You are on page 1of 2

‫المحور الرابع‪ :‬الرغبة والسعادة‬

‫* إشكال المحور‪ :‬هل السعادة إشباع للرغبات أم تحرر منها؟ وأي الرغبات من‬
‫شأنه أن يحقق للنسان السعادة؟‬

‫* تحليل نص سينيكا ‪ : Sénèque‬السعادة هي التحرر من سلطة الرغبات‬


‫‪ +‬النص‪:‬‬
‫" إننا نسمي النسان سعيدا إذا كان مدركا للحقيقة ومتحررا من سيطرة الرغبات‬
‫والحاسيس واللم والخوف‪ ،‬وإل سيكون كالبهيمة مع فرق واحد وهو أن البهائم‬
‫تفتقر إلى العقل‪ ،‬في حين أنه هو يسيء استعمال عقله‪ .‬فل أحد يمكن أن يدعي‬
‫أنه سعيد إذا كان جاهل الحقيقة وخصوصا حقيقة ذاته؛ ذلك أن أساس الحياة‬
‫السعيدة هو الستقامة وسلمة الحكم‪ .‬فمن هو النسان المالك لزمام ذاته الذي‬
‫يقبل أن يبقى تحت سيطرة أحاسيس الجسد؟ لن تكون النفس إل أكثر تعاسة إذا‬
‫أصرت على السعي وراء اللذة المادية‪ ،‬كما لن نكون سعداء من دون العقل‬
‫السليم؛ فإذا ما بالغنا في التفكير في المستقبل وبناء المال يكون ذلك مصدر‬
‫آلم‪ .‬فنكون سعداء إذا قبلنا بحاضرنا مهما كان وإذا أحببنا ما نحن عليه؛ ونكون‬
‫سعداء أخيرا عندما نترك للعقل مهمة تدبير جميع ما يتعلق بوجودنا "‪.‬‬

‫[‪]size=10px‬سينيكا‪ ،‬الحياة السعيدة‪ ،‬الفصل الخامس‪،‬عن الوافي في‬


‫الفلسفة‪ ،‬دارالفكر اللبناني‪ ،2000 ،‬ص‪]size/[ 431.‬‬

‫‪ +‬مؤلف النص‪:‬‬
‫سينيكا هو فيلسوف روماني عاش في القرن الول الميلدي‪ .‬من مؤلفاته‬
‫"المسائل الطبيعية"‪" ،‬في قصر الحياة"‪ .‬ويعرض لنا سينيكا في هذا النص تصور‬
‫المدرسة الرواقية للسعادة‪ .‬وقد سميت بالرواقية نسبة إلى رواق بأثينا اتخذه‬
‫زينون مقرا له‪ ،‬فدعي أصحابه بالرواقيين الذين سموهم فلسفة السلم بأصحاب‬
‫المظلة وأصحاب السطوان‪ .‬والرواقية هي فلسفة أخلقية تنشد السلم الروحي‬
‫وتتوسل إلى ذلك بالفضيلة‪.‬‬
‫‪ -1‬إشكال النص‪:‬‬
‫أين تتمثل السعادة؟ وأي الرغبات ينبغي السعي وراءها لتحقيق السعادة؟‬
‫‪ -2‬أطروحة النص‪:‬‬
‫تتمثل السعادة حسب سينيكا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التحرر من سيطرة الرغبات والحاسيس الغريزية الحيوانية‪.‬‬
‫‪ -‬الستعمال السليم للعقل‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة حقيقة الذات النسانية‪.‬‬
‫‪ -‬الستقامة ونهج السلوك الخلقي الفاضل‪.‬‬
‫‪ -‬سلمة الحكم؛ أي إصدار قرارات عقلية صحيحة حول الشياء يكون مصدرها هو‬
‫العقل السليم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم المبالغة في التفكير في المستقبل‪ ،‬والقناعة بما تحقق في الحاضر‪.‬‬
‫‪ -‬تدبير المور بواسطة العقل‪.‬‬
‫← فالسعادة إذن هي تعقل للرغبات وتحرر من سيطرتها وسلطتها عن طريق‬
‫الستعمال السليم للعقل‪.‬‬
‫‪ -3‬البنية المفاهيمية‪:‬‬
‫[ الرغبة‪ ،‬السعادة‪ ،‬التعاسة‪ ،‬العقل‪ ،‬الحقيقة‪ ،‬اللذات المادية‪ ،‬الستقامة‪،‬‬
‫المستقبل ]‬
‫* السعادة ↔ الرغبة ‪ :‬تكمن السعادة في التحرر من الرغبات والسيطرة عليها‪.‬‬
‫* السعادة ↔ العقل ‪ :‬إن حسن استعمال العقل وإدراك الحقيقة‪ ،‬سواء حقيقة‬
‫الذات أو الحياة أو العالم‪ ،‬هما الساس الذي ترتكز عليه السعادة الحقيقية‪.‬‬
‫* التعاسة ↔ اللذات المادية‪/‬العقل ‪ :‬إن السعي وراء الشهوات واللذات المادية‪،‬‬
‫والستخدام السيء للعقل‪ ،‬يجعلن النسان تعيسا ومحروما من السعادة‪.‬‬
‫* السعادة ↔ الستقامة‪/‬المستقبل‪ :‬إن السعادة لن تنال إل بالستقامة الخلقية‪،‬‬
‫وبالقناعة والرضى بما هو حاضر‪ ،‬وعدم المبالغة في التفكير في المستقبل‪.‬‬
‫← وباختصار فالسعادة حسب سينيكا تكمن في جعل العقل السليم يدبر كل‬
‫أمور وجودنا وشؤون حياتنا‪.‬‬
‫‪ -4‬الساليب الحجاجية‪:‬‬
‫استخدم سينيكا مجموعة من الساليب الحجاجية في تقديمه لطروحته ودفاعه‬
‫عنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسلوب الشرط‪:‬‬
‫* المؤشرات اللغوية الدالة عليه‪:‬‬
‫‪ " -‬إننا نسمي ‪ ...‬إذا كان ‪" ...‬‬
‫‪ " -‬لن نكون ‪ ...‬من دون ‪" ...‬‬
‫‪ " -‬يكون ‪ ...‬إذا كان ‪" ...‬‬
‫* مضمونه‪:‬‬
‫يقدم سينيكا مجموعة من الشروط الساسية لتحقيق السعادة‪ ،‬والمتمثلة أساسا‬
‫في حسن استخدام العقل من أجل إدراك الحقيقة والتصرف وفقا لمبادئ العقل‬
‫الخلقي‪ .‬كما تتمثل السعادة عنده في السيطرة على الرغبات والتحكم في‬
‫الملذات الحسية‪ ،‬وعدم المبالغة في التفكير في المستقبل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أسلوب التشبيه‪:‬‬
‫* المؤشر اللغوي الدال عليه‪:‬‬
‫‪ ... " -‬سيكون كالبهيمة ‪" ...‬‬
‫* مضمونه‪:‬‬
‫إذا لم يستعمل النسان عقله ويسطر على غرائزه ورغباته وانفعالته الحسية‪،‬‬
‫سينزل إلى مستوى الحيوان وسيكون شبيها بالبهيمة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أسلوب السؤال الستنكاري‪:‬‬
‫* المؤشر اللغوي الدال عليه‪:‬‬
‫‪ " -‬فمن هو النسان ‪ ...‬الجسد ؟ "‬
‫* مضمونه‪:‬‬
‫يستنكر سينيكا أن يظل النسان مسيطرا على نفسه‪ ،‬متعقل ورزينا‪ ،‬وهو واقع‬
‫تحت سيطرة أحاسيس الجسد‪ .‬ومعنى ذلك أن سينيكا يريد أن يثبت أن‬
‫الستقامة والرزانة تتجليان في سيطرة العقل على أحاسيس الجسد وانفعالته‪.‬‬

You might also like