You are on page 1of 35

‫إعجاز القرآن الكريم‬

‫]‪ [1‬معجزات النبياء‪:‬‬


‫ن يؤّيد رسله بالمعجزات لتكون تصديقا ً لهم فيما يبلغون‬
‫اقتضت حكمة الله ‪ -‬تعالى ‪-‬أ ْ‬
‫من رسالته‪ ،‬إذا ما داخل الشك قلوب أقوامهم‪ ،‬وأنكروا عليهم دعواهم‪ ،‬كما قالت‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫صاد ِِقي َ‬
‫ن ال ّ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬ ‫ت ِبآي َةٍ ِإن ُ‬
‫كن َ‬ ‫مث ْل َُنا فَأ ِ‬ ‫ت إ ِل ّ ب َ َ‬
‫شٌر ّ‬ ‫ما أن َ‬‫ثمود لصالح ‪ -‬عليه السلم ‪َ ) :-‬‬
‫معُْلو ٍ‬
‫م()]‪.([1‬‬ ‫ب ي َوْم ٍ ّ‬
‫شْر ُ‬ ‫م ِ‬‫ب وَل َك ُ ْ‬‫شْر ٌ‬ ‫ة ل َّها ِ‬
‫ل هَذ ِهِ َناقَ ٌ‬
‫َقا َ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫من ّر ّ‬ ‫ل ّ‬ ‫سو ٌ‬ ‫ن إ ِّني َر ُ‬ ‫وكما قال موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬لفرعون‪َ) :‬يا فِْرع َوْ ُ‬
‫َ‬ ‫قيقٌ ع ََلى َأن ل ّ أ َُقو َ‬
‫ي ب َِني‬ ‫مع ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س ْ‬ ‫م فَأْر ِ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫كم ب ِب َي ّن َةٍ ّ‬ ‫جئ ْت ُ ُ‬ ‫حقّ قَد ْ ِ‬ ‫ل ع ََلى الل ّهِ إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫ح ِ‬‫َ‬
‫صاه ُ فَإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن فَأل ْ َ‬ ‫ت ب َِها ِإن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬
‫ي‬
‫ذا ه ِ َ‬ ‫قى ع َ َ‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ت ِبآي َةٍ فَأ ِ‬ ‫جئ ْ َ‬
‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ن()]‪.([2‬‬ ‫ري َ‬ ‫ضاء ِللّناظ ِ ِ‬ ‫ي ب َي ْ َ‬ ‫ذا ه ِ َ‬ ‫ن وَن ََزع َ ي َد َه ُ فَإ ِ َ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ن ّ‬ ‫ث ُعَْبا ٌ‬
‫م أ َّني‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫كم ِبآي َةٍ ّ‬ ‫جئ ْت ُ ُ‬ ‫َ‬
‫وكما قال عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬لبني إسرائيل‪...) :‬أّني قَد ْ ِ‬
‫ه‬
‫م َ‬
‫ُ‬
‫ن الل ّهِ وَأب ْرِئُ الك ْ َ‬ ‫ن ط َي ًْرا ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫كو ُ‬‫خ ِفيهِ فَي َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ك َهَي ْئ َةِ الط ّي ْرِ فََأن ُ‬ ‫طي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬
‫كم ّ‬ ‫أَ ْ‬
‫خل ُقُ ل َ ُ‬
‫ْ‬ ‫ن الل ّهِ وَأ ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن ِفي ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ما ت َد ّ ِ‬‫ن وَ َ‬ ‫ما ت َأك ُُلو َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫موَْتى ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫حِيـي ال ْ َ‬
‫ص وَأ ْ‬ ‫والب َْر َ‬
‫ن()]‪.([3‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫ة ل ّك ُ ْ‬
‫ك لي َ ً‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫وكما قالت قريش لمحمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪) : -‬فَل ْيأ ْت ِنا بآية ك َ ُ‬
‫ن()]‬ ‫ل ال َوُّلو َ‬ ‫س َ‬ ‫ما أْر ِ‬ ‫َ َ ِ َ ٍ َ‬
‫‪ ([4‬وكأنهم أرادوها آيات حسية على غرار آيات صالح‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى ‪ -‬عليهم‬
‫عند الل ّه وإنما أ َنا نذير مبي َ‬
‫ن أوَل َ ْ‬
‫م‬ ‫ِ َ ِّ َ َ َ ِ ٌ ّ ِ ٌ‬ ‫ت ِ َ‬ ‫ما الَيا ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫السلم ‪ -‬فقال الله ‪ -‬تعالى ‪-‬لهم‪) :‬قُ ْ‬
‫م()]‪.([5‬‬ ‫ب ي ُت َْلى ع َل َي ْهِ ْ‬
‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫م أ َّنا َأنَزل َْنا ع َل َي ْ َ‬ ‫ي َك ْ ِ‬
‫فهِ ْ‬
‫ن القرآن آية محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫فلفت الله ‪ -‬تعالى ‪-‬أنظارهم إلى أ ّ‬
‫ومعجزته‪ ،‬وهو قائم مقام معجزات غيره من النبياء‪.‬‬

‫]‪ [2‬تعريف المعجزة‪:‬‬


‫عندنا فعلن‪ :‬أحدهما‪ :‬ثلثي‪ ،‬والخر رباعي‪.‬‬
‫الثلثي‪ :‬عجز‪ ،‬يعجز فهو عاجز‪ ،‬ومصدر الفعل هو‪ :‬العجز‪.‬‬
‫أما الرباعي‪ :‬فهو أعجز‪ ،‬يعجز فهو معجز ومصدر الفعل هو العجاز‪.‬‬
‫المعجزة إذًا‪ :‬هو اسم الفاعل المؤنث من فعل ذلك الفعل)]‪.([6‬‬
‫والمعجزة في الصطلح‪" :‬هي المر الخارق للعادة‪ ،‬السالم من المعارضة يظهره الله‬
‫‪ -‬تعالى ‪-‬على يد النبي‪ ،‬تصديقا ً له في دعوى النبوة")]‪.([7‬‬
‫ويشترط في المعجزة‪:‬‬
‫ن تكون فعل ً من الفعال المخالفة لما تع ّ‬
‫ود عليه الناس وألفوه‪.‬‬ ‫]‪ [1‬أ ْ‬

‫‪1‬‬
‫دعي النبوة‪.‬‬
‫ن يظهره الله ‪ -‬تعالى ‪-‬على يد من ي ّ‬
‫]‪ [2‬أ ْ‬
‫ن يكون الغرض من ظهور هذا الفعل الخارق هو تحدي المنكرين‪ ،‬سواء صرح‬ ‫]‪ [3‬أ ْ‬
‫النبي صاحب المعجزة بالتحدي أو كان التحدي مفهوما ً من قرائن الحوال‪.‬‬
‫ن تجيء المعجزة موافقة ومصدقة لدعوى النبوة‪ ،‬فإذا حدثت المعجزة وكذبت‬ ‫]‪ [4‬أ ْ‬
‫النبي في دعواه فل يكون النبي صادقًا‪ ،‬كما لو نطق الجماد مثل ً بتكذيب صاحب‬
‫المعجزة‪.‬‬
‫ن يعجز المنكرون عن التيان بمعجزة مماثلة لمعجزة النبي‪ ،‬أي يعجزون عن‬
‫]‪ [5‬أ ْ‬
‫معارضته)]‪.([8‬‬

‫تعريف العجاز‪:‬‬
‫العجاز لغة‪ :‬مصدر‪ ،‬وفعله رباعي هو أعجز‪ ،‬تقول‪ :‬أعجز يعجز إعجازا ً واسم الفاعل‬
‫معجز)]‪.([9‬‬
‫والعجاز في الصطلح‪ :‬له عدة تعريفات‪ ،‬منها تعريف المام الجرجاني)]‪ ([10‬في‬
‫ن يؤدي المعنى بطريق‪ ،‬هو أبلغ من جميع ما عداه من‬
‫كتابه القيم "التعريفات"‪" :‬أ ْ‬
‫الطرق")]‪.([11‬‬
‫وقد عّرفه مصطفى صادق الرافعي بقوله‪" :‬وإنما العجاز شيئان‪:‬‬
‫]‪ [1‬ضعف القدرة النسانية في محاولة المعجزة‪ ،‬ومزاولته على شدة النسان واتصال‬
‫عنايته‪.‬‬
‫ن العالم كله في العجز‬
‫]‪ [2‬ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدمه‪ .‬فكأ ّ‬
‫إنسان واحد‪ ،‬ليس له غير مدنه المحدودة بالغة ما بلغت")]‪.([12‬‬
‫ومن التعريفات المتعلقة بهذا الباب‪:‬‬
‫]‪ [3‬تعريف البيان‪:‬‬
‫ن‬
‫البيان‪ :‬عبارة عن إظهار المعنى بعبارة مبّينة عن حقيقته من غير توسع في الكلم‪ ،‬فإ ْ‬
‫تأنقت في إسهاب فهي البلغة‪.‬‬
‫وأما الفصاحة‪ :‬فعبارة عن الظهور من قولهم‪" :‬أفصح الصبح"‪ ،‬إذا ظهر‪ .‬واللفظ‬
‫الفصيح هو الظاهر‪ ،‬والغالب أنه يستعمل باعتبار اللفظ الكثير الستعمال في معناه‬
‫ن خالف القياس)]‪.([13‬‬
‫وإ ْ‬

‫]‪ [4‬معجزة القرآن‪:‬‬


‫ولما كان التفوق عنصرا ً مشتركا ً بين المعجزات الحسية والعقلية على حد سواء‪ ،‬كان‬
‫القرآن ـ وهو معجزة نبينا محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ـ متفوقا ً عما يشاكله من‬
‫ن القوم أنكروا هذا التفوق‪ ،‬وقالوا حين تليت عليهم آياته‪َ) :‬قاُلوا ْ قَد ْ‬
‫كلم البشر‪ ،‬غير أ ّ‬

‫‪2‬‬
‫ن()]‪ ([14‬وجاء التحدي )فَل ْي َأ ُْتوا‬
‫طيُر الوِّلي َ‬ ‫سا ِ‬
‫َ‬
‫ذا إ ِل ّ أ َ‬
‫هـ َ‬
‫ن َ‬ ‫هـ َ‬
‫ذا إ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قل َْنا ِ‬
‫مث ْ َ‬ ‫شاء ل َ ُ‬
‫معَْنا ل َوْ ن َ َ‬
‫س ِ‬
‫َ‬
‫ن()]‪.([15‬‬ ‫صاد ِِقي َ‬
‫كاُنوا َ‬‫مث ْل ِهِ ِإن َ‬
‫ث ّ‬ ‫دي ٍ‬‫ح ِ‬‫بِ َ‬

‫]‪ [5‬التحدي بالقرآن‪:‬‬


‫وحار القوم في إجابة هذا التحدي‪ ،‬كيف يأتون بكلم مثل هذا الكلم كله؟ ربما قد‬
‫ن()]‬
‫خُرو َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ قَوْ ٌ‬
‫مآ َ‬ ‫ك افْت ََراه ُ وَأ َ َ‬
‫عان َ ُ‬ ‫ذا إ ِل ّ إ ِفْ ٌ‬
‫ن هَ َ‬
‫حاولوا‪ ،‬ولكنهم عجزوا‪ ،‬وقالوا‪) :‬إ ِ ْ‬
‫ن يفلتوا بما أعذروا أنفسهم به‪،‬‬ ‫‪ ،([16‬فتجاوز لهم عن بعض ما طولبوا به‪ ،‬ولم يشأ أ ْ‬
‫ن‬ ‫عوا ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ت َواد ْ ُ‬
‫فت ََرَيا ٍ‬ ‫مث ْل ِهِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سوَرٍ ّ‬ ‫فلئن كان حديثا ً مفترى أعين عليه )فَأ ُْتوا ْ ب ِعَ ْ‬
‫شرِ ُ‬
‫ن شاءوا‬ ‫م ْ‬
‫ن يستعينوا ب َ‬ ‫ن()]‪ ،([17‬وما أجداهم أ ْ‬ ‫صاد ِِقي َ‬
‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬ ‫ا ْ‬
‫ن يأتوا بالعشر المفتريات‪ ،‬فأرخى لهم إمعانا ً في التحدي الساخر‬ ‫ن استطاعوا في أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ْ‬
‫مث ْل ِهِ‬
‫سوَرةٍ ّ‬ ‫ل فَأُتوا ْ ب ِ ُ‬ ‫بقدرتهم‪ ،‬فتجاوز عن العشر إلى واحدة مع العون أيضا ً فقال‪) :‬قُ ْ‬
‫ن‬
‫ن()]‪ ،([18‬ولئن تقاصرت قدرتكم أ ْ‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬‫عوا ْ َ‬ ‫َواد ْ ُ‬
‫عوا ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫داء ُ‬‫شهَ َ‬ ‫مث ْل ِهِ َواد ْ ُ‬
‫من ّ‬
‫سوَرةٍ ّ‬‫تأتوا بسورة مماثلة لسورة على التحديد )فَأُتوا ْ ب ِ ُ‬
‫ن()]‪ ،([19‬فربما كانت مماثلته على التقريب أيسر عليكم من‬ ‫صاد ِِقي َ‬
‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ُ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫ه(‪.‬‬ ‫من ّ‬
‫مماثلة على التحديد‪ ..‬وهذا ما أشارت إليه آية البقرة باستخدام لفظ ) ِ‬

‫]‪ [6‬حالة العرب الفكرية‪:‬‬


‫ن نلقي نظرة على حالة العرب الفكرية والبيانية قبيل عصر‬
‫لن نعجل بالجواب‪ ،‬قبل أ ْ‬
‫المبعث‪ ،‬لنرى مبلغ ُرقِّيهم الفكري والدبي‪ ،‬ممثل ً في أسواقهم الدبية‪ ،‬يعرضون فيها‬
‫أنفس بضاعتهم من الكلم‪ ،‬وأغلب صناعتهم من الشعر والبيان‪ ،‬يتبارون في عرضها‬
‫ونقدها واختيار أحسنها‪ ،‬والمفاخرة بأجودها‪ ،‬كذلك لم يكن غريبا ً أ ْ‬
‫ن نرى القرآن ـ وقد‬
‫ن‬
‫ن يناقش ويجادل عن نفسه‪ ،‬وأ ْ‬
‫صادف هذا المستوى الفكري لدى هؤلء العرب ـ أ ْ‬
‫يشتد في جداله ودفاعه ويعلو صوته حتى يصافح وجه السماء‪ ،‬فما ذاك إل ّ أنه وجد‬
‫أمامه خصوما ً ألداء وأعداء أشداء‪ ،‬أوتوا حظا ً من نضج الفكر‪ ،‬وبلغة القول‪ ،‬وعزة‬
‫ن تكون آيته إليهم إل ّ القرآن‪ ،‬آية عقلية تناسب نضجهم‬
‫النفس‪ .‬كذلك لم يشأ الله أ ْ‬
‫الفكري‪ ،‬ورتبتهم في سلم الّرقي البشري‪ ،‬وكلما ارتكسوا في حمأة اليأس من‬
‫معارضته‪ ،‬ونكسوا على رؤوسهم في طلب معجزة حسية‪ ،‬أبى الله ذلك ـ وكان قادرا ً‬
‫ن ينزل عليهم آية فتظل أعناقهم لها خاضعين ـ لنهم تجاوزوا دور الطفولة‬
‫على أ ْ‬
‫ن تكون معجزة البشرية في‬
‫البشرية‪ ،‬وتخطوا مرحلة البلدة الفكرية التي اقتضت أ ْ‬
‫تلك المرحلة حسية)]‪.([20‬‬

‫نحن إذا ً أمام مجتمع حي قادر على التفكير‪ ،‬ترى ما الذي منعه أ ْ‬
‫ن يرد على هذا‬
‫التحدي؟‬

‫‪3‬‬
‫]‪ [7‬وجوه العجاز‪:‬‬
‫ن يبذل جهده في المعارضة؟‬
‫ما الذي أعجزه أ ْ‬
‫وهنا يأتي الجواب‪ :‬إنه العجز عن التشبع بالمعاني الجديدة التي كان يطرقها القرآن‪،‬‬
‫وهذا بعض المعجزة‪ ،‬إنه العجز عن الوقوف على أسرار البلغة القرآنية‪ ،‬وطريقة تناول‬
‫اليات للمعاني‪ ،‬وهذا باقي المعجزة‪.‬‬
‫وهكذا أنبأنا التاريخ بهذا العجز في عصر القرآن‪ ،‬ولكن لم ت ُ ْ‬
‫طو صفحة التحدي في‬
‫ن يتأتى على هذا‬
‫العصر الذي بعده وأهله بعد على سلئقهم العربية‪ ،‬وفيهم من يود أ ْ‬
‫الدين من أساسه‪ ،‬وما أيسره عليه لو دخل إليه من باب القرآن بقبول التحدي‪ ،‬ولكن‬
‫حيل بينهم وبين ما يشتهون كما فُعِ َ‬
‫ل‬ ‫التاريخ لم يسجل لحد فيه قدرة على ذلك‪ ،‬بل ِ‬
‫بأشياعهم من قبل‪.‬‬
‫ومضت القرون‪ ،‬وورث الّلغة عن أهلها الوارثون‪ ،‬وكلما تطاول الزمان بين عصر‬
‫المبعث والعصور التالية له‪ ،‬كان أهلها أشد عجزًا‪ ،‬وأقل طمعا ً في هذا المطلب العزيز‪،‬‬
‫ن تطوى‬
‫لنحراف ألسنتهم وفساد سلئقهم‪ ،‬وكانت شهادة على إعجاز القرآن إلى أ ْ‬
‫صفحة هذا الوجود‪ ،‬ويرث الله ‪ -‬تعالى ‪-‬الرض ومن عليها‪.‬‬
‫ن عجز القوم راجع إلى نظم القرآن وبلغته‪،‬‬
‫ن كنا نذهب مذهب القائلين بأ ّ‬
‫ونحن وإ ْ‬
‫وشرف معناه ودقته؛ فما ذاك إل ّ لنه لم يصح وجه آخر لعجاز القرآن سواه عند‬
‫ن ما أضيف إلى إعجازه البلغي من وجوه أخرى‬
‫التحدي أول عهد العرب به‪ ،‬وأ ّ‬
‫كالعجاز الغيبي‪ ،‬والعجاز العلمي‪ ،‬والعجاز التشريعي‪ ،‬فإنما كان ذلك عندما اكتمل‬
‫عقد القرآن‪ ،‬ونظر الباحثون إليه جملة‪.‬‬
‫ن نؤكد‪:‬‬
‫ن تكون من آيات إعجازه؛ وإنما نريد أ ْ‬
‫ونحن ل ننكر هذه الوجوه أ ْ‬
‫ن التحدي بالقرآن كان في حدود ما نزل من سوره في بداية الدعوة‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ل‪ :‬أ ّ‬
‫وثانيًا‪ :‬أ ّ‬
‫ن التحدي كان في أدنى مراتبه بأقصر سورة منه‪.‬‬
‫ن التحدي كان بوجه مما برع القوم فيه شأن المعجزات‪.‬‬ ‫وثالثًا‪ :‬أ ّ‬
‫فما وجه العجاز إذا ً إ ْ‬
‫ن لم يكن العجاز البلغي‪ ،‬فهو عنصر قائم في أقصر سورة من‬
‫القرآن‪ ،‬وهو مناط براعة القوم‪ ،‬وهو أسبق من غيره تمثل ً فيما نزل‪.‬‬
‫وقد تضافرت الروايات التي سبقت من شهادات قريش حول القرآن على تأكيد هذا‬
‫الوجه‪ ،‬فهو منبع السحر الذي وصفوا القرآن به‪ ،‬ومهوى أفئدتهم في الستماع إليه‬
‫وسبب اليمان لمن اهتدى به)]‪.([21‬‬

‫ويمكن ملحظة ذلك في التي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫]‪ [1‬تسجيل انبهارهم بأسلوب القرآن إدانة لكفرهم وتنديدا ً بمغالتهم في الكفر مع‬
‫اعترافهم بهذا النبهار‪ .‬هذا ما حكته اليات من سورة المدثر التي تحدثت عن قصة‬
‫الوليد بن المغيرة حين سمع القرآن من النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وانبهر به‪.‬‬
‫قال السيوطي في "التقان")]‪" :([22‬أخرج الحاكم عن ابن عباس أنه قال‪ :‬جاء الوليد‬
‫بن المغيرة إلى النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فقرأ عليه القرآن‪ ،‬فكأنه َرقّ له‪ ،‬فبلغ‬
‫ن يجمعوا لك مال ً ليعطوكه لئل‬ ‫ن قومك يريدون أ ْ‬
‫ذلك أبا جهل فأتاه فقال‪ :‬يا عم‪ ،‬إ ّ‬
‫تأتي محمدا ً لتعرض لما قاله‪ ،‬قال‪ :‬قد علمت قريش أني من أكثرها ما ً‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬فقل‬
‫فيه قول ً يبلغ قومك أنك كاره له‪ ،‬قال‪ :‬وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر‬
‫مني ول برجزه ول بقصيده ول بأشعار الجن‪ ،‬والله ما يشبه الذي يقول شيئا ً من هذا‪،‬‬
‫ن عليه لطلوة‪ ،‬وإنه لمثمر أعله‪ ،‬مغدق أسفله‪،‬‬
‫ن لقوله الذي يقول لحلوة‪ ،‬وإ ّ‬
‫والله إ ّ‬
‫وإنه ليعلو ول ُيعلى عليه‪ ،‬وإنه ليحطم ما تحته‪ ،‬قال‪ :‬ل يرضى عنك قومك حتى تقول‬
‫فيه‪ ،‬قال‪ :‬فدعني حتى أفكر‪ ،‬فلما ف ّ‬
‫كر قال‪ :‬هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره"‪ .‬وقد قص‬
‫الله ‪ -‬تعالى ‪-‬علينا خبره في سورة المدثر)]‪.([23‬‬
‫]‪ [2‬تسجيل تخبطهم في تفسير سر بلغة القرآن ومحاولتهم المستمرة للنيل منه‪،‬‬
‫ن‬
‫فمرة يقولون‪ :‬إنه قول شاعر‪ ،‬ومرة يقولون‪ :‬إنه أساطير الولين‪ ،‬ومرة يزعمون أ ّ‬
‫رجل ً أعجميا ً يوحي به إلى محمد‪ ،‬ومرة يشبهونه بما يقوله شعراؤهم في المناسبات‬
‫ن يغّيره‬ ‫ن يأتي بالقرآن كله جملة واحدة‪ ،‬ومرة يطلبون منه أ ْ‬ ‫ويطلبون من محمد أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫طيُر الوِّلي َ‬ ‫ويبدّله‪ .‬والقرآن يتعقب هذه المحاولت اليائسة ويذكرها‪) :‬وََقاُلوا أ َ‬
‫سا ِ‬
‫َ‬
‫ل()]‪.([24‬‬ ‫مَلى ع َل َي ْهِ ب ُك َْرة ً وَأ ِ‬
‫صي ً‬ ‫اك ْت َت َب ََها فَهِ َ‬
‫ي تُ ْ‬
‫شٌر()]‪.([25‬‬ ‫ه بَ َ‬‫م ُ‬‫ما ي ُعَل ّ ُ‬‫وقالوا‪) :‬إ ِن ّ َ‬
‫وقالوا‪) :‬أ َضَغا ُ َ‬
‫م()]‪.([26‬‬ ‫حل َ ٍ‬‫ثأ ْ‬ ‫ْ‬
‫ة()]‪.([27‬‬
‫حد َ ً‬‫ة َوا ِ‬ ‫مل َ ً‬‫ج ْ‬‫ن ُ‬ ‫قْرآ ُ‬‫ل ع َل َي ْهِ ال ْ ُ‬ ‫وقالوا‪) :‬ل َ ْ‬
‫ول ن ُّز َ‬
‫هـ َ َ‬
‫ه()]‪.([28‬‬ ‫ذا أوْ ب َد ّل ْ ُ‬ ‫ن غ َي ْرِ َ‬
‫قْرآ ٍ‬ ‫ت بِ ُ‬‫وقالوا‪) :‬ائ ْ ِ‬
‫جل القرآن هذه المحاولت كلها للطعن في نبوة محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬ ‫]‪ [3‬وس ّ‬
‫جئ َْنا َ‬
‫ك‬ ‫ل إ ِل ّ ِ‬
‫مث َ ٍ‬ ‫‪ -‬وفي كون القرآن وحيًا‪ ،‬وأشار إلى هذا بقوله ‪ -‬تعالى ‪َ) :-‬ول ي َأ ُْتون َ َ‬
‫ك بِ َ‬
‫َ‬
‫سيًرا()]‪.([29‬‬‫ف ِ‬
‫ن تَ ْ‬
‫س َ‬
‫ح َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫حقّ وَأ ْ‬
‫دعوا أنهم قادرون على‬
‫]‪ [4‬فلما باءت محاولتهم بالفشل المتتابع والخفاق المتتالي‪ ،‬ا ّ‬
‫تأليف مثله؛ فأوقعوا أنفسهم في مأزق التحدي‪.‬‬
‫هـ َ‬
‫ذا‬ ‫ن َ‬ ‫هـ َ‬
‫ذا إ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قل َْنا ِ‬
‫مث ْ َ‬ ‫شاء ل َ ُ‬
‫معَْنا ل َوْ ن َ َ‬ ‫م آَيات َُنا َقاُلوا ْ قَد ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫ذا ت ُت َْلى ع َل َي ْهِ ْ‬
‫قال ‪ -‬تعالى ‪) :-‬وَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن()]‪.([30‬‬ ‫طيُر الوِّلي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫إ ِل ّ أ َ‬
‫]‪ [5‬ومن هنا بدأت أزمتهم الحقيقية‪ ،‬فقد نزل الوحي صريحا ً في تحديهم بكل وضوح‬
‫وقوة وتأكيد‪ ،‬وقد ورد التحدي في اليات التي تقدم ذكرها)]‪.([31‬‬

‫‪5‬‬
‫]‪ [6‬وقد اختلف العلماء في مسألة "القدر المعجز" من القرآن‪ ،‬وهذا الختلف هو‬
‫ن‬
‫اللبنة الولى في صرح البحوث العجازية في تطورها التاريخي‪ ،‬والتي امتدت إلى أ ْ‬
‫ي فيما بعد بـ "العجاز البياني"‪.‬‬
‫م َ‬ ‫أصبحت أساسا ً لما ُ‬
‫س ّ‬
‫أي ّا ً ما كان المر‪ ،‬فقد بدأت بحوث الّلغويين والمتكلمين في قضية العجاز تتبلور بشكل‬
‫محدد قرب نهاية القرن الثاني الهجري بعد فتنة خلق القرآن التي أثيرت في عهد‬
‫المأمون بصورة واضحة بتأثير من أحد النصارى وهو‪ :‬عبد المسيح بن إسحاق الكندي‪،‬‬
‫الذي رفض الدخول في السلم حين دعاه بعض رجال المأمون‪ ،‬وانتقد السلم وأثار‬
‫س معروفة ل داعي هنا لعادة‬
‫ن القرآن مخلوق‪ .‬وما خلفته هذه الفتنة من مآ ٍ‬
‫قضية أ ّ‬
‫طرحها أو الشارة إليها‪.‬‬
‫ن هذه الفتنة امتدت فيما تل ذلك من سنوات‪ ،‬وتمخضت عن عدة اتجاهات فكرية‬ ‫غير أ ّ‬
‫تمثلت في تبني المعتزلة ممثلين في الن ّ ّ‬
‫ظام )ت ‪200‬هـ( لفكرة "الصرفة"‪ ،‬ومعناها‪:‬‬
‫ن يأتوا بمثله‪ ،‬وبهذا القول قال كثير‬
‫ن إعجاز القرآن كان بصرف الله ‪ -‬تعالى ‪-‬للعرب أ ْ‬
‫أ ّ‬
‫من المعتزلة بعد ذلك‪ ،‬بل وقد قال به بعض المفسرين والعلماء من غير المعتزلة‪ ،‬إل ّ‬
‫ن القرآن بذاته‬
‫ن الرد على هذه الفكرة ميسور‪ ،‬لن العجاز لو كان بالصرفة فمعناه أ ّ‬
‫أ ّ‬
‫غير معجز والعجاز قائم على قدرة الله ‪ -‬تعالى ‪ .-‬وهذا ما ل تدل عليه آيات التحدي‪.‬‬
‫قال الع ّ‬
‫لمة ابن عاشور)]‪" :([32‬فعجز جميع المتحدين عن التيان بمثل القرآن أمر‬
‫متواتر بتواتر هذه اليات بينهم وسكوتهم عن المعارضة مع توافر دواعيهم عليها"‪.‬‬
‫ن الله‬
‫وقد اختلف العلماء في تعليل عجزهم عن ذلك فذهبت طائفة قليلة إلى تعليله بأ ّ‬
‫جة‬
‫ح ّ‬
‫‪ -‬تعالى ‪-‬صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي‪ ،‬لتقوم ال ُ‬
‫عليهم‪ ،‬بمرأى ومسمع من جميع العرب‪ ،‬ويعرف هذا القول بالصرفة كما في‬
‫"الموافق" للعضد و"المقاصد" للتفتازاني )ولعلها بفتح الصاد وسكون الراء‪ ،‬وهي مرة‬
‫من الصرف‪ ،‬وصيغ بصيغة المرة للشارة إلى أنها صرف خاص‪ ،‬فصارت كالعََلم بالغلبة(‬
‫ولم ينسبوا هذا القول إل ّ إلى الشعري فيما حكاه أبو الفضل عياض)]‪ ([33‬في‬
‫"الشفا"‪ ،‬وإلى الن ّ ّ‬
‫ظام والشريف المرتضى‪ ،‬وأبي إسحاق السفرائني فيما حكاه عنهم‬
‫صل")]‪،([34‬‬
‫ف َ‬
‫عضد الدين في "المواقف"‪ ،‬وهو قول ابن حزم صرح به في كتاب "ال ِ‬
‫وقد عزاه صاحب "المقاصد" في شرحه إلى كثير من المعتزلة‪.‬‬

‫وأما الذي عليه جمهرة أهل العلم والتحقيق‪ ،‬واقتصر عليه إمام الحرمين‪ ،‬وعليه‬
‫الجاحظ وأهل العربية كما في "المواقف"؛ فالتعليل لعجز المتحدين به بأنه بلوغ القرآن‬
‫في درجات البلغة والفصاحة مبلغا ً تعجز قدرة بلغاء العرب عن التيان بمثله‪.‬‬

‫]‪ [9‬نماذج من القرآن الكريم داّلة على إعجازه البياني‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫لنأخذ بعض المثلة الداّلة على العجاز البياني على سبيل اليضاح لبعض الجوانب‬
‫المهمة في براعة أسلوب القرآن وكونه معجزًا‪.‬‬
‫يقول القاضي عياض‪" :‬أولها حسن تأليفه"‪ ،‬من حيث تركيبه بين حروفه‪ ،‬وكلماته‪،‬‬
‫وآياته‪ ،‬وسوره‪ ،‬وقصصه‪ ،‬وحكاياته‪ ،‬وانتظام كلماته‪ ،‬في سلك مبانيها المتناسبة‬
‫لمقتضى معانيها المتناسقة‪.‬‬
‫ن القرآن لم يخرج عن معهود العرب في لغتهم العربية‪ ،‬من حيث‬ ‫وهذا هو السر في أ ّ‬
‫ذوات المفردات والجمل وقوانينها العامة‪ ،‬بل جاء كتابا ً عربيا ً جاريا ً على مألوف العرب‬
‫من هذه الناحية‪ ،‬فمن حروفهم تأّلفت كلماته‪ ،‬ومن كلماتهم تأّلفت تراكيبه‪ ،‬وعلى‬
‫قواعدهم العامة في صياغة هذه المفردات وتكوين التراكيب جاء تأليفه‪ ،‬ولكن المعجز‬
‫والمدهش أنه مع دخوله على العرب من هذا الباب الذي عهدوه‪ ،‬ومع مجيئه بهذه‬
‫المفردات والتراكيب التي توافروا على معرفتها‪ ،‬وتنافسوا في حلبتها‪ ،‬وبلغوا الشأو‬
‫ن القرآن مع ذلك كله وبرغم ذلك كله؛ قد أعجزهم بأسلوبه الفذ‪،‬‬
‫العلى فيها‪ ،‬نقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬
‫ومذهبه الكلمي المعجز‪ .‬ولو دخل عليهم من غير هذا الباب الذي يعرفونه‪ ،‬لمكن أ ْ‬
‫جعَل َْناه ُ قُْرآنا ً‬ ‫ن يسلم لهم طعن أو شبه طعن )وَل َوْ َ‬ ‫يلتمس لهم عذر أو شبه عذر‪ ،‬وأ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي()]‪ ،([52‬ولهذا المعنى وصف الله كتابه‬ ‫ي وَع ََرب ِ ّ‬
‫م ّ‬
‫ج ِ‬‫ه آأع ْ َ‬ ‫صل َ ْ‬
‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬
‫ول فُ ّ‬ ‫مي ّا ً ل َ َ‬
‫ج ِ‬
‫أع ْ َ‬
‫َ‬
‫ل ذكره في سورة يوسف‪) :‬إ ِّنا أنَزل َْناه ُ قُْرآنا ً ع ََرب ِي ّا ً ل ّعَل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ج ّ‬ ‫بالعروبة في غير آية‪ .‬فقال َ‬
‫ن()]‬‫قُلو َ‬ ‫جعَل َْناه ُ قُْرآنا ً ع ََرب ِي ّا ً ل ّعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َعْ ِ‬ ‫ن()]‪ ،([53‬وقال في سورة الزخرف‪) :‬إ ِّنا َ‬ ‫قُلو َ‬
‫ت َعْ ِ‬
‫ن()]‪.([55‬‬ ‫قو َ‬ ‫م ي َت ّ ُ‬ ‫عوٍَج ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫‪ ،([54‬وقال في سورة الزمر‪ُ) :‬قرآنا ً ع ََرب ِي ّا ً غ َي َْر ِذي ِ‬
‫ومن فصاحة القرآن وضوح بيان معانيه‪ ،‬مع اقتصاد مبانيه‪ ،‬مع إيجازه‪ ،‬وذلك بإيفاء‬
‫واكتفاء وإيماء)]‪ ،([56‬غير مخل ول ممل‪ ،‬ومن بلغته في عجائب التراكيب‪ ،‬وغرائب‬
‫الساليب‪ ،‬وبدائع العبارات‪ ،‬وروائع الشارات‪ ،‬المتجاوزة لعادة العرب من فصاحتهم‬
‫وبلغتهم‪ ..‬حيث إنهم كانوا أرباب هذا الشأن من الفصاحة والبلغة وفرسان الكلم‪،‬‬
‫ح َ‬
‫كم ومن كمال العقل ما لم ُيخص به غيرهم من المم‬ ‫خصوا من البلغة وال ِ‬
‫وقد ُ‬
‫سابقة ولحقة‪ ،‬حتى إنهم تساجلوا في النظم والنثر وتفاخروا وتكاثروا‪ ،‬فما راعهم إل ّ‬
‫ه‬ ‫ْ‬
‫رسول كريم جاءهم بخلف هواهم لكنه معه هداهم‪ ..‬حتى أتاهم بكتاب عزيز )ل ي َأِتي ِ‬
‫د()]‪ُ ([57‬أحكمت آياته‪ ،‬وُفصلت‬ ‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬
‫كيم ٍ َ‬‫ح ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬
‫فهِ َتن ِ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ن ي َد َي ْهِ َول ِ‬
‫من ب َي ْ ِ‬‫ل ِ‬ ‫ال َْباط ِ ُ‬
‫كلماته‪ ،‬وَبهرت بلغته العقول‪ ،‬وظهرت فصاحته على كل مقول نظما ً أو نثرًا‪ .‬وهذا‬
‫الوليد بن المغيرة سمع من النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪) : -‬إن الل ّ ْ‬
‫ل‬‫مُر ِبال ْعَد ْ ِ‬ ‫ه ي َأ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ ّ‬
‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ي ي َعِظ ُك ُ ْ‬
‫منك َرِ َوال ْب َغْ ِ‬
‫شاء َوال ْ ُ‬ ‫ح َ‬
‫ف ْ‬‫ن ال ْ َ‬‫قْرَبى وَي َن َْهى ع َ ِ‬ ‫ن وَِإيَتاء ِذي ال ْ ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬‫َوال ِ ْ‬
‫ن عليه لطلوة‪،‬‬
‫ن له لحلوة‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ت َذ َك ُّرو َ‬
‫ن()]‪ ،([58‬قال الوليد قولته المشهورة‪" :‬والله إ ّ‬
‫ن أعله لمثمر‪ ..‬ما يقول هذا بشر")]‪.([59‬‬ ‫ن أسفله لمغدق‪ ،‬وإ ّ‬
‫وإ ّ‬
‫وكل هذا مما جعل القرآن الكريم في فصاحته وبلغته خارقا ً للعادة‪ ،‬يعجز المنكرين‬
‫واعتراف المفترين‪ ،‬ولنأخذ مثل ً للتأمل في إعجاز بلغته متأمل ً اليجاز الباهر في‬

‫‪7‬‬
‫ة()]‪ ([60‬نجد من بدائع‬
‫حَيا ٌ‬
‫ص َ‬
‫صا ِ‬ ‫م ِفي ال ْ ِ‬
‫ق َ‬ ‫العجاز الظاهر في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬وَل َك ُ ْ‬
‫التركيب وروائع الترتيب‪ ،‬مع ما فيه من المطابقة بين معنيين متقابلين‪ ،‬وهما‪ :‬القصاص‬
‫والحياة‪ .‬ومن الغرابة بجعل القتل الذي هو مفوت الحياة ظرفا ً لها‪ .‬ومن البلغة حيث‬
‫ن النسان إذا علم أنه إذا َقتل اقت ُ ّ‬
‫ص منه دعاه‬ ‫أتى بلفظ يسير متضمن لمعنى كثير‪ ،‬فإ ّ‬
‫ذلك إلى ردعه عن قتل صاحبه‪ ،‬فكأنه أحيا نفسه وغيره‪ ،‬فيرتفع بالقصاص كثير من‬
‫قتل الناس بعضهم بعضًا‪ ،‬فيكون القصاص حياة لهم مع ما في القصاص من زيادة‬
‫ن‪:‬‬
‫الحياة الطيبة في الخرة‪ .‬وفي هذا نجد أنه أولى من كلم موجز عند العرب وهو أ ّ‬
‫)القتل أنفى للقتل(‪ ،‬في قلة المباني‪ ،‬وكثرة المعاني‪ ،‬وعدم تكرار اللفظ المنفر‪ ،‬وفي‬
‫ن القصاص ـ الذي بمعنى المماثلة ـ سبب للحياة دون مطلق القتل‬ ‫اليماء إلى أ ّ‬
‫بالمقابلة‪ ،‬إذ ربما يكون سببا ً لفتنة فيها قتل فئة وفساد جماعة‪.‬‬

‫ل على حسن تأليفه وروعة تراكيبه‪ ،‬ففي العصر الذهبي لّلغة‬


‫وهناك أمثلة كثيرة تد ّ‬
‫العربية حيث بلغت الذروة في الصفاء والقوة‪ ،‬وحيث كانت ُتخلع ألقاب التشريف‬
‫ن ظهر محكم‬ ‫والتكريم علنية على الشعراء والخطباء في المسابقات السنوية‪ ،‬ما إ ْ‬
‫التنزيل حتى اكتسح الحماس للشعر والنثر‪ ،‬وُأنزلت المعلقات السبع من باب الكعبة‪،‬‬
‫واتجهت كل السماع إلى هذا العجاز الجديد في الّلغة العربية‪.‬‬
‫فلغة القرآن مادة صوتية‪ ،‬تبعد عن طراوة لغة أهل الحضر‪ ،‬وخشونة لغة أهل البادية‪،‬‬
‫وتجمع ـ في تناسق حكيم ـ بين رقة الولى وجزالة الثانية‪ ،‬وتحقق السحر المنشود‪،‬‬
‫بفضل هذا التوفيق الموسيقي البديع بينهما)]‪.([61‬‬
‫إنها ترتيب في مقاطع الكلمات في نظام أكثر تماسكا ً من النثر‪ ،‬وأقل نظما ً من‬
‫الشعر‪ ،‬يتنوع في خلل الية الواحدة ليجذب نشاط سامعه‪ ،‬ويتجانس في آخر اليات‬
‫سجعًا‪ ،‬لكي ل يختل الجرس العام للوقفات في كل سورة)]‪.([62‬‬
‫ن تهبط إلى الدارج‪ ،‬ومختارة من‬ ‫أما كلماته فمنتقاة من بين الكلمات المشهورة‪ ،‬دون أ ْ‬
‫بين الكلمات السامية‪ ،‬التي ل توصف بالغريب إل ّ نادرًا‪.‬‬
‫وتمتاز باليجاز العجيب في الكلم‪ ،‬إذ ت ُعَّبر بأقل عدد من الكلمات عن أفكار كبيرة‬
‫ولة نسبيًا‪.‬‬
‫يصعب التعبير عنها في العادة إل ّ بجمل مط ّ‬

‫مثال آخر على العجاز البياني‪:‬‬

‫لقد وصل بعض المعالجين بالصوت إلى نتائج مهمة مثل المريكية "آني ويليامز" التي‬
‫تعالج بصوت الموسيقى‪ ،‬ولكن هذه النتائج بقيت محدودة حتى الن بسبب عدم قدرة‬
‫الموسيقى على إحداث التأثير المطلوب في الخليا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك فإنها تؤكد أنها حصلت على الكثير من النتائج المبهرة في علج‬
‫سرطان الكولون وأورام الدماغ الخبيثة وغير ذلك من المراض‪ .‬وتؤكد أيضا ً أن كل من‬
‫استمع إلى صوت الموسيقى الذي تسجله قد ازداد البداع لديه!‬

‫وأحب أن أذكر لك أخي القارئ أن التغيرات التي حدثت بنتيجة الستماع الطويل ليات‬
‫ت أحس‬ ‫ت أحس بالقوة أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬أصبح ُ‬ ‫القرآن‪ ،‬كثيرة جدًا‪ ،‬فقد أصبح ُ‬
‫أن مناعة جسمي ازدادت بشكل كبير‪ ،‬حتى شخصيتي تطورت كثيرا ً في تعاملي مع‬
‫الخرين‪ ،‬كذلك أيقظ القرآن بداخلي عنصر البداع‪ ،‬وما هذه البحاث والمقالت التي‬
‫أنتجها خلل وقت قصير إل نتيجة قراءة القرآن!!‬

‫ويمكنني أن أخبرك عزيزي القارئ أن الستماع إلى القرآن بشكل مستمر يؤدي إلى‬
‫زيادة قدرة النسان على البداع‪ ،‬وهذا ما حدث معي‪ ،‬فقبل حفظ القرآن أذكر أنني‬
‫ت ل ُأجيد كتابة جملة بشكل صحيح‪ ،‬بينما الن أقوم بكتابة بحث علمي خلل يوم أو‬
‫كن ُ‬
‫يومين فقط!‬

‫إذن فوائد الستماع إلى القرآن ل تقتصر الشفاء من المراض‪ ،‬إنما تساعد على تطوير‬
‫الشخصية وتحسين التواصل مع الخرين‪ ،‬بالضافة إلى زيادة القدرة على البداع‬
‫والتيان بأفكار جديدة‪ .‬وهذا الكلم عن تجربة حدثت معي‪ ،‬وتستطيع أخي القارئ أن‬
‫تجرب وستحصل على نتائج مذهلة‪.‬‬

‫حقائق علمية‬

‫في عام ‪ 1839‬اكتشف العالم "هنريك ويليام دوف" أن الدماغ يتأثر إيجابيا ً أو سلبيا ً‬
‫لدى تعريضه لترددات صوتية محددة‪ .‬فعندما قام بتعريض الذن إلى ترددات صوتية‬
‫متنوعة وجد أن خليا الدماغ تتجاوب مع هذه الترددات‪.‬‬

‫ثم تبين للعلماء أن خليا الدماغ في حالة اهتزاز دائم طيلة فترة حياتها‪ ،‬وتهتز كل خلية‬
‫بنظام محدد وتتأثر بالخليا من حولها‪ .‬إن الحداث التي يمر بها النسان تترك أثرها‬
‫على خليا الدماغ‪ ،‬حيث نلحظ أن أي حدث سيء يؤدي إلى خلل في النظام الهتزازي‬
‫للخليا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫خلية عصبية من الدماغ في حالة اهتزاز دائم‪ ،‬هذه الخلية‬
‫تحوي برنامجا ً معقدا ً تتفاعل من خلله مع بليين الخليا من‬
‫حولها بتنسيق مذهل يشهد على عظمة الخالق تبارك وتعالى‪،‬‬
‫وإن أي مشكلة نفسية سوف تسبب خلل ً في هذا البرنامج مما‬
‫ينقص مناعة الخليا وسهولة هجوم المرض عليها‪.‬‬

‫لن آلية عمل الخليا في معالجة المعلومات هو الهتزاز وإصدار حقول الكهربائية‪،‬‬
‫والتي من خللها نستطيع التحدث والحركة والقيادة والتفاعل مع الخرين‪.‬‬

‫وعندما تتراكم الحداث السلبية مثل بعض الصدمات التي يتعرض لها النسان في‬
‫حياته‪ ،‬وبعض المواقف المحرجة وبعض المشاكل التي تسبب لخليا دماغه نوعا ً من‬
‫الفوضى‪ ،‬إن هذه الفوضى متعبة ومرهقة لن المخ يقوم بعمل إضافي ل ُيستفاد منه‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫إن الطفل منذ قبل الولدة تبدأ خليا دماغه‬
‫بالهتزاز! ويكون دماغه متوازنا ً وخلياه‬
‫متناغمة في عملها واهتزازها‪ .‬ولكن بعد‬
‫خروجه من بطن أمه فإن كل حدث يتعرض له‬
‫هذا الطفل سوف يؤثر على خليا دماغه‪،‬‬
‫والطريقة التي تهتز بها هذه الخليا تتأثر أيضا‪ً،‬‬
‫بل إن بعض الخليا غير المهّيأة لتحمل‬
‫الترددات العالية قد يختل نظامها الهتزازي‪،‬‬
‫وهذا يؤدي إلى كثير من المراض النفسية‬
‫والجسدية أيضًا‪.‬‬

‫ويؤكد العلماء اليوم أن كل نوع من أنواع السلوك ينتج عن ذبذبة معينة للخليا‪،‬‬
‫ويؤكدون أيضا ً أن تعريض النسان إلى ذبذبات صوتية بشكل متكرر يؤدي إلى إحداث‬
‫تغيير في الطريقة التي تهتز بها الخليا‪ ،‬وبعبارة أخرى إحداث تغيير في ترددات‬
‫الذبذبات الخلوية‪.‬‬

‫فهنالك ترددات تجعل خليا الدماغ تهتز بشكل حيوي ونشيط وإيجابي‪ ،‬وتزيد من‬
‫الطاقة اليجابية للخليا‪ ،‬وهنالك ترددات أخرى تجعل الخليا تتأذى وقد تسبب لها‬
‫الموت! ولذلك فإن الترددات الصحيحة هي التي تشغل بال العلماء اليوم‪ ،‬كيف يمكنهم‬
‫معرفة ما يناسب الدماغ من ترددات صوتية؟‬

‫اكتشف العلماء أن شريط ‪DNA‬داخل كل خلية يهتز‬


‫بطريقة محددة أيضًا‪ ،‬وأن هذا الشريط المحمل بالمعلومات‬
‫الضرورية للحياة‪ ،‬عرضة للتغيرات لدى أي حدث أو مشكلة‬
‫أو فيروس أو مرض يهاجم الجسم‪ ،‬ويقول العلماء إن هذا‬
‫الشريط داخل الخليا يصبح أقل اهتزازا ً لدى تعرضه‬
‫للهجوم من قبل الفيروسات! والطريقة المثلى لجعل هذا‬
‫الشريط يقوم بأداء عمله هي إعادة برمجة هذا الشريط‬
‫من خلل التأثير عليه بأمواج صوتية محددة‪ ،‬ويؤكد العلماء‬
‫أنه سيتفاعل مع هذه المواج ويبدأ بالتنشيط والهتزاز‪،‬‬
‫ولكن هنالك أمواج قد تسبب الذى لهذا الشريط‪.‬‬

‫يقوم كثير من المعالجين اليوم باستخدام الذبذبات الصوتية لعلج أمراض السرطان‬
‫والمراض المزمنة التي عجز عنها الطب‪ ،‬كذلك وجدوا فوائد كثيرة لعلج المراض‬

‫‪11‬‬
‫النفسية مثل الفصام والقلق ومشاكل النوم‪ ،‬وكذلك لعلج العادات السيئة مثل‬
‫التدخين والدمان على المخدرات وغير ذلك‪.‬‬

‫ما هو العلج؟‬

‫إن أفضل علج لجميع المراض هو القرآن‪ ،‬وهذا الكلم نتج عن تجربة طويلة‪ ،‬ولكن‬
‫شفيت بسبب العلج بالقرآن بعد أن‬ ‫يمكنني أن أستشهد بكثير من الحالت التي ُ‬
‫استعصت على الطب‪ .‬لن الشيء الذي تؤثر به تلوة القرآن والستماع إلى اليات‬
‫الكريمة هو أنها تعيد التوازن إلى الخليا‪ ،‬وتزيد من قدرتها على القيام بعملها الساسي‬
‫بشكل ممتاز‪.‬‬

‫ففي داخل كل خلية نظام اهتزازي أودعه الله لتقوم بعملها‪ ،‬فالخليا ل تفقه لغة الكلم‬
‫ولكنها تتعامل بالذبذبات والهتزازات تماما ً مثل جهاز الهاتف الجوال الذي يستقبل‬
‫الموجات الكهرطيسية ويتعامل معها‪ ،‬ثم يقوم بإرسال موجات أخرى‪ ،‬وهكذا الخليا‬
‫في داخل كل خلية جهاز جوال شديد التعقيد‪ ،‬وتصور أخي الحبيب آلف المليين من‬
‫خليا دماغك تهتز معا ً بتناسق ل يمكن لبشر أن يفهمه أو يدركه أو يقلده‪ ،‬ولو اختلت‬
‫خلية واحدة فقط سيؤدي ذلك إلى خلل في الجسم كله! كل ذلك أعطاه الله لك‬
‫لتحمده سبحانه وتعالى‪ ،‬فهل نحن نقدر هذه النعمة العظيمة؟‬

‫صورة لخليا الدماغ وتظهر الجزاء المتضررة باللون الحمر‪،‬‬


‫هذه المناطق ذات نشاط قليل وطاقة شبه منعدمة وهي‬
‫تشرف على الموت‪ ،‬ولكن لدى تعريض هذه الخليا إلى‬
‫موجات صوتية محددة فإنها تبدأ بالهتزاز والنشاط‪ .‬المصدر‬
‫‪National Research Council of Canada‬‬

‫اليات القرآنية تحمل الشفاء!‬

‫يقول العلماء اليوم وفق أحدث الكتشافات إن أي مرض ل بد أنه يحدث تغيرا ً في‬
‫برمجة الخليا‪ ،‬فكل خلية تسير وفق برنامج محدد منذ أن خلقها الله وحتى تموت‪ ،‬فإذا‬
‫حدث خلل نفسي أو فيزيائي‪ ،‬فإن هذا الخلل يسبب فوضى في النظام الهتزازي‬
‫للخلية‪ ،‬وبالتالي ينشأ عن ذلك خلل في البرنامج الخلوي‪ .‬ولعلج ذلك المرض ل بد من‬
‫تصحيح هذا البرنامج بأي طريقة ممكنة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ت أثناء تأملي ليات القرآن وجود نظام رقمي دقيق تحمله آيات القرآن‪،‬‬ ‫وقد لحظ ُ‬
‫ولكن لغة الرقام ليست هي الوحيدة التي تحملها اليات إنما تحمل هذه اليات أشبه‬
‫ما يمكن أن نسميه "برامج أو بيانات" وهذه البيانات تستطيع التعامل مع الخليا‪ ،‬أي أن‬
‫القرآن يحوي لغة الخليا!!‬

‫وقد يظن القارئ أن هذا الكلم غير علمي‪ ،‬ولكنني وجدت الكثير من اليات التي تؤكد‬
‫أن آيات القرآن تحمل بيانات كثيرة‪ ،‬تماما ً مثل موجة الراديو التي هي عبارة عن موجة‬
‫ملون عليها معلومات وأصوات وموسيقى وغير ذلك‪.‬‬ ‫عادية ولكنهم يح ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقول تعالى‪) :‬ول َو أ َن قُرآ َنا سيرت به ال ْجبا ُ َ‬
‫م ب ِهِ ال ْ َ‬
‫موَْتى ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫ض أوْ ك ُل ّ َ‬
‫ت ب ِهِ اْلْر ُ‬
‫ل أوْ قُط ّعَ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ْ ّ ْ ً ُ َّ ْ ِ ِ‬
‫َ‬
‫ميًعا( ]الرعد‪ .[31 :‬لو تأملنا هذه الية بشيء من التعمق يمكن أن نتساءل‪:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ِل ّهِ اْل ْ‬
‫مُر َ‬
‫طع الرض أي يمزقها‪ ،‬أو يكلم الموتى؟ إذن‬ ‫كيف يمكن للقرآن أن يسير الجبال‪ ،‬أو يق ّ‬
‫البيانات التي تخاطب الموتى وتفهم لغتهم موجودة في القرآن إل أن المر لله تعالى‬
‫ول يطلع عليه إل من يشاء من عباده‪.‬‬

‫بالنسبة للجبال نحن نعلم اليوم أن ألواح الرض تتحرك حركة بطيئة بمعدل عدة‬
‫سنتمترات كل سنة‪ ،‬وتحرك معها الجبال‪ ،‬وهذه الحركة ناتجة عن أمواج حرارية تولدها‬
‫المنطقة المنصهرة تحت القشرة الرضية‪ ،‬إذن يمكننا القول إن القرآن يحوي بيانات‬
‫يمكن أن تتعامل مع هذه المواج الحرارية وتحركها وتهيجها فتسرع حركتها‪ ،‬أو تحدث‬
‫طع القشرة الرضية وتجّزئها إلى أجزاء صغيرة‪ ،‬هذه‬ ‫شقوقا ً وزلزل في الرض أي تق ّ‬
‫القوى العملقة يحملها القرآن‪ ،‬ولكن الله تعالى منعنا من الوصول إليها‪ ،‬ولكنه أخبرنا‬
‫عن قوة القرآن لندرك عظمة هذا الكتاب‪ ،‬والسؤال‪ :‬الكتاب الذي يتميز بهذه القوى‬
‫الخارقة‪ ،‬أل يستطيع شفاء مخلوق ضعيف من المرض؟؟‬

‫ولذلك فإن الله تعالى عندما يخبرنا أن القرآن شفاء فهذا يعني أنه يحمل البيانات‬
‫والبرامج الكافية لعلج الخليا المتضررة في الجسم‪ ،‬بل لعلج ما عجز الطباء عن‬
‫شفائه‪.‬‬

‫أسهل علج لجميع المراض‬

‫أخي القارئ! أقول لك وبثقة تامة وعن تجربة‪ ،‬يمكنك بتغيير بسيط في حياتك أن‬
‫تحصل على نتائج كبيرة جدا ً وغير متوقعة وقد تغير حياتك بالكامل كما غير حياتي من‬
‫قبلك‪ .‬الجراء المطلوب هو أن تستمع للقرآن قدر المستطاع صباحا ً وظهرا ً ومساًء‬
‫وأنت نائم‪ ،‬وحين تستيقظ وقبل النوم‪ ،‬وفي كل أوقاتك‪.‬‬

‫إن سماع القرآن لن يكلفك سوى أن يكون لديك أي وسيلة للستماع مثل كمبيوتر‬
‫محمول‪ ،‬أو مسجلة كاسيت‪ ،‬أو فلش صغير مع سماعات أذن‪ ،‬أو تلفزيون أو راديو‪،‬‬
‫حيث تقوم بالستماع فقط لي شيء تصادفه من آيات القرآن‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫إن صوت القرآن هو عبارة عن أمواج صوتية لها تردد محدد‪ ،‬وطول موجة‬
‫محدد‪ ،‬وهذه المواج تنشر حقول ً اهتزازية تؤثر على خليا الدماغ وتحقق‬
‫إعادة التوازن لها‪ ،‬مما يمنحها مناعة كبيرة في مقاومة المراض بما فيها‬
‫السرطان‪ ،‬إذ أن السرطان ما هو إل خلل في عمل الخليا‪ ،‬والتأثير بسماع‬
‫القرآن على هذه الخليا يعيد برمجتها من جديد‪ ،‬وكأننا أمام كمبيوتر مليء‬
‫بالفيروسات ثم قمنا بعملية "فرمتة" وإدخال برامج جديدة فيصبح أداؤه‬
‫عاليا‪ ،‬هذا يتعلق ببرامجنا بنا نحن البشر فكيف بالبرامج التي يحملها كلم‬
‫خالق البشر سبحانه وتعالى؟‬

‫التأثير المذهل لسماع القرآن‬

‫إن السماع المتكرر لليات يعطي الفوائد التالية والمؤكدة‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة في مناعة الجسم‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة في القدرة على البداع‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة القدرة على التركيز‪.‬‬

‫‪ -‬علج أمراض مزمنة ومستعصية‪.‬‬

‫‪ -‬تغيير ملموس في السلوك والقدرة على التعامل مع الخرين وكسب ثقتهم‪.‬‬

‫‪ -‬الهدوء النفسي وعلج التوتر العصبي‪.‬‬

‫‪ -‬علج النفعالت والغضب وسرعة التهور‪.‬‬

‫‪ -‬القدرة على اتخاذ القرارات السليمة‪.‬‬

‫‪ -‬سوف تنسى أي شيء له علقة بالخوف أو التردد أو القلق‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير الشخصية والحصول على شخصية أقوى‪.‬‬

‫‪ -‬علج لكثير من المراض العادية مثل التحسس والرشح والزكام والصداع‪.‬‬

‫‪ -‬تحسن القدرة على النطق وسرعة الكلم‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬وقاية من أمراض خبيثة كالسرطان وغيره‪.‬‬

‫‪ -‬تغير في العادات السيئة مثل الفراط في الطعام وترك الدخان‪.‬‬

‫ت ذات يوم مدخنا ً ول أتصور نفسي‬ ‫أخي القارئ‪ :‬إن هذه الشياء حدثت معي وقد كن ُ‬
‫ت نفسي أترك الدخان دون‬ ‫أني أترك الدخان‪ ،‬ولكنني بعد مداومة سماع القرآن وجد ُ‬
‫ت‬
‫ُ‬ ‫قرأ‬ ‫بعدما‬ ‫ولكنني‬ ‫ولماذا؟‬ ‫أي جهد‪ ،‬بل إنني أستغرب كيف تغيرت حياتي كلها‬
‫ت سّر التغير الكبير‬
‫أساليب حديثة للعلج ومنها العلج بالصوت والذبذبات الصوتية عرف ُ‬
‫في حياتي‪ ،‬أل وهو سماع القرآن‪ ،‬لنني ببساطة لم أقم بأي شيء آخر سوى الستماع‬
‫المستمر للقرآن الكريم‪.‬‬

‫وأختم هذا البحث اليماني بحقيقة لمستها وعشتها وهي أنك مهما أعطيت من وقتك‬
‫للقرآن فلن ينقص هذا الوقت! بل على العكس ستكتشف دائما ً أن لديك زيادة في‬
‫الوقت‪ ،‬وإذا كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬ما نقص مال من صدقة‪،‬‬
‫فإنه يمكننا القول‪ :‬ما نقص وقت من سماع قرآن‪ ،‬أي أننا لو أنفقنا كل وقتنا على‬
‫سماع القرآن فسوف نجد أن الله سيبارك لنا في هذا الوقت وسيهيئ لنا أعمال الخير‬
‫وسيوفر علينا الكثير من ضياع الوقت والمشاكل‪ ،‬بل سوف تجد أن العمل الذي كان‬
‫يستغرق معك عدة أيام لتحقيقه‪ ،‬سوف تجد بعد مداومة سماع القرآن أن نفس العمل‬
‫سيتحقق في دقائق معدودة!!‬

‫نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن شفاء لما في صدورنا ونورا ً لنا في الدنيا والخرة‬
‫ن علينا بكتاب كله شفاء ورحمة وخاطبنا فقال‪َ) :‬يا أ َي َّها‬ ‫ولنفرح برحمة الله وفضله أن م ّ‬
‫ن*‬ ‫ني‬
‫ِ‬
‫ُ ِ َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬
‫ََ ْ َ‬ ‫و‬ ‫دى‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫و‬
‫ّ ُ ِ َ ً‬‫ر‬ ‫دو‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫َ ِ‬‫ما‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫ء‬‫فا‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫ُ‬
‫ن َرب ّ ْ َ ِ‬
‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫عظ َ ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫جاَءت ْك ُ ْ‬‫س قَد ْ َ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ن( ]يونس‪.[58-57 :‬‬ ‫مُعو َ‬ ‫ج َ‬‫ما ي َ ْ‬
‫م ّ‬‫خي ٌْر ِ‬
‫حوا هُوَ َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مت ِهِ فَب ِذ َل ِك فَلي َ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ وَب َِر ْ‬ ‫ض ِ‬‫ف ْ‬ ‫قُ ْ‬
‫ل بِ َ‬

‫العجاز العلمي ‪:‬‬

‫تعريف العلم ‪:‬‬

‫وصف العجاز هنا بانه علمي نسبة الى العلم‪.‬‬


‫والعلم ‪ :‬هو ادراك الشياء على حقائقها‪ .‬او هو صفة ينكشف بها‬
‫المطلوب انكشافا تاما‪.‬‬
‫والمقصود بالعلم في هذا المقام ‪ :‬العلم التجريبي‪.‬‬
‫وعليه فيعرف العجاز العلمي بما يلي ‪:‬‬

‫تعريف العجاز العلمي ‪:‬‬

‫هو اخبار القرءان الكريم او السنة النبوية بحقيقة اثبتها العلم التجريبي‪،‬‬
‫وثبت عدم امكانية ادراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله‬

‫‪15‬‬
‫عليه وسلم‪ .‬وهذا مما يظهر صدق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫فيما اخبر به عن ربه سبحانه‪.‬‬

‫لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته ‪ :‬ولما كان الرسل قبل‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم يبعثون الى اقوامهم خاصة‪ ،‬ولزمنة محدودة‬
‫فقد ايدهم الله ببينات حسية مثل ‪ :‬عصا موسى عليه السلم‪ ،‬واحياء‬
‫الموتى باذن الله على يد عيسى عليه السلم‪ ،‬وتستمر هذه البينات‬
‫الحسية محتفظة بقوة اقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول‪،‬‬
‫فاذا حرف الناس دين الله بعث الله رسول آخر بالدين الذي يرضاه‪،‬‬
‫وبمعجزة جديدة‪ ،‬وبينة مشاهدة‪.‬‬

‫ولما ختم الله النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم ضمن له حفظ دينه‪،‬‬
‫وايده ببينة كبرى تبقى بين ايدي الناس الى قيام الساعة‪ ،‬قال تعالى ‪﴿ :‬‬
‫قل اي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم واوحي الى هذا‬
‫القرءان لنذركم به ومن بلغ ﴾) النعام ‪ ( 19‬ومن ذلك المعجزة العلمية‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬لكن الله شهيد بما انزل اليك انزله بعلم ﴾) النساء ‪( 166‬‬
‫وقال تعالى ‪ ﴿:‬فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما انزل بعلم الله﴾‪ ).‬هود‬
‫‪.( 14‬‬
‫وليس معنى مجرد كونه انزله انه معلوم له‪ ،‬فان جميع الشياء معلومة‬
‫له‪ ،‬وليس في ذلك ما يدل على انها حق‪ ،‬لكن المعنى ‪ :‬انزله فيه علمه‪،‬‬
‫كما يقال ‪ :‬فلن يتكلم بعلم‪ ،‬فهو سبحانه انزله بعلم‪ ،‬كما قال ‪ ﴿:‬قل‬
‫انزله الذي يعلم السر في السموات والرض﴾) الفرقان ‪ .( 6‬والى هذا‬
‫المعنى ذهب كثير من المفسرين‪.‬‬

‫ومعجزة القرءان مستمرة الى يوم القيامة‪ ،‬وخرقه للعادة في اسلوبه‪،‬‬


‫وفي بلغته‪ ،‬واخباره بالمغيبات‪ ،‬فل يمر عصر من العصار‪ ،‬ال ويظهر‬
‫فيه شيء مما اخبر به انه سيكون؛ يدل على صحة دعواه ‪ ...‬فعم نفعه‬
‫من حضر‪ ،‬ومن غاب‪ ،‬ومن وجد‪ ،‬ومن سيوجد‪.‬‬
‫﴿ان هو ال ذكر للعالمين ولتعلمن نباه حتى حين﴾‬
‫وبينة القرءان العلمية يدركها العربي والعجمي‪ ،‬وتبقى ظاهرة متجددة‬
‫الى قيام الساعة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفرق بين التفسير العلمي والعجاز العلمي ‪:‬‬

‫التفسير العلمي ‪ :‬هو الكشف عن معاني الية او الحديث في ضوء ما‬


‫ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية‪.‬‬
‫اما العجاز العلمي ‪ :‬فهو اخبار القرءان الكريم‪ ،‬او السنة النبوية‪،‬‬
‫بحقيقة اثبتها العلم التجريبي اخيرا‪ ،‬وثبت عدم امكانية ادراكها بالوسائل‬
‫البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪--------------------‬‬

‫ن اْلبل َ‬‫م َ‬
‫جو ِ‬ ‫َ‬
‫فت َن ْ ُ‬
‫ر‬
‫م ٍ‬ ‫ج ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ض َ‬ ‫قب ْ ٍ‬‫ك ِبال ِّتي ك َ َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ر َ‬‫صب ْ ِ‬‫ن ال ّ‬‫ما ُ‬ ‫ذا َز َ‬ ‫وه َ‬
‫َ‬
‫هطّل َ‬ ‫َ‬
‫ِديما ً َ‬
‫و ُ‬ ‫ع‬‫م ِ‬ ‫ها ِبالدّ ْ‬ ‫حائ ِب ُ َ‬‫س َ‬‫ت َ‬ ‫وك ّ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ت لت َ َ‬ ‫عد ْ‬ ‫سا َ‬ ‫عْينا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫هل َل َ‬ ‫َ‬
‫ة اْل ْ‬ ‫طها َ َ‬‫ح ُ‬
‫سب َ ْ‬
‫شى َ‬
‫م ِ‬
‫ر تَ ْ‬
‫ما ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ع َ‬‫ضي ْ َ‬ ‫فَيا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قل ْ ِ‬‫ة ال ْ َ‬‫و ِ‬‫س َ‬‫ق ْ‬‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ولك ِّنها َ‬ ‫َ‬

‫مثال آخر على العجاز العلمي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫إن حاسة السمع هبة من الله ليتعرف بها النسان على العالم‬

‫الخارجي و يحقق العبودية لله و يشكره على النعم الكثيرة التي‬


‫َ‬ ‫ل هو ال ّذي َأن َ َ‬
‫معَ َواْلب ْ َ‬
‫صاَر‬ ‫س ْ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫جع َ َ‬ ‫شأك ُ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫سخرها له‪" :‬قُ ْ ُ َ ِ‬
‫َ‬
‫ن الملك ‪.23‬و للشارة فقد ذكر السمع‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫َواْلفْئ ِد َة َ قَِليًل ّ‬
‫ما ت َ ْ‬
‫‪ 185‬مرة في القرآن الكريم‪.‬‬

‫و السمع عملية تبدأ بالصوت المنبعث الذي ُيعد المصدر‪ ،‬و يمر‬
‫بالذن التي تستشعر الصوت و تلتقطه‪ ،‬و تنتهي بمركز السمع بالمخ )الشكل ‪ .(1‬و‬
‫اللغة هي وسيلة التواصل بين البشر‪ ،‬و هي الداة التي يتم بها نقل الفكار و تداولها‪.‬‬

‫واللغة أيضا مركبة من كلمات‪ ،‬والكلمات مكونة من حروف‪ ،‬والحروف تتمايز‬


‫بمخارجها وإيقاعاتها التي ساهمت في صياغتها حاسة السمع‪.‬‬

‫وتظهر حاسة السمع عند منتصف الشهر الخامس من الحمل‪ ،‬حيث لوحظ أن الجنين‬
‫يسجيب‪ ،‬بعد هذا العمر من الحمل‪ ،‬لي منبه سمعي بإغلق جفنيه اللذين يكونان عادة‬
‫مفتوحين‪ .‬و هكذا فإن الجنين يسمع أمه ويشعر بدقات قلبها‪ .‬وفي حوالي الشهر‬
‫السابع‪ ،‬تبدأ قدرة الجنين على سماع الصوات الحادة وتمييزها‪ ،‬ويبدأ بتخزين الصوت‬
‫الكثر تكرارا ً وهو صوت أبيه‪ ،‬ولذلك عند مولده‪ ،‬يتعرف بسهولة على صوت أبيه‪ ،‬ذلك‬
‫الذيكان قد اختزنه في ذاكرته أثناء الحياة الجنينية لتكراره‪.‬‬

‫و السمع هي الحاسة التي تباشر عملها منذ الولدة لهذا أمرنا الرسول الكريم صلى‬
‫الله عليه وسلم بالذان في أذن المولود لتكون أول معلومة )مجموعة صوتية( تدخل‬
‫كيانه هي الكلمات الطيبات من التكبير و الشهادتين و الحيهلة للصلة و الفلح فالتكبير‬
‫و التهليل‪ .‬وعن أبي رافع قال‪) :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن‬
‫الحسن بن علي حين ولدته فاطمة(‪ .‬رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح ‪,‬‬
‫وحسنه اللباني‪ .‬يقول ابن قيم الجوزية متحدثا عن سر الذان في أذن المولود اليمنى‪:‬‬
‫"أن يكون أول ما يقرع سمع النسان كلمات النداء العلوي المتضمنة لكبرياء الرب‬
‫وعظمته‪ ،‬والشهادة التي أول ما يدخل بها في السلم‪ ،‬فكان ذلك كالتلقين له شعار‬
‫السلم عند دخوله إلى الدنيا‪ ،‬كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها‪ ،‬وغير مستنكر‬
‫وصول أثر الذان إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الشكل ‪ :1‬الموجة الصوتية من المنبع إلى المخ عبر‬
‫الذن‬

‫و الصوت ينتقل كموجة من خصائصها السرعة و التردد و الشدة‪ ،‬فسرعة الصوت في‬
‫الهواء حوالي ‪ 340‬م‪/‬ثانية‪ ،‬و تتأثر بالحرارة‪ :‬فهي ‪ 331‬م‪/‬ثانية في ‪ °0‬درجة و ‪343‬‬
‫م‪/‬ثانية في ‪ °20‬درجة‪.‬‬

‫أما في السوائل فهي أكبر بكثير فتصل إلى ‪ 1440‬م‪/‬ثانية في الماء و في المواد‬
‫صلبة تصل إلى ‪ 3500‬م‪/‬ثانية كالنحاس و ‪ 5000‬م‪/‬ثانية في الفولذ‪.‬‬
‫ال ُ‬

‫أما التردد فهو الذي يحدد الحيز المسموح به و غير المسموح به‪،‬فالذن البشرية‬
‫تستطيع أن تميز الصوات من ‪ 20‬إلى ‪ 20000‬هيرتز‪ ،‬و هي بعبارة أخرى من‬
‫الصوات الخفيضة إلى الحادة )الشكل ‪ .(2‬و خارج هذا النطاق هناك الموجات فوق‬
‫السمعية التي ل يستطيع النسان سماعها و يكون ترددها أكثر من ‪ 20000‬هيرتز‪.‬‬

‫و أما الموجات تحت السمعية فهي التي ل يستطيع النسان سماعها و يكون ترددها‬
‫أقل من ‪ 20‬هيرتز‪ .‬و الذن تحس باللم حسب الشدة‪ ،‬و ذلك ابتداء من ‪105‬‬
‫ديسبل)الشكل ‪.(3‬‬

‫‪19‬‬
‫الشكل ‪ :2‬سلم الذبذبات للموجة الصوتية المسموعة‬
‫بالذن البشرية‪.‬‬

‫الشكل ‪ :3‬شدة السمع حسب التردد بين الحد الدنى و‬


‫بداية الحساس باللم‪.‬‬

‫و لتمثيل الشدة نعطي أمثلة كما يلي‪:‬‬

‫‪ 130‬ديسبل)‪ :(dB‬محرك طائرة عند القلع من بعد ‪ 25‬متر‬

‫‪ 120‬ديسبل)‪ :(dB‬رعد من أعلى‬


‫‪ 110‬ديسبل)‪ :(dB‬قطار يمر عن قرب‬
‫‪ 100‬ديسبل)‪:(dB‬مصنع حدادة في أوج حيويته‬

‫‪20‬‬
‫‪ 90‬ديسبل)‪ :(dB‬ضجيج سياقة مكثف‬

‫‪ 80‬ديسبل)‪ :(dB‬طريق أو قاعة اجتماع‬

‫‪ 70‬ديسبل)‪ :(dB‬داخل قطار يجري‬

‫‪ 60‬ديسبل)‪ :(dB‬محادثة عادية‬


‫‪ 50‬ديسبل)‪ :(dB‬شقة عادية‬
‫‪ 40‬ديسبل)‪ :(dB‬حي هادئ أو بادية‬

‫‪ 30‬ديسبل)‪ :(dB‬شقة في حي هادئ‬

‫‪ 20‬ديسبل)‪ :(dB‬خارج هادئ جدا‬

‫‪ 10‬ديسبل)‪:(dB‬ستيديو للتسجيل‬
‫‪ 0‬ديسبل)‪ :(dB‬عتبة السمع‬

‫من المور اللطيفة كذلك أن القرآن الكريم في أغلب اليات يقدم السمع على البصر‪،‬‬
‫ذلك لن السمع هو أول حاسة تستأنف نشاطها بعد الولدة‪ ،‬عكس البصر الذي يبدأ‬
‫عمله بعد فترة من الولدة‪ .‬و كذلك أن الوحي تلقاه الرسول صلى الله عليه و سلم‬
‫بالسماع و بلغه بالسماع حيث جاء في نصوص لغوية‪.‬‬

‫أما الحاديث التي تتحدث عن أحوال الموت فمنها ما رواه المام البخاري في صحيحه‬
‫)‪ :(1314‬أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪) :‬إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت‬
‫قدموني وإن كانت غير صالحة قالت لهلها يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل‬
‫شيء إل النسان ولو سمع النسان لصعق(‪.‬‬

‫فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج‪ 3 :‬ص‪ 185 :‬في قوله )لصعق( أي لغشي‬
‫عليه من شدة ما يسمعه‪ ،‬فهنا ابن حجر رحمه الله تعالى يتحدث عن الشدة التي لم‬
‫يسمح للنسان أن يسمعها مباشرة و لكن جعلها الله من الغيبيات‪ .‬فهذا حال الميت‬
‫أثناء الجنازة‪.‬‬

‫أما في القبر فإن الكافر و المنافق فله شأن آخر‪ ،‬فعن أنس رضي الله عنه عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه‬
‫ليسمع قرع نعالهم‪ ،‬أتاه ملكان‪ ،‬فأقعداه‪ ،‬فيقولن له‪ :‬ما كنت تقول في هذا الرجل‬

‫‪21‬‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيقول‪ :‬أشهد أنه عبد الله ورسوله‪ ،‬فيقال‪ :‬انظر إلى‬
‫مقعدك من النار‪ ،‬أبدلك الله به مقعدا من الجنة‪ ،‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فيراهما جميعا‪ .‬و أما الكافر أو المنافق فيقول‪ :‬ل أدري‪ ،‬كنت أقول ما يقول الناس‪،‬‬
‫فيقال ل دريت ول تليت‪ ،‬ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه‪ ،‬فيصيح صيحة‬
‫يسمعها من يليه إل الثقلين(‪ .‬أخرجه البخاري)‪ (1338‬و مسلم)‪.(2870‬‬

‫قال الحافظ في الفتح )‪) :(3/240‬يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين(‪ .‬و هذا يدخل‬
‫فيه الحيوان‪.‬‬

‫و المراد بالثقلين النس والجن‪ ،‬قيل لهم ذلك لنهم كالثقل على وجه الرض‪ .‬قال‬
‫المهلب‪ :‬الحكمة في أن الله يسمع الجن قول الميت‪ :‬قدموني‪ ،‬ول يسمعهم صوته إذا‬
‫عذب بأن كلمه قبل الدفن متعلق بأحكام الدنيا‪ ،‬وصوته إذا عذب في القبر متعلق‬
‫بأحكام الخرة‪ ،‬وقد أخفى الله على المكلفين أحوال الخرة‪ ،‬إل من شاء الله إبقاء‬
‫عليهم كما تقدم(‪.‬‬

‫و عندما نتحدث عن الحيوان غير المكلف فقدرته السمعية تختلف عن النسان‪ .‬فهي‬
‫مثل عند الخيول أقوى من مثيلتها عند النسان‪ ،‬فالخيل تملك آذانا ً كبيرة ومتحركة تدور‬
‫ح ًٌرية للتقاط الصوت من كل الجهات‪ ،‬كما يميزها بردة الفعل الخاص لصوت النسان‪.‬‬
‫ب ُ‬

‫و الكلب و الدرافيل و الطيور و الضفادع تتمكن من رصد ذبذبات فوق صوتية‪ ،‬و هو ما‬
‫ل يمكننا سماعه‪.‬‬

‫أما السماك فليس لديها إل الذن الداخلية‪ ،‬و لكنها تتمتع بعضو حسي إضافي‬
‫بطول جسمها )الخط الجانبي( يمكنها من الحساس بالصوات )الذبذبات(‪.‬‬

‫وتتمتع كثير من الحيوانات "ب ُ‬


‫شَعيرات" حساسة لذبذبات الهواء )و بالتالي للصوات(‪.‬‬
‫وبعضها لديه "أذن" في قوائمه )كفراش الليل أو صرصار الليل مثل(‪.‬‬

‫فالبحوث التي أجريت في الصين بعد إقامة جهاز )السيسموغراف( المتنبئ بالزلزل‪،‬‬
‫بينت أن الحيوانات هي أكثر المخلوقات تنبؤا ً بالزلزل‪ ،‬وأنها تقوم بتصرفات مخالفة‬
‫لطبيعتها قبل وقوع تلك الزلزل‪.‬‬

‫فالفاعي مثل تهجرجحورها‪ ،‬والخنازير تهيج في حظائرها‪ ،‬والدجاج يهجر الحظيرة‪،‬‬


‫والكلب ترفض إطاعة أي أمر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫أما سمك )الويلز( فإنه يغير من عاداته في السير ويضطرب كثيرا‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫زلزال ما على وشك الحدوث‪ ،‬والمر ل يقتصر على الحيوانات الليفة‪ ،‬بل يتعداها إلى‬
‫الحيوانات المفترسة التي تشعر بالزلزل على بعد أكثر من ‪ 150‬كم‪.‬‬

‫فالوز هرب من برك الماء‪ ،‬واعتصم في قمم الشجار‪ .‬أما البقار فقد حطمت‬
‫حظائرها لتنطلق إلى الخارج‪ ،‬والكلب ل تهدأ عن النباح‪ ،‬والفئران أخذت تتجه إلى‬
‫الشوارع على غير عاداتها‪.‬‬

‫العجاز التشريعي في القرآن الكريم‬

‫العجاز التشريعي عبارة واسعة المجال تشمل كل ما شرعه الله تعالى‬


‫لعباده‪ ،‬فهو بعبارة أخرى المنهج الذي أراده الله لعباده أن يسلكوه‬
‫هاجا ً﴾]المائدة‪[48 :‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ً‬ ‫شْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫عل َْنا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫ويأتمروا به قال تعالى‪﴿ :‬ل ِك ُ ّ‬
‫فالقرآن الكريم هو مصدر التشريع للمسلمين ثم يأتي بعده الحديث‬
‫الشريف الذي خرج من مشكاة النبوة‪ ،‬وكلهما مصدر تشريع وبيان لكل‬
‫من آمن بالله وباليوم الخر‪ ،‬فل يمكن ول يصح أن يعتقد المسلم إمكانية‬
‫صدور منهج آخر من عند غير الله ليكون أصح من منهج الخالق؛ كيف ذلك‬
‫والله تعالى هو الذي خلق وهو الذي يعلم ما يصلح لعباده؛ هذا ما تقر به‬
‫كل الفطر السليمة والعقول الصحيحة‪ ،‬لن صاحب الصنعة هو أعلم بها‬
‫وبدقائقها وبما ينفعها فيأمر به وبما يضرها فينهاها عنه‪ ،‬أرأيت لو أن‬
‫إنسانا ً صنع جهازا ً جديدًا؛ أل ترى أن الناس يسألونه عنها ول يسألون‬
‫أحدا ً سواه‪ ،‬ولله المثل العلى فما بالنا نحيد عن هذه القاعدة فيما‬
‫يتعلق بأمورنا وما ينفعنا وما يضرنا؟ أليس الله هو خالقنا؟ أليس هو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫خل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫الذي ركب كل شيء فينا؟ أليس هو الذي خلق فسوى؟ ﴿أل ي َ ْ‬
‫خِبيُر﴾]الملك‪.[14 :‬‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫و الل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫فما بالنا عندما يتعلق المر بالتشريع نذهب نبحث عن القوانين هنا‬
‫وهناك مغترين بما تذيعه وسائل العلم من إعلنات روجت لها معاقل‬
‫الفساد والتآمر على البشرية‪ ،‬وأوكار التمرد على الخالق العظيم‪،‬‬
‫ومؤتمرات إعلن الحرب على الله‪ ،‬كل ذلك تحت مسميات ما أنزل الله‬
‫بها من سلطان؛ وإنما هي نزغة من نزغات إبليس اللعين الذي أعلن‬
‫على المل أن يغوي بني آدم بكل ما أوتي من كيد ودهاء حتى يخلد هو‬
‫ومن اتبعه في نار جهنم التي أعدها الله تعالى لكل متكبر ل يؤمن بيوم‬
‫الحساب‪.‬‬
‫والمر ببساطة ل يحتاج إلى كثير كلم لقناع المقابل بالحجة الدامغة‬
‫التي أظهرها الله سبحانه وأقامها على جميع الخلق وإنما يؤخرهم ليوم‬
‫ر‬
‫ف ِ‬ ‫في ال ْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫حُزن َ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫تشخص في البصار‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫شيئا ً يريد الل ّه أ َ‬
‫م‬‫َ ُ ْ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ظ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ ْ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ه َ ْ‬ ‫ضّروا ْ الل ّ َ‬ ‫م َلن ي َ ُ‬ ‫ه ْ‬‫إ ِن ّ ُ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫ً‬
‫شْيئا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ضّروا الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ن لن ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫وا الكفَر َِبا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫شت ََر ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫م _ إِ ّ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫لن‬ ‫خي ْر ّ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬‫رو‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫_‬ ‫م‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫ذاب أ َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬
‫ِ ْ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ن﴾]آل عمران‪ [178-176 :‬هذا هو‬ ‫هي ٌ‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫ب‬‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ثم‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬‫دو‬ ‫ُ‬ ‫دا‬ ‫َ‬ ‫ز‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ه ْ‬ ‫مِلي ل َ ُ‬ ‫نُ ْ‬
‫ِ‬
‫السبب في إمهال الطغاة والمتكبرين‪ ،‬والذين اتخذوا لهم شركاء من‬
‫دون الله يحّلون لهم ما حرم الله ويحرمون عليهم ما أحل الله‪ ،‬وقد‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عوا ل َ ُ‬ ‫شَر ُ‬ ‫كاء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫سماهم القرآن شركاء فقال تعالى‪﴿ :‬أ ْ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ي ب َي ْن َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫وَل ك َل ِ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ذن ب ِ ِ‬ ‫م ي َأ ْ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ال ّ‬

‫‪23‬‬
‫َ‬
‫م﴾]الشورى‪.[21 :‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ع َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ولعل الموضوع واسع المجال كما أشرت آنفًا؛ ولكني وحسب اطلعي قد‬
‫وقعت على بحث رائع كثير الفائدة‪ ،‬تناول جانبا ً من جوانب التشريع وهو‬
‫جانب تشريع العقوبات‪ ،‬دون أن يحيط بكل جوانب العجاز التشريعي في‬
‫القرآن أو في السنة المشرفة‪ ،‬ولما كان المطلوب بيان العجاز‬
‫التشريعي ومزاياه وإيجابياته؛ ومقارنته بما وضعه الناس من تشريعات‬
‫وضعية وما انتهت إليه من نتائج سلبية‪ ،‬أعددت هذا البحث‪.‬‬

‫تعريف العجاز وبيان أنواعه‪:‬‬


‫قد يخفى على البعض معنى العجاز فكان ل بد من بيانه ولو بشيء من‬
‫اليجاز؛ لن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬ولن ما بعده مبني عليه‬
‫ومتعلق به‪.‬‬
‫جز‬ ‫ع َ‬
‫جاء في قواميس اللغة في معنى العجز‪ :‬أنه نقيض الحزم‪ ،‬تقول‪َ :‬‬
‫صر عنه ولم يدركه‪ ،‬والعجز الضعف‪ ،‬والعجاز‪:‬‬ ‫جُز‪ ،‬إذا ق ُ‬ ‫ع ِ‬‫عن المر ي ْ‬
‫سْبق‪.‬‬ ‫وت وال ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ال َ‬
‫جُز البشر متفرقين‬ ‫ع‬
‫ُ ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫للعادة‪،‬‬ ‫الخارق‬ ‫المر‬ ‫والمعجزة في الشرع تعني‪:‬‬
‫ومجتمعين عن التيان بمثله‪ ،‬يجعله الله على يد من يختاره لنبوته‪ ،‬دليل ً‬
‫على صدقه وصحة رسالته‪.‬‬
‫وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال من ُأرسل إليهم‪ ،‬فلما كان‬
‫السحر فاشًيا في قوم موسى جاءهم بما يناسبهم وما هم عليه‪ ،‬ومثل‬
‫دا في زمنه جاءهم‬ ‫ذلك يقال في عيسى عليه السلم‪ ،‬لما كان الطب سائ ً‬
‫بما يوافق أمرهم وحالهم‪.‬‬
‫ولما كان العرب أرباب فصاحة وبلغة وخطابة‪ ،‬جعل الله سبحانه معجزة‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم‪ ،‬إل أن معجزته صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬إضافة إلى أنها جاءت موافقة لما كان عليه العرب من الفصاحة‬
‫والبلغة ‪ -‬امتازت على غيرها من المعجزات بأمرين اثنين أولهما‪ :‬أنها‬
‫كانت معجزة عقلية ل حسية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أنها جاءت للناس كافة وجاءت‬
‫خالدة خلود الدهر والناس‪.‬‬
‫والعجاز في القرآن الكريم جاء على وجوه عدة؛ جاء من جهة اللفظ‪،‬‬
‫ومن جهة المعنى‪ ،‬وجاء من جهة الخبار‪ ،‬ومن جهات أخرى ليس هذا‬
‫مقام تفصيلها ‪.‬‬
‫ففي جهة العجاز البياني والبلغي نقف على العديد من اليات التي‬
‫تبين بلغة القرآن المبين وبيانه الرفيع وتركيبه المعجز‪ ،‬وقد تحدى‬
‫النس والجن مجتمعين على التيان بمثله فعجزوا عن ذلك‪ ،‬كما قال‬
‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن لَ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى أن ي َأُتوا ْ ب ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫س َ‬ ‫لن ُ‬ ‫تا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬
‫جت َ َ‬‫نا ْ‬ ‫قل ل ّئ ِ ِ‬ ‫تعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫هيرا ً﴾ ]السراء‪ [88 :‬وبهذه الية‬ ‫َ‬ ‫ظ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ َ ْ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ن بِ ِ ِ َ ْ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ي َأُتو َ‬
‫وأمثالها ثبت التحدي للعرب المعاصرين لنزول القرآن ولمن بعدهم‪،‬‬
‫وقطع كذلك بعجزهم عن التيان بمثله‪ ،‬على الرغم من كل ما أوتوه من‬
‫وجوه الفصاحة والبلغة والبيان‪.‬‬
‫ومن وجوه العجاز التي جاء بها القرآن الكريم الخبار عن الغيوب التي‬
‫ل علم لحد من المخلوقين بها‪ ،‬يستوي في ذلك غيوب الماضي‪ ،‬كالخبار‬
‫عن قصص النبياء وأنبائهم‪ ،‬وغيوب الحاضر‪ ،‬كإخباره عن أسرار‬
‫المنافقين ومكائدهم‪ ،‬وأخبار المستقبل كإخباره عن أمور ستقع في‬
‫المستقبل‪ ،‬كالتمكين للمؤمنين في الرض‪ ،‬ودخول المسجد القصى بعد‬
‫أن يأذن الله بذلك ‪.‬‬
‫ومن وجوه العجاز كذلك‪ ،‬العجاز التشريعي‪ ،‬فقد جاء القرآن هداية‬
‫للناس أجمعين‪ ،‬واشتمل على أحكام تشريعية تكفل سعادة العباد في‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬وتفي باحتياجاتهم الزمانية والمكانية بخلف ما عليه حال‬
‫قوانين البشر وشرائعهم التي ظهر عجزها وما يزال عن معالجة‬

‫‪24‬‬
‫متطلبات البشر‪ ،‬وثبت قصورها عن مسايرة الوضاع المستجدة بين‬
‫ي‬ ‫دي ل ِل ِّتي ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن يِ ْ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫هـ َ‬‫ن َ‬ ‫الحين والخر‪ ،‬وصدق الله إذ يقول‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫جرا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫أ‬ ‫م‬
‫ّ ُ ْ ْ‬‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫حا‬
‫ّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫صا‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫شُر ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وي ُب َ ّ‬
‫م َ‬
‫و ُ‬
‫ق َ‬
‫ك َِبيرا ً﴾]السراء‪.[9 :‬‬
‫من مميزات التشريع الصحيح‪:‬‬
‫لعل من المناسب أن نقول أنه ل ينسب النجاح إلى أي تشريع أو قانون‬
‫فيما وضع لجله إل إذا تحققت فيه أربعة عناصر‪ ،‬وإذا انعدم عنصر واحد‬
‫من هذه العناصر لم يكن التشريع ناجحا ً ول فعال ً ومن مميزات التشريع‬
‫الصحيح ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يؤدي الغرض الذي وضع من أجله على أتم وجه‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يتم له ذلك في أقل زمن أو في زمن قياسي بالنسبة إلى أي‬
‫نظرية أو قانون آخر‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون ذلك الغرض قد تحقق بأقل ما يمكن من التكاليف‪.‬‬
‫‪ .4‬أن ل تكون سلبياته أكثر من إيجابياته أو أن يكون قد حقق الغرض‬
‫الذي وضع من أجله مع كون المفاسد أقل بكثير من المصالح المتحققة‪.‬‬

‫مثال آخر على العجاز التشريعي‪:‬‬

‫قال ابو منصور الثعالبي رحمه الله في كتابه القيم العجاز واليجاز‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫))من أراد ان يعرف جوامع الكلم ويتنبه على فضل العجاز ويحيط ببلغة‬
‫اليماء ويفطن لكفاية اليجاز فليتدبر القرأن الكريم وليتأمل علوه على‬
‫سائر الكلم((‪).‬أ‪.‬هـ(‪.‬‬

‫وقد حوى القرآن الكريم آيات كافيات وصلت إلى ‪ 6236‬آية‪ ،‬الية‬ ‫‪-‬‬
‫الواحدة ُتصلح أمة‪ ،‬فهي دستور حياة‪.‬‬

‫ولو اتبعت المة السلمية أمر ربها وطبقت آية واحدة لغدت خير أمة‬
‫أخرجت للناس‪ ،‬ومن هذه اليات الكافيات قول الله سبحانه وتعالى‪):‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا أوفوا بالعقود( سورة المائدة آية )‪.(1‬‬

‫معنى العقود‪:‬‬

‫العقودك هي العهود )حسنين مخلوف ـ كلمات القرآن الكريم (‪.‬‬


‫وقال الراغب الصفهاني في كتاب مفردات ألفاظ القرآن‪ :‬العقد ‪ :‬الجمع بين‬
‫صلبة كعقد الحبل وعقد البناء‪،‬‬‫أطراف الشيء‪،‬ويستعمل ذلك في الجسام ال ُ‬
‫ثم يستعار ذلك للمعناني نحو‪ :‬عقد البيع‪ ،‬والعهد وغيرها‪.‬‬

‫والعقد مصدر استعمل اسما فجمع نحو )أوفوا بالعقود( المائدة )‪) (1‬أ ‪.‬هـ ( ‪.‬‬

‫سعدي والوفاء بالعقود‪:‬‬


‫ال ّ‬

‫قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تيسير الكريم‬
‫الرحمن في تفسير كلم المنان‪:‬‬

‫" يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود "هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫بما يقتضيه اليمان بالوفاء بالعقود‪ :‬أي بإكمالها‪ ،‬واتمامها‪ ،‬وعدم نقصِها‬
‫قصها ‪.‬‬‫ون ِ‬

‫وقال ‪) :‬وهذا شامل للعقود‪ ،‬التي بني العبد وربه من التزام عبوديته‪ ،‬والقيام‬
‫بها اتم قيام‪ ،‬وعدم النقاص من حقوقها شيئًا‪ ،‬والتي بينه وبين الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم بطاعته واتباعه‪ ،‬والتي بينه وبين الوالدين والقارب‪ ،‬ببرهم‬
‫ووصلهم‪ ،‬وعدم قطيعتهمن ‪,‬التي بينه وبين أصحابه )المتقين( من القيام‬
‫بحقوق الصحبة في الغني والفقر‪ ،‬واليسروالعسر‪ ،‬والتي بينه وبين الخلق من‬
‫عقود المعاملتن كالبيع والجارة‪ ،‬ونحوها‪ .‬وعقود التبرعات كالهبة ونحوها‪،‬‬
‫والقيام بحقوق المسلمين‪ ،‬التي عقدها الله سبحانه وتعالى بينهم بقوله )إنما‬
‫المؤمنون إخوة ( بل التناصر على الحق‪ ،‬والتعاون عليه‪ ،‬والتآلف بين‬
‫المسلمين‪ ،‬وعدم التقاطع‪ ،‬فهذا أمر شامل لصول الدين وفروعه‪ ،‬فكلها‬
‫داخله في العقود التي أمر الله بالقيام بها ( )أ‪ .‬هـ (‪.‬‬

‫قطب والوفاء بالعقود‪:‬‬

‫قال الستاذ سيد قطب رحمه الله في تفسير )يا أيها الذين آمنوا أوفوا‬
‫بالعقود( في ظلل القرآن ‪) :‬لبد من ضوابط للحياة ‪ ..‬حياة المرء مع نفسه‬
‫التي بين جنبيه‪ ،‬وحياته مع غيره من الناس ومن الحياء والشياء عامة الناس‬
‫من القربين والبعدين‪ ،‬من الصل والعشيرة‪ ،‬ومن الجماعة والمة‪ ،‬ومن‬
‫الصدقاء والعداء و الحياء مما سخر الله للنسان ‪...‬‬

‫والشياء مما يحيط بالنسان في هذا الكون العريض ‪ ..‬ثم ‪ ...‬حياته مع ربه‬
‫وموله وعلقته به هي أساس كل حياة ( أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬

‫ونحن نقول بالله التوفيق‪:‬‬

‫إذا وّفينا بعقودنا‪،‬وأنضبط كل مسلم على أوامر ربه في هذه الية ‪) :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا أوفوا بالعقود( لستقامت حياة المسلمين‪ ،‬فإذا وفى كل مسلم‬
‫بالعقد الول مع ربه الوارد في قوله تعالى )وإذ اخذ ربك من بني آدم من‬
‫ظهورهم ذوريتهم وأشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن‬
‫تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (]سورة العراف ‪،[172 :‬ووفاء‬
‫المسلم بهذا العهد الذي أخذ عليه في عالم الذر يوجب عليه عدم الشراك‬
‫بالله‪ ،‬وعدم الكفر به أو العمل والعبادة لغيره‪ ،‬ويجب عليه اتباع شرع الله‬
‫السلم الحنيف‪.‬‬

‫ولو وفى المسلم بشهادته)ان محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ما‬
‫عصى مسلم اوامر رسول الله وما حكم غير رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فيما شجر بينه وبين عباد الله‪ ،‬وما أبتدع في دين الله‪ ،‬وكان من نتيجة‬
‫ذلك‪ :‬اتباعه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذه السوة في جميع‬
‫أقواله وأفعاله ونواياه‪ ،‬مع الرضا والتسلم التام ‪.‬‬

‫وإذا وفى الزوج المسلم‪ ،‬ووفت الزوجة المسلمة بعقد زواجهما المؤسس‬
‫على كتاب الله عز وجل‪ ،‬وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ما ظلم‬
‫زوج زوجَا‪ ،‬وما قصر في مسؤلياته ولعمت السعادة بيوت المسلمين‪،‬‬
‫وتقلصت الخلفات والمخالفات الجتماعية والشريعية والسرية‪ ،‬وساعتها‬

‫‪26‬‬
‫تتحول بيوت المسلمين إلى دوحات للمحبة والرحمة والدفء والسكن‬
‫والمودة‪.‬‬

‫لو وفى المسلمون بعقد الله معهم‪ ،‬بعد الفساد في الرض إمتثالث لقول‬
‫ربهم سبحانه وتعالى ‪ ) :‬ول تفسدوا في الرض بعد إصلحها ( ]سورة‬
‫العراف ‪،[85 :‬ما تلوثت مياههم ول أرضهم ول شوارعهم ول مؤسساتهم ول‬
‫فروجهم وأعينهم وأرجلهم وأيديهم ولحظتها ستختفي الفتن والحروب بين‬
‫المسلمين وبعضهم البعض‪ ،‬وسيختفي الفساد والتخريب والقتل والسرقة‬
‫والشذوذ في كل تصرفاتهم ‪.‬‬

‫لو وفى العامل المسلم بعقد العمل لحسن العمل وأتقنه وما أخر موظف‬
‫مصالح العباد‪ ،‬وما تعطل النتاج وساعتها ستختفي جميع مظاهر السلوك‬
‫الباطلة لدى العاملين المسلمين‪.‬‬

‫لو طبق علماء المسلمين هذه الية ما تكاسلوا‪ ،‬وما تخلفنا علميا ً وتقنيًا‪ ،‬وما‬
‫تحولت الشهادات إلى رخص ورقية للوظيفة وما تحولت البحوث إلى وسائل‬
‫للترقية الوظيفية في مؤسساتنا العلمية‪ ،‬ولم يوسد المر للجهلء‪.‬‬

‫لو طبقت هذه الية في العلم السلمي لنتشرت وسائل الفضيلة‪ ،‬وأختفت‬
‫مسالك الرذيلة‪ ،‬وما انفقت أموال المسلمين في اللهو والمجون والفضائيات‬
‫المفسدة‪.‬‬

‫لو طبق المعلم المسلم هذه الية لم يتكالس‪ ،‬ولم يتقاعس عن التدريب‬
‫وتحصيل العلم وطرائق تعلمه الحديثة‪ ،‬وأصلح التعليم وصلحت مخرجاته‪،‬‬
‫وهدأت نفوس الطلب وأولياء المور والتربويين والمصلحين وانصلح حال‬
‫المة ‪.‬‬

‫لو وفى الطالب المسلم بالية السابقة لمتلت مدارسنا بالدارسين الجادين‬
‫والنوابغ المبدعين المحافظين على مؤسساتنا التعليمية والحرصين على‬
‫العلم النافع وتحصيله‪ ،‬والموقرين لساتذتهم ومدرائهم وأولياء أمورهم‪،‬‬
‫وساعتها ستختفي كثير من المظاهر السلبية في حياتنا التعليمية التعلمية‪.‬‬

‫لو طبق الحاكم المسلم هذه الية‪ ،‬لحكم بالعدل وأمن الشر‪ ،‬ونام قرير‬
‫العين في ظل أي شجرة في بلده‪.‬‬

‫لو طبق المحكوم المسلم هذه الية السابقة لسغنينا عن الشرطي‬


‫والمحتسب‪ ،‬ورجال الصحة الغذائية‪ ،‬وما خرب مسلم أي شئ في بلده‪،‬‬
‫ولقام بواجباته الوطنية وساعتها تختفي الجريمة ويتحول المحكوم إلى‬
‫حارس أمين للحاكم والوطن‪.‬‬

‫لو طبق المسلمون هذه الية ما تنازعوا وما اختلفوا أمتثال أمر ربهم حيث‬
‫قال لهم )ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين (‬
‫]سورة النفال ‪.[46 :‬‬

‫لو طبق المسلمون هذه الية لختفت العمالة واللجوء إلى أعداء المة‪،‬‬
‫ولقاتلنا المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة‪ ،‬وساعتها تختفي المؤمرات‬
‫الخارجية‪ ،‬والمشاكل الحدودية‪ ،‬والنزعات القبلية والسلوكيات الجاهلية من‬

‫‪27‬‬
‫حياة المسلمين ‪.‬‬

‫وهكذا أخي المسلم أختي المسلمة آية واحدة من كتاب الله‬


‫تصلح بالنا وتحول ديارنا إلى أمن وأمان وتورثنا رضا الله وجنة‬
‫عرضها السماوات والرض أعدت للمتقين الموفين بعهودهم‬
‫والممتثلين لمر ربهم عندما قال لهم ‪):‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫أوفوابالعقود (]سورة المائدة ‪.[1 :‬‬

‫فهل من مدكر ‪.‬‬

‫‪ .‬العجاز الغيبي‪:‬‬
‫‪ -‬يدخل في العجاز الغيبي كل ما أخبر عنه القرآن الكريم من حوادث ماضية لم‬
‫يشهدها النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وكذا ما تحدث عنه القرآن منذ نشأة الكون‪ ،‬وما‬
‫وقع منذ خلق آدم عليه السلم إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكذا ما‬
‫تضمنه من الخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان‪.‬‬

‫‪ -‬وفي اشتمال القرآن الكريم على ذلك كله‪ ،‬وإخباره عنه‪ ،‬وتصديق الوقائع لما جاء‬
‫في القرآن وعدم تخّلفه‪ ،‬ولو في جزئية بسيطة‪ ،‬لدليل على أنه وحي ممن خلق الرض‬
‫والسماوات العلى‪ ،‬وأنزله على رسوله ليكون دللة على صدقه }ولو كان من عند غير‬
‫الله لوجدوا فيه اختلفا ً كثيرا ً { ]النساء‪.[82 :‬‬

‫بقلم الستاذ هشام طلبة‬

‫الباحث في الهيئة العالمية للعجاز العلمي‬


‫في القرآن والسنة‬

‫سنتحدث في هذه المقالة عن بعض صفات‬


‫رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكورة‬
‫في كتب السابقين‪ .‬فقد ذكرنا في مقالت‬
‫صورة لورقة من التوراة باللغة‬ ‫سابقة العديد من هذه الصفات‪ .‬مثل كونه من‬
‫العبرية‬ ‫نسل إبراهيم لكنه يخرج من وسط الوثنيين‬
‫الذين يكذبونه ويضطهدونه في أول المر ثم يتبعونه بعد ذلك مخطوطات البحر‬
‫الميت‪ .‬رؤيا إبراهيم وكونه وإتباعه محطمون للمبراطورية الرابعة المذكورة في‬
‫سفر دانيال في التوراة أل وهي المبراطورية الرومانية راجع مقالة – "مملكة الله‬
‫الدولة اللهية" ‪.‬‬

‫إل أننا في هذا المقال نعنى بصفاته المباشرة في خلقه وخلقه وسيرته ل صفة‬
‫الشياء التي تتعلق به‪..‬‬

‫فنجد جل هذه الصفات في التوراة في سفر أشعيا وسفر المزامير ‪ ...‬بشكل عام‬
‫ومكرر تتكلم هذه السفار عن أربع صفات لنبي آخر الزمان‪:‬‬

‫أو ً‬
‫ل‪ :‬كونه صاحب شريعة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ثانيًا‪ :‬كونه محارب منتصر‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬له علقة وثيقة بالصحراء‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬له علقة حميمة بالحمد‪.‬‬

‫آخر صفتين ذكرناهما – خاصة – ل تكاد تخلو منهما نبوءة مسيحانية )لها علقة‬
‫بالمسيح المنتظر‪ ،‬نبي آخر الزمان(‪.‬‬

‫= أما عن الصحراء‪ :‬فنقرأ عنها على سبيل المثال في شعيا ‪" 3 : 40‬صوت صارخ‪:‬‬
‫أعدوا في الصحراء طريقا ً للرب"‪ .‬ومثل ذلك في شعيا ‪ 15-1 42‬و ‪ 14 :21‬و ‪:32‬‬
‫‪ 16 :32 ،2‬و ‪ 1 : 35‬و ‪ .19 :43‬وفي المزمور ‪ 4 : 68‬وغير ذلك كثير‪.‬‬

‫وقد فهمت طائفة اليهود السينيين التي انعزلت عن بقية اليهود ‪ 100‬عام قبل‪.‬الميلد‬
‫إلى صحراء البحر الميت في قمران والتي كشفت مخطوطاتها حديثا ً هذا الفهم عن‬
‫علقة نبي آخر الزمان بالصحراء فخرجوا لنتظاره فيها‪.‬‬

‫= وأما عن "الحمد" فقد أفردنا له مقال ً كامل ً سوف ننشره قريبا ً " اسمه صلى الله‬
‫عليه وسلم" ]البريكليت – الحمد[‪.‬‬

‫= نبدأ هذا الباب بذكر نبوءة طويلة في سفر أشعيا‪....‬‬

‫أشعيا ‪42‬‬

‫"هو ذا عبدي الذي أعضده‪ ،‬مختاري الذي ابتهجت به نفسي‪ .‬وضعت روحي ليسوس‬
‫المم بالعدل‪ .‬ل يصيح ول يصرخ ول يرفع صوته في الطريق‪ .‬ل يكسر قصبة‬
‫ل‪ .‬ل يكل ول تثبط له همة‬ ‫مرضوضة‪ ،‬وفتيلة مدخنة ل يطفئ‪ .‬إنما بأمانة يجري عد ً‬
‫حتى يرسخ العدل في الرض وتنتظر الجزائر شريعته‪ .‬أنا الرب دعوتك لجل البر‬
‫وأخذت بيدك وحفظتك‪ ،‬وجعلتك عهدا ً للشعب ونورا ً للمم لتفتح عيون المكفوفين‬
‫وتطلق سراح المأسورين في السجن‪ ...‬لتهتف الصحراء ومدنها وديار قيدار المأهولة‪.‬‬
‫ليتغن بفرح أهل سالع وليهتفوا من قمم الجبال وليمجدوا الرب ويذيعوا حمده في‬
‫الجزائر‪ .‬يبرز الرب كجبار‪ ،‬يستثير حميته كما يستثيرها المحارب ويطلق صرخة‬
‫حرب‪ ...‬وأقود العمى في سبيل لم يعرفوها من قبل‪ ،‬وأهيدهم في مسالك يجهلونها‬
‫وأحيل الظلم أمامهم إلى نور والماكن الوعرة إلى أرض ممهدة‪ .‬هذه المور أضعها‬
‫ولن أتخلى عنهم‪ .‬أما المتوكلون على الصنام‪ ،‬القائلون للوثان أنت آلهتنا فإنهم‬
‫يدبرون مجللين بالخزي" العهد القديم ـ سفر أشعيا ‪.17-1 : 42‬‬

‫الواقع أنى ترددت في ذكر هذه الفقرة لنها ذكرت كثيرا ً من قبل في كتب علماء‬
‫مقارنة الديان‪ .‬وقد تكلموا عن التشابه الواضح بين صفات الشخصية صاحبة هذه‬
‫النبوءة وبين صفات النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن وسيرته‪ .‬لكني وجدت‬
‫ورأيت أنها من القوة بحيث ل يمكن الملل من تكرارها‪ .‬كما أنها بها عدة مواضع لم‬
‫يتكلم عنها من ذكرها من قبل‪.‬‬

‫= فقوله "ل يكسر قصبة مرضوضة "يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪" :‬مثل‬
‫المؤمن مثل النحلة‪ ،‬إن أكلت طيبًا‪ ،‬وإن وضعت وضعت طيبًا‪ ،‬وإن وقفت على عود‬
‫نخر لم تكسره‪ "...‬رواه البيهقي عن ابن عمرو‪.‬‬

‫= ولقب عبدي ذكر في أول سورة الفرقان‪ ،‬وأول السراء‪ ،‬والجن ‪ ،19‬والبقرة ‪،23‬‬

‫‪29‬‬
‫وكثير من المواضع الخرى‪.‬‬

‫كذلك لقب "المختار" أو المصطفى وهو لقب شهير عند المسلمين للنبي عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬

‫= " ل يكل ول تثبط له همة "ول ينكسر" في نصوص أخرى حتى يرسخ العدل في‬
‫فُئوا ْ ُنوَر‬ ‫الرض" يذكرنا بقوله تعالى عند الدعوى السلمية في القرآن )يريدو َ‬
‫ن أن ي ُط ْ ِ‬
‫ُ ِ ُ َ‬
‫م ُنوَره ُ وَل َوْ ك َرِه َ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ( } التوبة ‪.{32‬‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ى الل ّ ُ‬
‫ه إ ِل ّ أن ي ُت ِ ّ‬ ‫م وَي َأب َ َ‬ ‫الل ّهِ ب ِأفْ َ‬
‫واه ِهِ ْ‬

‫وذكر هذه الجزئية قبلنا الستاذ نظمي لوقا في كتابه "محمد الرسالة والرسول" ص‬
‫‪.25‬‬

‫مآ‬
‫كم ب َي ْن َُهم ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫= "الشريعة" المذكورة جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ‪َ) ...‬فا ْ‬
‫من َْهاجا ً وَل َْ‬ ‫َ‬ ‫َأنَز َ‬
‫و‬ ‫شْرع َ َ ِ‬
‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م ِ‬‫منك ُ ْ‬ ‫جعَل َْنا ِ‬‫ل َ‬ ‫حقّ ل ِك ُ ّ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جآَء َ‬‫ما َ‬ ‫م عَ ّ‬ ‫وآَءهُ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه وَل َ ت َت ّب ِعْ أهْ َ‬
‫شآَء الل ّه ل َجعل َك ُ ُ‬
‫ى الله‬ ‫ت إ ِل َ َ‬ ‫خي َْرا ِ‬‫قوا ال َ‬ ‫كم َفا ْ‬
‫ست َب ِ ُ‬ ‫مآ آَتا ُ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫كن ل ّي َب ْل ُوَك ُ ْ‬‫حد َة ً وََلـ ِ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫م ً‬
‫مأ ّ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن(} المائدة ‪.{48‬‬ ‫َ‬ ‫فو‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ت‬‫خ‬‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ه‬‫في‬
‫ُ ْ ِ ِ َ َ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ُ‬
‫كن‬ ‫ما‬ ‫ِ َ‬ ‫ب‬ ‫كم‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ئ‬‫ب‬ ‫ن‬
‫َُّ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ميع‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫َ ْ ِ ُ ْ َ ِ‬‫ك‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫م‬

‫والمعروف أن عيسى لم يأت بشريعة "ل تظنوا أني جئت لنقص الناموس" متى ‪: 5‬‬
‫‪ 17‬كما أن مؤلفي رسائل الرسل في العهد الجديد كانوا يتكلمون دائما ً عن الشريعة‬
‫على أنها أوامر موسى‪ ،‬وأنهم قد تحرروا منها أو تبرروا مجانا ً "فهم يبررون مجانا ً‬
‫بنعمته بالفداء بالمسيح يسوع" روما ‪.24 : 3‬‬

‫= "‪ ....‬وأخذت بيدك وحفظتك" يذكرنا بقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫مآ ُأنزِ َ‬ ‫َ‬
‫ه َوالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ما ب َل ّغْ َ‬
‫ت رِ َ‬ ‫ل فَ َ‬‫فع َ ْ‬‫م تَ ْ‬‫ك وَِإن ل ّ ْ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ك ِ‬‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ل ب َل ّغْ َ‬
‫سو ُ‬‫)َيـأي َّها الّر ُ‬
‫ن( }المائدة ‪.{67‬‬ ‫ري َ‬‫كافِ ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫دي ال ْ َ‬
‫قو ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل َ ي َهْ ِ‬ ‫س إِ ّ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬‫م َ‬‫ص ُ‬
‫ي َعْ ِ‬

‫‪ -‬هذا أيضا ً مما ذكره الستاذ نظمي لوقا في كتابه سالف الذكر‪.‬‬

‫= التعبير عن النبي المنتظر "بالنور"‪ ،‬يتفق مع التعبير القرآني عن محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم الحزاب ‪ ،46‬المائدة ‪ ، 16 ،15‬العراف ‪ 157‬وغير ذلك كثير‪.‬‬

‫= كذلك ذكر ديار قيدار وسالع وهي مواضع في الحجاز‪.‬‬

‫= "وليهتفوا من قمم الجبال ويمجدوا الرب" ‪ ....‬ل يفعل ذلك إل حجاج المسلمين‬
‫أتباع محمد صلى الله عليه وسلم‪ ....‬فوق جبال عرفات ويسبحون ويكبرون‪.‬‬

‫= كون النبي المنتظر يأتي بصرخة حرب ل يتفق وحياة المسيح عيسى وإن قيل إن‬
‫هذا سيحدث في مجيئه الثاني‪ .‬فإنه على قولهم – يتضح ذلك كثيرا ً في رؤيا يوحنا –‬
‫سيأتي بحرب ليحطم أعداءه ل ليقود العمى في مسالك يجهلونها – كما تقول الفقرة‬
‫اللحقة‪.‬‬

‫= أما انتصار صاحب النبوءة على عبادة الصنام كما ذكر في آخرها فل يحتاج لتعليق‪.‬‬
‫فعيسى لم يلتق في حياته بعباد أصنام‪ .‬أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد ظهر في‬
‫شعب يعبد الوثان وانتصر عليه – وهذا ما أكدته مخطوطات البحر الميت – كتاب ريا‬
‫إبراهيم – وقد ذكرنا ذلك في فصل الساعة ‪.12‬‬

‫= مسألة المم أيضا ً فيها تعليق – نورا ً للمم‪" ،‬يسوس المم" فإن المسيح عيسى‬

‫‪30‬‬
‫قال‪:‬‬

‫= "ما أرسلت إل إلى الخراف الضالة‪ ،‬إلي بيت إسرائيل" متى ‪ 25 :15‬بل إن‬
‫بطرس هو أول من خرج بالمسيحية عن نطاق اليهود بسبب رؤيته المذكورة في‬
‫أعمال الرسل ‪ .11‬أو لعله بطرس وبرنابا" ولما وصل استدعيا الكنيسة إلى الجتماع‪،‬‬
‫وأخيرا ً بولس وبرنابا بكل ما فعل الله بواسطتهما‪ ،‬وبأنه فتح باب اليمان لغير‬
‫الهيود"‪.‬أعمال الرسل ‪. 27 :14‬‬

‫* أغلب ما ذكر آنفا ً ورد في كتب سابقة‪ ،‬لكني أود أن ألفت النظر إلى أربع مسائل‪:‬‬

‫‪ -1‬يتكرر في هذه النبوءة مثل غيرها من النبوءات المسيحانية في العهد القديم‪،‬‬


‫يتكرر فيها ذكر "الصحراء" "والحمد" بشكل ملفت للنظر‪ .‬والعلقة بينهما وبين محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم واضحة‪ .‬ول علقة لهما على الطلق بعيسى‪.‬‬

‫‪ -2‬التماثل بين قوله‪" :‬وسنطلق سراح المأسورين في السجن" وبين قوله عز وجل‪:‬‬
‫ل‬
‫جي ِ‬‫م ِفي الت ّوَْراةِ َوال ِن ْ ِ‬ ‫عند َهُ ْ‬ ‫مك ُْتوبا ً ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ذي ي َ ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ال ُ ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ن ي َت ّب ُِعو َ‬‫ذي َ‬ ‫)ال ّ ِ‬
‫ث‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫خَبآئ ِ َ‬ ‫م ال َ‬‫م ع َلي ْهِ ُ‬
‫حّر ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫م الطي َّبا ِ‬ ‫ل لهُ ُ‬ ‫من ْكرِ وَي ُ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ف وَي َن َْهاهُ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫هم ِبال َ‬ ‫مُر ُ‬‫ي َأ ُ‬
‫صُروهُ‬ ‫مُنوا ْ ب ِهِ وَع َّزُروه ُ وَن َ َ‬
‫نآ َ‬ ‫م َفال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت ع َل َي ْهِ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫م َوالغ ْل َ َ‬ ‫صَرهُ ْ‬
‫م إِ ْ‬ ‫ضعُ ع َن ْهُ ْ‬ ‫وَي َ َ‬
‫ن( } العراف ‪.{157‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫َوات ّب َُعوا الّنوَر الذ ِيَ أنزِ َ‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ه أوْلـئ ِك هُ ُ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ل َ‬

‫‪ -3‬التماثل الخطير بين قوله " وأقود العمى في سبل لم يعرفوها من قبل‪ ،‬وأهديهم‬
‫في مسالك يجهلونها وأحيل الظلم إلى نور والماكن الوعرة إلى أرض ممهدة"أشعيا‬
‫ن‬
‫م ِ‬ ‫دي ب ِهِ الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫‪ 16 :42‬وبين قوله عزل وجل عن النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ي َهْ ِ‬
‫ت إ َِلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَي َهْ ِ ِ ْ ِ َ ِ َ ٍ‬
‫ط‬ ‫را‬‫ص‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫دي‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬
‫ما ِ‬ ‫م ِ‬
‫م ّ‬‫جهُ ْ‬ ‫سل َم ِ وَي ُ ْ‬
‫خرِ ُ‬ ‫سب ُ َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫ه ُ‬
‫وان َ ُ‬
‫ض َ‬
‫ات ّب َعَ رِ ْ‬
‫قيم ٍ } المائدة ‪. {16‬‬ ‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬‫ّ‬

‫‪ -4‬ذكر الصنام في آخر النبوة لبد أن يكون له علقة بالنبي المنتظر الذي لبد أن‬
‫سيكون محطما ً لها يعضد أن يكون المقصود محمد صلى الله عليه وسلم الذي نشأ‬
‫وسط عبادها ثم حطمها ل عيسى الذي لم يخالط وثنيين قط‪ .‬نرجع في ذلك لخر‬
‫الفصل الول من الباب الول الساعة ‪ 12‬حيث ذكرت مخطوطات البحر الميت‬
‫المكتشفة حديثا ً نفس ما ذهبنا إليه يجعل تفسيرنا قاطعًا‪.‬‬

‫خاتم النبوة‬

‫كما وجدنا من قبل ذكر في كتب أهل الكتاب لصفات للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫معنوية‪ ،‬وجدنا كذلك الجسدية‪ ،‬مثل خاتم النبوة‪...‬‬

‫ذكر أشعيا في سفره نبوءة عن إحدى صفات النبي المنتظر فقال‪:‬‬

‫يحمل الرياسة على كتفه" أشعيا ‪.6 :9‬‬ ‫"لنه يولد لنا ولد ويعطي لنا ابن‬

‫كما ذكر يوحنا ذلك أيضًا‪ :‬ل تسعوا وراء الطعام الفاني بل وراء الطعام الباقي إلى‬
‫الحياة البدية‪ ،‬والذي يعطيكم إياه ابن النسان ‪ ،‬لن هذا قد وضع الله ختمه‬
‫عليه" يوحنا ‪.27 :6‬‬

‫يفسر أهل الكتاب هذا الخاتم تفسيرا ً معنويا ً ل ماديًا‪ .‬أي انه دليل عظمة ورياسة‬
‫فقط والحق أن المعنى في الموضعين السابقين يحتمل هذا وذاك‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫*** يفصل في هذا المر‪ ،‬الخاتم جسدي أم معنوي‪ .‬المخطوطات الكتابية المكتشفة‬
‫حديثا ً أل وهي مخطوطات البحر الميت المكتشفة عام ‪1947‬م التي كتبت في خلل‬
‫القرن الول قبل وبعد ميلد المسيح عيسى‪.‬‬

‫ذكرت هذه المخطوطات ) ‪ ( 40Messq 1:2‬أن هناك علمات على جسد النبي‬
‫المنتظر تشبه حبات العدس‪.‬‬

‫كذلك ذكر في كتاب من كتب اليهود القديمة كتب المركبة ‪ Seper Assap‬ذكر في‬
‫هذا الكتاب أن هذه العلمات الجسدية بعضها مثل حبات العدس وبعضها مثل بذور‬
‫الخيار ‪.‬‬

‫هذا يتفق تماما ً مع نبي السلم عليه الصلة والسلم‪ .‬فمن المعروف عنه وجود خاتم‬
‫النبوة بين كتفيه‪.‬‬

‫ذكر ذلك الصحابي سلمان الفارسي في نهاية سرده لقصة إسلمه بعد بحثه الطويل‬
‫عن الحقيقة الذي دفعه إلى ترك ثراء أبيه ودفعه للرق ثم اتبع النصارى الموحدين‬
‫وعلم منهم صفات نبي آخر الزمان ثم اختبر محمد عليه الصلة والسلم في هذه‬
‫الصفحات وكان آخرها خاتم النبوة "‪ ....‬ثم أتيته فوجدته في البقيع قد تبع جنازة‬
‫وحوله أصحابه وعليه شملتان مؤتزرا ً بواحدة‪ ،‬مرتديا ً الخرى‪ ،‬فسلمت عليه‪ ،‬ثم‬
‫عدلت لنظر أعلى ظهره‪ ،‬فعرف أني أريد ذلك‪ ،‬فألقى بردته عن كاهله‪ ،‬فإذا العلمة‬
‫بين كتفيه‪ ...‬خاتم النبوة‪ ،‬كما وصف لي صاحبي‪ "...‬رواه أحمد والطبراني وابن سعد‬
‫عن ابن عباس‪.‬‬

‫ذكر ذلك أيضا ً الصحابي عبد الله بن سرجس‪ " :‬أتيت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وهو جالس في ناس من أصحابه‪ ،‬فدرت خلفه هكذا‪ ،‬فعرف الذي أريد‪ ،‬فألقى‬
‫الرداء عن ظهره‪ ،‬فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه مثل الجمع حوله خيلن‪ ،‬كأنها‬
‫الثآليل " رواه مسلم والترمذي والنسائي"‪.‬‬

‫= قليل من التأمل يظهر لنا التطابق بين ما ذكر في هذين الحديثين وما ذكر في‬
‫كتب اليهود المذكورة قبلها خاصة كتاب ‪ Seper Assaq‬الذي يذكر أن خاتم النبوة‬
‫مكون من جزئين كما روى عبد الله بن سرجس‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫* عميد كلية الدعوة بجامعة أم درمان السلمية‪.‬‬
‫)]‪ ([1‬سورة الشعراء‪ ،‬اليتان )‪154‬ـ ‪.(155‬‬
‫)]‪ ([2‬سورة العراف‪ ،‬اليات )‪.(108-104‬‬
‫)]‪ ([3‬سورة آل عمران‪ ،‬الية )‪.(49‬‬
‫)]‪ ([4‬سورة النبياء‪ ،‬الية )‪.(5‬‬
‫)]‪ ([5‬سورة العنكبوت‪ ،‬اليتان )‪.(51-50‬‬
‫)]‪ ([6‬سيد قطب‪ :‬في ظلل القرآن‪ .1/48 ،‬وانظر‪ :‬مجلــة المنهــل‪ ،‬عــدد خــاص‪ ،‬القــرآن الكريــم الهــدى‬
‫والعجاز‪ ،‬عدد ‪ ،491‬عام ‪1412‬هـ ـ ‪1991‬م‪ ،‬بحث العجاز البياني في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫)]‪ ([7‬شرح الجلل على العقائد العضدية‪.2/276 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫)]‪ ([8‬بحوث في الثقافة السلمية‪ ،‬تأليف عدد من أساتذة جامعة قطر‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫)]‪ ([9‬انظر‪ :‬المصباح المنير‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫)]‪ ([10‬هو‪ :‬علي بن محمد بن علي‪ ،‬المعروف بالشريف الجرجاني‪ ،‬فيلسوف من كبار العلمــاء بالعربيــة‪،‬‬
‫ن توفي‪ ،‬لــه نحــو خمســين مصــنفًا‪ .‬انظــر‬
‫ولد في تاكوا قرب استرياد‪ ،‬ودرس في شيراز وأقام بها إلى أ ْ‬
‫ترجمته في‪ :‬الفوائد البهية‪ ،125 ،‬ومفتاح الســعادة‪ ،1/167 ،‬وبروكلمـن فــي دائرة المعــارف السـلمية‪،‬‬
‫‪ ،6/333‬والضوء اللمـع‪ ،5/328 ،‬ومعجـم المطبوعــات‪ ،678 ،‬وآداب الّلغــة‪ ،3/235 ،‬والعلم للزركلـي‪،‬‬
‫‪.190-5/159‬‬
‫)]‪ ([11‬د‪ .‬صلح عبد الفتاح الخالدي‪ :‬البيان في إعجاز القرآن‪ ،‬ص ‪.31-23‬‬
‫)]‪ ([12‬الرافعي‪ :‬إعجاز القرآن‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫)]‪ ([13‬كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم‪ :‬البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن‪.‬‬
‫)]‪ ([14‬سورة النفال‪ ،‬الية )‪.(31‬‬
‫)]‪ ([15‬سورة الطور‪ ،‬الية )‪.(34‬‬
‫)]‪ ([16‬سورة الفرقان‪ ،‬الية )‪.(4‬‬
‫)]‪ ([17‬سورة هود‪ ،‬الية )‪.(13‬‬
‫)]‪ ([18‬سورة يونس‪ ،‬الية )‪.(38‬‬
‫)]‪ ([19‬سورة البقرة‪ ،‬الية )‪.(23‬‬
‫)]‪ ([20‬انظر‪ :‬د‪ .‬إسماعيل أحمد الطحان‪ :‬دراسات حول القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫)]‪ ([21‬قال سيد قطب ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪" :-‬وإذا تجاوزنا عن النفر القليل الذين كانت شخصية محمد ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وحدها هي داعيتهم إلى اليمان في أول المر‪ ،‬كزوجه خديجة‪ ،‬وصديقه أبي بكر‪،‬‬
‫وابن عمه علي‪ ،‬وموله زيد‪ ،‬وأمثالهم‪ ،‬فإّنا نجد القرآن كان العامـل الحاسـم‪ ،‬أو أحـد العوامـل الحاسـمة‬
‫حول ول َ‬
‫طول‪ ،‬ويوم لــم‬ ‫في إيمان من آمنوا أوائل الدعوة‪ ،‬يوم لم يكن لمحمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪َ -‬‬
‫يكن للسلم قوة ول منعة‪ ،‬وقصة إيمان عمر بن الخطاب‪ ،‬وتولي الوليد بن المغيرة نموذجان من قصص‬
‫كثيرة لليمان والتولي‪ ،‬وكلتاهما تكشف عن هذا السحر القرآني الذي أخذ العــرب منــذ اللحظــة الولــى‪،‬‬
‫وتبينان في اتجاهين مختلفين عن مــدى هــذا الســحر القرآنــي الــذي يســتوي فــي القــرار بــه المؤمنــون‬
‫والكافرون"‪ .‬انظر‪ :‬التصوير الفني في القرآن‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫)]‪ ([22‬السيوطي‪ :‬التقان في علــوم القــرآن‪ .2/326 ،‬وانظــر‪ :‬تفســير الطــبري‪ ،29/98 ،‬وتفســير ابــن‬
‫كثير‪.8/267 ،‬‬
‫)]‪ ([23‬سورة المدثر‪ ،‬اليات )‪.(26-11‬‬
‫)]‪ ([24‬سورة الفرقان‪ ،‬الية )‪.(5‬‬
‫)]‪ ([25‬سورة النحل‪ ،‬الية )‪.(103‬‬
‫)]‪ ([26‬سورة النبياء‪ ،‬الية )‪.(5‬‬
‫)]‪ ([27‬سورة الفرقان‪ ،‬الية )‪.(32‬‬
‫)]‪ ([28‬سورة يونس‪ ،‬الية )‪.(15‬‬
‫)]‪ ([29‬سورة الفرقان‪ ،‬الية )‪.(33‬‬
‫)]‪ ([30‬سورة النفال‪ ،‬الية )‪.(31‬‬
‫)]‪ ([31‬انظر‪ :‬ص )‪ (18‬من البحث‪ ،‬واليات التي ورد التحدي بها هي اليــة رقــم )‪ (13‬مــن ســورة هــود‪،‬‬
‫والية )‪ (38‬من سورة يونس‪ ،‬والية )‪ (23‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫)]‪ ([32‬انظر‪ :‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬لبن عاشور‪.1/103 ،‬‬
‫)]‪ ([33‬هو‪ :‬عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي السبتي أبو الفضل‪ ،‬عالم المغرب وإمام أهل‬
‫الحديث في وقته‪ ،‬كان من أعلم الناس بكلم العرب وأنسابهم وأيامهم‪ ،‬له عــدة تصــانيف منهــا‪" :‬الشــفا‬

‫‪33‬‬
‫بتعريف حقوق المصطفى ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ." -‬انظر ترجمته في‪ :‬أزهار الرياض = = فــي أخبــار‬
‫القاضــي عيــاض‪ ،‬وفيــات العيــان‪ ،1/392 ،‬وقضــاة النــدلس‪ ،101 ،‬وقلئد العقبــات‪ ،222 ،‬والفهــرس‬
‫التمهيدي‪ ،368 ،‬وبغية المتلمس‪.425 ،‬‬
‫مَلل والهواء والن ّ َ‬
‫حل‪ ،3/7 ،‬و ‪.2/184‬‬ ‫صل في ال ِ‬
‫ف َ‬
‫)]‪ ([34‬ابن حزم‪ :‬ال ِ‬
‫)]‪ ([52‬سورة فصلت‪ ،‬الية )‪.(44‬‬
‫)]‪ ([53‬سورة يوسف‪ ،‬الية )‪.(2‬‬
‫)]‪ ([54‬سورة الزخرف‪ ،‬الية )‪.(3‬‬
‫)]‪ ([55‬سورة الزمر‪ ،‬الية )‪.(28‬‬
‫)]‪ ([56‬انظر‪ :‬مناهل العرفان‪.2/334 ،‬‬
‫)]‪ ([57‬سورة فصلت‪ ،‬الية )‪.(42‬‬
‫)]‪ ([58‬سورة النحل‪ ،‬الية )‪ .(90‬وراجع‪ :‬تفسير الية فــي‪ :‬زاد المســير للســيوطي‪ 4/483 ،‬ومــا بعــدها‪،‬‬
‫وتفســير ابــن كــثير‪ 4/596 ،‬ومــا بعــدها‪ ،‬والطــبري‪ ،14/409 ،‬والحليــة‪ ،8/255 ،‬والصــابة‪،1/118 ،‬‬
‫والستيعاب‪ ،1/146 ،‬ومسند أحمد‪.5/36 ،‬‬
‫)]‪ ([59‬التقان في علوم القرآن‪.2/326 ،‬‬
‫ن يهـم‬ ‫ُ‬
‫مـ ْ‬
‫ن سافك الدم إذا أقيـد منـه‪ ،‬ارتـدع َ‬ ‫)]‪ ([60‬سورة البقرة‪ ،‬الية )‪ .(179‬يقول ابن قتيبة‪" :‬يريد أ ّ‬
‫بالقتل فلم َيقتل خوفا ً على نفسه أ ْ‬
‫ن ُيقتل‪ ،‬فكــان فــي ذلــك حيــاة"‪ .‬انظــر‪ :‬تفســير غريــب القــرآن‪.72 ،‬‬
‫وانظر‪ :‬تأويل مشكل القرآن لبن قتيبة‪ ،5 ،‬والدر المنثور للسيوطي‪.1/17 ،‬‬
‫)]‪ ([61‬راجع‪ :‬د‪ .‬محمد عبد الله دراز‪ :‬مدخل إلى القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫)]‪ ([62‬هناك استثناءات من هذه القاعدة‪ ،‬فقد ل ينتظم السجع إل ّ على مراحل‪ ،‬ويختلف بين مجموعــات‬
‫اليات في نفس السورة‪ ،‬انظر مث ً‬
‫ل‪ ،‬سورة الحاقة والسورة التالية‪.‬‬

‫المواقع التي استند إليها البحث ‪:‬‬


‫‪www.islampedia.com‬‬
‫‪www.islamselect.com‬‬
‫‪www.kaheel7.com‬‬
‫‪www.55a.net‬‬
‫موسوعة العجاز العلمي في القرآن الكريم‬
‫‪www.eqraa.com‬‬
‫‪www.arabswata.org‬‬
‫‪www.el3b.com‬‬
‫الجمعيه الدوليه للمترجمين واللغويين العرب‬

‫دولة المارات العربية المتحده‬

‫‪34‬‬
‫جامعة الشــــــــــــــــــــــــارقة‬
‫كلية الشريعه‬
‫الثقافة إسلمية‬

‫إعجاز القرآن الكريم‬

‫إيمان عبد الجليل حاجوني‬


‫‪20620387‬‬
‫‪61‬‬
‫‪35‬‬

You might also like