You are on page 1of 27

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫الباضية في المغرب العربي‬


‫تأليف ‪ :‬د‪ .‬أحمد الياس حسين‬

‫شبكة الدرة السلمية‬


‫‪www.aldura.net‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫• مدخل تاريخي‬

‫•الصراع بين البربر والمسلمين‬

‫•المذهب الباضي‬

‫•الباضية والخوارج‬

‫•الباضية في المغرب‬

‫•مراحل قيام الدولة‬

‫•المرحلة الولى ‪ :‬محاولة الحارث وعبدالجبار ‪131‬هـ ( ‪748‬م)‬


‫•المرحلة الثانية ‪ :‬محاولة ابن الخطاب ‪140‬هـ ــ ‪144‬هـ ( ‪757‬م ــ ‪ 761‬م)‬
‫•الباضيــة في فــزان (أمارة بني الخطاب )‬

‫•المرحلة الثالثة ‪ :‬قيام الدولة الرستمية ( ‪ 160‬ــ ‪ 296‬هـ )‬

‫•العــلقات الخارجية للــدولة الرستمـية‬

‫•السرة الرستمية‬

‫•الباضية بعد سقوط الدولة‬

‫•نظام العزابة‬

‫•التعليم‬

‫•التجارة‬

‫•خاتمة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مدخل تاريخي‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫تميز تاريخ المغرب العربي في القرون الهجرية الولى بالثورات والتقلبات المتكررة فحل العامل القومي في القرن‬
‫الول الهجري محل الصراع ثم حل الصراع المذهبي في المرحلة الثانية محل العامل القومي ونتج عنه ظهور دويلت‬
‫استند قيامها الى المذهبية مثل دولة الصفرية في سجلماسة‬

‫ودولة الباضية في المغرب الوسط ودولة الدارسة في المغرب القصى والدولة الفاطمية ويمثل الباضية جزءًا هاماً‬
‫من ذلك الصراع الذي دار في المغرب منذ بداية القرن الثاني الهجري ولتتبع ذلك الدور ل بد من إلقاء نظرة سريعة‬
‫على أحوال المغرب في الفترة التى سبقت دخول المذهب الباضي للوقوف على المناخ الذي هيأ للباضية وغيرهم من‬
‫الدعاة غرس بذور فرقهم ثم أتناول بالدراسة المذهب الباضي وانتشاره في المغرب الدنى والوسط والمحاولت‬
‫المتكررة لتاسيس الدولة الباضية التى تولدت عنها الدولة الرستمية في العقد السابع من القرن الثاني الهجري ثم‬
‫أبين الدور الذي لعبته هذه الدولة في تاريخ المغرب ومآلت اليه أوضاع الباضية بعد سقوط دولتهم‪.‬‬

‫الصراع بين البربر والمسلمين‬

‫تورد كتب الفتوح وحوليات التاريخ السلمي الكثير من الخبار المتعلقة بفتوح المغرب والرتداد المتكرر لسكانه‬
‫والجهود التي بذلها كبار القادة لخضاع المنطقة فلماذا قاوم البربر الفتح السلمي تلك المقاومة العنيفة؟‬

‫تعرض سكان المغرب للغزو الخارجي منذ قرون كثيرة قبل الفتح السلمي وكان الغرض الساسي من تلك الغزوات‬
‫هو الستيطان واستغلل ثروات البلد التجارية والزراعية وابعاد سكان المغرب عن ترابهم ما امكن ذلك فقاوموا‬
‫اليونانيين والرومان والوندال والبزنطيين وسواء تمت تلك المقاومة تحت قيادة الممالك الوطنية او تحت ألوية القبائل‬
‫فإنها سعت للحتفاظ بالرض وعدم الجلء عنها وقد تعلم البربر من تلك الحداث التحاد أمام الطماع الخارجية‬
‫فكانت القبائل الصحراوية تتعاون مع قبائل الساحل وكذلك الممالك تستنجد ببعضها فقد أعانت مملكة الجرمانتيين في‬
‫فزان مملكة نوميديا ـ في الجزائر ـ في صراعها ضد الرومان في القرن الميلدي الول ونتج عن ذلك رباط قومي‪.‬‬
‫ولم تكن هناك صعوبات تواجه اختلط العرب بالبربر كالتي كانت قائمة بينهم وبين الروم رغم عدم وجود الكيان‬
‫السياسي الذي يضم السكان في دولة واحدة‪.‬‬

‫وعندما زحفت جيوش المسلمين نحو المغرب هب البربر للمقاومة وخاضت الجيوش السلمية الكثير من المعارك في‬
‫سبيل كسر شوكتهم ولم يتمكن المسلمين من ذلك حتى تحقق للبربر أن النزلء الجدد يختلفون عن السابقين بما تحقق‬
‫يحملونه من تعاليم دينهم الذي يرفض الستغلل وينادي بالمساوة وبدأ البربر في أعتناق السلم وقلت مقاومتهم كلما‬
‫ازداد السلم انتشار حتى هدأت أحوال المغرب وانتهت المقاومة قبل نهاية القرن الهجري الول‪.‬‬

‫ويبرز هنا سؤال هام لماذا عاد البربر الى الثورات في القرن الثاني للهجرة بعد انتشار السلم بينهم؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫لقد وجد البربر في الدين السلمي حلً لجميع العلقات التي قادتهم الى الصطدام بالشعوب التي دخلت بلدهم وأزالت‬
‫التشريعات السلمية المشاكل التي كانو يعانون منها وعلى راسها المساوة ومشكلة الضرائب ال ان سلوك ولة‬
‫المسلمين خاصة في مطلع القرن الهجري الثاني بدأ يخالف تعاليم الدين السلمي‪.‬‬

‫كان البربر يسعون الى تطبيق مبادئ السلم كما فهموه من معلميهم الوائل بينما اتجه الولة الى فرض سيطرة‬
‫العنصر العربي وتميزه ويتعارض ذلك مع مبدأ المساواة وكان الولة يسعون الى جمع الموال بكل الوسائل‬
‫المشروعة وغير المشروعة لترضية الخلفاء ويتعارض هذا أيضا مع تعاليم السلم وأصبح الفرق واضحا بين تعاليم‬
‫الدين وما هو واقع دينهم فماذا كان رد الفعل ؟‬

‫تحرك البربر غير خارجين عن السلم بل مصححيين لممارسته‪ .‬بدأ تحرك البربر في مطلع القرن الثاني للهجرة مع‬
‫بداية ولية يزيد بن ابي مسلم لفريقية عام ‪102‬هـ (‪720‬م) ونكتفي بما ذكره ابن عزاري المراكشي عن هذا الوالي‬
‫حيث قال " كان ظلوما غشوما ‪ ...‬وكان البربر يحرسونه فقام على المنبر خطيبا فقال ‪ :‬أني رايت ان ارسم اسم‬
‫حرسي في ايديهم كما تصنع ملوك الروم بحرسها فارسم في يمين الرجل اسمه وفي يساره حرسي ليعرفوه بذلك بين‬
‫سائرالناس فلما سمعوا ذلك منه ـ اعني الحرس ـ اتفقوا على قتلة‪)1(.‬‬

‫كانت هذه المحادثة في بادية القرن الثاني بعد المحاولت الجادة التي بذلها الخليفة عمر بن عبد العزيز لتدعيم إسلم‬
‫البربر وإرسال الكثير من التابعين للمغرب يعلمونهم أصول الدين ويبصرونهم بقواعده فقد أحس البربر ان ولة‬
‫المويين عادوا الى أنظمة الحكم البيزنطية التي لم يرتضوها وانطلقت الشرارة مرة أخرى في طنجة التي تسلط عليها‬
‫أحد ولة عبيد ال بن الحبحاب " فاساء السيرة وتعدى في الصدقات والعشر وأراد أن يخمس البربر وزعم أنهم فئ‬
‫للمسلمين "( ابن الثير ‪،‬الكامل في التاريخ )(‪)2‬‬

‫حاول البربر إصلح تلك المساوئ بالحسنى وارتفع صوت الشكوى في كل مكان ال انهم لم يتمكنوا من الوصول الى‬
‫الخلفاء الذين احتجبوا في قصورهم وكان الخلفاء أنفسهم " يستحبون طرائف المغرب ويبعثون فيها الى عامل‬
‫أفريقية فبيعت لهم البربريات السنيات فلما أفضي المر الى ابن الحباب مناهم بالكثير وتكلف لهم او كلفوه فاضطر الى‬
‫التعسف وسوء السيرة "(ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪)3(.)52‬‬

‫أدت مساوئ الدارة الموية الى التذمر وسخط البربر وجد دعاة المذاهب المناهضة للمويين بيئة صالحة لبث آرائهم‬
‫فهيأوا البربر للثورات ونبذ طاعة الولة كما حركت تلك المساوئ في نفوسهم الرغبة في النفصال عن مركز الخلفة‬
‫العاجزة عن رعاية وتطبيق مبادئ السلم بل والخارجة عليه في نظر بعضهم وكان دعوة الباضية من بين أولئك‬
‫الدعاة الذين وجدوا أرضا صالحة لحزبهم ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬ابن عزارى المراكشي ‪ ،‬البيان ‪ ،‬المغرب في أخبار الندلس والمغرب تحقيق ج‪.‬س كدلت وا‪ .‬ليفي بروفنسال ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪.48‬‬
‫وبعض الراء ترجح كلمة الخوارج إلى ما قبل معركة النهروان استنادا إلى الحاديث التي رويت عن الرسول صلى ال عليه وسلم والتي‬
‫ورد أغلبها لحث المسلمين لقتال الخوارج مثل الحديث الذي أخذه البخاري (‪256‬هـ‪ )276/‬عن أبي سعيد الخدري سعد بن مالك النصاري‬
‫(‪74‬هـ‪ )694/‬قال‪ :‬بينما النبي صلى ال عليه وسلم يقسم جاء عبدال بن ذي الخويصرة التميمي فقال أعدل يا رسول ال ‪ ،‬فقال ويلك من‬
‫يعدل إذا لم أعدل‪ .‬قال عمر بن الخطاب دعني أضرب عنقه قال‪ :‬دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلته وصيامه مع صيامهم يمرقون من‬
‫الدين كما يمرق السهم من الرمية ‪ ،‬وقد ناقش المؤلف كثيرا شخصية هذا الرجل وأورد الوصف الذي أورد فيه والحاديث الخرى وبعد‬
‫مناقشة يمكن القول بأن لفظ الخارجية سبق معركة النهروان‪ .‬انظر آراء الخوارج الكلمية‪-‬د‪ .‬عمر طالب ج ‪ 1‬ص ‪ .46-35‬الشركة‬
‫الوطنية للنشر والتوزيع – الجزائر ‪1978 ،‬م‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫(‪ )2‬ابن الثير ‪ ،‬الكامل في التاريخ (بيروت دار صادر ‪ ) 1965‬ج ‪ 5‬ص ‪.191‬‬

‫(‪ )3‬ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪.52‬‬

‫المذهب الباضي‬

‫ترجع جميع المؤلفات الباضية ( على سبيل المثال الدرجيني في طبقات المشائخ ‪،‬الشماخي في السير‪ ،‬الحارثي‬
‫العماني في العقود الفضية ‪،‬محمد علي ديوز في تاريخ المغرب ‪،‬علي يحي معمر في الباضية في موكب التاريخ‪() .‬‬
‫‪ )1‬نشأة مذهبهم إلى جابر بن زيد من أبرز علماء النصف الثاني من القرن الهجري الول ؛التقى جابر بعدد كبير من‬
‫اصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم وأخذ عنهم وقد نقلت كتب السير عن جابر أنه قال ‪ " :‬أدركت سبعين رجل"(‬
‫‪ )2‬من بدر فحوينا ما عندهم من العلم إل البحر الزاخر " ويقصد به أبن عباس وكان ابن عباس يقول عنه ‪" :‬‬
‫اسألوا جابر بن زيد فلو سأله من بالمشرق والمغرب لوسعهم علمه "(‪)3‬‬

‫عاصر جابر الظروف السياسية التي مرت بالمة السلمية فقد كان في سن السابع عشر(‪ )4‬عندما قتل عثمان مما‬
‫هيأ له إدراك وتقيم تلك الحداث الكبيرة التي عاشتها الدولة السلمية وتركت آثارا ظاهرة على حياتها السياسية‬
‫والفكرية كما عاصر جابر بداية الحركة الفكرية التي شهدتها أمصار العالم السلمي الكبير مثل المدينة المنورة‬
‫والبصرة والكوفة وهي الفترة التي نضج فيها فكره ووضع أسس مدرسته الى جانب المدارس الخرى مثل مدرسة‬
‫الحسن البصري ثم واصل بن عطاء‪.‬‬

‫وكان لراء جابر السياسية الصريحة التي نادت بالقضاء على بدعةالملك الموي والتمسك بنظام الشورى صدى‬
‫واسع في نفوس الكثيرين الذين لمسوا بعد الخلفة الموية عن مبادئ الشريعة السلمية وقد ازعجت تلك الفكار‬
‫البيت الموي فتعرض جابر لمراقبة المويين ولم يسلم من أيديهم فنفاه الحجاج من البصرة الى عمان حيث مكث فترة‬
‫عاد بعدها الى البصرة مواصل رسالته لوضع أسس الدولة العادلة الى ان توفي ‪ (.‬ابن قتيبة جعله عام ‪103‬هـ ‪،‬‬
‫الشماخي جعله ‪96‬هـ)(‪)5‬‬

‫أخرجت مدرسة جابر عددا كبيرا من رجال العلم من أشهرهم عبدال ابن أباض وابي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫التميمي(‪ )6‬لم يكن ابو عبيدة اصيل في بني تميم ‪ " ،‬بل كان مولى لهم وكان زنجيا اسود اللون لكنه كان سيدا بعقله‬
‫وذكائه" (محمد علي دبوز في تاريخ المغرب )(‪ )7‬ولم تذكر كتب السير والطبقات مقاومة أبي عبيدة للدولة الموية‬
‫فلم يخرج عليها ولم يعارضها معارضة علنية بل كان يقوم بإعداد تلميذه وبث الدعوة بينهم وكان يتستر في ذلك‬
‫محاول البتعاد عن عيون الحجاج وقد اقترح عليه أتباعه الخروج ومنوه بالتفاف الناس حوله ان فعل لكن أبا عبيدة‬
‫كان متريثا ورفض فكرة الخروج ومع ذلك فقد لسعته سياط الحجاج اذ قبض عليه وسجن وأدرك أبو عبيدة وأتباعه‬
‫ان فرصة قيام دولة تتحقق فيها الشورى والعدالة لن يتم ال بعيدا عن سطوة المويين ولذلك بدأوا يتطلعون الى‬
‫الماكن البعيدة الى عمان واليمن والمغرب ‪)8(.‬‬

‫هذا ما أوردته كتب الباضية عن قيام المذهب أما المؤلفون غير الباضية فقد سكت أغلبهم عن هذه الفترة من تاريخ‬
‫المذهب الباضي ولم يعتبر بعضهم تعاليم جابر بن زيد اساسا للمذهب فقد ذكر ابن سعد انه " قيل لجابر بن زيد ان‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الباضية يزعمون أنك منهم فقال أبرأ الى ال منهم ‪ ...‬قيل كان بريئا مما يقولون وكان الباضية ينتحلونه ( ابن سعد‬
‫في الطبقات الكبرى)(‪)9‬‬

‫وترتبط هذه الجماعة قيام المذهب الباضي بعبدال ابن اباض المري التميمي ( الشهرستاني في الملل والنحل )(‪)10‬‬
‫ولم تعدنا المؤلفات بترجمات وافية لعبدال بن اباض حتى كتب الباضية اوردت ترجمات مختصرة جدا اذا ما قورنت‬
‫بترجمة جابر بن زيد مما يؤكد قلة المعلومات المعروفة عنه وقد ذكر الدرجيني(‪ )11‬والشماخي(‪ )12‬جابر بن زيد‬
‫ضمن علماء الطبقة الثانية الذين عاشوا في النصف الثاني من القرن الول الهجري وأوردت هذه المصادر انه عاش‬
‫في البصرة واشترك في الدفاع عن مكة متضامنا مع ابن الزبير ضد يزيد بن معاوية وقد كانت له مكانة بارزة في‬
‫بلط الخليفة الموي عبدالملك بن مروان وكان يسدي له النصح ‪.‬‬

‫وتارخ وفاة عبد ال بن اباض غير مؤكدة والمتفق عليه انه كان عائشا في النصف الخير من القرن الهجري الول‬
‫فهل كان حيا حين وفاة جابر بن زيد ؟(‪)13‬‬

‫ليس هنالك تاكيد رغم رواية الشهرستاني(‪ )14‬التي ذكر فيها خروجه على الخليفة الموي أبن محمد وليبدو هذا‬
‫الرأي قويا لن هنالك رواية اخرى وردت على لسان عبدال بن اباض ردا على سؤال وجه اليه "هذا ما أدركنا عليه‬
‫نبينا" ( الحارثي في العقود الفضية )(‪ )15‬فهو على ذلك كان صحابياً في سن تسمح له بادراك الحداث ونقلها عن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫ويبدو معقول ان نرجح وفاة ابن اباض في نهاية القرن الول الهجري لنه لم يخلف أستاذه جابر بن زيد في زعامة‬
‫المدرسة بل أسندت الى أبي عبيدة بينما اشتهر أتباع المدرسة باسم عبدال بن اباض وعرف المذهب باسمه فأطلق‬
‫عليه المذهب الباضي ويوضح هذا انه كان من العلماء البارزين فكان " إمام أهل العراق ‪ ..‬وهو العمدة في العتقاد‬
‫" (الدرجيني في الطبقات)‪ )16("...‬وله مناظرات كثيرة مع الخوارج " (الشماخي في السير )‪ )17("...‬وكان‬
‫المناضل علناًفي سبيل تحقيق الحقائق وتصحيح قضايا العقول فيما أحدثه أهل المقالت والبدع " (الشماخي في القول‬
‫المبين ‪/‬علي يحيى معمر في الباضية في موكب التاريخ )‪)18(.‬‬

‫‪----------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬انظر على سبيل المثال‪ :‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب ‪ ،‬تحقيق ابراهيم طلي (قسطنطينة مطبعة البعث بدون) ج ‪ 2‬ص ‪205‬‬
‫الشماخي ‪ ،‬كتاب السير (الطبعة البارونية) ص ‪ ، 70‬الحارثي العماني ‪ ،‬العقود الفضية في أصول الباضية (سوريا ‪ ،‬دار اليقظة العربية ‪،‬‬
‫بدون ) ص ‪ .93‬محمد علي دبوز ‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير (القاهرة ‪ ،‬عيسى البابي الحلبي ‪ ،‬ط ‪ ) 1963 1‬ج ‪ 3‬ص ‪ 38‬علي يحيى معمر‬
‫الباضية في موكب التاريخ الحلقة الولى ‪ ،‬نشأة المذهب الباضي (القاهرة مكتبة وهبي طبعة أولى ‪1964 ،‬م) ص ‪ ، 150‬كذلك الحلقة‬
‫الثالثة – الباضية في تونس (بيروت دار الثقافة طبعة أولى ‪1966‬م) ص ‪.30‬‬

‫(‪ )2‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 2‬ص ‪ ، 205‬الشماخي –السير ص ‪ 70‬الحارثي العماني ‪ ،‬العقود الفضية ص ‪.95‬‬

‫(‪ )3‬نفس المصادر والصفحات‪.‬‬

‫(‪ )4‬هناك اختلف في تاريخ ولدته ‪ ،‬يرى بعضهم أنها عام ‪18‬هـ ‪ ،‬ويرى آخرون أنها عام ‪21‬هـ أو ‪22‬هـ ‪ ،‬انظر علي يحيى معمر‪:‬‬
‫الباضية بين الفرق السلمية (القاهرة ‪ ،‬مكتبة وهبة ط أولى ‪ )1976‬ص ‪ ، 240‬حاشية رقم (‪ ، )1‬والحارثي العماني ‪ ،‬العقود الفضية ‪،‬‬
‫ص ‪.93‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫(‪ )5‬وكذلك اختلف في تاريخ وفاته فابن قتيبه جعله ‪ 103‬هـ ‪ ،‬والشماخي جعله ‪ 96‬هــ ‪ ،‬انظر ابن قتيبة ‪ ،‬المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار‬
‫المعارف ‪1969‬م ط ثانية) ص ‪ ، 453‬الشماخي‪-‬السير ص ‪.70‬‬

‫(‪ )6‬تاريخ ولدة أبي عبيدة غير معروف ‪ ،‬وتجعل الروايات وفاته في عصر الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ‪ ،‬انظر الشماخي ‪ ،‬السير‬
‫ص ‪.83‬‬

‫(‪ )7‬محمد علي دبوز ‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪.150‬‬

‫(‪ )8‬الحارثي العماني ‪ ،‬العقود الفضية ‪ ،‬ص ‪.149 ، 142‬‬

‫(‪ )9‬ابن سعيد ‪ ،‬الطبقات الكبرى ( بيروت ‪ ،‬دار صادر ‪ )1958‬ج ‪ 7‬ص ‪181‬‬

‫(‪ )10‬انظر الشهرستاني ‪ ،‬الملل والنحل ‪ ،‬ج ‪ 1‬تحقيق ‪ :‬عبدالعزيز محمد الوكيل ( القاهرة ‪ )1968‬ص ‪ ، 134‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين‬
‫الفرق ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد محي الدين ( القاهرة بدون ) ص ‪. 103‬‬

‫(‪ )11‬الطبقات ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 201‬‬

‫(‪ )12‬السير ‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫(‪ )13‬ذكر الحارث العماني أنه لم يقف على تاريخ ولدته ووفاته ‪ .‬انظر العقود الفضية ص ‪. 138‬‬

‫(‪ )14‬الشهرستاني ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.134‬‬

‫(‪ )15‬الحارث العماني ‪ ،‬العقود الفضية ص ‪.138‬‬

‫(‪ )16‬الدرجيني ‪،‬الطبقات ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪.214‬‬

‫(‪ )17‬الشماخي ‪ ،‬السير ‪ ،‬ص ‪77‬‬

‫(‪ )18‬ابن سعيد الشماخي ‪ ،‬القول المتين ‪ .‬انظر علي يحيى معمر – الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة الولى ‪ ،‬ص ‪. 150‬‬

‫البـاضيــة والخـوارج‬

‫أدرجت أغلب المؤلفات العربية القديمة (ابن قتيبة في المعارف ‪/‬البغدادي في الفرق بين الفرق ‪/‬الشهرستاني في الملل‬
‫والنحل‪/‬المسعود في مروج الذهب ‪)1()...‬الباضية تحت قائمة فرق الخوارج ورغم كثرة الحياء الواردة في تلك‬
‫المؤلفات عن ثورات الخوارج وما قاموا به من أعمال تخرجهم في كثير من الحداث عن حدود الدين السلمي فإنه‬
‫لم يرد ان جابر بن زيد المام الول خرج على الدولة او حرص على الخروج ‪،‬كما ان عبدال بن اباض لم يقم بذلك‬
‫وكل ما ورد عنه انضمامه الى جنود ابن الزبير مدافعا عن الحرم الشريف(‪ )2‬وكان ابو عبيدة يهدئ أتباعه ويمنعهم‬
‫من الخروج ويشير ذلك الى الفرق الواضح بين الباضية وفرق الخوارج منذ البداية ‪)3(.‬‬

‫والباضية ل يمنعون الخروج على السلطان الجائر بل يقولون بجوازه فإن خشي ان يكون في الخروج مضرة على‬
‫المة اكثر مما هو واقع عليها فالستسلم أولى ( الشماخي في السير )(‪ )4‬وقد تصدى عبدال بن اباض الى مجادلة‬
‫الخوارج ومناظرتهم (الشماخي في السير) وناضل في سبيل " تصحيح قضايا العقول فيما احدثه اهل المقالت‬
‫والبدع(‪ )5‬فمذهب الباضية في تناوله لقضايا السياسية او العقائد يختلف اختلفا واضحا عن الخوارج ويتفق في‬
‫كثير من اصوله وفروعه مع مذاهب أهل السنة فقال عنه ابن حزم هو " أقرب الى أهل السنة من بقية الفرق الخرى‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫"(‪)6‬‬

‫واللقاء الواضح بين الباضية وفرق الخوارج تمثل في عدم التزامهم بشرط القرشية في الخلفة ‪ ،‬وهذا ما أدى‬
‫بجمهرة المؤلفين الى النظر اليهم بمنظار واحد ‪ ،‬حتى التعريف الذي ذكره الشهرستاني(‪ )7‬للخروج جاء عاما ًبحيث‬
‫يدخل فيه أي ثائر على الدولة فكل " من خرج على المام الحق الذي اتفقت الجماعه عليه يسمى خارجيا سواء كان‬
‫الخروج في ايام الصحابة على الئمة الراشدين او كان بعدهم على التابعين بإحسان والئمة في كل زمان " وبطبيعة‬
‫الحال فإن " المام الحق" أمر يصعب البت فيه فابن عباس وكبار الصحابة انفسهم كانوا يعتزلون ويقفون بعيدا دون‬
‫توجيه الناس للمام الحق فمثل" هل كان المام يزيد بن معاويه أم ابن الزبير وأي جماعة تلك التي توافق عليه هل‬
‫كانوا أهل المدينة ام اهل دمشق؟‪.‬‬

‫وقد جاء تعريف ابن خلدون(‪ )8‬أكثر تحديداً لخوارج فجعلهم " أولئك الذين ل يلتزمون بشرط القرشية في الخلفة "‬
‫وتبعا لمقياس ابن خلدون اعتبر الباضية جزءا" من الخوارج دون اعتبار لوجه الخلفات الخرى وقد تصدى‬
‫الستاذ على يحيى معمر في مؤلف ضخم للرد على " كتاب المقالت في القديم والحديث مبين ًا البون الشاسع بين‬
‫ل عن العقائد ‪ (.‬كتاب الباضية بين الفرق السلمية عند كتاب‬ ‫الباضية وفرق الخوارج حتى في القضايا الساسية فض ً‬
‫المقالت في القديم والحديث )‪)9(.‬‬

‫‪--------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬انظر ابن قتيبة ‪ ،‬المعارف ص ‪ 543‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ص ‪ 103‬الشهرستاني ج ‪ 1‬ص ‪ .134‬المسعودي ‪ ،‬مروج الذهب (‬
‫بيروت ‪ ،‬دار الندلس ‪ ،‬ط ثانية ‪ ) 1973 ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ – 100‬ابن حوقل ‪ ،‬صورة الرض ( ليدن ‪ )1967‬ص ‪ -97‬ابن الثير ‪ ،‬الكامل ‪ ،‬ج‬
‫‪ ، 5‬ص ‪ ، 313‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ( بيروت ‪ ،‬مؤسسة العلمي للطباعة ‪ ) 1971‬ابن غراري المراكشي ‪ ،‬البيان ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬ص ‪. 287‬‬

‫(‪ )2‬باستثناء رواية الشهرستاني السابقة التي ذكرت خروجه في آخر العصر الموي ‪.‬‬

‫(‪ )3‬بصدد هذه المسائل راجع – علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية ‪،‬ص ‪ 308-305‬والباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة‬
‫الثالثة ص ‪. 30‬‬

‫(‪ )4‬الشماخي ‪ ،‬السير ‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫(‪ )5‬انظر ‪ ،‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة الولى ‪ ،‬ص ‪105‬‬

‫(‪ )6‬ابن حزم‪.‬‬

‫(‪ )7‬الشهرستاني ج ‪ 1‬ص ‪.144‬‬

‫(‪ )8‬المقدمة ‪ ،‬تحقيق عبدالواحد وافي (القاهرة لجنة البيان العربي ط ‪ )2‬ج ‪ 2‬ص ‪.614‬‬

‫(‪ )9‬و كتاب‪ :‬الباضية بين الفرق السلمية عند كتاب المقالت في القديم والحديث‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الباضية في المغرب‬

‫بعد ان تاكد لبي عبيدة أن قيام الدولة العادلة أمرصعب تحت رقابة المويين الصارمة‪ ،‬بدأ في أرسال دعاته الى‬
‫المناطق النائية ووقع اختيار أبي عبيدة على سلمة بن سعيد للتوجه الى المغرب في أول القرن الثاني للهجرة (‪)1‬‬
‫وكان المغرب ارض ًا صالحة للدعوة ضد المويين فوجد سلمة تشجيعاً لم يتوقعه خاصة وأن البربر وجدوا في دعوة‬
‫الباضية المساواة التي حرمهم منها المويون فقام سلمة بنشاط كبير بين قبيلتي هوارة ونفوسة وتاكد بان ما يحلم‬
‫به أستاذه يمكن تحقيقه في المغرب فكان يقول " وددت لو يظــهر هذا المر يوما واحدا" فما ابالي أن تضرب عنق "‬
‫(‪.)2‬‬

‫الى جانب المذهب الباضي كان المذهب الصفري قد انتشر في داخل المغرب وسرعان ما اصبح اتباع الفريقين من‬
‫القوى المعارضة الواضحة الهامة في المغرب منذ العقد الثاني من القرن الثاتي الهجري(‪ )3‬وقادت فرقة الصفرية‬
‫الثورة الكبرى التي انطلقت من طنجة عام ‪122‬هـ (‪739‬م) ثم بدات تحركات الباضية منذ عام ‪127‬هـ ( ‪744‬م) ولم‬
‫يستكينوا بعدها حتى تاسست دولتهم عام ‪160‬هـ ( ‪776‬م) ‪.‬‬

‫‪--------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ 11‬ذكر اسمه " سلمة وليس سلمة " كما هو المؤلفات الخرى ‪ ،‬انظر الشماخي ‪ ،‬السير ص ‪.98‬‬

‫(‪ )2‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ‪.‬‬

‫(‪ )3‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 1‬ص ‪. 110‬‬

‫مـــراحل قيــام الــدولة ‪ :‬المرحلة الولى‬

‫محاولة الحارث وعبدالجبار ‪131‬هـ ( ‪748‬م) ‪ :‬تمكن عبد الرحمن بن حبيب من فرض نفسه على ولية أفريقية‬
‫وطرد الوالي الموي من القيروان وسعى إلى بسط سيطرته على أطراف الولية الثائرة وعندما وصل والي عبد‬
‫الرحمن إلى طرابلس حاول إرهاب الباضية في المنطقة فقتل زعيمهم عبد ال بن مسعود (‪ )1‬وجاء رد الفعل على‬
‫خلف ما كان يريده الوالي فقد تجمع الباضية تحت زعامة الحارث بن تليد الحضرمي وعبدا لجبار بن قيس المردي‬
‫(‪ )2‬لمهاجمة طرابلس وفشلت محاورة عبد الرحمن بن حبيب لتهدئة الموقف بعزل واليه على طرابلس وتمكن الثوار‬
‫من فرض سيطرتهم على المدينة عام ‪131‬هـ (‪748‬م) بعد أن حققوا ثلثة انتصارات متتالية على قوات عبد الرحمن‬
‫بن حبيب (‪.)3‬‬

‫" تمكن الباضية في أول محاولة عسكرية أن يحققوا النتصار لكن هذا النتصار لم يدم طويلً فقد فوجئت جماهير‬
‫الباضية بموت قائديها في ظروف غامضة ‪ ،‬فالدرجيني رجح أن يكونا قد قتلً ووضع سيف كل واحد منهما في جسم‬
‫الخر للفتنة " (‪ )4‬وبعد هذه الحادثة اختار الباضية لزعامتهم إسماعيل ابن زياد النفوسي لكن عبدالرحمن بن حبيب‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تمكن من استغلل تلك الظروف والحق بهم الهزيمة وقتل إسماعيل بن زياد (‪.)5‬‬

‫انهارت آمال الباضية في قيام الدولة ولم يثن هذا الفشل عزيمة سلمة بن سعيد بل رأى ضرورة توسيع قاعدة الدعوة‬
‫واعداد الخطة لذلك إعدادا دقيقا بدأ سلمة في حث الشباب الباضي للتوجه الى المشرق للتزود بالعلم على يد أستاذ‬
‫المذهب أبي عبيدة فارسل في اول المر محمد بن عبدالحميد بن مغيطر الجناؤني من جبل نفوسة(‪ )6‬ثم تلى ذلك بعثة‬
‫العلم التي كان اختارها دقيقا مثلت مناطق مختلفة في المغرب ـ القيروان والمغرب الوسط والجنوب التونسي‬
‫وغدامس ـ اختير لها عبدالرجمن بن رستم وعاصم السدراتي وابو داود القبلي النفزاوي وإسماعيل بن ضرار‬
‫الغدامسي غادرت البعثة المغرب الى البصرة عام ‪135‬هـ وانضم اليهم هناك أبو الخطاب عبد العلي بن السمح‬
‫المعافري (‪. )7‬‬

‫‪---------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬احسان عباس ‪ ،‬تاريخ ليبيا ( بنغازي ـ دار ليبيا للنشر‪ ،‬أولى ‪1967‬م) ص ‪.43‬‬

‫(‪ )2‬الشماخي‪ ،‬السير ص ‪ 125‬ـ ذكر أن احدهما إمام والخر قاضيه أو وزيرة ‪.‬‬

‫(‪ )3‬سعد زغلول عبد الحميد ‪،‬تاريخ المغرب العربي ( القاهرة دار المعارف بدون ) ص ‪90‬أ ‪.‬‬

‫(‪ )4‬الدرجيني ‪،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ 24‬ـ ‪ 25‬وذكر ابن الثير أن عبد الرجمن بن حبيب هو الذي قتلهما ‪ ،‬الكامل ج ‪ 5‬ص ‪313‬‬

‫(‪ )5‬سعد زغلول ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ص ‪.292‬‬

‫(‪ )6‬محمد علي دبوز ‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير ص ‪.188‬‬

‫(‪ )7‬محمد علي دبوز ‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير ص ‪.189،195‬‬

‫المرحلة الثانية‬

‫محاولة ابن الخطاب ‪140‬هـ ــ ‪144‬هـ ( ‪757‬م ــ ‪ 761‬م) ‪:‬‬

‫عاد افراد البعثة من البصرة يصحبهم أبو الخطاب عام ‪140‬هـ بعد ان أعدوا إعدادًا تام ًا لتركيز دعائم المذهب في‬
‫المغرب والعمل على تاسيس الدولة وتعاهد القادة على التعاون واستقر رأيهم على ان تكون طرابلس نقطة البداية وقد‬
‫هيأت فترة عدم الستقرار التي عاشتها المغرب طيلة العقد الرابع من القرن الهجري الثاني المناخ لزعماء الباضية‬
‫بالتحرك ولما علم الباضية في المغرب بترشيح ابي عبيدة لبي الخطاب إماما للدولة المرتقبة اجتمع زعماؤهم في‬
‫قرية صياد بالقرب من طرابلـس وبايعوا أبا الخطاب إماما واتفقت كلمتهم على دخول طرابلس (‪. )1‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫دخلت قوات الباضية طرابلس خلسة وتمكنوا من السيطرة عليها بغير عناء عام ‪140‬هـ واعلنو قيام الدولة وكان ابو‬
‫الخطاب قوي الشخصية واسع الثقافة غزير العلم سعى الى وضع أسس قوية للدولة مسترشدا بهدى الخلفة الراشدة(‬
‫‪ )2‬وبسيطرة الباضية على طرابلس خضعت اهم المنطقة الشرقية حتى سرت ومنطقة جبل نفوسه ثم بدأ في التوجه‬
‫نحو المغرب وذلك لن فرقة الصفرية تمكنت من السيطرة على القيروان وكان سلوك الصفرية على نقيض الباضية‬
‫في طرابلس " فاستحلوا المحارم وارتكبوا الكبائر ‪ ...‬وربطوا دوابهم بالمسجد الجامع" (‪ ")3‬واستبحت الموال‬
‫والدماء بدون حساب "(‪ )4‬فضج المسلمون واستنجدوا باباضية طرابلس‬

‫ولما كان ابو الخطاب يعمل لتأسيس جمهورية إسلمية بسود فيها العدل وتطبيق مبادئ السلم فقد عقد العزم على‬
‫حرب الصفرية ‪.‬‬

‫سار ابو الخطاب بجنوده نحو القيروان واحتل قابس التي كان الصفرية قد استولة عليها ثم واصل زحفه على‬
‫القيروان وتمكن من هزيمة الصفرية ودخل القيروان عام ‪ 141‬هـ‪758/‬م (‪ )5‬وضرب ابو الخطاب المثل العلى في‬
‫حروبه إذ لم يحدث ما اعتاد أهل القيروان مشاهدته بعد نهاية الحروب فلم تمتد يد جنوده الى جثث أعدائهم والتزموا‬
‫بحدود النتصار فلم يسلبوا ميتا ولم يتعرضوا لسكان القيروان واموالهم وكان لذلك السلوك وقع حميد في نفوس‬
‫سكان المنطقة ‪ ،‬فتولى عبدالرجمن أبن رستم إدارة القيروان ورجع أبو الخطاب الى طرابلس (‪ )6‬أما الصفرية فقد‬
‫اتجهوا الى المغرب القصى حيث استقروا هناك واختطوا مدينة سجلماسة التي اصبحت مركزا" لتجمعاتهم (‪. )7‬‬

‫توسعت حدود دولة ابي الخطاب إذ امتدت الى منطقة وهران غرباً وقد ضمت حدود دولته في الجنوب منطقتي ودان‬
‫وزويلة ‪ .‬ازعج قيام دولة ابي الخطاب الدولة العباسية خاصة وان جنودها ظلوا في المغرب الوسط ولو لم تعجل‬
‫بعمل عسكري ستتمكن الدولة الباضية من السيطرة على المغرب الوسط بحيث يمكنها ان تشكل خطورة ليس في‬
‫المغرب فحسب بل وفي مصر ايضاً وبدات الجيوش العباسية تتحرك من مصر للقضاء عليهم فتمكن ابي الخطاب من‬
‫هزيمة جيشين أرسلهما ابن الشعث قبل ان يصل الى طرابلس (‪. )8‬‬

‫أدرك الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور خطورة الموقف فوجه ابن الشعث الى المغرب ؛الذي اعد جيشاً كبيرا قدر‬
‫بثلثين او اربعين الفا من جند خرسان والشام واعد ابو الخطاب بدوره جيشه الذي قدر بنحو ‪ 90‬ألفا (‪ )9‬وقد‬
‫ساعدت الظروف ابن الشعث في ميدان القتال وذلك لتفرق جنود ابن الخطاب أما باختلف قبيلتي زناته وهواره‬
‫وانسحاب الولى من القتال (‪ )10‬او بخدعة ابن الشعث واعلنه الرجوع لعدم اعداد جيشه العدة التي تمكنه من‬
‫مواجهة ابن الخطاب (‪.)11‬‬

‫وقد تمكن ابن الشعث من هزيمة الباضبة في تورغا عام ‪144‬هـ (‪761‬م) وقتل ابو الخطاب في المعركة كما هزم‬
‫ابن الشعث مجموعة زناة التي هبت لنجدة ابي الخطاب فانهارت بذلك آخر مقاومة ودخل ابن الشعث طرابلس ‪ ،‬ولما‬
‫أحس عبد الرحمن بن رستم بأن ميزان القوى ليس في جانبه انسحب من القيروان غرباً وتركزت تجمعات الباضية‬
‫بعد ذلك في زولة وجبل نفوسة ومنطقة تيهرت ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪.23‬‬

‫(‪ )2‬محمد علي دبوز المرجع السابق ص ‪209‬ـ ‪. 210‬‬

‫(‪ )3‬ابن غزاري المراكسي ج ‪ 1‬ص ‪ ( 70‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 6‬ص ‪. 113‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫(‪ )4‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة الثالثة ص ‪.34‬‬

‫(‪ )5‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ 29‬ابن خلدون ‪ ،‬العبرج ‪ 6‬ص ‪.113‬‬

‫(‪ )6‬الدرجيني ‪ ،‬المرجع السابق‬

‫(‪ )7‬محمد علي دبوز المرجع السابق ص ‪.234‬‬

‫(‪ )8‬محمد علي دبوز المرجع السابق ص ‪. 8‬‬

‫(‪ )9‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ .32‬قدر ابن غزاري المراكشي جنود لبن الشعث باربعين الفا" وجنود ابي الخطاب بمائتي الف ‪ .‬انظر‬
‫ابن غزاري ج ‪ 1‬ص ‪ 71‬ــ ‪.72‬‬

‫(‪ )10‬انظر التفاصيل من عبد اللطيف البرغوثي ‪ ،‬تاريخ لبيا القديم ص ‪ 145‬ـ ‪146‬‬

‫(‪ )11‬محمد علي دبوز المرجع السابق ‪ 13‬ـ ‪19‬‬

‫الباضيــة في فــزان (أمارة بني الخطاب )‬

‫كانت قبلة هوارة مستقرة على الساحل في المطقة الواقعة بين سرت شرقا حتى غربي طرابلس وفي الداخل انتشرت‬
‫الى الشرق والجنوب من جبل نفوسة وبعد هزيمة ابي الخطاب بدأوا ينسحبون نحو الجنوب بعيداً عن قبضة الوالي‬
‫العباسي ويبدو أن ابن الشعث احس بخطورة تجمعهم في منطقتي ودان وزويلة فارسل اليهم جيشاً عام ‪ 145‬هـ (‬
‫‪762‬م) تمكن من ايقاع الهزيمة بهم في ودان وواصلت القوة زحفها الى فزان حيث تمكنت أيضا من هزيمتهم وقتل‬
‫زعيمهم الباضي عبدال بن حيان (‪ )1‬لكن ابن الشعث لم ينجح في إخضاع منطقة فزان لسيطرته رغم نجاحه‬
‫العسكرى فقد تزعمت أسرة بني الخطاب الهوارية الباضية وتمكنت من تاسيس إمارة مستقلة عرفت بإمارة بني‬
‫الخطاب واتخذت من زويلة عاصمة لها ؛ فتاسيس المارة حدث بعد عام ‪ 145‬هـ وليس عام ‪ 144‬هـ (‪.)2‬‬

‫قويت إمارة بني الخطاب فسيطرت على واحات فزان وقامت بدور طليعي في ربط المنطقة بتجارة الصحراء واشتهرت‬
‫زويلة في هذا العصر كمركز تجاري هام سيطر على الطريق الصحراوي الشرقي الذي يمر عبر كوار نحو بحيرة تشاد‬
‫ونهر النيجر وقد ارتبطت زولية عبر هذا الطريق بمصادر ثروات السودان وتجمع فيها التجار من " كل جهة ومنها‬
‫يفترق قاصدهم وتتشعب طرقهم " (‪)3‬‬

‫حافظت المارة على استقللها حتى قيام الدولة الرستمية في تهرت فدخلت ضمن حدودها (‪ )4‬وبعد سقوط الدولة‬
‫الرستمية في آخر القرن الثالث الهجري استقلت المارة مرة أخرى تحت زعامة نفس السرة حتى قضى عليها عام‬
‫‪ 568‬هـ قراقوشي الغزي الناصري مملوك تقي الدين أخ صلح الدين (‪. )5‬‬

‫‪----------------------------------‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫(‪ )1‬ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪.72‬‬

‫(‪ )2‬وضع مارتت قيام هذه المارة بعد هزيمة لبي الخطاب مباشرة عام ‪ 144‬هـ انظر‪:‬‬
‫‪Matin , B.G " Kanim, Bornu and Fazzan ,notes on Political History of a Trade " Journal of‬‬
‫‪.African Histovy ,)Vol.C No 1969(p .18‬‬

‫(‪ )3‬الصطخري ‪ ،‬مالك الممالك ( لندن ‪ )1906‬ص ‪.46‬‬

‫(‪ )4‬اليعقوبي ‪ ،‬كتاب البلدان ( ليدن ‪ )1891‬ص ‪.143‬‬

‫(‪ )5‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 6‬ص ‪.143‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬قيام الدولة الرستمية ( ‪ 160‬ــ ‪ 296‬هـ )‬

‫بعد هزيمة أبي الخطاب وانسحاب عبد الرحمن بن رستم من القيروان في اتجاه الغرب ‪ ،‬أحس عبد الرحمن بن رستم‬
‫بضرورة تعديل الخطة التي اتفق علها مع زملئه في جعل طرابلس نقطة النطلق لتاسيس الدعوة فطرابلس تقع بين‬
‫مركزين هامين للدولة العباسية هما مصر والقيروان وقيام أي قوة مناوئة للخلفة بين هاتين النقطتين يعني ضياع‬
‫ولية أفريقية ولذلك بدأ عبد الرحمن بن رستم يمهد الستقرار في المغرب الوسط ويؤيد ذلك تأسيسه لمدينة تيهرت‬
‫منذ عام ‪ 147‬هـ ‪ 764 /‬م (‪.)1‬‬

‫اتسعت المدينة في الفترة التي أعقبت تأسيسها حتى إعلن قيام الدولة في عام ‪ 160‬هـ ‪776 /‬م وازداد عمرانها‬
‫بتوافد الباضية عليها ولذلك ذهبت بعض الروايات الى تاسيس المدينة عام ‪160‬هـ (‪ )2‬فقد اتجه عبدالرحمن بن‬
‫رستم منذ أن غادر جبل فحج جنوب تيهرت والذي التجأ اليه أمام قوات ابن الشعث اتجه الى موضع تيهرت واتخذها‬
‫مقراً له ‪،‬وليس هنالك سبب يجعل استقراره مؤقتاً في تلك المنطقة بحيث ل يشرع في تاسيس المدينة ومما يؤكد‬
‫اتساع المدينة قبل إعلن الدولة خروج عبدالرحمن بن رستم منها في خمسة عشر ألف أباضي للمشاركة في حصـــار‬
‫طبنة عام ‪151‬هـ ‪768/‬م (‪.)3‬‬

‫كانت الدولة العباسية تسعى لتقوية قبضتها في المغرب الوسط فبدأت في تحصين مدينة طنبة في الذاب لتخاذها‬
‫مركزاً يساعد القيروان في ضرب الثوار وشعر الصفرية بخطورة تحصين طنبة وكانوا قد بايعوا منذ عام ‪148‬هـ ‪/‬‬
‫‪765‬م أبا قره بالخلفة(‪ ، )4‬ولذلك قرروا مهاجمة طنبة واستنفروا الباضية فالتف " أمراء القبائل من كل فج‬
‫واجتمعوا في إثني عشر ألف عسكرا" توجهوا الى الذاب وكان أمراء المغرب في ذلك الوقت ورؤساؤهم أبو قرة‬
‫الصقري في أربعين ألفا وعبدالرحمن بن رستم الباضي في خمس عشر ألفا وأبو حاتم في عدد كثير " (‪. )5‬‬

‫لم يتمكن الحلف من تحقيق انتصار سريع إذ تمكن عمرو بن حفص ـ والي أفريقية الذي كان في داخل طبنة ـ من‬
‫اثارة الفتنة بين صفوف الصفرية فانسحبوا من الميدان ثم انهزم عبد الرحمن بن رستم وتقهقر الى تيهرت عام‬
‫‪151‬هـ ‪769 /‬م اما ابو حاتم الذي كان يتزعم اباضية طرابلس (‪ )6‬فقد تمكن من احتلل طرابلس عام ‪ 154‬هـ ثم‬
‫توجه الى القيروان وفرض عليها الحصار ‪.‬‬

‫قدر عمرو بن حفص وهو في طنبة خطورة الموقف إذا ما سقطت القيروان ولذلك خاطر بدخولها رغم الحصار‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ل ‪ ،‬لكن الحصار اشتد على القيروان وأدى سقوط طرابلس الى توافد‬ ‫المضروب عليها وتمكن من تحقيق ذلك فع ً‬
‫الباضية على القيروات لدرجة جعلت ابن خلدون يبالغ في تقديرهم إذ جعلهم " ثلثمائة وخمسون ألفا ‪ ،‬الخيل منهم‬
‫خمسة وثلثون الفا ‪ ،‬وكانوا كلهم أباضية " (‪ )7‬ولم تتمكن القيروان من صد المحاصرين وقتل عمرو بن حفص‬
‫واستسلمت المدينة فدخلها أبو حاتم عام ‪ 154‬هـ ‪770 /‬م ‪.‬‬

‫تمكن الباضية مرة أخرى من عزل أفريقية وإنهاء تبعيتها للخلفة المركزية لكن لم يعقب الستيلء على القيروان‬
‫إعلن قيام الدولة ولم يتحرك عبد الرحمن بن رستم من تيهرت وربما دل ذلك على إحساسه بضرورة التريث في‬
‫المغرب الوسط واتخاذ تيهرت مركزاً لعلن قيام الدولة (‪ )8‬وسرعان ما تحركت الدولة العباسية فأعدت قوة قدرت‬
‫بتسعين ألفا تحت قيادة يزيد بن حاتم التقى ابن حاتم بطليعة تلك القوة في مغمداس وتمكن من تحقيق انتصار سريع‬
‫لكنه تراجع أمام وصول باقي القوات العباسية والتجأ بجبل نفوسة ‪ ،‬حيث لحقته جيوش العباسين فهزم أبو حاتم‬
‫وقتل عام ‪155‬هـ ‪771/‬م (‪ )9‬وأعادت الخلفة سيطرتها على ولية أفريقية ‪.‬‬

‫ظل عبد الرحمن بن رستم في تيهرت أبان حروب أبي حاتم وبعد سيطرة القائد العباسي يزيد بن حاتم على القيروان‬
‫لم يحاول الوصول أليه وقنع كل منهما بالحتفاظ بما تحت يده وقد أدت الهزائم التي لحقت بالباضية في طرابلس‬
‫وجبل نفوسة إلى ازدياد هجرتهم إلى تيهرت خاصة الفترة التي أعقبت هزيمة أبي حاتم وتأكدوا صعوبة الحتفاظ‬
‫بولية أفريقية واتفقت كلمتهم على اعلن قيام الدولة في المغرب الوسط وبويع عبد الرحمن بن رستم إمام ًا لها في‬
‫تيهرت عام ‪160‬هـ ‪776/‬م (‪.)10‬‬

‫لم تقم الدولة العباسية بإجراءات عسكرية كبيرة للقضاء على الدولة الباضية كما فعلت من قبل ففي سنوات قليلة ـ‬
‫عهدي عمرو بن حفص وأول عهد يزيد بن حاتم ـ خاضت جيوش الدولة العباسية الكثير من الحروب وفي المغربيين‬
‫الدنى والوسط قدرهما ابن خلدون بثلثمائة وخمسة وسبعين حرباً (‪ )11‬ولم تثمر تلك الحروب في القضاء على‬
‫الثورات وقد ادى هذا الوضع الى مراجعة الدولة العباسية لسياستها في المنطقة وركزت على الحتفاظ بمنطقتي‬
‫طرابلس والقيروان ولم تتدخل بعد في المنطقة غرباً اذ قامت دولة الصفرية في سجلماسة في أول العقد الخامس ثم‬
‫أعلن قيام الدولة الرستمية في اول العقد السابع وقامت دولة أل دارسة في أول العقد الثامن ثم قامت دولة الغالبة‬
‫ممثلً للخلفة في أول العقد التاسع ودخل إقليم المغرب في مرحلة جديدة من تاريخه ‪.‬‬

‫وأدت محاورة الرستميين للدولة العباسية التي كانت تسيطر على بعض مناطق تجمعات الباضية الى توتر العلقات‬
‫بين الجانبين وفي مطلع العقد الثامن من القرن الهجري الثاني أحس عبد الرحمن ان الدولة تحتاج الى فترة هدوء يتم‬
‫فيها تنظيم أدارته فسعى إلى والي أفريقية روح بن حلتم ‪71/174‬هـ ‪87/790‬م ونجح في تحقيق ذلك (‪. )12‬‬

‫لم تكن حدود الدولة الرستمية عند بداية قيامها واضحة في المنطقة الشرقية ولم تؤد الهدنة السابقة إلى هدوء‬
‫العلقات فجبل نفوسة الذي تعود دائما على سلطة العباسيين لم يخرج فقط من تحت لواء ولية أفريقية بل كان بمثابة‬
‫المطرقة للخلفة وتطلع اباضية طرابلس إلي جبل نفوسة لمساعدتهم على النضمام إلى الدولة الرستمية وقد كانت‬
‫الحرب التي خاضها الباضية طرابلس بمساعدة حبل نفوسة وتحت أشراف عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم‬
‫فاصلة فيما يتعلق بمصير اباضية طرابلس إذ قنعت دولة ال غالبة بالسيطرة على مدينة طرابلس أما ما حولها من‬
‫مناطق الباضية فقد صارت تابعة للدولة الرستمية ‪.‬‬

‫وضح التفاق السابق حدود الرستميين الشرقية التي امتدت حتى سرت شرقاً ‪ ،‬اما في الغرب فلم تمتد حدودها بعد‬
‫عن تيهرت فلم تتعدى واد شلف (‪ )13‬وقد امتدت حدود الدولة جنوباً فشملت واحات فزان حيث ضمت إمارة بني‬
‫الخطاب كما ضمت جبل نفوسة وبلد الجريد وانضم الى الدولة الرستمية اباضية جزية جربة بينما ظلت مجموعة‬
‫كبيرة من الباضية داخل القيروان وكان لهم مفتيان على مذهبهم في النصف الول من القرن الثالث الهجري (‪. )14‬‬

‫لم يكن للمام ـ الذي يجري اختياره بانتخاب حر مباشر ـ سلطة مباشر تفرضها الحكومة المركزية على المناطق‬
‫التابعة للدولة فكان ارتباط فزان وجربة وجبل نفوسة بتيهرت ارتباطاً روحي ًا أكثر منه سياسياً ولم تقم الدولة‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الرستمية بفرض الضرائب على رعاياها واكتفــت بالزكاة فقط وقـد وفـرت الـدولة الحـرية لكـل المـذاهب الســلمية (‬
‫‪. )15‬‬

‫‪---------------------------‬‬

‫(‪ )1‬هذة رواية ابن خلدون ‪ ،‬وهناك رواية تجعل تأسيس المدينة لحقا ‪.‬‬

‫(‪ )2‬ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪.196‬‬

‫(‪ )3‬يرجح سعد زغلول أن مدينة تيهرت أسست بعد فشل عبد الرحمن بن رستم في العودة الى أفريقية عام ‪ 151‬هـ وهو التاريخ الذي‬
‫انهزم فيه عبد الرحمن امام عمرو بن حفص ولكن هذه الهزيمة ل يمكن اعتبارها حاسمة لدرجة اقنعت عبد الرحمن بترك فكرة ايجاد‬
‫عاصمة في افريقية لن طرابلس كانت قد سقطت على يد ابي حاتم وانحصرت بذلك القيروان مما يساعد عبد الرحمن بن رستم في النظر‬
‫اليها لو كانت لديه فكرة باتخاذ عاصمة في تلك المنطقة ‪ .‬انظر سعد زغلول ‪ :‬تاريخ المغرب العربي ص ‪. 374‬‬

‫(‪ )4‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 1‬ص ‪. 112‬‬

‫(‪ )5‬ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪ ، 75‬انظر كذلك ابن خلدون ج ‪ 6‬ص ‪.112‬‬

‫(‪ )6‬ذكرت مصادر الباضية أن أباضية طرابلس بايعوا ابا حاتم بالمامة وهي " إمامة دفاع وليست إمامة ظهور " ويشير هذا الى ان ابا‬
‫حاتم كان يعمل تحت توجيه عبد الرحمن بن رستم ‪ .‬انظر الشماخي ‪ ،‬السير ص ‪ 138‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪.13‬‬

‫(‪ )7‬لبن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 1‬ص ‪.113‬‬

‫(‪ )8‬الفترة الواقعة بين هزيمة ابي الخطاب عام ‪ 144‬هـ واعلن قيام الدولة الباضية في تيهرت غير واضحة التفاصيل فيما يتعلق‬
‫بالمامة ‪ ،‬فبينما التجاه العام في مؤلفات الباضية هو امامة عبد الرحمن بن رستم بعد وفاة ابي الخطاب واتفاقها ان امامة ابي حاتم كانت‬
‫امامة دفاع فقط ‪ ،‬أي ليست امامة ظهور كامامة ابي الخطاب ‪ ،‬لم توضح ذلك المؤلفات الكيفية التي تم بها اختيار عبد الرحمن بن رستم‬
‫اماما" خلفا" لبي الخطاب ‪ .‬ويؤرخ محمد علي دبوز لقيام الدولة في تيهرت بعام ‪ 144‬هـ ‪ .‬وفي ذات الوقت ذكر علي يحيى معمر ان ابا‬
‫حاتم هو المام الثالث الذي بايعه المسلمون في منطقة طرابلس بعد عبد الجبار وابي الخطاب ‪ .‬انظر ‪ :‬الدرجيني ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ 37‬ـ ‪، 40‬‬
‫الشماخي ‪ ،‬السير ص ‪138‬ـ ‪ ، 139‬محمد علي دبوز المرجع السابق ص ‪ ، 423‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التــــاريخ الحلقة‬
‫الثالثة ص ‪. 45‬‬

‫(‪ )9‬ابن غزاري ‪ ،‬المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪.78‬‬

‫(‪ )10‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ 40‬ذكر تاريخا" اخر لقيامها وهو ذ ‪ 62‬هـ ‪ ،‬الشماخي ‪ ،‬السير ص ‪139‬‬

‫(‪ )11‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 6‬ص ‪.113‬‬

‫(‪ )12‬المرجع نفسه والجزء ص ‪.154‬‬

‫(‪ )13‬سعد زغلول ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.396‬‬

‫(‪ )14‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬القسم الثالث ص ‪.47‬‬

‫(‪ )15‬المرجع السابق ص ‪.211‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫علقة الدولة الرستمية الخارجية‬

‫ظلت الصلة قوية بين أباضية المشرق و أباضية المغرب وكان علماء تيهرت ونفوسة وجربة يحترمون أخوانهم في‬
‫المشرق ويعتبرونهم الساس الذي قام عليه المذهب وكان علماء المغرب يلتمسون المشورة في كثير من أمور دينهم‬
‫ودنياهم من أمة المشرق ويحترمون آرائهم وينفذون نصائحهم فقد احتكم المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن‬
‫رستم والمنشقين عليه الى المام الربيع بن حبيب في البصرة واقنعت أجابته جانبا كبيراً من المعارضين وكان أباضية‬
‫المشرق بدورهم يولون اهتمام ًا كبيرًا بالدولة في المغرب ويدعمونها ويرقبون مدى التزام ولتها وتقيدهم في حكمهم‬
‫بالدين وتعاليم المذهب (‪. )1‬‬

‫وارتبط الباضية كذلك بعلقات قوية مع الصفرية في سجلماسة ويبدوا ان الصفرية قد اعتدلوا كثيراً وجدث تقارب‬
‫كبير بين المذهبين حتى اتبع الكثير من الصفرية المذهب الباضي (‪ )2‬وقد أدى هذا التقارب الى عدم التميز بين‬
‫الفرقتين في بعض الحيان كما فعل ابن خلدون عندما تحدث عن ابي القاسم سمكد بن واسول امير سجلماسة بانه‬
‫كان " اباضياً وصفرياً "(‪ )3‬وقد ازدادت العلقات قوة بين الدولتين عندما زوج عبد الرحمن بن رستم ابنته إلى‬
‫مدرار بن اليسع حاكم سجلماسة (‪.)4‬‬

‫اما دولة الغالبة الممثلة للخلفة العباسية في المغرب فقد كان طابع العلقات العام معها ـ رغم العداء التقليدي ـ هو‬
‫المهادنة فقد قنع الغالبة بما تحت ايديهم في افريقية واتجهوا الى التوسيع في البحر المتوسط وبعد حـــــروب عام‬
‫‪ 196‬هـ ‪ 811/‬م والتي وضحت الحدود بين الدولتين في منطقة طرابلس اتخذت العلقات طابعًا سلمياً وكان التعاون‬
‫في ميدان التجارة واضحاً اذ كانت كل علقات الغالبة التجارية عبر الصحراء تمر عبر مناطق نفوذ الرستميين الذين‬
‫سيطروا على كل مراكز تجارة القوافل العابرة للصحراء جنوباً نحو السودان وقد حدث التعاون ايضاً بين الدولتين‬
‫عندما تعرضت المنطقة لهجوم العباس بن احمد بن طولون عام ‪267‬هـ ‪885 /‬م فقد تصدت له قوات نفوسة (‪. )5‬‬

‫وقبل سقوط الدولتين الرستمية والغلبية حدث صدام بن ابراهيم بن احمد بن الغلب و أباضية نفوسة اورد الدرجيني‬
‫تفاصيله ‪ ،‬فذكر ان الخليفة العباسي المتوكل عزم على الهجوم على تيهرت واعد لذلك جبشاً تحت قيادة ابراهيم بن‬
‫احمد اعترضت نفوسة طريق الجيش ولم تسمح له بالمرور الى تيهرت فوقعت معركة كبرى انتهت بهزيمة نفوسة‬
‫في موقعة مانوا عام ‪ 283‬هـ ‪ 896/‬م قتل فيها ‪ 12‬الف من الباضية (‪ )6‬وقد اثرت هذه الحرب على قوة الدولة‬
‫أباضية من بين السباب التي ادت الى سرعت تسليمها للدولة العبيدية ‪.‬‬

‫وقد توطدت العلقات بين الرستميين والمويين وزاد من توطيدها وقوف الدولة الرستمية امام اطماع الدولة العباسية‬
‫في المغرب وظلت الصلت طيبة بين قرطبة وتيهرت وكانت السفارات دائمة بينهما تحمل الهدايا والتهاني خاصة عند‬
‫انتصار المسلمين على اعدائهم في الشمال ولم تنحصر تلك العلقات في اطار المحاملت الدبلوماسية فقط بل تعدتها‬
‫الى جوانب اخرى فقد أسهمت الجالية ال أباضية في الندلس بدورها في الحياة العامة كما شارك بعض افراد البيت‬
‫الرستمي في الحياة السياسية في بلط قرطبة اذ تولى حفيدين لعبد الرحمن بن رستم الوزارة والحجابة لدى‬
‫عبدالرحمن بن حكيم وعبد الرحمن الثاني (‪ )7‬كما كان للجالية الندلسية في تيهرت اثارها على الحياة الثقافية‬
‫والتجارية في الدولة الرستمية وكانت الدولة الرستمية تمثل الجسر الذي ربط الندلسيين بالمشرق السلمي (‪.)8‬‬

‫وكانت ارتباطات الباضية قوية مع مراكز وممالك السودان قبل قيام الدولة الرستمية فكانت إمارة بني الخطاب‬
‫الباضية في زويلة دائمة التصال بغرب افريقية عبر الطريق الشرقي من الصحراء الكبرى وبعد قيام الدولة‬
‫الرستمية انتظمت تلك العلقات خاصة وان الباضية في عهد الرستميين سيطروا على كل مداخل الصحراء ما بين‬
‫سجلماسة وزويلة ولم تنحصر العلقات على قوافل التجارة فقط بل كانت السفارات تتردد بين تيهرت وملوك السودان‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وقد اسهبت مصادر الباضية في وصف زيارة ابن عرفة للسودان في عهد المام ابي بكر بن افلح ‪ 240‬ـ ‪ 241‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 854‬ـ ‪ 855‬م (‪ )9‬كانت البيوت التجارية في جبل نفوسة ترتبط ـ ايضا" ـ بعلقات قوية مع مراكز السودان التجارية‬
‫‪.‬‬

‫ادت تلك العلقات الى إسهام الباضية بنصيب كبير في انتشار السلم في السودان وذلك لن السلم صاحب‬
‫التجارة ‪ ،‬فقد كان التجار يمثلون الطلئع التي وصلت بالدين السلمي الى كل المناطق الواقعة جنوبي الصحراء‬
‫الكبرى ‪ .‬الى جانب ذلك كان الباضية يعتمدون على مجموعة عرفت تحت اسم اهل الدعوة كانت مهمتها نشر الدين‬
‫السلمي وكان أهل الدعوة يصحبون القوافل الى السودان لداء مهمتهم ‪.‬‬

‫ولم ينته ذلك النشاء بسقوط الدولة الرستمية بل استمرت مراكز الباضية في ورجلن وجبل نفوسة تمارس التجارة‬
‫وتقوي صلتها بالسودان وقد نزحت مجموعة من الباضية واستقرت جنوب الصحراء مما ساعد في تقوية صلت‬
‫تلك المناطق بالشمال وقد أشار ابن بطوطة الى إحدى تلك المجموعات التي استقرت جنوبا" والتا بالقرب من نهر‬
‫النيجـر (‪. )10‬‬

‫‪---------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬الحارثي العماني ‪ ،‬العقود الفضية ص ‪. 154‬‬

‫(‪ )2‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في مزكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة الثالثة ص ‪.47‬‬

‫(‪ )3‬ابن خلدون ‪ ،‬العبر ج ‪ 6‬ص ‪.130‬‬

‫(‪ )4‬ابن غزاري المراكشي ج ‪1‬ص ‪.57‬‬

‫(‪ )5‬المرجع اعله ج ‪ 6‬ص ‪118‬ـ ‪.129‬‬

‫(‪ )6‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪87‬ــ ‪.89‬‬

‫(‪ )7‬ماريا خيسوس فيغيرا "محمد وعبد الرحمن بن رستم في قرطبة " العدد ‪45‬ص ‪.71 ،65 ، 61‬‬

‫(‪ )8‬السيد عبد العزيز سالم ‪ ،‬المغرب الكبير ‪ ،‬العصر السلمي ( القاهرة‪ ،‬الدار القومية للطباعة والنشر ‪1966‬م) ج ‪ 2‬ص ‪570‬ــ ‪.571‬‬

‫(‪T.Lewieki,"L Etat nord africain de Tahert et ses rele tionns avec Soudan occidental a la )9‬‬
‫‪. fin du V111 et au 1X sieclex Cahiers d Etudes Africaines.)Vo1.11,1962(,P.P 523 _ 526‬‬

‫(‪ )10‬ابن بطوطة ‪ ،‬الرحلة‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر ‪1964،‬م) ص ‪.680‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الســرة الــرستمــية‬

‫حافظت السرة الرستمية (‪ )1‬على المامة في تيهرت حتى نهاية الدولة رغم ان المذهب الباضي ل يعترف بالوراثة‬
‫في الحكم وقد سبب ذلك ظهور بعض الجماعات المعارضة التي حملت السلم ضد السرة الرستمية ‪ ،‬وقد استندت‬
‫السرة الى الرأي الذي يقل بجواز ولية المفضل مع وجود الفضل " اذ وجدت في المفضل مزايا ترجحه ليست‬
‫للفضل "(‪ )2‬وبالطبع فإن الئمة لم يرثوا المامة بالتعين او ولية العهد بل كان يتم اختيارهم عن طريق مجلس‬
‫الشورى المكون من العلماء الكبار ذوي الشخصيات البارزة في الدولة ‪.‬‬

‫تعرضت السرة الرستمية الى اول معارضة بعد وفاة المام عبد الرحمن بن رستم فقد ترك أمر المامة شورى بين‬
‫سبعة من كبار العلماء بينهم ابنه عبد الوهاب وأبو قدامه يزيد بن فندين اتفقت الجماعة عل بيعة عبد الوهاب بن عبد‬
‫الرحمن غير ان ابن فندين اشترط لعبد الوهاب بن عبد الرحمن " ال يقضي في شئ دون مشورة جماعة مخصوصة‬
‫من الناس "(‪ )3‬فأجابه احد العلماء " ل تعلم في الولية شرطاً غير ان يحكم فينا بكتاب ال وسنة نبيه " (‪ )4‬وتمت‬
‫البيعة دون ان تثير جد ًل ‪.‬‬

‫كان ابن فندين يرى في نفسه الكفاية والقدرة ‪ ،‬وبدأ في إثارة الناس زاعماً ان المامة باطلة لن عبد الوهاب لم ينفذ‬
‫الشرط الذي عليه وقت البيعة وهو استشارة جماعة خاصة وحدث الخلف بين الناس وأرسلوا الى امام الباضية‬
‫بالبصرة الربيع بن حبيب يستفتونه ‪ .‬استثمر هذا الخلف شخص آخر من الباضية كان مقيماً بمصر وهو أبو‬
‫المعروف شعيب ابن معروف وكان قد اختلف مع ابي عبيدة في مسألة القدر حضر ابو المعروف الى تيهرت ليلفت‬
‫انتباه الناس اليه طامعا" في المامة (‪.)5‬‬

‫وانضم ابو المعروف الى ابن فندين ولما كان غرضهما هو الوصول الى الحكم فقد ألب الناس قبل وصول الفتوى من‬
‫البصرة لعلهما بأنها لن تكون في صالحهما (‪ )6‬حمل المعارضون السلح ضد عبد الوهاب ودارت الحرب بين‬
‫الطرفين انتهت بوفاة ابن فندين وعرف اصحابة اسم النكار وتميز الباضية الخرون باسم الباضية الوهبية ويرى‬
‫علماء الباضية ان النكار خرجوا على المذهب لخلفهم جمهور الباضية في مسائل أخرى كثيرة (‪. )7‬‬

‫ظلت معارضة النكارية في منطقة طرابلس حيث قويت مرة أخرى بعد تولية أفلح بن عبد الوهاب عام ‪238‬هـ ‪/‬‬
‫‪852‬م خرج المعارضون تحت قيادة خلف بن السمح غير ان اباضية الجبل تمكنوا من القضاء عليهم وقد تعرض ابو‬
‫بكر بن افلح ايضا لضطرابات شديدة في داخل تيهرت فتمكن اخوه ابواليقظان بن افلح بعد بيعته من تهدئتها واعاد‬
‫للمامة هيبتها في فترة حكمه الطويلة التي امتدت حتى عام ‪281‬هـ ‪892/‬م وبعد وفاة ابي اليقظان تجدد النزاع‬
‫واختلف الناس على ابنه المام ابي حاتم وخرج عليه عمه يعقوب فدارت الحرب بينهما وحسمت بعد أربعة أعوام‬
‫لصالح المام ابي حاتم لكنه لقى مصرعه عام ‪294‬هـ ‪906‬م على يد ابنا اخيه وبهذا الحدث انتهت المامة السلمية‬
‫وتبرأ اهل الدولة من اليقظان الذي نصب نفسه والياً على تيهرت واستقلت كل ناحية من الدولة بواليها القديم‬
‫وبمجلس الشورى ولذلك وقعت تيهرت فريسة سهلة في أيدي العبيديين فدخلوها دون حرب عام ‪ 296‬هـ ‪908‬م (‪.)8‬‬

‫‪----------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬يرجع نسب عبد الرحمن بن رستم ال ملوك الفرس فجده الخامس هو ذو الكتاف الملك الفارسي وقد اسلم جد عبد الرحمن وحسن‬
‫اسلمه ‪ ،‬واعتنى بتربية ابنه رستم تربية اسلمية‪ .‬توفي والد عبد الرحمن أثنا تأديته فريضة الحج وكانت تصحبه زوجته وابنه عبد‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫الرحمن صغيرأ‪ .‬وتزوج من القيروان والدة عبد الرحمن واحضرها الى المغرب ‪ .‬انظر محمد علي دبوز المرجع السابق ص ‪290‬ــ ‪.300‬‬

‫(‪ )2‬علي يحي معمر الباضية بين الفرق السلمية ص ‪.262‬‬

‫(‪ )3‬كانت مهمة مجلس الشور إعادة المامة في سياسته ومراقبته ‪.‬‬

‫(‪ )4‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪.47‬‬

‫(‪ )5‬علي يحي معمر الباضية بين الفرق السلمية ص ‪258‬ــ ‪.262‬‬

‫(‪ )6‬اتت الفتوى لصالح عبد الوهاب تنص على ان ليس من سيرة المسلمين ان يجعلوا شرطا" في المامة بان ل يقضي المام امرا دون‬
‫جماعة ‪ .‬الحارثي العماني ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.154‬‬

‫(‪ )7‬علي يحي معمر الباضية بين الفرق السلمية ص ‪.262‬‬

‫(‪ )8‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪49‬ـ ‪ 95 ، 51‬الشماخي ‪ ،‬السير ص ‪ ، 272، 262 ،222‬ابن غزاري المراكشي ج ‪ 1‬ص ‪.197‬‬

‫الباضـية بعـد سقــوط الــدولة‬

‫لم تقتل الضربة التي اصابت الباضية في تيهرت من قبل العبيديين بل بثت الروح في دولتهم فنظموا معارضتهم من‬
‫داخل تيهرت وذكر ابن عذارى أنهم انتصروا على الوالي الشيعي وقتلوا أكثر اصحابه وكانوا الف فارس " لكن‬
‫عززت الدولة العبيدية موقفها وارسلت اليهم اعداداً عظيمة وخلق ل يحصى كثرة " تمكن من انزال هزيمة قاسية‬
‫بالباضية بالمدينة وقتل اللوف من سكانها (‪. )1‬‬

‫أدت هذه الهزيمة الى هجرة جماعات كبيرة من الباضية جنوبا فاستقروا في ورجلن بعيدا" عن قبضة الشيعة‬
‫فورثت ورجلن الحضارة الرستمية في المغرب الوسط وعمروا منطقة سدراته الواقعة الى الجنوب من ورجلن‬
‫بسبعة اميال فظهرت القرى العظيمة التي عرفت باسم السبع مدن (‪ )2‬وصف الدريسي سكانها بانهم " قبائل مياسير‬
‫وتجار أغنياء "(‪.)3‬‬

‫اما أباضية منطقة طرابلس فقد حاولو مقاومة الشيعة وتقدمو حتى حاصروا طرابلس ولكنهم انهزموا من الشيعة عام‬
‫‪ 218‬هـ ‪910 /‬م (‪ )4‬وتركز الباضية بعدها في جبل نفوسة حيث اكتفت الدولة الشيعية بكسر شوكتهم وقبولهم‬
‫السيادة السمية فقط فكان اهل الجبل يختارون من بينهم من يقوم بامرهم له نفس صلحيات المام ولكن دون ان‬
‫يطلق عليه اللقب ‪.‬‬

‫وفي جربة حافظ الباضية على حيادهم في اول عهد الدولة العبيدية لكن اتجه الشيعة نحو البحر وبناء الساطيل‬
‫احتلوها عام ‪311‬هـ ‪923‬م فخضعت لهم خضوعًا مباشر وقد عانى اهل جربة قسوة الحكم الشيعي فسعوا للتخلص‬
‫منه ‪ ،‬انضمت جربة الى ثورة ابي يزيد بن كيداد (‪ )5‬في بدايتها لكنهم انسحبوا من تايده وعادوا الى حكم الشيعة مرة‬
‫اخرى واثمرت جهودهم بالخلص من الحكم الشيعي في الفترة الواقعة بين ‪350‬ـ ‪ 431‬هـ ‪961/‬ـ ‪1039‬م (‪)6‬‬

‫وبعد ضعف النفوذ العبيدي في المغرب بانتقال مركزهم الى مصر سيطر الصهناجيون على أفريقية وعاش الباضية‬
‫حياة هادئة تحت ظلهم حتى في داخل القيروان (‪ )7‬وظل الباضية منذ ذلك التاريخ يحافظون على كيانهم وتراثهم في‬
‫ميزاب وجبل نفوسة وجربة وقد ساعد على ذلك النظام الذي التزم به الباضية في حياتهم واعتبروه البديل لدولتهم‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وهذا النظام يتولى الشراف على جميع نواحي الحياة في المجتمع الباضي وهو ما اصطلح على تسميته بنظام‬
‫العزابة‪.‬‬

‫‪--------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬ابن غزارى ‪،‬ح ‪ 1‬ص ‪165‬ـ ‪.166‬‬

‫(‪ )2‬السيد عبد العزيز سالم ‪ ،‬المغرب الكبيرص ‪ 581‬محمد بن تاوت " دولة الرستميين اصحاب تيهرت " معهد الدراسات السلمية في‬
‫موريد ( مجلد ‪ 5‬عدد ‪ 2، 1‬عام ‪1957‬م) ص ‪.127‬‬

‫(‪ )3‬الدريسي ‪ ،‬صفة المغرب وارض السودان ومصر والندلس (ليدن ‪)1864‬ص ‪.120‬‬

‫(‪ )4‬ابن غزاري المراكشي ‪،‬ح ‪ 1‬ص ‪.163‬‬

‫(‪ )5‬ثار ابو محمد بن كيداد ضد الدولة العبيدية عام ‪ 316‬ـ ‪336‬هـ وهو في طائفة النكار ايده اول المر بعض الباضية لكنهم انسحبوا من‬
‫تاييده ‪ .‬الدرجيني ج ‪ 1‬ص ‪. 101، 100. 97‬‬

‫(‪ )6‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة الثالثة ص ‪217‬ـ ‪.218‬‬

‫(‪ )7‬المرجع اعله ص ‪.48‬‬

‫نظـــام العـــزابة‬

‫اشتقت كلمة عزابة من العزوب عن الشيء وهو البعد عنه أو العزابة بمعنى العزلة والغربة ويقصد بها في هذا‬
‫الستعمال النقطاع إلى خدمة المصلحة العامة والسباب التي أدت إلى تطبيق هذا النظام هي الظروف التي مرت‬
‫بالباضية منذ نهاية القرن الهجري الثالث فسعى العلماء إلى وضع أسس يمكن عن طريقها تطبيق الشريعة السلمية‬
‫بين تجمعات الباضية ما دامت الدولة القائمة عاجزة عن ذلك وما دامت الظروف ل تمكنها من إعادة بناء دولتهم (‬
‫‪. )1‬‬

‫وأول من تصدى لهذا العمل هو العالم الباضي الكبير عبد ال محمد بن أبى بكر القرسطائي في أواخر القرن الرابع‬
‫الهجري (‪.)2‬‬

‫درس أبو عبد ال الوضاع العرفية التي كانت تحكم المجتمع الباضي مستندًا إلى تشريعات السلم فوضع دستورًا‬
‫عرف " بنظام العزابة" يعتبر من اقدم القوانين التي وضعت في المجتمعات السلمية ثم جاء بعد ابي عبد ال عدد‬
‫من العلماء عنوا بدراسة هذا القانون و أضافوا أليه بعض المواد أطلق عليه " سيرة العزابة"‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫فالعزابة ‪ ،‬هي هيئة محدودة العدد تعمل وفقاً لضوابط معينة للشراف الكامل على شؤون المجتمع الباضي الشؤون‬
‫الدينية والجتماعية والسياسية ويمثل العزابة المام ويقومون بعمله في حالة غياب الدولة الباضية ويجب توفر‬
‫شروط محددة في الشخص لكي ينضم في حلقة العزابية من أهم هذه الشروط حفظ كتاب ال تعالى ‪ ،‬واستكمال مراحل‬
‫الدراسة مع الرغبة في مواصلة العلم وان يكون الشخص متدين ًا عفيفاً طاهر الباطن والظاهر هذا من الناحية العلمية‬
‫وعلى الشخص أيض ًا المحافظة على زي العزابة الرسمي وأن ل تكون له مشاغل دنيوية تجعله يتردد على السواق‬
‫والمحال العامة حفاظ ًا على مهابته‪ ،‬وقد روعيت هذه الشروط بدقة في قبول الشخص في الحلقة وذلك للمهام الكبرى‬
‫التي توكل إليه من داخل حلقات العزابة ‪.‬‬

‫وتلك المهام يمكن تقسيمها إلى ‪:‬‬

‫‪ . -1‬الشراف العام على كل ما يتعلق بالمجتمع الباضي وهي الوظيفة البديلة لوظيفة المام ‪ ،‬ويقوم بهذا المنصب‬
‫شيخ حلقة العزابة ‪.‬‬

‫‪ -2‬القضاء فيما يقع بين الناس من مشاكل والفصل في القضايا ورد الحقوق إلى أهلها وتأديب العصاة والمجرمين‬
‫وحفظ الموال ومراقبتها والحراسة على أموال الناس‪.‬‬

‫‪ . -3‬ضبط ميزانية الحلقة بالشراف على الوقاف وتنميتها وصيانتها ورصد الصادرات والواردات ‪.‬‬

‫‪ -4‬الشراف على الشؤون الجتماعية وتفقد أحوال الناس لتقديم المساعدات سواء من ميزانية الحلقة أو بتكلف ذوي‬
‫اليسار أو بإيجاد العمال لمن له القدرة على ذلك ‪.‬‬

‫‪ -5‬الشراف على التعليم والعمل على إتاحة الفرصة لكل الطفال لينالوا قسطا منه ورصد جزء من ميزانية الحلقة‬
‫لعمال التعليم وإعانة الطلبة ‪.‬‬

‫‪ . -6‬الشراف على العلقات الخارجية بين المجموعات الباضية وبينها وبين غيرها وتنظيم تلك العلقات في حالتي‬
‫السلم والحرب ‪.‬‬

‫فحلقة العزابة بذلك تكون حكومة متكاملة بالمفهوم الحديث على رأسها رئيس الوزراء هو شيخ العزابة وتتالف‬
‫وزاراته من وزراء للعدل والخزانة والوقاف والشؤون الجتماعية والتعليم والخارجية فكيف يتم اختيار تلك الحكومة‬
‫؟‬

‫نص قانوني العزابة على تكوين حلقة عزابة في كل بلد او قرية يراعى في الختيار شروط العضوية ما امكن ذلك ثم‬
‫تكون مجالس على مستوى المناطق تمثل فيها حلقات القرى والمدن ومن مجالس المناطق يكون مجلس أعلى للعزابة‬
‫يسمى " الهيئة العليا للعزابة " يرأسه شيخ العزابة الذي يمثل المام ومقر هذه الهيئة هو مركز البلد او عاصمتها‬
‫وتعقد الهيئة العليا اجتماعات دورية مرة كل ثلثة او ستة أشهر ومتى دعت الحاجة الى الجتماع ‪ ،‬ويحضر‬
‫الجتماعات الدورية ممثلون لجميع حلقات العزابة تنظر الهيئة العليا في الحداث الكبرى كمسائل الحدود والمن العام‬
‫وتطرح فيه المصاعب التي تواجه حلقات العزابة الصغرى ‪.‬‬

‫ومقر حلقة العزابة هو المسجد ولذلك يقام الى جانب المسجد بيت خاص بالعزابة تكون مقرًا لحلقاتهم وفي العادة‬
‫تتكون الحلقة من عشرة الى ستة عشر عضواً توزع عليهم العمال المنوطة بهم والى جانب المهام السابقة يوكل الى‬
‫افراد الحلقة مهام اخرى إذ يخص افراد لمهمة الذان وحقوق الموتى من غسله والصلة عليه ودفنة وتنفيذ وصيته ‪.‬‬

‫وقد وضعت ضوابط لمعاقبة من يخرج على نظام الحلقة من أعضائها فان ارتكب أي عضو مخالفة يوقع عليه العقاب‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫بقدر الخطأ فان كانت المخالفة صغيرة عقد له مجلس تأديب سري يراجع فيه العضو ‪ ،‬وقد يبعد عن الحلقة لمدة‬
‫تقررها الحلقة ‪ ،‬اما اذا كان الخطأ كبيراً يتصل بمعصية ال حكموا عليه بالبراءة ول يرفع عنه هذا الحكم حتى يتوب‬
‫علناً وليس له الحق في الرجوع الى حلقات العزابة ‪.‬‬

‫تتمتع افراد العزابة بمكانة كبيرة في نفوس المواطنين لسلوكهم الحميد ونزاهتهم وتفانيهم في خدمة المجتمع ولذلك‬
‫فان قراراتهم كانت تنفذ بدقة وترضى بها كل الطراف ‪ ،‬وتوجيهات العزابة يعمل بها عن رضى وقناعة واذا حدث‬
‫وانحرف شخص عن دين ال او تصدى لحكام العزابة أعلن عليه حكم البراءة وتعني عزل الشخص وتبرؤ كل‬
‫المؤمنين منه وينفذ ذلك الصديق والهل ويقطع الناس معاملتهم معه ال بالقدر الضروري فيضطر الى الرجوع لحياة‬
‫الجماعة وإعلن التوبة والندم ‪.‬‬

‫يوجد مجلس استشاري للعزابة هو " منظمة ايروات " وهم جماعة من حفظة القرآن والمشتغلين بالدراسة ولهذه‬
‫المنظمة القوة الثانية بعد العزابة أو كمجلس النواب بالنسبة للشيوخ وقد يسند إليها العزابة بعض العمال (‪.)3‬‬

‫‪----------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬لخص الستاذ على يحيى معمر ‪ ،‬في مؤلفه الباضية في موكب التارخ الحلقة الولى ‪ ،‬نظام العزابة تلخيصا وافيا وفي الحلقة الثانية‬
‫من نفس الكتاب أفرد فصل خاصا عن نظام التربية والتعليم تحدث فيه ايضا عن العزابة وقد اعتمدت على هذين الكتابين فلخصت ـ بتصرف‬
‫ـ المعلومات الواردة هنا ‪.‬‬

‫(‪ )2‬اتفق علي يحيى معمر مع الدرجيني ان اول من وضع نظان العزابة هو ابو عبد ال محمد بن ابي بكر ‪ ،‬وقد ذكر الدكتور احمد مختار‬
‫عمران اول من وضع نظام العزابة هو ابو العباس أحمد بن ابي بكر النفوس في القر نالخامس الهجري ‪ .‬أنظر ‪ :‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ج ‪1‬‬
‫ص ‪ ، 4‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪ 4‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ ،‬الحلقة‬
‫الةلى ص ‪ 107‬والحلقة الثانية ص ‪ 46،47،178‬ـ أحمد مختار عمر ‪ ،‬النشاط الثقافي في لبيا ( مشورات الجامعة الليبة كلية التربية‬
‫‪1971‬م ط الولى ) ص ‪.147‬‬

‫(‪ )3‬أنهى أباضية تونس ولبيا العمل بهذا التشريع منذ القرن الماضي ولكنه ل يزال بين أباضية الجزائر‪.‬‬

‫التعــليــــم‬

‫أولى الباضية اهتماماً كبيراً بالتعليم منذ دخول المذهب الباضي المغرب في أول القرن الثاني الهجري فالتعليم تعتمد‬
‫عليه حركة المذهب وبدونه سوف لن يكون هنالك استيعاب لمبادئه ولن يجد فرصته في النتشار وسط السكان وهذا‬
‫ما حدا بسلمه بن سعيد إلى إيفاد البعثات إلى البصرة للتزود بالعلم ‪.‬‬

‫وبعد عودة البعثة من البصرة تولى كل فرد منها مهمة التدريس وبدأ التعليم المنتظم في مناطق تجمعات الباضية‬
‫فظهرت مدارس أبى درار الغدامسي وعاصم السدراتي وأبى داود القبلي وعبد الرحمن بن رستم قبل انتقاله إلى‬
‫الجزائر (‪. )1‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وبعد قيام الدولة نعم الباضية بالهدوء والستقرار ‪ ،‬ازداد اهتمامهم بالتعليم ووضعت سياسات مرسومة لتعميمة‬
‫والنهوض بمستواه ودأبت الدولة على توفير المعلم والكتاب وأماكن الدراسة ‪ ،‬فإلى جانب المسجد فتحت المدارس‬
‫والداخليات وادخل نظام المدارس المتنقلة ‪.‬‬

‫وفي سبيل توفير العلماء الكفاء لم تتوقف البعثات إلى البصرة ‪ ،‬كما لم تقتصر على المشرق ‪ ،‬بل كان الطلبة‬
‫الباضية يترددون على مراكز العلم الكبرى في العالم السلمي ويحضرون لكبار الستاذة يتزودون بمختلف فروع‬
‫المعرفة ‪ ،‬وبالطبع فإن تعليم المذهب شيء أساس للدرسين اعتمدوا في أول المر أخذه على الئمة الذين تعلموا في‬
‫البصرة ثم بذلك على تلميذهم ‪.‬‬

‫وقد وفرت الدولة للدارسين وبذلت الموال الكثيرة لثراء المكتبات فقد أرسل عبد الرحمن بن رستم ألف دينار إلى‬
‫علماء المشرق ليشتروا بها كتبا فاشترى علماء البصرة بهذا اللف ورقاً ونسخوا له وقر أربعين جملً كتباً وكانت‬
‫خزانة الكتب في تيهرت زاخرة بالمؤلفات في كل مجالت المعرفة وكانت مدن وقرى جبل نفوسة تضم المكتبات الغنية‬
‫‪ ،‬فخزانة نفوسة كان بها الف الكتب في عهد أفلح بن عبد الوهاب (‪)2‬‬

‫ونشطت حركة التأليف وشجعتها الدولة وقد أدى ذلك إلى ظهور بعض المؤلفات باللغة البربرية التي تكتب بالحروف‬
‫العربية ‪ ،‬ورغم ضياع الكثير من المؤلفات الباضية في الحروب والفتن وأثناء الهجمات الستعمارية على المغرب إل‬
‫أن بعض ذلك التراث ل زال موجوداً شاهداً كبيراً على تلك الحركة الكبرى ويحتوي هذا التراث الكثير من المجلدات‬
‫في مواضيع مختلفة ومن اهم تلك المخطوطات المؤلف الكبير في الشريعة السلمية " ديوان الشياخ " في خمسة‬
‫وعشرون جزءًا ألفه سبعة من كبار مشائخ نفوسة وكذلك الموسعة الكبرى " ديوان العزابة " وهذان الثران‬
‫موجودان في ميزاب بالجزائر كما يوجد أيضا" الكثير من المخطوطات في مكتبة جزيرة جربه في تونس وفي جبل‬
‫نفوسة ووزارة ليبيا (‪. )3‬‬

‫أما المدارس فكانت من المرافق التي وجدت عناية خاصة في جميع مناطق تجمعات الباضية وربما كان الباضية من‬
‫أوائل واضعي أسس سليمة ومنظمة للتربية والتعليم وقد تطورت المدارس وتوسعت موفرة الفرص أمام الطلبة العلم‬
‫من حداثة سنهم حتى مرحلة التخرج وكانت الكثير من المدارس تضم أقسام داخلية وتقدم للطلبة الوجبات الغذائية‬
‫والعانات المالية وكان الهتمام بتعليم المرأة مواكب ًا لتعليم الرجل ففتحت المدارس الخاصة بالبنات في بعضها أقسام‬
‫داخلية ليواء الدراسات من الماكن البعيدة كما كانت هنالك مدارس تحضر فيها الطالبات إلى جانب الطلبة (‪. )4‬‬

‫أدى هذا الهتمام المتواصل بالتربية والتعليم إلى تطور أساليب التربية وتنظيم المؤسسات العلمية واستنباط القوانين‬
‫التي تدار بها المدارس بجميع أقسامها من المراحل البتدائية حتى المراحل العليا كما وضعت النظمة للفصول‬
‫الدراسية وانتقال الطالب من مرحلة إلى أخرى وكيفية الختيار ونظمت شؤون بيوت الطلبة والطالبات (‪ )5‬ولذلك‬
‫يعتبر نظام التربية والتعليم الباضي من أكفأ النظمة التي طبقت في عالمنا السلمي ‪ ،‬لكنه لم يجد العناية التامة من‬
‫الدارسين المتخصصين ‪.‬‬

‫‪---------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ الحلقة الثانيه ص ‪. 59‬‬

‫(‪ )2‬الحارثي العماني ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.275‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫(‪ )3‬أحمد مختار عمر ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.111‬‬

‫(‪ )4‬محمد علي دبوز ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪388‬ـ ‪. 414، 389‬‬

‫(‪ )5‬أحمد مختار عمر ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.117‬‬

‫(‪ )6‬انظر مقدمة كتاب الطبقات للدرجيني ‪ ،‬وكذلك علي يحيى معمر ‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية ص ‪ 210‬ـ ‪.211‬‬

‫(‪ )7‬راجع لبفصل الذي اورده علي يحيى معمر عن نظم التربية والتعليم وكذلك الفصل الذي أفرده عن المدارس في مؤلفه ‪ ،‬الباضية في‬
‫موكب التاريخ الحلقة الثانية ص ‪.137 ، 57‬‬

‫التجــــارة (*)‬

‫أسهم الباضية بدور رئيسي في النشاط التجاري في المغرب وتركز هذا النشاط بصفة خاصة في تجارة الصحراء فقد‬
‫اهتم المسلمون أهتمام ًا كبيراً بهذا الجانب لضمان وصزل سلع المناطق الواقعة الى الجنوب من الصحراء الكبرى‬
‫بانتظام وكان الهتمام يتجه بصفة خاصة الى التبر فقد خطى المسلون الى الدور الكبير الذي يلعبه ذهب غرب أفريقية‬
‫على القتصاد العالمي في ذلك الوقت (‪.)1‬‬

‫قادت أسرة بني الخطاب الباضية هذا النشاط في الجزء الشرقي من الصحراء الكبرى وذلك لوقوع عاصمتهم زوياة‬
‫في قلب الصحراء ولسهولة ارتباطها شمالً بحوض البحر المتوسط وجنوبا بحوض بحيرة تشاد وحوض النيجر‬
‫الوسط ففي الشمال ارتبطت عبر واجات جالوا وزلو وجفرة وغدامس بسواحل البحر المتوسط وفي الجنوب ارتبطت‬
‫بواحات مرتفعات تومو وكوار زويلة بإقليم السافانا ادي هذا الموقع الى إشراف زولة إشرافاً مباشرًا على الطريق‬
‫الشرقي في الصحراء الكبيرى ‪.‬‬

‫قام هذا الطريق بدور هام في تاريخ المنطقة لم يقتصر على النشاط التجاري‪ ،‬فقد كان اول اتصال للمسلمين بأطراف‬
‫السافنا عبر هذه المنطقة ممثلً في حملة عقبة بن نافع التي دخلت كوار ثم تدفق العزل عبره الى مراعي السافنا‬
‫جنوباً فوصلت بذلك الطلئع الولى من حملة السلم الى حوض بحيرة تشاد ونهر النيجر ثم انتظمت بعد ذلك قوافل‬
‫التجارة التي تتجه من زويلة الى حوض بحيرة تشاد التجارية ومملكتي جاو وغانة (‪.)2‬‬

‫وتوسعت تجارة الصحراء بقيام الدولة الرستمية الت سيطرة على مداخل الطريقين الشرقي والوسط فاشرقت بذلك‬
‫تجارة القوافل المارة عبر هذين الطريقين وقام الرستميون بحفر البار على هذه الطريق وساهموا في تامينها بغرسال‬
‫الجنود بصحبة القوافل لجتياز المراحل غير المنة في داخل الصحراء ‪.‬‬

‫ادى ذلك الى انتقال " التجارة والموال الى تيهرت من مصر والمغرب وأفريقية لخوفهم من أئمة الجور " (‪)3‬‬
‫فنشطت حركة التجارة وجذبت اليها قطاعات كبيرة من المواطنين وحتى الئمة أنفسهم كانوا يقومون بأعمالهم‬
‫التجارية الخاصة فالمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن كان يمارس التجارة قبل توليه المامة وقد لعبت الرتباطات‬
‫القديمة بين سكان المنطقة دورًا كبيراً في تطوير العلقات التجارية (‪.)4‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫فحاكم جبل نفوسة الباضي ابو عبيدة عبد الحميد الجناؤئي (‪ 184‬ـ ‪126‬هـ‪800 /‬ــ ‪850‬م) كان يتحدث اللغة‬
‫الكاتورية (‪ )5‬بنفس الطلقة التي يتحدث بها اللغة العربية والبربرية كما يرجع اسم جادو في جبل نفوسة الى جادو‬
‫الثنائية في واحات كوار على طريق زويلة تشاد (‪. )6‬‬

‫لكن ارتباط الباضية القوى بالسودان كان عبر الطريق الوسط في الصحراء الكبرى يمر عبر وحات الجزائر التي‬
‫تمتد لمسافة ألف ومائتي كيلومتر الى الجنوب على هيئة شريط أحضر يمثل طريقاً طبيعياً بين أمصار المغرب الوسط‬
‫ومرتفعات الحجاز (‪. )7‬‬

‫وكانت ورجلن من أهم المراكز التجارية على هذا الطريق ‪ ،‬يقابلهاعلى طرف الصحراء الجنوبي تادممة (‪، )8‬‬
‫ويتضح مما ذكره ابو زكريا الورجلني الرتباط التام بين ورجلن وتادمكة ونشاط القوافل بيمها وقدارتبطت ورجلن‬
‫لذلك بمملكة غانة عبر تغازا وأدغشت(‪ )9‬وقد واصلت ورجلن النشاط التجاري بعد سقوط الدولة الرستمية وانتقل‬
‫إاليها نشاط تيهرت التجاري فتوسعت أعمالها ويؤكد هذا النشاط التجاري المنتظم ما جاء عن ورجلن من القرن‬
‫الرابع حتى السابع الهجري بخصوص حصونها المنيعة وأهلها الغنياء المياسير بسفرهم الكثير الى بلد السودان (‬
‫‪. )10‬‬

‫لم تتوقف حركة ورجلن التجاريةبعد القرن السابع الهجري عندما خرجت سدراتة بسبب الفتن المتتالية في الجنوب (‬
‫‪ ، )11‬فقد استعادة مكانتها التجارية السابقة ‪ ،‬وقويت علقتها مراكز صنغاي (‪ )12‬استمرت تللك العلقات حتى‬
‫مستهل القرن العاشر الهجري ‪ ،‬وانعكس ذلك على سكانها الثرياء الذين اختلطوا بالسودان حتى وصفهم ليو (‪)13‬‬
‫بانهم سود البشرة ‪ ،‬ولواليها القوي عدد كبير من الفرسان المجندين لحماية تلك المكاسب التجارية ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬أحمد الياس حسن " الطرق التجارية عبر الصحراء الكبرى حتى مستهل القرن السادس عشر كما عرفها الجغرافيون العرب " رسالة‬
‫ماجستير مقدمة لقسم التاريخ بكلية الداب جامعع القاهرة عام ‪1977‬م ص ‪.145‬‬

‫(‪ )2‬مملكة جاو عرفت في كتب الجغرافيا والرحلت والتاريخ العربية القديمة تحت اسم كوكو وقد قامت مبكرا قبل القرن الثالث الهجري‬
‫لنها أصبحت عاصمة لعظم ممالك السودان " وكانت لها اتصالت تجارية واسعة عبر الطريقين الوسط "تادمكة ورقلن " والشرقي‬
‫زويلة ـ حوض بحيرة تشاد ودخلت جاو تحت حكم امبراططورية مالي في الفترة ما بين ‪626‬ـ ‪737‬هـ ‪ 1325/‬ـ ‪1335‬م ثم استقلت عنها‬
‫وبدأ عصرها الذعبي منذ سنة ‪869‬هـ (‪1464‬م) وقضت عليها قوات المنصور الذهب من المغرب عام ‪1000‬هـ ‪1591/‬م ومملكة غانة (‬
‫القرن الرابع الميلدي حتى الثالث عشر الميلدي ) قامت في المنطقة الوقعة بين نهر الستال والنيجر وتوسعت شمال حتى بلغت حدودها‬
‫في بعض الحيان أطراف الصحراء الشمالية من المغرب القصى واشتهرت غانة عند المسلمين بأنها أكبر مصدر للذهب ودخلت في صراع‬
‫مع الرابطين فكان من بين السباب التي ادت الى نهايتها ودخولها ضمن حدود أمبراطورية مالي في القرن الثالث عشر الميلدي ‪ ،‬انظر‬
‫أحمد الياس حسين ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.134،200،205، 124‬‬

‫(‪ )3‬الشماخي ‪ ،‬السير الباضبة ‪ ،‬محطوط ( دار الكتب الوطنية ‪ ،‬تونس تحت رقم ‪ )5349‬ورقة ‪.7‬‬

‫(‪ )4‬ارتبطت منطقة فزان ومرتفعات الحجاز بجبل نفوسة ووجلن من جهة وبحوض النيجر الوسط من جانب آخر ارتباطات قوية لها‬
‫جذور قديمة وذلك لن مملكة الجرمانيتين في فزان قامت بدور الوسيط اليجاري على هذا الطريق الوسط منذ قرون كثيرة قبل دخول‬
‫السلم الى المنطقة‪.‬انظر ‪ :‬احمد الياس حسين مرجع سابق ص ‪ 58‬ـ ‪.60‬‬

‫(‪ )5‬الكاتورية هي لغة مجموعة الكاتوري التي تقطن في حوض بحيرة تشاد ومن المؤسسة لدولة كاتم‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫(‪Martin Op Cit P .18 )6‬‬

‫(‪E F Gautier,s aha ra )Paris 1928( P.172 ( )7‬‬

‫(‪ )8‬تقع تادمكة في منطقة ادرار الجبلية ‪ .‬ويبدو أنها ظهرت كمركز تجاري قبل القرن الثالث الهجري وأصبحت من اكبر المراكز في نهاية‬
‫الطريق الوسط ( ورجلن تادمكة) وقد بدات تفقد اهميتها كمركز تجاري بعد اتساع مملكتي صنافة وكاتم بعد القرن السادس الهجري ‪.‬‬
‫انظر احمد الياس حسين ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪135‬ـ ‪. 136‬‬

‫(‪ )9‬كانت تغاز من اكبر مناجم المللح الذي تتردد به القوافل الداخلية الى بلد السودان واودعت اشتهرت كمركز تجاري هام شمال غته‬
‫وربطتها بشمال اقريقية وقامت به مملكة بربرية نازعت غانة السطرة على تجارة الصحراء ‪ .‬انظر أحمد الياس حسين ‪ ،‬مرجع سابق ص‬
‫‪. 101،104، 78‬‬

‫(‪ )10‬البكري ‪ ،‬المغرب في ذكر بلد افريقية والمغرب ( الجزائر ‪)1857‬ص ‪.182‬‬

‫(‪ )11‬السيد عبد العزيز سالم مرج سابق ص ‪. 581‬‬

‫(‪ )12‬صنغاي ـ هي المملكة التي قامت في وسط حوض النيجر وكانت مملكة كوكو ( جاو) هي اساسها الول للتوسع وقد كتبت ستغافة ‪،‬‬
‫وسفى‪ ،‬وسنغي ‪ ،‬انظر احمد الياس حسين مرجع سابق ص ‪ 57‬ــ ‪. 58‬‬

‫(‪Leo Africanus, the History and Discription of Africa: Done into English 1600 by John )13‬‬
‫‪.pory )London 1896( Vol.3B.6,P.791‬‬

‫خـــاتمــة‬

‫اتضح من خلل هذه الدراسة أن فرقة الباضية نجحت في بث دعوتها في المغرب العربي حتى اصبح لها ثقل كبير‬
‫بين سكانه ‪ ،‬وأقامت دولتها منذ القرن الثاني الهجري ‪ ،‬ورغم ان عمر هذه الدولة لم يمتد طويل ال ان تراث ونظم‬
‫الباضية أظل مجموعات كبيرة من اهل المغرب منذ سقوط دولتهم في آخر القرن الثالث الهجري وحتى العصر‬
‫الحديث ‪.‬‬

‫وقد اسهم الباضية بدور كبير في تاريخ المغرب السلمي في المجالت السياسية والقتصادية والتربوية وهي‬
‫المجالت التي تعرض لها البحث كما قام الباضية بدور واضح في انتشار السلم في غرب أفريقيا وكان لهم فضل‬
‫السبق على غيرهم في هذا الميدان (‪ ، )1‬وكانت للباضية علقات طيبة مع الدول السلمية في المغرب والندلس‬
‫وكانت صلتهم وثيقة بأباضي المشرق ‪.‬‬

‫ويلحظ ان تاريخ الباضية لم يجد الهتمام المطلوب في المعاهد والجامعات العربية رغم ثقله وأهميته ومكانته‬
‫البارزة في التاريخ السلمي ‪ ،‬فقد طورت هذه الفرقة وجددت كثيرا في مختلف المجالت السياسية والتربوية ‪ ،‬ولعل‬
‫نظام العزابة وحده يتطلب جهود مؤسسات مختلفة لدراسته والستفادة من تجاربه ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫(‪ )1‬راجع بخصوص جهود الباضية في انتشار السلم في غرب أفريقيا ‪ :‬احمد الياس حسين ‪" :‬دور فقهاء الباضية في اسلم مملكة‬
‫نالي قبل القرن الثالث عشر الميلدي " في كتاب ندوة العلماء الفارقة ومساهمتهم في الحضارة العربية الفريقية (العراق ‪ )985‬ص ‪93‬‬
‫والصفحات التالية‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

You might also like