You are on page 1of 177

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفكر السياسي عند الباضية‬


‫من خلل آراء الشيخ محمد بن يوسف اطفيش‬
‫‪ 1332 -1236‬هـ ‪1914 -1818 /‬م‬

‫تأليف‬
‫عدون جهلن‬

‫تم تهذيب الطباعة بواسطة فريق العمل في شبكة الدرة السلمية‬


‫‪www.aldura.net‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫إهداء‬

‫هل جزاء الحسان إل الحسان‬

‫مصطلحات‬

‫مقدمة‬

‫هيكل البحث‬

‫مدخل‬

‫الباب الول‪ :‬المذهب الباضي‬

‫•الفصل الول‪ :‬نشأة المذهب الباضي‬


‫‪o‬ظروف النشأة‬

‫‪o‬أصل التسمية‬
‫‪o‬الباضية في المشرق‬

‫‪o‬الباضية في المغرب‬

‫•الفصل الثاني‪ :‬الصول العقيدية للمذهب الباضي‬


‫‪o‬الصول التسعة‪:‬‬
‫‪‬التوحيد‬
‫‪‬العدل‬
‫‪‬القضاء والقدر‬
‫‪‬الولية والبراءة‬
‫‪‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫‪‬الوعد والوعيد‬
‫‪‬المنزلة بين المنزلتين‬
‫‪‬ل منزلة بين المنزلتين‬
‫‪‬السماء والحكام‬
‫‪‬مفهوم اليمان والسلم والدين‬
‫‪o‬بعض المسائل الخلفية‬
‫‪‬نفي الرؤية‬
‫‪‬مسألة الخلود‬
‫‪‬خلق القرآن‬
‫‪‬حكم الباضية على مخالفيهم ومن أحدث في الدين‬
‫‪‬رأي الباضية في الصحابة‬
‫•‬
‫الثالث‪ :‬الباضية والفرق السلمية‬ ‫•الفصل‬
‫‪o‬الباضية والشعرية‬
‫‪o‬الباضية والمعتزلة‬
‫‪o‬الباضية والشيعة‬
‫‪o‬الباضية والخوارج‪ :‬آراء الباضية في الخوارج‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪o‬دعوة الباضية الى التقارب ونبذ الخلف‬


‫•الفصل الرابع‪ :‬الشيخ محمد بن يوسف اطفيش‬
‫‪o‬حياته‬
‫‪‬نشأته وتعليمه‬
‫‪‬شخصيته‬
‫‪‬تلميذه‬
‫‪‬موقفه من الستعمار الفرنسي‬
‫‪o‬تآليفه‬
‫‪o‬فكره‬
‫‪‬المنحنى الكلمي‬
‫‪‬فلسفة العلوم‬
‫‪‬المنحنى الخلقي والجمالي‬
‫•‬

‫الباب الثاني‪ :‬الفكر السياسي عند الباضية‬

‫•الفصل الول‪ :‬مفهوم المامة ومشروعيتها وشروطها‬


‫‪o‬مفهوم المامة(تحديد المصطلح)‬
‫‪o‬مشروعية المامة وشروطها‬
‫‪‬آراء الفرق السلمية‬
‫‪‬رأي الباضية‬
‫‪‬الدلة النقلية‬
‫‪‬الدلة العقلية‬
‫‪o‬ثبوت المامة‬
‫‪o‬وحدة المامة وتعددها‬
‫‪o‬شروط المامة‬
‫•الفصل الثاني‪ :‬أنواع المامة (مسالك الدين)‬
‫‪o‬الظهور‬
‫‪‬علقة الباضية بالمم في مرحلة الظهور‬
‫‪‬الحكم في الموال والكنائس والبيع‬
‫‪‬علقة الباضية بأهل الخلف في الظهور‬
‫‪‬حكم الدار ومعسكر السلطان‬
‫‪o‬الدفاع‬
‫‪‬موجات الدفاع‬
‫‪‬نتائج الدفاع‬
‫‪o‬الشراء‬
‫‪‬شروط مرحلة الشراء‬
‫‪‬أهداف الشراة‬
‫‪o‬الكتمان‬
‫‪‬التنظيم الجتماعي في مرحلة الكتمان‬
‫‪‬علقة الباضية بمخالفيهم في الكتمان‬
‫‪‬نظام العزابة‬
‫‪‬نظام العشيرة‬
‫•‬
‫•الفصل الثالث‪ :‬إمامة الظهور‬
‫‪o‬شروط المام‬
‫‪o‬تنصيب المام‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪‬الترشيح‬
‫‪‬البيعة‬
‫‪‬الصفقة‬
‫‪‬حالت استثنائية عند البيع‬
‫‪o‬موجبات عزل المام‬
‫‪o‬هل يجوز الخروج على السلطان الجائر‬
‫‪o‬موقف المة من المام العادل‬
‫‪o‬مسؤوليات المام وواجباته‬
‫‪‬المسؤوليات المنية‬
‫‪‬المسؤوليات الدارية‬
‫‪‬المسؤوليات الدينية‬
‫‪‬المسؤوليات القتصادية‬
‫‪‬المسؤوليات الجتماعية‬
‫•‬
‫الرابع‪ :‬أعوان المام‬ ‫•الفصل‬
‫‪o‬مجلس الشورى‬
‫‪o‬الوزير‬
‫‪o‬القاضي‬
‫‪o‬الولة‬
‫‪o‬الحسبة والشرطة‬
‫‪o‬الجيش‬

‫الخــاتمـة‬

‫نتــائج البحـث‬

‫ملحق‪ :‬مصطلحات إباضية‬

‫استدراك‬

‫فهرس المصادر المحفوظة‬

‫فهرس المصادر والمراجع المطبوعة‬

‫فهرس مصادر و مراجع أخرى‬

‫المراجع و الدوريات الجنبية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫إهداء‬

‫ي الكريمين‪ :‬برا وإحسانا واعترافا بالجميل…‪.‬‬


‫إلى والد ّ‬
‫إلى روح القطب الزكية‪ :‬تخليدا لذكراه………‪.‬‬
‫إلى مشائخي وأساتذتي وزملئي‪ :‬تقديرا واحتراما ووفاء………‬
‫إلى كل مهتم بالفكر النساني‪ :‬يتلمس سبل النجاة في عصر الهواء……‬
‫إلى كل مجتهد لتحقيق مجتمع آدمي عادل‪ ،‬يقوم على أسس من القيم الخالدة‪ :‬الخير والسلم والحب في ال…‪..‬‬
‫إلى هؤلء أقدم باكورة بحثي‪.‬‬

‫ع‪ .‬جهلن‬

‫هل جزاء الحسان إل الحسان‬

‫بعد أن اكتملت فصول البحث وتناقشت‪ ،‬لتؤلف هذا الكتاب المتواضع‪ ،‬أجدني ملزما‪ -‬من باب العتراف بالجميل‬
‫وشعورا بواجب شكر النعمة‪ -‬أن أتقدم بالثناء الطيب والشكر الجزيل لمن كان السبب في إخراج هذا النجاز إلى حيز‬
‫الوجود‪ .‬وأخص بالذكر أستاذي الدكتور أبو عمران الشيخ‪ ،‬إذ تكرم بالموافقة على موضوع الرسالة‪ ،‬وتحمل أعباء‬
‫الشراف على البحث‪ ،‬فرعاني رعاية الوالد لولده‪،‬وكان لي خير أستاذ وموجّه‪.‬‬

‫ثم ل أنسى فضل أستاذي الدكتور محمد ناصر علي لما وجدت عنده من قلب مفعم بالخلص‪ ،‬وعقل نير مرشد‪،‬‬
‫ولسان رطب نصوح لقد تعلمت منه أن الخلق الطيب والستقامة في السلوك‪ ،‬والخلص في العمل‪ ،‬أهم وأولى من‬
‫الثقافة والمنصب‪ ،‬فكان لي خير قدوة‪.‬‬

‫كما أوجه خالص شكري وعظيم امتناني لكل يد بيضاء امتدت لتساعدني من قريب أو بعيد لنجاز هذا العمل‪ ،‬راجيا‬
‫من المولى العلي القدير أن يثيب الجميع بخير ما عنده من أجر عظيم وعطاء جزيل‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫وهل جزاء الحسان إل الحسان‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مصطلحات‬

‫أ = الستاذ‬

‫ت = توفي‬

‫تح = تحقيق‬

‫تر = ترجمة‬

‫تص = تصحيح‬

‫تع = تعليق‬

‫جـ = الجزاء‬

‫ح = الحاج‬

‫د‪ = .‬الدكتور‬

‫دتا = بدون تاريخ‬

‫(رضي) = رضي ال عنه‬

‫ش = الشيخ‬

‫(ص) = صلى ال عليه وسلم‬

‫صـ = الصفحة‬

‫ط = الطبعة‬

‫ق = القرن‬

‫م = التاريخ الميلدي‬

‫مجـ = مجلد‬

‫مج = مجلة‬

‫مخ = مخطوط‬

‫مر = مراجعة أو راجعه‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫م‪.‬س = المصدر السابق‬

‫مط = المطبعة‬

‫نا = الناشر‬

‫هـ = التاريخ الهجري‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مقدمة‬

‫يعالج هذا البحث موضوع الفكر السياسي وما يتعلق به من آراء حول المامة‪ .‬ونظام الحكم عند الباضية‪ ،‬مع التركيز‬
‫على آراء الشيخ محمد بن يوسف اطفيش اليسجني المعروف بقطب اليمة ( ‪.)1914-1818! 1332-1236‬‬

‫ول شك في أن الباضية قد ساهمت في إثراء الفلسفة السلمية بأن جمعت إلى آرائها الفقهية والكلمية مواقف‬
‫واضحة ومبادئ ثابتة في السياسة‪ ،‬فشكلت بذلك نظرية مميزة ضمن الفلسفة السياسية عند المسلمين‪ .‬وبما أن‬
‫الباضية لم تدرس آراؤهم السياسي‪ -‬بالخصوص‪ -‬كما درست آراء الشاعرة والمعتزلة والشيعة قديما وحديثا‪ .‬فأن‬
‫موضوعا يتناول بالبحث آراء الباضية ويكشف الستار عن الجانب السياسي لفكر هذه الفرقة الذي لم يخرج معظمه‬
‫من خزائن المخطوطات‪ ،‬ل ريب سيسدّ فراغا في جانب من الفكر السلمي لم يحظ باهتمام الدارسين‪ .‬ومن هنا تبرز‬
‫أهمية الموضوع‪.‬‬
‫ومن أهم الدوافع إلى اختيار هذا الموضوع ما نلحظه من غياب الدراسات العلمية حول الباضية الشيء الذي جعل‬
‫هذه لم تعرف على حقيقتها سواء في أصولها العقيدية أم آرائها الكلمية أو السياسية إل عند القليل من الدارسين‬
‫الفكر السلمي وهذا مما يستوجب العمل الدؤوب لدراسة فكرها دراسة أكاديمية موضوعية‪.‬‬

‫ومن البواعث أيضا ما نلحظه من الواقع السيء للمسلمين الذين لم يوحدوا في السياسة رأيا‪ ،‬ولم يستقروا في نظم‬
‫الحكم على مبدأ‪ ،‬وهم باقون على ما هم عليه ما داموا ذوي نزوع إلى تشريع نظم وسن قوانين تبعد عن الفطرة التي‬
‫فطر ال الناس عليها‪.‬‬

‫وبما أن الباضية فرق إسلمية تعتمد في وضع مبادئها على أصول التشريع السلمي فإن الراء السياسية عندها‬
‫تمثل رافدا هاما للتيار السلمي في الفكر السياسي بما تقدم من تجربة ناضجة في نظام الحكم وتسييس الرعية‬
‫بمقتضى الشرع‪.‬‬
‫أما عن بواعث التركيز على آراء الشيخ اطفيش فتتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬شعورا مني بضرورة الهتمام بعلماء المغرب العربي الذين لم يوف نصيبهم من العناية إل قليل‪ ،‬ولم تدرس‬
‫أفكارهم دراسة جدية إل نادرا‪ ،‬هذا على القل إذا قارنا ذلك بحجم الدراسات التي تناولت فكر المشارقة من العلماء‬
‫وإيمانا مني بقيمة التراث المغربي فإني أراه أولى بالهتمام من غيره فكيف إذا كان العالم جزائريا؟‬

‫ب‪ -‬عندما اهتم الدارسون بالفلسفة السياسية عند المسلمين رجعوا إلى مصادر الفكر السياسي السلمي فبحثوا في‬
‫تراث الفارابي (ت ‪ 339‬هـ ‪950-‬م) وابن أبي الربيع(ق ‪ 3‬هـ ‪9-‬م) والغزالي(‪505‬هـ‪1111-‬م) وابن خلدون(ت‬
‫‪808‬هـ ‪1406-‬م) وغيرهم دون اللتفات إلى مفكرين إباضيين ل يقل تراثهم أهمية من غيرهم فتساءلت عما إذا كان‬
‫للباضيين إسهام في المجال السياسي ومن ثم كانت دراستي أشبه ما تكون بعملية تنقيب عن كل ما لـه علقة‬
‫بموضوع السياسة في التراث اٌباضي‪ ،‬فوجدت معظم مادة البحث قد تناولها الشيخ اطفيش بالدراسة موضحا رأيه‬
‫فيها‪ ،‬وهو تعبير عن رأي الباضية في الوقت ذاته‪ .‬كما وجدت آراءه تتسم بعمق التفكير وبعد النظر مما يدل على‬
‫استكمال النظرية السياسية وثبوت مبادئها لديه وليس ذلك غريبا إذا علمنا أن الشيخ اطفيش عاش في نهاية القرن‬
‫‪13‬هـ ‪19-‬م ويكون بذلك قد استفاد من التجربة السياسة للباضية عبر مراحل تاريخها‪ ،‬فضل عن اطلعه على‬
‫مؤلفات من سبقه من مؤلفي الباضية وأخص بالذكر منهم‪ :‬الشيخ تبغوريين بن عيس (ق ‪ 5‬هـ ‪1174 -‬م) أبو‬
‫يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلني(ت ‪ 450‬هـ ‪1174-‬م) أبو عمار عبد الكافي الباضي(ق ‪6‬هـ ‪11-‬م) أبو طاهر‬
‫إسماعيل بن موسى الجيطالي(ت ‪750‬هـ ‪1350-‬م)‪ ،‬وأخيرا الشيخ عبد العزيز الثميني(ت ‪1223‬هـ‪1808 /‬م) ‪.‬‬
‫ومن هنا فقد تأكدت لدي قناعة بأن دراسة فكر القطب يعني اللمام بالفكر الباضي في الوقت نفسه‪.‬‬

‫ويهدف البحث فيما يهدف إلى التعريف بالنظرية السياسة الباضية‪ ،‬وتحليلها ثم تقييم أبعادها الفكرية بالنقد‬
‫والمقارنة‪ ،‬وهذا من أجل فتح باب جدير بالهتمام في الفلسفة السلمية لم يحظ بالدراسة والنقد حتى الن‪.‬‬

‫أما إشكاليات البحث فقد صيغت في شكل أسئلة يحاول البحث الجابة عليها‪ .‬اعتمادا على المصادر الباضية ويمكن‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫طرحها كما يلي‪:‬‬


‫‪ -1‬ما هم مفهوم المامة عند الباضية؟ وما رأيهم في مشروعيتها ووحدتها؟ وشروطها؟ ومن يستحق منصب‬
‫الخلفة عندهم؟‬
‫‪ -2‬ما نوع الحكم عند الباضية؟ وفيم تتجسد ديموقراطية السلطة؟ وتعيين الحاكم؟ واختيار أعوانه؟‬
‫‪ -3‬ما هو موقف الباضية من السلطان الجائر؟ ومن حكم مخالفيهم فيهم؟ وما هو البديل حين يعجزون عن إقامة‬
‫الدولة؟‬
‫‪ -4‬ما البعاد السياسة في نظرية "مسالك الدين"؟ وما قيمة الفكر السياسي الباضي ضمن الفلسفة السلمية؟‬
‫وانطلقا من هذه التساؤلت شرعت في جمع مادة البحث ومعالجة الموضوع معتمدا على المنهج التاريخي فعرضت‬
‫أهم آراء الباضية مع تحليلها وإبراز مواطن التفاق والختلف بينها وبين آراء المذاهب السياسية الخرى من خلل‬
‫المقارنة ثم استخلصت النتائج الساسية التي تميز النظرية السياسية الباضية عن غيرها‪.‬‬

‫لكن لم يكن ذلك بالمر الهين‪ .‬فلقد اعترضتني صعوبات منذ الخطوات الولى للبحث‪ .‬من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬لم أجد دراسة معاصرة تناولت هذا الموضوع بالبحث باستثناء إشارات عابرة ضمن دراسات ذات طابع تاريخي أو‬
‫عقيدي غير متخصصة في السياسة نذكر منها‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬تحليل د‪.‬عمار طالبي(معاصر) لمبحث المامة وهو‬
‫ملحق لكتاب الموجز لبي عمار عبد الكافي‪ .‬ودراسة أ‪ .‬دنجال ‪( G.Dangel‬معاصر) في كتابه‪ :‬المامة الباضية‬
‫في تاهرت ‪ )L, Imamat Ibadite de Tahert)416-909‬ودراسة أ‪ .‬بيار كبيرلي (معاصر) ‪P.Cupery‬‬
‫حول المامة عند الباضية في فصل ضمن كتابه مدخل لدراسة المذهب الباضي وعقيدته‪Introduction a.‬‬
‫‪I,ctude de L,Ibadisme et de sa theologie‬‬
‫ومحاضرة أ‪ .‬محمد الثميني( معاصر) مفهوم الشورى والديموقراطية في التاريخ العربي لدى الدول الرستمية‪ .‬ولعل‬
‫أول محاولة معاصرة لدراسة الفكر الباضي دراسة تحليلية مقارنة كانت من طرف الشيخ علي يحيى معمر(ت ‪1979‬‬
‫م) في كتابه الباضية بين الفرق السلمية عند كتاب المقالت القديم والحديث‪ .‬ثم جاء بعده د‪ .‬عوض الجتماعية‬
‫والتربوية عند الباضية في شمال أفريقيا‪ .‬والتنظيمات السياسية والدارية عند الباضية في مرحلة الكتمان‪.‬‬
‫وفيما عدا هذه الدراسات ل نكاد نقف على إشارة للفكر السياسي الباضي‪ -‬حسب اطلعنا‪ -‬أما عن حركة الخوارج‬
‫فهي كذلك لم تحظ بالدراسة الكافية‪.‬‬

‫‪ -2‬بما أن الباضية لم يهتموا بالجانب النظري في المجال السياسي إل قليل فأنهم لم يتركوا آثارا مستقلة لهذا الجانب‬
‫مما اضطرني إلى البحث عن كل ما له علقة بموضوع السياسة‪ ،‬بين كتب الفقه وأصول الدين ضمن المباحث‬
‫الجتماعية‪ ،‬كالمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬والمامة والولية والبراءة‪ ،‬والحكام والدماء‪ ،‬هذا إذا استثنينا ما‬
‫وجدته في (قاموس الشريعة) للشيخ جميل بن خميس السعدي العماني(ق ‪ 19‬م) وهذا القاموس عبارة عن موسوعة‬
‫فقهية تقع في ‪ 90‬مجلدا‪ .‬أفرد لموضوع المامة فيه بكتاب خاص ل يزال مخطوطا‪ .‬وبما أن البحث مركز على آثار‬
‫القطب فإني لم أعتمد على الخطوط المذكورة التزاما بمنهجية الدراسة‪.‬‬

‫‪ -3‬أمام ندوة المصادر اضطررت للرجوع إلى تاريخ باعتباره مصدرا بديل للمادة نظرا لهميته في دراسة الفكر‬
‫الباضي علما ان الباضية حريصون على تطبيق مبادئهم‪ ،‬وتجسيدها عمليا ولذلك كانت التجربة الباضية غنية في‬
‫الميدان السياسي ومن هنا تزداد صعوبة البحث بالخلط بين التاريخ والفلسفة‪.‬‬

‫‪-4‬من بين المصادر الباضية المهمة يوجد منها عدد ل يزال مخطوطا وهذه الخيرة ينعدم وجودها في المكتبات‬
‫العامة فضل عن الوطنية والجامعية‪ ،‬فسعيت للحصول عليها في الخزائن الخاصة بقرى وادي مزاب وتكلف مني ذلك‬
‫جهدا وعناء‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫هيكل البحث‬

‫قسمت البحث إلى‪ :‬مدخل وبابين‪ ،‬يضم كل منهما أربعة فصول‪ ،‬ثم الخاتمة‪.‬‬

‫في المدخل اختصرت أسباب نشأة الفكر السياسي عند المسلمين وما نتج عن ظهور المذاهب السياسية‪ ،‬وكان ذلك‬
‫تمهيدا في صميم الموضوع والتركيز على المذهب الباضي‪.‬‬

‫الباب الول(المذهب الباضي) ويضم الفصول التالية‪:‬‬


‫الفصل الول‪ :‬فصلت فيه الكلم حول ظهور الباضية كفرقة مستقلة متميزة برجالها وآرائها كما وضحت فيه ظروف‬
‫النشأة وأصل التسمية بالباضية ثم أجملت القول حول انتشار هذا المذهب في المشرق العربي ومغربه‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عرضت فيه أصول العقيدة عند الباضية‪ ،‬وهي تسعة‪ :‬التوحيد‪ ،‬العدل‪ ،‬القضاء والقدر‪ ،‬الولية‬
‫والبراءة‪ ،‬المر والنهي‪ ،‬الوعد والوعيد‪ ،‬المنزلة بين المنزلتين‪ ،‬ل منزلة بين المنزلتين‪ ،‬السماء والجسام‪ ،‬ثم‬
‫وضحت آراء الباضية ومواقفهم من بعض المسائل الخلفية بين المذاهب ومن أهمها‪ :‬نفي الرؤية ومسألة الخلود‪،‬‬
‫وخلق القرآن‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬بينت علقة الباضية بالفرق السلمية مع الشارة إلى أوجه التفاق والختلف مع كل من الشعرية‬
‫والمعتزلة والشيعة والخوارج‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بعد التعريف بالباضية وآرائهم وعلقتهم بغيرهم حصرت دائرة البحث حول شخصية الشيخ محمد بن‬
‫يوسف اطفيش فتعرضت إلى حياته وآثاره والتعريف بمعالم فكره‪.‬‬

‫الباب الثاني‪( :‬الفكر السياسي عند الباضية)‪.‬‬


‫الفصل الول‪ :‬عرضت فيه تصور الباضية لمسألة المامة وبينت آرائهم حول مفهومها ومشروعيتها وشروطها‬
‫وثبوتها مع المقارنة بين آراء الباضية مع غيرها من آراء المذاهب السلمية الخرى‪.‬‬

‫الفصل الثاني خصصته لنظرية مسالك الدين عند الباضية وهي نظرية سياسية اجتماعية‪ ،‬تحدد مواقف الباضية من‬
‫الوضاع التي تعترضهم كما تحدد نوع المامة وطبيعة كل سلطة سياسية تختلف باختلف المراحل الربع لمسالك‬
‫الدين وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الظهور‪.‬‬
‫‪ -2‬الدفاع عن الدين والدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬الشراء واعلن الثورة ضد الفساد والعدو الظالم‪.‬‬
‫‪ -4‬الكتمان وفيه يبتعد الباضية عن المجال السياسي ويتنازلون عن إقامة الدولة ليشتغلوا بالصلح الديني‬
‫والجتماعي‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬وهو خاص بالمام في مرحلة الظهور‪ ،‬وتناولت فيه مسألة اختيار المام وتنصيبه وقبل ذلك شروط‬
‫الٌمامة ومؤهلته‪ ،‬وموجبات عزله أو الخروج عليه‪ .‬وبينت موقف المة من المام العادل‪ .‬كما حددت واجبات المام‬
‫الساسية ومسؤولياته‪ ،‬ومنها المنية والدارية والدينية والقتصادية والجتماعية‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬عرضت فيه جهاز الحكم المتكون‪ -‬علوة على المام‪ -‬من مجلس الشورى والوزير والقاضي والولة‬
‫والحسبة والشرطة والجيش مع تحديد مهام وصلحيات كل من يتولى هذه المناصب‪.‬‬

‫الخاتمة‪ :‬استخلصت فيها نتائج البحث الساسية‪ ،‬وأجملت فيها القول حول ديموقراطية السلطة في الدولة الباضية‬
‫بالمقارنة مع الراء السياسية عند فلسفة السلم‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مدخل ‪ :‬أهمية دراسة الفكر السياسي‬

‫ل يزال الصراع بين الفكر والواقع يشكل أهم ميزات العصر الحديث‪ ،‬حيث أصبحت الفكار تحدد أهداف النسان‬
‫وغايته‪ .‬وتوجه الجماعات في نمط من السلوك والممارسة ضمن مسيرة حضارية‪ ،‬وبالفكار تتحد الشعوب أو تختلف‪،‬‬
‫ويتخذها الساسة مطية للمحافظة على السلطة‪ .‬وما نظم الحكم المختلفة إل تجسيدات عملية للفكار السياسية‬
‫والجتماعية أفرزها واقع النسان من خلل حاجاته الجتماعية والقيم الروحية والمادية والتطلع نحو الفضل‪.‬‬

‫فانطلقا من جدلية الفكر الواقع‪ ،‬تتشكل المذاهب السياسية والجتماعية والخلقية‪ ،‬وتختلف هذه باختلف الغايات‬
‫والتجاهات وظروف الحياة التي يعيشها النسان إل أنها تسعى جميعا إلى التوفيق بين الجوانب الساسية في حياة‬
‫المجتمع وهي ثلثة‪:‬‬
‫· الجانب الروحي متمثل في عقيدة تشكل القاعدة النظرية‪.‬‬
‫· والجانب المادي في شكل نظم اقتصادية‪.‬‬
‫· والجانب التنظيمي متمثل في جهاز والترتيب الدارية‪.‬‬

‫ولعل أهم هذه الجوانب هو الجانب الروحي إذ ل يقوم مذهب سياسي أو اجتماعي إل على أصول عقائدية(دينية) أو‬
‫فكرية فلسفية تستمد جذورها من مناخ عدة منها الواقع فتكون الوضاع القائمة وما تفرزها الحياة البشرية من‬
‫خبرات بمثابة الصول التجريبية‪ ،‬التي يستخدمها إعلم الفلسفة السياسية في وضع تعاليم وصياغة آرائهم ومثال ذلك‬
‫حضارة شرق آسيا التي قامت على مبادئ الكنفوشيسية(‪ )1‬كما كانت آراء هيجل(‪، )2‬ونيتشة(‪ )3‬هي السند الفكري‬
‫للحزب الشتراكي اللماني(النازي) كما غدت آراء هيجل الدعامة الفكرية لكارل ماركس(‪ )4‬ومن واله من مفكري‬
‫الشتراكية(‪.)5‬‬

‫أما عند المسلمين فتعود جذور الفكر السياسي لديهم إلى أصول العقيدة السلمية بالضافة إلى حصيلة الراء‬
‫السياسية لمفكري السلم وفقهائه ونذكر‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬الراء السياسية التي وضعها المهدي ابن تومرت(ق‬
‫‪ 12‬م) وهي تشكل الطار النظري والسند الفكري للدولة الموحدية(‪ )6‬ولعل أهم ما يتميز به الفكر السياسي عند‬
‫المسلمين أنه ل يفصل بين الدين والدولة فالعلقة بين الجانبين ليست مصطنعة بل أصيلة تنبع من التعاليم الدينية‬
‫ويفرضها الجتماع المدني بحيث ينتفي التفاصيل بين الجانبين لن الواحد منهما يكمل الخر لتنظيم أحوال الدولة‬
‫وسياسة الرعية‪.‬‬

‫إل أن هذه العلقة قد تتعرض إلى زعزعة فتحيد عن أصلها بفعل الحتكاك الحضاري‪ ،‬وتغير الظروف وتعاقب الدهور‪.‬‬
‫فإذا حدث شيء من ذلك‪ ،‬هيمن المضمون الجتماعي والمصلحة الدنيوية على الجانب الروحي‪ ،‬وعندئذ تضعف فعالية‬
‫القيم الدينية والتعاليم السماوية في غياب الوعي السلمي وفتور الوازع الديني‪ .‬وهذا ما حدث في التاريخ السلمي‬
‫بتفاوت بين الدول السلمية من حيث اتساع أو ضيق الهوة الفاصلة بين الجانب الديني والجانب السياسي‪ -‬الدنيوي‪-‬‬
‫على أن هذا التفاوت قد نلحظه في الدولة الواحدة بين فترات زمنية متباعدة‪.‬‬

‫وهذه الدراسة التي بين أيدينا تلقي ضوءا على التجربة الباضية في موضوع الحكم وهي تجربة إسلمية حاولت أن‬
‫تبقي العلقة بين الدين والدولة قائمة على أسس تضمن التوفيق بين الجانبين من أجل تحقيق المصالح الدنيوية في‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫حدود الشرع‪.‬‬

‫‪---------------------------------------‬‬
‫‪ )1‬نسبة إلى كونفوشيوس (نحو ‪ 379 -551‬ق‪.‬م) فيلسوف صيني ل يقر بال‪.‬‬
‫‪ )2‬فريدريك هيجل ‪Hegel )1770- 1831‬م) فيلسوف ألماني قال الكائن والفكر شيء واحد‪.‬‬
‫‪ )3‬نيتشه ‪Nietzche)1844-1900‬م) فيلسوف ألماني يقوم مذهبه على إرادة القوة‪.‬‬
‫‪Marx )1817-1883 )4‬م) من رجال السياسة والفلسفة الجتماعية عاش في ألمانيا‪.‬‬
‫‪ )5‬فؤاد محمد شبل الفكر السياسي‪ ،‬القاهرة ‪1974‬م جـ ‪،1‬ص ‪.15‬‬
‫‪ )6‬دولة شيعية في المغرب والندلس‪ ،‬أشهر سلطينها‪ :‬عبد الرحمن بن علي‪.‬‬

‫نشأة الفكر السياسي عند المسلمين‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫يتمحور الفكر السياسي عند المسلمين حول مسألة الخلفة أو المامة وهي خلفة النبي في إدارة شؤون المسلمين‬
‫وتسييس الرعية‪ ،‬فصاحب هذه المهنة هو الحاكم العلى لجماعة المسلمين‪.‬‬

‫تولى الخلفة أول أبو بكر(رضي ال عنه) فالتزم بالكتاب والسنة وحرص على تطبيق العدالة الجتماعية بعيدا عن‬
‫العصبية‪ ،‬والتمييز العنصري فخل عهده من الفتراق‪ ،‬ثم تله عمر بن الخطاب (رضي ال عنه ) فاتسمت سياسته‬
‫بالعدالة المطلقة‪ ،‬واجتهد في وضع القوانين والنظم في إطار الحدود الشرعية بحسب ما تقتضيه المصلحة العليا‬
‫للمة‪ ،‬التي اتسعت رقعتها وضمت ألوانا جديدة من الجناس محملة برصيد فكري مميز وقيم أخلقية واجتماعية لم‬
‫يعهدها المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربية‪ ،‬فعاش الجميع في ظل القيادة السلمية‪ ،‬ل فرق فيما بين عربي‬
‫وأعجمي إل بالتقوى‪.‬‬

‫لكن باعتلء عثمان(رضي ال عنه) عرش السلطة تغيرت الوضاع وبدأ الضعف يدب في الساسة فضل عن العامة‬
‫ونتج عن ذلك ظهور النعرة القبلية من جديد واستفحل خطر العصبية التي أذابها السلم واستمر الوضع في ترد إلى‬
‫حين قتل عثمان وخلفه علي(رضي ال عنه) ولم يتمكن من رأب الصدع فتطور الخلف إلى صراع مسلح‪ ،‬ومن ثم‬
‫تخربت المة السلمية فصارت فرقا ومذاهب تدعي كل منها إن الحق بجانبها‪ ،‬وغيرها على ضلل‪ ،‬وكان الخلف‬
‫يبدو في ظاهره خلفا فقهيا‪ -‬دينيا‪ -‬لكنه يعكس في حقيقته صراعا بين الشرائح الجتماعية والطبقات ذات السيادة‪.‬‬
‫وبقي الحال على هذا النحو إلى أن استقر الحكم عند العباسيين‪ ،‬وفي خضم هذا الصراع حول منصب الخلفة ظهر‬
‫كتاب مسلمون تناولوا هذه القضية بالبحث والدراسة والنظرية‪ ،‬من أجل إضفاء الشرعية للحداث السياسية‪ .‬وتأييد‬
‫الزعماء القائمين برعاية المسلمين‪ ،‬أو نقد الوضاع ومحاربة أصحاب السلطة لحتكارهم مقاليد الحكم دون موجب‬
‫شرعي وكان هؤلء الفقهاء والمفكرون يعبرون في الغالب عن آراء الفرق التي ينتمون إليها‪.‬‬

‫فأثارت الشيعة مسألة أحقية علي(رضي ال عنه) وأبنائه في تولي منصب الخلفة المر الذي شجع الخوارج على‬
‫الرد عليهم‪ ،‬كما فعل غيرهم من أهل السنة وكان مصدر التشريع هو القاسم المشترك والمنطلق الول بين العلماء‬
‫ومفكري السلم‪ .‬غير إن الراء اختلفت حول القضية نفسها وتباينت وجهات النظر بينهم فراح كل يؤول النص‬
‫حسبما يمليه اتجاهه السياسي ويفسر الحداث من زاوية مذهبه‪.‬‬

‫ويمكن تحديد مواضع الخلف السياسي في جملة من المسائل‪ ،‬لكل منها موقفان متعارضان ينتج عنها مجموعة‬
‫محاور منا تتولد المذاهب السياسية عند المسلمين‪ ،‬ونعرض هذه المحاور على الشكل التالي‪:‬‬

‫ومن هذه المحاور تفاعلت الراء وتبلورت النظريات لتسفر عن مبادئ أساسية قامت عليها تكتلت وأحزاب سياسية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أربعة‪ ،‬نعرضها بالترتيب حسب ظهورها تاريخيا‪ ،‬ويوافق ذلك ترتيبها من حيث القوة والنفوذ‪.‬‬
‫أول‪ -‬حزب بني أمية ويعتمد في الحكم على المبادئ الساسية التالية‪ -‬وجوب نصب الخليفة بالبيعة والشورى على أن‬
‫يكون قرشيا عدل‪ ،‬طاعته واجبة والخروج عليه غير جائز" ومن هذا التكتل انبثقت مذاهب الشاعرة والماتريدية"‬
‫الثرية والمعتزلة"(‪.)7‬‬

‫ثانيا‪ -‬حزب بني هاشم‪ ،‬والمبدأ الساسي الذي يقوم عليه في موضوع الحكم‪ .‬إن الخلفة تنحصر في آل البيت وتنتقل‬
‫بوصية المام لمن بعده ويكون معصوما ومن هذا التكتل ظهرت فرق الشيعة‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬حزب عبدال بن وهب الراسبي(المحكمة) كان ظهوره نتيجة للصراع بين الحزاب المتقدمة‪ .‬ويعتمد هذا الحزب‬
‫في موضع الحكم على المبادئ التالية‪ -‬البيعة والشورى والعدالة دون اعتبار الجنس فإن استوفى المام هذه المقاييس‬
‫والتزم بها "وجبت طاعته ول يجوز الخروج عليه"(‪ ،)8‬أما إذا انحرف كان أمر الخروج عليه بيد أهل الحل والعقد‬
‫وهو جائز وليس واجب‪ .‬ومن هذا التكتل ظهرت فرق الباضية‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬الحزب المتطرف‪ ،‬وهو متفرع عن الحكمة الولى من أهم مبادئه في السياسة أن المامة غير واجبة عند‬
‫البعض‪ ،‬وعند آخرين من الحزب نفسه المامة مشاعة لكل المسلمين بشرط الكفاءة والعدل‪ .‬وتتم بالختيار المطلق‪،‬‬
‫فإذا جار المام وجب أن يعزل وإل يحارب ويقتل‪ .‬إل إن هذا الحزب لم يدم طويل لنتهاجه السلوب الثوري وتطرف‬
‫آرائه‪ .‬ومنه انبثقت الخوارج‪.‬‬

‫على ضوء هذا العرض نستطيع تلخيص الراء السياسية العامة التي تنبني عليها فلسفة الحكم عند المسلمين‪ ،‬فيما‬
‫يلي(‪:)9‬‬
‫أ‪ -‬المامة من قريش يعين بالبيعة‪ ،‬طاعته واجبة ولو جار (الحكم وراثي معتدل)‬
‫ب‪ -‬المامة في آل البيت فقط بالوصية وهي من أصول الدين والمام معصوم‪(.‬الحكم وراثي متطرف)‪.‬‬
‫جـ‪ -‬تعيين المام بالشورى والبيعة‪ ،‬سواء من قريش أو من غيرها‪ ،‬طاعته واجبة والخروج عليه جائزة إذا جار‬
‫(الحكم ديمقراطي معتدل)‪.‬‬
‫د‪ -‬المامة حق لكل إنسان عن طريق النتخاب الحر يطاع المام ما دام عادل‪ ،‬ويقتل إذا جار وقد ل تجب المامة(‬
‫الحكم ديمقراطي متطرف)‪.‬‬

‫بعد هذه المقدمة حول نشأة الفكر السياسي عند المسلمين‪ ،‬نعود إلى فرقة الباضية لنركز البحث حول آرائها في‬
‫السياسة من خلل مفكريها عامة وآثار قطب الئمة ش‪ .‬محمد بن يوسف اطفيش بصفة أخص‪.‬‬
‫وقبل ذلك‪ ،‬نعرف المذهب الباضي‪ ،‬من حيث نشأته‪ ،‬وأصوله العقيدية وعلقته بغيره من المذاهب‪ ،‬ثم نتعرض لحياة‬
‫القطب وآثاره‪.‬‬

‫‪------------------------------------------------‬‬
‫‪ )7‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬ص ‪.403‬‬
‫‪ )8‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬ط ‪ 1‬القاهرة ‪1976‬م‪.‬‬
‫‪ )9‬نقل عن علي يحيى معمر الباضية بين الفرق‪ ،‬ص ‪ (404‬بتصرف)‪.‬‬

‫الفصل الول ‪ :‬نشأة المذهب الباضي‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أول‪ :‬ظروف النشأة‬

‫إذا تعرضنا في هذا الفصل إلى السباب العامة والظروف الخاصة التي ساعدت على نشأة الفرقة الباضية فليس ذلك‬
‫من قبيل التعريف بالمذهب الذي نحن بصدد دراسته من الجانب السياسي‪ ،‬وعليه فإن الحديث سيكون مركزا على‬
‫الحداث التاريخية ذات الصلة الوثيقة بظروف النشأة والتي تمثل السباب المباشرة لظهور الباضية كفرة إسلمية‬
‫مميزة بأصولها واتباعها‪ .‬وما سوى ذلك من تفاصيل وجزئيات فسنتركها للراغب في التوسيع والتحقيق يلتمسها في‬
‫المصادر والمراجع المعتمدة(‪.)1‬‬

‫يقول أ‪.‬علي يحيى معمر(‪1979 -1915‬م)‪ ":‬المذهب الباضي ليس مذهبا سريا وليست أصوله التي ينبني عليها‬
‫خافية أو مجهولة وليس اتباعه ممن يستترون أو يختفون"(‪ )2‬وليس المذهب الباضي سوى (تعاليم السلمية‬
‫السامية وأصول المستقاة من نبعه الصافي كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم الصحيحة روتها ثقاة عدول‬
‫ذوو عقول راجحة(‪.)3‬‬

‫أما النشأة فتعود أسبابها إلى الظروف السياسية بالدرجة الولى حينما اشتدت أزمتها في الثلثين الخيرين من القرن‬
‫الول للهجرة بالضافة إلى الوضع الجتماعي المتناقض(‪ )4‬مما تولد عن ذلك اختلف أمة محمد صلى ال عليه‬
‫وسلمحول بعض القضايا في الفقه والسياسة‪ .....‬وكان ذلك سببا لجتهاد العلماء من الصحابة والتابعين‪ .‬ومن ثم‬
‫تعددت الراء وتباينت الفكار فكثر الجدل والمناظرات بين العلماء وبالتالي ظهور على الكلم عند المسلمين‪ .‬ولما‬
‫صار لكل عالم أتباعه وشيعته‪ ،‬تخربت المة السلمية‪ ،‬وصارت فرقا ومذاهب‪ ،‬تدّعي كل فرقة أن الحق إلى جانبها‬
‫وأن غيرها على ضلل‪ ،‬وأنها الوحيدة الناجية من بين الفرق التي أشار إليها الرسول صلى ال عليه وسلم في حديث‬
‫الفتراق(‪ .)5‬فبادر الخوارج بتسمية أنفسهم أهل الحق‪ ،‬وكانوا أول فرقة زعمت أنها على حق وما سواها على‬
‫ضلل(‪ )6‬في حين الذي بالغت الشيعة وكذا المويون في تكفير الخوارج واتهامهم بالزيغ والضلل‪ ،‬ونعتوهم بالمارقة‬
‫وأهل الهواء‪( ،‬ولم يتورعوا من وضع الحاديث في ذم الخوارج‪ ،‬كما وضعت أحاديث في ذم القدرية والمرجثة(‪.)7‬‬

‫وفي هذه الظروف المتوترة‪ ،‬لم يكن الصراع الفكري وحيدا في إذكاء نار الفتنة بل تفاقم الوضع وتحول الخلف من‬
‫حرب كلمية إلى صراع مسلح‪ ،‬وكان الخليفة الثالث عثمان بن عفان(رضي) أول ضحية في هذا الصراع‪ ،‬ثم تطورت‬
‫الحداث بعد ذلك‪ ،‬واشتد الخلف‪ ،‬وتقاتل المسلمون في معركة الجمل(سنة ‪36‬هـ ‪657/‬م) وفي وقعة صفين سنة(‬
‫‪37‬هـ‪657 /‬م) وما حدث بعدهما من فتن وانقسامات‪.‬‬

‫أما الباضية كفرقة مستقلة‪ ،‬مميزة فإنها لم تظهر جليا في تلك الظروف ولم تكن آراؤها قد تبلورت نظرا للتغير‬
‫السريع في مجريات الحداث‪ ،‬فلم يستقر الوضع آنذاك جيدا لتنضج الفكار وبالتالي تتميز الفرق عن بعضها‪ ،‬ولذلك‬
‫اختلفت المؤرخون في تحديد تاريخ معين لظهور الباضية كفرقة إسلمية ذات استقلل فكري وأصول واضحة‬
‫ومبادئ محددة ورجال معينين‪.‬‬
‫وفي سبيل تحديد الصول التاريخية لنشأة الباضية نورد بعض ما قيل في الموضوع من أجل الخلوص إلى رأي‬
‫واضح في ذلك‪.‬‬

‫يقول أ‪.‬محمد الشيخ بالحاج(معاصر)‪( :‬إن الصول السياسية للباضية ظهرت في اجتماع السقيفة(‪ )8‬وان لم يسموا‬
‫بذلك السم كما تسمى بقية الفرق آنذاك بأسمائها)(‪ ،)9‬ويشاطره الرأي د‪.‬عمار طالبي (معاصر) فيرى إن (أصل من‬
‫أصول الخوارج وريا من آرائهم كان موجودا إبان اجتماع السقيفة)(‪ .)10‬والمقصود بالصول السياسة مبدأ‬
‫الشورى‪ ،‬والديموقراطية المتمثلة في حرية اختيار الخلفية‪ ،‬ومبدأ أحقية كل مسلم في الوصول إلى هذا المنصب بقطع‬
‫النظر عن جنسه ولونه وانتمائه الطائفي‪ ،‬وهذا ما صرح به ابن عبادة الخزرجي(ت ‪ 16‬هـ‪637/‬م) مع جماعة من‬
‫النصار قالوا‪ -‬في اجتماع السقيفة‪ -‬بجواز المامة في غير قريش‪ ،‬ولعل هذه أول مسألة يختلف حولها المسلمون بعد‬
‫وفاة الرسول إذن فالخلف السياسي نتج عنه ظهور جماعة تطالب بتطبيق القيم السلمية المطلقة‪ ،‬كالعدل‬
‫والمساومة وحرية إبداء الرأي‪ ،‬وطالبت بتطبيقها‪ ،‬كما تبنتها الباضية والتزمت بها عمليا‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وهل يمكن القول بعد هذا إن جذور نشأة الفكر السياسي عند الباضية‪ ،‬وبالتالي نشأة الباضية تعود إلى ظهور‬
‫المطالبين بتطبيق هذه المبادئ؟‪ .‬الواقع أنه ل يمكن الفصل بسهولة في هذا الشأن‪ .‬خاصة والمر يتعلق بظهور فرقة‬
‫ل يمكن عزلها بظهور الخوارج‪ ،‬وترتبط نشأتها بنشأة الخوارج‪ ،‬حسبما تؤكده المصادر التاريخية‪ -‬إباضية كانت أم‬
‫غيرها‪ -‬فإن د‪.‬عمار طالبي يرى(إن النزعة الخارجية‪ ،‬وأن أصل الخوارج نبت في عهد النبي نفسه‪ ،‬ومن ثم فهو‬
‫سابق للثورة على الخليفة عثمان(ت ‪ 35‬هـ‪656/‬م) رضي ال عنه‪ ،‬وعلى معركتي الجمل(‪36‬هـ‪657 /‬م) وصفين(‬
‫‪37‬هـ‪657/‬م) وما لحقها من فتن(‪.)11‬‬

‫ومهما كان المر فالمسألة تتعلق بظهور الباضية أما علقتها بالخوارج‪ ،‬فسيأتي تفصيل ذلك في فصل لحق‪ .‬وإذا‬
‫عدنا إلى ظهور الباضية وتحديد تاريخ نشأتها فأننا نجد المستشرق تادوز لويسكي يذكر في دائرة المعارف‪ -‬اعتمادا‬
‫على المؤرخين المعاصرين إن ظهور الباضية كان سنة ‪65‬هـ ‪684‬م عندما انفصل عبدال بن إباض(‪ )12‬عن‬
‫المتطرفين الخوارج(‪ )13‬بمناسبة الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه أهل التوحيد الخرين(‪ ،)14‬لكنه يستبعد هذا‬
‫التحديد ليؤكد أن جذور الباضية أقدم من ذلك فهو يلحق تاريخ نشأة هذه الفرقة بظهور جماعة القعدة(‪.)15‬‬

‫أما المام عبد الوهاب(‪ )16‬فيعتبر إن وقعة صفين(‪ )17‬هي الحدث الول الذي نتج عنه ظهور فرقة الباضية إل أن‬
‫المام لم يسم هذه الفرقة بالباضية باعتبار أن التسمية حادثة يقول في رسالة لـه أهل طرابلس‪ ":‬لما اشتدت الحرب‬
‫وارتاب المبطلون وحكموا الحكمين‪....‬اختلفت المة‪...‬وصار الناش شيعتين‪...‬فاختلف المسلمون بالحق الذي تمسكوا‬
‫به فاختلفت عليهم كلمة المختلفين يقاتلونهم على دين ال الحنيف والملة الصادقة"(‪ )18‬ويعني المام بالمسلمين‬
‫المختفين بالحق‪ ،‬جماعة المحكمة(‪ )19‬كما سميت هذه الجماعة بالخوارج لخروجهم عن علي (رضي)(‪ .)20‬وهذه‬
‫تسمية أطلقها عليهم مخالفوهم في الفكرة ومعارضوهم في الرأي سواء من أصحاب علي أو من أتباع معاوية‪ .‬وحين‬
‫نزلوا حروراء(‪ )21‬سموا بالحرورية وكان عددهم آنذاك حوالي ‪ 12‬ألفا(‪ )22‬ثم نعتوا بأهل النهروان لما خرجوا من‬
‫الكوفة إلى النهروان(‪.)23‬‬

‫وفي أثناء ذلك لم تتميز عن غيرها في شكل فرقة مستقلة بآرائها إل بعد النفصال الذي حدث بين أهل النهروان‪ ،‬بعد‬
‫الهزيمة التي حلت بهم على يد أصحاب علي(رضي) وحينئذ ثار البعض ممن بقوا فعزموا على النتقام بالعنف بينما‬
‫فضلت جماعة منهم اللتزام بالهدوء والروية والجنوح إلى المسألة خاصة وأنهم يشكلون أقلية ضعيفة ل يقدرون‬
‫على الدفاع عن أنفسهم فضل عن تغيير الوضع لذلك قررت هذه الجماعة السفر إلى البصرة(‪ .)24‬وبانتقال هذه‬
‫الجماعة وتمركزها في البصرة أصبحت تشكل فريقا تحول"من حزب علني معارض إلى حزب سري يتطلع إلى‬
‫الوصول إلى السلطة"(‪ )25‬وإقامة دولة إسلمية جمهورية‪.‬‬

‫وبعد وفاة أبي بلل انتقلت زعامة الفرقة إلى عبدال بن إباض(‪ )26‬الذي انفصل عن الخوارج(‪ )27‬سنة ‪65‬هـ‬
‫ومكث بالبصرة مع أصحابه بعد خروج المتطرفين منها‪ .‬يذكر هذه الحادثة عبدال بن إباض نفسه(‪ ")28‬وهكذا بدأت‬
‫الفترة الولى من الباضية التي يمكن تسميتها بمرحلة الكتمان(‪ )29‬فيكون‪ -‬إذن‪ -‬مكوث غيرها من المتطرفين‬
‫الخوارج‪ ،‬ومن ثم يمكن اعتبار هذه الحادثة من الناحية التاريخية سببا مباشرا لظهور فرقة الباضية‪.‬‬

‫إل أنه ينبغي الشارة إلى أن التأسيس الحقيقي للفرقة كان على يد المام جابر بن زيد الزدي العماني(‪ )30‬الذي‬
‫انضم إلى جماعة أبي بلل مرداس بن أدية التميمي بعد مجيئه إلى البصرة(‪ .)31‬فكان لنضمام جابر إلى هذه‬
‫الجماعة أثر بالغ في نشأة الباضية وتحديد معالم أفكارها وآرائها‪ ،‬ولعل أهم شيء يجعل المام جابر يميل نحو‬
‫جماعة بلل موقف هؤلء من الوضاع السائدة آنذاك حيث يرون أن القتال بين أتباع العقيدة السلمية أمر ل يقبله‬
‫العقل ول الدين‪.‬‬

‫ولذلك آثرت هذه الجماعة الدخول في الكتمان(‪ )32‬على هذا الختيار اجتهد المام جابر في نشر دعوته سرا حتى ل‬
‫يتعرض لكل ما يؤذيه ويبيد أتباعه‪ ،‬وهذا ما شجع المعتدلين من بقية المحكمة على اللتفاف حوله والستزادة من‬
‫علمه‪ ،‬ولم يلبث أن أصبح رئيس الجماعة والمؤسس الحقيقي للحركة(‪ )33‬وحظي المام بمكانة عالية وثقة واسعة‬
‫في مجتمع البصرة بفضل ثقله العلمي وموقفه العتدالي؛ كما لعب العراق‪ ،‬الحجاج بن يوسف الثقفي(‪95 -76‬هـ ‪/‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪714 -695‬م) ودامت العلقة بين جابر والحجاج في غاية من الثقة والود مدة طويلة"(‪.)34‬‬

‫وفي الحقيقة إن هذه السياسة التي كان المام جابر ينتهجها والتي تقوم على مبدأ العتدال والبتعاد ما أمكن عن بؤر‬
‫التوتر وعدم الجهر بالرأي في وجه المخالفين‪ ،‬فضل عن استعراض الناس‪ ،‬واللتجاء إلى العنف لثبات رأي أو دفاع‬
‫عنه‪ .‬كانت هذه السياسة هي الوسيلة الناجحة للمحافظة على التواجد الباضي في وسط مفعم بالخلف كثير الفتن‪ ،‬ل‬
‫يرحم فيه أصحاب السلطة كل من شذ عن الرأي العام الذي تسيطر عليه السرة الموية‪ -‬آنذاك‪ -‬وكان هذا النوع من‬
‫التعامل السياسي يفرض على الباضية‪ -‬ومنظريها بالخصوص‪ -‬الحتكاك المباشر مع المخالفين وإظهار الرضى‬
‫والود‪ ،‬لكن ليس على حساب المبادئ الساسية للمذهب‪ .‬وتذكر المصادر أن جابر كان" يشترك مع الخوارج‬
‫المتطرفين في مناقشات سياسية"(‪ )35‬وكان عبدال بن إباض‪ -‬من قبله‪ -‬ينتهج السلوب نفسه في سياسة اللين مع‬
‫الخليفة الموي عبد الملك عن طريق المراسلت‪ ...‬وقد سجل التاريخ رسالتين لعبدال بن إباض تدل على العلقة‬
‫الودية بينهما"(‪ )36‬كما كان عبدال بن إباض صاحب مناظرات كلمية مع الخوارج‪.‬‬

‫وجملة القول أن ظهور الباضية ونشأتها تعود جذورها إلى التجمع العام لطائفة المحكمة في النهروان سنة ‪37‬هـ‪/‬‬
‫‪685‬م بعد الذي وقع في وقعة صفين‪ ،‬من تحكيم الحكمين‪ ،‬وقد رفعت هذه الطائفة شعارها" قبلت الدنية ول حكم إل‬
‫ال"(‪.)37‬‬

‫أما ظهور الباضية كفرقة مستقلة بآرائها معينة باتباعها وأعلمها‪ ،‬فكان ذلك تدريجا وفي مراحل استلزمت عقدا من‬
‫الزمن انتهى بإعلن عبدال بن إباض صراحة رفضه الخروج من البصرة مع المتطرفين من الخوارج وذلك سنة‬
‫‪65‬هـ فكانت هذه الحادثة العلن الرسمي لظهور الباضية وتميزها عن بقية المذاهب‪.‬‬

‫‪------------------------------------------‬‬
‫‪ )1‬للمزيد من التفاصيل حول نشأة الباضية أنظر‪ :‬رسالة المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم إلى أهل‬
‫طرابلس‪ ،‬ذكرها الشيخ بواب بن سلم في كتابه (شرائح الدين) مع نسخة الشيخ ناصر المرموري‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫الشماخي‪ ،‬كتاب السير‪ -‬الدرجيني طبقات المشائخ بالمغرب جـ ‪ 1‬أبو القاسم البرادي‪ ،‬الجواهر المنتقاة‪ -‬أبو الحسن‬
‫الشعري‪ ،‬مقالت السلميين‪ ،‬ص ‪ -64‬الحافظ بن كثير البداية والنهاية‪ ،‬جـ ‪ 7‬ص‪.‬ص ‪ -310-273‬عبد الحليم‬
‫محمود التفكير الفلسفي في السلم ص‪.‬ص ‪ -186-185‬سليمان الباروني باشا‪ ،‬الزهار الرياضية‪ -‬سالم بن حمود‬
‫السيابي‪ ،‬طلقات المعهد الرياضي ص ‪-79‬علي يحيى معمر الباضية في موكب التاريخ(جميع الحلقات) وكتابه‪:‬‬
‫الباضية بين الفرق السلمية‪ -‬محمود إسماعيل‪ ،‬الحركات السرية في السلم ص‪.‬ص ‪ -18-14‬عوض محمد‬
‫خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية‪ -‬صالح بن أحمد الصواف‪ ،‬المام جابر بن زيد العماني ص ‪.196‬‬
‫‪Marcel Mercier, La civilisation urbaine au M,Zab , p.p14-61 marghoub belhadj‬‬
‫‪,Le development politique en Algerie p.14. Aicha Daddi- Addoun, Sociologie‬‬
‫‪et Histoier des Algeriens Ibadites, p.p:103-14u, T. Lewicki, Encyclopedia de L‬‬
‫‪Islame, nouvelle edition, tome3, G.P. Maisonneuve et la roue S.A, Paris, 1971‬‬
‫‪article: Al Ibadiyya, p.p.669-682‬‬
‫‪ )2‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ ‪ 669-682‬الحلقة(‪ )1‬نشأة المذهب الباضي ط ‪ ،1‬مط دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬مكتبة وهبة القاهرة‪1384 ،‬هـ‪1964/‬م) ص ‪.5‬‬
‫‪ )3‬عبد الرحمن بن عمر بكلي(‪3.10.1901‬م‪13.1.1964 /‬م) فتاوي البكري مط العربية غرداية الجزائر ‪1983‬‬
‫جـ ‪ 1‬ص ‪.357‬‬
‫‪ )4‬ظهرت بوادر التناقض الجتماعي بتكون الطبقية عندما تراكمت رؤوس الموال لدى العيان في قريش من ناحية‬
‫واحتكار بني أمية لمناصب السلطة من ناحية أخرى وذلك في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان (رضي)‬
‫للمزيد من التوضيح راجع نشأة الفكر السياسي وأسبابه عند المسلمين في مدخل هذا البحث‪.‬‬
‫‪ )5‬عبد القاهر البغدادي (ت‪429 .‬هـ‪1037/‬م) الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم‪ ،‬ط ‪ 5‬دار الفاق الجديدة‬
‫بيروت ‪ ،1982‬ص‪.‬ص ‪.6 -4‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ )6‬محمد بن جرير الطبري(ت‪310 .‬هـ‪922/‬م) تاريخ المم والملوك‪ ،‬مط الحسينية‪ ،‬القاهرة ‪1336‬هـ‪ ،‬جـ ‪ ،5‬ص‬
‫‪.75‬‬
‫‪ )7‬عمار طالبي آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪ ،78‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.33‬‬
‫‪ )8‬اجتمع الصحابة (مهاجرون وأنصار) إثر وفاة الرسول صلى ال عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة سنة ‪11‬هـ‪/‬‬
‫‪632‬م‪ ،‬للنظر في شأن خلفة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ )9‬أ‪ .‬محمد الشيخ بالحاج‪ ،‬معاصر‪ ،‬مقابلة شخصية‪ ،‬صيف ‪.1984‬‬
‫‪ )10‬د‪ .‬عمار طالبي آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪ ،78‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.44‬‬
‫‪ )11‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.35‬‬
‫‪ )12‬حاول زعماء الخوارج استدراج عبدال بن اباض للخروج معهم فامتنع وأخبرهم أنه ل يخرج على قوم يرتفع‬
‫الذان من صوامعهم‪ ،‬والقرآن من مساجدهم‪ .‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية ‪،‬مط العربية‪ ،‬غرداية‪ ،1985 ،‬ص‪.35.‬‬
‫‪ )13‬للمزيد من التفاصيل حول الخوارج‪ ،‬راجع الفصل الثالث من هذا الباب‪.‬‬
‫‪.T. Lewicki, E.I, Ibadiyya, tom 3, p.669 )14‬‬
‫‪ )15‬من القعدة جماعة ظهرت في البصرة‪ ،‬في منتصف ق ‪1‬هـ ‪7-‬م‪ ،‬من أشد رجالها أبو بلل مرداس بن أدية‬
‫التميمي‬
‫‪ )16‬عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬ثاني أئمة الدولة الرستمية‪.‬‬
‫‪ )17‬حول أحداث صفين راجع‪ :‬الحافظ بن كثير‪ ،‬البداية والنهاية ط ‪ ،3‬مكتبة المعارف بيروت لبنان‪ ،1981 ،‬جـ ‪،7‬‬
‫ص‪.‬ص ‪.310-273‬‬
‫‪ )18‬رسالة الشيخ عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬ذكرها بواب بن سلم في كتابه‪ ،‬شرائع الدين (مخ) نسخة‬
‫الستاذ الشيخ ناصر المرموري‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ )19‬سموا بذلك لرفضهم تحكيم علي(رضي) الحكمين ورضاه بما نتج عن ذلك راجع‪ :‬عوض خليفات‪ ،‬الصول‬
‫التاريخية للفرقة الباضية‪ ،‬ط ‪ ،2‬مط الشرقية‪ ،‬سلطنة عمان د‪.‬ثا‪ ،‬ص ‪0‬‬
‫‪ 209‬أنظر الحافظ بن كثير‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،‬ط ‪ ،3‬مكتبة المعارف بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،1981‬جـ ‪ 7‬ص‪.‬ص ‪.310-273‬‬
‫عمار طالبي آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ 1‬ص ‪ ،87‬صالح بن أحمد الصوافي‪ :‬المام جابر بن زيد العماني وآثاره في‬
‫الدعوة مط وزار التراث القومي والثقافة‪ ،‬سلطنة عمان‪.1983 ،‬‬
‫‪ )21‬حروراء قرية بناحية الكوفة‪.‬‬
‫‪ )22‬ابن جرير الطبري‪ ،‬المم والملوك‪ ،‬دار القلم بيروت‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ )23‬صالح بن أحمد الصوافي‪ ،‬المام جابر بن زيد العماني وآثاره في الدعوة‪ ،‬مط وزارة التراث القومي والثقافة‪،‬‬
‫سلطنة عمان ‪1983‬م‪ ،‬ص ‪ ،212‬نقل عن القلهاني في الكشف والبيان‪ ،‬تح د‪.‬سيدة الكاشف‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.252‬‬
‫‪ )24‬قررت الجماعة المعتدلة ممن تبقى بعد وقعة النهروان الرحيل إلى البصرة تحت زعامة أبي بلل مرداس بن أذية‬
‫التميمي الذي نصب إماما للشراة فيما بعد‪.‬‬
‫‪ )25‬عوض محمد خليفات(معاصر) التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية في مرحلة الكتمان سلطنة عمان‪،‬‬
‫د‪.‬تا‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ )26‬كثير من المؤرخين وكتاب المقالت يحسبون إن عبدال خرج في أيام مروان وأنه قتل في معركة تبالة وهو خطأ‬
‫تاريخي لن عبدال بن اباض الذي تنسب إليه الباضية توفي في أواخر أيام عبد الملك‪ ،‬ونسب إليه المذهب لنه كان‬
‫أكثر ظهور في الميدان السياسي عند الدولة الموية‪.‬‬
‫‪ )27‬هم أتباع نافع بن الزرق‪ -‬في نظر الباضية‪.‬‬
‫‪ )28‬في رسالة كتبها إلى عبد الملك بن مروان (‪86-65‬هـ)‪.‬‬
‫‪.T. Lewicki, E.I,2e edi tom 3, article: EI- Ibadiyya, p.669.T )29‬‬
‫‪ )30‬حول شخصية المام جابر‪ ،‬راجع‪ :‬صالح الصوافي‪ ،‬المام جابر بن زيد‪.‬‬
‫‪ )31‬عوض محمد خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية ص ‪.6‬‬
‫‪ )32‬حول مفهوم الكتمان‪ ،‬راجع‪ :‬الفصل الثالث من الباب الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ )33‬عوض محمد خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية ص ‪ .6‬أنظر كذلك‪ :‬صالح الصوافي‪ ،‬المام جابر بن‬
‫زيد ص ‪ 197‬وانظر‪Lewicki , E.I., p670:‬‬
‫‪ )34‬نقل عن الشماخي في السير ص ‪47‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ )35‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪ ،670‬نقل عن الشماخي في السير ص ‪.76‬‬


‫‪ )36‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪،670‬‬
‫‪ )37‬عبدال السالمي في هامش كتاب‪ :‬إن لم تعرف الباضية للشيخ محمد اطفيش‪ ،‬علي يحيى معمر‪ .‬الباضية بين‬
‫الفرق السلمية ‪،‬مط وهبة ص ‪ ،338‬ظافر القاسمي‪ ،‬نظام الحكم في الشريعة‪ ،‬ص ‪ ،310‬فرحات الجعبيري(معاصر)‬
‫نظام العزابة عند الباضية ص ‪ ،18‬عوض محمد خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية‪ ،‬ص ‪ ،5‬صالح بن أحمد‬
‫الصوافي‪ ،‬المام جابر بن زيد العماني ص ‪Lewicki , E.I., p669169‬‬

‫ثانيا‪ :‬أصل التسمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫يحدد الشيخ محمد ين يوسف اطفيش(‪ )38‬الصيغة الصحيحة لتسمية أصحاب جابر ين زيد ويقول‪ ":‬الباضية بكسر‬
‫الهمزة على أنها الصح"(‪ ،)39‬إل أننا نجد الباضية‪ -‬بفتح الهمزة‪ -‬تستعمل عادة في المشرق كما في المغرب‪ ،‬وقد‬
‫استعملها البرادي في كتابه الجواهر المنتقاة(‪ .)40‬ومهما يكن فالتسمية بالباضية حادثة أطلقها المويون على‬
‫أصحاب عبدال بن إباض نسبة إلى أبيه أباض بن تميم اللت بن ثعلبة التميمي‪ ،‬يقول البرادي عن الباضية" إمامهم‬
‫عبدال ونسبوا إلى أبيه اباض لنه أعرف من عبدال وأشهر منه"(‪ .)41‬لكن الباضية ل يعتبرون عبدال إماما لهم‬
‫ول يضعونه في مرتبة المام جابر بن زيد من حيث العلم والتفقه في الدين‪ ،‬فعبدال‪ -‬إذن‪" -‬لم يكن إمام مذهب خاص‬
‫أخذ به أتباعه‪ ،‬وقلدوه فيه‪...‬فلم يكن هو من الشيوخ المؤسسين للمذهب"(‪ .)42‬أما عن الداعي إلى نسبة المذهب‬
‫إلى عبدال ابن اباض دون غيره من مشاهير الباضية‪ ،‬فلن عبدال كان كما يقول سالم السيابي (ق ‪ 14‬هـ)‪ ":‬أثقل‬
‫على زعماء أهل الباطل من الصخرة"(‪ )43‬ومما حصل المويين على نسبة المذهب إلى عبدال بن اباض أن الخير‬
‫كانت كل مقاصده"ل وفي ال فكانت له بذلك شهرة أضفت عليه لباس زعامة دينية تبعه عليها أهل الحق فأضيفوا‬
‫إليه وعرفوا به فكان سورهم المنيع من جانب السلطان"(‪ )44‬وأكثر من ذلك كان عبدال يمثل همزة وصل بين‬
‫جماعة الباضية والسلطة القائمة‪.‬‬

‫ويمكن القول من ناحية أخرى أن السبب الول في عدم نسبة المذهب إلى مؤسسه الحقيقي المام الفقيه جابر بن زيد‬
‫أن الظروف فرضت على جابر أن يعمل في الخفاء‪ ،‬بعيدا عن أعين المخالفين‪ ،‬لن أي أمر يكشف انتماءه للباضية‬
‫وولءه لجماعة أبي بلل مرداس‪ ،‬فأنه يعرضه‪ -‬ل محالة‪ -‬إلى خطر يعود عليه وعلى المذهب بالضرر‪ ،‬خاصة وان‬
‫جابرا يحظى بمكانة محترمة لدى العامل الموي الحجاج بن يوسف فنظرا لذلك اختار المام جابر سياسة التأقلم حسب‬
‫الظروف فهو‪ -‬من جهة يعمل لرساء أسس المذهب وتوطيد أركانه سرا عن طريق عقد حلقات دروس لتكوين رجال‬
‫المذهب الذين سيكلفون بنشر المذهب في بلد السلم‪ .‬ومن ناحية أخرى لم يكن المام جابر في معزل عن المجتمع‬
‫ولم يكن يعيش على هامش الحداث‪ ،‬بل سعى إلى ربط أواصر الخوة السلمية مه ممثل الخليفة في البصرة‪ ،‬حتى ل‬
‫يتعرض إلى العيون المتربصة‪.‬‬

‫ومن ثم فأن تسمية المذهب بالباضية ل تغني أن عبدال بن اباض هو الزعيم الروحي للمذهب وغيره تابع لـه‪ -‬كما‬
‫يدعي بعض المؤرخين وكتاب المقالت‪ ،‬ونستدل على ذلك باجماع المؤرخين الباضيين" على أن عبدال بن اباض‬
‫كان يصدر في كل أقواله وأفعاله عن جابر بن زيد"(‪ ،)45‬كما كان يفعل أبو بلل مرداس بن أدية‪.‬‬

‫ومما يثبت هذا أن التسمية بالباضية لم يخترعها اتباع هذه الفرقة بل أطلقها عليهم مخالفوهم(‪ )46‬فظل الباضية‬
‫يقاومون هذه التسمية‪ ،‬لكنهم "مع مرور الزمن وإصرار مخالفيهم على تسميتهم بهذا السم‪ ،‬قبلوا به خاصة وأنهم لم‬
‫يجدوا فيه ما يؤذيهم أو يسيء إلى سمعتهم"(‪ .)47‬يقول السيابي تأكيدا لذلك‪":‬وهذه التسمية جاءتنا من مخالفينا‬
‫فقبلناها غير متبرمين منها‪ .)48("....‬فالباضية إذن‪ -‬قديما وحديثا يجمعون على أن السم الحقيقي لمذهبهم ليس‬
‫الباضية وإنما التسمية المفضلة لديهم هي أهل الستقامة(‪ )49‬أو "أهل الدعوة أو جماعة المسلمين أو أهل‬
‫الستقامة والحق"(‪ ،)50‬ويبدو أن هذه التسميات التي اختارها الباضية لنفسهم كانت مقصودة يهدف منها تمييز‬
‫مجموعة خاصة انبثقت من جماعة المحكمة التي تتفق معها الباضية حول الموقف السياسي الرافض للتحكيم‪ .‬وبما‬
‫أن المحكمة انقسمت إلى فرق فإن الباضية اختارت لنفسها تسمية أهل الدعوة والستقامة لمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬ل ينبغي أن تكون التسمية بانتساب جماعة معينة إلى شخص معين‪ ،‬فالصل في النتساب أن يكون للدين الذي‬
‫وحد الشعوب وأذاب الطائفية في أمة واحدة هي أمة السلم‪ ،‬وعلى هذا يؤكد الباضية بأنهم ل يتمذهبون مذهبا غير‬
‫الحق(‪ )51‬حتى" إذا جارى الباضية المؤرخين وانتسبوا إلى عبدال بن اباض واتخذوا لهم اسما كسائر الفرق فل‬
‫يعني أنهم يقلدون الرجال ويقدسون أقوالهم‪ ،‬انما أمامهم الحق الذي ل يهتدون يغير هدية ول يقلدون سواه هو محمد‬
‫بن عبدال صلى ال عليه وسلم ليس لغيره حق في المامة إل بالسوة الحسنة"(‪.)52‬‬

‫الثاني‪ :‬التسمية بأهل الستقامة تشير إلى تخصيص جماعة دون غيرها تتميز بالمحافظة على تعاليم الشريعة التي ل‬
‫تقبل التبديل والتغيير‪ .‬واللتزام بأصول العقيدة السلمية‪ ،‬إذن فنعت الباضية بهذه الصفة يقتضي وجود فرق أخرى‬
‫حادث عن سواء السبيل‪ ،‬ولم يلتزم بالمنهج الذي يرتضيه ال تعالى‪ ،‬أو‪ -‬على القل‪ -‬ل تتفق مع الباضية حول‬
‫مسائل تتعلق بالصول فضل عن الفروع‪ .‬وترمي الباضية من وراء ذلك أن تتميز‪ -‬خاصة‪ -‬عن الخوارج الذين‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أحدثوا ما لم يكن من الشرع‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر التسمية فان العبرة بالمبادئ ومدى حرص الرجال باللتزام بالصول والعمل بإخلص وفق ما‬
‫يرتضيه الخالق‪ ،‬وما كان اليمان يوما بالنتساب والتمني‪.‬‬

‫‪-------------------------------------------‬‬
‫‪ )38‬أنظر حياة محمد اطفيش في الفصل الرابع من هذا الباب‪.‬‬
‫‪ )39‬أنظر الشيخ محمد اطفيش‪ ،‬الرسالة الشافية‪...‬الجزائر د‪.‬تا‪ ،‬ص ‪49‬‬
‫‪Lewicki , E.I., p669 )40‬‬
‫‪ )41‬أبو القاسم البرادي‪ ،‬الجواهري المنتقاة‪...‬‬
‫‪ )42‬سالم بن حمود السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء عن أتباع الشعثاء تحقيق وشرح د‪ .‬سيدة إسماعيل كاشف‪ .‬مط سجل‬
‫العرب‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ )43‬سالم بن حمود السيابي‪ ،‬طلقات المعهد الرياضي ص ‪.77‬‬
‫‪ )44‬سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء عن أتباع الشعثاء ص ‪.57‬‬
‫‪ )45‬عوض محمد خلسفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية ص ‪.9‬‬
‫‪ )46‬أنظر علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬حلقة‪ -‬ص ‪ ،6‬وكذلك سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء‪...‬ص‬
‫‪.49‬‬
‫‪ )47‬عوض محمد خليفات التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية في مرحلة الكتمان‪ ،‬مسقط‪ ،‬سلطنة عمان ‪،‬‬
‫د‪.‬تا‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ )48‬سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء ص ‪.49‬‬
‫‪ )49‬نور الدين السالمي في هامش‪ :‬ان لم تعرف الباضية لمحمد اطفيش ص ‪.26‬‬
‫‪ )50‬عوض محمد خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ )51‬سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪)52‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ ،1‬ل ‪.6‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬الباضية في المشرق‬

‫إذا سجلنا تاريخ نشأة الباضية بظهور عبدال بن اباض على الساحة السياسية في البصرة وبالتحديد في عهد الخليفة‬
‫الموي عبد الملك بن مروان(‪86-65‬هـ) فأننا نستطيع رصد الحركة الباضية في المشرق انطلقا من البصرة على يد‬
‫المام جابر بن زيد الذي اتبع سياسة عبدال بن اباض تجاه السلطة فكانت الفترة الولى من زعامة جابر ذات مردود‬
‫جيد لصالح الباضية لدخوله في علقات سلمية مع الحجاج‪ -‬بواسطة زيد بن أبي مسلمة كاتب الحجاج(‪ )53‬واستطاع‬
‫أثناء ذلك أن ينشط في نشر الدعوة سرا‪ ،‬وفي مأمن من مكر السلطة‪ .‬وانطلق في ذلك أول من قبيلته (أزد) العمانية‪،‬‬
‫فوجه إليها كل عنايته‪ ،‬وبحكم مركزه بين أقاربه فأنه لم يتلق صعوبة في إقناعهم‪ ،‬ولدرايته الجيدة بأبناء عمومته‬
‫وبهذا انضم إليه عدد وفير كان لهم الفضل في نقل تعاليم المذهب إلى أماكن عديدة من الجزيرة العربية‪.‬‬

‫ومن أسباب نجاح جابر في دعوته ما كان يتمتع به من مكانة علمية ودراية واسعة بعلوم القرآن الكريم والحديث‬
‫وحتى" شهد لـه الكثير من أهل العلم بالضبط والفطانة والصدق والمانة فنقلوا آثاره في مؤلفاتهم واحتجوا بأقواله‬
‫في أحكامهم" (‪ ،)54‬وقد تتلمذ عليه مشائخ كثيرون عرفوا فيما بعد بعلماء السنة المر الذي جعل ياقوت الحموي‬
‫يعده من أئمة السنة(‪ )55‬ومن أبرز تلميذه وأكثرهم علما أبو عبيد مسلم بن أبي كريمة(‪ )56‬الذي انتهت إليه رئاسة‬
‫المذهب بعد وفاة جابر(‪ )57‬الذي وطد أركان الدعوة الباضية حتى أصبحت حركة سياسية شاملة اجتذبت عناصر من‬
‫قبائل وأجناس متعددة(‪ .)58‬فكان على الزعيم الجديد أن يجتهد ما استطاع للمحافظة والدفاع عن المذهب وان يسعى‬
‫في الوقت نفسه لنشر الدعوة في كل جهة من البلد السلمية وكل ذلك من دون إثارة غضب السلطة أو التعرض‬
‫للمخالفين بأذى‪.‬‬

‫وبالفعل‪ ،‬استطاع أبو عبيدة أن يشكل حكومة سرية تتكون من خيرة المشائخ ورجال العلم منهم‪ :‬جعفر بن السماك‬
‫وصحار العبيدي‪ ،‬من الطبقة الثانية(‪150-50‬هـ) وضمام بن السائب وأبو نوح‪ ،‬من الطبقة الثالثة(‪150-100‬هـ)‪.‬‬

‫ومن أجل ضمان استمرارية الدعوة الباضية في مأمن من الفتن وضع أبو عبيدة تنظيما خاصا للمجالس السرية‬
‫تختلف باختلف مهامها وبرامج عملها‪ ،‬وترتيب طبقاتها ويمكن أن نصنف هذه المجالس إلى ثلثة أنواع(‪.)59‬‬
‫أ) المجالس العامة‪ :‬تضم كل شخص ينتمي إلى أهل الدعوة الباضية تعقد هذه المجالس عادة في بيت أحد المشائخ أو‬
‫بيوت العجائز‪ ،‬حيث يطمئن المجتمعون‪ ،‬ويبتعدون ما أمكن عن أماكن الريبة‪ ،‬وبعيدا عن عيون السلطة‪ .‬ومهمة هذه‬
‫المجالس هي نشر الدعوة عن طريق المواعظ والدروس التي يلقيها المشائخ حول عقيدة المذهب وتعاليمه‪ ،‬وقد‬
‫يكلف المجتمعون بأوامر يجب تنفيذها‪.‬‬

‫ب) مجالس العيان‪ :‬وهي خاصة بعلماء الدعوة وزعمائها يجتمعون في سرية تامة ويبحثون في شؤون الدعوة‬
‫وقضايا السياسة ودراسة الوضاع‪ ،‬ثم يقررون خطة العمل التي يجب اللتزام بها‪ ،‬وتعتبر هذه المجالس بمثابة الهيئة‬
‫العليا لحركة سرية تدرس وتخطط وتنظم وتقرر ثم تشرف على تنفيذ التوصيات‪.‬‬

‫جـ) مجالس العلم‪ :‬وهي حلقات للدراسة‪ ،‬يحضرها طلبة العلم الذين يفدون إلى البصرة من جهات مختلفة‪ ،‬ومن‬
‫جنسيات متعددة‪ ،‬يتلقون العلم وأصول العقيدة ويتدربون على منهجية الدعوة وكل ذلك عن المام أبي عبيدة مسلم بن‬
‫أبي كريمة‪.‬‬

‫وكانت تعقد هذه الحلقات في سرداب بناحية البصرة(‪ )60‬ل يعرفه إل رواده من المشائخ والعلماء والدعاة الباضيين‬
‫المعروفين بحملة العلم‪ .‬واستطاع أبو عبيدة أن يجعل من البصرة مركزا لنشر الدعوة الباضية فمنها كان (حملة‬
‫العلم) يتخرجون ويتوزعون في كل أنحاء البلد السلمية وكان هؤلء تربطهم بالمركز علقات قوية حتى انه اذا‬
‫استجد أمر واستعصى النظر فيه عادوا بالقضية إلى مشائخ البصرة‪.‬‬

‫ولما توطدت دعائم الحركة واتسعت ميادين نشاطها اقتضى الحال إن يتخذ المام أبو عبيدة مستشارا لـه فعين حاجب‬
‫الطائي مساعدا لـه" فكان مسؤول عن الشؤون العسكرية والمالية والدعوة خارج البصرة"(‪.)61‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وبفضل السياسة الرشيدة المبنية على مبدأ اللين والتسامح‪ -‬وفي الوقت نفسه‪ -‬العمل في سرية ويجد لرساء دعائم‬
‫الدعوة‪ ،‬تمكن أبو عبيدة أن يكسب ود السلطة ويحظى بثقة لدى الحكام المويين إل أن العلقة بين السلطة الحاكمة‬
‫وجماعة الباضية لم تكن دائما في حالة جيدة‪ ،‬فكثيرا ما شابها الحذر والتخوف من الجانبين وخاصة عندما يعين‬
‫عامل جديد على البصرة أو يستلم خليفة جديد مقاليد السلطة المركزية‪ ،‬فيسعى الباضية مبادرين بإرسال الوفود إلى‬
‫السلطة بقصد إيجاد سبل التفاهم والتقارب‪ ،‬وهذا ما حدث‪ -‬مثل‪ -‬في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز(‪101-99‬هـ)‬
‫فقد أرسل إليه أبو عبيدة حينما اعتلى العرش وفدا بقيادة جعفر بن السماك وسالم الهللي( الطبقة الثاني ‪-50‬‬
‫‪100‬هـ) وقد تكرر إرسال هذا الوفد لدى الخليفة عمر عندما توفي ولده عبد الملك بن عمر(‪)62‬‬

‫وفي عهد يزيد بن عبد الملك(‪105-101‬هـ) بظهور فرقة متطرفة في الوساط الباضية‪ ،‬تنادي بالثورة ضد الحكم‬
‫فتصدى لها الجيش الموي وقضى عليها في معركة العقر سنة ‪102‬هـ وقتل فيها يزيد بن المهلب‪ -‬زعيم الثورة‪(-‬‬
‫‪ .)63‬فكانت هذه الحادثة بمثابة نقطة تحول حاسمة في سياسة الحركة الباضية‪ ،‬فقد تأثر المهالبة وقادة الزد بما‬
‫يقع‪ ،‬فغضب الباضية على العمال المويين‪ ،‬وطالبوا بضرورة النتقام وتغيير الوضع يجعل حد للحكم الموي‬
‫ولسياسة القمع التي ينتجها ولة البصرة‪.‬‬

‫وأمام هذه الوضاع كان المام أبو عبيدة يجتهد في تهدئة الثوار ويدعو إلى التريث والتزام الهدوء بل" كان معارضا‬
‫لي تصرف مباشرة"(‪ )64‬لتمسكه بمبدأ اللين وكسب الخلفاء إلى جانبه ومع كل ذلك وجد المام نفسه ملزما بإعادة‬
‫النظر في سياسة الحركة‪ ،‬وشرع في التفكير العميق إيجاد مخرج مناسب يتماشى والتعاليم الساسية للباضية‪ ،‬وبعد‬
‫استشارة المشائخ وزعماء المذهب اضطر إلى تغيير موقفه خوفا من وقوع انقسام داخل صفوف الباضية‪ ،‬علما أن‬
‫الغلبية كانوا يطالبون بضرورة النتقال من مرحلة الكتمان إلى مرحلة الظهور(‪ . )65‬إل أن ذلك لم يكن بالمر‬
‫الهين‪ ،‬فالمسألة تتطلب الكثير من التعقل والستعداد الجيد‪ ،‬خاصة وان المام أبو عبيدة يرى أن القضية يتوقف عليها‬
‫مصير الحركة الباضية فهو يعتبر جيدا بما آلت إليه الحركات الخارجية المتطرفة من تشريد وإبادة وبناء على ذلك‬
‫تبني وجهة نظر معقولة تضمن له تحقيق دولة إباضية في حالة الظهور وبأقل كلفة وتتلخص نظريته فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ل يمكن "أن يخرج الباضية من البصرة لقامة إمامة مستقلة في ضاحية من ضواحي البصرة كما فعل نافع بن‬
‫الزرق وأتباعه"(‪ ،)66‬لن ذلك يؤدي إلى صراع مع السلطة الحاكمة‪ ،‬وإمكانيات الباضية غير كافية لرد العدو‬
‫والدفاع عن النفس‪.‬‬
‫‪ -2‬يستحسن البدء‪ -‬أول‪ -‬بإقامة حكومة مؤقتة سرية داخل البصرة تتولى تنظيم الحركة الباضية داخل وخارج‬
‫العراق ومن مهامها الساسية تكوين الدعاة تكوينا دينيا واجتماعيا وسياسيا ثم تكليفهم بإقامة دولة اباضية في جهات‬
‫مختلفة من الوطن السلمي‪ ،‬كبداية لقامة إمامة اباضية شاملة على أنقاض الدولة الموية‪.‬‬

‫وبفضل هذه السياسة خرجت الحركة الباضية من البصرة لتنتشر في أرجاء العالم السلمي فوصلت إلى الكوفة‬
‫والموصل وبقية أنحاء العراق‪ ،‬ودخلت مكة والمدينة ووسط الحجاز ثم اتجهت نحو الجنوب لتستقر في اليمن‬
‫وحضرموت‪.‬‬

‫وفي عمان وجدت الدعوة الباضية تربة صالحة لتنمو وتزدهر‪ ،‬المر الذي أتاح لعمان أن يلعب دورا هاما في‬
‫تاريخ الباضية حتى قيل‪ ":‬بدأ العلم بالمدينة وفرخ بالبصرة وطار إلى عمان"(‪ )67‬وهذا ما أكده التاريخ حيث‬
‫أصبحت الديار العمانية المركز الروحي للشعاع الباضي خاصة بعد انتقال مشائخ البصرة إليها كما يعود الفضل إلى‬
‫عمان في انتقال الباضية نحو الهند والصين عبر جزيرة ابن كعوان (كيشم)(‪ .)68‬كما انتشرت الدعوة كذلك في‬
‫خرسان بالفرس عن طريق حملت العلم التي وجهها أبو عبيدة إلى تلك المناطق‪.‬‬

‫وعلى غرار انتشار الباضية جنوبا وشرقا فقد واصلت سيرها نحو المغرب عن طريق مصر التي أصبحت هي‬
‫الخرى مركزا مهما للدعوة الباضية‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪)53‬نقل عن الشماخي في السير‪ ،‬ص‪.‬ص ‪ 74-71‬والمبرد في الكامل ص ‪.56‬‬
‫‪ )54‬سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ )55‬ياقوت الحموي معجم البلدان‪ ،‬مجلد ‪ ،2‬ص ‪.243‬‬
‫‪ )56‬حول شخصية المام أبو عبيدة بن مسلم راجع سير الشماخي ص ‪ 83‬وأنظر طبقات الدرجيني جـ ‪ 1‬وجـ ‪،2‬‬
‫البرادي الجواهر المنتقاة‪.‬‬
‫‪)57‬اختلفت الروايات حول تاريخ وفاة المام جابر والغالب بين سنة ‪93‬هـ و ‪96‬هـ أو ‪ 103‬هو الرجح سنة ‪93‬هـ‪،‬‬
‫راجع الجواهر المنتقاة ص ‪ ،155‬بواب بن سلم‪ ،‬شرائع الدين(مخ) ص ‪ ،38‬سير الشماخي ص ‪.77‬‬
‫‪)58‬عوض خليفات‪ ،‬التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية في مرحلة الكتمان ص ‪.5‬‬
‫‪ )59‬للمزيد من التفاصيل حول تنظيمات المجالس راجع عوض محمد خليفات في التنظيمات السياسية والدارية عند‬
‫الباضية‪...‬ص ‪ ،7-6‬وانظر الصول التاريخية للفرقة الباضية‪ ،‬للمؤلف نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص ‪41-36‬‬
‫‪ )60‬أنظر أبو زكريا يحيى بن أبي بكر(ت‪ )471.‬كتاب سير الئمة وأخبارهم تح‪ :‬إسماعيل العربي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الغرب‬
‫السلمي‪ ،‬بيروت ‪ 1982‬ص ‪ ،65-55‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب تح‪ ،‬إبراهيم طلي جـ ‪ ،2‬ص ‪،21‬‬
‫الشماخي السير‪ ،‬ص ‪ ،142‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ حلقة ‪ ،3‬ص‪.‬ص ‪.15-13‬‬
‫‪ )61‬عوض خليفات ‪،‬الصول التاريخية الباضية‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪T. Lewicki , En, Is., p671 )62‬‬
‫نقل عن الشماخي في السير ص‪.‬ص ‪ ،80-79‬وأبي الحسن في السير العمانية ص ‪.111.666.667‬‬
‫‪ )63‬عوض خليفات ‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية ص ‪.44-43‬‬
‫‪T. Lewicki , E. Is., p670 )64‬‬
‫‪ )65‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ ،671‬نقل عن الشماخي في السير ص ‪.83‬‬
‫‪ )66‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.671‬‬
‫‪ )67‬نور الدين السالمي‪ ،‬اللمع‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪ )68‬توجد بالقرب من سواحل كيرمان مقابل رأس مسندم‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رابعا‪ :‬الباضية في المغرب‬

‫يقول المام عبد الرحمن بن رستم(‪ ":)69‬أول من جاء يطلب مذهب الباضية ونحن بالقيروان‪ -‬أفريقيا‪ -‬سلمة بن‬
‫سعد(‪ )70‬قدم علينا من أرض البصرة ومعه عكرمة مولى ابن العباس(ت ‪107‬هـ)‪...‬فسلمة يدعو إلى مذهب‬
‫الباضية وعكرمة يدعو إلى مذهب الصفرية"(‪ )71‬ويبدوا أن مجيء هذين الرجلين إلى المغرب كان بدافع نشر‬
‫الدعوة‪ ،‬ول يكون ذلك إل ضمن خطة مدروسة وضعها المام أبو عبيدة فقد كان يرسل "بعض الدعاة لستطلع‬
‫أحوال الناس في المغرب ومعرفة اتجاهاتهم ودراسة عاداتهم وتقاليدهم وطرق معيشتهم ومقدار تطورهم الفكري‬
‫والحضاري ودرجة ولئهم للسلطة الحاكمة"(‪ )72‬ليسهل على المام اختيار الشخاص الذين يستطيعون تحمل أعباء‬
‫الدعوة وسياسة الرعية‪ ،‬وتنفيذ أحكام ال بالعدل‪ ،‬وتحقيق المساواة بين الناس دون اعتبار للنسب أو الجنس أو‬
‫اللون‪ ،‬فوقع المأمول ونجح سلمة بن سعد في مهمته بإيجادها أرضا بكرا وشعبا مطواعا فنالت دعوته إقبال واسعا"‬
‫ولم يكد يمضي على دخوله إلى المغرب عشرون سنة حتى تكونت جماعة معتبرة من الباضيين في طرابلس يتزعمها‬
‫رجل يدعى‪ :‬عبدال بن مسعود التجيبي(‪ )73‬الذي آزراته قبيلته هوارة التي اعتنقت المذهب الباضي ثم تبعتها زنانة‬
‫في شرق طرابلس‪ ،‬ونفوسة في الجبل‪ -‬الذي يحمل إلى اليوم اسم جبل نفوسة‪ -‬وبفضل هذه القبائل البربرية انتشر‬
‫المذهب الباضي في شمال أفريقيا‪.‬‬

‫وبعد مقتل عبدال بن مسعود التجيبي على يد عامل طرابلس(‪ )74‬اجتمع أهل الحق والستقامة" لما أنسوا من‬
‫أنفسهم القوة والمنعة وانتخبوا المام الحارث الكندي(‪ ....)75‬فقام بالمر وساس البلد خير سياسة(‪ ).....‬فكان أول‬
‫إمام بويع بالمغرب هذا المام"(‪ )76‬لكن بعض الدارسين المعاصرين(‪ )77‬يرون أن الزعامة كانت مشتركة بين‬
‫الحارث وصاحبه عبد الجبار بن قيس المرادي‪ ،‬ووقع بينهما خلف حول الحكم حتى انتهى بهما المر إلى القتال‬
‫فطعن أحدهما الخر‪.‬‬

‫لكن المصادر الباضية تنفي هذا القول‪ ،‬وتؤكد أن المامة كانت للحارث بينما تولى عبد الجبار مهمة القضاء(‪ )78‬أما‬
‫قصة موتهما فهي مسألة غامضة لم يستطع المؤرخون الوصول إلى معرفة الحقيقة وتفسير ما حدث‪ .‬وإن غلب على‬
‫ظن الباضية إن العملية كانت من تدبير العداء لثارة الخلف بين أتباع المذهب وتفكيك وحدتهم(‪ )79‬وهذا ما يؤكده‬
‫ابن خلدون في تاريخه‪ ،‬ويذكر أن مقتل الحارث وعبد الجبار كان على يد عبد الرحمن بن حبيب(‪ )80‬الذي زحف‬
‫إليهما سنة ‪131‬هـ في قتل البربر(‪.)81‬‬

‫بعد موت الحارث وعبد الجبار تولى إسماعيل بن زياد النفوسي الذي مات بعد وليته مباشرة سنة ‪132‬هـ‪ ،‬وبموته‬
‫انتهت الدولة الباضية وحافظوا على أصول المذهب‪.‬‬

‫وفي هذه الثناء كانت البعثة العلمية على وشك الرجوع من المشرق‪ ،‬أما عن هذه البعثة فتتكون من خمسة رجال‬
‫اختيروا للسفر إلى البصرة واللتحاق بمعهد أبي عبيدة‪ .‬ومما يلحظ في هذه الجماعة أنها لم تكن خاصة لقبيلة دون‬
‫أخرى‪ ،‬أو جنس دون غيره بل تضم عناصر مختلفة تجمع بين العربي والبربري والفارسي‪ ،‬كيف ل؟ والسلم أذاب‬
‫هذه العناصر في أمة واحدة قائدها الرسول ودستورها القرآن والسنة‪ .‬وأعضاء الجماعة هم على التوالي‪ :‬أبو درارا‬
‫إسماعيل بن درار الغدمسي(من ليبيا‪ -‬حليا‪ )-‬وأبو درار القبلي النفزاوي (من مدينة نفزاوة جنوب تونس) وعاصم‬
‫السدراتي( من سدراته بالقرب من وارجلن جنوب الجزائر‪ ،‬وعبد الرحمن بن رستم (أصله فارسي أقام في القيروان)‬
‫وأخيرا أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعفاري (عربي من اليمن)‪ .‬اتصل هؤلء بالمام أبي عبيدة‪ ،‬ومكثوا في‬
‫حضرته أعواما عديدة يتلقون العلم وأصول العقيدة ومنهج الدعوة‪ ،‬وبعد استكمالهم الدراسة أمرهم المام بالعودة إلى‬
‫وطنهم وأصدر لهم تعليمات بتكوين إمامة اباضية مستقلة في طرابلس‪.‬‬

‫وهناك في الغرب اجتهد أعضاء البعثة في تبليغ أمانة الدعوة‪ ،‬وعملوا كل ما في وسعهم لتحقيق أهدافهم ونشر‬
‫مبادئهم وقد ركزوا في ذلك‪ -‬خصوصا على "المبادئ العامة البسيطة التي يفهمها عامة الناس‪ ...‬مثل المساواة في‬
‫الحقوق والواجبات بين المسلمين‪ ،‬وأحقية كل مسلم في الوصول إلى أعلى مراتب السلطة‪ ،‬على أن هذا المر ليس‬
‫مقصورا على قريش ول على العرب وأعلنوا أنهم سيطبقون العدل والحق‪ ...‬ولقيت هذه الشعارات تجاوبا سريعا لدى‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫البربر الذين اشتكوا طويل من ظلم الولة ومن فقدان العدل والمساواة مع أقرانهم من العرب المسلمين"(‪ )82‬وكانت‬
‫النتيجة أن تكللت مجهودات هؤلء الدعاة بإعلنهم الدخول في مرحلة الظهور فأسسوا إمامة مستقلة رئيسها أبو‬
‫الخطاب عبد العلى بن السمح الذي أخذ زمام المور بجد‪ ،‬حتى تمكن الباضية بقيادته الستيلء على مدينة طرابلس‬
‫بانقلب أبيض‪ ،‬لم تسل فيه قطرة دم‪ ،‬ثم واصل أبو الخطاب في توسيع رقعة نفوذه‪ ،‬لتشمل جزيرة جربة‪ ،‬ومدينة‬
‫القيروان التي كانت تحت سلطة الصفرية من قبيلة ورفجومة‪ ،‬وبهذا تكونت دولة اباضية كبرى شملت ليبيا وتونس‬
‫وشرق الجزائر(‪ )83‬إل أن القدر لم يكتب لهذه الدولة أن تعيش أكثر من أربع سنين‪ ،‬فقد تصدى لها الخليفة العباسي‬
‫أبو جعفر المنصور(‪158-95‬هـ)(‪ )84‬وبعث بجيش للقضاء عليها تحت قيادة محمد بن الشعث(‪ )85‬الذي تقابل مع‬
‫أبي الخطاب وأصحابه (بموضع يقال لـه "تورغا" قرب مدينة طرابلس(‪ ،)86‬وهناك أستشهد أبو الخطاب ومن معه‬
‫من أصحابه‪ ،‬ولما بلغ الخبر عبد الرحمن بن رستم(‪ )87‬وهو في طريقه بمدد من الرجال إلى أبي الخطاب‪ -‬تفرق من‬
‫معه فتوجه برفقة ابنه عبد الوهاب إلى بلد المغرب الوسط‪ ،‬وهناك اعتصم مع من اجتمع حوله من قبائل البربر‬
‫بجبل "سوفجج" بالقرب من مدينة تاهرت(‪ )88‬ولما كانت سنة ‪160‬هـ اجتمع أعيان القبائل الباضية بعد أن قويت‬
‫شوكتهم وأنسو من أنفسهم القوة والطاقة" فأرادوا التولية فنظروا في عامة القبائل فوجدوا في كل قبيلة رأسا أو‬
‫رأسين كل يصلحون للمارة فاشتوروا فيما بينهم‪.....‬فاتفق رأيهم جميعا على تولية عبد الرحمن رستم ومبايعته‪،‬‬
‫فبايعوه على المامة‪.)89("...‬‬

‫وكانوا قد شرعوا في بناء تاهرت ليتخذوها عاصمة لدولتهم(‪ )90‬وبالفعل أصبحت مركزا مهما للنشاط الباضي في‬
‫شمال أفريقيا حتى سميت بأم العسكر)(‪.)91‬‬

‫ازدهرت الحياة واستقرت الوضاع في عهد الرستميين‪" ،‬وبلغ المذهب الباضي أوج عظمته العلمية والسياسية حيث‬
‫كان أساسا لحضارة لم يشهد المغرب الوسط مثيل لها من قبل(‪ )92‬غير أن الحداث تغيرت فدخلت الدولة الرستمية‬
‫في طورها الثاني‪ ،‬ولم يكن بأحسن مما يريده الباضية‪ .‬فقد ظهرت فيه بوادر الضعف والنقسام‪ ،‬خاصة بعد احتلل‬
‫الغالبة الشريط الفاصل بين طرابلس وتيهرت سنة ‪224‬هـ‪ .‬وما أحدثه النكار(‪ )93‬والواصلية(‪ )94‬من شقاق وتمرد‬
‫على السلطة بالضافة إلى تحريات القبائل المعارضة للنظام‪ ،‬ومطالبة العمال بالستقلل عن السلطة المركزية‪ ،‬وما‬
‫نتج عن الخلف العقائدي من نزاع وصراع كل ذلك ساهم في أضعاف الدولة وفقد الئمة القوة على التحكيم في‬
‫الوضاع‪ ،‬ثم كانت معركة "مانو" سنة ‪283‬هـ بمثابة الضربة القاضية للنظام الرستمي‪ ،‬فلم تستطع تيهرت سنة‬
‫‪296‬هـ ‪909 -‬م أن تقوى على رد العداء فسقطت أمام جيوش أبي عبدال الشيعي‪ ،‬وفر أبو يوسف يعقوب‪ -‬آخر‬
‫الئمة الرستميين‪ -‬مع أفراد أسرته وأعيان دولته إلى سدراته قرب وارجلن‪ ،‬وهناك حاول الباضية تأسيس دولة‬
‫جديدة‪ ،‬لكن الظروف لم تكن مناسبة ولم تتحقق هذه المنية منذ ذلك التاريخ‪ .‬وبهذا دخل الباضية في مرحلة الكتمان‪،‬‬
‫من جديد‪ ،‬وهي الوسيلة الفضلى للمحافظة على كيانهم‪ ،‬وبلوغ الهداف العليا والمتمثلة في نشر الدعوة‪ -‬ولو سرا‪-‬‬
‫وتحقيق الوحدة بين أتباع المذهب وتخفيف حدة التوتر بينهم وبين مخالفيهم من السنيين والشيعة ولجل ذلك اعتمد‬
‫الباضية على أمرين في طور الكتمان‪:‬‬
‫أول‪ :‬تنظيم هيئة خاصة بمثابة السلطة‪ ،‬تقوم مقام المام أو الخليفة‪ ،‬في مرحلة الظهور‪ ،‬وتتكون هذه الهيئة من‬
‫العلماء وأعيان القبائل تشرف على هيئات أخرى تفرعت عنها تدعى بمجالس العزابة(‪ )95‬وتتواجد هذه الخيرة في‬
‫كل تجمع للباضية وإليها يرجع النظر في كل المور التي تخص الباضية سواء في الحياة الدينية أو الجتماعية‪ .‬ول‬
‫يزال هذا التنظيم قائما على سوقه‪ ،‬معمول به لدى اباضية الجزائر في وادي ميزاب‪ .‬وقد اهتدى الباضية إلى وضع‬
‫هذا التنظيم في بداية القرن الخامس الهجري على يد الشيخ أبي عبدال محمد ابن بكر(‪.)96‬‬

‫ثانيا‪ :‬البتعاد‪ -‬ما أمكن‪ -‬عن مواطن المخالفين واللتجاء إلى الماكن النائية التي يقل ارتيادها فالباضية يعتقدون أنه‬
‫بانزوائهم بعيدا عن أعين العداء يستطيعون حفظ مذهبهم وكيانهم وتحقق وحدتهم وتماسك جماعتهم‪ .‬فاعتمادا على‬
‫ذلك شرع قسم من الباضية يغادرون وارجلن و"واد ريغ" ليستقروا في وادي ميزاب حيث أسسوا هنالك مدنا في‬
‫ظروف طبيعية قاسية‪ ،‬ول يزالون في تلك المناطق إلى اليوم‪.‬‬

‫أما اباضية طرابلس فقد التجأوا إلى جبل نفوسة ومدينة زوارة الواقعة على الشاطئ الغربي لليبيا وقسم آخر منهم‬
‫استقر في جزيرة جربة التونسية(‪ )97‬حيث ل يزالون حتى اليوم‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وتجدر الشارة ونحن في صدد الحديث عن الباضية في المغرب‪ ،‬إلى دور هذه الفرقة السلمية وإسهامها في نشر‬
‫السلم بين أهالي السودان(‪ )98‬عن طريق التجارة‪ ،‬وقد شهدت الفترة الرستمية بشكل خاص نموا خاصا في نمو‬
‫العلقات القتصادية بين الباضيين والبلدان المتاخمة للدولة الرستمية جنوبا‪ .‬فقد أوفد المام أفلح بن عبد الوهاب(‬
‫‪582-205‬هـ) سفيرا لـه إلى بلط ملك غانة أو " قاو"(‪ )99‬كما تشير المصادر الباضية إلى أن عددا من التجار‬

‫الباضيين كانوا ينتقلون بين الجريد وغانة خلل القرن الرابع والخامس الهجري(‪ ،)100‬وهذا مما‬
‫يؤكد إسهام الباضية في خدمة السلم بشمال أفريقيا‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )69‬مؤسس الدولة الرستمية في تيهرت سنة ‪160‬هـ‪ ،‬أنظر الدرجيني طبقات المغرب جـ ‪ 1‬ص ‪ ،21‬تاريخ أبي‬
‫زكريا تح إسماعيل العربي ص ‪.71‬‬
‫‪ )70‬شيخ من البصرة ظهر في مطلع ق ‪2‬هـ يالقيروان‪.‬‬
‫‪ )71‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب جـ ‪ 1‬ص ‪ ،11‬الشماخي ‪،‬السير ص ‪.98‬‬
‫‪ )72‬عوض خليفات‪ ،‬التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ )73‬إسماعيل العربي في مقدمة تحقيقه لكتاب سير الئمة وأخبارهم لبي زكريا يحيى بن أبي بكر‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الغرب‬
‫السلمي بيروت ص ‪16‬‬
‫‪ )74‬م‪.‬س‪،‬ص ‪ ،16‬نقل عن ابن الحكيم‪ ،‬فتوح مصر ص ‪.224‬‬
‫‪ )75‬ويدعى الحارث بن تليد الحضرمي‪ ،‬وجد قتيل مع صاحبه عبد الجبار بن قيس المرادي وسيف أحدهما في رقبة‬
‫الخر سنة ‪ 131‬أو ‪132‬هـ‪ ،‬وحول هذه المسألة نشأ خلف فقهي‪ -‬عقيدي تنبى إشكالية على الولية المعينة هل‬
‫تنتقل الى الوقوف أم ل؟ واليقين هل يدفعه الشك أو ل يدفعه ال اليقين‪ ،‬راجع طبقات الدرجيني تح إبراهيم طلي‪ ،‬مط‬
‫قستطينية الجزائر د‪.‬تا‪ .‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.25-24‬‬
‫‪ )76‬أبو اسحاق إبراهيم اطفيش في هامش كتاب الوضع لبي زكريا يحيى بن أبي الخير‪ ،‬مط الفجالة الجديدة‪،‬‬
‫القاهرة د‪.‬تا‪.‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ) 77‬إسماعيل العربي في مقدمة كتاب سير الئمة وأخبارهم لبي زكريا ص ‪ 16‬وأنظر كذلك‬
‫‪T .Lewicki, En .Is. p. 677‬‬
‫‪Pierre Cuperly, Introduction a I'etude de I'Idadisme et de sa theologie O.PU‬‬
‫‪.Alger. 1984, p.p 293-294‬‬
‫‪ ) 78‬أبو اسحاق إبراهيم اطفيش في تقديمه لكتاب الوضع لبي زكريا‪ .‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ) 79‬م‪.‬س‪ ،‬الصفحة نفسها‪ ،‬وأنظر الدرجيني‪ ،‬الطبقات ج ‪ 1‬ص ‪.24‬‬
‫‪ ) 80‬عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الرحمن‪ .‬عامل جعفر بن المنصور في أفريقيا قتله عبد الملك بن جعفر سنة‬
‫‪140‬هـ‪.‬‬
‫‪ ) 81‬ابن خلدون كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر‪...‬ج ‪ .6‬ص ‪223‬‬
‫‪ ) 82‬عوض خليفات‪ ،‬التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية ‪،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ ) 83‬للمزيد من التفاصيل حول نشأة الخطابية راجع‪ :‬الدرجيني طبقات المشائخ ج ‪ ،1‬ص ‪ .24‬أبو زكريا‪ ،‬سير‬
‫الئمة وأخبارهم تح إسماعيل العربي‪ ،‬ص‪.‬ص ‪ ،65-57‬الشماخي‪ ،‬كتاب السير‪ ،‬ص ‪ .131‬وأنظر‬
‫‪Aicha Daddi- Addoun, Sociologie et histoire des Algeriens Ibadites, Im, EL-‬‬
‫‪Arabia, Ghardaia, 1977, P.103, T. Lewicki E.L.P 675, Gerard Dangel L'Imamat‬‬
‫‪.Ibadite de Tahert p.37‬‬
‫‪ ) 84‬هو عبدال بن محمد بن علي بن عباس اشتهر بحبه للفلسفة والعلوم الفقهية والداب‪ .‬نقل عاصمة العباسيين‬
‫الى بغداد راجع الكامل لبن أثير ج ‪ 5‬ص ‪.172‬‬
‫‪ ) 85‬محمد بن الشعث الخزاعي‪ ،‬أكبر قواد العباسيين في عهد أبي جعفر المنصور ت‪148.‬هـ في غزوة للروم‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫راجع سيرته في الكامل للمبرد ج ‪ ،5‬ص ‪.317‬‬


‫‪ ) 86‬أبو زكريا يحيى‪ ،‬كتاب سير الئمة وأخبارهم‪ ،‬تح إسماعيل العربي ص ‪.82‬‬
‫‪ ) 87‬كان عبد الرحمن بن رستم حينئذ عامل أبي الخطاب في القيروان‪.‬‬
‫‪ ) 88‬يذكر الدرجيني في الطبقات ج ‪ ،1‬ان المام عبد الرحمن بن رستم لما تحصن بجبل سوفجج لحقه هناك ستون‬
‫شيخا من شيوخ الباضية من طرابلس‪.‬‬
‫‪ ) 89‬أبو زكريا‪ ،‬سير الئمة وأخبارهم‪ ،‬تح إسماعيل العربي‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.83-82‬‬
‫‪ ) 90‬يذكر ابن خلدون عبد الرحمن بن رستم بويع بالخلفة سنة ‪144‬هـ ثم شرع في بناء مدينة تاهرت لينصب‬
‫عليها كرسي المارة‪ ،‬راجع ابن خلدون كتاب العبر ج ‪ ،6‬ص ‪ 247‬وهذا لما أوردته المصادر الباضية التي تؤكد أن‬
‫عبد الرحمن بويع سنة ‪ 160‬أو ‪162‬هـ وبعد ان تم بناء تاهرت فتأمل؟‬
‫‪ ) 91‬تاريخ أبي زكريا‪ ،‬تح إسماعيل العربي ص ‪.84‬‬
‫‪ ) 92‬إسماعيل العربي في مقدمة تحقيقه لكتاب تاريخ أبي زكريا‪ ،‬ص ‪ ،19‬وللمزيد من التفاصيل حول تاريخ الدولة‬
‫الرستمية راجع‪ :‬تاريخ أبي الربيع الوسياني‪ ،‬ابن الصغير‪ ،‬تاريخ الئمة الرستميين‪ ،‬الدرجيني طبقات المشائخ‬
‫بالمغرب ج ‪ ،1‬ص ‪ 21‬وما بعدها‪ ،‬بواب بن سلم‪ ،‬شرائع الدين مخ‪ ،‬باحاز الدولة الرستمية‪.‬‬
‫‪.T. Lewicki E.L. P.p 675-676, Gerard Dangel L'Imamat Ibadite de Tahert p.37‬‬
‫‪Aicha Daddi- Addoun, Sociologie et histoire des Algeriens Ibadites, p.p 113-‬‬
‫‪.140‬‬
‫‪ ) 93‬النكار أو النكارية‪ ،‬جماعة أنكرت إمامة عبد الوهاب سنة ‪171‬هـ يتزعمها يزيد بن فندين‪.‬‬
‫‪ ) 94‬الواصلية‪ ،‬أتباع واصل بن عطاء الغزال‪ ،‬رأس المعتزلة أبعده الحسن البصري عن مجلسه لما علم موقفه من‬
‫مرتكب الكبيرة‪ ،‬وهو ان الفاسق من هذه المة ل هو مؤمن ول هو كافر فيجعل الفسق بين منزلتي الكفر واليمان‬
‫راجع‪ :‬عبد القاهر البغدادي(ت‪429.‬هـ) الفرق بين الفرق الناجية منهم تح لجنة إحياء التراث العربي ط ‪ 5‬دار الفاق‬
‫بيروت‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ) 95‬حول العزابة راجع‪( :‬الكتمان في الفصل الثاني من الباب الثاني)‪.‬‬
‫‪ ) 96‬عاش في القرن ‪5‬هـ‪ ،‬أخذ العلم عن شيخه أبي نوح سعيد بن رنغيل القنطراري‪ .‬وانتهت إليه مشيخه الباضية‬
‫بوادر ريغ وإليه يعود الفضل في انتشار المذهب الباضي في واد ميزاب‪ .‬في أوائل ق ‪5‬هـ‪11/‬م‪.‬‬
‫‪T. Lewicki E.L. P.p 677 ) 97‬‬
‫‪ ) 98‬يعني بالسودان جنوب الجزائر‪ ،‬وتشمل موريطانيا والنيجر ومالي والسينغال وغانا وفولتا العليا‪.‬‬
‫‪T. Lewicki E.L. P.p 678 ) 99‬‬
‫‪ )100‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪678‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬الصول العقيدية للمذهب الباضي ‪:‬أول‪ :‬الصول التسعة‬

‫ل يختلف اثنان في إن الباضية فرقة إسلمية ل تحيد أصولها العقيدية عن النبع الصافي للشريعة السلمية‪ ،‬الكتاب‬
‫والسنة‪ .‬لكن الخلف قد يقع حول بعض الراء في المسائل الخلفية بين المذاهب‪ .‬فيكثر الجدل حول هذه الراء من‬
‫حيث صحتها أو فسادها‪ ،‬ومن حيث قربها أو بعدها عن أصول العقيدة السلمية‪.‬‬

‫وحيث إن الفرق انما يتميز بعضها عن بعض بما تحدده من آراء اجتهادية تختلف باختلف وجهات النظر لدى كل‬
‫فرقة‪ ،‬فانه من تمام التعريف بالمذهب الباضي يحسن بنا أن نعرض آراء هذه الفرقة في المسائل اللهية والنسانية‬
‫معتمدين على ما توفر لدينا من مصادر(‪.)1‬‬

‫أول‪ :‬الصول التسعة‪:‬‬

‫اجتمع علماء الباضية(‪ )2‬على إن المسائل التي وقع عليها اختلف الناس تسعة‪ ،‬وهي التوحيد‪ ،‬والعدل‪ ،‬والقضاء‬
‫والقدر‪ ،‬والولية والبراءة‪ ،‬والمر والنهي‪ ،‬والوعد والوعيد‪ ،‬والمنزلة بين المنزلتين‪ ،‬وان ل منزلة بين المنزلتين‪،‬‬
‫والسماء والحكام‪.‬‬

‫تلك هي الموضوعات التي أثارت الجدل والمناظرات بين المتكلمين وكتاب المقالت‪ .‬ولما حدد الباضية موقفهم منها‬
‫واتضحت آرائهم حولها غدت أصول للعقيدة عند الباضية‪ .‬كما تحددت عقيدة المعتزلة بأصولها الخمسة على أن‬
‫الخلف بين الباضية والمعتزلة لم يكن حادا حول هذه الصول حتى ان الباحثين في الفلسفة السلمية أثبتوا توافقا‬
‫في الراء بين الباضية والمعتزلة‪ ،‬منها الصفات عن ال تعالى‪ ،‬وخلق القرآن‪ ،‬ونفي الرؤية(‪" )3‬كما تقترب العقائد‬
‫الباضية وآراؤهم السياسية والدينية بصفة عامة في كثير من المسائل الهامة بعقائد أهل السنة"(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬التوحيد‪:‬‬

‫وهو إفراد المعبود بالعبادة‪ ،‬والتصديق بوحدانية الخالق ذاتا وصفاتا وأفعال والقرار بوجود واجد الموجودات‪ ،‬وهو‬
‫ال الذي ل إله إل هو‪ ،‬متعال عن صفات المخلوقات فل أول ول آخر‪ ،‬وهو شيء ل كالشياء(‪ )5‬لن أوليته سابقة‬
‫لكل شيء مخلوق وآخريته باقية بع فناء كل مخلوق فسبق ال ل بداية له وبقاء ال ل نهاية له‪ ،‬فلزلية ل وحده لن‬
‫ما سواه مخلوق والمخلوق موجود بعد عدم حيث ل زمان ول مكان لن العدل انتفاء الشيء أصل إل ال وكذا البدية‬
‫ل وحده لن كل شيء هالك إل وجهه‪ ،‬وهلك الشيء هو فناء الموجود بعد الوجود وهو حال العدم حيث كون ال ول‬
‫شيء‪.‬‬

‫واعتبارا بهذا فل يصح التوحيد إل بأفراد الخالق عن المخلوق في "ذاته وأقواله وأفعاله وأحكامه وعبادته وصفاته‬
‫وسائر كمالته"(‪ ،)6‬فلو تشابه مع الخلق‪ -‬كما تزعم المشبهة‪ -‬في أقل قليل لدخل عليه العجز منه ول جناح إلى ما‬
‫احتاجوا "فليس هناك ذات تشبه ذاته تعالى‪ .‬ول تقبل ذاته النقسام ول تشبه صفاته الصفات‪ ،‬ول يدخل أفعاله‬
‫الشراك فإن الفعل له سبحانه خلقا وان ينسب إلى غيره كسبا"(‪)7‬‬

‫وأهم مبحث في التوحيد هو صفات ال تعالى وقد كان موضوع خلف كبير بين المتكلمين‪ ،‬أما الباضية فالصفات‬
‫عندهم ثلثة أنواع‪:‬‬
‫أ) صفات وجبة ل‪ -‬كالوجود والزلية والبدية والحياة والعلم‪.‬‬

‫ب‪ -‬صفات جائزة ل يوصف بها حين يفعلها‪ ،‬ول يوصف بها إذا لم يفعلها لجواز فعلها أو تركها‪ .‬وتنقسم الصفات‬
‫الواجبة إلى قسمين‪ ،‬ذاتية وفعلية أما صفات الفعل فأنها "تجامع ضدها في الوجود عند اختلف المحل"(‪ )8‬ومثاله‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أن يهب ال للواحد ذكرا وللخر أنثى‪ ،‬أو أن يعطي العلم لفلن ويخلق الجهل للخر‪ ،‬وصفات الفعال قديمة أزلية‬
‫كصفات الذات فيوصف ال بأنه خالق في الول اعتبار ما سيخلق‪ ،‬وإنه عالما بما كان قبل أن يكون‪.‬‬

‫أما صفات الذات كالعلم والقدرة والرادة فأنها ل تجامع ضدها في الوجود ولو اختلف المحل‪ ،‬فل يقال قدر ال على‬
‫فعل شيء وعجز عن فعل شيء‪ .‬وصفات الذات أنور اعتبارية ل وجود لها في ذاتها ول في ذاته تعالى وانما‬
‫المقصود بها نفي أضدادها المستحيلة في حق ال تعالى فوصف ال بالعلم نفي الجهل عنه بينما الصفات عند‬
‫الشاعرة وهي "معاني بالباضية قائمة بذاته تعالى زائدة عليها"(‪ )9‬فهي عند الشعري حقيقة أزلية لكنها ليست‬
‫كصفات البشر وهي عند الحشوية والمشبهة حقيقة ثابة شبيهة بصفات النسان‪ ،‬أما الباضية فترى ان الصفات هي‬
‫عين الذات(‪ )10‬والمراد بهذا ان ذاته تعالى كافية في النكشاف والتخصيص والتأثير والستلزام‪ ،‬فكون ال عالما‬
‫بذاته يعني أن ذاته منكشف لها جميع المعلومات انكشافا تاما من غير قيام صفة قديمة مقتضية لذلك النكشاف فال‬
‫غني عن كل معنى قديم زائد عليه قائم به للنكشاف‪.‬‬

‫وكون ال في كل مكان انما بالحفظ والقدرة وكونه في الشياء ومعها على معنى العلم بها والحاطة لها بالزيادة‬
‫وبالنقصان ل على الحلول والتمكن(‪ )11‬واستواء ال على العرش وعلى كل شيء غير معقول(‪ )12‬لقصر عقل‬
‫النسان عن إدراك ذات ال وصفاته‪ ،‬ويقتضي هذا أن يؤول العرش بالسلطان واليد بالقدرة والوجه بالوجود وهذا‬
‫مذهب المعتزلة في التأويل وإنكارهم لزيادة الصفات عن الذات يوافقهم في ذلك الباضية" وهو عين ما حققه السيد‬
‫الجرجاني في شرح المواقف"(‪ )13‬خلفا للمشبه والحشوية والمتمسكين بظاهر النص‪ ،‬فأثبتوا حلول ال على‬
‫العرش وجلوسه على الكرسي تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )1‬الربيع بن حبيب بن عمر الزدي البصري(ت ‪170‬هـ)‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬نا دار الفتح للطباعة والنشر بيروت ومكتبة الستقامة‪ ،‬مسقط‬
‫عمان‪ ،‬مط العمومية دمشق‪1 ،‬رمضان ‪1388‬هـ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ ،20-19‬ج ‪ 3‬ص ‪ ،29-26‬أبو زكريا يحيى بن الخير الجناوي‪ ،‬الوضع ص‬
‫‪ ،16-11‬تبغورين بن عيسى الملوشاني‪ ،‬نخبة المتين من أصول تبغورين‪ ،‬ضمن كتب مختارة‪ ،‬مط العربية‪ ،‬غارداية‪ ،‬د‪.‬تا‪ .‬ص ‪-175‬‬
‫‪ .200‬أسماعي الجيطالي(أبو طاهر) (ت‪750.‬هـ) قواعد السلم‪ ،‬تح مر‪ ،‬ش‪.‬بكلي عبد الرحمن‪ ،‬ط ‪ ،1‬مط العربية غارداية‪ ،‬أبريل‬
‫‪1976‬م‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ ،34-31‬أوب عمار عبد الكافي(ق ‪6‬هـ) الموجز‪ ،‬تح د‪.‬عمار طالبي‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪1978‬م‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪-429‬‬
‫‪ ،430‬ج ‪ 2‬ص ‪ ،92-91‬ص ‪ ،106-104‬ص ‪ ،117-116‬عبدال بن حميد السالمي (ت‪ )1914.‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬تح أحمد بن حمد‬
‫الخليلي‪ ،‬ط ‪ 2‬مسقط عمان ‪1978‬م‪ ،‬ص ‪ ،295 ،198 ،175‬عمر بن جميع ابو حفص‪ ،‬مقدمة التوحيد وشروحها‪ ،‬القاهرة ‪1353‬هـ‪،‬‬
‫ص ‪ 26-21‬أحمد بن سعيد الدرجيني(أبو العباس ت‪670 .‬هـ)‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب‪ ،‬تح إبراهيم طلي‪ ،‬مط البعث‪ ،‬قسطينية د‪ .‬تا‪ ،‬ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ ،246‬محمد بن يوسف اطفيش(ت‪1914.‬م) الذهب الخالص‪ ،‬تح وتع أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬مط البعث‪ ،‬قستطينية‪1980 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪ ،26-22‬علي يحيى معمر (ت‪1979.‬م) الباضية في موكب التاريخ حلقة ‪ 1‬ص ‪ ،92-68‬بكلي عبد الرحمن فتاوي البكري ج ‪ 1‬و ‪.2‬‬
‫‪ ) 2‬من اباضية المغرب‪ :‬ش عامر بن علي الشامخي(‪92‬هـ‪ )1390/‬ش‪.‬تبغورين بن عيسى الملوشاني (ق ‪6‬هـ)‪ ،‬ش‪ .‬عمر التلتي‬
‫ش‪.‬عبد العزيز الثميني(ق ‪19‬م)‬
‫‪ ) 3‬راجع د‪.‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.140‬‬
‫‪T. Lewicki E.L ) 4‬‬
‫‪ ) 5‬ش‪.‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬الذهب الخالص‪ ،‬مط السلفية القاهرة ‪1343‬م‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ 6‬ش‪.‬عمر بن رمضان الثلتي‪ ،‬نخبة المتين من أصول تبغورين‪ ،‬ضمن كتاب تحت عنوان "كتب مختارة" مط العربية غارداية د‪.‬تا‪ .‬ص‬
‫‪.175‬‬
‫(‪ 7‬نور الدين السالمي‪ ،‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬ط ‪ ،2‬مط العقيدة‪ ،‬عمان ‪ ،1978‬ص ‪.150‬‬
‫(‪ 8‬نور الدين السالمي‪ ،‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫(‪ 9‬ش‪.‬عمر بن رمضان الثلتي‪ ،‬نخبة المتين من أصول تبغورين ص ‪.178‬‬
‫‪ ) 10‬راجع صالح الصوافي‪ ،‬المام جابر بن زيد ‪،‬ص ‪.235 ،234‬‬
‫‪ ) 11‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين(مخطوط) ورقة ‪.353‬‬
‫‪) 12‬ش‪.‬علي بن عامر الشماخي‪ ،‬متن الديانات‪ ،‬ضمن كتب مختارة‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 13‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬النور‪ ،‬شرح القصيدة النونية‪ ،‬ص ‪105‬‬

‫‪ .2‬العدل‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أجمع المسلمون على أن ال عدل ل ينسب إليه الجور ول يوصف به‪ ،‬سواء في أحكامه أو أفعاله(‪ )14‬وانما الخلف‬
‫بين المتكلمين يتركز حول الحرية النسانية وهي مرتبطة بالعدل اللهي هل النسان حر في تصرفاته أي خالق‬
‫لفعاله؟ أم أن الخلق ل ول طاقة للعبد في اختيار ما يريده؟ اختلف الخوارج حول هذا فافترقت الرافضة إلى أربع‬
‫فرق(‪ )15‬في القول بالستطاعة‪ ،‬ومن الخوارج من بالغ في مسألة العدل اللهي حتى زعموا ان ال ل يقدر أن يظلم‬
‫"فكان ال عدل محض ل يوصف بالقدرة على الظلم فضل عن ان يصدر عنه أو أن يخلقه"(‪ )16‬ويفسر صاحب متن‬
‫الديانات‪ ،‬ش‪.‬عامر بن علي الشماخي (ت ‪792‬هـ)‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬
‫] إن ال ل يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون[ (‪ ،)17‬بأن ال ل يؤاخذ الناس بما لم يكتسبوه من عمل‬
‫كما ل يعذبهم على ما لم يقترفوه من فعل(‪ )18‬ما دام ال ل يجبر أحدا على فعل خلفا للمجبرة(‪ )19‬التي زعمت أن‬
‫ال أجبر الناس على أفعالهم التي زجهم عنها ثم عذبهم عليها(‪ )20‬وليس الجهمية وحدهم يقولون بالجبر فالخوارج‬
‫أيضا منهم من يقول بذلك وقد ذكر ابن حزم الندلسي أن طائفة من الزارقة ترى الجهم بن صفوان(‪.)21‬‬

‫أما الباضية فيدينون بأن الفعال خلق ال تعالى وهي في ذات الوقت كسب النسان وبهذا تتأكد حرية العبد وقدرته‬
‫على الختيار من دون أن يتعارض ذلك مع مشيئة ال وإدارته في الخلق الذي يتفرد به دون غيره‪ ،‬أما الستطاعة‬
‫هي التخلية‪ ،‬وان الستطاعة ل تبقى توقتين‪ ،‬وهي كل شيء غير استطاعة ضده(‪ )22‬فالستطاعة على فعل يستوجب‬
‫استطاعة على عدم فعل الشيء هذا رأي الباضية أما الرافضة من الشيعة فترى ان الستطاعة قبل الفعل وليس معه‬
‫وهي الصحة وبها يستطيع المستطيع فكل صحيح مستطيع(‪ .)23‬كما اختلفت الزيدية من الشيعة(‪ )24‬في الستطاعة‬
‫فمنهم من يزعم ان الستطاعة مع الفعل والمر قبل الفعل ومنهم من يرى ان الستطاعة قبل الفعل وهي مع الفعل‬
‫مشغولة في حال الفعل(‪ )25‬القول في العدل أنه وضع الشياء في مواضعها واعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل‬
‫شخص منزلته(‪ )26‬وان ال في جميع أحكامه وأفعاله وأنه ليس بظلم للعبيد‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------‬‬
‫‪ ) 14‬عامر بن علي الشماخي‪ ،‬متن الديانات ص ‪ ،47‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬نشر وتعليق إبراهيم‬
‫اطفيش‪ ،‬ط ‪ ،1‬مط الفجالة القاهرة‪ ،‬د‪.‬تا‪ .‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ) 15‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مقالت السلميين‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الحداثة ‪ ،85‬جـ ‪، 1‬ص ‪.111‬‬
‫‪ ) 16‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،.‬الجزائر ‪1978‬م‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.153‬‬
‫‪ ) 17‬سورة يونس‪ ،‬الية ‪.44‬‬
‫‪ ) 18‬عامر بن علي الشماخي‪ ،‬متن الديانات‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ ) 19‬أصحاب جهم بن صفوان‪ ،‬الذي قال بالجبار والضطرار الى العمال‪ ،‬وانكر الستطاعة كلها‪ ...‬وقال ل فعل ول عمل لحد غير ال‬
‫تعالى‪ ،‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق ص ‪ ،199‬ويقال لهم الجبرية أو المجبرة لقولهم بالجبر‪ ،‬الى ان النسان مسير ل مخير في‬
‫جميع أفعاله‪.‬‬
‫‪ ) 20‬أبو زكريا يحيى‪ ،‬كتاب الوضع ص ‪.22‬‬
‫‪ ) 21‬ابن حزم الندلسي‪ ،‬الفصل في الملل والنحل‪ ،‬جـ ‪ 3‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ) 22‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مقالت السلميين جـ ‪ ،1‬ص ‪.174‬‬
‫‪ ) 23‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مقالت السلميين جـ ‪ ،1‬ص ‪.112‬‬
‫‪ ) 24‬أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‪ ،‬كان المرجثة ل يفضلون أحدا على زيد بن علي فهو إمامهم وصاحب الفضيلة‬
‫على من سواه‪ ،‬للمزيد من التفاصيل حول الزيدية‪ ،‬انظر‪ ،‬مروج الذهب للمسعودي‪ ،‬تح‪ ،‬محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪،218‬‬
‫وشرح نهج البلغة لبن أبي الحديد‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،315‬وانظر ابن الثير في تاريخه الكامل‪ ،‬مط بولق جـ ‪ ،5‬ص ‪.90‬‬
‫‪ ) 25‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مقالت السلميين‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.140‬‬
‫‪ 26‬ش‪.‬عمر الثلتي‪ ،‬شرح متن الديانات ضمن كتب مختارة‪ ،‬مط العربية غرداية‪ ،‬دتا ‪،‬ص ‪.52‬‬

‫‪ -3‬القضاء و القدر‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫كل شيء بقضاء ال وقدره‪ ،‬فالقضاء هو إرادة ال الزلية المتعلقة بالشياء على ما هي عليه‪ ،‬فإرادته ل حدود لها‬
‫في الزل وعليه فإن كل شيء داخل تحت قضائه تعالى‪ ،‬لن قضاءه سابق للشياء‪ ،‬والقدر هو علم ال بمقادير‬
‫الشياء وأزمانها قبل إيجادها(‪ )27‬يوجد ما سبق في علمه ان يوجد‪ .‬فكل حادث صادر عن علمه وقدرته وإرادته‬
‫وهذا ل يتعارض مع إرادة العبد في اختيار أعماله‪ ،‬فأفعال العبد مكتسبة له مخلوقة ل‪ ،‬وحيث أن ال خالق لكل شيء‬
‫وعالم بكل شيء ومريد كل شيء‪ ،‬فأن القدر خيره وشره من ال فنقضت القدرية(‪ )28‬قولهم بزعمهم ان ال تعالى لم‬
‫يخلق أفعالهم القبيحة لن ال ل يصدر منه مال يرضى(‪ )29‬لقوله تعالى‪( :‬وال خلقكم وما تعلمون)‬

‫ويستدل الشيخ محمد اطفيش (ت ‪1914‬م) على ذلك بحديث الرسول صلى ال عليه وسلم يقول فيه‪ ":‬المور كلها‬
‫خيرها وشرها من ال تعالى"(‪ .)30‬وفي حديث عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ":‬إذا أراد‬
‫ال إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى فيهم قضاؤه وقدره فإذا مضى أمره رد إليهم عقولهم ووقعت‬
‫الندامة" (‪)31‬‬

‫‪-----------------------------------------‬‬
‫‪ ) 27‬المرجع السابق ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 28‬القدرية من المعتزلة أصحاب واصل بن عطاء ‪0‬ت ‪131‬هـ) سموا بالقدرية لجماعهم على ان العباد يفعلون أفعالهم بالقدرة التي‬
‫خلقها ال فيهم‪ ،‬وزعم منهم ان القدرة فعل الجسم القادر بها وليست من فعل ال تعالى‪ ،‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ ) 29‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ) 30‬رواه الطبري في الوسط‪ ،‬ذكره ش‪.‬محمد اطفيش في جامع الشمل في حديث خاتم الرسل طبع حجري بخط اليد في ‪436‬ص ‪ ،‬جاء‬
‫في نهاية الكتاب قد يم طبع هذا الكتاب بإعانة الملك الوهاب في غرة شهر ذي الحجة سنة ألف وثلثمائة وأربعة‪ ،‬على ذمة المطبعة‬
‫البارونية‪ ،‬مصر ‪،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ ) 31‬المصدر السابق ص ‪ ،251‬رواه الديلمي عن أنس‪.‬‬

‫‪ .4‬الولية والبراءة‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الولية هي القرب والمحبة والولء والرضى وهي "القيام للغير بالمر والنصر‪ ،‬والهتمام بالمصالح والحفظ‬
‫والتصال‪ "....‬وشرعا الترحم والستغفار للمؤمنين لسلمهم وطاعتهم والثناء عليهم مع الحب في القلب"(‪، )32‬‬
‫والولية واجبة على المسلمين فمن أنكرها ولم يوال جملة المسلمين فقد أشرك وقيل منافق من تركها أو جهلها‪.‬‬
‫والبراءة لغة البعد عن الشيء والتخلص منه‪ ،‬فهي واجبة أيضا على المؤمنين بأن يظهروا البغض وعدم الرضى‬
‫للكافر لكفره بل وشتمه ولعنه فواجب عند الباضية براءة الشخاص لوجود علة براءة الجملة وهي فعل الكبيرة أو‬
‫الصرار على الصغيرة وكل مظاهر الشرك والكفر‪ ،‬لقول عمر رضي ال عنه " من رأينا فيه شرا تبرأنا منه"(‪)33‬‬

‫ووجوب ولية الجملة وبراءة الجملة ل يعني ولية كل الناس أو البراءة منهم جميعا‪" .‬واصل الولية الموافقة في‬
‫الحق‪ ،‬فالمتوافقان فيه متواليان ولو لم يعلم أحدهما بالخر‪ ،‬أو تبرأ منه بظاهر الحال والبراءة بالعكس"(‪ .)34‬وبين‬
‫الولية والبراءة توجد حالة الوقوف‪ ،‬وهي واجبة فيمن لم يعلم عنه شيء عن حاله ولم يظهر منه موجب الولية ول‬
‫موجب البراءة لقوله تعالى‪( :‬ول تقف ما ليس لك به علم)(‪)35‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬قف عما ل تعلم"(‪ )36‬وقد يجب إبقاء الشخص على ما هو عليه من وقوف أو براءة‬
‫أو ولية‪ ،‬إذا فعل ما لم يعلم حكمه‪ .‬وولية ال لوليائه ورضاه عمهم‪ ،‬وعلمه بما يستوجبون من ثواب وتوفيقهم‬
‫لطاعته وتنعيمهم‪ ،‬وعداوته لعدائه سخطه عليهم وعلمه بما يستوجبون من العقاب‪ ،‬وخذلنهم وعدم توفيقه لهم‬
‫على الطاعة‪ ،‬وتعذيبهم لهم‪" ،‬وولية وعداوته ل تغيران الزمان ول تقلبان بتقلب الحوال"(‪ )37‬كما يزعم النكار(‬
‫‪ )38‬والشيعة(‪ .)39‬فالسعيد في ولية ال ولو في حال معصيته والشقي في براءته ولو في حال وفائه(‪ )40‬فال قد‬
‫سبق في علمه "ما كان وما يكون وما لم يكن ان لو كان كيف كان يكون"(‪ )41‬بالنسبة لتعلق علم ال بالمعدوم‪ ،‬فهو‬
‫على علم بمستقبل أطفال المشركين قبل وجودهم ولذلك يدين الباضية بالوقوف في أطفال المنافقين والمشركين‪،‬‬
‫خلفا للصفرية من الخوارج والزارقة والنجدية حين استباحوا قتل الطفال تبعا لبائهم‪.‬‬

‫ولعل الولية والبراءة من الصول التي درسها الباضية بعمق وانفردت عما سواها من الفرق بالقول بولية الشخص‬
‫وبراءة الشخص بحكم الظاهر‪ ،‬ولذلك نجد دراسات مستفيضة لفقهاء الباضية وعلمائها(‪ )42‬حول مسألة الولية‬
‫والبراءة والوقوف‪ ،‬ففصلوا القول في شروط الولية والبراءة ووجوبها‪ ،‬وبينوا بشكل دقيق الجهات التي تتم بها كل‬
‫من الولية الشخصية والبراءة الشخصية‪ ،‬كما حددوا بدقة من تجب فيه الولية والبراءة سواء في الجملة أم‬
‫الشخص‪ ،‬وتجدر الشارة إلى أن اهتمام الباضية بهذا الجانب لم ينحصر في نطاق الجتهاد الفقهي والنظر العقلي‬
‫فحسب وانما تعداه إلى الميدان العملي والتطبيق الفعلي فتجسدت هذه الراء والحكام في واقع الحياة اليومية داخل‬
‫المجتمعات الباضية‪.‬‬

‫ويمكن توضيح أصل الولية والبراءة وشروطها والجهات التي تتم بها وفيمن تجب فيه بواسطة الجداول التوضيحية‬
‫التالية(‪.)43‬‬

‫من تجب فيه الولية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬المام الجائر ومن أطاعه في جوره برضاه‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ب‪ -‬جملة الكافرين ( المجهولين ‪ ،‬المعـلومين ‪ ،‬المــوات ‪ ،‬الحــــياء ‪ ،‬الـجن ‪،‬النـــس )‬


‫ج‪ -‬المذمومون في القرآن‬
‫د‪ -‬المخصوصون بأسمائهم‬
‫هـ‪ -‬الشخص بعينه إذا ظهر منه ما يوجب البراءة‬

‫‪-----------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ ) 32‬ش‪.‬محمد اطفيش‪ ،‬الذهب الخالص‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ ) 33‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪) 34‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪42‬‬
‫‪ ) 35‬سورة السراء‪ ،‬الية ‪.36‬‬
‫‪) 36‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ ) 37‬ش‪.‬عامر بن علي الشامخي متن الديانات ضمن كتب مختارة‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ ) 38‬فرقة تفرعت عن الباضية في زمن الدولة الرستمية وانقرضت‪ ،‬أنكرت إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي‪ ،‬فاصل افتراقهم‬
‫سياسي‪ ،‬ومن أسماء هذه الفرقة‪ :‬النكاث‪ ،‬واليزيدية‪ ،‬والنحوية‪.‬‬
‫‪ ) 39‬يقولون بتقلب ولية ال وعداوته‪ ،‬وهذا القول مستمد من اليهود‪ ،‬وهم يقولون بأن ال تعالى تبدو له البدوات ‪،‬إبراهيم اطفيش في‬
‫هامش كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫‪ ) 40‬ش‪.‬محمد اطفيش‪ ،‬الذهب الخالص‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 41‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ) 42‬منهم عمر بن جميع‪ ،‬مقدمة التوحيد وشروحها‪ ،‬أبو طاهر إسماعيل الجيطالي‪ ،‬قواعد السلم‪ ،‬أبو زكريا يحيى‪ ،‬كتاب الوضع‪،‬‬
‫ش‪.‬عبد العزيز الثميني معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين(مخطوط)‪ ،‬نور الدين السالمي مشارق أنوار العقول‪ ،‬ش‪.‬محمد أطفيش‪ :‬شرح‬
‫تبغورين(مخطوط) الذهب الخالص‪...‬‬
‫‪ ) 43‬استخلصنا مادة الجدول من المصادر التالية‪ :‬أبو زكريا‪ :‬كتاب الوضع ص ‪ .34 -32‬إسماعيل الجيطالي قواعد السلم جـ ‪ ،1‬ص‬
‫‪ .83 -45‬الشيخ أطفيش‪ ،‬الذهب الخالص ص‪ .‬ص ‪ .57 -32‬نور الدين عبدال ابن حميد السالمي‪ ،‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬علق عليه‬
‫وصححه أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.355 -336‬‬

‫‪ .5‬المر والنهي‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم في كل زمان ومكان‪ ،‬على قدر الستطاعة‪ .‬وتجسد هذا‬
‫الصل إذا قويت الروح السلمية في السلوك النساني ضمن علقاته الجتماعية لن الكافر بدين ال ل تقوى عزيمته‬
‫على فعل الخير والنصح لصالح المجتمع وفي سبيل ال‪ ،‬فمتى كانت علقة العبد بربه مرضية فيأتمر بأوامر الخالق‬
‫وينتهي بنواهيه فإن ذلك ينعكس على سلوك النسان وعلقته بينه وبين غيره ممن يعيش في محيطه‪ ،‬فمبدأ المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر من الصول الجتماعية والخلقية ونجد الهتمام نفسه عند المعتزلة حيث "أجمعت‬
‫على وجوب المر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المكان والقدرة‪ ،‬باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك"(‬
‫‪ .)44‬وعلى وجوب المر بالمعروف والنهي عن المنكر بيني الباضية حكمهم على وجوب المامة لن المسلمين ل‬
‫تستقيم أمورهم إل بتعين سلطان يتولى أمرهم وينفذ حكم ال بالعدل بين الناس وقد وردت في ذلك نصوص كثيرة‬
‫تحث على ضرورة نصب المامة‪ ،‬وتحرض الناس على المتثال لوامر ال ورسوله وأولي المر‪ ،‬ووجوب طاعتهم‪.‬‬

‫‪-------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ ) 44‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مقالت السلميين‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.311‬‬

‫‪-6‬الوعد والوعيد‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وهما من اختصاص ال تعالى‪ ،‬وقد اتفق الموحدون على ان ال صادق في وعده ووعيده‪ ،‬إل المرجثة زعمت أن ال‬
‫ل يخلف وعده وقد يخلف وعيده(‪ )45‬إكراما منه ورحمة وإشفاقا على عباده‪.‬‬

‫ووعد ال هو أخباره تعالى عباده الصالحين بالخير وتبشيرهم إياه بالثواب في الخرة في قوله تعالى‪( :‬إن الذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزل ) (‪)46‬‬

‫أما الوعيد فهو الخبار بالشر والعقاب لعداء ال من مشركين وكافرين ومنافقين في الخرة كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫(إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البريئة) (‪ )47‬فمصير أهل‬
‫الوعد هو الخلود في الجنة ومصير أهل الوعيد هو الخلود في النار‪ ،‬والجنة والنار دائمتان ل تفنيان وكل من الثواب‬
‫والعقاب في الخرة مغير للثواب والعقاب في الدنيا(‪ )48‬وحيث أن ال صادق في وعده ووعيده(‪ )49‬فإنه منفذ حكمه‬
‫على المؤمن والكافر كما وعد وأوعد فل يمكن تصور خلف ال لقواله‪ ،‬لن المسألة تتعلق بالعدل اللهي في أفعاله‬
‫والصدق اللهي في اختباره وعدله يقتضي إثابة المطيع وعقاب العاصي وصدقه يقتضي عدم خلفه لقواله وكلم ال‬
‫ل تبديل له ول تحويل لقوله تعالى‪(:‬إن ال ل يخلف الميعاد)‪)50‬‬

‫وحكم ال ل معقب له لنه ثابت ل يتغير‪ ،‬فلو حدث ذلك لكان ال قد تراجع عن أحكامه وهذا مستحيل على ال‪ ،‬بدليل‬
‫النصوص الصريحة في ذلك‪ .‬أما عن آيات الرحمة والعفو فهي فوق العدل‪ ،‬وهي خاصة للتائبين والمستغفرين‬
‫والنادمين على معاصيهم لن التائب من الذنب كمن ل ذنب له‪.‬‬

‫‪---------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ ) 45‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ ) 46‬الكهف الية ‪.107‬‬
‫‪ ) 47‬البينة الية ‪6‬‬
‫‪ ) 48‬عامر بن علي الشماخي‪ ،‬متن الديانات‪ ،‬ضمن كتب مختارة ص ‪.49‬‬
‫‪ ) 49‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬معالم الدين (مخطوط) ورقة ‪ ،355‬عامر بن علي الشماخي‪ ،‬متن الديانات‪ ،‬ص ‪ ،48‬أبو زكريا‪ ،‬الوضع‪ ،‬ص‬
‫‪23‬‬
‫‪ )50‬آل عمران الية ‪6‬‬

‫‪ -7‬المنزلة بين المنزلتين‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫قد ل يكون العبد مؤمنا كما ل يكون مشركا في ذات الوقت‪ ،‬فهو في منزلة بين قطبين متناقضين هما اليمان والشرك‪.‬‬
‫وهذه المنزلة هي النفاق(‪ ،)51‬وهذه المنازل الثلث يستحيل الجمع بينها‪( ،‬فالمتصف بواحدة منها ل يوصف‬
‫بالخرى(‪ .)52‬وقد فرق ال بينهما في قوله تعالى‪( :‬ليعذب ال المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات‪ ،‬ويتوب‬
‫ال على المؤمنين والمؤمنات) (‪.)53‬‬

‫فالمنافق ليس بمشرك لنه موحد وليس بمؤمن لنه عاص لقوله صلى ال عليه وسلم‪ ":‬ل يسرق السارق حين‬
‫يسرق وهو مؤمن ول يزني حين يزني وهو مؤمن"‪.‬‬

‫وهذا خلفا اللشعرية التي تعتبر أن ظاهرة النفاق عرفت في زمن النبي صلى ال عليه وسلم فقط ول وجود لها بعد‬
‫ذلك والذي يظهر اليمان ويبطن الشرك يعتبر عندهم مشركا‪ ،‬بينما الباضية يرون ان النفاق متوقف على الفعل ل‬
‫على العتقاد‪ ،‬وزعمت المرجثة(‪ )54‬أن ل منزلة بين منزلة الشرك واليمان وجعلوا اليمان كله توحيدا وجعلوا‬
‫الكفر كله شركا(‪.)55‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------‬‬
‫(‪ 51‬النفاق هو العتقاد والقرار ثم الخيانة في العمل‪ ،‬وقد بينه الرسول صلى ال عليه وسلم بقوله‪" :‬ثلث من كن فيه هو منافق ولو‬
‫صلى وصام وزعم انه مسلم‪ ،‬من اذا حدث كذب وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا ائتمن خان"‪.‬‬
‫(‪ 52‬معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين‪ ،‬عبد العزيز الثميني(مخطوط) ورقة ‪.355‬‬
‫(‪ 53‬الحزاب الية ‪.73‬‬
‫(‪ 54‬المرجثة ثلثة أصناف‪ :‬صنف منهم جمعوا بين الرجاء في اليمان وبين القدر على المذاهب والمعتزلة‪ ،‬فهؤلء مرجثة قدرية‪،‬‬
‫وصنف قالوا بالرجاء والجبر على مذهب جهم فهم معدودون في الجهمية‪ ،‬والصنف الثالث منهم مرجثة خالصة عن القدر والجبر‪ ،‬وسموا‬
‫بالمرجثة لتأخيرهم العمل على اليمان وقيل لنهم تركوا القطع على عقاب من لم يتب عن كبيرة حتى‪ ،‬البغدادي‪ ،‬كتاب الملل والنحل‪ ،‬ص‬
‫‪.139‬‬
‫(‪ 55‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪ -8‬ل منزلة بين المنزلتين‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫اليمان والكفر(‪ )56‬ضدان ل يجتمعان كالحركة والسكون والحياة والموت فل يعقل أن يكون العبد مؤمنا وكافرا في‬
‫وقت واحد فهو إما مؤمن أو كافر ول منزلة بين الكفر واليمان كما أنه ل توجد منزلة بين التوحيد والشرك فإما أن‬
‫يكون العبد موحدا وأما أن يكون مشركا‪ .‬إن وحد وعصى فهو موحد ل مشرك‪ ،‬كافر ل مؤمن ليس له حالة ثالثة‬
‫لقوله تعالى‪:‬‬
‫(وهو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) (‪ )57‬وقوله تعالى‪( :‬إما شاكرا وإما كفورا) (‪)58‬‬

‫هذا ما اجتمع عليه الباضية على غير مذهب المعتزلة حين جعلوا الفسق منزلة بين اليمان والكفر (فقالوا انه‬
‫كالبلق ل يسمى لما به من السواد أبيض ول يسمى لما به من البياض أسود)(‪.)59‬‬

‫وبهذا تنفرد الباضية بالقول بأن ل منزلة بين المنزلتين خلفا للشاعرة فأصل الخلف إذا حول مصير صاحب الكبيرة‬
‫فقالت الشعرية‪ :‬انه مؤمن بتوحيده لكنه فاسق بكبيرته وحيث أنه مؤمن فثوابه الجنة ولو عصى‪ ،‬أي انه ل يخلد في‬
‫النار‪ ،‬أما واصل (ت ‪131‬هـ)(‪ )60‬فلم يرض بهذا واعتبر صاحب الكبيرة فاسقا ووضعه في منزلة بين اليمان‬
‫والكفر‪ ،‬واستتبع هذا بالحكم على الفاسق بالتأبيد في النار ان لم يتب على قول الباضية‪ ،‬إل أن الباضية أوجبوا لـه‬
‫الخلود لنه كافر غير تائب بينما المعتزلة أخرجوه من الكفر "وقالوا لم نسمه مؤمنا لن هذا من أسماء المدح"(‪)61‬‬
‫وليس بكافر لنه موحد‪ ،‬وفيه بعض اليمان‪ ،‬وصاحب طاعات كثيرة وقالت الزارقة من الخوارج انه مشرك كافر‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ 56‬الكفر هنا كفر نعمة ل كفر جحود وشرك وهذا مصطلح اباضي خاص‪.‬‬
‫(‪ 57‬الغابن‪ ،‬الية ‪.2‬‬
‫(‪ 58‬البلد‪ ،‬الية ‪.10‬‬
‫‪ ) 59‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬ط ‪ 1‬القاهرة ‪1976‬م‪ ،‬ص ‪ ،315‬نقل عن ش‪ .‬تبغورين بن داود بن‬
‫عيسى‪.‬‬
‫‪ ) 60‬واصل بن عطاء الغزالي البلع كان في أول أمره مع الشاعرة لكنه اعتزل عنهم بقوله بالمنزلة بين المنزلتين ‪ ،‬فسمي أتباعه‬
‫بالمعتزلة‪.‬‬
‫‪ )61‬عبد القادر البغدادي ‪ 0‬أبو منصور) الملل والنحل‪ ،‬تح د‪ .‬ألبير نصر نادر‪ ،‬ط ‪، 2‬دار الشروق بيروت ‪1970‬م‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -9‬السماء والحكام‬

‫وهذا أصل يختص به الباضية دون غيرهم‪ ،‬قالوا به حين عدم التفاق بين المتكلمين وكتاب المقالت وفقهاء الفرق‬
‫حول إطلق السماء المناسبة على مسمياتها ووصف الموصوفات بأوصافها الحقيقية واطلق الحكام الصحيحة على‬
‫ما تستحق تلك الحكام ويقصد بالسماء اللفاظ والصفات التي تطلق على العبد وقد تدل هذه على المعاني الحسنة‬
‫كالمؤمن والتقي والصالح والموحد‪....‬وقد تدل المعاني القبيحة كالكافر والفاسق والمشرك أما الحكام فهي " المور‬
‫المحكوم بها على العباد كالولية والبراءة والسبي والقتل والجزية‪ )62("...‬وسائر أحكام ال سواء حسنة كالثواب‬
‫بالنعيم في الجنة أو قبيحة كالجزاء بالعقاب والخلود في النار وأكثر اختلف الفرق انما جاء من قبيل السماء وتحديد‬
‫ما نسميه بالمصطلحات‪ ،‬فنجد عدة معاني وتأويلت للسم الواحد‪ ،‬وهذا الختلف في تحديد معنى السم ينتج عنه‬
‫اختلف حول الحكم الذي ينطبق عليه‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك اجتهد الباضية في تحديد المصطلحات وحرصوا على تحري الدقة في تفسير معاني السماء وانطلقا‬
‫من ذلك وضعوا القاعدة الساسية‪ ،‬وهي "ان السماء تابعة للحكام"(‪.)63‬‬

‫فأحكام الموحدين‪ -‬مثل‪ -‬ليست كأحكام المشركين والعكس صحيح لن الموحد والمشرك اسمان مختلفان لمسلمين تمام‬
‫الختلف واختلفها في السم يقتضي اختلفها ما في الحكم وقد يبدو هذا واضحا ومقبول‪ -‬عقليا‪ -‬لكنه لم يسلم من‬
‫اختلف المتكلمين حوله‪ ،‬فقد زعم عيسى بن عمير‪ ،‬وأحمد بن الحسين أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين‪ ،‬وتحريمهما‬
‫منهم ما يحرم من المشركين‪ .‬وإذا كان الخلف حول حقيقة الشرك والتوحيد أمرا واقعا فإن الختلف حول بقية‬
‫السماء أمر ل مناص منه وذلك أنهم اختلفوا في الطاعة واليمان والمعصية والكفر‪ ،‬فقال بعضهم ان الطاعة‬
‫واليمان كلهما توحيد وغير توحيد‪ ،‬والكفر كله شرك‪ ،‬والمعصية منها شرك وغير شرك‪ ،‬وقال بعضهم‪ -‬الطاعة كل‬
‫ما قارنه المر من توحيد أو غيره‪ ،‬والمعصية كل ما قارنه الثواب من توحيد أو غيره‪ ،‬والمعصية كل ما قارنه النهي‬
‫من شرك أو غيره‪ ،‬والمعصية كل ما قارنه العقاب من شرك أو غيره‪ ،‬وهذا القول الخير هو قول الباضية(‪)64‬‬
‫وعلى هذا يكون التوحيد هو كل ما قارنه الفراد وترك المساواة والشرك ما قارنه التساوي ووصف الخالق بصفة‬
‫المخلوق والنفاق ما قارنه الخلف والكذب وكتمان الشيء مع إظهار خلفه‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------‬‬
‫‪ ) 62‬ش‪.‬عمر التلتي‪ ،‬شرح متن الديانات لعامر الشماخي‪ ،‬ضمن كتب مختارة ص ‪.53‬‬
‫‪ ) 63‬ش‪ .‬عامر بن علي الشماخي‪ ،‬متن الديانات‪ ،‬ص ‪ ،49‬أبو زكريا‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪ ،25‬ش‪.‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬معالم‬
‫الدين(مخطوط) ورقة ‪.353‬‬
‫‪ ) 64‬أبو زكرياء يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مفهوم اليمان والسلم والدين‬

‫حقيقة اليمان عند الباضية هو التصديق بما يجب التصديق به شرعا من نحو وجود ال وكمالته وبعث رسله‬
‫ورسالة محمد وحقيقة ما جاء به من عند ال‪ ،‬واللفظ بالشهادة شطر اليمان ل شرط في كماله حيث ل يكتمل اليمان‬
‫إل بالعمل الصالح بالطاعة والعبادة والسلم لغة الخضوع والنقياد وفي الشرع أعمال الجوارح والقلب بجمع‬
‫المأمورات(‪ )65‬وهو مركب من قول وعمل فل يوصف العبد بالسلم إل إذا أقر بالتوحيد وعمل الفرائض‪.‬‬
‫والدين ما أمر ال به عباده أن يطيعوه به من كل قول وعمل وهي العبادات المعتبرة(‪ )66‬والواقع ان كل من اليمان‬
‫والسلم والدين أسماء تصدق من حيث الشرع على شيء واحد وان اختلفت المعاني وهو عبادة ال بتوحيده قول‬
‫وتنفيذ مأموراته بالعمل الصادق‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫(وما أمروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين (‪)67‬‬
‫وقال‪(:‬إن الدين عند ال السلم(‪)68‬‬
‫وللدين قواعد وأركان ومسالك ومجاري وحدود وإفراز وإحراز ‪ ،‬لبد من معرفتها للتميز بين السلم والكفر‬
‫والتفريق بين المؤمن والمنافق والمشرك‪ ،‬وفيما يلي بيان ذلك في الجداول التية‪:‬‬

‫=================‬
‫‪ ) 65‬بدر الدين أبو العباس أحمد الشماخي‪ ،‬شرح مقدمة التوحيد لعمر بن جميع ‪،‬صححها وعلق عليها أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪،‬‬
‫القاهرة ‪1353‬هـ ‪،‬ص ‪25‬‬
‫‪ ) 66‬المصدر السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪) 67‬البينة‪ ،‬الية ‪.5‬‬
‫‪ ) 68‬آل عمران‪ ،‬الية ‪19‬‬
‫‪ ) 69‬المجاري بمعنى‪ :‬مصادر التشريع‪ ،‬والذي في كتاب الوضع لبي زكرياء ص ‪(،29‬ومجارية ثلثة‪ ،‬الكتاب والسنة والجماع) اقتصر‬
‫على الجماع لن القياس مستمد من الكتاب والسنة‪ ،‬وفي عقيدة التوحيد ص ‪ :44‬الرأي عوض الجماع‪ ،‬وهو أعم لنه يشمل القياس‬
‫والجماع‪ ،‬ويضيف أ‪.‬محمد الشيخ بالحاج ضمن الرأي بعض أنواع الستدلل خاصة المصالح المرسلة وسد الذرائع‪ ،‬والخروج من‬
‫الخلف‪ ،‬والستصحاب والعرف والقواعد الفقهية العامة‪ ،‬محمد الشيخ بالحاج‪ :‬الجتهاد في المذهب الباضي ص ‪ ،19‬والواقع ان الباضية‬
‫من أشد الفرق تمسكا بالسنة والجماع الى درجة أنهم يدينون بتكفير من أنكر الرأي والسنة‪ ،‬انظر عامر بن علي الشماخي متن الديانات‬
‫ص ‪ ،49‬أما القطب فيحكم بالشرك على من أنكر واحدا من الثلثة‪ :‬القرآن والسنة والجماع‪ ،‬وهن اصل القياس‪ ،‬محمد اطفيش شامل‬
‫الصل والفرع‪ ،‬مط السلفية القاهرة ‪1348‬هـ‪ ،‬جـ ‪، 1‬ص ‪ .9‬وبهذا يكون المستشرق( موتيلينسكي) قد أخطأ‪ -‬رغم درايته الواسعة بالعقيدة‬
‫عند الباضية‪ -‬حين أشار في مقال له في دائرة المعارف السلمية‪ ،‬ان الباضية ل تعتمد الجماع والقياس وتكتفي بدل من ذلك بالرأي‪،‬‬
‫ولم ينته الى ان الرأي يتضمن الجماع والقياس للهم ال ان يكون قد أطلع على مقالة السكاكية‪ -‬وهي إحدى الفرق الشاذة عن الباضية في‬
‫المغرب‪ -‬تنكر السنة والرأي زاعمة ان القرآن وحده كاف للتشريع أخذا من قوله تعالى‪ (:‬وما فرطنا في الكتاب من شيء) النعام ‪،38‬‬
‫فنسب المستشرق هذه المقالة الى مجموع الباضية‪.‬‬
‫‪ ) 70‬الفراز‪ :‬جمع فرز وهو عزل الشيء عن غيره‪ ،‬والفرز المقصود هنا التمييز بين المؤمن والمنافق والمشرك فلكل حكمه عند ال‪.‬‬
‫‪ ) 71‬الحراز‪ :‬جمع حرز وهو حفظ الشيء وصيانته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بعض المسائل الخلفية‬

‫‪ -1‬نفي الرؤية‪:‬‬

‫رؤية ال تعالى‪ -‬وهي البصار بالعين المجردة‪ -‬عند الباضية كما عند المعتزلة مستحيلة على النسان في الخرة‬
‫فضل عن الدنيا‪ ،‬لدلة نقلية صريحة وعقلية قاطعة‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أما عند الشاعرة فالرؤية جائزة لكن ليس بالبصار الذي بعرفه النسان في الدنيا‪ ،‬لن حكم تلك الدار ليس كهاته‪.‬‬
‫فال يرى عند جمهور الشاعرة بالبصار لكن بدون حلول وكيف وجد‪ ،‬والباضية ل يقتنعون من تأويل الفخر الرازي‬
‫وأبو حامد الغزالي(ق ‪5‬هـ‪11/‬م) الرؤية بالعلم لن حقيقة ال تعالى ل تعلم وانما تعلم صفاته فقط‪ ،‬وذلك أنه ل بد‬
‫للشيء المعلوم أن يتصور في ذهن العالم به وحقيقة ال تعالى ل تتصور(‪.)72‬‬

‫أما المعتزلة فأجمعت على أن ال ل يرى بالبصار لكن اختلفت هل يرى بالقلوب‪ -‬فقال أبو الهذيل العلف(‪-135‬‬
‫‪235‬هـ) وأكثر المعتزلة ان ال يرى بقلوبنا(‪ – )73‬ويقصدون معرفة ال بالقلب وهذا تأويل مقبول لدى الباضية‬
‫والخوارج وطوائف من المرجثة والزبدية‪ ،‬أما الحشوية فتعتقد برؤية ال في الخرة كما ترى جميع الشياء المرئية‬
‫في الدنيا‪.‬‬

‫على ان الباضية والمعتدلين منهم خاصة (ل يمنعون أن يكون معنى الرؤية هو كمال العلم به تعالى) ومعرفة ال‬
‫بالبصيرة القلبية فإذا كانت هنالك حالة ل تدخل تحت قيود الدراك النساني عن طريق حاسة البصر المعهود لدى‬
‫النسان ول تؤدي إلى التحديد والتشبيه فل مانع من ذلك‪ ،‬وهذا ما لم يثبته النص ول سلم به العقل‪.‬‬

‫‪ -2‬مسألة الخلود‪:‬‬

‫مسألة الخلود متعلقة بالعدل اللهي وهذا متعلق بالوعد والوعيد وما ينتج عنه من ثواب وعقاب فالجزاء عند ال‬
‫نوعان ل ثالث بهما لقوله تعالى‪:‬‬
‫(فأما الذين شقوا في النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والرض إل ما شاء ربك فعال لما‬
‫يريد‪ ،‬وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والرض إل ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ)(‪)74‬‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫(فريق في الجنة وفريق في السعير) (‪)75‬‬

‫وبناء على هذا يكون مصير العبد الذي مات على كبيرة ولم يتب منها تعنتا وعصيانا جهنم خالدين فيها أبدا‪ ،‬وإذا كان‬
‫من معاني الخلود طول المكوث فإن البدية تعني اللنهاية‪ .‬ودفعا لللتباس أكد ال تعالى طول المكوث في النار بالبقاء‬
‫البدي في آية الجن حيث يقول‪:‬‬
‫(ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا) (‪.)76‬‬

‫وال ل يخلف وعده ول وعيده كما ل تبدو له البدوات‪ ،‬يوافق الباضية في هذا الرأي الخوارج والمعتزلة بينما يرى‬
‫الشاعرة أن العدل اللهي يقتضي التمييز بين الموحد العاصي الذي خلط عمل سيئا مع أعمال حسنة وبين المشرك‬
‫الذي لم تصدر عنه حسنة واحدة‪ ،‬وعلى ذلك فل يعقل أن يجتمع الموحد والمشرك تحت حكم واحد ويخلدان في العذاب‬
‫معا إلى البد‪ ،‬ومخرج ذلك أن ينال العاصي نصيبه من العذاب إلى أن يستوفي مقدار ذنبه ثم يلتحق بالسعداء في‬
‫الجنة‪ ،‬وأيا كان نوع النعيم الذي سيلتحق به فإنه حكمه تغير‪ -‬كان من زمرة أهل النار وأصبح مع أهل النعيم في‬
‫الجنة‪ ،‬وهذا مال يرضى به الباضية‪ ،‬أما المرجثة "فتترك القطع على عقاب من لم يتب عن كبيرة حتى يموت"(‪)77‬‬
‫فيتولى ال أمره ان شاء عذبه وإن شاء نعمه‪.‬‬

‫=================‬
‫‪ ) 72‬نور الدين السالمي‪ ،‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬ص ‪.186‬‬
‫‪ ) 73‬الشعري مقالت السلميين‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.265‬‬
‫‪ ) 74‬هود الية ‪.108‬‬
‫‪ ) 75‬الشورى‪ ،‬الية ‪.7‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 76‬الجن الية ‪.23‬‬
‫‪ ) 77‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الملل والنحل ص ‪.139‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬بعض المسائل الخلفية‬

‫‪ -3‬خلق القرآن‪:‬‬

‫يدين الباضية بخلق القرآن ويوافقهم في ذلك المعتزلة‪ ،‬والقرآن – كما يعتقد الباضية‪ -‬هو كلم ال ووحيه‪،‬‬
‫وتنزيله ‪،‬وكتابه‪ ،‬واستقر في قلب محمد صلى ال عليه وسلم عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلم وهو آخر‬
‫الكتب المنزلة ومهيمنا عليها‪ ،‬جاء بلسان عربي مبين وهو الدستور اللهي للشريعة السلمية‪.‬‬

‫وأدلة الباضية على خلق القرآن كثيرة‪ ،‬نقلية وعقلية نذكر على سبيل المثال ما قاله المام أفلح(‪ )78‬في رسالة له‬
‫حول مسألة خلق القرآن‪ ،‬ويقول‪ ":‬إذا ثبت أن كلم ال شيء لم يخل من أحد ثلثة أوجه‪ ،‬أما أن يكون هو ال‪ ،‬أو‬
‫يكون بعض ال كالجزء من الكل أو يكون غير ال فإنه هو ال ضاهوا اليعقوبية(‪ ،)79‬فيكون الكلم هو المعبود‪،‬‬
‫ويكون هو السميع البصير‪....‬وأجمعت المة أيضا أل يوجد كلم إل وثم متكلم قبل الكلم‪ ،‬ولو لم يكن المكلم قبل الكلم‬
‫ولم يكن المكلم أول بأن يكون مكلما من الكلم فيكون الكلم إذا هو المكلم‪ ،‬والمكلم هو الكلم‪ ،‬والكلم مكلما مخاطبا‪،‬‬
‫والكليم مكلما مخاطبا‪ ،‬فلم يجز أن يكون الكلم هو المكلم والمكلم هو الكلم ثبت ان هذا غير هذا‪ ....‬وثبت وجوب‬
‫الحدوث الثاني‪ ...‬وفي هذا إيجاب الخلق وإثبات وحدانية الصانع"(‪ )80‬ومن الدلة الكثيرة ما يلي‪:‬‬

‫• كل صفات القرآن دالة على الحدوث وكل حادث مخلوق‪.‬‬

‫• ال وحده يوصف بالقدم فلو كان القرآن قديما لما كان ال متفردا بالقدم‪.‬‬

‫• الكتب السماوية المنزلة ليست قديمة والقرآن واحد منها فهو ليس بقديم‪.‬‬

‫• القرآن كلم محفوظ منزل متلو ومكتوب‪ ،‬ممكن فناؤه فهو حادث ممكن عدمه‪.‬‬

‫يعرض الجدول التالي بعض اليات التي ذكر ال فيها القرآن مقرونا بأفعال الحدوث‪ ،‬يقابلها الفعال نفسها الدالة على‬
‫الحدوث في غير القرآن من الشياء‪:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫==================‬
‫‪ ) 78‬أفلح عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي ثالث الئمة الرستميين(‪240 -190‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ) 79‬اليعقوبية طائفة من النصارى تزعم ان عيسى عليه السلم هو ال‪.‬‬
‫‪ ) 80‬رسالة المام أفلح ذكرها أبو القاسم البرادي في الجواهر المنتقاة (مخطوط)‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬بعض المسائل الخلفية‬

‫‪ -4‬حكم الباضية على مخالفيهم ومن أحدث في الدين‪:‬‬

‫دماء الموحدين حرام‪ ،‬ودارهم دار توحيد وإسلم إل معسكر السلطان(‪.)81‬‬

‫ل تحل غنائم المسلمين المحاربين إل الخيل والسلح وكل ما فيه قوة في الحروب‪" ،‬أما الذهب والفضة فترد إلى‬
‫أصحابها عند الغنيمة"(‪ )82‬على خلف موقف الخوارج الذين أجازوا الستعراض وأحلوا دماء المخالفين وسبي‬
‫نسائهم وقتل ذراريهم‪ ،‬ولعل هذا أوضح دليل على الختلف الذي يميز الباضية عن الخوارج علما أن الباضية‬
‫يجيزون شهادة مخالفيهم ومناكحتهم والتوارث بينهم‪ ،‬أما دماء المخالفين فحرام في السر بل حتى في العلنية إل في‬
‫حالة حرب ودفاع عن النفس‪ ،‬وهذا ما ل تقول به الخوارج‪.‬‬

‫‪ -‬موقف الباضية ممن أحدث في الدين‬

‫ل فرق بين الباضي وغيره إذا أحدث حدثا في دينه مما يقدح في إسلمه فحكم الباضية واحد يطلق على كل موحد‬
‫عاص وإنما اختلف الحكم من قبيل نوع الحدث ودرجة المعصية‪.‬‬

‫فإن كان الحدث انكارا ل وللقرآن وللنبي عليه السلم خرج المحدث من ملة السلم‪ ،‬وصار مشركا حلل الدم والمال‬
‫وتحرم مناكحته وموارثته‪ ،‬ويسمى بالملة التي دخل فيها ان كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ويلحقه حكمها‪.‬‬

‫وان كان حدثه معصية أوجبت له النار وهو مقر بالقرآن فيجري عليه حكم بقدر معصيته‪ ،‬وقد انتقضت وليته‪ ،‬فإن‬
‫تاب قبلت منه توبته‪ ،‬وإل برئ المسلمون منه وإن كان حدثه في شبهة أو تأويل شبهة امتنع بحدثه صار باغيا يقاتل‬
‫حتى يفئ إلى أمر ال‪ ،‬ل يتعدى عليه ول يغنم ماله ول تسبى له ذرية ول تنكح له زوجة ما كانت في عدته ما أقر‬
‫القرآن والنبي صلى ال عليه وسلم وليس المنكر بالتأويل منكرا بالقرآن والنبي صلى ال عليه وسلم فإن ذلك ل يعد‬
‫خروجا من ملة السلم والحكم فيه حكم نبي ال صلى ال عليه وسلم في ملته من أهل النكار والتكذيب…"(‪)83‬‬

‫هذا مجمل رأي الباضية فيمن أحدث من العمال أو القوال ما يمس به عقيدته أو يهدم به أعماله‪ ،‬وهو موقف وسط‬
‫بين تسامح الشاعرة وغلو الخوارج‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 81‬سنعرض للحديث بالتفصيل عن موقف الباضية من معسكر السلطان في الفصل الثاني من الباب الثاني‪.‬‬
‫‪ ) 82‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ ) 83‬اكتفينا برأي المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم في موقف الباضية ممن أحدث في الدين وهو يعبر عن رأي المذهب‪،‬‬
‫أنظر تفصيل ذلك في رسالة للمام عبد الوهاب لهل طرابلس‪ ،‬ذكرها بواب بن سلم في كتابه شرائع الدين‪( ،‬مخطوط) توجد نسخة‬
‫مصورة منه عند الشيخ الناصر المرموري‪ ،‬القرارة ولية غرداية‪ ،‬السالة في ص‪.27 -26 :‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬بعض المسائل الخلفية‬

‫‪ -5‬رأي الباضية في الصحابة‪:‬‬

‫يقرر الباضية المعاصرون بالجماع(‪ )84‬أن الحث في أحداث من سبقنا كفتنة الصحابة مثل ليس من وراؤه فائدة‬
‫ول أثر محمود ينفع المة‪ ،‬بل ل يزيد لها إل تشتيتا( وعليه فالخير كل الخير للمسلم الذي يستبرئ لدينه وعرضه ‪،‬أن‬
‫ل يفني عمره في التنقيب عن هنات أشخاص أصبحوا في ذمة التاريخ(‪.)85‬‬

‫ولعل أحسن تعبير عن رأي الباضية في الفتن بين الصحابة‪ ،‬ما قاله العلمة خلفان بن جميل السيابي من علماء‬
‫عمان ‪ 0‬توفي ‪1392‬هـ) خلصة قوله‪" :‬ان دماء الفتن طهر ال منها أيدينا فلنطهر منها ألسنتنا‪:‬‬
‫(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ول تسألون عما كانوا يعملون)‬

‫فالصحابة كلهم عدول في الولية قبل الفتراق أما بعد الفتراق فمن توقف ولم يدخل في الفتنة فهو على حاله في‬
‫الولية‪ ،‬وأما الذين دخلوا الفتنة‪....‬فأصحابنا الولون حكموا على كل ما عاينوه"(‪ )86‬ولذلك نجد في بعض كتب‬
‫الباضية الوائل أخبار عن أحداث الفتن يروونها كما سمعوها عن أسلفهم بكل انصاف دون غلو ول مبالغة كما يفعل‬
‫غيرهم‪.‬‬

‫فهذا أبو يعقوب الوارجلني يذكر زلة عثمان بن عفان(رضي) ويعدها في أربعة أمور هي‪ :‬استعمال أقاربه وصرفه‬
‫لموال الفيء في أقاربه وترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطرفه في يوم الدار(‪ )87‬مع العلم أن الوارجلني‬
‫لم يكتف بالنظر إلى مآخذ عثمان فقد ذكر حسناته وامتدحه في أيامه قبل احداثه في الدين‪ ،‬والشيء نفسه بالنسبة إلى‬
‫الخليفة الرابع علي بن أبي طالب (رضي) فكتب عنه بأمانة مبينا ما لـه وما عليه‪ ،‬ويذكر من زلته التحكيم‪ ،‬وقتله‬
‫لصحاب النهروان وقد نهوه عن التحكيم‪ ،‬وفيهم المحق والمبطل(‪ )88‬فالوارجلني لم يكفّر هنا الصحابة ول أتباعهم‬
‫كما يفعل الخوارج ثم أنه يعترف بوجود المحق والمبطل بين أهل النهروان‪.‬‬

‫أما الشيخ محمد يوسف اطفيش (توفي ‪1914‬م) فيصرح بأن الصحابة كلهم عدول لنهم ليسوا كغيرهم لما ورد في‬
‫حقهم من نصوص صحيحة‪ ،‬وقد أحسن حين اختار الوقوف فيمن أدرك عثمان أو عليا وحضر ما انتقم عليهما فيه إل‬
‫أن صوب الخطأ أو خطأ صوابه(‪ )89‬فالواجب على من لم يدرك الحق أن يقف كما وقف أبو عبيدة مسلم وشيخه‬
‫جابر بن زيد عن الخوض في فتن الصحابة‪.‬‬

‫أما عن التهم التي توجه إلى الباضية لنهم يقدحون في أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم من كرامتهم فأنها ل‬
‫تخلو من الغلو والمبالغة ذلك ان الباضية ليسوا وحدهم في هذا المجال ولم يكونوا الوحيدين من الذين كتبوا عن‬
‫الصحابة واحداث الفتن فقد شاركهم في ذلك الكثير من الكتاب والمؤرخين‪ ،‬وقد اتسم موقف الباضية بتحري الحقيقة‬
‫ولم يزيدوا على ان بينوا ما حدث سواء في عهد عثمان أو علي رضي ال عنهما بكل انصاف‪.‬‬
‫ويصف الشيخ أحمد بن حمد الخليلي(معاصر) ما كتبه الباضية انه "يتسم بالدب والحشمة وتعظيم مقام المام علي‬
‫واحترام قرابته من النبي صلى ال عليه وسلم حتى في مقام العتاب"(‪ )90‬ومع ذلك فالباضية‪ -‬كما يصرح به الشيخ‬
‫الخليلي "مستعدون أن يطووا صحائف تلك الفتن التي حدثت في عهد صحابة الرسول صلى ال عليه وسلم ول‬
‫ينبسوا فيها ببنت شفة‪ ،‬ول يخطون فيها حرفا واحدا ولكن ل بد من احترام أهل النهروان أيضا وعدم النيل منهم‪،‬‬
‫فيجب على المسلمين جميعا أن يتساعدوا (‪ )...‬حتى تعود للمسلمين وحدتهم‪ ،‬ول يثيروا أشياء حدثت قبل ‪ 14‬قرنا‬
‫هم في ألف غنى عن إثارتها في هذا العصر الذي هم فيه أحوج ما يكونون إلى ما يجمع الشمل ويؤلف بين القلوب"(‬
‫‪ )91‬وبهذا تتضح نوايا الباضية الطيبة‪ ،‬وموقفهم من التهامات الباطلة‪.‬‬

‫===================‬

‫‪ ) 84‬من الباضية المعاصرين نذكر‪ :‬ش‪.‬نور الدين السالمي‪ ،‬أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬ش‪.‬بيوض إبراهيم بن عمر ش‪.‬أبو اليقظان‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬ش‪.‬عبد الرحمن بكلي‪ ،‬ش‪ .‬علي يحيى معمر‪ ،‬ش‪.‬أحمد بن حمد الخليلي‪.‬‬
‫‪ ) 85‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬تعليق في هامش كتاب قواعد السلم للجيطالي جـ ‪ ،1‬ص ‪.84‬‬
‫‪ ) 86‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش في هامش كتاب قواعد السلم للجيطالي‪ ،‬جأ ‪ ،1‬ص ‪ ،85‬نقل عن خلفان بن جميل السيابي (لم يذكر‬
‫المصدر)‪.‬‬
‫‪ ) 87‬أبو يعقوب يوسف الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬مط البارونية‪ ،‬القاهرة ‪1306‬هـ‪ ،‬طبع مجري‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ ) 88‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪15‬‬
‫‪ ) 89‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬الذهب الخالص‪ ،‬ص ‪ ،43‬أنظر كذلك كتاب‪ :‬ازهاق الباطل بالعلم الهاطل‪ ،‬طبعة حجرية الجزائر ‪1318‬هـ‪،‬‬
‫ص ‪.31‬‬
‫‪ ) 90‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬استجواب أجرته معه مجلة جبرين أفريل ‪1984‬م ص ‪.33‬‬
‫‪ ) 91‬المصدر السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الباضية والفرق السلمية‬

‫أول‪ :‬الباضية والشعرية‬

‫ثانيا‪ :‬الباضية والمعتزلة‬

‫ثالثا‪ :‬الباضية والشيعة‬

‫رابعا‪ :‬الباضية والخوارج‬

‫‪ -‬آراء الباضية في الخوارج‬

‫خامسا‪ :‬دعوة الباضية إلى التقارب ونبذ الخلفات‬

‫أول‪ :‬الباضية والشعرية‬

‫يبدوا أن الخلف لم يكن حادا بين الباضية والشاعرة خاصة في المسائل التعبدية أما العقيدة فقد حاول أبو يعقوب‬
‫الوارجلني حصر مواطن الخلف بين الفرقتين فوجدها تتلخص فيما يلي‪)1(:‬‬

‫أطلقوا‪ -‬أي الشعرية‪ -‬على الباري صفات لها معاني قديمة ليست هي ذات ال فأوجبوا التغاير‪ ،‬وبمقتضى هذه‬
‫المعاني كان ال موصوفا بها فبالعلم كان عالما وبالقدرة كان قادرا‪ ،‬فهي قائمة بالذات بينما عند الباضية هي عين‬
‫ذات ال سبحانه وليست زائدة عنه‪.‬‬

‫وصفوا ال بالوجه واليدين وارأس والعينين‪ ،‬والقبضة والساق والستواء والميل‪ ....‬بينما ينزه الباضية عن ال هذه‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الصفات والتشبيهات‪.‬‬

‫الكلم من المعاني التي وصفوه بها‪ ،‬وكذا المر والنهي المندرجين في الكلم والقرآن وسائر كتب ال المنزلة‪ ،‬كل ذلك‬
‫من المعاني التي يوصف بها‪.‬‬

‫العدل والحسان والفضل والمن والنعام صفاته تعالى لكنها أفعال محدثة‪ ،‬ويضيف الوارجلني‪ -‬أما الشعرية لسنا‬
‫مختلفين حول وحدانية ال وعدم حدوث المحدث وخصمنا جميعا الدهرية الضالة‪.‬‬

‫وفي الحديث عن الشعرية تشير إلى أن العلقة بين الباضية وأهل السنة حسنة وتشهد تقاربا ملحوظا في الراء‬
‫والفكار‪.‬‬

‫إذا استثنينا بعض المسائل المختلف حولها كالخلود والقدرة‪ ،‬وخلق القرآن ولذلك نجد الكثير من الدارسين للفكر‬
‫السلمي يثبتون هذا التوافق فل يذكرون الختلف بين الباضية وأهل السنة إل أحيانا(‪ )2‬ويشير ش‪ .‬محمد أبو‬
‫زهرة إلى هذا التقارب فيقول عن الباضية أنهم "أكثر الخوارج اعتدال وأقربهم إلى الجماعة السلمية تفكيرا‪ .‬فهم‬
‫أبعدهم عن الشطط والغلو"(‪ )3‬ال أنه كان من الحرى أن يقول أقربهم إلى أهل السنة لن في قوله "أقربهم إلى‬
‫الجماعة السلمية" تلميح إلى أنهم ليسوا من الجماعة السلمية‪.‬‬

‫وفي الواقع ل يحسن أن نرى الباضية على أنها فرقة ليست من أهل السنة وان ل علقة لها بالسنة إل من حيث‬
‫القتراب‪ ،‬لن المعروف عن الباضية أنها تولي عناية خاصة وعظيمة جدا للسنة النبوية‪ ،‬وهذا ما يثبته أحد الساتذة‬
‫المنصفين حين يقول‪ :‬ان المدقق في المصادر الفقهية الباضية يجد ان أصحاب المذهب الباضي من أكثر المسلمين‬
‫اتباعا للسنة الشريفة والقتداء بها‪ ،‬أما ما تلصقه بهم بعض المصادر من تهم فإنما هو ناتج عن أحد أمرين الجهل أو‬
‫التعصيب"(‪.)4‬‬

‫ومما يؤكد ذلك أن أئمة السنة الذين دونها واشتهروا بها انما جاءوا بعد جابر بن زيد(إمام الباضية) بمدة طويلة(‪)5‬‬
‫فيكون جابر قد سبق علماء السنة ورواة الحديث ظهورا ولذلك "أقبل عليه نقله السنة للخذ عنه فروى عنه البخاري‬
‫ومسلم في صحيحيهما"(‪ )6‬أما المة الربعة الذين هم أساس المذاهب الربعة المشهورة (‪ )7‬فأنهم جاءوا بعد جابر‬
‫كذلك‪ .‬وبيان ذلك ان المام أبا حنيفة لم يدرك من حياة المام جابر سوي ثلث عشرة سنة(‪.)8‬‬

‫أما لمام مالك فلم يدرك المام جابر سوي عشر سنوات على أقصى تقدير ـ أو سنة واحدة على أقرب تقديرـ نظراً‬
‫للختلف حول تاريخ وفاة المام جابر‪ ،‬والمرجع سنة وهي السنة التي وُلد فيها المام مالك (‪.)9‬‬

‫أما مولد المامين الشافعي وأحمد بن حنبل فكان بعد ذلك التاريخ‪ .‬وبهذا يكون المام جابر متقدم ًا على الئمة الربعة‪.‬‬

‫إذاً فوجه اللتقاء بين الباضية والسنة يتضح من شخصية المام جابر بن زيد الذي ينسبه ياقوت الحموي ( ت‬
‫‪626‬هـ ‪1228-‬م ) في معجمه إلى أهل السنة واعتبره " أحد أئمة السنة من أصحاب عبد ال بن عباس" (‪)10‬‬
‫لـكثرة مـلزمته لعبدا ل ورواية الحديث عنه كما روى " عن عبد ال بن عمر وأبي هريرة وعائشة وغيرهم‪ ،‬وهو‬
‫يعتبر من أبرز التابعين "(‪.)11‬‬

‫هذا بعض ما يتعلق بالتقارب واللتقاء بين أهل الخر لم يكن على خلف كبير مع أهل السنة‪ .‬وحسبه أن يحظى بثقة‬
‫المويين ويرتبط بعلقة طيبة مع الخليفة عبد الملك بن مروان على غرار العلقة القائمة بين المام جابر بن زيد‬
‫والحجاج بن يوسف وان كان هذا الخير لم يكن على علم بحقيقة النتماء المذهبي لجابر‪ .‬بينما عبدال بن اباض "‬
‫كان المجاهد علناً المناضل في سبيل تحقيق الحقائق وتصحيح قضايا العقول فيما أحدثه أهل المقالت ‪ ،‬وكان شديداً‬
‫في ال تعالى له مناظرات مع أهل النطس والتفلسف"(‪ )12‬وكانت أقاويله كما يذكر أبو العباس المبرد أقرب القاويل‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫إلى السنة(‪ )13‬ويمكن القول بعد الذي تقدم ان الخلف بين الباضية وأهل السنة لم يكن حول الصول ‪ ،‬بل تمركز‬
‫حول بعض الفروع الجزئية‪ ،‬يذكر منها الستاذ أحمد أمين مسألة الزواج‪ ،‬فيقول عن الباضية " أنهم ل يرون الزواج‬
‫يصح إل فيما بينهم"(‪ )14‬وهذا غير صحيح لنه لم يرد في مؤلفات الباضية قول من هذا القبيل‪ ،‬وهو مستبعد اللهم‬
‫إلّ أن يكون الباضية يشترطون شروطاً ذات طابع إسلمي لتمسكهم بالمبادئ الشرعية فيتعذر لغير الباضي اللتزام‬
‫بها‪ ،‬والواقع يثبت في موضع آخر من كتابه فجر السلم (‪ ،)15‬ان الباضية " لم يغالوا في الحكم على مخالفيهم‬
‫كالزارقة بل قالوا ـ يحل التزاوج منهم ويتوارث الخارجي وغيره ونزعتهم أميل الى المسالمة"‪.‬‬

‫وفي مسألة المامة يتفق الباضية مع أهل السنة في وجوب المامة‪ ،‬وان ( طريق عقد المامة هو الختيار بالجتهاد‪،‬‬
‫وانه ليس للنبيء صلي ال عليه وسلم نص على إمامة واحد بعينه خلف قول من زعم من الرافضة أنه نص على‬
‫إمامة علي (رضي ال عنه ) نصاً مقطوع ًا بصحته )(‪ ، )16‬إل أن أهل السنة وضعوا النسب من قريش شرطاً‬
‫للمامة (‪ ،)17‬والباضية لم يعتبروا القرشية شرطاً وانما تقدم من باب الولوية ‪ ،‬واتفق الفريقان أيضاً على تفضيل‬
‫أبي بكر وعمر وعلي وعثمان (رضي ال عنهم ) وأنهم جميعاً عدول‪ ،‬خلفاً للشيعة التي فضّلت عليّا عمّا سواه ‪.‬‬

‫======================‬

‫‪ )1‬الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.38‬‬


‫‪ ) 2‬أجناس جولد تسيهر العقيدة والشريعة في السلم‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ ) 3‬محمد أبو زهرة‪ :‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬دار الفكر العربي القاهرة ‪ ،1976‬جـ ‪ ،1‬ص ‪85‬‬
‫‪ ) 4‬عوض محمد خليفات‪ ،‬الصول التاريخية للفرقة الباضية (الجامعة الردنية عمّان) ط ‪ 2‬وزارة التراث القومي والثقافة‪ ،‬مط الشرقية‪،‬‬
‫مسقط‪ ،‬د‪.‬تا‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 5‬سالم السيابي (أبو هلل) (ق ‪14‬هـ) إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء‪ ،‬تحقيق وشرح الدكتور سيدة إسماعيل كاشف‪ ،‬مطابع سجل‬
‫العرب‪ ،‬القاهرة ‪1979‬م‪ ،‬ص ‪15‬‬
‫‪ ) 6‬المصدر السابق نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ) 7‬الحنفية‪ ،‬المالكية‪ ،‬الشافعية‪ ،‬الحنبلية‪.‬‬
‫‪ ) 8‬ولد المام أبو حنيفة سنة ‪ 80‬هـ وتوفي سنة ‪150‬هـ (ابن خلكان‪ ،‬وفيات العيان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.218‬‬
‫‪ ) 9‬ابن خلكان‪ ،‬وفيات العيان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.556 -555‬‬
‫‪ ) 10‬راجع ياقوت الحموي‪ ،‬معجم البلدان المجلد الثاني‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫‪ ) 11‬صالح الصوافي‪ ،‬المام جابر بن زيد وآثاره في الدعوة رسالة ماجستير جامعة الزهر‪1401 ،‬هـ‪ .‬سلطنة عمان‪ ،‬وزارة التراث‬
‫القومي والثقافة ‪1983‬م‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪ ) 12‬سالم بن حمود السيابي إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ) 13‬أبو العباس المبرد‪ ،‬الكامل‪ ،‬مط التجارية الكبرى‪ ،‬القاهرة‪1355 ،‬هـ ‪،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ ) 14‬أحمد أمين‪ ،‬ضحى السلم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط ‪ ،10‬د‪.‬تا‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.337‬‬
‫‪) 15‬أحمد أمين‪ ،‬فجر السلم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط ‪ ،11‬بيروت ‪1979‬م‪ ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪) 16‬عبد القادر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪.340‬‬
‫‪ ) 17‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثانيا‪ :‬الباضية والمعتزلة‬

‫يكاد يتفق المؤرخون ويجمع الدارسون للفكر السلمي علي أن التطابق الفكري ولتفاق حول أصول العقيدة حاصل‬
‫بين الباضية و المعتزلة في أغلبية آرائهم سواء المتعلقة بأصول العقيدة أو الكلم‪ ،‬أو السياسة(‪.)18‬‬

‫وفي كثير من الحيان يؤدي هذا التقارب إلى عدم التمييز بين الفرقتين وهذا ما جعل المؤرخ البكري يصف الباضية‬
‫بالمعتزلة وسماهم الواصلية الباضية ‪.‬‬

‫أما ابن تميمة فيصف المعتزلة أنهم مغانيث الخوارج(‪ )19‬ذلك ان واصل بن عطا وافق الخوارج في تخليد أصحاب‬
‫الكبائر في النار إذا ماتوا ولم يتوبوا(‪ ،)20‬ومن المسائل الكثيرة التي يتفق عليها الباضية والمعتزلة نذكر منها‪:‬‬
‫الوعد والوعيد‪ ،‬ويترتب عنها التفاق على الخلود في النار‪ -‬كما أشرنا‪ -‬وخلق القرآن وان ال ل يرى في الجنة وان‬
‫ال ل يغفر الكبائر إل بالتوبة‪ ،‬وحصل التفاق على وجوب "العقل للواجبات والتكاليف بمجرده وباستقلل عن الشرع‬
‫وفي تأويل آية الستواء والمتشابهات عامة"(‪ )21‬وفي مجال السياسة يتفق المعتزلة مع الباضية في وجوب المامة‬
‫على المة لحفظ الدين والمصالح الدنيوية وفي أحقية كل مسلم في منصب المام‪.‬‬

‫ولكن هذا التوافق بين آراء الفريقين يجعلنا نتساءل عن التأثير بينهما وأيهما أخذت عن الخرى؟‬
‫يقول المستشرق الفونسو نيلينو‪ :‬لحظ جولد تسيهر(‪ )22‬أن رسالة العقيدة الباضية لعمر بن جميع التي نشرها‬
‫موتيلينسكي تضعنا أمام أقوال ذات طابع معتزلي واضح" ويورد شاهدا على ذلك المسائل التية‪:‬‬

‫‪ -1‬ليس من الممكن رؤية ال تعالى في الخرة‪.‬‬

‫‪ -2‬تأويل بعض مسائل الحياة الخرى تأويل مجازيا (كالميزان والصراط)‪.‬‬

‫‪ -3‬كل تشبيه ظاهر وبخاصة استواء ال على العرش يجب تأويله تأويل مجازيا(‪ ...)23‬ومما يشير التساؤل أكثر ان‬
‫الجزء الكبر من الباضية في شمال أفريقيا يتنبئون آراء المعتزلة بل هم معتزلون‪ -‬كما يقول الفونسو نلينو(‪)24‬‬
‫لذلك يتساءل هل هم أخذوا مبادئ العتزال وهم في الشرق قبل أن ينزحوا إلى بلد المغرب‪ ،‬أم هم تقبلوه في شمال‬
‫أفريقيا تحت تأثير اتصالهم بالدارسة من الشيعة؟‪ ...‬لكن كيف يغيب عن الستاذ نلينو أن أرض المغرب لم تشهد‬
‫العتزال قبل نزوح الخوارج إليها؟‪.‬‬

‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أل يكون سبق الباضية على المعتزلة دليل على تأثير السابق في اللحق؟ وليس‬
‫العكس كما يرى المطلي من أن الخوارج ظهر فيهم " مذاهب المعتزلة فمنهم من ترك مذهبه وقال بالعتزال"(‪)25‬‬
‫وان صح هذا الرأي فأنه ينطبق على الخوارج وليس على الباضية‪ ،‬لنه لم يرد عن الباضية أنهم غيروا في آرائهم‪،‬‬
‫اللهم ما ورد عن أبي كريمة وحمزة الكوفي وعطية والحارث أنهم أحدثوا في عهد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬
‫(خليفة جابر في إمامة الباضية) بقولهم بالقدر على رأي المعتزلة فتصدى لهم أبو عبيدة وعزلهم عن المجتمع‬
‫الباضي وتبرأ منهم(‪)26‬‬

‫==========================‬

‫‪ ) 18‬أنظر الشعري‪ ،‬البانة عن أصول الديانة‪ ،‬المنيرية‪ ،‬القاهرة د‪.‬تا‪ ،‬ص ‪ ،42 ،32‬أحمد أمين‪ ،‬ضحى السلم‪ ،‬جـ ‪ ،3‬مهدي طالب‬
‫هاشم‪ ،‬نشأة الحركة الباضية في المشرق العربي‪ ،‬ص ‪ ،305‬أجناس جولد تسيهر‪ ،‬العقائد‪ ،‬ص ‪ ،281 ،163‬وانظر كذلك نيلينو الفونسو‬
‫في‪ :‬أنظر‬
‫كذلك تادوز لويسكي‪T. Lewitcki, E.I. 2e ed T.3 :‬‬
‫‪ ) 19‬انظر عمار طالبي‪ ،‬أبو عمار عبد الكافي والنسق الكلمي‪ ،‬مقال في مجلة الصالة العدد ‪.41‬‬
‫‪ ) 20‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.184‬‬
‫‪ ) 21‬المرجع السابق نفس الصفحة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 22‬في مجلة تاريخ الديان‪ ،‬مح رقم ‪ 52‬سنة ‪1905‬م‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ ) 23‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬التراث اليوناني في الحضارة السلمية‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫(‪ 24‬المرجع السابق ‪،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ) 25‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،185‬نقل عن السفراييني‪ ،‬التبصير في الدين‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 26‬مهدي طالب هاشم‪ ،‬نشأة الحركة الباضية في المشرق‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬الباضية والمعتزلة‬

‫هذا في المشرق‪ ،‬أما في شمال أفريقيا فإن المصادر الباضية تشير إلى الصراع الذي كان سائدا بين الباضية‬
‫والواصلية‪ ،‬وهو صراع يقوم على المناقشات الكلمية حول المسائل الخلفية بين المذهبين ـ وان قلت ـ ولم تشر هذه‬
‫المصادر إلى تأثير أحدهما في الخر إلى حد أن يتخلى أحد الجانبين عن آرائه‪ ،‬والجدير بالذكر ان الصراع كان فكرياً‬
‫في بداية المر ثم تحول إلى صراع مسلح (‪ )27‬ويبدو ان الصراع الفكري بين المعتزلة والباضية كان قديماً ففي‬
‫عهد أبي عبيدة يذكر الدرجيني في طبقاته أن واصل بن عظاء المعتزلي كان "يتمنى لقاء أبي عبيدة ويقول لو قطعته‬
‫قطعت الباضية ‪ "...‬فلقيه في الطواف يوماً فقال واصل‪ :‬انت ابو عبيدة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال انت الذي بلغني انك تقول ان‬
‫ال يعذب على القدر؟ قال أبو عبيدة ما هكذا قلت لكن قلت أن ال يعذب علي المقدور‪ ،‬فقال أبو عبيدة أنت واصل بن‬
‫عطاء قال نعم قال أنت الذي بلغني عنك أنك تقول‪ :‬ان ال يعصى بالستكراه‪ ،‬فنكس واصل رأسه فلم يجبه بشيء‬
‫(‪ )...‬وقال لصحابه‪ :‬ويحكم بنيت بناء منذ أربعين سنه فهدمه وأنا قائم فلم أقعد‪ ،‬ولم أبرح مكاني(‪ ،)28‬فيتضح لنا‬
‫مما سبق ان الباضية والمعتزلة تتفقان في كثير من المسائل الكلمية لكن ما قيل عن الباضية أنها تأثرت بالمعتزلة‬
‫وأخذت عنها وتبنت مقالتها في نفي الصفات وخلق القرآن(‪ )29‬يحتاج إلى مراجعة‪ ،‬بدليل أن هذه المقالت لم تكن‬
‫مذاعة بين الناس قبل ظهور الجهمية(‪ )30‬في أوائل المائة الثانية للهجرة‪ ،‬وعليه فإن الباضية لم تكن آراؤهم في‬
‫التوحيد قد تبلورت إل في أوائل القرن الثاني‪ ،‬فإن هذا الرأي وان كان يبدو معقو ًل لكننا ل نستطيع القطع به لن‬
‫القائلين به اعتمدوا على المصادر التاريخية وكتاب المقالت دون الرجوع ألى تصانيف الباضية ‪.‬‬

‫ولعل أحسن معتمد يمكن الرجوع إليه مسند المام الربيع بن حبيب الذي أخذ العلم عن أبي عبيدة بن جابر بن زيد‪،‬‬
‫الذي كرس حياته لخدمت العلم فكان يسأل عن دينه وعقيدته فضل عن مسائل العبادات والمعاملت‪ ،‬ولذلك نجد‬
‫المسند مفعم ًا بالحاديث النبوية التي تعالج أصول الدين ومسائل العقيدة‪ ،‬وقد رتبها الشيخ أبو يعقوب وجمعها وبلغ‬
‫عددها ‪140‬حديثاً حول اليمان والتفكير والشرك والقدر‪ ،‬وتعظيم ال عز وجل‪ ،‬ونفي التشبيه والستواء (‪...)31‬‬
‫وبعد هذا فل يمكن القول ان الباضية لم يهتموا ببعض مسائل العقيدة حتى ظهرت مقالت الجهمية والمعتزلة فاطلعوا‬
‫عليها ثم تبنوها وإذا كان لبد من التأثير فليكن من جانب المعتزلة كما يقول عثمان بن عبد العزيز الناصري الحنبلي‬
‫(ق ‪ 13‬هـ ) الذي يقرر ان المعتزلة أخذوا عن الخوارج فيقول‪ (:‬وأما المعتزلة فغالب مذهبهم في المة مكتسب من‬
‫مذهب الخوارج )(‪.)32‬‬

‫وهذا الرأي أقرب الى الحتمال نظراً لتقدم المام جابر بن زيد على رؤوس المعتزلة‪ ،‬وتبلورت الراء الباضية قبل‬
‫ظهور مقالت الخوارج والمعتزلة والجهمية‪ ،‬وأهل السنة‪ ،‬وهذا ما أكده المام الشيخ بيوض (ت ‪14‬جانفي ‪1981‬م)‬
‫عندما ناقش هذه المسألة حيث يقول‪ :‬إذا كان واصل قد لزم مجلس الحسن البصري عشرين سنة قبل ان يعتزله كما‬
‫ذكر الشيخ أبو يعقوب الوارجلني(‪ )33‬مع أننا ل نعلم على وجه التحديد السنة التي اعتزل فيها واصل مجلس‬
‫الحسن‪ ،‬ال أنه ستفاد من مجموع الروايات والتواريخ ان ذلك كان في أواخر أيام الحسن أي في أواخر القرن الول‬
‫للهجرة‪ ،‬وعلى ذلك يكون امام الباضية متقدما كثيرا على امام الواصلية والمعتزلة‪ ،‬وتكون فلسفة الباضية في‬
‫الدارة النسانية والعدل اللهي(القدر) قد تبلورت قبل أن يظهر واصل بن عطاء ومذهبه)(‪ )34‬بدليل ان الباضية قد‬
‫ناقشوا مسألة استحالة رؤية ال ومسألة الستواء بحضور بعض الصحابة كعائشة وعبدال بن عباس وعبدال بن‬
‫عمر‪ ،‬فهل يمكن القول‪ :‬أن المعتزلة تأثرت بالباضية وأخذوا رأيهم في مسألة الرؤية والستواء مع ان الباضية قد‬
‫سبقوهم إليها؟ علما ان المعتزلة تستدل على مقالتها بنفس حجج الباضية‪ -‬ل اعتقد ان منصفا يقول ذلك‪ .‬ورب قائل‬
‫يقول‪ :‬ان الباضية لم تكن تمثل فرقة دينية تقوم آراؤها على النظر العقلي والحجج المنطقية وانها لم تشتغل بالدرجة‬
‫الولى بقضايا العقيدة‪ ،‬وأصول الدين كما اشتهرت بذلك المعتزلة التي تعد فرقة دينية لنها نشأت من اشتغالها بأصول‬
‫العقيدة فكانت آراؤها تتعلق بالتفكير الديني بينما الباضية والخوارج ل تمثل فرقا دينية لنها نشأت حول التفكير في‬
‫السياسة ول شأن لها بالعقائد إل بالعرض إذن حزب ديني كما يفضل د‪.‬عبد الحليم محمود(‪)35‬‬

‫لكن الواقع يثبت ان الباضية لم تترك مسألة في الفقه والمعاملت والخلق العامة كما في السياسة فضل عن مسائل‬
‫العقيدة إل وتناولتها بالبحث والدراسة وحددت رأيها فيها أما عن منهج التفكير المعتمد لدى الباضية فهو لم يسلم‬
‫من النقد فقد شاع لدى المؤرخين والباحثين أن الخوارج عامة ليس لهم منهج عقلي ال ان د‪.‬عمار طالبي يقرر بعد‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫بحث مستفيض حول مقالت الخوارج فيقول‪" :‬ان الخوارج لم يكونوا من أهل الظاهر وانما كانوا من ذوي منهج‬
‫عقلي وتأويل للنصوص بما يتفق مع أصولهم‪ ،‬فالمعتزلة ان هم إل تصوير لصول الخوارج الولى"(‪ )36‬علما ان‬
‫د‪.‬عمار طالبي يعد الباضية فرقة خارجية‪.‬‬

‫وجملة القول ان العلقة بين الباضية والمعتزلة متقاربة يجمع بينهما موافقة واسعة في أغلب مسائل العقيدة وأصول‬
‫الدين‪ ،‬وليس ذلك غريبا ما دام المنهج واحد يعتمد على التفكير العقلي والدلة المنطقية في حدود النصوص الشرعية‪.‬‬

‫=====================‬
‫‪ ) 27‬راجع أبي زكريا يحيى بن أبي بكر‪ ،‬كتاب سير الئمة وأخبارهم‪ ،‬تحقيق إسماعيل العربي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار المغرب السلمي‪ ،‬بيروت‬
‫‪1982‬م‪ ،‬ص ‪ 101‬وما بعدها‪ ،‬انظر كذلك أبو العباس الدرجيني طبقات المشائخ بالمغرب جـ ‪ ،1‬ص ‪60‬ـ أما ابن الصغير(ق ‪3‬هـ) لم يشر‬
‫الى الصراع مع المعتزلة راجع كتاب أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬تحقيق د‪.‬محمد ناصر إبراهيم‪ ،‬بحار المطبوعات الجميلة‪ ،‬الجزائر ‪1986‬م‪.‬‬
‫(‪ 28‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ‪ ،‬بالمغرب‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.246‬‬
‫(‪ 29‬أحمد أمين‪ ،‬ضحى السلم‪ ،‬جـ ‪3‬‬
‫عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ 185‬نقل عن ابن تيمية‪.‬‬
‫محمد بلعراد‪ ،‬الحركة الباضية في تاهرت‪ ،‬مجلة الصالة العدد ‪، 41‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ 30‬أتباه جهم بن صفوان الذي قال بالجبار والضطرار الى العمال ونفي الستطاعات كلها‪ ،‬عبد القادر البغدادي‪ ،‬الملل والنحل‪ ،‬ص‬
‫‪ .145‬وجهم بن صفوان الراسبي يكثر ذكره في التاريخ‪ ،‬قال عنه الطبري انه كان كاتبا للحارث بن سريع الذي خرج في خرسان في آخر‬
‫دولة بني أمية(أنظره في حوادث سنة ‪128‬هـ) وجهم من الجبرية الخالصة‪ ،‬ووافق المعتزلة في نفي الصفات الزلية وزاد عليهم بأشياء‪،‬‬
‫انظر الملل والنحل للشهرستاني (‪ )113 -1‬محمد محي الدين في هامش مقالت الشعري جـ ‪ ،1‬ص ‪.224‬‬
‫(‪ 31‬راجع الجامع الصحيح مسند الربيع بن حبيب‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫(‪ 32‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.186‬‬
‫(‪ 33‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ 34‬إبراهيم بن عمر بيوض‪ ،‬في رسالة له الى أ‪.‬منير سلطان‪ ،‬ذكرها الشيخ علي يحيى معمر في كتابه الباضية بين الفرق السلمية عند‬
‫كتاب المقالت في القديم والحديث‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬ط ‪ ،1‬القاهرة ‪ ،1976‬ص ‪.240‬‬
‫‪ ) 35‬د‪.‬عبد الحليم محمود ‪ ،‬التفكير الفلسفي في السلم‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار النصر للطباعة‪ ،‬القاهرة ‪1968‬م‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ 105‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ ) 36‬د‪.‬عمار طالبي‪ ،‬أبو عمار عبد الكافي والنسق الكلمي‪ ،‬الصالة العدد ‪ ،44‬سنة ‪1977‬م‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬الباضية والشيعة‬

‫قبل وقعة صفين لم تكن المة السلمية تعرف التحزب السياسي ول النقسامات المذهبية كان الجميع يعيش في وئام‬
‫تحت قيادة رشيدة‪ ،‬وفي ظل الوحدة التي أذابت النعرات القبلية والعصبية الجاهلية‪ ،‬لكن هذه الوحدة لم يدم حالها‬
‫بسبب الفتن ومنها وقعة صفين التي أفرزت شقين في صفوف المام علي طائفة وقفت إلى جانبه تناصره وتبارك‬
‫خطواته ومنها فرقة الشيعة‪ ،‬وطائفة نقمت عليه ما أحدث بقبوله التحكيم ومنها فرقة الباضية‪.‬‬

‫فأساس الخلف بدا في ظروف سياسية‪ ،‬ثم شمل العقيدة فبالغت الشيعة في تقديس المام علي‪ -‬كرم ال وجهه‪ -‬إلى‬
‫درجة التأليه‪ ،‬واعتقدوا أنه معصوم من الخطأ لنه وصي الرسول الكريم ففضلوه على غيره من الصحابة‪ ،‬وقالوا ان‬
‫المامة واجبة وهي حكر على نسل علي في آل البيت‪ .‬في الحين الذي رفضت فيه الباضية هذه المقالت على أنها‬
‫ليست من السلم في شيء مع الحترام الكامل للمام علي رضي ال عنه والعتراف بمكانته وفضله على السلم أما‬
‫المامة مع كونها واجبة فهي ليست من اختصاص آل البيت دون غيرهم بل هي حق مشاع بين المسلمين ل فرق بين‬
‫عربي وأعجمي إل بالتقوى مع الحتفاظ بالولوية للقرشيين أن تساووا وانطلقا من المبادئ العامة لكل من الشيعة‬
‫فإن احتمال التفاق والتقارب بين الفرقتين يبقى للتناقض الصارخ بين الراء من جهة ولتعدد مواطن الختلف بين‬
‫المذهبين من جهة أخرى وابرازها تمسك الباضية بالمبدأ الشرعي الصحيح على حساب كل شيء مهما عظم ولو‬
‫كان علي بن أبي طالب ويقابل هذا تمسك الشيعة بمبدأ الفضلية للمام وتعظيمه ولو على حساب النص الصريح‪.‬‬

‫وفي سبيل المقارنة بين مواقف الشيعة والخوارج يذكر ابن تميمة كثيرا من المثلة ‪ ،‬مع ميله للخوارج‪ -‬والباضية‬
‫منهم في رأيه‪ -‬لنهم القرب إلى الحد من الشيعة وأصدق وأعقل وأكثر اتباعا للحق منهم(‪ )37‬وهم أهل دين ظاهرا‬
‫وباطنا وإن كانوا أصحاب ظللة وجهالة ومروق‪ -‬في نظره‪ -‬ويذكر ان حجة الخوارج أقوى من حجة الشيعة‪ ،‬وان‬
‫تدينهم أصح لنهم ل يكذبون(‪ ، )38‬بينما الشيعة‪ -‬كما يقرر ابن تيمية‪ -‬تكذب النبي صلى ال عليه وسلم وعلى‬
‫الصحابة كذبا كثيرا أما الخوارج فل يفعلون ذلك(‪.)39‬‬

‫وهكذا نلحظ ان أسباب الخلف كثيرة ودواعي التفاق قليلة‪ ،‬ورغم ذلك لم يشهد التاريخ مشادات عنيفة بين الشيعة‬
‫والباضية كما لم يسجل التاريخ صراعات مسلحة بين الطائفتين ولعل السبب يعود في ذلك إلى وجود عدو مشترك‬
‫ممثل في السلطة الحاكمة التي كانت تحارب باستمرار مذاهب الخوارج والشيعة على السواء‪.‬‬

‫ولذلك توجه اهتمام المذاهب المضطهدة إلى التصدي للحكم القائم ومحاولة تغيير الوضاع‪ ،‬وسواء نجحت في مسعاها‬
‫أم فشلت فإن ذلك حال دون اقتتال الخوارج والشيعة فيما بينهم ‪ ،‬وأكثر من ذلك نجد أخبارا تشير إلى قيام علقات‬
‫ودية بين الباضية والشيعة‪ ،‬كتلك التي ذكرها الجاحظ عن هشام بن الحكم وعبدال بن زيد الباضي أنهما كانا‬
‫متصاحبين وكانت بينهما شركة في التجارة(‪.)40‬‬

‫وليس غريبا إذا علمنا أن الباضية يكنون لخوانهم في الدين كل التقدير والحترام فهم ل يستعرضون ول يبادرون‬
‫بالقتل إل في حالة الضرورة وبعد إقامة الحجة على خصمهم‪ ،‬حسبما عليه أصولهم ولدينا أمثلة في تاريخ الباضية‬
‫تشير إلى نواياهم الطيبة في التعايش السلمي مع مخالفيهم‪...‬ففي عهد الدولة الرستمية التجأت طوائف كثيرة من‬
‫الشيعة إلى الدولة الرستمية ففتحت لهم هذه الخيرة ذراعيها ورحبت بهم وأكرمتهم وعرفت لهم مقامهم الرفيع ومقام‬
‫جدهم علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد وجد العلويون‪ -‬وهم أبناء محمد بن سليمان العلوي أخو إدريس الكبر مؤسس الدولة‬
‫الدريسية‪ -‬وجد هؤلء في الدولة الرستمية‪ -‬كما يقول أ‪.‬محمد علي دبوز(‪ )41‬من الجلل والتعظيم ما جعلهم سادة‬
‫في المدن التي نزلوا فيها‪.‬‬

‫وليس غريبا عن الباضية أن يعاملوا مخالفيهم بهذا التعامل الخوي ما دامت تعاليمهم تحث على التقارب وجمع‬
‫الشمل وقد سعى أئمة الباضية منذ البداية على ان تكون دعوتهم عبارة عن حركة إسلمية شاملة ‪ ،‬وبالفعل كانت‬
‫كذلك فانتشرت شرقا وغربا واجتذبت عناصر مختلفة من قبائل وأجناس ل فرق بين مسلم وآخر‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وهذا أبو حمزة الشاري يقف على منبر رسول ال صلى ال عليه وسلم بمكة يخاطب جموع الناس من مذاهب شتى‬
‫ويقول‪ ":‬الناس منا ونحن منهم إل عابد وكفرة الكتاب وإمام جائر" وفي خطبته بالمدينة قال‪ :‬الناس منا ونحن منهم‬
‫إل ثلثة‪ :‬حاكم بغير ما أنزل ال وتبع له وراض بعمله(‪.)42‬‬

‫وفي ظلل هذا الشعار تعايش الباضية والشيعة في سلم ‪ ،‬أما عن الخلفات الفكرية فيلخصها ش‪.‬عبد العزيز الثميني‬
‫في ثلثة أمور هي ‪":‬قولهم في المامة بالولى مع تركهم التخطية لكل من ولي ثم تجويزهم لعلي تحكيم الحكمين‬
‫وقولهم بتشريك أهل التأويل ممن زعم ان ال يرى يوم القيامة"(‪ )43‬وفيما عدا ذلك يشترك الباضية والشيعة دونما‬
‫خلف أما الخلفات الجزئية فل تؤخذ مقياسا للتباين بين المذاهب وسببا للصراع بينها‪.‬‬

‫====================‬
‫‪ ) 37‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،182‬نقل عن ابن تيمية في منهاج السنة‪.‬‬
‫‪ ) 38‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪ ،‬نقل عن ابن تيمية منهاج السنة جـ ‪ ،2‬ص ‪.197‬‬
‫‪) 39‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪) 40‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،183‬نقل عن الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.55 -54‬‬
‫‪ ) 41‬أنظر محمد علي دبوز‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير‪ ،‬ط ‪1963 ،1‬م‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.337 -336‬‬
‫‪ ) 42‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ‪ ،‬جـ ‪.269 ،267 ،2‬‬
‫‪ ) 43‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬معالم الدين(مخطوط) ورقة ‪ 342‬في خاتمة المعالم‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رابعا‪ :‬الباضية والخوارج‬

‫من هم الخوارج؟ وما علقة الباضية بالخوارج؟ ما رأي الباضية في الخوارج؟ هل الباضية خوارج؟‬
‫أسئلة كثيرة تفرض نفسها في الموضوع‪ ،‬تعرض لها كل باحث في تاريخ الفرق السلمية‪ ،‬والمذاهب الكلمية رغم‬
‫ذلك لم يحسم الخلف بعد في مسألة الخوارج وعلقتهم بالباضية‪ ،‬ول يزال الشكال مبسوطا للبحث والتحقيق‪ ،‬ما دام‬
‫حول الموضوع آراء متضاربة‪ ،‬ان لم نقل متناقضة‪ ،‬وهذا ما يدعو إلى التساؤل عما دها المؤرخين وكتاب المقالت‬
‫والمشتغلين بتاريخ الفلسفة السلمية أن يخلطوا إلى قول يفصل النزاع ويوحد الرأي خصوصا وأحداث القضية ل‬
‫تزال قريبة ومصادر تاريخها متوفرة‪.‬‬

‫والحقيقة أن مسألة كهذه ل أرى ما يلزم الوقوف عندها طويل فما أحوجنا للبحث فيما هو أجدر بالهتمام في تاريخ‬
‫أمتنا وحاضرنا ومستقبلنا‪ .‬وما أحوج المسلمين اليوم إلى التعارف الكامل والتقارب ونبذ الخلفات المذهبية على ان‬
‫المذهبية ل تزول بالقوة والغلبة انما زوالها بالمعرفة والتعارف والعتراف‪.‬‬

‫نتطرق في بحثنا لمسألة الخوارج‪ ،‬لما لها من علقة وثيقة بموضوع البحث‪ ،‬ول نزيد على أن نعرض باختصار أهم‬
‫ما قيل في الموضوع مع ابداء فيه ثم استخلص القول القرب إلى الحقيقة‪.‬‬

‫يقول د‪.‬عمار طالبي‪ :‬ان الباضيين المتأخرين ينكرون أن يمون مذهبهم مذهبا خارجيا أشد النكار ويتبرأون من‬
‫الخوارج أشد البراءة معارضين في ذلك ما كتبه أصحاب المقالت وما كتبه المؤرخون‪ )44(.....‬والواقع ان انكار‬
‫الباضية تسميتهم بالخوارج ل يقتصر فقط على المتأخرين منهم لننا نجد الوائل كذلك يرفضون انتماءهم للخوارج‪،‬‬
‫وأكثر من ذلك يتبرأون منهم ويكفرونهم ‪ ،‬وهذا ما نستخلصه من رسالة عبدال بن اباض الذي يحدد فيها موقف‬
‫الباضية من الخوارج ويتمثل الموقف في نقطتين‪:‬‬

‫أولهما اعتراف ابن اباض بموالته للخوارج واتفاقه معهم من حيث المواقف السياسية فيقول‪:‬هذا خبر الخوارج يشهد‬
‫ال والملئكة انا لمن عاداهم أعداء ولمن والهم أوليا‪ )45("...‬يقول هذا بعد أن ذكر المواقف السياسة للخوارج‬
‫وتتلخص في انكارهم لعثمان بن عفان ما أحدث‪ ،‬وإنكارهم للزبير وطلحة حين نكثا‪ ،‬وانكارهم لمعاوية حين بغى‪،‬‬
‫وإنكارهم لعلي حين رضي بالتحكيم‪.‬‬

‫والموقف الثاني‪ ،‬يتلخص في انكار ما أحدثه ابن الزرق بخروجه عن الجماعة ومروقه عن الدين‪ ،‬فقال‪" :‬غير أنا‬
‫نبرأ من ابن الزرق وصنيعه وأتباعه"(‪ )46‬ويقصد بالصنيع أحداثه في الدين وبالتباع الخوارج ‪ ،‬ونجد الرأي نفسه‬
‫عند أبي يعقوب الوارجلني في الدليل والبرهان‪ ،‬فهو يرفض اطلق لفظ الخوارج على الباضية رفضا قاطعا‪،‬‬
‫والخوارج عندهم المارقة والمرجثة والقدرية(‪ )47‬وفي ثنايا الكتاب يتهجم على الخوارج كلما ذكرهم ويبين مواطن‬
‫خلفهم مع الباضية‪.‬‬

‫ونجد من جهة أخرى ان الباضية (قديما وحديثا) يتولون عبدال بن وهب الراسبي‪ ،‬وعروة بن حدير وأخاه أبا بلل‬
‫مرداس وحرقوص بن زهير السعدي وغيرهم ممن أنكروا التحكيم‪ ،‬ويتولون كذلك جميع الصحابة ممن شهد الفتنة أو‬
‫لم يشهدها ؛ أيجوز هذا أن نلحق الباضية بالخوارج لنهم يوالونهم ويتفقون معهم في بعض المسائل‪ ،‬كيف نسميهم‬
‫خوارج وهم أخذوا أصول دينهم عن الصحابة الكرام والتابعين العدول؟ أو بعبارة أخرى هل يشفع في الباضية‬
‫مواقفهم المعتدلة والقريبة من آراء السنة لنمنع اطلق لفظ الخوارج عليهم رغم انحدارهم من طائفة المحكمة؟ علما‬
‫ان التفاق حاصل بين المؤرخين على ان المحكمة خرجت عن معسكر علي(رضي) لقبوله تحكيم الحكمين فسميت‬
‫بالمحكمة لرفضها التحكيم وبالخوارج لخروجها عن سلطة علي‪.‬‬

‫ويبدوا بعد الذي تقدم ذكره ان الشكال ينحصر في لفظ‪ -‬الخوارج‪ -‬وما دام المر كذلك فان المام سيتضح بتوضيح‬
‫معنى الخروج وتحديد مصطلح الخوارج وبعد ذلك يسهل اطلق السم على المسمى‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫يتفق الكثير من المؤرخين على ان لفظه "الخوارج" تطلق على "المحكمة" الولى الذين أنكروا التحكيم‪ -‬كما رأينا‪-‬‬
‫حين خرجوا عن علي (رضي) يوم صفين بعد انعزاله وقد كانوا أقرب مناصريه خاصته‪ ،‬فلما حاربهم بالنهروان غذت‬
‫هذه التسمية تطلق على كل من حضر النهروان‪ -‬ضد علي (رضي) أو من قال برأيهم‪.‬‬

‫وذهب فريق آخر من الصوليين وكتاب المقالت إلى ان الخوارج قوم من أمة السلم مرقوا من الدين وخرجوا عن‬
‫السلم‪ ،‬بإنكارهم أصل من أصول الدين كحالة(ابن الزرق وأشياعه(‪ )....‬فقد أحدث وارتد وكفر بعد اسلمه)(‪)48‬‬
‫فرقع الخلط بين الخروج عن علي والخروج عن الدين‪ ،‬وأصبح أهل النهروان (المحكمة) في حكم الخارجين عن‬
‫الدين‪ ،‬ول يخلو هذا الحكم من الصدق باعتبار ان المارقين‪ -‬أو الخارجين عن الدين‪ -‬صادف أن ظهروا ضمن جماعة‬
‫النهروان‪ -‬فيما بعد‪ -‬مما سهل على كتاب المقالت‪ -‬في بلط بني أمية وبني هاشم‪ -‬أن ينعتوا أهل النهروان بالمارقين‬
‫وذوي الهواء وسموهم "خوارج"‪.‬‬

‫والقول الثالث في الموضوع يفسر الخروج (بالجهاد في سبيل ال)(‪ )49‬استنادا إلى قوله تعالى‪( :‬ومن يخرج من‬
‫بيته مهاجرا إلى ال ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على ال )(‪)50‬‬

‫فإذا بحثنا في التاريخ بقصد إيجاد مكانة الباضية ضمن المدلولت لكلمة الخروج وجدنا آراء متعددة لكنها تنحصر في‬
‫النهاية بين موقفين أساسيين أولهما الحكم على الباضية بأنها فرقة من الخوارج وثانيها ان الباضية ليست من فرق‬
‫الخوارج فأين المصيب من المخطئ في هذين الحكمين؟‪.‬‬

‫أما أتباع ابن اباض وخاصة المتأخرين منهم فأنهم يرفضون انتسابهم للخوارج‪ ،‬ويدافعون عن ذلك بقوة في حين نجد‬
‫منهم من يغض الطرف عن ذلك ويقبل بالتسمية على ان المقصود بالخروج للجهاد في سبيل ال أو الخروج سياسيا‬
‫ل خروجا عن الدين ومروقا منه(‪.)51‬‬

‫====================‬
‫‪ ) 44‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.203‬‬
‫‪ ) 45‬عبدال بن اباض‪ ،‬في رسالة كتبها الى عبد الملك بن مروان ذكرها البرادي في الجواهر‬
‫‪ ) 46‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ ) 47‬أبو يعقوب الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.15‬‬
‫‪ ) 48‬عبدال بن اباض في رسالته الى عبد الملك بن مروان‪.‬‬
‫‪ ) 49‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.19‬‬
‫‪ ) 50‬سورة النساء‪ ،‬الية ‪.100‬‬
‫‪ ) 51‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬جـ ‪ 1‬ص ‪.30‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬رابعا‪ :‬الباضية والخوارج‬

‫آراء الباضية في الخوارج‬

‫نقتصر الكلم على ذكر أراء الباضية في الخوارج لتحديد مواقفهم من القضية ول نذكر مخالفيهم لسببين‪ :‬أولهما‬
‫وضوح موقف المخالفين وأجماعهم عليه والمتمثل في أن كلمة الخوارج تطلق على الخارجين عن علي(رضي)(‪)52‬‬
‫ومنهم الباضية فهي فرقة من الخوارج‪ .‬ثانيها ان المقام ل يتسع لمناقشة هذه المسألة لتساعها وتشعبها إذ ليس‬
‫بحثنا في التاريخ‪.‬‬

‫يقول عبدال بن اباض(‪ )53‬في تعريفه للخوارج‪(:‬هم أصـحاب عثمان الذين أنكروا عليه ما أحدث من بدعته‬
‫وفارقوه‪....‬وهم أصحاب الزبير وطلحة حين نكثا وأصحاب معاوية حين بغى‪ ،‬وهم أصحاب علي بن أبي طالب حين‬
‫بدل حكم ال‪ ،‬فهم فارقوا هؤلء كلهم وأبوا أن يقروا بحكم البشر دون حكم ال وكانوا يتولون في دينهم نبي ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي ال عنهما‪ ،‬ويدعون إلى سبيلهم فهذا خبر الخوارج نشهد ال انا لمن عاداهم‬
‫أعداء وانا لمن والهم أوليا(‪ )....‬بألسنتنا وقلوبنا(‪ )...‬غير انا نبرأ من ابن الزرق وصنيعه وأتباعه(‪.)54‬‬

‫فقد أقر عبدال بن اباض أنه يلتقي مع الخوارج حين خرجوا عن الئمة الذين بدلوا حكم ال بحكم البشر‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت يعلن براءته ممن خرج عن الدين‪ .‬فتفهم من كلمه أنه لم يحشر نفسه مع الخوارج فهو ليس منهم لكنه‬
‫يوافقهم في رأيهم‪.‬‬

‫لكن الشيخ علي معمر (‪ )1979-1915‬يخالف ابن اباض في رأيه وهو يرى أن مدلول الخروج ل يلحظ فيه المعنى‬
‫السياسي النوري ولذلك لم تطلق هذه الكلمة عن قتلة عثمان‪ ،‬ول على معاوية وجيشه ول علي ان فندين(‪ .)55‬بل‬
‫ويذهب إلى أكثر من ذلك وينكر أن تكون كلمة الخروج معرفة أيام صفين‪ ،‬حتى ان الفرق الخارجة عن الدين‬
‫كالزارقة والنجدات لم تتميز حينذاك عن المحكمة ‪ ،‬ويستدل في ذلك بحديث أم نافع بن خليفة‪ ":‬إن الناس يومئذ على‬
‫ثلثة أصناف‪ ،‬صنف جبابرة وأتباعهم‪ ،‬وصنف فساق يشربون النبيذ ويضيعون الصلة‪ ....‬وليس هنالك صفرية ول‬
‫أزارقة ول شكاك وانما الذين يسمون القراء‪)56(".....‬‬

‫ونجد الرأي نفسه عند الشيخ التعاريتي الجربي الوهبي( أوائل ق ‪14‬هـ) حين يقول ردا على الشيخ محمد ابن‬
‫مصطفى مفتي طرابلس (أوائل ق ‪14‬هـ)‪" :‬وقولك أنهم من جملة الخوارج باطل"(‪ )57‬وهو يعني بالخروج السياسي‬
‫لنه يقول فيما بعد "ول نقول بالخروج عن سلطين الجور‪.)58("...‬‬

‫وعن الخوارج‪ -‬دائما يقول أبو يعقوب يوسف الوارجلني(توفي ‪570‬هـ‪1174/‬م) "وزلة الخوارج نافع بن الزرق‬
‫وذويه حين تأولوا قوله تعالى( وان أطعتموهم إنكم لمشركون) (‪ )59‬فأثبتوا الشرك لهل التوحيد‪.)60("...‬‬

‫وقد رأينا أن عبدال من رأي نافع بن الزرق لو كان القوم مشركين لكان أصوب الناس "قاتله ال‪ ،‬من رأى رأي نافع‬
‫بن الزرق لو كان القوم مشركين لكان أصوب الناس رأيا وحكما فيما يشير إليه لكنه قد كذب وكذبنا فيما يقول"(‪)61‬‬

‫إذا فالخوارج في نظر الباضية هم الزارقة والنجدات والصفرية كانوا مع الباضية فخرجوا عنهم بخروجهم عن‬
‫الدين لما قالوا بتحليل الموال والدماء بالمعصية‪ .‬والحديث الوارد في الخوارج انما كان المقصود منه هؤلء لن في‬
‫آخر الحديث (يستحلون الموال والدماء بالمعصية والباضية ل تستحلها)(‪)62‬‬

‫أما الشيخ السالمي العماني (‪1286‬هـ‪1332-‬هـ) فنه يقر بخروج الباضية لكن بمفهوم الجهاد إلى سبيل ال يقول‬
‫في هذا الصدد‪" :‬ولما كثر بذل نفوسهم‪ -‬أي الباضية‪ -‬في رضى ربهم وكانوا يخرجون للجهاد طوائف‪....‬سموا‬
‫بالخوارج جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج في سبيل ال أخذا من قوله تعالى (ولو أرادوا الخروج لعدوا‬
‫لـه‪ )....‬فهذه هي أصل تسميتهم بالخوارج وهي تسمية محمودة وسبب مشكور‪ ،‬ولما فارقتنا الزارقة والصفرية‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أخذوا عنا اسم الخروج "وانقلب المدح ذما واختصصنا باسم أهل الستقامة"(‪. )63‬‬

‫هذه آراء الباضية في الخوارج‪ -‬مجملة باختصار‪ -‬قد تبدو لول وهلة مختلفة حينا ومتوافقة حينا آخر لكن سرعان ما‬
‫يزول الختلف حينما نأخذ مدلول كلمة الخروج بعين العتبار حيث ل تنصرف عن هذه الدللت الثلث‪:‬‬

‫‪ -1‬الخروج من الدين وهو انكار الثابت القطعي من أحكام الدين أو مخالفة المقطوع به من النصوص‪.‬‬

‫‪ -2‬الخروج السياسي وهو نقض البيعة لسباب مشروعة أو غير مشروعة‪.‬‬

‫‪ -3‬الخروج في سبيل ال واعلن الثورة ضد الظلم والكفر اعلء لكلمة ال امتثال لقوله تعالى‪( :‬ومن يخرج من بيته‬
‫مهاجرا إلى ال ورسوله‪.)64()..‬‬

‫ولو حكمنا العقل‪ ،‬للنظر في شأن الباضية وما يناسبها من المدلولت السابق ذكرها لقلنا‪ :‬أما الخروج بالمدلول‬
‫الديني فإن التاريخ لم يثبت للباضية مروقا ول فسوقا فعقيدتهم وأصولهم ليس فيها ما قد يقدح وهي مدونة في‬
‫أمهات الكتب فهم ليسوا خوارج إذن(*)‪.‬‬

‫أما الخروج بالمدلول السياسي فقد ثبت ان أهل النهروان فارقوا عليا والباضية منهم‪ ،‬وكان ذلك اجتهادا منهم على‬
‫ان البيعة قد سقطت عن أعناقهم بعد أن ظهر عجز المام وفقده للحنكة السياسة وأصبح ل يتمتع بالهلية والكفاءة‬
‫ورضي بالتحكيم وما ينجم عنه‪ ،‬وليس في هذا الخروج مساس بالعقيدة‪ .‬على "ان اطلق اسم على مجموعة من‬
‫الناس ليس بذي أهمية إذا كان هذا الطلق مجرد تسمية"(‪.)65‬‬

‫أما الخروج للجهاد فمطلب عظيم وغاية شريفة ومن ل يتمنى أن يقع أجره على ال وهو خارج في سبيله ولذلك لم‬
‫يدخر الباضية جهدا في طلب الشهادة وقد خرجوا ورغبوا للخروج جهادا في سبيل ال‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫=====================‬
‫‪ ) 52‬المرجع السابق من ص ‪ 15‬الى ‪.30‬‬
‫‪ ) 53‬له مواقف كلمية وجدالية‪ ،‬ولد في زمن معاوية وتوفي في زمن عبد الملك‪.‬‬
‫‪ ) 54‬عبدال بن اباض في رسالته الى عبد الملك بن مروان‪ ،‬البرادي الجواهر المنتقاة‪.‬‬
‫‪ ) 55‬ابن فندين أنكر إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬سنة ‪171‬هـ‪ ،‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬حلقة ‪،1‬‬
‫ص ‪.33‬‬
‫‪ ) 56‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق‪ ،‬ص ‪.384‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 57‬سعيد التعاريتي‪ ،‬المسلك المحمود في معرفة الردود‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ ) 58‬المرجع السابق ص ‪.34‬‬
‫‪ ) 59‬النعام‪ ،‬الية ‪.121‬‬
‫‪ ) 60‬أبو يعقوب يوسف الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان لهل العقول‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.15‬‬
‫‪ ) 61‬محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تاريخ الملوك والمم‪ ،‬جـ ‪ ،4‬ص ‪.140‬‬
‫‪ ) 62‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬الرد على العقبي‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ ) 63‬نور الدين السالمي‪ ،‬في هامش الرد على العقبي للقطب‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ ) 64‬سورة النساء‪ ،‬الية ‪.100‬‬
‫* ) باعتراف الئمة المخالفين‪.‬‬
‫‪ ) 65‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.20‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫خامسا‪ :‬دعوة الباضية إلى التقارب ونبذ الخلفات‬

‫يغلب على ظن الكثير من الباحثين والدارسين للفكر السلمي ان الباضية فرقة خارجية تفضل النطواء والنغلق‬
‫حول نفسها وتؤثر العزلة على الحتكاك بغيرها من الفرق (‪ )66‬وقد وصف المؤرخون وكتاب المقالت أتباع‬
‫الباضية بأنهم أهل بدع وأهواء وضلل(‪ )67‬ونعوتهم بالمروق والغلو والتعصب ول غرابة في ذلك لمرين‪:‬‬

‫الول‪ :‬اعتماد المؤلفين على مؤرخي الفرق وكتابة المقالت‪ ،‬الذين يكتبون ويؤرخون انطلقا من موقف مبدأي الدفاع‬
‫عن كيان الدولة والتأييد الدائم للسلطة الحاكمة سواء أكانت أموية أو عباسية‪.‬‬

‫ولهذا ينبغي على الكاتب أن يتصدى لكل التيارات المعارضة لنظام الحكم القائم وعليه أن يثبت‪ -‬بأي طريقة‪ -‬أن القلية‬
‫الخارجة عن السلطة هي كذلك خارجة عن الدين‪ ،‬وحيث ان الباضية تقرر أصولها السياسية بأن الخلفة منصب‬
‫مشاع بين الناس يحق لكل مسلم إذا توفرت فيه الهلية والكفاءة أن يتوله‪ ،‬وهذا يعني‪ :‬المعارضة الصريحة لنظام‬
‫الحكم القائم على الوراثة‪ ،‬ولجل ذلك عاشت الباضية حياة الضطهاد في كثير من مراحل تاريخها مما اضطر أتباعها‬
‫إلى الدخول في الكتمان واخفاء أمرهم إلى حين استجماع قوتهم ماديا وفكريا ولعل هذا ما يفسره البعض بالنزواء‬
‫والنغلق‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬عدم اطلع الدارسين على التأليف الباضية والرجوع إلى مصادرهم والكتفاء بتأليف المخالفين‪ .‬ولعل السبب‬
‫في ذلك يعود إلى نقص المصادر الباضية وان صح هذا فسببه الظروف الصعبة التي كانت يعيشها الباضية‪ -‬كما‬
‫أشرنا‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإن الباحث ل ينكر ما لقته الباضية من اضطهاد من طرف الحكام أو ببغض وكره من طرف‬
‫المذاهب الخرى أو تحامل واتهام بالزيغ ونعت بالخروج عن الدين من طرف المؤرخين وكتاب المقالت ورغم ذلك‬
‫كله يتقبل الباضية ذلك بحسرة ول يقابلون بالمثل إل نادرا في حالة الدفاع عن النفس إذا كان المر اقتتال أو دفاعا‬
‫عن الدين إذا بلغ المر انتهاكا لصل من أصوله أو تعد لحد من حدود ال‪.‬‬

‫وفيما عدا ذلك فالتسامح والتجاوز عن الهفوات وكظم الغيظ من شيم الباضية حرصا على التآلف والتقارب وجمع‬
‫الشمل‪ ،‬أما الخلفات المذهبية فتراها الباضية ناضجة عن الجتهاد المشروع ومحاولة فهم الشريعة السلمية كتاب‬
‫ال وسنة رسوله وهي المنبع الوحيد الذي تأخذ منه جميع الفرق‪ ،‬وانطلقا من هذا المفهوم يرى الباضية‬
‫والمعاصرون خاصة‪ :‬أن عهد المذهبية قد ولى وزمان الصراعات بين الفرق السلمية قد فات أوانه‪ ،‬وأنه ينبغي‬
‫العتراف "أن جميع الفرق والمذاهب السلمية تقف متساوية على صعيد واحد فليس فيها فرقة أفضل من فرقة ول‬
‫مذهبا خير من مذهب"(‪)68‬‬

‫"والحقيقة التي ل سبيل إلى إنكارها أن المسلمين في حاجة إلى التعارف الكامل في هذا العصر الذي تيسرت فيه‬
‫وسائل اللقاء وفي حاجة إلى أن يطلعوا جميعا عل الحق الذي حمل كل فرقة جانبا منه"(‪.)69‬‬

‫والواقع أن كل فرقة إسلمية قد ساهمت في خدمة السلم من زاوية معينة فل ينبغي لفرقة أن تعتبر نفسها ممثلة‬
‫السلم وغيرها تابع‪.‬‬

‫وبما أن الفرق نتجت عن اختلف العلماء واجتهاداتهم فإن الراء التي استخلصوها ل تخلو من الهفوات‪ .‬ففي علم كل‬
‫عالم مأخوذ ومتروك‪ ،‬وعليه فالجدى بالمسلمين اليوم أن يبحثوا في إيجابيات الفرق ويستثمرها ويغضوا الطرف عن‬
‫سلبيات المذاهب ما دام الشتغال بها يورث الفرقة والصراع ول ينكر أحد أن لكل فرقة إسلمية حسنات على المة‬
‫لخصها ش‪.‬علي يحي معمر فيما يلي(‪.)70‬‬

‫فضل الشيعة على المة جهدهم في إثبات حق آل البيت في الحياة وفي الحكم ولول الشيعة لقضي جبروت بني أمية‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫علي بني هاشم‪.‬‬

‫وميزة الخوارج كفاحهم المرير لما استنام المسلمون وسكتوا عن النحراف بدولتهم من الخلفة إلى الملكية فقاوموا‬
‫تسلط الديكتاتورية الملكية على الحكم في السلم وإخراجه من نظام الشورى إلى نظام الملك العضوض‪.‬‬

‫ولول المعتزلة لكانت الفلسفة القديمة بما أوتيت من براعة الجدل وذكاء التمويه قد استطاعت أن تنحرف بعقيدة‬
‫المسلمين عن السلم‪.‬‬

‫ولول الباضية لما كانت هناك حلقة في العتدال والتوسط بين الفرق المتطرفة فقد حاولت تقليل التباعد بين الراء‬
‫سواء في العقيدة أو السياسة‪.‬‬

‫ولول أهل السنة الذين ناصروا الدولة الموية ثم العباسية لما بلغ العرب ما بلغوا من حضارة قوامها السلم أعطت‬
‫دفعا قويا للحظارة النسانية‪.‬‬

‫ولول الظاهرية والحنابلة الذين تمسكوا بالنص واعتمدوا عليه دون العقل لما خدمت النصوص السلمية على هذا‬
‫المستوى العلمي الدقيق الذي نفتخر ونعتز به‪.‬‬

‫ولول النزعة العقلية المتحررة من الفقهاء المعتمدة على العقل والمنطق في مناقشة النصوص والثار لبقى الفقه‬
‫السلمي تحت أثقال من الركود والجمود‪.‬‬

‫هذا هو الطار العام الذي يشمل الفكر السلمي وتتفق فيه الفرق السلمية كل واحدة بما تحمل من شعارات خاصة‪.‬‬
‫فالكل متكامل والكل يخدم الوحدة السلمية ‪ ،‬وهذا هو رأي الباضية في طبيعة الفكر السلمي الذي ينبغي أن يكون‬
‫حركة إنسانية شاملة تذوب فيها العصبية والطائفية لتحل محلها القناعات المذهبية التي تكمل بعضها البعض لتخدم‬
‫السلم والمسلمين‪.‬‬

‫===================‬
‫‪ ) 66‬انظر أجناس جولد تسيهر‪ ،‬العقيدة والشريعة في السلم‪ ،‬ترجمة محمد يوسف موسى عبد العزيز عبد الحق‪ ،‬علي حسن عبد القادر‪،‬‬
‫دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬تا ص ‪.174‬‬
‫‪ ) 67‬الشعري‪ ،‬مقالت السلميين‪ ،‬ص ‪ ،156‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪ ، 82 ،55‬وانظر كتاب الملل والنحل‪ ،‬ص‬
‫‪.79 ،57‬‬
‫‪ ) 68‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ ) 69‬د‪.‬عمر خليفة النامي‪ ،‬مقدمة تحقيقه لكتاب قناطر الخيرات لسماعيل الجيطالي‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.4‬‬
‫‪ ) 70‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.375 -373‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬الشيـخ محمـد بن يـوسف أطفـيش (قطب الئمة)‬

‫الفصل الرابع‬

‫الشيـخ محمـد بن يـوسف أطفـيش‬


‫(قطب الئمة)‬

‫(‪1236-1332‬هـ ‪1914 -1818/‬م)‬

‫أول‪ :‬حياته‬

‫أ‌‪ -‬نشأته وتعليمه‬

‫ب ‪-‬شخصيته‬

‫جـ ‪ -‬تلميذه‬

‫د‪ -‬موقفه من الستعمار الفرنسي‬

‫ثانيا‪ :‬تآليفه‬

‫ثالثا‪ :‬فكره‬

‫أ‌‪ -‬المنحنى الكلمي‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ب ‪-‬فلسفة العلوم‬

‫جـ‪ -‬المنحنى الخلقي والجمالي‬

‫أول‪ :‬حياته‬

‫أ‪ -‬نشأته وتعليمه‬

‫في بلدة "آت يسجن"(‪ )1‬إحدى قرى وادي ميزاب(‪ )2‬ولد الشيخ محمد بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبد‬
‫الرحمن بن عيسى أطفيش(‪ )3‬سنة ‪1236‬هـ ‪1818/‬م(‪ ،)4‬توفي والده في كهولته فذاق البن طعم اليتم منذ سنة‬
‫الرابعة‪ ،‬لكن أمه بالغت في الحنو عليه وعوضته برعايتها وحسن تربيتها ما فقده من أبيه(‪ )5‬فلما توسمت فيه بوادر‬
‫النبوغ وشهدت فيه الذكاء والفطنة عهدت به إلى أحد المؤدبين لحفظ القرآن فختمه وأتقن حفظه وهو ابن ثماني‬
‫سنوات(‪ )6‬وأسرع الطفل إلى دور العلم فزاحم بالركب زملءه في حلق العلم‪ ،‬وأظهر ميل قويا لحضور مجالس‬
‫العلماء فنال المبادئ الولى في اللغة وعلوم الدين‪.‬‬

‫وعند رجوع أخيه الكبر الشيخ إبراهيم بن يوسف اطفيش من رحلته العلمية في المشرق انقطع إليه الشيخ محمد‬
‫اطفيش فأتم على يده دراسته الثانوية وأخذ كل مفاتيح العلوم الشرعية والعربية‪ ،‬كما درس عليه المنطق والحساب‬
‫والفلك‪ ،‬ودرس عنه التفسير والحديث والفقه وأصول التشريع وعلم الكلم‪ ،‬وفي العربية‪ :‬النحو والصرف والبلغة‬
‫كما درس التاريخ السلمي وتاريخ العالم كله(‪)7‬‬

‫وكان أساتذة الشيخ إبراهيم اطفيش قد رحل إلى المشرق لطلب العلم بعد ان تخرج في "آت يسجن" على تلميذ‬
‫الشيخ عبد العزيز الثميني(‪1130‬هـ‪1718/‬م – ‪1223‬هـ‪1808 /‬م)‪ .‬وفي المشرق أقام في عُمان مدة بتخصص في‬
‫الشريعة واللغة العربية على علمائها ثم رحل إلى مصر وأقام فيها أرع سنين لطلب العلم في الزهر(‪ ، )8‬ولما عاد‬
‫إلى وطنه الجزائر انتصب للوعظ والتدريس في "آت يسجن" إلى أن توفي حوالي ‪1310‬هـ‪ ،‬وترك تلميذ كثيرين‬
‫منهم الشيخ محمد اطفيش‪.‬‬

‫ومما يروى عن ذكاء الشيخ اطفيش وشدة نبوغه أنه ل يكاد يبدأ الكتاب في فن جديد‪...‬حتى يختم الكتاب بنفسه دون‬
‫حضرة شيخه‪ ،‬وكان يقول الساتذة‪" :‬حسبي من دروسك‪ ،‬إن شئت قررت البواب كلها وشرحت لك ما فيها"(‪)9‬‬

‫ولما اشتد عوده واستساغ حلوة العلم شمر عن ساعديه واعتمد على نفسه في طلب العلم فأقبل على الكتاب يلتهم‬
‫المعرفة من بطونها "وكان ل يسمع بخزانة حافلة إل ويتخذ كل الوسائل للطلع عليها فيستعير نفائسها ليدرسها‬
‫وإذا تعذرت الستعارة بذل أكبر الجور لمن ينسخها له من أهل البلدة"(‪ )10‬ومن حسن حظه أن دعاه نجل الشيخ‬
‫عبد العزيز الثميني ليقدم له خزانة والده قائل له‪" :‬هذه كتب والدي ومؤلفاته تحت تصرفك فخذ منها ما شئت وفي‬
‫أي وقت شئت"(‪.)11‬‬

‫وهكذا وجد الشيخ نفسه أما عدد من خزائن الكتب(‪ )12‬فلم تتق نفسه إلى الرحيل إلى خارج الوطن طلبا للعلم‪،‬‬
‫واكتفى بما لديه وما حوله وما يأتيه من مصادر العلم والمعرفة‪ ،‬وما كاد يصل الخامسة عشرة من عمره حتى جلس‬
‫للتدريس مع أخيه وشيخه في المدرسة‪ ،‬ولما بلغ العشرين كان أكبر عالم في وادي ميزاب ففتح دارا للتعليم‪ ،‬وعكف‬
‫على التأليف وشمر للصلح الجتماعي والسير بالنهضة الحديثة(‪.)13‬‬

‫وليس هذا بالمر الهين على مفكر أعزل نشأ في وطن عظمت فيه المحن وانعدمت وسائل الراحة وقلت مذكيات‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫المواهب ‪ ،‬بل عاش في وسط كثير الفتن اشتدت فيه وطأة الضطهاد للعلماء العاملين وقويت فيه شوكة الذين‬
‫يستنكفون عن قبول الحق والمتثال للواجب(‪ )14‬فليس قليل ما لقاه من اضطهاد حتى أخرج من بلدته‪ ،‬لكن عزيمته‬
‫ل تزيد إل صلبة فما يزال يذوب عن الدين بالنصح والرشاد والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وتنقيح العلوم‬
‫بالتدريس والتأليف إلى أن انتقل الى عالم الرواح عند تنفس الفجر ليوم السبت ‪ 23‬ربيع الثاني ‪1332‬هـ‪1914/‬م(‬
‫‪ )15‬عن عمر يناهز ‪ 96‬عاما في خدمة العلم والسلم‪.‬‬

‫=======================‬
‫‪ ) 1‬وتسمى "بني يزقن" تقع في ولية غرداية‪ ،‬تأسست عام ‪1321‬م‪ ،‬من اندماج خمسة قرى قديمة على مقربة من المدينة الحالية‬
‫وهي‪ :‬تيريشين‪ ،‬موركي‪ ،‬اجنوناي‪ ،‬تلفللت‪ ،‬بوكياو‪ ،‬حسبما جاء في رسالة ش‪.‬اطفيش‪.‬‬
‫‪ ) 2‬قرى وادي ميزاب هي‪ :‬تاجنينت‪ ،‬بنوره‪ ،‬ملكية‪ ،‬غرداية‪ ،‬آت يسجن‪ ،‬القرارة‪ ،‬بريان‪.‬‬
‫‪ ) 3‬يذكر الشيخ أبو إسحاق ان نسب ش‪.‬اطفيش ينتهي الى أبي حفص عمر بن الخطاب‪ ،‬انظر ترجمة القطب في مقدمة الذهب الخالص‪،‬‬
‫أما أ‪.‬محمد علي دبوز فينهي نسب القطب الى عمر بن حفص الهنتاتي وإليه تنتسب العائلة الحفصية المالكة في تونس بعد الموحدين‪ ،‬وهو‬
‫من قبيلة مصمودة البربرية انظر نهضة الجزائر جـ ‪ ،1‬ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 4‬راجع‪ :‬أبي اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬الدعاية الى سبيل المؤمنين‪ ،‬ص ‪ ،107‬وكذلك محمد على دبوز نهضة الجزائر‪ ،‬الحديثة‪ ،‬جـ ‪،1‬‬
‫ص ‪ ،290‬وكذلك الذهب الخالص‪.‬‬
‫‪ ) 5‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 6‬المرجع السابق‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 7‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.301‬‬
‫‪ ) 8‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪ ) 9‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ ) 10‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.304‬‬
‫‪ ) 11‬تعتبر خزانة الثميني أول الخزائن التي حصل القطب عليها ودرسها فكونته لذلك نجده ينوه بالشيخ عبد العزيز الثميني ويثني عليه‬
‫ويذكر فضله عليه ويراه أكبر أساتذته من ناجيتين‪ ،‬أولهما دراسته على تلميذ الثميني وثانيهما دراسته لتأليفه انظر محمد علي دبوز‬
‫نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.285‬‬
‫‪ ) 12‬من خزائن الكتب التي حظي بها القطب خزانة زوجته التي ورثتها عن أبيها وكان عالما خاطبت هذه الزوجة تلميذ القطب من وراء‬
‫ستار وفي ليلة زفافها قائلة(اشهدوا أنني قد وهبت خزانة الكتب وهذه الدار للقطب فهما ملك له) انظر محمد علي دبوز نهضة الجزائر ‪،‬جـ‬
‫‪ ،1‬ص ‪.305‬‬
‫‪ ) 13‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.302‬‬
‫‪ ) 14‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬ص أ من مقدمته لكتاب الذهب الخالص للشيخ محمد أطفيش‪.‬‬
‫‪ ) 15‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬الدعاية الى سبيل المؤمنين‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬أولً حياته‪:‬‬

‫ب –شخصيته‬

‫تحدث العديد من الكتاب والعلماء حول شخصية القطب‪ ،‬وأطالوا في ذكر مناقبه ونشاطه الفكري والجتماعي‪ ،‬وأغلب‬
‫المتحدثين عنه من المشرق ومن سلطنة عمان خاصة‪ ،‬ولعل المشارقة كانوا أكثر اهتماما بالقطب من أبناء طينته في‬
‫المغرب سواء في عصره أو في أيامنا‪ .‬فلم يألوا جهدا في جمع تراثه وطبعه ونشره‪ ،‬وهذا مما يدل على علو مكانته‬
‫بين علماء المشرق "فقد ذاع صيته حتى صار مرجع المسلمين في جميع القطار في مشكلتهم"(‪ )16‬مما يقول فيه‬
‫شاعر(‪:)17‬‬

‫وفي موضع آخر يقول‪:‬‬

‫لم يكن القطب عظيما بين العلماء فحسب بل كان ذا منزلة سامية لدى الملوك‪ ،‬وخاصة السلطان عبد الحميد الثاني (‬
‫‪1824‬م‪1918-‬م)(‪ )19‬وسلطين عمان(‪ )20‬وزنجبار(‪ )21‬ومنهم من أهدى له الوسمة إكراما له "واعترافا‬
‫بمنزلته السامية في العلم والدين"(‪.)22‬‬

‫كان شديد المقاومة للبدع‪ ،‬آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر‪ ،‬شديد الغيرة على الدين ل يخاف في ال لومة لئم(‪)23‬‬
‫ول يهاب جبارا ول يعظم لديه خطر ذا هيبة ووقار‪ ،‬قوي الرادة حصيف الرأي(‪ )24‬حريص على وحدة المسلمين‬
‫كثير الدعاء بالنصر للمة السلمية‪ .‬يرى من الواجب أن يكون السلم في عز وأهله في منعة‪ ،‬ويرى أم كل ما لم يلم‬
‫بشعب اسلمي كائنا من كان من الرهاق فهو نكبة أصابت المة(‪ )25‬ولذلك يعتبر خدمة السلم والمسلمين من أكبر‬
‫الواجبات التي يجب أن يتحملها ومن هنا كانت أفكاره تتسم بالموضوعية (ل يتعصب لمذهب اسلمي فيحصر فيه‬
‫نفسه‪ ،‬فهو كثير الدراسة لكتب المذاهب السلمية كلها(‪ )...‬وفي تآليفه يعرض بأمانة أقوال المذاهب فيناقشها في‬
‫نزاهة ويقارن بينها)(‪.)26‬‬

‫ونجده في الوقت ذاته يعتد بمذهبه أيمانا منه بصحة آرائه فيقول‪" :‬نحن أهل الحق تحقيقا ل تقريبا فقط(‪ )27‬ولسنا‬
‫نستكمل بغيرنا(‪ )...‬وان كلم الدرعي وابن حزم (‪1063-994‬م) وابن خلدون(‪808 -732‬هـ ‪1406-1332/‬م)‬
‫وابن حجر (ت ‪852‬هـ‪1449/‬م) كلم خير فينا ل كلم سوء)(‪ ،)28‬وهو يقصد بهذا إظهار مذهبه على حقيقته وإزالة‬
‫الحواجز بين الفرق لنها تعود إلى أصل واحد هي كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ويظهر ايمانه بوحدة‬
‫المسلمين وإخلصه للدين في قوله‪:‬‬

‫كما يظهر إيمانه الصادق بالعمل والجهاد وغيرك من أجل توحيد كلمة المسلمين وجمع ما تفرق من المة في قوله‪:‬‬

‫وسعيا لتحقيق هذا الشعار كرس الشيخ أطفيش حياته لنشر العلم وخدمة الدين‪ ،‬فأخذ منه ذلك كله وقته حتى حرم‬
‫نفسه من الراحة فكان يقضي معظم ليله يؤلف ل يعرف النوم(‪ )31‬إل قليل‪ ،‬يغتنم أقصى ما يمكن من وقته فكان‬
‫يؤلف في السفينة(‪ )32‬أثناء رحلته إلى الحجاز‪" ،‬وكان يكتب أو يقرأ وهو على دابته مسافرا إلى البادية"(‪.)33‬‬

‫وحرصا على حسن استغلله نظم حياته اليومية تنظيما دقيقا‪ ،‬فبلغ معدل ساعات العمل أكثر من ‪16‬ساعة(‪)34‬‬
‫موزعة كالتي‪:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫من صلة الفجر إلى طلوع الشمس‪ :‬درس للعامة في المسجد‪.‬‬

‫فترة قصيرة بعد طلوع الشمس‪ :‬يلم بدار إحدى زوجاته لفطور خفيف‪.‬‬

‫بين الفطور والزوال‪ :‬دروس منتظمة للتلميذ في حلقات وإذا لم تكن يجلس للتلوة إلى العصر‪.‬‬

‫فترة قصيرة بعد العصر‪ :‬يلم بندوة العزابة يعرضون عليه أهم مشاكل للدلء برأيه فيها‪.‬‬

‫بين العصر والمغرب‪ :‬يستقبل الناس في مكتبه للجابة على أسئلتهم وإصدار الفتاوى‪.‬‬

‫بين المغرب والعشاء‪ :‬يراجع ويستحضر ما يحتاج إليه للتأليف‪.‬‬

‫بين العشاء والهزيع الخير من الليل‪ :‬يتفرغ للتأليف(‪.)35‬‬

‫ذلك هو النظام اليومي لنشاط القطب خلل أيام السبوع لما بلغ درجة الجتهاد أما يوم الجمعة فقد يخصصه‬
‫للستراحة أحيانا فيذهب في الصباح إلى بستانه‪.‬‬

‫=======================‬
‫‪ ) 16‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ ) 17‬الشاعر الشيخ محمد بن شيخان العماني‪ ،‬أكبر شعراء بني قحطان‪.‬‬
‫‪ ) 18‬مقدمة الذهب الخالص‪ ،‬ص‪ .‬جـ‪ ،‬ط‪.‬‬
‫‪ ) 19‬سلطان عثماني( ‪1909 -1876‬م) تربطه بالقطب مراسلت عديدة‪.‬‬
‫‪ ) 20‬سلطنة مستقلة في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية مساحتها ‪121 .370‬كلم ‪ 2‬وعدد سكانها أكثر من مليوني نسمة‪،‬‬
‫عاصمتها مسقط‪ ،‬وأهم مدنها مطرح وصور‪ .‬ونخل ونزوى وصحار وظفار احتلها البرتغاليون سنة ‪1508‬م فأجلوهم اليعاربة‪ .‬اقتصادها‬
‫قائم على الزراعة والصيد والبترول‪.‬‬
‫‪ ) 21‬زنجبار() جزيرة في المحيط الهندي مقابلة لتنغانيكا تؤلف مع جزيرة بمبا وتنغانيكا دولة تنزانيا عاصمتها دار السلم‪.‬‬
‫‪ ) 22‬إبراهيم اطفيش الدعاية الى سبيل المؤمنين ‪،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ ) 23‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪) 24‬إبراهيم اطفيش‪ ،‬مقدمة الذهب الخالص‪ ،‬للقطب ص ‪.5‬‬
‫‪ ) 25‬المصدر السابق‪ ،‬ص ج‪.‬‬
‫‪ ) 26‬محمد على دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.306‬‬
‫‪ ) 27‬ردا على القائلين‪ :‬ان الباضية أقرب المذاهب الخارجية الى السنة‪.‬‬
‫‪ ) 28‬سالم السيابي‪ ،‬إزالة الوعثاء‪ ،...‬ص ‪ 54‬نقل عن ش‪.‬اطفيش في الرد على العقبي‪.‬‬
‫‪ ) 29‬ش‪.‬اطفيش‪ ،‬الذهب الخالص‪( ،‬المقدمة)‪ ،‬ص‪ :‬هـ‬
‫‪ ) 30‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ :‬ح‪ ،‬يريد بالطول الجيل العاصم وعليه يرتقي ويهتدي به‪ ،‬أما عبارة جنحايا فغير واضحة‪ ،‬عله يقصد الجنحة‬
‫ليسمو بها‪.‬‬
‫‪ ) 31‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.309‬‬
‫‪ ) 32‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪309‬‬
‫‪ ) 33‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪308‬‬
‫‪ ) 34‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪308‬‬
‫‪ ) 35‬ملخص عن أ‪.‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.310 -309‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬أولً حياته‪:‬‬

‫جـ ‪ -‬تلميذه‬

‫تلمذ على يد القطب نخبة طيبة من المشائخ جاؤوا من كل قرى الوادي طلبا للعلم والمعرفة‪ ،‬فوجدوا إقبال وحفاوة كما‬
‫وجدوا علما وأدبا‪ ،‬وفي جو من الجد والنضباط والحرص على التحصيل تخرجوا فمنهم من واصل السير في طلب‬
‫العلم ونال ‪ ،‬ومنهم من تفرغ للعمل الجتماعي وخدمة الصالح العام ومنهم من شمر للعمل في الميدان القتصادي في‬
‫الزراعة والتجارة والكل تجمعهم النية الصادقة والعزم الخالص لخدمة الدين وقيادة النهضة الصلحية حيثما حلوا‬
‫وارتحلوا‪.‬‬

‫وتجدر الشارة إلى أن الثار الحميدة للتربية والتكوين في معهد القطب قد ظهرت في كل من الجزائر وتونس وليبيا‪،‬‬
‫عن طريق تلميذ القطب وتلميذهم‪.‬‬

‫ومن تلميذ القطب نذكر‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬ش‪.‬ح‪.‬عمر بكلي‪ ،‬وش‪.‬ح‪.‬داود بن سعيد ابن يوسف من العطف(‪)36‬‬
‫وش‪.‬ح‪.‬صالح عمر‪ ،‬وش‪.‬محمد بن سليمان ابن أدريسو من بني يسجن‪ ،‬وش‪.‬الحاج الناصر بن إبراهيم الداغور‪،‬‬
‫وش‪.‬اعمارة بن صالح موسى المال من بريان(‪ ،)37‬وش‪ .‬بابكر بن الحاج مسعود‪ ،‬وش‪.‬ح‪.‬يوسف حدبون من‬
‫غارداية(‪ ،)38‬وش‪.‬ح‪.‬إبراهيم البركي‪ ،‬وش‪.‬ح‪.‬عمر بن يحي‪ ،‬وش‪.‬ح‪.‬محمد القاضي من القرارة(‪ ،)39‬وش‪.‬سليمان‬
‫باشا الباروني وأخوه ش‪.‬يحيى من ليبيا(‪.)40‬‬

‫ومن تلميذ القطب الذين ساهموا في بعث النهضة الصلحية خارج الجزائر نذكر ابن أخيه ش‪.‬إبراهيم بن يوسف‬
‫أطفيش (أبو إسحاق) في القاهرة(‪ ،)41‬وش‪.‬إبراهيم ابن عيسى أبو اليقظان‪ ،‬وش‪ .‬محمد بن ح‪.‬صالح الثميني‪،‬‬
‫وش‪.‬صالح بن يحيى بن ح‪.‬سليمان(‪ )42‬في تونس‪.‬‬

‫د‪ -‬موقفه من الستعمار الفرنسي‪:‬‬

‫المة الجزائرية أمة مسلمة والوربيون أمة مشركة كافرة‪ .‬واستعمار الفرنسيين الجزائر يعني قهر المسلمين‬
‫ومحاربة السلم‪ .‬من هذا المنطق يرفض ش‪.‬أطفيش تواجد الكفار على أرض السلم وبالتالي يمقت ظاهرة‬
‫الستعمار في أي شكل من أشكاله‪ ،‬ويعز عليه أن يهضم شعب إسلمي وسلب حريته أو يناله أدنى ضيم(‪ )43‬ولذلك‬
‫قارع المستعمر بكل ما أوتي من حيلة حتى أنه دخل في حرب ديبلوماسية مع الفرنسيين حين ساروا لح تلل منطقة‬
‫ميزاب سنة ‪1882‬م ‪.‬فقام القطب وأنصاره يعارضون الحتلل واحتج القطب لدى قائد الحملة بكل جرأة وأنكر عليه‬
‫نقض المعاهدة(‪ )44‬وأفهمه ان ميزاب في غنى عنه وعن خدمات دولته وأنهم ل يرضون بالحتلل وأسمعه كلما‬
‫قاسيا(‪ )...‬فخاف القائد أن يثير عليه ميزاب والصحراء فاعتقله(‪ )....‬حتى احتل غرداية وشحنها بالجند وأمن على‬
‫نفسه من الثورة فأطلق سراحه(‪ )45‬لكن القطب لم يهدأ ولم يستسلم للواقع فراح يحرك الشعب‪ ،‬ويستنهض الهمم‬
‫ويثير الرأي العام كلما سنحت لـه الفرصة لذلك‪ .‬وكان يغرس في تلميذه كره الفرنسيين واحتقار المستعمرين‬
‫المتجبرين‪.‬‬

‫ومن الطريف أنه "كان يلصق الطوابع البريدية التي تحمل صور المستعمرين مقلوبة"(‪ )46‬استهزاء ونكاية بهم‪،‬‬
‫ومن نوادر اعتداده بدينه ووطنه أنه زاره بعض القسس وكبار الولة من الجانب فوقفوا معه في مستوى واحد من‬
‫الرض لكنه أبى ذلك فارتفع إلى درجة ولما استفسر أحدهم‪ ،‬قال‪":‬السلم يعلو ول يعلى عليه"(‪ )47‬ولما حاول‬
‫المستعمر هدم الجامع الكبير بالعاصمة كتب قطب رسالة احتجاج إلى الوالي العام يحذره فيها من القتراب إلى بيوت‬
‫ال وتوعده بالنتقام ل تعالى‪.‬‬

‫ومن رسائله الحتجاجية لرسالته إلى الحكومة الفرنسية ذكر فيها ظلم الولة لبناء الشعب‪" ،‬ومنعهم من الحج‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫والسفر إلى الخارج"(‪ )48‬وفي رسالة أخرى بعثها إلى "بوان كاري" بمناسبة اغتيال أحد الوزراء الفرنسيين في‬
‫باريس جاء فيها‪ -‬بأسلوب تهكمي‪" -‬لقد تمادى بكم ظلم المسلمين فكان ال يراقبكم حتى أصبح وزراؤكم يقتلون في‬
‫الطرقات كالكلب‪ )49("...‬فلما اشتد غضب الفرنسيين من تصرفات القطب الجرئية قرروا إيقافه عند حده‪" ،‬فحاولوا‬
‫أن يستقدموه إلى فرنسا للمحاكمة‪ ،‬لكنهم عدلوا عن ذلك حين قال أحدهم‪" :‬من العار على فرنسا أن تستدعي رجل‬
‫أما أن يحاججها فتكون أضحوكة أمام الدول‪ ،‬وأما أن تحاججه وهو أعزل ليس له إل علمه‪ ،‬فخير لكم أن تتركوا‬
‫الرجل فتتناسوه"(‪)50‬‬

‫هكذا كان الشيخ أطفيش يحارب الستعمار بقوة الحجة والكلمة المؤثرة ‪ ،‬يتألم لما يرى من العسف والحيف وقهر‬
‫المسلمين بالقطر الجزائري وكامل المة السلمية‪ ،‬شديد الحرص على إقامة شعائر الدين والمحافظة على مقومات‬
‫المة السلمية التي هي الوحدة والحرية‪ ،‬وإحياء اللغة العربية‪.‬‬

‫=============‬

‫‪ ) 36‬أنشئت مدينة العطف واسمها (تاجنينت‪ ،‬سنة ‪402‬هـ‪1012 /‬م)‬


‫‪ ) 37‬تأسست مدينة بريان عام ‪1679‬م وتبعد ب ‪ 45‬كلم عن غرداية‪ ،‬مقر الولية‪.‬‬
‫‪ ) 38‬أنشئت غرداية سنة ‪477‬هـ‪ /‬ق ‪11‬م‪ ،‬وتبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي ‪600‬كلم جنوبا‪.‬‬
‫‪ ) 39‬أنشئت القرارة سنة ‪1630‬م‪ ،‬تبعد عن غرداية مقر الولية بحوالي ‪118‬كلم‪.‬‬
‫‪ ) 40‬توفي سليمان الباروني في بمباي بالهند‪ ،‬يوم ‪ 23‬ربيع الول ‪1359‬هـ‪ ،‬الموافق لفاتح ماي ‪1940‬م‪ ،‬انظر تاريخ حياته في كتاب‬
‫سليمان الباروني باشا في أطوار حياته‪ ،‬لبي اليقظان الحاج إبراهيم ‪ ،‬مط العربية‬
‫‪ ) 41‬ولد أبو اسحاق إبراهيم اطفيش في بني يسجن‪ ،‬سنة ‪1887‬م‪ ،‬ودرس على قطب الئمة نفاه الستعمار الفرنسي الى تونس لوطنيته‬
‫ثم نفاه ثانية الى مصر وفي القاهرة أصدر مجلة المنهاج سنة ‪1925‬م لمناهضة الستعمار الفرنسي وبقي في دار الهجرة حيث كان يعمل‬
‫مصححا بدار الكتب المصرية الى ان توافاه ال بها سنة ‪1965‬م(د‪.‬محمد ناصر‪ ،‬أبو اليقظان وجهاد الكلمة‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪1980‬م‪،‬‬
‫ص ‪ 16‬انظر محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.38‬‬
‫‪ ) 42‬توفي في تونس عام ‪1367‬هـ‪ ،‬الموافق ‪1948 .1 .5‬م‪ ،‬راجع تاريخ حياته في نهضة الجزائر الحديثة محمد علي دبوز‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص‬
‫‪.‬ص ‪.40 -38‬‬
‫‪ ) 43‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش في مقدمته للذهب الخالص‪ ،‬ص‪ :‬ج‪.‬‬
‫‪ ) 44‬تنص المعاهدة على ان يبقى الميزابيون أحرارا ل تتدخل فرنسا في جميع شؤونهم‬
‫‪ ) 45‬محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.331‬‬
‫‪ ) 46‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪ ) 47‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش في مقدمته لكتاب الذهب الخالص‪ ،‬ص‪:‬ج‪.‬‬
‫‪ ) 48‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪330‬‬
‫‪ ) 49‬إبراهيم عبد العزيز(معاصر) نبذة من حياة الشيخ اطفيش‬
‫‪ ) 50‬المصدر السابق‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثانيا‪ :‬تآليفه‬

‫من مزايا الشيخ أطفيش انتاجه الغزير‪ ،‬فقد وهبه ال قلما سيال‪ ،‬وفكرا غريزا وإرادة قوية ل تعجز عن التأليف‪،‬‬
‫ولذلك تعددت تصانيفه وكثرت مؤلفاته حتى اختلف المهتمون بتراثه حول عدد مؤلفاته فقال أ‪.‬محمد علي دبوز أنها‬
‫تجاوزت المائة(‪.)51‬‬

‫وقال الشيخ أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪" :‬إحصاء تآليفه غير يسير وقد تجاوزت المئات وأما أجوبته فل تحصى(‪)52‬‬
‫أما أ‪.‬إبراهيم عبد العزيز فقال أنها تزيد عن (‪ )320‬مؤلف ومهما يكن من أمر فإن الخلف دليل الوفرة‪ .‬ولعل من‬
‫أسباب هذه الوفرة إن قلم القطب كان جوال بين مختلف فنون العلم ولذلك نجد الشيخ أطفيش يؤلف كتابين أو ثلثة أو‬
‫أكثر في ذات الوقت حول موضوعات مختلفة‪.‬‬

‫ومن أهم الفنون التي كتب فيها ما يلي‪ :‬التفسير‪ ،‬الصول‪ ،‬التوحيد‪ ،‬الحديث والسيرة‪ ،‬الفقه‪ ،‬الفرائض اللغة وآدابها‬
‫وفنونها‪ ،‬التجويد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬النحو‪ ،‬الصرف‪ ،‬العروض‪ ،‬الحساب والجبر‪ ،‬المنطق‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬الطب‪ ،‬الفلك‪ ،‬الفلحة‪.‬‬
‫وفيما يلي ذكر أهم تآليفه في الفنون المختلفة‪:‬‬

‫أ‪ -‬التفسير‪:‬‬

‫فسر القطب كتاب ال ثلث مرات‪ ،‬وهذا شاهد على تبحره في علوم القرآن وغزارة مادته‪ ،‬وهو تفسيره يهتم‬
‫بجانبين‪ ،‬الناحية اللفظية واللغوية والناحية العلمية والفقهية(‪ ،)53‬ومن الملحظ أن طريقته في التفسير تغايرت "بين‬
‫ما ألفه من التفاسير في العشرينات من عمره في غضاضة شبابه وبين ما ألفه في عقود نضجه بعد العقد الخامس(‬
‫‪ ")54‬وترتيب تفاسيره كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬هميان الزاد ليوم المعاد‪ ،‬فسر فيه القرآن كله في ستة أجزاء(‪" )55‬ويقع في ‪ 14‬مجلدا يناهز الواحد منها ‪600‬‬
‫صحيفة أو تزيد"(‪ )56‬طبع في زنجبار حوالي سنة ‪1350‬هـ وأعيد طبعه مؤخرا في سلطنة عمان‪.‬‬

‫‪ -2‬تيسير التفسير‪ ،‬وهو أحسن تفاسيره يقع في سبعة أجزاء‪ ،‬طبع في الجزائر سنة ‪1326‬هـ‪.‬‬

‫‪ -3‬داعي العمل ليوم المل‪ ،‬من سورة الرحمن إلى سورة الناس‪ ،‬يقع في أربعة أجزاء‪ ،‬ويبدوا أنه آخر تفاسير‬
‫القطب‪ ،‬فقد وافته المنية قبل إتمامه(‪ )57‬لكن أ‪.‬بيار كوبيرلي( ‪ ) Pierre Cuperly‬يرجح أن يكون القطب قد‬
‫وضع هذا التفسير بين هميان والزاد وتيسير التفسير ويعتقد أن نسخته الكاملة موجودة في مكتبة مسقط بسلطنة‬
‫عمان(‪.)58‬‬

‫ومن تآليفه القطب في موضوع القرآن رسالته المسماة "جامع حرف ورش" ‪56‬صفحة مطبوعة في الجزائر في سنة‬
‫‪1325‬هـ‪.‬‬

‫ب –الحديث والسيرة‪:‬‬

‫‪ -‬ترتيب الترتيب‪ ،‬ج ‪،1‬ص ‪ ،289‬الجزائر ‪1326‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬وفاء الضمانة بأداء المانة‪ ،‬ج ‪ ،3‬البارونية‪ ،‬القاهرة‪1326 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬جامع الشمل في حديث خاتم الرسل‪،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،436‬طبع حجري البارونية ‪1304‬هـ‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -‬السيرة الجامعة من المعجزات اللمعة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،252‬القاهرة ‪1344‬هـ‪.‬‬

‫جـ‪ -‬أصول الفقه‪:‬‬

‫‪ -‬شرح مختصر العدل والنصاف لبي يعقوب الوارجلني (مخ)‪.‬‬

‫د‪ -‬الفقه‪:‬‬

‫‪ -‬شرح كتاب الدعائم (للمبتدئين) جزآن الجزائر ‪1336‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬شرح رسالة الوضع‪ ،‬لبي زكريا(مخطوط)‪.‬‬

‫‪ -‬جامع الوضع والحاشية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،388‬البارونية‪ ،‬القاهرة ‪ 1306‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬ترتيب المدونة الكبرى للخراساني‪( ،‬مخطوط)‪.‬‬

‫‪ -‬شامل الصل والفرع‪ ،‬في الطهارات والصلة‪ ،‬ألفه لما بلغ درجة الجتهاد في جزأين ‪،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،387‬ج ‪ ،2‬ص‬
‫‪ ،264‬مط السلفية‪ ،‬القاهرة ‪1348‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬شرح النيل وشفاء العليل‪ ،‬للشيخ العزيز وهو عبارة عن دائرة معارف في الفقه الباضي‪ ،‬طبعة جديدة‪24،‬جزاءا‪/‬‬
‫‪17‬مجلدا‪ ،‬دار الفتح‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬مختصر شرح النيل‪ ،‬في موضوع الحقوق والبيوع‪( ،‬مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬تفقيه الغامر بترتيب لفظ موسى بن عامر‪ ،‬الجزائر ‪1319‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬حي على الفلح‪ ،‬تفسير باب الصلة من كتاب اليضاح للشماخي(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص‪ ،‬حققه وعلق عليه أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،340‬مط السلفية‪،‬‬
‫القاهرة ‪1343‬هـ‪.‬‬

‫هـ‪ -‬التوحيد وعلم الكلم والفلسفة‪:‬‬

‫‪ -‬شرح عقيدة التوحيد لبي حفص عمر بن جميع‪،‬ص ‪ ،458‬الجزائر ‪1328‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬حاشية الموجز لبي عمار عبد الكافي الباضي (مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬حاشية شرح النونية‪ ،‬لعبد العزيز الثميني(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح عقيدة تبغورين‪( ،‬مخ)‪.‬‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -‬شرح معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين لعبد العزيز الثميني (مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬الحجة في بيان المحجة في التوحيد بل تقييد‪.‬‬

‫‪ -‬الجنة في وصف الجنة‪ ،‬ص ‪ ،206‬القاهرة ‪ 1321‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬إيضاح المنطق في بلد المشرق (مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬إزهاق الباطل في العلم الهاطل‪،‬ص ‪ ،201‬الجزائر‪.‬‬

‫و‪ -‬التاريخ والسير‪:‬‬

‫‪ -‬كف الغمة في شرح لمية ابن النظر (مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬مسائل السير‪( ،‬مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬المكان في ما جاز أن يكون أو كان‪،‬ص ‪ ،129‬الجزائر ‪1304‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬الرسالة الشافية في بعض تواريخ أهل ميزاب (مطبوع)‬

‫‪ -‬شرح نونية المديح‪( ،‬مخطوط)‬

‫==============‬

‫‪ ) 51‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.318‬‬


‫‪.) 52‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬مقدمة الذهب الخالص‪ ،‬ص‪ :‬هـ‪.‬‬
‫‪ ) 53‬محمد ابن الشيخ‪ ،‬القرآن والسنة عند الباضية‪ ،‬ص ‪40‬‬
‫‪ ) 54‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ ) 55‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.315‬‬
‫‪ ) 56‬محمد ابن الشيخ‪ ،‬القرآن‪...‬والسنة عند الباضية‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ ) 57‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.315‬‬
‫‪ ) 58‬أثناء لقاء مع الستاذ كبيرلي‪ ،‬الجزائر يوم ‪1986 .1 .12‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬تآليفه‬

‫ز‪ -‬اللغة والداب والخلق‪:‬‬

‫‪ -‬شرح شواهد القزويني(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح مخمسة في الخلق(مخ)‬

‫‪ -‬حاشية في المحو(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬أجور الشهور(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح أبي داود(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬إطالة الجور وإزالة الفجور(مط)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح شواهد قواعد العراب(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬خطبة العيدين(مط)‬

‫‪ -‬حاشية شرح الجورمية للداودي‪.‬‬

‫‪ -‬البائية في الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -‬بيان البيان(مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬الغسول في أسماء الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب الرسم في تعليم الخط (مط)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح القصيدة الحاثية (مط)‪.‬‬

‫‪ -‬مختصر ثان في علم الخط (مط)‪.‬‬

‫‪ -‬رسائل الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم (مخ)‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة قصائد (مطبوعة)‬

‫‪ -‬شرح السماء الحسنى (مط)‪.‬‬

‫ط‪ -‬جوابات وردود ومؤلفات مختلفة المواضيع‪:‬‬

‫‪ -‬إزالة العتراض عن محقي آل اباض(مط)‪.‬‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -‬القنوان الدانية في مسألة الديوان‪.‬‬

‫‪ -‬الرد على العقبي الطاعن في الدين‬

‫‪ -‬أساس الطاعات لجميع العبادات‪.‬‬

‫‪ -‬الرد على الصفرية والزارقة‪.‬‬

‫‪ -‬مختصر كتاب العمارات‪.‬‬

‫‪ -‬شرح كتاب الزكاة‪.‬‬

‫‪ -‬جواب في ملل أهل الكتاب وأهل الشرك‪.‬‬

‫‪ -‬تقريرات على كتاب المعلقات‪.‬‬

‫‪ -‬جواب لعامر بن مسعود‬

‫‪ -‬شرح شواهد الوضع‬

‫‪ -‬جواب لمحمد بن عبدال‪.‬‬

‫‪ -‬شرح لغز الماء‪.‬‬

‫‪ -‬جواب لحمد بن عليوة‪.‬‬

‫‪ -‬تحفة الحب في أصل الطب‪.‬‬

‫‪ -‬جواب في الوراق المالية‪.‬‬

‫‪ -‬شرح القلصادي (في الفلك)‪.‬‬

‫‪ -‬جواب في المعاملة‪.‬‬

‫‪ -‬النحلة في غرس النخلة (مط)‪.‬‬

‫‪ -‬جواب لهل زوارة‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب المعلقات (طبع حجري)‪.‬‬

‫‪ -‬جواب لعلماء مكة (مطبوع)‪.‬‬

‫‪ -‬مسلك الفلك(يبدو أن الكتاب ليس من تأليف القطب لعدم وجود ما يثبت ذلك)‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -‬رسالة في حكم الدخان والضغوط‪.‬‬

‫ك‪ -‬أشعاره‪:‬‬

‫لم يكن الشيخ اطفيش شاعرا نابغا‪ ،‬لكن اهتمامه بالدب وتذوقه للشعر العربي‪ ،‬يبعث في نفسه ميل إلى نظم الشعر‬
‫أحيانا‪ ،‬فكتب قصائد عديدة ولعل أول ما كتب من الشعر (أرجوزته في نظم المغني في خمسة آلف بيت)(‪ .)59‬أما‬
‫الموضوعات التي تناولها في شعره فكثيرة منها‪" :‬المواعظ‪ ،‬مدح الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الدعاية إلى العلم‬
‫والنهضة الحديثة(‪ )60‬وفي فنون الفقه والقراءات(‪ )...‬والنصائح والحكم"(‪.)61‬‬

‫من نماذج شعره البديعة في مدح الرسول صلى ال عليه وسلم قصيدة تبلغ ‪ 180‬بيتا‪ ،‬مطلعها(‪:)62‬‬

‫وله قصيدة بائية في ‪ 117‬بيتا‪ ،‬في النصائح والحكم منها هذه البيات(‪:)63‬‬

‫ل‪ -‬مراسلته‪:‬‬

‫للقطب رسائل عديدة ومتنوعة فمنها رسائله النتقادية يرد فيها على الطاعنين في الدين‪ ،‬ومنها رسائل الفتاء‪،‬‬
‫ورسائل الحتجاج إلى الحكام‪ ،‬أما رسائل الخوانيات فقليلة ان لم تكن معدومة‪ ،‬وأهم مراسلته تلك التي بعثها إلى‬
‫العلماء في عصره‪ ،‬ومنهم المام محمد عبده‪ ،‬وش‪.‬سالم بوحاجب في الزيتونة وش‪.‬دحلن مفتي مكة‪ ،‬والهادي باي(‬
‫‪ )64‬وسلطين عمان وزنجبار وتركيا‪.‬‬

‫=============‬

‫‪ ) 59‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬مقدمة الذهب الخالص‪ ،‬ص‪ :‬هـ يقول ان القصيدة مفقودة‪.‬‬
‫‪ ) 60‬محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.355‬‬
‫‪ ) 61‬أبو إسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬مقدمة الذهب الخالص‪ ،‬ص‪ :‬ز‬
‫‪ ) 62‬المصدر السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ) 63‬محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.355‬‬
‫‪ ) 64‬إبراهيم عبد العزيز‪ ،‬نبذة من حياة القطب‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬فكره‬

‫يتضح لنا جليا ونحن نطلع على آثار القطب أنه كان شمولي التفكير واسع الطلع‪ ،‬ملما بمختلف فنون العلوم‪ ،‬غير‬
‫أنه يركز بشكل واضح على علوم الشريعة وما يخدم الشريعة من لغة وفنون على ما سواها من أنواع العلوم‪ .‬وبناء‬
‫على ذلك يمكن لنا أن نصنف الشيخ أطفيش ضمن الفقهاء وعلماء الشريعة والصوليين‪ ،‬وفقهاء اللغة‪ ،‬والمفسرين‬
‫لكتاب ال ويكون حينئذ صاحب فضل في هذه العلوم‪ ،‬متبوئا مكانة الصدارة بين المشتغلين بهذه الفنون‪ ،‬أكثر مما‬
‫لوصفناه ضمن الفلسفة علماء الطبيعة‪ ،‬المشتغلين بالعلوم التجريبية‪.‬‬
‫ونظرا لذلك سيكون الحديث حول فكره في هذا المبحث محدودا لننا ل نتعرض إلى الجانب الشرعي والفقهي من‬
‫مجموع فكره‪ ،‬كما ل نتعرض إلى تحليل آرائه السياسية لنها متضمنة في البواب اللحقة(‪ )65‬أما آراؤه الكلمية‬
‫فهي في مجموعها متطابقة مع الراء الباضية جملة وتفصيل‪ ،‬حتى أننا ل نكاد نلمس اختلفا في المسائل العقيدية‬
‫بينه وبين أسلفه أو بينه وبين لحقيه من علماء الباضية إل نادرا‪ .‬ولذلك ل تخرج آراؤه الكلمية والسياسية عن‬
‫الحالت الثلث التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إما أن تكون تلخيصا وإيجازا لراء أهل المذهب‪.‬‬

‫‪ -‬وإما أن تكون تحليل وتفصيل لها لغرض التوضيح‪.‬‬

‫‪ -‬وإما أن تكون ردا على أهل الخلف ودفاعا عن مقالت المذهب‪.‬‬

‫‪ -‬ومن خلل هذه الحالت يتضح تمكن القطب في مسائل العقيدة كما تظهر مكانته العلمية أثناء طرح المشاكل‬
‫ومعالجتها معتمدا على المنطق العقلي والتفكير الموضوعي‪.‬‬

‫وفيما يلي إشارات عابرة لهم المناحي الفلسفية في تفكير القطب‪:‬‬

‫أ‪ -‬المنحنى الكلمي‪:‬‬

‫لم يفرد الشيخ أطفيش كتابا من تأليفه في الفلسفة وعلم الكلم رغم اهتمامه الكبير بهذا الفن‪ .‬ويتضح لنا هذا الهتمام‬
‫من خلل قراءته لتصانيف أسلفه في هذا الموضوع‪ ،‬ثم أنه لم يكتف بالقراءة فحسب بل كان يعلق عليها ويسجل‬
‫آراءه وانطباعاته وفي كثير من الحيان كان يعمد إلى شرح مؤلف بأكمله في موضوع الفلسفة وعلم الكلم‪ ،‬وهذا ما‬
‫فعله حين وقف على عقيدة تبغورين وهو كتاب صغير في علم الكلم تحدث فيه مؤلفه ش‪.‬تبغورين بن عيسى‬
‫الملوشائي (ق‪3.‬هـ‪11/‬م) عن أصول الباضية التسعة(‪ .)66‬فإذا بالقطب يشرحه شرحا وافيا لينجز منه كتابا يفوق‬
‫حجمه ‪300‬ورقة(‪.)67‬‬

‫كما شرح عقيدة التوحيد لبي حفص عمر بن جميع (ق ‪8‬هـ) وهي متن من متون أصول الدين‪ .‬ولعل أهم إنجاز في‬
‫علم الكلم شرحه لكتاب معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين للشيخ عبد العزيز الثميني (ت ‪1223‬هـ‪1808/‬م)‬
‫حتى وان لم يكمله فقد قام بمجهود كبير في تحليله ومناقشة موضوعاته‪ ،‬وفيه تعرض إلى ذكر الفرق السلمية‬
‫والرد على مقالتها‪ ،‬كما تصدى للرد على الدهريين والفلسفة اليونانيين‪ ،‬وإلى جانب هذه الشروح وضع حواشي‬
‫عديدة في الكلم والفلسفة أهمها حاشية الموجز لبي عمار عبد الكافي‪ ،‬وحاشية شرح النونية لعبد العزيز الثميني في‬
‫أصول الدين والتوحيد‪.‬‬

‫وكان ل بد للشيخ اطفيش أن يهتم بالمنطق حين تعرض للكلم والفلسفة فوضع مؤلفا حول المنطق سماه إيضاح‬
‫المنطق في بلد المشرق‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ب ‪-‬فلسفة العلوم‪:‬‬

‫اهتم القطب بالطب فوضع مؤلفا سماه تحفة الحب في أصل الطب(‪ )68‬ضمنه وصفات طيبة مع عرض الحالت‬
‫المرضية التي تنتاب النسان والحيوان ويلحظ فيه تركيزه على الجوانب النفسية والروحية فكان يستشهد باليات‬
‫القرآنية والحدايث النبوية‪ .‬فكان أقرب إلى الوعظ والنصح ووصف الحالت المرضية منه إلى علم الطب المعتمد على‬
‫النظر العقلي في الظواهر الطبيعية وتحليلها واجراء التجارب‪ ،‬ومع ذلك فإن القطب لم يهمل هذا الجانب حيث عمد في‬
‫كثير من الحيان على التجربة مستعينا بخبرته التي أكتسبها في حياته اليومية‪.‬‬
‫أما الفلك‪ ،‬فهو الخر كان موضع اهتمام القطب‪ ،‬ولعله تأثر بالقصادي في دراسته للفلك‪ ،‬حين اطلع على كتابه‬
‫"الفلك" فشرحه القطب ول يزال مخطوطا كما ينسب إليه كتاب مسلك الفلك‪ ،‬وهو مؤلف ضخم عرض فيه ظواهر‬
‫الفلك متتبعا الكواكب في مسيرها والنجوم في حركاتها‪ .‬وكذا نشاط الشمس والقمر ودوران الرض وما نتج عنها من‬
‫تعاقب الليل والنهار‪ ،‬مدعما أقواله بأشكال توضيحية‪ ،‬ولكن نسبة الكتاب إلى القطب تبقى موضع شك إذ لم نجد في‬
‫الكتاب قرينة تثبت نسبته إليه‪ ،‬وليس بعيدا أن يكون لغيره فاهتم به ودرسه‪ ،‬علما ان الكتاب مخطوطا وكتابته رديئة(‬
‫‪.)69‬‬

‫وفي علم النبات وضع القطب كتابا سماه النحلة في غرس النخلة(‪ )70‬وفيه استعرض جميع أنواع النباتات المثمرة‬
‫مع ذكر مواسم غرسها وجني ثمارها‪ ،‬وما تستحق من عناية‪ ،‬وركز الكلم أكثر على النخلة لنها عمدة الفلحة في‬
‫محيطه من ناحية ولمكانتها السامية وفضلها على سائر النباتات من ناحية أخرى‪ .‬فهي أول شجرة استقرت على‬
‫الرض وهي شجرة مباركة(‪ ،)71‬وهي عمة النسان "لنها خلقت من فضلة طين آدم عليه السلم‪ ،‬ولنها تشبه‬
‫النسان من حيث استقامة قدها وطولها وامتياز ذكرها من بين الناث واختصاصها باللقاح(‪ )...‬وإن رائحة طلعها‬
‫كرائحة المني ولطلعها غلف كمشيمة الجنين‪ ،‬وانها تموت بقطع رأسها ‪ ،‬والجماز من النخلة كالمخ من النسان‬
‫ومنها ‪:‬الغنم‪...‬والعشق‪...‬ومني الحمل‪...‬وسقوط ثمارها بعد الحمل‪.)72("...‬‬

‫ومن الطريف في الموضوع أن القطب يرى علج بعض أمراضها يتم بطرق العلج النفسي‪ ،‬كالعشق وهو ميل شجرة‬
‫إلى أخرى فيخف حملها وتهزل وعلجها أن يشد بينها وبين معشوقها بحبل أو يعلق عليها سعف معشوقتها! أو تلقح‬
‫من طلعها‪ ،‬أما علج مرض منع الحمل أن يأخذ الفلح فأسا ويقول لها حضرة رجل آخر‪" :‬أنا أريد أن أقطع هذه‬
‫النخلة لنها منعت الحمل‪ ،‬وبعد المفاوضة تضرب ثلث ضربات(‪ )...‬وبقدرته تعالى يخلق لها سمعا وعقل تسمع‬
‫وتفهم وإذا سمعت وفهمت فإنها تثمر بإذن ال"(‪.)73‬‬
‫وهذا يذكرنا بنظرية التوازي عند ابن سينا‪ ،‬وهي التشابه بين النبات والحيوان في (الفعال والنفعالت المتعلقة‬
‫بالغذاء إيرادا على البدن‪ ،‬وتوزيعا وإبانة للفضل‪ ،‬وتوليدا للبرز المتولد عنه‪ )74()...‬وكذا ظهور العراض المرضية‬
‫عليها كلها يحدث لدى النسان‪.‬‬

‫=====================‬

‫‪ ) 65‬انظر آراءه السياسية متضمنة في فصول الباب الثاني من هذا البحث‪.‬‬


‫‪ ) 66‬حول أصول العقيدة عند الباضية راجع الفصل الثاني من الباب الول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ ) 67‬يبدو ان الكتاب لم يكمله القطب أو ان النسخة الموجودة في كتبته مخزونة‪.‬‬
‫‪ ) 68‬الكتاب مطبوع في الجزائر سنة ‪1304‬هـ‪ ،‬يقع في ‪ 406‬صفحة‪.‬‬
‫‪ ) 69‬الكتاب مخطوط توجد نسخة منه في مكتبة القطب بآت يسجن‪.‬‬
‫‪ ) 70‬مطبوع ضمن مجموع ستة كتب ‪،‬مط غرداية‪ ،‬د‪.‬تا‪.‬‬
‫‪ ) 71‬محمد اطفيش كتاب النحلة في غرس النخلة ضمن مجموع ستة كتب‪ ،‬ص ‪47‬‬
‫‪) 72‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ ) 73‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ ) 74‬ابن سيناء ‪،‬كتاب الشفاء‪ ،‬الطبيعيات‪ ،‬النبات‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثالثا‪ :‬فكره‬

‫جـ‪ -‬المنحنى الخلقي والجمالي‪:‬‬

‫تناول القطب الجانب الخلقي في تفكيره من وجهة نظر الشرع وما أجمع عليه المجتمع من آداب وعادات وقيم‬
‫أصبحت مألوفة في العرف العام وفي حدود التعاليم السلمية‪ ،‬ولذلك اتسمت المباحث الخلقية عند الشيخ اطفيش‬
‫بالنزعة الدينية‪ ،‬فما حلل شرعا جائز أخلقيا واجتماعيا وما هو محرم شرعا فممنوع أخلقيا واجتماعيا‪.‬‬

‫ولعل أحسن ما كتبه القطب في الخلقيات‪ ،‬شرحه للجزء الخير من النيل تحت عنوان الفعال المنجية من المهلكة‪،‬‬
‫وهذا في الواقع تلخيص لكتاب تبيين أفعال العباد لبي العباس(‪ ،)75‬تعرض فيه القطب إلى الخلق العامة الواجب‬
‫مراعاتها بين الناس في المجتمع السلمي وحدد فيه العلقات النسانية وفق الكتاب والسنة‪ ،‬وبين فيه ما يجوز للعبد‬
‫من أفعال وما ل يجوز‪ ،‬وفي الذهب الخالص الركن السابع منه للحقوق والمظالم والمحارم والداب والخلق العامة‬
‫وفي الداب عالج بعض الظواهر الجتماعية كاللباس والشرب والكل والجماع والعلقات الزوجية‪ ،‬مبينا آدابها وما‬
‫يستحسن فيها من أمور يقبلها الشرع والمجتمع‪ ،‬كما وضع معالم الخلق المؤدية بالنسان السعادة ومنها حسن‬
‫الحديث‪ ،‬ووفاء العهد واداء المانة‪ ،‬وترك الخيانة‪ ،‬وحفظ الجار‪ ،‬ورحمة اليتيم ولين الكلم وبذل السلم‪ ،‬وحفظ‬
‫الجناح وخير المور أوسطها‪ ،‬فيحسن الترفع بل كبر والتواضع بل ذل‪ ،‬ومن مفسدات الخلق‪ :‬تشبيك الصابع‪،‬‬
‫والعبث باللحية‪ ،‬وإدخال الصبع في النف‪ ،‬والتمطي‪ ،‬وطرد الذباب عن الوجه تطرفا إل للضرورة‪.‬‬

‫وإذا جلست فبسكون وتنظيم وترتيب‪ ،‬وإذا صغيت فأحسن بل تعجب‪ ،‬ول طلب العادة إل في طلب العلم(‪ )76‬وفي‬
‫الجماليات اهتم القطب بالجانب اللغوي وتعمق في علوم العربية لستخراج أسرارها فكتب في النحو العربي وقواعد‬
‫العراب وعلم الخط‪ ،‬ورسم الحروف‪ ،‬وكان مولعا بالشعر‪ ،‬وأكثر ميله للدب الندلسي لما امتاز به من فخامة المعنى‬
‫ومتانة المبنى ورقة السلوب ودفعه هذا الميل لقرض الشعر فكتب قصائد في الطبيعة وجمالها‪ ،‬وكان يدعو تلميذه‬
‫بالتغني بها في حفلتهم(‪ )77‬وكم كانت نطيب نفسه وينشرح صدره لسماع الناشيد مما يدل على سلمة الذوق‬
‫ورهافة الحس الجمالي‪.‬‬

‫كان ذلك عرضا موجزا لجوانب مختلفة من فكر الشيخ اطفيش أحسبه كافيا لطلعنا على شخصية القطب ومكانته‬
‫العلمية هذه الشخصية التي قدمت الكثير من المعارف لثراء الفكر السلمي‪ ،‬لكننا لم نأخذ مما ترك إل القليل‪،‬‬
‫وعسانا بعد هذه الطللة على معالم فكره أن نهتم بتراثه ونستثمر ما فيه من ثمار علمية‪.‬‬

‫=================‬

‫‪) 75‬أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر‪ ،‬تبيين أفعال العباد(مخ) نسخة خزانة الشيخ بالحاج بالقرارة‪.‬‬
‫‪) 76‬أنظر محمد اطفيش الذهب الخالص‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.339 -291‬‬
‫‪) 77‬محمد علي دبوز‪ ،‬نهضة الجزائر الحديثة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.355‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬الفكر السياسي عند الباضية‬

‫الباب الثاني‬
‫الفكر السياسي عند الباضية‬

‫الفصل الول‪ :‬مفهوم المامة ومشروعيتها وشروطها‪:‬‬

‫أول‪ :‬مفهوم المامة (تحديد المصطلح)‬

‫ثانيا‪ :‬مشروعية المامة ووجوبها‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬آراء الفرق السلمية‬

‫ب‪ -‬رأي الباضية‬

‫جـ‪ -‬الدلة النقلية‬

‫د‪ -‬الدلة العقلية‬

‫ثالثا‪ :‬ثبوت المامة‬

‫رابعا‪ :‬وحدة المامة وتعددها‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫خامسا‪ :‬شروط المامة‬

‫أول‪ :‬مفهوم المامة (تحديد المصطلح)‬

‫المامة والخلفة والمارة والرئاسة‪ ،‬عبارات مختلفة في اللفظ متفقة في المعنى العام(‪ )1‬وهي "رئاسة عامة في‬
‫أمور الدين والدنيا لشخص وهي خلفة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة(‪ )2‬تعهد لمن هو أهل لها على أن‬
‫يفرض على الرعية كافة أتباعه وطاعته ما لم يأمر بمعصية الخالق‪ ،‬فالمهمة الساسية هي إقامة الدين وتطبيق‬
‫أحكام ال والمحافظة على وحدة المسلمين والدفاع عن المة وهي مهام الرسول صلى ال عليه وسلم من بعد البعثة‬
‫إلى حين وفاته فكل من تولى هذه المهام يعتبر خليفة رسول ال صلى ال عليه وسلم في رعاية شؤون المة‪.‬‬

‫والواقع أن الخلفة بالمفهوم العام ل يعني الحاكمية والسلطة المطلقة لن ذلك من اختصاص ال‪ ،‬أما النسان فحسبه‬
‫أن ينفذ تعاليم الحاكم العلى وهو ال فيكون بذلك قد خلف ال في الرض‪ ،‬وبهذا ل تنحصر الخلفة في الرض على‬
‫جنس معين بل هي حق لمن صدق إيمانه وعمل صالحا(‪ )3‬قال تعالى‪:‬‬
‫(وعد ال الذين آمنوا وعلموا الصالحات ليستخلفهم في الرض‪.)4()..‬‬

‫وقد يطلق لفظ الملك على المامة إل أنه يختلف عنها في أمور منها إن الملك يميز بين تعاليم الدين ومصالح الدنيا‬
‫ففي شؤون الدنيا يتقيد وضعية يجمعها دستور ينفق عليه نخبة من العقلء وساسة الدولة فتكون سياسة الدولة حينئذ‬
‫عقلية ل شرعية دنيوية ل دينية‪ ،‬بينما المامة فإنها تجمع بين الدين والدنيا‪ ،‬وتصدر الحكام من الشرع ومن العقل‬
‫ان عدم النص وقد يحدد أن تخرج السلطة عن معنى الخلفة لتصير ملكا عضوضا إذا فسق الخليفة وحاد عن الشرع‪،‬‬
‫أو أن يتولى الخليفة منصبه بغير رضى المسلمين أو تكون مبايعته غير حرة‪ ،‬أو أن يخرج عن حدود العدالة ففي هذه‬
‫الحالة ل تعتبر وليته خلفة نبوية لكنها تعتبر ملكا دنيويا‪ ،‬كما قال ذلك ابن تيمية(‪.)5‬‬

‫ويطلق أحيانا على صاحب الحق في الخلفة‪ ،‬السلطان "كناية عن المام ووجه التشبيه‪ :‬القدرة على إنفاذ المور‬
‫والحكام‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫( وآتينا موسى سلطانا مبينا) (‪ )6‬أي تسليطا واستيلء‪.‬‬

‫إل أن ش‪.‬اطفيش يأخذ من السلطان مفهوم القوة المرافقة للظلم(‪ )7‬والتصرف بغير حق‪ ،‬فل يرى صوابا تسمية‬
‫المام العادل بالسلطان‪.‬‬

‫أما المير فلفظ يطلق على الحاكم لكثرة ما يأمر أو لنفاذ أوامره‪ ،‬بينما أمير المؤمنين فلفظ يطلق في الغالب على‬
‫المام الذي يبسط نفوذه على كل بلد السلم فإذا لم يستطع ذلك أو اقتصر نفوذه على رقعة ضيقة فإنه ل يستحق هذا‬
‫اللقب‪.‬‬

‫وبما أن الباضية لم يتمكن لهم هذا النفوذ منذ نشأتهم سواء في المشرق أو في المغرب فأنهم لم يتخذوا لئمتهم هذا‬
‫اللقب‪ ،‬هذا ما قال به الشيخ أطفيش(‪ )8‬والشهرستاني(‪ )9‬لكن الشيخ السيابي يرد على ذلك بقوله‪" :‬هذا غلط بل‬
‫يسموز أمامهم‪ -‬أي الباضية‪ -‬أمير المؤمنين وإمام المسلمين ول مشاحة في الصطلح على التسميات فإنها ألقاب‪...‬‬
‫ولعلهم يحترمون بذلك قدر أمير المؤمنين أو لعلهم تركوا ذلك لما سمعوا الناس يقولون بأمير المؤمنين للفلسفة‬
‫والظلمة من الملوك العتاة والجورة الطغاة"(‪.)10‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أما الشيخ عبد الرحمن بكلي (ت‪13/1/1986.‬م) فيرى ان القطار السلمية لو اتحدوا على توحيد الرئاسة "اعتبر‬
‫من ينتخب منهم أميرا للمؤمنين واعتبر كل من كان إماما أو رئيسا في كل قطر من تلك القطار عامل له وهذه‬
‫النظرية ل يمكن تطبيقها عمليا إل إذا هيمنت النزعة السلمية وسيطرت روحها على تلك القطار كما كان الشأن في‬
‫صدر السلم"(‪.)11‬‬

‫ومن التسميات التي استعملها الباضية‪ :‬إمام البيعة‪ ،‬أو امام الظهور إذا انتخب المام بصفة عادية أو إمام الدفاع في‬
‫حالة الكتمان أو الدفاع وفيما عدا ذلك نجد امام الحكام وإمام أهل التحقيق(‪.)12‬‬

‫ونجد أحيانا اباضية شمال أفريقيا يسمون الحاكم بالملك رغم ان هذه التسمية تتنافى تماما مع العقيدة الباضية لن‬
‫مفهوم الملك لديهم مخالف للدين‪ .‬ولعل هذه التسمية تكون قد تسربت من اللسان البربري التي تعني الرئيس والحاكم‬
‫والكبير والعظيم‪.....‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإن التسمية الغالبة والمألوفة عند الباضية هي المام فلمام كما يرى الشيخ اطفيش حاكم عدل‬
‫يعطي بحق ويأخذ بحق‪ ،‬أما الملك فيأخذ بحق ويعطي بل حق‪ .‬أما السلطان‪ ،‬وهو المتسلط الذي يأخذ بل حق ويعطي‬
‫بل حق(‪ .)13‬وإضافة إلى هذا فإن الباضية حين أطلقوا لفظ المام دون غيره من اللقاب‪ ،‬فإنهم يقصدون من‬
‫المامة مفهوم القتداء كاقتداء المأموم بإمام الصلة(‪ )14‬فضل عما ورد في ذلك من نصوص كقوله تعالى‪:‬‬
‫( وجعلنا للمتقين إماما) (‪ )15‬وقوله تعالى‪ ( :‬إني جاعلك للناس إماما)(‪.)16‬‬

‫ومن السنة قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬المام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته(‪ )17‬وقولـه (من نزع‬
‫يده عن طاعة إمامه فإنه يأتي يوم القيامة ل حجة له)(‪.)18‬‬

‫ويلتقي الباضية مع الشيعة في تسمية الحاكم بالمام غير إن الشيعة يطلقون لفظ المام على خلفائهم ما داموا يدعون‬
‫لهم في الخفاء حتى إذا استولوا على الدولة يحولون اللقب إلى أمير المؤمنين(‪ )19‬أما الباضية ل يفعلون ذلك‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر الخلف بين الفرق السلمية حول تحديد لقب للحاكم فإن جميع التسميات من إمام وخليفة وأكير‬
‫المؤمنين قصد منها تمييز النظام السياسي السلمي عن النظام الملكي بالمفهوم اليوناني والفارسي والروماني‪،‬‬
‫والمم التي تختلف اختلفا جوهريا عن المة السلمية من حيث أصول العقيدة ونظام الحكم‪.‬‬

‫===================‬

‫‪ ) 1‬تبغورين بن عيسى نخبة المتين من أصول تبغورين‪ ،‬ص ‪ ،188‬انظر أيضا‪ ،‬ش‪ .‬محمد اطفيش في شرح العقيدة‪ ،‬ص ‪.437‬‬
‫‪ ) 2‬الشيخ محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد(ط حجري) ص ‪.437‬‬
‫نلحظ ان تعريف المامة والخلفة عن الباضية مشابه الى حد بعيد التعاريف الخرى فالماوردي(ت ‪450‬هـ ‪ 9‬مثل يعرفها بقوله(المامة‬
‫موضوعة الخلفة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا)‪ ،‬الحكام السلطانية ص ‪ ،5‬ويعرفها ابن خلدون (‪1406 -1332‬م) بقوله‪ (:‬هي‬
‫حمل الكلفة بمقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الخروية والدنيوية(‪ )...‬وهي خلفة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة‬
‫الدنيا) المقدمة ص ‪ ،159‬وهي كما يرى محمد بن عبد ربه (زمام المور‪ ،‬ونظام الحقوق وقوام الحدود والقطب الذي عليه مدار الدين‬
‫والدنيا) شهاب الدين النوري‪ ،‬نهاية الرب في فنون الدب السفر ط‪ ،‬ص ‪ ،5‬أما الماوردي فيستوحي مفهوم الخلفة من قوله تعالى‪:‬‬
‫(ليستخلفهم في الرض كما استخلف الذين من قبلهم)‬
‫فيغطي مفهومين للخلفة‪ :‬الول‪ :‬ان السلم يستعمل لفظ الخلفة() بدل لفظ الحاكمية لن الخلفة للنسان والحاكمية ل وحده‪ ،‬الثاني‪ :‬ان‬
‫ال وعد جميع المؤمنين بالستخلف فالخلفة عمومية فكل مؤمن خليفة ل‪ .‬المودودي‪ ،‬نظرية السلم السياسية ص ‪.46‬‬
‫‪ ) 3‬أنظر أبو العلى المودودي‪ ،‬نظرية السلم السياسية‪ ،‬ص ‪46‬‬
‫‪ ) 4‬الشورى‪55 ،‬‬
‫‪ ) 5‬أنظر محمد أبو زهرة‪ ،‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬دار الفكر العربي القاهرة ‪1976‬م‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪103‬‬
‫‪ ) 6‬الشماخي‪ ،‬مقدمة التوحيد وشروحها‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ ) 7‬محمد أطفيش شرح عقيدة التوحيد ص ‪.427‬‬
‫‪ ) 8‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ ،14‬ص‪ .‬ص ‪.373 -372‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 9‬الشهرستاني‪ ،‬الملل والنحل‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.134‬‬
‫‪ )10‬سالم السيابي إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء ص ‪.53‬‬
‫‪ )11‬عبد الرحمن بكلي‪ ،‬في هامش كتاب النيل وشفاء العليل‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.386‬‬
‫‪.T .Lewicki, En Is 2e edition) 12‬‬
‫‪ ) 13‬محمد أطفيش‪ ،‬شرح العقيدة‪ ،‬ص ‪.427‬‬
‫‪ ) 14‬ابن خلدون المقدمة‪ ،‬ص ‪ ،339‬وهو ما ذهب إليه أ‪.‬محمد الشيخ بالحاج في لقاء معه‪.‬‬
‫‪ ) 15‬الفرقان الية ‪.74‬‬
‫‪ ) 16‬البقرة الية ‪124‬‬
‫‪ ) 17‬رواه البخاري ومسلم في صحيحهما‪.‬‬
‫‪ ) 18‬رواه مسلم‪ ،‬راجع باب المامة في كتب الحديث‪ ،‬نيل الوطار للشوكاني‪ ،‬جـ ‪ 9‬مسند الربيع بن حبيب‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،19‬روض النضير‬
‫من فقه الزيدية‪ ،‬جـ ‪ ،5‬ص ‪.10‬‬
‫‪ ) 19‬عبد الرحمن ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص ‪.198‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثانيا‪ :‬مشروعية المامة ووجوبها‬

‫أ‌‪ -‬آراء الفرق السلمية‪:‬‬

‫هل المامة واجبة؟ أم جائزة؟ أم أنها ليست بلزمة إطلقا؟ ما رأي الباضية في ذلك؟ وما هي أدلة مشروعيتها؟‬

‫يجدر التعرض إلى موقف غير الباضية من وجوب المامة أو جوازها ليتضح الرأي الباضي بجلء ضمن المذاهب‬
‫السلمية لتيسير المقارنة بين وجهات النظر‪.‬‬

‫ونبدأ أول بـالمعتزلة‪ :‬فحيث أنها تعتمد على "النظر العقلي كمنهج للتفكير الفلسفي)(‪ )20‬فإنها لم تتخذ موقفا موحدا‬
‫في مسألة المامة‪ ،‬فذهب فريق منها يقول‪ :‬ان وجوب المامة انما عن طريق الشرع وفي هذه الحالة تكون واجبة‬
‫بثبوت الدلة النقلية‪ ،‬أما حكم العقل فأنه ل وجوب للمامة لنه ليس في العقل ما يدل على وجوبها يمثل هذا الفريق‬
‫مشائخ البصرة"(‪.)21‬‬

‫الفريق الثاني يقول بوجوب إقامة المامة اعتمادا على العقل الذي يؤكد على وجوب إقامتها‪ .‬يمثل هذا الفريق‬
‫البغداديون والجاحظ من البصرة(‪.)22‬‬

‫أما غير المعتزلة من العلماء فيجمعون على وجوب المامة‪ .‬وهذا ابن خلدون يؤكد "إن نصب المام واجب قد عرف‬
‫وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين ووجب بالعقل لضرورة الجتماع للبشر واستحالة حياتهم ووجودهم‬
‫منفردين) ومن ضرورة الجتماع التنازع لزدحام الغراض‪ "...‬لكنه يرد على القائلين بوجوب المامة عقل دون‬
‫الشرع(‪.)23‬‬

‫كما يثبت ابن تميمة وجوب المامة فيقول‪ " :‬ولية أمر المسلمين من أعظم واجبات الدين بل قيام للدين إل بها"(‪)24‬‬
‫لكنه بالرغم من دعوته إلى رئاسة الدولة كواجب ديني ال أنه يثبتها لموجب ل يقل أهمية من الشرع وهو اقتضاء‬
‫المصلحة الجتماعية‪ ،‬ويقرر ذلك رغم انه عاش قبل ابن خلدون بنحو ثمانين سنة‪ ،‬فهو يقول‪( :‬ان بني آدم ل تتم‬
‫مصلحتهم ال بالجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض‪ ،‬ول بد عند اجتماعهم من رأس"(‪.)25‬‬

‫رأي الشيعة‪:‬‬

‫المامة عند الشيعة واجبة‪ ،‬بل هي جزء من أصول عقيدتهم ول يتم الدين إل بها‪ .‬تجب بالنص لشخص من الشخاص‬
‫من آل البيت عن الرسول صلى ال عليه وسلم فالدليل الدال على وجوب النبوة يدل على وجوب المامة(‪ )26‬وتنقسم‬
‫الشيعة إلى فرق لكل منها رأيها في المامة‪.‬‬

‫)‪:‬‬ ‫(‬ ‫‌‪-‬‬


‫سميت بالثناء عشرية لنها تسلسل الئمة إلى الثاني عشر وهو محمد بن الحسن بن علي (المهدي المنتظر)‬
‫يزعمون أنه سيظهر في آخر الزمن ليمل الرض عدل بعد أن ملئت جورا‪ .‬من تعاليم هذه الفرقة‪:‬‬

‫* الئمة أوصياء استودعهم النبي أسرار الشريعة التي لم يبين منها إل قليل‪.‬‬

‫* ما يقولـه الوصياء شرع إسلمي لنه تتميم للرسالة‪ ،‬وكلمهم شرع وهو بمثابة كلم النبي‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫* يجوز للئمة أن يخصصوا النصوص العامة‪ ،‬ويقيدوا النصوص المطلقة‪.‬‬

‫* المام معصوم عن الخطأ والنسيان والمعاصي فهو ظاهر مظهر‪.‬‬

‫* يجوز أن تجري خوارق العادة على يد المام لتثبت إمامته ويسمونها معجزة‪.‬‬

‫* المام أحاط بكل شيء علما وفي أمور الشريعة خاصة يقول الطوسي "أنه قد ثبت ان المام إمام في سائر الدين‬
‫ومتولي الحكم في جميعه‪،‬جليه ودقيقة‪.)27("...‬‬

‫)‪:‬‬ ‫(‬ ‫‪-‬‬


‫سميت بالسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق من أهم مبادئها في المامة ما يلي(‪:)28‬‬

‫* يتمتع المام بالفيض اللهي من المعرفة فيكون فوق الناس قدرا وعلما‪ ،‬اختص بعلم الشريعة الذي ليس عند الناس‬
‫لنه فوق مداركهم‪.‬‬

‫* ل يلزم أن يكون المام ظاهرا بل يصح أن يكون خفيا مستورا‪ ،‬ومع ذلك تجب طاعته ‪،‬ول بد سيظهر قبل قيام‬
‫الساعة لنه المهدي الذي سيهدي الناس‪.‬‬

‫* المام ليس مسؤول أمام الناس وليس لحد من الناس أن يخطئه مهما يأت من أعمال بل كان ما يفعله خير ل شر‬
‫فيه فهو معصوم‪.‬‬

‫* المام ل يكون إل أفضل الناس‪ ،‬ويجوز لـه في حالة التقية أن يقول أنه ليس بإمام(‪.)29‬‬

‫* ان عليا كان مصيبا في جميع أحواله وانه لم يخطئ في شيء من أمور الدين(‪.)30‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫سميت بالزيدية نسبة إلى صاحبها المذهب‪ ،‬زيد بن علي بن الحسين البسط(ت ‪126‬هـ‪744/‬م) من آراء هذه الفرقة‬
‫في المامة ما يلي‪:‬‬

‫* تقوم المامة باختيار أهل الحل والعقد ل بالنص(‪.)31‬‬

‫* الدلة الخاصة بإمامة علي(رضي) اقتضت تعينه بالوصف ل بالشخص‪.‬‬

‫* تتبرأ الزيدية من الشيخين دون الطعن في إمامتهما وعلي أفضل منهما(‪.)32‬‬

‫* تجوز إمامة المفضول مع وجود الفضل‪.‬‬

‫* يشترط في المام أن يكون عالما زاهدا جوادا شجاعا‪ .‬يخرج داعيا الناس إلى إمامته‪.‬‬

‫النجدات‪:‬‬

‫أتباع نجدة بن عامر الحنفي (ت ‪669‬هـ)‪ ،‬الدين عنده أمران‪ :‬أحدهما القرار بما جاء من عند ال بعد معرفته‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ومعرفة رسوله وتحريم دماء المسلمين وأموالهم‪ ،‬وثانيها أن النار يدخلها من خالفه في دينه‪ ،‬وان النصر على‬
‫المعصية مشرك ولو بكذبة‪ ،‬وغير المصر مسلم ولو زنى وشرب الخمر‪ .)33(...‬ورأي النجدات في المامة أنها غير‬
‫مفروضة‪ ،‬والناس ليسوا ملزمين بتعيين المام وإقامة حدود ال لن مهمة المام مراقبة الرعية وحملهم على طاعة‬
‫ال فإن هم استقاموا فإن المام ل لزوم له(‪.)34‬‬

‫وممن يقول النجدات الزارقة والصفرية‪ :‬فهم يرون عدم وجوب نصب المام أصل‪ ،‬وبعض منهم قالوا يجب عند‬
‫المن ل عند الفتنة‪ ،‬كهشام بن عمر القوصي وأتباعه(‪ )35‬وذهب غيرهم إلى أن المامة ل تنعقد إل باجماع المة‬
‫عن بكرة أبيهم ويعني هذا استبعاد نصب المام ما دام هناك خلف‪...‬‬

‫السكاكية‪:‬‬

‫وهم أتباع عبدال السكاك اللواتي(‪ )36‬الذي يرى أن شروط المامة ل تتوفر في أي أحد حتى في الذان والصلة(‬
‫‪ )37‬وعليه فالمامة غير واجبة ل في المن ول في الحرب لعدم وجود من يستحقها ال أن هذه الفرقة من الباضية‬
‫لم تعمر طويل فقد تلشت من الوجود منذ أواخر القرن (‪5‬هـ‪11/‬م)(‪.)38‬‬

‫==============‬

‫‪ ) 20‬د‪.‬عبد الرزاق قسوم‪ ،‬محاضرة في موضوع المعتزلة ألقاها بمعهد الفلسفة جامعة الجزائر في ‪1981 .11 .16‬م أنظر في موضوع‬
‫المعتزلة‪ ،‬ابن أبي الحديد‪ ،‬شرح نهج البلغة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،215‬الفرق بين الفرق للبغدادي‪.‬‬
‫‪ ) 21‬ابن أبي الحديد‪ ،‬شرح نهج البلغة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،215‬أطفيش شرح العقيدة ص ‪.436‬‬
‫‪ ) 22‬المرجعان السابقان‪ ،‬علي أبو ملحم‪ ،‬المناحي الفلسفة عند الجاحظ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ ) 23‬ابن خلدون المقدمة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص‪ .‬ص ‪.340– 339‬‬
‫‪ ) 24‬ابن تيمية‪ ،‬السياسة الشرعية‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ ) 25‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪161‬‬
‫‪ ) 26‬محسن المين‪ ،‬أعيان الشيعة‪ ،‬اعتقادهم في المامة والخلفة‪ ،‬جـ ‪ ،1‬قسم ‪ ،2‬ص ‪ ،6‬النيوبختي‪ ،‬فرق الشيعة‪ ،‬ص ‪ ،9‬الشهرستاني‪،‬‬
‫الملل والنحل‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،146‬ابن تيمية يرد على تكريتي الشيعي منهاج السنة‪.‬‬
‫‪ ) 27‬محمد أبو زهرة‪ ،‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬ص ‪ 55‬فما بعد أنظر أيضا عبد الحليم الفرابي في رأيه عن الرئيس‪.‬‬
‫‪ ) 28‬محمد أبو زهرة‪ ،‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬ص ‪ 55‬فما بعد أنظر أيضا عبد الحليم الفرابي في رأيه عن الرئيس‪.‬‬
‫‪ ) 29‬عبد الحليم محمود ‪ ،‬التفكير الفلسفي في السلم ص ‪.166‬‬
‫‪ ) 30‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 166‬أنظر‪:‬‬
‫‪.Merghoub B. Le development politique en Algerie, p.14‬‬
‫‪ ) 31‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 180‬وأنظر المقدمة لبن خلدون ص ‪..354‬‬
‫‪ ) 32‬ابن خلدون المقدمة‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪1981 ،‬م‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫‪ ) 33‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪ ،66‬الشهرستاني‪ ،‬الملل والنحل‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.122‬‬
‫‪ ) 34‬الموجز لبي عمار عبد الكافي‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪ ،233‬للشهرستاني‪ ،‬الملل والنحل جـ ‪ ،1‬ص ‪ 124‬انظر أيضا أبو ستة في حاشية الوضع‬
‫باب المامة وانظر محمد اطفيش جامع الوضع والحاشية‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ ) 35‬اطفيش‪ ،‬شرح العقيدة ‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪ ) 36‬من قنطرار بالجريد التونسي‪ ،‬عاش في أوائل ق ‪6‬هـ‪ ،‬انفصل عن الباضية بآرائه المتطرفة منها إبطال الذان وصلة الجماعة‪.‬‬
‫‪ ) 37‬صالح باجيه‪ ،‬الباضية بالجريد‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار بوسلمة للنشر‪ ،‬تونس ص ‪.39‬‬
‫‪ ) 38‬عوض محمد خليفات‪ ،‬النظم الجتماعية والتربوية عن الباضية‪ ،‬ط ‪ ،1‬عمان ‪ ،1982‬ص ‪ 105‬انظر أيضا الدرجيني‪ ،‬طبقات‬
‫المشائخ بالمغرب‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.119 -118‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬مشروعية المامة ووجوبها‬

‫ب‪ -‬رأي الباضية في مشروعية المامة‪:‬‬

‫إقامة المامة عند الباضية أمر واجب على المسلمين‪ -‬حيثما وكيفما كانوا‪ -‬يقول الشيخ تبغورين بن عيسى(ق ‪5‬هـ)‬
‫(وعقد المامة فريضة عندنا لفرض ال المر والنهي‪ ،‬والقيام بالعدل وإقامة الحدود على ما بينه في كتابه فاجتمعت‬
‫المة على أن هذه الحدود مع وجوبها ل تقام إل بالئمة وولتهم فثبت أن عقد المامة على المسلمين واجب وحق‬
‫لزم(‪.)39‬‬

‫أما الشيخ اطفيش(‪1818‬م‪1914 -‬م) فيرى أنها "من الصول لما صح عن عمر وغيره من المر بقتل من تعين‬
‫نصبه إماما فأبى قبولها‪ .‬ال أنها ليست مما يقدح تخلفه في صفة ال تعالى فمعنى كونها من الصول أنه ل يجوز‬
‫الخلف فيها(‪ .)40‬وفي شرحه للنيل يقول‪" :‬إن المر والنهي ل يتمان إل بإمام عدل‪ ،‬فنصبه واجب‪ ،‬إذا كان‬
‫المسلمين على نصف عدوهم الذي يتقون شوكته‪ ،‬ويرد الشيخ اطفيش بقوة على القائلين بعدم وجوب نصب المام‬
‫ودليلهم على عدم النصب‪ ،‬ان النسان تأبى نفسه أن يتولى عليها غيرها‪ ،‬ولن منصب المام قد تحتكره طائفة دون‬
‫أخرى فيكون الصراع ويعظم الضرر‪ .‬وحيث المام غير معصوم فقد يكفر ويحمل الناس على الكفر فيكفرون أو‬
‫يقاتلونه ويقاتلهم بمن معهم فيكون الضرر أشد‪.‬‬

‫وقد يحتج القائل بعدم نصب المام بوجوه أخرى منها‪ :‬ان الناس إذا توفرت مصالحهم الدينية والدنيوية فإن الحاجة‬
‫إلى نصب المام غير واردة والدليل أن أهل البادية الخارجين عن أحكام السلطان قد انتظمت أحولهم بل امام‪ ،‬فيرد‬
‫الشيخ اطفيش على ذلك بقوله‪" :‬إن ضرر عدم نصب المام‪ -‬في الحالة الولى‪ -‬أكثر لن كثيرا من الناس ينقاد إلى‬
‫مثله فكيف إلى من هو أعظم‪ ،‬وإذا كفر لم يترك على كفره فقتاله مأمور به شرعا"(‪ .)41‬أما عن أحوال أهل البادية‬
‫فإن الواقع يثبت أنها غير منتظمة "وفيهم فتن عظيمة ل يبقى بعضهم على بعض ول يقيمون على فرض ول على‬
‫سنة ومتى اتفقوا فإنما يتفقون على باطل ثم انه يتوزع إلى بواطل فيختلفون أيضا"(‪.)42‬‬

‫وقد يستدلون على عدم تعيين المام بأن النتفاع بالمام انما يكون بالوصول إليه وطرح المشاكل عنده وهذا أمر‬
‫متعذر لنه ل يستطيع كل واحد من الرعية الوصول إلى المام كلما ظهرت لديه أمور دينية أو دنيوية فيجيب الشيخ‬
‫أطفيش "بأن النتفاع بالمام ل يكون بالوصول إليه فقط بل يكون أيضا بوصول أحكامه وسياسته إليهم‪.)43("....‬‬

‫أما المامية من الشيعة فتقول بوجوب نصب المام على ال ل على النسان‪ .‬وذلك لطفا من ال بعباده ليتوصول إلى‬
‫طاعته‪ ،‬فإن الشيخ أطفيش يرى في رأيهم هذا تصرفا ومغالة ‪ ،‬ذلك إن المامة إذا وجبت‪ -‬على حد قولهم‪ -‬فإن رأيهم‬
‫فإن الوجوب مقدور عليه‪ ،‬وأيضا يحصل اللطف بالمام لزجره وانصرافه الضعيف والقوي"(‪.)44‬‬

‫والواقع ان المامية‪ -‬في رأي القطب‪ -‬مخطئون في قولهم بوجوب نصب المامة على ال لنهم لم يوجبوا ذلك على‬
‫ال في هذا الزمان‪ -‬بعد موت علي(رضي)‪ -‬وانما الذي يوجبونه هو امام معصوم مختف‪ ،‬ويترتب على ذلك خطآن‪،‬‬
‫الول‪ :‬أبطلوا لطف ال لعدم ظهور المام لن ظهوره بين الناس لطف من ال‪ ،‬الثاني‪:‬لزم عن عدم الظهور كونه‬
‫تعالى تاركا للواجب‪ ،‬ما داموا يقرون أن نصب المام واجب على ال‪.‬‬

‫ثم يتصدى القطب لمناقشة رأي الخوارج(‪ )45‬المتمثل في عدم وجوب نصب المام لن تنصيبه يثير الفتنة‪ ،‬لختلف‬
‫الهواء‪ ،‬فبعض يحب نصب فلن‪ ،‬وبعض يحب نصب الخر‪ ،‬فيتعذر حينئذ التفاق الجماعي على تعيين واحد‪ ،‬حتى‬
‫وأن نصب المام بالغلبية‪ ،‬فإن بوادر الخلف وأصول الفتنة ستظهر في الفئة القليلة الناقمة على المام فيحصل‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الضرر‪ ،‬والسبب راجع إلى اختلف الناس حول الشروط المطلوب توفرها لدى المام وحيث أنه يتعذر اجتماع كل‬
‫الشروط عند واحد فانه بالتالي يتعذر تعيين المام‪.‬‬

‫هذا محمل رأي الخوارج في عدم النصب لكن الشيخ اطفيش يرد عليهم ويعطي البديل لحل هذه المسألة فيقول‪" :‬إن‬
‫هذا نفسه أدل على الوجوب(‪ )...‬فيقدم العلم وان تساويا فالروع(‪ )...‬وإن تساويا‪ ،‬فالسن‪ ،‬وقد يقدم الليق مع وجود‬
‫العلم فتندفع الفتنة بهذا التفصيل ومن أبي ففاتن‪ ،‬ففتنته باغية‪ ،‬ول تخلو الدنيا منن انكار حق وقبول باطل والزجر‬
‫عند ذلك(‪ ،)46‬وهكذا يرد القطب على الخوارج‪ ،‬ورده صميم دليلهم فإذا كان الدليل يقوم على درء الناس فإن المشكل‬
‫إذن ينحصر في التفاق على شخص يصلح للمامة ويرضى عنه الجميع‪ ،‬وإذا كان كذلك فالحل في التفاق‪.‬‬

‫وأحسن وسيلة هي ضبط الشروط وتحديد المواصفات الموضوعية المطلوب توفرها لدى المرشح للمامة‪ ،‬على ان‬
‫تكون هذه الشروط محل رضاء الجميع‪ ،‬وحتى تكون كذلك يضع القطب جملة من الشروط مع ترتيب عقلني لها‬
‫حسب الهمية‪ ،‬فقدم العلم أول ويليه الورع في حالة التساوي ثم السن المتمتع بالخبرة والحنكة الكافية‪ ،‬على أن هذا‬
‫الترتيب يخضع عند الضرورة للتعديل المناسب(‪ )47‬فقد يرشح العالم لكنه ضعيف في السياسة قليل الخبرة بأمور‬
‫الحرب‪ ،‬غير بصير والحتمال الثاني أل يكون العالم المترشح للمامة ذا نفوذ في قومه‪ ،‬ول يتمتع بالشعبية الكافية‬
‫مما يثير نصبه فتنة بين الرعية‪ ،‬وهنا تقتضي المصلحة العامة التنازل عن أحد الشروط المطلوبة تلبية لرغبة الرأي‬
‫العام‪ ،‬وهذا من أصول الديموقراطية‪ ،‬غير ان الشيخ اطفيش ل يقول بتحقيق مطالب الناس فردا فردا لن التفاق العام‬
‫على قضية ل يمكن حصوله لختلف الهواء والغراض بين الناس‪ ،‬فحينئذ يلجأ إلى الخذ بمبدأ الغلبية الصائبة‬
‫"ومن أبي ففاتن وفتنته باغية"(‪ ،)48‬لن الطبيعة النسانية ل تخلو من العوجاج والتطرف السلبي من أجل تحقيق‬
‫الغراض الخاصة بأية وسيلة حتى بإنكار حق وقبول باطل"(‪ ،)49‬وفي هذه الحالة يجب حسم الموقف بالقوة‬
‫المشروعة‪ ،‬ويصبح الزجر ضروريا حتى تفيء الباغية إلى أمر ال تعالى‪.‬‬

‫ومجمل القول أن الباضية ترى أن المامة فرض واجب لنها ضرورية من أجل تطبيق الحكام اللهية ونشر العدالة‬
‫بين الرعية‪ ،‬والعدل في توزيع الثروات ومحاربة المرتدين(‪ )50‬ويتفق مع الباضية أغلب المذاهب السلمية في‬
‫ضرورة نصب المام‪.‬‬

‫====================‬
‫‪ ) 39‬تبغورين‪ ،‬رسالة في أصول الدين مخطوطة‪ ،‬انظر سيرة ش‪.‬أبي الحسن العماني‪ ،‬في سير أهل عمان مخطوط جـ ‪ ،1‬ورقة ‪ ،95‬راجع‬
‫أيضا‪ :‬أبو عمار عبد الكافي الموجز‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪...223‬كذلك‪ :‬أطفيش جامع الوضع والحاشية‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ ) 40‬اطفيش‪ ،‬شرح العقيدة ‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪ ) 41‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.438‬‬
‫‪ ) 42‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.439‬‬
‫‪ ) 43‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.439‬‬
‫‪ ) 44‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ ) 45‬الخوارج القائلون بعدم وجوب نصب المام هم الصفرية والزارقة والنجدية‪.‬‬
‫‪ ) 46‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪Pierre Cuperly, Introduction a I,ctude de L,Ibadisme et de sa theologie O.P.U. Alger, ) 47‬‬
‫‪.1984, p.296‬‬
‫‪ ) 48‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ ) 49‬المصدر السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I,ctude de L,Ibadisme p.291 ) 50‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬مشروعية المامة ووجوبها‬

‫جـ‪ -‬الدلة النقلية لوجوب المامة عند الباضية(‪:)51‬‬

‫شرع ال في القرآن أحكاما ل يتصور تنفيذها دون وجود دولة تتولى تنفيذها كقتل القاتل(‪ )52‬وقطع اليد(‪)53‬‬
‫ومعاقبة الساعي في الرض فسادا(‪ )54‬وغيرها من الحكام التي تستلزم وجود سلطة تطبق ما شرع ال‪ ،‬هذا فضل‬
‫عن اليات التي تشير صراحة إلى ضرورة إقامة الدولة منها قوله تعالى‪:‬‬

‫( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (‪)55‬‬

‫وقال‪:‬‬

‫( إن ال يأمركم أن تؤدوا المانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) (‪)56‬‬

‫أما الدلة النقلية من السنة فكثيرة نذكر منها قوله صلى ال عليه و سلم ‪":‬المام الذي على الناس راع وهو مسؤول‬
‫عن رعيته"(‪ ، )57‬وقال‪":‬تخيروا لمامتكم وتخيروا لنطفكم"(‪ ،)58‬وقال في طاعة المراء‪:‬أطيعوهم ما لم يمنعوكم‬
‫الصلوات الخمس"(‪ ،)59‬وإلى جانب هذه الدلة وغيرها نجد في حرص عمر بن الخطاب وأبي عبيدة من قتل‬
‫المرشح للمامة أن أبي ورفضها‪ ،‬دللة صريحة على وجوبها‪.‬‬

‫د‪ -‬الدلة العقلية لوجوب المامة‪:‬‬

‫لما كان اجتماع المة على ان حدود ال ل تنفذ إل بالئمة العدول ولتهم‪...‬ثبت أن عقد المامة على المسلمين فرض‬
‫واجب وحق لزم‪ ،‬يقول أبو عمار عبد الكافي‪ :‬ولما كانت الفروض التي ذكرناها منوطة بالمامة التي ل تقام إل معها‬
‫فكل ما كان من الفرص ل يتم إل به فهو فرض مثله والمة ل تجتمع على شيء ثم تختلف فيه(‪ )60‬أما الشيخ‬
‫اطفيش فيرى وجوبها إلى جانب ما تقدم‪ -‬اقتضاء للمصلحة الجتماعية من دفع الضرر وجلب المصالح يقول‪ :‬فإذا‬
‫وجد في نصب المام دفع ضرر مظنون واجب إجماعا‪ ،‬وعليه فنصب المام واجب"(‪.)61‬‬

‫وإذا كان فضل الرسول صلى ال عليه و سلم مصدرا أساسيا للتشريع‪ ،‬فإنه أقام دولة مثالية في أسلوب جديد لم‬
‫يعهده العرب من قبل فولى الولة‪ ،‬وعين القضاة‪ ،‬وأرسل القواد وأقام الحدود وعقد العهود‪ ،‬ونمى أموال بيت المال‬
‫فوزعها بالعدل بين مستحقيها‪ .‬هذه أسوة الرسول صلى ال عليه و سلم في شخص الحاكم والقائد‪ ،‬وراعي الرعية‪،‬‬
‫فالمسلمون مأمورون بالقتداء بها‪ ،‬ل على أنها مشروعة فحسب‪ ،‬بل لقتضاء المصلحة العامة وضرورة الجتماع‬
‫لها‪.‬‬

‫ومن بين هذه المصالح الجتماعية‪ ،‬وحدة المة واتحادها ل يتحقق إل بوجود سلطة يخضع لها كل فرد في المة‪،‬‬
‫وتنقاد لها جميع الطوائف والقليات‪ ،‬وهو ما انتبه إليه زعماء القبائل البربرية قبل ميلد الدولة الرستمية حين وجدوا‬
‫أنه ل مناص من تعيين إمام فقالوا‪" :‬قد علمتم أنه ل يقيم أمرنا إل إمام نرجع إليه في أحكامنا وينصف مظلومنا من‬
‫ظالمنا‪ ،‬ويقيم لنا صلتنا ونؤدي إليه زكاتنا ويقسم فيئنا"(‪ )62‬إذن فقد اجتمعت الدلة النقلية والعقلية على وجوب‬
‫نصب المام وإقامة الدولة‪ ،‬لكن ل يزال في المسألة إشكال يطرح نفسه بعد الخذ بمبدأ وجوب نصب المام والشكال‬
‫ينحصر في طرق ثبوت المامة وشروطها‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫=======================‬
‫‪ ) 51‬ذكر الشيخ اطفيش أكثر من أربعين حديثا من السنة بشكل مباشر وغير مباشر وجوب المامة انظر شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ ،14‬ص ‪...267‬‬
‫‪ ) 52‬المائدة الية ‪.45‬‬
‫‪ ) 53‬المائدة‪ ،‬الية ‪.38‬‬
‫‪ ) 54‬المائدة‪ ،‬الية ‪33‬‬
‫‪ ) 55‬آل عمران‪ ،‬الية ‪.104‬‬
‫‪ ) 56‬النساء اليات ‪.59 -58‬‬
‫‪ ) 57‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫‪ ) 58‬الربيع بن حبيب‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬ص ‪ ،204‬رواه جابر عن ابن عباس‪.‬‬
‫‪ ) 59‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.203‬‬
‫‪ ) 60‬أبو عمار عبد الكافي‪ ،‬الموجز تح عمار طالبي‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.234‬‬
‫‪ ) 61‬أطفيش‪ ،‬شرح العقيدة‪ ،‬ص ‪ ،436‬انظر‪ :‬سعيد التعريتي‪ ،‬المسلك المحمود ص ‪.49‬‬
‫‪ ) 62‬ابن الصغير أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ ،‬د‪.‬محمد ناصر‪ .‬أ‪.‬إبراهيم بهاز المطبوعات الجميلة الجزائر ‪1986‬م‪ ،‬ص‪ .‬ص‬
‫‪.26 -25‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬ثبوت المامة‬

‫اختلفت المذاهب السلمية حول طرق إثبات المامة ال أنها اتفقت جميعا على إثباتها بالنص من رسول ال صلى ال‬
‫عليه و سلم أما الطرق المختلف حولها فهي ثبوتها بالنص من المام السابق أو بأهل الحل والعقد ولو كانوا غير‬
‫مجتهدين(‪ )63‬بمعنى الختيار والبيعة أو عن طريق الدعوة وهي ان يباين الظلمة من هو أهل للمامة ويأمر‬
‫بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو الناس إلى اتباعه‪.‬‬

‫وبيان الخلف ان المامية(‪ )64‬تنفي طريق الختيار والدعوة‪ ،‬واتفقت الشاعرة والمعتزلة والخوارج والصالحية من‬
‫الزيدية على ان الختيار طريق إليها أيضا وهو مذهب الباضية‪ ،‬أما الجارودية(‪ )65‬من الزيدية فتجعل الدعوة طريقا‬
‫لثبوت المامة(‪)66‬‬

‫ومن أدلة الشيعة على إثبات المامة بالنص‪ :‬ان المامة نيابة عن ال ورسوله فل تثبت بأهل البيعة وإل كان المام‬
‫خليفة عنهم ل عن ال ورسوله‪ ،‬وير القطب عليهم "بان اختيار أهل البيعة دليل على نصب ال ورسوله للمام‬
‫وحكمها به كسائر إنفاذ الحكام‪ ،‬فالبيعة مظهرة له ل مثبته(‪.)67‬‬

‫ومن أدلتهم ان أهل البيعة ل يجوز لهم التصرف على غيرهم فكيف يملكون ذلك‪ -‬كما يرى الشيخ اطفيش‪ -‬ان بيعة‬
‫أهل البيعة هي إمارة من ال ورسوله‪ ،‬وحكمها ينطبق على سائر الرعية لنهم ممثلون عنهم‪ ،‬أما القضاء فأمر يثبت‬
‫بما دون البيعة " وهو إقامة المام له وبإمكان الرجوع فيه الى المام وان لم يكن امام فل بد من البيعة للقاضي أو‬
‫إقامة الجماعة أو ذي إمارة له تغني"(‪ ،)68‬ثم ان البيعة ل يشترط فيها الجماع بل تصح ولو بواحد كعقد عمر‬
‫للصديق‪ .‬كما ل يشترط على المام ان يعلم كل شيء فإذا لم يعلم سأل أو اجتهد‪ .‬إذن فل مجال لضرورة النص عقل‪.‬‬

‫=======================‬
‫‪ ) 63‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.443‬‬
‫‪ ) 64‬انظر حول المامية وفرقها‪ ،‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪.39 ،17‬‬
‫‪ ) 65‬انظر حول الجارودية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ ) 66‬محمد اطفيش‪ .‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ ) 67‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.443‬‬
‫‪ ) 68‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.443‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رابعا‪ :‬وحدة المامة وتعددها‬

‫كثر الحديث بين الفقهاء ومؤرخي الفلسفة السلمية حول جواز تعدد الئمة وعدم الجواز‪ ،‬فالقائلون بالجواز‬
‫يستدلون بتراضي علي(رضي) ومعاوية سنة أربعين للهجرة على اقتسام الشام والعراق فكتب معاوية الى علي يقول‬
‫له‪" :‬أما اذا شئت فلك العراق ولي الشام‪ ،‬وتكف السيف عن هذه المة ول تهرق دماء المسلمين"(‪)69‬‬
‫هذا ما ذهب إليه قوم من الكرامية (‪ )70‬وهو جواز نصب أمامين أو أكثر في وقت واحد‪....‬‬

‫والرأي الخر يرى انه ل يجوز تعدد الئمة إطلقا استنادا الى حديث لعمر بن الخطاب يقول فيه ‪":‬إن ال واحد‬
‫والسلم واحد ول يستقيم سيفان في غمد واحد" يعني إمامين في وقت واحد(‪.)71‬‬

‫والرأي الثالث في الموضوع ‪:‬ان المامة ل تجوز لشخصين في آن واحد بنفس البلد ال اذا "بعد المدى وتخلل بين‬
‫المامين شسوع النوى‪ ،‬فالحتمال في ذلك مجال‪ ،‬وهو خارج من القواطع"(‪ )72‬وهذا رأي الباضية في الغالب‪ ،‬فقد‬
‫أقر التعاريتي بقوله‪" :‬ل يجوز تعدد الئمة في صقع متضائق القطار خلفا للماوردية"(‪ ،)73‬أما اذا اتسع نطاق البلد‬
‫أو كان البحر فاصل بين القطرين بحيث ل يطيق المام الواحد تولي جميع شؤونه فانه يجوزه"(‪ )74‬وهو ما ذهب‬
‫إليه الشيخ عبد العزيز الثميني في قوله‪" :‬ول يرى إمامان لعسكر واحد وجاز لعساكر ولبلد متفرقة"(‪.)75‬‬

‫ويبدوا ان العمل جرى بالسماح بتواجد عدة أئمة اباضية في عدة بلدان من العالم السلمي في آن واحد(‪" )76‬مثل‬
‫ما عقد لعبدال بن يحيى طالب الحق(‪ )77‬في المشرق في حين كانت إمامة الباضية قائمة بالمغرب"(‪ .)78‬على أي‬
‫حال فإن الرأي الصحيح في نظر الباضية هو ما جاء على لسان الشيخ عبد الرحمن بكلي (ت‪ )86-1-13.‬في قوله‪:‬‬
‫يجوز إقامة امام بكل قطر ول يجوز إقامة امامتين في قطر أو مصر واحد لما يتولد على ذلك من شتات الشمل‬
‫واختلف الكلمة وتنازع النفوذ(‪ )...‬وهو ما استقر عليه العمل اليوم في سائر القطار السلمية"(‪ .)79‬وقد أشار‬
‫الشيخ اطفيش إلى هذا الرأي في قوله ‪":‬الواجب امام واحد ولكن لو فصلت أقوام ل تطاق فانه يصح إمامان وأكثر"(‬
‫‪ )80‬ال ان هذا ينافي قول اباضية المشرق في انه "ل يجوز إمامان في الدنيا ال في خصلة واحدة هي ان يفصل‬
‫بينهما البحر"(‪.)81‬‬

‫=====================‬

‫‪ ) 69‬الطبري‪ ،‬تاريخ المم والملوك‪ ،‬مط الحسينية‪ ،‬القاهرة ‪1355‬هـ‪ ،‬جـ ‪ ،5‬ص ‪.140‬‬
‫‪ ) 70‬فرقة من المجسمة تنتسب الى محمد بن كرام السجشتاني المتوفى سنة ‪256‬هـ‪ ،‬تزعم هذه الفرقة ان عليا ومعاوية كانا إمامين‪،‬‬
‫يجب على الناس اتباع كل واحد منهما(‪ )...‬غير ان عليا كان إماما على السنة ومعاوية على خلف السنة‪ ،‬فأجازت الكرامية كون إمامين أو‬
‫أكثر في وقت واحد من وقوع القتال له‪ .‬أنظر عبد القاهر البغدادي كتاب الملل والنحل حققه وقدم له وعلق عليه د‪.‬ألبير نصري نادر‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫دار المشرق بيروت ‪ ،1986‬ص‪ .‬ص ‪.154 -149‬‬
‫‪ ) 71‬ش‪ .‬أبو الحسن العماني‪ ،‬سير أهل عمان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،100‬البقلني نصوص من الفكر السياسي ليوسف أيبش‪ ،‬ص ‪ ،50‬عبد القاهر‬
‫البغدادي أصول الدين‪ ،‬ص ‪ ،128‬الماوردي‪ ،‬الحكام السلطانية‪ ،‬ص ‪ ،9‬ابن ‪1986‬حزم الفصل في الملل والنحل جـ ‪ ،4‬ص ‪87‬‬
‫‪ ) 72‬الجويني‪ ،‬إمام الحرمين(ت ‪478‬هـ) الرشاد الى قواطع الدلة في أصول العتقاد نقله يوسف أيبش في كتابه نصوص الفكر‬
‫السياسي‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ ) 73‬لكن الماوردي لم يخالف التعاريتي‪ ،‬انظر الماوردي‪ ،‬الحكام السلطانية‪.‬‬
‫‪ ) 74‬سعيد التعاريتي‪ ،‬المسلك المحمود‪ ،....‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ) 75‬عبد العزيز الثميني‪ ،‬كتاب النيل وشفاء العليل‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.886‬‬
‫‪ ) 76‬تادوز لويكي‪ ،‬دائرة المعارف السلمية مادة الباضية‪،‬‬
‫‪.T. Lewicki, En. Is, 2e edition‬‬
‫‪ ) 77‬أبو إسحاق الحضرمي‪ ،‬مختصر الخصال‪ ،‬أما طالب الحق فتولى المامة باليمن‪ ،‬واستولى على الحرمين سنة ‪130‬هـ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 78‬استبعد ان تكون إمامة عبدال بن يحيى معاصرة للمامة الباضية لن وفاة طالب الحق كانت على الرجح سنة ‪133‬هـ‪ ،‬بينما‬
‫المامة بالمغرب كانت في ‪140‬هـ على يد أبي الخطاب‪.‬‬
‫‪ ) 79‬عبد الرحمن بكلي‪ ،‬في هامش النيل وشفاء العليل‪ ،‬تأليف الشيخ عبد العزيز الثميني (ت ‪1223‬هـ) ط ‪ ،3‬المطبعة العربية‪ ،‬غرداية‬
‫الجزائر ‪1969‬م‪.‬‬
‫‪ ) 80‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.428‬‬
‫‪ ) 81‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.428‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫خامسا‪ :‬شروط المامة‪:‬‬

‫رغم اعتقاد الباضية بوجوب المامة واقتناعهم بضرورة تعين المام فانهم ل يرونها واجبة في ظروف خاصة‪ ،‬معنى‬
‫ذلك ان وجوب المامة مشروط بتوفر العوامل المساعدة على إقامتها ونظرا لذلك وضع علماء الباضية جملة من‬
‫الشروط ينبغي مراعتها في اختيار المام واعلن الدولة‪.‬‬

‫وينبغي الشارة الى ان هذه الشروط قد تختلف الظروف التي يعيشها الباضية من ناحية‪ ،‬وقد تختلف من ناحية أخرى‬
‫باختلف نوع المام المراد إعلنها فشروط إمامة الظهور ليست هي شروط إمامة الدفاع‪ ،‬أو إمامة الشراء‪ ،‬أو إمامة‬
‫الكتمان‪ ،‬وعليه فإننا نركز الن على شروط إمامة الظهور‪ ،‬التي هي ثلثة‪ -‬كما يرى أبو اسحاق الحضرمي (ق ‪5‬هـ)‪.‬‬

‫أحدهما‪ :‬قوة أهل الدعوة‪ ،‬وذلك أن يغلب على ظنهم ان يغلبوا أهل الباطل ‪ ،‬والثانية أن يكون أهل الدعوة(‪)82‬‬
‫أربعين رجل أحرارا بالغين أصحاء والثالث أن يكون فيهم ستة رجال فصاعدا أهل علم بأصول الدين والفقه من ذوي‬
‫ورع وصلح في الدين(‪ )83‬فإذا اجتمع للباضية هذه الشروط يصبح إعلن المامة أمرا واجبا فيعقدونها لفضلهم أو‬
‫من يستحقها منهم(‪.)84‬‬

‫لكن نلحظ ان الشرط الثاني متعلق بعدد الرجال فانه في الواقع يخص المامة في مرحلة الدفاع أما في مرحلة الظهور‬
‫فيجب ان يكون عدد المسلمين (كنصف عدوهم في جميع ما يحتاجون إليه)(‪ )85‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫(الن خفف ال عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) (‬
‫‪.)86‬‬

‫يحدد الشيخ محمد اطفيش (‪ )1914-1818‬أهم ما يحتاج إليه لقيام الدولة بقوله‪( :‬ما يكفي من سلح وكراع وعلم‬
‫ومال)(‪ )87‬فاشتراطه للكفاية لـه معنى كبير لن محاولة قيام الدولة بدون العداد لها‪ -‬مسبقا‪ -‬أعدادا كافيا وقويا ل‬
‫يضمن النجاح والستمرار للمحاولة‪.‬‬

‫وفيما يلي بيان وسائل العداد‪:‬‬

‫السلح‪ :‬رمز القوة‪ ،‬وبدونه ل تستطيع المة الدفاع عن نفسها ول الظهور على أعدائها‪ ،‬بل حتى المن الداخلي ل‬
‫يمكن تحقيقه ان لم يكن للسلطة سلح كاف‪ ،‬ويستتبع السلح بالضرورة جيشا كفؤا قادرا قويا‪ ،‬حسن التدريب‪.‬‬

‫الكراع‪ :‬ويرمز الى الوسائل والتجهيزات بمختلف أنواعها وهي غير محددة النوع والكيف‪ ،‬لختلفها من عصر الى‬
‫أخر‪ ،‬وحيث ان أهل القرون الماضية يعولون على الحيوان فمه معاشهم فمنه اللباس والكل والشرب وعليه ينتقلون‬
‫ويحملون متاعهم‪ ،‬وبه يدافعون ويحرسون‪ .‬فإنهم جعلوا توفره من شروط إقامة الدولة ونظرا للعتبارات المتقدمة‪،‬‬
‫على انه من الممكن الستغناء عنه واستبداله بما هو أفضل وأصلح خصوصا وان النسان يعيش عصر اللة‬
‫المتطورة والتكنولوجيا المبدعة‪.‬‬

‫العلم‪ :‬ويرمز الى الثقافة الضرورية تجاه الدولة‪ ،‬وهي بمثابة العقل من الجسد والعلم يحمله العلماء وذوو الحجا فعلى‬
‫كواهلهم تقوم الدولة وبيدهم يكون زمام المور‪.‬‬

‫المال‪ :‬وهو قوام العمال‪ ،‬ويرمز الى الجانب المادي الذي ل بد منه لضمان سير المور بوجه أفضل‪.‬‬

‫هذه أهم الشروط الواجب توافرها لقامة الدولة واعلن الظهور‪ ،‬وتأتي في الدرجة الثانية بعد العناصر الساسية‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫لتكوين الدولة وهي ثلثة‪:‬‬

‫‪ -1‬السلطة‪ :‬وتتمثل في المام الذي يتولى أمور المسلمين‪ ،‬ويرعى شؤونهم ويساعده جهاز الحكم من قضاة وعمال‬
‫ومجلس الشورى والقائمين بالحسبة والجيش‪.‬‬

‫‪ -2‬المة أو الرعية التي تتولى السلطة قيادتها ورعايتها ويشترط فيها أن تكون في العدد كنصف العدو‪ -‬على القل‪-‬‬
‫كما أشرنا‪.‬‬

‫‪ -3‬الرض التي يسكنها الشعب ويجري فيها حكم تلك السلطة‪.‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 82‬المقصود بأهل الدعوة‪ ،‬جماعة الباضية‪ ،‬انظر أصل التسمية في الفصل الول من الباب الول‪.‬‬
‫‪ ) 83‬أبو إسحاق الحضرمي‪ ،‬مختصر الخصال‪( ،‬مخطوط) ورقة ‪ 7‬ب‪.‬‬
‫‪ ) 84‬راجع شروط المام‪ ،‬الفصل الول الباب الرابع‪.‬‬
‫‪ ) 85‬محمد بن عمر أبو ستة‪ ،‬حاشية الوضع‪ ،‬باب مسالك الدين(مخطوط)‪.‬‬
‫‪ ) 86‬النفال‪ ،‬الية ‪.66‬‬
‫‪ ) 87‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.436‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع المامة (مسالك الدين)‬

‫الفصل الثاني‬
‫أنواع المامة (مسالك الدين)‬

‫أول‪ :‬الظهور‬
‫أ‪-‬علقة الباضية بالمم في مرحلة الظهور‬
‫ب‪ -‬الحكم في الموال والكنائس والبيع‬
‫جـ‪ -‬علقة الباضية بأهل الخلف في مرحلة الظهور‬
‫د‪ -‬حكم الدار ومعسكر السلطان‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفاع‬
‫أ‪-‬موجبات الدفاع‬
‫ب‪ -‬نتائج الدفاع‬

‫ثالثا‪ :‬الشراء‬
‫أ‪-‬شروط مرحلة الشراء‬
‫ب‪ -‬أهداف الشراة‬

‫رابعا‪ :‬الكتمان‬
‫أ‪-‬التنظيم الجتماعي في مرحلة الكتمان‬
‫ب‪ -‬علقة الباضية بمخالفيهم في مرحلة الكتمان‬
‫جـ‪ -‬نظام العزابة‬
‫د‪ -‬نظام العشيرة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أنواع المامة (مسالك الدين)‬

‫المسالك لغة مواضع السلوك وهي الطرق(‪ )1‬قال تعالى‪:‬‬

‫(الذين جعل لكم الرض مهادا وسلك لكم فيها سبل) (‪.)2‬‬

‫أما المسالك اصطلحا فهي "الطرق التي يتوصل بها إنفاذ الحكام الشرعية(‪ ،)3‬وهي تعبر عن مراحل المامة لـ‬
‫الباضية‪ -‬التي يمكن ان تجتازها في مختلف أدوار حياتها إزاء واجب الدعوة لدين ال‪)4("....‬‬

‫ويعتبر هذا الصل "مسالك الدين" من أهم ما يتميز به الباضية في مجال الفكر السياسي‪ .‬فهو يضع جملة من‬
‫التعاليم والمبادئ يحدد الباضية وفقها مواقفهم السياسية في مختلف الظروف الزمانية والمكانية سواء المتعلقة‬
‫بالشؤون الداخلية حيث تتواجد التجمعات الباضية أو المتعلقة بالشؤون الخارجية متمثلة في علقاتهم بالدول الخرى‬
‫أو تكتلت مخالفيهم‪.‬‬

‫ولعل السر في استمرار البقاء الباضي‪ ،‬منذ ان سطع نور السلم الى يوم هذا سواء البقاء الفكري في عقيدتهم‬
‫وتعاليمهم‪ .‬أو البقاء الجتماعي في قبائلهم وشعائرهم‪ ،‬يعود الى هذا الصل الذي يضمن لهم أسباب التكيف والتأقلم‬
‫مع الحياة وتطوراتها مع المم وسياستها‪ ،‬مع المخالفين وعقائدهم‪ ،‬كل ذلك ضمن الطار الشرعي وفي حمى الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬

‫وخلصة ما يهدف إليه هذا الصل "مسالك الدين" هو التخطيط لقامة دولة إسلمية عادلة دستورها القرآن والسنة‪،‬‬
‫حكامها خبراء في أمور الدين والدنيا فإن لم يتحقق هذا المطلب بان عدمت شروط إقامة الدولة وجب حينئذ تصحيح‬
‫الوضاع أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر‪ ،‬بمختلف الوسائل والنهج المشروعة‪ ،‬فقد يضطر الموقف لعلن الثورة‬
‫ضد الجور والفساد‪ ،‬وقد تقتضي الحكمة انتهاج سياسة اللين والعمل في الخفاء من الصلح وتغيير المنكر بالتي هي‬
‫أحسن(‪.)5‬‬

‫وفيما يلي عرض تحليلي لمسالك الدين الربعة‪ :‬وهي الظهور‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والشراء‪ ،‬والكتمان مع إبراز العلقة بين‬
‫تعاليم الباضية مبادئها وبين ما تقوم عليه نظرية مسالك الدين من أبعاد سياسية‪.‬‬

‫=================‬

‫‪ ) 1‬بدر الدين الشماخي‪ ،‬مقدمة التوحيد وشرحها ص ‪.50‬‬


‫‪ ) 2‬سورة طه‪ ،‬الية ‪.53‬‬
‫‪ ) 3‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ ) 4‬عبد الرحمن بكلي‪ ،‬فتاوي البكري‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.337‬‬
‫‪ ) 5‬أنظر للمزيد من التوضيح‪.Cheikh Bekri, Ie Kharijisme Berbere, p. 60:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أول‪ :‬الظهور‬

‫الظهور (هو الصل والمأمور به)(‪ )6‬يمثل المرحلة الولى من مسالك الدين وتعتبر أفضل المراحل وأحسنها وعادة ما‬
‫تكون هذه المرحلة "تتويجا للمساعي والجهود للحالت الثلث‪ :‬الكتمان والدفاع والشراء" وهي الهدف الذي بتقاتل‬
‫ويستشهد في سبيله الباضية وعند النتصار تسمى هذه الحالة بالظهور‪ .‬ويعني بها قيام حكومة اباضية وفقا لتعاليم‬
‫المذهب الباضي(‪ )7‬تسير على منهج الشرع السلمي‪ ،‬فتنفذ أحكام ال وتقيم الحدود وتصون الحقوق وترد الظلم‬
‫وتحفظ الثغور وتحمل دعوة السلم الى بلد الكفر(‪ ، )8‬لن الدولة حينئذ تكون قد ظهرت على غيرها‪ .‬بعد ان تكاملت‬
‫فيها جميع الوظائف العامة والساسية ويكون المجتمع السلمي فيها حرا ول يطغي عليه ذو سلطان"(‪)9‬‬

‫ومرحلة الظهور‪ -‬ل تتحقق ال "بالمامة الكبرى لنفاذ حقوق ال وحقوق العباد‪ ،‬ل يزول إمامهم ال بأحداث في‬
‫السلم أو زوال عقل أو عدم نفع‪.)10("....‬‬

‫ويضع الباضية جملة من الشروط الواجب توافرها لعلن الظهور وإقامة الدولة سبقت الشارة إليها(‪ )11‬أما أدلة‬
‫مشروعية الظهور فكثيرة منها قوله تعالى‪:‬‬

‫(ول العزة ولرسوله وللمؤمنين) (‪)12‬‬

‫(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (‪.)13‬‬

‫ويشير الباضية إلى أمثلة من التاريخ للدول في حالة الظهور منها ظهور النبي بمكة بعد إسلم عمر(رضي) ثم‬
‫ظهوره بالمدينة بعد الهجرة وظهور أبي بكر وعمر يصليان الجمعة‪ ،‬ويجمعان الزكوات والغنائم(‪ )14‬و ظهور الدولة‬
‫الخطابية(‪ )15‬في طرابلس الغرب والدولة الرستمية في الجزائر‪.‬‬

‫وفي الواقع يمكن ان نلحظ نوعين من الظهور ‪ :‬الول‪ :‬للظهور الكامل حيث تتحقق المامة العادلة‪ -‬كما ينبغي ان‬
‫تكون وفق المبادئ العامة للفكر السياسي الباضي وفي إطار الحدود الشرعية ويمثل هذا النوع حالة الدولة الرستمية‬
‫في عز أوجها‪.‬‬

‫والنوع الثاني وهو الظهور الناقص أو الظهور الضعيف‪ ،‬وفيه تكون المة ظاهرة ومستقلة وذات سيادة لكنها ل‬
‫تحقق كل الهداف المرجوة ول تبلغ كمال الظهور ول المامة العظمى فتضعف عن تطبيق بعض المبادئ السياسية‬
‫كالنتخاب الخاص والبيعة الشرعية‪ ،‬أو تعجز عن تطبيق الحكام الشرعية كإقامة الحدود وإعلن الجهاد يمثل هذا‬
‫النوع حالة المة العمانية في نهاية القرن العشرين‪.‬‬

‫أ‪-‬علقة الباضية بالمم في مرحلة الظهور‪:‬‬

‫الباضية ل يرون قهر غيرهم ول التدخل في شؤونهم وغايتهم ان يعيش الجميع في وئام وتفاهم‪ ،‬وهذا ما يلمسه‬
‫الدارس لتاريخ الدولة الرستمية حيث سلك الباضية فيها "سياسة التعايش السلمي مع جيرانهم(‪ )...‬واحترموا مبدأ‬
‫الحرية والعدل والمساواة وغيرها‪ .)16("...‬كما تمتاز دولة الرستمين "بانتماء السكان فيها الى فرق دينية شتى‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫عاش بعضهم مع بعض في سلم ووئام"(‪.)17‬‬

‫وفي الوقت ذاته يجتهد الباضية في تبليغ الرسالة‪ ،‬والدعوة الى السلم كلما سنحت الظروف لذلك‪ ،‬وأما علقتهم‬
‫بأهل الذمة فيجب ان تكون علقة الضعيف المحمي بالقوي الرحيم‪ .‬والضعيف هو غير المسلم الذي يدفع الجزية‪،‬‬
‫وهنا يفصل الوارجلني الكلم في علقة الباضية بأهل الذمة فيقول‪" :‬ان عطل أهل الذمة ما عليهم من الخراج ومن‬
‫الجزية سنين عديدة فإنا نأخذهم بذلك"(‪ ، )18‬يعني بالقوة لن السكوت عن ذلك تعبيرا عن الضعف أما اذا غاب أهل‬
‫الذمة في بلد بعيدة غير بلدنا فأتوا علينا فإنا نأخذ منهم شيئا من الجزاء ال إذا مكثوا في بلدنا سنة كاملة سواء‬
‫تلك البلد التي جاؤوا منها بلد شرك أو بلد إسلم(‪ )19‬ول نعشر أموالهم إل لعام واحد‪ ،‬فإن هم ادعوا أنهم أعطوا‬
‫الجزية أو العشر لبعض أهل تلك البلد التي جاؤوا منها أو لهل الخلف ولهم على ذلك(‪.)20‬‬

‫أما اذا كانت إقامتهم دون العام فل عليهم شيء‪ .‬وهم على هذا الحال ما داموا في ملتهم إما أن اختاروا السلم‪ -‬وهذا‬
‫هو المرغوب فيه‪ -‬أصبحوا في حكم المسلمين فيبطل عنهم الفيء والجزية والخراج "وإن كانت بلدهم بلد صلح ل‬
‫بلد فيء فمن أسلم فله اسلمه وماله وعليه فيه الصلح والعشر"(‪ )21‬وبهذا تحفظ الحقوق في إطار شرعي من غير‬
‫ظلم ول جور‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحكم في الموال والكنائس والبيع‬

‫قد يظهر الباضية في ناحية من البلد على الملوك أو السلطين فيقيمون دولة إسلمية فما حكم الموال ومخلفات‬
‫الملوك؟‬

‫يجيب الوارجلني على ذلك بالتفصيل لكننا نكتفي بخلصة ما قرره ‪:‬‬

‫أما الغنائم فان أعطى الملوك فيها السهام وردوها الى بيت مال المسلمين "تركناهم وفعلتهم وان كانت قائمة لم‬
‫يمضوا فيها بأمر أجريناها على السهام"(‪ )22‬ويعطي لكل ذي حق حقه‪.‬‬

‫أما الموال التي جمعت من الضرائب أو بعقاب من عمل المعاصي أو خالف أمر الملك فإن دخلت في بيت مال‬
‫المسلمين بقيت فيها ال إذا كانت أموال أخذت عنوة وجورا فإن كانت عقارا قائمة بأعيانها أو أموال معلومة في يد‬
‫من أعطوها له وعرف أصحابها أعيدت لهم أما ان جهل أصحابها فإنها للدولة تودع في بيت المال‪.‬‬
‫وقد يحصل ان ينقض الملوك عهدا أو عذرا أو مظالم كانت قائمة بينهم‪ ،‬بين أهل الذمة والمحاربين‪ ،‬فهناك يجب‬
‫الصلح "سواء كان النقص أو الغدر من أهل السلم أو من أهل الذمة والمحاربين‪ ،‬فمن امتنع أجرينا عليه حكم‬
‫السلم وأهله ومن امتنع قاتلناه وحاربناه"(‪ ، )23‬وإذا أحدث أهل الذمة أيام الملوك دسائس وبيع ينظر في أمرها‬
‫فإن بنوها بطرق غير شرعية كاستخدامهم للرشوة‪ ،‬والحيلة والقوة والظلم فحكمها الهدم‪ .‬وإن بنوها على يد السلطان‬
‫ل الملك فانهم يمنعون منها لن السلطان يحكم بالجور والظلم فليست أوامره مقبولة ول أعماله شرعية‪.‬‬

‫أما اذا بنوا معابدهم بأمر الملك‪ ،‬أو بعد طلب رضاه‪ ،‬وتحت رعايته فالحكم فيها تركها لهم‪.‬‬

‫=================‬

‫‪ ) 6‬محمد بن عمر أبو ستة‪ ،‬حاشية الوضع‪( ،‬مخ) غير مرقم‪ ،‬وانظر مقدمة التوحيد وشروحها لعمر بن جميع ط القاهرة‪1353 ،‬هـ‪ ،‬ص‬
‫‪50‬‬
‫‪ ) 7‬مهدي طالب هاشم نشأة الحركة الباضية بالمشرق‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ ) 8‬علي يحيى معمر الباضية بين الفرق السلمية‪.‬‬
‫‪ ) 9‬علي يحيى معمر الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.93‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 10‬محمد يوسف اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ ) 11‬راجع شروط المامة في الفصل الخامس‪.‬‬
‫‪ ) 12‬سورة المنافقون الية ‪.8‬‬
‫‪ ) 13‬سورة آل عمران الية ‪.104‬‬
‫‪ ) 14‬محمد يوسف اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ ) 15‬نسبة الى أبي الخطاب عبد العلى بن السمح‪ ،‬دامت دولته من ‪141‬هـ إلى ‪144‬هـ‪.‬‬
‫‪ ) 16‬أسسها عبد الرحمن بن رستم سنة ‪160‬هـ وعاصمتها تيهرت‪ ،‬دامت ‪ 136‬عاما‪.‬‬
‫‪ ) 17‬رشيد بوريبة‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.63‬‬
‫‪ ) 18‬أبو يعقوب الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 19‬المصدر السابق ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 20‬المصدر السابق ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 21‬المصدر السابق ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 22‬المصدر السابق ص ‪.53‬‬
‫‪ ) 23‬المصدر السابق ص ‪.53‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬أولً الظهور‬

‫جـ‪ -‬علقة الباضية بأهل الخلف في مرحلة الظهور‬

‫أول واجب للمام أن يدعوا أهل الخلف الى ترك ما به خالفوا "فإن أجابوا للطاعة فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على‬
‫المسلمين"(‪ )24‬وكان العدل والمساواة في كل شيء لهم حقوقهم من الفيء والغنائم والصدقات "ولهم علينا دفع‬
‫الظلم عنهم وان غزوا معنا فلهم سهامهم كما لنا(‪ )25‬أما اذا امتنع منهم عن أداء الواجبات عوقب بما يرده إلى‬
‫سواء السبيل‪.‬‬

‫أما اذا فضل المخالفون بالمكوث في بلدهم واقامة دولة لهم فيها ليجروا أحكامهم وفق مبادئهم فان الباضية‬
‫يتركونهم لشأنهم على شرط ان يعترفوا بالدولة الباضية ويذعنوا لطاعتها ويصبحوا في حكم المحميين‪ ،‬على الدولة‬
‫الباضية والدفاع عنهم ‪،‬يقول الوارجلني‪" :‬نأخذ منهم كل ما يجب من الحقوق ونردها في فقرائهم وذوي الحاجة‬
‫منهم‪ ،‬ول نتركهم يظهرون منكرا بين أيدينا(‪ )...‬ونمنعهم ان يحدثوا في أيامنا‪...‬إل أن يكون أمرا ل مكروه تحته فلنا‬
‫الخيار"(‪)26‬‬

‫وإذا حدث أن وقع صراع مسلح فالباضية ل يتبعون مدبرا ول يجهزون على جريح ول يقتلون النساء والطفال‬
‫والشيوخ‪ ،‬فإذا هزم الباضية فأموال المخالفين مردودة عليهم إل ما كان لبيت مال المسلمين‪.‬‬

‫كان ذلك عرضا لحوال الباضية في مرحلة الظهور فما حالهم في الدفاع؟‬

‫د‪ -‬حكم الدار ومعسكر السلطان‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫===============‬

‫‪ ) 24‬أبو زكرياء يحيى بن أبي الخير الجناوني‪ ،‬كتاب الوضع‪ ،‬مط الفجالة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬تا ص ‪.17‬‬
‫‪ ) 25‬الوارجلني‪ ،‬الدليل والبرهان‪ ،‬جـ ‪ ،3‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 26‬المصدر السابق ص ‪.54‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفاع‬

‫مرحلة الدفاع بعد الظهور أقل مرتبة ودرجة وفضل سميت بالدفاع لن المسلمين يشغلهم الدفاع عن أنفسهم ودينهم‬
‫ومكتسباتهم عن إقامة الدولة والظهور على العداء‪ ،‬ويكون المسلمون حينئذ قد ضعفوا وتخلفو عن شرف الظهور‪،‬‬
‫لنقص إمكانياتهم وقلة عددهم وع ذلك "يجب ال يهادنوا الظلم وان ل يستكينوا للطغيان وان ل يسمحوا لليدي العابثة‬
‫ان تهتك حرماتهم وتحول دون أمور دينهم وتتحكم في أعمالهم وعبادتهم"(‪ )27‬بل ويصبح أمر الدفاع واجبا فيلجأ‬
‫الباضية الى اختيار امام يقود الجماعة لسترجاع حقوقهم وتدعى إمامته بإمامة الدفاع‪.‬‬

‫يرى أ‪.‬مهدي طالب هاشم (معاصر) ان إمامة الدفاع تعقد بعد موت المام الشاري(‪ )28‬وقد اعتمد حسب قوله على‬
‫رواية الدرجيني في طبقاته التي تشير الى تعيين عبدال بن سعيد الحضرمي إماما للدفاع بعد موت المام الشاري‬
‫عبدال بن يحيى الكندي (طالب الحق)(‪ .)29‬لكن يبدوا ان إمامة الدفاع ل تعقب المام الشاري بالضرورة أما رواية‬
‫الدرجيني فلم تثبت تعيين الحضرمي بعد طالب الحق‪ ،‬وان الذي ذكره كان في سياق الخروج على الظلمة‪ ،‬ومبايعة‬
‫رجل "يقال لـه حسن بعدما وقع في أمر عبدال بن سعيد الذي أنكروا عليه أشياء‪ )30("...‬ولعله من الرجح ان تعقد‬
‫إمامة الدفاع بعد زوال الظهور وضعف الدولة الباضية‪.‬‬

‫أ‪-‬موجبات الدفاع‬

‫من موجبات الدفاع ورفع رايته ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬مداهمة العدو للمة‪ ،‬وسيطرته على الوضع‪ ،‬وقد يكون هذا العدو من خارج الدولة‪ ،‬استهدف الرض والشعب‬
‫وأطاح بالمامة القائمة وقد يكون العدو من الداخل كظهور حزب منشق يقوم بثورة ضد الحكم القائم‪ .‬أو من الخارج‬
‫بتدخل أجنبي في شؤون الدولة وهذا هو الغالب‪.‬‬

‫ب‪ -‬تفشي الفساد وإشاعة الفاحشة‪ ،‬وكثرة الظلم بسبب انحراف المام عن الجادة وتخليه عن المانة وخيانته ل‬
‫ورسوله والمؤمنين(‪.)31‬‬

‫حينئذ يجتمع المسلمون على امام ينصبونه "وتجري عليه الحكام التي تقع في حالة إماما للظهور‪ -‬وتجب عليهم‬
‫طاعته"(‪ )32‬فيعلنون الدفاع عن الدين والمة مبتدئين أول بتحذير الظالم وارشاده ونصحه واقناعه بالرجوع الى‬
‫سواء السبيل فإذا امتنع وتعنت استكبارا عن الخضوع لمر ال حينئذ تشمر الجماعة الثورة على الظلم والبغي‬
‫والجور والكفر والستعمار‪....‬‬

‫يسمى قائد الثورة امام الدفاع لـه على المة الثائرة حق الطاعة والمتثال ما دامت الثورة قائمة‪ ،‬فإذا هدأت واستقرت‬
‫الوضاع أصبح واحدا من أفراد المة "تزول إمامته بزوال الثورة‪ ،‬فتجدد لـه أو لغيره لحادث‪ ،‬وقيل يجوز نصبه على‬
‫استمرار وإبقاءه اذا نصب بل قيد استمرار ول نفي استمرار فل يزول بزوال الحرب"(‪ )33‬فالعبرة بشروط التنصيب‪.‬‬

‫ب‪ -‬نتائج الدفاع‬

‫والثورة ل تهدأ ال بأحد أمرين‪ :‬النتصار أو الفشل‪.‬‬

‫أول‪ :‬تنتصر المة الثائرة وترجع المور الى نصابها وتستقيم الوضاع وفي هذه الحالة تحتمل نتيجتين‪:‬‬

‫‪ -1‬تستجيب الدولة الباغية الى الرشد الى أهل الحق وفي كل الحالتين ل يكون لزعيم الثورة حق في المامة كما‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رأينا‪.‬‬

‫‪:2‬تفشل الثورة ول تحقق أهدافها وتحتمل نتيجتين كذلك‪.‬‬

‫أ‪ -‬يستشهد الثوار عن بكرة أبيهم‪ ،‬بعد أن أدوا واجبهم وهذا مطلب عظيم أجره ونتيجة مرغوب فيها‪.‬‬

‫ب‪ -‬تبقى أقلية من الثوار ل حول لهم ول قوة‪ ،‬فيختارون بين أمرين‪ :‬أما الستراحة وطريق السلم فيدخلون في‬
‫مرحلة الكتمان‪ ،‬واما تجديد العزم والدخول في مرحلة الشراء‪.‬‬

‫وللدفاع أمثلة في التاريخ كأيام عبدال بن وهب الراسبي (بايعوه إذ غشيهم العدو فاستشهد بالنهروان ومن معه من‬
‫المسلمين إل يسيرا)(‪ .)34‬وأبو حاتم ابن حبيب يعقوب الملزوزي (منذ بويع ما استكان للشيطان ول طلب الراحة‬
‫للبقاء بل جرد سيفه وأقام دين ال طاعة فقاتل جنود الظلم)(‪.)35‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫================‬

‫‪ ) 27‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ 1‬ص ‪.93‬‬


‫‪ ) 28‬مهدي طالب هاشم‪ ،‬نشأة الحركة الباضية في المشرق العربي‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ ) 29‬إمام من اليمن استولى على صنعاء‪ ،‬ومكة‪ ،‬بعث له الخليفة عبد الملك بن محمد وقتله سنة ‪130‬هـ‬
‫‪ ) 30‬طبقات الدرجيني‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.251‬‬
‫‪ ) 31‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ 1‬ص ‪.93‬‬
‫‪ ) 32‬حاشية الوضع لبي ستة‪ ،‬باب مسالك الدين‪ ،‬انظر أيضا‪ :‬محمد بن يوسف اطفيش‪ ،‬شرح النيل جـ ‪ ،14‬ص ‪.276‬‬
‫‪ ) 33‬اطفيش شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪ ،114‬أنظر أيضا‪ :‬مهدي طالب هاشم‪ ،‬نشأة الحركة الباضية في المشرق العربي‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪ ) 34‬حاشية الوضع لبي ستة‪ ،‬باب مسالك الدين مخطوط‪.‬‬
‫‪ ) 35‬أحمد بن سعيد الشماخي‪ ،‬مقدمة التوحيد وشروحها ص ‪ ،53‬وأنظر أيضا الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪،36‬‬
‫وأنظر أيضا عبد العزيز الثميني‪ ،‬معالم الدين (مخطوط) ص ‪.269‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشراء‬

‫يأتي الشراء كمرحلة ثالثة من مسالك الدين تتفق هذه المرحلة مع الدفاع من حيث الهداف المتعلقة بالطاحة‬
‫بالسلطان الجائر وتصحيح الوضاع السياسية والجتماعية وكذا المطالبة بتنفيذ أحكام الشريعة لكن تختلف وإياها في‬
‫أسلوب التغيير وطريقة تنفيذ العمليات‪ ،‬حيث يعتمد الشراة في تحركاتهم على الحيلة والمباغتة والعنف من أجل تغيير‬
‫المنكر وتصحيح الوضاع في أوساط الدولة الفاسدة‪.‬‬

‫يقول الشيخ علي يحيى معمر(‪1979-1915‬م)‪( :‬ان هذا التنظيم يشبه ان يكون شعبا على دولة ظالمة‪ ،‬مسلمة أو‬
‫مسألة راضية بالذل حتى ل تطمئن الى تنفيذ خططها الجائرة وقد ل تكون لها نتائج غير هذا القلق يخيم على‬
‫الظالمين)(‪ )36‬والذين يتولون هذه المهمة يسمون "الشراة" لنهم باعوا أنفسهم بالجنة "أو لشراء أنفسهم من‬
‫النار‪ ،‬أو لشراء الجنة بأنفسهم‪ ،‬فإن الشراء يطلق أيضا للبيع(‪.)37‬‬

‫قال تعالى‪:‬‬

‫(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة ال) (‪)38‬‬

‫وقال في آية أخرى‪:‬‬

‫(إن ال اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) (‪)39‬‬

‫أ‪-‬ما هي شروط مرحلة الشراء؟‬

‫يشترط الباضية عند خروج الشراة معلنين الثورة ضد الحكم أن يكون عددهم من أربعين فما فوق "تأسيا بالنبي‬
‫صلى ال عليه وسلم أول أمره(‪ )...‬فلما اكتمل عدد من آمن به أربعون نزل عليه قوله تعالى‪:‬‬

‫(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) (‪.)40‬‬

‫فأمر بإظهار دعوته والجهر بها"(‪ )41‬وان ل يعودوا الى أهلهم ال ان يموتوا أو يصبح عددهم ثلثة أو اقل‪ .‬يقول‬
‫القطب (اطفيش محمد)‪" :‬وإمام الشراء اذا نزل عن ثلثة فليس عليه وقيل عليه شيء وقيل يجاهد حتى يظهر أمر‬
‫ال أو يموت"(‪.)42‬‬

‫هذا بعض ما يشترطه الباضية فيمن يهب نفسه عن طواعية للجهاد ابتغاء مرضاة ال‪ .‬لكن هناك تساؤل يفرض‬
‫نفسه في الموضوع‪ ،‬كيف يعود الثلثة الى أهلهم وقد عاهدوا ال بالخروج للموت؟ يقول الشيخ عبد الرحمن‬
‫بكلي(معاصر) ذلك عندي اجتهادا منهم‪ -‬رحمهم ال‪ -‬ولول ان أكون قد تجرأت على مقام أئمتنا(‪ )...‬لقلت‪ :‬ل يسوغ‬
‫لمن بلع نفسه ل أن يعود الى أهله ولو بقي وحيدا بل يظل موفيا لصفقته أو يستشهد(‪ .)43‬ولعل في المر مقصدا‬
‫آخر مفاده ان البقية الباقية يؤثرون على أنفسهم ليحرموا من الشهادة في سبيل إعادة الكرة من جديد ويشكلوا نواة‬
‫لجماعة أخرى تعلن الثورة على الفساد وبهذا يستمر البقاء الباضي‪...‬‬

‫أما الشروط أثناء الخروج فقاسية تأخذ طابعا عقائديا(‪" )44‬ل يقبلها ال الفدائيون الذين وهبوا حياتهم لحياة المة‬
‫السلمية"(‪ )45‬ويمكن حصر هذه الشروط والتعاليم فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ل يعود الشراة الى ديارهم بعد الخروج ال في حالت استثنائية يمكن للواحد ان يدخل منزلـه اضطرارا من اجل‬
‫استمرارية الثورة للتزود أو لجمع الذخيرة والستخبار‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -2‬يعتبر العائد الى منزله‪ -‬لمهمة‪ -‬غريبا عنه وفي حكم المسافر فيقصر في صلته وعندما يكون في سعف الجبال‬
‫وفي بطون الودية(‪ )...‬يعتبر في منزلـه وبين أهله‪.)46()...‬‬

‫‪ -3‬أن ل يستقروا في مكان واحد ول يركنوا الى الراحة لن مهمتهم تقتضي التنقل الدائم واليقظة المستمرة استعدادا‬
‫لمباغتة العدو في كل لحظة‪.‬‬

‫‪ -4‬أن ل يعترضوا سبيل المسالمين ول يروعوا المنين وان ل يمسوا الشيوخ والنساء والطفال بسوء وكل ضعيف‪.‬‬

‫‪ -5‬أن ل يهلكوا الحرث والزرع والغلل وان ل يهدموا السوار والمباني‪...‬ال لضرورة تقتضيها المصلحة‪.‬‬

‫‪ -6‬أن ل يتخلوا عن رسائلهم حتى ينتهي بهم المر الى النجاح أو القتل والقتل أقرب المرين لهم(‪.)47‬‬

‫ب‪ -‬أهداف الشراة‬

‫الغاية القصوى التي خرج من أجلها الشراة تتمثل في إعلن الثورة ضد الظلم والفساد‪ ،‬وتغيير نظام الحكم ان لم يحكم‬
‫الرعية بمقتضى الشرع‪ ،‬أو كان الحاكم من غير الملة أصل دخل البلد مستعمرا ‪ ،‬حينئذ ينشد الشراة أهدافا مرحلية‬
‫تكون مطية لبلوغ الهدف السمى‪ ،‬وتتلخص الهداف فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬قطع المواصلت على السلطة الظالمة‪.‬‬

‫‪ -2‬هدم قلع الطغاة وحصونهم‪...‬‬

‫‪ -3‬الستيلء على مخازن الذخيرة والعتاد‪.‬‬

‫‪ -4‬إثارة الشغب في أوساط أجهزة الدولة المستعمرة‪.‬‬

‫‪" -5‬ضرب مضاجع ومعاقل السلطة الجائز وزعزعة هيبتها حتى تشعر المة السلمية ان هناك قوة روحية‪...‬إلهية‬
‫أقوى واشد من القوة المادية الحاكمة التي وصلت الى الحكم عن طريق الوسائل اللأخلقية لجل حب الرئاسة‬
‫ومفاتنها"(‪.)48‬‬

‫يقيم الشيخ علي يحيى معمر مرحلة الشراء بقوله‪" :‬انه تنظيم رائد للفدائية في السلم عندما يتحكم الظلم وتعطل‬
‫أحكام ال بأحكام السلطان"(‪ )49‬وقد سجل التاريخ صفحات خالدة لثورات رائعة في مرحلة الشراء نذكر منها ‪":‬‬
‫ثورة أبو بلل مرداس الثميني‪ ،‬وأخيه عروة‪ -‬أول من قال ل حكم ال ال‪ -‬وقريب بن مرة الودي وزحاف الطائي‪("...‬‬
‫‪ )50‬قال أبو القاسم سعيد العماني ‪":‬بلغنا ان هؤلء كانوا يخرجون بأمر أمامهم جابر بن زيد العماني ويحبون سيرة‬
‫الحرب لئل تموت دعوتهم"(‪.)51‬‬

‫هذه سيرة الشراة وبعض أعمالهم في حالة الحرب وطغيان الجور‪ ،‬وفيما يلي مهام الشراة في حالة السلم وتحت‬
‫الدولة العادلة‪.‬‬

‫حيث يقوم نظام الحكم على أصوله ويجتهد المام في تطبيق الحكام الشرعية‪ ،‬فإن الشراة الذين عاهدوا ال على‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر ل تأخذهم في ذلك لومة لئم ول خوف من الموت‪ ،‬فأنهم ل يجنحون الى الراحة‬
‫والقعود عن أداء واجبهم حتى في حالة السلم والرخاء حيث تشغلهم عناية الدولة ومراقبة السلطة في تسيير‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫شؤونها‪ ،‬ومتابعة الئمة وأعوانهم في تنفيذهم لوامر ال واقامة حدوده‪...‬ول يخفى ما لهذه المهمة من آثار إيجابية‬
‫في سياسة المة كما يسمح مركزهم هذا بالتوسط بين الرعية وساستها وحل الكثير من المعضلت بفضل إخلصهم‬
‫يقول الشيخ سليمان الباروني(‪ )52‬في شأن الشراة‪" :‬انهم يمتحنون دائما الئمة والعمال"(‪ )53‬فيراقبونهم في‬
‫أعمالهم واخلقهم ومعاملتهم ول يخفى الشراة نتائج تحرياتهم بل يعلنون عن كل شيء وجدوه فيطلعون الرعية بذلك‬
‫ان كان خيرا يحمدون ويثنون وان كان غير ذلك يذمون وينتقدون ويطالبون بالصلح "وعلى ذلك يكون مدار أقوال‬
‫الناس فيهم"(‪ )54‬وبفضل هذا النظام الرقابي ينضبط الئمة ويحرص الحكام على السير السوي ويجعلون نصب‬
‫أعينهم "علم الجميع بإخلصهم العمل ل في إصلح المة وإقامة الدين"(‪.)55‬‬

‫والواقع ان نظام الشراء عند الباضية‪ ،‬يشبه الى حد كبير حركة ثورية مبدؤها مقاومة الظلم أما بالدعوة السلمية أو‬
‫بالقوة ان اقتضى المر ذلك(‪ ،)56‬وتتميز هذه الحركة بالتخطيط المسبق لها وتنظيماتها الدقيقة التي تشبه تنظيمات‬
‫الحزاب السرية المعاصرة(‪ )57‬من ثم كانت حركة الدعوة الباضية تحاول دائما "التغيير والتبديل نحو الفضل (‪)...‬‬
‫ضمن مفاهيم ومبادئ وأهداف داخل إطار السلم وقيم العروبة(‪.)58‬‬

‫==========================‬

‫‪ ) 36‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.94‬‬


‫‪ ) 37‬أطفيش شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ ) 38‬البقرة‪ ،‬الية ‪.207‬‬
‫‪ ) 39‬التوبة الية ‪.111‬‬
‫‪ ) 40‬الحجر الية ‪.94‬‬
‫‪ ) 41‬بكلي عبد الرحمن‪ ،‬فتاوي البكري‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.339‬‬
‫‪ ) 42‬أطفيش ترتيب لقط الشيخ موسى بن عامر‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫‪ ) 43‬بكلي عبد الرحمن‪ ،‬فتاوي البكري‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.340‬‬
‫‪ ) 44‬مهدي طال هاشم‪ ،‬الحركة الباضية في المشرق‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫‪ ) 45‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ) 46‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ) 47‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.95‬‬
‫‪ ) 48‬بكير أعوشت‪ ،‬دراسات إسلمية في الصول الباضية‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ ) 49‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية في موكب التاريخ الحلقة ‪ ،1‬ص ‪.95‬‬
‫‪ ) 50‬الشماخي مقدمة التوحيد‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 51‬محمد أبو ستة‪ ،‬حاشية الوضع‪ ،‬باب مسالك الدين مخطوط‪.‬‬
‫‪ ) 52‬توفي يوم ‪ 1‬ماي ‪1940‬م‪ ،‬راجع تاريخ حياته في كتاب‪ :‬سليمان الباروني باشا‪ ،‬تأليف إبراهيم أبو اليقظان ‪ ،‬مط العربية الجزائر‬
‫‪1956‬م‪.‬‬
‫‪ ) 53‬سليمان الباروني‪ ،‬الزهار الرياضية‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ ) 54‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪210‬‬
‫‪ ) 55‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ ) 56‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ ) 57‬فاروق عمر‪ ،‬التاريخ السلمي وقمر القرن العشرين‪ ،‬دراسات نقدية في تفسير التاريخ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار اقرأ‪ ،‬بيروت ‪1985‬م‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ ) 58‬المصدر السابق ص ‪.40‬‬

‫رابعا‪ :‬الكتمان‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫المرحلة الرابعة من مسالك الدين هي الكتمان‪ ،‬وهي أدنى درجات الجهاد في سبيل ال‪ ،‬وفيها تفتر القوة‪ ،‬وتضعف‬
‫النفوس‪ ،‬فيعجز المسلمون عن رد المظالم وإنكار المنكر‪-‬ال بالقلب‪ -‬فترضى المة بالواقع وتستسلم الحكم الجبابرة‬
‫ول تجد سبيل للثورة ضد الحكم‪ ،‬فيضطر ذوو الغيرة على الدين حينئذ لكتمان أمرهم وانعزالهم بعيدا عن المجتمع‬
‫الفاسد ويوجهون نشاطهم لمورهم الداخلية ويكونون بذلك قد دخلوا مرحلة الكتمان وهو تنظيم خاص للمجتمع‬
‫الباضي الذي عجز عن إقامة الدولة لعدم توفر الشروط الكافية للظهور(‪.)59‬‬

‫وتمتاز مرحلة الكتمان بتنظيم جيد يقوم على مبادئ وتعاليم دقيقة تدل على قدرة الباضية على التنظيم المتسم‬
‫بالعقلنية والواقعية والعتدال في التفكير وإصدار الحكام ووضع المبادئ كما تدل مرحلة الكتمان على "النضج‬
‫السياسي لدى الباضية فالكتمان ل يعني السكوت وعدم الحركة وانما هو مرحلة أعداد لستلم السلطة"(‪.)60‬‬

‫ال ان الواقع يشير الى ان الباضية في الكتمان المعاصر ل يفكرون في العودة الى الظهور لن الظروف الحالية‬
‫مختلفة عما كانت عليه في القرون الولى للهجرة لن وجود سلطة إسلمية قائمة بشؤون الدولة تغني الباضية عن‬
‫الخوض في المجال السياسي‪ ،‬ولذلك "لم يقم من الباضية قائم يدعو لنفسه أو يعمل لغيره أو يساعد أحدا للوصول‬
‫الى الحكم منذ أواخر القرن الثالث للهجرة الى اليوم"(‪.)61‬‬

‫وفي مرحلة الكتمان يركز الباضية نشاطهم على جانبين‪ ،‬الول‪ :‬التنظيم الداخلي للمجتمع في المجال الديني‬
‫والجتماعي والتربوي والقتصادي والثاني‪ :‬العلقات الخارجية للمجتمع الباضي بغيره من الطواف والمذاهب‪.‬‬

‫أ‪-‬التنظيم الجتماعي في مرحلة الكتمان‪:‬‬

‫ما من نشاط داخلي للمجتمع الباضي في مرحلة الكتمان ال يقوم أساسا على مبدأ (المحافظة على الدين) حتى اصبح‬
‫هذا المبدأ عنوان المرحلة وهدفها فقالوا "من ضيع دينه فليس جاريا على حكم الكتمان(‪ ، )62‬ومع المحافظة على‬
‫الدين يجب المحافظة على المجتمع شكل ومضمونا شكل من حيث المؤسسات من السرة ومجلس العائلة والعشيرة‬
‫الى المسجد والبلدة ومجلس أعيان المساجد‪ ...‬ومضمونا من حيث القيم والعادات والتقاليد والتراث الصيل بمختلف‬
‫أنواعه وفنونه‪ ،‬مع الهتمام بالجانب الثقافي لما له من فعالية في استنهاض الهمم وشحذ العزائم وذلك يحسن تربية‬
‫النشء والعناية بتعليمه وتلقينه أصول دينه ومن ناحية أخرى اهتمام المثقفين بدراسة أصول المذهب ونشرها لضمان‬
‫استمرار البقاء الفكري ‪ ،‬وهو ما دأب عليه الباضية "فقد حاولوا في السنين الخيرة ان يستنهضوا همتهم ونشاطهم‬
‫وان يستعيدوا الشعور بكيانهم فغمدوا الى طبع عدد من كتبهم الرئيسية في علم الكلم"(‪ )63‬والفقه والتاريخ وكل‬
‫ذلك ل يتحقق ال بإنشاء جمعيات ومؤسسات خيرية تتكفل "بإرشاد الناس الى الخير العام وتهذيب نفوسهم وتسعى‬
‫الى غرس فضائل السلم وقيمه الخلقية وتربية النشء تربية دينية إسلمية سليمة ونشر الوعي الديني بين طبقات‬
‫الشعب"(‪.)64‬‬

‫والمؤسسات الدينية عديدة تختلف باختلف المهام المنوطة بها كالمسجد والعشيرة والمدارس والمعاهد والنوادي‬
‫ودور اليتامى يقوم برعاية هذه المؤسسات وتوجيهها هيئة عامة متمثلة في حلقة العزاب وهو نظام محكم يقوم مقام‬
‫السلطة في مرحلة الكتمان يقول ابو عمار عبد الكافي(ق ‪6‬هـ‪12/‬م)‪" :‬ومنزلة الحلقة أي نظام العزابة التي أثبتها‬
‫المشائخ حين عدم أهل المذهب السلطان العادل وتبوؤها ونزولها منزلة السلطان العادل في العدل سواء"(‪.)65‬‬

‫وتشير المصادر الباضية إلى انه كان للعزابة في دور الكتمان مهام سياسية فضل عن المهام الدينية والجتماعية‬
‫فكان على المجلس توليه المراء وعزلهم يقول الشيخ أبو سليمان التلتي(توفي ‪462‬هـ) "نحن جماعة العزابة ليس‬
‫بأيدينا ول إلينا تولية المراء ول عزلهم في هذا الزمان"(‪ )66‬ويعلق الشيخ على يحيى معمر على هذا بقوله‪" :‬يدل‬
‫هذا على ان تولية المراء وعزلهم كان من عمل العزابة لكنه نزع من أيديهم في هذا العصر"(‪ )67‬غير أني استبعد‬
‫ان يكون لهيئة العزابة دور في المجال السياسي علما ان العزابة كنظام ديني واجتماعي ل يظهر ال في مرحلة‬
‫الكتمان حيث ل تكون السلطة السياسية في يد الباضية والواقع يفرض عليهم ذلك ومن ثم يتعذر عليهم التدخل في‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫شؤون السياسة فضل عن تولية أو عزل المير يومي أبو عمار عبد الكافي الى ذلك حين يعتبر الحلقة في منزلة‬
‫السلطان وليست هي السلطة(‪.)68‬‬

‫ب‪ -‬علقة الباضية بمخالفيهم في مرحلة الكتمان‪:‬‬

‫أما هذه العلقة فإنها غير ثابتة‪ -‬في الواقع‪ -‬حيث نجدها تتسم بالتقارب والتآزر حينا وبالتباعد والتنافر حينا آخر وفي‬
‫الحالة الثانية تركن الجماعة الباضية النزواء حول نفسها رافضة كل ما يأتي من الخارج‪.‬‬

‫ويبدو ان هذا التارجح بين الحالتين ناتج أساسا عن التغيير الحاصل في الظروف الزمانية والمكانية وبما ان الباضية‬
‫يضطرون للدخول في مرحلة الكتمان هروبا بدينهم بسبب الفساد وتسلط الحكم الجائر فهذا مما يدعو بالضرورة الى‬
‫النعزال مع إبقاء العلقات الخوية بالمخالفين على الدوام دون إثارة الفتنة ما لم تمس الجماعة في سياسة الحياد‬
‫اليجابي وأول ما ينبغي في ذلك اللتجاء الى مواقع منعزلة "بعيدة عن مواطن التصال بين المم فيقطنون بقعا تكاد‬
‫نسيل منسيا"(‪.)69‬‬

‫ومن مظاهر النغلق في مرحلة الكتمان البتعاد عن مجالس المخالفين وعدم دراسة مؤلفاتهم مخافة التأثر بهم‬
‫والذوبان في مجتمعهم يقول الشيخ أبو الربيع سليمان بن يخلف النفطي(أواخر ق ‪5‬هـ) يوصي اتباع الباضية‬
‫‪":‬احذروا من ذلك سواكم‪ )70("....‬ويؤكد هذا نقمة المشائخ على أبي يعقوب يوسف ابن خلفون (أواخر ق ‪6‬هـ)‬
‫شغفه بمطالعة كتب الشراف(‪ )71‬وغيره من تصانيف المخالفين(‪.)72‬‬

‫ربما كان الباضية مبالغين في موقفهم عند الكتمان خوفا من الوقوع في مزالق الثم ال أنه حدث مثل هذا في فترة‬
‫من التاريخ فأنه‪ -‬ل محالة‪ -‬وقع تحت تأثير قوي من العصبية والطائفية‪ ،‬في عصر بلغ فيه الصراع المذهبي أوجه‬
‫على ان هذا النعزال ل يخلو من محاسن‪ ،‬أهمها تفرغ العلماء للدراسة والتأليف والتدوين وكان يتم ذلك في المغاور‬
‫وبطون الودية طلبا للعلم سرا‪ ،‬وبذلك لم تنقطع الحركة العلمية في مرحلة الكتمان ‪،‬‬
‫يقول أ‪.‬محمد الشيخ بالحاج "انه رغم تلك الوضعية القاسية المؤلمة فان الحركة العلمية أو الفقهية لم ينلها من ذلك‬
‫ال التستر والختفاء مع العمل الدؤوب دون انقطاع أو جمود أو إغلق لباب الجتهاد عند الباضية (‪ )73‬علما "ان‬
‫هذا التستر والختفاء فرض عليهم بالظلم والبطش ولم يرضوه لنفسهم اختيارا"(‪)74‬‬
‫وحيث ان موقف الباضية من المخالفين يتغير بتغير الظروف في مرحلة الكتمان‪ ،‬فان العلقة بين الباضية وغيرهم‬
‫قد تطورت نحو الحسن‪ ،‬بعد صفاء الجو من غيوم التطاحن والصراع‪ ،‬فحل الوفاق محل الخلف مع الحترام المتبادل‬
‫للراء والفكار ‪ ،‬يقول الشيخ علي يحيى معمر يدعو الى مزيد من التقارب والتفاهم والتحاد ضد أعداء السلم‪:‬‬
‫"عندما تكون الدولة القائمة جائرة يجب على المسلمين ان يستمعوا لها ويطيعوا في غير معصية ال وعليهم ان‬
‫يحاربوا معا أعداء السلم وان يدفعوا لها ما تطلبه ظروف الحرب من أموال ودماء وان يساعدوها في حفظ المن‬
‫والقيام بالمشاريع العامة"(‪.)75‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 59‬راجع شروط إقامة الدولة‪ ،‬الفصل الول من الباب الثالث‪.‬‬


‫‪ ) 60‬مهدي طالب هاشم‪ ،‬نشأة الحركة الباضية في المشرق العربي‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ ) 61‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‬
‫‪ ) 62‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ ) 63‬أجناس جولد تسيهر‪ ،‬العقيدة والشريعة في السلم‪ ،‬ترجمة محمد يوسف مرسي عبد العزيز عبد الحق‪ ،‬علي عبد القادر‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪ ) 64‬بكير أعوشت‪ ،‬دراسات إسلمية في الصول الباضية‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ ) 65‬أبو عمار الكافي‪ ،‬نظام العزابة‪ ،‬رسالة مخطوطة‪ ،‬ص ‪ 5‬أنظر أيضا فرحات الجعبيري‪ ،‬نظام العزابة‪....‬ص ‪.25‬‬
‫‪ ) 66‬أورد الشماهي هذا الخبر في السير‪ ،‬ص ‪.583‬‬
‫‪ ) 67‬في رسالة بعثها‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 68‬أبو عمار عبد الكافي‪ ،‬رسالته في نظم العزابة مخطوطة‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ ) 69‬أجناس جولد تسيهر‪ ،‬العقيدة والشريعة في السلم‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪ ) 70‬صالح باجية‪ ،‬الباضية بالجريد‪ ،‬ص ‪ 48‬نقل عن الدرجيني الطبقات جـ ‪.2‬‬
‫‪ ) 71‬أنظر‪ :‬الفقه على المذاهب الربعة‪ ،‬لبي بكر النيسابوري الشافعي‪ ،‬المتوفى سنة ‪318‬هـ‪.‬‬
‫‪ ) 72‬الدرجيني طبقات المشائخ بالمغرب‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.496‬‬
‫‪ ) 73‬محمد الشيخ بالحاج‪ ،‬الجتهاد عند الباضية‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ ) 74‬محمد الشيخ بالحاج‪ ،‬في مقابلة معه في القرارة‪.‬‬
‫‪ ) 75‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫تابع‪ :‬رابعاً‪ :‬الكتمان‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫جـ‪ -‬نظام العزابة‪:‬‬

‫العزابة جمع لكلمة عزاب وهو السم الذي يحمله العضو في حلقة العزابة والحلقة(‪ )76‬نظام ديني اجتماعي تربوي‬
‫تطور عبر مراحل التواجد الباضي بين وادي أريغ ووادي مزاب ليصبح مجلسا للعزابة "وهو أعلى سلطة في المكان‬
‫الذي يوجد فيه‪ ،‬ويمثل سلطة المام(‪ )...‬ويقوم مقامه في جميع مهامه باستثناء إقامة الحدود التي يعطلها الباضية‬
‫في طور الكتمان‪ )77("...‬ويرجع تاريخ تأسيس نظام العزابة الى أوائل القرن الخامس الهجري على يد الشيخ أبي‬
‫عبدال محمد بن بكر(‪ )78‬حين استقر مع تلميذه في مدينة " تينسلي"(‪ )79‬وفي غار "التسعي"(‪ )80‬شرع الشيخ‬
‫أبي عبدال في وضع نظام الحلقة سنة ‪409‬هـ(‪ )81‬ولما استكمل التنظيم وأرسى قواعده وآدابه وشروطه انتقل‬
‫الشيخ بتلميذه الى منطقة "وادي ميزاب" وبذلك دخل نظام العزابة الى المنطقة وهو ل يزال بها ساريا مفعوله الى‬
‫اليوم والعزاب رجل اعتزل العوائق الدنيوية وعزب عن الملذات (ولزم الطريق وطلب العلم‪ ،‬وسير أهل الخير وحافظ‬
‫عليها‪ ،‬وعمل بها فإن حمل جميع هذه الصفات سمي عزابيا‪.)82()...‬‬

‫تشكيل حلقة العزابة وصلحيتها‪:‬‬

‫تتألف الحلقة غالبا من أثنى عشر عضوا لكل مهامه الخاصة‪ ،‬وقد يرتفع عدد العضاء الى اكثر من ذلك حسبما‬
‫تتطلبه الحاجة الدينية والجتماعية‪ ،‬أما شروط العضوية فكثيرة أهمها ان يكون المرشح اباضيا متفانيا في خدمة‬
‫مذهبه واتباعه وان يكون حافظا للقرآن الكريم‪ ،‬زاهدا في الدنيا وملذاتها "وإذا تحدد الشخص جعل له رقيب ليراقب‬
‫سلوكه وتصرفاته"(‪ .)83‬أما شيخ العزابة فيشترط فيه ان يكون ذكيا لبقا ورعا لطيفا مع أصحابه يبقى في منصبه‬
‫مدى الحياة(‪ )84‬وهو الموجه الول لباضية بلدته‪.‬‬

‫مهام العضاء(‪:)85‬‬

‫‪ -1‬شيخ العزابة‪ :‬يتولى الوعظ والرشاد وتبليغ إعلنات العزابة الى العامة‪ ،‬وإليه يرجع المر في الحل والعقد وسير‬
‫شؤون الحلقة وقد ينوبه نائب له‪.‬‬

‫‪ -2‬المؤذن‪ :‬يتولى أمر الذان وضبط وقت الصلة‪.‬‬

‫‪ -3‬المام‪ :‬يتولى إمامة الناس في الصلة‪ ،‬وهو الذي يعلن حكم البراءة على المحكوم عليه بذلك من طرف مجلس‬
‫العزابة‪ ،‬وقد يقوم المام بإعلن العفو باسم أعضاء الحلقة ان لم يكن الشيخ حاضرا‪.‬‬

‫‪ -4‬وكيلن لوقات المسجد‪ :‬لهما مسؤولية السهر على أموال المسجد‪.‬‬

‫‪ -5‬ثلثة معلمين للصبيان‪ :‬يتولون مهمة تعليمهم القراءة والكتابة والشراف على سير محاصرهم والمحافظة على‬
‫نظام المسجد‪.‬‬

‫‪ -6‬خمسة أعضاء مساعدون‪ :‬تسند إليهم مهمات اجتماعية مختلفة‪.‬‬

‫والى جانب المهام المذكورة يتولى مجلس العزابة رعاية المصالح الجتماعية للمجتمع(‪ )86‬فيأمر بالمعروف وينهى‬
‫عن المنكر ‪ ،‬ويسهر على حل المشاكل والخصومات بين الناس ويحارب الفات الجتماعية كما يقوم بالشراف على‬
‫الكثير من المسائل التي تمس حياة المواطنين الدينية والجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫========================‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ ) 76‬كانت الحلقة تشتمل على الشيخ وجماعة التلميذ يعلمهم العلم ويلقنهم السير فكأنهم ملحقون ولو أنهم مفترقون الدرجيني‪ ،‬الطبقات‪،‬‬
‫جـ ‪ ،1‬ص ‪.4‬‬
‫‪ ) 77‬عوض محمد خليفات‪ ،‬التنظيمات السياسية والدارية‪...‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ) 78‬راجع ترجمته في طبقات الدرجيني‪ ،‬جـ ء‪ ،‬ص ‪ ،377‬وفي سير الشامخي ص ‪.384‬‬
‫‪ ) 79‬أوتنسلي بالقرب من توقرت(وادي أريغ) تعرف الن باسم بلدة أعمر‪.‬‬
‫‪ ) 80‬أو تسعماي نسبة الى سنة ‪ ،409‬أنظر طبقات الدرجيني‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.170‬‬
‫‪ ) 81‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص ‪.170‬‬
‫‪ ) 82‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ ) 83‬عوض محمد خليفات‪ ،‬التنظيمات السياسية والدارية‪...‬ص ‪.15‬‬
‫‪ ) 84‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ ) 85‬عمر سليمان بوعصبانة وعبدال خرفي‪ ،‬نشأة وعمران ميزاب ومؤسساته الدينية والجتماعية‪ ،‬جناح التاريخ بالسبوع الثقافي‬
‫الثالث لجمعية قدماء التلميذ‪ ،‬القرارة ‪1979‬م‪( ،‬مطبوعة بخط اليد على الستناسيل) ص‪.7 -6 :‬‬
‫‪ ) 86‬أنظر محمد بلغراد عن الوركي في العلم حول دور العزابة‪ ،‬الصالة عدد ‪ ،41‬صفحة ‪.44‬‬

‫تابع‪ :‬رابعاً‪ :‬الكتمان‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫د‪ -‬نظام العشيرة‪:‬‬

‫العشيرة مجموعة أسرة بينها قرابة الرحم ويلتقي نسبها في جد واحد‪ ،‬إل أن رباط الخوة السلمية وروح التعاون‬
‫والتآزر والحب في ال يجعل من هذه العائلت أسرة واحدة متحدة تربطها بغيرها من العشائر روابط التعارف‬
‫والتكامل الجتماعي والتعاون لما فيه الصالح العام والتنا صح في ال بحيث تذوب في هذه القيم الراسخة علقة الدم‬
‫والعصبية القبلية الجاهلية‪ ،‬وللعشيرة في وادي مزاب نظام محكم يقوم أصل على مبادئ الشريعة والتعاليم السلمية‬
‫السامية‪ ،‬يكفل للمجتمع الباضي العيش في أمن وسلم ورخاء‪ .‬وبفضل التكافل الجتماعي الذي يفرضه نظام العشيرة‬
‫تغيب في الباضية مظاهر الفقر والتسول والتشرد‪ ،‬وتخف حدة الطبقية‪ ،‬وتتساوى الفئات الجتماعية من حيث‬
‫المظهر‪ ,‬كما يفرض العرف العام تحديد وتوحيد أنماط السلوك الجتماعي في الحياة اليومية والمناسبات في التقاليد‬
‫والعادات‪ ،‬فتختفي بسبب ذلك ـ مثل ـ ظاهرة المغالة في مقدار ونوعية الصداق‪ ،‬وبذلك يتيسر لبسط الناس بناء‬
‫أسرة إسلمية بأقل التكاليف ويعود الفضل في كل ذلك إلى دور الساجد بالدرجة الولى ثم العشيرة التي تتمتع‬
‫بصلحيات واسعة تخولها الشراف عن كثب على الحياة الدينية والجتماعية والتربوية لبنائها‪.‬‬

‫يشرف على نشاط العشيرة مجلس أدارى ينتخب من مجموع أبناء العشيرة‪ ،‬وهذا المجلس يختار من بين أعضائه‬
‫رئيساً للعشيرة ويكون أفضلهم علم ًا وورعاً وصلحاً وهو ممثل العشيرة في حلقة العزابة‪.‬‬
‫أما صلحيات العشيرة فمتعددة التساع ومجالت اشرافها‪ ،‬حتى انه يتعذر حصرها‪ ،‬لكن يمكن تقسيمها إلى قسمين‬
‫هما ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬التكافل اللزامي ويتناول الصناف التالية (‪: )87‬‬

‫‪ -‬تحمل دية قتل الخطأ فيما فوق الثلث‪.‬‬

‫‪ -‬تقدير النفقة للفقير المحتاج‪ ،‬أما لمرض أو عجز أو نزول مصيبة عليه أو إتلف ماله‪ ،‬أو الشيخوخة والكبر وغير‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬تعين وكيل اليتيم‪ ،‬وتصفية تركة المتوفى‪.‬‬

‫‪ -‬تقدر للمتزوجة من العشيرة نفقة لها ولولدها بالعدل والمعروف في حالة تهاون الزوج عن ذلك‪ ،‬وكذا في حالة‬
‫الطلق‪.‬‬

‫‪ -‬تعين وكيلً للمبذر لماله والمسيء التصرف فيه سفها حتى ل يضيع مستقبل أولده‪ ،‬وكذا بالنسبة للمجنون‪.‬‬

‫ل للسرة التي غاب عنها وليها ولم يترك نفقة‪ .‬وتقدر لها نفقة حتى ل تضيع السرة‪ ،‬وتتعرض للفقر‪.‬‬
‫‪ -‬تعيين وكي ً‬

‫ثانيا ‪ :‬التكافل الجتماعي ‪:‬‬

‫وهو إن لم يكن لزماً فهو ضروري لتتكامل حياة المجتمع‪ ،‬ومن أهم مجالته ما يلي (‪:)88‬‬

‫‪ -‬تعاون العشائر بالمساعدات المادية والمعنوية وعن طريق الحملت التطوعية لصالح البلدة والمجتمع منها على‬
‫سبيل المثال ‪:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -‬التعاون على بناء المشاريع الخيرية العامة مثل المدارس والمساجد ودور العشائر والنوادي‪ ،‬والسدود ‪.‬‬

‫ل ونهاراً‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون على حفظ المن في البلد وذلك ببناء السوار حول المدينة‪ ،‬وتنظيم الحراسة العامة لي ً‬

‫‪ -‬التعاون على إقامة العراس لبناء العشيرة والحتفال بهم ‪.‬‬

‫‪ -‬التعاون على تربية النشء وتربيتهم وتوجيههم‪.‬‬

‫هذا هي العشيرة التي تقوم على مبادئ إسلمية يعتمد عليها اباضية الجزائر لتنظيم شؤونهم الجتماعية والتربوية‬
‫وهي تقوم مقام الدولة في أداء الخدمات الجتماعية في حالة الظهور‪ ،‬يقول الشيخ أبو اليقظان ‪ " :‬لو أن بلد السلم‬
‫حافظت على نظام العشيرة فيها كما حافظت عليه بلد ميزاب لكان أولئك السواد العظم من الفقراء واليتامى‬
‫والمساكين والرامل (‪ )...‬والسفهاء والمجانين وأمثالهم مكفولين غير مضطرين إلى ملجئ تأويهم أو إلى الطرق‬
‫للتسول ‪ )89( "....‬والواقع أنه مهما سعت الحكومة في القيام بشؤون المواطنين الداخلية – وما أكثرها وأعقدها –‬
‫فأنها ل تستطيع تحقيق مساعيها في غياب هذه المؤسسات الخيرية التي تعمل جاهدة للصالح العام وتقدم خدمات‬
‫كبرى للدولة بدون مساس بسيادتها وهيبتها‪.‬‬

‫هذه نظرة خاطفة على النشاط الباضي في مرحلة الكتمان وما يتعلق بها من تنظيمات تأخذ طابعاً اجتماعياً ودينياً ‪،‬‬
‫وتبتعد ما أمكن عن الخوض في المجال السياسي ‪ ،‬لن الهدف الول من الكتمان هو التركيز على الحياة الداخلية‬
‫للمجتمع‪ ،‬بالمحافظة على الدين والسعي في تطبيقه‪ ،‬وبتنظيم الحياة الجتماعية‪.‬‬

‫ويمكن أن نلحظ ما دمنا في آخر مراحل مسالك الدين ان الكتمان ينقسم إلى نوعين‪ :‬الول ‪ :‬مرحلة الختفاء والتستر‬
‫المتطرف والنعزال التام وهي شبيهة بحالة القعود مثل ما كان عليه المام جابر بن زيد وأبو عبيدة مسلم في العراق‪،‬‬
‫وأبو الربيع سليمان بن يخلف النفطي (ق ‪5‬هـ) ومن عاصره في الجريد حيث كانوا يبالغون في أخف الموسم‪ ،‬نظراً‬
‫الظروف القاسية في زمانهم ‪.‬‬

‫والنوع الثاني ‪ :‬هو الكتمان المعتدل أو الظاهر حيث يتمتع فيه الباضية بحرية الرأي واظهار نشاطهم بين المم إل‬
‫أنهم يعجزون عن أقامة دولة مستقلة لهم ول يرغبون في ذلك‪ .‬ومثال هذا النوع حالة إباضية شمال إفريقيا بعد‬
‫سقوط الدولة الرستمية ‪.‬‬

‫فنسمي الحالة الولى بالكتمان الخفي‪ ،‬والحالة الثانية بالكتمان الظاهر‪ ،‬وفي كل من الخفي والظاهر يترأس الجماعة‬
‫الباضية إمام الكتمان يدعى إمام المسلمين أو إمام القوم أو إمام التحقيق كما كان يسمى عبد ال ابن إباض في صدر‬
‫نشأة المذهب (‪.)90‬‬

‫إل أن هذه المامة ل تأخذ بعدًا سياسياً‪ ،‬فالمام في مرحلة الكتمان يكون بمثابة الرئيس (في حكومة ) ديموقراطية‬
‫اباضية تدعى جماعة المسلمين)(‪ )91‬تتولى هذه الحكومة أو السلطة رعاية الشؤون الداخلية والتنظيمات الجتماعية‬
‫للجماعة الباضية ‪ ،‬وتتشكل هذه الحكومة من مجلس متكون من خيرة المشائخ ينتخبون من بينهم رئسا تسند إليه‬
‫مهام إمامة الكتمان‪ ،‬من أمثلة هذا التنظيم – مجلس المشائخ في عهد المام جابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي‬
‫كريمة‪ ،‬ثم الربيع بن حبيب ومن جاء بعدهم في المشرق ‪ ،‬وفي المغرب نجد مجلس المشائخ في عهد يعقوب بن‬
‫سهلون (ق ‪ 4‬هـ) وأبي نوح سعيد بن زنغيل (ق ‪5‬هـ) وأبي عبدال محمد بن بكر (ق ‪ 5‬هـ) وأبي الربيع سليمان بن‬
‫يخلف المزاتي (ق ‪ 6‬هـ) ثم أخيراً مجالس العزابة التي قل نشاطها أو توقف نهائياً لدى اباضية شمال أفريقيا (‪)92‬‬
‫باستثناء قرى وادي مزاب الكائنة في جنوب الجزائر والتي ل تزال مجالس العزابة فيها تقوم بمهامها الدينية‬
‫والجتماعية وإليها يعود تنظيم النشاط الباضي في مرحلة الكتمان‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫=====================‬

‫‪ ) 87‬أبو اليقظان إبراهيم‪ ،‬نظام العشيرة في وادي ميزاب‪( ،‬مخ) ص ‪.13‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 88‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ ) 89‬إبراهيم أبو اليقظان‪ ،‬نظام العشيرة في وادي ميزاب(مخ) ص ‪.12‬‬
‫‪ ) 90‬انظر سير الشماخي‪ ،‬ص ‪ ،77‬جواهر البرادي‪ ،‬ص ‪ ،155‬السير العمانية ص ‪.110‬‬
‫‪ ) 91‬تادوز لويكي‪ ،‬دائرة المعارف السلمية مادة الباضية‪.‬‬
‫‪ ) 92‬أنظر فرحات الجعبيري‪ ،‬نظام العرابة عند الباضية الوهبية في جربة‪ ،‬مط العصرية تونس ‪1975‬م‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬إمام الظهور‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫إمام الظهور‬

‫أول‪ :‬شروط المامة‬

‫ثانيا‪ :‬تنصيب المام‬


‫أ‪-‬الترشيح‬
‫ب‪ -‬البيعة (أهمية العقد)‬
‫جـ‪ -‬الصفقة‬
‫د‪ -‬حالت استثنائية عند البيعة‬

‫ثالثا‪ :‬موجبات عزل المام‬

‫رابعا‪ :‬هل يجوز الخروج على السلطان الجائر‬

‫خامسا‪ :‬موقف المة من المام العادل‬

‫سادسا‪:‬مسؤوليات المام وواجباته‬


‫أ‪-‬المسؤوليات المنية‬
‫ب‪ -‬المسؤوليات المنية‬
‫جـ‪ -‬المسؤوليات الدينية‬
‫د‪ -‬المسؤوليات القتصادية‬
‫هـ‪ -‬المسؤوليات الجتماعية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬إمام الظهور‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫بما أن التفكير السياسي لدى الباضية "منشئوه العقيدة الدينية‪ .‬وتقوم المامة على تطبيق مبدأ المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر"(‪ )1‬وانطلقا من مبدأ الفضلية للتقى والصلح دون اعتبار العرق والنسب‪ ،‬عمل بروح التعاليم‬
‫السلمية في المجال السياسي والجتماعي القائم على مبدأ الحرية النسانية والمساواة فإن الباضية اختاروا التجاه‬
‫الديمقراطي السلمي كنظام سياسي واجتماعي لنه النظام الوحيد الذي يكفل الحريات السياسية للموطن‪.‬‬

‫كما يضمن صيانة حقوق الفرد ضمن حدود الشريعة‪ ،‬ومن أهم حريات المواطن اختيار من يتولى رعايته ومن أبسط‬
‫حقوق تولي السلطة اذا تأهل لها‪ .‬ونظرا لهذه المنطلقات الساسية كان رأي الباضية في المامة "هو الرأي الذي‬
‫يؤيده التجاه الحديث ويؤيده كل مخلص لدينه ووطنه"(‪ .)2‬ومن أهم مزاياه المحافظة على مبدأ الشورى وهو عمود‬
‫الديموقراطية في الحكم‪ ،‬ولذلك أولى الباضية عناية كبيرة بمفهوم الشورى فكانوا "وحدهم الذين طبقوه في الحكم‬
‫بعد الخليفتين أبي بكر وعمر"(‪.)3‬‬

‫ونظرا لهمية التجربة الباضية في مجال الحكم فأننا سوف نركز الحديث حول تطبيق الشورى والديمقراطية من خلل‬
‫عرضنا لجهاز الحكم المتمثل في المام كمسؤول أول في الدولة ثم أعوانه ومساعديه كمجلس الشورى والقضاة‬
‫والعمال والحسبة والجيش‪ .‬وهي أطراف متكاملة لتأليف شيء واحد هو السلطة بأنواعها الثلثة‪ :‬التشريعية‬
‫والتنفيذية والقضائية‪ .‬ونظرا لهمية المام سنفرد لـه خاصا ثم نتطرق الى أعوانه في فصل لحق‪.‬‬

‫=================‬

‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.289 ) 1‬‬


‫‪ ) 2‬عبد الحليم محمود‪ ،‬التفكير الفلسفي في السلم‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪ ) 3‬عوض محمد خليفات الصول التاريخية لنشأة الفرقة الباضية ص ‪.54‬‬

‫أول‪ :‬شروط المامة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫عندما نسأل‪ :‬من أحق بمنصب المام؟ نكون قد أثرنا أهم مسألة في الفكر السياسي عند المسلمين ولعلها أول مشكلة‬
‫سياسية اختلف حولها الفقهاء والعلماء فترتب عليها ظهور الحزاب السياسية والفرق الدينية‪ ،‬وسبب هذا الختلف‬
‫يعود الى تحديد الشروط المطلوب توفرها لدى المرشح لمنصب المام أو الخليفة أو أمير المؤمنين‪ ،‬وبالرغم من‬
‫اتفاق جميع المذاهب على الشروط الصلية كالعلم والجتهاد والذكاء والشجاعة والنزاهة والعدل والحرص على‬
‫مصلحة المسلمين‪ ،‬والتقى والورع‪...‬فإن الخلف يبقى واردا حول بعض الشروط التي تعتبر مكملة ل أصلية ‪ ،‬ومنها‬
‫شرط النتساب الى بني هاشم الذي تطالب به الشيعة(‪ ،)4‬أو فرع من آل البيت كالقرشية(‪.)5‬‬

‫أما المامية فاشترطت ان يكون المام "عالما بأصول الدين وفروعه بالفعل ل بالقوة وان يكون معصوما"(‪ ،)6‬وكذا‬
‫اشترط السماعيلية وزاد بعضهم اشتراط "ظهور المعجزة على يده"(‪ )7‬ويرد الشيخ محمد اطفيش على هذه الراء‬
‫بأن "خلفة أبى بكر وعمر وعثمان ليسوا من بني هاشم ول عالمين بالفروع والصول كلها بالفعل بل لهم اجتهاد‬
‫ومعونة من الصحابة كعلي"(‪()8‬رضي)‪ ،‬بل حتى علي ولم يكن من بين هؤلء الربعة معصوم‪ ،‬أما ظهور المعجزات‬
‫فهي مسألة تخص النبياء وحدهم‪.‬‬

‫ومن الشروط كذلك الولوية للفضل والعلم‪ ،‬وجواز الخروج عن المام اذا جار أو عدم جوازه وطاعته أول اذا لم‬
‫يعدل‪ )9("...‬كما تسبب في الخلف مسألة ترشيح المام وطريقة اختياره ثم تنصيبه وبيعته‪ ،‬وصلحياته ومهامه‪.‬‬

‫إذن فما موقف الباضية من كل ذلك؟ وما هي الشروط الواجب توافرها عند المرشح للمامة؟‬

‫في الواقع يتعذر تحديد هذه الشروط بشكل دقيق وثابت نظرا لتعدد الراء حولها وعدم وجود اتفاق شامل يجمع بين‬
‫قدماء الباضية ومعاصريهم ولكن يبقى المبدأ الساسي المتمثل في المنهج الديموقراطي وأحقية كل مسلم لمنصب‬
‫المامة دون اعتبار اللون والجنس ‪ ،‬يبقى هو المبدأ الذي يؤمن به كان مفكر اباضي ويمكن الملحظة كذلك ان‬
‫الشروط الى جانب كثرتها تتصف حينا بالصرامة والمبالغة عند بعض الباضية وتتصف حينا آخر بالبساطة والسهولة‬
‫عند الخرين‪.‬‬

‫وفيما يلي بيان أهم الشروط كما تتصورها النخبة من علماء الباضية مع التركيز على آراء الوارجلني ومحمد‬
‫اطفيش‪.‬‬

‫ونبدأ أول بتحديد القطب للشروط فيقول‪" :‬ان يكون مجتهدا في الصول والفروع ليقوم بأمر الدين والدنيا متمكنا من‬
‫إقامة الحجة وإزالة الشبه وتصحيح العقائد"(‪.)10‬‬

‫وأول ما يلفت النتباه ان القطب لم يشترط ان يكون المام عالما في الصول والفروع بل اشترط الجتهاد لن الجتهاد‬
‫أعم من العلم ول يبلغ المام درجة الجتهاد ال اذا كان عالما‪ .‬وفي نص القطب الشارة الى ضرورة تمكن المام من‬
‫العلوم الدنيوية الى جانب العلوم الدينية حتى يستطيع القيام بالمور الدنيوية كذلك‪ ،‬وهي ملزمة لمور الدين‪ ،‬لنه ل‬
‫فصل بين الدين والدولة في الحكم السلمي‪.‬‬

‫وهكذا نلمس تأكيد القطب على الجانب العلمي في المام وهو مذهب الباضية عامة حيث "يركزون على العلم فكيف‬
‫يمكن تطبيق الحكام والقيام بالواجبات ومراعاة الحقوق بدون علم"(‪.)...‬‬

‫ومن كمال العلم ان يكون المام "فصيحا بالعربية"(‪ )11‬وهذا شرط اضافه القطب ولم ينته إليه سواه ولعله لحظ ان‬
‫اللسان البربري يغلب على أهل زمانه وأدرك ان العلم ل ينال بالبرية بالقدر الذي يناله بالعربية لغة القرآن والعلوم‬
‫العقلية والنقلية‪ ،‬ويضيف القطب الى شروطه بان يكون المام "ذا رأي بالحروب والثغور والجيوش شجاعا ولو كان‬
‫ل يباشر الحرب ليدافع عن الدين والحوزة"(‪ ،)12‬وهذا ما يسميه المام الغزالي بالنجدة‪ ،‬واظهار الشوكة والقوة‬
‫ووفرة العدل والستظهار بالجنود من أجل قمع البغاة والطغاة ومجاهدة الكفر والعتاه(‪.)13‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ويتفق القطب مع الغزالي في عدم اشتراط مباشرة المام للحرب بنفسه كما انه ل يخرج عليه اذا باشرها بنفسه وإذا‬
‫ستغنى المام بجيشه عن الخوض في الحروب جاز لـه المشاركة بالرأي والتدبير(‪ )14‬لن المقصود الول هو الدفاع‬
‫عن الحوزة بأي وسيلة يراها المام ناجعة‪ ،‬ومن مظاهر الشجاعة والنجدة أل يفشل المام "ول يلين ول يهو لـه‬
‫الحدود وضرب الرقاب"(‪ ،)15‬وهذا مذهب الجمهور أل ان البعض لم يوجبوا هذه الشروط ا قد ل تجتمع في واحد‬
‫لكن القطب يرى وجوب نصبه "اذا وجد من يصلح به دفع الفساد ولو دون ذلك بأن يكون لـه علم يكفي أو معه عالم‬
‫يقتدي به"(‪ ،)16‬أو خبير بشؤون الحرب يستشيره‪ ،‬ومن شروط المام "ان يكون عدل لئل يأخذ بل عدل أو يقتل بل‬
‫عدل"(‪ ،)17‬ويقتضي عدل المام ان يكون الناس كلهم سواسية في عيني المام فل يميز بين الرعية ول يميل الى‬
‫عنصر أو قبيلة دون أخرى على نحو ما كان عليه الخلفاء الراشدون‪ .‬فالمام الذي يؤثر بعض أقاربه على الناس فهو‬
‫ممن ل يعدل ول يكون امام مستقيما ال ان يكون الناس عنده كلهم سواء في الحق‪ ،‬سواء القريب أو البعيد‪ ،‬الشريف‬
‫أو الوضيع‪ ،‬الذكر أو النثى‪ ،‬الصغير أو الكبير(‪ )...‬ول يتفاضل الناس عنده ال بتقوى ال (‪( )....‬إن أكرمكم عند ال‬
‫أتقاكم) (‪ )18‬فمن لم يكن كذلك فهو ليس من أهل العدل‪.)19("...‬‬

‫=========================‬

‫‪ ) 4‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.441‬‬


‫‪ ) 5‬م‪.‬س‪.‬ص‪ ،440 :‬وعلي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.364‬‬
‫‪ ) 6‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.441‬‬
‫‪ ) 7‬م‪.‬س‪.‬ص‪.441 :‬‬
‫‪ ) 8‬م‪.‬س ‪.‬ص‪.441 :‬‬
‫‪ ) 9‬أطفيش شرح العقيدة ص‪440.‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.295)10‬‬
‫‪ )11‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ ،18‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ) 12‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ ) 13‬محمد جلل شرف‪ ،‬نشأة الفكر السياسي وتطوره في السلم‪ ،‬دار النهضة العربية بيروت‪ ،1982 ،‬ص ‪ 283‬نقل عن الغزالي أبو‬
‫حامد فضائح الباطنية‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪ ) 14‬م‪.‬س‪ ،.‬ص‪ 283.‬نقل عن الغزالي‪ ،‬فضائح الباطنية‪ ،‬تح‪ :‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬ط القاهرة ‪.64‬‬
‫‪ ) 15‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ ) 16‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ ) 17‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.440.‬‬
‫‪ ) 18‬الحجرات الية ‪.13‬‬
‫‪ ) 19‬من رسالة المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم إلى أهل طرابلس ضمن كتاب شرائع الدين لبن سلم ‪0‬مخ) في حوزة‬
‫ش‪.‬ناصر المرموري ص‪.32.‬‬

‫تابع‪ :‬أول‪ :‬شروط المامة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وهذه الشروط المتقدمة من العلم والورع والشجاعة والعدل متوقفة على شروط أساسية تسبقها بالولوية من حيث‬
‫تعلقها بالجانب الخلقي‪ -‬الجسماني‪ -‬في النسان وأهمها ان يكون عاقل(‪ )20‬ذا بصيرة وفطنة وذكاء‪ ،‬وأن ل يكون‬
‫"أعمى ول أصم ول أخرس‪ ،‬وليس بمزمن ول مقطوع اليدين والرجلين‪ )21("...‬لن أي نقص في المام من الناحية‬
‫الجسمية يترتب عنه نقص في أداء مهامه فل يعقل ان يتقلد المجنون أو العمى أو الصم وغيرهم من المعتوهين‬
‫زمام المور وهم ل يتمكنون حتى من تدبير أنفسهم‪.‬‬

‫هذه جملة من الشروط المتعلقة بالجانب الجسماني ويضاف إليها شروط ترتبط بها من حيث كونها غريزية في‬
‫النسان غير مكتسبة واهمها ان ل يكون صبيا(‪ )22‬لن البلوغ مناط التكليف والتكليف ملك المر ول تكليف على‬
‫صبي وأن يكون حرا(‪ )23‬فل تنعقد المامة للعبد لنه ل يملك أمره فهو أشبه ما يكون بالحيوان يتصرف فيه مالكه‬
‫حسب هواه ويسخره لغراضه ‪ ،‬وان يكون ذكرا(‪ )24‬فل تنعقد المامة لمرأة مهما أوتيت من كفاءة وتأهل‪ ،‬نظرا‬
‫لما يعتريها من حالت نفسية ومرضية تعقدها عن القيام بشؤونها ولذلك ل يحق لها منصب القضاء فكيف بإمامة‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫هذه شروط فطرية لدى النسان أما الشروط الممكن اكتسابها أو التي تنمو وتزيد بالكسب فهي المتعلقة بالجانب‬
‫الخلقي‪ ،‬وهي كثيرة منها ان يكون المام "مشاورا أهل الرأي والعدل عفيفا عن الطمع محتمل‪...‬رحيما حليما‬
‫مصلحا بين الناس"(‪ ،)25‬ول يبلغ ذلك ال اذا كان "عزيزا في قومه‪ ،‬ذا حسب ونسب"(‪ )26‬ولكن ينبغي ان يتفاضل‬
‫الناس معه " ال بقدر فضلهم في العلم"(‪ )27‬وهذا يقتضي ان يكون متواضعا ل الى درجة الذل مترفعا ل الى درجة‬
‫التكبر‪ ،‬وان ل يكون "كذابا ول مخلفا ول حسودا ول حقودا‪ ،‬ول بخيل ول عجول‪ ،‬ول مبذرا ول غدارا ول‬
‫مكارا‪ ، )28("...‬وبذلك يكسب ود الرعية ويحظى بالتأييد ‪ ،‬فإذا رضي الناس بالمام كان موضع ثقتهم فيسهل له‬
‫القيادة وتدبير شؤونهم‪.‬‬

‫ويصور لنا ش ‪ .‬أبو الحسن العماني شخصية المام كما ينبغي أن تكون فيقول‪ :‬أن يكون خيرا أهل عصره(‪)29‬‬
‫ويكون أقوى طبائع عقله ثم يصل قوة عقله بشدة الفحص(‪ )30‬وكثرة سماعه بحسن العادة(‪ )31‬فإذا جمع إلى عقله‬
‫علماً وإلى علمه حزماً‪ ،‬وإلى حزمه عزماً‪ ،‬فذلك الذي يعد لغزالدولة ونكابة العدو‪ ،‬ويقوى على إقامة الحق‪ ،‬ويكون‬
‫عدلً مرضياً‪ ،‬ول يكون يلي أمور المسلمين على ظاهر الرأي أكثر من واحد‪ ،)32("....‬أما أ‪ .‬محمد بن الشيخ‬
‫(معاصر) فيجمع المقاييس المعتبرة للمامة عند الباضية فيما يلي ‪ " :‬الكفاءة والتأهل بالرسوخ في علم القرآن‬
‫والسنة‪ ،‬مع قدم الهجرة(‪ )33‬وكبر السن‪ ،‬ووفرة التجربة دون اعتبار للحسب والنسب ول للعرق والجنس" (‪.)34‬‬

‫وحول هذه الشروط الخيرة المتعلق بالنتساب إلى جنس معين نجد خلفاً جزئياً بين فقهاء الباضية ينحصر في‬
‫مسألة القرشية‪ ،‬هل من اللزم أن ينتسب المام إلى قريش ؟‪.‬‬

‫الواقع أن الباضية ل يرون اشتراط القريشية في عقد المامة‪ ،‬ويتفق معهم الخوارج في أن مصب المامة ليس من‬
‫حق فرد معين دون غيره‪ ،‬ول حكرًا على أسرة دون أسرة‪ ،‬أو جنساً دون آخر ‪ ،‬إنما الخلفة حق مشاع بين جميع من‬
‫تتوفر فيه الكفاءة المرجوة من المسلمين عامة ل العرب فحسب كما كان الحال قبل اتساع رقعة السلم‪ ،‬ولذلك كان‬
‫الخوارج في صدر السلم يعارضون حصر الخلفة في سللة معينة‪ ،‬ويعتبرونها حقاً لكل عربي" (‪.)35‬‬

‫ولما انتشر السلم ودخلت فيه جماعات من غير العرب عدلوا عن قولهم فنادوا بأن المامة "حق لكل مسلم تتوفر‬
‫فيه شروطها "(‪.)36‬‬

‫أما حديث الرسول صلى ال عليه وسلم الئمة من قريش فيحمله الباضية من باب الترجيح باعتبار ما كانت عليه‬
‫قريش في عهد النبي صلى ال عليه وسلم من مكانة وسيادة بين قبائل العرب‪ ،‬أما وقد تغيرت المور تبعًا لذلك ولم‬
‫تحافظ قريش اليوم _ إن وجدت – على ذلك الدور الريادي‪ ،‬فإن مقاييس الختيار تتغير تبعاً لذلك‪ ،‬وبالتالي يبطل مبدأ‬
‫الفضلية ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫=======================‬

‫‪ ) 20‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬ص ‪.440‬‬


‫‪ ) 21‬أبو إسحاق الحضرمي‪ ،‬مختصر الخصال‪( ،‬مخ) ص‪.189 -188 :‬‬
‫‪ ) 22‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح العقيدة ‪ ،‬ص ‪ ،440‬مختصر الحضرمي‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪ ) 23‬م‪.‬س‪ ،.‬ص‪ ،440.‬الحضرمي‪ ،‬مختصر الخصال(مخ) ص‪.189.‬‬
‫‪ ) 24‬م‪.‬س‪ ،.‬ص‪ ،440.‬مختصر الحضرمي ص‪.189.‬‬
‫‪ ) 25‬خميس ين جميل السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة‪ ،‬كتاب المامة (مخ) ص‪70.‬‬
‫‪ ) 26‬محمد اطفيش‪ ،‬شرح النيل‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪8.‬‬
‫‪ ) 27‬نفس المصدر‬
‫‪ ) 28‬م‪.‬س‪.‬ص‪ :‬في التواضع يقول صلى ال عليه وسلم السلطان العادل المتواضع ظل ال ورحمته في الرض‪...‬انظر اطفيش جامع‬
‫الشمل ص ‪.303‬‬
‫‪ ) 29‬يشير بقوله (خير أهل عصره) مشكل الفضلية الذي ل تقول به الباضية فقد يتولى رجل المامة وفي الجماعة من هو أفضل منه‬
‫وأعلم‪ .‬كما ولي أبو بكر وزيد بن ثابت أفرض منه وعلي أقضى منه انظر طبقات الدرجيني ج ‪ ،1‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ) 30‬يشير إلى كثرة استعمال العقل والجتهاد‪.‬‬
‫‪ ) 31‬يشير الى الستشارة والستماع الى النصائح والنتقاد‪.‬‬
‫‪ ) 32‬أبو الحسن العماني‪ ،‬سير أهل عمان (مخ) في حوزة ش‪.‬ناصر المرموري‪ ،‬جـ ‪ ،2‬ص ‪.96‬‬
‫‪ ) 33‬أشار القطب هو الخر الى شرط الهجرة‪ ،‬انظر شرح النيل‪ :‬جـ ‪ ،13‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ) 34‬محمد الشيخ بالحاج الجتهاد في المذهب الباضي ص ‪ ،25‬ركز الستاذ ابـن الشيخ على الكفاءة والتأهل ويضيف جديدا لن الرسوخ‬
‫في علم القرآن والسنة‪ ،‬ووفرة الترجبة من تمام الكفاءة والتأهل أما كبر السن فشرط ثانوي لن الكفاءة والتأهل يغني عن السن‪.‬‬
‫‪ ) 35‬حسن إبراهيم حسن‪ ،‬تاريخ السلم السياسي‪...‬ط ‪ ،3‬مكتبة النهضة القاهرة جـ ‪ ،2‬ص ‪.3‬‬
‫‪ ) 36‬م‪.‬س‪.‬ص‪ ،3.‬جـ ‪.2‬‬

‫تابع‪ :‬أول‪ :‬شروط المامة‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫فانطلقاً من هذا العتبار " لم يشترط الباضية القرشية لصحة الخلفة وانما تكون مرجحا – إن وجدت – وتساوت‬
‫الكفاءات الخرى"(‪ ،)37‬بينما تعتبره الشيعة والشاعرة وفرق السنة شرطا ل بد منه‪ ،‬ولذلك يعده الغزالي (أبو‬
‫حامد) من الشروط العشرة الواجبة للمامة‪ ،‬لنه " مأخوذة من التوقيت ومن إجماع أهل العصار الخالية على ان‬
‫المامة ليست ال في هذا النسب"(‪.)38‬‬

‫والواقع أنه ليس الباضية أو الخوارج هم أول من قال بعدم حصر الخلفة في قريش " وانما سبقهم إليه كبار‬
‫الصحابة عندما ناقضوا أول خليفة في السلم فقد قال بعض النصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير ولو لم يكن‬
‫النصار يعرفون ان يجوز ان يتولى المارة غير قريشي لما قالوا ذلك(‪.)39‬‬

‫وفي العصر الحديث نجد المفكر أبو العلى المودودي يرفض فكرة حصر الخلفة في أسرة أو طبقة وإل ما كانت‬
‫الخلفة السلمية ديموقراطية(‪.)40‬‬

‫أما مسألة الفضلية وهي ان يتولى رجل منصب المامة مع وجود من هو أعلم منه‪ ،‬فإن الباضية يجيزون ذلك خلفا‬
‫للمامية من الشيعة‪ ،‬أما الشاعرة فيقولون برأي الباضية في ذلك(‪.)41‬‬

‫ومما جاء في رسالة من علماء الباضية في المشرق الى أهل المغرب في عهد المام عبد الرحمن قولهم‪" :‬وأما ما‬
‫ذكرتهم من تولية رجل وفي جماعة المسلمين من هو أعلم منه فذلك جائز اذا كان‪ -‬المام المرشح‪ -‬مستكمل لشروط‬
‫المامة وكان من أهل الفضل والدين والعدل والسياسة والمنزلة المرضية فقد ولى أبو بكر الصديق (رضي) وزيد بن‬
‫ثابت أرضى منه وعلي أقضى منه ومعاذ بالحلل والحرام أعرف منه وأبي بكتاب ال أقرأ منه(‪ )...‬ومع هذا فلم يكن‬
‫أحد منهم أولى منه بالمامة"(‪ )42‬لن ثبوت المامة‪ -‬كما يرى القطب‪" -‬ل يفيد القطع بالفضلية"(‪ )43‬ويبدو ان‬
‫المامية منعوا إمامة المفضول مع وجود الفاضل لنهم يرون ذلك قبيحا عقل"(‪.)44‬‬

‫بينما الباضية ل يرون في ذلك مذمة ما دام الهدف هو تحقيق المصلحة العامة وهذا ما عليه الجمهور‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ذهب قوم الى "نصب الفضل وان أثار فتنة لم تجب كما اذا كانت الرعايا ل ينقادون للفاضل بل للمفضول وإل وجبت‬
‫إقامة الفضل"(‪.)45‬‬

‫ويحسم القطب الموقف بالنظر الى ما يصلح أمر المسلمين بمن يصلح للمامة‪ ،‬فإن كان المفضول أقوم بها وأعرف‬
‫بشأنها وأصلح لها من الفاضل ولي أمرها وان تساويا في ذلك فالرجح تولية الفضل "فالمهم أن تتوفر في المام‬
‫المزايا العامة المطلوبة للمامة"(‪ )46‬أما ش‪.‬أبو الحسن العماني فلعله مبالغ "في اشتراطه ان يكون المام خير أهل‬
‫عصره"(‪ )47‬كما أخطأ أ‪.‬دنجيل( ) (معاصر) حين يعتبر الفضلية شرطا لتولي المامة عند الباضية(‪ )48‬والواقع‬
‫انه يتعذر الحصول على رجل يكون خير أهل عصره‪ ،‬وأفضلهم علما وورعا وشجاعة وحلما وأقدرهم على تحمل‬
‫المسؤولية وادارة شؤون الدولة‪ ،‬يصعب العثور عليه ما دامت الفضلية نسبية‪ ،‬فقد يفضل الرجل أخاه في العلم ول‬
‫يبلغ درجة ورعه وزهده وقد يكون الفارس أشجع القوم وأجهلهم في ذات الوقت‪ ،‬أما ان يجمع الرجل جميع المحاسن‬
‫فهذا نادر‪.‬‬

‫وجملة القول في شروط المامة ان المقياس العام لها عند الباضية‪ -‬في نظر أ‪.‬بيار كبيرلي(معاصر) "هو مقياس‬
‫أخلقي مرتبط بالتعاليم الدينية مع التركيز على العلم"(‪ )49‬والكفاءة المؤهلة لمنصب المامة‪.‬‬
‫أما الموانع التي تحول دون ترشيح الرجل للمامة فهي عدم توفر الشروط السابق ذكرها بالضافة الى ارتكاب الكبيرة‬
‫لن مرتكبها ليس بمؤمن ولحظ في الكفر لمنصب المامة ولكن ما السبيل اذا جهل المسلمون باطن الرجل وقد تقدم‬
‫للمامة وهو مرتكب لكبيرة دون علم الناس به؟ هنا يحمل القطب الشخص المرشح للمامة مسؤولية ذلك فيقول‪" :‬‬
‫حرام على النسان ان يتولى المامة أو نحو ذلك مع علمه بخيانة نفسه أو عزمه عليها‪ ،‬أو سؤال ذلك‪ )50("...‬أما‬
‫ان يولي النسان فاسقا مع علمه بفسقه أمرا من أمور المسلمين فحرام بل ريب بالجماع‪.‬‬

‫====================‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ ) 37‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.464‬‬


‫أما الشيخ التعاريتي (ق ‪19‬م) من اباضية تونس يرى ان القرشية شرط لوم لصحة المامة ال في حالة عدم وجود القرشي فإنه يجوز‬
‫لغيره ان يأخذ المامة دفعا للفتنة التي تحصل لفقد‪ .‬انظر سعيد التعاريتي المسلك المحمود في معرفة الردود‪ ،‬ط حجرية تونس ‪1321‬هـ‬
‫ص ‪.49‬‬
‫‪ ) 38‬محمد جلل شرف نشأة الفكر السياسي وتطوره في السلم‪ ،‬ص ‪282‬‬
‫‪ ) 39‬علي يحيى معمر‪ ،‬الباضية بين الفرق السلمية‪ ،‬ص ‪.464‬‬
‫‪ ) 40‬يقول المودودي في هذا المعنى‪ ":‬ل يذهبن بكم سوء الفهم من كلمة النيابة الى أنها عبارة عن ظل ال أو حقوق الملوك اللهية فقد‬
‫قضى القرآن أنه ليست هذه المنزلة‪ -‬منزلة الخلفة من حق فرد من الفراد أو أسرة من السر أو طبقة من الطبقات وانما هي حق لكل من‬
‫يسلمون بحاكمية ال ويؤمنون بعلو القانون اللهي (‪..‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الرض)‬
‫وهذا ما يجعل الخلفة السلمية ديموقراطية انظر المودودي أبو العلى نظرية السلم وهدية دار الفكر‪ ،‬د‪.‬تا‪ .‬ص ‪.259‬‬
‫وفي موضع آخر يستوحي المودودي من مفهوم الخلفة في الية السابقة‪ :‬ان ال وعد جميع المؤمنين بالستخلف ولم يقل انه يستخلف‬
‫أحدا منهم فالخلفة عمومية ل يستبد به فرد أو أسرة كل مؤمن خليفة عن ال‪ .‬وانما حصرها في جملة الذين آمنوا وعملوا الصالحات انظر‬
‫المودودي نظرية السلم السياسي ص‪.46.‬‬
‫‪ ) 41‬سعيد التعاريتي‪ ،‬المسلك المحمود في معرفة الردود ‪ ،‬طبع حجري‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ ) 42‬الدرجيني‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب جـ ‪ 1‬ص ‪ ،50‬وفي رواية أبي زكريسا في كتابه سير الئمة وأخبارهم بلفظ فذلك جائز اذا كان‬
‫في القناعة والفضل بمنزلة حسنة تاريخ أبي زكريا تح اسماعيل العربي ص ‪.91‬‬
‫‪ ) 43‬محمد اطفيش شرح العقيدة ص ‪.427‬‬
‫‪ ) 44‬م‪.‬س‪.‬ص‪427.‬‬
‫‪ ) 45‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.427‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.295 ) 46‬‬
‫‪ ) 47‬أبو الحسن العماني‪ .‬سير أهل عمان (مخ) ج ‪ ،2‬ص ‪.96‬‬
‫‪.Dangel Gerrard, Imamat Ibadite de Tahert )716- 404( Sttrasbourg ) 48‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.295 ) 49‬‬
‫‪ ) 50‬محمد اطفيش‪ ،‬إزالة العتراض عن محقي آل اباض ص ‪.34‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنصيب المام‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫يعتبر حفل التنصيب وتسليم مهام السلطة للمامة الجديد والعلن بذلك‪ -‬رسميا‪ -‬هي المرحلة الثانية من تطبيق مبدأ‬
‫الديموقراطية بعد اجتياز المرحلة الولى‪ -‬المهمة هي اختيار المام كما تعتبر مراسيم تنصيب المام تجسيدا عمليا‬
‫للفكار النظرية في الميدان السياسي‪ .‬وأهم ما يشترط في هذه المناسبة ان تجري مراسيم حفل التنصيب في جو سليم‬
‫صاف خال من أي خلف ‪ ،‬تسوده الثقة المتبادلة بين أهل المشورة‪ ،‬والصراحة في القول ورحابة الصدر لقبول الحق‬
‫والموضوعية في التفكير‪ ،‬والحرية في ابداء الرأي‪ ،‬والعتماد على مبدأ المصلحة العامة قبل المصالح الخاصة‪ ،‬وتتم‬
‫عملية التنصيب على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪-‬الترشيح‬

‫يجتمع مجلس الشورى لختيار من يقدمونه لمنصب المامة والمجلس ل ينعقد لهذا الغرض ال في الحالت التية‪:‬‬

‫لختيار امام جديد ليخلف إماما سابقا لـه وفي هذه الحالة ل يجوز للمجلس ان يختار إماما ال اذا تحققت وفاة المام‬
‫الذي سيخلف أو بعد التحقيق من شغور المنصب بأن يعزل المام القائم بموجب(‪ ،)51‬كما انعزل ابو بكر بن أفلح بن‬
‫عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي من الولية وانسلخ منها الفساد سيرته في الحكم فبايع المسلمون أخاه محمد‬
‫ابو اليقظان (‪241‬هـ‪281-‬هـ) للمامة(‪.)52‬‬

‫لختيار أول امام لدولة اباضية تؤسس من جديد ومثال ذلك توليه أبي حمزة المختار بن عوف(‪ )53‬للمامة الباضية‬
‫في جنوب الجزيرة العربية وتوليه أبى الخطاب عبد العلى بن السمح(‪ )54‬للمامة في طرابلس وتولية عبد الرحمن‬
‫بن رستم(‪ )55‬للمامة في تاهرت‪.‬‬

‫وفي الغالب تتم عماية الختيار بترشيح جماعة من الكفاء "من اثنين الى ستة" من طرف أعضاء مجلس الشورى‪-‬‬
‫ان وجد‪ -‬على ان يكون محايدا‪ .‬كما حدث لتولية الئمة الرستميين أو من طرف مجلس العيان(الزعماء الروحيون‬
‫للمذهب) مثل مشائخ البصرة‪.‬‬

‫وبعد تحديد القائمة المرشحة تجري المفاوضات بين أعضاء بكل نزاهة حتى يستقر رأيهم فيمن هو أحق بالمامة عن‬
‫تراض وفق الشروط اللزمة وقد ل يحصل الجماع التام على واحد وثمة يؤخذ برأي الغلبية‪ .‬وهنالك صورة أخرى‬
‫لتعيين المام وذلك ان يجتمع المرشحون للمامة من طرف المام السابق‪ ،‬فيتفقون بينهم على من يولونه أمر‬
‫المامة‪ ،‬أما مجلس الشورى فينحصر دوره في هذه الحالة على الشراف والمراقبة والتزكية‪.‬‬

‫إذن فطريقة تعين المام بالشورى تختلف باختلف الظروف السياسية والمنية لكل عصر وأمة‪ ،‬كما تختلف باختلف‬
‫الحكم القائم‪ .‬فالخلفاء الراشدون الربعة كانت طريقة كل واحد منهم في التنصيب تختلف عن الخر(‪.)56‬‬

‫والمشهور عند الباضية ان أهل الشورى الذين يتولون تعين المام خمسة" وانما جعلت لستة وتعقد لواحد‪ ،‬ويبقى‬
‫الخمسة‪ ،‬وهم كالحجة على غيرهم‪ ،‬وقيل ان اقل ما يعقد له اثنان لن المامة ل تصح ال عن مشورة وتراض من‬
‫الخاصة وهم الحجة‪ .‬فإذا وقع التراضي به من الخاصة فهو امام"(‪ .)57‬ويستدل‬
‫القطب على ذلك بحالة عمر بن الخطاب الذي تولى الخلفة " باختيار أبي بكر إياه إماما ًللناس – بعد استشارة‬
‫الصحابة وإبداء رضاهم – فكان الضي به دون العقد أوجب لصحة ذلك"(‪ ،)58‬وهذا شبيه بما حدث في تولية أبي‬
‫الخطاب عبد العلى بن السمح للمامة فقد اختاره شيخه أبو عبيدة لهذا المنصب – وإن لم يصرح بذلك له – وبالفعل‬
‫حدث فقدمه زملؤه‪.‬‬

‫ب‪ -‬البيعة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫بعد ان يستقر الرأي الخير على المام الجديد‪ ،‬تتم بيعته من طرف الخاصة‪ ،‬ثم بقية المسلمين برضاهم له وقبولهم‬
‫لخلفته ‪0‬‬

‫والبيعة هي –اصطلحاً‪ -‬تأيد المرشح للخلفة والموافقة عليه(‪ ،)59‬ول تتم البيعة ال بالعقد‪ ،‬وهو أهم ما فيها‪.‬‬
‫وللعقد صيغ مختلفة منها ما ذكره القاضي أبو يعلى بقولـه‪ " :‬بايعناك بيعة رضي على إقامة العدل والنصاف والقيام‬
‫بفروض المامة"(‪ .)60‬أما الصيغة المشهورة لدى الباضية فيذكرها ش ‪ 0‬محمد أطفيش بقوله ‪ " :‬إذا قام ممثل أهل‬
‫الشورى لعلن بيعة المام بقول ‪ " :‬قد بايعت فلن بن فلن على طاعة ال وطاعة الرسول‪ ،‬وعلى المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل ال ‪ )61("....‬وعند انتهاء المثل من ذكر الشروط التي ولى المرشح المامة‬
‫على أساسها‪ ،‬يقوم المام ليرد على المبايعة بقوله‪ " :‬قد بايعتني إماماً على موضع كذا (‪ )62‬ومن رضي بذلك على‬
‫طاعة ال وطاعة الرسول (‪ )...‬والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ )63("...‬وبعد ذلك يشرع الحاضرون في أداء‬
‫الصفقة ‪.‬‬

‫أهمية العقد‪:‬‬
‫ليس العقد واجب ًا ولكنه ضروري لتمام البيعة‪ ".‬فإذا كانت المامة فريضة فالعقد فيها وسيلة والفرض إذا ثبت‬
‫بالجماع لم يسقط بعدم الوسيلة ول بتركها‪ ،‬وقيل ان الرضى والتسليم يقومان مقام العقد"(‪ .)64‬والواقع ان للصفقة‬
‫بعدا إلزاميا‪ ،‬يزيد للبيعة تأكيدا وترسيخا وهو بمثابة الرمز الشرعي لثبوت المامة لدى المرشح لها‪ .‬فإذن يحمي‬
‫الرعية مثلما يحمي لسلطته التي يحكم بها هو رضي أهل الحل والعقد وقبولهم لوليته نظرا لقناعتهم بكفاءة المام‬
‫وأهليته للحكم وقابليته له ‪.‬‬

‫ومن أهم خصائص العقد ومزاياه يحددها أ‪.‬كبيرلي (‪ ) Pictrc Cuperly‬فيما يلي‪)65( :‬‬

‫* تنشا علقة ود وولية بين المام والشعب الباضي ‪.‬‬

‫* يوجب العقد فسخ البيعة في حالة خيانة المام أو جور‪ ،‬فيتبرا منه ‪.‬‬

‫* يتمتع المام‪ -‬بموجب العقد – بسلطة مطلقة في حدود الشريعة ‪.‬‬

‫* على كل مسلم مساندة المام ومساعدته – ما أمكن عمل ينص العقد ‪.‬‬

‫=========================‬

‫‪ ) 51‬راجع موجبات عزل المام أو الخروج عنه في موضع لحق من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ ) 52‬لم يتوضح المصادر الباضية ما اذا كانت تولية أبي اليقظان وقعت في حياة أخيه أبي بكر أم بعد وفاته فإن ابن الصغير يقول‪" :‬‬
‫صارت الدعوة والمامة كلها لبي اليقظان " ويصف أخاه أبا بكر في ذات الوقت أنه خرج (ل حيا ول ميتا) أنظر تاريخ الئمة الرستميين‬
‫لبن الصغير‪ ،‬تح د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬إبراهيم بحاز ص ‪ 74‬بينما لم يذكر أبو زكريا شيئا عن أبي بكر حين ذكر ولية أبي اليقضان أما‬
‫الدرجيني فتوحي روايته بأن المام محمد بن أفلح وأخوه حيا لكنه تجرد من مهام المامة‪ ،‬انظر الدرجيني في طبقاته جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،83‬ولعل‬
‫الواية القريبة من الحتمال ان أبا بكر ترك مهام المامة لخيه محمد بعد رجوعه من المشرق فاجتهد في إدارة شؤون الدولة بصفته وزير‬
‫ومساعدا لخيه الذي اشتغل بالترف وأهمل رعاية المة أما إمامة محمد فلم تعقد له ال بعد وفاة أبي بكر وهذا ما ذهب إليه أ‪.‬محمد علي‬
‫دبوز في كتابه تاريخ المغرب الكبير ط ‪ ،1‬القاهرة ‪1963‬م‪ ،‬جـ ‪3‬ـ ص‪.585 -568 :‬‬
‫‪ ) 53‬هو أبو حمزة الشاري من قبيلة الزد في عمان قاد ثورة اباضية ضد المويين في الحجاز انظر ترجمته في طبقات الدرجيني جـ ‪،2‬‬
‫ص ‪.272 -258‬‬
‫‪ ) 54‬انظر ترجمته في طبقات الدرجيني جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،29 ،23 ،19‬وتاريخ أبي زكريا ص ‪.37‬‬
‫‪ ) 55‬انظر ترجمته في تاريخ الدبوز‪ ،‬جـ ‪ 3‬ص‪ ،315 -295:‬بحاز إبراهيم الدولة الرستمية ص ‪.29‬‬
‫‪ ) 56‬حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والندلس‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ ) 57‬محمد اطفيش شرح النيل جـ ‪ 14‬ص ‪.213‬‬
‫‪ ) 58‬م‪.‬س‪ .‬جـ ‪ 14‬ص ‪213‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 59‬ظافر القاسمي نظام الحكم في الشريعة‪...‬ص‪.259:‬‬
‫‪ ) 60‬محمد المبارك نظام السلم‪ :‬الحكومة والدولة ط ‪ 3‬الفكر بيروت ‪ 80‬ص ‪.76‬‬
‫‪ ) 61‬محمد يوسف اطفيش شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ 14‬ص ‪ " 314‬يستمر ممثل أهل الشورى في عرض الشروط الشرعية التي يجب على المام‬
‫أن يسير وفقها"‬
‫‪ ) 62‬يذكر الموضع والبلد الذي قاموا بتنصيبه فيه وكذا تاريخ ذلك اليوم‬
‫‪ ) 63‬م‪.‬س‪ .‬جـ ‪ 14‬ص ‪213‬‬
‫‪ ) 64‬الصافي كنز الديب وسلفة اللبييب (مخ) ورقة ‪ 99‬أورد هذا النص أ‪.‬فاروق عمر‪ ،‬انظر التاريخ السلمي وقمر القرن العشرين ط ‪2‬‬
‫دار اقرأ ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.293 ) 65‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬ثانيا‪ :‬تنصيب المام‬

‫جـ‪ -‬الصفقة‬

‫بعد تلوة العقد وقبول المام كل الشروط‪ ،‬يمد يده لصفقة المبايعة‪،‬وهى " رمز للوفاق المتبادل"(‪ )66‬بين الطرفين‬
‫اللذين يربط بينها عقد البيعة‪ .‬وهما المام وجماعته‪.‬‬

‫وتتم الصفقة بحضور العلماء الثقات فيتقدم أفضلهم فيمد يده اليمنى ليمسكها المام بيمناه فيقول العالم – المبايع ‪: -‬‬
‫"قد بايعناك ل ورسوله ‪ "...‬فيجيبه المام‪(" :‬نعم) ثم يفعل ذلك الثاني والثالث وما أكثر فهو أفضل"(‪ ،)67‬ومن تمام‬
‫مراسيم حفل التنصيب – حسبما يذكر ش‪ .‬أطفيش أن " تجعل الكمة (‪ )68‬في راس المام والخاتم في يده وينصب‬
‫العلم بحذائه ‪ )69("...‬وفي الخير يقوم الخطيب لقراءة الخطبة على جمهور المسلمين"(‪ )70‬يعلن فيها نتائج‬
‫النتخاب وما أسفر عنه من تولية المام وموافقة مجلس الشورى وأعيان البلد وعلمائها ورضاهم عن المام الجديد‬
‫ومبايعتهم له‪ ،‬ويستحسن أن تلقى هذه الخطبة بالمسجد بعد صلة الجمعة حتى يعم الخبر بين المسلمين وينتشر‬
‫بسرعة ‪.‬‬

‫د‪ -‬حالت استثنائية عند البيع‬

‫قد يحدث أن يرفض المرشح للمامة بيعة المسلمين لـه وذلك لسباب كثيرة ‪ ،‬كان يعظم أمر المامة في عينيه إدراكا‬
‫منه خطورة هذا المنصب وتورعا منه مخافة الوقوع فيما ل يرضي ربه خاصة وقد ورد في القرآن والسنة نصوص‬
‫تنذر بالعذاب في الخرة لمن لم يحكم بما أنزل ال‪ ،‬وفي تاريخ الباضية أمثلة عديدة لرجال ثقات عدول عرضت‬
‫عليهم المامة والرئاسة فدفعوها ‪ ،‬ومنهم أبو الخطاب عبد العلى بن السمح (ت ‪44.‬هـ) لم يقبل الولية على‬
‫طرابلس إل بعد إلحاح شديد من جماعة المسلمين ‪ ،‬وبعد تفكير طويل أدرك أنه من حق المة عليه قبول الولية‬
‫لكفاءته وتأهله لها دون غيره ‪ ،‬وحدث مثل ذلك لمسعود الندلسي سنة ‪171‬هـ فاختفي عن العين – بعيداً عن البلدة‬
‫– حتى ل تعرض عليه المامة خلفا للمام عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬كما يحدث ذلك للكثير ممن يرى أن المناصب‬
‫السامية سيما رئاسة الدولة تكليفا للنسان بمسؤوليات ثقال قد ل يقوى على تحملها ‪ ،‬وليست تشريف ًا لـه ورفعاً من‬
‫شأنه وليست مصدر الحظوظ والغنائم‪ ،‬والكسب بل فيها التكاليف كثيرة‪ ،‬والواجبات صعبة‪ ،‬ومن وراء ذلك الحساب‬
‫عسير عند ال‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يحسم الموقف بقرار قد يبدو قاسيا ومبالغا فيه‪ ،‬يلخصه أبو يعقوب الوارجلني (ق ‪6‬هـ) في قوله‪:‬‬
‫"إذا اتفق المسلمون وأهل الحل والعقد على تولية رجل إمرة المؤمنين(‪ )....‬ولم يكن في المؤمنين من هو أولى منه(‬
‫‪ )71‬فإنه يقتل ان هو أبى قبول البيعة‪ ،‬فإن كانوا عددا امتنعوا فرأى المسلمون أن يقتلوهم كلهم قتلوهم ال ان يكون‬
‫فيهم من فاقهم في المور التي تصلح للولية‪ ،‬فيتوجه إليه القتل وحده"(‪.)72‬‬

‫ومما يحتمل وقوعه بعد إتمام البيعة ان تظهر من هو أولى من المام المنتخب وفي هذه الحالة "ل يجوز ان ينخلع‬
‫أمير المؤمنين من الولية كما ل يسوغ للمسلمين ان يخلعوه ويولوا غيره"(‪ )73‬فعلى المام ال يستغني عمن هو‬
‫أفضل منه في المشورة وطلب العون‪.‬‬

‫وهو ما ذهب إليه ش‪.‬تبغورين(ق ‪11-5‬م) حيث يقول‪" :‬والمام ان أبى ان يقبل المامة اذا رفعها إليه المسلمون‬
‫قتلوه ونظروا في غيره"(‪ ،)74‬ويستدل على ذلك بما فعله عمر بن الخطاب إذ أمر أصحاب الشورى من بعده بقتل‬
‫من رفض الخلفة كما أمر بذلك مسلم بن أبي كريمة"(‪ )75‬حين هم بتوديع حملة العلم القافلين الى المغرب‪.‬‬

‫ويضيف ش‪.‬أبو يعقوب الوارجلني حالة أخرى قد تطرأ على المام فيقول‪" :‬أما اذا اسر أمير المؤمنين في حرب‬
‫المسلمين وأكره على الكفر(‪ )...‬أنكره لهم ول بأس عليه‪ ،‬وان اكرهوه على ان ينخلع فأخلع فل بأس وهو على‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وليته"(‪ .)76‬فالوارجلني يجيز التقية للمام درءا لما هو أخطر‪ ،‬أما إبقاءه على الولية فأمر لم يوضحه الوارجلني‬
‫جيد‪ ،‬فالمفهوم المتبادر من كلمه ان المام اذا اكره على التخلي عن منصبه جاز له التخلي من باب التقية ويترتب‬
‫على ذلك نصب امام جديد خلفا لـه‪ ،‬ويكون بذلك معذورا ل يتبرأ منه فهو في الولية‪ ،‬ولكن قد يفهم من كلم‬
‫الوارجلني حالة ثانية وهي ان المام بعد إكراهه يتخلى عن المامة بالقول فقط‪ -‬وهذه تقية بالقول‪ -‬ولكنه في نظر‬
‫جماعته ل يزال إماما عليهم‪ -‬علميا‪ -‬وهذا ما يشير إليه بقوله "فهو في الولية" بمعنى ولية أمر المسلمين(المامة)‬
‫ولعل المفهوم الثاني أقرب للحتمال‪.‬‬

‫ومن الحالت الستثنائية عند البيعة أن يشذ واحد أو جماعة من أهل الشورى باشتراط شيء يخدم مصلحة خاصة ‪،‬أو‬
‫باشتراط ما ل يرضى عنه الشرع ‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة ل ينظر إلى هذا الشتراط لنه باطل والبيعة صحيحة ‪،‬وقد حدث مثل هذا أثناء تولية المام عبد‬
‫الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي‪ ،‬حين اشترط ابن فندين(‪ )77‬على ال يقضي المام أمرا دون جماعة معلومة يقصد‬
‫بذلك أن يصبح هو وجماعته مستشارين للمام ل يقدم على فعل شيء ال اذا أذنت لـه هذه الجماعة‪ ،‬لكن مجلس‬
‫الشورى لم يقبل هذه البدعة‪ ،‬فكتب العلماء يستفتون المشارقة في هذه المسألة فكان ردهم كما يلي‪:‬‬
‫" أما ما ذكرتموه من أمر الشرط فليس من سيرة المسلمين ان يجعلوا في المامة شرطا ان ل يقطع المام أمرا دون‬
‫جماعة معلومة المامة صحيحة والشرط باطل‪ )78("...‬وهذا معقول إذ لو جاز الشتراط على المام لصبح المر‬
‫فوضى لن مطالب الناس ل حدود لها والغراض الخاصة ل فائدة ترجى منها‪ ،‬ثم ان المام تتقلص حريته ول يملك‬
‫القدرة على فرض أحكامه وانفاذها ما دامت عوائق الشتراط تقف دون ذلك‪.‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 66‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.291 :‬‬


‫‪ ) 67‬محمد اطفيش شرح النيل جـ ‪ ،14‬ص ‪.317‬‬
‫‪ ) 68‬الكمة‪ :‬عمامة خاصة في شكل قلنسوة يرتديها المام عند توليته الحكم‪.‬‬
‫‪ ) 69‬م‪.‬س‪ ،‬جـ ‪ ،14‬ص‪.317:‬‬
‫‪ ) 70‬محمد اطفيش شرح النيل جـ ‪ ،14‬ص ‪.317‬‬
‫‪ ) 71‬يحدد الشيخ أطفيش الولوية بأن يكون أحدهما اعلم من الخر وان تساوا فالسن وقد يقدم الليق مع وجود العلم فتندفع الفتنة بهذا‬
‫التفصيل ومن أبي ففاتن وفتنته باغية ول تخلو الدنيا من انكار الحق والزجر عند ذلك واجب‪.‬‬
‫‪ ) 72‬أبو يعقوب الوارجلني العدل والنصاف (مخ) خزانة س‪.‬بالحاج رقم ‪ ،2‬أنظر كذلك محمد بن يوسف اطفيش شرح النيل ‪،‬جـ ‪ ،4‬ص‬
‫‪.280‬‬
‫‪ ) 73‬أبو يعقوب يوسف الوارجلني‪ ،‬العدل والنصاف (مخ) خزانة ش‪.‬بالحاج‪.‬‬
‫‪ ) 74‬تبغورين بن عيسى الملوشائي عقيدة تبغورين (مخ) ورقة ‪20‬أ‪.‬‬
‫‪ ) 75‬م‪.‬س ‪ ،‬ورقة ‪20‬أ‬
‫‪ ) 76‬أبو يعقوب يوسف الوارجلني‪ ،‬العدل والنصاف (مخ) غير مرقم‬
‫‪ ) 77‬هو زيد بن فندين أبو قدامي النماري كان من علماء تيهرت ومن الشخصيات البارزة في قبيلة زنانة ضمه المام عبد الرحمن بن‬
‫رستم الى لجنة الشورى لمكانته العلمية ومنزلته العليا بين قومه‪ ،‬وجمعا لكلمة المة وسدا لباب الخلف وطمع يزيد في ولية ناحية من‬
‫الدولة فلما لم يوله عبد الوهاب غضب وثار فجند أتباعه للطاحة بنظام عبد الوهاب فلم يفلح فسمي أتباعه بالنكار لنكارهم إمامة عبد‬
‫الوهاب انظر فتنة يزيد في سير أبي زكريا‪ ،‬ص ‪ ،65 -58‬طبقات الدرجيني‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص‪.‬ص ‪ ،56 -47‬تاريخ ابن الصغير ص ‪ 36‬سير‬
‫الشماخي ص‪.‬ص ‪ 154 -146‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير جـ ‪ ،3‬ص ‪474‬و ‪.478‬‬
‫‪ ) 78‬الدرجيني طبقات المشائخ جـ ‪ ،1‬ص ‪ 49‬وفي رواية أبي زكريا بلفظ (‪...‬فالمامة صحيحة والشرط باطل فلو صح في المامة شرط‬
‫لما قام ال حق ول قيم حد ولتعطلت الحدود وبطلت الحكام ولضاع الحق) ص ‪.91‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬موجبات عزل المام‬

‫حيث أن المام في نظر الباضية شخص كسائر المسلمين ل يختلف عنهم في شيء سوى أنه مكلف بمهام رئاسة‬
‫الدولة ‪،‬وهذا منصب لم يعهد إليه إل على شروط عاهد على السير وفقها يوم تعيينه ‪،‬فإن ظهر أنه حاد عنها ولم‬
‫يطبق الحكام الشرعية وغير السنة وحكم بالهوى وعطل الحدود واعتدى فيها وأحل مال ال وجعله دولة بين‬
‫الغنياء وأخذ بالذنب من ل ذنب لـه ورغب عن سبيل أئمة الهدى وفسق عن أمر ربه فإن إطاعته معصية لربه ‪،‬‬
‫ومعصيته هدي ذلك بأن ال يقول ‪ (:‬وجعلنا منهم أئمة يدعون إلى النار) (‪ )79‬فمن ضيع أمر ال بنقض ميثاقه‬
‫استوجب بنقضه لعنة ال (‪ )80‬ومن لحقته لعنة ال ل يستحق المامة وإن وليها يعزل عنها ‪،‬وهو في براءة ال‬
‫ورسوله والمسلمين ‪ ،‬يقول الشيخ أطفيش مبينا رأي الباضية في علقة المسلم بالمام الجائر ‪" :‬من علم بجور إمام‬
‫تبرأ منه وممن تبعه إلى جوره "(‪ )81‬لكنه يستثني من هم تحت لوائه إذا أكرهوا (الجواز القعود تحت الجائر (‪)82‬‬
‫المخالف والموافق مطلقا (‪ )83‬إذن فعقد المامة عند الباضية قابل للفسخ وإذا فسخ بطلت ول تبطل المامة إل‬
‫بحدث في المام "بعد العذار والنذار وتمادي المحدث على الصرار والستكبار فحينئذ يجب القيام عليه ‪،‬وابطال ما‬
‫صار من أمر المسلمين إليه "(‪.)84‬‬

‫ويستل الباضية على جواز عزل المام بنصوص عديدة منها قوله صلى ال عليه وسلم سيكون بعدي خلفاء ل‬
‫يعملون بما يعلمون ول يفعلون بما يؤمرون فمن أنكر عليهم نجا ومن اعتزلهم سلم ومن كان معهم فهو منهم"(‪.)85‬‬

‫ومن الحاديث التي يستدل بها ش‪ .‬أطفيش حديث رواه أبو أمامه عن النبي صلي ال عليه وسلم أنه قال‪ " :‬إذا رأيت‬
‫أمتي تهاب الظالم أن تقول لـه أنت ظالم فقد تودع منهم "(‪ )86‬وفي حديث آخر عن عميرة قال رسول ال صلي ال‬
‫عليه وسلم " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم ال بعذاب منه "(‪.)87‬‬

‫وقد يرى الباضية جواز عزل المام من باب وجوب المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وعمل بقوله صلي ال عليه‬
‫وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك اضعف اليمان "(‪.)88‬‬

‫وبعد ان عرفنا موقف الباضية القاضي بجواز عزل المام نلحض فيما يلي أهم السباب التي توجب عزل المام ‪.‬‬

‫أ‪-‬الردة‪ :‬وهي انكار ركن من أركان السلم‪ ،‬أو أن يرتكب المام ما يوجب إقامة الحد عليه‪ ،‬كترك الصلة‪ ،‬أو شرب‬
‫الخمر أو الزنا ‪...‬أو اختلس أموال الناس بالباطل(‪ ،)89‬ويحسن في هذه الحالة أن يسبق عزل المام تحذيره ونصحه‬
‫وإرشاده‪ ،‬فإن تاب واستقام فهو في وليته وأن أبى وتمادى وجب عزله وتغييره‪.‬‬

‫ب‪ -‬موجبات خلقية حادثة‪ :‬ل يملك المام ردها‪ ،‬ومنها زوال العقل‪ ،‬أو الصابة بالصمم والبكم‪ ،‬أو المرض إذا كان‬
‫مزمنا بحيث يمنعه على أداء واجباته‪ ،‬وفي هذه الحالة قولن‪ :‬الول ل تعقد المامة لغيره حتى يموت‪ ،‬تسقط إمامته‬
‫لعدم قدرته على العمل وفقده للكفاءة التي من أجلها عقدة لـه البيعة"(‪ )90‬ولعل القول الوسط أن يرجع المر إلى‬
‫المام نفسه فيستشار في إمكانية نصب غيره أو عدمه‪ ،‬فإن رأى المام بقاءه في السلطة بحيث ل يترتب عن ذلك‬
‫اضطراب في شؤون الحكم وكان له وزيرا مؤهل يقوم مقامه ويساعده العوان ومجلس الشورى فذلك جائز أما أن‬
‫رضي المام بالتخلي عن منصبه لغيره عن طواعية فذلك احسن ‪.‬‬

‫هذا إذا كانت الدولة تحت حكم الباضية‪ ،‬أما إذا كان المر من غير الباضية وأحدث ما يوجب عزله‪ ،‬استدرجه‬
‫الباضية باللطف واجتهدوا في إرشاده ونصحه بالتي هي احسن‪ ،‬فإن أبي حاولوا عزله‪ ،‬وإن رأوا عزله يؤدي الى‬
‫فتنة تحملوا أخف الضررين وهو إبقاؤه في الحكم وطاعته مالم يأمر بمعصية الخالق(‪ ، )91‬ويوافق هذا الرأي ما‬
‫ذهب إليه الشاعرة وأهل السنة ‪.‬‬

‫يقول ش‪ .‬محمد ابو زهرة (معاصر)‪ ":‬ان المختار للخلفة النبوية إذا فسق خرجت خلفته عن معنى الخلفة النبوية‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫وصارت خلفته ملكا عضوضا ويستوي مع من لم يختر فل يطاع في معصيته قط‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪ ":‬على‬
‫المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره فإن أمر بمعصية فل سمع ول طاعة"(‪)92‬‬

‫هل يعزل المام نفسه؟‬

‫ومن المحتمل في مسالة عزل المام‪ ،‬أن يتقدم هذا الخير بطلب الستقالة من منصبه بإرادة منه‪ ،‬لسبب أو لخر فما‬
‫هو رأى الباضية في ذلك؟ الحقيقة أنني لم أقف على قول لحد علماء الباضية في هذا الموضوع ول أضن القطب‬
‫تعرض لهذه الحالة‪ ،‬ولكن يبدو أنه يجوز لمام – ‘ذا رأى عدم قدرته على تولي المامة كما يجب – أن يعرض‬
‫موضوع استقالته على مجلس الشورى للبث فيها‪ ،‬وللمجلس أن يرفض استقالة المام ان لم تكن أعذاره كافية لذلك‪.‬‬
‫وتذكر المصادر الباضية أن المام أبا حاتم الملزوزي(‪ )93‬غضب مرة على أتباعه لما أحدثوا من سلب لقتلهم‬
‫قال‪ ":‬والن أما رددتم السلب واما اعتزلت أموركم وتركت الولية ‪ )94("...‬فأقل ما يقال في عزل المام لنفسه أنه‬
‫من المسكوت عنه لدى الباضية‪ .‬فمتى كان ل بد منه جاز وال عدمه أحسن ‪.‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 79‬القصص ‪.41‬‬
‫‪ ) 80‬المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم في رسالة له الى أهل طرابلس ذكرها بواب بن سلم في شرائع الدين (مخ) نسخة ش‪.‬‬
‫ناصر المرموري ص‪.29:‬‬
‫‪ ) 81‬محمد اطفيش الذهب الخالص ص ‪.46‬‬
‫‪ ) 82‬جواز القعود تحت الجائز من باب جواز التقية‪" :‬يجوز ان تستسلم لجميع أحكامهم عليكم ما لم تكن بدعة" اما ما يتعلق بلموال‬
‫فيقول‪ :‬ان جميع ما يلزمك من حقوق ال عز وجل ان طلبها منك الملوك فواسع لك ان تدفع اليهم كل ما كان ظاهرا كالحليب والتمر‬
‫والنعام اما ما كان باطنا كالذهب فل "(الدليل والبرهان ج ‪ 3‬ص ‪0 ) 66‬‬
‫‪ ) 83‬ش ‪ 0‬أطفيش ‪ ،‬الذهب‪ ،‬الخالص‪ ،‬ص‪0 46:‬‬
‫‪ ) 84‬من جواب المشارقة الى اباضية المغرب في عهد المام عبد الوهاب ‪،‬الدريجينى طبقات المشائخ بالمغرب ج ‪ 1‬ص‪50 :‬‬
‫‪0‬انضركذلك‪،‬كتاب سير الئمة وأخبارهم لبي زكريا (تح) اسما عيل العربي دار الغرب السلمي‪ ،‬ط ‪ ،1982 ،2‬ص‪.92:‬‬
‫‪ ) 85‬عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم رسالته الى أهل طرابلس‪ ،‬ضمن كتاب شرائع الدين لبن سلم (مخ) ص‪ ،29:‬لم يذكر المام‬
‫سند الحديث‪.‬‬
‫‪ ) 86‬رواة احمد والطبرانى والحاكم واليهقى في شعبة ‪ 0‬محمد اطفيش جامع الشمل فى حديث خير الرسل‪،‬ص ‪2350‬‬
‫‪ ) 87‬رواة ابو داود والترمزى وابن ماجد ‪،‬محمد اطفيش ‪ ،‬جامع الشمل فى حديث خير الرسل ‪،‬ص ‪0 235‬‬
‫‪ ) 88‬عز الدين بليق ‪،‬منهاج الصالحين ‪0،‬ص ‪ ، 410 :‬الحديث رواة مسلم عن آبي سعيد الخدرى ‪0‬‬
‫‪ ) 89‬محمد الشيخ بالحاج أستاذ بمعهد الحياة‪-‬القرارة ولية غرداية فى مقابلة شخصية ‪0‬‬
‫‪ ) 90‬ش ‪ 0‬محمد اطفيش ترتيب موسى بن عامر( مخ) خزانة ش ‪ 0‬بالحاج القرارة ‪ ،‬غيرمرقم ‪0‬‬
‫‪ ) 91‬ش ‪ 0‬سعيد التعاريتي‪،‬المسلك المحمود في معرفة الردود‪ ......‬ص‪. 50:‬‬
‫‪ ) 92‬محمد ابو زهرة ن تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 106.‬‬
‫‪ ) 93‬عين إماما للدفاع سنة ‪ 145‬ه واستطاع ان يتزعم ويجمع حولة كل قوى من الخوارج حتى سنة ‪ 155‬ه السنة التي قتل فيها ابو‬
‫حاتم بمكان يدعى (جنبى) وذلك من طرف جنود يزيد بن حاتم ‪ ،‬انضر ‪ .‬تاريخ ابن الصغير عن أئمة تاهرت الرستميين ‪ ،‬مقال ل‬
‫موتيلنسكى ‪ ،‬تر ‪.‬د‪ .‬محمد ناصر ‪،‬تاريخ ابن الصغير ص‪. 19:‬‬
‫‪ ) 94‬الدرجينى ‪،‬طبقات المشائخ بالمغرب ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.38:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رابعا‪ :‬هل يجوز الخروج على السلطان الجائر؟‬

‫من السلطان الجائر‪ -‬أول‪ -‬في نظر الباضية؟ يصف ش‪ .‬علي يحيى معمر رجال السياسة في الدولة الجائرة بأنهم "ل‬
‫يرضيهم العدل في دولتهم ول حتى ان يقوم بدولة بجانبهم لن الحكم العادل كفيل بأن يكشف للناس مساوئ حكمهم‬
‫وأن يطلق ألسنتهم بالنقد وربما بالنقمة ثم الثورة"(‪ )95‬ولذلك يسلكون طريق الظلم والقهر ول يهمهم سوى‬
‫الزعامة والهيمنة على كل حركة مناوبة لهم باستخدام "كل أنواع الحرب من كيد ودعاية كاذبة وتشويه للحقائق‪....‬‬
‫وتعذيب وضرب بالسيف ان اقتضى المر"(‪ )95‬وفي الغالب يكون الحاكم الجائر قد وصل الى السلطة بالقوة والغلبة‬
‫يسميه ش‪.‬اطفيش‪" :‬السلطان المتسلط لنه يأخذ بل حق ويعطي بل حق"(‪ )96‬ومن طبائع السلطين الجورة ميلهم‬
‫الى الترف والسراف في امتلك والقصور "ويستخدمون لبناء ذلك العامة"(‪ )98‬من الناس‪.‬‬

‫أما سيرتهم في إنفاذ الحكام فغير محمودة وكيف يعاف شارب الخمر سلطان ل يصحو من سكرته ال نادرا‪ ،‬أو يقيم‬
‫حد الزنا من ل يتورع من مخالطة النساء‪...‬؟‬

‫اذا كان جور السلطان على هذا النحو فما موقف الباضية منه يقول أبو الحسن الشعري(ت ‪324‬هـ أو ‪330‬هـ)‪:‬‬
‫"الباضية ل ترى اعتراض الناس بالسيف‪ -‬خلفا للخوارج‪ -‬لكنهم يرون إزالة أئمة الجور ومنعهم من ان يكونوا أئمة‬
‫بأي شيء قدروا عليه"(‪ .)99‬لكن اذا رجعنا الى المصادر الباضية وجدنا رأيهم على المر لذلك ول يترتب عنه فتنة‬
‫أشد من بقائه مع حوره فإن مسألة الخروج أمر آخرـ فيمكننا القول‪ -‬بدون تحفظ‪ -‬أن الباضية يجمعون على عدم‬
‫وجوب الخروج على السلطان‪.‬‬

‫أما جواز ذلك ففيه أقوال قد تختلف الظروف والحوال وبالتالي يختلف موقف الباضية من السلطان الجائر بين ظرف‬
‫وآخر‪ ،‬خاصة اذا علمنا ان الفكر السياسي والجتماعي لدى الباضية يقوم على مبدأ العتدال واللجوء الى الموقف‬
‫الذي ل ينتج عنه هلك والتسامح اذا اشتد المر وتأزم الوضع‪ ،‬وقد يتصف أحيانا بالقوة والصرامة والستماتة أما‬
‫الحق اذا سمح الحال بذلك‪.‬‬

‫من هذا المنطلق نفسر رأي الباضية في الخروج عن السلطان الجائر بتا رجح بين الجواز وعدمه‪.‬‬

‫أما وجوب الخروج فلم يقل به أباضي بل نجد ش‪ .‬أطفيش يرد بشدة على من يتهم الباضية بالقول بوجوب الخروج‬
‫على رأي الخوارج فيقول في المذهب الخالص مثل‪ ":‬نحن ل نقول بالخروج عن سلطين الجور الموحدين"(‪)100‬‬
‫ومن نسب إلينا وجوب الخروج فقد جهل مذهبنا "(‪)101‬‬

‫والموقف المعتدل حسبما يراه القطب أن يكتفي الباضية باعلن البراءة من المام الجائر وكذا من تبعه في جوره مع‬
‫ولية كل من كان تحت لوائه لجواز القعود تحت" الجائر المخالف والموافق مطلقا"(‪.)102‬‬

‫هذا رأي الباضية في علقتهم بالحاكم الجائر وهو ما أكده ش‪.‬علي يعي معمر في قوله‪ ":‬إذا ابتليت المة بان كان‬
‫حاكمها ظالما فان الباضية ل يرون وجوب الخروج عليه لسيما إذا خيف أن يؤدي ذلك إلى فتنة وفساد أو يترتب‬
‫على الخروج ضرر أكب مما هم فيه"(‪.)103‬‬

‫ومما يؤكد مذهب الباضية في عدم الخروج ما ذكر عن عبدال بن اباض انه عندما اجتمع واصحابه عازمين الخروج‬
‫وفيهم نافع بن الزرق ووجوه المسلمين سمع في جوف الليل دوي القراء وترنين المؤذنين وحنين المسبحين فقال‬
‫لصحابه أعن هؤلء أخرج معكم؟ فرجع وكتم أمره واختفى(‪ )104‬حتى وان كانت مناسبة هذه الحادثة في غير‬
‫الخروج عن السلطان الجائر فإننا نستفيد منها موقف ابن اباض الرافض مبدأ الخروج ومما يثبت عدم التجائه‬
‫للخروج انه لم يرد عنه تنظيم حملة للخروج على حليفة عصره بل كانت هناك علقة طيبة مدعمة بمراسلت تربط‬
‫بينه وبين الخليفة عبد الملك بن مروان‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫هذا عن عدم وجوب الخروج أما عن جوازه فنسجل رأى الباضية من خلل موقف الوارجلني حيث يقول‪ ":‬إن‬
‫مذهب أهل الدعوة في الخروج على الملوك الظلمة والسلطين الجورة جائز"(‪ )105‬ونجد الرأي نفسه عند ش‪ .‬علي‬
‫يحي معمر(‪ )106‬وهو رأي وسط بين موقف الشاعرة والسنية القائل بمنع الخروج على السلطين الجور ول يحل‬
‫قتالهم بل التسليم لهم على ظلمهم أولى(‪ )107‬الخوارج القائل بوجوب الخروج على سلطين الجور مهما تكلف‬
‫المر‪.‬‬

‫والواقع أن جواز الخروج عند الباضية مشروط بأمور عديدة أهمها الستطاعة‪ ،‬وعدم الوقوع في التهلكة بسبب‬
‫الخروج‪ ،‬ولتحديد ذلك يقول ش‪ .‬علي يحي معمر‪ " :‬ل ينبغي هدم حكم قائم ال إذا تأكدت الستطاعة للقيام بحكم خير‬
‫منه دون حدوث ما يخشى على المسلمين أو يلحق بهم أضرار تفوق ما هم عليه من أضرار(‪ ،)108‬أما إذا أمن‬
‫المسلمون من هذه المآخذ فاقدامهم على تغير المنكر جائز الستيلء على مدينة طرابلس والطاحة بحاكمها وتولى‬
‫زمام المور خلفا له ‪ ،‬ذلك بحركة منظمة مخطط لها فلم تقم حرب ولم يهرق دم(‪.)109‬‬

‫هذا رأي الباضية في موقفهم أمام السلطان الجائر مجمعون عليه إذا استثنينا ش‪ .‬سالم السيابي (عماني معاصر)‬
‫الذي يتحمس للخروج على السلطين والملوك وصراعهم بقصد حملهم على المنهج الشرعي الذي أوجب السير‬
‫عليه‪ ،‬ويحرض على ارتكاب الخطار لمقاتلة الملوك الجورة حتى يرجعوا الى الحق(‪ ،)110‬فيتحامل ش‪ .‬السالمي‬
‫على القائلين بعدم جواز الخروج المتمسكين بالصبر فيقول‪ " :‬فعلى القل أين المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪،‬‬
‫وهو كما ثبت اجماعاً أنه اليد أولً وهل اليد إل العصا ثم السيف؟‪ ،‬وكيف ل يجوز الخروج عليهم وهم يفسدون في‬
‫الدين ويبدلون حكم ال بحكم القوانين وهذا هو الكفر والواضح"(‪.)111‬‬

‫=======================‬

‫‪ ) 95‬على يحي معمر الباضية بين الفرق السلمية ‪ ،‬ص‪. 293:‬‬


‫‪ )96‬م‪.‬س‪.‬ص‪. 293:‬‬
‫‪ ) 97‬ش‪.‬محمد اطفيش ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪،‬ص‪. 427:‬‬
‫‪ ) 98‬إبراهيم الوارجلني‪ :‬الدليل والبرهان جـ ‪ ،3‬ص ‪66‬‬
‫‪ ) 99‬أبو الحسن الشعري مقالت السلميين جـ ‪ ،1‬ص ‪.189‬‬
‫‪ ) 100‬نلحظ هنا ان القطب يحصر عدم الخروج على الئمة الموحدين‪ .‬أما المشركون ويدخل في حكم ذلك مظاهر الستعمار المعاصر‬
‫فيوجب الخروج عنهم‪.‬‬
‫‪ ) 101‬محمد اطفيش الرد على الشيخ محمد كامل الطرابلسي (مخ)‪.‬‬
‫‪ ) 102‬محمد أطفيش الذهب الخالص‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ ) 103‬علي يحيى معمر الباضية بين الفرق السلمية ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 104‬أبو القاسم البرادي الجواهر المنتقاة الوارجلني الدليل والبرهان‪.‬‬
‫‪ ) 105‬أبو يعقوب الوارجلني الدليل والبرهان جـ ‪ ،3‬ص ‪.64‬‬
‫‪ ) 106‬علي يحيى معمر الباضية بين الفرق ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 107‬الوارجلني الدليل والبرهان جـ ‪ ،3‬ص ‪.64‬‬
‫‪ ) 108‬علي يحيى معمر الباضية بين الفرق ص ‪.290‬‬
‫‪ ) 109‬أنظر قصة ولية أبي القحطان في تاريخ أبي زكريا ص‪ 57.‬طبقات الدرجيني جـ ‪ ،1‬ص ‪.21‬‬
‫‪ ) 110‬سالم السيابي إزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء ص ‪.78‬‬
‫‪ ) 111‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.79:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫خامسا‪ :‬موقف المة من المام العادل‬

‫حيث أننا تعرضنا لموقف الباضية من المام اذا جار أو السلطان إذا طغى وتجبر‪ .‬فإنه يجدر بنا كذلك عرض موقفهم‬
‫من المام العادل‪.‬‬

‫فأول ما يجب على الرعية طاعته والخلص في النقياد له ول ينبغي ان يطيعوه‪ ،‬خوفا منه أو تقريبا له وانما لكون‬
‫طاعته واجبة من ال على الرعية‪ .‬وقد وردت نصوص عديدة تصرح بوجوب طاعة أولي المر‪ ،‬ومنها قوله صلى ال‬
‫عليه وسلم " ان أمر عليكم عبد حبشي مجذوع النف وأقام فيكم كتاب ال وسنتي فاسمعوا له وأطيعوا"(‪.)112‬‬

‫أما العصيان والتمرد على المام فحرام قطعا‪ ،‬يقول أ‪.‬كبيرلي نقل عن الباضية‪ " :‬والتمرد على المام من ابشع‬
‫الجرائم بل يجب على العكس مساندته ضد أعدائه"(‪ )113‬فالثورة على المام العادل منكرة عند الباضية(‪ )114‬وكل‬
‫عمل يؤدي الى إحداث شغب وتشويش في الدولة ممنوع يجب إيقاف صاحبه وتأديبه‪ ،‬ومن الحاديث الواردة في هذا‬
‫الشأن قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة‬
‫جاهلية"(‪.)115‬‬

‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬من خلع يدا من طاعة لقي ال يوم القيامة ول حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة‬
‫مات ميتة جاهلية"(‪.)116‬‬

‫وهكذا يوجب الشرع طاعة أولي المر بل ويقرنها بطاعة ال ورسوله‪ .‬يقول صلى ال عليه وسلم‪ " :‬من أطاعني فقد‬
‫أطاع ال ومن عصاني فقد عصى ال ومن يطع المير فقد أطاعني ومن يعص المير فقد عصاني"(‪ )117‬وهذا تأكيد‬
‫لقوله تعالى‪:‬‬

‫( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم‪ )118()...‬الية‪.‬‬

‫وإذا ظهر من المام نقصا وتهاونا أو إهمال بواجب من واجباته كان ل بد من الرعية والخاصة بصفة أولى نصحه‬
‫وتحذيره وتنبيه قال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬الدين النصيحة" ولما سأله الصحابة لمن النصيحة قال‪" :‬ل ولكتابه‬
‫ورسوله ولئمة المسلمين وعامتهم"(‪ .)119‬والواقع ان نصح المام وارشاده وتحذيره واجب حتى في حالة جوره‬
‫فكيف اذا عدل وأخطأ؟ قال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"(‪.)120‬‬

‫وانما المطلوب في النصيحة أن تكون بلطف ورفق تأدبا بمقام المام حتى ل تجرح كرامته‪ ،‬كما انه ينبغي للمام ان‬
‫يقبل النصيحة ممن جاءت ول يترفع عن قبول الحق اذا ظهر‪.‬‬

‫================‬

‫‪ )112‬يعلق أبو إسحاق إبراهيم اطفيش على هذا الحديث بقوله‪ " :‬انما أمر نبينا صلى ال عليه وسلم بطاعة العبد على سبيل المثل في‬
‫وجوب الطاعة وإل فالعبد ل تجوز إمامته للصلة فكيف بأمر المسلمين وهذا رد لمن زعم ان المامة ال في قريش انظر في هامش كتاب‬
‫الوضع لبي زكريا يحيى بن أبي الخير ص ‪ 23‬وروى الحديث المام الربيع بن حبيب في مسند عن جابر عن ابن عباس بلفظ " ان أمر‬
‫عليكم عبد حبشي مجدوع النف فاسمعوا وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب ال" راجع الجامع الصحيح مسند الربيع بن حبيب ط ‪ 2‬عام ‪1388‬هـ‪،‬‬
‫جـ ‪ ،3‬ص ‪211‬‬
‫‪.Pierre Cuperly, Introduction a I, etude de I, Ibadisme ..p.292 ) 113‬‬
‫‪ ) 114‬فاروق عمر التاريخ السلمي وفكر القرن العشرين ط ‪ 2‬دار اقرأ بيروت لبنان ‪1406‬هـ ‪1985‬م ص ‪ 56‬نقل عن أبي المؤثر‬
‫الحداث والصفات (مخ) بدار الكتب المصرية القاهرة ورقة ‪ 4‬و ‪.5‬‬
‫‪ ) 115‬متفق عليه‪ ،‬عن ابن عباس ذكر أ‪.‬عز الدين بليق في منهاج الصالحين من أحاديث سنة خاتم النبياء والمرسلين‪ .‬دار الفتح بيروت‬
‫‪ 1978‬ص ‪.466‬‬
‫‪ ) 116‬م‪.‬س‪.‬ص ‪ 466‬رواه مسلم عن ابن عمر (رضي)‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫‪ ) 117‬م‪.‬س‪.‬ص ‪ 466‬عن أبي هريرة (رضي) متفق عليه‪.‬‬
‫‪ ) 118‬النساء ‪59‬‬
‫‪ ) 119‬عز الدين بليق منهاج الصالحين ص ‪ 410‬رواه مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس‪.‬‬
‫‪ ) 120‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 412:‬رواه أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري( رضي)‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫سادسا‪:‬مسؤوليات المام وواجباته‬

‫اذا انتخب المام وتمت لـه البيعة الشرعية أصبح هو المسؤول الول في الدولة‪ ،‬وتمتع بصلحيات مطلقة في حدود‬
‫الشرع فله ان يحكم بما يراه صوابا‪ ،‬ويجتهد في إقامة العدل بين الناس واعطاء كل ذي حق حقه‪ ،‬ويحسن له في ذلك‬
‫ان يستعين بمجلس الشورى أو بوزير‪ ،‬ولكن اعتماده على المستشارين والوزراء ل يرفع عنه المسؤولية‪ .‬لن المام‬
‫الباضي ل يتمتع "بحصانة معينة فهو مسؤول عن إجراءاته والقرارات التي يتخذها"(‪ )121‬وبالتالي فانه يتحمل كل‬
‫تبعية ناتجة عن تصرفاته أو قراراته الغير شرعية‪ ،‬وهو بذلك ل يختلف عن غيره من أفراد رعيته‪ ،‬فان أمر المام‬
‫بإقامة الحد على أحد من غير استحقاق وأدى ذلك الى موته وجب "على المام دفع الدية من ماله الخاص"(‪)122‬‬
‫وهذا خلفا للقائلين بعصمة المام من الشيعة‪.‬‬

‫أما مهام المام وواجباته فكثيرة ومختلفة‪ ،‬خاصة اذا اتسعت رقعة حوزته ودخلت تحت لوائه أمم عديدة وشملت‬
‫دولته أقطارا كثيرة ويمكن جمع أهم واجبات المام في الميادين التية‪ :‬المن‪ ،‬الدارة‪ ،‬الدعوة‪ ،‬القتصاد‪ ،‬الجتهاد‪.‬‬
‫ففي هذه الميادين يكون مدار نشاط المام وله في كل منها مسؤوليات محددة وفيما يلي بيان ذلك‪.‬‬

‫أ‪-‬المسؤوليات المنية‬

‫من أول مهام المام في مرحلة الظهور السهر على توفير المن لشعبه وحماية الدولة من كل مكروه‪ ،‬ولذلك يعتبر‬
‫المام الباضي قائد الجيوش(‪ )123‬مثل ما كان عليه الئمة الرستميون‪ ،‬وقد ضرب المام أفلح أروع مثال في القوة‬
‫والشجاعة وكان عبد الوهاب في شبابه يقاتل وحده ما يقارب خمسمائة رجل(‪.)124‬‬

‫ومن متطلبات المن ان يمنع المام رعيته من استعمال السلح بل عليه "أن يحظر حمل السلح"(‪ )125‬اذا خيف‬
‫منهم البطش والهلك كما يدخل ضمن الحتياطات المنية مراقبة مداخل ومخارج المدينة وبقيم الحراسة على البواب‬
‫وعند اقتضاء الحاجة يراقب حدود الدولة فيمنع الخارج من البلد والداخل فيه لمن ل يرغب فيه‪ ،‬ولكن تبقى حرية‬
‫التنقل والحركة مكفولة فالسفر مباح من حيث المبدأ "فل يجوز حجره ول منعه على أحد ال ان يكون سفره في‬
‫معصية فمنعه يكون على وجه المر بالمعروف والنهي عن المنكر"(‪ )126‬وقد يكون السفر والرتحال واجبا فيأمر‬
‫به المام لسباب أمنية خالصة مثل ما فعله يعقوب بن أفلح(‪ )127‬حين أمر السكان بالهروب الى وارجلن عند‬
‫سقوط تيهرت(‪.)128‬‬

‫ومن المسؤوليات المنية ان يعاقب المام كل محارب(‪ )129‬ظهر في البلد لقوله تعالى‪:‬‬

‫(إنما جزاء الذين يحاربون ال ورسوله ويسعون في الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من‬
‫خلف أو ينفوا من الرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الخرة عذاب عظيم) (‪.)130‬‬

‫ال ان الوارجلني يقول ان العلماء اختلفوا في ظاهر هذه الية وباطنها ويعني بذلك أنهم لم يحددوا المسؤول على‬
‫تنفيذ الحكام الواردة فيها أهو المام أم سائر المسلمين‪ .‬فقال‪ " :‬بعضهم المام ول ينفذه غيره كسائر الحدود وقال‬
‫بعضهم ان حكم ال جائز لمن قدر على إنفاذه‪ .‬وقال بعضهم أما القتل فجائز في الظهور(‪ )...‬أما سوى ذلك فل يجوز‬
‫ال للمام"(‪)131‬‬

‫ويدخل في حكم المحاربين كل من سعى في فتنة واحداث القلئل وأثار الشغب في المجتمع وروع المنين فعلى المام‬
‫ان يتصدى لهم ويقاتلهم " وأن كانت في تلك الفتنة والحكم فيهم ان تقتل تلك السلطين وجميع جنودها وتعفي العامة‬
‫ومن أجبروه على الدخول معهم في فتنتهم"(‪ )132‬إذن فتوفير المن في الدولة هو أهم شيء يعتني به المام ويرى‬
‫الوارجلني ان الدفاع عن الوطن وقهر كل ظالم أراد العتداء عليه حق من حقوق الرض التي يأكل المام خراجها(‬
‫‪ ،)133‬إذ ل يستقيم أمر الدولة لم تضمن أمنها ول استقرار أوضاعها‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ب‪ -‬المسؤوليات الدارية‬

‫على المام ان يحسن اختيار العناصر ذات الكفاءة والمؤهلت العالية لمساعدته في إدارة شؤون الدولة‪ ،‬وعليه ان‬
‫يقوم بتنصيب قضاته وعماله وباقي مستخدميه بنفسه‪ ،‬ول يجوز للعامة أن يولوا على أنفسهم من يرغبون فيه دون‬
‫إشراف المام على ذلك مثل ما حدث في عهد المام عبد الوهاب حيث " ائتمرت العامة من الناس ان يولوا على‬
‫أنفسهم خلف بن السمح"(‪ )134‬وظنوا ان ذلك أوفق لمير المسلمين‪ "...‬ولما بلغ ذلك الى المام كتب إليهم معاتبا‬
‫وأبطل ما قدموا عليه(‪.)135‬‬

‫فإذا عين المام القضاة والولة والقائمين بالحسبة والجباة وجب عليه متابعتهم ومراقبة أعمالهم ويتعهدهم بالعناية‬
‫الكافية لنجاز خدماتهم في أحسن وجه‪ .‬ومن واجب المام عزل الوالي الفاسد "اذا شكته الرعية ول يكلفهم على ذلك‬
‫بينة(‪ )...‬بل يعزله ويولي غيره من أهل المانة والفضل"(‪ )136‬ويذكر ابن الصغير ان قبائل مزاته وسدراته وغيرهم‬
‫بعثوا جماعة الى المام عبد الوهاب يشتكون من أحوالهم فقال قائلهم للمام‪" :‬ان رعيتك قد ضجرت من قاضيك‬
‫وصاحب بيت مالك والقائم بشرطتك فاعزلهم عنهم‪ .‬وول عليهم خيارهم"(‪ )137‬فأثنى عليهم المام وفوضهم لختيار‬
‫من يرونه صالحا(‪.)138‬‬

‫وكما يجب على المام مراقبة عماله فكذلك يجب على الرعية بأن يتعاهدها ول يغفل عنها وان لم يفعل فهو مقصر في‬
‫حقهم‪.‬‬

‫===================‬

‫‪ ) 121‬عمر فاروق‪ ،‬التاريخ السلمي ص ‪.58‬‬


‫‪ ) 122‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 58:‬نقل عن الصائفي كنز الديب وسلفة اللبيب (مخ) ورقة ‪84‬أ‬
‫‪.Angel Gerrard, I, Imamat Ibadite de Tahert, p.p. 107- 108 ) 123‬‬
‫‪ ) 124‬م‪.‬س نفس الصفحة‪ ،‬نقل عن سير أبي زكريا ص‪.142:‬‬
‫‪ ) 125‬عمر فاروق‪ ،‬التاريخ السلمي ص ‪.60‬‬
‫‪) 126‬‬
‫‪ ) 127‬آخر الئمة الرستميين وهناك من المؤرخين من ل يعتبره إماما من الئمة الرستميين رغم تولية المامة لربع سنوات ثم عزل‬
‫انظر تاريخه في أخبار في أخبار الئمة الرستميين لبن الصغير ص ‪96‬و ‪ 100‬سير أبي زكريا ص ‪.188‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 107- 108 ) 128‬‬
‫‪ ) 129‬يعرف الوارجلني المحارب بقوله‪ " :‬كل من أخاف السبيل وأعلن الفساد في الرض"‪.‬‬
‫‪ ) 130‬المائدة الية ‪33‬‬
‫‪ ) 131‬الوارجلني الدليل والبرهان جـ ‪ ،3‬ص‪.58:‬‬
‫‪ ) 132‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪ ) 133‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪66:‬‬
‫‪ ) 134‬هو خلف بن السمح بن عبد العلى وزير عبد الوهاب كان يقوم بالتدريس ويعقد الحلقات أنظر طبقات الدرجيني جـ ‪ ،1‬ص ‪.67‬‬
‫سير الشماخي ص‪ 163:‬الزهار الرياضية جـ ‪ ،2‬ص ‪.147‬‬
‫‪ ) 135‬أبو زكريا سير الئمة وأخبارهم‪ ،‬تح إسماعيل العربي ص‪.20 -19 :‬‬
‫‪ ) 136‬عمر فاروق التاريخ السلمي‪ ،‬ص‪ 559. :‬نقل عن الصائفي كنز الديب ورقة ‪84‬‬
‫‪ ) 137‬ابن الصغير أخبار الئمة الرستميين تح د‪.‬محمد ناصر و إبراهيم بحاز ص ‪.42‬‬
‫‪ ) 138‬تشير المصادر الباضية أن المام رجع عن قوله بتغير عماله بعد أن أرشد خاصته وكان ذلك سببا لنقمة المشتكين عليه ومن ثم‬
‫ظهرت فرقة النكار أنظر م‪.‬س‪ ،‬ص‪42:‬و ‪.44‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬سادسا‪:‬مسؤوليات المام وواجباته‬

‫جـ‪ -‬المسؤوليات الدينية‬

‫حيث ان الفكر السياسي عند الباضية ل يفصل بين الدين والدولة فإن المام ل ينبغي منه إهمال جانب على حساب‬
‫الخر‪ ،‬ومن أهم مسؤوليات المام الدينية الدعوة الى دين ال ما أمكن‪ ،‬والحرص في خدمة السلم والتمسك بمبادئه‬
‫والمحافظة على قيمه وتعاليمه‪.‬‬

‫تنقسم الدعوة الى قسمين‪ ،‬دعوة داخلية‪ ،‬ودعوة خارجية‪ ،‬أما الداخلية فتتعلق برعاية المصالح الدينية للمواطنين‬
‫ومنها إمامة الصلة فإن تعذر على المام اللتزام بها في سائر الصلوات فل ينبغي على القل ان يتخلى عن إمامة‬
‫صلة الجمعة(‪ )139‬كما يجب على المام ان يجتهد في إرشاد الناس لمعرفة دينهم بالوعظ وعقد الحلقات وتعيين‬
‫المشائخ للفتاء والتدريس وتبليغ الدعوة ومن واجب المام السعي في بناء المساجد وحمل الرعية على عمارتها‪.‬‬

‫واجب المام مع أهل الخلف‪:‬‬

‫تشمل الدعوة الداخلية للمام نشاطه في استدراج المخالفين الى ترك ما به افترقوا "فإن أجابوا للدعوة واهتدوا‬
‫صاروا إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا ووسعنا وإياهم العدل‪ ،)140("...‬أما ان اختاروا البقاء على مذهبهم‬
‫وفضلوا " النفراد ببلدهم وأجروا فيها أحكامهم تركناهم وذلك ما لم يكن ردا على آية محكمة أو سنة قائمة"(‪)141‬‬
‫ويعين المام واحدا منهم يقوم بواجب الحقوق عليهم‪ ،‬ول يتركهم المام يظهرون منكرا ول أن يحدثوا ما لم يكن ال‬
‫ان يكون أمرا ل مكروه تحته(‪ ،)142‬ويجب في كل ذلك ان يعترفوا بالسيادة للمام فيأتمروا بأوامره وينتهوا‬
‫بنواهيه‪.‬‬

‫أما الدعوة الخارجية فيتركز نشاط المام على دعوة أمراء أهل الكتاب واليهود والنصارى والصابئين مطلقا وعبدة‬
‫الصنام وجاحدي ال‪...‬يدعو هؤلء جميعا الى السلم "فإن قاتلهم وسباهم وغنمهم"(‪ )143‬ويفرض عليهم المام‬
‫جزية يدفعونها ما دام المام قادرا على منع الظلم عنهم‪ ،‬فإذا جمع مال أعطى فقراء أهل الجزية منها‪ ،‬وفقراء أهل‬
‫الزكاة منها ولو مخالفين"(‪ )144‬ول يأخذ الجزية غير المام وإل لم يعامل فيها أو يأخذها كل من منع الظلم عنهم"(‬
‫‪، )145‬هذا رأي القطب في واجب المام على أهل الكتاب‪ .‬أما ش‪.‬أبو زكريا ل يرى قبول الجزية منهم ويحل سبيهم‬
‫وغنيمة أموالهم وسفك دمائهم ما داموا على شركهم(‪ .)146‬أما اذا استجابوا للدعوة ودخلوا في السلم فلهم ما‬
‫للمسلمين وعليهم ما على المسلمين‪.‬‬

‫د‪ -‬المسؤوليات القتصادية‬

‫يدخل في الميدان القتصادي كل ما له علقة بتنمية الموارد المالية في الدولة من زراعة وتجارة وصناعة‪ ،‬وجمع‬
‫الزكاة وجبي الخراجات‪ ،‬وغنائم الحروب‪ ،‬وما يجمع الجزية‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وجميعها تقع تحت تصرف المام فيتولها‬
‫بنفسه مباشرة أو يعين من يقوم بأعبائها‪.‬‬

‫الزراعة والتجارة والخدمات الحرفية يجب أن تخضع لنظام عام تحت إشراف المام ل ينبغي لصحاب هذه الصنائع أن‬
‫يحيدوا عنه وال تعرضوا للعقوبات(‪ )147‬وعادة ما يتولى الشراف على مراقبة هذه البضائع رجل يعينه المام يدعو‬
‫المحتسب وقد يستعين هذا بأعوان‪.‬‬

‫أما الزكاة فيضع القطب نظاما لها ويترك للمام حرية التصرف فيه بالزيادة والنقصان حسبما تقتضيه الظروف‪ .‬فبعد‬
‫أن يجمع عمال المام الزكاة المفروضة‪ ،‬يقسمها المام ثلثة أسهم فيعطي كل بلدة ثلث زكاتها‪ .‬وقد يعطي لها النصف‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ان رأى ذلك‪ ،‬وتوزع الزكاة بين أهل البلدة جميعاً " ولو مخالفين أما الباقي فيرفعه لمصالح السلم وأن يرى المام‬
‫ضرورة رفع الزكاة كلها لموجب أو تفريق زكاة البلد كلها فيها جاز لـه"(‪ )148‬ومن موجبات رفع الزكاة كلها ان‬
‫يحتاج المام إلى مال لتجهيز الجيش للجهاد‪ ،‬أو جمعه لتبرع به لصالح فقراء بلد مسلم محتاج‪ .‬وقد يكون الموجب‬
‫اكتفاء سكان البلدة مادياً بحيث ل يحتاجون إلى مال وفير‪.‬‬

‫ويبين ش‪ .‬أطفيش طريقة توزيع المال على المحتاجين فيقول‪ ":‬يعطى الفقير مؤونة سنة ودينه وما يتزوج به أن‬
‫ويعتبر فيها الفضل فالفاضل والمحتاج وذو السن والضعف"(‪ )149‬وغالبا ما تقدر المؤونة التي تكفي للسنة فتعطى‬
‫للمحتاج أما إذا كان ذا عيال فيزداد له قيمة خادم أو ما يصير به غنياً‪ ،‬وتصرف الزكاة في غير ما تقدم على النحو‬
‫التالي‪)150( :‬‬

‫* ابن السبيل‪ :‬يعطى له – إن كان غني ًا – ما يوصله إلى غايته‪.‬‬

‫* الغازي‪ :‬وهو في حكم المسافر في مهمة يعطى له ما يكفيه ذهاب ًا ورجوعاً أو ثمن مؤونة عام ‪.‬‬

‫* المام‪ :‬يأخذ الزكاة – ان احتاج – مؤونة عام‪.‬‬

‫وينبغي للمام أن يحصي مدا خيل الدولة المالية من الزكاة والضرائب والرسوم ومال الجزية وخراج الرض "‬
‫والكفارات‪ ،‬والموال الموقفات واللقطات‪ ..‬والوصايا المعينات والؤبدات وغير المربدات كالوصايا للمساجد والسداد‪،‬‬
‫والطرق المسبلة‪ ،‬وقبض الديات من قاتل العمد والخطأ الذي ل ولى له من القتلى وكذلك فطرة البدان" (‪.)151‬‬

‫وبعد إحصاء هذه المداخيل يشرع المام في توزيعها بين المستحقين من الرعية‪ .‬وبالقسط والعدل وفق مبادئ‬
‫الشريعة‪ .‬وله أن يستثمر منها لصالح الدولة ‪.‬‬

‫وحيث أن المام الباضي يعتبر أمينا عاما على بيت مال المسلمين فإنه المسؤول الول على أملك الدولة ويتحمل كل‬
‫المسؤوليات المالية‪ .‬على أنه من الممكن أن يعين وزيرا ليعينه في مهام المالية وينوبه عند الحاجة كما يجوز له‬
‫تعين العمال والجباة لجمع الزكاة " وينبغي أن يكون جابي الزكاة بمنزلة المام في زوال العاهات وصحة المانات لنه‬
‫علم من أعلمه وشعبه من أحكامه(‪ .)152‬وهنا يؤكد الباضية على ضرورة اللتزام بالعدالة في عملية جمع الزكاة‬
‫ولذلك يتعين على المام أن يختار الرجل المؤهل للقيام بهذه المهمة‪.‬‬

‫ومن مهام المام العتناء بالوقاف والحبوس (‪ )153‬فلنها ملك للمسلمين جميعاً وعادة ما يكلف المام وكيل لكل‬
‫مسجد يهتم بشؤون أوقافه وحبوسه‪.‬‬

‫هـ‪ -‬المسؤوليات الجتماعية‬

‫إلى جانب ما تقدم من مهام المام ومسؤولياته يجب عليه كذلك أن يهتم بمصالح المسلمين الجتماعية وأن يتعاهد‬
‫رعيته بالعناية اللزمة‪ ،‬ول يغفل عنهم في شيء من شؤونهم الجتماعية وأهمها العناية باليتام والرامل والشيوخ‬
‫وأبناء السبيل‪ ،‬وإكرام الضيوف‪ ،‬وعلى المام أن يتأدب للرعية " ويتفقد أحوالهم بل حيف على أحد وأن يعود‬
‫مرضاهم ويشهد جنائزهم ويفتح لهم بابه ويباشر أمرهم بنفسه"(‪ )154‬فل يجوز له أن يحتجب عن الشعب ال في‬
‫أوقات الضرورة‪ .‬لقوله صلي ال عليه وسلم " من وله ال شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم ‪ ...‬حجبه‬
‫ال عن حاجته يوم القيامة ‪.‬‬

‫ومن أهم حقوق المواطنين التي يجب على المام مراعاتها‪ ،‬تأمين الحرية النسانية لنها من أسمى المبادئ التي‬
‫قررتها الشريعة السلمية فعلى المام بالخصوص أن يكفل حرية التفكير وحرية العتقاد وحرية التنقل وغيرها لكن‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫في الحدود التي يتعدى الواحد حدود حريته على حساب حقوق الخرين وأي قيد يفرضه المام على رعيته في هذه‬
‫الحريات بعتبر مساسا بالكرامة النسانية التي أوصي ال على حمايتها قال تعالى‪ ( :‬ولقد كرمنا بني آدم ‪)155( )...‬‬

‫=======================‬

‫‪.Dangel Gerard, I, Imamat Ibadite. P.107. Dangel ) 139‬‬


‫‪ ) 140‬الوارجلني الدليل والبرهان جـ ‪ ،3‬ص‪.54:‬‬
‫‪ ) 141‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 142‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ ) 143‬محمد أطفيش الذهب الخالص ص ‪.70‬‬
‫‪ ) 144‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ ) 145‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ ) 146‬أبو زكريا يحيى بن أبي الخير الوضع ص ‪.20‬‬
‫‪ ) 147‬أنظر نظام الحسبة ومراقبة السواق في الفصل التالي‪.‬‬
‫‪ ) 148‬محمد اطفيش‪ :‬الذهب الخالص ص‪234.‬‬
‫‪ ) 149‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪234‬‬
‫‪ ) 150‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.234‬‬
‫‪ ) 151‬عمر فاروق‪ ،‬التاريخ السلمي‪ ،‬ص ‪ 60‬نقل عن الصائفي دون ذكر رقم الورقة‪.‬‬
‫‪ ) 152‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ ،60:‬نقل عن الصائفي ورقة ‪ 88‬أ‪.‬‬
‫‪Marcel Mercier, Etude sur Ie Waqf Abadite, et ses application au M, Zab imp: Jules ) 153‬‬
‫‪.Carbonel, Alger, 1927‬‬
‫‪ ) 154‬عمر فاروق‪ ،‬التاريخ السلمي نقل عن الصائفي( نز الديب ورقة ‪ 84‬ب‪......‬‬
‫‪ ) 155‬السراء الية‪.70:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬أعوان المام‬

‫الفصل الرابع‬
‫أعوان المام‬

‫أول‪ :‬مجلس الشورى‬

‫ثانيا‪ :‬الوزير‬

‫ثالثا‪ :‬القاضي‬

‫رابعا ‪:‬الولة‬

‫خامسا‪ :‬الحسبة والشرطة‬

‫سادسا‪ :‬الجيش‬

‫الفصل الرابع‪ :‬أعوان المام‬

‫ل يختلف جهاز الحكم في الدولة الباضية كثيرا عن الجهزة الخرى في الدول السلمية من حيث الشكل‪ ،‬حيث نجد‪-‬‬
‫تقريبا‪ -‬في كل دولة حاكما هو المسؤول الول‪ -‬قد يكون إماما أو خليفة أو ملكا أو سلطانا أو أميرا‪ -‬والى جانبه‬
‫أعوان "يمثلون الحكومة يساعدون الحاكم في تسيير شؤون الدولة وهم في الغالب ‪ :‬الوزراء والعمال والولة‬
‫والقضاة والجباة وقواد الجيوش وصاحب بيت المال وصاحب الشرطة والمحتسب وغيرهم(‪ ، )1‬وقد تختلف التسميات‬
‫واللقاب بين حكومة وأخرى ال ان المناصب المذكورة تبقى هي عمدة السلطة وصاحبة الحق في تدبير شؤون‬
‫الرعية هذا من حيث الشكل‪.‬‬

‫أما نوع النظام فل يخلو من تفاوت واختلف بين دولة وأخرى ففي الحين الذي يقوم فيه النظام الملكي على الوراثة‬
‫وولية العهد حيث يشترط في المام البوة(‪ )2‬لتولية السلطة‪ ،‬نجد شرط الكفاءة في النظام الديموقراطي هو أول‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫شرط ينظر إليه في تعين المام‪.‬‬

‫من هنا نلحظ أن مؤسسات السلطة في الدولة الباضية وان اتفقت مع مثيلتها في الدول الخرى ال أنها أقيمت‬
‫أساسا لتجسيد مبدأ الديموقراطية وتطبيق هذا المبدأ من خلل ممارسة السلطة في الحياة اليومية فلنأخذ‪ -‬مثل‪-‬‬
‫الوزير يراه ابن أبي الربيع(ق ‪3‬هـ‪9/‬م) " شريكا في الملك"(‪ )3‬مع الملك دون غيره حتى ان الملك " ل يشاور أحدا‬
‫دونه ول يقدم أحدا عليه"(‪ )4‬وبهذا يصبح الحكم حكرا على فرد واحد في شخص الملك والوزير لنه في حكم الملك‪،‬‬
‫وهكذا اختار ابن أبي الربيع الشكل (الموناركي) من أشكال الحكومات"(‪ )5‬أما الوزير في نظر ش‪.‬اطفيش ل يعدو‬
‫كونه رجل كسائر الرعية أوتي خبرة في تدبير شؤون الحكم فالتزم جانب المام لمساعدته في مهامه فالوزير‬
‫مستشار وليس مالكا‪.‬‬

‫نعود الى نظام الحكم في الدولة الباضية الذي يتكون طاقم السلطة فيه من مجلس أعلى للشورى والوزير والولة‬
‫والقضاة والشرطة والجيش وفي حالت خاصة يتقلص جهاز الحكم لينحصر في المام ومجلس الشورى فحسب وذلك‬
‫ان كانت الدولة فتية حديثة النشأة قليلة العدد كما يمكن لجهاز السلطة ان يتسع ويكبر ليشمل العديد من المناصب‬
‫حسب اقتضاء الحاجة فيزداد عدد الوزراء والولة والقضاة وقواد الجيوش ويستعين هؤلء بعمال وجباة وسعاة‬
‫يعملون تحتهم وهذا في حال اتساع رقعة الدولة وازدهارها وارتفاع عدد سكانها‪.‬‬

‫وفيما يلي عرض لهم المناصب الحكومية التي يستعين بها المام في أداء مهامه‪:‬‬

‫=====================‬

‫‪ ) 1‬يضيف ابن أبي الربيع‪ :‬كتاب عارف ‪،‬حاجب عاقل‪ ،‬حاكم عادل‪ ،‬حكيم مجرب‪ ،‬جليس صالح‪ ،‬صاحب الطعام والشراب‪ ،‬انظر كتابه‬
‫سلوك الممالك في تدبير الممالك‪.‬‬
‫‪ ) 2‬وهو ان يكون من أهل بيت الملك انظر ابن أبي الربيع المسالك‪..‬تح ناجي التريكي ص ‪.176‬‬
‫‪ ) 3‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪193‬‬
‫‪ ) 4‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ ) 5‬محمد جلل شرف‪ ،‬نشأة الفكر السياسي وتطوره في السلم‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫أول‪ :‬مجلس الشورى‬

‫من خلل مجلس الشورى يتجسد مبدأ ديموقراطية السلطة في نظام الحكم في الدولة الباضية‪ .‬والمجلس هو أعلى‬
‫هيئة سياسية في البلد‪" ،‬وهو ممثل الشعب"(‪ )6‬لدى الحكومة ‪ ،‬أما أعضاؤه "فجماعة من خيرة العلماء المجتهدين‬
‫من أهل الخير والصلح ممن يمتازون بالتضلع في العلم والتبريز في الدراية بشؤون الدين وأصوله العقائدية‬
‫والفرعية"(‪.)7‬‬

‫وللمجلس صلحيات واسعة ل يحق للشعب أن يتدخل فيها ومن أهم صلحياته ما يلي(‪: )8‬‬

‫أ‪ -‬التشريع الجتهادي – في حدوده– وبهذا يكون المجلس هو المرجع الول للمام في المسائل الجتهادية‪.‬‬

‫ب‪ -‬اختيار المام وتنصيبه‪ ،‬ثم مراقبته في تصرفاته وأعماله في تسييس الرعية وذلك في الطار الديني‪.‬‬

‫جـ‪ -‬الهتمام بالمسائل السياسية والعلقات الدولية(‪ )9‬ومساعدة المام في معالجة المشاكل‪.‬‬

‫د‪ -‬إصدار القرارات الهامة كإعلن الحرب أو الهدنة في السياسة الحربية واعلن التقشف وتحديد الميزانية في‬
‫السياسة القتصادية وفي الغالب تصدر هذه القرارات عن المام بعد استشارة المجلس‪.‬‬

‫هـ‪ -‬التصال المباشر بالشعب قصد التعرف على أحواله ومشاكله ومطالبه(‪ )10‬ونظرا لذلك يحسن ان يتكون المجلس‬
‫" من ممثلي الشعب بمختلف طبقاته وقبائله"(‪.)11‬‬

‫و‪ -‬دراسة تقارير الولة والقضاة والعمال‪ ،‬ورؤساء الشرطة وإصدار الحكام المناسبة والفصل في النزاعات(‪.)12‬‬

‫ز‪ -‬والمجلس هو الهيئة الوحيدة التي لها حق النظر "في قضية عزل المام من دون تردد ان هو حاد عن طريق‬
‫الحق(‪.)13‬‬

‫ان وجود هذه الهيئة العليا في الدولة كقاعدة يرتكز عليها الحكم‪ ،‬ويعتمد عليها المام في أداء مهامه السياسية وفي‬
‫رعاية شؤون المة يعني استبعاد كل أشكال الستبداد بالرأي الواحد والتصرف وفق رغبات فرد واحد كما هو الشأن‬
‫في النظمة الملكية‪ ،‬والدولة الباضية حين تقيم على مبدأ الشورى انما ترمي بذلك تطبيق المبادئ السلمية والعمل‬
‫بما جاء في القرآن الكريم مثل قوله تعالى‪:‬‬

‫" وشاورهم في المر"(‪)14‬‬

‫ثم ان المام ل تكتمل مؤهلته ال اذا كان مشاورا أهل المشورة في أموره كيف ل والمشورة مبدأ ميز ال به‬
‫المؤمنين عن غيرهم " وأمرهم شورى بينهم"(‪ )15‬وهو ما كان عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته‬
‫الكرام(‪.)16‬‬

‫وثمة ملحظة تلعب دورا مهما في الميدان السياسي وهي أن أعضاء مجلس الشورى ل ينبغي لهم ان ينقسموا الى‬
‫جماعات ول يشكلوا كتل حزبية داخل المجلس "لن السلم يأبى تحزب أهل المشورة"(‪ )17‬وأفضل طريقة لبداء‬
‫الرأي هو ان يتبنى كل واحد وجهة نظره ويدلي برأيه بصفته الفردية‪ ،‬على ان يكون محميا بحصانة سياسية لنتمائه‬
‫الى هيئة رسمية‪.‬‬

‫هذا رأي الباضية في ممارسة السلطة النيابية ولعل هذا ما يدعى اليوم بمنع تعدد الحزاب مع إبقاء حرية التعبير عن‬
‫الرأي ضمن أطر شرعية وإذا نظرنا الى طبيعة الحكم الذي قامت عليه الدول السلمية وجدنا الباضية " وحدهم‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الذين طبقوا مبدأ الشورى في الحكم بعد الخليفتين"(‪.)18‬‬

‫=======================‬

‫‪ ) 6‬انظر ‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 107‬‬


‫‪ ) 7‬رشيد بوروبيه الجزائر في التاريخ جـ ‪ ،3‬ص ‪105‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 107 ) 8‬‬
‫‪ ) 9‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ ) 10‬رسالة علماء جربة الى ش‪.‬إبراهيم أبو اليقظان أوردها في ملحق العزابة‪.‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 107 ) 11‬‬
‫‪ ) 12‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ ) 13‬رشيد بوروبيه الجزائر في التاريخ جـ ‪ ،3‬ص ‪105‬‬
‫‪ ) 14‬آل عمران الية ‪.159‬‬
‫‪ ) 15‬الشورى الية ‪28‬‬
‫‪ ) 16‬أنظر فضل المشورة‪ :‬إسماعيل الجيطالي قناطر الخيرات جـ ‪ ،3‬ص ‪.179‬‬
‫‪ ) 17‬أبو العلى المودودي نظرية السلم السياسية ص ‪.56‬‬
‫‪ ) 18‬عوض محمد خليفات الصول التاريخية للفرقة الباضية ص ‪.54‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوزير‬

‫الوزير في الدولة الباضية هو المستشار للمام ومساعده وناصحه ونائبه وهو النسان المقرب للمام يلزمه‬
‫فيتدارس معه المسائل السياسية وكل ما يتعلق بتدبير شؤون الرعية‪ ،‬يرى ان مهمة الوزير هي "القيام بمصالح ملك‬
‫السلطان وهي أربعة‪ :‬عمارة بلده وتقويم أجناده‪ ،‬وتثمير مواده‪ ،‬وحياطة رعيته"(‪ )19‬أما ابن أبي الربيع فيقول‪" :‬‬
‫ل بد من وزير‪..‬معين على حوادث الدهور يكشف صواب التدبير(‪ )...‬وهو شريك في الملك المشير فيه بحفظ‬
‫أركانه‪.)20("....‬‬

‫ويبدو أنه ل خلف بين الباضية والعباسيين في ضرورة اتحاد الوزير لما له من دور كبير في الحكم لكن الفرق يظهر‬
‫جليا في أن الوزير العباسي يأخذ منصب رئيس الحكومة بمعنى أنه يملك صلحيات غير محدودة للتصرف في شؤون‬
‫المملكة وقد ل يكون وجود الملك ال شكليا ‪ ،‬بينما الوزير لدى الباضية مختلف عن ذلك‪ ،‬فصلحياته محدودة في‬
‫الستشارة وإبداء الرأي والنصح والتحذير إما ان يصدر القرار وينفذ باسم الملك فل أعتقد انه يجوز له ذلك ‪ ،‬ثم ان‬
‫الوزير الباضي مراقب من طرف مجلس الشورى وهو معرض في أي وقت لتغييره اذا أحدث ما يوجب ذلك ‪ ،‬بينما‬
‫الوزير العباسي ل مراقب لـه‪ ،‬بل يتمتع بتفويض من الملك يتصرف بموجبه كما يشاء في شؤون الدولة‪.‬‬

‫والوزير الباضي كما يرى ش‪ .‬اطفيش هو يمين المام ودليله اذا صلح الوزير صلح المام وإذا فسد الوزير أفسد‬
‫المام ‪ ،‬ولذلك يتشدد في اختيار من يصلح للوزارة‪ ،‬ويستشهد القطب بقول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬اذا‬
‫أراد ال بالمير خيرا جعل له وزير صدق أن نسي ذكره وان ذكر أعانه‪ ،‬وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء ان‬
‫نسى لم يذكره وان ذكر لم يعنه"(‪ )21‬وينبغي للمام ان يحسن اختيار وزيره فإذا اختاره أحبه وقربه وجعله موضع‬
‫ثقته قال المام عبد الوهاب في وصف علقته بوزيره السمح(‪ ": )22‬قد علمتم ان السمح وزيري وأحب الناس إلي‬
‫وأنصحهم ولن أريد مفارقته"(‪ )23‬ولنا مثال حي للوزير المثالي في الدولة الرستمية وهو أبو اليقضان محمد بن‬
‫أفلح(‪ )24‬الذي كلفه أخوه أبو بكر بن أفلح بمهام الوزارة بعد رجوعه من المشرق فكان " يقوم بشؤون الدولة‬
‫الكبرى كالنظر في رسائل العمال والولة‪...‬وفض المشاكل التي يرفعها الى المام ومراقبة مال الدولة وصرفه في‬
‫وجوهه وقراءة البريد السياسي الذي يأتيه من الملوك والمراء‪ ...‬والجابة عنه"(‪ ، )25‬وكان يتخذ أعلى مسجد في‬
‫المدينة مجلسا له لمباشرة أعماله " فمن تكلم إليه من الناس بين العمال والقضاة وأصحاب الشرطة نظر في ذلك‬
‫نظرا شافيا وأجرى الحق على من رضي وسخط عظم قدره أو صغر ولم تأخذه في ال لومة لئم"(‪ ، )26‬وفي أخر‬
‫النهار يتصل بالمام ليخبره عن أحوال الرعية وأحداث اليوم فإذا كان الصباح أخبره بأنباء الليل‪.‬‬

‫هكذا كانت سيرة الوزير الباضي وهي ما ينبغي أن تكون عليه‪ ،‬وقد ل يقدر الوزير الواحد على هذه العباء فللمام‬
‫ان يتخذ أكثر من وزير واحد(‪ )27‬ان احتاج إليهم‪.‬‬

‫=========================‬

‫‪ ) 19‬الماوردي‪ :‬أدب الوزير القاهرة ‪1929‬م ص ‪.49‬‬


‫‪ )20‬د‪ .‬ناجي التريكي‪ ،‬الفلسفة السياسية عند ابن أبي الربيع مع تحقيق كتابه سلوك الممالك في تدبير الممالك دار الندلس بيروت‬
‫‪1983‬م‪ ،‬ص‪.193:‬‬
‫‪ ) 21‬محمد اطفيش جامع الشمل في حديث خاتم الرسل ص‪ 297:‬قال رواه أبو داود والبيهقي‬
‫‪ ) 22‬سبقت ترجمة له‪.‬‬
‫‪ ) 23‬أبو زكريا كتاب الئمة وأخبارهم تح اسماعيل العربي ط ‪ ،2‬ص ‪118‬‬
‫‪ )24‬تولى الوزارة في عهد أخيه أبي بكر الذي تنازل عن المامة لبي اليقضان بعد أن حكم سنتين خلفا لبيه أفلح توفي أبو اليقضان سنة‬
‫‪281‬م بعد ‪27‬سنة من الحكم راجع سيرته في تاريخ ابن الصغير ص‪ 64:‬ص‪ 89 -74:‬طبقات الدرجيني جـ ‪ ،2‬ص ‪ 83‬ص‪ 84 :‬سير‬
‫الشماخي ص‪ 222 -221 :‬الزهار الرياضية جـ ‪ ،2‬ص ‪.237‬‬
‫‪ ) 25‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير جـ ‪ ،3‬ص ‪.568‬‬
‫‪ ) 26‬ابن الصغير تاريخ الئمة الرستميين تح د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬بحاز إبراهيم ص ‪64‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 114 ) 27‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ثالثا‪ :‬القاضي‬

‫من المفروض أن يتولى المام مهمة القضاء بنفسه‪ ،‬لكن حيث أنه ل يستطيع ذلك نظرا لتساع الحوزة وارتفاع‬
‫الكثافة السكانية وكثرة ما يحدث بين الناس من خصوم ومنازعات فإنه يتعين عليه تولية غيره لمنصب القضاء وهو‬
‫من أكبر المراكز الدارية في الدولة(‪ )28‬فإذا لم يكف واحد عين أكثر من قاض حسبما تقتضيه المصلحة العامة‬
‫فيجعل على رأسهم قاضيا عاما تسند إليه مهمة قاضي القضاة وهي الشراف العام على النشاط القضائي وتولية‬
‫القضاة في الماكن البعيدة بتكليف من المام وفي الغالب يساعده جماعة من العلماء يشكلون مجلسا قضائيا أعلى‬
‫يتولى البث في القضايا بعد الستئناف ويعمل هذا المجلس تحت إشراف المام وللمام ان يعول القاضي متى شاء‬
‫يقول ش‪.‬اطفيش " ولو بدون سبب‪ ،‬فإذا عزله انعزل ولكن ل يجوز ان يعزله لهوى نفسه أو عبثا"(‪.)29‬‬

‫ويشترط ش‪.‬اطفيش في القاضي ان يكون‪ " :‬عادل‪ ،‬عالما‪ ،‬فطنا‪ ،‬عدل‪ ،‬وتتضمن العدالة‪ :‬الحرية والسلم والبلوغ‬
‫والعقل وعدم الفسق ول ينبغي ان يكون أعمى ول ضعيفا ل يقوم بأمور المسلمين"(‪ )30‬أما المام عبد الوهاب بن‬
‫عبد الرحمن بن رستم فيحدد شروط القاضي أو المفتي في خمس خصال ل بد منها فإذا نقصت واحدة كانت وصمة في‬
‫المام فل ينبغي له ان يقضي والخصال الخمسة هي(‪:)31‬‬

‫‪ -1‬أن يكون عالما بما مضى من الكتاب والسنة فإنه ل يستقيم ان يكون صاحب رأي ليس له علم بالسنة والثار‬
‫والحاديث‪.‬‬

‫‪ -2‬كاف عن أربع يعني‪:‬‬

‫أ) أل يرتشي‪.‬‬

‫ب‌)حليم عن الخصم يعني يتحلم عن الخصمين وان تصاخبا وتشاجرا بين يديه‪.‬‬

‫جـ) مستخفا باللئمة يعني ال تأخذه في الحق لومة لئم‪.‬‬

‫د) مشاورا لذوي الرأي والعقل والغلم(‪.)32‬‬

‫والواقع ان شروط اختيار القضاة والولة والجباة هي نفس شروط اختيار المام " فل ينبغي ان يستعمل على القضاة‬
‫ال الوثوق به في مثل صفة المام في صلحه وورعه وفقه وفهمه وعقله وعلمه بالكتاب والسنة والثار ووجه الفقه‬
‫الذي يؤخذ منه القياس والرأي"(‪.)33‬‬

‫أما مهام القاضي وصلحيته فتتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الفصل في النزاعات والحكم بين الناس بالكتاب والسنة واقامة حدود ال بتفويض من المام ورد المظالم الى‬
‫أهلها‪.‬‬

‫‪ -2‬النظر في الدماء والجروح وما يتلف من أموال المسلمين‪.‬‬

‫‪ -3‬النظر في أموال اليتامى والمجانين وتعيين الوصياء لهم‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -4‬النظر في الحباس وتقسيم التركات وتنفيذ الوصايا‪.‬‬

‫‪ -5‬عقد نكاح النساء اللئى ل ولي لهن‪.‬‬

‫‪ -6‬النهي عن المنكر بالقول وبالفعل والنظر في مصالح العامة‪.‬‬

‫ويبدو ان الشعب في الدولة الباضية كان له حق اختيار القاضي مثلما يحق له انتخاب المام‪ ،‬فالمصادر التاريخية‬
‫تشير الى ان الخاصة من الناس كانوا يقترحون على المام تنصيب القاضي الذي يختارونه من بينهم‪ .‬ولعل من أشهر‬
‫القضاء في الدولة الرستمية محمد بن عبدال(‪ )34‬وقبله محكم الهواري الذي اختاره قومه للقضاء فألحوا عليه ليقبل‬
‫المنصب فقالوا لـه‪" :‬انك ان خالفتنا أجبرناك وان أطعتنا شكرناك‪ )35("...‬ولما رضي نزول عند رغبتهم ثم توليته‬
‫رسميا من طرف المام أفلح بن عبد الوهاب لمنصب القضاء‪.‬‬

‫والقاضي يباشر أعماله في مكان خاص يدعى دار القضاء(‪ )36‬مجهز بكل ما يحتاج إليه ويعين له خادما وكاتبا كما‬
‫يخصص له المام مرتبا سنويا من بيت المال لقوته‪.‬‬

‫===============‬

‫‪ ) 28‬مهدي طالب هاشم الحركة الباضية في المشرق العربي ط ‪ ،1‬بغداد ‪ 1981‬صك ‪ 249‬انظر كذلك‪:‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 116‬‬
‫‪ ) 29‬محمد اطفيش شرح النيل جـ ‪ ،13‬ص ‪ ،13‬وهنا يعترض أ‪.‬محمد ش‪.‬بالحاج على عزل القاضي بدون سبب ويرى ان الصواب في‬
‫منع العزل ال بموجب شرعي لزم (مقابلة شخصية القرارة صيف ‪.)1984‬‬
‫‪ ) 30‬محمد اطفيش شرح النيل جـ ‪ 13‬ص ‪.18‬‬
‫‪ )31‬نلخصه من رسالة المام عبد الوهاب الى أهل طرابلس ضمن كتاب شرائع الدين لبن سلم (مخ) نسخة ش‪.‬ناصر المرموري ص‪:‬‬
‫‪ 18‬و ‪.19‬‬
‫‪ ) 32‬تشبه هذه الشروط ما اشترطه الخليفة عمر بن عبد العزيز في القاضي ابن عبد ربه العقد الفريد ط ‪ ،3‬دار الكتاب العربي بيروت ‪،‬‬
‫جـ ‪ 1‬ص ‪.84‬‬
‫‪ ) 33‬رسالة السلم عبد الوهاب ضمن كتاب شرائع الدين لبن سلم (مخ) ص‪.28:‬‬
‫‪ ) 34‬هو أبو عبدال محمد بن عبدال بن أبي الشيخ ولي القضاء في عهد المام أفلح بن عبد الوهاب قال فيه ابن الصغير‪" :‬فلم يزل‬
‫قاضيهم‪..‬يحسن السيرة فيهم ويأمر بأمر أبي اليقضان وينهي الى نهيه ل تأخذه في ال لومة لئم "وله مواقف مشرفة في القضاء انظر‬
‫ابن الصغير أخبار الئمة الرستميين ص ‪.78‬‬
‫‪ ) 35‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ) 36‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪51‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫رابعا ‪:‬الولة‬

‫الولة هم نواب المام في النواحي التي يشرفون عليها وحيث أنهم كذلك فينبغي أن يكونوا في مستوى المام من حيث‬
‫التأهل والكفاءة سواء من الناحية الجسمية أو الخلقية أو الفكرية ولذلك يؤكد الباضية على ان " القول في أحكام‬
‫الوالي كالقول في أحكام المام ‪ ،‬وأن القول في جابي الزكاة كالقول في المام"(‪ )37‬ول ينبغي للمام ان يحابي قرابته‬
‫على غيرهم وحرام عليه تعيين أبناء أسرته في مناصب الدولة ويغفل عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة ال"(‪ )38‬ويقول‬
‫في حديث آخر " من استعمل رجل من عصابة (جماعة) وفيهم من هو أرضى ل منه فقد خان ال ورسوله‬
‫والمؤمنين"(‪ )39‬وإذا حدث ان ولى المام عامل ظالما فأنه يستتاب مع إصلح ما أفسد وإل يحارب ويعزل‪.‬‬

‫وعلى المام مراقبة ولته وجباته ومحاسبتهم في أعمالهم بل حتى في ممتلكاتهم تطبيقا لمبدأ‪ " :‬من أين لك هذا؟"‬
‫فل يحق للوالي قبول العطايا ال ان كانت من المام جزاء له على حسن سرته‪ " .‬أما العطايا الدارة‪ -‬المرتب المعلوم‪-‬‬
‫فهي لصاحبها عمل أو لم يعمل ولعقبه من بعده وان لم يكن له عقب فلمن يوصي به من بعده"(‪ )40‬فإن عف الوالي‬
‫عن العطايا فليس لمير المؤمنين منه شيء(‪ )41‬وقد يؤمر الوالي بإنجاز مشروع فيكتتب مال لها‪ ،‬وجب عليه حينئذ‬
‫تنفيذ المشروع وإل أعاد المال الى بيت المال‪.‬‬

‫وفي حالت أخرى يقول الوارجلني على سبيل المثال‪ " :‬وان اكتتب في غزوة وتخلف عنها بعدما أخذ عطاءه فإن‬
‫لمير المؤمنين معاقبته"(‪ )42‬ويمضي الوارجلني في بيان حكم الموال الحاصلة للولة خاصة بعد انتهاء حكم‬
‫السلطان من غير الباضية فإن اقتطع هذا للولة شيئا من أراضي الفيء فان لهم ان يأخذوه وينتفعوا به ولو حاباهم‬
‫بذلك دون نظائرهم أو دون أهل الصلح فذلك لهم قطيعة‪ -‬هبة‪ -‬ل كما فعل عثمان بمروان بن الحكم وبما حاباه في‬
‫أمر الخمس"(‪ )43‬أما الفيء(‪ )44‬فيجوز لجميع المسلمين الكل منه بأفواههم ول يتخذون منه خيبة ما دام وقفا لم‬
‫يدفعوه لحد‪.‬‬

‫والذي نستفيده من هذه النظم الدقيقة وغيرها ان الباضية يستشعرون روح المسؤولية القيادية ويتحرون العدل‬
‫والقسط سواء في الحكم بين الناس أو في توزيع الثروات المشاعة بينهم‪ .‬فالمسؤولية في كل ذلك موزعة بين‬
‫أعضاء الحكومة ابتداء من المام ومستشاريه وكل راع مسؤول عن رعيته‪ -‬كما قال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫=====================‬

‫(‪ 37‬عمر فاروق التاريخ السلمي ص ‪ 50‬نقل عن الصائفي كنز الديب‪...‬ص ‪ 93‬ب‬
‫(‪ 38‬رواه الحاكم عز الدين بليق منهاج الصالحين ص ‪.432‬‬
‫(‪ 39‬رواه الحاكم ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.432‬‬
‫(‪ 40‬الوارجلني الدليل والبرهان ج ‪ 3‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ 41‬م‪.‬س‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ 42‬م‪.‬س‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ 43‬الوارجلني الدليل والبرهان ج ‪ 3‬ص ‪ ،55‬يستثنى حالة عثمان لن الخمس من حق المسلمين‪.‬‬
‫‪ ) 44‬الفيء هو ما يغنم من الموال ويعني هما المنتوجات الزراعية من أراضي الغنائم‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫خامسا‪ :‬الحسبة والشرطة‬

‫تقتضي طبيعة المعاملت التجارية والنشاط القتصادي وكذا الحركة اليومية للسكان وجود تنظيم يتولى الشراف على‬
‫هذا النشاط النساني في المدينة وهو ما يعرف بنظام الحسبة منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب(‪ )45‬اعتمدته الدولة‬
‫الباضية وطورته ووجهته لصالح أعماله وقوامه شباب متحمس‪ ،‬ورجال أكفاء‪ ،‬ينخرطون فيه عن طواعية(‪)46‬‬
‫يقومون بأعمالهم بالتناوب ليل ونهارا خدمة لدولتهم‪.‬‬

‫ماذا يشترط في رجل الشرطة؟‬

‫ينبغي على الئمة وولتهم أن يختاروا لشرطتهم إل " الرجال العقلء المناء المثقفين المخلصين ذوي الحزم‬
‫واللطافة‪ ،‬ل يعنفون فيذلون الشعب‪ ،‬ول يضعفون فيتمرّد عليهم‪ )...(،‬يطبقون قانون الدولة على الناس ل يحاربون‬
‫أحدا ول يستثنون إنساناً‪.)47("...‬‬

‫ويستحسن أن يكون الشرطة من الوافدين على المدينة الذين جاؤوا من نواحي أخرى من الدولة حتى ل تكون لهم‬
‫عشائر يحابونها ول أقرباء كثيرون ينحازون لهم‪ ،‬وهذا ما يشير إليه ابن الصغير في تاريخه حيث يقول‪ ":‬وكانت‬
‫نفوسة(‪ )48‬تلي عقد تقديم القضاة وبيوت الموال وانكار المنكر في السواق والحتساب على الفساق"(‪ )49‬وفي‬
‫موضع أخر يقول ‪":‬وجل من كان عندنا في البلد من نفوسة يتسمون بهذا السم"(‪ )50‬إذن فرجال الحسبة والشرطة‬
‫في عاصمة الدولة الرستمية تيهرت كانوا أجانب وأغلبهم من جبل نفوسة‪.‬‬

‫مهام الشرطة والحسبة‪:‬‬

‫يتسع مجال نشاط الشرطة باتساع البلدة وكثرة مواطنيها وبحسب ما تقتضيها الضرورة ويمكن تشبيه الحسبة‬
‫ومهامها بالحماية المدنية في عصرنا وأعمال الشرطة‪ -‬الحالية‪ -‬والدرك الوطني من حيث نوع المهام التي تقوم بها‬
‫وطبيعة الخدمات الجتماعية التي تقدمها للمواطنين كمحاربة الفات الجتماعية وحفظ المن الداخلي فضل عن مهام‬
‫اللجان الصحية ومراقبي السعار ومنظمي الحركة التجارية في السواق‪......‬‬

‫وفيما يلي بيان المهام الساسية للشرطة‪:‬‬

‫‪ -1‬المحافظة على الدين والخلق‪ ،‬تنفيذا لتعليمات السلطة فتجوب أنحاء البلدة بحثا عن العصاة والمتمردين‪ ،‬وتمسك‬
‫على تارك الصلة‪ ،‬وآكلي رمضان وشاربي الخمر‪ ،‬فتقودهم الى المام لينفذ حكم ال فيهم(‪.)51‬‬

‫‪ -2‬مراقبة السواق‪ ،‬فتنهى عن الغش والحتكار وزيادة السعار فإن تحققت من تاجر يخدع أو بائع يغش قمعته‬
‫وأنزلت عليه ما يستحقه من عقوبات(‪.)52‬‬

‫‪ -3‬العتناء بالنظافة العامة وتحريض المواطنين عليها فتأمر أهل الحي بإزالة القذى(‪ )53‬وإماطة الذى وتعودهم‬
‫على تنظيف دورهم وكناسة شوارعهم وعدم التكالية والنانية‪.‬‬

‫‪ -4‬إعانة المواطنين في قضاء مآربهم ومساعدة الضعفاء في شؤونهم وتهدي الضال‪ ،‬وتغيث الملهوف‪ ،‬وتقود‬
‫العمى وترشد الغريب‪.‬‬

‫‪ -5‬مراقبة المقاييس والوزان عند التجار ومراقبة البضائع المعروضة للبيع للتأكد من سلمتها ومراقبة العملة‬
‫المتداولة للتأكد من صحتها وعدم تزييفها(‪.)54‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -6‬يهتم المحتسب " في بيع الماء والمهات بالستبراء والمواضعة للمحافظة على رؤوس الموال وبعثا للثقة في‬
‫النفوس"(‪.)55‬‬

‫‪ -7‬مراقبة الصناعة " لضمان سيرها ولتحقيق العدل والتفاهم بين أرباب الصناعة وصبيانهم ولمنع العش في‬
‫المصنوعات أو إدخال ما ليس منها ولمنع إنتاج المصنوعات المحرمة"(‪ )56‬كتحضير السموم‪.‬‬

‫‪ -8‬رعاية الحيوان وحمايته والرفق به‪ ،‬فإن رأى الشرطة " دابة حمل عليها فوق طاقتها أنزلوا حملها وأمروا‬
‫صاحبها بالتخفيف عنها"(‪ )57‬وان رأوا قطا بائسا مهمل أمروا صاحبه بالعناية به‪ ،‬وإذا كان مجهول الدار نقل الى‬
‫حيث يطعم"(‪ )58‬وكذا يفعل بالكلب المهمل‪.‬‬

‫‪ -9‬حماية المواطنين من الفات والجوائح والكوارث وكل ما يضرهم ومنها مراقبة البنية فان رأت الشرطة "بنيانا‬
‫يتداعى أخلته من سكانه وأمرت أصحابه بهدمه"(‪ )59‬وان رأت حريقا أخمدته‪.‬‬

‫‪ -10‬السهر على توفير الراحة للمواطنين ومنع كل ما يقلق راحتهم " فإذا أنشأ أحد في وسط المدينة صناعة تضر‬
‫الحي والجيران بأوساخها أو نتنها أو عجيجها منعوه وعينوا له مكانا لصناعته خارج المدينة مع أهل حرفته"(‪.)60‬‬

‫تلك هي الحسبة(‪ )61‬والشرطة التي اعتمد عليها الئمة الباضية في تسيير شؤون الدولة ومراقبة الرعية وقد نشط‬
‫هذا التنظيم بشكل أوسع في عهد المام أبي اليقضان(‪ )62‬وهو تنظيم اسلمي تطور عبر مراحل التاريخ السلمي‬
‫ول يختلف كثيرا بين دولة وأخرى‪.‬‬

‫===================‬

‫‪ ) 45‬حول نظام الحسبة انظر‪ :‬مقدمة ابن خلدون ‪ ،‬الماوردي‪ :‬الحكام السلطانية محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج ‪ 3‬ص ‪362‬‬
‫موسى لقبال ‪:‬الحسبة المذهبية‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ ) 46‬يرى أ‪ .‬محمد دبوز ان الشرطة الرستمية ل يتقاضون أجرا بل هم متطوعون ولذلك سمي النظام بالحسبة لحتساب الجر عند ال‬
‫أنظر تاريخ المغرب ج ‪ ،3‬ص ‪.361‬‬
‫‪ ) 47‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.363‬‬
‫‪ ) 48‬هي نفوسة الجبل بالمغرب الدنى (ليبيا) ل نفوسة المغرب الوسط غرب تيهرت م‪.‬س‪.‬‬
‫‪ ) 49‬ابن الصغير تاريخ الرستميين‪ ،‬تح د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬إبراهيم بحاز ص‪.54:‬‬
‫‪ ) 50‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ ) 51‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.363‬‬
‫‪ ) 52‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 362‬نقل عن ابن الصغير يقول أ‪ .‬إبراهيم بحاز‪" :‬ل يشير ابن الصغير الى نوعية العقاب أهو جسماني أو مالي" انظر‬
‫إبراهيم بحاز الدولة الرستمية ص ‪.248‬‬
‫‪ ) 53‬ابن الصغير تاريخ الئمة الرستميين ص ‪.17‬‬
‫‪ ) 54‬موسى لقبال الحسبة المذهبية ‪...‬ط ‪ ،1‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪1971‬م‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪ ) 55‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪ ) 56‬موسى لقبال الحسبة المذهبية ص‪ 71:‬نقل عن أحمد بن سعيد التسيير في أحكام التسعير‬
‫‪ ) 57‬ابن الصغير تاريخ الئمة الرستميين ص ‪.17‬‬
‫‪ ) 58‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.363‬‬
‫‪ ) 59‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪363‬‬
‫‪ ) 60‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪363‬‬
‫‪ ) 61‬للمزيد من التفاصيل عن الحسبة انظر‬
‫‪Cheikh Berkri, Annales de I, Institute d, etudes Orientales , Alger 1957, tome 15, p.p.: 71- 72‬‬
‫‪ ) 62‬أبو اليقظان بن محمد بن أفلح بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي(‪0261‬هـ ‪281‬هـ) انظر ترجمته ابن الصغير تاريخ الئمة‬
‫ص‪ 77:‬الدرجيني طبقات‪...‬جـ ‪ ،1‬ص ‪83‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫سادسا‪ :‬الجيش‬

‫من أغرب ما نجده في الفكر السياسي الباضي أما المام ل يحتاج الى جيش نظامي دائم‪ ،‬وعلى أهبة الستعداد وقد‬
‫يبدو لول وهلة هذا المبدأ مثالي الى حد بعيد‪ ،‬لكن اذا علمنا ان الحكم الباضي يقوم على الديموقراطية وحرية النقد‬
‫وكفالة الحقوق النسانية فإننا ل نستبعد وجود علقة حميمة جدا تربط بين الحاكم والمحكوم هذه العلقة الطيبة‬
‫تفرض آليا على المواطن مساعدة إمامه ونصرته وتأييده وإخلص الطاعة له ‪ ،‬وأكثر من ذلك الستماتة في الذود‬
‫عنه وحمايته من كل مكروه وأمام هذه الحالة ل يكون المام ملزما باتخاذ الجند وتنظيم الجيش(‪ )63‬لنه ليس في‬
‫حاجة الى حماية عسكرية ما دام آمنا‪.‬‬

‫من أجل ذلك كله لم يهتم الباضية بتنظيم الجيوش ولم يروا ضرورة في حماية المام والمدينة بالقلع والحصون‬
‫والسوار‪.‬‬

‫هذا من ناحية أخرى يرى فقهاء الباضية ان وجود الجيش المسلح في الدولة تحت قيادة المام "خطرا على المجتمع‬
‫لنه يؤدي الى فرض سلطة ديكتاتورية جائرة يمارسها المام معتمدا على الجيش"(‪ )64‬وبهذا يتحول نظام الحكم من‬
‫دولة ديموقراطية عادلة الى دولة ديكتاتورية مستبدة ‪ ،‬ومن أجل هذا أصر الباضية على " ضرورة حل الجيش‬
‫وتفرقه بعد كل معركة"(‪.)65‬‬

‫إذن فمبدأ الستغناء عن الجيش النظامي في الدولة الباضية ينبع من أصل نظري ليأخذ بعدا سياسيا وحيث أنه كذلك‬
‫فإن التجربة العملية أثبتت حقيقتين مختلفتين تمام الختلف وهما‪:‬‬

‫‪ -1‬نجاح المبدأ في تحقيق الهدف المرجو منه والمتعلق بتطبيق ديموقراطية السلطة‪ ،‬وإقامة العدل بين الناس وهذا‬
‫ما نجده في تاريخ الدولة الرستمية وغيرها من الدول الباضية‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم صلحية هذا المبدأ من حيث افتقار الدولة الى قوة عسكرية منظمة تنظيما حسنا مستعدة للدفاع عن أمن‬
‫الدولة في أي لحظة‪ ،‬وهذا ما كانت عليه الدولة الرستمية ‪ ،‬ونتج عن سقوطها في يد العبيديين (الفاطميين) بسبب‬
‫العجز عن الدفاع عن نفسها لعدم وجود جيش نظامي دائم‪.‬‬

‫لكن هذا المبدأ ل يعني ان الدولة الباضية مفتقرة تمام الى جيش يحميها من العداء سواء من داخل الدولة أو‬
‫خارجها فالمصادر الباضية تشير الى ان الجيش في الدولة الباضية ليس حكوميا بمعنى ان الدولة لم تجهز قوة‬
‫عسكرية موحدة وانما الجيش فيها يتكون من مجموعة جيوش كل واحد ينتمي الى قبيلته " وكانت كل قبيلة تسلح‬
‫نفسها وتستعد للحرب لتجيب داعي المام اذا استنفرها ودعاها لحروبها المشروعة"(‪ )66‬وإذا انتهت الحرب‬
‫ووضعت أوزارها تفرق الجنود ورجع كل جيش الى قبيلته وهكذا تتولى كل قبيلة تسليح نفسها بتدريب جنودها على‬
‫أساليب الحرب وتعلم فرسانها فنون القتال استعدادا ليوم الكريهة‪.‬‬

‫ونظرا لعدم صلحية هذا المبدأ في ضمان استمرار التواجد الباضي تنازل هؤلء عن المبدأ " وهذا ما يلحظ بوضوح‬
‫في مرحلة الدفاع والشراء"(‪ )67‬وهذا ما جعل ش‪.‬اطفيش يرى ضرورة إنشاء جيش نظامي يتولى المام بنفسه‬
‫مراقبته والشراف عليه لكن يحسن لـه ان يعين عليه رئيسا يتولى قيادة الجيش ونظرا لهمية هذا المنصب فإنه‬
‫ينبغي للمام ان يختار من بين رجاله الكفاء واحدا يفوقهم تأهل وخبرة‪ ،‬ويصف الشيخ أطفيش قائد الجيش فيقول‪" :‬‬
‫أن يكون ذا بسالة ونجدة وجرأة وشجاعة ثابت الجنان‪ ،‬صلب القلب‪ ،‬رابط الجأش‪ ،‬صادق البأس قد توسط الحروب‬
‫ومارس الرجال ومارسوه ونازل القران وقارع البطال عارف بمواضع الفرص خبير بمواقع القلب(‪ )68‬والميمنة‬
‫والميسرة من الحروب وما الذي شحنه من البطال والحماة من ذلك بصير بصفوف العدو ومواقع الغرة منه‪،‬‬
‫ومواضع الشدة منه"(‪.)69‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫فإذا كان القائد على هذه الصفات والخصال كان الساعد اليمن للمام ونال الصدارة في قلبه فيصبح رأيه نافذا لحذقه‬
‫وخبرته ويكون للجميع خير قدوة بسيرته المحمودة وخصاله المشكورة‪.‬‬

‫أما مهام القائد فتتركز أساسا على استتاب المن واستقرار أحوال البلد والدفاع عن حمى الوطن‪،‬ولذلك يجب عليه‬
‫تدبير المور بحزم وبكل جدية ويتصرف بحكمة ودهاء حتى ولو اقتضى المر الى استعمال الحيلة والمراوغة وهنا‬
‫يصور ش‪.‬اطفيش حالت من المراوغة وأساليب الحيلة وخدع الحرب يجوز للقائد اللتجاء إليها في أوقات الحرب‪،‬‬
‫من هذه الحيل ما يلي‪ " :‬يبث جواسيسه في معسكر عدوه‪ ،‬ويستعلم أخباره ويستميل رؤساءهم وقادتهم وذوي‬
‫الشجاعة منهم‪ ،‬ويدس إليهم ويعدهم وعدا جميل ويوجه إليهم ضربة الخدعة(‪ )...‬وينشئ على ألسنتهم كتبا مدلسة‬
‫إليهم ويبثها في عسكرهم ويكتب في السهام أخبارا مزورة ويرمي بها في جيوشهم ويضرب بينهم فيما فيه الشر من‬
‫ذلك"(‪ )70‬وما الحرب ال خدعة‪.‬‬

‫================‬

‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 116 ) 63‬‬


‫‪ ) 64‬عمر فاروق التاريخ السلمي‪....‬ص‪.53:‬‬
‫‪ ) 65‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ ) 66‬محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير جـ ‪ ،3‬ص ‪.366‬‬
‫‪Dangel Gerrard, I ,Imamat Ibadite de Tahert, p.p 116 ) 67‬‬
‫‪ ) 68‬يقصد بالقلب المواقع الوسطى في الجيش الواقعة بين الميمنة والميسرة‪.‬‬
‫‪ ) 69‬محمد اطفيش شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ 14‬ص ‪.285‬‬
‫‪) 70‬محمد اطفيش شرح النيل‪ ،‬جـ ‪ 14‬ص ‪.285‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الخــاتمـة‬

‫وبعد‪ ،‬هل استطاع الباضية تحقيق المجتمع العادل وفق المبادئ المنشودة والتنظير السياسي القائم على تأكيد الحرية‬
‫في القول والفعل والديموقراطية في نظام الحكم؟‬

‫أما عن اختيار المام‪ -‬وهو الميدان الذي يكشف بحق درجة ممارسة الديموقراطية‪ -‬فمن الملحظ ان المامة في‬
‫الدولة الرستمية‪ -‬مثل‪ )1(-‬لم تخرج عن السرة الفارسية‪ ،‬إذ بقيت بين أفرادها على ان النتقال لم يكن بالمعنى‬
‫الضيق للوراثة‪ ،‬بأن يأخذ البن المامة عن أبيه‪ ،‬ومع ذلك فالوراثة بقيت في آل رستم(‪ )2‬مما "غلب مبدأ الوراثة‬
‫على مبدأ الختيار والشورى بصورة طبيعية الى حد كبير بالرغم من تحمس الباضيين لمبدئهم وانكارهم على غيرهم‬
‫الخذ بمبدأ الوراثة في ولية أمور المسلمين"(‪.)3‬‬

‫وهذا مما جعل الباحثين ومؤرخي الدولة الرستمية يعتبرون نظام الحكم فيها أقرب الى الملكية منه الى الجمهورية(‪)4‬‬
‫بل ويسمون الدولة الرستمية بمملكة تاهرت(‪.)5‬‬

‫فالتجربة الباضية‪ -‬كما يرى حسين مؤنس(معاصر)‪ -‬لم توفق الى تحقيق المثل العلى للحكم الذي كانت تتصوره‪،‬‬
‫غير انه يؤكد في الوقت نفسه ان الحكم الباضي في إقليم تاهرت كان حكما عادل‪ ،‬وان أحوال الناس في مجتمعهم‬
‫كانت أسعد بكثير من أحوالهم في ضل غيرهم من حكام المغرب المعاصرين لهم(‪ )6‬وهذا نتيجة الخذ بمبدأ الحرية‬
‫العامة الذي ما كان يتمتع به المواطن خارج الدولة الباضية هذه الحرية وان كانت مقيدة نسبيا يمكن تلخيص بعض‬
‫مظاهرها فيما يلي(‪:)7‬‬

‫‪ -1‬تواجد مختلف القوميات من بربر وعرب وفرس والديانات السماوية بمختلف مذاهبها نتيجة للنفتاح على العالم‬
‫الخارجي وهذا ل يتحقق ال بانتهاج سياسة حرية التعايش مع الخرين‪.‬‬

‫‪ -2‬عقد حلقات البحث والمناقشة بين مختلف الفئات خاصة بين الباضية والواصلية والمعتزلة وسائر الفرق‬
‫بالمغرب(‪.)8‬‬

‫‪ -3‬تكريم الباضية للئمة السنيين وغيرهم ممن كانوا يدعون للمناظرة والمناقشة(‪ )9‬في جو تسوده الحرية الفكرية(‬
‫‪.)10‬‬

‫‪ -4‬ازدهار الحياة الفكرية جنبا الى جنب مع الحياة القتصادية(‪ )11‬مع التحكم في الحركة التجارية ومراقبة السواق‬
‫مما يدل على ان الحرية القتصادية موجهة لضمان نجاح الخطة القتصادية للمة‪.‬‬

‫ويمكن القول بناء على ما تقدم ان الحكم في الدولة الباضية يقوم على ثلثة مبادئ أساسية هي‪:‬‬

‫أول‪ -‬مبدأ الحرية والمساواة لتحقيق العدالة الجتماعية وفق التعاليم الشرعية للدولة السلمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مبدأ الديموقراطية المقيدة ويتولها الحاكم بمعية العمال ومجلس الشورى والعلماء والمسلمين عامة‪ ،‬فالحاكمية‬
‫شعبية مقيدة تحت سلطة ال القاهرة‪ ،‬لن الحاكم الحقيقي هو ال والذين من دونه انما هم رعايا في سلطانه العظيم‪،‬‬
‫ومن هنا كانت الديموقراطية مقيدة‪ ،‬بينما المطلقة يكون الحكم فيها للشعب الذي يشرع ويقنن حسبما تراه عقول‬
‫الناس وهذا ليس من السلم في شيء‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬مبدأ القوة كوسيلة لتحقيق الغايات الساسية للدولة والوقوة‪ -‬هذه‪ -‬قد تشتد فتستخدم الوسائل المادية للزجر‬
‫والردع وقد تكتفي بالجانب المعنوي للقوة كاستخدام النفوذ الجتماعي والرأي العام ويتجلى دور القوة أكثر في‬
‫الميادين التالية‪:‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ -1‬المنع من العدوان‪ ،‬أما خارجي بالدفاع عن الدولة ومكتسباتها‪ ،‬وأما داخلي بإطفاء الفتن وإصلح ذات البين‬
‫وتوفير المن بين المواطنين‪.‬‬

‫‪ -2‬إزالة الشر من جذوره‪ ،‬ومحاربة الفات الجتماعية وتغيير المنكر بالوسائل المناسبة عمل بمبدأ " المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر"‬

‫فعلى الحاكم إذن تسييس الرعية وحمل المواطنين على الطاعة بالحزم والعزم ورباطة الجأش مع الحنكة السياسة‬
‫واستخدام وسائل التربية والستعانة بالرأي العام والنفوذ الجتماعي حسبما تقتضيه الظروف والحوال فإن استقامت‬
‫له المور فذلك وإل فالقوة أفيد والزجر والردع أنسب لتذليل المستعصيات وحل المشاكل وهذا ما دأب عليه الئمة‬
‫الرستميون‪.‬‬

‫ولنأخذ سيرة المام عبد الوهاب(‪ 208 -168‬هـ‪823 -784/‬م) على سبيل المثال فنجدها تتسم بالقوة والصرامة‬
‫والحرص على التحكم في الوضاع وفرض السلطة الزاجرة اذا اقتضى المر‪ ،‬لكن ليس بالمفهوم الديكتاتوري كما‬
‫يرى أ‪.‬جودت عبد الكريم(معاصر) فهو يبالغ في حق المام عبد الوهاب حين يصف سياسته بالمكيافيلية(‪ )12‬لنه‬
‫مهما اعتمد المام عبد الوهاب على القوة والصرامة فإنه ل يبلغ سياسة الميكيافيلية التي تقوم على احتكار السلطة‬
‫ولو على حساب الدين والخلق النسانية والقيم العليا‪ ،‬فهذا لم يحدثه المام عبد الوهاب ول غيره من الئمة‬
‫الرستميين بل كانوا ملتزمين دوما بالمنهج السلمي ومحافظين على التعاليم الدينية‪ ،‬مع أننا ل ننكر سياسة القوة‬
‫التي ربما اعتمد عليها امام رستمي في حالة الضرورة وذلك ما يشير إليه مؤرخ الدولة الرستمية ابن الصغير(ق‬
‫‪3‬هـ) فقد سلك المام أفلح بن عبد الوهاب(‪258-208‬هـ) نهج والده في إدارة شؤون الدولة فاعتمد على سياسة‬
‫القوة للتحكم في زمام السلطة خاصة لما ازدهرت الدولة في أيامه وبلغت شأوا عظيما من الرقي الحضاري حتى خاف‬
‫من اجتماع القبائل عليه لزالة ملكه‪ ،‬فعمد الى ضرب القبائل بعضها ببعض ( فـأرش بين لواته وزناته‪ ،‬وما بين لواته‬
‫ومطماطه وما بين الجند والعجم حتى تنافرت النفوس ووقعت الحروب وصارت كل قبيلة ملطفة للمام أفلح‪()...‬‬
‫‪.)13‬‬

‫ومهما يكن من أمر المام عبد الوهاب أو أفلح أو غيرهما مت الئمة الباضية فإن العبرة بالمواقف المشرفة في‬
‫ممارسة الحكم التي تنم عن علو الهمة والكفاءة العالية والحنكة السياسية في تدبير شؤون الدولة سواء أكان باللين‬
‫والطف أم بالقوة والصرامة في حدود الشرع ولكن ليس بالحيلة والعنف وفق السياسة الميكافيلية‪ -‬كما يرى أ‪.‬جودت‬
‫عبد الكريم‪ -‬ثم ان العبرة الجديرة بالتنويه ان القوة ان استخدمت لصالح الدولة فإنها لم تكن في معزل عن‬
‫الديموقراطية لن القوة في غياب الحرية والديموقراطية معناها ‪،‬ديكتاتورية الحكم‪ ،‬وهذا لم يحدث في دولة اباضية‬
‫في مشرق المة السلمية أو مغربها‪.‬‬

‫هذه نظرة حول طبيعة الحكم لدى الباضية من الناحية العملية أما من الناحية الفكرية فإن الملحظة الولى تثبت‬
‫بوضوح ان الباضية لم يكونوا منظرين في الناحية الفكرية فإن الملحظة الولى تثبت بوضوح ان الباضية لم يكونوا‬
‫منظرين في السياسة بقدر ما كانوا واقعيين عمليين ولذلك يندر ان نجد مؤلفا خاصا لموضوع الحكم لدى المفكرين‬
‫الباضيين مثلما نجد مؤلفات كثيرة في السياسة للفارابي‪ ،‬والماوردي‪ ،‬وابن أبي الربيع‪ ،‬والمهدي ابن تومرت‬
‫وغيرهم‪ .‬ولذلك جاءت معظم الراء السياسية عند الباضية موزعة بين الموضوعات الفقهية والصولية والخلقية‪،‬‬
‫وتتضح لنا هذه النظرية من خلل شخصية الشيخ اطفيش الذي ركزنا هذه الدراسة على آرائه السياسية فهو لم يترك‬
‫لنا كتابا خاصا في السياسة وانما تعرض لهذا الموضوع أثناء معالجته للمسائل الفقهية والصولية والكلمية‪،‬‬
‫والموضوعات ذات الطابع النساني والجتماعي بصفة عامة ‪ ،‬ولعل السبب في ذلك ان القطب لم يكن فيلسوفا أو‬
‫مفكرا سياسيا بل كان فقيها وعالما في العقيدة وأصول الدين‪ ،‬وهذا لم يمنعه من الهتمام بالمسائل السياسية فقد دلت‬
‫آثاره على إطلعه الواسع في مجال الفكر السياسي ووعيه بنظم الحكم السائد في عصره وما قبله‪.‬‬

‫والسبب الخر ربما يعود الى ان القطب‪ -‬كغيره من علماء الباضية‪ -‬ينظر الى السياسة كعلم مستقل بذاته قاصرا على‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫موضوع الحكم بل السياسة عنده جزء من حياة النسان الزاخر بأنواع عديدة من النشطة المتكاملة حيث ل يمكن‬
‫الفصل بين وجوه النشاط الروحي والخلقي والجتماعي والسياسي والعلمي والقتصادي‪...‬ومن هنا ندرك حتمية‬
‫الربط بين الدين والدنيا وهذا الربط ل يتحقق ا بواسطة الدولة أو على القل تنظيم يعهد للخاصة ليتولى القيادة‬
‫ورعاية شؤون العامة‪.‬‬

‫ومن هنا نستطيع فهم وجهة القطب السياسية حيث لم يذهب مذهبّ الفارابي الفلسفي الذي استقى من الفلطونية‬
‫البعد المثالي في نظام الحكم القائم على مبادئ نظرية عقلية يتعذر تجسيدها في واقع عملي‪ .‬وانما كان مفهوم‬
‫السياسة عند الشيخ اطفيش مرتبطا بواقع النسان المفتقر الى موجه يحدد له معالم الطريق نحو السعادة في الدارين‬
‫وحيث ان ال قد تكفل هذا التوجيه بواسطة شريعة سماوية فل يبقى للنسان ال التزام بها وتطبيقها ولكن ذلك ل يتم‬
‫ال على يد السلطة في شخص المام وأعوانه‪.‬‬

‫==================‬

‫‪ ) 1‬اخترنا الدولة الرستمية كمثال واقعي بحق نموذجا للتجربة الباضية في نظام الحكم وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة‪.‬‬
‫‪ ) 2‬رشيد بوروبية الجزائر في التاريخ ج ‪ 3‬ص ‪.76‬‬
‫‪ ) 3‬حسين مؤنس ‪ ،‬معالم تاريخ المغرب والندلس ص ‪.104‬‬
‫‪ ) 4‬جودت عبد الكريم يوسف‪ ،‬العلقات الخارجية للدولة الرستمية ص ‪.52‬‬
‫‪ ) 5‬انظر رشيد بوروبية الجزائر في التاريخ ج ‪ ،3‬ص ‪ 76‬وكذلك الفرد بيل‪ ،‬الفرق السلمية في الشمال الفريقي‪ ،‬ص ‪ 49‬أيضا إسماعيل‬
‫العربي في تعليقه في كتاب السير لبي زكرياء أثناء تحقيقه له ص ‪ ،.19‬إبراهيم بحاز‪ ،‬الدولة الرستمية ص ‪ ،117‬وأيضا‪.‬‬
‫‪.Cheikh Berkri: Le Kharjisme Berber‬‬
‫‪ ) 6‬حسين مؤنس ‪ ،‬معالم تاريخ المغرب والندلس ص ‪105‬‬
‫‪ ) 7‬جودت عبد الكريم العلقات الخارجية للدولة الرستمية ص ‪.55‬‬
‫‪ ) 8‬البرادي الجواهر المنتقاة فيما أخل به صاحب الطبقات (مخ) غير مرقم‪.‬‬
‫‪ ) 9‬ابن الصغير أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬ص‪.102:‬‬
‫‪ ) 10‬الفرد بيل الفرق السلمية‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت ‪ ،1981‬ص ‪.149‬‬
‫‪ ) 11‬حول الحياة الفكرية والقتصادية أنظر إبراهيم بحاز الدولة الرستمية‬
‫‪ ) 12‬يقول أ‪.‬جودت عبد الكريم "يبدو ان حرص عبد الوهاب على إمامته قد نزع عنه ثوب الردع والمثالية‪ ،‬فكان ميكيافيلي النزعة ل‬
‫يتريث في ضرب الرؤوس ببعضها والعتماد على سياسة (فرق تسد) وعلى استقطاب القبائل بالهبات والكرام‪ "...‬العلقات الخارجية‬
‫للدولة الرستمية المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ‪1984‬م ص ‪.64‬‬
‫‪ ) 13‬ابن الصغير أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬ص ‪ ،55‬يعلق د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬إبراهيم بحاز على قول ابن الصغير بأنه (أمر خطير وهو‬
‫اتهام المام أفلح بسياسة فرق تسد) وواضح من كلماته الخيرة انه يستبعد مثل هذه السياسة عن المام أفلح ول يرد ان يتحمل المسؤولية‬
‫لذلك يقول "‪...‬فيما قالوا‪ ،‬وال أعلم فيمن رأى ذلك" وانظر وداد القاضي ابن الصغير مؤرخ الدولة الرستمية مجلة الصالة عدد ‪ 45‬ص‬
‫‪ 44‬ورد هذا التعليق في هامش أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬لبن الصغير تحقيق وتعليق د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬إبراهيم بحاز‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫نتــائج البحـث‬

‫ان الحديث عن الباضية ذو شجون‪ ،‬وموضوع البحث بكر ومشوق فل أدعي أني ألمت بالموضوع وأعطيت له حقه‬
‫من البحث فحسبي أن أكون قد فتحت باب في الفلسفة السياسة السلمية جديرا بالهتمام والدراسة‪ ،‬أمل من غيري‬
‫أن يواصل السير في هذا الموضوع‪.‬‬

‫وفي سبيل الخلوص الى نتائج البحث‪ ،‬يمكن تحديد المعالم الساسية للفكر السياسي عند الباضية في النقاط العشر‬
‫التالية‪:‬‬

‫أول‪ :‬ان أهم ما يتميز به الفكر الباضي في المجال السياسي نظرية مسالك الدين التي تعبر بعد نظر وأصالة في‬
‫التفكير‪ ،‬وبفضلها يستطيع الباضية ان يحددوا مواقفهم ويضعوا الحلول المناسبة لكل الظروف التي تعترض سبيل‬
‫حياتهم كما تضمن لهم المحافظة على كيانهم ومؤسساتهم واسمرار تواجدهم فكريا وجسديا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النظرية السياسية الباضية تقوم على فلسفة سلوكية واقعية في جانبها العملي‪ ،‬وتشمل العلقات السياسية‬
‫والجتماعية ضمن نظام الدولة الذي يهدف الى غايات أخلقية إنسانية قبل ان تهدف الى غايات مادية دنيوية مجردة‬
‫من الروح‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الدولة الباضية دولة عقائدية‪ ،‬بمعنى تستقي تشريعاتها وتعاليمها من أصول العقيدة الراسخة‪ ،‬وتعتمد في وضع‬
‫قوانينها على أصول التشريع السماوي ‪ ،‬فليست اذا دولة دينية بالمعنى الوروبي الحديث حيث يحتكر فيها رجال‬
‫الدين السلطة فينتصبون من الرؤساء من يشاءون ويحكمون بين الناس بما تهوى أنفسهم‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تقوم النظرية السياسية الباضية على مبدأ الديموقراطية كمنهج عام للتجاه السياسي‪ ،‬حيث يتحرر النسان‬
‫من الخضوع المطلق للوطن أو القومية أو لفئة معينة متمثلة في السلطة الحاكمة والقوة الغالبة أو لفرد في شخص‬
‫الملك أو السلطان فل حاكمية ال ل‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬المامة الباضية روحية دينية وزمنية دنيوية ‪،‬الحاكم فيها يتمتع بصلحيات المامة السياسة في الحكم‬
‫ورعاية المة في مصالحها الدنيوية ويسعى الى إرضاء رغبات المواطن في حدود ما يجيبه الشرع ‪ ،‬كما يتمتع في‬
‫الوقت نفسه بصلحيات المامة الدينية في تنفيذ الحكام وتطبيق التعاليم السلمية خلفا للدولة العلمانية التي تفصل‬
‫بين الدين وما يتصل به من شعائر وبين الدنيا وما يتعلق بها من مصالح‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬تهدف الدولة الباضية في سياستها الداخلية وقوانينها ونظمها ومؤسساتها الى الصلح الديني والجتماعي‬
‫عمل بمبدأ المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬وتجسيدا لمبادئ العقيدة‪ .‬كما تهدف من سياستها الخارجية الى‬
‫حماية العقيدة من كل اعتداء‪ ،‬ونقل دعوتها‪ -‬ما أمكن‪ -‬إلى ما حولها من المم بالتي هي أحسن مع الحترام المتبادل‬
‫للفكار والتعاليم المذهبية‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬الدولة الباضية دولة إنسانية حضارية‪ -‬إنسانية لتقديمها الهدف الخلقي والنساني على الهدف السياسي‬
‫والمادي‪ ،‬وهي حضارية لهتمامها بما يخول لها التقدم والزدهار والنتعاش القتصادي بتشجيع النشاط العلمي‬
‫والثقافي بعد الهتمام بحفظ المن‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬الدولة الباضية قائمة على أسس ثابتة بثبوت العقيدة كما أنها تتسم في الوقت ذاته بإمكانية التطور في أشكالها‬
‫التنظيمية الخاضعة للجتهاد واستعمال العقل استعدادا للتكيف مع الظروف والتبدل بتبدل الطوار الجتماعية المختلفة‬
‫عبر العصور في حدود الشرع‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬الفكر السياسي عند الباضية وحيد المنبع‪ ،‬لم يتسق أصوله من التجاهات الفكرية المختلفة عدا التجاه‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫السلمي متمثل في الكتاب والسنة واجتهاد العلماء وعلية فإن الباضية لم يتأثروا بغيرهم عموما‪ ،‬حتى ولو جاز لنا‬
‫القول أنهم تأثروا بالغير فإن ذلك من قبيل الحتمال ل أكثر لعدم توفر الدلة الكافية في ذلك ثم ان مجال التأثر‪ -‬ان‬
‫كان‪ -‬فهو ضئيل جدا ل يعدو أن ينحصر في مسائل كلمية‪ ،‬وقد أشار د‪.‬عمار طالبي(معاصر) الى ذلك بقوله‪ ( :‬ان‬
‫المؤلف‪ -‬أبو عمار عبد الكافي الباضي‪ -‬الذي درس بتونس في عهد الموحدين الذين تبنوا مذهب الشاعرة(‪ )...‬ل‬
‫يبعد أن يكون قد تأثر بمناهجهم وطريقة بحثهم‪ ،‬رغم انه خالفهم في أشياء لكن ذلك ل يجعله في منأى عن التأثر بهم‬
‫في الشياء المشتركة على القل"(‪ )14‬وهذا في الكلم أما ما يتعلق بالسياسة وغيرها من العلوم فيبدو ان الباضية‪-‬‬
‫والمتقدمين منهم بالخصوص‪ -‬لم تكن لديهم رغبة في دراستها‪ ،‬خاصة الفكر اليوناني بمختلف فنونه الفلسفية‪،‬‬
‫لعتقادهم ان ما عندهم من علوم إسلمية نقلية وعقلية تغنيهم من الستزادة من الفكر اليوناني وفلسفات الشرق‬
‫والغرب فانطلقا من هذا التصور يمكن القول ان الفكر الباضي وحيد المنبع‪ ،‬اسلمي النزعة‪ ،‬لم يتأثر بالتجاهات‬
‫الفكرية عند اليونان وهذا بالرغم من وجود أوجه عديدة للتفاق بين الباضية والمعتزلة ذات النزعة العقلية المتأثرة‬
‫الى حد بعيد بالفكر اليوناني‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬يمكن الخلوص الى القول بعد الذي تقدم من البحث أن المساهمة الباضية في المجال السياسي لم يبلغ مبلغ‬
‫كل من الفارابي وابن سينا والماوردي وغيرهم من فلسفة السلم في الفكر السياسي من جانبه النظري ومع ذلك‬
‫فإن الباضية قد نجحت الى حد بعيد بأن سلمت من الوقوع في الهوة الفاصلة بين التنظير السياسي والتطبيق‬
‫الميداني‪ .‬يشير د‪.‬عبدال شريط(معاصر) الى هذه الهوة التي لم ينج فلسفة العرب من الوقوع فيها باستثناء العلمة‬
‫ابن خلدون الذي يعتبره(‪ )...‬الوحيد الذي نجا من الوقوع في الهوة السحيقة التي تفصل الدولة النظرية عن الدولة‬
‫الواقعية ويضيف د‪.‬شريط قائل‪ ":‬هذه الهوة التي وقع فيها أخوان الصفاء والفارابي والغزالي والماوردي وكل أولئك‬
‫قال عنهم ابن خلدون أنهم تحدثوا عنها من جهة النظر والتقدير والفتراض‪ ،‬وكونوا بهذا السلوب ازدواجية فادحة‬
‫الخطار في تاريخ المجتمع العربي‪ ،‬راح يتصور ان من طبيعة الشياء ان تكون الدولة النظرية شيئا والواقعية شيئا‬
‫آخر" وليس من شك ان ظاهرة الهوة تنجب عن السهاب في التنظير المجرد والتكديس الفكري دون ان ينعكس ذلك‬
‫في واقع معاش يجسد التصور الذهني للمبادئ والتعاليم السياسية‪.‬‬

‫وإذا انطلقنا من هذا المنظور نجد المر على غير ذلك بالنسبة للتجربة الباضية في الميدان السياسي حيث تنعدم‬
‫الهوة نظرا لما تتميز به المبادئ من الواقعية وخلوا من البعد المثالي مما جعل تطبيقها أمر ممكنا وتجسيدها عمليا‬
‫أمر يسير‪.‬‬

‫وفي ختام هذه الدراسة المتواضعة ل يسعنا ال ان نجدد الدعوة للعناية أكثر بالفكر الباضي ودراسته دراسة علمية‬
‫موضوعية ‪ ،‬ونحن على يقين ان أي دراسة منصفة لهذه الفرقة السلمية ستنتهي الى حقيقة ان الحركة الباضية‬
‫منذ نشأتها اجتهدت داخل الطار الشرعي من أجل تطوير المجتمع السلمي ودفعه نحو الفضل ول أدل على ذلك من‬
‫تعاليمها التي ل تحيد عن المنهج السلمي ول تتعدى حدوده سواء في المجال العقائدي أو السياسي أو الجتماعي‬
‫ونحن ل ندعي للباضية العصمة وبلغ الكمال‪ ،‬لكننا نتساءل لماذا غابت عن المؤرخين وكتاب المقالت ومن اعتمد‬
‫عليهم من الدارسين المعاصرين هذه الحقيقة الواضحة؟‬

‫==============‬

‫‪ ) 14‬عمار طالبي‪ ،‬آراء الخوارج الكلمية ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،.‬الجزائر‪ ،‬ص‪.225:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫ملحق‪ :‬مصطلحات إباضية‬

‫البعاد‪ :‬أو الهجران‪ ،‬ألفاظ تترادف على معنى واحد وذلك متى أجرم واحد من أهل المذهب جرما‪ ،‬أو ظهرت عليه‬
‫خزيه أو أتى بنقيصة في قول أو عمل أو تضييع فإنه يهاجره كل أهل الصلح فل يكلم ول يؤم ول يؤاكل ول يجالس‬
‫ول يحضر جماعة فإن تاب واستغفر قبل منه ورجع الى الجماعة ورفعت عنه البراءة ويكون بقاؤه في وحشة‬
‫الهجران بقدر عظم الجرم أو صغره‪ ،‬وتوبة المجرم أو إصراره فمنهم من يتوب ويرجع في الحال‪ ،‬ومنهم من يبقى‬
‫أياما أو أعواما أو عمره ان عظم الجرم وداوم المجرم على الصرار وترك الستغفار‪.‬‬

‫السلم‪ :‬السلم هو الدين‪ ،‬سمي إسلما لنقياد الملتزم به الى ال تعالى والذعان له‪ ،‬والتذلل بين يديه واتباع أوامره‬
‫واجتناب نواهيه‪ ،‬وسمي دينا لنه يدان ل به أي يتقرب به الى ال‪.‬‬

‫أصحابنا‪ :‬هو الصطلح الذي يطلقه الباضية على أنفسهم في الغالب وقد يطلقون "أهل الدعوة" وأيضا " أهل‬
‫الستقامة"‪.‬‬

‫إمامة الدين‪ :‬أئمة الدين نوع خاص من الئمة وهم المجتهدون ممن لم يتول المارة كجابر بن زيد وأبو عبيدة‬
‫والربيع ابن حبيب وغيرهم في القديم‪ ،‬وعبد العزيز الثميني والشيخ محمد اطفيش حديثا‪.‬‬

‫أهل الدعوة‪ :‬أنظر (أصحابنا)‬

‫اليمان‪ :‬هو التصديق بالقلب والقرار باللسان يزداد اليمان بقوة النظر العتباري والفكري والعمال الصالحة‬
‫وينقص بالغفلة عن ذلك والعمال المحرمة‪ ،‬واليمان نفسه علم ل شك ول ظن‪.‬‬

‫البيضة‪ :‬سميت جماعة المام بيضة تسمية باسمة لنه بيضة البلد‪ ،‬أي وحده الذي يجتمع إليه ويقبل قوله‪ ،‬أو تقديرا‬
‫للمضاف‪.‬‬

‫التسليم‪ :‬هو النقياد لمر ال تعالى‪ ،‬والخضوع له وترك العتراض عليه وهو الثبوت عند نزول البلء‪.‬‬

‫التفويض‪ :‬هو ترك اختيار ما فيه الخطر الى اختيار الخالق العلم بمصالح الخلق وقيل هو ترك الطمع‪.‬‬

‫التقية‪ :‬هي الفعل المكروه عليه‪ ،‬أما ان يكون قول أو فعل للتقاء به عن النفس‪ ،‬وتتنوع باعتبار ذاتها الى ما يقبل‬
‫الكراه عليه والى ما ل يقبل الكراه عليه كما تتنوع باعتبار حكم الشارع فيها الى ثلثة‪ :‬الباحة والحرمة ثم الباحة‬
‫فيما يباح عند الضرورة‬

‫التلميذ‪ :‬اسم للواحد المبتدئ عند الدخول في (الحلقة) سواء كان طال فنون أو مقتصرا على الصلحية فقط وأصل هذا‬
‫اللفظ فارسي‪.‬‬

‫التوحيد‪ :‬إفراد ال عن الخلق وأفعالهم وصفاتهم‪ ،‬ولو شابه معهم في أقل قليل لدخل عليه العجز منه ولحتاج الى ما‬
‫احتاجوا‪.‬‬

‫التوكل‪ :‬هو الثقة بما عند ال والياس عما في أيدي الناس‪.‬‬

‫الجمع‪ :‬أو المجتمع أو الميعاد‪ ،‬ألفاظ مترادفة على معنى واحد وهو ان يجمع الشيخ تلميذه على وعظ يفيدهم أو‬
‫لتذكير أمرهم أو لصلح فساد أو تلفي فوات أو أمر بمعروف أو نهي عن المنكر‪ ،‬مع الختيار أن يكون ذلك يوم‬
‫الثنين والخميس ويكون في أي وقت دعت إليه الحال ليل أو نهارا وفي أي يوم كان‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫الجملة‪ :‬المقصود بالجملة شهادة ان ل إله ال ال وان محمدا رسول ال وان ما جاء به حق من عند ربه‪ ،‬يسمى‬
‫الباضية هذه الكلمات بالجملة لتعبيرها عن كلمات اليمان المتضمنة لكل جزيئات وعليها يقوم اليمان اعتقاديا أو‬
‫علميا ولذلك ينقسم تفسيرها الى جانبين متكاملين‪ :‬الول متعلق بالعقيدة كاليمان بوحدانية ال وصفاته ورسله وكتبه‬
‫واليوم الخر والثاني متعلق بالتطبيق العملي الذي هو اللتزام بكل ما أمر ال به واجتناب كل ما نهى عنه‪.‬‬

‫الختمة‪ :‬اجتماع (أعضاء الحلقة) لذكر ال والدعاء عند طلوع الشمس وعند غروبها بشيخ أو بغير شيخ‪ ،‬وكأنهم‬
‫يختمون به عمل الليل وعمل النهار كما تقام الختمة على أثر النتهاء من تلوة القرآن الكريم كله‪.‬‬

‫الخوف‪ :‬توقع حلول مكروه أو فوات شيء عزيز ويصطلح به على الشفاق من عذاب ال تعالى‪.‬‬

‫الدفاع‪ :‬إحدى مراحل مسالك الدين‪ ،‬يختار الباضية إماما لهم للدفاع عن المة اذا داهمها العدو وتنتهي مهمة المام‬
‫الحرب‪ ،‬أنظر المزيد في الباب الثاني‪.‬‬

‫الدين‪ :‬أنظر "السلم"‬

‫الرجاء‪ :‬لغة المل وعرفا توقع حصول محبوب في المستقبل واصطلحا ‪:‬الطمع في ثواب ال مع وجود الطاعة‪.‬‬

‫الرضاء‪ :‬هو قبول أمر ال ونهيه وكل ما يأتي منه تعالى من خيرا أو شر من غير اعتراض على حكمه وتقديره‪.‬‬

‫الشراء‪ :‬إحدى مراحل مسالك الدين يختار الباضية اذا كانوا أقلية مضطهدة قائدا لهم يخرجون للجهاد في سبيل ال‬
‫الى ان ينتصروا أو يموتوا جميعا‪ ،‬سموا بالشراة لنهم اشتروا الجنة بأنفسهم راجع الباب الثاني‪.‬‬

‫الشرك ‪ :‬يثبت الشرك بجحود الخالق أو بوصف الخالق بصفات المخلوق أو بوصف المخلوق بالصفات المختصة‬
‫بالخالق‪ ،‬كما يثبت بإنكار كتاب من كتب ال أو ببعض كتابه‪.‬‬

‫الشفاعة‪ :‬طلب الخير من الغير للغير‪ ،‬وهي هنا طلب النبي صلى ال عليه وسلم من ال تعالى التعجيل بدخول الجنة‪،‬‬
‫وهي أيضا طلب المؤمن من ال زيادة درجة أخيه المؤمن في الجنة‪ ،‬والشفاعة ل يستحقها ال المؤمن الموفي بدينه‪،‬‬
‫ومن اعتقد ثبوتها للعصاة الموحدين كفرَ كُـفر نفاق ومن أنكرها أشرك‪.‬‬

‫صفات ال الذاتية‪ :‬بمعنى ان صفات ال هي عين ذاته‪ ،‬وليست شيئا مستقل عنه‪ ،‬فذاته تعالى كافية في التصال‬
‫بالكمال المطلق وليست في حاجة الى ما تكمل به‪ ،‬وبهذا يكون ال عالما بذاته‪ ،‬مريدا بذاته‪ ،‬وهكذا جميع صفاته‬
‫الذاتية أي ذاته كافية في التصاف بالعلم والرادة والقدرة والسمع والبصر‪...‬‬

‫صفات ال الجائزة‪ :‬وتسمى صفات الفعل وهي التي يمكن نفيها عن ال تعالى في الزل دون الحاضر والمستقبل‬
‫كالخلق والرزاق‪ ،‬فصفات الفعل هي التي لم يتصف بها ال في الزل بل فيها ل يزال‪ ،‬وهي التي تجامع ضدها في‬
‫الوجود اذا اختلف المحل فنجد ال يرزق المال لفلن ول يرزقه لخر أو يهب العلم زيدا ول يهبه لعمر‪ ،‬فالصفات‬
‫الجائزة يوصف ال بها ان فعلها ول يوصف بها ان لم يفعلها‪.‬‬

‫تابع‪ :‬مصطلحات إباضية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫صفات ال الواجبة‪ :‬وتسمى صفات الذات وهي التي ل يتصور نفيها عن ال مطلقا سواء في الزل أو في الحاضر أو‬
‫في البد ومن خصائص الصفات الواجبة أنها ل تجامع ضدها في الوجود ولو اختلف المحل‪ ،‬فيستحيل وصف ال‬
‫بالعلم والجهل‪.‬‬

‫صفات ال المستحيلة‪ :‬هي أضداد الصفات الواجبة‪ ،‬كالحدوث والعدم والفناء والموت والعجز والجهل والكراه‬
‫والصمم‪ ،‬ومشابهة الجسام مطلقا وهذه صفات خاصة بالمخلوق الناقص ومستحيلة على ال الذي ل يتصف ال‬
‫بالكمال المطلق‪.‬‬

‫الظهور‪ :‬أولى مراحل مسالك الدين وفيها يكون الباضية في قوة ومنعة مكتفين عددا وعدّة فيقيمون دولة مستقلة‬
‫كحالة النبي صلى ال عليه وسلم في المدينة والخلفاء الراشدين من بعده‪.‬‬

‫القدر‪ :‬إجراء الحكم السابق تفصيل بتعيين السباب وتخصيص العيان بأوقات وأزمان بحسب قابليتها واستعدادها‬
‫وتعليق كل حال من أحوالها بزمان معين وسبب مخصوص‪.‬‬

‫القديم‪ :‬من سبق وجوده وجود الحدث فكل من لم يكن ثم كان فهو المحدث وكل من كان ول تكوين فهو قديم‪.‬‬

‫القضاء‪ :‬هو الحكم الكلي الجمالي على أعيان الموجودات بأحوالها من الزل الى البد وهذا يقتضي اليمان بأن ال‬
‫خالق لفعال العبد الختيارية والضطرارية والعبد اكتسب أفعاله الختيارية اختيارا منه ل جبر بقدرة خارجية‪.‬‬

‫قومنا‪ :‬يريد بها الباضية أصحاب المذاهب الربعة وقد يطلق على جميع المخالفين من المذهب‪.‬‬

‫الكبيرة‪ :‬ما وعد في الخرة سواء أوعد عليه في الدنيا أم ل‪ ،‬إذ ليس كل كبيرة ينكل عليها أو يعاقب عليها في الدنيا‬
‫ولو في زمان المام ودخلت الكبائر كلها في قوله تعالى‪ ( :‬ويحرم عليهم الخبائث) وهي كالشرك والسحر وأكل مال‬
‫بباطل وقتل النفس واعانة عليه ولو بكلمة وشرب المفتر والمسكر كالخمر‪...‬‬

‫الكتمان‪ :‬المرحلة الخيرة من مراحل مسالك الدين يهتم الباضية فيها بالصلح الداخلي للمجتمع والمحافظة على‬
‫الدين ويبتعدون عن المجال السياسي‪ ،‬ول يقيمون دولة لهم‪.‬‬

‫الكفر‪ :‬ترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات والكفر مقيد بالكبائر ويكون أما بالشراك أو بعمل سائر‬
‫الكبائر وليس العزم على الكفر كفرا حتى يفعله‪.‬‬

‫كفر الجحود‪ :‬وهو ما نشأ على نفي وجود ال أو نفيا لصفاته أو نفيا لوحدانيته أو انكار شيء من كمالته أو شيئا من‬
‫أفعاله‪ ،‬ويسمى الكافر بالجحود مشركا‪.‬‬

‫كفر النعمة‪ :‬سمي كذلك لعدم شكر النعمة‪ ،‬وهو ما نشأ عن تأويل الخطأ كاستحلل ما حرمه ال بتأويل الخطأ من‬
‫فاعله أو قائله أو ما فعل انتهاكا كالقتل والزنى والربا ويسمى الكافر بالنعمة منافق‪.‬‬

‫كلم ال‪ :‬المراد بكلم ال نفي الخرس عنه ل بمعنى التكلم المعروف بين الناس لنه لو كان كذلك لحتاج الى أداة‬
‫يتكلم بها كالحنجرة واللسان والشفتين‪.‬‬

‫المجتمع‪ :‬أنظر "الجمع"‬

‫المحارب‪ :‬كل من أخاف السبيل وأعلن الفساد في الرض من خصالة الموجبة للقتل والنفاق وإشهار السلح‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫(إنما جزاء الذين يحاربون ال ورسوله ويسعون في الرض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من‬
‫خلف أو ينفوا من الرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الخرة عذاب عظيم)‬

‫الميعاد‪ :‬أنظر ‪:‬الجمع"‬

‫النفاق‪ :‬الخروج من غير المدخل واخفاء غير ما ظهر وشرعا مخالفة الفعل للقول أو السر للعلنية أو المنافق من‬
‫أظهر التوحيد وأخفى الشرك والنفاق داخل في الكفر‪.‬‬

‫الهجران‪ :‬أنظر "البعاد"‪.‬‬

‫الورع‪ :‬له ثلثة طبقات‪:‬‬


‫الولى‪ :‬ورع العدول وهو ترك المحارم جميعا وفعل الفرائض‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬ورع الصالحين وهو ترك المحارم جميعا وترك ما ل حرج فيه مخافة الوقوع فيما فيه الحرج وفعل الفرائض‬
‫كلها مع الجتهاد في فعل النوافل‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬ورع الصديقين وهو الزيادة على ورع الصالحين بترك ما ل حرج فيه ل لخوف الوقوع فيما فيه الحرج مع‬
‫الحرص على فعل البر بقدر الطاقة‪.‬‬

‫الوقوف‪ :‬الكف عن القدوم في أحد بولية أو براءة لعدم معرفة حالة بصلح أو فساد وأنواع الوقوف خمسة‪ :‬وقوف‬
‫السلمة‪ ،‬وقوف الرأي‪ ،‬وقوف السؤال‪ ،‬وقوف الشكال‪ ،‬ووقوف الشك‪.‬‬

‫اليقين‪ :‬هو العلم الراسخ الذي ل يشوبه شك ول اضطراب كأنه مشاهدة أو مكاشفة‪ ،‬واليقين يدعو الى قصر المل‬
‫وقصره يدعو الى الزهد المورث للحكمة الموروثة للنظر في العواقب وعلمته النظر الى ال في كل شيء والرجوع‬
‫إليه في كل أمر‪.‬‬

‫استدراك‬

‫البراءة‪ :‬لغة البعد عن الشيء والتخلص منه وشرعا البغض والشتم واللعن للكافر على كفره‪ ،‬أنظر "البعاد"‬

‫الحراز‪ :‬جمع حرز وهو حفظ الشيء وصيانته وحرز الدين المحافظة عليه‪.‬‬

‫الفراز‪ :‬جمع فرز وهو عزل الشيء وتمييزه عن غيره والفرز هنا هو التمييز بين المؤمن والمنافق والمشرك فلكل‬
‫حكمة عند ال‪.‬‬

‫المجاري‪ :‬بمعنى مصادر التشريع‪ ،‬وهي الكتاب والسنة والجماع‬

‫فهرس المصادر المحفوظة‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫* إبراهيم البرادي (أبو القاسم) ق ‪:14-8‬‬


‫‪ -1‬الجواهر المنتقاة في تتميم ما أخل به صاحب الطبقات‪ .‬نسخة خزانة الشيخ بالحاج القرارة‪ ،‬ولية غرداية‪ ،‬تحت‬
‫رقم ‪ ، 73‬كتب في الصفحة الخيرة ‪(:‬نسخة باعيسى بن داود بن صالح الوارجلني مسكناً والنفوس نسباً‪ ..‬فرغ من‬
‫نسخة يوم الحد ‪3‬محرم عام ‪ 1196‬من هجرة الرسول) ‪ ،‬ملحظة‪ :‬يبدو أن هذا الكتاب طبع طبعاً حجريًا لم أقف‬
‫عليه‪.‬‬

‫* إبراهيم بن الحاج عيسى أبو اليقضان(القرارة‪1973-1888 :‬م)‪:‬‬


‫‪ -2‬العزابة‪ 46 ،‬ص‪ ،‬نسخة وحيدة في حوزة أ‪ .‬عبد الحميد حمدي أبو اليقظان‬
‫‪ -‬نجل المؤلف‪ ،‬تحت رقم ‪.52‬‬
‫‪ .3‬نظام العشيرة في وادي ميزاب‪22،‬ص‪ .‬يبدو أن المؤلف شرع في تحرير هذه الرسالة – كما يسميها صاحبها –‬
‫بالمدينة المنورة في تاريخ ‪28‬ذو الحجة ‪1384‬هـ‪ 29-‬أبريل ‪1965‬م‪ ،‬وانتهى منها بعد عودته من الحجاز بتاريخ‬
‫‪ 29‬محرم ‪1385‬هـ‪ 30 -‬ماي ‪1965‬م‪ ،‬حسبما جاء في مقدمة وخاتمة الرسالة‪.‬‬
‫‪ .4‬دفع شبه الباطل عن الباضية الوهبية المحقة مقالة كتبها المؤلف رداً‪ .‬على مقال نشرته جريدة المصور الصادرة‬
‫في القاهرة‪ ،‬يوم ‪1966. 4. 15‬م‪ ،‬نسخة أ‪ .‬محمد الشيخ بالحاج القرارة ‪.‬‬

‫* إبراهيم بن قيس الحضرمي(أبو اسحاق)ق هـ‪.‬‬


‫‪ . 5‬مختصر الخصال‪ ،‬نسخة مكتبة "ايروان" العطف‪ ،‬ولية غرداية‪ ،‬رقم ‪ ، 120‬ونسخة خزانة الشيخ بالحاج رقم‬
‫‪. 56‬‬

‫* تبغورين بن عيسى الملوشائي(ق ‪5‬هـ)‪.‬‬


‫‪ . 6‬رسالة في أصول الدين‪ ،‬نسخة خزانة الشيخ بالحاج‪ ،‬رقم ‪ . 60‬نسخها ‪ :‬عمر بن الحاج عمار الغرداوي‪ ،‬سنة‬
‫‪1182‬هـ‪.‬‬
‫‪ . 7‬كتاب الجهالت‪ ،‬نسخة خزانة الشيخ بالحاج ‪ 15‬ورقة‪ ،‬رقم ‪،71‬كتب في الورقة الخيرة ‪ ( :‬انتهى من نسخة بعد‬
‫ظهر الربعاء ربيع الخير سنة ‪ 1193‬هـ‪...‬الحاج صالح بن محمد الوارجلني‪)..‬‬

‫* عبد العزيز الثميني اليسجني( ‪1223 -1130‬هـ‪1808 -1718/‬م)‪:‬‬


‫‪ .8‬معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين نسخة مكتبة القطب ببني يسقن‪ ،‬ولية غرداية‪( ،‬ص ‪ )354‬كتب في الورقة‬
‫الخيرة(قد فرغت من إكماله عند الزوال من يوم الحد لربع بقين من ربيع الثاني سنة ‪1184‬هـ‪ ...‬وكان الفراغ من‬
‫نسخه يوم الخميس لخمس ليال مضت من شهر ال ذي الحجة الحرام عام ‪1320‬هـ‪.‬‬

‫* عبد الكافي بن أبي يعقوب التناوتي الوارجلني‪ ،‬أبو عمار(ق ‪ 5‬هـ‪12/‬م)‪:‬‬


‫‪ .9‬رسالة في نظام العزابة وتسمى(‪ 9‬أوراق) دتا‪ .‬نسخة مكتبة القطب ببني يسقن ولية غرداية‪.‬‬

‫* جميل بن خميس السعدي العماني نهاية ق ‪19‬هـ)‪.‬‬


‫‪ .10‬قاموس الشريعة في ‪ 90‬مجلدا‪ ،‬ألفه بين ‪1880-1860‬م كتاب المامة‪ ،‬نسخة مكتبة القطب ببني يسقن ولية‬
‫غرداية‪.‬‬

‫* علي بن محمد البيسوي العماني (أبو الحسن) ق ‪ 5‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .11‬سيرة أبي الحسن في المامة‪ ،‬ضمن سير أهل عمان‪ ،‬أربع أجزاء‪ ،‬نسخة مصورة في حوزة الشيخ ناصر‬
‫المرموري‪ ،‬القرارة‪ ،‬ولية غرداية‪ ،‬واصل المخطوط من خزانة المام غالب السعودية‪.‬‬

‫* بواب بن سلم بن عمر اللواتي (نهاية ق ‪ 3‬هـ)‪:‬‬


‫‪ .12‬شرائع الدين‪ ،‬نسخة الشيخ ناصر المرموري القرارة‪ ،‬ولية غرداية‪ ،‬وأصل المخطوط في حوزة الشيخ سالم بن‬
‫يعقوب الجربي‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫* محمد بن عمر القصبي المغربي الوهبي (أبو عبدال الملقب بأبي ستة)‪:‬‬
‫‪ .13‬حاشية الوضع‪ ،‬خزانة الشيخ بالحاج‪ ،‬القرارة‪ ،‬رقم ‪.37‬‬

‫* محمد بن يوسف اطفيش المصعبي(قطب الئمة) ‪1914-1818‬م‪،‬‬


‫‪ .14‬شرح عقيدة تبغورين‪ ،‬نسخة مكتبة القطب‪.‬‬
‫‪ .15‬رسالة في الرد على الشيخ محمد كامل بن مصطفى بم حمود الطرابلسي‪ ،‬صاحب كتاب الفتاوي‪ ،‬الكاملية‪( ،‬مخ)‬
‫ضمن مجموعة من الرسائل والردود عند الشيخ سالم ابن يعقوب جزيرة جربة‪ ،‬الجمهورية التونسية‪.‬‬

‫* يوسف بن إبراهيم الوارجلني(أبو يعقوب) ت‪ 570 .‬هـ‪1174 /‬م ‪:‬‬


‫‪ .16‬العدل والنصاف‪( ،‬ص ‪ )208‬نسخة خزانة الشيخ بالحاج‪ ،‬رقم ‪ ،22‬يبدو أن النسخة مخرومة في النهاية لعدم‬
‫وجود إشارة تدل على انتهاء الكتاب‪.‬‬

‫* أحمد بن محمد بن بكر(أبو العباس) ‪:‬‬


‫‪ .17‬تبين أفعال العباد نسخة خزانة الشيخ بالحاج‪ ،‬القرارة‪77 ،‬ورقة‪ ،‬جاء في نهاية الكتاب (‪.....‬انتهى في آخر يوم‬
‫الجمعة الخير من جمادى الولى‪ ،‬عام ‪1293‬هـ‪.‬‬

‫فهرس المصادر والمراجع المطبوعة‬

‫* إبراهيم بن الحاج محمد اطفيش الجزائري(أبو اسحاق)‪:‬‬


‫‪ .18‬الدعاية الى سبيل المؤمنين‪ ،‬مط السلفية القاهرة ‪1923‬م‪.‬‬

‫* إبراهيم بكير بحاز (معاصر)‪:‬‬


‫‪ .19‬الدولة الرستمية‪ ،‬دراسة في الوضاع القتصادية والحياة الفكرية‪ ،‬ط ‪ ،1‬مط لفوميك‪ ،‬الجزائر ‪1985‬م‪.‬‬

‫* ابن عذاري المراكشي (أواخر ق ‪7‬هـ‪13/‬م)‪:‬‬


‫‪ .20‬البيان المغرب في أخبار الندلس والمغرب‪ ،‬تح ومر‪ ،‬ج‪ ،‬س‪ ،‬كولن وليفي بروفنسان‪ ،‬جـ ‪، 1‬ط ‪ ،3‬دار الثقافة‪،‬‬
‫بيروت ‪1983‬م‪.‬‬

‫* أبو العلى المودودي‬


‫‪ .21‬نظرية السلم وهديه‪ ،‬تر‪،‬جليل حسن الصلحي دار الفكر دتا‪.‬‬

‫‪ .22‬نظرية السلم السياسية‪ ،‬ط ‪ ،3‬دمشق ‪1388‬هـ‪.‬‬

‫* أبو عمار عبد الكافي الباضي( ق ‪ 5‬هـ)‬


‫‪ .23‬الموجز‪ ،‬تح د‪.‬عمار طالبي‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ .‬الجزائر ‪1978 -1398‬م‪.‬‬

‫* أبو غانم الخرساني الباضي‪:‬‬


‫‪ .24‬المدونة الكبرى‪ ،‬رتبها وحققها وشرحها قطب الئمة الشيخ أطفيش‪ ،‬تصوير فوتوغرافي عن أصل مخطوط‪ ،‬دار‬
‫اليقظة العربية في سوريا ولبنان‪ ،‬دتا‪.‬‬

‫* أحمد أمين‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ .25‬فجر السلم‪ ،‬ط ‪ ،11‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .26‬ضحى السلم‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬جـ ‪ ،3‬دتا‪.‬‬

‫* أحمد بن سعيد الدرجيني (أبو العباس) ت ‪ 670‬هـ‪.‬‬


‫‪ .27‬طبقات المشائخ بالمغرب‪ .‬تح أ‪.‬إبراهيم طلي‪ ،‬جـ وء‪ ،‬مط البعث‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬دتا‪.‬‬

‫* أحمد بن عبد الوهاب النووي (شهاب الدين)‪733-677‬هـ‬


‫‪ .28‬نهاية الرب في فنون الدب‪ ،‬السفر السادس نسخة مصورة عن ط‪ ،‬دار الكتب المصرية القاهرة‪ ،‬دتا‪.‬‬

‫* أحمد بن سعيد الشماخي (ت ‪1521-928‬م)‬


‫‪ .29‬كتاب السير‪ ،‬ط حجرية‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر ‪1301‬هـ‪.‬‬

‫* إسماعيل بن موسى الجيطالي (أبو ظاهر) ت ‪750‬هـ‪1350/‬م)‬


‫‪ .30‬قواعد السلم‪ ،‬تح ومر الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي‪ ،‬ط‪ ،-‬مط العربية‪ ،‬غرداية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أفريل ‪1976‬م‬
‫‪ .31‬قناطر الخيرات‪ ،‬القسم الول يحتوي على قنطرتي العلم واليمان تح وتع ‪ ،‬د‪.‬عمر خليفة النامي‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة‬
‫وهبة القاهرة‪ ،‬جوان ‪1965‬م‪.‬‬

‫* ألفرد بل (مستشرق)‬
‫‪ .32‬الفرق السلمية في الشمال الفريقي‪ ،‬من الفتح العربي الى اليوم‪ ،‬تر عن الفرنسية عبد الرحمن بدوي‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫دار الغرب السلمي ‪1981‬م‪.‬‬

‫* ابن الصغير (ق ‪3‬هـ)‬


‫‪ .33‬أخبار الئمة الرستميين‪ ،‬تح وتع د‪.‬محمد ناصر و أ‪.‬إبراهيم بحاز المطبوعات الجميلة الجزائر‪1986 ،‬م‪.‬‬

‫* بكير بن سعيد أعوشت (معاصر)‬


‫‪ .34‬دراسات إسلمية في الصول الباضية‪ ،‬مط ‪ ،‬البعث قسنطينة ‪1982‬م‪.‬‬

‫* جودت عبد الكريم (معاصر)‬


‫‪ .35‬العلقات الخارجية للدولة الرستمية‪ ،‬م وك الجزائر ‪1984‬م‪.‬‬

‫* جولد تسيهر(ألماني)‬
‫‪ .36‬العقيدة والشريعة في السلم ‪،‬تر وتع محمد يوسف موسى وآخرون‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬مصورة عن ط‬
‫دار الكتاب المصري ‪1946‬م‪.‬‬

‫* الحافظ بن كثير أبو الفداء الدمشقي ت ‪774‬هـ‪.‬‬


‫‪ .37‬البداية والنهاية‪ ،‬جـ ط‪ ،‬ط ‪ ،‬مكتبة المعارف بيروت ‪1981‬م‪.‬‬

‫* حسين مؤنس (معاصر)‬


‫‪ .38‬معالم تاريخ المغرب والندلس‪ ،‬ط ‪ ،‬دار مط المستقبل‪ ،‬القاهرة ‪1981‬م‪.‬‬

‫* الشيخ الحاج صالح بن عمر اليسجني (ت ‪1347‬هـ) و ش‪.‬إبراهيم بن بكير حفار (ت ‪1954‬م)‪:‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تابع‪ :‬فهرس المصادر والمراجع المطبوعة‬

‫* الربيع بن حبيب بن عمر الزدي البصري ت ‪150‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .40‬الجامع الصحيح‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬على ترتيب الشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني‪،‬‬
‫تا‪ :‬دار الفتح بيروت‪ ،‬مكتبة الستقامة‪ ،‬سلطنة عمان مط العمومية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ 1 .‬رمضان ‪1388‬هـ‪.‬‬

‫* رشيد بوروبية‪ ،‬موسى لقبال‪ ،‬عبد الحميد حاجيات عطاء ال دهينه‪ ،‬محمد بلقراد‪:‬‬
‫‪ .41‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬العهد السلمي‪ ،‬من الفتح الى بداية العهد العثماني‪ ،‬وزارة الثقافة والسياحة‪ ،‬المؤسسة‬
‫الوطنية للكتابة‪ ،‬جـ ‪ ،3‬الجزائر ‪1984‬م‪.‬‬

‫* سالم بن حمود بن شامس السيابي العماني( أبو هلل) ق ‪14‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .42‬طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الباضي‪ ،‬مط سجل العرب‪ ،‬وزارة التراث القومي والثقافة‪ ،‬مسقط‬
‫‪1400‬هـ‪.‬‬

‫‪ .43‬إزالة الوعثاء عن اتباع أبي الشعثاء‪ ،‬شرح د‪ .‬سيد إسماعيل كاشف ‪،‬مطابع سجل العرب‪ ،‬القاهرة ‪1979‬‬

‫* سعيد التعاريتي الوهبي الحربي‪ ،‬أوائل ق ‪14‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .44‬المسلك المحمود في معرفة الردود‪ ،‬ط حجري تونس ‪1321‬هـ‪.‬‬

‫* سليمان بن عبدال الباروني النفوسي ق ‪14‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .45‬الزهار الرياضية في أئمة وملوك الباضية مط الزهار البارونية القاهرة‪ ،‬دتا‪.‬‬

‫* سليمان بن محمد بن أحمد بن عبدال الكندي (‪1337-1298‬هـ ) مسقط عمان‪:‬‬


‫‪ .46‬بداية المداد على غاية المراد في نظم العتقاد المطابع العالمية روي‪ ،‬سلطنة عمان ‪1986‬م‪.‬‬

‫* صالح بن أحمد الصوافي(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .47‬المام جابر بن زيد العماني وآثاره في الدعوة سلطنة عمان‪ ،‬وزارة التراث القومي والثقافة مسقط‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫* صالح باجية (تونس معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .48‬الباضية بالجريد في العصور السلمية الولى‪ ،‬إشراف د‪.‬علي شابي‪ ،‬ط دار بوسلمة لـ ط‪.‬ن‪.‬ت‪ ،.‬تونس‬
‫‪1976‬م‪.‬‬

‫* عبد الرحمن بن عمر بكلي(البكري) ت ‪13/1/1986‬م ‪:‬‬


‫‪ .49‬فتاوي البكري‪ ،‬جـ ‪ ،2‬مط العربية‪ ،‬غرداية‪ ،‬الجزائر‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫* عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي ق ‪8‬هـ ‪14/‬م ‪:‬‬


‫‪ .50‬كتاب العبر‪...‬مجلد‪-‬المعروف بالمقدمة دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت ‪1981‬م‪.‬‬

‫* عبد العزيز الثميني اليسجني (ضياء الدين) توفي ‪1223‬هـ ‪1808/‬م‬


‫‪ .51‬كتاب النيل وشفاء العليل‪ ،‬تح وتصح‪ :‬عبد الرحمن بن عمر بكلي‪.‬‬

‫‪ .52‬التكميل لما أخل به كتاب النيل‪ ،‬تص ونشر حفيد المؤلف محمد بن صالح الثميني مطبعة العرب‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪1944‬م‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ .53‬النور‪ ،‬شرح قصيدة "النونية" للشيخ أبي نصر فتح بن نوح الملوشائي (ق ‪7‬هـ) قام بتجديد طبعة أ‪.‬بأفلج بأيوب‬
‫بن أحمد تصوير فوتوغرافي عن أصل مط طبع حجري مط العربية‪ ،‬غرداية‪ ،‬جوان‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫* عبدال بن حميد سلوم السالمي (نور الدين) توفي ‪1332‬هـ ‪1914/‬م ‪:‬‬
‫‪ .54‬تحفة العيان بسيرة أهل عمان‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ط ‪ ،2‬مط الشباب القاهرة‪1350 ،‬هـ‪ ،‬جـ ء‪ ،‬ط ‪ ،‬مط السلفية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1374‬هـ‪.‬‬

‫‪ .55‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬تص أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬ط ‪ ،‬مسقط ‪1981‬م‪.‬‬

‫* عبدال شريط (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .56‬الفكر الخلقي عند ابن خلدون‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ، .‬ط‪ ،‬الجزائر ‪1981‬م‪.‬‬

‫* عبد الحليم محمود (شيخ الزهر سابقا) ‪:‬‬


‫‪ .57‬التفكير الفلسفي في السلم‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ط ‪ ،3‬دار النصر للطباعة‪ ،‬القاهرة ‪1968‬م‪.‬‬

‫* عبد الحي الكتاني (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .58‬نظام الحكومة النبوية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬تا‪ :‬حسن جعنا‪ ،‬دتا‪.‬‬

‫* عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي ( أبو منصور) توفي ‪ 429‬هـ ‪:‬‬
‫‪ .59‬الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم‪ ،‬تح لجنة إحياء التراث العربي ط‪ ،‬دار الفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1982‬م‪.‬‬

‫‪ .60‬كتاب الملل والنحل حققه وقدم لـه وعلق عليه د‪.‬البير نصر نادر ط ‪ ،2‬دار المشرق‪ ،‬بيروت ‪1970‬م‪.‬‬

‫* عبد الملك الجويني (إمام الحرمين) ‪:‬‬


‫‪ .61‬الرشاد الى قواطع الدلة في أصول العتقاد‪ ،‬تح د‪.‬محمد بن يوسف بن موسى وعلي عبد المنعم‪ ،‬مكتبة‬
‫الخانجي‪ ،‬القاهرة ‪1950‬م‪.‬‬

‫تابع‪ :‬فهرس المصادر والمراجع المطبوعة‬

‫* عز الدين بليق (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .62‬منهاج الصالحين من أحاديث وسنة خاتم النبياء والمرسلين‪ ،‬دار الفتح‪ ،‬ط ‪ ، 1‬بيروت ‪1978‬م‪.‬‬

‫* علي إسماعيل الشعري (أبو الحسن) ت‪330.‬هـ الرجح ‪:324‬‬


‫‪ .63‬مقالت السلميين‪ ،..‬جـ ‪ 2 ،1‬تح محي الدين عبد الحميد دار الحداثة‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيروت ‪1405‬هـ ‪1985 /‬م‬

‫* علي بن أحمد سعيد الندلسي (ابن حزم) توفي ‪456‬هـ ‪1065/‬م ‪:‬‬
‫‪ .64‬الفصل في المل والنحل والهواء‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة ‪1320‬هـ‪.‬‬

‫* علي بن محمد الماوردي الشافعي (أبو الحسن) ‪ 450 -364‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .65‬الحكام السلطانية‪ ،‬القاهرة ‪1386‬هـ‪.‬‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫* علي مصطفى الغوابي (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .66‬تاريخ الفرق السلمية ونشأة علم الكلم عند المسلمين‪.‬‬
‫* علي يحيى معمر (ليبيا) ‪ 1979-1915‬م‬
‫‪ .67‬الباضية بين الفرق السلمية عند كتاب المقالت في القديم والحديث‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ماي‬
‫‪1976‬م‪.‬‬

‫‪ .68‬الباضية في موكب التاريخ‪ ،‬جـ ‪، 1‬ط ‪ ،1‬دار الكتاب العربي القاهرة ‪ 1964‬م‪.‬‬

‫* عمار طالبي (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .69‬آراء الخوارج الكلمية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،‬الجزائر‪1398 ،‬هـ‪1978/‬م‪.‬‬

‫* عمر بن رمضان التلتي‪:‬‬


‫‪ .70‬نخبة المتين من أصول تبغورين‪ ،‬مط العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬تا‪.‬‬

‫* عوض محمد خليفات(معاصر) الجامعة الردنية عمّان‬


‫‪ .71‬النظم الجتماعية والتربوية عند الباضية ط ‪ ،1‬جامعة عمّان ‪1982‬م‪.‬‬

‫‪ .72‬التنظيمات السياسية والدارية عند الباضية في مرحلة الكتمان‪ ،‬وزارة العدل والوقاف والشؤون السلمية‪،‬‬
‫مسقط‪ ،‬د‪.‬تا‪.‬‬

‫‪ .73‬الصول التاريخية للفرقة الباضية‪ ،‬ط ‪ ،2‬وزارة التراث القومي والثقافة‪ ،‬مط الشرقية مسقط‪ ،‬سلطنة عمان‪،‬‬
‫د‪.‬تا‪.‬‬

‫* فاروق عمر(معاصر)‬
‫‪ .74‬التاريخ السلمي وفكر القرن العشرين دراسات نقدية في تفسير التاريخ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار اقرأ ‪،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫‪1406‬هـ‪1985/‬م‪.‬‬

‫* فؤاد محمد شبل(معاصر ‪:‬‬


‫‪ .75‬الفكر السياسي‪ ،‬دراسات مقارنة للمذاهب السياسية‪...‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪1970 ،‬م‪.‬‬

‫* فرحات الجعبيري (تونس‪ -‬معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .76‬نظام العزابة عند الباضية الوهبية في جربة‪ ،‬مط العصرية تونس ‪1975‬م‪.‬‬

‫* محمد أبو زهرة(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .77‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬جـ ‪ ،1‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪1976‬م‪.‬‬

‫* محمد أحمد خلف ال (معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .78‬القرآن والدولة‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ط ‪ 2‬بيروت ‪1981‬م‪.‬‬

‫* محمد بن بابه الشيخ بالحاج (ابن الشيخ‪ -‬معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .79‬القرآن‪...‬والسنة‪...‬عند الباضية‪ ،‬مط العربية‪ ،‬غرداية‪1984،‬م‪.‬‬

‫* محمد جلل شرف (معاصر) ‪:‬‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫‪ .80‬نشأة الفكر السياسي وتطوره في السلم‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بيروت ‪1982‬هـ‪.‬‬

‫* محمد بن زيد المبرد (أبو العباس) ‪285‬هـ‪898/‬م ‪:‬‬


‫‪ .81‬الكامل في اللغة والدب‪ ،‬مط التجارية الكبرى‪ ،‬القاهرة‪1355 ،‬هـ‪.‬‬

‫* محمد بن يوسف اطفيش (قطب الئمة) بني يسقن ‪1818‬م‪1914 -‬م ‪:‬‬
‫‪ .82‬إن لم تعرف الباضية يا جزائري‪ ،‬رسالة في الرد على العقبي الطاعن في الدين‪ ،‬معها حواشي الشيخ عبدال بن‬
‫حميد سلوم السالمي‪ ،‬أمر بطبع الكتاب فيصل بن تركي‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬فرغ من تأليفه ‪ 3‬جمادى الولى عام‬
‫‪1328‬هـ‪.‬‬

‫‪ .83‬شرح عقيدة التوحيد‪ ،‬طبع حجري‪ ،‬بخط الحاج محمد بن الحاج صالح‪.‬‬

‫‪ .84‬شرح كتاب النيل‪ ،‬وشفاء العليل‪ ،‬جـ ‪ 13‬و ‪ ،14‬ط ‪ ،2‬دار الفتح ‪،‬بيروت ‪1972‬م‪.‬‬

‫‪ .85‬الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص تح وتع‪ :‬أبي اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬ط ‪ ،2‬مط البعث‪ ،‬قسنطينة‪،‬‬
‫‪1400‬هـ‪1980 /‬م‪.‬‬

‫‪ .86‬شامل الصل والفرع‪ ،‬جـ ‪ 1‬و ‪ ،2‬التزم بطبعه وتصحيحه أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬مط السلفية بمصر‪،‬‬
‫القاهرة ‪1348‬هـ‪.‬‬

‫‪ .87‬تفقيه الغامر بترتيب لقط موسى بن عامر‪ ،‬طبع حجري‪ ،‬كتب في أخر الكتاب‪ ،‬تم طبعه ليوم ‪ 12‬من شوال عام‬
‫‪1319‬هـ‪ ،‬على يد ملتزم طبعه‪ :‬داود بن إبراهيم بن داود اليسجني‪.‬‬

‫‪ .88‬كتاب المعلقات(مخ) طبع حجري‪ ،‬كتب في الورقة الخيرة قد تم طبع هذا الكتاب المستطاب بإعانة الملك الوهاب‬
‫على ذمة ملتزمة‪...‬محمد بن يوسف الباروني‪...‬بقلم حسن العنابي الشاذلي‪ ،‬د‪ .‬تا نسخة المكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ .90‬كتاب جامع الشمل في حديث خاتم الرسل طبع حجري بخط اليد (ص ‪ )436‬جاء في نهاية الكتاب‪ :‬قد تم طبع هذا‬
‫الكتاب بإعانة الملك الوهاب في غرة ذي الحجة ‪1304‬هـ‪ ،‬البارونية‪.‬‬

‫‪ .91‬وفاء الضمانة بأداء المانة‪ ،‬مط الزهار البارونية القاهرة ‪1326‬هـ‪.‬‬

‫‪ .92‬إزالة العتراض عن محقي آل اباض‪ ،‬وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان‪ ،‬مط الشرقية‪ ،‬مسقط‬
‫‪.1982‬‬
‫‪ .91‬وفاء الضمانة بأداء المانة‪ ،‬مط الزهار البارونية القاهرة ‪1326‬هـ‪.‬‬

‫‪ .92‬إزالة العتراض عن محقي آل اباض‪ ،‬وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان‪ ،‬مط الشرقية‪ ،‬مسقط‬
‫‪.1982‬‬

‫* محمد الطيب النجار(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .93‬محاضرات في تاريخ العالم السلمي‪ ،‬دار التحاد العربي للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة ‪1401‬هـ‪1981/‬م‪.‬‬

‫* محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (أبو الفتح)‪ 548-479‬هـ ‪:‬‬


‫‪ .94‬الملل والنحل‪ ،‬تح محمد سيد كيلني جـ ‪ 1‬و ‪ ،2‬ط ‪ ، 2‬دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت‪ ،‬لبنان‪1975 ،‬م‪.‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫* محمد بن جرير الطبري(أبو جعفر) ت‪ 310.‬هـ‪922/‬م‪:‬‬


‫‪ .95‬تاريخ المم والملوك‪ ،‬جـ ‪ ،4‬مط ‪ ،‬الحسينية القاهرة‪1336 ،‬هـ‪.‬‬

‫* محمد علي دبوز ‪: 1981‬‬


‫‪ .96‬تاريخ المغرب الكبير‪ ،‬جـ ‪،3‬ط ‪ ،1‬دار إحياء الكتب العربية القاهرة ‪1963‬م‬

‫* محمد المبارك(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .97‬نظام السلم‪ ،‬الحكم والدولة‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪1980‬م‬

‫* محمود إسماعيل(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .98‬الحركات السرية في السلم‪( ،‬رؤية عصرية) ط ‪ ،1‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1983 ،‬م‬

‫* مهدي طالب هاشم(معاصر)‬


‫‪ .99‬الحركة الباضية في المشرق العربي حتى نهاية القرن الثالث الهجري‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار التحاد للطباعة‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫‪1981‬م‪.‬‬

‫* موسى لقبال(معاصر) ‪:‬‬


‫‪ .100‬الحسبة المذهبية في بلد المغرب العربي نتائجها وتطورها‪ ،‬ط ‪ ،1‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‬
‫‪1971‬م‪.‬‬

‫* يحيى بن أبي بكر(أبو زكريا) ‪:‬‬


‫‪ .101‬كتاب سير الئمة وأخبارهم‪ ،‬تح‪ ،‬ووضع الهوامش د‪.‬إسماعيل العربي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1982‬م‪.‬‬

‫* يحيى بن أبي الخير الجناوني(أبو زكريا) أوائل القرن ‪ 5‬الهجري‪:‬‬


‫‪ .102‬كتاب الوضع‪ ،‬مختصر في الصول والفقه نشر وتع‪ ،‬أبو اسحاق إبراهيم اطفيش‪ ،‬ط ‪ ،1‬مط الفجالة الجديدة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪1992 ،‬م‪.‬‬

‫* يوسف بن إبراهيم الوارجلني (أبو يعقوب) توفي ‪ 570‬هـ‪1174 /‬م ‪:‬‬


‫‪ .103‬الدليل لهل العقول بالرهان والصدق‪...‬ثلثة أجزاء‪ ،‬طبع حجري بخط اليد‪ ،‬مط البارونية‪ ،‬القاهرة‪1306 ،‬هـ‬

‫فهرس مصادر و مراجع أخرى‬

‫المعـــاجم‬

‫* معجم ألفاظ القرآن الكريم‪: :‬‬


‫مجمع اللغة العربية‪ ،‬ط ‪ ،3‬الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر‪ ،‬القاهرة‪1907 ،‬م‬

‫* معجم البلدان‪:‬‬
‫للشيخ شهاب الدين أبي عبدال ياقوت الحموي‪ ،‬دار بيروت للطباعة والنشر بيروت‪1984 ،‬م‬

‫* المعجم الفلسفي ‪:‬‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫تأليف د‪.‬جميل صليبا‪ ،‬دار الكتاب اللبناني بيروت‪1979 ،‬م‬

‫* الصحاح‪ ،‬تاج اللغة وصحاح العربية‪:‬‬


‫تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬تح أحمد بن عبد الغفور عطار‪ ،‬ط ‪ 3‬دار العلم للمليين بيروت‪1984 ،‬م‪.‬‬

‫الدوريات‬

‫* الصالة وزارة الشؤون الدينية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬مط البعث قسنطينة ‪1977‬م‬


‫* جبرين‪ ،‬مجلة ثقافية يصدرها الطلبة العمانيون في الجامعة الردنية‪.‬‬

‫المحاضرات‬

‫* عبد الرزاق قسوم (دكتور) معاصر‪:‬‬


‫الراء الكلمية عند المعتزلة‪ ،‬محاضرة ألقاها بدائرة الفلسفة‪ ،‬معهد العلوم الجتماعية جامعة الجزائر‪ ،‬بتاريخ ‪.16‬‬
‫‪1981 .11‬م‪.‬‬

‫* محمد بن بابه الشيخ الحاج‪ ،‬أستاذ التاريخ السلمي والشريعة بمعهد الحياة الثانوية القرارة‪ ،‬ولية غرداية‪::‬‬
‫الجتهاد في المذهب الباضي‪ ،‬محاضرة ألقاها بمناسبة انعقاد ملتقى الفكر السلمي‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬يوليو ‪1983‬م‪.‬‬

‫* محمد بن صالح الثميني ‪:‬‬


‫مفهوم الشورى والديموقراطية في التاريخ العربي لدى الرستميين‪ ،‬والجماعات المحلية بوادي ميزاب "بالجنوب‬
‫الجزائري" محاضرة ألقيت بمناسبة المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ‪،‬الجزائر من ‪ 8‬الى ‪ 12‬مارس ‪1981‬م‪.‬‬

‫المقابـلت‬

‫* الشيخ صالح بزملل( محافظ مكتبة القطب) بني يسقن‪ ،‬في صيف ‪1984‬م‪.‬‬
‫* الدكتور عمار طالبي(مدير جامعة المير عبد القادر للعلوم السلمية "سابقا قسنطينة) في الجزائر ماي ‪1984‬م‪،‬‬
‫وقسنطينة أفريل ‪1985‬م‪.‬‬
‫* الشيخ محمد بن بابة الشيخ بالحاج (أستاذ الشريعة والتاريخ السلمي‪ ،‬معهد الحياة) القرارة في صيف ‪1984‬م‪.‬‬
‫* الدكتور محمد عبد الباقي (أستاذ بمعهد الفلسفة جامعة الجزائر‪ ،‬سابقا) أفريل ‪1986‬م‪.‬‬
‫* الدكتور محمد ناصر (أستاذ الدب الجزائري بمعهد اللغة والدب العربي‪ ،‬جامعة الجزائر) في القرارة صيف‬
‫‪1984‬م‪.‬‬
‫* الستاذ بيار كبيرلي ‪ P. Cuperly‬مدير المركز السقفي للدراسات والبحاث)‪ ،‬الجزائر في ‪.1986 .1 .12‬‬

‫المراجع و الدوريات الجنبية‬

‫المراجع الجنبية‬

‫‪* )Bel )Alfred‬‬


‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬
‫شبكة الدرة السلمية‬
www.aldura.net

-.La religion musulmane en Berberir, edit


* .)Cuperly )Pierre
Introduction a letude de l, lbadisme et de sa theologie, edit. O.P.U. Alger -
.1984
)Daddi- Addoun )Aicha *
.Sociologie et histoire des Algeriens ibadites imp. El-Arabia, Ghardaia 1977 -
)Dangel )Gerard *
L,imamat Ibadite de Tahert )716. 909(, Contribution a L,his- toire de i. Afrique -
du Nord durant le moyen age, these pre-paree pour le doctorat du 3em. Cycle,
.Strasbourg, Universe- tr des Sciences Humaines, 1977
)Gardet )Louis *
Les hommes de I, Islam, approche des mentalites, edit. Complexe, Bruxelles,-
.1984
)Lewicki )Tadeuz *
Encyclopedia de I, Islam, nouvelle edition G.P. maisonneu- ve & Larose, -
.Paris. 1971, tome3, article: AL-IBADIYYA? Pp. 669-862
)Marcais )Georges *
La berberie Musulmane et I, Orient au Moyen age, edit. Montaigin, Alger, -
.1946
)Mercier )Marcel *
.La civilisation urbaine au M, ZAB, edition Subiron, Alger, 1932 -
-Etude sour le waqf Ibadite et ses application au M, ZAB, edit
)Merghoub )Belhadj *
Le development politque en Algerie, etude de Ia popu-Iation de Ia region du-
M, ZAB, Edie, Armand Colin, Paris 1972

‫الدوريات الجنبية‬

)Brkri )Chikh *
Le Kharjisme Berbere, Quelques Aspects du Royaume Rustumide, Annales -
de I, Institut d, Etudes Orientales )A.I.E.O.(, University d, Alger, Tome 15, Alger
.1975

)Dhina )Amar *
Ibn Rostoum, Fondateur du Royaume Ibadite de tahert, EI- Moudjahed, 27- -
.28/ 07/1984

).Moutylinski )A. de C *
L, Aquida des Abadites, Recueil de Memories et de textes publies en I,
.Honneur de 14em Congres Internationale des Orientalistes, imp. Alger, 1905

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬


‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

You might also like