Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
تلتف خيوط المؤامرات كالتفاف الحبل على عنق الضحية ..فتتركها في غيبوبة الرحيل عن
الواقع ..وما أن تعود نبضات الحياة تتدفق في الشرايين الواهنة حتى تكتشف الحقيقة المؤلمة
التفي سفطرتها الخديعفة و الغدر ....وترتحفل اللم ففي متاهات الدروب الوعرة منزلقفة ففي
سفراديب العذاب لتبدأ رحلة البحفث عفن طريفق الحفق ....فتصفطدم بنتوءات المشاعفر
وتضاريس الشعور ...و يعيقها المل المكبل بعنجهية الخصم ومصالح المتآمرين ....
في الثلثين من نوفمبر من كل عام ,تتصاعد وتيرة اللم المنغرس في صميم النبض الرافض
للواقفع المفر ...و يتصفاعد المفل ففي المسفتقبل المنظور للتآم الجرح النازف بالحزان ...
ويمتد البصر للغرب الدافئ لشاطئ الخليج العربي حيث تنزوي جزرنا الثلث طنب الكبرى
و ال صغرى و أ بو مو سى خلف سياج ال سر الث مة ...وتتح جر دموع العتاب ال تي حفرت
أخاديفد الحزن على وجناتهفا الصفافية ....فتتجدد مشاعفر متضاربفة مفن الصفرار و اللم
والمل ...لن تنتهي إل بانتهاء الفصل الخير من رواية المستعمر الحاقدة ...وتلمع دموع
الفرح في مقلة الم المنتظرة لعودة البناء إلى حضنها الدافئ الذي سكنته رياح العذاب وصقيع
الفراق .....
2
لظى النفس
3
مقدمة غنائية
ظلم القريفب وغربففة الوطففان شيئ فان ل يقوى الع فزيز علي فهما
بكلي فهما و بق سففوة البهت ففان ما بال هذا الده فر يثق فل كاهل في
فــي أرض أجـــداد مــن العـــــربـــــان سلـبـوك فرع ــــا ً أصــله متجـــــذرا ً
يدمـــــي لقهـــر الظاــــــم و العـــــدوان يـا طنـب جرحـك فـي فؤادي لم يـــزل
الراوي :الخليج ...تتدحرج أمواجه على رمال الشاطئ الناعمة ...يتألق تحت إشعاع الصبــاح,
بريقـه الفضـي ...تظلل الجزيرة غللة الفجـر الذهبيـة ...فتبدو شفافـة حالمـة ...النسـيم
العليــل يداعــب أوراق النخيــل التــي تنســدل كأهداب فاتنــة عربيــة ....تتناثــر البيوت
الصغيرة على امتداد الشواطئ كتناثر حبات الجمان الرائعة ...
فـي مقهـى شعـبي ....كالعادة مصـنوع مـن جريـد النخيـل الذي يشكـل شبكـة تسـمح بتجدد الهواء ...
مصاطب خشبية بعضها مغطى بفرش من القطن المنجد و الخر كما هو...
باروت صاحب المقهى يدور بكئوس الشاي على الجميع ...
4
سالــــــم :عذبة كانت تلك الليالي الساحرة ...عندما يشق ضياء البدر عتمة الليل المتكور حول
مدفأة الزمان ....
أحمـــــــد :و تتهادى إلى مسامعنا نغمات المواج كعروس ترفل في ثوب زفافها ....
( يتهادى صوت المذياع لحد المطربين الخليجيين في فن غناء قديم يسمى صوت )
الراوي :في هذا المقهى الشعبي يجتمع رجال الحي يوميا ...حيث هو بالنسبة لهم المجلس
الذي يلتقون فيـه لتبادل الحاديـث المختلفـة و الراء و الخبار ...ل يوجـد بعـد جهاز
تلفاز ...اعتاد الناس على ســماع أخبار صــوت العرب مــن القاهرة أو إذاعــة لندن
الموجهة باللغة العربية....
أبو راشد :و تتصارع الذكريات الجميلة المتمردة على الختزان في محفظة الزمن ....
أحمـــــــد :تتشابك في تلحم ودي ونتجادل بعفوية الطفال هذه ذكراي و تلك ذكراك ....
أبـو راشـد :كيـف إذا كانـت الذكرى تحلق بنـا جميعـا فـي قارب واحـد مـن نسـيج السـكينة النورانيـة
تحمله ملئكة الرحمن و تطوف به في ملكوت جلله..
أحمـــــد :و تتشبث بالمال المنسابة من غدير السعادة و ينابيع الحب ...
ســـــــالم :رحـم ال الشيـخ مايـد بـن سـلطان ...لقـد كانـت لهيبتـه ووقاره المفعول السـحري الذي
يشعر الجميع و هم في معيتة بأنهم في ظلل أمان الرحمن ...
أبو راشد :عهد بحكم إمارته لابنه الشيخ حمد حيث كانت فترات بقائه هنا تطول ....
أبـو راشـد :و ممـا يذكـر مـن الكرامات اللهيـة التـي تروى عنـه تواصـله الروحانـي بإمارتـه و ابنـه
الشيخ حمد بن مايد...
ســــــــالم :صـحيح ...كان إذا حدث أمـر مـا فـي المارة تتوارد إليـه الخواطـر فـي حينهـا فتتكشـف
أمام بصيرته المور ...فيرسل أحد الثقاة من الجزيرة ليوصل الرسالة إلى ابنه ....
أحمــــــد :كان جدي ،رحمه ال ،من المقربين الذين يثق بهم و كم حمله من رسائل للمارة ...
5
أبو راشد :سمعت من والدي في إحدى المرات ...بأنه ،رحمه ال ،بينما كان يستظل بفيئ غافة
معمرة ...إذ تهادى إليه صوت ابنه يستغيثه في أمر طارئ ...تيقن أنه أمر جلل ل
تجدي فيه المراسيل ...خاطبه بأبيات من الشعر ينبؤه فيها بقدومه في الحال ....
أبـو راشـد :و عندمـا وصـل للمارة رأى ابنـه على الحال نفسـه التـي تخاطرت إليـه ...ووجده فـي
انتظاره و كأنه كان أيضا على يقين بقدومه ....
أحمــــد :رحمه ال ...كان عالما ً في الدين مما قربه من ال و كشف له ما شاء من الحجب...
و حين وفاته بكته الجزيرة كما لم تبك الثكلى على وحيدها ...
ســــــــالم :و يقال بأن الشمــس احتجبــت خلف الســحب المتراكمــة ليام عدة و كأنهــا ترفــض
الشراق بعده ...و تثنـت جذوع النخـل فـي تحيـة وداع حزينـة و لطمـت أمواج البحـر
وجنتيها حتى تمزقت العماق و تشققت الصخور....
أبــو راشــد :إيــه ...تظــل الذكرى الخالدة كقرص الشمــس المتقــد فــي كبــد الســماء الصــافية يبدد
إشراقاته اللمتناهية على امتداد القرون و الزمان ....
الراوي :كالعادة كـل صـباح ....عندمـا تطـل لحظـة الفلق و تتألق أنوار الفجرالموحيـة فـي الفـق
الحالم ....وينبثــق شعاع الفجــر كشلل مــن نور ربانــي ...يســتيقظ أهــل الحــي على
صـوت المؤذن مناديـا للصـلة ...تدب الحياة المنـة فـي أوصـال الجزيرة ...و ينتشـر
الجميع للسعي اليومي ...ممارسات يومية لحياة طبيعية ....ربات البيوت في أعمالهن
المنزلية ....و الرجال في سعيهم للرزق الحلل ....
هذا اليوم و على غير العادة ....تحتشد الغيوم القاتمة في السماء ....و يكفهر الجو ...
وتبدو الجواء خانقـة و الفضاء مشحونـا بالرعود المرعبـة ...نذر الشؤم تطوق المكان
و تحاصـره بعتمـة المجهول ...براكيـن القهر تتربـص بالشعـب المن ...تشعل حرائقا
مجنونــة مــن غضــب مقدس يكون فيــه خيار الفناء مــن أجــل الكرامــة خيار الحرار
الوحــد ..تنقشــع غمامــة التخفــي ليطــل الوجــه القاســي بطيشــه و حقده ...و بكــل
عنجهيته...
منزل العروس
( مشهــد مــن التراث الشعــبي الخليجــي المتمثــل فــي طحــن القمــح بالطرق البدائيــة التــي اعتادهــا
الهالي...مع خلفية تراثية غنائية)
الثانيـــة :اللهم ارزقنا خير هذا اليوم وخير ما أنزل به ....و جنبنا شره و شر ما أنزل به ....
6
(موسيقى و غناء من فنون التراث الشعبي في طحن الحبوب )...
الولــــى :كــل صــباح و أنــا أســمع المواج تتكســر على شواطــئ جزيرتنــا هذه ,بحريــة تامــة...
وينساب إلى قلبي حفيف أوراق النخيل و كأنها أوتار يعزف عليها النسيم العليل أعذب
ألحانه ...
الولـــى :يخيـل إلي أن جزيرتنـا هذه ...فاتنـة ترفـل فـي حلة ذهبيـة موشاة بخيوط الحريـر ....
تنتثر عليها الللئ و الجواهر الثمينة فتزيد من روعتها و جمالها .....
الثانيــــة :تشرق بمحياهـا الوضاح ...فيفتـر ثغرهـا الباسـم عـن ابتسـامة رقيقـة و كأنهـا تلقـي تحيـة
الصباح على أبنائها......
الولـــى :و تحتضـن الجميـع بدفئهـا المعهود ...فل يملك أحدنـا إل أن ينصـهر فـي حمأة عشقهـا
المجنون..
الولــى :ويتقطر عطر الخزامى من شبابيك الدور و أنفاس البحر و تنهدات النخيل ....
7
الثانيـــــة :بارك ال أفراح الجزيرة ياعروسة الحي الجميلة
الفتـــــــاة :أل تلحظون ...هذا الصباح تشع أنواره على غير العادة
الفتـــــــــاة :بقدر مــا يســعدني هذا الشعور إل أن القلق يتخطفنــي لحظات إلى غيبوبــة المجهول
والخوف المتســـربل بغموض القدار ...تســـللت إلى البحـــر ...ألقيـــت عليـــه تحيـــة
الصباح ...لم يرد ...تألمت ...ظننته غاضبا ً مني ...فما اعتددت منه ذلك الجفاء ...
الفتـــــــاة :هو لم يقل شيئا ً ....لكن دمعات حارة تحجرت في مقلتي المواج ...تجمعت كغدير
مـن بقايـا قطـر الغيـث ...احتضنتهـا رمال الشاطـئ الناعمـة ...قـَـبّلـْتـُها بحنوّ و سـألتها
...ما الذي يغضب البحر مني ...؟!
الفتــــــــاة :جرفتهـا موجـة بينمـا كانـت تهـم بالرد علي ...ومـا إن بعدت قليل ً رمقتنـي بابتسـامة
حزينة ...و قالت :غدا يخطفك الفارس ول نعود نراك ...
الفتــــــــاة :قلت لهـا ...كيـف !..ألسـت أنـت مـن سـيحملني كـل يوم إلى هنـا !...أل تعرفيـن بأن
روحـي مغروسـة بيـن أصـداف البحـر و جذور النخيـل و تحـت كـل حبـة رمـل سـقتني
رحيق الحياة وكل سحابة مرت على هذه الرض علقت بثوبي و علقت روحي فيها ...
:ما أعذب قولك ...كم سيبهر عبدال برجاحة عقلك ... الولى
الفتـــــــاة :يا خالتي نولد على هذه الدنيا فتعانقنا الرض وتحتضننا أحراشها و بحارها ويهدهد
مهدنا نسيمها العليل ...نستظل بسحابها و نشرب الفجر في أقداح نورها و نغتسل من
فيء رباها و ننمو و نكبر في رياض عزها ...فكيف نقوى على فراقها ....
8
:و ال لمفارقة الروح تهون كثيرا ً عن مفارقة الديار .... الثانية
الراوي :تمضـي اللحظات الجميلة سـريعة فـي قطار الزمـن و كأنهـا مشاعـل تطفئهـا رياح الخريـف
الباردة ....فتتلشـى فـي هاويـة سـحيقة ...مـا مـن أحـد يعرف كيـف يهرب الزمـن ....
وأيـــن تختبـــئ اليام ...تتراكـــم الحداث الحزينـــة و الســـعيدة فتصـــنع أرتال ً مـــن
الذكرى .....و غالبـا مـا تخلـّـفُ الحزان ضبابيتهـا فـي الذاكرة ....لتبقـى مشاهـد غائمـة
تتدثر بركام السنين و غبار القرون ...
الراوي :ينزلق قارب أبـي راشـد فـي مياه الخليـج الزرقاء الدافئة ...فينسـاب على تموجات البحـر
الهادئ ...يردد بعضــا ً مــن مواويــل البحــر التــي تتوارثهــا الجيال ....ويرنــو ببصــره
للفـق البعيـد فيرقـب الصـفاء المـن الممتـد بعنايـة على تلك البقعة الحبيبـة إلى قلبـه ...ل
يبتعــد كثيرا ً ...فالخيــر قريــب مــن شاطــئ المان ...يرمــي بشباكــه للماء فتظهــر له
عروس البحــر ....لطالمــا ألف ظهورهــا فــي مثــل هذا الوقــت ...يلقــي عليهــا تحيــة
الصباح ....
إيقاعات بحريية تنم عن حياة الصيد حيث يبرز سعيد كشخصيية محوريية في حوار
وهمي مع عروس البحر )
9
أبي راشد :لماذا ...؟
الحــوريـة :إذا صـيد هذا اليوم سـتقايضه بهديـة له ...لقـد اقترن يوم مولده بخيـر الصـيد الوفيـر هذا
اليوم
أبي راشد :ربما يكون قدومه فأل خير لنا جميعا ً....
أبي راشد :هو جاري منذ الزل ...ما الجديد بذلك ..؟
10
أبي راشد :كيف ...؟
11
( إظلم ينتهيي بعده المشهيد و يغادر أبيو راشيد خشبية المسيرح و تختفيي عروس
البحر) ....
الراوي :فــي حجرات المؤامرات المعتمــة ...تفوح رائحــة الغدر المــبيت ...و تنســج العناكــب
الســامة شباكــا ً لقتناص الضحيــة ....و تنصــب أفخاخ الخديعــة تترصــد بالضحايــا
المنـة ....و تكشـر أنياب الشـر عـن رغباتهـا الجامحـة فـي امتصـاص الدماء البريئة ....
تتوثـب الوحوش الكاسـرة للحظـة النقضاض المجنونـة ....تمزق فيهـا أواصـر الخاء
الديني و البشري .....و تتحول إلى ذئاب شرسة ...تطارد النسانية ....لتتقارع حينها
أقداح النشوة الســــاقطة بانتصــــار المؤامرة الدنيئة .... .....وهكذا يتبلور التواطــــئ
الخــبيث بيــن المقيــم الســياسي البريطانــي بالخليــج سييير وليييم لوس ومســاعد وزيــر
الخارجيـة المريكـي ممثل ً عـن الحكومـة المريكيـة جيي جيي سيسكو فـي فاجعـة قوميـة
إنسانية حيكت بخيوط الغدر و خناجر الوقيعة ....
( حوار بين المقيم السياسي البريطاني سير وليم لوس و مساعد وزير الخارجيية
المريكية جي .جي .سسكو ممثل للحكومة المريكية ) ...
المقيم السياسي البريطاني :بل لشـاه ٍ ( ... )3خلعـة منـا لهل الريب ِ...
ممثل الحكومة المريكي :آه مــا أدهـاك من جـرو صغير ,ثعـلب ِ !..
12
()1الجمان :الللئ و هي هنا كناية عن الجزر العربية طنب الكبرى والصغرى و أبو موسى
()3الشاه :إمبراطور إيران ( )2صقيع الغيهب :الظلمة
ممثل الحكومة المريكي :إذ همو في حاجة المن نسديها إليهم ...
ممثل الحكومة المريكي :ثم نرمي بعضهم في البعض ....بهتانا ً و زورا ....
13
ممثل الحكومة المريكي :استدار المر نجلي كربهم ....
:المقيم السياسي البريطاني سوف يرجون خلصا ً ....من خيانات شقيق ْ....
ممثل الحكومة المريكي :و دروعا ً من دفاع ....كي تقيهم من صديقْ ....
الراوي :تتدفـق لحظات الفرح كتدفـق الحياة فـي جريان النهرالمتحدر مـن القمـم العاليـة ...ل يلوي
على شــئ ...و تتفتــق براعــم الجنــة فيشرق أمــل جديــد ووعــد جديــد .....و مــن بيــن
لحظات الحياة المتهللة بنور السـعادة و بهجـة الفرحـة ...ينتصـب القدر المحتوم كسـيف
جلد وحشــي ...تقدح أعينـه شررا ً ....يرتقـب انسـياب الحلم الدافــئ ...ينقـض عليـه
انقضاض الكاسر على فريسته ...فيجز عنقه بعنجهية الظلم المتقد شرا ً و غدرا ً.....
" قررت حكومة صاحبة الجللة ملكة بريطانيا العظمى...انسحاب القوات البريطانية غدا ً من
جميع المارات المتصالحة ومنحها حرية الستقلل"....
انتهى الخبر
برقت عينا أبي راشد ببريق الفرحة و انفرجت أساريره عن سعادة غامرة ....صاح بعدها
منتشيا : ..
14
:ال أكـبر ....هللوا أيهـا الصـحاب ...السـماء تبتسـم ....اهطلي يـا ديمات الرحمـة أبـو راشـد
علينــا واغســلي هموم الماضــي ...طهري أبداننــا مــن تســلخات أغلل الســتعمار
المقيت ....
:ما الخبر يا أبا راشد !..أراك مبتهجا ً حتى ل تكاد تتمالك نفسك !... ســالم
أبـو راشـد :ألم تسـمع الخـبر ..؟ غدا ً ينقشـع ظلم السـتبداد ....و سـتشرق شموس الحريـة مـن
جديد....
أبو راشد :نعم ..نعم ...غدا فقط سأصوغ عقدا من نجوم سماء بلدي أزين به جيد ابنتي التي
قرب موعد زفافها ....
أبو راشد :بل قل مبارك لنا جميعا ً ....فالعرس الهم هو عرس التحرير ....
:تراكمت سحب الظلم ...طبقات طبقات ...تعالت كأبراج قاتمة في فضاء أوطاننا... ســالم
أبو راشد :عرس ابنتي غدا ً ,هو عرس لهل الحي جميعا ً....
:دعوا أسماك البحر غدا ً ...تحتفل بطريقتها ...فل تزعجها شباك الصيادين ... أبو راشد
:و لتســترخي أمواج الخليــج العربــي على ضفافــه المشرقــة ...فغدا تغادرهــا بوارج أحمــــد
الستعمار التي طالما أنهكتها بضوضائها و أحقادها ....
15
أبـو راشـد :و سـترسل القيعان تنهيدة الخلص التـي تضـج بهـا أضلعهـا ...و يعود للمرجان لونـه
الزهري الفاتن ...و تعود للقاع هيبته و سكينته ...
:لماذا القلق ...الموج هادئ هذا اليوم ....ربما شغله شاغل ما ... أحمــد
:أدر علينا شراب اللوز و الورد ...فاليوم أجمل أعيادنا ... أبو راشد
:اعمل حسابك يا باروت للغد ....فسقاية أهل الحي على حسابي .... ســالم
:ل تتجادل ...اليوم و غدا ً على حســـابي أنـــا .....ألســـت واحدا ً منكـــم ...لماذا بـــــاروت
تستكثرون علي مثل هذه المشاركة !...
( يدخل العريس عبدال و بعض أفراد عائلته ,يبدو و كأنه يرفل في حلة من ضياء الفجر ....تنم
هيئتــه عــن اختزانــه لخــبر مبهــج ...يكاد بريــق الفرحــة يفضــح عينيــه ...حملق الجميــع فيــه ...
متسائلين في داخلهم ,ترى ماذا تحوي جعبته من أخبار !...ينهض أبو راشد مستقبل إياه) ..
:حمدا ً على السلمة يا صهري العزيز ...و مرحبا ً بكم جميعا ً بيننا ...أرأيت كم أبو راشد
هو مبارك عرسك !...
16
:أكثر مما تتخيل !... أبو راشد
:اصطدت دانة إذا ...فأنا أعرف كم بارع أنت في الغوص ... عبد ال
:بل استرجعنا داناتنا المسلوبة منذ زمن طويل ... أبو راشد
:الناس في المارات يحتفلون بهذه المناسبة ...و كأنها أفضل أعياد الدنيا ... عبد ال
:و نحن غدا ً سنحتفل بها أيضا ً ...و قد دعونا البشر و الشجر والبحر و الحجر ... أحمــد
و الماء و الهواء و السماك و كل المخلوقات ...فغدا خلص الجميع ....
:كيف ...و هل تنوي تزويج أباك إحدى حوريات الجزيرة .... ســالم
:نعم ...نعم ...و سيصبح لها كيان بين المم و في المحافل الدولية ... عبد ال
17
ينطلق صوت المذياع ...بعض الغاني و موسيقى تنتهي بإعلن المذيع يورد التالي :
" نورد فـي خـبر وصـلنا للتو أن حكام المارات المتصـالحة على سـاحل الخليـج العربـي و سـاحل
عمان ,اتفقوا جميعا على تشكيل دولة اتحادية أطلقوا عليها دولة المارات العربية المتحدة " ...
انتهى الخبر ...
( يهلل الجميع لسماع الخبر )
:بعد انتهاء الفراح هنا سنذهب لنبارك لهلنا هناك في باقي الوطن .... أحمــد
:اســمحوا لي ســأنصرف الن فأنــا ل أســتطيع اختزال الفرحــة طويل ً ...ســأذهب ســــالم
لبشر الجميع ...إلى اللقاء .
:هيـا يـا عبـد ال أنـت و أهلك ...لقـد أرهقتكـم الرحلة و حتمـا ً تريدون السـتراحة أبـو راشـد
قليل ً ....فغدا سيكون يوما ً خاصا ً...
:إن الفرحة التي تعتمرنا ل تجعلنا نشعر بأي نوع من الرهاق ...فقد حملتنا أجنحتها عبد ال
على أثيـر الفرحـة و حلق بنـا بسـاط النشوة فوق غيمات السـعادة ...واسـتغرقنا فـي
أحلم الحرية و الكيان و الوحدة ....
:و نسيت أنك عريس قادم ليخطف عروسه .... أبو راشد
:بــل تداخلت النفعالت جميعــا ً ...و شعرت كــم أنــا محظوظ ...فيوم زواجــي قــد عبــد ال
اقترن بهذه الحداث السعيدة .....
الراوي :الوقــت مســاءً ...ســاعات الصــيل الحالمــة ...تســتنهض الحلم المنــة فــي مخدع
السـلم...تتثنـى الشمـس بدلل لتغطـس فـي أمواج الخليـج الدافئة لتودع يومهـا ...تنتشـر
أشعتهـا الذهبيـة فتكسـو المياه الهادئة بحلة البهـة ....ينسـاب صـوت الذان إلى مسـامع
عبدال كانســياب المياه على شاطــئ الجزيرة ....فتغلف نفســه ســكينة نادرة ...يتلشــى
الذان شيئا فشيئا حتــى يختفــي تمامــا ً ...و يحمــل النســيم إليــه حفيــف أوراق الشجار...
نغمات موسـيقية ناعمـة ....تتآلف فـي لحـن سـحري ...لطالمـا ارتبـط بوجوده منـذ الزل
على هذا التراب المقدس ....
أدى عبــد ال فريضــة المغرب فــي ظــل الشجرة المعمرة ...أخــذ يلملم ـُ مشاعرالفرحــة
الممتزجة بالقلق ...استوقفته برهة من الصمت ...تسربت خللها نظراته لتتوارى خلف
ذرا النخيل ....رجفة امتزج فيها الحساس بالخوف من المجهول ...امتد بصره شاخصا
18
نحـو الشواطـئ الفضيـة الممتدة بطول الخليـج و الهاجعـة فـي سـكون المان ....يظهـر له
طيف فتاته من بعيد فيخيل إليه أنه تناجيه ....
الفتاة :ألفت وجهك السمر يطفح بالطمأنينة ...و تنعكس فوق ملمحه عوالم السلم ...
عبدال :ل فالنجوم الليلة تشتد سطوعا ً ...و كأنها ناقوس تحذير ...
الفتاة :الشمس تسافر في بحر السماء ...و أنت تسافر فوق أمواج القلق ...
19
الفتاة :هواجسك المخيفة ...تحطم شعور المان الذي اعتدت عليه ...
الراوي :بدأت الوســاوس تعصــف بنفــس عبدال كشياطيــن أيقظهــا الليــل الحالك ...نســي أو
تناســى وجوده ...اهتــز شعوره بالمــن كشجيرة تحركهــا ريــح باردة ...حملق
طويل ً فـي الفـق ...ل يرمـش له جفـن ...تراءت له نقطـة سـوداء ...أخذت تكـبر
شيئا فشيئا ...قفـــز قلبـــه مـــن مجامعـــه ...ارتجـــت رئتاه و ارتعدت فرائصـــه ....
إحسـاس ل يسـتطيع تجنبـه ! ....أي شؤم ينتظره فـي الغـد ...صـفير النذار يرتفـع
فـي أذنيـه ...يحاول أن يسـدهما بكلتـا يديـه ...لكـن دقات قلبـه تتعالى كصـخب اللم
المتدفــق مــن الجرح النازف ...هرول بعيدا ً إلى المجهول ....و تاه منــه طريــق
العودة ...لم يتعرف إلى درب منزله ...و ربما حتى على نفسه ....
20
( بينميا كان عبدال متكيأ على جذع الغافية فيي شرود القلق الملتحيف بعباءة الخوف القادم مين
المجهول يمير بيه أبيو راشيد الذي كان فيي طريقيه إلى منزله ....يلتفيت إلييه فيي دهشية المفاجأة
مخاطبا ً إياه ) ....
:زفافــه !...ل أدري لماذا تتصــارع الهواجــس فــي داخلي و كأن هذا اليــــوم ...هذا عبدال
اليوم .....
أبـو راشـد :لم تـك يومـا ً متشائمـا ً كمـا أنـت الن ...فمـا الذي يدور بخلدك ...و أيـة رياح شؤم
هذه التي تعصف بك ...و تستسلم لها دون مقاومة !..
أبو راشد :كيف يا بني ...ألسنا عائلة واحدة ..دعني أشاركك فيها ..ربما حملت عنك بعضها
إن لم أستطع اقتلعها منك تماما ً....
أبو راشد :إذا لماذا تشغل نفسك بالوهام و تنساق وراءها هكذا ...؟
21
أبو راشد :ليست واقعا ً ...و ليست أوهاما ً ...لغز يجب علي أن أعرف جوابه !...
أبـو راشـد :شعور عابر ....شعور غامـض ....شعور متشائم ....هـو فـي النهايـة شعور قاتـم.....
كيف تكون عليه الن و يفترض أن تكون على غيره بعد قليل؟! هيا هيا يا بني...
دع عنـــك هذه الوســـاوس الســـوداء ...واذهـــب لترتحـ ْـ قليل ً ...فالليلة ليلتـــك التـــي
انتظرتها ...و يجب أن تتهيأ لها ....أو تريد أن تطبع في أذهان الناس بأنك غير سعيد
بزواجك من ابنتي ....؟!
:ل تقل هذا يا عماه ...فوال إنك لتثقل علي به أكثر مما أنا فيه .... عبدال
أبو راشد :إذا دعنا نذهب الن واسقط عن كاهلك تلك الهواجس المريبة ...أريد أن أراك ويراك
الجميـع بابتسـامة الفرح التـي يفتـر عنهـا ثغرك ...و ليـس بنظرة القلق التـي تغلف
نفسك و شعورك ....
:اعذرنـي مرة أخرى يـا عماه ....فقـد شغلتـك دون قصـد منـي ...هيـا بنـا فقـد بدأ الليـل عبدال
يرخي سدوله ...و سينشغل الجميع على تأخرنا ....
أبي راشد :هيا يا بني ...و ليجعل ال هذه الليلة من ليالي السعادة في حياتك ...
(ينصرف الثنان)
الراوي :تنوء الجزيرة بالظلمات المتراكمـة ....و تختبـئ النجوم فـي أغوارهـا السـحيقة ....بقايـا
مــن قلوب واهنــة تنبــض خوفــا و قلقــا ...و تتهاوى نســمات العليــل المنعشــة إلى لحود الرض
المكلومـة ...و يغدو الجـو خانقـا ...و السـحب الحزينـة تمل السـماء فتحجحـب أنوار السـلم....
تحوم أحلم أهل الحي بين بيوت الجزيرة المهجورة كبومة مجنونة تبشر بزمن الخراب ......لقد
فر السلم وحل في الرض خوف و رعب !...
مشهد العرس
رقصات من الفنون الشعبية الخليجية حيث يظهر عبدال في زي العريس متشحا بعباءته السوداء...
تصـاحبه إيقاعات خليجيـة و على الجانـب الخـر تظهـر العروس بزي خليجـي متكامـل وسـط أهازيـج
النساء و الغناء الخليجي الذي يصل إلى المشاهد بالتبادل مع الموسيقى و الغناء المرافق للعريس ....
22
صوت رجل :و اســرح ف دنيــا غـرام ٍ مسْـتهيــم ٍ
أذرف الدمـعــات في عشـق ٍ شــفوق
ق المعـنـّى
ن لظـَى شـو ْ
صوت فتاة :والضماير م ْ
حمْيـّا عـروقـــي
نـار تشْعـِـلْ من ُ
ك يناجـيـني ضـميـركْ
صوت رجل :إن نبَـا صوتــ ْ
و ألـقَ روحـي شدها شْرتَى الشـروق ِ
و فجأة يتبدل الموقــف و تعــم الفوضــى ...ضجيــج جماعات همجيــة تجتاح المكان الهادئ ...تعيــث
فسادا في الشياء ...تكسر ...ترمي ...تسكب كل ما تجده أمامها .......وسط صدمة المحتفلين الذين
تذهلهم المفاجأة....
تدخـل فرقـة مـن الفنون الشعبيـة الفارسـية ...بملبـس صـفراء و حمراء للحتفال بعيـد النيروز ...تلك
العادة الجاهلية التي ما زالت تمارس حتى اليوم ...و تعتبر من أفضل أعيادهم ....على وقع الموسيقى
الصــاخبة ...يتحلق الرجال و النســاء فــي دائرة حول النار المقدســة كمــا يعتبرونهــا يؤدون رقصــة
الهبان و المناديل الشهيرة ....يتبدل الجو العربي الهادئ المن بآخر فارسي ماجن و صاخب ...
الراوي :من يستبيح مال غيره ظلما ً ...و يلغ في دماء جاره ...و يشردهم من ديارهم المنة ...فإنه
بل شـــك يتحول إلى طاغيـــة ...و ينقلب إلى ذئب شرس ....فيتلشـــى الجزء العاقـــل
الشفاف مــن نفســه لينطلق الوحــش الكاســر مــن عقاله .....مثقل ً بالرغبات العدوانيــة
الجامحـة ...و تتسـاقط أوراق العهود و الذمـة و الديـن ....و ل يبقـى مجالٌ للتردد فـي
ارتكاب أيــة جريمــة .....و إذا ســقطت الخلق ...فمــا الذي يردع المرء عــن ارتكاب
الثام و الموبقات!...
أواه مـن محــن الزمـان الجــانـي :قــدر الزمــان تبـايــــن و تـدانـــي الفتـاة
ظلـم القريـب وغربــة الوطـان :شيئـان ل يقـوى العـزيـز عليهـما عبد ال
بكليـــهما و بقســــــوة البـــهتـان :مــا بال هذا الدهــر يـثقـل كاهلــي الفتـاة
شــتى تنـــوء بحــمـلها الثقــــلن :لقد احتملت من الزمــان مكــائــدا ً عبد ال
وظليــل أجـمل دوحــة بجنـــــان :إنـي ليشــقيـنــي فـــراق مرابـــع الفتـاة
23
حممـا ً تـزلـزل مهجـتي و كيانـي :والنار يشعل في الصميم أوارهــــا عبد ال
( يظهر طيف الشيخ مايد بن سلطان القاسمي حيث يلتف حوله الجميع )
فـليـحـــذرن خديعـــة الزمــــــان الشيخ مايـد :من غــرّه يـــــوم هـنـــئ آمــــــن
وتريــك أهــــوال ً بيـــوم ثـانــــي يومـا تريــك من النـعـيم مباهجـا ً
كيف ائـتمانـك عـهـــد دهــر فان ِ ب خـــــالدٍ
فإذا نكـثـت عهــــود ر ّ
(تلتفت الفتاة باتجاه الشيخ وكأنه قد أعاد لهن ذكرى و أمل و يدور الحوار التالي)
24
و جنود الكفر تحمي الغاصبين ....
صراع الرض
( تجتميع شخصييات المسيرحية فيي حوار حول الرض حييث يتقابيل الشييخ ماييد بين سيلطان ميع
المندوب البريطاني و ممثل الحكومة المريكية و ممثل الحكومة اليرانية )
26
البريطاني :و ثمار صفقتنا تعود لجاركم
هم يرتضون بها بديل ً
عن بلد في الجوارْ ....
أمنا من الغدر المبيت و الدمارْ....
29