Professional Documents
Culture Documents
( )1/1
الدلة النقلية
القرآن الكريم
الحاديث
حكم القائلئن بالرؤية
كلم ال وخلق القرآن
تمهيد
مفهوم الكلم والقرآن والخلق
الباضية وخلق القرآن
لمحة تاريخية مع تحديد المواقف
حجج علماء الباضية القائلين بالخلق
الحجج العقلية
الحجج النقلية
القرآن الكريم
الحديث
الرد على الفرق الخرى
مواقف الفرق الخرى
الجدل حول اليات المتعلقة بالكلم
الرد على من يفرق بين الحكاية والمحكي
موقف الباضية من الكلم النفسي
البعد الحضاري
الباب الثالث :النسانيات
الفصل الول :القضاء والقدر
تمهيد
قضية القضاء والقدر
المفهوم اللغوي
التطور التاريخي وظهور المعنى الصطلحي
التعريف الصطلحي للقضاء والقدر
الجبر والختيار
الحجج النقلية
تأويل ما اعتمده القدرية
تأويل ما حمله الجبرية على ظاهره
تأويل ما اعتمده القدرية والجبرية من حديث
أحاديث يحتج بها على القدرية
أحاديث يحتج بها على الجبرية
الحجج العقلية
في الرد على القدرية
في الرد على الجبرية
الكسب
نشأة المصطلح
القول بالجبر
تحليل مفهوم الكسب
تحليل قضايا تتعلق بالقضاء والقدر
الرادة
الستطاعة وتكليف ما ل يطاق
العصمة والخذلن
الدعاء
الرزق
الجل
البعد الحضاري
الفصل الثاني :الوعد والوعيد وقضية الخلود
تمهيد
قضية السماء والحكام
حقيقة اليمان
حقيقة الكفر
الباضية والنفاق
الباضية والشرك
الحكام المترتبة على هذه السماء
الوعد والوعيد
لغة
اصطلحا
التطور التاريخي
تحديد من ينفذ الوعيد
تسمية الذنوب
ترتيب الذنوب
تعريف الصوليين لـ :
المعصية
السيئة
الكبيرة
الصغيرة
ما الذي ينفي إنفاذ الوعيد
التوبة وفضل ال تعالى
حقيقة التوبة
حكم التوبة
قبول التوبة من ال
موقف الباضية من علقة الثواب بالعمل
قبول التوبة فضل أم استحقاق
الصرار على الذنب
الصرار لغة وشرعا
الحباط
الحباط والتائبون من الردة
صاحب بدعة يدعو إلى بدعته
الحباط ومرتكب الكبيرة
قضية غلق باب التوبة
ما ل سبيل إلى التوبة
( )1/2
( )1/3
بيانات الكتاب
البعد الحضاري
للعقيدة الباضية
تأليف :الدكتور فرحات الجعبيري
العنوان الصلي للبحث:
تحليل ما يتعلق بأصول الدين من التراث
الباضي بالمغرب في القرون التالية:
12 -11 -10هـ18 -17 -16 /م
قدم هذا الكتاب للحراز على شهادة التعمق في البحث العلمي بكلية الداب بالجامعة التونسية
بإشراف الستاذ محمد الطالبي ونوقش في شهر جوان .1986
وتكونت اللجنة المناقشة من:
الستاذ محمد اليعلوي :رئيسا.
الستاذ سعد غراب :عضوا.
الستاذ محمد الطالبي :عضوا.
وقبل بدرجة حسن جدا.
---
( )1/4
الهداء
إلى والديّ الحبيبين.
وإلى زوجتي.
وإلى أخي محمود.
وإلى كل مسلم غيور ربّاني.
أهدي هذا العمل المتواضع عسى أن يقرب بين المسلمين وأن يؤلف بين القلوب لتكون كلمة ال
هي العليا.
فرحات
---
( )1/5
الرموز
ت :قبل التاريخ :توفي(ت 93هـ).
: /العدد على يمين الخط :تاريخ هجري .وعلى يساره :تاريخ ميلدي .مثال .1408/1987
: /الرقم قبله يشير إلى الجزاء أو المجلد ,وما بعده إلى الصفحة .
= :التعليق يتواصل في الصفحة الموالية.
المحشي :محمد بن عمر ابن أبى ستة (ر.)147.
البارونية :المكتبة البارونية بجربة حومة الحشان.
الجواهر :الجواهر المنتقاه لما أخل به كتاب الطبقات( ر.)124.
المشارق :مشارق أنوار العقول للسالمي (ر.)200.
المنهج :الطالبين وبلغ الراغبين لخميس بن سعيد الرستاقي (ر.)221.
ج :جزء.
خ :مخطوط.
د .رقم : 1مجلد نسخة سالم بن يعقوب من مصر موجود بمكتبته جربة.غيزن.
المعجم المفهرس:أي للفاظ الحديث:لونسنك.
-بالنسبة إلى المخطوطات:نذكر عدد الصفحات أو الورقات ثم عدد السطر بكل صفحة ثم
المقاس.
(-مثال) 12 ,5 /17 .24 .51صم ،ر .خاصة فهرس المصادر المخطوطة.
ر :راجع.
ص :صفحة.
ط :طبعة.
م :مجلد
.E.I. :Encyclopedie de I' Islam
.E.I.ancienne ed. EI2 nouvelle ed
G.A.L.:Brockelman G.,Geschichte der Arabischen Litteratur, 2 ed, Leyde
.1943- 1949
.A.I.U.O.N.: Annali dell, Istituto Universitario Orientale di Napoli
.F.O.:Folio Orientalia, Krakow
.I.B.L.A.:Institut des Belles letters Arabes. Tunis
.J.S.S.: Journal of semitic studies
.R.A.:Revue Africaine
.S.I.:Studia Islamica
---
( )1/6
( )1/7
ثانيهما :تحفظ بعض الفئات من بعض النصوص التي لم تصل إلى درجة القطع ،إما لريب في
نقلتها ونقلها وإما لمعارضتها بما هو أقوى منها في نظر المتحفظين في حين أن الفريق الخر
يكون مقتنعا بتلك النصوص فيعتد بها ويعول عليها ،وثم أمر آخر له مساس بكل المرين وهو
الختلف في ترجيح النص على العقل أو العكس ،فمن طوائف المة من بالغ في تقديس العقل
حتى جعله الصل في فهم الدين ،وضرب بكل نص خالفه عرض الحائط إن لم يمكنه تأويله بما
يتفق مع المفاهيم التي استقر عليها عقله؛ ومنهم من أهمل جانب العقل فلم يستبصر بنوره في فهم
مقاصد النصوص ،وإنما اكتفى بالنسياق وراء ظواهر ألفاظها فاقتنع بالشكل دون المحتوى؛
ومنهم من وفق للتوسط بين أمرين فجمع بين النص الثابت والعقل السليم.
وإن من يمعن نظره في التراث الباضي الفكري -متجردا عن العوامل النفسية والمؤثرات
الوراثية -يدرك كل الدراك أن الباضية أكثر فئات هذه المة اعتدال وأسلمها فكرا ،وأقومها
طريقا وأصحها نظرا ،وأصفاها موردا ومصدرا.
فهم لم يلقوا بالعقل في زوايا الهمال لن ال خاطب بوحيه أولي اللباب ونعى على قوم ل
يستخدمون عقولهم في فهم الحق ودرك الحقيقة ،ونادى عليهم بالخذلن ،وسجل عليهم بالخسران،
كما هو واضح في كثير من آيات الفرقان ،غير أنهم لم يرفعوا العقل فوق مستواه ولم يعطوه أكثر
مما يستحق فلم يؤثروه على النص ،وإنما جعلوه وسيلة من وسائل فهم مراده ،وتعيين مقاصده،
قطعا أو ظنا ،وهم في كل ذلك ينطلقون من فهم عميق للغة النص التي تستخدم تارة في حقيقتها
وأخرى في مجازها حسبما تقتضيه أصولها مراعين في ذلك جميع القرائن والحوال التي تعين
على تشخيص المراد.
( )1/8
وقد زخر التراث الفكري الباضي ببحوث واسعة جامعة في أصول الدين فاضت بها أقلم
أساطين علماء الباضية المتبحرّين الذين نذروا حياتهم لنصرة الحق وقمع الباطل بنصب الحجج
ودرء الشبه ،فتعاقبوا منذ القرن الول الهجري على الضطلع بهذا الواجب وأداء هذه الرسالة
غير أن من دواعي السف أن السواد العظم من المسلمين ظلوا محرومين من النتفاع بهذه
الكنوز الغالية إما لعقد نفسية سببتها القطيعة التي اصطنعت بين أبناء هذه المة رغم كونها تعبد
إلها واحدا ،وتدين بملة واحدة وتؤمن برسالة واحدة ،وإما لقصور في تصور ما تعتقده هذه
الطائفة من الحق وما تستند إليه من الحجج.
وإن من أشائر البشائر أن نرى جماعة من رواد الدعوة السلمية ودعاة وحدة هذه المة -سواء
كانوا من الباضيين أو غيرهم -تحفزهم الغيرة على الحق إلى نفض الغبار الذي تراكم على هذا
التراث الفكري وإزاحة السدود التي أرختها عليه القرون الغابرة ليبرز وجهه المشرق للناظرين
ويتجلى جمالة الخاذ لطلب الحق وعشاق الحقائق.
ومن بين هؤلء الساعين لهذه الغاية النبيلة أخونا الفاضل الشيخ فرحات ابن علي الجعبيري الذي
طوف بفكره الوقاد بين معالم هذا التراث عبر العصور المتتالية منذ القرن الول الهجري إلى
قرننا هذا ،وأرسل يراعه الملهم إلى أعماق محيطات هذا التراث وبحاره فعاد بحصيلة واسعة من
جواهر الفكر ازدان بها عق أطروحة أخينا العزيز التي اختصها بهذا الموضوع بعد ما شقق عنها
أصداف اللبس بتحليلته الواسعة وبيانه الفياض ،فكانت أطروحته بحق منهل لكل وارد ،ومنتجعا
لكل رائد بما فيها من فتح لقفال كانت مغلقة وتجلية لحقائق كانت مستورة.
وقد أولى عنايته الخاصة بالتراث المغربي في الثلثة القرون الهجرية العاشر ،والحادي عشر،
والثاني عشر ،لن موضوع بحثه ،سوى أنه ألم في مناقشاته وتحليلته بما قدمه علماء المذهب
في هذا المجال في سائر القرون ،سواء كانوا من أهل المشرق أو من أهل المغرب.
( )1/9
وإن فضيلته -إذ يقدم هذا البحث العلمي إلى رادة الفكر السلمي المتحررين من العقد النفسية
والعصبيات المذهبية -ليرجوا ونرجو جميعا أن يكون لهذا البحث أثر إيجابي في وقف الشاعات
الباطلة التي تصدر عن القلوب المريضة وتقذف بها اللسنة المغرضة وتسيل بها القلم المأجورة
لتمزيق شمل أمتنا السلمية وهي أحوج ما تكون إلى رأب الصدع وجمع الشمل والمودة والوئام.
وال نسأل أن يجمع شمل عباده المؤمنين على ما يحب ويرضى وصلى ال وسلم على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه.
أحمد بن حمد الخليلي
مسقط 10 /المحرم الحرام 1407هـ
---
( )1/10
( )1/11
ل يملك أي فرد منا بمفرده ،ول تملك أي مجموعة إسلمية وحدها مهما ضاقت رقعتها أو
اتسعت ،حل سحريا ،ما لم تتطور العقليات ،وتنشرح الصدور إلى السماحة ،والتسامح ،واحترام
آراء المخالف.
ول شك أن الدراسات المقارنة لمختلف المذاهب السلمية مما يعين على تطور العقليات،
وانشراح الصدور إلى التسامح والحترام المتبادل ،بفضل ما توفره هذه الدراسات من فهم أعمق،
وأكثر إنصافا وموضوعية لراء الموالين والمخالفين.
وتنصهر الدراسة التي قام بها الستاذ فرحات الجعبيري ضمن هذه الدراسات المقارنة .فلقد
استطاع ،بأقصى ما يمكن من الموضوعية التي ل تخل باعتقاد المعتقد ول تشوه معتقد غيره ،أن
يقارن بين أصول الباضية ،وإليهم ينتمي سلوكا ومذهبا ،وبين مقالت مخالفيهم ،مع توخي
الختصار ،والقتصار على أمهات المسائل ،حتى تبقى الدراسة في حدود معقولة كيفا وكما.
ونحن نعتقد أن الدراسات المقارنة ،وقد فتح بابها منذ قرون كل من كتب من علمائنا في "مقالت
السلمية" و"الملل والنحل" ،هي طريق المستقبل ،ل فقط داخل أسرنا السلمية على اختلف
اجتهاداتها ،بل أيضا في مستوى كل عائلت أهل اليمان على اختلف أديانهم ومللهم ونحلهم.
فهذه الدراسات -إذا ما روعي فيها هدوء العصاب ،وأقصى ما يستطيعه المؤمن الملتزم عقيدة
وسلوكا من موضوعية ،وكل كائن ذي عقل حتما ملتزما من حيث يشعر ول يشعر سواء في ذلك
المعتقد وغيره المعتقد -فإنها ستنير لكل طالب حق إن لم يكن الحق فما يقرب من الحق ،إذ في
النهاية ل يعلم حق العلم إل ال .ولكل أن يختار سبيله إلى ال حسب ما يمليه عليه ضميره
واجتهاده.
( )1/12
ولقد اجتهد الستاذ فرحات الجعبيري ،وقام بدراسته بجد وإخلص وحماس ،واختار أن يركز
بحثه على أصول الدين عند إباضية المغرب في الفترة التي تتراوح من القرن العاشر إلى القرن
الثاني عشر .هـ ( 18-17-16ميلديا) .فاستخدم لذلك ،زيادة على ما توفره المراجع ،المصادر
الساسية المطبوعة والخطية ،وقام بتحقيقات ميدانية في مكتبات الوساط الباضية بالجزائر وليبيا
وتونس وعمان ،وقد ساعده على ذلك انتماؤه إلى المذهب الباضي انتماء اعتقاد وسلوك.
إن هذا الكتاب الذي أنجزه الستاذ فرحات الجعبيري يمكن أن يعتبر خدمة هامة وثمينة للفكر
الباضي والسلمي عامة ،ولوجه من وجوه حضارتنا المغربية التي هي في حاجة أكيدة إلى
البحث حسب الطرق والساليب الجامعية.
محمد الطالبي
تونس في 18/9/86
---
( )1/13
المقدمة
بسم ال الرحمن الرحيم
والصلة والسلم على أشرف المرسلين
إن كنت أنسى فل أنسى رحلتي الولى إلى وادي ميزاب .جمادى الولى /1387أو ت 1967
حيث فتح ال بين أيدينا مكتبات عشش فيها العنكبوت وباض وفرخ لن المفاتيح لم تمس أقفالها
منذ ما ل يقل عن ربع قرن ،إلى جانب مكتبات عامرة ،زاخرة تنبض فيها الحياة.
وهكذا فتحت العين وامتدت اليد.
فل غرابة حينئذ في أن يستوقفنا ما في تلكم الخزائن من تراث ،وكانت الجولة الولى في لقاء مع
تنظيم ديني اجتماعي استطاع أن يصمد أمام الزمن أل وهو نظام العزابة عند الباضية في جربة.
ثم تبعتها رحلت أخرى إلى هناك ،مع حرص على تنظيم ما بقي من مثل هذا التراث في جزيرة
جربة ،خاصة بالمكتبة البارونية ومكتبة سالم بن يعقوب ،إلى أن يسر ال النطلق في رحلة
علمية ثانية دفعت بنا إلى الطواف في أنحاء جبل نفوسة معقل الباضية الول في بلد المغرب،
كما ساقتنا إلى جناح الباضية الثاني في بلد المشرق بلد عمان .فماذا عن هذه الرحلة العلمية
الثانية مع التراث الباضي؟.
التراث الورث والورث والرث والوارث والراث واحد ،وهو ما ورث ،وأصل التاء فيه واو،
هكذا نقل ابن منظور في لسان العرب عن الجوهري في صحاحه وابن سيده في مخصصه ،وقد
وردت الكلمة بهذه الصيغة في قوله تعالى ( :وتأكلون التراث أكل لما ) (80الفجر .)19
وقد وردت في قوله عليه السلم " :وإليك مآبي ولك تراثي" ( )1مع العلم أن النبياء ل يرثون،
فميراثه عليه السلم حينئذ للوارث الحق الذي ل إله إل هو ( .إنا نحن نرث الرض ومن عليها
وإلينا يرجعون ) ( 19مريم .)40
فالكلمة بهذه الصيغة وصيغها الخرى تدل على كل ما يخلفه الهالك لورثته .ومن هذا المفهوم
اللغوي والشرعي اتسعت الكلمة لتدل على كل ما تخلفه الجيال السابقة للجيال اللحقة.
( )1/14
فهل سنحلل في هذا البحث كل ما أنتجه الباضية في المغرب طيلة ثلثة قرون 12،11،10هـ
وخلفوه لمن بعدهم؟.
إن مثل هذا الدراسة مفيدة ول شك لكنها في حاجة إلى جمع من المختصين في شتى الفنون
لتتكامل جوانبها وتؤتي أكلها بعد حين.
وما دام هذا مستحيل علينا الن ،فإننا حاولنا أن نساهم في هذا البناء فاستقرأنا ما عثرنا عليه من
تراث مكتوب (- )2وهذا كثير -عسى أن نستكنه أساسا من أسس الفكر الباضي.
وما دام بحثنا يندرج ضمن الدراسات الحضارية بقسم العربية بكلية الداب بتونس ،ونحن نعلم أن
كلمة حضارة تعني جملة مظاهر الرقي العلمي والفني والدبي التي تنتقل من جيل إلى جيل في
مجتمع أو مجتمعات متشابهة ( )3رأينا أن نسلك مع تحليل هذا التراث مسلك الدراسات
الحضارية ،فماذا عن هذا المسلك؟
بناء على منطلقنا الول ( )4في البحث جمعنا ما تيسر جمعه من هذا التراث في شتى الفنون وهو
في جله مخطوط ،والمطبوع منه في عداد المخطوط ،عدا بعض النصوص التي كتب لها أن ترى
النور بمنهج معاصر نقدي ( ،)5فتشبعت المسالك واتضح أن نزعة الشمول ستؤدي إما إلى الطول
الذي ل نهاية له ،وإما إلى الختصار المخل الذي ل يجدي نفعا.
وبهذا تحول مسار البحث من العموم إلى الخصوص ،وكانت الوقفة عند باب من أبواب هذا
التراث أل وهو باب أصول الدين أو علم الكلم .وقد حاولنا تركيز هذا المسار على ثلثة أسس
ستكون الخيط الذي يربط بين أطراف هذا النسيج.
وهذه السس هي:
-1التحري في فهم النصوص الباضية داخل الفكر الباضي لنه ككل فكر يقوم على نظام
متكامل يربط بين جميع أوصاله .فل يمكن على سبيل المثال أن نفهم أي نص إباضي فهما
صحيحا إذا لم نضعه في إطاره من مسالك الدين وهي :الظهور والدفاع والشراء والكتمان.
( )1/15
-2التراث الباضي تراث ديني عالمي :ماذا أفاد؟ وماذا استفاد؟ فمحاولة المقارنة حيث تمكن
المقارنة ستكشف بقدر المكان عن الخذ والعطاء واليجابيات والسلبيات في هذا التراث.
==================
( )1ر .الترمذي .دعوات . 78ر.ونسنك :المعجم المفهرس .7/187
( )2انظر الباب الول ،الفصل الثاني.
( )3ر.معجم المصطلحات العلمية والفنية الملحق بلسان العرب مادة حضر.
( )4تحليل التراث الباضي في المغرب في القرن 10 ،12،11هـ.وقد طلبنا من لجنة الدراسات
المعمقة التخفيف من الموضوع والكتفاء بتحليل ما يتصل بالعقيدة فوافقت مشكورة(.جويلية
.) 1985
( )5انظر الفصل الثاني من الباب الول .45
---
( )1/16
تابع المقدمة
ومثل هذه المقارنة ليست مفتعلة لنك قل أن تجد أثرا إباضيا متقوقعا على نفسه بداية مما روي
عن إمام الباضية جابر بن زيد( )711-93/710إلى آخر ما وصلنا مما طبع من النتاج
الباضي :الخوارج من أنصار المام علي كرم ال وجهه لسليمان بن داود بن يوسف ( )6بل إنك
تجد الشارة خاصة في كتب أصول الدين إلى سائر الرسالت السماوية وكذلك الديانات الوضعية
مثل الزرادشتيه والبوذية.
-3التراث الباضي ل للتراث وإنما للحياة :وغرضنا من هذا أن نثبت أن ومضة الحاضر ليست
إل لحظة خاطفة بين ماض سحيق ومستقبل عريض فماذا عن الماضي لنارة المستقبل؟ لعلها
دروس وعبر في عالم طغت فيه الدراسات المادية إلى حد أن الناس أعرضوا أو يكادون عن كل
ما هو روحي ( .لقد كان في قصصهم عبرة لولي اللباب ) (12يوسف .)111
واعتمادا على هذه السس فإننا لن نقف من هذا التراث كما يفعل كثير من المسلمين اليوم وقفة
المتأفف المكظوم ،وإنما نقف منه بناءة تنفض عنه غبار طواحين الزمن عسى أن تتقشع سماء
وجهه ،لينير بأصالته مستقبل أمتنا ( )7هذه الصالة التي ما يزال أعداء السلم يحاولون اجتثاثها
من تحت أرجلنا ،ولن ندرك مثل هذه الغاية عسيرة المنال إل إذا بالقارئ المستنير بمختلف فنون
العلم العصرية إلى النتيجة المرجوة تدريجيا دون أن يصطدم في ثنايا البحث بالخلص بمعطيات
المنهجية التي تحرص على أن تكون موضوعية أو أقرب ما يكون إلى الموضوعية لن
الموضوعية الصرف لم يدركها في ما نعلم إنسان لم يؤيد بالوحي ،ولن يدركها إنسان إل إذا تجرد
من كل مكوناته ،وإن تجرد منها فل يمكن أن يكون إنسانا.
وقبل أن أعرض مراحل هذا البحث ل يفوتني أن أذكر بعملين معاصرين استفدت منهما استفادة ل
تنسى:
( )1/17
أولهما :أطروحة دولة باللغة النجليزية قدمها الستاذ عمرو خليفة النامي ( )8بجامعة كمبردج
1971عن تطور الفكر الباضي.
تتكون من قسمين كبيرين:
القسم الول :يضم 396صفحة وقد قام على الفصول التالية :نشأة الباضية ،التعريف بإمام
الباضية الول جابر بن زيد ،التعريف بإمام الباضية الثاني أبي عبيدة مسلم ابن أبي كريمة،
الفقه الباضي ،العقيدة الباضية ،فرق الباضية ،والولية والبراءة ،مسالك الدين والمامة.
القسم الثاني :لم نتمكن من الطلع عليه وفهرست الطروحة تشير إلى أنه تحليل لنصوص في
العقيدة والفقه حققها الباحث تحقيقا علميا وهي:
-القسم الثاني من الباب الول من كتاب قواعد السلم لسماعيل الجيطالي :لم يطبع ولم أطلع
عليه.
-كتاب أصول الدين لتبغورين بن عيسى الملشوطي مرقون بمكتبتي.
-أجوبة ابن خلفون لبي يعقوب يوسف بن خلفون( في الفقه المقارن) مطبوع.
إن هذه الطروحة أغنتنا بمقدمتها عن إعادة عرض الدراسات المعاصرة عن الباضية في مقدمتنا
هذه (. )9
كما أن هذه الطروحة بفصولها الولى حددت أمامنا معالم نشأة الفكر الباضي بوضوح ،المر
الذي ساعدنا على التوسع في مناقشة تسمية الفرق وتوضيح موقف الباضية من براءة النتساب
إلى الخوارج .كما أنها بفصلها الخامس عن العقيدة الباضية( )330-201في اللهيات
والنسانيات وضحت لنا نشأة العقيدة الباضية وعرفتنا بمصادرها إلى القرن التاسع هـ /الخامس
عشر م تعريفا موسعا.
أما عن مرحلتنا المقررة في البحث فقد اكتفت بتعداد المصادر دون تحليليها.
ولهذا نعتبر عملنا امتدادا لما قدمته هذه الطروحة حيث عرفنا بتوسع بما وقع ذكره من
المصادر.
كما أن عملنا هذا يتجاوز مرحلة الوصف والتعريف إلى إبراز البعد الحضاري لهذه العقيدة.
ول ننكر أننا مدينون لهذا العمل خاصة لما جاء فيه من دقة في التعريف بوجود الباضية عبر
الزمن ضمن الطروحة أو في التحقيق.
( )1/18
ثانيهما :أطروحة دكتوراه دولة باللغة الفرنسية قدمها الب بيار كوبرلي بالسربون سنة ،1982
وهي بحث في العقيدة الباضية في ثلثة مجلدات ،مجلدان أساسيان ومجلد للملحق.
وقد ضم المجلدان الولن 655صفحة .أما المجلد الثالث فقد ضم 208صفحة وهي ترجمة
لنصوص في العقيدة الباضية مع 74صفحة لنصوص عربية في العقيدة الباضية أيضا (. )10
=============================
( )6انظر فهرس المصادر والمراجع .394
( )7ر .ابن منظور :لسان العرب .ص :ث .مقدمة عبدال العلئليالسفلية
( )8انظر ما يلي ص 45
( )9وهذه الدراسات منها ما هو للمستشرقين بمختلف اللغات ،ومنها ما هو بالعربية للباضية
ولغير الباضية .ر.النامي :الطروحة ص xx11-v11
( )10انظر قائمة المصادر والمراجع.
---
( )1/19
تابع :المقدمة
وقد تمثلت الطروحة في ثلثة أقسام:
قام القسم الول منها على عرض تاريخي لنشأة الباضية وعقيدتهم مع تحليل لنصوص في
العقيدة.
أما القسم الثاني وهو أساس البحث فقد عالج القضايا التالية :الذات والصفات ،خلق القرآن،
القضاء والقدر ،نفي الرؤية ،المامة.
وأما القسم الثالث فهو ترجمة وعرض لبعض النصوص في العقيدة الباضية.
واضح من خلل هذه الطروحة أن النصوص الساسية المعتمدة ترجع إلى القرن 8/14وما قبله
وإن كان الباحث قد استفاد أيضا من النصوص المتأخرة.
والمهم بالنسبة إلينا أننا استفدنا من هذا البحث خاصة من حسن العرض والقدرة على الوصف
وعرض أسس العقيدة مع المقارنة مع الفكر السلمي والنصراني في كثير من الحيان.
إل أن الطروحة على ما فيها من دقة فإنها لم تتوسع في تحليل النصوص المقررة في مرحلتنا ق
11،12 ،10هـ ،كما أن صاحبها اكتفى بالتعريف بالعقيدة لن عمله يندرج ضمن قسم الدراسات
الدينية ،بينما آلينا على أنفسنا ،وهذه العقيدة جزء من كياننا ،أن نبين أثرها الفعال في البيئة التي
تدين بها.
وأن التقينا في بعض القضايا مثل الذات والصفات ،وخلق القرآن ونفي الرؤية والقضاء والقدر
فإننا تجاوزنا ذلك إلى تحليل قضيتي الوعد والوعيد والخلود وتركنا مبحث المامة والولية
والبراءة وهما من الصول الجتماعية لن البحث تجاوز القدر المطلوب.
أما عن مراحل هذا البحث فتتمثل في ثلثة أبواب:
( )1/20
أما الباب الول :فقد أقمنا على فصلين ،فحاولنا أن نحدد إطار القضية العام في الفصل الول
حيث نزلنا الباضية المنزلة التي يختارون لنفسهم بين الفرق السلمية ،وخصصنا الفصل الثاني
للتعريف بعلم الكلم مع عرض سريع لنشأته عند الباضية خاصة مع تعريف مختصر بمصادره
إلى القرن 9/15وتحليل موسع لمصادر المرحلة المقررة في البحث 12،11،10هـ18،17،16/
م بما فيها من إنتاج مبتكر وشروح ومختصرات .
أما الباب الثاني :فقد حاولنا أن نحدد فيه كل ما يتعلق بال تعالى من المباحث الكلمية ،فأقمنا
الفصل الول على ما يغلب العتماد فيه على ما جاء محكما من القرآن الكريم كقضية وجود ال
تعالى وأسمائه وصفاته ،وما يجب في حقه ،وما يستحيل ،وجاء الفصل الثاني موضحا موقف
الباضية من المتشابه خاصة في قضية الستواء ونفي الرؤية وخلق القرآن.
أما الباب الثالث :فقد حرصنا فيه على تحليل مسألتين تتعلقان بأسس الصلبة بين ال وبين النسان،
فجاءت أولهما في الفصل الول وهي قضية القضاء والقدر وما يتعلق بها من مباحث وجاءت
الثانية في الفصل الثاني وهي قضية الوعد والوعيد وما يتعلق بها من مباحث.
تلك هي دعائم هذا البحث وإن بدت واضحة الن فإننا لم نصل إلى ذلك إل بعد أن اعترضتنا
صعوبات جمة أبرزها:
-عناء في استقراء عدد كبير من المخطوطات وضبط فهارس لتحديد موضوعاتها ولتيسير
الستفادة منها عند الحاجة.
-عناء في ضرورة الطلع على أكثر ما يمكن من نصوص غير إباضية لننا قررنا منهجا
مقارنا من بداية البحث.
( )1/21
-عناء في التنسيق بين هذه النصوص مع ضبط إطارها الزمني .مع العلم أن هذا التحديد
الزماني والمكاني كلفنا نصيبا من العناء ،إذ كثيرا ما تعوزنا المادة الكافية فنضطر إلى اعتماد
مصادر من المراحل السابقة أو اللحقة ،أو مصادر من إباضية عمان رغم أن البحث ينحصر في
إباضية المغرب يعني جبل نفوسه وزوارة وجربة ووادي ميزاب ( )11وقد حرصنا على ذكر ذلك
في إبانة ،وهذا ل يعتبر خلل في البحث لن علماء هذه المرحلة استفادوا ممن قبلهم وقد أخذ من
جاء بعدهم عنهم ،بل في كثير من الحيان نطعم مواقف الباضية بمواقف لغير الباضية وذلك
في مواطن التفاق.
ومهما حاولنا أن نلم بشعب العقيدة السلمية بين مختلف الفرق بمنهج مقارن فإنه يصعب اللمام
بكل شتاتها لذلك جاءت الشارات إلى هذه الفرق حسب مقتضيات البحث وحسب توفر ما أمكن
توفره من المصادر والمراجع ،وقد حرصنا على الرجوع إلى مصادر كل فرقة بصفة مباشرة إل
إذا تعذر ذلك ،كل ذلك رغبة منا في المانة العلمية بقدر المكان.
كما حاولنا أن نوفر بين يدي القارئ كل ما يساعده على الفهم ،ونلح خاصة على ما سعينا إلى
توفيره من تراجم لكل من ذكرنا من علماء الباضية -إل ما تعذر علينا من تراجم بعض علماء
عمان -وذلك لعدم توفر جلها في كتب التراجم المتداولة ،ونلح أيضا على ما يوفره البحث من
نصوص ،وقد يطول الستشهاد بها عن قصد ،لن هذه النصوص هي دعامة هذا البحث ومنطلقه،
والكثير منها ضرب من التحقيق لنها مقتبسة من مخطوطات نادرة وكل ذلك حتى ل تتهم
استنتاجانا بالدعاء ،وحتى يتمكن القارئ من المقارنة بينها وبين ما يتوفر بين يديه من نصوص
غير إباضية لجأنا إلى إيراد شيء منها أحيانا وإلى الحالة على مصادرها أحيانا أخرى.
وتبقى في النهاية خاتمة البحث في رأينا سبيل من سبل تبيين حاجة المسلمين إلى توظيف تراثهم
لتتضح أمامهم مسالك المستقبل.
( )1/22
تلك هي قصارى الجهد ،فما كان من سداد في هذا البحث فمن ال وما كان من خطاء فمني،
ومهما تبين لك أن العمل متكامل فإنك تحس إذا رجعت إليه أنه في حاجة إلى تشذيب وتحسين،
وتكفينا في هذا قولة أبي الفرج الصبهاني ":إني رأيت أنه ل يكتب إنسان كتابا في يومه إل قال
في غده ،لو غير هذا لكان أحسن ،ولو زيد كذا لكان يستحسن ،ولو قدم هذا لكان أفضل ،ولو ترك
هذا المكان أجمل ،وهذا من أعظم العبر ،وهو دليل على استيلء النقص على جملة البشر.".
ونحمد ال تعالى أن رفع عن الناس الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه كما ثبت في الحديث
الشريف.
رب أنعمت فزد.
تونس في 4ذي القعدة الحرام 1405
21جويلية 1985
=======================
( )11وقد انحصر الباضية في المرحلة المقررة في هذه المناطق .انظر الخرائط في آخر البحث
. 837 .834
---
( )1/23
الباب الول :الطار العام للقضية :الفصل الول :الباضية وتسمية الفرق
تمهيد:
قال تعالى ( :ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (8النفال )46
وقال ( :واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا) (آل عمران .)103
هل امتثل المسلمون وأهل الكتاب من قبل لهذه النصوص وأمثالها وكانوا أمة واحدة؟.
إن الناظر في حياة المم قديمها وحديثها ل يحار في الجابة عن هذا السؤال.
نعم تفرق الناس فكانوا ملل ونحل ،وشيعا وأحزابا ،وفرقا ومذاهب شتى ،هذا شأن البشر ،مذ
عرف للنسان تاريخ ،فلهل الصين مذاهبهم وكذا أهل الهند وأهل فارس وكذا أهل الكتاب.
فما هو السبب يا ترى؟
لعل يرجع إلى أمر غريزي في النسان إذ لكل شخص ميوله الخاصة ،لكن لو كلن المر على
هذه الحال لكون كل إنسان فرقة لذاته وفي هذا نظر.
أو لعله يرجع إلى تفاوت الناس في مداركهم العقلية مما يحتم اختلفا في وجهات النظر تجاه
الحداث والنصوص المعتمدة،ولكل ديانة نصوصها.
أو لعل المر يعود إلى حب الذات واتباع الهوى واحتقار الخرين.
كل هذه الفتراضات متفرقة أو مجتمعة يمكن أن تكون من أسباب افتراق الناس إلى طوائف.
فالختلف بين الناس ليس أمرا غريبا بل هو قانون من قوانين الحياة ولوله لظلت الحياة على
وتيرة واحدة من أقدم العصور.
ولكن المشكل الذي يحار العقل في استكناهه هو ما ينتج عن هذا الفتراق من تنازع وتدابر وتنافر
قاست البشرية منها ويلت وما تزال.
وهذا الداء يكون عياء إذا كان النزاع بين أهل الرسالت السماوية وبصفة أخص بين المسلمين
بداية من العقد الرابع من القرن الول للهجرة.
وهذا ما دفع المعري ( )1057 -973 / 449 -363إلى أن يصيح من أعماق محابسه
الثلثة.......:ليت شعري ما الصحيح؟
( )1/24
ليست مهمتنا في هذا البحث أن نحل اللغز الذي حير المعري وغيره من المفكرين وإنما يحدونا
المل على أن نفهم جانبا من واقع المة السلمية -وهي وإن تعددت فيها الفرق ما تزال تحمل
اسم المة -انطلقا من قسم من تراثها حسب مقتضيات موضوع البحث.
ول يخفى على أي باحث أن كل قضية هي جزء ل يتجزأ من نظام فكري متكامل إل أن المنهج
العلمي يفرض التجزئة من أجل بلوغ الحقيقة فل بد إذن من عزل الخلية عن كيانها لوضعها تحت
المجهر.
فلنحاول أن نضع قضية الفتراق تحت مجهر البحث لندرك ما الذي جعل كتب المقالت والملل
والنحل تسمي الباضية إباضية وتحشرهم في زمرة الخوارج؟ وما هو رد فعل الذين أطلقت
عليهم هذه التسمية من خلل تراثهم عامة وبصفة خاصة في المرحلة المقررة في البحث؟.
---
( )1/25
( )1/26
والمشكل المطروح هنا كيف انبثقت هذه التسميات التي استقرت في كتب التاريخ وكتب المقالت؟
ولم تحولت كتلة معاوية وبالتالي المويين إلى أهل السنة وصارت جماعة علي شيعة واعتبرت
المحكمة خوارج؟
يصعب أن نقرر رأيا نهائيا في القضية وليس لنا أن نأتي بالقول الفصل في معضلة سال في شأنها
من المداد ما ل يقدر.
لكن الذي ل نشك فيه هو أن هذه التسميات المستحدثة تعكس مجرى الحداث في القرن الول
نعني الحداث السياسية والسياسة جزء من الدين كما ل يخفى.
===============
( )1نذكر على سبيل المثال:
-أبا الحسن الشعري ( :)942 /330مقالت السلميين واختلف المصلين تحقيق محمد محي
الدين عبد الحميد .ط 2مكتبة النهضة المصرية 1969 /1389جزآن.
-محمد بن أحمد المالطي ( :)988 /377التنبيه والرد على أهل الهواء والبدع .تحقيق محمد
زاهد الحسن الكوثري .مكتبة المثنى ببغداد ومكتبة العارف بيروت .1968 /1388
-عبد القاهر البغدادي ( :)1037 /429الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم .منشورات
دار الفاق الجديدة .بيروت .1980 /1400
-علي بن أحمد بن حزم( :)1064 /456الفصل في الملل والهواء والنحل ط -1317 1
1321هـ 5 .أجزاء في 4مجلدات.
-محمد بن عبدالكريم الشهير ستاني ( :)1153 /548الملل والنحل .ط 1بمصر/1317 .
.1320بهامش كتاب الفصل لبن حزم .وينتهي بالفصل الثالث.
( )2الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح .ط 2المطبعة السلفية ،القاهرة 1349الحديث عدد :41
.1/13
ر .المحشي :حاشية علي كتاب الوضع .البارونية .القاهرة 1305هـ ،ص .67
ر .أبو يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان .البارونية .القاهرة 1306هـ.28 /1 ،
ر .السالمي :شرح الجامع الصحيح ،ط .2المطابع العالمية سلطنة عمان .د.ت .70 -66 /1
ر .المحشي :حاشية الترتيب (أي الجامع الصحيح) المطبعة الشرقية .سلطنة عمان /1402
.65 -63 /1 ،1982
( )1/27
ويقول جولد تسيهر ":ويرجع أغلب الخطأ في هذا إلى علماء الكلم المسلمين أنفسهم إذا أساؤوا
فهم حديث من الحاديث النبوية قصد به في الصل تمجيد السلم ،وإعلء شأنه فخصه بقدر من
الفضائل والمزايا بلغت في عددها ثلثة وسبعين تقابلها من الفضائل اليهودية إحدى وسبعون ومن
المسيحية اثنتان وسبعون .ففهمها الكلميون على أنها ثلث وسبعون فرعا أو فرقة".
جولد تسيهر :العقيدة والشريعة في السلم .ط 2مصر .1959ص .187ونلحظ أن هذا
المستشرق قلب الحديث إلى حسنة من حسنات المسلمين .وقد نشر عمر بن جمادي مقال موسعا
في مجلة Cahiers De Tunisieالعدد 15السنة .1981بين فيه مختلف الروايات واستقر رأيه
على أن الحديث من وضع أهل السنة ص .357 -287
ر .أبو داود :سنة .1الترمذي إيمان .18ابن ماجه :فتن .17احمد ابن حنبل 3/145 .2/332
.ر.ونسنك :المعجم المفهرس .5/13
( )3ر .المحشي :حاشية الترتيب(الجامع الصحيح) يقول هذه الواحدة الناجية هي ما عليه أهل
الدعوة 64 /1.يعني الباضية.
( )4عثمان بن عفان( )656 -643 /35 -23ولدته 47ق هـ.557 /
ر .الزركلي :العلم ط .4/31 1954 /1374 .2
( )5علي بن أبي طالب ( )660 -656 /35ولد سنة 23ق هـ.600/
ر .الزركلي :العلم .108 -107 /5
( )6معركة الجمل (cf.EL 2II. 425 -427 .)656 /36
( )7صفين :بكسر الصاد والفاء مشددة ،موضع الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي وفيه
وقعت الحرب بين علي ومعاوية.ر .ياقوت الحموي :معجم البلدان 414 /3وعن المعركة ر.
كوبرلي الطروحة 12 -11 /1وقد أحال على أهم المصادر والمراجعcf.EL.IV. 422 -25 .
( )8معاوية بن أبي سفيان ( ،)680 -661 /60 -40ولدته 20ق هـ .ر .الزركلي العلم /8
.173 -172
( )9أول من حكم عروة بن أدية(ت " .)678 /58أقبل على الشعث فقال :ما هذه الدنيئة يا
أشعث وما هذا التحكيم .أشرط أوثق من شرط ال عز وجل" .المبرد .الكامل مكتبة المعارف
بيروت د.
( )1/28
واضح أن عروة وأتباعه هم الذين اشتهروا بها .ثم صارت شعارا للمحكمة" :ل حكم إل ل"
بمعنى القول الفصل ل دون الرجال فإذا ورد نص فل سبيل إلى اللجوء إلى الناس( انظر
مناظراتهم مع ابن عباس) .المبرد :الكامل ،2/156وانظر خلفة عثمان وعلي عند القلهاتي :
كتاب الكشف والبيان تحقيق محمد بن عبد الجليل حوليات الجامعة التونسية عدد 1974 ،11
خاصة ص .235 -225
ر .الشعري :المقالت 1/210حول أول من حكم وللتعريف بعروة
ر .الزركلي :العلم .17 -16 /5وللتعريف بالشعث بن قيس (ت )661 /40ر .الزركلي:
العلم .334 - 1/333
---
( )1/29
تابع :مناقشة تسمية الفرق:
إن موازين القوى ودولب الحكم استقرت لدى المويين لذلك صاروا الممثل الرسمي فهم حينئذ
أهل السنة ( )10ول يخفى ما في هذه التسمية من استهواء للعامة وحتى الخاصة ،ونحن نعلم
مؤازرة كثير من العلماء للحكام باسم اختيار أخف الضررين ثم إن مرور الزمن أعطى هذه
التسمية نوعا من القداسة إلى أن نسيت كلمة أهل وتحولت إلى النسبة المباشرة؛ سني وسنيون.
وإذا علمنا أن جل من وصلت إلينا كتاباتهم في الفرق ينتمون إلى هذا التيار نتبين كيف ينبغي
الحتراز من مثل هذه الكتب.
أما كتلة علي بن أبي طالب ( )660 /40التي كانت في المنطلق مدافعة عن حق شرعي ومخمدة
لثورة معاوية الهادفة سرعان ما رميت بالعلوية ثم بالشيعة وواضح ما في كلمة التشيع من روح
التعصب للشخاص ل للمبادئ ،وزاد القضية استفحال قصر المامة على آل البيت ففي هذه
التسمية حينئذ حرب نفسية ضد هذه الكتلة التي عملت الدولة الموية على استيعابها أحيانا وعلى
إبادتها أحيانا أخرى ومع ذلك فإن هؤلء تحمسوا للتسمية وتبنوها.
وللمرء أن يتساءل أليس لهؤلء نصيب من السنة أم أن جميع ما جد فيهم من انحراف أو ما نسب
إليهم سجل ،بينما تناسى الناس ما جد في الدولة الموية من انحراف وظلوا يسمونهم أهل السنة
وإن كان بعض خلفائهم منحرفين.
نكتفي بهذه الشارة السريعة إلى كتلة المام علي ،ولنقف عند الكتلة الثالثة لنها منطلق بحثنا.
( )1/30
فلماذا لم يبق هؤلء محكمة وصاروا خوارج ثم أهل الهواء والبدع؟ ل شك أن هذه الكتلة أذاقت
كتلة معاوية -المويين ثم أهل السنة -المرين ( )11لن المنتمين إليها رفعوا شعارا يرجو كل
مسلم تحقيقه ،أل وهو أن إمامة المسلمين ليست مقصورة ل على القرشيين عامة ول على آل
البيت وإنما هي حق لكل من توفرت فيه شروطها هذا مع ما أوتوا من فصاحة إلى حد أن عبد
الملك بن مروان ( )12( )705 -685 /86 -65اكتفى بسجن واحد منهم بعد أن كان عازما على
قتله وهو يقول ":لول أن تفسد بألفاظك أكثر رعيتي ما حبستك" (. )13
وبما أن هذه الكتلة كانت من القوة بمكان فل سبيل إلى محاربتها إل بسلح ديني فتاك أل وهو
تهمة الخروج من الدين (. )14
والمبرد -ويبدوا أنه علوي ،إذ يصلي على علي وعترته في كل كتابه -وإن أتى بأخبار هذه
الكتلة تحت عنوان" من أخبار الخوارج" فإنه يورد الحديثين اللذين يثبتان أن الخروج يعني
المروق من الدين.
أما الول فقد جاء نصه كما يلي :بعد انتقاد رجل وصف" بأنه مضطرب الخلق غائر العينين ناتئ
الجبهة" لقسمة الرسول عليه السلم لغنائم جاءت من اليمن أدى إلى غضبه عليه السلم فقال:
"إنه سيكون من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية تنظر في النصل
فل ترى شيئا وتنظر من الرصاف ( )15فل ترى شيئا وتتمارى في الفوق (. )17( " )16
وأما الحديث الثاني فيروى عنه عليه السلم أنه لما وصفهم قال " :سيماهم التحليق يقرأون القرآن
ل يجاوز تراقيهم علمتهم رجل مخدج ( )18اليد" .وفي حديث عبدال بن عمرو " :رجل يقال له
عمرو ذو الخويصرة أو الخنيصرة" ( )19هذا ما ذكره المبرد ويحسن أن نشير إلى المهلب بن
أبي صفرة ( )20( )702 -628 /83 -7في ما نسب إليه من افتراء الحاديث على الخوارج.
===================
( )1/31
( )10ر .ابن العربي :العواصم من القواصم (199تعليق )1في شان الصلح بين معاوية والحسن
وذلك سنة 661 /41وقد سمي عام الجماعة فاستقر المر للمويين فاختاروا أحسن السماء.
ويقول السالمي ":تسمية أهل السنة ،فإنه كان في الزمن الول قبيحا لكون المراد بالسنة السّنة التي
سنها معاوية في سب علي وشتمه على المنابر ،فصار ذلك سنة ينشأ عليها الصغير ويموت عليها
الكبير حتى غيرها عمر بن عبد العزيز ،فأهل تلك الحال هم أهل السنة في ذلك الزمان ،ثم
اندرس هذا السبب واختفى فتمدحوا بذلك وجمعوا بين المتضادين (معاوية وعلي) في(وظنوا أن
السنة سنة النبي الولية وهم يعلمون أن الحق مع فريق منهم ،وخالفوا سنتهم الولى حين صارت
الدولة لبني العباس من بني هاشم" .السالمي :شرح الجامع الصحيح .59 /1.وهذا نص اللعن":
اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك فألعنه لعنا وبيل وعذبه عذابا اليما" محمد ماهر
حمادة :الوثائق السياسية والدارية العائدة للعصر الموي بيروت 1974 /1394ص ،106عن
شرح نهج البلغة .778 /1
( )11ر .المبرد :الكامل .393-2/121
( )12عبد الملك بن مروان( )705-685 /86-65ر .الزركلي :العلم .4/312
( )13ر .المبرد :الكامل .2/171
( )1/32
( )14الخوارج " :كان في الزمن الول (مدحا لنه جمع خارجه وهي الطائفة التي تخرج للغزو
في سبيل ال تعالى .قال عز وجل ( 9التوبة .)46ثم صار ذما لكثرة تأويل المخالفين(ولو أرادوا
الخروج لعدوا له عدة أحاديث الذم في من اتصف بذلك آخر الزمان .ثم زاد استقباحه حين استبد
به الزارقة والصفرية ،فهو من السماء التي اختفى سببها وقبحت لغيرها ،فمن ترى أصحابنا
(الباضية) ل يتسمون بذلك ،وإنما يتسمون بأهل الستقامة لستقامتهم في الديانة" .السالمي :شرح
الجامع الصحيح .1/59أما الشعري فيقول " :وللخوارج ألقاب :فمن ألقابهم الوصف لهم بأنهم
خوارج ،ومن ألقابهم -الحرورية -ومن ألقابهم :الشراة والحرارية ،ومن ألقابهم المارقة ،ومن
ألقابهم الحكمة وهم يرضون بهذه اللقاب كلها إل المارقة ،فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقة من
الدين كما يمرق السهم من الرمية ،والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي بن أبي
طالب والذي له سموا محكمة إنكارهم الحكمين وقولهم :ل حكم إل ال ،والذي له سموا حرورية
نزولهم بحرواء في أول أمرهم ،والذي له شراة قولهم :شرينا أنفسنا في طاعة ال ،أي بعناها
بالجنة .والكور التي الغالب عليها الخارجية :الجزيرة ،والموصل ،وعمان ،وحضرموت ،ونواح
من نواحي المغرب ،ونواح من نواحي خراسان ،وقد كان الرجل من الصفرية سلطان في موضع
يقال له سجلماسة على طريق غانة" .الشعري :المقالت 1/207واضح أن الشعري سكت عن
مفهوم الغزو في سبيل ال ،كمال غفل من أن المحكمة يعتبرون أن عليا خرج عن بيعته عندما
قبل التحكيم ،ولذلك هم استتابوه ،ول يعتبرون أنهم خرجوا عنه ،إل أنه بين أنهم يرفضون لقب
المارقة وهذا أمر طبيعي إذ ل يمكن لمسلم أن يقبل مثل هذا اللقب ،وإن ارتبط بعد حين باسم
الخوارج.
( )15الرصافة :عقبة تشد على مدخل سنخ النصل .ج رصائف .يقال رصف السهم أي شد عليه
رصافه.
( )1/33
( )16الفوق :من السهم :حيث يثبت السهم منه "،هما فوقان ج فوق وأفواق.
( )17وقوله عليه السلم ":من ضئضئ هذا" -من جنس هذا -مرق السهم من الرمية ،إذا نفذ
منها ،وأكثر ما يكون ذلك أن ل يعلق به من دمها شيئ" المبرد :الكامل .2/142
وقد بين السالمي أن الحديث ورد في البخاري مع ما بين النصين من اختلف وبرأة من الكذب إل
أنه أشار إلى أنه" يأخذ عن أهل الهواء" .شرح الجامع الصحيح .ثم أورد نصوصا من سير
الشماخي والسير العمانية في الثناء على أهل النهروان وألح على أن المخالفين( غير الباضية
يروون أحاديث غير صحيحة أو يتأولون.
ثم يبين الحديث عندنا (الباضية )في علماء السوء وفي كل من خالف عمله .شرح الجامع
الصحيح (.1/58كتاب ال وسنة رسوله
كما يمكن أن يحمل على غلة الخوارج من الزارقة والصفرية و القائلين بشرك أهل الكبائر فإنهم
يجتهدون في التحرز والعبادة لئل يقعوا في الشرك ...وحمله على كل من خالف الحق في عبادته
أظهر .السالمي :شرح الجامع الصحيح ."1/59
أما المحشي في حاشية الترتيب( الجامع الصحيح) فقد اكتفى بالشرح اللغوي .1/55وقد ورد
الحديث عند الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 1/12عدد .36
وقد أخرجه البخاري في باب من ترك قتال الخوارج للتألف.ر .ابن حجر :فتح الباري .القاهرة
1348هـ .246-12/244
( )18مخدج :من خدج أي نقص ،لم تكتمل خلقه يده.
( )19وبين المبرد مدى اللحاح للعثور على الرجل المخدج في قتلى أهل النهروان ر .المبرد:
المتكامل .2/163والكلم عن ذي الخويصرة وتعريفه تردد المؤرخون في شأنه كثيرا ر .ابن
حجر :فتح الباري.21/245 ،
( )20المهلب بن أبي صفرة( )702-83/628-7ولد في دبا ونشأ بالبصرة ،وقدم المدينة مع أبيه
في أيام عمر .انتدب لقتال الزارقة فلقي منهم الهوال ،ثم تغلب عليهم فقتل الكثير وشرد الكثير.
ولي خراسان 698-79ومات فيها ر .الزركلي :العلم .260 /8
---
( )1/34
( )1/35
وهذا قول أحمد أمين (1954 -1886 /1374 -1374م) ":لقد كان في الخوارج كل العناصر
التي تكون الدب :عقيدة راسخة ل تزعزعها الحداث وتحمس شديد لها ،تهون بجانبه الرواح
والموال ،وصراحة في القول والعمل ل تخشى بأسا ول ترهب أحدا ،وديمقراطية حقة ل ترى
المير إل كأحدهم ول العظيم إل خادمهم ،ورسم الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه رسما مستقيما
واضحا ل عوج فيه ول غموض يجب أن يعدل الخليفة والمراء ،وإل يقاتلوا حتى يعزلوا أو
يقتلوا ويجب أن يسير المسلمون حسب نصوص الكتاب والسنة من غير أن ينحرفوا عنها قيد
شعرة ،وإل يقاتلوا ليحل مسلمون مخلصون طاهرون ،ويجب أن يسلك السبيل إلى ذلك من غير
تقية ومن غير مجاملة ول مواربة ويجب أن يقابل الواقع كما هو ويشخص كما هو ويعالج كما
هو على طريقة عمر بن الخطاب ل على طريقة عمرو بن العاص.
ووراء ذلك كله نفوس بدوية -غالبا -فيها الستعداد للقول وفصاحة اللسان وفيها كل ما نعهده في
البدوي من قدرة على البيان وسرعة البديهة وأداء للمعنى بأوجز عبارة وأقوى لفظ" (. )29
إنك إذا قرأت هذه النصوص ما أخالك إل أن ترجو من ال تعالى أن يجعلك خارجيا وأن يميتك
خارجيا وأن يحشرك في الجنة خارجيا لن مثل هذه الصفات ل تحيد عن القرآن والسنة قيد أنملة
إذ هم فروا من الكفر وهم أسود النهار ورهبان الليل ل يعرف الكذب والمعصية إليهم سبيل ،كما
أنهم يصدعون بكلمة الحق ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة.
وهذه شهادات من غير الخوارج أما إذا قرأن إنتاجهم وهو مثبوت في كتب الدب والتاريخ فإنك
سترى العجب العجاب مما يجعلك تقر أنهم مسلمون بأتم معنى الكلمة.
لكن رويدا ول تتسرع في حكمك واقرأ ما جاء عن الخوارج في كتب المقالت وخاصة ما نسب
إلى بعض الفرق منهم.
( )1/36
وخذ لك على سبيل المثال قول الشعري ( ":)942 /330( )30فالفرقة الولى منهم (الخوارج
الباضية) يقال لهم الحفصية" كان إمامهم حفص ابن أبي المقدام" .زعم أن بين الشرك واليمان
معرفة ال وحده فمن عرف ال سبحانه ثم كفر بما سواه من رسول أو جنة أو نار أو عمل
الخبائث من قتل النفس واستحلل الزنا وسائر ما حرم ال من فروج فهو كافر برئ من
الشرك. )31( "...
=====================
( )21طلحة بن عبدال بن عثمان التميمي( 28ق هـ )656-36/596-ر .الزركلي :العلم
.3/333
( )22الزبير بن العوام السدي(ت )36/656ر .الزركلي :العلم .3/74
( )23انظر مثل أبا زهرة :تاريخ المذاهب السلمية .ط دار الفكر العربي د ت .1/91
( )24عدا ما حدث يوم السقيفة عند وفاة الرسول عليه السلم.
( )25وقال أيضا ":ولما فقد علي تلك الصوات بالليل كأنها دوي النحل قال :أين أسود النهار
ورهبان الليل" .السالمي :شرح الجامع الصحيح .1/57
( )26المبرد :الكامل.2/134 :
( )27زياد ابن أبيه( )673-53/622-1من أهل الطائف .أسلم في عهد أبي بكر .وله علي ابن
أبي طالب إمرة فارس ،امتنع عن معاوية .ثم ألحقه معاوية بنسبه سنة 44/664لما تبين له أنه
أخوه من أبيه(أبي سفيان) فكان عضده القوى .ززله البصرة والكوفة وسائر العراق .فلم يزل
في وليته إلى أن توفي .ر .الزركلي :العلم .90-3/89
( )28ر .المبرد :الكامل .2/134
( )29أحمد أمين :ضحى السلم.ط 7مكتبة النهضة المصرية .القاهرة1964 .
( )30الشعري )936 -324/847-260(:أبو الحسن علي بن إسماعيل من نسل الصحابي أبي
موسى الشعري .مؤسس مذهب الشاعرة.كان من الئمة المتكلمين المجتهدين .ولد في البصرة
وتلقى مذهب المعتزلة وتقدم فيهم .ثم رجع وجاهر بخلفهم .وتوفي ببغداد ر .الزركلي :العلم
.5/69مع ملحظة أن محقق المقالت أقر تاريخ الوفاة سنة .330/942
( )31الشعري:المقالت .1/183
---
( )1/37
تابع :مناقشة تسمية الفرق:
ويقول الملطي( ": )32( )988 /377فأما الفرقة الولى من الخوارج فهم المحكمة الذين كانوا
يخرجون بسيوفهم في السواق فيجتمع الناس على غفلة فينادون :ل حكم إل ل ويضعون سيوفهم
في من يلحقون من الناس ،فل يزالون يقتلون حتى يقتلوا" (. )33
ويقول البغدادي( ": )34( )1037 /429والذي جمعهم (الزارقة) من الدين أشياء منها قولهم بأن
مخالفيهم من هذه المة مشركون ...ومنها قولهم إن القعدة ممن كان على رأيهم عن الهجرة
مشركون وإن كانوا على رأيهم. )35( "...
ول أخال إنسانا يتمنى أن يكون خارجيا بعد أن يقرأ مثل هذه النصوص التي يستحل بعض
أصحابها ما حرم ال ويكفرون بالرسل ويروعون الناس في السواق ويعتبرون مخالفيهم
مشركين.
وليس لنا في نهاية المر أن ننتصب حماة للخوارج أو مشنعين عليهم وإنما غايتنا بإيراد القسم
الثاني من هذه النصوص أن نبين ما جنت على الباضية خاصة من العنت والعناء وما يزال
علماؤهم يكتبون -وهم في قفص التهام -لبعاد هذا النسب ولمسح هذه التهم وما يزال الناس
يكتبون عن الفرق وعمدتهم هذه المصادر وأمثالها فيزيدون في تركيز هذه التهم وإبعاد الهوة بين
الباضية وبين بقية المسلمين وكأن الباضية ليسوا من السلم في شيء ،لنهم هم الصنف الوحيد
الذي بقى من هؤلء الخوارج (. )36
والسؤال المطروح الن تقليدي عند الباضية -هل الباضية من الخوارج؟ وإن كان غير
الباضية يعتقدون أن الخارجية قصرت عليهم الن وكفى.
لقد اتسمت الحركة الباضية بالسرية الكاملة في بداية نشأتها ولذلك يصعب على غير الباضية أن
يتصوروا بوضوح حقيقة علقة هذه الحركة بحركة الخوارج.
والمتتبع لقدم المصادر في هذا الشأن يدرك ما يلي:
( )1/38
)1أن المعارضة التي مني بها عثمان في الست سنوات الخيرة من حكمه شرعيه ،وهي منبثقة
من الواقع السلمي ول دخل ليد أجنبية في ذلك إذ تسكت المصادر عن دور عبدال بن سبأ ()37
المر الذي تلح عليه المصادر الخرى.
)2خلفة علي شرعية (.)661 -656 /40 -35
)3طلحة والزبير ومن معهما هم الفئة الباغية ومحاربة علي إياهم واجب شرعي (. )38
)4محاربة علي لمعاوية شرعية.
)5علي أفسد بيعته بقبوله التحكيم.
)6إمامة عبدال بن وهب الراسبي ( )39الذي بايعه المحكمة بيعته شرعية.
)7يبرءون من علي لقتله أهل النهروان ( مكرر )39ويعتبرون أن عليا لم يقتلهم عن ديانة وإنما
عن هوى في نفسه.
وخلصة القول إن المحكمة على حق يرون مثلهم العلى في الحكم خلفة أبي بكر وست سنوات
من خلفة عثمان وخلفة علي حتى قبوله التحكيم.
وهؤلء هم من بقي من النهروان (. )40
=================
( )32الملطي(ت )377/987محمد بن أحمد بن عبد الرحمن أبو الحسين الملطي المقرئ .قال
عنه ابن الجزري :نزيل عسقلن .فقيه .مقرئ متقن ثقة .مات بعسقلن سنة .377/987ر .مقدمة
كتاب التنبيه لمحمد زاهد حسن الكوثري حررها بالقاهرة .1368/1949
( )33الملطي :التنبيه والرد على أهل الهواء والبدع.64:
( )34البغدادي(ت )429/2037عبد القاهر بن طاهر البغدادي .ولد ونشأ في بغداد ،ورحل إلى
خراسان فاستقر في نيسابور ،ومات في اسفرائين .من أثمة الصول ر .الزركلي :العلم
.4/173
( )35البغدادي :الفرق بين الفرق.63-62:
( )36كل من بشير إلى تعداد الفرق أو يذكر الباضية يشير إلى ذلك ،ومن ذلك ما يذكره أبو
زهرة في كتابه :تاريخ المذاهب السلمية " :1/91الباضية هم أتباع عبدال بن اباص وهم أكثر
الخوارج اعتدال وأقربهم إلى الجماعة السلمية تفكيرا فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ولذلك
بقوا".
( )1/39
( )1/40
وقتله في معركة النهروان هانئ بن خطاب الرحبي وزياد بن حفصة في 9صفر 38/17جوان
.658
ويعتبرون الباضية من أئمتهم.ر :الدرجيني :الطبقات ،2/210والشماخي:السير .51ر.عمار
الطالبي :آراء الخوارج الكلمية ،95-1/88وقد توسع في ترجمته .ويقول الزركلي ":من أئمة
الباضية كان ذا علم ورأي وفصاحة وشجاعة وكان عجبا في العبارة .أدرك النبي صلى ال عليه
و سلم " .العلم .4/288
( 39مكرر) النهروان :كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها العلى متصل
ببغداد .وفيها عدة بلد متوسطة .ر .ياقوت الحموي :معجم البلدان .327-5/324
( )40ر .البرادي :الجواهر ص .146
---
( )1/41
تابع :مناقشة تسمية الفرق:
وقد كانت المصادر الباضية تسميهم المحكمة أو أهل النهروان أو الحرورية ( 40مكرر) ،أو
المسلمين أو جماعة المسلمين.
وكان على رأس هؤلء عروة بن أدية ( )41الذي قتله عبيد ال بن زياد ابن أبيه وأخوه أبو بلل
مرداس ( )42هو الذي انطلق شاريا إثر موت أخيه واتضح أمره خاصة مع عبيد ال بن زياد (
. )43
وقد رأينا أن أبا بلل اتصل بعائشة مع جابر بن زيد ( ، )44فبتحول موقف أبي بلل إلى الشراء
اعترفت المحكمة بالرئاسة لجابر بن زيد.
وقد سلك جابر بن زيد مسلك الكتمان والتقية ،وأمره بقتل خردلة ( )45أكبر دليل على ذلك.
وما أن صعد عبيد ال بن زياد العنف حتى ظهرت في صفوف المحكمة حركة تدعو إلى التخلي
عن الكتمان وإلى استعمال العنف ورد القوة بما هو أشد منها يتزعمها نافع بن الزرق (. )46
أما جابر بن زيد( )711 -710 /93ومن معه وخاصة منهم عبدال ابن اباض ( )47رأوا أل
سبيل إلى النجاة بحركتهم إل بالقعود وتركيز حركة ثقافية محورها حفظ تعاليم السلم (. )48
وبهذا انقسمت المحكمة إلى حركتين متعارضتين:
-حركة جابر بن زيد وقد بقيت محافظة على مسالك المحكمة وبقيت تحمل نفس التسميات التي
ذكرها نافع مع أن المنافح عنها بصفة علنية هو عبدال بن إباض ( )49مع تغليب التسميتين
الخيرتين "المسلمون" "جماعة المسلمين" وإضافة "أهل الدعوة".
-حركة نافع بن الزرق ومن واله ( )50وقد تبنت في ما تذكر المصادر غير الزرقية مبدأ رد
القوة بالقوة اعتمادا على السس التالية:
)1اعتبار دار المخالفين دار شرك.
)2إقرار مبدأ الستعراض ( )51أي قتل كل من يعترضهم من المخالفين بما في ذلك الطفال
والنساء.
)3ضرورة الخروج والهجرة ( )52إلى معسكرهم أي دار السلم.
)4تحريم القعود ( )53عن الحرب واعتبار القعدة مشركين (. )54
=====================
( )1/42
(40مكرر) وسبب تسميتهم الحرورية محاورة علي إياهم بحروراء :قيل هي قرية بظاهر الكوفة
وقيل موضع على ملين منها .ر .ياقوت الحموي ،معجم البلدان 2/245ويقول المبرد ":فرجع معه
منهم ألفان من حروراء وقد كانوا تجمعوا بها ،فقال لهم علي صلوات ال عليه :ما نسميكم؟ ثم
قال :الحرورية لجتماعهم بحروراء ".المبرد :الكامل .2/136
( )41عروة بن أدية (ت :)58/678عروة بن حدير التميمي ،وأدية أمه .أول من قال :ل حكم إل
ل ،وسيفه أول ما سل من سيوف أباة التحكيم .وذلك أنه عاتب الشعث فشهر سيفه وضربه
فأصابعجز بغلته ،وحضر حرب النهروان فكان أحد الناجين منها وعاش إلى زمن معاوية فجيء
به إلى زياد ابن أبيه ،فسأله عن أبي بكر وعمر فقال خيرا وسأله عن عثمان وعلي فأثنى على
عثمان في ست سنين من خلفته وشهد عليه بالكفر في البقية ،وأثنى على علي إلى يوم التحكيم ثم
كفره( والكفر كفر نعمة ل كفر شرك) فسأله عن نفسه فأغلظ له فأبقى عليه إلى أن كانت أيام عبيد
ال بن زياد فقتله عبيد ال" .ر.الدرجيني :الطبقات .225-2/214ر .الشماخي السير:
.67ر.الزركلي :العلم .17-5/16
( )1/43
( )42أبو بلل مرداس بن حدير(ت 61هـ :)680 /مرداس بن حدير بن عامر ابن عبيد بن كعب
الربعي الحنظلي التميمي ،أبو بلل ويقال له مرداس بن أدية وهي أمه ،من عظماء الشراة ،وأحد
الخطباء البطال العباد ،شهد صفين مع علي ،وأنكر التحكيم ،وشهد النهروان وسجنه عبيد ال بن
زياد في الكوفة ،ونجا من السجن فجمع نحو ثلثين رجل ونزل بهم في آسك (بالهواز بين
رامهرمز وارجان) وأذاع في الناس أنه لم يخرج ليفسد في الرض ول ليروع أحدا ،ولكن هربا
من الظلم ،وأنه ل يقاتل إل من يقاتله ،ول يأخذ من الفيء إل أعطياته وأعطياته أصحابه ،فوجه
إليهم عبيد ال بن زياد جيشا كبيرا فهزموه ووجه ثانيا يقوده عباد بن علقمة المازني فنشب قتال
في يوم جمعة إلى الظهر ،وتوادع الفريقان إلى ما بعد الصلة فلما كان مرداس وأصحابه في
صلتهم أحاط بهم عباد فقتلهم عن آخرهم وحمل رأس مرداس إلى ابن زياد.وهو أخو عروة بن
حديد .ر :الدرجيني :الطبقات ،225-2/214ر :الشماخي :السير ،67-66ر :الزركلي :العلم
.6/86ر .عوض خليفات :نشأة الحركة الباضية ،ط.عمان.الردن1978.ص ،70وشك في
انتصار 40على 2000ورجح أن الحوار أقنع القائد الموي أسلم بن زرعة بصحة وجهة نظر
مرداس .لكن السؤال المطروح كيف قوبل هذا القائد من سادته المويين؟ وكذلك أحببنا لو علق
خليفات على الخيانة التي اعتمدها القائد الثاني لستئصال مرداس وجماعته .وتبقى القضية فعل
محل نظر.
( )1/44
( )43عبيد ال بن زياد ابن أبيه( :)686-67/648-28وال فاتح من الشجعان جبار خطيب ولد
بالبصرة وكان مع والده لما مات بالعراق فقصد الشام ،فوله عمه معاوية خراسان سنة (
)53/673فاقأم بخراسان سنتين ثم نقله معاوية إلى البصرة أميرا عليها( )55/675فقاتل الخوارج
واشتد عليهم وأقره يزيد على إمارته( )60/679وكان مقتل الحسين على يديه ،وثب عليه أهل
البصرة بعد موت يزيد ( )65/684فاختفى في الشام وقتله إبراهيم بن الشتر عندما تفرق عنه
أصحابه في خازر من أرض الموصل.ر :الزركلي :العلم .348-4/347
( )44جابر بن زيد( :)711-93/710هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الزدي الجوفي البصري
العماني ،والجوفي نسبة إلى ناحية بعمان .وأصله من فرق وهي بلدة من أعمال نزوى بالقرب
منها ،وكان من اليحمد من ولد عمرو ابن اليحمد .ولد لسنتين بقيتا من خلفة عمر بن الخطاب
أي(سنة .)642-21/641رحل في طلب العلم وصاحب عبدال بن عباس وكا أشهر من صحبه
وقرأ عليه ،كما أخذ عن جمع غفير من الصحابة إذ يقول ":أدركت سبعين رجل من أهل بدر
فحويت ما بين أظهرهم إل البحر" يعني ابن عباس لغزارة علمه .لقد استقر في البصرة ونسب
إليها وهو أصل المذهب الباضي ،وهو أول من جمع الحديث في ديوان( مفقود) تروي المصادر
أنه وقر بعير.
وقد أخذ عنه العلم ناس كثير من بينهم المام الثاني للباضية وهو أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة
التميمي ،وعنه روى الربيع بن حبيب كتاب الجامع الصحيح وهو عمدة الباضية في الحديث ط
بالقاهرة بالمطبعة السلفية .1349ر .الدرجيني :الطبقات ،212-2/205والشماخي :السير70 :ر:
الناميك الطروحة ص 93-54وقد أحال على كل المصادر الباضية وغير الباضية ر.عوض
خليفات :نشأة الحركة الباضية ص .102-86
( )45وخردلة :أجار المام اغتياله لنه كان ضمن المحكمة ثم فضح شيئا من أسرارهم .ر:
الشماخي :السير.76-75:
( )1/45
( )46نافع بن الزرق (ت :)65/685نافع بن الزرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي الحروري
أبو راشد ،رأس الزارقة وإليه نسبتهم .كان أمير قومه وفقيههم .من أهل البصرة صحب في أول
أمره عبدال بن عباس وله أسئلة رواها عنه ...وكان هو وأصحابه من أنصار الثورة على عثمان
ووالوا عليا إلى أن كانت قضية اللتحكيم بين على ومعاوية فاجتمعوا في حروراء وهي قرية من
ضواحي الكوفة.
ويقول الذهبي إنه كان يذهب إلى سوق الهواز ويعترض الناس بما يحير العقل .ولما ولي عبيد
ال بن زياد إمارة البصرة( )55/680في عهد معاوية اشتد على الحروريين وقتل زعيمهم أبا بلل
سنة .61/680
سار في نصرة عبدال بن الزبير على المويين لكن لما علم الحروريون موقفه من عثمان انفضوا
من حوله ،وكان من المشاركين في اجتماع المحكمة في البصرة سنة( .)64/683وتروي
المصادر الباضية أن عبدال بن إباص تخلف مع آخرين بينما خرج نافع ومن وافقوه واستمروا
في مقاتلة المويين ،وقاتله المهلب بن أبي صفرة ولقي الهوال في حربه ،وقتل يوم "دولب" على
مقربة من الهواز.ر .الزركلي :العلم.8/317 :
ملحظة :ل بد من التحري في أخبار نافع بن الزرق وجماعته فحتى المصادر الباضية انساقت
مع جميع كتب التاريخ في التهجم على الزارقة ولعلها كانت أشد لن المنطلق واحد ثم كان
الفتراق بعد اجتماع البصرة.
( )47عبدال بن اباض التميمي المري(تقبل " :)86/705إمام أهل التحقيق والعمدة عند شغب أولي
التفريق"(الشماخي:السير .)77سكتت المصادر عن نشأته الولى إل أنها تشير إلى أنه كان يعمل
برأي المام جابر بن زيد ونسب المذهب إليه لبروزه على المواجهة السياسية خاصة في اجتماع
المحكمة بالبصرة سنة ( )64/683وانفصاله على أساس عدم جواز تشريك من يقام الذان في
مساجدهم .وكذلك في مراسلته لعبد الملك بن مروان (.)705-86/685-65
( )1/46
وقد وضح موقف الباضية من الحداث السياسية بجرأة رغم ما فيها من إساءة للمويين.ر:
البرادي :الجواهر .167-165والراجح أنه توفي قبل .86/705ر :الدرجيني :الطبقات
،2/214ر :الشماخي :السير.77:ر :عوض خليفات :نشأة الحركة الباضية ،85-75ر .عمار
الطالبي :أراء الخوارج الكلمية .1/193
( )48اجتماع عبدال بن إباض ونافع بن الزرق في صومعة الجامع ":وذلك أمن المسلمين بعد
قتل أبي بلل اجتمعوا بجامع البصرة وعزموا على الخروج ،وفيهم عبدال بن إباض ونافع بن
الزرق ووجوه المسلمين ،فلما جن الليل سمع عبدال دوي القراء وترنين المؤذنين وحنين
المسبحين فقال لصحابك أعن هؤلء أخرج معهم ،فرجع وكتم أمره"(البغطوري :سير مشائخ
نفوسة ص 3خ بمكتبة سالم بن مروان .البرادي :الجواهر ص .156
( )49رسالة إلى عبد الملك بن مروان .البرادي :الجواهر ص .156
( )50ما لم نعثر على نص للزارقة أي من إنتاجهم الخاص يبقى في أحكامنا لهم أو عليهم نظر،
ونحن نعلم مثل أن رسالة عبدال بن إباص تسكت عنها في ما نعلم جميع كتب التاريخ عدا
ورودها في المصادر الباضية ،رغم أن هذه المصادر تتحدث عن عبدال بن إباص ،ولعل المر
كذلك بالنسبة إلى نافع ابن الزرق وإن كانت كتب التاريخ تورد له عدة مراسلت وخطب لكن
ماذا تنتخب من هذا التراث؟.
( )51الستعراض :قتل كل المخالفين على أساس أنهم مشركون.
( )52الهجرة :أن تتحول إلى معسكرهم.
( )53القعود :وصمة رمى به الزارقة الباضية لتخليهم عن الخروج.
( )54ودليلهم على ذلك قوله تعالى (:وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) (.6النعام)121.
---
( )1/47
( )1/48
( )57الشراء :هو مسلك من مسالك الدين عند الباضية وهي أربعة:
الظهور :المامة الباضية شورى بينهم.
الدفاع :تعيين أمام في حالة محاربة العدو وتنتهي إمامته بانتهاء الحرب.
الشراء :من شروطه أن يجتمع أربعون من المخلصين فيبيعون أنفسهم في سبيل ال وهدفهم
معسكر السلطان ول يقاتلون إل من قاتلهم.
الكتمان :تكوين نظام داخلي للباضية.
ر .عمرو بن جميع :مقدمة التوحيد ط .1392/1973 2ص .69
( )58قال أبو بلل... ":فإني ل أجرد سيفا ول أخيف أحدا ول أقاتل إل من قاتلني" كما قال
أيضا ":أريد أن أهرب بديني وأديان أصحابي من أحكام هؤلء الجورة"ر :المبرد :الكامل .2/183
( )59أبو حمزة المختار بن عوف(ت :)130/748المختار بن عوف بن سليمان بن مالك الزدي
السليمي البصري .ثائر .من الخطباء القادة .ولد بعمان .إباضي .أرسله أبو عبيدة مسلم ابن أبي
كريمة وبلج بن عقبة نجدة لعبد ال بن يحيى (طالب الحق) وتوجه أبو حمزة من اليمن يريد الشام
لقتال مروان بن محمد وتبعه جميع أهلها ،ومر بالمدينة فقاتله أهلها في قديد" فقاتلهم ودخلها عنوة
ثم تابع زحفه نحو الشام ،وقد ألقى خطبة بمكة وأخرى بالمدينة ما تزال كتب الدب تنوه بقيمتها
البلغية.
فوجه مروان بن محمد إليهم جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي وانتهت المعركة
بمقتل أبي حمزة 130/748ر :الدرجيني :الطبقات 267-2/258وقد أورد الخطبتين ص 266و
.267
ر :الشماخي :السيرص ،101-98ر :الزركلي :العلم .8/71
( )60ر .الشماخي :السير ص 127-126وأبو الخطاب هو أحد حملة العلم إلى المغرب وهو من
أصل يمني.
---
( )1/49
تابع :مناقشة تسمية الفرق:
فإن كان هؤلء يعتبرون دار المخالفين دار شرك ويقولون بالستعراض والخروج وتحريم القعود
فإن أهل الدعوة يعتبرون دار المخالفين دار توحيد عدا معسكر السلطان فإنه دار حرب ل دار
شرك (. )61
ول يقولون بالستعراض ول يستحلون من المحاربين إل دماءهم ول سبي ول غنيمة على طريقة
علي بن أبي طالب مع طلحة والزبير.
كما يقولون أل هجرة بعد الفتح ويقررون مبدأ القعود عن الثورة وسموا ذلك مسلك الكتمان حيث
ل يجيزون الخروج إل إذا صار عددهم نصف عدد العدو وكذا العدة والطاقة.
فثبت حينئذ أن التسميات التي اختارها هؤلء الناس لنفسهم منذ تاريخهم المبكر هي" المحكمة"
"المسلمون" "جماعة المسلمين" "أهل الدعوة" كذلك انضافت في ما بعد "أهل الحق" و"أهل
الستقامة".
كما قبلوا على ما يبدو التسمية التي أسندت إليهم وعرفوا بها عند كتاب المقالت من القرن الرابع
هجري وهي" الباضية" ويبدو أنها لم تظهر لول مرة إل في عقيدة من عقائدهم معروفة بالدينونة
الصافية لعمروس ابن فتح ( 61( )896 /283مكرر).
إل أن كلمة "أهل الستقامة" و"أهل الدعوة" بقيتا مستعملتين مع "الباضية" وان غلبت في العهود
الخيرة كلمة الباضية( .مع غلبة تسمية أخرى تختلف بين إباضية المشرق وإباضية المغرب
وهي "الوهبية".
وإن رأى إباضية المشرق أنها نسبة إلى المام عبدال بن وهب الراسبي فإن إباضية المغرب
يرون أنها نسبة إلى المام عبد الوهاب بن رستم ( )62( )826 -787 /211 -171إثر التصدع
الذي طرأ في صفوف الباضية من قبل من أنكروا إمامة عبد الوهاب.
ولم يتأفف الباضية في ما نعلم من نسبتهم إلى عبدال بن إباض لنه أحد أئمتهم وإن اعتبروها
مجرد تسمية للتمييز وإل فهم متمسكون بتسميتهم الولى ":جماعة المسلمين" وهي المحببة لديهم
مع "أهل الدعوة".
( )1/50
وإن تعجب بعضهم ( )63من تأفف الباضية من حشرهم في زمرة الخوارج وحاول أن يلطف
من الحدة الواردة في كتب الملل والنحل وفي كتب المحدثين على الخوارج عامة ()64ويسعى
آخر ( )65إلى أن يمسح السبة بإبراز مزايا الخوارج واعتبارهم أنصار المام علي فإن هذا ل
يحول من الواقع شيئا فإن الباضية قاسوا من هذه النسبة من إخوانهم المسلمين آلما كثيرة
وسنركز خاصة على ما جاء في نصوص القرون المقررة.
ولنذكر بعضا من هذه اللم في ما يلي:
-إخراج سحنون ( )854 -776 /240 -160إياهم مع جملة من أخرج من جامع عقبة عندما
طهر -حسب رأيه -هذا الجامع من أهل الهواء والبدع ( )66ولعلهم لو لم يكونوا تحت هذا
العنوان لبقوا ،وإن كان قرار المام صارما فل حياة إل لمذهب مالك ()795 -712 /179 -93
(. )67
-واقعة مانو( )68( )896 /283التي لم يبق فيها من علماء الباضية إل اثنان بعد أن كانوا
أربعمائة والتي تقرب فيها إبراهيم الثاني الغلبي ( )901 -874 /289 -261أحسن قربى إلى
ال عندما ثبت لديه كفرهم (.)69
-حملة المعز بن باديس( )1061 -1015 /453 -406على جربة (. )70( )1039 -431
-إزالة الباضية من منطقة قصطيلية (الجريد) :فنزل عسكر لصنهاجة على قلعة بني درجين
أرسله المعز بن باديس فحاصرها حصارا شديدا وذلك سنة ( )1048 /440فلما اشتد عليهم
الحصار ول منجد لهم خرجوا عليهم خروج رجل واحد يقاتلون حتى قتلوا عن آخرهم واستبيح ما
في القلعة وهدمت وأحرقت (.)71
-تخريب يحي بن إسحاق الميورقي (ت )1236 /633لسدراته ووارجلن سنة ،1326 /726
وإن كانت حملته أوسع من الهجوم على الباضية يقول الدرجيني في ذلك ":فلما كانت سنة ست
وعشرين أو سبع وعشرين دخلها يحيى بن إسحاق الميورقي المتلثم فهدم كل ما دار عليه سورها
إلى المسجد وعادت وارجلن كأن لم تغن بالمس" (.)72
( )1/51
-هجوم درغوث باشا على جربة سنة "1553 /960فهاجمهم درغوث باشا ودخل الجزيرة
ونزل على الساحل القبلي واجتمع أهل الجزيرة وقاتلوا قتال شديدا وترادفت العربان مع درغوث
باشا فانهزم أهل الجزيرة واستشهد منهم ألف ومائتا شهيد ( )73ثم بعد حين أعدم شيخها داود
التلتي(.)1560 /967
-
هذا شيء مما نال الباضية من الضير نتيجة نسبتهم إلى الخوارج.
كما أننا مهما نوهنا بالخوارج لضم الباضية إليهم فلن نقلب وجه التاريخ ونمسح ما فعل.
=========================
( )61انظر ما يلي ص 506
( 61مكرر) النامي :الطروحة .2/43كوبرلي :الطروحة .38-11
( )62عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم( .)826-211/687-171ثاني أئمة بني رستم أخذ
العلم عن أبيه .وتنوه المصادر بغزارة علمه ورجاحة عقله .وقد سلك والده مسلك عمر بن
الخطاب فجعل المامة شورى بين سبعة ممن رأى فيهم الصلح.ورغم ذلك أنكر إمامته يزيد بن
فندين أحد العضاء المختارين للشورى وخلف بن السمح عامله بطرابلس لكنه استطاع بحكمته
إخماد هاتين الثورتين واستقر المر له طيلة أربعين سنة عرفت فيها المامة ازدهارا ملحوظا.ر:
ابن الصغير :تاريخ الدولة الرستمية بتاهرت ص 15-9نشر بكلية الداب والعلوم النسانية تونس
.1976ر :سليمان ابن عبدال الباروني :الزهار الرياضية .2/166المطبعة البارونية القاهرة د.
ت ر .الزركلي :العلم .334-4/333
( )63عمار الطالبي :آراء الخوارج الكلمية.ط الجزائر . 1/205 1398/1978
( )64ويقول " :1/207وليس هذا دفاعا عن الخوارج" نفس المصدر السابق .1/205
( )65سليمان بن يوسف :الخوارج أنصار المام علي .دار الشعب قسنطينة الجزائر
.1403/1983
( )1/52
( )66كان أول من شرد أهل الهواء من المسجد الجامع ،وكانوا فيه حلقا للصفرية والباضية
مظهرين لزيغهم .أبو العرب القيرواني ( :)333/944طبقات علماء إفريقية وتونس .الدار
التونسية للنشر 1968ص .184ولزيادة التفصيل عن سحنون( )854-240/771-160ر .نفس
المصدر ص 187-184مع التعليق 1ص .184
( ) )67بماذا قابل المام عبد الرحمن بن رستم ( )784-168/776-160هذا النغلق؟ لقد قابله
بالتسامح المطلق حيث مكن جميع الفرق من التعايش في جامع تاهرت ر.الزركلي :العلم
.6/126
( )68مانو :موقع بين شط الفجاج وخليج السرت الصغير ،جنوب قابس ،قرب مارث أو مارث
نفسها(مارتا الرومانية) ر .محمد حسن تحقيق السير .م .3/559
( )69ر :الشماخي :السير 268ر .محمد الطالبي :المارة الغلبية.ط باريس .302-1966.301
وعن إبراهيم:ر .ح حسني عبد الوهاب :خلصة تاريخ تونس ،الدار التونسية للنشر1968.ص
.67
( )70ر .الجعبيري :نظام العزابة 296 :وبه جميع الحالت ،وعن المعز.ر.ج.حعبد الوهاب:
خلصة تاريخ تونس.109:
( )71ر .الدرجيني :الطبقات ،2/284ر .الشماخي :السير .467-466ر .صالح باجية :الباضية
بالجريد .دار بو سلمة ،تونس 1396/1976ص ".151-147وعمدوا إلى المسجد الكبير من
مساجد الوهبية وغسلوه بمياه كثيرة...يعتقدون أن ذلك لتطهير المسجد".
( )72الدرجيني :الطبقات .2/164
( )73محمد أبو رأس :مؤنس الحبة في أخبار جربة .تحقيق محمد المرزوقي .المطبعة
الرسمية .تونس 1960ص 113
ر .ترجمة التلتي في ما يلي ،96وعن درغوث باشا ر.ح ح عبد الوهاب خلصة تاريخ تونس
ص .154
---
( )1/53
ويقول أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني (" :)12 /6وزلة الخوارج نافع بن الزرق
وذويه حين تأولوا قول ال تعالى ( :وإن أطعتموهم إنكم لمشركون )( 6النعام )121فأثبتوا
الشرك لهل التوحيد حين أتوا من المعاصي ما أتوا ولو أصغرها" (.)82
ويقول أبو عمار عبد الكافي( ":)12/ 6وقالت الصفرية إن كبائرهم (أهل الملة) كفر شرك،
وأسماءهم كفار مشركون محاربون كأهل حرب النبي صلى ال عليه وسلم تسفك دماؤهم وتسبى
ذراريهم وتغنم أموالهم وهم مع ذلك قد تورث أموالهم ،وتنكح نساؤهم ،وتؤكل ذبائحهم ،ويحجّ
معهم ،ويصلى معهم ،فقسمت الزارقة واختارت فأخذوا ما أبوا وتركوا ما كرهوا" (. )83
وجاء في آخر رده عليهم ما يلي ":ومما يؤثر عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال " :ل هجرة
بعد فتح مكة" وقد أتى الناس على منازلهم بعد فتح مكة وغيرها من البلدان فلم يضيق على أحد
منهم في اللحوق به صلى ال عليه وسلم " (. )85()84
وهذا إسماعيل الجيطالي( )1349 /750يقول ":ومن الناس من ضلوا من قبل فرز ما بينهما
(كبائر الشرك وكبائر النفاق) ( ، )86فزعمت الزارقة أن المعاصي كلها كبائر شرك وكفر
واستدلوا بقوله تعالى ( ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضلل مبينا ) ( 33الحزاب )36وفي
أمثاله من القرآن .وقالت النجدية منهم :الكبائر كلها شرك وأما الصغائر فل" (. )87
وهذا أبو القاسم البرادي ( )15 /9يبين أن الباضية ليسوا من الخوارج فيقول ":والمؤمن عند
الخوارج هو المصوب لرأيهم المهاجر إلى معسكرهم المعتقد اعتقادهم ،فهذا عندهم مؤمن مسلم
وإن ترك الصلة وشرب الخمر وزنا وسرق" وقال قبل ذلك ":والمؤمن عندنا (الباضية) في
أحكام الخرة هو الموفي بجميع الدين وفي أحكام الدنيا هو المقر" (. )88
========================
( )74الشماخي :السير ص 76
( )75انظر ما سبق 52تعليق 48
( ) )76الشماخي :السير ص 77
( )1/55
( )77كوبرلي :الطروحة .آخر المجلد الثالث ص .21ونوافق صاحب البحث على أن نص
العقيدة يصعب أن يكون من تأليف عبدال بن إباص ،وإن كنا ل نستبعد وجود نواة لها زمن
عبدال بن إباص ،والنص مستوحي من مراسلته مع عبد الملك بن مروان .سرحان بن سعيد
الزكوي :كشف الغمة ص 21
( )78عمروس بن فتح :الدينونة الصافية .ص .5خ بالمكتبة البارونية .وللتعرف على عمروس
ومن سيذكر من علماء الباضية انظر ما يلي :الفصل الثاني.
( )79أنظر ما يلي:
( )80أبو زكرياء يحيى الجناوني :عقيدة نفوسة .ر .كوبرلي :الطروحة .آخر المجلد الثالث13 :
( )81تبغورين بن عيسى الملشوطي :أصول الدين .حققه النامي.43 :
( )82أبو يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط .1البارونية ( .1/15ويعد الباضية فرق
مستقلة).
( )83أبو عمار الكافي :الموجز 2/116
( )84البخاري :صيد ،10جهاد ،194 27 ،1مناقب النصار .45مغازي 53مسلم :إمارة .86
الترمذي :سير .33النسائي :بيعة .15ابن ماجه :كفارات .12الدارمي :سير .69أحمد 1/226،
.2/215.3/22ونسنك :المعجم7/67 :
( )85أبو عمار عبد الكافي2/69 .
( )86انظر ما يلي 519و 520
( )87الجيطالي :قواعد السلم ،تحقيق عبد الرحمن بكلي ط 1المطبعة العربية غرداية
1977.1/37
( )88أبو القاسم البرادي :رسالة الحقائق ط ضمن مجموعة رسائل د.ت ص
---
( )1/56
( )1/57
وقال جابر بن زيد :أزيد رابعة من كتاب ال وهي قتل الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر ال" ()98
.
" ومع هذا يستحلون من مرتكب الكبيرة المناكحة والموارثة وأكل الذبيحة" (.)99
فواضح من خلل هذا المنهج أن القضية لم تنس مع بعد الزمن ،ونصوص العقائد ملحة على
التمييز بين الباضية وبين الخوارج ونكتفي غالبا بالستشهاد بنصوص السلف من أمثال أبي
يعقوب أو السوفي دون أن ترجع إلى القضية من جذورها.
وهذا يختلف عن المنهج الثاني اختلفا جوهريا وهو منهج الردود.
====================
( )89انظر ما يلي...إشارة إلى أن الحكام الشرعية ناتجة عن تحديد السماء فإذا قلت إن الكفر
يعني الشرك فكلما أطلقت الكلمة نتج عنها معاملة المشرك.
( )90المحشي :حاشية على كتاب الوضع ص .54انظر التعليق الموالي.
( )91يقول الشعري ":ومن الخوارج الصفرية أصحاب زياد بن الصفر " المقالت.1/184 :
وكذلك البغدادي :الفرق بين الفرق ص .178ويعلق المحقق ":سموا بمهلب ابن أبي صفرة،
والجمهور" ص ،178تعليق .1ويرى السفراييني( )471/1078أنهم أتباع زياد الصفر".
التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية من الفرق الهالكين" .تحقيق كمال يوسف الحوت ط.
بيروت :1403/1983ص .53وقد ورد ذكر عبدال بن الصفار عند الطبري :تاريخ الملوك
.4/359
( )92نفس المصدر ص 55
( )93النجدية :انظر .الشعري ،مقالت السلميين 1/174
( )94المحشي :حاشية على كتاب الوضع ص 79
( )95يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين .ص .59وللتعريف بالمصعبي انظر ما
يلي 141
( )96نفس المصدر والصفحة
( )97البخاري :إيمان .32/36مسلم :إيمان .17.28صلة .28زكاة .1اعتصام .28 .2أبو
داود :جهاد .95الترمذي :تفسير سورة الغاشية .النسائي :زكاة .3ابن ماجه :فتن .3-1الدارمي:
سير .10أحمد بن حنبل .4/8ونسنك :المعجم المفهرس 1/99
( )98أبو عمر السوفي :كتاب السؤالت خ مكتبة بو شداخ فاتو ص .56أضيف النص لتمام
المعنى.
( )1/58
( )99عمر أبو ستة :المجموع المعول لما عليه السلف الول .خ المكتبة البارونية ،الحشان جربة
ص .38
---
( )1/59
( )1/60
وأهل التحكيم يرون أن المة مالت إلى الدنيا بين ظالم وناكث وباع ومحكم الرجال في دين ال
وترك حكم ال في قوله ( فقاتلوا التي تبغي ) ( )101وإنهم فقهاء المة وكبراء الصحابة وأهل
التقى:
والقعدة -أعنى من قعد عن الفتنة -يقولون إن الناس تورطوا في الفتنة وسلمنا بعد قوله عليه
السلم " :ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" (.)102
ولكن نسأل ال أن يقودنا إلى خير العمال ما يكون سببا لنجدتنا من النار" (.)103
وفي لهجة دفاعية متحمسة تبين هذه المصادر أن تسمية أهل السنة والجماعة تسمية فضفاضة إذ
تجد من الختلف في العقائد بين من يضمهم لواؤها في كثير من الحالت أكثر مما تجده من
خلف مع فرق أخرى ل يضمها هذا اللواء.
وهذا رد الشماخي ":قولك ":وأهل السنة كلهم متفقون على واحد".
أقول :ذلك يأباه من أخبرتك عنهم به بل يعدونهم فرقا كثيرة" (.)104
ويكفي أن نذكر بإحراق كتب الغزالي ()105لنه اعتبر أن الحق ليس مقصورا على الشعري
وتفسير مالك للداء العضال كما نقله ابن حبيب ":ذلك أبو حنيفة ( )106ضلل الناس بوجهين
الرجاء ونقص السنن بالرأي فهو عندنا أشأم مولود في السلم ضل به خلق كثير وهم متمادون
في الضلل بما شرع لهم إلى يوم القيامة" (. )107
======================
( )100وصولة الغدامسي والبهلولي لم نتمكن من العثور على تعريف بهما.
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا(( )101جزء من قوله تعالى :بينهما فإن بغت إحداهما
على الخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر ال فإن ( 49الحجرات ()9فاءت فأصلحوا
بينهما بالعدل وأقسطوا إن ال يحب المقسطين
( )102خطبة حجة الوداع.ر .مسلم :إيمان . 120-118قيامة .29بخاري :علم .43أضاحي
.5أبو داود .سنة .15الترمذي :فتن .28الدارمي مناسك .76أحمد ...2/85ونسنك المعجم
المفهرس .2/221
( )103الشماخي :الرد على صولة الغدامسي ،خ بالمكتبة البارونية ،الحشان جربة47-46 :
( )1/61
( )1/62
( )1/63
وقلت :تفرقوا (الباضية) في البلدان بعضهم بعمان وبعضهم في المغرب .ولقد هاجر إبراهيم
وحده ولوط .وخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى المدينة فارا منم قومه وهؤلء جعلهم ال
حجة في الدنيا بعضهم بالمشرق وبعضهم بالمغرب لئل يكون للناس على ال حجة بعد قيام
البراهين الساطعة والحجج القاطعة" (.)110
وعلى هذا الساس يقلب الصدغياني الحجة فتصير الكثرة سبة والقلة مدحة.
ويندرج ضمن هذا السياق اعتبار الباضية من فرق الخوارج الضالة عدم انضوائها تحت لواء"
المذاهب الربعة" وفي ذلك يقول أبو مهدي" :وأما قول من قال :المذاهب أربعة فذلك قول ليس له
مستند ول برهان إذ لم تذكر الربعة في القرآن ول نص عليها صاحب الشرع والبيان بل قال:
"ستفترق"( )111ولم يقع الجماع من الصحابة على الربعة ...وإنما حدثت المذاهب الربعة في
القرن الثاني هـ /الثامن م ،فالنبي صلى ال عليه وسلم ذكر واحدة ناجية وأنتم تدعون أربعا
المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية فقد خالف قولكم أصلكم"(. )112
ويورد التعاريتي لمحمد بن عبد العظيم المكي الحنفي ":اعلم أنه لم يكلف ال أحدا من عباده أن
يكون حنفيا أو مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بل أوجب عليهم اليمان بما بعث به محمدا صلى ال
عليه وسلم والعمل بشريعته"(. )113
وقال فيها أيضا نقل عن الجلل السيوطي في كتاب الرد على من أخلد إلى الرض وجهل أن
الجتهاد في كل عصر فرض بعد كلم ":فليعلم أن من أخذ بأقوال الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة
أو مالك ولم يرد قول من اتبع منهم ومن غيرهم إلى قول غيره ،ولم يعتمد على ما جاء في القرآن
أو السنة غير صارف ذلك إلى قول إنسان بعينه ،أنه قد خالف إجماع المة كلها أولها عن آخرها
بيقين ل شك فيه ،وأنه ل يجد لنفسه سلفا ول إنسانا ناصرا له في جميع العصار المحمدية وقد
اتبع سبيل غير سبيل المؤمنين نعوذ بال من هذه المنزلة" ()114
=======================
( )1/64
( )108ويذكر في الرسالة أيضا لعنهم لعلى ":وقد كان معاوية يلعن عليا على المنابر أربعين سنة،
وهذا مشهور والتكذيب فيه بهتان ،وكيف تتولون عدو :ط من قال لخيه كافر فقد باء أحدهما
بالكفر والبادي أظلم"(.وليكم وقد قال النبي البخاري أدب .37مسلم إيمان .111أحمد بن حنبل
.2/18ر .ونسنك .المعجم المفهرس للفاظ الحديث .6/41أبو عبدال الصدغيانيك رسالة إلى أهل
وارجلن.ج المكتبة البارونية :الحشان جربة .17
( )109أبو عبدال الصدغياني :رسالة إلى أهل وارحلن15:
( )110أبو عبدال الصدغياني :رسالة إلى أهل وارجلن .16-15 :وهو متقدم عن مرحلتنا
وعلى هذا النسق ينسج عيسى ابن أبي القاسم الباروني بتاريخ صفر :1206/1791الرسالة
الغدامسية ،خ بالمكتبة البارونية ،الحشان جربة.
( )111انظر ما سبق 33
( )112أبو مهدي عيسى بن إسماعيل ،من جواباته :خ البارونية .الحشان جربة 123
( )113سعيد التعاريتي :المسلك المحمود.ط حجرية .تونس .89/:1321
( )114سعيد ابن تعاريت المسلك المحمود ،89 :جلل الدين السيوطي-911/1445-849 ( :
.)1505ر .الزركلي :العلم73-4/71 :
---
( )1/65
( )1/66
فال ربنا ومحمد نبينا والقرآن إمامنا والكعبة قبلتنا والصحابة قدوتنا.
وقد وردت آيات وأحاديث في مدحهم خصوصا وعموما وليست رسالتنا موضوعة لبسط الكلم" (
. )118
وقد عدد هذه النصوص أبو مهدي ( )16 /10بعد أن قال" قولك :بلغنا عنكم أنكم تبغضون بعض
الصحابة فيا سبحان ال كيف نبغض الصحابة مع ورود النصوص في فضائلهم والثناء عليهم كتابا
وسنة يأبى ال ذلك والمسلمون بل هم عندنا في الحالة التي ذكرهم ال عليها من العدالة والنزاهة
والطهارة والثناء والمدحة.
قال ال تعالى (:كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون
بال)( .3آل عمران .)110
وهم بالحالة التي وصفهم بها رسول ال صلى ال عليه وسلم إذ قال ":أصحابي كالنجوم بأيهم
اقتديتم اهتديتم" (.)119
وغير ذلك من المدح والثناء عليهم.
اللهم زدنا محبتهم واحشرنا في زمرتهم يا أرحم الراحمين (.")120
ول تفهم هذه النصوص إل بالتذكير بإطارها التاريخي حيث صار الباضية يعيشون في طور
الكتمان والهجومات عليهم عديدة فنحس أنهم عدلوا من موقفهم في هذه القضية دون أن يخلوا
بأصول مذهبهم خاصة إذا أخذت النصوص بالمفهوم العام فل شك أن الباضية يترضون على
الصحابة ونص أبي مهدي أكثر وضوحا من حيث التعميم وما أخال أبا مهدي لو سئل عن معاوية
وعمرو بن العاص خاصة أن تكون إجابته من هذا القبيل.
ول يخفى أن هذه التهمة وجهت للباضية من أجل الخارجية وقد علمنا أنها تسمية تمازج فيها
المفهوم الديني (المروق من الدين) مع المفهوم السياسي (الخروج عن علي) بالنسبة إلى غير
الباضية طبعا.
-5وقد انبنى على هذه المواقف تهمة عملية وهي رفض شهادة الباضية في هذه المرحلة في
طرابلس ومنعهم من التجارة في البلدان التي يحكمها إسماعيل بن شريف سلطان مراكش (
.)121( )1726 -1671 /1139 -1083
=========================
( )115أبو مهدي عيسى بن اسماعيل ،من جواباته123:
( )1/67
( )116ر .البرادي :الجواهر .رسالة عبدال إباص إلى عبد الملك بن مروان 164-158
( )117عمر أبو ستة :المجموع المعول 25
( )118يوسف المصعبي :رسالة إلى أحمد باشا والى طرابلس ،خ البارونية .الحشان جربة5 :
( )119لم يرد في معجم ونسنك
( )120أبو مهدي عيسى بن اسماعيل :من جواباته130-129 :
( )121انظر ما يلي ص 171
---
( )1/68
( )1/69
فإذا نص هؤلء الئمة على جواز قبول شهادة من ذكر مع ما هم عليه من اعتقادهم فكيف بشهادة
من كانت عقيدته ما رأيت وسمعت"...
ثم أورد نصوصا عديدة تبين أن الدين ليس منحصرا في المذاهب الربعة.
"قال الغزالي :من زعم أن الحق مقصورا على واحد من النظار بعينه فهو إلى الكفر أقرب" (
.)124
" الخاتمة :أسئله للواشي في مسائل مختلفة لبراز عجزه وجهله" (. )125
وفعل لعبت الرسالة دورها وعادت شهادة الباضية إلى نصابها في طرابلس.
ويذكر عيسى ابن أبي القاسم الباروني ( )18 /12ما يوحي بأن نفس القضية -أي رفض شهادة
الباضية -حدثت في تونس.
ول شك أن العزابة تصدوا لهذا المر لكن لم نعثر على نص التصدي ونرجح أن يكون لسعيد
الجادوي أو يوسف المصعبي اعتمادا على التاريخ الوارد في الوثيقة التي أوردها عيسى الباروني
(سنة 1120ربيع الثاني /جويلية .)1708
" وبعد فقد اتفق علماء تونس على تجويز شهادة العزابة في العموم والخصوص ل سيما أهل
الصلح لن شهادة من أتى بالقول والعمل أبلغ ممن أتى بالقول وضيع العمل" (.)126
"000وأن القادح فيهم يستتاب من ذلك ،فان تاب وإل قتل شرعا".
حرر بتاريخ أشرف الربيعين /1120جويلية (1708 )127بمحضر المير حسين باي بن علي (
.)1734 -1705 /1147 -1117
إن اتضح أن محور هذه الوشايات يقوم على اعتبار الباضية من الخوارج وطعنهم في الصحابة
فإن وشاية أخرى حددت الطعن في الشيخين ونتج عنها قرار سلطاني من إسماعيل بن شريف
سلطان مراكش( 11ذي الحجة 27 -1082رجب 14 /1139أبريل 30 -1672مارس )1727
يمنع تجار جزيرة جربة من تعاطي التجارة في البلدان التي يحكمها.
( )1/70
وهذه فقرات من الرسالة التي وجهها سعيد الجادوي ( )18 /12إلى السلطان المذكور ":أتى إلى
سيادتك نمام ،ونسب إلينا ما ل ينسب إلى مسلم ...من بغض الشيخين أبي بكر وعمر وغيرهما...
فوال العظيم ونبيه الكريم ( )128ما هذه إل فرية عظيمة ...وأما نحن فنقول فيهما سيدا أهل
الجنة لما ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال :أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة"....
(.)129
ثم يورد عدة أحاديث ويختم بـ" هذه أحاديث تدل على أفضلية الشيخين وإنما أوردناها لنعلم من
قال فينا خلف معتقدنا فيهما" (.)130
=========================
( )122يوسف المصعبي :رسالة لحمد باشا2-1:
( )123نفس المصدر4:
( )124يوسف المصعبي :رسالة لحمد باشا9 :
( )125نفس المصدر14 -10:
( )126عيسى الباروني :رسالة في الرد على رسالة جاءت من غدامس 13وعيسى ابن أبي
القاسم الباروني( )12/18يستنتج من رسالته أنه من علماء ( القرن ،)12/18وكذلك نستنتج نفس
الملحظة من حضور أخيه عمرو ابن أبي القاسم الباروني الجتماعي العلمي المنعقد بجامع ليمس
بحومة آجيم 1146/1733للنظر في قضية شهادة الشهود .ر .سعيد ابن تعاربت :رسالة في
تراجم علماء جربة:ص 106
( )127نفس المصدر ص 14/ونفس الوثيقة أوردها سعيد التعاريتي :المسلك المحم المحمود:
.236وعن حسين باي بن علي.ر .ح عبد الوهاب :خلصة تاريخ تونس179:
( )128المفروض أل يقسم إل بال كما جاء في الحديث.
( )129ت .مناقب30 ،جه :مقدمة 11ز حم .1/80ونسنكك المعجم .3/18
( )130سعيد الجادوي :رسالة إلى سلطان مراكش.خ مكتبة سالم بن يعقوب غيزن .جربة .ضمن
مجلد26-24:
---
( )1/71
( )1/72
...وإنما صرنا إلى ذكر هذا إزالة للبس وتكذيبا لقول من يقول إن بني مصعب (ميزاب) ليسوا
على شيء من الدين" (. )134
والملحظ أن أبا مهدي لم يختلق هذه الحاديث وإنما استقاها من كتب السير والطبقات.
ولم يكن ورودها في هذه المصادر إل رد فعل على ما انتحلته بقية الفرق لثبات أصالتها.
وهذه عقلية سادت المجتمع السلمي خاصة في القرن الثاني ه /الثامن م حيث اكتسى الصراع
الديني صبغة عرقية جنسية حاربها السلم بقوة ولكل منطقة شعوبيتها.
والملحظ أن هذه الحاديث يقول فيها أحمد الخليلي مفتي عمان إن بعض ما يتعلق بعمان والعجم
وارد في الصحاح وقد ثبت في أهل عمان حديث ابن برزة السلمي في صحيح مسلم ":لو أهل
عمان أتيت ما سبوك ول ضربوك" وقد ترجم له مسلم بباب فضل أهل عمان .وكذلك روى أحمد
في مسنده ":إني لعرف أرضا ينضح بجانبها البحر تسمى عمان ،الحجة منها بحجتين لو أتاهم
رسولي ما سبوه ول ضربوه" .
كما أن ما روي في العجم منه ما هو ثابت كحديث أبي هريرة عن الشيخين ":لو تعلق الدين
بالثريا لناله رجال من الفرس" وفي رواية ":من العجم" .إل أن ما يتعلق بالبربر يذكر الخليلي أنه
لم يطلع على شيء منه في مجاميع مسند الربيع بن حبيب عمدة الباضية في الحديث.
كما أن أغلب هذه الردود جاءت حادة اللهجة ويصعب على أي إنسان يقرأ مثل هذا القول ":إن لم
تجيبوني بكل ما سألتكم عنه فدماؤكم وأموالكم حلل من ال ورسوله" ( ، )135أن يبقى محايدا.
ومن أمثلة ذلك قول عيسى الباروني ":أيها الجاهل تزعم أنك علمة زمانك ونحرير أوانك تدعي
العلم باللسان وتجهله بالجنان. )136( "...
"أيها الجاهل أشبعك ال بالهم والغم والحزن في الدنيا والخرة" (. )137
=============================
( )131انظر ما سبق 74
( )132غير وارد في المعجم المفهرس .ويقول الشيخ الخليلي" ل أراه إل وهما"
( )133غير وارد في المعجم المفهرس.
( )1/73
( )134انظر:الدرجيني :الطبقات 1/16اورد منه ما يلي:
"فقال- ":بت في هم شديد((.البربري) :يا رسول ال-
فقال :ما همك؟
قال :تردد بصرك بالمس خفت أن يكون نزل في قرآن.
فقال:ل يحزنك ذلك فإنما ترديدي البصر فيك لن جبريل عليه السلم جاءني.
فقال :أوصيك بتقوى ال والبربر .قلت :وأي البربر؟ قال :قوم هذا ،وأشار إليك ،فنظرت إليك،
وما شأنهم؟ قال :قوم يحيون دين ال بعد أن كاد يموت".
( )135كتاب وجد في محراب وارجلن ،مجلد به عدة رسائل .البارونية الحشان جربة14:
( )136عيسى الباروني :رد على رسالة من غدامس12 :
( )137نفس المصدر ص 23
---
( )1/74
( )1/75
كما يقول في نصيحة الختام ":أوصيكم إخواني وإياي بتقوى ال العظيم في السر والعلنية وإياكم
والغلو في الدين فإنه ل يتبرأ إل ممن يتعين منه ارتكاب البدع والصرار على المعصية()...
وحمدا ل أن جمهور المة على الحق وأن الصل في جميعهم السلمة حيث أعاذهم ال من عبادة
الوثان" (. )144
فمن كل هذه النصوص العنيفة في رفض النتساب إلى الخوارج نفهم ما أصاب الباضية من
ضير وعنت من جراء حشرهم تحت لواء الخوارج بمعنى المروق من الدين.
وهذا ما حدا بمن جاء بعد هؤلء من علماء أن يسلكوا نفس المنهج وأذكر منهم على سبيل المثال
ل الحصر.
-محمد بن يوسف اطفيش(: )145( )1914 -1820 /1332 -1236
إزالة العتراض على محقي أهل إباض ط حجرية على نفقة داود بن إبراهيم اليسجني 1314هـ.
-سعيد بن علي ابن تعاريت (ت :)146( )1936 /1355
كتاب المسلك المحمود في معرفة الردود .ط .حجرية 1371ص .39 -33
-أبا إسحاق إبراهيم اطفيش (ت : )147( )1966 /1386
-
فصل في كتاب " الدين والعلم والحديث" لمحمد عبد الباقي بعنوان :الباضية ليسوا خوارج وقد
ورد ص 258وطبع مستقل بعمان نشر مكتبة الستقامة د .ت.
-إبراهيم أبا اليقظان (: )148( )1973 /1888 /1393 -1305
دفع شبه الباطل عن الباضية المحقة .خ بمكتبتي .بحث مختصر.
-سالم بن يعقوب (على قيد الحياة) (: )149
كراسات بها بحث مطول عن أحداث الفتنة الكبرى وفيه بين أن الباضية ليسوا خوارج .اطلعت
عليها بمكتبته.
=========================
( )138الشماخي :الرد على صولة الغدامسي46 :
( )139عمر أبو ستة :المجموع المعول58 :
( )140عمر أبو ستة :المجموع المعول59 :
( )141انظر ما سبق 59
( )142وأسوته في ذلك من توقفوا من الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص 23ق هـ -55/603-
)675ر .الزركلي :العلم ،138-4/137وزيد ابن ثابت(11ق هـ )665-45/611 -ر.
الزركلي :العلم96-3/95:
( )143عمر أبو ستة :المجموع المعول60 ،59 ،58 :
( )1/76
وقد اشتهر بين معاصريه بسرعة البديهة وحدة الذكاء .وكتابه المسلك المحمود يشهد بذلك.ر.
تقييدات عن شيخنا سالم بن يعقوب خ بمكتبته .ومحمد محفوظ :تراجم المؤلفين التونسيين ،دار
الغرب السلمي .بيروت ط .1،1982.1/235
( )147أبو اسحاق إبراهيم اطفيش(ت :)1386/1966ولد يسجن بوادي ميزاب .وبها اخذ عن
شيخه امحمد اطفيش (ت ،)1332/1914نفاه الستعمار الفرنسي إلى تونس ثم إلى مصر نتيجة
لنشاطه السياسي .استقر بالقاهرة في قسم المخطوطات اللمغربية بدار الكتب المصرية وتفرغ
للبحث والتحقيق والتدريس في بيته بدار الطلبة الباضية .وقد استفاد تلميذه سالم ابن يعقوب كثيرا
من دروسه ومكتبته .ويروي عنه عديدا من الخبار التي تدل على الجرأة والشجاعة ،وهناك أخذ
عنه كثير من العمانيين والنفوسيين أيضا .حقق كثيرا من النصوص الباضية الهامة في التاريخ
والحديث والصول والفقه ونذكر منها :تحقيق كتاب مختصر الوضع في الصول والفقه(انظر ما
يلي ).146كما كان محرر مجلة المنهاج التي اشتهرت بالدفاع عن قضايا السلم .توفي بالقاهرة
سنة 1386/1966أخذت هذه المعلومات عن ابنه امحمد اطفيش وتلميذه سالم بن يعقوب .ر.
عمرو مسعود أبو القاسم :الربيع ابن حبيب محدثا ،أطروحة مجستير نوقشت بكلية التربية جامعة
الفاتح بليبيا سنة 198 :1983مرقونة بمكتبتي ،هدية من المؤلف.
( )148إبراهيم أبو اليقظان( :)1973-1393/1888-1305ولد بالقرارة ( جنوب شرقي الجزائر
إحدى قرى وادي ميزاب) سنة .1305/1888درس بها .ثم تتلمذ على امحمد اطفيش بين
يسجن.والتحق بتونس للدراسة سنة 1330/1973ر .وقام بها بنشاط ثقافي وسياسي كما شارك في
الجزائر في تأسيس جمعية العلماء .وتفرغ للتأليف بعد سنة .1356/1938وترك ما يقرب من
ستين مؤلفا من بينها :ملحق لسير الشماخي .وتوفي بالقرارة سنة 1393/1973ر .محمد ناصر:
أبو اليقظان وجهاد الكلمة ط .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر .1980
( )1/78
( )149سالم بن يعقوب :ولد بحومة غيزن بجربة في مطلع هذا القرن م .تعاطى التجارة أول
المر في مدينة بنزرت .وكان يتردد على تونس ويشتاق إلى الدروس .وبقي أميا إلى التاسعة
عشرة من عمره واستطاع أن يتدارك أمره بسرعة.
وأقبل بتلهف على دروس شيخه عمر بن مرزوق من كبار المصلحين بجربة آنذاك (ت
)1381/1961بجامع الباسي -حومة والغ -ثم رحل إلى تونس فعاش في مدرسة جامع الزيتونة
دون أن ينتسب رسميا .لكنه حرص بجد على دروس شيخه محمد بن صالح الثميني المشرق على
البعثات الباضية الجزائرية بتونس(ت ،)1391/1914وكانت دروسا ليلية محورها كتاب جامع
أركان السلم للخروصي العماني ،وكتاب شرح النيل لقطب الئمة امحمد اطفيش(ت
.)1332/1933
ثم انتقل إلى مصر حيث بقي خمس سنوات ،1938-1357/1934-1351وسلك في الزهر
نفس المسلك الذي سلكه في الزيتونة ،وعاش هناك في مدرسة الباضية بطولون .وهنالك أيضا
اخذ عن شيخه أبي اسحاق إبراهيم اطفيش (ن .)1386/1966وعكف هناك على مكتبة الباضية
بوكالة الجاموس فنسخ من مخطوطاتها نصيبا وافرا ،كما نسخ عدة نصوص من دار الكتب.
ثم استقر في الجزيرة مدرسا وواعظا .وعنه أخذت كل ما يتعلق بالباضية .وزائر مكتبته بغيزن
يتبين أنها جامعة من كل شيء بطرف خاصة في كل ما له صلة بالباضية من قريب أو بعيد.
وهو ما يزال على قيد الحياة .وما رأيت من أهل العصر من هو أكثر منه إلماما بخفايا تاريخ
الباضية.
---
( )1/79
( )1/80
وأبى هؤلء الناس إل أن يسموهم " إباضية" فقبلوا ذلك السم لنه نسبة إلى أحد أئمتهم ثم أبوا إل
أن يحشروهم في زمرة الخوارج فرفضوا هذه التسمية بكل ما أتوا من قوة قول وعمل وما
يزالون.
وكلما زادوا إلحاحا في نفي هذه النسبة زاد غيرهم من الفرق الخرى إلصاقها بهم إل القليل ممن
قال هم أقرب إلى السنة ثم صارت أقرب إلى أهل السنة ويضيف لها ما يعدلها مثل " المعتدلة".
ومهما يكن من أمر سواء أضافوا العتدال أو لم يضيفوا بقي الباضية تحت عنوان الخوارج.
وقد جنى هذا العنوان على الباضية من الويلت مال يحصى فلذلك قالوا عبر الزمان بلهجات
متفاوتة يغلب عليها طابع الشدة -شدة المتهم الذي يريد أن يبعد تهمة هو منها براء -أطلقوا علينا
ما اخترنا لنفسنا من أسماء "أهل الدعوة "...أو حتى ما اخترتموه لنا " الباضية" المهم أل تقولوا
خوارج لن ال حرم التنابز باللقاب.
وأخيرا ما يزال علماء الباضية يرفضون هذا اللقب حتى وإن صار في بعض الوساط مدحة
وعلما على الثورة ورفض الظلم لن هذه الكلمة محملة بثقل تاريخي معين ،ويفهمها كل قارئ
حسب معتقداته حتى ل أقول على هواه.
وخير القول أن يعمل المسلمون في ما اتفقوا فيه وأن يعذر بعضهم البعض في ما اختلفوا فيه مع
فهم الطار العام لهذه المصادر والحق ما وافق الكتاب والسنة والجماع.
وبعد الوقوف عند الطار العام يحسن أن نبين حقيقة علم الكلم وأن نتعرف على مصادره
الباضية.
======================
( )1/81
( )150علي يحيى معمر :)1980-1401/1919-1338( :ولد بنالوت وبها تعلم على المقرئ
عبدال بن مسعود الباروني ،ثم دخل المدرسة الرسمية حيث اعتنى به معلمه عيسى بن يحيى
الباروني ،وأخذ هنالك عن رمضان الليني وقد وفد من جربة 1344/1925لتدريس الفقه
الباضي هنالك تلبية لرغبة أهل نالوت .سافر إلى تونس سنة 1346/1927والتقى مرة أخرى
بشيخه رمضان الليني بمدرسة الباضية ،وهنالك تردد على دروس جامع الزيتونة بصفة حرةن
ودورس محمد الثميني الميزابي(ت )1391/1971وفي تلك الثناء تردد على جزيرة جربة حيث
كون مع نخبة من الشباب جمعية دينية للدفاع عن السلم.
ثم لما بلغه صدى معهد الحياة بالقرارة -وادي ميزاب -رحل إليه سنة ،1357/1938حيث بقي
سبع سنوات يحضر دروس شيخه إبراهيم بيوص( )1401/1981في التفسير وما إلى ذلك من
العلوم السلمية ويساعده على التدريس أيضا.
رجع إلى نالوت سنة ،1366/1945اهتم مدة بالسياسة .ثم تفرغ بسرعة للتدريس فارتقى في سلم
التعليم حتى استقر بوزارة التعليم في منصب إداري سام.
وفي الثناء قام بعدة رحلت في العالم العربي ،وأنتج عددا من المؤلفات في تاريخ الباضية وفي
الدب .توفي سنة 1980وأخذنا هذه المعلومات عن صديقه الذي عاصره طوال حياته سليمان
عون ال :رحلة إلى جبل نفوسة سنة 1981
( )1/82
( )151عمرو خليفة النامي :ولد بنالوت 1942وبها تعلم .درس بمصر حيث حصل على
المجستير في الدب .ثم رحل إلى بريطانيا حيث أعد أطروحة عن تطور الفكر الباضي ناقشها
بكمبردج سنة .1971ثم درس بجامعة الفاتح وكذلك استاذا مستعارا بمشيقان بالوليات المتحدة.
ثم استقر بليبيا حيث عرف غياهب السجون .لقد حقق عدة نصوص إباضية هامة أشار إليها في
أطروحته ،وقد أشرنا إليها داخل هذا البحث نذكر أهمها :سير نفوسة لمقرن البغطوري(ق ،)6/12
ويهمنا في بحثنا تحقيقه لكتاب أصول الدين لتبغورين( )6/12وكتاب الرد على جميع المخالفين
لبي خزر يغل ابن زلتاف( )4/10انظر ما يلي 112تعليق 65
( )152سالم بن حمود السيابي :مؤرخ عماني معاصر .اشتغل مدة في وزارة العدل بعمان .ثم هو
الن يشتغل بوازارة التراث بعمان حيث يؤلف ،ويحقق نصوصا إباضية .كتابته على طريقة
السلف تعتمد على عرض المعلومات .وقد التقينا به في رحلتنا الولى إلى عمان في ابريل 1983
وهو يناهز السبعين.
( )153أحمد الخليلي :مفتي سلطنة عمان يرجع إلى أسرة عريقة في العلم .نشأته الولى كانت في
زنجبار .عصامي في تكونه إذ لم يدرس بأية مدرسة نظامية .قوي الذاكرة .ثقافته إسلمية شاملة.
مدرك أحوال عصره .ويتجلى هذا في درس التفسير الذي يلقيه أسبوعيا بجامع قابوس بروي وقد
صدر منه الجزء الول بعنوان جواهر التفسير وأنوار التنزيل ط بعمان .1984
---
( )1/83
( )1/84
بينما لم يشر التعريف الثاني إلى ما يوحي بقضية النشأة والحقيقة أن علم الكلم تبلور على يد
المعتزلة وهم أول من أقام أسسه.
كما سكت أيضا عن النزعة الدفاعية النية واعتبره علما تحصيليا ينفع في كل زمان لتثبيت أسس
العتقاد وإن كانت المصادر الباضية الخرى تذكر قضية دفع الشبه بصفة مطلقة مثل المحشي (
)6والمصعبي (. )7
ومهما يكن من أمر فإن علم الكلم ثبت أنه علم تحصيلي يرمي إلى تثبيت العقيدة بدفع جميع ما
يحوم حولها من شبه دخيلة على الثقافة السلمية أو نابعة من كيانها.
وإن عرف هذا العلم بالتسميات التي أشرنا إليها من البداية فلسباب أبرزها:
أنه عرف بعلم التوحيد إشارة إلى أبرز موضوعاته وهو توحيد ال تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله
وعبادته (. )8
وعرف بعلم الكلم "إما لنه كلم في كلم ال تعالى وقدمه وحدوثه وقد هزت هذه القضية أركان
العالم السلمي ردحا من الزمن وامتحن فيها من امتحن وقتل من قتل ،وإما لنه في بيان طرق
الستدلل على أصول الدين أشبه بالمنطق في تنبيه مسالك الحجة في علوم أهل النظر وأبدل
الكلم بالمنطق للتفرقة بينهما" (. )9
وعرف بأصول الدين ،ولعل ذلك يرجع إلى أن العقيدة هي الساس التي يبنى عليها الدين أو إلى
التمييز بينه وبين علم الفروع الذي عرف بالفقه" (. )10
وأهم ما يستنتج من تعدد التسميات هو أن كل مجموعة نظرت إلى المسمى بمنظار محدد من
حيث موضوعه أو من حيث منهجه أو من حيث غرضه ويبدو أن التسميتين الغالبتين هما ":علم
الكلم" و"أصول الدين" ولعل الوساط الفلسفية العامة ترجح الكلم بينما الوساط الدينية تغلب
أصول الدين.
وإن وقع الختلف في التسمية فإنه برز أيضا في القضايا التي تندرج ضمن هذا العلم وقد ضبط
الشهرستاني ( )1153 -1086 /458 -479الصول الكبرى التي عولجت في هذا الفن عند كل
الفرق وهي أربعة:
-1الصفات والتوحيد فيها.
-2القدر والعدل فيه.
-3الوعد والوعيد والسماء والحكام.
( )1/85
( )1/86
( )8السالمي :المشارق ط 2تعليق أحمد بن حمد الخليلي مفتي عمان .مطابع العقيدة عمان
"،1398/1978والتوحيد في اصطلح المتكلمين بمعنى الفن المدون وهو علم يقتدر به على
إثبات العقائد الدينية مكتسب من أدلتها اليقينية"150 :ر.ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر
نسخة مصورة من خط المؤلف -عمان .د.ت " والبحث فيه (التوحيد) يطلق عليه علم الكلم
اصطلحا"1/21.
( )9محمد عبده :رسالة التوحيد5:
( )10وقد ناقشت النصوص الباضية هذه التسمية نقاشا من الناحية اللغوية والمعنوية حاولنا أن
نلخصه في ما أشرنا إليه .انظر خاصة :أحمد الشماخي :شرح الشماخي لعقيدة التوحيد :ط .2
لبنان .33-32 1392/1973 .أبا عمار عبد الكافي :شرح الجهالت .خ بالبارونية الحشان جربة:
.121ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر .1/21
وتذكر كتب الملل والنحل تسميات أخرى نذكر منها "النظر والستدلل" "المقالت السلمية" "علم
النحل" .ر :علي الشابي :مباحث في علم الكلم والفلسفة 12:
( )11ر .الشهرستاني :الملل والنحل .1/21ر .علي الشابي :مباحث في علم الكلم والفلسفة.20:
وعن الشهرستاني ر .الزركلي :العلم 7/83
( )12الشماخي :كتاب الديانات ،ضمن مجموعة العقيدة الكبرى .مطبعة الفجالة الجديدة القاهرة
د.ت.45-43 :تبغورين :أصول تبغورين :مرقون ملحق بأطروحة النامي .يوسف المصعبي:
شرح أصول تبغورين(موجود بمكتبتي من ص 62-1
---
( )1/87
( )1/88
فالقرآن الكريم إذا استثنيت منه ما جاء في الحكام تجد أنه تركيز لعقيدة التوحيد وما يتصل بها
ودفاع عنها في قوالب برهانية قصصية مثل مجادلة إبراهيم لقومه ( )15ومحاجته لمن حاجه بأنه
هو أيضا يحيي ويميت ( ،)16وهو أيضا يرد على اليهود والنصارى وحتى على الدهريين
( وقالوا ما هي إل حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إل الدهر )( .45الجاثية )24كما انه فيه
آيات متشابهات وفيه ما يوحي بان النسان مخير وما يوحي بان النسان مجبر (. )17
كما أن أحاديث الرسول عليه السلم تطرقت لمثل هذه القضايا وخذ لك مثالين :حديث جبريل
عليه السلم ( ، )18وأسباب نزول سورة الخلص (.)19
وإن عرف بعض المسلمين شيئا من الحيرة البناءة في هذه المرحلة فإن المسلك بقي واحدا وهو
السلم وكفى.
وما أن انقدحت الشرارة الولى -وهي مقتل عثمان ( - )20حتى وجد المسلمون مجال واسعا
للحيرة المضنية المفضية إلى الختلف فأثيرت قضية شرعية الخلفة ولذلك تلحق عادة بأصول
الدين وإن كانت إلى السياسة أقرب وصارت قضية سياسية عقائدية -ونحن نعلم أل فصل بين
الدين والدولة -وارتبطت بها قضية حكم مرتكب الكبيرة اليمان أم الكفر أم الفسق ،وتبعتها قضية
القدر (. )21
وكما نبهنا من قبل بالنسبة إلى تسمية الفرق فإن نشأة علم الكلم تتنزل في الواقع السلمي العام،
وهذا العلم هو إفرازة من إفرازات هذا الواقع المتموج ثم تندرج نحو التكامل دون أن ينفصل
انفصال كليا عن هذا الواقع التاريخي الول بصفة خاصة.
وفي هذا الظرف ظهرت بعض الوجوه يبدو أنها تقنعت بالسلم دون أن تعتقده نذكر :عبدال بن
سبأ اليهودي الصل ( )22ومعبد الجهني (ت ، )23( )699 /80وغيلن الدمشقي (ت بعد
)24( )105/723والجعد بن درهم (ت نحو . )25( )736 /118
وظهرت وجوه تصدت لهؤلء وإن لم تسلك مسلكا واحدا في هذا التصدي نذكر منها :الحسن
البصري ( ،)26( )728 -642 /110 -21وواصل بن عطاء (ت .)27( )748 /131
( )1/89
كما نذكر من المحكمة أبا بلل مرداس وجابر بن زيد وعبدال ابن إباض ونافع بن الزرق ثم
يأتي أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة (. )28
ومن العلويين :زيد بن علي زين العابدين (ت )29( )740 /122ومن ماثله ممن عرفوا بالئمة
عند المامية ( )30والجعفرية ( )31والسماعيلية (.)32
هؤلء جميعا كان لهم حظ في نشأة علم الكلم ثم طوره على يد من تنبوا أفكارهم.
وفي هذا المحيط اتضح الخلف في شأن المامة فإن قالت الشيعة إنها وقف على آل البيت وقال
أهل السنة إنها وقف على القريشيين فقد قالت المحكمة إنها من حق كل من توفرت فيه شروطها
مهما كان أصله (.)33
وفي هذا الظرف تمخضت أيضا ظاهرة الرجاء ( )34المتمثلة في مبدأ ل تضر مع اليمان
معصية فزكتها الموية أيما تزكية كما ناصرت ظاهرة الجبر ( )35القائمة على أساس أل دخل
للنسان في ما يقوم به من حركات فجاءت ردود الفعل من أصحاب العدل والحرية ( )36ردا
على الجبرية وذهبوا إلى أن النسان حر مطلقا كما قالوا بالمنزلة بين المنزلتين ومن المحكمة في
شأن الربط بين اليمان والعمل ،وتكفير العصاة تكفير نعمة ثم تكفير شرك لدى نافع بن الزرق
بعد انفصاله سنة 683 /64عن أصحابه.
ولكل هذه المواقف صلة وثيقة بالواقع السياسي ومن أبرز الوسائل التي استعملتها هذه الفرق
لتبرير مواقفها الجدل الكلمي ،وقد لمع في هذا الباب أصحاب العدل إلى أن اعتبروا أن الكلم
من خاصياتهم والباحث في أطوار البلغة العربية يلفت نظره هذا الهتمام بالبيان في المعارك
الكلمية وما يسمى بالمناظرات.
بهذا نتبين العوامل التي دفعت إلى انطلق علم الكلم في هذا الوقت المبكر ،ولعله سابق في ذلك
لكثير من العلوم السلمية الخرى .فما هي مكانة التراث الباضي في هذا الخضم يا ترى؟
=========================
( )1/90
( )13انظر :كريستوس :البوذية ، 458-375 :الزرادشتية (.374-336دراسة باللغة الفرنسية
لمجموعة من المؤلفين د.ت : ).نجد تحديدا للنشأة وزالسس لمختلف الفرق.
( )14انظر ما سبق ص ،33انظر تعدادا لفرق اليهةود وخاصة النصارى (عبد المجيد الشرفي:
الفكر السلمي في الرد على النصارى( أطروحة دكتوراه دولة نوقشت بكلية الداب بتونس ،
.)1982الباب الول . 102-11:ر .كريستوس :اليهود ،977 -841 :المسيحية .1335-982
( " )15وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والرض وليكون من الموقنين .فلما جن عليه
الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال ل أحب الفلين،فلما راى القمر بازغاقال هذا ربي فلما
أفل قال لئن لم يهدني ربي لكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي أكبر
فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والرض
حنيفا وما أنا من المشركين " 6(.النعام .)79-75
( " )16ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه ال الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي
ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن ال يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب
فبهت الذي كفر وال ل يهدي القوم الظالمين"( .2البقرة 258
( )17انظر ما يلي 424
( )18قال جابر بن زيد :بينما جالس مع أصحابه إذ أتاه آت حسن الوجه طيب الرائحة فقال:
أدنو منك يا(رسول ال رسول ال ؟ قال :نعم .فدنا فقال له ما اليمان؟ فقال عليه السلم :أن
تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر والقدر خيره وشره أنه من ال" فقال صدقت .قال:
وما السلم يا رسول ال ؟ قال :إقام الصلة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان والغتسال من
الجنابة وحج البيت من استطاع إليه سبيل" قال صدقت .ثم تغيب فإذا هو جبريل عليه السلم.
الحديث عدد -769الربيع بن حبيب .الجامع الصحيح.3/5.
( )1/91
ولفظة (في الربعين النووية عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه قال :بينما نحن عند رسول ال
ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ل يرى عليه أثر السفر ول
يعرفه منا أحد حتى جلس للنبي صلى ال عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على
فخذيه وقال :يا محمد اخبرني عن السلم فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ":السلم أن
تشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال ،وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت إن استطعت إليه سبيل .قال صدقت .فعجبنا له يسأله ويصدقه قال :فأخبرني عن اليمان
قال ":أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت.
قال :فأخبرني عن الحسان قال :أن تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .قال فأخبرني
عن الساعة قال :ما المسؤول عنها بأعلم من السائل .قال :أخبرني عن أمارتها قال :أن تلد المة
ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان ،ثم انطلق فلبث مليا ثم قال
:يا عمر أتدري من السائل؟ قلت :ال ورسوله أعلم .قال فانه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .رواه
مسلم :إيمان . 1د أبو داود :سنة .16أحمد بن حنبل . 1/319ر .ونسنك :المعجم المفهرس
3/188
( )19من ذك ما رواه الترمذي عن أبي بن كعب .وروى عبيد العطار عن ابن مسعود وأبو يعلى
عن جابر بن عبدال أن قريشا قالوا للنبي صلى ال عليه وسلم ":أنسب لنا ربك" فنزلت :قل هو
ال أحد إلى آخرها" .الترمذي :تفسير سورة الخلص 112-2 .1أحمد بن حنبل . 5/134ر.
ونسنك المعجم المفهرس 2/9ر .الطاهر ابن عاشور :التحرير والتنوير .:تونس :الدار التونسية
للنشر 30/11 .1984
( )20انظر ما سبق 35
( )21انظر ما يلي 399
( )1/92
( )22أشرنا إلى أن المصادر الباضية المتقدمة ل تذكر عبدال بن سبأ إل أن المصادر المتأخرة
تذكره وتتفق في شأنه مع كتب الفرق الخرى .انظر ما سبق 47تعليق 37
( )23معبد بن عبدال بن عويمر الجهني البصري :أول من قال بالقدر في البصرة .سمع الحديث
من ابن عباس وعمران بن حصين وغيرهما .انتقل من البصرة إلى المدينة فنشر فيها مذهبه
وعنه أخذ غيلن الدمشقي .قيل قتله الحجاج صبرا .وقيل صلبه عبد الملك بن مروان بدمشق على
القول في القدر ثم قتله .ر .الزركلي العلم 8/177
( )24غيلن بن مسلم الدمشقي( ت بعد )105/723يلقب أيضا القدري .تنسب إليه فرقة
الغيلنية .هو ثاني من تكلم في القدر .قال الشهر ستاني في الملل والنحل ":كان غيلن يقول
بالقدر خيره وشره من العبد" .أفتى الوزاعي بقتله فصلب على باب كيسان بدمشق .ر .الزركلي
العلم 5/320
( )25الجعد بن درهم(ت نحو )118/736من الموالي .مبتدع .له أخبار في الزندقة .سكن
الجزيرة الفراتية مؤدب مروان بن محمد لذلك يلقب مروان بالجعدي .قال ابن الثير ":كان مروان
يلقب بالجعدي لنه تعلم من الجعد ابن درهم مذهبه في القول بخلق القرآن والقدر( "...والقدر هنا
بمعني الجبر) ر .الزركلي العلم 2/114
( )26الحسن البصري( )728-110/642-21ر .الزركلي العلم 2/242
( )27واصل بن عطاء ( )748-131/700-80ر .الزركلي العلم9/121 :
( )28ر .ما سبق 49وما يليها.
( )29زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب( :)740-122/699-80أخذ العلم عن
واصل بن عطاء .خطيب وفقيه .ينسب إليه مجموع الفقه .إليه ينسب الزيدية من الشيعة .وكان
يجوز إمامة المفضول مع وجود الفضل .ول يكفر الصحابة .قتل بكناسة الكوفة حين خرج على
واليها يوسف بن عمرو الثقفي .ر .الزركلي العلم ،99-3/98ومحمد أبو زهرة :المام زيد
حياته وعصره ،آراؤه وفقهه .بيروت .1378/1959وعن الزيدية رEI2Tome3.P 1194 -5 .
( )1/93
( )30المامية :ضبطت مبادئهم مع جعفر الصادق (ت )148/765يقولون بعصمة المام ويرون
أن المامة تكون في ذرية الحسين ويقثولون بالتقية في حالة الخوف من السلطة الظالمة .ر.
EI2Tome3.P 1195.article.Imamat
( )31الجعفرية :إحدى فرق الشيعة .نسبة إلى جعفر الصادق ( .)765-148/699-80اشتهر
خاصة باستنباطاته الفقهية (ر.محمد جواد مغنية .فقه المام جعفر الصادق عرض واستدلل .دار
العلم للمليين بيوت ،ابريل )1965والمام جعفر معترف به من المامية والسماعيلية.
EI2Tome2.384-5et.P906
( )32السماعيلية :إحدى فرق الشيعة .نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق .وإليهم ترجع
الدولة الفاطمية.رEI2Tome3.P1196 .
( )33عن المامة وشروطها ر .فاروق عمر فوزي ":حول طبيعة المامة لدى الخوارج الباضية
في عمان "مجلة آقاق عربية .السنة الرابعة .كانون الول 1978
كوبرلي :الطروحة م 2ص 560-516وهناك تجد الحالة على جميع المصادر الباضية ر.
. EI2Tome3 -1192-98ر .النامي :الطروحة 236 :
( )34الرجاء :يسمى القائلون بالرجاء المرجئة من الفرق السلمية المتقدمة في الزمن ويذكر
ونسينك مختلف أقوال كتاب المقالت في شأن الرجاء .ومن أسس المرجئة أنه ل يضر مع
اليمان معصية وأن طاعة المام الجائر واجبة فل ثورة ول خروج ويرجون النجاة لكل المؤمنين
يوم القيامة وإن ماتوا على المعصية ولذلك سموا بأهل الوعد على عكس المعتزلة الذين سموا
بأهل الوعيد .ر .محمد الطالبي :الرجاء دراسات في تاريخ افريقية .منشورات الجامعة
التونسية المطبعة الرسميةو تونس -359 .1982رEI1tome3.784 cf 184 .
( )35الجبرية :الجبرية أو المجبرية تسمية أطلقت على إحدى الفرق السلمية من قبل خصومهم
على أساس أنهم بأن حركة النسان كحركة الشمس ل دخل للنسان فيها ،فهو مجبر .وهي الفرقة
المقابلة للقدرية أو المعتزلة التي تقوم بحرية النسان .رEI2Tome3.P .375 .
( )1/94
( )36أصحاب العدل والحرية :هذه التسمية التي يختارها من عرفهم التاريخ بالمعتزلة كما يطلق
عليهم تسمية أهل الوعيد ..EI1tome3.P cf .841-46
---
( )1/95
( )1/96
كل هذه النصوص وإن كانت متعلقة بقضية النهروان إل أن عناوينها توحي بإثارة قضايا عقدية
أخرى والدليل على ذلك رسالة أبي سفيان محبوب ابن الرحيل( )47التي وردت في كتاب كشف
الغمة وجعلها كوبرلي ملحقا بأطروحته( ، )48ومحاور الرسالة تتمثل في التعريف بعبدال بن
اباض ومن عاصرهم وأخذ عنهم واليمان بال تعالى وأسمائه وصفاته السلم واليمان
المفروضات السنن الحلل والحرام ،الولية والبراءة ،البراءة من الفرق الضالة ،الصفاتية ،
الشيعة ،الزارقة وأصناف الخوارج ،المعتزلة الجهمية ،وفي كل ذلك يذكر سبب البراءة.
ومع هذا السيل من الرسائل والمراسلت ينطلق التأليف في بلد المغرب في أصول الدين وفي
بقية العلوم السلمية.
ولعل أول ما كتب في هذا الفن في المغرب كتاب التوحيد الكبير لعيسى ابن علقمة المصري()49
ويبدو أنه رد على كتاب عبدال بن زيد الفزاري )50(.
ثم يجدر أن نذكر رسالة المام أبي اليقضان محمد بن أفلح الرستمي ()896 -854 /283 -240
في خلق القرآن (،)51ورسالة عمروس بن فتح (ت :)853 /280الدينوية الصافية ،وهي رسالة
تحليلية( )52أبرزت ثلث نقط أساسية:
-موقف الباضية من المؤمنين والمشركين والمنافقين.
-مواطن الخلف بين الفرق :المرجئة ،الصفرية ،المعتزلة ،أهل الحديث ،مع ذكر الدلة
باختصار.
-تحليل مال يسع جهله طرفة عين وما يسع جهله من اليمان والعمل حتى يحل وقته.
=============
( )37النامي :الطروحة ،كوبرلي :الطروحة.
( )1/97
( )38أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة(نحو .)145/762تميمي بالولء .اخذ العلم عن جابر بن
زيد وجعفر السماك وصحار العبدي ،وإليه انتهت رئاسة الباضية بعد موت جابر ،وباشارته
اسس الباضية في كل من المغرب وحضرموت دول مستقلة ،وتخرج على يديه رجال من
مختلف البلد السلمية انذاك عرفوا بـ"حملة العلم" وعن طريقهم انتشر المذهب الباضي وفقهه
في مختلف البلد السلمية ،توفي أبو عبيدة نحو سنة .145/762ر .الدرجيني :الطبقات
،2/238الشماخي :السير ،83الزركلي :العلم 8/120ابن خلفون ،تعليق النامي120 .
( )39الربيع بن حبيب بن عمرو الزدي الفراهيدي البصري ( حوالي -75حوالي -170/694
.)786ولد أبو عمرو الربيع بن حبيب باحدى قرى السهل الساحلي (بودام) من الباطنة في عمان.
والراجح أن ولدته كانت حوالي( )75/694إذ ادرك المام جابر بن زيد وروى عنه .رحل إلى
البصرة لطلب العلم وفيها اخذ عن المام جابر ابن زيد( )711 -93/710وتتلمذ خاصة على
المام أبي عبيدة مسلم ابن ابي كريمة( )145/762وعدة من شيوخ الباضية بالبصرة .ثم تولى
إمامة مروية(الباضية هنالك بعد وفاة شيخه أبي عبيدة .وقد اعتنى بجمع اجاديث رسول ال عن
أبي عبيدة جابر بن زيد عن جمع من الصحابة ابرزهم عبدال بن عباس(3ق هـ -68/619 -
)687في كتاب يعتبره الباضية عمدتهم في الحديث.
وفد رتبه أبو يعقوب الوارجلني(ق )6/12وشرحه أبو عبدال محمد ابن عمر ابن ابي ستة شهر
المحشي(ق )11/17واشتهر شرحه بحاشية الترتيب وقد طبعته ورزارة التراث بسلطنة عمان في
8أجزاء ( )1984 -1982بدون تحقيق .وقد طبع من قبل طبعة حجرية بزنجبار لم اطلع عليها،
كما شرحه عبدال السالمي في 4أجزاء وقد أعاد حفيدا المؤلف سليمان واحمد طبع الجزء الول
والثاني بمطبعة العالية بسلطنة عمان د.ت.
( )1/98
وحقق الجزء الثالث منه عز الدين التنوخي ،وطبع أيضا على نفقة حفيدي المؤلف سليمان وأحمد
بالمطبعة العمومية دمشق( )1383/1963ولم يطبع الجزء الرابع في ما نعلم .وقد طبع الصل
بعنوان الجامع الصحيح مسند الربيع ابن حبيب عدة طبعات ويتضمن 1005من الحاديث .نذكر
منها الطبعة الثانية بالمطبعة السلفية بالقاهرة 1349بتحقيق من إسحاق إبراهيم اطفيش أحد علماء
الباضية المعاصرين(.)1386/1966
وإلى جانب نشاطه العلمي بالبصرة لقد كانت له مراسلت مع إباضية المغرب زمن الدولة
الرستمية .والراجح أن وفاته كانت حوالي سنة .170/786ر .الدرجيني :الطبقات 2/273 :ر.
الشماخي :السير. 102 :ر .عمرو مسعود أبو القاسم :الربيع بن حبيب محدثا ،رسالة ماجستير
قدمت بجامعة الفاتح بكلية التربية قسم اللغة العربية والدراسات السلمية بإشراف الستاذ عمرو
التومي الشيباني سنة .1983وتتضمن 282صفحة مرقونة من الحجم الكبير وقد أهداها لي
صاحبها مشكورا .وبها نجد الحالت على مختلف المراجع.
( )40أبو غانم بشر بن غانم الخراساني :درس بالبصرة وأخذ عن تلميذ أبي عبيدة (ق )2/8
وعنهم دون كتبه وأهمها المدونة التي دون فيها أقوال تلميذ أبي عبيدة في الفقه ورواياتهم
واختلفهم .وقد رحل في أواخر القرن الثاني الهجري إلى تاهرت مارا بجبل نفوسة ورويت عنه
المدونة في تاهرت ونسخت في جبل نفوسة ،نسخها عمروس بن فتح .ر .الدرجيني :الطبقات
،2/323ر .الشماخي :السير .228ر .ابن خلفون المزاتي :أجوبة ابن خلفون ،تحقيق عمرو خليفة
النامي .دار الفتح بيروت ط 1394/1974:111
( )41ر .البرادي :الجوهر ،167 -156:الزكوي :كشف الغمة ،انظر إحالة عمار الطالبي :آراء
الخوارج الكلمية 197:تعليق ،3ورقة ،293عرف بها سخاو في مجلة الدراسات الشرقية ر.
كوبرلي :الطروحة 38 -1/31
( )42ر .الدرجيني :الطبقات .267 -2/266.
( )1/99
( )43ر .قضية عبدال بن عبد العزيز /وأبي المؤرخ ،وشعيب ،وحمزة الكوفي ،ورفضهم من
مجلس أبي عبيدة ثم مجلس الربيع .ر .الدرجيني :الطبقات 2/233و 241و ،258الشماخي:
السير 120، 105 ،97،،81
-عبدال بن عبد العزيز البصري(ق )2/8من تلميذ أبي عبيدة مسلم كان فقيها مفتيا ،وكان
مغرما بالقياس في آرائه الفقهية وفتاوه مما جعل علماء الباضية يعرضون عن كثير من آرائه.
وأما روايته فهي مقبولة عندهم وقد تابعه النكار في الفقه بعد خلفهم مع المام عبد الوهاب ،وهو
ممن روى عنهم أبو غانم الخراساني مدونته ،ومن كتبه الموجودة حاليا كتاب" نكاح الشغار" رواه
عن أستاذيه أبي عبيدة مسلم ،وأبي نوح صالح بن نوح الدهان .ر .ابن خلفون :أجوبة ابن خلفون
ص .108 -107الترجمة للمحقق.
-أبو المؤرخ عمرو بن محمد (ق )2/8من أهل "قدم" من اليمن أخذ العلم عن أبي عبيدة مسلم.
وهو ممن روى عنهم أبو غانم في كتبه .وله مسائل خالف فيها أئمة الباضية وقدم إلى عمان
فرجع إلى الحق" .وهو من طبقة الربيع بن حبيب .ر .ابن خلفون :أجوبة ابن خلفون.110 :
الترجمة للمحقق.
-شعيب بن المعروف أبو المعروف(ق )2/8من طبقة الربيع بن حبيب ،ويظهر أن موطنه مصر
أو أنه أقام فيها فترة من الزمان وكان بها عند وقوع الخلف بالمغرب على إمامة عبد الوهاب،
فرحل إلى تاهرت وعاضد النكار ،ثم رجع إلى طرابلس بعد هزيمة يزيد بن فندين ،وواصل
معارضته للمام عبد الوهاب ،وبسبب ذلك خلعه الربيع وبقية أئمة المذهب وأعلنوا البراءة منه.ر.
الدرجيني :الطبقات ،2/274الشماخي :السير . 119 :ر .ابن خلفون :أجوبة ابن خلفون113:
( )1/100
-حمزة الكوفي(ق )2/8تأثر بغيلن الدمشقي في القدر .أقحم هذا الجدل في حلقات أبي عبيدة
مسلم فرأت الجماعة الباضية في البصرة البراءة منه بعد مناظرات ومحاولت للصلح .وأعاد
نفس القضية زمن الربيع وظل ينادي لفكرته فتبرأ منه الربيع كذلك.ر .الدرجيني :الطبقات
،2/241ر .الشماخي :السير 85و 120
( )44خ البارونية في أصول الفقه .وكتاب العدل والنصاف لبي يعقوب الوارجلني.
( )45وعن حاجب :انظر ما يلي 418تعليق 54
( )46النامي :الطروحة .10عن مخطوطة البرادي كتاب البحث الصادق 1/26
-ـ محمد بن محبوب بن الرحيل(3محرم 29 /260أكتوبر :)873أبو عبدال محمد بن محبوب
بن الرحيل بن هبيرة القرشي .كان رأس علماء الباضية بعد أبيه أبي سفيان .وكانت إقامته بمكة.
وبها التقى بعمروس بن فتح فكان لقاء علميا حافل بالتثبيت في دقائق الشريعة ،ثم انتقل إلى عمان
فتصدى لنشر العلم وينسب إليه من الكتب" سيرته إلى أهل المغرب" (مختصرة مخطوطة وكتاب
في الفقه في سبعين جزء) وقد كان علماء جربة يتدارسونه في القرن الرابع /العاشر.
توفي بعمان في صحار يوم الجمعة 3محرم 260/29أكتوبر .873ر .الدرجيني :الطبقات
،357 -323الشماخي :السير ،227ابن خلفون :أجوبة ابن خلفون .112 :وقد اشار المحقق إلى
أن سيرته وردت عن ابن مداد " صفة نسب العلماء وموتهم وبلدانهم"(خ) 46.ر .أحمد بن عبدال
الرقيشي :مصباح الظلم (خ) القطعة الخامسة58:
( )1/101
( )47أبو سفيان محبوب بن الرحيل ،النصف الثاني من القرن /2النصف الثاني من القرن 8
وبداية القرن التاسع ميلدي .أخذ عن أبي عبيدة مسلم والربيع ابن حبيب ،وكانت والدته تحت
الربيع بن حبيب .كان حجة في السيرة ل يكاد يشذ عنه شيء من سيرة الرسول عليه السلم ول
سير المسلمين من بعده .وهو ممن دون أخبار أهل الدعوة .وروى عنه أبو غانم الخراساني في
مدونته .وقد أورد الدرجيني نص النصيحة إلى عبدال بن يحيى طالب الحق .وجل أخبار
المشارقة من الباضية مروية عنه في كتب الطبقات والسير .ر .الدرجيني :الطبقات -2/278
،290ر .الشماخي :السير 119 -117ر .ابن خلفون :أجوبة ابن خلفون .116:التعريف
للمحقق.
( )48ر .كوبرلي :الطروحة 22 -3/16في الملحق.
( )49عيسى بن علقمة المصري(ق )3/9يقول عنه الشماخي ":كان من متكلمي الباضية وحذاق
علمائها" .ويذكر أبو عمار عبد الكافي في كتاب شرح الجهالت أن له مؤلفا بعنوان" كتاب
التوحيد الكبير" وفيه عارض من قال إن أسماء ال مخلوقة وصفاته محدثة .ر .كتاب شرح
الجهالت البارونية 159 :ر .الشماخي :السير 122
( )50عبد ال بن يزيد الفزاري(ق )3/9كان يعيش بالكوفة بين ق 2و 8/ 3و .9وقد ذكره ابن
حزم في الملل والنحل المطبعة الدبية مصر 1317دار الفكر 2/112حيث يقول ":وأقرب فرق
الخوارج إلى أهل السنة أصحاب عبدال بن يزيد الباضي الفزاري الكوفي" .لقد كان خرازا.
ويقول النامي إنه عثر على كتاب له بزوارة بليبيا عنوانه " كتاب الردود" ر .النامي :الطروحة
:ص 263
( )51لبجواهر ص .182انظر ما يلي 353تعليق 30للتعريف بأبي اليقظان
( )1/102
( )52خ البارونية .وعمروس بن فتح هو من علماء نفوسة .تقول كتب السير إنه تعلم بالمغرب
عشرين سنة " قصد بلد الجريد حاليا" .تصدى بغزارة علمه مع أبي مهدي النفوسي لراء نفاث
المخالفة .أودع أبو غانم نسخة من المدونة عنده عند رحلته إلى تاهرت فنسخها ،وعنها نسخت
بقية النسخ بالمغرب لن النسخة التي أودعت في تاهرت أحرقت مع ما أحرق من الكتب عند
هجوم الشيعة .تولى القضاء لوالي المام عبد الوهاب وهو أبو منصور إلياس ،وكان حازما في
أمره ،أسندت إليه عدة مؤلفات لم يصلنا منها إل كتاب" الدينوية الصافية" خ البارونية.28 .10 .
21x 16صم وقتله الغالبة صبرا عندما انتصروا على الباضية في واقعة مانو سنة (/283
.)896رحل إلى مكة وبها التقى بمحمد بن محبوب عالم عمان آنذاك فاستفاد كل منهما من
تجربة الخر .ر .الدرجيني :الطبقات 325 -2/320
---
( )1/103
( )1/104
وقد عرف هذا القرن سيطرة المد الشيعي مع الفاطميين بالمغرب ثم بالمشرق وقد كانت
المناظرات على أشدها في بلط الفاطميين يترأسها أحد الئمة مع القاضي النعمان (ت 363
،)62( )974وقد اضطر الى اللتحاق ببلط المعز لدين ال الفاطمي (-953 /362 -331
)63( )973عالمان من علماء الكلم عند الباضية وهما أبو نوح سعيد بن زنغيل (ق ()10 /4
)64وأبو خزر يغل بن زلتاف (ت )65()990 /380وتنوه كتب السير ببراعتهما في المناظرة
مما دفع المعز إلى الحرص على اصطحابهما الى القاهرة إل أنه لم يرافقه إل أبو خزر .ولبي
نوح كتاب في علم الكلم وصفه البرادي في كتاب شفاء الحائم وبين أنه حدد مال يسع جهله ودلل
على استحالة الرؤية وبين أن الستطاعة مع الفعل كما بين أن القرآن مخلوق إل أنه هذا الكتاب
ما يزال مفقودا(. )66
ولبي خزر كتاب عرف باسم كتاب أبى خزر وهو جواب على أسئلة وجهها إليه بعض شيوخ
الباضية وقد حققها عمرو النامي ومحورها الرد على المخالفين في المسائل التالية :مسألة أسماء
ال تعالى ،هل السم هو المسمى أو غيره؟ هل هي مخلوقة؟ مسألة الوقوف وهي متصلة بالولية
والبراءة تحديد مال يسع جهله قضية العباد والرد على المعتزلة مسألتي الستطاعة والرادة
مناقشة المرجئة والخوارج في قضية اليمان(. )67
ثم ما أن أحس علماء الباضية بعجزهم عن بعث دولة من جديد حتى فكروا في ما يعوض ذلك
في عصر الكتمان فوجدوا خير أسوة في سيرة أبي عبيدة مسلم في البصرة فكونوا نظام الحلقة
الذي اشتهر بنظام العزابة ،وأرسى أبو عبدال محمد بن بكر قواعد هذا النظام( )68فآتى أكله بعد
حين في باب الصول فبرزت في النصف الثاني من القرن الخامس هـ /الحادي عشر م
المؤلفات التالية:
)1كتاب التحف المخزونة في إجماع الصول الشرعية ومعانيها مفصل بابا بابا لبي الربيع
سليمان بن يخلف المزاتي (.)69( )1078 /471
( )1/105
)2كتاب مسائل التوحيد لبي العباس احمد بن بكر (.)70( )1110 /504
)3كتاب تبغورين بن عيسى الملشوطي (:)71( )12 /6
ــ أصول الدين(.)72
ــ كتاب الجهالت (. )73
)4عقيدة نفوسة ،لبي زكرياء يحيى الجناوني ( ،)74والقسم الول من كتاب مختصر الوضع في
الصول والفقه(.)75
إن هذه النصوص تعالج جميع قضايا الصول وبدأت تتخلص من قضية الردود لتقر أصول
الباضية دون أن تعتمد على كثرة الستدلل المهم أن ترسخ هذه الصول في الذهان -مثل
عقيدة نفوسة -وإن جنح تبغورين في كتاب أصول الدين الى مناقشة كل الفرق في الصول
التسعة لبراز اعتدال مواقف الباضية أما كتاب الجهالت فهو كتاب مختصر تعليمي يعلم
النسان كيف يجيب عن جميع السئلة المحتملة في أصول الدين.
وإن تمخض المحيط الباضي عن مثل هذا النتاج الذي يوحي بأن مؤلفات الشعري لم تسر بعد
إلى هذه الوساط فإن هذا القرن عرف امتدادا واضحا في الوساط الشعرية لفكر الشعري
خاصة بعد البغدادي والبلقاني ( )76()1013 -950 /403 -338والسفراييني (ت /471
. )77()1078
كما تأصل تيار آخر كاد يبقى منسيا لول ابن حزم الندلسي ()78()1064 -994 /456 -384
أل وهو المذهب الظاهري أما التيار الماتريدي فقد بقي مغمورا وكانت الغلبة للتيار الشعري إل
أن التيار العتزالي قد عرف نضجا جليا مع مؤلفات القاضي عبد الجبار(.)79( )1025 /415
================
( )53انظر ما يلي 414تعليق 42
( )54عمرو بن عبيد .ر .الزركلي :العلم 5/252انظر ما يلي 416تعليق 45
( )55النظام :إبراهيم بن سيار .ر .الزركلي :العلم 1/36
( )56أحمد بن محمد بن حنبل ر .الزركلي :العلم 1/192
( )57عبدال بن هارون :المأمون العباسي .ر .الزركلي :العلم 4/278
( )58انظر ما يلي 349
( )1/106
( )59قال ابن أبي زيد القيرواني(ت ":)386/996رحم ال بني أمية لم يكن فيهم قط خليفة ابتدع
في السلم بدعة ,وكان اكثر عمالهم وولتهم العرب ،فلما زالت الخلفة عنهم ودارت إلى بني
العباس قامت دولتهم بالفرس وكانت الرئاسة فيهم فاحدثوا في السلم الحوادث التي تؤدي بهلك
السلم ...ولكنهم قد ثلموه وعوروا أركانه...
فأول الحوادث التي أحدثوها إخراج الكتب اليونانية إلى أرض السلم ..ثم يروي سبب خروجها
من بلد الروم وخشيتهم منها لن من يقرأها يترك النصرانية ويتحول إلى دين اليونانية فأخفوها
وبنوا عليها حتى ل يتوصل إليها ولما طلبها منهم يحيى بن خالد البرمكي( )190/805قرر مجلس
البطارقة الستراحة منها ورمي المسلمين بها لتفريق كلمتهم".
ويقرر ابن أبي زيد في النهاية أنه قل من أمعن النظر فيها وسلم من الزندقة ر .السيوطي :صون
المنطلق والكلم .علق عليه علي سامي النشار ط .دار الكتب العلمية .بيروت د.ت 8 -6 :
( )60المتوكل :جعفر بن محمد .ر .الزركلي :العلم 2/122
( )61الماتريدي :محمد ر .الزركلي :العلم .7/272ر .بلقاسم ابن حسن :آراء ابي منصور
الماتريدي الكلمية ،حلقة ثالثة نوقشت بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين .1402/1982
مرقونة 425ص.
( )62القاضي النعمان.ر .الزركلي :العلم 9/8
( )63المعز لدين ال الفاطمي .ر .حسن حسني عبد الوهاب :خلصة تاريخ تونس 10:والتاريخ
المذكور هو تاريخ خلفته بافريقية.
( )64أبو نوح سعيد بن زنغيل :من علماء النصف الثاني ق 10/ 4أصله من بلد الجريد .قام
على ابن تميم الفاطمي إثر مقتل أبي القاسم يزيد بن مخلد ثم وقع التصالح معه بعد انهزام
الباضية وذلك بعد أن فر زمنا واختفى بوارجلن حيث أكرمه أهلها.
( )1/107
كانت له براعة في علم الكلم وهو يقول عن نفسه " ناظرت عن هذه النحلة بين يدي أبي
تميم(الشيعي) وأبي منصور(الصنهاجي) وأبي الخطاب( عامل زويلة) وسائر الفرق ولم يبق
مذهب إل غلبته" .وتذكر المصادر أنه كتب في هذا الفن لكن لم نعثر على شيء من ذلك إلى الن
.ر .الدرجيني :الطبقات 2/353وصفحات أخرى .ر .الشماخي :السير(مشائخ المغرب) أطروحة
مرحلة ثالثة نوقشت بكلية الداب بتونس سنة 1979في 3مجلدات. 663 -3/662 .ر .أبو
يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط .البارونية :3/5مسألة أبي نوح مع أبي تميم الفاطمي"
الصنعة دليل على أن لها صانعا".
( )65أبو خرز يغل بن زلتاف( )380/990من بني واسين .سكن الحامة مع أبي القاسم يزيد بن
مخلد حيث تعلما هناك الصول على سحنون بن أيوب وتزوج الغاية .حاصر عامل أبي تميم
الفاطمي في باغاي 358/967اثر مقتل أبي القاسم يزيد بن مخلد ،وانهزم أبو خرز في هذه
المعركة .ثم تم الصلح بينه وبين أبي تميم سنة .359/970وتحول معه إلى القاهرة حيث توفي
سنة .380/990عدة أبو يعقوب الوارجلني ضمن الئمة العشرة الذين انفردوا بآراء في علم
الكلم .وقد استقر بمصر وبها توفي وقد حقق النامي رسالته التي جاءت بعنوان" في الرد على
جميع المخالفين" وما تزال مرقونة .ر :الدرجيني :الطبقات . 2/340ر .الشماخي :السير . 346
ر .محمد حسن :تحقيق سير الشماخي م 587 -3/586ر .إسماعيل الجيطالي :قواعد السلم
1/13تعليق .2
( )66انظر :النامي :الطروحة ،288:تعليق 259
( )67وهذا تلخيص أبي خرز لرسالته مع عرض منهجه:
( )1/108
" فقد ذكرنا ما اعتلت به المعتزلة ،فأخذ أصحابنا بأوسط القاويل وأعدلها وأصوبها مما وافق
كتاب والقياس الذي ل يقدر مبطل على نقضه فنفينا عن ال التشبيه(ال وسنة نبيه محمد فأثبتناه
حيا فاعل واحدا ليس كمثله شيء ول يشبه شيء ،وأبطلنا حجة المشبهة ,وأبطلنا ما اعتل به جهم
وما اعتلت به المعتزلة من تثبيت جهم القدرة ل حتى ألزمه الجور ،ونفى المعتزلة الجور عن ال
حتى نفوا عنه القدرة على اكثر الشياء ومن ل يقدر على شيء فهو عاجز عنه ،ومن يعذب من
لم يظلم فهو جائر ظالم "...كتاب أبي خرز في الرد على جميع المخالفين ص .75مرقون
بمكتبتي
( )68انظر كتابنا :نظام العزابة ،المطبعة العصرية .1975
( )69هو ثمرة دروس ألقاها أبو الربيع في مدرسة الجامع الكبير بجربة .انظر كتابنا :نظام
العزابة ص 187
أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي القابسي (ت :)471/1078نشأ بتمولست ثم درس على
الشيخ أبي عبدال محمد بن بكر( )440/1048في أريغ فكان من أبرز تلميذه ثم انتقل إلى جربة
حيث تعلم الفقه على أبي محمد ويسلن وعلم بها أصول الدين .طكان كثير التنقل مع تلمذته.
توفي في تونين سنة 471/1078ر .الدرجيني :الطبقات ،1/191 :الشماخي :السير 412/414
وأما كتاب المخزونة في إجماع الصول الشرعية ومعانيها فقد قسمه صاحبه إلى جزأين ،وقد
عالج في الجزء الول القضايا التالية :ما يسمع الناس جهله ،الولية والبراءة والمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وفي صلبها بين حقيقة اليمان والكفر وعالج قضية خلق القرآن كما خصص
فصل سماه "الديانات" اختصر فيه اسس العقيدة الباضية( وسيعود عامر الشماخي إلى هذا
المنهج .انظر ما يلي 121
( )1/109
أما الجزء الثاني فقد جاء أكثر تجريدا ومن أهم أبوابه :باب في الحكمة وال حكيم لذاته وبذاته
وفي ذاته ،وباب ما الصفات التي هي الموصوف بها ليس ثم معنى غير عينه .باب في التوحيد
ونفي الشياء والمساواة عن ال عز ذكره ،باب كان ولم يكن ويكون ول يكون وقد كان وسيكون.
وختمه ببحث عن أسماء ال وصفاته.
والملحظ أن أبا الربيع جمع في هذا الكتاب بين أصول الدين وأصول الفقه غل أن الغالب عليه
هو طابع أصول الدين .كما أن المنهج لم يكن موحدا في كامل الكتابي إذ يختصر أحيانا ويحلل
أحيانا أخرى .أما النزعة التعليمية فواضحة إذ نعلم أن منطلق هذا الكتاب دروس كان يلقيها
المؤلف في جربة .ومهما يكن من أمر يبقى الكتاب رصيدا مهما في تراث الباضية لن كل من
أتوا بعده يكثرون من الحالة عليه وينوهون بفضله.
والكتاب خ البارونية عدد صفحاته 110من الحجم المتوسط وبكل صفحة 24سطرا وقد نسخ
بتاريخ 1269/1853دون أن يذكر اسم الناسخ.
( )70أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر( )504/1110أصل أسرته من نفوسة من فرسطا .اخذ
العلم عن أبيه أبي عبدال محمد بن بكر( )400/1048وكان من أهم تلميذه .سكن وادي أريغ ثم
تحول إلى تمولست في الجنوب التونسي وبها صنف كتبه وهي خمسة وعشرون .يهمنا منها
رسالته في التوحيد خ موجود بالبارونية الحشان جربة .ثم رجع إلى وادي أريغ ثم إلى تماوط
(وارجلن) وكانت وفاته بوادي أريغ سنة . 504/1110ر .الدرجيني :الطبقات ،2/442
الشماخي :السير 423 :ر .محمد حسن :تحقيق سير الشماخي .3/614
هذا المؤلف أما كتاب مسائل التوحيد فعنوانه الكامل معبر عن فحواه وهو ":مسائل التوحيد مما ل
يسع الناس جهله وغير ذلك من مسائل الكلم" ويقسم ما ل يسع جهله إلى قسمين:
)1ما بينه وبين الناس :وذلك مثل القرار بالشهادة وما يتبعها حتى تجري عليه أحكام المسلمين.
( )1/110
)2ما بينه وبين ال :ويتمثل في القرار والضمار وعلم الجملة كذلك أشار إلى ما ينبغي أن
يعرف عن النبياء وعن الخرة.
كما أفرد فصول طويلة في قضية الولية والبراءة ولم يغفل عن مسالك الدين والمامة معتبرا
إياها قسما من اقسام أصول الدين.
أما منهج الكتاب فيغلب عليه الختصار إذ يكتفي صاحبه بذكر مواقف الباضية من القضايا
المطروحة دون عرض أدلتها إل أنه يسند بعض المواقف التي تبدو له شائكة إلى مشائخ
الباضية .والكتاب خ بالبارونية عدد صفحاته 26وبكل صفحة 27سطرا.
( )71تبغورين بن عيسى الملشوطي( النصف الول من ق :)6/12من ملشوطة (يبدو أنه في
أريغ) سكن آجلو .اخذ العلم عن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي( )471/1078وعن الشيخ
عبدال اللنتي .وكان كما قال الشماخي ":أعظم الناس قدرا واكثرهم علما وأشدهم عمل"..
ومن تأليفه :كتاب أصول الدين حققه النامي ملحقا باطروحته( مرقون بمكتبتي الخاصة) وينسب
إليه كتاب الجهالت ،ويبدو أنه اشترك في تأليفه عدد من الشيوخ .ر .الشماخي :السير -432
كوبرلي :الطروحة ص -116 -115محمد حسن -تحقيق سير الشماخي -3/577إسماعيل
الجيطالي :قواعد السلم 1/90تعليق عدد 1
( )72حققه النامي ملحقا باطروحته عدد 2انظر ما يلي 140تعليق 62
( )73ينسب إلى غير تبغورين .يذكر الوسياني أنه لبي إسماعيل إبراهيم بن ملل ويذكر أبو
عمار أنه لعدة مشائخ انظر ما يلي 155انظر :النامي :الطروحة.292 -291 :
( )74كوبرلي :الطروحة ،عقيدة نفوسة ملحق بالطروحة 16 -3/1أبو زكريا يحي الجناوني (
ق )5/11من قرية آجناون بجبل نفوسة اخذ عن أبي الربيع سليمان ابن أبي هارون وبه تمر نسبة
الدين عند الباضية .نذكر من مؤلفاته كتاب الوضع ،مختصر في الصول والفقه ط حققه أبو
إسحاق إبراهيم اطفيش( انظر ما يلي 146والقسم الول منه في أصول الدين وقد صيغ في
اسلوب أدبي طريف وعرض عرضا منهجيا متناسقا.
( )1/111
وعقيدة نفوسة :وهو مختصر تعليمي ليس في نفس الجودة السلوبية وكتاب الوضع ر .الشماخي:
السير ،535كوبرلي الطروحة 1/76وقد أحال على كثير من المراجع الجنبية إذ نعلم أن
روبناتشي اليطالي قد ترجم عقيدة نفوسة cf.A.I.U.O.N,NS.XVI )1964(,533 -595.
ر .محمد حسن :تحقيق سير الشماخي 3/598
( )75أبو زكرياء يحيى الجناوني :مختصر الوضع تحقيق أبي إسحاق اطفيش ط من ص -17
37أنظر ما يلي146 :
ويرجع كوبرلي أن العقيدة التي كتبت بالبربرية وترجمها ابن جميع في القرن الثامن ترجع إلى
هذا القرن .ر .الطروحة .1/80
( )76الباقلني :ر .الزركلي -العلم 7/46
( )77السفراييني(ت )471/1078ر .تحقيق كمال يوسف الحوت لكتاب " التبصير في الدين" ط
بيروت 9 :1403/1983
( )78ابن حزم ر .الزركلي :العلم 5/53
( )79القاضي عبد الجبار :ر .الزركلي 4/47
---
( )1/112
ويمكن أن نعتبر أن مؤلفات أبي يعقوب مكملة ومركزة لما جاء عند أبي عمار ذاك أنه حدد في
الجزء الول من كتابه جميع مسائل الخلف مع الشاعرة وركز حجج الباضية في هذه المسائل
كما أنه حدد ما يسع جهله ومال يسع جهله وما بين علماء الباضية من فويرقات في هذا الشأن
وحرص على ضبط أقسام العلوم في الجزء الثاني مع العتناء بعلمي المنطق والحساب ،وقد
ساعدته رحلته العديدة على استغلل ملحظاته في علم الكلم .أما الجزء الثالث من كتاب الدليل
والبرهان فقد جاء متنوعا يحكى ما في البيئة الباضية من غليان فكري ،ذاك أنه أجوبة عن
رسائل وجهت في الصل لبى عمار عبد الكافي فلما أدركته المنية تولى أبو يعقوب الجابة عنها
بما يشفي الغليل في الرد على مختلف الفرق سواء المتأصلة أو المنشقة عن الباضية مثل النكار.
أما كتاب السؤالت فقد أجاب صاحبه عن خمسة وتسعين سؤال في جميع مسائل الصول ،وهو
ثروة فكرية عملية تمكن الباضية من الستعداد للجابة عن أية قضية من القضايا التي كانت
تطرح في حلقات المناظرات في ذلكم المحيط الذي تتعايش فيه جميع الفرق دون أن تجد أية
مضايقة.
فواضح إذن تعايش التراث الباضي مع سائر التراث السلمي خاصة ومع التراث العالمي
تعايشا قويا بناء مستقل برأيه ،معتدا بذلك الرأي فل يتردد أبو يعقوب مثل اعتماد فكر الغزالي
في علم المكاشفة( )85وفي الثناء على رسائل إخوان الصفاء مع عرض فحواه()86ا إل أننا لم
نجد إشارة إلى علماء آخرين برزوا في القرن ( )11/ 5مثل ابن عبد البر (-978 /463 -368
)87()1071وفي القرن ( )12 /6مثل الشهرستاني ( )1153 -1086 /548 -479ذلك لن فكر
الشعري بقي طاغيا.
( )1/114
ولئن استمر الفكر الشعري في قوته على يد المتكلمين أمثال البيضاوي (ت )88()1143 /685
والتفتازاني ( )89()1390 -1312/ 793 -712واليجي ( )90()1355 /756فإن مسح
الميورقي لسدراته واستئصال الباضية من منطقة الجريد أدى إلى تراجع واضح ،واهتم هؤلء
بسيرهم وكان ذلك على يد الدرجيني في طباقته (في القرن السابع هـ /الثالث عشر م) لكنهم لم
يسكتوا عن أصولهم فانبرى أبو نصر فتح بن نوح الملوشائي (ق )91()23 /7وهو يشكو من
تفريط الناس في علم الصول( :طويل).
فوضع نونية في اثنتين وثمانين ومائة بيت جمع فيها أصول الدين فذاع صيتها في
ما بعد حتى صارت بمثابة النشيد الرسمي تحفظ وتنشد في عدة مناسبات.
ثم شرحها الجيطالي (ت )92( )1349 /750في مجلدين نهج فيهما منهجا تحليليا استدلليا مقارنا
ل يخلو من نزعة دفاعية وقد كتب عقيدة مختصرة عرفت باسمه وأفرد قنطرة من قناطر كتابه
الموسوم ط بقناطر الخيرات" لصول الدين بين أنه عمد فيها إلى الختصار بناء على توسعه في
ذلك في شرح النونية ول ينبغي أن نغفل عن الباب الول من أبواب كتابه قواعد السلم فهو
أيضا عرض دقيق لقضايا التوحيد.
أما عامر الشماخي ()93( )1390 /792أبرز فقهاء الباضية فإنه لم يغفل هذا الباب بل اكتنزه
في رسالة موجزة عرفت بالديانات بين فيها موقف الباضية من القضايا الصولية التسع مفتتحا
كل قضية بقوله ندين ويشفع هذا بترجمة ابن جميع (ق )94()14 /8لنص العقيدة الذي ألف
بالبربرية في القرن الخامس هـ /الحادي عشر ميلدي فيما يبدو فصار العمدة في العقيدة وهو
أول ما يحفظ في جربة ووادي ميزاب إلى جانب القرآن الكريم والحديث الشريف.
( )1/115
ثم يسطع نجم البرادي فيمل القرن التاسع هـ /الخامس عشر م( )95برسالة الحقائق عرف فيها
المعنى الصطلحي لهم المفاهيم الصولية وأظهر براعته في هذا الفن وإلمامه به في شرحه
للدعائم المسمى " شفاء الحائم على الدعائم" وقد استوفى فيه ما يتعلق بأصول الدين متبعا في ذلك
منهجا تحليليا مقارنا مستفيدا من كل وصله من نصوص إباضية وغير إباضية.
بعد أن ألممنا بتراث القرون التي هيأت للمرحلة التي تعنينا أكثر ،فلنقف عند المؤلفات الصولية
في هذه المرحلة تفصيل.
==================
( )80انظر الخريطة 837
( )81أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي(ق )6/12من وادي سوف ولد (قبل )471/1078لنه
حضر مجالس أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي وهو كثير الرواية عن أبي زكرياء يحي ابن
أبي بكر(ق )12 -6/11 -5صاحب كتاب السيرة وأخبار الئمة ،وكذلك عن أبي العباس أحمد
ابن أبي بكر .رحل إلى وارجلن وإلى بلد الجريد وإلى طرابلس.
من مؤلفاته :كتاب السؤالت وهو كتاب جامع لقضايا أصولية ولغوية وتاريخية خاصة في سير
الباضية وقد نسب الكتاب لغيره أيضا ،والحقيقة أنه كتاب تداولت عديد من اليدي على وضعه
وتوجد منه عدة نسخ في مكتبات الباضية بجربة ووادي ميزاب ونفوسة.خ مكتبة بوشداخ فاتو
عدد صفحاتها 277بكل صفحة 24سطرا نسخت سنة 1184وناسخها عبدال النفوسي.
رسالة مختصر .في فرق الباضية ط في الجزائر ضمن مجموعة د.ت
ر .الدرجيني :الطبقات ،483 -2/428الشماخي :السير 441 -440و 529-524ر .عمرو
خليفة النامي :ملمح عن الحركة العلمية بوارجلن ونواحيها .مجلة الصالة الجزائر عدد
42/42ص ،6صفر -ربيع الول (/1397فيفري -مارس 1977
ر .محمد حسنك تحقيق سير الشماخي 634/3
( )1/116
( )82أبو عمار عبد الكافي ابن أبي يعقوب التناوتي (ت قبل )570/1174ولد بناوت إحدى قرى
وارجلن وبها نشأ نشأته الولى ،ثم ارتحل إلى تونس في عهد الموحدين فجد في طلب العلم،
واستقر بعد ذلك في وارجلن وتفرغ للتأليف والتدريس والفتوى.
والقرن السادس هـ /الثاني عشر م يعتبر من ازهى عصور الباضية من حيث النتاج الفكري.
وبها توفي قبل أبي يعقوب الوارجلني إذ تولى هذا الخير الجابة عن رسائل وردت على أبي
عمار.
ابرز مؤلفاته :الموجز في علم الكلم .حققه عمار الطالبي وط بالجزائر ،1398/1978شرح
كتاب الجهالت المنسوب لتبغورين بن عيسى المسلوطي خ بالبارونية(انظر ما يلي 155تعليق
96
ر .الدرجيني :الطبقات ،2/485الشماخي :السير ،441عمار الطالبيك آراء الخزارج الكلمية
،1/215علي يحي معمر :الباضية في الجزائر215 :
( )83أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني المتوفي( )570/1174ولد بمدينة وارجلن جنوب
شرقي الجزائر وإليها ينسب .تفقه بها على منهج الباضية .ثم ارتحل إلى الندلس فأقام في قرطبة
زمن الموحدين .كما ارتحل إلى عواصم بلد المشرق وأدى فريضة الحج .ثم توغل في أوسط
إفريقيا حيث اكتشف تساوي الليل والنهار .له عدة مؤلفات نكتفي بذكر اثنين منها " :الدليل
والبرهان" في ثلثة أجزاء ط حجرية في مجلد واحد البارونية مصر 1306هـ في أصول الدين،
العدل والنصاف خ .في ثلثة أجزاء -أصول الفقه حققه عمروالنامي مرقون بمكتبتي وط بعمان
1984بدون تحقيق .ر .الدرجيني :الطبقات ،2/491 :الشماخي :السير ،443علي يحيى معمر:
الباضية في الجزائر مكتبة وهبة القاهرة .1979 -1399عمار الطالبي آراء الخوارج الكلمية
1/216
( )84كوبرلي :الطروحة 3الملحق71-23 :
( )1/117
أبو سهل يحي بن إبراهيم بن سليمان بن إبراهيم بن ويجمن(ق :)6/12سليل أسرة عريقة في
العلم .عاش في ربوع وارجلن زمن ازدهارها العلمي .واخذ خاصة عن أبيه وعن أبي زكرياء
يحيى ابن أبي بكر الوارجلني صاحب كتاب السيرة وأخبار الئمة .اشتهر خاصة بكتابه الموسوم
بـ"العقيدة في علم التوحيد والعلم والسير" وقد جعله كوبرلي ملحقا بأطروحته .71 -3/23ر.
الشماخي :السير ،508 -507كوبرلي :الطروحة .1/158محمد حسن :تحقيق السير 3/608
وقد اعتبره من علماء القرن 5هـ 11/ونرجح ما أشرنا إليه أعله لخذه عن أبي زكرياء.
أما كتابه في العقيدة فقد غلب فيه القسم الخلقي على القسم العقائدي.
( )85أبو يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط 3/180-1
( )86نفس المصدر 3/194:
( )87ابن عبد البر القرطبي .يقال له حافظ المغرب تهجم على المتكلمين في كتابه " جامع بيان
العلم وفضله" .ر .الزركلي :العلم 10/316
( )88البضاوي :ر .الزركلي :العلم 4/248
( )89السعد التفتازاني :ر .الزركلي :العلم 114 -8/113
( )90عضد الدين اليجي .ر .الزركلي :العلم 4/66
( )91أبو نصر فتح بن نوح الملوشائي( النصف الول من ق )7/13من قرية تملوشايت من جبل
نفوسة .اخذ العلم عن خاله أبي يحي زكرياء بن إبراهيم .له عدة قصائد تعليمية نذكر منها
القصيدة النونية في أصول الدين .انظر ما يلي 160 :الشارة إلى شروحها
ر .الشماخي :السير ،549 -548الجعبيري :نظام العزابة 254 :ر .محمد حسن :تحقيق سير
الشماخي 662 /3وقد أخطاء في اعتباره من علماء القرن 6/12لن الباروني اعتبره من الطبقة
الثالثة عشرة .ر .إسماعيل الجيطالي :قواعد السلم 1/89تعليق 1للمحقق
( )1/118
( )92إسماعيل الجيطالي ( :ت )750/1349نشأ في مدينة جيطال بجبل نفوسة .اخذ عن أبي
موسى عيسى بن عيسى الطرميسي(ت )722/1322اشتهر بقوة الحافظة .جمع بين العلم والجرأة
في المر بالمعروف والنهي عن المنكر لذلك كان كثير التنقل .سجن بطرابلس فسعى آل جربة
إلى فك سراحه؛ واستقر في جزيرة جربة بالجامع الكبير إلى أن توفي ،وقبره هناك .له عدة
مؤلفات نذكر منها :كتاب قناطر الخيرات وقد طبع في 3أجزاء بالمطبعة البارونية 1307/1889
وحقق عمرو النامي الجزء فصول مهمة في أصول الدين .وكتاب القواعد السلم جزآن وقد
حققه عبد الرحمان بكلي وطبع بالمطبعة العربية بغرادية الجزائر 1976
وقد جاءت 129صفحة منه في الصول ج 1وقد حقق النامي هذا القسم ملحقا بأطروحته كما
اعتمد كوبرلي في أطروحته على هذا القسم ( ر )245 -104 /1 .ر .المراجع المشار إليها مع
المصدر المعتمد :الشماخي :السير559 -556 :
( )93عامر الشماخي( ن )1390 /792من أجداد أحمد الشماخي صاحب السير .اخذ عن أبي
موسى بن عيسى الطرميسي(ن .)1322 /722اشتهر بالستقامة منذ صغره .جلس للتدريس
والتأليفطول حياته .وقد درس بمتيون 13سنة وتحول إلى يفرن 756هـ1355 /م .من أبرز
تلميذه البرادي( 8و 9هـ15 -14/م) صاحب كتاب الجواهر .توفي متقدم السن( )792/1390
له عدة مؤلفات يهمنا منها كتاب الديانات وقد ألفه تلبية لطلب نوح بن سعيد المرساوني( انظر
شروح هذا النص في ما يلي )160وقد ترجمه النامي بأطروحته ص 255إلى النكليزية
وترجمة كوبرلي إلى الفرنسية 3/195الملحق ر .الشماخي :السير.561 -559 :
( )1/119
( )94هو أبو حفص عمرو بن جميع :يقول عنه الشماخي ":كان اماما مشهورا وكان من العلماء
منظورا .إليه تنسب العقيدة التي كانت بالبربرية فأبدلها بلسان العربية وهي اعتماد أهل جربة
وغيرهم غير نفوسة في ابتداء الطلبة" السير .561وقد ترجم له الشيخ أبو إسحاق اطفيش في
مقدمة تحقيق نص العقيدة واعتبره من علماء النصف الثاني من القرن ، 7/13وقد أدرك بداية
القرن .8/14وغاية ما نعرف عنه أنه درس على أحمد الدرجيني صاحب الطبقات .ر .ابن
تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة54 :
" ثم صار كبير المدرسين بجامع تيفروجين من جهة والغ القديمة حيث يوجد قبره" كما يقول
الحيلتي(ت )1099/1688في رسالته عن مشاهد علماء حربة 6 :أما تاريخ وفاته فمجهول ر.
الجعبيري :نظام العزابة ص .253
أما في ما يتعلق بتعريف نص العقيدة فانظر ما يلي 131
( )95أبو الفضل أبو القاسم البرادي( النصف الول ق )9/15نشأ بجبل دمر -الجنوب التونسي-
وتعلم بجبل نفوسة على عامر الشماخي (ت )1390 /792وبجربة على يعيش بن موسى
الزواغي بمدرسة وادي الزبيب بحومة جعبيرة.
تولى التدريس بعد ذلك بنفس المدرسة التي تعلم بها بجربة واستقر بالجزيرة حيث شارك في
عضوية مجلس العزابة .حج إلى بيت ال الحرام سنة 775/1374وتاريخ وفاته يبقى مجهول .ر.
للمؤلف :نظام العزابة ص 209 -208وقد اشرت هناك إلى أهم المصادر .ر .سالم العدالي:
البرادي :حياته آثاره .أطروحة مرحلة ثالثة نوقشت بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين
1982 -1402مرقونة بمكتبتي.
ورسالة الحقائق ط .بالجزائر د.ت مع مجموعة من المؤلفات وقد حققها سالم العدالي مرقونة
بمكتبتي .أما كتاب شفاء الحائم فما يزال مخطوطا بالمطتبة البارونية الحشان ،جربة .ولسالم
العدالي نسخة مصورة منه عن النسخة البارونية .ر .سالم العدالي :البرادي حياته آثاره ؛ -122
147
---
( )1/120
( )1/121
-أعراب مشكل الدعائم ،لبن النظر العماني وقد انتهى من تأليفه سنة 1483 /888كما أثبت في
آخر النسخة البارونية خ .لم يهتم فيه إل بالقضايا اللغوية والنحوية"..فآثرت مختصرا يتضمن
مشكل إعرابه".
-رسالة في الرد على صولة الغدامسي (انظر ما يلي) 163:
-ورسائل أخرى في الفقه (.)4
ويبدو أن آخر ما صنف في هذه القرون الثلثة حاشية يوسف بن محمد المصعبي (ت /1188
)5( )1774على كتاب أصول الدين لتبغورين ابن عيسى الملشوطي (ق .)6( )12 /6
وبين هذا وذاك ألفت عدة تصانيف نرتبها كما يلي )1( :المؤلفات المستقلة )2( .الشروح
والحواشي )3( .الردود والجوبة )4( .المختصرات.
========================
( )1ملحظة :اننا سنقحم التراجم داخل النص لنها تعتبر من صلب البحث
( )2انظر ما سبق 124 :تعليق 94
( )3أحمد الشماخي :شرح مقدمة التوحيد 163:
( )4ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة ص .1سالم بن يعقوب :كراس بمكتبته
الخاصة بدون رقم
محمد حسن :نحقيق سير الشماخي3/480:
( )5انظر ما يلي140:
( )6انظر ما سبق116 :تعليق 71
---
( )1/122
( )1/123
وأما الرسالة الثالثة فهي لعبدال السدويكشي عدد صفحاتها سبعة وبها 134سطر( . )12وهي
موسومة بـ" رسالة في اختلف العلماء في القرآن المجيد" وقد حدد موضوعها في الخاتمة كما
يلي:
" فقد ذكرت ما أمكنني ذكره من احتجاج الفريقين (القرآن مخلوق -القرآن أزلي" فهي مقارنة بين
القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم وفي ذلك يقول ":وأما القائلون بأن القرآن قديم فهم المالكية
والشافعية والحنابلة والحنفية.
وأما القائلون بأن القرآن مخلوق فهم المعتزلة والباضية والشيعة على اختلف مذاهبها" (.)13
وقد بدت النزعة الجدلية واضحة في كل الرسالة ما دامت كل جماعة تحاول النتصار لموقفها
وقد أورد المصنف حجج الذين يعتبرون أن القرآن قديم ودفاعهم عن موقفهم في العنصر الول ثم
أورد حجج القائلين بخلق القرآن ومنهم الباضية وقد جاء القسم الثاني أطول وأوضح من القسم
الول ومرجع هذا إلى أن السدويكشي يتبنى موقف القائلين بخلق القرآن.
===============================
( )7انظر ترجمته مع تحليل أهم آثاره151:
( )8خيرنا وضعها هنا لنها أقرب إلى التأليف الذاتي
( )9المكتبة البارونية ضمن مجموعة آثار أخرى بدون رقم
( )10ر .أحمد الشماخي :رسالة في السم والمسمى4:
( )11خ البارونية :ضمن مجموعة من الرسائل بدون رقم
( )12خ البارونية ضمن مجموعة من الرسائل بدون رقم .انظر ترجمة السدويكشي في ما يلي:
151
( )13عبدال السدويكشي :رسالة في اختلف العلماء في القرآن المجيد7:
---
( )1/124
( )1/125
ثم إلى جانب هذا فإن تتبع النص فرض على الشارح أن يقف عند كثير من المواضيع الفقهية
العلمية مثل الصلة والزكاة وما إلى ذلك.
فواضح إذن أن شرح الشماخي جاء معتدل بين الختصار والطول إذا قورن بشرح أبي سليمان
التلتي (ت ، )22()1560 /967وشرح محمد اطفيش ،قطب الئمة.
وأخيرا فقد جاء هذا الشرح دليل واضحا على موسوعية الشارح ودقة ملحظاته وإلمامه بالقضية
من جميع جوانبها فهو يشير أحيانا إلى أنه يعمد إلى الختصار وقوفا عند التزامه في المقدمة(
،)23وأحيانا يضطر إلى تحليل بعض المسائل عندما يحس أن الشرح لم يمكنه من استيفاء
الغرض فيلمح إليها بإحدى العبارات التالية :تنبيه( .)24مسألة( . )25فرع( .)26مطلب(. )27
وسيتضح من خلل هذا البحث أن شرحه منطلق أساسي لكل من يريد أن يتعرف على عقيدة
الباضية.
======================
)14انظر ما سبق ص 124للتعريف بصاحب العقيدة .أما النص فيمكن التعرف على فحواه من
خلل الشرح ،والشماخي قد لخص المتن كما يلي" :اعلم أن الشيخ رحمه ال تعالى لما صدر كتابه
بما ل يسع جهله طرفة عين ،ثم ذكر ما يلزم من جهل أو أنكر خصلة من ذلك ،ثم ذكر تفسير
الدين وما يضاف إليه وأنه السلم ،ثم عقب بشيء من المفروضات ،وذكر الولية والبراءة ،وما
يلزم منهما ولهما من الشروط والقسام ،وذكر الملل وأحكامها ،وكل ذلك تفسير للجملة ،ونذكر
من جملة التفسير على وجه الستطراد جملة الكتب والنبياء والرسل ...لينبه الغافل عن سبيل
الستقامة.114 :"...
( )15لقد حقق المتن والشرح أبو إسحاق إبراهيم اطفيش وطبعهما مع شرح أبي سليمان التلتي
بالقاهرة 1353هـ .وقد طبع المتن مع الشرحين طبعه ثانية على نفقة الحاج خليفة بن سعيد
الشيباني 1392/1973وقد جردت من تحقيقات أبي إسحاق اطفيش .وقد اعتمدنا الطبعتين إل أن
الحالت جاءت على الطبعة الثانية.
( )16الشماخي :شرح العقيدة18:
( )17انظر ما يلي155:
( )18انظر ما سبق116:و 119
( )1/126
( )1/127
( )1/128
نشاطه بجربة :وما أن رجع الى جربة حتى تصدر للتدريس في مسجد القصبيين( )45ثم انتخب
رئيسا لمجلس العزابة( )46وصار من أهل الحل والعقد ومما يثبت ذلك قول ابن تعاريت (/1289
": )1872وساد بجربة وتولى مجلسها -أي تولى رئاسة مجلس الحكم فيها انذاك -واليه يرجع
المر في زمانه" ( ،)47ومخاطبة درغوث باشا حين هجم على الجزيرة ":نحن جماعة العزابة"(
. )48
وقد كان مجاهدا مجتهدا في العلم والدعوة الى الحق فتصدى لدرغوث باشا وقال له في صيغة
رد " :بل الفساد من قبلك لتقديمك السافل"( )49عندما طعن درغوث في عزابة جربة .فما كان
من درغوث باشا إل أن أخذه خدعة وسجنه شهرا ثم قتله سنة .1560 /967
وقبره معروف الى الن في حومة بركوك ( ،)50وما يزال أهل قرية تلت( -)51التي ينسب
إليها -يقيمون زيارة سنوية لهذا القبر إحياء لذكراه.
وهكذا نتبين أنه مات حديث السن دون أن يفيد كثيرا من العلم الذي حصله في شبابه فخمس
سنوات على أقصى تقدير غير كافية لتكوين جيل .وأشهر تلميذه محمد بن زكرياء الباروني الذي
نقل عنه نسبة الدين(.)52
مؤلفاته )53(:يقول أبو اسحاق اطفيش ":ولبي سليمان مصنفات نفع ال بها كثيرا من عباده
المؤمنين منها شرحه على متن ايساغوجي( )54في المنطق مقرر بالجامع العظم الزيتونة
بتونس.
-شرحه على الجرومية( ....)55لم نطلع عليه.
-شرح عقيدة التوحيد ":قل أن نجد ممن أدركناه من العلماء أو التلميذ من لم يكن من محفوظاته
وذلك في بلدنا -وادي ميزاب -ولعل الحال في الجزيرة ونفوسة كذلك"(. )56
وهذا أبو سليمان نفسه يضبط منهجه في شرح العقيدة في المقدمة كما يلي.... ":فهذه تذكرة لشيء
من المسائل على بعض كلمات العقيدة عقيدة التوحيد من حدود وآيات وأحاديث وآثار .مناسبة
لتلك الكلمات كان التلميذ في بعض المجالس يكتبونها كما يكتبون العقيدة (.)57
( )1/129
وقد جاء الشرح وفيا للمنهج المقترح في الخطبة ذاك أنه اصطبغ بصبغة وعظية واضحة بعيدة
عن النزعة الجدلية والحتجاج العقلي.
فطريقة هذا الشرح حينئذ نقلية توفر للقارئ ما يحتاج إليه من اليات والحاديث للتأكد من مفهوم
المتن وقيمته مع عدم الستغناء عن بعض الشروح اللغوية والصطلحية عندما يلزم المر لفهم
النص المشروح.
========================
( )28أنظر ما يلي169 :
( )29ملحق سير الشماخي579 :
( )30جبل نفوسة :منطقة جبلية تقع جنوب غربي مدينة طرابلس بالقطر الليبي ونفوسة هي القبيلة
البربرية التي عمرت هذه المنطقة فعرف الجبل بها لشهرتها رغم أنه عمرته قبائل بربرية أخرى.
لزيادة التوسع ر .ياقوت الحموي :معجم البلدان 297 -5/296
( )31ملحق سير الشماخي579 :
( )32لم نجد إشارة إليه في رسالة ابن تعاريت وواضح أنه مقرئي ق 10/16بجبل نفوسة .
ويحسن أن نعرف بصاحب الرسالة لننا سنعتمد كثيرا على رسالته في هذا الفصل .وهو سعيد بن
الحاج علي ابن تعاريت (ت )1289/1872
لقد ذكر نسبته بنفسه كما يلي :سعيد بن الحاج علي بن عمر بن سعيد بن يحيى ابن الحاج عبد
الرحمن بن صالح بن أحمد بن الحاج المعز بن يوسف ابن يحيى ابن الشيخ أبي النجاة يونس بن
سعيد بن يحيى ابن تعاريت .في أخر خ نسبة الدين لسليمان الحيلتي بخطه .البارونية.
ويذكر أنه أخذ عن عيسى ابن أبي القاسم الباروني وقد نسخ رسالته في الرد على الغدامسي وذكر
أن الباروني كتبها .)1210/1795
وقد اخذ عنه سعيد بن عبدال الباروني كما يذكر ذلك في نسخه لعدة مخطوطات أنه نسخها لشيخه
ابن تعاريت.
وقد سمى رسالته التي بينت ما لديه من وثائق مهمة ،منها ما لم نعثر عليه بعد ":في تراجم
علماء الجزيرة وذكر أمرائها السمومني وبني الجلود" ويذكر أنه فرغ منها في صفر
.1274/1799
وقد رحل إلى مصر في آخر حياته إذ توفي بالسكندرية سنة 1289/1872
( )1/130
( )33وأبو القاسم بن يونس السدويكشي (ق )10/16ذكر سعيد بن تعريت أنه تلميذ أبي يوسف
يعقوب التندميرتي سيخ أحمد الشماخي صاحب السير كما يقول إنه "جازت به سلسلة نسب الدين".
رسالة في تراجم علماء جربة .خ بمكتبة سالم بن يعقوب غيزن جربة48 :و 40
( )34أبو يحي زكرياء بن إبراهيم الهواري(ق )10/16ذكر ابن تعاريت أنه اخذ العلم عن أحمد
الشماخي صاحب السير ولم يفصل في ذكر أخباره -رسالة في تراجم علماء جربة3:
( )35أبو يوسف يعقوب بن صالح التندميرتي (ق )9/15ل نعرف عنه سوى أنه شيخ أحمد
الشماخي صاحب السير ،وأنه اخذ عن أبي النجاة يونس التعاريتي .معنى ذلك أنه عاش بين جربة
وجبل نفوسة.ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة27:
( )36اجناون :مدينة غناء تسلقي في دلل على أقدام جبل أشم تضم القرى التالية نموقت في وسط
الجبل القصير -على جانب الجبل اليمن -مزو ويوجلين -على كتفي الجبل وتقابهما الجماري
ومزغورة .ر .علي يحيى معمر :الباضية في موكب التاريخ الحلقة الثانية القسم الثاني 93 :وقد
جاء النص في قالب ادبي فقدمناه في أسلوب علمي مكتبة وهبة .القاهرة 1384
( )37ر .محمد زكرياء الباروني نسبة الدين ط ملحقا بسير الشماخي.579 :
( )38ر .أبو إسحاق اطفيش :مقدمة شرح العقيدة 8:
( )39محمد بن زكرياء الباروني :نسبة الدين ط ملحقا بسير الشماخي 579 :
( )40إبراهيم بن احمد أبو الحباس(ق )10/16يذكر ابن تعريت أنه أخذ عن أبي النجاة يونس
التعاريتي ،معنى ذلك أنه عاش في القرن 10/16وتعلم بجربة وهو من جبل نفوسة .رسالة في
تراجم علماء جربة27 :
( )1/131
( )41أبو النجاة يونس بن تعاريت ( :ق .)10/16تتلمذ بجربة على شيخه زكرياء الصدغياني.
رحل إلى جبل نفوسة حيث درس على أبي عفيف صالح ابن نوح التندميرتي .درس بجامع
تاجديت بحومة فاتو ،تخرج على يديه عدة تلميذ أبرزهم سعيد الجربي مصلح وادي ميزاب في
القرن 10هـ .ترأس حلقة العزابة بجربة ،وقاد الجيش الجربي سنة 916/1511ضد حملة
النصارى على جربة.ر .فرحات الجعبيري :نظام العزابة215 :
( )42أنظر ما يلي165 :
( )43أنظر ما يلي 165 :تعليق 108
( )44مليكة :إحدى قرى وادي ميزاب .انظر الخريطة ص
( )45بحومة قللة قرب تلت( انظر الخريطة)835
( )46انظر بحثنا عن نظام العزابة المطبعة العصرية تونس .219 -1975/218
( )47سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة43:
( )48محمد بن زكرياء الباروني نسبة الدين ملحقا بسير الشماخي583 :
( )49محمد بن زكرياء الباروني نسبة الدين ملحقا بسير الشماخي583 :
( )50انظر الخريطة
( )51انظر الخريطة
( )52انظر للتعريف به ما يلي169 :
( )53ر .فرحات الجعبيري ،نظام العزابة ( .271لزيادة التعرف على هذه المؤلفات)
( )1/132
( )54الحقيقة أن هذا الشرح يجب أن ينسب لبي الربيع سليمان الجربي المدني من حومة بازيم
من جربة كما ذكر ذلك سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة ،84 :ونص الشرح
مطبوع وقد وردت إشارة في مقدمته إلى أن سليمان هذا نقل فيه الشرح عن درس لحد شيوخ
الزهر .والتلتي لم يرحل إلى مصر ولقد تسرب الخطأ لبي إسحاق اطفيش من التفاق في
السم .وشرح ايساغوجي لثير الدين البهري في المنطق ط بالمطبعة الهلية بتونس سنة
1321/1903في 32صفحة متوسط الحجم وطبع عدة مرات .يذكر في المقدمة أنه أخذ هذا
الشرح عن الشيخ البهري ثم يحدد التاريخ كما يلي ":وكان أول مجلس سمحت به اليام في
قراءتي لهذه الرسالة في يوم الربعاء ثاني عشر صفر المبارك ثاني شهور سنة ثلث عشرة بعد
التسعمائة من الهجرة النبوية( 12صفر 913/22افريل )1507على صاحبها أفضل الصلة
وازكى التحية وذلك بالمدرسة الجيعانية بشاطئ بحر النيل ببولق من أعمال مصر المحروسة".
( )55والجرومية متن نثري في النحو من تأليف أبي عبدال محمد بن آجروم مطبعة المنار
تونس د.ت
( )56أبو إسحاق اطفيش :مقدمة لشرحي العقيدة ص 10ونلحظ أن أهل نفوسة كانوا يحفظون
نصا آخر شهر بعقيدة نفوسة لبي زكرياء الجناوني.
( )57داود التلتي :شرح العقيدة17:
---
( )1/133
( )1/134
ونجد ذكره في كتب التراجم في أحداث الجزيرة منذ سنة 1692 /1103إذ مثل جربة في هذا
التاريخ بالجتماع العلمي الذي انعقد بمدينة للوت( )66ويذكر ابن تعاريت انه كان مفتي جربة،
ورئيس مجلس الحكم فيها ،وله مجالس للتدريس في كثير من المساجد غير الجامع الكبير()67
الذي هو محط رحلة وكبير المدرسين به")68( .
فراره الى طرابلس :1734 -1717 /1147 -1140لما ثبت أن عبد الرحمن اليونسي( )69من
حومة قشعيين( )70يطعن في الدين ويتجسس على المسلمين اجتمعوا للنظر في أمره.
ولما ثبت عندهم ذلك أهدروا دمه دون تعيين القاتل فتصدى أحد النصار لقتله فخشي الشيخ
يوسف والشيخ سعيد الجادوي على حياتهما ففرا إلى طرابلس سنة 1717 /1140حيث أقاما سبع
سنوات ولم يرجعا إل عند استيلء علي باشا على تونس .)71( 1743 /1147
الدفاع عن شرعية شهادة الجربيين :وبين أيدينا وثيقة مهمة( )72سنتعرض لها في عنصر الردود
والجوبة تتمثل في مراسلة أحمد باشا وإلى طرابلس سنة 1756 /1169للرد على من طعن في
ثبوت شهادة الباضية من فقهاء طرابلس وفعل فقد لبى الوالي طلبه وأقر هذه الشهادة)73(.
=========================
( )58انظر ما سبق 124تعليق .94
( )59ص 1من نفس الكتاب
( )60عمرو التلتي :نخبة المتين في أصول تبغورين .ضمن مجموعة بعنوان :العقيدة المباركة
القاهرة د.ت148 :
( )61كوبرلي :الطروحة595 :
( )62انظر ترجمة تبغورين في ما سبق 116تعليق ،71أما كتاب أصول الدين فقد حققه النامي
تحقيقا علميا بأطروحته ما يزال مرقونا وبه 76صفحة ويقول تبغورين في خطبته ما يلي:
"سألتني رحمك ال أن اكتب لك كتابا أبين فيه أصول الدين الذي اختلفت في المة حتى صاروا
طرائق قددا ،وفرقا مختلفة ...وسأكتب لك من ذلك إن شاء ال ما ل يعتري معتر معه الشكوك
ول يعتذر على المبتدئ حفظه بأبلغ ما أحضرني من البيان...
( )1/135
ثم بين فضل ال على المة بالقرآن الكريم إذ ل سبيل إلى الخروج من الخلف إل عن طريقه،
ولذلك قال المصنف ":إن أولى الناس بالحق من اتبع كتاب ال ،وجعل محكمة إماما لمتشابهه،
ولم يؤثر عليه القياس وما تهوى النفس".
وقد اعتبر أصول الدين عشرة( انظر ضمن البحث)61 :
ثم وقف عند خمس مسائل 1:في الحجة 2 ،في الستطاعة 3 ،في العون والعصمة 4 ،في القرآن
والكلم 5 ،في الرؤية.
وختم الكتاب بالحديث عن الشفاعة والميزان والصراط وضغطة القبر وعذابه وفي حكم من أكل
الحرام هل أكل زرقه أم ل؟.
وقد سلك منهجا واحدا في كل هذه القضايا حيث ينطلق بعرض ما اتفقت عليه المة ،ثم يتعرض
للفرق التي نقضت هذا الجماع وهي :المجسمة والمشبهة والمعتزلة والمجبرة والمرجئة
والحشوية والشكاك والجهمية والرافضة والصفرية والمزيلة .ثم يرد عليها فرقة مبينا موقف
الباضية منها .مدعما ذلك بالقرآن والحديث .كما ل يغفل عن الرد على الملحدين والدهرية
والثنوية والمجوس.
فجاء الكتاب في لغة خالية من التعقيد ،لجأ فيه صاحبه إلى الختصار قدر المكان "تركته إرادة
الختصار" ولنا في هذا حجج كثيرة تركناها مخافة أن يطول الكتاب" 19 .12 .2:إل أن هذا
الختصار لم يكن مخل بالمقصود ،وكثيرا ما عمد المصنف إلى لهجة جدلية تحتد في بعض
الحيان في تفنيد حجج المخالفين لتقرر حجج الباضية.
( )63هو محمد المصعبي.
( )64انظر ما يلي171 :
( )65أبو حفص عمر بن علي بن ويران(ق ،)11/17يذكر ابن تعاريت أنه من حومة سدوكش.
كما يقول إنه اخذ عن محمد بن زكرياء الباروني صاحب نسبة الدين الملحقة بسير الشماخي.
معنى ذلك أنه درس بجبل نفوسة .ويستفاد من ذلك أيضا أنه من علماء ق .11/17
ويذكر من مؤلقاته :كتاب مناسك الحج ط .مع مجموعة بعنوان :العقيدة المباركة مطبعة الفجالة
القاهرة د.ت :من 19إلى .109
( )1/136
وحاشية على كتاب البيوع من كتاب اليضاح لعامر الشماخي وحاشية على كتاب النكاح
للجناوني ،والحاشيتان خ ،ر .سعيد بن تعريت :رسالة في تراجم جربة44 :
( )66دفتر رقم 63 :1مكتبة سالم بن يعقوب جربة.
( )67انظر الخريطة 836
( )68سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة107:
( )69تفهم من رسالة ابن تعاريت أنه أحد الباضية وقد كان يتجسس على المشائخ ويطعن في
الدين لذلك أهدروا دمه على غرار ما فعل جابر بن زيد بخردلة ر .في قضية خردلة :إسماعيل
الجيطالي :كتاب قواعد السلم 1/74
( )70انظر الخريطة 835
( )71سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة101:
( )72مخطوطة ضمن مجموعة .البارونية بدون رقم.
( )73ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة101 :
---
( )1/137
تابع :التراث الكلمي عند الباضية
وأخيرا يذكر ابن تعاريت أنه كان مهاب الجانب يعظ المراء والحكام ول يخشى في ال لومة
لئم(.)74
وتوفي سنة 1775 -1774 /1188وقبره معروف في روضة الجامع الكبير( )75ويذكر أبو
اليقظان أنه تخرج عليه عدة تلميذ أبرزهم أبو زكرياء يحيى بن صالح الذي أحيى وادي ميزاب(
. )76
وترك مال يقل عن عشرين مؤلفا بين رسائل وحواش (.)77
وهذا تعريف الحاشية( : )78لقد تتبع يوسف المصعبي كتاب أصول الدين من أوله إلى آخره فكان
يقف عند ما يبدو له غاضبا إذ كثير ما يتجاوز مال يحتاج إلى الشرح ويبدو أنه اعتمد حاشية
المحشي اعتمادا كليا إذ ل تخلو صفحة من ذكر قول من أقوال المحشي بل يجعلها في كثير من
الحيان منطلقا للشرح والتحليل وقد ذكر المحشي مال يقل عن مائة مرة.
وحرص الشارح على الوقوف على جميع أبواب الكتاب وهي الصول العشرة المختلف فيها كل
ذلك توضيحا لموقف الباضية ويستشهد له بنصوص شتى من المهات وقد بلغ عدد الحالت
على المصادر الباضية الى ثلثين إحالة نذكر منها تفسير هود بن محكم الهواري( )79رسالة
لبي خزريغل بن زلتاف في الرد على جميع المخالفين وكتاب الموجز أبي عمار عبد الكافي
وكتاب الدليل والبرهان لبي يعقوب الوارجلني وشروح عقيدة التوحيد الخ ...وقد تقصر هذه
الستشهادات وقد تطول حسب الحاجة إلى ذلك.
والملحظ أنه يقارن بين مختلف النصوص وينقدها حينا ،ويزكيها أحيانا أخرى مرجحا ما يراه
مستقيما وكثيرا ما يصلح عبارة المصنف ،أو عبارة هذه المصادر.
كما أنه يرد على مختلف الفرق ،ونكاد نجزم بأنه تعرض لجل الفرق المعروفة من أشاعرة
ومعتزلة وخوارج وشيعة الخ...
وفي كل هذا كان ل يتردد عن الحالة على المصادر غير الباضية وقد بلغت عدد هذه الحالت
الى ست وثلثين إحالة نذكر منها تفسير الزمخشري وتفسير البيضاوي.
( )1/138
وكثيرا ما ينتخب من هذه المصادر ما يتفق وآراء الباضية ليدعم به موقفهم كما ل يغفل عادة
عن شرح ما ينبغي شرحه من اللفاظ شرحا لغويا معتمدا على القاموس وعلى مختصر العين.
وفي الثناء يتعرض الى الصيغ الصرفية والنكت البلغية.
كما حرص على تفسير ما ورد في المتن من آيات قرآنية ومن أحاديث الرسول عليه السلم
واعتماده في القرآن على تفسير هود بن محكم والبيضاوي والزمخشري أما في الحديث فيحيل
على حاشية المحشي على مسند الربيع بن حبيب( )80مع الشارة إلى أنه لم يحل على الصحاح
الخرى.
ثم إن النزعة الجدلية تبدو واضحة في كثير من المواطن حيث يناقش آراء مختلف الفرق ويتحرى
في نسبة النصوص إلى أصحابها فإن لم يتمكن من ذلك ينبه إلى أن ذلك مما بقي في حفظه.
ونلمس كذلك أنه يعمد إلى حوصلة بعض المعاني الساسية بعد التحليل ليقرب المعاني إلى
القارئ.
كما نلحظ أنه ينبه الى تحريف الناسخ معتمدا على عدة نسخ من المتن.
ورغم هذا العتناء فإنه كثيرا ما يقع في توضيح ما يبدو واضحا ولعل هذا يرجع الى طغيان
النزعة التعليمية عليه ،كما أن إحالته تأتي أحيانا عامة "كما هو مشهور" "،في بعض كتب
قومنا" " ،كما بين في المطولت".
ونلمس كذلك أنه يمر على المعنى المقصود عند تحليل بعض القضايا دون أن يلح عليه ،وقد يقع
في بعض الغموض مما يجعل الستفادة من المتن أيسر من الستفادة من الشرح.
كما أنه مر على الفصول الخيرة (الصراط ،الميزان ،عذاب القبر) بسرعة غير متناظرة.
ومهما يكن من أمر يبقى هذا الشرح عمل رصينا يدل على سعة اطلع صاحبه وثراء المكتبة
السلمية التي بين يديه.
ويحسن أن ننبه إلى أن هذا النص قد اشار عمرو التلتي الى أنه شرحه لكننا لم نحصل على هذا
الشرح(. )81
=====================
( )74نفس المصدر 102:
( )1/139
( )75ر .سليمان الحيلتي رسالة في مشاهد علماء جربة ص .8وسليمان بن أحمد الحيلتي(ت
)1099/1688من أسرة عريقة في العلم .ولد بحومة جعبيرة -أخذ العلم خاصة عن شيخه قاسم
بن سعيد اليونسي (ت .)1036/1627لقد اعتنى اعتناء جديا بأخبار الجزيرة وعلمائها وأمرائها
وما وقع فيها من حروب ،لم يجمع كل هذه الملحظلت في كتاب وإنما بقيت في رسائل متفرقة،
وقد استفاد منها استفادة كلية سعيد ابن تعاريت في رسالته عن تراجم علماء جربة.
وما تزال بعض الرسائل موجودة بالبارونية .وقد حققنا رسالته في شيوخ العزابة في الجزيرة(ر.
الملحق الول نظام العزابة .324وما زلنا في صدد تحقيق رسالته في مشاهد علماء الجزيرة.
توفي سليمان الحيلتي سنة 1099/1688وقبره بجامع بوليمان بحومة جعبيرة.
( )76إبراهيم أبو اليقظان :ملحق لسير الشماخي خ .ملك ورثته بالقرارة 52:
( )77سعيد ابن تعاريت :رسالة من علماء جربة102 :
( )78تحصلنا على ثلثة نسخ من هذه الحاشية وثلثتها بخط واضح ومتوفرة في مكتبتي.
-1تضم 125صفحة من الحجم المتوسط وبكل صفحة 21سطرا نسخها مهني بن يحيى التلتي
.1314/1896وهي التي نحيل عليها في هذا البحث لنها أول ما توفر لدينا.
-2تضم 51ورقة من الحجم المتوسط وبكل صفحة 24سطرا نسخها عبدال بن سليمان
الباروني 1184/1770مسطرتها x5،12 17صم
-3تضم 48صفحة من الحجم المتوسط وبكل صفحة 24سطرا إل أن خطها أكثر دقة وقد
نسخها مهني بن يحيى التلتي .1315/1897مسطرتها x 10،5 18صم.
( )79هود بن محكم الهواري(ق 2و 3/8و :)9هو قاضي المام عبد الوهاب ثاني أئمة الرستميين
بتاهرت ،وله تفسير للقرآن الكريم ج وهو بصدد التحقيق في وادي ميزاب.ر .بحثنا :نظام
العزابة.273:
( )80محمد بن عمر ابن أبي ستة :حاشية على مسند الربيع بن حبيب ط بعمان في 8أجزاء من
1983-1982وتوجد منها خ بالبارونية .وعرفت" بحاشية الترتيب"
( )81انظر ما يلي174:
---
( )1/140
( )1/141
ثم حدد التطابق بين مفهوم الدين والسلم واليمان عند الباضية ملحا على ضرورة الجمع بين
القول والعمل.
ثم بين أن الشياء محدثة وأن وسائل المعرفة الحس والعقل والشرع.
ثم توسع في الوقوف عند الصول التي اختلفت فيها المة كما ضبط مفاهيم اليمان والكفر
والنفاق لغة واصطلحا.
كما حلل حديث الرسول عليه السلم في شأن افتراق اليهود والنصارى والمسلمين الى فرق شتى.
ثم ذكر قوائم الدين وأركانه ومسالكه ومجاريه وحدوده وإفرازه وإحرازه كما يحددها الباضية في
كتب العقيدة.
ثم عدد مال يسع جهله من العلوم طرفة عين وعرف التكليف لغة وشرعا وذكر المر بالمعروف
والنهي عن المنكر وما يتعلق بهما.
كما وضح ما يجب في حق ال تعالى وفي حق الرسول عليه السلم وما يستحيل في حقهما وما
يجوز.
ثم عاد إلى أحكام الولية والبراءة وعرف أحكام الخوف والرجاء وحكم المن والدلئل فحدد مفهوم
القياس وتعرض الى تعريف العقل.
وأنهى الباب بتحديد ما يسع جهله للورود (حتى يقع) ومال يسع جهله أبدا.
وقد جاء منهجه استقرائيا حيث يتعرض لكل قضية من جميع وجوهها معتمدا على الشروح
اللغوية وقد يعمد الى فقه اللغة أحيانا كما يحقق وجوه الخلف فيها مقارنا بين آراء الفرق
السلمية منتقدا ما يرى ضرورة انتقاده بقوله:و" المناسب أن يقول".
وقد تجلت النزعة المنطقية في تحليله لبعض المسائل كما أنه ل يتردد في مناقشة بعض المسائل
ليرجح ما يراه صوابا وهو في أغلب الحيان يحيل على المصادر المعتمدة الباضية منها وغير
الباضية ناسبا إياها بوضوح إلى أصحابها.
وفي كل هذا تتضح نزعة المحشي التعليمية حيث يريد أن يقرب المفاهيم الى المتعلم دون أن يثقل
عليه الرجوع الى المهات.
تلك هي حاشية المحشي على أصول الدين من كتاب الوضع وذاك هو منهجه فيها(. )86
( )1/142
أما حاشيته على باب التوحيد من كتاب قواعد السلم لسماعيل الجيطالي فيشير تلميذه علي ابن
بيان الى أنه ألفها سنة 1647 /1057وأنها أول حواشيه .وفعل إن الناظر في هذه الحاشية يتبين
أنها دون حاشيته على الوضع بكثير لكنها ل تخلو من فائدة وقد بلغ عدد صفحاتها 100من
الحجم المتوسط وبكل صفحة 23سطرا .والمخطوطة موجودة بجامع الملق بجربة وتاريخ
نسخها قريب من تاريخ وفاة الشارح إذ نسخت سنة 1697 /1109والناسخ هو أحمد بن عمر بن
داود يقول إنه نسخها من نسخة بخط علي ابن بيان نفسه.
ولم نعتمد هذه الحاشية كثيرا لن المسائل تتكرر بنفس الصيغة تقريبا في حاشية الوضع لذلك لم
نحل عليها إل مرات معدودات .ومنهج المحشي هو نفسه في الحاشيتين.
==============================
( )82انظر ترجمة الجناوني في ما سبق 116 :تعليق 74
أأما كتاب الوضع ،مختصر في الصول والفقه ،فقد حققه أبو اسحاق إبراهيم اطفيش وطبع ط
أولى بالقاهرة مطبعة الفجالة الجديدة د.ت .وطبع ط .ثانية بالجزائر د.ت وثالثة بعمان .الستقامة
د.ت وأهم أبواب الكتاب :التوحيد ،الطاهرة ،الصلة ،الصوم ،الزكاة ،اليمان.
وقد ضم باب التوحيد 36صفحة ألم فيها المؤلف بكل قضايا التوحيد إلمام دقيقا وشامل مدعما كل
ما يقرره بالحجج النقلية والعقلية.
ويقول المصنف في هذا الشأن... ":وسألني( راغب من إخواني في ال)تلخيص أبواب من أصول
الدين والمسائل الشرعيات ليكون له مفزعا يحور إليه عند الملمات فأسعفت مراده"17:
وأبرز ما يلفت النتباه أسلوب المؤلف الدبي ،واعتماده أسلوب إحصاء المسائل وتفريعها عن
بعضها لتيسير حفظها واستيعابها.
وقد نسب بعض أصحابنا هذا الكتاب إلى أبي زكرياء يحي بن إبراهيم وذكر البدر الشماخي أن
بعضهم نسبه لبي زكرياء يحي الجادوي والتحقيق ما ذكره أبو القاسم البرادي رحمه ال أنه لبي
زكرياء اللجناوني مختصر الوضع4:
( )83انظر ما يلي151:
( )84انظر ما يلي158:
( )1/143
( )85الجعبيري :نظام العزابة 227-226 :هناك تجد الشارة إلى المصادر المعتمدة وإلى
حواشي المحشي.
( )86أما القسم المتعلق بالفقه فهو أوسع
---
( )1/144
( )1/145
والمخطوطة بالبارونية تقع في 49صفحة من الحجم المتوسط بكل صفحة 24سطرا وقد ذكر
الناسخ لقبه وهو ابن اسماعيل وأشار الى التاريخ برمز لم نتمكن من فهمه.
ب?) هذا عن القسم الذي وقف عنده السدويكشي فماذا عن حاشية يوسف المصعبي ( )93على
بقية كتاب الديانات؟
يذكر يوسف المصعبي في آخر الحاشية أنه أتمه ليستغني الطالب عن كدح خاطره في مراجعة
المطولت تلبية لرغبة الطلبة.
وقد عالج في شرحه القضايا التالية :الولية والبراءة ،والوقوف مع اللحاح على الولية والبراءة
من الشخاص وذكر شروطها ومع الوقوف خاصة عند الولية والبراءة من أئمة الحكم ،قضية
المامة وقد تعرض لها ضمن تحليل مسألة المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والوعد والوعيد
والرد على من يقول بإخلف الوعيد ،قضية خلود أهل الكبائر ،قضية الشفاعة ،قضية الدلة على
وجود الخرة وهل الجنة والنار مخلوقتان الن أم ل ،تعريف النفاق والكبائر والصغائر ،ثم
أخيرا رد على من ينكر السنة والرأي ،وميز بين العلم والجهل.
إن منهج يوسف المصعبي يختلف اختلفا كليا عن منهج السدويكشي ،إذ بقدر ما يقلل السدويكشي
من الستشهادات يعتمد المصعبي اعتمادا كليا على الستشهاد فيدعم مواقف الباضية من القضايا
المطروحة بمنقول طويلة قد تتجاوز الصفحتين مع ذكر المصادر ومؤلفيها وقد ورد ذكر مال يقل
عن ثلثين مصنفا من مصنفات الباضية وأثنى عشر مصنفا لغير الباضية.
وفي كل هذا ل يغفل عن عرض آراء جل الفرق السلمية مع الجتهاد في الرد على مواقفها
التي ل تتفق وآراء الباضية وإثبات ما يتفق والموقف الباضي.
وفعل فقد جاء الشرح موافقا لملحظة الختام التي أشرنا اليها إذ يغني عن الرجوع الى المصادر
ويضع بين يدي القارئ ما يحتاج إليه من نصوص في شأن كل قضية مع الترجيح بين مختلف
المواقف اعتمادا على موقفه الشخصي ويشير إليه بصراحة بقوله " وعندي".
( )1/146
والمخطوطة موجودة بالبارونية تحتوي على 27صفحة من الحجم المتوسط وبكل صفحة 25
سطرا وقد جاء في ص 27أن سبب إتمام الشرح يرجح الى اقتراح عرض في مسجد ابي كثير
(انظر الخريطة) بجربة إثر قراءة بداية الشرح وقد نسخ هذه المخطوطة سعيد بن عيسى الباروني
في .1799 /1213
أ?) الللي المنظومات في عقود الديانات،وهو شرح عمرو التلتي (: )94( )1173 /1187
أن هذا الشرح مختصر بالنسبة الى ما سبق لكنه ل يخلو من فائدة ،وقد أطلق بشرح لغوي
واصطلحي للمفردات الساسية ثم تتبع الصول التسعة الخلفية أصل أصل ،وفي كل أصل
يقارن بين رأي الباضية ويشير إليه بعبارات مثل" نعتقد نحن معاشر أهل الحق أو أهل الصواب"
أو " معاشر المسلمين " أو " عندنا" وبين آراء الفرق الخرى مع ضبط مواطن الختلف
والتفاق.
وبما أن المنهج يقوم على الختصار ل يغفل الشارح عن الشارة الى كتبه الخرى حيث أشبع
القضايا تحليل مثل شرحه لنونية أبي نصر فتح ابن نوح الملوشائي ( ، )95كما أن الشارح سلك
مسلكا تحليليا خاليا من النزعة الجدلية إذ يعرض الراء على أنها من المسلمات دون الحتجاج لها
ل نقل ول عقل وإلى جانب هذا فإنه ل يغفل أحيانا عن التعرض إلى وجوه البلغة إذا كانت
خادمة للمعنى المقرر.
والمهم أن المتتبع لهذا الشرح الموجز يستطيع أن يتبين آراء الباضية في أصول الدين بدون كبير
عناء لما في النص من اختصار غير مخل بالمعاني.
إن كان هذا هو حظ كتاب الديانات في الشرح فما هو نصيب كتاب الجهالت من ذلك؟
=======================
( )1/147
( )87وكتاب الديانات لعامر الشماخي( انظر ترجمة حياته في ما سبق )123في أصول الدين
وهو رسالة في منتهى الدقة والختصار ،طبعها محمد خليفة مادي بمطبعة الفجالة الجديدة بالقاهرة
د.ت .ضمن مجموعة نصوص أخرى 45.44.43:لقد عرف فيها الشماخي موقف الباضية من
المسائل التسع التي وقع الخلف فيها بين المة .وسميت بالديانات لنه كرر فيها فعل ندين 48
مرة مثل قوله في أولها ":ندين بأن ال واحد ليس كمثله شيء في صفة ول في ذات ول في فعل"
43:وقوله في آخرها ":ندين بأن معرفة ال ل تنال بالتفكير ول بالضطرار وإنما تنال للكتساب
والتعليم وذلك يصح بعد مخبر ومنبه على ذلك"45:
وقد ترجمها كوبرلي إلى الفرنسية :الطروحة 3/195
( )88سعيد بن محمد التغزويسني( :)1034/1625نجد إشارتين عنه تثبتان أنه من علماء(ق
:)11/17
الولى أنه نسخ كتاب الصلة من تأليف مشائخ نفوسة سنة ( "999/1590مكتبة الشيخ حمو
بغرداية ميزاب).
والثانية :يذكر ابن تعاريت أنه كان مدرسا في جامع وادي الزبيب بجربة وكان عضوا بمجلس
العزابة( دفتر رقم 1مكتبة سالم بن يعقوب)58 :
وتوفي سنة .1034/1625ر .الجعبيري :نظام العزابة223 :
( )89انظر الخريطة 836
( )90سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة88:
( )91ر .الجعبيري :نظام العزابة224:
( )92عامر الشماخي :كتاب الديانات44 :
( )93انظر ترجمته في ما سبق140 :
( )94انظر ما يلي :ترجمة عمرو التلتي 160:والنص ط ضمن مجموع بعنوان" العقيدة
المباركة" ترتيب محمد خليفة مادي.ط الفجالة .القاهرة.د.ت78-46:
( )95انظر ترجمة حياته في ما سبق 122:تعليق 91
---
( )1/148
( )1/149
وإلى جانب هذا كان مشهورا بجمال الخط ،ونساخا بارعا ،كما له أسئلة كثيرة موجهة إلي شيخه،
ونسب إليه سعيد ابن تعاريت رسالة في التوحيد علق عليها شيخه المحشي ،ورسالة قيد فيها بعض
حوادث جربة وأحوالها وما وقع فيها من تاريخ الخمسين الثانية من ق 15 /9هـ .إلى الن .وهو
تمام المائة الحادية عشر .1689 /1100أم نعثر عليهما إلى الن .كما أن له مرثية سينية في
شيخه المحشي وفتاوي .ويشير ابن تعاريت أيضا إلى أنه حضر الجتماع العلمي المنعقد بللوت
بليبيا سنة 1692 /1103للنظر في قضية شهادة الشهود.
توفي في أوائل المائة الثانية أي بعد . )99( 1692 /1103
التعريف بالحاشية :لقد اجتهد هؤلء في تبسيط ما بدا لهم غامضا في الشرح من أوله إلى آخره إذ
لم يتتبعوا النص جملة جملة .وقد جاءت هذه الحواشي ملمة بجل مواضيع المتن والشرح ويمكن
أن نضبطها في المحاور التالية:
)1السؤال :قيمته ،آدابه.
)2الدليل والستدلل وقيمتهما في المناظرات وفي توضيح ما يتعلق بالحدوث والخلق والجوهر
والعرض.
)3ال تعالى :وجوده ،أزليته ،وحدانيته ،أسماؤه وصفاته ،استحالة رؤيته ،كلمه.
)4تبيين أفعال العباد :الفعال ،الطاعة ،التوكل ،الكسب ،الصلة بين العقل والقلب وبين العقل
والجسم...
)5الصلة بين الخالق والمخلوق :التكليف ،المر والنهي ،الطاعة والمعصية ،الوعد والوعيد،
الثواب والعقاب.
)6الصلة بين الناس :الولية والبراءة والوقوف.
وقد جاء الكلم في هذه القضايا مقتضيا في الغالب مكمل للشرح إل في بعض المواطن حيث تقع
الطالة بالستشهادات أو في الردود على الفرق المخالفة للباضية.
وقد جاءت هذه الحواشي مدعمة بإحالت على أهم مصادر الباضية في الصول والمصادر غير
الباضية (. )100
والمنهج المقارن متبع أيضا للتمييز بين آراء الباضية وبين آراء بقية الفرق.
( )1/150
والى جانب هذا نلمس اعتناء كبيرا بالشروح اللغوية وبالعراب وبالنكت البلغية ،كما ل يغفل
أصحاب هذا العمل عادة عن تحقيق ما ينبغي تحقيقه وذلك عن طريق المقارنة بين عدة نسخ من
كتاب شرح الجهالت فيرجحون ما ينبغي ترجيحه بقولهم ":واللئق أن يقال" ويخطئون ما يتضح
أنه بعيد عن الصواب.
وتجلى كذلك في هذا العمل النزعة التعليمية إذ تتمثل رغبتهم في تقريب المتن والشرح للقارئ مع
إراحته من عناء الرجوع الى القواميس وإلى المصادر إل للستزادة في التعمق لكن هذا يؤديهم
في كثير من الحيان الى التكلف بحيث يلمس القارئ أن كلم المتن والشرح أوضح بكثير مما
ورد في الحواشي.
والملحظ أخيرا أن حاشية أبي الربيع وأبي زيد توقفتا عند الصفحة 64لينهي البقية المحشي وقد
جاءت الصفحات الخيرة سريعة ولعل مرجعه ذلك الى استيفاء المسائل في البداية.
والمخطوطة موجودة في البارونية بها 77صفحة من الحجم المتوسط بكل صفحة 25سطرا وقد
نسخها سعيد بن عبدال الباروني لشيخه سعيد ابن تعاريت سنة .1843 /1259
وإن لحظنا مثل هذا العتناء بهذه المتون فقد اعتنى الباضية بمتن آخر جاء شعرا أل وهو
القصيدة النونية فماذا عن هذا العتناء؟
====================
)96ينسب إلى تبغورين( انظر ما سبق .)116لقد ألم المؤلف في كتاب الجهالت بأهم قضايا
أصول الدين :ال تعالى وجوده وصفاته الذاتية كلم ال أسماؤه ،النبياء والرسل والملئكة،
الولية والبراءة ثم ألح على العلقة بين الدين والسلم واليمان والتوحيد معتمدا على العلقة بين
الخصوص والعموم أو العكس ،كما يبين حكم الرادين على ال ورسوله والكاذبين عليهما
والمستحلين لما حرم ال وحكم من يدفع الجماع ،كما وضح مختلف معاني الكفر والشرك والنفاق
ومقابلتها لليمان ،وحدد أيضا مال يسع جهله وما يسع جهله.
( )1/151
وقد انطلق المؤلف للنظر في كل القضايا من السؤال التالي ":ما دليلك على أنك مخلوق؟ ثم تدرج
من المخلوق إلى الخالق.
أما المنهج المتبع فهو منهج تعليمي قائم على السؤال والجواب بمثل هذه الصيغ" إن سألت سائل"".
ما دليلك على أنك مخلوق؟" "،ما الفرق بين الكفر والشرك؟" "،سألت عن" " ،فإن قال فقل" "،وإذا
قيل لك فإنك تقول""،فإن قال قائل فقل".
وتتجلى من خلل هذه الطريقة النزعة التعليمية فكأن المصنف يهيء تلمذته لمناظر الخرين
فيقلب جميع وجوه السؤال حول القضية الواحدة ويرجع إليها في مواطن عدة فيشرح اللفاظ
شرحا لغويا واصطلحيا ويذكر بعض الفتراضات التعجيزية ،وفي كل ذلك يضع الجواب
المناسب حسب الصول الباضية دون أن يحيل على المصادر إل نادرا.
وختم النص بفصل سمي كتاب الدلئل نسبه أبو عمار عبد الكافي إلى غير تبغورين ومحوره
المطالبة بالتدليل على صفات ال تعالى مثل العلم والقدرة والكلم الخ...
والتحليل الداخلي للنص يجعل القارئ يرجح أن الكتاب تداولت على تأليفه عدة أقلم يصعب
التعرف على أصحابها.
وبالبارونية نسخة خ منه عدد صفحاتها 35وبكل صفحة 23سطرا.
وقد نسخها سعيد بن عبدال الباروني لشيخه سعيد بن تعاريت صاحب الرسالة في تراجم علماء
جربة سنة .1259/1843
وقد شرح هذا المتن أبو عمار عبد الكافي شرحا مفصل فتتبعه جملة جملة وحقق جميع مسائله
تحقيقا معمقا من القرآن والسنة ورأي يحيى بن أبي بكر صاحب كتاب السيرة وأخبار الئمة.
كما أنه يقرر دائما رأي الباضية مشيرا إليه بقوله ":قال أصحابنا" ثم يرد على الراء المخالفة
منبها إليها بقوله ":عند أهل الخلف"" الجاهلون"" ،أهل الباطل" ويذكر من بين هؤلء الروافض
والمعتزلة والجهمية والمشبهة.
كما يرد على بعض المخالفين من الباضية.
ونلمس في هذا الشرح اعتمادا كبيرا على الشروخ اللغوية في فهم بعض الصيغ التي تحتاج إلى
التأويل ،أما عن النزعة الجدلية فهي واضحة في كامل الشرح.
( )1/152
وتوجد مخطوطة منه بالبارونية بها 178صفحة بكل صفحة 25سطرا وهي من الحجم المتوسط
وقد نسخها يحيى القناص اليفرني بتاريخ 1123/1808وقد شرع في تحقيقها عمر ونيس لعداد
دكتوراه مرحلة ثالثة بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين ( .نوقشت هذه الطروحة في ماي
)1986
( )97ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة79:
( )98نفس المصدر82:
( )99ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة80:
( )100ل فائدة في إعادة ذكر المصادر التي ذكرت من قبل.
---
( )1/153
( )1/154
وهذا عبد العزيز الثميني ( )103ينوه بهذا الشرح عندما أراد تشذيبه مما فيه من تكرار مع إضافة
معان مناسبة لمحلها فيقول ":فوجدته شرحا جامعا للمقصود بالذات وبالقصد الول من فوائد
العقائد الدينية ،وحاويا للمقصود بالغرض ،وبالقصد الثاني من موائد القواعد النحوية ولطائف
السرار المعانية وكاشفا عن وجوه المخدرات البيانية ،وجيدا بجواهر من المحسنات البديعية،
ودرر من القوانين المنطقية وكنوز عزيزة من المسائل الفقهية ،واضعا للكل على طرف التمام
بحيث يجتنيه منه طالبه بأدنى إلمام" (. )104
ونضيف الى هذا التعريف التنبيه إلى أن التلتي اعتمد على منهج تحليلي مقارن يورد فيه القوال
مدعمة بأدلتها منسوبة الى أصحابها سواء أكانوا من الباضية أم غير الباضية.
وقد اتبع التلتي منهجا موحدا مع كل البيات ويتمثل في أن ينطلق من الشرح اللغوي والعراب
ثم بعد ذلك يحوصل معنى البيت بقوله ":وحاصل معنى البيت وزيادة" وبعد ذلك يحلل القضايا
الصولية تحليل مستوفى بقدر المكان.
والمخطوطة متوفرة في البارونية بخط واضح عدد ورقاتها 236ورقة من الحجم المتوسط بكل
صفحة 24سطرا .ويذكر في آخرها أنه فرغ من التأليف .1759 /1172أما النسخ فتم بجامع
بني لكين بتاريخ جمادى الولى /1265افريل 1848على يد صالح بن سعيد الباروني.
من خلل هذا العرض للشروح والحواشي نلمس بوضوح غزارتها بالنسبة الى المؤلفات الذاتية
لكن قبل أن نصل الى الستنتاج العام يحسن أن نقف عند الجوبة والردود.
الردود والجوبة :لقد وردت على الباضية في هذه المرحلة تهجمات عديدة وذلك نتيجة لتقلص
عدد الباضية في عدة مواطن مثل مدينة غدامس وهذا اضطر علماءهم الى أن يدافعوا عن
مبادئهم.
كما أن علماء الباضية كثفوا في ما بينهم التساؤل عن القضايا الخلفية العقائدية وذلك حتى
يستحثوا بعضهم على توفير أجوبة مختصرة تمكن من الدفاع عن المبدأ عند الحاجة.
( )1/155
( )1/156
أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :يذكر علي يحيى معمر نقل عن شيخه إبراهيم أبي اليقظان أن أبا
مهدي يرجع الى عرش أولد نائل نشأ على المذهب المالكي ثم تحول إلى الباضية فصار من
أعلمها ،وممن تمر بهم نسبة الدّين إذ أخذ عنه محمد بن زكرياء الباروني من نفوسة وداود
التلتي من جربة ( )107ومجموعة من علماء وادي ميزاب.
أما أبو مهدي فقد أخذ عن عمي سعيد بن علي الجربي ( )108واستقر بمدينة مليكة وبها توفي
سنة 1564 /971وإليه تنسب المقبرة المعروفة باسمه (مقبرة سيدي عيسى) هناك (. )109
ومعايشته للبيئة المالكية والباضية ستجعله أكثر قدرة من غيره على الردود لنه تحول عن
اقتناع .وهذا رده على أبي الحسن البهلولي الذي كفر الباضية واعتبرهم مكذبين بالكتاب والسنة
وإجماع المة.
=================
( )101انظر ترجمة صاحبها 85:وهي متن يحتوي على 128بيتا شمل جميع مواضيع العقيدة
وقد شرح عدة مرات من ذلك .شرح إسماعيل الجيطالي (.)750/1349
شرح عمرو الويراني(11-10هـ) 17-16م) سماه المصرح وقد شرحه يوسف المصعبي(ر.
النامي :الطروحة ص ()303لم نتمكن من الحصول عليها)
شرح عبد العزيز الثميني( )1223/1808سماه النور.ط .بالبارونية بمصر 1306وصول من
جديد بوادي ميزاب المطبعة العربية غرداية .1981
( )102انظر ما يلي174:
( )1/157
( )1/158
( )108سعيد بن علي الخيري الجربي(ق )10/16نشأ في قرية آجيم -وهذا معنى الخيري -أخذ
عن شيخه ابي النجاة يونس التعاريتي ،وانتخب ليصلح مجتمع وادي ميزاب الذي دب إليه الفساد.
وفعل فقد قام بالمهمة أحسن قيام ،وأهل ميزاب إلى لن يعتبرون أنه باعث نهضتهم الحالية .
ر .إبراهيم أبو اليقظان :ملحق لسير الشماخي خ ملك ورثته بالقرارة ص 5وقد انطلق في عمله
بترجمة عمي سعيد.
ر .الجعبيري :نظام العزابة271-269 :و 291-290
ر .محمد محفوظ :تراجم المؤلفين التونسيين ط دار الغرب السلمي لبنان ط -2/280 19821
281ولم نضعه في المتن لننا لم نعثر له على كتابات في أصول الدين.
( )109ر .علي يحيى معمر :الباضية في الجزائر242 :
---
( )1/159
( )1/160
والرسالة استيعاب وإعادة لما ورد عند السلف وترى المؤلف يسند التعريفات إلى أصحابها من
أمثال أبي عمار وأبي يعقوب وأبي عمرو السوفي وأبي نصر وابن جميع.
فوظيفة الرسالة ل تتمثل في الستنباط وإنما تقوم على توفير النصوص الباضية في موضوع
واحد بين يدي السائل.
ونرى المؤلف واعيا بذلك إذ يقول ":وإنما حملني على تكرير المسائل وتقرير الدلة للسائل مع أن
الجواب في بعضها رغبة في نيل فضل الفكر ،ولذة الذكر ،فالمتفكر به في النعيم الدائم والصلح
القائم ولن في التكرير تقرير المعاني في النفس وتثبيتا لها في الصدور."...
جواب لهل عمان :لقد وردت على أبي مهدي رسالة من أهل عمان سنة 1507 /913تتضمن
أسئلة في الصول والفروع ،وقد جاء الرد موسعا إذ يتضمن 33صفحة جاءت ضمن مجموع خ
بالبارونية ويمتد من ص 63إلى 96صفحاته من الحجم المتوسط ويبلغ عدد السطر 21سطرا
بالصفحة.
ومراحل الرسالة تتمثل في :تقديم يذكر بورود الرسالة :ضبط نص الرسالة الواردة .شرح مقدمتها
شكل ومضمونا ثم الجابة عن السئلة .ويهمنا خاصة السؤال الول وهو في الولية وقد وردت
فيه تعريفات لعدة قضايا مثل الشفاعة وخلق القرآن.
والملحظ أن أبا مهدي يعتمد اعتمادا كليا في تحليل القضايا على المصادر الباضية وهذا طبيعي
إذ الخطاب موجه للباضية بعمان.
كما نجد ضمن هذا المجموع 8صفحات من 2إلى 9لم تسند إلى صاحبها لضياع بداية النص،
والمقارنة مع رد أبي مهدي علي البهلولي تجعلنا نرجح أنها من تأليفه إذ يكاد يكون النص واحدا،
إل أن اللهجة جاءت تقريرية لختلف المخاطب.
وقد عالج المؤلف فيها قضيتين:
قضية خلق القرآن :واعتمد أدلة من القرآن تثبت أنه مخلوق منها :الجعل ،والنزول ،والذهاب،
والتفاضل ،وقضية الحكاية والمحكي ،وقد استفاد كثيرا من رسالة متقدمة في الموضوع لبي
اليقظان الرستمي (. )112
( )1/161
قضية استحالة رؤية ال تعالى :فأورد أدلة من القرآن والسنة ومن أقوال الصحابة مع التذكير
ببعض حجج علماء الباضية وغيرهم ممن قالوا بالرؤية.
والمتأمل في هذه الصفحات على اختصارها يتبين أنها استوعبت القضية استيعابا مقبول.
ذلك هو بعض ما وصلنا من رسائل أبي مهدي يدل دللة واضحة على تعايشه المخلص مع الفكر
الباضي فماذا عن جواب محمد بن زكرياء الباروني؟
)1جواب محمد بن زكرياء الباروني النفوسي :هو أبو عبدال محمد ابن زكرياء بن عبد الرحمن
بن موسى الباروني( ت )1589 /997من علماء جبل نفوسة نشأته الولى بيفرن ثم رحل الى
جربة فأخذ عن أبي سليمان التلتي (.)1560 /967
وقد كتبت نسبة الدين نثرا وشعرا وهما ملحقان بآخر سير الشماخي وقد عرضها على شيخه
التلتي فاستحسنها.
وقد اخذ عنه عمر بن علي بن ويران السدويكشي.
وقتل مع جماعة من العلماء بقلعتهم بيفرن عند هجوم الثائر يحيى بن يحيى السويدي سنة /997
. )113( 1589
وقد عالجت الرسالة عدة قضايا فقهية لكنها بسطت القول في قضيتين من قضايا الصول هما
استحالة الرؤية وخلق القرآن وجاء الحتجاج على طريقة السلف ليس فيه أي ابتكار وتتمثل قيمة
الرسالة في تقريب هاتين القضيتين من السائل أو ممن لم تتوفر بين يديه أمهات المصادر في هذا
الباب.
والمخطوطة بالبارونية تضم 5ورقات من الحجم المتوسط بخط دقيق وعدد السطر 39
بالصفحة .لم يذكر الناسخ في آخرها .إل أن المؤلف أشار بوضوح الى أنه انتهى من تأليفها في
جمادى الولى سنة /966فيفري 1559في يفرن بمنزلهم في القلعة .وقد ذكر في آخرها القتال
الذي كان يدور بين التراك والعرب آنذاك في جبل نفوسة.
ثم الى جانب هذا النوع من الردود والرسائل نجد رسائل موجهة الى أولي المر عن مواقف
الباضية ومصالحهم الحياتية ومن ذلك رسالة يوسف المصعبي الى والي طرابلس.
( )1/162
)2رسالة يوسف المصعبي للدفاع عن شهادة الباضية :رفعت قضية سنة 1742 /1155الى
القضاء في طرابلس فرأى بعض القضاة رد شهادة بعض الشهود لنهم إباضية ولم تذكر الوثيقة
اسم القاضي إل أنها ذكرت أن ذلك حدث زمن احمد باشا (.)1745 -1711 /1158 -1123
وأمام هذا التحدي السافر كاتب إباضية نفوسة يوسف المصعبي وقد كان التجأ إليهم من قبل سنة
،1727 /1140وحضر معهم الجتماع العلمي المنعقد بللوت سنة ،1691 /1103ليبين عقيدة
الباضية وليدافع عن صحة شهادتهم فلبى طلبهم ووجه رسالة الى والي طرابلي أحمد باشا
تحتوي على 14صفحة من الحجم المتوسط بكل صفحة 24سطرا .خ البارونية بدون رقم و د.
ت ( )114فبين في مقدمتها سبب الشكوى وقد أشرنا إليه من قبل ثم بناها على أصل وفرع
وخاتمة.
أما الصل فبين فيه حقيقة الباضية في لهجة رصينة ،فجاءت مختصرة واضحة من نوع المتون
التي تحرر ليحفظها المبتدئون.
وأما الفرع فوضح فيه اعتمادا على أقوال علماء المالكية ضرورة قبول شهادة أهل القبلة وعدم
تكفيرهم.
وأما الخاتمة فطرح فيها أسئلة تثير قضايا عقلية ونقلية في علم المناظرة وعلم الفرائض وما إلى
ذلك مبينا أنها موجهة إلى الوشاة ل لغيرهم ،وفي هذه السئلة ضرب من التعجيز لهؤلء حتى
يقلعوا عن غرورهم.
وقد جاءت بداية الرسالة طافحة بالشكوى والسى والتأسف على ما وقع بين المسلمين .أما بقية
الرسالة فبينت سعة اطلع المصعبي ،وقدرته على اعتماد حجج من غير المصادر الباضية تخدم
قضيته وتنصف أصحابه ،وفعل فقد آتت الرسالة كلها وأقرت بعد ذلك شهادة الباضية في
طرابلس هذا عن رسالة المصعبي فماذا عن رسالة الجادوي إلى مراكش؟
=======================
( )110نص الرد113:
( )1/163
( )111الرسالتان خ بالبارونية ضمن مجموعة به ثلث رسائل لبي مهدي :الولى والثانية هما
الرسالتان المذكورتان ،والثالثة موعظة موجهة لهل وارجلن ل علقة لها بموضوعنا .ويحتوي
المجموع على 29صفحة بخط واضح ولم يذكر بها ل تاريخ الكتابة ول تاريخ النسخ .وتضم
الصفحة 22سطرا والولى تمتد من ص 8-1والثانية من ص ،21-9والثالثة من 29-21
( )112انظر ما يلي353:تعليق 30
( )113ر .سعيد ابن تعاريت :رسالة في تراجم علماء جربة44:
( )114وطبعت ضمن مجموعة رسائل بالجزائر ،د.ت من ص 86إلى ،106اعتمدنا النسخة
المخطوطة لن المطبوعة لن المطبوعة لم تتوفر لدينا إل في وقت متأخر.
---
( )1/164
( )1/165
وهي خ تحتوي على 22صفحة من الحجم المتوسط بكل صفحة 25سطرا موجودة بالبارونية.
نسخت .1811 /1226
وقد عالجت الرسالة أهم قضايا أصول الدين :ال ل تبدو له البدوات ،الكفر واليمان ،الخلود،
الوعد والوعيد ،حكم أهل الكبائر .كما تعرضت إلى موقف الباضية من الفتنة الكبرى ومن
المويين والعباسيين ،وعرفت بإباضية عمان والمغرب.
وقد جاءت عناصرها مضطربة لنها كثيرا ما ترجع إلى القضايا عدة مرات.
وإلى جانب هذه الرسالة يجدر أن نذكر رسالة محمد ابن أبي القاسم الباروني في الرد على
صحائف من مزونة من الجزائر وقد طبعت ضمن مجموعة بالجزائر د .ت .من ص .86 -70
وانطلقت الرسالة بالتعريف بعقيدة الباضية ثم دافعت عما اتهم به بنو ميزاب مثل موقفهم من
الصحابة ،ثم تعرض صاحبها لقضايا لغوية ،وعرض مجموعة من السئلة وهي ضرب من
التعجيز (لعلها ترجع إلى مطلع ق .)19 /13
كما يمكن أن نذكر رسالة عيسى ابن أبي القاسم الباروني وقد كتبها سنة ( )1795 /1210ردا
على فقهاء غدامس وهي رد على رسالة واردة من للوت .وهي خ بالبارونية تحتوي على 40
صفحة من الحجم المتوسط وبكل صفحة 22سطرا .ناقصة في آخرها ول نعرف ل الناسخ ول
تاريخ النسخ.
وقد عرف فيها أسس عقيدة الباضية وموقفهم من الفروض والمحرمات،كما بين موقف الباضية
من الصحابة ،وأورد نبذة من الحاديث عن الفرق الضالة ونوه بأئمة الباضية ثم جاء رده عنيفا
حيث بين ما في أهل غدامس من عيوب ورد على السئلة الموجهة في موضوع صلة الجمعة
والصحابة والبعث.
وأما المنهج المتبع فهو قائم على الختصار ،ويورد نص الرسالة كامل ثم يحلله ويرد عليه شيئا
فشيئا.
مع الملحظ أن العنصر الثالث ناقص من المخطوطة التي بين أيدينا.
كما يمكن أن نذكر كتاب المسلك المحمود لمعرفة الردود لسعيد بن تعاريت(انظر ص 83وقد جاء
ردا على ما عرف بالفتوى الكاملية التي طعن فيها صاحبها في الباضية (. )119
==================
( )1/166
( )1/167
( )1/168
كما أنه لم يتعرض الى الشروح اللغوية أو النكت البلغية رغم ميله الى ذلك ،وإنما حرص على
أن يكون عمله اختصارا مستوفيا لهم القضايا.
وقد طبع هذا المختصر مع مجموعة من النصوص بعنوان " العقيدة المباركة" ترتيب محمد خليفة
مادي .ط الفجالة الجديدة القاهرة د .ت .وذلك من ص .168 -144
وبهذا نكون قد استوفينا تعريف ما تمكنا من الحصول عليه من التراث الكلمي عند الباضية بعد
التعرف على الطار التاريخي الذي يتنزل فيه ولم يبق إل أن نقف عند البعد الحضاري لهذا
التراث.
إن المتتبع للتراث الباضي يتبين بوضوح أن خوضه في قضايا العقيدة كان من وقت مبكر ،وذلك
لن أئمة الباضية عايشوا أحداث الفتنة الكبرى من قريب ،وموقفهم كان واضحا في شأنها وقد
كلفهم هذا الموقف كبير عناء في حياتهم وهكذا كان المر بالنسبة إلى أتباعهم عبر التاريخ.
وما كاد يدخل العقد الثاني من النصف الثاني للقرن الول هـ وبالضبط سنة 683 /64حتى
اتضح موقفهم من مرتكب الكبيرة على لسان إمامهم عبدال بن إباض الذي كان يتعاون مع المام
جابر بن زيد حيث اعتزل موقف القائلين بالخروج المطلق على أساس أن الموحد يجب أن يعامل
معاملة خاصة إن ظهرت عليه المعصية ،وانطلقا من هذا الموقف المبكر توسعت النصوص
الباضية في التمييز بين الكفر والشرك وكفر النعمة كما سنوضح ذلك في الباب الثالث من أبواب
هذا البحث وهم في هذا يختلفون عن المعتزلة الذين لم يتضح قولهم بالمنزلة بين المنزلتين إل في
أوائل القرن الثاني للهجرة ،كما يتميزون عن القائلين بالرجاء.
( )1/169
أما موقفهم من المامة -ويعالج عادة مع القضايا الصولية وإن كان الى الصول الجتماعية
أقرب -فقد اتضح من تعيين المام عبدال بن وهب الراسبي بصفة عملية فهو ل ينتمي لل البيت
ول لقريش وكان انتخابه شورى بين المسلمين الذين عرفهم التاريخ بالمحكمة .هذا قبل خروج
جماعة عن مبادئ المحكمة .أما بعد ذلك فرسالة عبدال بن إباض الى عبد الملك ابن مروان
جاءت أحسن دليل على عدم اعترافهم بملك بني أمية الوراثي.
وفي هذا الخضم السياسي العقدي المتموج بدأت تتضح ملمح علم الكلم شيئا فشيئا فلم يكن
التراث الباضي خاليا منها بل يتضح من خلل ما جاء من رسائل وخطب ومناظرات أن
الباضية اعتبروا العمل جزء ل يتجزأ من اليمان كما تسربت الى حلقات أبي عبيدة والربيع
مواقف من بعض الباضية تتبنى قول المعتزلة في القدر فتصديا لها بقوة وأعلنا البراءة من
أصحابها.
ويصل صدى هذا الموقف إلي مصر فيكتب عيسى بن علقمة المصري كتابه التوحيد الكبير ليرد
على عبدال بن يزيد الفزاري في هذه القضية وفي قضية السماء والصفات كما يشير إلى ذلك
أبو عمار عبد الكافي في شرحه لكتاب الجهالت والكتاب لم يسعف الزمن به بعد.
ومن هنالك يرتبط تراث الباضية بالمغرب بتراثهم بالمشرق وتنطلق المدرسة المغربية في
النتاج ،فتأتي رسالة أبي اليقضان الرستمي في خلق القرآن ورسالة عمروس بن فتح الموسومة "
بالدينونة الصافية" في أهم قضايا أصول الدين.
( )1/170
ولم يظهر الشعري والماتريدي في القرن الرابع هجري إل بعد أن اتضحت مواقف الباضية في
أبواب العقيدة ،لكن الشعري حشرهم في زمرة الخوارج ونسب إليهم من الفرق مالم يرد ذكره
في مصادرهم ،ولم يحل على هذه المصادر رغم وفرتها آنذاك في ما نتصور ،وإن يذكر بعضا
من مواقفهم التي يرتضونها .ومعلوم أن الشعري كان منطلقا أساسيا لما عرف في ما بعد
بالشاعرة أو بأهل السنة فغطى التراث الباضي لن الناس ظلوا يحترسون من هؤلء الذي
يكفرون غيرهم .وفعل قد جاءت كتب المقالت في ما بعد مكررة ما قاله الشعري أحيانا بنصه
وأحيانا بشيء من التصرف.
وفي هذا المحيط ظلت تنمو المدرسة الباضية بالمغرب طيلة القرن الرابع والخامس هـ الى أن
رسخت قدمها رسوخا متينا في مدينة وارجلن في القرن السادس هـ خاصة مع أبي عمار عبد
الكافي في كتاب الموجز وفي كتاب شرح الجهالت وفي كتاب أبي يعقوب الوارجلني الدليل
والبرهان ،وفعل فقد تصديا للردود على الفلسفات اللحادية من جهة ،وعلى جميع الفرق
السلمية من جهة أخرى ،وقد وقع التركيز خاصة على المدرسة الشعرية في جميع قضايا
أصول الدين مما وقع فيه الخلف بين المدرستين.
وبعد هذا القرن الذي يعتبر العصر الذهبي بالنسبة الى البداع في علم الصول تحول مسلك
التراث الباضي الى المختصرات والشروح فهذا عامر الشماخي يولي اهتماما كبيرا بالفقه ول
يكتب إل مختصرا في العقيدة سماه كتاب الديانات ،وهو عبارة عن مذكرة شاملة لعقيدة الباضية،
وكذلك فعل إسماعيل الجيطالي في الباب الول من كتاب قواعد السلم وفي قسم من كتاب
القناطر وإن توسع في التحليل على شرح النونية وعلى هذا المنوال ينسج البرادي في القرن
التاسع هـ في شرحه لكتاب الدعائم لبن النظر العماني.
( )1/171
فخلصة الحديث عن هذه القرون التسعة أن التراث الباضي فيها حرص على رعاية البذرات
الولى في أصول الدين النابعة من فهم الئمة لكتاب ال تعالى ولسنة رسوله صلى ال عليه وسلم
.فظلت هذه البذرة تنمو من القرن الول هـ شيئا فشيئا إلى أن آتت أكلها في القرن السادس
هـ .وقد استطاعت وارجلن عاصمة الباضية الثانية بعد سقوط تاهرت أن تباهي العواصم
السلمية الخرى بما ظهر فيها من شتى العلوم،ويهمنا منها في هذا البحث خاصة علم أصول
الدين ،وفعل يعتبر هذا القرن قمة مرحلة من مراحل الفكر الباضي في أصول الدين وبداية
مرحلة جديدة ذلك لن أسس هذا الفكر تكاملت حججه النقلية والعقلية ،والناظر في التراث الذي
جاء بعد القرن السادس هـ يدرك حقيقة ما نقول ،إذ ل يخلو مصدر من مصادره من الحالة
على كتاب الموجز أو الدليل والبرهان.
أما المرحلة الموالية -من القرن السادس هـ الى نهاية القرن التاسع -فقد اهتم فيها الباضية
خاصة بسيرهم وفقههم وإن لم يسكتوا عن أصول الدين ،ورأوا أن المختصرات فيها تقرب ما جاء
منظرا محلل في ما سبق ،مع شرحين موسعين في الصول هما شرح الجيطالي لنونية أبي نصر
وقد انتقد في ما بعد بأنه اشتغل بالقضايا الدبية اللغوية أكثر من اشتغاله بالقضايا الصولية
وشرح البرادي للدعائم وعليه نحيل في تعريف الباضية لعلم الكلم ،والبرادي ظهر حذقه في
الحرص على التعريف المدقق للمصطلحات وفي هذا المحيط تتنزل رسالته الموسومة بـ " رسالة
الحقائق" وهي على اختصارها قد أمدت المدرسة الباضية بقاموس مهم في التعريفات ويهمنا
خاصة تعريف المصطلحات الصولية وقد وجدنا أن كل التراث الذي جاء بعد هذه المرحلة يعتمد
على هذه التعريفات اعتمادا كليا وصريحا.
=======================
( )1/172
( )120لم نتمكن من الحصول على هذا الشرح الموسع ،ونعتقد أنه ل يخل بالعمل إذ نظرنا في
شرح التلتي الموسع للنونية والقضايا هي نفسها تتكرر هنا وهناك وللتعرف على التلتي ر .ما
سبق160:
---
( )1/173
ويفد على الجزيرة في أواخر القرن الحادي عشر هـ يوسف المصعبي متعلما فيطيب له المناخ
العلمي ،ويستقر بها إلى الوفاة ،فيسلك مسلك المحشي في تتبع النصوص الباضية وشرحه
لصول تبغورين هو أقرب ما يكون لما يسمى بالتحقيق العلمي الن ،ومعه يتحول الثقل من
جنوب الجزيرة بحومة سدويكش الى شمالها في مدرسة الجامع الكبير .ويشع في هذا القرن أيضا
عمرو التلتي وقد حط رحله بالمدرسة الباضية بوكالة الجاموس بطولون بالقاهرة وقد استطاع
بفضل ما فيه من مصادر إباضية أن يقف طويل عند الصول الباضية فشرح وحشى واختصر
وتفنن في ذلك وإن لم تتوفر جميع نصوصه بين أيدينا فإن استيعابه لقضايا الصول واضح،
ودفاعه عن العقيدة بين في ما اطلعنا عليه من كتاباته وإن قدح معاصروه في سيرته.
كل هذا يؤكد ما ذكرنا ،بالضافة إلى أن ما وجد في جبل نفوسة وفي وادي ميزاب يعتبر منطلقه
من جربة فأبو مهدي عيسى بن اسماعيل أخذ عن عمي سعيد الجربي الذي أوفدته الجزيرة
لصلح الوادي ،وفضل أبي مهدي على الفكر الباضي عامة ل ينسى لن ردوده كانت منطلقة
من اقتناع بعد اطلع ،إذ نشأته الولى كانت أشعرية وكذلك محمد بن زكرياء الباروني ،وقد برز
في باب التاريخ أكثر من بروزه في باب الصول فإنه يذكر فضل شيخه أبي داود التلتي عليه.
( )1/175
إن مثل هذه الملحظات ل تحط من قيمة المواطن الباضية الخرى في المغرب وإنما تبين
التعاون المخلص بين هذه المواطن فإن أشعت نفوسة في المنطلق فقد رفعت المشعل تاهرت
ووارجلن في ما بعد مع الجنوب التونسي وقصطيلية منطقة الجريد حاليا .وقد كانت هذه القرون
11 ،10و 12هـ من نصيب الجزيرة ليرفع المشعل في ما بعد وزادي ميزاب وما يزال .ومن
يزور الوادي الن يحس بالنفس الباضي على حقيقته .ول يفوتنا أن نشير هنا إلى أن إشعاع
موطن ليس معناه أن المواطن الخرى موات وإنما تجد فيها سعيا إلى التجدد وإلى النهوض،
ويكون ذلك عن طريق التزاور والرحلة الى طلب العلم والمتتبع سلسلة نسب الدين عند الباضية
بالمغرب يستحيل عليه أن يفصل بين علماء هذه المواطن.
وبعد بسط البعد الحضاري المتعلق بالمؤلفين يحسن أن نبين ذلك بالنسبة الى مؤلفاتهم.
يعتبر من نفل القول أن نشير إلى قلة النتاج الذاتي والمختصرات ووفرة الشروح والحواشي
والجوبة والردود فما هو السبب في ذلك يا ترى؟
إن هذه الظاهرة ليست خاصة بالباضية بل هي عامة في التراث السلمي وكأن المسلمين أحسوا
بأنه ليس في المكان أكثر مما كان فعكفوا على ما عندهم مع توقف ملكة البتكار إل في القلي
النادر .واضح أن مثل هذا التفسير يقلل من قيمة الشروح والحواشي لكن أليست هذه الشروح
والحواشي عمل فكريا؟ أو ليس اختيار المرء جزء من كيانه؟ أل يستطيع الشارح أن يبدع أثناء
الشرح وأن يتفطن إلى قضايا لم ينتبه اليها المؤلف وهل عرف الناس فكر أرسطو مثل إل عن
طريق شراحه؟
( )1/176
وفي هذا المحيط تتنزل الشروح والحواشي التي كتبت في أصول الدين في هذه القرون فجعلها
يدل على استيعاب واضح لما نظر في ما سبق مع فهم له وحسن استعمال فالمحشي والمصعبي
والتلتي ليسوا مجرد نقلة للنصوص وإنما يقارنون بين أقوال سلفهم ويرجحون قول هذا على
ذاك .وهذا المنهج تتميز به عادة هذه الشروح على النصوص الصلية لنها تتخذ في الغالب
منهجا واحدا من بدايتها الى نهايتها خاصة في القضايا التي ظهرت فيها مواقف متباينة عند
الباضية أنفسهم مثل قضية خلق القرآن وسنفصل فيها الحديث في الباب الثاني من هذا البحث.
فالشروح حينئذ توفر بين يدي الباحث مجموعة من النصوص المتفرقة الى جانب موقف الشارح
وهذا من شأنه أن ييسر على القارئ القدرة على الستيعاب والستنتاج وهؤلء الشراح ل يكتفون
بالحالة على المصادر بل في أغلب الحيان ينقلون كامل النص المقصود.
( )1/177
كما أن هذه الشروح ل تغفل عادة عن المقارنة بين نصوص الباضية ونصوص غيرهم مما لم
تشر إليه النصوص المشروحة والتراث الباضي في أصول الدين وفي بقية العلوم السلمية
يتميز بهذا المنهج وهذا يفهم حضاريا لن الباضية ظلوا طول حياتهم أقلية وسط أكثرية أشعرية
غالبا ،فلذلك يفرض عليهم تعايشهم مع الفرق الخرى أن يكونوا مطلعين على المسائل الخلفية
حتى يبصروا بها أتباعهم ليحافظوا على عقيدتهم وسط التيار العام ،وهذا ما يكاد ينعدم في
المدرسة الشعرية لن أصحابها ل يشعرون بنفس المضايقة ،وإنما تأتي ردودهم على ما يسمونهم
بأهل البدع والهواء عادة .وحتى في فترات ازدهارهم لم يلجأ الباضية الى مسلك النغلق كما
أشرنا الى ذلك في الفصل الول من هذا الباب وفعل فبفضل هذا المنهج المقارن المزدوج بين
علماء الباضية في ما بينهم وبين مختلف الفرق تمكن هذه الشروح القارئ من اطلع واسع على
عقائد جل الفرق السلمية وفعل فقد فرضت علي هذه الشروح الرجوع الى عشرات من
النصوص غير الباضية وهذا سيتجلى أثناء التحليل للقضايا في ما يلي.
ثم إزاء هذا فإن هؤلء الشراح كانوا شيوخا مدرسين يتداول عليهم الطلبة صباح مساء ،ومن كل
المستويات ،لذلك جاءت شروحهم مفعمة بنزعة تعليمية واضحة ،فهم ل يقتصرون على تحليل
القضايا الصولية بل يتوسعون في الشروح اللغوية والبلغية الى أبعد حد ،بل وجدنا من يقتصر
أحيانا على هذا النوع من الشرح فقط ،وفي هذا دللة على طول باع هؤلء في فنون اللغة وقد
بلغ عمرو التلتي في ذلك شأوا بعيدا .كما أن هذه النزعة التعليمية تتجلى أحيانا في طرح القضايا
بمنهج يقوم على السؤال والجواب ،مما يسر على المتعلم رد الحجة بمثلها عند الحاجة الى ذلك
وإن كان هذا المنهج يتضح أكثر في الجوبة والردود.
( )1/178
فهذا المسلك في الشرح والحواشي ل يبعد عما يسمى في المناهج العصرية بالتحقيق العلمي لن
الشراح كثيرا ما يضعون النصوص في إطارها التاريخي وقد اقتبسنا كثيرا من الملحظات
الحضارية من هذه الشروح ،خاصة في ما يتعلق بسير الباضية وبتعريف العلماء فمن ذلك أن
يوسف المصعبي يشير إلى أن حاشية السدويكشي كانت منطلقا لدرس في جامع أبي كثير وهنالك
أشار عليه الحاضرون بأن يتم هذه الحاشية فهذه الشارة تعتبر منطلقا للبحث عن قيمة هذا الجامع
التاريخية وعن أولئك الذين كانوا حول يوسف المصعبي كما يفهم من الطلب أنه أعلم الحاضرين
وما إلى ذلك من الستنتاجات بعيدة الفائدة والحقيقة في النهاية أن من يريد تحقيق هذه النصوص
المشروحة تحقيقا علميا ل يمكن له أن يستغني عن هذه الشروح إذ هي لبنة من لبنات البناء
الحضاري لهذا التراث.
---
( )1/179
( )1/180
فجذور المراسلت والردود ترجع إلى إمامي الباضية الولين وهما جابر ابن زيد ورسائله
وأجوبته ولم تدرس بعد دراسة علمية وإن حقق عمرو النامي شيئا منها -لكن القدر حال دون
الستفادة من هذا القسم المحقق -وطبعت عمان قسما من أجوبته الفقهية بترتيب سعيد بن خلف
الخروصي سنة 1984 /1404وعبدال بن إباض ورده على عبد الملك بن مروان مشهور.
والباضية وضعهم التاريخ بسرعة في قفص التهام لكن عندما تقوى دولتهم وتشع ثقافتهم تخف
عنهم الهجومات فتنقطع كتاباتهم في الردود ويقيمون مقامها الكتابات الرصينة التي تعتمد على
المنهج المقارن ول يخلو هذا المنهج من موقف دفاعي هادئ بينما يختلف المر عن ذلك عندما
تموت دولتهم.
وفعل ما أن تقلص المد الباضي في وارجلن في القرن السابع هـ حتى تجلت تهجمات على
إباضيتها من قبل الفرق الخرى وقد جاءت رسالة أبي عبدال الصدغياني من جربة تلبية لهل
وارجلن في الرد على من يطعن في عقيدة الباضية.
أما الردود الواردة في القرون 12 ،11 ،10هجري فسببها تقلص ظل الباضية من مدينة غدامس
وغلبة الطرف المالكي عليها وواضح أن التهجمات لم تكن واردة من مشاهير علماء المالكية
فصولة الغدامسي لول تهجمه على الباضية لما حفظ التاريخ أسمه ومهما يكن من أمر فتهجمه
كان منطلقا لرد أحمد الشماخي الذي جاء معبرا تعبيرا صريحا عنيفا عن نقط الخلف بين
الشاعرة وبين الباضية في قضايا أصولية نظرية ،وقد دفعت هذه الردود الباضية الى مزيد من
الطلع على مصادر الفرق السلمية وخاصة ما اشتهر عند الناس بأهل السنة وألحت هذه
الردود على أن المنتمين إلى هذا اللواء يختلفون في بعض القضايا في ما بينهم أكثر من اختلف
بعضهم مع الباضية.
( )1/181
وإن دلت هذه الردود على شيء فأنها تدل على التنافر الطارئ بين الفرق السلمية انطلقا من
اختلف مواقفهم تجاه القرآن والسنة ،ونحن نعلم أن هذا التنافر عزف عليه أهل السياسة عزفا
قويا من وقت مبكر ،وقد بينا في الفصل الول كيف أن وضع الباضية تحت عنوان الخوارج
جنى عليهم جناية ظلوا يتحملون تبعاتها الى يومنا هذا.
ووددنا لو سلك الشماخي مسلكا أكثر رصانة -لقدرته العلمية -واستغل النقط التي تقرب بين
مختلف الفرق ،مع توضيح أن الخلف الجتهادي ل ينبغي أن يؤدي إلى صراع وتنابز لكن أنى
له ذلك والباضية تفتك مساجدهم ويجلون عن ديارهم.
ومما يؤيد ذلك أن قضاة طرابلس أعلنوا رفضهم لشهادة الباضية سنة 1155هـ ل لشيء إل
لنهم إباضية ،فانبرى يوسف المصعبي بلهجة رصينة هادئة فحاج هؤلء الفقهاء بمصادرهم،
وكاتب واليهم أحمد باشا مما اضطرهم إلى التراجع عن موقفهم وقبول شهادة الباضية من جديد
وقد عثرنا على رد عن شكوى الباضية بختم حسين باي تونس (-1705 /1153 -1117
)1740مفاده إقرار " شهادة الباضية سنة 1709 /1120لن شهادة من أتى بالقول والعمل
أصح ممن أتى القول وضيع العمل" ( )121ولم نعثر على الشكوى والراجح أن موجهها يوسف
المصعبي نفسه .وقد سلك سعيد الجادوي نفس المسلك عندما قرر سلطان مراكش اسماعيل بن
شريف منع الباضية من تعاطي التجارة في مملكته لنهم يطعنون في الخليفتين أبي بكر وعمر.
إن مجموعة هذه الردود بينت أن الصراع لم يبق صراعا فكريا نظريا وإنما تحول إلى إصدار
أحكام قاسية ضد الباضية تمنعهم من حق من حقوقهم المدنية ،ول نغفل عن أن الباضية
يعتمدون على التجارة طول حياتهم ولم يكونوا الى الوظيف إل في الفترة المتأخرة.
( )1/182
وإلى جانب هذا جاء رد أبي مهدي على البهلولي وكأنه صراع شخصي لكنه اكتسى صبغة
إباضية عامة ذلك أن البهلولي عاب على أبي مهدي تحوله الى الباضية واتهم من وراء ذلك أهل
ميزاب بالتهم المعهودة -مثل القول بنفي رؤية ال تعالى -فجاء الرد في سياق عام تمثلت وظيفته
خاصة في توفير نصوص إباضية في أهم قضايا أصول الدين.
أما الجوبة فجاءت معبرة عن حسن العلقة والتعاون بين إباضية المغرب في ما بينهم ،وبينهم
وبين إباضية عمان وقد تميزت هذه الردود والجوبة بنزعة جدلية واضحة تتردد لهجتها بين
العنف واللطف حسب مقتضيات الحال.
وخلصة القول إن هذه الجوبة والردود جاءت معبرة عن واقع حضاري مترد تدرج فيه تقلص
الباضية شيئا فشيئا ليستقروا حيث استقروا في جربة ونفوسة ووادي ميزاب ورغم جهود هؤلء
العلماء فقد انتهت الباضية من غدامس ومن الجنوب التونسي.
وقد استمرت نزعة الردود بعد هذه المرحلة ولعل آخر ما كتب في هذا الصدد فصول من كتاب
علي يحيى معمر " الباضية بين الفرق السلمية" ط .القاهرة .1976 /1396
أما عن النتاج الذاتي ،وقد بينا أنه يكاد يكون منعدما ولذلك اعتمدنا رسالتي أحمد الشماخي في
صلب تحليلنا لقضيتي السماء والصفات ،اعتمادا كبيرا وكذلك فعلنا مع رسالة السدويكشي في
المقارنة بين القائلين بقدم القرآن والقائلين بخلقه.
أما نخبة المتين لعمرو التلتي فقيمته الحضارية تتجلى في عرضه لقضايا الصول عرضا
مختصرا مع المقارنة بمواقف الشاعرة.
فواضح إذن من خلل هذا التحليل أن تراث هذه المرحلة لم يقم على النزعة التأليفية وإنما غلب
عليه طابع التجميع والتحليل وكأنه بهذا هيأ المناخ للمرحلة اللحقة التي ستتحلى فيها النزعة
التأليفية صريحة خاصة مع قطبي الباضية بوادي ميزاب عبد العزيز الثميني ثم محمد اطفيش.
( )1/183
وفي الخير إن تراث هذه المرحلة وإن لم يأت بالجديد ،فإنه دعم التراث السابق ،وضمن
استمراريته ودفع من جاء بعده الى الستفادة من الكل وبث نفس جديد في روح هذا التراث
وعسى أن ينتبه الباضية الن إلى عرض حصيلة هذا التراث حسب المناهج العصرية حتى يطلع
الناس على هذا التراث الذي كثيرا ما اتهم أصحابه بأنهم ل تراث لهم.
وما البابان اللحقان من هذا البحث إل محاولة من هذا النوع سنسعى خللهما إلى إبراز البعد
الحضاري لهذا التراث العقدي.
فإلى الباب الثاني من هذا البحث ومحوره تحليل المباحث الكلمية المتعلقة بال تعالى.
========================
( )121ر .الجعبيري :نظام العزابة 309 :
---
( )1/184
( )1/185
وحتى المعتزلة الذين يعتبرون أن معرفة ال ل تحصل إل بالنظر ل يشذون عن بقية الفرق،
والدليل على ذلك توضيح القاضي عبد الجبار هذه المسألة بما يلي ":إن سأل سائل فقال :ما أول
ما أوجب ال عليك؟ فقل :النظر المؤدي إلى معرفة ال تعالى ،لنه تعالى ل يعرف ضرورة ول
بمشاهدة" (. )7
فول كان النطلق من الجحود أو الشك لما صح أن يكون السؤال ":ما أوجب ال عليك" لن هذا
السؤال يتضمن القرار بوجود ال (. )8
أما الماتريدي فقد بسط أدلته على وجود الخالق في " كتاب التوحيد" وأوصلها إلى أثنى عشر
دليل ،محورها دللة المحدَث على المحدِث وتوجها بان خلق النسان أعظم آية على وجود ال (
. )9
والناظر في التراث الباضي انطلقا من كلم الوارجلني المشار إليه آنفا يفهم أن اعتناء متكلمي
الباضية بالتدليل على وجود ال لم يكن من جراء خلف داخلي بين التيارات السلمية وإنما كان
دفاعيا ضد المقولت الفلسفية المخالفة للسلم.
وقد جاءت الدلة في الرد على هؤلء عقلية محضا لنهم ينكرون وجود الخالق فضل عن الوحي
وتتلخص محاورها في ما يلي:
)1العالم حادث - :لنه محصور في الجسام والعراض والعلقة بين الجسام والعراض
تفرض الحدوث.
-لن ما فيه من أجسام وأفلك متحرك.
-لن النسان وهو جزء من العالم متطور.
إذا ثبت أنه حادث فمن الضروري أن يكون له محدث ،وهذا المحدث لبد أن يكون واحدا ل يشبه
ما أحدثه ( )10بوجه من الوجوه إذ لو أشبهه لوجب التسلسل فوجب أن يكون المحدث قديما واحدا
ل شبيه له (. )11
وتضرب لتوضيح هذا أمثلة ملموسة مثل دللة البناء على الباني ،والكتابة على
( )1/186
( )1/187
معنى ذلك الكتفاء بمعرفة ال من بقية أبواب التوحيد ( )21كما بين أن قصد الجناوني من قوله
":يعرف ال بثلثة :واجب وجائز ومستحيل ،فالواجب :اللوهية والربيوبية والوحدانية ،والجائز
:الخلق والفناء والعادة ،والمستحيل :الشريك والصاحبة والولد" .الشارة إلى الحكام العقلية
بالنظر إلى ال تعالى ،يعني فالثلثة الول مما ل يتصور في العقل عدمها ،ويجب على النسان
عند أول بلوغه أن يعتقدها وذلك بان يعلم أن ال إله واحد رب ،والثلثة الوسطى مما يجوز في
حق ال ،ويجب على النسان أن يعتقد ذلك عند أول بلوغه أي بالنظر إلى حكم العقل ،مع قطع
النظر عن إخبار ال بذلك وأما بالنظر إليه فإنه لبد من اعتقاد وجودها كما هو معلوم فصارت
واجبة الوجود أيضا إل أنها لغيرها ل لذاتها بخلف الثلثة الولى والثلثة الخيرة مما ل يتصور
في العقل وجودها ويجب على النسان عند أول بلوغه أن يعتقد ذلك" (. )22
فواضح من كلم المحشي أن الحجة في معرفة الجائز العقل دون الخبار ،بينما معرفة الواجب
والمستحيل مما ل يتصور في العقل يحتاج إلى إخبار ،فكيف يمكن التوفيق بين هذا الموقف وما
ذكر من قبل من أن معرفة ال على الطلق ل تنال إل بالكتساب؟ ( )23والمحشي نفسه قد
أورد هذا النص بعينه (. )24
=================
(( )1البقرة 7( .)37-30العراف 20( .)25-19طه )122 -15ومن ذلك قوله تعالى ):
فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ،إنه هو التواب الرحيم( ( 2البقرة .)37
( )2ر .عادل العوا :علم الديان وبنية الفكر السلمي :مترجم عن المستشرق جيب -
منشورات عويدات بيروت باريس ،أكتوبر .1977
( )3ر .عادل العوا :علم الديان وبنية الفكر السلمي :مترجم عن المستشرق جيب -
منشورات عويدات بيروت باريس ،أكتوبر .1977
( )4ابن خلدون :المقدمة 836 :
( )5أبو حامد الغزالي :الحياء .مطبعة الشعب د.ت 1/183
( )6أبو يعقوب الوارجلني :الدليل 1/44
( )1/188
( )7القاضي عبد الجبار :شرح الصول الخمسة .تحقيق عبد الكريم عثمان .القاهرة
.39 :1384/1965
( )8ذكرنا هذا على سبيل المثال ل على سبيل الحصر إذ نشك في أن الشيعة والخوارج سلكوا
مثل هذا المسلك إذ القرآن نفسه يدعو إلى النظر في الخلق للقرار بوجود الخالق قال تعالى (:ألم
تر كيف خلق ال سبع سموات طبقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا وال أنبتكم من
الرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا) ( 71نوح .)15
( )9بالقاسم بن حسن :آراء الماتريدي الكلمية .أطروحة مرحلة ثالثة نوقشت بالكلية الزيتونية
للشريعة وأصول الدين بتونس سنة 1402/1982مرقونة 163-128
( )10ر .أبو يعقوب الوارجلني :الدليل ط 1/44 :1و .3/5
( )11أن مثل هذا التدليل ،وإن خل من النصوص الشرعية فإنه يقوم على رصيد قرآني ،وأبو
يعقوب الوارجلني يذكر ذلك بوضوح :الدليل والبرهان ط .1/44ر .أبو عمار عبد الكافي :
الموجز .271 -1/269
( )12ر .أبو يعقوب الوارجلني :الدليل ط .1/44 :1
( )13نفس المصدر والصفحة
( )14ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز 1/271
( )15نفس المصدر 280 :
( )16ويفسر المحشي هذه العبارة بما يلي ":معناه أنه ل يحل ول يجمل" .حاشية على كتاب
قواعد السلم ص ،14وحاشية على كتاب الوضع ص 102
( )17عامر الشماخي :كتاب الديانات45 :
( )18أحمد الشماخي :شرح العقيدة157 :
( )19المحشي :حاشية على كتاب قواعد السلم14:
( )20المحشي :حاشية على كتاب الوضع .101:
( )21هذا ما يعنينا في هذا الفصل ،والحقيقة أن هذا مرتبط بما عرف بالجمل الثلث أي ل إله إل
ال ،محمد رسول ال ،وأن ما جاء به الحق من عند ال.ر .عمر ابن جميع :عقيدة التوحيد .ط :2
37-34
( )22المحشي :حاشية على كتاب الوضع 105:
( )23وسيأتي تعريف الواجب والجائز والمستحيل في حق ال تعالى 250 :انظر ما سبق نص
كتاب الديانات195 :
( )24ر .المحشي :حاشية على كتاب الوضع 195:
---
( )1/189
( )1/190
كما أن المصعبي عند شرحه لعبارة صاحب كتاب الديانات المذكورة آنفا في أن حجة ال على
الناس الرسل ذكر أن " هذا ل ينافي أن العقل أيضا حجة ودليل على وجود الصانع وعلى
وحدانيته كأن يقال في ترتيب الدليل العقلي على وجود الصانع إن وجود الشياء ليس من ذاتها بل
من غيرها ،وإل لزم المحال وهو اجتماع أمرين متنافيين وهما الستواء والرجحان بل مرجح.
(بيانه) أن وجود كل فرد من أفراد العالم مساو لعدمه وزمان وجوده مساو لغيره من المكنة
وصفته التي خصصت به مساوية لعيرها من الصفات فهذه أنواع كل واحد منها فيه أمران
متساويان فلو وجد أحدهما بنفسه بل محدث لترجح على مقابله مع أنه مساو له إذ قبول كل جرم
لهما على حد سواء وقد لزم أن وجد شيء ن العالم بنفسه بل موجد اجتماع الستواء والرجحان
المتنافيين وذلك محال فثبت أن غيرها هو الحق جل وعل هو الذي خص كل فرد من أفراد العالم
بما اختص به ،فلوله ما جد شيء من العالم للمحال المذكور فسبحان من أفصح بوجوب وجوده
افتقار الكائنات كلها إليه" (. )34
وعلى هذا الساس يمكن أن نفهم أن هذه المصادر توجب معرفة ال على كل من توفر فيه هذا
القدر من العقل الغريزي وإن كان في جزيرة من الجزر الخالدات ( )35بل يذهب المحشي إلى
أكثر من هذا فل يشترط في ذلك دوام صحة العقل " فإن صحت غزيرة العقل في تلك الحال،
وليس مستحضرا لمعرفة ال عز وجل ،ول لما يسع جهله فهو مشرك وإن تجنن بعد ذلك سريعا"
(. )36
إل أن هذه المصادر وإن نبهت إلى هذا المعنى في معرفة ال تعالى فإنها تلح على أن المعرفة
التي ينبني عليها التكليف ل تتم إل بالكتساب والتعليم ،والعقل وحده ل يكون حجة لول بعثه
الرسل خلفا لهل الفكر (. )37
( )1/191
ويستمر الفكر الباضي على هذا النسق إلى هذا العصر كما جاء ذلك عند محمد اطفيش في شرح
عقيدة التوحيد .ط 2بعمان 1983 /1403 .ص 37وعند عبدال السالمي ( )38في كتاب
مشارق أنوار العقول ط 2بعمان ،تعليق وتصحيح أحمد الخليلي ص .148
واضح من خلل هذا التحليل للنصوص المتأخرة مدى استفادتها من تراث السلف لكنها خرجت
من وطأة الردود على الدهريين وأمثالهم لتبين حدود العقل في هذه القضية وفي هذا تفاوت بين
العلماء بين الضطرار الفطري والكتساب وظلت في كل هذا بعيدة عن حيرة الفلسفة وقلقهم.
ويقرر علماء الباضية مثل علماء جل الفرق السلمية -عدا أصحاب العدل والشيعة المامية( -
)39إن إثبات وجود ال عقل ومعرفته ل يترتب عنهما تكليف.
وبهذا نفهم أن الفرق السلمية أجمعت على أن ال موجود -وهذا بديهي -فهل سيجمعون على
موقف واحد عند الحديث عن ذاته وأسمائه وصفاته؟
=======================
( )25يقصد الباضية.
( )26المحشي :حاشية على كتاب قواعد السلم .3:حاشية على كتاب الوضع24 :
( )27المصدران السابقان 8 :و .24أما امحمد اطفيش فبعد ـن فسر مفهوم العقل قال ":وقال
غيري العقل الذي يزيد وينقص هو المكتسب فعندي أن العقل واحد مغروز في النسان ،فهو يربو
فيه إلى ما شاء ال " كتاب شامل الصل والفرع المطبعة السلفية مصر 1/8 ،1348والنص يبين
صعوبة التمييز بين العقل الغريزي والعقل المكتسب.
( )28ر .عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 21قفا ،وورقة 22وجه.
( )1/192
( )29وذلك عند تعليق أبي زكرياء الجناوني على كلم العرابي الذي سئل عن الدليل على أن
للعالم صانعا فقال :البعرة تدل على البعير ،وأثر القدم يدل على المثير ،فهيكل (استعمل بمعنى
الجرم ) علوي بهذه اللطافة (أي الدقة) ومركز سفليبهذه الكثافة( الثخانة ،وكبر الجرم) أما يدلن
على الصانع الخبير ،وعلى هذه البيات لبي العتاهية ( )826-211/748-130إسماعيل بن
القاسم ر .الزركلي العلم ( )1/318متقارب).
أيا عجبا كيف يعصى الله
-------------أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية
-------------تدل على أنه واحد
ول في كل تحريكة
-------------وتسكينة أبدا شاهد
بقوله(أي الجناوني) " :وهذه الحجة من واجبات ( الواجب ما ل يتصور في العقل عدمه) العقل
التي ل خلف بين أهل العقول فيها .ر .أبو زكرياء الجناوني :كتاب الوضع18 -17 :
( )30المحشي :حاشية على كتاب الوضع19:
( )31ر .المحشي :حاشية على كتاب الوضع25:
( )32أي تبغورين بن عيسى الملشوطي
( )33سليمان ابن أبي ستة :حواش على شرح كتاب الجهالت9:
( )34يوسف المصعبي:حاشية على كتاب الديانات25:
( )35الجزائر الخالدات :مجموعة من الجزر تقع في الساحل الغربي الفريقي .ر.دائرة المعارف
السلمية ط 2:2/535
( )36المحشي :حاشية على كتاب قواعد السلم 14:
( )37ر .يوسف المصعبي حاشية على كتاب الديانات 25 :ويقصد بأهل الفكر :المعتزلة .وقد
وضع عبدال السالمي ذلك حيث بين أل تنافر بين العقل والسماع فقال ":واعلم أن كل ما كان
حجته من طريق العقل تقوم حجته بالسماع ول عكس ،أي ليس كل ما تقوم حجته بالسماع تقوم
بالعقل ،وذلك أن طريق السماع طريق قوي ل يكاد يخفى على أحد يفهم معنى اللفظ وطريق
العقل خفي ل يكاد يدركه إل ذكي" .عبدال السالمي :الشارق.148 :
( )1/193
( )38عبدال السالمي ( )1914 -1869 /1332 -1286ولد بمدينة الرستاق ببلد عمان وبها حفظ
القرآن الكريم ومبادئ العلوم السلمية من أصول وفقه ولغة وظهر نبوغه من السابعة عشرة من
عمره وذلك لما آتاه ال من جودة الحفظ مع ذكاء نادر .ثم انتقل إلى بلدة المضيبي .ثم استقر ببلدة
القابل وتفرغ للتدريس والتأليف والفتوى .وقد حدثنا ابنه محمد أثناء رحلتنا إلى عمان عما اتسعت
به حركتيه من انضباط في الحل والترحال مع سعة الفق والرغبة في المقارنة بين أقوال
الباضية وأقوال غيرهم ،وزائر المكتبة التي خلفها يتبين تنوع المصادر السلمية على تنظيمها
تنظيما عصريا ييسر الستفادة منها .كما صور لنا متانة العلقة بينه وبين إباضية المغرب
وخاصة من خلل مراسلته المستمرة مع امحمد اطفيش.
إن مثل هذا النشاط العلمي مألوف بالنسبة إلى رجل ضرير إل أن غير المألوف يتمثل في
الحركية العملية التي إنتهت بإحياء افمامة في عمان على يد المام سالم بن راشد.
وقد تخرج على يديه عدد كبير من التلميذ نذكر منهم المامين محمد ابن عبدال الخليلي والمام
سالم بن راشد.
كما ترك ثمانية وعشرين مؤلفا نذكر منها قصيدته" أنوار العقول في الصول " وقد شرحها في
كتاب سماه" مشارق أنوار العقول".
وتوفي سنة 1914 /1332وقبره ببلدة تنوف بسفح الجبل الخضر .
ر .عبدال السالمي :المشارق(ص :ث.ذ) وترجمة المؤلف وضعها خالد بن مهنا البطاشي.
ر .عبدال السالمي ":كتاب جوهر النظام" مصور عن ط 1بتحقيق إبراهيم اطفيش.
وترجمه المؤلف من وضع المحقق.
( )39ر .محمد علي ناصر الجعفري :أصول الدين السلمي .منشورات المكتبة العصرية بيروت
د.ت :ما جاء في شأن مناقشة حجج الشاعرة في الرد على المعتزلة والمامة باستقلل العقل
بوجود معرفة ال .64 -61 :
---
( )1/194
تابع :الفصل الول :الباضية والمحكم
ذات ال تعالى:
تعريف كلمة الذات لغة واصطلحا :كيف يمكن الحديث عن ذات ال تعالى أو الحاطة بها ونحن
نعلم ( أن ما خطر ببالك فال بخلف ذلك) وأن العجز عن إدراكه إدراك كما يقول صالح بن
عمر( :رجز)
ومع هذا فإن المصادر الباضية تعرضت إلى ذكر ذات ال تعالى بما تستحق.
وقبل أن نقف عند ما ذكرته هذه المصادر رأينا من الصالح أن نقف عند تفسير كلمة الذات
اعتمادا على ما بينه ناصر بن سالم الرواحي في كتاب نثار الجوهر ( )41لن مصادر الحقبة
التي تعنينا لم تقف عند هذا الشرح على حد علمنا:
" علم أن كل شيء حصل به أمر من المور فإن كان اللفظ الدال على ذلك الشيء مذكرا قيل إنه
ذلك المر وإن كان مؤنثا قيل إنها ذات ذلك.
فهذه اللفظة وضعت لفادة هذه النسبة والدللة على ثبوت هذه الضافة.
إذا عرفت هذا فنقول إنه من المحال أن تثبت هذه الصفة لصفة ثانية وتلك الصفة لصفة ثالثة
وهكذا إلى غير نهاية ،بل لبد وان ينتهي إلى حقيقة بنفسها مستقلة بماهيتها وحينئذ يصدق على
تلك الحقيقة أنها ذات تلك الصفات.
فقولنا إنها ذات كذا وكذا إنما يصدق في الحقيقة على تلك الماهية فلهذا السبب جعل لفظ الذات
اسما للحقيقة القائمة بنفسها ،وجعلوا هذه اللفظة كاللفظة المفردة الدالة على هذه الحقيقة.
ولما كان الحق تعالى قيوما في ذاته كان إطلق اسم الذات عليه حقا وصدقا.
وبعبارة أخرى الذات هو ما يصح أن يعلم ويخبر عنه ،منقول عن مؤنث ذي بمعنى الصاحب لن
المعنى القائم بنفسه بالنسبة إلى ما يقوم به يستحق الصاحية والمالكية ،ولمكان النقل لم يعتبروا أن
التاء للتأنيث عوضا عن اللم المحذوفة فأجروها مجرى السماء المستقلة فقالوا ذات قديم وذات
محدث.
وقيل فيه كالتاء في الوقت والموت فل معنى لتوهم التأنيث.
( )1/195
وقد يطلق الذات ويراد به الحقيقة وقد يطلق ويراد به ما قام بذاته وقد يطلق ويراد به المستقبل
بالمفهومية ،ويقابله الصفة بمعنى أنها غير مستقل بالمفهومية ،وقد يستعمل استعمال النفس
والشيء فيجوز تأنيثه وتذكيره.
ولفظ الذات وإن لم يرد به التوقف لكنه بمعنى ما ورد به التوقيف وهو الشيء والنفس إذ معنى
النفس في حقه تعالى الموجود الذي يوصف بصفات الكمال ،فل حاجة إلى اعتبار المشاكلة في
خذُونِي وَُأ ّميَ إَِلهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ
قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ َأأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّ ِ
حقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ َفقَدْ عَِلمْ َتهُ َتعْلَمُ مَا فِي َنفْسِي وَلَ
قَالَ سُبْحَا َنكَ مَا َيكُونُ لِي أَنْ َأقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِ َ
سكَ إِ ّنكَ أَنتَ عَلّمُ ا ْلغُيُوبِ )( 5المائدة )116بعد ورود الشرع فيجوز إطلق اسم
أَعْلَمُ مَا فِي َنفْ ِ
الشيء ( )42والموجود ( )43والذات ل تعالى.
والمختار في ذات ال عدم انحلله إلى الماهية الكلية والتعيين بل هو متعين بذاته.
والموجود حقيقته هو الذات المتصفة بالقدرة والرادة والعلم والحياة وجميع الصفات المتعلقة
مصححة لحصول الثار من الذات كل بحسبه)44( ..
...قال جار ال ( : )45الذات مقحمة تزيينا للكلم والحق أنه من إضافة العام إلى الخاص...
...وبعبارة ذات الشيء حقيقته وماهيته.
قال في المصباح ( : )46وأما قولهم في ذات ال فهو قولهم في جنب ال ولوجه ال وأنكر بعضهم
أن يكون في ذلك الكلم القديم ،ولجل ذلك قال ابن برهان ( : )47قول المتكلمين ذات ال جهل
لن أسماءه تعالى ل يلحقها تاء التأنيث فل يقال علمة وإن كان أعلم العالمين.
( )1/196
قال الراغب ( : )48وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوها عبارة عن عين الشيء جوهرا
كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر وباللف واللم ،وأجروها مجرى النفس
فقالوا ذاته ،ونفسه وخاصته وليس ذلك من كلم العرب فكلم أصحابنا رحمهم ال جرى على
العرف في استعمالها (الذات) بمعنى النفس ،وإل فالتحقيق ما رأيت وال أعلم" (. )49
لقد نقلنا هذا التعريف على طوله لن صاحبه ألم بما قيل عن الذات إلماما واسعا وسلك في ذلك
مسلكا مقارنا ورأينا أن يفي بحاجتنا.
كتب الصول وكلمة الذات :لقد تعرضت كتب الصول لهذه القضية من خلل الردود على كل
من قال بالتشبيه والتجسيم.
ونحن نعلم أن الجدل في هذا الموضوع ل يمكن أن يقوم إل مع المقرين بوجود ال تعالى ،ومن
هؤلء أهل الكتاب.
قاليهود مثل أسرفوا في تسبيه ال بالنسان -تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا -وذلك لنهم وجدوا
التوراة ملئت بالمتشابهات مثل :الصورة والمشافهة ،والتكلم جهرا ،والنزول من طور سيناء انتقال
والستواء على العرش استقرارا (. )50
والنصارى في إقامتهم عقيدتهم على القانيم الثلثة ما يوحي بالتجسيم أيضا ،وإن كان النصارى
أنفسهم يتعجبون من نسبة هذا المر إليهم إذ يعتبرون هذه القانيم من باب الصفات (. )51
ويقول أبو عمار ":وإن هذه الفرق النصرانية تزعم أن البن كلمة الب الزلي وأن الب إنما يعلم
الشياء بكلمته ،وأن روح القدس هو الحياة التي من أجلها وجب أن يكون الب حيا)52( "...
كما أن هؤلء يعتبرون أن ال جوهر على أساس تعريف الجوهر أنه قائم بنفسه (. )53
======================
( )40صالح بن عمر( )1928 /1347نشأ في يسجن بوادي ميزاب تتلمذ على امحمد اطفيش.
خلصة مراقي العوام مع مجموعة متون د.ت 29 :وقد جاءت البيات نثرا من قبل عند المحشي:
حاشية على كتاب قواعد السلم11:
( )1/197
( )41أبو مسلم ناصر بن سالم الرواحي( )1920 -1857 /1339 -1273كانت نشأته الولى
ببلدة محرم حيث اخذ عن أحمد سعيد بن خلفان الخليلي .انتقل إلى جزيرة زنجبار جنوب شرقي
إفريقيا( قسم من تنزانيا حاليا) حيث كان أبوه يتولى القضاء لسكانها ،وبعد عودة دامت خمس
سنوات إلى عمان استقر بزنجبار وخلف أباه في القضاء وعكف على التدريس والتأليف .جمع بين
العلوم الشرعية والبراعة الدبية .توفي بزنجبار سنة .1339/1920
أهم مؤلفاته " كتاب نثار الجوهر في علم الشرع الزهر " صور عن نسخة بخط المؤلف في 3
أجزاء بعمان 1979 /1399وهو شرح لكتاب " جوهر النظام" لعبد ال السالمي ،ولقد حلل في
المسائل تحليل موسعا يدل على سعة الطلع والقدرة على الترتيب( ويهمنا القسم الول من -21
.73وله مؤلفات أخرى .
ر .مقدمة نثار الجوهر ج 1والتعريف قام به سالم بن حمود السيابي وأحمد ابن سعود السيابي :
.1/33
( )42حقيقة الشيء عندنا هو الخبر عنه ،وعند الشعرية هو الموجود والمعدوم عندهم ليس
بشيء ،وعندنا بشيء معدوم والعدم عندنا ليس بشيء" البرادي :رسالة الحقائق ص .35وفي هذا
المعنى يقول أبو زيد ابن أبي ستة:ط فالشيء حينئذ أعم من الموجود على ما ذهب إليه أصحابنا
وهو الذي تقتضيه اللغة" .حاشية شرح كتاب الجهالت ص .2وقد أورد الشعري في المقالت
آراء الفرق السلمية في معنى قولهم إن ال شيء .المقالت 281 /1و .202 /2ويقول بلقاسم
بن حسن ":ويبدو أن اغلب مفكري السلم يجيزون إطلق لفظ الشيء على اسمك ال ولكنهم
يجمعون على نفي الجسمية عنه نفيا قاطعا في أي شكل من الشكال".
آراء الماتريدي الكلمية.195 :
( )43حقيقة الموجود :الحاضر الن :البرادي رسالة الحقائق35 :
( )44ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر27 :
( )45جار ال :الزمخشري
( )46المصباح المنير تأليف أحمد بن محمد المقري( )1368 /770ط 5الميرية .القاهرة 1922
( )1/198
( :)47ابن برهان أحمد بن برهان( )1124 /518فقيه بغدادي غلب عليه علم الصول .ر.
الزركلي :العلم 279 /1
( )48الراغب الصفهاني( )502/1108الحسين بن محمد المعروف بالراغب أديب من الحكماء
والعلماء سكن بغداد .ر .الزركلي :العلم 2/279
( )49ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر28 :
( )50ر .الشهرستاني :الملل والنحل .ط القاهرة ثم كلم ال موسى ،وقال له أنا(.2/18 1968
وجاء في العهد القديم الصلح السادس(. :الرب ،وأنا ظهرت لبراهيم وإسحاق بأني الله القادر
على كل شيء
ط .دار الكتاب المقدس د.ت
( )51ر .محمد ناصر الجعفري :أصول الدين السلمي 10 :والنصاري مجمعون على أن ال
تعالى واحد بالذات ويريدون بالقانيم الصفات مع الذات ،ويعبرون عن القانيم بالب والبن
وروح القدس ويريدون بالبن الذات مع الوجود وبالبن الذات مع العلم ويطلقون عليه اسم الكلمة
ويريدون بروح القدس الذات مع الحياة (.حوار مع جان فوتان .معهد الباء البيض تونس)-
جويلية .1982
( )52أبو عمار عبد الكافي :الموجز 346 /1
( )53ر .عبد المجيد الشرقي :الفكر السلمي في الرد على النصارى .أطروحة دكتوراه دولة
نوقشت بكلية الداب بتونس سنة .1982تعريف الجوهرك 205تعريف التجسيد ،365 :تعريف
القانيم 208
---
( )1/199
( )1/200
قال تعالى ( :لقد جئتم شيئا إدا)( 19مريم )89يعني قولهم وفعلهم وهو ليس بجسم (. )62
والملحظ أن هذه المصادر ل تطيل الحديث عن تعريف ذات ال وتكتفي غالبا بالتنزيه وعلى هذا
النسق جاءت إشارات كتب ق 12 -11 -10بل توقفت عن الردود على المشبهة وعلى أهل
الكتاب وتعلقت خاصة باليات المتشابهات التي توحي بالتجسيم مبينة موقف الباضية منها.
فهذا عرو التلتي يذكر" أن ذاته العلية ل يعلمها إل هو " ( )63كما يبين أنه " واجب الوجود
لذاته" ( " )64وأن ذاته ل تقبل النقسام بوجه ( )65وأنها غير مشبهة بالذوات ول معطلة من
الصفات" (. )66
كما أن السدويكشي ينحو نفس المنهج فيقول ":ذهب أصحابنا رحمهم ال إلى أن ذاته سبحانه
وتعالى مخالفة لسائر الذوات فهو تعالى منزه عن المثل أي المشارك في تمام الماهية" )67( .
ودليلهم على هذا التنزيه كما يذكر التلتي سورة الخلص وقوله تعالى (ليس كمثله شيء )(42
الشورى . )68( )11
ولعله يحسن أل نستوفي الحديث عن هذه السورة وهذا الجزء من الية الن لن ما جاء فيهما من
الحديث عن الذات قليل بالنسبة إلى ما جاء عن الصفات.
فهذا التلتي يكتفي بذكر ما أوردناه مع إضافة قوله ":ل يماثله شيء من الشياء ل في ذاته( "....
. )69
كما أن المحشي يكتفي بقوله ":ليس كمثله شيء فهو عموم فمن ادعى فيه الخصوص فعليه بالدليل"
(. )70
أما المصعبي فخلل تحليل طويل أشار إلى أن " مثل" تفيد الذات وبالتالي فالجملة ( ليس كمثله
أحد) نفت الشباه عن ذات ال تعالى ،كما ذكر أن هذه الجملة " تنتظم التوحيد ل غير" (. )71
وحاصر القول إن ذاته تعالى هي حقيقته الخاصة التي ل يمكن أن يعلمها أحد من مخلوقاته ()72
وإنه ليس بجوهر ول بعرض وإنما هو أعظم الشياء وأفضلها وإنه جل شأنه منزه في ذاته عن
النداد والنظراء والضداد ليس كمثله شيء.
=================================
( )54أبو يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط 1/41- 1
( )1/201
( )1/202
قال المناوي( )1622 -1031/1545 -952الذات العلمية هي الحقيقة العظمى ،والعين القيومية
المستلزمة لكل سبوحية قدوسية في كل جلل وجمال استلزاما ل يقبل النفكاك البته( وعن المحقق
المناوي ر .الزركلي :العلم 76 -7/75
( )64عمرو التلتي :حاشية على كتاب الديانات.49:
( )65عمرو التلتي :حاشية على كتاب الديانات.49:
( )66عمرو التلتي :حاشية على كتاب الديانات.49:
( )67عبدال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات1:
( )68ر .عمرو التلتي :نخبة المتين ، 145:انظر ما يلي 261
( )69ر .عمرو التلتي :نخبة المتين1 :
( )70المحشي :حاشية على كتاب الوضع70:
( )71ر.يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين4:
( )72ر .عبدال السالمي :المشارق 170:تعليق 1
---
( )1/203
( )1/204
ويقول عمرو التلتي في هذا الصدد ":أسماء ال تعالى ،أي المعاني الدال عليها نحو :لفظ ال،
ولفظ العالم ،والقادر ،والمريد ،التي هي الذات العلية والواجبة الوجود بذاتها ،والذات العالمة
والذات القادرة والذات المريدة" (. )8
وقد عرفها البرادي في رسالة الحقائق كما يلي:
" حقيقة السم :ما عرف به عين أو معنى ( )9وحقيقة المسمى :المستوجب للسم" (. )10
أما تبغورين فقد بين أن أسماء الشياء كلها على أربعة أوجه :أسماء البنية التي بنيت عليها طبيعة
الشياء ،مثل :جسم ومحدث وأشباه ذلك.وأسماء استحقها الشيء بمعنى حل فيه ،وتداول عليه
مثل :حي وميت ومتحرك وساكن .وأسماء استحقها بخواتم عمله وما تصير إليه عاقبته مثل:
مؤمن كافر .وأسماء لقب يلقيها الناس على بعضهم بعضا وينزعونها إن شاءوا ول معنى لها
تتعلق إليه بل هي معارف بينهم .وأسماء ال تعالى أسماء ذاته ،ل يقال استحقها لفعال فعلها
تعالى عن ذلك علوا كبيرا" ()11
هذا في شأن التعريف الصطلحي إل أن المشكلة ل تكمن في التعريف وإنما تبدو في شأن
العلقة بين السم والمسمى.
)2علقة السم بالمسمى:
أما الشماخي فيوضح القضية من مطلع رسالته في السماء كما يلي:
" فإن قلت :ما الفرق بين التسمية والسم والمسمى؟
قلت :التسمية :فعل المسمى ،المعنى الموضوع له.
والسم :ما وضع ليتميز به المسمى من غيره ،ويتعين أتم تعيين بدليل قوله تعالى ( هو سماكم
المسلمين من قبل) ( 22الحج .)78
فال = مسم ،والمخاطبون = مسمون ،والمسلمون = هو السم" (. )12
وتذكر المصادر أن السم هو المسمى ولذلك يقول السدويكشي:
" وذهب أكثر أصحابنا إلى أن التسمية هي نفس القوال الدالة على المسمى وأن السم هو نفس
المدلول.
( )1/205
ثم يورد موقف ابن فورك ( )13الذي يذهب إلى " أن كل اسم هو نفس المسمى بعينه فقولك ال
قول دال على اسم المسمى وكذلك قولك عالم أو خالق فإنه يدل على الذات الموصوف بكونه
عالما خالقا ثم يذكر أن ما ذهب إليه ابن فورك هو مقتضى إطلق أصحابنا ثم يستشهد بكلم
أحمد بن سعيد ( )14فيقول:
" والخلف لفظي وقيل بل معنوي وذلك أنك إذا سميت شيئا باسمه فالنظر في ثلثة أسماء :ذلك
السم وهو اللفظ ومعناه قبل التسمية ومعناه بعد التسمية هو الذات التي أطلق عليها لفظ والذات
واللفظ متغايران قطعا.
والنحاة إنما يطلقون السم على اللفظ لنهم إنما يتكلمون على اللفاظ ( )15وهو غير المسمى
قطعا عند الفريقين والذات هو المسمى عند الفريقين وليس هو اللفظ قطعا.
والخلف في المر الثاني وهو معنى اللفظ قبل التسمية فعلى قواعد المتكلمين يطلقون السم عليه،
ويختلفون في أنه ثالث أم ل فالخلف عندهم في السم المعنوي هل هو المسمى أم ل ،ل في
السم اللفظي" )16( .
وقد أورد السدويكشي ملخصا للقضية يبين الغرض من الحديث عن السم والمسمى فيقول ":اعلم
أن السم غير التسمية لنها تخصيص السم لشيء مغاير له أي السم ،كما تشهد به البديهة.
وأيضا التسمية فعل الواضح وأنه منقض في ما مضى من الزمان وليس السم كذلك.
وقد اشتهر الخلف في أن السم هل هو نفس المسمى أو غيره ول يشك عاقل في أنه ليس النزاع
في لفظ فرس هل نفس الحيوان المخصوص أو غيره هذا مما ل يشتبه على أحد.
بل النزاع في مدلول السم أهو الذات من حيث هي هي ،أم هو الذات باعتبار أمر صادق عليه
عارض له ينبني عليه" ()17
ويورد المحشي عن هذه القضية ما يلي :قال بعضهم ( )18عند الختلف في السم هل هو عين
المسمى أو غيره؟
التحقيق أن الخلف لفظي فإنه إن أريد بالسم اللفظ فهو غير المسمى وإن أريد به المعنى فهو
عينه.
( )1/206
والذي يدل على أن السم عين المسمى قول ال تعالى (:ما تعبدون إل أسماء سميتموها)(12
يوسف )40فإنه من المعلوم أنهم يعبدون ذات الصنم" (. )19
ويتوسع احمد الشماخي في تقليب القضية من وجوه شتى معتمدا على التحاليل المنطقية أحيانا
وعلى وجوه البلغة أحيانا أخرى ،انطلقا من اليات التي وردت فيها كلمة اسم مثل قوله تعالى:
( ول السماء الحسنى فادعوه بها) ( 7العراف )180وقوله ( :يلحدون في أسمائه () )20
وقوله ( قل ادعوا ال أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله السماء الحسنى) ( 17السراء )110
الخ...
ويصل إلى أن الخلف اعتباري مستشهدا بموقف أبي يعقوب الوارجلني المتمثل في أن الخلف
لفظي ل معنوي)21( .
وخلصة القول :فمهما دار الحديث في شأن العلقة بين السم والمسمى فإنه يرجع إلى توضيح
الموقف الذي حدده أبو نصر ( )22في النونية بقوله( :طويل)
وضبطه عامر الشماخي في كتاب الديانات بقوله:
" وندين بأن أسماءه هو " (. )23
فتبين حينئذ أن القصد من السم ليس اللفظ وإنما مدلوله وبهذا العتبار هو عين الذات.
وبهذا يتضح أن ما ورد في هذه النصوص إنما هو امتداد لعمل السلف في اهتمامهم بالرد على
النكار الذين يلحدون في أسماء ال تعالى ويقولون إنها مخلوقة (. )24
فالفتنة الفكرية هنا داخلية خاصة وإن كانت تشمل المعتزلة.
وكل هذه التحليلت مستوحاة من ردود أبي خزر ( )25وتبغورين ( )26والوارجلني ( )27وإن
دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن القضية ما تزال قائمة في أوساط نفوسة وجربة حيث
يتعايش التجاهان في نفس المحيط عادة (. )28
ول ينبغي أن نغفل عن التذكير بأن موقف الشاعرة هو نفس موقف الباضية إذ يقول الشعري":
وإن أسماء ال يقال إنها غير ال" أما الماتريدي فيفهم من تحليله للقضية أن من السماء ما هو
غير المسمى ومنها ما هو عين المسمى وهي التي ترجع الى الصفات)29( .
فإذا تبين هذا فماذا عن اسم الجللة وأسماء ال الحسنى؟
( )1/207
==================================
( )1جاء في لسان العرب /السم :ما يعرف به الشيء ويستدل به عليه وعند النحاة :ما دل على
معنى في نفسه غير مقترن بزمن كرجل وفرس .والسم الجامع لمعاني صفات ال عز وجل.
واسم الجللة :اسمه تعالى( .ج) أسماء( ،ج) أسامي وأسام
( )2ر .عثمان بن خليفة السوفي :كتاب السؤالت3:
ر .أبو يعقوب الوارجلني :كتاب العدل والنصاف .تحقيق عمرو النامي نسخة مرقونة بمكتبتي:
47
( )3نرجح أنه يقصد عبدال السدويكشي.
( )4النكار :تسمية غالبة على فرقة من فرق الباضية لم تصلنا أخبارهم إل عن طريق الفرقة
الوهبية لذلك يصعب أن نقول في شأنهم القول الفصل حتى نعثر على مصادرهم .وتطبق عليهم
تسميات أخرى نذكر منها ":الملحدة لنهم ألحدوا في أسماء ال( والحوار القائم في التراث
الباضي في شأن قضية السم والمسمى أساسه الرد على النكار إلى جانب المعتزلة) انظر ما يلي
.218
ترجع جذور هذه الفرقة إلى عبدال بن عبد العزيز وأبي معروف شعيب ،وعبدال بن يزيد
الفزاري( انظر ما سبق )106عندما خالفوا المام أبا عبيدة والربيع في عدة قضايا من بينها
موضوع القدر فأعلنا عليهم البراءة ،وانضم هؤلء إلى المنشقين عن إمامة عبد الوهاب الرستمي
بقيادة يزيد بن فندين ،وقد رحل شعيب من مصر إلى تاهرت من أجل ذلك ،لكن عند فشل الثورة
رجع إلى طرابلس واستمر في نشر فكرته ،وبهذا ثم التآلف بين الطرفين واتضح أن إمامهم في
الصول هو عبدال بن يزيد الفزاري( انظر ما سبق )109
واستمر الصراع بين الطرفين إلى زمن متأخر (وفي القرن 12 ،11 ، 10كانوا يعمرون الجانب
الشرقي من جزيرة جربة ولهم عزابتهم .ر .كتابنا :نظام العزابة .انظر الخريطة) ولم يبق في ما
نعلم منهم الن أحد.
ر .دائرة المعارف السلمية الملحق ،186 -185النامي :الطروحةك 271 ،261علي يحيى
معمر :الباضية بين الفرق السلمية .263 -253 :
( )5المحشي :حاشية على كتاب الوضع37:
( )1/208
( )1/209
( )26ر .تبغورين بن عيسى الملشوطي :كتاب أصول الدين ص 30 -27
( )27ر .أبو يعقوب الوارجلني :كتاب العدل والنصاف48 :
( )28لقد حلل أحمد الخليلي مفتي عمان القضية تحليل ضافيا ورجح موقف القائلين بأن السم
غير المسمى.ر .جواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل.ط 1مطبعة اللوان الحديثة .نشر مكتبة
الستقامة .روي .سلطنة عمان199 -194 .1404/1984 .
( )29ر .بلقاسم بن حسن :آراء الماتريدي الكلمية.196 -193 :
---
( )1/210
( )1/211
وبما نقله عن كتاب الموجز من تعريفات" قلنا معنى ال أنه اسم للمعبود الذي ل يستحق العبادة إل
هو" وقال قوم :إن معناه من العلو في الصفة من قوله تألهت الشمس إذا علت.
وحكى بعض أهل العلم :أنه اسم تبنى عليه الصفات والقول في هذا إنه اسم للمعبود الذي ل
يستحق العبادة إل إياه ول ينبغي هذا السم إل له )37(.
وأرى من الحسن الكتفاء بهذا القدر اجتنابا لما وقعت فيه القوال من تضارب يؤدي إلى
الغموض غالبا.
وحاصل القول إن متتبع هذه المصادر يحس بتغليب مفهوم العلمية على اسم الجللة وإنها تجمع
غيرها أنه اسم ال العظم لنه ل يشاركه فيه أحد قال تعالى ( :هل تعلم له سميا) ( 19مريم )65
أي شبيها في اسم أو فعل (.)38
ذلك أهم ما قيل في اسم ال العظم فماذا عن بقية السماء؟
)4أسماء ال الحسنى
إن ما جاء في شأن السماء الحسنى من آيات وأحاديث دفع العلماء إلى النظر في أمرها واستقر
الرأي على أنها توقيفية فهذا عمرو التلتي مثل يقول " :واتفقوا أيضا على أن ال السماء الحسنى
لقوله تعالى (:ول السماء الحسنى )( 7العراف )180وعلى أنه هو المسمى نفسه بها" (.)39
كما أن الحواشي على شرح كتاب الجهالت تلح على نفس المعنى وتبين أن أسماء ال توقيفية (
.)40
وتورد هذه المصادر جميع النصوص المعتمدة في ذلك قال تعالى ( أيا ما تدعوا فله السماء
الحسنى) ( 17السراء .)110
وقال أيضا ( :ال ل إله إل هو له السماء الحسنى) ( 20طه .)8
وقال أيضا ( :هو ال الخالق البارئ المصور له السماء الحسنى) ( 59الحشر )24
وقوله عليه السلم " :إن ل تسعة وتسعين اسما" )41(.
وتحيل هذه المصادر على كتاب الموجز في تفسيره لهذه السماء(.)42
ولم يكتف أبو عمار بالتفسير بل وضع للسماء تقسيما واضحا وانطلق في ذلك من فهم ما جاء
في القرآن في هذا الشأن.
( )1/212
" وجدنا أن هذه السماء موضوعة في كتاب ال عز وجل مستعملة لمعان ثلثة كلها قد سمى بها
نفسه ووصفها بها.
أما أحدها فللذات والمدحة .والثاني فللفعل التي دون ما قد فعل .والثالث لما فعل فقط "()43
ثم يضرب أمثلة نذكر منا( :إن ربكم لرؤوف رحيم) ( 16النحل ( .)7إنك جامع الناس ليوم ل
ريب فيه) ( 3آل عمران ( .)9وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا) ( 6النعام .)95
وقد أثيرت قضية أخرى في هذا الصدد تتمثل في إمكانية إضافة أسماء أخرى بعد التسعة
والتسعين أو عدمها.
ويمكن أن نصنف هذه السماء -بعد التسع والتسعين -كما يلي:
أ) أسماء يجوز ذكرها على شرط أن تكون مضافة إلى مفاعيلها :مثل ( فالق الحب والنوى) (6
النعام ( .)95وجاعل الليل سكنا) (النعام ( ،)96فالق الصباح) (النعام )96
.
وعلى هذا القياس يمكن أن يقال يا هادي الضال ويا مصبر البصائر ويا مبين المجهولت ويا
كاشف الضراء ويا دليل المتحيرين...الخ.
ب) أسماء يجوز ذكرها وتخرج على المجاز :كأنه تقول يا سندي وأنت تقصد يا من أعتمد على
رحمته وكرمه وبره وفضله ويا من إليه أكل مطالبي وأفوض إليه أمري.
والحجة في هذا جواز قولك كما جاء في الحديث " هو الصاحب في السفر ،والخليفة في الهل"(
)44كما ل يضيق في حقه تعالى زارع ،من قوله عز وجل ( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)
( 56الواقعة )64وذلك بمعنى إحياء الزرع وإنشائه وإنمائه وجعله زرعا باختياره وإرادته
وتكوينه.
( )1/213
ج)أسماء يستحيل نسبتها إلى ال تعالى مثل :ماكر ،وساخر ،ومستهزئ ،ورام ،وغاضب ،وناس،
وخادع ،وأمثالها من السماء المشتقة من أفعال نسبها سبحانه إلى نفسه عن طريق المشاكلة وهي
ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا مثل هذا وتقديرا كما في قوله تعالى ( :صبغة
ال) ( 2البقرة )138أي تطهير ال حيث عبر عن اليمان بالصبغة لوقوعه في صحبة صبغة
النصارى أولدهم في ماء المعمودية وهو ماء أصفر يغمسونهم فيه غير مذكور لفظا.
وهذه السماء المشتقة ورد ذكرها في ما يلي:
( ومكروا مكر ال وال خير الماكرين) ( 3آل عمران ( )54ويمكرون ويمكر ال وال خير
الماكرين) ( 8النفال ( )30فيسخرون منهم سخر ال منهم) ( 9التوبة ( )79وال يستهزئ بهم
ويمدهم في طغيانهم يعمهون) ( 2البقرة ( )15وما رميت إذ رميت ولكن ال رمى) ( 8النفال
( )17وغضب ال عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) ( 4النساء ( )93يا أيها الذين آمنوا ل
تتولوا قوما غضب ال عليهم) ( 60الممتحنة ( )13فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يوهم هذا) (7
العراف ( )51نسوا ال فنسيهم) ( 9التوبة ( )67إن المنافقين يخادعون ال وهو خادعهم) ()45
( 4النساء .)142
وتجدر الشارة بعد هذا إلى ضرورة اعتبار الحوال والمقاصد عند ذكر مثل السماء التي لم يرد
بها التوقيف.
وقبل أن نختم يحسن أن نتعرف على موقف أهل السنة والمعتزلة كما أورده البيجوري في شرح
الجوهرة ":واختار جمهور أهل السنة أن أسماءه تعالى توقيفية وكذا صفاته فل تثبت ل اسما ول
صفة إل إذا ورد ذلك توقيف من الشارع ،وذهبت المعتزلة إلى جواز إثبات ما كان متصفا بمعناه
ولم يوهم نقصا وإن لم يرد به توقيف الشارع ،ومال إليه القاضي أبو بكر الباقلني وتوقف فيه
إمام الحرمين ،وفصل الغزالي فجوز إطلق الصفة وهي ما دل على معنى زائد على الذات،
ومنع إطلق السم وهو ما دل على نفس الذات.
( )1/214
والحاصل أن علماء السلم اتفقوا على جواز إطلق السماء والصفات على البارئ عز وجل إذ
ورد بها الذن من الشارع وعلى امتناعه إذا ورد المنع منه واختلفوا حيث ل إذن ول منع
والمختار منع ذلك وهو مذهب الجمهور)46(".
وحاصل القول إن أسماء ال الحسنى هي التي سمى بها نفسه ،وتمجد باتصافه بأفعالها وأمر خلقه
بدعائه بها وقد أضيفت إلى السماء التوقيفية أسماء مقتبسة من القرآن والسنة على أل تستعمل إل
بشروط محددة.
والمتأمل في كتب الصول يتبين تداخل هذا المبحث مع مبحث الصفات لن التمييز بين المبحثين
دقيق ولذلك جاء التفصيل في شأن الصفات أكثر مما جاء في شأن السماء فلنتبين ما جاء في
شأن الصفات وكيف ميز بينها وبين السماء لنصل إلى استنتاج عام نحدد فيه موقف الباضية
عامة وموقف علماء القرون المقررة في البحث بصفة خاصة من هذه المباحث.
===============================
( )30المحشي :حاشية على كتاب الوضع.38:
( )31أحمد الشماخي :شرح العقيدة13:
( )32نفس المصدر20 :
( )33نفس المصدر.20 :ر .عثمان خليفة السوفي :كتاب السؤالت4 :
( )34هو سعد الدين التفتازاني .انظر ما سبق 122تعليق 89
( )35أحمد الشماخي :شرح العقيدة22:
( )36المحشي :حاشية على كتاب الوضع 38 -37:وقد جاء النص في كتاب المنهج كما يلي :قال
جابر بن زيد ( رحمه ال) :اسم ال العظم هو ال ،أل ترى أنه يبتدأ به في جميع الشياء؟
وإذا قلت :ال(باللف واللم) فالسم تام ،فإذا حذفت (اللف) قلت :ل بقي السم تاما ،فإذا حذفت
(اللم الولى) قلت :له بقي السم تاما وإذا حذفت ( اللم الخير) قلت :هـ بقيت" الهاء" وفيها
السم تاما .ر.خميس ابن سعيد الرستاقي :المنهج . 1/352
( )1/215
وصاحب الكتاب هو خميس بن سعيد بن علي بن سعود الشقصي الرستاقي من إباضية عمان(
)17-11/16 -10والمعلومات عنه ضنينة كما يشير إلى ذلك محقق الكتاب( كتاب منهج
الطالبين) ر .خميس بن سعيد الرستاقي :منهج الطالبين وبلغ الراغبين ،تحقيق سالم بن أحمد
الحارثي ط عيسى البابي الحلبي ،القاهرة .1979.1/8
( )37ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز ،1/433 :ويصعب أن نرجع هذه القوال إلى اصحابها
لن كل مصادر المؤلف غير متوفرة بين أيدينا .وقد نقل المحشي هذه التعريفات بشيء من
التصرف :حاشية على كتاب الوضع38 :
( )38المحشي :حاشية على كتاب الوضع.38:
ر .مجلة العقيدة تصدر بعمان السنة 10عدد 8 ،419شوال 1402/29يوليو 30 :1982
تفسير أحمد الخليلي لسم الجللة .فالمنهج هو نفس منهج السلف.
( )39عمرو التلتي :نخبة المتين155:
( )40ر .المحشي :حواش على شرح الجهالت28 :
( )41أحمد الشماخي :رسالة السماء ص 2-1لحصاء السماء التي ورد ذكرها ر .إبراهيم
الزجاجك تفسير أسماء ال الحسنى تحقيق أحمد يوسف الدقاق .دار المأمون للتراث دمشق
وبيروت ط . 1399/1979 .2ر .امحمد اطفيش شرح أسماء ل الحسنى المسمى بذخر السنى
في شرح أسماء ال الحسنى ط .حجرية 1326هـ.
ر .رواية الحديث مع سرد السماء عند الترمذي( )3502وصححه ابن حبان( 2384والحاكم
،1/16وانظر شرح السنة للبغوي .5/32
( )42ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز ،436 -1/432وقد فسر أربعة وأربعين اسما .نذكر
على سبيل المثال تفسير بعض منها.
المؤمن :المصدق لرسله وأخبار بالعلم والشواهد ،والمصدق لوعده ووعيده بالنجاز ،والمصدق
لكل صدق يأتي من عنده بالحجة الظاهرة .
الول :الذي كان قبل خلقه ،وهو من تأويل قديم.
( )1/216
الصمد...:إن عبد ال بن عباس رضي ال عنهما ،وهو صاحب التأويل سئل عن ذلك فقال :هو
السيد الذي قد انتهى إليه السؤدد ...وسئل عنه عبدال بن مسعود فقال :السيد المصمود إليه في
الحوائج ،وقال الحسن هو من صمد العباد يصمدون إليه في حوائجهم .وقال سعيد بن جبير مثل
ذلك.
( )43أبو عمار عبد الكافي :الموجز 2/193
( )44والحديث ر .الترمذي دعوات .46الدارمي استئذان 42ر .ونسنك :المعجم المفهرس
للفاظ الحديث ،مطبعة بريل ،ليدن من 3/251 .1967 -1936
( )45ر .ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهرمن 36إلى 38وقد أخذنا هذا النص من النثار
لنه يوضح القضية ويستوفي آراء الباضية فيها.
( )46البيجوري :حاشية على جوهر التوحيد89:
أما صاحب" جوهر التوحيد" ،وهي منظومة في الصول ،فهو :إبراهيم بن حسن اللقاني عالم
مصري أشعري متصوف()1041/1631
وأما صاحب الحاشية الموسومة" بتحفة المريد على جوهرة التوحيد" فهو :إبراهيم بن محمد
البيجوري .عالم مصري شافعي .درس بالزهر وتقلد رئاسته في ما بعد سنة 1263/1847
وتوفي( )1277/1860ر .مقدمة الكتاب شرح جوهرة التوحيد .دار الكتب العلمية بيروت .مطابع
يوسف بيضون 3 :1983 /1403
---
( )1/217
( )1/218
ومن خلل ما ذكر نتبين أن الباضية يقرون بوجود الصفات إل أنهم يقسمونها إلى قسمين.
صفات الذات وصفات الفعل فماذا عن هذا التقسيم؟
صفات الذات:
التعريف ":هي أمور اعتبارية أي معان ل حقيقة لها من الخارج ،وإنما وصف بها تعالى نفسه
ليعلمنا أن أضداد تلك الصفات منتفية عنه تعالى" ( )7فصفات الذات صفات أزلية ول تجامع
ضدها في الوجود ولو اختلف المحل فل يقال علم ال كذا وجهل كذا)8( .
ويفسر داود التلتي هذا المعنى كما يلي ":ال حي ليس بميت عالم ليس بجاهل قادر ليس بعاجز
متكلم ليس بأخرس سميع ليس بأصم بصير ليس بأعمى مريد ليس بمستكره" ()9
تعداد الصفات الذاتية ومدلولها:
إن داود التلتي يجمع هذه الصفات في هذا البيت بعد أن فسرها كما ذكرنا قبل حين بنفي
أضدادها:
()10
(بسيط)
فهي حينئذ :الحياة والعلم والقدرة والرادة والكلم والبصار والسمع.
)1الحياة " :فمعنى كونه تعالى حيا بذاته إن ذاته تعالى كافية في استلزامها صحة الحياة له ول
حاجة فيه إلى ثبوت صفة قديمة قائمة بع زائدة مقتضية لصحة الحياة له )11( ".
" والحياة صفة ال تعالى يراد بها نفي الموت عنه ،والدليل على حياته تعالى تصرفه في خلقه
باليجاد والعدام والكرام واليلم والفناء والعادة والزيادة والنقص ونحو ذلك مما يستحيل
وجوده من الموات قال تعالى ( :كل يوم هو في شأن) ( 55الرحمان )29
ويقال ال تعالى حي ل كالحياء بمعنى أنه ليس بميت ول يموت ول يجوز عليه الموت.
حي أي ليس بميت ولم يمت قط ول يموت ول يجري عليه أن يموت)12( ".
" ويقال ال حي ومحي ومميت ( وأنه هو أمات وأحيى) ( 53النجم .)44
ويقال ال عز وجل حي على الحقيقة ول يقال حي على المعقول لول على ما يعقل.
والمعنى في صفته حي أي أنه فعال خالق محي مميت مبق مفن ل على ما يتوهم من حياة الخلق
ذوي الرواح يتعالى عن ذلك)13( ".
( )1/219
)2العلم " :ومعنى كونه عالما بذاته كون ذاته تنكشف لها جميع المعلومات انكشافا تاما من غير
قيام صفة قديمة مقتضية لذلك النكشاف" (. )14
" وعلم ال من صفات ذاته كالحياة والقدرة ...وسائر صفات ذاته خلفا لمن قال إنها معان ليست
بصفات وهو العالم بما كان وما يكون تعلق علمه بكل معلوم ( ل يعزب عنه مثقال ذرة في
الرض ول في السماء) ()15
" ومعنى علمه تعالى إحاطته بالشياء وانكشافها له ،وظهورها له ،وإدراكه لها من غير معنى
قائم فيه به ذلك العلم ،وأن علمه ليس ثابتا له بالدليل....
وعلم ال قديم ،وهو يعلم نفسه بعلمه القديم ،والمعلوم ل تعالى هو المعلوم لخلقه وإن اختلفت صفة
العلم وطرقه لن علمه بنفسه قديم وبالمشاهدة وعلم الخلق به حادث وبالدليل الموجود في ما كبر
من خلقه أو صغر.
ويقال ال عالم ويعلم وقد علم وعلم وعلم وأبصر وأدرك واستبان الشياء ويعلم أنه ليس لنفسه
شريك.
ول يقال :ال فقيه ول يفقه ول فهم ول يفهم ول عاقل ول يعقل ول حاذق ول كيس")16( .
ويضيف أبو مهدي موضحا معنى علم ال فيطرح قضية تفاضل الشياء في علم ال فيقول ":العالم
من الصفات الذاتية وتعلق علمه بكل معلوم غائب وحاضر أي كل غيب وشهادة .فإن قال قائل:
هل تتفاضل الشياء في علم ال؟ قيل :إن أردت أن الشياء متفاضلة في علم ال على أنها
متفاضلة فهو جائز وإن أردت التفاضل على علم ال عز وجل فيكون علمه ببعض الشياء أفضل
من علمه ببعض فهذا غير جائز)17( ".
)3القدرة ":معنى كونه قادرا بذاته أن ذاته تعالى كافية في التأثير في جميع المقدورات من غير
احتجاج إلى قديم زائد عليه قائم به يتأتى به التأثير")18( .
والقدرة وصف له تعالى يراد بها نفي العجز عنه والدليل على قدرته وجود المخلوقات من غير
سبق مثال.
ويقال ال قادر بنفسه وبذاته ول يقال بغير هاتين العبارتين.
وقدرته قديمة لم يزل موصوفا بها في الزل والحال وفي مال يزال.
( )1/220
ويعتبر المتكلمون أن جميع الصفات غير القدرة ينتظم في القدرة ( ، )19فمن وصفه تعالى بكونه
قديرا ليس بعاجز فقد وصفه بكل صفة من صفاته ونفى عنه كل صفة من صفات خلقه.
وهو تعالى قادرا على إيجاد ما لم يوجد من الشياء لعدم استحالة وجوده.
والقدرة الولية تتعلق بما ل يجب وجوده ول عدمه تعلقا صلوحيا بمعنى أنها في الزل صالحة
لليجاد والعدام على وفق تعلق الرادة الزلية فيها ل يزال تعلقا تنجيزيا...
ويقال ال تعالى قادر ويقدر وقدير وقدر ول يقال يقدر على نفسه ول يقدر عليها.
ويقال :الشياء على ال خفيفة يسيرة هينة ول يقال بعض الشياء أهون عليه من بعض إل في
الكافر فإنه يقال فيه هو أهون على ال من الكلب)20( .
===================================
) انظر ما سبق 213
( )2أحمد الشماخي :رسالة السماء4 :
الصفة لغة حسب لسان العرب :الحالة التي يكون عليها الشيء من حليته ونعته ،كالسواد والبياض
والعلم والجهل ،وهي عند النحويين :النعت ،واسم الفاعل ،واسم المفعول ،والصفة المشبهة واسم
التفضيل أيضا.
( )1/221
لقد حلل كل من أبي عمار الكافي في الموجز 2/180وأبي يعقوب الوارجلني في الدليل ط
11/39و 49و 3/14هذه القضية تحليل موسعا لم يتجاوزه علماء الباضية في القرون المقررة بل
اختصروه ،وتواصل نفس التحليل في ما بعد القرن 18 /12ونورد على سبيل التوضيح ما جاء
عند ناصر بن سالم الرواحي في نثار الجوهر ( 13 :الوصف :ذكر الشيء ونعته .والصفة:
الحالة التي عليها الشيء من حالته ونعته ول تقولوا لما(كالزنة التي هي قدر الشيء .والوصف قد
يكون حقا وباطل .قال تعالى 16( ( :النحل )116تنبيها على أن ما يذكرونه كذب .قوله عز
وجل( :تصف ألسنتكم الكذب ( 37الصافات )180تنبيه على أن أكثر صفاته ليس على(سبحانك
ربك رب العزة عما يصفون حسب ما يعتقده كثير من الناس ،لم يتصورعنه تشبيه وأنه تعالى
عما يقول الكفار ولهذا ( 16النحل (.)60ول المثل العلى(قال عز وجل :
وما جاء عند عبدال السالمي:
" والصفة هي اللفظ الدال على المعنى العتباري المفيد لثبات الكمال ل تعالى .والصفة في غير
هذا الموضع معنى قائم بالموصوف عليه كالصفات البشرية" .المشارق.172 :
( )3ر .حاشية كتاب الديانات49 :
( )4عمرو التلتي :شرح النونية 32قفا
( )5الحديث :لم يخرجه ونسنك في المعجم المفهرس للفاظ الحديث النبوي
( )6الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح /3عـ 831ــدد
وقد فسر المحشي قوله عليه السلم " :يحدون ال حدا بالصفة" بقوله :يصفونه بصفة المخلوقين.
حاشية الترتيب ( شرح الجامع الصحيح) .7/215لم يرد عند ونسنك .المعجم المفهرس
( )7عمرو التلتي :نخبة المتين 147-146:
( )8وقد جاء تعريف علماء هذه القرون مذكرا بتعريف سلفهم مثل ما جاء عند أبي عمار ":وإنها
( الصفات) هي ال ،ليست شيئا غيره" الموجز .2/187
وما جاء عند أبي يعقوب الوارجلني في قوله ":الصفات ليست مغايرة للذات" الدليل ط .1/48، 1
( )1/222
ويستمر نفس الموقف عنده من جاء بعد القرن 12هـ 18/م .فهذا عبد العزيز الثميني يقول" وإنما
(الصفات) ليست زائدة على ذاته تعالى قائمة بها ...بل هي في حقه عين ذاته"( النور)104 :
وهذا أحمد الخليلي مفتي عمان يقول في تعريف صفات الذات ":هي ما اتصف ال به على الحقيقة
في الزل وما لم يزل .وهي التي ل تجامع أضدادها في الوجود" (أثناء حديث لي معه في مسقط
أفريل ).1983
( )9داود التلتي :شرح العقيدة27 :
( )10داود التلتي :شرح العقيدة27 :
( )11عمرو التلتي :حاشية على كتاب الديانات52:
( )12عمرو التلتي :شرح النونية 32قفا 33قفا.
( )13أبو عمار الكافي :شرح كتاب الجهالت ص 162
( )14عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات ص 52
( )15أبو مهدي عيسى بن إسماعيل رسالة لهل عمان 85 :والية ( 34سبأ )3
( )16عمرو التلتي :شرح النونية 33وجه و قفا .عبد العزيز الثميني :النور 108
( )17أبو مهدي عيسى بن إسماعيل رسالة لهل عمان87:
( )18عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات ص .52
( )19ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة .مكتبة وهبة ،القاهرة 1965ص 151
( )20ر .عمرو التلتي :شرح النونية 33ول السماء الحسنى فادعوه بها(،قفا وجه 44لم ينتبه
التلتي إلى قوله تعالى 30( :الروم )27وفيها(وذروا الذين يلحدون في أسمائه ،سيجزون ما كانوا
يعملون إمكانية قول إن العادة أهون عليه من البدء.
---
( )1/223
( )1/224
ويجيز أصحابنا ( )25أنه عز وجل سميع لللوان بصير للصوات وهو عندهم سميع لكل شيء
وبصير لكل شيء لن مرجع هاتين الصفتين إلى العلم ومن أدلتهم قوله تعالى ( :بصير بما
يعملون) ( 2البقرة )96والعمال ليست من اللوان.
)3البصر " :ومعنى كونه بصيرا بذاته أن ذاته تعالى كافية في انكشاف جميع المبصرات له من
غير حاجة فيه إلى معنى زائد عليه قائم به يتأتى به ذلك النكشاف")26( .
" معنى بصير إثبات أنه غير أعمى وهو بصير بذاته ل بجزء من أجزائه أو ببصر زائد على
ذاته.
وقد سألت السيدة عائشة رضي ال عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم عن البصير فقال " :الذي
ل تخفى عليه اللوان" (. )27
" والذي ل تخفى عليه اللوان ليس بأعمى ويجوز على ال تعالى مبصر بمعنى بصير.
والبصر صفة قديمة له تعالى يقصد بها نفي العمى وخفاء اللوان عنه.
ويقال إنه تعالى بصير ومبصر وأبصر اللوان وكل شيء بمعنى علمه وبصر غيره بمعنى جعله
مبصرا أو رائيا ويقال أبصر بنفسه وبذاته ول يقال غير هاتين العبارتين ول يقال بصار ول
يتبصر" (. )28
)1الرادة " :ومعنى كونه مريدا بذاته أن ذاته كافية في تخصيص جميع الممكنات ببعض ما
يجوز عليه من غير قائم به يتأتى من ذلك التخصيص" (. )29
" والرادة صفة ال تعالى أزلية يقصد بها نفي الكراه عنه وهي في حق المخلوق ما به يتكون
المراد على ما أراده المريد من غير إكراه له عليها"
ويراد بها المنشيئة فهما في حقه تعالى بمعنى واحد.
وقد تكون إحداهما غير الخرى في اللغة إذ يقال فيها :أردت فلنا بمعنى قصدته ل شئته.
ويقال أردتك لكذا ل شئتك لكذا.
والرادة أكثر استعمال في التكوين والدعاة والمر.
ول يقال أراد ال نفسه ول لم يردها.
وال تعالى لم يرد نفسه لن الرادة كالقدرة وإنما تقال في الفعال ل في الذوات.
( )1/225
والرادة والمشيئة بمعنى القدرة لن القادر هو الذي إذا شاء أن يكون شيء كان ،وإذا لم يشأ أن
يكون لم يكن وهو عندنا عز وجل مريد لكل شيء وشاء لكل كائن" (. )30
والملحظ إن المتأمل في توضيح عمرو التلتي لمدلولت صفات الذات يلمس أنه اعتمد اعتمادا
كليا أو يكاد على أبي عمار عبد الكافي في شرح كتاب الجهالت ( )31إل إن التلتي تميز
بالجمع بين الشرح المختصر والشرح الموسع وذلك حسب متطلبات المنهج المرسوم في شرحه
المختصر لكتاب الديانات وفي شرحه الموسع للنونية (. )32
فالباضية حينئذ يعتبرون أن وجوده تعالى كاف في انكشاف:
جميع المعلومات :علم
جميع المسموعات :سمع
جميع المبصرات :بصر
وفي تخصيص جميع الكوائن الممكنة :إرادة
وفي ثبوت العلم وصحته له تعالى :حياة
وفي كونه آمرا ناهيا ومخبرا ومستخبرا :كلم
وفي التأثير في جميع المقدورات :قدرة
فال تعالى حينئذ عالم بذاته وسميع بذاته وبصير بذاته ومريد بذاته وحي بذاته ومتكلم بذاته وقدير
بذاته.
كما يجيز الباضية أن يقال عالم وعلمه ذاته وسميع وسمعه ذاته وهكذا.
ول يجيز الباضية أن يقال عالم بعلم أو مريد بإرادة زائدة على ذاته كما يقول الشاعرة.
فالمهم حينئذ أن ذاته تعالى كافية في حصول جميع الكمالت.
ويصح أن يقال في صفات الذات :لم يزل كقولنا لم يزل ال عالما بما كان قبل أن يكون ،ولم يزل
قادرا على إيجاد ما سيوجد قبل أن يوجد .ولم يزل مريد الوجود ما علم ال أنه سيوجد قبل أن
يوجد وهكذا.
وال موصوف بصفات ذاته تعالى في الزل وبعد الزل وفي ما ل يزال إذ لو كانت حادثة
لتصف قبل حدوثها بضدها ووصفه بها محال والمؤدي إلى المحال محال ،فحدوثها محال فوجب
قدمها لعدم جواز ارتفاع النقيضين فلو كان علمه تعالى حادثا لتصف قبل حدوثه بالجهل تعالى
عنه علوا كبيرا وهكذا باقي الصفات.
وصفات الذات ل تنفي عنه في الزل فل نقول كان ال ولم يعلم وهكذا.
( )1/226
ويقول أبو مهدي في هذا الصدد ":جميع صفاته في ذاته تقول :لم يزل موصوفا بها" (. )33
ومعنى لم يزل في صفة ال عز وجل أي لم يعدم قط ،فأما ل يزال فمعناه أي ل يكون معدوما
ول يقال لغير ال ل يزال إل بالصلة وقد قال عز وجل ( :ل يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في
قلوبهم) ( 9التوبة )110ويقولون ل يزال فلن من هذا المر حتى يموت فيه لنه لم يزل
للماضي ول يزال للمستقبل.
ول يجوز التعجب بصفات الذات لن التعجب استعظام فعل ظاهر المزية خفي السبب ولذا يقال:
إذا ظهر السبب بطل العجب أما إذا ورد من ال تعالى فيكون حسب المحشي مصروفا إلى
المخاطبين نحو (:فما أصبرهم على النار) ( 2البقرة ( )175أسمع بهم وأبصر) ( 19مريم ( )38
)34
ويوضح سليمان ابن أبي ستة عدم جواز التعجب بصفات الذات أيضا بقوله ":السر في ذلك أن من
شرط المتعجب منه أن يكون قابل للتفاوت وصفات ال سبحانه بخلف ذلك .أما قوله تعالى
اليات_و_الحاديث( أسمع بهم) فإنما جاز باعتبار متعلقه فهو في قوة قوله ":ما أكثر مسموعاته"
فالتعجب في الحقيقة من المسموع ل من السمع")35( .
" فل يقال حينئذ ما أحيى ال ول ما أقدره ول ما أعظم إرادته ول ما أسمعه ول ما أبصره كما ل
يقال في شيء من صفاته اضطراري ول كسبي)36( ".
تلك هي إذن مشاركة علماء القرون المقررة في تعريف صفات الذات وتبيين مدلولتها وقد غلب
عليها نقل ما ورد في حاشية أبي عمار عبد الكافي على كتاب الجهالت مع حرص على توضيح
ما جاء غامضا في هذه الحاشية .وقبل أن نتحول إلى تبيين موقف الباضية من أن الصفات عين
الذات يحسن أن نذكر مع أبي عمار عبد الكافي أن الباضية يعتبرون أن الرضا والولية والسخط
والغضب من صفات الذات لن الذات اللهية ل يتطرق إليها التغير ول التحول ول تتصف
بالحوادث ( )37لن هذا مهم في فهم قضيتي القدر والوعد والوعيد.
( )1/227
فماذا إذن عن مناقشة الباضية لمن يعتبرون أن الصفات الذاتية غير الذات؟
================================
( )21عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات ص 53
( )22عمرو التلتي :شرح النونية 34قفا 35وجه.ملحظة :انظر زيادة تفصيل في القضية عند
الحديث عن مسألة القرآن في ما يلي344 :
( )23عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات ص 53
( )24انظر ما سبق228:
( )25يعني الباضية
( )26عمرو التلتي :شرح النونية 34قفا ،انظر ما سبق229 :
( )27عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات ص 53
( )28عمرو التلتي :شرح النونية 34قفا
( )29عمرو التلتي :شرح كتاب الديانات52 :
( )30عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 34وجه .ملحظة :انظر زيادة تحليل لصفة الرادة عند
تحليل قضية القدر في ما يلي 231 :
( )31ر .أبو عمار عبد الكافي :شرح كتاب الجهالت166-163 :
( )32ويتواصل نفس الموقف بعد القرن 12/18فانظر على سبيل المثال :عبد ال السالمي:
المشارق 185-165 :وعبد العزيز الثميني :النور 112 -104 :وهو نفس كلم عمر التلتي.
وناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر26 :
( )33أبو مهدي عيسى بن لسماعيل :رسالة لهل عمان85 :
( )34والنص :ر .المحشي :حاشية على كتاب الجهالت33:
( )35سليمان ابن أبي ستة :حاشية على شرح كتاب الجهالت33:
( )36نفس المصدر والصفحة
( )37ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز 1/144
---
( )1/228
تابع :الفصل الول :الباضية والمحكم
الصفة الذاتية عين الذات:
كلما اشتغلت المصادر الباضية بقضية الصفات يتصدى أصحابها للدفاع عن نظرتهم ودحض
نظريات الفرق الخرى اعتمادا على آراء الباضية أحيانا وعلى آراء مجتهدين من تلك الفرق
خالفوا فرقهم في هذه النقطة بالذات.
وعمدة المصادر الباضية النصان التاليان:
-قول أبي عمار كما نقله المحشي:
قال أبو عمار رحمه ال ردا على الشعري في قولهم بالتعدد والتغاير والقيام بالذات ما نصه":
فلما أثبتوا (الشاعرة) صفات ال تعالى متغايرة متعددة ثم التمسوا لهذه المعاني المتعددة المتغايرة
محل يحلونها به ومقاما يقيمونها فيه فلم يجدوه لما كان ال في أزليته ليس معه شيء غيره فلما لم
يجدوا لها أقدموا عليه من القول بهذا مخرجا سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا فتجاسروا على
القول بأنها حالة بالصانع جل جلله فأئمة بذاته تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا...إلى أن قال :وما
عسى أن يرد عليهم بأقبح من مقالتهم حيث زعموا أن ال جل جلله محل للشياء وظاهوا بذلك
قول اليعقوبية من النصارى" ()38
-وقول السدويكشي في حاشيته على كتاب الديانات:
" احتج الشاعرة على ما ذهبوا إليه من أن الصفات مغايرة للذات بوجوه ثلثة:
الول :ما عليه القدماء منهم وهو قياس الغائب على الشاهد وذلك أنهم قالوا :إن العلية والحد
والشرطية ل تختلف في الشاهد والغائب بل هي فيهما سواء ول شك أن علة تسمية العالم إنما هي
قيام صفة العلم به وحد العالم هو من قام به العلم وشرط تسمية الشيء بالمشتق هو أن يكون فيه
أصل ذلك المشتق فشرط تسمية العالم عالما هو قيام العلم به فالعلم شرط لصحة التسمية بالعالم
وعلة للتسمية.
( )1/229
والجواب عن هذا الوجه :هو ما أجاب به العضد في المواقف ( )39والسيد في شرحه ()40
حيث قال ما حاصله :وهذا ضعيف كيف وهذا القائس قائل ومعترف باختلف مقتضى الصفات
في الشاهد والغائب فإن القدرة في الشاهد ل يتصور فيها اليجاد بخلفها في الغائب والرادة فيه
ل تختص بخلف إرادة الغائب وكذا الحال في باقي الصفات فإذا ما وجد في أحدهما لم يوجد في
الخرى فل يصح القياس أصل.
الوجه الثاني :لو كان مفهوم كونه عالما حيا قادرا نفس ذاته لم يفد ملها على ذاته ،وكان قولنا
على طريقة الخبار ال الواجب أو العالم أو القادر أو الحي إلى سائر الصفات بمثابة حمل الشيء
على نفسه واللزم باطل لن حمل هذه الصفات يفيد فائدة صحيحة بخلف قولنا ذاته وإذا بطل
كونها نفسها ول مجال للجزئية قطعا لستحالتها عنه تعالى تعينت الزيادة على الذات.
والجواب عن هذا الوجه :قال العضد والسيد :وفيه نظر لنه ل يفيد زيادة هذا المفهوم أعني
مفهوم العالم والقادر ونظائرهما على مفهوم الذات ول نزاع في ذلك وأما زيادة ما صدق عليه
هذا المفهوم على حقيقة الذات فعل يفيده هذا الدليل.
(نعم لو تصور مفهوما الوصف والذات معا بحقيقتهما وأمكن حمل الوصف على الذات دون حمل
الذات على نفسها حصل المطلوب وهو زيادة الوصف على الذات ولكن أنى ذلك التصور الواصل
إلى كنه حقيقتهما).
الوجه الثالث :لو كان العلم نفس الذات والقدرة نفس الذات لكان العلم نفس القدرة مع أنه ضروري
البطلن وكذا الحال في سائر الصفات.
الجواب عن هذا الوجه :أنه إنما يدل على تغاير مفهومي العلم والقدرة ومغايرتهما للذات والنزاع
إنما هو في الثاني دون الول فمنشأ هذين الوجهين عدم الفرق بين مفهوم الشيء وحقيقته.
قال العضد والسيد :وهذا الوجه من النمط الول أي الوجه السابق ،عليه واليراد هو اليراد يعني
أنه يدل على تغاير مفهومي العلم والقدرة ومغايرتهما للذات ل على تغاير حقيقتهما ومغايرتهما
لها.
( )1/230
قال السيد :فإن قلت كيف يتصور كل صفة الشيء عين حقيقته مع أن كل واحد من الموصوف
والصفة يشهد بمغايرته لصاحبه وهل هذا إل كلم مخيل ل يمكن أن يصدق به كما في سائر
القضايا المخيلة التي يمتنع التصديق بها فل حاجة بنا إلى الستدلل على بطلنه.
قلت :ليس معنى ما ذكروه أن هناك ذاتا وله صفة وهما متحدان حقيقة كما تخيلته بل معناه أن
ذاته تعالى يترتب عليه ما يترتب على ذات وصفه معا.
مثل :ذاتك ليست كافية في اكشاف الشياء عليك ،بل تحتاج في ذلك إلى صفة العلم التي تقوم بك.
بخلف ذاته تعالى فإنه ل يحتاج إلى انكشاف الشياء وظهورها عليه إلى صفة تقوم به بل
المفهومات بأسرها منكشفة عليه لجل ذاته.
فذاته تعالى بهذا العتبار حقيقة العلم وكذا الحال في القدرة فإن ذاته تعالى مؤثرة بذاتها ل بصفة
زائدة عليها كما في ذواتنا فهي بهذا العتبار حقيقة القدرة.
وعلى هذا تكون الذات والصفات متحدة في الحقيقة متغايرة بالعتبار والمفهوم ومرجعه إذا حقق
إلى نفي الصفات مع حصول نتائجها وثمراتها من الذات وحدها (. )41
ومن خلل هذه الردود نتبين أن المصادر الباضية تقرر مثل المعتزلة والشيعة ( )42أن الصفات
عين الذات وهذا ما يذكره التلتي في هذا الشأن " فالصفات كلها صفات سلوب ،أي معاني
اعتبارية أريد بها سلب أمور ل تليق به سبحانه وتعالى ...فهي عندنا ( )43أمور اعتبارية
كالنكشاف في العلم والسمع والبصر والتمكن في القدرة والتخصيص في الرادة والستلزام في
الحياة ل صفات حقيقية موجبة لذلك كما يقولون.
فلسنا قائلين بثبوت الصفات في ذاتها ول بأنها معان هي عين ذاته تعالى كما قد يتوهم من قول
أئمتنا رحمهم ال إن صفات ال عين ذاته بل نقول أمور اعتبارية ل وجود لها في ذاتها ول في
ذاته تعالى واعتبرناها لنفي أضدادها ونقول إن ذاته كافيه في النكشاف والتخصيص والستلزام
المتقدمة.
( )1/231
وإن هذا هو المراد من كون الصفات عين الذات ل أنها معان موجودة في نفسها في ذاتها وأنها
غير ذاته تعالى ،لنه ل يقول بذلك جاهل فضل عن فاضل وهذا كله في صفات الذات)44( .
فماذا عن صفات الفعل؟
صفات الفعل:
التعريف :قال التلتي ":أما صفات الفعال فهي عندنا مدلولت المصادر الواقع منها الشتقاق
كإيجاد الرزق الذي هو مدلول لفظ :رزق المشتق منه رازق ورزق يرزق ،وإيجاد الحياة الذي
هو معناه لفظ إحياء المشتق منه أحيى ويحي وهكذا")45( .
وبعبارة أخرى هي معان حقيقية قائمة بالمخلوق اتصف تعالى بما اشتق منها كالخالق والرازق
والمحيي والمميت فإن الخلق والرزق والحياء والماتة معان حقيقية إنما هو حصول ما يترتب
عليها أي المعاني الحقيقية هو الثر الحاصل من الخلق والرزق والحياء والماتة ونحوها وإل
فالتأثير اعتباري (. )46
" وصفات الفعل تختلف عن صفات الذات من حيث إنها تجامع ضدها في الوجود عند اختلف
المحل كأن يوسع في رزق زيد ويضيق في رزق عمرو ،وأن يرزق العلم عمرو ويخلق الجهل
لزيد ،وأن يخلق كذا دون كذا وأن يعطي فلنا كذا ويمنع فلنا كذا ،ويحب فلنا ويبغض فلنا
ويرضى عن فلن ويسخط على فلن ويوالي فلنا ويعادي فلنا ويرحم فلنا ويعذب فلنا
وهكذا")47( .
تعداد صفات الفعل
لم تقع الشارة إلى إحصاء صفات الفعال وذلك لنها ل يمكن أن تنحصر تحت عدد مثل صفات
الذات.
أما من حيث أزليتها أو عدمها وإمكانية التعجب بها فهاك خلصة القول في ذلك من قول أبي
مهدي:
" وأما صفاته في فعله فل يجوز فيها لم يزل لن في ذلك إثبات الخلق قديما لم يزل ،فل يجوز أن
يقال لم يزل معبودا ول لم يزل مذكورا وما أشبهها لن في ذلك إثبات العابد والذاكر قديمين معه.
وأما لم يزل خالقا ورازقا ومنشئا وما أشبه ذلك فجائز بأحد ثلثة شروط:
-إما أن تصل كلمك فتقول ":لم يزل خالقا لمخلوق سيكون ،ورازقا لمرزوق سيكون وما أشبه
ذلك.
( )1/232
( )1/233
اليعقوبي :نسبة إلى يعقوب البراذعي الذي انتحل مذهب بطريرك السكندرية القائل بأن للمسيح
طبيعة واحدة ،وهي الفكرة التي رفضها مجمع خليقدونية عام 451م .وتسبب عنها تمسك الكنيسة
المصرية برأي بطريركها والنفصال عن الكنيسة الرومانية.
ر .متولي يوسف شلبي :أضواء على المسيحية .الدار الكويتية للطباعة والنشر ط،2 .
:1393/1973ص 123
( )39انظر لتعريف العضد ما سبق 57 :تعليق 90
ر .في ما يتعلق بالنص المستشهد به :اليجي :الموقف ط .حجرية من الحجم الكبير .لم تذكر
الطبعة د.ت 346 -2/345والتصرف جاء في إيراد الجوبة بعد عرض كل وجه مباشرة.
( )40السيد هو علي بن محمد بن علي المعروف بالشريف الجرجاني(-816/1340 -740
)1413فيلسوف من كبار علماء العربية .أغلب إقامته في شيراز من أهم مؤلفاته" شرح المواقف
لليجي" .ر .الزركلي :العلم 5/159
( )41ر .السدويكشيك حاشية على كتاب الدياناتك ،7-5عبدال السالمي :المشارق،177 -176:
سعيد ابن تعاريت :المسلك المحمود144-141 :
( )42ر .محمد علي ناصر الجعفري :أصول الدين السلمي :بين هذا التفاق مع التنبيه إلى
بعض الفويرقات158:
( )43يقصد الباضية
( )44عمرو التلتي :نخبة المتين147:
ر .اليجي :المواقف ،2/345:وقد ناقش آراء أبرز الفرق :الشاعرة الشيعة ،المعتزلة .ر.
إبراهيم البيجوري :شرح جوهر التوحيد. 80 -79:ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة:
188 -182
( )45عمرو التلتي :نخبة المتين 148 -147:واستعمل أيضا عبارة أخرى عوضا عن قوله "
منها الشتقاق""وهي" اشتقاق الفعال والصفات منها.
( )46ر .عبدال السالمي :المشارق172:
( )1/234
( )47عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 36وجه .ر .عبد العزيز الثميني :النور . 114:ر .
عبدال السالمي :المشارق 173:ر .أبو يعقوب الوارجلني :كتاب العدل والنصاف،71 -70:
وقد أجرينا حوارا مع احمد الخليلي مفتي عمان في هذا الشأن بمسقط أفريل 1983والموقف
الباضي ما يزال على ما كان عليه السلف.
( )48يونس بن فصيل ابن أبي مسور(ق )5/11أخذ العلم عن أبيه فصيل في الجامع الكبير .نشط
في تأسيس نظام العزابة مع أبي عبدال محمد ابن أبي بكر ( .)400/1049وكان من أعضاء
الحلقة التي كونت في جربة.ر .الجعبيري :نظام العزابة 196 :وفيه الحالة على المصادر.
( )49أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان85:
( )50يقصد كتاب منهج الطالبين وبلغ الراغبين لخميس بن سعيد الرستاقي وقد عرفنا بالمؤلف(
انظر ما سبق 56:تعليق 36
( )51سعيد بن تعاريت :المسلك المحمود 137 :مع إضافة ":وهذا ما عليه الشاعرة.
( )52عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 36وجه .ر .عبدال السالمي :المشارق173:
( )53يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين8:
( )54عبدال السالمي :المشارق174 -173:
---
( )1/235
( )1/236
الواجب في حقه تعالى :يحسن أن نبين مفاهيم كلمة الواجب إذا أضيفت إلى غيرها.
فالواجب العقلي :هو الضروري في العقل كوجود الصانع وحسن العدل وقبح الظلم.
والواجب الشرعي :هو ما يترتب على فعله الثواب وعلى تركه العقاب وهذا مرجعه إلى الشرع
ما لم يمنع العقل جوازه.
والواجب في حقه تعالى هو ما يترتب على ثبوته له كمال وعلى عدمه نقص ومحال كجميع
صفات الذات من حياة وعلم وما إليها والوجود والوحدانية والقدم والبقاء وعدم المثل في الذات
والصفات والفعال الخ)57( ...
ولقد عرفنا الوجود من قبل ( )58فماذا عن البقية؟
)1الوحدانية
الواحد لغة ":وحده :مصدر محذوف الزوائد وله فعل والكثر اسم مصدر في موضع الحال ،وقيل
ظرف وشذت تثنيته وجره بعلى أو بالضافة.
والواحد الذي ل جزء له ول شبيه بوجه" ()59
" الواحد في الحقيقة هو الذي ل جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى إنه ما من عدد إل
ويصح أن يوصف به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة وألف واحد.
والواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه:
الول :ما كان واحدا في الجنس أو في النوع كقولنا :النسان والفرس واحد في الجنس وزيد
وعمر واحد في النوع.
الثاني :ما كان واحدا بالتصال إما من حيث الخلقة كقولك :شخص واحد وإما من حيث الصناعة
كقولك حرفة واحدة.
الثالث :ما كان واحدا لعدم نظيره إما في الخلقة كقولك :الشمس واحدة وإما في دعوى الفضيلة
كقولك :فلن واحد دهره ونسيج وحده.
الرابع :ما كان واحدا لمتناع التجزئ فيه إما لصغره كالهباء وإما لصلبته كاللماس.
الخامس :للمبدأ أما لمبدأ العدد كقولك :واحد ،اثنان وإما لمبدأ الخط كقولك :النقطة الواحدة.
والوحدة في كلها عارضة.
السادس :إذا وصف ال تعالى بالواحد فمعناه هو الذي ل يصح عليه التجزؤ ول التكثر ،ولصعوبة
هذه الوحدة قال ال ( :إذا ذكر ال وحده اشمأزت قلوب الذين ل يؤمنون بالخرة) ( 39الزمر
)45
( )1/237
والواحد بفتح الواو والحاء المهملة ،وهو الفرد ويوصف به غير ال.
وأحد :مطلق ل يوصف به غير ال.
ويقال :فلن ل واحد له كقولك هو نسيج وحده" ()60
والوحدانية شاملة لوحدانية الذات والصفات والفعال وقد لخص المحشي الكلم في هذه القضية
كما يلي عند شرح المتن :وإنه ل يشبه شيئا ول يشبهه شيء في اسم ول صفة ول ذات:
" قوله :في اسم ول ذات يعني ول فعل ول عبادة كما هو معلوم وهذا يقتضي أن الواحد في حق
ال تعالى على خمسة أوجه مع أنه اقتصر في ما تقدم على ثلثة اوجه حيث قال :وهو الواحد في
ذاته والواحد في صفاته والواحد في فعله واقتصر في كتاب السؤالت على أربعة وأسقط الواحد
في أسمائه وجوابهما مفهوم العدد ل يفيد الحصر وأن الواحد في الذات يشمل الواحد في السم لن
السم نفس المسمى")61( .
والمهم أن مرجعها إلى ثلثة أي في الذات والصفات والفعال.
" ومعنى واحد في الذات أن ذاته ليست بذات جسم فيوصف بالتجزئة والنعدام.
ومعنى واحد في الصفة :أي ليس أحد غيره يوصف بصفته من اللوهية والربوبية والقدرة والعلم
والرادة وفي جميع صفاه عز وجل.
ومعنى واحد في الفعل :ليس أحد يفعل كفعله أي ل خالق الخلق ول مفني الخلق إل هو ول
مرسل الرسل ول منبئ النبياء ول منزل الكتب ول فاعل سماء ول أرضا ول شيئا من أفعاله
عز وجل إل هو")62( .
والفرق في الواحد في حق ال تعالى وفي حق المخلوق أن الواحد في حق النسان مثل أنه واحد
من عدد من الناس ومتجزئ إلى أجزاء كثيرة والواحد في حق الخالق ما أشير إليه في الوجه
السادس من وجوه تفسير الواحد أي ل يشاركه أحد في وحدانيته ول يتجزأ تعالى عن ذلك علوا
كبيرا")63( .
وقد حرصت المصادر على إيراد الدلة النقلية والعقلية لثبات وجوب الوحدانية ل تعالى.
( )1/238
أما الدلة النقلية فهي أكثر من أن تحصى مثل قوله تعالى ( قل هو ال أحد) ( 112الخلص )1
وقوله ( :لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا) ( 21النبياء .)22
وقوله صلى ال عليه وسلم " :بني السلم على خمسة على أن يوحد ال)64( . "...
وأما الدلة العقلية فملخصها ما ذكره أبو عمار في شرح الجهالت وأحالت الحواشي على هذا
الشرح.
" أدلة التوحيد راجعة إلى طريقتين...طريقة الصفة والخرى طريقة الممانعة.
فطريقة الصفة أنه ل تخلو الذات من أن تكون ذاتا واحدة أو أكثر فإن كانت الذات ذاتا واحدة فهو
ما قلنا ،وإن كانتا ذاتين كانتا غير خاليتين من أن تكونا بصفة واحدة أو بصفتين [ وإن كانتا أيضا
بصفة واحدة وإن كانت الذاتان بصفتين لم تجب اللوهية والربوبية إل بصفة واحدة])65( .
وأما طريقة الممانعة فإنه ل يخلو الثنان أو اكثر منهما من أن يكونا متمانعين فإن كانا متمانعين
بطل الوصف عنهما جميعا باللوهية وإن كان واحد مانعا للخر كان المانع هو المستحق لللوهية
دون الخر.
وأما الدلة المذكورة في كتاب ال عز وجل من ذلك عز وجل ( لفسدتا) ( )66و ( لفسدت السماء
والرض ومن فيهن) ( ، )67و ( لذهب كل إله بما خلق ولعل بعضهم على بعض) (23
المؤمنون )91فإنها قريبة من طريقة الممانعة .وكذلك وقوله ( )68لم يخل كل واحد منهما من أن
يكون قادرا على الخر وغير قادر وان ينفي الخر أو يخفي أمر دونه أو يخلق أمرا دونه في
مثل ذلك ،فهو كله راجع إلى طريقة الممانعة والممانعة راجعة إلى معنى الصفة وذلك أن الممانعة
إذا وقعت بينهما كانا موصوفين بصفة واحدة أو كانا جميعا غير متمانعين كانت الصفة أيضا
واحدة فإن الممانعة من حيث ما دارت راجعة إلى طريق الصفة" ()69
كما أن يوسف المصعبي ( )70يحيل على كتاب الموجز ( )71وواضح من خلل المقارنة أن ما
جاء محلل في كتاب الموجز قد أوجز في النص الذي أوردنا في كتاب شرح الجهالت.
( )1/239
( )1/240
( )63ويقول أبو زكرياء الجناوني في ذلك ..":كل موصوف بأنه واحد فذلك جائز فالواحد على
الحقيقة هو ال سبحانه لن الخالق ل يقبل التجزيء بخلف المخلوق ،أل ترى أن الواحد منا هو
في الحقيقة اثنان جسم وروح ،ومن اثنين ذكر وأنثى ،وباثنين طعام وشراب ،وع اثنين حركة
وسكون ،وال تعالى بخلف ذلك .كتاب الوضع."34:
( )64صحيح مسلم إيمان 19حسب ونسنك ،المعجم المفهرس للفاظ الحديث 7/157
( )65في ما بين المعقفين غموض ،لعله كما يلي :فإن كانتا بصفة واحدة لم تجب اللوهية إل
بصفة واحدة ،وإن كانتا بصفتين تعددت اللهة وبطلت.
( (21لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا(( )66النبياء .)22
ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والرض ومن((.23( )67المؤمنون ()71فيهن
( )68يشير إلى المتن الذي يشرحه :أي قول تبغورين بن عيسى المشلوطي في كتاب الجهالت.
( )69أبو عمار عبد الكافي :شرح كتاب الجهالت23 -22:
ر .أبو الحسن الشعري :اللمع في الرد على أهل الهواء والبدع ،مكتبة الخانجي القاهرة
.1955:8
ر .الماتريدي :كتاب التوحيد .المطبعة الكاثوليكية ،بيروت 21 -20 :1970فالشاعرة
والماتريدية يستدلون أيضا على الوحدانية بنفس الدليل.
( )70ر .يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين5:
( )71ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز 268 -1/266
( )72ر .أبو عمار عبد الكافي :شرح كتاب الجهالت22 -21:
---
( )1/241
( )1/242
ومن قام له بالبرهان الصحيح بثبوت اللوهية لواجب الوجود سبحانه وتعالى إذا تصور في نفسه
هل يجوز في هذا الله أن يكون متصفا بشيء من النقائص أو الرذائل أو المفاسد وجب عليه نفي
ذلك عنه في الحال لن من كانت هذه صفته فليس بإله فهذه طريق واضحة في معرفة الصفات
المستحيلة في حق ال تعالى من الفناء والموت والحدوث والعجز والفاقة والضعف والصاحبة
والولد والشريك والثاني والثالث والعمى والجهل والصمم والخرس والبكم والغفلة والسهو والسنة
والنوم والجور والظلم وهكذا في سائرها")78( .
فواضح إذن أن المستحيل في حقه تعالى هو ضد جميع صفات الكمال والجمال ( )79فماذا عما
يجوز في حق ال تعالى؟
ما يجوز في حق ال تعالى:
يجب أن نميز بين ما يجوز في حق ال تعالى وبين الجواز العقلي أما الجواز العقلي :فهو الذي
يتصور في الذهن وجوده وعدمه فهو نفس المسمى عند المناطقة بالمكان الخاص" )80( .
وأما الجائز في حقه تعالى ":فهو كل مال يترتب عليه ول عدمه نقص في حقه تعالى كالخلق
والفناء والعادة والرزق بفتح الراء")81( .
وهي بالتالي صفات الفعال.
وإلى هذا الحد نكون قد ألممنا بأهم ما يتعلق بذات ال وصفاته وما يجب في حقه وما يستحيل وما
يجوز لكن يحسن قبل أن نختم هذا المبحث أن نفي وعدنا به من قبل ،وهو تحليل الباضية لسورة
الخلص ولقوله تعالى ( :ليس كمثله شيء) فماذا عن هذا التحليل؟
تحليل سورة الخلص:
قال الجناوني للتدليل على وجوب الوحدانية شرعا:
" ونبه ال تعالى عباده على ذلك بقوله ( :قل هو ال أحد ال الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفؤا أحد)
فقوله :قل هو ال ،رد على الدهرية وقوله :أحد رد على الثنوية
وقوله :الصمد رد على المجسمة وقوله :لم يلد ولم يولد رد على اليهود والنصارى ،وقوله :لم
يكن له كفؤا أحد رد على المشبهة")82( .
( )1/243
ويشرح المحشي هذا النص كما يلي :فيبدأ بالعراب (:قل هو ال أحد) :قال العنبري يحتمل أن
يكون هو مبتدأ وال خبره وأحد خبرا ثانيا أو بدل من ال بناء على حسن إبدال النكرة غير
الموصوفة من المعرفة إذا استفيد منها ما لم يستفد من البدل منه ...ويحتمل أن يكون هو ضمير
الشأن والجملة خبره.
ثم يحلل المعنى كما يلي:
وتعتبر الحدية بحسب الوصف بمعنى أنه أحد في وصفه مثل الوجوب واستحقاق العبادة
ونظائرهما ،أو بحسب الذات أي ل تركيب فيه أصل.
وعلى الوجهين تظهر فائدة حمل الحد عليه تعالى ول يكون مثل زيد أحد.
ويعود إلى العتماد على العراب فيقول:
وظاهر كلم المصنف في قوله تعالى هو ال رد على الدهرية أن لفظ الجللة خبر فليس الضمير
ضمير شأن لن خبره ل يكون إل جملة فيوافق العراب الول.
ثم يعود إلى المعنى:
قوله :رد على الدهرية وهم المعطلة الذين أنكروا ال رأسا وقالوا ليس إل أرحام تدفع وأرض تبلغ
وقالوا ما يهلكهم إل الدهر .زاد أبو سهل ( )83رحمه ال وإشارة إلى تحقيق الوجود والثبات.
قوله رد على الثنوية أي وإشارة الى تحقيق الذات ،والثنوية هم القائلون بالنور والظلمة يعني أن
الشياء تكونت منهما في زعمهم لعنهم ال.
قوله :رد على المجسمة وفيه إشارة السيد الذي يصمد إليه في كل الحاجات لكن ينظر ما الفرق
بين المجسمة والمشبهة حتى فرق في الرد عليهما فإن المجسمة من المشبهة قطعا فالولى إسناد
الرد عليهما إلى محل واحد وهو قوله ( :ولم يكن له كفؤا أحد) فإنه ظاهر كل الظهور بخلف
الرد بالصمد ( )84وال أعلم.
( )1/244
قوله :رد على اليهود والنصارى :قال ال تعالى حكاية عنهم ( :وقالت اليهود عزيز بن ال وقالت
النصارى المسبح بن ال) ( 9التوبة )30والرد عليهم في الحقيقة إنما هو بقوله ( :لم يلد) فقط،
وكذا فيه الرد على المشركين حيث قالوا " :الملئكة بنات ال" تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا.
قوله ( :ولم يكن له كفؤا ( )85أحد) رد على المشبهة قال أبو سهل :رد على من قال بتحيز الذات
وتحريف السماء والصفات" (. )86
فواضح إذن من خلل هذا التحليل وما جاء في أسباب النزول أن هذه السورة جاءت محيطة
بصفات ال تعالى " .فال تعالى نفى عن ذاته أنواع الكثرة بقوله أحد ونفى النقص والمغلوبية بلفظ
الصمد ونفي المعلولية والعلة بلم يلد ولم يولد ونفى الضداد والنداد بقوله ( لم يكن له كفؤا أحد)
)87( .
ثم يعود الجناوني إلى السورة بمنهج آخر:
وقد قيل الشرك ثماني :الكثرة والعدد والتقلب والنقائص والعلة والمعلول والضداد والشكال فنفى
عن نفسه الكثرة والعدد بقوله( قل هو ال أحد) ونفى عن نفسه التقلب والنقائص بقوله( الصمد)
ونفى العلة والمعلول بقوله (:لم يلد ولم يولد) ونفى الضداد والشكال بقوله ( لم يكن له كفؤا أحد
(. )88
فالسورة حللت بطابع لغوي عقائدي فلسفي دفاعي وحملت كل طاقات الفكر السلمي والحضارة
السلمية آنذاك والهدف من ذلك تعظيم ال تعالى وتنزيهه وإقرار عقيدة التوحيد ولذلك تسمى
السورة أيضا سورة التوحيد.
هذا عن سورة الخلص فماذا عن قوله تعالى ( ليس كمثله شيء)؟
================================
( )73ر .عبدال السالمي :المشارق .185:ويقول البرادي في تعريف القدم ما يلي ":حقيقة القدم
صفة القديم .والقديم هو الموجود ل بعد عدم ول يعدم بعد وجود" .رسالة الحقائق35:
( )74يقول البرادي في تعريف البقاء ":وجود بعد وجود" رسالة الحقائق :ص 35
( )75ر .عبدال السالمي :المشارق185:
( )76انظر ما يلي126:
( )1/245
( )77يقول عمرو التلتي :دون أن يحلل :والمستحيل في حقه تعالى هو كل نقص ،وضد للصفات
العشرين(انظر ما سبق )250:وقد استفيد من تعداد الشعرية للصفات الواجبة) .شرح النونية
ورقة 58قفا.
( )78ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر .34
( )79قد جمع ما يستحيل في حق ال تعالى أبو مهدي في رده على البهلولي .ر .أبو مهدي
عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي "116 -114 :ل يوصف بسرور ول فرح ول ضدها وما
جاء في الحديث :ا ،ال ليفرح بتوبة عبده" وما أشبهه من الحاديث فهو مجاز عن لزم الفرح
من النعام والثواب .والحديث جاء عند البخاري دعوات .3وعند مسلم توبة من 1إلى ،7وعند
الترمذي :قيامة ،49دعوات ...98ر .ونسنك :المعجم المفهرس للفاظ الحديث 5/98:مادة فرح.
( )80عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 38قفا .ر .عبدال السالمي :المشارق 164 :لقد أورد
نفس التعريف.
( )81عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 38قفا .ر .ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر.33 :
( )82أبو زكرياء يحيى الجناوني :كتاب الوضع ط .مع حاشية المحشي عليه33 -32:
( )83انظر ما سبق 65
( )84الصمد :الذي قد انتهى في السؤدد والشرف ،وقيل المصمود إليه في طلب الحوائج الخ...
ر .المعجم الوسيط
( )85الكفؤ :القرين .الند .المثل :النظير ر .المعجم الوسيط.
( )86المحشي :حاشية على كتاب الوضع33 -32:
( )87الفخر الرازي :التفسير الكبير ط 1مطبعة عبد الرحمن محمد .القاهرة د.ت،32/185 :
وقد استعنا بهذه الفقرة لزيادة التوضيح.
( )88أبو زكرياء يحيى الجناوني :كتاب الوضع مع حاشية المحشي34 :
---
( )1/246
( )1/247
وقبل أن نتحول إلى الوقوف عند رئيس الباضية في المتشابه يحسن أن نحوصل ما جاء إلى الن
مما يتعلق خاصة بالمحكم في حق ال تعالى مع تبيين بعده الحضاري.
معلوم أن الوثنيين تصوروا آلهتهم كما يرغبون وشكلوها أشكال مختلفة لكن السلم تميز بدعوة
الناس إلى التفكر في المخلوقات ل في الخالق وقد جاءت نصوص عديدة من القرآن في هذا النسق
نذكر منها قوله تعالى ( :إن في خلق السماوات والرض واختلف الليل والنهار ليات لولي
اللباب الذين يذكرون ال قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والرض ربنا
ما خلقت هذا باطل سبحانك فقنا عذاب النار) ( 3آل عمران )191 -190
أما الحاديث فقد جاءت صريحة في المر بالتفكر في الخلق والنهي عن التفكر في الخالق ومن
ذلك ما روي عن النبي عليه السلم أنه خرج على قوم وهم يتذاكرون فلما رأوا النبي صلى ال
عليه وسلم سكتوا فقال ":ما كنتم تقولون" قالوا نتذاكر في الشمس وفي مجراها قال ":ذلكم فافعلوا
تفكروا في الخلق ول تتفكروا في الخالق" وزاد فيه الحسن ":إن ال ل تناله الفكرة")96( .
لكن رغم هذا النهي الصريح عن التفكر في الخالق جاءت كتب أصول الدين مفعمة بذلك إل أن
منطلق المتكلمين كان منطلقا دفاعيا للرد على مختلف الفلسفات التي تنفي وجود الخالق أو
تتصوره بوجه يختلف عن التصور السلمي.
( )1/248
ومنطلقات المتكلمين كانت منبثقة من القرآن إل أنهم يحاولون صياغة ما جاء فيه من حجج
صياغة عقلية برهانية ،وقد بينا أن الفكر الباضي يتنزل في هذا المحيط وقد عالج القضية بنفس
المسلك فتأمل أصحابه من وقت مبكر في حقيقة العقل ،وحاولوا شيئا فشيئا تحديد مجموعة من
المفاهيم صيغت في مصطلحات مثل حقيقة الجوهر والعرض والجسم والشيء والواجب
والمستحيل والجائز وما إلى ذلك ،ولم تكن المرحلة المقررة للدرس ،11 ،10و 12إل امتداد
للقرون السابقة فلم تطل فيها البحوث المتعلقة بإثبات وجود ال تعالى لن الوسط الذي يعيش فيه
الفكر الباضي لم يعد في حاجة إلى مثل هذه المباحث وإن لم تخل من الشارة إلى ذلك ،وتتمثل
هذه الشارة في دوران الحجج حول دليل واحد وهو افتقار الصنعة إلى الصانع وقصارى القول
في هذا المبحث أن حجة السماع هي الساس لنها أوسع بكثير من حجة العقل ،ول يمكن أن
نلمس لكل هذا بعدا حضاريا طريفا لن المجتمع السلمي آنذاك لم يتفتح بعد على تيار حضاري
آخر يدفعه إلى التأمل في القضية من جديد كما حدث ذلك في ما بعد عند اللتقاء بالحضارة
الغربية في القرن الرابع عشر هجري ،فالقضية حينئذ ثابتة ،ول جدال في القرار بوجود ال
تعالى.
أما في ما يتعلق بذات ال تعالى فقد جاء التراث الباضي في هذه المرحلة اجترارا وإعادة لما
جاء في التراث السلمي عامة والباضي خاصة ويتمثل ذلك في الرد على المجسمة والمشبهة
والنصارى واليهود كأن نصف المجتمع من هؤلء الناس مع العلم أم مثل هذه الصناف ل وجود
لها في البيئة الباضية وحتى إن وجد بعض اليهود فإنهم منغلقون على أنفسهم ل يدخلون في
الجدل مع أحد.
( )1/249
والحقيقة أن محاولة تحديد الذات اللهية ضرب من الترف الحضاري نرى أن المسلمين في غنى
عنه لن المتكلم يعتقد مسبقا أن العجز عن إدراكه إدراك ولعل المشكل يكمن في صعوبة تطويع
اللغة لستيعاب عالم الغيب ولذلك حاولت هذه المصادر تعريف كلمة الذات تعريفا اصطلحيا
وحيثما دارت هذه التعريفات ترجع إلى حقيقة واحدة وهي أن ال تعالى كما قال عن نفسه ( :ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير) ( 42الشورى .)11
لكن مهما يكن من أمر فإن هذا المبحث وإن لم يمكن من ضبط دقيق لمفهوم الذات فإنه لم يخل
من تأملت لغوية دقيقة في ما يتعلق باشتقاق كلمة ذات وفي اللحاح على ضرورة تنزيه تعالى
مطلقا مع النتباه إلى أن العقل مهما نما وتكامل يبقى محدودا وإذا أدرك المفكر هذه الحقيقة
حرص على توسيع هذه الحدود.
كما أن مثل هذا المبحث ل يمكن أن نعثر على أثره الحضاري في أوساط عامة الناس لن هذا
ليس من مشاغلهم البتة فال موجود وكفى .لكن العالم الذي فقه مثل هذه المعاني ل تخلو موعظته
من أثر في الناس إن هو علم كيف يلمس بها قلوبهم فيدفعهم إلى الشعور بعظمة الذات اللهية
والحقيقة أننا لم نجد في ما بين أيدينا من تراث في العقيدة محاولة لتطويعه لمثل هذا الغرض ،بل
بقي نصوصا تعليمية يغلب عليها طابع التجريد يتناقلها المتعلمون صاغرا عن كابر.
ولئن كان المبحث المتعلق بالذات العلية يكتسي صبغة تجريدية محضا فإن مبحث أسماء ال تعالى
ل يخلو من مثل هذه النزعة لكنه يبدو أقرب إلى الستيعاب والفهم لن هذه السماء تتردد على
ألسنة الناس مئات المرات في اليوم بداية من اسم الجللة إلى آخر ما استنتج من استعمالت
قرآنية بصفة غير مباشرة.
( )1/250
وفعل فقد حرص علماء الصول على أن يستكهنوا مفهوم اسم الجللة فاختلفوا في ذلك اختلفا
كبيرا مما جعل المحشي يعبر عن تيه العقول في هذا الشأن ومرجع ذلك ضعف هذه العقول أمام
عظمة ال تعالى والملحظ أن التراث الباضي لم يتوسع في تحليل انحصار هذا السم في حرف
الهاء وإن وقعت الشارة إلى ذلك من وقت مبكر على لسان جابر ابن زيد ومدار القول إن هذا
السم اعتبر علما تنسب إليه جميع الصفات.
وأثناء التأمل في هذه السماء أثيرت قضية جدلية قليلة الجدوى أل وهي علقة السم بالمسمى
وقد بينا أن الخلف في شأنها داخلي أي بين الباضية لكن وإن كانت عديمة الجدوى في شأن
العقيدة لن الجدل أفضى إلى أن الخلف اعتباري بين من يقول إن السم هو المسمى وبين من
يقول بخلف ذلك إن السم غير المسمى فإن لها بعدا حضاريا واضحا يتمثل في أن الباحث يدرك
أن الخلف الداخلي يكون أشد أثرا في البيئة نفسها مما لو كان الخلف مع غير الباضية وقد
رأينا كيف رمي القائلون بأن السم غير المسمى وبأنها مخلوقة باللحاد وهذا أدى إلى تصدع
واضح آنذاك خاصة في الجزيرة إذ قد انغلق كل على رايه وهذا كان له أثر واضح في تقلص
عدد الباضية في الجزيرة إذ تخلى القسم الذي اتهم باللحاد شيئا فشيئا عن إباضيته وسهل تحويله
إلى مذهب آخر بعد حين ونشير إلى الجانب الشرقي من جزيرة جربة الذي تخلى سكانه عن
إباضيتهم بصفة نهائية.
هذا على مستوى الواقع أما على المستوى النظري فأن هذا المبحث دفع علماء الصول إلى
تقصي صيغة وسم أو سما بكل مشتقاتها في القرآن الكريم مع التأمل في جميع استعمالتها وذلك
حرصا على توجيهها لما يوافق الموقف المتنبي وفعل فقد تفنن الشماخي في ذلك مستعينا بزاده
البلغي واللغوي مما يدل على إلمام علماء هذه المرحلة بالقضايا اللغوية وشغفهم بها.
( )1/251
لكنك بعد أن يأخذك بهرج هذه التحاليل التي تصير ضربا من المعميات أحيانا ترجع من حيث
انطلقت إلى حقيقة عبر عنها أصحاب المختصرات بإيجاز كامل وهي " :ليس منا من يقول إن
أسماء ال مخلوقة")97( .
و'ذا استقرت هذه الحقيقة تعود المصادر فتبين أن أسماء ال الحسنى توقيفية في الصل وإن كان
بعضها يجيز استعمال أسماء لم يرد بها التوقيف وذلك حسب المقصد كما نلمس حرصا على
تفسير كل هذه السماء حسب أسس العقيدة الباضية ومصادر هذه المرحلة لم تبتكر في ذلك بل
أخذت ما جاء عند السلف.
والحقيقة أن هذا الحرص على التفسير له بعيد الثر في واقع المة وهذا ليس خاصا بالباضية
لن من يدعو ال وهو مدرك لما يقول يتفاعل مع دعائه أكثر مما ل يفقه ما يقول ،كما أن مثل
هذا الفهم يجعل النسان حريصا على أن يتحلى بمعاني هذه السماء في مستواها النساني طبعا
مع الملحظ أن البيئة الباضية لم تعرف صورة الذكار الجماعية بل يغلب عليها طابع الذكر
الفردي السري.
ثم إن كتب الصول تتحول من موضوع السماء إلى قضية الصفات وتحرص على أن تميز بين
السم والصفة لغة واصطلحا لكن يبقى التمييز ضبابيا نظريا لن كثيرا من السماء هي صفات
في نفس الوقت ،والمشكلة ل تكمن في التمييز بين السم والصفات وإنما تكمن في تعداد الصفات
وفي ضبط علقتها بالذات.
أما بالنسبة إلى التعداد فقد جاءت محاولت متعددة لحشر الصفات ضمن أقسام مختلفة ،والمتأمل
يلمس أن هذه التقسيمات منهجية استفادت الفرق السلمية فيها بعضها من بعض وبعدها
الحضاري يتمثل في محاولة الستيعاب حتى يميز المسلم بين ما يجب أن يوصف به تعالى وما
يستحيل في حقه وما يجوز.
( )1/252
وأثناء التقسيم والتحليل ثار الجدل بشدة حول علقة الصفات بالذات والمصادر الباضية في هذه
المرحلة واصلت المنافحة عما نافح عنه السلف في أن صفات الذات هي عين الذات وإذا علمنا أن
الباضية في هذا الظرف كانوا يعايشون الشاعرة الذين يعتبرون أن الصفة مغايرة للذات نفهم ما
لمسناه في هذه المصادر من حرص على اللمام بصفات الذات وتحليلها تحليل تفصيليا بقدر
المكان لن الطرف المقابل كثيرا ما يرميهم بالتعطيل كما فعل ذلك مع المعتزلة من قبل
والباضية ل يرون في تحليلهم للقضية تعطيل وإنما يعتبرونه من باب التنزيه وقد رأينا في تحليل
هذه القضية الستعانة ببعض المصادر الشعرية التي ترى رأي الباضية.
والمتأمل في الفكر العتزالي والفكر الباضي في هذا الشأن يدرك بعدهما عن فكرة التعطيل
وإنما ألحا على نفي الزيادة والغيرية حتى ينفيا الواسطة عن ال تعالى وإمكانية تصور وجود آخر
مع ال تعالى في الزل كما أن الطرف الخر الذي يقول بالغيرية أراد بذلك تقريب مفهوم
الصفات إلى التصور العقلي.
والحقيقة أنه يصعب أن نلمس بعدا حضاريا دقيقا لتصور الباضية أن الصفات عين الذات لن
هذا المبحث فكري محض بعيد عن متناول عامة الناس لكن غاية ما هنالك أن مثل هذا التصور
يقوم على تنزيه الباري عن الفتقار إلى الغير ،ومثل هذا المبدأ يجعل النسان يستشعر عظمة ال
تعالى أكثر فيندفع في تحري العمال الصالحة التي تقربه إلى ال تعالى أكثر وليس معنى هذا أن
الذي يقول بالغيرية ل يعرف ربه وإنما من المعلوم أن قوة نسبة التنزيه حتى في العبارة تجعل
أثرا أبلغ في النفس لكن مهما حاولنا أن ننزل هذه القضية في المحيط الجتماعي فإنها تبقى من
شأن أخص خاصة المة ممن فقهوا هذه المفاهيم المجردة حقيقة الفقه.
( )1/253
ثم إلى جانب الوقوف عند صفات الذات تأمل الباضية في ما سموه صفات الفعال وإن بدا شيء
من الخلف بين إباضية المغرب وإباضية المشرق في أزلية هذه الصفات وحدوثها إل أن
الطرفين نزعا نزعة توفيقية دون أن يحتدم النقاش أو يؤدي إلى تنافر ولعل هذا يفسر تفسيرا
حضاريا أساسه الفاصل المكاني إذ رأينا أن الختلف مع القرب المكاني والتعايش المستمر أدى
إلى التنافر والتباعد وسترى أن مثل هذا الموقف التوفيقي سيتخذ أيضا في قضية خلق القرآن،
ومرجع ذلك إلى أن هذين الطرفين يرجعان إلى مدرسة أبي عبيدة مسلم بينما طرف الباضية
النكار يرجع إلى الطرف الذي خالف أبا عبيدة مسلم ورفض من الحلقة.
والباضية في تحديد صفات الفعال يتفقون والماتريدية وإن اختلفوا في التسمية لن هؤلء
يرجعونها إلى صفات التكوين.
كما يجدر أن نلحظ هنا أن تعايش الفكر الباضي مع الفكر الشعري جعله ل يرفض الستشهاد
بالتقسيم الشعري بل يورده بوضوح مع نسبته إلى أصحابه ومناقشة ما ينبغي أن يناقش منه
ويكتفي هذا الفكر بالشارة إلى التفاق مع المعتزلة ومع الشيعة في هذا المبحث وفي ذلك دللة
على سعة أفق هذا الفكر وسلوكه المسلك المقارن في أغلب الحيان مع الستفادة من هذا التراث
السلمي عامة.
بقي هنا أن نشير إلى اللحاح على تبيين مفهوم الوحدانية مع الجمع بين الدلة النقلية والعقلية
وهذا المبحث هو أساس العقيدة السلمية ول أراني مضطرا إلى تحليل البعد الحضاري لهذا
التصور لنه أساس حياة المسلمين في جميع مستوياتها سياسة واجتماعا وأخلقا واقتصادا
ومعاملت ول سبيل للمسلمين في أن يختلفوا في شأن أثر هذه العقيدة في واقعهم إن هم وحدوا ال
تعالى بحق.
( )1/254
وتتويجنا لهذا المبحث بالوقوف عند معاني سورة الخلص وقوله تعالى ( ليس كمثله شيء)
يرمي إلى إبراز قيمة هذين الساسين في بناء صرح العقيدة السلمية التي تربط الرض بالسماء
وعالم الشهادة بعالم الغيب فينصهر فيها المسلم وهو يعتقد أنه بين يدي عظمة ال فيرجو رحمته
ويخشى عذابه فتستقيم حياته.
تلك هي خلصة هذا المبحث وأبعاده الحضارية فلننظر في المتشابه في القرآن وتأثيره في
القضايا العقائدية.
=========================
( ) 89أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي18 :
( )90يقصد المشبهة
( )91المحشي :حاشية على كتاب الوضع70 -69:
( )92عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 26قفا .ر .عبد العزيز الثميني :النور 93 :ر .عمر
التلتي :نخبة المتين 145:حيث يقول ":اتفق أئمتنا على أنه (تعالى) ل يماثله شيء من الشياء ل
في ذاته ول صفاته ،ول في شيء من كمالته بدليل سورة الخلص وقوله تعالى ":ليس كمثله
شيء".
( )93يقول الزمخشري ":قالوا :مثلك ل يبخل ،فنفوا البخل عن مثله ،وهم يريدون نفيه عن ذاته،
قصدوا المبالغة في ذلك فسلكوا به طريق الكناية ،لنهم إذا نفوه عنه...فإذا علم أنه من باب الكناية
لم يقع فرق بين قوله "ليس كال شيء " وبين قوله ":ليس كمثله شيء" إل ما تعطيه الكناية من
فائدتها ،وكأنهما عبارتان متعاقبتان على معنى واحد ،وهي نفي المماثلة عن ذاته" الكشاف.
انتشارات افتاب طهران د.ب 463 -3/462ر .يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين
ص .145ر .عبد العزيز الثميني :النور93:
( )94ر .امحمد اطفيش :تيسير التفسير ط 1الجزائر 1326هـ .5/194
( )95ر .ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر 31 -1/29ويمتاز تحليله للية باستيعاب جل ما
ورد في شأن قوله عند الباضية وعند غيرهم (.ليس كمثله شيء(تعالى:
( )96الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/17عدد .827لم نعثر عليه عند ونسنك .المعجم
المفهرس.
( )1/255
( )97لم نعثر على نص للنكار يعبر عن رأيهم الذي يوافق رأي المعتزلة.
---
( )1/256
قل للسائل :إن جميع ما سألت عنه متشابه ل يدرك علمه بظاهره ول بنصه لن النص واحد
والمعاني متباينة فلبد من كشف معانيها وإيضاح سلبها وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
" ما من كلمة إل ولها وجهان فاحملوا الكلم على أحسن وجوهه" ( )4وقيل لن يتفقه الرجل حتى
يرى للقرآن وجوها وقال حسن :تعلموا العربية وحسن العبارة .وقيل ليس من كلمة إل ولها وجه
وفقا وظهر وبطن وإنما معنى ذلك عندنا الكلم المتشابه الذي يتفق لفظه ويختلف معناه" (. )5
وما تزال المصادر الباضية من ذلك الحين إلى يومنا هذا تسلك نفس المسلك فتتعرض لهذه
القضية عند الرد على المشبهة ( )6وتفرد فصول خاصة لتفسير ما يدل ظاهره على التجسيم في
القرآن الكريم.
ومبدأ هذه المصادر اللجوء إلى التأويل اعتمادا على المجاز وعلى العرف اللغوي ،وعدم الوقوف
عند الظاهر كما يفعل أهل الحديث وأهل السنة -حسب ما يرويه الشعري -الذين ":يقرون أن
ال -سبحانه -يجيء يوم القيامة كما قال ( :وجاء ربك والملك صفا صفا) ( 39الفجر )22وأن
ال يقرب من خلقه كيف شاء كما قال ( :ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ( 50ق . )7( )16
فهذا تبغورين مثل يقول ":ولو حمل القرآن على ظاهره لتناقص وتكاذب" ( )8ويقول أيضا عند
الرد على المشبهة ":فلما صح عندنا وعندهم أن هذا الذي ذكرنا يخرج على غير المعقول في كثير
من لغات العرب نفيا عن ال الشبه والمعقول كما نفاه عن نفسه" ( )9ثم استشهد بحديث " :ما من
كلم إل وله وجهان فاحملوا الكلم على أحسنه" الذي ورد في الجامع الصحيح للربيع كما ذكرنا
ذلك قبل حين )10( .
ففلسفة الباضية في فهم ما دل ظاهره على التجسيم من القرآن والسنة واضحة غاية الوضوح إذ
تعتمد على سياق النص وعلى ما في اللغة من المجازات والستعارات وتختلف اختلفا جوهريا
عن الذين ينفون المجاز (. )11
وهاك تأويلهم لبعض هذه النصوص.
( )1/258
منهج الباضية في تأويل المتشابه ( النور ،العين ،المجيء ،والذهاب) :سأورد ثلثة نصوص
تبين طريقة الباضية في التأويل ثم أكتفى بعد ذلك بذكر المفاهيم التي قرروها لبعض المتشابه
لقف في ما بعد عند ثلثة قضايا كانت مثار جدل بين الفرق السلمية لختلفها في منطلق الفهم
وهي الستواء والرؤية والكلم.
-أما النص الول فهو تأويل قوله تعالى ( ال نور السماوات والرض) ( 24النور )35وأما ما
احتجوا به من قوله تعالى ( :ال نور السماوات والرض) وقوله ( يد ال فوق أيديهم) ( 48الفتح
)10وقوله ( تجري بأعيننا) ( 54القمر )14و ( في جنب ال) ( 39الزمر )56ونفسه وأشباه
هذا من اليات المتشابهات والروايات عن النبي عليه السلم فأغفلوا فيه النظر وحملوه على غير
تأويله وتركوا قول ال عز وجل ( :ليس كمثله شيء) ( 42الشورى )11وقوله ( :هل تعلم له
سميا) ( 19مريم )65وقوله ( :الواحد القهار) ( 39الزمر )4وقول النبي عليه السلم " :من
صف ال بشبه أو مثل لم يعرفه" (. )12
" واعلم أن معنى النور في اللغة الجارية بين الناس الذي ل ينكره أحد من أهل اللغة الهادي يقول
الناس للعالم :نور البلد ،والهدى :نور ،وقال ال تعالى ( :وجعل الظلمات والنور) ( 6النعام )1
وقال تعالى ( :ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) ( 2البقرة )257يعني من
الكفر الى اليمان.
وفي قوله ( :مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) ( 24النور [ )35فمثل هذا النور إلى المصباح] (
)13ما يدل على صواب ما قلنا إنه اليمان في قلب المؤمن.
ومن كلم النبي عليه السلم " :احذروا فراسة المؤمن فإنه بنور ال ينظر وكاد أن يبصر الحق
بقلبه وإن لم يخبر به ويميز بين الحق والباطل بنور ال الذي أعطي له" )14( .
وقد سمى ال القرآن نورا في غير موضع من كتابه كما سماه هدى ورحمة" (. )15
( )1/259
-وأما النص الثاني فيتعلق بكلمة " عين" والعين أيضا تخرج على العلم والحفظ وعلى المعقول
ومعنى ( تجري بأعيننا) ( 54القمر )14أي بعلمنا .وقال ال تعالى( :ثم لترونها عين اليقين) (
102التكاثر )7يعني يقينا ل شك فيه .ويقولون :عيني على فلن وما فعل فلن يعني يريد
بعلمه .و ( ولتصع على عيني) ( 20طه )39أي بعلم مني ومرادي وحفظي وكذلك ( تجري
باعيننا) )16( .
-وأما النص الثالث فيتعلق بالمجيء والذهاب :قال ( :وجاء ربك) ( 89الفجر )22أي جاء أمر
ربك .وقال ( فأتي ال بنيانهم من القواعد) ( 16النحل )26يعني أمره وعقوبته .وقال ( :ناكسوا
رؤوسهم عند ربهم) ( 32السجدة )12أي خضوعهم لربهم يوم القيامة ولو حمل القرآن على
ظاهره لتناقض وتكاذب وقال الناس للميت :لقي ربه وصار إلى ربه ولم يريدوا أن ربه في
القبر .وقال إبراهيم عليه السلم ( :إني ذاهب إلى ربي سيهدين) ( 37الصافات )99أي ذهابه
إلى حيث أمر به.ويلزم المشبهة بأن يعرفوا لربهم موضعا إذا صح عندهم أنه يزول وينتقل)17( .
هذه النصوص تبين أن الباضية يعمدون إلى جمع النصوص التي تحتوي نفس الكلمة فيقارنون
في ما بينها كما يقيسون معانيها بالمعاني المستعملة في اللغة ثم يرجحون جانب التأويل الذي
يتناسق وجملة السياق وكل هذا في جرأة واضحة تتحول أحيانا إلى التحدي والتهكم كما هو
واضح خاصة في النص الثالث وفي مطلع النص الول فل سبيل حينئذ إلى اعتماد الظاهر في
مثل هذه اليات لنه يؤدي إلى التناقض والقرآن متناسق متكامل يفسر بعضه بعضا وذلك البرهان
من براهين العجاز فيه (ولو كان من عند غير ال لوجدوا فيه اختلفا كثيرا) ( 4النساء )82فلم
يبق إذن إل اعتماد التأويل الذي تقلبه اللغة.
وبعد تحديد المنهج يحسن أن نورد تأويلهم لبعض المتشابه لزيادة التوضيح دون إطالة في التحليل.
====================================
( )1/260
( ) 1وبقية الية ...:فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله
وما يعلم تأويله إل ال والراسخون في العلم يقولون (آل عمران (.)7آمنا به كل من عند ربنا وما
يذكر إل أولوا اللباب
( )2ر .محمد الطالبي :دراسات في تاريخ إفريقية ،منشورات الجامعة التونسية السلسلة الرابعة
تاريخ ،مجلد .26المطبعة الرسمية بتونس .1982مقال باللغة الفرنسية " :في العتزال
فإفريقية في ق 3/9:394تعليق 1وقد عدد المؤلف أهم كتب التفسير في تعرضها للمتشابه كما
أحال على ابن قتيبة ( )889- 828/ 276-213في كتابه تأويل مسالك القرآن ط .أحمد صقر
القاهرة ،75-72 :1954وهو يقول بأن الراسخين في العلم يمكن أن يفهموا المتشابه ،وعلى
القاضي عبد الجبار :شرح الصول الخمسة ط أحمد كريم عثمان القاهرة ،606 -599 :1965
وعلى السكافي ( )421/1030في كتابه درة التنزيل في بيان اليات المتشابهات في كتاب ال
العزيز .القاهرة .1980
ويذكر أيضا مناقشة المستشرق"كراق" للترجمات المقترحة لكلمة متشابهات.
( )3ر .النامي :الطروحة ،206 -205:الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح .14-3/13
( )4لم يذكره ونسنك في المعجم المفهرس.
( )5الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 40 -3/39ر .المحشي :حاشية الترتيب .316 -7/312
( )6المشبهة :هم الذين وصفوا ال بصفات الخلق كالوجه واليد والساق ،تعالى ال عن ذلك علوا
كبيرا.
( )7أبو الحسن الشعري :المقالت .1/348
( )8تبغورين بن عيسى :كتاب أصول الدين.10 :
( )9تبغورين بن عيسى :كتاب أصول الدين.9:
( )10انظر ما سبق272 :
( )1/261
( )11ويمكن أن نذكر في هذا الشأن بموقف ابن حزم الندلسي حيث يقول ":ول يحل لحد أن
يصرف كلم ال تعالى وكلم إلى المجاز عن الحقيقة بدعواه الكاذبة" .المحلى .تحقيق أحمد محمد
شاكر (.رسوله دار الفكر د.ت م 1ج 32 :1ر .أيضا ابن حزم :المحلى م 1ج 34 /33 : 1
حيث يقول ":ول يحل أن يزاد في ذلك ( ما جاء في القرآن مثل اليد )...ما لم يأت به نص من
قرآن أو سنة صحيحة".
( )12لم يرد هذا الحديث عند ونسنك في المعجم المفهرس.
( )13لعل الولى أن يقال ( :ففي تشبيه هذا النور بنور المصباح)ما يدل...
( )14ر .الترمذي تفسير سورة الحجر .6ونسنك :المعجم المفهرس للفاظ الحديث .7/298.
( )15تبغورين بن عيسى :كتاب أصول الدين 8:وقد نقل المصعبي شيئا منه في الحاشية .12:
وأضاف ما ( ال نور السماوات والرض(جاء في الموجز ":سئل ابن عباس عن قوله تعالى
(النور )35فقال :ال عدل السماوات والرض،وهو هادي من في السماوات والرض أل ترى (
24النور )35وليس ل مثل .وكذلك قال الحسن وقتادة( مثل نوره كمشكاة(إلى قوله :وعمر بن
محمد وأبو مسلم المكي ومجاهد معناه :ال عدل السماوات والرض وهو هادي من فيها" أبو
عمار الكافي :الموجز 392 -1/391والمصدر الذي أخذ منه الكل هو :الربيع بن حبيب :الجامع
الصحيح 33 /3عدد . 868ر .المحشي :حاشية الترتيب 274 -7/272وقد ذكر نفس المعاني
مع شيء من التحليل اللغوي.
( )16تبغورين بن عيسى :كتاب أصول الدين:ص ،10يوسف المصعبي :حاشية على أصول
تبغورين.13:ر .الربيع بن حبيب :الجامع قال ابن عباس :ولتربى( ولتصنع على عيني(الصحيح
3/36عدد .874وأما قوله تعالى ( :تجري باعيننا(بأمري .قال الحسن ولتربي بعلمي .والمجاهد
والضحاك بعلمي وكذلك قوله :يعني بعلمنا وحفظنا...ر .المحشي :حاشية الترتيب 303 -7/300
يذكر نفس المعاني تقريبا مع إيراد المعاني اللغوية لكلمة عين.
( )1/262
( )17تبغورين بن عيسى :كتاب أصول الدين:ص .10ر .يوسف المصعبي :حاشية على أصول
تبغورين.14:ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/34عدد .868ر .المحشي :حاشية الترتيب
7/274وقد مر على الموضوع بشيء من السرعة
.ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج 1/504يضيف تأويل للغمام فيقول في ( 2البقرة )210
المعنى( هل ينظرون إل أن يأتيهم ال في ظلل من الغمام(قوله تعالى :في ذلك جاء قضاء ربك
بالثواب والعقاب والجزاء .الغمام علمة على مجيء القضاء والجزاء.
---
( )1/263
الصابع ":أما ما جاء في الحديث من " أن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمان" ()24
فهو " الحكم على الشيء والقدرة عليه" ( )25إن صح الحديث .ويذكر خميس الرستاقي " أن "
إصبعين" قد تعني نعمتين من نعمه إحداهما :سوق الخير إليه ،والفسحة في التماس الرزق.
والخرى هي صرف الشرور عنه" (. )26
الساق :قال تعالى ( :يكشف عن ساق) ( 68القلم )42أي المر الشديد قال عمر ":هي أشد ساعة
يوم القيامة .وقال الحسن :أي يكشف عن الستر الذي بين الدنيا والخرة)27( .
القدم :جاء في الحديث " :إذا كان يوم القيامة واستقر أهل الجنان في النعيم وأهل النار في الجحيم
وقالت النار هل من مزيد وضع الجبار فيها قدمه وقالت قطني أي حسبي حسبي " ( )28ينبغي أن
يحمل الجبار فيه على بعض المتجبرين من العباد المعلوم ل تعالى الثابت له القدم)29( .
وجاء الحديث برواية أخرى " :لن تمتلئ جهنم حتى يضع الجبار فيها قدمه" يريد ما قدم لها من
أهل الشقاوة الذين في علمه أنهم صائرون إلى جهنم قال ال عز وجل ( :وبشر الذين آمنوا أن لهم
قدم صدق عند ربهم) ( 10يونس )30( .)2
الصورة :جاء في الحديث " :أن ال خلق آدم على صورته" أي خلقه ال بالغا لم ينقله من نطفة
إلى علقة ومن علقة إلى مضغة ومن طفوله الى غير ذلك.
وقال بعض أهل العلم في ذلك إن ال خلق آدم على صورته أي على صورة آدم التي اختار ال له
من بين الصور.
وبعضهم يقول " :إن رسول ال سمع رجل يقبح بذمه غلما له في صورة وجهه فقال صلى ال
عليه وسلم " :ول تقبحوا الوجوه فإن ال خلق آدم على صورته" يعني على صورة القبح)31( .
( )1/265
الحتجاج :قال تعالى ( :وما كان لبشر أن يكلمه ال إل وحيا أو من وراء حجاب) ( 42الشورى
)51أي أن ال تعالى حجب الكلم الذي سمعه موسى عن أهل السماء والرض فلم يسمعه إل
موسى عليه السلم .وقالوا :بمعنى المنع من غير ستر مصور بشخص .وقالوا موسى محجوب
عن ال لنه ل يمكنه أن يراه" (. )32
أما قوله تعالى ( :إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) ( 83المطففين )15فمعناه كونهم محجوبين
عن ثواب ورحمته ل عن رؤيته)33( .
وقد جاء في الجامع الصحيح ما يلي ":أخبرنا أبو قبيصة عن عبد الغفار الواسطي عن عطاء أن
علي ابن أبي طالب مر بقصاب يقول :ل والذي احتجب بسبع سماوات ل أزيدك شيئا قال:
فضرب علي بيده على كتفه فقال :يا لحام إن ال لم يحتجب عن خلقه ولكن حجب خلقه عنه فقال:
أكفر عن يميني؟ فقال :ل لنك إنما حلفت بغير ال" ()34
الدنو :بمعنى القرب :قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) ( 2البقرة )186وقال أيضا
( إن ربي قريب مجيب) ( 11هود )61وقال أيضا ( :إنه سميع قريب) ( 34سبأ )50فالقرب هنا
بمعنى سرعة الجابة.
أما قوله تعالى ( :ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ( 50ق )16وقوله ( :ونحن أقرب إليه منكم
ولكن ل تبصرون) ( 56الواقعة )85فالمعنى فيه قرب ملزمة القدرة عليه في جميع الوقات
وفي جميع الحالت ل قرب المسافة والدنو)35( .
التجلي ":قال تعالى ( :فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)( 7العراف )143أي تجلى بآية من آياته
فلم يطق الجبل حمل تلك الية وصار دكا كما قال تعالى ( :لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته
خاشعا متصدعا من خشية ال) ( 59الحشر )21وكذلك كان الجبل دكا على ما ذكر من خشوع
الجبل" ()36
المجيء :انظر ما سبق ص .127
القيام ":قال تعالى ( :أفمن هو قائم على نفس بما كسبت) ( 13الرعد )33بمعنى الكفاية والتدبير
والثواب والجزاء والرزق والحصاء بجميع أعمال الملكفين")37( .
( )1/266
عند ":قال تعالى ( :عند مليك مقتدر) ( 54القمر )55أراد عنده في المنزلة والرفعة والزلفى
مستحقين لثواب ال .وقال تعالى ( :ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم) (32
السجدة )12أي المنزلة الدنيئة إذ كانوا مستحقين للعقاب آيسين من الثواب" (. )38
في :قال تعالى ( وهو الذي في السماء إله وفي الرض إله) ( 43الزخرف )84فالمعنى أنه إله
السماوات وإله الرض")39( .
مع :قال تعالى ( :إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) ( 16النحل )128أي معهم بالنصر
والتوفيق والتسديد" ()40
فالمهم حينئذ أن المصادر الباضية حرصت كل الحرص على نفي كل ما من شأنه أن يفهم
التجسيم والتشبيه للخالق تعالى وردت على المشبهة بشدة.
كما أنها لم تنهج منهج الحنفية الذين ذهبوا إلى إثبات اليد والوجه وغيرهما له تعالى حق لكنه
معلوم بأصله مجهول بوصفه.
ولم تنهج منهج المالكية والشافعية في الكتفاء باعتقاد الحقيقة وسنعود إلى قولة مالك في الستواء
بعد حين)41( .
وهي تتفق مع المعتزلة ( )42في تأويل المتشابهات عامة واعتماد المجاز.
هكذا نتبين أن الباضية سلكوا مسلك التأويل مع ما أوردنا من المتشابه فلنوضح موقفهم مع
موضوع الستواء لنه كان مثار جدل أكثر من غيره.
=========================
( )18ملحظة :نختار توضيح موقف الباضية من هذه المعاني التي اعتبرت من المتشابه دون
إطالة لنقف بصفة موسعه عند قضيتي الستواء ونفي الرؤية.
( )19ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/37عدد ،875التفسير مروي عن ابن عباس .ر.
المحشي :حاشية الترتيب (أي على الجامع الصحيح ) . 304 -7/303ر .خميس بن سعيد
الرستاقي :المنهج .399 -1/398
( )20ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/36عدد ،873التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب (أي على الجامع الصحيح ). 300 -7/299ر .خميس بن سعيد الرستاقي :
المنهج .400 -1/399
( )1/267
( )21ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/37عدد ،876التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب (أي على الجامع الصحيح ). 306 -7/304ر .خميس بن سعيد الرستاقي :
المنهج .402 /1
( )22ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/36عدد ،866التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب . 7/269ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .403 /1
( )23ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/32عدد ،864التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب . 266 -7/265ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/404
( )24تخرج الحديث :الترمذي :قدر ،7دعوات ،89مسلم قدر .17ابن ماجة مقدمة .13أحمد
بن حنبل .315 ،302 ،251 ،6/182 ،173 .2/168حسب ونسنك :المعجم المفهرس .1/64
( )25ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/399
( )26خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج 1/405
( )27ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/38عدد ،878التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب . 311 -7/308ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/505
( )28تخريج الحديث :ر .البخاري تفسير سورة ق .1إيمان 12توحيد 8.25ر .مسلم :جنة
.38 .37 .35ر .الترمذي :جنة .20تفسير سورة ق .ر.ونسنك :المعجم المفهرس .5/326
( )29ر .عمرو التلتي :شرح النونية :ورقه 17قفا .ر .عبد العزيز الثميني :النور.75 :
( )30ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/398
( )31ر .الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/23عدد .844التأويل لبن عباس .ر .المحشي:
حاشية الترتيب .234 -7/232أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/398ر .البخاري :استئذان .1
مسلم بر .115جنة ...28عن ونسنك :المعجم المفهرس .2/71
( )32خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج ،406 -1/405وسنزيد الموضوع تحليل عند الحديث
عن استحالة الرؤية وعن الكلم.
( )1/268
( )33ر .عمرو التلتي :شرح النونية :ورقه 20قفا .ر .عبد العزيز الثميني :النور . 80 :ر.
الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/30عدد . 859ر .المحشي :حاشية الترتيب .7/262
( )34الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/20عدد . 838ر .المحشي :حاشية الترتيب -7/226
. 227ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/406
( )35ر .عمرو التلتي :شرح النونية :ورقه 18قفا .ر .عبد العزيز الثميني :النور:ص -75
.76ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/408
( )36خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/406انظر ما يلي :موضوع استحالة الرؤية 298
( )37خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/510
( )38خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/510
( )39خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/511
( )40خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/511
( )41ر .بلقاسم بن حسن :آراء الماتريدي الكلمية ،حيث أورد قول مالك :الستواء معلوم.
والكيف مجهول وقول أحمد بن حنبل "استوى كما أخبر ل كما يخطر للبشر" .وقول الشافعي
آمنت بل تشبيه ،وصدقت بل تمثيل ،واتهمت نفسي في الدراك ،وأمسكت عن الخوض فيه كل
المساك . 240:ر .اليجي :المواقف :367 -2/366حلل القضية تحليل مختصرا أثبت فيه
ضرورة المجاز ومن ذلك في شأن الوجه" تنبيه" :الوجه وضع للجارحة ولم يوضع لصفة أخرى ،
بل ل يجوز وضعه لما ل يعقله المخاطب ،فيتعين المجاز والتجوز به عما يعقل ...،وهو أن
يتجوز به الذات وجميع الصفات ...المواقف .2/366
( )42القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة .600:
---
( )1/269
( )1/270
فقوله ( الرحمن على العرش استوى) :ليس هو على كون الملك على سريره بل هو على معنى
العلم والحفظ والقدرة والحاطة والظهور والسلطان.
وتستند هذه المصادر أيضا إلى ما جاء عن ابن عباس في الجامع الصحيح للربيع بن حبيب ":قال
جابر بن زيد سئل ابن عباس عن قوله تعالى ( :الرحمن على العرش استوى) فقال ارتفع ذكره
وثناؤه على خلقه ل على ما قال المنددون إن له أشباها وأندادا تعالى ال عن ذلك" ()9
" وعلى ما ذكره الحسن في قوله تعالى ( :ثم استوى الى السماء وهي دخان) ( 41فصلت )11
أي استوى أمره وقدرته إلى السماء وقوله تعالى ( :ثم استوى على العرش) ( 25الفرقان )59
يعني استوى أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه ول يوصف ال بصفات الخلق ول يقع عليه الوصف
كما يقع على الخلق")10( .
كما ترد هذه المصادر على من اعتبر ثم على الستئناف وتعتبر أنه أراد بها ما يلي :وهو مع
خلقه السماوات والرض قد استوى على العرش ولم يرد أن ذلك شيء بعد شيء وتستدل بقوله
تعالى ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا) (
90البلد )18فلم يرد أنه فعل ما فعل ثم كان بعد فعله من الذين آمنوا)11( .
كما تنفي المصادر أن يكون الستواء قد جاء بعد العوجاج أو التكاء لما فيه من التشبيه
والستنقاص المر الذي ل يقبله عاقل)12( .
وقد حرص أحمد الشماخي في رده على الغدامسي على جمع نصوص من مصادر مختلفة تفهم
التشبيه رغم أن الغدامسي عمل على نفي ذلك مطلقا.
فأورد ما جاء في رسالة ابن أبي زيد " )13( :وهو على العرش المجيد بذاته" (. )14
كما أورد ما جاء في بعض شراح الرسالة ":والذي يدل على صحة ما ذكرناه أنه فوق عرشه
المجيد دون كل مكان قوله تعالى ( :الرحمن على العرش استوى) ( 20طه )5وهذا يمنع أن
يوصف أنه فوق غيره أو فيه)15( .
( )1/271
كما يرد على الغدامسي حيث تأول قول مالك :الستواء معلوم على أنه الستعلء وبين أن كلمة
معلوم تفيد لغة الستقرار مبينا أن المر الذي أغضب مالكا ليس السؤال عن الستواء وإنما عن
كيفية الستواء أو لنه سأله في جمع من العوام وهذا ليس من المناسب)16( .
كما ذكر أيضا أن أحمد بن حبل ل يتأول إل ثلثة أحاديث ( )17والكل حمله على الظاهر.
ثم يذكر شواهد تاريخية زمن ابن تاشفين ( )18الذي زجر من يقول ال في كل مكان بالضرب
والقتل إلى أن جاء المهدي ( )19فحكم عليهم بحكم النصارى فقتل وسبى وغنم بعد أن حكم فيهم
أول بحكم الموحدين وما ترك بالمغرب من يقول بالتشبيه وسمى أتباعه الموحدين)20( .
فواضح إذن أن الشماخي اعتمد على نصوص تؤازر ما ذهب إليه مع أننا نجد من الشعارة من
يعمد الى المجاز مثل إمام الحرمين ( )21والقفال ( )22ومنهم من يعمد إلى الوقوف مثل الرازي
":أن نقطع بكونه تعالى متعاليا عن المكان والجهة ول نخوض في تأويل الية على التفصيل بل
نفوض علمها إلى ال وهذا المذهب هو الذي نختاره ونقول به ونعتمد عليه")23( .
أما المحشي فقد توسع في هذا الموضوع عند شرحه لما نسب من تأويل إلى ابن عباس ولعبد ال
بن عمر كما ذكرنا ذلك قبل حين)24( .
وقد اعتمد اعتمادا كليا على ما جاء عند إسماعيل الجيطالي في شرح النونية ( )25فأورد حجج
الطرف المقابل ولخصها بقوله عند النطلق في الرد ":اعلموا أن احتجاج المشبهة في الستواء
يدور على هذه الربع كلمات :ثم ،استوى ،على ،العرش ،فهم مطالبون بتأويل هذه الكلمات"( .
)26
ثم بين بأدلة من القرآن وكلم العرب أن " ثم" ل تكون إل للستئناف بل تكون للتراخي والمهلة
وتكون بمعنى الواو ويصل إلى أن " ثم" هنا جاءت بمعنى الدوام)27( .
( )1/272
وكذلك فعل مع كلمة " استوى" إل أنه اختصر ما جاء عند الجيطالي في شرح النونية ثم ختم
بقوله ":فإذا ثبت بهذه الشواهد العقلية والحتجاجات الضرورية أن الستواء على ضروب متفاوتة
فلم لم تعمد المشبهة إلى رفعها منزلة وأعلها درجة وأبعدها تنزيها فتصف ال تعالى به إذ كان
عز وجل بعيدا من صفات الخلق ومعاني النقص .ولو كان استواؤه على المعقول لكان تصويره
لما في الرحام على المفهوم وإتيانه بنيانهم على المعقول تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا.
فلما كان المر على ما ذكرنا ثبت أن ال عز وجل لم يزل مستوليا على عرشه قبل خلقه وإياه
واختراعه له بأن يوجده في أي وقت شاء ومستوليا عليه في إيجاده بأن كان ممسكا له ومبقيا له
بأن يحدث له البقاء الذي بقي به في كل وقت خلفا لمن قال ":إن " ثم" ها هنا في معنى
الستئناف وتقدير قوله (خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) وهو مع
خلقه السماوات والرض لم يزل مستوليا على العرش وغيره بالقهر والغلبة")28( .
ثم بعد أن بين مختلف وجوه استعمالت " على" ختم بما يلي ":فإذا كان يخرج على ما ذكرنا فلم
ل يكون قولي " على" في ( على العرش استوى) بالقهر والغلبة دون ما ذهبت إليه المشبهة من
اللتزاق والفوقية تعالى ال عما يقولون علوا كبيرا" ()29
ثم ذكر بعد ذلك مختلف الوجوه بالنسبة إلى " العرش" وبين أنه من جملة مخلوقات ال تعالى التي
تعظم عندنا ( )30وفي قدرته عليه دللة على قدرته على غيره فقال" إنما خصه بالذكر إذ كان
مخصوصا عندنا بالشرف والتعظيم وأنه فوق جميع الخلق لن من قدر على أعالي الشياء فهو
قادر على أسفلها ...فمتى ذكر ال تعالى أنه عال على العرش ظاهر عليه فهو دليل على أنه عال
على كل شيء" (. )31
( )1/273
ثم بعد أن ناقش قول مالك المشار إليه قبل حين ( )32بين لجوء المتأخرين من الشاعرة إلى
التأويل مع قولهم بأن طريقة السلف أسلم يعنون لما فيها من التوقف وطريقة الخلف أعلم يعنون
لما فيها من العلم حيث بينوا المراد به")33( .
هذا ما جاء عند المحشي وقد نقل جله عن إسماعيل الجيطالي في شرح النونية أما عمرو التلتي
في شرحه للنونية فقد مر على القضية مرا سريعا ويبدو أنه أدرك أن الجيطالي قد ألم بها من
جميع الوجوه فتحاشى التكرار.
فواضح إذن أن المصادر الباضية تلتقي مع المعتزلة ومع المتأخرين من الشاعرة ( )34في
تأويل الستواء.
كما أنها استفادت استفادة عريضة من صيغ الجمل التي ورد فيها ذكر الستواء فألحت على معنى
حرف الجر " على " ودللته على القدرة وعلى معنى " ثم" الذي يفيد المعية ل الستئناف وعلى
ورود صيغة الستواء للدللة على استعلء في القرآن الكريم وفي كلم العرب .وهذا يتماشى مع
الفكر الباضي عامة الذي يرى أل سبيل الى الستفادة من هذه النصوص إل بتأويلها حسب ما
يتماشى وجلل ال تعالى.
وبعد هذا التحليل يحسن أن نستجلي البعاد الحضارية لهذه القضية.
لقد صرح القرآن نفسه أن من آياته ما هو محكم ومنها ما هو متشابه والية تحتمل في نصها أن
يكون المتشابه من علم ال فحسب كما تحتمل أن يكون للراسخين في العلم نصيب في فهم هذا
المتشابه على أساس أن يرجعوا به إلى المحكم وحذرت الزائغين من توجيه الي على مقتضى
زيغهم.
( )1/274
وما أن انتقل الرسول عليه السلم إلى الرفيق العلى ،ودخل الناس في دين ال أفواجا حتى انطلق
المسلمون يسألون أصحاب الرسول عليه السلم بأسئلة دقيقة لم يسأل بمثلها الرسول عليه السلم
فمن الصحابة من آثر الوقوف ومن ذلك ما أثر عن أبي بكر" أي أرض تقلني وأي سماء تظلني
إن أنا فسرت القرآن برأي" ( )35ومنهم من فسر وتأول وعلى رأس هؤلء عبدال بن عباس وقد
دعا له رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله ":اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " ( )36ول
ننسى هنا أن إمام الباضية جابر بن زيد أخذ جل علمه عن ابن عباس فهذه المدرسة حينئذ قامت
من يومها الول على منهج يعتمد على التأويل أساسا بل يعتبر أن القرآن ل يمكن أن يفهم فهما
صحيحا إذا لم يتأول أساسا بل يعتبر أن القرآن ل يمكن أن يفهم فهما صحيحا إذا لم يتأول ما
تشابه منه تأويل يتناسق في العقيدة وفي غيرها مع ما جاء محكما وتناسق هذا التأويل في
العقيدة -ويهمنا أكثر في هذا البحث -مع المحكم يتم على أساس تنزيه الخالق تعالى تنزيها مطلقا
عن الشبيه في ذاته وصفاته وأفعاله.
وفعل تسرب الزيغ في المحيط السلمي شيئا فشيئا من النصف الثاني من القرن الول للهجرة
وظهرت الفرق السلمية وتباينت مواقفها وتناقضت آراؤها بين تجسيم وتشبيه اعتمادا على ما
في اليات من ذكر اليد والوجه والعين وما إلى ذلك من الجوارح وبين وقوف وتفويض مع قبول
للنص كما هو وبين تأويل وتوجيه النصوص انطلقا من قيام اللغة على الحقيقة والمجاز.
والباضية من يومهم الول اعتنقوا الموقف الثالث كما ذكرنا وقد حرص الربيع بن حبيب من
القرن الثاني هجري على أن يجمع ما أثر عن الصحابة والتابعين من تأويلت لكل ما جاء من
المتشابهات في حق ال تبارك وتعالى .وكل ما جاء من التراث الباضي في هذا الشأن في ما بعد
استمر في نقل هذا الرصيد للحتجاج به مع تحليله اعتمادا على ما ظهر من علوم البلغة خاصة
منها في باب المجاز.
( )1/275
وإذا علمنا أن الفكر الباضي في المغرب ظل يتعايش مع فكر أشعري هو أقرب إلى التفويض
سوى في بعض الحالت ومع بعض العلماء نستطيع أن نستجلي البعد الحضاري لهذه القضية
خاصة في المرحلة المقررة في البحث.
واضح من خلل عرضنا للقضية موقف الباضية الدفاعي ذلك لنهم يرمون -مثل المعتزلة-
بتهمة البدعة في الدين وهي من أسوا التهم في المحيط السلمي كما نعلم فلذلك يحتجون لموقفهم
من منطلق نقلي وعقلي.
=============================================
( )1أبو الحسن الشعري :المقالت :1/345وأن ال سبحانه (.الرحمان على العرش
استوى(على عرشه ،كما قال:
( )2ر .القرطبي :الجامع لحكام القرآن .دار الكتاب العربي للطباعة والنشر القاهرة
1387/1967ج ،220 -7/219وعن حياة القرطبي( محمد بن أحمد)(ت )617/1273ر.
الزركلي :العلم .6/217
فإذا استويت((23( )3المؤمنون (.)28أنت ومن معك على الفلك
( )4عليك الطريق العظم.
أو(( 21( )5البقرة (.)259كالذي مر على قرية
( (12وال غالب على أمره(( )6يوسف .)21
( )7أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/367نقل المحشي كامل النص .ر .المحشي :حاشية
الترتيب .7/296
( )8أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/370
( )9الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/35عدد . 871ر .المحشي :حاشية الترتيب -7/283
.298
( )10الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/36عدد . 872ر .المحشي :حاشية الترتيب -7/283
.298
( )11أبو عمار عبد الكافي :الموجز .1/373
( )12ر .خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج .1/506وقد أورد محاورة طريفة بين مشبه ومؤول
أفضت إلى انتصار المؤول ،ومثل هذه المحاورات تعبر عن فكر معين يحاول أن يقرب المفهوم
بطريقة حوارية مشوقة.
( )1/276
( )13أبو محمد عبدال ابن أبي زيد القيرواني( )996 -923 -386/22 -310قضى جل حياته
بالقيروان .لقب بمالك الصغير لعتنائه بالفقه الملكي .ومن أشهر مؤلفاته :الرسالة .قدم لها
وترجمها إلى الفرنسية ليون برشي Leon Bercherط 8الجزائر (1983وفي المقدمة نبذة عن
حياة المؤلف).
( )14ابن أبي زيد القيرواني :الرسالة. 20:ر .أحمد الشماخي :الرد علة صولة الغدامسي.26:
( )15ر .أحمد الشماخي :الرد علة الغدامسي27:
( )16نفس المصدر السابق ص . 27ر .المحشي حاشية الترتيب .294 -7/293
( )17ر .أحمد الشماخي :الرد على الغدامسي .27:وهي " قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع
الرحمن" .انظر ما سبق ص 279تعليق "24الحجر السود عين ال عز وجل "".إني لجد نفس
الرحمان من جانب اليمن" .ر .أحمد بن حنبل،2/541 :ر .ونسنك :المعجم المفهرس .6/508
( )18ر .أحمد الشماخي :الرد على الغدامسي .29:يوسف بن تاشفين (-500/1019 -410
)1106سلطان المغرب القصى وباني مدينة مراكش وأول من دعي بأمير المسلمين.ر.
الزركلي :العلم .295 -9/294
( )19المهدي بن تومرت( )1130 -524/1092 -485واضع اسس الدولة المرمنية الكومية .ر.
الزركلي :العلم .105 -7/104
( )20ر .أحمد الشماخي :الرد علة الغدامسي.29:
( )21إمام الحرمين :عبد الملك بن عبدال الجويني( )478/1085 -419أعلم المتأخرين من
أصحاب الشافعي .أسست المدرسة النظامية من أجله ر .الزركلي :العلم .4/306
( )22القفال )1114 -1037 /507 - 429 (:رئيس الشافعية بالعراق في عصره ملقب بفخر
السلم .ر .الزركلي :العلم .6/210ر .الفخر الرازي :التفسير الكبير .22/7انظر ما نقله عن
إمام الحرمين وعن القفال.
( )23الفخر الرازي :التفسير الكبير .115 /14
( )24انظر ما سبق286 :
( )25ر .إسماعيل الجيطالي :شرح النونية خ بالبارونية ورقة 72وجه ورقة 77قفا.
( )26المحشي :حاشية الترتيب .7/285
( )27ر.المحشي :نفس المصدر ص .287 -285
( )1/277
( )1/278
( )1/279
ويتمثل هذا المنهج في النطلق من موقف الطرف الذي ينكر التأويل مع ذكر ما يحتج به ثم
يتدرج به شيئا فشيئا للوصول إلى التأويل المطلوب اعتمادا على نصوص مختلفة.
كما أن هذا التحليل يدعم من حين لخر بقول بعض من الذين ينتمون إلى الطرف المقابل بالتأويل
القائم على المجاز وقد تحتد اللهجة أحيانا إلى درجة الحط من مواقف الخرين.
وهكذا جاءت النفس بمعنى الذات والعين بمعنى العلم والحفظ وجاء النور بمعنى الهداية والدنو
بمعنى سرعة الجابة ،وما إلى ذلك من التأويلت التي ذكرنا.
وبقدر ما كانت المعركة نسبيا هادئة في شأن كثير من التأويلت فإنها احتدت أكثر في قضية
الستواء فلم يقبل الباضية البتة أن يكون الستواء على العرش كاستواء المير على السرير كما
لم يقبلوا السكوت عن الجابة عن الكيف إذ يعتبرون أل كيف.
وفعل فقد رأينا في الرسائل التي تهجمت على الباضية أن الهجوم يركز على قولهم في الستواء
واعتباره بدعة إذ منطلق هؤلء إما الوقوف وهو الغالب وإما فهم النص على ظاهره.
وهنا يحسن أن نشير أن صدى مثل هذا التأويل يتجلى في المستوى النظري أكثر لكن ل يخلو من
أثر في عامة الناس الذين كانوا يحضرون دروس مشائخهم الذين يتوسعون في تحليل هذه القضايا
في حلقاتهم الخاصة وهذا من شأنه أن يجعل شيئا من الجفوة بين الناس أساسه احتراز الكثرية
من هذه القلية الخارجية المبتدعة وانتباه القلية من الذوبان في هذه الكثرية المشبهة ولهذا قل أن
نجد الندماج الكلي بين الطرفين حتى في مستوى السكن وكثيرا ما يتم التنابز بين المتعايشين
بكلمات عامة تحمل في طياتها من جملة ما تحمل خلفيات الفوارق في هذا التصور العقائدي.
هذا في المستوى الحضاري المعاش أما في المستوى العلمي النظري فقد أدى الختلف في هذه
القضية كل من الطرفين إلى الوقوف عند الية المعبرة عن الستواء كلمة كلمة.
( )1/280
فتفنن كل لتطويع حرف العطف " ثم" وحرف الجر" على" لما يوافق منطلقه واللغة مطواع لذلك
فمن أراد منها معنى الحقيقة تعطيه ومن أراد منها المجاز ل تعوزه.
أما الفعل " استوى" فقد نال حظا وافرا من التحليل لم يكن ليناله لول هذه القضية.
فالموضوع عقائدي إل أن الثروة الناجمة لغوية بلغية بصفة خاصة لن النزاع العقائدي ينتهي
من حيث بدأ بل لعل كل من الطرفين ينتهي من التحليل وقد زاد تمسكا بموقفه أكثر من البداية.
والمصادر الباضية في المرحلة المقررة لم تتمثل وظيفتها في الحقيقة إل في المحافظة على
التراث المنقول مع تركيز التصور العقائدي في الوساط الباضية ومثل هذا التركيز والتذكير
يحفظان هذا التصور من الذوبان لن سكوت فرق أخرى عن مبادئها أدى إلى دخولها في طي
النسيان وفعل فقد دخلت كثير من البيئات الباضية في طي النسيان وصارت أثرا بعد عين
لعوامل شتى من بينها بل لعل أساسها انطفاء الحركة العلمية فيها وهذه غدامس مثل لم يكن الدفاع
منطلقا من صلبها وإنما كان المر مددا من جبل نفوسة أو من جربة فلم يستطع المذهب أن يصمد
فيها بعد تلك المرحلة أمدا طويل.
ذلك ما أمكن استنتاجه من أبعاد حضارية لقضية المتشابه عامة وموضوع الستواء خاصة وهذا
يتدرج بنا إلي النظر في قضية استحالة الرؤية وهي قسم أساسي من أقسام المتشابه.
---
( )1/281
( )1/282
ومعلوم أن هذه النظرية اليونانية تعزز موقف الباضية في نفي الرؤية وعدم جوازها عقل لنها
تفرض المواجهة بين الرائي والمرئي والحاطة به وهذا مستحيل في حق ال تبارك وتعالى.
ول نريد أن نطيل في هذا البحث لننا نعتبر أن إقامة أساس عقائدي على نظرية علمية تحتاج إلى
احتراز كبير لن الحقائق العلمية نسبية ومتطورة وما يعتبر قاعدة اليوم يصير خطأ في المستقبل.
لهذا اكتفينا بهذا التلميح للقضية لنها وقعت الشارة إليها ولنتأمل الن في التطور التاريخي
للقضية.
المتداد التاريخي للقضية:
لقد حوصل كل من النامي ( )5وكوبرلي ( )6في أطروحتيهما التطور التاريخي لموقف الباضية
من الرؤية ،فبيسن كوبرلي خاصة أن الشارة إلى نفي الرؤية جاءت أول ما جاءت على لسان
المام عبدال بن إباض وألح النامي على ما جاء من نصوص في هذا الشأن في الجامع الصحيح
للربيع ابن حبيب بصفة خاصة ،والمهم أن المدرسة الباضية نافحت وما تزال تنافح بالجماع (
)7على استحالة رؤية ال تعالى في الدنيا والخرة منطلقها في ذلك فهم كتاب ال تعالى وسنة
نبيه عليه السلم.
أما عن المرحلة التي تهمنا بالخصوص فقد قاس كل من الشماخي وأبي مهدي والسدويكشي
والمحشي والتلتي على من سبقهم)8( .
وما يزال من بعدهم يتبع نفس المنهج مثل عبد العزيز الثميني في " النور" ومحمد اطفيش في
تفاسيره للقرآن الكريم والسالمي في " المشارق"
فل نجد استثناء عبر كل هذه العصور عدا ما نبه إليه كوبرلي باحتراز كبير ونحن نشاطره في
هذا الحتراز مع تبغورين في أصوله لن الشارة جاءت عابرة ول تعتبر في نهاية المر
استثناء.
( )1/283
والناظر في كل هذه النصوص يتبين بوضوح التفاعل الكبير مع مدرسة العتزال التي تبني نفس
الموقف مع العلم أنه يصعب أن نقرر من السبق وإن كان المام عبدال بن إباض أشار إلى
القضية من زمن مبكر لكن تبنى النظرية والمنافحة عنها تتداخل فيها الراء خاصة إذا كان
التجاه واحدا ،ومهما يكن من أمر فالنصوص المتداولة بين الناس ( )9تلح على العتزال أكثر
من اللحاح على الباضية وإنما يذكر الباضية ضمن الخوارج في هذا الشأن لكن هذا يعتبر
تقصيرا من هذه النصوص أو غفلة لنها كتبت بعد أن تجلت مواقف الباضية صريحة خاصة في
الجامع الصحيح للربيع ابن حبيب وقد قامت الدول الباضية بعد في المشرق والمغرب.
كما يثبت التأمل أن الختلف مع الشاعرة ( )10والماتريدية والمشبهة وغيرهم ممن يعتقد أن ال
يرى في الدنيا والخرة أو في الخرة فقط بكيف أو بل كيف ،بلور القضية ورسخ قدم الجدل فيها
بالعتماد على الحتجاج العقلي والحتجاج النقلي مع استغلل ما ورد في النصوص بقدر المكان
في صالح هذا التجاه أو عكسه مع العلم أن النصوص واحدة وهنا تتجلى قيمة التأويل واعتماد
مختلف أنواع المجازات وما إلى ذلك من وسائل اللغة.
فماذا عن الدلة العقلية ثم النقلية؟
الدلة العقلية:
)1عدم توفر شروط الرؤية يوجب استحالتها.
يتفق الباضية والمعتزلة ( )11على تحديد تسعة شروط للرؤية وهي:
)1سلمة الحاسة.
)2كون الشيء جائز الرؤية مع حضور للحاسة.
)3مقابلته للباصرة في جهة من الجهات أو كونه في حكم المقابلة كما في المرئي بالمرآة.
)4عدم غاية الصغر
)5عدم غاية اللطافة.
)6عدم غاية البعد.
)7عدم غاية القرب.
)8عدم الحجاب الحائل.
)9أن يكون مضيئا بذاته أو بغيره)12( .
وبما أن هذه الشروط ل تعقل إل في جسم أو عرض وال تعالى ليس كذلك فهي أقوى دليل على
استحالة الرؤية في الدنيا والخرة.
( )1/284
ويرد الباضية على من يجيز الرؤية في الخرة اعتمادا على البلكفة ( )13وعدم جواز قياس
الغائب على الشاهد بما يلي:
" قولك (صولة الغدامسي) :قياس الغائب على الشاهد فاسد.
أقول (أحمد الشماخي) :هذا صحييح على أصلنا الذي اعتمدنا عليه ولذا أبطلنا عليه رؤية العين
ولو جازت لكان كالجواهر والعراض واستحالت رؤيته لنه ليس محل للحوادث")14( .
كما يردون فكرة أن اختلف العقلء في شأن الرؤية دليل على الجواز بحجة أن ادعاء العقلء
تعدد اللهة في الجاهلية ل يمكن بحال أن يثبت مثل هذا الدعاء.
)2رد حجة أن الرؤية تتعلق بكل موجود
يقول المثبتون للرؤية ما يلي ":إن ال موجود وكل موجود يصح أن يرى ينتج أن ال يصح أن
يرى".
ويجيب أحمد الشماخي كما يلي ":لو جاز ذلك( تعلق الرؤية بكل موجود) لجاز تعلقها بالصوات
والطعوم والروائح ولو جاز تعلق السمع باللوان وما ذكر والشم وبها والذوق واللمس ولو جاز
في جميعها لم يكن في الختصاص فائدة ول حكمة فيلزم أن يكون فعله عبثا وأيضا لجاز ذلك في
المعدوم كما جاز في الموجود....
فان قلت العدم يمنع تعلق الدراكات الحسية بالمعدوم.
( )1/285
قلت :معلوم متميز ،وكل معلوم متميز ثابت وكل ثابت يصح التعلق به ،وأيضا ممكن مع ثبوت
القادر المختار وأيضا المعلومات المتجانسة فما جاز على أحد منها جاز على الخر ولو جازت
الرؤية واللمس والشم وغيرها عليه تعالى من غير اتصال لجاز أن يكون جسما من غير تأليف
كما قال كثير ،أو جسما مؤلفا أو له وجه وكف وساق وقدم بغير صورة أو على صورة النسان
بغير شكل أو طويل عريض بغير نهاية ،ويجوز أن يرى علمه لنه موجود وترى قدرته وإرادته
وحياته وسمعه وبصره وتلمس وتذاق وتشم وتسمع ويجوز إدراك البهائم للذات وسائر ما ذكر
بحواسها الخمس لن العلة واحدة ويجوز أن تلمس وتشم وتذاق ونرى ونسمع جهلنا وعلمنا
وقدرهما بل يجوز ذلك في الجماد كما أدرك الجبل ورأى ربه ويجوز أن يجلس فوق العرش أو
يتكئ بغير وضع ويوصف بالشم والذوق واللمس بغير آلة ول يوصف بكونه شيئا وهذه أقوال قد
قيل بها.
وبالجملة إن التزمت هذا فانف العراض لفضا بما شئت وإن أثبت ذلك معنى وحقيقة بل أثبت له
العراض لفظا ومعنى أو انف تأثير الحواس وقل في معبودك ما بدا لك سبحان ربنا وتعالى،
واعتقادنا ما دل عليه ( لن تراني) و (ل تدركه البصار) ")15( .
وإن رد الشماخي هذا الدليل العقلي بالعتماد على مقارنة البصر ببقية الحواس ومقارنة الموجود
بالمعدوم فإن من الشاعرة أيضا من رد هذا الدليل وهذا الرازي يقول ":إن استدللهم هذا ضعيف
لنه هناك علة تصلح للرؤية غير الوجود وهي المخلوقية في هذه الشياء وهذه العلة ل توجد في
البارئ لنه خالق ليس مخلوقا.
وقال أيضا :إن المصحح للرؤية لبد أن يكون مشتركا بين القديم والحادث.
( )1/286
والمشترك إما الحدوث أو الوجود فيبطل أن يكون المصحح الحدوث فتعين أن يكون هو الوجود
وإذا كان هو الوجود فوجب كونه تعالى يصح أن يكون مخلوقا لن الوجود مشترك بينهما وإذا
كان الوجود مشتركا بينهما فيصح على هذا أن يكون ال مخلوقا لنه موجود كما في الحوادث
والعلة والوجود.
وعلى هذا ل يصح أن يكون الوجود صحيحا للرؤية حتى يؤدي ذلك إلى ثبوت رؤية الباري"( .
)16
وقال الغزالي أيضا ":إن كبرى الدليل في قياسهم هذا كاذبة إشارة إلى أن كل موجود يصح أن
يرى" ()17
وبهذا نتبين أن هذه الحجة مردودة عند الباضية والمعتزلة وحتى عند بعض الشاعرة مثل
الرازي والغزالي.
=================================
( )1الفاربي( )950 -874 /339 -260يعرف بالمعلم الثاني ،من أكبر فلسفة المسلمين عاش
بين فاراب وبغداد ومصر والشام .ر .الزركلي :العلم .242 /7
( )2أحمد الشماخي :الرد علة صولة الغدامسي.25:
( )3عبدال السالمي :المشارق 186 :واخترنا هذا التعريف لنه أكثر وضوحا من تعريف أحمد
الشماخي.
( )4ابن الهيثم ( الحسن) ( )411/1020من علماء المسلمين اهتم خاصة بعلم المبصرات وتفنن
فيه .ر .مصطفى نطيف :الحسن بن الهيثم بحوثه وكشوفه البصرية .القاهرة.1942 .
( )5عمرو النامي :الطروحة.209 -207 :
( )6كوبرلي :الطروحة.515 -469 :
( )7وعلى سبيل المثال :ر .أبو زكرياء الجناوني :عقيدة نفوسة ملحقة بأطروحة كوبرلي-55 :
. 56ر .تبغورين بن عيسى الملشوطي :كتاب أصول الدين. 68 -65 :ر .أبو عمار الكافي:
الموجز.421 -414 :ر .إسماعيل الجيطالي :شرح النونية خ بالبارونية ورقة 64وجه إلى ورقة
70وجه.
( )8انظر الحالت على النصوص أثناء التحليل.
( )9الشعري :الشهرستاني والبغدادي.
( )1/287
( )10يقول الغزالي ":العلم بأنه تعالى مع كونه منزها عن الصورة والمقدار ،مقدسا عن الجهات
والقطار ،مرئي بالعين والبصار في الدار الخرة دار ول يرى في الدنيا تصديقا( وجوه يومئذ
ناضرة إلى ربها ناظرة(القار لقوله تعالى :ولقوله تعالى في خطاب موسى عليه( ل تدركه
البصار وهو يدرك البصار(لقوله عز وجل (. :لن تراني(السلم
وليت شعري كيف عرف المعتزل من صفات رب الرباب ما جهله موسى عليه السلم؟ وكيف
سأل موسى عليه السلم الرؤية مع كونها محال؟ ولعل الجهل بذوي البدع والهواء من الجهلة
الغبياء أولى من الجهل بالنبياء صلوات ال عليهم.
" وأما وجه إجراء آية الرؤية على الظاهر فهو أنه غير مؤد إلى المحال فإن الرؤية نوع كشف
وعلم إل أنه أتم وأوضح من العلم فإذا جاز تعلق العلم به وليس في جهة جاز تعلق الرؤية به
وليس بجهة ،وكما يجوز أن يرى ال تعالى وليس في مقابلتهم جاز أن يراه الخلق من غير مقابلة،
وكما جاز أن يعلم من غير كيفية وصورة جاز أن يرى كذلك" .الحياء .1/187ويقول الظاهرية
على لسان ابن حزم ":وأن ال تعالى يراه المسلمون يوم القيامة بقوة غير هذه القوة "...المحلى
.35-1/34
( )11ر .القاضي عبد الجبار المغني في أبواب العدل والتوحيد .نشر المؤسسة العربية للتأليف
بالقاهرة ج /4عدة صفحات ...109 .50 .40 .36.39 :
( )12ر .عبد ال السالمي :المشارق 198 :لم نجد في المرحلة المقررة مثل هذا التفصيل فاستعنا
بما جاء في المشارق لزيادة التوضيح.
( )13البلفكة :كلمة مركبة تفيد بل كيف
( )14أحمد الشماخي :الرد علة صولة الغدامسي.24:
( )15أحمد الشماخي :الرد علة صولة الغدامسي 26-25:وهذا تحليل لما ورد موجزا عند أبي
يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط .64-1:63
( )1/288
( )16عزة محمد عبد المنعم زايد :رؤية ال تعالى بين المثبتين والنافين .رسالة ماجستير في
العقيدة والفلسفة السلمية .مكتبة الستقامة .عمان ط 1د.ت .54 :وقد أخذنا نص الرازي من
هذا المرجع.
( )17الغزالي :القتصاد في العتقاد تقديم عادل العواط ط 1دار المانة لبنان :1969 /1388
.43
---
( )1/289
وإن رأى الشماخي ( )21أن الخلف في اللفظ فيعتبر السالمي أن الخلف حقيقي حيث يقول ":فإن
قيل :إن بعض الصحاب قد فسر الرؤية في الحديث بالعلم ( )22وقد قنع البدر الشماخي من
الفخر الرازي والغزالي بما قاله حيث قال والخلف حينئذ لفظي.
قلنا :أراد ذلك البعض بالعلم بال زيادة العلم بصفاته حيث انكشف لهم من أمور الخرة ما يعدهم
بها كما قيل ليس الخبر كالمعاينة وعلى هذا المعنى حمل البدر كلم الفخر والغزالي حسن ظن
بهما ولكن إشارتهما دالة على إرادة العلم بحقيقة ذاته ل بصفاته فقط")23( .
ومما يؤكد كلم السلمي صريح عبارة الغزالي ":مرئي بالعين والبصار في الدار الخرة"( .
)24
ونحن نذكر أن ما قاله الفخر الرازي والغزالي غير مقنع لن حقيقة ذاته تعالى ل تعلم وإنما تعلم
صفاته فقط وذلك أنه لبد للشيء المعلوم من أن يتصور في ذهن العالم به وحقيقة ذاته ل تتصور
)25( .
وبهذا نتبين الفرق بين العلم والرؤية.
)3رفض تقوية حاسة البصر:
يقول الشعري في البانة ":لبد من تقوية بصر النسان كي يرى ال وإن كانت العين ل تقوى
على رؤية الشمس فمن باب أولى إذا كان مع رؤية الخالق")26( .
" وهذا مردود من جهتين:
)1فإما أن توقية البصار يحولها عن اختصاصها في تميز اللوان والشخاص فتصير قادرة
على رؤية الروائح والصوات ...لكن هذا ليس من الرؤية.
)2وإما أنه ل يحولها ولكن يقوي قدرتها وهذا ر يخرجها عن طبيعتها مثل بعض الحيوانات
كالسد يرى في الظلم مال يراه غيره" ()27
)4رفض الحاسة السادسة:
يذكر الشعري أن " ضرار" و " حفص الفرد" ( )28يقولن بإمكانية الرؤية بالحاسة السادسة يوم
القيامة ( )29إل أن خلفهما من المعتزلة رفضوا ذلك.
كما أن ابن حزم ( )30يقول بها أيضا
إل أن الباضية يرفضونها رفضا قطعيا وذلك لن تحويل وظيفة البصر يؤدي قطعا إلى إبطال
الرؤية.
( )1/291
فلبد من منع الرؤية في الدنيا والخرة وبأي حاسة أخرى ل بالعين ول بالقلب إذ إن تصوره
القلب يجب أن يتميز)31( .
وينقل أبو مهدي عن أبي القاسم البرادي ما يلي ":قال الشيخ أبو القاسم :ويقال لهم أخبرونا عن
هذه الرؤية أهي بحاسة البصر أم بحاسة أخرى غيرها )32( ...وإن قالوا بحاسة أخرى غير
حاسة البصر قلنا :ل تخلو هذه الحاسة في معنى البصر أن تكون مدركة لللوان أو تكون على
خلف ذلك فإن كانت في معنى البصر ففي المسألة الولى ( )33وإن قالوا مخالفة لحاسة البصر
مضادة لها قلنا أردتم إثبات الرؤية بإبطالها واحتججتم للرؤية بحجة توجب زوالها وقولكم هذا
شبيه بقول من قال شممت رائحة المسك بأذني)34( ".....
)5البلكفة:
اعتبر الشاعرة أن الرؤية ممكنة في الخرة لكن أثبتوا أنها بل كيف لتنزيه المولى عن الشبيه.
إل أن المعتزلة والباضية يرفضون هذا الموقف بشدة ،ويعتبرونه فرارا من الحتجاج وبيتا
الزمخشري مشهوران في هذا الصدد( :كامل)
()35
ويقول السالمي في هذا الصدد ":تستروا عن التشبيه فقالوا نراه في الخرة بل كيف أي ل هيئة
ول حالة نكيفها وهذا فرار من صريح التشبيه مع الوقوف فيه معنى ثم يورد بيتي الزمخشري
ويختم بقوله ":وزيادة بل كيف لم يقم عليها دليل من كتاب ول سنة")36( .
من خلل هذا التحليل للحجج العقلية يثبت لدينا أن المصادر الباضية لم تطل الوقوف عندها
واكتفت بتحديد ما حدده المعتزلة من عدم توفر شروط الرؤية إل أنها اضطرت لذلك في مواقف
دفاعية لدحض ما ذكرته الفرق الخرى من الحجج العقلية.
( )1/292
والصراع كان عنيفا مع الشاعرة إل أن حدته تخف عندما نعلم أن من الشاعرة أنفسهم من قال
بوهن هذه الحجج العقلية وقد أوردنا من قبل موقف الرازي والغزالي من الحتجاج على الرؤية
بأن كل موجود يرى وأحسن ما يدل على العزوف عن الحتجاج العقلي في هذا المبحث ما ختم
به شارح كاتب المواقف تحليله للحجج العقلية ...":وفي هذا الترويج تكلفات أخر يطلعك عليها
أدنى تأمل فإذن الولى ما قد قيل من أن التعويل في هذه المسألة على الدليل العقيلي متعذر
فلنذهب إلى ما اختاره الشيخ أبو نصر الماتريدي من التمسك بالظواهر النقلية")37( .
ويقول السدويكشي في حاشيته على كتاب الديانات في بداية تحليله لهذه القضية ما يلي ":فاستدل
أصحابنا ومن وافقهم على عدم جواز الرؤية بالعقل والنقل وكذلك الشاعرة استدلوا بالعقل والنقل
وقد ضعف دليل العقل من الجانبين ولم يبق إل دليل النقل")38( .
وإن بينا هذا فقد بقى أن نلح على تفاعل هذه المصادر مع نصوص المعتزلة لكن المعتزلة يذهبون
إلى مدى أبعد يتماشى مع مبدئهم في ترجيح العقل وأن حجة ال على الناس هي العقل بتجاوز
الرؤية المعهودة وبتحويل حال النسان ورفع المانع المر الذي يرده المعتزلة بتبيين أن تجاوز
العقول بفتح أبواب الجهالت)39( .
ومهما يكن من أمر فالباضية يلحون على تنزيه ال تعالى ويصرون على أنه ل تدركه البصار
ل في الدنيا ول في الخرة ولهم مواقف من الحجج النقلية فما هي؟
=========================
( )18أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي 102 :وراجع أيضا .165
( )19خميس بن سعيد الرستاقي :المنهج 1/411وقد أوردنا النص لزيادة التوضيح.
( )20الغزالي :الحياء .1/187
( )21ر .أحمد الشماخي :الرد علة صولة الغدامسي.18:
( )22انظر ما يلي336 :
( )23عبد ال السالمي :المشارق.186 :
( )24الغزالي :الحياء .1/187
( )25ر .عزة محمد عبد المنعم زايد :رؤية ال تعالى بين المثبتين.55:
( )1/293
( )1/294
( )1/295
ويقول السدويكشي ":والدراك المضاف في هذه الية إنما هو الرؤية فمعنى قولك أدركته
ببصري معنى رأيته ل فرق إل في اللفظ [ أو هما أمران متلزمان ل يصح نفي أحدهما مع
إثبات الخر فل يجوز القول رأيته وما أدركته ببصري ول عكس ذلك فهذه الية الكريمة نفت أن
تراه البصار وذلك يتناول جميع البصار بواسطة اللم الجنسية في مقام المبالغة وفي جميع
الوقات] لن قولك فل تدركه البصار يفيد عموم الوقات فلبد أن يفيد عموم العصار والزمان
فل يراه شيء من البصار ل في الدنيا ول في الخرة لما ذكرنا" (. )42
فالباضية والمعتزلة حينئذ يرفضون معنى الحاطة التي يبنى عليها مثبتو الرؤية جوازها إذ الية
عندهم تفيد أن نفي الحاطة يثبت جواز الرؤية.
ويقول السالمي في هذا الصدد ":ول نسلم أن الدراك هو الرؤية المقيدة بالحاطة لنه حقيقة في
الوصول إلي الشيء وتقييده بالحاطة مجاز ل يصح إل بقرينه بل القرائن دالة على نفي مطلق
الدراك")43( .
ب) الية تفيد المدحة
إنه تعالى تمدح بكونه ل يرى فإنه ذكره في أثناء المدائح لن ما ذكر في السورة الكريمة قبل هذه
الية ( )44هي مدائح ...وما كان من صفاته عدمه مدحا كان وجوده نقصا فيجب تنزيه البارئ
عنه وهو على غرار نفي السنة والنوم)45( .
( )1/296
ويقول أبو مهدي في أن الية تعني المدحة ما يلي ":ومما نسألهم عنه أن نقول لهم :أخبرونا عن
قوله تعالى ( :ل تدركه البصار) هذه مدحة امتدح بها أم ل فإن قالوا :ل فقد جاحدوا ...وإن
قالوا مدحة امتدح بها ،قلنا لهم هذه المدحة ثابتة له في الدنيا والخرة أم في الدنيا خاصة فإن قالوا
في الدنيا خاصة فقد جعلوا مدائح ال عز وجل تزول عنه يوم القيامة فنقول :يلزمكم أن يكون
قوله ( وهو يدرك البصار) في الدنيا خاصة لن الية جاءت مجيئا عاما .وتكون على قولكم
جميع مدائح ال يجوز زوالها في الخرة مثل قوله تعالى ( :ل تأخذه سنة ول نوم) ( 2البقرة
)255وقوله ( ليس كمثله شيء) ( 42الشورى )11وكذلك سائر المدائح لن هذه مدحة وتلك
مدحة وإن قالوا الزوال في هذه خاصة فل حجة لهم وإن قالوا مدائح ال ثابتة في الدنيا والخرة
فهو ما نقول وبطل ما صاروا إليه)46( .
ويقول السالمي في الرد على نفي مفهوم المدحة بما يلي ":ل يقال إن نفي الرؤية ليس من مدائحه
تعالى لنه قد اتصف به من خلقه أشياء كالعراض والرواح ونحوها وما اتصف به غيره ل
يكون مدحا له .لنا نقول وكذلك أيضا بعض المخلوقات ل يتصف بالنوم ول بالسنة كالحائط
والشجرة ونحو ذلك فل يكون نفيهما عنه مدحا")47( .
ويرد التعاريتي على من قال ":إن عدم رؤيته في الدنيا مع كونه أقرب إليهم من حبل الوريد كاف
في التمدح فل ينافي رؤيته في الخرة.
بقوله :مقتضى كونه تمدحا أن يكون على سبيل الدوام والستمرار قياسا على سائر تمدحاته
تعالى" ()48
وجاء في المسلك المحمود أيضا ما يلي ":إن امتناع الرؤية لم يكن فيه تمدح إذ ل مدح للمعدوم
بأنه ل يرى حيث لم يكن له ذلك.
( )1/297
الرد :إن عدم مدح المعدوم لشتماله على النقص الذي هو العدم ،كما أن الصوات والروائح ل
تمدح مع عدم إمكان رؤيتها لكونها مقرونة بسمات النقص وامتناع الشيء ل يمنع التمدح بنفي
الشريك والسنة والنوم ونفي الصاحبة والولد مع امتناعها فبان أن امتناع الرؤية يدل على أنه ليس
من جنس العالمين بل هو حقيقة أخرى مخالفة لها غاية المخالفة ولما كان تعالى منفردا بهذه
الصفات مع اشتراك جميع الممكنات في صحة الرؤية صار هذا دليل على أنه ليس ممكنا من
الممكنات بل واجب وجوده تعالى")49( .
فيبقى نفي الرؤية مدحة في نظر الباضية في الدنيا والخرة.
ج)الية تفيد عموم السلب
" يقول مثبتو الرؤية :إن لفظ البصار صيغة جمع دخل عليها اللف واللم فهي تفيد الستغراق
فقوله ( :ل تدركه البصار) يفيد أنه ل تراه جميع البصار وهذا يفيد سلب العموم ول يفيد عموم
السلب)50( "..
فيكون المعنى ل تدركه البصار بل بعضها وهي أبصار المؤمنين وقد جاء عند أحمد الشماخي ما
يلي:
" قولك :فالمعنى سلب العموم ،ل عموم السلب أي ل تدركه جميع البصار ونحن قائلون بموجبه.
أقول :ل نسلم أنها لسلب العموم إذ ل مدح في سلب بعض البصار لنه شاركه فيه من حيث ل
ترونهم ولنه يلزم عليه أن تدركه بعض البصار وهي التي ل تدركه لن اللف واللم في ل
تدركه البصار" للعهد.
" قولك :ل دللة فيه على عموم الوقات.
أقول :له أدلة:
-1التمدح لن المقام له ول مدح في بعض الوقات.
-2عدم القيد فتسلط النفي على أصل الفعل.
-3يلزم ذلك في وهو يدرك البصار وفي قوله ( ل تأخذه سنة ول نوم) ( البقرة )51( ")225
ويقول المحشي مبينا أن الية ل تقيد بوقت دون وقت ":ويقال لهم :أخبرونا لية علة صار
معبودكم يرى في دار المعاد ول يرى في الدنيا اللذات أم للخبر؟ فان قلتم للذات فالذات ل تتغير
وان قلتم للخبر فما الخبر؟
( )1/298
فإن قلتم ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ( 75القيامة )23قلنا هذا الخبر للرؤية عندكم في
المعاد فأين الخبر الذي ل يرى في الدنيا؟ فلستم تجدونه إل أن تقولوا قوله ( ل تدركه البصار) (
6النعام )103فإن قالوا :ذلك قيل لهم :هذا الخبر عن الذات أو خبر عن وقت دون وقت.
فإن قالوا :خبر عن الذات قلنا :قد قلتم إن الذات ل تتغير من صفة القديم إلى صفة المحدث.
فإن قلتم عن وقت دون وقت فيلزمكم أن تقولوا بمثل ذلك في جميع ما أخبر ال به عن نفسه في
القرآن من قوله (:ل تأخذه سنة ول نوم) (ول يؤوده حفظهما) ( 2البقرة ( )255ل يعزب عنه
مثقال ذرة) ( 34سبأ )3فتكون هذه الخبار من كتاب ال تعالى وما شاكلها في صفة ال تعالى
إنما هي لوقت دون وقت" ()52
وإن صاغ المحشي هذه الحقيقة بطريقة جدلية فإن السالمي قد صاغها بمنهج رصين حيث يقول":
قلنا :ل نسلم أنها لسلب العموم لنها وردت مدحا له تعالى ،و'دراك البصار له تعالى مزيل لهذا
التمدح زل يصح أن تزول عنه صفاته التي تمدح بها تعالى إذ لو جاز ذلك لجاز أن يكون في
الخرة متصفا بالسنة والنوم والصاحبة والولد والشريك والشبيه لن هذا كله مما تمدح به تعالى
بنفيه عنه ،ولو جاز عليه ذلك لكان حينئذ ذليل عاجزا مقهورا مغلوبا جاهل بخيل فيستحق على
ذلك الشتم -تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا.
حاصل الجواب أن قاعدة سلب العموم إنما هي ثابتة في مال إذا لم يدل دليل على أن المراد
خلفها أما إذا دل دليل على ذلك عدل عنها إلى ما يقيتضيه الدليل ودليل العدول هنا قصد التمدح
بنفي الرؤية فإن حمل على تلك القاعدة فات هذا المقصود")53( .
ويقول محمد اطفيش " :اللف واللم للستغراق باقية على العموم الشمولي بعد النفي فشملت
أبصار المؤمنين وأبصار الكفار كما هو الوارد في القرآن بل تلكف تأويل في قوله ( وال ل يحب
كل مختال فخور))54( .
( )1/299
أما السدويكشي فقد غلب عليه الخذ عن اليجي وقد انتبه إلى ذلك يوسف المصعبي فبين أن
السدويكشي أورد اعتراضات اليجي والشريف الجرجاني على أساس أن يرد عليها ( )55لكننا لم
نجد هذا الرد ولعل عذره يتمثل في أنه لم ينته من شرح كتاب الديانات ومعلوم أن يوسف
المصعبي واصل الشرح لكنه لم يتدارك النقص الذي أشار إليه.
والمهم حينئذ أن الباضية يعتبرون أن هذه الية تدل على نفي الرؤية عن ال تعالى على
الطلق.
د)تركيب الجملة
إن اختلف الجملتين إذ كانت الولى فعلية والثانية اسمية يثبت اختلفا جوهريا في المعنى فالفعلية
للتجدد والستمرار التجددي والسمية للدوام)56( .
إن الوقوف عند مختلف وجوه الحتجاج يبين أن كل من النفاة والمثبتين حرصوا على تدعيم
موقفهم اعتمادا على الستعمالت اللغوية إل أن جانب التأويل غلب عند الشاعرة أكثر منه عند
الباضية ولم يضطر إليه الباضية إل فغي مواقف الدفاع وتبقى الية عندهم صريحة في نفي
الرؤية المعهودة عن ال تعالى على الطلق وهذا في رأينا أقرب إلى العقل.
والملحظ أن علماء هذه المرحلة لم يتوسعوا في تحليل هذه الية كما هو مطلوب رغم أنهم
أشاروا إليها ضمن الحتجاج كما رأينا)57( .
هذا عن هذه الية فماذا عن قوله تعالى:
( -وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ( 75القيامة )58( )23؟
=======================================
( )40ابن منظور :لسان العرب .ول بأس من تفسير كلمة البصر :جاء في لسان العرب :أبصر
فلن :نظر ببصره فرأى ،وأبصر الشيء رآه والبصر العين ،قوة البصار ،قوة الدراك.
وجاء عند امحمد اطفيش :والبصر السود الذي وسط العين أسود العين ،وبه يكون البصار ،أو
القوة المودعة في ذلك السود أو في العصبتين المؤديتين إليه .وقد يطلق على العين لنها محل
ذلك .تيسير التفسير ط .2/373 1
( )1/300
وجاء عند محمد عبده ":وأبصرت الشيء رأيته ،وقيل البصر حاسة الرؤية .ابن سيدة :البصر
حسن العين( ،والجمع أبصار ذكره في اللسان وقال الراغب يقال للجارحة الناظرة نحو قوله تعالى
( الحزاب ،)10وللقوة التي فيها (.وإذا زاغت البصار( (النحل )77وقوله( :كلمح البصر تفسير
المنار دار المنار القاهرة ط الثالثة .7/651 :1952 /1371
( )41عبدال السالمي :المشارق تعليق 203 -202 :1والكلم لمحقق النص وهو أحمد الخليلي
مفتي عمان حاليا واستشهدنا به لستيعابه جميع الوجوه التي يعتمدها الباضية في فهم كلمة
الدراك.
( )42عبد ال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات 2 :وقد أتمنا ما جاء في النص من نقص
اعتمادا على عزة عبد المنعم زايد :رؤية ال تعالى بين المثبتين والنافين 62 :وقد وضعنا الجزء
الناقص بين معقفين والنص مأخوذ من اليجي :المواقف مع الشرح 377 :من باب الشبه.
( )43عبد ال السالمي :المشارق ص .203 -202
( )44بديع السماوات والرض أنى يكون له ولد ولم تكن(قال تعالى في سورة النعام : -101له
صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم()101ذلكم ال ربكم ل إله إل هو خالق كل شيء
فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل()102ل تدركه البصار وهو يدرك البصار وهو اللطيف
(.الخبير()103
( )45ر .عبد ال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات2 :
( )46أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي165 -164 :
( )47عبد ال السالمي :المشارق.204:
( )48سعيد بت تعاريت :المسلك المحمود.219 :
( )49نفس المصدر.219 -218 :
( )50عزة محمد عبد المنعم زايد :رؤية ال تعالى.63 :
( )51أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي .25:وينقل سعيد ابن تعاريت ردا لحد
الشاعرة ل تدركه(يتناسق والفكر الباضي وهو" فان قيل :فما المرضي من أداة النفي في الية
لعموم السلب أو السلب العموم(.البصار
( )1/301
قلنا :المرضي أنها لعموم السلب لنه أبلغ إثبات حجاب القدرة والعظمة وأفعل في مقابلة إثبات
إدراكه تعالى "...المسلك المحمود.218 :
( )52المحشي :حاشية الترتيب .279 -278 /7
( )53عبد ال السالمي :المشارق.204:
( )54لقمان . 18ر .امحمد اطفيش :تيسير التفسير ط .2/372 1
( )55ر .عبد ال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات. 3 -2 :ر .يوسف المصعبي :حاشية
على أصول تبغورين.105 -104 :
(. )56ر .امحمد اطفيش :تيسير التفسير ط .2/372 1
( )57ر .المحشي :حاشية الترتيب 7/245اكتفى بتوضيح المعنى العام مع ذكر " :وليس يرى
ربنا تبارك وتعالى أحد من خلقه" ر .يوسف المصعبي :حاشية على كتاب الجللين .خ البارونية
في مجلدين ر .المجلد الول ورقة 220قفا و 221وجه .لم يتوسع في الشرح وأحال على
حاشيته على كتاب أصول الدين لتبغورين إل أنه لم يفصل القول هناك أيضا .ر .عمرو التلتي:
شرح النونية ورقة 19وجه .اكتفى بالستشهاد بالية.
( )58ويتفق المعتزلة والباضية في فهم هذه الية :مسألة :وربما في قوله إنه أقوى دليل على أن
ال تعالى يرى في( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة(تعالى :الخرة؟ وجوابنا أن من تعلق
بذلك وإن كان ممن يقول بأن ال تعالى جسم فإنا ل ننازعه في أنه يرى بل في أنه يصافح ويعانق
ويلمس تعالى ال ذلك ،وإنما نكلمه في أنه ليس بجسم ،وإن كان ممن ينفي الشبيهة على ال فل
بد من أن يعترف بأن النظر إلى ال تعالى ل يصح لن النظر هو تقليب العين الصحيحة نحو
النظر إليه وهو الثواب ( يوسف )82فإنا تأولناه على أهل القرية لصحة المسألة( واسأل
القرية(كقوله تعالى :ووجوه يومئذ(منهم ،وبيان ذلك أن ال ذكر ذلك ترغيبا في الثواب كما ذكر
قوله ( القيامة )24زجرا عن العقاب فيجب حمله على ما ذكرناه(باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
...ر .القاضي عبد الجبار :تنزيه القرآن عن المطاعن .دار النهضة الحديثة بيروت د.ت ص
.442
---
( )1/302
( )1/303
الجواب :ل نسلم ذلك فقد قال تعالى ( :فنظرة إلى ميسرة) ( البقرة .)28
وقال الشاعر(:كامل)
وقال الشاعر(:كامل)
قال حسان( )62( :طويل)
وقال الشاعر(:طويل)
أي منتظرة لمعروفه)63( .
-2سياق الية :إن المقابلة الواردة في بقية الية ( وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة) (
75القيامة )25 -24لو فهم النظر بمعنى الرؤية لرتفعت المناسبة بين الجملتين ولتداعى بناؤها
ويقول الشماخي في هذا الصدد ما يلي ":ويدل عليه ذكر ينظر في مقابلة تظن أي تتوقع أن يفعل
بها فعل فضيع شديد يقصم فقار الظهر كما ترتجي الوجوه الناظرة إلى ربها أن يفعل بها كل
خير.
وأيضا فاعل تظن الوجوه ومعلوم أن الوجوه ل تظن وإنما تظن القلوب فيكون عبارة عن الجملة
في الول والثاني للمعادلة والموازنة بينهما")64( .
-3الحصر :إن تقديم إلى في قوله ( إلى ربها ناظرة) يفيد الحصر والختصاص ولو كان من
نظر العين لنحصر نظرهم في ذات ال ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء كثيرة لنهم المنون
الذين ( ل يحزنهم الفزع الكبر) ( 21النبياء ( )103وهم من فزع يومئذ آمنون) ( 27النمل
( )89ول خوف عليهم ول هم يحزنون) ( 2البقرة )62ففي هذا الحصر دليل على معنى
النتظار)65( .
-4تقييد الية بيوم القيامة :يقول الشماخي ":الية نزلت في حال القيامة فالمؤمنون ناضرة
وجوههم بالبشارات والكفار باسرة وجوههم بتحققهم الوعيد فالولون منتظرون دخول الجنة
والكافرون أن ينبذوا في الحطمة ...وأهل الجنة في نعيم ينتظرون آخر ( .فأما من أوتي كتابه
بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا) ( 84النشقاق )9-7فل يصح أن
نعتبر انتظار النعمة سببا للنعمة وسببا للغم وضيق الصدر")66( .
( )1/304
-5اعتماد التأويل :واعتمد الباضية التأويل مثل المعتزلة وفي ذلك يقول يوسف المصعبي":
وحمل الجبائي( )67( )916 -849 /303 -235النظر على معنى النتظار وجعل " إلى" اسما
بمعنى النعمة مفرد اللء مضافا لما بعده ل حرف جر .والمعنى عنده :منتظرة نعم ربها وإلى
عنده مفعول لناظرة")68( .
وقد توسع محمد اطفيش في ذلك كما يلي " :أو " إلى" بمعنى النعمة مفعول مقدم أو يقدر مضافا
أي ملك ربها أو ثواب ربها أو رحمة ربها والنظر بالعين أو الصل إلى إنعام ربها والنظر بمعنى
النتظار ول يرجون الرحمة إل من ال تعالى كما ل يعبدون إل إياه.
وكل حذف أو تأويل ولو كان خلف الصل مقدم على عدمه إذا كان عدمه يؤدي إلى التشبيه أو
نحوه والتقديد والتأويل هما المناسبان لقوله تعالى ( :ليس كمثله شيء) ")69( .
-6تفسير بعض الصحابة والتابعين النظر بمعنى النتظار
لقد أورد الربيع بن حبيب أقوال الصحابة الذين فسروا النظر بمعنى النتظار .فمن هؤلء عبدال
بن عباس (ت )70( )687 /68وقد قال عندما سئل عن الية المذكورة ":ثم ينظرون إلى ربهم
متى يأذن لهم في دخول الجنة بعد الفراغ من الحساب" ثم قال ( :وجوه يومئذ باسرة -يعني
كالحة -تظن أن يفعل بها فاقرة) .قال :يتوقوعون العذاب بعد العذاب وكذلك قوله( :إلى ربها
ناظرة) ينتظر أهل الجنة الثواب بعد الثواب والكرامة بعد الكرامة")71( .
إن كانت الية السابقة لم تنل حظا وافرا من التحليل فإن الشماخي خاصة قد حلل هذه الية تحليل
وافيا وقد انطلقت نصوص الباضية في هذه المرحلة وما قبلها وما بعدها من الرصيد الذي جمعه
من وقت مبكر الربيع بن حبيب لترد بطرق شتى على من اعتبر أن ناظرة معناها الرؤية
البصرية كما أن هذه النصوص لم تغفل عن تدعيم موقفها برأي المعتزلة وباعتماد التحاليل اللغوية
والبلغية.
ويرتبط بهذه الية قول موسى ( :رب أرني أنظر إليك) ( 7العراف )143فماذا عن هذا الطلب؟
( )1/305
-قوله تعالى ( :ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن
أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا
فلما أفاق قال سبحانك تبن إليك وأنا أول المؤمنين) ( 7العراف )143
إن مواطن الشكال في هذه الية تتمثل في :طلب موسى الرؤية ( أرني أنظر إليك) حقيقة لن.
تعليق الرؤية باستقرار الجبل .التجلي للجبل .توبة موسى.
أ? .طلب موسى الرؤية :يقول مثبتو الرؤية ( )72إن في طلب موسى الرؤية دليل على أنها
ممكنة إذ ل يجوز أن يطلب نبي أمرا مستحيل.
ويجيب الباضية بأنه سألها وهو يعلم استحالتها ليعلم قومه الجواب باستحالتها والقوم كافرون
لقولهم ( لن نؤمن لك حتى نرى ال جهرة) ( 2البقرة )55وقد اختار منهم موسى سبعين وكلهم
سمعوا ( لن تراني) .فإخباره ومعه السبعون أقوى في ظن القوم من إخباره بنفسه .ومما يدل
على طلبها لقومه قوله تعالى حكاية عن موسى ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) ( 7العراف )155
وقوله ( :فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا ال جهرة) ( 4النساء .)153
وقوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى ال جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم
تنظرون) ( 2البقرة )55وأما الطلب في صيغة المفرد فمن باب التبكيت إذ إن منعت عنه فل
سبيل إلى حصولهم لهم)73( .
فالباضية وجهوا هذه الية من وقت مبكر وجهة العتذار اعتمادا على منا نقله جابر بن زيد عن
ابن عباس وقد أورد الربيع بن حبيب ما يلي ":قال جابر بن زيد :سئل ابن عباس رضي ال عنه
عن قوله تعالى ( رب أرني انظر إليك) فقال ذلك على وجه العتذار لقومه ليريهم ال آية من
آياته فييأسوا من رؤية ال")74( .
( )1/306
ونقل المحشي عن الجيطالي ما يلي ":قال في شرح النونية في ما يتعلق بسؤال موسى ربه الرؤية
ما نصه :فإن قال :أوليس إنما أشركت اليهود لجحودهم بنبينا محمد صلى ال عليه وسلم وبسؤالهم
موسى عليه السلم أن يريهم ربهم جهرة -قيل له :نعم.
فإن قال :أو ليس كل من سأل ما سألت اليهود فقد أشرك .قلنا :نعم.
فإن قال :وقد سأل موسى أن يرى ربه ،قلنا :إن موسى عليه السلم لم يسأل أن يرى ربه عيانا
مثل ما سألت اليهود وإنما قال ( رب أرني أنظر إليك) على وجه العتذار لقومه ليريهم آية من
آياته فييأسوا من رؤيته عز وجل" ()75
أ? -حقيقة لن :اعتبر مثبتو الرؤية أن الزمخشري تأثر بمذهبه في تقدير معنى التأبيد للن ،ودليل
هؤلء على ذلك أنها لو كانت تقتضي التأييد ما أكدت به في قوله تعالى ( :ولن يتمنوه أبدا) ( .
)76
وينطلق الباضية من تفسير الربيع للن بمعنى الياس حيث يقول ":لن حرف من حروف الياس
عند النحويين أي لن يراه أحد في الدنيا ول في الخرة")77( .
وقد اكتفى كل من أبي مهدي والمحشي بالنسبة إلى " لن" بما ذكره الربيع ( )78أما يوسف
المصعبي فقد ألح ال البتة وكل من قال إن موسى لن يرى ال قال إن غيره لن يراه")79( .
أما سعيد ابن تعاريت فبعد أن أورد عدة أقوال تفيد أن " لن" للتأبيد يقول ":حيث ثبت دللتها على
التأبيد...فعلى من ادعى أنها تكون لغيره أيضا الدليل فيكون تمسكنا حينئذ بالمجمع عليه ،فثبت بما
ذكرناه أن ال منزه عن الرؤية")80( .
ج -تعليق الرؤية باستقرار الجبل :يقول المثبتون إن تعليق الرؤية بأمر ممكن وهو استقرار الجبل
يجعل الرؤية ممكنة إذ ما تعلق بالممكن ممكن.
ويجيب الباضية أن استقرار الجبل مستحيل في علم ال تعالى والمتعلق بالمستحيل مثله لن
العتبار في ذلك بالمخاطب بصيغة اسم الفاعل لن الخطاب صدر منه وهو عالم باستحالته.
( )1/307
ويقول المحشي في هذا الشأن ":قال تعالى ( :ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف
تراني) فهذا على قطع الرجاء أي فكما أن الجبل ل يستقر فكذلك لن تراني ،ونظيره ( ول يدخلون
الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) ( 7العراف . )81( )40
د -التجلي :جاء عند الربيع بن حبيب ما يلي :وأما قوله ( فلما تجلى ربه للجبل) " أي فلما تجلى
ببعض آياته فلم يحتملها الجبل حتى صار دكا وخر موسى صعقا")82( .
واكتفى المحشي بإعادة نفس النص ( )83أما يوسف المصعبي فقد مر على الية دون أن يقف
عند حقيقة التجلي ( )84لكنه أحال على تفسير الزمخشري ( )85أما عمرو التلتي هو الخر فقد
نفى أن تكون ذاته تعالى تجلت للجبل)86( .
فالباضية في هذا المعنى رفضوا تفسير الشاعرة ( )87واعتمدوا في تفسير موقفهم الذي أقره
الربيع على ما جاء عند المعتزلة وفي ذلك يقول القاضي عبد الجبار ":مسألة :وربما سألوا عن
قوله تعالى ( :فلما تجلى ربه للجبل) كيف يصح أن يتجلى وليس بجسم وما فائدة تجليه للجبل؟
وجوابنا أن المراد بهذا التجلي الظهار وذكر ال الجبل وأراد أهله فكأنه قال فلما بين لهل الجبل
أنه ل يرى بأن جعله دكا حصل المراد في ما سألوه وهذا كقوله ( إنا عرضنا المانة على
السماوات والرض) ( 33الحزاب )72أراد على أهلها وكل ذلك بمنزلة ( 12يوسف 82وأراد
أهلها")88( .
هـ -توبة موسى :بما أن موسى خر صعقا أناب إلى ربه حال استيقاظه لنه أحس باستعظام ما
طلب من ال تعالى وقد بين الربيع هذا المعنى كما يلي ":عمير بن إسماعيل قال حدثنا أبو صالح
عن ابن عباس عن جوبير عن الضحاك في قوله تعالى ( سبحانك تبت إليك) أي عن مسألتي أنى
أنظر إليك ( وأنا أول المؤمنين) المصدقين بأنك ل يراك أحد .وقال مجاهد مثل ذلك)89( "...
والمشكلة يحللها المحشي كما يلي " :فإن قال قائل :فإن كان موسى عندكم غير مخطئ فمم إذن
تاب؟ ومن ماذا أخذته الصاعقة؟
( )1/308
قيل له :إن أهل التفسير ( )90قالوا :إن ذلك لتقدمه بين يدي ال تعالى بالمسألة قبل أن يؤمر
بذلك.
فإن زعموا أن الصاعقة وأن التوبة إنما كانتا من أجل طلب الرؤية قيل لهم فإن الصاعقة ل
تصيب أحدا إل على أمر ال ل يجوز له ول يحل فكذلك التوبة ل تكون من صاحبها إل على أمر
غير جائز له فهذا داخل عليكم")91( .
أما يوسف المصعبي فينقل كلم الزمخشري ":فلما أفاق من صعقته قال ( سبحانك) أنزهك مما ل
يجوز عليك من الرؤية وغيرها ( ،تبت إليك) من طلب الرؤية ( وأنا أول المؤمنين) بأنك لست
بمرئي ول مدرك بشيء من الحواس .فإن قلت :فإن كان طلب الرؤية للغرض الذي ذكرته فمم
تاب؟ قلت :من إجرائه تلك المقالة العظيمة.
وإن كان لغرض صحيح على لسانه من غير إذن فيه من ال تعالى فانظر إلى إعظام ال تعالى أم
الرؤية في هذه الية ،وكيف أرجف الجبل بطالبيها وجعله دكا وكيف أصعقتهم ولم يخل كليمه من
نفيان ذلك مبالغة في إعظام المر وكيف سبح ربه ملتجئا إليه وتاب من إجراء تلك الكلمة على
لسانه وقال ( أنا أول المؤمنين) )92( .
نتبين من خلل هذه التحاليل أن الباضية يجنحون دائما إلى التنزيه ويعمدون في ذلك إلى التأويل
واعتمادهم في ذلك ما تتحمله اللغة من المعاني فهم يعتبرون أل سبيل إلى أن يتجلى ال تعالى
للجبل كما يلحون بشدة على معنى التأبيد في " لن" وقد وافقهم المعتزلة وكثير من الشاعرة على
ذلك وعلى هذا الساس ينفون إمكانية الرؤية في الدنيا والخرة .ويعتبرون هذه الية مؤيدة لقوله
تعالى ( :ل تدركه البصار وهو يدرك البصار) .
ذلك هو موقف الباضية من طلب موسى الرؤية فماذا عن موقفهم من آيات أخر توحي بمفهوم
الرؤية؟
====================================
( )59أبو يعقوب الوارجلني :الدليل والبرهان ط .67 :1
( )1/309
( )60الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/29عدد . 859ر .المحشي :حاشية الترتيب /7
. 263 -253ر .يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين.102:
( )61أبو الحسن الشعري :البانة عن أصول الديانة .تحقيق عبد القادر الرناؤوط مكتبة دار
البيان ط 1دمشق بيروت .37-31 :1981 -1401
( )62حسان بن ثابت ( )674 /54ر .الزركلي :العلم.2/188 :
( )63أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي. 21:ر .عبد ال السالمي :المشارق. 193 :ر.
أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي.168 -167:
( )64أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي ".21:كما أن وصف الوجوه بالنضارة مانع من
إطلقها على البصار إذ ل توصف البصار بذلك" .عبد ال السالمي :المشارق.191 :
( )65ر .أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي.22:
( )66أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي.21:
( )67الجبائي :من أئمة المعتزلة وغليه نسبت الطائفة الجبائية ر .الزركلي :العلم.7/136:
( )68يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين102 :
( )69امحمد اطفيش :تيسير التفسير.6/427 :
( )70ر .الزركلي :العلم.4/228 :
( )71الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/26عدد . 853ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد
على البهلولي 161 . 160:أورد كامل النص.
( )72ر .اليجي :الموقف 370 -368 /2حلل القضية تحليل موسعا واعتبر أن الية أقوى
دليل على إمكانية الرؤية.
( )73ر .عبد ال السالمي :المشارق180 :
( )74الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/34عدد 869
( )75المحشي :حاشية الترتيب . 277 -7/276والملحظ أنه وصل بعد التحليل إلى إعادة ما
جاء عند الربيع حرفيا.
قل إن كانت(( )76قال تعالى :لكم الدار الخرة عند ال خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن
كنتم صادقين()94ولن (البقرة (.)95-94يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم وال عليم بالظالمين()95
( )77الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/34عدد 870
( )1/310
( )78ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي. 160:ر .المحشي :حاشية الترتيب
.7/276
( ))79يوسف المصعبي :شرح أصول تبغورين.107:
( )80سعيد بن تعاريت :المسلك المحمود .225 -224 :
( )81المحشي :حاشية الترتيب . 7/277ر .عبدال السالمي :المشارق ص ،189والية:
العراف .40
( )82الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 35 -3/34عدد .870
( )83ر .المحشي :حاشية الترتيب 7/277
( )84ر .يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 240وجه.
( )85ر .الزمخشري :الكشاف .2/114
( )86ر .عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 20وجه
فقال الزجاج (:فلما تجلى ربه للجبل(( )87يقول الرازي ":أما قوله تجلى أي ظهر وبان ،ومنه
يقال جلوت العروس إذا أبرزتها" .ر .الفخر الرازي :التفسير الكبير .14/134
( )88القاضي عبد الجبار :تنزيه القرآن عن المطاعن.152 :
( )89الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/34عدد .870
( )90ر .الفخر الرازي :التفسير الكبير .278 -7/277
( )91المحشي :حاشية الترتيب .278 -277 /7
( )92يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 240وجه وكذلك 183وجه .ر.
الزمخشري :الكشاف . 2/115ر .القاضي عبد الجبار :تنزيه القرآن عن المطاعن ص . 151ر.
محمد اطفيش :تيسير التفسيرط 2/635 ، 1وفي هذا المعنى يقول القاضي عبد الجبار ":وقد كان
ل يسألون ربهم ما(سأل ال الرؤية لقومه ،ولم يأذن جل وعز له في ذلك ،والنبياء يرغبون إل
بعد الذن فعلى هذا الوجه قال ما قال .تنزيه القرآن عن المطاعن.151 :
---
( )1/311
فالمهم بالنسبة إلى الباضية أن الزيادة ل يمكن أن تعني الرؤية بأي وجه من الوجوه.
وقوله تعالى ( :الذين يظنون أنهم ملقو ربهم) ( 2البقرة .)46
يورد يوسف المصعبي في شأن هذه الية ما ملخصه أن المجوزين للرؤية يفسرون اللقاء بالرؤية
من باب المجاز لكن المانعين لها يفسرونه بما يناسب المقام كلقاء الثواب خاصة والجزاء مطلقا
والظن حسب هؤلء بمعنى اليقين فهم حينئذ يتيقنون بثبوت الجزاء والثواب منه على الخص
وهو يعتمد خاصة على الزمخشري ( 98مكرر)
أما السالمي فبين أن إطلق اللقاء على نفس الرؤية مجاز ل يصح إل بدليل ول دليل ولنه لم يرد
ذكر اللقاء إل في مقام التخويف والتهويل وهو بخلف مقام الرؤية كما يعتقد مثبتوها ولنه اشترك
في مقام اللقاء الطائع والعاصي قال تعالى ( يا أيها النسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه) (
84النشقاق ( .)6ر .المشارق .)194
فل سبيل حينئذ إلى حمل اللقاء على الرؤية.
وقوله ( :كل إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (( 83المطففين )15ينسب الربيع بن حبيب إلى
علي وابن عباس ما يلي في شأن هذه الية " فلم يزل يحجبهم عن رحمته وثوابه ول ينظر إليهم
برحمته")99( .
أما المحشي فيورد قول البيضاوي ":فل يرونه بخلف المؤمنين ومن أنكر الرؤية جعله تمثيل
لهانتهم بإهانة من يمنع عن الدخول إلى الملوك أو قدر مضافا مثل رحمة ربهم أو قرب ربهم" (
)100
والبيضاوي يشير إلى ما جاء عند الزمخشري محلل كما يلي ":وكونهم محجوبين عنه تمثيل
للستخفاف بهم وإهانتهم لنه ل يؤذن على الملوك إل للوجهاء المكرمين لديهم ول يحجب عنهم
إل الدنياء المهانون عندهم ...وعن ابن عباس وقتادة :محجوبين عن رحمته")101( .
ويذكر عمرو التلتي الية ويبين أن معناها أنهم " محجوبون عن ثوابه ورحمته ل عن رؤيته"( .
)102
( )1/313
فواضح إذن أن الباضية يرفضون الستدلل بالمخالفة في العتقاديات ول يقبلون الحجاب الحسي
بالنسبة إلى ال تعالى لما يتسلزم من الجهة فالتأويل حينئذ أن الحجاب حسي والمحجوب عنه هي
جنته )103( .
وقوله (:على الرائك ينظرون) ( 83المطففين .)23
ل دللة في الية على رؤية ال تعالى لعدم ذكر المنظور فيها فيفسر بالنظر إلى ما أعد ال لهم
من الثواب في مستقر رحمته كما أرشد إليه قوله تعالى ( :وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا)
( 79النسان .)20
هذا في ما يتعلق بالستدلل بالقرآن الكريم في شأن نفي الرؤية والباضية في هذا الحتجاج ل
يكتفون بالقرآن بل يستعينون بما جاء في الحديث في هذه القضية فبقي -قبل أن نصل إلى
الستنتاج -أن ننظر في أهم الحاديث التي يعتمدها مثبتو الرؤية في الخرة خاصة ويعتبرونها
مبينة لما جاء في القرآن الكريم لنتبين موقف الباضية منها.
الحاديث في شأن استحالة الرؤية:
-الرؤية في الدنيا:
يتفق الباضية مع جل الشاعرة والمعتزلة على أن ال ل يرى في الدنيا لكن بعض الشاعرة
اعتبروا أنها ممكنة للرسول عليه السلم ،ويحتجون بقصة المعراج إل أن الباضية يرفضون ذلك
رفضا تاما وعمدتهم في ذلك ما صح عن عائشة أن الرسول عليه السلم رأى جبريل)104( .
( )1/314
وهذا نص الحديث كما يثبته الربيع بن حبيب " :قالت عائشة رضي ال عنها" ثلث من تكلم
بواحدة منهن فقد أعظم على ال الفرية" قال (مسروق) ( )105وكنت متكئا فجلست وقلت يا أم
المؤمنين انتظري ول تعجلي ألم يقل ال (:ولقد رآه نزلة أخرى) ( 53النجم ( )13ولقد رآه بالفق
المبين) ( 81التكوير )23فقالت عائشة رضي ال عنها أنا أول هذه المة سألت النبي صلى ال
عليه وسلم عن ذلك فقال "":ذلك جبريل عليه السلم ولم أره في صورته التي خلق عليها إل
مرتين رأيته قد هبط من السماء فسد جسمه ما بين السماء والرض ألم تسمع لقوله تعالى ( ل
تدركه البصار وهو يدرك البصار وهو اللطيف الخبير) ( 6النعام )103قال مسروق :تفسير
هذه الية دليل على ما روت عائشة عن النبي صلى ال عليه وسلم يقول ( :ما كذب الفؤاد ما
رأى....لقد رأى من آيات ربه الكبرى) ")106( .
وقد ذكر المحشي عند شرح هذا الحديث:
" أن مثل هذه الرواية جاءت عند البغوي (ت )107( )899 /286وهي أيضا عن مسروق وبين
أن المواقف ثلثة في شأن الرؤية:
أ?-رأى ربه بعين رأسه.
ب?-جعل بصره في فؤاده فرآه بفؤاده.
ت?-رأى جبريل في صورته الحقيقية" ()108
والباضية اختاروا الرأي الخير اعتمادا على موقف عائشة ( )109فل رؤية حينئذ لبشر مهما
كان ول في الدنيا ول في الخرة.
وإن اعتمد الباضية هذه الرواية التي لم ترد في بقية الصحاح فماذا يقولون في الحديث الذي أقره
مثبتو الرؤية؟
قوله صلى ال عليه وسلم " :هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر" ()110
يقول عمرو التلتي ":معناه (الحديث) إن كان صحيحا أنكم تعلمون ربكم كما ل تشكون في القمر
ليلة البدر ...وليس معناه تبصرونه بأعينكم كما توهم ذلك الزاعم")111( .
ويلح يوسف المصعبي على تضعيف الحديث وإن كان لبد من قبوله فيجب أن تؤول الرؤية
بالعلم)112( .
( )1/315
واضح أن الباضية رجحوا نفي الرؤية من منطلق قرآني لذلك فهم يرفضون مثل هذا الحديث أو
يعتبرونه من الحاد التي ل يعتمد عليها في باب العقائد أو يؤولونه اعتمادا على المجاز اللغوي .
()113
وقبل أن نختم هذا المبحث يحسن أن نشير إلى مختلف المواقف من الرؤية كما ذكرها عمرو
التلتي حيث يقول ":إن القائلين برؤيته تعالى اختلفوا في كيفيتها:
فقالت طائفة :يرى يوم القيامة جهرة.
وذهبت طائفة إلى أنه يرى في صورة يخلقها ويكلم منها عباده.
وذهبت طائفة إلى أنه يرى في الدنيا والخرة
وذهبت طائفة إلى أنه ل يرى إل المخلصون.
وذهبت طائفة إلى أن المخلصين يعاينونه في الدنيا والخرة إذا أرادوا معاينته" ()114
وفي إيراد هذا الختلف دليل على اضطراب موقف القائلين بالرؤية فما هو حكمهم حسب
الباضية؟
================================
( )93علقمة( )62/281علقمة بن قيس الهمداني تابعي .فقيه العراق ولد في وروى الحديث عن
الصحابة .ر .الزركلي :العلم (.5/45حياة النبي
( )94الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 31 -30 /3عدد . 862 -860ر .عبدال السالمي :
المشارق.194 -193 :
( )95المحشي :حاشية الترتيب .264 -7/263
( )96وهو ":إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوال
ما أعطاهم ال شيئا هو أحب إليهم منه" ر .مسلم إيمان 316ر .ونسنك :المعجم المفهرس /6
478
( )97انظر لتعريف هود ما سبق 144 :تعليق .79
( )1/316
( )98ر .الزمخشري :الكشاف .234 -2/233ويورد نفس ما جاء عند الربيع .ر .يوسف
المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 287قفا .والزمخشري تابع في موقفه لما جاء عند
القاضي عبد الجبار حيث يقول " :إن المراد ول يرهق(بالزيادة والتفضيل الثواب فتكون الزيادة
على الحسنى .ولذلك قال بعده ( يونس )26فبين أن الزيادة هي من هذا الجنس في الجنة"
تنزيه(وجوهم قتر ول ذلة القرآن عن المطاعنك 177ر .أيضا ،عمرو التلتي :شرح النونية
ورقة 20وجه
( 98مكرر) ر .يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 33وجه وقفا .ر .عبد ال
السالمي :المشارق.194 :
( )99الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/30عدد .859
( )100المحشي :حاشية الترتيب . 7/267ر .البيضاوي :أنوار التنزيل وأسرار التأويل ط
مصطفى البابي الحلبي بمصر ،من الحج الكبير .2/299 .1375/1955
( )101الومخشري :الكشاف .4/232
( )102عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 20وجه
( )103ر .عبد ال السالمي :المشارق .194لم نجد إشارة بهذه الدقة في مصادر المرحلة المقررة
لذلك اكتفينا بما جاء عند السالمي .ر .عبد ال السالمي :المشارق.195 :
( )104وأورد محمد عبده رواية عن أبي ذر( )32/652تدعم رواية عائشة وهي ":هل رأيت
ربك؟ فقال :نور أني أراه؟" ر .محمد عبده :تفسير(وسأل أبو ذر الرسول المنار . 9/140ر.
مسلم :إيمان .219الترمذي :تفسير سورة النجم . 7أحمد بن حنبل .5/157
( )105مسروق بن الجدع ( )63/683تابعي من أهل اليمن قدم مكة أيام أبي بكر وسكن
الكوفة.ر .الزركلي العلم .8/108
( )106الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح 3/15ما كذب الفؤاد ما رأى( )11أفتمارونه على ما
يرى( )12ولقد رآه نزلة(عدد 824أخرى( )13عند سدرة المنتهى( )14عندها جنة المأوى()15
إذ يغشى السدرة ما يشغى( )16ما (18النجم)(.زراغ البصر وما طغى( )17لقد رأى من آيات
ربه الكبرى
( )1/317
( )107البغوي :شيخ الحرم .من حفاظ الحديث كان ثقة مأمونا .له مسند .ر .الزركلي :العلم
.1/113
الزركلي :العلم 1/113
( )108المحشي :حاشية الترتيب 194 -7/193
( )109ر .عبد ال السالمي :المشارق ص .203
( )110وجاء الحديث بالستفهام بالهمزة"أ" ،كما أن تضامون جاءت أيضا تمارون أو تتمارون
.ر .البخاري آذان .129الترمذي جنة .17-15ابن ماجة مقدمة 13زهد . 39ر .ونسنك :
المعجم المفهرس . 5/466ر .أبو الحسن الشعري :البانة ط بيروت 40 -39ينتصر للقول
بالرؤية البصرية.
( )111عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 20وجه.ر .يوسف :شرح أصول تبغورين.101:
( )112ر .يوسف المصعبي :شرح أصول تبغورين ،101:وقد استدل تبغورين لتأويل الرؤية
بالعلم بأدلة (الفيل )1يعني ألم تعلم( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل(كثيرة منها قوله
تعالى ، :وهو لم ير أصحاب الفيل.ر .تبغورين ابن عيسى الملشوطي :كتاب أصول الدين :
.66/67
( )113لزيادة التوضيح ر .عبد ال السالمي :المشارق 196:
( )114عمرو التلتي :شرح النونية ورقة 20قفا .
---
( )1/318
( )1/319
كما أن هذا التراث السلمي بطرفيه المؤازرة لمكانية الرؤية والمعارض لهذه المكانية حاول
أن يدلي بحجج عقلية تؤازر هذا الموقف أو ذاك والباضية في هذا تعايشوا مع الفكر العتزالي
وأخذوا منه الكثير لكن دون أن يذوبوا في خضمه إذ لم يصلوا إلى تقديم العقل على النقل كما
يفعل المعتزلة بل اعتبروا أن حجة ال هي السماع في الدرجة الولى وكذلك كان المر بالنسبة
إلى الفكر الشيعي .أما الشاعرة وإن حاولوا البعد عن الفكر العتزالي فقد اضطروا إلى أن يتبنوا
منهجه العقلي للدفاع عن مواقفهم ولنشأة الشعري العتزالية أثر كبير في تفكيره وإن أقر لنفسه
رأيا خاصا خالف به شيوخه والمدرسة التي نشأ فيها .ومهما يكن من أمر فقد اعترف كل من
الباضية والشاعرة والماتريدية أن الحجة العقلية مهما ارتقت تبقى هزيلة في موضوع الرؤية
وذلك يفهم عقل لن البصر في هذه القضية وهو طاقة محدودة يريد أن يبصر ال تعالى الذي
يتفق المسلمون على أنه ل يمكن أن يحد.
وغاية ما نقول في البعد الحضاري لهذا الحتجاج العقلي أنه خرج في مرحلته الخيرة من
مستوى المعقول إلى مستوى اللمعقول ،وذلك بتصور حاسة سادسة أو إدراك آخر أو أن تكون
الرؤية بل كيف والحقيقة أن التراث الباضي اتخذ هذه الحلول منطلقا للسخرية من الطرف الخر
كما فعل المعتزلة ومهما قلنا في هذا الشأن يبقى التصور العقلي المجرد الذي ينطلق من منطلق
تنزيه ال تعالى وعظمته أقرب الى استحالة الرؤية منه إلى إمكانها.
والمحاورات المبثوثة في التراث الباضي بين بعض الناس ،واستفسار بعض العلماء في حلقات
عامة للحراج تدل على أن الموضوع يسترعي انتباه الناس فيحاول كل طرف أن يدعم موقفه
وفعل فإذا وجهت التهم للباضية قل أن تنسى قضية الرؤية على أساس أنها حرمان من لذة في
الجنة ل مثيل لها ،لكن هذا ليس من منطلق عقلي وإنما من منطلق نقلي فماذا عن الحتجاج
النقلي؟
( )1/320
إن منطلق هذا الحتجاج نصوص قرآنية من المتشابه على أساس ألفاظها أو على أساس مبناها
تجاذبها المثبتون للرؤية والنفاة لها كل حسب موقفه .منها الحيرة تجاه رؤية الرسول عليه السلم
ربه عند سدرة المنتهى والحقيقة أن النص يصعب أن يفك سره بتحكيم العقل فحسب ولذلك استند
كل على نصوص من الحديث والباضية سندهم في هذا عائشة التي اعتبرت أن ممن يدعي أن
الرسول عليه السلم قد رأى ربه فقد أعظم على ال الفرية.
وإذا كانت الرؤية لم تتم للرسول عليه السلم فمن باب أولى أن ينفيها الباضية عن بقية الناس في
الحياة الدنيا.
ويدخل ضمن هذه القضية طلب موسى عليه السلم من ربه الرؤية وهذا الطلب قد انطلق منه
الشاعرة على أساس أن النبي ل يمكن أن يطلب أمرا مستحيل وهو معصوم وقد أطالوا في هذا
البحث واعتبروا أن هذه الية من أقوى الحجج النقلية على ثبوت الرؤية لكن الباضية ومن
وافقهم اعتبروا أن توبة موسى بعد أن صعق أقوى دليل على انه أخطأ في حق ربه.
والملحظ هنا أن الطرفين يقيمان الحجج على التأويل والستنباط رغم نفور الشاعرة من التأويل.
والذي يلفت انتباهنا من الناحية الحضارية هنا هو حرص كل من الطرفين على تتبع هذه الية
حسب تقسيم منهجي متكامل يترابط بعضه ببعض وهذا مكننا من حصر القضية في محاور محددة
بدقة من بداية التحليل.
وإن كانت قضية موسى هذه أثرت الفكر البلغي أيما إثراء فإن قضية النظر لم تخل من مثل هذا
المدد فالنظر عند طرف ل يكون إل بالبصر والنظر عند الطرف الخر إذا تعدى بإلى ل يمكن
أن يفيد إل النتظار وكذلك في شأن التقابل التركيبي الذي يقوم عليه سياق الية لكن ماذا عن
صدى هذا في أوساط المة؟ ل شيء في ما نعلم وأنى للناس أن يرتقوا إلى أن " إلى" تكون بمعنى
نعمة ويصير لها محل في العراب وإنما تهمهم النتيجة وهي في الحقيقة معروفة من البداية من
موقف المتكلم ومذهبه الفكري.
( )1/321
وإن كان الفكر الذي يجيز الرؤية يعتمد على طلب موسى فإن الفكر الذي يحيلها ينطلق خاصة
من ( ل تدركه البصار) ليعتبر النفي أبديا مع ما يدعمه من ( لن تراني) في السياق الخر ومع
اعتبار أن نفي الرؤية من مدائح ال التي ل تكون مدائح إل بدوامها في الدنيا والخرة وينتهي
الجدل من حيث بدأ فيتمسك كل برأيه ولول هذا الجدل لكتفى الناس بأول تفسير للقرآن ولما نمت
المدرسة القرآنية مثل هذا النمو والملحظ أن مراكز الهتمام في كل السور عند المفسرين تتمثل
في ما جاء متشابها وله مساس بالعقيدة أو ما جاء في باب الحكام من آيات تمس العبادات
والمعاملت.
والملحظ أيضا أن اعتماد المفسرين على التأويل أثر تأثيرا واضحا في علم البلغة ومعلوم أن
الزمخشري قد اعتبر من أئمة العربية والباضية في هذه المرحلة التي تهمنا خاصة اعتمدوا
اعتمادا كليا في باب الرؤية على تحليلته مع الحالة على تفسيره بصراحة أما في شأن اليات
الخرى فلم تكن إل مكملة لليات التي اعتبرت أساسية في هذا المبحث.
بقي الحتجاج بالحديث فإن له بعده الحضاري من البداية بصفة واضحة إذ لئن كان النص القرآني
واحدا فإن للحديث مدارس وواضح في هذا الشأن أن الباضية أقروا أحاديث بنوا عليها معتقدهم
ل نجد لها ذكرا في كتب التيار الخر وكذلك هذا التيار أورد أحاديث في شأن الرؤية في الخرة
ل يقرها الباضية أو يتأولونها بوجه من الوجوه.
والبعد الحضاري أخيرا يتجلى في حكم هذا الطرف على ذلك فمجيزو الرؤية يعتبرون القائلين
بإحالتها أهل بدع وأهواء .والقائلون بنفيها ويهمنا منهم الباضية يعتبرون القول بثبوت الرؤية
اعتمادا على التأويل معصية تجب فيها اللهجة أحيانا وتلين أخرى.
( )1/322
ومعلوم أن مثل هذه النصوص منها ما يصل بين أيدي الناس فينعكس على الحياة العامة لكن يبدو
أن مثل هذه المواقف سرعان ما تنسى مهما بدت خطرة عندما يحتك الناس ببعضهم في حياتهم
اليومية وفي معاملتهم التجارية وتجار الباضية ل يكاد يخلو منهم محيط ،فالناس يحترمونهم
غالبا لما يتحلون به من حزم وأمانة عدا بعض الستثناء الذي ل تخلو منه بيئة وعدا بعض
الظروف التي يحتد فيها الخصام فتمنع شهادة الباضية أو يحرمون من التجارة نتيجة وشايات
منطلقها عقائدي غالبا.
فالملحظ حينئذ أن هذه القضايا قد ينعكس أثرها أحيانا على البيئة لكنها تبقى في الغالب تظرية
علمية في مستوى طبقة من العلماء تعرف كيف تتفاعل بنزاهة مع من يخالفها في مستوى الفهم
لنها تدرك أن الجتهاد يمكن أن يفضي إلى الختلف في النتائج حتى داخل المدرسة نفسها.
بعد أن حددنا البعد الحضاري لقضية الرؤية يجدر بنا أن نستجلي قضية تجاوز فيها الجدال حد
القلم إلى حد السياط والمحن أل وهي قضية خلق القرآن.
==============================
( )115المعصية :انظر ما يلي 541 :
( )116ر .عمرو التلتي شرح النونية ورقة 20قفا .ر .عبد العزيز الثميني :النور .81ر عبد
ال السالمي :المشارق.207 -206 :
---
( )1/323
( )1/324
ل نريد أن نبحر في هذا الغرض لنه يخرج بنا عن موضوعنا وإنما أحببنا أن نحدد الطار الذي
وضعت فيه قضية الكلم اللهي .ومعلوم أن الخوض في شأنه كان أحد سببي تسمية العلم الذي
عرف بعلم الكلم على حد تعبير ابن خلدون في المقدمة " ،سموا مجموعه ( )9علم الكلم :إما لما
فيه من المناظرة على البدع وهي كلم صرف وإما لن سبب وضعه والخوض فيه هو تنازعهم
في إثبات الكلم النفسي")10( .
والمتأمل في مختلف وجهات النظر حول الكلم اللهي يتبين أنها تعكس نظرة كل مفكر للكلم
البشري فمن اعتبر أن اللفظ هو الساس سهل عليه أن يقول بالخلق ومن اعتبر ما يجول في
النفس هو الساس أقر بعدم الخلق ،ومن لم يقدم هذا على ذاك لم يقل ل بالخلق ول بعدمه .وهناك
من جمع بين الموقفين فقال بقدم المعنى وخلق اللفظ وقد استطاع ابن تيمية أن يحصر هذه
المواقف في أربعة في النص الذي أوردناه قبل قليل.
كما يتبين كذلك أنها على صلة متينة بمواقف هذه التجاهات من صفات ال تعالى الذاتية منها
والفعلية.
فالقائلون بأن الصفات الذاتية هي عين الذات اعتبروا الكلم مخلوقا حادثا والقائلون بأنها غير
الذات اعتبروا الكلم غير مخلوق ومنهم من اعتبر الكلم صفة ذاتية من جهة نفي العجز وصفة
فعلية من حيث الخلق.
واضح من خلل عرضنا لطار هذه القضية العام أن المصادر الباضية لم تهتم بتعريف الكلم
لنها تعتمد القواميس المعروفة .فلنحاول تعريف كلمتي " قرآن" و" خلق".
القرآن :إن المصادر الباضية التي تخص المرحلة المقررة لم تهتم بالتعريف اللغوي ،وإنما تنطلق
مباشرة في عرض حجج القائلين بالقدم لترد عليها بحجج القائلين بالخلق.
والمتأمل في المصادر الباضية اللحقة يجد أن ناصر بن سالم الرواحي ( )11اهتم بهذه القضية
إل أنه يكاد ينقل كل ما جاء في لسان العرب نقل حرفيا.
( )1/325
وخلصة ما في اللسان ( )12تبين أننا أمام تفسرين أحدهما وهو الغالب يتمثل في اللحاح على
فكرة الجمع والضم وهذا التفسير اللغوي يواكب القائلين بخلق القرآن لن الجمع والضم من
خصائص ما هو مخلوق وثانيهما يتمثل في اعتبار أن لفظه القرآن غير مشتقة من قرأ وقد نسب
هذا القول للشافعي ( )13( )820 -767 /204 -150وعبدال بن كثير (-665 /120 -45
)14( )738وهو تفسير يبدو أقرب إلى نفي الخلق عن القرآن.
والمهم حسب ما جاء في اللسان أن " القرآن" خص بالكتاب المنزلة على محمد صلى ال عليه
وسلم فصار له كالعلم كما أن التوراة خص لما أنزل على موسى عليه السلم وكذلك النجيل
خص لما أنزل على عيسى عليه السلم.
الخلق :يقول ناصر بن سالم الرواحي ":أصله التقدير المستقيم ،وستعمل في إبداع الشيء من غير
أصل ول احتذاء ،قال تعالى ( :خلق السموات والرض) ( 6النعام )15( )1أي أبدعهما بدللة
قوله ( :بديع السموات والرض) ( 2البقرة .)117
ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو ( :خلقكم من نفس واحدة) ( 4النساء .)1
وما كان بمعنى البداع ل يكون إل ال تعالى ولهذا فصل بين نفسه وبين غيره فقال سبحانه:
( أفمن يخلق كمن ل يخلق أفل تذكرون) ( 16النحل )17ويكون ما كان بالستحالة لغيره في
بعض الحوال كمعجزة عيسى عليه السلم.
والخلق ل يستعمل في كافة الناس إل على وجهين أحدهما في معنى التقدير قال (:رجز).
والثاني :في الكذب نحو قوله تعالى ( :وتخلقون إفكا) ( 29العنكبوت .)17
( )1/326
فإن قيل :قول ال تعالى ( :فتبارك ال أحسن الخالقين) ( 23المؤمنون )14دليل على صحة
وصفه غيره بالخلق .قيل :يمكن أنه أراد تعالى أحسن المدبرين أو تقديرا وتنزيل على معتقدهم
وزعمهم الكاذب أن غيره يشركه في البداع سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فكأنه قيل
فأحسب أن هناك مبدعين وموجدين فال أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال تعالى ( :خلقوا
كخلقه فتشابه الخلق عليهم) ( 13الرعد .)16
وكل موضوع استعمل فيه الخلق لوصف الكلم فالمراد به الكذب وتمسك بهذا القول كثير ممن
امتنعوا عن القول بخلق القرآن ول حجة لهم فيه إل التمحل")16( .
ونخلص من هذا النص إلى أن الخلق بمعنى اليجاد والبداع في حق ال تعالى سواء أكان من ل
شيء أو من شيء والفرق واضح بين الخلق والختلق وحول معنى اليجاد والحداث ثار الجدل
بين القائلين بنفي خلق القرآن والقائلين بخلقه فما هو موقف أو بالحرى مواقف الباضية من هذه
القضية؟
=============================
( )1انظر ما سبق234 :
( )2تبغورين بن عيسى المشلوطي : :كتاب أصول الدين63 :
( )3ر .ابن تيمية :الزركلي :العلم 1/140
( )4ر .ابن تيمية :مجموعة الفتاوي .جمع وترتيب عبد الرحيم بن محمد قاسم ط .المكتب
التعليمي السعودي بالمغرب مكتبة المعارف الرباط د.ت 12/54
( )5ر .الطبري :تاريخ المم والملوك .القاهرة ،الستقامة 1358/1939
( )6ابن منظور :لسان العرب
( )7ابن تيمية :الفتاوي 12/67
( )8ر .الشهرستاني :نهاية القدام فيعلم الكلم ،تصحيح الفرد جيوم .مكتبة بغداد د.ت -318:
319
( )9كان بصدد تقرير فروع علم الكلم
( )10ابن خلدون :المقدمة 834 :
( )11ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر 1/40
( )12ابن منظور :لسان العرب
( )13الشافعيك ر :الزركلي :العلم 250 -6/249
( )14عبدال بن كثير الداري المكي أحد القراء السبعة .ر .الزركلي :العلم 4/255
( )1/327
(( )15والية( :الحمد ال الذي خلق السماوات والرض وجعل الظلمات والنور.
( )16ناصر بن سالم الرواحي :نثار الجوهر .1/41اعتمد اعتمادا كبيرا على ما جاء عند ابن
منظور في لسان العرب عدا الفقرة الخيرة فانها من استنتاجه الخاص .واعتمدنا هذا النص لننا
لم نجد في المرحلة المقررة نصا بهذا الستيفاء.
---
( )1/328
( )1/329
ويورد أحمد الشماخي أن المعركة في شأن هذه القضية قد احتدت زمن المهنا بن جيفر (-226
)850 -841 /236أحد أئمة عمان ( . )22وكذلك أشار إلى نفس الحادثة أبو مهدي عيسى بن
إسماعيل ( )23وتتمثل في أن القضية دخيلة على إباضية عمان ومنطلقها من مدينة البصرة ذلك
أن أبا شاكر الديصاني ( )24ألقى بين الناس فكرة قدم القرآن ،وما أن وصل صداها إلى عمان
حتى ثارت فتنة بين علمائها وكادت تفضي إلى تصدع بينهم لول أنهم اصطلحوا بسرعة على
الوقوف على الجمال وهو أن ال تعالى خالق كل شيء وما سوى ال مخلوق وأن القرآن كلم
ال ووحيه وكتابه وتنزيله على محمد صلى ال عليه وسلم .
ويذكر البرادي وجود ثلثة مواقف في عمان في القرن الثالث هجري التاسع ميلدي وهي:
-1القرآن كلم ال وليس بصفة.
-2القرآن كلم ال ووحيه للرسول صلى ال عليه وسلم وهو مما يسع جهله.
-3رفض القول بخلق القرآن من التوقف فيمن يقول بذلك (." )25
كما ينقل أبو مهدي ( )26نصا عن الوارجلني مفاده أن القضية ظلت خلفية في عمان إلى القرن
السادس هجري 12 /ميلدي ،فمنهم من يقول بالقدم ومنهم من يقول بالحدوث ومنهم من يتوقف
دون أن يقطع عذر هؤلء ول هؤلء.
وممن يقولون بالقدم ابن النظر العماني ( )27وقد أفرد قصيدة نونية في ديوان الدعائم ()28
للدفاع عن هذا الموقف وتبرأ ممن يقولون بالخلق)29( .
هذا عن إباضية المشرق في قضية خلق القرآن أما عن إباضية المغرب فقد استقر عندهم رأي
واحد من وقت مبكر مع رسالة المام أبي اليقظان الرستمي ()30( )894 -855 /281 -231
وقد استمر هؤلء في الدفاع عن هذا المبدأ إلى يومنا هذا.
( )1/330
وهنا يجدر أن نلحظ أن سجن أبي اليقظان كان زمن المتزكل أي عند رد الفعل على المعتزلة
فالفكر العتزالي كان قد تبلور بعد ،وكذلك ننبه إلى طرد سحنون علماء المعتزلة والباضية
وغيرهم من الفرق من جامع القيروان ( ، )31فرسالة أبي اليقظان حينئذ جاءت رد فعل على
العباسيين والغالبة في نفس الوقت ،وأقرت خلق القرآن انطلقا من حجج اعتزالية فل شك حينئذ
في تأثر الباضية بالمعتزلة في هذه القضية لكن مع شيء من التصرف كما سنبين ذلك في إبانه.
وحاصل القول إننا إن تبينا أن الباضية تمسكوا برأي واحد في ما يتعلق بالقول باستحالة رؤية
ال تعالى فإنهم وقفوا مواقف شتى من قضية خلق القرآن تتلخص في ما يلي:
-1الكتفاء بالجمال دون تفصيل :إن ال خالق كل شيء وما سوى ال مخلوق ،وإن القرآن
الكريم كلم ال ووحيه وكتابه وتنزيله على محمد صلى ال عليه وسلم .
-2القرآن كلم ال وليس صفة ل فعلية ول ذاتية.
-3القرآن غير مخلوق.
-4القرآن مخلوق.
5ـ الوقوف في القضية دون قطع عذر القائلين بالقدم أو بالخلق.
وواضح من خلل النظر في النصوص أن الموقف الذي غلب على جمهور الباضية وبصفة
خاصة بالمغرب ،وهذا محور بحثنا وبصفة أخص في القرون التي تعنينا ،هو القول بخلق القرآن
إذ كل من الشماخي والسدويكشي والمحشي والتلتي والمصعبي وأبي مهدي وغيرهم جاءت
مصنفاتهم ترد على من يقول بالقدم ،وتدعم القول بالخلق فما هي الحجج المعتمدة في هذا الشأن؟
====================
( )17ر .بلقاسم بن حسن :آراء الماتريدي الكلمية .219 -218:
( )18ر .أبو العلء عفيفي :نظريات السلميين في الكلمة .مجلة كلية الداب 1934الجامعة
المصرية ص 34
( )19ر .الكتاب المقدس :رسالة بولس إلى العبرانيين 353 :
( )20ر .ابن نباته المصري :شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون .مطبعة مصطفى الباني
الحلي ،القاهرة 186 :1957
( )1/331
( )21وقد أورد تبغورين موقف عبدال بن يزيد من القرآن ":وحكى عن عبدال ابن يزيد
وأصحابه أنهم يقولون :القرآن وكتب ال كلها ليست بأعراض وليس للعباد فيه فعل ،والقراءة
فيها غيرها ،والحكاية فيها غيرها" .كتاب أصول الدين 57 :و 61
( )22ر .أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي16 :؟؟؟؟
( )23ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي180 :
( )24يذكر أبو إسحاق اطفيش أنه يهودي تظاهر بالسلم لجل الدس وإلقاء الفتنة بين المسلمين
ر .عبد ال السالمي :تحفة العيان بسيرة أهل عمان 129 -1/128وقد فصل الكلم في رواية
الحادثة .ويذكر أبو مهدي عيسى بن إسماعيل أن الديصانية قوم من الدهرية الذين ينكرون حدوث
العالم :الرد على البهلولي80 :
( )25أبو القاسم البرادي :كتاب شفاء الحائم خ البارونية. 285 :ر .النامي :الطروحة234 :
( )26ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان. 181 :ر .أبو يعقوب الوارجلني:
الدليل والبرهان ط 1.3/151
( )27أحمد بن سليمان بن النظر السمائلي العماني ( ق )5/11تبحر في العلم منذ صغره قتل
وهو ابن 35سنة .وجمع قصائده في العقيدة والفقه محمد بن وصاف العماني وسمي الديوان:
كتاب الدعائم ،وشرحه وقد طبع هذا الشرح في جزاءين ط .وزارة التراث بعمان 1982بتحقيق
عبد المنعم عامر .كما شرحه بعد ذلك البرادي ووسمه " بشفاء الحائم على بعض الدعائم" ( .ر.
سالم العدالي :البرادي حياته وآثاره ص )151 -122وهي خ البارونية ولسالم العدالي نسخة
مصورة منها .كما شرحه امحمد اطفيش .كتاب الدعائم طبع عدة طبعات .اعتمدنا الطبعة التي
صححها وأشرف على طبعها محمد عيران وقدم لها سالم بن محمد الرواحي حيث عرف بالمؤلف
(ص )7 -3ط .دمشق .المطبعة العمومية .1966 /1286
( )28ر .ابن النظر العماني :كتاب الدعائم36 -31 :
( )1/332
( )29ومن الباضية من يشك في نسبة هذه القصيدة لبن النظر مثل أمحمد اطفيش ر .كتاب
شرح الدعائم ط .حجرية 1325هـ 225 /1و ، 229وعبدال السالمي :المشارق .246 :أما أبو
سعيد محمد سعيد الزدي القلهاتي ( )11/17فيجزم أنها لبن النظر العماني حسب قول امحمد
اطفيش :شرح الدعائم 1/224
( )30أبو اليقظان الرستمي :هو محمد بن أفلح بن عبد الوهاب خامس الئمة الرستميين ولد ونشأ
في تاهرت أيام إمارة أبيه .حج سنة 852 /238فقبض عليه عمال بني العباس ،ونقل إلى بغداد
فسجن وعاد إلى تاهرت بعد موت أبيه وبويع سنة .241/855له رصيد علمي وافر كأسلفه.
وغلى جانب رسائله وأجوبته المخطوطة حفظ البرادي رسالته في خلق القرآن :الجواهر المنتقاه
لما أخل به كتاب الطبقات .ط .حجرية بالبارونية القاهرة .200 -183 :1306وعن أبي اليقظان
ر .الزركلي :العلم 6/265 :وبه الحالة على المصادر الباضية.
( )31انظر ما سبق 57 :ر .النامي :الطروحة . 236 -230 :ر .كوبرلي :الطروحة-373 :
381
---
( )1/333
( )1/334
" )6ومما يدل على أن الكلم من ال حدث وأنه غيره أنه جائز أن يقال متى كلم ال موسى ،ولم
كلم ال موسى؟ فيقال :ليفضله بكلمه ويحتج به على خلقه ،ول يجوز أن يقال :لم قدر ال على
موسى كما جاز أن يقال لم كلم ال موسى ،ول يجوز أن يقال متى علم ال موسى ول متى قدر
ال على موسى ،وجائز أن يقال لم كلمه ومتى كلمه ،ول يجوز أن يقال لم يزل يكلمه كما يجوز
أن يقال لم كلمه ومتى كلمه ،ول كما يقال لم يزل يكلمه كما يجوز أن يقال لم يزل يعلمه ويقدر
عليه وكما يجوز أن يقال لم رضي ال على نبيه فيقال لنه أطاعه ويقال لم غضب ال على
أعدائه فيقال لنهم عصوه فدخل الكلم في باب الفعل")38( .
)7الدليل على خلق القرآن خلق النسان ":قال أبو القاسم رحمه ال :فإن قال ما الدليل على خلق
القرآن؟ قلنا هو الدليل على خلقك أنت أيها السائل .فإن كان القرآن غير مخلوق فأنت أيضا غير
مخلوق وإل فجميع آثار الصنعة الموجودة فيك الدالة على خلقك موجودة فيه دالة على خلقه"( .
)39
الدلة النقلية
أدلة القرآن على أن القرآن مخلوق:
-أما الحدَث :فقوله تعالى ( :ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إل استمعوه وهم يلعبون) (21
النبياء ( .)2ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إل كانوا عنه معرضين) ( 26الشعراء )5
فالقرآن ذكر والذكر محدَث ينتج القرآن محدَث ،فإن الذكر هو القرآن لقوله تعالى ( وقالوا يا أيها
الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) ( 15الحجر .)6فإن الذكر هو القرآن.
( )1/335
-وأما الجعل :فقوله تعالى ( :إنا جعلناه قرآنا عربيا) ( 43الزخرف .)3وقوله ( ولكن جعلناه
نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) ( 42الشورى )52فالجعل بمعنى الخلق كما في قوله تعالى( :
هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) ( 10يونس .)67وقوله ( :وجعل منها زوجها) ( 7العراف
.)189وقوله ( :أمن جعل الرض قرارا وجعل خللها أنهارا وجعل لها رواسي) ( 27النمل
.)61وفي أمثالها فل فرق بين الجعلين ...فالقرآن مجعول وكل مجعول متغير وكل متغير محدث
ينتج القرآن محدث ")40( .
ويتمادى أبو مهدي على هذا النسق مع الصفات التالية :النزول ،وقدرة ال على الذهاب به،
والتشابه ،والمماثلة ،والتفصيل ،والحفظ ،والتلوة ،والتجزؤ ،والتنويع الخ ...ليبين أنها كلها تدل
على الخلق إلى أن يقول " :ولو استقصينا الصفات لكل القلم ،وأعقب السأم وفي هذا كفاية لمن
أراد ال إرشاده لن هذه الصفات ل تكون إل للمخلوق ،فل يوصف ال بها ل حقيقة ول مجازا
لقوله تعالى ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ( 42الشورى )11فل يوصف الخالق بما
يوصف به المخلوق ول يوصف المخلوق بما يوصف به الخالق ،فهذا القرآن الموصوف بهذه
الصفات الدالة على خلقه لبد من محِدث وجاعِل ومنزل ومفصل له إلى غير ذلك من الوصاف
التي تقتضي هذه الصفات لبد أن يكون غيرها وقبلها وهما شيئان مختلفان ،والول هو المقدم
وهو الجاعِل الخالِق القديم والثاني المجعول المخلوق الكائن بعد أن لم يكن" (. )41
من خلل هذه النصوص نتبين إلحاح الباضية مثل المعتزلة على توجيه هذه اليات إلى مفهوم
الخلق ثم إلى جانب هذا بينت المصادر أن القرآن شيء.
-القرآن شيء:
يقول ال تعالى ( :ذلكم ال ربكم ل إله إل هو خالق كل شيء) ( 6النعام )102ول دليل على
استثناء القرآن فهو حينئذ شيء مخلوق.
( )1/336
وقد سئل بعض أصحاب هذا القول (خلق القرآن) عن القرآن هل هو مخلوق أو ل؟ فقال للسائل:
سألتني عن الخالق أو المخلوق .فوجم الذي سأل وانقطع )42( .
الدلة من الحديث (: )43
روي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال لبي بن كعب :أي آية في كتاب ال أعظم؟
فقال له أبي :آية الكرسي ،فقال صلى ال عليه وسلم ":أبا المنذر إن لها لسانا وشفتين تقدس ال
تعالى تحت العرش أفترون أنها تقدس خالقها )44( .
وقال عليه الصلة والسلم " :إن ال خلق طه ويس قبل أن يخلق الخلق بألفي عام" )45( .
وقال" :تعلموا البقرة وآل عمران فإن تعلمهما بركة ول تستطيعهما المبطلة ،وتعلموا الزهراوين
فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان...يظلن صاحبهما" (. )46
وقال أيضا " :يأتي القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب لونه .فيقول للتالين :أتعرفني؟ فيقول ل،
فيقول له القرآن :أنا القرآن الذي أحييت به ليلك فيكون قائده إلى الجنة" )47( .
وروي عن علي ابن أبي طالب أنه قعد ذات يوم في مل من المهاجرين والنصار في خلفة عمر
وأصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يتذاكرون فضائل القرآن فقال بعضهم :أفضل القرآن
خاتمة سورة براءة" ( :لقد جاءكم رسول) ( 9التوبة .)129وقال بعضهم :آخر سورة بني
إسرائيل ( :قل ادعوا ال ) ( 17السراء .)111 -110وقال قو أفضل القرآن :يس .وقال
بعضهم أفضل القرآن :السجدة .وعلي فيهم ساكن فقال له عمر رحمه ال :مالك يا أبا الحسن
ساكن؟ فقال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :خير البشر آدم ،وخير العرب أنا ول
فخر ،وخير الفرس سلمان ،وخير الروم صهيب ،وخير الحبشة بلل ،وخير الجبال الطور ،وخير
البقاع مكة ،وخير الشجر السدرة ،وأعظم القرآن البقرة آية الكرسي )48( .
( )1/337
ويختم أبو مهدي إيراده لهذه الحاديث بقوله ":ومثل هذه الحاديث كثير مما يدل على خلقه
(القرآن) " ( )49ويشير هنا إلى ورود عبارة الخلق صريحة في الحديث كما ينبه إلى معنى
التفاضل ول يكون إل بين مخلوقين.
إن كان هذا مسلك الباضية في الحتجاج لموقفهم فكيف جاءت ردودهم على القائلين بالقدم؟
============================
( )32ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان174 :
( )33ر .أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي3 :
( )34اليعقوبية :انظر ما سبق 24 :تعليق 38
( )35ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي175 :و 178ر .عبد ال السالمي:
المشارق244 :
( )36أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي .175 -174 :ر .البرادي :الجواهر:
183
( )37البرادي :الجواهر .192 :ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي.179 :
( )38نفس الحالة السابقة
( )39أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي 177 :ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز
2/132
( )40أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان .3-2 :ر .البرادي :الجواهر-186 :
188والمعتزلة وقفوا نفس الموقف .ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة 532 -531 :
( )41أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان . 3 -2 :وقد اعتمد على ما جاء في
رسالة أبي اليقظان في الدرجة الولى ثم جمع ما جاء موزعا في المصادر الباضية وزاده تدقيقا
وتدليل .ر .البرادي :الجواهر 200 -183 :رسالة أبي اليقظان الرستمي في خلق القرآن .ر.
أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي :109ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على
البهلولي( 175:تحليل صفة النزول) .ر .أبو عمار عبد الكافي :الموجز 136 -2/133ر.
امحمد اطفيش :شرح الدعائم .1/227
( )42ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :جواب لهل عمان.6 :ر .امحمد اطفيش :شرح الدعائم
.1/238
( )1/338
( )43ر .أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي 182 :البرادي :الجواهر-197 :
198هنالك تجد كل الحاديث التي أوردنا هنا مع ملحظة أنها يذكرها الربيع بن حبيب في
الجامع الصحيح سوى حديث صلة الغداة فقرأ(واحد وهو :قال :قال عقبة بن عامر الجهني صلى
بنا رسول ال بالمعوذتين فقال :يا عقبة إن هاتين أفضل سورة في القرآن والزبور والنجيل
والتوراة .الربيع بن حبيب الجامع الصحيح 3/12عدد ،810وعقبة بن عامر الجهني ()58/678
صحابي حضر فتح مصر مع عمرو بن العاص له 55حديثا .ر.الزركلي :العلم .5/37لم يرد
عند ونسنك لكن وردت صيغة خير في قوله عليه السلم ":أعلمت سورتين من خير سورتين
قرأت بهما الناس" .ر14 .أحمد بن حنبل 150 ،4/144ر .ونسنك :المعجم المفهرس .3/23
( )44ر .مسلم مسافرين .258أبو داود حروف ،35الدارمي :فضائل القرآن 14أحمد بن حنبل
.142 .5/58ر .ونسنك :المعجم المفهرس .1/138
( )45ر .البخاري :توحيد .55الترمذي :تفسير سورة هود ،11ابن ماجه :مقدمة 13أحمد بن
حنبل . 12 -4/11ر .ونسنك :المعجم المفهرس .2/72
( )46ر .الدارمي :فضائل القرآن 15ر .ونسنك :المعجم المفهرس 5/349
( )47ر .الدارمي :فضائل القرآن 1ر .ونسنك :المعجم المفهرس 5/481
( )48جاءت أحاديث بهذا المعنى تورد صيغة التفضيل( أعظم) عند الدرامي :فضائل القرآن .5
مسلم 258 :أبي داود حروف ،1وتر . 17 ،15أحمد ابن حنبل 142 .5/58البخاري :تفسير
سورة النفال .2الحجر .3فضائل القرآن 9ر .ونسنك :المعجم المفهرس للفاظ الحديث
4/281
( )49أبو مهدي عيسى بن إسماعيل :الرد على البهلولي182 :
---
( )1/339
تابع الفصل الثاني الباضية والمتشابه
الرد على الفرق الخرى:
قبل أن نورد مختلف الردود الواردة في المصادر الباضية يحسن أن نعرف بمواقف الفرق التي
كثر تردد ذكرها وهي على التوالي المعتزلة ( ، )50الماتريدية ،الشعرية ،أصحاب الحديث،
الحنابلة ،الظاهرية ،الشيعة.
مواقف الفرق الخرى
المعتزلة وخلق القرآن
لقد لخص الشعري جميع أقوال المعتزلة في خلق القرآن وهي كما يلي)51( :
-1يزعمون أن كلم ال جسم ،وأنه مخلوق وأنه ل شيء إل جسم.
2ـ يزعمون أن كلم الخلق عرض وهو حركة لنه ل عرض عندهم إل الحركة ،وأن كلم
الخلق جسم وأن ذلك الجسم صوت متقطع مؤلف مسموع ،وهو فعل ال وخلقه وإنما يفعل النسان
القراءة والقراءة الحركة ،وهي غير القرآن وهذا قول النظام ( )52وأصحابه.
وأحال النظام أن يكون كلم ال في أماكن كثيرة أو في مكانين في وقت واحد وزعم أنه في
المكان الذي خلقه ال فيه.
-3أبو الهذيل ( )53وأصحابه يزعمون أن القرآن مخلوق ل وهو عرض ويوجد في أماكن
كثيرة في وقت واحد إذ تله تال فهو يوجد في تلوته وكذلك إذا كتبه كاتب وجد مع كتابته،
وكذلك إذا حفظه حافظ وجد مع حفظه ،فهو يوجد في الماكن بالتلوة والحفظ والكتابة ول يجوز
عليه النتقال والزوال .وكذلك قوله في كلم الخلق إنه جائز وجوده في أماكن كثيرة في وقت
واحد.
-4قول جعفر بن حرب ( )54وأكثر البغداديين يزعمون أن كلم ال عرض وأنه مخلوق
وأحالوا أن يوجد في مكانين في وقت واحد ،وزعموا أن المكان الذي خلقه ال فيه محال انتقاله
وزواله منه ووجوده في غيره.
( )1/340
-5قول أصحاب معمر ( : )55يزعمون أن القرآن عرض والعراض عندهم قسمان :قسم منها
يفعله الحياء وقسم منها يفعله الموات ومحال أن يكون ما يفعله الموات فعل للحياء والقرآن
مفعول وهو عرض ،ومحال أن يكون ال فعله في الحقيقة لنهم يحيلون أن تكون العراض فعل
ل وزعموا أن القرآن فعل للمكان الذي يسمع منه ،إن سمع من شجرة فهو فعل لها وحيثما سمع
فهو فعل للمحل الذي حل فيه.
6ـ قول السكافي ( )56يزعم أن كلم ال عرض مخلوق ،وأنه يوجد في أماكن كثيرة في وقت
واحد " ()57
فواضح أن المعتزلة وإن اختلفوا اختلفات جزئية فإنهم أجمعوا على أنه مخلوق وفي تقديم
الزمخشري للكشاف أقوى دليل حيث يقول ":الحمد ل الذي أنزل القرآن كلما مؤلفا منظما ونزله
بحسب المصالح منجما وجعله بالتحميد مفتتحا وبالستعاذة مختتما وأوحاه على قسمين :متشابها
ومحكما ،وفصّله وسور ،وسورة آيات ،وميز بينهن بفصول وغايات ،وما هي إل صفات مبتدأ
مبتدع ،وسمات منشإ مخترع ،فسبحان من استأثر بالوليات والقدم ،ووسم كل شيء سواه
بالحدوث عن العدم أنشأه كتابا ساطعا تبيانه قاطعا برهانه وحيا ناطقا ببينات وحجج قرآنا عربيا
غير ذي عوج" (. )58
الماتريدية (: )59
إن كثير من منطلقات الماتريدية انبثقت عن أبي حنيفة وقد نسب له القولن أي بالقدم والخلق (
)60إل أن ابن حنبل نفى عن أبي حنيفة القول بالخلق ( )61فماذا عن موقف أبي منصور؟
إنه يقرر أن ال متكلم وأن له كلما في الحقيقة وإن اختلفت الراء في ماهيته وكنهه بدليل اتفاق
النبياء على ذلك ،وبدليل اتصافه بصفات الكمال والكلم من أوكد الصفات إذ المخلوق ل يجوز
أن يكون أكمل من خالقه.
وأثناء الستدلل من القرآن نفهم أن الماتريدي يقر بالكلم النفسي إل أنه ينكر سماعه وهو بهذا
قريب من المعتزلة القائلين بأن ال خلق الكلم في الشجرة ولم يسمع موسى كلم ال حقيقة ()62
والنظر في الكلم النساني يبين أنه مستويان:
( )1/341
-نفسي :وهو المعنى النفسي الذي يدور بخلد النسان وليس له صوت.
-بالصوت :وهو التعبير اللفظي عن الكلم النفسي.
واعتمادا على هذا الساس اعتبر الماتريدية أن ل كلما نفسيا وهو الصورة العلمية للكلم
واستدلوا على ذلك بنصوص من القرآن والسنة ،وعدوه صفة أزلية قديمة قائمة بالذات كما أثبتوا
له كلما لفظيا أساسه المر والنهي والخبر وعدوه حادثا مخلوقا لن اللفاظ تقتضي بمجرد النطق
بها.
فالماتريدية حينئذ يرون أن معاني القرآن قديمة ثابتة لدى ال تعالى ثم يخلق عليها من الدللت
مثل الكتب السماوية.
الشعرية (: )63
لقد قسم الشعري كلمه إلى قسمين كلم نفسي وكلم لفظي:
أما النفسي فهو قديم أزلي.
وأما اللفظي فيمكن أن يتغير باعتباره ما يسمع وما يكتب.
ويعتبر الشعري أن الكلم صفة ل من صفات الذات ،وما دام صفة فهو قديم ( . )64وينقل
محمد اطفيش عن الشعري ما يلي:
" قال أبو الحسن الشعري إمام الشاعرة :الكلم صفة واحدة قائمة بذات ال تعالى ومع كونه
واحدا هو توراة وزبور وإنجيل وقرآن وأمر ونهي وخبر واستخبار وهو زائد على الذات")65( .
يقول الرازي ":وأما الشعري وأتباعه فإنهم زعموا أن كلم ال تعالى صفة قديمة يعبر عنها بهذه
الحروف والصوات " (. )66
وجاء في كتاب نهاية القدام ":فكانت السلف على إثبات القدم والزلية لهذه الكلمات دون التعرض
لصفة أخرى وراءها ،وكانت المعتزلة على إثبات الحدوث والخلقية لهذه الحروف والصوات
دون التعرض لمر وراءها فأبدع الشعري قول ثالثا وقضى بحدوث الحروف وهو خرق
الجماع وحكم بأن ما نقرأه كلم ال مجازا ل حقيقة وهو عين البتداع فهل قد ورد السمع بأن ما
نقرأه ونكتبه كلم ال تعالى دون أن يتعرض لكيفيته وحقيقته كما ورد السمع بإثبات كثير من
الصفات من الوجه واليدين إلى غير ذلك من الصفات الخبرية" )67( .
( )1/342
فالمدرسة الشعرية تتفق مع الماتريدية في إقرار الكلم النفسي واللفظي لكنهما تختلفان في جواز
سماع الكلم النفسي فإن كان الماتريدية ينكرون سماعه فإن الشعرية يقرون إمكان سماعه بناء
على أن السماع يتعلق بكل موجود قياسا على الرؤية فإن كل موجود يصح أن يرى فالكلم
النفسي موجود فيجوز عندئذ سماعه.
أصحاب الحديث وأهل السنة:
" ويقولون (أصحاب الحديث وأهل السنة) إن القرآن كلم ال غير مخلوق والكلم في الوقف
واللفظ ،من قال باللفظ أو الوقف فهو مبتدع عندهم ل يقال :اللفظ بالقرآن مخلوق ول يقال غير
مخلوق" (. )68
وأما السلف فقالوا ":لم يزل ال متكلما إن شاء وإن الكلم صفة كمال ومن تكلم أكمل ممن ل
يتكلم ،كما إن من يعلم ويقدر أكمل ممن ل يعلم ول يقدر ومن يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن
يكون الكلم لزما لذاته وليس له عليه قدرة ول فيه مشيئة والكمال إنما يكون بالصفات القائمة
بالموصوف ل بالمور المباينة له ول يكون الموصوف متكلما عالما قادرا إل بما يقوم به الكلم
والعلم والقدرة وإذا كان ذلك فمن لم يزل موصوفا بصفات الكمال أكمل ممن حدثت له بعد أن لم
يكن متصفا بها لو كان حدوثها ممكنا فكيف إ كان ممتنعا؟ فتبين أن الرب لم يزل ول يزال
موصوفا بصفات الكمال منعوتا نعوت الجلل ومن أجلها الكلم ،فلم يزل متكلما إذا شاء ول يزال
كذلك وهو يتكلم إذا شاء بالعربية كما تكلم بالقرآن العربي وما تكلم ال به فهو قائم به ليس مخلوقا
منفصل عنه فل تكون الحروف التي هي مباني أسماء ال الحسنى وكتبه المنزلة مخلوقة لن ال
تكلم بها" (. )69
الحنابلة :
" قال أحمد بن حنبل لرجل :ألست مخلوقا؟ قال بلى ،قال أليس كلمك منك؟ قال بلى .قال أليس
كلمك مخلوقا؟ قال :بلى فال تعالى غير مخلوق وكلمه منه ليس بمخلوق" (. )70
( )1/343
وقالت الحنابلة ومنهم ابن تيمية :كلمه تعالى حروف وأصوات تقوم بذاته تعالى وإنه قديم وقد
بالغوا في قدمه حتى زعم بعضهم أن الجلد والغلف قديمان فكيف بالمصحف (. )71
وما بالهم قال ال ّدوّاني ( )72لم يقولوا بقدم
( )1/344
( )1/345
أما الشيعة المامية والجعفرية والزيدية فيقولون بخلق كلم ال أي بخلق القرآن وقد أورد محمد
علي ناصر تحليل للقضية في كتاب أصول الدين السلمي ( )76ورد على الشاعرة في قولهم
بالقدم وبالكلم النفسي وهاك خاتمة تحليله:
" ومجمل القول إنه تعالى متكلم بمعنى موجد الكلم وإن كلمه سواء كان بمعناه المصدري أو
اسما لنفس الصوات المشتملة على الحروف دالة على معنى صفات الفعل كالخالق والرازق من
صفاته وما إلى ذلك وهو حادث والقول بقدمه مع قيامه بذات ال قياما حلوليا قول بتعدد القدماء
وهو باطل فإذا كان القول بحدوثه يوجب الكفر كما ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف
فالقول بقدمه أولى بإيجاب الكفر لنه قول بتعدد القدماء وذلك يوجب الكفر بإجماع المسلمين فلماذا
يكفر القائل بخلق القرآن وحدوثه ول يكفر من قال بقدمه مع استلزامه تعدد القدماء؟ (." )77
فالشيعة حينئذ يقولون بخلق القرآن ويرفضون الكلم النفسي.
من خلل هذا العرض لراء بعض الفرق السلمية في هذه القضية نتبين التباين الشاسع في ما
بينها ومرد ذلك إلى اختلف منطلقات هذه المدارس فهذه تغلب العقل والخرى تغلب النقل،
والثالثة تريد أن توفق بين المرين.
ومما يزيد القضية تعقيدا أنه ل وجود لنص صريح في القرآن والسنة ( )78يفصل بين
المتناظرين عدا ما جاء في القرآن مما اعتبر متشابها فتجاذبته المدارس كل نحو نزعتها.
وكل هذه التحاليل لها صلة متينة بموقف هذه الفرق من صفات الذات وصفات الفعل فماذا عن هذا
الجدل حول اليات المتعلقة بالموضوع وكيف جاءت ردود الباضية على القائلين بخلق القرآن؟
======================================
( )50ذكرنا المعتزلة لضبط الفويرقات بين علمائها في هذا الشأن وإن كانت تتفق في المبدأ مع
الباضية.
( )1/346
( )51اخترنا هذا التلخيص لشموله ،والشعري ملم بأقوال المعتزلة إل أنه قد رفضها ولذلك
اعتبرها زعما .وقد ذكر بعضا منها امحمد اطفيش :شرح الدعائم 1/233وذلك لتدعيم موقفه .ر.
القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة .562 -527 :تجد إشارات إلى فويرقات بين علماء
المعتزلة إل أته ألح على بسط الحجج على خلق القرآن ورد القول بالقدم.
( )52النظام (ت )231/845ر .الزركلي :العلم 1/36
( )53أبو الهذيل محمد بن الهذيل العلف البصري (. )850 -753 /235 -135ر .الزركلي:
العلم 7/355
( )54جعفر بن حرب( )850 -236/793 -177ر .الزركلي :العلم 117 -2/116
( )55معمر بن عباد السلمي( ،)215/830كان أعظم القدرية غلوا .ر .الزركلي :العلم 8/190
( )56السكافي( محمد بن عبدال ) . )854 /240ر .الزركلي :العلم 7/92
( )57أبو الحسن الشعري :المقالت 269 -1/267
( )58الزمخشري :الكشاف 8 -1/1
( )59ر .بلقاسم بن حسن :آراء الماتريدي الكلمية 231 -219 :في الطروحة تحليل واضح
للقضية .
( )60ر .أبو حنيفة :الفقه الكبر .شرح أبي المنتهى ط .مجلس المعارف النظامية في الهند.
حيدر أباد 1321هـ .109 :يقول إن القرآن كلم ال تعالى ،في المصاحف مكتوب ،وفي القلوب
محفوظ ،وعلى اللسن مقروء ،منزل ،وقراءتنا له مخلوقة ،والقرآن غير مخلوق(.وعلى النبي
( )61الخطيب البغدادي :تاريخ بغدادي .388/ 13يرى أن أبا حنيفة قال بخلق القرآن
( )62أحمد بن حنبل :الرد على الجهمية والزنادقة القاهرة 16 :1956
( )63ر .أبو الحسن الشعري :البانة ط 1دمشق بيروت 84 -51 :
( )64الفاضل ابن عاشور :محاضرات بكلية الشريعة بتونس سنة .1966 -1965خ بمكتبتي.
( )65امحمد اطفيش :شرح الدعئم 1/231
( )66الفخر الرازي :التفسير الكبير 27/187
( )67الشهرستاني :نهاية القدام314 -313 :
( )68أبو الحسن الشعري :المقالت 1/346
( )69ابن تميمة :مجموعة الفتاوى12/52 :
( )70ابن تميمة :مجموعة الفتاوى12/64 :
( )1/347
( )71يقول ابن حجر ":وقد نسب إليه (ابن حنبل) ما لم يقل من قدم الصوت والحروف والمداد .
أما السالمية فقد اعتقدت أن الحرف والصوت قديمان.فتح الباري بشرح صحيح البخاري .القاهرة
1348هـ 422 -13/421ر.أبو عمار الكافي :الموجز 1/147والقول قد أورده المحقق ،عمار
الطالبي في المقدمات.
( )72الدواني( )1512 -1427 /918 -830محمد بن اسعد قاض باحث يعد من الفلسفة .ر.
الزركلي :العلم 6/257
( )73ر .سعيد ين تعاريت :المسلك المحمود 148 :ر .عبد ال السالمي :المشارق244 :
( )74الفخر الرازي :التفسير الكبير 188 -27/187
( )75ابن حزم :المحلى32 -1/31 :
( )76ر .محمد علي ناصر الجعفري :كتاب أصول الدين154 -137 :
( )77نفس المصدر154 -153 :
( )78لقد ذكرنا أن أباضية أوردنا حديثا يذكر الخلق لكنه غير متفق عليه ،وإن ورد في بعض
الصحاح والمساند.
---
( )1/348
( )1/349
ومعلوم أن الكلم إذا حمل على ظاهره يلزم التحديد المحض في قوله تعالى ( فلما أتاها نودي من
شاطئ الوادي اليمن في البقعة المباركة من الشجرة)( 28القصص )82( ." )30
ويأتي محمد اطفيش فيقر نفس الموقف إل أنه يزيده تحليل مع ذكر بعض الستشهادات ()83
فالساس عند الباضية في فهم هذه الية يتمثل في أن ال تعالى ل يمكن أن يكلم موسى إل
بواسطة إذ الكلم المباشر يفرض التحيز وهذا محال في حق ال تعالى ،فال خلق الكلم في
الشجرة أو عن طريق ملك ،والباضية في النهاية يرجعون إلى تفويض المر ل تعالى وفي ذلك
يقول أحمد الشماخي ":والحق أن سماع موسى عليه السلم كسماع الملئكة ،كيف شاء ال أن
يسمع")84( .
وما احتج به القائلون بالكلم المباشر من التأكيد اعتبر تأكيدا للفعل ل للفاعل لن تأكيد الفاعل ل
يكون إل بعين أو نفس كأن تقول " كلم ال نفسه موسى تكليما" .ومسلك التأويل واضح في هذا
الرأي وذلك ليتماشى مع تنزيه ال تعالى)85( .
-وقوله تعالى ( :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال) ( 9التوبة :)6
أورد الرازي اعتماد المعتزلة على هذه الية للستدلل على أن كلم ال محدث وقول من ساهم
الحشوية والحمقى من الناس الذين يثبتون قدم الحروف والصوات ثم ناقش قول ابن فورك من
الشافعية القائل :إذا سمعنا هذه الحروف والصوات فقد سمعنا كلم ال تعالى مبينا إنكار الشافعية
له ،ثم رد على المعتزلة مبينا أن ما خلقه ال من أصوات انقضى وما نسمعه من حروف
وأصوات إنما هي من فعل النسان.
ثم أورد قول الجبائي الذي رفضه المعتزلة وهو كلم ال شيء مغاير للحروف والصوات وهو
باق مع قراءة كل قارئ (. )86
أما السدويكشي فقال ":وأما قوله ( :فأجره حتى يسمع كلم ال) وقوله ( وكلم ال موسى تكليما) (
4النساء .)164
( )1/350
فإن قلتم إن الكلم هو الذي أدرك السمع وصار السمع مفعول وصار الكلم فاعل فقد كذبتم
القرآن واللسان الذي جاءت به هذه الشريعة لقوله تعالى ( :يسمع كلم ال) فالكلم مفعول به
والسمع فاعل لن الكلم مسموع والسمع سامع لنه هو الذي يسمع الكلم ويدركه ومستحيل أن
يكون ما يدرك ليس بمخلوق ومفعول به وهذا ظاهر عند جميع العقلء ممن يعرف اللسان الذي
هو معيار هذا الشرع ،عصمنا ال من أن يشبه علينا فنتبع أهواءنا بغير هدى منه.
وقالوا لهم أيضا إن السمع هو الذي بلغ الكلم وأدركه فمعلوم بالضرورة أن السمع مخلوق،
ومعلوم بالضرورة أن المخلوق ل يدركه إل المخلوق مثله مما ل يدفعه أحد في هذا المعنى" ()87
.
ولم نعثر للمصعبي ول للمحشي على تحليل على تحليل لهذه الية ( )88فيوسف المصعبي لم
يتعرض ولو بالشارة لهذه القضية عند تفسيره للية ،وكما أنه لم يتعرض لها في حاشيته على
كتاب أصول تبغورين )89( .
فالمهم حينئذ أن عبدال السدويكشي عبر عن موقف الباضية وانطلق في تبريره لفكرة الخلق من
منطلق لغوي بحت فبما أن الكلم وقع عليه الفعل فهو مخلوق لن هذا من شأن المخلوق ولن
القديم ل يمكن أن يقع عليه الفعل.
-وقوله تعالى ( :إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) ( 16النحل :)40
لم نعثر على تفسير متكامل لهذه الية في مصادر المرحلة المقررة ( )90لذلك استعنا بما ورد
فيها عند محمد اطفيش لنه ألم بها إلماما شامل وهذا نص كلمه ":قيل كيف يكون القرآن حادثا
مخلوقا وفيه الكلمة الزلية التي بها خلق الخلق ،فلو كان " كن" مخلوقا يخلق به غيره لحتاج إلى
قول آخر يخلق به كن فيتسلسل وإن قال بالنقطاع بل تسلسل فمن أول المر بغير لفظ كن.
قلنا ":معنى توجه الرادة الزلية إلى إيجاد شيء لوانه ول لفظ هناك.
( )1/351
ثم إذا صار القائل إلى ذلك فالحتجاج باسم ال إذ ذكر في القرآن أولي فيقول كيف يذكر ال وهو
قديم في القرآن وهو حادث مخلوق فما الفرق إل قديم؟
قلنا :ذكر الشيء غير نفس الشيء وأيضا ،فلم يذكر في القرآن وهو موجود ما مضى وما سيكون
وهذا الحتجاج كاللعب.
ومن العجيب أنه ل يصح الخطاب إل لموجود والمعدوم ل يخاطب فكيف يخاطب ال المعدوم
بكن ،كيف يخاطب مال يفهم لنه معدوم ،وخطاب المعدوم عبث عند جميع أهل العقول.
فمعنى كن اليجاد بسرعة بل توقف على شيء فكن قول فعل ل قول خطاب ،وكيف يقول عاقل
إن ال ل يخلق شيئا إل بعد أن يستعين عليه بقول كن وال ل يعجز ول تلحقه مشقة")91( .
ويرد الباضية على من اعتبر كلمة " الحق" بمعنى كن في قوله تعالى ( :ما خلقنا السماوات
والرض وما بينهما إل بالحق وأجل مسمى) ( 46الحقاف )3وقوله ( :ما خلقناهما إل بالحق) (
44الدخان )39وقوله ( :وخلق ال السماوات والرض بالحق) ( 29العنكبوت ،)44بأن معنى
الحق بالصواب والحكمة ل بالباطل والعبث بل لظهار القدرة والتكليف وأما كن فتمثيل لسرعة
وقوع ما توجهت إرادته تعالى إلى خلقه ل ببطء ول تكلف (. )92
ويرد الرازي على من اعتبروا هذه الية دليل على قدم القرآن بما يلي:
-1إذا ل تفيد التكرار ،وإذا كان كذلك ثبت أنه ل يلزم في كل ما يحدثه ال تعالى أن يقول له كن
فلم يلزم التسلسل.
-2هذا القول يلزم أن تكون "كن" قديمة وهذا باطل لنها مركبة.
-3إن الرجل إذا قال إن فلنا ل يقدم على قول ول على فعل إل ويستعين فيه بال تعالى فإن
عاقل ل يقول إن استعانته بال فعل من أفعاله فيلزم أن تكون كل استعانة مسبوقة باستعانة أخرى
إلى غير النهاية لن هذا الكلم بحسب العرف باطل فكذلك ما قالوه.
-4إن هذه الية مشعرة بحدوث الكلم من وجود:
( )1/352
أ -أن قول ال تعالى (:إنما قولنا لشيء إذا أردناه) يقتضي كون القول واقعا بالرادة وما كان
كذلك فهو محدث.
ب -أنه علق القول بكلمة إذا ول شك أن لفظه " إذا" تدخل للستقبال.
ج -أن قوله (:أن نقول له) ل خلف أن ذلك ينبئ عن الستقبال.
د -أن قوله (:كن فيكون) يدل على أن حدوث الكون حاصل عقب قول " كن" فتكون كلمة " كن"
متقدمة على حدوث الكون بزمان واحد والمتقدم على المحدث بزمان واحد يجب أن يكون محدثا.
هـ -أنه معارض بقوله تعالى ( :وكان أمر ال مفعول) ( 4النساء 33 -47الحزاب ( )37وكان
أمر ال قدرا مقدورا) ( 33الحزاب ( )38ال نزل أحسن الحديث) ( 39الزمر ( )23فليأتوا
بحديث مثله) ( 52الطور ( )34ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) ( 46الحقاف .)12
فإن قيل :فهب أن الية ل تدل على قدم الكلم ولكنكم ذكرتم أنها تدل على حدوث الكلم فما
الجواب؟
قلنا :نصرف هذه الدلئل إلى الكلم المسموع الذي هو مركب من الحروف والصوات ونحن
نقول بكونه محدثا مخلوقا وال أعلم (." )93
إن المتأمل في ما جاء به محمد اطفيش من حجج وما استعنا به من قول الرازي الذي يوافق قول
الباضية بأن الية تدل على الحدوث وإن كان يقصر ذلك الكلم المسموع يتبين لمَ ل ْم يقف علماء
هذه المرحلة عند هذه الية في هذا السياق من الحتجاج فهي تأتي في درجة ثانية للستدلل
بالنسبة إلى اليات التي ذكر فيها الكلم صراحة.
وقد حرص محمد اطفيش على توضيح موقف الباضية في هذا الشأن وميز بين ما سماه قول
الفعل وقول الخطاب فكن حينئذ هي قول فعل ل يحتاج معها إلى الستعانة بقول خطاب.
-قوله تعالى ( :وما كان لبشر أن يكلمه ال إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي
بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم) ( 42الشورى .)51
ينقل يوسف المصعبي في شأن هذه الية ما يلي:
( )1/353
" وقد تعرض في شرح النونية ( )94لتفسير هذه الية أعني قوله تعالى (:وما كان لبشر)...
وحاصل ما يؤخذ منه تقل عن بعض أهل التفسير أن الوحي على وجهين وهما :إلهام ،ووحي
أرسال ،والثاني فيه قسمان لنه ربما ظهر جبريل عليه السلم للرسول ،وربما أسمع جبريل
الرسول الوحي من غير أن يرى صورته وتنزيل الية على هذه القسام الثلثة وإن كان خلف
الظاهر ،لكن يجب ارتكابه لما في الحمل على الظاهر من المحذور" (. )95
وإن لم تقف المصادر الباضية في المرحلة المقررة طويل عند هذه الية التي اعتمدها القائلون
بالقدم ( )96فإن ما نقله يوسف المصعبي عن اسماعيل الجيطالي يدل دللة واضحة على رفض
الباضية كل ما من شأنه أن يوحي بالتجسيم ولذلك عمدوا إلى التأويل مع إحساسهم أنه خلف
الظاهر.
================================
( )79الفخر الرازي :التفسير الكبير . 11/109ر .ابن كثير :تفسير القرآن العظيم ،تحقيق
وتصحيح لجنة من العلماء دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ط 2بيروت -1389/1970
.456 -2/454وعن ابن كثير ( )774/1373ر .الزركلي :العلم 1/317ونفى قراءة نسبها
إلى المعتزلة تنصب اسم الجللة وعارضها بشدة .ر .الزمخشري :الكشاف 583 -1/582
( )80يوسف المصعبيك حاشية على تفسير الجللين ورقة 185قفا ويذكر أنه بسط الكلم في ما
كتبه في العقائد ويشير إلى حاشيته على أصول تبغورين97 :
( )81عبدال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات19:
( )82عبدال السدويكشي :حاشية على كتاب الديانات19:
( )83ر .امحمد اطفيش :تيسير التفسير ط .470 - 21/469
( )84أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي.16 :ر .عبدال السدويكشي :رسالة في خلق
القرآن5 :
( )1/354
( )85لمك تقع الشارة في المصادر الباضية إلى تأويل الية بمعنى :جرح ال موسى بأظافر
المحن ومخالب الفتن على أساس أن تكون كلم بمعنى جرح .ر .الزمخشري :الكشاف -1/582
583وقد رد الزمخشري هذا التأويل وتابعه في ذلك الشارح ونوه بذلك بقوله " :وصدق
الزمخشري وأنصف إنه لمن بدع التفاسير التي ينبو عنها الفهم ول يبين بها إل الوهم" .583
( )86الفخر الرازي :التفسير الكبير . 228 -15/227ر .ابن كثير :تفسير القرآن العظيم 3/366
.ر .الزمخشري 175 /2لم يشر إلى قضية خلق القرآن في هذا الموضع.
( )87عبدال السدويكشي :رسالة في خلق القرآن.5 :ر القاضي عبد الجبار الصول الخمسة:
551اعتبر الية دالة على الكلم محدث.
( )88ر .يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 260وجه
( )89ر .يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين100 -90 :
( )90ر .يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 241وجه وبداية القفا .لم يهتم بهذه
القضية بل اعتنى بموضوع القدرة على البعث.
( )91امحمد اطفيش :شرح الدعائم 1/237
( )92ر .امحمد اطفيش :شرح الدعائم 1/241
( )93الفخر الرازي :التفسير الكبير . 33 -20/32ر .ابن كثير :تفسير القرآن العظيم ،4/195لم
يتعرض للقضية .ر .الزمخشري :الكشاف ،2/410أشار خاصة إلى سهولة الخلق والبعث على
ال .ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة 560 :بين أن "كن" مركبة وهذا دليل على
الحدوث ،كما بين أن الية تواكب القول بالخلق لورود" أن" قبل "ك(النحل )40ودخولها على
المضارع يفيد الستقبال( أن تقول له كن فيكون(ن" وذلك يقتضي الحدوث .ر .أيضا561 :
( )94يقصد إسماعيل الجيطالي.
( )95يوسف المصعبي :حاشية على أصول تبغورين97 :
( )1/355
( )96وقد ميز الرازي بين الشعري والماتريدية في هذا الشأن فالشعرية يعتبرون أن املك
والرسول يسمعان ذلك الكلم المنزه عن الحرف والصوت من وراء حجاب بينما يبين أبو منصور
الماتريدي أن الصفة القديمة يمتنع أن تسمع والمسموع هو أصوات وحروف يخلقها ال في
الشجرة.
ويورد الرازي أيضا حجج المعتزلة ويوجهها كلها إلى الكلم اللفظي دون الكلم النفسي .ر.
الفخر الرازي :التفسير الكبير 27/188ر .الزمخشري :الكشاف 3/476ومفاد ما جاء عنده أل
السبيل إلى الكلم المباشر.
---
( )1/356
( )1/357
لقد اعتمد يوسف المصعبي قول الزمخشري في تفسير هذه الية فنقله حرفيا ونصه كما
يلي...":والعجب من زعمهم أن القرآن قديم مع اعترافهم بأنه معجز وإنما يكون المعجز حيث
تكون القدرة فيقال :ال قادر على خلق الجسام والعباد عاجزون عنه ،وأما المحال الذي ل مجال
فيه للقدرة ول مدخل لها فيه كتأتي القديم فل يقال للفاعل قد عجز عنه ول هو معجز ولو قيل ذلك
لجاز وصف ال بالعجز لنه ل يوصف بالقدرة على المحال إل أن يكابروا فيقولون هو قادر على
المحال ،فإن رأس مالهم المكابرة وقلب الحقائق" (. )98
ثم جاء محمد اطفيش في ما بعد فقرر في شأن هذه الية ما يلي ":واستدلوا بهذه الية على قدم
القرآن بدليل أنهم ل يأتون بمثله لكونه صفة ذات ول قدرة لحد على خلقها وليست مما يحدث
فهو كقوله تعالى ( :لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا) ( 21النبياء )22فإنه ل يمكن تعدد الله.
قلت :الية في العجاز بالفصاحة والبلغة والخبار بالغيوب وغير ذلك مما يرجع إلى اللفاظ
ومعانيها ،وما يتعلق بالقرآن من جنس الكلم المخلوق إل أنه لم يخلق ال كلما مثله ول أقدر
أحدا على النطق بمثله فليس من باب نفي تعدد الله" (. )99
فالمصعبي حينئذ وجد عند الزمخشري أحسن مستند فتبنى موقفه الذي يقوم على استنتاج منطقي
أساسه أن التعجيز ل يمكن أن يتعلق بالقديم أما محمد اطفيش فبين أن موضوع الية بلغي
بحت.
-قوله تعالى ( :الرحمن علم القرآن خلق النسان) ( 55الرحمن )2-1
لم نجد في ما اطلعنا عليه من مصادر المرحلة المقررة تحليل للية لذلك نعتمد ما جاء عند محمد
اطفيش في ما بعد وهو يقول ":استدلوا بها( حيث قالوا) فأخبر بتعليم القرآن وبخلق النسان ولول
أن القرآن قديم لقال خلق القرآن والنسان.
( )1/358
قلنا :ل أن يخبر بما يشاء أخبر هنا بتعليم القرآن امتنانا وذكرا للنعمة ،وكذلك قال ( :ذلك أمر ال
أنزله إليكم) ( 65الطلق )5ولم يقل خلقه .قلنا :ل يلزم أل يكون مخلوقا كل ما يذكره بالخلق
وإنما أراد أنه أنزل إليكم معاني القرآن بألفاظ القرآن وذاته وصفته ل تنزل وكذا ( إذا قضينا إلى
موسى المر) ( 28القصص )44ل يلزم أن يكون مخلوقا لما قال قضينا ولم يقل خلقنا وله أن
يذكر المخلوق بما شاء من خلق ومن غير خلق" (. )100
يتبين أن محمد اطفيش اعتبر أن صيغة علم القرآن ل تكفي للدللة على القدم لنها وردت هنا
بمعنى المتنان وذكر النعمة وسلك مسلكا مقارنا مع آية أخرى ليوضح أنه ل يلزم أل يكون
مخلوقا كل ما لم يذكره بالخلق.
-قول ال تعالى( :أل له الخلق والمر) ( 7العراف )54
يستدل القائلون بالقدم بالية كما يلي:
" قال الخلق والمر ثابتان جميعا له وعزل الخلق عن المر ،فالخلق كله غير المر والمر
القرآن وهو خارج عن الخلق ...ولو كان الخلق شامل لكلمه لقال( أل له الخلق) ولم يذكر المر
قال ال تعالى ( :ذلك أمر ال أنزله إليكم) ( 65الطلق . )101( " )5
ويجيب القائلون بالخلق:
قلنا :المر القضاء والتصرف في الكائنات وتصرفه فعل منه خلق ومنه إفناء والقرآن داخل في
الخلق أو المر .القرآن داخل في الخلق وخصه بالذكر لمزيته.
وقد قال تعالى ( :وكان أمر ال قدرا مقدورا) ( 33الحزاب )38فهل هذا المر القرآن أيضا فإن
كان فقد جعله مقدورا فهو مخلوق وإن جعله غير القرآن فلماذا يجعل تارة المر القرآن وتارة
غير القرآن تحكما بل مرجح لتفسيره بالقرآن في قوله تعالى ( :أل له الخلق والمر) " (. )102
فاتضح حينئذ أن استدلل الباضية مستوحى من التحليل العتزالي إذ بين أن الخلق داخل في
المر وإنما خص بالذكر لمزيته.
( )1/359
-قوله تعالى ( :ما نفدت كلمات ال) ( 31لقمان )27وقوله أيضا عن عيسى عليه السلم
( وكلمته ألقاها إلى مريم) ( 4النساء : )171
أليس القرآن قسما من الكلمات والكلمات قديمة ويرد محمد اطفيش باعتبار الكلمات بمعنى العلم (
)103وباعتبار أن كلمة بالنسبة إلى عيسى تعني وجد بقوله "كن" أي بتوجيه الرادة اللهية إلى
وجوده ويورد مناظرة بين مسلم ونصراني أفضت إلى استحالة اعتبار الكلمة قديمة لن ذلك
يفضي إلى أن ال تعالى يتجزأ وذاك محال ،والدليل قوله تعالى ( وسخر لكم ما في السماوات وما
في الرض جميعا منه) ( 45الجاثية )13حيث تفيد منه من خلقه ( . )104وهذا ما أقره الرازي
( )105والزمخشري ( )106إذ اعتبرا أن الكلمة بمعنى المر أي إيجاد عيسى من غير واسطة
أب ول نطفة.
وما أوردت هذا التحليل إل لتمام المعنى لن مصادر المرحلة المقررة لم تقف عند هذه المعاني
في ما اطلعنا عليه ولعلها أشارت إلى ذلك في ما لم يقع بين أيدينا من المصادر .والمدار على أن
ما ذكرناه يتماشى واعتماد التأويل والباضية موقفهم صريح في هذا الشأن كما بينا ذلك في ما
سبق.
وقبل أن نصل إلى مرحلة الستنتاج يحسن أن نقف عند قضيتين الولى :ما عبر عنه بالعلقة بين
الحكاية والمحكي .والثانية ما عبر عنه بالكلم النفسي.
===============================================
( )97أحمد الشماخي :الرد على صولة الغدامسي. 17-16 :ر.امحمد اطفيش :تيسير التفسير ط
،62/61لم يتعرض لهذه القضية أما عن حاشية يوسف المصعبي على الجللين فلم نتمكن من
الحصول على القسم الذي جاءت به هذه السورة.
( )98يوسف المصعبي :حاشية على تفسير الجللين ورقة 360قفا .ر .الزمخشري :الكشاف
2/465
( )99امحمد اطفيش :شرح الدعائم 243 -1/242
( )100امحمد اطفيش :شرح الدعائم 243 -1/242
( )1/360
( )101امحمد اطفيش :شرح الدعائم .243 -1/242ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة
ص 545بين أن التعليم ل يتصور إل في المحدثات.
( )102امحمد اطفيش :شرح الدعائم . 1/245ر .القاضي عبد الجبار :الصول الخمسة 544 :
وقد ألح على قيمة الفصل وبين أنه ل يدل على اختلف الجنسين بل يفيد التفضيل.
( )103ر .امحمد اطفيش :شرح الدعائم 1/243
( )104ر .امحمد اطفيش:تيسر التفسير ط 477 -22/476
( )105ر .الفخر الرازي :التفسير الكبير 11/115و 8/38
( )106ر .الزمخشري :الكشاف 1/284
---
( )1/361
( )1/362
وإن كان القرآن هو المحكي القائم بذاته تعالى وهو لم ينزل فقد ظاهوا بقولهم هذا قول من قال
( ما أنزل ال على بشر من شيء) ( 6النعام )91وهذا مخالف للجماع...
وأيضا لو كانت الحكاية غير المحكي لكان النبي قد أتى بخلف ما أتى به جبريل وما أتى جبريل
خلف ما نقله عن مكائيل ،وما أتى به مكائيل خلف ما نقله إسرافيل ،فيكون كل واحد منهم أتى
بخلف ما أتى به غيره وإل فكيف يجوز في الشيء مال يجوز في مثله ،وهل هذا إل تجاهل.
وأيضا لو لم يكن هو القرآن وكان عبارة وحكاية لما صح التحدي والعجاز بسورة منه ولجاز أن
يعارض بعبارة مثل تلك العبارة لنه كما جاز لمن أتى به التعبير عنه والحكاية يجوز لغيره
الناكرين لما أتى به أن يعارضوه بعبارة وحكاية مثله ،لكنهم استيقنوا أن تتساقط مقدرتهم دونهم
ولم تظهر معجزتهم على أن يأتوا بمثله ولم يبلغ من الجزالة وحسن النظم المبالغ التي بدت بلغة
لكل ناطق وشقت غبار كل سابق ولم يتجاوز الحد الخارج من قوى الفصحاء ولم يقع وراء
مطامع أعين البصراء إل أنه ليس بكلم البشر وأنه كلم خالق القوى والقدر فهؤلء المقرون
منهم اعتقدوا أنه كلم ال ولم يرتكبوا هذا التأويل الفاسد لما تكرر ذكره في القرآن في أربعة
وخمسين موضعا على ما ذكر ابن عطية تأويل ما ذكر ليس بسديد والتأويل ل يصار إليه إل إذا
وجدوا ما يمنع الظواهر ويحيلها.
وأيضا هذه العبارة هل هي القرآن أم غيره؟
فإن قلتم إنها ليست بالقرآن فهل هي قديمة أم محدثة؟ فإن قلتم إنها قديمة فقد أثبتم القدم لغير
القرآن الذي قلتم إنه كلم ال وإنه قديم أزلي.
وإن قلتم هي القرآن وإنها قديمة فقد رددتم على الية والدلة التي دلت على حدوثها وهي التي
تقدم ذكرها.
وإن قلتم إنها هي القرآن وإنها محدثة فقد أقررتم بما أنكرتم أول ورجعتم إلى الحق والصواب" (
. )109
( )1/363