Professional Documents
Culture Documents
ركوب
التّعريف
ة :مصدر ركب .يقال :ركب الدّابّة - 1الّركوب لغ ً
ل ما علي عليه فقد ركب . يركبها أي عل عليها ،وك ّ
ص بالبل .ول يخرج الّركوب في وقيل :هو خا ّ
ي): الصطلح عن ذلك ( .الحكم التّكليف ّ
أ -صلة التّطوّع راكبًا :
- 2ل خلف بين الفقهاء في إباحة صلة التّطوّع
سفر الطّويل -وهو ما يجوز على الّراحلة ،في ال ّ
صلة -وقال ابن عبد البّر :أجمعوا على فيه قصر ال ّ
صلة أن ل من سافر سفًرا يقصر فيه ال ّ أنّه جائز لك ّ
سفر القصير ما ال ّ جهت ،أ ّيتطوّع على دابّته حيثما تو ّ
صلة على وهو ما ل يباح فيه القصر فإنّه يباح فيه ال ّ
الّراحلة عند الجمهور واستدلّوا بقوله تعالى :
صلة على م وجه اللّه } وبال ّ { فأينما تولّوا فث ّ
سرت الية ،وقال ابن عمر :نزلت هذه الّراحلة ف ّ
جه بك بعيرك ، ة ،أي حيث تو ّ ص ًالية في التّطوّع خا ّ
وعن عبد اللّه بن دينارٍ قال { :كان عبد اللّه بن
سفر على راحلته عمر رضي الله عنهما يصلّي في ال ّ
ي صلى ن النّب ّ جهت يومئ ،وذكر عبد اللّه أ ّ أينما تو ّ
البخاري عن
ّ الله عليه وسلم كان يفعله } .وأخرج
ي صلى الله عليه وسلم ابن عمر قال { :كان النّب ّ
جهت به يومئ سفر على راحلته حيث تو ّ يصلّي في ال ّ
إيماء صلة اللّيل إل ّ الفرائض ويوتر على راحلته } »
.ولمسلم ٍ { :غير أنّه ل يصلّي عليها المكتوبة } ،
ن إباحة سفر وطويله ; ول ّ ولم يفّرق بين قصير ال ّ
صلة على الّراحلة تخفيف في التّطوّع كي ل يؤدّي ال ّ
إلى قطعها وتقليلها ،وهذا يستوي فيه الطّويل
1
والقصير .وقال المالكيّة :يشترط أن يكون سفر
ما إن لم يكن سفر قصرٍ فل يتنّفل على قصرٍ ،أ ّ
الدّابّة .
شروط جواز التّنّفل على الّراحلة :
- 3يشترط لجواز التّنّفل على الّراحلة ما يأتي :
- 1ترك الفعال الكثيرة بل عذرٍ كالّركض .
ما
صلة .فلو صار مقي ً سفر إلى انتهاء ال ّ - 2دوام ال ّ
صلة عليها وجب إتمامها على الرض في أثناء ال ّ
مستقبًل القبلة ،وإلى هذا ذهب المالكيّة ،
مد من شافعيّة ،والحنابلة وأبو يوسف ،ومح ّ وال ّ
صلة م ال ّ الحنفيّة .وقال أبو حنيفة :يجوز له أن يت ّ
صلة ،وصلة التّطوّع . عليها .وتفصيله في ال ّ
استقبال القبلة في صلة التّطوّع على الّراحلة :
شافعيّة والحنابلة :إن أمكن استقبال - 4قال ال ّ
صلة كركوعها القبلة على الّراحلة وإتمام أركان ال ّ
وسجودها لزمه ذلك ،وإن لم يمكن فل يلزمه ذلك ،
ن رسول اللّه صلى الله س{:أ ّ لما روي عن أن ٍ
عليه وسلم كان إذا سافر ،فأراد أن يتطوّع استقبل
جهه ركابه } . م صلّى حيث و ّ بناقته القبلة فكبّر ث ّ
ص وجوب الستقبال بتكبيرة الحرام ،فل يجب ويخت ّ
م يجعل شرط ،ث ّ صلة بال ّفيما سواه ; لوقوع أوّل ال ّ
ما بعده تابعًا له .وقال المالكيّة والحنفيّة :ل يلزمه
ما
الستقبال وإن أمكنه ،ولو في تكبيرة الحرام أ ّ
سفينة ونحوها كالعماريّة وهي نوع من راكب ال ّ
صلة سفن يدور فيها كيف يشاء ،ويتمكّن من ال ّ ال ّ
إلى القبلة ،فعليه استقبال القبلة في صلته .
قبلة الّراكب وجهته :
جهته ،فإن - 5قبلة المصلّي على الّراحلة حيث و ّ
عدل عنها ل إلى جهة القبلة فسدت صلته ،لنّه
2
ترك قبلته عمدًا .فإن عدل إلى القبلة فل تبطل
صلته ،لنّها الصل ،وإنّما جاز تركها للعذر .
وتفصيله في مصطلح ( استقبال ) .
أداء صلة الفرض راكبًا :
سفينة - 6يجوز أداء صلة الفرض راكبًا في ال ّ
ما يمكن معه استقبال ونحوها كالمحّفة والعماريّة م ّ
القبلة وإتمام أركانها ،واختلفوا في الّراحلة :فقال
الجمهور :ل يجوز أداؤها على دابّةٍ ،سواء أكانت
ف .فإن صلّى على ة أم سائرة ً إل ّ لعذرٍ كخو ٍ واقف ً
شافعيّة :إن لعذر لم تلزمه العادة .وقال ال ّ ٍ راحلته
م الفرض جاز وإن جه إلى القبلة وأت ّ ة وتو ّ كانت واقف ً
ما إن ة ،لستقراره في نفسه .أ ّ لم تكن معقول ً
مجه إلى القبلة ،أو لم يت ّ كانت سائرة ً ،أو لم يتو ّ
ن سير الدّابّة منسوب أركانها فل يجوز إل ّ لعذرٍ ; ل ّ
صلة في حالة العذر . إليه ،ويعيد ال ّ
اتّباع الجنازة راكبًا :
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه ينبغي لمشيّع - 7ذهب ال ّ
ف. ض أو ضع ٍ لعذر كمر ٍ
ٍ الجنازة أن ل يتبعها راكبًا إل ّ
ي صلى الله عليه وسلم رأى ن النّب ّ فقد روي { أ ّ
نسا ركبانًا في جنازةٍ فقال :أل تستحيون ؟ إ ّ أنا ً
ملئكة اللّه يمشون على أقدامهم ،وأنتم على
ب } .وإذا اتّبعها راكبًا يكون خلف ظهور الدّوا ّ
ما الّركوب في الّرجوع فل بأس به .ول الجنازة .أ ّ
ن المشي بأس باتّباع الجنازة راكبًا عند الحنفيّة ،ولك ّ
أفضل منه ; لنّه أقرب إلى الخشوع ،ويكره أن
إضرار
ٍ ن ذلك ل يخلو عن يتقدّم الّراكب الجنازة ; ل ّ
بالنّاس .
صلة المجاهد راكبًا :
3
- 8يجوز للمجاهد أن يصلّي راكبًا إذا التحم القتال
ولم يتمكّن من تركه ،لقوله تعالى { :فإن خفتم
فرجاًل أو ركبانًا } .والتّفصيل في ( صلة الخوف )
.
ج راكبًا :
الح ّ
ب ،ونحوها أفضل من ج راكبًا على الدّوا ّ - 9الح ّ
ن ذلك فعله صلى الله عليه وسلم ، ج ماشيًا ،ل ّ الح ّ
شكر ،وإلى هذا ذهب المالكيّة ولنّه أقرب إلى ال ّ
حا في شافعيّة ،ولم نجد للحنابلة تصري ً والحنفيّة وال ّ
هذه المسألة .
الطّواف راكبًا :
حة طواف الّراكب - 10ل خلف بين الفقهاء في ص ّ
م سلمة رضي الله عنها ، إذا كان له عذر لحديث أ ّ
قالت { :شكوت إلى رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم أنّي أشتكي فقال :طوفي من وراء النّاس
وأنت راكبة } .واختلفوا في حكم الطّواف راكبًا بل
شافعيّة إلى أنّه ل يجب عليه دم عذرٍ فذهب ال ّ
ين النّب ّ
س رضي الله عنهما { :إ ّ لحديث ابن عبّا ٍ
جة الوداع على صلى الله عليه وسلم طاف في ح ّ
ن } .وقال جابر : بعيرٍ ،يستلم الّركن بمحج ٍ
ي صلى الله عليه وسلم على راحلته { طاف النّب ّ
ن اللّه تعالى صفا والمروة } » .ول ّ بالبيت وبين ال ّ
أمر بالطّواف مطلًقا فكيفما أتى به أجزأه ،ول يجوز
ل ،وهو رواية عن أحمد . تقييد المطلق بغير دلي ٍ
وذهب الحنفيّة والمالكيّة وأحمد في إحدى الّروايات
ن المشي في الطّواف من واجبات عنه ،إلى أ ّ
عذر وهو قادر على ٍ الطّواف ،فإن طاف راكبًا بل
ي
ن النّب ّالمشي وجب عليه دم ،واستدلّوا عليه :بأ ّ
صلى الله عليه وسلم قال { :الطّواف بالبيت
4
ن الطّواف عبادة تتعلّق بالبيت صلة } .ول ّ بمنزلة ال ّ
ن اللّه صلة ،ول ّفلم يجز فعلها راكبًا لغير عذرٍ كال ّ
أمر بالطّواف بقوله { :وليطّوّفوا بالبيت العتيق } ،
صا
ة ،فأوجب ذلك نق ً ف حقيق ً والّراكب ليس بطائ ٍ
فيه فوجب جبره بالدّم ،وزاد الحنفيّة :إن كان
بمكّة فعليه العادة ،وإن عاد إلى بلده فعليه دم .
ماوينظر التّفصيل في مصطلح ( :طواف ) .أ ّ
سعي راكبًا فيجزئه لعذرٍ ،ولغير عذرٍ بالتّفاق . ال ّ
ضمان الّراكب ما تجنيه الدّابّة :
ن
ي وأحمد إلى أ ّ شافع ّ - 11ذهب أبو حنيفة وال ّ
الّراكب يضمن ما تتلفه الدّابّة بيدها حال ركوبه من
س .واختلفوا في ضمان ما تجنيه برجلها ، ل أو نف ٍ ما ٍ
ن
فقال الحنفيّة والحنابلة في روايةٍ عن أحمد :إ ّ
الّراكب ل يضمن ما جنته دابّته برجلها ; لنّه ل يمكنه
حفظ رجلها عن الجناية فل يضمنها كما لو لم تكن
شافعيّة وهو رواية عن أحمد : يده عليها ،وقال ال ّ
يضمن الّراكب ما تجنيه الدّابّة في حال ركوبه مطلًقا
.سواء جنت بيدها ،أم برجلها ،أم برأسها ،لنّها
في يده ،وعليه تعهّدها وحفظها .وقال المالكيّة :ل
يضمن الّراكب ما تعطبه الدّابّة بيدها أو رجلها أو
ذنبها ،إل ّ أن يكون ذلك من شيءٍ فعله بها .
والتّفصيل في ( ضمان ،وإتلف ) .
ما يقوله الّراكب إذا ركب دابّته :
ن للّراكب إذا استوى على دابّته أن يكبّر - 12يس ّ
خر لنا هذا وما م يقرأ آية { :سبحان الّذي س ّ ثلثًا ث ّ
كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون } .ويدعو
ي صلى الله عليه وسلم فعن بالدّعاء المأثور عن النّب ّ
ي بن ربيعة قال { :شهدت عليًّا رضي الله عنه عل ّ
ما وضع رجله في الّركاب قال أتي بدابّةٍ ليركبها ،فل ّ
5
ما استوى على ظهرها قال : :بسم اللّه ،فل ّ
خر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا { سبحان الّذي س ّ
م قال :الحمد للّه ثلث إلى ربّنا لمنقلبون } .ث ّ
م قال : ت،ث ّ م قال :اللّه أكبر ثلث مّرا ٍ ت،ث ّ مّرا ٍ
سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ،إنّه ل يغفر
م ضحك ،فقيل :يا أمير الذ ّنوب إل ّ أنت ،ث ّ
ي
أي شي ٍء ضحكت ؟ قال :رأيت النّب ّ المومنين من ّ
م ضحك ، صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت ث ّ
أي شي ٍء ضحكت ؟ قال : فقلت :يا رسول اللّه من ّ
ن ربّك سبحانه يعجب من عبده إذا قال :اغفر لي إ ّ
ذنوبي ،يعلم أنّه ل يغفر الذ ّنوب غيري } .وإذا
ن
سفر دعا بما جاء في صحيح مسلم ٍ { :أ ّ ركب لل ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى
م قال : جا إلى سفرٍ كبّر ثلثًا ث ّ على بعيره خار ً
خر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا { سبحان الّذي س ّ
م إنّا نسألك في سفرنا إلى ربّنا لمنقلبون } ،اللّه ّ
هذا البّر والتّقوى ،ومن العمل ما ترضى ،اللّه ّ
م
م أنت هوّن علينا سفرنا هذا ،واطو عنّا بعده ،اللّه ّ
سفر ،والخليفة في الهل .اللّه ّ
م صاحب في ال ّ ال ّ
سفر وكآبة المنظر وسوء إنّي أعوذ بك من وعثاء ال ّ
المنقلب في المال والهل } .وكذلك الحكم إذا
ركب أيّ نوٍع من وسائل الّركوب
======================
ركوع
التّعريف
ة :النحناء ،يقال :ركع يركع ركوع ًا - 1الّركوع لغ ً
وركعًا ،إذا طأطأ رأسه أو حنى ظهره ،وقال
بعضهم :الّركوع هو الخضوع ،ويقال :ركع الّرجل
شيخ : إذا افتقر بعد غنًى وانحطّت حاله ،وركع ال ّ
6
انحنى ظهره من الكبر .والّراكع :المنحني ،وك ّ
ل
سها س ركبته الرض أو ل تم ّ ب لوجهه فتم ّ شي ٍء ينك ّ
بعد أن ينخفض رأسه فهو راكع ،وجمع الّراكع ركّع
صلة في الصطلح :هو طأطأة وركوع .وركوع ال ّ
الّرأس أي خفضه ،لكن مع انحناءٍ في الظّهر على
صلة .وهي أن ينحني هيئةٍ مخصوصةٍ في ال ّ
المصلّي بحيث تنال راحتاه ركبتيه مع اعتدال خلقته
وسلمة يديه وركبتيه ،وذلك بعد القومة الّتي فيها
صلة فهو ل يخرج عن ما في غير ال ّ القراءة .أ ّ
غوي .
ّ المعنى الل ّ
صلة ) : ( اللفاظ ذات ال ّ
أ -الخضوع .
ل والستكانة والنقياد ة :الذ ّ ّ
- 2الخضوع لغ ً
والمطاوعة ،ويقال :رجل أخضع ،وامرأة خضعاء
ل .وخضع النسان :أمال وهما :الّراضيان بالذ ّ ّ
رأسه إلى الرض أو دنا منها ،وهو تطامن العنق
ودنوّ الّرأس من الرض ،والخضوع :التّواضع
والتّطامن ،وهو قريب من الخشوع يستعمل في
صوت ،والخضوع يستعمل للعناق .والخضوع ال ّ
صة . م من الّركوع ،إذ الّركوع هيئة خا ّ أع ّ
سجود : ب -ال ّ
سجودة :مصدر سجد ،وأصل ال ّ سجود لغ ً - 3ال ّ
التّطامن والخضوع والتّذلّل ،يقال :سجد البعير إذا
خفض رأسه عند ركوبه ،وسجد الّرجل إذا وضع
سجود في الصطلح :وضع جبهته على الرض .وال ّ
الجبهة أو بعضها على الرض ،أو ما اتّصل بها من
صلة .ففي ت مستقّرٍ على هيئةٍ مخصوصةٍ في ال ّ ثاب ٍ
ن
سجود نزول من قيام ٍ ،لك ّ ل من الّركوع وال ّ ك ٍّ
سجود أكثر منه في الّركوع . النّزول في ال ّ
7
ي): صلة ( :الحكم التّكليف ّ أوًّل :الّركوع في ال ّ
ن الّركوع ركن من أركان مة على أ ّ - 4أجمعت ال ّ
صلة لقوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا ال ّ
واسجدوا } الية ،وللحاديث الثّابتة ،منها قوله
صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلته :
ن رسول اللّه صلى الله عليه عن أبي هريرة { أ ّ
وسلم دخل المسجد ،فدخل رجل فصلّى ،فسلّم
ي صلى الله عليه وسلم فرد ّ ،وقال :ارجع على النّب ّ
ل ،فرجع يصلّي كما صلّى ،ث ّ
م ل ،فإنّك لم تص ّ فص ّ
ي صلى الله عليه وسلم فقال : جاء فسلّم على النّب ّ
ل -ثلثًا -فقال :والّذي ل فإنّك لم تص ّ ارجع فص ّ
بعثك بالحقّ ما أحسن غيره ،فعلّمني ،فقال :إذا
سر معك من م اقرأ ما تي ّ صلة فكبّر ،ث ّ قمت إلى ال ّ
م ارفع حتّى ن راكعًا ث ّ
م اركع حتّى تطمئ ّ القرآن ،ث ّ
م
ن ساجدًا ،ث ّ م اسجد حتّى تطمئ ّ ما ،ث ّتعدل قائ ً
سا ،وافعل ذلك في صلتك ن جال ً ارفع حتّى تطمئ ّ
كلّها } » .
الطّمأنينة في الّركوع :
شافعيّة - 5ذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة وال ّ
ن
والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة ) إلى أ ّ
ح
ض ،ل تص ّ ّ
الطمأنينة في الّركوع بقدر تسبيحة فر ٍ
صلة بدونها .ومن أدلّة الجمهور على وجوب ال ّ
صة الطّمأنينة :قوله صلى الله عليه وسلم في ق ّ
ن راكعًا } . م اركع حتّى تطمئ ّ المسيء صلته { :ث ّ
ي صلى الله عليه وسلم : الحديث .ولقول النّب ّ
ة الّذي يسرق من صلته ،قالوا { أسوأ النّاس سرق ً
:يا رسول اللّه ،وكيف يسرق من صلته ؟ قال :ل
ي صلى م ركوعها ول سجودها } .وروي عن النّب ّ يت ّ
الله عليه وسلم { أنّه كان إذا ركع استوى ،فلو
8
ب على ظهره الماء لستقّر ،وذلك لستواء ص ّ
ظهره ولطمئنانه فيه } .وحديث أبي مسعودٍ
ي صلى الله البدريّ رضي الله عنه قال :قال النّب ّ
عليه وسلم { :ل تجزئ صلة الّرجل حتّى يقيم
سجود } .وفي روايةٍ { ل ظهره في الّركوع وال ّ
تجزئ صلة ل يقيم الّرجل فيها صلبه في الّركوع
سجود } .قال التّرمذيّ :والعمل على هذا عند وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم أهل العلم من أصحاب النّب ّ
ومن بعدهم .وقد رأى أبو حذيفة رضي الله عنه
سجود فقال :ما صلّيت ،ولو م الّركوع وال ّ رجًل ل يت ّ
ت على غير الفطرة الّتي فطر اللّه عليها تم ّ م ّ
مدًا صلى الله عليه وسلم فإذا رفع رأسه من مح ّ
د
ك هل أتى بقدر الجزاء أو ل ،ل يعت ّ مش ّ الّركوع ث ّ
ن الصل عدم ما ش ّ
ك به ويلزمه إعادة الّركوع ،ل ّ
ن الطّمأنينة في الّركوع فيه .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ن
ح بدونها ; ل ّ صلة تص ّ ن ال ّ
ضا ،وأ ّ
ليست فر ً
المفروض من الّركوع أصل النحناء والميل ،فإذا
أتى بأصل النحناء فقد امتثل ،لتيانه بما ينطلق
عليه السم الوارد في قوله تعالى { :يا أيّها الّذين
ماآمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم } .الية .أ ّ
الطّمأنينة فدوام على أصل الفعل ،والمر بالفعل ل
صلة ، يقتضي الدّوام .وهي عندهم من واجبات ال ّ
سهو إذا ولهذا يكره تركها عمدًا ،ويلزمه سجود ال ّ
ي أنّها سنّة تركها ساهيًا ،وذكر أبو عبد اللّه الجرجان ّ
سهو مدٍ ول يلزم بتركها سجود ال ّ عند أبي حنيفة ومح ّ
،وروى الحسن عن أبي حنيفة فيمن لم يقم صلبه
في الّركوع ،إن كان إلى القيام أقرب منه إلى تمام
الّركوع لم يجزه ،وإن كان إلى تمام الّركوع أقرب
ل.ة للكثر مقام الك ّ منه إلى القيام أجزأه ،إقام ً
9
هيئة الّركوع :
- 6الهيئة المجزئة في الّركوع أن ينحني انحناءً
صا قدر بلوغ راحتيه ركبتيه بطمأنينةٍ ،بحيث خال ً
ينفصل رفعه من الّركوع عن هويّه ،على أن يقصد
من هويّه الّركوع ،وهذا في معتدل الخلقة من
النّاس ل طويل اليدين ول قصيرهما ،فلو طالت
يداه أو قصرتا أو قطع شيء منهما أو من أحدهما
لم يعتبر ذلك ،ولم يزد على تسوية ظهره ،فإن لم
تقرب راحتاه من ركبتيه بالحيثيّة المذكورة لم يكن
ذلك ركوع ًا ،ولم تخرجه عن حد ّ القيام إلى
الّركوع ،وكذا إن قصد من هبوطه غير الّركوع .
والعاجز ينحني قدر إمكانه ،فإن عجز عن النحناء
م بطرفه ،ولو عجز عن القيام أصًل أومأ برأسه ث ّ
وصلّى قاعدًا ينحني لركوعه بحيث تحاذي جبهته ما
قدّام ركبتيه من الرض ،والكمل أن تحاذي جبهته
ن أكمل موضع سجوده .وذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
هيئات الّركوع أن ينحني المصلّي بحيث يستوي
صحيفة ،ول يخفض ظهره وعنقه ،ويمدّهما كال ّ
ظهره عن عنقه ول يرفعه ،وينصب ساقيه إلى
الحقو ،ول يثني ركبتيه ،ويضع يديه على ركبتيه ،
ويأخذ ركبتيه بيديه ،ويفّرق أصابعه حينئذٍ ،فإن
ة ،فعل بالخرى ة أو عليل ً
كانت إحدى يديه مقطوع ً
ما ذكرنا ،وفعل بالعليلة الممكن ،فإن لم يمكنه
وضع اليدين على الّركبتين أرسلهما ،ويجافي الّرجل
م بعضها إلى ما المرأة فتض ّ مرفقيه عن جنبيه ،أ ّ
ض ،ولو لم يضع يديه على ركبتيه ولكن بلغ ذلك بع ٍ
القدر أجزأه ،إل ّ أنّه يكره التّطبيق في الّركوع ،وهو
أن يجعل المصلّي إحدى كّفيه على الخرى ث ّ
م
يجعلهما بين ركبتيه أو فخذيه إذا ركع .والتّطبيق
10
م نسخ ،قال كان مشروع ًا في أوّل السلم ث ّ
ص رضي الله عنه : { مصعب بن سعد بن أبي وقّا ٍ
م
ي،ث ّ صلّيت إلى جنب أبي فطبّقت بين كّف ّ
وضعتهما بين فخذيّ ،فنهاني أبي وقال :كنّا نفعله
فنهينا عنه ،وأمرنا أن نضع أيدينا على الّركب } .
ساعديّ رضي الله عنه قال { :أنا وعن أبي حميد ٍ ال ّ
أعلمكم بصلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
قالوا :فاعرض ،فقال :كان رسول اللّه صلى الله
ما ورفع صلة اعتدل قائ ً عليه وسلم إذا قام إلى ال ّ
يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ،فإذا أراد أن يركع
م قال :اللّه رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ،ث ّ
م اعتدل ،فلم يصوّب رأسه ولم يقنع أكبر ،وركع ،ث ّ
،ووضع يديه على ركبتيه .الحديث .قالوا -أي
صحابة رضي الله عنهم : -صدقت ،هكذا صلّى ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم } .وذكر أبو حميدٍ : النّب ّ
ي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على ن النّب ّ {أ ّ
ركبتيه كأنّه قابض عليهما } .وذهب قوم من
سلف منهم عبد اللّه بن مسعودٍ رضي الله عنه ال ّ
ن التّطبيق في الّركوع سنّة لما رواه من أنّه إلى أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم يفعله . رأى النّب ّ
رفع اليدين عند تكبير الّركوع :
شافعيّة والحنابلة وهو - 7ذهب جمهور الفقهاء من ال ّ
ن رفع اليدين عند تكبيرة ك إلى أ ّ رواية عن مال ٍ
الّركوع وعند الّرفع منه سنّة ثابتة ،فيرفع يديه إلى
حذو منكبيه كفعله عند تكبيرة الحرام ،أي يبدأ رفع
يديه عند ابتداء تكبيرة الّركوع وينتهي عند انتهائها ،
صحيحة في ذلك ،منها ما روى لتضافر الحاديث ال ّ
مد بن عمرو بن عطاءٍ أنّه سمع أبا حميدٍ في مح ّ
عشرةٍ من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه
11
وسلم أحدهم أبو قتادة رضي الله عنه قال { :أنا
أعلمكم بصلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
فذكر صفة صلته ،وفيه أنّه رفع يديه عند الّركوع }
ل :كان .وقال البخاريّ :قال الحسن وحميد بن هل ٍ
أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يرفعون
أيديهم -يعني عند الّركوع . -وإلى هذا ذهب
شام والبصرة .وقال ي وعلماء الحجاز وال ّ الوزاع ّ
الحنفيّة والثّوريّ وابن أبي ليلى وإبراهيم النّخع ّ
ي
ن المصلّي ل يرفع يديه ك:إ ّ وهو المشهور عن مال ٍ
إل ّ لتكبيرة الحرام .لدلّةٍ منها :قول عبد اللّه بن
ن بكم صلة رسول مسعود ٍ رضي الله عنه :لصلّي ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم فلم يرفع يديه إل ّ في أوّل
ن
ب رضي الله عنه { :إ ّ مّرةٍ .وقول البراء بن عاز ٍ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح
م ل يعود } . ب من أذنيه ث ّ صلة رفع يديه إلى قري ٍ ال ّ
وقول ابن مسعود ٍ رضي الله عنه { :صلّيت خلف
ي صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر رضي النّب ّ
الله عنهما فلم يرفعوا أيديهم إل ّ عند افتتاح
صلة } . ال ّ
التّكبير عند ابتداء الّركوع :
ن
- 8ذهب أكثر أهل العلم وجمهور الفقهاء إلى أ ّ
سنّة أن يبتدئ الّركوع بالتّكبير للحاديث النّبويّة من ال ّ
الواردة في ذلك منها ) 1 ( :ما روى أبو هريرة
رضي الله عنه قال { :كان رسول اللّه صلى الله
مصلة يكبّر حين يقوم ،ث ّ عليه وسلم إذا قام إلى ال ّ
م يقول :سمع اللّه لمن حمده يكبّر حين يركع ،ث ّ
حين يرفع صلبه من الّركعة } .الحديث ) 2 ( .وعن
أبي هريرة رضي الله عنه { :أنّه كان يصلّي بهم
فكبّر كلّما خفض ورفع ،فإذا انصرف قال :إنّي
12
لشبهكم صلة ً برسول اللّه صلى الله عليه وسلم }
) 3 ( .وعن ابن مسعود ٍ رضي الله عنه قال :
{ كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكبّر في
ض ،ورفٍع ،وقيام ٍ ،وقعودٍ ،وأبو بكرٍ وعمر ل خف ٍ ك ّ
ن من رضي الله عنهما } ) 4 ( .ولنّه شروع في رك ٍ
صلة صلة فشرع فيه التّكبير كحالة ابتداء ال ّ أركان ال ّ
ن تكبيرة الّركوع كغيرها من .وذهب الحنابلة إلى أ ّ
صلة الّتي تبطل تكبيرات النتقال من واجبات ال ّ
سهوا أو
ً صلة بتركها عمدًا ،وتسقط إذا تركت ال ّ
سهو ،لقوله صلى الله جهًل ،ولكنّها تجبر بسجود ال ّ
عليه وسلم { :صلّوا كما رأيتموني أصلّي } وثبت {
أنّه صلى الله عليه وسلم .كان يبتدئ الّركوع
بالتّكبير } .وإلى هذا ذهب إسحاق بن راهويه .
ن للمام عند الجمهور والحنابلة معًا أن يجهر ويس ّ
بهذه التّكبيرة ،ليعلم المأموم انتقاله ،فإن لم
ض أو غيره بلّغ عنه المؤذ ّن أو غيره . يستطع لمر ٍ
التّسبيح في الّركوع :
- 9اتّفق الفقهاء على مشروعيّة التّسبيح في
ما نزلت الّركوع لحديث عقبة بن عامرٍ قال { :ل ّ
{ فسبّح باسم ربّك العظيم } قال رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم :اجعلوها في ركوعكم } .واختلفوا
ن
فيما وراء ذلك من الحكام .ومذهب الحنفيّة أ ّ
التّسبيح في الّركوع سنّة ،وأقلّه ثلث ،فإن ترك
التّسبيح أو نقص عن الثّلث كره تنزيهًا .والّزيادة
وتر ،
ٍ على الثّلث للمفرد أفضل بعد أن يختم على
نل به القوم .وقيل :إ ّ ول يزيد المام على وجهٍ يم ّ
سجود واجبات .وذهب المالكيّة تسبيحات الّركوع وال ّ
ظ كان ، ن التّسبيح في الّركوع مندوب بأيّ لف ٍ إلى أ ّ
والولى سبحان ربّي العظيم وبحمده ،وقيل :إنّه
13
سنّة ،والتّسبيح ل يتحدّد بعدد ٍ بحيث إذا نقص عنه
يفوته الثّواب ،بل إذا سبّح مّرة ً يحصل له الثّواب ،
وإن كان يزاد الثّواب بزيادته .وينهى عن الطّول
ن المطلوب المفرط في الفريضة ،بخلف النّفل ; ل ّ
ن
شافعيّة :يس ّ ق المام التّخفيف .وقال ال ّ في ح ّ
ة
سنّة بتسبيح ٍ التّسبيح في الّركوع ،ويحصل أصل ال ّ
واحدةٍ ،وأقلّه سبحان اللّه ،أو سبحان ربّي ،وأدنى
الكمال سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلثًا ،وللكمال
م تسع ،م سبع ،ث ّ درجات .فبعد الثّلث خمس ،ث ّ
م إحدى عشرة ،وهو الكمل ،ول يزيد المام على ث ّ
الثّلث ،أي يكره له ذلك ; تخفيًفا على المأمومين .
ويزيد المنفرد وإمام قوم ٍ محصورين راضين
م لك ركعت ،وبك آمنت ،ولك بالتّطويل { :اللّه ّ
خي أسلمت ،خشع لك سمعي وبصري وم ّ
وعظمي ،وما استقلت به قدمي } .وذهب الحنابلة
إلى أنّه يشرع للمصلّي أن يقول في ركوعه :
سبحان ربّي العظيم ،وهو أدنى الكمال ،والواجب
سنّة ثلث ،وهو أدنى الكمال ،والفضل مّرة ،وال ّ
القتصار على سبحان ربّي العظيم ،من غير زيادةٍ (
ب للمام التّطويل ،ول الّزيادة وبحمده ) .ول يستح ّ
ث كي ل يشقّ على المأمومين .وهذا إذا لم على ثل ٍ
يرضوا بالتّطويل .
قراءة القرآن في الّركوع :
- 10اتّفق الفقهاء على كراهة قراءة القرآن في
ي رضي الله عنه قال { :نهاني الّركوع لحديث عل ٍ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن
س رضي الله وأنا راكع أو ساجد } .وعن ابن عبّا ٍ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال { : عنهما أ ّ
ماأل وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا ،فأ ّ
14
سجود فاجتهدوا ما ال ّب ،وأ ّ الّركوع فعظّموا فيه الّر ّ
ن الّركوع في الدّعاء ،فقمن أن يستجاب لكم } ول ّ
ض ،والقرآن أشرف ل وانخفا ٍ سجود حال ذ ٍّ وال ّ
الكلم .
الدّعاء في الّركوع :
- 11ذهب المالكيّة إلى كراهة الدّعاء في الّركوع ،
شافعيّة إلى استحباب الدّعاء في الّركوع ، وذهب ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن ن { النّب ّل ّ
م ربّنايقول في ركوعه وسجوده :سبحانك اللّه ّ
ي رضي م اغفر لي } .ولما روى عل ّ وبحمدك اللّه ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان إذا ن النّب ّالله عنه { أ ّ
م لك ركعت ،ولك خشعت وبك آمنت ركع قال :اللّه ّ
خي ،ولك أسلمت ،خشع لك سمعي وبصري وم ّ
وعظمي وعصبي } .
إدراك الّركعة بإدراك الّركوع مع المام :
ن من أدرك المام في - 12اتّفق الفقهاء على أ ّ
ي صلى الله الّركوع فقد أدرك الّركعة ،لقول النّب ّ
عليه وسلم { :من أدرك الّركوع فقد أدرك
الّركعة } ولنّه لم يفته من الركان إل ّ القيام ،وهو
م يدرك مع المام بقيّة يأتي به مع تكبيرة الحرام ،ث ّ
الّركعة ،وهذا إذا أدرك في طمأنينةٍ الّركوع أو انتهى
إلى قدر الجزاء من الّركوع قبل أن يزول المام
عن قدر الجزاء .وعليه أن يأتي بالتّكبيرة منتصبًا ،
فإن أتى بها بعد أن انتهى في النحناء إلى قدر
الّركوع أو ببعضها ل تنعقد ; لنّه أتى بها في غير
م يأتي بتكبيرةٍ محلّها قال بعضهم :إل ّ النّافلة -ث ّ
ط إليه ،فالولى ركن ل أخرى للّركوع في انحطا ٍ
ن ،وقد تسقط ل ،والثّانية ليست برك ٍ تسقط بحا ٍ
في مثل هذه الحالة .
15
إطالة الّركوع ليدرك الدّاخل الّركعة :
ل يريدس المام وهو في الّركوع بداخ ٍ - 13لو أح ّ
صلة معه هل يجوز له النتظار بتطويل الّركوع ال ّ
ليلحقه أم ل ؟ ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل
ن انتظاره فيه تشريك في العبادة بين ينتظره ; ل ّ
ل وبين الخلق ،قال اللّه تعالى { :ول اللّه عّز وج ّ
ن المام مأمور يشرك بعبادة ربّه أحدًا } .ول ّ
بالتّخفيف رفًقا بالمصلّين .فعن أبي هريرة رضي
ي صلى الله عليه وسلم : الله عنه قال :قال النّب ّ
ن فيهم { إذا صلّى أحدكم للنّاس فليخّفف فإ ّ
سقيم والكبير ،وإذا صلّى أحدكم لنفسه ضعيف وال ّ ال ّ
ي
فليطوّل ما شاء } .وإلى هذا ذهب الوزاع ّ
واستحسنه ابن المنذر ،وهذا إذا كان يعرف
ما إذا لم يعرفه فل بأس بالنتظار ،قال الدّاخل ،أ ّ
ابن عابدين :لو أراد التّقّرب إلى اللّه من غير أن
يتخالج في قلبه شيء سوى اللّه لم يكره اتّفاقًا لكنّه
مى مسألة الّرياء ،فينبغي التّحّرز عنها . نادر ،وتس ّ
شافعيّة :إلى وذهب الحنابلة وهو أحد القوال عند ال ّ
أنّه يكره النتظار إذا كان يشقّ على المأمومين ،
ة من الدّاخل ،وإن لم ن الّذين معه أعظم حرم ً ل ّ
يشقّ عليهم لكونه يسيًرا ينتظره ،لنّه ينفع الدّاخل
ول يشقّ على المأمومين .وإلى هذا ذهب أبو مجلزٍ
ي ،وعبد الّرحمن بن أبي ليلى ي والنّخع ّ وال ّ
شعب ّ
ح
شافعيّة في الص ّ وإسحاق وأبو ثورٍ .وذهب ال ّ
ط هي : عندهم إلى استحباب النتظار بشرو ٍ
أ -أن يكون المسبوق داخل المسجد حين النتظار .
ب -أن ل يفحش طول النتظار .
ج -أن يقصد به التّقّرب إلى اللّه ل التّودّد إلى
الدّاخل أو استمالة قلبه .
16
ل ،لشرف المنتظر ، ل وداخ ٍ د -أن ل يميّز بين داخ ٍ
ن النتظار أو صداقته ،أو سيادته ،أو نحو ذلك ،ل ّ
ما
بدون تمييزٍ إعانة للدّاخل على إدراك الّركعة .أ ّ
صلة خارٍج عن محلّها ،أو بالغ في س بقادم ٍ لل ّ إذا أح ّ
النتظار كأن يطوّله تطويًل لو وّزع على جميع
صلة لظهر أثره ،أو لم يكن انتظاره للّه تعالى ، ال ّ
أو فّرق بين الدّاخلين للسباب المذكورة ،فل
ب النتظار قطعًا بل يكره ،فإن انتظر لم يستح ّ
تبطل صلته في الّراجح عندهم ،وحكي عن بعضهم
صلة ،وهو قول ضعيف غريب . بطلن ال ّ
ثانيًا -الّركوع لغير اللّه :
- 14قال العلماء :ما جرت به العادة من خفض
ل الّركوع الّرأس والنحناء إلى حدٍّ ل يصل به إلى أق ّ
-عند اللّقاء -ل كفر به ول حرمة كذلك ،لكن ينبغي
كراهته لقوله صلى الله عليه وسلم :لمن قال له :
{ يا رسول اللّه ،الّرجل منّا يلقى أخاه أو صديقه
أينحني له ؟ قال :ل ،قال :أفيلتزمه ويقبّله ؟ قال
:ل ،قال :أفيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال :نعم } .
د
ما إذا انحنى ووصل انحناؤه إلى ح ّ الحديث .أ ّ
الّركوع فقد ذهب بعض العلماء إلى أنّه إن لم يقصد
تعظيم ذلك الغير كتعظيم اللّه لم يكن كفًرا ول
ن صورته تقع في ما ،ولكن يكره أشد ّ الكراهة ل ّ حرا ً
العادة للمخلوق كثيًرا .وذهب بعضهم إلى حرمة
ن صورة ذلك ولو لم يكن لتعظيم ذلك المخلوق ،ل ّ
هيئة الّركوع لم تعهد إل ّ لعبادة اللّه سبحانه .قال
ي :من البدع المحّرمة النحناء عند صدّيق ّابن عّلن ال ّ
ما إذا وصل انحناؤه للمخلوق اللّقاء بهيئة الّركوع ،أ ّ
إلى حد ّ الّركوع قاصدًا به تعظيم ذلك المخلوق كما
د
ن صاحبه يرت ّ كأ ّيعظّم اللّه سبحانه وتعالى ،فل ش ّ
17
عن السلم ويكون كافًرا بذلك ،كما لو سجد لذلك
المخلوق .
=================
رماد
التّعريف
- 1الّرماد في اللّغة :دقاق الفحم من حراقة النّار ،
والجمع :أرمدة وأرمداء ،وأصل المادّة ينبئ عن
الهلك والمحق ،يقال :رمد رمدًا ورمادةً ورمودةً :
هلك ،ولم تبق فيه بقيّة ،قال اللّه تعالى { :مثل
الّذين كفروا بربّهم أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الّريح
ف } .ضرب اللّه مثًل لعمال الكّفار في يوم ٍ عاص ٍ
شديدة الّرماد في في أنّه يمحقها كما تمحق الّريح ال ّ
ة
ف .ويقال :فلن " عظيم الّرماد " ،كناي ً يوم ٍ عاص ٍ
عن الكرم ،كما ورد في الحديث .والّرماد في
غوي نفسه ،وهو ّ الصطلح يستعمل في المعنى الل ّ
شيء . ما بقي بعد احتراق ال ّ
صعيد ) :صلة ) ( :التّراب وال ّ ( اللفاظ ذات ال ّ
س
- 2التّراب ما نعم من أديم الرض ،وهو اسم جن ٍ
،والطّائفة منه تربة ،وهي ظاهر الرض ،وجمع
صعيد وجه الرض ترابًا كان التّراب أتربة وتربان .وال ّ
ن
الزهري :ومذهب أكثر العلماء أ ّ ّ أو غيره ،قال
مموا صعيدًا طيّبًا } صعيد في قوله تعالى { :فتي ّ ال ّ
هو التّراب الطّاهر الّذي على وجه الرض .
الحكام المتعلّقة بالّرماد :طهارة الّرماد :
ن الّرماد الحاصل من - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
شيء الطّاهر طاهر ما لم تعتره النّجاسة ; احتراق ال ّ
جسه ،بل هو سبب التّطهير شيء ل ين ّ ن حرق ال ّ ل ّ
ما
عند بعض الفقهاء ،وقد ثبت في الحديث أنّه { ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ ، جرح وجه النّب ّ
18
أخذت فاطمة رضي الله عنها حصيًرا فأحرقته حتّى
م ألزقته فاستمسك الدّم } .مع صار رمادًا ،ث ّ
{ منعه صلى الله عليه وسلم عن التّداوي بالنّجس
س بعدل نج ٍ ما الّرماد الحاصل من أص ٍ والحرام } .أ ّ
مد وهو احتراقه فاختلفوا فيه :فذهب أبو حنيفة ومح ّ
المفتى به عند الحنفيّة والمختار المعتمد عند
ي وابن رشد ٍ من المالكيّة وخلف ي والتّونس ّ اللّخم ّ
ن الّرماد الحاصل من الظّاهر عند الحنابلة إلى أ ّ
س طاهر ،والحرق ج ٍ س أو متن ّ احتراق شيءٍ نج ٍ
كالغسل في التّطهير .قال في الدّّر ( :وإل ّ لزم
نجاسة الخبز في سائر المصار ) أي لنّه كان يخبز
بالّروث النّجس ،ويعلق به شيء من الّرماد ،ومثله
ن النّار تأكل ما فيه من ما ذكره الحطّاب .ول ّ
النّجاسة ،أو تحيله إلى شيءٍ آخر ،فيطهر
بالستحالة والنقلب ،كالخمر إذا تخلّلت .وعلى
ذلك فالمخبوز بالّروث النّجس طاهر ولو تعلّق به
صلة به قبل غسل الفم ح ال ّ شيء من رماده ،وتص ّ
صلة ،كما ذكره من أكله ،ويجوز حمله في ال ّ
شافعيّة ،وهو ظاهر المذهب ي .وذهب ال ّ الدّسوق ّ
عند الحنابلة ومقابل المعتمد عند المالكيّة وقول أبي
ن الّرماد الحاصل من يوسف من الحنفيّة إلى أ ّ
ن أجزاء النّجاسة قائمة ، احتراق النّجس نجس ; ل ّ
والحراق ل يجعل ما يتخلّف منه شيئًا آخر ،فل تثبت
ي:ل الطّهارة مع بقاء العين النّجسة .قال البهوت ّ
تطهر نجاسة باستحالةٍ ،ول بنارٍ ،فالّرماد من
الّروث النّجس نجس .
مم بالّرماد : التّي ّ
مم قوله تعالى : - 4الصل في مشروعيّة التّي ّ
مموا صعيدًا طيّبًا } قال الحنفيّة ( عدا أبي { فتي ّ
19
صعيد ما صعد أي ظهر من يوسف ) والمالكيّة :ال ّ
مم أجزاء الرض ،فهو ظاهر الرض ،فيجوز التّي ّ
ل ما هو من جنس الرض ،كما يؤيّده حديث : بك ّ
ل ما { جعلت لي الرض مسجدًا وطهوًرا } .وك ّ
شجر والحشيش يحترق بالنّار فيصير رمادًا ،كال ّ
شافعيّة والحنابلة : فليس من جنس الرض .وقال ال ّ
س قال ( : صعيد هو التّراب ،كما نقل عن ابن عبّا ٍ ال ّ
صعيد :تراب الحرث ،والطّيّب :الطّاهر ) والمراد ال ّ
مم بالحرث أرض الّزراعة ،وعلى ذلك فل يجوز التّي ّ
بالّرماد ولو كان طاهًرا عند جميع الفقهاء ; لنّه ليس
ب ول من جنس الرض .وذهب جمهور الفقهاء بترا ٍ
شافعيّة والحنابلة ) إلى أنّه إن دقّ ( المالكيّة وال ّ
مم به كذلك ، الخزف أو الطّين المحرق لم يجز التّي ّ
ن
مم بأجزاء الرض المحروقة ل ّ كما ل يجوز التّي ّ
الطّبخ أخرجها عن أن يقع عليها اسم التّراب .وقال
ط
الحنفيّة :إذا أحرق تراب الرض من غير مخال ٍ
ن المتغيّر لون مم به ،ل ّ حتّى صار أسود جاز التّي ّ
ن الّرماد إذا كان من التّراب ل ذاته ،كما صّرحوا بأ ّ
مم ،وإن كان من الحجر الحطب ل يجوز به التّي ّ
يجوز .
ماليّة الّرماد وتقوّمه :
- 5المال ما يميل إليه الطّبع ،ويجري فيه البذل
والمنع ،والمتقوّم ما يباح النتفاع به شرعًا .وك ّ
ل
طاهرٍ ذي نفٍع غير محّرم ٍ شرع ًا مال عند الفقهاء ،
وهو متقوّم بتعبير الحنفيّة .وعلى ذلك فالّرماد
ح بيعه وشراؤه عند الفقهاء ، الطّاهر مال متقوّم يص ّ
ما يباح النتفاع به شرع ًا ،وقد ثبت النتفاع به لنّه م ّ
في التّداوي في حديث فاطمة رضي الله عنها
صاجار على استعماله خال ً ٍ المتقدّم ف .فالعرف
20
ومخلوطًا بإلقائه في الرض لستكثار الّريع في
ص بالنّهي عنالّزراعة ،ونحوها .ولم يرد الن ّ ّ
استعماله ،فكان متموًّل منتفعًا به عند النّاس يجوز
بيعه وشراؤه .كذلك الّرماد الحاصل من حرق
جس عند من يقول بطهارته وهم النّجس أو المتن ّ
الحنفيّة وبعض المالكيّة ،وهو رواية عند الحنابلة ،
ن الّرماد الحاصل من احتراق النّجس طاهر يجوز فإ ّ
سا ،وهم ما من يقول ببقائه نج ً النتفاع به عندهم .أ ّ
شافعيّة ومن معهم فيختلف حكمه باختلف أصل ال ّ
ساالّرماد .فإن كان أصل الّرماد قبل احتراقه نج ً
شرع ،كالخمر ما في ال ّ بحيث ل يعتبر ماًل متقوّ ً
ي
والخنزير ،والميتة والدّم المسفوح ،ورجيع الدم ّ
ونحوها ،وكالكلب والحشرات عند أكثر الفقهاء ،
وسباع البهائم الّتي ل نفع فيها عند البعض مع
ل فيها ،فما يتخلّف من حرق هذه الشياء من تفصي ٍ
ق على حاله من النّجاسة ،فل يعتبر ماًل الّرماد با ٍ
ن المتخلّف من النّجاسة جزء منها ، ما عندهم ل ّ متقوّ ً
والحرق ل يجعله شيئًا آخر .قال الدّردير :النّجاسة
إذا تغيّرت أعراضها ل تتغيّر عن الحكم الّذي كانت
ي عنه ف - 7 عليه عمًل بالستصحاب ( .ر :بيع منه ّ
. ) 12
==================
رمضان .
التّعريف
شهر المعروف ،قيل في تسميته - 1رمضان اسم لل ّ
شهور من اللّغة القديمة ما نقلوا أسماء ال ّ :إنّهم ل ّ
شهر موها بالزمنة الّتي وقعت فيها ،فوافق هذا ال ّ س ّ
مي بذلك .ثبوت شهر رمضان أيّام رمض الحّر ،فس ّ
:
21
- 2يثبت شهر رمضان برؤية هلله ،فإن تعذ ّرت
ما .واختلف يثبت بإكمال عدّة شعبان ثلثين يو ً
ل من تثبت الّرؤية بشهادتهم .فذهب الفقهاء في أق ّ
شافعيّة والحنابلة ،إلى ثبوت شهر الحنفيّة وال ّ
ل واحد ٍ .وقيّد الحنفيّة اعتبار رؤية رمضان برؤية عد ٍ
سماء غير مصحيةٍ ،بأن يكون ل واحد ٍ بكون ال ّ عد ٍ
ما إذا لم يكن في فيها علّة من غيم ٍ أو غبارٍ ،أ ّ
سماء علّة فل تثبت الّرؤية إل ّ بشهادة جمٍع يقع ال ّ
شهر ل القائلون بثبوت ال ّ العلم بخبرهم .واستد ّ
برؤية العدل ،بحديث عبد اللّه بن عمر -رضي الله
عنهما -قال { :تراءى النّاس الهلل ،فأخبرت
ي صلى الله عليه وسلم أنّي رأيته فصامه ،وأمر النّب ّ
النّاس بصيامه } .واستدلّوا كذلك بحديث ابن
ي إلى س رضي الله عنهما قال { :جاء أعراب ّ عبّا ٍ
ي صلى الله عليه وسلم فقال :إنّي رأيت الهلل النّب ّ
-يعني رمضان -قال :أتشهد أن ل إله إل ّ اللّه ؟
مدًا رسول اللّه ؟ قال :نعم .قال :يا ن مح ّأتشهد أ ّ
بلل ،أذ ّن في النّاس أن يصوموا غدًا } .وذهب
شافعيّة :إلى أنّه ل يثبت المالكيّة وهو قول عند ال ّ
شهر رمضان إل ّ برؤية عدلين واستدلّوا بحديث
ن أمير مكّة - ي قال { :إ ّالحسين بن الحارث الجدل ّ
ب -قال :عهد إلينا رسول اللّه الحارث بن حاط ٍ
صلى الله عليه وسلم أن ننسك للّرؤية ،فإن لم نره
ل نسكنا بشهادتهما } .والخبار وشهد شاهدا عد ٍ
ة أو
برؤية هلل رمضان متردّد بين كونه رواي ً
ة وهم الحنفيّة والحنابلة شهادةً ،فمن اعتبره رواي ً
شافعيّة قبل فيه قول المرأة .ومن وهو قول عند ال ّ
ح عند اعتبره شهادة ً وهم المالكيّة وهو الص ّ
شافعيّة لم يقبل فيه قول المرأة .فإن لم تمكن ال ّ
22
رؤية الهلل وجب استكمال عدّة شعبان ثلثين
ما ،وهو قول الجمهور -الحنفيّة والمالكيّة يو ً
شافعيّة ورواية في مذهب الحنابلة -واستدلّوا وال ّ
ي
ن النّب ّ س -رضي الله عنهما -أ ّ بحديث ابن عبّا ٍ
صلى الله عليه وسلم قال { :صوموا لرؤيته ،
وأفطروا لرؤيته ،فإن حال بينكم وبينه سحابة ،
شهر استقباًل } .وفي فأكملوا العدّة ول تستقبلوا ال ّ
روايةٍ { :ل تصوموا قبل رمضان ،صوموا للّرؤية
وأفطروا للّرؤية ،فإن حالت دونه غياية فأكملوا
ثلثين } .وفي روايةٍ أخرى هي المذهب عند
ة ولم ير الهلل سماء مصحي ً الحنابلة أنّه إذا كانت ال ّ
ما ،فإذا ليلة الثّلثين أكملت عدّة شعبان ثلثين يو ً
سماء قتر أو غيم ولم ير الهلل ،قدّر كان في ال ّ
ما ،وصيم يوم الثّلثين ة وعشرين يو ً شعبان تسع ً
ك ) احتياطًا بنيّة رمضان ،واستدلّوا ش ّ
( يوم ال ّ
بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما -قال :سمعت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول { :إذا
مرأيتموه فصوموا ،وإذا رأيتموه فأفطروا ،فإن غ ّ
سروا قوله { :فاقدروا له } عليكم فاقدروا له } وف ّ
ة وعشرين أي ضيّقوا له ،وهو أن يجعل شعبان تسع ً
ما .وجمهور الفقهاء على عدم اعتبار الحساب يو ً
في إثبات شهر رمضان ،بنا ًء على أنّنا لم نتعبّد إلّ
شافعيّة .وانظر بالّرؤية .وخالف في هذا بعض ال ّ
التّفصيل في مصطلح ( :رؤية الهلل ،وتنجيم ) .
اختلف مطالع هلل رمضان :
- 3ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو قول عند
شافعيّة :إلى عدم اعتبار اختلف المطالع في ال ّ
إثبات شهر رمضان ،فإذا ثبت رؤية هلل رمضان
صوم جميع المسلمين في جميع في بلد ٍ لزم ال ّ
23
البلد ،وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :
ح
ة .والص ّ مة كافّ ً
{ صوموا لرؤيته } وهو خطاب لل ّ
شافعيّة اعتبار اختلف المطالع ،وتفصيل ذلك عند ال ّ
في مصطلحي ( :رؤية الهلل ،ومطالع ) .
- 4واتّفق الفقهاء على اعتبار شهادة عدلين في
ل ،وبه ينتهي رمضان ،ولم يخالف شوا ٍ
ّ رؤية هلل
ثور ،فقال :يقبل قول الواحد . ٍ في هذا إل ّ أبو
ودليل اعتبار شهادة العدلين حديث ابن عمر رضي
ي صلى الله عليه وسلم { أنّه الله عنهما عن النّب ّ
ل واحدٍ على رؤية الهلل -هلل أجاز شهادة رج ٍ
رمضان -وكان ل يجيز على شهادة الفطار إلّ
شهادات سا على باقي ال ّ بشهادة رجلين } .وقيا ً
الّتي ليست ماًل ،ول يقصد منها المال ،كالقصاص
والّتي يطّلع عليها الّرجال غالبًا ،ولنّها شهادة على
ل ل يدخل بها في العبادة ،فلم تقبل فيها إلّ هل ٍ
شهود . شهادة اثنين كسائر ال ّ
ص شهر رمضان عن خصائص شهر رمضان :يخت ّ
شهور بجملةٍ من الحكام والفضائل : غيره من ال ّ
الولى :نزول القرآن فيه :
ة واحدةً من اللّوح المحفوظ - 5نزل القرآن جمل ً
سماء الدّنيا ،وذلك في شهر إلى بيت العّزة في ال ّ
م نزل رمضان ،وفي ليلة القدر منه على التّعيين .ث ّ
ة .كما ث وعشرين سن ً صًل بحسب الوقائع في ثل ٍ مف ّ
ورد في القرآن الكريم { :شهر رمضان الّذي أنزل
ت من الهدى فيه القرآن هدًى للنّاس وبيّنا ٍ
والفرقان } وقوله سبحانه تعالى { :إنّا أنزلناه في
ليلة القدر } .وقد جاء في التّفسير عن مجاهدٍ -
رضي الله عنه -قوله { :ليلة القدر خير من ألف
شهور ليلة القدر » .وورد شهرٍ } ،ليس في تلك ال ّ
24
ي وغيرهما ،وهو اختيار ابن شافع ّ مثله عن قتادة وال ّ
جريرٍ وابن كثيرٍ .الثّانية :وجوب صومه :
- 6صوم رمضان أحد أركان السلم الخمسة كما
ن
جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما -أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال { :بني السلم النّب ّ
مدًا ن مح ّ س :شهادة أن ل إله إل ّ اللّه ،وأ ّ على خم ٍ
جصلة ،وإيتاء الّزكاة ،وح ّ رسول اللّه ،وإقام ال ّ
ل الكتاب الكريم على البيت ،وصوم رمضان } .ود ّ
وجوب صومه ،كما في قوله تعالى { :يا أيّها الّذين
صيام كما كتب على الّذين من آمنوا كتب عليكم ال ّ
قبلكم لعلّكم تتّقون } وقوله تعالى { :شهر
ترمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدًى للنّاس وبيّنا ٍ
شهر من الهدى والفرقان فمن شهد منكم ال ّ
ما أجمعت عليه فليصمه } .الية .وفرضيّة صومه م ّ
مة .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :صوم ) . ال ّ
صدقة فيه : الثّالثة :فضل ال ّ
صدقة في رمضان أفضل ن ال ّ سنّة على أ ّ - 7دلّت ال ّ
س
شهور ،من ذلك حديث ابن عبّا ٍ من غيره من ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم أجود قال { :كان النّب ّ
النّاس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين
يلقاه جبريل ،وكان جبريل عليه السلم يلقاه ك ّ
ل
ي
ليلةٍ في رمضان حتّى ينسلخ ،يعرض عليه النّب ّ
صلى الله عليه وسلم القرآن ،فإذا لقيه جبريل
عليه السلم كان أجود بالخير من الّريح المرسلة }
شرع إعطاء ما ينبغي .قال ابن حجرٍ والجود في ال ّ
ضا رمضان صدقة ،وأي ً م من ال ّ لمن ينبغي ،وهو أع ّ
ن نعم اللّه على عباده فيه زائدة موسم الخيرات ،ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم يؤثر على غيره ،فكان النّب ّ
25
ن ليلة القدر متابعة سنّة اللّه في عباده .الّرابعة :أ ّ
في رمضان :
ضل اللّه تعالى رمضان بليلة القدر ،وفي بيان -8ف ّ
منزلة هذه اللّيلة المباركة نزلت سورة القدر
ووردت أحاديث كثيرة منها :حديث أبي هريرة -
رضي الله عنه -قال :قال رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم { :أتاكم رمضان شهر مبارك فرض
ل عليكم صيامه ،تفتح فيه أبواب اللّه عّز وج ّ
ل فيه مردة سماء ،وتغلق فيه أبواب الجحيم ،وتغ ّ ال ّ
شياطين ،للّه فيه ليلة خير من ألف شهرٍ ،من ال ّ
حرم خيرها فقد حرم } .وحديث أبي هريرة -رضي
الله عنه -قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم { :من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له
ما تقدّم من ذنبه } » .وينظر التّفصيل في مصطلح
( :ليلة القدر ) .الخامسة :صلة التّراويح :
- 9أجمع المسلمون على سنّيّة قيام ليالي رمضان ،
ن المراد بقيام رمضان صلة ووي أ ّ
ّ وقد ذكر الن ّ
التّراويح يعني أنّه يحصل المقصود من القيام بصلة
التّراويح .وقد جاء في فضل قيام ليالي رمضان
قوله صلى الله عليه وسلم { :من قام رمضان
إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه } .وينظر
التّفصيل في مصطلح ( :إحياء اللّيل ) ومصطلح ( :
سادسة :العتكاف فيه : صلة التّراويح ) .ال ّ
ن العتكاف في العشر - 10ذهب الفقهاء إلى أ ّ
الواخر من رمضان سنّة مؤكّدة ،لمواظبة النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم عليه ،كما جاء في حديث
ي صلى الله ن النّب ّ
عائشة -رضي الله عنها { -أ ّ
عليه وسلم كان يعتكف العشر الواخر من رمضان
م اعتكف أزواجه من حتّى توفّاه اللّه تعالى ،ث ّ
26
الخدري رضي الله
ّ بعده } .وفي حديث أبي سعيد ٍ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان عنه { أ ّ
يعتكف في العشر الوسط من رمضان ،فاعتكف
ما حتّى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي اللّيلة عا ً
الّتي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال :من كان
اعتكف معي فليعتكف العشر الواخر } .الحديث .
ويراجع التّفصيل في مصطلح ( :اعتكاف . ) 207 5
سابعة :قراءة القرآن الكريم في رمضان والذ ّكر : ال ّ
ب في رمضان استحبابًا مؤكّدًا مدارسة - 11يستح ّ
القرآن وكثرة تلوته ،وتكون مدارسة القرآن بأن
يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه ،ودليل الستحباب
ي صلى الله عليه وسلم ن جبريل كان يلقى النّب ّ {أ ّ
ل ليلةٍ من رمضان فيدارسه القرآن } . في ك ّ
وقراءة القرآن مستحبّة مطلًقا ،ولكنّها في رمضان
صالحة في آكد .الثّامنة :مضاعفة ثواب العمال ال ّ
رمضان :
صدقة في شهر رمضان ،لحديث ابن - 12تتأكّد ال ّ
ن النّاس شهور ; ول ّ س المتقدّم ; لنّه أفضل ال ّ عبّا ٍ
فيه مشغولون بالطّاعة فل يتفّرغون لمكاسبهم ،
فتكون الحاجة فيه أشد ّ ،ولتضاعف الحسنات به .
قال إبراهيم :تسبيحة في رمضان خير من ألف
صائم :تسبيحةٍ فيما سواه .التّاسعة :تفطير ال ّ
ي رضي الله عنه قال - 13لحديث زيد بن خالد ٍ الجهن ّ
:قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { :من
ما كان له مثل أجره ،غير أنّه ل ينقص من فطّر صائ ً
صائم شيئًا } .العاشرة :فضل العمرة في أجر ال ّ
رمضان :
- 14العمرة في رمضان أفضل من غيره من
س قال :قال رسول اللّه شهور لحديث ابن عبّا ٍ ال ّ
27
صلى الله عليه وسلم { :عمرة في رمضان تعدل
ة}. ج ً
ح ّ
سب في رمضان للتّفّرغ للعبادة : ترك التّك ّ
ن الكتساب فرض - 15ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
للمحتاج إليه بقدر ما ل بد ّ منه .واختلف الفقهاء
أيّهما أفضل :الشتغال بالكسب أفضل ،أم التّفّرغ
ن الشتغال بالكسب للعبادة ؟ .فذهب البعض إلى أ ّ
م ،فمن اشتغل ن منفعة الكتساب أع ّ أفضل ; ل ّ
م نفع عمله جماعة المسلمين ، بالّزراعة -مثًل -ع ّ
ومن اشتغل بالعبادة نفع نفسه فقط .وبالكسب
يتمكّن من أداء أنواع الطّاعات كالجهاد والح ّ
ج
صدقة وبّر الوالدين وصلة الرحام والحسان إلى وال ّ
القارب والجانب ،وفي التّفّرغ للعبادة ل يتمكّن إلّ
صلة .ومن ذهب صوم وال ّ من أداء بعض النواع كال ّ
ن النبياء
ج بأ ّ
ن الشتغال بالعبادة أفضل احت ّ إلى أ ّ
والّرسل عليهم الصلة والسلم ما اشتغلوا بالكسب
مة الوقات ،وكان اشتغالهم بالعبادة أكثر ، في عا ّ
ل هذا على أفضليّة الشتغال بالعبادة ; لنّهم فيد ّ
عليهم الصلة والسلم كانوا يختارون لنفسهم أعلى
الدّرجات .وعليه فمن ملك ما يكفي حاجته في
رمضان كان الفضل في حّقه التّفّرغ للعبادة طلبًا
قهشهر ،وإل ّ كان الفضل في ح ّ للفضل في هذا ال ّ
سب حتّى ل يترك ما افترض عليه من تحصيل التّك ّ
ما ل بد ّ منه .وقد أخرج أحمد في مسنده عن وهب
ي قال :شهدت عبد اللّه بن عمرٍو بن جابرٍ الخيوان ّ
في بيت المقدس وأتاه مولًى له فقال :إنّي أريد أن
شهر هاهنا -يعني رمضان -قال له عبد أقيم هذا ال ّ
اللّه :هل تركت لهلك ما يقوتهم ؟ قال :ل ،قال :
أما ل ،فارجع فدع لهم ما يقوتهم ،فإنّي سمعت
28
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول { :كفى
ما أن يضيّع من يقوت } وقد ترجم بالمرء إث ً
الخطيب في كتابه الجامع لخلق الّراوي وآداب
سامع لهذا الحديث بقوله :ذكر ما يجب على ال ّ
طالب الحديث من الحتراف للعيال واكتساب
الحلل .وانظر مصطلح ( :اكتساب ) .
====================
رمل
التّعريف
- 1الّرمل -بتحريك الميم : -الهرولة .رمل يرمل
رمًل ورملنًا .كما في القاموس وغيره .وأحسن
ن لمعنى الّرمل قول صاحب النّهاية :رمل يرمل بيا ٍ
رمًل ورملنًا :إذا أسرع في المشي وهّز كتفيه » ( .
ي): الحكم التّكليف ّ
ن في - 2الّرمل سنّة من سنن الطّواف ،يس ّ
ف بعده سعي ، ل طوا ٍ الشواط الثّلثة الولى من ك ّ
صةوعليه جمهور الفقهاء ،وسنّيّة الّرمل هذه خا ّ
بالّرجال فقط دون النّساء .انظر مصطلح :
( طواف ) .
رمي
التّعريف
ة :يطلق بمعنى القذف ،وبمعنى - 1الّرمي لغ ً
شيء ،إذا قذفته ، شيء وبال ّاللقاء ،يقال :رميت ال ّ
شيء من يدي أي :ألقيته فارتمى ،ورمى ورميت ال ّ
ضا ألقاه ،كأرمى ،يقال :أرمى الفرس شيء أي ً بال ّ
سهم عن القوس وعليها ، براكبه إذا ألقاه .ورمى ال ّ
ة .ول يقال :رميت بالقوس إلّ ل بها ،رميًا ورماي ً
إذا ألقيتها من يدك ،ومنهم من يجعله بمعنى رميت
عنها .ورمى فلن فلنًا ،أي قذفه بالفاحشة كما
29
في قوله تعالى { :والّذين يرمون المحصنات } .
حا :الّرمي اصطل ً
- 2استعمل الفقهاء الّرمي في المعاني اللّغويّة
سابقة ومنها رمي الجمار الّذي هو منسك واجب ال ّ
سهام ونحوها ، ج .والّرمي بال ّ من مناسك الح ّ
والّرمي بمعنى القذف ( .أوًّل ) رمي الجمار - 3
رمي الجمار ،هو رمي الحصيات المعيّنة العدد في
صة بالّرمي في منًى ( الجمرات ) . الماكن الخا ّ
شاخص ( العمود ) الّذي يوجد وليست الجمرة هي ال ّ
في منتصف المرمى ،بل الجمرة هي المرمى
شاخص ،فليتنبّه لذلك . المحيط بذلك ال ّ
- 4والجمرات الّتي ترمى ثلثة ،هي :
صغرى ،أو الدّنيا ، مى ال ّ أ -الجمرة الولى :وتس ّ
ميت " وهي أوّل جمرةٍ بعد مسجد الخيف بمنًى ،س ّ
دنيا " من الدّنوّ ; لنّها أقرب الجمرات إلى مسجد
الخيف .
مى الوسطى ،بعد ب -الجمرة الثّانية :وتس ّ
الجمرة الولى ،وقبل جمرة العقبة .
ضا "مى أي ً ج -جمرة العقبة :وهي الثّالثة ،وتس ّ
الجمرة الكبرى " وتقع في آخر منًى تجاه مكّة ،
وليست من منًى ( .ر :منًى ) .وترمى هذه
الجمرات كلّها من جميع الجهات .
ي لرمي الجمار : الحكم التّكليف ّ
ن رمي الجمار واجب من - 5اتّفق الفقهاء على أ ّ
ج ف . ) 165 - 153واستدلّوا ج(.ر:ح ّ واجبات الح ّ
سنّة فالحاديث ما ال ّسنّة والجماع .أ ّ على ذلك بال ّ
كثيرة منها :حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقف في {أ ّ
جة الوداع بمنًى للنّاس يسألونه ،فجاءه رجل ح ّ
30
فقال :لم أشعر ،فحلقت قبل أن أذبح ؟ قال :
اذبح ول حرج فجاء آخر فقال :لم أشعر فنحرت
قبل أن أرمي ؟ قال :ارم ول حرج } الحديث ،فقد
أمر بالّرمي ،والمر للوجوب .وكذلك فعله صلى
الله عليه وسلم وقد ثبت عنه في الحاديث الكثيرة
صحيحة ،وقد قال { :خذوا عنّي مناسككم } . ال ّ
مة أجمعت ن ال ّي:إ ّما الجماع :فقول الكاسان ّ وأ ّ
زهري
ّ على وجوبه ،فيكون واجبًا .وما روي عن ال ّ
ج فهو قول شاذ ّ مخالف من أنّه ركن من أركان الح ّ
لجماع من قبله ،وقد بيّن العلماء بطلنه .
حة رمي الجمار : شروط ص ّ
حة رمي الجمار شروط هي : - 6يشترط لص ّ
حة ك ّ
ل ج :لنّه شرط لص ّ أ -سبق الحرام بالح ّ
ج.أعمال الح ّ
ب -سبق الوقوف بعرفة :لنّه ركن إذا فات فات
ج ،والّرمي مرتّب عليه . الح ّ
ح الّرمي ي حجًرا :فل يص ّ ج -أن يكون المرم ّ
بالطّين ،والمعادن ،والتّراب عند الجمهور
ح بالمرمر ، شافعيّة والحنابلة ) ويص ّ ( المالكيّة وال ّ
ص قبل طبخه ،ويجزئ حجر وحجر النّورة أي الج ّ
شافعيّة لنّه حجر في صحيح عند ال ّ الحديد على ال ّ
ن فيه حديدًا كامنًا يستخرج هذه الحال ،إل ّ أ ّ
بالعلج ،وفيما يتّخذ منه الفصوص كالفيروزج ،
والياقوت ،والعقيق ،والّزمّرد ،والبلّور ،والّزبرجد
حهما الجزاء لنّها أحجار . شافعيّة أص ّ وجهان عند ال ّ
ي أن يكون شرط في المرم ّ ن ال ّ وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ح عندهم الّرمي بالتّراب ، من جنس الرض ،فيص ّ
ص ،والكحل ،والكبريت ،والّزبرجد ، والطّين ،والج ّ
ح بالمعادن ، والّزمّرد ،والبلّور ،والعقيق ،ول يص ّ
31
ضة ،واختلفوا في جواز الّرمي والذ ّهب ،والف ّ
شارحون وغيرهم ،بناءً بالفيروزج والياقوت :منعه ال ّ
ة. على أنّه يشترط كون الّرمي بالّرمي به استهان ً
وأجازه غيرهم بناءً على نفي ذلك الشتراط .
ي صلى الله ل الجمهور بما ثبت من فعل النّب ّ استد ّ
عليه وسلم كما في حديث جابرٍ { يصف رمي جمرة
ل حصاةٍ ت -يكبّر مع ك ّ العقبة :فرماها بسبع حصيا ٍ
منها -مثل حصى الخذف } .وبقوله صلى الله عليه
وسلم في أحاديث كثيرةٍ { :ارموا الجمار بمثل
حصى الخذف } وفي عدد ٍ منها أنّه قال ذلك { وهو
ووي
ّ واضع أصبعيه إحداهما على الخرى } .قال الن ّ
:فأمر صلى الله عليه وسلم بالحصى ،فل يجوز
العدول عنه ،والحاديث المطلقة محمولة على هذا
ل الحنفيّة بالحاديث الواردة في المعنى » .واستد ّ
ة عن صفةٍ مقيّدةٍ ،كقوله صلى المر بالّرمي مطلق ً
الله عليه وسلم { :ارم ول حرج } متّفق عليه .
ي صلى ي :والّرمي بالحصى من النّب ّ قال الكاسان ّ
الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم محمول
ح من على الفضليّة ،توفيًقا بين الدّلئل ،لما ص ّ
ن المطلق ل يحمل على المقيّد ، مذهب أصحابنا أ ّ
بل يجري المطلق على إطلقه ،والمقيّد على
تقييده ما أمكن ،وهاهنا أمكن بأن يحمل المطلق
على الجواز ،والمقيّد على الفضليّة .وقال الحنفيّة
ن المقصود فعل الّرمي ،وذلك يحصل ضا :إ ّ
أي ً
بالطّين ،كما يحصل بالحجر ،بخلف ما إذا رمى
مى نثًرا ل رميًا .ول ضة ; لنّه يس ّ بالذ ّهب أو الف ّ
ن الحوط في ذلك مذهب الجمهور ،قال يخفى أ ّ
ن أكثر المحّققين على أنّها الكمال بن الهمام :إ ّ
أمور تعبّديّة ،ل يشتغل بالمعنى فيها -أي بالعلّة -
32
ما أن يلحظ مجّرد الّرمي ،أو مع والحاصل أنّه إ ّ
الستهانة ،أو خصوص ما وقع منه عليه الصلة
والسلم ،والوّل يستلزم الجواز بالجواهر ،والثّاني
بالبعرة والخشبة الّتي ل قيمة لها ،والثّالث بالحجر
صا ،فليكن هذا أولى ،لكونه أسلم ،ولكونه خصو ً
الصل في أعمال هذه المواطن ،إل ّ ما قام دليل
ي به ،فقد ورد ما صفة المرم ّ على عدم تعيينه .أ ّ
في الحاديث أنّه { مثل حصى الخذف } وحصى
الخذف هي الّتي يخذف بها ،أي ترمى بها الطّيور
سبّابةوالعصافير ،بوضع الحصاة بين أصبعي ال ّ
سنّة في ن ال ّ
والبهام وقذفها .وقد اتّفقوا على أ ّ
مصة الّرمي أن يكون بمثل حصى الخذف ،فوق الح ّ
،ودون البندقة ،وكرهوا الّرمي بالحجر الكبير ،
شافعيّة -وهو رواية عن أحمد -الّرمي وأجاز ال ّ
سنّة مصة ،مع مخالفته ال ّ صغير الّذي كالح ّ بالحجر ال ّ
; لنّه رمي بالحجر فيجزئه .ولم يجز ذلك المالكيّة ،
بل ل بد ّ عندهم أن يكون أكبر من ذلك .وقيل :ل
صى كحصى الخذف ،ل أصغر يجزئ الّرمي إل ّ بح ً
ي
ن النّب ّ ول أكبر .وهو مرويّ عن أحمد ،ووجهه أ ّ
صلى الله عليه وسلم أمر بهذا القدر ،ونهى عن
تجاوزه ،والمر يقتضي الوجوب ،والنّهي يقتضي
الفساد .
ت: سبع متفّرقا ٍ د -أن يرمي الجمرة بالحصيات ال ّ
سبعواحدةً فواحدة ً ،فلو رمى حصاتين معًا أو ال ّ
تة ،فهي حصاة واحدة ،ويلزمه أن يرمي بس ٍّ جمل ً
سواها وهو المعتمد في المذاهب .والدّليل عليه :
ن المنصوص عليه تفريق الفعال فيتقيّد بالتّفريق أ ّ
سنّة .
الوارد في ال ّ
33
هـ -وقوع الحصى في الجمرة الّتي يجتمع فيها
شافعيّة الحصى :وذلك عند الجمهور ( المالكيّة وال ّ
ي :الجمرة مجتمع الحصى ، شافع ّ والحنابلة ) قال ال ّ
ل ما سال من الحصى ،فمن أصاب مجتمعه
سع الحنفيّة أجزأه ،ومن أصاب سائله لم يجزه .وتو ّ
فقالوا :لو رماها فوقعت قريبًا من الجمرة يكفيه ;
ما ل يمكن الحتراز عنه ،ولو وقعت ن هذا القدر م ّ ل ّ
بعيدًا منها ل يجزيه ; لنّه لم يعرف قربه إل ّ في
ن ما يقرب من ي:ل ّ ص .قال الكاسان ّ مكان مخصو ٍ
ماذلك المكان كان في حكمه ،لكونه تبعًا له .وأ ّ
مقدار المسافة القريبة ،فقيل :ثلثة أذرٍع فما دون
سره به المحّقق ل ،وهو الّذي ف ّ ،وقيل :ذراع فأق ّ
كمال الدّين بن الهمام ،وهو أحوط .
و -أن يقصد المرمى ويقع الحصى فيه بفعله اتّفاقًا
في ذلك :فلو ضرب شخص يده فطارت الحصاة
ح .كذلك لو رمى في إلى المرمى وأصابته لم يص ّ
صوا ح .ون ّ الهواء فوقع الحجر في المرمى لم يص ّ
على أنّه لو رمى الحصاة فانصدمت بالرض خارج
ن مثًل ل في الطّريق أو ثوب إنسا ٍ الجمرة ،أو بمحم ٍ
م ارتدّت فوقعت في المرمى اعتد ّ بها لوقوعها في ث ّ
المرمى بفعله من غير معاونةٍ .ولو حّرك صاحب
المحمل أو الثّوب فنفضها فوقعت في المرمى لم
شافعيّة : خرين من ال ّ يعتد ّ بها .وما قاله بعض المتأ ّ
ليس لها إل ّ وجه واحد ،ورمي كثيرين من أعلها
صه في ي نفسه ،ون ّ شافع ّ باطل ،هو خلف كلم ال ّ
م :ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ،ومن ال ّ
حيث رماها أجزأه .والدّليل على ذلك أنّه ثبت رمي
صحابة من أعلها ،ولم ق كثيرٍ في زمن ال ّ خل ٍ
يأمروهم بالعادة ،ول أعلنوا بالنّداء بذلك في النّاس
34
ن وجه اختياره عليه الصلة والسلم للّرمي من ،وكأ ّ
الوادي أنّه يتوقّع الذى لمن في أسفلها إذا رموا من
أعلها ،فإنّه ل يخلو من النّاس ،فيصيبهم الحصى .
ز -ترتيب الجمرات في رمي أيّام التّشريق :وهو
صغرى الّتي تلي مسجد الخيف ، أن يبدأ بالجمرة ال ّ
م جمرة العقبة .وهو مذهب م الوسطى ،ث ّ ث ّ
شافعيّة والحنابلة ) فهذا الجمهور ( المالكيّة وال ّ
حة الّرمي .فلو عكس التّرتيب التّرتيب شرط لص ّ
صغرى وجب عليه م ال ّم الوسطى ث ّ فبدأ من العقبة ث ّ
إعادة رمي الوسطى والعقبة عندهم ليتحّقق
ن هذا التّرتيب سنّة ،إذا التّرتيب .ومذهب الحنفيّة أ ّ
ن له العادة .وهو قول الحسن وعطاءٍ . ل به يس ّ أخ ّ
ي صلى الله عليه وسلم رتّبها كذلك ن النّب ّ استدلّوا بأ ّ
،كما ثبت عن { ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان
لت يكبّر على إثر ك ّ يرمي الجمرة الدّنيا بسبع حصيا ٍ
م يتقدّم حتّى يسهل ،فيقوم مستقبل حصاةٍ ،ث ّ
م يرمي القبلة ،فيقوم طويًل ويدعو ويرفع يديه ،ث ّ
ل ويقوم شمال فيسته ّ م يأخذ ذات ال ّ الوسطى ،ث ّ
مستقبل القبلة ،فيقوم طويًل ،ويدعو ،ويرفع يديه
م يرمي جمرة ذات العقبة من بطن ويقوم طويًل ،ث ّ
م ينصرف فيقول :هكذا الوادي ول يقف عندها ،ث ّ
ي صلى الله عليه وسلم يفعله } .فاستد ّ
ل رأيت النّب ّ
به الجمهور على وجوب ترتيب الجمرات ،كما فعله
سره الحنفيّة بأنّه ي صلى الله عليه وسلم .وف ّ النّب ّ
ل لهم سنّيّة ،ل الوجوب ،واستد ّ على سبيل ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
سأ ّ بحديث ابن عبّا ٍ
خره فل شيء قال { :من قدّم من نسكه شيئًا أو أ ّ
عليه } .
35
ح ( -الوقت ) :فللّرمي أوقات يشترط مراعاتها ،
ل منها .تفصيله فيما في رمي العدد الواجب في ك ٍّ
يلي :وقت الّرمي وعدده :
جل هي - 7وقت رمي الجمار أربعة أيّام ٍ لمن لم يتع ّ
مى " أيّام :يوم النّحر " وثلثة أيّام ٍ بعده ،وتس ّ
ن لحوم الهدايا تشّرق ميت بذلك ل ّ التّشريق » .س ّ
شمس لتجفيفها . فيها ،أي تعّرض لل ّ
أ -الّرمي يوم النّحر :
- 8يجب في يوم النّحر رمي جمرة العقبة وحدها
ت .وأوّل وقت الّرمي فقط ،يرميها بسبع حصيا ٍ
ليوم النّحر يبدأ من طلوع فجر يوم النّحر عند
ة عن أحمد .وهذا الحنفيّة والمالكيّة وفي رواي ٍ
الوقت عندهم أقسام :ما بعد طلوع الفجر من يوم
شمس وقت الجواز مع الساءة ، النّحر إلى طلوع ال ّ
شمس إلى الّزوال وقت مسنون ، وما بعد طلوع ال ّ
وما بعد الّزوال إلى الغروب وقت الجواز بل إساءةٍ ،
واللّيل وقت الجواز مع الساءة عند الحنفيّة فقط
ما عند المالكيّة فينتهي الوقت ول جزاء فيه .أ ّ
شمس ،وما بعده قضاء يلزم فيه الدّم . بغروب ال ّ
ي صلى وتحديد الوقت المسنون مأخوذ من فعل النّب ّ
الله عليه وسلم فإنّه رمى في ذلك الوقت .وذهب
ن أوّل وقت جواز الّرمي شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ ال ّ
يوم النّحر إذا انتصفت ليلة يوم النّحر لمن وقف
ة
بعرفة قبله .وهذا الوقت ثلثة أقسام ٍ :وقت فضيل ٍ
إلى الّزوال ،ووقت اختيارٍ إلى الغروب ،ووقت
ل الحنفيّةجوازٍ إلى آخر أيّام التّشريق .استد ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
س{أ ّ بحديث ابن عبّا ٍ
بعثه في الثّقل وقال :ل ترموا الجمرة حتّى تصبحوا
} .فأثبتوا جواز الّرمي ابتدا ًء من الفجر بهذا
36
س رضي الله عنهما قال : الحديث .وعن ابن عبّا ٍ
{ كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقدّم
س ،ويأمرهم يعني ل يرمون ضعفاء أهله بغل ٍ
شمس } .فأثبتوا بهذا الحديث الجمرة حتّى تطلع ال ّ
شافعيّة والحنابلة ل ال ّ الوقت المسنون .واستد ّ
ي صلى الله ن النّب ّ
بحديث عائشة رضي الله عنها { أ ّ
م سلمة ليلة النّحر ،فرمت قبل عليه وسلم أرسل بأ ّ
م مضت فأفاضت } .وجه الستدلل أنّه الفجر ،ث ّ
علّق الّرمي بما قبل الفجر ،وهو تعبير صالح لجميع
اللّيل ،فجعل النّصف ضابطًا له ; لنّه أقرب إلى
ما آخر وقت الّرمي يوم ما قبل النّصف .أ ّ الحقيقة م ّ
النّحر فهو عند الحنفيّة إلى فجر اليوم التّالي ،فإذا
خره عنه بل عذرٍ لزمه القضاء في اليوم التّالي ، أ ّ
وعليه دم للتّأخير ،ويمتد ّ وقت القضاء إلى آخر أيّام
التّشريق .وعند المالكيّة :آخر وقت الّرمي إلى
خره إلى المغرب ،وما بعده قضاء ،ويجب الدّم إن أ ّ
المغرب على المشهور عندهم .وآخر وقت الّرمي
شافعيّة والحنابلة يمتد ّ إلى آخر أيّام أدا ًء عند ال ّ
ل أبو حنيفة ي .واستد ّ التّشريق ; لنّها كلّها أيّام رم ٍ
س { :أنّه صلى الله عليه وسلم بحديث ابن عبّا ٍ
سأله رجل قال :رميت بعدما أمسيت ؟ فقال :ل
ي صلى ن النّب ّ
ضا { أ ّس أي ً حرج } .وحديث ابن عبّا ٍ
خص للّرعاة أن يرموا ليًل } .وهو الله عليه وسلم ر ّ
ن وقت الّرمي في اللّيل جائز ،وفائدة ل على أ ّ يد ّ
الّرخصة زوال الساءة عنهم تيسيًرا عليهم ،ولو
كان الّرمي واجبًا قبل المغرب للزمهم به ; لنّهم
يستطيعون إنابة بعضهم على الّرعي .
ب -الّرمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام
التّشريق :
37
- 9وهما اليومان الثّاني والثّالث من أيّام النّحر :
يجب في هذين اليومين رمي الجمار الثّلث على
صغرى الّتي تلي التّرتيب :يرمي أوًّل الجمرة ال ّ
م يرمي جمرة م الوسطى ،ث ّ مسجد الخيف ،ث ّ
ت.ل جمرةٍ بسبع حصيا ٍ العقبة ،يرمي ك ّ
- 1يبدأ وقت الّرمي في اليوم الوّل والثّاني من
أيّام التّشريق بعد الّزوال ،ول يجوز الّرمي فيهما
مةقبل الّزوال عند جمهور العلماء ،ومنهم الئ ّ
الربعة على الّرواية المشهورة الظّاهرة عن أبي
ن الفضل أن يرمي حنيفة .وروي عن أبي حنيفة أ ّ
في اليوم الثّاني والثّالث -أي من أيّام النّحر -بعد
الّزوال فإن رمى قبله جاز ،وهو قول بعض الحنابلة
.وروى الحسن عن أبي حنيفة :إن كان من قصده
جل في النّفر الوّل فل بأس بأن يرمي في أن يتع ّ
اليوم الثّالث قبل الّزوال ،وإن رمى بعده فهو
أفضل ،وإن لم يكن ذلك من قصده ل يجوز أن
يرمي إل ّ بعد الّزوال ،وذلك لدفع الحرج ; لنّه إذا
نفر بعد الّزوال ل يصل إلى مكّة إل ّ باللّيل فيحرج
ضا عن في تحصيل موضع النّزول .وهذا رواية أي ً
أحمد ،لكنّه قال :ينفر بعد الّزوال .استد ّ
ل
ي صلى الله عليه وسلم كما ثبت الجمهور بفعل النّب ّ
عنه .فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال { :كنّا
شمس رمينا } .وعن جابرٍ قال نتحيّن ،فإذا زالت ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة { :رأيت النّب ّ
ما بعد ذلك فإذا زالت حى ،وأ ّ يوم النّحر ض ً
شمس } .وهذا باب ل يعرف بالقياس ،بل ال ّ
شارع ،فل يجوز العدول عنه . بالتّوقيت من ال ّ
ل للّرواية بجواز الّرمي قبل الّزوال بقياس واستد ّ
نحر ،
ٍ ن الك ّ
ل أيّام أيّام التّشريق على يوم النّحر ; ل ّ
38
ويكون فعله صلى الله عليه وسلم محموًل على
ل لجواز الّرمي ثاني أيّام التّشريق سنّيّة .واستد ّ
ال ّ
قبل الّزوال لمن كان من قصده النّفر إلى مكّة بما
ذكروا أنّه لرفع الحرج عنه ; لنّه ل يصل إل ّ باللّيل ،
خرين من الحنفيّة هذه الّرواية وقد قوّى بعض المتأ ّ
توفيًقا بين الّروايات عن أبي حنيفة .والخذ بهذا
مناسب لمن خشي الّزحام ودعته إليه الحاجة ،ل
سيّما في زمننا .
ما نهاية وقت الّرمي في اليوم الوّل والثّاني - 2وأ ّ
شافعيّة والحنابلة من أيّام التّشريق :فقد ذهب ال ّ
ن آخر الوقت بغروب شمس اليوم الّرابع من إلى أ ّ
أيّام النّحر ،وهو آخر أيّام التّشريق الثّلث ،فمن
ترك رمي يوم ٍ أو يومين تداركه فيما يليه من
ح الّذي الّزمن ،والمتدارك أداء على القول الص ّ
شافعيّة وهكذا لو ترك ص ال ّ اختاره النّوويّ واقتضاه ن ّ
ح أنّه يتداركه في رمي جمرة العقبة يوم العيد فالص ّ
اللّيل وفي أيّام التّشريق .ويشترط فيه التّرتيب
فيقدّمه على رمي أيّام التّشريق .كذلك أوجب
المالكيّة والحنابلة التّرتيب في القضاء .وصّرح
الحنابلة بوجوب ترتيبه في القضاء بالنّيّة .وإن لم
يتدارك الّرمي حتّى غربت شمس اليوم الّرابع فقد
ن أيّامفاته الّرمي وعليه الفداء .ودليلهم :أ ّ
خره من أوّل وقته إلى التّشريق وقت للّرمي ،فإذا أ ّ
ما الحنفيّة والمالكيّة آخره لم يلزمه شيء .وأ ّ
صلوا :فذهب مف ّ ل يوم ٍ بيومه ،ث ّ فقيّدوا رمي ك ّ
الحنفيّة إلى أنّه ينتهي رمي اليوم الثّاني من أيّام
النّحر بطلوع فجر اليوم الثّالث ،ورمي اليوم الثّالث
خر الّرمي إلى بطلوع الفجر من اليوم الّرابع .فمن أ ّ
ما بعد وقته فعليه قضاؤه ،وعليه دم عندهم .
39
والدّليل على جواز الّرمي بعد مغرب نهار الّرمي
حديث الذن للّرعاء بالّرمي ليًل .وذهب المالكيّة
ل يوم ٍ ،وما بعده إلى أنّه ينتهي الداء إلى غروب ك ّ
قضاء له ،ويفوت الّرمي بغروب الّرابع ،ويلزمه دم
في ترك حصاةٍ أو في ترك الجميع ،وكذا يلزمه دم
خر شيئًا منها إلى اللّيل . إذا أ ّ
ج -الّرمي ثالث أيّام التّشريق :
خر ولم ينفر من - 10يجب هذا الّرمي على من تأ ّ
صله منًى بعد رمي ثاني أيّام التّشريق على ما نف ّ
وهذا الّرمي آخر مناسك منًى .واتّفق العلماء على
ن الّرمي في هذا اليوم بعد الّزوال رمي في الوقت أ ّ
،كما رمى في اليومين قبله ،اقتداءً بفعله صلى
الله عليه وسلم .واختلفوا في جواز تقديمه :
ح
صاحبان إلى أنّه ل يص ّ مة الثّلثة وال ّفذهب الئ ّ
ي صلى الله الّرمي قبل الّزوال ،استدلًل بفعل النّب ّ
سا لرمي هذا اليوم على اليومين عليه وسلم وقيا ً
ح الّرمي فيهما قبل الّزوال ، سابقين ،فكما ل يص ّ ال ّ
ح قبل زوال اليوم الخير .وقال أبو كذلك ل يص ّ
ب للّرمي في هذا اليوم بعد حنيفة :الوقت المستح ّ
الّزوال ،ويجوز أن يقدّم الّرمي في هذا اليوم قبل
الّزوال ،بعد طلوع الفجر .قال في الهداية :
س رضي الله عنهما ; ومذهبه مرويّ عن ابن عبّا ٍ
ق
ما ظهر أثر التّخفيف في هذا اليوم في ح ّ ولنّه ل ّ
التّرك ،فلن يظهر في جوازه -أي الّرمي -في
ن آخر وقت الوقات كلّها أولى .واتّفقوا على أ ّ
شمس ،كما اتّفقوا الّرمي في هذا اليوم غروب ال ّ
ن وقت الّرمي لهذا اليوم ولليّام الماضية لو على أ ّ
خره أو شيئًا منه يخرج بغروب شمس اليوم أ ّ
الّرابع ،فل قضاء له بعد ذلك ،ويجب في تركه
40
الفداء .وذلك " لخروج وقت المناسك بغروب
شمسه .
( شروط الّرمي ) :
حة رمي الجمار ما يلي : 10م -يشترط لص ّ
أ -أن يكون هناك قذف للحصاة ولو خفيًفا .فكيفما
حصل أجزأه ،حتّى قال النّوويّ :ول يشترط وقوف
الّرامي خارج المرمى ،فلو وقف في طرف
المرمى ورمى إلى طرفه الخر أجزأه » .ولو طرح
ن
حا أجزأه عند الحنفيّة والحنابلة ; ل ّ الحصيات طر ً
الّرمي قد وجد بهذا الطّرح ،إل ّ أنّه رمي خفيف ،
شافعيّة إلى فيجزئ مع الساءة .وذهب المالكيّة وال ّ
ما لو وضعها وضعًا فل أنّه ل يجزئه الطّرح بتاتًا .أ ّ
ي. ح اتّفاقًا ; لنّه ليس برم ٍ يص ّ
ت لك ّ
ل ب -العدد المخصوص :وهو سبع حصيا ٍ
جمرةٍ ،حتّى لو ترك رمي حصاةٍ واحدةٍ كان كمن
سبع عند المالكيّة ،وعند الجمهور تيسير ترك ال ّ
بقبول صدقةٍ في ترك القليل من الحصيات ،
ج ف ) 273 اختلفت فيه اجتهاداتهم ( ر :ح ّ
.واجب الّرمي :
- 11يجب ترتيب رمي يوم النّحر بحسب ترتيب
أعمال يوم النّحر ،وهي هكذا :رمي جمرة العقبة ،
فالذ ّبح ،فالحلق ،فطواف الفاضة ،وذلك عند
ن ترتيبها سنّة عندهم ، شافعيّة فإ ّ الجمهور ،خلفًا لل ّ
وعند الجمهور تفصيل واختلف في كيفيّة هذا
ج ف ) 196 - 195 التّرتيب ( انظر مصطلح :ح ّ
وسبق الحكم في ترتيب رمي الجمرات الثّلث ( ف
)6
سنن الّرمي :
ن في الّرمي ما يلي : - 12يس ّ
41
أ -أن يكون بين الّرامي وبين الجمرة خمسة أذرٍع
ن ما دون ذلك يكون ص الحنفيّة ; ل ّ فأكثر ،كما ن ّ
حا أجزأه إل ّ أنّه مخالف حا ،ولو طرحها طر ً طر ً
سنّة .
لل ّ
سبع ،بحيث ل يزيد ب -الموالة بين الّرميات ال ّ
الفصل بينها عن الذ ّكر الوارد .
ج -لقط الحصيات دون كسرها ،وله أخذها من
منزله بمنًى .
س، صى نج ٍ د -طهارة الحصيات ،فيكره الّرمي بح ً
ويندب إعادته بطاهرٍ ،وفي وجهٍ اختاره بعض
س ،ويجب إعادته الحنابلة :ل يجزئ الّرمي بنج ٍ
صحيح في مذهبهم الجزاء مع ن ال ّبطاهرٍ ،لك ّ
الكراهة .
ما رمي به ،فلو خالف هـ -أل ّ يكون الحصى م ّ
ما رمى به هو أو ورمى بها كره ،سواء كان م ّ
غيره ،وهو مذهب الجمهور .وقال بعض المالكيّة :
ل يجزئ ،ومذهب الحنابلة :إن رمى بحجرٍ أخذه
ل الجمهور بعموم لفظ من المرمى لم يجزه .استد ّ
ي
الحصى الوارد في الحاديث الواردة في تعليم النّب ّ
حةصلى الله عليه وسلم الّرمي ،وذلك يفيد ص ّ
الّرمي بما رمي به ولو أخذ من المرمى .واستد ّ
ل
ي صلى الله عليه وسلم أخذ من ن { النّب ّ الحنابلة بأ ّ
غير المرمى ،وقال :خذوا عنّي مناسككم } ولنّه
لو جاز الّرمي بما رمي به ،لما احتاج أحد إلى أخذ
الحصى من غير مكانه ول تكسيره ،والجماع على
خلفه .
ل حصاةٍ ،ويقطع التّلبية مع أوّل و -التّكبير مع ك ّ
حصاةٍ يرمي بها جمرة العقبة يوم النّحر عند
42
الجمهور .وينظر الخلف والتّفصيل في بحث :
( تلبية ) .
ي بعده رمي ل رم ٍ ز -الوقوف للدّعاء :وذلك إثر ك ّ
آخر ،فيقف بين الّرميّين مدّةً ويطيل الوقوف
يدعو ،وقدّر ذلك بمدّة ثلثة أرباع الجزء من
ن أن يقف ة .فيس ّ القرآن ،وأدناه قدر عشرين آي ً
صغرى وبعد الوسطى ،لنّه في بعد رمي الجمرة ال ّ
ي ليس ل رم ٍ وسط العبادة ،فيأتي بالدّعاء فيه ،وك ّ
ن العبادة قد انتهت بعده رمي ل يقف فيه للدّعاء ; ل ّ
،فل يقف بعد رمي جمرة العقبة يوم النّحر ،ول بعد
سنّة فعل ضا .ودليل هذه ال ّ رميها أيّام التّشريق أي ً
ي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في حديث النّب ّ
سابق .ابن عمر ال ّ
مكروهات الّرمي :
- 13يكره في الّرمي ما يلي :
أ -الّرمي بعد المغرب في يوم النّحر عند الحنفيّة ،
ي :ففي سرخس ّ وبعد زواله عند المالكيّة ،قال ال ّ
شمس ،ولكنّه لو ظاهر المذهب وقته إلى غروب ال ّ
رمى باللّيل ل يلزمه شيء » .
ب -الّرمي بالحجر الكبير ،سواء رمى به كبيًرا ،أو
رمى به مكسوًرا .
ج -الّرمي بحصى المسجد ،فل يأخذه من مسجد
ن الحصى تابع للمسجد ،فل يخرج منه . الخيف ; ل ّ
د -الّرمي بالحصى النّجس عند الجمهور ،وقيل :ل
يجزئ الّرمي بالحصى النّجس .
سبع ،في رمي ك ّ
ل هـ -الّزيادة على العدد ،أي ال ّ
جمرةٍ من الجمرات .
صفة الّرمي المستحبّة :
43
ج لرمي الجمرات فيرفع الحصى - 14يستعد ّ الحا ّ
ب أن يرفع من قبل الوصول إلى الجمرة ،ويستح ّ
ت مثل حصى الخذف ،فوق المزدلفة سبع حصيا ٍ
مصة ودون البندقة ليرمي بها جمرة العقبة في الح ّ
اليوم الوّل من أيّام الّرمي ،وهو يوم عيد النّحر ،
وإن رفع سبعين حصاة ً من المزدلفة أو من طريق
ب ،وهذا هو عدد مزدلفة فهو جائز ،وقيل :مستح ّ
ل أيّام الّرمي ،ويجوز أخذ الحصى الّذي يرمى في ك ّ
ل موضٍع بل كراهةٍ .إل ّ من عند الحصيات من ك ّ
الجمرة ،فإنّه مكروه ،ويكره أخذها من مسجد
ما ،
ن حصى المسجد تابع له فيصير محتر ً الخيف ،ل ّ
ةويندب غسل الحصى مطلًقا ،ولو لم تكن نجس ً
ج
م يأتي الحا ّ عند الحنفيّة ،ورواية عند الحنابلة .ث ّ
جة وهو يوم النّحر ، منًى يوم العاشر من ذي الح ّ
ل على هذا التّرتيب : وعليه في هذا اليوم أربعة أعما ٍ
م ذبح الهدي وهو واجب على رمي جمرة العقبة ،ث ّ
م يطوف صر ،ث ّ م يحلق أو يق ّ المتمتّع والقارن ،ث ّ
سعي عند طواف الفاضة ،وإن لم يكن قدّم ال ّ
طواف القدوم فإنّه يسعى بعد طواف الفاضة ،
ج فور وصوله منًى إلى جمرة العقبة ، جه الحا ّويتو ّ
وتقع آخر منًى تجاه مكّة ،من غير أن يشتغل بشيءٍ
آخر قبل رميها ،فيرميها بعد دخول وقتها بسبع
أي جهةٍ يرميها واحدةً فواحدةً يكبّر مع ت من ّ حصيا ٍ
ل حصاةٍ ويدعو ،وكيفما أمسك الحصاة ورماها ك ّ
ح ،دون تقييد ٍ بهيئةٍ ،لكن ل يجوز وضع الحصاة ص ّ
ن أن يرمي بعد طلوع في المرمى وضعًا ،ويس ّ
سنّة إلى الّزوال ،ويباح شمس ،ويمتد ّ وقت ال ّ ال ّ
بعده إلى المغرب .
44
ما كيفيّة الّرمي فهي أن يبعد عن الجمرة الّتي - 15أ ّ
يجتمع فيها الحصى قدر خمسة أذرٍع فأكثر على ما
اختاره الحنفيّة ،ويمسك بالحصاة بطرفي إبهام
ومسبّحة يده اليمنى ،ويرفع يده حتّى يرى بياض
إبطيه ،ويقذفها ويكبّر .وقيل :يضع الحصاة على
ظهر إبهامه اليمنى ويستعين بالمسبّحة ،وقيل :
ب أن يضع الحصاة بين سبّابتي يديه اليمنى يستح ّ
واليسرى ويرمي بها .
ما صيغة التّكبير فقد جاءت في الحديث - 16أ ّ
ل حصاةٍ » .فيجوز بأيّ صيغةٍ ة " يكبّر مع ك ّ مطلق ً
صيغة : من صيغ التّكبير .واختار العلماء نحو هذه ال ّ
ضا
شيطان ور ً { بسم اللّه واللّه أكبر ،رغ ً
ما لل ّ
جا مبروًرا وسعيًا مشكوًرا ، م اجعله ح ًّللّرحمن ،اللّه ّ
وذنبًا مغفوًرا } والمستند في ذلك ما ورد من الثار
صحابة .ولو رمى وترك الذ ّكر فلم الكثيرة عن ال ّ
سنّة يكبّر ولم يأت بأيّ ذكرٍ جاز ،وقد أساء لتركه ال ّ
ة يرميها ويشتغل .ويقطع التّلبية مع أوّل حصا ٍ
مبالتّكبير .وينصرف من الّرمي وهو يقول { :اللّه ّ
جا مبروًرا ،وسعيًا مشكوًرا وذنبًا مغفوًرا } اجعله ح ًّ
.ووقت الّرمي في هذه اليّام بعد الّزوال ،ويندب
تقديم الّرمي قبل صلة الظّهر في المذاهب الثّلثة ،
وعند الحنفيّة يقدّم صلة الظّهر على الّرمي - 17 .
وقد بحثوا في أفضليّة الّركوب أو المشي في رمي
ب
الجمار ،واختلفوا في ذلك وكانوا يركبون الدّوا ّ
فكان الّرمي للّراكب ممكنًا .فذهب أبو يوسف وهو
المختار عند الحنفيّة إلى أنّه يرمي جمرة العقبة
راكبًا وغيرها ماشيًا في جميع أيّام الّرمي ،وقال أبو
مد :الّرمي كلّه راكبًا أفضل .وعند حنيفة ومح ّ
المالكيّة يرمي جمرة العقبة يوم النّحر كيفما كان
45
ي :يرمي جمرة العقبة شافع ّ وغيرها ماشيًا .وقال ال ّ
يوم النّحر راكبًا ،وكذلك يرميها يوم النّفر راكبًا ،
ي " ،واختار ب إل ّ
ويمشي في اليومين الخرين أح ّ
ي استحباب المشي صاحب الفتاوى الظّهيريّة الحنف ّ
إلى الجمار مطلًقا ،وهو الكثر عند الحنابلة .عن
{ ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان يأتي الجمار
في اليّام الثّلثة بعد يوم النّحر ماشيًا ذاهبًا وراجعًا ،
ي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ن النّب ّويخبر أ ّ
م إذا فرغ من الّرمي ثاني أيّام العيد وهو ذلك } .ث ّ
أوّل أيّام التّشريق رجع إلى منزله في منًى ،ويبيت
تلك اللّيلة فيها ،فإذا كان من الغد وهو ثاني عشر
جة ،وثالث أيّام النّحر ،وثاني أيّام التّشريق ذي الح ّ
رمى الجمار الثّلثة بعد الّزوال على كيفيّة رمي
م إذا رمى في هذا اليوم فله أن سابق .ث ّ اليوم ال ّ
ينفر أي يرحل ،بل كراهةٍ لقوله تعالى { :فمن
جل في يومين فل إثم عليه } .ويسقط عنه رمي تع ّ
مى هذا اليوم يوم النّفر الوّل اليوم الّرابع ،لذلك يس ّ
.
- 18وإن لم ينفر لزمه رمي اليوم الّرابع ،وهو
جة ،ثالث أيّام التّشريق ، الثّالث عشر من ذي الح ّ
سابقة في يرمي فيه الجمرات الثّلث على الكيفيّة ال ّ
ح الّرمي في ضا ،لكن عند أبي حنيفة يص ّ ثاني يوم ٍ أي ً
سنّة ،هذا اليوم من الفجر مع الكراهة لمخالفته ال ّ
شمس وينتهي وقت الّرمي في هذا اليوم بغروب ال ّ
أداءً وقضاءً ،فإن لم يرم حتّى غربت شمس اليوم
فات الّرمي وتعيّن الدّم فداءً عن الواجب الّذي تركه
ن المكث في منًى ،ويرحل بعد الّرمي ،ول يس ّ
مى هذا النّفر الثّاني ،وهذا اليوم يوم بعده ،ويس ّ
خر بمنًى ويرمي اليوم النّفر الثّاني .والفضل أن يتأ ّ
46
خر فل إثم عليه لمن الّرابع ،لقوله تعالى { :ومن تأ ّ
ي صلى الله عليه وسلم تكميًل اتّقى } واتّباع ًا للنّب ّ
ي صلى الله عليه ما ما ورد من ركوب النّب ّ للعبادة .أ ّ
وسلم في الّرمي فأجيب عنه بأنّه " محمول على
ي ل رمي بعده ،أو على التّعليم ليراه النّاس رم ٍ
ج " والجواب الثّاني أولى فيتعلّموا منه مناسك الح ّ
ل عليه قوله في اليوم الوّل وهو راكب : وأقوى ،يد ّ
{ لتأخذوا عنّي مناسككم } .
آثار الّرمي :يترتّب على رمي الجمار أحكام هامة
مة من وجوبه ،وهذه ج ،سوى براءة الذ ّ ّ في الح ّ
الثار هي :
أ -أثر رمي جمرة العقبة :
- 19يترتّب على رمي جمرة العقبة يوم النّحر
ج عند المالكيّة ،وهو التّحلّل الوّل من إحرام الح ّ
قول عند الحنابلة ،خلفًا للحنفيّة الّذين قالوا :إ ّ
ن
ل عند التّحلّل الوّل يكون بالحلق ،وعلى تفصي ٍ
شافعيّة والحنابلة ( ر :مصطلح إحرام ف - 122 ال ّ
. ) 125
ب -أثر رمي الجمار يومي التّشريق :النّفر الوّل :
ج الجمار أوّل وثاني أيّام التّشريق - 20إذا رمى الحا ّ
جل في ب التّع ّيجوز له أن ينفر ،أي يرحل إن أح ّ
النصراف من منًى ،هذا هو النّفر الوّل ،وبهذا
مة
النّفر يسقط رمي اليوم الخير ،وهو قول عا ّ
جل في يومين فل العلماء ،لقوله تعالى { :فمن تع ّ
خر فل إثم عليه لمن اتّقى } .وفي إثم عليه ومن تأ ّ
صحيح :قال ي ال ّ حديث عبد الّرحمن بن يعمر الدّيل ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { :أيّام منًى ثلثة
خر فل جل في يومين فل إثم عليه ومن تأ ّ :فمن تع ّ
إثم عليه } .
47
ج -أثر الّرمي ثالث أيّام التّشريق :النّفر الثّاني :
ج الجمار في اليوم الثّالث من أيّام - 21إذا رمى الحا ّ
التّشريق انصرف من منًى إلى مكّة ،ول يقيم بمنًى
مى هذا النّفر النّفربعد رميه هذا اليوم ،ويس ّ
الثّاني ،واليوم يوم النّفر الثّاني ،وهو آخر أيّام
التّشريق ،وبه ينتهي وقت رمي الجمار ،ويفوت
على من ل يتداركه قبل غروب شمس هذا اليوم ،
وبه تنتهي مناسك منًى .
حكم ترك الّرمي :
- 22يلزم من ترك الّرمي بغير عذرٍ الثم ووجوب
بعذر ل يأثم ،لكن ل يسقط الدّم ٍ الدّم ،وإن تركه
عنه ،ولو ترك حصاةً واحدةً عند المالكيّة ،ويجزئه
شاة عن ترك الّرمي كلّه ،أو عن ترك رمي يوم ٍ .
شافعيّة والحنابلة في حصاةٍ وحصاتين وتسامح ال ّ
ة ،وأنزل الحنفيّة الكثر منزلة فجعلوا في ذلك صدق ً
ل مع وجوب جزاءٍ عن النّاقص ( .انظر تفصيل الك ّ
جف). أحوال ترك الّرمي في مصطلح :ح ّ
النّيابة في الّرمي :
صة بالمعذور ،تفصيل حكمها - 23وهي رخصة خا ّ
فيما يلي :
أ -المعذور الّذي ل يستطيع الّرمي بنفسه ،
كالمريض ،يجب أن يستنيب من يرمي عنه ،
وينبغي أن يكون النّائب قد رمى عن نفسه ،فإن لم
يكن رمى عن نفسه فليرم عن نفسه أوًّل الّرمي
من استنابه ،ويجزئ هذا الّرمي م يرمي ع ّ كلّه ،ث ّ
شافعيّة والحنابلة ،إل ّ أ ّ
ن عن الصيل عند الحنفيّة وال ّ
الحنفيّة والمالكيّة قالوا :لو رمى حصاةً عن نفسه
ن
شافعيّة :إ ّ وأخرى عن الخر جاز ويكره .وقال ال ّ
صة بمن به علّة ل يرجى زوالها قبل انتهاء النابة خا ّ
48
شافعيّة س .وعند ال ّ ض أو محبو ٍ أيّام التّشريق كمري ٍ
ل جمرةٍ عن نفسه أوًّل ، قول :أنّه يرمي حصيات ك ّ
م يرميها عن المريض الّذي أنابه إلى أن ينتهي من ث ّ
الّرمي ،وهو مخلّص حسن لمن خشي خطر الّزحام
.
صغير ، ي ال ّ صب ّ ب -من عجز عن الستنابة كال ّ
ي وليّه اتّفاقًا ، صب ّ والمغمى عليه ،فيرمي عن ال ّ
وعن المغمى عليه رفاقه عند الحنفيّة ،ول فدية
عليه وإن لم يرم عند الحنفيّة .وقال المالكيّة :
فائدة الستنابة أن يسقط الثم عنه إن استناب
وقت الداء { وإل ّ فالدّم عليه ،استناب ،أم ل ،إلّ
صغير ومن ألحق به ،وإنّما وجب عليه الدّم دون ال ّ
صغير ومن ألحق به كالمغمى عليه ; لنّه ال ّ
المخاطب بسائر الركان } .
صيد بالّرمي بالمحدّد : صيد ال ّ ( ثانيًا ) الّرمي في ال ّ
سهام المحدّدة للحاديث صيد بالّرمي بال ّ - 24يجوز ال ّ
صيد من هو أهل صحيحة والجماع ،فإن رمى ال ّ ال ّ
ي فقتله بحد ّ ما رماه به للتّذكية من مسلم ٍ أو كتاب ٍ ّ
سكّين ، سيف ،وال ّ سهم الّذي له نصل محدّد ،وال ّ كال ّ
سنان ،والحجر المحدّد والخشبة المحدّدة وغير وال ّ
ط ذكرها الفقهاء ل أكله بشرو ٍ ذلك من المحدّدات ح ّ
ل ما يصاد بالّرمي . لح ّ
صيد بالّرمي بالمثّقل : ال ّ
ل ما صيد بالمثّقل - 25يرى جمهور الفقهاء أنّه ل يح ّ
ل ما أصابه الّرامي بما ل حد ّ له ويعتبر وقيذ ًا .فل يح ّ
فقتله كالحجر ،وخشبةٍ ل حد ّ لها ،أو رماه بمحدّدٍ
عدي بن حاتم ٍ رضي ّ فقتله بعرضه ل بحدّه لما روى
الله عنه قال { :سألت رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم عن صيد المعراض قال :إذا أصبت بحدّه
49
فكل ،فإذا أصاب بعرضه فقتل فل تأكل فإنّه
وقيذ } .ولما ورد أنّه عليه الصلة والسلم { نهى
عن الخذف وقال :إنّه ل يصاد به صيد ول ينكأ به
ن وتفقأ العين } . س ّ
عدوّ ،ولكنّها قد تكسر ال ّ
ة
صغار بطريقةٍ مخصوص ٍ ٍ صى والخذف :الّرمي بح ً
بين الصابع .وينظر تفصيله في بحث ( خذف ) .
صيد بما ل شافعيّة أنّه إذا أصاب ال ّ وصّرح الحنفيّة وال ّ
ي ومكحول ل وإن جرحه .وذهب الوزاع ّ حد ّ له ل يح ّ
ل صيد شام إلى أنّه يح ّ وغيرهما من علماء ال ّ
المعراض مطلًقا فيباح ما قتله بحدّه وعرضه .قال
ووي :إنّه إذا كان الّرمي بالبنادق وبالخذف ّ الن ّ
صيد ،وكان الغالب ( بالمثّقل ) إنّما هو لتحصيل ال ّ
صائد وذكّاه فيه عدم قتله فإنّه يجوز ذلك إذا أدركه ال ّ
،كرمي الطّيور الكبار بالبنادق .وللتّفصيل ( ر :
صيد ) والمراد بالبندق في كلم النّوويّ ومن عهده :
كرات من الطّين بحجم حبّة البندقة .
اتّخاذ الحيوان هدفًا يرمى إليه :
ضا .فقد قال - 26يحرم اتّخاذ شيءٍ فيه الّروح غر ً
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { :ل تتّخذوا شيئًا
ي
ضا } .أي ل تتّخذوا الحيوان الح ّ فيه الّروح غر ً
ضا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها ، غر ً
وهذا النّهي للتّحريم لنّه أصله ،ويؤيّده حديث { ابن
ماة يترامونها ،فل ّ عمر أنّه مّر بنفرٍ قد نصبوا دجاج ً
رأوا ابن عمر تفّرقوا عنها .فقال ابن عمر :من
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فعل هذا ؟ إ ّ
لعن من فعل هذا } وروى مسلم من حديث هشام
ك أنّه قال :دخلت مع جدّي بن زيد بن أنس بن مال ٍ
ك دار الحكم بن أيّوب فإذا قوم قد أنس بن مال ٍ
ة يرمونها .قال :فقال أنس { :نهى نصبوا دجاج ً
50
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم }
.قال العلماء :صبر البهائم أن تحبس وهي حيّة
ي وغيره في صنعان ّ لتقتل بالّرمي ونحوه .قال ال ّ
ما للحيوان ،وتضييعًا ن فيه إيل ً
وجه حكمة النّهي :إ ّ
ما يذكّى ، لماليّته ،وتفويتًا لذكاته إن كان م ّ
ولمنفعته إن كان غير مذكًّى .وينظر بحث :
( تعذيب ) .
( ثالثًا ) الّرمي في الجهاد ( تعلّم الّرمي ) :
ي صلى الله عليه وسلم أصحابه على ث النّب ّ - 27ح ّ
ضهم على مواصلة التّدّرب عليه ،وحذ ّر الّرمي وح ّ
من تعلّم الّرمي فتركه ،روى سلمة بن الكوع رضي
ي صلى الله عليه وسلم .مّر ن النّب ّالله عنه { أ ّ
ي صلى الله على نفرٍ من أسلم ينتضلون فقال النّب ّ
ن أباكم كان عليه وسلم :ارموا بني إسماعيل فإ ّ
ن .قال :فأمسك أحد راميًا ،ارموا ،وأنا مع بني فل ٍ
الفريقين بأيديهم ،فقال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم :ما لكم ل ترمون ؟ قالوا :كيف نرمي وأنت
ي صلى الله عليه وسلم :ارموا معهم ؟ فقال النّب ّ
ي صلى الله عليه سر النّب ّفأنا معكم كلّكم } .وف ّ
وسلم القوّة الّتي أمر اللّه بها في قوله تعالى
{ وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ } بالّرمي ،كما
في حديث عقبة بن عامرٍ قال { :سمعت رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول :
ن القوّة
ة ،أل إ ّ وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّ ٍ
ن القوّة الّرمي } ن القوّة الّرمي ،أل إ ّ الّرمي ،أل إ ّ
.وعن { خالد بن زيدٍ قال :كنت راميًا أرامي عقبة
ي ،فمّر ذات يوم ٍ فقال يا خالد : بن عامرٍ الجهن ّ
اخرج بنا نرمي ،فأبطأت عليه فقال :يا خالد :تعال
أحدّثك ما حدّثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
51
وأقول لك كما قال رسول اللّه صلى الله عليه
سهم الواحد ثلثة نفرٍ الجنّة ن اللّه يدخل بال ّ وسلم :إ ّ
:صانعه الّذي احتسب في صنعته الخير ،ومنبّله ،
ي
ب إل ّ والّرامي به ،ارموا واركبوا ،وأن ترموا أح ّ
من أن تركبوا ،وليس من اللّهو إل ّ ثلث :تأديب
الّرجل فرسه ،وملعبته زوجته ،ورميه بنبله عن
م تركه فهي نعمة قوسه ،ومن علم الّرمي ث ّ
ل على فضل كفرها } .وهناك أحاديث أخرى تد ّ
نالّرمي والتّحريض عليه منها ما روى أبو نجيٍح أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال { :من رمى
رر } .وقال بسهم ٍ في سبيل اللّه فهو له عدل مح ّ ٍ
ووي في تعليقه على الحاديث الّتي ذكرها مسلم ّ الن ّ
ث عليه :في هذه الحاديث في فضل الّرمي ،والح ّ
فضيلة الّرمي والمناضلة ،والعتناء بذلك بنيّة الجهاد
في سبيل اللّه تعالى ،وكذلك المشاجعة ،وسائر
سلح ،وكذا المسابقة بالخيل أنواع استعمال ال ّ
وغيرها ،والمراد بهذا كلّه التّمّرن على القتال ،
والتّدّرب ،والتّحذ ّق فيه ،ورياضة العضاء بذلك .
ي :فضل الّرمي عظيم ،ومنفعته وقال القرطب ّ
عظيمة للمسلمين ،ونكايته شديدة على الكافرين ،
قال صلى الله عليه وسلم { :يا بني إسماعيل
ن أباكم كان راميًا } وتعلّم الفروسيّة ارموا فإ ّ
واستعمال السلحة فرض كفايةٍ وقد يتعيّن .
( المناضلة ) :
سهام ، - 28المناضلة هي المسابقة في الّرمي بال ّ
مي ة ،وس ّ والمناضلة مصدر ناضلته نضاًل ومناضل ً
مى نضًل ،فالّرمي م يس ّ
سهم التّا ّ الّرمي نضاًل ل ّ
ن ال ّ
ح
ة .وتص ّ مي نضاًل ومناضل ً به عمل بالنّضل فس ّ
سهام بالتّفاق .وأجاز المناضلة على الّرمي بال ّ
52
شافعيّة المناضلة -بجانب ما تقدّم -على رماٍح ، ال ّ
ي
بأحجار بمقلٍع ،أو بيدٍ ،ورم ٍ ٍ ي
وعلى رم ٍ
ل نافٍع في الحرب بما يشبه ذلك ق ،وك ّبمنجني ٍ
سيوف كالّرمي بالمسّلت ،والبر ،والتّردّد بال ّ
والّرماح .وقد تجب المناضلة إذا تعيّنت طريًقا
لقتال الكّفار ،وقد يكره أو يحرم -حسب اختلف
المذاهب -إذا كان سببًا في قتال قريب كافرٍ لم
ب اللّه ورسوله ،وبذلك تعتري المناضلة الحكام يس ّ
التّكليفيّة الخمسة .
( رابعًا ) الّرمي في القذف الّرمي بالّزنا :
د
شهادة يوجب ح ّ - 29الّرمي بالّزنا ل في معرض ال ّ
القذف لقوله تعالى { :والّذين يرمون المحصنات
م لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً } ث ّ
ما الّرمي والمراد :الّرمي بالّزنا بإجماع العلماء .وأ ّ
شهود م عدد ال ّ شهادة فينظر :إن ت ّ في معرض ال ّ
ة وثبتوا على شهادتهم أقيم حد ّ الّزنا على أربع ً
م العدد ،بأن ي ول شيء عليهم ،وإن لم يت ّ المرم ّ
شهد اثنان أو ثلثة فعليهم حد ّ القذف عند أكثر
شافعيّة في القول المقابل للظهر الفقهاء .ويرى ال ّ
شهود -عند ن ال ّ والحنابلة في إحدى الّروايتين :أ ّ
عدم تمام العدد -ل حد ّ عليهم لنّهم شهود فلم
ة أحدهم فاسق . يجب عليهم الحد ّ كما لو كانوا أربع ً
وللتّفصيل ( ر :قذف ) .
================
رهبانيّة .
التّعريف
ة :من الّرهبة ،وهي الخوف والفزع - 1الّرهبانيّة لغ ً
ب ،ومنها الّراهب :وهو المتعبّد مع تحّرزٍ واضطرا ٍ
في صومعةٍ من النّصارى يتخلّى عن أشغال الدّنيا
53
وملذ ّها زاهدًا فيها معتزًل أهلها ،والجمع :رهبان ،
وقد يكون الّرهبان واحدًا ،والجمع رهابين وترهّب
الّرجل إذا صار راهبًا .والّرهبانيّة - :بفتح الياء -
منسوبة إلى الّرهبان وهو الخائف ،فعلن من
م
ضا -بض ّ رهب ،كخشيان من خشي .وتكون أي ً
ب
ب كراك ٍ ة إلى الّرهبان وهو جمع راه ٍ الّراء -نسب ً
ي ل يخرج عن المعنى ن .والمعنى الصطلح ّ وركبا ٍ
اللّغويّ .
صلة ) :( اللفاظ ذات ال ّ
أ -العزلة :
ة :التّجنّب وهي اسم مصدرٍ ،وهي - 2العزلة لغ ً
ي عن ضد ّ المخالطة .ول يخرج المعنى الصطلح ّ
ن العزلة من ذلك .والفرق بينها وبين الّرهبانيّة :أ ّ
وسائل الّرهبانيّة ،وهي على خلف الصل ،وقد تقع
عند فساد الّزمان لغير التّرهّب فل تحرم .
سياحة : ب -ال ّ
سياحة في اللّغة :الذ ّهاب في - 3من معاني ال ّ
الرض للتّعبّد والتّرهّب ،ول يخرج المعنى
ماسياحة هكذا م ّ ي عن ذلك .وكانت ال ّ الصطلح ّ
يتعبّد به رهبان النّصارى ،ولذا جاء في الحديث :
سياحة بمعنى متي الجهاد } ،وتأتي ال ّ { سياحة أ ّ
سياحة بالمعنى الوّل قريبة من صوم .فال ّ إدامة ال ّ
الّرهبانيّة .وينظر مصطلح ( سياحة )
ي): الحكم التّكليف ّ
شريعة عن الّرهبانيّة -بمعناها الّذي كان - 4نهت ال ّ
يمارسه رهبان النّصارى -وهو الغلوّ في العبادات ،
والتّخلّي عن أشغال الدّنيا وترك ملذ ّها ،واعتزال
النّساء ،والفرار من مخالطة النّاس ،ولزوم
صوامع والدّيارات أو التّعبّد في الغيران والكهوف ، ال ّ
54
سياحة في الرض على غير هدًى بلحوقهم وال ّ
بالبراريّ والجبال ،وحمل أنفسهم على المشّقات
في المتناع من المطعم والمشرب والملبس
شاقّةوالمنكح ،وتعذيب النّفس بالعمال التّعبّديّة ال ّ
ة في عنقه .ودليل كأن يخصي نفسه أو يضع سلسل ً
ذلك قوله تعالى { :قل يا أهل الكتاب ل تغلوا في
ق ول تتّبعوا أهواء قوم ٍ قد ضلّوا من دينكم غير الح ّ
سبيل } . قبل وأضلّوا كثيًرا وضلّوا عن سواء ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم { :عليك وقول النّب ّ
بالجهاد ،فإنّه رهبانيّة السلم } .وقوله صلى الله
عليه وسلم { :ولن يشاد ّ الدّين أحد إل ّ غلبه } .
وقوله صلى الله عليه وسلم { :من رغب عن
ن
سنّتي فليس منّي } .واتّفق العلماء على أ ّ
الفضل للمسلم أن يختلط بالنّاس ،ويحضر
جماعاتهم ومشاهد الخير ومجالس العلم ،وأن يعود
مريضهم ،ويحضر جنائزهم ،ويواسي محتاجهم ،
ويرشد جاهلهم ،ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
،ويدعو للخير ،وينشر الحقّ والفضيلة ،ويجاهد في
سبيل اللّه لعلء كلمة اللّه ،وإعزاز دينه مع قمع
صبر على أذاهم .قال نفسه عن إيذاء المسلمين وال ّ
ن الختلط بالنّاس على هذا الوجه هو ووي :إ ّ
ّ الن ّ
المختار الّذي كان عليه رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم وسائر النبياء صلوات اللّه وسلمه عليهم ،
وكذلك الخلفاء الّراشدون ،ومن بعدهم من
صحابة والتّابعين ،ومن بعدهم من علماء ال ّ
المسلمين وأخيارهم لقوله تعالى { وتعاونوا على
مةٍالبّر والتّقوى } وقوله تعالى { :كنتم خير أ ّ
أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
ب الّذينن اللّه يح ّالمنكر } وقوله تعالى { :إ ّ
55
يقاتلون في سبيله صًّفا كأنّهم بنيان مرصوص } .
وقوله صلى الله عليه وسلم { :العبادة في الهرج
ي } وقوله صلى الله عليه وسلم كهجرةٍ إل ّ
{ المؤمن الّذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم
أعظم أجًرا من الّذي ل يخالطهم ول يصبر على
مة أو فساد أذاهم } .هذا إذا لم تكن هناك فتنة عا ّ
سائد ل يستطيع إصلحه ،أو غلب على ظنّه وقوعه
ب له في هذه في الحرام بسبب المخالطة فيستح ّ
ن
ة ل تصيب ّ الحالة العزلة لقوله تعالى { :واتّقوا فتن ً
ة } .وقوله صلى الله عليه ص ًالّذين ظلموا منكم خا ّ
وسلم { :خير النّاس رجل جاهد بنفسه وماله ،
شعاب يعبد ربّه ويدع النّاس ب من ال ّ
ورجل في شع ٍ
من شّره } .وقوله صلى الله عليه وسلم :
{ يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها
شغف الجبال ومواقع القطر يفّر بدينه من الفتن } .
=================
روث .
التّعريف
ة :رجيع ( فضلة ) ذي الحافر ،واحده - 1الّروث لغ ً
روثة والجمع أرواث .ويستعمل الفقهاء هذا اللّفظ
بأوسع من ذلك فيطلق عندهم على رجيع ذي الحافر
وغيره كالبل والغنم .وقريب منه الخثي ،والخثي
للبقر ،والبعر للبل والغنم ،والذ ّرق للطّيور .
ي ،والخرء للطّير والكلب والجرذ والعذرة للدم ّ
سرقين هو رجيع ما سرجين أو ال ّ والنسان .وال ّ
سوى النسان .
حكم الّروث من حيث الطّهارة والنّجاسة :
ن
شافعيّة في وجهٍ أ ّ - 2يرى المالكيّة والحنابلة وال ّ
روث ما يؤكل لحمه طاهر .وبهذا قال عطاء
56
ي
ن النّب ّ ي والثّوريّ ،واستدلّوا بما روي { أ ّ والنّخع ّ
صلى الله عليه وسلم كان يصلّي في مرابض الغنم
.وقال :صلّوا في مرابض الغنم } .وصلّى أبو
موسى في موضٍع فيه أبعار الغنم فقيل له :لو
تقدّمت إلى هاهنا .قال :هذا وذاك واحد .ولم يكن
ي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما يصلّون للنّب ّ
عليه من الوطئة والمصلّيات وإنّما كانوا يصلّون
على الرض ،ومرابض الغنم ل تخلو من أبعارها
ن يؤكل لحمه وأبوالها ; ولنّه متحلّل معتاد من حيوا ٍ
ما روث غير مأكول اللّحم فنجس فكان طاهًرا .أ ّ
عند هؤلء الفقهاء ،وقد صّرح المالكيّة بنجاسة روث
مكروه الكل كمحّرمه وإن لم يستعمل النّجاسة .
شافعيّة -على المذهب -بنجاسة وقال الحنفيّة وال ّ
الّروث من جميع الحيوانات المأكول اللّحم وغيرها .
م اختلف الفقهاء في صفة نجاسة الرواث :فعند ث ّ
ة ،وعند أبي ة غليظ ًأبي حنيفة هي نجسة نجاس ً
نيأ ّة .وذكر الكرخ ّ ة خفيف ًمد ٍ نجاس ًيوسف ومح ّ
ص يد ّ
ل النّجاسة الغليظة عند أبي حنيفة ما ورد ن ّ
ل على ص معارض له يد ّ على نجاسته ،ولم يرد ن ّ
طهارته ،وإن اختلف العلماء فيه .والخفيفة ما
صان في طهارته ونجاسته .وعند أبي تعارض ن ّ
مد ٍ الغليظة ما وقع التّفاق على نجاسته يوسف ومح ّ
.والخفيفة ما اختلف العلماء في نجاسته وطهارته .
- 3بناءً على هذا الصل فالرواث كلّها نجسة نجاس ً
ة
ل على ص يد ّ ة عند أبي حنيفة لنّه ورد ن ّ غليظ ً
نجاستها وهو حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال
ي صلى الله عليه وسلم طلب منه أحجار ن النّب ّ
{:إ ّ
الستنجاء فأتى بحجرين وروثةٍ فأخذ الحجرين ورمى
بالّروثة وقال :هذا ركس } أي :نجس .وليس له
57
ص معارض ،وإنّما قال بعض العلماء بطهارتها ن ّ
ص فكانت بالّرأي والجتهاد ،والجتهاد ل يعارض الن ّ ّ
صاحبين نجاسة ما ة .وعلى قول ال ّ نجاستها غليظ ً
ن
ن العلماء اختلفوا فيها .كما أ ّ يؤكل لحمه خفيفة ل ّ
في الرواث ضرورة ً ،وعموم البليّة لكثرتها في
الطّرقات فتتعذ ّر صيانة الخفاف والنّعال عنها ،وما
مت بليّته خّفت قضيّته .ويتفّرع عن اختلف ع ّ
الصلين أنّه إذا أصاب الثّوب من الّروث أكثر من
صلة فيه عند أبي حنيفة .وقال قدر درهم ٍ لم تجز ال ّ
صاحبان :يجزئه حتّى يفحش ،ول فرق عندهما ال ّ
ل ما يعتبر فيه بين المأكول وغير المأكول .وفي ك ّ
مدٍ وهو رواية الفاحش فهو مقدّر بالّربع في قول مح ّ
عن أبي حنيفة .وقال أبو يوسف :شبر في شبرٍ .
مدٍ في وفي رواية ذراع في ذراٍع .وروي عن مح ّ
شاصلة وإن كان كثيًرا فاح ً الّروث أنّه ل يمنع جواز ال ّ
ن هذا آخر أقاويله حين كان بالّريّ وكان .وقيل :إ ّ
الخليفة بها ،فرأى الطّرق والخانات مملوءةً من
الرواث وللنّاس فيها بلوًى عظيمة .وعند المالكيّة
بف والنّعل من أرواث الدّوا ّ ما أصاب الخ ّ يعفى ع ّ
وأبوالها في الطّرق والماكن الّتي تطرقها الدّوا ّ
ب
كثيًرا ; لعسر الحتراز من ذلك ،بخلف ما أصاب
ف والنّعل كالثّوب والبدن فل عفو .أ ّ
ما غير الخ ّ
شافعيّة فنجاسة الّروث عندهم ل يعفى عنها إل ّ إذا ال ّ
ل. ما ل يدركه الطّرف فيعفى عنها في قو ٍ كانت م ّ
وعند المام أحمد يعفى عن يسير فضلت سباع
البهائم وجوارح الطّير والبغل والحمار .وظاهر
ن اليسير ما ل يفحش في القلب . مذهب أحمد أ ّ
س .وقال ابن أبي ليلى : وهو قول ابن عبّا ٍ
صلة سرقين ليس بشيءٍ ،قليله وكثيره ل يمنع ال ّ ال ّ
58
سا لما; لنّه وقود أهل الحرمين ولو كان نج ً
استعملوه ،كما لم يستعملوا العذرة .ولتفصيل ذلك
انظر مصطلح ( :نجاسة ) .
الستنجاء بالّروث :
ل
شافعيّة والحنابلة والمالكيّة في قو ٍ - 4ذهب ال ّ
والثّوريّ وإسحاق إلى عدم جواز الستنجاء بالّروث
ل هذا الفريق من طاهًرا كان أو غير طاهرٍ .واستد ّ
الفقهاء على ما ذهبوا إليه بما يأتي :
- 1حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال { :اتّبعت
ي صلى الله عليه وسلم وخرج لحاجته فقال : النّب ّ
بعظم
ٍ ابغني أحجاًرا أستنفض بها أو نحوه ول تأتني
ث}. ول رو ٍ
- 2حديث سلمان رضي الله عنه قال { :نهى
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الّروث
ن الّروث نجس في نفسه عند من والعظام } .ول ّ
قال بنجاسته والنّجس ل يزيل النّجاسة .وقال
المالكيّة :ل يجوز الستنجاء بالّروث النّجس ويجوز
ب
ن الّروث طعام دوا ّ بالطّاهر منه مع الكراهة ; ل ّ
ن يرجع علًفا كما كان عليه .ويرى الحنفيّة الج ّ
ص الوارد في ن الن ّ ّكراهة الستنجاء بالّروث ل ّ
الستنجاء بالحجار معلول بمعنى الطّهارة ،وقد
حصلت بالّروث كما تحصل بالحجار ،إل ّ أنّه كرهه
بالّروث لما فيه من استعمال النّجس وإفساد علف
ن.ب الج ّ دوا ّ
م اختلف الفقهاء في العتداد بالستنجاء بالّروث -5ث ّ
ن من :فذهب الحنفيّة والمالكيّة وابن تيميّة إلى أ ّ
خالف واستنجى بالّروث يعتد ّ به إن حصل به النقاء
ي :فإن فعل ذلك ( استنجى بالّروث ) .قال الكاسان ّ
ة ( سنّة الستنجاء ) ما سن ّ ً يعتد ّ به عندنا ،فيكون مقي ً
59
ل واحدٍ جهتان ة ،ويجوز أن يكون لفع ٍ ومرتكبًا كراه ً
مختلفتان فيكون بجهةٍ كذا وبجهةٍ كذا .ويرى
ن من خالف واستنجى شافعيّة وجمهور الحنابلة أ ّ ال ّ
ح .واستدلّوا بحديث ابن مسعودٍ بالّروث لم يص ّ
ن الّزاد من رسول رضي الله عنه { في سؤال الج ّ
عظم
ٍ اللّه صلى الله عليه وسلم فقال :لكم ك ّ
ل
ذكر اسم اللّه عليه يقع في أيديكم ،أوفر ما يكون
ل بعرةٍ علف لدوابّكم فقال رسول اللّه ما ،وك ّلح ً
صلى الله عليه وسلم :فل تستنجوا بهما ،فإنّهما
طعام إخوانكم } .والنّهي يقتضي الفساد وعدم
الجزاء .
م استنجى بعده بمباٍح ما من استنجى بالّروث ث ّ -6أ ّ
حة من الفقهاء ص ّ
كحجرٍ فقد اختلف من يرى عدم ال ّ
فيه على التّجاهات التّالية :
صحيح عند جمهور - 1عدم الجزاء مطلًقا ،وهو ال ّ
شافعيّة وهو قول عند الحنابلة ،وبنا ًء على هذا ال ّ
التّجاه يتعيّن الستنجاء بالماء بعده .
شافعيّة ل من ال ّ - 2الجزاء مطلًقا وهو قول عند ك ٍّ
والحنابلة .
- 3الجزاء إن أزال شيئًا ،وهو قول ذكره ابن
ي في الّرعاية الكبرى واختاره .وأجاز حمدان الحنبل ّ
س من ل طاهرٍ ونج ٍ ابن جريرٍ الستنجاء بك ّ
الجمادات .وللتّفصيل ( ر :استجمار ،استنجاء ) .
بيع الّروث :
- 7اختلف الفقهاء في حكم بيع الّروث ،وينظر
التّفصيل في بحث ( زبل ) .
==================
ريح .
التّعريف
60
سماء - 1الّريح في اللّغة :الهواء المسيّر بين ال ّ
والرض ،والّريح بمعنى الّرائحة :عرض يدرك
م ،يقال :ريح زكيّة .وقيل :ل يطلق ش ّ سة ال ّ بحا ّ
ما الّرائحة اسم الّريح إل ّ على الطّيّب من النّسيم .أ ّ
فهي النّسيم طيّبًا كان أم نتنًا .وجمعها :رياح ،
وأرواح ،وأراويح .ويستخدم لفظ ( الّرياح ) في
الّرحمة ،ولفظ ( الّريح ) في العذاب ،ومنه حديث
حا } .والّريح : حا ول تجعلها ري ً م اجعلها ريا ً { :اللّه ّ
سبيلين .ول يخرج المعنى الهواء الخارج من أحد ال ّ
ي عن هذه المعاني اللّغويّة . الصطلح ّ
الحكام المتعلّقة بالّريح :الدّعاء عند هبوب الّريح :
ب للمرء عند هبوب الّريح أن يسأل اللّه - 2يستح ّ
خيرها ويتعوّذ من شّرها ،ويكره سبّها لقوله صلى
الله عليه وسلم { :الّريح من روح اللّه تأتي
بالّرحمة وبالعذاب ،فإذا رأيتموها فل تسبّوها ،
وسلوا اللّه خيرها ،واستعيذوا باللّه من شّرها } .
م إنّي أسألك خيرها ،وخير ويقول في دعائه { :اللّه ّ
ما فيها وخير ما أرسلت به ،وأعوذ بك من شّرها ،
ومن شّر ما فيها وشّر ما أرسلت به } .ويقول :
ة ،ول تجعلها عذابًا ،اللّه ّ
م م اجعلها رحم ً { اللّه ّ
حا } .حا ،ول تجعلها ري ً اجعلها ريا ً
سبيلين : الّريح الخارج من ال ّ
ن خروج ريٍح من دبر - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
النسان ينقض الوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم
ت أو ريٍح } .واختلفوا في { :ل وضوء إل ّ من صو ٍ
نقضه إذا خرج من قبل المرأة أو من ذكر الّرجل .
ن خروج شافعيّة ،وبعض الحنابلة إلى أ ّ فذهب ال ّ
الّريح من قبل المرأة أو ذكر الّرجل ناقض
للطّهارة ،لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { :ل
61
ت أو ريٍح } .وقال الحنفيّة وضوء إل ّ من صو ٍ
ن الّريح الخارج من القبل أو الذ ّكر والمالكيّة :إ ّ
ل النّجاسة فهو ض ،لنّها ل تنبعث عن مح ّ ليس بناق ٍ
كالجشاء .وهو قول عند الحنابلة .والتّفصيل في
مصطلح ( :حدث )
الستنجاء من الّريح :
- 4الّريح الخارجة من الدّبر ليست بنجسةٍ ،فل
يستنجى منها لقوله صلى الله عليه وسلم { :من
استنجى من الّريح فليس منّا } وقال أحمد :ليس
في الّريح استنجاء في كتاب اللّه ول في سنّة
جس سراويله المبتلّة إذا رسوله ،فهي طاهرة فل تن ّ
خرجت .والتّفصيل في ( استنجاء ) .
( وجوب إزالة ريح النّجاسة ) :
شيء - 5يجب إزالة ريح النّجاسة عند تطهير ال ّ
جس ،وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر في المتن ّ
مصطلح ( :نجاسة ) .
إخراج الّريح في المسجد :
- 6يكره إخراج الّريح في المسجد وإن لم يكن فيه
ما يتأذ ّى منه بنو ن الملئكة تتأذ ّى م ّ أحد لحديث { :إ ّ
آدم } .ويخرج من يفعل ذلك ،كما يكره حضور
المسجد لمن أكل شيئًا له رائحة كريهة كالبصل
النّيء ونحوه ،وتسقط عنه الجماعة إن تعذ ّر عليه
إزالة ريحها ،ومثل ذلك من له صنان ،أو بخر ،
لقوله صلى الله عليه وسلم { :من أكل من هذه
ن مسجدنا } . شجرة فل يقرب ّ ال ّ
ثبوت حد ّ شرب الخمر بفوح ريحها من فمه :
- 7ل يثبت حد ّ شرب الخمر بوجود ريحها في فمه
ما ذاقها لحتمال أنّه تمضمض بها ،أو ظنّها ماءً فل ّ
جها ،أو أنّه تناول شيئًا آخر تشبه ريحه ريح م ّ
62
الخمر ،والحتمال شبهة يسقط به الحد ّ لقوله صلى
شبهات } ، الله عليه وسلم { :ادرءوا الحدود بال ّ
وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم .وقال المالكيّة :
يثبت حد ّ شرب الخمر بوجود الّريح ،وهي إحدى
ل على شربه للخمر ن الّريح تد ّروايتين عن أحمد ،ل ّ
ن ابن مسعودٍ رضي الله فأجري مجرى القرار ،وأ ّ
عنه جلد رجًل وجد منه ريح الخمر .ولتفصيل ذلك
انظر مصطلح ( :سكر ) .
ب الّريح ) : ( البول في مه ّ
ب الّريح ; لئلّ - 8يكره التّبوّل والتّغوّط في مه ّ
يصيبه رشاش النّجاسة ،ول يكره استقبال القبلة
ن النّهي عن استقبالها عند إخراج الّريح ; ل ّ
ف
واستدبارها مقيّد بحالة قضاء الحاجة ،وهو منت ٍ
في الّريح .
التّخلّف عن الجمعة والجماعة لشدّة الّريح :
- 9يجوز التّخلّف عن الجماعة والجمعة لشتداد
قة
ق بين الفقهاء ،وذلك للمش ّ الّريح ،وهو مح ّ
ل اتّفا ٍ
ي صلى الله عليه وسلم في اللّيلة ،ولقول النّب ّ
المطيرة وذات الّريح { :أل صلّوا في الّرحال } .
ولتفصيل ذلك ينظر مصطلح ( :صلة الجماعة ) .
================
ريش .
التّعريف
ة :كسوة الطّائر ،والواحدة ريشة ، - 1الّريش لغ ً
صوف شعر في النسان ونحوه ،وال ّ وهو يقابل ال ّ
للغنم ،والوبر للبل ،والحراشف للّزواحف ،
ضا اللّباس الفاخر ، والقشور للسماك ،والّريش أي ً
والثاث ،والمال ،والخصب ،والحالة الجميلة .
63
وجمعه أرياش ورياش .ول يخرج استعمال الفقهاء
للكلمة عن المعنى اللّغويّ .
صوف : شعر والوبر وال ّ صلة ) :ال ّ ( اللفاظ ذات ال ّ
ف
ما ليس بصو ٍ شعر :ما ينبت على الجسم م ّ - 2ال ّ
شعر يقابله الّريش في ول وبرٍ للنسان وغيره .وال ّ
الطّيور فهما متباينان .
الحكام المتعلّقة بالّريش :
أ ( -طهارة الّريش ) :
شعر في ن الّريش يوافق ال ّ - 3اتّفق الفقهاء على أ ّ
أحكامه ،ومقيس عليه ،واتّفقوا على طهارة ريش
الطّير المأكول حال حياته إذا كان متّصًل بالطّير ،
ضا -ما إذا نتف أو تساقط فيرى الجمهور -أي ً أ ّ
ن الطّاهر منه هو ما المالكيّة فيرون أ ّ طهارته ،أ ّ
ما القصب الّزغب ،وهو ما يحيط بقصب الّريش ،أ ّ
ن الّريش شافعيّة في روايةٍ أ ّ فنجس ،ويرى ال ّ
المتساقط والمنتوف نجس ،لقوله صلى الله عليه
وسلم { :ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهي
ميتة } ودليل الجمهور قوله تعالى { :ومن أصوافها
ن } والّريش وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاع ًا إلى حي ٍ
مقيس عليها ،ولو قصر النتفاع على ما يكون على
شعور والصواف ،قال المذكّى لضاع معظم ال ّ
سنّة فيهما صصت ال ّ بعضهم :وهذا .أحد موضعين خ ّ
ن عموم قوله صلى الله عليه وسلم { : بالكتاب ،فإ ّ
ص
ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهي ميتة } .خ ّ
بقوله تعالى { :ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها }
.الية .ومذهب جمهور العلماء -في الجملة -
طهارة ريش الطّير المأكول إذا مات .ولهم تفصيل
في ذلك :قال صاحب الختيار من الحنفيّة :شعر
ن الحياة ل يحلّهما ،حتّى ل الميتة وعظمها طاهر ،ل ّ
64
يتألّم الحيوان بقطعهما ،فل يحلّهما الموت ،وهو
ف والظّلف جس ،وكذلك العصب والحافر والخ ّ المن ّ
ن والمنقار س ّ صوف والوبر والّريش وال ّ والقرن وال ّ
والمخلب لما ذكرنا ،لقوله تعالى { :ومن أصوافها
ن بها ن } امت ّ وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاع ًا إلى حي ٍ
ي أو الميّت ل بين المأخوذ من الح ّ علينا من غير فص ٍ
ضا بقوله صلى الله عليه وسلم { في .واستدلّوا أي ً
شاة ميمونة :رضي الله عنها إنّما حرم أكلها } وفي
ن ما عدا اللّحم ل يحرم ل على أ ّ روايةٍ { لحمها } فد ّ
،فدخلت الجزاء المذكورة ،وفيها أحاديث أخر
ن المعهود فيها قبل الموت الطّهارة صريحة ; ول ّ
فكذا بعده ; لنّه ل يحلّها .وقيّدها في الدّّر المختار :
ة من الدّسومة .ومذهب المالكيّة بأن تكون خالي ً
بالنّسبة لريش الميتة كمذهبهم بالنّسبة للّريش
ن الّزغب طاهر دون المنتوف والمنفصل ،وهو أ ّ
ن ذلك مشروط بجّز الّزغب ولو بعد القصب ،ولك ّ
ب غسله بعد جّزه .وكذا نتف الّريش ،ويستح ّ
الحنابلة يوافقون الجمهور في طهارة ريش الميتة ،
غير أنّهم يستثنون من ذلك أصول الّريش إذا نتف
سا ; لنّه من جملة أجزاء سواء أكان رطبًا أم ياب ً
شعر والّريش ن أصول ال ّ الميتة ،أشبه سائرها ; ول ّ
شا .وفي جزء من اللّحم ،لم يستكمل شعًرا ول ري ً
ن أصل الّريش إذا كان رطبًا ، روايةٍ أخرى للحنابلة أ ّ
ونتف من الميتة ،فهو نجس ; لنّه رطب في مح ٍّ
ل
س ،وهل يكون طاهًرا بعد غسله ؟ على وجهين نج ٍ
جس . شعر إذا تن ّ :أحدهما :أنّه طاهر كرءوس ال ّ
والثّاني :أنّه نجس لنّه جزء من اللّحم لم يستكمل
شا ،وهو المعتمد كما سبق .ومذهب شعًرا ول ري ً
ن ريش الميتة نجس ، صحيح -أ ّ شافعيّة -في ال ّ ال ّ
65
لنّه جزء متّصل بالحيوان اتّصال خلقةٍ فنجس
بالموت كالعضاء ،واستدلّوا بقوله تعالى :
شعر م يشمل ال ّ { حّرمت عليكم الميتة } وهذا عا ّ
سلف إلى والّريش وغيرهما .وذهب جماعة من ال ّ
ن الّريش ينجس بالموت ،ولكنّه يطهر بالغسل ، أ ّ
م سلمة { :ل بأس بمسك الميتة واستدلّوا بحديث أ ّ
إذا دبغ ،ول بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل
ما الطّير غير المأكول فمذهب الحنفيّة بالماء } .أ ّ
والمالكيّة في ريشه كمذهبهم في ريش الطّير
شافعيّة والحنابلة إلى المأكول أنّه طاهر .وذهب ال ّ
نجاسة ريش الطّير الميّت غير المأكول ،إل ّ أ ّ
ن
الحنابلة لهم تفصيل في ذلك .قال في المغني :
ن فشعره -أي وريشه -مثل بقيّة ل حيوا ٍوك ّ
أجزائه ،ما كان طاهًرا فشعره وريشه طاهر ،وما
سا فشعره -ريشه -كذلك ،ول فرق في كان نج ً
ن الحيوانات الّتي حالة الحياة وحالة الموت ،إل ّ أ ّ
سنّور وما حكمنا بطهارتها لمشّقة الحتراز منها ،كال ّ
دونه في الخلقة ،فيها بعد الموت وجهان :أحدهما :
أنّها نجسة ،لنّها كانت طاهرة ً مع وجود علّة
ض ،وهو الحاجة إلى العفو عنها التّنجيس لمعار ٍ
للمشّقة ،وقد انتفت الحاجة ،فتنتفي الطّهارة .
ح ; لنّها كانت والثّاني :هي طاهرة ،وهذا أص ّ
طاهرة ً في الحياة ،والموت ل يقتضي تنجيسها ،
فتبقى الطّهارة .
ي:ن من ح ٍ ّ حكم الّريش على عضوٍ مبا ٍ
شافعيّة :أنّه لو قطع جناح - 4قال البغويّ من ال ّ
ل في حياته فما عليه من الّريش نجس طائرٍ مأكو ٍ
تبعًا لميتته .وانظر التّفصيل في ( :شعر )
.حكم الّريش على الجلد المدبوغ :
66
- 5إذا دبغ جلد الميتة وعليه شعر ( أو ريش ) قال
ن الدّباغ ل يؤثّر في تطهيره . م :ل يطهر ل ّ في ال ّ
ي أنّهشافع ّالجيزي عن ال ّ
ّ وروى الّربيع بن سليمان
يطهر ; لنّه شعر -ريش -نابت على جلدٍ طاهرٍ
فكان كالجلد في الطّهارة ،كشعر الحيوان حال
شافعيّة .وينظر التّفصيل ح عند ال ّ الحياة ،والوّل أص ّ
:في ( دباغ ) ( ،شعر ) .
صيد للمحرم أو في الحرم حكم الجناية على ريش ال ّ
:
صيد أو شعره أو وبره - 6إن نتف المحرم ريش ال ّ
ن النّقص زال ،أشبه فعاد ما نتفه فل شيء عليه ; ل ّ
صيد غير ممتنٍع ما لو اندمل الجرح ،فإن صار ال ّ
حا صار به غير بنتف ريشه ونحوه فكما لو جرحه جر ً
ممتنٍع -أي عليه جزاء جميعه -وإن نتفه فغاب ولم
يعلم خبره فعليه نقصه .وينظر التّفصيل في :
( حرم ) ( ،صيد ) .
الستنجاء بالّريش :
- 7ل يحرم الستنجاء بالّريش إذا كان طاهًرا قالعًا ،
ك هل وجدت فيه تلك ولو استنجى بشي ٍء منه وش ّ
شافعيّة الجزاء . شروط أو ل ؟ فالمعتمد عند ال ّ ال ّ
وينظر ( استنجاء ) ( ،شعر ) .
سلم في الّريش ) : ال ّ
صوف والّريش شعر وال ّ سلم في الوبر وال ّ ح ال ّ
- 8يص ّ
ما لم يعيّن حيوانها .انظر التّفصيل في ( :سلم ) ،
( شعر ) ( ،صوف ) .
نتف الّريش بالماء الحاّر :
نجيم
ٍ - 9في فتاوى النقرويّ ( نقًل عن فتاوى ابن
في الحظر والباحة ) :سئل عن الدّجاج إذا ألقي
في الماء حال الغليان لينتف ريشه ،قبل شقّ بطنه
67
جس ،ولكن يغسل بالماء جس ؟ فأجاب :يتن ّ هل يتن ّ
ي على ت فيطهر .وجاء في شرح الّزرقان ّ ثلث مّرا ٍ
ل للمالكيّة :ليس من اللّحم المطبوخ مختصر خلي ٍ
بالنّجاسة الدّجاج المذبوح ،يوضع في ماءٍ حا ّ ٍر
ن هذا ليس لخراج ريشه من غير غسل المذبح ; ل ّ
بطبٍخ حتّى تدخل النّجاسة في أعماقه ،بل يغسل
ويؤكل .
===================
رجل * ِ
التّعريف :
ة :قدم النسان وغيره ،وهي مؤنّثة - 1الّرِجل لغ ً
وجمعها أرجل ،ورجل النسان هي من أصل الفخذ
ن
ضرِب ْ َإلى القدم ،ومنه قوله تعالى { :وَل ي َ ْ
ن } ورجل أرجل من زِينَتِهِ َّ َ َ بأ َ
ن ِ َ فيِ خ
ْ ُ ي ما
َ َم لْ ع ُ يِ ل ن ِ ّ هِ ل ج
ُ رِ ْ
أي :عظيم الّرجل ،والّراجل خلف الفارس ومنه
جال ً أَوْ ُركْبَانا ً } . م فَرِ َفت ُ ْ خ ْن ِ قوله تعالى { :فَإ ْ
ي يختلف باختلف الحال فيراد به ومعناه الصطلح ّ
القدم مع الكعبين كما هو في قوله تعالى:
م إِلَى الْكَعْبَين } ،ويراد به دون المفصل َ
جلَك ُ ْ { َوأْر ُ
ساق والقدم ،كما هو الحال في قطع رجل بين ال ّ
سارقة . سارق وال ّ ال ّ
ويطلق تارة ً فيراد به من أصل الفخذ إلى القدم .
ي:الحكم التّكليف ّ
وردت الحكام المتعلّقة بالّرجل في عددٍ من أبواب
الفقه منها ما يلي :
أ -الوضوء :
ن غسل الّرجلين مع - 2ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
ساق الكعبين -وهما العظمان النّاتئان عند مفصل ال ّ
َ
والقدم -من فروض الوضوء لقوله تعالى { :يَا أيُّهَا
68
َ
جوهَك ُ ْ
م سلُوا ْ وُ ُ صلةِ فاغ ْ ِ م إِلَى ال َّمت ُ ْمنُوا ْ إِذ َا قُ ْ نآ َ ال ّذِي َ
َ َ
مجلَك ُ ْ م وَأْر ُ حوا ْ بُِرؤُو ِ
سك ُ ْ س ُ م َ
ق وَا ْ
مَرافِ ِ م إِلَى ال ْ َ َوأيْدِيَك ُ ْ
صحيحة الّتي وردت ن } .وللحاديث ال ّ ْ
إِلى الكَعْبَي ِ
َ
ي
في غسل الّرجلين ،ومنها ما روي في وضوء النّب ّ
ل ثلثا ً « . ل رج ٍ صلى الله عليه وسلم » أنّه غسل ك ّ
م غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ظ»:ث ّ وفي لف ٍ
م غسل رجله اليسرى مثل ذلك « . ت،ث ّ ثلث مّرا ٍ
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم » :ويل للعقاب
ضئون وأعقابهم من النّار« وذلك عندما رأى قوما ً يتو ّ
سها الماء . تلوح لم يم ّ
ضأ ،فترك ن رجل ً تو ّ وعن عمر رضي الله عنه أ ّ
ي صلى الله موضع ظفرٍ على قدمه فأبصره النّب ّ
عليه وسلم فقال » :ارجع فأحسن وضوءك ،فرجع
م صلّى « . ث ّ
ن الفرض في الّرجلين هو سلف إلى أ ّ وذهب بعض ال ّ
مهاجر
ٍ المسح ل الغسل ،وذلك أخذا ً بقراءة
سك ُ ْ
م حوْا بُِرءُو ِ س ُ م َ"أرجلِكم" في قوله تعالى َ { :وا ْ
َ
ةل م } فإنّها تقتضي كون الرجل ممسوح ً جلِك ُ ْ َوأْر ُ
ة. مغسول ً
بري
ّ مد بن جريرٍ الط ّ وذهب الحسن البصريّ ومح ّ
ضئ مخيّر بين غسل الّرجلين وبين ن المتو ّ إلى أ ّ
ل واحدةٍ من القراءتين قد ثبت نك ّ مسحهما ،ل ّ
كونها قراءةً وتعذ ّر الجمع بين مقتضيهما وهو وجوب
الغسل بقراءة النّصب ووجوب المسح بقراءة الجّر ،
فيخيّر المكلّف إن شاء عمل بقراءة النّصب فغسل ،
وإن شاء عمل بقراءة الخفض فمسح ،وأيّهما فعل
يكون آتيا ً بالمفروض ،كما هو الحال في المر بأحد
الشياء الثّلثة في كّفارة اليمين .والتّفصيل في
مصطلح ( :وضوء ،مسح ) .
69
سرقة : ب -حد ّ ال ّ
سارق قطع يده ن حد ّ ال ّ - 3اتّفق الفقهاء على أ ّ
ة فَاقْطَعُواْ سارِقَ ُسارِقُ َوال َّ لقوله تعالى { :وَال َّ
ه عَزِيٌز ن اللّهِ َوالل ُّ م ً الَ ك ن ا سب َ ك ما ب زاء ج ما ه ي د يأَ
َ ِ ّ َ َ َ َ ِ َ َ َ ُ َ ِ ْ
سارق يده اليمنى ، م } وأوّل ما يقطع من ال ّ حكِي ٌ َ
ن البطش بها أقوى فكانت البداية بها أردع ،ولنّها ل ّ
سرقة ،فكانت العقوبة بقطعها أولى . آلة ال ّ
- 4واتّفقوا على أنّه إن سرق ثانيا ً قطعت رجله
اليسرى لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن
سارق » : ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال في ال ّ النّب ّ
سارق فاقطعوا يده ،فإن عاد فاقطعوا إذا سرق ال ّ
رجله « ولنّه في المحاربة الموجبة قطع عضوين
إنّما تقطع يده ورجله ،ول تقطع يداه ،وحكي عن
عطاءٍ وربيعة أنّه إن سرق ثانيا ً تقطع يده اليسرى
َ
نما } ول ّ لقوله سبحانه وتعالى { :فَاقْطَعُوا ْ أيْدِي َ ُه َ
سرقة والبطش فكانت العقوبة بقطعها اليد آلة ال ّ
أولى ،قال ابن قدامة -بعد أن ذكر هذا القول -
وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء المصار من
صحابة والتّابعين ومن بعدهم أهل الفقه والثر من ال ّ
.
-5واختلف الفقهاء فيما إذا سرق ثالثا ً بعد قطع يده
اليمنى ورجله اليسرى .
فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه ل يقطع منه شيء
ن عمر رضي الله عنه بل يعّزر ويحبس ،واستدلّوا بأ ّ
ق أقطع اليد والّرجل قد سرق يقال له : أتي بسار ٍ
ي رضي الله سدوم ،وأراد أن يقطعه ،فقال له عل ّ
ل ،فحبسه عمر ،ولم عنه :إنّما عليه قطع يد ٍ ورج ٍ
يقطعه .
70
ن عليّا ً رضي ولما روى أبو سعيد ٍ المقبريّ عن أبيه أ ّ
م أتي به ق فقطع يده -اليمنى -ث ّ الله عنه أتي بسار ٍ
م أتي به الثّانية وقد سرق فقطع رجله -اليسرى -ث ّ
الثّالثة وقد سرق ،فقال لصحابه :ما ترون في
هذا ؟ قالوا :اقطعه يا أمير المؤمنين ،فقال :قتلته
إذن وما عليه القتل ،ل أقطعه ،إن قطعت يده
ي شيءٍ يأكل الطّعام ،وبأيّ شيءٍ يتو ّ
ضأ فبأ ٍ ّ
وبأي شيءٍ ّ صلة ،وبأيّ شيءٍ يغتسل من جنابته ، لل ّ
بأي
ّ بأي شيءٍ يمشي ، ّ سح ،وإن قطعت رجله يتم ّ
شيءٍ يقوم على حاجته ،إنّي لستحيي من اللّه أن
ل أدع له يدا ً يبطش بها ،ول رجل ً يمشي عليها ،ث ّ
م
ضربه بخشبةٍ وحبسه .
زهري
ّ ي وال ّ ي والنّخع ّ شعب ّ وإلى هذا ذهب الحسن وال ّ
وري .
ّ ماد والث ّ وح ّ
شافعيّة وهو رواية عن أحمد إلى وذهب المالكيّة وال ّ
أنّه إن سرق ثالثا ً قطعت يده اليسرى .فإن سرق
رابعا ً قطعت رجله اليمنى ،لما روى أبو هريرة
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّرضي الله عنه » أ ّ
م إن سارق :إن سرق فاقطعوا يده ،ث ّ قال في ال ّ
م إن سرق فاقطعوا يده ، سرق فاقطعوا رجله ،ث ّ
م إن سرق فاقطعوا رجله « . ث ّ
ولنّه فعل أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما ،وإلى
هذا ذهب قتادة وأبو ثورٍ ،وابن المنذر ،وتقطع رجل
ساق والقدم . سارق من المفصل بين ال ّ ال ّ
ج -قاطع الطّريق :
شافعيّة - 6ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة وال ّ
ن قاطع الطّريق إذا أخذ المال ولم والحنابلة إلى أ ّ
يقتل ،وكان المال الّذي أخذه بمقدار ما تقطع به يد
سارق ،فإنّه تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ، ال ّ
71
َ
ن الل ّ َ
ه حارِبُو َ ن يُ َ جَزاء ال ّذِي َ ما َ لقوله تعالى { :إِن َّ َ
قتَّلُوا ْ أ َ ْوسادا ً أَن ي ُ َ ض فَ َ َ ِ ر
ْ
ن فِي ال َ سعَوْ َه َوي َ ْ
ُ سول َ َوَر ُ
ف} ُ يصلَّبوا ْ أَو تَقط ّع أ َ
َ
خل ٍ ن ِ م
ِ
ُ ّ ْ م ه جل ُ ر أ و
ِ ْ َ ْ م يه ِ د ْ ي َ ْ ُ ُ َ ُ
وبهذا تتحّقق المخالفة المذكورة في الية ،وهي
أرفق به في إمكان مشيه .
ن المام مخيّر ،فيحكم بين وذهب المالكيّة إلى أ ّ
صلب والقطع والنّفي ،سواء قتل وأخذ القتل وال ّ
المال ،أم قتل فقط ،أو أخذ المال فقط ،أم خوّف
دون أن يقتل أو يأخذ المال .والتّفصيل في مصطلح
( :حرابة ) .
د -دية الّرِجل :
ة
ن في قطع الّرجلين دي ً - 7اتّفق الفقهاء على أ ّ
ة ،وفي قطع إحداهما نصف الدّية ،وفي قطع كامل ً
أصبع الّرجل عشر الدّية ،وفي أنملتها ثلث العشر
إل ّ البهام ففي أنملتها نصف العشر إذ ليس فيه إلّ
ن
أنملتان لحديث عمرو بن حزم ٍ عن أبيه عن جدّه أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب له في كتابه
» :وفي الّرجل الواحدة نصف الدّية « .
قال ابن عبد البّر :كتاب عمرو بن حزم ٍ معروف
عند الفقهاء وما فيه متّفق عليه عند العلماء إل ّ قليلً
.
ن قطع الّرجل يوجب نصف الدّية واتّفقوا أيضا ً على أ ّ
إذا كان من الكعبين أو من أصول الصابع الخمسة ،
ساق أو من الّركبة أو واختلفوا فيما إذا قطعت من ال ّ
من الفخذ أو من الورك .
فذهب الجمهور " المالكيّة ،والحنابلة وبعض
ن قطع شافعيّة وهو رواية عن أبي يوسف " إلى أ ّ ال ّ
ن الّرجل الّرجل من هذه الماكن ل تزيد به الدّية ،ل ّ
اسم لهذه الجارحة إلى أصل الفخذ ،فل يزاد على
72
ساق أو الفخذ ليس لها أرش ن ال ّ شرع ،ول ّ تقدير ال ّ
مقدّر شرعا ً ،فيكون تبعا ً لما له أرش مقدّر وهي
القدم .
ل
شافعيّة إلى وجوب حكومة عد ٍ وذهب الحنفيّة وال ّ
في ذلك زيادة ً على نصف الدّية الواجب في القدم .
ل) والتّفصيل في مصطلح ( :دية ،وحكومة عد ٍ
هـ – هل الّرِجل من العورة ؟
ن رجل المرأة الحّرة عورة - 8اتّفق الفقهاء على أ ّ
ما عدا قدميها .
سّرة والّركبة من ن ما بين ال ّ وذهب الجمهور إلى أ ّ
الّرجل عورة بالنّسبة للّرجال .
سّرة من الّرجل م اختلفوا في كون الّركبتين وال ّ ث ّ
عورة .
وينظر ( :عورة ) .
===============
زبل .
التّعريف
سرقين ،وهما فضلة الحيوان ة :ال ّ - 1الّزبل لغ ً
الخارجة من الدّبر ،والمزبلة مكان طرح الّزبل
وموضعه ،والجمع مزابل .ويستعمل الفقهاء هذا
ي
سر الحصكف ّ غوي .وف ّ ّ اللّفظ بنفس المعنى الل ّ
شرنبلليّة :هو سرقين بالّزبل ،وفي ال ّ ي ال ّ
والبهوت ّ
سرقين أصلها رجيع ( فضلة ) ما سوى النسان .وال ّ
( :سركين ) بالكاف فعّربت إلى الجيم والقاف ،
سرقين فيقال سرجين وسرقين ،والّروث وال ّ
سرقين ن ال ّ يأ ّ لفظان مترادفان .وعن الصمع ّ
سرقين هو رجيع ما ن ال ّالّروث .ونقل ابن عابدين أ ّ
ل من الّروث ، سوى النسان .ويختلف الّزبل عن ك ٍّ
والخثي ،والبعر ،والخرء ،والنّجو ،والعذرة .
73
فالّروث للفرس والبغل والحمار ،والخثي للبقر
والفيل ،والبعر للبل والغنم ،والذ ّرق للطّيور ،
والنّجو للكلب ،والعذرة للنسان ،والخرء للطّير
والكلب والجرذ والنسان .وقد يستعمل بعض هذه
سعًا .ض تو ّ اللفاظ مكان بع ٍ
حكم الّزبل من حيث الطّهارة والنّجاسة :اختلف
الفقهاء في حكم طهارته وتفصيل ذلك في مصطلح
( :روث ) .
صلة في المزبلة : ال ّ
صلة في شافعيّة كراهة ال ّ - 2يرى الحنفيّة وال ّ
صلة المزبلة إذا لم تكن بها نجاسة .وجازت ال ّ
بمزبلةٍ عند المالكيّة إذا أمنت من النّجس -بأن جزم
ققت نجاستها أو ظنّت ما إذا تح ّ ن طهارتها -أ ّ أو ظ ّ
صلة فيها ،وإذا صلّى أعاد أبدًا ،وإن فل تجوز ال ّ
ك في نجاستها أعاد في الوقت على الّراجح بناءً ش ّ
ك، على ترجيح الصل على الغالب وهو قول مال ٍ
حا للغالب على ب :يعيد أبدًا ترجي ً وقال ابن حبي ٍ
صلة في حة ال ّ
الصل .وذهب الحنابلة إلى عدم ص ّ
المزبلة ولو طاهرة ً .وللتّفصيل ( ر :صلة ) .
صلة بالثّوب المصاب بالّزبل : ال ّ
ما يؤكل - 3الّزبل منه ما هو طاهر ،كذرق الطّيور م ّ
لحمه عند جمهور الفقهاء ،وفضلة سائر الحيوانات
الّتي يؤكل لحمها عند المالكيّة والحنابلة ،فإذا
جسه ، أصاب شيء منها بدن النسان أو ثوبه ل ين ّ
ما الّزبل النّجس ،كفضلة ول تفسد صلته عندهم .أ ّ
الحيوانات الّتي ل يؤكل لحمها ،وكذلك فضلة
الحيوانات مأكولة اللّحم عند من يقول بنجاستها
ففيه ما يأتي من التّفصيل :قال الحنفيّة :النّجاسة
ل،صلة قدر الدّرهم فأق ّ الغليظة يعفى عنها في ال ّ
74
ل ،وللتّمييز والخفيفة يعفى عنها قدر ربع الثّوب فأق ّ
بينهما ( ر :نجاسة ) .فإذا أصاب الثّوب من الّروث
أو من أخثاء البقر أكثر من قدر الدّرهم لم تجز
ص الوارد فيه ن الن ّ ّصلة فيه عند أبي حنيفة ،ل ّ ال ّ
وهو قوله صلى الله عليه وسلم { :هذا رجس أو
ركس } لم يعارضه غيره ،فيكون من النّجاسة
صلةمد :يجزئه ال ّ الغليظة .وقال أبو يوسف ومح ّ
ن للجتهاد فيه حتّى يفحش ،أي يصل ربع الثّوب ; ل ّ
ن فيهمساغًا فيثبت التّخفيف في نجاستها .ول ّ
ضرورة ً لعدم خلوّ الطّرق فيه .وإن أصابه خرء ما ل
صقر والبازي والحدأة يؤكل لحمه من الطّيور كال ّ
صلة فيه عند وكان أكثر من قدر الدّرهم جازت ال ّ
أبي حنيفة وأبي يوسف ; لنّها تذرق من الهواء
ضرورة .وقال والتّحامي عنها متعذ ّر فتحّققت ال ّ
ضرورة ،ول ن التّخفيف لل ّ مد :ل تجوز ; ل ّ مح ّ
ضرورة هنا لعدم المخالطة .
اقتناء الّزبل واستعماله .
- 4الّزبل الطّاهر يجوز اقتناؤه ،واستعماله في
الّزراعة والتّسخين وإنضاج الخبز ونحوها .واختلفوا
في الّزبل النّجس .فقال الحنفيّة :يجوز اقتناؤه
واستعماله في تنمية الّزرع وإنضاج الخبز ونحوهما .
كذلك يجوز الستفادة من الّزبل واقتناؤه للّزراعة
شافعيّة لكنّه يكره ذلك عندهم .وقالوا : عند ال ّ
الّزرع النّابت على الّزبل ليس بنجس العين ،لكن
ينجس بملقاة النّجاسة فإذا غسل طهر ،وإذا سنبل
فحبّاته الخارجة طاهرة .والصل عند المالكيّة أنّه ل
س ،لكنّهم استثنوا منه أشياء منها يجوز النتفاع بنج ٍ
:جعل عذرةٍ بماء سقي الّزرع فيجوز عندهم ،
ن الخبز المخبوز على نار الّروث والمعتمد عندهم أ ّ
75
النّجس طاهر ولو تعلّق به شيء من الّرماد .ولم
نعثر للحنابلة على كلم ٍ في استعمال الّزبل ،لكنّهم
صّرحوا بعدم جواز بيع الّزبل النّجس ،كما سيأتي
في الفقرة التّالية .
بيع الّزبل :
- 5يرى الحنفيّة جواز بيع الّزبل لتّفاق أهل المصار
في جميع العصار على بيعه من غير إنكارٍ ،ولنّه
يجوز النتفاع به ،فجاز بيعه كسائر الشياء .وذكر
ل للمالكيّة :
ابن عرفة في بيع الّزبل ثلثة أقوا ٍ
أ -المنع ،وهو قياس ابن القاسم للّزبل على
ك. العذرة في المنع عند مال ٍ
ب -الجواز ،وهو قول لبن القاسم .
ضرورة ،وهو قول أشهب .وتزاد ج -الجواز لل ّ
المدونة وفهم أبي الحسن .هذا ّ الكراهة على ظاهر
والعمل عند المالكيّة على جواز بيع الّزبل دون
ن القول ضرورة .قال الحطّاب :واعلم أ ّ العذرة لل ّ
بالمنع هو الجاري على أصل المذهب في المنع من
ضرورة . بيع النّجاسات ،والقول بالجواز لمراعاة ال ّ
ن
ومن قال بالكراهة تعارض عنده المران ،ورأى أ ّ
أخذ الثّمن عن ذلك ليس من مكارم الخلق .
ن العلّة في الجواز إنّما هي والقول الخر رأى أ ّ
الضطرار ،فل بد ّ من تحّققها بوجود الضطرار إليه
شافعيّة :بيع زبل البهائم المأكولة وغيرها .وقال ال ّ
س ّ
باطل وثمنه حرام .واستدلوا بحديث ابن عبّا ٍ
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ
رضي الله عنه أ ّ
ن اللّه إذا حّرم على قوم ٍ شيئًا حّرم عليهم {إ ّ
ن الّزبل نجس العين فلم يجز بيعه ثمنه } .ول ّ
حة بيع الّزبلكالعذرة .ويرى الحنابلة عدم ص ّ
76
النّجس بخلف الطّاهر منه ،كروث الحمام ،وبهيمة
ي عنه ) . النعام .وللتّفصيل ( ر :نجاسة ،وبيع منه ّ
================
زبور .
التّعريف
- 1الّزبور :فعول من الّزبر ،وهو الكتابة ،بمعنى
المزبور أي :المكتوب .وجمعه :زبر .والّزبور :
ن
سلم ،كما أ ّ صلة وال ّكتاب داود على نبيّنا وعليه ال ّ
التّوراة هي المنّزلة على موسى عليه الصلة
والسلم ،والنجيل هو المنّزل على عيسى عليه
مدٍ صلى الصلة والسلم .والقرآن المنّزل على مح ّ
الله عليه وسلم .قال اللّه تعالى { :وآتينا داود
ة وخمسين سورةً ،ليس فيها زبوًرا } .وكان مائ ً
حكم ،ول حلل ،ول حرام ،وإنّما هي حكم
ومواعظ ،والتّحميد والتّمجيد والثّناء على اللّه تعالى
ي. ،كما قال القرطب ّ
س الّزبور للمحدث : ي ) :أوًّل :م ّالحكم الجمال ّ
س القرآن - 2اتّفق الفقهاء على أنّه ل يجوز م ّ
سه إل ّ المطهّرون } للمحدث ،لقوله تعالى { :ل يم ّ
س القرآن .ولقوله صلى الله عليه وسلم { :ل يم ّ
إل ّ طاهر } .وألحق بعض الفقهاء به كتب التّفسير
ما
إذا كان القرآن فيه أكثر ( .ر :مصحف ) .أ ّ
سماويّة الخرى ،كالتّوراة والنجيل والّزبور الكتب ال ّ
فاختلفوا فيها :فقال المالكيّة والحنابلة :ل يكره
س التّوراة والنجيل والّزبور ،وزاد الحنابلة : م ّ
ث إن وجدت ; لنّها وصحف إبراهيم وموسى وشي ٍ
ص إنّما ورد في القرآن .وقال ليست قرآنًا ،والن ّ ّ
ل
ن في التّوراة ونحوها غير مبد ّ ٍ نأ ّ شافعيّة :إن ظ ّ ال ّ
77
ن المبدّل منها -وهو سه ،ويفهم من هذا أ ّ كره م ّ
سه عندهم . الغالب -ل يكره م ّ
ثانيًا :وجوب اليمان بالّزبور :
- 3اليمان بما أوتي النّبيّون من ربّهم واجب من
ق ،والّزبور كتاب أنزل على داود عليه غير تفري ٍ
الصلة والسلم كما تقدّم فيجب اليمان به ،كما
وجب اليمان على ما أنزل إلى سائر النبياء عليهم
الصلة والسلم ،لقوله تعالى { :قولوا آمنّا باللّه
وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوتي موسى
د
وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم ل نفّرق بين أح ٍ
منهم ونحن له مسلمون } .يعني ل نفّرق بينهم بأن
ض كما فعل اليهود نؤمن ببعض النبياء ونكفر ببع ٍ
والنّصارى ،بل نشهد لجميعهم أنّهم كانوا رسل اللّه
ق والهدى .واليمان الواجب وأنبياءه بعثوا بالح ّ
بالّزبور وسائر الكتب المنّزلة قبل القرآن العظيم هو
اليمان بها على ما أنزلت عليه قبل أن يدخل عليها
التّحريف .
=================
زخرفة .
التّعريف
شيء ، ة الّزينة وكمال حسن ال ّ - 1الّزخرفة لغ ً
ة
ل زين ٍ ميت ك ّ مس ّوالّزخرف في الصل الذ ّهب ،ث ّ
زخرفًا .والمزخرف المزيّن ،وتزخرف الّرجل إذا
تزيّن وزخرف البيت أي زيّنه ،ومنه قوله تعالى :
{ ولبيوتهم أبوابًا وسرًرا عليها يتّكئون وزخرفًا } ...
ل ما زوّق أو زيّن فقد زخرف ،وزخرف القول ، وك ّ
أي المزوّقات من الكلم .ول يخرج معناه
غوي .
ّ ي عن معناه الل ّ الصطلح ّ
78
صلة ) :التّزويق : ( اللفاظ ذات ال ّ
ة الّزينة ،وأصله من الّزاووق ، - 2الّزوق لغ ً
ن
ل مزي ّ ٍ مي ك ّ م كثر حتّى س ّ والمزوّق المزيّن به ،ث ّ
وزوقت الكلم والكتاب إذا أحسنته ّ مزوقًا ،
ّ بشيءٍ
ي أن وقوّمته ،وفي الحديث { :إنّه ليس لي أو لنب ٍ ّ
مزوقًا } .أي مزيّنًا " ّ يدخل بيتًا
ي ) :زخرفة المساجد : ( الحكم التّكليف ّ
- 3ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يكره زخرفة
ش ،أو صبٍغ ،أو ضةٍ ،أو نق ٍ ب أو ف ّ المسجد بذه ٍ
ما يلهي المصلّي عن صلته ،ل ّ
ن كتابةٍ أو غير ذلك م ّ
ي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك .فعن ابن النّب ّ
س رضي الله عنهما قال :قال رسول اللّه صلى عبّا ٍ
الله عليه وسلم { :ما أمرت بتشييد المساجد }
س
ص ،قال ابن عبّا ٍ شيد أي الج ّ والتّشييد :الطّلء بال ّ
:لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنّصارى .وعن
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ س رضي الله عنه أ ّ أن ٍ
ساعة حتّى يتباهى النّاس في قال { :ل تقوم ال ّ
ن عمر المساجد } .وروى البخاريّ في صحيحه أ ّ
ن النّاس رضي الله عنه أمر ببناء مسجد ٍ وقال :أك ّ
مر أو تصّفر فتفتن النّاس . من المطر ،وإيّاك أن تح ّ
وقال أبو الدّرداء رضي الله عنه :إذا حلّيتم
مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدّبار عليكم .
صلة بالنّظر إليه ن ذلك يلهي المصلّي عن ال ّ ول ّ
ساعة . ن هذا من أشراط ال ّ ل بخشوعه ; ول ّ فيخ ّ
واتّفق الفقهاء على أنّه ل يجوز زخرفة المسجد أو
ن الفاعل يضمن ذلك نقشه من مال الوقف ،وأ ّ
ي عنه ول مصلحة فيه وليس ويغرم القيمة ; لنّه منه ّ
ببناءٍ ،قال الحنفيّة :إل ّ إذا خيف طمع الظّلمة ،كأن
ن عن اجتمعت عنده أموال المسجد وهو مستغ ٍ
79
العمارة فل بأس بزخرفته .وكذلك ما لو كانت
الّزخرفة لحكام البناء ،أو كان الواقف قد فعل مثله
،لقولهم :إنّه يعمر الوقف كما كان ،فل بأس به
كذلك .
- 4وذهب بعض الفقهاء ومنهم الحنابلة وأحد
شافعيّة إلى أنّه يحرم زخرفة الوجهين لدى ال ّ
ضةٍ وتجب إزالته كسائر ب أو ف ّالمسجد بذه ٍ
المنكرات ; لنّه إسراف ،ويفضي إلى كسر قلوب
ب أو الفقراء ،كما يحرم تمويه سقفه أو حائله بذه ٍ
صل منه شيء بالعرض ضةٍ ،وتجب إزالته إن تح ّ ف ّ
على النّار ،فإن لم يجتمع منه شيء بالعرض على
النّار فله استدامته حينئذ ٍ لعدم الماليّة ،فل فائدة
ما
ن عمر بن عبد العزيز ل ّ في إتلفه ،ولما روي أ ّ
ماولي الخلفة أراد جمع ما في مسجد دمشق م ّ
موّه به من الذ ّهب فقيل له :إنّه ل يجتمع منه شيء
فتركه ،وأوّل من ذهّب الكعبة في السلم وزخرفها
وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك ،ولذلك
عدّها كثير من العلماء من أقسام البدعة المكروهة .
شافعيّة وهو قول عند وذهب بعض الفقهاء من ال ّ
ب ،أو الحنفيّة :إلى استحباب زخرفة المسجد بذه ٍ
ش ،أو صبٍغ ،أو كتابةٍ أو غير ذلك لما ضةٍ ،أو نق ٍف ّ
شعائر السلميّة . فيه من تعظيم المسجد وإحياء ال ّ
وذهب الحنفيّة في الّراجح عندهم إلى أنّه ل بأس
ب أو
ص أو ماء ذه ٍبزخرفة المسجد أو نقشه بج ٍّ
نحوهما من الشياء الثّمينة ما لم يكن ذلك في
المحراب أو جدار القبلة ; لنّه يشغل قلب
المصلّي ،وما لم يكن كذلك في حائط الميمنة أو
ضا يلهي المصلّي القريب منه ،أ ّ
ما الميسرة ،لنّه أي ً
زخرفة هذه الماكن من المسجد فمكروهة عندهم
80
ضا .والتّفاصيل في مصطلح ( مساجد ،وقف ، أي ً
ذهب ) .
ب -زخرفة المصحف :
- 5ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة وهو أحد القوال لدى الحنابلة إلى جواز وال ّ
ما
ضة وغيرهما تعظي ً زخرفة المصاحف بالذ ّهب والف ّ
للقرآن وإعزاًزا للدّين .واتّفق هؤلء على حرمة
الّزخرفة بالذ ّهب لما عدا المصحف من كتب العلم
ب
الخرى .وذهب الحنابلة إلى كراهة زخرفته بذه ٍ
ب ضةٍ لتضييق النّقدين ،وإلى حرمة كتابته بذه ٍ أو ف ّ
ضةٍ ،ويؤمر بحكّه ،فإن كان يجتمع منه شيء أو ف ّ
ل آخر يتموّل به زكّاه إن بلغ نصابًا أو بانضمام ما ٍ
له ،قال أبو الخطّاب :يزكّيه إن بلغ نصابًا ،وله
ل،شافعيّة في قو ٍ حكّه وأخذه .وإلى هذا ذهب ال ّ
شافعيّة :جواز زخرفته بالذ ّهب ح عند ال ّ والقول الص ّ
ي بخلف الّرجل فل يجوز له ،وتجوز صب ّللمرأة وال ّ
ضة للّرجل أو المرأة ،وقيل :ل يجوز زخرفته بالف ّ
زخرفة المصحف بالذ ّهب ل للّرجل ول للمرأة .
والتّفاصيل في مصطلح ( :مصحف ،ذهب )
ج ( -زخرفة البيوت ) :
- 6ذهب الجمهور إلى حرمة زخرفة البيوت
ما الّزخرفة بغيرها فل ضةٍ ،أ ّ
ب أو ف ّ والحوانيت بذه ٍ
بأس بها ما لم تخرج إلى حد ّ السراف .وكذلك
سقف والحائط والجدار ; لما فيه من يحرم تمويه ال ّ
السراف والخيلء ،وكسر قلوب الفقراء .وتجب
إزالته ; لنّه منكر من المنكرات ،كما تجب زكاته
مه إلى غيره ،فإن لم إن بلغ نصابًا بنفسه أو ض ّ
يجتمع منه شيء بعرضه على النّار فله استدامته ،
81
ول زكاة فيه لعدم الماليّة .وانظر مصطلح ( :نقش
).
ضة في -7هذا وتجوز الّزخرفة بغير الذ ّهب والف ّ
القمشة والخشب وغير ذلك وسائر المتعة ما لم
يصل إلى درجة السراف .
==============
زرع .
التّعريف
- 1الّزرع في اللّغة :ما استنبت بالبذر -تسمي ً
ة
بالمصدر -ومنه يقال :حصدت الّزرع أي :النّبات ،
مى زرعًا إلّ والجمع :زروع .قال بعضهم :ول يس ّ
شعير ، ض طريّ .وقد غلب على البّر وال ّ وهو غ ّ
ل شي ٍء يحرث ،وقيل : وقيل :الّزرع :نبات ك ّ
ي
الّزرع :طرح البذر .ول يخرج المعنى الصطلح ّ
غوي .
ّ عن المعنى الل ّ
صلة ) : ( اللفاظ ذات ال ّ
أ -الغرس :
شجرة - 2الغرس مصدر غرس يقال :غرست ال ّ
شجر مغروس وغرس وغراس .فالفرق سا فال ّ
غر ً
شجر . ص بال ّ
بينه وبين الّزرع ،أنّه مخت ّ
الحكام الّتي تتعلّق بالّزرع :إحياء الموات :
ن من جملة ما تحيا به - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
الرض زرعا أو الغرس فيها .وقد تقدّم في مصطلح
( إحياء الموات ) ( . ) 249 - 248 2
( زكاة الّزروع ) :
ن الّزكاة واجبة في الّزروع مة على أ ّ - 4أجمعت ال ّ
من حيث الجملة .وتفصيل ذلك في مصطلح ( زكاة
).
بيع الّزروع :
82
- 5إذا باع الرض وأطلق ،دخل ما فيها من الّزرع
ن الّزرع تابع ولو سواء اشتد ّ وأمن العاهة أم ل ; ل ّ
بيع وحده لم يجز إل ّ بعد اشتداده ليأمن العاهة .وإذا
خل الرض .ويجوز بيع الرض باع الّزرع لم تد ّ
واستثناء ما فيها من الّزرع .وتفصيله في ( بيع ) .
بيع المحاقلة :
ة
- 6المحاقلة :هي بيع الحنطة في سنبلها بحنط ٍ
ن بيع صا .ول خلف بين الفقهاء في أ ّ مثل كيلها خر ً
المحاقلة غير صحيح ،إذ هو فاسد عند الحنفيّة
باطل عند الجمهور ،وتفصيله في ( بيع ) ( ، 138 9
. ) 168
بيع ما يكمن في الرض :
- 7اختلف الفقهاء في بيع ما يكمن في الرض من
الّزرع قبل قلعه ،كالبصل ،والثّوم ،ونحوهما ،
شافعيّة والحنابلة إلى عدم الجواز .وذهب فذهب ال ّ
ط .وقد سبق الحنفيّة والمالكيّة إلى الجواز بشر ٍ
تفصيله في مصطلح ( جهالة . ) 171 - 170 9
إتلف الّزرع :
ب من الّزروع - 8فّرق الفقهاء بين ما تتلفه الدّوا ّ
نهاًرا وبين ما تتلفه ليًل ،فذهب الجمهور إلى أ ّ
ن
نب;ل ّ التلف إذا كان ليًل ضمن صاحب الدّوا ّ
ما إذا وقع التلف نهاًرا ، فعلها منسوب إليه .وأ ّ
ب وحدها فل ضمان على صاحبها عند وكانت الدّوا ّ
ن العادة الغالبة حفظ الّزرع نهاًرا من الجمهور ،ل ّ
قبل صاحبه .وقد سبق الكلم على هذا في مصطلح
( إتلف . ) 224 1
=================
زعفران .
التّعريف
83
ي مقمر من الفصيلة - 1الّزعفران نبات بصل ّ
ي مشهور ي طب ّ ّ ري ونوع صيف ّ سوسنيّة منه أنواع ب ّ ّ ال ّ
.وزعفرت الثّوب صبغته فهو مزعفر .
ي لستعمال الّزعفران : الحكم الجمال ّ
أ -حكم المياه الّتي خالطها طاهر كالّزعفران :
ن الماء الّذي خالطه مة على أ ّ - 2اتّفق الئ ّ
الّزعفران أو غيره من الشياء الطّاهرة الّتي تنف ّ
ك
عن الماء غالبًا متى غيّرت أحد أوصافه الثّلثة ،فإنّه
طاهر .ولكنّهم اختلفوا في طهوريّته ،فذهب
الجمهور إلى أنّه غير مطهّرٍ لنّه ل يتناوله اسم الماء
ممواالمطلق لقوله تعالى { :فلم تجدوا ماءً فتي ّ
ماصعيدًا طيّبًا } .فالماء هنا على إطلقه ،وأ ّ
شيء الّذي خالطه ،فيقال المخالط فيضاف إلى ال ّ
ن .وذهب الحنفيّة إلى ن ،أو ريحا ٍ مثًل :ماء زعفرا ٍ
ما المتغيّر أنّه مطهّر ما لم يكن التّغيّر عن طبٍخ .أ ّ
بالطّبخ مع شيءٍ طاهرٍ فقد أجمعوا على أنّه ل يجوز
الوضوء ول التّطهّر به ( .ر :مياه ) .
ب -الختضاب بالّزعفران :
ك
ب الختضاب بالّزعفران لحديث أبي مال ٍ - 3يستح ّ
ي عن أبيه ،قال { :كان خضابنا مع رسول الشجع ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم الورس والّزعفران }
شيب ن أحسن ما غيّرتم به ال ّ وعن أبي ذّرٍ ورفعه { إ ّ
الحنّاء والكتم } .قال ابن عابدين :الحديث يد ّ
ل
ن الخضاب غير مقصورٍ عليهما بل يشاركهما على أ ّ
غيرهما من أنواع الخضاب في أصل الحسن .
ولحديث أبي أمامة قال { :خرج رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم على شيخةٍ من النصار بيض لحاهم
فروا وخالفوا مروا وص ّفقال :يا معشر النصار ح ّ
صفرة هي أثر الّزعفران .واتّفق أهل الكتاب } ،وال ّ
84
ي بالّزعفران صب ّمة على جواز خضب رأس ال ّ الئ ّ
وبالخلوق ( قال بعض الفقهاء :هو طيب مائع فيه
صفرة ) وقال ابن حجرٍ :الخلوق طيب يصنع من
ن وغيره .وفي حديث بريدة رضي الله عنه زعفرا ٍ
قال { :كنّا في الجاهليّة إذا ولد لحدنا غلم ذبح
ما جاء اللّه بالسلم كنّا شاةً ولطّخ رأسه بدمها ،فل ّ
ن} نذبح شاةً ونحلق رأسه ونلطّخه بزعفرا ٍ
تزعفر الّرجل :
ما الّرجل فقد - 4الصل جواز التّزعفر للمرأة .أ ّ
ي أنّه قال :أنهى الّرجل شافع ّ ي عن ال ّ نقل البيهق ّ
ل أن يتزعفر ،وآمره إذا تزعفر أن ل حا ٍ الحلل بك ّ
خص في المعصفر ،لنّني لم أجد أحدًا يغسله ،وأر ّ
ي رضي الله عنه :نهاني يحكي عنه إل ّ ما قال عل ّ
ول أقول نهاكم .وقال الحنفيّة والحنابلة :بكراهة
لبس الثّياب المصبوغة بالّزعفران والمعصفر
للّرجال للحاديث الواردة ،منها حديث عبد اللّه بن
عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :رأى رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين ،
ن هذه من ثياب الكّفار فل تلبسها } . فقال { :إ ّ
وقد حملوا النّهي على الكراهة ل على التّحريم ،
س رضي الله عنه { :رأى وهو مشهور ،لقول أن ٍ
ي صلى الله عليه وسلم على عبد الّرحمن بن النّب ّ
ف أثر صفرةٍ فقال :ما هذا ؟ قال :إنّي تزوّجت عو ٍ
ب فقال :بارك اللّه لك امرأةً على وزن نواةٍ من ذه ٍ
خص ك أنّه ر ّ
.أولم ولو بشاةٍ } . .وقد روي عن مال ٍ
في لبس المزعفر والمعصفر في البيوت وكرهه في
س قال { :دخل رجل المحافل والسواق .وعن أن ٍ
ة
ي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفر ٍ على النّب ّ
فكره ذلك ،وقلّما كان يواجه أحدًا بشي ٍء يكرهه ،
85
ما قام قال :لو أمرتم هذا أن يترك هذه فل ّ
ن لبس هذين ل يعدو صفرة } .وهذا دليل على أ ّ ال ّ
ما لمره رسول اللّه صلى الكراهة ،فلو كان محّر ً
الله عليه وسلم أن يغسله ولما سكت عن نصحه
د
وإرشاده .هذا والكراهة لمن تزعفر في بدنه أش ّ
س
من الكراهة لمن تزعفر في ثوبه ،لحديث أن ٍ
ي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه { نهى النّب ّ
مار
أن يتزعفر الّرجل } .ولبي داود من حديث ع ّ ٍ
قال { :قدمت على أهلي ليًل وقد تشّققت يداي ،
ي صلى الله فخلقوني بالّزعفران ،فغدوت على النّب ّ
حب ي ولم ير ّ عليه وسلم فسلّمت عليه فلم يرد ّ عل ّ
م قال :ل بي .وقال :اذهب فاغسل هذا عنك ،ث ّ
مختحضر الملئكة جنازة الكافر بخيرٍ ،ول المتض ّ
بالّزعفران ،ول الجنب } .وللتّفصيل ( ر :ألبسة )
( -أكل الّزعفران ) :
- 5يحرم أكل كثير الّزعفران لنّه يزيل العقل ،وقد
شافعيّة بذلك وعدّوه من المسكرات صّرح ال ّ
الجامدة الّتي تحرم ،ول حد ّ فيها ،بل فيها التّعزير .
وهي طاهرة في ذاتها بخلف المائعات من
المسكرات .
هـ -أكل الّزعفران في الحرام :
صا أو شربه للمحرم - 6يحظر أكل الّزعفران خال ً
ما إذا خلط مة اتّفاقًا ; لنّه نوع من الطّيب .أ ّ عند الئ ّ
بطعام ٍ قبل الطّبخ وطبخه معه فل شيء عليه قليًل
كان أو كثيًرا ،عند الحنفيّة والمالكيّة .وكذا عند
الحنفيّة لو خلطه بطعام ٍ مطبوٍخ بعد الطّبخ فإنّه ل
بطعام
ٍ ما إذا خلطه شيء على المحرم في أكله .أ ّ
غير مطبوٍخ ،فإن كان الطّعام غالبًا فل شيء عليه
ول فدية إن لم توجد الّرائحة ،وإل ّ يكره عندهم عند
86
وجود الّرائحة الطّيّبة .وإن كان الطّيب غالبًا وجب
في أكله الدّم سواء ظهرت رائحته أو لم تظهر ،
ما عند المالكيّة فك ّ
ل كخلط الّزعفران بالملح .وأ ّ
طعام ٍ خلط بعد الطّبخ بالّزعفران فهو محظور على
صور وفيه الفدية .وعند الحنفيّة المحرم في ك ّ
ل ال ّ
ب ،وجب فيه والمالكيّة ،إن خلط الّزعفران بمشرو ٍ
شافعيّة الجزاء قليًل كان الطّيب أو كثيًرا .وعند ال ّ
والحنابلة ،إذا خلط الّزعفران بغيره من طعام ٍ أو
ب ،ولم يظهر له ريح أو طعم فل حرمة ول شرا ٍ
فدية ،وإل ّ ففيه الحرمة وعليه الفدية .
و -حكم لبس المزعفر من الثّياب أثناء الحرام :
ن المحرم ل يجوز له أن - 7أجمع العلماء على أ ّ
يلبس الثّوب المصبوغ بالورس والّزعفران ،لقوله
صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي
الله عنهما فيما يلبس المحرم من الثّياب { :ول
سه زعفران أو ورس } . تلبسوا من الثّياب شيئًا م ّ
ش مزعفرٍ أو ويلتحق بالثّياب الجلوس على فرا ٍ
ن .ول يضع عليه ثوبًا مزعفًرا ،ولو ب بزعفرا ٍ مطي ّ ٍ
علق بنعاله زعفران أو طيب وجب أن يبادر إلى
نزعه ( .ر :ألبسة -ب فقرة 14وإحرام ) .
ي -التّداوي بالّزعفران في الحرام :
صل - 8التّداوي ملتحقة أحكامه بالطّعام ،وقد ف ّ
ن على المتداوي الحناف في الطّيب الّذي ل يؤكل بأ ّ
إحدى الكّفارات الثّلث أيّها شاء ،إذا فعله المحرم
لضرورةٍ وعذرٍ ( .ر :إحرام ) .
================
زكاة الحلي
ي التَّعْرِي ُ
ف: حل ِ ٌّ
ُ
87
نم ْ ه ِ ن بِ ِ ما يُتََزي َّ ُ ي وَهُوَ َ حل ْ ِ معُ ال ْ َ ج ْ
َ
ةَ : ي لُغَ ً حل ِ ُّ - 1ال ْ ُ
تحلِي َ ْ مةِ .وَ َ ري َ جارِ الْك َ ِ ح َ ت أ ْو اْل َ ْ معْدِنِيَّا ِ صوِغ ال ْ َ م ُ َ
َ
ة. حالِي َ ٌ ل وَ َ حا ٌ ي َ ي ,فَهِ َ حل ِ َّ ت ال ْ ُ س ْ حلْيًا لَب ِ َ مْرأة ُ َ َ ال ْ
معْنَى ج ال َْ ن .وََل ي َ ْ َ وتحلَّى بال ْحل ِي أ َ
خُر ُ َ ّ زي َ َ ت ي
ِ ُ ِّ ْ ََ َ
ُّ
ي. معْنَى اللغَوِ ِ ّ ن ال ْ َ عنْد َ الُْفَقهَاءِ ع َ ْ ي ِ ح ُّ صطَِل ِ اِل ْ
م س ٌ ةا ْ ة - 2 :الّزِين َ ُ صلَةِ ) :الّزِين َ ُ ت ال ِّ ظ ذ َا ُ ( اْلَلَْفا ُ
ي ِلَنَّهَا حل ِ ِ ّ ن ال ْ ُ م ْ م ِ ة أَع َ ُّ ه .وَالّزِين َ ُ ن بِ ِ ما يُتََزي َّ ُ ل َ معٌ لِك ُ ِّ جا ِ َ
َ
ضا . ي أي ْ ً حل ِ ِ ّ ن بِغَيْرِ ال ْ ُ تَكُو ُ
ي: حل ِ ِ ّ ة بِال ْ ُ متَعَل َِّق ُ م ال ْ ُ حكَا ُ اْل َ ْ
ل-3: جا ر ل ِ ل ب َ ه ة الذ َّ ُ يْ حل ِ - أ : ب َ ه ة الذ َّ ُ ي ْ حل ِ : لً َ و أَ
ِ َ ِّ ِ َ ِ َ ّ
شكَالِهَا َ َ َ
ميِع أ ْ ج ِ ب بِ َ ي الذ ّهَ ِ حل ِ ِ ّ خاذ ُ ُ ل ات ِّ َ ج ِ م ع َلى الَّر ُ حُر ُ يَ ْ
ح َّ
ل ُ
موم ِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم { :أ ِ .وَذَل ِ َ
ك لِعُ ُ
م عَلَى ذ ُكُورِهَا } . حُر َ متِي َو َ ث أ ُ َّ حرِيُر ِلِنَا ِ ب َوال ْ َ الذَّهَ ُ
ة اْلُولَى : حال َ ُ ن :ال ْ َ حالَتَا ِ حرِيم ِ َ ن الت َّ ْ م ْ ستَثْنَى ِ وَي ُ ْ
َ
ف خاذِ أن ْ ٍ جوازِ ات ِّ َ مهُوُر إلَى َ َ ج ْ ب ال ْ ُ جةِ .ذَهَ َ حا َ خاذُه ُ لِل ْ َ ات ِّ َ
من الذ َّ أَ
ة
ج َ ث { عَْرفَ َ حدِي ِ جةِ إلَيْهِ .ل ِ َ حا َ ب لِل ْ َ ِ َ ه ْ ِ ن ٍّ س
ِ ْ و
َ َ َ ْ َ َ ّ َ
ن
م ْ خذ َ أنًْفا ِ ب ,فَاِت ّ َ م الك ِل ِ ه يَوْ َ سعَد َ الذِي قُلِعَ أنُْف ُ نأ ْ ِ بْ
مَره ُ النَّب ِ ُّ َ َ
ي صلى الله عليه ن ع َلَيْهِ ,فَأ َ ق فَأنْت َ َ ٍ ِ َور
َ وسلم فَاِت َ َ َ
ة وَهُوَ حنِيَف َ ب أبُو َ ب } .وَذَهَ َ ن ذَهَ ٍ م ْ خذ َ أنًْفا ِ ّ
ن أ َ ْو س ِّ خاذِ ال ِّ جوَازِ ات ِّ َ ف إلَى عَدَم ِ َ س َ ل ِلبِي يُو ُ
قَو ٌ َ
ْ
ن الن َّ َّ َ
ضةِ ِ ,ل َّ ن الِْف َّ َ
ص وََردَ ل دُو َ جا ِ ب لِلّرِ َ شدِّهِ بِالذ ّهَ ِ َ
حال َ ُ
ة ضةِ .ال ْ َ ن بِالِْف َّ َ
ضُروَرةِ الن ّت ْ ِ ن غَيْرِهِ وَل ِ َ ف دُو َ فِي اْلَن ْ ِ
شافِعِي َّ ُ
ة ب ال َّ ب .ذَهَ َ ل بِالذ ّهَ ِ
َ
قتَا ِ ت ال ْ ِ ة آَل ِ حلِي َ ُ ة :تَ ْ الثَّانِي َ ُ
ب, ِ ل بِالذَّهَ ِ قتَا ت ال ْ ِ حلِيَةِ آَل ِ از ت َ ْ ِ َ جو ة إلَى عَدَم ِ َ في َّ ُ حن َ ِ َوال ْ َ
َ َ ل أ َ َّ ِل َ َّ َ
ل إ ّل جا ِ م عَلَى الّرِ َ حَرا ٌ ب َ حل ِّي بِالذ ّهَ ِ ن الت َّ َ ص َ ن اْل ْ
جوازِ .وَِل َ َّ
ن ل ع َلَى ال ْ َ َ
ل ول َم يَثْب ُت ما يَد ُ ُّ
ْ َ ه الدَّلِي ُ َ ْ ص ُ خ َّ ما َ َ
حنَابِل َ ُ
ة ة َوال ْ َ مالِكِي َّ ُ ب ال ْ َ خيََلءَ .وَذَهَ َ ف وَ ُ سَرا ٍ فِيهِ ِزيَادَة َ إ ْ
َ
ل بِهِ ص َ ما ات َّ َ سوَاءٌ َ ب َ ف بِالذ ّهَ ِ سي ْ ِ حلِيَةِ ال َّ جوازِ ت َ ْ :إلَى َ َ
َ
مدِ , ه كَالْغِ ْ ل عَن ْ ُ ص َ ما انَْف َ ض ,أ ْو َ قب َ ِ م ْ قبِيعَةِ وَال ْ ِ كَال ْ َ
88
مَر -رضي ن عُ َ قبِيعَةِ ِل َ َّ جواَز ع َلَى ال ْ َ ة ال ْ َ َ حنَابِل َ ُ صَر ال ْ َ َوقَ َ
ب, ن ذَهَ ٍ م ْ ك ِ سبَائ ِ ُ ف فِيهِ َ سي ْ ٌ ه َ ن لَ ُ الله عنه -كَا َ
ب. ن ذَهَ ٍ م ْ ماٌر ِ س َ م ْ فهِ ِ سي ْ ِ ن فِي َ ف كَا َ حنَي ْ ٍ ن ُ ن بْ ُ ما ُ وَع ُث ْ َ
ي صلى الله عليه وسلم ف النَّب ِ ِ ّ سي ْ ِ ة َ ت قَبِيعَ ُ { وَكَان َ ْ
ضةٍ } . ن فِ َّ م ْ ِ
ل: جا ِ ضةِ لِلّرِ َ ة الِْف َّ حلْي َ ُ بِ -
س ة عَلَى َ َ ُ مل َ ُ ث ال ْ ُ ق الُْفَقهَاءُ ِ - 5اتََّف َ
جوازِ لب ْ َ ِ ج ْ حي ْ ُ ن َ م ْ
ن أ ْو س ٍّ خاذِ ِ از ات ِّ َ جوَ ِ ضةٍ ,وَع َلَى َ ن فِ َّ م ْ ما ِ خات َ ً ل َ ج ِ الَّر ُ
َ
ب حْر ِ ت ال ْ َ حلِيَةِ آَل ِ از ت َ ْ جوَ ِ ضةٍ ,وَع َلَى َ ن فِ َّ م ْ ف ِ أن ْ ٍ
ك يُنْظَُر فِي ل فِي ذَل ِ َ صي ٌ ب تَْف ِ مذ َاه ِ ِ ضةِ .وَلِل ْ َ بِالِْف َّ
سوعَةِ ( ج . ) 11وَقَي َّ َ
د موْ ُ ن ال ْ َ م ْ م" ِ خت ُّ ٌ صطَلَِح " ت َ َ ْ م
ُ
َ
ن. عيِّي َ شْر ِ ن َ مي ْ ِ ن َل يَزِيد َ ع َلَى دِْرهَ َ م بِأ ْ خات َ َ ة ال ْ َ مالِكِي َّ ُ ال ْ َ
شافعي َة وال ْحنابل َ َ
ف
سَرا ِ حد َّ اْل ِ ْ ن َل يَبْلُغَ بِهِ َ ة بِأ ْ َوقَيَّدَه ُ ال َّ ِ ِ ّ ُ َ َ َ ِ ُ
َ َ َ َّ
حنَابِلَةِ ثََلث َ ُ
ة س .وَلِل ْ َ مثال ال ِ ِ لب جاوََز بِهِ ع َادَة ً أ ْ فََل يَت َ َ
ما عَدَا ال ْ َ ل بِالِْف َّ َ
م
خات َ َ ضةِ فِي َ جا ِ حل ِّي الّرِ َ ل فِي ت َ َ أقْوَا ٍ
ة َ .والثَّانِي :الْكََراهَ ُ َ
ة, م ُ حْر َ حدُهَا :ال ْ ُ سَلِح أ َ ة ال ِّ حلْي َ َ وَ ِ
ف عَلَى ب الُْفُروِع َ :ل أعْرِ ُ َ َوالثَّال ِ ُ
ح ُ صا ِ ه َ ما قَال َ ُ ث َ
صا ع َ َ
خنَا شي ْ ِ م َ مد َ وَكََل ُ َ ح
نأ ْ ْ ضةِ ن َ ًّ س الِْف َّ ِ حرِيم ِ لُب ْ تَ ْ
َ ة ) يَد ُ ُّ
ل إ ّل جا ِ سهَا لِلّرِ َ حةِ لُب ْ ِ ل ع َلَى إبَا َ مي َّ َ ن تَي ْ ِ ( يَعْنِي اب ْ َ
ه أ َ ْو شب ُّ ٌ ما فِيهِ ت َ َ م َّ ي ِ مهِ ,أ ْ
َ
حري ِ شْرع ُ ع َلَى ت َ ْ ِ
ل ال َّ ما د َ َّ
َ
ن ع َلَى َ َ
حوِهِ . ب وَن َ ْ صلِي ٍ ل َ شك ْ ِ ما كَا َ ف أوْ َ سَرا ٌ
ُ
إ ْ
ل ضةِ فَإن َّه يَد ُ ُّ خاتَم ِ الِْف َّ س ع َلَى َ قيَا ك بِال ْ ِ ستَدَل ّوا لِذَل ِ َ َوا ْ
ِ ُ ِ
َ
ه, من ْ ُ ما هُوَ أوْلَى ِ معْنَاه ُ ,وَ َ ما هُوَ فِي َ حةِ َ ع َلَى إبَا َ
َ
ب ه .وَذَهَ َ م ُ ل عَد َ ُ ص ُ ل وَاْل ْ فتَِقُر إلَى دَلِي ٍ م يَ ْ حرِي ُ َوالت َّ ْ
مخات َ َ ل عَدَا ال ْ َ جا ِ ضةِ لِلّرِ َ ي الِْف َّ حل ِ ِ ّ حرِيم ِ ُ ة إلَى ت َ ْ مالِكِي َّ ُ ال ْ َ
حا صرِي ً فيَّةِ ت َ ْ حن َ ِ جد ْ لِل ْ َ م نَ ِ ف وَل َ ْ ح ِ ص َ م ْ ف وَال ْ ُ سي ْ ِ ة ال َّ حلْي َ َ وَ ِ
َ
عنْدَ ح ِ ج ُ مَر َّ ة وَهُوَ ال ْ ُ في َّ ُ حن َ ِ ب ال ْ َ سألَةِ .وَذَهَ َ م ْ فِي هَذِهِ ال ْ َ
خاتَم ِ الِْف َّ َ حنَابِلَةِ إلَى إبَا َ ال ْ َ
ضةِ ب فِي َ سيرِ الذ ّهَ ِ حةِ ي َ ِ
َ ن يَِق َّ شريط َ َ َ
ن
ضةِ وَأ ْ ن الِْف َّ ب عَ ْ ل الذَّهَ ُ ةأ ْ ل َ ِ جا ِ لِلّرِ َ
89
جر
ح َ ِ ل ِفي َ جعَ ُ مارِ ي ُ ْ س َ م ْ ك كَال ْ ِ ضةِ ,وَذَل ِ َ ن تَابِعًا لِلِْف َّ يَكُو َ
ما ما فِي َ ه يُكَْرهُ .أ َ َّ َ
مالِكِيَّةِ أن َّ ُ عنْد َ ال ْ َ مد ُ ِ معْت َ َ ص .وَال ْ ُ الَف ِّ
ْ
ملُِج , ل كَالد ُّ ْ جا ِ ي لِلّرِ َ حل ِ ِ ّ ن ال ْ ُ م ْ ضةِ ِ م الِْف َّ خات َ َ عَدَا َ
سوار ,والط ّوق ,والتَّاج ,فَلِل َّ َ
نجهَا ِ شافِعِيَّةِ فِيهِ َو ْ ِ َ ْ ِ َوال ِّ َ ِ َ
هشب َّ ْ م يَت َ َ ما َل َ ْ جوَاُز َ م َ ,والثَّانِي ال ْ َ حرِي ُ ل الت َّ ْ :اْلَوَّ ُ
م اْلَوَانِي , حرِي ُ ضةِ إ ّل ت َ ْ ت فِي الِْف َّ م يَثْب ُ ْ ه لَ ْ ساءِ ِ .لن َّ ُ
َ
بِالن ِّ َ
ساءِ . ه بِالن ِّ َ شب ُّ َ ن الت َّ َ م ُ ض َّ جهٍ يَت َ َ ي ع َلَى َو ْ حل ِ ِ ّ م ال ْ ُ حرِي ُ وَت َ ْ
ن َ واتََفق الُْفَقهاءُ ع َلَى جواز ات ِ َ َ
م ْ ن ِ س ٍّ ف أ ْو ِ خاذ ِ أن ْ ٍ َ َ ِ ّ َ َ ّ َ
حلِيَةِ از ت َ ْ ة إلَى َ حنَابِل َ ُ ة وَال ْ َ شافِعِي َّ ُ ب ال َّ ضةٍ .وَذَهَ َ فِ َّ
جوَ ِ
م وَالثَّغَْر جا َ ج وَالل ِّ َ سْر َ ضةِ عَدَا ال َّ ب بِالِْف َّ حْر ِ ت ال ْ َ آَل ِ
َ َ َ ْ َ حرام ِ ,ل َ
ل. ّ ِ ج
ُ َ
ر لِ ل ل ِ ة ّ اب ّ د ل ِ ل ة
ٌ َ ي حل ِ ه
ُ ّ ن لِلدَّابَّةِ فَهُوَ َ َ ٌ
في َّ ُ
ة حن َ ِ صَر ال ْ َ ق َ ,وقَ َ ِ ساب َ ّ ال ث
ِ ي ِ د ح َ ستَدَلُّوا بِال ْ َوا ْ
ِ
ط. ف فََق ْ سي ْ ِ حلْيَةِ ال َّ جوَاَز ع َلَى ِ ة ال ْ َ مالِكِي َّ ُ َوال ْ َ
ب َوالِْف َّ َ حلْي َ ُ
ساءِ : ضةِ لِلن ِّ َ ة الذ ّهَ ِ ِ
خاذ ال ْ َ َ َ
ي
حل ِ ِ ّ مْرأةِ أنْوَاعَ ُ ازِ ات ِّ َ ِ َ جو
َ معَ الُْفَقهَاءُ ع َلَى َ َ ج-6أ ْ
َ َّ َ
خاتَم ِ , ق ,وَالْعَْقدِ َ ,وال ْ َ ميعًا كالط ْ ِ
و ج ِ ضةِ َ ب َوالِْف َّ الذ ّهَ ِ
ملُِج ,وَالَْقَلئ ِ ِ
د ل ,وَالتَّعَاوِيذِ َ ,والد ُّ ْ خا ِ خل ْ َ سوارِ َ ,وال ْ َ َوال ِّ َ
خذ ُ فِي الْعُن ُق ,وك ُ ُّ ما يُت َّ َ
ما ل َ َ َِ ل َ ق ,وَك ُ ِّ خان ِ ِ م َ ,وَال ْ ُ
شب ُّ َ
ه ف أ ْو الت َّ َ سَرا ِ حد َّ اْل ِ ْ م يَبْلُغْ َ ه وَل َ ْ س ُ ن لُب ْ َ يَعْتَد ْ َ
ضةِ ب وَالِْف َّ ل الذ ّهَ ِ
َ مْرأَةِ نِعَا َ س ال ْ َ ل .وَفِي لب ْ َ ِ
ُ جا ِ بِالّرِ َ
مذْهَ ُ
ب م وَهُوَ َ حرِ َي ُ ما الت َّ ْ حدُهُ َ شافِعِيَّةِ :أ َ جهان لِل َّ
وَ ْ َ ِ
َ
ما حهُ َ ص ُّ ف الظ ّاهِرِ َ ,وأ َ سَر ِ ن ال َّ م ْ ما فِيهِ ِ حنَابِلَةِ ل ِ َ ال ْ َ
مالِكِي َّ ُ
ة ب ال ْ َ ت .وَذَهَ َ سا ِ ملْبُو َ سائِرِ ال ْ َ ة كَ َ ح ُ اْلِبَا َ
ة إلَى عَدم جواز تحلِية ال ْ َ حنَابِل َ ُ وال َّ
ة
مْرأ ِ َ ِ َ َ ِ َ ْ َ ِ َ ة َوال ْ َ شافِعِي َّ ُ َ
ن الت َّ َ ب أ ْو بِالِْف َّ َ َ
شبُّهِ م ْ ما فِيهِ ِ ضةِ ل ِ َ ب بِالذ ّهَ ِ حْر ِ ت ال ْ َ آَل ِ
سن عَبَّا ٍ ن اب ْ ِ حيِح عَ ْ ص ِ ث ال َّ حدِي ِ جاءَ فِي ال ْ َ ل .وَ َ جا ِ بِالّرِ َ
ُ َّ
سول اللهِ صلى الله عليه وسلم ن َر ُ ل { :لَعَ َ قَا َ
نم ْ ت ِ شبِّهَا ِ مت َ َ ساءِ َ ,وال ْ ُ ل بِالن ِّ َ جا ِ ن الّرِ َ م ْ ن ِ شبِّهِي َ مت َ َ ال ْ ُ
ش ُّ
ي شا ِ ف ِفي هَذ َا ال َّ خال َ َ ل } .وَ َ جا ِ ساءِ بِالّرِ َ الن ِّ َ
90
جوازِ الت َّ ْ من ال َّ
حلِيَةِ بِنَا ًء شافِعِيَّةِ فََقاَل :ب ِ َ َ ي ِ ْ َوالَّرافِعِ ُّ
ساءِ غَيَْر مالِهَا لِلن ِّ َ ستِعْ َ ب وَا ْ حْر ِ س آلَةِ ال ْ َ ِ جوازِ لُب ْ ى َ َ ع َل َ
َّ
ساءِ أَوْلَى َ ِ ّ لن ِ ل ة
َ َ ي ِ ل حْ َ ّ الت َ
ن ّ حلِيَةِ ِ ,ل َ ْ َ ّ الت َ ع م
َ ز ُ جو ُ َ ت َ ف ٍ ة ل ح
م َ ُ
فيَّةِ حن َ ِ ص لِل ْ َ ف عَلى ن َ ٍّ
م نَِق ْ َ ل .وَل َ ْ جا ِ ن الّرِ َ ْ م
جوازِ ِ َ بِال ْ َ
سأَلَةِ . م ْ فِي هَذِهِ ال ْ َ
ضةٍ : ب أ َ ْو فِ َّ موَّهِ بِذَهَ ٍ م َ م ال ْ ُ حك ْ ُ ُ
َ ة وال َّ
ح ص ِّ ة فِي اْل َ شافِعِي َّ ُ مالِكِي َّ ُ َ ة وَال ْ َ في َّ ُ حن َ ِ ب ال ْ َ - 7ذَهَ َ
ضةٍ ب أ َ ْو فِ َّ موِّهَ بِذَهَ ٍ ما ُ ل َ ج ِ ل الَّر ُ ما ِ ستِعْ َ جوازِ ا ْ إلَى َ َ
خاتَم ِ ,إذ َا ل َ ْ
م ي كَال ْ َ حل ِ ِ ّ ن ال ْ ُ م ْ ه ِ مال ُ ُ ستِعْ َ ها ْ جوُز ل َ ُ ما ي َ ُ م َّ ِ
نيءٌ بِاْلِذ َابَةِ َوالْعَْرض عَلَى النَّارِ ِ ,ل َ َّ ش ْ ه َ من ْ ُ ص ِ خل ُ ْ يَ ْ
ِ
صاَر ك فَ َ ستَهْل َ ٌ م ْ فةِ ُ ص َ ه ال ِّ ضةِ ع َلَى هَذ ِ ِ ب َوالِْف َّ الذَّهَ َ
مَقاب ِ ُ
ل ة وَهُوَ ُ حنَابِل َ ُ ب ال ْ َ موَّهِ .وَذَهَ َ م َ كَالْعَدَم ِ وَهُوَ تَابِعٌ لِل ْ ُ
عنْد َ ال َّ َ
لما ِ ستِعْ َ جوازِ ا ْ شافِعِيَّةِ إلَى عَدَم ِ َ َ ح ِ ص ِّ اْل َ
موِيهِ مةِ الت َّ ْ حْر َ ضةٍ َوإِلَى ُ ب أ َ ْو فِ َّ موَّهَةِ بِذَهَ ٍ م َ اْل َوانِي ال ْ ُ
َ
َ َ
ه غَيْرِ اْلوَانِي بِالذ ّهَ ِ
ب موِي ُ حنَابِل َ َةِ ت َ ْ عنْد َ ال ْ َ جوُز ِ ما .وَي َ ُ بِهِ َ
ل من الذَّهَب أوَ ُ ص ح ي ل َ و ن و ّ الل ر َ َي غ ت ي ث ُ حي ب ة َ
ض ف ْ ال و أَ
ِ ْ ْ ِ ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ّ َ َ ْ َ ِ ِ ّ ِ ْ
ض ع َلى الن ّارِ . َ َ ن ع ُرِ َ يءٌ إ ْ ش ْ ضةِ َ َ الِْف ّ
ضةِ : ب َوالِْف َّ ِ ن غَيْرِ الذَّهَ ْ م
ي ِ حل ِ ُّ ال ْ ُ
واِع - 8اتََفق الُْفَقهاءُ ع َلَى جواز تحل ّي ال ْ َ َ
مْرأ ُةِ بِأن ْ َ َ َ َ ِ َ َ ِ َ ّ َ
ما ق َوالل ّؤْلُؤِ .ك َ َ قي ِ ت وَالْعَ ِ سةِ كَالْيَاقُو ِ في َ جوَاهِرِ الن َّ ِ ال ْ َ
ل .وَكَرِهَ ُ
ه جا ِ جوازِهِ لِلّرِ َ ة إلَى َ َ ة الثََّلث َ ُ م ُ ب اْلَئ ِ َّ ذَهَ َ
َ َ ال َّ
ن
م ْ ه ِ ب ِ ,لن َّ ُ جهَة اْلد َ ِ ن ِ م ْ حنَابِلَةِ ِ ض ال ْ َ ة وَبَعْ ُ شافِعِي َّ ُ
َ
في َّ ُ
ة حن َ ِ ف ال ْ َ ختَل َ َ ف َ .وا ْ سَر ِ جهَةِ ال َّ ن ِ م ْ ساءِ أ ْو ِ ي الن ِّ َ ِز ِ ّ
ختَاَر مةِ .وَا ْ جار الْكَرِي َ ح َ ِ ل بِاْل َ ْ ج ِ حل ِّي الَّر ُ حكْم ِ ت َ َ فِي ُ
سال قِيَا ً ح َّ فيَّةِ ال ْ ِ حن َ ِ ن ال ْ َ م ْ ن ِ خا ْ ضي َ مةِ َوقَا ِ س اْلَئ ِ َّ م ُ ش ْ َ
م
خات َ ِ ق َ .واتََّفقَ الُْفَقهَاءُ ع َلَى كََراهَةِ َ قي ِ ع َلَى الْعَ ِ
س) ن الن ُّ َ فر وال َّ حدِيدِ َوال ُّ ال ْ َ
حا ِ م ْ ب ِ ضْر ٌ شبَهِ ( وَهُوَ َ
والَْقصدير لِلَرجل وال ْمرأ َ
ص ْ ِ َ
ك فِي ن ذَل ِ َ ْ َ ع ي
ُ ْ ه َ ّ الن َ د ر َ ََ و و . ِ ة ْ ِ ِ ّ ُ ِ َ َ ْ َ
جاءَ جل َ ً ن َر ُ َ ل{:إ ّ ث بَُريْدَة َ رضي الله عنه قَا َ حدِي ِ َ
91
ن
م ْ م ِ خات َ ٌ ي صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ َ إلَى النَّب ِ ِ ّ
منْك ري َ َ َ
صنَام ِ ؟ ح اْل ْ ِ جد ُ ِ ما لِي أ ِ هَ : ل لَ ُ شبَهٍ ,فََقا َ َ
ما لِي لَ : حدِيدٍ فََقا َ ن َ م ْ م ِ خات َ ٌ جاءَ وَع َلَيْهِ َ م َ ه ث ُ َّ ح ُ فَطََر َ
ة أَ أَ
ل :يَا ه ,فََقا َ ح ُ ل النَّارِ .فَطََر َ ِ ْ ه َ َ ي ْ حل ِ ك ْ ي َ َل ع رى َ
َ خذُهُ ؟ قَا َ َ َ َ َ ّ سو َ
ن
م ْ خذْهُ ِ ل :ات ّ ِ يءٍ أت ّ ِ ش ْ ي َ ن أ ِّ م ْ ل اللهِ ِ , َر ُ
موِع ج ُ م ْ ي فِي ال ْ َ ختَاَر النَّوَوِ ُّ مثَْقاًل } َ .وا ْ ه ِ ُ مق وََل تُت ِ َّ ٍ ِ َور
ل صلى الله عليه سو َ ن الَّر ُ ستَدًِّل بِأ َ َّ م ْ م الْكََراهَةِ َ ُ عَد َ َ
ب سهَا { اذْهَ ْ ة نَْف َ ب الْوَاهِب َ َ خط َ َ ل لِل ّذِي َ وسلم قَا َ
مكُْروهًا ل َ ْ
م ن َ حدِيد ٍ } وَلَوْ كَا َ ن َ م ْ ما ِ خات َ ً س وَلَوْ َ م ْ فَالْت َ ِ
ب رضي الله قي ي ع م ث ي د ح ب ل ستَد َ َّ ا ما َ ك . ه ي ف ن َ ذ يأ ْ
ٍ ِ ْ َ ُ ِ ِ َ ِ ْ َ ِ ِ ْ َ
ي صلى الله عليه وسلم خاتَم ِ النَّب ِ ِ ّ ن ع َلَى َ عنه وَكَا َ
ن
م ْ ي صلى الله عليه وسلم ِ م النَّب ِ ِ ّ خات َ ُ ن َ ل { :كَا َ قَا َ
ي": ل النَّوَوِ ُّ م قَا َ ة } .ث ُ َّ ض ٌ ي ع َلَيْهِ فِ َّ ملْوِ ٍ ّ حدِيدٍ َ َ
َ
ن". حدِيثَي ْ ِ ن ال ْ َ ه ل يُكَْره ُ لِهَذ َي ْ ِ
ختَاُر أن َّ ُ َ م ْ َوال ْ ُ
ي): حل ِ ِ ّ ( َزكَاة ُ ال ْ ُ
يحل ْ ِ ب الَّزكَاةِ فِي ال ْ َ
َ ِ جو - 9اتََّفقَ الُْفَقهَاءُ ع َلَى وُ ُ
حل ْ َ
ي ل َ ج ُ خذ َ الَّر ُ ن يَت َّ ِ ما ,كَأ ْ حَّر ً م َ ماًل ُ ستِعْ َ لا ْ م ِ ستَعْ َ م ْ ال ْ ُ
ل به ع َ َ َ َ
ل غَي ْ ِ
ر فعْ ٍ صلِهِ ب ِ ِ نأ ْ ْ ه عَد َ َ ِ ِ ل ِ ,لن َّ ُ ما ِ ستِعْ َ ب لِِل ْ الذ ّهَ ِ
ةم ً حَّر َ م َ ة ُ صيَاغ َ ً ه ِ صيَاغَت ُ ُ م فِعْلِهِ وَهُوَ ِ حك ْ ُ ط ُ سَق َ مبَاٍح فَ َ ُ
َ
ب الَّزكَاةِ فِيهِ . جو ِ ن وُ ُ م ْ ل ِ ص ِ حكْم ِ اْل ْ ي ع َلَى ُ ,وَبَِق َ
قتَنَى م ْ مكْنُوزِ ال ْ ُ ي ال ْ َ حل ْ ِ جوبِهَا فِي ال ْ َ ما اتََّفُقوا ع َلَى وُ ُ ك ََ َ
ما وََل حرِ ً م ْ ماًل ُ ستِعْ َ قتَنِيهِ ا ْ م ْ صد ْ بِهِ ُ م يَْق ِ ال ّذِي ل َ ْ
َ
صاَر كَغَي ِْ
ر ماءِ فَ َ صد ٌ لِلن ََّ َ مْر َ ه َ حا ِ ,لن َّ ُ مبَا ً مكُْروهًا وََل ُ َ
حةِ مبَا َ صيَاغَةِ ال ْ ُ ميَةِ إ ّل بِال ِّ ن التَّن ْ ِ ج عَ ْ خُر ُ صوِغ ,وََل ي َ ْ
ُّ ُ مَ ال ْ
لُ ْ َ ِ م ْ ع َ ست م ْ ال ي
ِ ْ حل َ ْ ال ي ِ ف فوا ُ َ ل َ خت ْ ا و
ِ َ . س ْ ب وَنِيَّةِ الل
ضةِ خاتَم ِ الِْف َّ مْرأَةِ َو َ ب لِل ْ َ ي الذ ّهَ ِ
َ
حل ْ ِ حا ك َ َ مبَا ً ماًل ُ ستِعْ َ ا ْ
ة وال َّ
ي فِي شافِعِ ُّ حنَابِل َ ُ َ ة َوال ْ َ مالِكِي َّ ُ ب ال ْ َ ل .فَذَهَ َ ج ِ لِلَّر ُ
الَْقديم وأ َ
فتَى بِهِ فِي م ْ جدِيدِ وَهُوَ ال ْ ُ ن فِي ال ْ َ ِ ْ ي قوْل َ َ حد ُ ال ْ َ ِ ِ َ
مبَاِح ي ال ْ ُ حل ْ ِ ب الَّزكَاةِ ِفي ال ْ َ جو ِ ب إلَى عَدَم ِ وُ ُ مذْهَ ِ ال ْ َ
92
ر
جاب ِ ٍ مَر َو َ ن عُ َ ِ ن اب ْ ل عَ ْ قوْ ُ ل َ .وُروِيَ هَذ َا ال ْ َ م ِ ستَعْ َ م ْ ال ْ ُ
َ َ
ماءَ -رضي س َ ك َوأ ْ مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ س َوأن َ ِ ن ع َبَّا ٍ ة َواب ْ ِ ش َ وَع َائ ِ َ
سم وال َّ
ن
مدِ ب ْ ِ ح َّ م َ ي َوقَتَادَةَ وَ ُ شعْب ِ ِ ّ الله عنهم َ -والَْقا ِ ِ َ
حاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ . س َ مَرةَ وَأبِي ع ُبَيْد ٍ َوإ ِ ْ
َ
ي وَ ُع َ ْ عَل ِ ٍ ّ
مَر ن عُ َ ة َواب ْ ِ ش َ ن عَائ ِ َ ن آثَارٍ ع َ ْ م ْ ما وََرد َ ِ ستَدَل ّوا ب ِ َ َوا ْ
َ
ن جابِرٍ رضي الله عنهم ,فََقد ْ ُروِيَ عَ ْ ماءَ َو َ س َ َوأ ْ
خيهَا فِي ت أَ ِ ت تَلِي بَنَا ِ ة رضي الله عنها أنَّهَا كَان َ ْ
َ ش َ ع َائ ِ َ
ن
ي عَ ْ ه الَّزكَاةَ َ .وُروِ َ من ْ ُ ج ِ خرِ ُ ي فََل ت ُ ْ حل ِ ُّ ن ال ْ ُ جرِهَا لَهُ َّ ح ْ ِ
َ
حل ِّي بَنَاتِهِ ن يُ َ ه كَا َ مَر رضي الله عنهما أن َّ ُ ن عُ َ اب ْ ِ
ن الَّزكَاةَ . حلِيِّهِ َّ ن ُ م ْ ج ِ خرِ ُ م َل ي ُ ْ ب ث ُ َّ ه الذَّهَ َ جوارِي َ ُ وَ َ َ
َ
ت أبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أنَّهَا َ َ
ماءَ بِن ْ ِ س َ نأ ْ ي عَ ْ َوُروِ َ
ن
م ْ حوًا ِ ب ,وََل تَُز ِكّيهِ ن َ ْ حل ِّي ثِيَابَهَا الذَّهَ َ ت تُ َ كَان َ ْ
جابًِرا رضي الله ل َ سأ َ َ جًل َ ن َر ُ ي أ َ َّ ن ألًْفا َ .وُروِ َ
خمسي َ
َ ْ ِ َ
ل: جابٌِر َل ,فََقا َ ل َ ي أَفِيه َزكَاةٌ ؟ فََقا َ ِ حل ْ ن ال ْ َ عنه ع َ ْ
ْ
مأثُوُر جابٌِر كَثِيٌر .وَال ْ َ ل َ ار فََقا َ ف دِين َ ٍ ن يَبْلُغُ أَل ْ َ ن كَا َ َوإ ِ ْ
ن ه عَ ْ ما َروَت ْ ُ ف َ خال ِ ُ ة رضي الله عنها ي ُ َ ش َ ن ع َائ ِ َ عَ ْ
َ
ل ع َلَى أنَّهَا ل َ ْ
م م ُ ح َ ل صلى الله عليه وسلم فَي ُ ْ سو َِ الَّر ُ
َ
مه وَأعْل َ ُ ج ُ خا ,فَإِنَّهَا َزوْ ُ سو ً من ْ ُ مته َ ما عَل ِ ْ ه إ ّل فِي َ خالِْف ُ تُ َ
ت ة كَان َ ْ ص َ حْف َ ه َ خت َ ُ ن أُ ْ مَر فَإ ِ َّ ن عُ َ ك اب ْ ُ س بِهِ ,وَكَذَل ِ َ الن ّا ِ
َ
حلِي ِّهَا َل م ُ ُ حك ْ ي صلى الله عليه وسلم وَ ُ ّ ِ ِ ج النَّب َزوْ َ
ُّ
ستَدَلوا ما ا ْ ه فِيهِ .ك َ َ م ُ حك ْ ُ خَفى ع َنْهَا ُ خَفى ع َلَيْهِ وََل ي َ ْ يَ ْ
ث ن َواْلَثَا ِ ب الْبَد َ ِ مبَاِح ع َلَى ثِيَا ِ ي ال ْ ُ ِ حل ْ س ال ْ َ ِ قيَا بِ ِ
َ
مبَاٍح ل ُ ما ٍ ستِعْ َ صدَة ٌ فِي ا ْ مْر َ قرِ فِي أنَّهَا ُ ل الْب َ َ م ِ وَع َوَا ِ
في َّ ُ
ة حن َ ِ ب ال ْ َ ب الَّزكَاةِ فِيهَا .وَذَهَ َ جو ُ ط وُ ُ سَق َ فَ َ
ب جدِيدِ إلَى وُ ُ خرِ فِي ال ْ َ ل اْل َ ي فِي ال ْ َ شافِعِ ُّ وال َّ
جو ِ قوْ ِ َ
يٌ
مْروِ ّ ل ,وَهُوَ َ م ِ ستَعْ َ م ْ مبَاِح ال ْ ُ ي َال ْ ُ حل ْ ِ الَّزكَاةِ فِي ال ْ َ
س, ن عَبَّا ٍ مَر َ َ ,واب ْ ِ ن عُ َ ب َواب ْ ِ خط ّا ِ ن ال ْ َ م ََر ب ْ ِ ن عُ َ عَ ْ
سى مو َ ص ,وَأبِي ُ ْ ّ
ن العَا ِ مرِو ب ْ ِ ن عَ ْ ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ اْل َ
وَ
ن ْ اب َ و , س ُ او جبَيْرٍ وَع َطَاءٍ ,وَط َ ُ ن ْ ب ِ د ي ِ ع س َ َ و , ي
ّ ِ ِ ر َ ع ش ْ
ِ ٍ ِ
93
ن عَبْدِ مَر ب ُْ ِ ن َزيْدٍ ,وَعُ َ جابِرِ ب ْ ِ جاهِد ٍ َ ,و َ م َ ن وَ ُ مهَْرا َ ِ
ث حدِي ِ ستَدَل ّوا ب ِ َ ب َ .وا ْ حبِي ٍ ن َ ِ ي ,وَاب ْ الْعَزِيزِ ََ ,والُّزهْرِ ِ ّ
ت النَّب ِ َّ نا َ َ َ ّ
ي صلى الله مَرأة ً أت َ ْ مرٍو { أ َّ ْ ن عَ ْ ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ
نسكَتَا ِ م َ ة لَهَا َوفِي يَدِ ابْنَتِهَا َ معَهَا ابْن َ ٌ عليه وسلم وَ َ
ن َزكَاةَ هَذ َا ؟ ل لَهَا :أتُعْطِي َ ب فََقا َ ن ذَهَ م غَلِيظَتَا
َ ٍ ْ ن ِ ِ
َ َ قَال َت َ :ل .قَا َ َ
ما
ه بِهِ َ سوَِّرك الل ّ ُ ن يُ َ سُّرك أ ْ ل :أي َ ُ ْ
ما إلَى ما فَأل ْ َ َ خلَعَتْه
َ ُ قتْه َ ُ ل :فَ َ ن نَارٍ ؟ قَا َ م ْ ن ِ سواَري ْ ِ ِ َ
َّ
ما لِلهِ ت :هُ َ وسلم وَقَال َ ْ ُ
ي صلى الله عليه ّ ِ ِ النَّب
ة رضي الله ش َ ث عَائ ِ َ حدِي ِ ستَدَل ّوا ب ِ َ ما ا ْ َ سولِهِ } .ك َ َوَر ُ
ُ َّ ل ع َل َ َّ
سول اللهِ صلى الله عليه ي َر ُ خ َ ت { دَ َ عنها قَال َ ْ
ما ق ,فََقا َ َ وسلم فَرأ َ
لَ : ْ َ َ ِ ٍ ر و ن م
ِ ت ٍ خا َ َ ت ف ي ِ د َ ي ي ف
ِ ى َ
سو َ
ل ن لك يَا َر ُ َ ن أتََزي ّ ُ َ صنَعْته َّ قلت َ : ْ ة ,فَ ُ ش ُ هَذ َا يَا ع َائ ِ َ
َ اللَّه .قَا َ َ
شاءَ ما َ ن ؟ قُلْت َ :ل ,أ ْو َ ن َزكَاتَهُ َّ ل :أتُؤ ْتِي َ ِ
َّ
ام َ ن ٌ
ل ما ُ َ ي ْ حل َ ْ ال َ و . } ار
ِ َ ّ الن نْ م
ِ ك ُ سب ْ ح
َ َا ذ َ ه : لَ ا َ ق هالل ُ
ٍ
ة. ق ً خل ْ َ جاَرةِ ِ ماءِ اْلِعْدَاد ُ لِلت ِّ َ ل الن َّ َ وَدَلِي ُ
م
ن بِعَد َ ِ ل الَْقائِلُو َ ص َ ي ) - 10 :فَ َّ حل ْ ِ سارِ ال ْ َ م انْك ِ َ حك ْ ُ ( ُ
هي ,فَل َ ُ حل ْ ُ سَر ال ْ َ ما إذ َا انْك َ َ ي َ حل ْ َ ِ ب الَّزكَاةِ ِفي ال ْ َ جو ِ وُ ُ
ل :اْلَوَّ ُ َ
مال َ ُ
ه ستِعْ َ ساُر ا ْ منَعَ اِلنْك ِ َ ن َل ي َ ْ ل:أ ْ حوَا ٌ حينَئِذ ٍ أ ْ ِ
َ
ب مذْهَ ُ سارِ وََل َزكَاةَ فِيهِ .وَهُوَ َ ه فََل أثََر لِِلنْك ِ َ س ُ وَلُب ْ َ
شافعيَة وال ْحنابلَة .وقَيَده ال ْحنابل َة بأ َ
ي تَْر َ
ك ِ َ و ْ نَ ي ل َ نْ ال َّ ِ ِ ّ ِ َ َ َ ِ ِ َ ّ َ ُ َ َ ِ ُ ِ
َ
ج
حتَا َ ه فَي َ ْ مال َ ُ ستِعْ َ ساُر ا ْ منَعَ اِلنْك ِ َ ن يَ ْ سهِ .الثَّانِي :أ ْ لُب ْ ِ
ْ إلَى سبك وصوغ .فَتجب زكَاته ,وأ َ
تل وَقْ ُ ْ ِ حو َ ال ل ُ َ و
َ ِ ُ َ ُ ُ َ ّ َ ْ ٍ َ َ ْ ٍ
ث: شافِعِيَّةِ .الثَّال ِ ُ مالِكِيَّةِ وال َّ
َ ب ال ْ َ مذْهَ ُ سارِ ,وَهُوَ َ اِلنْك ِ َ
ج إلَى َ
حتَا ُ ن َل ي َ ْ ل وَلَك ِ ْ ما َ ستِعْ َ ساُر اِل ْ منَعَ اِلنْك ِ َ ن يَ ْ أ ْ
حام ِ وَهَذ َا عَلَى ح بِاْلِل ْ َ صَل َ ل اْل ِ ْ قب َ ُ صوٍْغ َوي َ ْ ك وَ َ سب ْ ٍ َ
َ َ َ
م ,أوْ كَنََز ُ
ه ه تِبًْرا أ ْو دََراهِ َ جعْل َ ُ صد َ َ ن قَ َ ل:أ-إ ْ حوا ٍ أ ْ َ
و
سارِ .وَهُ َ ن يَوْم ِ اِلنْك ِ َ م ْ ه ِ حوْل ُ ُ ه َوانْعََقد َ َ ت َزكَات ُ ُ جب َ ْ وَ َ
َ مالِكِيَّةِ وال َّ
هح ُ صَل َ صد َ إ ْ ن يَْق ِ شافِعِيَّةِ .ب -أ ْ َ ب ال ْ َ مذْهَ ُ َ
شافِعِيَّةِ مالِكِيَّةِ وال َّ ب ال ْ َ مذْهَ ُ فََل َزكَاة َ فِيهِ وَهُوَ َ
َ
94
عنْدَ ه ِ ت َزكَات ُ ُ جب َ ْ شيْئًا وَ َ صد ْ َ م يَْق ِ ن لَ ْ حنَابِلَةِ .ج -إ ْ َوال ْ َ
عنْدَ ب ِ مذْهَ ُ مالِكِيَّةِ َ .وال ْ َ عنْد َ ال ْ َ ب ِ ج ُ شافِعِيَّةِ وََل ت َ ِ ال َّ
مطْلًَقا فََل ل ُ ما َ ستِعْ َ منَعَ اِل ْ ساَر إذ َا َ ن اِلنْك ِ َ حنَابِلَةِ أ َ َّ ال ْ َ
ي. حل ْ ِ َزكَاةَ فِي ال ْ َ
ة إلَى حنَابِل َ ُ ة وَال ْ َ شافِعِي َّ ُ ب ال َّ ي - 11 :ذَهَ َ حل ْ جاَرةُ ال ْ َ إ َ
َ ُ ِ
ن غَي ِْ
ر م ْ سهِ أ ْو ِ جن ْ ِ ن ِ م ْ جَرةٍ ِ ي بِأ ْ حل ْ ِ ة ال ْ َ جاَر ِ
َ
جوازِ إ َ َ َ
معَ صودَةً َ مْق ُ ة َ ح ً مبَا َ ة ُ فعَ ً من ْ َ فعُ بِهَا َ ن يُنْت َ َ ه ع َي ْ ٌ سهِ ِ .لن َّ ُ جن ْ ِ ِ
َ
مالِكِي َّ ُ
ة ي .وَكَرِهَ ال ْ َ ضِْ جاَرتُهَا كَاْلَرا ِ تإ َ جاَز ْ بََقائِهَا فَ َ
س ,وَاْلَوْلَى ِ ن النَّا شأ ِ ن َ م ْ س ِ ه لَي ْ َ ي ِلن َّ ُ
َ
ِ حل ْ جاَرةَ ال ْ َ إ َ
ْ
ف عَلَى َرأ ِ
ي م نَِق ْ ف .وَل َ ْ معُْرو ِ ن ال ْ َ ْ ه ِلَنَّهَا ِ
م إع َاَرت ُ ُ
سألَةِ . َ
م ْ فيَّةِ فِي ال ْ َ حن َ ِ ال ْ َ
ة إلَى حنَابِل َ ُ ة َوال ْ َ شافِعِي َّ ُ ب ال َّ ي - 12 :ذَهَ َ حل ْ ف ال ْ َ َوقْ ُ
ِ
ت ة ابْتََاع َ ْ ص َ حْف َ ن َ ما َروَى نَافِعٌ أ َ َّ ي لِ َ حل ْ ِ ف ال ْ َ حةِ َوقْ ِ ص َّ ِ
َ
ب خط ّا ِ ل ال ْ َ ساءِ آ ِ ه ع َلَى ن ِ َ ست ْ ُ حب َ َ ن ألًْفا َ شَري ْ ِ حلِيًّا بِعَ ْ ُ
مالِكِيَّةِ ب ال ْ َ مذْهَ ِ ه .وَظَاهُِر َ ج َزكَات َ ُ خرِ ُ ت َل ت ُ ْ فَكَان َ ْ
مطْلًَقا :الْعَ َ ِ
قار ك ُ ملُو ِ م ْ ف ال ْ َ از َوقْ ِ جوَ ِ جواُز بِنَاءً ع َلَى َ ال ْ َ َ
ي
حل ِ ِ ّ ف ال ْ ُ جوُز َوقْ ُ ن .وََل ي َ ُ حيَوَا ِ ي وَال ْ َ مثْل ِ ِ ّ قوَّم ِ َوال ْ ِ م َ َوال ْ ُ
فيَّةِ بنَاءً ع َلَى أ َ َّ َ
از
جوَ ِ م َ م عَد َ ُ عنْدَهُ ْ ل ِ ص َ ن اْل ْ ِ حن َ ِ عنْد َ ال ْ َ ِ
يع ِّ شْر ِ ف ال َّ م الْوَقْ ِ حك ْ َ ن ُ قار ِل َ َّ ف فِي غَي ْ َرِ الْعَ َ ِ الْوَقْ ِ
ل يُنْظَُر صي ف
ْ َ لت ل و . قار َ ع ْ ال ر ي َ غ د َ ب أ ت ي ل َ و , د ي ب التَأ ْ
ِ ِ ّ ِ ِ َ َ ُ ْ ُ ّ َ َ َ ُ ّ ِ
ف" ح " وَقْ ٌ صطَل َ ُ م ْ ُ
ف: ة الت ّعْرِي ُ َ ض ٌ فِ َّ
جاءَ فِي ة َ ,و َ معُْروفَ ٌ جوْهَرِيُّ َ - ل ال ْ َ ما قَا َ ة -كَ َ ض ُ - 1الِْف َّ
َ ط :الِْف َّ
بح ِ س ْ ل لِل َّ ض قَاب ِ ٌ صٌر أبْي َ ُ ة ع ُن ْ ُ ض ُ سي ِ جم ِ الْوَ ِ معْ َ ُ ال ْ
ن أَكْثَرِ ال ْ َ
حَراَرةِ صيًل لِل ْ َ موَادِّ تَوْ ِ َ ْ م
لِ , ِ صْق ق وَال َّ ِ َوالط ّْر
َّ
م
خد َ ُ ست َ ْ ْ ُ ت ي ِ ت سةِ ال جوَاهِرِ النَِّفي َ ن ال ْ َ م ْ َوالْكَهَْربَاءِ ,وَهُوَ ِ
ت ص ْ خت َ َّ ةا ْ ض ُ ب :الِْف َّ ل الَّراِغ ُ قود ِ َ .وقَا َ ك الن ُّ ُ ص ِّ فِ َي َ
ت ظ ذ َا ُ جوَاهِرِ ( .اْلَلَْفا ُ ن ال ْ َ م ْ ل بِهَا ِ م ِ متَعَا َ ن ال ْ ُ بِأد ْ َو ِ
ف, معُْرو ُ ن ال ْ َ معْد ِ ُ ب :ال ْ َ ب - 2 :الذَّهَ ُ صلَةِ ) :الذَّهَ ُ ال ِّ
95
وصلَته بال ْف َ َ
منِيَّةِ ن فِي النَّْقدِيَّةِ َ ,وث َ َ شتَرِكَا ِ م ْ ما ُ ضةِ أنَّهُ َ َ ِ ُ ُ ِ ِ ّ
ة بِالِْف َّ متَعَل َِّق ُ َ َ اْل َ ْ
ضةِ م ال ْ ُ حكَا ُ قةِ .اْل ْ خل ْ َ ل ال ْ ِ ص ِ شيَاءِ فِي أ ْ
ن الِْف َّ :أ -استِعْما ُ َ
ضةِ - 3 : م ْ صنُوعَةِ ِ م ْ ل اْل َوانِي ال ْ َ ْ َ
َ ُ َ
صنُوعَةِ م ْ ن اْل َوانِي ال ْ َ مَ ْ ب ِ شْر َ ن ال ّ اتََّفقَ الُْفَقهَاءُ ع َلَى أ َّ
ضة حرام ,مستدل ِّين بأَدل ّة ,منها :ع َ ُ
م
ن أ ِّ ْ ُ ْ َ ِ َ ِ ِ ٍ ِ َْ ن الِْف َّ ِ َ َ ٌ م ْ ِ
ي صلى الله عليه ن النَّب ِ َّ َ
ة رضي الله عنها ,أ َّ م َ سل َ
َ َ
َ
ما ضةِ إن َّ َ ب فِي آنِيَةِ الِْف َّ شَر ُ ل { :ال ّذِي ي َ ْ وسلم قَا َ
ن رواهُ الْبََراءُ ب ْ ُ ما َ َ م } َ .وَب ِ َ جهَن َّ َ جُر فِي بَطْنِهِ نَاَر َ جْر ِ يُ َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ُ ل { :نَهَانَا َر ُ ب قَا َ ع َازِ ٍ
ب فِيهَا شرِ َ ن َ ضةِ ,فَإِن َّ ُ ب فِي الِْف َّ وسلم ع َن ال ُّ
م ْ ه َ شْر ِ ْ
ي: ل الن ّوَوِ ُّ َ خَرةِ } .قَا َ ب ِفي ال ِ ْ شَر ْ م يَ ْ َ
فِي الدُّنْيَا ل ْ
َ ت اْل ُ َّ َ قَا َ َ
ل حرِيم ِ اْلك ْ ِ ة ع َلَى ت َ ْ م ُ معَ ْ ج َ حابُنَا :أ ْ ص َ لأ ْ
ب أ َ ْو ل فِي إنَاءِ ذَهَ ٍ ما ِ ستِعْ ََ ن اِل ْ م ْ ما ِ ب َوغَيْرِه ِ َ شْر َ ِ
وال ُّ
َ
ي فِي َ ل ال ّ ن دَاوُد ,وَإ ِ ّل قَوْ َ ضةٍ إ ّل َ فِ َّ
شافِعِ ِ ّ ي عَ ْ حك ِ َ ما ُ
م ال ُّ َ
ب
شْر ُ حُر َ ه إذ َا َ ه -وَِلن َّ ُ جعَ ع َن ْ ُ الَْقدِيم ِ َ -وقَد ْ َر َ
ف. سَر ِ مدَّة ً وَأَبْلَغُ فِي ال َّ ل ُ ه أَطْوَ ُ َ
ل َ أوْلَى ِ ,لن َّ ُ
فَاْلَك ْ ُ َ
ح ُّ
بمذ َاه ِ ِ ن ال ْ َ ق بَي ْ َ ٍ ل اتَِّفا م َ ي َ ه النَّوَوِ ُّ وَهَذ َا ال ّذِي قَال َ ُ
سائُِر أَنْوَاِع ب ,وَكَذ َا َ شْر ِ
حريم اْلَك ْل وال ُّ
ِ َ ِ ِ ْ َ ت ي ِ ف ِ ة َ ع َ رب ْ
اْل َ
ت بِهَا , ت َوالبُيُو ِ ْ حوَانِي ِ ن ال َ ْ منْهَا تَْزيِي ُ ت ,وَ ِ ماَل ِ ستِعْ َ اِل ْ
معَ نَ , مي ْ ِ حَر َ م ال ْ َ ما ُ ن قَبْلِهِ إ َ م ْ ص ع َلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَ ِ ما ن َ َّ كَ َ
مَقام ِ بِالْكََراهَةِ ة ع َبَُّروا فِ َي هَذ َا ال ْ َ في َّ َ حن َ ِ ن ال ْ َ حظَةِ أ َ َّ مَل َ ُ
َ ْ ّ َ
حَرام ِ ,وَأ َّ ْ َ َ
ل حرِيم ِ الك ْ ِ ة تَ ْ عل َ ن ِ ميَّةِ ل ال َ حرِي ِ الت ّ ْ
ف. سَر ُ خيََلءُ َوال َّ ضةِ ,أوْ ال ْ ُ َ ن الِْف َّ وال ُّ
ي :ع َي ْ ُ ب هِ َ شْر ِ َ
ل: ما ٍ ستِعْ َ نا ْ ضةِ دُو َ ب -اقْتِنَاءُ الِْف َّ
ضةِ عَلَى غَي ْ َِ
ر ن اقْتِنَاءَ الِْف َّ ماءُ ع َلَى أ َ َّ معَ الْعُل َ َ ج َ -4أ ْ
َ
ماحيٍح َ ,وأ َّ ص ِ ض َ رَ َ غ ِ ل نَ ا م إذ َا ك َ ُ ر
ُ حْ َ ي ل صوَرةِ اْل َ َوانِي َ ُ
َ ٍ
ما م َّ حوِهَا ِ صوَرةِ اْل َوانِي َون َ ْ ضةِ ع َلَى ُ ن الِْف َّ م ْ ن ِ ما كَا َ َ
ي الوَّ ُ َ ْ ْ َ ْ ُ
ل: ماءِ فِيهِ آَراءٌ :الَّرأ ُ ه ,فَلِلعُل َ مال ُ ستِعْ َ نا ْ مك ِ ُ يُ ْ
مالِكِيَّةِ , عنْد َ ال ْ َ ة ِ ح ُ ج َ ة الَّرا ِ فيَّةِ ,وَالّرِ َواي َ ُ حن َ ِ ل ال ْ َ وَهُوَ قَوْ ُ
96
حنَابِلَةِ عنْد َ ال ْ َ ب ِ مذْهَ ُ شافِعِيَّةِ َ ,وال ْ َ عنْد َ ال َّ َواْلَظْهَُر ِ
محُر ُ ما ي َ ْ م كَ َ حُر ُ ضةِ ت َ ْ ن اقْتِنَاءَ أ َ َوانِي الِْف َّ ن أ َ َّ وَهَؤَُلءِ يََروْ َ
خاذ ُ ُ
ه جوُز ات ِّ َ ه َل ي َ ُ مال ُ ُ ستِعْ َ جوُز ا ْ ما َل ي َ ُ ن َ مالُهَا ِ ,ل َ َّ ستِعْ َ ا ْ
م, حُر ُ حَّرم ٍ ,فَي َ ْ م َ ل ُ ما ِ ستِعْ َ خاذَهُ يُؤَدِّي إلَى ا ْ ن ات ِّ َ ,وَِل َ َّ
ْ خمر ,وِل َ
ه
ما فِي ِ ل لِ َ ِ ما َ ْ ع ِ ست ْ ل ِ ا نْ م
ِ َ ع ْ من َ ال ن َ ّ ك ال ْ َ ْ ِ َ سا ِ م َ كَإ ِ ْ
خاذِ ,وَِل َ َّ
ن جود ٌ فِي اِلت ِّ َ موْ ُ ف ,وَهُوَ َ سَر ِ خيََلءِ َوال َّ ن ال ْ ُ م ْ ِ
َ ْ حال َ ُ
ي الث ّانِي : م .الَّرأ ُ حُر ُ ث ,فَي َ ْ ة هَذِهِ ع َب َ ٌ خاذ َ َوال ْ َ اِلت ِّ َ
ملْهَا وَهُ َ
و ستَعْ ِ م يَ ْ م إذ َا ل َ ْ حُر ُ ضةِ َل ي َ ْ خاذ َ أَوَانِي الِْف َّ ن ات ِّ َ أ َ َّ
ة أ َ ْو ي َ ,ورِ َواي َ ٌ شافِعِ ِ ّ
عنْد َ ال َّ ل ِ مد َ ّوَنَةِ َ ,وقَوْ ٌ ظَاهُِر ال ْ ُ
ل فََل ما ع ِ ست ل ِ ا ب د ر و ما َ إن ر خب َ ْ ال َ
ن حمد َ ِ ,ل َ وجه ع َن أ َ
ِ َ ْ ْ ِ َ ََ َ ّ َ َ ّ َ ْ ْ َ ْ ٌ
ير
حرِ ِ ب ال ْ َ ل ثِيَا َ ج ُ خذ َ الَّر ُ ما لَوْ ات َّ َ خاذ ُ ,ك َ َ م اِلت ِّ َ حُر ُ يَ ْ
ة
ض ِ ملَهَا ,فَكَذ َا اقْتِنَاءُ أَوَانِي الِْف َّ ستَعْ ِ ن يَ ْ نأ ْ
واقْتناهَا دو َ
ُ َ َ ََ
ي عَلَى ت َ ْ شافِعِ ُّ ص ال َّ مالِهَا .وَقَد ْ ن َ َّ
حرِيمِ ستِعْ َ نا ْ دُو َ
صرِ : خت َ َ م ْ ل فِي ال ْ ُ ي ,فََقا َ ّ ِ حل ِ ب َزكَاةِ ال ْ ُ خاذِ فِي بَا ِ اِلت ِّ َ
ق َزك ّيَاهُ فِي َ ب أ َ ْو وَر ل أَو ا َ ن ات َّ َ
ٍ ِ مَرأةٌ إنَاءَ ذَهَ ٍ ج ٌ ْ ْ خذ َ َر ُ فَإ ِ ْ
ي الثَّال ِ ُ خاذُه .الَرأ ْ َ
ث ّ ُ ما ات ِّ َ ُ منْهُ َ حد ٍ ِ وا ِ س لِ َ ه لَي ْ َ ن ِلن َّ ُ قوْلي ْ ِ
ال ْ َ َ
د
ص ِ خاذ ُ بَِق ْ ن اِلت ِّ َ ن إذ َا كَا َ ما يَكُو ُ م إن َّ َ حرِي َ ن الت َّ ْ :أ َ َّ
صدِ الْعَاقِبَةِ ,أ َ ْو خاذُهُ بَِق ْ ن ات ِّ َ ما إذ َا كَا َ ل ,أ َ َّ ما ِ ستِعْ َ اِل ْ
ماة ,وَهُوَ َ م َ حْر َ يءٍ ,فََل ُ ش ْ جتِهِ ,أَوْ بِنْتِهِ ,أَوْ َل ل ِ َ لَِزوْ َ
َ
م اقْتِنَاؤُهُ أ ْ
ي حُر َ ل الدَّْردِيُر َ :و َ يُ .وَقَا َ ه الْعَدَوِ ّ ح ُ ج َ َر َّ
َ
ل, ما ِ ستِعْ َ ة لِِل ْ ه ذ َِريعَ ٌ خاُرهُ وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ ِ ,لن َّ ُ ادِّ َ
مد ِ ,وَقَوْلُنَا " :وَلَوْ لِعَاقِب َ ِ
ة معْت َ َ ه ع َلَى ال ْ ُ ل بِ ِ م ُ ج ُّ وَكَذ َا الت َّ َ
ل ,وَهُوَ شعُِر بِهِ التَّعْلِي ُ ل ,وَي ُ ْ ضى النَّْق ِ قت َ َ م ْ د َ َهْرٍ " هُوَ ُ
ل وََل ج ٍ جوُز لَِر ُ م بِهِ ,إذ ْ اْلِنَا ُء َل ي َ ُ جْز ُ ال ّذِي يَنْبَغِي ال ْ َ
ِل َ
ي. حل ِ ِ ّ ف ال ْ ُ خَل ِ خاذِهِ لِلْعَاقِبَةِ ,ب ِ ِ معْنَى ِلِت ِّ َ مَرأةِ ,فََل َ ْ
َ
صدِ ن بَِق ْ ن كَا َ ن اقْتِنَاءَهُ إ ْ ل أ َّ ص ُ حا ِ ي :وَال ْ َ سوقِ ُّ ل الد ُّ ُ َوقَا َ
صد ِ الْعَاقِبَةِ أ َ ْو ن لَِق ْ ن كَا َ ق َ ,وإ ِ ْ م بِاتَِّفا ٍ حَرا ٌ ل فَ َ ما ِ ستِعْ َ اِل ْ
َ
ن, ل قَوَْل ِ يءٍ ,فَِفي ك ُ ٍّ ش ْ صد ِ َ ل أوْ َل لَِق ْ م ِ ج ُّ الت َّ َ
منْعُ . مد ُ ال ْ َ معْت َ َ َوال ْ ُ
97
=================
رأي القرضاوي في زكاة الحلي والواني
والتحف الذهبية والفضية
98
فيستويان في التحريم وإنما أبيح للنساء التحلي
لحاجتهن إليه ،للتزين للزواج ،وليس هذا بموجود
في النية ونحوها فتبقى على التحريم.
والتماثيل محرمة ولو كانت من برونز أو نحاس ،فإذا
كانت من فضة أو ذهب تضاعفت حرمتها (انظر
المرجع السابق).
قال شيخ السلم ابن قدامة :إذا ثبت هذا فإن فيها
الزكاة ،بغير خلف بين أهل العلم ،ول زكاة فيها
حتى تبلغ نصابًا بالوزن ،أو يكون عنده ما يبلغ نصابًا
بضمها إليه (المغنى.)16 ،3/15 :
وهناك قول باعتبار قيمتها ل وزنها ،نقله صاحب
المغنى عن بعض الحنابلة (المغنى )16 ،3/15 :فإن
حسن الصنعة ،وبراعة الصياغة والفن ،ترتفع بقيمتها
ارتفاع ًا كبيًرا فاعتبار القيمة أولى ،لما فيه من رعاية
حظ الفقراء والمستحقين ،وما فيه من تغليظ على
هؤلء المترفين الذين انتهكوا ما حرم الله.
حلي الرجال المحرم فيه الزكاة
ومثل النية والتحف الذهبية والفضية للرجال
والنساء :ما يتخذه الرجال من حلى حرمه الشرع
عليهم (راجع في ذلك "الحلل والحرام" فصل "في
الملبس والزينة").
فإن الحلي ليس من حاجات الرجل ول من
مقتضيات فطرته ،ولهذا حرمت عليه شريعة السلم
التحلي بالذهب ،ولم يبح له إل التختم بالفضة (قال
ابن قدامة :ويباح للرجال من الفضة :الخاتم "لن
ما من ورق" النبي -صلى الله عليه وسلم -اتخذ خات ً
متفق عليه ،وحلية السيف ،بأن تجعل قبضته فضة
سا قال" :كانت قبضة سيف أو تحليتها بفضة ،فإن أن ً
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فضة" ،وقال
99
هشام بن عروة :كان سيف الزبير محلى بالفضة
رواهما الثرم بإسناده "المغنى )"15 ،3/14 :ومثل
هذا ل يبلغ التحلي به نصابًا.
فإذا كان لبعض الرجال حلي من الذهب -خاتم أو
طوق أو سلسلة أو نحوها -وبلغت قيمته نصابًا
بنفسه ،أو بما عنده من مال آخر ،فإن الزكاة تجب
فيه ،لنه مال معطل كان في المكان أن ينمى
وينتفع به ،أو يضاف إلى رصيد الدولة من الذهب
وتعطيله ليس لشباع حاجة فطرية معقولة كما هو
الشأن في حلى النساء ،بل هو خروج عن الفطرة
وشرود عن المنهج القويم ،واعتداء لحدود الله،
وإيجاب الزكاة عليه تنبيه له على خطئه ،وتذكير له
بإخراج هذا المال إلى حيز النماء والتثمير ،وأداء
وظيفته في التداول والمبادلة.
ول يباح من الذهب إل ما دعت الضرورة إليه كالنف
في حق من قطع أنفه ،لما روى عن عبد الرحمن
بن طرفة "أن جده عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم
الكلب ،فاتخذ أنًفا من ورق فأنتن عليه ،فأمره
النبي -صلى الله عليه وسلم -فاتخذ أنًفا من ذهب"
(رواه أبو داود).
وقال المام أحمد :ربط السنان بالذهب إذا خشي
عليها أن تسقط قد فعله الناس ،فل بأس به عند
الضرورة وما عدا ذلك فهو حرام يجب تزكيته
ضا ،اعتبار النصاب بالقيمة ل بالوزن والراجح هنا أي ً
كما ذكرناه لننا ننظر إلى هذا الحلي باعتباره متاعًا،
ما من الذهب ولو فإذا بلغت قيمته ما يساوى 85جرا ً
كان وزنه أقل من ذلك وجبت فيه الزكاة على ما
اخترناه.
حلي الللئ والجواهر للنساء ل زكاة فيها
100
أما الحلي من غير الذهب والفضة أعنى حلي
الجواهر من اللؤلؤ والمرجان والزبرجد والماس
ونحوها فل زكاة فيه :لنه مال غير نام ،بل هو حلية
ومتاع للمرأة أباحه الله بنص كتابه حين ذكر البحر
فقال( :وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) (النحل-14 :
وتكرر هذا المعنى في عدة سور).
ولم يخالف في ذلك إل بعض أئمة العترة من
الشيعة ،فقد ذهب إلى أن ما قيمته نصاب من
الجواهر ،يجب أن يزكى ،لنها مال نفيس بلغ نصابًا
فيجب فيه الزكاة ،عمل ً بعموم قوله تعالى( :خذ من
أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة.)103 :
وتقرير ذلك :أن كلمة "أموالهم" جمع مضاف ،وهو
يفيد العموم ،فيكون المعنى :خذ من كل واحد من
أموالهم ،وذلك هو معنى العموم ،وحلى الجواهر
مال نفيس يندرج في هذا العموم وهو المطلوب
(انظر "الروض النضير " في فقه الزيدية مقارنًا
بالمذاهب الخرى.)410 ،2/409 :
وأجاب الجمهور :على التسليم بأن الية تفيد العموم
في جميع أنواع المال -بأن السنة القولية والعملية
قد خصصت هذا العموم بالموال النامية أو القابلة
للنماء ،فالعلة هي النماء حقيقة أو تقديًرا ،وليست
هي النفاسة حتى يدار الحكم عليها (المرجع
السابق) وهذه الجواهر تتخذ للحلية وللنتفاع
الشخصي ،ل للنماء والستغلل وهذا ما لم تتخذ
كنًزا أو تتجاوز الحد المعقول ،كما سنرجحه بعد.
الخلف في حلي الذهب والفضة للنساء
أما حلى الذهب والفضة للنساء ،فلم يرد في شأنها
شيء في كتب صدقات النبي -صلى الله عليه
وسلم ،-ول جاء نص صحيح صريح بإيجاب الزكاة
101
فيه أو نفيها عنه ،وإنما وردت أحاديث اختلف
الفقهاء في ثبوتها ،كما اختلفوا في دللتها (سنذكر
قريبًا أهم هذه الحاديث).
ما نظروا إلى ضا :أن قو ً
ومن أسباب الختلف أي ً
المادة التي صنع منها الحلي ،فقالوا :إنها نفس
المعدن الذي خلقه الله ليكون نقدًا ،يجرى به
التعامل بين الناس ،والذي وجبت فيه الزكاة
بالجماع ،ومن ثم أوجبوا فيه الزكاة كسبائك الذهب
والفضة ونقديهما.
وأن آخرين نظروا إلى أن هذا الحلي بالصناعة
والصياغة خرج من مشابهة النقود ،وأصبح من
الشياء التي تقتنى لشباع الحاجات الشخصية
كالثاث والمتاع والثياب ،وهذه ل تجب فيها الزكاة
بالجماع ،لن الزكاة -كما عرفنا من هدى الرسول-
إنما تجب في المال النامي أو القابل للنماء
والستغلل ،ومن هنا قال هؤلء :ل زكاة في الحلي.
وهذا الخلف إنما هو في حكم الحلي المباح ،أما
الحلي الذي حرمه السلم ،فقد أجمعوا على وجوب
زكاته.
وسنرد المختلفين هنا إلى فريقين
أولً :فريق القائلين بتزكية الحلي كالنقود مطلًقا،
بإخراج ربع عشره كل عام.
ثانيًا :والفريق الثاني :من لم ير ذلك ،بأن لم يوجب
فيه زكاة قط ،أو أوجبها مرة واحدة في العمر ،أو
أوجبها بقيود معينة.
القائلون بزكاة الحلي
روى البيهقي وغيره عن علقمة أن امرأة ابن
مسعود سألته عن حلى لها فقال :إذا بلغ مائتي
درهم ففيه الزكاة قالت :أضعها في بنى أخ لي في
102
حجري؟ قال :نعم قال البيهقي :وقد روى هذا
مرفوع ًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم ،-وليس
بشيء (السنن الكبرى ،4/134 :باب "من قال في
الحلي زكاة").
ضا (السنن الكبرى ،4/134 :باب "من قال وروى أي ً
في الحلي زكاة") عن شعيب بن يسار أن عمر كتب
إلى أبى موسى" :أن مر من قبلك من نساء
المسلمين أن يصدقن حليهن".
ولكن هذا ليس بثابت عن عمر (قال البيهقي :هذا
مرسل؛ شعيب بن يسار لم يدرك عمر) ،ولذا روى
ابن أبى شيبة عن الحسن قال :ل نعلم أحدًا من
الخلفاء قال :في الحلي زكاة (المصنف.)4/28 :
وروى البيهقي عن عائشة قالت :ل بأس بلبس
الحلي إذا أعطيت زكاته (السنن الكبرى -الصفحة
السابقة ،وانظر "الموال" ص )440ولكن صح عن
عائشة خلف ذلك كما سيجيء.
وعن عبد الله بن عمرو -أنه كان يكتب إلى خازنه
سالم -أن يخرج زكاة حلى بناته كل سنة (المرجع
السابق) ،وروى عنه أبو عبيد أنه حلى ثلث بنات له
بستة آلف دينار ،فكان يبعث مولى له جليدًا كل
عام فيخرج زكاته منه (الموال ص .)440
وفى أسانيد هذه الثار كلم ،لذا قال أبو عبيد :لم
تصح زكاة الحلي عندنا عن أحد من الصحابة إل عن
ابن مسعود (المصدر السابق ص )446قال ابن
حزم :وهو عنه في غاية الصحة (المحلى.)6/75 :
والقول بزكاة الحلي روى عن سعيد بن المسيب،
وسعيد بن جبير ،وعطاء ،ومجاهد ،وعبد الله بن
شداد ،وجابر بن زيد ،وابن شبرمة ،وميمون بن
مهران ،والزهري ،والثوري ،وهو قول أبى حنيفة
103
وأصحابه والوزاعى ،والحسن ابن حي (انظر
مصنف ابن أبى شيبة ،4/27 :والموال ص - 441
،442والمحلى لبن حزم ،6/76 :والمغنى لبن
قدامة - 3/100 :مع أنه قد روى عن ابن المسيب:
أن زكاة الحلي إعارته كما سيأتي).
أدلة هذا القول
-1واستند القائلون بزكاة الحلي أول ً إلى إطلق
الية الكريمة( :والذين يكنزون الذهب والفضة ول
ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)
(التوبة )34 :فالذهب والفضة في الية يشمل الحلي
كما يشمل النقود والسبائك ،فما لم تؤد الزكاة منها
فهي كنز يكوى به صاحبه يوم القيامة.
-2واستندوا ثانيًا إلى عموم قوله -صلى الله عليه
وسلم " :-في الرقة ربع العشر وليس فيما دون
خمس أواق صدقة" مفهومه :أن فيها صدقة إذا
بلغت خمس أواق ،وإلى عموم ما جاء في زكاة
الذهب مثل" :ما من صاحب ذهب ل يؤدى زكاته"
الحديث ،وقد تقدم.
-3واستدلوا ثالثًا بما ورد من الحاديث في زكاة
الحلي خاصة ،وقد صححها طائفة من الئمة ،ومنها:
(أ) ما روى أبو داود من طريق عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده :أن امرأة (عند ابن أبى شيبة وأبى
عبيد أنها امرأة من اليمن) أتت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم -ومعها ابنة لها ،وفى يد ابنتها
مسكتان (أسوارتان) غليظتان من ذهب ،فقال لها:
أتعطين زكاة هذا؟ قالت :ل قال :أيسرك أن
يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ قال:
فخلعتهما فألقتها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-
وقالت :هما لله ورسوله (الحديث سكت عنه أبو
104
داود قال المنذري في مختصر السنن :وأخرجه
الترمذي بنحوه وقال :لم يصح في هذا الباب عن
النبي -صلى الله عليه وسلم -شيء ،وأخرجه
النسائي مسندًا ومرسلً ،وذكر أن المرسل أولى
بالصواب -انظر مختصر السنن للمنذري،2/175 :
وذكره في كتاب الزكاة من "الترغيب" وأشار إليه
بعلمة الضعف ،حيث صدره بلفظه" :روى" وأهمل
الكلم عليه في آخره ،وهذا علمة السناد الضعيف،
كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه "الترغيب"،1/555 :
- 556طبع مصطفى الحلبي -الطبعة الثانية،
وسيأتي رأى أبى عبيد فيه وتعليقنا عليه.
وقال الحافظ في التلخيص ص :183أخرجه أبو داود
من حديث حسين المعلم وهو ثقة عن عمرو وفيه
رد على الترمذي حيث جزم بأنه ل يعرف إل من
حديث ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو ،وقد
ضا..أ هـ).
تابعهم حجاج بن أرطأة أي ً
(ب) وما روى أبو داود -واللفظ له -والدارقطني
والحاكم والبيهقي عن عائشة أنها قالت" :دخل على
رسول الله -صلى الله عليه وسلم ،-فرأى في
يدي فتخات من ورق ،فقال :ما هذا يا عائشة ؟
فقالت :صنعتهن أتزين لك -يا رسول الله -قال:
أتؤدين زكاتهن ؟ قالت :ل ،أو ما شاء الله ،قالت:
قال :هو حسبك من النار" (قال الحافظ في
التلخيص ص :184إسناده على شرط الصحيح "أ
هـ" ولكن هذا الحديث يخالف ما صح عن عائشة
أنها كانت ل تزكى حلى بنات أخيها مع ما صح عنها
من تزكية مال اليتامى) (والفتخات :خواتيم كبار كان
النساء يتحلين بها).
105
ثم ما رواه أبو داود وغيره عن أم سلمة قالت :كنت
حا من ذهب ،فقلت :يا رسول الله ،أكنز ألبس أوضا ً
هو ؟ قال" :ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكى فليس
بكنز".
قال المنذري :في إسناده عتاب بن بشير -أبو
الحسن الحراني -وقد أخرج له البخاري ،وتكلم فيه
غير واحد (مختصر السنن( )2/175 :والوضاح :نوع
من الحلي).
القائلون بعدم وجوب الزكاة في الحلي
(يمكننا أن ندخل ضمن هذا المذهب من قال بزكاة
الحلي مرة واحدة في العمر ،كما هو مروى عن
أنس ،ومن قال بأن زكاة الحلي عاريته كما هو
مروى عن بعض الصحابة والتابعين كما سيأتي لن
غرضنا من القول بعدم الزكاة في الحلي :عدم
الزكاة الحولية المقدرة المعهودة).
قال ابن حزم في المحلى :قال جابر بن عبد الله
وابن عمر :ل زكاة في الحلي ،وهو قول أسماء بنت
ضا عن عائشة ،وهو عنها صحيح، أبى بكر ،وروى أي ً
وهو قول الشعبي وعمرة بنت عبد الرحمن ،وأبى
ضا عن طاووس جعفر محمد بن على ،وروى أي ً
والحسن وسعيد بن المسيب ،واختلف فيه قول
سفيان الثوري ،فمرة رأى فيه الزكاة ،ومرة لم يرها
أ هـ (المحلى.)6/176 :
وهو قول القاسم بن محمد ابن أخي عائشة ،وإليه
ذهب مالك بن أنس ،وأحمد بن حنبل ،وإسحاق بن
راهويه ،وهو أظهر قولي الشافعي كما قال
الخطابى (معالم السنن ،3/176 :وهو المذهب
المعتمد لدى الشافعية كما في المجموع)6/136 :
وهو مذهب أبى عبيد كما سيأتي.
106
أدلة هذا القول
تتلخص أدلة هذا القول فيما يلي
أولً :أن الصل براءة الذمم من التكاليف ما لم يرد
بها دليل شرعي صحيح ،ولم يوجد هذا الدليل في
زكاة الحلي ،ل من نص ،ول من قياس على
منصوص.
ثانيًا :أن الزكاة إنما تجب في المال النامي أو المعد
للنماء ،والحلي ليس واحدًا منهما ،لنه خرج عن
النماء بصناعته حليًا يلبس ويستعمل وينتفع به فل
زكاة فيه ،وهذا كما قلنا في العوامل من البل
والبقر ،فقد خرجت باستعمالها في السقي والحرث
عن النماء وسقطت عنها الزكاة.
ثالثًا :يؤيد هذا الستدلل ما صح عن عدة من
الصحابة ،رضى الله عنهم ،من عدم وجوب الزكاة
فيه.
فقد روى مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد
(معالم السنن ،3/176 :وهو المذهب المعتمد لدى
الشافعية كما في المجموع :)6/136 :أن عائشة زوج
النبي -صلى الله عليه وسلم -كانت تلي بنات أخيها
يتامى في حجرها يلبسن الحلي ،فل تخرج عن
حليهن الزكاة (هو القاسم بن محمد بن أبى بكر ابن
أخي عائشة ،وأحد الفقهاء السبعة في المدينة).
وروى عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يحلى بناته
وجواريه الذهب ثم ل يخرج عن حليهن الزكاة
(الموطأ- 1/250 :طبع الحلبي -باب "مال زكاة فيه
من الحلي والتبر والعنبر").
وروى ابن أبى شيبة عن القاسم قال :كان ما لنا
عند عائشة ،وكانت تزكيه إل الحلي ،وعن عمرة
107
ما في حجر عائشة ،وكان لنا حلى قالت :كنا أيتا ً
فكانت ل تزكيه.
وروى ابن شيبة وأبو عبيد وغيرهما مثل ذلك عن
جابر بن عبد الله وأسماء بنت أبى بكر بالضافة إلى
عائشة وابن عمر (انظر المصنف لبن أبى شيبة:
،4/28والموال ص .)443
فعن أبى الزبير عن جابر قال :ل زكاة في الحلي،
قلت :إنه يكون فيه ألف دينار ،قال :يعار ويلبس،
وفى رواية قال :إن ذلك لكثير.
وعن أسماء :أنها كانت ل تزكى الحلي ،قال
الشافعي :ويروى عن ابن عباس وأنس بن مالك
-ول أدرى أثبت عنهما -معنى قول هؤلء" :ليس في
الحلي زكاة" (الم -2/41 :طبع الفنية المتحدة،
والقول بعدم الزكاة رواه عن أنس أبو عبيد ص 442
والبيهقي.)4/138 :
قال القاضي أبو الوليد الباجي في شرح الموطأ:
وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة ،وأعلم الناس به
عائشة ،رضى الله عنهما ،فإنها زوج النبي -صلى
الله عليه وسلم ،-ومن ل يخفى عليها أمره في
ذلك.
وكذلك عبد الله بن عمر ،فإن أخته حفصة كانت
زوج النبي -صلى الله عليه وسلم ،-وأمر حليها ل
يخفى على النبي -صلى الله عليه وسلم ،-ول يخفى
عليها حكمه فيه (المنتقى شرح الموطأ -لبى الوليد
الباجي.)2/107 :
ومما يدل على انتشار هذا بين الصحابة والتابعين ما
قاله يحيى بن سعيد :سألت عمرة عن زكاة الحلي،
فقالت :ما رأيت أحدًا يزكيه (المصنف لبن أبى
شيبة ،4/28 :وانظر الموال ص .)442
108
وعن الحسن قال :ل نعلم أحدًا من الخلفاء قال :في
الحلي زكاة (المصنف لبن أبى شيبة ،4/28 :وانظر
الموال ص .)442
رابعًا :روى ابن الجوزي في "التحقيق" بسند عن
عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبى الزبير
عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم ،-قال:
ليس في الحلي زكاة (ورواه البيهقي في "المعرفة"
من حديث عافية بن أيوب عن الليث عن أبى الزبير
عن جابر ثم قال :ل أصل له ،وإنما يروى عن جابر
من قوله وعافية قيل :ضعيف ،وقال ابن الجوزي :ل
حا ،وقال البيهقي :مجهول ،ونقل ابن أعلم فيه جر ً
أبى حاتم توثيقه عن أبى زرعه (التلخيص ص .)183
[وانظر :الجرح والتعديل قسم 2من المجلد 3ص
،245وفيها أن أبا زرعة سئل عنه فقال" :هو مصري
ليس به بأس" ،ولم يذكر ابن أبى حاتم شيئًا عنه
أكثر من هذا).
وقال البيهقي :عافية مجهول ،وقال ابن الجوزي :ما
حا ،وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق نعلم فيه جر ً
العيد :رأيت بخط شيخنا المنذري أنه قال :عافية
ابن أيوب لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه (انظر
نصب الراية 375 ،2/374 :والمراعاة على المشكاة:
.)3/82
سا :قال -صلى الله عليه وسلم" :-يا معشر خام ً
النساء تصدقن ولو من حليكم" (رواه البخاري في
باب "صلة العيدين" من صحيحه مطولً ،ثم ذكره
في الزكاة -باب "الزكاة على الزوج واليتام في
الحجر" -انظر "فتح الباري" ،211 ،3/210 :ورواه
الترمذي في كتاب "الزكاة" -باب "ما جاء في زكاة
الحلي" -انظر "صحيح الترمذي بشرح ابن العربى":
109
( )3/129رواه البخاري والترمذي وغيرهما) قال ابن
العربى :هذا الحديث يوجب بظاهره أن ل زكاة في
الحلي ،بقوله للنساء" :تصدقن ولو من حليكم" ولو
كانت الصدقة فيه واجبة لما ضرب المثل به صدقة
التطوع (شرح الترمذي )131 ،3/130 :يعنى أنه ل
يحسن أن يقال :تصدقوا ولو من البل السائمة أو
تصدقوا ولو مما أخرجت الرض من القمح أو مما
أثمرت النخيل من التمر ،ما دامت الصدقة من هذه
الشياء لزمة ومفروضة ،إنما يقال مثلً :تصدق ولو
من لبن بقرتك ،تصدق ولو من طعامك وزادك ،ونحو
ذلك مما ل تجب فيه الزكاة المفروضة.
مناقشة وترجيح قول المانعين لوجوب الزكاة في
الحلي
والذي أرجحه بعد هذا المعترك الفقهي :أن قول
المانعين لوجوب الزكاة في الحلي أقوى وأولى ،مع
تفصيل وقيود سأذكرها.
فهذا القول هو الذي يوافق المبادئ العامة في وعاء
(الوعاء :كلمة يستعملها رجال المالية والضرائب في
الموال التي تفرض عليها الضرائب وهذا هو
المصطلح الشائع في مصر وفي بعض البلد العربية
الخرى كسوريا يستخدمون بدلها :المطرح أو
المصدر) الزكاة ،ويجعل لها نظرية مطردة ثابتة،
وهى نظرية الوجوب في المال النامي بالفعل ،أو
الذي من شأنه أن ينمى ،كالنقود ،فهي مال قابل
لن ينمى ،بل يجب أن ينمى ول يكنز فيستحق
صاحبه العذاب بخلف الحلي المباح للمرأة المعتاد
لمثلها ،فإنه زينة ومتاع شخصي لها ،يشبع حاجة من
حوائجها التي فطرها الله عليها ،وهى الرغبة في
التزين والتجمل وقد راعى السلم هذه الحاجة
110
الفطرية ،فأباح لها من ذلك ما حرم على الرجال
من الذهب والحرير.
وإذن يكون الحلي للمرأة كالثياب النيقة ،والثاث
الفاخر ،وألوان الزينات والمتعة الرائعة التي تقتنيها
ما عليها.
في البيت مما ليس محر ً
بل يكون حلى الذهب والفضة هنا كحلي الجواهر
والللئ والحجار الكريمة التي تلبسها وتتحلى بها،
وقد أباحها الله بنص القرآن (في مثل قوله تعالى
في الية " "14من سورة النحل :وتستخرجوا منه
حلية تلبسونها).
وهذه الللئ والجواهر الغالية ،وتلك الثياب والمتعة
الثمينة -معفاة من وجوب الزكاة بإجماع الئمة مع
أنها مال عظيم ،له قيمة كبيرة.
ولكن الزكاة -كما تبين لنا من الهدى النبوي -ل تجب
في كل مال ،وإنما تجب -كما قلنا -في المال النامي
أو القابل للنماء وما ذلك إل ليبقى الصل ،وتؤخذ
الزكاة من النماء والفضل ولهذا شرط السوم في
الماشية ،وشرط النماء والفضل عن الحوائج
الصلية وأعفيت دور السكنى ودواب الركوب
وأدوات الستعمال من الزكاة اتفاقًا.
ولقد قرر فقهاء الحنفية أنفسهم -الموجبون للزكاة
في الحلي -أن سبب وجوب الزكاة هو :ملك مال
معد مرصد للنماء والزيادة فاضل عن الحاجة (انظر
البحر الرائق.)2/218 :
فهل ينطبق هذا على حلى المرأة المباح ،وهو ليس
مرصدًا للنماء والزيادة ،ول فاضلً ،ما دام مستعملً
في حدود القدر المعتاد لمثلها؟
ضا الزكاة عن "المواشي ولقد أسقط الحنفية أي ً
العاملة" في السقي والحرث ونحوها مع وجوب
111
الزكاة في كنسها المتخذ للنماء وهو السائمة -لنها
صرفت عن جهة النماء إلى الستعمال ،فأصبحت
كالدوات والشياء المعدة للنتفاع الشخصي ،وهو
القول الراجح لما بيناه فى موضعه.
فكيف جاز عند الحنفية -وهم أصحاب قياس -أن
يسقطوا الزكاة عن العوامل ،ويوجبوها في الحلي
المباح ،وهما من باب واحد؟
إن يقيني أن الشريعة ل تفرق بين متماثلين ثبت
تماثلهما وإذا رأينا هذه التفرقة في قضية دل ذلك
على خطأ في تصورنا وحكمنا ولهذا احتج أبو عبيد
على من أوجب زكاة الحلي وأسقط زكاة العوامل
بأنه فرق بين متماثلين ،كما سيأتي.
وأوضح من ذلك :أنه يستبعد في حكم الشريعة
العادلة :أن يعفى من الزكاة حلى اللؤلؤ والماس
والجواهر الثمينة ،التي يقدر الفص الواحد منها
بآلف الدنانير ،ول يتحلى بها عادة إل النساء الثريات
والمقتدرات ،وزوجات الثرياء الكبار وبناتهم ثم
توجب الشريعة الزكاة في حلى الذهب والفضة،
التي يتحلى بها عادة المتوسطات الحال ،بل كثير
من الفقيرات ،كما نرى في نساء الريف والقرى،
وزوجات الفلحين والعمال ورقاق الحال إلى اليوم؟
هل يعقل أن تبيح الشريعة الغراء لهؤلء النساء
الستمتاع بحلي الذهب والفضة ثم تأتي فتفرض
عليهن إخراج ربع عشره في كل عام ،على حين
تعفى أرباب اللؤلؤ والماس ونحوهما؟
إن الذي نعقله هو إعفاء هؤلء وأولئك جميعًا؛ لن
هذا الحلي وذاك متاع شخصي ،وليس مال ً مرصدًا
للنماء.
112
لقد كان المام الهادي -من الزيدية -منطقيًا مع
نفسه حين ذهب إلى وجوب الزكاة في حلى الذهب
والفضة وفي الجواهر والللئ جميعًا؛ إذ لم يجد
فرقًا معتبًرا بينهما أما إعفاء أحد الصنفين إعفاء
كليًا ،وإيجاب الزكاة في الخر ،فل يسوغ في منطق
من يرون تعليل أحكام الشريعة ،ويرون أنها ل تفرق
بين متماثلين ،وهم الجمهور العظم من الئمة.
ومما يعضد ما رجحناه :أن القاعدة في كل مال :أن
يؤخذ زكاته منه نفسه؛ من الصل والنماء معًا ،أو
من النماء فقط ول يخرج عن هذه القاعدة ،إل
لضرورة ،كما في أخذ السياه من البل إذا كانت
أقل من خمس وعشرين وقد وضحنا حكمة ذلك في
زكاة البل.
وهنا كيف تستطيع المرأة إخراج الزكاة من حليها إذا
كانت ل تملك غيره ،كما هو شأن الكثيرات ؟ إن
معنى ذلك :أن تكلف بيعه أو بيع جزء منه ،أو بيع
شيء آخر من متاعها ،حتى يمكنها أداء ما وجب
عليه فيه.
فهل جاءت الشريعة بمثل هذا في باب الزكاة كله،
فيما عدا ما ذكرناه من قضية البل والشياه؟ هل
كلفت الشريعة المزكى أن يدفع زكاة ماله من مال
آخر؟ أو كلفته ببيع ماله ليدفع منه الزكاة؟
ذلك ما لم تجيء به الشريعة فيما رأيت ،فكيف
خالفت هذا الصل هنا؟
وكل هذا تأييد لنظرية "المال النامي" الذي يفترض
ما
أن تؤخذ الزكاة من نمائه ليبقى الصل سال ً
لصاحبه ،ومصدر دخله متجدد له.
إن نتيجة إيجاب الزكاة في الحلي -وهو ل ينمى -أن
نأتي على مقدار ثمنه في جملة سنين ،وهذا ما أخبر
113
به بعض من أوجب فيه الزكاة ،فقد سئل ميمون بن
مهران عن زكاة الحلي ،فقال" :إن لنا طوقًا ،لقد
زكيته حتى آتى على نحو من ثمنه" (الموال ص
)442وأرى أن روح الشريعة في الزكاة تأبى هذا.
وإذا كان وجوب الزكاة في المال يدور على النماء
تبين لنا صحة ما ذكره ابن العربى في أحكام
القرآن" :أن قصد النماء لما أوجب الزكاة في
العروض وهى ليست بمحل ليجاب الزكاة -كذلك
قصد قطع النماء في الذهب والفضة باتخاذها حليًا
يسقط الزكاة ،فإن ما أوجب ما لم يجب يصلح
لسقاط ما وجب ،وتخصيص ما عم وشمل" أ هـ
(أحكام القرآن لبن العربى ،2/919 :وانظر شرح
الترمذي له.)3/131 :
على أن النصوص التي أوجبت الزكاة في الفضة
والذهب إنما لحظت فيهما اعتبار "الثمينة" ولهذا
عبرت عن الفضة بالورق والرقة -وهي النقود
الفضية -وعبرت عن الذهب بالدنانير -وهي النقود
الذهبية -حتى الية الكريمة التي تقول( :والذين
يكنزون الذهب والفضة ول ينفقونها في سبيل الله)
(التوبة )34 :يدل ذكر الكنز والنفاق فيها على أن
المراد بالذهب والفضة فيها :النقود ،لنها هي التي
تكنز وتنفق ،أما الحلي المعتاد المستعمل ،فل يعتبر
كنًزا ،كما أنه ليس معدًا للنفاق بطبيعته.
وهذا الذي رجحناه هو الذي اختاره وأيده الفقيه
الحجة المام أبو عبيد في كتابه القيم "الموال"
ويحسن بي أن أسوق هنا نص عبارته لما فيها من
نصاعة الحق وقوة الدليل ،قال رحمه الله:
"أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال" :إذا بلغت
الرقة خمس أواق ففيها ربع العشر" فخص رسول
114
الله -صلى الله عليه وسلم -بالصدقة" :الرقة" من
بين الفضة ،وأعرض عن ذكر ما سواه فلم يقل -إذا
بلغت كذا ففيها كذا ،ولكنه اشترط الرقة من بينها
ول يعلم هذا السم في الكلم المعقول عند العرب
يقع إل على الورق (الفضة) المنقوشة ،ذات السكة
السائرة في الناس (يجب أن نذكر أن أبا عبيد إمام
في اللغة ،كما هو في الفقه والثر ،وله كتاب
"غريب الحديث" صنعه في أربعين سنة ،وقد طبع
في حيدر آباد بالهند عام 1384هـ (1964م) وظهر منه
ثلثة أجزاء من أربعة) (يعني النقود الفضية).
"وكذلك والواقي ليس معناها إل الدراهم ،كل أوقية
ما ،ثم أجمع المسلمون على الدنانير أربعون دره ً
المضروبة أن الزكاة واجبة عليه كالدراهم ،وقد ذكر
ضا في بعض الحديث المرفوع (ذكرنا الدنانير أي ً
أشهرها فى نصاب النقود).
"فلم يختلف المسلمون فيهما ،واختلفوا في الحلى،
وذلك أنه يستمتع به ويكون جمالً ،وأن العين (نقد
الذهب) ،والورق (نقد الفضة) ل يصلحان لشيء من
الشياء إل أن يكونا ثمنًا لها ،ول ينتفع منهما بأكثر
من النفاق لهما ،فبهذا بان حكمهما من حكم الحلي
الذي يكون زينة ومتاع ًا فصار هنا كسائر الثاث
والمتعة ،فلهذا أسقط الزكاة عنه من أسقطها.
"ولهذا المعنى قال أهل العراق :ل صدقة في البل
والبقر العوامل ،لنها شبهت بالمماليك والمتعة ،ثم
أوجبوا الصدقة في الحلي.
"وأوجب أهل الحجاز الصدقة في البل والبقر
العوامل ،وأسقطوها عن الحلي وكل الفريقين قد
كان يلزمه أن يجعلهما واحدًا :إما إسقاط الصدقة
عنهما جميعًا ،وإما إيجابها فيهما جميعًا.
115
"وكذلك هما عندنا ،سبيلهما واحد ،ل تجب الصدقة
عليهما ،لما قصصنا من أمرهما فأما الحديث
المرفوع الذي ذكرناه أول هذا الباب ،حين قال
للمرأة اليمانية ،ذات المسكتين من ذهب" :أتعطين
زكاته" ؟ فإن هذا الحديث ل نعلمه يروى إل من
ما وحديثًا (قد
وجه بإسناد قد تكلم الناس فيه قدي ً
سبق أن الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده وعمرو بن شعيب بن محمد ابن عبد
الله بن عمرو بن العاص أحد علماء زمانه (ت 118
هـ) اختلف في توثيقه وتضعيفه ،فممن وثقه ابن
معين ،وابن راهويه والوزاعى ،وصالح جزرة ،وذكر
البخاري في تاريخه توثيقه ،ومع هذا لم يحتج به في
جامعه.
وعن أحمد بن حنبل :عمرو بن شعيب له مناكير،
وإنما نكتب حديثه لنعتبر به ،فأما أن يكون حجة فل
وقال عنه مرة أخرى :ربما احتججنا بحديثه ،وربما
وجس في القلب منه.
وقال أبو زرعة :إنما أنكروا عليه كثرة روايته عن
أبيه عن جده ،قالوا :إنما سمع أحاديث يسيرة ،وأخذ
صحيفة كانت عنده فرواها ،كما عيب عليه أنه كان
ل يسمع بشيء إل حدث به.
سئل ابن المدني عنه فقال :ما روى عنه أيوب وابن
جريج فذلك كله صحيح ،وما روى عمرو عن أبيه عن
جده فإنما هو كتاب وجده ،فهو ضعيف ،وعن يحيى
بن معين نحوه.
وقال ابن حبان :إذا روى عن الثقات غير أبيه يجوز
الحتجاج به ،وإذا روى عن أبيه عن جده ،ففيه
مناكير كثيرة ،فل يجوز عندي الحتجاج بذلك.
116
وانتهى الذهبي في "الميزان" إلى أن حديثه من
قبيل الحسن (ميزان العتدال.)268 - 3/263 :
وقال الحافظ في الفتح :ترجمة عمرو قوية على
المختار ،ولكنه حيث ل تعارض (أ هـ) وهنا قد
عورضت بما صح عن عائشة وابن عمر وجابر
وغيرهم من الصحابة من عدم إخراج زكاة الحلي،
وقد عاصر عبد الله بن عمرو -جد شعيب أبى
عمرو -هؤلء الصحابة ،فلم يلزمهم بما سمع من
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في شأن المرأة
وابنتها ولو فعل لرجعوا عن أقوالهم ،ولنقل ذلك
والله أعلم) ،فإن يكن المر على ما روى ،وكان عن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -محفوظًا ،فقد
يحتمل معناه أن يكون أراد بالزكاة العارية ،كما
فسرته العلماء الذين ذكرناهم :سعيد بن المسيب
والشعبي والحسن وقتادة في قولهم" :زكاته
عاريته" (كان من عادة العرب إذا زفت عروس ل
تستطيع أن تزين نفسها أو يزينها أهلها بالحلي
المعتاد في العرس أن يعيرها أقاربها وجيرانها من
حليهم ما تتزين به ليلة العرس ،بل كن يستعرن
ضا كما جاء ذلك في حديث عن الثياب الجميلة أي ً
عائشة رضي الله عنها وفى عصرنا تؤجر بعض
المحلت "فساتين" الزفاف وما يكملها من أدوات،
للعرائس بأجور عالية ،ليعدنها بعد العرس فحبذا لو
نظمت بعض الجمعيات الخيرية النسائية إعارة
الحلي ونحوه من الفساتين التي تهمل بعد الزفاف
ول تلبس -لمن يحتجن إليه ،مع اتخاذ الضمانات
اللزمة ويكون ذلك نوع ًا من الزكاة).
ضا ،كفرض الرقة لما ولو كانت الزكاة في الحلي فر ً
اقتصر النبي -صلى الله عليه وسلم -من ذلك على
117
أن يقوله لمرأة يخصها به عند رؤية الحلي عليها
دون الناس ،ولكان هذا كسائر الصدقات الشائعة
المنتشرة عنه في العالم من كتبه وسننه ،ولفعلته
الئمة بعده ،وقد كان الحلي من فعل الناس في آباد
الدهر ،فلم نسمع له ذكًرا في شيء من كتب
صدقاتهم.
"وكذلك حديث عائشة في قولها" :ل بأس بلبس
الحلي إذا أعطيت زكاته" ل وجه له عندي سوى
العارية ،لن القاسم بن محمد بن أخيها -كان ينكر
عليها أن تكون أمرت بذلك أحدًا من نسائها أو بنات
أخيها ولم تصح زكاة الحلي عندنا عن أحد من
الصحابة إل عن ابن مسعود ،فأما حديث عبد الله بن
عمرو في تزكيته حلى بناته ،ففي إسناده نحو مما
في إسناد الحديث المرفوع.
"والقول الخر هو عن عائشة وابن عمر وجابر بن
عبد الله وأنس بن مالك ثم من وافقهم من التابعين
بعد ومع هذا كله ما تأولنا فيه سنة النبي -صلى الله
عليه وسلم -المصدقة لمذهبهم عند التدبر والنظر" أ
هـ (الموال ص .)446
وبعد هذا الكلم النير عن أبى عبيد :أحب أن أسجل
هنا بعض الملحظات على أدلة القائلين بتزكية
الحلي.
تفنيد أدلة الموجبين لزكاة الحلي
-1أما ما يستدل به الموجبون من قوله تعالى:
(والذين يكنزون الذهب والفضة ول ينفقونها في
سبيل الله) (التوبة )34 :الية ،وقولهم :إن الحلي
من الكنوز ،فيرده :أن إطلق الكنز على الحلي
المتخذ للستمتاع بعيد (كما قال الدهلوي في الحجة
البالغة )2/509 :إنما تريد الية :الذهب والفضة التي
118
من شأنها أن تنفق بدليل( :ول ينفقونها) وذلك إنما
يكون في النقود ل في الحلي الذي هو زينة ومتاع؛
إذ لم يوجب أحد إنفاق الحلي المباح إل في
ضرورات تقدر بقدرها.
وأما الحاديث التي استند إليها الموجبون لزكاة
الحلي ،فللمانعين مواقف منها ،من حيث ثبوتها ،أو
من حيث دللتها.
فأما الحديث الول فمتفق على صحته" :وفى الرقة
ربع العشر" ولكن الرقة -كما سبق -إنما هي
الدراهم المضروبة ،ول تطلق على الحلي المصوغ.
-2وأما الحاديث الخرى ،فمنهم من ردها من حيث
السند ،كالترمذي الذي قال" :ل يصح في هذا الباب
شيء" (صحيح الترمذي بشرح ابن العربى،3/131 :
باب "ما جاء في زكاة الحلي").
وحتى ابن حزم ،فمع أنه يقول بوجوب الزكاة في
الحلي ،لم يعتمد على هذه الحاديث ،بل أنكر على
من احتج بها ،قال :واحتج من رأى إيجاب الزكاة في
الحلي بآثار واهية ل وجه للنشغال بها (المحلى:
،)6/78وإنما اعتمد ابن حزم على العمومات الواردة
في زكاة الفضة والذهب.
فلنقف وقفة للنظر في أسانيد هذه الحاديث.
أما حديث عمرو بن شعيب فقد رأينا :أن النسائي
رواه مسندًا ومرسلً ،ورجح المرسل ،وأن المنذري
أشار في الترغيب إليه بعلمة الضعف ،وقد سمعنا
قول أبى عبيد فيه ،وعلقنا عليه بما يكفي.
وأما حديث الفتخات المروى عن عائشة ففي
إسناده يحيى بن أيوب الغافقي (ت 168هـ) احتج به
الشيخان وغيرهما ،وهو صدوق ،ولكن قال الذهبي:
قال فيه ابن معين :صالح الحديث ،وقال أحمد:
119
سيئ الحفظ وقال ابن القطان وأبو حاتم :ل يحتج
به ،وقال النسائي :ليس بالقوى وقال الدارقطني:
في بعض حديثه اضطراب وذكر له عدة مناكير
(انظر :الميزان للذهبي ،3/282 :الترجمة (- )2438
طبع مطبعة المساعدة -سنة 1325هـ).
ومن كان بهذه المنزلة عند أئمة الجرح والتعديل،
فل يحتج بحديثه في موضوعات الخلف وبخاصة أن
عائشة قد صح عنها العمل بخلف هذا الحديث كما
سيأتي.
وأما حديث أم سلمة ،فقد رأينا قول المنذري :فيه
عتاب بن بشير ،وقد أخرج له البخاري ،وتكلم فيه
غير واحد.
وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمته
"قال أحمد :أرجو أل يكون به بأس ،أتى عن خصيف
بمناكير ،أراها من قبل خصيف وقال النسائي :ليس
بذاك في الحديث وقال ابن المدني :كان أصحابنا
يضعفونه وقال ابن معين :ثقة وقال مرة :ضعيف
وقال على :ضربنا على حديثه وقال ابن عدى :أرجو
أنه ل بأس به (ميزان العتدال )3/27 :ومعنى هذا:
أن أحدًا من هؤلء الئمة لم يجزم بتوثيقه وفيهم من
جزم بضعفه.
ول يهولن القارئ أن البخاري أخرج له ،فقد ذكر
الحافظ ابن حجر :أنه ليس له في البخاري إل
حديثان :أحدهما تابع عليه ،والثاني ذكره مقرونًا
بغيره (هدى الساري "مقدمة الفتح".)190 - 2/189 :
وقال الحافظ الزيلعى في "نصب الراية"" :صاحبا
الصحيح إذا أخرجا لمن تكلم فيه فإنما ينتقيان من
حديث ما تابع عليه ،وظهرت شواهده وعلم أن له
120
أصلً ،ول يرويان ما تفرد به ،سيما إذا خالفه الثقات"
(نصب الراية.)1/342 :
هذا وقد تفرد بهذا الحديث -عن عتاب بن بشير-
ثابت بن عجلن ،كما قال البيهقي (المرجع نفسه:
.)2/372
ضا :فابن وثابت -وإن أخرج له البخاري -تكلم فيه أي ً
معين وثقة ،وقال أحمد بن حنبل :أنا متوقف فيه،
وقال أبو حاتم :صالح وذكره "ابن عدى" وساق له
ثلثة أحاديث غريبة وذكره "العقيلي" في كتاب
"الضعفاء" وقال :ل يتابع على حديثه قال :فمما أنكر
عليه حديث عتاب بن بشير عن عطاء عن أم سلمة
وساق الحديث الذي معنا وقال الحافظ عبد الحق:
ثابت ل يحتج به ،فناقشه على قوله أبو الحسن بن
ضا فيه تحامل عليه القطان وقال :قول العقيلي أي ً
وقال :إنما يمر بهذا من ل يعرف بالثقة مطلًقا أما
من عرف بها فانفراده ل يضر ،إل أن يكثر ذلك منه
قال الذهبي معقبًا على ابن القطان :أما من عرف
بالثقة فنعم وأما من وثق ،ومثل أحمد المام يتوقف
فيه ،ومثل أبى حاتم يقول :صالح الحديث ("صالح
الحديث" من ألفاظ المرتبة الدنيا من مراتب
التعديل ،عدها بعضهم الرابعة ،وبعضهم السادسة،
وهو ما أشعر بالقرب من التجريح ،كما قال
السخاوي في شرح "اللفية" والسندس في شرح
النخبة انظر :الرفع والتكميل ص :)124 ،116 ،109
فل نرقيه إلى رتبة الثقة ،فتفرد هذا يعد منكًرا،
فرجح قول العقيلي وعبد الحق" (الميزان- 1/364 :
.)365
أما البخاري فإنما أخرج لثابت حديثًا واحدًا في
الذبائح ،وله أصل عنده في الطهارة ،كما قال
121
الحافظ (هدى الساري )209 ،2/155 :وهذا -كما
عرفنا من طريقة الشيخين -ليس بالتوثيق المطلق،
كما ذكر الزيلعى ولهذا لم يرو أحد الشيخين هذا
الحديث ول أي حديث في تزكية الحلي.
وإذا كان حديث أم سلمة يدور على ثابت بن عجلن
وعتاب بن بشير ،وكانا هما بما ذكرنا من المنزلة
عند أئمة النقد؛ ما بين موثق ومضعف ومتوقف،
فمثلهما ل يحتج به في مسائل الخلف ،التي
تتعارض فيها الدلئل ،وتتعاون كفتا الميزان ،فضلً
عن المسائل التي تعارضها شواهد معتبرة كما في
إيجاب تزكية الحلي.
وقد قال ابن حجر في مقدمة "تهذيب التهذيب"
(الجزء الول ص :)5وفائدة يراد كل ما قيل في
الرجل من حرج وتوثيق ،تظهر عند المعارضة
(انتهى) كما في مسألتنا.
ومما يشكك في صحة هذه الحاديث في نظري:
أنها لم تشتهر بين الصحابة ،رغم اختلفهم في هذا
المر الذي يكاد يمس كل أسرة ،وتشتد حاجتهم إلى
معرفة الحكم فيه ،ولو عرفت هذه الحاديث بين
الصحابة لحسمت النزاع ،وارتفع الخلف ،ولكنه لم
يرتفع.
فإما أن تكون الحاديث منسوخة أو غير صحيحة،
وإل فيستبعد أن يختلف الصحابة في هذا المر ،ول
يرد بعضهم على بعض بما سمع من الرسول -صلى
الله عليه وسلم ،-كما هو شأنهم في مسائل الخلف
الخرى.
وقد جاء عن عائشة من أصح طريق -كما قال ابن
حزم -أنها خالفت ما روى عنها آنًفا (قال الحافظ
في التلخيص -بعد حديث الفتخات" :يمكن الجمع
122
بينهما بأنها كانت ترى الزكاة فيها ،ول ترى إخراج
الزكاة مطلًقا من مال اليتام" أ هـ .وهو تأويل بعيد
عن المتبادر من الحديث) ،فكيف يمكن هذا؟
ولذا قال البيهقي وأقره النووي والمنذري
(المجموع ،6/35 :ومختصر السنن :)2/176 :إن رواية
القاسم وابن أبى مليكة عن عائشة في تركها إخراج
زكاة الحلي عن بنات أخيها -مع ما ثبت من مذهبها
من إخراج زكاة أموال اليتامى -توقع ريبة في هذه
الرواية المرفوعة ،فهي ل تخالف النبي -صلى الله
خا
عليه وسلم ،-فيما روته عنه ،إل فيما علمته منسو ً
(قال الكمال ابن الهمام في فتح القدير (-)1/526
بعد أن ذكر الحاديث والثار المؤيدة لمذهب الحنفية
في القول بزكاة الحلي :واعلم أن مما يعكر على ما
ذكرنا :ما في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه :أن عائشة -رضى الله عنها -كانت تلي
بنات أخيها يتامى في حجرها ،فل تخرج من حليهن
الزكاة" وعائشة راوية حديث "الفتخات" وعمل
الراوي بخلف ما روى ،عندنا بمنزلته للناسخ،
خا ويجاب عنه بأن الحكم بأن ذلك فيكون ذلك منسو ً
نسخ عندنا هو إذا لم يعارض مقتضى النسخ معارض
يقتضي عدمه ،وهو ثابت هنا ،فإن كتابة عمر إلى
الشعري تدل على أنه حكم مقرر ،وكذا من ذكرنا
معه من الصحابة فإذا رفع التردد في النسخ،
والثبوت متحقق ل يحكم بالنسخ" أ هـ.
وقد عرفنا أن كتابة عمر إلى أبى موسى لم تصح؛
لن في الرواية انقطاعًا ،ولهذا أنكر الحسن أن
يكون أحد من الخلفاء قال بزكاة الحلي.
123
وذكر أبو عبيد :أن القول بزكاته لم يصح عن أحد
من الصحابة إل عن ابن مسعود وبهذا ثبت كلم
البيهقي وغيره من وقوع الريب في رواية الفتخات).
(جـ) ومن العلماء من تأول هذه الحاديث المذكورة
-على تقدير صحتها -بأن زكاة الحلي إنما وجبت في
ما ،فلما صار الوقت الذي كان الحلي من الذهب حرا ً
حا للنساء سقطت زكاته بالستعمال ،كما تسقط مبا ً
زكاة الماشية بالستعمال قال البيهقي :وإلى ذلك
ذهب كثير من أصحابنا ،ثم ساق أخباًرا تدل على
تحريم التحلي بالذهب ،ثم أخرى تدل على إباحته
للنساء ،ثم قال :فهذه الخبار وما ورد في معناها
تدل على إباحة التحلي بالذهب للنساء ،واستدللنا
بحصول الجماع على إباحته لهن ،على نسخ الخبار
الدالة على تحريمه فيهن خاصة (هذا الجماع الذي
نقله البيهقي في سننه ،4/142 :وذكره ابن حجر في
الفتح ،10/260 :واستقر العمل به في سائر العصور،
وفي شتى أقطار السلم -يعارض ما ذهب إليه
المحدث الشيخ ناصر الدين اللباني في رسالته عن
"آداب الزفاف" ف :29أن التحلي بالذهب حرام
على النساء حرمته على الرجال ،إل ما كان مقطعًا
كالزرار ونحوها.
ومما يؤيد نقل الجماع هنا أمران:
أولً :اختلف الئمة في وجوب زكاة الحلي للنساء،
وحديثهم عنه حديث المر المفروغ من إباحته ،ولو
ما لوجبت فيه الزكاة بالجماع.
كان محر ً
ثانيًا :استقرار العمل على الباحة للنساء في شتى
المصار والعصار -منذ عهد الصحابة فمن بعدهم-
دون نكير من أحد من المسلمين ،وهذه المة ل
تجتمع على ضللة كل هذه القرون ،وتستبيح ما حرم
124
الله ورسوله دون تأويله ،ول إنكار من أحد من أهل
العلم.
وهذا يدل على أن أحاديث حل الذهب والحرير
للنساء هي المتأخرة والناسخة إذ ل يعقل أن تكون
الحاديث المحرمة هي الناسخة ثم يعمل الصحابة
رضوان الله عليهم بضدها ولكنى أوافق الشيخ في
تحريم ما بلغ حد السرف وتجاوز المعتاد ،كالخواتيم
الكبار ونحوها ،ويمكن حمل بعض الحاديث الواردة
في التحريم على ذلك ول يتسع المجال لمناقشة
الموضوع هنا).
ويعكر على هذا التأويل أن حديث عائشة كان عن
"فتخات من ورق" أي فضة ،ولم يقل أحد إن الفضة
كانت محرمة ثم أبيحت (السنن الكبرى- 4/140 :
)142وفي حديث أم سلمة إقرار لها على لبسه.
وقد يخطر تأويل آخر في حديث عائشة وأم سلمة
-إن صحت روايتهما -ذلك أن النبي -صلى الله عليه
وسلم -كان يعامل نساءه وأهل بيته معاملة خاصة
فيها شيء من التقشف ،ومجافاة الزينة والترف؛
لما لهن من مكان القدوة بين نساء المة ،ولهذا قال
تعالى( :يا نساء النبي لستن كأحد من النساء)
(الحزاب( ،)32 :يا نساء النبي من يأت منكن
بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)
(الحزاب .)30
صا بهن ،ومن أجل ذلك لم ما خا ً
فلعل هذا كان حك ً
يرد عنهن أنهن أفتين بذلك لنساء المة عامة ،ومن
أجله لم تزك عائشة حلي بنات أخيها وهن في
حجرها ،مع أنها كانت تخرج الزكاة من سائر
أموالهن ،كما صحت بذلك الرواية.
125
(هـ) ومن العلماء من أول هذه الحاديث -على
فرض صحتها -بأن النبي -صلى الله عليه وسلم-
رأى فيها إسرافًا ومجاوزة للمعتاد (انظر نهاية
المحتاج )2/88 :فأوجب فيها الزكاة كفارة وتطهيًرا.
وما يعضد هذا التأويل وصف "المسكتين" اللتين
كانتا في يدي ابنة المرأة بالغلظ و"الفتخات"
فسروها بأنها :خواتيم كبار فلعلها كانت أكبر مما
ينبغي وفي هذا دليل لمن قال بتزكية الحلي المحرم
أو المكروه (المرجع السابق).
ومن الصحابة من قال بزكاة الحلي ،ولكن قال:
تجب مرة واحدة ،وهو مروى عن أنس بن مالك
-رضي الله عنه -فل تتكرر زكاة الحلي بتكرر الحول
(انظر المحلى ،6/78 :والسنن الكبرى.)4/138 :
ومن الصحابة والتابعين من فسر زكاة الحلي
تفسيًرا آخر :فليست زكاته كزكاة النقود بإخراج ربع
العشر ،بل زكاته إعارته في العرس ونحوه لمن
تحتاج إليه ،ويرون ذلك واجبًا.
وروى ذلك البيهقي عن ابن عمرو وابن المسيب
(السنن الكبرى.)4/140 :
وروى أبو عبيد وابن أبى شيبة ذلك عن :سعيد بن
المسيب ،والحسن البصري ،وقتادة ،والشعبي ،أن
زكاة الحلي إعارته (الموال ص ،443والمصنف:
.)4/28
وكل هذه الحتمالت الواردة في دللة الحاديث
المذكورة تسقط الستدلل بها وفًقا للقاعدة
المشهورة :إذا تطرق إلى الدليل الحتمال ،سقط به
الستدلل وهذا كله مبنى على افتراض التسليم
بصحة هذه الحاديث فكيف وفى كل منها ما ذكرناه
من أسباب الضعف؟
126
والغريب في هذه القضية :أن فقهاء مدرسة الرأي
-كما يسمون -يستدلون على مذهبهم فيها بالحديث
والثر ،وفقهاء مدرسة الحديث يستدلون بالرأي
والنظر (وهذا يدلنا على أن تقسيم الئمة المتبوعين
إلى أهل رأى ،وأهل حديث -تقسيم فيه كثير من
المبالغة؛ فإن أهل الرأي ل يرفضون الحديث ،وأهل
الحديث ل يرفضون الرأي والنظر -كما رأينا-
والقضية تحتاج إلى تمحيص وقد أثبت أستاذنا
العلمة الشيخ محمد أبو زهرة فى كتابه عن "مالك"
ضا ،وأيد ذلك بالدلة الناصعة. أنه من أهل الرأي أي ً
فليراجع.).
وأما ما ورد عن بعض الصحابة مثل ابن مسعود
-وقد صح ذلك عنه -وابن عمرو بن العاص -وفي
صحته كلم -فالملحظ :أنهم لم يفتوا بذلك الناس
كافة ،ولم يرد عنهم أنهم ألزموا به الجميع.
وكل ما ورد عنهم أنهم عملوا بذلك في خاصة
أنفسهم وبيوتهم ،فامرأة ابن مسعود تسأله عن
طوقها الذهبي :أتؤدى زكاته ؟ فيجيبها :نعم وسؤالها
ما بينهمعنه يدل على أن حكم الحلي لم يكن متعل ً
وابن عمرو يزكى حلى بناته كل عام فل يبعد أن
يكون هذا ورع ًا منهم ،وعمل ً بالحتياط لنفسهم
ما.
وأهلهم في أمر لم يعرفوا فيه عن الرسول حك ً
الثر الوحيد الذي يخرج عن هذه الدائرة هو ما قيل
إن عمر كتب إلى أبى موسى أن يأمر نساء
المسلمين أن يزكين حليهن ،ولكن هذا لم تثبت
صحته ،وأنكر الحسن أن يكون أحد من الخلفاء
أوجب زكاة الحلي.
ما اتُّخذ من الحلي كنًزا ففيه الزكاة
127
وما اخترناه من عدم زكاة الحلي إنما نعنى به
المستعمل المنتفع به ،فهذا الذي قلنا :إنه زينة
ومتاع ،أما ما اتخذ مادة للكنز والدخار ،واعتبره
أصحابه بمنزلة الدنانير المخزونة ،والنقود المكنوزة،
فمثل هذا يجب أن يزكى.
ولذا روى عن سعيد بن المسيب :الحلي إذا لبس
وانتفع به فل زكاة فيه ،وإذا لم يلبس ولم ينتفع به
ففيه الزكاة (الموال ص .)443
وقال مالك :من كان عنده تبر وحلي من ذهب أو
فضة ل ينتفع به للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل
عام ،يوزن فيؤخذ ربع عشره ،إل أن ينقص عن وزن
عشرين ديناًرا عينًا أو مائتي درهم فإن نقص عن
ذلك فليس فيه الزكاة ،وإنما تكون فيه الزكاة إذا
كان إنما يمسكه لغير اللبس ،فأما التبر والحلي
المكسور الذي يريد أهله إصلحه ولبسه فإنما هو
بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله ،فليس على أهله
فيه زكاة (الموطأ وشرحه المنتقى 2/107 :وقد تبين
من قول مالك أن الحلي إذا انكسر ولم يمكن
إصلحه ،أو لم ينو إصلحه :تجب فيه الزكاة انظر:
بلغة السالك ،1/19 :والروضة للنووي 2/261 :وينعقد
الحول من يوم النكسار).
وقال النووي :قال أصحابنا :لو اتخذ حليًا ولم يقصد
حا ،بل قصد به استعمال ً محر ً
ما ول مكروهًا ول مبا ً
كنزه واقتناءه ،فالمذهب الصحيح وجوب الزكاة فيه
وبه قطع الجمهور (المجموع ،6/36 :والروضة:
.)2/260
ونحو هذا ما قاله الليث بن سعد :ما كان من حلى
يلبس ويعار فل زكاة فيه ،وما كان من حلى اتخذ
ليحرز من الزكاة ففيه الزكاة (المحلى،)6/76 :
128
ومعنى هذا أن القصد منه ليس اللبس والستعمال،
بل الفرار من الزكاة.
قال ابن حزم ردًا على قول الليث :ولو كان هذا
لوجب على من اشترى بدراهمه داًرا أو ضيعة
ليحرزها من الزكاة أن يزكيها (المرجع السابق)
ونحن نقول :إن روح الشريعة التي جاءت بإبطال
الحيل ،ومعاملة المحتال بنقيض قصده تحتم هذا.
وكذلك قرر الحنابلة :أن ما اتخذ حليًا فراًرا من
الزكاة ل تسقط عنه (المغنى.)3/11 :
وسنعود لمسالة الحتيال على إسقاط الزكاة في
باب أداء الزكاة إن شاء الله.
وحلي الرجل الذي يحلي به أهله أو يعيره لمن
يتحلى به أو يعيده لذلك ،شأنه شأن الحلي الذي
تملكه المرأة ،لنه مصروف عن جهة النماء إلى
استعمال مباح.
ما جاوز المعتاد من الحلي ففيه الزكاة
وما بلغ من الحلي حد السرف ومجاوزة المعتاد
يجب أن يزكى ،وذلك أن وجه إسقاط الزكاة عن
الحلي -مع أنه مادة النقدين -هو أن الشريعة أباحت
استعماله والتزين به للمرأة ،فصار بمنزلة الثياب
ومتاع البيت.
أما ما جاوز حد العتدال فهو محرم أو مكروه،
واستعمال غير معترف به شرع ًا ولذا قال النووي:
قال أصحابنا -يعنى الشافعية :كل حلى أبيح للنساء
فإنما يباح إذا لم يكن فيه سرف ظاهر ،فإن كان
كخلخال وزنه مائتا دينار ،فالصحيح الذي قطع به
معظم العراقيين تحريمه (المجموع.)6/40 :
وقال ابن حامد -من الحنابلة -في الحلي :يباح ما لم
يبلغ ألف مثقال فإن بلغها حرم ،وفيه الزكاة لما
129
روى أبو عبيد والثرم عن عمرو بن دينار قال :سئل
جابر عن الحلي -هل فيه زكاة ؟ قال :ل! فقيل له:
ألف دينار ؟ فقال :إن ذلك لكثير (المغنى3/11 :
وانظر الثر رقم ( )1275من الموال ص ،442ورواه
ضا الشافعي والبيهقي -انظر السنن الكبرى: أي ً
)4/138ولنه يجر إلى السرف والخيلء ،ول يحتاج
إليه في الستعمال (المغنى.)3/11 :
وهذا استدلل قوى ،ولكن صاحب "المغنى" رجح
بأن الشرع أباح التحلي مطلًقا من غير تقييد ،فل
يجوز تقييده بالرأي والتحكيم (المرجع السابق:
.)3/11
ونسى الشيخ -رحمه الله -أن استعمال المباحات
في الشريعة مقيد بقيدين :عدم السراف ،وعدم
الختيال.
وفي هذا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم:-
"كلوا واشربوا والبسوا من غير سرف ول مخيلة"
(رواه البخاري في صحيحه معلًقا -انظر تفسير ابن
كثير -2/182 :طبع عيسى الحلبي) ،ورواه النسائي
في سننه -كتاب الزكاة -الحتيال في الصدقة-5/79 :
طبع المطبعة المصرية بالزهر).
ويمكن أن يحمل حديث المرأة اليمنية -التي دخلت
على الرسول وفى يد ابنتها مسكتان غليظتان من
ذهب ،فقال لها ما قال -على أن هذا القدر كان
مجاوًزا للمعتاد ،وفيه إسراف ،بالنسبة لبنة المرأة،
ولهذا وصفت المسكتان بالغلظ ومن العلماء من
أول هذا الحديث بذلك ،وأن الزكاة إنما شرعت
للزيادة فيه على قدر الحاجة (نصب الراية،2/375 :
والمرقاة الجزء الرابع) ولعل هذا ما جعل عبد الله
بن عمرو يزكى حلي بناته ،فقد رووا أنه حلى ثلث
130
بنات له بستة آلف دينار (رواه أبو عبيد ص )440
وهذا قدر كبير تجاوز المعتاد ولكن هل يزكى القدر
الزائد أم الجميع؟ الظاهر من الحاديث المذكورة
أن الجميع يزكى حينئذ كأن ذلك نوع من التكفير عن
هذا الغلو في استعمال المباح والله أعلم.
إن القول بالباحة المطلقة ،وبعدم إيجاب الزكاة
مطلًقا ،جعل مجموعة من ثروة المة تعطل في
نفائس من الحلي ،قد يمر العام والعوام ول تتحلى
به المرأة ،مما اضطرهم أن يودعوها في خزانات
خاصة في المصارف (البنوك) خشية عليها من
سطو اللصوص.
ولكن ما حد السراف؟
إن حد ذلك -فيما أرى -يختلف باختلف الشخاص
والبيئات والحوال ،فحلي بألف دينار قد يكون
مناسبًا لثرية أو زوجة ثرى في بلد غني مثل أمريكا.
وقد يكون نصفه أو ربعه أو دون ذلك إسرافًا في
بعض البلد التي ل يجد النسان فيها قوت يومه إل
بشق النفس ،فل بد من النظر في الباحة إلى ثراء
الفرد وثراء المة معًا والحكم في هذا هو العرف
(قال الرملي في "نهاية المحتاج" وهو يتحدث عن
خاتم الفضة للرجل وكم تكون زنته أمثقال ً أم أكثر ؟
قال" :المعتمد ضبطه بالعرف ،فما خرج عنه كان
إسرافًا كما في الخلخال للمرأة وعلى ما تقرر
فالوجه اعتبار عرف أمثاله كالملبس" أ هـ).
ما ول مكروهًا لدلت على أن هذا لو لم يكن حرا ً
مجاوزة المعتاد فيه على أنه إنما اتخذ كنًزا ل حلية.
ولعل مما يوضح هذا في عصرنا أن من الناس من
يتخذ من الحلي والجواهر وسيلة من وسائل تهريب
النقود.
131
وينبغي أن يكون هذا هو حكم اللؤلؤ والياقوت
والماس وكل الحجار الكريمة والجواهر النفيسة،
فما اتخذ منها للحلية والزينة ولم يبلغ درجة
السراف فل زكاة فيه ،وما جاوز المعتاد مجاوزة
بينه فهو من السراف المحرم ،ول يصح أن يتمتع
بالعفاء من الزكاة وكذلك ما اتخذ بقصد الكتناز
جدير أن تجب فيه الزكاة ،إذ اقتناؤه حينئذ حيلة
للتهرب مما في المال من حق معلوم للسائل
والمحروم ،والنية هي الفيصل في هذا ،ويدل عليها
مجاوزة المعتاد.
وما دام وجوب الزكاة يدور على مجاوزة المعتاد،
فإن القدر المعتاد يعفى من وجوب الزكاة ولو أخرج
عنه كله فهو أولى وأحوط ،مرافقة لظاهر الحاديث،
كما ذكرنا.
تلخيص أحكام زكاة الذهب والفضة حسب الرأي
الراجح
نستطيع تلخيص أحكام هذا المبحث -حسبما
رجحناه -فيما يلي:
(أ) من ملك مصوغًا من الذهب أو الفضة نظر في
أمره ،فإن كان للقتناء والكتناز -ذخيرة للزمن-
وجبت فيه الزكاة ،لنه مرصد للنماء ،فهو كغير
المصوغ من السبائك والنقود المضروبة.
(ب) وإن كان معدًا للنتفاع والستعمال الشخصي
ما
نظرنا في نوع هذا الستعمال ،فإن كان محر ً
كأواني الذهب والفضة والتحف والتماثيل ،وما يتخذه
الرجل لنفسه من سوار أو طوق أو خاتم ذهب أو
نحو ذلك وجبت فيه الزكاة؛ لنه عدل به عن أصله
بفعل غير مباح فسقط حكم فعله ،وبقى على حكم
الصل.
132
(ج) ومن الستعمال المحرم ما كان فيه سرف
ظاهر من حلي النساء ،ويعرف ذلك بمجاوزة
المعتاد لمثل هذه المرأة في مثل بيئتها وعصرها
وثروة أمتها.
(د) وإن كان الحلي معدًا لستعمال مباح كحلي
النساء -في غير سرف -وما أعد لهن ،وخاتم الفضة
للرجال :لم تجب فيه الزكاة؛ لنه مال غير نام ،لنه
من حاجات النسان وزينته كثيابه ،وأثاثه ومتاعه،
وقد أعد لستعمال مباح ،فلم تجب فيه الزكاة
كالعوامل من البل والبقر.
(هـ) ول فرق بين أن يكون الحلي المباح مملوكًا
لمرأة تلبسه أو تعيره أو يكون مملوكًا لرجل يحلى
به أهله أو يعيره أو يعده لذلك.
(و) وما وجبت فيه الزكاة من الحلي أو النية أو
التحف يزكى زكاة النقدين ،فيخرج ربع عشره (
2.5بالمائة) كل حول ،وحده أو مع بقية ماله ،إن كان
له مال.
(ز) وهذا بشرط أن يكون نصابًا أو يكمل بمال عنده
ما من الذهب. قدر نصاب ،وهو خمسة وثمانون جرا ً
والمعتبر :القيمة ل الوزن لن للصنعة أثرها في
زيادة القيمة.
================
زكاة الفطر .
التّعريف
- 1من معاني الّزكاة في اللّغة :النّماء ،والّزيادة ،
شيء ،وما أخرجته من مالك صلح ،وصفوة ال ّ وال ّ
لتطهّره به .والفطر :اسم مصدرٍ من قولك :أفطر
صائم إفطاًرا .وأضيفت الّزكاة إلى الفطر ; لنّه ال ّ
سبب وجوبها ،وقيل لها فطرة ،كأنّها من الفطرة
133
ووي :يقال للمخرج : ّ الّتي هي الخلقة .قال الن ّ
فطرة .والفطرة -بكسر الفاء ل غير -وهي لفظة
مولّدة ل عربيّة ول معّربة بل اصطلحيّة للفقهاء ،
صلةة على المختار ،كال ّ ة شرعي ّ ً فتكون حقيق ً
والّزكاة .وزكاة الفطر في الصطلح :صدقة تجب
بالفطر من رمضان .حكمة مشروعيّتها :
- 2حكمة مشروعيّة زكاة الفطر الّرفق بالفقراء
سؤال في يوم العيد ،وإدخال بإغنائهم عن ال ّ
سرور عليهم في يوم يسّر المسلمون بقدوم العيد ال ّ
صوم عليهم ،وتطهير من وجبت عليه بعد شهر ال ّ
س ّ
من اللغو والّرفث .روى أبو داود عن ابن عبّا ٍ
رضي الله تعالى عنهما قال { :فرض رسول اللّه
صائم صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ،طهرةً لل ّ
ة للمساكين ،من أدّاها من اللّغو والّرفث ،وطعم ً
صلة فهي زكاة مقبولة ،ومن أدّاها بعد قبل ال ّ
صدقات } . صلة فهي صدقة من ال ّ ال ّ
ي): ( الحكم التّكليف ّ
ن زكاة الفطر واجبة - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
ل القائلون بالوجوب بما ل مسلم ٍ .واستد ّ على ك ّ
رواه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال :
{ فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة
الفطر من رمضان على النّاس صاعًا من تمرٍ ،أو
ر ،أو عبدٍ ،ذكرٍ أول ح ٍّصاع ًا من شعيرٍ ،على ك ّ
أنثى من المسلمين } .وبقوله صلى الله عليه
ل حّرٍ وعبدٍ صغيرٍ أو كبيرٍ ، وسلم { :أدّوا عن ك ّ
ر أو صاع ًا من تمرٍ أو شعيرٍ } وهو نصف صاٍع من ب ّ ٍ
ل للمالكيّة أمر ،والمر يقتضي الوجوب .وفي قو ٍ
ي. مقابل للمشهور :إنّها سنّة ،واستبعده الدّسوق ّ
134
شرائط وجوب أداء زكاة الفطر :يشترط لوجوب
أدائها ما يلي :
- 4أوًّل :السلم :وهذا عند جمهور الفقهاء .وروي
ح عندهم أنّه يجب على شافعيّة في الص ّ عن ال ّ
الكافر أن يؤدّيها عن أقاربه المسلمين ،وإنّما كان
السلم شرطًا عند الجمهور ; لنّها قربة من
صائم من الّرفث واللّغو ،والكافر القرب ،وطهرة لل ّ
ليس من أهلها إنّما يعاقب على تركها في الخرة 5 .
-ثانيًا :الحّريّة عند جمهور الفقهاء خلفًا للحنابلة ;
ن العبد ل يملك ،ومن ل يملك ل يملّك . ل ّ
-6ثالثًا :أل يكون قادًرا على إخراج زكاة الفطر ،
وقد اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراجها :
شافعيّة والحنابلة إلى عدم فذهب المالكيّة وال ّ
اشتراط ملك النّصاب في وجوب زكاة الفطر .
ن معنى القدرة على إخراج وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
صدقة الفطر أن يكون مالكًا للنّصاب الّذي تجب فيه
ل كان ،سواء كان من الذ ّهب أو أي ما ٍ
الّزكاة من ّ
سوائم من البل والبقر والغنم ،أو من ضة ،أو ال ّ الف ّ
عروض التّجارة .والنّصاب الّذي تجب فيه الّزكاة
ضة مائتا درهم ٍ .فمن كان عنده هذا القدر من الف ّ
س
ل وملب ٍ فاضًل عن حوائجه الصليّة من مأك ٍ
س ،وجبت عليه زكاة الفطر . ن وسلٍح وفر ٍ ومسك ٍ
وفي وجهٍ آخر للحنفيّة إذا كان ل يملك نصابًا تجوز
صدقة عليه مع صدقة عليه .ول يجتمع جواز ال ّ ال ّ
وجوبها عليه .وقال المالكيّة :إذا كان قادًرا على
ل من صاٍع وعنده المقدار الّذي عليه ولو كان أق ّ
قوت يومه وجب عليه دفعه ،بل قالوا :إنّه يجب
عليه أن يقترض لداء زكاة الفطر إذا كان يرجو
ما ،وإن كان ل يرجو القضاء القضاء ; لنّه قادر حك ً
135
شافعيّة والحنابلة :إنّها تجب ل يجب عليه .وقال ال ّ
على من عنده فضل عن قوته وقوت من في نفقته
ن ً
ليلة العيد ويومه ،ويشترط كونه فاضل عن مسك ٍ
ح .واتّفق جميع القائلين وخادم ٍ يحتاج إليه في الص ّ
ن المقدار الّذي بعدم اشتراط ملك النّصاب على أ ّ
جا إليه ل تجب عليه زكاة الفطر ، عنده إن كان محتا ً
ل الجمهور على عدم اشتراط قادر .استد ٍّ لنّه غير
ي،ن من عنده قوت يومه فهو غن ّ ملك النّصاب بأ ّ
فما زاد على قوت يومه وجب عليه أن يخرج منه
زكاة الفطر ،والدّليل على ذلك ما رواه سهل بن
ي صلى الله عليه وسلم قال : الحنظليّة عن النّب ّ
{ من سأل وعنده ما يغنيه فإنّما يستكثر من النّار ،
فقالوا :يا رسول اللّه ،وما يغنيه ؟ قال :أن يكون
ن من عنده ل الحديث على أ ّ له شبع يوم ٍ وليلةٍ } .د ّ
ما زاد
ي وجب عليه أن يخرج م ّ قوت يومه فهو غن ّ
ل الحنفيّة ومن وافقهم على قوت يومه .واستد ّ
على اشتراط ملك النّصاب بقوله صلى الله عليه
وسلم { :ل صدقة إل ّ عن ظهر غنًى } .والظّهر ها
ي بمنزلة ن المال للغن ّ هنا كناية عن القوّة ،فكأ ّ
الظّهر ،عليه اعتماده ،وإليه استناده ،والمراد أ ّ
ن
صدقة إذا كانت له قوّة من التّصدّق إنّما تجب عليه ال ّ
غنًى ،ول يعتبر غنيًّا إل ّ إذا ملك نصابًا .
من تؤدّى عنه زكاة الفطر :
ن زكاة الفطر يجب أن يؤدّيها - 7ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ل من تلزمه عن نفسه من يملك نصابًا ،وعن ك ّ
ة .والمراد بالولية أن ة كامل ً نفقته ،ويلي عليه ولي ً
صغير ،ينفذ قوله على الغير شاء أو أبى ،فابنه ال ّ
ل أولئك صغيرة ،وابنه الكبير المجنون ،ك ّ وابنته ال ّ
ق التّصّرف في ما لهم بما يعود عليهم بالنّفع له ح ّ
136
ن زكاة شاءوا أو أبوا .وينبني على هذه القاعدة أ ّ
شخص عن نفسه لقوله صلى الله الفطر يخرجها ال ّ
م بمن تعول } . عليه وسلم { :ابدأ بنفسك ،ث ّ
ما
صغار إذا كانوا فقراء ،أ ّ ويخرجها عن أولده ال ّ
الغنياء منهم ،بأن أهدي إليهم مال ،أو ورثوا ماًل ،
صدقة من مالهم عند أبي حنيفة وأبي فيخرج ال ّ
ة ،بل ن زكاة الفطر ليست عبادةً محض ً يوسف ،ل ّ
ي ،كما صب ّفيها معنى النّفقة ،فتجب في مال ال ّ
مد وجبت النّفقة في ماله لقاربه الفقراء ،وقال مح ّ
:تجب في مال الب لنّها عبادة محضة ،وهو ليس
ما أولده الكبار ،فإن ف.أ ّ من أهلها ; لنّه غير مكل ّ ٍ
كانوا أغنياء وجب عليهم إخراج الّزكاة عن أنفسهم ،
ة ،وإن كانوا فقراء ل ة كامل ً من يلون عليهم ولي ً وع ّ
ةيخرج الّزكاة عنهم ; لنّه وإن كانت نفقتهم واجب ً
ق
ة فليس له ح ّ ة كامل ً عليه إل ّ أنّه ل يلي عليهم ولي ً
التّصّرف في مالهم إن كان لهم مال إل ّ بإذنهم .وإن
صدقة من كان أحدهم مجنونًا ،فإن كان غنيًّا أخرج ال ّ
ماله ،وإن كان فقيًرا دفع عنه صدقة الفطر ; لنّه
ق
ة ،فله ح ّ ة كامل ً ينفق عليه ،ويلي عليه ولي ً
التّصّرف في ماله بدون إذنه .وقال الحنفيّة بناءً
على قاعدتهم المذكورة :ل تجب عن زوجته لقصور
ما قصور الولية ،فإنّه ل يلي الولية والنّفقة ،أ ّ
ماعليها إل ّ في حقوق النّكاح فل تخرج إل ّ بإذنه ،أ ّ
ما التّصّرف في مالها بدون إذنها فل يلي عليه .وأ ّ
قصور النّفقة فلنّه ل ينفق عليها إل ّ في الّرواتب
كالمأكل والمسكن والملبس .وكما ل يخرجها عن
زوجته ل يخرجها عن والديه وأقاربه الفقراء إن كانوا
ة .وذهب ة كامل ً كباًرا ; لنّه ل يلي عليهم ولي ً
شخص عن ن زكاة الفطر يخرجها ال ّ المالكيّة إلى أ ّ
137
ل من تجب عليه نفقته .وهم الوالدان نفسه وعن ك ّ
الفقيران ،والولد الذ ّكور الفقراء ،والناث
ن .والّزوجة الفقيرات ،ما لم يدخل الّزوج به ّ
ل ،وزوجة والده الفقير ن ذوات ما ٍ والّزوجات وإن ك ّ
لحديث ابن عمر { :أمر رسول اللّه صلى الله عليه
صغير والكبير والحّر وسلم بصدقة الفطر عن ال ّ
من تمونون } .أي :تنفقون عليهم .وذهب والعبد م ّ
شخص عن ن صدقة الفطر يخرجها ال ّ شافعيّة إلى أ ّ ال ّ
ل من تجب عليه نفقته من نفسه ،وعن ك ّ
ك ،وهم :أوًّل المسلمين ،لقرابةٍ ،أو زوجيّةٍ ،أو مل ٍ
ة ،سواء ة رجعي ّ ً :زوجته غير النّاشزة ولو مطلّق ً
كانت حامًل أم ل ،أم بائنًا حامًل ،لوجوب نفقته ّ
ن
ل فأنفقوا ن أولت حم ٍ عليه .لقوله تعالى { :وإن ك ّ
ن } ومثلها الخادم إذا كانت ن حتّى يضعن حمله ّ عليه ّ
نفقته غير مقدّرةٍ ،فإن كانت مقدّرةً بأن كان يعطى
صدقة ; ل شهرٍ ،ل يخرج عنه ال ّ ل يوم ٍ ،أو ك ّأجًرا ك ّ
لنّه أجير والجير ل ينفق عليه .ثانيًا :أصله وفرعه
ذكًرا أو أنثى وإن علوا ،كجدّه وجدّته .ثالثًا :فرعه
وإن نزل ذكًرا أو أنثى صغيًرا أو كبيًرا ،بشرط أن
يكون أصله وفرعه فقراء .وقالوا :إن كان ولده
صدقة عنه ،وقالوا الكبير عاجًزا عن الكسب أخرج ال ّ
:ل يلزم البن فطرة زوجة أبيه الفقير ; لنّه ل تجب
عليه نفقتها .وذهب الحنابلة إلى أنّه يجب إخراج
ل من تجب عليه نفقته صدقة عن نفسه ،وعن ك ّ ال ّ
من المسلمين ،فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ
م القرب مه ،فأبيه ،ث ّ بنفسه ،فزوجته ،فأ ّ
فالقرب على حسب ترتيب الرث ،فالب وإن عل
شقيق مقدّم على شقيق ،والخ ال ّ مقدّم على الخ ال ّ
ي فيخرج من ماله . صغير الغن ّ ما ابنه ال ّ ب.أ ّ الخ ل ٍ
138
( سبب الوجوب ووقته ) :
ن وقت وجوب زكاة الفطر - 8ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ححين طلوع فجر يوم العيد ،وهو أحد قولين مص ّ
للمالكيّة .واستدلّوا بما رواه نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال { :أمر رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدّى قبل خروج النّاس
ن أداءها الّذي ل الحديث على أ ّ صلة } .د ّ إلى ال ّ
شارع هو قبل الخروج إلى مصلّى العيد ، ندب إليه ال ّ
ن تسميتها ن وقت وجوبها هو يوم الفطر ،ول ّ فعلم أ ّ
ن وجوبها بطلوع فجر يوم ل على أ ّ صدقة الفطر ،تد ّ
ن الفطر إنّما يكون بطلوع فجر ذلك الفطر ; ل ّ
ل ليلةٍ من ما قبله فليس بفطرٍ ; لنّه في ك ّ اليوم ،أ ّ
ليالي رمضان يصوم ويفطر ،فيعتبر مفطًرا من
شافعيّة في صومه بطلوع ذلك اليوم .وذهب ال ّ
ن الوجوب هو بغروب الظهر والحنابلة ،إلى أ ّ
شمس آخر يوم ٍ من رمضان ،وهو أحد قولين
س رضي الله عنهما : للمالكيّة ،لقول ابن عبّا ٍ
{ فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صدقة
صائم من اللّغو والّرفث ،وطعم ً
ة الفطر طهرة ً لل ّ
صلة فهي زكاة للمساكين ،فمن أدّاها قبل ال ّ
صلة فهي صدقة من مقبولة ،ومن أدّاها بعد ال ّ
ن صدقة الفطر ل الحديث على أ ّ صدقات } .د ّ ال ّ
تجب بغروب شمس آخر يوم ٍ من رمضان ،من جهة
صدقة إلى الفطر ،والضافة تقتضي أنّه أضاف ال ّ
صة بالفطر ،وأوّل صدقة المخت ّ الختصاص ،أي ال ّ
فطرٍ يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر
يوم ٍ من رمضان .ويظهر أثر الخلف فيمن مات بعد
شافعيّةغروب شمس آخر يوم ٍ من رمضان :فعند ال ّ
ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر ; لنّه كان
139
موجودًا وقت وجوبها ،وعند الحنفيّة ومن وافقهم ل
تخرج عنه صدقة الفطر لنّه لم يكن موجودًا ،ومن
ولد بعد غروب شمس آخر يوم ٍ من رمضان تخرج
عنه صدقة الفطر عند الحنفيّة ومن وافقهم ; لنّه
صدقة وقت وجوبها كان موجودًا ،ول تخرج عنه ال ّ
شافعيّة ومن وافقهم ; لنّه كان جنينًا في بطن عند ال ّ
شمس مه وقت وجوبها .ومن أسلم بعد غروب ال ّ أ ّ
صدقة عند من آخر يوم ٍ من رمضان ،ل تخرج عنه ال ّ
شافعيّة ومن وافقهم ; لنّه وقت وجوبها لم يكن ال ّ
أهًل ،وعند الحنفيّة ومن وافقهم تخرج عنه صدقة
الفطر ; لنّه وقت وجوبها كان أهًل .
( وقت وجوب الداء ) :
ن وقت وجوب أداء - 9ذهب جمهور الحنفيّة إلى أ ّ
ن المر بأدائها غير مقيّدٍ سع ،ل ّ زكاة الفطر مو ّ
ت ،كالّزكاة ،فهي تجب في مطلق الوقت وإنّما بوق ٍ
ت أدّى كان مؤدّيًا ل قاضيًا يتعيّن بتعيّنه ،ففي أيّ وق ٍ
ب إخراجها قبل الذ ّهاب إلى ن المستح ّ ،غير أ ّ
المصلّى ،لقوله صلى الله عليه وسلم { :اغنوهم
في هذا اليوم } .وذهب الحسن بن زيادٍ من
ن وقت وجوب الداء مضيّق الحنفيّة إلى أ ّ
عذر كان
ٍ كالضحيّة ،فمن أدّاها بعد يوم العيد بدون
شافعيّة والحنابلة . ما ،وهو مذهب المالكيّة وال ّ آث ً
واتّفق جميع الفقهاء على أنّها ل تسقط بخروج وقتها
مته لمن هي له ،وهم مستحّقوها ; لنّها وجبت في ذ ّ
،فهي دين لهم ل يسقط إل ّ بالداء ; لنّها ح ّ
ق
ق اللّه في التّأخير عن وقتها فل يجبر ما ح ّ
للعبد ،أ ّ
إل ّ بالستغفار والنّدامة
.إخراجها قبل وقتها :
140
- 10ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تقديمها
عن وقتها يومين لقول ابن عمر رضي الله تعالى
بيوم
ٍ عنهما :كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد
ن إخراجها شافعيّة إلى أنّه يس ّ أو يومين .وذهب ال ّ
صلة ،ومحّرم قبل صلة العيد ويكره تأخيرها عن ال ّ
تأخيرها عن يوم العيد بل عذرٍ ; لفوات المعنى
المقصود ،وهو إغناء الفقراء عن الطّلب في يوم
خرها بل عذرٍ عصى وقضى ،لخروج سرور ،فلو أ ّ ال ّ
الوقت .وروى الحسن بن زياد ٍ عن أبي حنيفة أنّه
ة أو سنتين كالّزكاة . يجوز تقديمها عن وقتها سن ً
وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه يجوز تقديمها في
حح للحنفيّة .رمضان فقط ،وهو قول مص ّ
( مقدار الواجب ) :
ن الواجب إخراجه في - 11اتّفق الفقهاء على أ ّ
الفطرة صاع من جميع الصناف الّتي يجوز إخراج
الفطرة منها عدا القمح والّزبيب ،فقد اختلفوا في
شافعيّة والحنابلة المقدار فيهما :فذهب المالكيّة وال ّ
ن الواجب إخراجه في القمح هو صاع منه . ،إلى أ ّ
صاع ومقداره كيًل ووزنًا .واستد ّ
ل وسيأتي بيان ال ّ
الجمهور على وجوب صاٍع من بّرٍ بحديث أبي سعيدٍ
الخدريّ رضي الله تعالى عنه قال { :كنّا نخرج
زكاة الفطر إذ كان فينا رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم صاع ًا من طعام ٍ ،أو صاعًا من تمرٍ ،أو صاع ًا
ط، ب ،أو صاع ًا من أق ٍ من شعيرٍ ،أو صاع ًا من زبي ٍ
فل أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت } .
ن الواجب إخراجه من القمح وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ما الّزبيب نصف صاٍع ،وكذا دقيق القمح وسويقه ،أ ّ
فروى الحسن عن أبي حنيفة أنّه يجب نصف صاٍع
ن الّزبيب تزيد قيمته على قيمة القمح ، كالبّر ،ل ّ
141
مد -إلى أنّه يجب صاحبان -أبو يوسف ومح ّ وذهب ال ّ
ب ،واستدلّوا على ذلك بما روي عن صاع من زبي ٍ
الخدري -رضي الله عنه { : -كنّا نخرج ّ أبي سعيد ٍ
إذ كان فينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة
ك ،صاعًا ر أو مملو ٍ ل صغيرٍ وكبيرٍ ،ح ّ ٍ الفطر عن ك ّ
ط ،أو صاع ًا من طعام ٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ، من أق ٍ
ب ،فلم نزل أو صاع ًا من تمرٍ ،أو صاع ًا من زبي ٍ
جا أو معتمًرا ، نخرج ،حتّى قدم علينا معاوية حا ًّ
فكلّم النّاس على المنبر ،وكان فيما كلّم به النّاس
شام يعني ن مدّين من سمراء ال ّ أن قال :إنّي أرى أ ّ
ماالقمح تعدل صاع ًا من تمرٍ ،فأخذ النّاس بذلك ،أ ّ
أنا فل أزال أخرجه أبدًا ما عشت ،كما كنت
ن الّذي كان يخرج ل الحديث على أ ّ أخرجه } .د ّ
على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صاع
ل الحنفيّة على وجوب نصف صاٍع من الّزبيب .استد ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّمن بّرٍ بما روي { أ ّ
خطب قبل الفطر بيوم ٍ أو يومين ،فقال :أدّوا صاع ًا
من بّرٍ بين اثنين ،أو صاع ًا من تمرٍ ،أو شعيرٍ ،عن
ر ،وعبد ٍ صغيرٍ أو كبيرٍ } ك ّ
ل ح ٍّ
( نوع الواجب ) :
- 12ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجزئ إخراج زكاة الفطر
القيمة من النّقود وهو الفضل ،أو العروض ،لكن
إن أخرج من البّر أو دقيقه أو سويقه أجزأه نصف
شعير أو التّمر أو الّزبيب صاٍع ،وإن أخرج من ال ّ
فصاع ،لما روى ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما
-قال { :كان النّاس يخرجون على عهد رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم صاع ًا من شعيرٍ أو تمرٍ أو
ما كان عمر ، ب } .قال ابن عمر :فل ّ ت أو زبي ٍ سل ٍ
وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطةٍ ،مكان
142
م قال الحنفيّة :ما سوى صاٍع من تلك الشياء .ث ّ
هذه الشياء الربعة المنصوص عليها من الحبوب
كالعدس والرز ،أو غير الحبوب كاللّبن والجبن
واللّحم والعروض ،فتعتبر قيمته بقيمة الشياء
المنصوص عليها ،فإذا أراد المتصدّق أن يخرج
صدقة الفطر من العدس مثًل ،فيقوّم نصف صاٍع
شصاع ثمانية قرو ٍ من بّرٍ ،فإذا كانت قيمة نصف ال ّ
ش ً
مثل ،أخرج من العدس ما قيمته ثمانية قرو ٍ
مثًل ،ومن الرز واللّبن والجبن وغير ذلك من
شارع ،يخرج من ص عليها ال ّ الشياء الّتي لم ين ّ
العدس ما يعادل قيمته .وذهب المالكيّة ،إلى أنّه
يخرج من غالب قوت البلد كالعدس والرز ،والفول
سلت والتّمر والقط والدّخن . شعير وال ّوالقمح وال ّ
وما عدا ذلك ل يجزئ ،إل ّ إذا اقتاته النّاس وتركوا
سابقة ،ول يجوز الخراج من غير الغالب ، النواع ال ّ
إل ّ إذا كان أفضل ،بأن اقتات النّاس الذ ّرة فأخرج
شبع ،فإذا كان حا .وإذا أخرج من اللّحم اعتبر ال ّ قم ً
صاع من البّر يكفي اثنين إذا خبز ،أخرج من ال ّ
شافعيّة إلى أنّه اللّحم ما يشبع اثنين .وذهب ال ّ
يخرج من جنس ما يجب فيه العشر ،ولو وجدت
أقوات فالواجب غالب قوت بلده ،وقيل :من غالب
قوته ،وقيل :مخيّر بين القوات ،ويجزئ العلى
من الدنى ل العكس .وذهب الحنابلة إلى أنّه يخرج
شعير ،لحديث أبي من البّر أو التّمر أو الّزبيب أو ال ّ
سابق وفيه { :كنّا نخرج زكاة الفطر على سعيد ٍ ال ّ
عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صاعًا من
طعام ٍ ،أو صاع ًا من شعيرٍ ،أو صاعًا من تمرٍ } ...
الحديث ويخيّر بين هذه الشياء ،ولو لم يكن
ب
المخرج قوتًا .ويجزئ الدّقيق إذا كان مساويًا للح ّ
143
ل ما يصلح في الوزن ،فإن لم يجد ذلك أخرج من ك ّ
أرز أو نحو ذلك . ٍ قوتًا من ذرةٍ أو
صاع مكيال متوارث من عهد النّبوّة ،وقد - 13وال ّ
اختلف الفقهاء في تقديره كيًل ،واختلفوا في
تقديره بالوزن .وينظر تفصيله في مصطلح
( مقادير ) .
مصارف زكاة الفطر :
- 14اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر
على ثلثة آراءٍ :ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها
على الصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة
المال ،وينظر مصطلح ( :زكاة ) .وذهب المالكيّة
وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة إلى
تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين .وذهب
شافعيّة إلى وجوب قسمتها على الصناف الثّمانية ال ّ
،أو من وجد منهم .
( أداء القيمة ) :
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه ل - 15ذهب المالكيّة وال ّ
نص بذلك ،ول ّ يجوز دفع القيمة ،لنّه لم يرد ن ّ
ض منهم القيمة في حقوق النّاس ل تجوز إل ّ عن ترا ٍ
،وليس لصدقة الفطر مالك معيّن حتّى يجوز رضاه
أو إبراؤه .وذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز دفع القيمة
سر للفقير أن في صدقة الفطر ،بل هو أولى ليتي ّ
يشتري أيّ شيءٍ يريده في يوم العيد ; لنّه قد ل
جا إلى الحبوب بل هو محتاج إلى يكون محتا ً
ملبس ،أو لحم ٍ أو غير ذلك ،فإعطاؤه الحبوب ،
شوارع ليجد من يشتري يضطّره إلى أن يطوف بال ّ
ل من قيمتها س أق ّ ن بخ ٍمنه الحبوب ،وقد يبيعها بثم ٍ
الحقيقيّة ،هذا كلّه في حالة اليسر ،ووجود الحبوب
شدّة وقلّةما في حالة ال ّ ة في السواق ،أ ّ بكثر ٍ
144
الحبوب في السواق ،فدفع العين أولى من القيمة
مراعاة ً لمصلحة الفقير ،وينظر التّفصيل في الّزكاة
.
مكان دفع زكاة الفطر :
- 16تفّرق زكاة الفطر في البلد الّذي وجبت على
المكلّف فيه ،سواء أكان ماله فيه أم لم يكن ; ل ّ
ن
الّذي وجبت عليه هو سبب وجوبها ،فتفّرق في البلد
الّذي سببها فيه .
نقل زكاة الفطر :
- 17اختلف في نقل الّزكاة من البلد الّذي وجبت
فيه إلى غيره ،وتفصيله ينظر في مصطلح :
( زكاة ) .
=================
زكاة .
التّعريف
ة :النّماء والّريع والّزيادة ،من زكا - 1الّزكاة لغ ً
ي رضي الله عنه : يزكو زكاة ً وزكاءً ،ومنه قول عل ٍ ّ
صلح ،قال اللّه ضا ال ّ العلم يزكو بالنفاق .والّزكاة أي ً
تعالى { فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيًرا منه زكاةً } .
حا ،وقال تعالى { :ولول فضل قال الفّراء :أي صل ً
اللّه عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحدٍ أبدًا } أي
ن اللّه يزكّي من يشاء } أي ما صلح منكم { ولك ّ
يصلح من يشاء .وقيل لما يخرج من حقّ اللّه في
ما فيه من المال " زكاة " ،لنّه تطهير للمال م ّ
ق ،وتثمير له ،وإصلح ونماء بالخلف من اللّه ح ٍّ
تعالى .وزكاة الفطر طهرة للبدان .وفي الصطلح
ل مخصوصةٍ ، ق يجب في أموا ٍ :يطلق على أداء ح ٍ ّ
ص ويعتبر في وجوبه الحول على وجهٍ مخصو ٍ
ضا على المال المخرج والنّصاب .وتطلق الّزكاة أي ً
145
ساعي نفسه ،كما في قولهم :عزل زكاة ماله ،وال ّ
يقبض الّزكاة .ويقال :زكّى ماله أي أخرج زكاته ،
والمزكّي :من يخرج عن ماله الّزكاة .والمزكّي
ضا :من له ولية جمع الّزكاة .وقال ابن حجرٍ : أي ً
صدقة ن الّزكاة تطلق على ال ّ ي:إ ّ قال ابن العرب ّ
مالواجبة والمندوبة ،والنّفقة والحقّ ،والعفو .ث ّ
شرع . ذكر تعريفها في ال ّ
صلة ) : ( اللفاظ ذات ال ّ
صدقة : أ -ال ّ
صدقة :تطلق بمعنيين :الوّل :ما أعطيته من - 2ال ّ
المال قاصدًا به وجه اللّه تعالى فيشمل ما كان
واجبًا وهو الّزكاة ،وما كان تطوّع ًا .والثّاني :أن
ة،ص ً
تكون بمعنى الّزكاة ،أي في الحقّ الواجب خا ّ
ومنه الحديث { :ليس فيما دون خمس ذودٍ
ة -هوصاد مخّفف ًصدقة } .والمصدق -بفتح ال ّ
ساعي الّذي يأخذ الحقّ الواجب في النعام ،يقال ال ّ
ساعي فصدق القوم ،أي أخذ منهم زكاة :جاء ال ّ
صاد -هو صدّق -بتشديد ال ّ أنعامهم .والمتصدّق والم ّ
صدقة .معطي ال ّ
ب -العطيّة :
- 3العطيّة :هي ما أعطاه النسان من ماله لغيره ،
سواء كان يريد بذلك وجه اللّه تعالى ،أو يريد به
ل من الّزكاة م من ك ٍّالتّودّد ،أو غير ذلك ،فهي أع ّ
صدقة والهبة ونحو ذلك . وال ّ
ي): ( الحكم التّكليف ّ
- 4الّزكاة فريضة من فرائض السلم ،وركن من
سنّة ل على وجوبها الكتاب وال ّ أركان الدّين .وقد د ّ
والجماع .فمن الكتاب قوله تعالى { :وأقيموا
صلة وآتوا الّزكاة } .وقوله { :فإن تابوا وأقاموا ال ّ
146
صلة وآتوا الّزكاة فإخوانكم في الدّين } وقوله : ال ّ
ضة ول ينفقونها في { والّذين يكنزون الذ ّهب والف ّ
ب أليم ٍ يوم يحمى عليها في شرهم بعذا ٍ سبيل اللّه فب ّ
نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا
ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } .وقد
ي صلى الله عليه وسلم { :ما أدّيت زكاته قال النّب ّ
ي صلى الله عليه سنّة قول النّب ّ فليس بكنزٍ } ومن ال ّ
س } وذكر منها وسلم { :بني السلم على خم ٍ
ي صلى الله عليه وسلم إيتاء الّزكاة { وكان النّب ّ
صدقات ،وأرسل معاذ ًا سعاة ليقبضوا ال ّ يرسل ال ّ
ن اللّه افترض إلى أهل اليمن ،وقال له :أعلمهم أ ّ
ة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتر ّد عليهم صدق ً
على فقرائهم } .وقال صلى الله عليه وسلم :
{ من آتاه اللّه ماًل فلم يؤد ّ زكاته مثّل له يوم
القيامة شجاع ًا أقرع له زبيبتان ،يطوّقه يوم القيامة
م يقول :أنا م يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه -ث ّ ،ث ّ
ما الجماع فقد أجمع مالك ،أنا كنزك } .وأ ّ
المسلمون في جميع العصار على وجوبها من حيث
صحابة رضي الله عنهم على قتال الجملة ،واتّفق ال ّ
ن أبا هريرة رضي الله مانعيها .فقد روى البخاريّ أ ّ
ما توفّي رسول اللّه صلى الله عليه عنه قال :ل ّ
وسلم وكان أبو بكرٍ رضي الله عنه ،وكفر من كفر
من العرب ،فقال عمر رضي الله عنه :كيف تقاتل
النّاس وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :
{ أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا :ل إله إل ّ اللّه
قه .فمن قالها فقد عصم منّي ماله ونفسه إل ّ بح ّ
وحسابه على اللّه } .فقال أبو بكرٍ :واللّه لقاتل ّ
ن
ن الّزكاة حقّ المال صلة والّزكاة ،فإ ّ من فّرق بين ال ّ
.واللّه لو منعوني عناقًا كانوا يؤدّونها إلى رسول
147
اللّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال
عمر :فواللّه ما هو إل ّ أن قد شرح اللّه صدر أبي
ق. بكرٍ رضي الله عنه ،فعرفت أنّه الح ّ
أطوار فرضيّة الّزكاة :
- 5إيتاء الّزكاة كان مشروع ًا في ملل النبياء
ق إبراهيم وآله سابقين ،قال اللّه تعالى في ح ّ ال ّ
ة يهدون م ً
عليهم الصلة والسلم { :وجعلناهم أئ ّ
صلة بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام ال ّ
وإيتاء الّزكاة وكانوا لنا عابدين } .وشرع للمسلمين
ي ،كما في صدقة للفقراء ،منذ العهد المك ّ ّ إيتاء ال ّ
قوله تعالى { :فل اقتحم العقبة وما أدراك ما
ماك رقبةٍ أو إطعام في يوم ٍ ذي مسغبةٍ يتي ً العقبة ف ّ
ذا مقربةٍ أو مسكينًا ذا متربةٍ } وبعض اليات المكّيّة
ما ،جعلت للفقراء في أموال المؤمنين حًّقا معلو ً
كما في قوله تعالى { :والّذين في أموالهم ح ّ
ق
سائل والمحروم } .وقال ابن حجرٍ : معلوم لل ّ
اختلف في أوّل فرض الّزكاة فذهب الكثرون إلى
أنّه وقع بعد الهجرة ،وادّعى ابن خزيمة في صحيحه
ج بقول جعفرٍ ن فرضها كان قبل الهجرة .واحت ّ أ ّ
صيام } صلة والّزكاة وال ّ ي { :ويأمرنا بال ّ للنّجاش ّ
ويحمل على أنّه كان يأمر بذلك في الجملة ،ول
يلزم أن يكون المراد هذه الّزكاة المخصوصة ذات
ن فرض ل على أ ّ ما يد ّ
النّصاب والحول .قال :وم ّ
ن صيام الّزكاة وقع بعد الهجرة اتّفاقهم على أ ّ
ن الية الدّالّة رمضان إنّما فرض بعد الهجرة ; ل ّ
ف ،وثبت من حديث على فرضيّته مدنيّة بل خل ٍ
قيس بن سعد ٍ قال { :أمرنا رسول اللّه صلى الله
م
عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الّزكاة ،ث ّ
148
نزلت فريضة الّزكاة فلم يأمرنا ولم ينهنا ،ونحن
نفعله } .
فضل إيتاء الّزكاة :
- 6يظهر فضل الّزكاة من أوجهٍ :
صلة في كتاب اللّه تعالى ،فحيثما - 1اقترانها بال ّ
صلة اقترن به المر بالّزكاة ،من ذلك ورد المر بال ّ
صلة وآتوا الّزكاة وما قوله تعالى { :وأقيموا ال ّ
تقدّموا لنفسكم من خيرٍ تجدوه عند اللّه } .ومن
هنا قال أبو بكرٍ في قتال مانعي الّزكاة :واللّه
صلة والّزكاة ،إنّها لقرينتها ن من فّرق بين ال ّ لقاتل ّ
في كتاب اللّه .
- 2أنّها ثالث أركان السلم الخمسة ،لما في
س :شهادة أن ل الحديث { بني السلم على خم ٍ
صلة ، مدًا رسول اللّه ،وإقام ال ّ ن مح ّ إله إل ّ اللّه وأ ّ
ج البيت } . وإيتاء الّزكاة ،وصوم رمضان ،وح ّ
- 3أنّها من حيث هي فريضة أفضل من سائر
ي
صدقات لنّها تطوّعيّة ،وفي الحديث القدس ّ ال ّ
ما افترضته يم ّب إل ّي عبدي بشيءٍ أح ّ { ما تقّرب إل ّ
ما فضل إيتاء الّزكاة من حيث هي صدقة عليه } .أ ّ
صدقات فيأتي في مباحث ( :صدقة التّطوّع ) من ال ّ
.
حكمة تشريع الّزكاة :
صدقة وإنفاق المال في سبيل اللّه ن ال ّ-7أ-أ ّ
ب
ح والبخل ،وسيطرة ح ّ ش ّ يطهّران النّفس من ال ّ
المال على مشاعر النسان ،ويزكّيه بتوليد مشاعر
الموادّة ،والمشاركة في إقالة العثرات ،ودفع
حاجة المحتاجين ،أشار إلى ذلك قول اللّه تعالى .
ة تطهّرهم وتزكّيهم بها } ، { خذ من أموالهم صدق ً
وفيها من المصالح للفرد والمجتمع ما يعرف في
149
صدقات حدًّا أدنى موضعه ،ففرض اللّه تعالى من ال ّ
ألزم العباد به ،وبيّن مقاديره ،قال الدّهلويّ :إذ
لول التّقدير لفّرط المفرط ولعتدى المعتدي .ب -
الّزكاة تدفع أصحاب الموال المكنوزة دفعًا إلى
إخراجها لتشترك في زيادة الحركة القتصاديّة ،
ي صلى الله عليه وسلم { : يشير إلى ذلك قول النّب ّ
ما له مال فليتّجر فيه ،ول يتركه حتّى أل من ولي يتي ً
صدقة } . تأكله ال ّ
ج -الّزكاة تسد ّ حاجة جهات المصارف الثّمانية
وبذلك تنتفي المفاسد الجتماعيّة والخلقيّة النّاشئة
عن بقاء هذه الحاجات دون كفايةٍ .
أحكام مانع الّزكاة :إثم مانع الّزكاة :
ما هو كبيرة من - 8من منع الّزكاة فقد ارتكب محّر ً
ن عقوبته سنّة ما يفيد أ ّ الكبائر ،وورد في القرآن وال ّ
ص ،كما في حديث مسلمٍ في الخرة من نوٍع خا ٍّ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم { :ما من صاحب كنزٍ ل
يؤدّي زكاته إل ّ أحمي عليه في نار جهنّم ،فيجعل
صفائح ،فيكوى بها جنباه وجبينه ،حتّى يحكم اللّه
بين عباده في يوم ٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ ،
ما إلى النّار ،وما من ما إلى الجنّة وإ ّ م يرى سبيله إ ّ ث ّ
ل ل يؤدّي زكاتها إل ّ بطح لها بقاٍع قرقرٍ صاحب إب ٍ
ن عليه ،كلّما مضى عليه أخراها كأوفر ما كانت تست ّ
ردّت عليه أولها ،حتّى يحكم اللّه بين عباده ،في
م يرى سبيله يوم ٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ ،ث ّ
ما إلى النّار ،وما من صاحب غنم ٍ ل ما إلى الجنّة وإ ّ إ ّ
يؤدّي زكاتها ،إل ّ بطح لها بقاٍع قرقرٍ ،كأوفر ما
كانت ،فتطؤه بأظلفها وتنطحه بقرونها ،ليس فيها
عقصاء ول جلحاء ،كلّما مضى عليه أخراها ردّت
150
يوم
ٍ عليه أولها ،حتّى يحكم اللّه بين عباده ،في
م يرى ما تعدّون ،ث ّ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ م ّ
ما إلى النّار } . ما إلى الجنّة وإ ّ سبيله إ ّ
العقوبة لمانع الّزكاة :
- 9من منع الّزكاة وهو في قبضة المام تؤخذ منه
ي صلى الله عليه وسلم { :أمرت قهًرا لقول النّب ّ
مد أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا :ل إله إل ّ اللّه مح ّ
رسول اللّه ،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم
وأموالهم إل ّ بحّقها وحسابهم على اللّه } ومن حّقها
الّزكاة ،قال أبو بكرٍ رضي الله عنه بمحضر
ق المال " وقال رضي الله عنه : صحابة :الّزكاة ح ّ ال ّ
واللّه لو منعوني عقاًل كانوا يؤدّونه إلى رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه .وأقّره
صحابة على ذلك .وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى ال ّ
ن مانع الّزكاة إذا أخذت منه قهًرا ل يؤخذ معها من أ ّ
ي في القديم ،وإسحاق شافع ّ ماله شيء .وذهب ال ّ
بن راهويه ،وأبو بكرٍ عبد العزيز من أصحاب أحمد
ة له ،مع ن مانع الّزكاة يؤخذ شطر ماله عقوب ً إلى أ ّ
ي صلى الله جوا بقول النّب ّ أخذ الّزكاة منه .واحت ّ
ل أربعين ل في ك ّ ل سائمة إب ٍ عليه وسلم { :في ك ّ
ن ،ل تفّرق إبل عن حسابها ،من أعطاها بنت لبو ٍ
مؤتجًرا فله أجرها ،ومن منعها فإنّا آخذوها وشطر
مدٍ منها ل لل مح ّ ماله عزمة من عزمات ربّنا ،ل يح ّ
ي صلى ل لقول الجمهور بقول النّب ّ شيء } .ويستد ّ
ق سوى الله عليه وسلم { :ليس في المال ح ّ
صحابة رضي الله عنهم لم يأخذوا ن ال ّ
الّزكاة } .وبأ ّ
ما من نصف أموال العراب الّذين منعوا الّزكاة .فأ ّ
جا عن قبضة المام ومنع الّزكاة ،فعلى كان خار ً
صحابة قاتلوا الممتنعين من ن ال ّ المام أن يقاتله ; ل ّ
151
أدائها ،فإن ظفر به أخذها منه من غير زيادةٍ على
قول الجمهور كما تقدّم .وهذا فيمن كان مقًّرا
بوجوب الّزكاة ،لكن منعها بخًل أو تأوًّل ،ول يحكم
بكفره ،ولذا فإن مات في قتاله عليها ورثه
ة عن المسلمون من أقاربه وصلّي عليه .وفي رواي ٍ
أحمد يحكم بكفره ول يورث ول يصلّى عليه ،لما
ضتهم ما قاتل مانعي الّزكاة ،وع ّ ن أبا بكرٍ ل ّ
روي أ ّ
الحرب قالوا :نؤدّيها ،قال :ل أقبلها حتّى تشهدوا
ن قتلنا في الجنّة وقتلكم في النّار ،ووافقه عمر . أ ّ
ل على صحابة فد ّ ولم ينقل إنكار ذلك عن أحد ٍ من ال ّ
ما من منع الّزكاة منكًرا لوجوبها ،فإن كفرهم .وأ ّ
كان جاهًل ومثله يجهل ذلك لحداثة عهده بالسلم ،
أو لنّه نشأ بباديةٍ بعيدةٍ عن المصار ،أو نحو ذلك ،
فإنّه يعّرف وجوبها ول يحكم بكفره لنّه معذور ،
ما ناشئًا ببلد السلم بين أهل العلم وإن كان مسل ً
فيحكم بكفره ،ويكون مرتدًّا ،وتجري عليه أحكام
ضرورة . ما من الدّين بال ّ المرتد ّ ،لكونه أنكر معلو ً
من تجب في ماله الّزكاة :
ن البالغ العاقل المسلم - 10اتّفق الفقهاء على أ ّ
ة ،رجًل كان أو امرأةً الحّر العالم بكون الّزكاة فريض ً
تجب في ماله الّزكاة إذا بلغ نصابًا ،وكان متمكّنًا
شروط في المال . مت ال ّ من أداء الّزكاة ،وت ّ
واختلفوا فيما عدا ذلك كما يلي :
صغير والمجنون : أ -الّزكاة في مال ال ّ
ن
شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 11ذهب المالكيّة وال ّ
صغير والمجنون ذكًرا ل من ال ّ الّزكاة تجب في مال ك ٍّ
ي
كان أو أنثى ،وهو مرويّ عن عمر ،وابنه ،وعل ٍ ّ
وابنه الحسن ،وعائشة ،وجابرٍ ،وبه قال ابن
د
سيرين ومجاهد ،وربيعة ،وابن عيينة ،وأبو عبي ٍ
152
ي صلى الله عليه وغيرهم .واستدلّوا بقول النّب ّ
ما له مال فليتّجر فيه ،ول وسلم { :أل من ولي يتي ً
صدقة الّزكاة صدقة } والمراد بال ّ يتركه حتّى تأكله ال ّ
ن اليتيم ل يخرج من ماله صدقة المفروضة ; ل ّ
ي أن يتبّرع من مال اليتيم تطوٍّع ،إذ ليس للول ّ
ن الّزكاة تراد لثواب المزكّي ومواساة بشيءٍ ; ول ّ
ي والمجنون من أهل الثّواب وأهل صب ّ الفقير ،وال ّ
ق
ن الّزكاة ح ّ شيرازيّ ،وبأ ّ المواساة على ما قال ال ّ
يتعلّق بالمال ،فأشبه نفقة القارب وأروش
الجنايات وقيم المتلفات .وقال الدّردير :إنّما وجبت
في مالهما لنّها من باب خطاب الوضع .ويتولّى
ي يقوم ن الول ّ ي إخراج الّزكاة من مالهما ; ل ّ الول ّ
مقامهما في أداء ما عليهما من الحقوق ،كنفقة
ي أن ينوي أنّها زكاة ،فإن لم القريب ،وعلى الول ّ
ي بعد البلوغ ، صب ّ ي وجب على ال ّ يخرجها الول ّ
والمجنون بعد الفاقة ،إخراج زكاة ما مضى .وروي
ي أنّهم قالوا : وري والوزاع ّ ّ عن ابن مسعود ٍ والث ّ
ي ،أو يفيق صب ّتجب الّزكاة ،ول تخرج حتّى يبلغ ال ّ
ي ليس له ولية الداء ،قال ن الول ّ المجنون ،وذلك أ ّ
ابن مسعود ٍ :احص ما يجب في مال اليتيم من
الّزكاة ،فإذا بلغ فأعلمه ،فإن شاء زكّى وإن شاء
ي بعدئذٍ إن لم يز ّ
ك ك ،أي ل إثم على الول ّ لم يز ّ
ن أمواله الظّاهرة ي .وذهب ابن شبرمة إلى أ ّ صب ّال ّ
ما الباطنة فل .وقال من نعم ٍ وزرٍع وثمرٍ يزكّى ،وأ ّ
سعيد بن المسيّب :ل يزكّي حتّى يصلّي ويصوم ،
ي ،وسعيد بن جبيرٍ والحسن ل ،والنّخع ّ وقال أبو وائ ٍ
ي ،وذهب أبو حنيفة صب ّ البصريّ :ل زكاة في مال ال ّ
ن الّزكاة لس إلى أ ّ ي وابن عبّا ٍ وهو مرويّ عن عل ٍ ّ
صغير والمجنون ،إل ّ أنّه يجب تجب في مال ال ّ
153
العشر في زروعهما وثمارهما ،وزكاة الفطر عنهما
ي صلى الله عليه ل لهذا القول بقول النّب ّ .واستد ّ
وسلم { :رفع القلم عن ثلثةٍ :عن المجنون
المغلوب على عقله حتّى يفيق ،وعن النّائم حتّى
ي حتّى يحتلم } .ولنّها عبادة ، صب ّ يستيقظ ،وعن ال ّ
فل تتأدّى إل ّ بالختيار تحقيًقا لمعنى البتلء ،ول
سا على ي والمجنون لعدم العقل ،وقيا ً صب ّ
اختيار لل ّ
ي لنّه ليس من أهل العبادة ، م ّعدم وجوبها على الذ ّ ّ
وإنّما وجب العشر فيما يخرج من أرضهما لنّه في
ما
معنى مؤنة الرض ،ومعنى العبادة فيه تابع .وم ّ
ث أو غيره ،ذكر يتّصل بهذا زكاة مال الجنين من إر ٍ
شافعيّة طريقين والمذهب أنّها ل فيه النّوويّ عند ال ّ
ن الجنين ل تجب ،قال :وبذلك قطع الجمهور ; ل ّ
يتيّقن حياته ول يوثق بها ،فل يحصل تمام الملك
واستقراره ،قال :فعلى هذا يبتدئ حول ماله من
حين ينفصل .
ب -الّزكاة في مال الكافر :
ي اتّفاقًا ،
- 12ل تجب الّزكاة في مال الكافر الصل ّ
ميًّا ; لنّه حقّ لم يلتزمه ; ولنّها حربيًّا كان أو ذ ّ
وجبت طهرة ً للمزكّي ،والكافر ل طهرة له ما دام
على كفره .وأخذ عمر رضي الله عنه الّزكاة
ة من نصارى بني تغلب عندما رفضوا دفع مضاعف ً
الجزية ورضوا بدفع الّزكاة .وقد ذهب الجمهور إلى
ن ما يؤخذ منهم يصرف في مصارف الفيء ; لنّه أ ّ
مد بن الحسن إلى أنّه في حقيقته جزية ،وذهب مح ّ
يصرف في مصارف الّزكاة وهو قول أبي الخطّاب
ما المرتد ّ ،فما وجب عليه من الّزكاة من الحنابلة .أ ّ
في إسلمه ،وذلك إذا ارتد ّ بعد تمام الحول على
شافعيّة والحنابلة ،لنّه النّصاب ل يسقط في قول ال ّ
154
ل فل يسقط بالّردّة كالدّين ،فيأخذه المام ق ما ٍ ح ّ
من ماله كما يأخذ الّزكاة من المسلم الممتنع ،فإن
أسلم بعد ذلك لم يلزمه أداؤها .وذهب الحنفيّة إلى
أنّه تسقط بالّردّة الّزكاة الّتي وجبت في مال المرتدّ
ن من شرطها النّيّة عند الداء ،ونيّته قبل الّردّة ،ل ّ
ة ،فتسقط بالّردّة العبادة وهو كافر غير معتبر ٍ
صلة ،حتّى ما كان منها زكاة الخارج من الرض كال ّ
ما إذا ارتد ّ قبل تمام الحول على النّصاب فل .وأ ّ
يثبت الوجوب عند الجمهور من الحنفيّة ،والحنابلة ،
نشافعيّة أ ّ ح عند ال ّ شافعيّة .والص ّ وهو قول عند ال ّ
ملكه لماله موقوف فإن عاد إلى السلم تبيّن بقاء
ملكه وتجب فيه الّزكاة وإل ّ فل .
ج -من لم يعلم بفرضيّة الّزكاة :
شافعيّة ،والحنابلة ،وابن - 13ذهب المالكيّة ،وال ّ
ن العلم بكون المنذر ،وزفر من الحنفيّة إلى أ ّ
ة ليس شرطًا لوجوبها ،فتجب الّزكاة الّزكاة مفروض ً
ي إذا أسلم في دار الحرب وله سوائم على الحرب ّ
شريعة السلميّة ، ومكث هناك سنين ول علم له بال ّ
ويخاطب بأدائها إذا خرج إلى دار السلم .وذهب
ن العلم بكون الّزكاة أبو حنيفة وصاحباه إلى أ ّ
ة شرط لوجوب الّزكاة فل تجب الّزكاة على فريض ً
صورة المذكورة . ي في ال ّ الحرب ّ
د -من لم يتمكّن من الداء :
ن التّمكّن من ي إلى أ ّ شافع ّ - 14ذهب مالك وال ّ
م
الداء شرط لوجوب أداء الّزكاة ،فلو حال الحول ث ّ
تلف المال قبل أن يتمكّن صاحبه من الداء فل زكاة
ن المالك لو أتلف عليه ،حتّى لقد قال مالك :إ ّ
المال بعد الحول قبل إمكان الداء فل زكاة عليه إذا
ن
ج لهذا القول بأ ّ لم يقصد الفرار من الّزكاة .واحت ّ
155
صلة الّزكاة عبادة فيشترط لوجوبها إمكان أدائها كال ّ
ن التّمكّنصوم .وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ وال ّ
من الداء ليس شرطًا لوجوبها ،لمفهوم قول النّب ّ
ي
ل حتّىصلى الله عليه وسلم { :ل زكاة في ما ٍ
يحول عليه الحول } .فمفهومه وجوبها عليه إذا
ن الّزكاة عبادة ماليّة ،فيثبت حال الحول ،ول ّ
مة مع عدم إمكان الداء ،كثبوت وجوبها في الذ ّ ّ
مة المفلس الدّيون في ذ ّ
م ( أموال بيت المال ) : الّزكاة في المال العا ّ
ن مال الفيء ،وخمس ص الحنابلة على أ ّ 14م -ن ّ
ما يرجع إلى ل ما هو تحت يد المام م ّ الغنيمة ،وك ّ
صرف في مصالح المسلمين ل زكاة فيه .ولم ال ّ
ضا لهذه المسألة مع مراعاتها نجد لدى غيرهم تعّر ً
ما ول عمًل أخذ الّزكاة في التّطبيق ،إذ لم يعهد عل ً
مة . من الموال العا ّ
الّزكاة في الموال المشتركة والموال المختلفة
والموال المتفّرقة :
شخص المسلم - 15الّذي يكلّف بالّزكاة هو ال ّ
بالنّسبة لماله ،فإن كان ما يملكه نصابًا وحال عليه
شروط ففيه الّزكاة ،فإن كان المال مت ال ّ الحول وت ّ
ة بينه وبين غيره ،وكان المال نصابًا فأكثر فل شرك ً
شركاء عند الجمهور ،وهو قول زكاة على أحد ٍ من ال ّ
شافعيّة حتّى يكون نصيبه نصابًا ،ول يستثنى عند ال ّ
من ذلك عند الحنفيّة شيء ،ويستثنى عند الجمهور
سائمة المشتركة فإنّها تعامل شافعيّة ال ّ ومنهم ال ّ
ل واحد ٍ في القدر الواجب وفي معاملة مال رج ٍ
سائمة المختلطة النّصاب عند غير المالكيّة ،وكذا ال ّ
ل من الخليطين فيها لكنّها -أي الّتي يتميّز حقّ ك ٍّ
تشترك في المرعى ونحوه من المرافق -وذهب
156
ن المال المشترك شافعيّة على الظهر إلى أ ّ ال ّ
ل واحدٍ في والمال المختلط يعامل معاملة مال رج ٍ
النّصاب والقدر الواجب ،وهو رواية أخرى عند
ري
ل والج ّ ّ جح العمل بها بعضهم كابن عقي ٍ الحنابلة ر ّ
ي صلى الله عليه وسلم : جوا بعموم قول النّب ّ .واحت ّ
ق خشية { ل يفّرق بين مجتمٍع ول يجمع بين متفّر ٍ
صدقة } .ولمعرفة تفصيل القول في ذلك ال ّ
والخلف فيه ينظر مصطلح ( خلطة ) .هذا إذا كان
ما إن كان مال الّرجل مفّرقًا المال في بلد ٍ واحد ٍ ،أ ّ
بين بلدين أو أكثر ،فإن كان من غير المواشي فل
ل واحدٍ .وإن كان من أثر لتفّرقه ،بل يزكّى زكاة ما ٍ
المواشي وكان بين البلدين مسافة قصرٍ فأكثر
جحها فكذلك عند الجمهور ،وهو رواية عن أحمد ر ّ
ل
ل ما ٍ نك ّ صاحب المغني .والمعتمد عند الحنابلة أ ّ
ما سواه ،فإن كان كل المالين منها يزكّى منفردًا ع ّ
نصابًا زكّاهما كنصابين ،وإن كان أحدهما نصابًا
م نصابًا دون الخر . ب زكّى ما ت ّ ل من نصا ٍ والخر أق ّ
قال ابن المنذر :ل أعلم هذا القول عن غير أحمد .
ما أثّر اجتماع مال ج من ذهب إلى هذا بأنّه ل ّ واحت ّ
الجماعة حال الخلطة في مرافق الملك ومقاصده
ل واحدٍ وجب تأثير م الوجوه حتّى جعله كما ٍ على أت ّ
الفتراق الفاحش في المال الواحد حتّى يجعله
ي صلى الله عليه ج أحمد بقول النّب ّ كمالين .واحت ّ
ل
ل ما ٍنك ّ ق } ول ّ وسلم { :ول يجمع بين متفّر ٍ
تخرج زكاته ببلده .
شروط المال الّذي تجب فيه الّزكاة :
- 16يشترط في المال الّذي تجب فيه الّزكاة من
حيث الجملة شروط :
ن. - 1كونه مملوكًا لمعي ّ ٍ
157
ة ( أي كونه مملوكًا رقب ً
ة - 2وكون مملوكيّته مطلق ً
ويدًا ) .
- 3وكونه ناميًا .
- 4وأن يكون زائدًا على الحاجات الصليّة .
-5حولن الحول .
ل نوٍع من المال -6وبلوغه نصابًا ،والنّصاب في ك ّ
بحسبه .
-7وأن يسلم من وجود المانع ،والمانع أن يكون
على المالك دين ينقص النّصاب .
ن :فل شرط الوّل :كون المال مملوكًا لمعي ّ ٍ - 17ال ّ
زكاة فيما ليس له مالك معيّن ،ومن هنا ذهب
ن الّزكاة ل تجب في سوائم الوقف ، الحنفيّة إلى أ ّ
ن في والخيل المسبّلة ; لنّها غير مملوكةٍ .قالوا :ل ّ
الّزكاة تمليكًا ،والتّمليك في غير الملك ل يتصوّر ،
قالوا :ول تجب الّزكاة في ما استولى عليه العدوّ ،
وأحرزوه بدارهم ; لنّهم ملكوه بالحراز ،فزال ملك
المسلم عنه .وقال المالكيّة :ل زكاة في الموصى
به لغير معيّنين .وتجب في الموقوف ولو على غير
ن الوقف عندهم ل ن كمساجد ،أو بني تميم ٍ ; ل ّ معي ّ ٍ
سلف يخرجه عن ملك الواقف ،فلو وقف نقودًا لل ّ
يزكّيها الواقف أو المتولّي عليها منها كلّما مّر عليها
حول من يوم ملكها ،أو زكّاها إن كانت نصابًا ،وهذا
إن لم يتسلّفها أحد ،فإن تسلّفها أحد زكّيت بعد
شافعيّة والحنابلة صل ال ّقبضها منه لعام ٍ واحد ٍ .وف ّ
ن ،كالفقراء ، فقالوا :إذا كان الوقف على غير معي ّ ٍ
ط ونحوه أو كان على مسجد ٍ ،أو مدرسةٍ ،أو ربا ٍ
ما ل يتعيّن له مالك ل زكاة فيه .وكذا النّقد م ّ
الموصى به في وجوه البّر ،أو ليشترى به وقف
ن فإنّه يملكه ن ،بخلف الموقوف على معي ّ ٍ لغير معي ّ ٍ
158
فتجب فيه الّزكاة عند الحنابلة ،وهو قول عند
ن ملكه ينتقل شافعيّة ،وقيل عندهم :ل تجب ; ل ّ ال ّ
إلى اللّه تعالى ل إلى الموقوف عليه .
ة: شرط الثّاني :أن يكون ملكيّة المال مطلق ً - 18ال ّ
م: وهذه عبارة الحنفيّة ،وعبّر غيرهم بالملك التّا ّ
وهو ما كان في يد مالكه ينتفع به ويتصّرف فيه .
والملك النّاقص يكون في أنواٍع من المال معيّنةٍ ،
منها :
قادر على ٍ ل مالكه غير ضمار :وهو ك ّ
ل ما ٍ - 1مال ال ّ
النتفاع به لكون يده ليست عليه ،فمذهب أبي
حنيفة ،وصاحبيه ،وهو مقابل الظهر عند
شافعيّة ،ورواية عند الحنابلة أنّه ل زكاة عليه ال ّ
ل ،والمال المفقود ،والمال ضا ّفيه ،كالبعير ال ّ
سلطان ساقط في البحر ،والمال الّذي أخذه ال ّ ال ّ
مصادرة ً ،والدّين المجحود إذا لم يكن للمالك بيّنة ،
والمال المغصوب الّذي ل يقدر صاحبه على أخذه ،
والمسروق الّذي ل يدري من سرقه ،والمال
صحراء إذا خفي على المالك مكانه ، المدفون في ال ّ
فإن كان مدفونًا في البيت تجب فيه الّزكاة عند
جوا بما الحنفيّة ،أي لنّه في مكان محدودٍ .واحت ّ
ي رضي الله عنه أنّه قال :ليس في روي عن عل ٍ ّ
ن المال إذا لم يكن النتفاع به ضمار زكاة ول ّ مال ال ّ
والتّصّرف فيه مقدوًرا ل يكون المالك به غنيًّا .قالوا
سبيل ( أي المسافر عن وطنه ) :وهذا بخلف ابن ال ّ
ن مالكه يقدر على ن الّزكاة تجب في ماله ; ل ّ فإ ّ
النتفاع به ،وكذا الدّين المقّر به إذا كان على مليءٍ
ضائع ونحوه ن المال ال ّ .وذهب مالك إلى أ ّ
ل صاحبه عنه أو كان كالمدفون في صحراء إذا ض ّ
ل ل يحاط به ،فإنّه يزكّى لعام ٍ واحدٍ إذا وجده بمح ٍّ
159
شافعيّة صاحبه ولو بقي غائبًا عنه سنين .وذهب ال ّ
ن الّزكاةفي الظهر وهو رواية عند الحنابلة إلى أ ّ
ضائع ولكن ل يجب دفعها حتّى تجب في المال ال ّ
سنوات يعود المال .فإن عاد يخرجها صاحبه عن ال ّ
سبب الملك ،وهو ثابت .قالوا ن ال ّالماضية كلّها ; ل ّ
:لكن لو تلف المال ،أو ذهب ولم يعد سقطت
الّزكاة .وكذا عندهم المال الّذي ل يقدر عليه
صاحبه لنقطاع خبره ،أو انقطاع الطّريق إليه .
والمال الموروث صّرح المالكيّة بأنّه ل زكاة فيه إلّ
بعد قبضه ،يستقبل به الوارث حوًل ،ولو كان قد
أقام سنين ،وسواء علم الوارث به أو لم يعلم .
الّزكاة في مال السير ،والمسجون ونحوه :
- 19من كان مأسوًرا أو مسجونًا قد حيل بينه وبين
ن
التّصّرف في ماله والنتفاع به ،ذكر ابن قدامة أ ّ
ذلك ل يمنع وجوب الّزكاة عليه ; لنّه لو تصّرف في
ماله ببيٍع وهبةٍ ونحوهما نفذ ،وكذا لو وكّل في ماله
ن كون الّرجل ما عند المالكيّة فإ ّ نفذت الوكالة .أ ّ
مفقودًا أو أسيًرا يسقط الّزكاة في حّقه من أمواله
الباطنة ،لنّه بذلك يكون مغلوبًا على عدم التّنمية
ضائع ،ولذا يزكّيها إذافيكون ماله حينئذ ٍ كالمال ال ّ
ضائعة .وفي قول أطلق لسنةٍ واحدةٍ كالموال ال ّ
ي :ل زكاة عليه فيها أصًل .وفي الجهوريّ والّزرقان ّ
ي :ل تسقط الّزكاة عن السير قول البنان ّ
ل عام ٍ ،لكن ل والمفقود ،بل تجب الّزكاة عليهما ك ّ
يجب الخراج من مالهما بل يتوقّف مخافة حدوث
ما المال الظّاهر فقد اتّفقت كلمة المالكيّة الموت .أ ّ
ن الفقد والسر ل يسقطان زكاته ; لنّها محمولن أ ّ
على الحياة ،ويجوز أخذ الّزكاة من مالهما الظّاهر
ن نيّة المخرج تقوم وتجزئ ،ول يضّر عدم النّيّة ; ل ّ
160
ضا لهذه مقام نيّته .ولم نجد لغير من ذكر تعّر ً
المسألة .
زكاة الدّين :
- 20الدّين مملوك للدّائن ،ولكنّه لكونه ليس تحت
يد صاحبه فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء :فذهب
س
ابن عمر ،وعائشة ،وعكرمة مولى ابن عبّا ٍ
رضي الله عنهم ،إلى أنّه ل زكاة في الدّين ،ووجهه
أنّه غير نام ٍ ،فلم تجب زكاته ،كعروض القنيّة
( وهي العروض الّتي تقتنى لجل النتفاع
ن الدّين ي ) .وذهب جمهور العلماء إلى أ ّ شخص ّ ال ّ
ل مرجوّ الداء ،ودين حا ّ
ل ل قسمان :دين حا ّ الحا ّ
ل المرجوّ الداء : غير مرجوّ الداء - 21 .فالدّين الحا ّ
ل له ،وفيه أقوال : هو ما كان على مقّرٍ به باذ ٍ
نفمذهب الحنفيّة ،والحنابلة ،وهو قول الثّوريّ :أ ّ
ل عام ٍ لنّه مال مملوك له زكاته تجب على صاحبه ك ّ
،إل ّ أنّه ل يجب عليه إخراج الّزكاة منه ما لم يقبضه
سنين .ووجه ل ما مضى من ال ّ ،فإذا قبضه زكّاه لك ّ
مة فلم يلزمه هذا القول :أنّه دين ثابت في الذ ّ ّ
الخراج قبل قبضه ; ولنّه ل ينتفع به في الحال ،
ل ل ينتفع به . وليس من المواساة أن يخرج زكاة ما ٍ
ن الوديعة الّتي يقدر صاحبها أن يأخذها في على أ ّ
ت ليست من هذا النّوع ،بل يجب إخراج أيّ وق ٍ
ي في الظهر ، شافع ّ زكاتها عند الحول .ومذهب ال ّ
ماد بن أبي سليمان ،وإسحاق ،وأبي عبيد ٍ أنّه وح ّ
يجب إخراج زكاة الدّين المرجوّ الداء في نهاية ك ّ
ل
ل ،كالمال الّذي هو بيده ،لنّه قادر على أخذه حو ٍ
والتّصّرف فيه .وجعل المالكيّة الدّين أنواعًا :فبعض
ل عام ٍ وهي دين التّاجر المدير عن الدّيون يزكّى ك ّ
ل من ة باعها ،وبعضها يزكّى لحو ٍ ثمن بضاعةٍ تجاري ّ ٍ
161
ة عند قبضه ولو أقام عند المدين أصله لسنةٍ واحد ٍ
سنين ،وهو ما أقرضه لغيره من نقدٍ ،وكذا ثمن
بضاعةٍ باعها محتكر ،وبعض الدّيون ل زكاة فيه ،
وهو ما لم يقبض من نحو هبةٍ أو مهرٍ أو عوض جنايةٍ
ما الدّين غير المرجوّ الداء ،فهو ما كان - 22 .وأ ّ
ل ،وفيه مذاهب : على معسرٍ أو جاحد ٍ أو مماط ٍ
فمذهب الحنفيّة فيه كما تقدّم ،وهو قول قتادة
ثور ،ورواية عن أحمد ،وقول ٍ وإسحاق ،وأبي
ي :أنّه ل زكاة فيه لعدم تمام شافع ّ مقابل للظهر لل ّ
مقدور على النتفاع به .والقول ٍ الملك ; لنّه غير
الثّاني وهو قول الثّوريّ ،وأبي عبيد ٍ ورواية عن
ي هو الظهر :أنّه يزكّيه إذا شافع ّ أحمد ،وقول لل ّ
ي
سنين ،لما روي عن عل ٍ ّ قبضه لما مضى من ال ّ
رضي الله عنه في الدّين المظنون " إن كان صادقًا
فليزكّه إذا قبضه لما مضى .وذهب مالك إلى أنّه إن
ما فيه الّزكاة يزكّيه إذا قبضه لعام ٍ واحدٍ وإن كان م ّ
ما .وهو قول عمر بن عبد أقام عند المدين أعوا ً
ي .واستثنى العزيز ،والحسن واللّيث ،والوزاع ّ
ة فل زكاة شافعيّة والحنابلة ما كان من الدّين ماشي ً ال ّ
سوم ، ن شرط الّزكاة في الماشية عندهم ال ّ فيه ; ل ّ
جل : سوم .الدّين المؤ ّ مة ل يتّصف بال ّ وما في الذ ّ ّ
شافعيّة : - 23ذهب الحنابلة وهو الظهر من قولي ال ّ
جل بمنزلة الدّين على المعسر ; ن الدّين المؤ ّ إلى أ ّ
ن من قبضه في الحال فيجب ن صاحبه غير متمك ّ ٍ ل ّ
سابقة . سنوات ال ّ إخراج زكاته إذا قبضه عن جميع ال ّ
شافعيّة :أنّه يجب دفع زكاته ومقابل الظهر عند ال ّ
عند الحول ولو لم يقبضه .ولم نجد عند الحنفيّة
ل .أقسام الدّين جل والحا ّ والمالكيّة تفريًقا بين المؤ ّ
عند الحنفيّة :
162
ن الدّيون كلّها نوع واحد ، صاحبان إلى أ ّ - 24ذهب ال ّ
فكلّما قبض شيئًا منها زكّاه إن كان الدّين نصابًا أو
مه إلى ما عنده نصابًا .وذهب أبو حنيفة إلى بلغ بض ّ
ن الدّين ثلثة أقسام ٍ :الوّل :الدّين القويّ :وهو أ ّ
ي ،كقرض نقدٍ ،أو ثمن مال ل زكو ٍ ّ ما كان بدل ما ٍ
سائمةٍ ،أو عرض تجارةٍ .فهذا كلّما قبض شيئًا منه
زكّاه ولو قليًل ( مع ملحظة مذهبه في الوقص في
ضة ،فل زكاة في المقبوض من دين الذ ّهب والف ّ
ما ويكون فيها دراهم مثًل إل ّ إذا بلغت 40دره ً
ن أصله زكويّ فيبنى درهم ) وحوله حول أصله ; ل ّ
ة واحدة ً .الثّاني :الدّين على حول أصله رواي ً
ضعيف :وهو ما لم يكن ثمن مبيٍع ول بدًل لقرض ال ّ
نقد ٍ ،ومثاله المهر والدّية وبدل الكتابة والخلع ،فهذا
متى قبض منه شيئًا وكان عنده نصاب غيره قد
انعقد حوله يزكّيه معه كالمال المستفاد ،وإن لم
يكن عنده من غيره نصاب فإنّه ل تجب فيه الّزكاة
إل ّ إذا قبض منه نصابًا وحال عليه الحول عنده منذ
قبضه ; لنّه بقبضه أصبح ماًل زكويًّا .الثّالث :الدّين
ما ل تجب سط :وهو ما كان ثمن عرض قنيةٍ م ّ المتو ّ
فيه الّزكاة ،كثمن داره أو متاعه المستغرق بالحاجة
الصليّة .ففي روايةٍ ،يعتبر ماًل زكويًّا من حين باع
ما باعه فتثبت فيه الّزكاة لما مضى من الوقت ،ول
م ما يقبضه منه نصابًا ،وفي يجب الداء إل ّ بعد أن يت ّ
روايةٍ أخرى :ل يبتدئ حوله إل ّ من حين يقبض منه
نصابًا ،لنّه حينئذ ٍ أصبح زكويًّا ،فصار كالحادث
ابتداءً .
الجور المقبوضة سلًفا :
مد بن ي عن مح ّ - 25مذهب الحنابلة ،ونقله الكاسان ّ
شافعيّة : ي ،وهو قول عند ال ّ الفضل البخاريّ الحنف ّ
163
جلة لسنين إذا حال عليها الحول ن الجرة المع ّ إ ّ
جر زكاتها كلّها ،لنّه يملكها ملكًا تا ًّ
ما تجب على المؤ ّ
من حين العقد .بدليل جواز تصّرفه فيها ،وإن كان
ربّما يلحقه دين بعد الحول بالفسخ الطّارئ .وعند
ما إلّ جر فيما قبضه مقد ّ ً المالكيّة ل زكاة على المؤ ّ
بتمام ملكه ،فلو آجر نفسه ثلث سنين بستّين
ة ول جل ً ستّين مع ّ ل سنةٍ بعشرين ،وقبض ال ّ ديناًرا ،ك ّ
شيء له غيرها ،فإذا مّر على ذلك حول فل زكاة
سنة الولى لم ن العشرين الّتي هي أجرة ال ّ عليه ; ل ّ
يتحّقق ملكه لها إل ّ بانقضائها ; لنّها كانت عنده
بمثابة الوديعة ،فلم يملكها حوًل كامًل ،فإذا مّر
الحول الثّاني زكّى عشرين ،وإذا مّر الثّالث زكّى
أربعين إل ّ ما أنقصته الّزكاة ،فإذا مّر الّرابع زكّى
ل عند المالكيّة وهو الظهر الجميع .وفي قو ٍ
ن ما لم شافعيّة :ل تجب إل ّ زكاة ما استقّر ; ل ّ لل ّ
سقوط ،فتجب زكاة العشرين يستقّر معّرض لل ّ
ن الغيب كشف أنّه الولى بتمام الحول الوّل ،ل ّ
م الحول الثّاني فعليه ملكها من أوّل الحول .وإذا ت ّ
سنة زكاة عشرين لسنةٍ وهي الّتي زكّاها في آخر ال ّ
الولى ،وزكاة عشرين لسنتين ،وهي الّتي استقّر
عليها ملكه الن ،وهكذا .ولم نجد عند الحنفيّة
ضا لهذه المسألة . تعّر ً
زكاة الثّمن المقبوض عن بضائع لم يجر تسليمها :
- 26إذا اشترى ماًل بنصاب دراهم ،أو أسلم نصابًا
في شيءٍ فحال الحول قبل أن يقبض المشتري
ق لم يجر المبيع ،أو يقبض المسلّم فيه ،والعقد با ٍ
فسخه ،قال الحنابلة :زكاة الثّمن على البائع ; ل ّ
ن
م لو فسخ العقد لتلف المبيع ،أو ملكه ثابت فيه .ث ّ
تعذ ّر المسلّم فيه ،وجب رد ّ الثّمن كامًل .وصّرح
164
ن البضاعة شافعيّة بما هو قريب من ذلك وهو أ ّ ال ّ
المشتراة إذا حال عليها الحول من حين لزوم العقد
تجب زكاتها على المشتري وإن لم يقبضها .
شرط الثّالث :النّماء :ووجه اشتراطه على - 27ال ّ
ن المقصود من شرعيّة الّزكاة ما قال ابن الهمام ،أ ّ
بالضافة إلى البتلء مواساة الفقراء على وجهٍ ل
يصير به المزكّي فقيًرا ،بأن يعطي من فضل ماله
قليًل من كثيرٍ ،واليجاب في المال الّذي ل نماء له
سنين .قالوا : يؤدّي إلى خلف ذلك مع تكّرر ال ّ
سوائم بالدّّر والنّسل ،وفي والنّماء متحّقق في ال ّ
الموال المعدّة للتّجارة ،والرض الّزراعيّة
العشريّة ،وسائر الموال الّتي تجب فيها الّزكاة ،
ول يشترط تحّقق النّماء بالفعل بل تكفي القدرة
على الستنماء بكون المال في يده أو يد نائبه .
شرط خرجت الثّياب الّتي ل تراد لتجارةٍ وبهذا ال ّ
جا إليها أو ل ،وأثاث سواء كان صاحبها محتا ً
المنزل ،والحوانيت ،والعقارات ،والكتب لهلها أو
غير أهلها ،وخرجت النعام الّتي لم تعد ّ للدّّر
والنّسل ،بل كانت معدّة ً للحرث ،أو الّركوب ،أو
ضة ل يشترط فيهما النّماء اللّحم .والذ ّهب والف ّ
ة ،فتجب الّزكاة فيهما ، بالفعل ; لنّهما للنّماء خلق ً
نوى التّجارة أو لم ينو أصًل ،أو نوى النّفقة .قالوا :
وفقد النّماء سبب آخر في عدم وجوب الّزكاة في
ضمار بأنواعها المتقدّمة ; لنّه ل نماء إلّ أموال ال ّ
ضمار ل قدرة عليه . بالقدرة على التّصّرف ،ومال ال ّ
شرط يصّرح به الحنفيّة ،ويراعيه غيرهم في وهذا ال ّ
تعليلتهم دون تصريٍح به .
شرط الّرابع :الّزيادة على الحاجات الصليّة - 28ال ّ
شرط يذكره الحنفيّة .وبناءً عليه قالوا :ل :وهذا ال ّ
165
زكاة في كتب العلم المقتناة لهلها وغير أهلها ولو
سكنى وأثاث المنزل كانت تساوي نصبًا ،وكذا دار ال ّ
ن المشغول ب الّركوب ونحو ذلك .قالوا :ل ّ ودوا ّ
ك بما سره ابن مل ٍ بالحاجة الصليّة كالمعدوم ،وف ّ
يدفع عنه الهلك تحقيًقا كثيابه ،أو تقديًرا كدينه .
ك من هذا النّوع أن يكون لديه وقد جعل ابن مل ٍ
نصاب دراهم أمسكها بنيّة صرفها إلى الحاجة
الصليّة فل زكاة فيها إذا حال عليها الحول عنده ،
ن
لكن اعترضه ابن نجيم ٍ في البحر الّرائق ،بأ ّ
الّزكاة تجب في النّقد كيفما أمسكه للنّماء أو للنّفقة
،ونقله عن المعراج والبدائع .ولم يذكر أيّ من
ً
نشرط مستق ّل ،ولعلّه ; ل ّ أصحاب المذاهب هذا ال ّ
س معيّنةٍ من المال إذا شرع في أجنا ٍ الّزكاة أوجبها ال ّ
ل منها ،فإذا وجد ذلك ب كام ٍحال الحول على نصا ٍ
وجبت الّزكاة ،واستغناءً بشرط النّماء .والنّتيجة
واحدة .
شرط الخامس :الحول :المراد بالحول أن - 29ال ّ
ة ،فإن ة قمري ّ ً ة كامل ًم على المال بيد صاحبه سن ً يت ّ
م فل زكاة فيه ،إل ّ أن يكون بيده مال آخر بلغ لم تت ّ
م
ما يض ّ نصابًا قد انعقد حوله ،وكان المالن م ّ
ن الثّاني أحدهما إلى الخر ،فيرى بعض الفقهاء ،أ ّ
يزكّى مع الوّل عند تمام حول الوّل ،كما يأتي بيانه
ي صلى الله تفصيًل .ودليل اعتبار الحول قول النّب ّ
ل حتّى يحول عليه عليه وسلم { :ل زكاة في ما ٍ
الحول } .ويستثنى من اشتراط الحول في الموال
الّزكويّة الخارج من الرض من الغلل الّزراعيّة ،
والمعادن ،والّركاز ،فتجب الّزكاة في هذين
النّوعين ولو لم يحل الحول ،لقوله تعالى في
الّزروع { وآتوا حّقه يوم حصاده } ولنّها نماء
166
بنفسها فلم يشترط فيها الحول ،إذ أنّها تعود بعد
ذلك إلى النّقص ،بخلف ما يشترط فيه الحول فهو
مرصد للنّماء .وسيأتي تفصيل ذلك في النّوعين في
ن ما أرصد للنّماء اعتبر له موضعه .والحكمة في أ ّ
الحول ،ليكون إخراج الّزكاة من النّماء لنّه أيسر ;
ن الّزكاة إنّما وجبت مواساةً ،ولم يعتبر حقيقة ل ّ
ط ،فاعتبر النّماء ; لنّه ل ضابط له ،ول بد ّ من ضاب ٍ
الحول .
المال المستفاد أثناء الحول :
- 30إن لم يكن عند المكلّف مال فاستفاد ماًل
زكويًّا لم يبلغ نصابًا فل زكاة فيه ول ينعقد حوله ،
م
م عنده نصاب انعقد الحول من يوم ت ّ فإن ت ّ
النّصاب ،وتجب عليه زكاته إن بقي إلى تمام الحول
.وإن كان عنده نصاب ،وقبل أن يحول عليه الحول
م
ما يض ّ استفاد ماًل من جنس ذلك النّصاب أو م ّ
إليه ،فله ثلثة أقسام ٍ :الوّل :أن تكون الّزيادة من
سائمة ، نماء المال الوّل .كربح التّجارة ،ونتاج ال ّ
فهذا يزكّى مع الصل عند تمام الحول .قال ابن
قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا ،لنّه تبع للنّصاب من
جنسه ،فأشبه النّماء المتّصل .القسم الثّاني :أن
يكون المستفاد من غير جنس المال الّذي عنده ،
ة .فهذا ض ًكأن يكون ماله إبًل فيستفيد ذهبًا أو ف ّ
النّوع ل يزكّى عند حول الصل .بل ينعقد حوله يوم
استفادته إن كان نصابًا ،اتّفاقًا ،ما عدا قوًل شاذًّا
أنّه يزكّيه حين يستفيده .ولم يعّرج على هذا القول
مة الفتيا . أحد من العلماء ،ول قال به أحد من أئ ّ
القسم الثّالث :أن يستفيد ماًل من جنس نصا ٍ
ب
عنده قد انعقد حوله وليس المستفاد من نماء المال
الوّل .كأن يكون عنده عشرون مثقاًل ذهبًا ملكها
167
ل في أوّل م يستفيد ألف مثقا ٍ في أوّل المحّرم ،ث ّ
جة ،فقد اختلف العلماء في ذلك :فذهب ذي الح ّ
م إلى الوّل في شافعيّة والحنابلة ،إلى أنّه يض ّ ال ّ
النّصاب دون الحول ،فيزكّي الوّل عند حوله أي
في أوّل المحّرم في المثال المتقدّم ،ويزكّي الثّاني
ل من جة ولو كان أق ّ لحوله أي في أوّل ذي الح ّ
مه إلى الوّل نصابًا .واستدلّوا ب ،لنّه بلغ بض ّ نصا ٍ
ي صلى الله عليه وسلم { :ل زكاة بعموم قول النّب ّ
ل حتّى يحول عليه الحول } .وبقوله { :من في ما ٍ
استفاد ماًل فل زكاة عليه حتّى يحول عليه الحول
ل ما يأتي مك ّ عند ربّه } .وذهب الحنفيّة إلى أنّه يض ّ
في الحول إلى النّصاب الّذي عنده فيزكّيهما جميعًا
م إلى جنسه عند تمام حول الوّل ،قالوا :لنّه يض ّ
مه إليه في الحول كالنّصاب ، في النّصاب فوجب ض ّ
م في ن النّصاب سبب ،والحول شرط ،فإذا ض ّ ول ّ
مه إليه في الحول النّصاب الّذي هو سبب ،فض ّ
ل يستفاد ل ما ٍ ن إفراد ك ّالّذي هو شرط أولى ; ول ّ
سائمة ، ل يفضي إلى تشقيص الواجب في ال ّ بحو ٍ
واختلف أوقات الواجب ،والحاجة إلى ضبط
مواقيت التّملّك ،ووجوب القدر اليسير الّذي ل
يتمكّن من إخراجه ،وفي ذلك حرج ،وإنّما شرع
الحول للتّيسير ،وقد قال اللّه تعالى { وما جعل
سا على نتاج عليكم في الدّين من حرٍج } وقيا ً
سائمة وربح التّجارة .واستثنى أبو حنيفة ما كان ال ّ
م ،لئل ّ يؤدّي إلى الثّني . ل قد زكّي فل يض ّ ثمن ما ٍ
سائمة وذهب المالكيّة إلى التّفريق في ذلك بين ال ّ
سائمة كقول أبي حنيفة ، وبين النّقود ،فقالوا في ال ّ
ساعي ،فلو سائمة موكولة إلى ال ّ ن زكاة ال ّ قالوا :ل ّ
م لدّى ذلك إلى خروجه أكثر من مّرةٍ ، لم تض ّ
168
م ،فإنّها موكولة إلى أربابها . بخلف الثمان فل تض ّ
سادس :أن يبلغ المال نصابًا : شرط ال ّ ال ّ
- 31والنّصاب مقدار المال الّذي ل تجب الّزكاة في
ل منه ،وهو يختلف باختلف أجناس الموال أق ّ
الّزكويّة ،فنصاب البل خمس منها ،ونصاب البقر
ثلثون .ونصاب الغنم أربعون ،ونصاب الذ ّهب
ضة مائتا درهم ٍ ،ونصاب عشرون مثقاًل ،ونصاب الف ّ
ق .ونصاب عروض الّزروع والثّمار خمسة أوس ٍ
ضة .وفي بعض التّجارة مقدّر بنصاب الذ ّهب أو الف ّ
ما يلي ما تقدّم تفريعات وخلف ينظر في مواضعه م ّ
من هذا البحث .والحكمة في اشتراط النّصاب
ن الّزكاة وجبت مواساةً ،ومن كان واضحة ،وهي أ ّ
فقيًرا ل تجب عليه المواساة ،بل تجب على الغنياء
ن الّزكاة تؤخذ من الغنياء لترد ّ على إعانته ،فإ ّ
شرع النّصاب أدنى حد ّ الغنى ; الفقراء .وجعل ال ّ
ي إلى ن من ملكه فهو غن ّ ن الغالب في العادات أ ّ ل ّ
تمام سنته .
الوقت الّذي يعتبر وجود النّصاب فيه :
شافعيّة والحنابلة على المعتمد في - 32ذهب ال ّ
ن من شرط وجوب الّزكاة وجود المذهب ،إلى أ ّ
النّصاب في جميع الحول من أوّله إلى آخره ،فلو
نقص في بعضه ولو يسيًرا انقطع الحول فلم تجب
ة
الّزكاة في آخره .قالوا :فلو كان له أربعون شا ً
م ولدت واحدة انقطع فماتت في الحول واحدة ث ّ
الحول .فإن كان الموت والنّتاج في لحظةٍ واحدةٍ
لم ينقطع ،كما لو تقدّم النّتاج على الموت ،
ل حتّى يحول جوا بعموم حديث { ل زكاة في ما ٍ واحت ّ
ن المعتبر طرفا عليه الحول } .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
م النّصاب في أوّله وآخره وجبت الحول ،فإن ت ّ
169
الّزكاة ولو نقص المال عن النّصاب في أثنائه ،ما
ة ،فإن انعدم لم ينعقد الحول إلّ لم ينعدم المال كلّي ّ ً
عند تمام النّصاب ،وسواء انعدم لتلفه ،أو لخروجه
ً
عن أن يكون مح ّل للّزكاة ،كما لو كان له نصاب
ل عند ة .وفي قو ٍ سائمةٍ فجعلها في الحول علوف ً
ل إل ّ أنّه نقص ل كام ٍ الحنابلة :إذا وجد النّصاب لحو ٍ
صا يسيًرا كساعةٍ أو ساعتين وجبت الّزكاة .ولو نق ً
م
زال ملك المالك للنّصاب في الحول ببيٍع أو غيره ث ّ
عاد بشراءٍ أو غيره استأنف الحول لنقطاع الحول
ة ففي الوّل بما فعله ،لكن إن فعل ذلك حيل ً
انقطاع الحول خلف ينظر في ما سبق تحت عنوان
ن
( الحيل لسقاطها ) .وذهب المالكيّة إلى أ ّ
شرط أن يحول الحول على ملك النّصاب أو ملك ال ّ
أصله ،فالوّل كما لو كان يملك أربعين شاةً تمام
الحول ،والثّاني كما لو ملك عشرين شاةً من أوّل
مت بذلك أربعين قبل تمام الحول فحملت وولدت فت ّ
الحول ،فتجب الّزكاة في النّوعين عند حول الصل
ب فيشتري ضا ،أن يكون عنده دينار ذه ٍ .ومثاله أي ً
ة للتّجارة فيبيعها بعشرين ديناًرا قبل تمام به سلع ً
الحول ،ففيها الّزكاة عندما يحول الحول على ملكه
م به النّصاب هو م إلى أصله فيت ّ للدّينار ،والّذي يض ّ
سائمة وربح التّجارة ،بخلف المال المستفاد نتاج ال ّ
ق آخر كالعطيّة والميراث فإنّه يستقبل بها بطري ٍ
حولها
سابع :الفراغ من الدّين : شرط ال ّ .ال ّ
شرط معتبر من حيث الجملة عند - 33وهذا ال ّ
ي في قديم قوليه ، شافع ّجمهور الفقهاء ومنهم ال ّ
ن الدّين مانع من وجوب الّزكاة . وعبّر بعضهم بأ ّ
ما بيده فل زكاة فإن زاد الدّين الّذي على المالك ع ّ
170
عليه ،وكذا إن لم يبق بيده بعدما يسد ّ به دينه
ي صلى الله عليه جوا بقول النّب ّ نصاب فأكثر .واحت ّ
ل ألف درهم ٍ وعليه ألف وسلم { :إذا كان لرج ٍ
درهم ٍ فل زكاة عليه } .وقوله { :أمرت أن آخذ
صدقة من أغنيائكم فأردّها على فقرائكم } .ومن ال ّ
عليه ألف ومعه ألف فليس غنيًّا ،ولقول عثمان
رضي الله عنه :هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه
ك بقيّة ماله .ول يعتبر الدّين مانعًا دين فليؤدّه وليز ّ
ما إن مة قبل وجوب الّزكاة ،فأ ّ إل ّ إن استقّر في الذ ّ ّ
وجب بعد وجوب الّزكاة لم تسقط ; لنّها وجبت في
مته ،فل يسقطها ما لحقه من الدّين بعد ثبوتها . ذ ّ
ماد ،وربيعة إلى ي في الجديد ،وح ّ شافع ّ وذهب ال ّ
ن الحّر المسلم إذا ن الدّين ل يمنع الّزكاة أصًل ; ل ّ أ ّ
ملك نصابًا حوًل وجبت عليه الّزكاة فيه لطلق
الدلّة الموجبة للّزكاة في المال المملوك .
الموال الّتي يمنع الدّين زكاتها والّتي ل يمنع :
ما الموال الباطنة وهي النّقود وعروض - 34أ ّ
ن الدّين يمنع الّزكاة ن الجمهور القائلين بأ ّ التّجارة فإ ّ
ن الدّين يمنع الّزكاة فيها ،ولو كان من ذهبوا إلى أ ّ
ما الموال غير جنسها على ما صّرح به المالكيّة .وأ ّ
سائمة والحبوب والثّمار والمعادن الظّاهرة وهي ال ّ
ل
شافعيّة على قو ٍ فذهب الجمهور ( المالكيّة وال ّ
والحنابلة في الّرواية المعتمدة في المذهب ) إلى
ن الدّين ل يمنع وجوب الّزكاة فيها ،روي عن أحمد أ ّ
ن المصدّق إذا جاء فوجد إبًل أو بقًرا أو أنّه قال :ل ّ
ما لم يسأل :أيّ شيءٍ على صاحبها من الدّين ، غن ً
وليس المال -يعني الثمان -هكذا .والفرق بين
ن تعلّق الّزكاة بالظّاهرة الموال الظّاهرة والباطنة أ ّ
آكد ; لظهورها وتعلّق قلوب الفقراء بها ; ول ّ
ن
171
الحاجة إلى حفظها أوفر ،فتكون الّزكاة فيها آكد .
واستثنى الحنابلة على الّرواية المشهورة الدّين
الّذي استدانه المزكّي للنفاق على الّزرع والثّمر ،
فإنّه يسقطه لما روي عن ابن عمر :يخرج ما
استدان أو أنفق على ثمرته وأهله يزكّي ما بقي .
ن الدّين يمنع الّزكاة في وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ما ما وجب في سوائم ،أ ّ الموال الباطنة وفي ال ّ
الخارج من الرض فل يمنعه الدّين ،كما ل يمنع
ن العشر والخراج مؤنة الرض ، الخراج ،وذلك ل ّ
ولذا يجبان في الرض الموقوفة وأرض المكاتب
وإن لم تجب فيهما الّزكاة .وذهب الحنابلة في
ن الدّين يمنع الّزكاة في الموال روايةٍ إلى أ ّ
وري
ّ الظّاهرة والباطنة ،ونقله ابن قدامة عن الث ّ
ي.وإسحاق واللّيث والنّخع ّ
الدّيون الّتي تمنع وجوب الّزكاة :
ن الدّين الّذي يمنع وجوب - 35ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
الّزكاة هو ما كان له مطالب من جهة العباد سواء
كان دينًا للّه كزكاةٍ وخراٍج ،أو كان للعباد ،وسواء
ً ًّ
جل ّ المؤ زوجته صداق ولو ، ل ج
ّ مؤ أو ل كان حا
ب لزمته بقضاءٍ أو ة لزوجته ،أو لقري ٍ للفراق ،أو نفق ً
نض ،وكذا عندهم دين الكفالة ،قالوا :ل ّ ترا ٍ
الكفيل محتاج إلى ما بيده ليقضي عنه دفعًا
ما ما لم يكن له مطالب من للملزمة أو الحبس .أ ّ
جهة العباد فل يمنع وجوب الّزكاة ،قالوا :كدين
ج ،ومثلها الضحيّة ،وهدي النّذر والكّفارة والح ّ
المتعة ،ودين صدقة الفطر .وذهب المالكيّة إلى
ن زكاة المال الباطن يسقطها الدّين ولو كان دين أ ّ
ًّ
ة ،أو زكاة فطرٍ ،أو كان للعباد حال كان أو زكا ٍ
جًل ،أو كان مهر زوجةٍ أو نفقة زوجةٍ مطلًقا ،أو مؤ ّ
172
نفقة ولدٍ أو والد ٍ إن كان قد حكم بها القاضي .
واختلف قول المالكيّة في مثل دين الكّفارة والهدي
ي أنّه ل الواجب فاختار منها خليل وابن راشدٍ القفص ّ
يمنع وجوب الّزكاة لعدم المطالب من العباد ،
ن المام يطالب الممتنع ب أنّه يمنع ل ّ واختار ابن عتّا ٍ
بإخراج ما عليه من مثل هذه الدّيون .وذهب
ي مطلًقا يمنع وجوب ن دين الدم ّ الحنابلة إلى أ ّ
ل:ل ل :يمنع وفي قو ٍ ما دين اللّه ففي قو ٍ الّزكاة ،أ ّ
.
شروط إسقاط الّزكاة بالدّين :
ن الدّين يسقط الّزكاة في قدره من - 36القائلون بأ ّ
المال الّزكويّ ،اشترط أكثرهم أن ل يجد المزكّي
ماًل يقضي منه الدّين سوى ما وجبت فيه .فلو كان
له مال آخر فائض عن حاجاته الساسيّة ،فإنّه
زكوي
ّ يجعله في مقابلة الدّين ،لكي يسلم المال ال ّ
م قد قال المالكيّة والحنابلة :إنّه فيخرج زكاته .ث ّ
يعمل بذلك سواء كان ما يقضي منه من جنس
الدّين أو غير جنسه .فلو كان عليه دين مائتا درهمٍ
وعنده عروض قنيةٍ تساوي مائتي درهم ٍ فأكثر
وعنده مائتا درهم ٍ ،جعل العروض في مقابلة الدّين
ظ للفقراء .وكذا إن كان عليه دين وله مالن لنّه أح ّ
زكويّان ،لو جعل أحدهما في مقابل الدّين لم يكن
عليه زكاة ،ولو جعل الخر في مقابلة الدّين كان
عليه زكاة ،فإنّه يجعل في مقابلة الدّين ما هو أح ّ
ظ
درهم
ٍ للفقراء ،كمن عليه دين مائة درهم ٍ وله مائتا
وتسع من البل ،فإذا جعلنا في مقابلة الدّين الربعة
من البل الّزائدة عن النّصاب لكون الربعة تساوي
ة
المائة من الدّراهم أو أكثر منها وجب ذلك رعاي ً
ما معه من الدّراهم ظ الفقراء ،لنّنا لو جعلنا م ّ لح ّ
173
ة في مقابلة الدّين سقطت زكاة الدّراهم .وذكر مائ ً
ما يمكن أن يجعل في مقابلة الدّين ضا م ّالمالكيّة أي ً
ل المرجوّ ، فيمنع سقوط الّزكاة :الدّين الحا ّ
نوالموال الّزكويّة الخرى ولو جرت تزكيتها ،وأ ّ
العرض يقوّم وقت الوجوب ،وأخرجوا من ذلك نحو
جل أو ضائع ،والدّين المؤ ّ شارد ،والمال ال ّ البعير ال ّ
غير المرجوّ لعدم صلحيّة جعله في مقابلة الدّين
الّذي عليه .ومذهب الحنفيّة -ومثله حكي عن
اللّيث بن سعد ٍ على ما نقله صاحب المغني وهو
ن
رواية عن أحمد على ما ذكره صاحب الفروع -أ ّ
ي فائض زكوي ومال غير زكو ٍ ّ
ّ من كان عنده مال
عن حاجته الساسيّة وعليه دين فله أن يجعل في
مقابلة الدّين المال الّزكويّ ،ولو من غير جنسه ،
فإن بقي منه نصاب فأكثر زكّاه وإل ّ فل زكاة عليه ،
ن غير مال الّزكاة يستحقّ للحوائج ،ومال قالوا :ل ّ
صرف إليه أيسر ، الّزكاة فاضل عنها ،فكان ال ّ
وأنظر بأرباب الموال .قالوا :ولو كان له مالن
زكويّان من جنسين أو أكثر جاز له أن يجعل أيًّا
منهما أو بعضه في مقابلة الدّين والخيار له .فلو
كان عنده دراهم ودنانير وعروض تجارةٍ وسوائم
يصرف الدّين ليسرها قضاءً ،ولو كان عنده نصاب
ل وعليه شاة دينًا ،جاز جعلها في بقرٍ ونصاب إب ٍ
مقابلة شي ٍء من البقر لئل ّ يجب عليه التّبيع ; ل ّ
ن
شاة . التّبيع فوق ال ّ
زكاة المال الحرام :
ة أو - 37المال الحرام كالمأخوذ غضبًا أو سرق ً
رشوةً أو ربًا أو نحو ذلك ليس مملوكًا لمن هو بيده ،
ن الّزكاة تمليك ،وغير فل تجب عليه زكاته ; ل ّ
ن الّزكاة تطهّر المالك ل يكون منه تمليك ; ول ّ
174
المزكّي وتطهّر المال المزكّى لقوله تعالى { :خذ
ة تطهّرهم وتزكّيهم بها } وقال من أموالهم صدق ً
ي صلى الله عليه وسلم { :ل يقبل اللّه صدق ً
ة النّب ّ
ل } .والمال الحرام كلّه خبث ل يطهر ، من غلو ٍ
والواجب في المال الحرام ردّه إلى أصحابه إن
أمكن معرفتهم وإل ّ وجب إخراجه كلّه عن ملكه
على سبيل التّخلّص منه ل على سبيل التّصدّق به ،
وهذا متّفق عليه بين أصحاب المذاهب .قال
الحنفيّة :لو كان المال الخبيث نصابًا ل يلزم من هو
بيده الّزكاة ; لنّه يجب إخراجه كلّه فل يفيد إيجاب
صغير للدّردير من شرح ال ّ التّصدّق ببعضه .وفي ال ّ
المالكيّة :تجب الّزكاة على مالك النّصاب فل تجب
شافعيّة كما ب ومودٍع .وقال ال ّ ك كغاص ٍ على غير مال ٍ
ي وأقّره :إذا لم يكن في يده ووي عن الغزال ّ ّ نقله الن ّ
ج عليه ول زكاة ،ول إل ّ مال حرام محض فل ح ّ
تلزمه كّفارة ماليّة .وقال الحنابلة :التّصّرفات
الحكميّة للغاصب في المال المغصوب تحرم ول
صلةب وال ّ ح ،وذلك كالوضوء من ماءٍ مغصو ٍ تص ّ
ب ،وكإخراج ب أو في مكان مغصو ٍ ب مغصو ٍ بثو ٍ
ج منه ،والعقود الواردة زكاة المال المغصوب ،والح ّ
ن المال عليه كالبيع والجارة .وعلى القول بأ ّ
صور المغصوب يدخل في ملك الغاصب في بعض ال ّ
كأن اختلط بماله ولم يتميّز فإنّه يكون بالنّسبة
ما كان الدّين يمنع للغاصب ماًل زكويًّا ،إل ّ أنّه ل ّ
ن ذلك الّزكاة ،والغاصب مدين بمثله أو قيمته ،فإ ّ
يمنع الّزكاة فيه .قال ابن عابدين :من ملك أمواًل
غير طيّبةٍ أو غصب أمواًل وخلطها ،ملكها بالخلط
ويصير ضامنًا ،وإن لم يكن له سواها نصاب فل
زكاة عليه فيها وإن بلغت نصابًا لنّه مديون وأموال
175
المدين ل تنعقد سببًا لوجوب الّزكاة عند الحنفيّة ،
فوجوب الّزكاة مقيّد بما إذا كان له نصاب سواها ،
ن الّزكاة حينئذ ٍ إنّما تجب فيما زاد عليها ول يخفى أ ّ
ن المال المغصوب الّذي ل يقدر صاحبه مإ ّل فيها .ث ّ
على أخذه ل زكاة عليه فيه ،ومتى قدر صاحبه عليه
سنين لنّهفقيل :ليس عليه زكاة لما مضى من ال ّ
كان محجوًزا عنه ولم يكن قادًرا على استنمائه
صا ،وقيل :عليه زكاته لما ( تنميته ) فكان ملكه ناق ً
شافعيّة في الجديد .وقال مضى ،وهذا مذهب ال ّ
الحنابلة :يخرج زكاته ويعود بها على الغاصب ،
وليس ذلك عند الحنابلة من باب تزكية الغاصب
للمال الحرام ،وإنّما ذلك لنّه نقص حصل في المال
وهو بيد الغاصب أشبه ما لو تلف بعضه .
القسم الثّاني الصناف الّتي تجب فيها الّزكاة
ل منها أوًّل :زكاة وأنصبتها ومقادير الّزكاة في ك ٍّ
الحيوان :
ن البل والبقر والغنم هي - 38أجمع الفقهاء على أ ّ
من الصناف الّتي تجب فيها الّزكاة ،واستدلّوا لذلك
بأحاديث كثيرةٍ ،منها حديث أبي هريرة المتقدّم في
ي للّزكاة ،وفي الخيل خلف ، مسألة الحكم التّكليف ّ
ما البغال والحمير وغيرها من أصناف الحيوان وأ ّ
فليس فيها زكاة ما لم تكن للتّجارة .
شروط وجوب الّزكاة في الحيوان :يشترط في
الماشية لوجوب الّزكاة فيها تمام الحول ،وكونها
شروط المتقدّم نصابًا فأكثر ،بالضافة إلى سائر ال ّ
ة على التّفصيل م ً
بيانها لوجوب الّزكاة في الموال عا ّ
المتقدّم .ويشترط هنا شرطان آخران :
سوم :ومعناه أن يكون غذاؤها على - 39الوّل :ال ّ
ة لم تجب الّرعي من نبات البّر ،فلو كانت معلوف ً
176
ن
شافعيّة والحنابلة ; ل ّ فيها الّزكاة عند الحنفيّة وال ّ
في المعلوفة تتراكم المئونة ،فينعدم النّماء من
حيث المعنى ،واستدلّوا لذلك بما في حديث بهز بن
ل سائمة حكيم ٍ عن أبيه عن جدّه مرفوع ًا { :في ك ّ
ن } .وحديث { :في ل أربعين بنت لبو ٍ ل في ك ّ إب ٍ
ل بمفهومه سائمة شاة } .فد ّ س من البل ال ّ ل خم ٍ ك ّ
م اختلف القائلون ن المعلوفة ل زكاة فيها .ث ّ على أ ّ
سائمة هي ن ال ّ بهذا ،فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ
الّتي تكتفي بالّرعي في أكثر الحول ،فلو علفها
ة ولم تجب صاحبها نصف الحول أو أكثر كانت معلوف ً
سوائم ن أصحاب ال ّ ن القليل تابع للكثير ; ول ّ زكاتها ل ّ
ل يجدون بدًّا من أن يعلفوا سوائمهم في بعض
شافعيّة على الوقات كأيّام البرد والثّلج .وذهب ال ّ
ن الّتي تجب فيها الّزكاة هي الّتي ترعى ح إلى أ ّ الص ّ
ل الحول ،وكذا إن علفت قدًرا قليًل تعيش بدونه ك ّ
ن تجب فيها الّزكاة ،فإن علفت أكثر من ضرر بي ّ ٍ
ٍ بل
ن الّزكاة ذلك فل زكاة فيها .وذهب المالكيّة إلى أ ّ
سائمة سائمة كوجوبها في ال ّ تجب في النعام غير ال ّ
ل الحول .قالوا :والتّقييد ةك ّ حتّى لو كانت معلوف ً
سوم هو الغالب على ن ال ّ سائمة ل ّ في الحديث بال ّ
ي لبيان الواقع ل مواشي العرب ،فهو قيد اتّفاق ّ
مفهوم له .نظيره قوله تعالى { :وربائبكم الّلتي
في حجوركم } فإنّها تحرم ولو لم تكن في الحجر .
ة ،فالبل شرط الثّاني :أن ل تكون عامل ً - 40ال ّ
المعدّة للحمل والّركوب ،والنّواضح ،وبقر الحرث
ة .هذا مذهب سقي ل زكاة فيها ولو كانت سائم ً وال ّ
ح ومذهب شافعيّة في الص ّ الحنفيّة ،وهو قول ال ّ
الحنابلة ،واستدلّوا بحديث { :ليس في العوامل
والحوامل والبقر المثيرة شيء } .والحوامل هي
177
المعدّة لحمل الثقال ،والبقر المثيرة هي بقر
الحرث الّتي تثير الرض ،ولحديث { :ليس في
البقر العوامل شيء } .وذهب المالكيّة وهو قول
ن العمل ل يمنع الّزكاة في شافعيّة :إلى أ ّ آخر لل ّ
ي صلى الله عليه وسلم : الماشية لعموم قول النّب ّ
ن استعمال ل خمس ذود ٍ شاة } .ول ّ { في ك ّ
ق ومنفعةٍ تحصل للمالك فل سائمة زيادة رف ٍ ال ّ
يقتضي ذلك منع الّزكاة ،بل تأكيد إيجابها - 41 .
ساعي إن كان هناك ساٍع ، شرط الثّالث :بلوغ ال ّ ال ّ
شرط بل فإن لم يكن هناك ساٍع فل يشترط هذا ال ّ
ة
ص ًشرط للمالكيّة خا ّ يكتفى بمرور الحول .وهذا ال ّ
.وبنوا عليه أنّه إذا مات شيء من المواشي أو ضاع
ط من المالك بعد الحول وقبل مجيء بغير تفري ٍ
ساعي فل زكاة فيه ،وإنّما يزكّى الباقي إن كان ال ّ
ب الماشية قبل بلوغ فيه الّزكاة وإل ّ فل .ولو مات ر ّ
ساعي فل زكاة ،ويستقبل الوارث حوًل ،ول ال ّ
ساعي .قالوا :وإن تجزئ إن أخرجها قبل وصول ال ّ
ب الماشية عن عددها فأخبره ساعي ر ّ سأل ال ّ
م رجع إليه فوجدها قد زادت أو بعددها فغاب عنه ث ّ
نقصت بموت شيءٍ منها -أو بذبحه -فالمعتبر
ساعي عن الوصول مع الموجود .وإن تخلّف ال ّ
عذر فأخرج ٍ لعذر أو لغير
ٍ إمكان وصوله وكان تخلّفه
المالك الّزكاة أجزأه وإن لم تجب عليه بمجّرد مرور
الحول ،وإنّما يصدّق ببيّنته .
ي من بهيمة النعام والمتولّد بين الّزكاة في الوحش ّ
ي:ي والوحش ّ الهل ّ
ح
- 42ذهب جمهور العلماء ومنهم الحنابلة في الص ّ
ي من البل عندهم ،إلى أنّه ل زكاة في الوحش ّ
ن اسم البل والبقر والغنم ل والبقر والغنم ،وذلك ل ّ
178
يتناولها عند الطلق ; ولنّها ل تجزئ في الهدي
والضحيّة .وفي روايةٍ أخرى عن أحمد فيها الّزكاة ،
مان السم يشملها فتدخل في الخبار الواردة .وأ ّ ل ّ
ن مذهب أبي حنيفة ي فإ ّ ي والوحش ّ ما تولّد بين الهل ّ
مهك أنّه إن كانت الوحشيّة أ ّ مروي عن مال ٍ ّ وهو قول
ي أباه ة والوحش ّ مه أهلي ّ ً فل زكاة فيه ،وإن كانت أ ّ
مه في أحكامه . ن ولد البهيمة يتبع أ ّ ففيه الّزكاة ; ل ّ
ي ،وهو القول المشهور عند المالكيّة : شافع ّ وقال ال ّ
ي مطلًقا ، ي والوحش ّ ل زكاة في المتولّد بين الهل ّ
ومال إليه ابن قدامة من الحنابلة ; لنّه ليس في
ص ول إجماع ول قياس صحيح ، أخذ الّزكاة منها ن ّ
شرع .وقال الحنابلة وهو قول فل تتناوله نصوص ال ّ
ثالث عند المالكيّة :تجب الّزكاة في المتولّد
مهات ، مطلًقا ،سواء كانت الوحشيّة الفحول أو ال ّ
سائمة والمعلوفة تجب فيه ن المتولّد بين ال ّ كما إ ّ
الّزكاة إذا سام .
أ ( -زكاة البل ) :
- 43البل اسم جمٍع ليس له مفرد من لفظه
صغير وواحده الذ ّكر :جمل ،والنثى :ناقة ،وال ّ
حوار إلى سنةٍ ،وإذا فطم فهو فصيل ،والبكر هو
ي من البل والنثى بكرة .وللعرب تسميات الفت ّ
سنّة للبل بحسب أسنانها ورد استعمالها في ال ّ
م
واستعملها الفقهاء ،كابن المخاض ،وهو ما أت ّ
مه تكون نأ ّ مي بذلك ل ّ ة ودخل في الثّانية ،س ّ سن ً
ض ،وابن اللّبون غالبًا قد حملت ،والنثى بنت مخا ٍ
مي بذلك م سنتين ودخل في الثّالثة ،س ّ وهو ما أت ّ
ن، مه تكون قد ولدت بعده فهي ذات لب ٍ نأ ّ ل ّ
ن ،والحقّ ما دخل في الّرابعة ، والنثى بنت لبو ٍ
ميت بذلك لنّها استحّقت أن قة ،س ّ والنثى ح ّ
179
يطرقها الفحل ،والجذع هو الّذي دخل في الخامسة
; لنّه جذع أي أسقط بعض أسنانه ،والنثى جذعة .
وهذه النواع الربعة هي الّتي تؤخذ الناث منها في
الدّية ،وقد يؤخذ الذ ّكور منها كابن اللّبون ،على
ل يذكر فيما يلي .المقادير الواجبة في زكاة تفصي ٍ
البل :
ي صلى الله عليه وسلم المقادير - 44بيّن النّب ّ
البخاري
ّ الواجبة في زكاة البل ،وهي في حديث
المذكور فيما يلي بكماله لكثرة الحاجة إليه في
ن { أبا س رضي الله عنه أ ّ المسائل التّالية :عن أن ٍ
جهه ما و ّ بكرٍ رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب ل ّ
إلى البحرين بسم الله الرحمن الرحيم .هذه
صدقة الّتي فرض رسول اللّه صلى الله فريضة ال ّ
عليه وسلم على المسلمين ،والّتي أمر اللّه بها
رسوله ،فمن سئلها من المسلمين على وجهها
فليعطها ،ومن سئل فوقها فل يعط :في أربٍع
وعشرين من البل فما دونها من الغنم من ك ّ
ل
س
سا وعشرين إلى خم ٍ س شاة ،فإذا بلغت خم ً خم ٍ
ض أنثى ،فإذا بلغت ستًّا وثلثين ففيها بنت مخا ٍ
ن أنثى ، س وأربعين ففيها بنت لبو ٍ وثلثين إلى خم ٍ
فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستّين ففيها حّقة
طروقة الجمل ،فإذا بلغت واحدةً وستّين إلى
س وسبعين ففيها جذعة ،فإذا بلغت -يعني ستًّا خم ٍ
ن ،فإذا بلغت وسبعين -إلى تسعين ففيها بنتا لبو ٍ
إحدى وتسعين إلى عشرين ومائةٍ ففيها حّقتان
طروقتا الجمل .فإذا زادت على عشرين ومائةٍ
ل خمسين حّقة . ن ،وفي ك ّ ل أربعين بنت لبو ٍ ففي ك ّ
ومن لم يكن معه إل ّ أربع من البل فليس فيها
سا من البل صدقة إل ّ أن يشاء ربّها ،فإذا بلغت خم ً
180
ففيها شاة .وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت
أربعين إلى عشرين ومائةٍ شاة .فإذا زادت على
عشرين ومائةٍ إلى مائتين شاتان ،فإذا زادت على
مائتين إلى ثلثمائةٍ ففيها ثلث ،فإذا زادت على
ل مائةٍ شاة ،فإذا كانت سائمة ثلثمائةٍ ففي ك ّ
ة من أربعين شاة ً واحدةً فليس فيها الّرجل ناقص ً
صدقة إل ّ أن يشاء ربّها .وفي الّرقّة ربع العشر ،
ة فليس فيها شيء إلّ فإن لم تكن إل ّ تسعين ومائ ً
أن يشاء ربّها } .وفي موضٍع آخر روى البخاريّ من
ن أبا بكرٍ رضي الله عنه كتب له سأ ّ حديث أن ٍ
صدقة الّتي أمر اللّه رسوله صلى الله عليه فريضة ال ّ
وسلم { :من بلغت عنده من البل صدقة الجذعة
وليست عنده جذعة وعنده حّقة فإنّها تقبل منه
الحّقة ،ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ،أو
ما .ومن بلغت عنده صدقة الحّقة عشرين دره ً
وليست عنده الحّقة وعنده الجذعة فإنّها تقبل منه
ما أو شاتين . الجذعة ويعطيه المصدّق عشرين دره ً
ومن بلغت عنده صدقة الحّقة وليست عنده إل ّ بنت
ن ويعطي شاتين أو ن فإنّها تقبل منه بنت لبو ٍ لبو ٍ
ن وعنده ما .ومن بلغت صدقته بنت لبو ٍ عشرين دره ً
حّقة فإنّها تقبل منه الحّقة ويعطيه المصدّق عشرين
ن
ما أو شاتين .ومن بلغت صدقته بنت لبو ٍ دره ً
ض فإنّها تقبل منه وليست عنده ،وعنده بنت مخا ٍ
ما أو شاتين ض ،ويعطي معها عشرين دره ً بنت مخا ٍ
} - 45 .وبناءً على هذا الحديث ،تؤخذ الّزكاة من
البل حسب الجدول التّالي :عدد البل القدر
الواجب من - 1إلى 4ليس فيها شيء .من 9 - 5
فيها شاة واحدة .من 14 - 10فيها شاتان من - 15
19فيها 3شياهٍ من 24 - 20فيها 4شياهٍ من - 25
181
ض
ض ( فإن لم يوجد فيها بنت مخا ٍ 35فيها بنت مخا ٍ
ن من ن ذكر ) .من 45 - 36بنت لبو ٍ يجزئ ابن لبو ٍ
60 - 46حّقة من 75 - 61فيها جذعة من 90 - 76
ن من 120 - 91فيها حّقتان من - 121 فيها بنتا لبو ٍ
ن من 139 - 130فيها حّقة وبنتا 129فيها 3بنات لبو ٍ
ن من - 150 ن من 149 - 140حّقتان وبنت لبو ٍ لبو ٍ
ن
ق من 169 - 160فيها 4بنات لبو ٍ 159فيها 3حقا ٍ
ن ،وفي ك ّ
ل ل 40بنت لبو ٍ وهكذا في ما زاد ،في ك ّ
شافعيّة ، 50حّقة .وهذا الجدول جارٍ على مذهب ال ّ
ي
ورواية في مذهب الحنابلة ،وهو قول الوزاع ّ
وإسحاق ،وأوّله إلى 120مجمع عليه ،لتناول حديث
س له ،وعدم الختلف في تفسيره .واختلف أن ٍ
ساعي بين فيما بين 129 - 121فقال مالك يتخيّر ال ّ
ن ،وذهب أبو عبيدٍ ،وهو قتين وثلث بنات لبو ٍ ح ّ
نن فيها حّقتين ; ل ّ الّرواية الخرى عن أحمد إلى أ ّ
الفرض ل يتغيّر إل ّ بمائةٍ وثلثين - 46 .وذهب
ن الفريضة تستأنف بعد ، 120ففي ك ّ
ل الحنفيّة إلى أ ّ
قتين ، ما زاد عليها شاة بالضافة إلى الح ّ سم ّ
خم ٍ
نض أو بنت لبو ٍ فإن بلغ الّزائد ما فيه بنت مخا ٍ
وجبت إلى أن يبلغ الّزائد ما فيه حّقة فتجب ،ويمثّل
ذلك الجدول التّالي :عدد البل القدر الواجب - 121
124حّقتان 129 - 125حّقتان وشاة 134 - 130
حّقتان وشاتان 139 - 135حّقتان و 3شياهٍ - 140
ض
144حّقتان و 4شياهٍ 149 - 145حّقتان وبنت مخا ٍ
ق وشاة - 160 ق 3 159 - 155حقا ٍ 3 154 - 150حقا ٍ
ه
ق و 3شيا ٍ ق وشاتان 3 169 - 165حقا ٍ 3 164حقا ٍ
ق
ق و 4شياهٍ 3 185 - 175حقا ٍ 3 174 - 170حقا ٍ
ن - 196 ق وبنت لبو ٍ ض 3 195 - 186حقا ٍ وبنت مخا ٍ
ن 205 ق أو 5بنات لبو ٍ ق 4 204 - 200حقا ٍ 4 199حقا ٍ
182
جوا ن وشاة وهكذا .واحت ّ ق أو بنات لبو ٍ 4 209 -حقا ٍ
بما في حديث قيس بن سعد ٍ أنّه قال :قلت لبي
مد بن عمرو بن حزم ٍ :أخرج لي كتاب بكر بن مح ّ
صدقات الّذي كتبه رسول اللّه صلى الله عليه ال ّ
وسلم قال :فأخرج كتابًا في ورقةٍ وفيه { :فإذا
زادت البل على مائةٍ وعشرين استؤنفت
الفريضة } .
وفي زكاة البل مسائل فرعيّة منها :
ن الّذي يؤخذ في زكاة البل الناث دون - 47أ -أ ّ
الذ ّكور ،إل ّ ابن اللّبون إن عدم بنت المخاض كما
في الحديث المتقدّم ،بخلف البقر فتؤخذ منها
الذ ّكور كما يأتي .فإن كان المال كلّه ذكوًرا أجزأ
شافعيّة وهو المقدّم عند ح عند ال ّالذ ّكر على الص ّ
الحنابلة ،وعند المالكيّة يلزم الوسط ولو انفرد
نس ّ ة وسطًا من ال ّ الذ ّكور ،والظّاهر أنّه يريدون ناق ً
المطلوب .
شاة الّتي تؤخذ في زكاة البل إن ن ال ّ - 48ب -أ ّ
ضأن ،أو ثنيّة من المعز كانت أنثى ( جذعة من ال ّ
ما الذ ّكر ،فما فوق ذلك ) أجزأت بل نزاٍع .وأ ّ
شاة عليه ،وهو فيحتمل أن يجزئ لصدق اسم ال ّ
شافعيّة . ح عند ال ّ المعتمد عند المالكيّة ،والص ّ
ما وجب عليه سنًّا ج -إن تطوّع المزكّي فأخرج ع ّ
ن الواجب جاز ،مثل أن يخرج بدل س ّ أعلى من ال ّ
ة ،أو عن ة أو جذع ً ن أو حّق ً بنت المخاض بنت لبو ٍ
ة .قال ابن قدامة :ل نعلم ة أو جذع ً بنت اللّبون حّق ً
نب{أ ّ ي بن كع ٍ في ذلك خلفًا .لما في حديث أب ّ
ة
ي صلى الله عليه وسلم قال لمن قدّم ناق ً النّب ّ
ض :ذاك الّذي عليك . ة عن بنت مخا ٍ ة سمين ً عظيم ً
فإن تطوّعت بخيرٍ آجرك اللّه فيه ،وقبلناه منك } .
183
ما
ة أجزأه ،وكذا ع ّ شاة ناق ً -د -إن أخرج بدل ال ّ
س وعشرين ; لنّه شياه فيما دون خم ٍ وجب من ال ّ
ما دونها أولى .وهذا يجزئ عن ، 25فإجزاؤه ع ّ
ح عندي ،وهو الص ّ شافع ّ مذهب أبي حنيفة وال ّ
المالكيّة ،وذهب الحنابلة إلى أنّه ل يجزئ ،لنّه
أخرج عن المنصوص عليه غيره من غير جنسه فلم
يجزئه ،كما لو أخرج عن أربعين من الغنم بعيًرا .
ي وابن المنذر شافعيّة والحنابلة والنّخع ّ هـ -ذهب ال ّ
ن فلم يكن في ن من وجب عليه في إبله س ّ إلى أ ّ
ن الّذي فوقه س ّ ن فله أن يخرج من ال ّ س ّ إبله ذلك ال ّ
ساعي شاتين ما يؤخذ في زكاة البل ،ويأخذ من ال ّ م ّ
ن الّذي تحته س ّ ما ،أو أن يخرج من ال ّ أو عشرين دره ً
ساعي معها شاتين ما يجزئ في الّزكاة ويعطي ال ّ م ّ
س ّ
ما .واستدلوا بما في حديث أن ٍ أو عشرين دره ً
ن المزكّي إذا لم المتقدّم بيانه .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ن الواجب ،أو كان عنده فله أن يدفع س ّ يكن عنده ال ّ
ن الدون وزيادة س ّقيمة ما وجب ،أو يدفع ال ّ
نالدّراهم بقدر النّقص ،كما لو أدّى ثلث شياهٍ سما ٍ
ضن عن بنت مخا ٍ ط ،أو بعض بنت لبو ٍ عن أربٍع وس ٍ
،وذلك على أصلهم في جواز إخراج القيمة في
الّزكاة .
نصاب زكاة البقر والقدر الواجب :
سنّة نصاب زكاة البقر والقدر الواجب ، - 51بيّنت ال ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ وذلك فيما روى مسروق { أ ّ
وسلم بعث معاذ ًا رضي الله عنه إلى اليمن وأمره
ل حالم ٍ ديناًرا ،ومن البقر من ك ّ
ل أن يأخذ من ك ّ
ة } .وروي عن ل أربعين مسن ّ ً ثلثين تبيعًا ،ومن ك ّ
معاذ ٍ رضي الله عنه نحو ذلك ،وفي حديثه
{ وأمرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن ل
184
ة أو جذع ًا - آخذ فيما بين ذلك شيئًا إل ّ إن بلغ مسن ّ ً
ن الوقاص ل شيء فيها } - 52 . يعني تبيعًا -وأ ّ
وبنا ًء على الحديثين المذكورين تؤخذ زكاة البقر
حسب الجدول التّالي :عدد البقر القدر الواجب - 1
29ل شيء فيها 39 - 30تبيع ( أو تبيعة ) 59 - 40
مسنّة 69 - 60تبيعان 79 - 70تبيع ومسنّة 89 - 80
تبيعان 3 99 - 90أتبعةٍ 109 - 100تبيعان ومسنّة 110
ت 119 -تبيع ومسنّتان 4 129 - 120أتبعةٍ أو 3مسنّا ٍ
ل ثلثين تبيع أو تبيعة ،وفي ك ّ
ل .وهكذا في ك ّ
أربعين مسنّة .وعلى هذا تجري مذاهب جماهير
العلماء ،وفي ذلك خلف في بعض المواضع ،منها
:
- 53أ -ذهب سعيد بن المسيّب والّزهريّ خلفًا
ن في البقر من ( ) 24 - 5في لسائر الفقهاء ،إلى أ ّ
ن البقرة سا على زكاة البل ; ل ّ س شاة قيا ً ل خم ٍ ك ّ
ة في الهدي والضحيّة - 54 .ب -ومنها : تعدل ناق ً
ما التّبيع الذ ّكر فيؤخذ أخذ الذ ّكر في زكاة البقر :أ ّ
ص عليه في حديث اتّفاقًا ،فهو بمنزلة التّبيعة ،للن ّ ّ
ن الذ ّكر فمذهب الحنفيّة أنّه يجوز ما المس ّس ،وأ ّأن ٍ
شافعيّة والحنابلة ل يؤخذ أخذه .ومذهب المالكيّة وال ّ
ص ورد فيها - 55 .ج - إل ّ المسنّة النثى ل ّ
ن الن ّ ّ
م له ومنها في السنان ،فالتّبيع عند الجمهور ما ت ّ
م لها سنتان سنة وطعن في الثّانية ،والمسنّة ما ت ّ
م له وطعنت في الثّالثة ،وعند المالكيّة التّبيع ما ت ّ
م لها ثلث سنتان ودخل في الثّالثة ،والمسنّة ما ت ّ
ن
سنين ودخلت في الّرابعة - 56 .د -ومنها أ ّ
الوقص الّذي من ( ) 59 - 41ل شيء فيه عند
صاحبين الجمهور ،وهو رواية عن أبي حنيفة وقول ال ّ
،وهو المختار عند الحنفيّة لظاهر ما تقدّم من
185
نالحديث .وذهب أبو حنيفة في ظاهر الّرواية إلى أ ّ
ما زاد على الربعين ليس عفوًا ،بل يجب فيه
بحسابه ،ففي الواحدة الّزائدة عن الربعين ربع
عشر مسنّةٍ ،وفي الثّنتين نصف عشر مسنّةٍ ،
وهكذا ،وإنّما قال هذا فراًرا من جعل الوقص ( ) 19
ن جميع وهو مخالف لجميع أوقاص زكاة البقر ،فإ ّ
أوقاصها تسعة تسعة .
زكاة الغنم :
ما ورد سنّة والجماع ،فم ّ - 57زكاة الغنم واجبة بال ّ
س المتقدّم ذكره في زكاة البل . فيها حديث أن ٍ
( ف . ) 46وبنا ًء على الحديث المذكور تؤخذ زكاة
الغنم طبًقا للجدول التّالي :عدد الغنم القدر
الواجب 39 - 1ل شيء فيها 120 - 40شاة - 121
200شاتان 3 399 - 201شياهٍ 4 499 - 400شياهٍ
5 599 - 500شياهٍ وهكذا ما زاد عن ذلك في ك ّ
ل
مائة شاةٍ شاة مهما كان قدر الّزائد .وعلى هذا
تجري مذاهب جمهور الفقهاء ،وأوّل هذا الجدول
وآخره مجمع عليه - 58 .واختلف فيه فيما بين (
ي وأبو بكرٍ من الحنابلة ) 399 - 300فقد ذهب النّخع ّ
م ل يتغيّر القدر ة،ث ّ ن فيه أربع شياهٍ ل ثلث ً إلى أ ّ
الواجب إلى ( ) 500فيكون فيها خمس شياهٍ كقول
ي صلى الله عليه ن النّب ّ ل هؤلء بأ ّ الجمهور ،واستد ّ
س المتقدّم جعل الثّلثمائة حدًّا وسلم في حديث أن ٍ
شياه الثّلثة فوجب أن يتغيّر الفرض لما تجب فيه ال ّ
عندها فيجب أربعة .
ن
صة بها - 59 .أ -منها أ ّ وفي زكاة الغنم مسائل خا ّ
شاة تصدق على الذ ّكر والنثى ومن هنا ذهب ال ّ
الحنفيّة والمالكيّة إلى جواز إخراج الذ ّكر في زكاة
شاة إذا أمر بها مطلًقا أجزأ فيها ن ال ّ
الغنم ،ول ّ
186
ن
شافعيّة إلى أ ّ الذ ّكر كالضحيّة والهدي .وذهب ال ّ
الغنم إن كانت إناثًا كلّها أو كان فيها ذكور وإناث
فيتعيّن إخراج الناث .وذهب الحنابلة كذلك إلى أنّه
ل يجوز إخراج الذ ّكر في صدقة الغنم إذا كان في
النّصاب شيء من الناث .
ب -الّذي يؤخذ في صدقة الغنم هو الثّنيّة ،والثّن ّ
ي
في اصطلح الفقهاء -خلفًا لما عند أهل اللّغة -ما
لم له سنة فما زاد ،فتجزئ اتّفاقًا ،فإن كانت أق ّ ت ّ
ضأن أو المعز ، من ذلك لم تجزئ سواء كانت من ال ّ
ن عمر بن ج له بأ ّوهذا قول أبي حنيفة ،واحت ّ
ساعي :اعتد ّ عليهم الخطّاب رضي الله عنه قال لل ّ
شافعيّة سخلة ول تأخذها منهم .وذهب ال ّ بال ّ
م لها ستّة ن الجذعة -وهي ما ت ّ والحنابلة إلى أ ّ
ضأن -ل من المعز -تجزئ أشهرٍ -إن كانت من ال ّ
صاحبان :يجزئ الجذع من في الّزكاة ،وقال ال ّ
ضأن سواء كان الجذع ذكًرا أو أنثى ،وهو رواية ال ّ
ن الجذع نحوًا من عن أبي حنيفة ،واختلفوا في س ّ
ك فيه ،وقال مالك :تجزئ اختلف أصحاب مال ٍ
ضأن أو المعز ،لكن الجذعة سواء أكانت من ال ّ
ن الجذع ،فقال بعضهم ك في س ّ اختلف أصحاب مال ٍ
:أدناه سنة ،وقيل :عشرة أشهرٍ ،وقيل :ثمانية ،
وقيل :ستّة .
مة في زكاة البل والبقر والغنم : مسائل عا ّ
س من البل والبقر والغنم ينقسم ل جن ٍ - 61أ -ك ّ
إلى نوعين ،فالبل نوعان :العراب وهي البل
ي ( جمع العربيّة ،وهي ذات سنام ٍ واحدٍ ،والبخات ّ
بختيّةٍ ) وهي إبل العجم والتّرك ،وهي ذات سنامين
.والبقر نوعان :البقر المعتاد ،والجواميس .
صوف ،واحدتها ما ضأن ،وهي ذوات ال ّ والغنم :إ ّ
187
شعر ،واحدتها ما معز ،وهي ذوات ال ّ ضأنة ،وإ ّ
ضأن عنز ،والذ ّكر تيس ،ويقال للذ ّكر والنثى من ال ّ
والمعز :شاة .والمقادير الواجبة في الجداول
م أحدهما س نوعيه ،ويض ّ ل جن ٍ سابقة تشمل من ك ّ ال ّ
أي
ما من ّ إلى الخر في تكميل النّصاب إجماعًا .أ ّ
النّوعين تؤخذ الّزكاة ففيه تفصيل - 62 .ب -فإن
كان عنده أحد النّوعين فزكاته منه تجزئه اتّفاقًا ،أ ّ
ما
ة بقيمة العربيّة إن أخرج عن البل العراب مثًل بختي ّ ً
شافعيّة والحنابلة ، ضا ،وهو مذهب ال ّ فجائز أي ً
وكذلك المعتمد عند المالكيّة ،لكن ل يشترط
ن فيه عندهم رعاية القيمة .وقيل :ل يجوز ; ل ّ
ة ،وهو قول القاضي من تفويت صفةٍ مقصود ٍ
الحنابلة .وقال الحنفيّة :الواجب إخراج الّزكاة من
ما إن اختلف النّوعان : النّوع الّذي عنده - 63 .ج -أ ّ
فقد قال الحنفيّة وإسحاق :إذا اختلف النّوعان تجب
الّزكاة من أكثرهما ،فإن استويا فعند الحنفيّة يجب
الوسط أي أعلى الدنى ،أو أدنى العلى ،وإذا علم
الواجب فالقاعدة عندهم جواز شيءٍ بقيمته سواء
شافعيّة والحنابلة : من النّوع الخر أو غيره .وقال ال ّ
صه ،فلو كانت إبله كلّها ل نوٍع ما يخ ّ يؤخذ من ك ّ
ة أخذ الفرض من جنس ما عنده ، ة أو أرحبي ّ ًمهري ّ ً
وهذا هو الصل ; لنّها أنواع تجب فيها الّزكاة ،
ل نوٍع منه ،كأنواع الثّمرة والحبوب ، فتؤخذ زكاة ك ّ
ضأن معًزا ،أو عكسه جاز في قالوا :فلو أخذ عن ال ّ
ل عند ح بشرط رعاية القيمة ،وفي قو ٍ الص ّ
ضأن عن المعز دون العكس ، شافعيّة :يؤخذ ال ّ ال ّ
ن
وعراب البقر عن الجواميس دون العكس ; ل ّ
ضأن والعراب أشرف .وقال المالكيّة :إن وجبت ال ّ
واحدة في نوعين فمن الكثر ،فإن تساويا خيّر
188
ل نوٍع واحدةً ساعي ،وإن وجب ثنتان أخذ من ك ّ ال ّ
ل إلّإن تساويا ،فإن لم يتساويا لم يأخذ من الق ّ
ص. بشرطين :كونه نصابًا لو انفرد ،وكونه غير وق ٍ
ل نوٍع وإذا زادت عن ذلك وأمكن أن يؤخذ من ك ّ
م بعضه إلى بانفراده أخذ منه ،وما لم يمكن يض ّ
ساعي عند ض ،فيأخذ من الكثر ،ويخيّر ال ّ بع ٍ
ضأن و 160من المعز يؤخذ التّساوي ففي 340من ال ّ
ضأن عن ثلثمائة ضأنةٍ ،وواحدة من ثلث من ال ّ
المعز عن المائة ،وتؤخذ عنز واحدة عن الربعين
ن المعز أكثر فإن كانت ستّين من المعز ; ل ّ ة وال ّضأن ً
ساعي في ضأن و 150من المعز خيّر ال ّ 350من ال ّ
المائة المجتمعة بين ضأنةٍ وعنزٍ .
صفة المأخوذ في زكاة الماشية :
- 64ينبغي أن يكون المأخوذ في الّزكاة من الوسط
ي صلى الله عليه وسلم { :ثلث من ،لقول النّب ّ
ن فقد طعم طعم اليمان :من عبد اللّه فعله ّ
وحده ،وأنّه ل إله إل ّ اللّه ،وأعطى زكاة ماله طيّب ً
ة
ل عام ٍ ،ل يعطي الهرمة ، بها نفسه رافدة ً عليه ك ّ
شرط اللّئيمة ، ول الدّرنة ،ول المريضة ،ول ال ّ
ن اللّه لم يسألكم ولكن من وسط أموالكم ،فإ ّ
خيره ،ولم يأمركم بشّره } .الحديث .وهذا
ساعي طلب يقتضي أمرين :الوّل :أن يتجنّب ال ّ
ة به نفسه ، خيار المال ،ما لم يخرجه المالك طيّب ً
ساعي : ي صلى الله عليه وسلم لل ّ وقد قال النّب ّ
{ إيّاك وكرائم أموالهم } .قال عمر رضي الله عنه
لساعيه :ل تأخذ الّربى ،ول الماخض ،ول الكولة ،
ول فحل الغنم والّربى هي القريبة العهد بالولدة ;
لنّها تربّي ولدها .والماخض الحامل ،والكولة الّتي
تأكل كثيًرا ; لنّها تكون أسمن ،وفحل الغنم هو
189
ضراب .فإن كانت ماشية الّرجل كلّها خياًرا المعد ّ لل ّ
ساعي من ،فقد اختلف الفقهاء فقيل :يأخذ ال ّ
أوسط الموجود ،وقيل :يكلّف شراء الوسط من
ذلك الجنس .المر الثّاني :أن ل يكون المأخوذ من
شرار المال ،ومنه المعيبة ،والهرمة ،والمريضة ،
ة ،فقد ة أو مريض ً ة أو هرم ً لكن إن كانت كلّها معيب ً
ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه يجوز إخراج الواجب منها
،وقيل :يكلّف شراء صحيحةٍ أخذ ًا بظاهر النّهي
ة مع الوارد في الحديث ،وقيل :يخرج صحيح ً
مراعاة القيمة .
زكاة الخيل :
- 65ذهب جمهور الفقهاء ومنهم صاحبا أبي حنيفة
ن الخيل الّتي ليست للتّجارة ل زكاة فيها ولو إلى أ ّ
ة أو ة واتّخذت للنّماء ،وسواء كانت عامل ً كانت سائم ً
ي صلى الله عليه غير عاملةٍ ،واستدلّوا بقول النّب ّ
وسلم { :ليس على المسلم في فرسه وغلمه
صدقة } وقوله { :قد عفوت عن صدقة الخيل
ن الخيل والّرقيق } .وذهب أبو حنيفة وزفر إلى أ ّ
ة ذكوًرا وإناثًا ففيها الّزكاة ،وليس إذا كانت سائم ً
في ذكورها منفردة ً زكاة ،لنّها ل تتناسل ،وكذلك
ت ،وفي روايةٍ عن أبي حنيفة في في الناث منفردا ٍ
الناث المنفردات زكاة لنّها تتناسل بالفحل
ضا أنّها تجب في الذ ّكور المستعار ،وروي عنه أي ً
ي صلى الله ج له بقول النّب ّ ضا .واحت ّ المنفردات أي ً
ل
ل أجر ،ولرج ٍ عليه وسلم { في الخيل :هي لرج ٍ
ل وزر } فساق الحديث إلى أن ستر ،وعلى رج ٍ
قال في الّذي هي له ستر { :ولم ينس حقّ اللّه
في رقابها ول في ظهورها } فحقّ ظهورها العاريّة ،
ن
وحقّ رقابها الّزكاة ،وبما ورد عن يعلى بن أميّة أ ّ
190
أخاه عبد الّرحمن بن أميّة اشترى من أهل اليمن
ص ،فندم البائع ،فلحق بعمر ، سا أنثى بمائة قلو ٍ فر ً
سا لي ،فكتب عمر فقال :غصبني يعلى وأخوه فر ً
إلى يعلى أن الحق بي ،فأتاه فأخبره الخبر ،فقال
سا
ن فر ً ن الخيل لتبلغ هذا عندكم ؟ ،ما علمت أ ّ :إ ّ
ة شاةً ول نأخذ ل أربعين شا ٍ يبلغ هذا .فنأخذ عن ك ّ
س ديناًرا .فقّرر ل فر ٍ من الخيل شيئًا ؟ ،خذ من ك ّ
ن عثمان زهري أ ّ
ّ على الخيل ديناًرا ديناًرا .وعن ال ّ
رضي الله عنه كان يصدّق الخيل ،أي يأخذ زكاةً
م قال أبو حنيفة :إن شاء المزكّي أعطى منها ،ث ّ
س ديناًرا ،وإن شاء قوّم خيله وأعطى ل فر ٍ عن ك ّ
ل مائتي درهم ٍ خمسة دراهم . عن ك ّ
زكاة سائر أصناف الحيوان :
مة الفقهاء إلى أنّه ل زكاة في سائر - 66ذهب عا ّ
الحيوان غير ما تقدّم ،ما لم تكن للتّجارة ،فليس
جوا لذلك بما في البغال والحمير وغيرها زكاة .واحت ّ
ي صلى الله عليه وسلم سئل ن النّب ّ
في الحديث { أ ّ
ل أجر } ...الحديث عن الخيل فقال :هي لرج ٍ
م { سئل عن الحمير ،فقال :لم ينزل المتقدّم ،ث ّ
ي فيها إل ّ هذه الية الفاذ ّة { :فمن يعمل مثقال عل ّ
ذّرةٍ خيًرا يره } } .
ضة والعملت المعدنيّة ثانيًا :زكاة الذ ّهب والف ّ
ضة :زكاة الذ ّهب والورقيّة - 67أ -زكاة الذ ّهب والف ّ
ضة واجبة من حيث الجملة بإجماع الفقهاء ، والف ّ
لقول اللّه تبارك وتعالى { :والّذين يكنزون الذ ّهب
ب
شرهم بعذا ٍ ضة ول ينفقونها في سبيل اللّه فب ّ والف ّ
أليم ٍ يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها
جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم
ي صلى الله فذوقوا ما كنتم تكنزون } .مع قول النّب ّ
191
عليه وسلم { :ما أدّيت زكاته فليس بكنزٍ } .
ضةٍ ل يؤدّي ب ول ف ّ وقوله { :ما من صاحب ذه ٍ
منها حًّقا إل ّ إذا كان يوم القيامة صّفحت له صفائح
من نارٍ فأحمي عليها في نار جهنّم ،فيكوى بها جنبه
وجبينه وظهره } ...الحديث .فالعذاب المذكور في
الية للكنز مطلًقا بيّن الحديث أنّه لمن منع زكاة
النّقدين ،فتقيّد به .
ضة :ما تجب فيه الّزكاة من الذ ّهب والف ّ
مت ضة إذا ت ّ - 68تجب الّزكاة في الذ ّهب والف ّ
مة للّزكاة المتقدّم بيانها من الحول شروط العا ّال ّ
ضةوالنّصاب وغيرهما في جميع أنواع الذ ّهب والف ّ
مى سواء المضروب منها دنانير أو دراهم ( وقد يس ّ
العين ،والمسكوك ) ،وفي التّبر وهو غير
سبائك ،وفي المصوغ منها على المضروب ،وال ّ
شكل آنيةٍ أو غيرها .ول يستثنى من ذلك إل ّ شيئان
ضة الّذي يعدّه ي من الذ ّهب والف ّ :الوّل :الحل ّ
حا .قال مالكه لستعماله في التّحلّي استعماًل مبا ً
ة ،فل يكون فيه زكاة المالكيّة :ولو لعارةٍ أو إجار ٍ
شافعيّة على المذهب ،لنّه عند الجمهور ومنهم ال ّ
صة ،من باب المقتنى للستعمال كالملبس الخا ّ
وكالبقر العوامل .وذهب الحنفيّة وهو قول مقابل
ي
شافعيّة :إلى وجوب الّزكاة في الحل ّ للظهر عند ال ّ
ضة .وينظر تفصيل ،كغيرها من أنواع الذ ّهب والف ّ
ي)القول في وجوبها وبيان الدلّة في مصطلح ( حل ّ
ما المقادير الواجبة والنّصاب فتأتي في موضعها أ ّ
ضةمن هذا البحث .الثّاني :الذ ّهب والف ّ
المستخرجان من المعادن ( من باطن الرض ) ،
فيجب فيهما الّزكاة بمجّرد الستخراج إذا بلغ
192
ل ،ويأتي تفصيل المستخرج نصابًا بدون اشتراط حو ٍ
ذلك .
ضة والقدر الواجب فيهما : نصاب زكاة الذ ّهب والف ّ
- 69نصاب الذ ّهب :نصاب الذ ّهب عند جمهور
الفقهاء عشرون مثقاًل ،فل تجب الّزكاة في أق ّ
ل
ة
ضة أو عروض تجار ٍ منها ،إل ّ أن يكون لمالكها ف ّ
يكمل بهما النّصاب عند من قال ذلك على ما سيأتي
بيانه ،ولم ينقل خلف في ذلك إل ّ ما روي عن
ن النّصاب أربعون مثقاًل .وما روي عن الحسن أ ّ
ب، س ،والّزهريّ وسليمان بن حر ٍ عطاءٍ ،وطاوو ٍ
ضة ، ن نصاب الذ ّهب معتبر بالف ّ يأ ّ سختيان ّ وأيّوب ال ّ
فما كان من الذ ّهب قيمته 200درهم ٍ ففيه الّزكاة ،
ة لها أو ل من ( ) 20مثقاًل أو مساوي ً سواء كان أق ّ
ي صلى الله أكثر منها ،قالوا :لنّه لم يثبت عن النّب ّ
عليه وسلم تقدير في نصاب الذ ّهب ،فيحمل نصابه
ي
ج الجمهور بقول النّب ّ ضة .واحت ّ على نصاب الف ّ
ل من صلى الله عليه وسلم { :ليس في أق ّ
ل من مائتي عشرين مثقاًل من الذ ّهب ،ول في أق ّ
درهم ٍ صدقة } .وفي حديث عمر وعائشة رضي
ي صلى الله عليه وسلم كان ن النّب ّ الله عنهما { أ ّ
ل عشرين ديناًرا فصاعدًا نصف دينارٍ ، يأخذ من ك ّ
ومن الربعين ديناًرا } .
ضة : نصاب الف ّ
ضة المضروبة ( ورق ) ( ورقّة ) ، - 70يقال للف ّ
ة كانت أو غير مضروبةٍ ، مى بذلك مضروب ً وقيل :تس ّ
ضة مائتا درهم ٍ بالجماع ،وقد ورد فيه ونصاب الف ّ
ي صلى الله عليه وسلم { :ليس فيما دون قول النّب ّ
ق من الورق صدقة } والوقيّة 40 خمس أوا ٍ
س المرفوع ما ،وفي كتاب أن ٍ ( أربعون ) دره ً
193
{ وفي الّرقّة ربع العشر ،فإن لم يكن إل ّ تسعين
ة فليس فيها شيء إل ّ أن يشاء ربّها } .ث ّ
م ومائ ً
ي ،وما زاد عنه شرع ّ الدّرهم المعتبر هو الدّرهم ال ّ
ن
أو نقص فبالوزن .وقيل عند بعض الحنفيّة :إ ّ
ل أهل بلدٍ دراهمهم بالعدد . قك ّ المعتبر في ح ّ
ضة :النّصاب في المغشوش من الذ ّهب والف ّ
ضة ،وهو - 71المغشوش من الذ ّهب أو الف ّ
شافعيّة والحنابلة إلى المسبوك مع غيره .ذهب ال ّ
أنّه ل زكاة فيه حتّى يبلغ خالصه نصابًا ،لما في
ق من الحديث المتقدّم { ليس فيما دون خمس أوا ٍ
صا أو الورق صدقة } .فإذا بلغه أخرج الواجب خال ً
ص
أخرج من المغشوش ما يعلم اشتماله على خال ٍ
بقدر الواجب مع مراعاة درجة الجودة .وقال
الحنفيّة :إذا كان الغالب على الورق المضروب
ضة ،فتجب فيه الّزكاة كأنّه ضة فهو في حكم الف ّ الف ّ
ة ،ول تزكّى زكاة العروض ،ولو كان قد ض ًكلّه ف ّ
ن الدّراهم ل تخلو من قليل أعدّها للتّجارة ،قالوا :ل ّ
ضة ش ،لنّها ل تنطبع إل ّ به ،والغلبة أن تزيد الف ّ الغ ّ
ش غالبًا فل يكون لها ما إن كان الغ ّ على النّصف .أ ّ
ضة بل حكم العروض ،فل زكاة فيها إل ّ إن حكم الف ّ
نواها للتّجارة ،وبلغت نصابًا بالقيمة ،فإن لم ينوها
ة تبلغ نصابًا ض ًللتّجارة فإن كانت بحيث يخلّص منها ف ّ
وجبت زكاتها ،وإل ّ فل .وقال المالكيّة :إن كانت
ة كرواج غير الدّراهم والدّنانير المغشوشة رائج ً
المغشوشة فإنّها تعامل مثل الكاملة سواءً ،فتكون
ش نصابًا ، فيها الّزكاة إن بلغ وزنها بما فيها من الغ ّ
ما إن كانت غير رائجةٍ فالعبرة بما فيها من الذ ّهب أ ّ
ضة الخالصين على تقدير التّصفية ،فإن بلغ أو الف ّ
نصابًا زكّي وإل ّ فل .وهذا الّذي تقدّم فيما كان
194
ما الذ ّهب المغشوش سا أو غيره ،أ ّ ش فيه نحا ً الغ ّ
س
ل جن ٍ شافعيّة والحنابلة ك ّ ضة فيعتبر عند ال ّ بالف ّ
منهما ،فإن كان أحدهما نصابًا زكّي الجميع ولو لم
م أحدهما إلى يبلغ الخر نصابًا ،وكذا إن كانا بض ّ
الخر يكمل منهما نصاب ،كأن يكون فيه ثلثة أرباع
ضةٍ ،وإل ّ فل زكاة . ب وربع نصاب ف ّ نصاب ذه ٍ
وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن بلغ الذ ّهب المخلوط
ضة نصاب الذ ّهب ففيه زكاة الذ ّهب ،وإن بلغت بالف ّ
ضة إن كانت ضة ففيها زكاة الف ّ ضة نصاب الف ّ الف ّ
ما إن كانت الغلبة للذ ّهب فهو كلّه ضة ،أ ّ الغلبة للف ّ
ة .ولم نجد للمالكيّة ذهب ،لنّه أعّز وأغلى قيم ً
ضا لهذه المسألة . تعّر ً
القدر الواجب :
ضةما وجبت فيه من الذ ّهب والف ّ - 72تؤخذ الّزكاة م ّ
بنسبة ربع العشر ( ) 2 . 5وهكذا بالجماع ،إل ّ أنّهم
اختلفوا في الوقص .فذهب الجمهور ومنهم
ضة ، صاحبان ،إلى أنّه ل وقص في الذ ّهب والف ّ ال ّ
فلو كان عنده ( ) 210دراهم ففي المائتين خمسة
دراهم ،وفي الّزائد بحسابه ،وهو في المثال ربع
ي صلى الله عليه وسلم قال ن النّب ّدرهم ٍ ،لما ورد أ ّ
{ :إذا كانت مائتي درهم ٍ ففيها خمسة دراهم ،فما
سائمة ن الوقص في ال ّ زاد فبحساب ذلك } .ول ّ
لتجنّب التّشقيص ،ول يضّر في النّقدين .وذهب أبو
ن الّزائد على النّصاب عفو ل شيء فيه حنيفة إلى أ ّ
ضة
ب .فإذا بلغ الّزائد في الف ّ حتّى يبلغ خمس نصا ٍ
م ل شيء في ما فيكون فيها درهم ،ث ّ أربعين دره ً
ما ،وهكذا ،وكذا في الّزائد حتّى تبلغ أربعين دره ً
الذ ّهب ل شيء في الّزائد على العشرين مثقاًل حتّى
ج له ابن الهمام بحديث يبلغ أربعة مثاقيل .واحت ّ
195
عمرو بن حزم ٍ مرفوع ًا { ليس فيما دون الربعين
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
صدقة } .وحديث معاذ ٍ { أ ّ
وسلم أمره أن ل يأخذ من الكسور شيئًا } .
ب -الّزكاة في الفلوس :
ن غير - 73الفلوس ما صنع من النّقود من معد ٍ
ن الفلوس ضة .وقد ذهب الحنفيّة إلى أ ّ الذ ّهب والف ّ
ة أو سلعًا للتّجارة تجب الّزكاة إن كانت أثمانًا رائج ً
في قيمتها ،وإل ّ فل .وحكم الفلوس عند المالكيّة
ي عن المدوّنة :من حال حكم العروض .نقل البنان ّ
س عنده قيمتها مائتا درهم ٍ فل زكاة الحول على فلو ٍ
فيها إل ّ أن يكون مديًرا فيقوّمها كالعروض .قالوا :
سا ) على ويجزئ إخراج زكاتها منها ( أي فلو ً
ل :ل يجوز ; لنّها من العروض ، المشهور ،وفي قو ٍ
والعروض يجب إخراج زكاتها بالقيمة دنانير من
ضة .وعند الحنابلة إن الذ ّهب ،أو دراهم من الف ّ
كانت الفلوس للنّفقة فل زكاة فيها ،كعروض
صيارفة القنية ،وإن كانت للتّجارة كالّتي عند ال ّ
تزكّى زكاة القيمة ،كسائر عروض التّجارة ،ول
ضةٍ ،
ب وف ّ يجزئ إخراج زكاتها منها بل تخرج من ذه ٍ
كقولهم في العروض .
زكاة المواد ّ الثّمينة الخرى :
- 74ل زكاة في المواد ّ الثّمينة المقتناة إذا كانت من
ضة ،وذلك كالجواهر من اللّؤلؤ غير الذ ّهب والف ّ
والمرجان والّزمّرد والفيروز ونحوها ،وكذا ما صنع
س أو صفرٍ أو من التّحف الثّمينة من حديد ٍ أو نحا ٍ
زجاٍج أو غير ذلك ،وإن حسنت صنعتها وكثرت
قيمتها ،فإن كانت عروض تجارةٍ ففيها الّزكاة على
ما يأتي .
ج -زكاة الوراق النّقديّة ( ورق النّوط ) :
196
ن الّزكاة في الوراق ك فيه أ ّ ما ل ش ّ نم ّ - 75إ ّ
مة أموال النّاس النّقديّة واجبة ،نظًرا لنّها عا ّ
شركات وغالب ورءوس أموال التّجارات وال ّ
المدّخرات ،فلو قيل بعدم الّزكاة فيها لدّى إلى
ضياع الفقراء والمساكين ،وقد قال اللّه تعالى :
سائل والمحروم } ول سيّما { وفي أموالهم حقّ لل ّ
ة متواضعًا عليها في جميع ة نقدي ّ ً أنّها أصبحت عمل ً
أنحاء العالم ،وينبغي تقدير النّصاب فيها بالذ ّهب أو
ضة . الف ّ
م
ضة في تكميل النّصاب ،وض ّ م الذ ّهب إلى الف ّ ض ّ
عروض التّجارة إليهما :
- 76ذهب الجمهور ( الحنفيّة والمالكيّة وهو رواية
ن الذ ّهب ي ) إلى أ ّ وري والوزاع ّ ّ عن أحمد وقول الث ّ
م أحدهما إلى الخر في تكميل النّصاب ، ضة يض ّ والف ّ
فلو كان عنده خمسة عشر مثقاًل من الذ ّهب ،
ما ،فعليه الّزكاة فيهما ،وكذا ومائة وخمسون دره ً
إن كان عنده من أحدهما نصاب ،ومن الخر ماًل
ن نفعهما يبلغ النّصاب يزكّيان جميعًا ،واستدلّوا بأ ّ
متّحد ،من حيث إنّهما ثمنان ،فمنهما القيم وأروش
شافعيّة وهو الجنايات ،ويتّخذان للتّحلّي .وذهب ال ّ
رواية أخرى عن أحمد وقول أبي عبيدٍ وابن أبي
ثور إلى أنّه ل تجب في أحد الجنسين ٍ ليلى وأبي
الّزكاة حتّى يكمل وحده نصابًا ،لعموم حديث :
ق من الورق صدقة } . { ليس فيما دون خمس أوا ٍ
م اختلفوا فذهب مالك وأبو يوسف ض ّوالقائلون بال ّ
م يكون ض ّن ال ّ
مد وأحمد في روايةٍ إلى أ ّ ومح ّ
بالجزاء فلو كان عنده خمسة عشر مثقاًل ذهبًا ،
ن الوّل نصاب ، ما لوجبت الّزكاة ; ل ّ وخمسون دره ً
والثّاني 25نصاب ،فيكمل منهما نصاب ،وكذا لو
197
ب من أحدهما وثلثان من الخر كان عنده ثلث نصا ٍ
م أحدهما ونحو ذلك .وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يض ّ
إلى الخر بالتّقويم في أحدهما بالخر بما هو أح ّ
ظ
ل ،فلو كان عنده م الكثر إلى الق ّ للفقراء ،أي يض ّ
ب تساوي قيمته ضةٍ ،وربع نصاب ذه ٍ نصف نصاب ف ّ
م
ما العروض فتض ّ ضةٍ فعليه الّزكاة .أ ّ نصف نصاب ف ّ
ضة ويكمل بها نصاب ك ٍّ
ل قيمتها إلى الذ ّهب أو الف ّ
منهما .قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا .
وفي هذا المعنى العملة النّقديّة المتداولة .
ثالثًا :زكاة عروض التّجارة :
شراء لغرض - 77التّجارة تقليب المال بالبيع وال ّ
ل
ل ما ٍ تحصيل الّربح .والعرض بسكون الّراء ،هو ك ّ
الجوهري :العرض المتاع ، ّ سوى النّقدين ،قال
ل شيءٍ فهو عرض سوى الدّراهم والدّنانير وك ّ
فإنّهما عين ،وقال أبو عبيد ٍ :العروض المتعة الّتي
ل يدخلها كيل ول وزن ول يكون حيوانًا ول عقاًرا .
ل أنواع المال ، ما العرض بفتحتين فهو شامل لك ّ أ ّ
ل أو كثر ،قال أبو عبيدة :جميع متاع الدّنيا عرض ق ّ
.وفي الحديث { :ليس الغنى عن كثرة العرض } .
وعروض التّجارة جمع العرض بسكون الّراء ،وهي
ة ما ل ما أعد ّ للتّجارة كائن ً في اصطلح الفقهاء ك ّ
س تجب فيه زكاة العين كالبل كانت سواء من جن ٍ
والغنم والبقر ،أو ل ،كالثّياب والحمير والبغال .
حكم الّزكاة في عروض التّجارة :
ن المفتى به هو وجوب - 78جمهور الفقهاء على أ ّ
الّزكاة في عروض التّجارة ،واستدلّوا لذلك بقوله
تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما
ي صلى الله كسبتم } وبحديث سمرة { :كان النّب ّ
صدقة من الّذي نع ّ
د عليه وسلم يأمرنا أن نخرج ال ّ
198
للبيع } .وحديث أبي ذّرٍ مرفوعًا { :في البل
صدقتها ،وفي الغنم صدقتها ،وفي البّز صدقتها }
وقال حماس :مّر بي عمر فقال :أد ّ زكاة مالك .
م أدّ فقلت :ما لي إل ّ جعاب أدم ٍ .فقال :قوّمها ث ّ
زكاتها .ولنّها معدّة للنّماء بإعداد صاحبها فأشبهت
سوائم والنّقدين . ة كال ّ
المعد ّ لذلك خلق ً
شرط الوّل : شروط وجوب الّزكاة في العروض :ال ّ
أن ل يكون لزكاتها سبب آخر غير كونها عروض
تجارةٍ :
سوائم الّتي للتّجارة ) : أ ( -ال ّ
- 79فلو كان لديه سوائم للتّجارة بلغت نصابًا ،فل
تجتمع زكاتان إجماع ًا ،لحديث { :ل ثني في
صدقة } بل يكون فيها زكاة العين عند المالكيّة ال ّ
شافعيّة في الجديد ،كأن كان عنده خمس من وال ّ
البل للتّجارة ففيها شاة ،ول تعتبر القيمة ،فإن
س فإنّها تقوّم فإن بلغت نصابًا ل من خم ٍ كانت أق ّ
من الثمان وجبت فيها زكاة القيمة .وإنّما قدّموا
ن زكاة العين أقوى زكاة العين على زكاة التّجارة ل ّ
ثبوتًا لنعقاد الجماع عليها ،واختصاص العين بها ،
فكانت أولى .وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّها
ظ للمساكين ; لنّها تجب تزكّى زكاة التّجارة لنّها أح ّ
فيما زاد بالحساب ،لكن قال الحنابلة :إن بلغت
عنده نصاب سائمةٍ ولم تبلغ قيمته نصابًا من الثمان
سائمة ،كمن فل تسقط الّزكاة ،بل تجب زكاة ال ّ
عنده خمس من البل للتّجارة لم تبلغ قيمتها مائتي
درهم ٍ ،ففيها شاة .ونظير هذا عند الفقهاء غلّة مال
ما تجب فيه الّزكاة إن التّجارة ،كأن يكون ثمًرا م ّ
شجر للتّجارة . كان ال ّ
199
ضيّة الّتيي والمصنوعات الذ ّهبيّة والف ّ ب -الحل ّ
للتّجارة :
ضة إن كانت ما المصوغات من الذ ّهب والف ّ - 80أ ّ
للتّجارة ،فقد ذهب المالكيّة إلى أنّه ليس فيها زكاة
ب بالوزن ،ولو زادت قيمتها ل من نصا ٍ إن كانت أق ّ
صنعة ،ويزكّى على ب بسبب الجودة أو ال ّ عن نصا ٍ
ضا لما فيه من الجواهر شاملة أي ًأساس القيمة ال ّ
صناعة ن ال ّ ما الحنابلة فقد صّرحوا بأ ّ صعة .أ ّ المر ّ
ما
المحّرمة ل تقوّم لعدم العتداد بها شرعًا ،أ ّ
يصنعة المباحة فتدخل في التّقويم إن كان الحل ّ ال ّ
للتّجارة ،ويعتبر النّصاب بالقيمة كسائر أموال
التّجارة ،ويقوّم بنقد ٍ آخر من غير جنسه ،فإن كان
ضةٍ ،وبالعكس ،إن كان تقويمه ب قوّم بف ّ من ذه ٍ
ظ للفقراء ،أو نقص عن نصابه ، بنقد ٍ آخر أح ّ
ما )ضةٍ لتجارةٍ زنتها ( مائة وتسعون دره ً كخواتم ف ّ
وقيمتها ( عشرون ) مثقاًل ذهبًا ،فيزكّيها بربع عشر
قيمتها ،فإن كان وزنها ( مائتي ) درهم ٍ ،وقيمتها
تسعة عشر مثقاًل وجب أن ل تقوّم ،وأخرج ربع
ن مذهب عشرها .ويظهر من كلم ابن عابدين أ ّ
ي والمصنوع من النّقدين ن العبرة في الحل ّ الحنفيّة أ ّ
بالوزن من حيث النّصاب ومن حيث قدر المخرج ،
مدٍ النفع وعند زفر المعتبر القيمة ،وعند مح ّ
ضة
شافعيّة في مصوغ الذ ّهب والف ّ للفقراء .وعند ال ّ
الّذي للتّجارة هل يزكّى زكاة العين أو زكاة القيمة
قولن .
ج -الراضي الّزراعيّة الّتي للتّجارة وما يخرج منها :
- 81ذهب الحنفيّة إلى أنّه تجب الّزكاة في الخارج
من الرض الّزراعيّة من ثمرٍ أو زرٍع ،ول يجب
الّزكاة في قيمة الرض العشريّة ولو كانت للتّجارة ،
200
وهذا إن كان قد زرع الرض العشريّة فعًل ووجب
فيها العشر ; لئل ّ يجتمع حّقان للّه تعالى في ما ٍ
ل
واحد ٍ .فإن لم يزرعها تجب زكاة التّجارة فيها لعدم
وجوب العشر ،فلم يوجد المانع ،بخلف الخراج
الموظّف فإنّه يجب فيها ولو عطّلت أي لنّه كالجرة
شافعيّة والحنابلة فيجب زكاة ما عند المالكيّة وال ّ .أ ّ
م
ل.ث ّ ل حا ٍ رقبة الرض كسائر عروض التّجارة بك ّ
اختلف الجمهور في كيفيّة تزكية الغلّة .فمذهب
ن النّاتج من الرض الّزراعيّة الّتي للتّجارة المالكيّة أ ّ
ل زكاة في قيمته في عامه اتّفاقًا إن كانت قد
وجبت فيه زكاة النّبات ،فإن لم تكن فيه لنقصه عن
نصاب الّزرع أو الثّمر ،تجب فيه زكاة التّجارة ،
شافعيّةوكذا في عامه الثّاني وما بعده .وقال ال ّ
ح عندهم والقاضي من الحنابلة :يزكّى على الص ّ
الجميع زكاة القيمة ،لنّه كلّه مال تجارةٍ ،فتجب
سائمة المعدّة للتّجارة .قال فيه زكاة التّجارة ،كال ّ
ضا والغصان والوراق شافعيّة :ويزكّى التّبن أي ً ال ّ
وغيرها إن كان لها قيمة ،كسائر مال التّجارة .
وذهب الحنابلة وأبو ثورٍ إلى أنّه يجتمع في العشريّة
ن زكاة التّجارة في العشر وزكاة التّجارة ،ل ّ
القيمة ،والعشر في الخارج ،فلم يجتمعا في شيءٍ
ظ للفقراء من ن زكاة العشر في الغلّة أح ّ واحد ٍ ; ول ّ
زكاة التّجارة فإنّها ربع العشر ،ومن هنا فارقت
سوم ن زكاة ال ّ سائمة المتّجر بها ،فإ ّ عندهم زكاة ال ّ
ل من زكاة التّجارة . أق ّ
شرط الثّاني :تملّك العرض بمعاوضةٍ : ال ّ
- 82يشترط أن يكون قد تملّك العرض بمعاوضةٍ
ل ،وكذا ج ٍل أو مؤ ّ ن حا ٍّ
ض أو بدي ٍكشراءٍ بنقدٍ أو عر ٍ
لو كان مهًرا أو عوض خلٍع .وهذا مذهب المالكيّة
201
ث أو بهبةٍ أو مدٍ ،فلو ملكه بإر ٍ شافعيّة ،ومح ّ وال ّ
ب واستغلل أرضه بالّزراعة ب أو استرداد ٍ بعي ٍ احتطا ٍ
ن التّجارة كسب أو نحو ذلك فل زكاة فيه .قالوا :ل ّ
ل هو مال ،وقبول الهبة مثًل اكتساب بغير المال ببد ٍ
ن
حأ ّ شافعيّة في مقابل الص ّ ل أصًل .وعند ال ّ بد ٍ
المهر وعوض الخلع ل يزكّيان زكاة التّجارة .وقال
شرط أن يكون قد ملكه الحنابلة وأبو يوسف :ال ّ
بفعله ،سواء كان بمعاوضةٍ أو غيرها من أفعاله ،
كالحتطاب وقبول الهبة ،فإن دخل في ملكه بغير
ي حول التّعريف في فعله ،كالموروث ،أو مض ّ
ة عن أحمد :ل اللّقطة ،فل زكاة فيه .وفي رواي ٍ
يعتبر أن يملك العرض بفعله ،ول أن يكون في
ض نواه للتّجارة كان لها ، ض ،بل أيّ عر ٍ مقابلة عو ٍ
ي صلى الله عليه وسلم لحديث سمرة { :أمرنا النّب ّ
صدقة من الّذي نعد ّ للبيع } . أن نخرج ال ّ
شرط الثّالث :نيّة التّجارة : ال ّ
- 83اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في زكاة مال
التّجارة أن يكون قد نوى عند شرائه أو تملّكه أنّه
ة
للتّجارة ،والنّيّة المعتبرة هي ما كانت مقارن ً
ن التّجارة عمل فيحتاج إلى لدخوله في ملكه ; ل ّ
م نواه للتّجارة لم النّيّة مع العمل ،فلو ملكه للقنية ث ّ
م نواه للقنية وأن ل يصر لها ،ولو ملك للتّجارة ث ّ
ًّ
يكون للتّجارة صار للقنية ،وخرج عن أن يكون محل
ن ترك التّجارة ،من للّزكاة ولو عاد فنواه للتّجارة ل ّ
صوم . قبيل التّروك ،والتّرك يكتفى فيه بالنّيّة كال ّ
ن النّيّة سبب ضعيف تنقل إلى ي :ول ّقال الدّسوق ّ
الصل ول تنقل عنه ،والصل في العروض القنية .
ما لم تكن العروض للتّجارة وقال ابن الهمام :ل ّ
ة فل تصير لها إل ّ بقصدها فيه .واستثنى الحنفيّة خلق ً
202
ما يحتاج للنّيّة ما يشتريه المضارب ،فإنّه يكون م ّ
للتّجارة مطلًقا ; لنّه ل يملك بمال المضاربة غير
المتاجرة به .ولو أنّه آجر داره المشتراة للتّجارة
ض ،فعند بعض الحنفيّة ل يكون العرض للتّجارة بعر ٍ
إل ّ بنيّتها ،وقال بعضهم :هو للتّجارة بغير نيّةٍ .قال
المالكيّة :ولو قرن بنيّة التّجارة نيّة استغلل العرض
حا
،بأن ينوي عند شرائه أن يكريه وإن وجد رب ً
جح عندهم ،وكذا لو باعه ،ففيه الّزكاة على المر ّ
شيء نوى مع التّجارة القنية بأن ينوي النتفاع بال ّ
حا م إن وجد رب ً كركوب الدّابّة أو سكنى المنزل ث ّ
باعه .قالوا :فإن ملكه للقنية فقط ،أو للغلّة فقط
أو لهما ،أو بل نيّةٍ أصًل فل زكاة عليه .
شرط الّرابع :بلوغ النّصاب : ال ّ
ب أو - 84ونصاب العروض بالقيمة ،ويقوّم بذه ٍ
ضةٍ ،فل زكاة في ما يملكه النسان من العروض ف ّ
ل من نصاب الّزكاة في الذ ّهب أو إن كانت قيمتها أق ّ
ضة ضة ،ما لم يكن عنده من الذ ّهب أو الف ّ الف ّ
م العروض بعضها إلى ب .وتض ّنصاب أو تكملة نصا ٍ
ض في تكميل النّصاب وإن اختلفت أجناسها . بع ٍ
واختلف الفقهاء فيما تقوّم به عروض التّجارة :
ضة .فذهب الحنابلة وأبو حنيفة في بالذ ّهب أم بالف ّ
ظروايةٍ عنه عليها المذهب ،إلى أنّها تقوّم بالح ّ
للفقراء ،فإن كان إذا قوّمها بأحدهما ل تبلغ نصابًا
وبالخر تبلغ نصابًا تعيّن عليه التّقويم بما يبلغ نصابًا .
وقال أبو حنيفة في روايةٍ عنه :يخيّر المالك فيما
ن الثّمنين في تقدير قيم الشياء بهما يقوّم به ل ّ
شافعيّة وأبو يوسف :يقوّمها بما سواء .وقال ال ّ
ض قوّمها اشترى به من النّقدين ،وإن اشتراها بعر ٍ
مد :يقوّمها بالنّقد بالنّقد الغالب في البلد ،وقال مح ّ
203
ل كما في المغصوب والمستهلك ل حا ٍ الغالب على ك ّ
سلع ، ضا لما تقوّم به ال ّ .ولم نجد عند المالكيّة تعّر ً
مع أنّهم قالوا :إنّها ل زكاة فيها ما لم تبلغ نصابًا
.نقص قيمة التّجارة في الحول عن النّصاب :
شافعيّة على القول - 85ذهب المالكيّة وال ّ
ن المعتبر في وجوب الّزكاة القيمة المنصوص إلى أ ّ
في آخر الحول ،فلو كانت قيمة العروض في أوّل
م بلغت في آخر الحول بث ّ ل من نصا ٍ الحول أق ّ
نصابًا وجبت فيها الّزكاة ،وهذا خلفًا لزكاة العين فل
بد ّ فيها عندهم من وجود النّصاب في الحول كلّه .
ن العتبار في العروض بالقيمة ،ويعسر قالوا :ل ّ
ت لضطراب السعار ارتفاعًا ل وق ٍ مراعاتها ك ّ
ضا فاكتفي باعتبارها في وقت الوجوب ،قال وانخفا ً
ل من م الحول وقيمة العرض أق ّ شافعيّة :فلو ت ّ ال ّ
ب فإنّه يبطل الحول الوّل ويبتدئ حول جديد . نصا ٍ
شافعيّة :المعتبر ن لل ّ وقال الحنفيّة وهو قول ثا ٍ
ن التّقويم يشقّ في جميع الحول طرفا الحول ،ل ّ
فاعتبر أوّله للنعقاد وتحّقق الغنى ،وآخره
ل في أثناء الحول للوجوب ،ولو انعدم بهلك الك ّ
بطل حكم الحول .وقال الحنابلة وهو قول ثالث
ل الحول كما في النّقدين ،فلو شافعيّة :المعتبر ك ّ لل ّ
نقصت القيمة في أثناء الحول لم تجب الّزكاة ،ولو
ب
ل من نصا ٍ كانت قيمة العرض من حين ملكه أق ّ
م قيمته نصابًا ،فل ينعقد الحول عليه حتّى تت ّ
والّزيادة معتبرة سواء كانت بارتفاع السعار ،أو
ضا
ب ،أو ملك عر ً بنماء العرض ،أو بأن باعها بنصا ٍ
مل بها النّصاب . آخر أو أثمانًا ك ّ
شرط الخامس :الحول : ال ّ
204
- 86والمراد أن يحول الحول على عروض التّجارة ،
فما لم يحل عليها الحول فل زكاة فيها ،وهذا إن
ملكها بغير معاوضةٍ ،أو بمعاوضةٍ غير ماليّةٍ كالخلع ،
ما إن عند من قال بذلك ،أو اشتراها بعرض قنيةٍ ،أ ّ
ض تجارةٍ آخر ،فإنّه ل من الثمان أو بعر ٍ اشتراها بما ٍ
ن مال التّجارة يبني حول الثّاني على حول الوّل ; ل ّ
تتعلّق الّزكاة بقيمته ،وقيمته هي الثمان نفسها ;
ن النّماء في التّجارة يكون بالتّقليب .فإن أبدل ول ّ
ض قنيةٍ أو بسائمةٍ لم يقصد بها عرض التّجارة بعر ٍ
ن حول زكاة التّجارة ينقطع .وربح التّجارة فإ ّ
م إلى الصل فيزكّي الصل التّجارة في الحول يض ّ
والّربح عند آخر الحول .فإذا حال الحول وجب على
المالك تقويم عروضه وإخراج زكاتها عند الجمهور ،
ك تفصيل بين المحتكر لتجارته والمدير لها ولمال ٍ
شرط التّالي . يأتي تفصيله في ال ّ
سلع :سادس :تقويم ال ّ شرط ال ّ ال ّ
ما أن يكون محتكًرا أو ن التّاجر إ ّ
- 87يرى المالكيّة أ ّ
مديًرا ،والمحتكر هو الّذي يرصد بسلعه السواق
سعر وارتفاع السعار ،والمدير هو من يبيع بال ّ
م يخلفه بغيره وهكذا ،كالبّقال ونحوه . الحاضر ث ّ
بفالمحتكر يشترط لوجوب الّزكاة عليه أن يبيع بذه ٍ
ت ،وبعد أن يكمل ضةٍ يبلغ نصابًا ،ولو في مّرا ٍ أو ف ّ
ما باع به نصابًا يزكّيه ويزكّي ما باع به بعد ذلك وإن
م باعه ل ،فلو أقام العرض عنده سنين فلم يبع ث ّ ق ّ
فليس عليه فيه إل ّ زكاة عام ٍ واحدٍ يزكّي ذلك المال
ما المدير فل زكاة عليه حتّى يبيع الّذي يقبضه .أ ّ
ل ،كدرهم ٍ ،وعلى المدير الّذي باع ولو بشيءٍ ولو ق ّ
ل ويزكّي ل حو ٍ بدرهم ٍ أن يقوّم عروض تجارته آخر ك ّ
القيمة ،كما يزكّي النّقد .وإنّما فّرق مالك بين
205
ن الّزكاة شرعت في الموال المدير والمحتكر ل ّ
ل عام ٍ -وقد تكون سلعة ك ّالنّامية ،فلو زكّى ال ّ
كاسدةً -نقصت عن شرائها ،فيتضّرر ،فإذا زكّيت
عند البيع فإن كانت ربحت فالّربح كان كامنًا فيها
فيخرج زكاته ; ولنّه ليس على المالك أن يخرج
سلع
ن تقويم ال ّ ل آخر .وبهذا يتبيّن أ ّ ل من ما ٍ زكاة ما ٍ
ة دون التّاجر ص ً
عند المالكيّة هو للتّاجر المدير خا ّ
ل زكاة ل حو ٍ ن المحتكر ليس عليه لك ّ المحتكر ،وأ ّ
فيما احتكره بل يزكّيه لعام ٍ واحدٍ عند بيعه وقبض
ن المحتكر كغيره ، ما عند سائر العلماء فإ ّ ثمنه .أ ّ
ل زكاة . ل حو ٍ عليه لك ّ
كيفيّة التّقويم والحساب في زكاة التّجارة :
سلع وما ل يقوّم : أ -ما يقوّم من ال ّ
- 88الّذي يقوّم من العروض هو ما يراد بيعه دون
سلع ل ما ل يعد ّ للبيع ،فالّرفوف الّتي يضع عليها ال ّ
ن تاجر ما ذكره الحنفيّة من ذلك أ ّ زكاة فيها .وم ّ
ب إن اشترى لها مقاود أو براذع ،فإن كان الدّوا ّ
يبيع هذه الشياء معها ففيها الّزكاة ،وإن كانت
ب بها فل زكاة فيها .وكذلك العطّار لو لحفظ الدّوا ّ
اشترى قوارير ،فما كان من القوارير لحفظ العطر
عند التّاجر فل زكاة فيها ،وما كان يوضع فيها العطر
للمشتري ففيها الّزكاة .ومواد ّ الوقود كالحطب ،
صابون ونحوه الّتي ونحوه ،ومواد ّ التّنظيف كال ّ
صانع ليستهلكها في صناعته ل ليبيعها فل أعدّها ال ّ
بزكاة فيما لديه منها ،والمواد ّ الّتي لتغذية دوا ّ
التّجارة ل تجب فيها الّزكاة .وذكر المالكيّة أنّه ل
زكاة في الواني الّتي تدار فيها البضائع ،ول اللت
سلع ،والبل الّتي تحملها ،إل ّ أن الّتي تصنع بها ال ّ
ن الموا ّد شافعيّة أ ّتجب الّزكاة في عينها .وذكر ال ّ
206
صباغة أو الدّباغة ،والدّهن للجلود ،فيها الّتي لل ّ
صابون للغسل فل الّزكاة ،بخلف الملح للعجين أو ال ّ
زكاة فيهما لهلك العين ،وذكر الحنابلة نحو ذلك .
صنعة في المواد ّ الّتي يقوّم صاحبها ب -تقويم ال ّ
بتصنيعها :
- 89المواد ّ الخام الّتي اشتراها المالك وقام
بتصنيعها يستفاد من كلم المالكيّة أنّها تقوّم على
الحال الّتي اشتراها عليها صاحبها ،أي قبل
تصنيعها ،وذلك بيّن ،على قول من يشترط في
وجوب الّزكاة في العروض أن يملكها بمعاوضةٍ ;
ص
ة بل بفعله .ون ّ ن هذا قد ملكها بغير معاوض ٍ ل ّ
صنّاع يزكّون ما حال على ن ال ّ
ي " الحكم أ ّ البنان ّ
أصله الحول من مصنوعاتهم إذا كان نصابًا ول
ب :لنّها فوائديقوّمون صناعتهم " قال ابن ل ٍّ
كسبهم استفادوها وقت بيعهم .
سعر الّذي تقوّم به ال ّ
سلع : ال ّ
ن عروض التّجارة يقوّمها المالك - 90صّرح الحنفيّة أ ّ
على أساس سعر البلد الّذي فيه المال ،وليس
من له بالمال علقة ، الّذي فيه المالك ،أو غيره م ّ
ولو كان في مفازةٍ تعتبر قيمته في أقرب المصار .
وتعتبر القيمة يوم الوجوب في قول أبي حنيفة لنّه
في الصل بالخيار بين الخراج من العين وأداء
القيمة ،ويجبر المصدّق على قبولها ،فيستند إلى
وقت ثبوت الخيار وهو وقت الوجوب .وقال
ن الواجب صاحبان :المعتبر القيمة يوم الداء ; ل ّ ال ّ
عندهما جزء من العين ،وله ولية منعها إلى
القيمة ،فتعتبر يوم المنع كما في الوديعة .
سعر المقدّر : زيادة سعر البيع عن ال ّ
207
ة لجل الّزكاة وأخرجها على قوم سلع ً - 91إن ّ
ما باعها زاد ثمنها على القيمة ،فقد أساس ذلك ،فل ّ
صّرح المالكيّة بأنّه ل زكاة في هذه الّزيادة بل هي
سوق ،أو لرغبة ملغاة ; لحتمال ارتفاع سعر ال ّ
ما لو تحّقق أنّه غلط في التّقويم فإنّها المشتري ،أ ّ
شافعيّة ل تلغى لظهور الخطأ قطعًا .وكذا صّرح ال ّ
ن الّزيادة عن التّقويم ل زكاة فيها عن الحول بأ ّ
سابق .ال ّ
سلع البائرة : التّقويم لل ّ
- 92مقتضى مذهب الجمهور أنّه ل فرق في التّقويم
ما المالكيّة فقد ذكروا سلع البائرة وغيرها .أ ّ ،بين ال ّ
سلع الّتي لدى التّاجر المدير إذا بارت فإنّه ن ال ّ أ ّ
مت يدخلها في التّقويم ويؤدّي زكاتها ك ّ
ل عام ٍ إذا ت ّ
ن بوارها ل ينقلها للقنية ول للحتكار ، شروط ; ل ّ ال ّ
وهذا هو المشهور عندهم وهو قول ابن القاسم .
سلع إذا بارت ن ال ّ وذهب ابن نافٍع وسحنون إلى أ ّ
ي وابن يونس الخلف ص اللّخم ّتنتقل للحتكار ،وخ ّ
ما إذا بار النّصف أو الكثر فل ل،أ ّ بما إذا بار الق ّ
يقوّم اتّفاقًا عندهم ،ومقتضى ذلك أن ل زكاة فيها
م كلّما باع شيئًا زكّاه ب فيزكّيه ،ث ّ إل ّ إذا باع قدر نصا ٍ
كما تقدّم .
سلع المشتراة الّتي لم يدفع التّاجر ثمنها : التّقويم لل ّ
ن التّاجر المدير ل يقوّم - - 93ذهب المالكيّة إلى أ ّ
لجل الّزكاة -من سلعه إل ّ ما دفع ثمنه ،أو حال
عليه الحول عنده وإن لم يدفع ثمنه ،وحكمه في ما
ما
لم يدفع ثمنه حكم من عليه دين وبيده مال .وأ ّ
ما لم يدفع ثمنه ولم يحل عليه الحول عنده فل زكاة
عليه فيه ،ول يسقط عنه من زكاة ما حال حوله
عنده شيء بسبب دين ثمن هذا العرض الّذي لم
208
يحل حوله عنده ،إن لم يكن عنده ما يجعله في
مقابلته .
تقويم دين التّاجر النّاشئ عن التّجارة :
- 94ما كان للتّاجر من الدّين المرجوّ إن كان سلعًا
ة -أي من غير النّقدين -فإنّه عند المالكيّة إن عيني ّ ً
ل ،ولو كان كان مديًرا -ل محتكًرا -يقوّمه بنقدٍ حا ٍّ
الدّين طعام سلم ٍ ،ول يضّر تقويمه لنّه ليس بيعًا له
حتّى يؤدّي إلى بيع الطّعام قبل قبضه .وإن كان
جًل ،فإنّه الدّين المرجوّ من أحد النّقدين وكان مؤ ّ
ل ،فيزكّي م يقوّم العرض بنقدٍ حا ٍّ ض،ث ّ يقوّمه بعر ٍ
تلك القيمة لنّها الّتي تملك لو قام على المدين
ما الدّين غير المرجوّ فل يقوّمه ليزكّيه غرماؤه .أ ّ
ما عند حتّى يقبضه ،فإن قبضه زكّاه لعام ٍ واحدٍ .وأ ّ
الجمهور فلم يذكروا هذه الطّريقة ،فالظّاهر عندهم
جل يحسب للّزكاة بكماله إذا كان ن الدّين المؤ ّ أ ّ
على مليءٍ مقّرٍ .
إخراج زكاة عروض التّجارة نقدًا أو من أعيان المال
:
- 95الصل في زكاة التّجارة أن يخرجها نقدًا بنسبة
ربع العشر من قيمتها ،كما تقدّم ،لقول عمر رضي
م أد ّ زكاتها .فإن أخرج س :قوّمها ث ّ الله عنه لحما ٍ
زكاة القيمة من أحد النّقدين أجزأ اتّفاقًا .وإن أخرج
ضا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز عرو ً
ذلك .فقال الحنابلة وهو ظاهر كلم المالكيّة وقول
ي في الجديد وعليه الفتوى :ل يجزئه ذلك ، شافع ّ ال ّ
ن النّصاب معتبر بالقيمة ،فكانت الّزكاة واستدلّوا بأ ّ
ما كان نصابها معتبًرا ن البقر ل ّ من القيمة ،كما إ ّ
بأعيانها ،وجبت الّزكاة من أعيانها ،وكذا سائر
ما عند الحنفيّة وهو قول الموال غير التّجارة .وأ ّ
209
شافعيّة قديم :يتخيّر المالك بين الخراج من ن لل ّ ثا ٍ
ض بقيمة ما العرض أو من القيمة فيجزئ إخراج عر ٍ
وجب عليه من زكاة العروض ،قال الحنفيّة :
وكذلك زكاة غيرها من الموال حتّى النّقدين
سوم ل للتّجارة ،ويأتي والماشية ولو كانت لل ّ
شافعيّة ث لل ّ ل ثال ٍ تفصيل ذلك إن شاء اللّه .وفي قو ٍ
ن زكاة العروض تخرج منها ل من ثمنها ، قديم ٍ :أ ّ
فلو أخرج من الثّمن لم يجزئ .
زكاة مال التّجارة الّذي بيد المضارب :
ن فربح فزكاة ة لنسا ٍ - 96من أعطى ماله مضارب ً
ما الّربح فقد ب المال اتّفاقًا ،أ ّ رأس المال على ر ّ
ن على المضارب اختلف فيه فظاهر كلم الحنفيّة أ ّ
م
صته من الّربح إن ظهر في المال ربح وت ّ زكاة ح ّ
ن مال القراض نصيبه نصابًا .وذهب المالكيّة إلى أ ّ
صته من الّربح ب المال رأس ماله وح ّ يزكّي منه ر ّ
ل عام ٍ ،وهذا إن كان تاجًرا مديًرا ،وكذا إن كان ك ّ
محتكًرا وكان عامل القراض مديًرا ،وكان ما بيده
ب المال الكثر ،وما بيد ربّه المحتكر من مال ر ّ
صته إلّ ما العامل فل يجب عليه زكاة ح ّ ل .وأ ّ الق ّ
بعد المفاصلة فيزكّيها إذا قبضها لسنةٍ واحدةٍ .
ن زكاة المال شافعيّة على الظهر إلى أ ّ وذهب ال ّ
وربحه كلّها على صاحب المال ،فإن أخرجها من
مال القراض حسبت من الّربح ; لنّها من مئونة
ن المال ملكه ،ول يملك العامل شيئًا المال وذلك ل ّ
م القسمة .هذا على ولو ظهر في المال ربح حتّى تت ّ
ما على القول ن العامل ل يملك بالظّهور ،أ ّ القول بأ ّ
ن على العامل زكاة بأنّه يملك بالظّهور فالمذهب أ ّ
ن على صاحب المال صته .وذهب الحنابلة إلى أ ّ ح ّ
ن نصيب زكاة المال كلّه ما عدا نصيب العامل ; ل ّ
210
ب المال ول تجب على النسان زكاة العامل ليس لر ّ
مال غيره .ويخرج الّزكاة من المال لنّه من
مئونته ،وتحسب من الّربح ; لنّه وقاية لرأس المال
ما العامل فليس عليه زكاة في نصيبه ما لم .وأ ّ
يقتسما ،فإذا اقتسما استأنف العامل حوًل من
حينئذ ٍ .وقال أبو الخطّاب من الحنابلة :يحتسب من
حين ظهور الّربح ،ول تجب عليه إخراج زكاته حتّى
يقبضه .
رابعًا :زكاة الّزروع والثّمار :ما تجب فيه الّزكاة من
أجناس النّبات :
ن في التّمر ( ثمر النّخل ) - 97أجمع العلماء على أ ّ
شعير والعنب ( ثمر الكرم ) من الثّمار ،والقمح وال ّ
مت شروطها .وإنّما أجمعوا من الّزروع الّزكاة إذا ت ّ
صحيحة ،منها على ذلك لما ورد فيها من الحاديث ال ّ
حديث عبد اللّه بن عمرٍو رضي الله عنهما مرفوعًا :
شعير والتّمر والّزبيب } { الّزكاة في الحنطة وال ّ
ظ { العشر في التّمر والّزبيب والحنطة وفي لف ٍ
شعير } ومنها حديث عمر بن الخطّاب رضي الله وال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه عنه قال { :إنّما س ّ
شعير وسلم الّزكاة في هذه الربعة الحنطة وال ّ
والّزبيب والتّمر } وعن أبي بردة عن أبي موسى
ن رسول اللّه ومعاذ ٍ رضي الله عنهم أجمعين { أ ّ
صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن يعلّمان
صدقة إلّ النّاس أمر دينهم ،فأمرهم أن ل يأخذوا ال ّ
شعير والتّمرمن هذه الربعة :الحنطة وال ّ
م اختلف العلماء في ما عدا هذه والّزبيب } - 98 .ث ّ
ن الّزكاة الصناف الربعة :فذهب أبو حنيفة إلى أ ّ
ل ما يقصد بزراعته استنماء الرض ،من تجب في ك ّ
الثّمار والحبوب والخضراوات والبازير وغيرها م ّ
ما
211
يقصد به استغلل الرض ،دون ما ل يقصد به ذلك
عادة ً كالحطب والحشيش والقصب ( أي القصب
سكّر ) والتّبن وشجر ي بخلف قصب ال ّ الفارس ّ
القطن والباذنجان وبذر البطّيخ والبذور الّتي للدوية
شونيز ،لكن لو قصد بشيءٍ من هذه كالحلبة وال ّ
النواع كلّها أن يشغل أرضه بها لجل الستنماء
ج بقول وجبت الّزكاة ،فالمدار على القصد .واحت ّ
سماء ي صلى الله عليه وسلم { :فيما سقت ال ّ النّب ّ
م فيؤخذ على أو كان عثريًّا العشر } .فإنّه عا ّ
عمومه ،ولنّه يقصد بزراعته نماء الرض واستغللها
ن
ب .وذهب صاحبا أبي حنيفة إلى أ ّ فأشبه الح ّ
الّزكاة ل تجب إل ّ فيما له ثمرة باقية حوًل .وذهب
المالكيّة إلى التّفريق بين الثّمار والحبوب ،فأ ّ
ما
س منها زكاة غير التّمر أي جن ٍالثّمار فل يؤخذ من ّ
شعير ما الحبوب ،فيؤخذ من الحنطة وال ّ والعنب ،وأ ّ
سلت والذ ّرة والدّخن والرز والعلس ،ومن وال ّ
مص والفول والعدس واللّوبيا سبعة الح ّ ي ال ّ القطان ّ
والتّرمس والجلبّان والبسيلة ،وذوات الّزيوت الربع
ب الفجل .فهي سمسم والقرطم وح ّ الّزيتون وال ّ
سا ،ل يؤخذ من شيءٍ سواها زكاة كلّها عشرون جن ً
ن الّزكاة ل تجب في شيءٍ شافعيّة إلى أ ّ .وذهب ال ّ
من الّزروع والثّمار إل ّ ما كان قوتًا .والقوت هو ما
ما أو تداويًا ، به يعيش البدن غالبًا دون ما يؤكل تنعّ ً
ة،ص ً فتجب الّزكاة من الثّمار في العنب والتّمر خا ّ
شعير والرز والعدس ومن الحبوب في الحنطة وال ّ
مص والباقلء ، وسائر ما يقتات اختياًرا كالذ ّرة والح ّ
سمسم والتّين والجوز واللّوز ول تجب في ال ّ
مان والتّّفاح ونحوها والّزعفران والورس والّر ّ
والقرطم .وذهب أحمد في روايةٍ عليها المذهب
212
ل ما استنبته الدميّون من ن الّزكاة تجب في ك ّ إلى أ ّ
ما يجمع وصفين :الكيل ، الحبوب والثّمار ،وكان م ّ
واليبس مع البقاء ( أي إمكانيّة الدّخار ) وهذا يشمل
ة :الوّل :ما كان قوتًا كالرز والذ ّرة أنواع ًا سبع ً
والدّخن .الثّاني :القطنيّات كالفول والعدس
ش واللّوبيا .الثّالث :البازير ، مص والما ّ والح ّ
مون والكراويا .الّرابع :البذور ، كالكسفرة والك ّ
وبذر الخيار ،وبذر البطّيخ ،وبذر القثّاء ،وغيرها م ّ
ما
يؤكل ،أو ل يؤكل كبذور الكتّان وبذور القطن وبذور
بب البقول كالّرشاد وح ّ الّرياحين .الخامس :ح ّ
سادس : الفجل والقرطم والحلبة والخردل .ال ّ
الثّمار الّتي تجّفف ،وتدّخر كاللّوز والفستق والبندق
سابع :ما لم يكن حبًّا ول ثمًرا لكنّه يكال ويدّخر .ال ّ
سدر ق ،أو ورق شجرٍ يقصد كال ّ ما ٍ
كسعترٍ وس ّ
ي والس .قالوا :ول تجب الّزكاة فيما عدا والخطم ّ
ذلك كالخضار كلّها ،وكثمار التّّفاح والمشمش
مان والبرتقال وبقيّة والتّين والتّوت والموز والّر ّ
ص عليه أحمد ; لنّه الفواكه ،ول في الجوز ،ن ّ
معدود ،ول تجب في القصب ول في البقول
كالفجل والبصل والكّراث ،ول في نحو القطن
والقنّب والكتّان والعصفر والّزعفران ونحو جريد
النّخل وخوصه وليفه .وفي الّزيتون عندهم اختلف
ي صلى الله ن النّب ّ
ج الحنابلة لذلك بأ ّ يأتي بيانه .واحت ّ
ق
عليه وسلم قال { :ليس فيما دون خمسة أوسا ٍ
ل على اعتبار الكيل ، ب صدقة } فد ّ من تمرٍ ول ح ٍّ
ن غير المدّخر ل تكمل فيه النّعمة ما الدّخار فل ّ وأ ّ
لعدم النّفع به مآًل .وذهب أحمد في روايةٍ ،وأبو
ي ،وهو مرويّ عن ابن عمر رضي شعب ّ عبيد ٍ ،وال ّ
الله عنهما إلى أنّه ل زكاة في شيءٍ غير هذه
213
ص بها ورد ; ولنّها غالب ن الن ّ ّالجناس الربعة ،ل ّ
القوات ول يساويها في هذا المعنى وفي كثرة نفعها
ج من عدا شيء غيرها ،فل يقاس عليها شيء .واحت ّ
أبا حنيفة على انتفاء الّزكاة في الخضر والفواكه
ي صلى الله عليه وسلم { :ليس في بقول النّب ّ
مان الخضراوات صدقة } وعلى انتفائها في نحو الّر ّ
ن سفيان بن عبد اللّه والتّّفاح من الثّمار بما ورد أ ّ
ن قبله ي وكان عامًل لعمر على الطّائف :أ ّ الثّقف ّ
مان ما هو حيطانًا فيها من الفرسك ( الخوخ ) والّر ّ
أكثر من غلّة الكروم أضعافًا فكتب يستأمر في
العشر .فكتب إليه عمر أن ليس عليها عشر ،وقال
:هي من العفاة كلّها وليس فيها عشر .
الّزكاة في الّزيتون :
- 99تجب الّزكاة في الّزيتون عند الحنفيّة والمالكيّة
ك واللّيث ي ومال ٍ ،وهو قول الّزهريّ والوزاع ّ
ي في القديم ،ورواية شافع ّ والثّوريّ ،وهو قول ال ّ
س ،لقوله تعالى مروي عن ابن عبّا ٍ ّ عن أحمد ،وهو
ن ذكر الّزيتون { :وآتوا حّقه يوم حصاده } بعد أ ّ
في أوّل الية .ولنّه يمكن ادّخار غلّته فأشبه التّمر
شافعيّة في الجديد وأحمد في والّزبيب .وذهب ال ّ
الّرواية الخرى إلى أنّه ل زكاة في الّزيتون لنّه ل
سا ،فهو كالخضراوات . يدّخر ياب ً
شروط وجوب الّزكاة في الّزروع والثّمار :
- 100ل يشترط الحول في زكاة الّزروع والثّمار
اتّفاقًا ،لقوله تعالى { :وآتوا حّقه يوم حصاده }
ن الخارج نماء في ذاته فوجبت فيه الّزكاة فوًرا ول ّ
كالمعدن ،بخلف سائر الموال الّزكويّة فإنّما
اشترط فيها الحول ليمكن فيه الستثمار .ويشترط
شرط لوجوب الّزكاة في الّزروع والثّمار ما يلي :ال ّ
214
ق عند الوّل النّصاب :ونصابها خمسة أوس ٍ
الجمهور ،وبه قال صاحبا أبي حنيفة في ما يوسق ،
قلما في حديث { :ليس فيما دون خمسة أوسا ٍ
ة :حمل البعير ب صدقة } والوسق لغ ً من تمرٍ ول ح ٍّ
،وهو في الحنطة والعدس ونحوهما ستّون صاع ًا
ي صلى الله عليه وسلم ( وينظر تحرير بصاع النّب ّ
صاع في مصطلح :مقادير ) فالنّصاب مقدار ال ّ
ثلثمائة صاٍع .وقال أبو حنيفة :ل يشترط نصاب
لزكاة الّزروع والثّمار بل هي واجبة في القليل
ل من نصف صاٍع .النّصاب والكثير ما لم يكن أق ّ
فيما ل يكال :
ن ما ل يوسق فنصابه - 101ذهب أبو يوسف إلى أ ّ
ما
بم ّ بالقيمة ،فإن بلغت قيمته قيمة أدنى نصا ٍ
ن
مد إلى أ ّ يوسق ففيه الّزكاة ،وإل ّ فل .وذهب مح ّ
نصابه خمسة أمثال ما يقدّر به ،ففي القطن
ق ،وفي ل ،وفي العسل خمسة أفرا ٍ خمسة أحما ٍ
سكّر خمسة أمناءٍ .وفي النّصاب مسائل : ال ّ
ض لتكميل النّصاب : م بعضه إلى بع ٍ أ -ما يض ّ
م أنواع الجنس الواحد لتكميل النّصاب ، - 102تض ّ
كأنواع التّمر وإن اختلفت أسماؤها لنّها كلّها تمر ،
ل نوٍع بقسطه ، شافعيّة بأنّه يؤخذ من ك ّ وصّرح ال ّ
م الجيّد من فإن شقّ أخرج من الوسط ..ويض ّ
مل جنس من الجنس الواحد إلى الّرديء منه ول يك ّ
أي منهما م التّمر إلى الّزبيب ول ّ س آخر فل يض ّ جن ٍ
شعير .إل ّ أنّهم اختلفوا في بعض إلى الحنطة أو ال ّ
الشياء أنّها أجناس أو أنواع ،كالعلس وكان قوت
ل ،فل بدّ صنعاء اليمن ،فقد قيل :هو جنس مستق ّ
مل نصابًا وحده ،وهو قول ابن القاسم وأصبغ أن يك ّ
ب من المالكيّة ،وقيل :هو نوع من الحنطة وابن وه ٍ
215
شافعيّة والحنابلة . م إليها ،وهو مذهب ال ّ ،فيض ّ
ك وسائر أصحابه ،والقمح وال ّ
شعير وقول مال ٍ
م أحدها إلى الخر عند سلت أجناس ثلثة ل يض ّ وال ّ
نن القمح جنس وأ ّ شافعيّة .ومذهب الحنابلة أ ّ ال ّ
س واحدٍ .ومذهب سلت نوعان من جن ٍ شعير وال ّ ال ّ
مل النّصاب منها ن الثّلثة جنس واحد يك ّ المالكيّة أ ّ
جميعًا .بخلف الرز والذ ّرة والدّخن فهي أجناس
ي عند المالكيّة وهي سبعة مختلفة ،وكذلك القطان ّ
ض، م بعضه إلى بع ٍ ف كلّها جنس واحد يض ّ أصنا ٍ
ض في روايةٍ ي بعضها إلى بع ٍ م القطان ّ وكذلك تض ّ
م غلّة العام الواحد بعضها إلى عند الحنابلة .ض ّ
ض:بع ٍ
م ثمرة عام ٍ إلى ثمرة عام ٍ آخر ول - 103ل تض ّ
ما في العام الواحد ، ب كذلك .وأ ّ الحاصل من الح ّ
شافعيّة في الظهر بين الّزرع والثّمر ، فقد فّرق ال ّ
م ما زرع في العام الواحد بعضه ما الّزرع فيض ّ فأ ّ
ض ،كالذ ّرة تزرع في الّربيع وفي الخريف ، إلى بع ٍ
م بعضه إلى ما الثّمر إذا اختلف إدراكه فل يض ّ وأ ّ
ض في العام الواحد ،وذلك كما لو اختلف إدراكه بع ٍ
لختلف أنواعه واختلف بلده حرارةً وبرودةً ،وكما
م. لو أطلع النّخل في العام الواحد مّرتين فل يض ّ
ل عندهم :إن أطلع الثّاني بعد جداد الوّل وفي قو ٍ
مض ّم .وقال المالكيّة :يشترط لل ّ م وإل ّ فيض ّ فل يض ّ
أن يزرع أحدها قبل استحقاق حصاد الخر وهو وقت
ب
ضا أن يبقى من ح ّ وجوب الّزكاة فيه ،ويشترط أي ً
الوّل إلى استحقاق حصاد الثّاني وإن لم يحصد ما
ما لو أكل الوّل قبل وقت يكمل به النّصاب ،أ ّ
م الثّاني للوّل بل وجوب الّزكاة في الثّاني ،فل يض ّ
م زرع إن كان الثّاني نصابًا زكّي ،وإل ّ فل .وكذا يض ّ
216
لث ،إن كان فيه مع ك ٍّ ن إلى ثال ٍ ل ،وثا ٍ ن إلى أوّ ٍ ثا ٍ
ق ،وهذا إن لم يخرج زكاة منهما خمسة أوس ٍ
م أصنافًاالولين حتّى يحصد الثّالث .وحيث ض ّ ّ
ف بحسبه . ل صن ٍ ض فإنّه يخرج من ك ٍّ بعضها إلى بع ٍ
من زرع العام الواحد يض ّ وأطلق الحنابلة القول أ ّ
ض إذا اتّفق الجنس ،وكذا ثمرة بعضه إلى بع ٍ
ما يحمل مّرتين في العام العام ،سواء كان الصل م ّ
كالذ ّرة ،أو ل .
- 104والمعتبر في قدر النّصاب اتّحاد المالك ،فإن
كان الّزرع والثّمر مشتركًا ،أو مختلطًا فل زكاة فيه
ما لم يبلغ ما يملكه المزكّي منه وحده نصابًا ،
ن المال المشترك والمختلط شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
ل واحدٍ فإن بلغ مجموعه نصابًا زكّي ، يزكّى زكاة ما ٍ
وإل ّ فل .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :خلطة ) .
ن النّصاب ول ترد هذه التّفريعات كلّها عند الحنفيّة ل ّ
هنا غير معتبرٍ بل تجب الّزكاة عندهم في قليل
الّزروع وكثيرها كما تقدّم .
ب -نصاب ما له قشر ،وما ينقص كيله باليبس :
شافعيّة والحنابلة أنّه تعتبر الوسق - 105يرى ال ّ
الخمسة بعد التّصفية في الحبوب ،وبعد الجفاف
ق من العنب ل في الثّمار فلو كان له عشرة أوس ٍ
ق من الّزبيب يجيء منها بعد الجفاف خمسة أوس ٍ
ن الجفاف هو وقت فليس عليه فيها زكاة ،وذلك ل ّ
وجوب الخراج ،فاعتبر النّصاب بحال الثّمار وقت
ب فصله من التّبن الوجوب .والمراد بتصفية الح ّ
بومن القشر الّذي ل يؤكل معه .وهذا إن كان الح ّ
ما ل يصلح ادّخاره إلّ ما إن كان م ّ ييبس ويدّخر .أ ّ
في قشره الّذي ل يؤكل معه كالعلس ،وهو ح ّ
ب
شبيه بالحنطة ،والرز في بعض البلد إذ يخّزنونه
217
نشافعيّة القول بأ ّ بقشره ،فقد أطلق بعض ال ّ
ق اعتباًرا لقشره الّذي ادّخاره فيه نصابه عشرة أوس ٍ
شيخ أبي حامدٍ أصلح له .وقال الحنابلة وهو قول ال ّ
شافعيّة :يعتبر ما يكون صافيه نصابًا ،ويؤخذ من ال ّ
الواجب منه بالقشر .وقال المالكيّة :بل يحسب
في النّصاب قشر الرز والعلس الّذي يخّزنان به
ق
شعير فلو كان الرز مقشوًرا أربعة أوس ٍ كقشر ال ّ
ق زكّي ،وإن كان أق ّ
ل فإن كان بقشره خمسة أوس ٍ
فل زكاة ،وله أن يخرج الواجب مقشوًرا أو غير
ب به كقشر ما القشر الّذي ل يخّزن الح ّ مقشورٍ ،وأ ّ
الفول العلى فيحتسب فيه الّزكاة مقدّر الجفاف .
ب والثّمر : وقت وجوب الّزكاة في الح ّ
- 106اختلف الفقهاء في الوقت الّذي تجب فيه
زكاة الّزروع والثّمار .فذهب المالكيّة ما عدا ابن
شافعيّة وأبو حنيفة إلى أنّها تجب بإفراك عرفة ،وال ّ
ب ،وطيب الثّمر والمن عليه من الفساد ، الح ّ
سقي ، ب طيبه واستغناؤه عن ال ّ والمراد بإفراك الح ّ
وإن بقي في الرض لتمام طيبه ،وطيب الثّمر نحو
أن يزهي البسر ،أو تظهر الحلوة في العنب .قالوا
ة وهو قبل ما حقيق ً ب باشتداده يكون طعا ً ن الح ّ :ل ّ
بدو صلحه بلح وحصرم ، ّ ذلك بقل ،والثّمر قبل
ن ذلك وقت بدو صلحه ثمرة كاملة ،ول ّ ّ وبعد
الخرص ،والمراد بالوجوب هنا انعقاد سبب الوجوب
،ول يكون الخراج إل ّ بعد اليبس والجفاف .وذهب
أبو يوسف من الحنفيّة وهو قول ابن أبي موسى من
ن
الحنابلة وقول ابن عرفة من المالكيّة إلى أ ّ
الوجوب يتعلّق باليبس واستحقاق الحصاد .وذهب
ن الوجوب ل يثبت إل ّ بحصاد مد بن الحسن إلى أ ّ مح ّ
الثّمرة وجعلها في الجرين .وقال الحنابلة :يثبت
218
ب في صلح في الثّمر ،واشتداد الح ّ ببدو ال ّ
ّ الوجوب
الّزرع ،ويستقّر الوجوب بجعل الثّمرة أو الّزرع في
الجرين أو البيدر ،فلو تلف قبل استقرار الحبوب
بجائحةٍ فل شيء عليه إجماع ًا على ما قال ابن
ما قبل ثبوت المنذر ونقله في شرح المنتهى عنه ،أ ّ
الوجوب فلو بيع النّخل أو الرض فل زكاة على البائع
في الّزرع والثّمر ،ولو مات المالك قبل الوجوب
فالّزكاة على الورثة إن بقي إلى وقت الوجوب وبلغ
نصيب الوارث نصابًا ،وكذا إن أوصى بها ومات قبل
الوجوب فل زكاة فيها ،ولو أكل من الثّمرة قبل
الوجوب لم يحتسب عليه ما أكل ،ولو نقصت عن
ما بعد الوجوب النّصاب بما أكل فل زكاة عليه .وأ ّ
فتلزمه الّزكاة وإن باع أو أوصى بها ،ول شيء على
ما
من ملكها بعد أن ثبت الوجوب .وذكر الحنابلة م ّ
يتفّرع على ذلك أنّه ل زكاة على من حصل على
سنبل أو أجرة الحصاد ،أو ما ب من لقاط ال ّ نصا ٍ
ب أو العفص والشنان يأخذه من المباحات من الح ّ
ونحوها لنّه لم يملكها وقت الوجوب .
من تلزمه الّزكاة في حال اختلف مالك الغلّة عن
مالك الرض :
- 107إن كان مالك الّزرع عند وجوب الّزكاة فيه هو
ما إنمالك الرض ،فالمر واضح ،فتلزمه الّزكاة .أ ّ
كان مالك الّزرع غير مالك الرض فلذلك صور :
أ -الرض الخراجيّة :
صلح الّتي أقّرت بأيدي أصحابها على - 108أرض ال ّ
أنّها لهم ولنا عليها الخراج ،متى أسلموا سقط
خراجها ،ووجب عليهم في غلّتها الّزكاة ،فإن
ي مسلم فعليه الّزكاة فيها ،وأرض م ّاشتراها من الذ ّ ّ
العنوة الّتي ملكها المسلمون وحيزت لبيت المال
219
فهذه عليها الخراج اتّفاقًا ،سواء بقي من هي بيده
على دينه أو أسلم أو باعها لمسلم ٍ ; لنّه خراج
بمعنى الجرة ،واختلف الفقهاء هل يجب في غلّتها
ضا ،فذهب ما الّزكاة أي ً إن كان صاحبها مسل ً
م يزكّى ما ن الخراج يؤدّى أوًّل ،ث ّ الجمهور إلى أ ّ
بقي .وذهب الحنفيّة إلى أنّه ل زكاة في غلّة الرض
ن الخراج مئونة الرض ،والعشر الخراجيّة ،وذلك ل ّ
فيه معنى المئونة ،فل يجتمع عشر وخراج .
والتّفصيل في مصطلح ( :خراج ) .
ب -الرض المستعارة والمستأجرة :
شافعيّة - 109ذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة وال ّ
ضا أون من استعار أر ً صاحبان ) إلى أ ّ والحنابلة وال ّ
استأجرها فزرعها ،فالّزكاة على المستعير
ن الغلّة ملكه ،والعبرة في الّزكاة والمستأجر ل ّ
شجر .وذهب بملكيّة الثّمرة ل بملكيّة الرض أو ال ّ
ن الرض جر ل ّ ن العشر على المؤ ّ أبو حنيفة إلى أ ّ
كما تستنمى بالّزراعة تستنمى بالجارة .
ل بالمزارعة أو المساقاة : ج -الرض الّتي تستغ ّ
نصاحبان من الحنفيّة إلى أ ّ - 110ذهب الحنابلة وال ّ
ل من المالك العشر في هاتين الحالتين على ك ٍّ
ل بحسب نصيبه من الغلّة إن بلغ نصيبه والعامل ك ّ
ب فل ل من نصا ٍ نصابًا ،ومن كان نصيبه منهما أق ّ
مل ض غيرها ما يك ّ عشر عليه ،ما لم يكن له من أر ٍ
به النّصاب .وهذا عند الحنابلة على الّرواية الّتي ل
ما على تجعل الخلطة مؤثّرة ً في زكاة الّزروع .أ ّ
الّرواية الّتي تجعل الخلطة مؤثّرةً فيها ،فإذا بلغت
ق يكون فيها الّزكاة فيؤخذ ّ
غلة الرض خمسة أوس ٍ
شريكين عشر نصيبه ،ما لم يكن ل من ال ّ من ك ٍّ
ي .وعند أبي م ّ من ل عشر عليه ،كالذ ّ ّ أحدهما م ّ
220
نب الرض ; ل ّ حنيفة العشر في المزارعة على ر ّ
قا أو المزارعة عنده فاسدة ،فالخارج منها له ،تحقي ً
تقديًرا .ويرى المالكيّة أنّه يجب إخراج زكاة الحائط
( البستان ) المساقى عليه من جملة الثّمرة إن
مه إليها ب الحائط ما إن ض ّ بلغت نصابًا ،أو كان لر ّ
م يقتسمان ما بقي ،ول بأس أن بلغت نصابًا ،ث ّ
ب الحائط أو العامل ; لنّه ظر ّتشترط الّزكاة في ح ّ
يرجع إلى جز ٍء معلوم ٍ ساقاه عليه فإن لم يشترطا
م يقتسمان ما بقي . شيئًا فشأن الّزكاة أن يبدأ بها ث ّ
ن المساقاة تزكّى ك:إ ّ ي نقًل عن مال ٍ وقال اللّخم ّ
مها إلى ماله من ب الحائط فيجب ض ّ على ملك ر ّ
من ل ثمرٍ غيرها ،ويزكّي جميعها ولو كان العامل م ّ
من ل ب الحائط م ّ تجب عليه ،وتسقط إن كان ر ّ
من تجب عليه . تجب عليه والعامل م ّ
د -الرض المغصوبة :
ة
ضا عشري ّ ً - 111ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو غصب أر ً
ب
فزرعها إن لم تنقصها الّزراعة فل عشر على ر ّ
بالرض ،وإن نقصتها الّزراعة كان العشر على ر ّ
الرض .وقال قاضي خان :أرض خراجها وظيفة
اغتصبها غاصب فإن كان الغاصب جاحدًا ول بيّنة
للمالك إن لم يزرعها الغاصب فل خراج على أحدٍ ،
وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الّزراعة ،فالخراج
على الغاصب ،وإن كان الغاصب مقًّرا بالغصب أو
كان للمالك بيّنة ولم تنقصها الّزراعة فالخراج على
ب الرض ،وإن نقصتها الّزراعة عند أبي يوسف ر ّ
ل النّقصان أو كثر ،كأنّه ب الرض ق ّ الخراج على ر ّ
مدٍ آجرها من الغاصب بضمان النّقصان .وعند مح ّ
ينظر إلى الخراج والنّقصان فأيّهما كان أكثر كان
ذلك على الغاصب إن كان النّقصان أكثر من الخراج
221
سلطان ويدفع ،فمقدار الخراج يؤدّيه الغاصب إلى ال ّ
الفضل إلى صاحب الرض ،وإن كان الخراج أكثر
صهم هذا في سلطان ،ومن ن ّ ل إلى ال ّ يدفع الك ّ
ما تقدّم في العشر .وذهب الخراج يفهم مرادهم م ّ
م ردّت بعد ن النّخل إذا غصبت ث ّ المالكيّة إلى أ ّ
ف إذال عام ٍ بل خل ٍ أعوام ٍ مع ثمرتها ،فإنّها تزكّى لك ّ
لم تكن زكّيت أي يزكّى ما يخرج منها إذا ر ّد
الغاصب جميعها .فإن رد ّ بعض ثمارها وكان حصل
ل سنةٍ نصاب ولم يرد ّ جميعه بل رد ّ منه قدر في ك ّ
ب فأكثر وكان بحيث لو قسم على سنين نصا ٍ
ل سنةٍ نصابًا ففي زكاته قولن . الغصب لم يبلغ ك ّ
ن زكاة الّزرع على مالك الرض إن وصّرح الحنابلة بأ ّ
تملّك الّزرع قبل وقت الحصاد وبعد اشتداده ،وذلك
لنّه يتملّكه بمثل بذره وعوض لواحقه ،فيستند
ما إن حصد الغاصب الّزرع ملكه إلى أوّل زرعه .أ ّ
بأن لم يتملّكه ربّها قبل حصاده ،فزكاة الّزرع على
شافعيّة الغاصب لستقرار ملكه عليه .ولم نجد لل ّ
صا في هذه المسألة . ن ًّ
زكاة الّزرع والثّمر المأخوذين من الرض المباحة :
- 112من أخذ من الرض المباحة ما في جنسه
الّزكاة ،وبلغ نصابًا .فقد ذهب المالكيّة والحنابلة
وأبو يوسف إلى أنّه ل زكاة عليه ،وهو لمن أخذه .
ض مباحةٍ ففيه قال الحنابلة :لكن لو زرع في أر ٍ
ن ثمر الجبال مد إلى أ ّ الّزكاة .وذهب أبو حنيفة ومح ّ
والمفاوز فيه العشر ،إن حماه المام أي من أهل
شجر الحرب والبغاة وقطّاع الطّريق ،ولو كان ال ّ
ن المقصود النّماء ، ك ولم يعالجه أحد ; ل ّ غير مملو ٍ
وقد حصل بأخذه .
خرص الثّمار إذا بدا صلحها :
222
- 113ذهب جمهور الفقهاء -خلفًا للحنفيّة -إلى أنّه
ينبغي للمام إذا بدا صلح الثّمار أن يرسل ساعيًا
يخرصها -أي يقدّر كم سيكون مقدارها بعد الجفاف
-ليعرف قدر الّزكاة الواجبة على أصحابها ،وذلك
ق الفقراء وأهل استحقاق الّزكاة ، لمعرفة ح ّ
وللتّوسعة على أهل الثّمار ليخلّي بينهم وبينها
م يؤدّون الّزكاة بحساب الخرص فيأكلوا منها رطبًا ث ّ
المتقدّم ،وذلك عند جفاف الثّمر .ولمعرفة
مؤهّلت الخارص ،وما يراعيه عند الخرص ،
ومعرفة ما يخرص من الغلل وما ل يخرص ،وسائر
أحكام الخرص ينظر مصطلح ( :خرص ) .
الحيل لسقاط الّزكاة :
- 114اختلف الفقهاء في حكم التّحيّل لسقاط
ن المالك شافعيّة إلى أ ّ الّزكاة :فذهب الحنفيّة وال ّ
إن فعل ما تسقط به الّزكاة عنه ولو بنيّة الفرار
منها سقطت ،ومثّل له ابن عابدين بمن وهب
م رجع في هبته بعد النّصاب قبل الحول بيوم ٍ ،ث ّ
م رجع أثناء الحول ،وكذا لو وهبه أثناء الحول ث ّ
الحول لنقطاع الحول بذلك ،وكذا لو وهب النّصاب
م قال أبو سائمة بآخر .ث ّ لبنه ،أو استبدل نصاب ال ّ
يوسف :ل يكره ذلك لنّه امتناع عن الوجوب ،ل
ن فيه مد :يكره ل ّ إبطال لحقّ الغير ،وقال مح ّ
إضراًرا بالفقراء وإبطال حّقهم مآًل .والفتوى على
شافعيّة :الفرار مد ٍ عند الحنفيّة .وعند ال ّ قول مح ّ
ي :حرام ول تبرأ مكروه في المعتمد ،وقال الغزال ّ
مة في الباطن .وذهب المالكيّة والحنابلة به الذ ّ ّ
ي وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيدٍ -وهو والوزاع ّ
شافعيّة -إلى تحريم ج من ال ّ ما نقله القاضي ابن ك ٍ ّ
التّحيّل لسقاط الّزكاة ،ولو فعل لم تسقط ،كمن
223
أبدل النّصاب من الماشية بغير جنسه فراًرا من
الّزكاة ،أو أتلف أو استهلك جزءًا من النّصاب عند
قرب الحول ..ولو فعل ذلك في أوّل الحول لم
ن ذلك ليس بمظنّة الفرار من تجب الّزكاة ; ل ّ
الّزكاة .واستدلّوا بما ذكره اللّه تعالى في سورة
صة أصحاب الجنّة ،وقوله فيها : القلم من ق ّ
{ فطاف عليها طائف من ربّك وهم نائمون
صريم } فعاقبهم اللّه تعالى على فأصبحت كال ّ
ة
تحيّلهم لسقاط حقّ الفقراء ،فتؤخذ معاقب ً
سا على منع ميراث للمحتال بنقيض قصده ،قيا ً
القاتل ،وتوريث المطلّقة في مرض الموت .والّذي
يؤخذ منه على ما بيّنه المالكيّة هو زكاة المبدل ،ول
تؤخذ منه زكاة البدل إن كانت أكثر لنّها لم تجب .
قدر المأخوذ في زكاة الّزروع والثّمار :
- 115يؤخذ في زكاة الّزروع والثّمار عشر الخارج أو
نصف عشره .فالعشر اتّفاقًا فيما سقي بغير كلفةٍ ،
كالّذي يشرب بماء المطر أو بماء النهار سي ً
حا ،أو
سوّاقي دون أن يحتاج إلى رفعه غرفًا أو بآلةٍ ،أو بال ّ
يشرب بعروقه ،وهو ما يزرع في الرض الّتي ماؤها
شجر فيستغني قريب من وجهها تصل إليه عروق ال ّ
سقي .ويجب فيما يسقى بكلفةٍ نصف العشر عن ال ّ
،سواء سقته النّواضح أو سقي بالدّوالي ،أو
سواني أو الدّواليب أو النّواعير أو غير ذلك .وكذا ال ّ
ة إلى أرضه فإذا بلغها الماء لو مد ّ من النّهر ساقي ّ ً
ضابط لذلك أن احتاج إلى رفعه بالغرف أو بآلةٍ .وال ّ
يحتاج في رفع الماء إلى وجه الرض إلى آلةٍ أو
ي صلى الله عليه ل لذلك بقول النّب ّ ل .واستد ّ عم ٍ
سماء والعيون أو كان عثريًّا وسلم { :فيما سقت ال ّ
العشر ،وما سقي بالنّضج نصف العشر } والحكمة
224
ن للكلفة في تقليل القدر الواجب فيما فيه عمل أ ّ
ق
أثًرا في تقليل النّماء .ولو احتاجت الرض إلى سا ٍ
يسقيها بماء النهار أو المطار ،ويحوّل الماء من
ق أو حفر جهةٍ إلى جهةٍ ،أو احتاجت إلى عمل سوا ٍ
أنهارٍ لم يؤثّر ذلك في تقليل النّصاب .وإن سقيت
ة
الرض نصف الوقت بكلفةٍ ونصفها بغير كلف ٍ
فالّزكاة ثلثة أرباع العشر اتّفاقًا ،وإن سقيت
بأحدهما أكثر من الخر فالجمهور على اعتبار
ل منهما ل ،وقيل :يعتبر ك ّ الكثر ،ويسقط حكم الق ّ
بقسطه .
ما يطرح من الخارج قبل أخذ العشر أو نصفه :
ن العشر أو نصفه على - 116ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ل الخارج ،فل يطرح التّفصيل المتقدّم يؤخذ من ك ّ
مال أو كري النهار منه البذر الّذي بذره ول أجرة الع ّ
أو أجرة الحافظ ونحو ذلك بل يجب العشر في الك ّ
ل
ي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت ن النّب ّ
،ل ّ
الواجب لتفاوت المؤنة ،ولو رفعت المؤنة لكان
ن
يأ ّ صيرف ّ الواجب بنفس المقدار ،واستظهر ال ّ
الواجب إن كان جزءًا من الخارج فإنّه يجعل كالهالك
ن
وتجب الّزكاة في الباقي .وذهب الحنابلة إلى أ ّ
النّفقة على الّزرع إن كانت دينًا يسقطها مالكه منه
قبل احتساب العشر ،قال أحمد :من استدان ما
أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله ،
احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله
.قالوا :وذلك لنّه من مؤنة الّزرع ،فالحاصل في
مقابلته يجب صرفه إلى غيره ،فكأنّه لم يحصل ،
وهذا بخلف سائر الدّيون فإنّها ل تسقط من
الحاصل لنّه من الموال الظّاهرة على المشهور
عند الحنابلة كما تقدّم .وشبيه بمؤنة الّزرع عند
225
الحنابلة خراج الرض فإنّه يؤخذ من الغلّة قبل
شافعيّة احتساب الّزكاة فيها .ولم نجد للمالكيّة وال ّ
ما في هذه المسألة . كل ً
ما يلزم المالك فعله قبل إخراج القدر الواجب :
- 117يؤخذ القدر الواجب من الغلّة بعد التّجفيف
في الثّمار والتّصفية في الحبوب ; لنّه أوان الكمال
وحال الدّخار ،والمؤنة على الثّمرة إلى حين
ب المال ،لنّه في حقّ الغلّة ، الخراج لزمة لر ّ
ساعي أخذه ق لل ّ
كالحفظ في حقّ الماشية ،ول يح ّ
ب المال العشر رطبًا لم يجزئه . رطبًا .ولو أخرج ر ّ
ص على ذلك الحنابلة .ويستثنى من ذلك أحوال : ن ّ
منها :أن يضطّر إلى قطع الثّمرة قبل كمالها خوفًا
من العطش ،أو إلى قطع بعضها ،فيجوز له ذلك ،
ة أنفع وأصلح . ومثل ذلك أن يكون قطعها رطب ً
ف بل يؤكل رطبًا ما ل يج ّ ومنها :أن يكون الثّمر م ّ
كبعض أنواع العنب والتّمر والفول ونحوها ،فتجب
ن من شرط ما فيه الّزكاة حتّى عند من قال بأ ّ
يزكّى الدّخار ،وذلك لنّه يدّخر من حيث الجملة .
ق الفقراء رطبًا ، وفي كلتا الحالتين :يجوز أخذ ح ّ
ب المال فعليه القيمة ويجوز إخراج قدر وإن أتلفها ر ّ
ب المال .وقيل : الّزكاة من الجنس جافًّا إن شاء ر ّ
مته العشر جافًّا ولو بأن يشتريه .وقال يجب في ذ ّ
المالكيّة :يجب عشر الثّمن إن بيع وإل ّ فالقيمة .
والّزيتون عند من قال تؤخذ منه الّزكاة ،إن كان من
الّزيتون الّذي يعصر منه الّزيت يؤخذ العشر من زيته
بعد عصره ،ولو كان زيته قليًل ; لنّه هو الّذي يدّخر
فهو بمثابة التّجفيف في سائر الثّمار .وإن كان
ب خمسة يدّخر حبًّا ،فيؤخذ عشره حبًّا إذا بلغ الح ّ
ق .وهذا مذهب المالكيّة والحنابلة .قال مالك أوس ٍ
226
ق أخذ الخمس من :إذا بلغ الّزيتون خمسة أوس ٍ
زيته بعد أن يعصر .وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يخرج
ل.
ل حا ٍ العشر منه حبًّا على ك ّ
زكاة العسل والمنتجات الحيوانيّة :
ن العسل تؤخذ - 118ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ
بج لهم بما روى عمرو بن شعي ٍ منه الّزكاة ،واحت ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه عن أبيه عن جدّه أ ّ
وسلم { كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل من
ن أبات قربة من أوسطها } .وورد أ ّ عشر قربا ٍ
ن لي ي قال { :قلت :يا رسول اللّه إ ّ سيّارة المتع ّ
نحًل ،قال :أد ّ العشر ،قلت :يا رسول اللّه :احمها
لي .فحماها له } .وأخذ عمر من العسل العشر .
ن العسل ل زكاة شافعيّة إلى أ ّ وذهب المالكيّة وال ّ
صدقة في فيه .قال ابن المنذر :ليس في وجوب ال ّ
م ذهب الحنفيّة إلى أنّه يشترط العسل خبر يثبت .ث ّ
ض خراجيّةٍ أمران :الوّل :أن ل يكون النّحل في أر ٍ
ن الخراجيّة يؤخذ منها الخراج ،ول يجتمع عندهم ;ل ّ
عشر وخراج كما تقدّم .الثّاني :إن كان النّحل في
ك فل زكاة فيه إل ّ إن ل غير مملو ٍ أرض مفازةٍ أو جب ٍ
حفظه المام من اللّصوص وقطّاع الطّرق ،وقال
ة. أبو يوسف :ل زكاة إل ّ إن كانت الرض مملوك ً
نصاب العسل 118 ( :م ) -قال الحنابلة :نصابه
ق ( والفرق مكيال يسع 16رطًل عراقيًّا عشرة أفرا ٍ
ل.من القمح ) .وقيل :عندهم النّصاب ألف رط ٍ
ق .وقال أبو حنيفة :تجب مد :خمسة أفرا ٍ وقال مح ّ
ما ما عدا العسل فقد الّزكاة في قليله وكثيره .أ ّ
شافعيّة على أنّه ل زكاة ص الحنفيّة والحنابلة وال ّ ن ّ
شافعيّة والحنابلة : في الحرير ودودة القّز .وقال ال ّ
ص ول في معنى المنصوص . لنّه ليس بمنصو ٍ
227
صوف وأضاف صاحب مطالب أولي النّهى :ال ّ
ما ل زكاة فيه يم ّ شافع ّ شعر واللّبن ،وذكر ال ّ وال ّ
ضا :المسك ونحوه من الطّيب . أي ً
زكاة الخارج من الرض غير النّبات :
- 119قد يستخرج من الرض غير النّبات الذ ّهب أو
ضة أو غيرهما من المعادن الّتي تنطبع كالنّحاس الف ّ
والحديد والّزئبق أو ل تنطبع كالنّفط والقار والفحم
ل ذلك قد يكون مخلوقًا في الرض وغيرها .وك ّ
ما وضعه فيها الدميّون بفعل اللّه تعالى ،أو يكون م ّ
م يبيدون كالكنوز الّتي يضعها أهلها في الرض ث ّ
ن اسم ( الّركاز ) وتبقى فيها .ويرى الحنفيّة أ ّ
ن اسم الّركاز ل ذلك ،ويرى الحنابلة أ ّ شامل لك ّ
ة ،ويؤخذ ص بما هو مركوز في الرض خلق ً خا ّ
ف
الخمس من ذلك أو ربع العشر على اختل ٍ
ل عند الفقهاء ،وقد اختلفوا فيما يؤخذ أهو وتفصي ٍ
زكاة تصرف في مصارفها أم فيء يصرف في
ل ذلك تنظر المصطلحات : مصارفه .ولمعرفة ك ّ
( ركاز ،كنز ،معدن ) .
زكاة المستخرج من البحار :
- 120ذهب جمهور العلماء الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة وهي إحدى روايتين عن أحمد وهو قول وال ّ
ن المستخرج من البحر من أبي عبيد ٍ وأبي ثورٍ إلى أ ّ
اللّؤلؤ والعنبر والمرجان ونحوها ل شيء فيه من
س :ليس في س ،لما روي عن ابن عبّا ٍ ة أو خم ٍ زكا ٍ
العنبر شيء ،إنّما هو شيء ألقاه البحر وروي مثله
ي
عن جابرٍ ،ولنّه قد كان يستخرج على عهد النّب ّ
صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يأت فيه سنّة
عنه ول عنهم .وفي روايةٍ عن أحمد وهو قول أبي
يوسف :فيه الّزكاة ،لنّه يشبه الخارج من معدن
228
س قال في العنبر :إن كان ن ابن عبّا ٍ البّر .وروي أ ّ
فيه شيء ففيه الخمس ،وكتب يعلى بن أميّة إلى
عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في عنبرةٍ وجدها
صحابة ،فأشاروا أن على ساحل البحر فاستشار ال ّ
يأخذ منها الخمس .فكتب عمر إليه بذلك .وروي
زهري .وعن عمر بن عبد ّ مثل ذلك عن الحسن وال ّ
العزيز أنّه أخذ من العنبر الخمس .وأمر عمر بن
سمك الّزكاة عبد العزيز عامله بعمان أن يأخذ من ال ّ
إذا بلغ ثمنه مائتي درهم ٍ .وقال المالكيّة :ما خرج
من البحر كعنبرٍ إن لم يتقدّم عليه ملك فهو لواجده
صيد ،فإن كان تقدّم عليه ملك فإن مس كال ّ ول يخ ّ
ك فيه فركاز ،وإن كان لمسلم ٍ أو ي أو ش ّ كان لجاهل ٍ ّ
ي فلقطة . م ٍّ ذ ّ
القسم الثّالث إخراج الّزكاة :
ما أن يخرجها - 121من وجبت عليه الّزكاة إ ّ
قين ، بإعطائها مباشرةً إلى الفقراء وسائر المستح ّ
ما أن يدفعها إلى المام ليصرفها في مصارفها . وإ ّ
ة الخراج ص ًونذكر هنا الحكام المتعلّقة بالخراج وخا ّ
المباشر إلى الفقراء .النّيّة عند أداء الّزكاة :
- 122الّزكاة فريضة من فرائض العبادات ،
مة ن النّيّة شرط فيها عند عا ّ صلة ،ولذلك فإ ّ كال ّ
ي عدم اشتراط النّيّة العلماء .وروي عن الوزاع ّ
فيها لنّها دين على صاحبها ،وأداء الدّين ل يفتقر
ي صلى الله ل الجمهور بقول النّب ّ إلى نيّةٍ .واستد ّ
لعليه وسلم { :إنّما العمال بالنّيّات وإنّما لك ّ
ن إخراج المال للّه يكون فر ً
ضا ئ ما نوى } .ول ّ امر ٍ
ويكون نفًل ،فافتقرت الفريضة إلى النّيّة لتمييزها
صلة .ومعنى النّيّة سا على ال ّ عن النّفل ،وقيا ً
ن ما يخرجه المشترطة في الّزكاة أن يقصد بقلبه أ ّ
229
هو الّزكاة الواجبة عليه في ماله ،وإن كان يخرج
ن أن يقصد أنّها ي أو مجنو ٍ من تحت يده من صب ٍ ّ ع ّ
الّزكاة الواجبة عليهما .ويعتبر أن يكون النّاوي
مكلًّفا ; لنّها فريضة .وينوي عند دفعها إلى المام
ل .فإن نوى أو إلى مستحّقها ،أو قبل الدّفع بقلي ٍ
بعد الدّفع لم يجزئه على ما صّرح به المالكيّة
شرط مقارنة النّيّة ما عند الحنفيّة فال ّ شافعيّة .أ ّوال ّ
م نوى والمال ما ،كما لو دفع بل نيّةٍ ث ّ للداء ولو حك ً
ما في ملك الفقير بخلف ما إذا نوى ل يزال قائ ً
بعدما استهلكه الفقير أو باعه فل تجزئ عن الّزكاة .
شافعيّة :إن عزل الّزكاة وقال الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
عن ماله ونوى عند العزل أنّها زكاة كفى ذلك ،ولو
ن الدّفعلم ينو عند الدّفع ،قال ابن عابدين :ل ّ
ل دفٍع ، يتفّرق ،فيتحّرج باستحضار النّيّة عند ك ّ
فاكتفي بذلك ،للحرج .وإن دفع الّزكاة إلى وكيله
ناويًا أنّها زكاة كفى ذلك ،والفضل أن ينوي الوكيل
ضا ول تكفي نيّة ضا عند الدّفع إلى المستحّقين أي ً أي ً
ل ماله إلى الوكيل وحده .ولو دفع النسان ك ّ
الفقراء تطوّع ًا بعد ما وجبت فيه الّزكاة ،لم تسقط
مته ،وبهذا قال عنه الّزكاة ،بل تبقى في ذ ّ
شافعيّة والحنابلة لنّه لم ينو الفرض .وقال ال ّ
الحنفيّة :تسقط عنه الّزكاة في هذه الحال
ل زالت المزاحمة بين ما أدّى الك ّاستحسانًا لنّه ل ّ
ل للّه
الجزء المؤدّى وسائر الجزاء ،وبأداء الك ّ
تعالى تحّقق أداء الجزء الواجب .ول يجب تعيين
المال المخرج عنه ،لكن لو عيّنه تعيّن .فلو أخرج
الّزكاة ونوى عن ماله الغائب الّذي ل يعلم سلمته
م إن تبيّنت سلمته أجزأه ، ن الصل بقاؤه ث ّ جاز ،ل ّ
لوإن تبيّن تلفه لم يجز أن يصرف الّزكاة إلى ما ٍ
230
آخر ،وإن نوى عن مالي الغائب أو الحاضر ،فتبيّن
تلف الغائب أجزأت عن الحاضر ،وإن نوى بالمخرج
ك في موت أن يكون زكاة المال الموروث الّذي يش ّ
مورثه لم تجزئه ،لنّه متردّد والصل عدم الموت .
ول يشترط علم آخذ الّزكاة أنّها زكاة .
سلطان الّزكاة : النّيّة عند أخذ ال ّ
نوابه الّزكاة من الممتنع سلطان أو ّ - 123إن أخذ ال ّ
عن أدائها قهًرا ،وبمنزلة الممتنع قهًرا من غيّب
ماله لئل ّ تؤخذ منه الّزكاة ،والسير ،ومن يتعذ ّر
الوصول إليه ،على ما صّرح به شارح المنتهى ،فقد
حشافعيّة في الص ّ اختلف الفقهاء في ذلك .فقال ال ّ
سلطان الّزكاة من وهو قول عند الحنابلة :إن أخذ ال ّ
الممتنع قهًرا ونوى عند الخذ أو عند التّفريق ،
ن تعذ ّر النّيّة أجزأت عن الممتنع ظاهًرا وباطنًا ،ل ّ
صغير والمجنون ، في حّقه أسقط وجوبها عنه ،كال ّ
سلطان له ولية على المالك .وأطلق المالكيّة وال ّ
القول بإجزائها ،وظاهره إجزاؤها ظاهًرا وباطنًا .
سلطان وقال القاضي من الحنابلة :إذا أخذها ال ّ
ن
أجزأت من غير نيّةٍ سواء أخذها طوعًا أو كرهًا ،ل ّ
شركاء ،لنّه أخذ المام لها بمنزلة القسم بين ال ّ
ة ،وبدليل م ًة عا ّسلطان ولي ً ن لل ّوكيل الفقراء ; ول ّ
أنّه يأخذها من الممتنع اتّفاقًا ،ولو لم يجزئه لما
ة ،حتّى ينفد ماله . ة وثالث ً
أخذها ،أو لخذها ثاني ً
ل من الحنابلة :إن وفي قول أبي الخطّاب وابن عقي ٍ
أخذها المام قهًرا أجزأت ظاهًرا ،فل يطالب بها ،
من وجبت ول تجزئ باطنًا ،لنّها عبادة ،فل تجزئ ع ّ
صلة ،وأخذ المام لها يسقط عليه بغير نيّةٍ ،كال ّ
المطالبة بها ل غير .
تعجيل الّزكاة عن وقت الوجوب :
231
- 124ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة وأبو عبيد ٍ وإسحاق ،إلى أنّه وال ّ
يجوز للمزكّي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد
ن العبّاس سأل رسول اللّه وجوبها ،لما ورد { أ ّ
صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن
ي صلى الله خص له في ذلك .وقال النّب ّ ل ،فر ّ تح ّ
عليه وسلم لعمر :إنّا قد أخذنا زكاة العبّاس عام
شافعيّة قالوا :يجوز ن ال ّالوّل للعام } .إل ّ أ ّ
نحل ّ التّعجيل لعام ٍ واحدٍ ول يجوز لعامين في الص ّ
زكاة العام الثّاني لم ينعقد حولها .واشترطوا لجواز
ذلك أن يكون النّصاب موجودًا ،فل يجوز تعجيل
ن
ف ،وذلك ل ّ الّزكاة قبل وجود النّصاب ،بغير خل ٍ
النّصاب سبب وجوب الّزكاة ،والحول شرطها ول
يقدّم الواجب قبل سببه ،ويجوز تقديمه قبل شرطه
،كإخراج كّفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث ،
سع وكّفارة القتل بعد الجرح وقبل الّزهوق .وتو ّ
ب واحدٍ جاز أن الحنفيّة فقالوا :إن كان مالكًا لنصا ٍ
ن الّلحق تابع للحاصل . ةل ّ ب كثير ٍ جل زكاة نص ٍ يع ّ
ن النّصاب شافعيّة أجازوا ذلك في مال التّجارة ل ّ وال ّ
فيها عندهم مشترط في آخر الحول فقط ل في
أوّله ول في أثنائه .وقال الحنابلة :إن ملك نصابًا
فقدّم زكاته وزكاة ما قد يستفيده بعد ذلك فل يجزئه
شافعيّة عندهم .وقال الحنفيّة ،وهو المعتمد عند ال ّ
:إن قدّم زكاته وزكاة ما قد ينتج منه ،أو يربحه منه
،أجزأه لنّه تابع لما هو مالكه الن .وذهب المالكيّة
إلى أنّه إن أخرج زكاة الثّمار أو الّزروع قبل الوجوب
ح ولم تجزئ عنه . ،بأن دفع الّزكاة من غيرها لم يص ّ
وكذا ل تجزئ زكاة الماشية إن قدّمها وكان هناك
ما زكاة ساٍع يأتي لقبضها فأخرجها قبل قدومه .أ ّ
232
العين والماشية الّتي ليس لها ساٍع فيجوز تقديمها
في حدود شهرٍ واحدٍ ل أكثر ،وهذا على سبيل
الّرخصة ،وهو مع ذلك مكروه والصل عدم الجزاء
لنّها عبادة موقوتة بالحول .
تأخير إخراج الّزكاة عن وقت وجوبها :
شافعيّة والحنابلة وهو - 125ذهب جمهور العلماء ( ال ّ
ن الّزكاة متى وجبت ، المفتى به عند الحنفيّة ) إلى أ ّ
وجبت المبادرة بإخراجها على الفور ،مع القدرة
نجوا بأ ّ ضرر .واحت ّ
ٍ على ذلك وعدم الخشية من
اللّه تعالى أمر بإيتاء الّزكاة ،ومتى تحّقق وجوبها
جه المر على المكلّف بها ،والمر المطلق تو ّ
يقتضي الفور عندهم ; ولنّه لو جاز التّأخير لجاز إلى
ن حاجة غير غايةٍ فتنتفي العقوبة على التّرك ; ول ّ
الفقراء ناجزة ،وحّقهم في الّزكاة ثابت ،فيكون
تأخيرها منعًا لحّقهم في وقته .وسئل أحمد :إذا
ابتدأ في إخراجها فجعل يخرجها أوًّل فأوًّل ؟ قال :ل
،بل يخرجها كلّها إذا حال الحول .وقال :ل يجري
ل شهرٍ ،أي مع التّأخير . على أقاربه من الّزكاة ك ّ
لعذر .
ٍ شافعيّة والحنابلة :ويجوز التّأخير م قال ال ّث ّ
شافعيّة من العذار :أن يكون المال ما ذكره ال ّوم ّ
ن يمكن فيه إحضاره ، ي زم ٍغائبًا فيمهل إلى مض ّ
ي أو دنيويّ ،وأن م دين ّ وأن يكون بإخراجها أمر مه ّ
ما ذكره الحنابلة حا أو جاًرا .وم ّ ينتظر بإخراجها صال ً
أن يكون عليه مضّرة في تعجيل الخراج ،مثل من
ساعي ،ويخشى إن يحول عليه الحول قبل مجيء ال ّ
ساعي منه مّرةً أخرى .وكذا أخرجها بنفسه أخذها ال ّ
ل له إن خشي في إخراجها ضرًرا في نفسه أو ما ٍ
ين مثل ذلك يجوز تأخير دين الدم ّ سواها ،ل ّ
ن لجله ،فدين اللّه أولى .وذهب المالكيّة إلى أ ّ
233
الحاضر يجب عليه أن يخرج زكاة ما حضر من ماله
ضرورة وما غاب دون تأخيرٍ مطلًقا ،ولو دعت ال ّ
لصرف ما حضر ،بخلف المسافر فله التّأخير إن
ضرورة أو الحاجة لصرف ما معه في نفقته . دعته ال ّ
نمة مشايخهم أ ّ والقول الخر للحنفيّة ،وعليه عا ّ
أي
افتراض الّزكاة عمريّ ،أي على التّراخي ففي ّ
ت أدّى يكون مؤدّيًا للواجب ،ويتعيّن ذلك الوقت وق ٍ
للوجوب ،وإذا لم يؤد ّ إلى آخر عمره يتضيّق عليه
ل له الوجوب حتّى لو لم يؤد ّ يأثم إذا مات .واستد ّ
ن من عليه الّزكاة إذا هلك نصابه بعد صاص بأ ّ الج ّ
تمام الحول والتّمكّن من الداء ل يضمن ،ولو كانت
خر صوم رمضان عن على الفور لضمن ،كمن أ ّ
ن عليه القضاء . وقته فإ ّ
حكم من ترك إخراج الّزكاة حتّى مات :
- 126من ترك الّزكاة الّتي وجبت عليه ،وهو
متمكّن من إخراجها ،حتّى مات ولم يوص بإخراجها
م ذهب جمهور الفقهاء منهم مالك أثم إجماع ًا .ث ّ
ي ،وأحمد ،وإسحاق ،وأبو ثورٍ ،وابن شافع ّ وال ّ
زهري
ّ مروي عن عطاءٍ ،والحسن ،وال ّ ّ المنذر ،وهو
ن من مات وعليه زكاة لم يؤدّها فإنّها ل إلى أ ّ
تسقط عنه بالموت كسائر حقوق اللّه تعالى
ج والكّفارات ،ويجب إخراجها من الماليّة ،ومنها الح ّ
ماله سواء أوصى بها أو لم يوص ،وتخرج من ك ّ
ل
ماله لنّها دين للّه ،فتعامل معاملة الدّين ،ول
ن الثّلث يكون فيما بعد تزاحم الوصايا في الثّلث ; ل ّ
ق واجب في المال ،فلم الدّين .واستدلّوا بأنّه ح ّ
شافعيّة : م قال ال ّ ي.ث ّتسقط بالموت كدين الدم ّ
ي يقدّم دين اللّه إذا اجتمع دين اللّه مع دين الدم ّ
لحديث { دين اللّه أحقّ أن يقضى } .وقيل :يقدّم
234
ي
ي ،وقيل :يستويان .وذهب الوزاع ّ دين الدم ّ
ة على الوصايا واللّيث إلى أنّها تؤخذ من الثّلث مقدّم ً
وري
ّ ول يجاوز بها الثّلث .وذهب أبو حنيفة والث ّ
ن الّزكاة تسقط بالموت ي إلى أ ّ شعب ّ ي وال ّ والنّخع ّ
بمعنى أنّها ل يجب إخراجها من تركته ،فإن كان قد
أوصى بها فهي وصيّة تزاحم سائر الوصايا في الثّلث
،وإن لم يوص بها سقطت ،لنّها عبادة من شرطها
صلة
النّيّة ،فسقطت بموت من هي عليه كال ّ
صوم ،فإن أخرجها الورثة فهي صدقة تطوٍّع وال ّ
منهم .ويستثنى من هذا عند الحنفيّة في ظاهر
الّرواية عشر الخارج من الرض ،فيؤخذ من تركة
الميّت لنّه عندهم في معنى مئونة الرض .وفي
م عند المالكيّة تخرج زكاة ضا .ث ّ
روايةٍ :بل يسقط أي ً
فّرط فيها من رأس ماله إن تحّقق أنّه لم يخرجها ،
ما إن كان ذلك بمجّرد إقراره في مرض موته أ ّ
مته ،وأوصى بإخراجها فهي وأشهد على بقائها في ذ ّ
ما زكاة عام موته من الثّلث ،وإل ّ فل تخرج أصًل .وأ ّ
فإن اعترف بحلولها وأوصى بإخراجها أخرجت من
رأس المال .
تراكم الّزكاة لسنين :
- 127إذا أتى على المكلّف بالّزكاة سنون لم يؤدّ
مت شروط الوجوب ،لم يسقط زكاته فيها وقد ت ّ
عنه منها شيء اتّفاقًا ،ووجب عليه أن يؤدّي الّزكاة
سنين الّتي مضت ولم يخرج زكاته فيها . ل ال ّ عن ك ّ
ولكن اختلف الفقهاء في أنّه هل يسقط من المال
سنة الولى ويزكّي في الثّانية ما عداه ، قدر زكاته لل ّ
ل المال وهكذا في الثّالثة وما بعدها ،أم يزكّي ك ّ
سنين ؟ .قال ابن قدامة :فائدة الخلف : ل ال ّ لك ّ
مة فحال على ماله حولن لم أنّها إذا كانت في الذ ّ ّ
235
يؤد ّ زكاتهما وجب عليه أداؤها لما مضى ،ول تنقضي
عنه الّزكاة في الحول الثّاني ،وكذلك إن كان أكثر
ب لم تنقص الّزكاة ،وإن مضى عليه أحوال من نصا ٍ
ل
،فلو كان عنده أربعون شاة ً مضى عليها ثلثة أحوا ٍ
لم يؤد ّ زكاتها وجب عليه ثلث شياهٍ ،وإن كانت
ن الّزكاةمائة دينارٍ ،فعليه سبعة دنانير ونصف ; ل ّ
مته فلم يؤثّر في تنقيص النّصاب ،لكن وجبت في ذ ّ
إن لم يكن له مال آخر يؤدّي الّزكاة منه احتمل أن
ن الدّين يمنع وجوب تسقط الّزكاة في قدرها ; ل ّ
الّزكاة .وإن قلنا :الّزكاة تتعلّق بالعين ،وكان
ما تجب الّزكاة في عينه فحالت عليه النّصاب م ّ
أحوال لم تؤد ّ زكاتها تعلّقت الّزكاة في الحول الوّل
من النّصاب بقدرها ،فإن كان نصابًا ل زيادة عليه
ن النّصاب فل زكاة فيه فيما بعد الحول الوّل ; ل ّ
ب عزل قدر فرض نقص فيه ،وإن كان أكثر من نصا ٍ
الحول الوّل ،وعليه زكاة ما بقي .وهذا هو
المنصوص عن أحمد في رواية جماعة .
ك هل أدّى الّزكاة أم لم يؤدّها : حكم من ش ّ
ن
- 128تعّرض لهذه المسألة الحنفيّة :فقالوا :إ ّ
ك هل أدّى زكاته أو ل يجب عليه أن يزكّي من ش ّ
ك بعد الوقت أنّه هل صلّى أم ل ،ل بخلف ما لو ش ّ
ن وقت الّزكاة ل آخر له ،بل هو يعيد .قالوا :ل ّ
صلة في الوقت . ك في ال ّش ّك فيها كال ّ ش ّ العمر ،فال ّ
ن
وقواعد المذاهب الخرى تقتضي مثل ذلك فإ ّ
ك.ش ّاليقين ل يزول بال ّ
( صور إخراج الّزكاة ) :
ما أن تخرج من أعيان المال وهو - 129الّزكاة إ ّ
الصل في غير زكاة العروض التّجاريّة وقد تقدّم .
نما أن تخرج القيمة .ذهب الجمهور إلى أ ّ وإ ّ
236
الواجب في زكاة عروض التّجارة إخراج القيمة ،ول
يجزئ إخراج شي ٍء من أعيان العروض عندهم ،
خلفًا للحنفيّة القائلين بالجواز .ويجزئ إخراج
ضة بالقيمة وعكسه ،وهو مذهب الذ ّهب عن الف ّ
جحها ابن الحنفيّة والمالكيّة ،ورواية عند الحنابلة ر ّ
ن المقصود من هذين الجنسين قدامة .وذلك ل ّ
سل بها إلى المقاصد ،وذلك موجود الثّمنيّة ،والتّو ّ
في الجنسين جميعًا ،ومن هنا فّرق من فّرق بينهما
س مقصودًا ل جن ٍ ن لك ّوبين سائر الجناس ،فإ ّ
ن إخراج صا به ل يحصل بالجنس الخر .ول ّ مخت ًّ
القيمة هنا قد يكون أرفق بالخذ والمعطي .وقد
ضرر عنهما ،فإنّه لو تعيّن إخراج زكاة يندرئ به ال ّ
ل من أربعين ق على من يملك أق ّ الدّنانير منها ش ّ
دينار ،لنّه يحتاج إلى
ٍ ديناًرا ذهبًا إخراج جزءٍ من
لقطعه أو بيعه أو مشاركة الفقير له فيه ،وفي ك ّ
ذلك ضرر ،قال ابن قدامة :وعلى هذا ل يجوز
البدال في موضٍع يلحق فيه الفقير ضرر .وأضاف
المالكيّة على المشهور عندهم جواز إخراج الفلوس
ضة .
ل من الذ ّهب والف ّ عن ك ٍّ
ما ما عدا ذلك كزكاة المواشي والّزروع - 130وأ ّ
ضة عن غيرهما أو وإخراج زكاة الذ ّهب أو الف ّ
العكس ،فقد اختلف الفقهاء في إخراج القيمة على
شافعيّة ،والمالكيّة مذاهب :فذهب الجمهور ( ال ّ
ة وهي المذهب ) إلى ل ،والحنابلة في رواي ٍ على قو ٍ
أنّه ل يجوز إخراج القيم في الّزكاة ،واستثنى بعض
ن عن بنت أصحاب هذا القول نحو إخراج بنت لبو ٍ
جوا بحديث { في أربعين شاةٍ شاة ، ض .واحت ّ مخا ٍ
شاةوفي مائتي درهم ٍ خمسة دراهم } فتكون ال ّ
المذكورة والدّراهم المذكورة هي المأمور بها ،
237
ضا بما في جوا أي ً والمر يقتضي الوجوب .واحت ّ
صدقة الّتي فرضها حديث كتاب أبي بكرٍ { هذه ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المسلمين
س وعشرين وأمر بها أن تؤدّى ،وكان فيه :في خم ٍ
نض ،فإن لم تكن فابن لبو ٍ من البل بنت مخا ٍ
ل على أنّه أراد عينها .وبحديث معا ٍذ ذكر } وهذا يد ّ
ي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال ن النّب ّأ ّ
شاة من الغنم ،والبعير ب ،وال ّ ب من الح ّ { خذ الح ّ
ن الّزكاة من البل ،والبقرة من البقر } .قالوا :ول ّ
فرضت دفعًا لحاجة الفقير ،وحاجاته متنوّعة ،
فينبغي أن يتنوّع الواجب ليتنوّع ما يصل إليه ،
ووجبت شكًرا لنعمة المال ،ويحصل ذلك بالمواساة
ن الّزكاة قربة للّه تعالى ما أنعم اللّه به عليه .ول ّ م ّ
وما كان كذلك فسبيله التّباع ،ولو جازت القيمة
ي صلى الله عليه وسلم .وذهب الحنفيّة ، لبيّنها النّب ّ
وهو القول المشهور عند المالكيّة ،والّرواية الخرى
ن إخراج القيمة وري إلى أ ّ ّ عند الحنابلة وقول الث ّ
جائز ،وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز .لكن
قال المالكيّة :يجوز ،ويجزئ مع الكراهة ; لنّه من
صدقة الّتي أخرجها للّه تعالى قبيل شراء النسان ال ّ
ن معاذ ًا ج القائلون بإجزاء القيمة ،بما روي أ ّ .واحت ّ
ب آخذه منكم قال لهل اليمن :ائتوني بعرض ثيا ٍ
شعير ،فإنّه أهون عليكم ،وخير مكان الذ ّرة وال ّ
للمهاجرين بالمدينة .وقال عطاء « :كان عمر بن
صدقة الخطّاب رضي الله عنه يأخذ العروض في ال ّ
ن الغرض منها سد ّ خلّة من الدّراهم أي عنها ; ول ّ
ن حاجاته مختلفة المحتاج ،وذلك معنًى معقول ; ول ّ
سا على صل ما شاء من حاجاته .وقيا ً ،وبالقيمة يح ّ
ن القيمة مجزئة فيها اتّفاقًا ،والغرض منها الجزية فإ ّ
238
جواكفاية المقاتلة ،ومن الّزكاة كفاية الفقير .واحت ّ
س المرفوع { من بلغت عنده ضا بما في حديث أن ٍ أي ً
من البل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده
حّقة فإنّها تؤخذ منه الحّقة ،ويجعل معها شاتين إن
ما } .قال ابن الهمام استيسرتا له ،أو عشرين دره ً
:فانتقل إلى القيمة في موضعين ،فعلمنا أن ليس
ن المعيّن وإل ّ لسقط إن س ّ
المقصود خصوص عين ال ّ
م قال تعذ ّر ،أو لوجب عليه أن يشتريه فيدفعه .ث ّ
المالكيّة :إن أكره على دفع القيمة فدفعها أجزأت ،
قوًل واحدًا .وقال ابن تيميّة :ل تجزئ القيم إل ّ عند
الحاجة ،مثل من يبيع عنبه ورطبه قبل اليبس .قال
حا ،فإنّه منع
:وهذا هو المنصوص عن أحمد صري ً
من إخراج القيم وجوّزه في مواضع للحاجة .
ق للّزكاة :الخراج بإسقاط المزكّي دينه عن مستح ٍ ّ
- 131ل يجوز للدّائن أن يسقط دينه عن مدينه
الفقير المعسر الّذي ليس عنده ما يسد ّ به دينه
ويحسبه من زكاة ماله .فإن فعل ذلك لم يجزئه
عن الّزكاة ،وبهذا قال الحنفيّة والحنابلة والمالكيّة
شافعيّة ،وقول ح عند ال ّ ما عدا أشهب ،وهو الص ّ
ن الّزكاة لحقّ اللّه تعالى ، أبي عبيد ٍ .ووجه المنع أ ّ
فل يجوز للنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه أو إحياء
ل
شافعيّة في قو ٍ ماله ،واستيفاء دينه .وذهب ال ّ
وأشهب من المالكيّة وهو منقول عن الحسن
البصريّ وعطاءٍ :إلى جواز ذلك ; لنّه لو دفع إليه
م أخذها منه عن دينه جاز ،فكذا هذا .فإن زكاته ث ّ
دفع الدّائن زكاة ماله إلى مدينه فردّها المدين إليه
سدادًا لدينه ،أو استقرض المدين ما يسد ّ به دينه
فدفعه إلى الدّائن فردّه إليه واحتسبه من الّزكاة ،
ة ،أو تواطؤًا ،أو قصدًا لحياء فإن لم يكن ذلك حيل ً
239
ماله ،جاز عند الجمهور ،وهو قول عند المالكيّة .
وإن كان على سبيل الحيلة لم يجز عند المالكيّة
شافعيّة ما لم يكن ذلك عن والحنابلة ،وجاز عند ال ّ
ق ،بل بمجّرد النّيّة من الطّرفين .لكن ط واتّفا ٍ
شر ٍ
صّرح الحنفيّة بأنّه لو وهب جميع الدّين إلى المدين
الفقير سقطت زكاة ذلك الدّين ولو لم ينو الّزكاة ،
وهذا استحسان .
احتساب المكس ونحوه عن الّزكاة :
ي :إذا نوى أن يكون ي الحنف ّ سرخس ّ - 132قال ال ّ
صحيح -أي عند الحنفيّة -أنّه ل يقع المكس زكاة ً فال ّ
عن الّزكاة ،ونقله ابن عابدين عن الفتاوى البّزازيّة
شيخ عليش فيمن يملك .وعند المالكيّة أفتى ال ّ
ما
نصابًا من النعام ،فجعل عليه الحاكم نقدًا معلو ً
ل سنةٍ ،يأخذه بغير اسم الّزكاة ،فل يسوغ له أن ك ّ
ينوي به الّزكاة ،وإن نواها ل تسقط عنه ،وقال :
ي والحطّاب .وفي المجموع أفتى به النّاصر اللّقان ّ
ما ل ن الخراج المأخوذ ظل ً للنّوويّ :اتّفق الصحاب أ ّ
سلطان على أن يقوم مقام العشر ،فإن أخذه ال ّ
يكون بدل العشر فهو كأخذ القيمة ،وفي سقوط
سقوط به ،فعلى هذا صحيح ال ّ الفرض به خلف ،وال ّ
حجر
ٍ إن لم يبلغ در العشر أخرج الباقي .وأفتى ابن
ن ما يؤخذ من التّاجر من المكس ل ي بأ ّ
الهيتم ّ
ن المام يحسب عنه زكاة ً ،ولو نوى به الّزكاة ; ل ّ
لم يأخذه باسم الّزكاة .وعند الحنابلة روايتان :
إحداهما يجزئ والخرى ل يجزئ ،قال ابن مفلٍح :
ح ; لنّه أخذها غصبًا .وفي فتاوى ابن وهي الص ّ
تيميّة :ما يأخذه ولة المور بغير اسم الّزكاة ل يعتدّ
به من الّزكاة .
ما ينبغي لمخرج الّزكاة مراعاته في الخراج :
240
ب للمزكّي إخراج الجيّد من ماله ، - 133أ -يستح ّ
ن الواجب في حّقه الوسط ،وذلك لقول مع العلم بأ ّ
اللّه تبارك وتعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من
ما أخرجنا لكم من الرض ول طيّبات ما كسبتم وم ّ
مموا الخبيث منه تنفقون } وقوله { :لن تنالوا تي ّ
ما تحبّون } . البّر حتّى تنفقوا م ّ
- 134ب -إظهار إخراج الّزكاة وإعلنه ،قال ابن
سّر في التّطوّع تفضل س :جعل اللّه صدقة ال ّ عبّا ٍ
علنيتها ،يقال :بسبعين ضعًفا ،وجعل صدقة
الفريضة علنيتها أفضل من سّرها ،يقال :بخمسةٍ
وعشرين ضعًفا ،قال :وكذلك جميع الفرائض
والنّوافل في الشياء كلّها .وقال الطّبريّ :أجمع
ما
ن إظهار الواجب أفضل .ا هـ .وأ ّ النّاس على أ ّ
ما هي وإن صدقات فنع ّ قوله تعالى { :إن تبدوا ال ّ
تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } فهو في
صلة ،تطوّعها في البيت صدقة التّطوّع ،نظيرها ال ّ
أفضل ،وفريضتها في المسجد ومع الجماعة أفضل
.
ن والّرياء والذى ،وهذه المور ج -الحذر من الم ّ
ما يقصد به ل ما يخرج من المال م ّ محّرمة في ك ّ
وجه اللّه تعالى ،وتحبط الجر لقوله تعالى { :يا
ن والذى } . أيّها الّذين آمنوا ل تبطلوا صدقاتكم بالم ّ
ب المالكيّة للمزكّي أن يستنيب من ومن هنا استح ّ
يخرجها خوف قصد المحمدة .
ج -اختيار المزكّي من يعطيه الّزكاة :
قين الّزكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ - 136إعطاء المستح ّ
ص المالكيّة على أنّه من الفضل ،بل يتمايز .فقد ن ّ
يندب للمزكّي إيثار المضطّر أي المحتاج ،على
241
غيره ،بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم
الصناف .
د -أن ل يخبر المزكّي الفقير أنّها زكاة :
- 137قيل لحمد :يدفع الّرجل زكاته إلى الّرجل ،
فيقول :هذا من الّزكاة ،أو يسكت ؟ قال :ولم
يبكّته بهذا القول ؟ يعطيه ويسكت ،ما حاجته إلى
أن يقّرعه ؟ وهذا يقتضي الكراهة وبه صّرح اللّقان ّ
ي
من المالكيّة ،قال :لما فيه من كسر قلب الفقير .
شافعيّة :ل بد ّ أن يقول وقال ابن أبي هريرة من ال ّ
بلسانه شيئًا ،كالهبة ،قال النّوويّ :هذا ليس
صحيح المشهور أنّه إذا دفعها إلى بشيءٍ .قال :وال ّ
المستحقّ ولم يقل هي زكاة ،ول تكلّم بشيءٍ أصًل
شافعيّة :إن فإنّها تجزئه وتقع زكاةً .لكن قال ال ّ
أعطاه ولم يبيّن له أنّها زكاة فبان الخذ غنيًّا لم
يرجع عليه بشيءٍ .
التّوكيل في أداء الّزكاة :
- 138يجوز للمزكّي أن يوكّل غيره في أداء زكاته ،
سواء في إيصالها للمام أو نائبه ،أو في أدائها إلى
المستحقّ ،سواء عيّن ذلك المستحقّ أو فوّض
ن
شافعيّة على أ ّ ص ال ّ
تعيينه إلى الوكيل .وقد ن ّ
إخراج المزكّي الّزكاة بنفسه أفضل من التّوكيل ;
لنّه بفعل نفسه أوثق .وقال المالكيّة :التّوكيل
أفضل خشية قصد المحمدة ،ويجب لمن يعلم من
قين .قالوا : نفسه ذلك القصد ،أو يجهل المستح ّ
وليس للوكيل صرفها لقريب المزكّي الّذي تلزمه
شافعيّةم قال ال ّ نفقته ،فإن لم تلزمه نفقته كره .ث ّ
:إن كان الوكيل بالغًا عاقًل ،جاز التّفويض إليه ،
ح التّوكيل ،إل ّ إن فإن كان صبيًّا أو سفيهًا لم يص ّ
نوى الموكّل وعيّن له من يعطيه المال .
242
تلف المال كلّه أو بعضه بعد وجوب الّزكاة :
م ضاع - 139من وجبت عليه الّزكاة فلم يخرجها ث ّ
المال كلّه أو بعضه ،أو تلف بغير فعل المزكّي فقد
اختلف الفقهاء في ذلك :فقال الحنفيّة :إن تلف
ن الواجب جزء من المال سقطت الّزكاة ; ل ّ
النّصاب فيسقط بهلك محلّه ،لكن إن كان هلكه
ساعي فقيل :يضمن ،وقيل :ل يضمن بعد طلب ال ّ
.قالوا :وإذا هلك بعض المال يسقط من الّزكاة
بقدره أي بنسبة ما هلك .وقالوا :إن تلف من مال
ب
ل من نصا ٍ الّزكاة بعد الحول ما كان به الباقي أق ّ
ط سقطت الّزكاة ،فإن قبل إمكان الداء بل تفري ٍ
شافعيّة أمكن الداء وفّرط ضمن .وقال المالكيّة وال ّ
:إن كان ضياعه بتفريطه في حفظه وجبت عليه
ل المال ،وكذا إن فّرط في الخراج بعد زكاة ك ّ
التّمكّن ،بأن وجد المستحقّ ،سواء طلب الّزكاة أم
م
لم يطلبها ،لتقصيره بحبس الحقّ عن مستحّقه .ث ّ
شافعيّة :إن لم يكن فّرط زكّى الباقي فقط قال ال ّ
ب ،على الظهر ل من نصا ٍ بقسطه ،ولو كان أق ّ
سا من البل فتلفت واحدة عندهم ،فلو ملك خم ً
منه قبل التّمكّن ففي الباقي 4 5شاةٍ على الظهر ،
ول شيء على الثّاني .وقال المالكيّة -وهو قول
ب
ل من نصا ٍ شافعيّة :إن كان الباقي أق ّ آخر لل ّ
سقطت الّزكاة .وقال الحنابلة :يجب عليه زكاة
ل المال ،حتّى لو ضاع كلّه بعد الحول فالّزكاة في ك ّ
مته ل تسقط إل ّ بالداء ،لنّها حقّ للفقراء ومن ذ ّ
ي .تلف الّزكاة معهم لم يصل إليهم ،كدين الدم ّ
بعد عزلها :
- 140لو عزل الّزكاة ونوى أنّها زكاة ماله فتلفت
ل من المالكيّة والحنابلة .وذكر فالحكم كذلك عند ك ٍّ
243
المالكيّة صورة ما لو عزل الّزكاة فتلف المال
وبقيت الّزكاة ،فإنّه يجب عليه إخراجها ول تسقط
بتلف المال .
ونوابه للّزكاة :
ّ القسم الّرابع :جمع المام
ق أخذ الّزكاة من المال الّذي وجبت - 141للمام ح ّ
ف في بعض الموال يأتي بيانه ) . فيه ( على خل ٍ
وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والخليفتان
ل الموال ،إلى أن فوّض بعده يأخذون الّزكاة من ك ّ
عثمان رضي الله عنه في خلفته أداء الّزكاة عن
الموال الباطنة إلى مّلكها ،كما يأتي .ودليل ذلك
قوله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم { :خذ من
ة تطهّرهم وتزكّيهم بها } وقول أبي أموالهم صدق ً
بكرٍ رضي الله عنه :واللّه لو منعوني عقاًل كانوا
يؤدّونه إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
صحابة على ذلك . لقاتلتهم على منعه واتّفق ال ّ
من وجبت عليهم ، ويجب على المام أخذ الّزكاة م ّ
شافعيّة بأنّه يجب على المام بعث فقد صّرح ال ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ صدقات ،ل ّ سعاة لخذ ال ّ ال ّ
ن
سعاة ،ول ّ وسلم والخلفاء من بعده كانوا يبعثون ال ّ
في النّاس من يملك المال ول يعرف ما يجب عليه ،
ومنهم من يبخل .والوجوب هو أحد قولي المالكيّة ،
ة}. جوا بقوله تعالى { :خذ من أموالهم صدق ً واحت ّ
خصوا للمام في عدم أخذ الّزكاة من جميع والّذين ر ّ
ض ،إنّما هو إذا علمالموال أو من بعضها دون بع ٍ
المام أنّهم إذا لم يأخذها منهم أخرجوها من عند
ة
ن إنسانًا من النّاس أو جماع ً ما لو علم أ ّ أنفسهم ،أ ّ
منهم ل يخرجون الّزكاة فيجب على المام أخذها
ن المامة لحراسة منهم ولو قهًرا ،كما تقدّم ; ل ّ
244
ن من الدّين وسياسة الدّنيا ،ومنع الّزكاة هدم لرك ٍ
أركان الدّين .
حكم دفع الّزكاة إلى المام العادل :
- 142المراد بالمام العادل هنا من يأخذ الّزكاة
بحّقها ،ويعطيها لمستحّقها ،ولو كان جائًرا في غير
ذلك على ما صّرح به المالكيّة .ومن دفع زكاة ماله
إلى المام العادل جاز ،وأجزأت عنه اتّفاقًا .ولو
كان بإمكانه دفعها إلى المام وتفريقها بنفسه فقد
اختلف الفقهاء في ذلك :فذهب مالك وأبو حنيفة
ي ،إلى شافع ّ وأبو عبيد ٍ ،وهو القديم من قولي ال ّ
التّفريق بين الموال الظّاهرة ،وهي الّزروع ،
والمواشي ،والمعادن ،ونحوها ،وبين الموال
ماضة والتّجارات .فأ ّ الباطنة وهي الذ ّهب والف ّ
ن أبا بكرٍ الظّاهرة فيجب دفعها إلى المام ،ل ّ
صحابة طالبهم بالّزكاة وقاتلهم عليها ،ووافقه ال ّ
على هذا ،فليس للمزكّي إخراجها بنفسه ،حتّى
شافعيّة بأنّه لو أخرجها كذلك لم تجزئه . لقد صّرح ال ّ
ن ما للمام قبضه بحكم الولية ل يجوز دفعه إلى ول ّ
ما زكاة الموال المولّى عليه ،كول ّ
ي اليتيم .وأ ّ
الباطنة فقال الحنفيّة :للمام طلبها ،وحّقه ثابت
ل تجب فيه الّزكاة ،للية في أخذ الّزكاة من ك ّ
ل ما ٍ
.وما فعله عثمان رضي الله عنه أنّه فوّض إلى
نوابه في ذلك ، المّلك زكاة المال الباطن ،فهم ّ
وهذا ل يسقط طلب المام أصًل ،ولهذا لو علم أ ّ
ن
ما إذا لم أهل بلدةٍ ل يؤدّون زكاتهم طالبهم بها .فأ ّ
يطلبها لم يجب الدّفع إليه .وقال المالكيّة
شافعيّة :زكاة الموال الباطنة مفوّضة لربابها ، وال ّ
ب المال أن يوصلها إلى الفقراء وسائر فلر ّ
المستحّقين بنفسه .وذهب الحنابلة ،وهو الجديد
245
ن الدّفع إلى ي :إلى أ ّ شافع ّ المعتمد من قولي ال ّ
ب في الموال الظّاهرة والباطنة المام غير واج ٍ
سواء ،فيجوز للمالك صرفها إلى على ال ّ
سا للظّاهرة على الباطنة ، المستحّقين مباشرةً ،قيا ً
ن في ذلك إيصال الحقّ إلى مستحّقه الجائز ول ّ
تصّرفه ،فيجزئه ،كما لو دفع الدّين إلى غريمه
مباشرة ً ،وأخذ المام لها إنّما هو بحكم النّيابة عن
مستحّقها ،فإذا دفعها إليهم جاز ; لنّهم أهل رشدٍ .
صرف إلى المام شافعيّة في الظهر :ال ّ م قال ال ّ ث ّ
أفضل من تفريقها بنفسه ; لنّه أعرف
بالمستحّقين ،وأقدر على التّفريق بينهم ،وبه يبرأ
م قال الحنابلة :تفرقتها بنفسه ، ظاهًرا وباطنًا .ث ّ
أولى وأفضل من دفعها إلى المام ،لنّه إيصال
للحقّ إلى مستحّقه ،فيسلم عن خطر الخيانة من
ن فيه مباشرة تفريج كربة من ماله ; ول ّ المام أو ع ّ
يستحّقها ،وفيه توفير لجر العمالة ،مع تمكّنه من
إعطاء محاويج أقربائه ،وذوي رحمه ،وصلتهم بها ،
إل ّ أنّه إن لم يثق بأمانة نفسه فالفضل له دفعها
ما لو ح من إخراجها .أ ّ ش ّساعي ،لئل ّ يمنعه ال ّ إلى ال ّ
طلب المام العادل الّزكاة فإنّه يجب الدّفع إليه
اتّفاقًا ،وسواء كان المال ظاهًرا أو باطنًا ،والخلف
في استحقاقه جمع زكاة المال الباطن ل يبيح
ن الموضع موضع معصيته في ذلك إن طلبه ،ل ّ
اجتهاد ٍ ،وأمر المام يرفع الخلف كحكم القاضي ،
شريعة .وصّرح المالكيّة كما هو معلوم من قواعد ال ّ
ن المام العدل إن طلبها فادّعى المالك إخراجها بأ ّ
لم يصدّق .
مة الجائرين ،وإلى البغاة : دفع الّزكاة إلى الئ ّ
246
- 143إن أخذ المام الجائر الّزكاة قهًرا أجزأت عن
ضرر صاحبها .وكذا إن أكره المام المزكّي فخاف ال ّ
إن لم يدفعها إليه .واختلف الفقهاء فيمن كان قادًرا
على المتناع عن دفعها إلى المام الجائر ،أو على
إخفاء ماله ،أو إنكار وجوبها عليه ،أو نحو ذلك :
فذهب الجمهور من الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم
جواز دفعها إلى المام حينئذ ٍ ،وأنّها ل تجزئ عن
دافعها على التّفصيل التّالي :فقال الحنفيّة :إذا أخذ
سلطين الجائرون زكاة الموال الظّاهرة الخوارج وال ّ
سوائم والّزروع وما يأخذه العاشر ،فإن كزكاة ال ّ
صرفوه في مصارفه المشروعة فل إعادة على
المزكّي ،وإل ّ فعلى المزكّي فيما بينه وبين اللّه
تعالى إعادة إخراجها .وفي حالة كون الخذ لها
البغاة ليس للمام أن يطالب أصحاب الموال بها ;
لنّه لم يحمهم من البغاة ،والجباية بالحماية ،ويفتى
ما الموال البغاة بأن يعيدوا ما أخذوه من الّزكاة .وأ ّ
سلطان الجائر .وقال ح دفعها إلى ال ّ الباطنة فل يص ّ
سلطان الجائر اختياًرا ، المالكيّة :إن دفعها إلى ال ّ
سلطان لمستحّقها أجزأت عنه ،وإل ّ لم فدفعها ال ّ
تجزئه .فإن طلبها الجائر فعلى ربّها جحدها والهرب
بها ما أمكن ،فإن أكرهه جاز .وهذا إن كان جائًرا
في أخذها أو صرفها ،وسواء كانت من الموال
ما إن كان عادًل فيها وجائًرا الظّاهرة أو الباطنة .أ ّ
ما
في غيرها ،فيجوز الدّفع إليه مع الكراهة .أ ّ
شافعيّة فذهبوا إلى أنّه إن طلب المام الجائر ال ّ
زكاة المال الباطن ،فصرفها إليه أفضل ،وكذا زكاة
المال الظّاهر سواء لم يطلبها أو طلبها ،وفي
التّحفة إن طلبها وجب الدّفع إليه .وذهب الحنابلة
ن دفع الّزكاة إلى المام الجائر والبغاة إلى أ ّ
247
والخوارج إذا غلبوا على البلد جائز سواء كانت من
الموال الظّاهرة أو الباطنة .ويبرأ المزكّي بدفعها
إليهم ،سواء صرفها المام في مصارفها أو ل .
صحابة ،منهم جوا بما ورد في ذلك عن بعض ال ّ واحت ّ
ص وجابرٍ وأبي هريرة وابن عمر سعد بن أبي وقّا ٍ
وغيرهم .
سعاة لجمع الّزكاة وصرفها : إرسال الجباة وال ّ
سعاة لقبض - 144يجب على المام أن يرسل ال ّ
يالّزكاة وتفريقها على مستحّقيها ،وقد { كان النّب ّ
مال ذلك ويبعثهم إلى صلى الله عليه وسلم يولّي الع ّ
أصحاب الموال ،فقد استعمل عمر بن الخطّاب
رضي الله عنه عليها } ،وورد أنّه استعمل ابن
اللّتبيّة .وكذلك الخلفاء الّراشدون كانوا يرسلون
ساعي ما يلي : سعاتهم لقبضها .ويشترط في ال ّ
ما ،فل يستعمل عليها كافًرا لنّها - 1أن يكون مسل ً
ولية ،وفيها تعظيم للوالي .
ة مأمونًا ،ل يخون ول - 2وأن يكون عدًل ،أي ثق ً
يجور في الجمع ،ول يحابي في القسمة .
- 3وأن يكون فقيهًا في أمور الّزكاة ،لنّه يحتاج
إلى معرفة ما يؤخذ وما ل يؤخذ ،ومحتاج إلى
الجتهاد فيما يعرض له من وقائع الّزكاة .
- 4وأن يكون فيه الكفاية ،وهي القدرة على القيام
بالعمل وضبطه على الوجه المعتبر .
شرط -5وأن ل يكون من آل البيت ،وفي هذا ال ّ
اختلف بين الفقهاء .ومعنى اشتراطه هنا عدم
استحقاقه للخذ منها مقابل عمله فيها ،فلو عمل
بل أجرٍ أو أعطي أجره من مال الفيء أو غيره جاز ،
سعاة على الّزكاة أنواع ( و ر :آل ،جباية ) .وال ّ
فمنهم الجابي :وهو القابض للّزكاة ،والمفّرق :
248
وهو القاسم ،والحاشر :وهو الّذي يجمع أرباب
الموال لتؤخذ منهم الّزكاة ،والكاتب لها .وإن لم
سعاة يكن هناك إمام ،أو كان المام ل يرسل ال ّ
لجبي الّزكاة فيجب على أهل الموال إخراجها
ق فيهاوتفريقها على المستحّقين ; لنّهم أهل الح ّ
سعاة : والمام نائب .موعد إرسال ال ّ
- 145الموال قسمان :فما كان منها ل يشترط
لزكاته الحول كالّزروع والثّمار والمعادن ،فهذا
يرسل المام سعاته وقت وجوبها ،ففي الّزروع
والثّمار عند إدراكها بحيث يصلهم وقت الجذاذ
ما الخارص والحصاد .وهذا في غير الخرص ،أ ّ
صلح كما تقدّم ( وانظر فيرسل عند بدء ظهور ال ّ
مصطلح :خرص ) .وما كان يشترط فيه الحول
شافعيّة إلى أنّه يجب أن يعيّن كالمواشي :فذهب ال ّ
سنة القمريّة يرسل إليهم فيه لهم شهًرا معيّنًا من ال ّ
ل عام ٍ .ساعي ك ّ ال ّ
حقوق العاملين على الّزكاة :
- 146العامل على الّزكاة يجوز إعطاؤه حّقه من
ساعي . شروط المتقدّمة في ال ّ الّزكاة نفسها بال ّ
ويجوز إعطاؤه من بيت المال .ويتعيّن ذلك إن لم
يكن من أهل الّزكاة ،كأن يكون من آل البيت على
ما ل يحتاج ما صّرح به المالكيّة ،أو يكون العمل م ّ
سائق على ما صّرح إليه غالبًا كالّراعي والحارس وال ّ
شافعيّة ،وقال الحنابلة :يعطى به المالكيّة وال ّ
الّراعي والحارس ونحوهما من الّزكاة كغيرهم من
ساعي أن يأخذ من الّزكاة العاملين .وليس لل ّ
لنفسه شيئًا غير الجر الّذي يعطيه إيّاه المام ،لما
في حديث عديّ بن عميرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول اللّه صلّى يقول { :من استعملناه
249
ل فكتمنا مخيطًا فما فوقه ،كان منكم على عم ٍ
ساعي أن غلوًل يأتي به يوم القيامة } .وليس لل ّ
يأخذ شيئًا من أهل الموال باسم الهديّة بسبب
ل له أن يكتمه ويستأثر به ، وليته ،وإن أخذه لم يح ّ
ساعدي رضي الله ّ لما ورد في حديث أبي حميد ٍ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم عنه قال { :استعمل النّب ّ
صدقة ، رجًل من الزد يقال له ابن اللّتبيّة على ال ّ
ما قدم قال :هذا لكم ،وهذا أهدي لي .قال : فل ّ
مه ،فينظر أيهدى فهل ّ جلس في بيت أبيه -أو بيت أ ّ
له أم ل ؟ والّذي نفسي بيده ،ل يأخذ أحد منكم
شيئًا إل ّ جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ،إن
كان بعيًرا له رغاء ،أو بقرة ً لها خوار ،أو شاةً تيعر
م هل م رفع بيده حتّى رأينا عفرة إبطيه -اللّه ّ -ث ّ
م هل بلّغت ،ثلثًا } . بلّغت ،اللّه ّ
ساعي للمزكّي : دعاء ال ّ
ب له أن يدعو ساعي الّزكاة استح ّ - 147إذا أخذ ال ّ
ة
للمالك ،لقوله تعالى { :خذ من أموالهم صدق ً
ن صلتك سكن ل عليهم إ ّ تطهّرهم وتزكّيهم بها وص ّ
لهم } ولما ورد من حديث عبد اللّه بن أبي أوفى
ي صلى الله عليه رضي الله عنه قال { :كان النّب ّ
ل على مص ّ وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال :اللّه ّ
ل على مص ّ ن فأتاه أبي بصدقته ،فقال :اللّه ّ آل فل ٍ
شافعيّة :يجب ذلك ، ل لل ّ آل أبي أوفى } .وفي قو ٍ
ن. ل على آل فل ٍ مص ّ لظاهر الية .ويقول :اللّه ّ
شافعيّة :ل ل لل ّ وإن شاء دعا بغير ذلك .وفي قو ٍ
صلة على آل المزكّي ،بل يدعو بغيرها ; يدعو بال ّ
صة بالنبياء . صلة خا ّ ن ال ّ ل ّ
ساعي بالممتنع عن أداء الّزكاة : ما يصنع ال ّ
250
ساعي جائًرا في شافعيّة :إن كان ال ّ - 148قال ال ّ
أخذ الّزكاة أو صرفها لم يكن له تعزير من امتنع أو
ن الممتنع أو المخفي أخفى ماله أو غلب به ; ل ّ
ساعي عادًل فإنّه ما إن كان ال ّ يكون بذلك معذوًرا .أ ّ
يأخذها من الممتنع أو المخفي ،ويعّزره ما لم يكن
له فيما فعله شبهة معتبرة .ولو خرج على المام
ساعي على أخذ الّزكاة منهم حتّى قوم فلم يقدر ال ّ
م قدر عليهم ،يؤخذون بزكاة ما مضت أعوام ،ث ّ
وجد معهم حال القدرة عليهم لماضي العوام ولعام
القدرة ،وإن ادّعوا أنّهم أخرجوها يصدّقون ،لكن
إن كان خروجهم لمنعها ل يصدّقون على ما صّرح به
المالكيّة
ساعي عند اختلف الحول على المّلك : ما يصنع ال ّ
ساعي إلى أرباب - 149قال النّوويّ :إذا وصل ال ّ
م أخذ الموال ،فإن كان حول صاحب المال قد ت ّ
م سأله منه الّزكاة ،وإن كان حول بعضهم لم يت ّ
ب للمالك إجابته ، ساعي تعجيل الّزكاة ،ويستح ّ ال ّ
م إن جلها برضاه أخذها منه ،وإل ّ لم يجبره ،ث ّ فإن ع ّ
ساعي المصلحة في أن يوكّل من يأخذها عند رأى ال ّ
حلولها ويفّرقها على أهلها فعل .وإن رأى أن
خرها ليأخذها منه في العام المقبل فعل ،ويكتبها يؤ ّ
ساعي الّذي كي ل ينساها أو يموت فل يعلمها ال ّ
بعده ،وإن رأى أن يرجع في وقت حلولها ليأخذها
فعل ،وإن وثق بصاحب المال جاز أن يفوّض إليه
ساعي شرط في ن وصول ال ّ تفريقها .وتقدّم أ ّ
وجوب الّزكاة عند المالكيّة إن كان هناك ساٍع ،فهو
يحاسبهم على ما يملكونه يوم وصوله إليهم .
( حفظ الّزكاة ) :
251
ساعي المحافظة على مال الّزكاة . - 150على ال ّ
قيه ،أو وهو أمانة في يده حتّى يوصله إلى مستح ّ
يوصله إلى المام إن فضل منه شيء ،وله في
ما
سا أو راعيًا ونحوهما .وم ّ سبيل ذلك أن يتّخذ حار ً
صدقة ذكره الفقهاء من وسائل الحفظ وسم بهائم ال ّ
من البل والبقر والغنم لتتميّز عن غيرها ; ولئلّ
صةٍ ،كأن تكون تضيع ،ويسمها بالنّار بعلمةٍ خا ّ
صحيحين عن علمة الوسم ( للّه ) لما ورد في ال ّ
ي صلى س رضي الله عنه أنّه قال { :وافيت النّب ّ أن ٍ
صدقة } الله عليه وسلم وبيده الميسم يسم إبل ال ّ
صحابة ولثارٍ وردت من فعل عمر وغيره من ال ّ
رضوان اللّه عليهم
بيت مال الّزكاة :
- 151على المام أن يتّخذ بيتًا لموال الّزكاة تحفظ
فيه وتضبط إلى أن يتمكّن من صرفها لهلها .
وتفصيل ذلك في مصطلح :بيت المال » .
ساعي في الّزكاة : تصّرفات ال ّ
ساعي الّزكاة يفّرقها على - 152إذا قبض ال ّ
قيها من أهل البلد الّتي جمعها فيها إن كان مستح ّ
المام أذن له في تفريقها ،فل ينقلها إلى أبعد من
مسافة القصر ،إل ّ أن يستغني عنها فقراء البلد ،
ن عمر بعث معاذ ًا رضي الله عنه إلى وقد ورد أ ّ
صدقة ،فقال له :إنّي لم اليمن ،فبعث إليه من ال ّ
أبعثك جابيًا ول آخذ جزيةٍ ولكن بعثتك لتأخذ من
أغنياء النّاس فترد ّ في فقرائهم .فقال معاذ :أنا ما
بعثت إليك بشيءٍ وأنا أجد أحدًا يأخذه منّي .فلو
نقلها في غير تلك الحال ففيه خلف يأتي .وليس
ساعي أن يأخذ من الّزكاة لنفسه على أنّه أحد لل ّ
ما أو فقيًرا .ول أصناف أهل الّزكاة ،كما لو كان غار ً
252
يأخذ إل ّ ما أعطاه المام على ما صّرح به المالكيّة ;
لنّه يقسم فل يحكم لنفسه .
- 153وإذا تلف من مال الّزكاة شيء في يد المام
صرط منه بأن ق ّ ساعي ضمنه إن كان ذلك بتفري ٍ أو ال ّ
في حفظه ،وكذا لو عرف المستحّقين وأمكنه
دّ
التّفريق عليهم فلم يفعل حتّى تلفت ; لنّه متع ٍ
بذلك ،فإن لم يتعد ّ ولم يفّرط لم يضمن .قال
ل من يفوّض إليه ساعي وك ّ ووي :ينبغي للمام وال ّّ الن ّ
صدقات أن يعتني بضبط المستحّقين ، أمر تفريق ال ّ
ومعرفة أعدادهم ،وأقدار حاجاتهم ،بحيث يقع
صدقات بعد معرفتهم أو معها ، الفراغ من جمع ال ّ
جل حقوقهم ،وليأمن هلك المال عنده . ليع ّ
وتصرف الّزكاة في الصناف الثّمانية ،ول يجوز
صرفها إل ّ لمن جمع شروط الستحقاق ،ويأتي بيان
ذلك بالتّفصيل .
ساعي الّزكاة فاحتاج إلى - 154وإذا أخذ المام أو ال ّ
بيعها لمصلحةٍ ،من كلفةٍ في نقلها ،أو مرض
ما إذا باعها لغير ذلك فقد البهيمة أو نحو ذلك جاز ،أ ّ
شافعيّة والحنابلة إلى عدم الجواز ،والبيع ذهب ال ّ
ن أهل ضمان إن تلف ،وذلك ل ّ باطل ،وعليه ال ّ
الّزكاة أهل رشد ٍ ل ولية عليهم ،فلم يجز بيع مالهم
ل عند الحنابلة يجوز ذلك ، بغير إذنهم .وفي احتما ٍ
ي صلى ن النّب ّلما ورد عن قيس بن أبي حازم ٍ { أ ّ
ة كوماء ، صدقة ناق ً الله عليه وسلم رأى في إبل ال ّ
ل، فسأل عنها ،فقال المصدّق :إنّي ارتجعتها بإب ٍ
فسكت } قال أبو عبيد ٍ :الّرجعة أن يبيعها ويشتري
بثمنها مثلها أو غيرها .
شارين ) : ( نصب الع ّ
253
- 155ينصب المام على المعابر في طرق السفار
من يمّر عليهم بالمال من شارين للجباية م ّع ّ
مة وأهل الحرب إذا أتوا المسلمين وأهل الذ ّ ّ
بأموالهم إلى بلد السلم ،فيأخذ من أهل السلم
مةما يجب عليهم من زكاةٍ ،ويأخذ من أهل الذ ّ ّ
نصف العشر ،ويأخذ من أهل الحرب العشر .
مة وأهل الحرب فيء والّذي يأخذه من أهل الذ ّ ّ
حكمه حكم الجزية يصرف في مصارف الفيء ،
ما ما وينظر تفصيله في مصطلح ( :عشر ) .أ ّ
يأخذه من أهل السلم فهو زكاة يشترط له ما
يشترط في سائر الموال الّزكويّة ويصرف في
ن هذا النّوع من المال وإن مصارف الّزكاة ،إل ّ أ ّ
ما انتقل صاحبه به كان في الصل ماًل باطنًا لكنّه ل ّ
في البلد أصبح في حكم المال الظّاهر على ما
صّرح به ابن عابدين ،ولذا كانت ولية قبض زكاته
سوائم والّزروع .وصّرح الحنفيّة إلى المام ،كال ّ
بتحليف من يمّر على العاشر إن أنكر تمام الحول
ن عليه دينًا يسقط الّزكاة ، على ما بيده ،أو ادّعى أ ّ
فإن حلف فالقول قوله ،وكذا إن قال أدّيتها إلى
عاشرٍ آخر وأخرج براءة ً ( إيصاًل رسميًّا بها ) ،وكذا
إن قال أدّيتها بنفسي إلى الفقراء في المصر .
ويشترط أن يكون ما معه نصابًا فأكثر حتّى يجب
ب وله في ل من نصا ٍ الخذ منه ،فإن كان معه أق ّ
المصر ما يكمل به النّصاب فل ولية للعاشر على
ن وليته على الظّاهر فقط .ويشترط الخذ منه ; ل ّ
ساعي كما تقدّم وأن في العاشر ما يشترط في ال ّ
يأمن المسافرون بحمايته من اللّصوص .
القسم الخامس :مصارف الّزكاة :
254
ف. - 156مصارف الّزكاة محصورة في ثمانية أصنا ٍ
ص عليها القرآن الكريم في والصناف الثّمانية قد ن ّ
صدقات للفقراء والمساكين قوله تعالى { :إنّما ال ّ
والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الّرقاب
ة من سبيل فريض ً والغارمين وفي سبيل اللّه وابن ال ّ
اللّه واللّه عليم حكيم } .و " إنّما " الّتي صدّرت بها
الية أداة حصرٍ ،فل يجوز صرف الّزكاة لحدٍ أو في
ل في هذه الصناف ،وقد أكّد ذلك ما وجهٍ غير داخ ٍ
ن رسول اللّه أتاه رجل فقال :أعطني من ورد { أ ّ
ن اللّه تعالى لم يرض بحكم نب ٍ ّ
ي صدقة ،فقال :إ ّ ال ّ
صدقات حتّى حكم فيها هو فجّزأها ول غيره في ال ّ
ة ،فإن كنت من تلك الجزاء أعطيتك حّقك } . ثماني ً
ومن كان داخًل في هذه الصناف فل يستحقّ من
الّزكاة إل ّ بأن تنطبق عليه شروط معيّنة تأتي بعد
صنفان بيان الصناف .بيان الصناف الثّمانية :ال ّ
الوّل والثّاني :الفقراء والمساكين :
- 157الفقراء والمساكين هم أهل الحاجة الّذين ل
يجدون ما يكفيهم ،وإذا أطلق لفظ ( الفقراء )
وانفرد دخل فيهم ( المساكين ) ،وكذلك عكسه ،
وإذا جمع بينهما في كلم ٍ واحد ٍ ،كما في آية
ل منهما بمعنًى .وقد مصارف الّزكاة ،تميّز ك ّ
ة ،فذهب اختلف الفقهاء في أيّهما أشد ّ حاج ً
ة من ن الفقير أشد ّ حاج ً شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ ال ّ
ن اللّه تعالى قدّم ذكرهم في جوا بأ ّالمسكين ،واحت ّ
م وبقوله تعالى : ل على أنّهم أه ّ الية ،وذلك يد ّ
سفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر } ما ال ّ {أ ّ
.فأثبت لهم وصف المسكنة مع كونهم يملكون
ضاصلون نوًل ،واستأنسوا لذلك أي ً ة ويح ّ سفين ً
ل، ة :فعيل بمعنى مفعو ٍ بالشتقاق ،فالفقير لغ ً
255
وهو من نزعت بعض فقار صلبه ،فانقطع ظهره ،
سكون ،ومن كسر صلبه والمسكين مفعيل من ال ّ
ساكن .وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أشد ّ حاًل من ال ّ
نجوا بأ ّ ة من الفقير ،واحت ّ ن المسكين أشد ّ حاج ً أ ّ
اللّه تعالى قال { :أو مسكينًا ذا متربةٍ } .وهو
مةن أئ ّالمطروح على التّراب لشدّة جوعه ،وبأ ّ
اللّغة قالوا ذلك ،منهم الفّراء وثعلب وابن قتيبة ،
سكون ،كأنّه عجز عن ضا ،فهو من ال ّ وبالشتقاق أي ً
ن الفقير ي قوًل أ ّ الحركة فل يبرح .ونقل الدّسوق ّ
والمسكين صنف واحد ،وهو من ل يملك قوت عامه
ل من قوت ،سواء كان ل يملك شيئًا أو يملك أق ّ
العام .
صنفين : ل من ال ّ - 158واختلف الفقهاء في حد ّ ك ٍّ
شافعيّة والحنابلة :الفقير من ل مال له ول فقال ال ّ
كسب يقع موقعًا من حاجته ،كمن حاجته عشرة فل
يجد شيئًا أصًل ،أو يقدر بماله وكسبه وما يأتيه من
ل من نصف كفايته .فإن كان غلّةٍ وغيرها على أق ّ
ل العشرة فمسكين . يجد النّصف أو أكثر ول يجد ك ّ
وقال الحنفيّة والمالكيّة :المسكين من ل يجد شيئًا
ل له .واختلف قولهم في أصًل فيحتاج للمسألة وتح ّ
الفقير :فقال الحنفيّة :الفقير من له أدنى شيءٍ
لوهو ما دون النّصاب ،فإذا ملك نصابًا من أيّ ما ٍ
ي ل يستحقّ شيئًا من الّزكاة ،فإن ي فهو غن ّزكو ٍ ّ
ق ،وكذا لو ملك ب فهو غير مستح ٍ ّ ل من نصا ٍ ملك أق ّ
نصابًا غير نام ٍ وهو مستغرق في الحاجة الصليّة ،
فإن لم يكن مستغرقًا منع ،كمن عنده ثياب تساوي
ما عليه ،ولو ن الّزكاة تكون حرا ً نصابًا ل يحتاجها ،فإ ّ
بلغت قيمة ما يملكه نصبًا فل يمنع ذلك كونه من
ة بالحاجة المستحّقين للّزكاة إن كانت مستغرق ً
256
الصليّة كمن عنده كتب يحتاجها للتّدريس ،أو آلت
حرفةٍ ،أو نحو ذلك .وقال المالكيّة :الفقير من
يملك شيئًا ل يكفيه لقوت عامه .
الغنى المانع من أخذ الّزكاة بوصف الفقر أو
المسكنة :
ي ل يجوز إعطاؤه من الّزكاة ، ن الغن ّ - 159الصل أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم { : ي ،لقول النّب ّ وهذا اتّفاق ّ
ي } .ولكن اختلف في الغنى المانع ظ فيها لغن ٍ ّ لح ّ
من أخذ الّزكاة :فقال الجمهور من المالكيّة
خرون شافعيّة وهو رواية عن أحمد قدّمها المتأ ّ وال ّ
ن المر معتبر بالكفاية ،فمن وجد من أصحابه :إ ّ
من الثمان أو غيرها ما يكفيه ويكفي من يموّنه فهو
ل له الّزكاة ،فإن لم يجد ذلك حلّت له ي ل تح ّ غن ّ
ة ،وعلى هذا ،فل ولو كان ما عنده يبلغ نصبًا زكوي ّ ً
ق
يمتنع أن يوجد من تجب عليه الّزكاة وهو مستح ّ
للّزكاة .وقال الحنفيّة :هو الغنى الموجب للّزكاة ،
ل له أن يأخذ الّزكاة ، فمن تجب عليه الّزكاة ل يح ّ
ن اللّه قد ي صلى الله عليه وسلم { :إ ّ لقول النّب ّ
ة تؤخذ من أغنيائهم فترد ّ على فرض عليهم صدق ً
ي كان ل زكو ٍ ّ فقرائهم } .ومن ملك نصابًا من أيّ ما ٍ
ي ،فل يجوز أن تدفع إليه الّزكاة ولو كان ما فهو غن ّ
عنده ل يكفيه لعامه ،ومن لم يملك نصابًا كامًل فهو
فقير أو مسكين ،فيجوز أن تدفع إليه الّزكاة ،كما
ة أخرى عند الحنابلة عليها ظاهر تقدّم .وفي رواي ٍ
ي ،وإن لم يجد المذهب :إن وجد كفايته ،فهو غن ّ
ما ،أو قيمتها من الذ ّهب وكان لديه خمسون دره ً
ي كذلك ولو كانت ل تكفيه ،لحديث ة ،فهو غن ّ ص ًخا ّ
{ من سأل النّاس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة
ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح .
257
قالوا يا رسول اللّه وما يغنيه ؟ قال :خمسون
ما أو قيمتها من الذ ّهب } .وإنّما فّرقوا بين دره ً
الثمان وغيرها اتّباع ًا للحديث .
وفيما يلي تفصيل فروع هذه المسألة :إعطاء
ق: الّزكاة لمن ل يملك ماًل وله مورد رز ٍ
- 160من لم يكن له مال أو له مال ل يكفيه فإنّه
ن من لزمت يستحقّ من الّزكاة عند الجمهور ،إل ّ أ ّ
نفقته مليئًا من نحو والدٍ ل يعطى من الّزكاة ،وكذا
ل تعطى الّزوجة لستغنائها بإنفاق زوجها عليها .
ومن له مرتّب يكفيه لم يجز إعطاؤه من الّزكاة .
وكذا من كان له صنعة تكفيه وإن كان ل يملك في
الحال ماًل .فإن كان واحد من هذه السباب يأتيه
ل من كفايته يجوز إعطاؤه تمام الكفاية . منه أق ّ
ل بعض كفايته أنّه ل ن من له ضيعة تغ ّ ونقل النّوويّ أ ّ
ل له الّزكاة ،وكذلك آلت يلزمه بيعها لتح ّ
المحترفين وكسب العالم .وقال الحنفيّة :يجوز
شهري أو
ّ سنوي أو
ّ دفع الّزكاة إلى من عنده دخل
عقار أو نحو ذلك ،إن لم يملك نصابًا ٍ ي من يوم ّ
ي إن زكويًّا ،ويجوز دفعها إلى الولد الّذي أبوه غن ّ
كان الولد كبيًرا فقيًرا ،سواء كان ذكًرا أو أنثى ;
لنّه ل يعد ّ غنيًّا بيسار أبيه وإن كانت نفقته عليه ،أ ّ
ما
ي فل تدفع إليه الّزكاة صغير الّذي أبوه غن ّ الولد ال ّ
صغير في لنّه يعد ّ غنيًّا بيسار أبيه ،وسواء كان ال ّ
مد :يجوز عيال أبيه أم ل .وكذا قال أبو حنيفة ومح ّ
ل فقيرٍ له ابن موسر .وقال أبو دفع الّزكاة إلى رج ٍ
يوسف :إن كان الب في عيال البن الموسر ل
يجوز ،وإن لم يكن جاز .قالوا :وكذلك المرأة
ي يجوز إعطاؤها من الفقيرة إن كان لها زوج غن ّ
ة بيسار زوجها ،وبقدر النّفقة الّزكاة ،لنّها ل تعد ّ غني ّ ً
258
ل تصير موسرة ً ،واستيجابها النّفقة بمنزلة الجرة .
ومن كان مستغنيًا بأن تبّرع أحد من النّاس بأن ينفق
صحيح عند الحنابلة أنّه يجوز إعطاؤه من عليه ،فال ّ
الّزكاة ،ويجوز للمتبّرع بنفقته أن يدفع إليه من
الّزكاة ولو كان في عياله ،لدخوله في أصناف
ص أو إجماٍع يخرجه من الّزكاة ،وعدم وجود ن ٍّ
العموم .
إعطاء الفقير والمسكين القادرين على الكسب :
- 161من كان من الفقراء والمساكين قادًرا على
كسب كفايته وكفاية من يموّنه ،أو تمام الكفاية ،
ل للمزكّي ل له الخذ من الّزكاة ،ول يح ّ لم يح ّ
إعطاؤه منها ،ول تجزئه لو أعطاه وهو يعلم بحاله ،
ي ول ظ فيها لغن ٍ ّ صدقة { :ل ح ّ ي في ال ّ لقول النّب ّ
صدقة ظ { ل تح ّ
ل ال ّ ب } .وفي لف ٍ ي مكتس ٍ لقو ٍ ّ
شافعيّة ي } .وهذا مذهب ال ّ ي ول لذي مّرةٍ سو ٍ ّ لغن ٍ ّ
والحنابلة .وقال الحنفيّة :يجوز دفع الّزكاة إلى من
حا مكتسبًا ، ب ،وإن كان صحي ً ل من نصا ٍ يملك أق ّ
لنّه فقير أو مسكين ،وهما من مصارف الّزكاة ;
ن حقيقة الحاجة ل يوقف عليها ،فأدير الحكم ول ّ
جوا بما في على دليلها ،وهو فقد النّصاب .واحت ّ
ين النّب ّ صة الحديث المذكور سابًقا ،وهي { أ ّ ق ّ
صدقات فقام صلى الله عليه وسلم كان يقسم ال ّ
إليه رجلن يسألنه ،فنظر إليهما فرآهما جلدين
فقال :إنّه ل حقّ لكما فيه وإن شئتما أعطيتكما } .
لنّه أجاز إعطاءهما ،وقوله { :ل حقّ لكما فيه }
سؤال .ومثله قول المالكيّة ق لكما في ال ّ معناه ل ح ّ
ن الحد ّ الدنى الّذي يمنع المعتمد عندهم ،إل ّ أ ّ
الستحقاق عندهم هو ملك الكفاية ل ملك النّصاب ،
كما عند الحنفيّة .
259
إعطاء الّزكاة لمن له مال أو كسب وامتنع عنه ماله
أو كسبه :
- 162من كان عنده مال يكفيه فل يستحقّ من
جًل ،الّزكاة ،لكن إن كان ماله غائبًا أو كان دينًا مؤ ّ
شافعيّة بأنّه ل يمنع ذلك من إعطائه ما فقد صّرح ال ّ
ل الجل .والقادر يكفيه إلى أن يصل إلى ماله أو يح ّ
على الكسب إن شغله عن الكسب طلب العلم
ني لم يمنع ذلك من إعطائه من الّزكاة ; ل ّ شرع ّ ال ّ
طلب العلم فرض كفايةٍ بخلف التّفّرغ للعبادة .
شافعيّة في طالب العلم أن يكون واشترط بعض ال ّ
نجيبًا يرجى نفع المسلمين بتفّقهه .ومن كان قادًرا
ن ذلك الكسب ل يليق به ،أو يليق به ب لك ّعلى كس ٍ
لكن لم يجد من يستأجره ،لم يمنع ذلك استحقاقه
من الّزكاة .
جنس الكفاية المعتبرة في استحقاق الّزكاة :
- 163الكفاية المعتبرة عند الجمهور هي للمطعم
والمشرب والمسكن وسائر ما ل بد ّ منه على ما
شخص ف ول تقتيرٍ ،لل ّيليق بالحال من غير إسرا ٍ
نفسه ولمن هو في نفقته .وصّرح المالكيّة وغيرهم
ن مال الّزكاة إن كان فيه سعة يجوز العانة به بأ ّ
لمن أراد الّزواج .
القدر الّذي يعطاه الفقير والمسكين من الّزكاة :
- 164ذهب الجمهور ( المالكيّة وهو قول عند
ن الواحد شافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة ) إلى أ ّ ال ّ
من أهل الحاجة المستحقّ للّزكاة بالفقر أو المسكنة
يعطى من الّزكاة الكفاية أو تمامها له ولمن يعوله
ما كامًل ،ول يزاد عليه ،إنّما حدّدوا العام ل ّ
ن عا ً
ي صلى الله ن { النّب ّل عام ٍ غالبًا ،ول ّ الّزكاة تتكّرر ك ّ
عليه وسلم ادّخر لهله قوت سنةٍ } .وسواء كان ما
260
يكفيه يساوي نصابًا أو نصبًا .وإن كان يملك أو
يحصل له بعض الكفاية أعطي تمام الكفاية لعام ٍ .
ص والحنابلة في ل منصو ٍ شافعيّة في قو ٍ وذهب ال ّ
ن الفقير والمسكين يعطيان ما يخرجهما روايةٍ إلى أ ّ
من الفاقة إلى الغنى وهو ما تحصل به الكفاية على
ن المسألة ل الدّوام ،لحديث قبيصة مرفوع ًا { إ ّ
ل أصابته جائحة اجتاحت ماله ل إل ّ لثلثةٍ :رج ٍ
تح ّ
ش ،أو ما من عي ٍ فحلّت له المسألة حتّى يصيب قوا ً
ش } ..الحديث .قالوا :فإن قال :سدادًا من عي ٍ
كان من عادته الحتراف أعطي ما يشتري به أدوات
حرفته قلّت قيمتها أو كثرت بحيث يحصل له من
ربحه ما يفي بكفايته غالبًا تقريبًا ،وإن كان تاجًرا
ضياع
أعطي بنسبة ذلك ،وإن كان من أهل ال ّ
يشترى له ضيعة تكفيه غلّتها على الدّوام .قال
بعضهم :يشتريها له المام ويلزمه بعدم إخراجها
ن من ل يملك نصابًا عن ملكه .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ل من مائتي درهمٍ زكويًّا كامًل يجوز أن يدفع إليه أق ّ
أو تمامها .ويكره أكثر من ذلك ،وقال زفر ل يجوز
تمام المائتين أو أكثر .وهذا عند الحنفيّة لمن لم
ليكن له عيال ول دين عليه ،فإن كان له عيال فلك ٍّ
منهم مائتا درهم ٍ ،والمدين يعطى لدينه ولو فوق
المائتين كما يأتي في الغارمين .
( إثبات الفقر ) :
- 165إذا ادّعى رجل صحيح قويّ أنّه ل يجد مكسبًا
يجوز أن يعطى من الّزكاة إن كان مستور الحال ،
ي صلى الله عليه ن ،لقول النّب ّويقبل قوله بغير يمي ٍ
وسلم كما في الحديث المتقدّم { :إن شئتما
ن لم يصدّق ولم أعطيتكما } لكن من علم كذبه بيقي ٍ
ن له عياًل
يجز إعطاؤه من الّزكاة .وإن ادّعى أ ّ
261
شافعيّة والحنابلة وطلب من الّزكاة لجلهم ،فعند ال ّ
ن الصل عدم العيال ،ول ل يقبل قوله إل ّ ببيّنةٍ ،ل ّ
تتعذ ّر إقامة البيّنة على ذلك .وكذا من كان معروفًا
ن ماله باليسار ل يعطى من الّزكاة ،لكن إن ادّعى أ ّ
تلف أو فقد كلّف البيّنة على ذلك .واختلف قول
الحنابلة في عدد البيّنة ،فقيل :ل بد ّ من ثلثةٍ ،لما
ي قال له { :أقم حتّى ن النّب ّورد في حديث قبيصة أ ّ
ن
م قال :يا قبيصة :إ ّ صدقة فنأمر لك بها .ث ّ تأتينا ال ّ
لل إل ّ لحد ثلثةٍ ...وذكر منهم :رج ٍ المسألة ل تح ّ
أصابته فاقة حتّى يقوم له ثلثة من ذوي الحجا من
قومه ،لقد أصابت فلنًا فاقة ،فحلّت له المسألة
ش أو قال :سدادًا من ما من عي ٍ حتّى يصيب قوا ً
ش } .وقيل عندهم :يقبل قول اثنين فقط عي ٍ
كسائر الحقوق ،والحديث وارد في المسألة ،ل في
العطاء دون مسألةٍ .
صنف الثّالث :العاملون على الّزكاة : ال ّ
- 166يجوز إعطاء العاملين على الّزكاة منها .
ويشترط في العامل الّذي يعطى من الّزكاة شروط
تقدّم بيانها .ول يشترط فيمن يأخذ من العاملين
من الّزكاة الفقر ; لنّه يأخذ بعمله ل لفقره .وقد
ي إل ّ لخمسةٍ .. صدقة لغن ٍ ّ ل ال ّي { :ل تح ّ قال النّب ّ
فذكر منهم العامل عليها } .قال الحنفيّة :يدفع إلى
العامل بقدر عمله فيعطيه ما يسعه ويسع أعوانه
غير مقدّرٍ بالثّمن ،ول يزاد على نصف الّزكاة الّتي
شافعيّةيجمعها وإن كان عمله أكثر .وقال ال ّ
ة
والحنابلة :للمام أن يستأجر العامل إجارةً صحيح ً
معلوم
ٍ ل
ما على مدّةٍ معلومةٍ ،أو عم ٍ بأجر معلوم ٍ ،إ ّ
ٍ
شافعيّة :ل يعطى العامل من الّزكاة م قال ال ّ .ث ّ
أكثر من ثمن الّزكاة ،فإن زاد أجره على الثّمن أت ّ
م
262
سهام .ويجوز له من بيت المال .وقيل من باقي ال ّ
للمام أن يعطيه أجره من بيت المال .وله أن يبعثه
م يعطيه أجر المثل .وإن تولّى المام ، بغير إجارةٍ ث ّ
أو والي القليم أو القاضي من قبل المام أو نحوهم
أخذ الّزكاة وقسمتها لم يجز أن يأخذ من الّزكاة
م.شيئًا ; لنّه يأخذ رزقه من بيت المال وعمله عا ّ
صنف الّرابع :المؤلّفة قلوبهم : ال ّ
- 167اختلف الفقهاء في صنف المؤلّفة قلوبهم :
شافعيّة والحنابلة ل من المالكيّة وال ّ فالمعتمد عند ك ٍّ
ل
ق لم يسقط .وفي قو ٍ ن سهم المؤلّفة قلوبهم با ٍ أ ّ
شافعيّة وروايةٍ عند الحنابلة ل من المالكيّة وال ّ عند ك ٍّ
ن سهمهم انقطع لعّز السلم ،فل يعطون الن ، :أ ّ
لكن إن احتيج لستئلفهم في بعض الوقات أعطوا .
ل معنى قول أحمد :انقطع قال ابن قدامة :لع ّ
ن
سهمهم ،أي ل يحتاج إليهم في الغالب ،أو أراد أ ّ
ما إن احتيج إلى مة ل يعطونهم اليوم شيئًا ،فأ ّ الئ ّ
إعطائهم جاز الدّفع إليهم ،فل يجوز الدّفع إليهم إلّ
مع الحاجة .وقال الحنفيّة :انعقد الجماع على
ن القرع بن سقوط سهمهم من الّزكاة لما ورد أ ّ
ن جاءا يطلبان من أبي بكرٍ س وعيينة بن حص ٍ حاب ٍ
ضا ،فكتب لهما بذلك ،فمّرا على عمر ،فرأى أر ً
الكتاب فمّزقه ،وقال :هذا شيء كان رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يعطيكموه ليتألّفكم ،والن
قد أعّز اللّه السلم وأغنى عنكم ،فإن ثبتّم على
سيف ،فرجعا إلى أبي السلم ،وإل ّ فبيننا وبينكم ال ّ
بكرٍ ،فقال ،ما ندري :الخليفة أنت أم عمر ؟ فقال
صحابة :هو إن شاء ،ووافقه .ولم ينكر أحد من ال ّ
ذلك .
263
ل للمالكيّة :المؤلّفة م اختلفوا :ففي قو ٍ - 168ث ّ
قلوبهم كّفار يعطون ترغيبًا لهم في السلم لجل أن
يعينوا المسلمين ،فعليه ل تعطى الّزكاة لمن أسلم
سهم شافعيّة :ل يعطى من هذا ال ّ فعًل .وقال ال ّ
ن الّزكاة ل تعطى لكافرٍ ،للحديث : لكافرٍ أصًل ،ل ّ
{ تؤخذ من أغنيائهم وترد ّ على فقرائهم } بل تعطى
شافعيّة . لمن أسلم فعًل ،وهناك أقوال أخرى لل ّ
وقال الحنابلة :يجوز العطاء من الّزكاة للمؤلّف
شافعيّة ل من ال ّ ما كان أو كافًرا .وعند ك ٍّ مسل ً
والمالكيّة أقوال بمثل هذا .قال ابن قدامة :
المؤلّفة قلوبهم ضربان :كّفار ومسلمون ،وهم
سادة المطاعون في قومهم وعشائرهم . جميعًا ال ّ
ب: م ذكر المسلمين منهم فجعلهم أربعة أضر ٍ ث ّ
- 1سادة مطاعون في قومهم أسلموا ونيّتهم
ضعيفة فيعطون تثبيتًا لهم .
- 2قوم لهم شرف ورياسة أسلموا ويعطون
لترغيب نظرائهم من الكّفار ليسلموا .
- 3صنف يراد بتألّفهم أن يجاهدوا من يليهم من
الكّفار ،ويحموا من يليهم من المسلمين .
- 4صنف يراد بإعطائهم من الّزكاة أن يجبوا الّزكاة
م ذكر ابن قدامة الكّفار فجعلهم من ل يعطيها .ث ّ م ّ
ضربين :
- 1من يرجى إسلمه فيعطى لتميل نفسه إلى
السلم .
فف شّره وك ّ - 2من يخشى شّره ويرجى بعطيّته ك ّ
غيره معه .
صنف الخامس :في الّرقاب : ال ّ
ب :الوّل :المكاتبون - 169وهم ثلثة أضر ٍ
صرف من الّزكاة المسلمون :فيجوز عند الجمهور ال ّ
264
ك رقابهم ولم يجز ذلك ة لهم على ف ّ إليهم ،إعان ً
مالك ،كما لم يجز صرف شي ٍء من الّزكاة في
إعتاق من انعقد له سبب حّريّةٍ بغير الكتابة ،
كالتّدبير والستيلد والتّبعيض .فعلى قول الجمهور :
إنّما يعان المكاتب إن لم يكن قادًرا على الداء
لبعض ما وجب عليه ،فإن كان ل يجد شيئًا أصًل
دفع إليه جميع ما يحتاج إليه للوفاء .الثّاني :إعتاق
صرف من الّرقيق المسلم ،وقد ذهب إلى جواز ال ّ
الّزكاة في ذلك المالكيّة وأحمد في روايةٍ ،وعليه
ساعي جاز له أن فإن كانت الّزكاة بيد المام أو ال ّ
ة أو رقابًا فيعتقهم ،وولؤهم للمسلمين يشتري رقب ً
ب المال فأراد أن يعتق .وكذا إن كانت الّزكاة بيد ر ّ
ة منها ،فيجوز ذلك لعموم الية { وفي م ً
ة تا ّ
رقب ً
الّرقاب } ويكون ولؤها عند المالكيّة للمسلمين
ضا ،وعند الحنابلة :ما رجع من الولء رد ّ في مثله أي ً
،بمعنى أنّه يشترى بما تركه المعتق ول وارث له
رقاب تعتق .وعند أبي عبيد ٍ :الولء للمعتق .وذهب
ة أخرى إلى أنّه ل شافعيّة وأحمد في رواي ٍ الحنفيّة وال ّ
ن،ن ذلك كدفع الّزكاة إلى الق ّ يعتق من الّزكاة ،ل ّ
سيّد في ن ل تدفع إليه الّزكاة ; ولنّه دفع إلى ال ّ والق ّ
ك، ن العتق إسقاط مل ٍ الحقيقة ،وقال الحنفيّة :ل ّ
ك ،لكن إن أعان من زكاته في إعتاق وليس بتملي ٍ
رقبةٍ جاز عند أصحاب هذا القول من الحنابلة .
ما من أيدي الثّالث :أن يفتدي بالّزكاة أسيًرا مسل ً
ب وابن عبد المشركين ،وقد صّرح الحنابلة وابن حبي ٍ
ك رقبةٍ الحكم من المالكيّة بجواز هذا النّوع ; لنّه ف ّ
من السر ،فيدخل في الية بل هو أولى من ف ّ
ك
رقبة من بأيدينا .وصّرح المالكيّة بمنعه .
265
سادس :الغارمون :والغارمون صنف ال ّ ال ّ
ضرب الوّل : ب :ال ّ قون للّزكاة ثلثة أضر ٍ المستح ّ
من كان عليه دين لمصلحة نفسه .وهذا متّفق عليه
من حيث الجملة ،ويشترط لعطائه من الّزكاة ما
يلي :
ما . - 1أن يكون مسل ً
- 2أن ل يكون من آل البيت ،وعند الحنابلة قول :
بجواز إعطاء مدين آل البيت منها .
- 3واشترط المالكيّة أن ل يكون قد استدان ليأخذ
سع في من الّزكاة ،كأن يكون عنده ما يكفيه وتو ّ
النفاق بالدّين لجل أن يأخذ منها ،بخلف فقيرٍ
ضرورة ناويًا الخذ منها . استدان لل ّ
ما
- 4وصّرح المالكيّة بأنّه يشترط أن يكون الدّين م ّ
يحبس فيه ،فيدخل فيه دين الولد على والده ،
والدّين على المعسر ،وخرج دين الكّفارات والّزكاة
.
-5أن ل يكون دينه في معصيةٍ ،وهذا عند المالكيّة
شافعيّة والحنابلة ،كأن يكون بسبب خمرٍ ،أو وال ّ
قمارٍ ،أو زنًا ،لكن إن تاب يجوز الدّفع إليه ،وقيل :
شافعيّة السراف جح المالكيّة الوّل ،وعد ّ ال ّ ل .ور ّ
في النّفقة من باب المعصية الّتي تمنع العطاء من
الّزكاة .
ً
-6أن يكون الدّين حا ّل ،صّرح بهذا ال ّ
شرط
جًل ففي شافعيّة ،قالوا :إن كان الدّين مؤ ّ ال ّ
ل ثالثها :إن كان الجل تلك المسألة ثلثة أقوا ٍ
سنة أعطي ،وإل ّ فل يعطى من صدقات تلك ال ّ
سنة . ال ّ
ل عنده سداد من ما ٍ -7أن ل يكون قادًرا على ال ّ
ي زائد ٍ عن كفايته ،فلو كان له دار ي أو غير زكو ٍ ّ زكو ٍ ّ
266
ة وعليه مائة ،وتكفيه دار يسكنها تساوي مائ ً
بخمسين فل يعطى حتّى تباع ،ويدفع الّزائد في دينه
على ما صّرح به المالكيّة ،ولو وجد ما يقضي به
بعض الدّين أعطي البقيّة فقط ،وإن كان قادًرا
ن بالكتساب ،فعند على وفاء الدّين بعد زم ٍ
ضرب شافعيّة قولن في جواز إعطائه منها .ال ّ ال ّ
الثّاني :الغارم لصلح ذات البين :
ن
- 171الصل فيه حديث قبيصة المرفوع { :إ ّ
مل ل تح ّ ل إل ّ لثلثةٍ .فذكر منهم ورج ٍ المسألة ل تح ّ
م يمسك } ة فحلّت له المسألة حتّى يصيبها ث ّ حمال ً
ن هذا النّوع من شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ فذهب ال ّ
الغارمين يعطى من الّزكاة سواء كان غنيًّا أو فقيًرا ;
لنّه لو اشترط الفقر فيه لقلّت الّرغبة في هذه
المكرمة ،وصورتها أن يكون بين قبيلتين أو حيّين
مله ل ،فيتح ّ س أو إتلف ما ٍ فتنة ،يكون فيها قتل نف ٍ
لجل الصلح بينهم ،فيعطى من الّزكاة لتسديد
حمالته ،وقيّد الحنابلة العطاء بما قبل الداء
ن استدانه ; ي ،ما لم يكن أدّى الحمالة من دي ٍ الفعل ّ
ملن الغرم يبقى .وقال الحنفيّة :ل يعطى المتح ّ ل ّ
من الّزكاة إل ّ إن كان ل يملك نصابًا فاضًل عن دينه
كغيره من المدينين .ولم يصّرح المالكيّة بحكم هذا
ضرب الثّالث :الغارم ضرب فيما اطّلعنا عليه .ال ّ ال ّ
شافعيّة ، ضرب ذكره ال ّ ن وهذا ال ّ بسبب دين ضما ٍ
ضامن ل من ال ّ والمعتبر في ذلك أن يكون ك ّ
والمضمون عنه معسرين ،فإن كان أحدهما موسًرا
ضامن من الّزكاة خلف عندهم ففي إعطاء ال ّ
وتفصيل .
( الدّين على الميّت ) :
267
171م -إن مات المدين ول وفاء في تركته لم يجز
عند الجمهور سداد دينه من الّزكاة .وقال المالكيّة :
يوفّى دينه منها ولو مات ،قال بعضهم :هو أح ّ
ق
بالقضاء لليأس من إمكان القضاء عنه ،وهو أحد
شافعيّة .ويأتي بيان ما يتعلّق بالميّت قولين عند ال ّ
تفصيًل .
صنف ثلثة سابع :في سبيل اللّه .وهذا ال ّ صنف ال ّ ال ّ
ب. أضر ٍ
ضرب الوّل :الغزاة في سبيل اللّه تعالى ، - 172ال ّ
والّذين ليس لهم نصيب في الدّيوان ،بل هم
ضرب متّفق عليه عند متطوّعون للجهاد .وهذا ال ّ
الفقهاء من حيث الجملة ،فيجوز إعطاؤهم من
ب وسلٍح الّزكاة قدر ما يتجهّزون به للغزو من مرك ٍ
ونفقةٍ وسائر ما يحتاج إليه الغازي لغزوه مدّة الغزو
وإن طالت .ول يشترط عند الجمهور في الغازي أن
ي لذلك ،لنّه ل يكون فقيًرا ،بل يجوز إعطاء الغن ّ
مة المسلمين ، يأخذ لمصلحة نفسه ،بل لحاجة عا ّ
فلم يشترط فيه الفقر .وقال الحنفيّة :إن كان
ما أوالغازي غنيًّا ،وهو من يملك خمسين دره ً
قيمتها من الذ ّهب كما تقدّم في صنف الفقراء فل
يعطى من الّزكاة ،وإل ّ فيعطى ،وإن كان كاسبًا ;
مدٍ الغازي ن الكسب يقعده عن الجهاد .وعند مح ّ ل ّ
ج ل منقطع الغزاة .وصّرح المالكيّة بأنّه منقطع الحا ّ
من يجب عليه الجهاد يشترط في الغازي أن يكون م ّ
ما ذكًرا بالغًا قادًرا ،وأنّه يشترط أن ،لكونه مسل ً
ما جنود الجيش الّذين يكون من غير آل البيت .وأ ّ
لهم نصيب في الدّيوان فل يعطون من الّزكاة ،وفي
شافعيّة :إن امتنع إعطاؤهم من أحد قولين عند ال ّ
بيت المال لضعفه ،يجوز إعطاؤهم من الّزكاة .
268
ضرب ضرب الثّاني :مصالح الحرب - 173وهذا ال ّ ال ّ
صرف صحيح عندهم أنّه يجوز ال ّ ذكره المالكيّة ،فال ّ
من الّزكاة في مصالح الجهاد الخرى غير إعطاء
العدو
ّ أسوار للبلد لحفظها من غزو ٍ الغزاة ،نحو بناء
س ،ونحو بناء المراكب الحربيّة ،وإعطاء جاسو ٍ
ما كان أو كافًرا . سس لنا على العدوّ ،مسل ً يتج ّ
سلح شافعيّة أن يشترى من الّزكاة ال ّ وأجاز بعض ال ّ
م
وآلت الحرب وتجعل وقًفا يستعملها الغزاة ث ّ
يردّونها ،ولم يجزه الحنابلة .وظاهر صنيع سائر
الفقهاء -إذ قصروا سهم سبيل اللّه على الغزاة ،أو
صرف منه في هذا جاج ،أنّه ل يجوز ال ّ الغزاة والح ّ
ضرب ،ووجهه أنّه ل تمليك فيه ،أو فيه تمليك ال ّ
لغير أهل الّزكاة ،أو كما قال أحمد :لنّه لم يؤت
ضرب الثّالث : الّزكاة لحد ٍ ،وهو مأمور بإيتائها ( .ال ّ
جاج ) : الح ّ
- 174ذهب جمهور العلماء ( الحنفيّة والمالكيّة
ثور وابن المنذر وهو رواية ٍ وري وأبو
ّ شافعيّة والث ّ وال ّ
صحيح ) إلى أنّه عن أحمد ،وقال ابن قدامة :إنّه ال ّ
ن سبيل ج من الّزكاة ; ل ّ صرف في الح ّ ل يجوز ال ّ
اللّه في آية مصارف الّزكاة مطلق ،وهو عند
الطلق ينصرف إلى الجهاد في سبيل اللّه تعالى ،
ما ورد من ذكره في كتاب اللّه تعالى ن الكثر م ّ ل ّ
قصد به الجهاد ،فتحمل الية عليه .وذهب أحمد
ج في سبيل اللّه فيصرف فيه ن الح ّ ة ،إلى أ ّ في رواي ٍ
ن رجًل جعل ناقته في من الّزكاة ،لما روي { أ ّ
ي
ج ،فقال لها النّب ّ سبيل اللّه ،فأرادت امرأته أن تح ّ
ج
ن الح ّ صلى الله عليه وسلم :فهل ّ خرجت عليه فإ ّ
من سبيل اللّه } فعلى هذا القول ل يعطى من
ج به سواها ،ول يعطى إلّ الّزكاة من كان له مال يح ّ
269
ل عند الحنابلة :يجوز ة ،وفي قو ٍ ص ً
ج الفريضة خا ّ لح ّ
ج التّطوّع .وينقل عن بعض فقهاء حتّى في ح ّ
ن مصرف في سبيل اللّه هو لمنقطع الحنفيّة أ ّ
ج يعطى من الّزكاة عند ن مريد الح ّ جاج .إل ّ أ ّ الح ّ
ل كما يأتي . شافعيّة على أنّه ابن سبي ٍ ال ّ
مي بذلك لملزمته سبيل :س ّ صنف الثّامن :ابن ال ّ ال ّ
ن. ّ
الطريق ،إذ ليس هو في وطنه ليأوي إلى سك ٍ
صنف ضربان : وهذا ال ّ
ضرب الوّل :المتغّرب عن وطنه الّذي ليس - 175ال ّ
ضرب متّفق على بيده ما يرجع به إلى بلده :وهذا ال ّ
أنّه من أصحاب الّزكاة ،فيعطى ما يوصله إلى
شافعيّة :أنّه ل ف عند ال ّ ل ضعي ٍ بلده ،إل ّ في قو ٍ
ن ذلك يكون من باب نقل الّزكاة من يعطى ; ل ّ
شرط ط :ال ّبلدها .ول يعطى من الّزكاة إل ّ بشرو ٍ
ما ،من غير آل البيت . الوّل :أن يكون مسل ً
شرط الثّاني :أن ل يكون بيده في الحال مال ال ّ
يتمكّن به من الوصول إلى بلده وإن كان غنيًّا في
ب ،أو جل أو على غائ ٍ بلده ،فلو كان له مال مؤ ّ
معسرٍ ،أو جاحد ٍ ،لم يمنع ذلك الخذ من الّزكاة
شرط الثّالث :أن ل على ما صّرح به الحنفيّة .ال ّ
شرط المالكيّة يكون سفره لمعصيةٍ ،صّرح بهذا ال ّ
شافعيّة والحنابلة ،فيجوز إعطاؤه إن كان سفره وال ّ
ج الفرض ،وبّر الوالدين ،أو لطاعةٍ واجبةٍ كح ّ
صالحين ،أو كان سفره مستحبّةٍ كزيارة العلماء وال ّ
لمباٍح كالمعاشات والتّجارات ،فإن كان سفره
لمعصيةٍ لم يجز إعطاؤه منها لنّه إعانة عليها ،ما
لم يتب ،وإن كان للنّزهة فقط ففيه وجهان عند
الحنابلة :أقواهما :أنّه ل يجوز ; لعدم حاجته إلى
ة: ص ًشرط الّرابع :وهو للمالكيّة خا ّ سفر .ال ّ هذا ال ّ
270
أن ل يجد من يقرضه إن كان ببلده غنيًّا .ول يعطى
ما يكفيه للّرجوع ضرب من الّزكاة أكثر م ّ أهل هذا ال ّ
ل للحنابلة :إن كان قاصدًا بلدًا إلى وطنه ،وفي قو ٍ
م يردّه إلى بلده .قال آخر يعطى ما يوصله إليه ث ّ
المالكيّة :فإن جلس ببلد الغربة بعد أخذه من
الّزكاة نزعت منه ما لم يكن فقيًرا ببلده ،وإن
فضل معه فضل بعد رجوعه إلى بلده نزع منه على
م قد قال الحنفيّة :من كان ل عند الحنابلة .ث ّ قو ٍ
سداد فالولى له أن يستقرض ول يأخذ قادًرا على ال ّ
ضرب الثّاني :من كان في بلده ويريد من الّزكاة .ال ّ
أن ينشئ سفًرا :
ضرب منع الجمهور إعطاءه ،وأجاز - 176فهذا ال ّ
شافعيّة إعطاءه لذلك بشرط أن ل يكون معه ما ال ّ
يحتاج إليه في سفره ،وأن ل يكون في معصيةٍ ،
ج من الّزكاة إن فعلى هذا يجوز إعطاء من يريد الح ّ
ج ماكان ل يجد في البلد الّذي ينشئ منه سفر الح ّ
ج به .والحنفيّة ل يرون جواز العطاء في هذا ل يح ّ
ن من كان ببلده ،وليس له بيده مال ضرب ،إل ّ أ ّ ال ّ
ينفق منه وله مال في غير بلده ،ل يصل إليه ،رأوا
سبيل . أنّه ملحق بابن ال ّ
أصناف الّذين ل يجوز إعطاؤهم من الّزكاة :
ن
مد ٍ صلى الله عليه وسلم ل ّ ي مح ّ - 1 - 177آل النّب ّ
ي صلى الله عليه صدقة محّرمتان على النّب ّ الّزكاة وال ّ
وسلم وعلى آله ،وقد تقدّم بيان حكمهم في ( آل )
.
- 2الغنياء ،وقد تقدّم بيان من هم في صنف
الفقراء والمساكين .قال ابن قدامة :خمسة ل
يعطون إل ّ مع الحاجة :الفقير ،والمسكين ،
سبيل ، والمكاتب ،والغارم لمصلحة نفسه ،وابن ال ّ
271
وخمسة يأخذون مع الغنى :العامل ،والمؤلّف
قلبه ،والغازي ،والغارم لصلح ذات البين ،وابن
سبيل الّذي له اليسار في بلده .وخالف الحنفيّة ال ّ
في الغازي والغارم لصلح ذات البين ،فرأوا أنّهم ل
يأخذون إل ّ مع الحاجة .
مةٍ :ل يجوز إعطاؤهم - 3الكّفار ولو كانوا أهل ذ ّ
من الّزكاة .نقل ابن المنذر الجماع على ذلك
ة تؤخذ من ن اللّه افترض عليهم صدق ً لحديث { :إ ّ
أغنيائهم وترد ّ على فقرائهم } وأجاز الحنابلة في
ل إعطاءهم مع العاملين إن عملوا على الّزكاة . قو ٍ
ضا على التّفصيل والخلف ويستثنى المؤلّف قلبه أي ً
المتقدّم في موضعه .ويشمل الكافر هنا الكافر
ميًا بالسلم وأتى ي والمرتد ّ ،ومن كان متس ّ الصل ّ
ب اللّه أو
فرٍ نحو الستخفاف بالقرآن ،أو س ّ بمك ّ
رسوله ،أو دين السلم ،فهو كافر ل يجوز إعطاؤه
من الّزكاة اتّفاقًا ،وانظر مصطلح ( :ردّة ) .
ل من انتسب إليه المزكّي أو انتسب إلى المزكّي ك ّ
بالولدة .ويشمل ذلك أصوله وهم أبواه وأجداده ،
وجدّاته ،وارثين كانوا أو ل ،وكذا أولده وأولد
ن منافع الملك أولده ،وإن نزلوا ،قال الحنفيّة :ل ّ
ما
بينهم متّصلة ،وهذا مذهب الحنفيّة والحنابلة .أ ّ
سائر القارب ،وهم الحواشي كالخوة والخوات
مات والخوال والخالت ،وأولدهم ، والعمام والع ّ
فل يمتنع إعطاؤهم زكاته ولو كان بعضهم في
ي صلى الله عليه وسلم : عياله ،لقول النّب ّ
صدقة على المسكين صدقة ،وهي على ذي { ال ّ
الّرحم اثنتان :صدقة وصلة } وهذا مذهب الحنفيّة
ما عند المالكيّة وهو القول المقدّم عند الحنابلة .وأ ّ
ن القارب الّذين تلزم نفقتهم المزكّي شافعيّة فإ ّ وال ّ
272
ل يجوز أن يعطيهم من الّزكاة ،والّذين تلزم نفقتهم
م دون الجد ّ والجدّة ،والبن عند المالكيّة الب وال ّ
والبنت دون أولدهما ،والّلزم نفقة البن ما دام في
صغر ،والبنت إلى أن تتزوّج ويدخل بها زوجها حد ّ ال ّ
شافعيّة الصول .والّذين تلزم نفقتهم عند ال ّ
وري
ّ والفروع .وفي روايةٍ عند الحنابلة وهو قول الث ّ
:يفّرق في غير الصول والفروع بين الموروث منهم
وغير الموروث ،فغير الموروث يجزئ إعطاؤه من
الّزكاة ،والموروث ل يجزئ ،وعلى الوارث نفقته
إن كان الموروث فقيًرا فيستغني بها عن الّزكاة ،إذ
لو أعطاه من الّزكاة لعاد نفع زكاته إلى نفسه ،
ويشترط هنا شروط الرث ومنها :أن ل يكون
الوارث محجوبًا عن الميراث وقت إعطاء الّزكاة
واستثنى الحنفيّة في ظاهر الّرواية من فرض له
القاضي النّفقة على المزكّي ،فل يجزئ إعطاؤه
ب آخر ،على أنّهم ب في واج ٍ الّزكاة ،لنّه أداء واج ٍ
صوا على أن يجوز أن يدفعها إلى زوجة أبيه وزوجة ن ّ
شافعيّة وابن ابنه وزوج ابنته .وقيّد المالكيّة وال ّ
تيميّة من الحنابلة العطاء الممنوع بسهم الفقراء
ما لو أعطى والده أو ولده من سهم والمساكين ،أ ّ
العاملين أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة فل بأس
ضا :إن كان ل يلزمه نفقته جاز إعطاؤه . .وقالوا أي ً
دفع الّزوج زكاة ماله إلى زوجته وعكسه :
- 178ل يجزئ الّرجل إعطاء زكاة ماله إلى زوجته .
ن
قال ابن قدامة :هو إجماع ،قال الحنفيّة :ل ّ
ن
المنافع بين الّزوجين مشتركة ،وقال الجمهور :ل ّ
نفقتها واجبة على الّزوج ،فيكون كالدّافع إلى نفسه
ل المنع إعطاؤها الّزكاة لتنفقها على نفسها ، ،ومح ّ
ما لو أعطاها ما تدفعه في دينها ،أو لتنفقه على فأ ّ
273
غيرها من المستحّقين ،فل بأس ،على ما صّرح به
ن الممنوع شافعيّة :إ ّ المالكيّة وقريب منه ما قال ال ّ
ما من إعطاؤها من سهم الفقراء أو المساكين ،أ ّ
سهم ٍ آخر هي مستحّقة له فل بأس ،وهو ما يفهم
ما إعطاء المرأة زوجها ضا من كلم ابن تيميّة .وأ ّ أي ً
ي
شافع ّ زكاة مالها فقد اختلف فيه :فذهب ال ّ
وصاحبا أبي حنيفة وهو رواية عن أحمد واختيار ابن
المنذر ،إلى جواز ذلك لحديث { زينب زوجة عبد
اللّه بن مسعود ٍ رضي الله عنهما ،وفيه أنّها هي
ي صلى الله عليه وسلم : وامرأة أخرى سألتا النّب ّ
صدقة عنهما على أزواجهما ،وعلى هل تجزئ ال ّ
أيتام ٍ في حجرهما ؟ فقال :لهما أجران أجر القرابة
صدقة } .وقال ابن قدامة :ولنّه ل تجب وأجر ال ّ
عليها نفقة الّزوج ،ولعموم آية مصارف الّزكاة ،إذ
ص أو إجماع يمنع ليس في الّزوج إذا كان فقيًرا ن ّ
إعطاءه .وقال أبو حنيفة ،وهو رواية أخرى عن
أحمد :ل يجزئ المرأة أن تعطي زوجها زكاتها ولو
ت
كانت في عدّتها من طلقه البائن ولو بثلث طلقا ٍ
ن المنافع بين الّرجل وبين امرأته مشتركة ، ;ل ّ
فهي تنتفع بتلك الّزكاة الّتي تعطيها لزوجها ; ول ّ
ن
ح شهادته الّزوج ل يقطع بسرقة مال امرأته ،ول تص ّ
لها .وقال مالك :ل تعطي المرأة زوجها زكاة مالها
.واختلف أصحابه في معنى كلمه ،فقال بعضهم :
ن مراده عدم الجزاء ،وقال آخرون :بإجزائه مع بأ ّ
الكراهة .
( - 6الفاسق والمبتدع ) :
- 179ذكر الحافظ ابن حجرٍ في شرحه لحديث :
ن في إعطاء الّزكاة { تصدّق اللّيلة على كافرٍ } أ ّ
ن الّزكاة ل للعاصي خلفًا ،وقد صّرح المالكيّة بأ ّ
274
ن المعطي تعطى لهل المعاصي إن غلب على ظ ّ
أنّهم يصرفونها في المعصية ،فإن أعطاهم على
ذلك لم تجزئه عن الّزكاة ،وفي غير تلك الحال
تجوز ،وتجزئ .وعند الحنابلة قال ابن تيميّة :ينبغي
للنسان أن يتحّرى بزكاته المستحّقين من أهل
ة أو فجوًرا شريعة ،فمن أظهر بدع ً الدّين المتّبعين لل ّ
فإنّه يستحقّ العقوبة بالهجر وغيره والستتابة فكيف
يعان على ذلك ؟ ،وقال :من كان ل يصلّي يؤمر
صلة ،فإن قال :أنا أصلّي ،أعطي ،وإل ّ لم يعط بال ّ
ما بالنّفاق . ،ومراده أنّه يعطى ما لم يكن معلو ً
وعند الحنفيّة يجوز إعطاء الّزكاة للمنتسبين إلى
السلم من أهل البدع إن كانوا من الصناف الثّمانية
ة لهم عن السلم ،ما لم تكن بدعتهم مكّفرة ً مخرج ً
ن الولى تقديم أهل الدّين المستقيمين عليه .على أ ّ
في العتقاد ،والعمل على من عداهم عند العطاء
من الّزكاة ،لحديث { :ل تصاحب إل ّ مؤمنًا ول
ي}. يأكل طعامك إل ّ تق ّ
( - 7الميّت ) :
شافعيّة والحنابلة - 180ذهب الحنفيّة وهو قول لل ّ
ي :إلى أنّه ل تعطى الّزكاة ( على المذهب ) والنّخع ّ
ن ركن الّزكاة تمليكها ت عند من قال بأ ّ في تجهيز مي ّ ٍ
حةن الميّت ل يملك ،ومن شرط ص ّ لمصرفها ،فإ ّ
الّزكاة التّمليك ،قالوا :ول يجوز أن يقضى بها دين
ن قضاء دين الغير بها الميّت الّذي لم يترك وفاءً ; ل ّ
ل يقتضي تمليكه إيّاها ،قال أحمد :ل يقضى من
ي .وقال الّزكاة دين الميّت ،ويقضى منها دين الح ّ
شافعيّة ونقله في الفروع عن المالكيّة وهو قول لل ّ
ة
ن في ذلك رواي ً أبي ثورٍ ،وعن اختيار ابن تيميّة ،وأ ّ
عن أحمد :أنّه ل بأس أن يقضى من الّزكاة دين
275
مت فيه شروط الميّت الّذي لم يترك وفاءً إن ت ّ
الغارم ،قال بعض المالكيّة :بل هو أولى من دين
ي في أخذه من الّزكاة ،لنّه ل يرجى قضاؤه الح ّ
ج النّوويّ لهذا القول بعموم ي ،واحت ّبخلف الح ّ
ح التّبّرعالغارمين في آية مصارف الّزكاة ،وبأنّه يص ّ
ي.بقضاء دين الميّت كدين الح ّ
- 8جهات الخير من غير الصناف الثّمانية :
- 181ذهب الفقهاء إلى أنّه ل يجوز صرف الّزكاة
في جهات الخير غير ما تقدّم بيانه ،فل تنشأ بها
ق
طريق ،ول يبنى بها مسجد ول قنطرة ،ول تش ّ
سع بها على بها ترعة ،ول يعمل بها سقاية ،ول يو ّ
د
ن يعت ّف عن معي ّ ٍ ح فيه نقل خل ٍ الصناف ،ولم يص ّ
جوا لذلك ي أنّه إجماع ،واحت ّ به ،وظاهر كلم الّرمل ّ
ن المسجد بأمرين :الوّل :أنّه ل تمليك فيها ; ل ّ
ونحوه ل يملك ،وهذا عند من يشترط في الّزكاة
التّمليك .والثّاني :الحصر الّذي في الية ،فإ ّ
ن
المساجد ونحوها ليست من الصناف الثّمانية ،وفي
ن اللّه جعل الّزكاة الحديث المتقدّم الّذي فيه { :إ ّ
س وابن ما نقل عن أن ٍ ثمانية أجزاءٍ } .ول يثبت م ّ
سيرين خلف ذلك .
ما يراعى في قسمة الّزكاة بين الصناف الثّمانية :
أ ( -تعميم الّزكاة على الصناف ) :
- 182ذهب جمهور العلماء ( الحنفيّة والمالكيّة وهو
المذهب عند الحنابلة وهو قول الثّوريّ وأبي عبيدٍ )
إلى أنّه ل يجب تعميم الّزكاة على الصناف ،سواء
ساعي أو ب المال أو ال ّ كان الّذي يؤدّيها إليها ر ّ
المام ،وسواء كان المال كثيًرا أو قليًل ،بل يجوز
ف واحد ٍ أو أكثر ،ويجوز أن تعطى أن تعطى لصن ٍ
ص واحد ٍ إن لم تزد عن كفايته ،وهو مرويّ عن لشخ ٍ
276
ف
س :في أيّ صن ٍ س ،قال ابن عبّا ٍ
عمر وابن عبّا ٍ
وضعته أجزأك .
جوا بحديث { :تؤخذ من أغنيائهم فتردّ - 183واحت ّ
على فقرائهم } قالوا :والفقراء صنف واحد من
أصناف أهل الّزكاة الثّمانية ،وبوقائع أعطى فيها
ي صلى الله عليه وسلم الّزكاة لفردٍ واحدٍ أو النّب ّ
ي
أفراد ٍ ،منها { :أنّه أعطى سلمة بن صخرٍ البياض ّ
صدقة قومه } .وقال لقبيصة { :أقم يا قبيصة
صدقة فنأمر لك بها } .قالوا :والّلم حتّى تأتينا ال ّ
صدقات بمعنى " أو " ،أو هي لبيان في آية ال ّ
المصارف ،أو هي للختصاص ،ومعنى الختصاص
ن التّعميم ل عدم خروجها عنهم .وصّرح المالكيّة بأ ّ
يندب إل ّ أن يقصد الخروج من الخلف ،وكذا
ب الحنابلة التّعميم للخروج من الخلف . استح ّ
شافعيّة ،وهو رواية عن أحمد وقول وذهب ال ّ
عكرمة ،إلى أنّه يجب تعميم الصناف ،وإعطاء ك ّ
ل
معة ،واستدلّوا ف منهم الثّمن من الّزكاة المتج ّ صن ٍ
صدقات ،فإنّه تعالى أضاف الّزكاة إليهم بآية ال ّ
فالّلم التّمليك ،وأشرك بينهم بواو التّشريك ،فد ّ
ل
على أنّها مملوكة لهم مشتركة بينهم ،فإنّه لو قال
ب المال :هذا المال لزيد ٍ وعمرٍو وبكرٍ قسمت ر ّ
بينهم ووجبت التّسوية ،فكذا هذا ،ولو أوصى لهم
شافعيّة وجب التّعميم والتّسوية .وتفصيل مذهب ال ّ
في ذلك أنّه يجب استيعاب الصناف الثّمانية في
القسم إن قسم المام وهناك عامل ،فإن لم يكن
عامل بأن قسم المالك ،أو حمل أصحاب الموال
ف، زكاتهم إلى المام ،فالقسمة على سبعة أصنا ٍ
فإن فقد بعضهم فعلى الموجودين منهم ،
ويستوعب المام من الّزكوات المجتمعة عنده آحاد
277
ف وجوبًا ،إن كان المستحّقون في البلد ، ل صن ٍ ك ّ
ووفى بهم المال .وإل ّ فيجب إعطاء ثلثةٍ من ك ّ
ل
ن الية ذكرت الصناف بصيغة الجمع . ف;ل ّ صن ٍ
ساعي أن يعتني بضبط قالوا :وينبغي للمام أو ال ّ
المستحّقين ،ومعرفة أعدادهم ،وقدر حاجاتهم ،
واستحقاقهم ،بحيث يقع الفراغ من جمع الّزكوات
جل وصول حّقهم إليهم . بعد معرفة ذلك أو معه ليتع ّ
قالوا :وتجب التّسوية بين الصناف ،وإن كانت
حاجة بعضهم أشد ّ ،ول تجب التّسوية بين أفراد ك ّ
ل
ف إن قسم المالك ،بل يجوز تفضيل بعضهم صن ٍ
ما إن قسم المام فيحرم عليه ض،أ ّ على بع ٍ
التّفضيل مع تساوي الحاجات ،فإن فقد بعض
الصناف أعطى سهمه للصناف الباقية ،وكذا إن
اكتفى بعض الصناف وفضل شيء ،فإن اكتفى
جميع أفراد الصناف جميعًا بالبلد ،جاز النّقل إلى
أقرب البلد إليه على الظهر ،على ما يأتي بيانه .
ة جاز صرفها ي :إن كانت الّزكاة قليل ً وقال النّخع ّ
ف واحدٍ ،وإل ّ وجب استيعاب الصناف ، إلى صن ٍ
ثور وأبو عبيد ٍ :إن أخرجها المام وجب ٍ وقال أبو
استيعاب الصناف ،وإن أخرجها المالك جاز أن
ف واحدٍ .
يجعلها في صن ٍ
التّرتيب بين المصارف :
ن العامل على شافعيّة والحنابلة بأ ّ - 184صّرح ال ّ
الّزكاة يبدأ به قبل غيره في العطاء من الّزكاة ;
لنّه يأخذ على وجه العوض عن عمله ،وغيره يأخذ
شافعيّة وهو قول عند على سبيل المواساة ،قال ال ّ
الحنابلة :فإن كان سهم العاملين وهو ثمن الّزكاة
قدر حّقه أخذه ،وإن زاد عن حّقه رد ّ الفاضل على
مم له من ل من حّقه ت ّ سهام ،وإن كان أق ّ سائر ال ّ
278
سهام .سهم المصالح ،وقيل :من باقي ال ّ
ن العامل يقدّم بأجرته على والمذهب عند الحنابلة أ ّ
ما ما بعد سائر الصناف ،أي من مجموع الّزكاة .أ ّ
شافعيّة :يقسم بين باقي الصناف ذلك ،فقال ال ّ
كما تقدّم .ونظر الحنفيّة والمالكيّة إلى الحاجة ،
ن حاجة فقال الحنفيّة :يقدّم المدين على الفقير ل ّ
المدين أشد ّ ،وراعى الحنفيّة أموًرا أخرى تأتي في
نقل الّزكاة .وقال المالكيّة :يندب إيثار المضطّر
على غيره بأن يزاد في إعطائه منها .ونظر الحنابلة
إلى الحاجة مع القرابة فقالوا :يقدّم الحوج
فالحوج استحبابًا ،فإن تساووا قدّم القرب إليه ،
م من كان أقرب في الجوار وأكثر دينًا ،وكيف ث ّ
فّرقها جاز ،بعد أن يضعها في الصناف الّذين
ماهم اللّه تعالى . س ّ
نقل الّزكاة :
- 185إذا فاضت الّزكاة في بلدٍ عن حاجة أهلها جاز
ما مع الحاجة فيرى نقلها اتّفاقًا ،بل يجب ،وأ ّ
الحنفيّة أنّه يكره تنزيهًا نقل الّزكاة من بلدٍ إلى بلدٍ ،
يل أهل بلدٍ فيهم ،لقول النّب ّ وإنّما تفّرق صدقة ك ّ
صلى الله عليه وسلم { :تؤخذ من أغنيائهم فتردّ
ن فيه رعاية حقّ الجوار ، على فقرائهم } .ول ّ
والمعتبر بلد المال ،ل بلد المزكّي .واستثنى
الحنفيّة أن ينقلها المزكّي إلى قرابته ،لما في
إيصال الّزكاة إليهم من صلة الّرحم .قالوا :ويقدّم
قوم
ٍ ضا أن ينقلها إلى القرب فالقرب .واستثنوا أي ً
هم أحوج إليها من أهل بلده ،وكذا لصلح ،أو
أورع ،أو أنفع للمسلمين ،أو من دار الحرب إلى
دار السلم ،أو إلى طالب علم ٍ .وذهب المالكيّة
شافعيّة في الظهر والحنابلة إلى أنّه ل يجوز نقل وال ّ
279
الّزكاة إلى ما يزيد عن مسافة القصر ،لحديث معاذٍ
ن عمر رضي الله عنه بعث المتقدّم ،ولما ورد أ ّ
صدقة ، معاذ ًا إلى اليمن ،فبعث إليه معاذ من ال ّ
فأنكر عليه عمر وقال :لم أبعثك جابيًا ول آخذ جزيةٍ
،ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء النّاس فترد ّ على
فقرائهم ،فقال معاذ :ما بعثت إليك بشيءٍ وأنا أجد
ن عمر بن عبد العزيز أتي من يأخذه منّي .وروي أ ّ
شام فردّها إلى خراسان . بزكاةٍ من خراسان إلى ال ّ
ن المالكيّة قالوا :قالوا :والمعتبر بلد المال ،إل ّ أ ّ
المعتبر في الموال الظّاهرة البلد الّذي فيه المال ،
وفي النّقد وعروض التّجارة البلد الّذي فيه المالك .
من هو واستثنى المالكيّة أن يوجد من هو أحوج م ّ
في البلد ،فيجب حينئذ ٍ النّقل منها ولو نقل أكثرها .
مام إن نقلت الّزكاة حيث ل مسوّغ لنقلها م ّ - 186ث ّ
شافعيّة ،والحنابلة على تقدّم ،فقد ذهب الحنفيّة وال ّ
المذهب ،إلى أنّها تجزئ عن صاحبها ; لنّه لم يخرج
عن الصناف الثّمانية .وقال المالكيّة :إن نقلها
لمثل من في بلده في الحاجة فتجزئه مع الحرمة ،
وإن نقلها لدون منهم في الحاجة لم تجزئه على ما
ي :نقل الموّاق ذكره خليل والدّردير ،وقال الدّسوق ّ
ل .وقال الحنابلة في ل حا ٍ ن المذهب الجزاء بك ّ أ ّ
ل .وحيث نقلت الّزكاة ل حا ٍروايةٍ :ل تجزئه بك ّ
فأجرة النّقل عند المالكيّة تكون من بيت المال ل
من الّزكاة نفسها .وقال الحنابلة :تكون على
المزكّي .
ف فزال الوصف حكم من أعطي من الّزكاة لوص ٍ
وهي في يده :
- 187من أهل الّزكاة من يأخذ أخذ ًا مستقًّرا فل
يسترد ّ منه شيء إن كان فيه سبب الستحقاق
280
ف:بشروطه عند الخذ ،وهم أربعة أصنا ٍ
المسكين ،والفقير ،والعامل ،والمؤلّف قلبه .
ومنهم من يأخذ أخذ ًا مراع ًى ،فيسترد ّ منه إن لم
ب آخر ،أو ينفقه في وجهه ،أو تأدّى الغرض من با ٍ
ضا أربعة زال الوصف والّزكاة في يده ،وهم أي ً
ف في بعضها : ف ،على خل ٍ أصنا ٍ
- 1المكاتب ،فيسترد ّ من المعطى ما أخذ على
شافعيّة ،وفي روايةٍ عند الحنابلة إن ح عند ال ّ الص ّ
مات قبل أن يعتق ،أو عجز عن الوفاء فلم يعتق ،
وقال الحنفيّة وهو رواية عند الحنابلة :يكون ما
ل له ،وفي روايةٍ عن أحمد :ل أخذه لسيّده ويح ّ
يسترد ّ ،ول يكون لسيّده ،بل ينفق في المكاتبين .
ول ترد المسألة عند المالكيّة ; لنّهم ل يرون صرف
الّزكاة للمكاتبين كما تقدّم .
- 2الغارم :فإن استغنى المدين الّذي أخذ الّزكاة
قبل دفعها في دينه تنزع منه ،وكذا لو أبرئ من
الدّين ،أو قضاه من غير الّزكاة ،أو قضاه عنه غيره
ل من ح عند ك ٍّ .وهذا عند المالكيّة ،وعلى الص ّ
شافعيّة والحنابلة ،ما لم يكن فقيًرا . ال ّ
- 3الغازي في سبيل اللّه :وقد صّرح المالكيّة
م
شافعيّة والحنابلة بأنّه إن أخذ الّزكاة للغزو ث ّ وال ّ
شافعيّة جلس فلم يخرج أخذت منه ،وقال ال ّ
ضا :لو خرج للغزو وعاد دون أن يقاتل والحنابلة أي ً
العدو تؤخذ منه كذلك .وحيث وجب الّر ّد ّ مع قرب
تنزع منه إن كان باقيه في يده ،وإن أنفقها أتّبع
بها ،أي طولب ببدلها إن كان غنيًّا ; لنّها تكون دينًا
مته .في ذ ّ
سبيل :ويسترد ّ منه ما أخذه إن لم يخرج ، - 4ابن ال ّ
ما لم يكن فقيًرا ببلده ،وهذا عند المالكيّة
281
شافعيّة ثلثة شافعيّة والحنابلة ،ويعتبر له عند ال ّ وال ّ
سنة .قالوا :ويرد ّ ما أخذ ل :تمام ال ّأيّام ٍ ،وفي قو ٍ
م عاد ولم يصرف ما أخذه ،وقال لو سافر ث ّ
ة ،فإن كان المالكيّة :إنّما تنزع منه إن كانت باقي ً
أنفقها لم يطالب ببدلها .وظاهر كلم الحنفيّة أنّه ل
يلزم بالّرد ّ ; لنّهم قالوا :ل يلزمه التّصدّق بما فضل
في يده .
حكم من أخذ الّزكاة وليس من أهلها :
ل لمن ليس من أهل الّزكاة أخذها وهو - 188ل يح ّ
يعلم أنّها زكاة ،إجماع ًا .فإن أخذها فلم تسترد ّ منه
فل تطيب له ،بل يردّها أو يتصدّق بها ; لنّها عليه
حرام ،وعلى دافع الّزكاة أن يجتهد في تعّرف
مستحّقي الّزكاة ،فإن دفعها بغير اجتهاده ،أو كان
اجتهاده أنّه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه ،
إن تبيّن الخذ من غير أهلها ،والمراد بالجتهاد
ك في كون النّظر في أمارات الستحقاق ،فلو ش ّ
الخذ فقيًرا فعليه الجتهاد كذلك .
ما إن اجتهد فدفع لمن غلب على ظنّه أنّه - 189أ ّ
من أهل الّزكاة فتبيّن عدم كونه من أهلها ،فقد
اختلف الفقهاء في ذلك ،فقال بعضهم :تجزئه ،
ل يختلف من وقال آخرون :ل تجزئه ،على تفصي ٍ
مدٍ :إن ب .فعند أبي حنيفة ومح ّ ب إلى مذه ٍ مذه ٍ
ي أوم بان أنّه غن ّ دفع الّزكاة إلى من يظنّه فقيًرا ث ّ
ن الخذ ي أو كافر ،أو دفع في ظلمةٍ ،فبان أ ّ هاشم ّ
أبوه ،أو ابنه فل إعادة عليه ،لحديث معن بن يزيد
قال { :كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدّق بها
ل في المسجد ،فجئت فأخذتها فوضعها عند رج ٍ
فأتيته بها ،فقال :واللّه ما إيّاك أردت ،فخاصمته
إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال :لك ما
282
نويت يا يزيد ،ولك ما أخذت يا معن } .ولنّا لو
أمرناه بالعادة أفضى إلى الحرج ; لنّه ربّما تكّرر
ل
خطؤه ،واستثنوا من هذا أن يتبيّن الخذ غير أه ٍ
ن الخذ عبده أو للتّمليك أصًل ،نحو أن يتبيّن أ ّ
مكاتبه ،فل تجزئ في هذا الحال .وقال أبو يوسف
ن الخذ ليس من المصارف ، :ل تجزئه إن تبيّن أ ّ
ن مع إمكان معرفة ذلك ،كما لو لظهور خطئه بيقي ٍ
س.
ب نج ٍ ب فبان أنّه صلّى في ثو ٍ تحّرى في ثيا ٍ
صل المالكيّة بين حالين :الولى :أن يكون وف ّ
ي ،فيجب الدّافع المام أو مقدّم القاضي أو الوص ّ
ن اجتهاد استردادها ،لكن إن تعذ ّر ردّها ،أجزأت ،ل ّ
المام حكم ل يتعّقب .والثّانية :أن يكون الدّافع
ب المال فل تجزئه ،فإن استردّها وأعطاها في ر ّ
وجهها ،وإل ّ فعليه الخراج مّرة ً أخرى ،وإنّما
فوتها الخذ بفعله ،بأن يستحقّ استردادها إن ّ
ما إنأكلها ،أو باعها ،أو وهبها ،أو نحو ذلك .أ ّ
ي ،فإن كان فاتت بغير فعله بأن تلفت بأمرٍ سماو ٍ ّ
غّر الدّافع بأن أظهر له الفقر ،أو نحو ذلك فيجب
ما إن لم يكن غّره فل يجب عليه ضا ،أ ّ عليه ردّها أي ً
شافعيّة :يجب السترداد ،وعلى الّرد ّ .وقال ال ّ
الخذ الّرد ّ ،سواء علم أنّها زكاة أم ل ،فإن
استردّت صرفت إلى المستحّقين ،وإن لم يمكن
السترداد فإن كان الّذي دفعها المام لم يضمن ،
وإن كان الّذي دفعها المالك ضمن ،وهذا هو المقدّم
عندهم ،وفي بعض صور المسألة عندهم أقوال
أخرى .وقال الحنابلة :إن بان الخذ عبدًا أو كافًرا
من ل يجوز الدّفع ة للمعطي م ّ أو هاشميًّا ،أو قراب ً
ة واحدةً ; لنّه إليه ،فل تجزئ الّزكاة عن دافعها رواي ً
ق ،ول تخفى حاله غالبًا ،فلم يجزه ليس بمستح ٍ ّ
283
ما إن كان ظنّه فقيًرا الدّفع إليه ،كديون الدميّين .أ ّ
فبان غنيًّا فكذلك على روايةٍ ،والخرى يجزئه ،
لحديث معن بن يزيد المتقدّم ،وحديث أبي هريرة
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال { :قال أ ّ
ن بصدقةٍ ،فخرج بصدقته فوضعها رجل :لتصدّق ّ
يي ،فأصبحوا يتحدّثون :تصدّق على غن ٍ ّ في يد غن ٍ ّ
ما صدقتك فقد . ...الحديث وفيه :فأتي فقيل له :أ ّ
ما آتاه اللّه } . ي يعتبر فينفق م ّ ل الغن ّ قبلت ،لع ّ
ن تخفى غالبًا . ول ّ
من له حقّ طلب الّزكاة وهو من أهلها :
- 190فّرق الحنفيّة بين مستحّقي الّزكاة من
الفقراء من حيث جواز طلبهم الّزكاة بالّرغم من
ل له طلب الّزكاة ن الّذي يح ّ استحقاقهم ،فقالوا :إ ّ
سؤالهو من ل شيء له ليومه وليلته فيحتاج لل ّ
لقوته ،أو ما يواري بدنه ،وهو في اصطلحهم
سؤال لمن ل ل ال ّ مى مسكينًا ،وكذا ل يح ّ المس ّ
ما
يملك قوت يومه وليلته لكنّه قادر على الكسب ،أ ّ
الفقير وهو في اصطلحهم من يملك قوته ليومه
صدقة ،وإن كان يح ّ
ل ل له سؤال ال ّ وليلته ،فل يح ّ
ما على ما له أخذها إن لم يكن مالكًا لخمسين دره ً
تقدّم .وعند الحنابلة على المذهب :من أبيح له أخذ
الّزكاة أبيح له طلبها ،وفي روايةٍ :يحرم طلبها على
من له قوت يومه وليلته ،وقال ابن الجوزيّ :إن
ل يوم ٍ لم يجز أن يسأل علم أنّه يجد من يسأله ك ّ
أكثر من قوت يومه وليلته ،وإن خاف أن ل يجد من
سؤال أكثر من ذلك . يعطيه أبيح له ال ّ
==================
زمان *
التّعريف :
284
- 1الّزمن والّزمان يطلقان على قليل الوقت
وكثيره ،والجمع أزمان وأزمنة وأزمن ،والعرب
تقول :لقيته ذات الّزمين :يريدون بذلك تراخي
الوقت ،كما يقال :لقيته ذات العويم ،أي بين
ة منالعوام ،ويقولون أيضا ً :عاملته مزامن ً
مى شهر ويس ّ الّزمن ،كما يقال :مشاهرة ً من ال ّ
الّزمان :العصر أيضا ً .
شيء ، والفقهاء يستعملون الّزمان بمعنى أجل ال ّ
ومدّته ،ووقته ،كما يستعملونه بالمعنى اللّغويّ .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -الجل :
شيء ووقته الّذي يح ّ
ل - 2الجل في اللّغة مدّة ال ّ
شيء أجل ً من باب تعب ، فيه ،وهو مصدر أجل ال ّ
جلته تأجيل ً جعلت له أجل ً ، خر فهو آجل ،وأ ّ أي تأ ّ
والجل على وزن فاعل خلف العاجل .
والجل في اصطلح الفقهاء :المدّة المستقبلة الّتي
يضاف إليها أمر من المور سواء كانت هذه الضافة
أجل ً للوفاء بالتزام ،أو أجل ً لنهاء التزام ،وسواء
شرع ،أم بالقضاء ،أم أكانت هذه المدّة مقّررة ً بال ّ
بإرادة الملتزم ،فردا ً أم أكثر ( .انظر :أجل ج 2
ف.)5
ب -الحقب :
- 3الحقب في اللّغة المدّة الطّويلة من الدّهر ،هو
مها ،والجمع أحقاب مثل قفل بسكون القاف وض ّ
وأقفال ،ويقال الحقب ثمانون عاما ً ،والحقبة
بمعنى المدّة ،والجمع حقب مثل سورة وسور .
ج -الدّهر :
ل أو - 4الدّهر يطلق على البد ،وقيل هو الّزمان ق ّ
الزهري :والدّهر عند العرب يطلق على ّ كثر ،وقال
285
سنة ،وعلى أق ّ
ل الّزمان وعلى الفصل من فصول ال ّ
من ذلك ،ويقع على مدّة الدّنيا كلّها .
د -المدّة :
- 5المدّة في اللّغة :البرهة من الّزمان تقع على
القليل والكثير ،والجمع مدد مثل غرفة وغرف .
هـ -الوقت :
- 6الوقت في اللّغة مقدار من الّزمان مفروض
ل شيء قدّرت له حينا ً فقد وقّتّه لمر ما ،وك ّ
ة ،والجمع أوقات . توقيتا ً ،وكذلك ما قدّرت له غاي ً
مفردات الّزمان وأقسامه :
شهر ساعة واليوم والسبوع وال ّ - 7الّزمن يشمل ال ّ
سنة وغيرها من أقسام الّزمان ،لنّه يطلق على وال ّ
ص اللّه سبحانه قليل الوقت وكثيره .هذا وقد خ ّ
وتعالى بعض الزمنة بأحكام ،ومثال ذلك الّزمن
ن اللّه شمس ،فإ ّ الواقع بين طلوع الفجر وطلوع ال ّ
صبح ، سبحانه وتعالى جعله وقتا ً لداء فريضة ال ّ
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما روي عن أبي
صلة أوّل ً وآخرا ً ، ن لل ّهريرة رضي الله عنه « :إ ّ
ن أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر ،وإن آخر وإ ّ
شمس » ومن ذلك أيضا ً الّزمن وقتها حين تطلع ال ّ
سماء وبين بلوغ شمس عن كبد ال ّ الواقع بين زوال ال ّ
ن اللّه سبحانه وتعالى جعله شيء مثله ،فإ ّ ل ال ّظ ّ
وقتا ً لداء فريضة الظّهر ،لحديث « إمامة جبريل
ي صلى الله عليه وسلم حيث صلّى عليه السلم للنّب ّ
به الظّهر في اليوم الوّل حين كان الفيء مثل
شراك ،وصلّى به الظّهر في اليوم الثّاني حين كان ال ّ
ل شيء مثله» .وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء لك ّظ ّ
صلوات صلة .وينظر في بحث أوقات ال ّ في كتاب ال ّ
.
286
ضاصها اللّه ببعض الحكام أي ً هذا ومن الزمنة الّتي خ ّ
ن اللّه سبحانه وتعالى جعله وقتًا شهر رمضان ،فإ ّ
صيام ،لقوله سبحانه وتعالى : لداء فريضة ال ّ
ّ َ ُ َ
س
ن هُدًى لِلن ّا ِ ل فِيهِ الُْقْرآ ُ ن ال ّذِيَ أنزِ َ ضا َ م َ شهُْر َر َ { َ
م ال َّ
شهَْر منك ُ ُ
شهِد َ ِ من َ ن فَ َ ن الْهُدَى وَالُْفْرقَا ِ م َ ت ِّ وَبَيِّنَا ٍ
ج ،وهي الّزمن الواقع بعد ه } .وأشهر الح ّ م ُ
ص ْفَلْي َ ُ
ن اللّه سبحانه رمضان إلى نهاية أيّام التّشريق ،فإ ّ
ج ،لقوله سبحانه وتعالى جعلها وقتا ً لداء فريضة الح ّ
ت } .ومن ذلك أيضاً ما ٌ معْلُو َ شهٌُر َّ ج أَ ْ ح ُّوتعالى { :ال ْ َ
زمن أداء زكاة الفطر ،والّذي يبدأ من غروب
شمس آخر يوم من رمضان ويمتد ّ إلى قبيل صلة
ن صومه العيد .ومن ذلك أيضا ً يوم عرفة فإ ّ
ج.ب لغير الحا ّ مستح ّ
ص بعض المكلّفين بحسب - 8وهناك أزمنة تخ ّ
حالهم ،مثال ذلك زمن الطّهر وزمن الحيض
ل بالنّسبة بالنّسبة للمرأة ،وزمن الحرام وزمن الح ّ
ن المرأة في زمن ج ،ويترتّب على ذلك أ ّ للحا ّ
ة عليها في الحيض يحرم عليها أمور لم تكن محّرم ً
صوم والطّواف وقراءة صلة وال ّ زمن الطّهر كال ّ
ما سبق بيانه في مصطلح : القرآن وغير ذلك ،م ّ
( حيض ) .
وكذا المحرم فإنّه في زمن الحرام يمتنع عن بعض
ل ،كلبس المخيط أو ما كان مباحا ً له في زمن الح ّ
ق الّرجال ،والمرأة المحيط من الثّياب في ح ّ
فازين ،إلى غير ذلك المحرمة ل تنتقب ول تلبس الق ّ
من الحكام الّتي سبق بيانها في مصطلح :
( إحرام ) .
- 9ويعتبر الّزمان في المعاملت ،ومن ذلك ما لو
جرة لغير المشتري ، باع شجرة ً أو بناءً في أرض مؤ ّ
287
ق
ى له بمنفعتها ،أو موقوفة عليه استح ّ أو موص ً
إبقاءها بقيّة المدّة .وينظر مصطلح ( :بيع ) .
ومن ذلك الجارة ،فتكون الجارة مقيّدةً بمدّة
محدّدة أو غير مقيّدة بها ،بل بالعمل .
وينظر مصطلح ( :إجارة ) .
وكذلك الوكالة فيما لو أمر الموكّل الوكيل أن يبيع
في زمن معيّن ،كيوم الجمعة فليس للوكيل
مخالفته لنّه قد يكون له غرض في التّخصيص .
والتّفصيل في مصطلح ( :وكالة )
ن الطّلق من ويعتبر الّزمان أيضا ً في الطّلق ،فإ ّ
التّصّرفات الّتي تضاف إلى الّزمان ماضيا ً كان أم
صص به ويعلّق وقوعه على مجيئه . مستقبل ً ،ويخ ّ
والتّفصيل في مصطلح ( :طلق ) .
وكذلك في اليلء كما إذا حلف أن ل يقربها لمدّة
أربعة أشهر أو أكثر .
وينظر مصطلح ( :إيلء ) .
وكذلك في اللّعان كما إذا جاءت المرأة بولد ل
ل من ستّة يحتمل كونه من الّزوج ،كأن ولدته لق ّ
أشهر بعد العقد .والتّفصيل في مصطلح ( :لعان )
.
ي الّزمان بل وكذلك في النّفقة فإنّها تسقط بمض ّ
إنفاق ،إل ّ نفقة الّزوجة وخادمتها فإنّها ل تسقط بل
مته .والتّفصيل في مصطلح : تصير دينًا في ذ ّ
( نفقة ) .
ويعتبر الّزمان أيضا ً في اليمين ،كما إذا حلف أن ل
شيء حينا ً أو زمانا ً أو دهرا ً .والتّفصيل في يفعل ال ّ
مصطلح ( :أيمان ) .
288
شهادة على ن الّزمان يؤثّر في ال ّ شهادات فإ ّ وفي ال ّ
شهود في زمان القتل أو القتل كما إذا اختلف ال ّ
مكانه فإنّه ل يثبت
شهادة على الّزنا ،كما إذا شهد ويؤثّر أيضا ً في ال ّ
شمس ، أربعة أنّه زنى بامرأة بمكان عند طلوع ال ّ
وشهد أربعة أنّه زنى بها بمكان آخر عند طلوع
شمس درئ الحد ّ عنهم جميعا ً ،إذ ل يتصوّر من ال ّ
شخص الّزنى في ساعة واحدة في مكانين ال ّ
متباعدين .
هذا وقد سبق في مصطلح ( أجل ) وهو المدّة
المستقبلة الّتي يضاف إليها أمر من المور أنّه
ي
باعتبار مصدره على ثلثة أقسام :شرع ّ
ي ،وتفصيله في مصطلح : ي ،واتّفاق ّ وقضائ ّ
( أجل ) .
ب الّزمان : حكم س ّ
ب الّزمان ،وإنّما ورد - 10لم يرد النّهي عن س ّ
ب الدّهر في حديث أخرجه مسلم في النّهي عن س ّ
صحيحه بعدّة طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : منها « :أ ّ
ن اللّه هو الدّهر » . ل تسبّوا الدّهر فإ ّ
ن العرب كان ب الدّهر هو أ ّ وسبب النّهي عن س ّ
ب الدّهر عند النّوازل والحوادث شأنها أن تس ّ
والمصائب النّازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال
أو غير ذلك ،فيقولون :يا خيبة الدّهر ونحو هذا من
ي صلى الله عليه ب الدّهر ،فقال النّب ّ ألفاظ س ّ
ن اللّه هو الدّهر » أي ل وسلم « :ل تسبّوا الدّهر فإ ّ
تسبّوا فاعل النّوازل ،فإنّكم إذا سببتم فاعلها وقع
ب على اللّه تعالى ،لنّه هو فاعلها ومنزلها ، س ّ
ال ّ
ما الدّهر الّذي هو الّزمان فل فعل له بل هو وأ ّ
289
ن اللّه
مخلوق من جملة خلق اللّه تعالى ،ومعنى فإ ّ
هو الدّهر :أي فاعل النّوازل والحوادث وخالق
الكائنات .
أثر الّزمان على العبادات والحقوق :
العبادات :
- 11العبادات باعتبار الّزمان الّذي تؤدّى فيه نوعان
:مطلقة ومؤقّتة .
فالمطلقة :هي الّتي لم يقيّد أداؤها بزمن محدّد له
ن جميع العمر فيها بمنزلة الوقت فيما طرفان ،ل ّ
ة كالكّفارات هو موقّت ،وسواء أكانت العبادة واجب ً
ما العبادات المقيّدة ة كالنّفل المطلق .وأ ّ أم مندوب ً
شارع زمانا ً معيّناً بزمان معيّن فهي ما حدّد ال ّ
ح ،ويأثم بالتّأخير لدائها ،ل يجب الداء قبله ول يص ّ
صلوات الخمس إن كان المطلوب واجبا ً ،وذلك كال ّ
وصوم رمضان .
سع :وهو ما كان الّزمان فيه ما مو ّ وزمن الداء إ ّ
يفضل عن أدائه ،أي أنّه يتّسع لداء الفعل وأداء
غيره من جنسه ،وذلك كوقت الظّهر مثل ً فإنّه يسع
أداء صلة الظّهر وأداء صلوات أخرى ،ولذلك
مى ظرفا ً . يس ّ
ما مضيّق :وهو ما كان الّزمان فيه يسع الفعل وإ ّ
ن زمانه وحده ول يسع غيره معه ،وذلك كرمضان فإ ّ
مى معيارا ً أو ل يتّسع لداء صوم آخر فيه ،ويس ّ
ج من العبادات الّتي يشتبه زمان مساويا ً ،والح ّ
ن المكلّف ل يستطيع أن سع والمضيّق ل ّ أدائها بالمو ّ
جتين في عام واحد ،فهو بهذا يشبه المضيّق يؤدّي ح ّ
ج ل تستوعب زمانه ،فهو بهذا ن أعمال الح ّ ،ولك ّ
سع ،هذا على اعتباره من الموقّت ، يشبه المو ّ
290
ن العمر زمان للداء وقيل :إنّه من المطلق باعتبار أ ّ
كالّزكاة .
الحقوق :
أ -القرار بالحدود :
ي الّزمان ل أثر له ن مض ّ - 12اتّفق الفقهاء على أ ّ
د
على القرار بالحدود ،باستثناء القرار في ح ّ
ن النسان شرب عند أبي حنيفة وأبي يوسف ،ل ّ ال ّ
ق نفسه . غير متّهم في ح ّ
شهادة في الحدود : ب -ال ّ
نشافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 13ذهب المالكيّة وال ّ
شهادة على الّزنى والقذف وشرب الخمر تقبل ال ّ
ي زمان طويل من الواقعة ،وفّرق ولو بعد مض ّ
ق اللّه تعالى ،فل الحنفيّة بين الحدود الخالصة لح ّ
ق
شهادة فيها بالتّقادم ،بخلف ما هو ح ّ تقبل ال ّ
للعباد .
وتفصيله في تقادم ( ف ) 120/ 13
ج -سماع الدّعوى :
ن الحقّ ل يسقط بالتّقادم ، - 14اتّفق الفقهاء على أ ّ
ولم يفّرق جمهور الفقهاء في سماع الدّعوى بين ما
تقادم منها وما لم يتقادم ،وفّرق الحنفيّة بينهما ،
ي المر منع القضاة من سماع ن لول ّ فقالوا :إ ّ
الدّعوى في أحوال بشروط مخصوصة لتلفي
التّزوير والتّحايل .واختلف فقهاء الحنفيّة في تعيين
المدّة الّتي ل تسمع بعدها الدّعوى في الوقف ،
ومال اليتيم ،والغائب ،والرث ،فجعلها بعضهم ستّاً
ة ،وبعضهم ثلثا ً وثلثين ،وبعضهم ثلثين وثلثين سن ً
ة استحسن ما كانت هذه المدد طويل ً فقط ،إل ّ أنّه ل ّ
سلطين فيما سوى ذلك جعلها خمس عشرة أحد ال ّ
291
ن التّقادم بمرور ة فقط .ومن ذلك يظهر أ ّ سن ً
ي على أمرين : الّزمان مبن ّ
ص عليه الفقهاء . اجتهادي ن ّ
ّ الوّل :حكم
ي يجب على القضاة في زمنه والثّاني :أمر سلطان ّ
اتّباعه ،لنّهم بمقتضاه معزولون عن سماع دعوى
ة بدون عذر ، مضى عليها خمس عشرة سن ً
د
سلطان ،والوكيل يستم ّ والقاضي وكيل عن ال ّ
صص ،وإذا صص له تخ ّ التّصّرف من موكّله ،فإذا خ ّ
مم .مم تع ّ ع ّ
وتفصيله في مصطلح ( :تقادم ) .
ما التّقادم في وضع اليد وإثبات الملك بذلك وأ ّ
فينظر في مصطلح ( :حيازة ) ومصطلح ( :تقادم
ف ) 9/
================
زمزم *
التّعريف :
- 1زمزم -بزايين مفتوحتين -اسم للبئر المشهورة
في المسجد الحرام ،بينها وبين الكعبة المشّرفة
ثمان وثلثون ذراعا ً .
ميت زمزم لكثرة مائها ،يقال :ماء زمزم وس ّ
وزمزوم إذا كان كثيرا ً ،وقيل :لجتماعها ،لنّه ل ّ
ما
فاض منها الماء على وجه الرض قالت هاجر للماء :
ميت م ،أي :اجتمع يا مبارك ،فاجتمع فس ّ مز ّ ز ّ
مت بالتّراب لئل ّ يأخذ الماء زمزم ،وقيل :لنّها ز ّ
مت هاجر ماءها حين انفجرت يمينا ً وشمال ً ،فقد ض ّ
وخرج منها الماء وساح يمينا ً وشمال ً فمنع بجمع
مكم هاجر حوّطت التّراب حوله ،وروي « :لول أ ّ
عليها لملت أودية مكّة » .
ن اسمها غير مشتقّ . وقيل :إ ّ
292
ولزمزم أسماء أخرى كثيرة ،منها :طيّبة ،وبّرة ،
ومضنونة ،وسقيا اللّه إسماعيل ،وبركة ،وحفيرة
عبد المطّلب ،ووصفت في الحديث « بأنّها طعام
طعم ،وشفاء سقم » .
- 2وزمزم هي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما
الصلة والسلم ،الّتي سقاه اللّه تعالى منها حين
مه ماءً فلم تجده ، ظمئ وهو صغير ،فالتمست له أ ّ
صفا تدعو اللّه تعالى وتستغيثه فقامت إلى ال ّ
م أتت المروة ففعلت مثل ذلك ، لسماعيل ،ث ّ
وبعث اللّه تعالى جبريل عليه السلم فهمز له بعقبه
في الرض فظهر الماء .
الحكام المتعلّقة بزمزم :
شرب من ماء زمزم : أ -ال ّ
ج والمعتمر ب للحا ّ - 3اتّفق الفقهاء على أنّه يستح ّ
ي صلى الله ن النّب ّأن يشرب من ماء زمزم « ،ل ّ
عليه وسلم شرب من ماء زمزم » ،ولما روى
مسلم « :إنّها مباركة ،إنّها طعام طعم » زاد أبو
ي في مسنده « :وشفاء سقم » . داود الطّيالس ّ
شارب أن يتضلّع من ماء زمزم ،أي يكثر ن لل ّويس ّ
من شربه حتّى يمتلئ ،ويرتوي منه حتّى يشبع ريّا ً ،
لخبر ابن ماجه «:آية ما بيننا وبين المنافقين أنّهم ل
شافعيّة على أنّه ص ال ّ يتضلّعون من ماء زمزم» .ون ّ
ن شرب ماء زمزم في سائر الحوال ،ل عقب يس ّ
ن شرب ماء زمزم لك ّ
ل ة ،وأنّه يس ّ ص ًالطّواف خا ّ
ج والمعتمر . أحد ولو لغير الحا ّ
شرب من ماء زمزم : ب -آداب ال ّ
شرب من ماء زمزم آداب ،عدّها بعض - 4لل ّ
سنن أو المندوبات أو المستحبّات ، الفقهاء من ال ّ
مد بن عبد الّرحمن بن أبي بكر منها :ما روى مح ّ
293
قال :كنت عند ابن عبّاس رضي الله عنهما جالساً
فجاءه رجل فقال :من أين جئت ؟ قال :من زمزم
:قال :فشربت منها كما ينبغي ؟ قال :فكيف ؟
قال :إذا شربت منها فاستقبل الكعبة واذكر اسم
اللّه تعالى ،وتنّفس ثلثا ً من زمزم ،وتضلّع منها ،
فإذا فرغت فاحمد اللّه تعالى .
ل مّرة يتنّفس من ومنها :أن ينظر إلى البيت في ك ّ
زمزم ،وينضح من الماء على رأسه ووجهه
وصدره ،ويكثر من الدّعاء عند شربه ،ويشربه
لمطلوبه في الدّنيا والخرة ،ويقول عند شربه :
مد صلى الله عليه م إنّه قد بلغني عن نبيّك مح ّ اللّه ّ
وسلم أنّه قال « :ماء زمزم لما شرب له » وأنا
م فافعل أشربه لكذا -ويذكر ما يريد دينا ً ودنيا -اللّه ّ
ذلك بفضلك ،ويدعو بالدّعاء الّذي كان عبد اللّه بن
عبّاس رضي الله عنهما يدعو به إذا شرب ماء زمزم
م إنّي أسألك علما ً نافعا ً ،ورزقا ً واسعا ً ، وهو :اللّه ّ
وشفا ًء من ك ّ
ل داء .
ن شرب ماء زمزم لنيل ص بعض الفقهاء على أ ّ ون ّ
المطلوب في الدّنيا والخرة شامل لما لو شربه
شارب نفسه وإن صا ً بال ّ
بغير محلّه ،وأنّه ليس خا ّ
كان ظاهره كذلك ،بل يحتمل تعدّي ذلك إلى
الغير ،فإذا شربه إنسان بقصد ولده أو أخيه مثلً
حصل له ذلك المطلوب إذا شرب بنيّة صادقة .
نص بعض المحدّثين والفقهاء على أنّه يس ّ ون ّ
ن ما الجلوس عند شرب ماء زمزم كغيره ،وقالوا :إ ّ
ي عن « ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه شعب ّ روى ال ّ
قال :سقيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من
زمزم وهو قائم » محمول على أنّه لبيان الجواز ،
ومعارض لما رواه ابن ماجه عن عاصم قال « :
294
ذكرت ذلك لعكرمة فحلف باللّه ما فعل -أي ما
شرب قائما ً -لنّه كان حينئذ راكبا ً » .
ج -نقل ماء زمزم :
- 5اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز التّزوّد من ماء زمزم
ونقله ،لنّه يستخلف ،فهو كالثّمرة ،وليس بشيء
يزول فل يعود .
بشافعيّة إلى أنّه يستح ّ وذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
التّزوّد من ماء زمزم وحمله إلى البلد فإنّه شفاء
لمن استشفى ،وقد روى التّرمذيّ عن « عائشة
رضي الله تعالى عنها أنّها كانت تحمل من ماء
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زمزم ،وتخبر أ ّ
كان يحمله » ،وروى غير التّرمذيّ « أنّه صلى الله
عليه وسلم كان يحمله وكان يصبّه على المرضى
ويسقيهم » « ،وأنّه حنّك به الحسن والحسين
رضي الله تعالى عنهما » ،وروى ابن عبّاس رضي
ن رسول اللّه صلى الله عليه الله تعالى عنهما« أ ّ
وسلم استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم»،
ي صلى الله عليه ن النّب ّي«أ ّ وفي تاريخ الزرق ّ
وسلم استعجل سهيل ً في إرسال ذلك إليه ،وأنّه
ي صلى الله عليه وسلم براويتين » . بعث إلى النّب ّ
د -استعمال ماء زمزم :
ن التّطهير بماء زمزم صحيح - 6اتّفق الفقهاء على أ ّ
ووي في
ّ الماوردي في الحاوي ،والن ّ
ّ ،ونقل
المجموع الجماع على ذلك .وفي استعمال ماء
زمزم في رفع الحدث وفي إزالة الخبث تفصيل
ينظر في مصطلح ( آبار ،الموسوعة الفقهيّة / 1
. ) 91
هـ -فضل ماء زمزم :
295
ي عن عبد اللّه - 7في فضل ماء زمزم روى الطّبران ّ
بن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال :قال رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم « :خير ماء على وجه
الرض ماء زمزم ،فيه طعام من الطّعم وشفاء من
ن شرب مائها يغني عن الطّعام سقم » أي أ ّ ال ّ
صدق ،كما وقع سقام ،لكن مع ال ّ ويشفي من ال ّ
الغفاري رضي الله تعالى عنه « ،ففي ّ لبي ذّر
صحيح أنّه أقام شهرا ً بمكّة ل قوت له إل ّ ماء ال ّ
ي عن العبّاس بن عبد زمزم » ،وروى الزرق ّ
المطّلب رضي الله تعالى عنه قال :تنافس النّاس
في زمزم في زمن الجاهليّة حتّى أن كان أهل
العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحا ً لهم ،
وقد كنّا نعدّها عونا ً على العيال ،قال العبّاس :
مى في الجاهليّة شباعة . وكانت زمزم تس ّ
ي :هو لما شرب له ،جعله اللّه تعالى قال الب ّ
مه هاجر طعاما ً وشرابا ً ،وحكى لسماعيل وأ ّ
الدّينوريّ عن الحميديّ قال :كنّا عند سفيان بن
عيينة فحدّثنا بحديث « ماء زمزم لما شرب له » .
مد ،م عاد فقال :يا أبا مح ّ فقام رجل من المجلس ث ّ
أليس الحديث الّذي حدّثتنا في ماء زمزم صحيحا ً ؟
قال :نعم ،قال الّرجل :فإنّي شربت الن دلوا ً من
زمزم على أنّك تحدّثني بمائة حديث ،فقال له
سفيان :اقعد ،فقعد فحدّثه بمائة حديث .
ن ابن مإ ّودخل ابن المبارك زمزم فقال :اللّه ّ
ن رسول مل حدّثني عن أبي الّزبير عن جابر أ ّ المؤ ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :ماء زمزم لما
م فإنّي أشربه لعطش يوم القيامة . شرب له » اللّه ّ
وماء زمزم شراب البرار ،عن ابن عبّاس رضي
الله تعالى عنهما قال :صلّوا في مصلّى الخيار
296
واشربوا من شراب البرار ،قيل :ما مصلّى الخيار
؟ قال :تحت الميزاب ،قيل :وما شراب البرار ؟
قال :ماء زمزم وأكرم به من شراب .
ي
ن حكمة غسل صدر النّب ّ ي:إ ّ وقال الحافظ العراق ّ
صلى الله عليه وسلم بماء زمزم ليقوى به صلى
سموات الله عليه وسلم على رؤية ملكوت ال ّ
ص ماء زمزم والرض والجنّة والنّار ،لنّه من خوا ّ
أنّه يقوّي القلب ويسكن الّروع .روى البخاريّ عن
أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال :كان أبو
ن رسول اللّه صلى ذّر رضي الله تعالى عنه يحدّث أ ّ
الله عليه وسلم قال « :فّرج سقفي وأنا بمكّة ،
م غسله فنزل جبريل عليه السلم ففّرج صدري ،ث ّ
ة
م جاء بطست من ذهب ممتلئ حكم ً بماء زمزم ،ث ّ
م أخذ م أطبقه ،ث ّ وإيمانا ً ،فأفرغها في صدري ،ث ّ
سماء الدّنيا » . بيدي فبرح بي إلى ال ّ
================
زوال *
التّعريف :
ة :الحركة والذ ّهاب والستحالة - 1الّزوال لغ ً
شيء عن مكانه ،وأزاله غيّره والضمحلل .وزال ال ّ
م زال ،أي تحّرك .والّزوائل .ويقال :رأيت شبحا ً ث ّ
:النّجوم لزوالها من المشرق .والّزوال :زوال
ما يزول عن شمس ،وزوال الملك ونحو ذلك م ّ ال ّ
سماء ،وزال الظ ّ ّ
ل شمس عن كبد ال ّ حاله .وزالت ال ّ
ي عن معناه اللّغويّ . شرع ّ .ول يخرج معناه ال ّ
ي:الحكم الجمال ّ
وردت الحكام المتعلّقة بالّزوال في أماكن متعدّدة
من كتب الفقه منها :
أ -وقت صلة الظّهر :
297
ن وقت صلة الظّهر يدخل - 2أجمع العلماء على أ ّ
سماء ،وهو ميل شمس عن كبد ال ّ حين تزول ال ّ
سماء إلى جهة المغرب . شمس عن وسط ال ّ ال ّ
مفلو شرع المصلّي في التّكبير قبل ظهور الّزوال ث ّ
ح
ظهر الّزوال عقب التّكبير أو في أثنائه لم يص ّ
الظّهر .
ن
ل بعد تناهي نقصانه ل ّ ويعرف الّزوال بزيادة الظ ّ ّ
ل طويل ل شاخص ظ ّ شمس إذا طلعت رفع لك ّ ال ّ
شمس في م كلّما دامت ال ّ إلى جانب المغرب ،ث ّ
شمس إلى ل ينتقص ،فإذا انتهت ال ّ الرتفاع فالظ ّ ّ
سماء -وهي حالة الستواء وانتصاف النّهار وسط ال ّ
ل أدنى ل ووقف ،فإذا زاد الظ ّ ّ -انتهى نقصان الظ ّ ّ
ل ذلك على الّزوال . زيادة ً إلى الجهة الخرى د ّ
شمس قال النّوويّ :إذا أردت معرفة زوال ال ّ
شمس على أرض فانصب عصا أو غيرها في ال ّ
م راقبه فإن نقص مستوية وعلّم على طرف ظلّها ث ّ
شمس لم تزل ،ول تزال ترقبه ن ال ّل علمت أ ّ الظ ّ ّ
حتّى يزيد فمتى زاد علمت الّزوال .
شمس من الظ ّ ّ
ل ويختلف قدر ما تزول عليه ال ّ
باختلف الزمان والماكن ،فأقصر ما يكون الظ ّ ّ
ل
صيف عند تناهي طول النّهار ، عند الّزوال في ال ّ
شتاء عند تناهي قصر النّهار . وأطول ما يكون في ال ّ
ما بالنّسبة للماكن فكلّما قرب المكان من خ ّ
ط وأ ّ
ل عند الّزوال . الستواء نقص الظ ّ ّ
ن وقت صلة الظّهر يدخل عندما والدّليل على أ ّ
ي صلى الله شمس هو ما روي « عن النّب ّ تزول ال ّ
مني جبريل عند البيت مّرتين ، عليه وسلم قال :أ ّ
فصلّى الظّهر في الولى منهما حين كان الفيء مثل
ل شيء لك ّ م صلّى العصر حين كان ظ ّ شراك ،ث ّ ال ّ
298
م قال :وصلّى المّرة الثّانية الظّهر حين مثل ظلّه ث ّ
ل شيء مثله لوقت العصر بالمس قال : لك ّ كان ظ ّ
مد ،هذا وقت ي جبريل فقال :يا مح ّ م التفت إل ّ ث ّ
النبياء من قبلك ،والوقت فيما بين هذين الوقتين »
صلة ) . .والتّفصيل في مصطلح ( :أوقات ال ّ
صائم بعد الّزوال :
سواك لل ّ ب -حكم ال ّ
صائم بعد سواك لل ّ - 3اختلف الفقهاء في حكم ال ّ
الّزوال :
سواك فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل بأس بال ّ
صائم في جميع نهاره أي قبل الّزوال وبعد لل ّ
صحيحة الكثيرة في فضل الّزوال ،للحاديث ال ّ
سواك . ال ّ
شافعيّة في المشهور عندهم والحنابلة إلى وذهب ال ّ
صائم التّسوّك بعد الّزوال سواء كان ذلك أنّه يكره لل ّ
بسواك يابس أو رطب لحديث أبي هريرة رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم « لخلوف فم عنه عن النّب ّ
صائم أطيب عند اللّه من ريح المسك » . ال ّ
والخلوف إنّما يظهر غالبا ً بعد الّزوال .والتّفاصيل
في مصطلح ( :سواك ،وصيام ) .
=================
زيادة *
التّعريف :
شيء يزيد - 1الّزيادة في اللّغة النّموّ ،تقول :زاد ال ّ
زيدا ً وزيادة ً ،وزائدة الكبد هنيّة من الكبد صغيرة
حية عنها ،وجمعها زوائد . إلى جنبها متن ّ
وزوائد السد :أظفاره وأنيابه ،وزئيره وصولته .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -الّريع :
299
- 2الّريع هو الّزيادة والنّماء ،والّريع في الصطلح
هو الغلّة كالجرة والثّمر والدّخل .
ب -غلّة :
صل من ريع الرض أو ل شيء مح ّ - 3الغلّة هي ك ّ
أجرتها ونحو ذلك ،والجمع غّلت وغلل ،والغلّة
ص من الّزيادة . أخ ّ
ج -نقص :
- 4النّقص والنّقصان مصدرا " نقص " يقال :نقص
ينقص نقصا ً من باب قتل ،وانتقص إذا ذهب منه
م الوزن . شيء بعد تمامه ،ودرهم ناقص غير تا ّ
أقسام الّزيادة :
أ -أقسامها من حيث التّصال والنفصال :
- 5تنقسم الّزيادة من حيث التّصال والنفصال إلى
قسمين :
ما متولّدة منه أولً -زيادة متّصلة بالصل ،وهي إ ّ
سمن والجمال ،أو غير متولّدة منه كالغرس كال ّ
والبناء .
ثانيا ً -زيادة منفصلة عن الصل كالولد والغلّة .
ما متولّدة منه كالولد والثّمر ،أو غير متولّدة وهي إ ّ
منه كالكسب والغلّة .
ب -أقسامها من حيث التّمييز وعدمه :
- 6تنقسم الّزيادة من حيث التّمييز وعدمه إلى ثلثة
أقسام :
زيادة متميّزة كالولد والغراس .
وزيادة غير متميّزة كخلط الحنطة بالحنطة ،أو
سمن . سمن بال ّ ال ّ
وزيادة صفة كالطّحن .
ج -أقسامها من حيث كونها من جنس الصل أو من
غير جنسه :
300
- 7أ -زيادة من جنس الصل كزيادة ركوع أو
مى أيضا ً زيادةً فعلي ّ ً
ة، صلة وتس ّ سجود في ال ّ
وكزيادة سورة في الّركعتين الثّالثة والّرابعة أي بعد
ة.مى زيادةً قولي ّ ً ل ركعة وتس ّ قراءة الفاتحة في ك ّ
ي في ب -زيادة من غير جنس الصل كالكلم الجنب ّ
شرب فيها . صلة ،والكل وال ّ أثناء ال ّ
القواعد المتعلّقة بالّزيادة :
ي ثلث قواعد تتعلّق بالّزيادة : ذكر الّزركش ّ
القاعدة الولى :
- 8الّزيادة المتّصلة تتبع الصل في سائر البواب
صداق من الّرد ّ بالعيب والتّفليس وغيرهما ،إل ّ في ال ّ
ن الّزوج إذا طلّق قبل الدّخول ل يسترجع مع فإ ّ
نصف المهر زيادته إل ّ برضا المرأة .والّزيادة
ل. المنفصلة ل تتبع الصل في الك ّ
القاعدة الثّانية :
- 9الّزيادة اليسيرة على ثمن المثل ل أثر لها وإن
شراء كان فيها غبن ما ،كما في الوكيل بالبيع وال ّ
وعدل الّرهن ونحوه إل ّ في موضع واحد وهو ما كان
مم إذا وجد الماء يباع ما ً ،كما في المتي ّ شرعيّا ً عا ّ
ح،
بزيادة يسيرة على ثمن المثل ل تلزمه في الص ّ
ما يتغابن بمثلها وجب ،والمذهب وقيل :إن كانت م ّ
شافعيّة -الوّل ،والفرق بينه وبين غيره -أي عند ال ّ
ق له بني على شارع وهو ح ّ ن ما وضعه ال ّ أ ّ
المسامحة .
ما وجدان الواجب بأكثر من المعتاد فينزل منزلة أ ّ
العدم ،كما لو وجد الغاصب المثل يباع بأكثر من
ح.ثمنه ل يكلّف تحصيله في الص ّ
القاعدة الثّالثة :
301
- 10الّزيادة على العدد إذا لم تكن شرطا ً في
الوجوب شرعا ً ل يتأثّر بفقدها ،ولهذا لو شهد ثمانية
م رجع أربعة عن على شخص بالّزنى ،فرجم ث ّ
شهادة ل شيء عليهم ،فلو رجع منهم خمسة ال ّ
ضمنوا ،لنقصان ما بقي من العدد المشروط .
الحكام المتعلّقة بالّزيادة :
الّزيادة على الثّلث في الوضوء :
- 11من سنن الوضوء التّثليث أي غسل العضاء
الّتي فرضها الغسل ثلثا ً ،وفي تثليث مسح الّرأس ،
وفي الّزيادة على الثّلث في غسل الّرجلين بقصد
ما الّزيادة على الثّلث في غسل النقاء خلف ،وأ ّ
العضاء فل بأس به عند الحنفيّة إن كان الغرض من
ذلك طمأنينة القلب ل الوسوسة ،والمعتمد عند
المالكيّة كراهة الغسلة الّرابعة في غير الّرجلين ،
ما في الّرجلين فالمطلوب فيهما النقاء حتّى لو وأ ّ
زاد على الثّلث أو القتصار على الثّلث على خلف
في ذلك .
شافعيّة كراهة الّزيادة على الثّلث ، صحيح عند ال ّ
وال ّ
وقيل :تحرم ،وقيل :هي خلف الولى.
وذهب الحنابلة إلى الكراهة لحديث عمرو بن شعيب
ي صلى ن أعرابيّا ً جاء إلى النّب ّعن أبيه عن جدّه « أ ّ
الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء ،فأراه ثلثاً
ثلثا ً ،وقال :هذا الوضوء ،فمن زاد على هذا فقد
أساء وتعدّى وظلم » .
الّزيادة في الذان والقامة :
- 12الّزيادة المشروعة في الذان هي عبارة عن
التّثويب في أذان الفجر ،والمراد بالتّثويب هو أن
صلة خير من النّوم " مّرتين يزيد المؤذ ّن عبارة " ال ّ
بعد الحيعلتين في أذان الفجر أو بعد أذانه كما يقول
302
بعض الحنفيّة ،وهو سنّة عند جميع الفقهاء لما ورد
سنّة إذا قال المؤذ ّن عن أنس بن مالك قال :من ال ّ
صلة خير ي على الفلح قال :ال ّ في أذان الفجر ح ّ
صلة خير من النّوم . من النّوم ،ال ّ
ن بلل ً رضي الله عنه أتى النّب ّ
ي وأصل التّثويب « أ ّ
صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلة الفجر فقيل :هو
صلة خير من صلة خير من النّوم ال ّ نائم ،فقال :ال ّ
النّوم » ،فأقّرت في تأذين الفجر ،فثبت المر على
ذلك .
صبح لما يعرض للنّائم من التّكاسل ص التّثويب بال ّ وخ ّ
بسبب النّوم ،واعتبار التّثويب زيادةً إنّما هو بالنّظر
صلوات ،ول يجوز زيادة شيء في إلى أذان بقيّة ال ّ
شارع ،وقد تواتر ص ال ّ ألفاظ الذان ،لنّها توقيفيّة بن ّ
النّقل على عدم زيادة شيء فيها ،والقامة
ي على الفلح قد كالذان ،إل ّ أنّه يزيد بعد قوله ح ّ
صلة مّرتين . قامت ال ّ
الّزيادة في الذكار المسنونة :
- 13سبق في بحث ( ذكر ) حكم الّزيادة في الذكار
المسنونة فينظر هناك .
مم : ضربتين في التّي ّ الّزيادة على ال ّ
شافعيّة ضربتان ضربة مم عند الحنفيّة وال ّ - 14التّي ّ
للوجه وضربة لليدين .
وعند المالكيّة والحنابلة ضربة واحدة للوجه
واليدين ،والكمل عندهم ضربتان كالحنفيّة
ضربتين فل بأس بها ما الّزيادة على ال ّ شافعيّة ،وأ ّ وال ّ
ما دام القصد استيعاب الوجه واليدين بالمسح ،
سواء أحصل ذلك بضربتين أم أكثر ،والتّفصيل في
مم ) . مصطلح ( تي ّ
صلة : الّزيادة في الفعل والقول في ال ّ
303
ن
شافعيّة والحنابلة ،إلى أ ّ - 15ذهب المالكيّة وال ّ
ما أن تكون زيادة أفعال ،أو صلة إ ّ الّزيادة في ال ّ
أقوال .فزيادة الفعال قسمان :
صلة صلة ،فتبطل ال ّ أحدهما :ما كان من جنس ال ّ
بعمده ،وإن كان ذلك سهوا ً فل بطلن ،ويسجد
سهو
لل ّ
صلة ،فيبطل والخر :إن كان من غير جنس ال ّ
صلة عمده وسهوه وجهله ،إن كان كثيًرا ولم تكن ال ّ
ما إن كان لحاجة ،أو كان يسيرا ً ،فل ضرورة .أ ّ
يبطل .
والّزيادة القوليّة قسمان :أحدهما :ما يبطل عمده
صلة ،ككلم الدميّين . ال ّ
صلة كالذ ّكر والدّعاء ،إل ّ أن والخر ،ما ل يبطل ال ّ
يخاطب به كقوله لعاطس :يرحمك اللّه.
مد النّطق صلة تبطل بتع ّ ن ال ّ شافعيّة أ ّ وأضاف ال ّ
بحرفين ،أفهما أم لم يفهما ،وبحرف مفهم كذلك .
وقالوا :يعذر من تكلّم بيسير الكلم إن سبق لسانه
صلة ،أو جهل تحريم الكلم فيها ،وقرب أو نسي ال ّ
عهده بالسلم ،ول يعذر بالكثير من ذلك .
سهو صلة ،وسجود ال ّ وتفصيل ذلك في مفسدات ال ّ
.
ن الكثير منه يبطل ومذهب الحنفيّة في الفعل ،أ ّ
صلة . ال ّ
وفي حدّه ثلثة أقوال ،المختار عندهم :أنّه لو كان
المصلّي بحال لو رآه إنسان من بعيد ،فتيّقن أنّه
ك أنّه فيها أو صلة فهو كثير ،إن كان يش ّ ليس في ال ّ
ما القول أو الكلم ، ك أنّه فيها ،فهو قليل .وأ ّ لم يش ّ
فمن تكلّم في صلته عامدا ً أو ساهيا ً بطلت صلته ،
304
صلة ل يصلح فيها شيء من ن هذه ال ّ لحديث « :إ ّ
كلم النّاس » .
ومنه أيضا ً :النين والتّأوّه ،وتشميت العاطس ،
ما إذا ل ما هو من القرآن إذا قصد به الجواب ،أ ّ وك ّ
صلة ،فل لم يقصد به الجواب بل العلم أنّه في ال ّ
تفسد بالتّفاق عند الحنفيّة .
فلو كان الذ ّكر من غير القرآن ،كما لو ذكر
شهادتين عند ذكر المؤذ ّن لهما ،أو سمع ذكر ال ّ
ي صلى الله ل جلله ،أو ذكر النّب ّ اللّه ،فقال :ج ّ
عليه وسلم فصلّى عليه تفسد صلته .
الّزيادة على التّكبيرات الربع في صلة الجنازة
وأثرها :
ن صلة الجنازة أربع - 16ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
تكبيرات ل يجوز النّقص منها ،والولى عدم الّزيادة
شافعيّة ،ومقابله البطلن عليها ،وهو الظهر عند ال ّ
ة،لزيادة ركن ،فإن زاد المام عليها تكبيرةً خامس ً
ففي متابعة المأموم له في تلك الّزيادة أو عدم
متابعته له فيها خلف بين الفقهاء .
ن المام إذا فعل ذلك لم فذكر الحنفيّة سوى زفر أ ّ
م في تلك التّكبيرة ،لنّها منسوخة ،لما يتابعه المؤت ّ
روي أنّه صلى الله عليه وسلم « كبّر أربعا ً في آخر
صلة جنازة صّلها » .وقال زفر :يتابعه لنّه مجتهد
ن عليّا ً رضي الله عنه كبّر خمسا ً . فيه ،لما روي أ ّ
وعند المالكيّة يسلّم المأموم ول ينتظر إمامه في
التّكبيرة الخامسة على رواية ابن القاسم ،ويفارق
شافعيّة في التّكبيرة الخامسة المأموم إمامه عند ال ّ
صلة بها ،وعلى القول بناءً على القول ببطلن ال ّ
بعدم البطلن ل يفارقه ،ولكن ل يتابعه فيها على
305
الظهر ،وفي تسليمه في الحال أو انتظاره حتّى
حهما الثّاني . يسلّم إمامه وجهان أص ّ
والولى عند الحنابلة أن ل يزيد على أربع تكبيرات
في صلة الجنازة ،ول خلف عندهم أنّه ل تجوز
الّزيادة على سبع تكبيرات ،ول يجوز النّقص عن
أربع تكبيرات ،واختلفت الّرواية عندهم فيما زاد
ن
يأ ّسبع ،فظاهر كلم الخرق ّ على الربع إلى ال ّ
المام إذا كبّر خمسا ً تابعه المأموم ،ول يتابعه في
زيادة عليها رواه الثرم عن أحمد ،لما روي عن «
زيد بن أرقم أنّه كبّر على جنازة خمسا ً وقال :كان
ي صلى الله عليه وسلم يكبّرها » . النّب ّ
وروى حرب عن أحمد إذا كبّر خمسا ً ل يكبّر معه ،
ول يسلّم إل ّ مع المام ،لنّها زيادة غير مسنونة
للمام فل يتابعه المأموم فيها ،كالقنوت في الّركعة
الولى .
ن المأموم يكبّر مع وفي رواية أخرى عن أحمد أ ّ
المام إلى سبع ،قال الخّلل :ثبت القول عن أبي
م ل يزاد على عبد اللّه أنّه يكبّر مع المام إلى سبع ث ّ
سبع ،ول يسلّم إل ّ مع المام .وتفصيل ذلك في
صلة الجنازة .
الّزيادة في الّزكاة على المقدار الواجب إخراجه :
- 17الصل أن يخرج المزكّي القدر الواجب عليه
مته ،فإن زاد فذلك خير ،لقوله تعالى {: لبراء ذ ّ
م } والّزيادة قد شاكٌِر عَلِي ٌ ن الل ّ َ
ه َ خيْرا ً فَإ ِ َّ
من تَطَوَّع َ َ وَ َ
صفة .فمن أمثلة الّزيادة تكون في المقدار أو في ال ّ
في صفة الواجب إخراج بنت اللّبون عن بنت
ت وثلثين ن بنت اللّبون تخرج عن س ّ المخاض ،فإ ّ
من البل وبنت المخاض تخرج عن خمس
ن الحّقة تخرج وعشرين ،والحّقة عن بنت اللّبون فإ ّ
306
ن
ت وأربعين ،وإخراج الجذعة عن الحّقة فإ ّ عن س ّ
الجذعة تجب في إحدى وستّين .ومن أمثلة الّزيادة
في المقدار إخراج أكثر من صاع في زكاة الفطر،
ل فرد .وتفصيل ذلك ن الواجب فيها صاع عن ك ّ ل ّ
محلّه مصطلح ( :زكاة ) .
ما حدّده له الموكّل : زيادة الوكيل ع ّ
- 18الوكيل ل يملك من التّصّرف إل ّ ما يقتضيه إذن
ن تصّرفه موكّله من جهة النّطق أو جهة العرف ،ل ّ
ص بما أذن فيه ،وهو مأمور بالحتياط بالذن فاخت ّ
والغبطة ،فلو وكّله في التّصّرف في زمن مقيّد لم
يملك التّصّرف قبله ول بعده ،لنّه لم يتناوله إذنه
مطلقا ً ،ول عرفا ً ،لنّه قد يؤثّر التّصّرف في زمن
الحاجة إليه دون غيره .
وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء في الوكالة .
زيادة المبيع وأثرها في الّرد ّ بالعيب :
ن زيادة المبيع المتّصلة المتولّدة - 19ذكر الحنفيّة أ ّ
كسمن وجمال ل تمنع الّرد ّ قبل القبض ،وكذا بعده
في ظاهر الّرواية ،وللمشتري الّرجوع بالنّقصان ،
وليس للبائع قبوله عند أبي حنيفة وأبي يوسف ،
ما غير المتولّدة كغرس وبناء مد له ذلك ،وأ ّ وعند مح ّ
ما زيادة المبيع المنفصلة فتمنع الّرد ّ مطلقاً .وأ ّ
المتولّدة كالولد والثّمر والرش فل تمنع الّرد ّ قبل
القبض ،فإن شاء ردّهما أو رضي بهما بجميع
صةالثّمن ،وبعد القبض يمتنع الّرد ّ ويرجع بح ّ
ما الّزيادة المنفصلة غير المتولّدة ككسب العيب ،وأ ّ
،وغلّة ،وهبة ،فقبل القبض ل تمنع الّرد ّ ،فإذا ردّ
مد ول تطيب له ، فهي للمشتري بل ثمن عند مح ّ
وعند أبي حنيفة وأبي يوسف للبائع ول تطيب له ،
ضا ،وتطيب له الّزيادة . وبعد القبض ل تمنع الّرد ّ أي ً
307
ن المشتري في حالة ردّه المبيع وذكر المالكيّة أ ّ
بعيب قديم لبائعه ،يشترك مع البائع في المبيع
بمثل نسبة ما زاد من قيمته ،بصبغه أو خياطته
على قيمته خاليا ً عن ذلك معيبا ً ،فإن قوّم مصبوغاً
بخمسة عشر وغير مصبوغ بعشرة شاركه بثلثه ،
سك بالمبيع ويأخذ أرش دلّس بائعه أم ل ،أو يتم ّ
العيب القديم ،وتعتبر القيمة يوم البيع على الرجح
.
هذا في الّزيادة المتّصلة ،وذكروا في الّزيادة
ن المشتري ل يشترك مع البائع فيها عند المنفصلة أ ّ
الّرد ّ .
ن الّزيادة المتّصلة في المبيع شافعيّة أ ّ وذكر ال ّ
والثّمن تتبع الصل في الّرد ّ ،وهو ما ذكره الحنابلة
شجرة سمن وكبر ال ّ في نماء المبيع المتّصل كال ّ
لعدم إمكان إفراد الّزيادة ،ولتعذ ّر الّرد ّ بدونها ،
ن الملك قد تجدّد بالفسخ فكانت الّزيادة المتّصلة ول ّ
ما الّزيادة المنفصلة في ة للصل كالعقد .وأ ّ فيه تابع ً
ة كالجرة ،فهي المبيع والثّمن عينا ً كالولد ،أو منفع ً
من المبيع للمشتري ،ومن الثّمن للبائع ،وهو
مذهب الحنابلة في نماء المبيع المنفصل ،لقوله
ضمان » . صلى الله عليه وسلم « :الخراج بال ّ
والّزيادة المنفصلة في المبيع والثّمن ل تمنع الّردّ
شافعيّة بالعيب عمل ً بمقتضى العيب . عند ال ّ
والتّفصيل في خيار العيب .
الّزيادة على الثّمن وأثرها :
- 20تتّضح آثار الّزيادة على الثّمن أو النّقص منه في
القالة .
ينظر مصطلح ( :إقالة ،ف ) 327/ 5
شفيع : زيادة المشفوع فيه هل تكون للمشتري أو لل ّ
308
- 21اختلف الفقهاء في زيادة المشفوع فيه هل
شافعيّةشفيع ،فذهب ال ّ تكون للمشتري أو لل ّ
ن زيادة المبيع الّتي حدثت في يد والحنابلة إلى أ ّ
ة
شفعة ،إن كانت متّصل ً المشتري قبل الخذ منه بال ّ
شفيع ،لعدم شجر إذا كبر فهي لل ّ غير متميّزة كال ّ
تميّزها فتبعت الصل ،كما لو رد ّ بعيب أو خيار أو
ة متميّزةً كالغلّة إقالة ،وإن كانت تلك الّزيادة منفصل ً
والجرة والطّلع المؤبّر والثّمرة الظّاهرة ،فهي
شفيع فيها ،لنّها حدثت في ملكه ق لل ّللمشتري ل ح ّ
،وتكون للمشتري مبقاة ً في رءوس النّخل إلى
الجذاذ .
شافعيّة في الّزيادة المتميّزة غير الظّاهرة قولن ولل ّ
:
أحدهما -وهو القديم : -تتبع الصل كما في البيع .
والثّاني -وهو الجديد : -ل تتبع الصل لنّه استحقاق
بغير تراض فل يؤخذ به إل ّ ما دخل بالعقد ويخالف
البيع ،لنّه استحقاق عن تراض يقدر فيه على
الستثناء ،فإذا لم يستثن تبع الصل .
ن زيادة المشفوع فيه كالثّمر وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
شفيع إذا شرطه في البيع ،لنّه ل الّذي على النّخل لل ّ
شرط ،فإذا شرطه دخل في البيع يدخل بدون ال ّ
شفعة ،لنّه باعتبار التّصال صار كالنّخل واستحقّ بال ّ
وهذا استحسان ،والقياس أن ل شفعة فيه لعدم
شرط ،وإذا التّبعيّة ،حتّى ل يدخل في البيع بدون ال ّ
صته
شفعة فإذا جذ ّه المشتري نقص ح ّ دخل في ال ّ
من الثّمن لنّه صار مقصودا ً بالذ ّكر ،فقابله شيء
من الثّمن ،وليس له أن يأخذ الثّمرة لنّها نفليّة أي
زيادة ،ولو لم يكن على النّخل ثمر وقت البيع فأثمر
ن البيع سرى إليها فكانت شفيع أخذه بالثّمرة ،ل ّ فلل ّ
309
شفيع أن يأخذ النّخل تبعا ً ،فإذا جذ ّها المشتري فلل ّ
ن الثّمرة لم تكن موجودةً وقت بجميع الثّمن ،ل ّ
العقد ،فلم تكن مقصودة ً فل يقابلها شيء من
الثّمن .
شفعة ن للمشتري المأخوذ منه بال ّ وعند المالكيّة أ ّ
شقص المشفوع فيه الّتي استغلّها غلّته ،أي غلّة ال ّ
شفعة ،لنّه كان ضامنا ً له ،وفي قبل أخذه منه بال ّ
ضمان » .وتفصيل ذلك في الحديث « الخراج بال ّ
( شفعة ) .
زيادة المرهون :
ن زيادة ي من الحنفيّة على أ ّ ص الكاسان ّ - 22ن ّ
المرهون إن لم تكن متولّدة ً من الصل ول في حكم
ن تلك صدقة ،فإ ّالمتولّد منه كالكسب والهبة وال ّ
الّزيادة ل يثبت فيها حكم الّرهن ،لنّها ليست
ة بنفسها ،ول هي بدل المرهون ،ول جزء مرهون ً
منه ،ول بدل جزء منه .وإن كانت تلك الّزيادة
صوف ، متولّدةً من الصل كالولد والثّمر واللّبن وال ّ
أو في حكم المتولّدة منه كالرش والعقر فهي
ق لزم فيسري ن الّرهن ح ّ مرهونة تبعا ً للصل ،ل ّ
إلى التّبع .
وزيادة المرهون عند المالكيّة ،وهي الّتي يعبّرون
عنها بالغلّة ،كاللّبن وما تولّد منه ،وعسل النّحل ،ل
تدخل في الّرهن إذا لم يشترط المرتهن دخولها ،
م ،فإنّه يندرج في الّرهن بخلف الجنين في بطن ال ّ
،سواء أحملت به قبل الّرهن أم بعده .
ن زيادة المرهون إن كانت شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
شجرة تبعت الصل في ة كسمن الدّابّة وكبر ال ّ متّصل ً
ة كالولد والثّمر لم تتبع . الّرهن ،وإن كانت منفصل ً
310
ن نماء الّرهن جميعه وغّلته وذهب الحنابلة إلى أ ّ
تكون رهنا ً في يد من الّرهن في يده كالصل ،وإذا
احتيج إلى بيعه في وفاء الدّين بيع مع الصل ،سواء
سمن والتّعلّم ،والمنفصل في ذلك المتّصل كال ّ
صوف كالكسب والجرة والولد والثّمرة واللّبن وال ّ
شعر . وال ّ
لنّه حكم يثبت في العين بعقد المالك فيدخل فيه
النّماء والمنافع كالملك بالبيع وغيره .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( :رهن ) .
زيادة الموهوب وأثرها في الّرجوع في الهبة :
ة،ما أن تكون متّصل ً - 23الّزيادة في الموهوب إ ّ
ة. ما أن تكون منفصل ً وإ ّ
ة كالثّمرة والولد فإنّها ل تؤثّر في فإن كانت منفصل ً
الّرجوع فيها اتّفاقا ً .
ة منعت من الّرجوع عند الحنفيّة وإن كانت متّصل ً
والمالكيّة والحنابلة في إحدى الّروايتين عن أحمد ،
لنّه ل يمكن الّرجوع فيها دون تلك الّزيادة ،ول
سبيل إلى الّرجوع بالهبة مع تلك الّزيادة لعدم ورود
العقد عليها .
شافعيّة ل تمنع من الّرجوع وهو ما ذهب إليه وعند ال ّ
الحنابلة أيضا ً في رواية أخرى عن أحمد لعدم
تمييزها فتتبع الصل .والتّفصيل في مصطلح :
( هبة ) .
صداق وحكمها في الطّلق قبل الدّخول : زيادة ال ّ
ن الّزوج إذا - 24ذهب الحنفيّة والمالكيّة ،إلى أ ّ
صداق سواء بقي طلّق زوجته قبل الدّخول تشطّر ال ّ
على حاله أو حدثت فيه زيادة متّصلة أو منفصلة ،
ن تلك الّزيادة تأخذ حكم الصل ،فيرجع الّزوج أي أ ّ
عليها بنصف ما دفعه لها بزيادته المتّصلة أو
311
ن تلك الّزيادة في حكم جزء من العين المنفصلة ،ل ّ
،والحادث منها بعد العقد قبل القبض كالموجود
ن
شافعيّة والحنابلة ،إلى أ ّ وقت العقد .وذهب ال ّ
صداق المنفصلة تكون للمرأة ،ويرجع الّزوج زيادة ال ّ
ن تلك الّزيادة نماء ملكها ، بنصف الصل فقط ،ل ّ
ضرر بواحد منهما . والّرجوع بنصف الصل ل يلحق ال ّ
ن الّزوج في هذه ة ،فإ ّ
وإن كانت تلك الّزيادة متّصل ً
ل بالّرجوع إلى النّصف ذاته ،بل يخيّر الحالة ل يستق ّ
الّزوجة بين رد ّ نصفه زائدا ً ،وبين إعطاء نصف
قيمته يوم العقد .
وفي المسألة تفصيل ينظر في مصطلح ( صداق ) .
زيادة التّركة الحاصلة بعد الوفاة قبل أداء الدّين :
- 25اختلف الفقهاء في زيادة التّركة ونمائها الّذي
حدث بعد وفاة المدين وقبل أداء الدّين ،كأجرة دار
سكنى ،وكدابّة ولدت أو سمنت ،وكشجر صار له لل ّ
م إلى التّركة لمصلحة الدّائنين أو هو ثمر ،هل يض ّ
ملك للوارث .
وهذا الخلف مترتّب على خلف سابق بين الفقهاء
في انتقال تركة من عليه دين إلى وارثه ،وحاصل ما
ن التّركة تنتقل إلى قالوه في ذلك أنّهم اتّفقوا على أ ّ
الوارث إذا لم يتعلّق بها ديون من حين وفاة الميّت ،
فإن تعلّق بالتّركة دين فقد اختلفوا في انتقالها إلى
الوارث بعد الوفاة على ثلثة أقوال :أحدها :وهو ما
شافعيّة والحنابلة في أشهر الّروايتين ، ذهب إليه ال ّ
ن أموال التّركة تنتقل إلى ملك الورثة بمجّرد موت أ ّ
الموّرث مع تعلّق الدّين بها ،سواء أكان الدّين
مستغرقًا للتّركة أم غير مستغرق لها .
والثّاني :وهو ما ذهب إليه الحنفيّة أنّه يميّز بين ما
ة بالدّين أو كانت غير إذا كانت التّركة مستغرق ً
312
مستغرقة به ،فإن استغرق الدّين أموال التّركة
تبقى أموال التّركة على حكم ملك الميّت ول تنتقل
إلى ملك الورثة ،وإن كان الدّين غير مستغرق
ن أموال التّركة تنتقل إلى الورثة فالّرأي الّراجح أ ّ
بمجّرد موت الموّرث ،مع تعلّق الدّين بهذه الموال
.
ن أموال التّركة تبقى والثّالث :وهو قول المالكيّة أ ّ
على حكم ملك الميّت بعد موته إلى أن يسدّد الدّين
سواء أكان الدّين مستغرقا ً لها أم غير مستغرق .
ن التّركة تنتقل إلى الورثة ن من قال بأ ّ وعلى هذا فإ ّ
ن الّزيادة للوارث بعد الوفاة وقبل أداء الدّين قال :إ ّ
م
وليست للدّائن ،ومن قال بعدم انتقالها قال :تض ّ
الّزيادة إلى التّركة لوفاء الدّين فإن فضل شيء
انتقل إلى الورثة .والتّفصيل في مصطلح ( :تركة )
.
زيادة التّعزير عن أدنى الحدود :
ن التّعزير ل يبلغ الحد ّ . - 26ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ن للمام أن يزيد على الحد ّ مع وذهب المالكيّة إلى أ ّ
مراعاة المصلحة الّتي ل يشوبها الهوى .وذهب
شافعيّة إلى أنّه إذا كان بالجلد فإنّه يجب أن ينقص ال ّ
ل حدود من يقع عليه التّعزير ،واختلفت عن أق ّ
الّرواية عن أحمد في قدر جلد التّعزير ،فروي أنّه ل
ص مذهبه أن ل يزاد على عشر يبلغ به الحد ّ ،ون ّ
جلدات في التّعزير ،انظر مصطلح ( :تعزير ) .
سنن الّراتبة " النّفل الّزيادة على الفرائض وال ّ
المطلّق " :
سم الماورديّ الّزيادة على فعل الفرائض - 27ق ّ
مى النّفل المطلق ثلثة سنن الّراتبة وهو ما يس ّ وال ّ
أقسام :
313
أحدها :أن تكون الّزيادة ريا ًء للنّاظرين وتصنّعاً
للمخلوقين ،حتّى يستعطف بها القلوب النّافرة
صلحاء وليس ويخدم بها العقول الواهية ،فيتبهرج بال ّ
منهم ،ويتدلّس في الخيار وهو ضدّهم ،وقد ضرب
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للمرائي بعمله
مثل ً فقال « :المتشبّع بما لم يعط كلبس ثوبي زور
» .يريد بالمتشبّع بما ل يملك :المتزيّن بما ليس
فيه ،وقوله :كلبس ثوبي زور :هو الّذي يلبس ثياب
صلحاء ،فهو بريائه محروم الجر ،مذموم الذ ّكر ، ال ّ
لنّه لم يقصد وجه اللّه تعالى .
والقسم الثّاني :أن يفعل الّزيادة اقتدا ًء بغيره ،
وهذا قد تثمره مجالسة الخيار الفاضل ،وتحدثه
ي صلى الله مكاثرة التقياء الماثل .ولذلك قال النّب ّ
عليه وسلم « :المرء على دين خليله ،فلينظر
أحدكم من يخالل »
ب أن فإذا كاثرهم المجالس وطاولهم المؤانس أح ّ
سى بهم في أعمالهم ، يقتدي بهم في أفعالهم ،ويتأ ّ
صر عنهم ،ول أن يكون في ول يرضى لنفسه أن يق ّ
الخير دونهم ،فتبعثه المنافسة على مساواتهم ،
وربّما دعته الحميّة إلى الّزيادة عليهم ،والمكاثرة
لهم ،فيصيرون سببا ً لسعادته ،وباعثا ً على
استزادته .
والقسم الثّالث :أن يفعل الّزيادة ابتدا ًء من نفسه
ة في الّزلفة بها ،فهذا من نتائج التماسا ً لثوابها ورغب ً
النّفس الّزاكية ،ودواعي الّرغبة الواقية الدّالّين على
حة اليقين ،وذلك أفضل أحوال خلوص الدّين وص ّ
العاملين ،وأعلى منازل العابدين .
م لما يفعله من الّزيادة حالتان : - 28ث ّ
314
إحداهما :أن يكون مقتصدًا فيها وقادرا ً على الدّوام
عليها ،فهي أفضل الحالتين ،وأعلى المنزلتين ،
سلف ،وتتبّعهم فيها فضلء عليها انقرض أخيار ال ّ
ين النّب ّ الخلف ،وقد روت عائشة رضي الله عنها أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال « :عليكم بما تطيقون
ب الدّين إليه ل اللّه حتّى تملّوا ،وكان أح ّ فواللّه ل يم ّ
ما دام عليه صاحبه » .
والحالة الثّانية :أن يستكثر منها استكثار من ل
ينهض بدوامها ،ول يقدر على اتّصالها ،فهذا ربّما
مان الستكثار من الّزيادة إ ّ صر أشبه ،ل ّ كان بالمق ّ
أن يمنع من أداء الّلزم فل يكون إل ّ تقصيرا ً ،لنّه
ماتطوّع بزيادة أحدثت نقصا ً ،وبنفل منع فرضا ً ،وإ ّ
أن يعجز عن استدامة الّزيادة ويمنع من ملزمة
الستكثار ،من غير إخلل بلزم ول تقصير في
فرض ،فهي إذن قصيرة المدى قليلة اللّبث ،وقليل
العمل في طويل الّزمان أفضل عند اللّه عّز وج ّ
ل
ن المستكثر من كثير العمل في قليل الّزمان ،ل ّ
من العمل في الّزمان القصير قد يعمل زمانا ً ويترك
زمانا ً ،فربّما صار في زمان تركه لهيا ً أو ساهيا ً ،
والمقلّل في الّزمان الطّويل مستيقظ الفكار
مستديم التّذكار ،وقد روى أبو صالح عن أبي هريرة
ي صلى الله عليه وسلم أنّه رضي الله عنه عن النّب ّ
ل شّرة فترةً ، ل شيء شّرةً ،ولك ّ ن لك ّقال « :إ ّ
فإن كان صاحبها سدّد وقارب فارجوه ،وإن أشير
إليه بالصابع فل تعدّوه » .
فجعل للسلم شّرةً وهي اليغال في الكثار ،وجعل
شّرة فترة ً وهي الهمال بعد الستكثار ،فلم يخل لل ّ
بما أثبت من أن تكون هذه الّزيادة تقصيرا ً أو
إخلل ً ،ول خير في واحد منهما .
315
الّزيادة على القرآن الكريم :
- 29القرآن الكريم كلم اللّه المعجز الّذي أنزله
على رسوله صلى الله عليه وسلم وحفظه من
ن نََّزلْنَا الذِّكَْر ح ُ الّزيادة والنّقص ،قال تعالى { :إِنَّا ن َ ْ
ن } فالذ ّكر هو القرآن الكريم ،كما حافِظُو َ ه لَ َ َوإِنَّا ل َ ُ
ي ،ومعنى قوله تعالى { َوإِنَّا ل َ ُ
ه قال القرطب ّ
ن } أي من أن يزاد فيه أو ينقص منه . حافِظُو َ لَ َ
ي :حفظه اللّه من أن تزيد قال قتادة وثابت البنان ّ
شياطين باطل ً ،أو ينقص منه حّقا ً ،فتولّى فيه ال ّ
سبحانه حفظه فلم يزل محفوظا ً ،وقال في غيره {
حِفظُوا ْ } فوكّل حفظه إليهم فبدّلوا وغيّروا . ست ُ ْ ما ا ْ بِ َ
ن اللّه سبحانه وتعالى وصف القرآن بأنّه عزيز ، مإ ّ ث ّ
أي ممتنع عن النّاس أن يقولوا مثله ،كما قال ابن
َ َّ
ن
ن ال ْ َ
يِ ذ عبّاس رضي الله عنهما .قال تعالى { :إ ِ ّ
ب ع َزِيٌز َ ،ل يَأتِيهِ ه لَكِتَا ٌ م َوإِن َّ ُ جاءهُ ْ ما َ كََفُروا بِالذِّكْرِ ل َ َّ
يم
حك ِ ٍ ن َ م ْ ل ِّ فهِ تَنزِي ٌ خل ْ ِن َ ْ ن يَدَيْهِ وََل ِ
م ِ من بَي ْ ل ِ الْبَاط ِ ُ
من ل ِ ميد ٍ } ومعنى قوله تعالى َ { :ل يَأْتِيهِ الْبَاط ِ ُ ح ِ َ
ي نقل ً عن فهِ } كما قال القرطب ّ خل ْ ِ ن َ م ْ ن يَدَيْهِ وََل ِ بَي ْ ِ
شيطان ل يستطيع أن يغيّر ن ال ّ ي وقتادة :أي أ ّ سد ّ ّ ال ّ
فيه ول يزيد ول ينقص .
ن في قوله تعالى َ { :ل وذكر صاحب روح المعاني أ ّ
يأ ْ
فهِ } تمثيلً خل ْ ِن َ ْ م
ِ لَ َ و ِ ه ْ ي َ دَ ي نِ ْ يَ ب من ِ ُ
ل ِ ط اَ بْ ال ِ ه يِ ت َ
لتشبيهه بشخص حمي من جميع جهاته ،فل يمكن
أعداؤه الوصول إليه ،لنّه في حصن حصين من
حماية الحقّ المبين .
مواطن البحث :
صة بمصطلح زيادة في - 30يبحث عن الحكام الخا ّ
صلة ،والمبيع ،والثّمن ، مم ،وال ّ الوضوء ،والتّي ّ
316
صداق ، شفعة ،والّرهن ،والهبة ،وال ّ والغصب ،وال ّ
والتّركة ،والتّعزير ،والحد ّ ،والتّكليف .
==================
زيارة القبور *
حكم زيارة القبور :
- 1ل خلف بين الفقهاء في أنّه تندب للّرجال زيارة
القبور ،لقوله صلى الله عليه وسلم « :إنّي كنت
نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ،فإنّها تذكّر
بالخرة » .
ولنّه صلى الله عليه وسلم « كان يخرج إلى البقيع
سلم عليكم دار قوم لزيارة الموتى ويقول :ال ّ
جلون ،وإنّا إن مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا ً مؤ ّ
شاء اللّه بكم لحقون » .وزاد في رواية « :أسأل
اللّه لي ولكم العافية » .
نما النّساء ،فمذهب الجمهور أنّه تكره زيارته ّ أ ّ
للقبور ،لقوله صلى الله عليه وسلم « :لعن اللّه
ن رقّة قلب ، ن النّساء فيه ّ زوّارات القبور » .ول ّ
وكثرة جزع ،وقلّة احتمال للمصائب ،وهذا مظنّة
ن. ن ،ورفع أصواته ّ لطلب بكائه ّ
ح -إلى أنّه يندب للنّساء وذهب الحنفيّة -في الص ّ
زيارة القبور كما يندب للّرجال ،لقوله صلى الله
عليه وسلم « :إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور »
الحديث .
ي :إن كان ذلك لتجديد الحزن وقال الخير الّرمل ّ
ن فل تجوز ، والبكاء والنّدب وما جرت به عادته ّ
زوارات القبور » . وعليه حمل حديث « لعن اللّه ّ
حم من غير بكاء ،والتّبّرك وإن كان للعتبار والتّر ّ
ن عجائز - صالحين فل بأس -إذا ك ّ بزيارة قبور ال ّ
317
ب ،كحضور الجماعة في ن شوا ّ ويكره إذا ك ّ
المساجد .قال ابن عابدين :وهو توفيق حسن .
وقال الحنابلة :تكره زيارة القبور للنّساء ،لحديث
م عطيّة رضي الله عنها « نهينا عن اتّباع الجنائز أ ّ
ن محّرم ، ولم يعزم علينا » فإن علم أنّه يقع منه ّ
ن القبور ،وعليه يحمل قوله صلى حرمت زيارته ّ
زوارات القبور » . الله عليه وسلم « :لعن اللّه ّ
قالوا :وإن اجتازت امرأة بقبر في طريقها فسلّمت
عليه ودعت له فحسن ،لنّها لم تخرج لذلك .
ي صلى الله ويستثنى من الكراهة زيارة قبر النّب ّ
ن زيارته ،وكذا قبور عليه وسلم ،فإنّه يندب له ّ
النبياء غيره عليهم الصلة والسلم ،لعموم الدلّة
في طلب زيارته صلى الله عليه وسلم .
زيارة قبر الكافر :
ن زيارة قبر الكافر شافعيّة والحنابلة أ ّ - 2ذكر ال ّ
جائزة .
وقال الماورديّ :تحرم زيارة قبر الكافر .
قال الحنابلة :ول يسلّم من زار قبر كافر عليه ،ول
يدعو له بالمغفرة .
شد ّ الّرحال لزيارة القبور :
- 3ذهب جمهور العلماء إلى أنّه يجوز شد ّ الّرحل
لزيارة القبور ،لعموم الدلّة ،وخصوصا ً قبور النبياء
صالحين . وال ّ
شافعيّة ،وابن تيميّة -من الحنابلة ومنع منه بعض ال ّ
-لقوله صلى الله عليه وسلم « :ل تشد ّ الّرحال إلّ
إلى ثلثة مساجد :مسجدي هذا ،والمسجد
الحرام ،والمسجد القصى » ،وأخرج أحمد في
المسند عن عمر بن عبد الّرحمن بن الحارث قال :
الغفاري أبا هريرة ،وهو جاء من ّ « لقي أبو بصرة
318
الطّور فقال :من أين أقبلت ؟ قال :من الطّور ،
صلّيت فيه .قال :أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه
ما رحلت ،إنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم يقول « :ل تشد ّ الّرحال إل ّ إلى ثلثة مساجد
:المسجد الحرام ،ومسجدي هذا ،والمسجد
القصى » .ونقل ابن تيميّة هذا المذهب عن بعض
صحابة والتّابعين . ال ّ
ص
وحمل القائلون بالجواز الحديث على أنّه خا ّ
بالمساجد ،فل تشد ّ الّرحال إل ّ لثلثة منها .بدليل
جواز شد ّ الّرحال لطلب العلم وللتّجارة ،وفي رواية
ي أن تشد ّ رحاله إلى مسجد ينبغي « ل ينبغي للمط ّ
صلة غير المسجد الحرام والمسجد القصى فيه ال ّ
ومسجدي هذا » .
ي صلى الله عليه وسلم : زيارة قبر النّب ّ
- 4ل خلف بين العلماء في استحباب زيارة قبر
ي صلى الله عليه وسلم وفي زيارة قبور النبياء النّب ّ
ي صلى والولياء تفصيل ينظر في ( زيارة قبر النّب ّ
الله عليه وسلم ) .
آداب زيارة القبور :
ما ،والدّعاء سنّة زيارتها قائ ً
- 5قال الحنفيّة :ال ّ
عندها قائما ً ،كما كان يفعله صلى الله عليه وسلم
سلم عليكم يا في الخروج إلى البقيع ،ويقول « :ال ّ
أهل القبور ،يغفر اللّه لنا ولكم ،أنتم سلفنا ونحن
بالثر » .
سلم عليكم أهل الدّيار من -أو يقول « :ال ّ
المؤمنين والمسلمين ،وإنّا إن شاء اللّه بكم
م يدعو للحقون ،نسأل اللّه لنا ولكم العافية » ث ّ
قائما ً ،طويل ً .
319
وفي شرح المنية :يدعو قائما ً مستقبل القبلة ،
وقيل :يستقبل وجه الميّت .
شافعيّة :يندب أن يقول الّزائر :سلم وقال ال ّ
عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء اللّه بكم
م ل تحرمنا أجرهم ،ول تفتنّا بعدهم ، لحقون ،اللّه ّ
سر من القرآن ويدعو لهم ،وأن وأن يقرأ ما تي ّ
جه في يسلّم على المزور من قبل وجهه ،وأن يتو ّ
الدّعاء إلى القبلة ،وعن الخراسانيّين إلى وجهه ،
وعليه العمل .
ن وقوف زائر أمامه قريبا ً منه ، وقال الحنابلة :س ّ
سلم عليكم دار قوم مؤمنين ،أو أهل وقول ال ّ
الدّيار من المؤمنين ،وإنّا إن شاء اللّه بكم
للحقون ،ويرحم اللّه المستقدمين منكم أخرين ،
م ل تحرمنا نسأل اللّه لنا ولكم العافية ،اللّه ّ
أجرهم ،ول تفتنّا بعدهم ،واغفر لنا ولهم .وفي
القنية من كتب الحنفيّة :قال أبو اللّيث :ل نعرف
ة ول مستحبّا ً ول نرى بأسا ً ، وضع اليد على القبر سن ّ ً
ن مشايخ مكّة ينكرون وعن جار اللّه العّلمة :إ ّ
ذلك ،ويقولون :إنّه عادة أهل الكتاب ،وفي إحياء
علوم الدّين :إنّه من عادة النّصارى .
ك أنّه بدعة ،ل سنّة فيه ول قال شارح المنية :ل ش ّ
من يعتمد عليه فيكره ي ول عن إمام م ّ أثر عن صحاب ّ
سنّة إل ّ للحجر السود ، ،ولم يعهد الستلم في ال ّ
ة .وقال الحنابلة :ل بأس ص ً
ي خا ّ والّركن اليمان ّ
بلمس قبر بيد ل سيّما من ترجى بركته ،وقال ابن
سلف على أنّه ل يستلم ول يقبّل إلّ تيميّة :اتّفق ال ّ
ي يستلم ول يقبّل . الحجر السود ،والّركن اليمان ّ
بدع زيارة القبور :
320
- 6يقع لكثير من النّاس أمور مكروهة في زيارتهم
للقبور ،ذكرها العلماء في مظانّها ،وفي كتب
ي صلى الداب .وينظر ما تقدّم في زيارة قبر النّب ّ
مة في بعض الله عليه وسلم حول منع اجتماع العا ّ
الضرحة .
================
ي صلى الله عليه وسلم * زيارة النّب ّ
التّعريف :
- 1الّزيارة :اسم من زاره يزوره زورا ً وزيارةً ،
قصده مكرما ً له .
ي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته تتحّقق وزيارة النّب ّ
بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم .
ي:
الحكم التّكليف ّ
مة السلميّة سلفا ً وخلفا ً على - 2أجمعت ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم .وقد مشروعيّة زيارة النّب ّ
ذهب جمهور العلماء من أهل الفتوى في المذاهب
ققين إلى أنّها سنّة مستحبّة ،وقالت طائفة من المح ّ
:هي سنّة مؤكّدة ،تقرب من درجة الواجبات ،وهو
المفتى به عند طائفة من الحنفيّة .وذهب الفقيه
ي إلى ي أبو عمران موسى بن عيسى الفاس ّ المالك ّ
أنّها واجبة .
دليل مشروعيّة الّزيارة :
- 3من أدلّة مشروعيّة زيارته صلى الله عليه وسلم
َ َ :قوله تعالى { :ول َ َ
جآؤُو َ
ك م َ سهُ ْموا ْ أنُف َم إِذ ظ ّل َ ُ و أنَّهُ ْ
َ ْ
جدُوا ْ الل ّ َ
ه ل لَوَ َسو ُم الَّر ُ ستَغَْفَر لَهُ ُه َوا ْ ستَغَْفُروا ْ الل ّ َ فَا ْ
ي في حيما ً } فإنّه صلى الله عليه وسلم ح ّ تَوَّابا ً َّر ِ
ص
شهداء أحياء بن ّ ن ال ّ قبره بعد موته ،كما أ ّ
ح قوله صلى الله عليه وسلم « : القرآن ،وقد ص ّ
النبياء أحياء في قبورهم » ،وإنّما قال :هم أحياء
321
شهداء أحياء عند شهداء بل أفضل ،وال ّ أي لنّهم كال ّ
نربّهم ،وفائدة التّقييد بالعنديّة الشارة إلى أ ّ
حياتهم ليست بظاهرة عندنا وهي كحياة الملئكة .
وفي صحيح مسلم في حديث السراء « قال صلى
الله عليه وسلم :مررت على موسى ليلة أسري
بي عند الكثيب الحمر وهو قائم يصلّي في قبره » .
وقوله صلى الله عليه وسلم « :فزوروا القبور ،
فإنّها تذكر الموت » فهو دليل على مشروعيّة زيارة
ة ،وزيارته صلى الله عليه وسلم أولى ما م ًالقبور عا ّ
ة في هذا يمتثل به هذا المر ،فتكون زيارته داخل ً
المر النّبويّ الكريم .
وقوله صلى الله عليه وسلم « :من زارني بعد
موتي فكأنّما زارني في حياتي » .
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث « :
ل بعض من زار قبري وجبت له شفاعتي » .فاستد ّ
الفقهاء بهذه الدلّة على وجوب زيارته صلى الله
ض
عليه وسلم لما في الحاديث الخرى من الح ّ
أيضا ً .
ل ملحظهم وحملها الجمهور على الستحباب ،ولع ّ
ن هذه الدلّة ترغّب بتحصيل ثواب أو في ذلك أ ّ
مغفرة أو فضيلة ،وذلك يحصل بوسائل أخر ،فل
تفيد هذه الدلّة الوجوب .
شفاء :وزيارة قبره قال القاضي عياض في كتاب ال ّ
عليه الصلة والسلم سنّة من سنن المسلمين
مجمع عليها ،وفضيلة مرغّب فيها .
ي صلى الله عليه وسلم : فضل زيارة النّب ّ
سابقة على عظمة فضل زيارة - 4دلّت الدّلئل ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم وجزيل مثوبتها فإنّها من النّب ّ
م المطالب العالية والقربات النّافعة المقبولة عند أه ّ
322
اللّه تعالى ،فبها يرجو المؤمن مغفرة اللّه تعالى
ورحمته وتوبته عليه من ذنوبه ،وبها يحصل الّزائر
ي صلى الله عليه وسلم صة من النّب ّ على شفاعة خا ّ
يوم القيامة ،وما أعظمه من فوز .
وعلى ذلك انعقد إجماع المسلمين في كافّة العصور
سنديّ وابن الهمام ،كما صّرح به عياض والنّوويّ وال ّ
.
قال الحافظ ابن حجر :إنّها من أفضل العمال
ن
صلة إلى ذي الجلل ،وإ ّ ل القربات المو ّ وأج ّ
ل إجماع بل نزاع . مشروعيّتها مح ّ
ن زيارة قبره ي :اعلم أ ّ وكذلك قال القسطّلن ّ
شريف من أعظم القربات وأرجى الطّاعات ، ال ّ
سبيل إلى أعلى الدّرجات . وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم : آداب زيارة النّب ّ
- 5أ -أن ينوي زيارة المسجد النّبويّ أيضا ً لتحصيل
سنّة زيارة المسجد وثوابها لما في الحديث عن أبي
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « : هريرة أ ّ
ل تشد ّ الّرحال إل ّ إلى ثلثة مساجد :مسجدي هذا ،
ومسجد الحرام ،ومسجد القصى » .
ب -الغتسال لدخول المدينة المنوّرة ،ولبس
أنظف الثّياب ،واستشعار شرف المدينة لتشّرفها
به صلى الله عليه وسلم .
ج -المواظبة على صلة الجماعة في المسجد
النّبويّ مدّة القامة في المدينة ،عمل ً بالحديث
ي صلى الثّابت عن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ
ن النّب ّ
الله عليه وسلم قال « :صلة في مسجدي هذا خير
من ألف صلة فيما سواه إل ّ المسجد الحرام » .
د -أن يتبع زيارته صلى الله عليه وسلم بزيارة
صحابة رضي اللّه عنهما وعنهم صاحبيه شيخي ال ّ
323
صدّيق ،وقبره إلى اليمين قدر جميعا ً ،أبي بكر ال ّ
ذراع ،وعمر يلي قبر أبي بكر إلى اليمين أيضا ً .
ي صلى الله عليه وسلم : ما يكره في زيارة قبر النّب ّ
- 6يقع لكثير من النّاس أمور مكروهة في زيارتهم
مها :ي صلى الله عليه وسلم نشير إلى أه ّ لقبر النّب ّ
أ -التّزاحم عند الّزيارة ،وذلك أمر ل موجب له ،
بل هو خلف الدب ،ل سيّما إذا أدّى إلى زحام
ن المر شديد . النّساء فإ ّ
ي صلى سلم على النّب ّ صلة وال ّ ب -رفع الصوات بال ّ
الله عليه وسلم أو بالدّعاء عند زيارته صلى الله
عليه وسلم .
شريف صلى الله عليه وسلم أو سح بقبره ال ّ ج -التّم ّ
بشبّاك حجرته .أو إلصاق الظّهر أو البطن بجدار
القبر .
سح بحائط قبر ب التّم ّ
قال ابن قدامة :ول يستح ّ
ي صلى الله عليه وسلم ول تقبيله ،قال أحمد : النّب ّ
ما أعرف هذا .
قال الثرم :رأيت أهل العلم من أهل المدينة ل
ي صلى الله عليه وسلم يقومون سون قبر النّب ّ يم ّ
من ناحية فيسلّمون .قال أبو عبد اللّه :وهكذا كان
ابن عمر يفعل .
ووي منبّهًا محذ ّرا ً :ول يجوز أن يطاف ّ وقال الن ّ
بقبره صلى الله عليه وسلم ،ويكره إلصاق الظّهر
والبطن بجدار القبر .قالوا :ويكره مسحه باليد
وتقبيله ،بل الدب أن يبعد منه ،كما يبعد منه لو
حضره في حياته صلى الله عليه وسلم هذا هو
صواب الّذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ،ول يغتّر ال ّ
ن
بمخالفة كثيرين من العوّام وفعلهم ذلك ،فإ ّ
صحيحة القتداء والعمل إنّما يكون بالحاديث ال ّ
324
وأقوال العلماء ،ول يلتفت إلى محدثات العوّام
وغيرهم وجهالتهم .قال صلى الله عليه وسلم « :
ل تجعلوا بيوتكم قبورا ً ،ول تجعلوا قبري عيدا ً ،
ن صلتكم تبلغني حيث كنتم » . ي فإ ّ وصلّوا عل ّ
صلة فيها معنى الحديث ل تعطّلوا البيوت من ال ّ
والدّعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور ،فأمر
بتحّري العبادة بالبيوت ونهى عن تحّريها عند القبور ،
عكس ما يفعله المشركون من النّصارى ومن تشبّه
مة .والعيد اسم ما يعود من بهم من هذه ال ّ
سنةم على وجه معتاد عائدا ً ما يعود ال ّ الجتماع العا ّ
شهر ونحو ذلك أو يعود السبوع أو ال ّ
قال في عون المعبود :قال ابن القيّم :العيد ما
يعتاد مجيئه وقصده من زمن ومكان مأخوذ من
المعاودة والعتياد ،فإذا كان اسما ً للمكان فهو
المكان الّذي يقصد فيه الجتماع والنتياب بالعبادة
ى ومزدلفة ن المسجد الحرام ومن ً وبغيرها كما أ ّ
وعرفة والمشاعر جعلها اللّه تعالى عيدا ً للحنفاء
ة للنّاس ،كما جعل أيّام العيد منها عيدا ً .وكان ومثاب ً
ما جاء اللّه للمشركين أعياد زمانيّة ومكانيّة فل ّ
بالسلم أبطلها وعوّض الحنفاء منها عيد الفطر
وعيد النّحر ،كما عوّضهم عن أعياد المشركين
ى ومزدلفة وسائر المشاعر . المكانيّة بكعبة ومن ً
قال المناويّ في فيض القدير :معناه النّهي عن
قةما لدفع المش ّ الجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد ،إ ّ
أو كراهة أن يتجاوزوا حد ّ التّعظيم .وقيل :العيد ما
يعاد إليه أي ل تجعلوا قبري عيدا ً تعودون إليه متى
ي عن المعاودة ي ،فظاهره منه ّ أردتم أن تصلّوا عل ّ
ن دعاء ما يوجبه ،وهو ظنّهم بأ ّ والمراد المنع ع ّ
الغائب ل يصل إليه ،ويؤيّده قوله « :وصلّوا عل ّ
ي
325
ن صلتكم تبلغني حيث كنتم » أي ل تتكلّفوا فإ ّ
ي.صلة عل ّ ي فقد استغنيتم بال ّ المعاودة إل ّ
مة في ن اجتماع العا ّ قال المناويّ :ويؤخذ منه أ ّ
بعض أضرحة الولياء في يوم أو شهر مخصوص من
شيخ ،ويأكلون سنة ويقولون :هذا يوم مولد ال ّ ال ّ
ي عنه شرعا ً ، ويشربون وربّما يرقصون فيه منه ّ
شرع ردعهم على ذلك ،وإنكاره عليهم ي ال ّ وعلى ول ّ
وإبطاله .
ن
وقال شيخ السلم ابن تيميّة :الحديث يشير إلى أ ّ
سلم يحصل مع صلة وال ّ ما ينالني منكم من ال ّ
قربكم من قبري وبعدكم عنه ،فل حاجة بكم إلى
اتّخاذه عيدا ً .
صفة زيارته صلى الله عليه وسلم :
- 7إذا أراد الّزائر زيارته صلى الله عليه وسلم فلينو
شريف أيضا ً ،لتحصل سنّة زيارة زيارة مسجده ال ّ
المسجد وثوابها .
وإذا عاين بساتين المدينة صلّى عليه صلى الله عليه
ة لي م هذا حرم نبيّك فاجعله وقاي ً وسلم وقال :اللّه ّ
من النّار وأمانا ً من العذاب وسوء الحساب .
وإذا وصل باب المسجد النّبويّ دخل وهو يقول
مص ّ
ل الذ ّكر المعروف عند دخول المساجد « :اللّه ّ
ب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب مد ،ر ّ على مح ّ
رحمتك » .
وعند الخروج يقول ذلك ،لكن بلفظ " وافتح لي
أبواب فضلك » .
م يقصد الحجرة ويصلّي ركعتي تحيّة المسجد ،ث ّ
شريفة الّتي فيها قبره عليه الصلة والسلم ال ّ
فيستدبر القبلة ويستقبل القبر ويقف أمام النّافذة
الدّائريّة اليسرى مبتعدا ً عنها قدر أربعة أذرع إجللً
326
وتأدّبا ً مع المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو أمام
وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيسلّم عليه
دون أن يرفع صوته ،بأيّ صيغة تحضره من صيغ
ي صلى الله عليه وسلم ويردف التّسليم على النّب ّ
صلة عليه صلى الله عليه وسلم بما يحضره ذلك بال ّ
أيضاً
-8وقد أورد العلماء عبارات كثيرةً صاغوها لتعليم
ي صلى الله عليه منوها ثناءً على النّب ّ النّاس ،ض ّ
وسلم .فيدعو النسان بدعاء زيارة القبور ويصلّي
ي صلى الله عليه وسلم فيدعو بما ويسلّم على النّب ّ
يفتح اللّه عليه .
سلم عليه صلى الله -9وإن كان أحد قد أوصاه بال ّ
سلم عليك يا رسول اللّه من عليه وسلم فليقل :ال ّ
فلن بن فلن ،أو فلن بن فلن يسلّم عليك يا
رسول اللّه ،أو ما شابه ذلك .
خر إلى صوب اليمين قدر ذراع اليد م يتأ ّ - 10ث ّ
صدّيق الكبر سيّدنا أبي بكر رضي سلم على ال ّ لل ّ
ن رأسه عند كتف رسول اللّه صلى الله الله عنه ،ل ّ
عليه وسلم ويسلّم عليه بما يحضره من اللفاظ
صدّيق رضي الله عنه . الّتي تليق بمقام ال ّ
سلم على حى صوب اليمين قدر ذراع لل ّ م يتن ّ - 11ث ّ
الفاروق الّذي أعّز اللّه به السلم سيّدنا عمر بن
الخطّاب رضي الله عنه ،ويسلّم عليه بما يحضره
من اللفاظ الّتي تليق بمقامه رضي الله عنه .
م يرجع ليقف قبالة رسول اللّه صلى الله - 12ث ّ
فعا ً به بما شاء منعليه وسلم كالوّل ،ويدعو متش ّ
ب وللمسلمين . الخيرات له ولمن يح ّ
ل ذلك أحوال الّزحام بحيث ل يؤذي ويراعي في ك ّ
مسلما ً .
327
===================
زيارة *
التّعريف :
- 1الّزيارة في اللّغة :القصد ،يقال :زاره يزوره
زورا ً وزيارة ً :قصده وعاده .
وفي العرف هي قصد المزور إكراما ً له واستئناساً
به .
ي عن المعنى اللّغويّ . ول يخرج المعنى الصطلح ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
العيادة :
- 2هي من عاد المريض يعوده عيادةً :إذا زاره في
ص من الّزيارة . مرضه .فالعيادة على هذا أخ ّ
ي: الحكم التّكليف ّ
- 3تختلف أحكام الّزيارة باختلف أسبابها ،والمزور
،والّزائر .
زيارة قبر الّرسول صلى الله عليه وسلم :
م
- 4زيارة قبره صلى الله عليه وسلم من أه ّ
القربات وأفضل المندوبات ،وقد نقل صاحب فتح
ني وشرح المختار :أ ّ القدير عن مناسك الفارس ّ
زيارة قبره صلى الله عليه وسلم قريبة من الوجوب
.وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم « :من زار
قبري وجبت له شفاعتي » ،وروي عنه صلى الله
ة إلّعليه وسلم « :من جاءني زائرا ً ل يعلم له حاج ً
ي أن أكون له شفيعا ً يوم زيارتي ،كان حّقا ً عل ّ
القيامة » .
ي صلى والتّفصيل في مصطلح ( :زيارة قبر النّب ّ
الله عليه وسلم ) .
زيارة القبور :
328
ن زيارة قبور المسلمين للّرجال بدون سفر ، - 5تس ّ
لخبر « كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها » .
م عطيّة « :نهينا عن زيارة ويكره للنّساء لحديث أ ّ
القبور ،ولم يعزم علينا » .
والتّفصيل في مصطلح ( :زيارة القبور ) .
زيارة الماكن :
- 6وردت نصوص وآثار تدعو إلى زيارة أماكن بعينها
.
ومنها ما ورد في مسجد قباء وهو قول اللّه تعالى :
حقُّ أَن َ َ قوى من أ َ َ َ { ل َّمسجد أ ُ
ل يَوْم ٍ أ َ
ْ ّ ِو ِ َ ْ ّ الت ى َل ع س
َ س
ِ ّ َ ْ ِ ٌ
م فِيهِ } « وكان صلى الله عليه وسلم يزوره ك ّ
ل قو َتَ ُ
سبت » .
والمساجد الثّلثة الّتي ورد الحديث بشد ّ الّرحال
إليها وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم :
« ل تشد ّ الّرحال إل ّ إلى ثلثة مساجد :مسجدي هذا
،ومسجد الحرام ،ومسجد القصى » .
ي صلى الله عليه وسلم : ومنها جبل أحد لقول النّب ّ
« جبل يحبّنا ونحبّه » .
ص بذلك وغير ذلك من الماكن الّتي ورد فيها ن ّ
ب زيارتها . فتستح ّ
صالحين ،والخوان : زيارة ال ّ
صالحين والخوان ،والصدقاء ن زيارة ال ّ - 7تس ّ
والجيران ،والقارب وصلتهم ،وينبغي أن تكون
زيارتهم على وجه يرتضونه ،وفي وقت ل يكرهونه .
صالح أن يزوره ب أن يطلب من أخيه ال ّ كما يستح ّ
ق ذلك . ويكثر زيارته إذا لم يش ّ
ن رجل ً زار أخا ً له في قرية وقد جاء في الثر « :أ ّ
أخرى ،فأرصد اللّه تعالى له على مدرجته ملكا ً ،
ما أتى عليه قال :أين تريد ؟ قال :أريد أخا ً لي فل ّ
329
في هذه القرية ،قال :هل لك عليه من نعمة
ل،تربّها ،قال :ل ،غير أنّي أحببته في اللّه عّز وج ّ
ن اللّه قد أحبّك كما قال :فإنّي رسول اللّه إليك ،بأ ّ
أحببته فيه » .
ي « :حّقت محبّتي للمتحابّين وفي الحديث القدس ّ
قت في ،وحّقت محبّتي للمتناصحين في ،وح ّ
محبّتي للمتزاورين في » .وعن أنس رضي الله
عنه « :إذا جاءكم الّزائر فأكرموه».
زيارة الّزوجة لهلها ووالديها ،وزيارتهم لها :
- 8قال المالكيّة والحنفيّة في القول المفتى به
ل جمعة ، عندهم :للمرأة الخروج لزيارة والديها ك ّ
ن ذلك ل سنة ولو بغير إذن الّزوج ،ل ّ ومحارمها ك ّ
من المصاحبة بالمعروف المأمور بها ،ومن صلة
الّرحم .وقيّده المالكيّة بأن يكون الوالدان في البلد
.
ن
صحيح من مذهب الحنفيّة وهو مذهب المالكيّة أ ّ وال ّ
الّزوج ل يمنع أبوي الّزوجة من الدّخول عليها في
لل جمعة ،ول يمنع غيرهما من المحارم في ك ّ ك ّ
سنة .
وكذا بالنّسبة لولدها من غيره إن كانوا صغارا ً ،ل
ل يوم مّرةً ،وإن يمنعهم الّزوج من الدّخول إليها ك ّ
اتّهم والديها بإفسادها ،فيقضى لهما بالدّخول مع
امرأة أمينة من جهة الّزوج وعليه أجرتها .
ن لهشافعيّة ،وهو قول للحنفيّة :إلى أ ّ وذهب ال ّ
ق
ن المنزل ملكه وله ح ّ المنع من الدّخول ،معلّل ً بأ ّ
المنع من دخول ملكه ،وهذا ظاهر الكنز ،وهو
القدوري ،وجزم به في الذ ّخيرة .وقيل :ل ّ اختيار
ن الفتنة في منع من الدّخول بل من القرار ،ل ّ
المكث وطول الكلم .ومذهب المالكيّة ،أنّه يقضى
330
بزيارة والديها وأولدها الكبار من غيره لها في بيت
ل جمعة مّرةً . الّزوجيّة ك ّ
ن للمرأة الخروج من بيت شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
الّزوجيّة لزيارة والديها ومحارمها في غيبة الّزوج إن
لم ينهها عن الخروج .وجرت العادة بالتّسامح بذلك
ما إذا نهاها عن الخروج في غيبته فليس لها .أ ّ
الخروج لزيارة ول لغيرها .
وذهب الحنابلة إلى أنّه ليس للّزوج منع أبوها من
زيارتها ،لما فيه من قطيعة الّرحم ،لكن إن عرف
بقرائن الحال حدوث ضرر بزيارتهما ،أو زيارة
أحدهما فله المنع .
زيارة المحضون :
ل من البوين زيارة أولده إذا كانت الحضانة - 9لك ّ
لغيره ،وليس لمن له حقّ الحضانة منع الّزيارة .
والتّفصيل في مصطلح ( :حضانة ) .
==================
سؤر *
التّعريف :س
شيء ،وجمعه أسآر ،وأسأر ة :بقيّة ال ّسؤر لغ ً - 1ال ّ
منه شيئا ً أبقى ،وفي الحديث « إذا شربتم فأسئروا
شراب في قعر الناء » ،وفي أي أبقوا شيئا ً من ال ّ
حديث الفضل بن عبّاس « ما كنت أوثر على سؤرك
شراب أحدا ً » .ورجل سأر أي يبقي في الناء من ال ّ
.
ويقال :سأر فلن من طعامه وشرابه سؤرا ً وذلك
سؤر في ل شيء سؤره .وال ّ ة .وبقيّة ك ّ إذا أبقى بقي ّ ً
شرب وبقيّة الماء الّتي الصطلح هو :فضلة ال ّ
مشارب في الناء ،أو في الحوض ،ث ّ يبقيها ال ّ
استعير لبقيّة الطّعام أو غيره .
331
قال النّوويّ :ومراد الفقهاء بقولهم :سؤر الحيوان
طاهر أو نجس :لعابه ورطوبة فمه .
ي:
الحكم التّكليف ّ
- 2اختلف الفقهاء في أحكام السآر على اتّجاهين :
أحدها :يذهب إلى طهارة السآر ،وهو مذهب
المالكيّة .
والخر :مذهب الجمهور الّذين يرون طهارة بعض
السآر ونجاسة بعضها .والتّفصيل كما يلي :
- 3ذهب الحنفيّة إلى تقسيم السآر إلى أربعة أنواع
:
النّوع الوّل :سور متّفق على طهارته وهو سؤر
ي بجميع أحواله مسلما ً كان أو كافراً ،صغيراً الدم ّ
كان أو كبيرا ً ،ذكرا ً أو أنثى ،طاهرا ً أو نجسا ً حائضاً
أو نفساء أو جنبا ً « .وقد أتي عليه الصلة والسلم
بلبن فشرب بعضه وناول الباقي أعرابيّا ً كان على
م ناوله أبا بكر رضي الله عنه يمينه فشرب ،ث ّ
فشرب ،وقال :اليمن فاليمن » .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت « :كنت أشرب
ي صلى الله عليه وسلم م أناوله النّب ّوأنا حائض ،ث ّ
فيضع فاه على موضع في فيشرب » .
ي متحلّب من لحمه ،ولحمه طاهر ، ن سؤر الدم ّ ول ّ
فكان سؤره طاهرا ً ،إل ّ في حال شرب الخمر
فيكون سؤره نجسا ً ،لنجاسة فمه بالخمر .
ومن النّوع الوّل المتّفق على طهارته سؤر ما يؤكل
لحمه من النعام والطّيور إل ّ الجّللة والدّجاجة
ي صلى الله عليه وسلم المخّلة ،لما روي « أ ّ
ن النّب ّ
ن سؤره متولّد من ضأ بسؤر بعير أو شاة » ول ّ تو ّ
لحمه ولحمه طاهر .
332
ما سؤر الجّللة والدّجاجة المخّلة وهي الّتي تأكل أ ّ
النّجاسات حتّى أنتن لحمها فيكره استعماله لحتمال
نجاسة فمها ومنقارها .وإذا حبست حتّى يذهب نتن
ما سؤر الفرس لحمها فل كراهة في سؤرها .وأ ّ
مد ،وظاهر فطاهر على قول أبي يوسف ومح ّ
ن سؤره صحيح ،ل ّ الّرواية عن أبي حنيفة ،وهو ال ّ
ن كراهة لحمه متحلّب من لحمه ،ولحمه طاهر ،ول ّ
عنده ليست لنجاسته بل لحترامه ،لنّه آلة الجهاد
العدو ،وذلك منعدم في سؤره فل يؤثّر فيه ّ وإرهاب
ن سؤره .ويرى أبو حنيفة في رواية أخرى عنه أ ّ
نجس بناءً على الّرواية الخرى عنه بنجاسة لحمه .
ومن هذا النّوع :ما ليس له نفس سائلة أي دم
سائل ،سواء كان يعيش في الماء أو في غيره
فسؤره طاهر .
سؤر الطّاهر المكروه وهو سؤر النّوع الثّاني :ال ّ
صقر والحدأة ونحوها سباع الطّير كالبازي وال ّ
فسؤرها طاهر ،لنّها تشرب بمنقارها وهو عظم
ن صيانة الواني ف فلم يختلط لعابها بسؤرها ،ول ّ جا ّ
ض من الجوّ فتشرب ،إل ّ أنّه عنها متعذ ّرة ،لنّها تنق ّ
ن الغالب أنّها تتناول الجيف يكره سؤرها ،ل ّ
والميتات فأصبح منقارها في معنى منقار الدّجاجة
المخّلة .وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أ ّ
ن
سباع الطّير إن كان ل يتناول الميتات مثل البازي
ي ونحوه فل يكره الوضوء بسؤره . الهل ّ
ومن هذا النّوع سؤر سواكن البيوت كالفأرة والحيّة
والوزغة والعقرب ونحوها من الحشرات الّتي لها دم
سائل ،لنّه يتعذ ّر صون الواني منها .
ومن هذا النّوع أيضا ً :سؤر الهّرة فهو طاهر ولكنّه
مكروه لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه
333
مرفوعا ً إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه
سنّور سبع » . قال « :ال ّ
ولقوله صلى الله عليه وسلم « يغسل الناء إذا ولغ
ن بالتّراب ، ن أو آخره ّ فيه الكلب سبع مّرات أوله ّ
وإذا ولغت فيه الهّرة غسل مّرةً » .
والمعنى في كراهة سؤر الهّرة من وجهين :
ن الهّرة نجسة حاوي :وهو أ ّ
ّ أحدهما ما ذكره الط ّ
لنجاسة لحمها ،وسؤرها نجس مختلط بلعابها
المتولّد من لحمها النّجس ،ولكن سقطت نجاسة
سؤرها اتّفاقا ً ،لعلّة الطّواف المنصوصة في قوله
وافين صلى الله عليه وسلم « :إنّما هي من الط ّ ّ
وافات » .حيث إنّها تدخل المضائق عليكم أو الط ّ ّ
وتعلو الغرف فيتعذ ّر صون الواني منها .
ما سقط حكم النّجاسة من سؤرها لضرورة ول ّ
الطّواف بقيت الكراهة ،لعدم تحاميها النّجاسة
ولمكان التّحّرز عنها في الجملة .
ن الهّرة ليست ي وهو أ ّ والثّاني :ما ذكره الكرخ ّ
ي
ن النّب ّ بنجسة -وإلى هذا ذهب أبو يوسف -ل ّ
صلى الله عليه وسلم نفى عنها النّجاسة بقوله « :
إنّها ليست بنجس » .
ولكن يكره سؤرها لتوهّم أخذها الفأرة فصار فمها
كيد المستيقظ من نومه .
م شربت الماء قال أبو حنيفة :إن فلو أكلت الفأرة ث ّ
ة
جس الماء ،وإن مكثت ساع ً شربته على الفور تن ّ
جس بل يكره . م شربت فل يتن ّ ولحست فمها ث ّ
جس الماء بناءً على ما مد :يتن ّ وقال أبو يوسف ومح ّ
ب الماء نص ّ ذكراه في سؤر شارب الخمر ،وهو أ ّ
ن
شرط في التّطهير عند أبي يوسف ولم يوجد ،وإ ّ
334
مد
ما سوى الماء من المائعات ليس بطهور عند مح ّ
.
سؤر النّجس المتّفق على نجاسته النّوع الثّالث :ال ّ
في المذهب وهو سؤر الكلب والخنزير وسائر سباع
ما الخنزير فلنّه نجس العين لقوله تعالى : البهائم .أ ّ
س } الية .ولعابه يتولّد من لحمه ج ٌ { فَإن َّ ُ
ه ِر ْ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
ما الكلب فل ّ النّجس .وأ ّ
وسلم أمر بغسل الناء من ولوغه سبع مّرات ،
ولسانه يلقي الماء أو ما يشربه من المائعات
الخرى دون الناء فكان أولى بالنّجاسة ،ولنّه يمكن
ن« الحتراز عن سؤرهما وصيانة الواني عنهما ،ول ّ
ي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الماء النّب ّ
سباع ؟ قال :إذا كان الماء قلّتين وما ينوبه من ال ّ
فإنّه ل ينجس » .ولو كانت طاهرةً لم يحدّه
بالقلّتين .
ن عمر رضي الله عنه خرج في ركب ولما روي أ ّ
فيه عمرو بن العاص حتّى وردا حوضا ً فقال عمرو
بن العاص :يا صاحب الحوض هل ترد حوضك
سباع ؟ فقال عمر :يا صاحب الحوض ل تخبره ال ّ
سباع وترد علينا .ولو لم يكن الماء فإنّنا نرد على ال ّ
سؤال ول للنّهي عن جس بشربها منه لم يكن لل ّ يتن ّ
ن هذه الحيوانات غير مأكولة ى ،ول ّ الجواب معن ً
اللّحم ويمكن صون الواني منها ،وعند شربها
يختلط لعابها بالمشروب ولعابها نجس لتحلّبه من
لحمها وهو نجس ،فكان سؤرها نجسا ً .
النّوع الّرابع :المشكوك في طهارة سؤره وهو
ي والبغل فسؤرهما مشكوك في الحمار الهل ّ
طهارته ونجاسته لتعارض الدلّة ،فالصل في
سؤرهما النّجاسة ،لنّه ل يخلو سؤرهما عن
335
لعابهما ،ولعابهما متحلّب من لحمهما ولحمهما
ي صلى ن النّب ّن عرقه طاهر لما روي « أ ّ نجس ،ول ّ
الله عليه وسلم كان يركب الحمار معروريا ً والحّر
حّر الحجاز ،ويصيب العرق ثوبه ،وكان يصلّي في
سؤر أولى ذلك الثّوب » .فإذا كان العرق طاهرا ً فال ّ
.
وقد تعارضت الثار في طهارة سؤر الحمار ونجاسته
،فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه كان يقول :
ت والتّبن فسؤره طاهر .وعن ابن الحمار يعتلف الق ّ
عمر رضي الله عنهما أنّه كان يقول :إنّه رجس ،
وتعارضت الخبار في أكل لحمه ولبنه كما تعارض
ضرورة فيه ،لنّه ليس في المخالطة تحّقق أصل ال ّ
كالهّرة فل يعلو الغرف ول يدخل المضائق ،وليس
ك في وقوع حكم ش ّ
في المجانبة كالكلب ،فوقع ال ّ
الصل ،والتّوقّف في الحكم عند تعارض الدلّة
جس سؤره واجب ،ولذلك كان مشكوكا ً فيه فل ين ّ
الشياء الطّاهرة ،ول يطهر به النّجس ،وعند عدم
مم احتياطا ً ،وأيّهما قدّم جاز ضأ بسؤره ويتي ّ الماء يتو ّ
ن المطهّر منهما غير متيّقن ،فل فائدة في ،ل ّ
التّرتيب .
وقال زفر :يبدأ بالوضوء بسؤر الحمار أو البغل
ة.ليصير عادما ً للماء حقيق ً
والتّفاصيل في مصطلح ( :نجاسة ،طعام ،
طهارة ) .
ن سؤر جميع الحيوانات شافعيّة إلى أ ّ - 4وذهب ال ّ
سباعمن النعام ،والخيل والبغال والحمير وال ّ
والهّرة والفئران والطّيور والحيّات وسام أبرص ،
وسائر الحيوانات المأكولة وغير المأكولة -سؤر هذه
الحيوانات طاهر ل كراهة فيه إل ّ الكلب والخنزير
336
وما تولّد منهما أو من أحدهما .فإذا ولغ أحد هذه
الحيوانات في طعام جاز أكله بل كراهة ،وإذا شرب
من ماء جاز الوضوء به بل كراهة .
م فِي ل عَلَيْك ُ ْ
جعَ َ واستدلّوا لذلك بقوله تعالى { :وَ َ
ما َ
ن في تنجيس سؤر هذه حَرٍج } ل ّ
ن َ
م ْ
ن ِدّي ِال ِ
الحيوانات حرجا ً ،ويعسر الحتراز عن بعضها كالهّرة
ونحوها من سواكن البيوت .ولما ورد عن كبشة
ن أبا قتادة زوجة أبي قتادة رضي الله عنهما « أ ّ
دخل عليها فسكبت له وضوءً فجاءت هّرة تشرب
منه فأصغى لها الناء حتّى شربت ،قالت كبشة :
فرآني أنظر إليه ،فقال :أتعجبين يا ابنة أخي ؟
ن رسول اللّه صلى الله عليه فقلت :نعم .فقال إ ّ
وسلم قال :إنّها ليست بنجس إنّما هي من
وافات » . وافين عليكم أو الط ّ ّ الط ّ ّ
ي صلى ن النّب ّولما روي عن جابر رضي الله عنه « أ ّ
ضأ بما فضلت الحمر ؟ الله عليه وسلم قيل له :أنتو ّ
سباع » . قال :وبما أفضلت ال ّ
وعن عمرو بن خارجة رضي الله عنه قال « :خطب
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ناقته ،وإ ّ
ن
لعابها يسيل بين كتفي » .
ي
ن النّب ّ وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه « أ ّ
صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض الّتي بين
سباع والكلب والحمر ،وعن مكّة والمدينة تردها ال ّ
الطّهارة منها ،فقال صلى الله عليه وسلم :لها ما
حملت في بطونها ،ولنا ما غبر طهور » ولقول عمر
سباع وترد علينا . المتقدّم وفيه فإنّنا نرد على ال ّ
ما الكلب والخنزير وما تفّرع منهما أو من أحدهما أ ّ
فسؤره نجس ،لقوله تعالى في الخنزير { :فَإن َّ ُ
ه
س } الية ولقوله صلى الله عليه وسلم في ج ٌ رِ ْ
337
الكلب « :طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن
ن بالتّراب » وفي رواية « يغسله سبع مّرات أوله ّ
فليرقه » أي الماء الّذي ولغ فيه .والراقة للماء
إضاعة مال ،فلو كان الماء طاهرا ً لما أمر بإراقته
إذ قد نهى عن إضاعة المال .
م
ةث ّوإن رأى شخص هّرة ً أو نحوها تأكل نجاس ً
وردت على ماء قليل أي ل يبلغ قلّتين فشربت منه
شافعيّة : ففيه ثلثة أوجه عند ال ّ
م رجعت لم ينجس الماء لنّه حها :أنّه إن غابت ث ّ أص ّ
يجوز أن تكون قد وردت على ماء كثير فطهر فمها
قنّا طهارة الماء ولنّا -في هذه الحالة -قد تي ّ
قن وشككنا في نجاسة فمها ،فل ينجس الماء المتي ّ
ك. ش ّ بال ّ
قنّا نجاسة فمها . والثّاني :ينجس الماء لنّا تي ّ
والثّالث :ل ينجس الماء بحال لنّه ل يمكن الحتراز
منها فعفي عنه ،ودليل هذا الوجه حديث « :إنّما
وافات » وهذا هو وافين عليكم أو الط ّ ّ هي من الط ّ ّ
ي وغيره لعموم الحاجة وعسر الحسن عند الغزال ّ
كاليهودي وشارب الخمر فإنّه ل يكره ّ الحتراز فهي
شافعيّة .والتّفاصيل في مصطلح : سؤرهما عند ال ّ
ك ،طهارة ،نجاسة ) . (ش ّ
-5وذهب الحنابلة إلى تقسيم الحيوان إلى قسمين
قسم نجس وقسم طاهر .
سموا النّجس إلى نوعين : مق ّ ث ّ
ة واحدةً وهو الكلب النّوع الوّل :ما هو نجس رواي ً
والخنزير وما تولّد منهما أو من أحدهما ،فهذا النّوع
سؤره وعينه وجميع ما يخرج منه نجس ،لقوله
س } الية وقوله ج ٌ ه ِر ْ تعالى في الخنزير { :فَإن َّ ُ
صلى الله عليه وسلم في الكلب « :إذا ولغ الكلب
338
م ليغسله سبع مّرات » في إناء أحدكم فليرقه ث ّ
ن بالتّراب » وفي رواية « :ليغسله سبع مّرات أوله ّ
.
فإذا ولغ في ماء أو مائع آخر يجب إراقته ،وإذا أكل
من طعام فل يجوز أكله .
النّوع الثّاني :ما اختلف في نجاسته وهو سائر سباع
ي والبغل ،فعن البهائم وجوارح الطّير والحمار الهل ّ
سنّور وما يماثلها في ن سؤرها نجس إل ّ ال ّ أحمد أ ّ
الخلقة أو دونها فيها ،فإذا شربت من ماء قليل ولم
ي صلى الله عليه ن النّب ّمم « ،ل ّ يجد غيره تركه وتي ّ
سباع فقال : وسلم سئل عن الماء وما ينوبه من ال ّ
إذا كان الماء قلّتين فإنّه ل ينجس » فلو كانت
طاهرة ً لم يحدّه بالقلّتين « .ولقوله صلى الله عليه
وسلم في الحمر الهليّة يوم خيبر :إنّها رجس »
ولنّه حيوان حرم أكله ،ل لحرمته مثل الفرس -
حيث يحرم أكله عند من يقول بحرمته -ويمكن
سباع ن ال ّ التّحّرز منه غالبا ً فأشبه الكلب ،ول ّ
والجوارح الغالب عليها أكل الميتات ،والنّجاسات
جس أفواهها ،ول يتحّقق وجود مطهّر لها ، فتن ّ
فينبغي أن يقضى بنجاستها كالكلب .
وروي عن أحمد أنّه قال :في البغل والحمار إذا لم
مم معه وهو قول الثّوريّ . يجد غير سؤرها تي ّ
ل على طهارة قال ابن قدامة :وهذه الّرواية تد ّ
سؤرهما ،لنّه لو كان نجسا ً لم تجز الطّهارة به .
وروي عن إسماعيل بن سعيد :ل بأس بسؤر
م
ن عمر قال فيها :ترد علينا ونرد عليها ،ث ّ سباع ل ّ ال ّ
نصحيح عندي طهارة البغل والحمار « ،ل ّ قال :وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يركب الحمير النّب ّ
صحابة ، والبغال » ،وتركب في زمنه ،وفي عصر ال ّ
339
ي صلى الله عليه وسلم ة لبيّن النّب ّ
فلو كانت نجس ً
ذلك ،ولنّه ل يمكن التّحّرز منها بالنّسبة لمقتنيها
فأشبه الهّرة ،ومن هذا النّوع الجّللة الّتي تأكل
ن سؤرها نجس ،وفي أخرى النّجاسات ففي رواية أ ّ
أنّه طاهر .
القسم الثّاني :طاهر في نفسه ،وسؤره وعرقه
طاهران وهو ثلثة أضرب :
ي ،فهو طاهر وسؤره طاهر سواء كان الوّل :الدم ّ
مسلما ً أو كافرا ً ،رجل ً أو امرأةً ،وإن كانت حائضاً
أو نفساء أو كان الّرجل جنبا ً لقوله صلى الله عليه
وسلم «:المؤمن ل ينجس » .ولحديث « شرب
ي صلى الله عليه وسلم من سؤر عائشة » . النّب ّ
ضرب الثّاني :ما يؤكل لحمه ،فسؤره طاهر يجوز ال ّ
شربه والوضوء به ،إل ّ إن كان جّلل ً يأكل النّجاسات
سابقتان .ففي سؤره الّروايتان ال ّ
ن الظّاهر نجاسته . ويكره سؤر الدّجاجة المخّلة ل ّ
ضرب الثّالث :الهّرة وما يماثلها من الخلقة أو ال ّ
دونها كالفأرة وابن عرس ونحو ذلك من حشرات
الرض ،فسؤره طاهر يجوز شربه والوضوء به ،ول
يكره ،لحديث عائشة رضي الله عنها « قالت :
ضأ أنا ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم كنت أتو ّ
من إناء واحد وقد أصابت منه الهّرة قبل ذلك قالت
:وقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يتو ّ
ضأ
بفضل الهّرة » .ولحديث كبشة الّذي سبق ذكره .
ن أبا هريرة رضي الله عنه قال :يغسل الناء إل ّ أ ّ
الّذي ولغت فيه الهّرة مّرة ً أو مّرتين ،وبه قال ابن
المنذر ،وقال الحسن وابن سيرين :مّرةً ،وقال
طاوس :سبع مّرات كالكلب ،وروي عن ابن عمر
340
رضي الله عنهما أنّه كره الوضوء بسؤر الهّرة
والحمار .
م شربت من ماء ةث ّ وإذا أكلت الهّرة ونحوها نجاس ً
ي صلى ن النّب ّ
يسير بعد أن غابت فالماء طاهر ،ل ّ
ضأ بفضلها الله عليه وسلم نفى عنها النّجاسة ،وتو ّ
مع علمه بأنّها تأكل النّجاسات .وكذا إن شربت قبل
نأن تغيب فسؤرها طاهر كذلك في الّراجح ،ل ّ
شارع عفا عنها مطلًقا لمشّقة التّحّرز . ال ّ
وقال القاضي وابن عقيل :ينجس الماء ; لنّه وردت
قنة ،وقال المجد ابن تيميّة :القوى عليه نجاسة متي ّ
عندي أنّها إن ولغت عقيب الكل فسؤرها نجس ،
وإن كان بعده بزمن يزول فيه أثر النّجاسة بالّريق
لم ينجس ،قال :وكذلك يقوى عندي جعل الّريق
ل بهيمة مطهّرا ً أفواه الطفال وبهيمة النعام ،وك ّ
ة وشربوا من ماء أخرى طاهرة ،فإذا أكلوا نجاس ً
يسير أو أكلوا من طعام فسؤرهم طاهر ،وقيل :
ة
إن غابت الهّرة ونحوها بعد أن أكلت النّجاسة غيب ً
يمكن ورودها على ما يطهّر فمها فسؤرها طاهر وإلّ
فنجس .وقيل :إن كانت الغيبة قدر ما يطهّر فمها
فطاهر ،وإل ّ فنجس .
ن سؤر البهائم ي إلى أ ّ -6وذهب المالكيّة والوزاع ّ
جميعا ً طاهر ومطهّر إذا كان ماءً ،ولو كانت هذه
ة ،ويدخل في البهيمة محّرمة اللّحم أو كانت جّلل ً
ذلك الكلب والخنزير ،وما تولّد منها أو من أحدهما
ما فِي ال َ َ ُ َ َ َّ
ض
ْ ِ ر ّ م ك ل َ ق خل
َ يِ ذ لقوله تعالى { :هُوَ ال
ميعا ً } فأباح النتفاع بالشياء كلّها ،ول يباح ج ِ
َ
النتفاع إل ّ بالطّاهر ،وحرمة الكل لبعض الحيوانات
ي ومثله الذ ّباب ل على النّجاسة ،فالدم ّ ل تد ّ
والعقرب والّزنبور ونحوها طاهر ول يباح أكلها ،إلّ
341
أنّه يجب غسل الناء من ولوغ الكلب مع طهارته
تعبّدا ً ،ولكن يكره الوضوء بسؤر الكلب والجّللة
والدّجاجة المخّلة وشارب الخمر ،وكذا بقيّة
الحيوانات الّتي ل تتوقّى النّجاسة كالهّرة ،إل ّ إذا لم
ضأ به ،أو عسر الحتراز من يجد ماءً آخر يتو ّ
سؤر الحيوانات الّتي ل تتّقي النّجاسة ،أو كان ال ّ
ما فل يكره استعمال سؤر ما ذكر حينئذ . طعا ً
ولم يفّرق بعضهم بين الماء والطّعام وذلك لمشّقة
الحتراز ،ولقوله صلى الله عليه وسلم في الهّرة :
« ليست بنجس إنّها من الطّوّافين عليكم أو
وافات » . الط ّ ّ
كما ذهبوا إلى طهارة سؤر الحائض والنّفساء
والجنب ولو كانوا كّفارا ً .
==================
سائبة *
التّعريف :
سيب ،ومن معانيه في اللّغة سائبة من ال ّ - 1ال ّ
شيء : الجري بسرعة ،والهمال والتّرك .وسيّب ال ّ
سائبة :العبد يعتق على أن ل ولء لمعتقه تركه .وال ّ
عليه .
سائبة :البعير يدرك نتاج نتاجه فيسيّب ول وكذلك ال ّ
يركب ول يحمل عليه عندهم .
سائبة أيضا ً النّاقة الّتي كانت تسيّب في الجاهليّة وال ّ
لنذر ونحوه ،وكان الّرجل في الجاهليّة إذا قدم من
جته دابّة من سفر بعيد ،أو برئ من علّة ،أو ن ّ
مشّقة أو حرب قال :ناقتي سائبة ،أي تسيّب ،فل
ينتفع بظهرها ،ول تحّل ( ل تطرد ) عن ماء ،ول
تمنع من كل ول تركب .
342
والفقهاء يستعملون اللّفظ بالمعنيين :عتق العبد ول
ولء له .
وتسييب الدّابّة بمعنى رفع يده عنها وتركها على
سبيل التّديّن .
سائبة :الحكام المتعلّقة بال ّ
سوائب - 2تختلف الحكام المتعلّقة بتسييب ال ّ
باختلف موضوعها .
فقد يكون التّسييب واجبا ً ،كما لو أحرم شخص
وفي يده صيد فإنّه يجب عليه إرساله .
صيد عند من يقول وقد يكون مباحا ً ،كإرسال ال ّ
بإباحة إرساله .
وقد يكون حراما ً ،كتسييب الدّابّة .
ة كما يقول وقد يكون مكروها ً ،كعتق العبد سائب ً
المالكيّة .
ة: أوّل ً :عتق العبد سائب ً
- 3من ألفاظ العتق ما هو صريح في العتق كقول
سيّد لعبده :أنت عتيق ،أو أعتقتك ،ومنها ما هو ال ّ
كناية يحتاج إلى نيّة ،ومن ذلك لفظ ( سائبة ) فمن
قال لعبده :أنت سائبة ،فل يعتق إل ّ إذا نوى العتق
.
ة لمن يكون وقد اختلف الفقهاء إذا أعتق العبد سائب ً
الولء ؟
شافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة فذهب الحنفيّة وال ّ
ن
ي إلى أ ّوابن نافع من المالكيّة ومال إليه ابن العرب ّ
الولء يكون لمعتقه ،حتّى ولو شرط أن ل ولء له
ص.شرط باطل لنّه مخالف للن ّ ّ ن ال ّ
عليه فإ ّ
ي صلى الله عليه وسلم « : واستدلّوا بقول النّب ّ
الولء لمن أعتق » .وقوله « :الولء بمنزلة النّسب
».
343
فكما أنّه ل يزول نسب إنسان ول ولد عن فراش
شرط ،ولذلك « بشرط ،ل يزول ولء عن عتيق بال ّ
ما أراد أهل بريرة أن يشترطوا على عائشة رضي ل ّ
الله تعالى عنها ولء بريرة إذا عتقت قال صلى الله
عليه وسلم :اشتريها واشترطي لهم الولء ،فإنّما
الولء لمن أعتق » ،وبهذا أيضا ً قال النّخع ّ
ي
ي وابن سيرين وراشد بن سعد وضمرة بن شعب ّ وال ّ
ن معتقه .هو الّذي يرثه إن لم حبيب ،وعلى هذا فإ ّ
يكن له وارث ،قال سعيد :حدّثنا هشيم عن منصور
سائبة هو ن عمر وابن مسعود قال في ميراث ال ّ أ ّ
للّذي أعتقه .
ن من وقال المالكيّة وهو المنصوص عن أحمد :إ ّ
ة ل يكون لمعتقه الولء ،قال أعتق عبده سائب ً
المالكيّة :ويكون ولؤه للمسلمين يرثونه ويعقلون
عنه ،ويكون عقد نكاحها إن كانت أنثى -وهو قول
زهري ومكحول وأبي العالية ّ عمر بن عبد العزيز وال ّ
.
وقال أحمد :إن مات العتيق وخلّف مال ً ولم يدع
وارثا ً اشتري بماله رقاب فأعتقوا ،وقد أعتق ابن
ة فمات فاشترى ابن عمر بماله رقاباً عمر عبدا ً سائب ً
فأعتقهم .
وعن عطاء قال :كنّا نعلم أنّه إذا قال :أنت حّر
سائبة فهو يوالي من شاء .
ب: ثانيا ً :تسييب الدّوا ّ
ن تضييع المال حرام ،وقد أبطل اللّه - 4الصل أ ّ
سبحانه وتعالى ما كان يفعله أهل الجاهليّة من
تسييب دوابّهم وتحريم النتفاع بها وجعلها للهتهم ،
ل َ الل ّ ُ
ه جعَ َ ما َوعاب عليهم ذلك ،قال اللّه تعالى َ { :
نن ال ّذِي َحام ٍ َولَك ِ َّصيلَةٍ وَل َ َ
سآئِبَةٍ وَل َ وَ ِحيَرةٍ وَل َ َمن ب َ ِ ِ
344
َ
ب وَأكْثَُرهُ ْ
م لَ ن ع َلَى اللّهِ الْكَذ ِ َ كََفُروا ْ ي َ ْ
فتَُرو َ
ن } ،وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله قلُو َ يَعْ ِ
عنه قال « :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
ي يجّر قصبه أمعاءه :رأيت عمرو بن عامر الخزاع ّ
سوائب » . في النّار وكان أوّل من سيّب ال ّ
ن تسييب البهائم بمعنى وذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
تخليتها ورفع المالك يده عنها حرام ،لما فيه من
تضييع المال والتّشبّه بأهل الجاهليّة ،والواجب على
ة أن ينفق عليها ما تحتاجه من علف من ملك بهيم ً
وسقي ،أو إقامة من يرعاها ،أو تخليتها لترعى
حيث تجد ما يكفيها ،لما روى ابن عمر رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم قال « : ن النّب ّتعالى عنهما أ ّ
دخلت امرأة النّار في هّرة ربطتها فلم تطعمها ولم
تدعها تأكل من خشاش الرض » .
فإن امتنع من علفها أجبره الحاكم على ذلك ،فإن
ما
أبى أو عجز أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت م ّ
تؤكل ،وهذا عند جمهور الفقهاء .
وفي ظاهر الّرواية عند الحنفيّة يجبر على النفاق
ة ول يجبر قضاءً . ديان ً
ومن سيّب دابّته فل يزول ملكه عنها .وهذا في
الجملة .
م جاءومن سيّب دابّته فأخذها إنسان فأصلحها ث ّ
صاحبها .قال الحنفيّة :هذا على وجهين :
أحدهما أن يقول عند التّسييب :جعلتها لمن أخذها ،
فحينئذ ل سبيل لصاحبها عليها لنّه أباح التّملّك ،
وفي القياس تكون لصاحبها .
ن صاحبها والثّاني :إن كان سيّبها ولم يقل شيئا ً ،فإ ّ
من أصلحها ،لنّه لو جاز تملّك من له أن يأخذها م ّ
وجدها وأصلحها من غير قول المالك هي لمن أخذها
345
،لجاز ذلك في الجارية والعبد يتركه مريضا ً في
أرض مهلكة ،فيأخذه رجل فينفق عليه فيبرأ فيصير
ملكا ً له ،ويطأ الجارية ويعتق العبد بل شراء ول هبة
ول إرث ول صدقة ،وهذا أمر قبيح .
وقال الحنابلة :من ترك دابّته بمهلكة فأخذها إنسان
فأطعمها وسقاها وخلّصها ملكها ،وبهذا قال اللّيث
ي مرفوعا ً أ ّ
ن شعب ّوإسحاق ،وذلك لما روى ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :من وجد
ة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيّبوها فأخذها داب ّ ً
فأحياها فهي له » .
قال الحنابلة :وهذا إذا لم يتركها ليرجع إليها أو
ضلّت منه ،فحينئذ ل يملكها آخذها وتكون لربّها .
صيد :ثالثا ً :تسييب ال ّ
- 5من ملك صيدًا فإنّه يحرم عليه تسييبه وإرساله ،
سوائب في الجاهليّة الّتي حّرمها اللّه لنّه يشبه ال ّ
سبحانه وتعالى ،وفيه تضييع للمال ،وهذا عند
ح وهو المذهب عند الحنابلة وهو شافعيّة في الص ّ ال ّ
قول الحنفيّة ،سواء أباحه لمن يأخذه أو لم يبحه .
ن حرمة الرسال مقيّدة بما وفي قول آخر عندهم أ ّ
ما إذا أباحه إذا كان الرسال من غير إباحة لحد ،أ ّ
لمن يأخذه فيجوز إرساله .
صيد من يده ن إطلق ال ّ قال ابن عابدين :والحاصل أ ّ
جائز إن أباحه لمن يأخذه ،وقيل :ل يجوز إعتاقه
مطلقا ً " أي سواء أباحه لمن يأخذه أو لم يبحه " ،
لنّه وإن أباحه فالغلب أنّه ل يبقى في يد أحد
ة ،وفيه تضييع المال . فيبقى سائب ً
شافعيّة يجوز الرسال ، وفي القول الثّاني عند ال ّ
وهو احتمال عند الحنابلة ذكره ابن قدامة في
صيدم قال :والرسال هنا يفيد ،وهو رد ّ ال ّ المغني ث ّ
346
إلى الخلص من أيدي الدميّين وحبسهم ،ولهذا
روي عن أبي الدّرداء أنّه اشترى عصفورا ً من صب ّ
ي
فأرسله .
هذا ويستثنى من حرمة الرسال ما إذا خيف على
صيد بحبس ما صاده ،فحينئذ يجب إرساله ولد ال ّ
ة لروحه . صيان ً
صيد ل يزيل ملك صاحبه عنه ،ومن أخذه وتسييب ال ّ
ن رفع اليد ل يقتضي زوال الملك . لزمه ردّه ل ّ
ح عند وذلك عند الحنفيّة وهو مذهب الحنابلة والص ّ
شافعيّة يزول ملكه ح عند ال ّشافعيّة ،ومقابل الص ّ ال ّ
عنه ويملكه من أخذه ،وزوال الملك هو احتمال
ذكره صاحب المغني من الحنابلة.
نما لو قال عند إرساله :أبحته لمن يأخذه ،فإ ّ أ ّ
ملك صاحبه يزول عنه ويباح لمن أخذه ،وهذا عند
شافعيّة :لو قال شافعيّة ،لكن قال ال ّ الحنفيّة وال ّ
مطلق التّصّرف عند إرساله :أبحته لمن يأخذه أو
ل لمن أخذه أكله بل ضمان ،وله أبحته فقط ،ح ّ
إطعام غيره ،ول ينفذ تصّرفه فيه ببيع ونحوه .
وقال المالكيّة :إن اصطاد شخص صيدا ً وأرسله
باختياره وصاده آخر فهو للثّاني اتّفاقا ً عندهم ،قاله
اللّخم ّ
ي
رابعا ً :تسييب صيد الحرم :
- 6صيد الحرم حرام على الحلل والمحرم « لقول
ن هذا ي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكّة إ ّ النّب ّ
البلد حّرمه اللّه ول يعضد شوكه ول ينّفر صيده » .
م أحرم أو دخل به الحرم لث ّومن ملك صيدا ً في الح ّ
صيد
وجب عليه إرساله ،أي يجب عليه أن يطلق ال ّ
ن الحرم سبب بمجّرد إحرامه أو دخوله الحرم ،ل ّ
صيد ويوجب ضمانه فحرم استدامة إمساكه محّرم لل ّ
347
كالحرام ،فإن لم يرسله وتلف فعليه جزاؤه وهذا
عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة .
شافعيّة على ما جاء في مغني المحتاج :لو وقال ال ّ
أدخل الحلل معه إلى الحرم صيدا ً مملوكا ً له ل
يضمنه ،بل له إمساكه فيه وذبحه التّصّرف فيه
م قال بعد ذلك :وإن كان ل،ث ّ كيف شاء لنّه صيد ح ّ
في ملكه صيد فأحرم ،زال ملكه عنه ولزمه إرساله
،لنّه يراد للدّوام فتحرم استدامته .وينظر تفصيل
ذلك في ( :حرم ،صيد ،إحرام ) .
===================
سبق الحدث *
التّعريف :
سبق مصدر سبق وهو في اللّغة :القدمة في - 1ال ّ
ل شيء . الجري وفي ك ّ
شيء حدوثا ً :أي تجدّد ويتعدّى والحدث من حدث ال ّ
باللف فيقال :أحدثه ،وأحدث النسان إحداثا ً ،
والسم :الحدث ،ويطلق على الحالة النّاقضة
للطّهارة ،وعلى الحادث المنكر الّذي ليس بمعتاد ،
سنّة .
ول معروف في ال ّ
وسبق الحدث في الصطلح :خروج شيء مبطل
للطّهارة من بدن المصلّي " من غير قصد " في
صلة . أثناء ال ّ
ي: الحكم التّكليف ّ
صلة ل تنعقد إن ن ال ّ - 2ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
لم يكن متطهّرا ً عند إحرامه ،عامدا ً كان ،أم ساهياً
صلة تبطل إذا أحرم ن ال ّ ،كما ل خلف بينهم في أ ّ
م أحدث عمدا ً .واختلفوا في الحدث الّذي متطهّرا ً ث ّ
ما يخرج من بدن المصلّي : يسبق من غير قصد م ّ
سائل من من غائط ،أو بول ،أو ريح ،وكذا الدّم ال ّ
348
مل به بغير صنعه عند من يرى أنّه حدث جرح أو د ّ
يفسد الطّهارة .
- 3فذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا سبق منه شيء من
هذه الحداث تفسد طهارته ،ول تبطل صلته فيجوز
له البناء على ما مضى من صلته بعد تطهّره
استحسانا ً ل قياسا ً ،لقوله صلى الله عليه وسلم :
« من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي
م ليبن على صلته ،وهو في ضأ ،ث ّفلينصرف ،فليتو ّ
ذلك ل يتكلّم » .
ن الخلفاء الّراشدين ،والعبادلة الثّلثة ،وأنس بن ول ّ
ي رضي الله عنهم ،قالوا مالك وسلمان الفارس ّ
بالبناء على ما مضى .
وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنّه سبقه الحدث
ضأ وبنى على صلته .وروي عن عمر صلة فتو ّ في ال ّ
صحابة قول ً وفعل ً . أنّه فعل ذلك فثبت البناء عن ال ّ
ضا ويستأنف قالوا :وكان القياس أن تبطل صلته أي ً
ن التّحريمة ل تبقى مع صلة بعد التّطهّر ،ل ّ ال ّ
صلة الحدث ،كما ل تنعقد معه ،لفوات أهليّة أداء ال ّ
شيء ل ن ال ّفي الحالين بفوات الطّهارة فيهما ،ل ّ
يبقى مع عدم الهليّة ،كما ل ينعقد من غير أهليّة ،
فل تبقى التّحريمة ،لنّها شرعت لداء أفعال
صلة ،ولهذا ل تبقى مع الحدث العمد بالتّفاق ، ال ّ
ن صرف الوجه عن القبلة ،والمشي للطّهارة ول ّ
ص
صلة مناف لها .ولكن عدل عن القياس للن ّ ّ في ال ّ
ي ،ورواية شافع ّ والجماع .وهذا هو القول القديم لل ّ
عن أحمد .
ي
شافع ّ - 4وقال المالكيّة وهو القول الجديد لل ّ
ضأ ،ح الّروايات عن أحمد :تبطل صلته ويتو ّ وأص ّ
ويلزمه استئنافها ،وهو قول الحسن ،وعطاء ،
349
ي ،ومكحول ،واستدلّوا بحديث « :إذا فسا والنّخع ّ
صلة » ضأ وليعد ال ّ أحدكم في صلته فلينصرف فليتو ّ
.
ي رضي الله عنه :قال « :بينما نحن مع وحديث عل ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نصلّي إذ انصرف
صلة م أقبل ورأسه يقطر ،فصلّى لنا ال ّ ونحن قيام ث ّ
م قال :إنّي ذكرت أنّي كنت جنبا ً حين قمت إلى ث ّ
صلة لم أغتسل ،فمن وجد منكم في بطنه رِّزا ً أو ال ّ
كان على مثل ما كنت عليه فلينصرف حتّى يفرغ
م يعود إلى صلته » . من حاجته أو غسله ،ث ّ
صلة -وهو الطّهارة عن الحدث - ولنّه فقد شرط ال ّ
في أثنائها على وجه ل يعود إل ّ بعد زمن طويل
ةجس نجاس ً وعمل كثير ،ففسدت صلته ،كما لو تن ّ
يحتاج في إزالتها إلى مثل ذلك .أو انكشفت
مد سترة إل ّ بعيدةً منه ،أو تع ّ عورته ،ولم يجد ال ّ
الحدث ،أو انقضت مدّة المسح على الخّفين وهو
صلة . في أثناء ال ّ
وفي رواية أخرى عن أحمد :إن كان الحدث من
ما إن كان من صلة ول يبني ،أ ّ سبيلين ابتدأ ال ّ ال ّ
ن الثر سبيلين أغلظ ،ول ّ ن نجاسة ال ّ غيرهما بنى ،ل ّ
سبيلين فل يلحق به إنّما ورد في الخارج من غير ال ّ
ما ليس في معناه .
شروط البناء عند من يقول به :
يشترط في جواز البناء :
سبق بغير قصد منه ،فل يجوز البناء - 5أ -كون ال ّ
ن جواز البناء ثبت معدول ً به عن إذا أحدث عمدا ً ،ل ّ
ص والجماع ،فل يلحق به إل ّ ما كان القياس ،للن ّ ّ
في معنى المنصوص ،والمجمع عليه ،والحدث
ما يبتلى به العمد ليس كالحدث الّذي يسبق لنّه م ّ
350
النسان ،فلو جعل مانعا ً من البناء لدّى إلى حرج ،
ن النسان يحتاج إلى ول حرج في الحدث العمد .ول ّ
البناء في الجمع والعياد لحراز الفضيلة ،فنظر
ة لهذه الفضيلة من شرع له بجواز البناء صيان ً ال ّ
الفوات عليه ،وهو مستحقّ للنّظر ،لحصول الحدث
من غير قصد منه ،وبغير اختياره بخلف الحدث
صلة جان ،فل مد الحدث في ال ّ ن متع ّ العمد ،ل ّ
يستحقّ النّظر .
صلة لو لم ب -أل يأتي بعد الحدث بفعل مناف لل ّ
يكن قد أحدث ،إل ّ ما ل بد ّ منه ،فيجب عليه تقليل
الفعال وتقريب المكان بحسب المكان ،ول يتكلّم
إل ّ ما يحتاج إليه في تحصيل الماء ونحوه .فإن تكلّم
بعد الحدث بل حاجة إليه ،أو ضحك أو أحدث حدثاً
ن هذه آخر عمدا ً ،أو أكل أو شرب فل يبني ،ل ّ
صلة في الصل فل يسقط المنافي الفعال منافية لل ّ
ضرورة.لل ّ
عوده بعد التّطهّر إلى مصّله :
ضأ فهو - 6إن كان المصلّي منفردا ً فانصرف وتو ّ
م صلته في الموضع الّذي تو ّ
ضأ بالخيار إن شاء أت ّ
صلة فيه ،وإن شاء عاد إلى الموضع الّذي افتتح ال ّ
صلة حيث هو فقد سلمت صلته م ال ّفيه ،لنّه إذا أت ّ
عن الحركة الكثيرة لكنّه صلّى صلةً واحدةً في
مكانين .
صلة في مكان وإن عاد إلى مصّله فقد أدّى جميع ال ّ
واحد ولكن مع زيادة مشي فاستوى الوجهان فيتخيّر
.
وقال بعض الحنفيّة :يصلّي في الموضع الّذي تو ّ
ضأ
ي. شافع ّفيه من غير خيار ،وهو القول القديم لل ّ
ضأ ،فإن لم يفرغ وإن كان مقتديا ً فانصرف وتو ّ
351
صلة فعليه أن يعود ،لنّه في حكم إمامه من ال ّ
م بقيّة صلته في مكانه لم المقتدي ،ولو لم يعد وأت ّ
حح صلته ،لنّه إن صلّى مقتديا ً بإمامه لم يص ّ تص ّ
لنعدام شرط القتداء ،وهو اتّحاد البقعة ،وإن
ن النفراد صلّى في مكانه منفردا ً فسدت صلته ،ل ّ
ن بين في حال وجوب القتداء يفسد صلته ،ل ّ
صلة صلتين تغايرا ً ،وقد ترك ما كان عليه وهو ال ّ ال ّ
صلة منفردا ً لم يوجد له مقتديا ً ،وما أدّى وهو ال ّ
صلة ،لنّه صار منتقلً ابتداءً تحريمة ،وهو بعض ال ّ
ما كان فيه إلى هذا ،فتبطل . ع ّ
ضأ ويبني على صلته وإن كان إماما ً يستخلف ث ّ
م يتو ّ
.
هذا كلّه في حدث الّرفاهية " أي من غير ضرورة "
ما الحدث الدّائم كسلس البول فل يضّر ( .ر : أ ّ
حدث ،وعذر ) .
صلة ما ما سوى الحدث من السباب النّاقضة لل ّ -7أ ّ
صلة قطعا ً ،إن كان باختياره ، إذا طرأ فيها أبطل ال ّ
أو طرأ بغير اختياره إذا نسب إليه تقصير ،كمن
صلة ،أو دخل مسح خّفه فانقضت المدّة في ال ّ
صلة وهو يدافع الحدث وهو يعلم أنّه ل يقدر على ال ّ
صلة ل ما إذا طرأ ناقض لل ّ التّماسك إلى انتهائها .أ ّ
باختياره ول بتقصيره كمن انكشفت عورته فسترها
في الحال ،أو وقعت عليه نجاسة يابسة فنفضها
في الحال ،أو ألقى الثّوب الّذي وقعت عليه
النّجاسة في الحال فصلته صحيحة ( .ر :صلة ،
نجاسة ) .
===================
سبيكة *
التّعريف :
352
سبيكة القطعة المستطيلة من الذ ّهب ، - 1ال ّ
ل قطعة والجمع سبائك ،وربّما أطلقت على ك ّ
متطاولة من أيّ معدن كان ،وربّما أطلقت على
ة،القطعة المذوبة من المعدن ولو لم تكن متطاول ً
ضة سبكا ً من وهي مأخوذة من سبكت الذ ّهب أو الف ّ
باب قتل إذا أذبته وخلّصته من خبثه .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
التّبر :
- 2من معاني التّبر في اللّغة ما كان من الذ ّهب غير
مضروب ،فإذا ضرب دنانير فهو عين ،ول يقال تبر
ضة أيضا ً . إل ّ للذ ّهب .وبعضهم يقوله للف ّ
ضة من وقد يطلق التّبر على غير الذ ّهب والف ّ
المعادن .
ضة قبل شافعيّة بأنّه اسم للذ ّهب والف ّ وعّرفه ال ّ
ضربهما ،أو للذ ّهب فقط ،وهو تعريف للمالكيّة .
صاغة : تراب ال ّ
- 3عّرفه المالكيّة بأنّه هو الّرماد الّذي يوجد في
صاغة ول يدرى ما فيه . حوانيت ال ّ
صاغة :ف ) 145 / 11 / 1 انظر مصطلح ( :تراب ال ّ
.
سبائك : الحكام المتعلّقة بال ّ
ضة :
أ -الّزكاة في سبائك الذ ّهب والف ّ
ضة ول فرق في - 4الّزكاة واجبة في الذ ّهب والف ّ
ذلك بين أن يكونا مضروبين أو غير مضروبين إذا بلغ
ل منهما نصابا ً ،وحال عليه الحول .والتّفصيل في ك ّ
سبائك المستخرجة من ما ال ّ
مصطلح ( زكاة ) .وأ ّ
الرض فالّزكاة واجبة فيها أيضاص ،وفي مقدار
الواجب إخراجه منها خلف في كونه الخمس أو ربع
العشر .انظر ( :ركاز ،ومعدن ،وزكاة ) .
353
ضة : ب -تحريم الّربا في سبائك الذ ّهب والف ّ
ن بيع الذ ّهب بالذ ّهب - 5أجمع العلماء على أ ّ
ضة ل يجوز إل ّ مثل ً بمثل ،يدا ً بيد ،لما ضة بالف ّ
والف ّ
نرواه مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدريّ أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :ل تبيعوا
الذ ّهب بالذ ّهب إل ّ مثل ً بمثل ،ول تشّفوا بعضها على
بعض ،ول تبيعوا الورق بالورق إل ّ مثل ً بمثل ،ول
تشّفوا بعضها على بعض ،ول تبيعوا منها غائبا ً بناجز
».
ول فرق في ذلك بين المصوغ منهما وغيره .
والتّفصيل في مصطلح ( :ربا ً ) .
شركة : سبيكة رأس مال في ال ّ ج -جعل ال ّ
شافعيّة - 6ذهب جمهور الفقهاء " المالكيّة وال ّ
والحنابلة والّراجح عند الحنفيّة " إلى أنّه ل يجوز أن
شركة سبائك . يكون رأس مال ال ّ
سبائك رأس مال ويجوز عند بعض الحنفيّة جعل ال ّ
في شركة المفاوضة إن جرى التّعامل بها ،فينزل
ضرب ،فيكون ثمنا ً ،ويصلح التّعامل حينئذ منزلة ال ّ
أن يكون رأس مال .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( :شركة ) .
شركة سبائك فأطلقوا منع ال ّ ي وال ّ ما التّبر والحل ّ
أ ّ
ي أم ل ؟ ن التّبر مثل ّ فيها ،ويجوز أن يبنى على أ ّ
وفيه خلف .
سبيكة :
د -قطع يد سارق ال ّ
سارق إذا كان مكلّفا ً ،وأخذ ماًل - 7تقطع يد ال ّ
ة ل شبهة له فيه ،وأخرجه من حرزه ،وبلغ خلس ً
ذلك المال نصابا ً .
354
والقول الّراجح في قدر ذلك النّصاب هو ربع دينار ،
وفي العتبار بذلك بالذ ّهب المضروب أو بغيره
خلف .
ن العتبار بالذ ّهب المضروب فإنّه ل فعلى القول بأ ّ
ي ل تبلغ قيمتهما ربع دينار قطع بسرقة سبيكة أو حل ّ
شافعيّة .والتّفصيل في ( :سرقة ) على وجه عند ال ّ
.
=================
سبيل اللّه *
التّعريف :
سبيل هو الطّريق ،يذكّر ويؤنّث .قال اللّه - 1ال ّ
سبِيلِي } . ل هَذِهِ َ تعالى { :قُ ْ
صلةوسبيل اللّه في أصل الوضع هو :الطّريق المو ّ
ل سعي في طاعة اللّه ، إليه تعالى ،فيدخل فيه ك ّ
وفي سبيل الخير .وفي الصطلح هو الجهاد .
ي: الحكم التّكليف ّ
سرين :سبيل مة المف ّ - 2قال جمهور الفقهاء وعا ّ
صلة إلى اللّه ،ويشمل اللّه وضعًا هو الطّريق المو ّ
جميع القرب إلى اللّه ،إل ّ أنّه عند الطلق ينصرف
إلى الجهاد لكثرة استعماله فيه في القرآن ،كقوله
ن يَُقاتِلُونَك ُْ ّ َّ
م} َ يِ ذ ل اللهِ ال سبِي َ ِ تعالى { :وَقَاتِلُوا ْ فِي َ
َ َّ
سبِيلِهِ
ن فِي َ ن يَُقاتِلُو َ َ ي ِ ذّ ال ُ
ب ّ ح
ِ ُ ي ه
َ ن اللوقوله { :إ ِ ّ
صًّفا } .
َ
وما في القرآن من ذكر " سبيل اللّه " إنّما أريد به
الجهاد إل ّ اليسير منه فيحمل عليه .
صلة إلى اللّه " ، شهادة المو ّ ن الجهاد هو سبب ال ّ ول ّ
وسبيل اللّه " في مصارف الّزكاة يعطى للغزاة
المتطوّعين الّذين ليس لهم سهم في ديوان الجند
لفضلهم على غيرهم ،لنّهم جاهدوا من غير أرزاق
355
سلح ب وال ّ مرتّبة لهم .فيعطون ما يشترون به الدّوا ّ
العدو إن كانوا أغنياء ،وبهذا ّ ،وما ينفقون به على
ي وأحمد بن حنبل ،وإسحاق ، شافع ّ قال مالك وال ّ
جوا بما روى وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر ،واحت ّ
ي صلى أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النّب ّ
ي إل ّ لخمسة صدقة لغن ّ ل ال ّ الله عليه وسلم « :ل تح ّ
:لعامل عليها ،أو رجل اشتراها بماله ،أو غارم ،أو
غاز في سبيل اللّه ،أو مسكين تصدّق عليه منها
ي». فأهدى منها لغن ّ
ن اللّه تعالى جعل الفقراء والمساكين وقالوا :ول ّ
صنفين ،وعد ّ بعدهما ستّة أصناف فل يلزم وجود
صنفين في بقيّة الصناف كما ل يلزم صفة صفة ال ّ
الصناف فيهما .
وقال الحنفيّة :ل تدفع إل ّ لمن كان محتاجا ً إليها ،
صة بعث الّرسول وذلك لحديث ابن عبّاس في ق ّ
صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل إلى اليمن وفيه
ة تؤخذ من ن اللّه قد فرض عليهم صدق ً « :أخبرهم أ ّ
أغنيائهم فترد ّ على فقرائهم » .
فقد جعل النّاس قسمين :قسما ً يؤخذ منهم ،
صدقة إلى وقسما ً يصرف إليهم ،فلو جاز صرف ال ّ
ي لبطل القسمة ،وهذا ل يجوز . الغن ّ
مد بن الحسن :المراد من قوله تعالى { : وقال مح ّ
ن
ج المنقطع ،لما روي « أ ّ ل اللّهِ } الحا ّ سبِي َِو فِي َ
ي صلى رجل ً جعل بعيرا ً له في سبيل اللّه فأمره النّب ّ
جاج » وروي الله عليه وسلم :أن يحمل عليه الح ّ
ن رجل ً جعل جمل ً له في سبيل اللّه فأرادت أيضا ً « أ ّ
ج ،فقال رسول اللّه صلى الله عليه امرأته الح ّ
ج في سبيل اللّه وسلم :فهل ّ خرجت عليه ،فإ ّ
ن الح ّ
م طليق » .وعن« أبي طليق :قال :طلبت منّي أ ّ
356
ج عليه فقلت :قد جعلته في سبيل اللّه ، جمل ً تح ّ
فسألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال :
صدقت ،لو أعطيتها كان في سبيل اللّه » .ويؤثر
ج، عن أحمد وإسحاق أنّهما قال :سبيل اللّه :الح ّ
جاجوقال ابن عمر رضي الله عنهما :سبيل اللّه الح ّ
ماروالع ّ
وقال بعض الحنفيّة :سبيل اللّه طلبة العلم .
رازي في تفسيره :ظاهر اللّفظ في ّ وقال الفخر ال ّ
ل اللّهِ } ل يوجب القصر سبِي ِ
قوله تعالى َ { :و فِي َ
على الغزاة ،فلهذا نقل القّفال في تفسيره عن
صدقات إلى جميع بعض الفقهاء أنّهم أجازوا صرف ال ّ
وجوه الخير من تكفين الموتى ،وبناء الحصون ،
م في الك ّ
ل ن سبيل اللّه عا ّ وعمارة المساجد ،ل ّ
.وتفصيل الكلم عن مصرف سبيل اللّه في ( زكاة :
ف .) 172/
===================
ستر العورة *
التّعريف :
ة :ما يستر به ،وجمعه ستور ، ستر لغ ً - 1ال ّ
سين -مثله . م ال ّ
سترة -بض ّ وال ّ
سترة ما استترت به كائنا ً ما كان قال ابن فارس :ال ّ
شيء سترا ً من باب ستارة مثله ،وسترت ال ّ ،وال ّ
قتل .
ة :الخلل في الثّغر وفي غيره ،قال والعورة لغ ً
الزهريّ :العورة في الثّغور وفي الحرب خلل
ستر ،
ل مكمن لل ّ يتخوّف منه القتل ،والعورة ك ّ
وعورة الّرجل والمرأة سوأتهما .
ويقول الفقهاء :ما يحرم كشفه من الّرجل والمرأة
فهو عورة .
357
ة وحياءً ل شيء يستره النسان أنف ً وفي المصباح :ك ّ
فهو عورة .
وستر العورة في اصطلح الفقهاء هو :تغطية
النسان ما يقبح ظهوره ويستحى منه ،ذكرا ً كان أو
أنثى أو خنثى على ما سيأتي تفصيله .
ما يتعلّق بستر العورة من أحكام :
ل له النّظر : من ل يح ّ أوّل ً -ستر العورة ع ّ
ن ستر العورة من الّرجل - 2اتّفق الفقهاء على أ ّ
ل له النّظر إليها .وما يجب من ل يح ّ والمرأة واجب ع ّ
ستره في الجملة بالنّسبة للمرأة جميع جسدها عدا
ي. فين ،وهذا بالنّسبة للجنب ّ الوجه والك ّ
ما بالنّسبة لمحارمها من الّرجال فعورتها عند أ ّ
المالكيّة والحنابلة ما عدا الوجه والطراف " الّرأس
والعنق " .وضبط الحنابلة ذلك بأنّه ما يستتر غالباً
وهو ما عدا الوجه والّرأس والّرقبة واليدين
صدر ساقين .وقال الحنفيّة :ما عدا ال ّ والقدمين وال ّ
أيضا ً .
ن
سّرة والّركبة ،كما أ ّ شافعيّة :ما بين ال ّ وقال ال ّ
عورة المرأة الّتي يجب سترها بالنّسبة لغيرها من
سّرة والّركبة . النّساء هي ما بين ال ّ
سّرة والّركبة . ما عورة الّرجل فهي ما بين ال ّ أ ّ
ل ذلك تفصيل ينظر في مصطلح ( عورة ) . وفي ك ّ
والدّليل على وجوب ستر العورة قول اللّه تعالى :
حَفظُوا ضوا م َ
م َوي َ ْ صارِهِ ْ ن أب ْ َ َ ِ ْ ن يَغُ ُّ منِي َ { قُل ل ِّل ْ ُ
مؤ ْ ِ
فُروجهم ذَل ِ َ َ
ن، صنَعُو َ ما ي َ ْ خبِيٌر ب ِ َ ه َ ن الل ّ َ م إ ِ َّك أْزكَى لَهُ ْ ُ َ ُ ْ
وقُل ل ِّل ْمؤ ْمنات يغْضضن م َ
حَفظ ْ َ
ن ن وَي َ ْ صارِه ِ َّن َ أب ْ َ ُ ِ َ ِ َ ُ ْ َ ِ ْ َ
منْهَا } . ما ظَهََر ِ ن إ ِ ّل َ ن ِزينَتَهُ َّ ن وََل يُبْدِي َ جهُ َّ فُُرو َ
ي صلى الله عليه وسلم « لسماء بنت وقول النّب ّ
ن المرأة إذا بلغت المحيض لم أبي بكر :يا أسماء إ ّ
358
يصلح أن يرى منها إل ّ هذا وهذا وأشار إلى وجهه
ي صلى الله عليه وسلم فيه » ،وورد « عن النّب ّ وك ّ
سّرة إلى الّركبة بالنّسبة لعورة الّرجال أنّها ما بين ال ّ
».
ساتر أن ل يكون رقيقا ً يصف ما - 3ويشترط في ال ّ
تحته بل يكون كثيفا ً ل يرى منه لون البشرة
ويشترط كذلك أن ل يكون مهلهل ً ترى منه أجزاء
ستر ل يحصل بذلك . ن مقصود ال ّ الجسم ل ّ
ن ستر العورة غير واجب بين الّرجل ومن المعلوم أ ّ
وزوجته ،إذ كشف العورة مباح بينهما ،فقد قال
ي صلى الله عليه وسلم « :احفظ عورتك إلّ النّب ّ
من زوجتك أو ما ملكت يمينك » .
صغيرة إن كانت كبنت سبع سنين إلى تسع - 4وال ّ
سّرة والّركبة فعورتها الّتي يجب سترها هي ما بين ال ّ
ل من سبع سنين فل حكم لعورتها - ،وإن كانت أق ّ
وهذا كما يقول الحنابلة -وينظر تفصيل ذلك في ( :
عورة ) .
والمراهق الّذي يميّز بين العورة وغيرها يجب على
ما إن كان ل يميّز بين المرأة أن تستر عورتها عنه ،أ ّ
العورة وغيرها فل بأس من إبداء مواضع الّزينة
أمامه .
ن
ْ م
ن ِ َ ض
ض ْ ت يَغْ ُ منَا ِ مؤ ْ ِ ُ لقوله تعالى { :وَقُل ل ِّل ْ
َ َ َ
ما ن إ ِ ّل َ ن ِزينَتَهُ ّ ن وََل يُبْدِي َ جهُ َّ ن فُُرو َ حَفظ ْ َ ن وَي َ ْصارِه ِ َّ أب ْ َ
ن وََل يُبْدِي َ
ن جيُوبِهِ َّ ن ع َلَى ُ مرِه ِ َّ خ ُ ن بِ ُ ضرِب ْ َ منْهَا وَلْي َ ْ ظَهََر ِ
ن أ َ ْو ن أ َ ْو آبَاء بُعُولَتِهِ َّ ن أَوْ آبَائِهِ َّ ن إَِّل لِبُعُولَتِهِ َّ زِينَتَهُ َّ
نخوَانِهِ َّ ن أ َ ْو بَنِي إ ِ ْ خوَانِهِ َّ ن أَوْ إ ِ ْ ن أ َ ْو أَبْنَاء بُعُولَتِهِ َّ أَبْنَائِهِ َّ
ن أ َ ِو مانُهُ َّ َ
َ
ت أي ْ ْ ملَك َ َ ما
َ ن أ َ ْو سائِهِ َّ خواتِه َ َ
ن أوْ ن ِ َ ّ ِ َ أَوْ بَنِي أ َ َ
َّ ّ التَابعِين غَير أُولِي اْلربة من الرجال أ َ
ن
َ ي ِ ذ ال لِ ف
ْ ِ الط و
ِ ْ َ ِ ِ َ ِّ َ ِ ِ ّ ِ َ ْ ِ ْ
ساء } . ت الن ِّ َ م يَظْهَُروا ع َلَى ع َوَْرا ِ لَ ْ
359
ويستثنى من وجوب ستر العورة ما كان لضرورة ،
صغير :يجب ستر شرح ال ّ كعلج وشهادة ،جاء في ال ّ
من يحرم النّظر إليها من غير الّزوجة العورة ع ّ
والمة إل ّ لضرورة فل يحرم بل قد يجب ،وإذا
ضرورة كالطّبيب يبقر له ثوب على قدر كشف لل ّ
موضع العلّة .
صلة : ستر العورة في ال ّ
صلةحة ال ّ - 5ستر العورة شرط من شروط ص ّ
جدٍ }س ِ
م ْل َ عند َ ك ُ ِّ
م ِخذ ُوا ْ ِزينَتَك ُ ْلقوله تعالى ُ { :
ص فالعبرة بعموم والية إن كانت نزلت بسبب خا ّ
سبب ،قال ابن عبّاس رضي اللّفظ ل بخصوص ال ّ
الله عنهما :المراد بالّزينة في الية :الثّياب في
ي صلى الله عليه وسلم « :ل صلة ،ولقول النّب ّ ال ّ
يقبل اللّه صلة حائض إل ّ بخمار »
وقد أجمع الفقهاء على فساد صلة من ترك ثوبه
وهو قادر على الستتار به وصلّى عريانا ً .ويشترط
ساتر أنّه يمنع إدراك لون البشرة . في ال ّ
ومن لم يجد إل ّ ثوبا ً نجسا ً أو ثوبا ً من الحرير صلّى
ستر أقوى من منع ن فرض ال ّ به ول يصلّي عريانا ً ،ل ّ
النّجس والحرير في هذه الحالة .
على خلف وتفصيل ينظر في مصطلح ( :صلة ) .
هذا ويختلف الفقهاء في تحديد العورة الواجب
صلة . سترها في ال ّ
وينظر تفصيل ذلك في ( عورة ) .
ثانيا ً :ستر العورة في الخلوة :
- 6كما يجب ستر العورة عن أعين النّاس يجب
كذلك سترها ولو كان النسان في خلوة ،أي في
مكان خال من النّاس .والقول بالوجوب هو مذهب
شافعيّة صحيح ،وهو مذهب ال ّ الحنفيّة على ال ّ
360
والحنابلة ،وقال المالكيّة :يندب ستر العورة في
الخلوة .
ستر في الخلوة مطلوب حياءً من اللّه تعالى وال ّ
وملئكته ،والقائلون بالوجوب قالوا :إنّما وجب
ن اللّه تعالى أح ّ
ق أن ستر ،ول ّلطلق المر بال ّ
يستحيا منه ،وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن
جدّه « قال :قلت :يا رسول اللّه ،عوراتنا ما نأتي
منها وما نذر ؟ قال :احفظ عورتك إل ّ من زوجتك
ما ملكت يمينك ،فقال :الّرجل يكون مع أو م ّ
الّرجل ؟ قال :إن استطعت أن ل يراها أحد
فافعل ،قلت :والّرجل يكون خاليا ً ؟ قال :فاللّه
ستر في الخلوة مطلوب أحقّ أن يستحيا منه » .وال ّ
إل ّ لحاجة ،كاغتسال وتبّرد ونحوه .
=================
سترة المصلّي *
التّعريف :
ستر ،وهي في م مأخوذة من ال ّ ض ّ
سترة بال ّ - 1ال ّ
اللّغة ما استترت به من شيء كائنا ً ما كان ،وكذا
ستر ،ويقال ستائر وال ّ ستارة ،والجمع :ال ّ ستار وال ّ ال ّ
ستَرا ً :أخفاه .وسترة المصلّي في ستْرا ً و َ
:ستره َ
الصطلح :هي ما يغرز أو ينصب أمام المصلّي من
عصا أو غير ذلك ،أو ما يجعله المصلّي أمامه لمنع
الماّرين بين يديه .
ي :بأنّها ما يستتر به من جدار أو وعّرفها البهوت ّ
شيء شاخص ...أو غير ذلك يصلّى إليه .وجميع
هذه التّعريفات متقاربة .
ي:الحكم التّكليف ّ
ن للمصلّي إذا كان فذ ّا ً " منفردا ً " أو إماماً - 2يس ّ
أن يتّخذ أمامه سترةً تمنع المرور بين يديه ،وتمكّنه
361
صلة ،وذلك لما ورد عن من الخشوع في أفعال ال ّ
ي صلى ن النّب ّ
الخدري رضي الله عنه أ ّ
ّ أبي سعيد
لالله عليه وسلم قال « :إذا صلّى أحدكم فليص ّ
إلى سترة ،وليدن منها ،ول يدع أحدا ً يمّر بين يديه
» .ولقوله صلى الله عليه وسلم « :ليستتر أحدكم
سفر في صلته ولو بسهم » ،وهذا يشمل ال ّ
والحضر ،كما يشمل الفرض والنّفل .
ما وراءها ، ف بصر المصلّي ع ّ والمقصود منها ك ّ
وجمع الخاطر بربط خياله كي ل ينتشر ،ومنع الماّر
كي ل يرتكب الثم بالمرور بين يديه .
والمر في الحديث للستحباب ل للوجوب ،قال ابن
عابدين :صّرح في المنية بكراهة تركها ،وهي
صارف للمر عن حقيقته ما رواه أبو تنزيهيّة ،وال ّ
داود عن الفضل بن العبّاس رضي الله عنهما :قال
« أتانا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ونحن في
بادية لنا فصلّى في صحراء ليس بين يديه سترة » .
ي :وليس ذلك ومثله ما ذكره الحنابلة قال البهوت ّ
ن
بواجب لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما « أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم صلّى في فضاء ليس النّب ّ
ب ذلك عند الحنفيّة بين يديه شيء » هذا ،ويستح ّ
ن
والمالكيّة في المشهور ،للمام والمنفرد إذا ظ ّ
سترة لهما .ونقل مرورا ً بين يديه ،وإل ّ فل تس ّ
ن ال ّ
عن مالك المر بها مطلقا ً ،وبه قال ابن حبيب
واختاره اللّخم ّ
ي.
شافعيّة فأطلقوا القول بأنّها سنّة ،ولم يذكروا ما ال ّ أ ّ
قيدا ً .
سترة للمام والمنفرد ولو لم ن ال ّوقال الحنابلة :تس ّ
يخش ماّرا ً .
362
سترة اتّفاقا ً ،ل ّ
ن ب له اتّخاذ ال ّ ما المأموم فل يستح ّ أ ّ
ن المام سترة سترة المام سترة لمن خلفه ،أو ل ّ
له ،على اختلف عند الفقهاء .وسيأتي تفصيله .
ما يجعل سترة ً :
ح أن يستتر المصلّي - 3اتّفق الفقهاء على أنّه يص ّ
شجر ل ما انتصب من الشياء كالجدار وال ّ بك ّ
والسطوانة والعمود ،أو بما غرز كالعصا والّرمح
سهم وما شاكلها ،وينبغي أن يكون ثابتًا غير وال ّ
شاغل للمصلّي عن الخشوع .
واستثنى المالكيّة الستتار بحجر واحد وقالوا :يكره
صنم ،فإن لم يجد به مع وجود غيره لشبهه بعبادة ال ّ
غيره جاز ،كما يجوز بأكثر من واحد .
ط أو نحوها ي أو الدّابّة أو الخ ّ ما الستتار بالدم ّ أ ّ
فللفقهاء في ذلك تفصيل وخلف ،وبيانه فيما يلي :
ي:أ -الستتار بالدم ّ
- 4ذهب جمهور الفقهاء :الحنفيّة والمالكيّة
حةشافعيّة إلى ص ّ والحنابلة ،وهو قول عند ال ّ
صلة ،وذلك في الجملة ، ي في ال ّ الستتار بالدم ّ
لكنّهم اختلفوا في التّفاصيل .
ح أن يستتر بظهر ك ّ
ل فقال الحنفيّة والمالكيّة :يص ّ
رجل قائم أو قاعد ،ل بوجهه ،ول بنائم ،ومنعوا
الستتار بالمرأة غير المحرم .
ما ظهر المرأة المحرم فاختلف الحنفيّة في جواز أ ّ
الستتار به ،كما ذكر المالكيّة فيه قولين أرجحهما
خرين الجواز . عند المتأ ّ
ي
سترة بالدم ّ شافعيّة عدم الكتفاء بال ّ والوجه عند ال ّ
صفوف -ل يكون سترةً ن بعض ال ّ ،ولهذا قّرروا أ ّ
لبعض آخر .
363
سترة آدميّا ً أو صل بعضهم فقالوا :لو كانت ال ّ وف ّ
ة ولم يحصل بسبب ذلك اشتغال ينافي خشوعه بهيم ً
فقيل يكفي ،وإن حصل له الشتغال ل يعتد ّ بتلك
سترة . ال ّ
ي غير ما الحنابلة فقد أطلقوا جواز الستتار بآدم ّ أ ّ
كافر .
صلة إلى وجه النسان فتكره عند الجميع ، ما ال ّ وأ ّ
لما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت « :كان
سرير ي صلى الله عليه وسلم يصلّي وسط ال ّ النّب ّ
وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة ،تكون لي الحاجة
ل انسلل ً » . فأكره أن أقوم فأستقبله ،فأنس ّ
ن عمر رضي الله عنه أدّب على ذلك . وروي أ ّ
ب -الستتار بالدّابّة :
- 5ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى جواز الستتار بالدّابّة
شرح الكبير على ي في ال ّ مطلقا ً ،قال المقدس ّ
المقنع :ل بأس أن يستتر ببعير أو حيوان ،فعله ابن
عمر وأنس رضي الله تعالى عنهما ،لما روى ابن
ي صلى الله ن النّب ّ عمر رضي الله تعالى عنهما « أ ّ
عليه وسلم صلّى إلى بعير » .
ما لنجاسة فضلتها ومنع المالكيّة الستتار بالدّابّة ،إ ّ
شاة ، ما لعدم ثباتها كال ّ كالبغل والحمار ونحوهما ،وإ ّ
ما لكلتا العلّتين كالفرس . وإ ّ
وقالوا :إن كانت فضلتها طاهرةً وربطت جاز
الستتار بها .
شافعيّة فالوجه عندهم أنّه ل يجوز الستتار ما ال ّ أ ّ
بالدّابّة كما ل يجوز بالنسان .
ولنّه ل يؤمن أن يشتغل به فيتغافل عن صلته .
وفي قول عندهم :يجوز الستتار بالبهيمة.
364
ن
صحيحين أ ّ ما الدّابّة ففي ال ّ ي:أ ّ مد الّرمل ّ قال مح ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ،وكأنّه لم النّب ّ
ي ،ويتعيّن العمل به ،وحمل بعضهم شافع ّ يبلغ ال ّ
المنع على غير البعير .
ط: ج -التّستّر بالخ ّ
ط - 6إن لم يجد المصلّي ما ينصبه أمامه فليخ ّ
شافعيّة خطّا ً ،وهذا عند جمهور الفقهاء ( :ال ّ
خري الحنفيّة ) لما ورد والحنابلة ،والّراجح عند متأ ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « :إذا صلّى ن النّب ّأ ّ
أحدكم فليجعل تلقاء وجه شيئا ً فإن لم يجد فلينصب
مل ط خطّا ً ،ث ّ عصا ،فإن لم يكن معه عصا فليخ ّ
يضّره ما مّر أمامه » .
ن المقصود جمع الخاطر بربط الخيال كي ل ول ّ
ط.ينتشر ،وهو يحصل بالخ ّ
حة التّستّر جح الكمال بن الهمام من الحنفيّة ص ّ ور ّ
سنّة أولى بالتّباع .وقاس ن ال ّ ط وقال :ل ّ بالخ ّ
جادة ط المصلّى ،كس ّ شافعيّة على الخ ّ الحنفيّة وال ّ
مفروشة ،قال الطّحطاويّ :وهو قياس أولى ،ل ّ
ن
ط.المصلّى أبلغ في دفع الماّر من الخ ّ
ط وقالوا : شافعيّة المصلّى على الخ ّ ولهذا قدّم ال ّ
ط لنّه أظهر في المراد . قدّم على الخ ّ
ط يخطّه في ح التّستّر بخ ّ وقال المالكيّة :ل يص ّ
الرض ،وهذا قول متقدّمي الحنفيّة أيضا ً واختاره
في الهداية ،لنّه ل يحصل به المقصود ،إذ ل يظهر
من بعيد .
التّرتيب فيما يجعل سترةً :
سترة أربع مراتب وقالوا شافعيّة لتّخاذ ال ّ - 7ذكر ال ّ
:لو عدل إلى مرتبة وهو قادر على ما قبلها لم
ن عندهم أوّل ً التّستّر تحصل سنّة الستتار .فيس ّ
365
م إذا عجز عنها فإلى نحو عصا بجدار أو سارية ،ث ّ
جادة ، مغروزة ،وعند عجزه عنها يبسط مصلّى كس ّ
ط قبالته خطّا ً طول ً ،وذلك أخذاً وإذا عجز عنها يخ ّ
ي صلى ص الحديث الّذي رواه أبو داود عن النّب ّ بن ّ
الله عليه وسلم قال « :إذا صلّى أحدكم فليجعل
تلقاء وجهه شيئا ً فإن لم يجد فلينصب عصا ً ،فإن لم
م ل يضّره ما مّر ط خطّا ً ،ث ّيكن معه عصا فليخ ّ
سهولة . أمامه » وقالوا :المراد بالعجز عدم ال ّ
وهذا هو المفهوم من كلم الحنفيّة والحنابلة أيضاً
وإن لم يصّرحوا بالمراتب .
قال ابن عابدين :المفهوم من كلمهم أنّه عند
إمكان الغرز ل يكفي الوضع ،وعند إمكان الوضع ل
ط.يكفي الخ ّ
وعبارة الحنابلة تفيد ذلك حيث قالوا :فإن لم يجد
شاخصا ً وتعذ ّر غرز عصا ونحوها ،وضعها بالرض ،
ط خطّا ً . ويكفي خيط ونحوه ..فإن لم يجد خ ّ
ط. ما المالكيّة فقد تقدّم أنّهم ل يجيزون الخ ّ أ ّ
سترة وصفتها : مقدار ال ّ
صحراء - 8يرى الحنفيّة والمالكيّة أنّه إذا صلّى في ال ّ
ب له أن يغرز أو فيما يخشى المرور بين يديه يستح ّ
سترة ً بطول ذراع فصاعدا ً .
ل من الذ ّراع خلف . قال الحنفيّة :في العتداد بأق ّ
والمراد بالذ ّراع ذراع اليد ،وهو شبران .وقال
سترة يكون ثلثي ذراع فأكثر شافعيّة :طول ال ّ ال ّ
تقريبا ً .
وقال الحنابلة :إن كان في فضاء صلّى إلى سترة
ة قدر ذراع فأق ّ
ل. بين يديه مرتفع ً
366
والصل في ذلك حديث طلحة بن عبيد اللّه رضي
الله عنه مرفوعا ً « :إذا وضع أحدكم بين يديه مثل
ل ول يبال من مّر وراء ذلك » . خرة الّرحل فليص ّ مؤ ّ
خرة الّرحل هي العود الّذي في آخر الّرحل ومؤ ّ
يحاذي رأس الّراكب على البعير .
سرت بأنّها ذراع فما فوقه . قال الحنفيّة :ف ّ
وقال الحنابلة :تختلف ،فتارة ً تكون ذراعا ً وتارةً
تكون دونه .
شافعيّة والحنابلة ما قدرها في الغلظ فلم يحدّده ال ّ وأ ّ
ة
ة كالحائط والبعير ،أو رقيق ً ،فقد تكون غليظ ً
سهم ،لنّه صلى الله عليه وسلم صلّى إلى حربة كال ّ
وإلى بعير .
ما الحنفيّة فقد صّرحوا في أكثر المتون بأن تكون أ ّ
ن ما دونه ربّما سترة بغلظ الصبع ،وذلك أدناه ل ّ ال ّ
ل يظهر للنّاظر فل يحصل المقصود منها .لكن قال
ابن عابدين :جعل في البدائع بيان الغلظ قولً
ضعيفا ً ،وأنّه ل اعتبار بالعرض ،وظاهره أنّه
المذهب .ويؤيّده ما ورد أنّه صلى الله عليه وسلم
خرة الّرحل ولو سترة قدر مؤ ّ قال « :يجزئ من ال ّ
بدقّة شعرة » .
ل، وقال المالكيّة :يكون غلظها غلظ رمح على الق ّ
فل يكفي أدقّ منه ،ونقل عن ابن حبيب أنّه قال :ل
خرة الّرحل في سترة دون مؤ ّ بأس أن تكون ال ّ
الطّول ودون الّرمح في الغلظ .
سترة :
كيفيّة نصب أو وضع ال ّ
سترة أن ب في ال ّ - 9اتّفق الفقهاء على أنّه يستح ّ
تنصب أو تغرز أمام المصلّي ،وتجعل على جهة أحد
حاجبيه ،وهذا إذا كان غرزها ممكنا ً ،وإل ّ بأن كانت
367
سترة أمام ة مثل ً ،فهل يكفي وضع ال ّ الرض صلب ً
المصلّي طول ً أو عرضا ً ؟
اختلف الفقهاء في ذلك :فقال الحنفيّة :يلقي ما
م سقط ، معه من عصا ً أو غيرها طول ً ،كأنّه غرز ث ّ
وهذا اختيار الفقيه أبي جعفر ،واختار بعضهم أنّه ل
ط خطّا ً بالعرض يجزئ ،وإن لم يجد ما ينصبه فليخ ّ
مثل الهلل ،أو يجعله طول ً بمنزلة الخشبة
ل العصا ،وهو المغروزة أمامه .فيصير شبه ظ ّ
خرين من الحنفيّة . اختيار المتأ ّ
شافعيّة والحنابلة ،يقول الخطيب ومثله ما ذكره ال ّ
ط أمامه خطّاً ي :إذا عجز عن غيره فليخ ّ شربين ّال ّ
طول ً .وفي حاشية الجمل :هذا هو الكمل ويحصل
سنّة بجعله عرضا ً .وعبارة الحنابلة :إن تعذ ّر أصل ال ّ
غرز عصا ً ونحوها يكفي وضعها بالرض ..ووضعها
عرضا ً أعجب إلى أحمد من الطّول .
ط خطّا ً كالهلل ل طول ً .لكن نقل فإن لم يجد خ ّ
ط أجزأه . شرح :وكيفما خ ّ ي عن ال ّ البهوت ّ
ة ولسترة ثابت ً ما المالكيّة فاشترطوا أن تكون ال ّ أ ّ
ط أصل ً . يجيزون الخ ّ
سترة :موقف المصلّي من ال ّ
ن لمن أراد أن يصلّي إلى سترة أن يقرب - 10يس ّ
منها نحو ثلثة أذرع من قدميه ول يزيد على ذلك .
لحديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا ً « :إذا صلّى
شيطان أحدكم إلى سترة فليدن منها ،ل يقطع ال ّ
عليه صلته » .وعن سهل بن سعد قال « :كان
بين مصلّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وبين
ي صلى الله ن النّب ّشاة » .وورد « أ ّ الجدار ممّر ال ّ
عليه وسلم صلّى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلثة
شافعيّة والحنابلة . أذرع » .وهذا عند الحنفيّة وال ّ
368
ن الفاصل بين وهو المفهوم من كلم المالكيّة ل ّ
سترة يكون بمقدار ما يحتاجه لقيامه المصلّي وال ّ
ن حريم ن الرجح عندهم أ ّ وركوعه وسجوده ،ل ّ
المصلّي هو هذا المقدار ،سواء أصلّى إلى سترة أم
ل.
سترة يسيرا ً ،بأن ن انحراف المصلّي عن ال ّ ويس ّ
يجعلها على جهة أحد حاجبيه ،ول يصمد إليها صمدًا
أي ل يقابلها مستويا ً مستقيما ً ،لما روي عن المقداد
رضي الله عنه أنّه قال « :ما رأيت رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يصلّي إلى عود ول عمود ول
شجرة إل ّ جعله على حاجبيه اليمن أو اليسر ،ول
يصمد له صمدا ً » .
سترة نحو عصا منصوبة أو حجر وهذا إذا كانت ال ّ
صلة على بخلف الجدار العريض ونحوه ،وبخلف ال ّ
صلة تكون عليها ل إليها . ن ال ّ جادة ،ل ّس ّ
ال ّ
سترة المام سترة للمأمومين :
ن سترة المام تكفي - 11اتّفق الفقهاء على أ ّ
المأمومين سواء أصلّوا خلفه أم بجانبيه .
ب للمأموم أن يتّخذ سترةً .وذلك لما ورد فل يستح ّ
ي صلى الله عليه وسلم صلّى ن النّب ّفي الحديث « أ ّ
بالبطح إلى عنزة ركزت له ولم يكن للقوم سترة »
.
واختلفوا :هل سترة المام سترة لمن خلفه ،أو
ة وهو سترة لمن خلفه ،ففي ص ًهي سترة له خا ّ
ن سترة المام سترة أكثر كتب الحنفيّة والحنابلة أ ّ
لمن خلفه .
وذكر المالكيّة وبعض الحنابلة الخلف في ذلك .قال
ي والمعنى واحد .وقال بعضهم :الخلف لفظ ّ
ي وله ثمرة ،فإن قلنا : آخرون :الخلف حقيق ّ
369
المام سترة لمن خلفه كما نقل عن مالك وغيره
ف الّذي خلفه كما ص ّيمتنع المرور بين المام وبين ال ّ
يمنع المرور بينه وبين سترته ،لنّه مرور بين
ف
ص ّالمصلّي وسترته فيهما ،ويجوز المرور بين ال ّ
ف الّذي بعده لنّه قد حال بينهما ص ّ الّذي خلفه وال ّ
ن سترة المام ف الوّل ،وإن قلنا :إ ّ ص ّ حائل وهو ال ّ
سترة لهم كما يقول عبد الوهّاب من المالكيّة وغيره
ف الوّل والمام لوجود ص ّ فيجوز المرور بين ال ّ
ن
قأ ّ ي :والح ّ الحائل وهو المام .قال الدّسوق ّ
ي والمعتمد قول مالك . الخلف حقيق ّ
سترة :المرور بين المصلّي وال ّ
ن المرور وراء - 12ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
ن المرور بين المصلّي وسترته سترة ل يضّر ،وأ ّ ال ّ
ي عنه ،فيأثم الماّر بين يديه ،لقوله صلى الله منه ّ
عليه وسلم « :لو يعلم الماّر بين يدي المصلّي ماذا
عليه من الثم لكان أن يقف أربعين خيرا ً له من أن
يمّر بين يديه » .ويرى جمهور الفقهاء :الحنفيّة
ن الماّر بين يدي المصلّي آثم والمالكيّة والحنابلة :أ ّ
ل إلى سترة .وذلك إذا مّر قريبا ً منه ، ولو لم يص ّ
واختلفوا في حد ّ القرب .
ل .أو ما يحتاج له في قال بعضهم :ثلثة أذرع فأق ّ
ركوعه وسجوده .
صحيح عند الحنابلة تحديد ذلك بما إذا مشى إليه وال ّ
ح عند ودفع الماّر بين يديه ل تبطل صلته .والص ّ
الحنفيّة أن يكون المرور من موضع قدمه إلى
موضع سجوده ،وقال بعضهم :إنّه قدر ما يقع
بصره على الماّر لو صلّى بخشوع ،أي راميا ً ببصره
إلى موضع سجوده .وقيّد المالكيّة الثم بما إذا مّر
في حريم المصلّي من كانت له مندوحة أي سعة
370
المرور بعيدا ً عن حريم المصلّي ،وإل ّ فل إثم ،وكذا
لو كان يصلّي بالمسجد الحرام فمّر بين يديه من
ل تعّرض بصلته من يطوف بالبيت وقالوا :يأثم مص ّ
ن به المرور ،ومّر بين يديه ل يظ ّ غير سترة في مح ّ
أحد .
ن هنا صوراً ونقل ابن عابدين عن بعض الفقهاء أ ّ
أربعا ً :
الولى :أن يكون للماّر مندوحة عن المرور بين يدي
ص الماّر المصلّي ولم يتعّرض المصلّي لذلك فيخت ّ
بالثم إن مّر .
الثّانية :أن يكون المصلّي تعّرض للمرور والماّر
ص المصلّيليس له مندوحة عن المرور ،فيخت ّ
بالثم دون الماّر .
الثّالثة :أن يتعّرض المصلّي للمرور ويكون للماّر
ما المصلّي فلتعّرضه ،وأ ّ
ما مندوحة ،فيأثمان معا ً ،أ ّ
الماّر فلمروره مع إمكان أن ل يفعل .
الّرابعة :أن ل يتعّرض المصلّي ول يكون للماّر
مندوحة ،فل يأثم واحد منهما .
ومثله ما ذكره بعض المالكيّة .
شافعيّة فقد صّرحوا بحرمة المرور بين يدي ما ال ّ أ ّ
المصلّي إذا صلّى إلى سترة وإن لم يجد الماّر سبيلً
آخر ،وهذا إذا لم يتعد ّ المصلّي بصلته في المكان ،
وإل ّ كأن وقف بقارعة الطّريق أو استتر بسترة في
مكان مغصوب فل حرمة ول كراهة .
ولو صلّى بل سترة ،أو تباعد عنها ،أو لم تكن
صفة المذكورة فل يحرم المرور بين سترة بال ّ ال ّ
يديه ،وليس له دفع الماّر لتعدّيه بصلته في ذلك
المكان .
371
هذا واستثنى الفقهاء من الثم المرور بين يدي
ف أو لغسل المصلّي للطّائف أو لسد ّ فرجة في ص ّ
رعاف أو ما شاكل ذلك .
صلة : أثر المرور بين يدي المصلّي في قطع ال ّ
ن
شافعيّة إلى أ ّ - 13ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
صلة سترة ل يقطع ال ّ مرور شيء بين المصلّي وال ّ
صفة الّتي توجب ول يفسدها ،أيّا ً كان ،ولو كان بال ّ
الثم على الماّر ،وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم
صلة شيء وادرءوا ما استطعتم » . « :ل يقطع ال ّ
وقال الحنابلة مثل ذلك ،إل ّ أنّهم استثنوا الكلب
صلة .السود البهيم فرأوا أنّه يقطع ال ّ
سترة :دفع الماّر بين المصلّي وال ّ
ن للمصلّي أن يدفع - 14ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
الماّر من إنسان أو بهيمة إذا مّر بينه وبين سترته أو
قريبا ً منه ،لما ورد فيه من أحاديث منها .ما رواه
أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال « :قال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :إذا صلّى أحدكم
إلى شيء يستره من النّاس فأراد أحد أن يجتاز بين
يديه فليدفعه ،فإن أبى فليقاتله فإنّما هو شيطان »
.
شيطان في إرادة ي :أي فعله فعل ال ّ صنعان ّقال ال ّ
ن الحامل التّشويش على المصلّي ،وقيل :المراد بأ ّ
ل على ذلك ما في رواية له على ذلك شيطان ،ويد ّ
ن معه القرين » أي شيطان ، مسلم « :فإ ّ
ل بمفهومه على أنّه إذا لم يكن للمصلّي والحديث دا ّ
سترة فليس له دفع الماّر بين يديه .ا هـ .وهو
شافعيّة .كذلك عند ال ّ
ن الدّفع ليس واجبا ً ، - 15واتّفق الفقهاء على أ ّ
صارف للحديث عن الوجوب شدّة منافاته ن ال ّوكأ ّ
372
صلة من الخشوع والتّدبّر ،وأيضاً مقصود ال ّ
ي من شربين ّ جهه ال ّ للختلف في تحريم المرور كما و ّ
شافعيّة .ومثله ما في كتب الحنفيّة والمالكيّة . ال ّ
خص م اختلفوا في أفضليّة الدّفع ،فقال الحنفيّة :ر ّ ث ّ
ن مبنى للمصلّي الدّفع ،والولى ترك الدّفع ل ّ
سكون والخشوع ،والمر بالدّرء لبيان صلة على ال ّ ال ّ
الّرخصة ،كالمر بقتل السودين ( الحيّة والعقرب )
صلة . في ال ّ
وقريب من الحنفيّة مذهب المالكيّة حيث قالوا :
للمصلّي دفع ذلك الماّر بين يديه دفعا ً خفيفا ً ل
يشغله .
ن ذلك للمصلّي إذا صلّى شافعيّة فقالوا :يس ّ ما ال ّ أ ّ
إلى سترة من جدار أو سارية أو عصا أو نحوها ،لما
الخدري رضي الله عنه ّ ورد في حديث أبي سعيد
صه . المتقدّم ن ّ
ب أن يرد ّ ما مّر بين يديه من وقال الحنابلة :يستح ّ
كبير وصغير وبهيمة ،لما ورد « أنّه صلى الله عليه
وسلم رد ّ عمر بن أبي سلمة وزينب وهما صغيران
».
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
وفي حديث ابن عبّاس « أ ّ
وسلم كان يصلّي فمّرت شاة بين يديه ،فساعاها
إلى القبلة حتّى ألزق بطنه بالقبلة » .
سترة : كيفيّة دفع الماّر بين يدي المصلّي وال ّ
- 16اختلفت عبارات الفقهاء في كيفيّة الدّفع وما
ينشأ عنه من ضمان ،واتّفقوا على أن يكون دفع
بالتّدريج ،ويراعى فيه السهل فالسهل .
شافعيّة قال النّوويّ في المجموع :مذهب ال ّ
استحباب التّسبيح للّرجل والتّصفيق للمرأة ،وبه
373
قال أحمد وأبو حنيفة ،وقال مالك :تسبّح المرأة
أيضا ً .أ هـ .
وقال الحنفيّة :يدفعه بالشارة أو التّسبيح ،وكره
صوت الجمع بينهما ،ويدفعه الّرجل برفع ال ّ
بالقراءة ،وتدفعه المرأة بالشارة أو التّصفيق بظهر
ف اليسرى ول ترفع أصابع اليمنى على صفحة ك ّ
صوتها ،لنّه فتنة ،ول يقاتل الماّر ،وما ورد فيه من
الحديث مؤوّل بأنّه كان جواز مقاتلته في ابتداء
السلم وقد نسخ .ول يجوز له المشي من موضعه
ن مفسدة ليردّه ،وإنّما يدفعه ويردّه من موضعه ،ل ّ
المشي أعظم من مروره بين يديه .
وقريب من الحنفيّة مذهب المالكيّة حيث قالوا :
للمصلّي دفع ذلك الماّر دفعا ً خفيفا ً ل يشغله عن
صلة .فإن كثر أبطل صلته . ال ّ
================
سجود التّلوة *
التّعريف :
سجود ة :مصدر سجد ،وأصل ال ّ سجود لغ ً - 1ال ّ
التّطامن والخضوع والتّذلّل .
سجود في الصطلح :وضع الجبهة أو بعضها وال ّ
على الرض أو ما اتّصل بها من ثابت مستقّر على
هيئة مخصوصة .
ة
والتّلوة :مصدر تل يتلو ،يقال :تلوت القرآن تلو ً
ل كلم . م بعضهم به ك ّ إذا قرأته ،وع ّ
وسجود التّلوة :هو الّذي سبب وجوبه -أو ندبه -
سجود . تلوة آية من آيات ال ّ
الحكم التّكليفي :
374
- 2اتّفق الفقهاء على مشروعيّة سجود التلوة ،
لليات والحاديث الواردة فيه ،لكنّهم اختلفوا في
صفة مشروعيته أواجب هو أو مندوب .
ن سجود التّلوة شافعية و الحنابلة إلى أ ّ فذهب ال ّ
سجدة لقول الله سنّة مؤكّدة عقب تلوة آية ال ّ
من قَبْلِهِ إِذ َا يُتْلَى ن الَّذي ُ
م ِ ن أوتُوا ْ الْعِل ْ َ ِ َ تعالى { :إ ِ َّ
جدا ً ،وَيُقولُو َ خُرو َ َ
ن َربِّنَاحا َسب ْ َن ُ س َّ ن ُ ن لِلذْقَا ِ م يَ ِ ّ ع َلَيْهِ ْ
خُرو َ َ
نن يَبْكُو َ ن لِلذْقَا ِ فعُول ً َ ،وي َ ِ ّ م ْ ن وَعْد ُ َرب ِّنَا ل َ َ إِن كَا َ
شوعا ً } . خ ُ م ُ وَيَزِيدُهُ ْ
ولما ورد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
شيطان سجدة فسجد ،اعتزل ال ّ « إذا قرأ ابن آدم ال ّ
يبكي ،يقول يا ويلي ،وفي رواية ياويله -أمر ابن
سجود سجود فسجد فله الجنّة ،و أمرت بال ّ آدم بال ّ
فأبيت فلي النّار » .
ولما روى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
قال « :كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقرأ
سجدة فيسجد ونسجد » . سورة فيها ال ّ علينا ال ّ
ن النّبي وليس سجود التّلوة بواجب -عندهم -ل ّ
صلى الله عليه وسلم تركه ،وقد قرأت عليه سورة
جم ِ } ...وفيها سجدة ،روى زيد بن ثابت { َوالن َّ ْ
رضي الله تعالى عنه قال « :قرأت على النّبي
جم ِ فلم يسجد فيها » صلى الله عليه وسلّم َوالن َّ ْ
وفي رواية « :فلم يسجد منّا أحد » وروى البخاري
ن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ يوم الجمعة «أ ّ
سجدة نزل على المنبر سورة النّحل حتّى إذا جاء ال ّ
فسجد ،فسجد النّاس ،حتّى إذا كانت الجمعة
سجدة قال " :يا أيّها القابلة قرأ بها حتّى إذا جاء ال ّ
سجود ،فمن سجد فقد أصاب ، النّاس ،إنّا نمر بال ّ
375
ومن لم يسجد فل إثم عليه ،ولم يسجد عمر رضي
الله تعالى عنه » ورواه مالك في الموطّأ وقال فيه
ن الله لم يكتبها علينا إل أن « :على رسلكم ،إ ّ
نشاء ،فلم يسجد ،ومنعهم أن يسجدوا ،وكان
بمحضر من الصحابة ،ولم ينكروا عليه فكان إجماعاً
».
واستدلوا أيضا ً بما جاء في حديث العرابي من قوله
صلى الله عليه وسلم « خمس صلوات في اليوم
ي غيرها ؟ قال :ل ،إل أن والليلة ،قال :هل عل ّ
ن الصل عدم الوجوب حتّى يثبت تتطوع » .وبأ ّ
صحيح صريح في المر به ول معارض له ولم يثبت ،
وبأنه يجوز سجود التّلة على الراحلة بالتّفاق في
سفر ولو كان واجبا ً لم يجز كسجود صلة الفرض . ال ّ
واختلف فقهاء المالكّية في حكم سجود التّلوة ،هل
سنيةهو سنّة غير مؤكّدة أو فضيلة ،والقول بال ّ
شهّره ابن عطاء الله وابن الفاكهاني وعليه الكثر ،
والقول بأنّه فضيلة هو قول الباجي وابن الكاتب
وصدّر به ابن الحاجب ومن قاعدته تشهير ما صدّر
صبيبه ،وهذا الخلف في حق المكلّف .أما ال ّ
فيندب له فقط ،وفائدة الخلف كثرة الثّواب
صلة ولو فرضا ً فمطلوب سجود في ال ّ وقلّته ،وأما ال ّ
على القولين ،وقال ابن العربي :وسجود التّلوة
واجب وجوب سنّة ل يأثم من تركه عامدا ً .
ن سجود التّلوة أو بدله كاليماء وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
سجدة على من سمعها »... واجب لحديث « :ال ّ
وعلى للوجوب ،ولحديث أبي هريرة رضي الله
سجدة فسجد تعالى عنه « :إذا قرأ ابن آدم ال ّ
شيطان يبكي ،يقول ياويله أمر ابن آدم اعتزل ال ّ
376
سجود فأبيت سجود فسجد فله الجنّة ،وأمرت بال ّ بال ّ
فلي النّار » .
شروط سجود التّلوة :
الطّهارة من الحدث والخبث :
حة سجود - 3ذهب الفقهاء إلى أنّه يشترط لص ّ
التّلوة الطّهارة من الحدث والخبث في البدن
والثّوب والمكان ،لكون سجود التّلوة صلةً أو جزءاً
حتهصلة ،فيشترط لص ّ صلة أو في معنى ال ّ من ال ّ
صلة ،والّتي ل تقبل حة ال ّ الطّهارة الّتي شرطت لص ّ
صلة إل ّ بها ،لما روى عبد اللّه بن عمر رضي الله ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ
تعالى عنهما « أ ّ
ل تقبل صلة بغير طهور » فيدخل في عمومه
سجود التّلوة .
وقال ابن قدامة :يشترط لسجود التّلوة ما يشترط
لصلة النّافلة من الطّهارتين من الحدث والنّجس ...
ول نعلم فيه خلفا ً إل ّ ما روي عن عثمان بن عّفان
سجدة : رضي الله تعالى عنه في الحائض تسمع ال ّ
تومئ برأسها ،وبه قال سعيد بن المسيّب قال :
ي فيمن شعب ّ م لك سجدت ،وعن ال ّ ويقول :اللّه ّ
سجدة على غير وضوء :يسجد حيث كان سمع ال ّ
وجهه .
ن سجود القرآن ي :ل خلف في أ ّ وقال القرطب ّ
صلة من طهارة حدث يحتاج إلى ما تحتاج إليه ال ّ
ونجس ..إل ّ ما ذكر البخاريّ عن عبد اللّه بن عمر
رضي الله تعالى عنهما أنّه كان يسجد على غير
ي.شعب ّ طهارة .وذكره ابن المنذر عن ال ّ
وعند المالكيّة في اشتراط الطّهارة لسجود التّلوة
ي.خلفه للنّاصر اللّقان ّ
377
ن سجود التّلوة قال أبو العبّاس :والّذي تبيّن لي أ ّ
صلة وغيرها . واجب مطلقا ً في ال ّ
وهو رواية عن أحمد ،ومذهب طائفة من العلماء ،
ول يشرع فيه تحريم ول تحليل .
ي صلى الله عليه سنّة المعروفة عن النّب ّ هذا هو ال ّ
سلف .مة ال ّوسلم وعليها عا ّ
وعلى هذا فليس هو صلة ً .فل يشترط له شروط
صلة .بل يجوز على غير طهارة .كان ابن عمر ال ّ
ن
البخاري .لك ّ
ّ يسجد على غير طهارة .واختارها
صلة أفضل ،ول ينبغي أن يخ ّ
ل سجود بشروط ال ّ ال ّ
بذلك إل ّ لعذر
سجود بل طهارة خير من الخلل به ،لكن قد فال ّ
يقال :إنّه ل يجب في هذه الحال كما ل يجب على
سجود .وإن كان ذلك سامع إذا لم يسجد قارئ ال ّ ال ّ
سجود جائزا ً عند جمهور العلماء . ال ّ
ما ستر العورة واستقبال القبلة والنّيّة فهي وأ ّ
حة سجود التّلوة على التّفصيل المبيّن شروط لص ّ
شافعيّة ن ال ّفي مصطلح ( :صلة ،و عورة ) على أ ّ
اعتبروا النّيّة ركنا ً .
دخول الوقت :
حة سجود التّلوة دخول وقت - 4يشترط لص ّ
سجود ،ويحصل ذلك عند جمهور الفقهاء بقراءة ال ّ
سجدة أو سماعها ،فلو سجد قبل جميع آية ال ّ
ح
النتهاء إلى آخر الية ولو بحرف واحد لم يص ّ
سجود ،لنّه يكون قد سجد قبل دخول وقت ال ّ
صلة قبل دخول ح ال ّح ،كما ل تص ّ سجود فل يص ّ ال ّ
وقتها .
378
واختلف الحنفيّة فيما يجب به سجود التّلوة ،فقال
ي :يجب سجود التّلوة بسبب تلوة آية ، الحصكف ّ
سجدة . أي أكثرها مع حرف ال ّ
وعّقب ابن عابدين على ذلك بقوله :هذا خلف
صحيح الّذي جزم به في نور اليضاح . ال ّ
صلة : ف عن مفسدات ال ّ الك ّ
ل ما ف عن ك ّ حة سجود التّلوة الك ّ - 5يشترط لص ّ
ن سجود التّلوة صلة من قول أو فعل ،ل ّ يفسد ال ّ
صلة . صلة أو في معنى ال ّ
حة سجود واشترط بعض الفقهاء شروطا ً أخرى لص ّ
شافعيّة من كون التّلوة ،منها :ما اشترطه ال ّ
ة ،وعدم الفصل الطّويل القراءة مقصودة ً ومشروع ً
سجود . سجدة وال ّ بين قراءة آخر آية ال ّ
ومن ذلك ما ذهب إليه الحنابلة من أنّه يشترط
من يصلح أن لسجود المستمع أن يكون التّالي م ّ
يكون إماما ً له ،وأن يسجد التّالي .
مواضع سجود التّلوة :
- 6مواضع سجود التّلوة في القرآن الكريم خمسة
عشر ،بعضها متّفق عليه ،وبعضها مختلف فيه ،
ت عشرة بزيادة سجدة عند آية الحجر : وقيل س ّ
ن } .خلفاً جدِي َ ن ال َّ
سا ِ م َ ك وَكُن ِّ مدِ َرب ِّ َ ح ْح بِ َ سب ِّ ْ{ فَ َ
لجماهير العلماء .
سجود المتّفق عليها : مواضع ال ّ
- 7اتّفق الفقهاء على سجود التّلوة في عشرة
مواضع من القرآن الكريم .
- 1سورة العراف :وهي آخر آية فيها { ...
ن}. جدُو َس ُه يَ ْ ه وَل َ ُ حون َ ُ سب ِّ ُ
وَي ُ َ
379
- 2سورة الّرعد :عند قول اللّه تعالى ... { :
ل } من الية الخامسة عشر صا ِ وَظِللُهُم بِالْغُد ُ ِّو َوال َ
.
- 3سورة النّحل عند قول اللّه تعالى ... { :
ن } من الية الخمسين . مُرو َ ما يُؤ ْ َ ن َ فعَلُو َ وَي َ ْ
- 4سورة السراء :عند قول اللّه تعالى ... { :
شوعا ً } من الية التّاسعة بعد المائة . خ ُ م ُ وَيَزِيدُهُ ْ
خُّروا -5سورة مريم :عند قول اللّه تعالى َ ... { :
جدا ً َوبُكِيّا ً } من الية الثّامنة والخمسين . س َّ ُ
َ َّ
ن الل َ
ه ج :عند قول اللّه تعالى ... {:إ ِ ّ -6سورة الح ّ
شاء } من الية الثّامنة عشر. ما ي َ َ ل َ فعَ ُ يَ ْ
-7سورة النّمل :عند قول اللّه تعالى َ ... { :ر ُّ
ب
سابعة والعشرين . ش الْعَظِيم ِ } من الية ال ّ العَْر ِ
ْ
ل } ...عند قول اللّه سجدة { الم تَنْزِي ُ -8سورة ال ّ
ن } من الية الخامسة ستَكْبُِرو َ م َل ي َ ْ تعالى { :وَهُ ْ
عشر .
-9سورة الفرقان :عند قول اللّه تعالى ... { :
ستّين . م نُُفورا ً } من الية ال ّ َوَزادَهُ ْ
صلت " .عند قول اللّه سجدة َ" ف ّ - 10سورة حم ال ّ
ن } من الية الثّامنة مو َ سأ ُ م َل ي َ ْ تعالى ... { :وَهُ ْ
والثّلثين .
هذا على ما ذهب إليه الجمهور لفعل ابن عبّاس
سجود يكون عند ن ال ّ رضي الله عنهما ،وقيل :إ ّ
مام ن } عند ت ّ م إِيَّاهُ تَعْبُدُو َ قوله تعالى { :إِن كُنت ُ ْ
سابعة والثّلثين ،وهو المشهور عند المالكيّة الية ال ّ
.
سجود المختلف فيها : مواضع ال ّ
اختلف الفقهاء في سجود التّلوة عند خمسة مواضع
من القرآن الكريم هي :
380
ج:سجدة الثّانية في سورة الح ّ أ -ال ّ
سجود عند قوله تعالى {: - 8اختلف الفقهاء في ال ّ
َّ
جدُوا } ...إلخ . س َُ ْا و واُ عَ رك ْ ا وا ُ منآ
َ َن يِ ذ يَا أَيُّهَا ال
ج
ن في سورة الح ّ شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ فذهب ال ّ
سجدتين ،إحداهما الّتي تقدّمت في المتّفق عليه ،
َ َ
جدُوا س ُ منُوا اْركَعُوا وَا ْ نآ َ والخرى عند { :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
سبعون. سابعة وال ّ } وهي الية ال ّ
لما روي عن « عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه
نج بأ ّ ضلت سورة الح ّ قال :قلت يا رسول اللّه :ف ّ
فيها سجدتين ؟ قال :نعم ،من لم يسجدهما فل
ي وعبد اللّه بن عمر يقرأهما » ولنّه قول عمر وعل ّ
وأبي الدّرداء وأبي موسى رضي الله عنهم ،وأبي
ي ،وأبي العالية وزّر بن حبيش ، سلم ّ عبد الّرحمن ال ّ
قال ابن قدامة :لم نعرف لهم مخالفا ً في
يي التّابع ّ سبيع ّ عصرهم ،وقد قال أبو إسحاق ال ّ
ة يسجدون الكبير :أدركت النّاس منذ سبعين سن ً
ج سجدتين ،وقال ابن عمر رضي الله تعالى في الح ّ
عنهما :لو كنت تاركا ً إحداهما لتركت الولى ،وذلك
لنّها إخبار ،والثّانية أمر .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل سجود في هذا
ي بن كعب رضي الموطن ،واستدلّوا بما روي عن أب ّ
سجدات الّتي سمعها من الله تعالى عنه « أنّه عد ّ ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعد ّ في الح ّ
ج
سجدةً واحدةً » .وعن عبد اللّه بن عبّاس وعبد اللّه
بن عمر رضي الله تعالى عنهم قال :سجدة التّلوة
ن
صلة ،ول ّ ج هي الولى ،والثّانية سجدة ال ّ في الح ّ
سجدة متى قرنت الّركوع كانت عبارةً عن سجدة ال ّ
م اقْنُتِيمْري َ ُصلة كما في قول اللّه تعالى { :يَا َ ال ّ
381
ن } ولعدم معَ الَّراكِعِي َ جدِي َواْركَعِي َ س ُ ك َوا ْ لَِرب ِّ ِ
سجود فقهاء المدينة وقّرائهم فيها .
ب -سجدة سورة ( ص ) :
سجود - 9ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى مشروعيّة ال ّ
ن الحنفيّة قالوا في للتّلوة في سورة ( ص ) ،لك ّ
سجود عند قول اللّه تعالى : ن ال ّ صحيح عندهم :إ ّ ال ّ
ن
س َح ْ عندَنَا لَُزلَْفى وَ ُ ه ِ ن لَ ُ
ك وَإ ِ َّه ذَل ِ َ { فَغََفْرنَا ل َ ُ
ب}. مآ ٍ َ
ل ... : سجود عند قول اللّه عّز وج ّ وقال المالكيّة :ال ّ
َ
خَّر َراكِعًاه َو َ ما فَتَنَّاه ُ فَا ْ
ستَغَْفَر َرب َّ ُ ن دَاوُود ُ أن َّ َ { وَظ َ َّ
ب } وهو المعتمد في المذهب خلفا ً لمن قال َ
َوأنَا َ
ب}، مآ ٍ
ن َ س َ
ح ْ سجود عند قول اللّه تعالى َ { :و ُ ال ّ
سجود في الخير في ك ّ
ل ومن المالكيّة من اختار ال ّ
موضع مختلف فيه ليخرج من الخلف .
ل الحنفيّة لمذهبهم ،بما روى ابن عبّاس واستد ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّرضي الله تعالى عنهما « أ ّ
وسلم سجد في ص » .وبما أخرجه أحمد عن أبي
سعيد رضي الله عنه قال « :رأيت رؤيا وأنا أكتب
سجدة رأيت الدّواة والقلم ما بلغت ال ّ سورة ص فل ّ
ل شيء بحضرتي انقلب ساجدا ً ،فقصصتها على وك ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد
بها » .
قال الكمال بن الهمام في الستدلل بالحديث :
ن المر صار إلى المواظبة عليها كغيرها من فأفاد أ ّ
غير ترك .
واستدلّوا كذلك بما روي عن عثمان رضي الله
صلة سورة ( ص ) وسجد تعالى عنه أنّه قرأ في ال ّ
صحابة وسجد النّاس معه ،وكان ذلك بمحضر من ال ّ
382
رضي الله تعالى عنهم ،ولم ينكر عليها أحد ،ولو
صلة . ة لما جاز إدخالها في ال ّ سجدة واجب ً لم تكن ال ّ
شكر ل قنا ال ّ
سجود في ح ّ وقالوا :كون سبب ال ّ
ل الفرائض والواجبات إنّما ينافي الوجوب ،فك ّ
وجبت شكرا ً لتوالي النّعم ،ونحن نسجد شكرا ً .
شافعيّة في المنصوص الّذي قطع به وذهب ال ّ
جمهورهم -والحنابلة -في المشهور في المذهب -
سجود ، ن سجدة ( ص ) ليست من عزائم ال ّ إلى أ ّ
أي ليست من متأكّداته -فليست سجدة تلوة
ولكنّها سجدة شكر ،لما روى أبو داود عن أبي
سعيد رضي الله تعالى عنه قال « :قرأ رسول اللّه
ما بلغ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص ،فل ّ
ما كان سجدة نزل فسجد ،وسجد النّاس معه ،فل ّ ال ّ
سجدة تشّزن النّاس ما بلغ ال ّ يوم آخر قرأها فل ّ
ي صلى الله عليه سجود -أي تأهّبوا له -فقال النّب ّ لل ّ
ي ،ولكنّي رأيتكم تشّزنتم وسلم :إنّما هي توبة نب ّ
ي
سجود فنزل فسجد وسجدوا » ،وروى النّسائ ّ لل ّ
ي
ن النّب ّ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما « أ ّ
صلى الله عليه وسلم سجد في ص وقال :سجدها
ة ،ونسجدها شكرا ً » .وروى البخاريّ عن داود توب ً
ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال ( :ص )
سجود . ليست من عزائم ال ّ
ب أن صلة استح ّ وقالوا :إذا قرأ ( ص ) من غير ال ّ
يسجد لحديث أبي سعيد وابن عبّاس رضي الله
صلة ينبغي ألّ تعالى عنهم ،وإن قرأها في ال ّ
يسجد ،فإن خالف وسجد ناسيا ً أو جاهل ً لم تبطل
سهو ،وإن سجدها عامدا ً عالماً صلته وسجد لل ّ
ح من صلة بطلت صلته على الص ّ بتحريمها في ال ّ
صلة الوجهين ،لنّها سجدة شكر ،فبطلت بها ال ّ
383
ح
صلة عند تجدّد نعمة ،ومقابل الص ّ سجود في ال ّ كال ّ
:ل تبطل لنّها تتعلّق بالتّلوة فهي كسائر سجدات
التّلوة ،ولو سجد إمامه في ( ص ) لكونه يعتقدها
حها :ل يتابعه بل إن شاء نوى فثلثة أوجه أص ّ
مفارقته لنّه معذور ،وإن شاء ينتظره قائما ً كما لو
ن
سهو ل ّ قام إلى خامسة ،فإن انتظره لم يسجد لل ّ
المأموم ل سهو عليه ،والثّاني :ل يتابعه أيضا ً ،وهو
مخيّر في المفارقة والنتظار ،فإن انتظره سجد
ن إمامه زاد سهو بعد سلم المام ،لنّه يعتقد أ ّ لل ّ
جها ً عليهما سهو تو ّن لسجود ال ّ في صلته جاهل ً ،وإ ّ
ل به المام سجد المأموم ،والثّالث :يتابعه فإذا أخ ّ
في سجوده في ( ص ) لتأكّد متابعة المام .
شافعيّة ومقابل المنصوص الّذي قطع به جمهور ال ّ
ن
ومقابل المشهور في المذهب عند الحنابلة أ ّ
سجود ،وهو سجدة ( ص ) سجدة تلوة من عزائم ال ّ
المروزي
ّ قول أبي العبّاس بن سريج وأبي إسحاق
شافعيّة ،والّرواية الثّانية عن أحمد ،يسجد من ال ّ
من تلها أو سمعها وذلك لما رواه أبو موسى وأبو
سعيد وعبد اللّه بن عبّاس رضي الله تعالى عنهم :
ي صلى الله عليه وسلم سجد فيها » . ن النّب ّ«أ ّ
سجدة في صلة من آية ال ّ سجود في ال ّ وينظر حكم ال ّ
شكر). سورة( ص ) في بحث ( :سجود ال ّ
صل : ج -سجدات المف ّ
صل ثلث ن في المف ّ - 10ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
صل من أوّل سورة ( ق) إلى آخر سجدات -المف ّ
المصحف -أحدها في آخر النّجم ،والثّانية في الية
الحادية والعشرين من سورة النشقاق ،والثّالثة في
آخر سورة العلق ،لما روي عن عمرو بن العاص
ن رسول اللّه صلى الله رضي الله تعالى عنه « :أ ّ
384
عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدةً منها ثلث
صل » .ولما روى أبو رافع قال « :صلّيت في المف ّ
ماءُ س َ خلف أبي هريرة العتمة فقرأ { إذا ال َّ
سجدة ؟ فقال ت } فسجد ،فقلت :ما هذه ال ّ شَّق ْ ان ْ َ
:سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه
وسلم فل أزال أسجد فيها حتّى ألقاه » .وروى
مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال « :
سجد نافع مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
ْ
ك}» سم ِ َرب ِّ َ ت } و { اقَْرأ بِا ْ شَّق ْ
ماءُ ان ْ َ
س َ{ إذا ال َّ
وعن عبد اللّه بن مسعود رضي الله تعالى عنه « أ ّ
ن
ي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النّجم فسجد النّب ّ
بها ،وما بقي أحد من القوم إل ّ سجد »
َ
جدُوا لِل ّهِ وَاعْبُدُوا } س ُن آية سورة النّجم { :فَا ْ ول ّ
َ
جدْس ُ ه َوا ْ وآية آخر سورة العلق { :ك َ ّل َل تُطِعْ ُ
سجود . ب } وكلتا اليتين أمر بال ّ َواقْتَرِ ْ
ومشهور مذهب مالك أنّه ل سجود في شيء من
صل ،واستدلّوا بما روى زيد بن ثابت رضي الله المف ّ
ي صلى الله عليه تعالى عنه قال « :قرأت على النّب ّ
وسلم النّجم فلم يسجد » وبما روي عن ابن عبّاس
وابن عمر رضي الله تعالى عنهم قال :ليس في
صل سجدة ،وبما أخرج ابن ماجه عن أبي المف ّ
الدّرداء رضي الله تعالى عنه قال « :سجدت مع
ة
ي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجد ً النّب ّ
صل شيء :العراف ،والّرعد ، ليس فيها من المف ّ
ج ،وسجدة والنّحل ،وبني إسرائيل ،ومريم ،والح ّ
سجدة ،وفي ص الفرقان ،وسورة النّمل ،وال ّ
وسجدة الحواميم » ،ولعمل أهل المدينة لعدم
سجود فقهائها وقّرائها في النّجم والنشقاق .
ن المصلّي إذا سجد للتّلوة والمعتمد عند المالكيّة أ ّ
385
صل لم تبطل ج أو في سجدات المف ّ في ثانية الح ّ
صلته للخلف فيها ،وقيل :تبطل صلته إل ّ أن
يكون مقتديا ً بمن يسجدها فيسجد معه ،فإن ترك
حت صلته ،ولو سجد دون إمامه اتّباعه أساء وص ّ
بطلت صلته .
ي اتّجاهات المالكيّة في اعتبار الخلف ونقل الّزرقان ّ
ج وسجدات سجود في ثانية الح ّ في مشروعيّة ال ّ
ي ،فقال : صل الثّلث حقيقيّا ً أو غير حقيق ّ المف ّ
ي وهو ن هذا الخلف حقيق ّ خرين على أ ّ جمهور المتأ ّ
ظاهر المصنّف خليل -وعليه فيمنع أن يسجدها في
صلة ،قال سند :لنّه يزيد فيها فعل ً تبطل بمثله ، ال ّ
ة في فعل ميت الحدى عشرة عزائم مبالغ ً وس ّ
ن الخلف غير سجود مخافة أن تترك .وقيل :إ ّ ال ّ
سجود في جميعها ،إل ّ أنّه في الحدى ي وال ّ
حقيق ّ
عشرة آكد ،ويشهد له قول الموطّأ :عزائم
سجود إحدى عشرة أي المتأكّد منها . ال ّ
كيفيّة سجود التّلوة :
ن سجود التّلوة يحصل - 11اتّفق الفقهاء على أ ّ
سجدة ن ال ّبسجدة واحدة ،وذهب جمهورهم إلى أ ّ
للتّلوة تكون بين تكبيرتين ،وأنّه يشترط فيها
صلةب لسجدة ال ّ ب لها ما يشترط ويستح ّ ويستح ّ
من كشف الجبهة والمباشرة بها باليدين والّركبتين
والقدمين والنف ،ومجافاة المرفقين من الجنبين
ساجد أسافله عن والبطن عن الفخذين ،ورفع ال ّ
أعاليه وتوجيه أصابعه إلى القبلة ،وغير ذلك .
سجود للتّلوة لكنّهم اختلفوا في تفصيل كيفيّة أداء ال ّ
ل مذهب ببيان : اختلفا ً يحسن معه إفراد أقوال ك ّ
386
سجود أو ن ركن سجدة التّلوة ال ّ ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ل وإيماء مريض ما يقوم مقامه كركوع مص ّ بدله م ّ
وراكب .
ن سجود التّلوة سجدة بين تكبيرتين وقالوا :إ ّ
مسنونتين جهرا ً ،واستحبّوا له الخرور له من قيام ،
م كبّر
سجود كبّر ولم يرفع يديه وسجد ث ّ فمن أراد ال ّ
صلة ،لما روي عن عبد ورفع رأسه اعتبارا ً بسجدة ال ّ
اللّه بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنّه قال للتّالي
:إذا قرأت سجدةً فكبّر واسجد وإذا رفعت رأسك
سجود وعند الّرفع فكبّر ،والتّكبيرتان عند الهويّ لل ّ
ساجد فيهما منه مندوبتان ل واجبتان ،فل يرفع ال ّ
ن الّرفع للتّحريم ،ول تحريم لسجود يديه ،ل ّ
صلة لتوحيد التّلوة ،وقد اشترطت التّحريمة في ال ّ
الفعال المختلفة فيها من قيام وقراءة وركوع
وسجود ،وبالتّحريمة صارت فعل ً واحدا ً ،وأ ّ
ما
سجدة التّلوة فماهيّتها فعل واحد فاستغنت عن
سجود وجب تعظيما ً للّه تعالى ن ال ّ
التّحريمة ،ول ّ
ل .وتؤدّى سجدة التّلوة -عند وخضوعا ً له عّز وج ّ
صلة بسجود أو ركوع غير ركوع الحنفيّة -في ال ّ
صلة إذا كان صلة وسجودها ،وتؤدّى بركوع ال ّ ال ّ
الّركوع على الفور من قراءة آية أو آيتين وكذا
الثّلث على الظّاهر ،وكان المصلّي قد نوى كون
الّركوع لسجود التّلوة على الّراجح ،وتؤدّى بسجود
صلة على الفور وإن لم ينو ،ولو نواها المام في ال ّ
م لم تجزه ،ويسجد إذا سلّم ركوعه ولم ينوها المؤت ّ
المام ويعيد القعدة ،ولو تركها فسدت صلته ،
سجود ، وذلك في الجهريّة ،والصل في أدائها ال ّ
وهو أفضل ،ولو ركع المصلّي لها على الفور جاز ،
ح أن يركع لها ولو في حرمة وإن فات الفور ل يص ّ
387
ص بها ما دام في صلة ،فل بد ّ لها من سجود خا ّ ال ّ
ن سجدة التّلوة صارت دينًا والدّين صلة ،ل ّ حرمة ال ّ
سجود عليه يقضى بما له ل بما عليه ،والّركوع وال ّ
فل يتأدّى به الدّين ،وإذا سجد للتّلوة أو ركع لها
ب أن ل على حدة فورا ً يعود إلى القيام ،ويستح ّ
يعقبه بالّركوع بل يقرأ بعد قيامه آيتين أو ثلثاً
سجدة من آخر م يركع ،وإن كانت ال ّ فصاعدا ً ث ّ
م يركع . سورة يقرأ من سورة أخرى ث ّ ال ّ
صلة فل يجزئ الّركوع عن سجود ما في خارج ال ّ أ ّ
التّلوة ل قياسا ً ول استحسانا ً كما في البدائع ،وهو
المرويّ في الظّاهر .
صلةن سجدة التّلوة شابهت ال ّ وذهب المالكيّة إلى أ ّ
صلة من الطّهارة ،ولذا شرط لها ما شرط لل ّ
وغيرها ،وشابهت القراءة لنّها من توابعها ،ولذا
تؤدّى -كالقراءة -بل إحرام ،أي بغير تكبير للحرام
للهوي
ّ مع رفع اليدين عنده زيادة ً على التّكبير
والّرفع ،وبل سلم على المشهور .
وعدم مشروعيّة التّسليم في سجدة التّلوة ل يعني
د
ن سجدة التّلوة صلة والنّيّة ل ب ّ عدم النّيّة لها ،ل ّ
صلة بل نزاع ،والنّيّة لسجدة التّلوة هي منها في ال ّ
سجدة ،قال سنّة الّتي هي ال ّ أن ينوي أداء هذه ال ّ
سلم ،لكن يبعد أو ي :ويكره الحرام وال ّ الّزرقان ّ
يمنع أن يتصوّر هويّه لسجدة التّلوة من غير
سجدة .
استحضار نيّة لتلك ال ّ
ساجد لسجدة التّلوة من قيام ، ط ال ّوقالوا :وينح ّ
ول يجلس ليأتي بها منه ،وينزل الّراكب ،ويكبّر
لخفضه في سجوده والّرفع منه إذا كان بصلة ،بل
ن من سجد للتّلوة لو بغير صلة ،خلفا ً لمن قال :إ ّ
بغير صلة ل يكبّر لخفض ول لرفع ،وقال بعض
388
سنّيّة ،
ن حكم هذا التّكبير ال ّ شّراح :الظّاهر أ ّ ال ّ
صلة من جملة ن سجدة التّلوة في ال ّ ويؤيّده أ ّ
صلة والتّكبير فيها سنّة ،وقال غيرهم :إنّه ال ّ
ب ،ول يكفي عن سجدة التّلوة -عندهم - مستح ّ
ركوع ،أي ل يجعل الّركوع بدلها أو عوضا ً عنها ،
سواء أكان في صلة أم ل .
وإن ترك سجدة التّلوة عمدا ً وقصد الّركوع الّركن ّ
ي
ح ركوعه وكره له ذلك ،وإن تركها سهوا ً عنها ص ّ
وركع قاصدا ً الّركوع من أوّل المر فذكرها وهو راكع
اعتد ّ بركوعه فيمضي عليه ويرفع لركعته عند مالك
من رواية أشهب ،ل عند ابن القاسم فيخّر ساجدا ً ،
سلم إن م يقوم فيقرأ شيئا ً ويركع ،ويسجد بعد ال ّ ث ّ
ن بركوعه الّذي تذكّر فيه تركها لزيادة كان قد اطمأ ّ
الّركوع .
ما أن يكون في ساجد للتّلوة إ ّشافعيّة :ال ّ وقال ال ّ
صلة :
صلة أو في غير ال ّ ال ّ
صلة : أ -في ال ّ
صلة ،إماما ً كان سجود للتّلوة وهو في ال ّ من أراد ال ّ
سجود بالقلب من غير أو منفردا ً أو مأموما ً ،نوى ال ّ
صلة ،فإن تلّفظ ول تكبير للفتتاح لنّه متحّرم بال ّ
تلّفظ بالنّيّة بطلت صلته كما لو كبّر بقصد الحرام ،
والنّيّة واجبة في حقّ المام والمنفرد ومندوبة في
ق المأموم لحديث « :إنّما العمال بالنّيّات » . ح ّ
ي":ل شربين ّ وقال ابن الّرفعة والخطيب " لعلّه ال ّ
صلة ن نيّة ال ّ سجود إلى نيّة ،ل ّ يحتاج في هذا ال ّ
تنسحب عليه وتشمله بواسطة شمولها للقراءة .
سجود ول ب له أن يكبّر في الهويّ إلى ال ّ ويستح ّ
سجود ن اليد ل ترفع في الهويّ إلى ال ّ يرفع اليد ،ل ّ
389
سجود كما صلة ،ويكبّر عند رفعه رأسه من ال ّ في ال ّ
صلة . يفعل في سجدات ال ّ
سجود قام ول يجلس وإذا رفع رأسه من ال ّ
ب أن يقرأ شيئا ً ث ّ
م للستراحة ،فإذا قام استح ّ
م ركع بل قراءة جاز إذا يركع ،فإن انتصب قائما ً ث ّ
كان قد قرأ الفاتحة قبل سجوده ،ول خلف في
ن الهويّ إلى الّركوع من وجوب النتصاب قائما ً ،ل ّ
القيام واجب .
قال النّوويّ :وفي البانة والبيان وجه أنّه لو رفع
من سجود التّلوة إلى الّركوع ولم ينتصب أجزأه
الّركوع ،وهو غلط نبّهت عليه لئل ّ يغتّر به .
صلة :ب -في غير ال ّ
صلة نوى سجود للتّلوة وهو في غير ال ّ من أراد ال ّ
سجود ،لحديث « :إنّما العمال بالنّيّات» ال ّ
م كبّر للحرام رافعاً ب له التّلّفظ بالنّيّة ،ث ّ واستح ّ
يديه حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الحرام في
سجود بل رفع ليديه ، م كبّر للهويّ لل ّ صلة ،ث ّ ال ّ
صلة ،ورفع رأسه وسجد سجدةً واحدةً كسجدة ال ّ
صلة مكبّرا ً ،وجلس وسلّم من غير تشهّد كتسليم ال ّ
.
صلة أربعة سجود للتّلوة في غير ال ّ وقالوا :أركان ال ّ
سلم . سجدة ،وال ّ :النّيّة ،وتكبيرة الحرام ،وال ّ
للهوي
ّ سجود للتّلوة يكبّر وقال الحنابلة :من أراد ال ّ
صلة ،خلفا ً لبي الخطّاب ، ل للحرام ولو خارج ال ّ
لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما « :كان
صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مّر
سجدة كبّر وسجد وسجدنا معه » . بال ّ
ساجد للتّلوة وظاهره أنّه كبّر مّرة ً واحدة ً ،ويكبّر ال ّ
سجود لنّه سجود مفرد فشرع التّكبير إذا رفع من ال ّ
390
سهو وصلب في ابتدائه وفي الّرفع منه كسجود ال ّ
صلة إذا رفع رأسه من صلة ،ويجلس في غير ال ّ ال ّ
سلم يعقبه فشرع ليكون سلمه ن ال ّ سجود ،ل ّ ال ّ
م
صلة ،ث ّ في حال جلوسه ،بخلف ما إذا كان في ال ّ
صحيح من ة واحدة ً عن يمينه على ال ّ يسلّم تسليم ً
ن التّسليم ركن . المذهب ،وعن أحمد أ ّ
القيام لسجود التّلوة :
سجود ب لمن أراد ال ّ - 12اختلف الفقهاء فيما يستح ّ
مما ث ّ صلة ،هل يقوم فيستوي قائ ً للتّلوة في غير ال ّ
سجود ،أم ل : يكبّر ويهوي لل ّ
خري الحنفيّة وهو وجه عند ذهب الحنابلة وبعض متأ ّ
سجود أن ب لمن أراد ال ّ شافعيّة إلى أنّه يستح ّ ال ّ
ن الخرور م يكبّر ويخّر ساجدا ً ،ل ّ يقوم فيستوي ث ّ
سقوط من قيام ،والقرآن الكريم ورد به في قول
خُرو َ َ
ن لِلذْقَا ِ
ن م يَ ِ ّاللّه تعالى ... { :إِذ َا يُتْلَى ع َلَيْهِ ْ
جدا ً } .س َّ ُ
ولما ورد عن عائشة رضي الله تعالى عنها " أنّها
سجدة كانت تقرأ في المصحف ،فإذا مّرت بال ّ
قامت فسجدت وتشبيهًا لسجدة التّلوة بصلة النّفل
.
ب
شافعيّة أنّه ل يستح ّ ح من الوجهين عند ال ّ والص ّ
م يكبّر سجود للتّلوة أن يقوم فيستوي ث ّ لمن يريد ال ّ
سجود ،وهو اختيار إمام الحرمين م يهوي لل ّ ث ّ
ققين ،قال المام :ولم أر لهذا القيام ذكراً والمح ّ
ي وجمهور شافع ّ ول أصل ً ،وقال النّوويّ :لم يذكر ال ّ
ماالصحاب هذا القيام ول ثبت فيه شيء يعتمد م ّ
ج به ،فالختيار تركه ،لنّه من جملة المحدثات ، يحت ّ
صحيحة على النّهي عن وقد تظاهرت الحاديث ال ّ
المحدثات .
391
التّسبيح والدّعاء في سجود التّلوة :
- 13من يسجد للتّلوة إن قال في سجوده للتّلوة
صلة جاز وكان حسنا ً ،وسواء ما يقوله في سجود ال ّ
ب أن يقول في فيه التّسبيح والدّعاء ،ويستح ّ
سجوده ما روت عائشة رضي الله تعالى عنها قالت
« :كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول في
سجود القرآن :سجد وجهي للّذي خلقه وش ّ
ق
م اكتب وقوته » وإن قال :اللّه ّ ّ سمعه وبصره بحوله
لي بها عندك أجرا ً واجعلها لي عندك ذخرا ً ،وضع
عنّي بها وزرا ً ،واقبلها منّي كما قبلتها من عبدك
داود عليه السلم فهو حسن لما روى ابن عبّاس
يرضي الله تعالى عنهما قال « :جاء رجل إلى النّب ّ
صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول اللّه :إنّي
رأيتني اللّيلة وأنا نائم كأنّي أصلّي خلف شجرة
شجرة لسجودي فسمعتها فسجدت ،فسجدت ال ّ
م اكتب لي بها عندك أجرا ً ،وضع وهي تقول :اللّه ّ
عنّي بها وزرا ً ،واجعلها لي عندك ذخرا ً ،وتقبّلها
منّي كما تقبّلتها من عبدك داود ،قال ابن عبّاس :
م سجد ي صلى الله عليه وسلم سجدةً ث ّ فقرأ النّب ّ
فسمعته وهو ساجد يقول مثل ما أخبره الّرجل عن
ن اختياره أن يأ ّ شافع ّشجرة » ،ونقل عن ال ّ قول ال ّ
ن َربِّنَا إِن
حا َسب ْ َ
ساجد في سجود التّلوة ُ { : يقول ال ّ
فعُول ً } قال النّوويّ :وظاهر م ْن وَعْد ُ َربِّنَا ل َ َ
كَا َ
القرآن يقتضي مدح هذا فهو حسن ،وقال المتولّي
ن أن يدعو بعد التّسبيح . شافعيّة :ويس ّ وغيره من ال ّ
التّسليم من سجود التّلوة :
- 14اتّفق الفقهاء على أنّه ل تسليم من سجود
صلة ،واختلفوا في التّسليم التّلوة إذا كان في ال ّ
صلة . منه في غير ال ّ
392
فذهب الحنفيّة ،وهو المشهور عند المالكيّة ،
شافعيّة ،ومقابل ح عند ال ّ والقول المقابل للص ّ
المختار عند الحنابلة ،إلى أنّه ل تسليم من سجود
صلة صلة ،كما ل يسلّم منه في ال ّ التّلوة في غير ال ّ
صلة ،ول ن التّسليم تحليل من التّحريم لل ّ ،ول ّ
تحريمة لها عند الحنفيّة ومن وافقهم ،فل يعقل
التّحليل بالتّسليم .
شافعيّة ،والمختار من ح من القولين عند ال ّ والص ّ
الّروايتين عند الحنابلة ،ومقابل المشهور عند
المالكيّة :أنّه يجب التّسليم من سجود التّلوة لنّه
سلم كسائر صلة ذات إحرام فافتقرت إلى ال ّ
صلة الطّهور وتحريمها صلوات لحديث « :مفتاح ال ّ ال ّ
التّكبير وتحليلها التّسليم » .
سجود للتّلوة خلف التّالي : ال ّ
- 15ذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا قرأ الّرجل في غير
سنّة في أداء سجدة ومعه قوم ،فال ّ صلة آية ال ّ
سامعون ف ال ّسجدة التّلوة أن يتقدّم التّالي ويص ّ
سامعون ،ل م يسجد ال ّ خلفه ،فيسجد التّالي ث ّ
ن التّالي إمام يسبقونه بالوضع ول بالّرفع ،ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم سامعين ،لما ورد عن النّب ّ ال ّ
« أنّه تل على المنبر سجدةً فنزل وسجد وسجد
سامع يتبع التّالي ن ال ّ النّاس معه » وفيه دليل على أ ّ
سجدة ،ولما روي عن عمر رضي الله تعالى في ال ّ
عنه أنّه قال للتّالي :كنت إمامنا لو سجدت لسجدنا
ة بل صورةً ،ولذا معك ،وليس هذا اقتداءً حقيق ً
ب أل ّ يسبقوه بالوضع ول بالّرفع ،فلو كان يستح ّ
سامعون على حقيقة ائتمام لوجب ذلك ،ولو تقدّم ال ّ
سجود التّالي أو سبقوه بالوضع أو بالّرفع أجزأهم ال ّ
للتّلوة لنّه مشاركة بينه وبينهم في الحقيقة ،ولذا
393
لو فسدت سجدة التّالي بسبب من السباب ل
يتعدّى الفساد إلى الباقين .
ن أن يسجد للتّلوة القارئ وقال المالكيّة :يس ّ
مطلقا ً سواء أصلح للمامة أم ل ،وسواء أجلس
ليسمع النّاس حسن قراءته أم ل .
سماع ذكرا ً أو أنثى ،فإن لم يقصد ويسجد قاصد ال ّ
سماع فل يسجد . ال ّ
ويشترط لسجود المستمع أن يجلس ليتعلّم من
القارئ آيات القرآن الكريم ،أو أحكامه ومخارج
حروفه ،فإن جلس المستمع لمجّرد الثّواب أو
سجود فقط ،فل يجب للتّدبّر والتّعاظ ،أو ال ّ
سجود عليه . ال ّ
سجدة سجود ولو ترك القارئ ال ّ سامع ال ّ كما يلزم ال ّ
ن تركه ل يسقط طلبه من الخر ،إل ّ أن سهوا ً ،ل ّ
يكون إماما ً وتركه ،فيتّبعه مأمومه .
وسجود القارئ ليس شرطا ً في سجود المستمع إن
م. صلح القارئ ليؤ ّ
شافعيّة :إذا سجد المستمع في غير صلة وقال ال ّ
مع القارئ ل يرتبط به ول ينوي القتداء به وله
ي :وقضيّة سجود قبله ،قال الّزركش ّ الّرفع من ال ّ
ن قضيّة كلم القاضي ذلك منع القتداء به ،لك ّ
ي :ل يتوقّف سجود والبغويّ جوازه ،وقال القليوب ّ
ن القتداء ول أحدهما على سجود الخر ،ول يس ّ
يضّر .
سجود أي في وقال الحنابلة :شرط لستحباب ال ّ
صلة كون القارئ يصلح إماما ً للمستمع فل غير ال ّ
يسجد مستمع إن لم يسجد التّالي ول قدّامه أو عن
حة الئتمام به إذن ،ول يساره مع خلوّ يمينه لعدم ص ّ
حة ائتمامه يسجد رجل بتلوة امرأة وخنثى لعدم ص ّ
394
بهما ،ول يضّر رفع رأس مستمع قبل رأس قارئ ،
وكذا ل يضّر سلمه قبل سلم القارئ ،لنّه ليس
ما
ح ذلك ،وأ ّ ة بل بمنزلته وإل ّ لما ص ّ إماما ً له حقيق ً
صلة فل يرفع قبل إمامه كسجود المأموم في ال ّ
صلب . ال ّ
ما يقوم مقام سجود التّلوة :
- 16ذهب الفقهاء إلى أنّه ل يجزئ حال القدرة
سجود للتّلوة في غير صلة ركوع والختيار -عن ال ّ
أو نحوه .على تفصيل مّر في كيفيّة سجود .
سجود شافعيّة :يقوم مقام ال ّ ي من ال ّ وقال القليوب ّ
شكر ما يقوم مقام التّحيّة لمن لم يرد للتّلوة أو ال ّ
فعلها ولو متطهّرا ً وهو :سبحان اللّه والحمد للّه ول
إله إل ّ اللّه واللّه أكبر .
ب للتّالي ونقل ابن عابدين عن التتارخانية أنّه يستح ّ
سجود أن يقول :سمعنا سامع إذا لم يمكنه ال ّ أو ال ّ
وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير .
شبراملّسي :سئل ابن حجر عن قول قال ال ّ
ك معْنَا َوأَطَعْنَا غُْفَران َ َ
ك َربَّنَا وَإِلَي ْ َ س ِ شخص َ { : ال ّ
سجدة لحدث أو سجود لية ال ّ صيُر } ،عند ترك ال ّ م ِ ال ْ َ
سجود كما جرت به العادة عندنا هل عجز عن ال ّ
سجود كما قالوا بذلك في يقوم التيان بها مقام ال ّ
داخل المسجد بغير وضوء أنّه يقول :سبحان اللّه
والحمد للّه ول إله إل ّ اللّه واللّه أكبر ..إلخ .فإنّها
شيخ زكريّا في شرح تعدل ركعتين كما نقله ال ّ
ن ذلك ل أصل الّروض عن الحياء ،فأجاب بقوله :إ ّ
سجدة بل يكره له ذلك إن قصد له فل يقوم مقام ال ّ
ما أوّل ً فلنّه لم سك بما في الحياء .أ ّ القراءة ول يتم ّ
ن
ي :إنّه يقال :إ ّ يرد فيه شيء وإنّما قال الغزال ّ
ن
ذلك يعدل ركعتين في الفضل .وقال غيره :إ ّ
395
جة فيه سلف ،ومثل هذا ل ح ّ ذلك روي عن بعض ال ّ
ما ثانيا ً فمثل حته .وأ ّ حته فكيف مع عدم ص ّ بفرض ص ّ
ح عنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ذلك لو ص ّ
ن قيام لفظ مفضول مقام للقياس فيه مساغ ،ل ّ
ح في صورة لم فعل فاضل محض فضل ،فإذا ص ّ
ما ثالثا ً فل ّ
ن يجز قياس غيرها عليها في ذلك ،وأ ّ
اللفاظ الّتي ذكروها في التّحيّة فيها فضائل
وخصوصيّات ل توجد في غيرها .ا هـ .وهو يقتضي
ن سبحان اللّه والحمد للّه ..إلخ .ل يقوم مقام أ ّ
سجود وإن قيل به في التّحيّة لما ذكره . ال ّ
سجود المريض والمسافر للتّلوة :
ن المريض الّذي ل يستطيع - 17ذهب الفقهاء إلى أ ّ
سجود سجود يجزئه في سجود التّلوة اليماء بال ّ ال ّ
ن المسافر الّذي يسجد للتّلوة في لعذره .وقالوا :إ ّ
صلته على الّراحلة يجزئه اليماء على الّراحلة تبعاً
صلة . لل ّ
سجود للتّلوة على الّراحلة ما المسافر الّذي يريد ال ّ أ ّ
في غير صلة ففيه خلف :ذهب جمهور الفقهاء
سجود حيث كان وجهه ،لما روى إلى أنّه يومئ بال ّ
أبو داود عن عبد اللّه بن عمر رضي الله تعالى
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ عنهما « :أ ّ
عام الفتح سجدة ً فسجد النّاس كلّهم ،منهم الّراكب
ن الّراكب ليسجد على ساجد في الرض حتّى إ ّ وال ّ
يده » .
سجود للتّلوة أمر دائم بمنزلة التّطوّع ، ن ال ّول ّ
وصلة التّطوّع تؤدّى على الّراحلة ،وقد روى
ي صلى الله عليه وسلم كان ن النّب ّ
شيخان « أ ّ ال ّ
يسبّح يسجد على بعيره إل ّ الفرائض » وسومح فيها
396
لمشّقة النّزول وإن أذهب اليماء أظهر أركان
سجود وهو تمكين الجبهة . ال ّ
شافعيّة وهو قول بشر من ح عند ال ّ ومقابل الص ّ
الحنفيّة أنّه ل يجزئ اليماء على الّراحلة لفوات
أعظم أركان سجود التّلوة وهو إلصاق الجبهة من
م سجوده سجود ،فإن كان في مرقد وأت ّ موضع ال ّ
جاز .
سجدة أو يسمعها وهو والمسافر الّذي يقرأ آية ال ّ
ماش ل يكفيه اليماء بل يسجد على الرض عند
جمهور الفقهاء ،وروي عن بعضهم أنّه يومئ .
سجود : سجدة لل ّ قراءة آية ال ّ
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه - 18ذهب المالكيّة وال ّ
سجدة يكره في الجملة القتصار على قراءة آية ال ّ
سجود فقط . وحدها دون ما قبلها وما بعدها بقصد ال ّ
سجدة ل التّلوة وهو وإنّما كره ذلك لنّه قصد ال ّ
خلف العمل ،وحيث كره القتصار ل يسجد .
سجود فل كراهة ، صلة ل بقصد ال ّ ولو قرأ في ال ّ
ص
سجدة في صبح يوم الجمعة ،وخ ّ وكذا لو قرأ ال ّ
ل } في صبح ي القراءة لسجدة { :ألم تَنْزِي ُ الّرمل ّ
ماالجمعة ،فلو قرأ غيرها بطلت صلته إن كان عال ً
صلة عمدا ً . بالتّحريم لنّه كزيادة سجود في ال ّ
سجدة وذهب الحنفيّة إلى أنّه ل بأس بأن يقرأ آية ال ّ
ويدع ما سواها ،لنّه مبادرة إليها ،ولنّها من القرآن
وقراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من
ب أن يقرأ معها آيات دفعاً سور ،والمستح ّ بين ال ّ
سجدة على غيرها . لوهم تفضيل آي ال ّ
سجدة : مجاوزة آية ال ّ
- 19ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يكره للّرجل أن
صلة أو غيرها يدع آية سورة أو اليات في ال ّ يقرأ ال ّ
397
سلف سجدة حتّى ل يسجدها ،لنّه لم ينقل عن ال ّ ال ّ
بل نقلت كراهته ،ولنّه يشبه الستنكاف ،لنّه قطع
لنظم القرآن وتغيير لتأليفه ،واتّباع النّظم والتّأليف
ْ
ه} مأمور به ،قال تعالى { :فَإِذ َا قََرأنَاهُ فَاتَّبِعْ قُْرآن َ ُ
.أي تأليفه ،فكان التّغيير مكروها ً ،ولنّه في صورة
الفرار من العبادة والعراض عن تحصيلها بالفعل
سجدة وذلك مكروه ،وكذا فيه صورة هجر آية ال ّ
وليس شيء من القرآن مهجورا ً .
سجدة بل ل ال ّ وقال المالكيّة :يكره مجاوزة مح ّ
سجود عنده لمتطهّر طهارة صغرى وقت جواز لها ،
فإن لم يكن متطهّرا ً أو كان الوقت وقت نهي
صواب أن يجاوز الية بتمامها لئل ّ يغيّر المعنى فال ّ
فيترك تلوتها بلسانه ويستحضرها بقلبه مراعاةً
لنظام التّلوة .
صلة : سجود التّلوة في أوقات النّهي عن ال ّ
- 20ذهب الحنفيّة -في ظاهر الّرواية -والمالكيّة
والحنابلة -في رواية الثرم عن أحمد -إلى أنّه ل
ي عن صلة التّطوّع سجود للتّلوة في الوقات المنه ّ
ي صلى الله عليه وسلم « :ل فيها لعموم قول النّب ّ
شمس ،ول صلة بعد صبح حتّى ترتفع ال ّ صلة بعد ال ّ
شمس » . العصر حتّى تغيب ال ّ
وعندهم بعد هذا القدر المتّفق عليه تفصيل :قال
سجدة أو سمعها في الحنفيّة :لو تل شخص آية ال ّ
وقت غير مكروه فأدّاها في وقت مكروه ل تجزئه ،
صلة ،ولو ة فل تتأدّى بالنّاقص كال ّ لنّها وجبت كامل ً
تلها في وقت مكروه وسجدها فيه أجزأه لنّه أدّاها
كما وجبت ،وإن لم يسجدها في ذلك الوقت
وسجدها في وقت آخر مكروه جاز أيضا ً لنّه أدّاها
ة. ة وأدّاها ناقص ً كما وجبت لنّها وجبت ناقص ً
398
سجدة إن كان وقال المالكيّة :يجاوز القارئ آية ال ّ
شمس أو غروبها يقرأ وقت النّهي -كوقت طلوع ال ّ
أو خطبة جمعة -ول يسجد -على الخلف عندهم
سابقة -ما لم يكن في صلة فرض ، في المسألة ال ّ
فإن كان في صلة فرض قرأ وسجد قول ً واحدا ً بل
سجود تبع للفرض . ن ال ّخلف عندهم ل ّ
وقال الحنابلة :ل يسجد في الوقات الّتي ل يجوز
أن يصلّي فيها تطوّعا ً ،قال الثرم :سمعت أبا عبد
من قرأ سجود القرآن بعد الفجر وبعد اللّه يسأل ع ّ
العصر أيسجد ؟ قال :ل ،وعن أحمد رواية أخرى
أنّه يسجد .
واستدلّوا للّراجح -رواية الثرم -بعموم الحديث
ي
سابق ،وبما روى أبو داود عن أبي تميمة الهجيم ّ ال ّ
صبحط " بعد صلة ال ّ ص " أغ ّقال « :كنت أق ّ
م
فأسجد فنهاني ابن عمر ،فلم أنته ،ثلث مرار ث ّ
عاد فقال :إنّي صلّيت خلف رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله
شمس » عنهم فلم يسجدوا حتّى تطلع ال ّ
صا ً كان وروى الثرم عن عبد اللّه بن مقسم أن قا ّ
سجدة بعد العصر فيسجد فنهاه ابن عمر يقرأ ال ّ
وقال :إنّهم ل يعقلون .
ل في سجود للتّلوة إن ابتدأه مص ّ وقالوا :ل ينعقد ال ّ
أوقات النّهي ولو كان جاهل ً بالحكم أو بكونه وقت
ن النّهي في العبادات يقتضي الفساد . نهي ل ّ
شافعيّة إلى أنّه يجوز سجود التّلوة في وذهب ال ّ
ووي :
ّ وقت الكراهة لنّه من ذوات السباب ،قال الن ّ
مذهبنا أنّه ل يكره سجود التّلوة في أوقات النّهي
صلة . عن ال ّ
سجدة في الخطبة : تلوة آية ال ّ
399
سجدة - 21ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو تل المام آية ال ّ
على المنبر يوم الجمعة سجدها وسجد معه من
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
سمعها .لما ورد « أ ّ
تل سجدة ً على المنبر فنزل وسجد وسجد النّاس
معه » .
سجدة في خطبة جمعة وقال المالكيّة :إن قرأ آية ال ّ
سجود أو يحرم ، أو غيرها ل يسجد ،وهل يكره ال ّ
خلف عندهم والظّاهر الكراهة .
ب تركها للخطيب إذا قرأ شافعيّة :يستح ّ وقال ال ّ
سجود مكانه لكلفة آيتها على المنبر ولم يمكنه ال ّ
صعود ،فإن أمكنه ذلك سجد مكانه إن النّزول وال ّ
خشي طول الفصل ،وإل ّ نزل وسجد إن لم يكن
فيه كلفة .
وقال الحنابلة :إن قرأ سجدة ً في أثناء الخطبة ،
فإن شاء نزل عن المنبر فسجد ،وإن أمكنه
سجود على المنبر سجد عليه استحبابا ً ،وإن ترك ال ّ
سجود فل حرج لنّه سنّة ل واجب . ال ّ
سّر :سجدة في صلة ال ّ قراءة المام آية ال ّ
- 22ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه يكره للمام أن
سجدة في صلة يخافت فيها بالقراءة ، يقرأ آية ال ّ
ك عن أمر مكروه ،لنّه إذا تل آية ن هذا ل ينف ّ ل ّ
سجدة ولم يسجد فقد ترك الواجب عند الحنفيّة ، ال ّ
سنّة عند الحنابلة ،وإن سجد فقد لبّس على وال ّ
القوم لنّهم يظنّون أنّه سها عن الّركوع واشتغل
صلبيّة فيسبّحون ول يتابعونه ،وذا مكروه سجدة ال ّ بال ّ
ك عن مكروه كان مكروها ً ،وترك ،وما ل ينف ّ
ي صلى سبب المفضي إلى ذلك أولى ،وفعل النّب ّ ال ّ
الله عليه وسلم محمول على بيان الجواز فلم يكن
مكروها ً .
400
وقال الحنفيّة :إن تلها مع ذلك سجد بها لتقّرر
سبب في حّقه وهو التّلوة ،وسجد القوم معه ال ّ
لوجوب المتابعة عليهم .
وقال الحنابلة :يكره للمام سجود لقراءة سجدة
في صلة سّر لنّه يخلط على المأمومين فإن سجد
خيّر المأمومون بين المتابعة للمام في سجوده
وتركها لنّهم ليسوا تالين ول مستمعين ،والولى
ة للمام ،لعموم الحديث ... « :وإذا سجود متابع ً ال ّ
سجد فاسجدوا » .
ن المام إن قرأ سورة سجدة وذهب المالكيّة إلى أ ّ
ب له ترك قراءة آية في صلة سّريّة استح ّ
سجدة ،فإن قرأها جهر بها ندبا ً ،فيعلم ال ّ
المأمومون سبب سجوده ويتبعونه فيه ،فإن لم
سجدة وسجد للتّلوة اتّبع تجهر بقراءة آية ال ّ
المأمومون المام في سجوده وجوبا ً غير شرط ..
ن الصل عدم سهو المام ، عند ابن القاسم ،ل ّ
وعند سحنون :يمتنع أن يتّبعوه لحتمال سهوه ،
ن سجود التّلوة حت صلتهم ،ل ّ فإن لم يتبعوه ص ّ
ة ،وترك ليس من الفعال المقتدى به فيها أصال ً
الواجب الّذي ليس شرطا ً ل يقتضي البطلن .
شافعيّة إلى أنّه ل يكره للمام قراءة آية وذهب ال ّ
ب له تأخير سجدة ولو في صلة سّريّة ،لكن يستح ّ ال ّ
سّريّة لئلّصلة ال ّ سجود للتّلوة إلى الفراغ من ال ّ ال ّ
يشوّش على المأمومين ،ومحلّه إن قصر الفصل ،
ن الجهريّة كذلك ي :ويؤخذ من التّعليل أ ّ قال الّرمل ّ
إذا بعد بعض المأمومين عن المام بحيث ل
يسمعون قراءته ول يشاهدون أفعاله ،أو أخفى
جهره ،أو وجد حائل أو صمم أو نحو ذلك ،وهو
سجود ظاهر من جهة المعنى ،ولو ترك المام ال ّ
401
سلم إن قصر سجود بعد ال ّ ن للمأموم ال ّ للتّلوة س ّ
ي صلى الله عليه وسلم ح عن النّب ّ الفصل « ،وما ص ّ
أنّه سجد في صلة الظّهر للتّلوة » يحمل على أنّه
كان يسمعهم أحيانا ً الية ،فلعلّه أسمعهم آيتها مع
قلّتهم فأمن عليهم التّشويش ،أو قصد بيان جواز
ذلك .
وقت أداء سجود التّلوة :
ما أن تكون خارج - 23قال الحنفيّة :سجدة التّلوة إ ّ
صلة فإنّها صلة :فإن كانت خارج ال ّ صلة أو في ال ّ ال ّ
ن
تجب على سبيل التّراخي على المختار عندهم -ل ّ
سجدة -مطلقة عن دلئل الوجوب -أي وجوب ال ّ
تعيين الوقت فتجب في جزء من الوقت غير معيّن ،
ويتعيّن ذلك بتعيينه فعل ً ،وإنّما يتضيّق عليه الوجوب
سعة ، في آخر عمره كما في سائر الواجبات المو ّ
ويكره تأخيرها تنزيها ً ،إل ّ إذا كان الوقت مكروها ً ،
لنّه بطول الّزمان قد ينساها ،وعندما يؤدّيها بعد
وقت القراءة يكفيه أن يسجد عدد ما عليه دون
تعيين ويكون مؤدّيا ً .
صلة فإنّها تجب على سبيل ما إن كانت في ال ّ أ ّ
التّضييق -أي على الفور -لقيام دليله وهو أنّها
صلة وهو القراءة وجبت بما هو من أفعال ال ّ
صلة وصارت جزءا ً من أجزائها ، فالتحقت بأفعال ال ّ
صلة مضيّقا ً كسائر أفعال ولذا يجب أداؤها في ال ّ
صلة ،ومقتضى التّضييق في أدائها حال كونها في ال ّ
سجدة ،فإذا صلة أل ّ تطول المدّة بين التّلوة وال ّ ال ّ
ما
ما طالت فقد دخلت في حيّز القضاء وصار آث ً
بالتّفويت عن الوقت .
صلة ولم تؤد ّ فيها سقطت ل سجدة وجبت في ال ّ وك ّ
سجود لها مشروعا ً لفوات محلّه ،وأثم ولم يبق ال ّ
402
من لم يسجد فتلزمه التّوبة ،وذلك إذا تركها عمداً
ما لو تركها حتّى سلّم وخرج من حرمة ال ّ
صلة ،أ ّ
سلم قبل أن يفعل منافياً سهوا ً وتذكّرها ولو بعد ال ّ
سهو . فإنّه يأتي بها ويسجد لل ّ
ن المتطهّر وقت جواز إذا ي :الظّاهر أ ّ قال الّزرقان ّ
قرأها ولم يسجدها يطالب بسجودها ما دام على
طهارته وفي وقت الجواز ،وإل ّ لم يطالب بقضائها
لنّه من شعائر الفرائض .
شافعيّة :ينبغي أن يسجد عقب قراءة آية وقال ال ّ
خر وقصر الفصل سجد سجدة أو استماعها ،فإن أ ّ ال ّ
،وإن طال فاتت ،وهل تقضى ؟ قولن :أظهرهما
ل تقضى ،لنّها تفعل لعارض فأشبهت صلة
الكسوف ،وضبط طول الفصل أو قصره بالعرف .
ولو قرأ سجدة ً في صلته فلم يسجد فيها سجد بعد
سلمه إن قصر الفصل ،فإن طال ففيه الخلف ،
ولو كان القارئ أو المستمع محدثا ً حال القراءة فإن
تطهّر عن قرب سجد ،وإل ّ فالقضاء على الخلف،
سجدة وسمعه فل ولو كان يصلّي فقرأ قارئ ال ّ
يسجد ،فإن سجد بطلت صلته ،فإن لم يسجد
وفرغ من صلته فقد اختلفوا في سجوده ،
ن قراءة غير إمامه ل والمذهب أنّه ل يسجد ل ّ
سجود تقتضي سجوده ،وإذا لم يحصل ما يقتضي ال ّ
أداءً فالقضاء بعيد .
سجود للقارئ والمستمع له ن ال ّوقال الحنابلة :يس ّ
سجود بعد التّلوة والستماع مع قصر ولو كان ال ّ
سجود وسببه ،فإن طال الفصل لم فصل بين ال ّ
مم محدث ويسجد مع يسجد لفوات محلّه ،ويتي ّ
قصر الفصل .
تكرار سجود التّلوة :
403
- 24اختلف الفقهاء في تكرار سجود التّلوة بتكرار
التّلوة أو الستماع أو عدم تكراره بتكرارهما ..
وينظر مصطلح ( :تداخل ف ، 11/ج . ) 86 / 11
=====================
سهو * سجود ال ّ
التّعريف :
شيء والغفلة عنه . ة :نسيان ال ّ سهو لغ ً - 1ال ّ
سهو عند الفقهاء :هو ما يكون في آخر وسجود ال ّ
صلة أو بعدها لجبر خلل ،بترك بعض مأمور به أو ال ّ
مد .
ي عنه دون تع ّ فعل بعض منه ّ
ي:الحكم التّكليف ّ
- 2ذهب الحنفيّة والحنابلة في المعتمد عندهم إلى
سهو .وجوب سجود ال ّ
صلة سهو لما يبطل عمده ال ّ قال الحنابلة :سجود ال ّ
واجب ،ودليلهم حديث عبد اللّه بن مسعود قال « :
صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خمسا ً ،
ما انفتل توشوش القوم بينهم فقال :ما شأنكم ؟ فل ّ
صلة ؟ قال :ل ، قالوا :يا رسول اللّه هل زيد في ال ّ
م سجد قالوا :فإنّك قد صلّيت خمسا ً ،فانفتل ث ّ
م قال :إنّما أنا بشر مثلكم ، م سلّم ،ث ّ سجدتين ث ّ
أنسى كما تنسون ،فإذا نسي أحدكم فليسجد
سجدتين » وفي رواية « :فإذا زاد الّرجل أو نقص
الخدري
ّ فليسجد سجدتين » وحديث أبي سعيد
رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى الله
ك أحدكم في صلته فلم يدر عليه وسلم « :إذا ش ّ
ك وليبن ش ّ كم صلّى ،أثلثا ً أم أربعا ً ؟ فليطرح ال ّ
م يسجد سجدتين قبل أن على ما استيقن ،ث ّ
يسلّم ،فإن كان صلّى خمسا ً شفعن له صلته ،وإن
شيطان » . كان صلّى إتماما ً لربع كانتا ترغيما ً لل ّ
404
وجه الدّللة في الحديثين أنّهما اشتمل على المر
المقتضي للوجوب .
سهو سنّة سواء كان ن سجود ال ّ ومذهب المالكيّة :أ ّ
قبليّا ً أم بعديّا ً وهو المشهور من المذهب ،وقيل :
شامل :وهو مقتضى ي ،قال صاحب ال ّ بوجوب القبل ّ
المذهب .
شافعيّة وهو رواية عند الحنابلة إلى أنّه ومذهب ال ّ
سنّة .
ة
لقوله صلى الله عليه وسلم « :كانت الّركعة نافل ً
سجدتان » . وال ّ
سهو : أسباب سجود ال ّ
أ -الّزيادة والنّقص :
شافعيّة - 3اتّفق الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
مد المصلّي أن يزيد في والحنابلة على أنّه إذا تع ّ
صلته قياما ً أو قعودا ً أو ركوعا ً أو سجودا ً ،أو ينقص
سجود يضاف من أركانها شيئا ً ،بطلت صلته .ل ّ
ن ال ّ
شرع إنّمال على اختصاصه به ،وال ّ سهو فيد ّ إلى ال ّ
سهو قال صلى الله عليه وسلم « :إذا ورد به في ال ّ
نسي أحدكم فليسجد سجدتين » .
فإذا زاد المصلّي أو نقص لغفلة أو نسيان فقد
اختلف العلماء في كيفيّة قضائه ،وتفصيل ذلك يأتي
في ثنايا البحث .
ك: ش ّب -ال ّ
ك المصلّي في صلته فلم يدر كم صلّى - 4إذا ش ّ
ك في سجدة فلم يدر أسجدها أثلثا ً أم أربعا ً ،أو ش ّ
ة
شافعيّة ورواي ً ن الجمهور " المالكيّة وال ّ أم ل ،فإ ّ
للحنابلة " ذهبوا إلى أنّه يبني على اليقين وهو الق ّ
ل
سهو .ودليلهم حديث ك فيه ويسجد لل ّ ،ويأتي بما ش ّ
الخدري -رضي الله عنه -قال :قال ّ أبي سعيد
405
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :إذا سها
أحدكم في صلته فلم يدر واحدةً صلّى أو ثنتين
فليبن على واحدة ،فإن لم يدر ثنتين صلّى أو ثلثًا
فليبن على ثنتين ،فإن لم يدر ثلثا ً صلّى أو أربعاً
فليبن على ثلث ،وليسجد سجدتين قبل أن يسلّم
ش ّ
ك ك أحدكم في صلته فليلق ال ّ » ولحديث « إذا ش ّ
،وليبن على اليقين ،فإذا استيقن التّمام سجد
ة
ة كانت الّركعة نافل ً م ً
سجدتين ،فإن كانت صلته تا ّ
ة كانت الّركعة تماماً سجدتان ،وإن كانت ناقص ً وال ّ
شيطان » . سجدتان مرغمتي ال ّ لصلته ،وكانت ال ّ
ك في صلته ، ن المصلّي إذا ش ّ وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
فلم يدر أثلثا ً صلّى أم أربعا ً وذلك أوّل ما عرض له
استأنف ،لقوله صلى الله عليه وسلم « :إذا ش ّ
ك
صلة » . أحدكم في صلته أنّه كم صلّى فليستقبل ال ّ
وإن كان يعرض له كثيرا ً بنى على أكبر رأيه ،لقوله
ك أحدكم في صلته صلى الله عليه وسلم « :إذا ش ّ
صواب » وإن لم يكن له رأي بنى على فليتحّر ال ّ
اليقين ،لقوله عليه الصلة والسلم « :إذا سها
أحدكم فلم يدر واحدة ً صلّى أو ثنتين فليبن على
واحدة ،فإن لم يدر ثنتين صلّى أو ثلثا ً فليبن على
ثنتين ،فإن لم يدر ثلثا ً صلّى أو أربعا ً فليبن على
ثلث ،وليسجد سجدتين قبل أن يسلّم » .
صلة وذلك والستقبال ل يكون إل ّ بعد الخروج من ال ّ
صلة ، ما ينافي ال ّ سلم أو الكلم أو عمل آخر م ّ بال ّ
سلم عرف سلم قاعدا ً أولى ،ل ّ
ن ال ّ والخروج بال ّ
ح الخروج بمجّرد النّيّة بل محلّل ً دون الكلم ،ول يص ّ
صلة ،وعند البناء على يلغو ،ول يخرج بذلك من ال ّ
ل موضع يحتمل أن يكون آخر ل يقعد في ك ّ الق ّ
406
صلة تحّرزا ً عن ترك فرض القعدة الخيرة وهي ال ّ
ركن .
وذهب الحنابلة في رواية إلى البناء على غالب الظ ّ ّ
ن
سلم ،ودليلهم حديث م صلته ،ويسجد بعد ال ّ ،ويت ّ
ك أحدكم في سابق « :إذا ش ّ عبد اللّه بن مسعود ال ّ
م ليسلّم ،ث ّ
م م عليه ،ث ّ صواب ،فليت ّ صلته فليتحّر ال ّ
يسجد سجدتين » .
ي التّفريق بين المام قال ابن قدامة :واختار الخرق ّ
ن والمنفرد والمنفرد .فجعل المام يبني على الظ ّ ّ
يبني على اليقين .وهو الظّاهر في المذهب نقله
عن أحمد والثرم وغيره .والمشهور عن أحمد :
ن المام له البناء على اليقين في حقّ المنفرد ،ل ّ
صواب ،فليعمل من ينبّهه ويذكّره إذا أخطأ ال ّ
بالظهر عنده ،فإن أصاب أقّره المأمومون ،فيتأكّد
عنده صواب نفسه ،وإن أخطأ سبّحوا به ،فرجع
صواب على كلتا الحالتين وليس إليهم فيحصل له ال ّ
كذلك المنفرد ،إذ ليس له من يذكّره فيبني على
اليقين ،ليحصل له إتمام صلته ول يكون مغرورا ً بها
.وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم « :ل غرار
صلة » . في ال ّ
فإن استوى المران عند المام بنى على اليقين
أيضا ً .
سهو : الحكام المتعلّقة بسجود ال ّ
- 5مذهب الحنفيّة :جاء في الفتاوى الهنديّة نقلً
ن المتروك ثلثة أنواع : عن التتارخانية الصل أ ّ
فرض ،وسنّة ،وواجب ،ففي الفرض إن أمكنه
التّدارك بالقضاء يقضي وإل ّ فسدت صلته ،وفي
صلة بأركانها وقد ن قيام ال ّ سنّة ل تفسد ،ل ّ ال ّ
سهو ،وفي سنّة بسجدتي ال ّ وجدت ،ول يجبر ترك ال ّ
407
سهو ،وإن الواجب إن ترك ساهيا ً يجبر بسجدتي ال ّ
ترك عامدا ً ل .ونقل عن البحر الّرائق أنّه لو ترك
صلة سجدها سجدةً من ركعة فتذكّرها في آخر ال ّ
سهو لترك التّرتيب فيه ،وليس عليه إعادة وسجد لل ّ
ما قبلها ،ولو قدّم الّركوع على القراءة لزمه
سجود لكن ل يعتد ّ بالّركوع فيفرض إعادته بعد ال ّ
القراءة .
ن ترك الّركن إن أمكنه تداركه وذهب المالكيّة إلى أ ّ
سهو وذلك إذا أتى وجب عليه التّدارك مع سجود ال ّ
به في الّركعة نفسها إلى ما قبل عقد ركعة أخرى
بالّركوع لها ،فإن كان ترك الّركن في الّركعة
م سلّم لم يمكنه التّدارك بأداء المتروك بل الخيرة ث ّ
عليه التيان بركعة أخرى ما لم يطل الفصل أو
صلة .يخرج من المسجد فعليه استئناف ال ّ
شافعيّة :إن ترك ركنا ً سهوا ً لم يعتد ّ بما وقال ال ّ
فعله بعد المتروك حتّى يأتي بما تركه ،فإن تذكّر
سهو قبل فعل مثل المتروك اشتغل عند الذ ّكر ال ّ
بالمتروك ،وإن تذكّر بعد فعل مثله في ركعة أخرى
سابقة به ولغا ما بينهما .مت الّركعة ال ّ ت ّ
فإن لم يعرف عين المتروك أخذ بأدنى الممكن
سهو. وأتى بالباقي .وفي الحوال كلّها سجد لل ّ
وعند الحنابلة من نسي ركنا ً غير التّحريمة فذكره
بعد شروعه في قراءة الّركعة الّتي بعدها بطلت
الّركعة الّتي تركه منها فقط ،لنّه ترك ركنا ً ولم
يمكن استدراكه فصارت الّتي شرع فيها عوضاً
ي قبل شروعه في عنها ،وإن ذكر الّركن المنس ّ
قراءة الّركعة الّتي بعدها عاد لزوما ً فأتى به وبما
بعده .
سهو : سنن الّتي يجب بتركها سجود ال ّ الواجبات وال ّ
408
سهو - 6اختلف الفقهاء في فيما يطلب له سجود ال ّ
.
سهو بترك فذهب الحنفيّة إلى وجوب سجود ال ّ
صلة سهوا ً ،ويجب عليه واجب من واجبات ال ّ
سهو .قال ابن عابدين :ل قضاؤه إذا لم يسجد لل ّ
سهو إن لم تفسد بتركها وتعاد وجوبا ً في العمد وال ّ
يسجد له ،وإن لم يعدها يكون فاسقا ً آثما ً .
صلة عندهم القعدة الولى من ومن واجبات ال ّ
صلة الّرباعيّة ،ودعاء القنوت في الوتر ، ال ّ
وتكبيرات العيدين وغيرها .
صلة إلى سموا ال ّ شافعيّة فقد ق ّ ما المالكيّة وال ّ أ ّ
فرائض وسنن .
سهو لثمانية من فالمالكيّة يسجد عندهم لسجود ال ّ
سورة ،والجهر ،والسرار ،والتّكبير سنن وهي :ال ّ ال ّ
،والتّحميد ،والتّشهّدان ،والجلوس لهما .
سنّة عندهم نوعان :أبعاض وهيئات شافعيّة فال ّ ما ال ّ أ ّ
سهو ، ،والبعاض هي الّتي يجبر تركها بسجود ال ّ
ي
صلة على النّب ّ فمنها التّشهّد الوّل والقعود له ،وال ّ
صلة صلى الله عليه وسلم في التّشهّد الوّل ،وال ّ
على الل في التّشهّد الخير ،والقنوت الّراتب في
صبح ،ووتر النّصف الخير من رمضان ،وقيامه ، ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم في صلة على النّب ّ وال ّ
ن ما ليس بركن القنوت .وذهب الحنابلة إلى أ ّ
صلة نوعان واجبات وسنن ،فالواجبات تبطل ال ّ
بتركها عمدا ً ،وتسقط سهوا ً أو جهل ً ،ويجبر تركها
ي صلى الله ن النّب ّ
سهو كالتّكبير ،ل ّ سهوا ً بسجود ال ّ
عليه وسلم كان يكبّر كذلك «،وقال صلى الله عليه
وسلم :صلّوا كما رأيتموني أصلّي » .والتّسميع
للمام والمنفرد دون المأموم ،والتّحميد وغيرها .
409
سهو : موضع سجود ال ّ
سهو :فقد - 7لم يتّفق الفقهاء على موضع سجود ال ّ
سهو بعد التّسليم ن موضع سجود ال ّ رأى الحنفيّة أ ّ
مطلًقا سواء في الّزيادة أو النّقصان ،أي أنّه يتشهّد
م يسجد حث ّة واحدة ً على الص ّ م يسلّم تسليم ً ث ّ
م يسلّم كذلك ،فإن سلّم م يتشهّد ث ّ سهو ث ّلل ّ
سجود لحديث ثوبان رضي الله تسليمتين سقط ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « :لك ّ
ل ن النّب ّ
عنه أ ّ
سهو سجدتان بعدما يسلّم» .ويروى نحو ذلك عن
مار وابن ي وسعد بن أبي وقّاص وابن مسعود وع ّ عل ّ
عبّاس وابن الّزبير وأنس .
شافعيّة وذهب المالكيّة وهو مقابل الظهر عند ال ّ
ورواية عن أحمد :إلى التّفريق بين الّزيادة
صلة سهو بالنّقص في ال ّ والنّقصان فإن وقع ال ّ
سلم . سجود يكون قبل ال ّ فال ّ
ودليلهم حديث عبد اللّه بن مالك بن بحينة « أ ّ
ن
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من
ما قضى صلته سجد الظّهر ،ولم يجلس بينهما ،فل ّ
سجدتين » .
سلم لحديث عبد اللّه بن ما الّزيادة فيسجد بعد ال ّ وأ ّ
مسعود رضي الله عنه « قال :صلّى بنا رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم خمسا ً فقلنا :يا رسول اللّه :
صلة ؟ قال :وما ذاك ؟ قالوا :صلّيت أزيد في ال ّ
خمسا ً ،إنّما أنا بشر مثلكم ،أذكر كما تذكرون ،
سهو » م سجد سجدتي ال ّ وأنسى كما تنسون ،ث ّ
ل شيء شككت وروي عن ابن مسعود أنّه قال :ك ّ
فيه من صلتك من نقصان من ركوع أو سجود أو
غير ذلك ،فاستقبل أكثر ظنّك ،واجعل سجدتي
410
ما غير ذلك سهو من هذا النّحو قبل التّسليم ،فأ ّ ال ّ
سهو فاجعله بعد التّسليم . من ال ّ
سلم وإن جمع بين زيادة ونقص فيسجد قبل ال ّ
حا لجانب النّقص . ترجي ً
شافعيّة وهو رواية عن والجديد وهو الظهر عند ال ّ
سلم ،وروي ذلك عن أبي هريرة أحمد أنّه قبل ال ّ
زهري ويحيى النصاريّ .ودليلهم حديث ّ ومكحول وال ّ
ي -رضي الله عنه « -أنّه عليه الصلة ابن بحينة وأب ّ
سلم » .كما سبق ،ولنّه والسلم سجد قبل ال ّ
سلم كما لو صلة ،فكان قبل ال ّ يفعل لصلح ال ّ
صلةنسي سجدة ً من ال ّ
سجود ن ال ّما الحنابلة فذهبوا في المعتمد إلى أ ّ وأ ّ
سلم ،إل ّ في الموضعين اللّذين ورد كلّه قبل ال ّ
سلم .وهما إذا سلّم من ص بسجودهما بعد ال ّ الن ّ ّ
نقص ركعة فأكثر ،كما في حديث ذي اليدين « أنّه
صلى الله عليه وسلم سلّم من ركعتين فسجد بعد
سلم » .وحديث عمران بن حصين « أنّه سلّم ال ّ
سلم » . من ثلث فسجد بعد ال ّ
والثّاني إذا تحّرى المام فبنى على غالب ظنّه كما
في حديث ابن مسعود عندما تحّرى « فسجد بعد
سلم » . ال ّ
شافعيّة :يتخيّر إن شاء قبل وفي قول ثالث عند ال ّ
سلم وإن شاء بعده . ال ّ
صلة :سهو في نفس ال ّ تكرار ال ّ
صلة ،ل يلزمه سهو للمصلّي في ال ّ - 8إذا تكّرر ال ّ
ن« ن تكراره غير مشروع ،ول ّ إل ّ سجدتان ،ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين ،وكلّم ذا النّب ّ
اليدين » .
411
خر إلى ما أ ّسهو فل ّ
ولنّه لو لم تتداخل لسجد عقب ال ّ
ل سهو في خر ليجمع ك ّ ل على أنّه إنّما أ ّ آخر صلته د ّ
صلة .وهذا مذهب جمهور الفقهاء . ال ّ
سهو : نسيان سجود ال ّ
سهو فانصرف من - 9إذا سها المصلّي عن سجود ال ّ
صلة دون سجود فإنّه يعود إليه ويؤدّيه على ال ّ
التّفصيل التّالي :
فذهب الحنفيّة إلى أنّه ل يسجد إن سلّم بنيّة القطع
مع التّحوّل عن القبلة أو الكلم أو الخروج من
سهو سجد ما دام المسجد ،لكن إن سلّم ناسيا ً ال ّ
ن المسجد في حكم مكان واحد ، في المسجد ،ل ّ
ما
ح القتداء فيه وإن كان بينهما فرجة ،وأ ّ ولذا ص ّ
صحراء فإن تذكّر قبل أن يجاوز إذا كان في ال ّ
صفوف من خلفه أو يمينه أو يساره أو يتقدّم على ال ّ
سهو . موضع سترته أو سجوده سجد لل ّ
ي
سجود القبل ّ ما المالكيّة :فقد فّرقوا بين ال ّ وأ ّ
البعدي يقضيه متىّ سجود والبعدي ،فإن ترك ال ّ ّ
ذكره ،ولو بعد سنين ،ول يسقط بطول الّزمان
ن المقصود " ترغيم سواء تركه عمدا ً أو نسيانا ً ،ل ّ
شيطان " كما في الحديث . ال ّ
ي فإنّهم قيّدوه بعدم خروجه من سجود القبل ّ ما ال ّ وأ ّ
المسجد ولم يطل الّزمان ،وهو في مكانه أو قربه .
شافعيّة :إن سلّم سهوا ً أو طال الفصل وقال ال ّ
سهو يسقط على ن سجود ال ّ بحسب العرف فإ ّ
سلم وتعذ ّر البناء ل بال ّ المذهب الجديد لفوات المح ّ
بالطّول .
سهو الّذي وذهب الحنابلة إلى أنّه إن نسي سجود ال ّ
سلم أو بعده أتى به ولو تكلّم ،إل ّ بطول قبل ال ّ
الفصل " ويرجع فيه إلى العادة والعرف من غير
412
تقدير بمدّة " أو بانتقاض الوضوء ،أو بالخروج من
صلة المسجد ،فإن حصل شيء من ذلك استأنف ال ّ
،لنّها صلة واحدة لم يجز بناء بعضها على بعض مع
طول الفصل ،كما لو انتقض وضوءه .
ك هل سجد أم ل ؟ فعند مش ّ سهو ث ّ وإن سجد لل ّ
سجود .الحنفيّة يتحّرى ،ولكن ل يجب عليه ال ّ
ك هل سجد سجدةً واحدةً أو وقال المالكيّة :إذا ش ّ
اثنتين بنى على اليقين وأتى بالثّانية ول سجود عليه
ك.ش ّ ثانيا ً لهذا ال ّ
سجدتين أو ل ، ك هل سجد ال ّ وكذلك لو ش ّ
فيسجدهما ول سهو عليه ،وإليه ذهب الحنابلة
شافعيّة في وجه ،والوجه الثّاني وهو الص ّ
ح وال ّ
عندهم أنّه ل يعيده .
سهو المام والمأموم :
- 10ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز تنبيه المأموم
للمام إذا سها في صلته ،لقوله صلى الله عليه
وسلم « :من نابه شيء في صلته فليقل :سبحان
اللّه » .
شافعيّة والحنابلة بين وفّرق الجمهور من الحنفيّة وال ّ
تنبيه الّرجال وتنبيه النّساء .
فقن فالّرجال يسبّحون لسهو إمامهم ،والنّساء يص ّ
ف على ظهر الخرى .لحديث أبي بضرب بطن ك ّ
هريرة رضي الله عنه قال « :قال رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم :التّسبيح للّرجال والتّصفيق للنّساء
» ولقوله عليه الصلة والسلم « :إذا نابكم أمر
فليسبّح الّرجال وليصفح يعني ليصّفق النّساء » .
ولم يفّرق المالكيّة بين تنبيه الّرجال والنّساء
فالجميع يسبّح لعموم قوله صلى الله عليه وسلم« :
من نابه شيء في صلته فليقل :سبحان اللّه » .
413
صلة .
ويكره عندهم تصفيق النّساء في ال ّ
استجابة المام لتنبيه المأمومين ومتابعتهم :
شافعيّة - 11يرى جمهور الفقهاء من الحنفيّة وال ّ
ن المام إذا زاد في صلته وكان المام والحنابلة أ ّ
على يقين أو غلب على ظنّه أنّه مصيب ،حيث إنّه
يرى أنّه في الّرابعة ،والمأمومون يرون أنّه في
الخامسة لم يستجب لهم .
وذهب المالكيّة إلى أنّه إذا كثر عددهم بحيث يفيد
ضروري فيترك يقينه ويرجع لهم فيما ّ عددهم العلم ال ّ
أخبروه به من نقص أو كمال ،وإل ّ لم يعد .
ما إذا وهذا إذا كان المام على يقين من نفسه ،أ ّ
ك ولم يغلب ظنّه على أمر عاد لقول المأمومين ش ّ
إذا كانوا ثقات أو كثر عددهم .لحديث « ذي اليدين
ي صلى الله عليه وسلم فسأل عندما أخبر النّب ّ
الّرسول صلى الله عليه وسلم النّاس فأجابوه » .
شافعيّة ،فإنّهم ذهبوا وهذا قول جمهور العلماء إل ّ ال ّ
ك أصلّى ثلثا ً أم أربعا ً أتى ن المام إذا ش ّ إلى أ ّ
ن الصل عدم إتيانه بها ول يرجع لظنّه ول بركعة ،ل ّ
لقول غيره أو فعله وإن كان جمعا ً كثيرا ً ،إل ّ أن
يبلغوا حد ّ التّواتر بقرينة .
وحديث ذي اليدين محمول على تذكّره بعد مراجعته
،أو أنّهم بلغوا حد ّ التّواتر .
سهو : سجود المام لل ّ
سهو فعلى م سجد لل ّ - 12إذا سها المام في صلته ث ّ
سجود سواء سها معه أو المأموم متابعته في ال ّ
سهو .قال ابن المنذر :أجمع ك ّ
ل انفرد المام بال ّ
من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك سواء كان
سلم .لقول الّرسول صلى سلم أو بعد ال ّ قبل ال ّ
م به ... الله عليه وسلم « :إنّما جعل المام ليؤت ّ
414
وإذا سجد فاسجدوا » ولحديث ابن عمر -رضي الله
عنهما « -ليس على من خلف المام سهو ،فإن
سهو » . سها المام فعليه وعلى من خلفه ال ّ
ن المأموم تابع للمام وحكمه حكمه إذا سها ، ول ّ
وكذلك إذا لم يسه .
ما إذا لم يسجد المام فذهب الحنفيّة وهو قول أ ّ
شافعيّة ورواية عند الحنابلة :إلى أنّه ل مخّرج عند ال ّ
يسجد المأموم لنّه يصير مخالفا ً ،ولحديث ابن عمر
سهو » « فإن سها المام فعليه وعلى من خلفه ال ّ
ي.
وإلى هذا ذهب عطاء والحسن والنّخع ّ
صحيح المنصوص شافعيّة على ال ّ وذهب المالكيّة وال ّ
ن المأموم عندهم وهو رواية عند الحنابلة إلى أ ّ
ما سها سهو إذا لم يسجد المام ،لنّه ل ّ يسجد لل ّ
سهو فإذا لم يجبر المام دخل النّقص على صلته بال ّ
صلته جبر المأموم صلته .
ي واللّيث وأبو ثور ،وحكاه ابن وبه قال الوزاع ّ
المنذر عن ابن سيرين .
سهو : سجود المسبوق لل ّ
- 13اتّفق الفقهاء على وجوب متابعة المسبوق
سهو إذا سبقه في بعض لمامه في سجود ال ّ
ن الخلف وقع في مقدار الدراك من صلة ،ولك ّ ال ّ
صلة . ال ّ
شافعيّة والحنابلة فذهب الجمهور من الحنفيّة وال ّ
أي ركن من ن المصلّي إذا أدرك مع إمامه ّ إلى أ ّ
سهو وجب عليه متابعة صلة قبل سجود ال ّ أركان ال ّ
سهوسهو ،وسواء كان هذا ال ّ إمامه في سجوده لل ّ
قبل القتداء أو بعده .لعموم قوله صلى الله عليه
م به » ولقوله عليه وسلم « :إنّما جعل المام ليؤت ّ
الصلة والسلم « :فما أدركتم فصلّوا وما فاتكم
415
سجدة الثّانية من موا » وإن اقتدى به بعد ال ّ فأت ّ
سهو فل سجود عليه . ال ّ
ولكنّهم اختلفوا فيما لو اقتدى المسبوق بالمام بعد
سجدة الولى هل يقضيها أم ل ؟ فذهب الحنفيّة ال ّ
سجدة الثّانية . إلى أنّه ل قضاء عليه بل تكفيه ال ّ
صا ً إلى أنّه يقضي الولى شافعيّة والحنابلة ن ّ وذهب ال ّ
م يقضي ما فاته . بعد أن يسلّم المام ،يسجدها ث ّ
موا » لقوله صلى الله عليه وسلم « :وما فاتكم فأت ّ
.
وذهب المالكيّة على المشهور وهو رواية عن أحمد
ة من إلى أنّه إذا لم يدرك المسبوق مع المام ركع ً
سجود بعديّا ً أو صلة فل سجود عليه ،سواء أكان ال ّ ال ّ
قبليّا ً .وإذا سجد مع إمامه بطلت صلته عامدا ً أو
ة ،لذا ل يسجد بعد جاهل ً ،لنّه غير مأموم حقيق ً
ما البعديّ فتبطل بسجوده ولو لحق تمام صلته ،وأ ّ
صواب . ي من المالكيّة :وهو ال ّ ة .قال الخرش ّ ركع ً
سهو المأموم خلف المام :
- 14قال ابن المنذر :أجمعوا على أن ليس على
من سها خلف المام سجود .
ي صلى الله عليه وسلم قال « : وقد روي عن النّب ّ
ليس على من خلف المام سهو ،فإن سها المام
ن المأموم تابع سهو » ول ّ فعليه وعلى من خلفه ال ّ
سجود وتركه . لمامه ،فلزمه متابعته في ال ّ
سهو المام أو المنفرد عن التّشهّد الوّل :
- 15من سها عن التّشهّد الوّل ،فسبّح له
المأمومون أو تذكّر قبل انتصابه قائما ً لزمه
م قائما ً ل يعود للتّشهّد لنّه تلبّس الّرجوع ،وإن استت ّ
سهو .لحديث المغيرة بن شعبة - بركن ويسجد لل ّ
رضي الله عنه -قال :قال رسول اللّه صلى الله
416
عليه وسلم « :إذا قام المام في الّركعتين ،فإن
ذكر قبل أن يستوي قائما ً فليجلس ،فإن استوى
سهو » .وعن قائما ً فل يجلس ،ويسجد سجدتي ال ّ
ي صلى الله عليه عبد اللّه بن بحينة « :أ ّ
ن النّب ّ
وسلم صلّى فقام في الّركعتين فسبّحوا ،فمضى ،
م سلّم » . ما فرغ من صلته سجد سجدتين ،ث ّ فل ّ
وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة والحنابلة .وال ّ
م قائما ً ، ن الخلف وقع فيما لو عاد بعد أن استت ّ ولك ّ
هل تبطل صلته أم ل ؟
صحيح عندهم شافعيّة على ال ّ ذهب الحنفيّة وال ّ
ن المصلّي لو عاد إلى وسحنون من المالكيّة إلى أ ّ
التّشهّد الوّل بطلت صلته .لحديث المغيرة الّذي
فيه النّهي عن أن يعود وهو قوله « :وإذا استوى
قائما ً فل يجلس » .ولنّه تلبّس بفرض فل يجوز
تركه لواجب أو مسنون .وذهب المالكيّة على
ن الولى أن المشهور في المذهب والحنابلة على أ ّ
ل يعود لحديث المغيرة بن شعبة « وإذا استوى فل
يجلس » ول تبطل صلته إن عاد ولكنّه أساء ،وكره
ي لظاهر ،خروجا ً من خلف من أوجب المض ّ
الحديث .
ن
واستثنى الحنابلة ما لو شرع المام في القراءة فإ ّ
صلته تبطل إن عاد ،لنّه شرع في ركن مقصود ،
كما لو شرع في الّركوع .
ن المصلّي إذا عاد للتّشهّد بعد وذهب الجمهور إلى أ ّ
م قائما ً ناسيا ً أو جاهل ً من غير عمد فإ ّ
ن أن استت ّ
صلته ل تبطل .
متي الخطأ والنّسيان ن اللّه وضع عن أ ّ للحديث « :إ ّ
وما استكرهوا عليه » .
417
====================
شكر * سجود ال ّ
التّعريف :
ة :هو العتراف شكر لغ ً سجود تقدّم بيانه ،وال ّ - 1ال ّ
بالمعروف المسدى إليك ،ونشره ،والثّناء على
شكُْرمن ي َ ْ فاعله ،وضدّه الكفران ،قال تعالى َ { :وَ َ
ميد ٌ } ح ِي َ ن الل ّ َ
ه غَن ِ ٌّ من كََفَر فَإ ِ َّ سهِ وَ َشكُُر لِنَْف ِ ما ي َ ْ فَإِن َّ َ
شكر :ظهور أثر النّعمة على اللّسان وحقيقة ال ّ
والقلب والجوارح ،بأن يكون اللّسان مقّراً
بالمعروف مثنيا ً به ،ويكون القلب معترفًا بالنّعمة ،
ة فيما يرضاه المشكور . وتكون الجوارح مستعمل ً
شكر للّه في الصطلح :صرف العبد النّعم الّتي وال ّ
أنعم اللّه بها عليه في طاعته .
شكر شرعا ً :هو سجدة يفعلها النسان وسجود ال ّ
عند هجوم نعمة ،أو اندفاع نقمة .
شكر : مشروعيّة سجود ال ّ
شكر ، سجود لل ّ - 2اختلف الفقهاء في مشروعيّة ال ّ
ي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن شافع ّ فذهب ال ّ
مد وعليه الفتوى ،وهو قول المنذر وأبو يوسف ومح ّ
صار إلى مالك ابن حبيب من المالكيّة وعزاه ابن الق ّ
ي إلى أنّه مشروع .لما ورد من ححه البنان ّ وص ّ
ي صلى ن النّب ّ حديث أبي بكرة رضي الله عنه « أ ّ
شر الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر سرور -أو :ب ّ
به -خّر ساجدا ً شاكرا ً للّه » .
صدّيق رضي الله عنه حين فتح وسجد أبو بكر ال ّ
اليمامة حين جاءه خبر قتل مسيلمة الكذ ّاب .وسجد
ي رضي الله عنه حين وجد ذا الثّديّة بين قتلى عل ّ
شكر عن جماعة من سجود لل ّ الخوارج ،وروي ال ّ
صحابة . ال ّ
418
وروى أحمد في مسنده من حديث عبد الّرحمن بن
ي صلى ن جبريل قال للنّب ّ عوف رضي الله عنه « أ ّ
الله عليه وسلم :يقول اللّه تعالى :من صلّى عليك
صلّيت عليه ،ومن سلّم عليك سلّمت عليه فسجد
ي صلى الله عليه وسلم شكرا ً للّه » .وذكر النّب ّ
الحاكم « أنّه صلى الله عليه وسلم سجد لرؤية زمن
ي». ،وأخرى لرؤية قرد ،وأخرى لرؤية نغاش ّ
ي قيل :هو ناقص الخلقة ، جاويّ :النّغاش ّ قال الح ّ
وقيل :هو المبتلى ،وقيل :مختلط العقل.
ضا بحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما واستدلّوا أي ً
قال « :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
ة ،وأسجدها شكرا ً » ، سجدة ص :سجدها داود توب ً
البخاري
ّ وبحديث كعب بن مالك رضي الله عنه عند
شر بتوبة اللّه عليه خّر ساجدا ً » . ما ب ّ أنّه « ل ّ
وذهب أبو حنيفة ومالك على المشهور عنه ،
ني على ما حكاه عنه ابن المنذر إلى أ ّ والنّخع ّ
شكر غير مشروع . سجود لل ّ ال ّ
ي :وجه المشهور عن مالك عمل أهل قال البنان ّ
ن أبا المدينة ،وذلك لما في العتبيّة أنّه قيل لمالك :إ ّ
صدّيق سجد في فتح اليمامة شكرا ً ،قال :ما بكر ال ّ
سمعت ذلك ،وأرى أنّهم كذبوا على أبي بكر ،وقد
فتح اللّه على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى
ن أحدا ً منهم سجد . المسلمين فما سمعت أ ّ
ي
ن « النّب ّ ج ابن المنذر لصحاب هذا القول بأ ّ واحت ّ
صلى الله عليه وسلم شكا إليه رجل القحط وهو
يخطب ،فرفع يديه ودعا ،فسقوا في الحال ودام
المطر إلى الجمعة الخرى ،فقال رجل يا رسول
سبل فادع اللّه اللّه :تهدّمت البيوت وتقطّعت ال ّ
يرفعه عنّا ،فدعا فرفعه في الحال » قال :فلم
419
ي صلى الله عليه وسلم لتجدّد نعمة يسجد النّب ّ
نج أيضا ً بأ ّالمطر أوّل ً ،ول لرفع نقمته آخرا ً .واحت ّ
النسان ل يخلو من نعمة ،فإن كلّفه لزم الحرج .
ي:الحكم التّكليف ّ
شافعيّة والحنابلة في حكم سجود - 3مذهب ال ّ
شكر عند وجود سببه أنّه سنّة ،لما ورد من ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم الحاديث الدّالّة على أ ّ
ن النّب ّ
كان يفعله .
ي -على القول بمشروعيّته عند وقد أفاد الّزرقان ّ
المالكيّة -أنّه على هذا القول غير مطلوب ،أي ليس
مستحبّا ً ،ولكنّه جائز فقط .
شكر مكروه ، ن سجود ال ّ ومشهور مذهب المالكيّة أ ّ
ص مالك ،والظّاهر أنّها عنده كراهة تحريم . وهو ن ّ
ومذهب أبي حنيفة الكراهة ،إل ّ أنّهم صّرحوا بما
ل على أنّها كراهة تنزيه ،فعبارة الفتاوى الهنديّة : يد ّ
شكر ل عبرة بها ،وهي مكروهة عند أبي سجدة ال ّ
حنيفة ل يثاب عليها ،وتركها أولى .
شكر : أسباب سجود ال ّ
شكر عند من قال به لطروء - 4يشرع سجود ال ّ
نعمة ظاهرة ،كأن رزقه اللّه ولدًا بعد اليأس ،أو
ة، لندفاع نقمة كأن شفي له مريض ،أو وجد ضال ّ ً
أو نجا هو أو ماله من غرق أو حريق .أو لرؤية
ى أو عاص أي شكرا ً للّه تعالى على سلمته هو مبتل ً
من مثل ذلك البلء وتلك المعصية .
سجود سواء ن ال ّشافعيّة والحنابلة بأنّه يس ّ وصّرح ال ّ
ة ،به ص ً
كانت النّعمة الحاصلة أو النّقمة المندفعة خا ّ
ة للمسلمين ،كالنّصر على م ً
أو بنحو ولده ،أو عا ّ
العداء ،أو زوال طاعون ونحوه .
420
مة ول وفي قول عند الحنابلة :يسجد لنعمة عا ّ
صة ،قدّمه ابن حمدان في الّرعاية يسجد لنعمة خا ّ
الكبرى .
سجود شافعيّة والحنابلة :ل يشرع ال ّ م إنّه عند ال ّ ث ّ
لستمرار النّعم لنّها ل تنقطع .
سلمة من المر العارض ول ن العقلء يهنّئون بال ّ ول ّ
ل ساعة . يفعلونه ك ّ
شكر بطول الفصل ي :وتفوت سجدة ال ّ قال الّرمل ّ
بينها وبين سببها .
شكر : شروط سجود ال ّ
شكر ن سجود ال ّ شافعيّة والحنابلة بأ ّ - 5صّرح ال ّ
صلة ،أي من الطّهارة ، يشترط له ما يشترط لل ّ
واستقبال القبلة ،وستر العورة ،واجتناب النّجاسة .
وعلى هذا فمن كان فاقد الطّهورين ليس له أن
شرقاوي .
ّ شكر كما صّرح به ال ّ يسجد لل ّ
شكر عند المالكيّة وعلى القول بجواز سجود ال ّ
فالمشهور أنّه يفتقر إلى طهارة على ظاهر المذهب
،واختار بعض المالكيّة عدم افتقاره إلى ذلك ،قال
سجود ن سّر المعنى الّذي يؤتى بال ّ الحطّاب :ل ّ
لجله يزول لو تراخى حتّى يتطهّر .
واختار ابن تيميّة أنّه ل يشترط الطّهارة لسجود
شكر . ال ّ
شكر : كيفيّة سجود ال ّ
شكر ن سجود ال ّ شافعيّة والحنابلة بأ ّ - 6يصّرح ال ّ
صلة ،تعتبر في صفاته صفات سجود التّلوة خارج ال ّ
شكر للّه تعالى يستقبل القبلة وإذا أراد أن يسجد لل ّ
ويكبّر ويسجد سجدة ً يحمد اللّه تعالى فيها ويسبّحه .
م يكبّر تكبيرةً أخرى ويرفع رأسه . ث ّ
421
قال في الفتاوى الهنديّة :كما في سجود التّلوة ،
سجود ول يرفع وقد قال في سجود التّلوة :يكبّر لل ّ
سجود فل تشهّد عليه ول سلم يديه .وإذا رفع من ال ّ
.
شافعيّة من ن في التّشهّد والتّسليم عند ال ّ غير أ ّ
حها :أنّه شكر بعد الّرفع ثلثة أقوال أص ّ سجود ال ّ
يسلّم ول يتشهّد .
وعند الحنابلة اختلف في سجود التّلوة هل يرفع
يديه عند تكبيرتها الولى أم ل ،ومقتضى ذلك
شكر ، جريان الخلف في مثل ذلك في سجدة ال ّ
ويسلّم ،ول تشهّد عليه .
سجود شكر ال ّ وصّرحوا أيضا ً بأنّه يعتبر في سجود ال ّ
ن ذلك ركن فيه ،ويجب سبعة ،وأ ّ على العضاء ال ّ
فيه التّكبير والتّسبيح ،إل ّ أنّه ليس فيه تشهّد ول
جلوس له ،وأنّه تجزئ فيه تسليمة واحدة .
صلة : شكر في ال ّ سجود ال ّ
شافعيّة والحنابلة أنّه ل يجوز أن يسجد - 7يصّرح ال ّ
صلةن سببها خارج عن ال ّ صلة ،ل ّ شكر وهو في ال ّ لل ّ
صلة بطلت صلته . ،فإن سجد في ال ّ
قالوا :إل ّ أن يكون جاهل ً أو ناسيا ً فل تبطل ،كما لو
صلة سجدة ً نسيانا ً . زاد في ال ّ
شكر في وفي قول عند الحنابلة :ل بأس بسجود ال ّ
صلة . ال ّ
وقد اختلف في سجدة سورة ( ص ) فقيل :هي
شافعيّة والحنابلة لما شكر ،وهو ما ذهب إليه ال ّ لل ّ
البخاري « عن ابن عبّاس أنّه قال :ص ليست ّ روى
ي صلى الله عليه سجود ،وقد رأيت النّب ّ من عزائم ال ّ
وسلم يسجد فيها » .
422
ي صلى الله عليه وسلم قال ن النّب ّ ي« أ ّ وروى النّسائ ّ
ة ،ونسجدها شكرا ً » .وقيل :هي :سجدها داود توب ً
للتّلوة وإليه ذهب الحنفيّة .
من أجل ذلك فلو سجد عند سجدة سورة ( ص )
ح
صلة بطلت صلته عند الحنابلة وهو الص ّ في ال ّ
شافعيّة ما لم يكن جاهل ً أو ناسيا ً . عند ال ّ
ما عند الحنفيّة فل تبطل ،وقد وافقهم على ذلك أ ّ
شكر إلّ شافعيّة من حيث إنّها وإن كانت لل ّ بعض ال ّ
شكر ، صلة ،فهي ليست لمحض ال ّ ن لها تعلّقا ً بال ّ أ ّ
وهو وجه عند الحنابلة كما في المغني .
شافعيّة :إن كان ناسيا ً أو جاهل ً ل ي من ال ّ قال الّرمل ّ
سهو ،والعالم بحكمها لو تبطل صلته ،ويسجد لل ّ
سجد إمامه لم يجز له متابعته بل يتخيّر بين انتظاره
ومفارقته ،وانتظاره أفضل .
شكر في أوقات النّهي : سجود ال ّ
شكر في الوقت - 8يكره عند الحنفيّة أن يسجد لل ّ
الّذي يكره فيه النّفل .
وعند الحنابلة ل ينعقد في تلك الوقات تطوّع وإن
كان له سبب كسجود شكر .
شكر أثناء استماعه لخطبة الجمعة . ول يسجد لل ّ
شكر وإخفاؤه : إظهار سجود ال ّ
ن من سجد لنعمة أو اندفاع شافعيّة بأ ّ - 9صّرح ال ّ
سجود ، ب إظهار ال ّ ساجد يستح ّ نقمة ل تتعلّق بغير ال ّ
وإن سجد لبليّة في غيره وصاحبها غير معذور
سجود فلعلّه يتوب ،وإن كان كالفاسق ،يظهر ال ّ
معذورا ً كالّزمن ونحوه أخفاه لئل ّ يتأذ ّى به ،وعبّر
سجود لرؤية المبتلى إن كان ن ال ّ عن ذلك الحنابلة بأ ّ
ى في دينه سجد بحضوره أو بغير حضوره ، مبتل ً
ما ابتلك به .وإن وقال :الحمد للّه الّذي عافاني م ّ
423
كان البلء في بدنه سجد وقال ذلك ،وكتمه عنه ،
ي:ويسأل اللّه العافية ،وقد قال إبراهيم النّخع ّ
كانوا يكرهون أن يسألوا اللّه العافية بحضرة المبتلى
.
==================
سجود *
التّعريف :
ة :الخضوع والتّطامن والتّذلّل سجود لغ ً - 1ال ّ
ل من تذلّل وخضع والميل ووضع الجبهة بالرض ،وك ّ
فقد سجد ،ويقال :سجد البعير إذا خفض رأسه
ليركب ،وسجدت النّخلة إذا مالت من كثرة حملها ،
وسجد الّرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى ،ومنه سجود
صلة وهو وضع الجبهة على الرض ،والسم ال ّ
سجدة . ال ّ
صلة الّذي يتعبّد فيه ،ومنه قوله والمسجد بيت ال ّ
صلى الله عليه وسلم « :جعلت لي الرض مسجداً
وطهورا ً » .
وجمعه مساجد ،والمسجد -بفتح الجيم -موضع
سجود من بدن النسان ،وجمعه كذلك مساجد ، ال ّ
وهي جبهته وأنفه ويداه وركبتاه وقدماه .
ومن هذا قولهم :ويجعل الكافور في مساجده :أي
الميّت .
م في سجود للّه عا ّي :ال ّ
قال الّراغب الصفهان ّ
النسان ،والحيوانات ،والجمادات وذلك ضربان :
الوّل :سجود باختيار وليس ذلك إل ّ للنسان ،وبه
َ
جدُوا لِل ّهِ يستحقّ الثّواب ،ومنه قوله تعالى { :فَا ْ
س ُ
َواع ْبُدُوا } .
الثّاني :سجود تسخير ،وهو للنسان والحيوانات
والنّبات والجمادات ،وإليه يشير قوله تعالى :
424
ت وَالَْرض طَوْعاً ماوَا ِ س َ من فِي ال َّ جد ُ َ س ُ{ وَلِلّهِ ي َ ْ
ِ
ل } وقوله تعالى : صا ِ وَكَْرها ً ُوَظِللُهُم بِالْغُد ُ ِّو وَال َ
جدا ً لِلّهِ } . مين وال ْ َّ
س َّ
ل ُ مآئ ِ ِ ش َ ن الْي َ ِ ِ َ ه عَ ِ فيَّأ ظِلَل ُ ُ { يَت َ َ
صامتة النّاطقة فهذا سجود تسخير ،وهو الدّللة ال ّ
ة ،وأنّها خلق فاعل المنبّهة على كونها مخلوق ً
شريعة بالّركن سجود في ال ّ ص ال ّ حكيم ،وخ ّ
صلة ،وما يجري مجرى ذلك من المعروف من ال ّ
شكر . سجود القرآن وسجود ال ّ
ي:الحكم التّكليف ّ
صلة : أوّل ً :سجود ال ّ
صلة سجود في ال ّ - 2أجمع الفقهاء على فرضيّة ال ّ
سنّة ص الكتاب وال ّ صلة بن ّ وأنّه ركن من أركان ال ّ
والجماع .
َ َ
منُوا اْركَعُوا ن آ ََ ما الكتاب فقوله تعالى { :أيُّهَا ال ّذِي َ أ ّ
ن
حو َفل ِ ُ خيَْر لَعَل ّك ُ ْ
م تُ ْ م وَافْعَلُوا ال ْ َ جدُوا وَاع ْبُدُوا َربَّك ُ ْ س ُ َوا ْ
}.
سنّة فمنها حديث المسيء صلته قال فيه ما ال ّ وأ ّ
ن
م اسجد حتّى تطمئ ّ صلى الله عليه وسلم « :ث ّ
ساجدا ً » .وقوله صلى الله عليه وسلم « :أمرت
ن أسجد على سبعة أعظم » . أ ّ
ل ركعة من كما أجمعوا على وجوب سجدتين في ك ّ
صلة فرضا ً أو صلة ،سواء كانت هذه ال ّ ركعات ال ّ
ة. سن ّ ً
سجود هو أن يسجد ن أكمل ال ّ - 3واتّفقوا على أ ّ
المصلّي على سبعة أعضاء ،وهي الجبهة مع النف ،
واليدان ،والّركبتان ،والقدمان ،لقوله صلى الله
عليه وسلم « :أمرت أن أسجد على سبعة أعظم
على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه -والّرجلين
والّركبتين وأطراف القدمين » .
425
سجود على سبعة أعظم وفي رواية « :أمرت بال ّ
اليدين ،والّركبتين ،والقدمين ،والجبهة» .ومن
سجود أن ترتفع أسافله على أعاليه كاشفاً كمال ال ّ
وجهه ليباشر به الرض .
ن ساجدا ً لقوله صلى الله عليه وسلم وأن يطمئ ّ
ن ساجدا ً » م اسجد حتّى تطمئ ّ للمسيء صلته « :ث ّ
وقوله صلى الله عليه وسلم « :إذا سجدت فأمكن
ن ساجدا ً ول تنقر سجود كلّه حتّى تطمئ ّ وجهك من ال ّ
نقرا ً » .لما روي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه
ك الْعَظِيم ِ } سم ِ َرب ِّ َ ح بِا ْ
سب ِّ ْما نزلت { فَ َ قال « :ل ّ
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اجعلوها في
ك اْلَعْلَى } م َرب ِّ َ س َسبِِّح ا ْ
ما نزلت { َ ركوعكم .فل ّ
قال :اجعلوها في سجودكم » .
وأن يعتدل في سجوده ويرفع ذراعيه عن الرض ،
جه أصابع ول يفترشهما ،وينصب القدمين ويو ّ
الّرجلين واليدين إلى القبلة ،لما رواه أنس بن مالك
ي صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنه عن النّب ّ
سجود ول يبسط أحدكم ذراعيه « :اعتدلوا في ال ّ
انبساط الكلب » .
ي صلى الله ن النّب ّ وعن عائشة رضي الله عنها « أ ّ
عليه وسلم كان ينهى أن يفترش الّرجل ذراعيه
ي صلى ن النّب ّ
سبع » .وعن أبي حميد « أ ّ افتراش ال ّ
الله عليه وسلم :إذا سجد وضع يديه غير مفترش
ول قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة »
.
وعن جابر رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم « :إذا سجد أحدكم فليعتدل
ول يفترش ذراعيه افتراش الكلب » .
426
ي صلى ن النّب ّ
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه « أ ّ
م أصابعه وجعل الله عليه وسلم :كان إذا سجد ض ّ
يديه حذو منكبيه » .
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « : وروي عن النّب ّ
جه من ل عضو منه فليو ّ إذا سجد العبد سجد ك ّ
أعضائه إلى القبلة ما استطاع » .
وأن يجافي مرفقيه عن جنبيه لما روى أحمر بن
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا جزء « أ ّ
سجد جافى عضديه عن جنبيه حتّى نأوي له » .
وروي « أنّه كان إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمّر
بين يديه لمّرت » .
ن
وأن يرفع بطنه عن فخذيه لما رواه أبو حميد « أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم :كان إذا سجد فّرج بين النّب ّ
فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه » .
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال « :أتيت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من خلفه فرأيت
خ ،قد فّرج بين يديه » . بياض بطنه وهو مج ّ
وأن يفّرج بين رجليه أي بين قدميه وفخذيه
وركبتيه ،لما رواه أبو حميد في وصف صلة رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :إذا سجد فّرج
بين رجليه » .
وأن يضع راحتيه على الرض مبسوطتين مضمومتي
الصابع بعضها إلى بعض مستقبل ً بهما القبلة ،
ي
ن النّب ّ ويضعهما حذو منكبيه ،لقول أبي حميد « :أ ّ
صلى الله عليه وسلم وضع كّفيه حذو منكبيه » .
وقال بعضهم :يضعهما بحذاء أذنيه ،لما رواه وائل
ن رسول اللّه صلى بن حجر رضي الله عنه « :أ ّ
فيه بحذاء أذنيه » الله عليه وسلم سجد فجعل ك ّ
فيه » . م سجد ووضع وجهه بين ك ّ وفي رواية « :ث ّ
427
وأن يعتمد على راحتيه « لقوله صلى الله عليه
وسلم لعبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما :إذا
سجدت فاعتمد على راحتيك » .
م بعضها إلى بعض في سجودها ما المرأة فتض ّ أ ّ
فتلصق بطنها بفخذيها ،ومرفقيها بجنبيها ،وتفترش
ذراعيها وتنخفض ،ول تنتصب كانتصاب الّرجال ،ول
تفّرق بين رجليها .
ن
قال بعض العلماء :مثل المرأة في ذلك الخنثى ل ّ
ذلك أستر لها ،وأحوط له .
سجود :
أحكام ال ّ
سجود منها : اختلف الفقهاء في مسائل من أحكام ال ّ
وضع الّركبتين قبل اليدين أو عكسه :
شافعيّة - 4ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفيّة وال ّ
ي وسفيان سلف كالنّخع ّ والحنابلة وجمع من علماء ال ّ
وري وإسحاق ومسلم بن يسار وابن المنذر إلى ّ الث ّ
م جبهته م يديه ،ث ّ ب أن يضع ركبتيه ث ّ أنّه من المستح ّ
وأنفه ،فإن وضع يديه قبل ركبتيه أجزأه إل ّ أنّه ترك
الستحباب ،لما رواه وائل بن حجر رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم إذا سجد قال « :رأيت النّب ّ
وضع ركبتيه قبل يديه ،وإذا نهض رفع يديه قبل
ركبتيه » .
وروى سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال « :
كنّا نضع اليدين قبل الّركبتين فأمرنا بوضع الّركبتين
قبل اليدين » وقد روى الثرم عن أبي هريرة « :إذا
سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ول يبرك بروك
الجمل » .
ي وهو رواية عن أحمد إلى وذهب المالكيّة والوزاع ّ
أنّه يقدّم يديه قبل ركبتيه لما روي عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى الله
428
عليه وسلم « :إذا سجد أحدكم فل يبرك كما يبرك
البعير ،وليضع يديه قبل ركبتيه » .
ساجد له أن يقدّم أيّهما شاء ن ال ّ وروي عن مالك أ ّ
من غير تفضيل بينهما ،لعدم ظهور ترجيح أحد
المذهبين على الخر .
سجود على اليدين والّركبتين والقدمين : ال ّ
- 5ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة ورواية عن أحمد إلى وأحد القولين لدى ال ّ
ساجد وضع يديه وركبتيه وقدميه ، أنّه ل يجب على ال ّ
سجود على الجبهة -وهي وإنّما الواجب عليه هو ال ّ
ن
من مستدير ما بين الحاجبين إلى النّاصية -ل ّ
م
سجود ورد مطلًقا من غير تعيين عضو ،ث ّ المر بال ّ
انعقد الجماع على تعيين بعض الوجه ،فل يجوز
تعيين غيره -زاد الحنفيّة -ول يجوز تقييد مطلق
َّ َ
منُواالكتاب -وهو هنا قوله تعالى { :أيُّهَا ال َ َ
آ ن ي ِ ذ
جدُوا } -بخبر الواحد ،ولقوله تعالى { : اْركَعُوا َوا ْ
س ُ
جودِ } ،ولقوله س ُن أَثَرِ ال ُّ
م ْجوهِهِم ِّ م ِفي وُ ُ ماهُ ْ
سي َ ِ
صلى الله عليه وسلم « :إذا سجدت فمكّن جبهتك
» فإفرادها بالذ ّكر دليل على مخالفتها لغيرها من
سجود وضع ن المقصود من ال ّ العضاء الخرى ،ول ّ
صيص أشرف العضاء على مواطئ القدام ،وهو خ ّ
بالجبهة ،ولنّه لو كان وضع العضاء الخرى واجبًا
لوجب اليماء بها عند العجز عن وضعها كالجبهة .
فإذا سجد على جبهته أو على شيء منها دون ما
سواها من العضاء أجزأه ذلك .
وذهب بعض الفقهاء من الحنابلة وأحد القولين لدى
سجود شافعيّة وطاوس وإسحاق إلى وجوب ال ّ ال ّ
على اليدين والّركبتين والقدمين لما رواه ابن عبّاس
رضي الله عنهما قال :قال رسول اللّه صلى الله
429
سجود على سبعة أعظم : عليه وسلم « :أمرت بال ّ
اليدين والّركبتين والقدمين والجبهة » وعن ابن عمر
ن اليدين يسجدان كما يسجد رضي الله عنهما « أ ّ
الوجه ،فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه ،وإذا
رفعه فليرفعهما » .وقوله صلى الله عليه وسلم :
« إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب :وجهه
وكّفاه وركبتاه وقدماه » .
ل واحد من هذه العضاء إلّ ويكفي وضع جزء من ك ّ
ف
ن العبرة في اليدين ببطن الك ّ شافعيّة يرون أ ّ ن ال ّ أ ّ
سواء الصابع أو الّراحة ،وفي القدمين ببطن
الصابع فل تجزئ الظّهر منها ول الحرف ،أ ّ
ما
ل عضو من العضاء ن وضع بعض ك ّ الحنابلة فيرون أ ّ
ستّة المذكورة يجزئ سواء كان ظاهره أو باطنه ، ال ّ
ن الحاديث لم تفّرق بين باطن العضو وظاهره . ل ّ
سجود : وضع النف على الرض في ال ّ
شافعيّة ، - 6ذهب جمهور الفقهاء وهم المالكيّة وال ّ
مد صاحبا أبي حنيفة ،وعطاء وأبو يوسف ومح ّ
وطاوس وعكرمة والحسن وابن سيرين وأبو ثور
والثّوريّ ،وهو رواية عن أحمد ،إلى أنّه ل يجب
سجود على النف مع الجبهة لقوله صلى الله عليه ال ّ
وسلم « :أمرت أن أسجد على سبعة أعظم » .
ولم يذكر النف فيه ،ولحديث جابر رضي الله عنه
قال « :رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
شعر » سجد بأعلى جبهته على قصاص ال ّ
وإذا سجد بأعلى جبهته لم يسجد على النف ،
وقوله صلى الله عليه وسلم « :إذا سجدت فمكّن
جبهتك من الرض ول تنقر نقرا ً » .
سجود على النف مع الجبهة ب عند هؤلء ال ّ ويستح ّ
ل على ذلك . للحاديث الّتي تد ّ
430
وذهب الحنابلة وهو قول عند المالكيّة وسعيد بن
ي وأبو خيثمة وابن أبي شيبة : جبير وإسحاق والنّخع ّ
سجود على النف مع الجبهة ،لما روى إلى وجوب ال ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّابن عبّاس رضي الله عنهما أ ّ
وسلم قال « :أمرت أن أسجد على سبعة أعظم :
الجبهة -وأشار بيده على أنفه -واليدين والّركبتين ،
وأطراف القدمين » .وفي رواية « أمرت أن أسجد
على سبعة أعظم الجبهة والنف » .الحديث .
ي صلى الله عليه وسلم : ن النّب ّوعن أبي حميد « أ ّ
كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الرض » .
ي صلى وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما عن النّب ّ
الله عليه وسلم « :أنّه رأى رجل ً يصلّي ل يصيب
أنفه الرض فقال :ل صلة لمن ل يصيب أنفه من
الرض ما يصيب الجبين » .
سجود ،على وذهب أبو حنيفة إلى أنّه مخيّر بين ال ّ
ن الواجب هو سجود على النف ،وأ ّ الجبهة وبين ال ّ
سجود على أحدهما فلو وضع أحدهما في حالة ال ّ
الختيار جاز ،غير أنّه لو وضع الجبهة وحدها جاز من
غير كراهة ولو وضع النف وحده جاز مع الكراهة .
ن أحدا ً سبقه إلى هذا قال ابن المنذر :ل يحفظ أ ّ
ن الجبهة والنف عضو القول ،ولعلّه ذهب إلى أ ّ
ما ذكر ي صلى الله عليه وسلم ل ّ ن النّب ّ
واحد ،ل ّ
الجبهة أشار إلى أنفه .والعضو الواحد يجزئ
سجود على بعضه . ال ّ
سجود : كشف الجبهة وغيرها من أعضاء ال ّ
- 7ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفيّة والمالكيّة
سلف ،كعطاء والحنابلة ،وجمع من علماء ال ّ
ي إلى عدم ي والوزاع ّ شعب ّ ي وال ّ وطاوس والنّخع ّ
وجوب كشف الجبهة واليدين والقدمين في
431
سجود ،ول تجب مباشرة شيء من هذه العضاء ال ّ
مه وذيله ويده سجود على ك ّ بالمصلّى بل يجوز ال ّ
ما هو متّصل بالمصلّي في وكور عمامته وغير ذلك م ّ
الحّر أو في البرد ،لحديث أنس رضي الله عنه قال
« :كنّا نصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
في شدّة الحّر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكّن جبهته
من الرض يبسط ثوبه فيسجد عليه » .ولما روي
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال « :لقد رأيت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في يوم مطير
وهو يتّقي الطّين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون
ي صلى يديه إلى الرض إذا سجد » .وروي عن النّب ّ
الله عليه وسلم « :أنّه سجد على كور عمامته » .
وعن الحسن قال :كان أصحاب رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد
الّرجل على عمامته ،وفي رواية :كان القوم
مه .
يسجدون على العمامة والقلنسوة ويده في ك ّ
شافعيّة وهو رواية عن أحمد إلى وجوب وذهب ال ّ
كشف الجبهة ومباشرتها بالمصلّى وعدم جواز
مه وذيله ويده وكور عمامته أو سجود على ك ّ ال ّ
ما هو متّصل به ويتحّرك قلنسوته أو غير ذلك م ّ
بحركته لقوله صلى الله عليه وسلم « :إذا سجدت
فمكّن جبهتك من الرض » الحديث ،ولما روي عن
ت رضي الله عنه قال « :شكونا إلى خبّاب بن الر ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حّر الّرمضاء في
جباهنا وأكّفنا فلم يشكنا » وفي رواية « :فما
أشكانا » .
سجود : الطّمأنينة في ال ّ
ل عضو سجود هي أن يستقّر ك ّ - 8الطّمأنينة في ال ّ
في مكانه ،وقدّره بعض العلماء بزمن من يقول فيه
432
" :سبحان ربّي العلى " مّرة ً واحدةً وذلك بعد أن
سجود مكبّرا ً . يهوي لل ّ
وذهب الجمهور إلى فرضيّة الطّمأنينة خلفا ً لبي
مد ،فهي ليست فرضا ً بل واجب يجبر حنيفة ومح ّ
سهو .وتفصيله في ( صلة ،وفي تركه بسجود ال ّ
طمأنينة ) .
سجود والتّسبيح فيه : التّكبير لل ّ
- 9ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفيّة والمالكيّة
ن التّكبير والتّسبيح شافعيّة ورواية عن أحمد إلى أ ّ وال ّ
سجود سنّة وسائر الذكار والدعية الواردة في ال ّ
ليست بواجبة ،فلو تركها المصلّي عمدا ً لم يأثم
وصلته صحيحة ،سواء تركها عمدا ً أو سهوا ً ،ولكن
يكره تركها عمدا ً لحديث المسيء صلته حيث إ ّ
ن
ي صلى الله عليه وسلم عندما علّمه فروض النّب ّ
صلة لم يعلّمه هذه الذكار ،ولو كانت واجب ً
ة ال ّ
لعلّمه إيّاها ،وتحمل الحاديث الواردة بهذه الذكار
على الستحباب .
وذهب الحنابلة وإسحاق إلى وجوب التّكبير والتّسبيح
سجود فإن ترك شيئا ً منها عمدا ً بطلت صلته ، في ال ّ
سهو ، وإن ترك نسيانا ً لم تبطل صلته بل يسجد لل ّ
ي صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به . ن النّب ّل ّ
وأمره للوجوب ،وقال صلى الله عليه وسلم « :
صلّوا كما رأيتموني أصلّي » ولما روي عنه صلى
م صلة لحد من النّاس الله عليه وسلم قال « :ل تت ّ
م يقول :اللّه أكبر ، ضأ -إلى أن قال : -ث ّ حتّى يتو ّ
ن مفاصله » . م يسجد ،حتّى تطمئ ّ ث ّ
وقد جرى خلف بين الفقهاء في زيادة لفظ "
وبحمده " بعد قوله " :سبحان ربّي العلى " ،وهل
قول " :سبحان ربّي العلى " هو المتعيّن أم
433
للمصلّي أن يختار ما شاء من ألفاظ التّسبيح ؟ وهل
ب أن يكّررها ثلث مّرات أو أكثر مع من المستح ّ
اعتبار حال المصلّي إذا كان منفردا ً ،أو إماما ً ،أو
مأموما ً ؟ وينظر مثل هذه التّفاصيل في مصطلح ( :
ن التّكبير والتّسبيح في الّركوع ركوع ) حيث إ ّ
سجود حكمها واحد ل يختلف . وال ّ
ب أن يقول في سجوده قال بعض الفقهاء :يستح ّ
م لك سجدت وبك آمنت ،ولك بعد التّسبيح « :اللّه ّ
أسلمت سجد وجهي للّذي خلقه وصوّره وش ّ
ق
سمعه وبصره تبارك اللّه أحسن الخالقين » ،كما
ب الدّعاء فيه .ومن بين الدعية الواردة « : يستح ّ
م اغفر لي ذنبي كلّه دقّه وجلّه ،وأوّله وآخره ، اللّه ّ
م إنّي أعوذ برضاك من وعلنيته وسّره ،اللّه ّ
سخطك ،وبعفوك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك ،ل
أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك » .
سجود : قراءة القرآن في ال ّ
- 10اتّفق الفقهاء على كراهة قراءة القرآن في
ي رضي الله عنه قال « :نهاني سجود ،لحديث عل ّ ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن
وأنا راكع أو ساجد » .
ن رسول اللّه وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما « أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال :أل وإنّي نهيت أن أقرأ
ما الّركوع فعظّموا فيه القرآن راكعا ً أو ساجدا ً ،فأ ّ
سجود فاجتهدوا في الدّعاء ،فقمن ما ال ّ
ب ،وأ ّ الّر ّ
أن يستجاب لكم » .
سجود لم تبطل صلته ، فإن قرأ غير الفاتحة في ال ّ
وإن قرأ الفاتحة فالجمهور على أنّها ل تبطل كذلك .
434
شافعيّة أنّها تبطل ،لنّه نقل ركناً وفي وجه عند ال ّ
إلى غير موضعه كما لو ركع أو سجد في غير
موضعه .
شكر سهو ،سجود ال ّ وسجود التّلوة ،وسجود ال ّ
تفاصيلها في مصطلحاتها .
سجود لغير اللّه : ثانيا ً :ال ّ
صنم أوسجود لل ّ ن ال ّ
- 11أجمع الفقهاء على أ ّ
شمس أو نحوهما من المخلوقات كفر يخرج لل ّ
ساجد به عن الملّة إذا كان عاقل ً بالغا ً مختارا ً ، ال ّ
سواء كان عامدا ً أو هازل ً .
صنم أوشافعيّة بأنّه إن لم يسجد لل ّ وصّرح ال ّ
شمس على سبيل التّعظيم واعتقاد اللوهيّة ،بل لل ّ
ن باليمان يجري عليه حكم سجد لها وقلبه مطمئ ّ
الكّفار في الظّاهر ،ول يحكم بكفره فيما بينه وبين
اللّه ،وإن دلّت قرينة قويّة على عدم دللة الفعل
على الستخفاف ،كسجود أسير في دار الحرب
ة منه فل يكفر . بحضرة كافر خشي ً
سجود لغير صنم نحوه ، ن ال ّ - 12كما أجمعوا على أ ّ
كأحد الجبابرة أو المملوك أو أيّ مخلوق آخر هو من
المحّرمات وكبيرة من كبائر الذ ّنوب ،فإن أراد
ساجد بسجوده عبادة ذلك المخلوق كفر وخرج ال ّ
عن الملّة بإجماع العلماء ،وإن لم يرد بها عبادةً
فقد اختلف الفقهاء فقال بعض الحنفيّة :يكفر
مطلقا ً سواء كانت له إرادة أو لم تكن له إرادة ،
وقال آخرون منهم :إذا أراد بها التّحيّة لم يكفر بها ،
وإن لم تكن له إرادة كفر عند أكثر أهل العلم.
======================
سحب *
التّعريف :
435
شيء على وجه سحب في اللّغة :جّرك ال ّ - 1ال ّ
الرض كالثّوب وغيره .
شافعيّة :أن يعطى النّقاء المتخلّل سحب عند ال ّ وال ّ
ي: شروان ّ بين أيّام الحيض حكم الحيض ،قال ال ّ
موه بذلك لنّنا سحبنا الحكم بالحيض على وإنّما س ّ
ل حيضا ً . النّقاء فجعلنا الك ّ
ي:الحكم الجمال ّ
سحب يراد به الحكم على النّقاء ن ال ّ
- 2سبق أ ّ
المتخلّل في أيّام الحيض .
وقد اختلف الفقهاء في ذلك ،فذهب الحنفيّة
ن أيّام الدّمشافعيّة على القول الّراجح إلى أ ّ وال ّ
وأيّام النّقاء كلهما حيض بشرط إحاطة الدّم
لطرفي النّقاء المتخلّل .
شافعيّة شرطين آخرين وهما :أن ل يجاوز وزاد ال ّ
ذلك خمسة عشر يوما ً ،وأن ل تنقص الدّماء عن
ل الحيض أق ّ
شافعيّة في قولهم الثّاني وذهب المالكيّة وال ّ
ن أيّام الدّم حيض ،وأيّام النّقاء والحنابلة :إلى أ ّ
طهر ،وتلّفق من أيّام الدّم حيضها .ويطلق
شافعيّة على هذا القول " التّلفيق " أو" اللّقط " . ال ّ
وقد سبق تفصيل ذلك في مصطلح ( تلفيق 286/ 13
).
- 3كما اختلف الفقهاء في حكم تقطّع دم الحيض
ومجاوزته أكثر الحيض .
سحب . شافعيّة إلى القول بال ّ فذهب الحنفيّة وال ّ
ن المبتدأة حيضها عشرة أيّام من فمذهب الحنفيّة أ ّ
ن عادتها ما المعتادة فإ ّ أوّل ما ترى الدّم ،أ ّ
المعروفة في الحيض حيض ،وعادتها في الطّهر
طهر .
436
ن لذات التّقطّع أربعة أحوال : شافعيّة أ ّ وعند ال ّ
ة دماً أحدها :أن تكون مميّزةً بأن ترى يوما ً وليل ً
م
ة أسود ،ث ّ م يوما ً وليل ً م يوما ً وليل ً
ة نقاءً ،ث ّ أسود ،ث ّ
م
ة نقاءً ،وكذا مّرة ثالثة ورابعة وخامسة ث ّ يوما ً وليل ً
ة دما ً أحمر ،ويوماً ترى بعد هذه العشرة يوما ً وليل ً
م مّرة ثانية وثالثة ،وتجاوز خمسة ة نقاءً ،ث ّ وليل ً
عشر متقطّعا ً كذلك ،أو متّصل ً دما ً أحمر .
فهذه المميّزة ترد ّ إلى التّمييز فيكون العاشر فما
سحب بعده طهرا ً .والتّسعة كلّها حيض على قول ال ّ
ن النّقاء الّراجح .وإنّما لم يدخل معها العاشر ،ل ّ
سحب إذا كان بين دمي إنّما يكون حيضا ً على قول ال ّ
الحيض .وهذا يجري في المبتدأة والمعتادة المميّزة
.
الحال الثّاني :أن تكون ذات التّقطّع معتادةً غير
مميّزة .وهي حافظة لعادتها ،وكانت عادتها أيّامها
ة ل تقطّع فيها فترد ّ إلى عادتها . متّصل ً
ل دم يقع في أيّام العادة مع النّقاء المتخلّل فيكون ك ّ
بين الدّمين يكون جميعه حيضا ً .
ل شهر خمسة أيّام فإن كانت عادتها من أوّل ك ّ
فتقطّع دمها يوما ً ويوما ً وجاوز خمسة عشر فحيضها
الخمسة الولى دما ً ونقاءً .
الحال الثّالث :أن تكون مبتدأةً ل تمييز لها .
ل الحيض وفيها قولن :أظهرهما :أنّها ترد ّ إلى أق ّ
وهو يوم وليلة .
والثّاني أنّها ترد ّ إلى غالب الحيض وهو ستّة أو سبعة
.وإن رددناها إلى يوم وليلة ،فحيضها يوم وليلة
سواء سحبنا أو لقطنا .
الحال الّرابع :النّاسية ،وهي ضربان :
437
أحدها :من نسيت قدر عادتها ووقتها وهي المتحيّرة
.
والثّاني :من نسيت قدر عادتها وذكرت وقتها ،أو
نسيت الوقت وذكرت القدر .
صحيح من القولين فيهما :أنّه يلزمها الحتياط ، وال ّ
فتحتاط في أزمنة الدّم ،وأزمنة النّقاء أيضا ً .
وسيأتي تفصيل ذلك في مصطلح ( متحيّرة ) .
وذهب المالكيّة والحنابلة إلى القول بالتّلفيق .
فعند المالكيّة تلّفق المبتدأة نصف شهر ،وتلّفق
المعتادة عادتها واستظهارها .
ل الحيض .والمعتادة وعند الحنابلة تلّفق المبتدأة أق ّ
م هي بعد أيّام التّلفيق مستحاضة .وقد عادتها ث ّ
سبق تفصيل ذلك في مصطلح ( :تلفيق / 13 ،
. ) 288
==================
سحور *
التّعريف :
سحر وشرابه ،قال ابن ة :طعام ال ّ سحور لغ ً - 1ال ّ
سحر حر به وقت ال ّ الثير :هو بالفتح اسم ما يتس ّ
م المصدر والفعل نفسه ، ض ّمن طعام وشراب ،وبال ّ
م ،لنّهض ّصواب بال ّ ن ال ّأكثر ما روي بالفتح ،وقيل :إ ّ
بالفتح الطّعام والبركة ،والجر والثّواب في الفعل ل
حر بفتحتين :آخر اللّيل قبيل في الطّعام .وال َّ
س َ
صبح ،الجمع أسحار ،وقيل :هو من ثلث اللّيل ال ّ
الخر إلى طلوع الفجر .ول يخرج الستعمال
سحور عن ذلك . ي لل ّ الفقه ّ
ي: الحكم الجمال ّ
صائم ،وقد نقل ابن المنذر سحور سنّة لل ّ - 2ال ّ
الجماع على كونه مندوبا ً ،لما روى أنس رضي الله
438
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ عنه « أ ّ
ة». سحور برك ً ن في ال ّ حروا فإ ّ تس ّ
ي
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النّب ّ
صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :فصل ما بين
سحر » . صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة ال ّ
ي
ولنّه يستعان به على صيام النّهار ،وإليه أشار النّب ّ
سحور فقال صلى الله عليه وسلم في النّدب إلى ال ّ
سحر على صيام النّهار « :استعينوا بطعام ال ّ
وبالقيلولة على قيام اللّيل » .
ل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة وك ّ
سحور لحديث عمرو بن العاص قال :قال رسول ال ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم « :فصل ما بين صيامنا
سحر » وعن أبي سعيد وصيام أهل الكتاب أكلة ال ّ
قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :
سحور أكله بركة فل تدعوه ولو أن يجرع أحدكم ال ّ
ن اللّه وملئكته يصلّون على ة من ماء فإ ّ جرع ً
حرين » وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن المتس ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « :نعم سحور النّب ّ
المؤمن التّمر » .
سحور : وقت ال ّ
سحور ما ن وقت ال ّ - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
بين نصف اللّيل الخير إلى طلوع الفجر ،وقال
سدس الخير شافعيّة :هو ما بين ال ّ بعض الحنفيّة وال ّ
وطلوع الفجر .
سحور عند جمهور الفقهاء ما لم ن تأخير ال ّ ويس ّ
يخش طلوع الفجر الثّاني لقوله تعالى { :وَكُلُواْ
ن ال ْ َ خي ْ ُ َ م ال ْ َ
طخي ْ ِ م َ ض ِ
ط البْي َ ُ ن لَك ُ ُحتَّى يَتَبَي َّ َ شَربُوا ْ َ َوا ْ
جرِ } والمراد بالفجر في الية الفجر ن الَْف ْ م
ِ ِ د سو ال َ
َ َ ْ
ي صلى الله عليه وسلم « :ل الثّاني ،لقول النّب ّ
439
يمنعنّكم من سحوركم أذان بلل ،ول الفجر
ن الفجر المستطير في الفق » المستطيل ولك ّ
متي بخير ولقوله صلى الله عليه وسلم « :ل تزال أ ّ
ن المقصود جلوا الفطر » ول ّ سحور وع ّ خروا ال ّ ما أ ّ
صوم ،وما كان أقرب إلى سحور التّقوّي على ال ّ بال ّ
صوم . الفجر كان أعون على ال ّ
سحور ن تأخير ال ّ ونقل الحطّاب عن ابن شاس أ ّ
ب .وتفصيل ذلك في ( صوم ) . مستح ّ
ك: ش ّ
سحور إلى وقت ال ّ خر ال ّ تأ ّ
مد بن الحسن :إنّه شافعيّة والحنابلة ومح ّ - 4قال ال ّ
ك في طلوع الفجر ش ّ شرب مع ال ّ ل يكره الكل وال ّ
ك في الثّاني ،قال أحمد في رواية أبي داود :إذا ش ّ
ن الصل طلوع الفجر يأكل حتّى يستيقن طلوعه ،ل ّ
ري من الحنابلة وغيره :لو قال بقاء اللّيل ،قال الج ّ ّ
لعالمين :ارقبا الفجر ،فقال أحدهما :طلع ،وقال
الخر :لم يطلع ،أكل حتّى يتّفقا على أنّه طلع .
صحابة وغيرهم . وقاله جمع من ال ّ
ك في طلوع ش ّويكره عند الحنابلة الجماع مع ال ّ
الفجر الثّاني ،لما فيه من التّعّرض لوجوب
ما يتقوّى به . الكّفارة ،ولنّه ليس م ّ
ك في طلوع الفجر وذهب الحنفيّة إلى أنّه لو ش ّ
ن الفجر قد ب له أن ل يأكل ،لنّه يحتمل أ ّ فالمستح ّ
صوم ،فيتحّرز عنه ، طلع ،فيكون الكل إفسادًا لل ّ
ي
قال صاحب البدائع :والصل فيه ما ورد عن النّب ّ
صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :الحلل بيّن
والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهة » ...
كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :دع ما
ك ل يحكم يريبك إلى ما ل يريبك » ولو أكل وهو شا ّ
صوم مشكوك ن فساد ال ّ عليه بوجوب القضاء ،ل ّ
440
ن الصل ك في طلوع الفجر ،مع أ ّ ش ّ
فيه لوقوع ال ّ
ك. هو بقاء اللّيل ،فل يثبت النّهار بال ّ
ش ّ
حروفي الفتاوى الهنديّة :إن كان أكبر رأيه أنّه تس ّ
والفجر طالع فعليه قضاؤه عمل ً بغالب الّرأي وفيه
الحتياط ،وعلى ظاهر الّرواية ل قضاء عليه ،هذا
إذا لم يظهر له شيء ،ولو ظهر أنّه أكل والفجر
طالع يجب عليه القضاء ول كّفارة عليه .
ن
-5وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وبعض المالكيّة :إ ّ
ك في طلوع الفجر الثّاني ش ّ شرب مع ال ّ الكل وال ّ
ي عن هشام عن أبي يوسف مكروه .ونقل الكاسان ّ
أنّه يكره ،وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة أنّه إذا
ك فل يأكل ،وإن أكل فقد أساء ،لما ورد عن ش ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :من
شبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك وقع في ال ّ
ن حمى ى ،أل إ ّ ل ملك حم ً ن لك ّأن يواقعه ،أل وإ ّ
ك في ش ّ اللّه في أرضه محارمه » والّذي يأكل مع ال ّ
طلوع الفجر يحوم حول الحمى فيوشك أن يقع
فيه ،فكان بالكل معّرضا ً صومه للفساد فيكره ذلك
.
ك في ش ّ ن من أكل مع ال ّ وذهب أكثر المالكيّة إلى أ ّ
الفجر فعليه القضاء مع الحرمة على المشهور ،إلّ
ن الكل كان قبل الفجر ،وإن كان الصل أن يتبيّن أ ّ
ما في بقاء اللّيل ،وهذا بالنّسبة لصوم الفرض ،وأ ّ
ن أكله ليس من العمد النّفل فل قضاء فيه اتّفاقا ً ،ل ّ
الحرام ،ول كّفارة فيمن أكل شاكّا ً في الفجر اتّفاقاً
ك فعليه ش ّ م طرأ ال ّ ،ومن أكل معتقدا ً بقاء اللّيل ث ّ
القضاء بل حرمة ،ولو طلع الفجر وهو متلبّس
بالفطر فالواجب عليه إلقاء ما في فمه .وانظر
للتّفصيل مصطلح ( :صوم ) .
441
سحور بالتّحّري وغيره : ال ّ
حر فله ذلك إذا كان بحال ل - 6لو أراد أن يتس ّ
يمكنه مطالعة الفجر بنفسه أو بغيره ،وذكر شمس
حر بأكبر الّرأي ل بأس به ن من تس ّ يأ ّ مة الحلوان ّ الئ ّ
من ل يخفى عليه مثل ذلك ،وإن ،إذا كان الّرجل م ّ
من يخفى عليه فسبيله أن يدع الكل ،وإن كان م ّ
سحريّ فإن كثر ذلك حر بصوت الطّبل ال ّ أراد أن يتس ّ
ل جانب وفي جميع أطراف البلدة فل صوت من ك ّ ال ّ
بأس به ،وإن كان يسمع صوتا ً واحدا ً فإن علم
عدالته يعتمد عليه ،وإن لم يعرف يحتاط ول يأكل ،
وإن أراد أن يعتمد بصياح الدّيك فقد أنكر ذلك بعض
الحنفيّة ،وقال بعضهم :ل بأس به إذا كان قد جّربه
مرارا ً ،وظهر له أنّه يصيب الوقت .
===================
سرر *
التّعريف :
ة :اللّيلة الّتي يستسّر فيها القمر ، سرر لغ ً - 1ال ّ
سرار ،وهو سرار ،وال ّ سرر ،وال ّويقال فيها أيضا ً ال ّ
مشتقّ من قولهم :استسّر القمر ،أي خفي ليلة
سرر الخفاءسرار ،فربّما كان ليلتين .وأصل ال ّ ال ّ
سُّر الحديث إسرارا ً إذا أخفيته أو نسبته ُ
فنقول :أ ِ
سّر ،وأسررته أيضا ً أظهرته فهو من الضداد . إلى ال ّ
سرر ،ما معناه اصطلحا ً فقد اختلف المراد من ال ّ أ ّ
شهر ،أم أوّله ،أم أوسطه ،فذهب هل هو آخر ال ّ
بعض العلماء وهم جمهور أهل اللّغة والحديث
سرر هو آخر ن المراد من ال ّ والغريب :إلى أ ّ
مي بذلك لستسرار القمر . شهر ،س ّ ال ّ
سرر الوسط ، ن ال ّوبعض العلماء ذهب إلى أ ّ
فسرارة الوادي وسطه وخياره ،وسرار الرض
442
أكرمها وأوسطها ،ويؤيّده النّدب إلى صيام البيض ،
شهر ،وأنّه لم يرد في صيام آخر وهي وسط ال ّ
جح هذا القول النّوويّ . شهر ندب ،ور ّ ال ّ
ن
ي وسعيد بن عبد العزيز إلى أ ّ وذهب الوزاع ّ
شهر . سرر أوّل ال ّ
ال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أيّام البيض :
- 2أيّام البيض :هي الثّالث عشر والّرابع عشر
ل شهر ،وأصلها أيّام اللّيالي والخامس عشر من ك ّ
البيض .وهي ليلة ثلث عشرة وأربع عشرة وليلة
ميت هذه اللّيالي بالبيض خمس عشرة ،وس ّ
لستنارة جميعها بالقمر .
ي:الحكم التّكليف ّ
سرر اصطلحا ً يقتضي اختلف الفقهاء في معنى ال ّ
سرر بشتّى المعاني: ي لل ّ بيان الحكم التّكليف ّ
شهر :ثبت عنه صلى الله عليه - 3صيام أوّل ال ّ
ل شهر ثلثة أيّام ، وسلم أنّه كان يصوم أوّل مطلع ك ّ
فقد روى عنه عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه «
أنّه كان صلى الله عليه وسلم يصوم من غّرة ك ّ
ل
شهر ثلثة أيّام » ( .ر :مصطلح صوم التّطوّع ) .
ك :وهو يوم الثّلثين من شعبان ش ّ - 4صوم يوم ال ّ
إذا تردّد النّاس في كونه من رمضان ،للفقهاء
عبارات متقاربة في تحديده ،واختلفوا في حكمه
مع اتّفاقهم على عدم الكراهة وإباحة صومه إن
صادف عادة ً للمسلم بصوم تطوّع كيوم الثنين أو
الخميس ،لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال :
« قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :ل تقدّموا
رمضان بصوم يوم ول يومين إل ّ رجل كان يصوم
صوما ً فليصمه » .
443
مار رضي الله عنه « :من صام اليوم الّذي ولقول ع ّ
ك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه يش ّ
وسلم » ر :التّفصيل في مصطلح ( صوم التّطوّع )
.
صيام النّصف من شعبان :
- 5ذهب جمهور العلماء إلى جواز صيام النّصف من
ن
شعبان وما بعده ،لحديث عمران بن حصين « أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال :يا فلن أما
شهر ؟ قال الّرجل :ل يا رسول صمت سرر هذا ال ّ
اللّه ،قال :فإذا أفطرت فصم يومين من سرر
سرر بالوسط سر ال ّ
شعبان » ،وهذا على قول من ف ّ
.
وذهب الحنابلة إلى كراهية صيام النّصف من شعبان
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّلحديث أبي هريرة أ ّ
قال « :إذا انتصف شعبان ،فل تصوموا » .
شافعيّة لحديث النّهي عن صيام النّصف ، وحّرمه ال ّ
صائم عن صيام رمضان ،وجمع ولنّه ربّما أضعف ال ّ
الطّحاويّ بين حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو
صيام إلّ
النّهي ،وحديث النّهي عن تقدّم رمضان بال ّ
ن الحديث الوّل محمول إذا كان صوما ً يصومه ،بأ ّ
صوم ،والثّاني مخصوص بمن على من يضعفه ال ّ
سن الجمع ابن حجر .ر يحتاط بزعمه لرمضان ،وح ّ
:التّفصيل في مصطلحي ( :صوم ،وصوم
التّطوّع ) .
===================
سفينة *
التّعريف :
ميتمى الفلك ،س ّ سفينة معروفة ،وتس ّ - 1ال ّ
ة ،لنّها تسفن وجه الماء أي :تقشره فهي سفين ً
444
ة لنّها ميت سفين ً فعيلة بمعنى فاعلة ،وقيل :إنّما س ّ
ل الماء . تسفن الّرمل إذا ق ّ
وقيل :لنّها تسفن على وجه الرض أي :تلزق بها .
والجمع سفائن وسفن وسفين .
ويستعمل الفقهاء هذا اللّفظ بالمعنى اللّغويّ نفسه
ل ما يركب به سفينة عندهم ك ّ ويشمل اسم ال ّ
البحر ،كالّزورق والقارب والباخرة والبارجة
والغوّاصة .
سفينة : الحكام المتعلّقة بال ّ
سفينة : استقبال القبلة في ال ّ
ضا في - 2يجب استقبال القبلة على من يصلّي فر ً
سفينة فتحوّل سفينة ،فإن هبّت الّريح وحوّلت ال ّ ال ّ
وجهه عن القبلة وجب ردّه إلى القبلة ويبني على
جه فرض عند القدرة وهذا قادر . ن التّو ّصلته ،ل ّ
بهذا قال جمهور الفقهاء .
ويرىالحنابلة في وجه أنّه ل يجب أن يدور المفترض
سفينة كالمتنّفل .هذا صّرح إلى القبلة كلّما دارت ال ّ
ن المّلح ل يلزمه الدّوران إلى القبلة إذا الحنابلة بأ ّ
سفينة . سفينة عنها وذلك لحاجته لتسيير ال ّ دارت ال ّ
وللتّفصيل في الحكام المتعلّقة بالموضوع ،
سفينة( ر :صلة .نفل). واستقبال المتنّفل على ال ّ
سفينة : صلة في ال ّ القيام في ال ّ
شافعيّة - 3ذهب جمهور الفقهاء " المالكيّة وال ّ
مد من الحنفيّة " إلى أنّه والحنابلة وأبو يوسف ومح ّ
سفينة ترك القيام ل يجوز لمن يصلّي الفريضة في ال ّ
مع القدرة كما لو كان في البّر .ويستدلّون بقول
ي صلى الله عليه وسلم « :فإن لم يستطع النّب ّ
فقاعدا ً » وهذا مستطيع للقيام ،وبما روي « أ ّ
ن
ما بعث جعفر بن أبي ي صلى الله عليه وسلم ل ّ النّب ّ
445
طالب رضي الله عنه إلى الحبشة أمره أن يصلّي
ن القيام ما إل ّ أن يخاف الغرق » ول ّ سفينة قائ ً في ال ّ
صلة فل يسقط إل ّ بعذر ولم يوجد . ركن في ال ّ
حة صلة من صلّى في ويقول أبو حنيفة :بص ّ
سائرة قاعدا ً بركوع وسجود وإن كان سفينة ال ّ ال ّ
ط ،وفي ش ّ قادرا ً على القيام أو على الخروج إلى ال ّ
ن فيه إساءة أدب . المضمرات والبحر عن البدائع :أ ّ
ج لبي حنيفة على ما ذهب إليه بما يأتي : ويحت ّ
أ -روي عن ابن سيرين أنّه قال :صلّينا مع أنس
سفينة قعودا ً ولو شئنا لخرجنا إلى الجد ّ . في ال ّ
ب -قال مجاهد :صلّينا مع جنادة رضي الله عنه
سفينة قعودا ً ولو شئنا لقمنا . في ال ّ
ج -ذكر الحسن بن زياد في كتابه بإسناده عن
سويد بن عقلة أنّه قال :سألت أبا بكر وعمر رضي
سفينة .فقال :إن صلة في ال ّ الله عنهما عن ال ّ
ة يصلّي ة يصلّي قاعدا ً ،وإن كانت راسي ً كانت جاري ً
قائما ً من غير فصل بين ما إذا قدر على القيام أو ل
.
سفينة سبب لدوران الّرأس غالبا ً ، ن سير ال ّ د-أ ّ
سبب يقوم مقام المسبّب إذا كان في الوقوف وال ّ
على المسبّب حرج ،أو كان المسبّب بحال يكون
سبب في غاية النّدرة فألحقوا عدمه مع وجود ال ّ
النّادر بالعدم ،إذ ل عبرة بالنّادر ،وهاهنا عدم دوران
الّرأس في غاية النّدرة فسقط اعتباره وصار
كالّراكب على الدّابّة وهي تسير أنّه يسقط القيام
لتعذ ّر القيام عليها غالبا ً كذا هذا .
سفن : القتداء في ال ّ
م
- 4ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه ل يجوز أن يأت ّ
ن
سفينة بإمام في سفينة أخرى ،ل ّ رجل من أهل ال ّ
446
ة من النّهر أو البحر إل ّ أن تكونا بينهما طائف ً
ح القتداء لنّه ليس بينهما ما مقرونتين فحينئذ يص ّ
سفينتين ن ال ّيمنع ذلك ،فكأنّهما في سفينة واحدة ل ّ
المقرونتين في معنى ألواح سفينة واحدة .
سفينتين مدّة سة بين ال ّوالمراد بالقتران المما ّ
صلة ولو من غير ربط .وهذا ما استظهره ال ّ
الطّحطاويّ .وقيل :المراد بالقتران ربطهما بنحو
حبل .
حة القتداء عند الحنابلة كون المام ل عدم ص ّ ومح ّ
ما في شدّة والمأموم في غير شدّة خوف ،وأ ّ
ح القتداء للحاجة . الخوف فيص ّ
ويرى المالكيّة جواز اقتداء ذوي سفن متقاربة بإمام
واحد يسمعون تكبيره أو يرون أفعاله أو من يسمع
سفينة الّتي ب أن يكون المام في ال ّ عنده ،ويستح ّ
تلي القبلة .
شافعيّة :لو كان المام والمأموم في وقال ال ّ
ح
سفينتين مكشوفتين في البحر فكالفضاء فيص ّ
اقتداء أحدهما بالخر وإن لم تشد ّ إحداهما إلى
الخرى بشرط أن ل يزيد ما بينهما على ثلثمائة
ذراع ،وإن كانتا مسّقفتين أو إحداهما فقط
فكالبيتين في اشتراط قدر المسافة وعدم الحائل
ووجود الواقف بالمنفذ إن كان بينهما منفذ .
سفينة باليماء : التّطوّع في ال ّ
- 5يرى الحنفيّة والحنابلة -وهو المعوّل عليه عند
المالكيّة -أنّه ل يجوز للمسافر أن يتطوّع في
سفينة باليماء بخلف راكب الدّابّة فيجوز له ذلك ال ّ
ن راكب ص به وهذا ليس في معناه ل ّ لورود الن ّ ّ
الدّابّة ليس له موضع قرار على الرض وراكب
447
قهسفينة في ح ّ سفينة له فيها قرار على الرض فال ّ ال ّ
كالبيت .
شافعيّة تصريحا ً في مسألة التّطوّع هذا ولم نجد لل ّ
سفينة . باليماء في ال ّ
سفينة :التّعاقد على ظهر ال ّ
- 6إذا تعاقد شخصان على ظهر سفينة انعقد العقد
ة .قال ة أم جاري ً سفينة واقف ً سواء أكانت ال ّ
ي :لو تبايعا وهما في سفينة ينعقد سواء الكاسان ّ
ة.ة أو جاري ً كانت واقف ً
وعلّل ابن الهمام عدم تبدّل مجلس العقد بجريان
سفينة كالبيت فلو عقدا وهي سفينة بقوله :ال ّ ال ّ
تجري فأجاب الخر ل ينقطع المجلس بجريانها
لنّهما ل يملكان إيقافها .
وللتّفصيل ( ر :اتّحاد المجلس ،صيغة ،عقد ،
مجلس ) .
سفن : شفعة في ال ّ ال ّ
ن من شروط وجوب - 7ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
شفعة أن يكون المبيع عقارا ً أو ما هو بمعناه ، ال ّ
سفن . شفعة ل تثبت عندهم في ال ّ فال ّ
شفعة في ونقل عن مالك أنّه يقول :بثبوت ال ّ
سفن ،وهذا مقتضى إحدى الّروايتين عن المام ال ّ
أحمد وهو قول أهل مكّة .وللتّفصيل ( ر :شفعة ) .
سفينة :انتهاء خيار المجلس في ال ّ
- 8يعتبر القائلون بخيار المجلس التّفّرق سببا ً من
أسباب انتهاء خيار المجلس والمرجع في التّفّرق
إلى عرف النّاس وعادتهم فيما يعدّونه تفّرقا ً ،ل ّ
ن
ل ذلك على أنّه شارع علّق عليه حكما ً ولم يبيّنه فد ّ ال ّ
أراد ما يعرفه النّاس فلو كان العاقدان في سفينة
448
صعودكبيرة فالنّزول إلى الطّبقة التّحتانيّة تفّرق كال ّ
إلى الفوقانيّة .
ما لو كانا في سفينة صغيرة فالتّفّرق يحصل بخروج أ ّ
أحدهما منها .
والتّفصيل في مصطلح ( خيار المجلس ) .
سفينتين : اصطدام ال ّ
- 9إن اصطدمت سفينتان بتفريط من مجرييهما
ل واحد من المجريين سفينة الخر فغرقتا ضمن ك ّ
ن التّلف حصل بسبب وما فيها من نفس ومال ،ل ّ
ل منهما ضمان ما تلف بسبب فعليهما فوجب على ك ّ
فعله كالفارسين إذا اصطدما .بهذا قال جمهور
الفقهاء .
شافعيّة أنّه يلزم كّل ً من المجريين للخر ويرى ال ّ
نصف بدل سفينته ونصف ما فيها .وللفقهاء في
المسألة تفاصيل تنظر في ( إتلف ،قتل ،قصاص ،
ضمان ) .
سفينة بإتلف المتعة : إنقاذ ال ّ
سفينة على الغرق جاز إلقاء - 10إذا أشرفت ال ّ
بعض أمتعتها في البحر ،ويجب اللقاء رجاء نجاة
الّراكبين إذا خيف الهلك ،ويجب إلقاء ما ل روح
فيه لتخليص ذي الّروح .
ب إذا أمكن دفع الغرق بغير ول يجوز إلقاء الدّوا ّ
ب ألقيت ست الحاجة إلى إلقاء الدّوا ّ الحيوان وإذا م ّ
ي بحال ذكراً لبقاء الدميّين ول سبيل لطرح الدم ّ
كان أو أنثى ،مسلما ً أو كافرا ً .وفي بعض فروع
المسألة خلف وتفصيل ينظر في ( إتلف ،ضمان )
.
سفينة من الغرق : المتناع عن إنقاذ ال ّ
449
- 11اتّفق الفقهاء على وجوب إعانة الغريق على
النّجاة من الغرق ،فإن كان قادرا ً ولم يوجد غيره
م غيره كان ذلك واجبًا تعيّن عليه ذلك ،وإن كان ث ّ
كفائيّا ً على القادرين .فإن قام به أحد سقط عن
الباقين ،وإل ّ أثموا جميعا ً ( .ر :إعانة ج / 5ف / 5
. ) 196
صلة لغاثة ملهوف ي :يجب قطع ال ّ قال الحصكف ّ
وغريق وحريق .
يقول ابن عابدين :المصلّي متى سمع أحدا ً يستغيث
وإن لم يقصده بالنّداء أو كان أجنبيّا ً وإن لم يعلم ما
ل به أو علم وكان له قدرة على إغاثته وتخليصه ح ّ
صلة فرضا ً كان أو غيره . وجب عليه إغاثته وقطع ال ّ
ة علىة مشرف ً ن من رأى سفين ً ما ذكر أ ّفتبيّن م ّ
الغرق وهو قادر على إنقاذها يجب عليه القيام بذلك
.
ل اتّفاق بين الفقهاء ،وإنّما اختلفوا في وهذا مح ّ
سفينة من الغرق فلم تضمين من أمكنه إنقاذ ال ّ
يفعل .
بتتبّع آراء أكثر الفقهاء في مسألة المتناع من إغاثة
الملهوف ونجدة الغريق وإطعام المضطّر حتّى
ضمان على المتناع يهلكوا يتبيّن أنّهم ل يرتّبون ال ّ
من إنقاذ سفينة مشرفة على الغرق مع القدرة على
ة.ذلك وإنّما يرون التّأثيم فيه ديان ً
ويعلّل عدم تضمين الممتنع عندهم بأنّه لم يهلك أهل
سفينة ولم يكن سببا ً في غرقهم فلم يضمنهم كما ال ّ
لو لم يعلم بحالهم
ن الممتنع ويرى المالكيّة وأبو الخطّاب من الحنابلة أ ّ
سفينة ضمان لنّه لم ينج أهل ال ّ مع القدرة يلزمه ال ّ
450
من الهلك مع إمكانه فيضمنهم ( .ر :ترك ف ، 14/
ج . ) 204 / 11
====================
سعْي * َ
التّعريف :
ة :من سعى يسعى سعيا ً :أي :قصد سعي لغ ً - 1ال ّ
أو عمل أو مشى ،أو عدا .
ويستعمل كثيرا ً في المشي .
ووردت المادّة في القرآن بما يفيد معنى الجد ّ في
المشي ،كقوله تعالى في صلة الجمعة :
َ
سعَوْا إِلَى ذِكْرِ الل ّهِ وَذَُروا الْبَيْعَ } . { فَا ْ
وقال تعالى { :وجاء م َ
ج ٌ
ل مدِينَةِ َر ُ صى ال ْ َ ن أقْ َ ِ ْ َ َ
ن}. سلِي َ مْر َل يَا قَوْم ِ اتَّبِعُوا ال ْ ُ سعَى قَا َ يَ ْ
سعي في الصطلح :قطع المسافة الكائنة - 2وال ّ
صفا والمروة سبع مّرات ذهابا ً وإيابا ً بعد بين ال ّ
ج أو عمرة . طواف في نسك ح ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -الطّواف :
صفة - 3الطّواف هو الدّوران حول الكعبة على ال ّ
ص
سعي في ن ّ المعروفة .واستعمل أيضا ً بمعنى ال ّ
ن شعَآئ ِ َرِ اللّهِ فَ َ
م ْ من َ روة َ ِ
م ْ َ صَفا وَال ْ َ ن ال َّالقرآن { :إ ِ َّ
ّ ج الْبيت أَو اع ْتمر فَل َ جناح ع َلَيه أ َ
ما } ه
ِِ َ ب ف
َ َ ّ و طَ ي ن ْ ِ ُ َ َ َ َ َ ح َّ َ ْ َ ِ َ
.أي :يسعى .
وفي الحاديث كحديث جابر « :حتّى إذا كان آخر
ي صلى طوافه على المروة » أي :آخر سعي النّب ّ
حة الله عليه وسلم .وتقدّم الطّواف شرط لص ّ
سعي : سعي .أصل ال ّ ال ّ
451
سنّة .سعي الكتاب وال ّ - 4الصل في مشروعيّة ال ّ
من مْروَةَ ِ صَفا َوال ْ َ ن ال َّ ما الكتاب فقوله تعالى { :إ ِ َّ أ ّ
شعَآئِرِ اللّهِ } الية . َ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ سنّة فما ورد من « أ ّ ما ال ّ وأ ّ
صفا والمروة وقال : جه بين ال ّ وسلم سعى في ح ّ
سعي » . ن اللّه كتب عليكم ال ّ اسعوا فإ ّ
سعي على مثال « سعي شريعة ال ّ وقد وضعت ال ّ
سيّدة هاجر عندما سعت بينهما سبع مّرات لطلب ال ّ
الماء لبنها » كما في حديث البخاريّ عن ابن عبّاس
مرفوعا ً ،وفي آخره قال ابن عبّاس :قال النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم « :فذلك سعي النّاس بينهما
».
ي: الحكم التّكليف ّ
شافعيّة والحنابلة في المعتمد - 5ذهب المالكيّة وال ّ
ج والعمرة سعي ركن من أركان الح ّ ن ال ّ عندهم إلى أ ّ
حان بدونه .وهو قول عائشة وعروة بن ،ل يص ّ
الّزبير .
سعي ن ال ّ وذهب الحنفيّة والحنابلة في رواية إلى أ ّ
ج والعمرة ،وليس بركن فيهما ،فمن واجب في الح ّ
تركه لغير عذر وجب عليه الدّم ،وإن تركه لعذر فل
مروي عن الحسن البصريّ ّ شيء عليه ،وهو
وري .
ّ وسفيان الث ّ
وروي عن أحمد بن حنبل أنّه سنّة ل يجب بتركه
دم ،وروي ذلك عن ابن عبّاس وأنس ،وابن الّزبير
وابن سيرين .
صَفان ال َّ ن الية الكريمة { :إ ِ َّ وسبب الخلف أ ّ
شعَآئِرِ اللّهِ } ...لم تصّرح بحكم من َ َوال ْ َ
مْروَةَ ِ
سنّة وبحديث سعي ،فآل الحكم إلى الستدلل بال ّ ال ّ
سعي » .وفي ن اللّه كتب عليكم ال ّ « :اسعوا فإ ّ
452
صحيحين عن « أبي موسى الشعريّ رضي الله ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم عنه قال :قدمت على النّب ّ
وهو بالبطحاء فقال :بما أهللت ؟ قلت :أهللت
ي صلى الله عليه وسلم .قال :هل بإهلل النّب ّ
سقت من هدي ؟ قلت :ل قال :فطف بالبيت
ل بذلك ل » .فاستد ّ مح ّ صفا والمروة ،ث ّ وبال ّ
شافعيّة ومن وافقهم على الفرضيّة ، المالكيّة وال ّ
ن " كتب " بمعنى فرض ،ولنّه صلى الله عليه ل ّ
سعي ورتّب عليه الح ّ
ل وسلم أمر أبا موسى بال ّ
فيكون فرضا ً .
ل به الحنفيّة على الوجوب ،لنّه كما قال واستد ّ
الكمال بن الهمام " :مثله ل يزيد على إفادة
ما الّركن فإنّما يثبت عندنا الوجوب ،وقد قلنا به .أ ّ
بدليل مقطوع به .فإثباته بهذا الحديث إثبات بغير
دليل " .يعني بغير دليل يصلح لثبات الّركنيّة .
ح
جنَا َسنّيّة بقوله تعالى { :فَل َ ُ ل للقول بال ّ واستد ّ
َ
ما } .ونفي الحرج عن فاعله ع َلَيْهِ أَن يَط ّوَّ َ
ف بِهِ َ
ن هذا رتبة المباح ،وإنّما دليل على عدم وجوبه ،فإ ّ
شعَآئِرِ اللّهِ } . من َ تثبت سنّيّته بقوله تعالى ِ { :
سعي : صفة ال ّ
جهج أو المعتمر من الطّواف يتو ّ - 6بعد انتهاء الحا ّ
صفا ، سعي منها ،فيرقى على ال ّ صفا ليبدأ ال ّ إلى ال ّ
حد اللّه ويكبّره ، ويستقبل الكعبة المشّرفة ،ويو ّ
جها ً إلى المروة ، م يسير متو ّ ويأتي بالذ ّكر الوارد ،ث ّ
فإذا حاذى الميلين " العمودين " الخضرين اللّذين
في جدار المسعى اشتد ّ وأسرع ما استطاع ،وهكذا
م يمشي إلى العمودين التّاليين الخضرين ،ث ّ
المشي المعتاد حتّى يصل إلى المروة فيصعد عليها
صفا ،وهذا شوط حد ويكبّر كما فعل على ال ّ .ويو ّ
453
جه من شوط الثّاني فيتو ّ م يشرع في ال ّ واحد .ث ّ
صفا ،حتّى إذا حاذى العمودين المروة إلى ال ّ
الخضرين اشتد ّ وأسرع كثيرا ً حتّى يصل إلى
م يمشي المشي المعتاد ،إلى العمودين التّاليين ،ث ّ
صفا فيرقى عليها ،ويستقبل الكعبة ، أن يصل إلى ال ّ
حد اللّه ويكبّره ،يدعو كما فعل أوّل ً ،وهذا ويو ّ
د
م يعود إلى المروة وهكذا حتّى يع ّ شوط ثان ،ث ّ
سبعة أشواط ينتهي آخرها عند المروة .فإن كان
ج ،فقد معتمرا ً فقط أو متمتّعا ً بالعمرة إلى الح ّ
صر ،ويتحلّل التّحلّل قضى عمرته ويحلق أو يق ّ
ج أو قارنا ً فل يحلق ول الكامل .وإن كان مفردا ً للح ّ
ل محرما ً ،حتّى يتحلّل بأعمال يوم صر ،بل يظ ّ يق ّ
ج ،ف . ) 82/ النّحر (.ر :إحرام ف 126 - 123/وح ّ
سعي : ركن ال ّ
ج أوسعي ركن في الح ّ ن ال ّ
- 7ذهب الجمهور إلى أ ّ
سعي ن القدر الّذي ل يتحّقق ال ّ العمرة ،قالوا :إ ّ
صفا والمروة ، بدونه :سبعة أشواط يقطعها بين ال ّ
مة
ي صلى الله عليه وسلم ولجماع ال ّ لفعل النّب ّ
سعي كذلك . سلفا ً فخلفا ً على ال ّ
وقال الحنفيّة :يكفي لسقاط الواجب أربعة أشواط
ل ،فلو سعى سعي ،وللكثر حكم الك ّ ،لنّها أكثر ال ّ
ل من أربعة أشواط فعليه دم عند الحنفيّة ،لنّه أق ّ
ما عند الجمهور فيجب عليه العود لم يؤد ّ الواجب ،أ ّ
لداء ما نقص ولو كان خطوةً ،ول يتحلّل من
سعي بين إحرامه إل ّ بذلك .ويحصل الّركن بكون ال ّ
صفا والمروة في الشواط المفروضة ،سواء كان ال ّ
ي
بفعل نفسه أو بفعل غيره ،ول يشترط الّرق ّ
عليهما .بل يكفي أن يلصق عقبيه بهما ،وكذا
عقبي حافر دابّته إذا كان راكبا ً ،وهذا هو الحوط ،
454
صفا وأصابع رجليه أو يلصق عقبيه في البتداء بال ّ
بالمروة ،وفي الّرجوع عكسه ،وهذا هو الظهر .
لكن تصويرهما إنّما كان يتصوّر في العهد الوّل ،
صفا والمروة مرتفعًا عن ل من ال ّ حيث يوجد ك ّ
ما في هذا الّزمان فلكونه قد دفن كثير الرض ،وأ ّ
من أجزائهما ل يمكن حصول ما ذكر فيهما ،فيكفي
المرور فوق أوائلهما .
م هذا فرض عند الجميع ،وهو الظّاهر في تحقيق ث ّ
مذهب الحنفيّة في الشواط الربعة الّتي هي ركن
الطّواف الواجب عندهم .
سعي : شروط ال ّ
سعي بعد طواف صحيح :ولو نفلً - 8أ -أن يكون ال ّ
موا ذلك ترتيباً عند الحنفيّة .وكذا المالكيّة .وس ّ
سعي . لل ّ
شرط والواجب في سبق لكن المالكيّة فصلوا بين ال ّ
سعي ،فقالوا :يشترط سبق الطّواف الطّواف لل ّ
سعي ،لكن يجب في أيّ طواف ولو نفل ً ،لص ّ
حة ال ّ
سبق أن يكون الطّواف فرضا ً " ومثله الواجب هذا ال ّ
" ونوى فرضيّته أو اعتقدها .
سعي ح تقديم ال ّ وطواف القدوم واجب عندهم فيص ّ
على الوقوف بعد طواف القدوم .
فلو سعى بعد طواف نفل فل شيء عليه عند
الحنفيّة .
ما عند المالكيّة فلو كان الطّواف نفًل أو نوى سنّيّته أ ّ
،أو أطلق الطّواف ولم يستحضر شيئاً ،أو كان
يعتقد عدم وجوبه لجهله ،فإنّه يعيد الطّواف وينوي
سعي ما م يعيد ال ّفرضيّته أو وجوبه إن كان واجبا ً ث ّ
ما إذا سافر إلى بلده فعليه دم . دام بمكّة ،أ ّ
455
شافعيّة والحنابلة أنّه يشترط أن يكون ومذهب ال ّ
ل الفصل سعي بعد طواف ركن أو قدوم ،ول يخ ّ ال ّ
بينهما ،لكن بحيث ل يتخلّل بين طواف القدوم
سعي الوقوف بعرفة ،فإن تخلّل بينهما الوقوف وال ّ
سعي إل ّ بعد طواف الفاضة . بعرفة لم يجزه ال ّ
دليل الجميع « فعله صلى الله عليه وسلم فإنّه قد
سعى بعد الطّواف » ،وورد عنه صلى الله عليه
وسلم أنّه قال « :لتأخذوا مناسككم » ،وبإجماع
المسلمين .
وروي عن عطاء عدم اشتراط تقدّم الطّواف .وفي
رواية عن أحمد :لو سعى قبل الطّواف ناسيا ً أجزأه
.
صفا
صفا والمروة بأن يبدأ بال ّ - 9ب -التّرتيب بين ال ّ
فالمروة ،حتّى يختم سعيه بالمروة ،اتّفاقا ً بينهم .
شوط واحتسب الشواط فلو بدأ بالمروة لغا هذا ال ّ
صفا ،وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم ابتداءً من ال ّ
كما سبق في حديث جابر ،وقوله « :أبدأ بما بدأ
صفا » ،وروي الحديث بصيغة المر اللّه به ،فبدأ بال ّ
« ابدءوا بما بدأ اللّه به » .
صة ،على ما في - 10ج -النّيّة عند الحنابلة خا ّ
المذهب والمقّرر ،وصوّبه المرداويّ ،وظاهر كلم
الكثر خلفهما كما في الفروع .
ي: سعي الصل ّ وقت ال ّ
ي هو يوم النّحر بعد طواف سعي الصل ّ - 11وقت ال ّ
ن ذلك سنّة ، الّزيارة ل بعد طواف القدوم ،ل ّ
سعي واجب ،فل ينبغي أن يجعل الواجب تبعاً وال ّ
ما طواف الّزيارة ففرض ،والواجب يجوز سنّة ،فأ ّلل ّ
سعي بعد ص في ال ّأن يجعل تبعا ً للفرض .إل ّ أنّه خ ّ
456
ج
طواف القدوم ،جعل ذلك وقتًا له ترفيهًا للحا ّ
وتيسيرا ً عليه ،لزدحام الشتعال له يوم النّحر .
ي فيوم النّحر عقيب طواف ما وقته الصل ّ فأ ّ
الّزيارة ،وتقدّم طواف القدوم ليس شرطا ً عند
سعي بالطّواف ولو نفلً شرط سبق ال ّ الحنفيّة ،بل ال ّ
.
ن المالكيّة وقريب من ذلك مذهب الجمهور .إل ّ أ ّ
شرطوا لعدم وجوب الدّم أن يكون بعد طواف
واجب ونوى وجوبه ،وطواف القدوم عندهم واجب
.
سعي أنّه بعد شافعيّة والحنابلة وقت ال ّ ص ال ّ وخ ّ
طواف ركن أو قدوم .
ي ،فإنّه يشرع ج المفرد الفاق ّ هذا كلّه بالنّسبة للحا ّ
له طواف القدوم .
ي فليس لهما ي المفرد ومثله المتمتّع الفاق ّ ما المك ّ ّأ ّ
ج من مكّة ،فل طواف قدوم ،لنّهما يحرمان بالح ّ
سعي عند الجمهور ،إل ّ عند المالكيّة يقدّمان ال ّ
فيمكن لهما أن يطوفا نفل ً ويسعيا بعده ويلزمهما
دم .
ما عند الحنفيّة فيمكن لهما أن يفعل ذلك ول شيء أ ّ
عليهما .
سعي للقارن : تكّرر ال ّ
- 12القارن عند الحنفيّة يطوف طوافين ويسعى
م يطوف م سعيها ،ث ّ سعيين .فيبدأ بطواف العمرة ث ّ
جج إن أراد تقديم سعي الح ّ للقدوم ويسعى للح ّ
عندهم .
ما عند الجمهور فحكمه كالمفرد ،لنّه يطوف أ ّ
جه طوافا ً واحدا ً ،ويسعى سعيا ً واحدا ً يجزئان لح ّ
ي صلى الله عليه وعمرته .واستدلّوا « بفعل النّب ّ
457
جته صحابة الّذين كانوا قارنين معه في ح ّ وسلم وال ّ
حيث إنّهم سعوا سعيا ً واحدا ً » .
سعي عن طواف الّزيارة : خر ال ّ حكم تأ ّ
- 13ذهب الجمهور إلى أنّه ل يتحلّل المحرم من
سعي ولو نقص خطوةً واحدةً ، إحرامه إل ّ بالعود لل ّ
ل محرما ً في حقّ النّساء حتّى يرجع ويسعى ويظ ّ
سعي ( .ر مهما بعد مكانه ،وذلك لقولهم بركنيّة ال ّ
ج ف 56/و . ) 125ول شيء عليه :مصطلح ح ّ
سعي مهما طال المد .ويرجع بإحرامه بتأخير ال ّ
المتبّقي ،دون حاجة لحرام جديد .
ي- سعي عن وقته الصل ّ خر ال ّ وقال الحنفيّة :إذا تأ ّ
وهو أيّام النّحر بعد طواف الّزيارة -فإن كان لم
يرجع إلى أهله فإنّه يسعى ول شيء عليه ،لنّه أتى
بما وجب عليه ،ول يلزمه بالتّأخير شيء ،لنّه فعله
ي وهو ما بعد طواف الّزيارة .ول في وقته الصل ّ
يضّره إن كان قد جامع ،لوقوع التّحلّل الكبر عند
سعي ليس بركن حتّى الحنفيّة بطواف الّزيارة ،إذ ال ّ
يمنع التّحلّل ،وإذا صار حلل ً بالطّواف فل فرق بين
أن يسعى قبل الجماع أو بعده ،غير أنّه لو كان
بمكّة يسعى ول شيء عليه لما قلنا ،وإن كان رجع
سعي بغير عذر .وإن إلى أهله فعليه دم لتركه ال ّ
أراد أن يعود إلى مكّة فإنّه يعود بإحرام جديد ،ل ّ
ن
إحرامه الوّل قد ارتفع بطواف الّزيارة ،لوقوع
التّحلّل الكبر به ،فيحتاج إلى تجديد الحرام ،إذا
عاد وسعى يسقط عنه الدّم لنّه تدارك التّرك .
ي من الّرجوع ، ب إل ّمد بن الحسن :الدّم أح ّ قال مح ّ
ن فيه منفعة الفقراء ،والنّقصان ليس بفاحش . ل ّ
وهذا المذكور عن الحنفيّة ينطبق على القول
بالوجوب عند الحنابلة .
458
سعي : واجبات ال ّ
- 14أ -المشي بنفسه للقادر عليه ،وهذا عند
شافعيّة والحنابلة هو سنّة المالكيّة والحنفيّة ،وعند ال ّ
.فلو سعى راكبا ً أو محمول ً أو زحفا ً بغير عذر ص ّ
ح
سعيه باتّفاقهم جميعاً ،لكن عليه الدّم عند الحنفيّة
سعي بغير عذر ، والمالكيّة ،لتركه المشي في ال ّ
سعي . وهو واجب عندهم ،أو إعادة ال ّ
شافعيّة والحنابلة ولو مشى ول يلزمه شيء عند ال ّ
سعي سنّة عندهم . ن المشي في ال ّ بغير عذر ،ل ّ
ن الفضل أن ل يركب في شافعيّة بأ ّ بل صّرح ال ّ
ن المشي سعيه إل ّ لعذر كما سبق في الطّواف ،ل ّ
سعي راكبًا ليس ن ال ّأشبه بالتّواضع .واتّفقوا على أ ّ
بمكروه لكنّه خلف الفضل .ولو سعى به غيره
محمول ً جاز ،لكن الولى سعيه بنفسه إن لم يكن
صبيّا ً صغيرا ً أو له عذر كمرض ونحوه .
- 15ب -إكمال الشواط الثّلثة الخيرة عند الحنفيّة
سبعة واجب عند الحنفيّة ،فلو ل من ال ّ ن الق ّ ،ل ّ
ح
ل وهو ثلثة أشواط فما دون ذلك ص ّ ترك الق ّ
ما الجمهور ل شوط عندهم .أ ّ سعيه وعليه صدقة لك ّ
سبعة ركن عندهم ل يجوز أن ل هذه الشواط ال ّ فك ّ
تنقص ولو خطوة ً .
سعي ومستحبّاته : سنن ال ّ
سعي :فلو فصل - 16أ -الموالة بين الطّواف وال ّ
ن لهبينهما بفاصل طويل بغير عذر فقد أساء ويس ّ
العادة ،ولو لم يعد ل شيء عليه اتّفاقا ً .
ودليل الفقهاء على ذلك العتبار بتأخير الطّواف
الّركن عن الوقوف ،فإنّه يجوز تأخيره عنه سنين
كثيرة ً ول آخر له ما دام حيًّا بل خلف فيه عند
459
ج ف ) 142 - 140/ الحنفيّة ( .ر :طواف ف ، 9/وح ّ
.
ي ،وهو ما وملحظهم فيه أنّه أدّاه في وقته الصل ّ
بعد طواف الفاضة .
سعي عند الجمهور ، - 17ب -النّيّة :هي سنّة في ال ّ
والّراجح عند الحنفيّة ،وقيل عند الحنفيّة إنّها
مستحبّة .خلفا ً للحنابلة القائلين باشتراطها .
سعي في ي القاريّ :ولعلّهم أدرجوا فيه ال ّ قال عل ّ
ضمن التزام الحرام بجميع أفعال المحرم به .فلو
صفا إلى المروة هاربا ً أو بائعا ً أو متنّزهاً مشى من ال ّ
أو لم يدر أنّه سعى جاز سعيه .وهذه توسعة
عظيمة ،كعدم شرط نيّة الوقوف بعرفة .
- 18ج -أن يستلم الحجر السود بعد ركعتي
سر له سعي ،إن تي ّ الطّواف قبل الذ ّهاب إلى ال ّ
استلم الحجر ،وإل ّ أشار إليه ،فيكون الستلم
سعي . بمثابة وصلة بين الطّواف وال ّ
ب أن يسعى على طهارة من الحدث - 19د -يستح ّ
ح سعيه . الصغر والكبر والنّجاسة ،ولو خالف ص ّ
صحيح عن عائشة رضي الله عنها « ففي الحديث ال ّ
ما حاضت : ي صلى الله عليه وسلم قال لها ل ّ ن النّب ّ
أ ّ
ج ،غير أن ل تطوفي بالبيت افعلي كما يفعل الحا ّ
ة
ة صريح ً ل دلل ً حتّى تطهري » متّفق عليه .وهو يد ّ
سعي بغير طهارة . على جواز ال ّ
صفا والمروة كلّما بلغهما - 20هـ -أن يصعد على ال ّ
ووي فيّ في سعيه بحيث يستقبل الكعبة ،وقدّره الن ّ
المجموع بقدر قامة .
شافعيّة والحنابلة ب عند ال ّ صعود مستح ّ وهذا ال ّ
صوا به الّرجال دون النّساء . وخ ّ
460
صفا والمروة وفي - 21و -الدّعاء :عند صعود ال ّ
سعي بينهما ،جعله الحنفيّة من المستحبّات .على ال ّ
تفصيل سيأتي .
شديد بين الميلين الخضرين : سعي ال ّ - 22ز -ال ّ
وهما العمودان الخضران اللّذان في جدار المسعى
ب أن سبعة ،ويستح ّ الن ،وهو سنّة في الشواط ال ّ
سنّة أن يمشي مل ودون العدْو .وال ّ يكون فوق الّر َ
فيما سوى ذلك .فقد « كان صلى الله عليه وسلم
صفا والمروة » يسعى بطن المسيل إذا طاف بين ال ّ
.متّفق عليه .
صفا
ن الخبب في الذ ّهاب من ال ّ وقال المالكيّة :يس ّ
ن في الياب .وسنّيّة إلى المروة فقط ،ول يس ّ
ص بالّرجال دون النّساء ، شديد هذه تخت ّ سعي ال ّ ال ّ
ن
سنّة في حّقه ّ ستر ،فال ّ ن على ال ّ ن مبنى حاله ّ ل ّ
المشي فقط .
سعي :وسنّيّتها - 23ح -الموالة بين أشواط ال ّ
مذهب الجمهور ،خلفا ً للمالكيّة والحنابلة في
سعي المعتمد ،قد جعلوا الموالة بين أشواط ال ّ
سعي . حة ال ّ شرطا ً لص ّ
صل المالكيّة فقالوا : وبنا ًء على ذلك ف ّ
أول ً :إن جلس في سعيه وكان شيئا ً خفيفا ً أجزأه ،
وإن كان ل ينبغي له ذلك .
وإن طال جلوسه وصار كالتّارك بأن كثر التّفريق
سعي من جديد . ابتدأ ال ّ
ثانيا ً :ل ينبغي له أن يبيع أو يشتري أو يقف مع أحد
ويحدّثه ،فإن فعل وكان خفيفا ً لم يضّر وإن كان
سعي من جديد . مكروها ً ،فإن كثر ابتدأ ال ّ
ضأ وبنى على ما سبق ولم ثالثا ً :إن أصابه حقن تو ّ
يعد .
461
صلة تمادى إل ّ أن يضيق رابعا ً :إن أقيمت عليه ال ّ
م يبني على ما مضى له . ل،ث ّصلة فليص ّ وقت ال ّ
ل أو كثر ،لكنّهل ذلك ل يضّر عند الجمهور ق ّ وك ّ
سعييكره ،ويستثنى من الكراهة أن يقطع ال ّ
صلة المكتوبة بالجماعة ،ولصلة الجنازة ، لقامة ال ّ
كما في الطّواف ،بل هو هنا أولى .
شافعيّة إلى سنّيّة الضطباع في - 24ط -ذهب ال ّ
سعي قياسا ً على الطّواف . ال ّ
سعي أن ب الحنفيّة إذا فرغ من ال ّ - 25ي -استح ّ
سعي يدخل المسجد فيصلّي ركعتين ،ليكون ختم ال ّ
ن مبدأه بالستلم كمبدئه كختم الطّواف ،كما ثبت أ ّ
.
ي
شافعيّة قولن في هاتين الّركعتين .قال الجوين ّ ولل ّ
" :حسن وزيادة طاعة " .
صلح " :ينبغي أن يكره ذلك لنّه ابتداع وقال ابن ال ّ
شعار " .
صلح أظهر قال النّوويّ " :وهذا الّذي قاله ابن ال ّ
واللّه أعلم " .
سعي : مباحات ال ّ
سعي ما يباح في الطّواف ،بل هو - 26يباح في ال ّ
أولى .ومن ذلك :
أ -الكلم المباح الّذي ل يشغله .
شرب . ب -الكل وال ّ
ج -الخروج منه لداء مكتوبة ،أو صلة جنازة ،على
خلف للمالكيّة .
سعي : مكروهات ال ّ
شراء والحديث ،إذا كان شيء منها - 27أ -البيع وال ّ
على وجه يشغله عن الحضور ،ويدفعه عن الذ ّكر
والدّعاء ،أو يمنعه عن الموالة .
462
سعي عن وقته المختار تأخيراً - 28ب -تأخير ال ّ
كثيرا ً من غير عذر ،بإبعاده كثيرا ً من الطّواف .
ووردت جملة من الدعية والذكار المأثورة في
ي صلى الله عليه وسلم وعن بعض سعي عن النّب ّ ال ّ
صحابة منها ما يلي : ال ّ
أي
سعي يذهب من ّ صفا لل ّ جه إلى ال ّ - 29أ -عند التّو ّ
سر له ،ويقرأ هذه الية : باب يتي ّ
شعَآئِرِ اللّهِ } وكذلك عندما من َ مْروَة َ ِ صَفا وَال ْ َن ال َّ{ إ ِ َّ
ل شوط . يبلغ المروة آخر ك ّ
ي صلى الله عليه وسلم ذلك » . « لفعل النّب ّ
صفا وقف عليه بحيث يرى - 30ب -إذا صعد على ال ّ
الكعبة المعظّمة ،وكذلك إذا صعد على المروة
ي صلى جه إلى القبلة وذكر ودعا كما فعل النّب ّ تو ّ
ن أن يطيل القيام ،ويقول كما الله عليه وسلم ويس ّ
ورد في صحيح مسلم عن جابر « :فاستقبل القبلة
حد اللّه وكبّره ،وقال :ل إله إل ّ اللّه وحده ل فو ّ
شريك له ،له الملك ،وله الحمد وهو على ك ّ
ل
شيء قدير ،ل إله إل ّ اللّه وحده ،أنجز وعده ،
م دعا بين ذلك ونصر عبده ،وهزم الحزاب وحده .ث ّ
،قال مثل هذا ثلث مّرات ...حتّى أتى المروة
صفا » . ففعل على المروة كما فعل على ال ّ
م إنّك صفا « :اللّه ّ - 31ج -ورد من الدّعاء على ال ّ
َ
م } ،وإنّك ل تخلف ب لَك ُ ْ
ج ْ ست َ ِقلت { ادْع ُونِي أ ْ
الميعاد ،وإنّي أسألك كما هديتني للسلم أل ّ تنزعه
م اعصمنا منّي حتّى تتوفّاني وأنا مسلم » « .اللّه ّ
بدينك وطواعيتك ،وطواعية رسولك ،وجنّبنا
ب ملئكتك وأنبياءك م اجعلنا نحبّك ونح ّ حدودك .اللّه ّ
سرنا مي ّ صالحين .اللّه ّ ب عبادك ال ّ ورسلك ،ونح ّ
463
لليسرى وجنّبنا العسرى ،واغفر لنا في الخرة
مة المتّقين » . والولى ،واجعلنا من أئ ّ
صفا ورد هذا الدّعاء « : - 32د -عند الهبوط من ال ّ
م أحيني على سنّة نبيّك ،وتوفّني على ملّته ، اللّه ّ
وأعذني من مضّلت الفتن برحمتك يا أرحم
الّراحمين » .
شديد بين الميلين الخضرين سعي ال ّ - 33هـ -عند ال ّ
ب اغفر وارحم ،إنّك أنت العّز الكرم » . «:ر ّ
صَفان ال َّ - 34و -عند القتراب من المروة يقرأ { إ ِ َّ
شعَآئِرِ اللّهِ } .من َ مْروَةَ َِوال ْ َ
م يرقى على المروة ويقف مستقبل القبلة ويأتي ث ّ
صفا ،وكذلك عندما من الذ ّكر والدّعاء كما عند ال ّ
يهبط من المروة يدعو بما سبق عند الهبوط من
ي صلى الله عليه وسلم فعل على ن « النّب ّ صفا ،ل ّ ال ّ
صفا » .كما سبق في المروة كما فعل على ال ّ
الحديث .
ولم يثبت في الحديث شيء من الدعية والذكار
ل شوط بدعاء ، صك ّسعي ويخ ّ يوّزع على أشواط ال ّ
سعي ة من المأثور في ال ّ إنّما وّزع العلماء عليها أدعي ً
ومن غيره إرشادا ً للنّاس ،وتسهيل ً عليهم لحصاء
سعي . أشواط ال ّ
وهو سنّة بغير تحديد عند المالكيّة ،وجعل الحنفيّة
سعي من المستحبّات . الدّعاء في ال ّ
ويجتهد في الذ ّكر والدّعاء بأنواع الذكار والدعية في
ن ذلك مقصود عظيم ،لقوله صلى سعي كلّه ،فإ ّ ال ّ
سعي الله عليه وسلم « :إنّما جعل رمي الجمار وال ّ
صفا والمروة لقامة ذكر اللّه » . بين ال ّ
================
فر * س َ َ
464
التّعريف :
ة قطع المسافة البعيدة .يقال ذلك إذا سفر لغ ً - 1ال ّ
خرج للرتحال .
سفر ل ال ّ ي :وقال بعض المصنّفين أق ّ قال الفيّوم ّ
يوم .
والجمع أسفار ،ورجل مسافر ،وقوم سفر وأسفار
وسّفار ،وأصل المادّة الكشف .
سفر سفرا ً لنّه يسفر عن وجوه مي ال ّ وس ّ
المسافرين وأخلقهم فيظهر ما كان خافيا ً .
سفر هو الخروج على قصد قطع وفي الصطلح :ال ّ
شرعيّة فما فوقها . مسافة القصر ال ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -الحضر :
- 2الحضر بفتحتين والحضرة والحاضرة خلف
ميت بذلك البادية ،وهي المدن والقرى والّريف ،س ّ
ن أهلها حضروا المصار ومساكن الدّيار الّتي يكون ل ّ
لهم بها قرار والحضر من النّاس ساكنو الحضر ،
سفر . والحاضر خلف البادي والحضر من ل يصلح لل ّ
ي عن المعنى اللّغويّ . ول يخرج المعنى الصطلح ّ
ب -القامة :
- 3من معاني القامة ،الثّبوت في المكان ،
سفر . واتّخاذه وطنا ً ،وهي ضد ّ ال ّ
ي:الحكم التّكليف ّ
سفر من حيث حكمه إلى ثلثة سم الحنفيّة ال ّ -4ق ّ
ج والجهاد ،وسفر مباح أقسام :سفر طاعة كالح ّ
ج المرأة كالتّجارة ،وسفر معصية كقطع الطّريق وح ّ
بل محرم .
سفر على قسمين :سفر طلب ، وقال المالكيّة :ال ّ
وسفر هرب .فسفر الهرب واجب .
465
ل فيهوهو إذا كان في بلد يكثر فيه الحرام ويق ّ
سفر منه إلى بلد يكثر فيه الحلل فإنّه يجب عليه ال ّ
الحلل .وكذلك يجب الهروب من موضع يشاهد فيه
المنكر من شرب خمر وغير ذلك من سائر
المحّرمات إلى موضع ل يشهد فيه ذلك .وكذلك
ل فيه نفسه يجب عليه الهرب من بلد أو موضع يذ ّ
لن المؤمن عزيز ل يذ ّ إلى موضع يعّز فيه نفسه ،ل ّ
نفسه .وكذلك يجب الهروب من بلد ل علم فيه إلى
بلد فيه العلم .وكذلك يجب الهروب من بلد يسمع
ن صحابة رضوان الله عليهم ،ول يخفى أ ّ ب ال ّفيه س ّ
ذلك كلّه حيث لم يمكن النسان التّغيير والصلح.
ما سفر الطّلب فهو على أقسام -ويوافقهم وأ ّ
جشافعيّة والحنابلة عليها -واجب كسفر ح ّ ال ّ
الفريضة والجهاد إذا تعيّن .
ة للّه سبحانه ومندوب وهو ما يتعلّق بالطّاعة قرب ً
سفر لبّر الوالدين أو لصلة الّرحم أو طلب العلم كال ّ
أو للتّفكّر في الخلق ،ومباح وهو سفر التّجارة ،
سفر لمعصية اللّه تعالى . وممنوع وهو ال ّ
سفر المكروه بالّذي يسافر شافعيّة لل ّ ومثّل ال ّ
ة وذلك لخبر أحمد ف كراه ً وحده ،وسفر الثنين أخ ّ
ي صلى الله عليه وسلم الوحدة وغيره « كره النّب ّ
سفر » . في ال ّ
وقوله صلى الله عليه وسلم « :الّراكب شيطان
والّراكبان شيطانان والثّلثة ركب » .
سفر لرؤية البلد ن ال ّ شافعيّة والحنابلة بأ ّ وقد صّرح ال ّ
والتّنّزه فيها مباح .
سياحة لغير موضع معيّن ن ال ّوقال الحنابلة :إ ّ
مكروه .
سفر من عوارض الهليّة : ال ّ
466
سفر من عوارض الهليّة المكتسبة ،وهو ل - 5ال ّ
ينافي شيئا ً من أهليّة الحكام وجوبا ً وأداءً من
العبادات وغيرها .فل يمنع وجوب شيء من الحكام
ج لبقاء القدرة الظّاهرة صلة والّزكاة والح ّ نحو ال ّ
شرع من أسباب والباطنة بكمالها .لكنّه جعل في ال ّ
التّخفيف بنفسه مطلقا ً -يعني من غير نظر إلى
سفر ن ال ّ كونه موجبا ً للمشّقة أو غير موجب لها ،ل ّ
من أسباب المشّقة في الغالب .فلذلك اعتبر نفس
سفر سببا ً للّرخص وأقيم مقام المشّقة .وتفصيل ال ّ
ي. ذلك في الملحق الصول ّ
سفر :
شروط ال ّ
سفر الّذي تتغيّر به الحكام ،ما - 6يشترط في ال ّ
يلي :
أ -أن يبلغ المسافة المحدّدة شرعا ً :
سفر الّذي تتغيّر به - 7اختلف الفقهاء في مسافة ال ّ
الحكام ،فذهب جمهور الفقهاء -المالكيّة
سفر الّتي ن مسافة ال ّ شافعيّة والحنابلة -إلى أ ّ وال ّ
تتغيّر بها الحكام أربعة برد .
ي
ن النّب ّ لما روى ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال « :يا أهل مكّة ل
ل من أربعة برد من مكّة إلى عسفان تقصروا في أق ّ
» وكان ابن عمر وابن عبّاس -رضي الله عنهم -
يقصران ويفطران في أربعة برد .ذلك إنّما يفعل
ل بريد أربعة فراسخ ،والفرسخ عن توقيف .وك ّ
ثلثة أميال هاشميّة .فهي ثمانية وأربعون ميل ً ،
والفرسخ بأميال بنى أميّة ميلن ونصف ،فالمسافة
على هذا أربعون ميل ً .
467
والتّقدير بثمانية وأربعين ميل ً هو المشهور عند
شافعيّة وعندهم أقوال ضعيفة بغير ذلك المالكيّة وال ّ
ول تحسب من هذه المسافة مدّة الّرجوع اتّفاقا ً .
ة من الذ ّهاب والّرجوع لم تتغيّر فق ً فلو كانت مل ّ
الحكام .وهي باعتبار الّزمان مرحلتان ،وهما سير
يومين معتدلين أو يوم وليلة بسير البل المثقلة
بالحمال على المعتاد ،مع النّزول المعتاد لنحو
استراحة وأكل وصلة .قال الثرم :قيل لبي عبد
صلة ؟ قال :في أربعة برد . اللّه .في كم تقصر ال ّ
م ؟ قال :ل :أربعة برد ، قيل له :مسيرة يوم تا ّ
ي: ستّة عشر فرسخا ً ،مسيرة يومين .قال البهوت ّ
وقد قدّره ابن عبّاس -رضي الله عنهما -من
عسفان إلى مكّة ،ومن الطّائف إلى مكّة ،ومن
جدّة إلى مكّة .
ن اليوم يعتبر من طلوع وقد صّرح المالكيّة بأ ّ
سير غالبا ً ل من طلوع الفجر شمس لنّه المعتاد لل ّ ال ّ
ن البحر كالبّر في اشتراط المسافة المذكورة . ،وأ ّ
ن البحر ل تعتبر فيه المسافة بل ي:إ ّ قال الدّسوق ّ
الّزمان وهو يوم وليلة ،وقيل باعتبارها فيه كالبّر
وهو المعتمد ،وعليه إذا سافر وبعض سفره في
البّر وبعض سفره في البحر فقيل يلّفق مسافة
أحدهما لمسافة الخر مطلقا ً من غير تفصيل .وقيل
:ل بد ّ فيه من التّفصيل على ما مّر وهو المعتمد .
شافعيّة والحنابلة بأنّه ل يضّر قطع وقد صّرح ال ّ
المسافة في زمن يسير ،فلو قطع الميال في
سفينة بالهواء ونحوه أو ساعة مثل ً لشدّة جري ال ّ
قطعها في البّر في بعض يوم على مركوب جواد
صالحة تغيّرت الحكام في حّقه لوجود المسافة ال ّ
468
لتغيّر الحكام ،ولنّه صدق عليه أنّه سافر أربعة برد
.
سفر الّذي تتغيّر به ن مسافة ال ّ وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
الحكام هو مسيرة ثلثة أيّام ،وقدّرها بعض مشايخ
سنة . الحنفيّة بأقصر أيّام ال ّ
قال ابن عابدين نقل ً عن الحلية :الظّاهر إبقاؤها
على إطلقها بحسب ما يصادفه من الوقوع فيها
طول ً وقصرا ً واعتدال ً إن لم تقدّر بالمعتدلة الّتي هي
الوسط .ول اعتبار عندهم بالفراسخ على المذهب .
مةصحيح ،احترازا ً عن قول عا ّ قال في الهداية هو ال ّ
م اختلفوا ،فقيل المشايخ في تقديرها بالفراسخ .ث ّ
واحد وعشرون ،وقيل ثمانية عشر ،وقيل خمسة
عشر والفتوى على الثّاني ،لنّه الوسط ،وفي
مة خوارزم على الثّالث . المجتبى فتوى أئ ّ
ل يوم إلى اللّيل بل يكفي م إنّه ل يشترط سفر ك ّ ث ّ
سير الوسط . إلى الّزوال ،والمعتبر ال ّ
سير ،لنّه قالوا :ويعتبر في الجبل بما يناسبه من ال ّ
يكون صعودا ً وهبوطا ً مضيقا ً ووعرا ً فيكون مشي
سهل .وفي البل والقدام فيه دون سيرها في ال ّ
ي به ،فيعتبر البحر يعتبر اعتدال الّريح على المض ّ
سير المعتاد فيه وذلك معلوم عند ل ذلك ال ّفي ك ّ
النّاس فيرجع إليهم عند الشتباه .وخرج سير البقر
ن أسرعه سير ،كما أ ّ يجّر العجلة ونحوه لنّه أبطأ ال ّ
سير الفرس والبريد ،حتّى لو كانت المسافة ثلثاً
سير المعتاد فسار إليها على الفرس جريا ً حثيثاً بال ّ
ل قصر . فوصل في يومين أو أق ّ
ب -القصد :
سفر الّذي - 8اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في ال ّ
سفر تتغيّر به الحكام قصد موضع معيّن عند ابتداء ال ّ
469
،فل قصر ول فطر لهائم على وجهه ل يدري أين
ل الطّريق ،ول لسائح ل يقصد جه ،ول لتائه ضا ّ يتو ّ
مكانا ً معيّنا ً .
وكذا لو خرج أمير مع جيشه في طلب العدوّ ولم
م وإن طالت المدّة أو يعلم أين يدركهم فإنّه يت ّ
المكث ومثله طالب غريم وآبق يرجع متى وجده ول
يعلم موضعه وإن طال سفره .
ما التّابع لغيرهوهذا فيمن كان مستقّل ً برأيه أ ّ
والجندي مع المير .ففيهّ كالّزوجة مع زوجها ،
خلف وتفصيل ينظر في ( صلة المسافر ) .
ل القامة : ج -مفارقة مح ّ
سفر الّذي تتغيّر به الحكام - 9يشترط في ال ّ
مفارقة بيوت المصر فل يصير مسافرا ً قبل
المفارقة .
قال الحنفيّة :ويشترط مفارقة ما كان من توابع
موضع القامة كربض المصر .وهو ما حول المدينة
من بيوت ومساكن فإنّه في حكم المصر .وكذا
صحيح ،بخلف القرى المتّصلة بالّربض في ال ّ
ة بالبناء لنّها ليست من البلدة . البساتين ولو متّصل ً
سنة أو بعضها ، ولو سكنها أهل البلدة في جميع ال ّ
كما أنّه ل يعتبر سكنى الحفظة والكرة اتّفاقا ً .وأ ّ
ما
الفناء وهو المكان المعد ّ لمصالح البلد كركض
ب ،ودفن الموتى وإلقاء التّراب فإن اتّصل الدّوا ّ
بالمصر اعتبرت مجاوزته ل إن انفصل بمزرعة بقدر
ثلثمائة إلى أربعمائة ذراع ،والقرية المتّصلة بالفناء
صحيح . دون الّربض ل تعتبر مجاوزتها على ال ّ
والمعتبر المجاوزة من الجانب الّذي خرج منه حتّى
لو جاوز عمران المصر قصر ،وإن كان بحذائه من
جانب آخر أبنية .
470
واشترط المالكيّة مجاوزة البساتين إذا سافر من
ناحيتها أو من غير ناحيتها وإن محاذيا ً لها ،وإلّ
فيقصر بمجّرد مجاوزة البيوت .
ي :ل يشترط مجاوزة البساتين إل ّ إذا وقال البنان ّ
سافر من ناحيتها ،وإن سافر من غير ناحيتها فل
تشترط مجاوزتها ولو كان محاذيًا لها إذ غاية
ي: البساتين أن تكون كجزء من البلد .قال الدّسوق ّ
مثل البساتين المسكونة القريتان اللّتان يرتفق أهل
ل قرية تعتبر أحدهما بأهل الخرى بالفعل .وإل ّ فك ّ
بمفردها .وإذا كان بعض ساكنيها يرتفق بالبلد
الخرى كالجانب اليمن دون الخر فالظّاهر أ ّ
ن
حكمها كلّها كحكم المتّصلة .
ن العبرة عندهم بالبساتين المتّصلة ولو حكماً مإ ّ
ث ّ
بأن يرتفق سكّانها بالبلد المسكونة بالهل ولو في
م ارتفاق التّصال من نار وطبخ وخبز . بعضه العا ّ
ما البساتين المنفصلة أو غير المسكونة فل عبرة أ ّ
ضا بالحارس والعامل فيها . بها ،ول عبرة أي ً
شافعيّة أنّه إذا كان للبلد سور فأوّل ومذهب ال ّ
سفره مجاوزة سورها ولو متعدّدًا أو كان داخله
سور معدود من مزارع أو خراب ،إذ ما في داخل ال ّ
نفس البلد محسوب من موضع القامة .وإن كان
لها بعضه سور وهو صوب مقصده اشترطت
سور متهدّما ً وبقيت له بقايا مجاوزته ،ولو كان ال ّ
اشترطت مجاوزته أيضا ً وإل ّ فل .والخندق في
سور ،وبعضه كبعضه ،ول البلدة الّتي ل سور لها كال ّ
سور تحويطة أهل سور .ويلحق بال ّ أثر له مع وجود ال ّ
القرى عليها بتراب ونحوه .ول تشترط مجاوزة
ح لعدم عدّها من البلد سور في الص ّ العمارة وراء ال ّ
.وإن لم يكن للبلد سور أصل ً ،أو في جهة مقصده
471
ص بها وكقرى متفاصلة أو كان لها سور غير خا ّ
جمعها سور ولو مع التّقارب فأوّل سفره مجاوزة
العمران ولو تخلّله خراب ل أصول أبنية به أو نهر
وإن كان كبيرا ً فإنّه يشترط مجاوزته لكونه مح ّ
ل
ما الخراب خارج العمران الّذي لم تبق القامة ،أ ّ
أصوله أو هجروه بالتّحويط عليه أو اتّخذوه مزارع
فل تشترط مجاوزته ،كما ل تشترط مجاوزة
البساتين والمزارع على المعتمد وإن اتّصلت بما
ة لنّها ل تتّخذ للقامة سافر منه ،أو كانت محوط ً
وسواء أكان بها قصور أم دور تسكن في بعض
ن القريتينسنة أو ل .وقد صّرحوا بأ ّ فصول ال ّ
المتّصلتين عرفا ً كبلدة واحدة وإن اختلف اسمهما
وإل ّ اكتفى بمجاوزة قرية المسافر .
ومذهب الحنابلة أنّه تشترط مفارقة بيوت قريته
سور أو خارجه ،فيقصر العامرة سواء كانت داخل ال ّ
إذا فارقها بما يقع عليه اسم المفارقة بنوع البعد
ن اللّه تعالى إنّما أباح القصر لمن ضرب عرفا ً ،ل ّ
في الرض .وقبل مفارقته ما ذكر ل يكون ضارباً
سفر ن ذلك أحد طرفي ال ّ فيها ول مسافرا ً ،ول ّ
أشبه حالة النتهاء .
ي صلى الله عليه وسلم إنّما كان يقصر ن « النّب ّ ول ّ
إذا ارتحل » ،ول تعتبر مفارقة الخراب وإن كانت
ة إن لم يله عامر فإن وليه عامر حيطانه قائم ً
اعتبرت مفارقة الجميع .وكذا لو جعل الخراب
مزارع وبساتين يسكنه أهله ولو في فصل النّزهة
فل يقصر حتّى يفارقه .
ولو كانت قريتان متدانيتين واتّصل بناء إحداهما
ل قرية بالخرى فهما كالواحدة وإن لم يتّصل فلك ّ
حكم نفسها .
472
شافعيّة ما مساكن الخيام فقد صّرح المالكيّة وال ّ وأ ّ
ن أوّل سفره مجاوزة حلّته .قال والحنابلة بأ ّ
شافعيّة الحلّة بيوت مجتمعة أو متفّرقة بحيث ال ّ
سمر في ناد واحد ،ويستعير بعضهم يجتمع أهلها لل ّ
من بعض .
وقال المالكيّة :الحلّة منزل قومه ،فالحلّة والمنزل
بمعنًى واحد ومذهبهم أنّه تشترط مفارقة بيوت
ي والدّار أو الحلّة ولو تفّرقت حيث جمعهم اسم الح ّ
ي والدّار الدّار فقط بمعنى أنّه إذا جمعهم اسم الح ّ
أو الدّار فقط فإنّه ل يقصر في هاتين الحالتين إل ّ إذا
جاوز جميع البيوت .
ي فقط دون الدّار بأن كانت ما لو جمعهم اسم الح ّ وأ ّ
ل دار على حدتها ل فرقة في دار فإنّها تعتبر ك ّ ك ّ
حيث كان ل يرتفق بعضهم ببعض وإل ّ فهم كأهل
ي
الدّار الواحدة .وكذا إذا لم يجمعهم اسم الح ّ
والدّار فإنّه يقصر إذا جاوز بيوت حلّته هو .والمراد
ي عندهم القبيلة ،وبالدّار المنزل الّذي ينزلون بالح ّ
شافعيّة حيث كان ل مجاوزة الحلّة عند ال ّ فيه .ومح ّ
بمستو .
فإن كانت بواد ومسافر في عرضه أو بربوة أو
صعود وحدة اشترطت مجاوزة العرض ومح ّ
ل ال ّ
ة ،وإل ّ بأن أفرطت والهبوط إن كانت الثّلثة معتدل ً
سعتها أو كانت ببعض العرض اكتفي بمجاوزة الحلّة
ضا كملعب .قالوا :ول بد ّ من مجاوزة مرافقها أي ً
صبيان وناد ومطرح رماد ومعطن إبل وكذا ماء
صا بها .
وحطب اخت ّ
ل في بادية وحده ما ساكن الجبال ،ومن نزل بمح ّ وأ ّ
،فإنّه يشترط في سفره مجاوزة محلّه .وقد صّرح
ن سكّان البساتين ونحوهم المالكيّة والحنابلة بأ ّ
473
كأهل العزب يشترط في سفرهم النفصال عن
مساكنهم .
ة
قال المالكيّة :سواء أكانت تلك البساتين متّصل ً
ة عنها . بالبلد أم منفصل ً
واعتبر الحنابلة العرف في ذلك فقالوا :ليصيروا
مسافرين ل بد ّ من مفارقة ما نسبوا إليه بما يعدّ
ة عرفا ً . مفارق ً
شافعيّة بأنّه يعتبر في سفر البحر وقد صّرح ال ّ
سفين أو الّزورق إليها المتّصل ساحله بالبلد جري ال ّ
.قال ابن حجر :وإن كان في هواء العمران كما
اقتضاه إطلقهم .
د -أل ّ يكون سفر معصية :
- 10اشترط جمهور الفقهاء -المالكيّة على الّراجح
سفر الّذي تتغيّر به شافعيّة والحنابلة -في ال ّ وال ّ
الحكام أل ّ يكون المسافر عاصيا ً بسفره كقاطع
ل قادر طريق وناشزة وعاقّ ومسافر عليه دين حا ّ
على وفائه من غير إذن غريمه .
سفر للعانة .والعاصي خص في ال ّ إذ مشروعيّة التّر ّ
ن الّرخص ل تناط بالمعاصي ،ومثله ما ل يعان ،ل ّ
إذا انتقل من سفره المباح إلى سفر المعصية بأن
م قصد سفرا ً محّرما ً . أنشأ سفرا ً مباحا ً ث ّ
والمراد بالمسافر العاصي بسفره أو سفر المعصية
سفر نفس المعصية كما أن يكون الحامل على ال ّ
سابقة في المثلة ال ّ
سفر المكروه وقد ألحق الحنابلة بسفر المعصية ال ّ
خص المسافر عندهم إذا كان مسافرا ً لفعل فل يتر ّ
خص مكروه ،وفي مذهب المالكيّة خلف في التّر ّ
سفر المكروه فقيل بالمنع وقيل بالجواز .قال في ال ّ
ابن شعبان :إن قصر لم يعد للختلف فيه .
474
م إنّه متى تاب العاصي بسفره في أثنائه فإنّه ث ّ
خص بسفره كما لو لم يتقدّمه معصية .ويكون يتر ّ
أوّل سفره من حين التّوبة .
ل التّوبة ومقصده وعلى هذا فإن كان بين مح ّ
مرحلتان قصر .وإن كان الباقي دونها فل قصر .وقد
شافعيّة والحنابلة ،ولم يتعّرض المالكيّة صّرح بهذا ال ّ
لذكر المسافة في حال التّوبة .وعند بعض المالكيّة
خص في سفر المعصية مع الكراهة . يجوز التّر ّ
شرط فللمسافر العاصي ولم يشترط الحنفيّة هذا ال ّ
سفر كلّها لطلق خص برخص ال ّ بسفره أن يتر ّ
منكُم ن ِمن كَا َ نصوص الّرخص كقوله تعالى { :فَ َ
خَر } وحديث ن أَيَّام ٍ أ ُ َ
م ْ فرٍ فَعِدَّة ٌ ِّ
س َ َ
ضا أ ْو ع َلَى َ مرِي ً َّ
ابن عبّاس رضي الله عنهما قال « :فرض اللّه
صلة على لسان نبيّكم في الحضر أربع ركعات ال ّ
ن القبيح المجاور - سفر ركعتين » قالوا :ول ّ وفي ال ّ
أي :المعصية -ل يعدم المشروعيّة بخلف القبيح
لعينه وضعا ً كالكفر ،أو شرعا ً كبيع الحّر فإنّه يعدم
المشروعيّة .
سبب هو ن المعصية ليست سببا ً للّرخصة وال ّ كما أ ّ
سفر ،وقد وجد سفر ،والمعصية ليست عين ال ّ ال ّ
سفر الّذي هو سبب الّرخصة . ال ّ
ما العاصي في سفره وهو من يقصد سفرا ً مباحاً وأ ّ
م تطرأ عليه معصية يرتكبها فقد اتّفق الفقهاء على ث ّ
سفرخص في سفره ،لنّه لم يقصد ال ّ أنّه يتر ّ
سفر -مباح خصه -وهو ال ّ ن سبب تر ّ للمعصية ول ّ
قبلها وبعدها .
سفر : الحكام الّتي تتغيّر في ال ّ
سفر منها ما يكون الحكام الّتي تتغيّر في ال ّ
للتّخفيف عن المسافر ،ومنها ما ل يكون كذلك .
475
أوّل ً :ما يكون للتّخفيف عن المسافر :
أ -امتداد مدّة المسح على الخّفين :
شافعيّة - 11ذهب جمهور الفقهاء -الحنفيّة وال ّ
سفر يمد ّ مدّة المسح على ن ال ّ والحنابلة -إلى أ ّ
فين إلى ثلثة أيّام بلياليها بعد أن كانت يوماً الخ ّ
ة للمقيم . وليل ً
لما روى شريح بن هانئ قال « :سألت عائشة -
رضي الله تعالى عنها -عن المسح على الخّفين .
ي صلى فقالت :سل عليّا ً فإنّه كان يسافر مع النّب ّ
الله عليه وسلم .فسألته فقال :جعل رسول اللّه
ن للمسافر صلى الله عليه وسلم ثلثة أيّام ولياليه ّ
شافعيّة والحنابلة ة للمقيم » .وصّرح ال ّ ويوما ً وليل ً
ن المسافر العاصي بسفره يمسح مدّة المقيم بأ ّ
ة ،لنّه مقيم حكما ً . يوما ً وليل ً
وأجاز الحنفيّة المسح ثلثة أيّام ولياليها في سفر
المعصية .
فين في ومذهب المالكيّة أنّه يجوز المسح على الخ ّ
سفر من غير تحديد بمدّة معلومة من الحضر وال ّ
الّزمن ما لم يخلعه أو يحدث له ما يوجب الغسل
ونحوه اختيار ابن تيميّة في المسافر الّذي يش ّ
ق
اشتغاله بالخلع واللّبس كالبريد المجهّز في مصلحة
المسلمين .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( مسح على الخّفين ) .
صلة وجمعها : ب -قصر ال ّ
صلة في - 12أجمع الفقهاء على مشروعيّة قصر ال ّ
ض ر ضربْت ُم فِي ال َ
ِ ْ سفر .لقوله تعالى { :وَإِذ َا َ َ ْ ال ّ
فَلَيس ع َلَيك ُم جنا َ
م
فت ُ ْ
خ ْ ن ِ صلَةِ إ ِ ْ ن ال َّ
م َصُروا ْ ِ ح أن تَْق ُ ْ ْ ُ َ ٌ ْ َ
َ أَ
ن كََفُروا ْ } .
َ يِ ذ ّ ال مُ ُ كَ نِ فت
ْ َ ي ن
476
ولما روى يعلى بن أميّة قال « :قلت لعمر بن
الخطّاب { :فَلَيس ع َلَيك ُم جنا َ
نم َصُروا ْ ِ
ح أن تَْق ُْ ْ ُ َ ٌ ْ َ
َ
ن كََفُروا ْ } فقد أمن م ال ّذِي َ م أَن ي َ ْ
فتِنَك ُ ُ فت ُ ْ
خ ْ
ن ِصلَةِ إ ِ ْال َّ
ما عجبت منه .فسألت النّاس .قال :عجبت م ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال :
صدقة تصدّق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته » .
شافعيّةوذهب جمهور الفقهاء -المالكيّة وال ّ
سفر من العذار المبيحة لجمع ن ال ّ والحنابلة -إلى أ ّ
صلوات . ال ّ
وعند الحنفيّة ل يجوز الجمع بين فريضتين إل ّ في
عرفة ومزدلفة .فيجمع بين الظّهر والعصر في
وقت الظّهر بعرفة ،وبين المغرب والعشاء في
وقت العشاء بمزدلفة .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( صلة المسافر ) .
ج -سقوط وجوب الجمعة :
ن القامة من شروط - 13اتّفق الفقهاء على أ ّ
وجوب الجمعة .وعلى هذا فل تجب الجمعة على
ي « :من كان يؤمن باللّه واليوم المسافر لقول النّب ّ
الخر فعليه الجمعة إل ّ مريض أو مسافر أو امرأة أو
ي وأصحابه كانوا ن النّب ّ ي أو مملوك » ول ّ صب ّ
ل أحد منهم يسافرون في الجمع وغيره فلم يص ّ
ن المسافر الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير ،ول ّ
يحرج في حضور الجمعة .وتفصيل ذلك في
مصطلح ( صلة الجمعة ) .
د -التّنّفل على الّراحلة :
- 14ل خلف بين الفقهاء في جواز التّنّفل على
سفر لحديث ابن عمر رضي الله الّراحلة في ال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان عنهما « أ ّ
يوتر على البعير » .
477
وتفصيل ذلك في مصطلح ( تطوّع ) .
هـ -جواز الفطر في رمضان :
سابقة سفر بشروطه ال ّ ن ال ّ
- 15اتّفق الفقهاء على أ ّ
هو من العذار المبيحة للفطر في رمضان ،فيجوز
للمسافر أن يفطر في رمضان لقوله تعالى « :
ومن كان مريضا ً أو على سفر فعدّة من أيّام أخر »
ي صلى الله عليه وسلم « :ليس من البّر وقول النّب ّ
سفر » وتفصيل ذلك في مصطلح صوم في ال ّ ال ّ
( صوم ) .
سفر لغير التّخفيف : ثانيا ً :أحكام ال ّ
أ -حكم انعقاد الجمعة بالمسافر :
- 16ذهب جمهور الفقهاء -المالكيّة وال ّ
شافعيّة
حة صلة الجمعة ن من شروط ص ّ والحنابلة -إلى أ ّ
ح الجمعة بالمسافر ول تنعقد الستيطان ،فل تص ّ
به ،أي ل يكمل به نصابها .وذهب الحنفيّة إلى
انعقاد الجمعة بالمسافر .وتفصيل ذلك في مصطلح
( صلة الجمعة ) .
سفر على المرأة إل ّ مع زوج أو محرم ب -تحريم ال ّ
:
- 17اتّفق الفقهاء على أنّه يحرم على المرأة أن
تسافر بمفردها ،وأنّه ل بد ّ من وجود محرم أو زوج
معها .
ل لمرأة ي صلى الله عليه وسلم « :ل يح ّ لقول النّب ّ
تؤمن باللّه واليوم الخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة
ليس معها حرمة » ،ولحديث ابن عبّاس رضي الله
عنهما مرفوعا ً « :ل تسافر المرأة إل ّ مع ذي
محرم ،ول يدخل عليها رجل إل ّ ومعها محرم ،فقال
رجل :يا رسول اللّه إنّي أريد أن أخرج في جيش
478
ج .قال :اخرج معها » كذا وكذا ،وامرأتي تريد الح ّ
.
- 18ويستثنى من منع سفر المرأة بدون زوج أو
محرم المهاجرة والسيرة .
ن المرأة إذا أسلمت في فقد اتّفق الفقهاء على أ ّ
دار الحرب لزمها الخروج منها إلى دار السلم وإن
لم يكن معها ذو محرم ،وكذا إذا أسرها الكّفار
وأمكنها أن تهرب منهم فلها أن تخرج مع غير ذي
محرم ،ول يعتبر الحنفيّة خروج المرأة في هذه
الحالة سفرا ً .
قال الكمال بن الهمام :لنّها ل تقصد مكانا ً معيّنا ً بل
النّجاة خوفًا من الفتنة ،فقطعها المسافة كقطع
سائح .
ال ّ
ولذا إذا وجدت مأمنا ً كعسكر من المسلمين وجب
أن تقّر ول تسافر إل ّ بزوج أو محرم .على أنّها لو
سفر قصدت مكانا ً معيّنا ً ل يعتبر قصدها ول يثبت ال ّ
ن حالها وهو ظاهر قصد مجّرد التّخلّص يبطل به ،ل ّ
تحريمتها .
ل من ي :إن كان يحصل لها ضرر بك ّ قال الدّسوق ّ
إقامتها وخروجها دون رفقة مأمونة خيّرت إن
شافعيّة ضرران كما أجاز المالكيّة وال ّ تساوى ال ّ
ج الواجب مع الّرفقة المأمونة للمرأة أن تسافر للح ّ
.
ولم يقل بذلك الحنفيّة والحنابلة ،وقد سبق تفصيله
في مصطلح ( رفقة ف ) 299/ 22 / 9وألحق
ج سفرها الواجب ،فيجوز لها أن المالكيّة بالح ّ
تسافر مع الّرفقة المأمونة من النّساء الثّقات في
ل سفر يجب عليها . ك ّ
479
ل هذا الّذي ذكره بعض أصحابنا ي :ولع ّ قال الباج ّ
ما في
إنّما هو في النفراد والعدد اليسير ،فأ ّ
القوافل العظيمة والطّرق المشتركة العامرة
المأمونة فإنّها عندي مثل البلد الّتي يكون فيها
ن المن يحصل لها دون ذي جار فإ ّالسواق والت ّ ّ
ي .قال محرم ول امرأة وقد روي هذا عن الوزاع ّ
ي في شرح الّرسالة على الحطّاب :وذكره الّزنات ّ
ما سفرها في أنّه المذهب فيقيّد به كلم غيره .أ ّ
التّطوّع فل يجوز إل ّ مع زوج أو محرم .
كما أجاز الفقهاء للمرأة الّتي وجبت عليها العدّة في
سفرها أن تسافر بغير محرم .
سفر ،فإن كان قال الحنفيّة :إن لزمتها العدّة في ال ّ
الطّلق رجعيّا ً فإنّها تتبع زوجها حيث مضى ل ّ
ن
النّكاح قائم وإن كان بائنا ً أو مات عنها وبينها وبين
سفر ،فإن ل من ال ّ ل من مصرها ومقصدها أق ّ ك ّ
شاءت مضت إلى المقصد وإن شاءت رجعت سواء
كانت في مصر أو ل ،معها محرم أو ل ،لنّه ليس
في ذلك إنشاء سفر ،وخروج المطلّقة والمتوفّى
ست الحاجة سفر مباح إذا م ّ عنها زوجها ما دون ال ّ
ن الّرجوع أولى ليكون إليه بمحرم وبغيره ،إل ّ أ ّ
العتداد في منزل الّزوج .فإن كانت مسافة أحدهما
ل تعيّن ،ونحوه مذهب الحنابلة إل ّ أنّهم قالوا :إ ّ
ن أق ّ
مضيّها في سفرها ل يجوز إل ّ إذا كان معها محرم ،
يلكن إن كان في رجوعها خوف أو ضرر فلها المض ّ
في سفرها .
وأوجب المالكيّة عليها في تلك الحالة أن ترجع إلى
منزلها إن بقي شيء من العدّة ولكن مع ثقة ولو
شافعيّة الفضل عود المرأة إلى غير محرم وقال ال ّ
480
سفر بيتها ول يلزمها ذلك إن مات زوجها وهما في ال ّ
.
سفر في يوم الجمعة : حكم ال ّ
سفر في يوم - 19اتّفق الفقهاء على حرمة ال ّ
ن وجوبها الجمعة بعد الّزوال لمن تلزمه الجمعة ،ل ّ
تعلّق به بمجّرد دخول الوقت ،فل يجوز له تفويته .
والحكم عند الحنفيّة الكراهة التّحريميّة ،وحدّدوا
ذلك بالنّداء الوّل .
واستثنوا من ذلك ما إذا تمكّن المسافر من أداء
الجمعة في طريقه أو مقصده ،فل يحرم حينئذ
لحصول المقصود بذلك .
شافعيّة والحنابلة التّضّرر كما استثنى المالكيّة وال ّ
ضرر عنه .من فوت الّرفقة ،فل يحرم دفعا ً لل ّ
ل خلف بين سفر قبل الّزوال ،فهو مح ّ ما ال ّوأ ّ
الفقهاء ،فذهب المالكيّة والحنابلة إلى كراهة
سفر قبل الّزوال ،لحديث ابن عمر رضي الله ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ
تعالى عنهما ،أ ّ
« من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه
الملئكة أن ل يصحب في سفره ،ول يعان في
حاجته » .
قال المالكيّة :بعد فجر يومها على المشهور خلفاً
ي بن زياد وابن وهب عن مالك بإباحته . لما رواه عل ّ
وقال الحنابلة :بعد طلوع الفجر قبل الّزوال إل ّ إذا
أتى بها في طريقه فل يكره .
سفر قبل الّزوال بل وذهب الحنفيّة إلى جواز ال ّ
خلف عندهم ،وكذا بعد الفراع منها وإن لم يدركها
.
سفر قبل الّزوال أيضاً شافعيّة إلى تحريم ال ّ وذهب ال ّ
سعي على بعيد المنزل -وأوّله الفجر -لوجوب ال ّ
481
قبله ،والجمعة مضافة إلى اليوم .فإن أمكنه
الجمعة في طريقه أو تضّرر بتخلّفه جاز وإل ّ فل .ول
سفر مباحا ً أو طاع ً
ة فرق في ذلك بين أن يكون ال ّ
ح.في الص ّ
سفر ليلة الجمعة لخبر « شافعيّة ال ّ كما يكره عند ال ّ
من سافر ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه » .
سفر المدين :
- 20اتّفق الفقهاء -في الجملة -على أنّه ليس لمن
ل أن يسافر بغير إذن دائنه . عليه دين حا ّ
ن للدّائن أن يمنع المدين من وقد صّرح الحنفيّة بأ ّ
سفر إذا كان الدّين حاّل ً ،وليس له ذلك في الدّين ال ّ
ل الدّين في جل إل ّ إذا كان سفره طويل ً ويح ّ المؤ ّ
أثنائه .
سفر وهذا هو مذهب المالكيّة ،إل ّ أنّهم أجازوا له ال ّ
إذا كان الدّين حاّل ً ولم يكن قادرا ً على الوفاء .
جل ً مطلقاً سفر إن كان الدّين مؤ ّ شافعيّة ال ّ وأجاز ال ّ
سواء أكان الجل قريبا ً أم بعيدا ً .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( غريم ،ودين ) .
سفر : آداب ال ّ
سفر آداب كثيرة منها : - 21لل ّ
ج أوسفر ،لح ّ أ -إذا استقّر عزم المسافر على ال ّ
غزو أو غيرهما ،فينبغي أن يبدأ بالتّوبة من جميع
المعاصي ،ويخرج من مظالم الخلق ،ويقضي ما
ل من لك ّ أمكنه من ديونهم ،ويرد ّ الودائع ،ويستح ّ
بينه وبينه معاملة في شيء ،أو مصاحبة ويكتب
وصيّته ،ويشهد عليها ،ويوكّل من يقضي ما لم
ة لهله يتمكّن من قضائه من ديونه ،ويترك نفق ً
ومن تلزمه نفقتهم إلى حين رجوعه .
482
سنّة أن يستخير اللّه تعالى فيصلّي ركعتين ومن ال ّ
م يدعو بدعاء الستخارة ينظر غير الفريضة ث ّ
جه عليه ( استخارة ) وينبغي إرضاء والديه ومن يتو ّ
بّره وطاعته .
ب أن يرافق في سفره من هو موافق ب -يستح ّ
شّر إن نسي ذكّره ،وإن راغب في الخير كارها ً لل ّ
ةب أن يرافق في سفره جماع ً ذكر أعانه ،ويستح ّ
لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما -قال « :قال
ن النّاس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :لو أ ّ
يعلمون ما أعلم من الوحدة ما سرى راكب بليل
يعني وحده » .
ب أن يكون سفره يوم الخميس فإن فاته ج -يستح ّ
فيوم الثنين وأن يكون باكرا ً ودليل الخميس ما
ن رسول اللّه صلى الله عليه أخرجه البخاريّ « أ ّ
ب أن يخرج يوم الخميس » وفي وسلم كان يح ّ
ل ما كان رسول اللّه صلى الله عليه رواية « :أق ّ
وسلم يخرج إل ّ يوم الخميس » ودليل يوم الثنين «
ي صلى الله عليه وسلم هاجر من مكّة يوم ن النّب ّأ ّ
الغامدي رضي
ّ الثنين » ودليل البكور حديث صخر
ي صلى الله عليه وسلم قال « : ن النّب ّ الله عنه أ ّ
متي في بكورها قال وكان إذا بعث م بارك ل ّ اللّه ّ
ة بعثهم أوّل النّهار ،وكان صخر تاجراً جيشا ً أو سري ّ ً
جاره بعثهم أوّل النّهار فأثرى وكثر وكان إذا بعث ت ّ
ماله » .
سَرى في آخر اللّيل لحديث أنس قال : ب ال ُّ ويستح ّ
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « عليكم
ن الرض تطوى باللّيل » . بالدُّلْجة فإ ّ
ب للمسافر إذا أراد الخروج من منزله أن د -ويستح ّ
ل يَا أَيُّهَا
يصلّي ركعتين يقرأ في الولى { قُ ْ
483
ل هُو الل َّ َ
حد ٌ } ففي هأ َُ ن } وفي الثّانية { قُ ْ َ الْكَافُِرو َ
ي صلى الله عليه وسلم قال « :ما الحديث عن النّب ّ
خلّف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما
سفر » . عندهم حين يريد ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ل وعن أنس قال « كان النّب ّ
ينزل منزل ً إل ّ ودّعه بركعتين » .
ب أن يودّع أهله وجيرانه وأصدقاءه وسائر هـ -يستح ّ
ل واحد لصاحبه أحبابه وأن يودّعوه ويقول ك ّ
أستودعك اللّه دينك وأمانتك وخواتيم عملك زوّدك
سر الخير لك حيثما اللّه التّقوى وغفر لك ذنبك وي ّ
كنت لحديث « ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول
م أودّعك كما ودّعني للّرجل إذا أراد سفرا ً :هل ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أستودع اللّه دينك
وأمانتك وخواتيم عملك » وعن عبد اللّه بن يزيد
ي رضي الله عنه قال « :كان رسول اللّه الخطم ّ
صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يودّع الجيش قال
أستودع اللّه دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم » .
وعن أنس رضي الله عنه قال « :جاء رجل إلى
ي صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول اللّه النّب ّ
إنّي أريد سفرا ً فزوّدني .فقال :زوّدك اللّه التّقوى .
فقال :زدني فقال :وغفر ذنبك .قال زدني :قال
سر لك الخير حيثما كنت » . وي ّ
مر الّرفقة على أنفسهم أفضلهم ب أن يؤ ّ و -يستح ّ
وأجودهم رأيا ً ويطيعونه لحديث أبي سعيد وأبي
هريرة قال " قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
مروا أحدهم » . « إذا خرج ثلثة في سفر فليؤ ّ
ب للمسافر أن يكبّر إذا صعد الثّنايا وشبهها ز -يستح ّ
صوت ويسبّح إذا هبط الودية ونحوها ويكره رفع ال ّ
لحديث جابر قال « كنّا إذا صعدنا كبّرنا وإذا نزلنا
484
سبّحنا » وعن أبي موسى الشعريّ رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم فكنّا إذا قال « :كنّا مع النّب ّ
أشرفنا على واد هلّلنا وكبّرنا ارتفعت أصواتنا .فقال
ي صلى الله عليه وسلم يا أيّها النّاس اربعوا النّب ّ
م ول غائبا ً إنّه على أنفسكم فإنّكم ل تدعون أص ّ
معكم سميع قريب » .
ب إذا أشرف على قرية يريد دخولها أو منزل ويستح ّ
م إنّي أسألك خيرها وخير أهلها وخير أن يقول اللّه ّ
ما فيها وأعوذ بك من شّرها وشّر أهلها وشّر ما فيها
ي صلى ن النّب ّ
.لحديث صهيب رضي الله عنه « أ ّ
ة يريد دخولها إل ّ قال حين الله عليه وسلم لم ير قري ً
بسبع وما أظللن ور ّ سموات ال ّ ب ال ّ مر ّ يراها اللّه ّ
شياطين وما ب ال ّ
سبع وما أقللن ور ّ الرضين ال ّ
ب الّرياح وما أذرين فإنّا نسألك خير هذه أضللن ،ور ّ
القرية وخير أهلها ،ونعوذ بك من شّرها وشّر أهلها
وشّر ما فيها » .
ب للمسافر أن يدعو في سفره في كثير ح -يستح ّ
ن دعوته مجابة لحديث أبي هريرة من الوقات ل ّ
رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم « ثلث دعوات مستجابات دعوة
المظلوم ،ودعوة المسافر ،ودعوة الوالد على
ولده » .
جل سنّة للمسافر إذا قضى حاجته أن يع ّ ط -ال ّ
ن رسول اللّه الّرجوع إلى أهله لحديث أبي هريرة أ ّ
سفر قطعة من صلى الله عليه وسلم قال « ال ّ
العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا
جل إلى أهله » قضى أحدكم نهمته فليع ّ
ويكره أن يطرق أهله طروقا ً بغير عذر وهو أن يقدم
عليهم في اللّيل .
485
سنّة أن يقدم أوّل النّهار وإل ّ ففي آخره لحديث بل ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ل أنس قال « :كان النّب ّ
ة». يطرق أهله وكان ل يدخل إل ّ غدوةً أو عشي ّ ً
سفر إلى اثنين وستّين وقد أوصل النّوويّ آداب ال ّ
صلها في كتابه المجموع . أدبًا ف ّ
==================
سلَم * َ
التّعريف :
سين -اسم مصدر سلّم أي : سلم -بفتح ال ّ - 1ال َّ
سلمة والمن سلم ال ّ سلم ،ومن معاني ال ّ ألقى ال ّ
سلم لنّها دار والتّحيّة ،ولذلك قيل للجنّة :دار ال ّ
سلمة من الفات كالهرم والسقام والموت .قال ال ّ
م}. عند َ َربِّهِ ْ سلَم ِ ِ م دَاُر ال َّ تعالى { :لَهُ ْ
سلم اسم من أسماء اللّه تعالى . وال ّ
سلم يطلق عند الفقهاء على أمور :منها : - 2وال ّ
التّحيّة الّتي يحيّي بها المسلمون بعضهم بعضا ً ،
والّتي أمر اللّه سبحانه وتعالى بها في كتابه حيث
منْهَا أ َ ْو َ
ن ِ س َ ح َ حيُّوا ْ بِأ ْ حيَّةٍ فَ َ حيِّيْتُم بِت َ ِ قال { :وَإِذ َا ُ
َ
حي َّ ً
ة م تَ ِ سك ُ ْموا عَلَى أنُف ِ سل ِّ ُ ُردُّوهَا } وقوله تعالى { فَ َ
َّ
ن للعرب وغيرهم ة} ذلك أ ّ ة طَي ِّب َ ً مبَاَرك َ ً عند ِ الل ُ
ِ ه ن ِ م ْ
ِّ
ما جاء السلم دعا المؤمنين ة بهم ،فل ّ ص ً تحيّات خا ّ
سلم عليكم صة ،وهي قول " :ال ّ إلى التّحيّة الخا ّ
" ،وقصرهم عليه ،وأمرهم بإفشائه
سلم أيضا ً تحيّة أهل الجنّة .قال سبحانه : وال ّ
م سل َ ٌ بَ ، ل بَا ٍ من ك ُ ِّ ن ع َلَيْهِم ِّ خلُو َ ة يَد ْ ُ ملَئِك َ ُ { َوال َ
ار } . قبَى الد َّ ِ م عُ ْ م فَنِعْ َ صبَْرت ُ ْ ما َ ع َلَيْكُم ب ِ َ
ن معناه الدّعاء وقد اختير هذا اللّفظ دون غيره ،ل ّ
ن في سلمة من الفات في الدّين والنّفس ،ول ّ بال ّ
486
تحيّة المسلمين بعضهم لبعض بهذا اللّفظ عهداً
بينهم على صيانة دمائهم وأعراضهم وأموالهم .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّحيّة :
ة ،وأصله - 3التّحيّة في اللّغة مصدر حيّاه يحيّيه تحي ّ ً
في اللّغة :الدّعاء بالحياة ،ومنه " التّحيّات للّه " .
م كثر حتّى استعمل في أي :البقاء وقيل :الملك ،ث ّ
ما يحيّا به من سلم ونحوه .
سلم والتّقبيل سلم فتشمل ال ّ م من ال ّ فهي أع ّ
والمصافحة والمعانقة ونحو ذلك على ما سيأتي.
ب -التّقبيل :
- 4التّقبيل في اللّغة مصدر قبّل ،والسم منه
قبَل .
قبلة ،والجمع ال ُ ال ُ
والتّقبيل صورة من صور التّحيّة .
ج -المصافحة :
- 5المصافحة كما في المصباح :الفضاء باليد إلى
ن المصافحة إلصاق صفحة اليد ،وذكر ابن عابدين أ ّ
ف ،وإقبال الوجه بالوجه .فأخذ الصابع ف بالك ّ الك ّ
ليس بمصافحة ،خلفا ً للّروافض .
سنّة أن تكون بكلتا يديه بغير حائل ،من ثوب أو وال ّ
سلم ،وأن يأخذ البهام ، غيره وعند اللّقاء وبعد ال ّ
ن فيه عرقا ً ينبت المحبّة ،وقد تحرم كمصافحة فإ ّ
المرد .
وقد تكره كمصافحة ذي عاهة ،من برص وجذام .
ن في غير ذلك مع اتّحاد الجنس خصوصا ً لنحو وتس ّ
قدوم سفر .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( مصافحة ) .
د -المعانقة :
487
م واللتزام واعتنقت - 6المعانقة في اللّغة :ال ّ
ض ّ
المر أخذته بجد ّ .
ن المعانقة هي جعل وذكر صاحب الفواكه الدّواني أ ّ
الّرجل عنقه على عنق صاحبه .
وقد كرهها مالك كراهة تنزيه لنّها من فعل العاجم
.
ي في الذ ّخيرة :كره مالك المعانقة ، قال القراف ّ
لنّه لم يرد عن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم
ما رجع من -أنّه فعلها إل ّ مع جعفر بن أبي طالب ل ّ
صحابة بعده . الحبشة ،ولم يصحبها العمل من ال ّ
ما غير المالكيّة من الفقهاء ،كالحنابلة فقالوا وأ ّ
شرعيّة لبن مفلح إباحة بجوازها ،ففي الداب ال ّ
المعانقة .ومثلها تقبيل اليد والّرأس تديّنا ً وإكراماً
شهوة . واحتراما ً مع أمن ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّلحديث « أبي ذّر أ ّ
عانقه » .
قال إسحاق بن إبراهيم سألت أبا عبد اللّه عن
الّرجل يلقى الّرجل يعانقه قال :نعم فعله أبو
الدّرداء .
شافعيّة ومعانقة الجنبيّة والمرد حرام ،كما ذكر ال ّ
صوم ،وكذا ومعانقة الّرجل زوجته مكروهة في ال ّ
معانقة ذوي العاهات من برص وجذام أي :مكروهة
.
ما المعانقة فيما سوى ذلك ،كمعانقة الّرجل وأ ّ
ة عند القدوم من ص ً
للّرجل فهي سنّة حسنة خا ّ
سفر .وتفصيل ذلك محلّه مصطلح ( معانقة ) . ال ّ
سلم وصيغة الّرد ّ : صيغة ال ّ
سلم وصفته الكاملة أن يقول المسلم : - 7صيغة ال ّ
سلم عليكم " بالتّعريف وبالجمع .سواء كان " ال ّ
488
َ
ن الواحد معه ة،ل ّ م عليه واحدا ً أو جماع ً المسل ّ ُ
صيغة هي الحفظة كالجمع من الدميّين وهذه ال ّ
ي -صلى الله عليه وسلم -وعن المرويّة عن النّب ّ
صالح . سلف ال ّ ال ّ
ويجوز أن يقول :سلم عليكم بالتّنكير ،إل ّ أ ّ
ن
ما " سلم " التّعريف أفضل ،لنّه تحيّة أهل الدّنيا فأ ّ
بالتّنكير فتحيّة أهل الجنّة .كما في قوله تعالى :
قبَى الدَّارِ } . م عُ ْ م فَنِعْ َصبَْرت ُ ْ
ما َ م ع َلَيْكُم ب ِ َسل َ ٌ { َ
سلم عليكم ،بتأخير الجاّر -8والكمل أن يقول :ال ّ
سلم ،أو عليك والمجرور ،فلو قال :عليكم ال ّ
سلم ،كان مخالًفا للكمل ،لما روي عن « جابر ال ّ
بن سليم قال :لقيت رسول اللّه -صلى الله عليه
سلم يا رسول اللّه فقال ل وسلم -فقلت :عليك ال ّ
سلم تحيّة الميّت ن عليك ال ّ سلم ،فإ ّ تقل عليك ال ّ
سلم عليك » ولكن قل :ال ّ
ما جرت عادة العرب بتقديم اسم ي:ل ّ قال القرطب ّ
شّر كقولهم " عليه لعنة اللّه ، المدعوّ عليه في ال ّ
ن ذاك هو اللّفظ وغضب اللّه " نهاه عن ذلك ،ل أ ّ
المشروع في حقّ الموتى ،لنّه عليه السلم ثبت
عنه « أنّه سلّم على الموتى ،كما سلّم على الحياء
سلم عليكم دار قوم مؤمنين ،وإنّا إن شاء فقال :ال ّ
اللّه بكم لحقون » .
وهذا ليس على سبيل التّحريم ،بل هو خلف
ل حال ي .وعلى ك ّ الكمل أو مكروه كما قال الغزال ّ
سلم . فيجب رد ّ ال ّ
سلم إلى البركة فتقول : ن أكثر ما ينتهي إليه ال ّ مإ ّ ث ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ،وهو الّذي عليه ال ّ
ن رجل ً سلّم العمل ،لما روي عن عروة بن الّزبير أ ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، عليه فقال :ال ّ
489
سلم قد انتهى ن ال ّ فقال عروة :ما ترك لنا فضل ً ،إ ّ
إلى وبركاته .وذلك كما في روح المعاني ،لنتظام
سلمة تلك التّحيّة لجميع فنون المطالب الّتي هي ال ّ
عن المضاّر ،ونيل المنافع ودوامها ونماؤها .
وقيل :يزيد المحيّي إذا جمع المحيّي الثّلثة له وهي
سلم والّرحمة والبركة ،لما روي عن سالم مولى ال ّ
عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهم جميعا ً قال :كان
ابن عمر إذا سلّم عليه فرد ّ زاد فأتيته فقلت :
سلم عليكم ورحمة اللّه سلم عليكم فقال ال ّ ال ّ
سلم عليكم م أتيته مّرة ً أخرى فقلت :ال ّ تعالى ،ث ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته فقال :ال ّ
ورحمة اللّه تعالى وبركاته وطيّب صلواته .ول يتعيّن
ما ذكر للّزيادة لما روي عن معاذ زيادة ومغفرته .
سلم : صيغة رد ّ ال ّ
َّ
- 9صيغة الّرد ّ أن يقول المسلم عليه " وعليكم
ح أن يقول : سلم " بتقديم الخبر وبالواو ،ويص ّ ال ّ
سلم تقديمه ،وبدون واو ، سلم عليكم .بتنكير ال ّ
لكن الفضل بالواو لصيرورة الكلم بها جملتين ،
سلم وعليكم ،فيصير الّرا ّد ي ال ّ فيكون التّقدير :عل ّ
مسلّما ً على نفسه مّرتين :الولى من المبتدئ
والثّانية من نفس الّراد ّ ،بخلف ما إذا ترك الواو ،
ص المسلّم ة واحدةً تخ ّ ن الكلم حينئذ يصير جمل ً فإ ّ
وحده .
والصل في صيغة الّرد ّ أن تنتهي إلى البركة فتقول
سلم ورحمة اللّه وبركاته ،وإذا قال :وعليكم ال ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ،فإ ّ
ن المسل ِّم :ال ّ
ة ،فلو اقتصر المسل ِّم على لفظ الّزيادة تكون واجب ً
ة لقوله تعالى : سلم عليكم كانت الّزيادة مستحب ّ ً :ال ّ
منْهَا أَوْ ُردُّوهَا } . َ
ن ِس َح َ حيُّوا ْ بِأ ْ
حيَّةٍ فَ َ
حيِّيْتُم بِت َ ِ
{ َوإِذ َا ُ
490
سلم أو ردّه بالشارة : ال ّ
سلم أو ردّه بالشارة بالّرد ّ باليد أو - 10يكره ال ّ
سلم مع القدرة وقرب بالّرأس بغير نطق بال ّ
ن ذلك من عمل أهل الكتاب : المسلّم عليه ،ل ّ
اليهود والنّصارى لقوله -صلى الله عليه وسلم -
فيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه « ليس
منّا من تشبّه بغيرنا ،ل تشبّهوا باليهود ول
ن تسليم اليهود الشارة بالصابع ، بالنّصارى ،فإ ّ
ف». وتسليم النّصارى الشارة بالك ّ
ة بالنّطق ،بحيث وقع فإن كانت الشارة مقرون ً
التّسليم أو الّرد ّ باللّسان مع الشارة ،أو كان
المسلّم عليه بعيدا ً عن المسلّم ،بحيث ل يسمع
سلم بيده أو رأسه ليعلمه أنّه صوته فيشير إليه بال ّ
يسلّم فل كراهة .
م أو أخرس أو سلم على أص ّ وتكفي الشارة في ال ّ
الّرد ّ على سلمه ،خلفا ً لما ذكره النّوويّ في الذكار
م ل يسمع عن المتولّي حيث قال :إذا سلّم على أص ّ
سلم لقدرته عليه ، ،فينبغي أن يتلّفظ بلفظ ال ّ
ويشير باليد حتّى يحصل الفهام ويستحقّ الجواب ،
فلو لم يجمع بينهما ل يستحقّ الجواب قال :وكذا لو
م وأراد الّرد ّ فيتلّفظ باللّسان ويشير سلّم عليه أص ّ
بالجواب ليحصل به الفهام ويسقط عنه فرض
الجواب .قال :ولو سلّم على أخرس فأشار
ن إشارته قائمة الخرس باليد سقط عنه الفرض ،ل ّ
مقام العبارة .وكذا لو سلّم عليه أخرس بالشارة
يستحقّ الجواب مع العبارة .
سلم بوساطة الّرسول أو الكتاب : ال ّ
سلم سلم بواسطة الّرسول أو الكتاب كال ّ - 11ال ّ
ة ،فقد ذكر النّوويّ في كتابه الذكار عن أبي مشافه ً
491
سعد المتولّي وغيره :فيما إذا نادى إنسان إنساناً
سلم عليك يا فلن من خلف ستر أو حائط فقال :ال ّ
سلم عليك يا فلن :أو ،أو كتب كتابا ً فيه :ال ّ
سلم على فلن ،أو أرسل رسول ً وقال :سلّم ال ّ
على فلن ،فبلغه الكتاب أو الّرسول وجب عليه أن
شافعيّة والحنابلة قال سلم .صّرح بذلك ال ّ يرد ّ ال ّ
ووي :قال أصحابنا :وهذا الّرد ّ واجب على ّ الن ّ
الفور ،وكذا لو بلغه سلم في ورقة من غائب وجب
سلم باللّفظ على الفور إذا قرأه . عليه أن يرد ّ ال ّ
صحيحين عن عائشة -رضي الله وقد ورد في ال ّ
عنها : -قالت :قال لي رسول اللّه -صلى الله
سلم قالت عليه وسلم « :هذا جبريل يقرأ عليك ال ّ
سلم ورحمة اللّه » . :قلت :وعليه ال ّ
ب أن يرد ّ على المبلّغ أيضا ً بأن يقول : ويستح ّ
سلم . وعليك وعليه ال ّ
سلم وردّه بغير العربيّة : ال ّ
سلم وردّه بالعربيّة ، سلم وردّه بالعجميّة كال ّ - 12ال ّ
سلمة سلم التّأمين والدّعاء بال ّ ن الغرض من ال ّ ل ّ
والتّحيّة ،فيحصل ذلك بغير العربيّة ،كما يحصل بها
.
سلم في صلة ،إذ ال ّ سلم خارج ال ّ وهذا في ال ّ
شافعيّة صلة ل يجزئ بغير العربيّة عند ال ّ ال ّ
والحنابلة ،وعند المالكيّة على قول .ول يكفيه
الخروج منها بالنّيّة .
صلة تبطل على ن ال ّ
سلم بالعجميّة فإ ّ فإن أتى بال ّ
حةص ّقول عند المالكيّة ،واستظهر بعض أشياخهم ال ّ
،قياسا ً على الدّعاء بالعجميّة للقادر على العربيّة .
492
ح بالعجميّة عند أبي صلة تص ّ هذا وجميع أذكار ال ّ
صاحبين ،وتفصيل ذلك يذكر حنيفة مطلقا ً خلفا ً لل ّ
في ( صلة ) .
سلم وحكم الّرد ّ : حكم البدء بال ّ
نشافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 13ذهب المالكيّة وال ّ
سلم سنّة مستحبّة ،وليس بواجب . ال ّ
ة
وهو سنّة على الكفاية إن كان المسلمون جماع ً
بحيث يكفي سلم واحد منهم ،ولو سلّموا كلّهم
كان أفضل .
وذهب الحنفيّة -وهو رواية عن أحمد وقول مقابل
سلم ن البتداء بال ّ للمشهور عند المالكيّة -إلى أ ّ
ن رسول اللّه صلى الله واجب .لحديث أبي هريرة أ ّ
تعليه وسلم قال « :حقّ المسلم على المسلم س ّ
ن يا رسول اللّه ؟ قال :إذا لقيته فسلّم قيل :ما ه ّ
عليه ،وإذا دعاك فأجبه ،وإذا استنصحك فانصح له ،
مته ،وإذا مرض فعده ، وإذا عطس فحمد اللّه فش ّ
وإذا مات فاتبعه » .
سلم فإن كان المسلَّم عليه واحداً ما رد ّ ال ّ - 14وأ ّ
سلم ة كان رد ّ ال ّ تعيّن عليه الّرد ّ ،وإن كانوا جماع ً
فرض كفاية عليهم ،فإن رد ّ واحد منهم سقط
الحرج عن الباقين ،وإن تركوه كلّهم أثموا كلّهم ،
وإن ردّوا كلّهم فهو النّهاية في الكمال والفضيلة ،
فلو رد ّ غيرهم لم يسقط الّرد ّ عنهم ،بل يجب
ي
عليهم أن يردّوا ،فإن اقتصروا على رد ّ ذلك الجنب ّ
أثموا .
سلم على هذا النّحو ثابت بالكتاب هذا والمر بال ّ
صحابة فمن الكتاب قوله تعالى { : سنّة وبفعل ال ّ وال ّ
َ َ
ة عندِ الل ّهِ ُ
مبَاَرك َ ً ن ِم ْ ة ِّ حي َّ ً سك ُ ْ
م تَ ِ موا ع َلَى أنُف ِ سل ِّ ُفَ َ
493
حيُّواْحيَّةٍ فَ َ
حيِّيْتُم بِت َ ِ
ة } وقوله تعالى َ { :وإِذ َا ُ طَيِّب َ ً
منْهَا أَوْ ُردُّوهَا } . َ
ن ِس َ
ح َ بِأ ْ
سنّة ما روي عن عبد اللّه بن عمرو بن ومن ال ّ
ي صلى ن رجل ً سأل النّب ّ العاص رضي الله عنهما « أ ّ
أي السلم خير ؟ قال :تطعم الله عليه وسلم ّ -
سلم على من عرفت وعلى من لم الطّعام وتقرأ ال ّ
تعرف » .
ي- وما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ
صلى الله عليه وسلم -قال « :خلق اللّه آدم على
ما خلقه قال : صورته ،طوله ستّون ذراعا ً ،فل ّ
اذهب فسلّم على أولئك -نفر من الملئكة جلوس -
فاستمع ما يحيّونك ،فإنّها تحيّتك وتحيّة ذّريّتك ،
سلم عليك ورحمة سلم عليكم ،فقالوا ال ّ فقال ال ّ
اللّه ،فزادوه ورحمة اللّه » .
وما روي عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله
عنهما قال « :أمرنا رسول اللّه -صلى الله عليه
وسلم -بسبع :بعيادة المريض ،واتّباع الجنائز ،
ضعيف ،وعون وتشميت العاطس ،ونصر ال ّ
سلم وإبرار المقسم » . المظلوم ،وإفشاء ال ّ
ي -صلى ن النّب ّ ي رضي الله عنه أ ّ وما روي عن عل ّ
الله عليه وسلم -قال « :يجزئ عن الجماعة إذا
مّروا أن يسلّم أحدهم ،ويجزئ عن الجلوس أن ير ّد
أحدهم » .
ي بن صحابة ما روي عن الطّفيل بن أب ّ ومن فعل ال ّ
كعب أنّه كان يأتي عبد اللّه بن عمر ،فيغدو معه
سوق لم يمّر سوق قال :فإذا غدونا إلى ال ّ إلى ال ّ
عبد اللّه على سقاط ،ول صاحب بيعة ،ول مسكين
ول أحد إل ّ سلّم عليه ،قال الطّفيل :فجئت عبد
سوق ،فقلت له اللّه بن عمر يوما ً فاستتبعني إلى ال ّ
494
سوق وأنت ل تقف على البيع ،ول :ما تصنع بال ّ
سلع ،ول تسوم بها ،ول تجلس في تسأل عن ال ّ
سوق ،وأقول اجلس بنا هاهنا نتحدّث مجالس ال ّ
فقال يا أبطن -وكان الطّفيل ذا بطن -إنّما نغدو
سلم نسلّم على من لقيناه . من أجل ال ّ
ص بالمسلّم سلم والّرد ّ خا ّ وما تقدّم من حكم ال ّ
صلة أو قراءة القرآن ، الّذي لم ينشغل بالذان أو ال ّ
شرب ،أو ج أو عمرة ،أو بالكل أو بال ّ أو بتلبية ح ّ
سلم على المنشغل بما قضاء حاجة وغيرها ،إذ ال ّ
سلم على غيره ،وبيان ذلك في ما ذكر ليس كال ّ
يلي :
سلم على من يؤذ ّن أو يقيم : أ -ال ّ
ن حكم شافعيّة إلى أ ّ - 15ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
ن الفصل بين سلم من المؤذ ّن الكراهة ،ل ّ رد ّ ال ّ
جمل الذان عندهم مكروهة ،ولو كان ذلك الفصل
شافعيّة ،فله الّردّ بإشارة عند المالكيّة ،خلفا ً لل ّ
سلم أيضا ً عندهم على الملبّي بالشارة ،ويكره ال ّ
ج أو عمرة لنفس العلّة . بح ّ
سلم على المؤذ ّن والمقيم شافعيّة ال ّ ويكره عند ال ّ
لنشغالهم بالذان والقامة .
سلم على من ن ال ّ وذهب الحنابلة إلى أنّه ل يس ّ
يؤذ ّن أو يقيم ،ول يجب عليه الّرد ّ ،بل يجوز بالكلم
ول يبطل الذان أو القامة .
سلم : سلم على المصلّي وردّه ال ّ ب -ال ّ
سلم على المصلّي سنّة عند المالكيّة جائز - 16ال ّ
عند الحنابلة ،فقد سئل أحمد عن الّرجل يدخل
على القوم وهم يصلّون أيسلّم عليهم ؟ قال :نعم .
سلم من المصلّي فقد ذكر الحنفيّة -كما ما رد ّ ال ّ وأ ّ
سلم بلسانه ،لنّه كلم ، في الهداية -أن ل يرد ّ ال ّ
495
ى ،حتّى لو صافح بنيّة ول بيده ،لنّه سلم معن ً
التّسليم تفسد صلته .
سلم ن رد ّ المصلّي ال ّ وذكر صاحب فتح القدير أ ّ
بالشارة مكروه وبالمصافحة مفسد .
سلم لفظا ً بعد الفراغ ن المصلّي ل يلزمه رد ّ ال ّ مإ ّ ث ّ
صلة ،بل يرد ّ في نفسه في رواية عن أبي من ال ّ
حنيفة .في رواية أخرى عنه أنّه يرد ّ بعد الفراغ ،إلّ
صلة ن أبا جعفر قال :تأويله إذا لم يعلم أنّه في ال ّ أ ّ
.
مد يرد ّ بعد الفراغ ،وعن أبي يوسف ل يردّ وعند مح ّ
،ل قبل الفراغ ول بعده في نفسه .وذكر المالكيّة
سلم باللّفظ ،فإن رد ّ عمدا ً أو ن المصلّي ل يرد ّ ال ّ أ ّ
جهل ً بطل .
سهو ،بل يجب وردّه باللّفظ سهوا ً يقتضي سجود ال ّ
شافعيّة سلم بالشارة ،خلفا ً لل ّ عليه أن يرد ّ ال ّ
القائلين بعدم وجوب الّرد ّ عليه .
سلم بالكلم ن رد ّ المصلّي ال ّ وذهب الحنابلة إلى أ ّ
صلة .عمدا ً يبطل ال ّ
سلم بالشارة مشروع عند الحنابلة . ورد ّ المصلّي ال ّ
سلم على غيره وهو في ما ابتداء المصلّي ال ّ وأ ّ
صلة بالشارة بيد أو رأس فيجوز عند المالكيّة ال ّ
سجود لذلك . فقط ،ول يلزمه ال ّ
سلم على المنشغل بالقراءة والذ ّكر والتّلبية ج -ال ّ
ماموالكل ،وعلى قاضي الحاجة وعلى من في الح ّ
ونحو ذلك :
سلم على المنشغل بقراءة - 17الولى ترك ال ّ
القرآن ،فإن سلّم كفاه الّرد ّ بالشارة ،وإن ردّ
ووي
ّ م يقرأ ،واختار الن ّ باللّفظ استأنف الستعاذة ث ّ
سلم ما ال ّ أنّه يسلّم عليه ،ويجب عليه الّرد ّ لفظاً .وأ ّ
496
سلم على المنشغل بالذ ّكر من دعاء وتدبّر فهو كال ّ
على المنشغل بالقراءة والظهر كما ذكر النّوويّ أنّه
سلم إن كان مستغرقا ً بالدّعاء مجمع القلب عليه فال ّ
عليه مكروه ،للمشّقة الّتي تلحقه من الّرد ّ ،والّتي
تقطعه عن الستغراق بالدّعاء ،وهي أكثر من
المشّقة الّتي تلحق الكل إذا سلّم عليه ورد ّ في
حال أكله .
سلم عليه ولو ما الملبّي في الحرام فيكره ال ّ وأ ّ
سلّم رد ّ عليه باللّفظ .
سلم في حال خطبة الجمعة فيكره البتداء ما ال ّ وأ ّ
به لنّهم مأمورون بالنصات للخطبة ،فإن سلّم لم
يردّوا عليه لتقصيره ،وقيل :إن كان النصات واجباً
ة رد ّ عليه ،ول يرد ّ عليه لم يرد ّ عليه ،وإن كان سن ّ ً
ل وجه . أكثر من واحد على ك ّ
ول يسلّم على من كان منشغل ً بالكل واللّقمة في
ما إذا سلّم فمه ،فإن سلّم لم يستحقّ الجواب ،أ ّ
عليه بعد البلع أو قبل وضع اللّقمة في فمه فل
جه المنع ويجب الجواب ،ويسلّم في حال البيع يتو ّ
وسائر المعاملت ويجب الجواب .
سلم على قاضي الحاجة ونحوه كالمجامع ما ال ّ وأ ّ
مام والنّائم والغائب خلف جدار وعلى من في الح ّ
فحكمه الكراهة
ومن سلّم عليهم لم يستحقّ الجواب لما روي عن
ن رجل ً مّر ،ورسول ابن عمر رضي الله عنهما « أ ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم -يبول ،فسلّم فلم يردّ
عليه » .
ن رجل ً مّر وما روي عن جابر -رضي الله عنه « -أ ّ
ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم -يبول ،فسلّم
ي -صلى الله عليه وسلم -إذا رأيتني عليه فقال النّب ّ
497
ي .فإنّك إنعلى مثل هذه الحال فل تسلّم عل ّ
فعلت ذلك لم أرد ّ عليك » .
ما حكم الّرد ّ منهم فهو الكراهة من قاضي الحاجة وأ ّ
ب له الّرد ّ ، مام فيستح ّ ما من في الح ّ والمجامع ،وأ ّ
كما ذكر النّوويّ في الّروضة .
سلم : أحكام أخرى لل ّ
ي:صب ّ سلم على ال ّ ال ّ
ي أفضل من تركه عند صب ّ سلم على ال ّ - 18ال ّ
الحنفيّة ،وذهب المالكيّة إلى أنّه مشروع وذكر
ووي في الّروضة أنّه سنّة ،وذكر ابن مفلح في ّ الن ّ
شرعيّة أنّه جائز لتأديبهم ،وهو معنى كلم الداب ال ّ
ابن عقيل ،وذكر القاضي في المجّرد وصاحب
ب .لما شيخ عبد القادر أنّه يستح ّ عيون المسائل وال ّ
ورد عن « أنس رضي الله عنه أنّه مّر على صبيان ،
ي -صلى الله عليه فسلّم عليهم ،وقال :كان النّب ّ
وسلم -يفعله » .
ي فغير واجب ،لعدم صب ّسلم من ال ّ ما جواب ال ّ وأ ّ
شافعيّة ،ويسقط ر ّد تكليفه ،كما ذكر المالكيّة وال ّ
سلم بردّه عن الباقين إن كان عاقل ً عند الحنفيّة ، ال ّ
ل ذبيحته لنّه من أهل الفرض في الجملة ،بدليل ح ّ
ن التّسمية فيها فرض عندهم . مع أ ّ
الجهوري من المالكيّة
ّ وقد ذهب إلى ذلك أيضا ً
شافعيّة ،قياسا ً على أذانه للّرجال . ي من ال ّ شاش ّ وال ّ
سلم شافعيّة عدم سقوط فرض رد ّ ال ّ ح عند ال ّ والص ّ
ي ،وبه قطع القاضي صب ّ
عن الجماعة برد ّ ال ّ
شافعيّة ،وقد توقّف في الكتفاء بردّ والمتولّي من ال ّ
ي عن الجماعة صاحب الفواكه الدّواني من صب ّال ّ
ن الّر ّد
المالكيّة ،حيث قال :ولنا فيه وقفة ،ل ّ
ي غير فرض عليه صب ّ فرض على البالغين ،ورد ّ ال ّ
498
فكيف يكفي عن الفرض الواجب على المكلّفين ؟
ل الظهر عدم الكتفاء بردّه عن البالغين . فلع ّ
سلم من البالغ شافعيّة وجهين في رد ّ ال ّ م ذكر ال ّ ث ّ
حة إسلمه أي : ي ،بناءً على ص ّ صب ّ على سلم ال ّ
حح النّوويّ وجوب الّرد ّ . ي ،وص ّ صب ّ ال ّ
سلم على النّساء : ال ّ
ن كسلم الّرجل - 19سلم المرأة على المرأة يس ّ
سلم من المرأة على مثلها على الّرجل ،ورد ّ ال ّ
كالّرد ّ من الّرجل على سلم الّرجل .
ما سلم الّرجل على المرأة ،فإن كانت تلك وأ ّ
ة أو من المحارم فسلمه عليها ة أو أم ً المرأة زوج ً
ن أن سلم منها عليه واجب ،بل يس ّ سنّة ،ورد ّ ال ّ
يسلّم الّرجل على أهل بيته ومحارمه ،وإن كانت
ة فإن كانت عجوزا ً أو امرأةً ل تلك المرأة أجنبي ّ ً
سلم منها على سلم عليها سنّة ،ورد ّ ال ّ تشتهى فال ّ
من سلّم عليها لفظًا واجب .
ة يخشى الفتتان بها ، ما إن كانت تلك المرأة شاب ّ ً وأ ّ
سلم أو يخشى افتتانها هي أيضا ً بمن سلّم عليها فال ّ
سلم منها حكمه الكراهة عند عليها وجواب ال ّ
نشافعيّة والحنابلة ،وذكر الحنفيّة أ ّ المالكيّة وال ّ
الّرجل يرد ّ على سلم المرأة في نفسه إن سلّمت
هي عليه ،وترد ّ هي أيضا ً في نفسها إن سلّم هو
شافعيّة بحرمة ردّها عليه . عليها ،وصّرح ال ّ
ما سلم الّرجل على جماعة النّساء فجائز ،وكذا وأ ّ
سلم الّرجال على المرأة الواحدة عند أمن الفتنة .
ل على جواز سلم الّرجل على جماعة ما يد ّوم ّ
النّساء ما روي عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها
قالت « :مّر علينا رسول اللّه -صلى الله عليه
وسلم -في نسوة فسلّم علينا » .
499
سلم على المرأة العجوز ما ل على جواز ال ّ ما يد ّوم ّ
أخرجه البخاريّ عن سهل بن سعد رضي الله عنه
ي بضاعة نخل قال « :كانت لنا عجوز ترسل إل ّ
سلق فتطرحه في قدر ، بالمدينة فتأخذ من أصول ال ّ
وتكركر حبّات من شعير ،فإذا صلّينا الجمعة
انصرفنا ونسلّم عليها فتقدّمه إلينا » ،ومعنى تكركر
أي :تطحن .
ساق وأرباب المعاصي : سلم على الف ّ ال ّ
سلم على الفاسق ن ال ّ - 20ذكر ابن عابدين أ ّ
المجاهر بفسقه مكروه وإل ّ فل ،ومثل الفاسق في
هذا لعب القمار وشارب الخمر مطيّر الحمام
والمغنّي والمغتاب حال تلبّسهم بذلك ،نقل عن
ي أنّه ل يسلّم ،ويسلّم على قوم في فصول العّلم ّ
شطرنج ناويا ً أن يشغلهم معصية وعلى من يلعب بال ّ
ما هم فيه عند أبي حنيفة ،وكره عندهما تحقيراً ع ّ
لهما .
سلم على أهل الهواء ن ابتداء ال ّ وذكر المالكيّة أ ّ
مكروه ،كابتدائه على اليهود والنّصارى .وذكر
سلمووي في الّروضة وجهين في استحباب ال ّ ّ الن ّ
ساق وفي وجوب الّرد ّ على المجنون على الف ّ
سكران إذا سلّما . وال ّ
ن المبتدع ومن اقترف ذنبا ً عظيماً وذكر في الذكار أ ّ
ولم يتب منه ينبغي أن ل يسلّم عليهم ول يرد ّ عليهم
جا ً بما رواه البخاريّ ومسلم في سلم .محت ّ ال ّ
صة « كعب بن مالك رضي الله عنه صحيحيهما من ق ّ
حين تخلّف عن غزوة تبوك هو ورفيقان له فقال :
ونهى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم -عن
كلمنا .قال :وكنت آتي رسول اللّه -صلى الله
عليه وسلم -فأسلّم عليه فأقول :هل حّرك شفتيه
500
البخاري أيضا ً في
ّ سلم أم ل ؟ » .وبما رواه برد ّ ال ّ
الدب المفرد عن عبد اللّه بن عمرو قال " :ل
تسلّموا على شّراب الخمر " .
سلم على الظّلمة ، قال النّوويّ :فإن اضطّر إلى ال ّ
بأن دخل عليهم وخاف ترتّب مفسدة في دينه أو
دنياه أو غيرهما إن لم يسلّم سلّم عليهم ،وذكر عن
سلم اسم ن ال ّ ي أنّه يسلّم وينوي أ ّ أبي بكر بن العرب ّ
من أسماء اللّه تعالى ،فيكون المعنى اللّه عليكم
رقيب .
شرعيّة أنّه :يكره لك ّ
ل وذكر ابن مفلح في الداب ال ّ
مسلم مكلّف أن يسلّم على من يلعب النّرد أو
شطرنج ،وكذا مجالسته لظهاره المعصية ،وقال ال ّ
شطرنج ما هو أهل أن يسلّم أحمد فيمن يلعب بال ّ
عليه ،كما ل يسلّم على المتلبّسين بالمعاصي ،
ويرد ّ عليهم إن سلّموا إل ّ أن يغلب على ظنّه
انزجارهم بترك الّرد ّ .
قال أبو داود :قلت لحمد :أمّر بالقوم يتقاذفون
سلم أسلّم عليهم ؟ قال هؤلء قوم سفهاء ،وال ّ
اسم من أسماء اللّه تعالى ،قلت لحمد أسلّم على
سلم اسم من أسماء اللّه المخنّث ؟ قال ل أدري ال ّ
ل. عّز ج ّ
سلم على الفاسق أو المبتدع فل يجب ما رد ّ ال ّ وأ ّ
زجرا ً لهما كما في روح المعاني .
مة وغيرهم من الكّفار : سلم على أهل الذ ّ ّ ال ّ
مةسلم على أهل الذ ّ ّ ن ال ّ - 21ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
مكروه لما فيه من تعظيمهم ،ول بأس أن يسلّم
سلم ن ال ّ ي إن كانت له عنده حاجة ،ل ّ على الذ ّ ّ
م ّ
حينئذ لجل الحاجة ل لتعظيمه ،ويجوز أن يقول :
سلم على من اتّبع الهدى . ال ّ
501
ن ابتداء اليهود والنّصارى وذهب المالكيّة أيضا ً إلى أ ّ
سلم ن ال ّ سلم مكروه ،ل ّ ضلل بال ّ وسائر فرق ال ّ
تحيّة والكافر ليس من أهلها .
سلم ،وله أن ي بال ّم ّشافعيّة بداءة الذ ّ ّ ويحرم عند ال ّ
سلم بأن يقول :هداك اللّه أو أنعم اللّه يحيّيه بغير ال ّ
صباحك إن كانت له عنده حاجة ،وإل ّ فل يبتدئه
ن ذلك بسط له وإيناس بشيء من الكرام أصل ً ،ل ّ
جد ُ قَ َوْ ً
ما وإظهار ود ّ َ .وقد قال اللّه تعالى َ { :ل ت َ ِ
حاد َّ الل ّ َ
ه ن َ م ْ
ن َخرِ يُوَادُّو َ ن بِالل ّهِ َوالْيَوْم ِ اْل ِ منُو َ يُؤ ْ ِ
ه}. سول َ ُ
َوَر ُ
ووي في الذكار :اختلف أصحابنا في أهل ّ وقال الن ّ
مة ،فقطع الكثرون بأنّه ل يجوز ابتداؤهم الذ ّ ّ
سلم ،وقال آخرون ليس هو بحرام بل هو بال ّ
مكروه .
وحكى الماورديّ وجها ً لبعض أصحابنا ،أنّه يجوز
سلم ،ولكن يقتصر المسلّم على قوله : ابتداؤه بال ّ
ووي
ّ ن الن ّ سلم عليك ول يذكره بلفظ الجمع ،إل ّ أ ّ ال ّ
مة وصف هذا الوجه بأنّه شاذ ّ .وبداءة أهل الذ ّ ّ
سلم ل تجوز أيضا ً عند الحنابلة ،كما ل يجوز أن بال ّ
سلم .قال أبو داود : نحيّيهم بتحيّة أخرى غير ال ّ
ي
م ّ قلت لبي عبد اللّه :تكره أن يقول الّرجل للذ ّ ّ
كيف أصبحت ؟ أو كيف حالك ؟ أو كيف أنت ؟ أو
سلم . نحو هذا ؟ قال :نعم هذا عندي أكثر من ال ّ
ي :أطال اللّه بقاءك م ّ وذكر الحنفيّة أنّه لو قال للذ ّ ّ
جاز إن نوى أنّه يطيله ليسلم أو ليؤدّي الجزية لنّه
دعاء بالسلم وإل ّ فل يجوز .
سلم قول رسول -صلى ودليل كراهة البداءة بال ّ
الله عليه وسلم « -ل تبدءوا اليهود ول النّصارى
502
سلم ،فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطّروه بال ّ
إلى أضيقه » .
والستقالة أن يقول له :رد ّ سلمي الّذي سلّمته
عليك ،لنّي لو علمت أنّك كافر ما سلّمت عليك .
شافعيّة والحنابلة إن سلّم على ب له عند ال ّ ويستح ّ
ميّا ً أن يستقيله بأن يقول له من يظنّه مسلما ً فبان ذ ّ
:رد ّ سلمي الّذي سلّمته عليك ،لما روي عن ابن
عمر " أنّه مّر على رجل فسلّم عليه فقيل :إنّه
ي ما سلّمت عليك فرد ّ عليه ، كافر فقال :رد ّ عل ّ
م التفت إلى أصحابه فقال أكثر اللّه مالك وولدك ،ث ّ
فقال :أكثر للجزية " .وقال المالكيّة :ل يستقيله .
ي كتابا ً اقتصر على قوله فيه : م ّوإذا كتب إلى الذ ّ ّ
سلم على من اتّبع الهدى ،اقتداءً برسول اللّه - ال ّ
صلى الله عليه وسلم -في اقتصاره على ذلك حين
كتب إلى هرقل ملك الّروم .وإذا مّر واحد على
سنّة أن جماعة فيهم مسلمون ولو واحدا ً وكّفار فال ّ
يسلّم عليهم ويقصد المسلمين أو المسلم .لما
ي
ن النّب ّ روى أسامة بن زيد رضي الله عنهما « .أ ّ
صلى الله عليه وسلم مّر على مجلس فيه أخلط
من المسلمين والمشركين عبدة الوثان واليهود
ي صلى الله عليه وسلم » . فسلّم عليهم النّب ّ
مة :سلم على أهل الذ ّ ّ رد ّ ال ّ
مة فل بأس به عند سلم على أهل الذ ّ ّ ما رد ّ ال ّ - 22وأ ّ
الحنفيّة ،وهو جائز أيضا ً عند المالكيّة ول يجب إلّ
ي ،وهو م ّسلم من الذ ّ ّ إذا تحّقق المسلم من لفظ ال ّ
شافعيّة والحنابلة . واجب عند ال ّ
ويقتصر في الّرد ّ على قوله :وعليكم ،بالواو
والجمع ،أو وعليك بالواو دون الجمع عند الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة ،لكثرة الخبار في ذلك . وال ّ
503
فمنها ما روي عن أنس رضي الله عنه قال :قال
رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم « -إذا سلّم
عليكم أهل الكتاب فقولوا عليكم » .
ن
ومنها ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما -أ ّ
رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم -قال « :إذا
سامسلّم عليكم اليهود فإنّما يقول أحدهم :ال ّ
عليكم فقل وعليك » .
وعند المالكيّة يقول في الّرد ّ :عليك ،بغير واو
بالفراد أو الجمع .لما ورد عن ابن عمر قال :قال
ن اليهود إذا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم « -إ ّ
سام عليكم فقل عليك سلّموا عليكم يقول أحدهم ال ّ
» وفي رواية أخرى له قال « :عليكم » .بالجمع
وبغير واو .
الجهوري قوله :إن تحّقق
ّ فراوي عن
ّ ونقل الن ّ
سين ، سلم بفتح ال ّ ي نطق بال ّم ّن الذ ّ ّالمسلم أ ّ
فالظّاهر أنّه يجب الّرد ّ عليه ،لحتمال أن يقصد به
الدّعاء .
سلم : من يبدأ بال ّ
- 23يسلّم الّراكب على الماشي ،والماشي على
صغير على الكبير . القاعد ،والقليل على الكثير ،وال ّ
صحيحين عن أبي هريرة رضي الله لما ورد في ال ّ
عنه قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «
يسلّم الّراكب على الماشي والماشي على القاعد
للبخاري زيادة «
ّ والقليل على الكثير » وفي رواية
سنّة ،فلو صغير على الكبير » وهذا المذكور هو ال ّ ال ّ
خالفوا فسلّم الماشي على الّراكب ،أو الجالس
عليهما لم يكره ،وعلى مقتضى هذا ل يكره ابتداء
سلم على القليل ،والكبير على الكثيرين بال ّ
صغير ،ويكون هذا تركا ً لما يستحّقه من سلم ال ّ
504
غيره عليه ،وهذا فيما إذا تلقى الثنان في طريق ،
ن الوارد يبدأ ما إذا ورد على قعود أو قاعد ،فإ ّ أ ّ
ل حال ،سواء كان صغيرا ً أو كان سلم على ك ّ بال ّ
كبيرا ً ،قليل ً أو كثيرا ً .
ة منهم ص طائف ً ة فأراد أن يخ ّ وإذا لقي رجل جماع ً
سلم المؤانسة ن القصد من ال ّ سلم كره ،ل ّ بال ّ
واللفة ،وفي تخصيص البعض إيحاش للباقين ،
سوق أو وربّما صار سببا ً للعداوة ،وإذا مشى في ال ّ
ما يكثر فيه شوارع المطروقة كثيرا ً ونحو ذلك م ّ ال ّ
سلم هنا إنّما ن ال ّ المتلقون ،فقد ذكر الماورديّ أ ّ
يكون لبعض النّاس دون بعض .قال :لنّه لو سلّم
ل منهم ،ولخرج ل من لقي لتشاغل به عن ك ّ على ك ّ
به عن العرف .
سلم عند دخول بيت أو مسجد وإن لم استحباب ال ّ
يكن فيه أحد :
ب إذا دخل بيته أن يسلّم وإن لم يكن فيه - 24يستح ّ
صالحين سلم علينا وعلى عباد اللّه ال ّ أحد وليقل :ال ّ
.وكذا إذا دخل مسجدا ً ،أو بيتا ً لغيره فيه أحد
سلم علينا وعلى ب أن يسلّم وأن يقول :ال ّ يستح ّ
سلم عليكم أهل البيت صالحين ،ال ّ عباد اللّه ال ّ
ورحمة اللّه وبركاته .
سلم عند مفارقة المجلس : ال ّ
م قام ليفارقهم ، سا مع قوم ث ّ - 25إذا كان جال ً
سنّة أن يسلّم عليهم ،لما ورد عن أبي هريرة فال ّ
رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم « :إذا انتهى أحدكم إلى مجلس
م إذا فليسلّم ،فإن بدا له أن يجلس فليجلس ،ث ّ
قام فليسلّم ،فليست الولى بأحقّ من الخرة » .
سلم : ن أنّه ل يرد ّ ال ّ سلم على من يظ ّ إلقاء ال ّ
505
- 26قال النّوويّ :إذا مّر على واحد أو أكثر وغلب
ما لتكبّر الممرور على ظنّه أنّه إذا سلّم ل يرد ّ عليه إ ّ
ما لغير ذلك سلم ،وإ ّ ما لهماله الماّر أو ال ّ عليه ،وإ ّ
سلم ن ال ّ ن ،فإ ّ فينبغي أن يسلّم ول يتركه لهذا الظ ّ ّ
مأمور به ،والّذي أمر به الماّر أن يسلّم ولم يؤمر
ن الممرور عليه قد يخطئ صل الّرد ّ ،مع أ ّ بأن يح ّ
ن فيه ويرد ّ . الظ ّ ّ
ب لمن سلّم على إنسان م قال النّوويّ :ويستح ّ ث ّ
جه عليه الّرد ّ بشروطه فلم يرد ّ ، وأسمعه سلمه وتو ّ
أن يحلّله من ذلك فيقول :أبرأته من حّقي في ردّ
ل منه ونحو ذلك ،ويلفظ سلم أو جعلته في ح ّ ال ّ
ي. بهذا ،فإنّه يسقط به حقّ هذا الدم ّ
ب لمن سلّم على إنسان فلم يرد ّ عليه أن ويستح ّ
سلم واجب ،فينبغي يقول له بعبارة لطيفة :رد ّ ال ّ
ي ليسقط عنك فرض الّرد ّ . لك أن ترد ّ عل ّ
سلم عند زيارة الموتى : ال ّ
ي -صلى الله عليه وسلم - سلم عند زيارة النّب ّ أ -ال ّ
وصاحبيه :
ي -صلى الله عليه ج زيارة النّب ّ ل حا ّ - 27يندب لك ّ
ن زيارته -صلى الله عليه وسلم وسلم -بالمدينة فإ ّ
مها وأربح المساعي -من أعظم القربات ،وأه ّ
وأفضل الطّلبات ،وانظر بحث ( زيارة ) .
م أتى وإذا أتى الّزائر المسجد صلّى تحيّة المسجد ث ّ
القبر الكريم ،فاستقبله واستدبر القبلة على نحو
ب أن أربعة أذرع من جدار القبر وسلّم ،ويستح ّ
سلم عليك سلم عليك يا رسول اللّه ،ال ّ يقول " :ال ّ
سلم عليك يا حبيب اللّه ، يا خيرة اللّه من خلقه ،ال ّ
سلم عليكم يا سيّد المرسلين ،وخاتم النّبيّين ، ال ّ
سلم عليك وعلى آلك وأصحابك وأهل بيتك وعلى ال ّ
506
صالحين ،أشهد أنّك بلّغت الّرسالة النّبيّين وسائر ال ّ
مة ،فجزاك اللّه عنّا وأدّيت المانة ،ونصحت ال ّ
مته " ول يرفع صوته أفضل ما جزى رسول ً عن أ ّ
بذلك .
سلم على رسول اللّه - وإن كان قد أوصاه أحد بال ّ
سلم عليك يا صلى الله عليه وسلم -قال " :ال ّ
رسول اللّه من فلن بن فلن " .
خر قدر ذراع إلى جهة يمينه فيسلّم على أبي م يتأ ّ ث ّ
سلم عليك يا خليفة بكر رضي الله عنه ويقول " :ال ّ
سلم عليك يا صدّيق رسول اللّه ، رسول اللّه ،ال ّ
أشهد أنّك جاهدت في اللّه حقّ جهاده ،جزاك اللّه
مد خيرا ً رضي اللّه عنك وأرضاك وجعل مة مح ّ عن أ ّ
صحابة ل ال ّ الجنّة متقلّبك ومثواك ،ورضي اللّه عن ك ّ
أجمعين " .
سلم على عمر رضي الله عنه خر ذراعا ً لل ّ م يتأ ّ ث ّ
سلم عليك يا صاحب رسول اللّه ، ويقول " :ال ّ
سلم عليك يا أمير المؤمنين عمر الفاروق ،أشهد ال ّ
ق جهاده ،جزاك اللّه عن أنّك جاهدت في اللّه ح ّ
مد خيرا ً ،رضي اللّه عنك وأرضاك وجعل مة مح ّ أ ّ
صحابة ل ال ّ الجنّة متقلّبك ومثواك ،ورضي اللّه عن ك ّ
م يرجع إلى موقفه الوّل قبالة وجه أجمعين " ث ّ
رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم .
سلم عند زيارة القبور : ال ّ
ي :زيارة القبور من أعظم الدّواء - 28قال القرطب ّ
للقلب القاسي ،لنّها تذكّر الموت والخرة .وذلك
صر المل والّزهد في الدّنيا ،ترك يحمل على قِ َ
الّرغبة فيها .
507
ن رسول اللّه صلى الله عليه سنّة أ ّ وتذكر كتب ال ّ
وسلم -كان يزور القبور ويسلّم على ساكنيها ،
ويعلّم أصحابه ذلك .
فعن بريدة -رضي الله عنه -قال « :كان رسول
اللّه -صلى الله عليه وسلم -يعلّمهم إذا خرجوا إلى
سلم عليكم أهل المقابر ،فكان قائلهم يقول :ال ّ
الدّيار من المؤمنين والمسلمين ،وإنّا إن شاء اللّه
بكم للحقون ،وأسأل اللّه لنا ولكم العافية » .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت « :كان رسول
اللّه -صلى الله عليه وسلم -كلّما كان ليلتها من
رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم -يخرج من آخر
سلم عليكم دار قوم اللّيل إلى البقيع فيقول :ال ّ
جلون ،وإنّا إن مؤمنين ،وأتاكم ما توعدون غدا ً مؤ ّ
م اغفر لهل بقيع الغرقد شاء اللّه بكم لحقون ،اللّه ّ
».
ي أو رجل من قول " :عليه السلم " عند ذكر نب ّ
صالحين : ال ّ
سلم على من ذكر في الغيبة مقصور على - 29ال ّ
النبياء والملئكة عند ذكرهم ،مثل قولك نوح عليه
السلم أو إبراهيم عليه السلم أو جبريل عليه
م عَلَى سَل ٌسيا ً بقوله تعالى َ { : السلم ،وذلك تأ ّ
م} م عَلَى إِبَْراهِي َ سَل ٌ
ن } وقوله َ { : مي َ نُوٍح فِي الْعَال َ ِ
ن } وقوله : سى وَهَاُرو َ مو َ م ع َلَى ُ سَل ٌ وقوله َ { :
سلم على ن } نعم يجوز ال ّ سي َ م ع َلَى إ ِ ْ
ل يَا ِ سَل ٌ{ َ
آلهم وأصحابهم تبعا ً لهم دون استقلل .
سلم على غيرهم من المؤمنين ما ال ّ - 30وأ ّ
يمد الجوين ّ شيخ أبو مح ّ صالحين استقلل ً فمنعه ال ّ ال ّ
سلم هو في معنى ن ال ّ شافعيّة ،وقال :بأ ّ من ال ّ
صلة فل يستعمل في الغائب ،فل يفرد به غير ال ّ
508
ي عليهالنبياء ،فل يقال أبو بكر عليه السلم ول عل ّ
ما
السلم ،وسواء في هذا الحياء والموات وأ ّ
الحاضر فيخاطب به فيقال :سلم عليك أو سلم
سلم عليك أو عليكم . عليكم أو ال ّ
سلم يشرع ن ال ّ صلة بأ ّوفّرق آخرون بينه وبين ال ّ
ي وميّت وغائب وحاضر ، ل مؤمن من ح ّ قك ّ في ح ّ
صلة ،فإنّها من وهو تحيّة أهل السلم بخلف ال ّ
حقوق الّرسول -صلى الله عليه وسلم وآله -ولهذا
سلم علينا وعلى عباد اللّه يقول المصلّي :ال ّ
صلة علينا . صالحين ،ول يقول ال ّ ال ّ
صلة : سلم الّذي يخرج به من ال ّ ال ّ
سلم عند صلة ل يكون إل ّ بال ّ - 31الخروج من ال ّ
سلم ركن من ن ال ّ شافعيّة والحنابلة ،ل ّ المالكيّة وال ّ
صلة عندهم -لقوله -صلى الله عليه وسلم أركان ال ّ
صلة الطّهور وتحريمها التّكبير ، « -مفتاح ال ّ
وتحليلها التّسليم » .
سلم عندهم ليس ركنا ً بل هو ما الحنفيّة فال ّ أ ّ
ن الّرسول -صلى الله عليه وسلم -لم واجب ،ل ّ
يعلّمه المسيء صلته ،ولو كان فرضا ً لمر به ،إذ ل
يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .فالخروج من
سلم ،ويكون بغيره من ك ّ
ل صلة عندهم يكون بال ّ ال ّ
مت صلته ،ول صلة ،وقد ت ّ عمل أو قول مناف لل ّ
يحتاج إلى سلم .وتفصيله في ( تسليم ) .
سلم الّذي يخرج به من صلة الجنازة يكون هذا وال ّ
بعد آخر تكبيرة .
وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء في ( صلة الجنازة )
====================
سلَس * َ
التّعريف :
509
سهولة واللّيونة ،والنقياد سلس في اللّغة :ال ّ - 1ال ّ
والسترسال ،وعدم الستمساك قال في المصباح :
ن فهو سلس ، سلس سلسا ً من باب تعب سهل وَل َ َ
سلس بالفتح ، ورجل سلس بالكسر بيّن ال ّ
سلسة أيضا ً سهولة الخلق ،وسلس البول وال ّ
استرساله ،وعدم استمساكه ،لحدوث مرض
بصاحبه ،وصاحبه سلس بالكسر .
سلس عند الفقهاء :استرسال الخارج بدون وال ّ
ي ،أو ودي ،أو غائط اختيار من بول ،أو مذي ،أو من ّ
سلس ،على :الخارج نفسه ،أو ريح ،وقد يطلق ال ّ
.
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -الستحاضة :
- 2الستحاضة :هي سيلن الدّم من المرأة في غير
أيّام حيضها وهو دم فساد .
ب -المرض :
- 3المرض في الصطلح :ما يعرض للبدن فيخرجه
ص.عن العتدال الخا ّ
ج -النّجاسة :
حةما عينيّة ،وهي :مستقذر يمنع ص ّ - 4النّجاسة :إ ّ
خص ،أو حكميّة وهي وصف يقوم صلة حيث ل مر ّ ال ّ
خص . صلة حيث ل مر ّ حة ال ّ ل ،يمنع ص ّ بالمح ّ
ي: الحكم الجمال ّ
من به سلس : صلة م ّ أ -الوضوء وال ّ
سلس :حدث دائم ،صاحبه معذور ،فيعامل - 5ال ّ
ة تختلف عن ص ًة خا ّ في وضوئه وعبادته ،معامل ً
ن
حاء ،فقد ذكر الحنفيّة أ ّ معاملة غيره من الص ّ
المستحاضة ،ومن به سلس البول ،أو استطلق
البطن ،أو انفلت الّريح ،أو رعاف دائم ،أو جرح ل
510
ي صلى ل صلة ،لقول النّب ّ ضئون لوقت ك ّ يرقأ ،يتو ّ
ضأ لوقت ك ّ
ل الله عليه وسلم « :المستحاضة تتو ّ
صلة » ويقاس عليها غيرها من أصحاب العذار ،
ويصلّون بذلك الوضوء في الوقت ما شاءوا من
سيلن ، ضأ على ال ّ الفرائض ،والنّوافل ،وإن تو ّ
م النقطاع باستيعاب وصلّى على النقطاع ،وت ّ
صلةالوقت الثّاني أعاد ،وكذا إذا انقطع في خلل ال ّ
م النقطاع . وت ّ
ويبطل الوضوء عند خروج وقت المفروضة ،
صحيح وهو قول أبي حنيفة . سابق وهو ال ّ بالحدث ال ّ
وقال زفر :يبطل بدخول الوقت ،وقال أبو يوسف
مد :يبطل بهما . ومح ّ
ويبقى الوضوء ما دام الوقت باقيا ً بشرطين :أن
ضأ لعذره وأن ل يطرأ عليه حدث آخر كخروج يتو ّ
ريح أو سيلن دم من موضع آخر .
سلس إن فارق أكثر ن ال ّ وذهب المالكيّة إلى أ ّ
الّزمان ولزم أقلّه فإنّه ينقض الوضوء فإن لزم
ل فل ينقض هذا إذا لم ل أو الك ّ النّصف وأولى الج ّ
يقدر على رفعه فإن قدر على رفعه فإنّه ينقض
مطلقا ً كسلس مذي لطول عزوبة أو مرض يخرج
من غير تذكّر أو تفكّر أمكنه رفعه بتداو أو صوم أو
تزوّج ويغتفر له زمن التّداوي والتّزوّج وندب الوضوء
سلس أكثر الّزمن وأولى نصفه ل عندهم إن لزم ال ّ
ل النّدب في ملزمة الكثر مه فل يندب ،مح ّ إن ع ّ
ق الوضوء ببرد ونحوه فل ق ،ل إن ش ّ إن لم يش ّ
خرو المالكيّة في اعتبار الملزمة يندب وقد تردّد متأ ّ
صلة من دوام وكثرة ومساواة وقلّة في وقت ال ّ
شمس من اليوم ة وهو من الّزوال إلى طلوع ال ّ ص ً خا ّ
صلة فيعتبر الثّاني أو اعتبارها مطلقا ً ل بقيد وقت ال ّ
511
حتّى من الطّلوع إلى الّزوال ،وفي قول العراقيّين
سلس مطلقا ً غير أنّه يندب من المالكيّة ل ينقض ال ّ
ل الّزمان فل يندب . الوضوء منه إن لم يلزم ك ّ
ص بها من به حدث شافعيّة ستّة شروط يخت ّ وذكر ال ّ
شد ّ ،والعصب ، دائم كسلس واستحاضة وهي :ال ّ
ل فريضة بعد دخول الوقت على والوضوء لك ّ
صحيح كما في الّروضة وتجزئ قبله على وجه شاذّ ال ّ
ل فريضة ،ونيّة الستباحة على ،وتجديد العصابة لك ّ
ح.صلة في الص ّ المذهب والمبادرة إلى ال ّ
صلة كستر العورة والذان خر لمصلحة ال ّ فلو أ ّ
والقامة وانتظار الجماعة والجتهاد في قبلته
سترة لم يضّر لنّه ل والذ ّهاب إلى مسجد وتحصيل ال ّ
ل فرض ولو منذوراً ضأ لك ّ صرا ً ،ويتو ّ
يعد ّ بذلك مق ّ
ي صلى الله عليه مم لبقاء الحدث« لقول النّب ّ كالمتي ّ
ل صلة » ضئي لك ّ وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش :تو ّ
ويصلّي به ما شاء من النّوافل فقط ،وصلة الجنازة
لها حكم النّافلة ،ولو زال العذر وقتا ً يسع الوضوء
صلة كانقطاع الدّم مثل ً وجب الوضوء وإزالة ما وال ّ
على الفرج من الدّم ونحوه .
ل فرض ، ي يلزمه الغسل لك ّ ومن أصابه سلس من ّ
صلة وجب بل ولو استمسك الحدث بالجلوس في ال ّ
صلة ل رفع إعادة ،وينوي المعذور استباحة ال ّ
الحدث لنّه دائم الحدث ل يرفعه وضوءه وإنّما يبيح
له العبادة .
شافعيّة إل ّ في مسألة والحنابلة في هذا كلّه كال ّ
ن صاحب ل فرض فإنّهم ذهبوا إلى أ ّ الوضوء لك ّ
ل وقت ،ويصلّي به ما شاء ضأ لك ّالحدث الدّائم يتو ّ
من الفرائض والنّوافل كما ذكر الحنفيّة والفقهاء
سوى المالكيّة متّفقون على وجوب تجديد الوضوء
512
للمعذور وقال المالكيّة باستحبابه كما سبق ،
شافعيّة والوضوء يكون بعد دخول الوقت عند ال ّ
والحنابلة .
صلة . وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء في الوضوء وال ّ
إمامة من به سلس :
اتّفق الفقهاء على أنّه إذا كان المام مريضاً
ما إذا صلة جائزة ،وأ ّ سلس والمأموم كذلك فال ّ بال ّ
سلس والمأموم سليما ً فقد كان المام مريضا ً بال ّ
اختلف الفقهاء في جواز إمامة المريض لصلة غيره
حاء على قولين : من الص ّ
القول الوّل :وهو قول الحنفيّة والحنابلة ومقابل
ن أصحاب شافعيّة عدم الجواز ل ّ ح عند ال ّ الص ّ
ة ،لكن جعل الحدث العذار يصلّون مع الحدث حقيق ً
الموجود في حّقهم كالمعدوم ،للحاجة إلى الداء فل
صحيح ن ال ّ ضرورة تقدّر بقدرها ول ّ ن ال ّ يتعدّاهم ،ل ّ
أقوى حال ً من المعذور ول يجوز بناء القويّ على
ضعيف . ال ّ
والقول الثّاني :وهو قول المالكيّة في المشهور
حة صلتهم من غير ح الجواز لص ّ شافعيّة في الص ّ وال ّ
ق صاحبها إعادة ولنّه إذا عفي عن العذار في ح ّ
ن عمر رضي الله عنه ق غيره ول ّ عفي عنها في ح ّ
كان إماما ً وأخبر أنّه يجد ذلك " أي سلس المذي "
ن المالكيّة صّرحوا بكراهة إمامة ول ينصرف ،إل ّ أ ّ
حاء .والتّفصيل في مصطلح أصحاب العذار للص ّ
( عذر ) .
==================
سماع * َ
التّعريف :
513
سمعاً سماع :مصدر سمع ،وسمع له يسمع َ - 1ال ّ
سمعا ً وسماعا ً ومن معانيه : و ِ
صوت سماعا ً إذا أدركه أ -الدراك :يقال :سمع ال ّ
سماع بمعنى سمع فهو سامع ،ومنه ال ّ سة ال ّ بحا ّ
استماع الغناء واللت المطربة وقد يطلق على
الغناء ذاته .
صلة " :سمع ب -ومنها الجابة :كما في أدعية ال ّ
اللّه لمن حمده " أي :أجاب من حمده وتقبّله منه .
ج -ومنها الفهم :يقال " :سمعت كلمه إذا فهمت
معنى لفظه " .
د -القبول :مثل سمع عذره إذا قبل ،وسمع
القاضي البيّنة قبلها ،وسمع الدّعوى لم يردّها .ول
ي عن هذه المعاني اللّغويّة . يخرج المعنى الصطلح ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -الستماع :
سماع يكون بقصد وبغير قصد في حين ل - 2ال ّ
ماسماع اس ً يكون الستماع إل ّ بقصد ،ويكون ال ّ
للمسموع فيقال للغناء سماع .
ب -النصات :
سكوت وترك اللّغو من أجل - 3النصات هو ال ّ
سماع والستماع ( ر :استماع ) ،وقد أورد اللّه ال ّ
ل ذكره : - تعالى الكلمتين بهذا المعنى في قوله -ج ّ
صتُوا ْ } والمعنى َ
ه وَأن ِمعُوا ْ ل َ ُ { َوإِذ َا قُرِئَ الُْقْرآ ُ
ن فَا ْ
ست َ ِ
ص على ذلك أهل اللّغة والتّفسير " : -إذا حسبما ن ّ
قرأ المام فاستمعوا إلى قراءته ول تتكلّموا " كما
وردتا معا ً في أحاديث نبويّة كثيرة ،ووردتا كذلك في
قول عثمان بن عّفان -فيما رواه مالك -إذا قام
المام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا .
ج -الصغاء :
514
ة
سماع الستماع مبالغ ً - 4هو أن يجمع إلى حسن ال ّ
صيغة من دللة منه هذه ال ّ في النصات ،لما تتض ّ
ن المستمع قد أمال سمعه أو أذنه إلى على أ ّ
ل شيء صوت حتّى ينقطع عن ك ّ المتكلّم أو مصدر ال ّ
يشغله عنه .
د -الغناء :
ة :صوت مرتفع متوال ،وقال - 5الغناء بالمد ّ -لغ ً
صوت ما طرب به . ابن سيده :الغناء -من ال ّ
شاف ي في كتابه :ك ّ واصطلحا ً :عّرفه القرطب ّ
شعر وما يقاربه من صوت بال ّ القناع :أنّه رفع ال ّ
سماع الّرجز على نحو مخصوص .فالغناء نوع من ال ّ
.
والتّغبير :ضرب من الغناء يذكّر بالغابرة وهي
مغب ِّرة قوم يُغَب ِّرون بذكر اللّه تعالى الخرة .وال ُ
بدعاء وتضّرع ،وقد أطلق عليهم هذا السم
لتزهيدهم النّاس في الفانية وهي الدّنيا وترغيبهم
في الباقية وهي الخرة ،وهو من ( غَبََر ) الّذي
يستعمل للباقي كما يستعمل للماضي ،وقد كرهه
ي لنّه يلهي عن القرآن واعتبره من شافع ّ المام ال ّ
شيخ ابن تيميّة :إنّه من عمل الّزنادقة ،وقال فيه ال ّ
مة فكيف سماع ومع ذلك كرهه الئ ّ أمثل أنواع ال ّ
بغيره .
ي:الحكم الجمال ّ
حكم صلة الجماعة والجمعة في حقّ من يسمع
الذان :
صلوات - 6اختلف الفقهاء فيمن سمع الذان لل ّ
الخمس ،ما عدا الجمعة فذهب بعضهم :إلى
ن ذلك غير وجوب حضورها ،وذهب آخرون إلى أ ّ
متعيّن بل هي فرض على الكفاية وذهب غيرهما إلى
515
ما الجمعة فحضورها فرض عين أنّها سنّة مؤكّدة وأ ّ
بشروطه ،وينظر التّفصيل في ( صلة الجماعة ،
وصلة الجمعة ) .
ما يقوله سامع الذان :
ن لمن سمع الذان أن يقول مثلما يقول - 7يس ّ
صحيحة الواردة في ذلك ومنها المؤذ ّن للحاديث ال ّ
قوله -عليه الصلة والسلم « -إذا سمعتم النّداء
فقولوا مثل ما يقول المؤذ ّن » .وفي رواية «:إلّ
ي على الفلح فقولوا :ل صلة ،ح ّ ي على ال ّ في ح ّ
سامع ن لل ّم الذان يس ّ حول ول قوّة إل ّ باللّه» .فإذا ت ّ
أن يطلب الوسيلة والفضيلة لرسول اللّه صلى الله
عليه وسلم لحديث جابر بن عبد اللّه رضي الله
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « : عنهما أ ّ
ب هذه الدّعوة مر ّ من قال حين يسمع النّداء :اللّه ّ
مدا ً الوسيلة والفضيلة صلة القائمة آت مح ّ مة وال ّ التّا ّ
وابعثه مقاما ً محمودا ً الّذي وعدته -حلّت له
شفاعتي يوم القيامة » .
وانظر ( أذان ) .
إسماع المصلّي قراءة نفسه :
ل ما يجزئ في ن أق ّ
- 8ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
حالة السرار قراءة مسموعة يسمعها نفسه لو كان
ن ما دون ذلك سميعا ً مثلما هو مقّرر في التّكبير ل ّ
ليس عندهم بقراءة .
ن المطلوب في حالة السرار ص المالكيّة على أ ّ ون ّ
أن يسمع المصلّي قراءته نفسه دون غيره ويمكن
أن يكتفي فيها -عندهم -بتحريك اللّسان بالقرآن
دون أن يلزم بإسماع نفسه ،قال ابن القاسم " :
تحريك لسان المسّر فقط يجزئه ولو أسمع أذنيه
ي .ول يجزئ ما دون ذلك كالقراءة ب إل ّ
كان أح ّ
516
حة ن تحريك اللّسان شرط أدنى في ص ّ بالقلب ،ل ّ
القراءة .
قال ابن القاسم :كان مالك ل يرى ما قرأ به الّرجل
صلة في نفسه ما لم يحّرك به لسانه قراءةً في ال ّ
ن من حلف وبنا ًء على ذلك نقل عن شيوخ المالكيّة أ ّ
ن الجنب يجوز له أن ل يقرأ فقرأ بقلبه لم يحنث .وأ ّ
أن يقرأ القرآن بقلبه ما لم يحّرك به لسانه " .
ن أدنى ما يطلب من المصلّي ما حالة الجهر -فإ ّ أ ّ
ة
ص ًفيها أن يسمع نفسه ومن يليه ول حد ّ لعله خا ّ
إذا كان إماما ً إذ عليه أن يبالغ في رفع صوته بقدر
ما يسمع المأمومين لنّهم مطالبون بالستماع
والنصات له دون القراءة .وينظر مصطلح ( صلة
الجماعة ) .
ما المرأة فدون الّرجل في الجهر إذ عليها أن أ ّ
ة مثلما هو مقّرر في حّقها ص ً
تسمع نفسها خا ّ
بالنّسبة للتّلبية وبذلك يكون أعلى جهرها وأدناه
واحدًا فيستوي في حّقها الحالتان .
سماع خطبة الجمعة لمن تنعقد بهم :
ي
- 9ذهب الحنفيّة ،والمالكيّة ،والحنابلة ،والوزاع ّ
،إلى وجوب سماع الخطبة لمن تنعقد بهم .
شافعيّة ،وعروة بن الّزبير ،وسعيد بن ومذهب ال ّ
وري ،وهو إحدى ّ ي ،والث ّ
ي ،والنّخع ّ شعب ّ جبير ،وال ّ
ن ذلك سنّة . الّروايتين عن أحمد إلى أ ّ
انظر :مصطلحي ( استماع ،وصلة الجمعة ) .
سجدة : سجود لسماع :آي ال ّ ال ّ
- 10يترتّب سجود التّلوة على استماع آية من آياته
مة في حكمه .وينظر التّفصيل على خلف بين الئ ّ
في مصطلح ( سجود التّلوة ) .
سماع الدّعوى :
517
- 11سماع الدّعوى -في عرف الفقهاء -ل يكون إلّ
من يقوم مقامه .وهم يريدون بهذا من القاضي أو م ّ
سماع أمرين متتاليين : ال ّ
الوّل :النصات والصغاء إليها لستيعابها وإدراك
خفاياها عند رفعها إليه من المدّعي أو وكيله حيث
سماع هنا يجب أن يكون كاملً ن ال ّ صوا على أ ّ ن ّ
صحيح الّذي أمر به عمر بن صل ً للفهم ال ّ شامل ً مح ّ
الخطّاب أبا موسى الشعريّ في رسالة القضاء
المشهورة ،حين قال " :فافهم إذا أدلي إليك إذ ل
يتمكّن أيّ حاكم مهما كانت درجته من الحكم بالحقّ
إل ّ بنوعين من الفهم " .
النّوع الوّل :فهم الدّعوى الّتي عرضت عليه ،وقد
عبّر عنه ابن القيّم بفهم الواقع والفقه فيه .
الثّاني :فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم اللّه
الّذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى
الله عليه وسلم في ذلك الواقع المتقدّم ذكره .
ل ما من شأنه أن وقد حرص الفقهاء على توفير ك ّ
يساعد على سلمة هذه المرحلة مرحلة سماع
الدّعوى وفهمها فنبّهوا :
شروط سمع والنّطق من ال ّ ن سلمة ال ّ أوّل ً :إلى أ ّ
الّتي ينبغي أن تتوافر في القاضي لستمرار وليته ،
وهذا قول جمهور الفقهاء .
وثانيا ً :إلى أنّه مأمور -إذا لم يدرك كلم أحد
الخصمين -أن يطالبه بالعادة حتّى يفهم عنه ما
يقول فهما ً كافيا ً .
وأخيرا ً أكّدوا على تجنّب ما من شأنه أن يشغل
سامع عن المتابعة والنتباه وحضور القلب ال ّ
واستصفاء الفكر كالغضب والجوع المفرط
شديد واللم المزعج ومدافعة أحد والعطش ال ّ
518
الخبثين ،وشدّة النّعاس ،والحزن والفرح وما إليها
.
والصل في ذلك كلّه قوله عليه الصلة والسلم « :
ل يقضي القاضي أو ل يحكم الحاكم بين اثنين وهو
غضبان » وقول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه
في رسالته المذكورة " :إيّاك والغضب والقلق
ضجر والتّأذ ّي بالنّاس والتّنكّر لهم عند الخصومة " وال ّ
.
المر الثّاني :قبول الدّعوى من المدّعي يقال :
سمع القاضي دعوى فلن إذا قبلها ،ويقال لم
يسمعها إذا ردّها ،كما يقال :هذه دعوى مسموعة
أي :مستجمعة لشروط القبول ،وتلك دعوى غير
مسموعة أي :أنّها لم تستكمل ما يطلب لسماعها .
وقد عّرف الفقهاء الدّعوى بتعريفات متقاربة يدعم
بعضها البعض ويشرحه .
ن الدّعوى -مهما كان نوعها والّذي يتعيّن ذكره هنا أ ّ
-ل يتّجه سماعها ول يتحتّم إل ّ في حالتين :الولى :
ة لشروطها . ة مستجمع ً أن تكون صحيح ً
ة ببيّنة شرعيّة تشهد والثّانية :أن تكون مدعوم ً
بصدق دعوى المدّعي .
وانظر مصطلح ( دعوى ) .
فسماع الدّعوى في الحالة الولى يوجب للمدّعي
طلب الجواب من المدّعى عليه مع حمله على
اليمين إن أنكر ،وفي الحالة الثّانية يوجب سماعها
شرعيّة الّتي جة ال ّالحكم للمدّعي بمقتضى الح ّ
أقامها .
شهادة : سماع ال ّ
شاهد لقوله شهادة ل تجوز إل ّ بما علمه ال ّ - 12ال ّ
ع
م َ ن ال َّ
س ْ عل ْ ٌ
م إ ِ َّ س لَ َ
ك بِهِ ِ ما لَي ْ َ تعالى { :وَل َ تَْق ُ
ف َ
519
سؤُول ً } . م ْ ه َ ن ع َن ْ ُ ك كَا َ ل أُولئ ِ َفؤ َاد َ ك ُ ُّ
صَر َوال ْ َُ َوالْب َ
ْ َ َّ وقوله -ج ّ
م
ِّ َ ُْ ه و ق حَ ال ب
ِ ِ َ د شه من ل ذكره { : -إ ِ َ
ل
ة عن قول إخوة ن } وقوله سبحانه حكاي ً مو َيَعْل َ ُ
شهدنا إل َّ
ي
ّ بّ الن وقول } ا َ من
ْ ِ ل َ ع ما
َ ِ ب ما َ ِ ْ َ ِ يوسف { :وَ َ
شمس صلى الله عليه وسلم « :إذا علمت مثل ال ّ
شهادة فاشهد وإل ّ فدع » .والعلم الّذي تقع به ال ّ
يحصل بطريقتين :
أ -الّرؤية :
وتكون في الفعال كالغصب والتلف والّزنا وشرب
سرقة والكراه ونحوها ،كما تكون في الخمر وال ّ
جرصفات المرئيّة مثل العيوب في المبيع والمؤ ّ ال ّ
وأحد الّزوجين .
سماع :وهو نوعان : ب -ال ّ
صوت من المشهود عليه في أحدهما :سماع ال ّ
سامع مبصرا ً أم غير مبصر القوال سواء أكان ال ّ
سلممثل ما يقع به إبرام العقود كالبيع والجارة وال ّ
ما يحتاج فيه إلى سماع كلم والّرهن وغيرها م ّ
سامع وتيّقن أنّها مصدر ما المتعاقدين ،إذا عرفها ال ّ
سمع .
والتّفصيل في مصطلح ( شهادة ) .
سماع " التّسامع " : شهادة بال ّ ال ّ
سة شهادة الّتي يكون طريقها حا ّ - 13وهي :ال ّ
سمع بما فيه الكفاية . ال ّ
وينظر التّفصيل في مصطلح ( شهادة ) .
سماع الغناء والموسيقى :
- 14اختلف العلماء في حكم سماع الغناء
والموسيقى على مذاهب تنظر في ( استماع ،
غناء ،معازف )
حكم سماع صوت المرأة :
520
- 15سامع صوت المرأة إن كان يتلذ ّذ به أو خاف
ة حرم عليه استماعه وإل ّ فل .وينظر على نفسه فتن ً
التّفصيل في ( استماع ) .
حكم سماع القرآن :
- 16استماع القرآن عند تلوته مطلوب شرعا ً لقوله
صتُواْ َ
ه وَأن ِمعُوا ْ ل َ ُ
ست َ ِ تعالى { :وَإِذ َا قُرِئَ الُْقْرآ ُ
ن فَا ْ
َ
ن } ولستماع القرآن آداب وأحكام مو َ ح ُ لَعَل ّك ُ ْ
م تُْر َ
مبيّنة تفصيل ً في مصطلح ( استماع ،تلوة ،قرآن )
.
حكم سماع الحديث :
سنن والثار ن سماع الحديث النّبويّ وطلب ال ّ - 17إ ّ
وإتقان ذلك وضبطه وحفظه ووعيه هو من فروض
شريعة الّتي تعبّدنا اللّه بها متلّقاة من ن ال ّ الكفاية ل ّ
نبيّنا صلى الله عليه وسلم بصفته مبلّغا ً ما نّزله اللّه
عليه من وحي متلوّ معجز النّظام وهو القرآن
مروي ليس بمعجز ول متلوّ ولكنّه ّ الكريم ،ووحي
مقروء مسموع وهو ما ورد عنه في الحاديث
مة جمعه وتحصيله قد ألقيت على والخبار .ومه ّ
ة أعلمها وذوي القدرة من ص ً
مة وخا ّ كواهل ال ّ
سماع والتّقييد والحفظ م لهم ذلك إل ّ بال ّ أبنائها ،ول يت ّ
والتّدوين .
ضر اللّه ي صلى الله عليه وسلم « :ن ّ وقد قال النّب ّ
ً
بامرأ سمع منّا حديثا ً فحفظه حتّى يبلّغه غيره ،فر ّ
ب حامل فقه حامل فقه إلى من هو أفقه منه ور ّ
ليس بفقيه » .
وفي رواية ثانية للتّرمذيّ عن ابن مسعود قال :
سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول « :
َ ً
ضر اللّه امرأ سمع منّا شيئا ً فبل ّغه كما سمع فر ّ
ب ن ّ
مبلّغ أوعى من سامع » .
521
ث عليه الصلة والسلم على اعتماد هذا الطّريق وح ّ
أخذ ًا وعطاءً فقال :فيما رواه عنه ابن عبّاس « :
من سمع منكم » . تسمعون ويسمع منكم ويسمع م ّ
ن في الحديثين إشارةً إلى أنّه يراد للعلم ول يخفى أ ّ
الستماع والنصات والحفظ والعمل والنّشر .
ص العلماء على اعتبار التّمييز في سماع وقد ن ّ
الحديث فإن فهم الخطاب ورد ّ الجواب كان مميّزاً
سماع وإل ّ فل ،وهو رأي أغلب أهل العلم صحيح ال ّ
منهم موسى بن هارون وأحمد بن حنبل .
صنعة حدّدوا أوّل ن أهل ال ّ ونقل القاضي عياض أ ّ
سماع بخمس سنين ،وعلى هذا ح فيه ال ّزمن يص ّ
البخاري
ّ استقّر العمل .اعتمادا ً على ما رواه
ومسلم عن محمود بن الّربيع قال « :عقلت من
جها في وجهي ة م َّ ي صلى الله عليه وسلم م َّ
ج ً النّب ّ
من دلو من بئر كانت في دارنا وأنا ابن خمس سنين
» .ولعلّهم رأوا هذا التّحديد بناءً على أنّه أدنى ما
يحصل فيه ضبط ما يسمع وإل ّ فمرد ّ ذلك للعادة
وحدها إذ المر يختلف باختلف استعداد الشخاص
مل ، للخذ والتّلّقي كما يختلف باختلف طرق التّح ّ
وهي أنواع كثيرة ضبطها أهل الّرواية في ثمانية
شيخ وهو أقسام أوّلها :سماع الحديث من لفظ ال ّ
أرفع القسام عند جمهور أهل العلم وأدناها الوجادة
.
ب فيه أن يبتدئ الطّالب ن الّذي يستح ّ س ّ
ما ال ّ
أ ّ
ة وقيل عشرون، لسماع الحديث فقيل ثلثون سن ً
شروع في سماع الحديث أن يتخلّق وعليه قبل ال ّ
بأخلق أهله وأن يلتزم بزيّهم ويتأدّب بأدبهم وأن
سكينة والمواظبة في طلبه وإخلص يلزم الوقار وال ّ
صبر على ما النّيّة فيه والتّواضع لمن يأخذ عنه وال ّ
522
ما يساعد على يلقاه في سبيله ونحو هذا م ّ
مل والتّحميل . سر التّح ّ الستفادة والفادة ويي ّ
سماع اللّغو :
ما لنّه يورد - 18اللّغو من الكلم - :ما ل يعتد ّ به إ ّ
ارتجال ً عن غير رويّة ودون تثبّت وتفكير فيجري
مجرى اللّغا الّذي يطلق على صوت العصافير
ونحوها من الطّيور .
ما لنّه يورد في غير موضعه فيخرجه ذلك عن وإ ّ
صواب كمن قال لصاحبه :أنصت والمام يخطب . ال ّ
أو كمن دعا لهل الدّنيا في خطبة الجمعة .
ل كلم قبيح باطل ،كالخوض وقد يطلق اللّغو على ك ّ
شتم ،والّرفث ،وما ب ،وال ّ س ّ في المعاصي ،وال ّ
إليها .قال اللّه تعالى -في صفة المؤمنين : -
َّ
مُّروا كَِراما ً } .أي :كنّوا عن مُّروا بِالل ِ َ
ْو غ { َوإِذ َا َ
القبيح ،وتعّففوا عن التّصريح به ،وقيل معناه :إذا
صادفوا أهل اللّغو لم يخوضوا معهم في باطلهم أو
في سقط كلمهم .
وما دام اللّغو بهذا المعنى الّذي ل يجلب نفعا ً ،ول
ن سماعه يدفع إثما ً ،ول يتّصل بقصد صحيح ،فإ ّ
كالخوض فيه ل يخرج حكمه عن الحظر والكراهة ،
تبعا ً لشدّة اتّصاله بالمفاسد ،وانفكاكه عنها .
والمؤمنون مطالبون بالعراض عنه ،والحجام عن
سماعه ،والخوض فيه إطلقا ً لنّه ليس من أخلقهم
ل صوره -مع جدّهم وكمال ول يتناسب -في أق ّ
نفوسهم .
َّ ح ال ْ َ
م
ن هُ ْ
الذِي َ ن، منُو َ مؤْ ِ ُ قال اللّه تعالى { :قَد ْ أفْل َ َ
َّ َّ
ِ ْو غ الل ن
ِ َ ع م
ْ ُ ه ن
ن ،وَال َ
يِ ذ شعُو َ خا ِم َصَلتِهِ ْ
فِي َ
ن}. ضو َ معْرِ ُ ُ
523
َ
ن َل صفتهم َ { : -وال ّذِي َ ل ذكره -في وقال ج ّ
َ
مُّروا كَِراما ً } .وقال مُّروا بِالل ّغْوِ َ ن الُّزوَر َوإِذ ََا َ شهَدُو َ يَ ْ
مالُنَا َ َ
ه َوقَالُوا لَنَا أعْ َ ضوا عَن ْ ُ معُوا الل ّغْوَ أعَْر ُ س ِ َ { :وإِذ َا َ
ن}. يِ ل ه جا ْ ال ي ِ غ ت ب ن َ
ل م ُ ك يَ َل ع م ل َ س م ُ ك ُ مال ْ ع ولَك ُم أ َ
َ ِ َ َ ْ َ ْ ْ ٌ َ ْ َ َ ْ
=================
سورة * ُ
التّعريف :
صها م :المنزلة وخ ّ ض ّ سورة بال ّ ة :ال ّ سورة لغ ً - 1ال ّ
شرف . سعيد بالّرفعة ،وعّرفها بعضهم بال ّ ابن ال ّ
وقيل :الدّرجة ،قيل :ما طال من البناء وحسن
وقيل :هي العلمة .
واصطلحا ً :عّرفها بعض العلماء بأنّها :طائفة
متميّزة من آيات القرآن ذات مطلع وخاتمة .وقيل
م
ى تا ّ سورة تمام جملة من المسموع تحيط بمعن ً :ال ّ
سور بالمدينة . بمنزلة إحاطة ال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -القرآن :
ي صلى الله عليه - 2القرآن :هو المنّزل على النّب ّ
وسلم .المكتوب في المصاحف ،المنقول عنه نقلً
متواترا ً بل شبهة .
ب -اليات :
ة العلمة والعبرة . - 3اليات :جمع آية :وهي لغ ً
واصطلحا ً :هي جزء من سورة من القرآن تبيّن
أوّله وآخره توقيفا ً .
سورة ل بد ّ أن ن ال ّ سورة :أ ّ والفرق بينها وبين ال ّ
ل عن ثلث آيات ، ص بها ،ول تق ّ يكون لها اسم خا ّ
ي ،وقد ما الية :فقد يكون لها اسم كآية الكرس ّ وأ ّ
ل يكون ،وهو الكثر .
ر :التّفصيل في مصطلح ( آية ) .
524
ي: الحكم الجمال ّ
سور عند القراءة : تنكيس ال ّ
ب
ن القرآن الكريم يستح ّ - 4مذهب الجمهور أ ّ
ة كما هي في المصحف الكريم ، سوَ ِرهِ مرتّب ً قراءة ُ
صلة أن ينكّس صلة وخارج ال ّ وكرهوا للقارئ في ال ّ
َ
م يقرأ ح}ث ّ م نَ ْ
شَر ْ سور كأن يقرأ { أل َ ْ ال ّ
حى } ،فقد سئل عبد اللّه بن مسعود - { َوال ُّ
ض َ
من يقرأ القرآن منكوسا ً .قال : رضي الله عنه -ع ّ
ذلك منكوس القلب .ولكن أجاز بعض الفقهاء هذا
صبيان
التّنكيس إذا كان على وجه التّعليم ،كتعليم ال ّ
لحفظ القرآن .أو على وجه الذ ّكر ،ولكن يرى
ن ذلك خلف الولى ( .ر :قرآن المالكيّة أ ّ
ومصحف ) .
صلة : حكم قراءة سورة الفاتحة في ال ّ
شافعيّة - 5ذهب الجمهور من المالكيّة ،وال ّ
ل ركعة ، ن قراءة الفاتحة ركن في ك ّ والحنابلة إلى أ ّ
م يقرألقوله عليه الصلة والسلم « :ل صلة لمن ل َ ْ
بفاتحة الكتاب » .
شافعيّة قالوا :هي ركن مطلقا ً ،والّراجح ن ال ّ إل ّ أ ّ
عند المالكيّة :أنّها فرض لغير المأموم في صلة
جهريّة وفي المذهب عدّة أقوال .
صلة ن قراءة الفاتحة في ال ّ وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
صلة عندهم ليست بركن ،ولكن الفرض في ال ّ
سر من القرآن .لقوله تعالى : قراءة ما تي ّ
ن}. ن الُْقْرآ ِم َ سَر ِ ما تَي َ َّ
{ فَاقَْرؤُوا َ
ن اللّه تعالى أمر بقراءة ووجه الستدلل بهذه الية أ ّ
سر من القرآن مطلقا ً ،وتقييده بفاتحة الكتاب ما تي ّ
ص ،وهذا ل يجوز ،لنّه نسخ زيادة على مطلق الن ّ ّ
525
فيكون أدنى ما يطلق عليه القرآن فرضا ً لكونه
مأمورا ً به .
صلة : سورة بعد الفاتحة عمدا ً في ال ّ ترك ال ّ
سورة - 6ل خلف بين جمهور الفقهاء في سنّيّة ال ّ
الّتي بعد الفاتحة ،ولكن الخلف وقع فيمن تركها
مدا ً .ر :التّفصيل في مصطلح ( سهو ، ناسيا ً أو متع ّ
صلة ) .
صلة : سورة في الّركعتين الخريين من ال ّ قراءة ال ّ
- 7ذهب الجمهور من المالكيّة والحنابلة وهو الظهر
ن قراءة سورة بعد شافعيّة :إلى أنّه ل يس ّ عند ال ّ
مة صلة ن عا ّالفاتحة في الّركعتين الخريين ،ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم أنّه ل يقرأ فيها شيئا ً ، النّب ّ
ن المصلّي في الّركعة الثّالثة ل وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
يجب عليه شيء إن شاء سكت وإن شاء قرأ وإن
شاء سبّح ،وإن قرأ يقرأ الفاتحة على وجه الثّناء
والذ ّكر .
( ر :التّفصيل في مصطلح صلة ) .
سورة بعد الفاتحة في الّركعتين الوليين : تكرار ال ّ
شافعيّة والحنابلة - 8ذهب الجمهور من الحنفيّة وال ّ
سورة من إلى أنّه ل بأس للمصلّي أن يكّرر ال ّ
القرآن الّتي قرأها في الّركعة الولى فعن رجل من
جهينة « سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
صبح { إِذ َا ُزلْزِلَت } في الّركعتين كلتيهما يقرأ في ال ّ
فل أدري أنسي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أم
قرأ ذلك عمدا ً » .
وحديث « الّرجل الّذي كان يصلّي بالنّاس فكان يقرأ
ل هُو الل َّ َ
حد ٌ } فقال :إنّي هأ َ ُ ل سورة { قُ ْ َ قبل ك ّ
أحبّها .فقال له الّرسول صلى الله عليه وسلم :
حبّك إيّاها أدخلك الجنّة » .
526
سورة ،وقال وذهب المالكيّة إلى كراهية تكرار ال ّ
بعضهم :هو خلف الولى .فقد قال ابن عمر -
ل سورة حظّها من الّركوع رضي الله عنهما " -لك ّ
سجود وال ّ
سورتين من القرآن في ركعة واحدة : جمع ال ّ
- 9ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الجمع بين
سورتين في الّركعة الواحدة واستدلّوا على ذلك ال ّ
ي
ن النّب ّبما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه قال « :إ ّ
صلى الله عليه وسلم -قرأ في ركعة سورة البقرة
والنّساء وآل عمران » وقال ابن مسعود - :رضي
الله عنه « -لقد عرفت النّظائر الّتي كان رسول
ن -فذكر اللّه صلى الله عليه وسلم يقرن بينه ّ
صل سورتين من آل حاميم عشرين سورة ً من المف ّ
ل ركعة » . في ك ّ
وفّرق الحنابلة بين النّافلة والفريضة في الجمع بين
سور في الّركعة الواحدة فقالوا :ل بأس أن يكون ال ّ
سابقة حيث إنّها في النّوافل لما ثبت في الّروايات ال ّ
كانت في النّافلة ،كقيام اللّيل وغيره ،واستحبّوا
في الفريضة أن يقتصر على سورة بعد الفاتحة .
ي صلى الله عليه وسلم -هكذا كان يصلّي ن النّب ّ ل ّ
ما الّرواية أكثر صلته ،وهي رواية عندهم ،وأ ّ
ن
الخرى فهي كمذهب المالكيّة وهي الكراهية « ل ّ
ي صلى الله عليه وسلم أمر معاذا ً أن يقرأ النّب ّ
بسورة في صلته » .ولقول عبد اللّه بن عمر -
رضي الله عنهما -عندما قال له رجل :إنّي قرأت
ن اللّه تعالى لو شاء صل في ركعة قال :إ ّ المف ّ
ل سورة صله ،لتعطى ك ّ ة واحدة ً ولكن ف ّ لنزله جمل ً
سجود . حظّها من الّركوع وال ّ
سورة في صلة الجنازة : قراءة ال ّ
527
- 10ذهب الحنفيّة والمالكيّة :إلى أنّه ليس في
صلة الجنازة قراءة ،وما ثبت عنه في قراءتها إنّما
كان يقرأ في سبيل الثّناء ل على وجه القراءة .
ين النّب ّولقول ابن مسعود رضي الله عنه « :إ ّ
صلى الله عليه وسلم لم يوقّت فيها قول ً ،ول قراء ً
ة
ن ما ل ركوع فيه ،ل قراءة فيه ،كسجود » ول ّ
التّلوة .
شافعيّة والحنابلة إلى وجوب قراءة سورة وذهب ال ّ
الفاتحة في صلة الجنازة فقد ثبت عن ابن عبّاس
رضي الله عنهما « -أنّه صلّى على جنازة فقرأ
سنّة أو من تمام بفاتحة الكتاب فقال :إنّه من ال ّ
م شريك قالت « :أمرنا رسول اللّه سنّة » فعن أ ّ ال ّ
صلى الله عليه وسلم -أن نقرأ على الجنازة بفاتحة
الكتاب » .وأيضا ً هو داخل في عموم قوله -صلى
مالله عليه وسلم « : -ل صلة لمن لم يقرأ بأ ّ
القرآن » .
ولنّها صلة يجب فيها القيام فوجبت فيها القراءة
صلوات . كسائر ال ّ
سورة الّتي بعد الفاتحة فقد ما بالنّسبة لقراءة ال ّ أ ّ
ن صلة ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم قراءتها ،ل ّ
الجنازة شرع فيها التّخفيف ولهذا ل يقرأ فيها بعد
الفاتحة شيء .
والتّفصيل في مصطلح ( جنائز ) .
=================
شروع *
التّعريف :
شروع مصدر شرع .يقال :شرعت في المر - 1ال ّ
أشرع شروعا ً ،أخذت فيه ،وشرعت في الماء
شروعا ً شربت بكّفيك أو دخلت فيه ،وشرعت
528
شريعة ، المال -أي البل -أشرعه :أوردته ال ّ
وشرع الباب إلى الطّابق شروعا ً :اتّصل به ،
ة ،وأشرعت م ً
وطريق شارع يسلكه النّاس عا ّ
الجناح إلى الطّريق :وضعته .
ومنه :شرع اللّه الدّين ،أي سنّه وبيّنه ،ومنه
شريعة وهي ما شرعه اللّه لعباده من العقائد ال ّ
والحكام .
ي عن معناه اللّغويّ . ول يخرج المعنى الصطلح ّ
شروع : الحكام المتعلّقة بال ّ
شروع في العبادات : ال ّ
شروع في العبادات ن ال ّ - 2اتّفق الفقهاء على أ ّ
ة أو حكما ً بحسب يتحّقق بالفعل مقرونا ً بالنّيّة حقيق ً
شروع في ل عبادة ،فعلى سبيل المثال يكون ال ّ ك ّ
صومة بالنّيّة ،وال ّصلة بتكبيرة الحرام مقرون ً ال ّ
شروع فيه بالنّيّة والمساك . يكون ال ّ
ج،
( انظر مصطلح :عبادة ،نيّة ،صلة ،صوم ،ح ّ
جهاد ،ذكر ) .
شروع في المعاملت : ال ّ
شروع في المعاملت :بالقول ،أو ما - 3يتحّقق ال ّ
يقوم مقامه وينوب عنه من :المعاطاة عند من
يقول بها ،أو الكتابة ،أو الشارة .
ول تعد ّ النّيّة هنا شروعا ً في البيع ،أو النّكاح ،أو
الجارة ،أو الهبة ،أو الوقف ،أو الوصيّة ،أو
العاريّة ،أو غيرها من أصناف المعاملت ،لنّنا ل
نعلم القصد المنويّ .فهذه المعاملت مبنيّة على
اليجاب والقبول ،فإيجاب الموجب بقوله " :بعتك
كذا وكذا " شروع في البيع ،فإذا قبل البائع هذا
م البيع .
اليجاب ت ّ
شروع في الجنايات : ال ّ
529
شروع في الجنايات والحدود :بالفعل - 4يتحّقق ال ّ
ل بالقول ،ول بالنّيّة .
شروع : ما يجب إتمامه بال ّ
4م -ما أوجبه اللّه -سبحانه وتعالى -على المكلّف
،إذا شرع فيه وجب عليه إتمامه باتّفاق ،ول يجوز له
قطعه أو النصراف عنه إل ّ بعد إتمامه .
ضرورة الّتي تمنع من ويستثنى من ذلك حالة ال ّ
إتمامه ،كأن ينتقض وضوء المصلّي ،أو يغمى
صلة ،أو غير ذلك عليه ،أو تحيض المرأة أثناء ال ّ
ما يعوق المكلّف عن التمام . م ّ
انظر مصطلح ( استئناف ،حيض ،صلة ) .
ل مفروض من :صيام أو زكاة ،أو صلة ك ّ ومثل ال ّ
ج ،إذا شرع فيه وجب إتمامه ،ويأثم بتركه ،وقد ح ّ
يجلب عليه العقاب في الدّنيا ،كالكّفارة لمن أفطر
مدا ً في رمضان بدون عذر ،ولزوم الهدي لمن متع ّ
جه أو عمرته ،وإعادتهما في العام القابل أفسد ح ّ
مته .أمر لزم متعلّق بذ ّ
شارع في فرض الكفاية ،إذا ما ال ّ ي:أ ّ قال الّزركش ّ
أراد قطعه فإن كان يلزم من قطعه بطلن ما مضى
من الفعل حرم كصلة الجنازة ،وإل ّ فإن لم تفت
شارع ،بل حصلت بقطعه المصلحة المقصودة لل ّ
م حضر آخر بتمامها ،كما إذا شرع في إنقاذ غريق ث ّ
لنقاذه جاز قطعا ً .
ن من التقط ليس له نقله نعم ذكروا في اللّقيط أ ّ
إلى غيره ،وإن حصل المقصود ،لكن ل على التّمام
ن له القطع أيضا ً ،كالمصلّي في جماعة حأ ّ ،والص ّ
شارع في ينفرد ،وإن قلنا الجماعة فرض كفاية ،وال ّ
ن قطعه له ل يجب به بطلن ما عرفه أوّل ً ، العلم فإ ّ
530
ن بعضه ل يرتبط ببعض ،وفرض الكفاية قائم ل ّ
صور ثلثة : بغيره ،فال ّ
قطع يبطل الماضي فيبطل قطعا ً ،وقطع ل يبطله
شاهد فيجوز قطعا ً ،وقطع ل يبطل أصل ول يفوّت ال ّ
المقصود ،ولكن يبطل أمرا ً مقصودا ً على الجملة ،
ففيه خلف .
ي من الحنابلة :يتعيّن فرض الكفاية قال الفتوح ّ
شروع فيه ،ويجب إتمامه على الظهر ويؤخذ بال ّ
شروع من مسألة حفظ القرآن ،فإنّه لزومه بال ّ
صحيح شروع فيه على ال ّ يحرم ترك الحفظ بعد ال ّ
من المذهب ،وفي وجه يكره .
جاً
سنن فإن كان ح ّ شارع من ال ّ ما ما ندب إليه ال ّ -5أ ّ
أو عمرة ً وشرع فيهما وجب عليه التمام باتّفاق ،
مَرةَ لِلّهِ } .وإن ج وَالْعُ ْ موا ْ ال ْ َ
ح َّ لقوله تعالى { :وَأَت ِ ُّ
ل خلف : شروع فيه مح ّ كان غيرهما فإتمامه بعد ال ّ
ن من شرع في نفل لزمه فذهب الحنفيّة إلى أ ّ
َ
م } فما مالَك ُ ْ
إتمامه لقوله تعالى { :وَل تُبْطِلُوا أعْ َ
ن العمل أدّاه وجب صيانته وحفظه عن البطال ،ل ّ
صار حّقا ً للّه ،ول سبيل إلى حفظه إل ّ بالتزام
الباقي ،فوجب التمام ضرورة ً .
فإن خرج منه بدون عذر ،لزمه القضاء ،وعليه
الثم ،والعقاب على تركه ،وإن خرج منه لعذر
لزمه القضاء .فأصبحت النّافلة عندهم واجبا ً بعد
شروع . ال ّ
ن من خرج من النّفل بعذر ، وذهب المالكيّة إلى أ ّ
فل قضاء عليه ،ومن خرج من غير عذر ،فعليه
القضاء .
شافعيّة إلى أنّه إذا شرع في النّفل لم وذهب ال ّ
ي فيه ،ول يجب عليه القضاء إذا لم يلزمه المض ّ
531
شروع ، ما شرع غير لزم قبل ال ّ ن النّفل ل ّ
مه ،ل ّ يت ّ
ن حقيقة شروع ،ل ّ وجب أن يبقى كذلك بعد ال ّ
مه صار مؤدّيا ً للنّفل ، شروع ولو أت ّ شرع ل تتغيّر بال ّ ال ّ
ما لو شرع في صوم نفل ل مسقطا ً للوجوب .أ ّ
صحيح . فنذر إتمامه ،لزمه على ال ّ
بن من شرع في النّفل يستح ّ وذهب الحنابلة إلى أ ّ
له البقاء فيه ،وإن خرج منه ل إثم عليه ،ول يجب
عليه القضاء .
ما قراءة القرآن الكريم :إذا شرع المكلّف فيها -6أ ّ
،فيكره قطعها لمكالمة النّاس ،فل ينبغي أن يؤثر
كلمه على قراءة القرآن .
وقد ورد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما » :
أنّه كان إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتّى يفرغ منه«.
ما الحائض والنّفساء فإنّهما إذا شرعتا في قراءة وأ ّ
ة إحداهما أنّها حائض ، القرآن الكريم ،ناسي ً
والخرى أنّها نفساء ،فل يجب عليهما الستمرار في
القراءة ،بل يجب عليهما القطع .
ما المستحاضة ،ومن به عذر ،كسلس البول أ ّ
صلة ،فيجوز له أن ضأ أحدهما لل ّ وغيره ،فإنّه إذا تو ّ
ضئا ً ،فليقرأ القرآن ،فإذا شرع في قراءة متو ّ
سورة أو الحزب يقطع ندبا ً ،ول يجب عليه إتمام ال ّ
من القرآن الكريم .
ما إذا شرع المكلّف الّذي ل يمنعه مانع من قراءة أ ّ
م ترك القراءة لضرورة طرأت القرآن الكريم ،ث ّ
عليه -كخروج ريح ،أو حصر بول -فله عدم إتمام
ما قرأ وينتهي إلى حيث يقف ،وإذا تركه ل لضرورة
،فل عليه إل ّ أن يتخيّر الوقف ،بانتهاء ما يتعلّق بما
صة موسى ،أو هود أو يقرأ ،فلو كان يقرأ في ق ّ
532
مها ندبا ً حتّى ل يكون كلمه مبتوراً أهل الكهف ،فليت ّ
،وحتّى تكتمل في رأسه الموعظة .
ما إذا شرع في غير قراءة القرآن الكريم -كورد أ ّ
ي أو
مى بالذ ّكر الجماع ّ من الوراد ،أو ما يس ّ
الفرديّ -فل يطالب بإتمامه ،لنّه غير ملزم به .
ما المباح :إذا شرع فيه المكلّف فإتمامه - 7وأ ّ
ن اللّه -سبحانه وتعالى -خيّر وعدمه سواء ،ل ّ
المكلّف بين فعله وتركه .
شروع في العقود : ال ّ
أوّل ً :عقد البيع :
- 8البيع إيجاب وقبول ،فإن حصل اليجاب كان
شروعا ً في البيع ،فإن وافقه القبول كان إتماماً
للبيع .فإن رجع الموجب في إيجابه ،قبل صدور
شروع في البيع فإن القبول ،يكون رجوعا ً عن ال ّ
م البيع .
صدر القبول قبل عود الموجب ت ّ
انظر مصطلح ( إيجاب ،وبيع ) .
ثانيا ً :الهبة :
شروع في الهبة بلفظ :وهبت ، - 9يكون ال ّ
م إل ّ بالقبض عند جمهور وأعطيت ،ونحلت ،ول تت ّ
شروع . الفقهاء ول تلزم بال ّ
وانظر مصطلح ( هبة ) .
ثالثا ً :الوقف :
شروع في الوقف يكون بلفظ :وقفت ، - 10ال ّ
وحبست ،فمن أتى بكلمة منهما ،كان شارعا ً في
الوقف ،ولزمه لعدم احتمال غيرهما عند جمهور
الفقهاء .
ن الوقف ل يلزم بمجّرده ، وذهب أبو حنيفة :إلى أ ّ
وللواقف الّرجوع فيه ،إل ّ أن يوصي به بعد موته
فيلزم ،أو يحكم بلزومه حاكم .
533
وخالفه صاحباه ،فقال بلزومه ،وأنّه ينقل الملك ،
ول يقف لزومه على القبض .
وقال أبو حنيفة ،وهو رواية عن أحمد :إنّه ل يلزم
إل ّ بالقبض ،وإخراج الوقف له عن يده .انظر
مصطلح ( وقف ) .
رابعا ً :الوصيّة :
شروع في الوصيّة يقع بالقول أو الكتابة ، - 11ال ّ
م ويلزم كأن يوصي لشخص معيّن أو غير معيّن وتت ّ
بقبول الموصى له المعيّن بعد وفاة الموصي .
انظر مصطلح ( وصيّة ) .
خامسا ً :العاريّة :
شروع فيها كسائر العقود المنضبطة - 12يكون ال ّ
باليجاب والقبول ،فيكون اليجاب بقوله :أعرتك
كذا شروعا ً في العارة ،ويكون القبول فيها إتماماً
ل من المعير م العقد ،ولك ّلعقد العاريّة ،فبه يت ّ
والمستعير الّرجوع قبل صدور القبول ،وقبل القبض
أيضا ً برفض أخذها ،وله الّرجوع بعد ذلك لنّها عقد
جائز من الطّرفين عند الجمهور .
( ر :إعارة ) .
شروع بدون إذن فيما يحتاج إلى إذن : ال ّ
شروع في العبادات المفروضة ل يحتاج إلى - 13ال ّ
ن فرضيّتها على المكلّفين ل يقتضي إذناً إذن ،إذ إ ّ
من أحد .
ما العبادات غير المفروضة ،والمعاملت ،فقد أ ّ
ق على شارع الذن فيها لحقّ من له الح ّ أوجب ال ّ
ي المكلّف ،كحقّ الّزوج على زوجته ،وح ّ
ق الول ّ
سفيه . صغير وال ّ على ال ّ
فأعطى للّزوج أن تستأذنه زوجته في فعل بعض
النّوافل من العبادات فإذا لم يأذن لها ،ولم تطعه،
534
جكان له منعها ،فإذا شرعت المرأة في الح ّ
تطوّعا ً ،بدون إذن زوجها ،فللّزوج أن يحلّلها ،
وعليها القضاء .
وكذا إذا شرعت في صيام نفل بدون إذنه ،له أن
ل للمرأة أن صحيحين » :ل يح ّ يفطّرها ،لخبر ال ّ
تصوم وزوجها شاهد إل ّ بإذنه « .
=================
شحم * َ
التّعريف اللّغويّ :
سمن ، شحم في الحيوان :هو جوهر ال ّ - 1ال ّ
مي سنام البعير شحما ً وبياض البطن والعرب تس ّ
شحما ً .والجمع شحوم ،ول يخرج المعنى
غوي .
ّ ي عن المعنى الل ّ الصطلح ّ
شحم عند أكثر الفقهاء :هو الّذي يكون في وال ّ
الجوف من شحم الكلى أو غيره .
ما فيل ما يذوب بالنّار م ّ شحم ك ّ ويقول البعض :ال ّ
الحيوان .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -الدّهن :
- 2الدّهن :ما يدهن به من زيت وغيره ،وجمعه
دهان .
شحم لنّه يكون من الحيوان م من ال ّ والدّهن أع ّ
شحم ل يكون إل ّ من الحيوان . والنّبات ،وال ّ
ب -الدّسم :
سنام - 3الدّسم :هو الودك ،ويتناول اللية وال ّ
وشحم البطن والظّهر والجنب كما يتناول الدّهن
شحم . م من ال ّ المأكول .فهو أع ّ
شحم : الحكام المتعلّقة بال ّ
535
- 4شحم الحيوان المذكّى حلل من أيّ مكان أخذ .
ما الحيوانات غير المأكولة كالخنزير فشحمها وأ ّ
حرام كغيره .وكذلك يحرم أكل شحوم الميتة فل
تؤثّر التّذكية فيه .
ما النتفاع بشحم الميتة في غير الكل فقد ذهب أ ّ
جمهور الفقهاء إلى عدم جوازه في شيء أصلً
ن اللّه ورسوله حّرم بيع لحديث جابر بن عبد اللّه « إ ّ
الخمر والميتة والخنزير والصنام ،قيل :يا رسول
سفن اللّه أرأيت شحوم الميتة فإنّه يطلى بها ال ّ
ويدهن بها الجلود ويستصبح بها النّاس ؟ قال :ل هو
حرام » .
شافعيّة :جواز النتفاع بشحم الميتة في ويرى ال ّ
ما ليس سفن والستصباح بها وغير ذلك م ّ طلي ال ّ
ي.بأكل ول في بدن الدم ّ
مد بن جرير وبهذا قال أيضا ً عطاء بن أبي رباح ومح ّ
ضمير في « هو حرام » يرجع ن ال ّالطّبريّ ورأوا أ ّ
إلى البيع ل إلى مطلق النتفاع .وللتّفصيل ( ر :
استصباح وميتة ) .
شحوم ذبائح أهل الكتاب :
- 5اختلف الفقهاء في شحوم ذبائح أهل الكتاب
َّ
ن
َ يِ ذ المحّرمة عليهم في قوله تعالى { :وَعَلَى ال
ل ذِي ظ ُ ُ حَرمنَا ك ُ َّ
فرٍ } ...الية . هَادُوا ْ َ ّ ْ
شافعيّة والحنابلة في المذهب فذهب الحنفيّة وال ّ
شحوم ويقولون : ل هذه ال ّومالك في قول :إلى ح ّ
ة.إنّها حلل ليست مكروه ً
َ
واستدلّوا بقوله تعالى { :وطَعام ال ّذي ُ
ن أوتُوا ْ الْكِتَا َ
ب ِ َ َ َ ُ
ل اللّه تعالى طعام أهل الكتاب م } ،فقد أح ّ ل لَّك ُْ
ح ٌّ ِ
وهو ذبائحهم لم يستثن منها شيئا ً ل شحما ً ول غيره
536
شحوم من ذبائحهم ل على جواز أكل جميع ال ّ فد ّ
وذبائح المسلمين .
ن جرابا ً من شحم وبحديث عبد اللّه بن مغّفل « أ ّ
فل يوم خيبر دلّي من الحصن فأخذه عبد اللّه بن مغ ّ
وقال :واللّه ل أعطي أحدا ً منه شيئا ً .فضحك
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأقّره على ذلك »
.
ة أهدت لرسول ن يهودي ّ ً كما استدلّوا بما ثبت « أ ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم شاةً فأكل منها ولم يحّرم
شحم بطنها ول غيره » .
ي
وذهب ابن القاسم وأشهب وأبو الحسن التّميم ّ
مروي عن مالك وحكاه ّ والقاضي من الحنابلة -وهو
وسوار -إلى تحريم ّ حاك ومجاهد ض ّ
ي عن ال ّالتّميم ّ
ن اللّه سبحانه وتعالى شحوم ذبائح أهل الكتاب ،ل ّ
شحوم أباح لنا طعام الّذين أوتوا الكتاب ،وال ّ
المحّرمة عليهم ليست من طعامهم فل تكون لنا
ة.مباح ً
مد عن مالك كراهة شحوم وحكى القاضي أبو مح ّ
اليهود المحّرمة عليهم وهي عنده مرتبة بين الحظر
والباحة .
================
عائر * ش ََ
التّعريف :
شعائر :جمع شعيرة :وهي العلمة :مأخوذ - 1ال ّ
من الشعار الّذي هو العلم ،ومنه شعار الحرب
ة ينصبونها ليعرف الّرجل وهو ما يسم العساكر علم ً
رفقته .
537
وإذا أضيفت شعائر إلى اللّه تعالى فهي :أعلم دينه
ل شيء كان علما ً من أعلم الّتي شرعها اللّه فك ّ
طاعته فهو من شعائر اللّه .
ي في شعائر اللّه ل يخرج عن شرع ّ والصطلح ال ّ
غوي .ّ المعنى الل ّ
ل ما كان من أعلم دين اللّه وطاعته تعالى فهو فك ّ
ج
صوم والّزكاة والح ّ صلة ،وال ّ من شعائر اللّه ،فال ّ
ومناسكه ومواقيته ،وإقامة الجماعة والجمعة في
مجاميع المسلمين في البلدان والقرى من شعائر
اللّه ،ومن أعلم طاعته .والذان وإقامة المساجد
والدّفاع عن بيضة المسلمين بالجهاد في سبيل اللّه
مْروَةَصَفا وَال ْ َن ال َّ من شعائر اللّه .قال تعالى { :إ ِ َّ
صلة ، شعَآئِرِ اللّهِ } .والية بعد المر بال ّ من َ ِ
سورة وبعد ذكر والّزكاة في أكثر من آية من ال ّ
صبر والقتل في سبيل اللّه -وهو الجهاد لقامة ال ّ
صفا والمروة من سعي بين ال ّ ن ال ّ دين اللّه -تفيد أ ّ
جملة شعائر اللّه ،أي أعلم دينه .
من جعَلْنَاهَا لَكُم ِّ ن َ وكذلك قوله تعالى َ { :والْبُد ْ َ
َ
شعَائِرِ الل ّهِ } . َ
شعَائَِرم َ من يُعَظ ِّ ْ وكذلك المراد في قوله تعالى { :وَ َ َّ
ب } ،أي معالم دين اللّه ، ِ و ُ قل
ُ ْ ال ى َ قو
ْ َ ت من
ِ ا هَ
ِ َ ّ ن إ َ ف ِ ه الل
وطاعته .وتعظيمها :أداؤها على الوجه المطلوب
شرعا ً .
وقيل :المراد منها العبادات المتعلّقة بأعمال النّسك
،ومواضعها ،وزمنها .
ة .وتعظيمها : ص ً
وقيل :المراد منها الهدي خا ّ
استسمانها .قاله ابن عبّاس .والشعار عليها :جعل
علمة على سنامها ،بأن يعلّم بالمدية ليعرف أنّها
538
هدي فيكون ذلك علما ً على إحرام صاحبها وعلى أنّه
قد جعلها هديا ً لبيت اللّه الحرام فل يتعّرض لها .
شعَآئَِر اللّهِحلُّوا ْ َ منُوا ْ ل َ ت ُ ِآ
َ َ ن يِ ذ
َّ
قال تعالى { :يَا أَيُّهَا ال
م}. حَرا َشهَْر ال ْ َول َ ال َّ
َ
ي: الحكم التّكليف ّ
- 2يجب على المسلمين إقامة شعائر السلم
شعيرة أم غير الظّاهرة ،وإظهارها ،فرضا ً كانت ال ّ
فرض .
وعلى هذا إن اتّفق أهل محلّة أو بلد أو قرية من
المسلمين على ترك شعيرة من شعائر السلم
ة
شعيرة أو سن ّ ً الظّاهرة قوتلوا ،فرضا ً كانت ال ّ
صلة المفروضة والذان لها مؤكّدةً ،كالجماعة في ال ّ
.وصلة العيدين وغير ذلك من شعائر السلم
الظّاهرة .
ل على التّهاون في طاعة ن ترك شعائر اللّه يد ّ ل ّ
اللّه ،واتّباع أوامره .
ج كالحرام هذا ومن شعائر السلم مناسك الح ّ
ى
سعي والوقوف بعرفة والمزدلفة ومن ً والطّواف وال ّ
ج الظّاهرة ، وذبح الهدي وغير ذلك من أعمال الح ّ
ج :الذان ،والقامة ، شعائر في غير الح ّ ومن ال ّ
وصلة الجماعة ،والجمعة والعيدين ،والجهاد وغير
ذلك .
ل منها في مصطلحه من الموسوعة وتنظر أحكام ك ّ
.
=================
عير * ش ِ َ
التّعريف :
539
شعير جنس من الحبوب معروف واحدته - 1ال ّ
ي دون البّر في الغذاء ي حب ّ ّ شعيرة ،وهو نبات عشب ّ
.
شعير : الحكام الّتي تتعلّق بال ّ
شعير في مواضع مختلفة منها : وردت أحكام ال ّ
الّزكاة :
شعير من الحبوب الّتي تجب فيها الّزكاة إذا - 2فال ّ
بلغت النّصاب بإجماع الفقهاء لقوله تعالى { :يَا أَيُّهَا
م َّ
ما َ َ ْ الَّذين آمنوا ْ أ َ
م وَ ِ
سبْت ُْ
َ ك ما
َ ت ِ اَ ب ّ ِ ي ط منِ قواُ ف
ِ ن ِ َ َ ُ
ض } .الية . رمن ال َ م ُ ك َ ل ا جن ر خ
ْ أَ
ْ ِ ّ َ ِ َ ْ َ
صدقة ولقوله صلى الله عليه وسلم » :ل تأخذوا ال ّ
شعير والحنطة والّزبيب إل ّ من هذه الربعة :ال ّ
والتّمر « .
ولقوله صلى الله عليه وسلم » :فيما سقت
سماء والعيون أو كان عثريّا ً العشر وما سقي ال ّ
بالنّضح نصف العشر « .
شعير إلى غيره م ال ّ شافعيّة إلى أنّه ل يض ّ وذهب ال ّ
سلت لنّها أجناس ثلثة مختلفة .وذهب كالقمح وال ّ
سلت ،فهما م إلى ال ّ شعير يض ّ ن ال ّ الحنابلة إلى أ ّ
م إلى القمح . عندهم صنفان من جنس واحد ول يض ّ
سلت والقمح شعير وال ّ ن ال ّ وذهب المالكيّة إلى أ ّ
م بعضه إلى بعض أصناف من جنس واحد يض ّ
لتكميل النّصاب .
ول ترد هذه المسألة عند أبي حنيفة لنّه ل يشترط
النّصاب في الخارج من الرض لوجوب الّزكاة ،بل
تجب الّزكاة عنده في القليل والكثير .
راجع التّفاصيل في مصطلح ( :زكاة ف . ) 102
زكاة الفطر :
540
شعير من الحبوب الّتي ن ال ّ - 3أجمع الفقهاء على أ ّ
ن المجزئ منه هو يجوز أن تؤدّى منها زكاة الفطر وأ ّ
صاع لقول ابن عمر رضي الله عنهما » :فرض
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً
من تمر أو صاعا ً من شعير على العبد والحّر والذ ّكر
صغير والكبير من المسلمين ،وأمر بها والنثى وال ّ
صلة « . أن تؤدّى قبل خروج النّاس إلى ال ّ
وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال » :كنّا
ي صلى الله نعطيها -أي زكاة الفطر -في زمان النّب ّ
عليه وسلم صاعا ً من طعام ،أو صاعا ً من تمر أو
صاعا ً من شعير ،أو صاعا ً من زبيب « .الحديث .
راجع التّفصيل في مصطلح ( :زكاة الفطر ) .
في البيع :
- 4ل يدخل في مطلق بيع الرض ما هو مزروع فيها
ل ما يؤخذ شعير والحنطة وسائر الّزروع وك ّ من ال ّ
ة واحدة ً ،لنّه ليس للدّوام فأشبه بقلع أو قطع دفع ً
منقولت الدّار .
التّفاصيل في مصطلح ( :بيع ) .
في الّربا :
شعير من الموال ن ال ّ - 5أجمع الفقهاء على أ ّ
الّربويّة الّتي يحرم بيعها بمثلها إل ّ بشرط الحلول
والمماثلة والتّقابض قبل التّفّرق .
وإذا بيعت بجنس آخر كالتّمر مثل ً جاز التّفاضل ،
واشترط الحلول والتّقابض قبل التّفّرق لقوله صلى
الله عليه وسلم » :الذ ّهب بالذ ّهب مثل ً بمثل ،
ضة مثل ً بمثل ،والتّمر بالتّمر مثلً ضة بالف ّ والف ّ
بمثل ،والبّر بالبّر مثل ً بمثل والملح بالملح مثل ً بمثل
شعير مثل ً بمثل ،فمن زاد أو ازداد شعير بال ّ ،وال ّ
ضة كيف شئتم يدا ً بيد ، فقد أربى ،بيعوا الذ ّهب بالف ّ
541
شعير وبيعوا البّر بالتّمر كيف شئتم يدا ً بيد ،وبيعوا ال ّ
بالتّمر كيف شئتم يدا ً بيد « .
وقوله صلى الله عليه وسلم » :الذ ّهب بالذ ّهب
شعير،شعير بال ّضة ،والبّر بالبّر ،وال ّ ضة بالف ّ والف ّ
والتّمر بالتّمر ،والملح بالملح مثل ً بمثل سواءً بسواء
يدا ً بيد ،فإذا اختلفت هذه الجناس فبيعوا كيف
شئتم إذا كان يدا ً بيد « .
================
وبَر *صوف و َ عر و ُ ش َْ
التّعريف :
ما ليس بصوف ول ة :نبتة الجسم م ّ شعر لغ ً - 1ال ّ
شعر وبر للنسان وغيره ،وفي المعجم الوسيط ال ّ
زوائد خيطيّة تظهر على جلد النسان وغيره من
الثّدييّات ويقابله الّريش في الطّيور والخراشيف في
الّزواحف ،والقشور في السماك ،وجمعه أشعار
وشعور .
ي إذا كان كثير ويقال :رجل أشعر وشعر وشعران ّ
شعر الّرأس والجسد .
ص منه ، ضأن وما أشبهه أخ ّ صوف ما يكون لل ّ وال ّ
شعر للمعز ،والوبر للبل . ضأن ،كال ّ صوف لل ّ وال ّ
والوبر ما ينبت على جلود البل والرانب ونحوها ،
والجمع أوبار ،ويقال جمل وبر وأوبر إذا كان كثير
الوبر ،والنّاقة وبرة ووبراء .
والّريش ما يكون على أجسام الطّيور وأجنحتها .
ص الجناح من بين سائره . وقد يخ ّ
والفرو :جلود بعض الحيوان كالدّببة والثّعالب تدبغ
ويتّخذ منها ملبس للدّفء وللّزينة وجمعه فراء .
حكم شعر النسان :
542
- 2شعر النسان طاهر حيّا ً أو ميّتا ً ،سواء أكان
ن »: شعر متّصل ً أم منفصل ً ،واستدلّوا لطهارته بأ ّ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ناول أبا طلحة شعره النّب ّ
فقسمه بين النّاس « .
ي
واتّفق الفقهاء على عدم جواز النتفاع بشعر الدم ّ
ي مكّرم لقوله سبحانه ن الدم ّ بيعا ً واستعمال ً ،ل ّ
م}. منَا بَنِي آد َ َ وتعالى َ { :ولََقد ْ كََّر ْ
فل يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهانا ً مبتذل ً .
شعر الحيوان الميّت :
- 3ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى طهارة
شعر الميتة إذا كانت طاهرة ً حال الحياة .وانفرد
المالكيّة بالقول بطهارة شعر الخنزير لنّه طاهر
حال الحياة ،وهذا إذا جّز جّزا ً ولم ينتف .فإن نتف
ن أصوله نجسة ،وأعله طاهر . فإ ّ
صوافِهَا واستدلّوا بقوله سبحانه وتعالى { :وم َ
نأ ْ َ َ ِ ْ
ن } .والية حيِ ىمتَاعا ً إِل َ و ً اثاَ ثشعارهَا أ َ ْ وأَوبارهَا وأ َ
ٍ َ َ ِ َ َ َ َْ ِ
سيقت للمتنان ،فالظّاهر شمولها الموت والحياة .
ن الّرسول وبحديث ميمونة -رضي الله عنها » : -أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال في شاة ميمونة حين مّر
بها :إنّما حرم أكلها « .وفي لفظ » :إنّما حرم
خص لكم في مسكها « أي جلدها . عليكم لحمها ور ّ
ن المعهود في الميتة حال واستدلّوا من المعقول بأ ّ
الحياة الطّهارة ،وإنّما يؤثّر الموت النّجاسة فيما
شعور ل تحلّها الحياة .فل يحلّها تحلّه الحياة ،وال ّ
الموت ،وإذا لم يحلّها وجب الحكم ببقاء الوصف
ي المعهود لعدم المزيل شرع ّ ال ّ
ن ما ل تحلّه الحياة فالصل في طهارة شعر الميتة أ ّ
س ول يتألّم -ل تلحقه النّجاسة بالموت . -لنّه ل يح ّ
543
شافعيّة إلى نجاسة شعر الميتة إل ّ ما يطهر وذهب ال ّ
شعر المنفصل من جلده بالدّباغ ودبغ ،وكذلك ال ّ
ي. الحيوان غير المأكول وهو ح ّ
ت عَلَيْك ُ ُ
م م ْ حّرِ َواستدلّوا لذلك بقوله تعالى ُ { :
شعر وغيره .والميتة اسم م في ال ّ ة } .وهو عا ّ ميْت َ ُ ال ْ َ
لما فارقته الّروح بجميع أجزائه بدون تذكية شرعيّة ،
مة في صة في تحريم الميتة وعا ّ وهذه الية خا ّ
شعر وغيره ،وهي راجحة في دللتها على الية ال ّ
صوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا الولى وهو قوله تعالى { :وم َ
نأ ْ َ ِ ْ
ن قوله تعالى : متَاع ًا إِل َ ً َ شعارهَا أ َ ْ وأ َ
ن}.ل ّ ٍ حي
ِ ى َ َ و ا اث ث ِ َ َ
ة} ورد لبيان المحّرمات والية ْ
م ال َ
ميْت َ ُ َ
ت ع َليْك ُ ُ م ْ حّرِ َ { ُ
الولى وردت للمتنان .
ل حيوان ينجس نك ّ واستدلّوا من المعقول بأ ّ
بالموت ينجس شعره وصوفه .
شعر الميت :
أوّل ً :شعر رأس الّرجل الميت :
- 4ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى عدم جواز حلق شعر
شعر يكون ن حلق ال ّ رأس الميت ول تسريحه ،ل ّ
للّزينة أو للنّسك والميت ل نسك عليه ول يزيّن .
وعن عائشة -رضي الله عنها -أنّها مّرت بقوم
يسّرحون شعر ميت فنهتهم عن ذلك وقالت :علم
صون ميّتكم .أي :ل تسّرحوا رأسه بالمشط ، تن ّ
صون وهو الخذ شعر وينتفه ،وعبّرت بتن ّ لنّه يقطع ال ّ
ل لعدم الجواز بالنّاصية ،أي منها ،تنفيرا ً عنه ويد ّ
ي ول يختن القياس على الختان حيث يختن الح ّ
الميّت .
شافعيّة في المختار والمالكيّة إلى جواز وذهب ال ّ
شافعيّة حلق شعر رأس الميت مع الكراهة وقيّد ال ّ
في المشهور عندهم الجواز بما إذا كان من عادة
544
ما إذا كان ل يعتاد ذلك بأن كان ذا الميّت حلقه أ ّ
مة فل يحلق بل خلف عندهم ،واستدلّوا لما ذهبوا ج ّ
شعر من أجزاء الميّت ،وأجزاؤه ن ال ّإليه بأ ّ
ي صلى ح عن النّب ّ محترمة ،فل تنتهك بهذا ،ولم يص ّ
صحابة في هذا شيء فكره فعله الله عليه وسلم وال ّ
.
شافعيّة قولن آخران : ولل ّ
ب ،والثّاني :أنّهالوّل :أنّه ل يكره ول يستح ّ
شارب تفصيل ينظر في ب ،وفي اللّحية وال ّ يستح ّ
( شارب ،ولحية ) .
ثانيا ً :شعر رأس المرأة الميّتة :
- 5اتّفق جمهور الفقهاء على استحباب ضفر شعر
المرأة ثلث ضفائر ،قرنيها وناصيتها ،ويسدل
خلفها عند الجمهور ،وعند الحنفيّة يجعل على
صدرها ويجعل ضفيرتين فوق القميص تحت
اللّفافة ،لنّه في حال حياتها يجعل وراء ظهرها
للّزينة ،وبعد الموت ربّما انتشر الكفن ،فيجعل
على صدرها .
م عطيّة ودليل استحباب ضفر شعر المرأة ما روت أ ّ
ن جعلن رأس بنت رسول -رضي الله عنها » -أنّه ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم ثلثة قرون ،نقضنه ث ّ
م
م جعلنه ثلثة قرون « ،وورد في رواية غسلنه ث ّ
ن ألقينها خلفها « . أخرى » :أنّه ّ
والصل أن ل يفعل في الميّت شيء من جنس
شرع محّقق ،فالظّاهر إطلع القرب إل ّ بإذن من ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم على ما فعلت وتقريره النّب ّ
له .
وجاء في رواية » :اغسلنها ثلثا ً أو خمسا ً أو أكثر
من ذلك « .
545
شاربثالثا ً :شعر سائر البدن من الميّت كاللّحية وال ّ
وشعر البط والعانة :
شافعيّة في المختار إلى كراهة - 6ذهب المالكيّة وال ّ
شافعيّة حلق غير ما يحرم حلقه حال الحياة .ولل ّ
قولن آخران :
ب ،والثّاني :أنّهالوّل :أنّه ل يكره ول يستح ّ
ب .ودليل الكراهة ما تقدّم في كراهة حلق يستح ّ
شعر الّرأس .
شافعيّة في قول إلى وذهب المالكيّة والحنابلة وال ّ
م مع الميّت شعور إذا أزيلت أنّها تصّر وتض ّ ن هذه ال ّ أ ّ
في كفنه ويدفن
ب أن ل تدفن ن المستح ّ شافعيّة في قول آخر :أ ّ ولل ّ
معه بل توارى في الرض في غير القبر .وذهب
الحنابلة إلى تحريم حلق اللّحية وكذا تحريم حلق
شعر العانة من الميّت لما فيه من لمس العورة
وربّما احتاج إلى نظرها ،والنّظر محّرم فل يرتكب
ص
ن أخذ شعر البط وق ّ من أجل مندوب ،ويس ّ
شارب . ال ّ
شعر في الوضوء : مسح ال ّ
- 7ذهب المالكيّة والحنابلة إلى وجوب مسح جميع
شعرشعر الّرأس في الوضوء وحده من منابت ال ّ
المعتاد من المقدّم إلى نقرة القفا مع مسح شعر
صدغيه فما فوق العظم النّاشئ من الوجه .وذهب
ن الواجب أن يمسح ما يقع عليه شافعيّة إلى أ ّال ّ
ل فل يتقدّر وجوبه بشيء بل اسم المسح ولو ق ّ
يكفي فيه ما يمكن .
ن المفروض في المسح هو وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
مسح مقدار النّاصية وهو ربع الّرأس لما روى
ي صلى الله عليه ن النّب ّالمغيرة بن شعبة » :أ ّ
546
ضأ ومسح على ناصيته وخّفيه « .وتفصيل وسلم تو ّ
ذلك وبيان الدلّة ينظر في مصطلح ( وضوء ) .
شعر : نقض الوضوء بلمس ال ّ
ن
ح والحنابلة إلى أ ّ شافعيّة في الص ّ - 8ذهب ال ّ
شعر ،لنّه ل يقصد ذلك الوضوء ل ينقض بلمس ال ّ
شهوة عند شهوة غالبا ً ،وإنّما تحصل اللّذ ّة وتثور ال ّ لل ّ
التقاء البشرتين للحساس .
ن والظّفر س ّشعر وال ّ ضأ من لمس ال ّ ب أن يتو ّ ويستح ّ
ح :ينتقض شافعيّة مقابل الص ّ وفي قول عند ال ّ
شعر له حكم ن ال ّوضوء الّرجل بلمس شعر المرأة ل ّ
ل بالنّكاح ووجوب غسله بالجنابة . البدن في الح ّ
ن الوضوء ينتقض بلمس وذهب المالكيّة إلى أ ّ
شعر لمن يلتذ ّ به إن قصد اللّذ ّة من ذكر أو أنثى . ال ّ
ول ينتقض الوضوء إذا كان اللّمس بحائل خفيف أو
كثيف .
شعر وذهب الحنفيّة إلى عدم نقص الوضوء بلمس ال ّ
س مطلقا ً ما بناءً على أصلهم في عدم النّقض بالم ّ
لم ينزل .
غسل شعر الّرأس من الجناية :
- 9اتّفق الفقهاء على وجوب تعميم شعر الّرأس
بالماء ظاهره وباطنه للذ ّكر والنثى مسترسل ً كان
أو غيره .
ل شعرة ن تحت ك ّ لقوله صلى الله عليه وسلم » :إ ّ
شعر وأنقوا البشر « . ة فاغسلوا ال ّ جناب ً
ي صلى الله ي -رضي الله عنه -عن النّب ّ وعن عل ّ
عليه وسلم قال » :من ترك موضع شعرة من
جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النّار « قال
م عاديت رأسي ،وكان يجّز شعره . ي :فمن ث ّ عل ّ
547
واختلف الفقهاء في حكم نقض ضفائر المرأة في
الغسل :
شافعيّة - فذهب الجمهور -الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
وهو قول بعض الحنابلة :إلى أنّه ل يجب على
ضفر إن كان الماء يصل إلى أصول المرأة نقض ال ّ
شعرها من غير نقض ،فإن لم يصل إل ّ بالنّقض
لزمها نقضه ،وسواء في ذلك غسل الجنابة وغسل
الحيض والنّفاس .
م سلمة واستدلّوا بما جاء في بعض ألفاظ حديث أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم :إنّي امرأة أنّها قالت للنّب ّ
أشد ّ ضفر رأسي ،أفأنقضه للحيض وللجنابة ؟ قال
» :ل .إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلث
م تفيضين عليك الماء فتطهرين « . حثيات ث ّ
وهو صريح في نفي الوجوب وقد أخرج مسلم في
م سلمة -بثلثة ألفاظ :إفراد ذكر صحيحه حديث أ ّ
الجنابة وإفراد ذكر الحيض ،والجمع بينهما .
وحمل الجمهور هذه الحاديث على وصول الماء إلى
شعر بدليل ما ثبت من وجوب إيصال الماء أصول ال ّ
شعر والبشرة جمعا ً بين الدلّة . إلى أصول ال ّ
وذهب الحنابلة إلى وجوب نقض المرأة شعرها في
غسل الحيض والنّفاس .ول يجب في غسل الجنابة
إذا روت أصول شعرها ،ولم يكن مشدودا ً بخيوط
كثيرة تمنع وصول الماء إلى البشرة أو إلى باطن
ب عن بعض الحنابلة شعر ،والنّقض مطلقا ً مستح ّ ال ّ
.
ن
ل الحنابلة بحديث عائشة رضي الله عنها أ ّ واستد ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال لها » :إذا كنت النّب ّ
حائضا ً خذي ماءك وسدرك وامتشطي « .ول يكون
548
وللبخاري » :
ّ المشط إل ّ في شعر غير مضفور .
انفضي شعرك وامتشطي « .
ن
وعند ابن ماجه » :انفضي شعرك واغتسلي « ل ّ
شعر لتحّقق وصول الماء إلى الصل وجوب نقض ال ّ
ما يجب غسله وعفي عنه في غسل الجنابة لنّه
شعر . ق نقض ال ّ يكثر فيش ّ
حلق شعر المولود :
شافعيّة والحنابلة - - 10ذهب الجمهور -المالكيّة وال ّ
سابع ، إلى استحباب حلق شعر رأس المولود يوم ال ّ
ة عند المالكيّة والتّصدّق بزنة شعره ذهبا ً أو ف ّ
ض ً
ة عند الحنابلة .وإن لم يحلق ض ً
شافعيّة ،وف ّ وال ّ
تحّرى وتصدّق به .ويكون الحلق بعد ذبح العقيقة .
ي صلى الله عليه وسلم قال ن النّب ّ كما ورد » :أ ّ
ما ولدت الحسن :احلقي رأسه وتصدّقي لفاطمة ل ّ
ة على المساكين والوفاض « . ض ً
بزنة شعره ف ّ
ن حلق شعر المولود مباح ، وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ن
ليس بسنّة ول واجب ،وذلك على أصلهم في أ ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه العقيقة مباحة ،ل ّ
ب اللّه
وسلم سئل عن العقيقة فقال » :ل يح ّ
ب أن ينسك عن ولده فلينسك عنه العقوق .من أح ّ
عن الغلم شاتين مكافأتاه وعن الجارية شاةً « وهذا
ة لنّه صلى الله عليه وسلم ينفي كون العقيقة سن ّ ً
علّق العقّ بالمشيئة وهذا أمارة الباحة .وفي قول
نللحنفيّة أنّها مكروهة لنّها نسخت بالضحيّة ،ل ّ
العقيقة كانت من الفضائل فعلها المسلمون في
أوّل السلم فنسخت بالضحيّة ،فمتى نسخ الفضل
ل يبقى إل ّ الكراهة .
النّظر إلى شعر المرأة الجنبيّة :
549
- 11اتّفق الفقهاء على عدم جواز النّظر إلى شعر
المرأة الجنبيّة ،كما ل يجوز لها إبداؤه للجانب عنها
.
شافعيّة إلى القول بعدم جواز وذهب الحنفيّة وال ّ
النّظر إليه وإن كان منفصل ً .
صوف : شعر وال ّ بيع ال ّ
شافعيّة والحنابلة - - 12ذهب الجمهور -الحنفيّة وال ّ
صوف على ظهر الغنم ،لحديث إلى عدم جواز بيع ال ّ
ابن عبّاس -رضي الله عنهما » : -نهي أن تباع
ثمرة حتّى تطعم ول صوف على ظهر ول لبن في
ضرع « .
صوف متّصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالبيع ن ال ّ ول ّ
صوف على الظّهر قبل الجّز ليس ن ال ّكأعضائه ،ول ّ
بمال متقوّم في نفسه لنّه بمنزلة وصف الحيوان
لقيامه به كسائر أوصافه .وهو غير مقصود من
ة
شاة فل يفرد بالبيع ،ولنّه ينبت من أسفل ساع ً ال ّ
ة فيختلط المبيع بغيره بحيث يتعذ ّر التّمييز . فساع ً
صوف على ظهر وذهب المالكيّة إلى جواز بيع ال ّ
الغنم بالجزز تحّريا ً ،وبالوزن مع رؤية الغنم على أن
خر الجّز أكثر من نصف شهر . ل يتأ ّ
صوف : سلم في ال ّ ال ّ
شافعيّة والحنابلة إلى جواز - 13ذهب المالكيّة وال ّ
صوف سلما ً بالوزن ل بالجزز وذلك لختلف بيع ال ّ
صغر والكبر -عند المالكيّة -ويجب بيان الجزز بال ّ
ن صوف صوف وأصله من ذكر أو أنثى ل ّ نوع ال ّ
ي أو
الناث أنعم ،ويذكر لونه ووقته هل هو خريف ّ
ى من ي ،وطوله وقصره ووزنه ول يقبل إل ّ منّق ً ربيع ّ
شوك ويجوز اشتراط غسله . شعر ونحوه ،كال ّ ال ّ
شعر :وصل ال ّ
550
- 14يحرم وصل شعر المرأة بشعر نجس أو بشعر
المزوجة وغيرها وسواء بإذن ّ ي .سواء في ذلك آدم ّ
الّزوج أو بغير إذنه .وللحنفيّة قول بالكراهة .
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم » :لعن اللّه
الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة «.
ل على تحريمه ،وعلّة شيء تد ّ واللّعنة على ال ّ
التّحريم ما فيه من التّدليس والتّلبيس بتغيّر خلق
اللّه .
والواصلة الّتي تصل شعرها بشعر من امرأة أخرى
والّتي يوصل شعرها بشعر آخر زورا ً ،والمستوصلة
الّتي يوصل لها ذلك بطلبها .لحرمة النتفاع بشعر
ي لكرامته ،والصل أن يدفن شعره إذا انفصل الدم ّ
.
ي وهو طاهر : ما إذا كان الوصل بغير شعر الدم ّ أ ّ
صحيح إلى حرمة الوصل إن شافعيّة على ال ّ فذهب ال ّ
ما إن لم تكن ذات زوج وعلى القول الثّاني يكره .أ ّ
كانت ذات زوج فثلثة أوجه :
حها :إن وصلت بإذنه جاز وإل ّ حرم . أص ّ
الثّاني :يحرم مطلقا ً .
الثّالث :ل يحرم ول يكره مطلقا ً .
وذهب الحنفيّة وهو المنقول عن أبي يوسف إلى أنّه
ي تتّخذه لتزيد خص للمرأة في غير شعر الدم ّ ير ّ
قرونها .
واستدلّوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها
قالت :ليست الواصلة بالّتي تعنون ،ول بأس أن
شعر فتصل قرنا ً من قرونها تعرى المرأة عن ال ّ
بصوف أسود وإنّما الواصلة الّتي تكون بغيّا ً في
شبيبتها فإذا أسنّت وصلتها بالقيادة .
551
وذهب المالكيّة إلى عدم التّفريق في التّحريم بين
شعر وبغيره . الوصل بال ّ
شعر بشعر سواء كان ويرى الحنابلة تحريم وصل ال ّ
ي أو شعر غيره .وسواء كان بإذن الّزوج شعر آدم ّ
أو من غير إذنه .قالوا ول بأس بما تشد ّ به المرأة
شعر للحاجة ،وفي رواية :ل شعرها أي من غير ال ّ
صوف شعر ول القرامل ول ال ّ تصل المرأة برأسها ال ّ
.
شعر : عقص ال ّ
شعر في - 15اتّفق الفقهاء على كراهة عقص ال ّ
صلة .
ال ّ
شعر حول الّرأس كما والعقص هو شد ّ ضفيرة ال ّ
خرةشعر فيعقد في مؤ ّ تفعله النّساء أو يجمع ال ّ
الّرأس .
وهو مكروه كراهة تنزيه .فلو صلّى كذلك فصلته
صحيحة ،حكى ابن المنذر وجوب العادة فيه عن
الحسن البصريّ .
ودليل الكراهة ما رواه مسلم من حديث ابن عبّاس
رضي الله عنه أنّه رأى عبد اللّه بن الحارث يصلّي
ورأسه معقوص من ورائه فقام وجعل يحلّه ،فل ّ
ما
انصرف أقبل إلى ابن عبّاس فقال :مالك ورأسي ؟
فقال :إنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم يقول » :إنّما مثل هذا مثل الّذي يصلّي وهو
شيطان مكتوف « وفي حديث آخر » :ذاك كفل ال ّ
«.
ولقوله صلى الله عليه وسلم » :أمرت أن أسجد
شعر «. على سبعة أعظم ..ول نكفت الثّياب وال ّ
شعر يسجد مع ن ال ّ
والحكمة في النّهي عنه ،أ ّ
552
المصلّي ولهذا مثّله في الحديث بالّذي يصلّي وهو
مكتوف .
ل من صلّى كذلك ن النّهي شامل لك ّ والجمهور على أ ّ
صلة صلة أم كان كذلك قبل ال ّ مده لل ّ ،سواء تع ّ
ى آخر وصلّى على حاله بغير ضرورة . وفعلها لمعن ً
صحيحة وهو ظاهر ل له إطلق الحاديث ال ّ ويد ّ
ص
صحابة ،وقال مالك :النّهي مخت ّ المنقول عن ال ّ
صلة . بمن فعل ذلك لل ّ
شعر في وينظر بقيّة الحكام المتعلّقة بال ّ
مص ، المصطلحات التية ( :إحرام ،وترجيل ،وتن ّ
وإحداد ،واختضاب ،وتسويد ،حلق ،وديات ) .
ي:
العناية بشعر النسان الح ّ
شعر لما رواه أبو هريرة ب ترجيل ال ّ - 16يستح ّ
رضي الله عنه مرفوعا ً » :من كان له شعر
فليكرمه « .
ب التّرجيل ي صلى الله عليه وسلم كان يح ّ ن النّب ّ ول ّ
ي صلى ن النّب ّفقد روت عائشة رضي الله عنها » :أ ّ
ي رأسه وهو مجاور الله عليه وسلم كان يصغي إل ّ
ب التّيامن جله وأنا حائض « .ويستح ّ في المسجد فأر ّ
ن الغباب فيه ،والكثار منه في التّرجيل ،ويس ّ
مكروه .
م يترك شعر غبّا ً وهو أن يدهن ث ّ ب دهن ال ّ كما يستح ّ
م يدهن ثانيا ً ،وقيل يدهن يوماً ف الدّهن ث ّ حتّى يج ّ
ويوما ً ل .
وللتّفصيل انظر مصطلحات ( :إدهان ،وامتشاط ،
وترجيل ) .
ي:حكم شعر الحيوان الح ّ
553
ما أن يكون من مأكول يإ ّ - 17شعر الحيوان الح ّ
ما أن ل حالة إ ّ اللّحم أو غير مأكول اللّحم ،وفي ك ّ
يكون متّصل ً به أو منفصل ً عنه .
ما شعر الحيوان المأكول اللّحم المتّصل به إذا - 18أ ّ
ي فقد اتّفق الفقهاء على طهارته ، أخذ منه وهو ح ّ
صوافِهَا َ
نأ ْ َ م ْ
صوف والوبر لقوله تعالى { :وَ ِ ومثله ال ّ
ن } والية حي
ِ ى متَاعا ً إِل ََ َ و شعَارِهَا أَثَاثا ًْ وأَوبارهَا وأ َ
َ َ َْ ِ
ٍ
مة في المتّصل والمنفصل سيقت للمتنان وهي عا ّ
ويأتي الخلف في شمولها بشعر الحيوان الميّت .
مة على طهارة شعر الحيوان المأكول وأجمعت ال ّ
ي لمسيس الحاجة إليه في اللّحم إذا جّز منه وهو ح ّ
الملبس والمفارش لنّه ليس في شعر المذكّيات
كفاية لحاجة النّاس .
ما شعر الحيوان المأكول اللّحم المنفصل عنه في أ ّ
الحياة :
فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى طهارته إذا جّز جّزا ً .
ما إذا نتف فأصوله الّتي فيها الدّسومة نجسة، أ ّ
ي فهو ميّت إل ّ إذا ن ما أبين من ح ّ والصل عندهم أ ّ
صوف والوبر فهو شعر وال ّ كان ل تحلّه الحياة كال ّ
طاهر .
واشترط المالكيّة أن يجّز جّزا ً بخلف ما نتف نتفاً
ة. ن أصوله تكون نجس ً فإ ّ
شافعيّة إلى طهارته إذا جّز واستدلّوا بالية وذهب ال ّ
والجماع المتقدّمين .
قال إمام الحرمين وغيره :وكان القياس نجاسته
كسائر أجزاء الحيوان المنفصلة في الحياة ولكن
مة على طهارتها . أجمعت ال ّ
ما إذا انفصل شعر الحيوان المأكول اللّحم في أ ّ
حياته بنفسه أو نتف ففيه أوجه :
554
صحيح منها أنّه طاهر لنّه في معنى الجّز ،وإن ال ّ
شعر كالذ ّبح ،في كان مكروها ً ،والجّز في ال ّ
الحيوان ولو ذبح الحيوان لم ينجس ،فكذلك إذا جّز
شعره .
والثّاني :إنّه نجس سواء انفصل بنفسه أو بنتف ل ّ
ن
ي فهو ميّت . ما أبين من ح ّ
ي رضي ودليل هذه القاعدة :حديث أبي واقد اللّيث ّ
ي صلى الله عليه وسلم . الله عنه قال :قدم النّب ّ
المدينة وهم يجبّون أسنمة البل ويقطعون أليات
الغنم ،فقال » :ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهو
ميتة « .
شعر للجماع على شافعيّة استثنوا ال ّ ن ال ّغير أ ّ
طهارته لحاجة النّاس إليه وقصر الحنفيّة والمالكيّة
شعر . الحديث على ما تحلّه الحياة ولذا استثنوا ال ّ
ل حيوان ن شعر ك ّ وعند الحنابلة على المذهب أ ّ
كبقيّة أجزائه ما كان طاهرا ً فشعره طاهر ،وما كان
نجسا ً فشعره نجس ،ل فرق بين حالة الحياة وحالة
الموت .
وفي رواية أنّه نجس ،وفي أخرى طاهر .
ما شعر الحيوان غير مأكول اللّحم المتّصل به - 19أ ّ
فاتّفق الفقهاء على طهارته ،واستثنى الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة الخنزير والكلب الخنزير واستثنى ال ّ
ن عينهما نجسة . ل ّ
ن
ما المالكيّة فذهبوا إلى طهارة الكلب والخنزير ل ّ أ ّ
ي طاهر . لح ّ نك ّ الصل عندهم أ ّ
ما شعر المنفصل عنه ،فعند الحنفيّة والمالكيّة هو أ ّ
ي فهو ن ما أبين من ح ّ طاهر بنا ًء على ما تقدّم من أ ّ
شعر .ويستثنى من ميّت ،إل ّ ما ل تحلّه الحياة كال ّ
ذلك ما كان نجس العين كالخنزير عند الحنفيّة .
555
ما المالكيّة فهو طاهر عندهم إذا جّز ،ل إذا نتف . أ ّ
ينظر في تفصيل أحكام شعر الخنزير مصطلح :
( خنزير ف . ) 7
ي
ن ما أبين من ح ّ شافعيّة إلى نجاسته ل ّ وذهب ال ّ
فهو ميّت .
ن حكمه حكم بقيّة وعند الحنابلة على المذهب أ ّ
أجزائه ،فما كان طاهرا ً فشعره طاهر وما كان
نجسا ً فشعره نجس .
ن شعر وفي رواية عن أحمد اختارها ابن تيميّة أ ّ
الكلب والخنزير وما تولّد منهما طاهر .
==================
ك* ش ّ َ
تعريفه :
ة :نقيض اليقين وجمعه شكوك .يقال ك لغ ًش ّ - 1ال ّ
ك في المر وتشكّك إذا تردّد فيه بين شيئين ، ش ّ
سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الخر .
ما أَنَزلْنَام َّك ِّ ش ٍّ ت ِفي َ قال اللّه تعالى { :فَإِن كُن َ
م حالتي الستواء ك } أي غير مستيقن ،وهو يع ّ إِلَي ْ َ
والّرجحان
ك من ش ّ شريف » :نحن أحقّ بال ّ وفي الحديث ال ّ
ن مناسبته ترجع إلى وقت نزول إبراهيم « قيل :إ ّ
ب أ ِرنِي كَي ْ َ
ف َ قوله تعالى َ { :وإِذ ْ قَا َ
م َر ِّ ل إِبَْراهِي ُ
ل بَلَى وَلَكِن تحيي ال ْموتى قَا َ َ
من قَا َ ل أوَل َ ْ
م تُؤ ْ ِ َ َْ ُ ْ ِ
ن قَلْبِي } .حيث قال قوم -إذ ذاك -ش ّ
ك ل ِّيَط ْ َ
مئ ِ َّ
ك نبيّنا ،فقال رسول اللّه صلى الله إبراهيم ولم يش ّ
عليه وسلم -تواضعا ً منه وتقديما ً لبراهيم على
ك من إبراهيم « أي أنا ش ّ ق بال ّ نفسه » : -نحن أح ّ
ك هو ؟ . ك مع أنّني دونه فكيف يش ّ لم أش ّ
556
ك في اصطلح الفقهاء :استعمل في حالتي ش ّوال ّ
الستواء والّرجحان على النّحو الّذي استعملت فيه
صلة ،ومن ك في ال ّة فقالوا :من ش ّ هذه الكلمة لغ ً
ك في الطّلق ،أي من لم يستيقن ،بقطع النّظر ش ّ
عن استواء الجانبين أو رجحان أحدهما .ومع هذا
فقد فّرقوا بين الحالتين في جزئيّات كثيرة .
ك في اصطلح الصوليّين :هو استواء ش ّوال ّ
الطّرفين المتقابلين لوجود أمارتين متكافئتين في
الطّرفين أو لعدم المارة فيهما .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -اليقين :
- 2اليقين مصدر يقن المر ييقن إذا ثبت ووضح ،
ة- ويستعمل متعدّيا ً بنفسه وبالياء ،ويطلق -لغ ً
على العلم الحاصل عن نظر واستدلل ولهذا ل
مى علم اللّه يقينا ً . يس ّ
وهو عند علماء الصول :العتقاد الجازم المطابق
كك .فيقال ش ّ ش ّ للواقع الثّابت .فاليقين ضد ّ ال ّ
شيء ن العلم اعتقاد ال ّ ك وعلم ل ّ وتيّقن ول يقال ش ّ
على ما هو به على سبيل الثّقة .
ب -الشتباه :
شيئان - 3الشتباه هو مصدر اشتبه ،يقال :اشتبه ال ّ
ل واحد منهما الخر ،كما يقال : وتشابها ،إذا أشبه ك ّ
اشتبه عليه المر أي اختلط والتبس لسبب من
ك ،فالعلقة بينهما -إذا ً -سببيّة ش ّ مها ال ّ السباب أه ّ
ما ً من أسباب الشتباه . ك سببا ً ها ّ ش ّحيث يعد ّ ال ّ
ك.ش ّ كما قد يكون الشتباه سببا ً لل ّ
ن:ج -الظ ّ ّ
557
ن من باب قتل وهو خلف اليقين ن مصدر ظ ّ - 4الظ ّ ّ
،ويطلق عند الصوليّين على الطّرف الّراجح من
الطّرفين
وقد يستعمل مجازا ً بمعنى اليقين كقوله تعالى :
ن أَنَّهُم ُّ َّ
م}. ملَقُوا َربِّهِ ْ ن يَظُنُّو َ َ يِ ذ { ال
ن الفقهاء ل يفّرقون غالبا ً بين الظ ّ ّ
ن وقد تقدّم أ ّ
ك. ش ّ وال ّ
د -الوهم :
- 5الوهم مصدر وهم وهو عند الصوليّين طرف
ك.ش ّ المرجوح من طرفي ال ّ
خري وهو ما عبّر عنه الحمويّ -نقل ً عن متأ ّ
الصوليّين -حيث قال :الوهم تجويز أمرين أحدهما
أضعف من الخر .
والمتأكّد أنّه ل يرتقي لحداث اشتباه إذ " ل عبرة
للتّوهّم " .وبناءً على ذلك ذكر الفقهاء أنّه ل يثبت
ي استنادا ً على وهم ،ول يجوز تأخير حكم شرع ّ
شيء الثّابت بصورة قطعيّة بوهم طارئ. ال ّ
ك باعتبار حكم الصل الّذي طرأ عليه : ش ّ أقسام ال ّ
ك -إجمال ً -بهذا العتبار إلى ثلثة ش ّ - 6ينقسم ال ّ
أقسام :
ك طرأ على أصل حرام مثل أن القسم الوّل :ش ّ
ة في بلد يقطنه مسلمون يجد المسلم شاة ً مذبوح ً
ل له الكل منها حتّى يعلم أنّها ذكاة ومجوس فل يح ّ
ك في ش ّن الصل فيها الحرمة ووقع ال ّ مسلم ،ل ّ
الذ ّكاة المطلوبة شرعا ً ،فلو كان معظم سكّان البلد
مسلمين جاز القدام عليها والكل منها عمل ً بالغالب
المفيد للحلّيّة .
ك طرأ على أصل مباح كما لو القسم الثّاني :ش ّ
وجد المسلم ما ًء متغيّرا ً فله أن يتطهّر منه مع
558
احتمال أن يكون تغيّر بنجاسة ،أو طول مكث ،أو
سباع عليه ونحو ذلك استنادا ً إلى أ ّ
ن كثرة ورود ال ّ
ن اللّه تعالى لمالصل طهارة المياه .مع العلم أ ّ
شم البحث للكشف عن طهارته يكلّف المؤمنين تج ّ
أو نجاسته تيسيرا ً عليهم ،حيث ورد في الثر أ ّ
ن
عمر بن الخطّاب -رضي الله تعالى عنه -خرج في
ركب فيهم عمرو بن العاص -رضي الله عنه -حتّى
وردوا حوضا ً فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض
سباع ؟ فقال :يا صاحب الحوض هل ترد حوضك ال ّ
عمر :يا صاحب الحوض ل تخبرنا ،فإنّا نرد على
سباع ،وترد علينا . ال ّ
ن عمر بن الخطّاب نفسه كان ماّرا ً مع وفيه أيضا ً :أ ّ
صاحب له فسقط عليهما شيء من ميزاب ،فقال
صاحبه :يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس ؟
فقال عمر :يا صاحب الميزاب ل تخبرنا ،ومضى .
فإن اشتبه عليه ماء طاهر وماء نجس تحّرى ،فما
ضأ به .
أدّاه اجتهاده إلى طهارته تو ّ
ك ل يعرف أصله مثل التّعامل مع القسم الثّالث :ش ّ
شخص أكثر ماله حرام دون تمييز لهذا من ذاك
لختلط النّوعين معا ً اختلطا ً يصعب تحديده ،فمثل
شخص ل تحرم مبايعته ول التّعامل معه هذا ال ّ
لمكان أن يكون المقابل حلل ً طيّبا ً ،ولكن رغم هذا
ص الفقهاء على كراهة التّعامل معه الحتمال فقد ن ّ
خوفا ً من الوقوع في الحرام
ن " المشكوك في وجوبه ل يجب صوا على أ ّ كما ن ّ
ب فعله احتياطا ً " . ب تركه بل يستح ّ فعله ول يستح ّ
ك بحسب الجماع على اعتباره وإلغائه : ش ّأقسام ال ّ
ك بهذا العتبار ينقسم أيضاً ش ّ
ن ال ّيأ ّ - 7ذكر القراف ّ
إلى ثلثة أقسام :
559
ك في ش ّ القسم الوّل :مجمع على اعتباره كال ّ
المذكّاة والميتة ،فالحكم تحريمهما معا ً .
ك هل القسم الثّاني :مجمع على إلغائه ،كمن ش ّ
طلّق أم ل ؟ فل شيء عليه ،وشكّه يعتبر لغواً.
القسم الثّالث :اختلف العلماء في جعله سببا ً ،
كمن شك هل أحدث أم ل ؟ فقد اعتبره مالك دون
ي.شافع ّ ال ّ
ك هل طلّق ثلثا ً أم اثنتين ؟ ألزمه مالك ومن ش ّ
ي وسيأتي الطّلقة المشكوك فيها خلفا ً لل ّ
شافع ّ
تفصيله .
ك" ش ّ ك ل يزيل اليقين ،أو " اليقين ل يزول بال ّ ش ّ ال ّ
ك مع اليقين " : أو " ل ش ّ
مهات - 8هذه القاعدة -على اختلف تراكيبها -من أ ّ
القواعد الّتي عليها مدار الحكام الفقهيّة وقد قيل :
إنّها تدخل في جميع أبواب الفقه ،والمسائل
المخّرجة عنها من عبادات ومعاملت تبلغ ثلثة أرباع
علم الفقه .
ك في الميراث : ش ّ ال ّ
ل استحقاق ل يثبت إلّ - 9الميراث استحقاق وك ّ
بثبوت أسبابه وتوفّر شروطه وانتفاء موانعه ،وهذه
ل تثبت إل ّ بيقين ،فل يتصوّر مثل ً ثبوت الستحقاق
ك في طريقه وبالتّالي ل يتصوّر ثبوت الميراث ش ّ بال ّ
ك.ش ّ بال ّ
ك في الركان : ش ّ ال ّ
شيء هي أجزاء ماهيّته الّتي يتكوّن - 10أركان ال ّ
حتها على توفّر شروطها منها ،وهي الّتي تتوقّف ص ّ
.
أي عبادة من العبادات يراد بها فرائضها الّتي وأركان ّ
ل بد ّ منها إذ ل فرق بين الّركن والفرض إل ّ في الح ّ
ج
560
حيث تتميّز الركان فيه على الواجبات والفروض
بعدم جبرها بالدّم .
ك في ركن من أركان العبادة أو في فرض فمن ش ّ
من فرائضها ،هل أتى به أم ل ؟ فإنّه يبني على
ك فيه ،ويسجد اليقين المحّقق عنده ،ويأتي بما ش ّ
سلم سجدتين لحتمال أن يكون قد فعل ما بعد ال ّ
ك فيه ،فيكون ما أتى به بعد ذلك محض زيادة ، ش ّ
سلم ،وفي غلبة وقال ابن لبابة :يسجد قبل ال ّ
ي :منهم من ن هنا قولن داخل المذهب المالك ّ الظ ّ ّ
ك ومنهم من اعتبرها كاليقين . ش ّاعتبرها كال ّ
شيخ ابن عاشر -صاحب وفيما تقدّم يقول ال ّ
المرشد المعين : -
ك في ركن بنى على اليقين من ش ّ
وليسجدوا البعديّ لكن قد يبين .
مد بن أحمد ميّارة :ويقيّد كلم شيخ مح ّ قال ال ّ
صاحب هذا النّظم بغير الموسوس أو كالمستنكح
ك فيه ،وشكّه كالعدم ويسجد ن هذا ل يعتد ّ بما ش ّ ل ّ
ك هل صلّى ثلثا ً أو أربعا ً بنى سلم ،فإذا ش ّ بعد ال ّ
سلم .على الربع وسجد بعد ال ّ
ك على قسمين : ش ّ ن ال ّ وإجمال ً فإ ّ
مستنكح :أي يعتري صاحبه كثيرا ً وهو كالعدم لكنّه
سلم ،وغير مستنكح :وهو الّذي يسجد له بعد ال ّ
ن
يأتي بعد مدّة وحكمه وجوب البناء على اليقين ،وأ ّ
سهو أيضا ً على قسمين :مستنكح وغير مستنكح . ال ّ
راجع مصطلح ( :سهو ) من الموسوعة الفقهيّة .
شفع أو في ك في جلوسه هل كان في ال ّ ن من ش ّ وإ ّ
ن المنصوص لمالك أنّه يسلّم ويسجد الوتر ؟ فإ ّ
م يوتر بواحدة لحتمال أن يكون أضاف لسهوه ،ث ّ
شفع من غير سلم فيصير ركعة الوتر إلى ركعتي ال ّ
561
سجود بعد شفع ثلثا ً ،ومن هنا طولب بال ّ قد صلّى ال ّ
ك في ش ّن هذه المسألة – أي مسألة ال ّ سلم ،وأ ّ ال ّ
الّركن – تتّفق في الحكم مع مسألة التّحّقق من
ك ويبنى على ش ّ الخلل بركن ففي الولى يلغى ال ّ
سلم ،وفي الثّانية يجبر سجود بعد ال ّ اليقين مع ال ّ
سلم . سجود بعد ال ّ الّركن ويقع ال ّ
ك في ش ّ ن الّذي يجمع هذا كلّه هو قولهم :ال ّ وإ ّ
ي في النّقصان كتحّققه .ولذلك قال الونشريس ّ
ك أصلّى ثلثا ً أم م لو ش ّ شرح هذه القاعدة :ومن ث ّ
ك في بعض أشواط أربعا ً ؟ أتى برابعة أو ش ّ
ك هل أتى بالثّالثة أم ل ؟ سعي أو ش ّ الطّواف أو ال ّ
بنى في جميع ذلك على اليقين .
ك في ش ّصها :ال ّ مم هذه القاعدة قاعدة أخرى ن ّ وتت ّ
ك في حصول التّفاضل في ش ّ الّزيادة كتحّققها .كال ّ
ك في عدد الطّلق ونحو ذلك . ش ّ عقود الّربا ،وال ّ
سبب : ك في ال ّ ش ّ ال ّ
م استعير ة :هو الحبل أو الطّريق ث ّ سبب لغ ً - 11ال ّ
صل به إلى شيء ، ل َما يتو ّ ل على ك ّ من الحبل ليد ّ
َ
ب } أي سبَا ُم ال ْ ل ذكره { :وَتََقط ّعَ ْ
ت بِهِ ُ كقوله ج ّ
صلهم إلى النّعيم ،ومنه العلئق الّتي ظنّوا أنّها ستو ّ
شريف » :وإن كان رزقه في السباب « الحديث ال ّ
سماء وأبوابها .وهو -في اصطلح أي في طرق ال ّ
ة
شرع أمار ً الفقهاء والصوليّين -المر الّذي جعله ال ّ
لوجود الحكم وجعل انتفاءه أمارةً على عدم الحكم
.
سبب ل ينعقد إل ّ بجعل ن ال ّ وبنا ًء على هذا فإ ّ
المشّرع له كذلك .
سبب واضح التّأثير -بجعل اللّه - وحتّى يكون ال ّ
ينبغي أن يكون متيّقنا ً إذ ل تأثير ول أثر لسبب
562
ك في أسباب الميراث ش ّ مشكوك فيه ،وذلك كال ّ
بأنواعها .فإنّه مانع من حصول الميراث بالفعل إذ ل
ك في سببه كما هو مقّرر .شأنه في ش ّ ميراث مع ال ّ
ك في دخول وقت الظّهر أو وقت ش ّ ذلك شأن ال ّ
العصر ونحوهما من أسباب العبادات .
ما ً ميّز فيه بين قاعدة ي فرقا ً ها ّ صص القراف ّ وقد خ ّ
ك، ش ّسبب في ال ّ سبب وبين قاعدة ال ّ ك في ال ّ ش ّ ال ّ
ن هذا الموضوع قد أشكل أشار في بدايته إلى أ ّ
أمره على جميع الفضلء ،وانبنى على عدم تحريره
إشكال آخر في مواضع ومسائل كثيرة حتّى خرق
بعضهم الجماع فيها .
والقول الفصل في هذا الموضوع حسب رأي
شارع شرع الحكام وشرع لها أسباباً ن ال ّ ي:أ ّ القراف ّ
ك،ش ّوجعل من جملة ما شرعه من السباب ال ّ
فشرعه -حيث شاء -في صور عديدة :فإذا ش ّ
ك
شاة والميتة حرمتا معا ً ،وسبب التّحريم هو في ال ّ
ك في الجنبيّة وأخته من الّرضاعة ك ،وإذا ش ّ ش ّ ال ّ
كك ،وإذا ش ّ ش ّحرمتا معا ً ،وسبب التّحريم هو ال ّ
صلة المنسيّة وجب عليه خمس في عين ال ّ
ك ،وإذا ش ّ صلوات ،وسبب وجوب الخمس هو ال ّ
ك هل تطهّر أم ل ؟ وجب الوضوء ،وسبب وجوبه ش ّ
ك ،وكذلك بقيّة النّظائر . ش ّ هو ال ّ
ك :فالوّل ش ّ سبب في ال ّ سبب غير ال ّ ك في ال ّ ش ّ فال ّ
يمنع التّقّرب ول يتقّرر معه حكم ،والثّاني ل يمنع
التّقّرب وتتقّرر معه الحكام كما هو الحال في
سابقة . النّظائر ال ّ
ك سببا ً في ش ّ شرع نصب ال ّ ن صاحب ال ّ ول ندّعي أ ّ
صور بحسب ما يد ّ
ل جميع صوره بل في بعض ال ّ
شرع ص ،وقد يلغي صاحب ال ّ عليه الجماع أو الن ّ ّ
563
ك هل طلّق أم ل ك فل يجعل فيه شيئا ً :كمن ش ّ ش ّ ال ّ
ك في صلته ك لغو ،ومن ش ّ ش ّ
.فل شيء عليه ،وال ّ
ك لغو .فهذه ش ّ هل سها أم ل ؟ فل شيء عليه وال ّ
ك أجمع النّاس على عدم اعتباره ش ّ صور من ال ّ
فيها ،كما أجمعوا على اعتباره فيما تقدّم ذكره من
صور . تلك ال ّ
وقسم ثالث اختلف العلماء في نصبه سببا ً :كمن
ك هل أحدث أم ل ؟ فقد اعتبره مالك خلفاً ش ّ
ك هل طلّق ثلثا ً أم اثنتين ؟ ي ،ومن ش ّ شافع ّ لل ّ
ي، شافع ّ ألزمه مالك الطّلقة المشكوك فيها خلفا ً لل ّ
ك ما هي ؟ ألزمه مالك جميع ومن حلف يمينا ً وش ّ
اليمان .
شرط : ك في ال ّ ش ّ ال ّ
شَرط -بفتحتين : -العلمة والجمع أشراط - 12ال َّ
ساعة ،أي مثل سبب وأسباب ،ومنه أشراط ال ّ
علماتها ودلئلها .
شْرط -بسكون الّراء -يجمع على شروط . وال ّ
ى ً
تقول :شرط عليه شرطا واشترطت عليه ،بمعن ً
واحد عند أهل اللّغة .
شرط عند الفقهاء والصوليّين :فهو ما جعله ما ال ّ أ ّ
ي ل يتحّقق إل ّ بوجوده : مل ً لمر شرع ّ شارع مك ّ ال ّ
صلة فيما ة لل ّ كالطّهارة ،جعلها اللّه تعالى مك ّ
مل ً
يقصد منها من تعظيمه سبحانه وتعالى إذ الوقوف
شاملة للبدن والثّياب بين يديه تعالى مع الطّهارة ال ّ
والمكان أكمل في معنى الحترام والتّعظيم ،وبهذا
شرط شرعيّة إل ّ بها ،فال ّ صلة ال ّ الوضع ل تتحّقق ال ّ
بهذا العتبار يتوقّف عليه وجود الحكم وهو خارج عن
المشروط ،ويلزم من عدمه عدم الحكم ،ول يلزم
من وجوده وجود الحكم ول عدمه .
564
شرط مانع من ترتّب المشروط ،وهو ك في ال ّ ش ّ وال ّ
ك في المشروط .وبناءً على ذلك ش ّ كذلك يوجب ال ّ
ك في وجب الوضوء على من تيّقن الطّهارة وش ّ
الحدث على المشهور عند المالكيّة ،وامتنع
القصاص من الب في قتل ابنه .وامتنع الرث
ش ّ
ك ك في موت الموّرث أو حياة الوارث ،وبال ّ ش ّ بال ّ
في انتفاء المانع من الميراث .
ك في المانع : ش ّ ال ّ
ة :الحائل . - 13المانع لغ ً
ما المانع في الصطلح فقد عّرف بقولهم :هو ما أ ّ
يلزم من أجل وجوده العدم -أي عدم الحكم -ول
يلزم من أجل عدمه وجود ول عدم .كقتل الوارث
لموّرثه عمدا ً وعدوانا ً فإنّه يعد ّ مانعا ً من الميراث ،
وإن تحّقق سببه وهو القرابة أو الّزوجيّة أو غيرهما .
ك في المانع فهل يؤثّر ذلك في ش ّفإذا وقع ال ّ
ك في المانع ش ّن " ال ّ
الحكم ؟ انعقد الجماع على أ ّ
م ى بالجماع .ومن ث ّ ك ملغ ً ش ّ
ن ال ّ
ل أثر له " أي إ ّ
ك الحاصل في ارتداد زيد قبل وفاته أم ل؟ ش ّ
ألغي ال ّ
ح الرث منه استصحابا ً للصل الّذي هو السلم . وص ّ
ك الّزوج هل ك في الطّلق ،بمعنى ش ّ ش ّ كما ألغي ال ّ
ك هنا ل ش ّ ن ال ّ حصل منه الطّلق أم ل ؟ وقد سبق أ ّ
ن الواجب استصحاب العصمة الثّابتة قبل تأثير له وأ ّ
ك في ش ّ ك هنا كان من قبيل ال ّ ش ّ ن ال ّ ك،ل ّ ش ّ ال ّ
ى وسيأتي التّفريق بين هذه حصول المانع وهو ملغ ً
ك في الحدث عند تناول ش ّالمسألة وبين مسألة ال ّ
ك في الطّهارة ش ّ ال ّ
ك في العتاق ش ّوعلى هذا النّحو أيضا ً ألغي ال ّ
والظّهار وحرمة الّرضاع وما إليها .
565
ي -في خصوص الّرضاع : -هو من قال الخطّاب ّ
الموانع الّتي يمنع وجودها وجود الحكم ابتداءً وانتهاءً
،فهو يمنع ابتداء النّكاح ويقطع استمراره -إذا طرأ
ك في حصوله لم يؤثّر بناءً على ش ّ عليه -فإذا وقع ال ّ
ن الحوط ى " وقد يقال :إ ّ ك ملغ ً ش ّ قاعدة " ال ّ
شخص أن التّنّزه عن ذلك وقد ذكروا أنّه ل ينبغي لل ّ
يقدم إل ّ على فرج مقطوع بحلّيّته .
ك في الطّهارة : ش ّال ّ
ن من تيّقن الحدث وش ّ
ك - 14أجمع الفقهاء على أ ّ
صلة إن ب عليه الوضوء ،وإعادة ال ّ في الطّهارة يج ّ
مة مشغولة فل تبرأ إل ّ بيقين ،فإن ن الذ ّ ّصلّى ل ّ
ك في الحدث فل وضوء عليه عند تيّقن الطّهارة وش ّ
ك عندهم ش ّ ن الوضوء ل ينقض بال ّ جمهور الفقهاء ل ّ
لحديث عبد اللّه بن زيد قال » :شكي إلى النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم الّرجل يخيّل إليه أنّه يجد
صلة ؟ فقال – صلى الله عليه وسلم شيء في ال ّ ال ّ
: -ل ينصرف حتّى يسمع صوتا ً أو يجد ريحا ً « .
وقال المالكيّة -في المشهور من المذهب : -من
ك في الحدث فعليه الوضوء مش ّ تيّقن الطّهارة ث ّ
ش ّ
ك ن ال ّ وجوبا ً -وقيل :استحبابا ً -لما تقّرر من أ ّ
ك في الخر ،إل ّ أن ش ّ
في أحد المتقابلين يوجب ال ّ
يكون مستنكحا ً ،وعلى هذا يحمل الحديث .
قن ن من تي ّ وذكر الفقهاء في هذا الباب أيضا ً أ ّ
سابق منهما فعليه ك في ال ّ الطّهارة والحدث معا ً وش ّ
أن يعمل بضد ّ ما قبلهما :فإن كان قبل ذلك محدثاً
فهو الن متطهّر ،لنّه تيّقن الطّهارة بعد ذلك
ك في انتقاضها ،حيث ل يدري هل الحدث وش ّ
الحدث الثّاني قبلها أو بعدها ؟ وإن كان متطهّراً
وكان يعتاد التّجديد فهو الن محدث لنّه متيّقن حدثاً
566
ك في زواله حيث ل يدري هل بعد تلك الطّهارة وش ّ
خرة عنه أم ل ؟ . الطّهارة الثّانية متأ ّ
وري وأبي حنيفة ّ قال ابن عبد البّر :مذهب الث ّ
ي ومن سلك سبيله شافع ّ ي وال ّ وأصحابه والوزاع ّ
البناء على الصل حدثا ً كان أو طهارةً ،وهو قول
أحمد بن حنبل ،وإسحاق وأبي ثور والطّبريّ ،وقال
مالك :إن عرض له ذلك كثيرا ً فهو على وضوئه ،
ك في ن من أيقن بالحدث وش ّ وأجمع العلماء أ ّ
ن عليه الوضوء ن شكّه ل يفيد فائدة ً وأ ّ الوضوء فإ ّ
ن
ى ،وأ ّ ك عندهم ملغ ً ش ّ ن ال ّ
ل على أ ّ فرضا ً وهذا يد ّ
العمل عندهم على اليقين ،وهذا أصل كبير في
الفقه فتدبّره وقف عليه .ومن هذا القبيل ما جاء
ن المرأة إذا رأت دم الحيض ولم عن الفقهاء من أ ّ
ن حكمها حكم من رأى منيّا ً في تدر وقت حصوله فإ ّ
ثوبه ولم يعلم وقت حصوله ،أي عليها أن تغتسل
ل القوالصلة من آخر نومة ،وهذا أق ّ وتعيد ال ّ
تعقيدا ً وأكثرها وضوحا ً .
ن حكم الحيض وضابطه ما قاله ابن قدامة من أ ّ
المشكوك فيه كحكم الحيض المتيّقن في ترك
العبادات .
ك في هذا الموضع -مطلق التّردّد - ش ّ والمراد بال ّ
كما سبق في مفهومه عند الفقهاء سواء أكان على
سواء أم كان أحد طرفيه أرجح . ال ّ
صلة : ك في ال ّ ش ّال ّ
ك في القبلة : ش ّ
أ -ال ّ
ك في جهة الكعبة فعليه أن يسأل عنها - 15من ش ّ
العالمين بها من أهل المكان إن وجدوا وإل ّ فعليه
بالتّحّري والجتهاد لما رواه عامر بن ربيعة -رضي
ي صلى الله الله تعالى عنه -قال » :كنّا مع النّب ّ
567
عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين
ما أصبحنا ل رجل منّا على حياله فل ّ القبلة ،فصلّى ك ّ
ي صلى الله عليه وسلم فنزل ذكرنا ذلك ُللنّب ّ
ه اللّهِ } « .وقبلة المتحّري - ما تُوَل ّوا ْ فَث َ َّ َ
ج ُ
م وَ ْ { فَأيْن َ َ
ي بن أبي طالب رضي الله عنه - كما ورد عن عل ّ
هي جهة قصده .
صلة الواحدة لجهة القصد هذه تجزئ المصلّي وال ّ
وتسقط عنه الطّلب لعجزه ،ويرى ابن عبد الحكم
ل جهة من الجهات الربع ن الفضل له أن يصلّي لك ّ أ ّ
ما إذاأخذا ً بالحوط ،وذلك إذا كان شكّه دائرا ً بينها أ ّ
ن الّرابعة انحصر شكّه في ثلث جهات فقط مثل ً فإ ّ
ضله ابن عبد ي ما ف ّ ل يصلّي إليها ،وقد اختار اللّخم ّ
ن المعتمد الوّل عند جمهور المالكيّة الحكم ،ولك ّ
وغيرهم .
ك في دخول الوقت : ش ّ ب -ال ّ
ل حتّى يغلب ك في دخول الوقت لم يص ّ - 16من ش ّ
ن الصل عدم دخوله ،فإن صلّى على ظنّه دخوله ل ّ
ك فعليه العادة وإن وافق الوقت ،لعدم ش ّ مع ال ّ
حة صلته مثلما هو المر فيمن اشتبهت عليه ص ّ
القبلة فصلّى من غير اجتهاد .
صلة الفائتة : ك في ال ّ ش ّ ج -ال ّ
أي صلة - 17من فاتته صلة من يوم ما ،ول يدري ّ
هي فعليه أن يعيد صلة يوم وليلة حتّى يخرج من
ك. عهدة الواجب بيقين ل بش ّ
صلة :ك في ركعة من ركعات ال ّ ش ّ د -ال ّ
ك في صلته فلم يدر - 18اختلف الفقهاء فيمن ش ّ
أواحدة ً صلّى أو اثنتين أو ثلثا ً أو أربعا ً ؟ وقال مالك
ي :يبني على اليقين ول يجزئه التّحّري ، شافع ّ وال ّ
568
جوا وروي مثل ذلك عن الثّوريّ والطّبريّ ،واحت ّ
لذلك :
ي صلى ن النّب ّالخدري :أ ّ
ّ أوّل ً :بحديث أبي سعيد
ك أحدكم في صلته الله عليه وسلم قال » :إذا ش ّ
ش ّ
ك فلم يدر كم صلّى أثلثا ً أم أربعا ً ؟ فليطرح ال ّ
م يسجد سجدتين قبل أن وليبن على ما استيقن ث ّ
يسلّم .فإن كان صلّى خمسا ً ،شفعن له صلته ،
شيطان « وإن كان صلّى إتماما ً لربع كانتا ترغيما ً لل ّ
.
وثانيا ً :بالقاعدتين الفقهيّتين اللّتين في معنى
ما يوجب البناء على الحاديث المشار إليها وغيرها م ّ
اليقين .وهما :
ك". ش ّالقاعدة الولى " :اليقين ل يزيله ال ّ
ك في النّقصان كتحّققه " . ش ّ
والثّانية " :وال ّ
ك يحدث له لوّل مّرة ش ّوقال أبو حنيفة إذا كان ال ّ
بطلت صلته ولم يتحّر وعليه أن يستقبل صلةً
ك يعتاده ويتكّرر له يبني على ش ّجديدة ً .وإن كان ال ّ
غالب ظنّه بحكم التّحّري ويقعد ويتشهّد بعد ك ّ
ل
ركعة يظنّها آخر صلته لئل ّ يصير تاركا ً فرض
ل ،وقال ن بنى على الق ّ القعدة ،فإن لم يقع له ظ ّ
وري -في رواية عنه : -يتحّرى سواء كان ذلك ّ الث ّ
أوّل مّرة أو لم يكن .
ي :يتحّرى ،قال :وإن نام في صلته وقال الوزاع ّ
فلم يدر كم صلّى ؟ استأنف .
وقال اللّيث بن سعد :إن كان هذا شيئا ً يلزمه ول
سهو عن التّحّري ،وعن ك أجزأه سجدتا ال ّ يزال يش ّ
البناء على اليقين ،وإن لم يكن شيئا ً يلزمه استأنف
تلك الّركعة بسجدتيها .
569
ك على وجهين :اليقين ش ّ وقال أحمد بن حنبل :ال ّ
ك وسجد ش ّوالتّحّري ،فمن رجع إلى اليقين ألغى ال ّ
سلم ،وإذا رجع إلى التّحّري سهو قبل ال ّ سجدتي ال ّ
سلم .ودليله حديث أبي سهو بعد ال ّ سجد سجدتي ال ّ
ي صلى الله ن النّب ّ
هريرة -رضي الله تعالى عنه -أ ّ
ن أحدكم إذا قام يصلّي جاء عليه وسلم قال » :إ ّ
شيطان فلبّس عليه حتّى ل يدري كم صلّى ،فإذا ال ّ
وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس « .
جة من قال بالتّحّري في هذا الموضوع حديث وح ّ
ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه -قال :قال
كرسول اللّه صلى الله عليه وسلم » :إذا ش ّ
صواب « أحدكم في صلته فليتحّر الّذي يرى أنّه ال ّ
م -يعني -يسجد سجدتين . ث ّ
ك في الّزكاة : ش ّ ال ّ
ك في تأديتها : ش ّ أ -ال ّ
ك رجل في الّزكاة فلم يدر أزكّى أم ل ؟ - 19لو ش ّ
ن العمر كلّه وقت لدائها ، فالواجب عليه إخراجها ل ّ
ومن هنا يظهر الفرق بين صاحب هذه الحالة وبين
صلة بعد خروج الوقت أصلّى أم ل ؟ ك في ال ّ من ش ّ
حيث ذكروا -كما تقدّم -إعفاءه من العادة لنّها
مؤقّتة والّزكاة بخلفها .
ل الّزكاة أو بعضها : ك في تأدية ك ّ ش ّ ب -ال ّ
ن
ة وقعت مفادها :أ ّ ن حادث ً - 20ذكر ابن نجيم أ ّ
ك هل أدّى جميع ما عليه من الّزكاة أو ل ؟ رجل ً ش ّ
حيث كان يؤدّي ما عليه متفّرقا ً من غير ضبط ،فت ّ
م
إفتاؤه بلزوم العادة حيث لم يغلب على ظنّه دفع
ن
قدر معيّن ،وهذا الحكم هو مقتضى القواعد ل ّ
مته بيقين فل يخرج عن العهدة الّزكاة ثابتة في ذ ّ
ك. ش ّ بال ّ
570
ك في مصرف الّزكاة : ش ّ ج -ال ّ
ن من ك في أ ّ - 21إذا دفع المزكّي الّزكاة وهو شا ّ
دفعت إليه مصرف من مصارفها ولم يتحّر ،أو
تحّرى ولم يظهر له أنّه مصرف ،فهو على الفساد
إل ّ إذا تبيّن له أنّه مصرف .بخلف ما إذا دفعت
ي
باجتهاد وتحّر لغير مستحقّ في الواقع كالغن ّ
والكافر .
ففيه تفصيل ينظر في مصطلح ( :زكاة ف - 188
189ج . ) 233/ 23
صيام :ك في ال ّ ش ّال ّ
ك في دخول رمضان : ش ّ أ -ال ّ
ك المسلم في دخول رمضان في اليوم - 22إذا ش ّ
الموالي ليومه ولم يكن له أصل يبني عليه مثل أن
يكون ليلة الثّلثين من شعبان ولم يحل دون رؤية
الهلل سحب ول غيوم ومع ذلك عزم أن يصوم غداً
ح نيّته ول يجزئه باعتباره أوّل يوم من رمضان لم تص ّ
ن النّيّة قصد تابع للعلم الحاصل صيام ذلك اليوم ل ّ
ح قصده شرعيّة وحيث انتفى ذلك فل يص ّ بطرقه ال ّ
ماد وربيعة ومالك وابن أبي ليلى وابن وهو رأي ح ّ
صائم لم يجزم النّيّة بصومه من رمضان ن ال ّ المنذر ل ّ
ح كما لو لم يعلم إل ّ بعد خروجه . فلم يص ّ
جمين وأهل المعرفة وكذلك لو بنى على قول المن ّ
ح صومه وإن كثرت إصابتهم لنّه بالحساب لم يص ّ
ي يجوز البناء عليه فكان وجوده ليس بدليل شرع ّ
كعدمه .
ح إذا نواه من اللّيل - ي :يص ّ
وري والوزاع ّ ّ وقال الث ّ
صيام من اللّيل وكان المر كما قصد -لنّه نوى ال ّ
ح كاليوم الثّاني . فص ّ
ي ما يوافق المذهبين . شافع ّ وروي عن ال ّ
571
ك في دخول شوّال : ش ّ ب ال ّ
ح النّيّة ليلة الثّلثين من رمضان رغم أ ّ
ن - 23تص ّ
ن الصل هناك احتمال ً في أن يكون من شوّال ،ل ّ
سنّة لكن بقاء رمضان وقد أمرنا بصومه بالقرآن وال ّ
إذا قال المكلّف :إن كان غدا ً من رمضان فأنا صائم
ح صومه على شوال فأنا مفطر فل يص ّ ّ وإن كان من
صيام والنّيّة قصد رأي بعضهم لنّه لم يجزم بنيّة ال ّ
ن هذا شرط واقع والصل ح نيّته ل ّ جازم ،وقيل :تص ّ
بقاء رمضان .
ك في طلوع الفجر : ش ّ ج -ال ّ
ب
صائم في طلوع الفجر فالمستح ّ ك ال ّ - 24إذا ش ّ
أل ّ يأكل لحتمال أن يكون الفجر قد طلع ،فيكون
صوم ولذلك كان مدعوّا ً للخذ الكل إفسادا ً لل ّ
بالحوط لقوله صلى الله عليه وسلم » :دع ما
يريبك إلى ما ل يريبك «
ك ،فل قضاء عليه عند الحنفيّة ولو أكل وهو شا ّ
كلش ّ صوم مح ّ ن فساد ال ّ شافعيّة والحنابلة ،ل ّ وال ّ
والصل استصحاب اللّيل حتّى يثبت النّهار وهذا ل
ك. ش ّيثبت بال ّ
وقال المالكيّة :من أكل شاكّا ً في الفجر فعليه
ن الصل بقاء اللّيل ،هذا القضاء مع الحرمة رغم أ ّ
سوىّ ما صوم النّفل فقد بالنّسبة لصوم الفرض ،أ ّ
بعضهم بينه وبين الفرض في القضاء والحرمة وفّرق
بينهما جماعة في الحرمة حيث قالوا بالكراهية .
شمس : ك في غروب ال ّ ش ّ د -ال ّ
ح له شمس ل يص ّ صائم في غروب ال ّ ك ال ّ - 25لو ش ّ
ن الصل بقاء النّهار ،ولو كل ّ ش ّ أن يفطر مع ال ّ
أفطر على شكّه دون أن يتبيّن الحال بعد ذلك فعليه
القضاء اتّفاقا ً .والحرمة متّفق عليها كذلك .
572
ك في الفجر متّفق ش ّ وعدم الكّفارة في الكل مع ال ّ
ك في الغروب فمختلف في ش ّما الكل مع ال ّ عليه ،أ ّ
وجوب الكّفارة فيه ،والمشهور عدمها ،فإن أفطر
ش ّ
ك م طرأ ال ّ معتقدا ً بقاء اللّيل أو حصول الغروب ث ّ
فعليه القضاء بل حرمة .
ج:ك في الح ّ ش ّ ال ّ
ك في نوع الحرام : ش ّ أ -ال ّ
ج هل أحرم بالفراد أو بالتّمتّع أو ك الحا ّ - 26إذا ش ّ
ل ذلك قبل الطّواف فعند أبي حنيفة بالقران وك ّ
ومالك يصرفه إلى القران لجمعه بين النّسكين وهو
ي في الجديد . شافع ّ مذهب ال ّ
وعند الحنابلة له صرفه إلى أيّ نوع من أنواع
الحرام المذكورة ،والمنصوص عن أحمد جعله
ي في شافع ّ عمرة ً على سبيل الستحباب ،وقال ال ّ
القديم :يتحّرى فيبني على غالب ظنّه لنّه من
شرائط العبادة فيدخله التّحّري كالقبلة .
ج إلى مة من فسخ الح ّ وسبب الخلف مواقف الئ ّ
العمرة ،فهو جائز عند الحنابلة ،وغير جائز عند
غيرهم .
ن صرفه ل يجوز إل ّ إلى ك بعد الطّواف فإ ّ ما إن ش ّ وأ ّ
ج على العمرة بعد الطّواف ن إدخال الح ّ العمرة ل ّ
مع ركعتيه غير جائز .
جة :ك في دخول ذي الح ّ ش ّ ب -ال ّ
جة فوقفوا ك النّاس في هلل ذي الح ّ - 27لو ش ّ
مبعرفة إن أكملوا عدّة ذي القعدة ثلثين يوما ً ث ّ
شهود أنّهم رأوا الهلل ليلة كذا ،وتبيّن أن شهد ال ّ
يوم وقوفهم كان يوم النّحر فوقوفهم صحيح
مة الربعة . مة عند الئ ّ جتهم تا ّ وح ّ
573
وذلك لما ورد أنّه -عليه الصلة والسلم -قال » :
صوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والضحى ال ّ
حون « . يوم تض ّ
ن الحكم المذكور المتمثّل في وأضاف الحنفيّة أ ّ
ما إذا تبيّن حة الوقوف كان استحسانا ً ل قياسا ً .أ ّ ص ّ
أنّهم وقفوا في اليوم الثّامن فل يجزيهم وقوفهم
عند أكثر أهل العلم ،وهو قول مالك واللّيث
ي وأبي حنيفة وصاحبيه . والوزاع ّ
ن الّذين وقفوا يوم النّحر صورتين :أ ّ والفرق بين ال ّ
فعلوا ما تعبّدهم اللّه به على لسان نبيّه صلى الله
عليه وسلم من إكمال العدّة دون اجتهاد بخلف
ن ذلك باجتهادهم وقبولهم الّذين وقفوا في الثّامن فإ ّ
شهادة من ل يوثق به .
ك في الطّواف : ش ّ ال ّ
ج في عدد أشواط الطّواف بنى ك الحا ّ - 28إذا ش ّ
لعلى اليقين ،قال ابن المنذر :وعلى هذا أجمع ك ّ
من نحفظ عنه من أهل العلم لنّها عبادة متى ش ّ
ك
ش ّ
ك ن ال ّ صلة .ول ّ فيها وهو فيها بنى على اليقين كال ّ
في النّقصان كتحّققه .وإن أخبره ثقة بعد طوافه
ك في ذلك بعد رجع إليه إذا كان عدل ً ،وإن ش ّ
ك في فراغه من الطّواف لم يلتفت إليه كما لو ش ّ
صلة . عدد الّركعات بعد فراغه من ال ّ
ك في طوافه بعد ما ركع وفي الموطّأ :من ش ّ
م
م طوافه على اليقين ث ّ ركعتي الطّواف فليعد ليت ّ
ليعد الّركعتين لنّه ل صلة لطواف إل ّ بعد إكمال
سبع . ال ّ
ك في الطّهارة وهو في الطّواف لم يص ّ
ح وإذا ش ّ
ك في شرط العبادة قبل الفراغ طوافه ذلك لنّه ش ّ
صلة . ك في الطّهارة أثناء ال ّ منها فأشبه ما لو ش ّ
574
ك في الذ ّبائح : ش ّ ال ّ
- 29من التبست عليه المذكّاة بالميتة حرمتا معاً
ك.ش ّلحصول سبب التّحريم الّذي هو ال ّ
وكذلك لو رمى المسلم طريدة ً بآلة صيد فسقطت
في ماء وماتت والتبس عليه أمرها ،فل تؤكل
ك في المبيح . ش ّ لل ّ
ل ذبيحتهولو وجدت شاة مذبوحة ببلد فيه من تح ّ
ك في ذابحها ل تح ّ
ل ش ّ ل ذبيحته ووقع ال ّ ومن ل تح ّ
ل ذبيحتهم . إل ّ إذا غلب على أهل البلد من تح ّ
ك في الطّلق : ش ّ ال ّ
ك الّزوج في الطّلق ل يخلو من ثلث حالت - 30ش ّ
:
ك في وقوع أصل ش ّ الحالة الولى :أن يكون ال ّ
ك هل طلّقها أم ل ؟ فل يقع الطّلق التّطليق ،أي ش ّ
مة ،واستدلّوا لذلك بأ ّ
ن في هذه الحالة بإجماع ال ّ
ك لقوله تعالى : ش ّ النّكاح ثابت بيقين فل يزول بال ّ
م}. عل ْ ٌ ك بِهِ ِ س لَ َ
ما لَي ْ َ
ف َ { وَل َ تَْق ُ
ك في عدد الطّلق -مع ش ّ الحالة الثّانية :أن يقع ال ّ
تحّقق وقوعه -هل طلّقها واحدةً أو اثنتين أو ثلثا ً ؟
ي من الحنابلة ، ل له – عند المالكيّة ،والخرق ّ لم تح ّ
شافعيّة – إل ّ بعد زوج آخر لحتمال كونه وبعض ال ّ
ثلثا ً .عمل ً بقوله عليه الصلة والسلم » :دع ما
يريبك إلى ما ل يريبك « ويحكم بالق ّ
ل عند أبي
ي وأحمد ،فإذا راجعها حلّت له على شافع ّ حنيفة وال ّ
رأي هؤلء .
ك في صفة الطّلق كأن ش ّ الحالة الثّالثة :أن يقع ال ّ
ة ،وفي هذه ة أو رجعي ّ ً يتردّد مثل ً في كونها بائن ً
الحالة يحكم بالّرجعيّة لنّها أضعف الطّلقين فكان
متيّقنا ً بها .
575
ن الّرجل لو ي -في هذا المعنى -أ ّ وذكر الكاسان ّ
ي عند قال لزوجته :أنت طالق أقبح طلق فهو رجع ّ
ن قوله :أقبح طلق يحتمل القبح أبي يوسف ل ّ
شرعيّة ،ويحتمل القبح ي وهو الكراهية ال ّ شرع ّ ال ّ
ي وهو الكراهية الطّبيعيّة ،والمراد بها أن الطّبيع ّ
يطلّقها في وقت يكره الطّلق فيه طبعا ً ،فل تثبت
مد بن الحسن ك ،وهو بائن عند مح ّ ش ّ البينونة فيه بال ّ
ن المطلّق قد وصف الطّلق بالقبح ، يل ّ شيبان ّ ال ّ
ي عنه ،وهو والطّلق القبيح هو الطّلق المنه ّ
البائن ،ولذلك يقع بائنا ً .
ك في الّرضاع : ش ّ ال ّ
- 31الحتياط لنفي الّريبة في البضاع متأكّد ويزداد
صا ً بالمحارم . المر تأكيدا ً إذا كان مخت ّ
ك في وجود الّرضاع أو في عدده بنى على فلو ش ّ
صورة الولى ن الصل عدم الّرضاع في ال ّ اليقين ،ل ّ
صورة الثّانية إلّ وعدم حصول المقدار المحّرم في ال ّ
شبهات وتركها أولى لقوله -عليه أنّها تكون من ال ّ
شبهات فقد استبرأ الصلة والسلم » : -من اتّقى ال ّ
لدينه وعرضه « .
ك فيما يقرب من هذا ش ّ ن ال ّ يأ ّ ويرى القراف ّ
الموضوع وما ناظره قد يعد ّ -في بعض الحالت -
من السباب الّتي تدعو إلى الحكم بالتّحريم ،من
ك الّرجل في أجنبيّة وأخته من ذلك مثل ً ما لو ش ّ
الّرضاع حرمتا عليه معا ً .
ك في اليمين : ش ّ ال ّ
ك في أصل اليمين هل وقعت ش ّ ما أن يكون ال ّ - 32إ ّ
أو ل :كشكّه في وقوع الحلف أو الحلف والحنث ،
ن الصل صورة ل ّ ك في هذه ال ّ شا ّ فل شيء على ال ّ
ما أن يكون ك .وإ ّ ش ّ مة واليقين ل يزول بال ّ براءة الذ ّ ّ
576
كك في المحلوف به كما إذا حلف وحنث ،وش ّ ش ّ ال ّ
هل حلف بطلق أو عتق أو مشي إلى بيت اللّه
تعالى ،أو صدقة ،فالواجب عليه في هذه الحالة
وما ماثلها -عند المالكيّة -طلق نسائه وعتق رقيقه
والمشي إلى مكّة والتّصدّق بثلث ماله ،وهو مأمور
بذلك كلّه على وجه الفتاء ل على وجه القضاء إذ
الحالف -في رأيهم -يؤمر بإنفاذ اليمان المشكوك
فيها من غير قضاء .
صورة ل شيء ك في هذه ال ّ شا ّ ن ال ّ ويرى الحنفيّة أ ّ
ن
ك ،ول ّ ن الطّلق والعتاق ل يقعان بال ّ
ش ّ عليه ل ّ
ش ّ
ك الكّفارة المترتّبة على الحلف باللّه ل تجب مع ال ّ
مة .أيضا ً إذ الصل براءة الذ ّ ّ
ويضيفون إلى هذا الحلف إذا كان معلّقا ً بشرط
ك في القسم هل كان باللّه إذا تحّقق ش ّ
معلوم مع ال ّ
ن الحلف بالطّلق شرط وكان الحالف مسلما ً ،ل ّ ال ّ
والعتاق غير مشروع فيجب حمل المسلم على
التيان بالمشروع دون المحظور .
ك في النّذر : ش ّ ال ّ
ك النّاذر في نوع المنذور هل هو صلة أو - 33لو ش ّ
مةصيام أو صدقة أو عتق ؟ تلزمه -عند جمهور الئ ّ
ك في المنذور كعدم تسميته ش ّ ن ال ّ -كّفارة يمين ،ل ّ
.
ك في الوصيّة : ش ّ ال ّ
- 34قال أبو حنيفة -في رجل أوصى بثلث ماله
ن ثلث ماله ألف مثل ً فإذا ثلث ى وأخبر أ ّ م ً لرجل مس ّ
ن له الثّلث من جميع المال ما ذكر : -إ ّ ماله أكثر م ّ
مى باطلة لنّها خطأ ،والخطأ ل والتّسمية الّتي س ّ
ينقض الوصيّة ول يكون رجوعا ً فيها ،ووافقه أبو
ما أوصى بثلث ماله فقد يوسف في هذا الّرأي لنّه ل ّ
577
حتها ل تتوقّف على نص ّ أتى بوصيّة صحيحة حيث إ ّ
ة بدونه بيان المقدار الموصى به فتقع الوصيّة صحيح ً
.
شهادة : ل ال ّ ك في الدّعوى ،أو محلّها ،أو مح ّ ش ّ
ال ّ
ك المدين - 35أ -لو ادّعى شخص دينا ً على آخر وش ّ
في قدره ينبغي لزوم إخراج القدر المتيّقن .
الحموي :قيل :الظّاهر أنّه ليس على سبيل ّ قال
الوجوب وإنّما هو على سبيل التّوّرع والخذ بالحوط
مة . ن الصل براءة الذ ّ ّ ل ّ
والمراد بالقدر المتيّقن -في هذه الحالة وما ماثلها -
ك دائرا ً بين عشرة ش ّ هو أكثر المبلغين :فإذا كان ال ّ
وخمسة فالمتيّقن العشرة لدخول الخمسة فيها ،
قنًا
ل متي ّ وبهذا العتبار يكون الكثر بالنّسبة إلى الق ّ
ك فيهما . ش ّ دائما ً رغم وقوع ال ّ
ن المدين في هذه الحالة عليه وذكر بعض الفقهاء :أ ّ
أن يرضي خصمه ول يحلف خشية أن يقع في
الحرام ،وإن أصّر خصمه على إحلفه حلف إن كان
ن صاحب جح عنده أ ّ ما إذا تر ّ أكبر ظنّه أنّه مبطل ،أ ّ
ق فإنّه ل يحلف . الدّعوى مح ّ
ن به م ادّعى أ ّ ب -لو اشترى أحد حيوانا ً أو متاعا ً ث ّ
عيبا ً وأراد ردّه واختلف أهل الخبرة فقال بعضهم :
هو عيب وقال بعضهم :ليس بعيب ،فليس
سلمة هي الصل المتيّقن فل ن ال ّ للمشتري الّرد ّ ل ّ
ش ّ
ك يثبت العيب بال ّ
ج -لو ادّعت المرأة عدم وصول النّفقة والكسوة
نالمقّررتين لها في مدّة معيّنة فالقول لها ،ل ّ
ما دعواه مة الّزوج وأ ّ الصل المتيّقن بقاؤها في ذ ّ
ك.فمشكوك فيها ول يزول يقين بش ّ
578
ن عليّا ً مدين لعمر بألف د -إذا كان إنسان يعلم أ ّ
ي ،وإن دينار مثل ً فإنّه يجوز له أن يشهد على عل ّ
ك في وفائها أو في البراء عنها إذ ل ش ّ خامره ال ّ
سابق . ك في جانب اليقين ال ّ ش ّ عبرة بال ّ
شهادة : ك في ال ّ ش ّ ال ّ
ن لفلن على فلن شاهد :أشهد بأ ّ - 36لو قال ال ّ
ن ،أو مائة دينار -مثل ً -فيما أعلم أو فيما أظ ّ
ك الّذي داخلها من ش ّ حسب ظنّي لم تقبل شهادته لل ّ
شهادة لفظ أشهد ل ن ركن ال ّ الّزيادة على لفظها ،ل ّ
شهادة والقسم والخبار للحال منه معنى ال ّ غير لتض ّ
فكأنّه يقول :أقسم باللّه لقد اطّلعت على ذلك وأنا
أخبر به ،ومن أجل ذلك تعيّن لفظ أشهد .
شهود لو ن ال ّ
وقد بيّن سحنون -من المالكيّة -أ ّ
شهدوا على امرأة بنكاح أو إقرار أو إبراء وسأل
ن
الخصم إدخالها في نساء للتّعّرف عليها من بينه ّ
فقالوا :شهدنا عليها عن معرفتها بعينها ونسبها ول
ندري هل نعرفها اليوم وقد تغيّرت حالها فل نتكلّف
ذلك ،فل بد ّ والحالة هذه من التّعّرف عليها وإلّ
ما لو قالوا :نخاف أن تكون ك،أ ّ ش ّ ردّت شهادتهم لل ّ
تغيّرت ،فالواجب أن يقال لهم :إن شككتم وقد
أيقنتم أنّها ابنة فلن وليس لفلن هذا إل ّ بنت واحدة
شهادة - من حين شهدوا عليها إلى اليوم جازت ال ّ
في هذه الحالة -وقبلت .
ن
ن المالكيّة يرون أ ّ ما تجدر الشارة إليه أ ّ وم ّ
شاهد . ك تسلب صفة العدالة لل ّ ش ّشهادة مع ال ّ ال ّ
ومن أجل ذلك وغيره أكّد جميع الفقهاء أ ّ
ن
ك .ووضعوا قيودا ً لقبول ش ّالمعاوضة ل تثبت بال ّ
ك الّذي يمكن أن يداخلها . ش ّ سماع لل ّ شهادة ال ّ
ك في النّسب : ش ّ ال ّ
579
ل مطلّقة عليها العدّة فنسب ولدها يثبت - 37أ -ك ّ
من الّزوج إل ّ إذا علم يقينا ً أنّه ليس منه ،وهو أن
ن
تجيء به لكثر من سنتين وإنّما كان كذلك ل ّ
الطّلق قبل الدّخول يوجب انقطاع النّكاح بجميع
ل وجه زائل ً بيقين وما زال علئقه فكان النّكاح من ك ّ
بيقين ل يثبت إل ّ بيقين مثله فإذا جاءت بولد لق ّ
ل
ن العلوق قنّا أ ّ من ستّة أشهر من يوم الطّلق فقد تي ّ
وجد في حال الفراش وإنّه وطئها وهي حامل منه إذ
ن المرأة ل ل يحتمل أن يكون بوطء بعد الطّلق ل ّ
ل من ستّة أشهر فكان من وطء وجد على تلد لق ّ
فراش الّزوج وكون العلوق في فراشه يوجب ثبوت
النّسب منه .فإذا جاءت بولد لستّة أشهر فصاعداً
لم يستيقن بكونه مولودا ً على الفراش لحتمال أن
يكون بوطء بعد الطّلق والفراش كان زائل ً بيقين
ك. ش ّ فل يثبت مع ال ّ
ب -إذا ادّعى إنسان نسب لقيط ألحق به ،لنفراده
بالدّعوى ،فإذا جاء آخر بعد ذلك وادّعاه فلم يزل
ك الّذي أحدثته دعوى ش ّ نسبه عن الوّل -رغم ال ّ
الثّاني -لنّه حكم له به فل يزول بمجّرد الدّعوى ،
إل ّ إذا شهد القائفون بأنّه للثّاني فالقول قولهم ل ّ
ن
ة في إلحاق النّسب .وإذا ادّعى القيافة تعتبر بيّن ً
ح ذلك شرعاً اللّقيط اثنان فألحقه القائفون بهما ص ّ
وكان ابنهما يرثهما ميراث ابن ويرثانه ميراث أب
واحد ،وهذا الّرأي يروى عن عمر بن الخطّاب
ي بن أبي طالب وهو قول أبي ثور . وعل ّ
وقال أصحاب الّرأي يلحق بهما بمجّرد الدّعوى للثار
الكثيرة الواردة في ذلك .
ك ينتفع به المتّهم : ش ّال ّ
580
شبهات - 38اتّفق الفقهاء على أنّه :تدرأ الحدود بال ّ
م المؤمنين -رضي .والصل في ذلك عن عائشة أ ّ
الله تعالى عنها -قالت :قال رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم » :ادرءوا الحدود عن المسلمين ما
استطعتم ،فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله فإ ّ
ن
المام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في
العقوبة « ،وفي حديث آخر » :ادفعوا الحدود ما
وجدتم لها مدفعا ً « .
ن رسول اللّه وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص :أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال » :تعافوا الحدود فيما
بينكم فما بلغني من حد ّ فقد وجب « .
وهذه القاعدة توجب أوّل ً :اعتماد اليقين -ما أمكن
-في نسبة الجريمة إلى المتّهم .
ك -مهما كانت نسبته ومهما كان ش ّ ن ال ّ وثانيا ً :أ ّ
محلّه ومهما كان طريقه -ينتفع به المتّهم فيدرأ عنه
ن الدّليل يقوم -هناك - ي :فإ ّ
شاطب ّ الحد ّ ،يقول ال ّ
ن في إقامة الحد ّ ،ومع ذلك فإذا عارضته مفيدا ً للظ ّ ّ
شبهة وإن ضعفت -غلب -حكمها ودخل صاحبها
في مرتبة العفو .
وثالثا ً :الخطأ في العفو أفضل شرعا ً من الخطأ في
ب إلى اللّه ن تبرئة المجرم فعل ً أح ّ العقوبة حيث إ ّ
ورسوله من معاقبة البريء .
صحابة ة في أقضية ال ّ وهذا المبدأ نجد تطبيقاته مبثوث ً
-رضي الله عنهم -وأقضية التّابعين وفتاوى
المجتهدين ،من ذلك ما حكم به عمر بن الخطّاب -
رضي الله تعالى عنه -في قضيّة المغيرة بن شعبة
والي البصرة الّذي اتّهم بالّزنا مع امرأة أرملة كان
يحسن إليها ،فاستدعى الخليفة الوالي وشهود
نالتّهمة فشهد ثلثة برؤية تنفيذ الجريمة ،ولك ّ
581
شاهد الّرابع الّذي يكتمل به النّصاب قال :لم أر ال ّ
ة وسمعت نفسا ً عاليا ً ، ما قال هؤلء بل رأيت ريب ً
ول أعرف ما وراء ذلك ،فأسقط عمر التّهمة عن
شهود المغيرة وحفظ له براءته وطهارته ،وعاقب ال ّ
الثّلثة عقوبة القذف .
سرقة عام الّرمادة لنّه وعمر نفسه لم يقم حد ّ ال ّ
ة على الضطرار ، مة قرين ً جعل من المجاعة العا ّ
سرقة تمنع الحد ّ عن والضطرار شبهة في ال ّ
ضرورة . سرقة في حدود ال ّ سارق بل تبيح له ال ّ ال ّ
ة ظنّاً ن من أخذ من مال أبيه خفي ً مة أ ّ وقد ذكر الئ ّ
ن من جامع منه أنّه يباح له ذلك ل حد ّ عليه ،وأ ّ
ن ذلك يباح له ل المطلّقة ثلثا ً في العدّة ظنّا ً منه أ ّ
حد ّ عليه أيضا ً .
ن ما يعرف بشبهة ونقل عن أبي حنيفة القول بأ ّ
العقد يدرأ الحد ّ بها ،فل حد ّ -في رأيه -على من
ة بعد العقد عليها وإن كان عالماً وطئ محّرم ً
بالحرمة :كوطء امرأة تزوّجها بل شهود مثلً ،وفي
صاحبين عليه الحد ّ -إذا كان عالما ً بالحرمة - رأي ال ّ
وهو المعتمد .
ش ّ
ك ك ل تناط به الّرخص :أو الّرخص ل تناط بال ّ ش ّ ال ّ
:
ي نقل ً عن سيوط ّ - 39هو لفظ قاعدة فقهيّة ذكرها ال ّ
ي فّرعوا عليها الفروع التّالية : سبك ّ ي الدّين ال ّ تق ّ
ك في جواز المسح أ -وجوب غسل القدمين لمن ش ّ
على الخّفين أو على الجوربين وما إلى ذلك.
ك في غسل إحدى رجليه وأدخلهما في ب -من ش ّ
فين -مع ذلك -ل يباح له المسح عليهما. الخ ّ
ك في جواز القصر . ج -وجوب التمام لمن ش ّ
ويمكن أن يكون ذلك في صور عديدة .
582
================
م* ش ّ َ
التّعريف :
مه ،م في اللّغة :مصدر شممته أش ّ ش ّ - 1ال ّ
ما ً .
مه ش ّ وشممته أش ّ
س النف ،وإدراك الّروائح . م:ح ّ وال ّ
ش ّ
مه :أدناه من شيء واشت ّ مم ال ّ وقال أبو حنيفة :تش ّ
أنفه ليجتذب رائحته .
ول يخرج معنى اللّفظ في الصطلح عن المعنى
اللّغويّ .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -الستنكاه :
م رائحة فمه ، - 2جاء في اللّسان :استنكهه :ش ّ
والسم :النّكهة .ونكهته :شممت ريحه ،وفي
ي » :فقام رجل فاستنكهه صة ماعز السلم ّ حديث ق ّ
م نكهته ورائحة فمه . « :أي ش ّ
ي: الحكم التّكليف ّ
شهودم قد يكون واجبا ً وذلك في حقّ ال ّ ش ّ - 3ال ّ
م لجل الخصومات الواقعة في ش ّ المأمورين بال ّ
روائح المشموم حيث يقصد الّرد ّ بالعيب أو يقصد
منع الّرد ّ إذا حدث العيب عند المشتري .
سكران لمعرفة رائحة شهود فم ال ّ م ال ّ وكما في ش ّ
الخمر .
م الطّيب م حراما ً أو مكروها ً كش ّ ش ّ وقد يكون ال ّ
ج أو العمرة عند من يقولون بذلك . للمحرم بالح ّ
م الّزهور والّرياحين المباحة وقد يكون مباحا ً كش ّ
والطّيب المباح .إل ّ إذا كان طيبا ً تطيّبت به امرأة
مه .مد ش ّ أجنبيّة فيحرم تع ّ
صائم الطّيب ونحوه : م ال ّ ش ّ
583
صائم - 4ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لو أدخل ال ّ
م رائحته أفطر لمكان التّحّرز إلى حلقه البخور وش ّ
مما لو ش ّ عنه .وإذا لم يصل إلى حلقه ل يفطر .أ ّ
ما ل جسم له فل هوا ًء فيه رائحة الورد ونحوه م ّ
يفطر عند الحنفيّة .
وكرهه المالكيّة .
م الّرياحين ونحوها نهاراً شافعيّة ش ّ كما يكره عند ال ّ
ن له تركه .وعند صائم لنّه من التّرفّه ولذلك يس ّ لل ّ
مه لنّه ل الحنابلة إذا كان الطّيب مسحوقا ً كره ش ّ
مه أن يجذبه نفسه للحلق ،ولذلك ل يؤمن من ش ّ
م الورد والعنبر والمسك غير المسحوق . يكره ش ّ
م المحرم الطّيب : ش ّ
م الطّيب - 5ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى كراهة ش ّ
للمحرم .ول فرق عند المالكيّة بين الطّيب المذكّر
ي من المدونة ،وقال الباج ّّ والمؤنّث .وهو مذهب
م الطّيب المؤنّث .كذلك يكره المالكيّة :يحرم ش ّ
ما م الطّيب للمحرم ،لكن يؤخذ م ّ شافعيّة ش ّ عند ال ّ
م ما جاء في المهذ ّب وشرحه المجموع أنّه يحرم ش ّ
يعتبر طيبا ً كالورد والمسك والكافور .
ي والنّرجس والنّيلوفر واختلف في الّريحان الفارس ّ
ونحوه وفيه قولن :
مها لما روي عن عثمان -رضي أحدهما :يجوز ش ّ
الله تعالى عنه -أنّه سئل عن المحرم :يدخل
ن هذه م الّريحان ،ول ّ البستان ؟ فقال :نعم ويش ّ
ة فإذا جّفت لم يكن الشياء لها رائحة إذا كانت رطب ً
لها رائحة .
والثّاني :ل يجوز ،لنّه يراد للّرائحة فهو كالورد
والّزعفران .
584
ي بإسناده عن ابن عبّاس أنّه كان ل وروى البيهق ّ
ي
م الّريحان ،وروى البيهق ّ يرى بأسا ً للمحرم بش ّ
عكسه عن ابن عمر وجابر فروى بإسنادين صحيحين
م الّريحان أحدهما عن ابن عمر أنّه كان يكره ش ّ
للمحرم ،والثّاني عن أبي الّزبير أنّه سمع جابراً
مه المحرم ،والطّيب يسأل عن الّريحان أيش ّ
والدّهن فقال :ل .
ما ما يطلب للكل والتّداوي غالبا ً كالقرنفل وأ ّ
ي والفواكه كالتّّفاح والمشمش فيجوز والدّارصين ّ
مه لنّه ليس بطيب . أكله وش ّ
شافعيّة الجلوس عند العطّار ويجوز للمحرم عند ال ّ
ن
ة ول ّ ن في المنع من ذلك مشّق ً خر ل ّ وفي موضع يب ّ
ب أن يتوقّى ذلك ذلك ليس بتطيّب مقصود والمستح ّ
إل ّ أن يكون في موضع قربة كالجلوس عند الكعبة
ن الجلوس عندها قربة مر ،فل يكره ذلك ل ّ وهي تج ّ
.
صل الحنابلة فقالوا :النّبات الّذي تستطاب وف ّ
رائحته على ثلثة أضرب :
أحدها :ما ل ينبت للطّيب ول يتّخذ منه كنبات
شيح والقيصوم والخزامى والفواكه صحراء من ال ّ ال ّ
ج والتّّفاح ،وما ينبته الدميّون لغير كلّها من التر ّ
مه ول فدية قصد الطّيب كالحنّاء والعصفر فمباح ش ّ
فيه ول نعلم فيه خلفا ً إل ّ ما روي عن ابن عمر أنّه
م شيئا ً من نبات الرض . كان يكره للمحرم أن يش ّ
الثّاني :ما ينبته الدميّون للطّيب ول يتّخذ منه طيب
ي والنّرجس ففيه وجهان :أحدهما كالّريحان الفارس ّ
يباح بغير فدية ،قاله عثمان بن عّفان وابن عبّاس
والحسن ومجاهد وإسحاق رضي الله عنهم .والخر
مه ،فإن فعل فعليه الفدية ،وهو قول جابر يحرم ش ّ
585
وابن عمر وأبي ثور رضي الله عنهم لنّه يتّخذ
للطّيب فأشبه الورد وكلم أحمد يحتمل أنّه يكره ول
يجب فيه شيء .
الثّالث :ما ينبت للطّيب ويتّخذ منه طيب كالورد
مه الفدية ،وعن أحمد رواية والبنفسج ففي ش ّ
مه لنّه زهر أخرى في الورد أنّه ل فدية عليه في ش ّ
شجر م زهر سائر ال ّ مه كش ّ فش ّ
م:ش ّ الجارة لل ّ
- 6ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم جواز إجارة
ن الّرائحة عند الحنفيّة مه ل ّ شيء كالتّّفاح مثل ً لش ّ ال ّ
منفعة غير مقصودة .
وقال المالكيّة :لنّها ل قيمة لها شرعا ً .
م
ش ّشافعيّة استئجار المسك والّرياحين لل ّ وأجاز ال ّ
ن المنفعة متقوّمة . ل ّ
وفّرق الحنابلة بين ما تتلف عينه وما ل تتلف .
قال ابن قدامة :يجوز استئجار ما يبقى من الطّيب
مه المرضى صندل وقطع الكافور والنّد ّ لتش ّ وال ّ
م يردّها ،لنّها منفعة مباحة فأشبهت وغيرهم مدّة ً ث ّ
ح استئجار ما ل م قال :ول يص ّ الوزن والتّحلّي .ث ّ
يبقى من الّرياحين كالورد والبنفسج والّريحان
مها ،لنّها تتلف عن قرب ي وأشباهه لش ّ الفارس ّ
فأشبهت المطعومات .
م:ش ّسة ال ّ الجناية على حا ّ
ما أن تكون عمدا ً أو مإ ّ ش ّسة ال ّ - 7الجناية على حا ّ
ً
مهج إنسانا ً فذهب ش ّ خطأ .فإن كان عمدا ً كمن ش ّ
ص من الجاني بمثل ما فعل ،فإن ذهب فإنّه يقت ّ
قه ،وإن لم ي عليه ح ّ مه فقد استوفى المجن ّ بذلك ش ّ
م بواسطة ش ّ م فعل بالجاني ما يذهب ال ّ ش ّيذهب ال ّ
586
م إلّ ش ّأهل الخبرة في ذلك ،فإن لم يمكن إذهاب ال ّ
بجناية سقط القود ووجبت الدّية .
ح عند وهذا عند المالكيّة والحنابلة وهو الص ّ
شافعيّة . ال ّ
وعند الحنفيّة تجب الدّية لنّه ل يمكن أن يضرب
م فلم يكن ش ّسة ال ّ الجاني ضربا ً يذهب به حا ّ
استيفاء المثل ممكنا ً فل يجب القصاص وتجب الدّية
شافعيّة . ح عند ال ّ .وهو مقابل الص ّ
م نتيجة ضرب أو جرح ش ّ سة ال ّ وإن كان إبطال حا ّ
ضرب عمدا ً لكن كان الجرح ً
وقع خطأ ،أو كان ال ّ
ة إذاما ل يمكن القصاص فيه فتجب الدّية كامل ً م ّ
صسة تخت ّ م من المنخرين ،لنّه حا ّ ش ّ كان إبطال ال ّ
س ،قال ابن بمنفعة فكان فيها الدّية كسائر الحوا ّ
ن في كتاب عمرو قدامة :ول نعلم في هذا خلفا ً ول ّ
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال : بن حزم عن النّب ّ
م الدّية « .وهذا عند الحنفيّة » وفي المشا ّ
شافعيّة . صحيح عند ال ّ والمالكيّة والحنابلة وهو ال ّ
شافعيّة :تجب فيه حكومة صحيح عند ال ّ ومقابل ال ّ
لنّه ضعيف النّفع .
م من أحد المنخرين ففيه نصف الدّية . ش ّوإذا زال ال ّ
م وجب بقسطه من الدّية إذا أمكن ش ّ وإن نقص ال ّ
معرفته وإل ّ فحكومة يقدّرها الحاكم بالجتهاد .
م امتحن في غفلته بالّروائح ش ّومن ادّعى زوال ال ّ
ش للطّيّب وعبس الحادّة الطّيّبة والمنتنة ،فإن ه ّ
لغيره فالقول قول الجاني بيمينه لظهور كذب
ي عليه .وإن لم يتأثّر بالّروائح الحادّة ولم يبن المجن ّ
ي عليه . منه ذلك ،فالقول قول المجن ّ
شافعيّة :ويحلف لظهور صدقه ،ول يعرف إلّ زاد ال ّ
من قبله .
587
مه فالقول قوله مع ي عليه نقص ش ّ وإن ادّعى المجن ّ
صل إلى شافعيّة والحنابلة لنّه ل يتو ّ يمينه عند ال ّ
معرفة ذلك إل ّ من جهته فقبل قوله فيه ،ويجب له
من الدّية ما تخرجه الحكومة .
م عاد قبل أخذ الدّية سقطت وإن مه ث ّ وإن ذهب ش ّ
كان بعد أخذها ردّها لنّا تبيّنّا أنّه لم يكن ذهب .وإن
مه إلى مدّة انتظر إليها . رجي عود ش ّ
م وحده . ش ّ هذا إذا ذهب ال ّ
مه فعليه ديتان كما ما إن قطع أنفه فذهب بذلك ش ّ أ ّ
م في غير ش ّن ال ّ شافعيّة والحنابلة ل ّ ص عليه ال ّ ن ّ
النف فل تدخل أحدهما في الخر .
م في وقال المالكيّة :فيهما دية واحدة فيندرج ال ّ
ش ّ
النف كالبصر مع العين .
م الّرائحة : إثبات شرب المسكر بش ّ
شرب الّذي يجب به - 8اختلف الفقهاء في إثبات ال ّ
شارب .وتفصيل م رائحة الخمر في فم ال ّ الحد ّ بش ّ
ذلك في ( أشربة ) .
================
الفهرس العام
588