وعالم بكل شيء ‪ ،‬ومريد كل شيء ‪.‬‬
‫وندين بأن القدر خيره وشره من ال ‪.‬‬
‫وندين بأن ال خالق أفعال العباد ومحدثها ومريدها ‪.‬‬

‫( ‪)1/221‬‬

‫وندين بأن ال كلمه ووحيه ومحدثه وجاعله ومنزله ‪.‬‬


‫‪ - 4‬الولية والعداوة ‪:‬‬
‫ندين بأن ال وال لوليائه ومعاد لعدائه ‪.‬‬
‫وندين بأن ولية ال وعداوته ل تتغيران بتغير الزمان ول تتقلبان بتقلب الحوال ‪.‬‬
‫وندين بولية المسلمين كافة ‪ ،‬وبراءة الكافرين كافة ‪.‬‬
‫وندين بولية الذين ذكرهم ال في كتابه أنهم من أهل الجنة ‪.‬‬
‫وندين ببراءة الذين ذكرهم ال في كتابه أنهم من أهل النار ‪.‬‬
‫وندين بولية المخصوص الموفي بدين ال ‪ ،‬وببراءة المخصوص المرتكب للكبائر ‪.‬‬
‫وندين ببراءة المخالفين النافين لما في أيدينا مما ندين به من دين ربنا ‪.‬‬
‫وندين بأن الولية ل يزيحها إل البراءة ‪ ،‬والبراءة ل يزيحها إل الولية ‪.‬‬
‫وندين بأن الوقوف عند الذي لم يعرف منه إيمان ول كفر ‪.‬‬
‫‪ - 5‬المر والنهي ‪:‬‬
‫ندين بأن ال أمر بطاعته ونهى عن معصيته ‪.‬‬
‫وندين بأن طاعة ال كلها إيمان ‪ .‬وليست معصيته كلها كفرا ‪.‬‬
‫وندين بأن المر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب في كل زمان على قدر الطاقة ‪.‬‬
‫وندين بأن المامة واجبة على الناس إذا قدروا عليها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الوعد والوعيد ‪:‬‬
‫ندين بأن ال صادق في وعده ووعيده ‪.‬‬
‫وندين بتخليد أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ‪.‬‬
‫وندين بأن ثوابه لوليائه في الخرة وعقابه لعدائه في الخرة ل يشبه ثوابه وعقابه في الدار‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫‪ - 7‬المنزلة بين المنزلتين ‪:‬‬
‫ندين بأن منزلة النفاق بين منزلة اليمان ونزلة الشرك ‪.‬‬
‫وندين بأن المنافقين ليسوا بمؤمنين ول بمشركين ‪.‬‬
‫وندين بأن المشركين ليسوا بمؤمنين ول بمنافقين ‪.‬‬
‫وندين بأن المؤمنين ليسوا بمنافقين ول بمشركين ‪ .‬ومن سمى كل واحد منهم باسم الخر فقد كفر‬
‫(‪.)6‬‬
‫‪ -8‬ل منزلة بين المنزلتين ‪:‬‬
‫وندين بأن ل منزلة بين منزلة اليمان ومنزلة الكفر ‪.‬‬
‫وندين بتكفير من زعم أن طاعة ال كلها توحيد ‪ ،‬وأن معصية ال كلها شرك ‪.‬‬
‫وندين بتكفير من زعم أن اليمان كله توحيد ‪ ،‬والكفر كله شرك ‪.‬‬

‫( ‪)1/222‬‬

‫وندين بأن ال يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر ‪ .‬ول يغفر الكبائر إل بالتوبة ‪.‬‬
‫وندين بتكفير المرأة الفاسقة التي تؤتي فيما دون فرجها ‪.‬‬
‫وندين بتكفير أهل التأويل المخطئين في تأويلهم ‪.‬‬
‫‪ - 9‬السماء والحكام ‪:‬‬
‫وندين بأن السماء تابعة للحكام ‪.‬‬
‫وندين بأن أحكام الموحدين ليست كأحكام المشركين ‪ ،‬وأحكام المشركين ليست كأحكام الموحدين ‪.‬‬
‫وندين بأن أحكام الموحدين بينهم واحدة إل في الولية والتسمية باليمان فإنها ل يستحقها إل‬
‫المؤمن الموفي بدينه ‪.‬‬
‫وندين بأن أهل الكتاب اليهود والنصارى والصابئين ليسوا بمؤمنين ولكنهم مشركون ‪.‬‬
‫وندين بتكفير من بدل أحكام ال وأحكام رسوله ‪.‬‬
‫وندين بتكفير من أنكر الرأي والسنة ‪.‬‬
‫وندين بأن حجة ال على عباده الكتب والرسل ‪.‬‬
‫وندين بأن ل هجرة بعد فتح مكة ‪.‬‬
‫وندين بأن معرفة ال ل تنال بالتكفير ول بالضطراب ‪ ،‬وإنما تنال بالكتاب والتعليم ‪ .‬وذلك يصح‬
‫بعد مخبر منبه على ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 2‬النكار ‪:‬‬
‫تعود بذور مجموعة النكار المنشقة إلى زمن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وهم عدد من تلمذته‬
‫الفكريين الذين امتلكوا أو طوروا جهات نظر معينة حول المسائل العقدية والفقهية وهم عبد ال بن‬
‫عبد العزيز ‪ ،‬وأبو المعروف شعيب ‪ ،‬وأبو المؤرخ عمرو بن محمد ‪ ،‬وحاتم بن منصور ‪ ،‬وعبد‬
‫ال بن يزيد الفزاري ‪ .‬لقد عبر هؤلء عن بعض أفكارهم أثناء حياة أبي عبيدة ‪ ،‬لكنه أنركها‬
‫عليهم وطردهم من المجالس ( ‪ . ) 7‬ويقال إنهم ندموا وتابوا ‪ ،‬وسمح لهم بالعودة إلى مجالس‬
‫الباضية والسهام في نشاطات المجموعة الباضية في البصرة ( ‪ . ) 8‬لكنهم عادوا بعد وفاة أبي‬
‫عبيدة فأكدوا على وجهات نظرهم ‪ .‬وترك المر للربيع بن حبيب ‪ ،‬خليفة أبي عبيدة ‪ ،‬كي يرفض‬
‫وجهات نظرهم ويشجبهم ( ‪. ) 9‬‬

‫( ‪)1/223‬‬

‫هؤلء أنفسهم هم الذين أسسوا أهم مجموعة إباضية إلى جانب المذهب الباضي الصلي والرئيس‬
‫‪ ،‬أي الوهبية ‪ .‬وقد بدأ أساس حركتهم كمعارضة سياسية للوهبية في شمالي إفريقيا ‪ ،‬لكن الجانب‬
‫الفكري للحركة بدأ وتطور على أيدي هؤلء العلماء في البصرة ‪.‬‬
‫عرفت هذه المجموعة المنشقة بالنكار لنكارهم إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ( ‪10‬‬
‫) ‪ .‬وعرفوا كذلك بأسماء أخرى ‪ :‬الناكثة ‪ ،‬أو النكاثة ‪ ،‬أو النكاث ‪ ،‬من كلمة (( نكث )) أي‬
‫(( نكر )) لنهم نكثوا اليمين التي قطعوها لعبد الوهاب ( ‪ ) 11‬؛ أو بالنجوية من كلمة نجوى ‪،‬‬
‫أي الخديعة السرية التي عرفت عنهم عند مناقشة مسألة المامة بعد وفاة المام الرستمي الول‬
‫واختيار ابنه عبد الوهاب ( ‪ . ) 12‬وكذلك أطلق عليهم اسم الملحدة لنهم الحدوا بالنسبة لسماء‬
‫ال ( ‪ ) 13‬؛ أو باليزيدية على اسم فقيههم عبد ال بن يزيد الفزاري ‪ ،‬أو ربما على اسم زعيمهم‬
‫السياسي في تاهرت ‪ ،‬يزيد بن فندين ( ‪ ) 14‬؛ أو بالشغبية بسبب الشغب الذي أحدثوه ( ‪، ) 15‬‬
‫وبالمستاوة نسبة إلى اسم إحدى قبائل البربر الرئيسة المؤيدة لهم ( ‪. ) 16‬‬
‫والواقع أن فرع النكار في المذهب الباضي كان حركة متكاملة متماسكة ‪ ،‬حاولت أن تكون‬
‫مستقلة عن حركة الباضية الم ‪ .‬لقد طوروا آراءهم العقدية واتبعوا رأي أئمتهم الخاصة في الفقه‬
‫‪ .‬ووفقا للمؤرخين الباضيين ‪ ،‬فقد كان النكار يتبعون عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬وأبا المؤرخ ‪،‬‬
‫وحاتم بن منصور في الفقه ‪ ،‬وعبد ال بن يزيد الفزاري في الكلم ( ‪. ) 17‬‬
‫( ‪)1/224‬‬

‫كان عبد ال بن يزيد الذي وضع السس الكلمية للمجوعة الباضية يعيش في الكوفة ( القرن‬
‫الثاني ‪ -‬القرن الثالث للهجرة ) ‪ .‬ويقول المسعودي أنه كان (( جرازا )) أي صانع أحذية ‪،‬‬
‫اختصاصيا في صناعة الجلد ‪ ،‬كما كان شريكا تجاريا للحكم بن هشام ‪ .‬وكان أتباعه يأتون إليه‬
‫في محله في الكوفة ليتعلموا منه ( ‪ ، ) 18‬وكتب عددا من الكتب في الكلم ‪ .‬ونسب ابن النديم‬
‫إليه المؤلفات التالية ‪ :‬كتاب التوحيد ؛ كتاب الرد على المعتزلة ؛ كتاب الرد على الرافضة ؛‬
‫وكتاب الستطاعة ( ‪. ) 19‬‬
‫وحين كنت أبحث في مجموعات خاصة من المخطوطات الباضية في شمالي إفريقيا ‪ ،‬عثرت‬
‫على أحد الكتب المنسوبة إلى عبد ال بن يزيد عنوانه ‪ :‬كتاب الردود ( ‪ . ) 20‬وهذا الكتاب ‪،‬‬
‫على ما هو معلوم حتى الن ‪ ،‬هو العمل الوحيد الباقي لفقيه نكاري ‪ ،‬غير أن هنالك أمل كبيرا‬
‫باكتشاف المزيد من مخطوطات آدابهم في زواره ( ليبيا ) وجربة ‪.‬‬
‫لقد سبق أن ذكرنا أن الزعماء النكاريين بدأوا حركتهم بمعارضة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫حول بعض القضايا ‪ ،‬ومنها أ‪ ،‬المسلمين الذين يؤمنون بآراء تشبيهية حول الخالق هم مشركون (‬
‫‪ . ) 21‬كذلك قالوا أن ولية ال تتغير وفقا لحالة الشخص ؛ فإذا ما قام بأعمال صالحة نال ولية‬
‫ال ‪ ،‬وإذا ما ارتكب الذنوب فقد تلك الحالة ( ‪ . ) 22‬كذلك كان لهم رأي مغاير حول مسألة‬
‫الحارث وعبد الجبار وأعلنوهما في حالة (( وقوف )) ( ‪ . )23‬ولقد واجهوا معارضة قوية على‬
‫هذه الراء وعلى غيرها من الراء الفقهية من قبل أبي عبيدة ثم خليفته الربيع بن حبيب ‪.‬‬

‫( ‪)1/225‬‬

‫وعند وفاة المام الرستمي الول في تاهرت واختيار ابنه عبد الوهاب خليفة له ‪ ،‬تكشفت الهداف‬
‫السياسية للنكار ‪ ،‬وقامت التصالت بين النكار في المغرب وأنصارهم في الشرق ‪ .‬وكان أبو‬
‫قدامة يزيد بن فندين من بني يفرن ‪ ،‬أحد فروع قبيلة زناية من البربر ‪ ،‬وأحد القادة الباضيين في‬
‫شمالي إفريقيا وأحد الرجال الستة الذين منهم اختير إمام تاهرت الثاني عبد الوهاب ‪ ،‬قد رفض أن‬
‫يعلن ولءه للمام الجديد ما لم يوافق على شرط عدم اتخاذ أي قرار إل بموافقة جماعة معينة (‬
‫‪ . )24‬ورفض بقية قادة الباضية في شمالي إفريقيا هذا النذار وأصبح عبد الوهاب المام الثاني‬
‫للدولة الباضية ‪ .‬وأنكر يزيد بن فندين وأنصاره إمامة عبد الوهاب ‪ ،‬وحاول بعضهم اغتياله ‪.‬‬
‫وبسبب إخفاقهم اضطروا أن يقاوموه علنا خشية أن يعاقبهم على محاولتهم الفاشلة ( ‪ . )25‬وبعد‬
‫فترة من القتال ‪ ،‬اتفق الطرفان على الكتابة إلى العلماء الباضيين في الشرق بخصوص نزاعهم‬
‫وانتظار ردهم لتحديد المخطئ ‪.‬‬
‫وفي الطريق ‪ ،‬قصد الموفدون أبا المعروف شعيب الذي كان في مصر آنذاك وشرحوا له الوضع‬
‫في تاهرت ‪ ،‬ثم قصدوا مكة حيث اجتمعوا بالربيع بن حبيب ‪ ،‬ووائل بن أيوب ‪ ،‬وأبي غسان‬
‫مخلد بن العمرد ‪ ،‬وسواهم ‪ .‬وقدم الوفد لهم الرسائل التي يحملونها من شمالي إفريقيا ‪ ،‬وعرضوا‬
‫لهم الوضع ثم عادوا بردهم ( ‪. )26‬‬
‫ويتبين من رد الشيوخ الباضيين في الشرق ‪ ،‬أي الربيع وزملئه ‪ ،‬أن النزاع بين الباضيين في‬
‫شمالي إفريقيا قام على المسألتين التاليتين ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬الشروط المفروضة على المام ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬إمامة المفضول مع وجود الفضل ( ‪. ) 27‬‬
‫وجاء حكم الربيع وزملئه حول هاتين المسألتين لصالح عبد الوهاب وفريقه ‪ .‬لقد تقرر أنه ل‬
‫يجوز وع شروط على المام ‪ ،‬وأنه يمكن لكل شخص مناسب أن ينتخب إماما حتى ولو توفر‬
‫آخرون متفوقون بصفاتهم عليه ( ‪. ) 28‬‬

‫( ‪)1/226‬‬

‫أما شعيب بن المعروف فتوجه إلى تاهرت وانضم إلى المتمردين الذين كانوا يقاومون عبد‬
‫الوهاب قبل وصول الرد من العلماء الباضيين في (( الشرق )) ‪ .‬وقتل يزيد بن فندين وهزم‬
‫فريقه ‪ ،‬وعاد شعيب إلى طرابلس حيث واصل معارضته الدبية لعبد الوهاب ( ‪ . )29‬ولدى‬
‫سماع النبأ بموقف شعيب ونشاطاته المعادية للمام عبد الوهاب ‪ ،‬عمد الربيع بن حبيب وزملؤه‬
‫إلى التنصل منه ( ‪ . ) 30‬وكان من شأن هذا الموقف الذي اتخذه الربيع أن يدفع بقية فريق ابن‬
‫فندين إلى التعاطف مع خصوم الربيع بين العلماء الباضيين في الشرق ومنهم شعيب بن‬
‫المعروف ن وعبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬وعبد ال بن يزيد وسواهم ‪ .‬هكذا وقع التلحم بين طرفي‬
‫الحركة النكارية ‪ ،‬الشرقي والغربي ‪.‬‬
‫ونمت المجموعة النكارية في شمالي إفريقيا وكونت هيئاتها ومجالسها العزابة ( ‪ . ) 31‬ومع بداية‬
‫القرن الرابع للهجرة حاولت إقامة إمامتها بقيادة أبي يزيد مخلد بن كيداد من بني يفرن ‪ ،‬وهي‬
‫نفس قبيلة البربر التي منها يزيد بن فندين مؤسس الحركة النكارية ‪ .‬وبين ‪ 336 - 316‬هـ‬
‫تغلب أبو يزيد على القسم الكبر من وسط شمالي إفريقيا لكنه هزم وصرع على يدي الحاكم‬
‫الفاطمي المنصور بن القاسم سنة ‪ 336‬هـ ( ‪. )32‬‬
‫وانتشرت النكارية في مختلف أنحاء شمالي إفريقيا ثم وجدت طريقها إلى الندلس أيضا حيث‬
‫كانت قوية إلى حد كاف لتؤسس لها دولها الخاصة بها في بعض المدن ( ‪ . ) 33‬ووفقا لما قاله‬
‫ابن حزم كان غالبية الخوارج في الندلس ينتسبون إلى الفرع النكاري من الباضية ( ‪. )34‬‬
‫( ‪)1/227‬‬

‫إن أدب النكار المتوفر لنا محدود جدا ول يمكن له أني غطي جميع نواحي وجهات نظرهم ‪.‬‬
‫ولذلك يجد المرء نفسه ملزما بدارسة وجهات نظرهم كما يقدمها لنا الباضيون الوهبيون ‪ .‬إن‬
‫وجهات نظرهم موجودة بالدرجة الولى في عملين صغيرين مخصصين لموضوع الفرق‬
‫السلمية ‪ .‬والعمل الول رسالة صغيرة لبي عمرو عثمان بن خليفة السوفي ( في النصف‬
‫الول من القرن السادس للهجرة ) عنوانها (( رسالة في بيان كل فرقة )) ( ‪ ، ) 35‬وهي تحتوي‬
‫على عرض مفيد لراء الفرق السلمية ‪ .‬والعمل الثاني هو قصيدة ( أرجوزة ) من ‪ 11‬بيتا من‬
‫تأليف الشيخ صالح بن إبراهيم بن أبي صالح المصعبي ( ‪ ) 36‬وهي في نفس موضوع رسالة‬
‫أبي عمرو ‪ .‬ثم إن شروح وجهات نظر النكار معروضة في العمال التاريخية العقدية للباضية‬
‫في شمالي إفريقيا ‪.‬‬
‫وقد قدم أبو يعقوب الوارجلني العرض التالي للنكار ‪ (( :‬ليس في جميع المذاهب من هو أقرب‬
‫إلينا ‪ ،‬وهو في الوقت نفسه أيضا أبعد ما يكون عن السوء والكبرياء ‪ ،‬والجهل ‪ ،‬والنكد )) (‬
‫‪. ) 37‬‬
‫أما أبو عمرو عثمان بن خليفة فوصفهم كما يلي ‪ (( :‬هم فئة بعيدة جدا عن الحق ‪ ،‬بطبيعة‬
‫مريبة ‪ ،‬وآراء ذميمة )) ( ‪. ) 38‬‬
‫وعلى أية حال فقد اعتبر الباضية الوهبية النكار كفار نعمة ‪ ،‬وكانت العلقة بين الفريقين ذات‬
‫طبيعة عدائية ‪ .‬وفيما يلي معتقدات النكار التي اختلفوا بشأنها عن الباضية الوهبية ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬أسماء ال مخلوقة ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬حجة ال ليست ملزمة ‪.‬‬
‫‪ ) 3‬ولية ال للمسلمين متقلبة ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬قالوا بالوقوف في مسألة الحارث وعبد الجبار ‪.‬‬
‫‪ ) 5‬اتخذوا موقف الوقوف بالنسبة لجميع الطفال ‪.‬‬
‫‪ ) 6‬ل يلزم العلم بالفرائض عدا التوحيد ‪ .‬ولكن يلزم العمل بتلك الفرائض ‪.‬‬
‫‪ ) 7‬ال لم يأمر الناس بالنوافل ‪ .‬أو أن النوافل غير مأمور بها ‪.‬‬
‫‪ ) 8‬المسلمون الذين يؤمنون بالتشبيه في حق ال هم مشركون ‪.‬‬
‫‪ ) 9‬النساء اللواتي يؤتين بما دون الفرج ‪ ،‬والرجال الذين يرتكبون فاحشة المفاخذة ليسوا كفارا ‪.‬‬

‫( ‪)1/228‬‬
‫‪ ) 10‬إن الذي يسرق ما دون ربع دينار ل يعاقب ول يعتبر كافرا لنه لم يسرق المبلغ الذي‬
‫يجعله معرضا للعقوبة الشرعية ‪.‬‬
‫‪ ) 11‬النظر بشهوة من النساء والرجال والقبلة ودخول الحمامات من غير إزار وإهانة الخرين ؛‬
‫هذه كلها صغائر ل كبائر ‪.‬‬
‫‪ ) 12‬صلة الجمعة في عهد الحاكم الجائر غير جائزة ‪.‬‬
‫‪ ) 13‬عطايا الحكام الجائرين غير جائزة ‪.‬‬
‫‪ ) 14‬الحرام المجهول مباح ‪.‬‬
‫‪ ) 15‬تناول الخمرة بسبب التقية مباح ‪.‬‬
‫‪ ) 16‬ل تجوز إمامة رجل إذا كان في المسلمين من هو أعلم منه ‪.‬‬
‫‪ ) 17‬المامة ليست واجبة ‪.‬‬
‫‪ ) 18‬يجب دعوة المشركين إلى الشهادة ‪ ،‬وإعلن البراءة من أهل البدع ‪.‬‬
‫‪ ) 19‬المرأة المرتدة ل يجوز أن تقتل ‪.‬‬
‫‪ ) 20‬بالنسبة للقضايا التي تختلف فيها آراء الفقهاء ‪ ،‬يكون الصواب مع واحد ويحظر على الناس‬
‫أن يختلفوا معه ( ‪. ) 39‬‬
‫هذه هي غالبية نقاط الخلف بين النكار والباضية الوهبية كما يعرضها هؤلء ‪ .‬ويتوقع لكتشاف‬
‫أعمال النكار أنفسهم ولعمال وهبية أخرى أن يسهم في تكوين فكرة أوضح عن النكار وآرائهم ‪.‬‬
‫وإلى جانب النكار تذكر المصادر الباضية ست مجموعات أخرى منشقة كانت لها آراء مختلفة‬
‫عن آراء الوهبيين ‪ ....‬ثم إن اثنين منها تأسستا لسباب سياسية هما الخلفية والنفاثية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الخلفية ‪:‬‬
‫الخلفية هم أتباع خلف بن السمح ‪ ،‬حفيد أبي الخطاب عبد العلى المعافري ‪ ،‬أول إمام للدولة‬
‫الباضية في شمالي إفريقيا ( ‪ . ) 40‬والسمح ‪ ،‬والد خلف كان وزيرا لعبد الوهاب بن عبد‬
‫الرحمن بن رستم ‪ .‬وبناء على طلب أهل جبل نفوسة عينه عبد الوهاب حاكما على الجبل ( ‪) 41‬‬
‫وبعد وفاة والده ‪ ،‬حاول خلف أن ينشيء إمامة مستقلة في جبل نفوسة والمناطق المجاورة ( ‪) 42‬‬
‫‪ .‬ورأيه هو أن المسافة بين الجبل وعاصمة المامة في تاهرت طويلة جدا مفصولة بمناطق كبيرة‬
‫يحكمها الغالبة مما يجعل الدارة غير فعالة ( ‪. ) 43‬‬

‫( ‪)1/229‬‬

‫ووفقا لبي عمرو عثمان بن خليفة ‪ ،‬تلك كانت نقطة الخلف الوحيدة بين الباضية الخلفية‬
‫والباضية الوهبية ‪ :‬الخلفية كانت ترى أنه ينبغي أن يكون لكل حوزة إمام مستقل ‪ ،‬وأنه ليس‬
‫للئمة الخرين أن يتدخلوا في شؤونها ( ‪ ) 44‬وبدأ خلف حركته هذه في السنوات الخيرة من‬
‫إمامة عبد الوهاب ( نهاية القرن الثاني للهجرة ) ‪ ،‬وحكم القسم الشرقي من المنطقة الباضية بين‬
‫جادوا وطرابلس ‪ ،‬وحظي بتأييد بني يفرن وزواغة معا ( ‪ . ) 45‬وخاض معركتين كبيرتين ضد‬
‫أبي عبيدة عبد الحميد الجناوني ‪ ،‬حاكم الجبل ‪ ،‬وكانت ثانيهما في سنة ‪. ) 46 ( 835 / 221‬‬
‫كذلك حارب العباس بن أيوب ‪ ،‬خليفة أبي عبيدة ( ‪ . )47‬وبعد وفاته واصل أتباعه معارضتهم‬
‫لحاكم الجبل ولمامة تاهرت حتى قائد نفوسة القوي ‪ ،‬أبو منصور إلياس وأجبرهم على الفرار‬
‫إلى جزيرة جربة حيث طوق قواهم وأسر قائدهم الطيب بن خلف ( ‪ . ) 48‬ويقال إن الطيب تاب‬
‫وقضى بقية حياته في الجبل ( ‪. ) 49‬‬
‫وتمسكت أقلية من أتباع خلف بوجهة نظرها فيما كانت تعيش مع مجموعات أخرى من النكار‬
‫والحسينية في القسم الشرقي من جبل نفوسة في يفرن ‪ ،‬وبابل ‪ ،‬وتكبال وككلة ( ‪ . ) 50‬حتى‬
‫زمن أبي يحيى زكريا بن إبراهيم الباروني ( النصف الثاني من القرن الخامس للهجرة ) ‪ ،‬وهو‬
‫الذي استردها إلى المذهب الوهبي ( ‪. ) 51‬‬
‫النفاثية ‪:‬‬
‫والمجموعة الخرى المنشقة التي ظهرت لسباب ذات طبيعة سياسية هي الفناثية ‪ ،‬أتباع نفاث (‬
‫‪ )52‬بفرج بن نصر ‪ .‬وكان هؤلء يدعون بالكتمانية أيضا ( ‪. ) 53‬‬

‫( ‪)1/230‬‬

‫والنفاث نفوسي المنشأ ‪ ،‬درس في تاهرت على أيدي الئمة الرستميين وغيرهم من العلماء‬
‫الباضيين في تاهرت ( ‪ . ) 54‬ومن التلمذة المعاصرين له سعد بن أبي يونس ‪ ،‬ابن حاكم‬
‫قنطراره ( ‪ . ) 55‬قصدا تاهرت معا للدراسة ‪ ،‬وبعد وفاة أبي يونس قرر ابنه سعد أن يعود إلى‬
‫قنطراره ‪ ،‬فيما عاد نفاث برفقته ( ‪ . ) 56‬وبما أن نفاثا كان قد نال مستوى عاليا من العلم فقد‬
‫توقع أن يعينه المام أفلح حاكما على قنطراره وهو المنصب الذي شغر بوفاة أبي يونس ‪ .‬غير‬
‫أن أفلح عين سعدا في مكان أبيه ‪ .‬ويقول المؤرخون الباضيون أن ذلك هو السبب الذي حمل‬
‫نفاثا على أن يحقد على المام أفلح ‪ ،‬وأن يباشر بنشر التهامات في حقه ‪.‬‬
‫وتدل المراسلت بين أفلح وعماله بالنسبة لقضية نفاث أنه كان يحمل وجهات نظر تعتبر بدعة ‪.‬‬
‫وقد وصف بأنه شاب جاهل ل خبرة لديه ‪ .‬وأشير إلى إحدى بدعه في إحدى رسائل المام أفلح ‪.‬‬
‫وفي رسالته الخيرة إلى نفاث ‪ ،‬اتهمه أفلح بأنه أحد الذي اعتقدوا بأن عمال الدولة الرستمية الذي‬
‫كانوا في حالة (( كتمان )) لم يكونوا غير أساقفة ‪ ،‬ولذلك ل تجوز طاعتهم لنهم ل يملكون قوة‬
‫إدارية ( ‪.) 57‬‬
‫وفيما يلي عرض لوجهة نظره كما ذكرها أبو عمرو السوفي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إن ال هو الدهر الدائم ‪ .‬حين سئل ما معنى ذلك أجاب ‪ :‬وجدته في (( الدفتر )) ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬الخطبة في صلة الجمعة بدعة ‪.‬‬

‫( ‪)1/231‬‬

‫‪ _ 3‬المام الذي يعجز عن أن يحمي رعيته من ظلم الحاكم الجائر ‪ ،‬ل يحق له أن يجمع الزكاة‬
‫منهم لنه ضعيف غير قادر على القتال والدفاع عنهم ‪ .‬ويبدو أن ذلك موجه ضد المام أفلح ‪.‬‬
‫ويقال إن نفاثا قال ‪ (( :‬دفع الزكاة لفلح هي كدفعها إلى نوبار ملك السودان )) ( ‪ . ) 58‬ومن‬
‫انتقاداته الخرى لفلح ‪ ،‬ذكر نفاث أن افلح أصبح مولعا بالصيد وأهمل الهتمام بمصالح‬
‫المسلمين ؛ وعين ابنه في المامة وهو ل يزال على قيد الحياة ؛ واستخدم العمال لجمع الزكاة مع‬
‫أن ذلك لم يكن من عادة رسول ال ‪ .‬وزعم نفاث أيضا أن افلح عمد إلى تزيين هيئته ‪ :‬فوجهه‬
‫كان ذراعا ( ‪ ) 59‬؛ وعمامته كانت ذراعا ؛ وكذلك كانت لحيته ذراعا ‪.‬‬
‫وبالنسبة لراء نفاث الفقهية هنالك ثلثة آراء كان الوهبيون يعتبرونها زائفة وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ابن الخ الشقيق أحق بالميراث من الخ لب ( ‪. ) 60‬‬
‫‪ - 2‬ليس لمالك شيء ذي قيمة أن يبيعه بسبب الجوع ‪ ،‬لن الذي يملك شيئا ذا قيمة ل يمكن أن‬
‫يكون في حالة اضطرار ‪.‬‬
‫‪ - 3‬افتراض موت الزوج الغائب أي الحكم بالفقد ل يصح إل في حالت السفر إلى ما وراء‬
‫البحار فقط ( ‪. ) 709‬‬
‫والظاهر أن الموقف الذي اتخذه نفاث وأربك إمام تاهرت وعماله أشد الرباك هو رأيه الذي‬
‫يتصل بالعلقة بين الباضية والولة الباضية أثناء حالة الكتمان ولعله بسبب هذا الموقف دعي‬
‫نفاث وأتباعه بالكتمانية ‪.‬‬

‫( ‪)1/232‬‬

‫ول معلومات لدينا عن أن نفاث أو أن أيا من أتباعه وضعوا أية أعمال لعرض وجهات نظرهم ‪.‬‬
‫والعمل الوحيد الباقي المعروف لنفاث هو رسالة قصيرة مخطوطة ‪ ،‬تحتوي على عدد من رسائل‬
‫متبادلة بين المراجع الباضية القديمة ( ‪ . ) 61‬وهذه الرسالة كتبها نفاث إلى أبي القاسم سدرات‬
‫بن الحسن البغطوري ( ‪ 333 - 163‬هـ ) أحد كبار العلماء في نفوسة (‪ . ) 62‬وهي تبين كيف‬
‫تصور نفاث المجتمع الباضي في نفوسة وقادته ‪ .‬وفيها يذكر نفاث أن معظم فتاوى الحكام لم‬
‫تكن صادرة عن علم صحيح ‪ ،‬لنهم ل يخافون ال ؛ أما سائر العلماء فقد قمعوا بسبب غرور‬
‫الحكام ‪ .‬ثم ختم رسالته بالكلمات التالية ‪ (( :‬نسأل ال أن يمنحنا الصبر الجميل ؛ فمن استطاع‬
‫الصبر فليصبر ‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه أن يكتم إيمانه وأن يبتعد عن الناس وشؤونهم )) ‪.‬‬
‫وحسب بعض العلماء ( ‪ ) 63‬فقد تخلى نفاث عن وجهات نظره وتاب بعد عودته من المشرق ‪،‬‬
‫غير أ‪،‬ه ل دليل يدعم هذا القول‪ .‬ومع أ‪ ،‬نفاثا انطلق بمعارضته للدولة الباضية من أسباب‬
‫سياسية ‪ ،‬كالنكار والخلفية تماما فإنه لم يتحول إلى العنف في معارضته ‪ .‬وآراؤه الفقهية‬
‫والشرعية رفضت بقوة من قبل عمروس بن فتح وزميله مهدي الويغوي ( ‪. ) 64‬‬
‫ولقد تأسست هذه المجمعات الخيرة في الصل لسباب سياسية ‪ .‬وواجهت المامة في تاهرت‬
‫معارضة سياسية في مناسبات مختلفة ‪ ،‬غير أن دراستنا هنا في هذا الفصل معنية فقط بتلك التي‬
‫طورت آراءها الكلمية والفقهية ‪.‬‬
‫أما المجموعات التالية فكانت لها آراء كلمية وفقهية مغايرة آراء الحركة الباضية الصلية ‪،‬‬
‫غير أنها لم تتدخل في النشاطات السياسية ‪.‬‬
‫‪ - 6 - 5‬الحسينية والعميرية ‪:‬‬

‫( ‪)1/233‬‬

‫الحسينية هم أتباع أحمد بن الحسين الطرابلسي بن أبي زياد ( ‪ . ) 65‬ووفقا للشيخ محمد بن‬
‫يوسف اطفيش ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فإن ‪ :‬ابن الحسين هو من طرابلس الشام إل أ‪،‬ه ل دليل يؤيد هذا‬
‫القول ‪ .‬هنالك من ناحية أخرى دليل قوي على أ‪ ،‬ابن الحين من طرابلس في ليبيا ‪ ،‬لن أتباعه‬
‫كانوا هناك ؛ يضاف إلى ذلك أنه لم تكن في سوريا أية مجموعات إباضية في أي وقت ‪ .‬إن أقدم‬
‫مصدر إباضي ذكر ابن الحسين هو كتاب ابن سلم ؛ وعند كلمه عن علماء الباضية في‬
‫المغرب قال ابن سلم ‪ (( :‬وفي مدينة طرابلس عمار وأخوه الحسن بن أحمد بن الحسين‬
‫الطرابلسي بن أبي زياد ‪ .‬لقيته في أجدابية بعد سنة ستين ومائتين منصرفا من الحج )) ‪ .‬ثم‬
‫أضاف بعد ذلك ‪ (( :‬وابن الحسين أحمد وشيعته وأصحابه يتناولون في مسائلهم القياس )) ( ‪) 66‬‬
‫‪ .‬والواضح في هذه العبارة المقتطفة أن ابن الحسين هو من العلماء الباضيين في طرابلس ‪ ،‬ليبيا‬
‫‪ -‬وإنه عاش حتى نهاية القرن الثالث للهجرة ‪.‬‬
‫ووفقا للشماخي ‪ ،‬فإن أحمد بن الحسين وابن عمار يأخذان مسائل القياس وأخذا بقول عيسى عمير‬
‫في الكلم وبقول ابن علية في الفقه ( ‪ . ) 67‬وروى الشماخي أيضا أنه رأى عددا من الكتب‬
‫مكتوبة من قبل ابن الحسين ‪ ،‬وأضاف أن أفضلها جميعا هو (( كتاب المقالت )) في الكلم ‪ ،‬و‬
‫(( كتاب المختصر )) في الفقه ( ‪ . ) 68‬على أنه من سوء الحظ أن هذين الكتابين غير موجودين‬
‫حاليا ‪ .‬وآخر مؤلف ذكر وجودهما هو الشماخي في العبارة المقتطفة أعله ‪ .‬ويورى أن كتب ابن‬
‫الحسين كانت ل تزال موجودة في وارجلن في بداية القرن الهجرة الرابع ( ‪ . ) 69‬ومن‬
‫المؤلفين الباصيين في نفوسة ‪ ،‬ممن نقلوا عن (( كتاب المقالت )) أبو طاهر إسماعيل بن‬
‫موسى الجيطالي في كتابه (( قواعد السلم )) ( ‪. ) 70‬‬

‫( ‪)1/234‬‬

‫ويروى عن أحد أقدم علماء الباضيين أنه قال ‪ (( :‬لول عمروس بن فتح وأفلح بن عبد الوهاب‬
‫اللذان رفضا آراء نفاث بن نصر وأحمد بن الحسين ‪ ،‬لتبعتهم المذاهب )) ( ‪. )71‬‬
‫إن غالبية المصادر التي تعالج هذا الموضوع تتناول الحسينية والعميرية معا ‪ .‬وقد نظر ابن‬
‫الصغير المالكي إلى الحسينية باعتبارها استمرارية للعميرية ‪ ،‬أتباع عيسى بن عمير ( ‪. )72‬‬
‫وهذا رأي يؤيده أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي الذي عرض آراء المجموعتين معا (‪. )73‬‬
‫كما يؤيده الشماخي الذي ذكر أن ابن الحسين تبنى نظرة ابن عمير الكلمية ( ‪ . ) 74‬ووفقا لبي‬
‫زكريا ‪ ،‬فإن العميرية فئة مستقلة منذ البداية ‪ ،‬ول علقة لها بالمذهب الباضي ‪ ،‬ولو أنهم يدعون‬
‫أنهم إباضيون (‪ . ) 75‬كذلك ذكر أنهم كثيرا ما يسندون مذهبهم إلى عبد ال بن مسعود ‪ ،‬أحد‬
‫صحابة النبي عليه السلم ( ‪ . ) 76‬أما بالنسبة لعيسى بن عمير فل نعرف عنه الكثير ‪ ،‬وقد ذكر‬
‫الشماخي أن خلفه مع شيوخ الباصية وقع في زمن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة في زمن عبد‬
‫ال بن يزيد ( ‪. ) 77‬‬
‫وفيما يلي وجهات النظر التي اختلفت فيها المجموعتان عن الحركة الباضية في الساس ( ‪) 78‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ - 1‬من أنكر ما سوى ال فليس بمشرك ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يسع جهل معرفة محمد عليه السلم وليس على الناس إل معرفة المعبر عنه هكذا !‬
‫‪ - 3‬المتأولون المخطئون مشركون ‪.‬‬
‫‪ - 4‬حجة ال تنال بالتفكر ‪.‬‬
‫‪ - 5‬لم يأمر ال المشركين بغير التوحيد ‪ ،‬ولم يمنعهم عن أي شيء غير الشرك ‪ .‬فإذا ما آمنوا‬
‫به لزمهم جميع الفرائض ونهوا عن جميع المعاصي ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الحب ‪ ،‬والرضا ‪ ،‬والولية ‪ ،‬والبراءة والبغض والسخط هي أفعال ل ‪ ،‬ل صفات ‪.‬‬
‫‪ - 7‬اليهود منافقون ‪ ،‬والمسلمون المتأولون تأويل خاطئا مشركون ‪.‬‬
‫‪ - 8‬كل رسول يبعث به ال بعلمة خاصة ‪ ،‬يعرف بها ويميز بها عن الخرين ‪.‬‬
‫‪ - 9‬الحرام المجهول العين معاقب عليه ‪.‬‬
‫‪ - 10‬الحرام المجهول العين مباح ما لم يثبت تحريمه بالفعل ‪.‬‬

‫( ‪)1/235‬‬
‫‪ - 11‬يجوز الزنى وأخذ أموال الناس لمن أكره على ذلك تقية ثم يغرمها فيما بعد ‪.‬‬
‫وباستثناء النقاط المذكورة أعله ‪ ،‬هنالك خمس نقاط أخرى طورها أحمد بن الحسين وقال بها ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬الحسنة الكبرى بين الناس تقوم على الستطاعة ‪ ،‬وعلى القيام باللتزامات الدينية فقط ل على‬
‫الذكاء ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬خوف الرسول من ال هو خوف إجلل ل خوف عقاب ‪.‬‬
‫‪ ) 3‬إن سكان الجنة يعيشون في خوف أبدي ‪ ،‬ورجاء أبدي ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬الجسام الميتة تستهلكها الرض ‪ ،‬إل العصعص ‪ ،‬ومنه تخلق من جديد ‪.‬‬
‫‪ ) 5‬الولية والبراءة شريطة التقيد بشروط معينة شرعيتان ‪.‬‬
‫وكانت مجموعة الحسينية موجودة في القسم الشرقي من جبل نفوسة ؛ ثم استمالهم أبو يحيى‬
‫زكريا بن إبراهيم الباروني إلى المذهب الوهبي ( ‪. ) 79‬‬
‫‪ - 7‬السكاكية ‪:‬‬
‫إن أتباع عبد ال السكاك ‪ ،‬الصائغ ‪ ،‬هم من البربر من قبيلة لواته ( ‪ . ) 80‬عاش في قنطرة في‬
‫جنوبي تونس ؛ واختلف تفكيره عن بقية الباضية حول سبع نقاط ( ‪. ) 81‬‬
‫‪ - 1‬أبطل السنة ورأي المسلمين ‪ ،‬وأن ال تعالى أغنى بكتابه أهل العقول عن غيره ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الصلة في الجماعة بدعة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الذان بدعة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ل تجوز الصلة بثوب فيه قمل ‪.‬‬
‫‪ - 5‬ل تجوز الصلة بشيء من القرآن إل ما عرف معناه وتفسيره ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الحبوب إذا بالت فيها الدواب التي تدرس نجسه ‪ ،‬والقمح ل يطهر إل بالغسل ‪ ،‬والخضار‬
‫من بساتين يستعمل لها الروث نجسه ‪.‬‬
‫واجهت هذه المجموعة معارضة قوية من علماء الباضية ‪ ،‬كما أن أتباعها كانوا معتبرين‬
‫مشركين ‪ .‬ويروى أن الباضيين يدفنون موتى المسلمين غير الباضيين على الطريقة السلمية ‪،‬‬
‫لكن هذه المجموعة تجرهم إلى الحفر جرا ( ‪ . )82‬على أن آراء هذه المجموعة لم تنتشر خارج‬
‫قنطرة ‪ ،‬ثم تلشت كليا في نهاية القرن الخامس للهجرة ( ‪. )83‬‬
‫‪ - 8‬الفرثية ‪:‬‬

‫( ‪)1/236‬‬

‫وكالسكاكية ‪ ،‬كان الخلف بين هذه المجموعة والمذهب الوهبي حول النقاط الشرعية بالدرجة‬
‫الولى ‪ .‬وقد تأسست على يدي أبي ليسمان يعقوب بن محمد بن أفلح ‪ ،‬ابن إمام تاهرت الباضي‬
‫‪ .‬كان يعيش في وارجلن مع والده ‪ ،‬وكان والده يحذر الباضيين من ابنه ويقول لهم إنه درس‬
‫من ديوان أحمد بن الحسين ( ‪. ) 84‬‬
‫وبعد موت والده ‪ ،‬أخذ أبو سليمان الطريقة بإصدار الحكام الشرعية وحدد نقاط معينة ‪ ،‬كان فيها‬
‫على خلف مع المذهب الباضي ( ‪. ) 85‬‬
‫‪ - 1‬نجاسة ( الفرث ) والطعام الذي يعطي فيه الفرث نجس ‪ .‬وبسبب هذا الرأي نالت هذه‬
‫المجموعة اسمها الفرثية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬نجاسة الدماء في عروق الحيوان المذبوح حتى بعد غسل المذبح ‪ .‬وكذلك دم الحشاء ‪.‬‬
‫‪ - 3‬نجاسة عرق المرأة وهي في الحيض ‪ ،‬وعرق الجنب من الرجال والنساء ‪.‬‬
‫‪ - 4‬تحريم الجنين بعد ذبح أمه ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الزكاة ل تدفع إل للقارب ‪.‬‬
‫وكانت هذه الفئة تواجه معارضة قوية من علماء الوهبية ‪ .‬وتوفي مؤسسها بعد أن بنى أتباعها‬
‫المساجد في وارجلن وتال ( ‪ . ) 86‬وفي أية حال ‪ ،‬كانت هذه الفئة قد تلشت كليا في نهاية‬
‫القرن السادس للهجرة ( ‪. ) 87‬‬
‫يبدو من الدراسة السابقة أن المجموعة الباصية الهم بعد والوهبية هي النكار ‪ .‬والفئات الخرى‬
‫لم تدم طويل ‪ ،‬فيما بقيت فئة النكار موجودة حتى بداية القرن الحالي في جزيرة جربة وفي‬
‫زواره في ليبيا ‪.‬‬
‫والعلقة التاريخية بين الفئتين هي علقة بغض وعداء ‪ ،‬حتى أن الحروب كانت تقع بينهما ‪ ،‬ولو‬
‫أنهما حاولتا في بعض الحالت أن تعيشا معا في سلم ‪.‬‬
‫هذه هي الفئات الباضية التي عرفها المؤلفون الباضيون ‪ ،‬ولكن مصادر غير إباضية تذكر فئات‬
‫أخرى ( ‪ )88‬لم تكن معروفة للمصادر الباضية الولى في شمالي إفريقيا ‪ .‬والمحتمل أنها فئات‬
‫تأسست في المرحلة الولى من الحركة في الشرق ثم تلشت في وقت باكر ‪.‬‬
‫============================================‬
‫( ‪ ) 1‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 116 ،‬‬

‫( ‪)1/237‬‬

‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 125 ،‬‬


‫( ‪ ) 3‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 7‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 65 - 60 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور‬
‫سابقا ‪ [ 27 - 25 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪. ] 26 - 24 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 229 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 242 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪.86 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬للمزيد من التفاصيل انظر تبغورين بن عيسى ‪ ،‬أصول الدين ‪. 50 - 45 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬الرقيق القيرواني ‪ ،‬تاريخ تحقيق الكعبي ‪. 173 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬ابن الصغير ‪ [ Chronique ، 16 ،‬ط ‪ .‬دار العرب السلمي ‪. ] 44 - 43 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬القلهاتي ‪ ،‬الكشف والبيان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 196 ،‬ب ‪ 197 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪ 325 / 10 ،‬؛ شرح العقيدة ‪ 115 ،‬؛ عبد ال بن يحيى الباروني ‪،‬‬
‫سلم العامة ‪. 12 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬موتيلنسكي ‪ "L'Aga da des abadites" :‬في ‪Recueil de memoires et de texts‬‬
‫‪ ، publie en honneur de XIVe Congres des Orientalistes‬الجزائر ‪505 ، 1905 ،‬‬
‫‪ 545 -‬؛ روبيناتشي ‪ ،‬ر ‪ "La profession di al-Gannawuni" :‬في ‪ ، .A.I.O.N‬في‬
‫‪. N.S. ، 14 ، ( 1964 ) ، 553 - 595‬‬
‫( ‪ ) 11‬كلمة (( أسماء )) هنا تشير إلى أسماء المجموعات المتعددة من الناس بالنسبة لموقفهم ‪:‬‬
‫هم مسلمون ‪ ،‬منافقون ‪ ،‬أو مشركون الخ ‪ ...‬ل إلى (( أسماء )) ال ‪.‬‬
‫( ‪ ) 12‬النعام ‪. 103 /‬‬
‫( ‪ ) 13‬الحجرات ‪. 9 /‬‬
‫( ‪ ) 14‬يونس ‪. 44 /‬‬
‫( ‪ ) 15‬الكلمة العربية هي (( العباد )) وتعني الناس بوجه عام بصرف النظر عما إذا كانوا‬
‫يؤمنون بال أو ل يؤمنون به ‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬هذه العبارة "‪ "Infidel ingrate‬اقترحها علي الستاذ المشرف سرجنت للعبارة العربية‬
‫(( كافر كفر نعمة )) التي تستعمل في الكتابات الباضية لمرتكبي الكبائر من المسلمين ‪.‬‬
‫( ‪ ) 17‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 105 - 104 ،‬‬
‫( ‪ ) 18‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 19‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 105 - 104 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 16 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 95 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 53 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪،‬‬
‫‪. ] 51‬‬

‫( ‪)1/238‬‬

‫( ‪ ) 21‬المصدر السابق ‪ 53 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 16 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 22‬المصدر السابق ‪ 16 ،‬أ ؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 53 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬أبو عمرو السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 53 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 25‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 16 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪. ] 95 ،‬‬
‫( ‪ ) 26‬القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 27‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 280 ،‬؛ سوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 53 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬المسعودي ‪ ،‬مروج الذهب ‪ 137 / 2‬؛ ابن جزم ‪ ،‬الملل ‪. 112 / 2‬‬
‫( ‪ ) 29‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪ 258 ،‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ [ 13 ،‬كتاب فيه بدء السلم ‪،‬‬
‫‪. ] 72‬‬
‫( ‪ ) 30‬مخطوطة هذا الكتاب هي في حوزة عياد العزابي في زواره ‪ ،‬ليبيا ؛ وقد تلطف بإعارتي‬
‫المخطوطة لستخدامها لهذه الدراسة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 31‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 66 ،‬أ ؛ السوفي ‪ ،‬الفرق ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3 - 2‬‬
‫( ‪ ) 32‬السوفي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 34‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 15 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 92 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور سابقا ‪. 50 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬المصدر السابق ‪ 55 - 53 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 16 ،‬أ ‪ 17 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 36‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 51 ،‬أ ؛ أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكرو سابقا ‪ 15 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 37‬نص رد العلماء الباضيين في البصرة منقول في (( سير )) أبي زكريا ‪ 15 ،‬ب ‪ 16 -‬أ‬
‫؛ والدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 52 - 51 ،‬؛ والشماخي ‪ ،‬سير ‪. 147 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬الحجة النكارية حول هذه النقطة موجودة في الديوان المعروض ن كتاب الممتنعين من‬
‫الحدود ‪ ،‬مخطوطة ‪. 8 - 6 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 57 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 135 ،‬‬
‫( ‪ )40‬المصدر السابق ‪ 153 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 57 ،‬؛ وقد أعطى ابن الصفير‬
‫المالكي عرضا مغايرا للحرب بين عبد الوهاب وابن فندين وسببها ‪Chronique sur les‬‬
‫‪ [ Imama Rostemides ، 17 - 20‬ط ‪ .‬دار الغرب السلمي ‪ 43 ،‬وما يليها ] ‪.‬‬

‫( ‪)1/239‬‬

‫( ‪ ) 41‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 40 ،‬ب [ ‪ ] 184‬؛ ليفتسكي ‪ ،‬مادة (( حلقة )) في الموسوعة‬


‫السلمي ‪ ،‬ط ‪. 2 .‬‬
‫( ‪ ) 42‬لثورة ابن كيداد ‪ ،‬انظر ابن عذاري ‪ ،‬البيان المغرب ‪ 220 - 216 / 1 ،‬؛ أبو زكريا ‪،‬‬
‫سير ‪ 38 ،‬أ ‪ 40 -‬ب [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 178 - 168 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 105 - 97 ،‬ط ‪.‬‬
‫طلي ‪ ] 102 - 96 ،‬؛ إس ‪ .‬أم ‪ .‬ستيرن ‪ ،‬مادة أبو يزيد النكاري ‪ ،‬الموسوعة السلمي ‪ ،‬ط ‪.‬‬
‫‪ 2‬؛ ‪. 164 - 163‬‬
‫( ‪ ) 43‬للمزيد من التفاصيل انظر لسان الدين الخطيب أعمال العلم فيمن بويع قبل الحتلم ‪( ،‬‬
‫تحقيق إي ‪ .‬ليفي بروفنسال ‪ ،‬بيروت ‪. ) 1956 ،‬‬
‫( ‪ ) 44‬ابن حزم ‪ ،‬المل ‪ . 189 / 4‬وقد بدأت التصالت بين النكار والمويين في الندلس سنة‬
‫‪ 333‬هـ ‪ .‬بعد أن فتح أبو يزيد القيروان ‪ ( ،‬ابن عذاري ‪ ،‬بيان ‪ . ) 13 - 212 / 2 ،‬وفي‬
‫وقت لحق ‪ ،‬في سنة ‪ 381‬هـ ‪ ،‬اضطر النكار من قبيلة زناتة من البربر ‪ ،‬أمام أعدائهم من بني‬
‫صنهاجة على أن ينتقلوا إلى الندلس ‪ .‬ورحب ابن أبي عامر بالنكار ومنحهم حق اللجوء ‪ ،‬ثم‬
‫عزز جيشه برجالهم ‪ ( .‬ابن عذاري ‪ ،‬بيان ‪ 94 - 293 / 2 ،‬؛ ابن حيان القرطبي ‪ (( ،‬المقتبس‬
‫في أخبار الندلس )) ( تحقيق الحجي ‪ ،‬بيروت ‪. 194 - 191 ، ) 1965 ،‬‬
‫( ‪ ) 45‬نشرت هذه الرسالة مع العمال الباضية الخرى ‪ .‬ول يظهر المكان أو التاريخ على‬
‫نسختي ‪ .‬واستخدم مخطوطة الرسالة التي بحوزتي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 46‬المخطوطة بحوزة الشيخ سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 47‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 14 ،‬ب ‪ 15 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 48‬السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 56 ،‬‬
‫( ‪ ) 49‬إن نظرة النكار المعروضة هنا جمعتها من المصادر التالية ‪ :‬أبو عمرو عثمان بن خليفة‬
‫السوفي ‪ ،‬الفرق ‪ 56 - 53 ،‬؛ سؤالت ‪ ،‬محطوطة ‪ 302 ، 232 ، 259 ، 164 ، 53 ، 41 ،‬؛‬
‫أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 15 ،‬أ ويليها [ ط ‪ .‬أيوب ‪ 95 ،‬وما يليها ] ‪ .‬أبو عمار عبد الكافي ‪ ،‬الموجز ‪،‬‬
‫مخطوطة ‪ 79 ، 11‬وما يليها ‪ .‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 154 - 146 ،‬؛ الباروني ‪ ،‬الزهار‬
‫الرياضية ‪ 99 ،‬وما يليها‪.‬‬

‫( ‪)1/240‬‬

‫( ‪ ) 50‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 70 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ 68 ،‬وما يليها ] ‪.‬‬


‫( ‪ ) 51‬المصدر السابق ‪ 69 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 24 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪. ] 120 ،‬‬
‫( ‪ ) 52‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 25 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 122 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور سابقا ‪. 72 - 71 ،‬‬
‫( ‪ ) 53‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 54‬السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 58 - 57 ،‬‬
‫( ‪ ) 55‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 224 ، 183 ،‬؛ الباروني ‪ ،‬أزهار ‪. 167 ،‬‬
‫( ‪ ) 56‬البغطوري ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 127 - 124‬‬
‫( ‪ ) 57‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 196 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 58‬المصدر السابق ‪. 225 - 224‬‬
‫( ‪ ) 59‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 88 ،‬‬
‫( ‪ ) 60‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 546 ،‬‬
‫( ‪ ) 61‬المصدر السابق ‪. 547 - 546 ،‬‬
‫( ‪ ) 62‬إن شكل هذا السم كما هو في المخطوطة هو نفاث وقد استعمل العلمة الباضي سليمان‬
‫الباروني هذا الشكل في عمله (( الزهار الرياضية )) ( ص ‪ ) 210 - 195‬وبحسب مصادر‬
‫قديمة أن اسمه فرج ولقبه المام أفلح بالنفاث لنه كان يوحي للناس بالفكار الفاسدة ‪ .‬ولذلك يجب‬
‫أن يكتب (( نفاث )) من الكلمة نفث ‪.‬‬
‫( ‪ ) 63‬السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 56 ،‬‬
‫( ‪ ) 64‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 29 ،‬ب [ ط ‪ .‬أيوب ‪. ] 136 ،‬‬
‫( ‪ ) 65‬المصدر أعله ‪ :‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 79 ،‬‬
‫( ‪ ) 66‬المصدر أعله ‪.‬‬
‫( ‪ ) 67‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 30 ،‬أ ؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 80 ،‬‬
‫( ‪ ) 68‬الباروني ‪ ،‬الزهار ‪ . 205 - 204 ،‬ومراسله أفلح بالنسبة لنفاث منقولة على ص ‪199‬‬
‫‪ . 205 -‬والكلمة أساقفة ( مفردها أسقف ) تعبير عن رتبة معينة في الرهبنة المسيحية ‪ ،‬ولعلها‬
‫استخدمت هنا لنها كانت ل تزال مستخدمة بين بربر نفوسة الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل‬
‫السلم‪.‬‬
‫( ‪ ) 69‬السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 57 ،‬‬
‫( ‪ ) 70‬المصدر السابق ‪.‬‬

‫( ‪)1/241‬‬

‫( ‪ ) 71‬القاعدة في هذه الحالة ‪ ،‬كما هو متفق عليه ‪ ،‬بين العلماء الباضيين ‪ ،‬هي أن الشقاء‬
‫والشقيقات من جهة الب يرقون حين ل يوجد أشقاء أو شقيقات كاملون للحيلولة دون ذلك ‪.‬‬
‫والبناء والبنات للشقاء الكاملين ل يرثون مع الشقاء والشقيقات لجهة الب ‪ .‬انظر السوفي ‪:‬‬
‫مختصر الفرائض ‪ 8 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬الفرائض ‪ ،‬مخطوطة ‪ 4‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 72‬لهذه الراء عند نفاث ‪ ،‬انظر السوفي ‪ ،‬الفرق ‪ 57 - 56 ،‬؛ أبا زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور‬
‫سابقا ‪ 30 ،‬أ ‪ -‬ب ؛ البغطوري ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 97‬؛ الباروني ‪ ،‬الزهار ‪. 196 - 195 ،‬‬
‫( ‪ ) 73‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب في ) ‪J.S.S. ، ( 15‬‬
‫‪. ، 1 / 65‬‬
‫( ‪ ) 74‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 235 ،‬‬
‫( ‪ ) 75‬الباروني ‪ ،‬الزهار ‪. 210 ،‬‬
‫( ‪ ) 76‬البغطوري ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 97 ،‬‬
‫( ‪ ) 77‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 60‬كتاب فيه بدء السلم ‪. ] 135 - 134 ،‬‬
‫( ‪ ) 78‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 79‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 262 ،‬‬
‫( ‪ ) 80‬المصدر السابق ‪. 366 ،‬‬
‫( ‪ )81‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪ ،‬مخطوطة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 82‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 262 ،‬‬
‫( ‪ ) 83‬ابن الصغير ‪ [ Chronique ، 16 ،‬ط ‪ .‬دار الغرب السلمي ‪. ] 44 ،‬‬
‫( ‪ ) 84‬السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 58 ،‬‬
‫( ‪ ) 85‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكرو سابقا ‪. 262 ،‬‬
‫( ‪ ) 86‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 14 ،‬ب [ ط ‪ .‬أيوب ‪. ] 91 ،‬‬
‫( ‪ ) 87‬المصدر السابق ‪ 14 ،‬ب ؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 49 ،‬ط ‪ .‬طري ‪. ] 47 ،‬‬
‫( ‪ ) 88‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكرو سابقا ‪. 105 ،‬‬
‫( ‪ ) 89‬السوفي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 59 - 58 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/242‬‬

‫كتابات الباضية في علم العقيدة‬


‫لقي علم العقيدة اهتمام كبيرا من الباضية ‪ .‬ولئن وضع القليل من العمال في المراحل الولى‬
‫من الحركة فإن الئمة الباضيين الولين لم يعارضوا هذا النوع من الدراسة ‪.‬‬
‫لم تكتب أية أعمال خاصة حول هذا الموضوع في زمن جابر بن زيد أو زمن أبي عبيدة مسلم ‪.‬‬
‫والوثائق الباقية عن القادة الباضية الولين كرسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان ‪،‬‬
‫و (( سيرة )) سالم بن ذكوان ‪ ،‬كانت تتعلق بالدرجة الولى بالتغيرات الجتماعية والسياسية التي‬
‫وقعت في المجتمع السلمي ‪ ،‬وبمواقف الباضية بالنسبة لها ‪ .‬غير أنها كانت تحتوي على بذور‬
‫الكلم الباضي حول بعض القضايا المحددة ‪ .‬ويروى أيضا أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫كتب ردودا على مسائل كلمية كانت توجه إليه من الباضية في شمالي إفريقيا ( ‪ ، ) 1‬غير أن‬
‫هذه الجوبة لم تكتشف حتى الن من قبل العلماء المعاصرين ‪.‬‬
‫بدأت العمال الخاصة حول الكلم تظهر بعد وقوع نزاعات بين الباضية حول قضايا محددة ‪.‬‬
‫وكان عبد ال بن يزيد الفزاري أول من تناول الموضوع بين إباضية المشرق ووضع عددا من‬
‫الكتب للتعبير عن آرائه ( ‪. ) 2‬‬
‫وأقدم عمل كتبه إباضيو شمالي إفريقيا هو (( كتاب التوحيد الكبير )) لعيسى بن علقمة المصري‬
‫‪ .‬والمعلومات عن هذا الكتاب محدودة جدا لكنه يبدو مما يتوفر منها أنه كتب للرد على آراء عبد‬
‫ال بن يزيد الفزاري ( ‪ . ) 3‬وعيسى بن علقمة وصفه أبو عمار عبد الكافي كأحد علماء الكلم‬
‫الباضية وأضاف أنه رفض بصورة مقنعة آراء القائلين بأن أسماء ال وصفاته مخلوقة ( ‪. ) 4‬‬

‫( ‪)1/243‬‬

‫ومع أن إباضي شمالي إفريقيا واجهوا معارضة قوية من الفرق المنشقة المجاورة ‪ ،‬أي المعتزلة‬
‫أثناء إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ( ‪ 190 - 168‬هـ ) إلى حد أن المام أرغم‬
‫على طلب مساعدة من علماء جبل نفوسة لدحض آراء المعتزلة في تاهرت ( ‪ ) 5‬إل أنه ليست‬
‫لدينا معلومات عن أعمال خاصة كلمية مكتوبة من قبل إباضية شمالي إفريقيا في هذه الفترة ‪.‬‬
‫وفي أثناء إمامة أفلح بن عبد الوهاب ( ‪ 240 - 190‬هـ ) نشأت بين الباضية قضايا جدلية‬
‫جديدة في هذا الميدان كانت بحاجة إلى حسم ‪ .‬خلل هذه الفترة نشأت مجموعات الخلفية والنفاثية‬
‫والحسينية المذكورة آنفا ‪ ،‬وكان لبد من الرد على حججها ( ‪ . ) 6‬وبما أن هذه الفرق المنشقة قد‬
‫تكونت في مناطق حول جبل نفوسة ‪ ،‬فإن الفقهاء النفوسيين أخذوا على عاتقهم عبء مناقشة ما‬
‫قالته هذه الفرق وإثبات بطلنه ( ‪ . ) 7‬ومن العمال الباقية التي وضعت في هذه الفترة ‪،‬‬
‫رسالتان قصيرتان لعمروس بن فتح هما‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬الدينونة الصافية ‪،‬‬
‫( ‪ ) 2‬والرد على الناكثة وأحمد بن الحسين ( ‪ . ) 8‬وهنالك عملن آخران كانا معروفين بصورة‬
‫جيدة جدا في تلك الفترة وكلهما حول الفقه ‪ ،‬كتبها عبد الخالق الفزاني ‪ .‬على أنه مما يؤسف له‬
‫أن العملين ل يزالن مفقودين ( ‪. ) 9‬‬
‫وبين فقهاء المجموعات الباضية الخرى ‪ ،‬كان أحمد بن الحسين الوحيد الذي كتب كتابا حول‬
‫الفقه عنوانه (( كتاب المقالت )) ( ‪ . ) 10‬وفي أثناء إمامته ( ‪ 281 - 240‬هـ ) كتب أبو‬
‫اليقظان محمد بن أفلح رسالته عن خلق القرآن ( ‪ . ) 11‬ويروى أنه كان فقيها كبيرا ‪ ،‬كتب‬
‫أربعين كتابا في موضوع (( الستطاعة )) فقط ‪ ،‬بالضافة إلى عدد من الرسائل والردود ( ‪) 12‬‬
‫‪.‬‬

‫( ‪)1/244‬‬

‫ول يعرف هل كتبت أعمال أخرى بعد هذه الفترة حتى زمن أبي خزر يغلي بن زلتاف ( ت ‪380‬‬
‫هـ ) الذي ألف كتابه المعروف (( بكتاب أبي خزر يغلي بن زلتاف )) ( ‪ ، ) 13‬ردا على أسئلة‬
‫موجهة إليه من بعض علماء الباضية بعد أن استقر في صر ( ‪. ) 14‬‬
‫وهنالك يخص معاصر وتلميذ لبي خزر هو أبو نوح سعيد بن زنغيل قدم إسهامات في هذا‬
‫الميدان وكتابه معروف في المصادر الباضية (( بكتاب سعيد بن زنغيل )) ‪ .‬إل أن هذا الكتاب‬
‫ل يزال مفقودا ( ‪ ) 15‬؛ على أنه من مقتطفات البرادي في تعليقه على قصيدة أبي بكر أحمد بن‬
‫النظر العماني ‪ (( ،‬شفاء الحائم في شرح بعض الدعائم )) ‪ ،‬يبدو أن كتاب ابن زنغيل عالج‬
‫المسائل الكلمية المركزية مثل (( ما ل يسع جهله من الدين )) ‪ ،‬الرؤية ‪ ،‬والستطاعة ‪ ،‬وخلق‬
‫القرآن ‪ .‬و(( الكلم ال )) الخ ( ‪. ) 16‬وقد لعب العالمان أبو خزر وأبو نوح معا دورا فعال في‬
‫المحاولة الخيرة لحياء المامة الباضية في شمالي إفريقيا ( ‪. ) 17‬‬

‫( ‪)1/245‬‬

‫وفي فترات لحقة جرت إسهامات إضافية في هذا الميدان ‪ .‬فقد بذل اهتمام كبير بالكلم التأملي‬
‫وكتب في ذلك عدد ملحوظ من العمال الهامة ‪ ،‬وذلك بتحريض من العالم الباضي أبي محمد‬
‫عبد ال بن محمد بن بكر ( ت ‪ 440‬هـ ) بالدرجة الولى ‪ .‬وهو في الصل من فرسطاء في‬
‫جبل نفوسة ‪ .‬انتقل إلى أجلو في جنوبي الجزائر وشكل مجالس الحلقة والعزابة ( ‪ . ) 18‬ودأب‬
‫على تشجيع طلبه لدارسة الكلم ‪ .‬ومع أنه ل وجود لمؤلفات كاملة تنسب إليه في الكلم ‪ ،‬فإن‬
‫بعض آرائه ترد في (( كتاب التحف )) لتمليذه سليمان بن يخلف ‪ .‬لقد بدأ أبو الربيع سليمان بن‬
‫يخلف تعليم الكلم في جربة حيث كان يدرس الفقه مع أبي محمد وسلن ‪ .‬واجتمع حوله عدد‬
‫كبير من الطلبة الباضيين من أنحاء مختلفة من بلدان شمالي إفريقيا الباضية ‪ ،‬لدارسة الفقه ‪.‬‬
‫وبعد العام ‪ 450‬هـ طلب منه تلمذته أن يكتب كتابا في الكلم ‪ .‬تردد في البداية لكنه عاد فوافق‬
‫على رغبتهم وأذن لهم بتسجيل محاضراته التي عاد فنقحها في وقت لحق ووافق عليها ( ‪. ) 19‬‬
‫واتخذ هذا العمل شكل كتاب مفصل من مجلدين ‪ ،‬وعرف باسم (( كتاب التحف )) ( ‪. ) 20‬‬
‫وبمقارنة هذا الكتاب بأعمال سابقة باقية ‪ ،‬نجد أنه العمل الكثر شمول ‪ ،‬وهو يحتوي على نقاش‬
‫مفصل للموضوعات التالية ‪:‬‬

‫( ‪)1/246‬‬

‫القسم الول ‪ :‬ما ل يسع جهله من الدين ؛ الولية والبراءة ؛ المر والنهي ؛ كلم ال ؛ اليمان‬
‫والكفر ؛ إباحة الطيبات وتحريم الخبائث ؛ العلم والجهل ؛ والنبوة والرسالة ؛ الحرام المجهول‬
‫العين ؛ الرأي ‪ ،‬ومتى يكون شرعيا ؛ براهين على وجود العالم الخر ؛ مسالك الدين ؛ اعتبار‬
‫المسلمين المعارضين مشركين و فساقا ؛ الخلود في جهنم ؛ الرؤية ؛ رأي الباضيين في أهل‬
‫النهر ؛ القدر ؛ أسماء ال وصفاته ؛ نصرة ال وعداوته ؛ المباشرة المحرمة في ما دون الفرج ؛‬
‫القضية غير المبتوتة بخصوص المسلمين المتهمين بقتل كل منهما للخر ؛ الدليل على ال ؛‬
‫المامة ؛ صلة الجمعة ؛ عطايا الحكام ؛ العون والعصمة ؛ مناقشة عقيدة ابن الحسين حول المر‬
‫والنهي بالنسبة للمشركين ‪ .‬والموضوعات الحدى عشرة الخيرة هي المسائل التي اختلف‬
‫الباضية الوهبية عن بقية الفئات الباضية ‪.‬‬
‫وفي القسم الثاني نوقشت الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫وجوب التوبة ؛ الفرائض ؛ الهجرة ؛ الموقف من المرتد ؛ شهادة المسلمين المنشقين ؛ حكمة ال ؛‬
‫الجوهر والعرض ؛ المشاعر ؛ الصفات ؛ الحواس ؛ وأخيرا وحدانية ال ورفض التشبيه‬
‫والمساواة بين الشياء وال ‪.‬‬
‫وتدل محتويات الكتاب على أنه مصمم لتغطية جميع الموضوعات الكلمية المعروفة ومناقشة‬
‫آراء المخالفين من المجموعات الخرى كالقدرية ‪ ،‬والمرجئة ‪ ،‬والصفرية ‪ ،‬والحشوية بالضافة‬
‫إلى آراء الفرق الباضية الخرى المنشقة ‪.‬‬
‫وفيما يلي لئحة بالعمال التي أسهم بها طلب أبي الربيع ‪:‬‬
‫‪ (( - 1‬مسائل التوحيد )) لبي العباس أحمد بن محمد بن بكر ( ت ‪ 504‬هـ ) ( ‪. ) 21‬‬
‫‪ (( - 2‬كتاب أصول الدين )) لتبغورين بن داود عيسى الملشوطي ( عاش في النصف الثاني من‬
‫القرن الهجري الخامس ) ( ‪. ) 22‬‬

‫( ‪)1/247‬‬

‫‪ - 3‬والعمل الثالث كتبه أيضا تبغورين بن داود بن عيسى وهو يعرف (( بكتاب الجهالت )) ‪.‬‬
‫وفي هذا الكتاب يضع المؤلف السئلة عن مختلف المسائل الكلمية الخاضعة للنقاش ويجيب عنها‬
‫تباعا ‪ .‬ويروى أن السئلة حول النسان ‪ ،‬والتمييز بين الكفر والشرك ‪ ،‬والدلئل ‪ ،‬وأضيف إلى‬
‫النص بواسطة أبي إسماعيل إبراهيم بن ملل ( ‪ ، ) 23‬أما مؤلف (( شرح الجهالت )) ‪ ،‬أبو‬
‫عمار عبد الكافي ‪ ،‬فيقول أن الضافات تنسب إلى عدد من الشيوخ ‪ ،‬غير أنه ليس بواثق ممن‬
‫أضافها بالفعل ( ‪. ) 24‬‬
‫بعد هذه المرحلة ‪ ،‬راح علم الكلم المدرسي يجذب انتباه عدد من كبار العلماء الباضيين في‬
‫شمالي إفريقيا ‪ .‬وظهرت مجموعة من الفقهاء في مجتمع وارجلن الباضي والمناطق المحيطة‬
‫به وترك كل منهم أعمال هامة ‪ .‬والواقع أن العمال التي وضعت في هذه الفترة بلغت درجة‬
‫عالية لم يتجاوزها العلماء الباضيون في شمالي إفريقيا في أي وقت آخر ‪.‬‬
‫وكان العالم البرز في هذه المجموعة هو أبو عمار عبد الكافي بن أبي يعقوب التناوتي ( النصف‬
‫الول من القرن السادس للهجرة ) ( ‪ . ) 25‬درس الفقه والكلم الباضيين على يدي مدرسة أبي‬
‫يحيى زكريا بن أبي بكر في وارجلن ‪ ،‬ثم قصد تونس حيث درس الدب العربي وقواعد‬
‫الصرف والنحو في جامع الزيتونه ( ‪. ) 26‬‬
‫كتب ثلثة كتب عن الفقه ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬شرح الجهالت ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬كتاب الموجز ‪.‬‬
‫‪ ) 3‬كتاب الستطاعة ‪.‬‬
‫ول يزال الكتاب الخير مفقودا ‪ .‬كذلك ألف كتابين آخرين مختصرين ‪ (( :‬مختصر في‬
‫الفرائض )) ؛ و (( مختصر طبقات المشايخ )) ( ‪ . ) 27‬ووضع بعض القواعد للحلقة ( ‪. ) 28‬‬
‫وهذا الفصل معنى فقط بأعماله العقدية ‪ .‬كتابه الول (( شرح الجهالت )) تعليق على (( كتاب‬
‫الجهالت )) للملشوطي وفي (( شرح الجهالت )) وسع أبو عمار الجابات التي أعطاها تبعورين‬
‫بن عيسى في (( الجهالت )) كمناقشات تفصيلية ‪ ،‬ناسبا الراء إلى مصادرها الصلية ومدعما‬
‫الراء الباضية بالمزيد من الثباتات ‪.‬‬

‫( ‪)1/248‬‬

‫ويمثل كتابه الثاني (( كتاب الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل‬
‫الخلف )) دراسة مفصلة للنظرة إلى العقائد الكلمية السلمية وغير السلمية ‪ .‬والكتاب مصمم‬
‫للدفاع عن الراء الباضية ورفض ما عداها ؛ة وهو ينقسم إلى قسمين ‪ :‬القسم الول ‪ :‬يتناول‬
‫آراء الملحدين بالدرجة الولى وهو مرتب كما يلي ‪:‬‬
‫الجزء الول ( ‪ ) 1‬الدهرية الذين يقولون بأدبية الدهر وخلود المادة وهو مقسم إلى ثلثة أبواب ‪-‬‬
‫المنجمين ‪ ،‬والطبيعيين ‪ ،‬والرسطوطاليسيين ‪.‬‬
‫والجزء الثاني ( ‪ ) 2‬عقيدة الثبوية التي تقول بأن النور والظلم هما المبدآن الخلفان المتساويان‬
‫الخالدان ( ‪ . ) 29‬وهو كذلك مقسوم إلى ثلثة أبواب ‪ -‬المانوية ‪ ،‬والديصانية ‪ ،‬والمزدكية ‪.‬‬
‫والجزء الثالث ‪ :‬الذين ينكرون رسالة الرسل ‪ ،‬وهو يتناول البراهمة ‪ ،‬والمجوس وأهل الكتاب ‪.‬‬
‫وقد شمل الكتاب هذه الفئة الخيرة لنكارها رسالة محمد ونبوته ‪ .‬والجزء الرابع ‪ :‬التشبيه ؛ ثم‬
‫يقسم المؤلف أنصار هذه العقيدة إلى ثلث مجموعات ويناقش كل مجموعة في فصل خاص ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أولئك الذين ينظرون إلى التشبيه كحقيقة طبيعية ويقولون أن ال جسم بالمعنى الحقيق الطبيعي‬
‫بشكل بشري ‪ ،‬ومن لحم ودم ‪ ،‬الخ ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أولئك الذين يدعون للتشبيه من غير الحقيقة الطبيعية المباشرة ‪ ،‬ويقولون بأن ال جسم ليس‬
‫كالجسام الخرى ‪ ،‬وهو نور ل يشبه النور المعروف الخ ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أولئك الذين يدخلون التفسيرات التشبيهية خطأ على العبارات القرآنية ‪.‬‬
‫والجزء الثاني من الكتاب مخصص لمناقشة عقيدة (( أهل القبلة أي المسلمين )) ‪ .‬ويرفض‬
‫المؤلف آراءهم الخاطئة أي الراء المناقضة لراء الباضية ‪ ،‬ويبرر موقف هؤلء الخيرين ‪ .‬ثم‬
‫أن آراء القدرية ‪ ،‬والمرجئة ‪ ،‬والخوارج ‪ ،‬والزارقة ‪ ،‬والصفرية ‪ ،‬ولمعتزلة ‪ ،‬والجبرية ‪،‬‬
‫والجهمية ‪ ،‬والحشوية ‪ ،‬بالضافة إلى المجموعات الباضية الخرى المنشقة ‪ ،‬تناقش في هذا‬
‫الكتاب حيث تختلف عن آراء الباضية الوهبية ‪.‬‬

‫( ‪)1/249‬‬

‫وفي هذا القسم تناول الموضوعات التالية ‪ ) 1 ( :‬القدرية ‪ ) 2 ( .‬الرادة اللهية ‪ ) 3 ( .‬العدل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اليمان ‪ ) 5 ( .‬الوعد والوعيد ‪ ) 6 ( .‬التسمية لهل الكبائر من أهل الملة ‪ ) 7 ( .‬خلق‬
‫القرآن ‪ ) 8 ( .‬البرهان حجة ال على الخلق ‪ ) 9 ( .‬الديانات الخرى غير السلم ‪) 10 ( .‬‬
‫أسماء ال ‪ ) 11 ( .‬نصرة ال وعداوته ‪ ) 12 ( .‬المرأة المأتية فيما دون الفرج ‪ ) 13 ( .‬المامة‬
‫‪ ) 14 ( .‬نقض رأي المعتزلة في سفك دماء عثمان ‪ ) 25 ( .‬نقض وجهة نظر الزيدية حول‬
‫مسألة التحكيم ‪ ) 16 ( .‬نقض قول النكار بشأن مسألة المام المفضول ‪ ) 17 ( .‬مشكلة الذين‬
‫يؤمنون بالقرآن ‪ ،‬لكنهم يخطئون التأويل‪.‬‬
‫والعلمة الثاني في هذه المجموعة هو أبو عمرو بن عثمان بن خليفة السوفي ‪ ،‬من واد سوف في‬
‫جنوبي الجزائر ‪ .‬عاش في النصف الول من القرن السادس للهجرة ( ‪ . ) 30‬وأهم عمل فقهي‬
‫له هو (( كتاب السؤالت )) ( ‪ . ) 31‬ووضع كذلك رسالة مختصرة حول الفرق السلمية ‪،‬‬
‫(( رسالة في بيان كل فرقة )) ‪ .‬وفي هذا العمل الخير عالج أبو عمرو الفرق الباضية بالدرجة‬
‫الولى وقدم عرضا موجزا لرائها ‪ ،‬على أنه ذكر كذلك فرقا إسلمية أخرى ‪.‬‬

‫( ‪)1/250‬‬

‫و (( كتاب السؤالت )) عمل كلمي كبير ؛ وهو خليط من تفسيرات أدبية لتعابير كلمية على‬
‫أساس القرآن ‪ ،‬والحديث ‪ ،‬والشعر العربي القديم ‪ .‬وهو عمل غني بالمعطيات حول اللغة العربية‬
‫بالضافة إلى الراء والعبارات الكلمية التي تستعمل في أوساط العلماء والطلب الباضيين ‪.‬‬
‫وهذا الكتاب الذي ينسب إليه هو في الواقع لردود على عدد كبير من السئلة رواها أبو عمرو‬
‫عن طلب أبي الربيع عن مدرسهم أبي الربيع سليمان بن يخلف ‪ .‬وقد أمله أبو يعقوب يوسف‬
‫بن محمد ودونه أبو عيسى بن عيسى النفوسي وراجعه طلب أبي عمرو ‪ ،‬وقوبل بالمراجع‬
‫الباضية والمصادر العربية الصلية ‪ .‬بعد ذلك روجع مرتين بواسطة أبي محمد عبد ال بن‬
‫سجميمان والعمز بن جنانون وأبي الفتوح أول ‪ ،‬ثم ورجع للمرة الخيرة بواسطة أبي نوح صالح‬
‫بن إبراهيم ( ‪ , ) 32‬ويحتوي الكتاب على أجوبة مفصلة ودقيقة لكثر من تسعين سؤال تغطي‬
‫موضوعات منها وحدانية ال ‪ ،‬وإظهار اليمان ‪ ،‬والولية والبراءة ‪ ،‬والمر والنهي ‪ ،‬وقضايا ل‬
‫يسع جهلها ‪ ،‬بالضافة إلى أصول الدين ‪ ،‬ومنها إبراز تسعة بنود في المذهب الباضي ( ‪. ) 33‬‬
‫والعلمة الثالث في هذه المجموعة هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني ( ت ‪ 570‬هـ )‬
‫‪ :‬درس في قرطبة في الندلس وأصبح أحد العلماء البارزين في عدد من مختلف ميادين المعرفة‬
‫( ‪. ) 34‬‬
‫وفي الفقه المدرسي ‪ ،‬كان إسهامه الرئيس كتابه المعروف باسم (( كتاب الدليل لهل العقول )) (‬
‫‪ ) 35‬وهو مؤلف م مدخل عام حول الفرق في المجتمع السلمي ‪ ،‬ثم من ثلثة أقسام كالتالي ‪:‬‬
‫في القسم الول أورد المؤلف البراهين على صحة مذهبه ‪ ،‬وناقش آراء الشعري حول الصفات ‪،‬‬
‫والوعد والوعيد ‪ ،‬وخلق القرآن ‪ .‬وفي هذا القسم أورد إجابات على سؤال موجه من عبد الوهاب‬
‫النصاري إلى أبي عمار الكافي الذي توفي قبل أن يتمكن من الرد عليه ‪.‬‬

‫( ‪)1/251‬‬

‫ويحتوي القسم الثاني على مناقشة موضوع (( ما ل يسع جهله )) في الدين ‪ .‬وبعد تفسير الراء‬
‫المروية حول هذا الموضوع عن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي ‪ ،‬انتقل المؤلف إلى مناقشة‬
‫الراء المتمايزة حول قضايا متعددة كما ارتآها عشرة أئمة إباضيين ‪ ،‬بالترتيب التالي ‪ :‬جابر بن‬
‫زيد ؛ وعزان بن الصقر ؛ لواب بن سلم ؛ الربيع بن حبيب ؛ أفلح بن عبد الوهاب ؛ عمروس‬
‫بن فتح ؛ أبو القاسم يزيد بن مخلد ؛ أبو خزر يغلي بن زلتاف ؛ محمد بن محبوب ‪ ،‬ومصالة بن‬
‫يحيى ؛ ثم ختم هذا القسم بدراسة موجزة عن المنطق ‪ ،‬وببعض الملحظات حول الحساب‬
‫والهندسة ‪.‬‬
‫ويتألف القسم الثالث من ستة ردود طويلة على أسئلة طرحت على المؤلف ‪ .‬الرد الول متعلق‬
‫بالسؤال عن رضى ال وسخطه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قبول علي بالتحكيم ؛ هل هو عائد إلى حوافز دينية أو دنيوية ؟‬
‫‪ - 3‬سؤال عن وعد ال بالستجابة للدعاء ؛ هل يتعلق ذلك بالمسلمين فقط أم ينطبق على الكفار‬
‫أيضا؟‬
‫‪ - 4‬رد يتصل بحديث مروي في كتاب زهر العيون لبن قتيبة ‪.‬‬
‫‪ - 5‬رد على سؤال ‪ :‬هل الصوت جسم ؟‬
‫‪ - 6‬وأخيرا رد على أهل جبل نفوسة حول الموضوعات الثلثة التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الولية والبراءة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطعن في إيمان الباضية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬صفات ال ‪.‬‬

‫( ‪)1/252‬‬

‫وبالضافة إلى هذا الكتاب ‪ ،‬دون المؤلف معلومات عن آراء ومحاجات فقهية في (( كتاب العدل‬
‫والنصاف في أصول الفقه والختلف )) له ‪ ،‬في ثلثة مجلدات ( ‪ . ) 36‬ومع أن هذا الكتاب‬
‫مخصص بالدرجة الولى لدراسة أصول الفقه ‪ ،‬فإن المؤلف عالج كذلك بعض المسائل الكلمية ‪.‬‬
‫ولعل مرد ذلك إلى أن هذا الكتاب كتب قبل (( كتاب الدليل )) ؛ ثم إنه أراد أن يكون واضحا‬
‫حول قضايا كلمية معينة ‪ ،‬عرضت آراؤه حولها في القسمين الول والثالث بالدرجة الولى ‪.‬‬
‫وفي القسم الول نقاش مفصل عن سؤال حول الدليل والدعوة لرسالة ال ( ‪ ) 37‬وعرض مفصل‬
‫في نقض آراء الباطنية ‪ ،‬غلة الشيعة والقرامطة ( ‪ . ) 38‬وفي القسم الثالث عرض تفصيلي‬
‫لراء الباضة حول اليمان ‪ ،‬والسلم ( ‪ . ) 39‬والكفر ‪ ،‬والنفاق ‪ ،‬والشرك ( ‪ ) 40‬والخروج (‬
‫‪ ، ) 41‬والبدع ( ‪. ) 42‬‬
‫=============================‬
‫( ‪ ) 1‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 546 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 46 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 192 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور سابقا ‪. 118 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬السوفي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 60 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 46 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪ 24 ،‬ب ؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 107 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬المصدر السابق ‪ 109 - 107 ،‬؛ السوفي ‪ ،‬الفرق ‪. 60 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪ 60 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 119 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬السوفي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 60 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬للمزيد من المعلومات عن هذه المجموعات انظر الشعري ‪ :‬مقالت السلميين ‪ (،‬تحقيق‬
‫ريتر ) ‪ 111 - 102‬؛ البغدادي ‪ ،‬الفرق ‪ 56 - 16 ،‬؛ الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ 184 - 180 ،‬؛‬
‫ابن حزم ‪ ،‬الفصل ‪. 192 - 188 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬الجيطالي ‪ ،‬سرح النونية ‪. 305 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬انظر السابق ‪. 261 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 122 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬أبو عمار عبد الكافي ‪ ،‬الموجز ‪. 99 / 2 ،‬‬

‫( ‪)1/253‬‬

‫( ‪ ) 15‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 19 ،‬أ [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 104 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬كبقات ‪ 59 ،‬وما يليها [ ط‬
‫‪ .‬طلي ‪. ] 57 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬انظر السابق ‪. 281 - 271 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ 97 ،‬؛ الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ ، 2‬انظر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 18‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب في ‪J.S.S. ( 15 ) ،‬‬
‫‪. 1 / 80 - 81‬‬
‫( ‪ ) 19‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 229 - 190 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬انظر السابق ‪. 278 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬هذه الرسالة موجودة في (( كتاب الجواهر )) للبرادي ص ‪. 201 - 182‬‬
‫( ‪ ) 22‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20‬‬
‫( ‪ ) 23‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب ‪ ،‬مصدر مذكور‬
‫سابقا ‪. 82 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬لسيرة أبي خزر ‪ ،‬انظر أبا زكريا ‪ ،‬سير ‪ 94 ،‬أ وما يليها [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ، 194 ،‬وما‬
‫بعدها ] ؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 143 - 119 ،‬؛ والشماخي ‪ ،‬سير ‪ 346 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 25‬انظر موتيلتسكي ‪ (( ،‬بيبليوغرافيا مزاب )) في ‪III, Bulletin de Correspondence‬‬
‫‪ ( ، Africaine‬الجزائر ‪ ، 24 ، ) 1885‬رقم ‪. 53‬‬
‫( ‪ ) 26‬البرادي ‪ ،‬شفاء الحائم ‪ ،‬مخطوطة ‪. 305 ، 298 ، 276 ، 181 ، 53 ، 48 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬انظر ملحوظة ‪. 257‬‬
‫( ‪ ) 28‬لسيرة أبي عبد ال محمد بن بكر أنظر أبا زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 56 ،‬أ ‪ 68 -‬أ [‬
‫ط ‪ .‬أيوب ‪ 320 ، 268 - 252 ،‬وما يليها ] ؛ الدرحيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪- 168 ،‬‬
‫‪ 188‬؛ الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 33 - 30‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 384 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 29‬أبو زكريا ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 68 ،‬أ وما يليها [ ط ‪ .‬أيوب ‪ ] 269 ،‬؛ الدرجيني ‪،‬‬
‫مصدر مذكور سابقا ‪ 193 - 190 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 412 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 30‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب ‪ ،‬مصدر مذكور‬
‫سابقا ‪. 73 - 72 ،‬‬
‫( ‪)1/254‬‬

‫( ‪ ) 31‬المصدر السابق ‪ . 73 ،‬لسيرة أحمد بن محمد بن بكر انظر الوسياني ‪ ،‬سير ‪34 - 33 ،‬‬
‫؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 411 - 408 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 446 - 442 ،‬؛ الشماخي ‪،‬‬
‫سير ‪. 25 - 423 ،‬‬
‫( ‪ ) 32‬انظر أدناه ‪ ،‬قسم ‪ ، 2‬رقم ‪ ، 2‬وهو أحد النصوص التي تم تحريرها كجزء من هذه‬
‫الطروحة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 33‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 27 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬أبو عمار ‪ ،‬شرح الجهالت ‪ 122 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 35‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 10 ،‬؛ أبو زكريا الباروني ‪ ،‬طبقات ‪. 15 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 446 - 442 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 491 - 485 ،‬؛‬
‫الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 428 - 427 ،‬؛ ‪. 443 - 441‬‬
‫( ‪ ) 37‬المصدر السابق ‪ 441 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 50 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب ‪ ،‬مصدر مذكور‬
‫سابقا ‪. 86 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬أبو الربيع سليمان بن يخلف ‪ ،‬سير ‪. 105 - 91 ،‬‬
‫( ‪ ، Sh ) 40‬الموسوعة السلمية ‪. 592 ،‬‬
‫( ‪ ) 41‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 9 ،‬؛ الباروني ‪ ،‬مصدر مذكرو سابقا ‪ . 15 ،‬ولسيرته‬
‫انظر الدرجيني مصدر مذكور سابقا ‪ [ 441 - 440 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 485 - 483 ،‬؛ الشماخي ‪،‬‬
‫مصدر مذكور سابقا ‪. 441 - 440 ،‬‬
‫( ‪ ) 42‬هنالك عدد من المخطوطات الموجودة من هذا العمل في نفوسة ‪ ،‬ومزاب وجربة ‪.‬‬
‫استخدم في هذه الدراسة مخطوطة علي ميلود المرساوني من رحيبات نفوسة ‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/255‬‬

‫تعليقات لحقة ‪ :‬موجز المراجع‬


‫في هذه المرحلة ‪ ،‬في الفترة الواقعة بين نهاية القرن الخامس والقرن الثامن للهجرة ‪ ،‬صاغ‬
‫الفقهاء الباضيون عددا من العقائد ؛ أربعا منها كتبها علماء من وسط شمالي إفريقيا ‪ ،‬أي جنوبي‬
‫الجزائر ‪ ،‬وجنوبي تونس وجزيرة جربة ‪ .‬وقد سبق أن ذكرنا اثنين من هذه العمال ‪ (( -‬مسائل‬
‫التوحيد )) لبي العباس أحمد بن محمد بن بكر ‪ ،‬و (( كتاب أصول الدين )) لتبغورين بن داود‬
‫بن عيسى الملشوطي ( ‪ ) 1‬والثالث ‪ -‬العقيدة ‪ -‬كتبه الشيخ أبو سهل يحيى بن إبراهيم بن سليمان‬
‫‪ ،‬من وارجلن ( القرن السادس للهجرة ) ( ‪ ، ) 2‬والرابع هو ترجمة إلى العربية من البربرية‬
‫بواسطة أبي حفص عمرو بن جميع ( القرن الثامن للهجرة ) ( ‪ . ) 3‬ومع أن الترجمة تمت خلل‬
‫القرن الثامن ‪ ،‬فالمعتقد أن النص الصلي بالبربرية كتب قبل ذلك ‪ ،‬ربما حوالي نهاية القرن‬
‫الخامس للهجرة ‪ .‬ويعتقد أنه موضوع من قبل بعض إفراد مجلس العزابة وهم الذين كتبوا أيضا‬
‫الكتاب المشهور حول الفقه الباضي ‪ ،‬والمعروف باسمهم ‪ (( ،‬ديوان العزابة )) ( ‪ . ) 4‬على أن‬
‫هذه العقيدة معروفة أيضا بعقيدة العزابة ‪ .‬إل أن الوصول إلى قرار حاسم حول هذه النقطة‬
‫مستحيل ‪.‬‬
‫وهنالك ثلثة أعمال أخرى مشابهة لعلماء من جبل نفوسة ‪ :‬أولها كتبه أبو زكريا ‪ ،‬يحيى بن‬
‫الخير بن أبي الخير الجناوني ( القرن السادس للهجرة ) ‪ ،‬وهو يعرف (( بعقيدة نفوسة )) ( ‪) 5‬‬
‫‪ .‬وثانيها شعر ألفه أبو نصر فتح بن نوح الملوشاتي من تملوشايت ( ‪ ، ) 6‬وتعرف (( بالقصيدة‬
‫النونية في التوحيد )) ‪ .‬وثالثها ‪ ،‬وهو القصر ‪ ،‬كتبه أبو ساكن عامر بن علي الشماخي ( ت‬
‫‪ 792‬هـ ) ‪ ،‬ويعرف (( بالديانات )) ‪.‬‬
‫ولقد كتبت هذه العقائد بلغة بسيطة ؛ إحداها باللغة البربرية ؛ وهي مختصرة بحيث يسهل حفظها‬
‫وفهمها من قبل طلب مبتدئين بدراساتهم ‪ ،‬ومن قبل الناس العاديين أيضا ‪.‬‬

‫( ‪)1/256‬‬

‫أما العمال التي أضافها علماء إباضيون آخرون في وقت لحق فهي في الغالب تعليقات على‬
‫بعض هذه العقائد ‪ .‬وأولها وأكثرها أهمية تعليق على قصيدة أبي نصر لبي طاهر إسماعيل بن‬
‫موسى الجيطالي بعنوان شرح النونية ( ‪ . ) 7‬وفي عملية الخرين (( قواعد السلم )) و‬
‫(( قناطر الخيرات )) ‪ ،‬وأدخل الجيطالي فهمه الخاص به للراء الكلمية الباضية ( ‪ ) 8‬لكنه‬
‫موجز إلى درجة كبيرة بالمقارنة مع تعليقه الطويل على النونية وهو الذي يتألف من ثلثة‬
‫مجلدات كبيرة تضم دراسة مفصلة في علم الكلم السلمي ‪.‬‬
‫وقب النتقال إلى فترات لحقة ‪ ،‬هنالك مؤلف آخر ينبغي أن نذكره هنا ‪ ،‬وإذا كان إسهامه في‬
‫ميدان الفقه غير كبير ‪ ،‬فإنه حفظ في أعماله آراء فقهية كثيرة ‪ ،‬من مراجع سابقة ل يزال بعضها‬
‫مفقودا ‪ .‬والمؤلف هو أبو الفضل أبو القاسم بن إبراهيم البرادي ( ‪ . ) 9‬ويحتوي اثنين من أعماله‬
‫على مواد عن الكلم ‪ ،‬أولهما (( شفاء الحائم بشرح بعض الدعائم )) في تعلقيه على أول خمس‬
‫قصائد وعلى جزء من القصيدة السادسة في (( ديوان )) أبي بكر أحمد بن النظر العماني ‪.‬‬
‫وتتناول القصائد الربع الولى موضوعات الوحدانية ورفض التشبيه ‪ ،‬والدليل على معرفة ال ‪،‬‬
‫وخلق العمال ‪ ،‬وخلق القرآن ‪ .‬ثم أتم التعليق على القصيدة الخامسة حول الوضوء ‪ ،‬وعلى ثلثة‬
‫عشر بيتا من القصيدة السادسة حول صلة العيدين ‪ ،‬لكنه لم يتعلق على ما تبقى من الديوان ‪ .‬أما‬
‫عمله الخر فرسالة مختصرة بقصد إعطاء تحديدات إباضية لعدد من المصطلحات المفيدة واسمها‬
‫(( رسالة في الحقائق )) ( ‪. ) 10‬‬

‫( ‪)1/257‬‬

‫حوالي نهاية القرن الثامن للهجرة ترجم ابن جميع (( عقيدة التوحيد )) إلى العربية ‪ ،‬وفي عام‬
‫‪ 904‬هـ أكمل أبو العباس أحمد بن سعيد الشماخي ( ت ‪ 928‬هـ ) تعليقه على العقيدة ‪ .‬وكتب‬
‫التعليق الثاني عليه أبو سليمان داود بن إبراهيم التلتي ( ت ‪ 967‬هـ ) ( ‪ . ) 11‬وبين العمال‬
‫الكلمية المبنية على (( عقيدة )) ابن جميع هنالك (( اللؤلؤة في علم التوحيد )) وهي أرجوزة‬
‫للقاسم بن سليمان بن محمد الشماخي ( ت ‪ 1275‬هـ ) ‪ ،‬وهو الذي وضع أيضا تعليقا مطول‬
‫على هذه القضية ( ‪ )12‬ثم إن الشيخ أبا ستة كتب تعليقا بالغ الضخامة باسم (( الحاشية )) على‬
‫تعليق الشماخي السابق الذكر ( ‪ . ) 13‬وآخر تعليق على (( عقيدة التوحيد )) لبن جميع كتبه‬
‫الشيخ محمد بن يوسف اطفيش ( ت ‪ 1336‬هـ ) وطبع طبعة حجرية في الجزائر سنة ‪1326‬‬
‫هـ ‪.‬‬
‫وبخصوص قصيدة النونية لبي نصر ‪ ،‬فقد كتب عدد من الشروح عليها بالضافة إلى تعليق‬
‫إسماعيل الجيطالي الذي سبق أن ذكرناه ‪ .‬الول كتبه عمر الويراني ( قرن ‪ 11 - 10‬هـ ) ‪.‬‬
‫وعنوانه (( المصرح )) ؛ ثم كتب تلميذه يوسف المصعبي ( ت ‪ 1187‬هـ ) ( ‪) 14‬‬
‫(( حاشية )) كبيرة على هذا التعليق ؛ وهنالك تعليق آخر على النونية كتبه أبو العباس عمر بن‬
‫رمضان التلتي ‪ ،‬واختصره عبد العزيز بن إبراهيم المصعبي ( ت ‪ 1223‬هـ ‪ 1808 /‬م ) باسم‬
‫(( النور )) ( ‪. ) 15‬‬
‫وكتب تعليقان على (( الديانات )) لبي ساكن عامر الشماخي ؛ الول بدأ به أبو محمد عبد ال بن‬
‫سعيد السدويكشي ( ت ‪ 1056‬هـ ) وأئمة يوسف المصعبي ( ‪ ) 16‬؛ والثاني كتبه عمر التلتي‬
‫سنة ‪ 1179‬هـ وطبع بالمطيع الحجرية بالقاهرة سنة ‪ 1304‬هـ ‪.‬‬

‫( ‪)1/258‬‬

‫تغطي هذه التعليقات الضافية المطولة في هذه الفترة الخيرة أيضا بعض العمال الكبيرة الولى‬
‫‪ .‬وبين هذه التعليقات الضافية المطولة هالك تعليقان كتبهما محمد بن عمرو أبو ستة ( ‪: ) 17‬‬
‫أحدهما ( ‪ ) 1‬حاشية على شرح الجهالت ‪ ) 2 ( ،‬وحاشية على السؤالت ‪ .‬ثم أن هنالك إسهاما‬
‫آخر في هذا المجال قدمه القطب محمد بن يوسف اطفيش في (( تفسيره )) للقرآن ‪ (( :‬هميان‬
‫الزاد إلى دار المعاد )) و (( تيسير التفسير )) وفيهما يؤيد الراء الباضية ويدافع عن معتقداتهم‬
‫( ‪ . ) 18‬وهل إسهام في شرحه الكبير على (( ديوان )) أبي بكر أحمد بن النظر العماني ( ‪) 19‬‬
‫‪.‬‬
‫ومن هذا المسح السابق للعمال الباضية في ميدان الكلم في الفترة التي تبدأ بالنصف الول من‬
‫القرن الثامن حتى بداية القرن الحالي للهجرة ‪ ،‬يتضح أن العمال الرئيسة التي كتبت في هذه‬
‫الفترة كانت شروحا أو حواشي على العمال السابقة ‪ ،‬والستثناء الوحيد هو (( كتاب معالم الدين‬
‫)) لعبد العزيز الثميني المصعبي وهو ل يندرج ضمن أي من الفئتين ( ‪. ) 20‬‬
‫وكان النهج الخر الذي اتخذته الكتابات الباضية اللحقة في الكلم موجها للرد على هجمات‬
‫السنة على المذهب الباضي ‪ .‬واجه الباضيون في مجتمعاتهم الثلثة في شمالي إفريقيا ‪ ،‬أي في‬
‫مزاب ‪ ،‬وجزيرة جربة ‪ ،‬وجبل نفوسة ‪ ،‬هجمات كتابية على مذهبهم ومعتقداتهم من قبل الخصوم‬
‫السنة أثناء العهد العثماني ‪.‬‬
‫في ما يتعلق بجبل نفوسة ‪ ،‬فقد كتبت ثلثة ردود على اتهامات سنيين من غريان وغدامس‬
‫وهجماتهم وتساؤلتهم ‪ .‬الول كتبه المؤرخ الباضي الشهير أحمد بن سعيد الشماخي ردا على‬
‫رسالة كتبها صولة بن إبراهيم الغدامسي ( ‪ ) 21‬وذكر صولة الغدامسي في مقدمة رسالته أنه‬
‫كتبها ردا على أوراق معينة وصلته من إباضيين وهبيين تحتوي على آراء وجد نفسه مضطرا‬
‫لرفضها ( ‪ . ) 22‬كذلك ذكر أن‬

‫( ‪)1/259‬‬

‫الكاتب الباضي أشار إلى خمس عشرة نقطة يختلف حولها الباضية مع السنة ( ‪ . ) 23‬غير أن‬
‫صولة اختصر هذه النقاط في تسع وناقشها كلها معطيا آراء السنة في كل واحدة منها ‪ ،‬ورفضها‬
‫ما اعتبره آراء خاطئة من قبل الباضية ‪.‬‬
‫وفيما يلي سرد النقاط التسع التي ناقشها صولة الغدامسي في رسالته ‪:‬‬
‫‪ - 1‬كون القرآن مخلوقا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرؤية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬التشبيه ‪ :‬استواء ال على العرش ‪ ،‬وجهه ‪ ،‬ويده ‪.‬‬
‫‪ - 4‬حقيقة اليمان ‪.‬‬
‫‪ - 5‬عدم خلود مرتكبي الكبائر في النار ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الرأي السني القائل بأن من مات على الكبائر سيدخل الجنة بعد دخوله النار ‪.‬‬
‫‪ - 7‬رأي السنة في احتمال الغفران للذين ارتكبوا الكبائر ‪.‬‬
‫‪ - 8‬مرتكب الكبيرة ‪ :‬هل يعتبر مؤمنا أم ل ‪.‬‬
‫‪ - 9‬الشفاعة ‪.‬‬
‫وفي نقده لرسالة دافع الشماخي عن الراء الباضية وناقش جميع تلك النقاط بتفصيل عارضا‬
‫آراء جميع المذاهب السلمية المتعددة تقريبا لثبات أن هنالك مذاهب كثيرة غير الباضية‬
‫تختلف عن المالكية في نظرتها ‪.‬‬
‫وهنالك أعمال أخرى مشابهة كتبها سنة ‪ 1210‬هـ عيسى بن أبي القاسم الباروني ردا على‬
‫رسالة لمؤلف مجهول من غدامس ‪ .‬والظاهر أن مؤلف هذه الرسالة الخيرة كتبها ردا على‬
‫رسالة أخرى كتبها إباضيون من للوت ( نالوت ) ( ‪ . ) 24‬ومع أن الرسالة تناولت بالدرجة‬
‫الولى اتهامات للباضية ليست ذات طبيعة كلمية ‪ ،‬متصلة بقضايا كصلة الجمعة والذبيحة‬
‫الخ ‪ ،‬فإنها ضمت أيضا حججا كلمية ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬زعمت أن عددا من الباضيين ل‬
‫يؤمنون بالقيامة ( ‪. ) 25‬‬
‫وقبل رفض التهامات الموجهة من قبل المؤلف الغدامسي بدأ عيسى الباروني عمله بإيجاز العقيدة‬
‫الباضية ( ‪. ) 26‬‬
‫وكتب الجواب الثالث ردا على سؤال مرسل من غريان إلى علماء جبل نفوسة ( ‪ . )27‬وقد كتب‬
‫أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجادوي ‪ .‬وهو من الناحية الكلمية ‪ ،‬يتناول موضوعين فقط هما‬
‫خلق القرآن والرؤية ‪.‬‬

‫( ‪)1/260‬‬

‫وجاء العمل الرابع والخير دحضا لفتوى أصدرها مفتي طرابلس ‪ ،‬محمد بن مصطفى ‪ ،‬وفيها‬
‫اعتبر أهل جبل نفوسة من (( الجماعات الضالة )) ‪ .‬وواضع هذا العمل هو سعيد التعاريتي من‬
‫جربة وعنوانه ‪ (( :‬المسلك المحمود في معرفة الردود )) ( ‪. ) 28‬‬
‫وبالنسبة لمزاب وجزيرة جربة ‪ ،‬فإن أول عمل من طبيعة مماثلة هو جواب أبي مهدي عيسى بن‬
‫إسماعيل المصعبي ( ت ‪ 971‬هـ ) ( ‪ ) 29‬الذي بالنيابة عن الميزابيين ردا على (( جواب ))‬
‫للشيخ المالكي أبي علي بن أبي الحسن البهلولي ‪ .‬وفي جوابه دافع أبو مهدي عن الراء الباضية‬
‫ورفض التهامات التي وجهها الشيخ المالكي للباضية ( ‪ . ) 30‬وفي وقت لحق قاد مهمة الدفاع‬
‫عن الراء الباضية الشيخ محمد بن أبي القاسم المصعبي وابنه يوسف بن محمد ( ت ‪ 1187‬هـ‬
‫) ( ‪ . ) 31‬ووضع الول عددا من الردود على هجمات السنة ‪ ،‬وأحدها رد على أسئلة أثارها‬
‫مؤلف سني مجهول وجدت في محراب جامع غرداية ‪ .‬ومن جواب المصعبي يبدو أن السائل‬
‫اعتبر الباضية معتزلة ‪ ،‬وذكر الراء الباضية على مسألة (( الرؤية )) وخلود المسلمين ‪-‬‬
‫الذين لم يتوبوا عن كبائر ارتكبوها ‪ -‬في جهنم ‪.‬‬
‫وفي رده رفض المصعبي تصنيف الباضيين كمعتزلة ‪ ،‬وناقش نقطتين أخريين حول الرؤية‬
‫والخلود في جهنم وأعطى أجوبته على السئلة اللغوية والصرفية والنحوية التي طرحها السائل (‬
‫‪. ) 32‬‬
‫وكان الجواب الثاني على رسالة من مدينة الجزائر موجهة كذلك من سني لم يذكر اسمه ‪.‬‬
‫والظاهر أن‬

‫( ‪)1/261‬‬

‫الكاتب السني أشار إلى الباضية ‪ ،‬في رسالته ‪ ،‬كمعتزلة حينا ‪ ،‬وكمارقة حينا آخر ‪ ،‬وكرافضة‬
‫حينا ثالثا ‪ .‬واتهمهم بكره أبي بكر وعمر وعلي وزعم أنهم يسمون حيواناتهم التي يضحون بها‬
‫بأسماء أبي بكر وعمر وعلي ثم يذبحونها ‪ .‬وهنا أيضا ‪ ،‬وقبل أن يفند هذه التهامات ‪ ،‬يوجز‬
‫المصعبي العقيدة الباضية ‪.‬‬
‫وكتب ابنه أبو يعقوب يوسف بن محمد المصعبي رسالة مطولة إلى أحمد باشا والي طرابلس (‬
‫‪ 1158 - 1123‬هـ ) ( ‪ ) 33‬تتناول شهادة الباضية ‪ .‬ويروى أن هذا الحدث وقع سنة ‪1155‬‬
‫هـ ‪ .‬وفي مقدمة رسالته ذكر المصعبي أن سبب كتابتها هو أن مجموعة من الباضيين من‬
‫جزيرة جربة أدلوا بشهادة في إحدى الحالت في بلط أحمد باشا ‪ ،‬لمن أحد العلماء قال له إن‬
‫شهادتهم ل تقبل ‪ ،‬مما أثار القلق والرتباك ولذلك عرض العقيدة الباضية وناقش مسألة الشهادة‬
‫معتمدا المصادر السنية والمالكية ( ‪. ) 34‬‬
‫والعقيدة كما وردت في جواب محمد المصعبي هي نفسها كما وردت في ردود ابنه يوسف بن‬
‫محمد المصعبي ‪ .‬على أ‪،‬ه ليس معروفا هل محمد المصعبي هو كاتب هذه العقيدة أو أنها كتبت‬
‫في وقت سابق ؛ إل أنه من المؤكد أنها ليست إحدى العقائد المذكورة من قبل ( ‪. ) 35‬‬
‫ثم إن عددا من هذه العمال ذو طبيعة مشابهة كتب بواسطة محمد بن يوسف اطفيش وغيره من‬
‫العلماء الباضيين المتأخرين أمثال قاسم بن سعيد الشماخي ‪ ،‬وعبد ال الباروني ‪ ،‬وسعيد بن‬
‫تعاريت‬
‫==================================‬
‫‪ ) 1‬أبو عمرو عثمان بن خليفة ‪ ،‬سؤالت ‪ ،‬مخطوطة ‪. 142 - 10 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪ 252 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬لسيرة أبي يعقوب الوارجلني ‪ ،‬انظر الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 450 - 447 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪،‬‬
‫‪ ] 495 - 491‬؛ الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 445 - 443 ،‬‬

‫( ‪)1/262‬‬
‫( ‪ ) 4‬طبع هذا العمل على المطبعة الحجرية في القاهرة ‪ ،‬البارونية ‪ 1306 ،‬؛ ومن هذا الكتاب‬
‫ترجم آي ‪ .‬إس ‪ .‬علوش فصلين إلى الفرنسية ‪Deux epitres de theologie abadite -‬‬
‫‪ . Hesp ، 22 ( 1936 ) 57 - 88‬على أنني لهذه الدراسة أستخدم مخطوطة الكتاب في المتحف‬
‫البريطاني رقم ‪. OR / 6564‬‬
‫( ‪ ) 5‬انظر شاخت ‪ Bibliotheque et manuscripts abadits :‬في ‪Rev. Afri ، 100 ،‬‬
‫‪ ، 1056 ، 380‬إنني أستخدم مخطوطة بحوزتي ‪ ،‬وأعد طبعة محققة لهذا العمل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬الوارجلني ‪ ،‬العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪. 128 ، 1‬‬
‫( ‪ ) 7‬المصدر السابق ‪. 235 ، 222 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪. 145 ، 95 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬المصدر السابق ‪. 109 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬المصدر السابق ‪. 77 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬المصدر السابق ‪. 124 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬المصدر السابق ‪. 291 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬شاخت ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 391 ،‬؛ لم أر هذه (( العقيدة )) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 14‬لسيرة ابن جميع انظر الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 62 - 561 ،‬؛ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش ‪:‬‬
‫مقدمة التوحيد وشروحها ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1353 ،‬مقدمة ‪. 4 - 2‬‬
‫( ‪ ) 15‬بالنسبة (( للديوان )) انظر (( النيل وشفاء العليل )) تحرير بكلي عبد الرحمن بن عمر ‪،‬‬
‫الجزائر ‪. 81 - 1080 / 3 ، 1969 ،‬‬
‫( ‪ )16‬طبع على المطبعة الحجرية في الجزائر ‪ 1325 ،‬هـ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 17‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 49 - 548 ،‬؛ وتملوشايت ‪ .‬انظر ليفتسكي ‪Etudes Ibadites :‬‬
‫‪. Nord Africaine ، 1 / 61‬‬
‫( ‪ ) 18‬انظر أدناه ‪ ،‬جزء ‪ ، 2‬المقدمة ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ‪ ،‬تحقيق كاتب هذا الكتاب ‪ 287 / 1 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 20‬للمؤلف وأعماله انظر وربيناتشي ‪ (( :‬كتاب الجواهر للبرادي )) ‪A.I.O.N. ، / 4 ،‬‬
‫‪. ( 1952 ) ، 97‬‬
‫( ‪ ) 21‬طبعت هذه الرسالة ( بل تاريخ طبع ) مع أعمال أخرى ‪ .‬وقد أعددت تحقيقا نقديا لها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 22‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في تونس ‪ . 161 - 157 ،‬وقد حقق أبو إسحاق اطفيش ((‬
‫العقيدة )) والتعليقين ونشرا في القاهرة ‪. 1353‬‬

‫( ‪)1/263‬‬
‫( ‪ ) 23‬سالم بن يعقوب ( مقابلة خاصة ‪ ،‬غيزن ‪ ،‬جربة ‪. ) 1968 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬مخطوطات هذا العمل موجودة في مجموعة سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ‪ ،‬ومكتبة القطب ‪،‬‬
‫مزاب ‪ .‬انظر شاخت ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ . 393 ،‬إنني أستعمل مخطوطة سالم بن يعقوب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 25‬معمر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 192 ،‬‬
‫( ‪ ) 26‬المصدر السابق ‪. 200 - 199 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬طبع المختصر الذي أعده عبد العزيز المصعبي الثميني على المطبعة الحجرية بالقاهرة ‪،‬‬
‫البارونية ‪ 1306 ،‬هـ ‪ .‬ومخطوطة التلتي الصلية موجودة في جربة ‪ ،‬البارونية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 28‬لسيرة السدويكشي ‪ ،‬انظر معمر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ . 187 - 183 ،‬مخطوطة هذا‬
‫العمل موجودة في جربة ‪ ،‬نفوسة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 29‬لسيرة أبي سنة ‪ ،‬انظر معمر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 192 - 189 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬محمد بن حسين الذهبي ‪ :‬التفسير والمفسرون ‪ ،‬القاهرة ‪. 336 - 319 / 2 ، 1961 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬طبع هذا العمل على المطبعة الحجرية بالجزائر ‪ 1326 ،‬هـ ‪.‬‬
‫( ‪ (( ) 32‬شرح النيل )) القاهرة ‪ ، 1343 ،‬سيرة مؤلف (( كتاب النيل )) ‪ ،‬عبد العزيز‬
‫المصعبي ‪ ،‬هي بقلم أبي إسحق الذي يقدم لئحة بأعمال المؤلف في نهاية المجلد العاشر ( ص‬
‫‪.)9‬‬
‫( ‪ ) 33‬في (( بيبليوغرافيا مزاب )) رقم ‪ ، 38‬ذكر موتيلنسكي العمل التالي ‪ (( :‬كتاب من وضع‬
‫أبي إبراهيم الغدامسي في رد على من ل يقول بخلق القرآن )) ‪ ،‬أحسب أنه ربما خلط بينه وبين‬
‫عمل صولة المذكور هنا ‪.‬‬
‫( ‪ ) 34‬جواب صولة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 1‬‬
‫( ‪ ) 35‬المصدر السابق ‪. 3‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/264‬‬

‫الفصل السادس نظام الولية والبراءة‬


‫معنى الولية والبراءة ‪:‬‬
‫إن الكلمات العربية المشتقة من الجذر (( ولي )) تفيد المعاني التية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ولي ‪ ،‬أن يكون متوليا للمور مسؤول عنها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الولية ‪ ،‬الوصاية ‪ ،‬والعون ‪ ،‬الدعم ‪ ،‬الحماية ‪ ،‬الصلة ‪ ،‬العلقة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الولء ‪ ،‬التتابع ( الخلفة ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬استولى ‪ ،‬الحصول على ما هو يبد الغير ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الوليه غطاء السرج الذي يلي ظهر الجمل ‪ ،‬أو الجواد ‪ ،‬أو البغل ‪ ،‬أو الحمار ‪.‬‬
‫‪ - 6‬تولى ‪ -‬ذهب ( ‪. ) 1‬‬
‫والمعنى العام الذي تشترك فيه الصيغ الخمس الولى هو القرب والولية ‪ ،‬وهي تعني في‬
‫الكتابات الباضية ‪:‬‬
‫أ ) وجوب الترحم والستغفار للمسلمين ( ‪. ) 2‬‬
‫ب ) ( الود بالجنان والثناء باللسان ؛ الحب بالجنان والثناء باللسان ) ( ‪. ) 3‬‬
‫ج ) المودة والمؤاخاة ( ‪. ) 4‬‬
‫د ) المودة الدينية ( ‪. ) 5‬‬
‫هـ ) المودة والمصافاة ( ‪. ) 6‬‬
‫و ) المودة والستغفار ( ‪. ) 7‬‬
‫ز ) الميل بالقلب والجوارح إلى مطيع لطاعته ( ‪. ) 8‬‬
‫ح ) أن تحب لخيك المسلم ما تحبه لنفسك في هذه الدنيا وفي الخرة ( ‪. ) 9‬‬
‫ط ) تولي القيام بحق الولي واعتقاد وده ( ‪. ) 10‬‬
‫وكلمة المودة هي التي تستعمل عادة لكلمة الولية بالعربية ‪ ،‬على أنني أعتقد أن كلمة المودة ل‬
‫تعطي المعنى الكامل لكلمة الولية كما تستعمل في الكتابات الباضية ؛ فهي واجب ديني يسيطر‬
‫على المشاعر البشرية من الحب والبغض بموجب تعاليم السلم ‪ .‬وعلى أساس هذا الواقع‬
‫تستخدم عبارة الولية في هذه الدراسة لتعني ‪ -‬الحب ‪ ،‬الخاء ‪ ،‬التحاد بين المسلمين ‪،‬‬
‫والواجبات التي تتصل بذلك ‪.‬‬
‫أما الكلمة العربية الخرى ‪ ،‬البراءة فهي تعبير عن عكس الولية أي الحرمان ‪ .‬وقد استعملت في‬
‫الكتابات الباضية للتعبير عما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬وجوب الشتم و اللعنة للكافر ( ‪. ) 11‬‬
‫ب ‪ -‬المنابذة والعداوة ( ‪. ) 12‬‬
‫ج ‪ -‬البغض بالقلب والشتم باللسان ( ‪. ) 13‬‬

‫( ‪)1/265‬‬

‫د ‪ -‬التبري من العدو وحدثه ‪ ،‬واعتقاد بغضه ( ‪. ) 14‬‬


‫وقد استعمل علماء الباضية هاتين الكلمتين ‪ ،‬الولية والبراءة للدللة على موقف المؤمنين من‬
‫إخوانهم المسلمين ومن الكفار ‪.‬‬
‫والعبارة الثالثة التي تتعلق بالولية والبراءة هي (( الوقوف )) ‪ ( /‬التحفظ ) ‪ .‬فإذا لم يكن المؤمن‬
‫متيقنا بالنسبة لعمال شخص ما أو إيمانه ‪ ،‬كان عليه أن يمتنع عن إصدار حكم عليه إلى أن‬
‫يصبح على يقين من أعماله وإيمانه حتى يصل إلى موقف محدد منه ‪ ،‬فإما الولية وإما البراءة (‬
‫‪. ) 15‬‬
‫وعند بعض علماء الباضية ‪ ،‬تعني الولية التوافق في الدين بين القول والعمل ( ‪. ) 16‬‬
‫والشخص الذي يستحق الولية من المؤمنين هو ذاك الذي يكون مطيعا ل طاعة كاملة ‪ ،‬ويتصف‬
‫بجميع الصفات الصالحة ويتم جميع الواجبات الدينية ‪ ،‬وبالمتناع عن المحرمات ( ‪ . ) 17‬على‬
‫أن هنالك علماء آخرين يعتقدون أن التوافق اللفظي بين الشخص والمسلمين كاف له لستحقاق‬
‫الولية ‪.‬‬
‫هذا هو الرأي الذي تقدم به السالمي على أساس الية القرآنية التالية ‪ ( :‬يا أيها النبي إذا جاءك‬
‫المؤمنات يبايعنك على أن ل يشركن بال شيئا ول يسرقن ول يزنين ول يقتلن أولدهن ‪ ،‬ول‬
‫يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ول يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن ال ‪ ،‬إن‬
‫ال غفور رحيم ) ( ‪ ) 18‬وحجة السالمي أن ال أمر نبيه أن يستغفر لهؤلء النساء على أساس‬
‫موافقتهن الشفهية فقط لما ورد أعله ‪ ،‬وأنه ليس له أن ينتظر ليرى أعمالهن ( ‪. ) 19‬‬
‫ووفقا للمذهب الباضي ‪ ،‬فالعمل الذي ينسجم مع المفاهيم الثلثة المذكورة أعله يشكل واجبا على‬
‫الفرد ؛ وعليه أن يتصرف وفقا لتلك الصول منذ أن يصل سن البلوغ ( أي سن الخامسة عشرة‬
‫تقريبا عند الذكور ‪ ،‬وسن الثانية عشرة عند الناث ) ( ‪. ) 20‬‬

‫( ‪)1/266‬‬

‫ويشكل مفهوما الولية والبراءة أحد أبرز أسس العقيدة الباضية ‪ .‬وقد خصص علماء الباضية‬
‫اهتماما كبيرا لهذا الموضوع ‪ ،‬كما أن العديد من الكتب كتبت حوله لشرح نظام الولية والبراءة‬
‫هذا ( ‪. ) 21‬‬
‫ولم تعالج الدبيات الباضية في شمالي إفريقيا هذين الموضوعين بتفصيل تام حتى نهاية الرابع‬
‫للهجرة ‪ .‬وعلى وجه الدقة ‪ ،‬فإن أول عمل عرض دراسة مستقلة لهذا الموضوع هو (( كتاب‬
‫التحف المخزونة والجواهر المكنونة )) ( ‪ ) 22‬لبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي ( ت ‪471‬‬
‫‪ . ) 1078 /‬على أن هنالك أحكاما صدرت حول هذا الموضوع في الدبيات الباضية قبل أبي‬
‫الربيع ‪ ،‬كما أن أعمال السير ضمت مواد موزعة حول هذا الموضوع في الراء المدونة عن‬
‫الئمة الباضيين والعلماء أثناء القرون الربعة الولى ‪.‬‬
‫=========================================‬
‫‪ (( ) 1‬جواب عيسى الباروني لبعض فقهاء غدامس )) ‪ ،‬مخطوطة ‪. 18‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 38 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪. 14 - 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لمؤلف هذا الكتاب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا‬
‫‪. 73 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬طبع هذا العمل على المطبعة الحجرية في تونس ( ‪ 1331‬هـ ) ‪ ،‬ص ‪. 265‬‬
‫( ‪ ) 6‬أبو زكريا الباروني ‪ ،‬طبقات ‪ 19 ،‬؛ القطب ‪ ،‬رسالة شافية ‪. 128 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬طبع هذا الجواب على المطبعة الحجرية مع العمال الخرى في تونس ‪ 1321 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪. 187 - 106‬‬
‫( ‪ ) 8‬انظر علي معمر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 394 ، 393 ، 391 ، 200 - 199 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬نشر هذا العمل مع أعمال أخرى ‪ ،‬ولم يذكر عليه تاريخ ول مكان النشر ‪ ،‬مخطوطة هذا‬
‫العمل متوفرة أبضا ‪.‬‬
‫( ‪ ) 11‬زمباور ‪Manuel de genealogie et de chronologie pour l'histoire de -‬‬
‫‪. l'Islam ، 1955 ، 85‬‬
‫( ‪ ) 12‬جواب أهل جزيرة جربة لخوانهم العمانيين ‪ ،‬مخطوطة ‪. 7 ،‬‬

‫( ‪)1/267‬‬

‫( ‪ ) 13‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية مخطوطة ‪ 2 ، 11 ،‬؛ ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ( بولق نم‬
‫‪ 1307‬هـ ) ‪. 97 - 287 / 20 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬أبو الربيع سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ 4 ،‬ب ؛ الملشوطي ‪ ،‬مخطوطة ‪ 41‬؛ أبو عمار عبد‬
‫الكافي ‪ ،‬شرح الجهالت ‪ ،‬مخطوطة ‪ 58 ،‬ب ؛ السوفي ‪ ،‬عثمان بن خليفة ‪ ،‬سؤالت ‪ ،‬مخطوطة‬
‫‪ 108 ،‬؛ أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪ ،‬مخطوطة ‪ 4 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪11 ،‬‬
‫‪.2،‬‬
‫( ‪ ) 15‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ ،‬القاهرة ‪ 1353 ،‬هـ ‪. 69 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬الشماخي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ( القاهرة ‪ 1353 ،‬هـ ) ‪. 64 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬المصدر السابق ‪. 83‬‬
‫( ‪ ) 18‬المصدر السابق ‪ 48 ،‬؛ المام أفلح بن عبد الوهاب ‪ ،‬جوابات ‪ ،‬مخطوطة ‪. 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪. 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬التلتي ‪ ،‬نخبة المتين ‪ ،‬مخطوطة ‪ 10 ،‬؛ الشماخي مصدر مذكور سابقا ‪. 69 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬التلتي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ( القاهرة ‪ 1353 ،‬هـ ) ‪. 69 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬أحمد بن عبد ال الكندي ‪ ،‬كتاب التخصيص ‪ ،‬مخطوطة ‪. 5 ،‬‬
‫‪---‬‬
‫( ‪)1/268‬‬

‫قواعد الولية ‪:‬‬


‫لنظام الولية ناحيتان أساسيتان أولهما تنسجم مع العتقاد بوحدانية ال ( التوحيد ) التي ل‬
‫يمكن ‪ ،‬عند الباضية ‪ ،‬أن تكون كاملة بدون اليمان بالسس التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الولية ل ‪ ،‬أي طاعة أوامره ن وتجنب نواهيه ( ‪. ) 1‬‬
‫ب ‪ -‬الولية لجميع المسلمين بوجه عام ( ولية الجملة ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الولية للمعصومين وللمنصوص عليهم في القرآن بأنهم من أهل الجنة ‪ .‬ومن يتجاهل هذا‬
‫الوجه من الولية أو يهملها كان مشركا ( ‪. ) 2‬‬
‫والوجه الثاني هو أن الولية تشكل جزءا من الحقوق المتبادلة بين المؤمنين ( ‪ . ) 3‬ويعد الذين‬
‫يتجاهلون هذا الواجب اللزامي أو يهملونه منافقين ( ‪. ) 4‬‬
‫وبالعودة إلى الوجه الول ‪ ،‬فإن غالبية المؤلفين الذين ناقشوا هذا الموضوع تناولوا القضايا‬
‫الثلث التالية ‪:‬‬
‫‪ - I‬الولية ل ‪ ،‬أي طاعة أوامره وتجنب نواهيه ‪ .‬وهنالك من ناحية أخرى ولية ال للمؤمنين‬
‫وهي تفسير بأنها هداية لهم ‪ ،‬ودعم من ال وحمايته لهم ( ‪ . ) 5‬وهي القضية التي نشأت حولها‬
‫المسألة الفقهية ‪ :‬هل تتغير ولية ال للمؤمنين بغير أعمالهم إلى الفضل أو السوأ ؟ وقال‬
‫الباضيون الوهبيون بأن ولية ال للمؤمنين وبراءته من الكفار ثابتة ل تتغير ‪ ،‬لن معرفته‬
‫بأعمالهم مطلقة ( ‪. ) 6‬‬
‫‪ - II‬الولية لجميع المسلمين بوجه عام ‪ ،‬النس ‪ ،‬والجن السلف والبناء ‪ ،‬إلى يوم القيامة ‪،‬‬
‫دون تخصيص شخص معين ‪ .‬وهذا يشمل جميع المؤمنين من الشعوب في كل العصور‬
‫الماضية ‪ ،‬والمؤمنين في الوقت الحاضر وفي المستقبل ‪ ،‬سواء كانوا إنسا أم جنا ‪.‬‬

‫( ‪)1/269‬‬

‫‪ - III‬الولية للمعصومين من الذنب ؛ وهم الملئكة ‪ ،‬والنبياء ‪ ،‬ورسل ال ‪ ،‬وأولياء ال‬


‫الخرون ‪ ،‬المذكورين في القرآن بالسم ‪ ،‬أو بالوصف ( ‪ ، ) 7‬كما تشمل أولئك الذين شفع لهم‬
‫رسول ال عليه السلم ( ‪ . ) 8‬و (( المعصومون من الذنب )) كما ذكرهم القرآن وأثنى ال‬
‫عليهم ‪ ،‬ووعدهم الجنة هم ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬جميع النبياء ورسل ال بوجه عام ‪ ،‬ول سيما آدم ومحمد لجمعه بين النبوة والرسالة ( ‪. ) 9‬‬
‫‪ ) 2‬الكهنة والرهبان المذكورون في آيات القرآن التالية ‪ ( .... :‬ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا‬
‫الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهابانا وأنهم ل يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل‬
‫إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع‬
‫الشاهدين ‪ .‬وما لنا ل نؤمن بال وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين‬
‫فأثابهم ال بما قالوا جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين ) ( ‪. ) 10‬‬
‫‪ ) 3‬أصحاب الكهف ( السبعة النائمون في أفسس ) ؛ وقد ورد ذكرهم في الية التالية ‪ ... ( :‬إذ‬
‫أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) ( ‪ . ) 11‬ثم‬
‫( نحن نقص عليك نبأهم بالحق أنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا‬
‫فقالوا ربنا رب السموات والرض لن ندعوا من دونه إلها ) ( ‪. ) 12‬‬
‫‪ ) 4‬أصحاب الخدود الذين تكلم عنهم ال في سورة البروج ‪ ،‬اليات ‪. 11 - 4‬‬
‫‪ ) 5‬أهل يونس ‪ ،‬وقد ورد ذكرهم في الية التالية ‪ ... ( :‬إل قوم يونس لما قالوا آمنا كشفنا عنهم‬
‫عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) ( ‪) 13‬‬
‫‪ ) 6‬سحرة فرعون الذين ذكروا في القرآن كما يلي ( وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب‬
‫العالمين ‪ ،‬رب موسى وهارون ) ( ‪. ) 14‬‬

‫( ‪)1/270‬‬

‫‪ ) 7‬حبيب النجار الذي ورد ذكره في اليات التالية ‪ ( :‬وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى‬
‫قال ‪ ،‬يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من ل يسألكم أجرا وهم مهتدون ومالي ل أعبد الذي فطرني‬
‫وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر ل تغن عني شفاعتهم شيئا ول ينقذون‬
‫إني إذا لفي ضلل مبين أني آمنت بربكم فاسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما‬
‫غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) ( ‪. ) 15‬‬
‫‪ ) 8‬مؤمن آل فرعون ‪ ،‬وقد وصف في القرآن بأنه ( ‪ ...‬وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم‬
‫إيمانه ) ( ‪. ) 16‬‬
‫والنساء المعصومات ‪ ،‬واللواتي أوصى بهن ال في القرآن هن ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬حواء أم البشر هي وآدم ( قال ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من‬
‫الخاسرين ) ( ‪. ) 17‬‬
‫‪ ) 2‬سارة امرأة إبراهيم ‪.‬‬
‫‪ ) 3‬رحمة امرأة أيوب ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬حنة أم مريم ‪.‬‬
‫‪ ) 5‬منة أم يوحنا ‪.‬‬
‫‪ ) 6‬آسيه ‪ ،‬امرأة فرعون ‪.‬‬
‫‪ ) 7‬زليخاء امرأة يوسف ‪.‬‬
‫‪ ) 8‬مريم بنت عمران وأم عيسى ‪.‬‬
‫‪ ) 9‬عائشة زوجة النبي محمد ( ‪. ) 18‬‬
‫والوجه الثاني من نظام الولية هو المعروف بولية الشخاص أو ولية المخصوصين ؛ وهي‬
‫تعتبر جزءا من الحقوق المتبادلة بين المؤمنين ( ‪ ) 19‬والحاديث التالية عن النبي ‪ ،‬والثار عن‬
‫صحابته ‪ ،‬بالضافة إلى اليات القرآنية التي تدعو المسلمين إلى اعتزال الشرار ( ‪ ) 20‬هي‬
‫الدلة التي اعتمدها علماء الباضية للقول بوجوب ولية الشخاص ‪.‬‬
‫‪ ) 1‬يروى أن النبي قال ‪ (( :‬من أحب ل ‪ ،‬وأبغض ل ‪ ،‬وأعطى ل ‪ ،‬ومنع ل ‪ ،‬فقد استكمل‬
‫اليمان )) ( ‪. ) 21‬‬
‫‪ ) 2‬وقال ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ (( :‬رحم ال أبا ذر ‪ ،‬يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده‬
‫)) ( ‪. ) 22‬‬
‫‪ ) 3‬يروى أن عمرا ابن الخطاب قال ‪ (( :‬من علمنا فيه خيرا قلنا فيه خيرا وظننا فيه خيرا‬
‫وتوليناه ومن علمنا فيه شرا قلنا فيه شرا وظننا فيه شرا وتبرأنا منه )) ( ‪. ) 23‬‬

‫( ‪)1/271‬‬

‫‪ ) 4‬ويروى أيضا أن عبد ال بن عمر قال ‪ (( :‬وال لم صمت النهار ل أفطره وأقمت الليل ل‬
‫أنامه ‪ ،‬وأنفقت مالي في سبيل ال ‪ ،‬ومت يوم أموت وليس في قلبي حب لهل طاعة ال ‪،‬‬
‫وبغض لهل معصية ال ‪ ،‬ما نفعني ذلك شيئا )) ( ‪ . ) 24‬واعتمادا على هذه الحاديث المذكورة‬
‫‪ ،‬يقدم علماء الباضية الدليل على أن ولية الشخاص واجب إلزامي ( ‪. ) 25‬‬
‫ويستحق المرء الولية في الحوال التالية وهي ( ‪: ) 26‬‬
‫أ ‪ -‬إذا تصرف وسلك ‪ -‬حتى بالنسبة لمظهره الخارجي ‪ -‬بطريقة تناسب المؤمنين ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ل تسمع عه إل الخبار المرضية بالنسبة لقيامه بواجباته الدينية ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬المؤمن يحب أن يكون مقتنعا في قلبه بما يسمعه ويراه عن ذلك الشخص ‪.‬‬
‫د ‪ -‬أن تكون آراؤه منسجمة مع آراء المذهب الباضي ‪.‬‬
‫إن الشخص يستحق الولية من المؤمنين إذا لوحظ أنه ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬عرف بالخبرة الشخصية بصورة مشهورة أنه على وفاق مع المسلمين ( الباضية ) قول‬
‫وفعل ؛‬
‫‪ ) 2‬إذا كان معروفا بصورة مشتهرة أنه يقوم بواجباته الدينية بإخلص ؛‬
‫‪ ) 3‬إذا كان معروفا بأنه مخلص بقيامه بواجباته الدينية وفقا لشهادة شخصين عدلين ؛‬
‫‪ ) 4‬إذا كان معروفا أنه مخلص في القيام بواجباته الدينية بأن يشهد بذلك شخص عدل ‪ ،‬حتى ولو‬
‫كان هذا الشاهد امرأة أو رقيقا ( ‪ . ) 27‬وكل شخص يعرف عنه الوفاء بالشروط المذكورة أعله‬
‫يستحق الولية من المؤمنين ‪.‬‬
‫وهنالك أيضا أربعة أجزاء أخرى تنسجم مع هذا القسم من الولية ‪:‬‬

‫( ‪)1/272‬‬

‫أ ‪ -‬الولية للئمة وقادة المة الباضية الذين ينشرون التعاليم السلمية الحقة ويرفضون التعاليم‬
‫الزائفة ‪ .‬والولية لهؤلء إلزامية على أهل بلدهم ‪ ،‬وعلى جميع المسلمين الخرين الذين يسمعون‬
‫بهم ؛ فهم يستحقون الولية لنهم معرفون على نطاق واسع بنشاطهم في نشر الدين الصحيح‬
‫والدفاع عنه ‪ .‬مثل هذه الولية ل يمكن تغييرها حتى إذا تكلم فيهم عدد كبير من الناس ( ‪. ) 28‬‬
‫ووفقا لولئك العلماء الذين يقولون بأن أئمة (( مرحلة الظهور )) ‪ ( /‬مسلك الظهور )) ينبغي أن‬
‫ل يظلوا مجهولين لدى المؤمنين ‪ ،‬فيجب أن يقصدوا بالولية أيضا ( ‪ . ) 29‬والمصادر الباضية‬
‫تذكر القائمة التالية من أئمة مسلك الظهور ( ‪. ) 30‬‬
‫‪ - 1‬أبو بكر بن أبي قحافة التيمي ‪ ،‬الخليفة الول ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عمر بن الخطاب من بني عدي ‪ ،‬الخليفة الثاني ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬مؤسس أول دولة إباضية في جنوبي شبه الجزيرة العربية ‪-‬‬
‫اليمن وحضرموت ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري ‪ ،‬أول إمام للدولة الباضية في شمالي إفريقيا (‬
‫ليبيا وتونس ) ‪.‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرحمن بن رستم الفارسي ‪ ،‬مؤسس الدولة الباضية في تاهرت ‪ ،‬وخلفاؤه ‪:‬‬
‫‪ - 6‬ابنه عبد الوهاب ‪.‬‬
‫‪ - 7‬أفلح بن عبد الوهاب ‪.‬‬
‫‪ - 8‬محمد بن أفلح ‪.‬‬
‫‪ - 9‬يوسف بن محمد ‪.‬‬
‫ومن العلماء من يضيف الجلندي بن مسعود إمام الدولة الباضية في عمان ( ‪. ) 31‬‬
‫ب ‪ -‬الولية للمام العادل ‪ ،‬أو السلطان العادل ‪.‬‬

‫( ‪)1/273‬‬

‫هذه الولية يجب توجيهها إلى الولة ‪ ،‬والعمال الذين يساعدونهم على حكم البلد ‪ ،‬وإلى جميع‬
‫المسلمين الخاضعين لهم ‪ .‬وهي تعرف في الكتابات الباضية ‪ ،‬بصورة تقنية ‪ (( ،‬بولية‬
‫البيضة )) ( حيث تعني البيضة العاصمة ) ( ‪ . ) 32‬ففي كل بلد يحكمها أولئك الذين يسيرون‬
‫وفق تعاليم القرآن ‪ ،‬ويتبعون شرع النبي ‪ ،‬ويوصون بممارسة السنة ‪ ،‬ويرفضون البدع ‪ ،‬ول‬
‫يتعصبون لقاربهم ‪ ،‬ول ضد الغراب ‪ ،‬يجب أن يعتبروا أولياء ؛ ويجب أن تدعى بلدهم‬
‫(( دار العدل والحسان )) ‪ ،‬وكل شخص في تلك البلد يستحق الولية ( ‪. ) 33‬‬
‫ج ‪ -‬الولية للذين اعتنقوا السلم بعد أن كانوا مشركين ؛ هي حق لهم لقبولهم السلم واليمان‬
‫بأنه ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال ‪ .‬ومن العلماء من يشترط على معتنق السلم أن يعلن‬
‫براءته من الحكام الجائرين ( ‪ ) 34‬بصرف النظر عن أنه اعتنق السلم على يدي مسلم مخالف‬
‫أو إباضي ‪ ،‬إل حين يوضح المسلم المعارض لمعتنق السلم أنه ( أي المسلم المخالف ) ‪،‬‬
‫مخطئ ‪ ،‬ومع ذلك فقد تبنى معتنق السلم الخطأ نفسه ( ‪. ) 35‬‬
‫د ‪ -‬الولية للذين رجعوا عن آراءهم الخاطئة وأصبحوا إباضيين ‪ .‬وفي هذا القسم نوعان من‬
‫الفراد ‪:‬‬
‫أ ) أولئك الذين يتبعون العلماء في دينهم ‪ ،‬أي مقلدون ‪ ،‬أو عامة ‪ .‬والمطلوب من المقلدين أن‬
‫يتوبوا وأن يقولوا ‪ (( :‬أنا واحد منكم وليكم هو وليي وعدوكم عدوي )) بذاك يصبح عضوا في‬
‫المجتمع الباضي ( ‪. ) 36‬‬
‫ب ) أولئك القادرون على اتخاذ أحكام مستقلة بخصوص قضايا شرعية أو فقهية ‪ ،‬أي المجتهدون‬
‫؛ وعلى المجتهد أن يتوب من كل آرائه الخاطئة ‪ ،‬وأن يعدها واحدا واحدا ‪ ،‬معلنا تراجعه عنها ‪،‬‬
‫ومؤكدا على اعتناق العقائد الحقة ( ‪. ) 37‬‬
‫وعلى المبتدع ‪ ،‬الذي نشر بدعة أن يتصل بأولئك الذين تبعوه في بدعة وأن يعلمهم بتوبته حيثما‬
‫كانوا ؛ وبعد أن يفعل ذلك يقبل عضوا في المجتمع الباضي ووليا ( ‪. ) 38‬‬

‫( ‪)1/274‬‬

‫هـ ) والقسم الخير في هذا الموضوع هو ولية الطفال ‪:‬‬


‫وترى هنا آراء متناقضة حول هذه القضية ‪ .‬فالمرجئة قالوا إن لجميع القاصرين الحق في الولية‬
‫‪ ،‬وهذا هو أيضا رأي الصحابي معاذ بن جبل ( ‪ . ) 39‬وقال الصفرية ‪ ،‬وهم فرع من‬
‫الخوارج ‪ ،‬أن الطفال يعاملون معاملة آبائهم ‪ .‬فأطفال الكفار هم كفار ‪ ،‬وعلى المسلمين البراءة‬
‫منهم ( ‪ ) 40‬؛ والرأي السائد لدى النكار وأحمد بن الحسين هو (( الوقوف )) بالنسبة للقاصرين‬
‫ريثما يبلغوا سن الرشد ‪ .‬ورأي من تبقى من الباضية هو ولية القاصرين من أبناء المؤمنين و‬
‫(( الوقوف )) بالنسبة لطفال الكفار والمشركين ( ‪ ) 41‬والحجج والدلة التي قدمها كل فريق‬
‫بشأن هذه المسألة مشروحة في المصادر الباضية ( ‪. ) 42‬‬
‫وتحق الولية للقاصر من أبناء المؤمنين إذا ( ‪: ) 43‬‬
‫أ ) تأكدت أبوة الوالد ‪ ،‬أي حين يعرف أنه ابن إباضي ‪.‬‬
‫ب ) أو قال الب (( هذا ابني )) بحضور الولد ؛ ومن العلماء من يقول أن تأكيد الب للبوة غير‬
‫كاف ؛ يجب دعم ذلك بشهادة من رجل عدل ‪.‬‬
‫ج ) أو كان معروفا أن الولد مولود (( لولي )) بشهادة أشخاص موثوقين ‪.‬‬
‫? ولد امرأة تحت الولية يرث الولية نتيجة حالة والدته ‪ .‬وقد عارض بعض العلماء هذا الرأي‬
‫وقالوا إن حالة ل تورث إل من الوالد فقط ‪.‬‬
‫? أن الم التي تعتنق السلم من الشرك تدخل أولدها في السلم ؛ والبناء يتبعون والدتهم في‬
‫حقهم في الولية ‪ .‬وينطبق الشيء ذاته على أبناء النساء الحرائر في حالة الولية إذا تزوجن من‬
‫الرقيق ‪.‬‬
‫? إذا أعتنق ولد من قبل شخصين ‪ ،‬ولي (( ومخالف )) ‪ ،‬فللبن حق الولية وفقا الحالة مالكه‬
‫الباضي ‪.‬‬
‫? إذا كان أحد والدي الولد وليا ‪ ،‬دون الخر ‪ ،‬فعلى المؤمنين أن يمتنعوا عن اتخاذ أي موقف‬
‫منه قبل أن يبلغ سن الر شد ‪.‬‬
‫? إذا كان الوالد وليا وارتد بعد ولدة ابنه ‪ ،‬فإن حق الولد بالولية ل يتأثر بذلك ؛ أما تحول الب‬
‫إلى منافق فموقف المؤمنين نحو أبنائه هو (( الكف )) ‪.‬‬

‫( ‪)1/275‬‬

‫? حين يبلغ أبناء المسلمين المخالفين سن الرشد ‪ ،‬يجب اعتبارهم في حالة (( الوقوف )) ؛ وإذا‬
‫ما ثبت بعد ذلك أنهم مستقيمون فإنه تجب إعادتهم إلى حالة الولية ؛ وإذا لم يثبت ذلك كان على‬
‫المؤمنين أن يتنصلوا منهم ‪.‬‬
‫? الشخص غير العاقل الذي يفقد عقله أثناء طفولته يبقى متمتعا بالولية ( ‪. ) 44‬‬
‫==========================================‬
‫‪ ) 1‬أبو عمار ‪ ،‬شرح الجهالت ‪ 59 ،‬ب ؛ الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 1 ، 11 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 48 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ 5 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬الكندي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 47 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬أبو عمار ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 58 ،‬ب ؛ الكندي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 7 ،‬؛‬
‫الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬الكندي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 7 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬مشارق ‪. 347 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬الممتحنة ‪. 12 / 60 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 347 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬الجناوني ‪ ،‬الوضع ‪ 32‬؛ الشماخي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 74 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬هنالك على سبيل المثال ‪ (( ،‬كتاب الستقامة )) لبي سعيد أحمد بن سعيد الكدمي ‪ ،‬و‬
‫(( كتاب التخصيص )) ‪ ،‬لجمد بن عبد ال الكندي ؛ ويندر وجود مؤلف في العقيدة الباضية لم‬
‫يناقش الموضوع بطريقة أو بأخرى ‪ ،‬والنظام يعتبر واحدا م البنود الساسية للتوحيد وقد كان‬
‫يعالج باستمرار من قبل المؤلفين الباضيين الذين أسهموا في هذا الميدان من الدراسة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 12‬انظر (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) لكاتب هذا الكتاب ‪J.S.S. ، ( 15 ) ، ،‬‬
‫‪. 1 / 72 - 73‬‬
‫( ‪ ) 13‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ 40 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬المشارق ‪. 338 - 337 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 5‬؛ الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 65 - 64 ،‬‬
‫( ‪ ) 15‬أفلح بن عبد الوهاب ‪ ،‬الجوبة ‪. 3 - 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪. 72 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ 39 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 338 - 337 ،‬‬

‫( ‪)1/276‬‬

‫( ‪ ) 18‬أبو عمار ‪ ،‬الموجز ‪ ،‬مخطوطة ‪ 197 - 191 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪، 42 / 2 ،‬‬
‫وكان النكار يرون رأيا معاكسا لرأي الوهبيين ‪ ،‬راجع ما تقدم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪ 64 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬المصدر نفسه ‪ ،‬شرح النونية ‪ 3 / 2 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 21‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 5 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬المائدة ‪. 85 - 82 /‬‬
‫( ‪ ) 23‬الكهف ‪. 10 /‬‬
‫( ‪ ) 24‬الكهف ‪. 14 - 13 /‬‬
‫( ‪ ) 25‬يونس ‪. 98 /‬‬
‫( ‪ ) 26‬العراف ‪. 122 - 120 /‬‬
‫( ‪ ) 27‬يس ‪. 27 - 20 /‬‬
‫( ‪ ) 28‬غافر ‪. 28 /‬‬
‫( ‪ ) 29‬العراف ‪ . 23 /‬للمزيد من التفاصيل انظر الجيطالي ‪ ،‬سرح النونية ‪ 4 - 3 / 2 ،‬؛‬
‫القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 234 - 170 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬السالمي ‪ ،‬مشارق ‪. 343 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬التوبة ‪ 114 /‬؛ ‪ / 11‬الحقاف ؛ ‪ / 6‬النساء ‪. 13‬‬
‫( ‪ ) 32‬أبو داود ‪ ،‬سنن ‪ 523 / 2 ،‬؛ الترمذي ‪ ،‬سنن ‪ 223 / 9‬؛ أحمد بن حنبل ‪ ،‬مسند ‪/ 1‬‬
‫‪. 440 ، 439 ، 430‬‬
‫( ‪ ) 33‬انظر غيوم ‪ (( ،‬حياة محمد )) ‪ 606 ، 1967‬؛ ابن هشام ‪ ،‬السيرة النبوية ‪ ،‬تحقيق السقا‬
‫وآخرين ‪. 524 / 2‬‬
‫( ‪ ) 34‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 92 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬القطب ‪ ،‬سرح النيل ‪. 407 ، 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬الجيطالي ‪ ،‬سرح النونية ‪ 12 / 2 ،‬وما يليها ؛ القواعد ‪. 12 - 11‬‬
‫( ‪ ) 37‬الشماخي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪ 72 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ 17 ،‬؛ الكندي ‪ ،‬كتاب‬
‫التخصيص ‪. 8- 7 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 72 ،‬؛ سير ‪ 228 ،‬؛ الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ 19‬؛ شرح النونية ‪. 35 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 40‬المصدر السابق ‪. 36 - 35 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 41‬المصدر السابق ‪ 36 / 2 ،‬؛ السوفي ‪ ،‬سؤالت ‪. 201 ،‬‬
‫( ‪ ) 42‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 19 - 18 ،‬‬
‫( ‪ ) 43‬المصدر السابق ‪ ، 6 ،‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪. 72 ،‬‬
‫( ‪ ) 44‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 7 - 6 ،‬؛ سرح النونية ‪. 8 / 2 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/277‬‬

‫قواعد البراءة ‪:‬‬


‫القول بأن البراءة إلزامية في السلم ‪ ،‬كالولية بالذات ‪ ،‬هو جزء أصيل في صلب العقيدة‬
‫الباضية ‪ .‬وعلى المؤمنين أن يتصرفوا وفقا لصول البراءة فور بلوغ سن الرشد ( ‪ . ) 1‬ولذلك‬
‫وجهان رئيسان أيضا ‪ ،‬أولهما يتفق مع اليمان بوحدانيه ال ‪ ،‬ويتألف من ‪:‬‬
‫‪ ) I‬البراءة من الكافرين عموما ‪ ،‬معروفين كانوا أم غير معروفين ‪ ،‬أحياء ‪ ،‬أو أموات ‪ ،‬إنسا أو‬
‫جنا ‪ .‬وهذا معروف في الكتابات الباضية ببراءة الجملة ( ‪. ) 2‬‬
‫‪ ) II‬براءة الحقيقة ‪ ،‬أو براءة أهل الوعيد ( ‪ ، ) 3‬ومعنى هذه الخيرة البراءة من أهل الوعيد‬
‫الذين نص القرآن أن مصيرهم هو جهنم ؛ فعلى المؤمنين أن يتنصلوا من هؤلء ‪ ،‬معتقدين بأنهم‬
‫من أهل جهنم ( ‪ . ) 4‬ونذكر فيما يلي المتبرئ منهم ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬هامان ‪ ،‬الذي أيد فرعون ‪ ،‬وقد قال ال فيه ‪ ( :‬فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) ( ‪ ) 5‬و (‬
‫‪ ...‬النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ‪6 ( ) ...‬‬
‫)‪.‬‬
‫‪ ) 2‬قارون الذي قال ال عنه ‪ ( :‬فخسفنا به وبداره الرض فما كان له من فئة ينصرونه ‪ ،‬من‬
‫دون ال وما كان من المنتصرين ) ( ‪. ) 7‬‬
‫‪ ) 3‬فرعون وقد قال ال عنه ‪ ( :‬اذهب إلى فرعون إنه طغى ) ( ‪. ) 8‬‬
‫‪ ) 4‬النمرود وقد ورد ذكره في آيات القرآن التالية ‪ ( :‬ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن‬
‫آتاه ال الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيى ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن ال‬
‫يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر وال ل يهدي القوم الظالمين ) (‬
‫‪.)9‬‬
‫‪ ) 5‬زوجتا نوح ولوط ‪ ،‬قال ال فيهما ‪ ( :‬ضرب ال مثل للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط‬
‫كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من ال شيئا ‪ .‬وقيل أدخل النار‬
‫مع الداخلين ) ( ‪. ) 10‬‬

‫( ‪)1/278‬‬

‫لقد كانت هذه الشخصيات الواردة في القرآن هي المهددة ؛ وقد ميزها عمرو بن جميع في عقيدة‬
‫التوحيد ( ‪ . ) 11‬ثم أضاف الشيخ محمد بن يوسف اطفيش أشخاصا آخرين ( ‪. ) 12‬‬
‫والوجه الثاني هو البراءة من الفراد ‪ ،‬براءة الشخاص ‪ .‬وتتميز هنا أربع فئات ‪:‬‬
‫‪ - 1‬البراءة من كل شخص تشتهر أعماله السيئة لدى المؤمنين ‪ ،‬وهؤلء فئتان ‪:‬‬
‫أ ) مرتكبوا الكبائر ‪ .‬والكبيرة هي التي تعاقب بالحد في هذه الدنيا وبالعذاب في الخرة ‪.‬‬
‫السرقة ‪ ،‬والزنى ‪ ،‬وشرب الخمر ‪ ،‬والفرار أمام العدو ‪ ،‬هي بعض الكبائر ( ‪. ) 13‬‬
‫ب ) البراءة من الذين يضرون على ارتكاب الصغائر من الذنوب كالمخادعة التي ل تؤذي نظر‬
‫الشهوة إلى النساء الجنبيات ‪ ،‬وأخذ شيء من صديق بدون إذنه الخ ( ‪ . ) 14‬وفي رأي الباضية‬
‫في المغرب أن صغائر الذنوب غير محددة ولكن هنالك كبائر معروفة هي التي حددها القرآن‬
‫والحاديث ‪ .‬ولذلك ينبغي على المؤمنين أن ينتبهوا لكل ذنب لتجنب الكبائر ( ‪ . ) 15‬وصغائر‬
‫الذنوب تصبح كبائر بتكرارها المتواصل ( ‪ ، ) 16‬وهذا ما يحتم على المؤمنين أن يعلونا البراءة‬
‫من المذنب ‪.‬‬
‫والبراءة من الشخاص تحدث في إحدى الحالت التية ‪:‬‬
‫أ ) حين يعترف الشخص أنه ارتكب كبيرة ‪ ،‬أو أصر على ارتكاب صغيرة ( ‪ . ) 17‬وحين‬
‫يعتبر الشخص أن آراءه الخاطئة هي دين ال الصحيح ‪ ،‬معتبرا المسلمين الذين يخالفونه مشركين‬
‫( ‪. ) 18‬‬
‫ب ) حين يتولى المؤن شخصا يرتكب الكبيرة ؛ أو يصر على الذنوب الثانوية ‪.‬‬
‫ج ) شهادة شخصين عدلين على أ‪ ،‬شخصا ما يستحق البراءة تفرض على المؤمنين أن يعلنوا‬
‫البراءة منه ‪ .‬هذا المبدأ قال به ‪ ،‬ووضعه موضع التنفيذ جابر بن زيد ‪ ،‬أول أئمة الباضية (‬
‫‪. ) 19‬‬

‫( ‪)1/279‬‬

‫إن شهادة شخص واحد ل تكفي للبراءة من المؤمن ؛ يلي المر عكس ذلك ‪ ،‬أي أنها تدعو‬
‫المؤمنين إلى التنصل من ذلك الشاهد إذا لم يستطع تأييد اتهامه للمؤمن بشهادة شخص آخر عدل‬
‫( ‪ . ) 20‬هكذا فإذا ما قال ولي إن وليا آخر ارتكب كبيرة كان على المؤمنين أن يعلنوا البراءة‬
‫من المتهم ( بكسر الهاء ) ‪ .‬وكذلك المر مع المسلمين غير الباضية ‪ ،‬إذا ما أقدم شخص ل بل‬
‫مجموعة منهم على نسبة ارتكاب كبيرة لولي ‪ ،‬فإن على المؤمنين أن يرفضوا التهمة وأن‬
‫يتنصلوا منهم ( ‪. ) 21‬‬
‫د ) على المؤمنين أن يعلنوا البراءة من أعمال المسيء ( ‪. ) 22‬‬
‫‪ ) 2‬البراءة من السلطان الجائر ‪ :‬على المؤمنين أن يعلنوا البراءة منه ومن كل من يؤيدون حكمه‬
‫‪ .‬لكن ذلك ل ينبغي له أن يشمل جميع من هم تحت حكمه لن المؤمنين قد يخضعون لحكم جائر‬
‫من غير أن يعارضوه بسبب التقية ‪ .‬وأي بلد يحكمها الجائرون والظالمون يجب أن تعلن دار‬
‫جور وظلم ‪ .‬وبالضافة إلى إعلن البراءة من هؤلء الحكام ومن أتباعهم وليس للمؤمنين أن‬
‫يتخذوا أيا منهم وليا ( ‪. ) 23‬‬
‫‪ ) 3‬البراءة من المرتدين ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ( :‬ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك‬
‫حبطت أعمالهم في الدنيا والخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( ‪ . ) 24‬وقول‬
‫الرسول ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ (( :‬من بدل دينه فاقتلوه )) ( ‪ ) 25‬والمجمع عليه بين العلماء‬
‫المسلمين أن النبي في هذا الحديث يشير إلى المرتد ( ‪ . ) 26‬ووفقا لهذا الحديث آمن الباضية‬
‫بأن الشخص الذي يرتد عن السلم ويتبنى الشرك يستحق (( البراءة والسيف )) ( ‪ . ) 27‬على‬
‫أنه يروى أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أعطى المرتدين مهلة ثلثة أيام للتوبة ‪ ،‬فإذا ما‬
‫رفضوها فقد وجب قتلهم وإلغاء حقوقهم كمسلمين من ولية ‪ ،‬وزواج ‪ ،‬ودفن إسلمي ‪ ،‬وإرث ‪.‬‬

‫( ‪)1/280‬‬
‫‪ ) 4‬البراءة ممن يرتدون عن آرائهم الباضية ويتبنون آراء مذاهب أخرى ‪ ،‬ويتخذون من زعماء‬
‫تلك المذاهب (( أولياء )) لهم ويعلنون (( البراءة )) من الئمة الباضية ‪ ،‬فعلى المؤمنين أن‬
‫يتبرؤوا من أمثال هؤلء المرتدين إلى أن يتوبوا ‪ .‬والذين يتخلون عن الباضية ويؤذون‬
‫الباضيين ينبغي أن يقتلوا أو أ‪ ،‬يصار إلى اغتيالهم بأية وسيلة ممكنة ( ‪. ) 28‬‬
‫والولي الذي يرتكب إحدى الكبائر ‪ ،‬ينبغي للمؤمنين أن يطلبوا منه التوبة ؛ وإذا رفض ذلك ‪ ،‬كان‬
‫عليهم إعلن البراءة منه ‪ .‬ومن العلماء من يقول إن على المؤمنين أن يعلنوا البراءة منه أول ‪ ،‬ثم‬
‫أن يطلبوا منه أني يتوب ‪ .‬وفي مثل هذه الحالت يمكن أن تطلب منه التوبة ثلث مرات ‪ ،‬بعد‬
‫ذلك ل يعود لزاما على المؤمن أن يطلب من المذنب أن يتوب ‪ .‬ووفقا لمام الباضيين الثاني ‪،‬‬
‫أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬ينبغي تنفيذ هذه القاعدة (( حتى يكون الشيطان هو الخاسر )) (‬
‫‪ . ) 29‬ثم إن هذا الرأي يروى أيضا عن علي بن أبي طالب ‪.‬‬
‫==============================‬
‫( ( ‪ ) 1‬ابن جميع ‪ ،‬العقيدة ‪ 73 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬شرح العقيدة ‪ 73 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 73 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 9‬‬
‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪. 10 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪ 12 - 11 / 2 ،‬؛ القواعد ‪ 9 ،‬؛ السوفي ‪ ،‬سؤالت ‪70 - 68 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 26 - 24 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬ابن حزم ‪ ،‬الفصل ‪. 191 / 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬عمروس بن فتح ‪ ،‬الرد على الناكثة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20 - 19 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬السوفي ‪ ،‬سؤالت ‪ 331 - 330 ، 310 - 301 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪- 24 / 2 ،‬‬
‫‪. 26‬‬
‫( ‪ ) 9‬المصدر السابق ‪ 27 - 26 ،‬؛ القواعد ‪. 16 - 15 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 16 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ن ‪ 8 / 2‬؛ القواعد ‪. 23 ،‬‬

‫( ‪)1/281‬‬

‫( ‪ ) 12‬الكندي ‪ ،‬التخصيص ‪ 9 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬مشارق ‪ 341 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪/ 2 ،‬‬
‫‪ 9‬؛ الشماخي ‪ ،‬شرح العقيدة ‪. 75 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬ابن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪. 75 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬القصص ‪. 40 /‬‬
‫( ‪ ) 15‬غافر ‪. 47 /‬‬
‫( ‪ ) 16‬القصص ‪. ) 83 - 77 ( 82 /‬‬
‫( ‪ ) 17‬طه ‪. 43 ، 24 /‬‬
‫( ‪ ) 18‬البقرة ‪. 58 /‬‬
‫( ‪ ) 19‬التحريم ‪. 11 - 10 /‬‬
‫( ‪ ) 20‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪. 76 - 75 ،‬‬
‫( ‪ ) 21‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 278 - 269 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬السالمي ‪ ،‬مشارق ‪. 278 - 269 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬المصدر السابق ‪. 379 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬أبو عمار ‪ ،‬شرح الجهالت ‪ 64 ،‬أ ‪ 65 -‬ب ؛ البرادي ‪ ،‬حقائق ‪ ،‬مخطوطة ‪. 12،‬‬
‫( ‪ ) 25‬السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 380 ،‬‬
‫( ‪ ) 26‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪ 34 - 33 ،‬؛ القواعد ‪. 33 ،‬‬
‫( ‪ ) 27‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 28‬يروى أن جابر سمع اثنين من أتباعه يلعنان رجل ل يعرفه ؛ فقال ‪ :‬لعن ال من لعنتما ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ما علمنا بمكانك وكيف تلعن رجل لم يثبت عندك أمره ؟ قال ‪ :‬وأي تثبيت أثبت منكما وقد‬
‫اجتمعتما على لعنه ؟ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪ 39 / 2 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 205 ،‬ط ‪.‬‬
‫طلي ‪ ] 213 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 73 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬يروى أن ضمام بن السائب أحمد أوائل كبار علماء المذهب الباضي ‪ ،‬كان يجلس إلى‬
‫مؤمن ( ولي ) حين ذكر رجل من المسلمين فنقصه ‪ ،‬فقال له ضمام ‪ ،‬صه ‪ ،‬ل تفعل ‪ ،‬فعاد‬
‫فانتهره فقال ‪ :‬تبرأ ال منه ؟ فقال ضمام ‪ :‬تبرأ ال منك ‪ ....‬ثم تاب الرجل وسأل المغفرة )) ‪.‬‬
‫المصدر السابق ‪ 88 - 87 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬طبقات ‪. 235‬‬
‫‪.‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/282‬‬

‫الوقوف ‪:‬‬
‫و (( الوقوف )) واجب آخر لزم ‪ ،‬متصل بالولية والبراءة ‪ .‬فإذا لم يكن الشخص يستحق‬
‫الولية أو البراءة فإن حالته ينبغي أن تكون حالة (( وقوف )) وهي حالة ضرورية طالما أن حالة‬
‫الشخص غير واضحة ‪ .‬ومثل هذا الموقف يستند إلى اليتين القرآنيتين التاليتين ‪:‬‬
‫‪ ( - 1‬ول تقف ما ليس لك به علم ‪ ،‬إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤول )) (‬
‫‪.)1‬‬
‫‪ ( - 2‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أ‪ ،‬تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما‬
‫فعلتهم نادمين ) ( ‪. ) 2‬‬
‫ويستشهد بالحاديث التالية لتعزيز هذا الرأي ‪:‬‬
‫يروى أن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) قال ‪:‬‬
‫‪ (( - 1‬إن المور ثلثة ‪ ،‬أمر بأن لكم رشده فاتبعوه ‪ ،‬وأمر بأن لكم غيه فاجتنبوه ‪ ،‬وأمر أشكل‬
‫عليكم فكلوه إلى ال )) ( ‪. ) 3‬‬
‫‪ - 2‬قال النبي ‪ ( :‬المؤمن وقاف والمنافق وثاب )) ( ‪. ) 4‬‬
‫وذكر السالمي خمسة أنواع في الوقوف ( ‪ : ) 5‬الول هو (( وقوف الدين )) أ‪ ,‬كما يسميه‬
‫آخرون (( وقوف السلمة )) ‪ .‬وهو وقوف بالنسبة لشخص مكلف شرعا لكن حالته مجهولة عد‬
‫المؤمنين ‪ .‬واتفق جميع العلماء الباضيين بخصوص هذا القسم لكنهم لم يتفقوا بالنسبة للقسام‬
‫الخرى ‪ .‬والثاني هو الوقوف بخصوص الولي الذي ينسب إليه عمل لم يكن المؤمنين مطلعين‬
‫عليه إلى حد كاف يمكنهم من إصدار حكم بشأنه ومن العلماء من يقول إن موقف المؤمنين في‬
‫هذه الحالة يجب أن يكون (( الوقوف ))‪.‬‬
‫والقسم الثالث من الوقوف هو وقوف السؤال وهو شبيه بالقسم الثاني إل أنه يشترط فيه أن يسأل‬
‫المؤمن العلماء بشأن الفعل المجهول ( ‪. ) 6‬‬

‫( ‪)1/283‬‬

‫والقسم الرابع هو (( وقوف )) الشكال بالنسبة للقضايا المشكوك فيها ‪ .‬وهو ينطبق على الوليين‬
‫اللذين يلعن أحدهما الخر أو يقتله ‪ ،‬ويظل المسيء الفعلي غير معروف للمؤمنين ‪ .‬هنا تذكر‬
‫المصادر الباضية حالة الحارث وعبد الجبار وقد وجدا قتيلين وسيق كل منهما في جسد الخر ؛‬
‫فكلهما في حالة ولية لكن موتهما ترك شكا في أذهان المؤمنين حول المسيء الحقيقي ‪ .‬من‬
‫العلماء بمن فيهم النكار ‪ ،‬من يقول بشرعية الوقوف منهما لكن آخرين ( علماء الوهبية في‬
‫المغرب ) يرون أنه ينبغي إبقاؤهما في حالة الولية السابقة ( ‪. ) 7‬‬
‫والقسم الخامس ‪ ،‬كما يقول السالمي ‪ ،‬هو (( وقوف الشك )) ‪ ،‬أي الوقوف من جميع الناس ‪،‬‬
‫وعدم اتخاذ أولياء إل ممن يتخذون مثل هذا الموقف ‪ .‬مثل هذا الوقوف يعتبر غير شرعي لنه‬
‫يهمل واجب الولية لمن هم أهل لها ( ‪. ) 8‬‬
‫===============================‬
‫‪:‬‬
‫‪ ) 1‬الحجرات ‪. 6 /‬‬
‫( ‪ ) 2‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 46 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬السالمي ‪ ،‬مشارق ‪. 372 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬المصدر ذاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬المصدر ذاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 125 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 27 - 25 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 26 - 24 ،‬؛‬
‫البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪. 171 - 170 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 373 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬نيكلسون ‪ ،‬تاريخ الدب العربي ( ‪. 83 ، ) 1962‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/284‬‬

‫منشأ نظام الولية والبراءة ‪:‬‬


‫في الفترة السابقة للسلم ( الجاهلية ) ‪ .‬كانت العائلة ( العشيرة ) والقبيلة أهم وحدتين في‬
‫المجتمع الوثني في شبه الجزيرة العربية وفي هذا المجتمع كان الفرد العربي ينشأ بشعور الولء‬
‫الكامل لعائلته وقبيلته ‪ .‬هو ولء ليس أكثر من (( إخلص وفي لقربائه ؛ وهو وثيق الصلة‬
‫بفكرة القرابة ‪ .‬وكان الدفاع عن هؤلء كأفراد وكمجموعات ‪ ،‬واجبا مقدسا )) ( ‪ . ) 1‬كذلك كان‬
‫مطلوبا من الرجل أن يؤيد أهله وذويه حتى ولو كانوا على خطأ ‪ .‬ولذلك اعتبر الشاعر العربي‬
‫المودة والصداقة مع أقاربه قضية ذات أهمية كبرى ‪:‬‬
‫وجاءت تعاليم السلم فاعترفت بالنظام القبلي ( ‪ ، ) 2‬كلنها هزت المبدأ العربي الوثني‬
‫بخصوص الولء العرقي للقبيلة والعائلة حتى العماق ‪ .‬فالولء يجب أن يكون ل ولنبيه ؛‬
‫وواجباته هي التزامات دينيه ل واجبات تقليديه يتطلبها الشرف ‪ (( .‬السلم ‪ ،‬ل النسب القبلي ‪،‬‬
‫هو المبدأ الجامع للمجتمع )) ( ‪ . ) 3‬لقد أقيم نظام الولية والبراءة على هذه المبادئ الساسية‬
‫منذ البداية الولى للمجتمع السلمي في مكة ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية ‪ ،‬لم تكن القبيلة في بعض الحيان تملك سيطرة كاملة على أفرادها الذين‬
‫يتورطون في أعمال قد تثير مشاكل بين القبائل وبين العائلت مما يؤثر على القبيلة والعائلة كلها‬
‫‪ .‬ولتجنب المشاكل التي يسببها مثل هؤلء الفراد غير المسئولين كانت العائلة أو القبيلة تتخلى‬
‫عنهم ‪ .‬والعادة في هذه الحالة ‪ ،‬كما يقول الزوزني ‪ ،‬هي أن الرجل يأتي بابنه إلى الجتماعات‬
‫القبيلة في أسواق ومراكز الحج ويعلن أنه أنكر ابنه ‪ .‬وبذلك ل يعود مسئول عن أية جريمة‬
‫يرتكبها ابنه الذي تبرأ منه ‪ ،‬كما أنه لن يطالب بالثأر إذا ما ارتكبت أية جريمة بحق هذا البن (‬
‫‪.)4‬‬
‫( ‪)1/285‬‬

‫مثل هذا الشخص الذي جرى التبرؤ منه يعرف بالخليع أو اللعين ‪ ،‬أو الطريد ( ‪ . ) 5‬والصفتان‬
‫الوليان تردان في أشعار الشماخ بن ضرار وامرئ القيس ( ‪ ) 6‬ومن المساوئ التي تجعل القبيلة‬
‫أو العائلة تتخلى عن أحد أفرادها هي الدمان على الخمور ‪ ،‬والتبذير بالموال ‪ ،‬كما هو مذكور‬
‫في قصيدة لطرفة بن العبد ( ‪. ) 7‬‬
‫مثل هذه المعاملة للعضو الثم أو المجرم في القبيلة في الفترة السابقة للسلم هي ‪ ،‬على ما‬
‫يبدو ‪ ،‬حذر هذا النظام الذي أصبح يعرف بالبراءة فيما بعد ‪ .‬وقد لجأ القرشيون إلى هذا النوع‬
‫من المعاملة مع بني هاشم وبني المطلب في مكة لنهم حموا النبي ‪ .‬و (( الصحيفة )) التي كتبها‬
‫المشركون لهذه الغاية تذكر أن الذين يتعاقدون على هذه الوثيقة (( ‪ ....‬على أن ل ينكحوا إليهم‬
‫ول ينكحوهم ‪ ،‬ول يبيعوهم شيئا ول يبتاعون منهم )) ( ‪ . ) 8‬ودامت هذه المقاطعة للمسلمين‬
‫ولحمايتهم أكثر من سنتين أو ثلث سنوات ؛ ثم جعل السلم من هذا النظام سلحا مفيدا ‪ .‬وأول‬
‫استعمال لهذا المبدأ جرى لخلق شعور بالتجانس بين أفراد المجتمع السلمي الجديد النشأة ‪،‬‬
‫ولبقائهم منعزلين عن المجتمعات المحيطة بهم من الوثنيين وأهل الكتاب ‪ .‬ثم جرى تعديل هذا‬
‫النظام للتعاطي مع الذين ل ينفذون واجبات الدين الجديد واللتزامات نحو المة الجديدة ‪.‬‬
‫وأول حادثة في تنفيذ نظام البراءة كانت بحق بعض أفراد المجتمع السلمي برغم أمر النبي‬
‫الواضح لهم ؛ ونزلت الية التالية لنهاء النقاش الذي نشأ بين المسلمين في المدينة في ما يتصل‬
‫بزملئهم المسلمين الذي لم ينضموا إليهم بعد الهجرة ( ‪ ( ) 9‬والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم‬
‫من وليتهم من شيء حتى يهاجروا ) ( ‪. ) 10‬‬

‫( ‪)1/286‬‬

‫والحادثة الخرى تتناول الرجال الثلثة الذين امتنعوا عن المشاركة في غزوة تبوك أي كعب بن‬
‫مالك ‪ ،‬ومرارة بن الربيع ‪ ،‬وهلل بن أبي أمية ‪ ،‬فقد حظر النبي على جميع المسلمين أن‬
‫يكلموهم ؛ ثم أمرهم بعد فترة أسبوعين أن يعتزلوا نساءهم ‪ .‬واستمر ذلك خمسين ليلة حتى أنزل‬
‫ال كلمته بشأنهم ( لقد تاب ال على النبي والمهاجرين والنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة‬
‫من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ‪ ،‬ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلثة الذين‬
‫خلفوا ‪ . ) 11 ( ) ....‬وهكذا أعيدوا إلى المجتمع السلمي ( ‪. ) 12‬‬
‫وليس غرض هذا الكتاب أن ندرس نظام الولية والبراءة في حياة النبي ؛ بل أن نبين نشأة هذا‬
‫النظام مما أدى إلى تأسيسه في العقيدة الباضية في وقت لحق ‪ .‬لقد درس الباضية هذا النظام‬
‫على أساس القرآن والسنة والجماع ‪ .‬ولئن كانت هذه المصادر الولية للشرع هي المتبعة من‬
‫قبل المذاهب السلمية الخرى ‪ ،‬فإن الباضيين فقط هم الذين طوروا نظام الولية والبراءة هذا‬
‫وأعطوه أهمية كبيرة من الناحيتين النظرية والعملية ‪ .‬ومرد ذلك إلى طبيعة الحركة الباضية‬
‫والظروف التي تأسست فيها ‪.‬‬
‫لقد تأسست الحركة الباضية في أوائل عهد بني أمية وكان عليها آنذاك أن ترسخ جذورها في‬
‫البلدان السلمية وأن تتجنب قمع الولة المويين ‪.‬وكانت البصرة مركز هذه الحركة النامية مما‬
‫جعل الباضيين يواجهون محاكمات عديدة في ظل (( أقسى الولة في زمانهم )) ‪ ،‬أي زياد بن‬
‫أبيه ‪ ،‬وابنه عبيد ال ‪ ،‬والحجاج بن يوسف ؛ وكانت الحركة الباضية آنذاك في مرحلة الكتمان‬
‫ووفقا لحاجات هذه المرحلة ‪ ،‬قامت منظمة سرية لنشر تعاليم السلم الصحيحة بعيدا عن أنظار‬
‫(( الطغاة )) ‪ .‬وأنشئت عدة مجالس لجتماعات علماء الباضية ‪ ،‬وللتعليم الديني لعضاء هذه‬
‫الفئة لتحقيق متطلبات المنظمة ‪.‬‬

‫( ‪)1/287‬‬

‫وقدم نظام الولية والبراءة خدمة جليلة في تأمين الحركة في التجاه الصحيح ‪ ،‬وكان أحد‬
‫الصول الساسية للعضو الجديد الذي يريد النضمام إلى الباضيين أن يعلن براءته من أعداء ال‬
‫والنبي ( أي خصوم الحركة الباضية ) وأن يؤمن بالولية لولياء ال ونبيه ( أي العضاء‬
‫المناء في المجتمع الباضي )‪.‬‬
‫ويروى أن الباضيين دعوا بسطام أبي النظر الذي كان صفريا كي ينضم إلى حركتهم ‪ ،‬قال‬
‫بسطام ‪ :‬حين دعوني قالوا ‪ (( :‬ندعوك إلى ولية من قد علمته يقول بالحق ويعمل به ‪ ،‬وإلى‬
‫براءة من قد علمته يقول بخلف الحق ويعمل به ‪ ،‬والوقوف فيمن ل تعلم حتى تعلم )) ‪ .‬قال ‪(( :‬‬
‫هذا كان في عهد الكتمان )) ( ‪ . ) 13‬والظاهر أن ذلك هو أحد المبادئ الساسية في الحركة‬
‫الباضية ‪ ،‬لن أول إمام للدولة الباضية في اليمن عبد ال بن يحيى الكندي قال بعد فتح اليمن‬
‫مخاطبا للناس ‪ (( :‬ندعو إلى توحيد الرب ‪ ...‬والولية لهل ولية ال والعداوة لعداء ال )) (‬
‫‪ . ) 14‬وكان العضاء الذين لم يتبعوا تعاليم السلم يعاملون بطرق مختلفة بالنسبة لخطورة‬
‫أخطائهم وطبيعتها ‪ .‬ويروى عن جابر بن زيد أنه قال ‪ (( :‬إذا رأى أحدكم خطأ من وأخيه ‪ ،‬فقد‬
‫وجب عليه أن يمنعه من تكراره ؛ أ‪ ،‬هذا يجب أن يتم بينهما فقط ‪ .‬وإذا رفض التخلي عن‬
‫خطئه ‪ ،‬فإنه يجب عليه أن يطلب المعونة من عضو آخر ‪ ،‬إلى أن يكون لديه شاهدان على الواقع‬
‫‪ .‬فإذا ما امتنع المخطئ عن ارتكاب الخطيئة ‪ ،‬فإنه يجب إخفاء خطيئته ‪ .‬أما إذا أصر على ذنبه‬
‫فعليهم أن يعلنوا البراءة منه )) ( ‪ . ) 15‬وهنالك رأي مشابه ويروى عن حاجب الطائي ‪ ،‬أحد‬
‫أوائل قادة الباضيين ( ‪ . ) 16‬ويقسم حاجب هذه المخالفات إلى نوعين ‪ ( .‬أ ) ذاك الذي يتعلق‬
‫بواجبات النسان نحو ال ؛ على المسلمين أن يخفوا هذه الخطاء وأن يقدموا النصح لرفيقهم‬
‫المؤمن ‪ ،‬وأن يسمحوا له بحضور مجالسهم لن ال قد يتوب عليه ؛ ( ب ) أما إذا كانت المخالفة‬
‫ذات صلة باليمان‬

‫( ‪)1/288‬‬

‫بالتمسك بآراء مناقضة لما يؤمن به الباضيون ‪ ،‬فإن عليهم في مثل هذه الحالة أن يعلنوا البراءة‬
‫منه وأن يمنعوه من حضور مجالسهم وأن يبلغوا جميع العضاء بذلك ليكونوا حذرين منه ( ‪944‬‬
‫) ‪ .‬ولشرح هذه العقيدة نذكر الحالت التالية ‪:‬‬
‫قال أبو سفيان محبوب بن الرحيل ‪ (( :‬جاء حمزة الكوفي إلى أبي عبيدة في منزله ليناقش معه‬
‫قضية القدر ‪ ،‬فذهبا إلى نزل حاجب وتكلما كلما كثيرا ‪ ،‬فكان آخر ما سمع من أبي عبيدة أن‬
‫قال ‪ :‬يا حمزة على هذا القول فارقت غيلن ‪ ،‬فخرج أبو عبيدة ثم كلمه حاجب ‪ ،‬قال ‪ (( :‬إنما‬
‫أخذت هذا الكلم من عند المسلمين ( الباضية ) ‪ ،‬فقال له حاجب ‪ :‬لم تدرك أحدا إل وقد أدركته‬
‫ولقيته إل جابرا ‪ ،‬فعن من أخذت هذا القول ؟ قال ‪ :‬منك أخذته ‪ .‬قال فقال له حاجب ‪ :‬فإني‬
‫أرجع عنه ‪ ،‬فارجع عنه كما رجعت ‪ .‬قال فقال ‪ :‬أرفق بي يا أبا مودود وأقبل مني ما أقول لك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬هات ‪ .‬قال ‪ :‬أقول ‪ (( :‬ما أصابك من حسنة فمن ال وما أصابك من سيئة فمن نفسك ))‬
‫فالحسنات من ال والسيئات من العباد )) ‪ .‬ولم يقبل حاجب ذلك منه ‪ ،‬فغادر حمزة المكان ‪.‬‬
‫وحين سئل حاجب عنه ‪ ،‬قال ‪ (( :‬عاملوا حمزة برفق )) بعد ذلك سمعوا أن حمزة اتصل بالنساء‬
‫والرجال من ذوي المعرفة القليلة ليعلمهم آراءه ‪ .‬فأمر أبو عبيدة حاجب أن يدعو أعضاء الحركة‬
‫إلى اجتماع عام لطلعهم على البدع التي جاء بها حمزة ‪ .‬وختم حاجب كلمه في ذلك اللقاء بأن‬
‫قال ‪ (( :‬إن حمزة وعطية ‪ ،‬والحارث أتونا ببدع ‪ ،‬فمن آواهم ‪ ،‬أو استقبلهم أو جالسهم ‪ ،‬فليس‬
‫بولي لنا )) ‪ .‬وأعلن أبو عبيدة البراءة منهم وأمر بأن يكونوا في حالة البراءة وطردوا من‬
‫المجلس ( ‪ . ) 17‬واعتاد حمزة أن يزور هبيلة أم سعيد ‪ .‬وحين سمعت أن الباضية تبرأوا منه ‪،‬‬
‫رفضت أن تستقبله بعد ذلك ‪ .‬ولذلك غادر البصرة إلى الموصل ‪ .‬ثم راح أبو محفوظ يتبعه من‬
‫قرية إلى أخرى لتحذير المسلمين منه ( ‪ . ) 18‬والحادثة الثانية في عهد أبي عبيدة هي الحادثة‬

‫( ‪)1/289‬‬

‫الفتيان الذين جاؤوا أبا عبيدة وسألوه عن حالة النصراني الذي لم يسمع بنبي السلم ‪ ،‬ودعا‬
‫المجوسي إلى النصرانية ؛ فسألهم أبو عبيدة رأيهم وكان جوابهم أن المسيحي الذي لم يسمع بنبي‬
‫السلم هو مسلم وأن المجوسي الذي وافق على النصياع له كافر ‪ .‬ورفض أبو عبيدة فرادوه‬
‫الكلم ‪ ،‬فبرئ منهم وجاء الفتيان إلى حاجب منكسرين (( فقالوا له أغثنا ‪ ،‬فإنه عجل علينا‬
‫بالبراءة إنما أردنا أن نستفهمه ‪ ،‬قال ‪ :‬فركب إليه حاجب فأعلمه أنهم تائبون ‪ ...‬فقبل منهم وأمر‬
‫بهم فدخلوا المجالس ) ) ( ‪. ) 19‬‬
‫واتبعت هذه الصول خلل تاريخ الباضية إلى حد كبير بحيث أنه لم يكن يمكن لية آراء‬
‫مناقضة أن تنو في المجتمع الباضي ‪ .‬إل أنه حدث بعد ذلك أن انشق عدد من المؤيدين لهذه‬
‫الفئة عن الحركة الصلية وشكلوا مجموعاتهم الخاصة ( ‪. ) 20‬‬
‫وإذا كان هذا النشقاق يعني النفصال عن التنظيم والطعن في الراء الباضية أو إفشاء أسرارهم‬
‫‪ ،‬فإن الموقف من هؤلء الشخاص لم يكن يكتفي بالبتعاد عنهم فقط بل بالقضاء عليهم بأية‬
‫وسيلة ( ‪ . ) 21‬ويقال إن شابا إباضيا جاء جابر بن زيد وسأله عن أفضل أشكال الجهاد ‪،‬ف رد‬
‫جابر بأنه (( قتل خردلة )) ‪ .‬وطلب الشاب من رجل آخر أن يدله على خردلة وطعنه بخنجر‬
‫مسموم داخل الجامع ‪ .‬ووفقا للجيطالي ‪ ،‬كان خردلة عضوا في الحركة الباضية لكنه تركها‬
‫وأفشى أسماء أفراد المجتمع الباضي إلى خصومهم ‪ ،‬ودل على مواقعهم التي كان الباضيون‬
‫يعقدون فيها اجتماعاتهم ( ‪. ) 22‬‬
‫وحدد الباضية مراحل المجتمع السلمي على الشكل التي ‪) 23 ( :‬‬
‫الكتمان ‪ ،‬والظهور ‪ ،‬والدفاع ‪ ،‬والشراء ( التضحية بالنفس ) ( ‪. ) 24‬‬

‫( ‪)1/290‬‬

‫يدل سير التاريخ السلمي كما يعرضه الباضيون على أ‪ ،‬المجتمع السلمي الصحيح الذي‬
‫مثلوه في نضالهم ‪ ،‬هو في واحد من المراحل الربع المذكورة أعله ‪ .‬وسادت حالة الظهور في‬
‫السلم ‪ ،‬كما أقامها النبي في المدينة خلل خلفة أبي بكر وعمر والسنوات الست الولى من‬
‫خلفة عثمان ‪ ،‬وفي ظل علي حتى رضي بالتحكيم ‪ .‬بعد ذلك انقسم المجتمع السلمي إلى ثلث‬
‫مجموعات رئيسة ‪ (( :‬صنف يزينون أمر عثمان ول يفرطون في الرجاء ‪ ،‬وصنف يزينون أمر‬
‫علي ول يفرطون في التشيع ‪ ،‬والمسلمون بعد على هوامهم وما رزقهم ال من العون والتوفيق‬
‫وإصابة الحق )) ( ‪. ) 25‬‬
‫وهب الباضيون لحياء (( دولة الظهور )) حين فشل المسلمون الراشدون في إحيائها ؛ وأبيدوا‬
‫في معركة النهروان ‪ .‬وبدأوا بمنظمة سرية علموا فيها أعضاءها الدين الحقيق ‪ .‬وكان ضروريا‬
‫لعضاء الحركة أن يعرفوا الخطاء التي أدت إلى إفساد تعاليم القرآن كما شرحها ومارسها النبي‬
‫وخليفتاه الولن ‪ .‬أما بالنسبة للذين كانوا مسئولين عن الخطاء فأعلن الباضيون البراءة منهم ‪.‬‬
‫وكان من شأن هذا المبدأ أن حرر الباضيين من النفوذ الشخصي لصحابة النبي الذين لعبوا الدور‬
‫الهم في الحروب الهلية بين المسلمين وحكموا عليهم وفقا لمقياس التقوى والصلح كما هو‬
‫معروض في القرآن والسنة ‪ ،‬وعرضت أخطاؤهم بوضوح في الكتابات الولى للباضية ‪ .‬وفي‬
‫رسالته إلى الخليفة الموي عبد الملك بن مروان أشار عبد ال بن إباض إلى أخطاء عثمان التي‬
‫تسببت في قيام المسلمين عليه ( ‪ . ) 26‬قال ‪ (( :‬فلما رأى المؤمنون الذي نزل به عثمان من‬
‫معية ال تبرؤوا منه والمؤمنون شهداء ال )) ( ‪ . ) 27‬ثم تابع معلقا ‪ (( :‬فمن يتولى عثمان ومن‬
‫معه فإنا نشهد ال وملئكته بأنا منهم براء ولهم أعداء بأيدينا و ألسنتنا وقلوبنا ‪ ،‬ونعيش على ذلك‬
‫ما عشنا ونموت عليه إذا متنا ونبعث عليه إذا بعثنا ونحاسب بذلك عند ال )) ( ‪. ) 28‬‬

‫( ‪)1/291‬‬

‫ومن الصحابة الذين عوموا وفقا لمبدأ البراءة طلحة بن عبيد ال والزبير بن العوام ‪ .‬استحقا‬
‫البراءة لنقضهما العهد بالولء والقتال ضد الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب ( ‪ . ) 29‬أما‬
‫عائشة زوجة النبي ‪ ،‬لنها برغم القيام بدور في القتال وحضورها معركة الجمل ‪ ،‬لم يتبرأ منها‬
‫لنها استغفرت ال ورجعت عن فعلها وتولها المسلمون ( ‪ . ) 30‬ويروى جابر بن زيد أول إمام‬
‫للباضية ‪ ،‬وأحد تلمذة عائشة أنها ‪ ،‬لعتابه لها ولعتاب صديقة أبي بلل مرداس لها على ما كان‬
‫منها يوم الجمل ‪ ،‬تابت مما كانت قد دخلت فيه ورجت الغفران من ال ( ‪ . ) 31‬كذلك عومل‬
‫علي بن أبي طالب بالبراءة لقبلوه بتحكيم الناس في قضية بت فيها القرآن ‪ .‬والقرآن يقول‬
‫بوضوح ‪ ( :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الخرى‬
‫فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر ال ) ( ‪ . ) 32‬ووفقا للباضية فإن معاوية وأنصاره كانوا‬
‫الفئة الباغية وكان على علي أن يقاتلهم حتى يعودوا إلى أمر ال ‪ ،‬أي ساء حكم الخليفة الشرعي ‪.‬‬
‫وقبول علي للتحكيم معناه إقالته من الخلفة ‪ ،‬وهذا شيء ساء مجموعة من المسلمين وفرض‬
‫عليهم أن يختاروا إماما جديدا هو عبد ال بن وهب الراسبي ‪ .‬ويعتقد الباضية إن عبد ال بن‬
‫وهب وأهل النهروان على حق ‪ ،‬وأن عليا بن أبي طالب مخطئ لقبوله بالتحكيم بالدرجة الولى ‪،‬‬
‫ثم لمقاتلته أهل النهروان ثانيا ( ‪. ) 33‬‬
‫وبالنسبة لمعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص فقد عومل بالبراءة باستمرار لتمردهما على‬
‫علي ‪ (( ،‬الخليفة الشرعي )) ( ‪ . ) 34‬ووصف عبد ال بن إباض معاوية بالكلمات التالية ‪:‬‬
‫(( ول نعلم من الناس أحدا أترك للقسمة التي قسم ال ‪ ،‬ول لحكم حكمه ال ‪ ،‬ول أسفك لدم حرام‬
‫مننه )) ( ‪.) 35‬‬

‫( ‪)1/292‬‬
‫ول حاجى بنا إلى القول إن براءة الباضية من مثل هؤلء الصحابة لم تكن تتناول غير نشاطاتهم‬
‫والسياسية فقط ل علمهم بالدين ‪ .‬فآراؤهم الفقهية مقبولة من قبل الفقهاء الباضية كما هو واضح‬
‫من المصادر الباضية التي تقدم لنا الراء الدينية والفقهية لعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وعثمان بن عفان‬
‫‪ ،‬وسواهما ‪ ،‬حتى معاوية الذي يعارضه الباضية بقوة كان أحد الشخاص الذين روى عنهم‬
‫جابر بن زيد أحاديث للنبي عليه السلم ( ‪. ) 36‬‬
‫وبالنسبة للصحابة الذين احتفظوا بآرائهم بشأن الفتنة ورفضوا أن يحاربوا إلى جانب علي ‪ ،‬كسعد‬
‫بن أبي وقاص ‪ ،‬وعبد ال بن عمر ‪ ،‬ومحمد بن مسلم ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬فقد كان للباضية فيهم‬
‫رأيان ‪ :‬أحدهما البراءة منهم والثاني (( الوقوف )) بشأنهم ( ‪ . ) 37‬وجميع الخلفاء وولتهم بدءا‬
‫من معاوية اعتبروا سلطين جور وأعلن الباضية البراءة منهم باستثناء عمر بن عبد العزيز ‪،‬‬
‫الخليفة الموي ‪ .‬ومن العلماء الباضيين من يقول إنه كان إماما شرعيا بسبب إجماع المة عليه‬
‫لقبوله إماما ( ‪ . ) 38‬ويقول علماء آخرون إن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة سأل ال أن يرحم‬
‫عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬مما يعني أن عمر كان يستحق الولية ( ‪ . ) 39‬ويروي أيضا أن أبا عبيدة‬
‫أرسل وفدا إلى عمر يدعوه لقبول العقيدة الباضية ‪ .‬وبعد نقاش طويل وافقهم عمر على أكثر‬
‫آرائهم ‪ ،‬غير أنه رفض الطعن بعثمان وقال ‪ (( :‬تلك دماء ظهر ال منها أيدينا ‪ ،‬فلنطهر منها‬
‫ألسنتنا )) ( ‪ ، ) 40‬ورفضوا القبول برأيه ‪ ،‬وقال رئيس الوفد الباضي ‪ ،‬أبو الحر علي بن‬
‫الحصين لعمر ‪ (( :‬اعلم أنا ل نتولك )) ( ‪ . ) 41‬ولدى سماع هذا النقاش قال أبو عبيدة ‪:‬‬
‫(( كنت أتمنى لو أنهم قبلوا رأي عمر )) ( ‪ . ) 42‬ويقال أيضا إن الفضل بن الحواري قال إن‬
‫عمرا بن عبد العزيز وافق على العقيدة الباضية ‪ ،‬والبراءة من الطغاة وقبل أن يتخذ الباضية‬
‫أولياء ‪ .‬وطلب منه الوفد أن يعلن ذلك ‪ ،‬إذ إن التقية الدينية ‪ ،‬وفقا‬

‫( ‪)1/293‬‬

‫للباضية ‪ ،‬ليست واجبة على الحاكم العادل ؛ ولم يستطع عمر أن يوافقهم على ذلك ووعدهم بأن‬
‫يحيي كل يوم سنة ويميت بدعة ‪ ،‬لكنهم رفضوا اقتراحه ( ‪ . ) 43‬واعتقد الباضية في المغرب‬
‫أن عمر بن عبد العزيز كان أقرب إلى البراءة ‪ .‬وسئل عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ‪،‬‬
‫المام الثاني لدولة تاهرت الباضية عن رأيه في عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬فأجاب ‪ (( :‬هو ليس‬
‫جديرا بالثناء بين المسلمين ( أي الباضيين ) فهم لم يتخذوه وليا وهو أقرب إلى البراءة )) (‬
‫‪. ) 44‬‬
‫لقد بدأت المصادر الباضية بمناقشة مشكلة الطغيان والطغاة بتفصيل ‪ ،‬والموقف الذي ينبغي أن‬
‫يتخذه الباضيون في ظلهم ‪ .‬وفيما يلي وصف الطغاة كما يقدمه لنا أبو يعقوب بن يوسف‬
‫الوارجلني ‪ (( :‬وأما السلطين الجورة فهم الذين تغلبوا على الناس ‪ ،‬ل يراعون شرعا ول‬
‫يدعون إليه ‪ ،‬ول يعملون به ‪ ،‬وعطلوا الزكاة والصدقات والعشور والخراجات ‪ ،‬ول يهتمون‬
‫بالقضية والحكومات ‪ ،‬ول بإقامة الحدود والقصاصات ‪ ،‬وشرعوا لنفسهم طرقا في إقامة‬
‫ملكهم ‪ ،‬خلف طرائق الشرائع ‪ ،‬وشيدوا القصور وبنوا الدور ‪ ،‬وحصنوها بالحرس والعوان ‪،‬‬
‫ويغيرون على البلدان ‪ ،‬واستعملوا في جميع الموال المغارم والقبالت ‪ ،‬واتخذوا العوان والكفاة‬
‫‪ ،‬وأظهروا شرب الخمور ولباس الحرير والمعازف والستور والجور في كل المور)) ( ‪. ) 45‬‬
‫وتشير المراجع الباضية ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬إلى زياد بن ا[ي سفيان والحجاج بن يوسف‬
‫كسلطاني جور ‪ .‬وهنالك لئحة بأسماء الطغاة الجائرين في المغرب والندلس ذكرها أبو يعقوب‬
‫الوارجلني في كتابه (( الدليل والبرهان )) ( ‪ . ) 46‬وجميع علماء الباضية متفقون على أن‬
‫مثل هؤلء الحكام ل حق لهم في الولية ‪ ،‬فهم وأنصارهم يجب أن يكونوا في حالة البراءة ‪.‬‬

‫( ‪)1/294‬‬

‫ويبدو أن مبدأ الولية والبراءة كان معروفا لدى جميع المسلمين بوجه عام في النصف الول من‬
‫القرن الول ‪ ،‬مارسه علي ومعاوية وأنصارهما ‪ .‬وتقول المصادر الباضية إن المسلمين أعطوا‬
‫عليا بن أبي طالب عهد الولء الذي أعطوه لبي بكر وعمر ‪ ،‬وأعلنوا البراءة من عثمان وفريقه‬
‫( ‪ . ) 47‬وروى الجاحظ أن معاوية جلس في الكوفة يتلقى يمين الولء من الناس شريطة البراءة‬
‫من علي بن أبي طالب ‪ ،‬فجاء رجل من بني تميم فأراده معاوية على ذلك ‪ ،‬فقال الرجل ‪ (( :‬يا‬
‫أمير المؤمنين ‪ ،‬نطيع أحياءكم ول نبرأ من موتاكم )) ( ‪ . ) 48‬ويروى أيضا أن حجر بن عدي‬
‫وأنصاره ( فريق علي ) كانوا يظهرون لعن معاوية والبراءة منه ( ‪ . ) 49‬وأمر معاوية باعتقالهم‬
‫وبعث إليهم برسوله إلى السجن لعلن البراءة من علي إذا أرادوا أن يطلق سراحهم ‪ .‬أما إذا‬
‫رفضوا فإنهم سيقتلون ‪ .‬ورفض ثمانية من أربعة عشر ‪ ،‬بينهم حجر ‪ ،‬إعلن البراءة من علي ‪،‬‬
‫فقتلوا ( ‪ . ) 50‬وكان الخوارج أيضا من الذين دعوا إلى مبدأ الولية والبراءة ( ‪ . ) 51‬وفي‬
‫رسالته إلى سماك بن عبيد ‪ ،‬كتب المستورد بن علقة ‪ ... (( :‬وندعوك إلى كتاب ال عز وجل‬
‫وسنة رسوله ونبيه ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬وولية أبي بكر وعمر رضوان ال عليهما ‪،‬‬
‫والبراءة من عثمان وعلي لحداثهما في الدين وتركهما حكم الكتاب )) ( ‪ . ) 52‬ويورى أيضا أن‬
‫زعماء المحكمة الذين انضموا إلى عبد ال بن الزبير للدفاع عن مكة من هجوم الجيش الموي ‪،‬‬
‫طلبوا من عبد ال بن الزبير أن يتبرأ من عثمان والزبير وطلحة ( ‪ . ) 53‬والشيء نفسه يروى‬
‫عن عروة بن أدية الذي سأله عبيد ال بن زياد رأيه في عثمان وعلي فكان جوابه أنه تولى عثمان‬
‫ست سنين من خلفته ثم شهد عليه بالكفر وفعل في أمر علي مثل ذلك إلى أ‪ ،‬حكم ثم شهد عليه‬
‫بالكفر ( ‪. ) 54‬‬
‫( ‪)1/295‬‬

‫وفي وقت لحق ‪ ،‬اتبع الباضية عقيدة الولية والبراءة كالتزام ديني أكثر منه موقفا سياسيا ‪.‬‬
‫وظهرت اللتزامات في الشرع الباضي منذ البدايات الولى ‪ ،‬ثم مورست في المجتمع الباضي‬
‫كما شرحنا من قبل ‪ ،‬فيما ل نجد هذا المبدأ لدى المسلمين غير الباضيين بالشكل نفسه الذي وجد‬
‫فيه لدى الباضية‪.‬‬
‫===============================‬
‫( ( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪. 84 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬غولدزيهر ‪ ،‬دراسات إسلمية ( الترجمة النكليزية ) ‪. 55 / 1 ، 1967‬‬
‫( ‪ ) 3‬الزوزني ‪ ،‬شرح المعلقات ( تحقيق محمد علي حمد ال ‪ ،‬دمشق ‪111 - 110 ، ) 1963 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬ابن منظور ‪ ،‬لسان ( بيروت ‪ 374 / 4 ، ) 1956‬؛ ‪ 490 / 9‬؛ ‪ 261 / 20‬؛ جواد‬
‫علي ‪ ،‬تاريخ العرب ( بغداد ‪. 366 / 1 ، ) 1950 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬محمد شكري اللوسي ‪ ،‬بلوغ الرب في معرفة أحوال العرب ( ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪) 1924 ،‬‬
‫‪. 29 - 27 / 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬البيتان ترجمهما الستاذ أربري في المعلقات السبع ( ‪. 86 ، ) 1957‬‬
‫( ‪ ) 7‬ابن هشام ‪ ،‬السيرة ‪ ( ،‬ط ‪ ، 2‬مصطفى السقا وآخرون ‪ ،‬القاهرة ‪ 350 / 1 ، ) 1955 ،‬؛‬
‫وانظر غيوم ‪ ،‬حياة محمد ‪ 159 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬الكندي ‪ ،‬تخصيص ‪. 29 ،‬‬
‫( ‪ ) 9‬النفال ‪ 72 /‬؛ النساء ‪. 89 /‬‬
‫( ‪ ) 10‬التوبة ‪. 118 - 117 /‬‬
‫( ‪ ) 11‬ابن هشام ‪ ،‬السيرة ‪. 534 / 3‬‬
‫( ‪ ) 12‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 272 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 289 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 12 - 111‬‬
‫( ‪ ) 13‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪. 115 / 23 ،‬‬
‫( ‪ ) 14‬مجهول ‪ ،‬مجموع أجوبة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 38 ،‬‬
‫( ‪ ) 15‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ( تحقيق مؤلف هذا الكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪164 / 1 ، ) 1965 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 165 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 239 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 85 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬كصدر مذكور سابقا ‪ [ 32 - 231 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪،‬‬
‫‪. ] 244 - 243‬‬
‫( ‪ ) 18‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 120 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ [ 231 ،‬ط ‪.‬‬
‫طلي ‪ ] 243 ،‬؛ الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 62 ،‬‬

‫( ‪)1/296‬‬

‫( ‪ ) 19‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 86 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬كصدر مذكرو سابقا ‪230 - 229 ،‬‬
‫[ ط ‪ .‬طلي ‪. ] 242 ،‬‬
‫( ‪ ) 20‬انظر السابق ‪ 249 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 21‬انظر السابق ‪. 356 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ 28 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 76 ،‬؛ الوارجلني ‪،‬‬
‫الدليل ‪ 150 ،‬أ وما يليها ‪ .‬ووفقا لما جاء فيه فقد كان جابر هو الذي أصدر التعليمات بقتل خردلة‬
‫‪ .‬ويقول إن خردلة كان إباضيا وقد قتله لهذا السبب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 23‬للمزيد من التفاصيل انظر أدناه ‪ 397‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 24‬انظر السابق ‪ 406‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 25‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 89‬‬
‫( ‪ ) 26‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 158 ،‬وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 27‬المصدر السابق ‪ . 161 ،‬إن عبارة (( تبرأ منه )) مذكورة فقط في نص رسالة ابن‬
‫إباض في (( شرح عقيدة التوحيد )) للقطب ‪ ، 245 ،‬ول ترد في (( جواهر )) البرادي ( راجعت‬
‫أيضا مخطوطة (( الجواهر )) ) ول في النص الموجود في المخطوطة العمانية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 28‬البرادي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 164 ،‬‬
‫‪ ) 956‬أبو قحطان السيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 2 - 18 ،‬السير والجوابات ‪. ] 107 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 23 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 198 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪. ] 206 ،‬‬
‫( ‪ ) 31‬الحجرات ‪. 10 /‬‬
‫( ‪ ) 32‬محمد بن محبوب ‪ ،‬السيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ ( ،‬جزء من مخطوطة مختلفة المحتويات ) ‪199‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 33‬أبو قحطان ‪ ،‬السيرة ‪. 26 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬البرادي ‪ ،‬جواهر ‪ 163 ،‬؛ انظر الرقيشي ‪ ،‬مصباح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 28 - 14 ،‬‬
‫( ‪ ) 35‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬المسند ‪. 13 - 12 / 1 ،‬‬
‫( ‪ ) 36‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ 307 - 270 / 2‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 26 ،‬السير‬
‫والجوابات ‪ ] 110 ،‬؛ البرادي ‪ ،‬جواهر ‪. 97 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬البسياني ‪ ،‬سير ‪. 24 ،‬‬
‫( ‪ ) 38‬المصدر السابق ‪. 24 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬مقدمة التوحيد وشروحها ( تحقيق أبي إسحق ‪ ،‬القاهرة ‪. 53 - 52 ، ) 1353 ،‬‬
‫( ‪ ) 40‬ابن مداد ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 41‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪. 24 ،‬‬
‫( ‪ ) 42‬المصدر السابق ‪. 19 ،‬‬

‫( ‪)1/297‬‬

‫( ‪ ) 43‬المام عبد الوهاب ‪ ،‬الجوابات ‪ ،‬مخطوطة ‪. 27 ،‬‬


‫( ‪ ) 44‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 99 ،‬ب ‪ 100 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 45‬المصدر ذاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 46‬أبو قحطان ‪ ،‬السيرة ‪. 18 ،‬‬
‫( ‪ ) 47‬الجاحظ ‪ ،‬البيان ‪. 105 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 48‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 256 / 5‬‬
‫( ‪ ) 49‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 257 / 5‬‬
‫( ‪ ) 50‬عن آراء الخوارج حول هذه القضية انظر ‪ :‬الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪، 169 ، 166 / 1‬‬
‫‪ 173‬؛ البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ( تحقيق الكوثري ) ‪. 67 - 45 ،‬‬
‫( ‪ ) 51‬الطبري تاريخ ‪. 191 / 5‬‬
‫( ‪ ) 52‬المصدر السابق ‪. 566 / 5‬‬
‫( ‪ ) 53‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪ 909 / 3 ،‬؛ الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪. 161 / 1‬‬
‫( ‪ ) 54‬أفلح ‪ ،‬جوابات ‪ 31 / 1‬؛ ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 28 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/298‬‬

‫أمثلة على تأثير نظام الولية والبراءة على الفقه الباضي‬


‫بالضافة إلى ما سبق ‪ ،‬فإن نظام الولية والبراءة أثر على الفقه الباضي بطرق كثيرة ‪ ،‬ونذكر‬
‫المثلة التالية دليل على هذا التأثير ‪:‬‬
‫‪ - I‬بالنسبة للزكاة ‪ ،‬يرى بعض علماء الباضية أنها ل تعطى إل لهل الولية فقط ‪ .‬وهو رأي‬
‫يروى عن أفلح بن عبد الوهاب ‪ ،‬المام الثالث للمامة الرستمية ( ‪ . ) 1‬ووفقا لضمام بن السائب‬
‫‪ ،‬يمكن للباضي أن يعطي جزءا من زكاته لقاربه حتى ولو كانوا مسلمين غير إباضيين ( ‪) 2‬‬
‫‪ .‬ورأي عبد ال بن عبد العزيز وشعيب أ‪ ،‬لجميع المسلمين ‪ ،‬إباضيين وغير إباضيين ‪ ،‬حقا في‬
‫الزكاة ( ‪ . ) 3‬ويقول بعض العلماء الباضيين إن الزكاة يجب أن تؤخذ من الولياء فقط إذ أنها‬
‫يجب أن ل تعطى إل للولياء ( ‪ . ) 4‬ورأى أبو عمرو الربيع بن حبيب وضمام بن السائب أنه ‪:‬‬
‫((ل بأس في أخذها من أهل الخلف إذا علموا خلفك )) ( ‪ . ) 5‬وروى الربيع أن أبا عبيدة كره‬
‫بشدة أخذ الزكاة من غير الباضيين إذا لم يكونوا يعرفون أن الذي يعطونه زكاتهم يخالف آرائهم‬
‫( ‪ . ) 6‬وروى الجيطالي أن أبا عبيدة قال ‪ (( :‬ل تعطوهم شيئا ول تأخذوها منهم )) ( ‪ . ) 7‬ثم‬
‫ينقل الجيطالي عن (( جوابات )) أبي المؤثر أنه قال ‪ (( :‬الفقير الفاسق من أهل دعوة المسلمين‬
‫أحق بها من أهل الفضل والفقه من قومنا ‪ ،‬لنه ل يستوي من يدين بولية المسلمين ومحبتهم‬
‫والعتراف بفضلهم ومقر بحرمة ما يرتكبه ‪ ،‬ومن يدين بتضليل المسلمين والبراءة منهم ‪ .‬ل حق‬
‫لهؤلء في صدقات المسلمين )) ( ‪ (( . ) 8‬وقال قوم إذا كانت دعوة المسلمين ظاهرة تدفع ثلث‬
‫الزكاة إلى جميع الفقراء من أهل البلد ‪ ،‬وإن كانت مقهورة ل تدفع إل لهل الموافقة ‪ ،‬ول تدفع‬
‫إلى من يعلم أنه يتقوى بها على المعصية )) ( ‪. ) 9‬‬

‫( ‪)1/299‬‬

‫‪ - II‬بخصوص القيام بالحج بالنيابة عن شخص آخر ‪ ،‬يرى بعض علماء الباضية أنه ليس‬
‫للباضي أن يقوم بالحج عن شخص آخر إل إذا كان وليا ‪ .‬ولكن علماء آخرين اعتبروا ذلك‬
‫مشروعا شريطة أن ل يدعو له ( ‪ . ) 10‬ويقال إن والدة أبي ميمون النفوسي سئلت قبل وفاتها‬
‫عن رغبتها في من يقومون بالحج بدل عنها ‪ ،‬أشارت إلى ابنها ميمون وقالت ‪ (( :‬هذا الذي في‬
‫المهد )) ‪ .‬فلما بلغ أبو ميمون وأراد أن يحج عنها فسأل عن وليتها فلم يجد من يتولها إل امرأة‬
‫واحدة متقية ‪ .‬عند ذاك قرر جميع علماء نفوسة أنه ل يستطيع أن يقوم بالحج عن والدته ‪ ،‬لنها‬
‫لم تكن تعتبر وليه بشهادة امرأة واحدة فقط ‪ .‬أما ابن عباد المصري فرخص له بالحج بالنيابة‬
‫عنها وقال إن شهادة امرأة واحدة تقية في هذه الحالة كافية ( ‪ . ) 11‬وهنالك قصة أخرى مماثلة‬
‫تروى عن عمروس بن فتح ( ‪. ) 12‬‬
‫‪ - III‬بالنسبة لمسألة العدالة ( الستقامة الدينية والمانة الخلقية اللتين ينبغي للشاهد أن يتحلى‬
‫بهما كي تكون شهادته مقبولة ) ( ‪ ، ) 13‬فالولي وحده هو العدل وشهادته مقبولة في جميع‬
‫الحالت ‪ .‬والشخص الذي يكون في حالة البراءة ليس عدل ‪ ،‬وشهادته غير موثوقة ‪ .‬والشخص‬
‫الذي يكون في حالة الوقوف يعتبر واحدا من المسلمين عامة ‪ ،‬من أهل الجملة ‪ .‬وشهادة أفراد‬
‫الحد ‪ ،‬بحالت يعتقدون فيها أن الباضيين كافرون ( ‪ ، ) 14‬وبحالت تتعلق بأموال المسلمين‬
‫حين يعتقدون شرعية الستيلء عليها غنيمة أثناء الحرب بين المسلمين ( ‪ ) 15‬؛ ويروى عن أبي‬
‫المؤثر أنه قال ‪ (( :‬إذا كانوا ( المسلمون غير الباضيين ) في السلطة ‪ ،‬فشهادتهم مقبولة ‪ ،‬أما‬
‫إذا كنا نحن في السلطة فل تقبل شهادتهم )) ( ‪. ) 16‬‬

‫( ‪)1/300‬‬

‫‪ - IV‬والمتفق عليه بين غالبية علماء المسلمين أن الشخص الذي يرى الهلل في أول رمضان‬
‫وحده ‪ ،‬عليه أن يصوم ‪ .‬أما إذا رأى هلل أول شوال وحده فإنه ليس له ‪ ،‬على حد قول مالك بن‬
‫أنس وأبي حنيفة أن يفطر ‪ .‬ويقول علماء الباضية ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأبو بكر بن المنذر إنه يمكن له‬
‫أن يفطر ‪ ،‬ولكن الباضية قالوا ‪ :‬له أن يفعل ذلك سرا كي ل يضطر المسلمون إلى إعلن‬
‫البراءة منه ( ‪. ) 17‬‬
‫ويمكن للبحث الدقيق في الفقه الباضي أن يكشف عن أمثلة أخرى في هذا المجال ‪.‬‬
‫==============================‬
‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪ 28 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪ ،‬مخطوطة ‪. 180‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪ 180 ،‬؛ ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 28 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬الجيطالي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 180 ،‬؛ أبو ساكن ‪ ،‬عامر بن علي الشماخي ‪ ،‬اليضاح ‪2 ،‬‬
‫‪. 46 /‬‬
‫( ‪ ) 4‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬الجيطالي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 180 ،‬؛ أبو ساكن ‪ ،‬اليضاح ‪. 64 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 180 ،‬‬
‫( ‪ ) 8‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬أبو ساكن ‪ ،‬اليضاح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 100 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 232 ، 122 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬المصدر السابق ‪ 228 ،‬؛ الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 4 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬كولسون ‪ :‬تاريخ الشرع السلمي ‪. 235 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬ديوان الشياخ ؛ كتاب الحكام ‪ ،‬مخطوطة ‪ 48 ،‬ب ‪ .‬الجناوني ‪ ،‬أحكام ‪ ،‬مخطوطة ‪7 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ‪ ) 14‬الديوان ‪ ،‬أحكام ‪ 48 ،‬ب ؛ المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪ ،‬مخطوطة ‪ 101 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 15‬المصدر ذاته ‪ ،‬الديوان ‪ ،‬أحكام ‪ 48 ،‬ب ؛ لسؤال الشهادة انظر سليمان بن يخلف ‪،‬‬
‫التحق ‪ 52 ،‬أ ؛ الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ 87 / 3‬وما يليها ‪ ،‬القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 44 ،‬أ‬
‫وما يليها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 16‬الجيطالي ‪ ،‬القواعد ‪. 191 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬أبو زكريا الجناوني ‪ ،‬الوضع ‪ 29 ،‬؛ عقيدة التوحيد ‪ 17 ،‬وما يليها ؛ عمرو بن جميع ‪،‬‬
‫عقيدة التوحيد ‪ 54 - 50 ،‬؛ أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪ ،‬تحقيق كاتب هذه الدراسة ‪ ،‬ص‬
‫‪. 24‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/301‬‬

‫الفصل السابع مسالك الدين‬


‫( مراحل المجتمع الباضي )‬
‫يستعمل علماء الباضية عبارة مسالك الدين ‪ ،‬وهي تعني حرفيا طرق الدين ‪ ،‬للتعبير عن مراحل‬
‫مجتمعهم الذي يجب أن تنفذ قوانين الشريعة فيه ‪ .‬ولذلك يذكرون المراحل الربع التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬الظهور ‪.‬‬
‫‪ -‬الدفاع ‪.‬‬
‫‪ -‬الشراء ( التضحية بالذات ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتمان ( ‪. ) 1‬‬
‫ولكل مرحلة قواعدها وأنظمتها ؛ وقد خبرها الباضيون كلها عبر تاريخهم ‪ ،‬ويتفق علماء‬
‫الباضية على أنه ل مراحل أخرى غير هذه الربع ‪ .‬ويروى أن أبا بكر الزواغي كان يقول في‬
‫المجالس التي يعقدها ‪ (( :‬نحن لسنا في ظهور ول في دفاع ‪ ،‬ول في كتمان ‪ ،‬ول في شراء‬
‫ولكن زماننا سائب )) ( ‪ . ) 2‬وعلق زميله أبو زكريا فصيل بن أبي مسور لدى سماع ذلك قائل‬
‫‪ (( :‬أخبروه إن مسالك الدين أربعة فمن زاد فيها أو نقص منها فهو مخطئ )) ( ‪ . ) 3‬ولقد‬
‫حددت هذه المراحل ( المسالك )) في وقت باكر جدا من قبل العلماء الباضيين ‪ .‬والتفسير‬
‫الباضي للتاريخ السلمي في سنواته الخمسين الولى يظهر أن المجتمع السلمي مر خلل‬
‫أربع مراحل ‪ ،‬سواء في زمن الرسول أو بعده ‪ .‬ولقد اكتملت دورة هذه المراحل عندما تسلم‬
‫المويون المجتمع السلمي وأخضعوه لحكمهم ‪ ،‬ولم يكن في ظل الحكم الموي ثمة مجال‬
‫للمسلمين الحقيقيين لبث آرائهم أو للمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬إذ إن أي محاولة من هذا‬
‫النوع كانت تؤدي بشكل عام إلى السجن أو الموت ‪ .‬وكان البديل للمسلمين الحقيقيين هو ممارسة‬
‫نشاطاتهم سرا ‪ ،‬وكانت الحركة الباضية تنوي إحياء الدين الحق ؛ فكان لبد أن تبدأ سرا كي‬
‫تمر بالخبرة ذاتها التي مر بها المجتمع السلمي الول قبل مرحلة الظهور ‪.‬‬
‫وفي الصفحات التالية نعرض دراسة موجزة لمراحل المجتمع السلمي ( مسالك الدين ) ‪.‬‬
‫الظهور ‪:‬‬
‫( ‪)1/302‬‬

‫يعني الظهور إعلن المامة المستقلة ؛ وفي أثناء مرحلة الظهور كان الباضيون يختالون إمامهم‬
‫الذي يجب أن يحكمهم وفقا للقرآن ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬وسيرة الخلفاء الراشدين ( ‪ . ) 4‬وهذه هي المرحلة‬
‫الرئيسة التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلمون ‪ .‬وقد توفي النبي تاركا المسلمين في مرحلة‬
‫الظهور ( ‪ ) 5‬فالواجب على المسلمين أن يحافظوا على هذه المرحلة لتنفيذ أوامر ال ‪ :‬إقامة‬
‫الحدود ؛ وصلة الجمعة ؛ وجمع الزكاة والجزية ؛ ومحاربة العداء كالمشركين والبغاة ‪ ،‬وتوزيع‬
‫الغنائم والزكاة توزيعا عادل ول يمكن القيام بأي التزام من هذه اللتزامات بدون سلطة المام ( ‪6‬‬
‫) ‪ .‬ويورد علماء الباضية خلفتي أبي بكر وعمر كمثلين على مرحلة الظهور في أوائل السلم‬
‫(‪.)7‬‬
‫وحين يحقق المسلمون ظروفا ملئمة من السلطة والثروة ‪ ،‬والعلم بالدين ‪ ،‬بحيث يستطيعون تنفيذ‬
‫أوامر ال ‪ ،‬وحينما يبلغ عددهم نحو نصف العداء من حولهم ‪ ،‬ينبغي لهم أن يعلنوا المامة‬
‫وينتخبوا إمامهم من بين رجالهم البارزين ( ‪ . ) 8‬وعلى المام أن ينفذ أوامر ال طالما أن أتباعه‬
‫يعدون أكثر من أربعين ‪ ،‬أما إذا صار عددهم دون ذلك فإنه يجب عليه أن يحل المامة ( ‪. ) 9‬‬
‫مرحلة الدفاع ‪:‬‬

‫( ‪)1/303‬‬

‫يصبح الدفاع واجبا ضروريا في غياب مرحلة الظهور ( ‪ ) 10‬؛ وحين يتعرضون للهجوم ‪ ،‬أو‬
‫يشكون في احتمال هجوم ما ‪ ،‬ينبغي على المسلمين أن يختاروا قائدا ليقودهم في قتال عدوهم ‪.‬‬
‫مثل هذا المام يعرف بإمام الدفاع ؛ وينبغي أن يكون عالما ذا مقدرة عسكرية رفيعة ( ‪ ) 11‬؛ له‬
‫السلطة الكاملة ذاتها كإمام الظهور إلى أن تبلغ الحرب نهايتها ( ‪ ) 12‬؛ وبنهاية الحرب تنحل‬
‫إمامته تلقائيا ‪ ،‬بحيث ل يكون لدى المسلمين أية صعوبة في إزاحته من منصبه ‪ .‬بعد ذلك ينتخب‬
‫المسلمون إمامهم الجديد كما هو بحسب طبيعة المرحلة ‪ -‬فإما الظهور أو الكتمان ( ‪ . ) 13‬وأول‬
‫إمام دفاع ذكرته المصادر الباضية هو عبد ال بن وهب الراسبي الذي اختير قبل معركة‬
‫النهروان ( ‪ . ) 14‬ومن أئمة الدفاع الخرين في شمالي إفريقية أبو حاتم الملزوزي الذي حاول‬
‫إحياء إمامة الظهور التي أنشأها أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري ( ‪ ، ) 15‬وأبو‬
‫خزر يغلي بن زلتاف الذي حاول إحياء المامة الرستمية وحارب الفاطميين لهذا الغرض ( ‪) 16‬‬
‫‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار الدفاع ثورة عامة على حكم الطاغية الجائر أو على العداء الخارجيين ‪ .‬وإذا ما‬
‫فشلت الثورة العامة في تحقيق هدفها ‪ ،‬وقمعت ‪ ،‬ودخل المجتمع السلمي مرحلة جديدة تعرف‬
‫بمرحلة الكتمان ‪.‬‬
‫ويمكن للكتمان والشراء أن يوجدا في نفس الوقت ‪ .‬والشراء عمل تطوعي من التضحية بالنفس ؛‬
‫وتنفيذه يتم من قبل مجموعة ل تقل عن أربعين رجل يضحون بحياتهم في سبيل ال لحث بقية‬
‫المة على تغيير الحكم الجائر من أعداء ال ( ‪. ) 17‬‬
‫الشراء ( التضحية بالذات ) ‪:‬‬

‫( ‪)1/304‬‬

‫تعني كلمة الشراء ‪ ،‬الشراء والبيع ‪ ،‬وهي كلمة تستخدم في الكتابات الباضية تعبيرا عن التضحية‬
‫بحياة المرء في سبيل ال لبلوغ الجنة ‪ .‬والشراء ( بالجمع ) (( هم الذين باعوا أنفسهم في سبيل‬
‫ال )) ( ‪ . ) 18‬وعبارة الشراء مشقته من اليات القرآنية التالية ‪ ( :‬إن ال اشترى من المؤمنين‬
‫أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل ال فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة‬
‫والنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من ال فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ‪ ) 19 ( ) ...‬و‬
‫( فليقاتل في سبيل ال الذين يشرون الحياة الدنيا بالخرة ‪ ،‬ومن يقاتل في سبيل ال فيقتل أو يغلب‬
‫فسوف نؤتيه أجرا عظيما ‪ ) 20 ( ) ...‬والية التالية ‪ ( :‬ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء‬
‫مرضات ال ) ( ‪. ) 21‬‬
‫وكان أبو بلل مرداس بن حدير هو أول من مارس الشراء ‪ ،‬وفكرة الشراء أو الخروج جاءته‬
‫حين رأى الضرر الذي يسببه عبيد ال بن زياد للمسلمين ( ‪ ) 22‬فكان تعليقه على الوضع ‪:‬‬
‫(( إنه وال ل يسعنا المقام بين هؤلء الظالمين ‪ ...‬وال إن الصبر على هذا لعظيم ‪ ...‬إننا للم‬
‫نخرج لنفسد في الرض ‪ ،‬ول لنروع أحدا ‪ ،‬ولكن هربا من الظلم ولسنا نقاتل إل من يقاتلنا‬
‫‪ . ) 23 ( )) ....‬واعتاد أبو بلل أن يختار من المسلمين أكثرهم ثقة وتفوقا (( في واجب الشراء‬
‫)) ‪ .‬وشرح شروط الشراء بالكلمات التالية التي اعتاد أن يخاطب بها كل من يود أن ينضم إليه ‪:‬‬
‫(( إنك تخرج جهادا في سبيل ال وابتغاء مرضاته ل تريد شيئا من أعراض الدنيا ول لك في‬
‫الدنيا حاجة ول لك إليها رجعة ‪ ،‬أنت الزاهد في الدنيا المبغض لها الراغب في الخرة الجاهد في‬
‫طلبها الخارج إلى القتال ل غيره ‪ ،‬فاعلم أنك مقتول وأنك ل رجعة لك إلى الدنيا فارجع إلى ما‬
‫وراءك فاقض من الدنيا حاجتك ولبانتك ‪ ،‬وراقب دينك استر نفسك وجد في أمرك بالفراغ وودع‬
‫أهلك وأعلمهم أنه ل رجعة لك إليهم ‪ ،‬فإذا فرغت بايعتك )) ( ‪.) 24‬‬

‫( ‪)1/305‬‬
‫ومن العلماء من يقول إن حالة الشراء هذه طبقت لول مرة أثناء الفترة المكية من حياة النبي ‪،‬‬
‫فيرون أن النبي أعلن السلم حين بلغ عدد أتباعه الربعين ( ‪ . ) 25‬هنا أوحي إليه أن يترك‬
‫منزل الرقم بن أبي الرقم الذي (( كان مركز نشاطاته الدعوية )) ( ‪ . ) 26‬وحين اجتاز مرحلة‬
‫السرية أوحى ال إليه ‪ ( :‬يا أيها النبي حسبك ال ومن اتبعك من المؤمنين ) ( ‪ . ) 27‬ووفقا‬
‫للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ‪ ،‬فقد نزلت هذه الية في مكة ‪ ،‬ثم أدخلت في وقت لحق في‬
‫سورة النفال التي نزلت في المدينة ( ‪ . ) 28‬على أنه من الصعب أن نوافق على هذا القول بأن‬
‫تكون مرحلة الشراء في العقيدة الباضية مستمدة من الحدث المذكور أعله في حياة النبي عليه‬
‫السلم ‪ .‬ولئن كانت الظروف مشابهة ‪ ،‬وهي غير متشابهة في الواقع ‪ ،‬فإن هنالك فارقا كبيرا في‬
‫أن توقيت هذه العمال في حياة النبي كان محددا مباشرة بالوحي ‪ .‬والشيء الثاني هو أن جميع‬
‫المسلمين كان عليهم أن يتبعوا نهج النبي ‪ ،‬ل سيما إذا كان منصوصا عليه في القرآن ‪ ،‬غير أن‬
‫الباضيين لم يعتبروا الشراء التزاما فرديا ؛ إنه واجب اختياري فقط وكان ذلك أحد المبادئ‬
‫الرئيسة التي اختلفوا فيها مع الزارقة الذين اعتبروا الخروج واجبا فرديا ( ‪. ) 29‬‬

‫( ‪)1/306‬‬

‫وفيما يلي توضيح نظام الشراء كما شرحه أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر ‪ (( :‬هم ‪ ،‬أي‬
‫الشراة ‪ ،‬يوافقون على أنهم يبيعون أنفسهم ابتغاء مرضاة ال ‪ ،‬ول يبدون مطالبة بالحكم ‪ ،‬بل‬
‫بإنهاء الجور وإحياء الصواب ؛ وليس لهم أن يثوروا إذا كانوا دون الربعين ؛ بوسعهم استكمال‬
‫العدد بامرأة واحدة ‪ .‬وإذا كانوا ينوون أن ل يعودوا قبل القضاء على الباطل ‪ ،‬فليس لهم أ‪،‬‬
‫يعودوا إلى منازلهم قبل إنهاء الباطل أو قبل أن يموتوا ‪ .‬وإذا خرجوا على نية العودة إذا شاءوا‬
‫فإنه يمكنهم أن يعودوا في أي وقت ؛ منازلهم سيوفهم ؛ فإذا ما عادوا إلى منازلهم الصلية لية‬
‫غاية ‪ ،‬فعليهم أن يصلوا صلة سفر ‪ ،‬وأن يصلوا صلة الفجر في أثناء ثورتهم حتى ولو كانوا‬
‫بعيدين عن منازلهم الصلية )) ( ‪. ) 30‬‬
‫والشراء هو النوع الفضل من الجهاد في غياب إمام الظهور ‪ ،‬والواقع فإن الباضية استعملوا‬
‫الشراء في بعض الحالت كجسر لنشاء (( المامة الظاهرة )) ( ‪. ) 31‬‬
‫وفيما يلي المبادئ الساسية للشراء ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬الشراء واجب اختياري بالنسبة للباضية بوجه عام ‪ ،‬وواجب على من ألزموا به أنفسهم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ينبغي أن ل يقل عدد أهل الشراء عن أربعين رجل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬عليهم أن يختاروا قائدهم منهم ‪ ،‬وسلطته ملزمة لتباعه فقط ( ‪. ) 32‬‬
‫( ‪ ) 4‬التقية الدينية غير ملئمة للشراء ؛ وعليهم أن يحاربوا حتى ينتهي الجور أو يقتلوا ( ‪) 33‬‬
‫ويقول بعض العلماء إنه بوسعهم أن يعودوا إذا لم يبق منهم غير ثلثة فقط ( ‪. ) 34‬‬
‫( ‪ ) 5‬ل منزل لهم إل المكان الذي اجتمعوا فيه لمقابلة أعدائهم ‪ ،‬وإذا عادوا إلى بيوتهم الصلية‬
‫للحصول على مؤونة ‪ ،‬أو معلومات ‪ ،‬أو لية غاية أخرى ‪ ،‬وجب عليهم أن يعتبروا أنفسهم‬
‫مسافرين وأن يصلوا صلة سفر وهم في منازلهم الصلية ‪.‬‬

‫( ‪)1/307‬‬

‫( ‪ ) 6‬وليس لهم أن يحاربوا أحدا إل من يحاربهم ؛ أو أن يطاردوا المهزوم أو أن يقتلوا‬


‫الجريح ؛ أو أ‪ ،‬يقتلوا المسنين ‪ ،‬والنساء ‪ ،‬ولطفال ‪ ،‬ول أن يأخذوا غنائم أو ممتلكات إل إذا كان‬
‫لهم حق فيها ( ‪ . ) 35‬وعلى سبيل المثال قيل إن أبا بلل مرداس وأنصاره التقوا في ثورتهم‬
‫بقافلة تحمل غنائم لحاكم البصرة عبيد ال بن زياد فأوقف أبو بلل القافلة وأخذ أعطياته وأعطيات‬
‫من معه وترك الباقي وأعطى بيانا لقاء ذلك ( ‪. ) 36‬‬
‫مرحلة الكتمان ‪:‬‬

‫( ‪)1/308‬‬

‫يعني (( الكتمان )) إخفاء الشخص لمعتقداته وفي هذه الحالة يحتفظ المؤمنون بمعتقداتهم سرا‬
‫لتجنب القمع من قبل أعدائهم الذين لن يسمحوا للباضيين بأن يعلنوا معتقداتهم إذا كشفوهم (‬
‫‪ . ) 37‬وفي هذا المعنى يكون إخفاء المعتقدات أفضل طريقة للحفاظ عليها ‪ .‬وهكذا تصبح‬
‫(( السرية )) لزاما في مثل هذه الحالة ‪ .‬لقد بدأ الباضيون حركتهم سرا لتجنب القمع من قبل‬
‫الحكام المويين ‪ .‬وعمل الزعيمان الباضيان جابر بن زيد وخليفته أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫في مرحلة الكتمان ‪ .‬وكانت نشاطاتهم تجري بتكتم وخلل هذا الوقت كان التكتم مستحسنا في كل‬
‫شيء ‪ .‬ويقال إن ضمام بن السائب ‪ ،‬تلميذ جابر ‪ ،‬وأحد كبار شيوخ المجتمع الباضي في‬
‫البصرة قال ‪ (( :‬ما بال أحدكم يصر ديناره ودرهمه ويدي دينه على كفيه ولعله يلقاه من يسلبه‬
‫إياه )) ( ‪ . ) 38‬ويقول علماء الباضية إن مرحلة الكتمان في عقيدتهم مستمدة من حياة النبي ؛‬
‫لكنهم يختلفون في تحديد فترة التكتم في حياة النبي ‪ .‬ووفقا للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ‪ ،‬فإنها‬
‫الفترة الواقعة بين بداية الوحي حتى وقت وصول عدد المسلمين أربعين ‪ ،‬حين أعلن عمر بن‬
‫الخطاب دخوله في السلم ( ‪ . ) 39‬ويعتبر أبو سليمان داود بن إبراهيم التلتي أن الفترة التي‬
‫سبقت هجرة النبي عليه السلم إلى المدينة هي كلها فترة كتمان ( ‪ ) 40‬أما أبو عمار عبد الكافي‬
‫فيقول ‪ (( :‬إن النبي بقي متكتما في مكة بعض الوقت بعد نزول الوحي )) ( ‪ ) 41‬والظاهر أنه‬
‫قصد بذلك فترة سنوات ثلث من النبوة قبل نزول الية التالية ‪ ( :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن‬
‫المشركين ) ( ‪ . ) 42‬وعلى أي حال ذلك كان الساس الذي قدمه الباضيون دليل على الكتمان‬
‫كواجب ديني في القرآن ‪.‬‬

‫( ‪)1/309‬‬

‫وبعد انهيار المامة الرستمية في تاهرت سنة ‪ 296‬هـ ‪ 909 /‬م حاول إباضيو شمالي إفريقية أن‬
‫يحيوا إمامتهم بقيادة أبي خزر يغلي بن زلتاف ‪ .‬لكنهم خسروا معركة باغاي التي حاربوا فيها‬
‫الفاطميين سنة ‪ . ) 43 ( 968 / 358‬ثم دخل الباضيون مرحلة السرية حتى وقتنا الحاضر ولم‬
‫يحاولوا بعد ذلك إنشاء إمامة جديدة ‪ .‬وأنظمة مرحلة السرية كما شرحها أبو العباس أحمد بن بكر‬
‫هي (( أن على الباضية أن يجتمعوا ويعينوا قائدا يدفعون له زكاتهم وحقوقهم ( ‪ ، ) 44‬يجمعها‬
‫من التقياء منهم ويوزعها بين التقياء ‪ ،‬ينبغي لهم أن يزور بعضهم بعضا وأن يشكلوا المجالس‬
‫لتعليم عقيدتهم وعبادة ال ‪ .‬كذلك ينبغي لهم أن يقيموا الصلة الجماعية وأن ينفذوا كل ما‬
‫يستطيعون منة واجب عمل الصالح والحيلولة دون الشر )) ( ‪ . ) 45‬وفي أثناء عهد السرية‬
‫تتحول المجتمعات الباضية إلى منظمات سرية تعمل سرا للبقاء على وحدة المجتمع وتعاليم‬
‫المذهب الباضي ‪.‬‬
‫وأدت مرحلة السرية التي بدأت في شمالي إفريقية بعد هزيمة الباضيين في باغاي إلى إنشاء‬
‫نظام العزابة وهو في كثير من نواحيه يشبه منظمة شيوخ البصرة في زمن جابر بن زيد وأبي‬
‫عبيدة مسلم بن أبي كريمة ( ‪ . ) 46‬ففي كل تجمع إباضي كانت تشكل هيئات عزابة للهتمام‬
‫بشؤون الناس وهي هيئات كان ينبغي أن تتشكل من خيرة الناس في المجتمع ‪ ،‬من ذوي الصفات‬
‫الخاصة ولمهمات خاصة ‪ .‬وخلل عهد الكتمان تمارس هيئات العزابة السلطة الكاملة التي للمام‬
‫في حكم المجتمع الباضي في شؤونه الدينية والجتماعية ‪ .‬وفي تزال هذه الهيئات منذ تأسيسها‬
‫تعمل في واد مزاب ؛ أما في المجتمعين الباضيين في جبل نفوسة وجزيرة جربة فقد حلت أثناء‬
‫الحكم العثماني ‪ .‬ومن شأن دراسة تفصيلية لنظام العزابة ‪ ،‬وأصوله وأنظمته ‪ ،‬والدور الذي لعبه‬
‫في المجتمعات الباضية وحركة التعليم ‪ ،‬أن تكون ممتعة ‪ ،‬وذات قيمة كبيرة ( ‪. ) 47‬‬

‫( ‪)1/310‬‬

‫وهدفنا في الصفحات التالية أن نبرز القوانين التي انبثقت عن النقسام السابق لمراحل المجتمع‬
‫الباضي ( مسالك الدين ) في الشرع الباضي ‪.‬‬
‫ليس لنا الكثير مما نقوله هنا حول مرحلتي الدفاع والظهور ‪ ،‬غير أن التقية الدينية ل تتلءم مع‬
‫أئمة الدفاع والظهور ( ‪ ) 48‬؛ مثل هذه القاعدة تنطبق على الشراء أيضا ( ‪ . ) 49‬وبين علماء‬
‫الباضية في العصر الحديث ‪ ،‬يعترض الشيخ محمد بن يوسف اطفيش على هذا الرأي الذي‬
‫يتعلق بإمام الظهور لنه ‪ ،‬كما يقول ‪ (( :‬إذا كانت التقية شرعية للفراد لنقاذ حياتهم فإن مسألة‬
‫المامة ل بد أنها أكثر أهمية )) ( ‪. ) 50‬‬
‫وبالنسبة لمرحلة الدفاع فقد سبق أن ذكرنا أن إمامة الدفاع تنحل تلقائيا بعد انتهاء الحرب ‪ ،‬غير‬
‫أن بعض العلماء يقولون إن إمامة الدفاع يمكن لها أ‪ ،‬تستمر بعد انتهاء الحرب ( ‪. ) 51‬‬
‫وبالنسبة لمرحلة الشراء ‪ ،‬فقد سبق أن ذكرنا أنها واجب اختياري لكثر من أربعين شخصا وأن‬
‫عليهم أن يصلوا صلتهم حاضرة خلل الثورة ولو كانوا بعيدين عن بيوتهم الصلية ‪ .‬وإذا شاء‬
‫الشراة أن يتسلموا المور خلل إمامة الدفاع ‪ ،‬فإن لهم كل الحق في ذلك لن إمام الشراء ‪ ،‬بما‬
‫له من نية التضحية بحياته من أجل المجتمع الباضي ‪ ،‬أحق بالقيادة من إمام الدفاع ( ‪. ) 52‬‬
‫وباستثناء ذلك ‪ ،‬فإن جميع أصول الشراة هي نفسها كأصول المجتمع الباضي في عهد الكتمان (‬
‫‪. ) 53‬‬

‫( ‪)1/311‬‬

‫وبين المراحل الربع كانت مرحلة الكتمان عظيمة التأثير على الفقه الباضي في شمالي إفريقية ‪.‬‬
‫وقد ناقش أبو يعقوب الوارجلني بالتفصيل أحكام الكتمان في كتابيه (( الدليل )) و (( العدل‬
‫والنصاف )) ؛ والناحية الهم هي تعليق العمل بعقوبة الحد في أثناء فترة الكتمان ‪ .‬ووفقا‬
‫للوارجلني ‪ ،‬فقد نظر الباضية إلى مرحلة الكتمان في مجتمعهم على أنها مشابهة للمرحلة التي‬
‫قضاها النبي في مكة قبل الهجرة حين لم يكن الوحي قد نزل بأية عقوبات للحد ( ‪ . ) 54‬وعلى‬
‫أي حال فإن بعض علماء الباضية تصرفوا خلفا لهذه القاعدة في مناسبات معينة على أساس أن‬
‫السرية ( الكتمان ) أخذ أحكام الظهور كلما كان ذلك ممكنا ‪ ،‬ولو أنه ليس للظهور أن يأخذ أحكام‬
‫الكتمان ( ‪ . ) 55‬والستثناء الوحيد لحكم تعليق تنفيذ الحدود هو قتل الذين يطعنون في الباضية‬
‫فمثل هؤلء الناس ينبغي أن يقتلوا بأية وسيلة في أي وقت في أثناء المراحل الربع ( ‪. ) 56‬‬

‫( ‪)1/312‬‬

‫وفي عهد الكتمان يكون على الباضية أن يعيشوا في ظل الطغاة ‪ .‬وقد وضعت لذلك أصول‬
‫معينة للباضية بشأن علقتهم بالطغاة في عهد الكتمان ‪ .‬والمبدأ الرئيس هو أ‪ ،‬الباضية ل ينبغي‬
‫لهم أ‪ ،‬يقدموا أي معونة للطغاة ‪ ،‬في حكمهم ؛ ول يجوز لهم استلم أي مناصب في عهدهم ( ‪57‬‬
‫) ‪ .‬والستثناء لهذه القاعدة هو أن أعضاء المجتمع الباضي المعروفين بمعارضتهم للطغاة إذا‬
‫كان بوسعهم أ‪ ،‬يأمروهم بالمعروف وأن ينهوهم عن المنكر ‪ ،‬كان لهم أن يتسلموا المناصب ف‬
‫يظل الطغاة ؛ ولهم أن يقودوا القوات في الجهاد ‪ ،‬وأن يكونوا مسؤولين عن الغنائم والقضاء ‪ ،‬أو‬
‫الفتيا ‪ .‬وفي هذا الموقف يتبع الباضية ‪ ...‬مثل ابن عباس ‪ ،‬وجابر بن زيد ‪ ،‬والحسن البصري ‪،‬‬
‫وشريح القاضي ‪ ،‬فهؤلء العلماء الكبار جميعا عرفوا بمعارضتهم لحكم الطغاة ولكنهم تسلموا‬
‫المناصب في ظلهم ‪ .‬ويشترط في مثل هذا الموقف أن تدار هذه المناصب وفقا للشريعة ‪ ،‬وعدم‬
‫الخشية من أحد في ممارسة العدالة ( ‪. ) 58‬‬
‫وإذا لم يكن العضاء يتحلون بنفس الصفات التي سبق ذكرها ‪ ،‬فليس لهم أ‪ ،‬يتسلموا أي منصب‬
‫يتصل بالمصلحة العامة لنهم قد يسيئون إلى الناس ‪ ،‬كالمسؤولية عن السوق ‪ ،‬أو الشرط ‪ ،‬أو‬
‫الحسبة الخ ‪ .‬على أن هنالك وظائف معينة يمكن لهم أ‪ ،‬يقوموا بها كالذان وإمامة الصلة ‪،‬‬
‫والخطبة في المساجد والتعليم في المدارس ( ‪. ) 59‬‬

‫( ‪)1/313‬‬

‫وهنالك حالت محددة يعمد فيها الطغاة إلى إكراه الباضية على الكلم أو التصرف بعكس‬
‫معتقداتهم ‪ ،‬ففي مثل هذه الظروف يسمح المذهب الباضي لتباعه أن يستخدموا (( رخصة ))‬
‫خاصة في ظل مبدأ التقية الدينية لتجنب عقوبة الموت ‪ .‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬بوسعهم أن يقولوا أ‪،‬‬
‫هنالك أكثر من إله واحد ‪ ،‬أ‪ ,‬أن يدعوا الولية لعداء ال ‪ ،‬والبراءة من المؤمنين الحقيقيين ‪ ،‬أو‬
‫أن يدلوا بشهادة زائفة ‪ ،‬أو أن يرووا الكذب ‪ ،‬وذلك كله باللسان فقط دون اليمان به ‪ .‬وبوسعهم‬
‫أيضا أ‪ ،‬يأكلوا في النهار خلل رمضان ‪ ،‬أ‪ ,‬أن يأكلوا الميتة ‪ ،‬أ‪ ,‬الدم ‪ ،‬ولحم الخنزير ‪ ،‬وذلك‬
‫لتجنب عقوبة الموت ‪ .‬وإذا كانت العقوبة ‪ ،‬مثل سجنا ‪ ،‬وهم يعرفون أنهم لن يموتوا في السجن‬
‫من الجوع أو العطش ‪ ،‬أ‪ ,‬أي عقوبة أخرى قاسية ‪ ،‬فليس لهم أ‪ ،‬يستفيدوا من هذه (( الرخصة ))‬
‫الخاصة لتجنب السجن لنها شرعية فقط في حال تجنب الموت ( ‪ . ) 60‬على أ‪ ،‬هنالك في كل‬
‫حال أعمال معينة ل يجوز لهم أ‪ ،‬يعملوها حتى ولو انتهى بهم ذلك إلى فقد حياتهم ‪ ،‬كقتل البريء‬
‫‪ ،‬أو الستيلء على أملك الناس ‪ ،‬أو هدرها ‪ ،‬أو تسليم أسلحتهم لعدائهم ‪ ،‬أو شرب الخمر ‪ ،‬أو‬
‫ارتكاب الزنى ‪ ،‬أو أكل وشرب ما هو نجس ( ‪. ) 61‬‬
‫ومع أن الباضية اعتبروا العيش في ظل الطغاة ف يعهد الكتمان مشروعا ‪ ،‬فإن الموقف المفضل‬
‫لعضاء المجتمع الباضي هو البتعاد عن الطغاة وعدم تقديم أي معونة لهم ( ‪. ) 62‬‬
‫ومن ناحية أخرى على الباضية أن يقيموا صلة الجمعة مع الطغاة ‪ ،‬وأن ينضموا إليهم في‬
‫الصلوات اليومية للمحافظة على الصلوات الجماعية ( ‪. ) 63‬‬

‫( ‪)1/314‬‬
‫كذلك يجوز شرعا للباضية أن يتلقوا الهبات من الطغاة إذا ما هم أعطوهم إياها ‪ ،‬لكنه ل يجوز‬
‫لهم طلبها منهم ( ‪ . ) 64‬أما النكار فاعترضوا على ذلك ؛ وكان هذا هو أحد الموضوعات التي‬
‫اختلفوا فيها عن علماء الباضية الخرين ( ‪ . ) 65‬وإلى جانب ذلك ‪ ،‬يجب على الباضية ولو‬
‫كانوا يعيشون في ظل الطغاة ‪ ،‬أن تكون لهم منظماتهم الخاصة للهتمام بشؤونهم ‪ ،‬وللتخطيط‬
‫لسلمة مجتمعهم وللحفاظ على تعاليم مذهبهم ‪ .‬وبكلم آخر ‪ ،‬لمنع الباضية من الذوبان في‬
‫مجموعة خصومهم الكبيرة ‪ ،‬ولقصد الستعداد لمرحلة الظهور ‪.‬‬
‫=========================================‬
‫(‪ ) 1‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 372 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 340 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪] 364 ،‬‬
‫( ‪ ) 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬أحمد بن بكر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 24 ،‬؛ أبو الربيع سليمان بن يخلف ‪،‬‬
‫تحق ‪. 32 ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 5 ،‬؛ أحمد لن بكر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 25 ،‬‬
‫( ‪ ) 4‬الشماخي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 50 ،‬‬
‫( ‪ ) 5‬المصدر ذاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬المصدر ذاته ؛ القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 114 - 113 ،‬‬
‫( ‪ ) 7‬أبو عمار عبد الكافي ‪ ،‬الموجز ‪ ،‬مخطوطة ‪. 214 - 213‬‬
‫( ‪ ) 8‬أجوبة علماء فزان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 98 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 54 ،‬؛ أبو عامر‬
‫موسى بن عامر ‪ ،‬اللقط ‪ ،‬انظر الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 103 ،‬أ وما يليها ‪ .‬ومن علماء‬
‫العصر الحديث ‪ ،‬عالج الدكتور ج ‪ .‬ولكنسون الموضوع بصورة وافية في الملحق ( ف ) من‬
‫رسالته عن عمان ‪ (( :‬المام وصلحياته )) ‪ ،‬المجلد الثاني ‪ ،‬ملحق ف ‪. 12 - 1 .‬‬
‫( ‪ ) 9‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 52 ،‬‬
‫( ‪ ) 10‬أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪. 25 ،‬‬
‫( ‪ ) 11‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 53 ،‬‬
‫( ‪ ) 12‬علي معمر ‪ ،‬نشأة المذهب الباضي ‪. 94 ،‬‬
‫( ‪ ) 13‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 372 ،‬؛ شرح عقيدة التوحيد ‪ 53 ،‬؛ وملحظة أبي إسحاق ‪.55 - 54‬‬

‫( ‪)1/315‬‬

‫( ‪ ) 14‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ 59 - 56 ،‬؛ [ كتاب فيه بدء السلم ‪ ] 131 - 128 ،‬وقد‬
‫رفض الشماخي وأبو إسحاق الرأي بأن أبا حاتم كان أمير دفاع ‪ ،‬واقترحا أنه كان (( إمام‬
‫ظهور )) ‪ .‬شرح عقيدة التوحيد ‪ ،‬تحقيق أبي إسحاق ن ‪. 53‬‬
‫( ‪ ) 15‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 29 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 126 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 49 ،‬أو ما يليها‬
‫[ ط ‪ .‬أيوب ‪ 194 ،‬وما بعدها ] ؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 350 ،‬‬
‫( ‪ ) 16‬علي معمر ‪ ،‬نشأة المذهب الباضي ‪. 95 - 94 ،‬‬
‫( ‪ ) 17‬ديلفيدا ‪ :‬مادة الخوارج ‪ ،‬الموسوعة السلمية ‪. 246 ،‬‬
‫( ‪ ) 18‬التوبة ‪. 111 / 9‬‬
‫( ‪ ) 19‬النساء ‪. 74 / 4‬‬
‫( ‪ ) 20‬البقرة ‪. 207 / 2‬‬
‫( ‪ ) 21‬انظر البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 17 - 16 ،‬‬
‫( ‪ ) 22‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 23‬منير بن النير الجعلني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 9 ،‬‬
‫( ‪ ) 24‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 114 ،‬‬
‫( ‪ ) 25‬وات ‪ :‬محمد ‪ :‬نبي ورجل سياسي ‪. 57 ، ) 1967 ( ،‬‬
‫( ‪ ) 26‬النفال ‪. 64 / 8‬‬
‫( ‪ ) 27‬القطب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 114 ،‬‬
‫( ‪ ) 28‬انظر أعله ‪. 23 - 21 ،‬‬
‫( ‪ ) 29‬أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪ 25 ،‬؛ الجامع ‪ ( ،‬أبو مسألة ) ‪. 26 ،‬‬
‫( ‪ ) 30‬السالمي ‪ ،‬تحفة ‪. 91 / 1‬‬
‫( ‪ ) 31‬أبو زكريا الجناوني ‪ ،‬عقيدة ‪ 19 ،‬؛ أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪ 25 ،‬؛ الوارجلني ‪،‬‬
‫الدليل ‪ 149 :‬ب ؛ أبو عمار ‪ ،‬الموجز ‪. 126 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 32‬أحمد بن بكر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 25 ،‬‬
‫( ‪ ) 33‬أبو زكريا الجناوني ‪ ،‬عقيدة ‪ 17‬؛ موسى بن عامر لقط ‪ ،‬مخطوطة ‪. 8 ، 3 ،‬‬
‫( ‪ ) 34‬الحارثي ‪ ،‬صالح بن علي ‪ ،‬عبن المصالح في جوابات الشيخ صالح ( تحقيق التنوخي ‪،‬‬
‫دمشق ‪ ،‬لت ‪. 412 ، ) .‬‬
‫( ‪ ) 35‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 99 ،‬ب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 36‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 113 ،‬‬
‫( ‪ ) 37‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 88 ،‬‬
‫( ‪ )8‬القطب ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 115 ،‬‬
‫( ‪ ) 39‬التلتي ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 54 ،‬‬
‫( ‪ ) 40‬أبو عمار ‪ ،‬الموجز ‪ ،‬مخطوطة في حوزة محمد اليوبي ‪. 224 ،‬‬

‫( ‪)1/316‬‬
‫‪ ) 41‬الحجر ‪ 94 /‬؛ انظر غيوم ‪ :‬حياة محمد ( أوكسفورد ‪. 117 ، ) 1967 ،‬‬
‫( ‪ ) 42‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 129 ،‬‬
‫( ‪ ) 43‬انظر الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪ ،‬مخطوطة ‪. 184 ،‬‬
‫( ‪ ) 44‬أحمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪. 24 ،‬‬
‫( ‪ ) 45‬انظر ليفتسكي ‪ ،‬مادة (( حلقة )) في الموسوعة السلمية ‪ ،‬ط ‪. 2 .‬‬
‫( ‪ ) 46‬انظر روبيناتشي ‪Un antico documanto di vita cenabitica musulmana" ،" :‬‬
‫‪ ( ، .ِA.I.O.N‬مجلد ‪. 78 - 37 ، ) 10‬‬
‫( ‪ ) 47‬أبو عمار ‪ ،‬الموجز ‪ ،‬مخطوطة ‪ 124 / 2‬؛ انظر السابق ‪. 377 ،‬‬
‫( ‪ ) 48‬انظر الشماخي ‪ ،‬قاسم بن سليمان ‪ ،‬شرح اللؤلؤة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 420 ،‬‬
‫( ‪ ) 49‬القطب ‪ ،‬جوابات ‪ ،‬مخطوطة ( مقتطفات في مجموعتي ) ؛ الحارثي ‪ ،‬عيسى بن صالح ‪،‬‬
‫خلصة الوسائل في ترتيب المسائل ‪. 466 / 2‬‬
‫( ‪ ) 50‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 113 ،‬‬
‫( ‪ ) 51‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 92 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ [ 39 - 238 ،‬ط ‪ .‬طلي ‪- 251 ،‬‬
‫‪. ] 252‬‬
‫( ‪ ) 52‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 149 ،‬ب ‪ 150 -‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 53‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪. 93 - 292 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 54‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 106 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 378 ،‬‬
‫( ‪ ) 55‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪. 296 / 2 ،‬‬
‫( ‪ ) 56‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 222 ،‬‬
‫( ‪ ) 57‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 108 ،‬أ ‪ -‬ب ؛ العدل ‪. 322 - 314 / 2‬‬
‫( ‪ ) 58‬المصدر ذاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 59‬أحمد بن محمد بن بكر ‪ ،‬الجامع ( أبو مسألة ) ‪. 108 ،‬‬
‫( ‪ ) 60‬المصدر السابق ‪ . 109 ،‬وللمزيد من التفاصيل عن مفهوم الباضية للتقية الدينية‬
‫والشرائع المتعلقة بها ‪ ،‬انظر ابن بركة ‪ ،‬الجامع ‪ ،‬مخطوطة ‪ 65 - 61 ،‬؛ المصعبي ‪ ،‬الحاشية‬
‫على المصرح ‪ ،‬مخطوطة ‪ 109 ،‬ب ‪ 111 -‬أ ؛ و السالمي ‪ ،‬مشارق أنوار العقول ( القاهرة ) ‪،‬‬
‫‪. 461 - 456‬‬
‫( ‪ ) 61‬المصدر السابق ‪. 14 - 413‬‬
‫( ‪ ) 61‬أحمد بن محمد بن بكر ‪ ،‬مسائل التوحيد ‪. 25 ،‬‬
‫( ‪ ) 63‬أبو الربيع سليمان بن يخلف ‪ ،‬التحف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 39 ،‬أ ‪.‬‬
‫( ‪ ) 64‬انظر السابق ‪. 269 ،‬‬
‫( ‪)1/317‬‬

‫( ‪ ) 65‬المبرد ‪ ،‬الكامل ( تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ‪ ،‬القاهرة ) ‪. 215 / 3‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/318‬‬

‫الخلصة‬
‫مر الدين السلمي خلل تاريخه عبر مراحل متعددة تركت أثرها بشكل أو بآخر على بنية الدين‬
‫وشرائعه وحضارته ‪ .‬والخصائص الولى للدين كما ظهر لول مرة في المجتمع السلمي الول‬
‫مرت بتغيرات معينة ( بطرق مختلفة ) أثرت على شكله الولي ‪ .‬غير أن ذلك ل ينطبق على أي‬
‫حال على سائر النواحي ‪ .‬إذا هنالك حالت قليلة من المجتمعات السلمية ل تزال قائمة حتى‬
‫الن ‪ ،‬وثيقة القرب من شكل السلم الول وقد كافحت بكد واجتهاد خلل التاريخ للحفاظ على‬
‫الطابع الول المميز ‪ .‬وهذا واضح في إحدى أقدم الفرق السلمية ‪ ،‬أي الباضية ‪.‬‬
‫وخلفا لما يعتقد بوجه عام ‪ ،‬لم يكن الباضية فرعا من حركة الخوارج ‪ ،‬المعتدلة أو غير‬
‫المعتدلة ‪ ،‬بل هم ‪ ،‬كما يظهر لي من دراسة السنة والمذاهب السلمية ‪ ،‬كانوا على ما يبدو ‪،‬‬
‫يمثلون الروح النقية الصلية لدين السلم ‪ ،‬في مواجهة التغيرات السياسية ‪ ،‬والجتماعية بفعل‬
‫التوسع السريع للمبراطورية السلمية ‪.‬‬

‫( ‪)1/319‬‬

‫لقد حتم بنا المبراطورية الجديدة أن يحتل دور السلطة في أشكالها المادية المكانة الولى ‪ ،‬ثم‬
‫أخذت الجراءات السابقة للسلم للوصول إلى السلطة تعود إلى الظهور وتحل محل القيم التي‬
‫أتى بها دين السلم الجديد ‪ .‬وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان ‪ ،‬شق بنو أمية طريقهم إلى‬
‫المنصب الهام في الحكم ‪ .‬إذ أعيد مروان بن الحكم الذي نفاه النبي وبقي في المنفى طوال خلفتي‬
‫أبي بكر وعمر ‪ ،‬إلى المدينة بواسطة عثمان ‪ ،‬وأصبح إحدى أقرب الشخصيات وأكثرها نفوذا في‬
‫بلطه ‪ .‬كذلك أصبح عبد ال بن سعد بن أبي سرح ‪ -‬الذي كان النبي قد أمر بإعدامه يوم فتح‬
‫مكة ‪ ،‬لكنه حظي بحماية عثمان وإيوائه له ‪ -‬واليه على مصر ‪ .‬وكان من شأن هذه الطريقة في‬
‫السيطرة على شؤون الدولة خلل السنوات الست الخيرة من عهد عثمان أن وضعت المزيد من‬
‫السلطة في أيدي أقاربه ‪ ،‬وأثارت ‪ ،‬إلى حد ما غضب وحقد المسلمين في أماكن متعددة ‪،‬‬
‫فتجمعوا من أقاصي المبراطورية وأتوا المدينة ن عاصمة الخلفة آنذاك لتغيير ما رأوا فيه‬
‫سياسة خاطئة ‪ .‬على أن هذه الخطوة أدت إلى مقتل عثمان وسرعان ما بويع علي بن أبي طالب‬
‫كخليفة رابع في المدينة ؛ فبدأت الحروب الهلية التي لم تنته بين المسلمين ‪ .‬ومع أن الطراف‬
‫التي هبت فور مقتل عثمان حاولت تبرير صراعها على السلطة بحجج دينية ‪ ،‬فإنه سرعان ما‬
‫أتضح أن المسألة كانت صرعا مباشرا على منصب الخلفة باعتبارها المنصب العلى في‬
‫المبراطورية الجديدة ‪ ،‬أو كما قال مالك بن أنس في عبارته الساخرة ‪ (( :‬وال ما اقتتلوا إل على‬
‫الثريد العفر )) ( ثريد ملون بالزعفران ) ( ‪. ) 1‬‬

‫( ‪)1/320‬‬

‫وبعد أن صفى علي حسابه مع طلحة والزبير ‪ ،‬وجد نفسه أمام معاوية بن أبي سفيان الذي كان‬
‫يطالب الثأر لمقتل عثمان ‪ .‬وفي البداية بدأ لمؤيدي علي أن مطالبة معاوية ليست سوى عذر‬
‫لمعارضة الخليفة الجديد ‪ ،‬فكان على علي أن يحارب معاوية ومؤيديه حتى يرضخوا لسلطته ‪ .‬و‬
‫حين قبل علي بالتحكيم تخلى عنه عدد كبير من مؤيديه وبايعوا أميرا جديدا هو عبد ال بن وهب‬
‫الراسبي ‪ ،‬وتبرأوا من علي كخليفة ‪ .‬على أن هؤلء الناس الذين قتل معظمهم في النهروان‬
‫وعرفوا باسم أهل النهر أو المحكمة ‪ ،‬كانوا أول فريق يحاول أن يؤسس دورا قياديا في المجتمع‬
‫السلمي الجديد خارج قريش الذين كانوا يعتبرون من قبل بقية القبائل العربية قبل السلم حماة‬
‫للبيت الحرام في مكة ‪ ،‬ثم احتفظوا بعد السلم بوسيلة السلطة في أيديهم ‪ .‬وبعد موت علي كان‬
‫ابنه الحسن على استعداد للتفاهم على تسوية مع بني أمية بعد أن تلقى تأكيدا بأنه سيكون الخليفة‬
‫بعد وفاة معاوية ‪ ،‬ورسخ المويون حكمهم القوي على العالم السلمي واستطاعوا قمع المعارضة‬
‫القرشية بقيادة الشيعة أي حزب علي ‪ ،‬أو بقيادة ابن الزبير ‪ .‬وانحصر الصراع على السلطة بين‬
‫قريش في بيتي بني أمية وبني هاشم ‪ .‬وحين ضعفت سلطة المويين في المبراطورية الخذة في‬
‫التساع الهائل ‪ ،‬تسلم العباسيون السلطة ‪ ،‬ثم استمر الصراع على السلطة بأقل ما يكون من التقيد‬
‫بمبادئ السلم ‪ ،‬و باستخدام جميع الوسائل للوصول إلى السلطة ‪.‬‬

‫( ‪)1/321‬‬

‫كان المحكمة أ‪,‬ل مثال عملي لغير القرشيين كي يأخذوا دورهم في الصراع من اجل قيم الٍسلم‬
‫الجديدة ولتنفيذها في الحياة السياسية ‪ .‬ولما ثبت معاوية سيطرته الراسخة على المناطق السلمية‬
‫بواسطة قادة أقوياء ‪ ،‬استحال شن أي هجوم ناجح يمكن له تغيير الوضع بمجمله ‪ .‬وجرت‬
‫تحركات عسكرية كردة فعل على أحدث معاصرة ‪ ،‬وأخذت شكل حروب خاضها الخوارج‬
‫بالدرجة الولى ‪ .‬في هذه الثناء تأسست الحركة الباضية في البصرة ومرت في مرحلة تخطيط‬
‫دقيق وواع لتقليد سياسة النبي في مكة وهو محاط بأعداء أقوياء بهدف استعادة المامة السلمية‬
‫العادلة وإعادة بناء المجتمع السلمي الحق على أساس ديني ‪ .‬هذه الحركة أسسها جابر بن زيد ‪،‬‬
‫التابعي البارز الذي درس على أيدي عدد كبير من صحابة النبي المشهورين ‪ .‬وبذلك كان‬
‫المجتمع الباضي نتيجة حركة فكرية ثقافية كان عليها أن تعمق جذورها وأن تحصل على الدعم‬
‫في العالم السلمي آنذاك ‪ ،‬عبر تدريب مبني على تبن دقيق للتعاليم السلمية كما حفظها قادة‬
‫الحركة نظريا وعمليا ‪ .‬مثل هذا الموقف الباضي لم يمكن الباضية ‪ ،‬من تكوين رأي واضح‬
‫للوضع السياسي الديني في أوائل السلم فقط ‪ ،‬بل مكنهم من معارضة ما اعتبروه آراء خاطئة‬
‫للخوارج ‪ ،‬وأن يقاوموهم في بداية حركتهم ‪ .‬وهكذا فقد استمر الباضية يحتفظون بالشكل العلمي‬
‫القرب للسلم في المجتمع الحي ‪ .‬ولسباب متعددة كسب الباضية تأييدا واسعا بين الزد‬
‫والقبائل العربية في حضرموت واليمن وبين بعض قبائل البربر الكبيرة في شمالي إفريقية ‪ .‬وفي‬
‫العقود الولى من القرن الثاني للهجرة تمكن الباضية من إنشاء دولهم في جنوبي شيبه الجزيرة‬
‫العربية وفي شمالي إفريقية ‪.‬‬

‫( ‪)1/322‬‬

‫وبعد وفاة جابر بن زيد سنة ‪ 93‬انسحب الباضية من بين السكان الذين يحيطون بهم في منطقة‬
‫سرية راحت تتطور وتحتفظ بعقيدتها ‪ .‬ومنذ ذلك الوقت احتفظ المذهب الباضي بخصائصه‬
‫المستقلة التي تعرض التعاليم السلمية في الحاديث والثار التي رواها تابعون عن صحابة النبي‬
‫عليه السلم ‪ .‬وقال الستاذ سرجنت في حديثه عن الزيدية إن ‪ (( :‬الزيدية ‪ ،‬على ما يبدو ‪،‬‬
‫يمثلون في المراحل الولى من تطورهم شكل من السلم أقرب ما يكون إلى الشكل التيوقراطي‬
‫البدائي لليمان )) ( ‪ . ) 2‬ولكن هذا الوصف أكثر انطباعا على الباضية منه على الزيديين لن‬
‫نظامهم التشريعي وعقائدهم وضعت في فترة سابقة ‪ .‬ثم إن المراجع الباضية تؤيد هذا الرأي‬
‫وتعترف بأن الزيدية ‪ ،‬بين المذاهب السلمية ‪ ،‬هي القرب إليها ‪ .‬ويشير أبو عمار عبد الكافي‬
‫إلى ثلثة فروق فقط بين المذهبين ‪ ،‬هي قولهم بمسألة المامة ؛ والموافقة على قبول علي للتحكيم‬
‫‪ ،‬واعتبارهم القائلين بأن ال سوف يرى في اليوم الخر مشركين ( ‪. ) 3‬‬

‫( ‪)1/323‬‬

‫إن تأسيس المدرسة الباضية على يد جابر بن زيد ‪ ،‬المحدث البارز ‪ ،‬وتطورها بفضل جهود أبي‬
‫عبيدة مسلم بن أبي كريمة ورفاقه ‪ ،‬كمؤسسة ثقافية ‪ ،‬حال دون وقوع قيادتها إل في يدي من هم‬
‫الكثر استقامة وعلما ‪ ،‬سواء في عهد السرية أم في هد الظهور ‪ .‬ثم إن الفقه الباضي الذي بني‬
‫على حصيلة مواد روتها المراجع الباضية فقط ‪ ،‬استخدم الساليب نفسها كبقية المدارس‬
‫السلمية في تكوين الراء ‪ .‬على أنه يسهل تمييز المدرسة الباضية من حيث إن نظامها‬
‫التشريعي ‪ ،‬شديد الهتمام بتصرف أتباعها الخلقي ؛ أو بكلم آخر ‪ ،‬من حيث التقييد بروح‬
‫الشرع وبحرفيته ‪ .‬والمثال على ذلك ‪ ،‬يظهر في الفعال التي تنقض الصيام والوضوء ‪ ،‬وهي‬
‫التي يتفرد الباضية فيها باعتبار جميع الفعال المنافية للخلق كالكذب ‪ ،‬والقذف وما أشبه ‪،‬‬
‫والصغاء للقذف أو الموسيقى ‪ ،‬الخ ‪ ،‬والنظر إلى منازل الخرين ‪ ،‬أو النظر إلى النساء‬
‫الجنبيات الخ ‪ .‬وفي هذا المجال كان نظام الولية والبراءة الذي طوره الباضية مبنيا على التقيد‬
‫التام باللتزامات الدينية ليتخذ الرجل وليا وبالتالي جميع الحقوق التي يستحقها من إخوانه‬
‫الباضية ‪ .‬ومثل هذا الموقف بالنسبة للسلوك الخلقي للشخص كان يغطي نواحي أخرى من‬
‫اليمان كاستثناء مرتكبي الكبائر من حق شفاعة النبي في اليوم الخر ‪ ،‬والعتقاد بأن مرتكبي‬
‫الكبائر خالدون في جهنم ما لم يتوبوا قبل الموت ‪ .‬وهنالك أيضا مميزات خاصة أخرى للمذهب‬
‫الباضي كتعطيل عقوبات الحد في أثناء مرحلة الكتمان ‪ ،‬ثم القوانين الموضوعة لهذه المرحلة‬
‫السياسية الدينية ‪ .‬وفي المنظومة التشريعية والدينية هنالك عدد من النقاط التي تختلف فيها‬
‫المدرسة الباضية عن بقية المدارس الفقهية السلمية أو عن بعضها ‪ ،‬مرد هذا إلى النصوص‬
‫التي تستند إليها النقاط ‪ .‬وهنالك حالت أخرى كانت المواد المعتمدة من قبل الباضية غير‬
‫معروفة للسنة أو للمراجع الشيعية ‪ ،‬والعكس صحيح ‪.‬‬

‫( ‪)1/324‬‬

‫والخاصة الساسية الخرى هي أن الباضية فهموا أن الدين وحدة واحدة في نواحيه السياسية ‪،‬‬
‫والروحية ‪ ،‬والفقهية يجب تنفيذها في الحياة في وقت واحد ‪ .‬وحين يصار إلى تعطيل إحدى هذه‬
‫النواحي في مرحلة معينة من المجتمع الباضي ‪ ،‬فليس ذلك عن إهمال ‪ ،‬ولكن كعمل مقصود‬
‫تتطلبه المرحلة الحالية التي يمر فيها المجتمع تشبها بحياة النبي العملية وهي التي يجب أن تؤدي‬
‫إلى الخطوة التالية في تنفيذ جميع تعاليم الدين في ظروف مناسبة ‪ .‬والظاهر أن ذلك هو السبب‬
‫الذي من أجله ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬لم يقبل الباضيون بالصوفية ‪ ،‬لنها توجه نشاطات المسلمين‬
‫بصورة رئيسة إلى الجانب الروحي ول تعني كثيرا بنواحي الدين الخرى ‪ .‬ومن أولى التعليقات‬
‫على هذه المسألة ما قاله محمد بن محبوب ( ت ‪ 262 .‬هـ ) في سيرته إلى الباضيين في‬
‫حضرموت ‪ (( :‬عرفنا أن هنالك أناسا في بلدكم يتعبدون بلباس الصوف في الصيف ويتشككون‬
‫في قتال أهل البغي بالسيف )) ‪.‬‬
‫وبما أن الباضية كانوا باستمرار يعيشون في مجتمعات بسيطة نائية ‪ ،‬فإن تشريعاتهم لم تتأثر‬
‫بتغيرات البنية أو الزمن ‪ ،‬وبقيت في شكلها الصلي ‪ .‬لقد حاول الباضية باستمرار أن يعيشوا‬
‫وفقا للشرع اللهي ‪ ،‬وأن يكيفوه حيث هم في كل الوقات ‪ .‬وفي مرحلة باكرة وضعت أصول‬
‫خاصة للمراحل المختلفة من الوضاع السياسية والدينية ‪ ،‬وبموجبها كان على المجتمع الباضي‬
‫أن يحافظ على وجوده ‪.‬‬

‫( ‪)1/325‬‬

‫على أنه يبقى الشيء الكثير ل بد منه لتكوين صورة أ‪:‬ثر وضوحا للمجتمعات الباضية ولتطورها‬
‫في مختلف ميادين النشاطات ‪ .‬ول يعرف غير القليل عن الوضع الحالي في البلدان الباضية‬
‫المتعددة ؛ وهي مجتمعات إباضية بحاجة إلى دراسة دقيقة ‪ .‬ثم إن هنالك كم هائل من العمال‬
‫الباضية الصلية في الحديث ‪ ،‬والكلم ‪ ،‬والفقه ‪ ،‬والتاريخ أو غير ذلك من ميادين العلم التي‬
‫تحاج إلى اهتمام ؛ وهنالك قدر كبير جدا من المواد الجديدة بانتظار البحث المتأني والنظر العميق‬
‫بحيث تحقق نظرة أكثر اكتمال للمدرسة الباضية ‪.‬‬
‫================================‬
‫( ‪ ) 1‬آربري ( محقق ) ‪ ،‬الدين في الشرق الوسط ‪ ،‬مادة (( الزيديين )) ‪ [ 285 / 2 ،‬انظر في‬
‫نقضه على الزيدية ط ‪ .‬عمار طالبي ‪ 250 / 2‬وما بعدها ] ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬أبو عمار عبد الكافي ‪ ،‬الموجز ‪ ،‬مخطوطة ‪. 124 / 2‬‬
‫( ‪ ) 3‬محمد بن محبوب ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 279 ،‬‬
‫‪---‬‬

‫( ‪)1/326‬‬

‫البيبليوغرافيا (المراجع)‬
‫المخطوطات‬
‫* ابن بركه ‪ ،‬أبو محمد عبد ال بن محمد ‪ ،‬كتاب الجامع ‪ ،‬خمسة أجزاء ‪ ( ،‬مجموعتي ) ‪-‬‬
‫كتاب الموازنة ‪ ( ،‬جزء من مخطوطة ذات محتويات متعددة ) ‪.‬‬
‫* ابن بكر ‪ ،‬أبو العباس أحمد بن محمد ‪،‬كتاب اللواح ‪ ،‬أيوب محمد ‪ ،‬جناون ‪ ،‬جادو ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الجامع ( أبو مسألة ) ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب تبيين أفعال العباد ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ( ،‬سالم بن يعقوب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب أصول الرضيين ‪ ( ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ‪ ،‬ماليو ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب أصول القسمة ‪ ( ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ‪ ،‬بارونية )‬
‫‪ -‬كتاب مسائل الموات ‪ ( ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب مسائل التوحيد ( تحقيق كاتب الكتاب ) ‪.‬‬
‫* ابن بيان ‪ ،‬علي ‪ ،‬شرح النونية ‪ 26 ،‬ورقه ( أمحمد الباروني ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫* ابن عبد الحكم ‪ ،‬فتوح إفريقية والندلس ‪ ،‬النص العربي بترجمة فرنسية ( ألبرت غاتو ‪ ،‬ط‬
‫‪ ) 2‬الجزائر ‪. 1947 ،‬‬
‫* ابن مداد محمد بن عبد ال ‪ ،‬صفة نسب العلماء ونموتهم وبلدانهم ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫* ابن سلم بن عمرو بن تومطنين اللواتي ‪ ،‬بدء السلم وشرائع الدين ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة‬
‫)‪.‬‬
‫* أبو جعفر محمد بن جعفر ‪ ،‬الجامع ‪ ،‬مجلدان ‪ ( ،‬ق ‪ .‬يني يزفن وبكلي عبد الرحمن ‪ ،‬بريان‬
‫مزاب ‪ .‬ونسخة غير كاملة ‪ .‬البارونية ‪ ،‬جربة ؛ النسخة غير الكاملة مؤلفة من ‪ :‬باب في الديات‬
‫والحدود ‪ 77 ،‬ص ؛ ومرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫* أبو خزر يغلي بن زلتاف ‪ ،‬كتاب الرد على جامع المخالفين ‪ .‬انظر ‪. J. S. S ، 15 ، 1 ، 82‬‬
‫* أبو الربيع سليمان بن يخلف ‪ ،‬سير سليمان بن يخلف ‪.‬‬
‫* أبو زكريا ؛ سير أبو زكريا ‪ ،‬يحيى بن أبي بكر ‪ ،‬السيرة وأخبار الئمة ‪ ( ،‬دار الكتب ‪،‬‬
‫القاهرة ) ‪.‬‬
‫* أبو ستة ‪ ،‬عمرو بن محمد ‪ ،‬شرح ترتيب المسند ‪ 321 ،‬ورقة ( المقصي ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية البيوع ‪ 148 ،‬ورقة ( مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية الوضع ‪ 179 ،‬ورقة ( مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/327‬‬

‫* أبو ستة ‪ ،‬محمد بن عمرو ‪ ،‬حاشية على كتاب الشفعة والهبة والوصايا ‪ ( ،‬أمحمد الباروني ‪،‬‬
‫جادو ) ‪.‬‬
‫* أبو سليمان داود بن أبي يوسف الجامع ( نسخة غير كاملة ؛ ‪ 120‬صفحة في حوزة مسعود‬
‫الدبلي ‪ ،‬وانزيرف ‪ ،‬الرحيبات ) ‪.‬‬
‫* أبو صفرة عبد الملك بن صفرة ‪ ،‬روايات ضمام ‪ ( ،‬بارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬دار الكتب ‪ ،‬القاهرة )‬
‫‪.‬‬
‫* أبو طاهر ‪ ،‬إسماعيل بن موسى ‪ -‬الجيطالي ‪.‬‬
‫* أبو عبيدة ‪ ،‬مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬مسائل أبي عبيدة ‪ 38‬ص ‪ ( .‬غير كاملة ‪ ،‬في حوزة الشيخ‬
‫يوسف العطفاوي ‪ ،‬العطف ‪ ،‬مزاب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة في الزكاة ولمن تعطى ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬أعد كاتب هذه الدراسة نسخة محققة منها )‬
‫‪.‬‬
‫* أبو قحطان خالد بن قحطان الهاجري ‪ ،‬سيرة ( جزء من مخطوطة متعددة المحتويات من عمان‬
‫)‪.‬‬
‫* أبو نصر ‪ ،‬فتح بن نوح الملوشائي ‪ :‬ديوان أبي نصر ‪ ( .‬مجموعة أشعار أبي نصر في حوزة‬
‫علي ميلود المرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫* أبو اليقظان ‪ ،‬إبراهيم بن عيسى ‪ .‬قصيدة في العزابة ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫* أبو عمار عبد الكافي بن أبي يعقوب التناوتي ‪ :‬شرح الجهالت ‪ 106 ،‬ص ‪ ( .‬أمحمد‬
‫الباروني ‪ ،‬جادو ؛ وهنالك نسخ أخرى في حوزة سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ؛ البارونية ‪ ،‬جربة ‪،‬‬
‫مرساوي ‪ ،‬رحيبات ؛ وفي مزاب أيضا ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال ‪ 11 ،‬جزءا ‪ ( ،‬محفوظ علي الباروني ‪ ،‬جربة ‪،‬‬
‫أيوب محمد ‪ ،‬جنوان ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬مختصر طبقات المشايخ ‪ ( ،‬الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬سيرة الحلقة ‪ ( ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* أبو غانم بشر بن غانم الخراساني ‪ ،‬المدونة ‪ 495 ،‬ص ‪ ( .‬مجموعة السالمي ؛ وأنا أملك‬
‫نسخة مصورة من هذه المخطوطة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬المدونة الكبرى ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬ترتيب محمد بن يوسف اطفيش ( في مجموعتي نسخة منها ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الديوان المعروض على علماء الباضية ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬دار الكتب ‪ ،‬القاهرة ) ‪.‬‬
‫* الشياخ ‪ ،‬ديوان الشياخ ‪ 24 ،‬جزءا ( جربة ‪ ،‬البارونية وجبل نفوسة ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/328‬‬

‫* أفلح بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ‪ ،‬جوابات المام أفلح ‪ 3 ،‬مجموعات ‪،‬‬
‫( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* أبو المؤثر ‪ ،‬الصلت بن خميس ‪ ،‬سيرة ( جزء من مخطوطة مختلفة المحتويات من عمان ) ‪.‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬أو عزيز بن إبراهيم بن يحيى ‪ :‬اللقط ؛ ( باروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬عيسى بن أبي القاسم ‪ ،‬جواب لبعض فقهاء بلد غدامس ( جزء من مخطوطة‬
‫متعددة المحتويات ‪ ،‬الورقات ‪ 77‬ب ‪ 23 -‬أ ‪ ،‬الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬محمد بن زكريا ‪ ،‬كتاب طبقات العلماء ‪ ،‬وتاريخهم ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* البرادي ‪ ،‬أبو القاسم بن إبراهيم ‪ :‬البحث الصادق والستكشاف عن معاني كتاب العدل‬
‫والنصاف ‪ 3 ،‬مجلدات ( الباروني ‪ ،‬كاباو ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪ ،‬جوابات ( جوابان ‪ ،‬كجزء‬
‫من جوابات مشايخ جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الجواهر المنتقاة في ما أخل به الكتاب الطبقات ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة الحقائق ‪ ( ،‬عدد من النسخ من جربة وجبل نفوسة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شفاء الحائم في شرح بعض الدعائم ( عدد من المخطوطات في البارونية ‪ ،‬جربة ؛ مزاب ‪،‬‬
‫وجبل نفوسة ) ‪.‬‬
‫* البسياني ‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد ‪ ،‬الجامع ‪ 139 ،‬ورقة ‪ ،‬نسخة غير كاملة ( الباروني ‪،‬‬
‫كاباو ) ‪.‬‬
‫* سيرة ‪ ،‬حجة على من يبطل الواقع بعمان ( سالم بني يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* سيرة البسياني ؟ ‪ 426‬ص ‪ .‬هذه المخطوطة أرسلت إلي من عمان ‪ ،‬وهي غير كاملة ‪ ،‬واسم‬
‫المؤلف غير ظاهر عليها ‪ .‬غير أن صديقي الذي أرسها إلي يؤكد أنها (( السيرة الكبيرة ))‬
‫للبسياني ‪ .‬وهي في أية حال تحتوي على عدد مفيد من السير لعلماء عمانيين في وقت باكر كانت‬
‫ذات أهمية لدراسة العقيدة الولى للمذهب الباضي ‪ .‬وعند النقل عنها في هذا العمل ‪ ،‬أشرت إلى‬
‫السيرة ومؤلفها ‪ ،‬ل إلى البسياني‪.‬‬

‫( ‪)1/329‬‬

‫* البغطوري ‪ ،‬محمد بن مقران ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ( البغطور ‪ ،‬جربا ‪ ،‬سالم بن يعقوب ‪،‬‬
‫جربة ) كتبت اسمه في مكان آخر محمد بن مقرن ‪ ،‬لكن الشكل الصحيح هو مقران أو مقران ‪،‬‬
‫من كلمة بربرية تعني العظيم الكبير ‪ ،‬الحسن ‪ .‬بلفظ مقران ‪ ،‬أو مقران ‪.‬‬
‫* التلتي ‪ ،‬أبو سليمان بن داود ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪ ،‬في مقدمة التوحيد وشروحها تحقيق أبي‬
‫إسحاق ‪ ،‬القاهرة ‪. 1353 ،‬‬
‫* التلتي ‪ ،‬عمرو بن رمضان ‪ ،‬شرح الديانات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1304 ،‬‬
‫‪ -‬الزهار الرياضية على المنظومة الراثية ( بارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الللي المنظومة في عقود الديانات ( أم حمد ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جادو ‪ ،‬بارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الللي الميمونية على المنظومة النونية ( بارونية ‪ ،‬جربة )‬
‫‪ -‬النخبة المتين من أصول تبغورين ( باروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* الثميني ‪ ،‬عبد العزيز بن إبراهيم ‪ ،‬كتاب النيل ( ‪ 3‬مجلدات ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬تحقيق بكلي عبد الرحمن‬
‫بن عمر ‪ ،‬الجزائر ‪. 1389 / 1969‬‬
‫‪ -‬عقد الجواهر من بحر القناطر ‪ ،‬جزءان ( شيخ محمد الثميني ‪ ،‬تونس ) ‪.‬‬
‫‪ -‬معالم الدين جزء ‪ ( 1‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬السرار النورانية على المنظومة الرائية ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1306 ،‬‬
‫‪ -‬النور ‪ ،‬شرح القصيدة النونية ‪ ،‬طبعة حجرية ن القاهرة ‪. 1306 ،‬‬
‫‪ -‬التكميل لما أخل به كتاب النيل ‪ ،‬تونس ‪. 1344 / 1925 ،‬‬
‫‪ -‬الورد البسام في رياض الحكام ‪ ،‬تونس ‪ ، 1315 ،‬وارجلني ‪ ،‬أبو يعقوب ‪ ،‬يوسف بن‬
‫إبراهيم ‪ ،‬الدليل والبرهان ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1306 ،‬‬
‫‪ -‬ترتيب المسند ‪ ،‬طبعات متعددة ‪ ،‬انظر الربيع بن حبيب ‪.‬‬
‫* جابر بن زيد ‪ ،‬كتاب الصلة ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬دار الكتب ‪ ،‬القاهرة )‬
‫‪ -‬كتاب النكاح ( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬جوابات جابر بن زيد ( البارونية ن جربة ) ‪.‬‬
‫* الجادوي ‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب ‪ ،‬جواب سؤال لبعض المالكية من غريان ‪ 18 ،‬ص‬
‫‪ ( .‬الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* الجادوي ‪ ،‬صالح ‪ ،‬القصيدة الجادوية ( مجموعتي ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/330‬‬

‫* الجنواني ‪ ،‬أبو زكريا بن يحيى بن الخير ‪ ،‬كتاب النكاح ( مجموعتي ) ‪.‬‬


‫‪ -‬كتاب الحكام ‪ ( ،‬مجموعتي وأيضا ‪ :‬أيوب محمد جنوان ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الصوم ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫* الجناوني ‪ ،‬أبو يحيى توفيق ‪ :‬شرح مسائل الطهارات ( الشماخي ‪ ،‬يفرن ) ‪.‬‬
‫* الجيطالي ‪ ،‬أبو طاهر إسماعيل بن موسى ‪ ،‬كتاب قواعد السلم ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الفرائض ( الباروني ‪ ،‬كاباو ؛ عمر ميلو ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح القصيدة النونية ‪ 3 ،‬مجلدات ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ‪ ،‬والقطب ‪،‬‬
‫مزاب )‪.‬‬
‫‪ -‬قصائد ورسائل ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬قناطر الخيرات ( وكالة الجاموس ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬في حوزتي حاليا ) ‪.‬‬
‫‪ -‬مناسك الحج ( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الجيلتي ‪ ،‬أبو الربيع ‪ ،‬مقتطفات من الخبار والحداث ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الخروصي ‪ ،‬جاعد بن خميس ‪ :‬تفسير فاتحة الكتاب ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الدرجيني ‪ ،‬أبو العباس أحمد بن سعيد ‪ ،‬طبقات المشايخ ‪ ( .‬إنني أستخدم صورة لمخطوطة‬
‫أرسلها إلي الشيخ أبو اليقظان من القرارة ‪ ،‬مزاب ) ‪.‬‬
‫* الربيع بن حبيب ‪ ،‬الجامع الصحيح ‪ ،‬ط ‪ 3‬؛ القدس ‪. 1381 ،‬‬
‫* الرستاقي ‪ ،‬خميس بن سعيد بن علي ‪ ،‬كتاب المنهاج ‪ ،‬الجزء ‪ ، 15‬عن الزواج ‪ 89 ،‬ورقة ‪.‬‬
‫( الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪ ،‬أجزاء أخرى في البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬وقد اطلعت عليها ‪ ( .‬الكتاب كله من‬
‫‪ 21‬مجلدا ) ‪.‬‬
‫* الرقيشي ‪ ،‬أحمد بن عبد ال ‪ ،‬مصباح الظلم على دعائم ( القطعة الخامسة ) تحتوي تعليقا‬
‫على اللمية لبن النظر ‪ ،‬دار الكتب القاهرة ) ‪.‬‬
‫* السالمي ‪ ،‬عبد ال بن حميد ‪ ،‬بهجة النوار ‪ ،‬على حواشي (( طلعة الشمس )) ‪ ، 1 ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫لت ‪.‬‬
‫‪ -‬الحجج المقنعة في أحكام صلة الجمعة ‪ ،‬على حواشي (( طلعة الشمس )) ‪. 11 ،‬‬
‫‪ -‬جوهر النظام ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -‬اللمعة المرضية من الشيعة الباضية ‪ ،‬تونس ‪ ،‬لت ‪ ،‬مع أعمال أخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬مدارج الكمال في نظام مختصر الخصال ‪ ،‬زنجبار ‪. 1316 ،‬‬
‫‪ -‬مشارق أنوار العقول ‪ ،‬القاهرة ‪. 1314 ،‬‬

‫( ‪)1/331‬‬

‫‪ -‬شرح الجامع الصحيح ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ، 2 ، 1 ،‬القاهرة ‪ 1326‬ط ‪ . 3‬تحقيق عز الدين التنوخي‬


‫‪ ،‬دمشق ‪. 1963 ،‬‬
‫‪ -‬طلعة الشمس ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫‪ -‬تلقين الصبيان ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دمشق ‪. 1966‬‬
‫‪ -‬محفة العيان بسيرة أهل عمان ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬تحقيق أبي إسحق ‪ ،‬القاهرة ‪. 1950 ،‬‬
‫* السالمي ‪ ،‬محمد بن عبد ال ‪ ،‬نهضة العيان بحرية عمان ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫‪ -‬وناجي عساف ‪ :‬عمان تاريخ يتكلم ‪ ،‬دمشق ‪. 1963 ،‬‬
‫* السدويكشي ‪ ،‬أبو محمد عبد ال بن سعيد ‪ ،‬جواب حول صلة الجمعة ‪ ( ،‬جزء من مخطوطة‬
‫مختلفة المحتويات ‪ ،‬الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية الديانات ( عدة نسخ ) ‪.‬‬
‫‪ -‬حواشي على السفر الول من اليضاح ‪ 77 ،‬ورقة ‪ ( ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫* السعدي ‪ ،‬جميل بن خميس ‪ ،‬كتاب قاموس الشريعة ‪ ،‬مجلدات ‪ ، 10 - 1‬زنجبار ‪- 1880 ،‬‬
‫‪ ( ، 84‬المتحف البريطاني ‪. ) C 4 . 14516 ،‬‬
‫* سعيد بن تعاريت ‪ ،‬المسلك المحمود في معرفة الردود ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬تونس ‪. 1331 ،‬‬
‫* سعيد بن تعاريت ‪ ،‬تاريخ علماء الجزيرة ‪ ( ،‬سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربا ) ‪.‬‬
‫* سليمان بن يخلف ‪ ،‬أبو الربيع ‪ ،‬السير ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬تونس ‪ -. 1321 ،‬التحف المخزونة‬
‫والجواهر المكنونة ( الباروني كاباو ‪ ،‬بارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الوسفي ‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن خليفة ‪ ،‬رسالة في بيان كل فرقة ‪ ،‬لت ‪ .‬مع أعمال أخرى في‬
‫( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬السؤالت ‪ 354‬ص ( مرساوي ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫* صولة بن إبراهيم الغدامسي ‪ ،‬جواب ‪ ( ،‬باروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* شبيب بن عطية العماني ‪ ،‬سيرة ( جزء من مخطوطة مختلفة المحتويات من عمان ) ‪.‬‬
‫* الشماخي ‪ ،‬أبو العباس أحمد بن سعيد ‪ ،‬جوابات ‪ ( ،‬الباروني ن كاباو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬جواب لصولة الغدامسي ( الباروني ‪ ،‬كاباو ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬إعراب مشكل الدعائم ( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق السم والمسمى ( باروني ‪ ،‬كاباو ‪ ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح مختصر العدل والنصاف ( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/332‬‬

‫* الشماخي ‪ ،‬أبو عامر موسى بن عامر ‪ ،‬اللقط ‪ 165 ،‬ورقة ‪ ( .‬نسخة غير كاملة ‪ ،‬الباروني ‪،‬‬
‫كاباو )‪.‬‬
‫* الشماخي ‪ ،‬أبو ساكن عامر بن علي ‪.‬‬
‫‪ -‬إيضاح ‪ .‬إيضاح أدلة أبواب الفقه ‪ ( ، 4 ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الديانات ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬مسائل البغطور ‪ ( ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الشماخي ‪ ،‬أحمد بن سعيد ‪ ،‬السير ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1301 ،‬‬
‫‪ -‬شرح عقيدة التوحيد في مقدمة التوحيد وشروحها ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ‪ ،‬القاهرة ‪. 1353 ،‬‬
‫* الشماخي ‪ ،‬عامر بن علي ‪ :‬كتاب اليضاح ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط ‪، 2‬‬
‫جزء ‪ ، 1‬بيروت ‪. 1970 / 1390 ،‬‬
‫* الشماخي ‪ ،‬قاسم بن سعيد بن قاسم ‪ :‬القول المتين في الرد على المخالفين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1324 ،‬‬
‫‪ -‬شرح أرجوزة اللؤلؤ في علم التوحيد ‪ 464‬ص ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* الصائغي ‪ ،‬سالم بن سعيد ‪ ،‬كنز الديب وسلفة اللبيب ( مكتبة جامعة كمبريدج رقم ‪) 02896‬‬
‫‪.‬‬
‫* عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬كتاب نكاح الشغار ‪ 4 ،‬ج ‪ ( .‬البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬دار الكتب ‪،‬‬
‫القاهرة ) ‪.‬‬
‫* عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ‪ ،‬جوابات ( البارونية ‪ ،‬جربة ) انظر مقال لي في ‪J . S‬‬
‫‪. . S ، 15 ، 1 ، 1970 ، 69 - 70‬‬
‫* عمرو بن فتح المساكني ‪ ،‬أبو حفص ‪ ،‬أصول الدينونة الصافية ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬بابانو ‪،‬‬
‫مزاب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الرد على الناكثة وأحمد بن الحسين ‪ ( ،‬بغطوري ‪ ،‬جربة ‪ ،‬عزابي ‪ ،‬جناون ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫* الفزاري ‪ ،‬عبد ال بن يزيد ‪ ،‬كتاب الردود ‪ 40 ،‬ص غير كاملة ( عياد العزابي ‪ ،‬زواره ) ‪.‬‬
‫* الفزاني ‪ ،‬بكار بن محمد ‪ ،‬جوابات ‪ ( ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* قتادة بن دعامة السدوسي ‪ ،‬أقوال قتادة ‪ ،‬سبعة أجزاء ( جزء من مخطوطة الديوان المعروض‬
‫‪ .‬انظر أبو غانم ) ‪.‬‬
‫* القطب ‪ ،‬محمد بن يوسف اطفيش ‪ ،‬جوابات وفتاوى ( مكتبة القطب ‪ ،‬بني يزفن ‪ ،‬مزاب ‪،‬‬
‫صورة في مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح تبغورين ( القطب بن يزفن ‪ ،‬مزاب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح لمية ابن النظر ‪ ( ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/333‬‬

‫‪ -‬شرح النيل ( عدة مجلدات ‪ ،‬الباروني ‪ ،‬كاباو ‪ ،‬مرساوني ‪ ،‬رحيبات ) ‪.‬‬


‫* القطب محمد بن يوسف اطفيش ‪ ،‬الذهب الخالص ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ‪. 1343 ،‬‬
‫‪ -‬إزالة العتراض عن محقي آل إباض ‪ ،‬زنجبار ‪. 1316 ،‬‬
‫‪ -‬إزهاق الباطل بالعلم الهاطل ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1347 ،‬‬
‫‪ -‬جامع الشمل في حديث خير الرسل ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬لت ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -‬جامع الوضع والحاشية ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1306 ،‬‬
‫‪ -‬جواب أهل زوارة ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1325 ،‬‬
‫‪ -‬الرد على العقبي ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬تونس ‪ ، 1321 ،‬مع أعمال أخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬الرسالة الشافعية في بعض التواريخ ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1299 ،‬‬
‫‪ -‬شرح عقيدة التوحيد ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1326 ،‬‬
‫‪ -‬شرح النيل ‪ 10 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ؛ ( نسخة كاملة بحوزة علي معمر ‪ ،‬نالوت ليبيا ) ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح الدعائم ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1326 ،‬‬
‫‪ -‬تفقيه الغامر بترتيب لقط موسى بن عامر ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1319 ،‬‬
‫‪ -‬تيسير التفسير ‪ 6 ،‬مجلدات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1326 ،‬‬
‫‪ -‬ترتيب المعلقات في أخبار أهل الدعوة ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫* القلهاتي ‪ :‬أبو عبد ال محمد بن سعيد الزدي ‪ ،‬كتاب الكشف والبيان ‪ 11 ،‬مجلدا ؛ ( المتحف‬
‫البريطاني ‪ OR / 2606‬مجلدة معا ) ‪ .‬أمحمد الباروني ‪ ،‬جادو ‪ ،‬المجلد ‪ 1‬فقط ‪.‬‬
‫* الكدمي ‪ ،‬أبو سعيد محمد بن سعيد ‪ :‬كتاب الستقامة ‪ ( .‬مجموعة الشيخ محمد السالمي ‪،‬‬
‫تلطف بإعارتي هذه النسخة التي استعملتها لهذه الدراسة ) ‪.‬‬
‫* المندي ‪ ،‬أبو بكر أحمد بن عبد ال بن موسى ‪ ،‬كتاب التخصيص ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬المصنف ( عدة مجلدات ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪ ،‬كله ‪ 41‬مجلدا ‪.‬‬
‫* الكندي ‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن إبراهيم بن سليمان ‪ :‬كناب بيان الشرع ( عدة مجلدات ‪،‬‬
‫البارونية ‪ ،‬جربة ؛ في حوزتي المجلد ‪ 3‬وهو يحتوي على مادة مفيدة لدراسة الولية والبراءة ‪.‬‬
‫الكتاب مله في ‪ 73‬مجلدا ) ‪.‬‬

‫( ‪)1/334‬‬

‫* الللوتي ‪ ،‬أبو سهل ‪ ،‬جوابات أبي سهل ‪ ( .‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬


‫* مجهول ‪ :‬جوابات مشايخ جربة ‪ 160 ،‬ص ‪ ( .‬إجابات شيوخ إباضيين في جربة على مسائل‬
‫شرعية وفقهية ‪ .‬بحوزة علي الباروني ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬أجوبة علماء فزان ( جزء من مخطوطة مختلفة المحتويات ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب فيه بعض ما اجتمعت عليه المة ‪ 22 ،‬ص ‪ ،‬في مجموعة البغطور ‪ ،‬والغ ‪ ،‬جربة ‪،‬‬
‫( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬مجموع أجوبة ومسائل ( البارونية ‪ ،‬جربة ‪ ،‬نسخ عبد ال بن يحيى الباروني ) ‪.‬‬
‫‪ -‬نوازل نفوسة ‪ 222 ،‬ورقة ( البارونية ‪ ،‬جربة ) ‪.‬‬
‫* المحروقي ‪ ،‬درويش بن جمعه بن عمر ‪ ،‬كتاب الدلئل والوسائل ‪ ( .‬المتحف البريطاني ‪OR /‬‬
‫‪. ) 2085‬‬
‫* المصعبي ‪ ،‬محمد بن أبي القاسم ‪ ،‬رسالة في بيان عقيدتنا والجواب على ما قدح به المخالف ‪،‬‬
‫لت ‪ .‬مع أعمال أخرى ‪.‬‬
‫* المعصبي ‪ ،‬يوسف بن محمد ‪ ،‬رسالة إلى أحمد باشا ‪ ،‬لت ‪ .‬مع أعمال أخرى ‪.‬‬
‫* المصعبي ‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن محمد ‪ ،‬حاشية على رسالة تبغورين ‪ ( ،‬البارونية ‪ ،‬جربة )‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية على المصرح ‪ 160 ،‬ورقة ( الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة إلى أحمد باشا ( جزء من مخطوطة مختلفة المحتويات ‪ ،‬الورقات ‪ 149‬ب ‪ 159 -‬أ ‪.‬‬
‫الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* المصعبي ‪ ،‬محمد بن أبي القاسم ‪ ،‬جوابات لبعض المخالفين ‪ 4‬مجموعات ؛ ( جزء من‬
‫مخطوطة مختلفة المحتويات ‪ ،‬الورقات ‪ 123‬أ ‪ 149 -‬أ ‪ .‬الباروني ‪ ،‬كاباو ) ‪.‬‬
‫* المصعبي ‪ ،‬صالح بن إبراهيم بن أبي صالح ‪ :‬أرجوزة فيما اختصت به كل فرقة ‪.‬‬
‫( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫* معمر ‪ ،‬علي بت يحيى ‪ ،‬أحكام السفر في السلم ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬
‫‪ -‬أجوبة وفتاوى ‪ ،‬نالوت ‪. 1970 ،‬‬
‫‪ -‬الباضية في موكب التاريخ ‪.‬‬
‫( أ ) نشأة الباضية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1384 / 1964 ،‬‬
‫( ب ) الباضية في ليبيا ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬القاهرة ‪. 1384 / 1964 ،‬‬
‫( ج ) الباضية في تونس ‪ ،‬بيروت ‪. 1384 / 1964 ،‬‬
‫‪ -‬سمرة أسرة مسلمة بيروت ‪. 1385 / 1966 ،‬‬

‫( ‪)1/335‬‬

‫* الملشوطي ‪ ،‬تبغورين بن داود بن عيسى ‪ ،‬الجهالت ( سالم بن يعقوب ‪ ،‬جربة ؛ أمحمد‬


‫الباروني ‪ ،‬جادو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬أصول الدين ( عدد من المخطوطات ) ‪.‬‬
‫* كنير بن النير الجعلني ‪ ،‬سيرة ؛ كتب قبل ‪ 192‬هـ ‪ ( .‬جزء من مخطوطة مختلفة‬
‫المحتويات ‪ ،‬من عمان ) ‪.‬‬
‫* الوارجلني ‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم ‪:‬‬
‫‪ -‬كتاب الدليل والبرهان لهل العقول ‪ ( ،‬المتحف البريطاني ‪ ،‬رقم ‪. ) 6564‬‬
‫‪ -‬العدل والنصاف في أصول الفقه والختلف ‪ 3‬أجزاء ‪ 770 ،‬ص ‪ ( .‬مجموعتي ؛ نسخة‬
‫أخرى في مجموعة بابانو ‪ ،‬مزاب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬القصيدة الحجازية ( مجموعتي ) ‪.‬‬
‫* الوارجلني ‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن أبي بكر = أبو زكريا ‪.‬‬
‫* الوسياني ‪ ،‬أبو الربيع سليمان بن عبد السلم ‪ ،‬السير ( محفوظ الباروني ‪ ،‬جربة ‪ .‬أود هنا أن‬
‫أسجل شكري للدكتور بينون س ‪ S .O.S‬وهو الذي زودني بنسخة من هذا الكتاب الذي كان‬
‫بحوزة الستاذ ليفسكي ) ‪- 2.‬‬
‫مقالت ‪:‬‬
‫* بكري شيخ ‪. Le Kharijisme berbere ،‬‬
‫‪. A.I.E.O 15 ( 1957 ) 55 - 108‬‬
‫* النامي ‪ ،‬أ ‪ .‬ك ‪ -‬وصف مخطوطات إباضية جديدة من شمالي إفريقيا ‪.‬‬
‫‪. Journal of Semitic Studies Vol 151 , 1970 , 63 - 67‬‬
‫* كفافي ‪ ،‬محمد ‪The rise of Kharijism according to Alm Said Muhammad b. ،‬‬
‫‪Said al Azdi al Qalhati , The bulletin of the Faculty of Arts , Cairo , XIV , I ,‬‬
. 1952 , 29 - 48
، 1387 / 1967 ، 15 ، ‫ مجلة المجمع العلمي العراقي‬، ‫ سليم " ظهور الخوارج‬، ‫* النعيمي‬
. 35 - 10
LIST OF ARTICLES
. Allauche , I.S. 'Deux epitres de theolgite ' . Hesp . 22 ( 1936 ) 57 - 88 -
Basset , R. Les sanctuaires du Dlebel Nefousa , Journal Asiatique , mil - -
. juin , 1899 , 423 - 470 and juillet - aout , 1899 , 88 - 120
Bekri , Chaikh ' Le Kharijisme berbere ' .A.I.O.N. , N.S. 5 ( 1953 ) , 123 - -
. 139

)1/336 (

Ennami , A.K ' Description of New Ibadi Mss. from North Africa . Journal -
. of semitic Studies. , Vol . 15 , I, 1970 , 63 - 87
Gabrieli, F. ' Sulle Origini del Movimento Harigita ' . Rend . Accad . -
. Lincei, ser . 7 , 3 ( 1941 ) , 110 - 117
Goichon , A.M. 'Le vie feminine au Mzab ' . Revue du monde Musulmane -
. ., Vol . 62 , 1925
Heggoy , Willy N . ‚ The Mozabites of Algeria ‚ Muslim World , Vol . -
. XXXVII , 192 - 207
Kubiak , Wladyslaw ' . al - arabiyah fi Bulunia ' Majallat Ma'had al -
. -Makhtutat al- ' Arabiyah ., Vol. V , I ( Cairo 1959 ) , 17 - 22
Kubiak Wladyslaw ' . al - Makhtutat al - arabiyah fi Bulunia .' Majallat -
. Ma'had al- Makhtutat al- ' Arabiyah ., Vol. V , I ( Cairo 1959 ) , 17 - 22
Kafali , Muh , 'The rise of Kharijisme according to abu Sa'id Muhammad -
b. Sa'id al - Azdi al- Qalhati' . The bulletin of the Faculty of Arts . Cairo ,
. XIV . 1 , 1952 , 29 - 48
Kumar , Ravinder , ' British attiude towards the Ibadiyya revivalist -
. movement in East Africa '. Int . Stud ., 3 , ( 1962 ) , 443 - 450
Lewicki, T. ' Note sur la chronique ibadite d'ad-Dargini' . Rocznik -
. Orientalistyesm, t XI , 1936 , 146 - 172
Une chronique ibadite 'Kitab al-Siyar d'Abu'l-Abbas Ahmad as-Sammahi" -
. ". Revue etud. Ist., 1934, 59 - 78
. Les subdivisions de I'Ibadiyya" . Studia Islamica., IX, ( 1958 ) , 71 - 82" -
Les historiens, biographes et traditionistes ibadites - wahbites de " -
. I'Afrique du Nord du VIII' au XVI' siecles". Folia Or ., 3 ( 1961 ) , 1 - 134

)1/337 (

La repartiion geographique des groupements ibadites dans I'Afrique du„-


. Nord au moyen - age „. Rocznik Or ., 21 ( 1957 ) , 301 - 343
Les ibadites en Tunisie au moyen-age „. Conference tenue a la„ -
. Bibliotheque de I'Academie Polonaise de Rome , 17 Fed . 1958
Quelques texts inedits en vieux berbere provenant d'une chroique ibadite"-
. anonyme" . Revue etud . Isl ., 1934 , III, 1935 , 257 - 296
. Melanges berbere- ibadbtes" . Revue etud. Isl ., 1936 , 267 - 285" -
Quelques extrais inedits relatpfs aux voyages des commercants et des„-
missionaries ibadites nord-africains au paus du Soudan occidental et central
. au Moyen Age" . Folia Or.m, 2 ( 1960 ) , 1 - 27
Un docment ibadite inedit sur I 'emigration des Nafusa du Gabal ' Note -
. supplementaire '. Folia Or.,2 ( 1960 ) , 214 - 216
Les Ibaditse dans I'Arabie du sud au moyen age „. Folia Or., 1, ( 1959 ) ," -
. 3 - 17 , Also 24 Int, Cong Or., 362 - 364
. Al-Ibadiyya". E.L., 2 nedition" -
. Al-Nukkar". E.L., supplement, 172 - 173"-
Marcy, G. "Le Dieu des Abadites et des Bargwata" . Hesp., 22 ( 1963 ) , -
. 33 - 56
Milliot, L. "Recuil de deliberation des djema'a du Mzad" . Rev . Etud. Ist., -
. Vol. XXI, 1939 , 17 - 230
Al-Na'imi, Salim. "Zuhur al-khawarij" . Majma' al-ilmi al-Iraqi., XV, 1967 -
. / 1387 , 10 - 35
Nallino, C.A. "Rabborti fra la dogmatica Mu'tazilita e quella dagli Ibaditi -
. dell'Africa Settentrionale". R.S.O., Vol. VII, Roma, 1916 - 18 , 455 - 460
Rubinacci, R. "Notizia di alcuni manoscrtti ibaditi presso 1'Instiuto -
.Universitario Orientale di Napoli" .A.I.O.N., N.S.3 ( 1949 ) , 431-438

)1/338 (

.Il "Kitad al-Gawahir' di al-Barradi." A.I.O.N., N.S.4 ( 1952 ) , 95-110"-


. La purita rituale secondo gli Ibaditi". A.I.O.N., N.S. 6 ( 1954 - 6 ) , 1-41-
La professione di fede di al-Gannawuni". A.I.O.N., XIV , ( 1964 ) , 552-" -
.592
The Ibadis . "in Religion in the Middle East., General aditor : A.J. Arberry ,"
.Cambridge , 1969, II, 302-317
Il califfo ' Abd al-Malik b. Marwan degli Ibaditi" . A.I.O.N., also , "Un" -
.antico documento … "Vol. X, 37-78
Sachau, E. "Uber die Reliksen Anschauungsn der Ibaditischen -
Muhammedaner in Oman und Ostafrika". Mitthelungen der Seminars fur
. Orientaische Sprachen., VI . II, 1899 , 97-82
„ Uber eine Arabische Chronik aus Zanzibar„-
. M.S.O.S., Vol .I. 1898.
Schacht ‚ J. „Bibliotheques et manuscrits abadits „ . Rev . Africaine , 100 ( -
. 1956 ) , 375-398
. Notes mombites al Andalus 22 ( 1957 ) , 1-20 -
Shinar ‚ Pessah. „ Ibadiyya and orthodox reformism in modern Algeria „ . -
Studies in Isl . his , and civilization, Scripta Hierosolymitsm.,IX, 1961 , 97-
.120
Smogorzewski, Z. „Essai de Bio-bibliographie Ibadite-Wahbite . Avant- -
.propos „ . Rocznik Or., V, 1982, 45-47
Un poeme abadite sur certaines divergences entre les Malikites et les„-
.Abadites „. Rocznik Or., V. II, 260-268
Strothmann, R . „Berber und Ibaditen „ . Der Islam, XVII, 1928 , 258- -
.279
‫‪Thomson, W . „ Kharilism and Kharijites „ . The Macdonald Presentation -‬‬
‫‪.Volume., Princeton, 1933,373-389‬‬
‫‪Veccia Valieri, L. " L'Imamato ibadita dell' 'Oman" . A.I.O.N., N.S. 3 -‬‬
‫‪. ( 1949 ) 245-282‬‬
‫المطبوعات‬
‫أ ‪ -‬كنب الباضية ‪:‬‬

‫( ‪)1/339‬‬

‫* أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر ‪ ،‬الجامع ( أبو مسألة ) زنجبار ‪. 1318 ،‬‬
‫* أبو عمار عبد الكافي ‪ ،‬كتاب اختصار الفرائض ‪ ،‬ل تاريخ ‪ ،‬وأعمال أخرى ‪.‬‬
‫* أبن بكر أحمد بن النظر العماني ‪ ،‬كتاب الدعائم ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دمشق ‪. 1966‬‬
‫* أبو مهدي عيسى بن إسماعيل المصعبي ‪ ،‬جواب لبي علي البهلولي ‪ ،‬طبعة حجر ‪ ،‬تونس‬
‫‪ ، 1321‬وأعمال أخرى ‪.‬‬
‫* أبو مصر ‪ ،‬فتح بن نوح الملوشاتي ‪ ،‬القصيدة النونية ‪ ،‬الجزائر ‪ 1933 / 1352 ،‬وأيضا‬
‫كتاب الدعائم لبي بكر بن النظر ؛ ودمشق ‪ 1966‬ص ‪. 203 - 193‬‬
‫‪ -‬المنظومة الرائية في الصلة ‪ ،‬وأيضا في كتاب الدعائم ص ‪. 211 - 203‬‬
‫* أبو راس ‪ ،‬محمد بن مؤنس الحبة في أخبار جربة ‪ ،‬تحري محمد المرزوتي ‪ ،‬تونس ‪1960 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫* أبو ستة ‪ ،‬محمد بن عمرو ‪ ،‬حاشية القواعد ‪،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ 1297‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية كتاب النكاح للجناوني ‪ ،‬طبعة حجرية القاهرة ‪. 1343 ،‬‬
‫‪ -‬حاشية على الجزاء ‪ 3‬و ‪ 4‬من كتاب اليضاح للشماخي ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1309 ،‬‬
‫‪ -‬جوابات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1315 ،‬‬
‫‪ -‬شرح ترتيب المسند ‪ 3 ،‬أجزاء ‪ ،‬زنجبار ‪ ، 1304 ،‬مجهول ‪ .‬ذكر أسماء يعض شيوخ‬
‫الوهبية ‪ ،‬طبعة حجرية مع سير الشماخي ‪.‬‬
‫* الشياخ ديوان ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬كتاب الصوم ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1315 ،‬‬
‫ب ‪ -‬كتاب الطهارات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1315 ،‬‬
‫* البرادي ‪ ،‬أبو الفضل ‪ ،‬أبو القاسم بن إبراهيم ‪ ،‬الجواهر المنتقاة فيما أخل به الكتاب الطبقات ‪،‬‬
‫طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1302 ،‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬عبد ال بن يحيى ‪ ،‬سلم العامة والمبتدئين لمعرفة أئمة الدين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1324 ،‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬أبو الربيع سليمان ‪ ،‬مختصر تاريخ الباضية ‪ ،‬تونس ‪. 1357 / 1938 ،‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬محمد بن زكريا ‪ ،‬نسبة دين المسلمين ‪ ،‬طبعة حجرية مع سير الشماخي ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪. 1301‬‬
‫* الباروني ‪ ،‬سليمان باشا ‪ ،‬الزهار الرياضية في تاريخ أئمة وملوك الباضية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫( نحو ‪ 1326 - 1324‬هـ ) جـ ‪ 2‬فقط ‪.‬‬

‫( ‪)1/340‬‬

‫* الحناوني ‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن الخير ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1325 ،‬‬
‫‪ -‬كتاب النكاح ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1343 ،‬مع (( حاشية )) أبي ستة ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الصوم ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1320 ،‬تحضر حاليا طبعة جديدة لهذا الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الوضع ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق إبراهيم اطفيش ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫* الجيطالي ‪ ،‬أبو طاهر إسماعيل بن موسى ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب قواعد السلم ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1297 ،‬مع (( حاشية )) أبي ستة ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الفرائض والمقاييس ‪ :‬الجروح ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة لت ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب قناطر الخيرات ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ،‬طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪ 1307 ،‬؛ الجزء الول من هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬تحقيق كاتب هذه الدراسة ‪ ،‬طبع في القاهرة ‪. 1964 ،‬‬
‫* دبوز ‪ ،‬محمد علي ‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير ‪ 3 ،‬أجزاء القاهرة ‪. 1963 ،‬‬
‫* ثورة الجزائر ونهضتها المباركة ‪ 3‬أجزاء ‪ ،‬القاهرة ‪. 1965 ،‬‬
‫* الحضرمي ‪ ،‬إبراهيم بن قيس ‪:‬‬
‫( أ ) كتاب مختصر الخصال ‪ ،‬جزءان ‪ ،‬طبعة حجرية ‪. 1893 / 1310 ،‬‬
‫( ب ) ديوان السيف النقاد ‪ ،‬ط ‪ 2‬دمشق لت ‪.‬‬
‫* الحارثي ‪ ،‬عيسى بن صالح ‪ ،‬خلصة الوسائل في ترتيب المسائل ‪ ،‬جزءان ‪ ،‬تحرير عز الدين‬
‫التنوخي ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫* الحارثي ‪ ،‬صالح بن علي ‪ ،‬عين المصالح في جوابات الشيخ صالح ‪ ،‬تحرير عز الدين‬
‫التنوخي ‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مصادر عامة باللغة العربية ‪:‬‬
‫* أبن أبي حاتم الرازي ‪ ،‬عبد الرحمن ‪ ،‬الجرح والتعديل ‪ ،‬مقدمة ‪ 8‬مجلدات ‪ ،‬حيدر أباد ‪،‬‬
‫‪. 1373 - 1360‬‬
‫* ابن الثير علي بن محمد ‪ ،‬أسد الغابة ‪ 5 ،‬مجلدات ن القاهرة ‪. 7 - 1285 ،‬‬
‫* ابن الثير ‪ ،‬مبارك بن محمد ‪ ،‬النهاية في غريب الحديث ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪/ 1311 ،‬‬
‫‪. 1893‬‬
‫* ابن الجوزي ‪ ،‬عبد الرحمن بن علي ‪ ،‬صفة الصفوة ‪ ،‬حيدر أباد ‪. 1356 ،‬‬
‫* ابن حبان البستي ‪ ،‬محمد ‪ ،‬مشاهير علماء المصار ‪ ،‬تحقيق مانفريد فليشهامر ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪ 1379 / 1959‬هـ ‪.‬‬
‫* ابن حجر ‪ ،‬أحمد بن علي ‪.‬‬

‫( ‪)1/341‬‬

‫( أ ) الصابة في تمييز الصحابة ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1939 / 1358 ،‬‬


‫( ب ) لسان الميزان ‪ 6 ،‬مجلدات ‪ ،‬حيدر أباد ‪ 27 - 1325 ،‬هـ ‪.‬‬
‫( ج ) تهذيب التهذيب ‪ 12 ،‬مجلدا ‪ ،‬حيدر أباد ‪ 27 - 1325 ،‬هـ ‪.‬‬
‫( د ) تقريب التهذيب ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬تحقيق عبد اللطيف ‪ ،‬القاهرة ‪. 1960 ،‬‬
‫* ابن حزم ‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ‪.‬‬
‫( أ ) جمهرة أنساب العرب ‪ ،‬تحقيق ليفي بروفنسال ‪ ،‬القاهرة ‪. 1948 ،‬‬
‫( ب ) ملخص إبطال الرأي والقياس والستحسان والتقليد والتعليل ‪ ،‬تحقيق سعيد الفغاني ‪،‬‬
‫دمشق ‪. 1960 - 1379 ،‬‬
‫( ج ) كتاب الفصل في الملل والهواء والنحل ‪ ،‬القاهرة ‪ 5 ، 1321 ،‬مجلدات ‪.‬‬
‫( د ) الحكام في أصول الحكام ‪ 5 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 48 - 1345 ،‬‬
‫( و ) المحلى ‪ 11 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪ 52 - 1347 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* ابن حنبل ‪ ،‬أحمد بن محمد ‪ ( ،‬أ ) العلل ومعرفة الرجال ‪ ،‬تحقيق طلعة كوسيجيت ‪ ،‬أنقرة‬
‫‪. 1963‬‬
‫( ب ) المسند ‪ 6 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1313 ،‬‬
‫* ابن حوقل ‪ ،‬أبو القاسم النصيبي ‪ ،‬كتاب صورة الرض ‪ ،‬تحقيق ج ‪ .‬هـ ‪ .‬كرايمرز ‪،‬‬
‫لبدن ‪.1939 ،‬‬
‫‪ -‬كتاب المسالك والممالك ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬ج ‪ .‬دي غوبي ‪ ،‬ليدن ‪. 1872 ،‬‬
‫* ابن خرداذبة ‪ ،‬العبر وديوان المبتدأ والخبر ‪ 7 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق داغر ‪ ،‬بيروت ‪- 1956 ،‬‬
‫‪. 61‬‬
‫* ابن خلكان ‪ ،‬أحمد بن محمد ‪ ،‬وفيات العيان ‪ ،‬تحقيق ف ‪ .‬وستنفيلد ‪ ،‬غوتنغن ‪. 1835 ،‬‬
‫* ابن رزيق ‪ ،‬حميد الفتح المبين ‪ ،‬ترجمة جورج بي بادجر ‪ ،‬لندن ‪. 1871 ،‬‬
‫* ابن سعد ‪ ،‬محمد ‪ ،‬كتاب الطبقات الكبير ‪ ،‬تحقيق ادوارد ساخو ‪ ،‬ليدن ‪، 1940 - 1904 ،‬‬
‫وبيروت ‪. 1377 / 1958 ،‬‬
‫* ابن سلم ‪ ،‬القاسم بن سلم ‪ ،‬كتاب الموال ‪ ،‬تحقيق محمد خليل هراس ‪ ،‬القاهرة ‪/ 1389 ،‬‬
‫‪. 1969‬‬
‫* ابن عبد البر ‪ ( ،‬أ ) الستيعاب في معرفة الصحاب ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪ .‬كذلك حيدر‬
‫أباد ‪ 1319 ،‬هـ ‪ 2 ،‬جزءان ‪.‬‬
‫( ب ) جامع بيان العلم ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬المدينة ‪. 1969 ،‬‬

‫( ‪)1/342‬‬

‫* ابن عبد الحكم ‪ ،‬فتوح إفريقية والندلس ‪ ،‬النص العربي مع ترجمة فرنسية ومقدمة للبرت‬
‫غاتو ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬الجزائر ‪. 1947 ،‬‬
‫* ابن عبد ربه ‪ ،‬أحمد بن محمد ‪ ،‬العقد الفريد ‪ ،‬تحقيق أحمد أمين وآخرين ‪ ،‬القاهرة ‪/ 1359 ،‬‬
‫‪. 1940‬‬
‫* ابن عذاري المراكشي ‪ ،‬كتاب البيان المغرب ‪ ،‬تحقيق ج ‪ .‬س ‪ .‬كولين وإي ‪ .‬ليفي‬
‫بروفنسال ‪ ،‬ليدن ‪. 1948 ،‬‬
‫* ابن العماد ‪ ،‬عبد الحي ‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب ‪ ،‬القاهرة ‪. 1350 ،‬‬
‫* ابن قتيبة ‪ ،‬عبد ال بن مسلم ‪ ،‬المعارف ‪ ،‬تحقيق محمد الصاوي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1934 ،‬‬
‫* ابن القيسراني ‪ ،‬محمد بن طاهر ‪ ،‬الجامع بين رجال الصحيحين ‪ ،‬حيدر أباد ‪. 1323 ،‬‬
‫* ابن القيم ‪ ،‬إعلم الموقعين عن رب العالمين ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫* ابن كثير ‪ ،‬إسماعيل بن عمر ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ 14 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪. 1932 ،‬‬
‫* ابن ماجة ‪ ،‬محمد بن يزيد ‪ ،‬سنن ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬ف ‪ .‬عبد الباقي ‪ ،‬القاهرة ‪/ 1373 ،‬‬
‫‪. 1954‬‬
‫* ابن مسكوية ‪ ،‬تجارب المم ‪ ،‬تحقيق ل ‪ .‬كايتاني ‪. 1909 ،‬‬
‫* ابن منظور ‪ ،‬محمد بن مكرم لسان العرب ‪ 20 ،‬مجلدا ‪ ،‬بولق ‪. 8 - 1300 ،‬‬
‫* ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪ ،‬تحقيق ج ‪ .‬فلوغيل ‪ ،‬ليبزيغ ‪ 1871 ،‬؛ والقاهرة ‪. 1348 ،‬‬
‫* ابن هشام ‪ ،‬محمد السيرة النبوية ‪ ،‬تحقيق مصطفى السقا وآخرين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1955 ،‬‬
‫* أبو داود ‪ ،‬سنن ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬م ‪ .‬عبد الحميد ‪ ،‬القاهرة ‪. 1950 / 1369 ،‬‬
‫* أبو زهرة ‪ ،‬محمد ‪ -‬مالك ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪. 1952 ،‬‬
‫‪ -‬أبو حنيفة ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪. 1955 ،‬‬
‫‪ -‬الشافعي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1954 / 1364 ،‬‬
‫* أبو زهرة ‪ ،‬محمد ‪ ،‬الحديث والمحدثون ‪ ،‬القاهرة ‪. 1958 ،‬‬
‫* أبو عوانة ‪ ،‬يعقوب بن إسحق ‪ ،‬مسند ‪ ،‬حيدر أباد ‪ 1362 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* أبو الفرج الصفهاني ‪ ،‬علي بن الحسين ‪ ،‬كتاب الغاني ن ‪ 24‬مجلدا ‪ ،‬تحقيق عبد الستار‬
‫أحمد فراج ‪ ،‬بيروت ‪. 1961 / 1380 ،‬‬

‫( ‪)1/343‬‬

‫* أبو الفضل عبد الرحمن بن الحسين العراقي ‪ ،‬المغني عن حمل السفار في تخريج ما في‬
‫الحياء من الخبار مع (( إحياء علوم الدين )) للغزالي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1939 / 1353 ،‬‬
‫* أبو نعيم ‪ ،‬أحمد بن عبد ال الصبهاني ‪ ،‬حلية الولياء وطبقات الصفياء ‪ 10 ،‬مجلدات ‪،‬‬
‫القاهرة ‪. 1932 ،‬‬
‫* السفراييني ‪ ،‬أبو المظفر طاهر بن محمد ‪ ،‬التبصير في الدين القاهرة ‪. 1940 ،‬‬
‫* الشعري ‪ ،‬علي بن إسماعيل ‪ ،‬مقالت السلميين واختلف المصلين ‪ ،‬تحقيق هيلموت ريتر ‪،‬‬
‫اسطنبول ‪. 1929 ،‬‬
‫* الصطخري إبراهيم بن محمد ‪ ،‬مسالك الممالك ‪ ،‬ليدن ‪. 1870 ،‬‬
‫* اللوسي ‪ ،‬محمد شكري ‪ ،‬بلوغ الرب في معرفة أحوال العرب ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪. 1942 ،‬‬
‫* البخاري ‪ ،‬محمد بن إسماعيل ‪ ،‬الجامع الصحيح ‪ ،‬طبقات متعددة ‪.‬‬
‫‪ -‬التاريخ الكبير ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬حيدر أباد ‪. 1361 ،‬‬
‫* البرهانفوري ‪ ،‬علي المتقي المهندي ‪ ،‬كنز العمال في سنن القوال والفعال ‪ 8 ،‬مجلدات ‪،‬‬
‫حيدر أباد ‪. 14 - 1312 ،‬‬
‫* البصري ‪ ،‬محمد بن علي ‪ ،‬المعتمد في أصول الفقه ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬تحقيق حميد ال وآخرين ‪،‬‬
‫دمشق ‪. 65 - 1964 / 1348 / 5 ،‬‬
‫* البلذري ‪ ،‬أحمد بن يحيى ‪ ،‬فتوح البلدان ‪ ،‬تحقيق المنجد ‪ ،‬القاهرة ‪. 1956 ،‬‬
‫* البغدادي ‪ ،‬أبو منصور ‪ ،‬عبد القادر بن طاهر ‪ :‬الفرق بين الفرق ‪ ،‬تحقيق زاهد الكوثري ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ 1948 ،‬؛ ترجمة إنكليزية مع مقدمة وملحظات بقلم إبراهام س ‪ .‬هالكين ‪. 1935 ،‬‬
‫* الترمذي ‪ ،‬محمد بن عيسى ‪ ،‬السنن ( الجامع الصحيح ) ‪ ،‬تحقيق أحمد حمد شاكر ‪ ،‬المجلدان‬
‫‪ 1‬و ‪ . 2‬المجلد الثالث ‪ ،‬تحقيق محمد ف ‪ .‬عبد الباقي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1937 / 1356‬‬
‫* صحيح الترمذي مع تعليق ابن العربي المالكي ‪ 13 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪1931 / 52 - 1350 ،‬‬
‫‪. 34 -‬‬
‫* الطيالسي ‪ ،‬سليمان بن داود ‪ ،‬مسند ‪ ،‬حيدر أباد ن ‪. 1321‬‬
‫* الجاحظ ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر ‪ ،‬البيان والتبيين ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق محمد عبد السلم‬
‫هارون ‪ ،‬القاهرة ‪. 1369 - 1367 / 1950 - 1948 ،‬‬
‫( ‪)1/344‬‬

‫‪ -‬رسائل الجاحظ ن تحقيق هارون ‪ ،‬القاهرة ‪. 1965 / 1384 ،‬‬


‫‪ -‬العثمانية ‪ ،‬تحقيق هارون ‪ ،‬القاهرة ‪ 1374 / 1955 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* الحاكم ‪ ،‬محمد بن عبد ال ‪ ،‬معرفة علماء الحديث ‪ ،‬تحقيق المعظم حسين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1937 ،‬‬
‫‪ -‬المستدرك ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬حيدر أباد ‪.‬‬
‫* حاجي ‪ ،‬خليفة ‪ ،‬مصطفى بن عبد ال ‪ ،‬كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون ‪ ,‬طهران ‪،‬‬
‫‪. 1957 / 1378‬‬
‫* الحموي ‪ ،‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ،‬القاهرة ‪. 1096 ،‬‬
‫* حميد ال ‪ ،‬محمد ‪ ،‬الوثائق السياسية ‪ ،‬ط ‪ 2‬؛ القاهرة ‪. 1965 ،‬‬
‫* الخزرجي ‪ ،‬أحمد بن عبد ال ‪ ،‬خلصة تهذيب الكمال ‪ ،‬القاهرة ‪. 1322 ،‬‬
‫* الخطيب البغدادي ‪ ،‬تقييد العلم ‪ ،‬تحقيق ي ‪ .‬عشي ‪ .‬دمشق ‪. 1949 ،‬‬
‫* الدارمي ‪ ،‬عبد ال بن عبد الرحمن ‪ ،‬سنن ‪ ،‬تحقيق عبد ال هاشم اليمامي ‪ ،‬المدينة ‪/ 1386 ،‬‬
‫‪. 1960‬‬
‫* الذهبي ‪ ،‬محمد بن أحمد ‪.‬‬
‫( أ ) ميزان العتدال ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق البجاوي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1963 / 1382 ،‬‬
‫( ب ) المشتبه ‪ ،‬تحقيق البجاوي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1962 ،‬‬
‫( ج ) تذكرة الحفاظ ‪ 4‬مجلدات ‪ ،‬حيدر أباد ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫( د ) تاريخ السلم ‪ ، 4 - 1 ،‬القاهرة ‪. 1948 / 1367‬‬
‫(هـ ) سير أعلم النبلء ‪ 3- 1 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق المنجد وآخرين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1956 ،‬‬
‫( و ) لسان الميزان ‪ ،‬حيدر أباد ‪ 1330 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* الذهبي ‪ ،‬محمد حسين ‪ ،‬التفسير والمفسرون ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1961 / 1381 ،‬‬
‫* الزبيدي ‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني ‪ ،‬تاج العروس ‪ 10 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1306 ،‬‬
‫* الزمخشري ‪ ،‬جار ال محمد بن عمر ‪ ،‬الكاشف ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ،‬بولق ‪. 1319 - 1318 ،‬‬
‫‪ -‬الفائق في غريب الحديث ‪ ،‬حيدر أباد ‪. 1906 / 1324 ،‬‬
‫* الزوزني ‪ ،‬شرح المعلقات السبع ‪ ،‬تحقيق محمد علي حمد ال ‪ ،‬دمشق ‪. 1963 ،‬‬
‫* زيد بن علي ‪ ،‬مسند المام زيد ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬
‫* الزيلعي ‪ ،‬جمال الدين أبو محمد عبد ال بن يوسف ‪ ،‬نصب الراية لحاديث الهداية ‪4 ،‬‬
‫مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1938 / 1357 ،‬‬

‫( ‪)1/345‬‬
‫* السباعي ‪ ،‬مصطفى ‪ ،‬السنة ومكانتها في التشريع السلمي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1961 / 1380 ،‬‬
‫* سحنون ‪ ،‬المدونة الكبرى ‪ 16 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪. 24 - 1323 ،‬‬
‫* السرخسي ‪ ،‬المبسوط ‪ 30 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪. 31 - 1324 ،‬‬
‫* السمعاني ‪ ،‬عبد الكريم محمد بن منصور ‪ ،‬النساب ‪ 6 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق اليماني ‪ ،‬حيدر‬
‫أباد ‪. 1966 - 1963 ،‬‬
‫* السيوطي ‪ ،‬جلل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ‪ ،‬الجامع الصغير ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬تنوير الحوالك شرح موطأ المام مالك ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬القاهرة ‪. 1348 ،‬‬
‫* الشافعي ‪ ،‬محمد بن إدريس ‪ ،‬الم ‪ 7 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 5 - 1321 ،‬‬
‫* الشوكاني ‪ ،‬محمد بن علي ‪ ،‬نيل الوطار ‪ 8 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪. 1357 ،‬‬
‫* الشيباني ‪ ،‬محمد بن الحسن ‪ ،‬الجامع الصغير ‪.‬‬
‫* الصالح ‪ ،‬صبحي ‪ ،‬علوم الحديث ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬بيروت ‪. 1965 / 1384 ،‬‬
‫* الطبري ‪ ،‬محمد بن جرير ‪ ،‬التفسير ‪ ،‬تحقيق شاكر ‪ 15 ،‬مجلدا ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ الرسل والملوك ‪ ،‬تحقيق أبي الفضل إبراهيم ‪ 10 ،‬مجلدات ‪ ، 69 - 1960 ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫* عجاج الخطيب ‪ ،‬السنة قبل التدوين ‪ ،‬القاهرة ‪. 1383 / 1963 ،‬‬
‫* علي حسن عبد القادر ‪ ،‬نظرة عامة في تاريخ الفقه السلمي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1942 / 1361 ،‬‬
‫* الفتني ‪ ،‬محمد طاهر بن علي ‪ ،‬تذكرة الموضوعات وقانون الموضوعات والضعفاء ‪،‬‬
‫بيروت ‪. 1968 ،‬‬
‫* فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬مفاتيح كنوز السنة ‪ ،‬القاهرة ‪. 1933 / 1352 ،‬‬
‫‪ -‬المعجم المفهرس للفاظ القرآن ‪ ،‬القاهرة ‪. 1378 ،‬‬
‫‪ -‬تيسير المنفعة ‪ ،‬القاهرة ‪ 1935 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* الفيروزآبادي ‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب ‪ ،‬القاموس المحيط ‪ 4 ،‬مجلدات ‪ ،‬القاهرة ‪1952 ،‬‬
‫‪ 1371 /‬هـ ‪.‬‬
‫* القاسمي ‪ ،‬محمد جمال الدين ‪ ،‬قواعد التحديث ‪ ،‬تحقيق محمد بهجة البيطار ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪. 1961 / 1380‬‬
‫* القرطبي ‪ ،‬ابن حيان ‪ ،‬المقتبس في أخبار الندلس ‪ ،‬تحقيق عبد الرحمن الحجي ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪. 1965‬‬

‫( ‪)1/346‬‬
‫* القرطبي ‪ ،‬محمد بن أحمد النصاري ‪ ،‬الجامع لحكام القرآن ‪ 20 ،‬مجلدا ‪ ،‬تحقيق دار الكتب‬
‫القاهرة ‪ 1369 - 1351 / 50 - 1933 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* القزويني ‪ ،‬زكريا بن محمد ‪ ،‬كتاب آثار البلد وأخبار العباد ‪ ،‬تحقيق وستنفلد ‪ ،‬غوتنغن ‪،‬‬
‫‪. 1848‬‬
‫* القيرواني ‪ ،‬الرقيق ‪ ،‬تاريخ إفريقية والمغرب ‪ ،‬تحقيق المنجي الكعبي ‪ ،‬تونس ‪. 1968 ،‬‬
‫* الكليني ‪ ،‬محمد بن يعقوب ‪ ،‬الكافي ‪ 8 ،‬مجلدات ‪ ،‬طهران ‪. 1381 ،‬‬
‫* مالك بن أنس ‪ ،‬الموطأ مع شرح السيوطي ‪ ،‬القاهرة ‪. 1348 ،‬‬
‫‪ -‬المدونة ‪ ،‬رواية سحنون ‪ ،‬القاهرة ‪ 16 ، 24 - 1323 ،‬مجلدا ‪.‬‬
‫* المبرد ‪ ،‬أبو العباس محمد بن يزيد الكامل ‪ 3 ،‬مجلدات ‪ ،‬تحقيق أحمد شاكر وزكي مبارك ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ 1302 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* محمد بن الحسن ‪ ،‬الجامع الصغير ‪ ،‬القاهرة ‪ 1302 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* المسعودي ‪ ،‬علي بن الحسن ‪ ،‬مروج الذهب ‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬القاهرة ‪. 1867 / 1283 ،‬‬
‫* مسلم بن الحجاج القشيري ‪ ،‬الصحيح ‪ ،‬عدة طبعات ‪.‬‬
‫* المقدسي ‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن أحمد ‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة القاليم ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬ج دي‬
‫غويي ‪ ،‬ليدن ‪. 1877 ،‬‬
‫* الملطي ‪ ،‬أبو الحسن محمد بن أحمد ‪ ،‬التنبيه والرد على أهل الهواء والبدع ‪ ،‬تحقيق الكوثري‬
‫‪ ،‬القاهرة ‪. 1368 / 1949 ،‬‬
‫* المنقري ‪ ،‬نصر بن مزاحم ‪ ،‬وقعة صفين ‪ ،‬القاهرة ‪ 1365 ،‬هـ ‪.‬‬
‫* النسائي ‪ ،‬أحمد بن شعيب ‪ ،‬السنن تعليق من السيوطي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪.‬‬
‫* النووي ‪ ،‬محي الدين بن شرف ‪ ،‬تهذيب السماء ‪ ،‬تحقيق ر ‪ .‬دزوي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ‪ ،‬وأيضا‬
‫غوتنغن ‪. 1842 ،‬‬
‫* الهمذاني ‪ ،‬صفة جزيرة العرب ‪.‬‬
‫* الهمذاني ‪ ،‬أبو بكر أحمد بن محمد ‪ ،‬كتاب البلدان ‪ ،‬ليدن ‪. 1302 ،‬‬
‫* اليعقوبي ‪ ،‬أحمد بن أبي يعقوب بن واضح ‪ ،‬كتاب البلدان ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬ج ‪ .‬دي غويي ‪،‬‬
‫ليدن ‪. 1892 ،‬‬
‫===‬
‫مصادر عامة باللغة الجنبية‬
‫* ‪.Arberry , A.J. The Koran Interpreted, Oford UnIversity Press, 1964‬‬
‫( ‪. General Editor , Religion in the Middl East , 2 vols., Cambridge, 1969‬‬

‫( ‪)1/347‬‬
. 1964 ، ‫ مطبعة جامعة أوكسفورد‬، ‫ تفسير القرآن‬. ‫ ج‬. ‫ أية‬، ‫* آربري‬
. 1969 ، ‫ كمبريدج‬، ‫ مجلدان‬، ‫ ( محرر عام ) الدين في الشرق الوسط‬-
‫ م‬، ‫ * عزمي‬. Azmi, M.M. Studies in Early Hadith Literature, Beirut, 1968 *
. 1968 ، ‫ بيروت‬، ‫ دراسات في أدب الحديث القديم‬. ‫ م‬.
.Bosworth, C.E., The Islamic Dynasties, Edinburgh, 1967 *
. 1967 ، ‫ أدنبرة‬، ‫ السللت السلمية‬. ‫ إي‬، ‫ سي‬، ‫* بوزورث‬
Brockelman, C. Geschichte der Aradischen Litteratur ( Brill reprint 1943, *
1949. Supplement band I, II, and III, Leiden, 1947-1942 ) 3 parts of the
. Arabic translation by al-Najjar were published in Cairo , 1959
، 3 ، 2 ، 1 ‫ ؛ الملحق‬1949 ، 1934 ، ‫ ( طبع بريل‬، ‫ تاريخ الدب العربي‬. ‫* بروكلمان ج‬
. 1959 ، ‫ ) نشرت أجزاء من الترجمة العربية بقلم النجار في القاهرة‬1942 - 1937 ، ‫ليدن‬
.Coulson, N.J. A History of Islamic Law., Edinburgh, 1964 *
. 1964 ، ‫ ادنبره‬، ‫ تاريخ الشريعة السلمية‬. ‫ ج‬. ‫ ن‬، ‫* كولسون‬
. Cowan , J.M. A Dictionary of Modern Written Arabic, Wieslbaden, 1966 *
. 1966 ، ‫ وايزبادن‬، ‫ قاموس اللغة العربية الحديثة المكتوبة‬. ‫ م‬. ‫ ج‬، ‫* كوان‬
. Despois, Jean . Le Djebel Nefousa ., ( Etude geographique ) , Paris, 1935 *
. 1935 ، ‫ ( دراسة جغرافية ) باريس‬، ‫ جان حبل نفوسة‬، ‫* ديوان‬
Fyzee, A.A.A. A Shiite Creed., atranslation of Risalat al-I'tiqad . of *
Muhammad b . 'Ali b . Babawayhi al-Qummi . Oxford University Press,
. 1942
‫ لمحمد بن علي بن بابوية القمي‬، ‫ ترجمة رسالة العتدال‬، ‫ عقيدة شيعية‬. ‫ أيو‬. ‫ أية‬. ‫* فيزي أية‬
. 1942 ، ‫ مطبعة جامعة أوكسفورد‬،
. Gibb, H.A.R. Mohammedanism., 2nd ed. London, 1964 *
. 1964 ، ‫ لندن‬، 2 ‫ ط‬، ‫ السلم‬. ‫ ر‬. ‫ أية‬. ‫ هـ‬، ‫* جب‬

)1/348 (

Goldziher , Ignaz, Muslim Studies., English translation by C.R. Berber *


. and S.M. Stern. Volume One, London, 1967
. ‫ م‬. ‫ وس‬، ‫ بربر‬. ‫ ر‬. ‫ ترجمة إنكليزية لـ سي‬، ‫ دراسات إسلمية‬، ‫ إينياز‬، ‫* غولدزيهر‬
. 1967 ‫ لندن‬، 1 ‫ مجلد‬، ‫ستيرن‬
. La Ioi et le dogme dans l;Islam -
. 1946 ، ‫ القاهرة‬، ‫ ترجمة عربية لمحمد يوسف موسى‬، ‫ القانون والعقيدة في السلم‬-
Guillaum, A. The life of Muhammad ., the translation of the Sirah of Ibn *
. Ishap., Oxford University Press, 1967
‫ مطبعة جامعة‬، ‫ ترجمة سيرة ابن إسحق‬، ‫ حياة النبي محمد عليه السلم‬. ‫ أية‬، ‫* غيوم‬
. 1967 ، ‫أوكسفورد‬
. The Traditions of Islam, Oxford , 1924 -
.Lane, E.W. Arabic English Lexicon, 8 vols , Edinburgh, 1867 *
. 1867 ، ‫ ادنبره‬، ‫ مجلدات‬8 ، ‫ قاموس عربي إنكليزي‬: ‫ دبليو‬، ‫ أي‬، ‫* لين‬
. Lewicki, T. Etudes Ibadites Nord- Africaines, I, Warsaw, 1955 *
. 1955 ، ‫ فرصوفيا‬، 1 ، ‫ دراسات إباضية في شمالي إفريقية‬. ‫ تي‬، ‫* ليفتسكي‬
Macdonald, Duncan B. Development of Muslim theology, jurisprudence *
. and constiturional theory., Beirut , 1965
، ‫ بيروت‬، ‫ تطور الفقه والشرع والنظرية الدستورية في السلم‬: ‫ بي‬، ‫ دنكان‬، ‫* مكدونالد‬
. 1965
Masrgoliouth, D.S. The Early Development of Muhammedanism, London, *
.1914
. 1914 ، ‫ لندن‬، ‫ تطور السلم في عهوده الولى‬. ‫ س‬.‫ د‬، ‫* مرغوليوث‬
. Masqueray, Chronique d'Abou Zakaria, Paris- Algiers, 1878 *
. 1878 ، ‫ الجزائر‬- ‫ باريس‬، ‫ سير أبي زكريا‬، ‫* ماسكيراي‬
McCarthy, Richard J. The theology of al-Ash'ari's K. al-Luma' and Risalat *
"istihsan al-Khawd fi al-Kalam, with briefiy annotated translation .) Beirut,
. 1953

)1/349 (

‫ النصوص العربية لكتاب اللمع ورسالة استحسان‬، ‫ فقه الشعري‬. ‫ ريتشارد ج‬، ‫* ماكارثي‬
. 1953 ، ‫ بيروت‬، ‫ مع ترجمة بتعليقات مختصرة‬، ‫الخوض في الكلم‬
Mothylinski, A. de C. "L" "Aqida des Abadhitse" ., Recueil de Memoires *
et Textes publies en l'honneur du XIV Congres des Orientalistes, Algiers,
. 1905
Recueil de memoires et de ، )) ‫ (( العقيدة الباضية‬. ‫ سي‬. ‫ إية‬. ‫* موتيلنسكي أية‬
1905 ، ‫ الجزائر‬، Tetes publies en I'honneur du XIV Congres des Orientalistes
.
. Le Djebel Nefosa, Paris, 1899 -
. 1899 ، ‫ باريس‬، ‫ جبل نفوسة‬-
. Nicholson, R.A. A Literart History of the Arabs., Cambridge, 1962 *
. 1962 ، ‫ كمريدج‬، ‫ تاريخ الدب العربي‬. ‫ أية‬. ‫ ر‬، ‫* نيكولسون‬
Pearson, J.D. Index Islamicus, ( 1906 - 1965 ) , III vols., Combridge, *
.1985-1967
1985 ، ‫ كمريدج‬، ‫ مجلدات‬3 ، ) 1967 - 1906 ( ‫ فهرس السلميات‬. ‫ د‬. ‫ ج‬، ‫* بيرسون‬
. 1967 -
Pickthal, Mohammed Marmaduke, The Meaning of the Glorius Koran, *
. 1956
. 1956 ، ‫ معنى القرآن المجيد‬، ‫ محمد مرمدوك‬، ‫* بكثال‬
.Ramadan, Said: Islamic law, its scope and aquity., 2nd edition, 1970 *
. 1970 ، 2 ‫ ط‬، ‫ مداه وعدالته‬، ‫ القانون السلمي‬، ‫ سعيد‬، ‫* رمضان‬
Rodwell, J.M. Rodwell's Translaion of the Koarn, Everyman's Library , *
. 1968
. 1968 ، ‫ مكتبة إفري مان‬، ‫ ترجمة رودويل للقرآن‬. ‫ م‬. ‫ ج‬، ‫رودويل‬
Salem, Elie Adib . Political theory and instiutions of the Khawarij, *
.Baltimore, 1956
. 1956 ، ‫ بلتيمور‬، ‫ النظرية والمؤسسات السياسية عند الخوارج‬، ‫* سالم ـ تيلي أديب‬
.Schact, J.a ) An Introduction to Islamic law, Oxford, 1961 *
. b) The Origins of Muhammadan Jurisprudence., 4th imp. Oxford, 1967
. 1964 ، ‫ أكسفورد‬، ‫ ( أ ) تمهيد للقانون السلمي‬: ‫ ج‬، ‫* شاخت‬

)1/350 (

. 1967 ، ‫ أكسفورد‬، 4 ‫ ط‬، ‫( ب ) أصول الشرع السلمي‬


.Sweetman, J. Windrow, Islam and Christian Theology, London, 1947 *
. 1947 ، ‫ لندن‬، ‫ السلم واللهوت المسيحي‬، ‫ وندرو‬. ‫ ج‬، ‫* سويتمان‬
. Twitton, A.S. Muslim Theology, London, 1947 *
. 1947 ، ‫ لندن‬، ‫ الفقه السلمي‬. ‫ إس‬. ‫ أية‬، ‫* تريتون‬
Watt, W. Montgomery: Muhammad, Prophet and Statesman, Oxford, *
.1967
. Islamic Philosophy and Theologt, Edlinburgh, 1967 -
. Free Will and Predestination in Early Islam, London, 1918 -
. 1967 ، ‫ أكسفورد‬، ‫ محمد نبي ورجل سياسة‬: ‫ مونتغومري‬. ‫ و‬، ‫* وات‬
. 1967 ، ‫ أدنبره‬، ‫ الفلسفة والفقه في السلم‬-
. 1918 ، ‫ لندن‬، ‫ حرية الدارة والخبرية في بداية السلم‬-
Wellhausen, Julius, Die religios-politischen oppositionsparteien im alten *
Islam I. Die Chavarig. II, Dis Shi'a., Arabic translation by ‚Abd al-Rahman
. Badawi, Cairo, 1958
Islam I. Die Chavarig. II. Die Shi'a Die religos - ، ‫ يوليوس‬، ‫* ولهاوسن‬
. poloitisichen oppositionspartecien im alten
. 1958 ، ‫ القاهرة‬، ‫ الترجمة إلى العربية لعبد الرحمن بدوي‬-
. Wensinck, A.J. a ) Concordance et indices de la Tradition Muslmane *
. A Handbook of Early Muhammadan Tradition, Leiden, 1927 -
. The Muslim Greed., London, 1965 -
Concordance et indices de la Tradition Musulmane ) ‫ ( أ‬- . ‫ ج‬. ‫ أية‬، ‫* ونسنك‬
.
. 1927 ، ‫ ليدن‬، ‫ دليل للحديث السلمي الول‬-
. 1965 ، ‫ لندن‬، ‫ العقيدة السلمية‬-
De Zambaur, E. Manuel de genealogie et de chronologie pour l'histoire de *
. * l'Islam., 1955
. 1955 ، ‫ دليل السر الحاكمة وأخبار تاريخ السلم‬. ‫ إي‬، ‫* دي زمباور‬
---

)1/351 (

You might also like