Professional Documents
Culture Documents
القسم الول من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و اللاع لا
يعرض للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا
اعلم أن فن التاريخ فن عزيز الذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الاضي من المم ف أخلقهم .و النبياء ف سيهم.
و اللوك ف دولم و سياستهم .حت تتم فائدة القتداء ف ذلك لن يرومه ف أحوال الدين و الدنيا فهو متاج إل مآخذ متعددة و معارف
متنوعة و حسن نظر و تثبت يفضيان بصاحبهما إل الق و ينكبان به عن الزلت و الغالط لن الخبار إذا اعتمد فيها على مرد النقل و ل
تكم أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الحوال ف الجتماع النسان و ل قيس الغائب منها بالشاهد و الاضر بالذاهب
فربا ل يؤمن فيها من العثور و مزلة القدم و اليد عن جادة الصدق و كثيا ما وقع للمؤرخي و الفسرين و أئمة النقل من الغالط ف
الكايات و الوقائع لعتمادهم فيها على مرد النقل غثا أو سينا و ل يعرضوها على أصولا و ل قاسوها بأشباهها و ل سبوها بعيار
الكمة و الوقوف على طبائع الكائنات و تكيم النظر و البصية ف الخبار فضلوا عن الق و تاهوا ف بيداء الوهم و الغلط و ل سيما ف
إحصاء العداد من الموال و العساكر إذا عرضت ف الكايات إذ هي مظنة الكذب و مطية الذر و ل بد من ردها إل الصول و عرضها
على القواعد.
و هذا كما نقل السعودي و كثي من الؤرخي ف جيوش بن إسرائيل بأن موسى عليه السلم أحصاهم ف التيه بعد أن أجاز من يطيق حل
السلح خاصة من ابن عشرين فما فوقها فكانوا ستمائة ألف أو يزيدون و يذهل ف ذلك عن تقدير مصر و الشام و اتساعهما لثل هذا
العدد من اليوش لكل ملكة من المالك حصة من الامية تتسع لا و تقوم بوظائفها و تضيق عما فوقها تشهد بذلك العوائد العروفة و
الحوال الألوفة ث أن مثل هذه اليوش البالغة إل مثل هذا العدد يبعد أن يقع بينها زحف أو قتال لضيق مساحة الرض عنها و بعدها إذا
اصطفت عن مدى البصر مرتي أو ثلثا أو أزيد فكيف يقتتل هذان الفريقان أو تكون غلبة أحد الصفي و شيء من جوانبه ل يشعر
بالانب الخر و الاضر يشهد لذلك فالاضي أشبه بالت من الاء بالاء.
و لقد كان ملك الفرس و دولتهم أعظم من ملك بن إسرائيل بكثي يشهد لذلك ما كان من غلب بتنصر لم و التهامه بلدهم و استيلئه
على أمرهم و تريب بيت القدس قاعدة ملتهم و سلطانم و هو من بعض عمال ملكة فارس يقال إنه كان مرزبان الغرب من تومها و
كانت مالكهم بالعراقي و خراسان و ما وراء النهر و البواب أوسع من مالك بن إسرائيل بكثي و مع ذلك ل تبلغ جيوش الفرس قط مثل
هذا العدد و ل قريبا منه و أعظم ما كانت جوعهم بالقادسية مائة و عشرين ألفا كلهم متبوع على ما نقله سيف قال و كانوا ف أتباعهم
أكثر من مائت ألف و عن عائشة و الزهري فأن جوع رستم الذين زحف بم سعد بالقادسية إنا كانوا ستي ألفا كلهم متبوع و أيضا فلو
بلغ بنو إسرائيل مثل هذا العدد لتسع نطاق ملكهم و انفسح مدى دولتهم فإن العمالت و المالك ف الدول على نسبة الامية و القبيل
القائمي با ف قتلها و كثرتا حسبما نبي ف فضل المالك من الكتاب الول و القوم ل تتسع مالكهم إل غي الردن و فلسطي من الشام
و بلد يثرب و خيب من الجاز على ما هو العروف.
و أيضا فالذي بي موسى و إسرائيل إنا ف أربعة آباء على ما ذكره الحققون فإنه موسى بن عمران بن يصهر بن قاهت بفتح الاء وكسرها
ابن لري بكسر الواو و فتحها ابن يعقوب و هو إسرائيل ال هكذا نسبه ف التوراة و الدة بينهما على ما نقله السعودي قال دخل إسرائيل
مصر مع ولده السباط و أولدهم حي أتوا إل يوسف سبعي نفسا و كان مقامهم بصر إل أن خرجوا مع موسى عليه السلم إل التيه
مائتي و عشرين سنة تتداولم ملوك القبط من الفراعنة و يبعد أن يتشعب النسل ف أربعة أجيال إل مثل هذا العدد و إن زعموا أن عدد
تلك اليوش إنا كان ف زمن سليمان و من بعده فبعيد أيضا إذ ليس بي سليمان و إسرائيل إل أحد عشر أبا فإنه سليمان بن داود بن يشا
بن عوفيذ و يقال ابن عوفذ ابن باعز و يقال بوعز بن سلمون بن نشون بن عمينوذب و يقال حيناذاب بن رم بن حصرون و يقال
حسرون بن بارس و يقال ببس بن يهوذا بن يعقوب و ل يتشعب النسل ف أحد عشر من الولد إل مثل هذا العدد الذي زعموه اللهم إل
الئتي و اللف فربا يكون و أما أن يتجاوز إل ما بعدها من عقود العداد فبعيد و اعتب ذلك ف الاضر الشاهد و القريب العروف تد
زعمهم باطلً و نقلهم كاذبا.
و الذي ثبت ف السرائيليات أن جنود سليمان كانت اثن عشر ألفا خاصة و أن مقرباته كانت ألفا و أربعمائة فرس مرتبطة على أبوابه هذا
هو الصحيح من أخبارهم و ل يلتفت إل خرافات العامة منهم و ف أيام سليمان عليه السلم و ملكه كان عنفوان دولتهم و أتساع ملكهم
هذا و قد ند الكافة من أهل الصر إذا أفاضوا ف الديث عن عساكر الدول الت لعهدهم أو قريبا منه و تفاوضوا ف الخبار عن جيوش
السلمي أو النصارى أو أخذوا ف إحصاء أموال البايات و خراج السلطان و نفقات الترفي و بضائع الغنياء الوسرين توغلوا ف العدد و
تاوزوا حدود العوائد و طاوعوا وساوس العراب فإذا استكشف أصحاب الدواوين عن عساكرهم و استنبطت أحوال أهل الثروة ف
بضائعهم و فوائدهم و استجليت عوائد الترفي ف نفقاتم ل تد معشار ما يعدونه و ما ذلك إل لولوع النفس يالغرائب و سهولة التجاوز
على اللسان و الغفلة على التعقب و النتقد حت ل ياسب نفسه على خطإ و ل عمد و ل يطالبه ف الب بتوسط و ل عدالة ول يرجعها
إل بث و تفتيش فيسل عنانه و يسيم ف مراتع الكذب لسانه و يتخذ آيات ال هزءا و يشتري لو الديث ليصل عن سبيل ال و حسبك
با صفقة خاسرة.
و من الخبار الواهية للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف أخبار التبابعة ملوك اليمن و جزيرة العرب أنم كانوا يغزون من قراهم باليمن إل أفريقية
و الببر من بلد الغرب و أن أفريقش بن قيس بن صيفي من أعاظم ملوكهم الول و كان لعهد موسى عليه السلم أو قبله بقليل غزا
أفريقية و أثخن ف الببر و أنه الذي ساهم بذا السم حي سع رطانتهم و قال ما هذه الببرة فأخذ هذا السم عنه و دعوا به من حينئذ و
أنه لا انصرف من الغرب حجز هنالك قبائل من حي فأقاموا با و اختلطوا بأهلها و منهم صنهاجة و كتامة و من هذا ذهب الطبي و
الرجان و السعودي و ابن الكلب و البيلي إل أن صنهاجة و كتامة من حي وتاباه نسابة الببر و هو الصحيح و ذكر السعودي أيضا أن
ذا الذعار من ملوكهم قبل أفريقش و كان على عهد سليمان عليه السلم غزا الغرب و دوخه و كذلك ذكر مثله عن ياسر ابنه من بعده و
إنه بلغ وادي الرمل ف بلد الغرب و ل يد فيه مسلكا لكثرة الرمل فرجع و كذلك يقولون ف تبع الخر و هو أسعد أبو كرب و كان
على عهد يستأنف من ملوك الفرس الكيانية أنه ملك الوصل و أذربيجان و لقي الترك فهزمهم و أثخن ث غزاهم ثانية و ثالثة كذلك و أنه
بعد ذلك أغزى ثلثة من بنيه بلد فارس و إل بلد الصغد من بلد أمم الترك وراء النهر و إل بلد الروم فملك الول البلد إل سرقند و
قطع الفازة إل الصي فوجد أخاه الثان الذي غزا إل سرقند قد سبقه إليها ث فأثخنا ف بلد الصي و رجعا جيعا بالغنائم و تركوا ببلد
الصي قبائل من حي فهم با إل هذا العهد و بلغ الثالث إل قسطنطينية فدرسها و دوخ بلد الروم و رجع.
و هذه الخبار كلها بعيدة عن الصحة عريقة ف الوهم و الغلط و أشبه بأحاديث القصص الوضوعة .و ذلك أن ملك التبابعة إنا كان بزيرة
العرب و قرارهم و كرسيهم بصنعاء اليمن .و جزيرة العرب ييط با البحر من ثلث جهاتا فبحر الند من النوب و بر فارس الابط منه
إل البصرة من الشرق و بر السويس الابط منه إل السويس من أعمال مصر من جهة الغرب كما تراه ف مصور الغرافيا فل يد
السالكون من اليمن إل الغرب طريقا من غي السويس و السلك هناك ما بي بر السويس و البحر الشامي قدر مرحلتي فما دونما و يبعد
أن ير بذا السلك ملك عظيم ف عساكر موفورة من غي أن يصي من أعماله هذه متنع ف العادة .و قد كان بتلك العمال العمالقة و
كنعان بالشام و القبط بصر ث ملك العمالقة مصر و ملك بنو إسرائيل الشام و ل ينقل قط أن التبابعة حاربوا أحدا من هؤلء المم .و ل
ملكوا شيئا من تلك العمال و أيضا فالشقة من البحر إل الغرب بعيدة و الزودة و العلوفة للعساكر كثية فإذا ساروا ف غي أعمالم
احتاجوا إل انتهاب الزرع و النعم و انتهاب البلد فيما يرون عليه و ل يكفي ذلك للزودة و للعلوفة عادة و إن نقلوا كفايتهم من ذلك
من أعمالم فل تفي لم الرواحل بنقله فل بد و أن يروا ف طريقهم كلها بأعمال قد ملكوها و دوخوها لتكون الية منها و إن قلنا أن تلك
العساكر تر بؤلء المم من غي أن تيجهم فتحصل لم الية بالسالة فذلك أبعد و أشد امتناعا فدل على أن هذه الخبار واهية أو
موضوعة.
و أما وادي الرمل الذي يعجز السالك فلم يسمع قط ف ذكره ف الغرب على كثرة سالكه و من يقص طرقه من الركاب و القرى ف كل
عصر و كل جهة و هو على ما ذكروه من الغرابة تتوفر الدواعي على نقله .و أما غزوهم بلد الشرق و أرض الترك و إن كان طريقه أوسع
من مسالك السويس إل أن الشقة هنا أبعد و أمم فارس و الروم معترضون فيها دون الترك و ل نقل قط أن التبابعة ملكوا بلد فارس و ل
بلد الروم و إنا كانوا ياربون أهل فارس على حدود بلد العراق و ما بي البحرين و الية و الزيرة بي دجلة و الفرات و ما بينهما ف
العمال و قد وقع ذلك بي ذي الذعار منهم و كيكاوس من ملوك الكيانية و بي تبع الصغر أب كرب و يستاسف معهم أيضا و مع
ملوك الطوائف بعد الكيانية و الساسانية ف من بعدهم بجاوزة أرض فارس بالغزو إل بلد الترك و التبت و هو متنع عادة من بعدهم أجل
المم العترضة منهم و الاجة إل الزودة و العلوفات مع بعد الشقة كما مر فالخبار بذلك واهية مدخولة و هي لو كانت صحيحة النقل
لكان ذلك قادحا فيها فكيف و هي ل تنقل من وجه صحيح و قول ابن إسحاق ف خب يثرب و الوس و الزرج أن تبعا الخر سار إل
الشرق ممو ًل على العراق و بلد فارس و أما بلد الترك و التبت فل يصح غزوهم إليها بوجه لا تقرر فل تثق با يلقى إليك من ذلك و
تأمل الخبار و أعرضها على القواني الصحيحة يقع لك تحيصها بأحسن وجه و ال الادي إل الصواب.
و أبعد من ذلك و أعرق ف الوهم ما يتناقله الفسرون ف تفسي سورة و الفجر ف قوله تعال أل تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد
فيجعلون لفظة إرم اسا لدينة وصفت بأنا ذات عماد أي أساطي و ينقلون أنه كان لعاد بن عوص بن إرم ابنان ها شديد و شداد ملكا من
بعده و هلك شديد فخلص اللك لشداد و دانت له ملوكهم و سع وصف النة فقال لبني مثلها فبن مدينة إرم ف صحارى عدن ف مدة
ثلثمائة سنة و كان عمره تسعمائة سنة و أنا مدينة عظيمة قصورها من الذهب و أساطينها من الزبرجد و الياقوت و فيها أصناف الشجر و
النار الطردة و لا ت بناؤها سار إليها بأهل ملكته حت إذا كان منها على مسية يوم و ليلة بعث ال عليهم صيحة من السماء فهلكوا
كلهم .ذكر ذلك الطبي و الثعالب و الزمشري و غيهم من الفسرين و ينقلون عن عبد ال بن قلبة من الصحابة أنه خرج ف طلب إبل
له فوقع عليها و حل منها ما قدر عليه و بلغ خبه معاوية فأحضره و قص عليه فبحث عن كعب الخبار و سأله عن ذلك فقال هي إرم
ذات العماد من سيدخلها رجل من السلمي أحر أشقر قصي على حاجبه خال و على عنقه خال يرج ف طلب إبل له ث التفت فأبصر ابن
قلبة فقال هذا و ال ذلك الرجل.
و هذه الدينة ل يسمع لا خب من يومئذ ف شيء من بقاع الرض و صحارى عدن الت زعموا أنا بنيت فيها هي ف وسط اليمن و مازال
عمرانه متعاقبا و الدلء تقص طرقه من كل وجه و ل ينقل عن هذه الدينة خب و ل ذكرها أحد من الخباريي و ل من المم و لو قالوا
أنا درست فيما درس من الثار لكان أشبه إل أن ظاهر كلمهم أنا موجودة و بعضهم يقول أنا دمشق بناء على أن قوم عاد ملكوها و قد
ينتهي الذيان ببعضهم إل أنا غائبة و إنا يعثر عليها أهل الرياضة و السحر مزاعم كلها أشبه بالرافات و الذي حل الفسرين على ذلك ما
اقتضته صناعة العراب ف لفظة ذات العماد أنا صفة إرم و حلوا العماد على الساطي فتعي أن يكون بناء و رشح لم ذلك قراءة ابن
الزبي عاد إرم على الضافة من غي تنويون ث وقفوا على تلك الكايات الت هي أشبه بالقاصيص الوضوعة الت هي أقرب إل الكذب
النقولة ف عداد الضحكات و إل فالعماد هي عماد الخبية بل اليام و إن أريد با الساطي فل بدع ف وصفهم بأنم أهل بناء و أساطي
على العموم با اشتهر من قوتم لنه بناء خاص ف مدينة معينة أو غيها و إن أضيفت كما ف قراءة ابن الزبي فعلى إضافة الفصيلة إل القبيلة
كما تقول قريش كنانة و إلياس مضر و ربيعة نزار أي ضرورة إل هذا الحمل البعيد الذي تحلت لتوجيهه لمثال هذه الكايات الواهية
الت ينه كتاب ال عن مثلها لبعدها عن الصحة.
و من الكايات الدخولة للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف سبب نكبة الرشيد للبامكة من قصة العباسة أخته مع جعفر بن يي بن خالد موله
و أنه لكلفه بكانما من معاقرته إياها المر أذن لما ف عقد النكاح دون اللوة حرصا على اجتماعهما ف ملسه و أن العباسة تيلت عليه
ف التماس اللوة به لا شغفها من حبه حت واقعها زعموا ف حالة السكر فحملت و وشي بذلك للرشيد فاستغضب و هيهات ذلك من
منصب العباسة ف دينها و أبويها و جللا و أنا بنت عبد ال بن عباس و ليس بينها و بينه إل أربعة رجال هم أشراف الدين و عظماء اللة
من بعده .و العباسة بنت ممد الهدي ابن عبد ال أب جعفر النصور بن ممد السجاد ابن علي أب اللفاء ابن عبد ال ترجان القرآن ابن
العباس عم النب صلى ال عليه و سلم ابنة خليفة أخت خليفة مفوفة باللك العزيز و اللفة النبوية و صحبة الرسول و عمومته و إقامة اللة
و نور الوحي و مهبط اللئكة من سائر جهاتا قريبة عهد ببداوة العروبية و سذاجة الذين البعيدة عن عوائد الترف و مراتع الفواحش فأين
يطلب الصون و العفاف إذا ذهب عنها أو أين توجد الطهارة و الذكاء إذا فقدا من بيتها أو كيف تلحم نسبها بعفر بن يي و تدنس
شرفها العرب بول من موال العجم بلكة جده من الفرس أو بولء جدها من عمومة الرسول و أشراف قريش و غايته أن جذبت دولتهم
بضبعه وضبع أبيه و استخلصتهم و رقتهم إل منازل الشراف و كيف يسوغ من الرشيد أن يصهر إل موال العاجم على بعد هته و عظم
آبائه و لو نظر التأمل ف ذلك نظر النصف و قاس العباسة بابنة ملك من عظماء ملوك زمانه لستنكف لا عن مثله مع مول من موال
دولتها و ف سلطان قومها و استنكره و ل ف تكذيبه و ابن قدر العباسة و الرشيد من الناس.
و إنا نكب البامكة ما كان من استبدادهم على الدولة و احتجافهم أموال الباية حت كان الرشيد يطلب اليسي من الال فل يصل إليه
فغلبوه على أمره و شاركوه ف سلطانه و ل يكن له منهم تصرف ف أمور ملكه فعظمت آثارهم و بعد صيتهم و عمروا مراتب الدولة و
خططها بالرؤساء من ولدهم و صنائعهم و احتازوها عمن سواهم من وزارة و كتابة و قيادة و حجابة و سيف و قلم .يقال إنه كان بدار
الرشيد من ولد يي بن خالد خسة و عشرون رئيسا من بي صاحب سيف و صاحب قلم زاحوا فيها أهل الدولة بالناكب و دفعوهم عنها
بالراح لكان أبيهم يي بن كفالة هارون ول عهد و خليفة حت شب ف حجره و درج من عشه و غلب على أمره و كان يدعوه يا أبت
فتوجه اليثار من السلطان إليهم وعظمت الدالة منهم و انبسط الاه عندهم و انصرفت نوهم الوجوه و خضعت لم الرقاب و قصرت
عليهم المال و تطت إليهم من أقصى التخوم هدايا اللوك و تف المراء و تسربت إل خزائنهم ف سبيل التزلف و الستمالة أموال الباية
و أفاضوا ف رجال الشيعة و عظماء القرابة العطاء و طوقوهم النن و كسبوا من بيوتات الشراف العدم و فكوا العان و مدحوا با ل يدح
به خليفتهم و أسنوا لعفاتم الوائز و الصلت و استولوا على القرى و الضياع من الضواحي و المصار ف سائر المالك حت أسفوا البطالة
و أحقدوا الاصة و أغصوا أهل الولية فكشفت لم وجوه النافسة و السد و دبت إل مهادهم الوثي من الدولة عقارب السعاية حت لقد
كان بنو خطبة أخوال جعفر من أعظم الساعي عليهم ل تعطفهم لا وقر ف نفوسهم من السد عواطف الرحم و ل وزعتهم أواصر القرابة
و قارن ذلك عند مدومهم نواشيء الغية و الستنكاف من الجر و النفة و كان القود الت بعثتها منهم صغائر الدالة .و انتهى با
الصرار على شأنم إل كبائر الخالفة كقصتهم ف يي بن عبد ال بن حسن بن السن بن علي بن أب طالب أخي ممد الهدي اللقب
بالنفس الزكية الارج على النصور و يي هذا هو الذي استنله الفضل بن يي من بلد الديلم على أمان الرشيد بطه و بذل لم فيه ألف
ألف درهم على ما ذكره الطبي و دفعه الرشيد إل جعفر و جعل اعتقاله بداره و إل نظره فحبسه مدة ث حلته الدالة على تلية سبيله و
الستبداد بل عقاله حرما لدماء أهل البيت بزعمه و دالة على السلطان ف حكمه .و سأله الرشيد عنه لا و شي به أليه ففطن و قال أطلقته
فأبدى له وجه الستحسان و أسرها ف نفسه فأوجد السبيل بذلك على نفسه و قومه حت ثل عرشهم و ألقيت عليهم ساؤهم و خسفت
الرض بم و بدارهم و ذهبت سلفا و مثلً للخرين أيامهم و من تأمل أخبارهم و استقصى سي الدولة و سيهم وجد ذلك مقق السر
مهد السباب و انظر ما نقله ابن عبد ربه ف مفاوضة الرشيد عم جده داود بن علي ف شأن نكبتهم و ما ذكره ف باب الشعراء ف كتاب
العقد به ماورة الصمعي للرشيد و للفضل بن يي ف سرهم تتفهم أنه إنا قتلتهم الغية و النافسة ف الستبداد من الليفة فمن دونه و
كذلك ما تيل به أعداؤهم من البطانة فيما دسوه للمغني من الشعر احتيالً على إساعه للخليفة و تريك حفائظه لم و هو قوله:
و إن الرشيد لا سعها قال أي و ال إن عاجز حت بعثوا بأمثال هذه كامن غيته و سلطوا عليهم بأس انتقامه نعوذ بال من غلبة الرجال و
سوء الال.
و أما ما توه له الكاية من معاقرة الرشيد المر و اقتران سكره بسكر الندمان فحاشا ال ما علمنا عليه من سوء و أين هذا من حال الرشيد
و قيامه با يب لنصب اللفة من الدين و العدالة و ما كان عليه من صحابة العلماء و الولياء و ماوراته للفضيل بن عياض و ابن السمك
و العمري و مكاتبته سفيان الثوري و بكائه من مواعظهم و دعائه بكة ف طوافه و ما كان عليه من العبادة و الحافظة على أوقات
الصلوات و شهود الصبح لول وقتها .حكى الطبي و غيه أنه كان يصلي ف كل يوم مائة ركعة نافلة و كان يغزو عاما و يج عاما و
لقد زجر ابن أب مري مضحكه ف سره حي تعرض له بثل ذلك ف الصلة لا سعه يقرأ وما ل ل أعبد الذي فطرن وإليه ترجعون و قال و
ال ما أدري ل ؟ فما تالك الرشيد أن ضحك ث التفت إليه مغضبا و قال يا ابن أب مري ف الصلة أيضا إياك إياك و القرآن و الدين و لك
ما شئت بعدها و أيضا فقد كان من العلم و السذاجة بكان لقرب عهده من سلفه النتحلي لذلك و ل يكن بينه و بي جده أب جعفر
بعيد زمن إنا خلفه غلما و قد كان أبو جعفر بكان من العلم و الدين قبل اللفة و بعدها و هو القائل لالك حي أشار عليه بتأليف الوطإ
يا أبا عبد ال إنه ل يبقى على وجه الرض أعلم من و منك و إن قد شغلتن اللفة فضع أنت للناس كتابا ينتفعون به تنب فيه رخص ابن
عباس و شدائد ابن عمر و وطئه للناس توطئة قال مالك فوال .لقد علمن التصنيف يومئذ و لقد أدركه ابنه الهدي أبو الرشيد هذا و هو
يتورع عن كسوة الديد لعياله من بيت الال و دخل عليه يوما و هو بجلسه يباشر الياطي ف إرقاع اللقان من ثياب عياله فاستنكف
الهدي من ذلك و قال يا أمي الؤمني على كسوة هذه العيال عامنا هذا من عطائي فقال له لك ذلك و ل يصده عنه و ل سح بالنفاق فيه
من أموال السلمي فكيف يليق بالرشيد على قرب العهد من هذا الليفة و أبوته و ما رب عليه من أمثال هذه السي ف أهل بيته و التخلق با
أن يعاقر المر أو ياهر با و قد كانت حالة الشراف من العرب الاهلية ف اجتناب المر معلومة و ل يكن الكرم شجرتم و كان شربا
مذمة عند الكثي منهم و الرشيد و آباؤه كانوا على ثبج من اجتناب الذمومات ف دينهم و دنياهم و التخلق بالحامد و أوصاف الكمال و
نزعات العرب .و انظر ما نقله الطبي و السعودي ف ف قصة جبيل بن بتيشوع الطبيب حي أحضر له السمك ف مائدته فحماه عنه ث
أمر صاحب الائدة بمله إل منله و فطن الرشيد و ارتاب به و دس خادمه حت عاينه يتناوله فاعد ابن بتيشوع للعتذار ثلث قطع من
السمك ف ثلثة أقداح خلط إحداها باللحم العال بالتوابل و البقول و البوارد و اللوى و صب على الثانية ماءً مثلجا و على الثالثة خرا
صرفا و قال ف الول و الثان هذا طعام أمي الؤمني إن خلط السمك بغيه أو ل يلطه و قال ف الثالث هذا طعام ابن بتيشوع و دفعها
إل صاحب الائدة حت إذا انتبه الرشيد و أحضره للتوبيخ ،أحضر الثلثة القداح فوجد صاحب المر قد اختلط و أماع و تفتت و وجد
الخرين قد فسدا و تغيت رائحتهما فكانت له ف ذلك معذرة و تبي من ذلك أن حال الرشيد ف اجتناب المر كانت معروفة عند بطانته
و أهل مائدته و لقد ثبت عنه أنه عهد ببس أب نواس لا بلغه من انماكه ف العاقرة حت تاب و أقلع و إنا كان الرشيد يشرب نبيذ التمر
على مذهب أهل العراق و فتاويهم فيها معروفة و أما المر الصرف فل سبيل إل اتامه با و ل تقليد الخبار الواهية فيها فلم يكن الرجل
بيث يواقع مرما من أكب الكبائر عند أهل اللة و لقد كان أولئك القوم كلهم بنحاة من ارتكاب السرف و الترف ف ملبسهم و زينتهم
و سائر متناولتم لا كانوا عليه من خشونة البداوة و سذاجة الدين الت ل يفارقوها بعد فما ظنك با يرج عن الباحة إل الظر و عن
اللة إل الرمة و لقد اتفق الؤرخون الطبي و السعودي و غيهم على أن جيع من سلف من خلفاء بن أمية و بن العباس إنا كانوا
يركبون باللية الفيفة من الفضة ف الناطق و السيوف و اللجم و السروج و أن أول خليفة أحدث الركوب بلية الذهب هو العتز بن
التوكل ثامن اللفاء بعد الرشيد و هكذا كان حالم أيضا ف ملبسهم فما ظنك بشاربم و يتبي ذلك بأت من هذا إذا فهمت طبيعة الدولة
ف أولا من البداوة و الغضاضة كما نشرح ف مسائل الكتاب الول إن شاء ال و ال الادي إل الصواب .و يناسب هذا أو قريب منه ما
ينقلونه كافة عن يي بن أكثم قاضي الأمون و صاحبه و أنه كان يعاقر المر و أنه سكر ليلة مع شربه فدفن ف الريان حت أفاق و
ينشدون على لسانه:
و حال ابن أكثم و الأمون ف ذلك من حال الرشيد و شرابم إنا كان النبيذ و ل يكن مظورا عندهم و أما السكر فليس من شأنم و
صحابته للمأمون إنا كانت خلة ف الدين و لقد ثبت أنه كان ينام معه ف البيت و نقل ف فضائل الأمون و حسن عشرته أنه انتبه ذات ليلة
عطشان فقام يتحسس و يتلمس الناء مافة أن يوقظ يي بن أكثم و ثبت أنما كانا يصليان الصبح جيعا فإن هذا من العاقرة و أيضا فإن
يي بن أكثم كان من علية أهل الديث و قد أثن عليه المام أحد بن حنبل و إساعيل القاضي و خرج عنه التزمذي كتابه الامع و ذكر
الزن الافظ أن البخاري روى عنه ف غي الامع فالقدح فيه قدح ف جيعهم و كذلك ما ينبزه الجان باليل إل الغلمان بتانا على ال و
فرية على العلماء و يستندون ف ذلك إل أخبار القصاص الواهية الت لعلها من افتراء أعدائه فإنه كان مسودا ف كماله خلته للسلطان و
كان مقامه من العلم و الدين منها عن مثل ذلك و قد ذكر لبن حنبل ما يرميه به الناس فقال سبحان ال سبحان ال و من يقول هذا و
أنكر ذلك إنكارا شديدا وأثن عليه إساعيل القاضي فقيل له ما كان يقال فيه فقال معاذ ال أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ و حاسد و
قال أيضا يي بن أكثم أبرأ إل ال من أن يكون فيه شيء ما كان يرمى به من أمر الغلمان و لقد كنت أقف على سرائره فأجده شديد
الوف من ال لكنه كانت فيه دعابة و حسن خلق فرمى با رمى به ابن حيان ف الثقات و قال ل يشتغل با يكى عنه لن أكثرها ل يصح
عنه و من أمثال هذه الكايات ما نقله ابن عبد ربه صاحب العقد من حديث الزنبيل ف سبب إصهار الأمون إل السن بن سهل ف بنته
بوران و أنه عثر ف بعض الليال ف تطوافه بسكك بغداد ف زنبيل مدل من بعض السطوح بعالق و جدل مغارة الفتل من الرير فاعتقده و
تناول العالق فاهتزت و ذهب به صعدا إل ملس شأنه كذا و وصف من زينة فرشه و تنصيد ابنته و جال رؤيته ما يستوقف الطرف و
يلك النفس و أن امرأة برزت له من خلل الستور ف ذلك الجلس رائقة المال فتانة الحاسن فحيته و دعته إل النادمة فلم يزل يعاقرها
المر حت الصباح و رجع إل أصحابه بكانم من انتظاره و قد شغفته حبا بعثه على الصهار إل أبيها و أين هذا كله من حال الأمون
العروفة ف دينه و علمه و اقتفائه سنن اللفاء الراشدين من آبائه و أخذه بسي اللفاء الربعة أركان اللة و مناظرته العلماء و حفظه لدود
ال تعال ف صلواته ،أحكامه فكيف تصح عنه أحوال الفساق الستهترين ف التطواف بالليل و طروق النازل و غشيان السمر سبيل عشاق
العراب و أين ذلك من منصب ابنة السن بن سهل و شرفها و ما كان بدار أبيها من الصون و العفاف و أمثال هذه الكايات كثية و ف
كتب الؤرخي معروفة و إنا يبعث على وضعها و الديث با النماك ف اللذات الحرمة و هتك قناع الخدرات و يتعللون بالتأسي بالقوم
فيما يأتونه من طاعة لذاتم فلذلك تراهم كثيا ما يلهجون بأشباه هذه الخبار و ينقرون عنها عند تصفحهم لوراق الدواوين و لو ائتسوا
بم ف غي هذا من أحوالم و صفات الكمال اللئقة بم الشهورة عنهم لكان خيا لم لو كانوا يعلمون .و لقد عذلت يوما بعض المراء
من أبناء اللوك ف كلفه بتعلم الغناء و ولوعه بالوتار و قلت له ليس هذا من شأنك و ل يليق بنصبك فقال ل أفل ترى إل إبراهيم بن
الهدي كيف كان إمام هذه الصناعة و رئيس الغني ف زمانه فقلت له يا سبحان ال و هل تأسيت بأبيه أو أخيه أو ما رأيت كيف قعد
ذلك بإبراهيم عن مناصبهم فصم عن عذل و أعرض و ال يهدي من يشاء.
و من الخبار الواهية ما يذهب إليه الكثي من الؤرخي و الثبات ف العبيديي خلفاء الشيعة بالقيوان و القاهرة من نفيهم عن أهل البيت
صلوات ال عليهم و الطعن ف نسبهم إل اساعيل المام ابن جعفر الصادق يعتمدون ف ذلك على أحاديث لفقت للمستضعفي من خلفاء
بن العباس تزلفا إليهم بالقدح فيمن ناصبهم و تفننا ف الشمات بعدوهم حسبما تذكر بعض هذه الحاديث ف أخبارهم و يغفلون عن
التفطن لشواهد الواقعات و أدلة الحوال الت اقتضت خلف ذلك من تكذيب دعواهم و الرد عليهم.
فإنم متفقون ف حديثهم عن مبدأ دولة الشيعة أن أبا عبد ال الحتسب لا دعي بكتامة للرضى من آل ممد و اشتهر خبه و علم تويه
على عبيد ال الهدي و ابنه أب القاسم خشيا على أنفسهما فهربا من الشرق مل اللفة و اجتازا بصر و أنما خرجا من السكندرية ف
زي التجار و ني خبها إل عيسى النوشري عامل مصر و السكندرية فسرح ف طلبهما اليالة حت إذا أدركا خفي حالما على تابعهما
با لبسوا به من الشارة و الزي فأفلتوا إل الغرب .و أن العتضد أوعز إل الغالبة أمراء أفريقيا بالقيوان و بن مدرار أمراء سجلماسة بأخذ
الفاق عليهما وإذكاء العيون ف طلبهما فعثر اليشع صاحب سجلماسة من آل مدرار على خفي مكانما ببلده و اعتقلهما مرضاة للخليفة.
القسم الثالث من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و اللاع لا
يعرض للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا
هذا قبل أن تظهر الشيعة على الغالبة بالقيوان ث كان بعد ذلك ما كان من ظهور دعوتم بالغرب و أفريقية ث باليمن ث بالسكندرية ث
بصر و الشام و الجاز و قاسوا بن العباس ف مالك السلم شق البلمة و كادوا يلجون عليهم مواطنهم و يزايلون من أمرهم و لقد أظهر
دعوتم ببغداد و عراقها المي البساسيي من موال الديلم التغلبي على خلفاء بن العباس ف مغاضبت جرت بينه و بي أمراء العجم و
خطب لم على منابرها حولً كاملً و مازال بنو العباس يغصون بكانم و دولتهم و ملوك بن أمية وراء البحر ينادون بالويل و الرب منهم
و كيف يقع هذا كله لدعي ف النسب يكذب ف انتحال المر و اعتب حال القرمطي إذ كان دعيا ف انتسابه كيف تلشت دعوته و تفرقت
اتباعه و ظهر سريعا على خبثهم و مكرهم فساءت عاقبتهم و ذاقوا و بال أمرهم و لو كان أمر العبيد بي كذلك لعرف و لو بعد مهلة:
ومهما يكن عند امرىء من خليقة و إن خالا تفى على الناس تعلم
فقد اتصلت دولتهم نوا من مائي و ستي سنة و ملكوا مقام إبراهيم عليه السلم و مصله و موطن الرسول صلى ال عليه وسلم و مدفنه
و موقف الجيج و مهبط اللئكة ث انقرض أمرهم و شيعتهم ف ذلك كله على أت ما كانوا عليه من الطاعة لم و الب فيهم و اعتقادهم
بنسب المام إساعيل بن جعفر الصادق و لقد خرخوا مرارا بعد ذهاب الدولة و دروس أثرها داعي إل بدعتهم هاتفي بأساء صبيان من
أعقابم يزعمون استحقاقهم للخلفة و يذهبون إل تعيينهم بالوصية من سلف قبلهم من الية و لو ارتابوا ف نسبهم لا ركبوا أعناق
الخطار ف النتصار لم فصاحب البدعة ل يلبس ف أمره و ل يشبه ف بدعته و ل يكذب نفسه فيما ينتحله.
والعجب من القاضي أب بكر الباقلن شيخ النظار من التكلمي كيف ينح إل هذه القالة الرجوحة و يرى هذا الرأي الضعيف فأن كان
ذلك لا كانوا عليه من اللاد ف الدين و التعمق ف الرافضية فليس ذلك بدافع ف صدر دعوتم و ليس إثبات منتسبهم بالذي يغن عنهم من
ال شيئا ف كفرهم فقد قال تعال لنوح عليه السلم ف شأن ابنه إنه ليس من أهلك إنه عمل غي صال فل تسألن ما ليس لك به علم و قال
صلى ال عليه وسلم لفاطمة يعظها يا فاطمة إعملي فلن أغن عنك من ال شيئا و مت عرف امرؤ قضي ًة و استيقن أمرا وجب عليه أن
يصدع به و ال يقول الق و هو يهدي السبيل و القوم كانوا ف مال الظنون الدول بم و تت رقبة من الطغاة لتوفر شيعتهم و انتشارهم
ف القاصية بدعوتم و تكرر خروجهم مرة بعد أخرى فلذت رجالتم بالختفاء و ل يكادوا يعرفون كما قيل:
و أين مكان ما عرفن مكانيا فلو تسأل اليام ما اسي ما درت
حت لقد سي ممد بن إساعيل المام جد عبد ال الهدي بالكتوم سته بذلك شيعتهم لا إتفقوا عليه من إخفائه حذرا من التغلبي عليهم
فتوصل شيعة بن العباس بذلك عند ظهورهم إل الطعن ف نسبهم و ازدلفوا بذا الرأي القائل للمستضعفي من خلفائهم و أعجب به
أولياؤهم و أمراء دولتهم التولون لروبم مع العداء يدفعون به عن أنفسهم و سلطانم معرة العجز عن القاومة و الدافعة لن غلبهم على
الشام و مصر و الجاز من الببر الكتامي شيعة العبيديي و أهل دعوتم حت لقد أسجل القضاة ببغداد بنفيهم عن هذا النسب و شهد
بذلك عندهم من أعلم الناس جاعة منهم الشريف الرضي و أخوة الرتضى و ابن البطحاوي و من العلماء أبو حامد السفرايين و القدوري
و الصيمري و ابن الكفان و البيوردي و أبو عبد ال بن النعمان فقيه الشيعة و غيهم من أعلم المة ببغداد ف يوم مشهود و ذلك سنة
ستي و أربعمائة ف أيام القادر و كانت شهادتم ف ذلك على السماع لا اشتهر وعرف بي الناس ببغداد و غالبها شيعة بن العباس
الطاعنون ف هذا النسب فنقله الخباريون كما سعوه و رووه حسبما وعوه و الق من ورائه .و ف كتاب العتضد ف شأن عبيد ال إل ابن
الغلب بالقيوان و ابن مدرار بسجلماسة أصدق شاهد و أوضح دليل على صحة نسبهم فالعتضد أقعد بنسب أهل البيت من كل أحد و
الدولة و السلطان سوق للعال تلب إليه بضائع العلوم والصنائع تلتمس ف ضوال الكم تدى إليه ركائب الروايات و الخبار و ما نفق
فيها نفق عند الكافة فأن تنهت الدولة عن التعسف و اليل و الفن و السفسفة و سلكت النهج المم و ل تر عن قصد السبيل نفق ف
سوقها البريز الالص و اللجي الصفى و أن ذهبت مع الغراض و القود و ماجت بسماسرة العرب البغي و الباطل نفق البهرج و الزائف
و الناقد البصي قسطاس نظره و ميزان بثه و ملتمسه.
و مثل هذا و أبعد منه كثيا ما يتناجى به الطاعنون ف نسب إدريس بن إدريس بن عبد ال بن حسن بن السن بن علي بن أب طالب
رضوان ال عليهم المام بعد أبيه بالغرب القصى و يعرضون تعريض الد بالتظنن ف المل الخلف عن إدريس الكب إنه لراشد مولهم
قبحهم ال و أبعدهم ما أجهلهم أما يعلمون أن إدريس الكب كان إصهاره ف الببر و إنه منذ دخل الغرب إل أن توفاه ال عز و جل
عريق ف البدو و أن حال البادية ف مثل ذلك غي خافية ل مكامن لم يتأتى فيها الريب و أحوال حرمهم أجعي بزأى من جاراتن و
مسمع من جيانن لتلصق الدران و تطافن البنيان و عدم الفواصل بي الساكن و قد كان راشد يتول خدمة الرم أجع من بعد موله
بشهد من أوليائهم و شيعتهم و مراقبة من كافتهم و قد أتفق برابرة الغرب القصى عامة على بيعة إدريس الصغر من بعد أبيه و آتوه
طاعتهم عن رضى و إصفاق و بايعوه على الوت الحر و خاضوا دونه بار النايا ف حروبه و غزواته و لو حدثوا أنفسهم بثل هذه الريبة
أو قرعت أساعهم و لو من عدو كاشح أو منافق مرتاب لتخلف عن ذلك و لو بعضهم كل و ال إنا صدرت هذه الكلمات من بن العباس
أقتالم و من بن الغلب عمالم كانوا بأفريقية و ولتم.
و ذلك إنه لا فر إدريس الكب إل الغرب من وقعة بلخ أوعز الادي إل الغالبة أن يقعدوا له بالراصد و يذكوا عليه العيون فلم يظفروا به
و خلص إل الغرب فتم أمره و ظهرت دعوته و ظهر الرشيد من بعد ذلك على ما كان من واضح مولهم و عاملهم على السكندرية من
دسيسة التشيع للعلوية و إدهانه ف ناة إدريس إل الغرب فقتله و دس الشماخ من موال الهدي أبيه للتحيل على قتل إدريس فأظهر اللحاق
به و الباءة من بن العباس مواليه فاشتمل عليه إدريس و خلطه بنفسه و ناوله الشماخ ف بعض خلواته سا استهلكه به و وقع خب مهلكه
من بن العباس أحسن الواقع لا رجوه من قطع أسباب الدعوة العلوية بالغرب و اقتلع جرثومتها و لا تأدى إليهم خب المل الخلف
لدريس فلم يكن لم إل كل و ل إذا بالدعوة قد عادت و الشيعة بالغرب قد ظهرت و دولتهم بإدريس بن إدريس قد تددت فكان ذلك
عليهم أنكى من و وقع الشهاب وكان الفشل و الرم قد نزل بدولة العرب عن أن يسموا إل القاصية فلم يكن منتهى قدرة الرشيد على
إدريس الكب بكانه من قاصية الغرب و اشتمال الببر عليه إل التحيل ف إهلكه بالسموم فعند ذلك فزعوا إل أوليائهم من الغالبة
بأفريقية ف سد تلك الفرجة من ناحيتهم و حسم الداء التوقع بالدولة من قبلهم و اقتلع تلك العروق قبل أن تشج منهم ياطبهم بذلك
الأمون و من بعده من خلفائهم فكان الغالبة عن برابرة الغرب القصى أعجز و لثلها من الزبون على ملوكهم أحوج لا طرق اللفة من
انتزاء مالك العجم على سدتا و امتطائهم صهوة التغلب عليها و تصريفهم أحكامها طوع أغراضهم ف رجالا و جبايتها و أهل خططها و
سائر نقضها و إبرامها كما قال شاعرهم
فخشي هؤلء المراء الغالبة بوادر السعايات و تلوا بالعاذير فطورا باحتقار الغرب و أهله و طورا بالرهاب بشأن إدريس الارج به ومن
قام مقامه من أعقابه ياطبونه بتجاوزه حدود التخوم من عمله و ينفذون سكته ف تفهم و هداياهم و مرتفع جبايتهم تعريضا باستفحاله و
تويلً باشتداد شوكته و تعظيما لا دفعوا إليه من مطالبته و مراسه و تديدا بقلب الدعوة إن ألئوا إليه و طورا يطعنون ف نسب إدريس
بثل ذلك الطعن الكاذب تفيضا لشأنه ل يبالون بصدقه من كذبه لبعد السافة و أفن عقول من خلف بن صبية بن العباس و مالكهم العجم
ف القبول من كل قائل و السمع لكل ناعق و ل يزل هذا دأبم حت انقضى أمر الغالبة فقرعت هذه الكلمة الشنعاء أساع الغوغاء و صر
عليها بعض الطاعني أذنه و اعتدها ذريعة إل النيل من خلفهم عند النافسة .و ما لم قبحهم ال و العدول عن مقاصد الشريعة فل تعارض
فيها بي القطوع و الظنون و إدريس ولد على فراش أبيه و الولد للفراش.
على أن تنيه أهل البيت عن مثل هذا من عقائد أهل اليان فال سبحانه قد أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيا ففراش إدريس طاهر من
الدنس و منه عن الرجس بكم القرآن و من اعتقد خلف هذا فقد باء بإثه و ول الكفر من بابه و إنا أطنبت ف هذا الرد سدا لبواب
الريب و دفعا ف صدر الاسد لا سعته أذناي من قائله العتدي عليهم القادح ف نسبهم بفريته و ينقله بزعمه عن بعض مؤرخي الغرب من
انرف عن أهل البيت و ارتاب ف اليان بسلفهم و إل فالحل منه عن ذلك معصوم منه و نفي العيب حيث يستحيل العيب عيب لكن
جادلت عنهم ف الياة الدنيا و أرجو أن يادلوا عن يوم القيامة و لتعلم أن أكثر الطاعني ف نسبهم إنا هم السدة لعقاب إدريس هذا من
منتهم إل أهل البيت أو دخيل فيهم فإن ادعاء هذا النسب الكري دعوى شرف عريضة على المم و الجيال من أهل الفاق فتعرض التهمة
فيه.
و لا كان نسب بن إدريس هؤلء بواطنهم من فارس و سائر ديار الغرب قد بلغ من الشهرة و الوضوح مبلغا ل يكاد يلحق و ل يطمع
أحد ف دركه إذ هو نقل المة و اليل من اللف عن المة و اليل من السلف و بيت جدهم إدريس متط فاس و مؤسسها من بيوتم و
مسجده لصق ملتهم و دروبم و سيفه منتضى برأس الأذنة العظمى من قرار بلدهم و غي ذلك من آثاره الت جاوزت أخبارها حدود التواتر
مرات و كادت تلحق بالعيان فإذا نظر غيهم من أهل هذا النسب إل ما أتاهم ال من أمثالا و ما عضد شرفهم النبوي من جلل اللك
الذي كان لسلفهم بالغرب و استيقن أنه بعزل عن ذلك و أنه ل يبلغ مد أحدهم و ل نصيفه أ و أن غاية أمر النتمي إل البيت الكري من
ل يصل له أمثال هذه الشواهد أن يسلم لم حالم لن الناس مصدوقون ف أنسابم و بون ما بي العلم و الظن و اليقي و التسليم فإذا علم
بذلك من نفسه غص بريقه و ود كثي منهم لو يردونم عن شرفهم ذلك سوقة و وضعاء حسدا من عند أنفسهم فيجعون إل العناد و
ارتكاب اللجاج و البهت بثل هذا الطعن الفائل و القول الكذوب تعللً بالساواة ف الظنة و الشابة ف تطرق الحتمال و هيهات لم ذلك
فليس ف الغرب فيما نعلمه من أهل هذا البيت الكري من يبلغ ف صراحة نسبه و وضوحه مبالغ أعقاب إدريس هذا من آل السن.
و كباؤهم لذا العهد بنو عمران بفاس من ولد يي الوطي بن ممد بن يي العوام بن القاسم بن إدريس بن إدريس و هم نقباء أهل البيت
هناك و الساكنون ببيت جدهم ادريس و لم السيادة على أهل الغرب كافة حسبما نذكرهم عند ذكر الدارسة إن شاء ال تعال و يلحق
بذه القالت الفاسدة و الذاهب الفائلة ما يتناوله ضعفة الرأي من فقهاء الغرب من القدح ف المام الهدي صاحب دولة الوحدين و نسبته
إل الشعوذة و التلبيس فيما أتاه من القيام بالتوحيد الق و النعي على أهل البغي قبله و تكذيبهم لميع مدعياته ف ذلك حت فيما يزعم
الوحدون أتباعه من انتسابه ف أهل البيت و إنا حل الفقهاء على تكذيبه ما كمن ف نفوسهم من حسده على شأنه فإنم لا رأوا من
أنفسهم مناهضته ف العلم و الفتيا و ف الدين بزعمهم ث امتاز عنهم بأنه متبوع الرأي مسموع القول موطؤ العقب نفسوا ذلك عليه و
غضوا منه بالقدح ف مذاهبه و التكذيب لدعياته و أيضا فكانوا يؤنسون من ملوك التونة أعدائه تلةً و كرام ًة ل تكن لم من غيهم لا
كانوا عليه من السذاجة و انتحال الديانة فكان لملة العلم بدولتهم مكان من الوجاهة و النتصاب للشورى كل ف بلده و على قدره ف
قومه فأصبحوا بذلك شيعة لم و حربا لعدوهم و نقموا على الهدي ما جاء به من خلفهم و التثريب عليهم و الناصبة ،لم تشيعا للمتونة
و تعصبا لدولتهم و مكان الرجل غي مكانم و حاله على غي معتقداتم و ما ظنك برجل نقم على أهل الدولة ما نقم من أحوالم و خالف
اجتهاده فقهاؤهم فنادى ف قومه و دعا إل جهادهم بنفسه فاقتلع الدولة من أصولا و جعل عاليها سافلها أعظم ما كانت قوةً و أشد شوكة
و أعز أنصارا و حاميةً و تساقطت ف ذلك من أتباعه نفوس ل يصيها إل خالقها و قد بايعوه على الوت و وقوه بأنفسهم من اللكة و
تقربوا إل ال تعال بإتلف مهجهم ف إظهار تلك الدعوة و التعصب لتلك الكلمة حت علت على الكلم و دالت بالعدوتي من الدول و هو
باله من التقشف و الصر و الصب على الكاره و التقلل من الدنيا حت قبضه ال و ليس على شيء من الظ و التاع ف دنياه حت الولد
الذي ربا تنح أليه النفوس و تادع عن تنيه فليت شعري ما الذي قصد بذلك إن ل يكن و جه ال و هو ل يصل له حظ من الدنيا ف
عاجله و مع هذا فلو كان قصده غي صال لا ت أمره و انفسحت دعوته سنة ال الت قد خلت ف عباده و أما انكارهم نسبه ف أهل البيت
فل تعضده حجة لم مع أنه إن ثبت أنه ادعاه و انتسب إليه فل دليل يقوم على بطلنه لن الناس مصدقون ف أنسابم و إن قالوا أن الرئاسة
ل تكون على قوم ف غي أهل جلدتم كما هو الصحيح حسبما يأت ف الفصل الول من هذا الكتاب و الرجل قد رأس سائر الصامدة و
دانوا باتباعه و النقياد إليه و إل عصابته من هرغة حت ت أمر ال ف دعوته فأعلم أن هذا النسب الفاطمي ل يكن أمر الهدي يتوقف عليه
و ل اتبعه الناس بسببه و إنا كان اتباعهم له بعصبية الريغة و الصمودية و مكانه منها و رسوخ شجرته فيها و كان ذلك النسب الفاطمي
خفيا قد درس عند الناس ليبقى عنده و عند عشيته يتناقلونه بينهم فيكون النسب الول كأنه انسلخ منه و لبس جلدة هؤلء و ظهر فيها
فل يضره النتساب الول ف عصبيته إذ هو مهول عند أهل العصابة و مثل هذا واقع كثيا إذا كان النسب الول خفيا .و انظز قصة
عرفجة و جرير ف رئاسة بيلة و كيف كان عرفجة من الزد و لبس جلدة بيلة حت تنازع مع جرير رئاستهم عند عمر رضي ال عنه كما
هو مذكور تتفهم منه وجه الق و ال الادي للصواب و قد كدنا أن نرج عن غرض الكتاب بالطناب ف هذه الغالط فقد زلت أقدام
كثي من الثبات و الؤرخي الفاظ ف مثل هذه الحاديث و الراء و علقت أفكارهم و نقلها عنهم الكافة من ضعفة النظر و الغفلة عن
القياس و تلقوها هم أيضا كذلك من غي بث و ل روية و اندرجت ف مفوظاتم حت صار فن التاريخ واهيا متلطا و ناظره مرتبكا وعد
من مناحي العامة فإذا يتاج صاحب هذا الفن إل العلم بقواعد السياسة و طبائع الوجودات و اختلف المم و البقاع و العصار ف السي
و الخلق و العوائد و النحل و الذاهب و سائر الحوال و الحاطة بالاضر من ذلك و ماثلة ما بينه و بي الغائب من الوفاق أو بون ما
بينهما من اللف و تعليل التفق منها و الختلف و القيام على أصول الدول و اللل و مبادىء ظهورها و أسباب حدوثها و دواعي كونا و
أحوال القائمي با و أخبارهم حت يكون مستوعبا لسباب كل خبه و حينئذ يعرض خب النقول على ما عنده من القواعد و الصول فإن
وافقها و جرى على مقتضها كان صحيحا و إل زيفه و استغن عنه و ما استكب القدماء علم التاريخ إل لذلك حت انتحله الطبي و
البخاري و ابن إسحاق من قبلهما و أمثالم من علماء المة و قد ذهل الكثي عن هذا السر فيه حت صار انتحاله مهلة و استخف العوام و
من ل رسوخ له ف العارف مطالعته و حله و الوض فيه و التطفل عليه فاختلط الرعي بالمل و اللباب بالقشر و الصادق بالكاذب و إل
ال عاقبة المور و من الغلط الفي ف التاريخ الذهول عن تبدل الحوال ف المم و الجيال بتبدل العصار و مرور اليام و هو داء دوي
شديد الفاء إذ ل يقع إل بعد أحقاب متطاولة فل يكاد يتفطن له إل الحاد من أهل الليقة و ذلك أن أحوال العال و المم و عوائدهم و
نلهم ل تدوم على وتية واحدة و منهاح مستقر إنا هو اختلف على اليام و الزمنة و انتقال من حال إل حال و كما يكون ذلك ف
الشخاص و الوقات و المصار فكذلك يقع ف الفاق و القطار و الزمنة و الدول سنة ال الت قد خلت ف عباده و قد كانت ف العال
أمم الفرس الول و السريانيون و النبط و التبابعة و بنو إسرائيل و القبط و كانوا على أحوال خاصة بم ف دولم و مالكهم و سياستهم و
صنائعهم و لغاتم و اصطلحاتم و سائر مشاركاتم مع أبناء جنسهم وأحوال اعتمارهم للعال تشهد با آثارهم ث جاء من بعدهم الفرق
الثانية و الروم و العرب فتبدلت تلك الحوال و انقلبت با العوائد إل ما يانسها أو يشابها و إل ما يباينها أو يباعدها ث جاء السلم
بدولة مضر فانقلبت تلك الحوال و أجع انقلبة أخرى و صارت إل ما أكثره فتعارف لذا العهد بأخذه اللف عن السلف ث درست
دولة العرب و أيامهم و ذهبت السلف الذين شيدوا عزمهم و مهدوا ملكهم و صار المر ف أيدي سواهم من العجم مثل الترك بالشرق
و الببر بالغرب و الفرنة بالشمال فذهبت بذهابم أمم و انقلبت أحوال و عوائد نسي شأنا و أغفل أمرها و السبب الشائع ف تبدل
الحوال و العوائد أن عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه كما يقال ف المثال الكمية الناس على دين اللك و أهل اللك و السلطان إذا
استولوا على الدولة و المر فلبد من أن يفزعوا إل عوائد من قبلهم و يأخذون الكثي منها و ل يغفلون عوائد جيلهم مع ذلك فيقع ف
عوائد الدولة بعض الخالفة لعوائد اليل الول فإذا جاءت دولة أخرى من بعدهم و مزجت من عوائدهم و عوائدها خالفت أيضا بعض
الشيء و كانت للول أشد مالفة ث ل يزال التدريج ف الخالفة حت ينتهي إل الباينة بالملة فما دامت المم و الجيال تتعاقب ف اللك
و السلطان ل تزال الخالفة ف العوائد و الحوال واقعة .و القياس و الحاكاة للنسان طبيعة معروفة و من الغلط غي مأمونة ترجه مع
الذهول و الغفلة عن قصده و تعوج به عن مرامه فربا يسمع السامع كثيا من أخبار الاضي و ل يتفطن لا وقع من تغي الحوال و انقلبا
فيجريها لول وهلة على ما عرف و يقيسها با شهد و قد يكون الفرق بينهما كثيا فيقع ف مهواة من الغلط فمن هذا الباب ما ينقله
الؤرخون من أحوال الجاج و أن أباه كان من العلمي مع أن التعليم لذا العهد من جلة الصنائع العاشية البعيدة من اعتزاز أهل العصبية و
العلم مستضعف مسكي منقطع الذم فيتشوف الكثي من الستضعفي أهل الرف و الصنائع العاشية إل نيل الرتب الت ليسوا لا بأهل و
يعدونا من المكنات لم فتذهب بم وساوس الطامع و ربا انقطع حبلها من أيديهم فسقطوا ف مهواة اللكة و التلف و ل يعلمون
استحالتها ف حقهم و أنم أهل حرف و صنائع للمعاش و أن التعليم صدر السلم و الدولتي ل كذلك و ل يكن العلم بالملة صناعة إنا
ل لا سع من الشارع و تعليما لا جهل من الذين على جهة البلغ فكان أهل النساب و العصبة الذين قاموا باللة ث الذين يعلمون كان نق ً
كتاب ال و سنة نبيه صلى ال عليه و سلم على معن التبليغ البي ل على وجه التعليم الصناعي إذ هو كتابم النل على الرسول منهم و
به هداياتم و السلم دينهم قاتلوا عليه و قتلوا و اختصوا به من بي المم و شرفوا فيحرصون على تبليغ ذلك و تفهيمه للمة ل تصدهم
عنه لئمة الكب و ل يزغهم عاذل النفة و يشهد لذلك بعث النب صلى ال عليه و سلم كبار أصحابه مع وفود العرب يعلمونم حدود
السلم و ما جاء به من شرائع الدين بعث ف ذلك من أصحابه العشرة فمن بعدهم فما استقر السلم و وشجت عروق اللة حت تناولا
المم البعيدة من أيدي أهلها و استحالت برور اليام أحوالا و كثر استنباط الحكام الشرعية من النصوص لتعدد الوقائع و تلحقها
فاحتاج ذلك لقانون يفظه من الطإ و صار العلم ملكةً يتاج إل التعلم فأصبح من جلة الصنائع و الرف كما يأت ذكره ف فصل العلم و
التعليم و اشتغل أهل العصبية بالقيام باللك و السلطان فدفع لعلم من قام به من سواهم و أصبح حرفة للمعاش و شخت أنوف الترفي و
أهل السلطان عن التصدي للتعليم و اختص انتحاله بالستضعفي و صار منتحله متقرا عند أهل العصبية و اللك و الجاج بن يوسف كان
أبوه من سادات ثقيف و أشرافهم و مكانم من عصبية العرب و مناهضة قريش ف الشرف ما علمت و ل يكن تعليمه للقرآن على ما هو
المر عليه لذا العهد من أنه حرفة للمعاش و أنا كان على ما وصفناه من المر الول ف السلم و من هذا الباب أيضا ما يتوهه
التصفحون لكتب التاريخ إذا سعوا أحوال القضاة و ما كانوا عليه من الرئاسة ف الروب و قود العساكر فتترامى بم و ساوس المم إل
مثل تلك الرتب يسبون أن الشأن خطة القضاء لذا العهد على ما كان عليه من قبل و يظنون بابن أب عامر صاحب هشام الستبد عليه و
ابن عباس من ملوك الطوائف بإشبيلية إذا سعوا أن آباءهم كانوا قضاة أنم مثل القضاة لذا العهد و ل يتفطنون لا وقع ف رتبة القضاء من
مالفة العوائد كما نبينه ف فصل القضاء من الكتاب الول و ابن أب عامر و ابن عباد كانا من قبائل العرب القائمي بالدولة الموية
بالندلس و أهل عصبيتها و كان مكانم فيها معلوما و ل يكن نيلهم لا نالوه من الرئاسة و اللك بطة القضاء كما هي لذا العهد بل إنا
كان القضاء ف المر القدي لهل العصبية من قبيل الدولة و مواليه كما هي الوزارة لعهدنا بالغرب و انظر خروجهم بالعساكر ف الطرائف
و تقليدهم عظائم المور الت ل تقلد إل لن له الغن فيها بالعصبية فيغلط السامع ف ذلك و يمل الحوال على غي ما هي و أكثر ما يقع ف
هذا الغلط ضعفاء البصائر من أهل الندلس لذا العهد لفقدان العصبية ف مواطنهم منذ أعصار بعيدة بفناء العرب و دولتهم با و خروجهم
عن ملكة أهل العصبيات من الببر فبقيت أنسابم العربية مفوظة و الذريعة إل العز من العصبية و التناصر مفقودة بل صاروا من جلة الرعايا
التخاذلي الذين من تعبدهم القهر و رئموا للمذلة يسبون أن أنسابم مع مالطة الدولة هي الت يكون لم با الغلب و التحكم فتجد أهل
الرف و الصنائع منهم متصدين لذلك ساعي ف نيله فأما من باشر أحوال القبائل و العصبية و دولم بالعدوة الغربية و كيف يكون التغلب
بي المم و العشائر فقلما يغلطون ف ذلك و يطئون ف اعتباره .و من هذا الباب أيضا ما يسلكه الؤرخون عند ذكر الدول و نسق
ملوكها فيذكرون اسه و نسبه و أباه و أمه و نساءه و لقبه و خاته و قاضيه و حاجبه و وزيره كل ذلك تقليد لؤرخي الدولتي من غي
تفطن لقاصدهم و الؤرخون لذلك العهد كانوا يضعون تواريهم لهل الدولة و أبناؤها متشوفون إل سي أسلفهم و معرفة أحوالم ليقتفوا
آثارهم و ينسجوا على منوالم حت ف اصطناع الرجال من خلف دولتهم و تقليد الطط و الراتب لبناء صنائعهم و ذويهم و القضاة أيضا
كانوا من أهل عصبية الدولة و ف عداد الوزراء كما ذكرناه لك فيحتاجون إل ذكر ذلك كله و أما حي تباينت الدول و تباعد ما بي
العصور و وقف الغرض على معرفة اللوك بأنفسهم خاصة و نسب الدول بعضها من بعض ف قوتا و غلبتها و من كان يناهضها من المم
أو يقصر عنها فما الفائدة للمصنف ف هذا العهد ف ذكر النباء و النساء و نقش الات و اللقب و القاضي و الوزير و الاجب من دولة
قدية ل يعرف فيها أصولم و ل أنسابم و ل مقاماتم إنا حلهم على ذلك التقليد و الغفلة عن مقاصد الؤلفي القدمي و الذهول عن
تري الغراض من التاريخ اللهم إل ذكر الوزراء الذين عظمت آثارهم و عمت على اللوك أخبارهم كالجاج و بن الهلب و البامكة و
بن سهل بن نوبت و كافور الخشيدي و ابن أب عامر و أمثالم فغي نكي اللاع بآبائهم و الشارة إل أحوالم لنتظامهم ف عداد
اللوك .و لنذكر هنا فائدة نتم كلمنا ف هذا الفصل با و هي أن التاريخ إنا هو ذكر الخبار الاصة بعصر أو جيل فأما ذكر الحوال
العامة للفاق و الجيال و العصار فهو أس للمؤرخ تنبن عليه أكثر مقاصده و تتبي به أخباره و قد كان الناس يفردونه بالتأليف كما فعله
السعودي ف كتاب مروج الذهب شرح فيه أحوال المم و الفاق لعهده ف عصر الثلثي و الثلثائة غربا و شرقا و ذكر نلهم و
عوائدهم و وصف البلدان و البال و البحار و المالك و الدول و فرق شعوب العرب و العجم فصار إماما لؤرخي يرجعون إليه و أصلً
يعولون ف تقيق الكثي من أخبارهم عليه ث جاء البكري من بعده ففعل مثل ذلك ف السالك و المالك خاصة دون غيها من الحوال لن
المم و الجيال لعهده ل يقع فيها كثي انتقال و ل عظيم تغي و أما لذا العهد و هو آخر الائة الثامنة فقد انقلبت أحوال الغرب الذي نن
شاهدوه و تبدلت بالملة و اعتاض من أجيال الببر أهله على القدم با طرأ فيه من لدن الائة الامسة من أجيال العرب با كسروهم و
غلبوهم و انتزعوا منهم عامة الوطان و شاركوهم فيما بقي من البلدان للكهم هذا إل ما نزل بالعمران شرقا و غربا ف منتصف هذه الائة
الثامنة من الطاعون الارف الذي تيف المم و ذهب بأهل اليل و طوى كثيا من ماسن العمران و ماها و جاء للدول على حي هرمها
و بلوغ الغاية من مداها فقلص من ظللا و فل من حدها و أوهن من سلطانا و تداعت إل التلشي و الضمحلل أموالا و انتقض عمران
الرض بانتقاض البشر فخربت المصار و الصانع و درست السبل و العال و خلت الديار و النازل و ضعفت الدول و القبائل و تبدل
الساكن و كأن بالشرق قد نزل به مثل ما نزل بالغرب لكن على نسبته و مقدار عمرانه و كأنا نادى لسان الكون ف العال بالمول و
النقباض فبادر بالجابة و ال وارث الرض و من عليها و إذا تبدلت الحوال جلة فكأنا تبدل اللق من أصله و تول العال بأسره و كأنه
خلق جديد و نشأة مستأنفة و عال مدث فاحتاج لذا العهد من يدون أحوال الليقة و الفاق و أجيالا و العوائد و النحل الت تبدلت
ل يقتدي به من يأت من الؤرخي من بعده و أنا ذاكر ف كتاب هذا ما أمكنن منه ف هذا لهلها و يقفو مسلك السعودي لعصره ليكون أص ً
القطر الغرب إما صريا أو مندرجا ف أخباره و تلويا لختصاص قصدي ف التأليف بالغرب و أحوال أجياله و أمه و ذكر مالكه و دوله
دون ما سواه من القطار لعدم اطلعي على أحوال الشرق و أمه و أن الخبار التناقلة ل تفي كنه ما أريده منه و السعودي إنا استوف
ذلك لبعد رحلته و تقلبه ف البلد كما ذكر ف كتابه مع أنه لا ذكر الغرب قصر ف استيفاء أحواله و فوق كل ذي علم عليم و مرد العلم
كله إل ال و البشر عاجز قاصر و العتراف متعي واجب و من كان ال ف عونه تيسرت
عليه الذاهب و انحت له الساعي و الطالب و نن آخذون بعون ال فيما رمناه من أغراض التأليف و ال السدد و العي و عليه التكلن و
قد بقي علينا أن نقدم مقدمة ف كيفية وضع الروف الت ليست من لغات العرب إذا عرضت ف كتابنا هذا.
اعلم أن الروف ف النطق كما يأت شرحه بعد هي كيفيات الصوات الارجة من النجرة تعرض من تقطيع الصوت بقرع اللهاة و أطراف
اللسان مع النك و اللق و الضراس أو بقرع الشفتي أيضا فتتغاير كيفيات الصوات بتغاير ذلك القرع و تيء الروف متمايزة ف
السمع و تتركب منها الكلمات الدالة على ما ف الضمائر و ليست المم كلها متساوية ف النطق بتلك الروف فقد يكون لمة من
الروف ما ليس لمة أخرى و الروف الت نطقت با العرب هي ثانية و عشرون حرفا كما عرفت و ند للعبانيي حروفا ليست ف لغتنا
و ف لغتنا أيضا حروف ليست ف لغتهم و كذلك الفرنج و الترك و الببر و غي هؤلء من العجم ث إن أهل الكتاب من العرب اصطلحوا
ف الدللة على حروفهم السموعة بأوضاع حروف مكتوبة متميزة بأشخاصها كوضع ألف وباء و جيم وراء و طأ إل آخر الثمانية و
ل عن الدللة الكتابية مغفلً عن البيان و ربا يرسه بعض الكتاب
العشرين و إذا عرض لم الرف الذي ليس من حروف لغتهم بقي مهم ً
بشكل الرف الذي يكتنفه من لغتنا قبله أو بعده و ليس بكاف ف الدللة بل هو تغيي للحرف من أصله .و لا كان كتابنا مشتملً على
أخبار الببر و بعض العجم و كانت تعرض لنا ف أسائهم أو بعض كلماتم حروف ليست من لغة كتابنا و ل اصطلح أوضاعنا اضطررنا
إل بيانه و ل نكتف برسم الرف الذي يليه كما قلناه لنه عندنا غي واف بالدللة عليه فاصطلحت ف كتاب هذا على أن أضع ذلك
الرف العجمي با يدل على الرفي اللذين يكتنفانه ليتوسط القارىء بالنطق به بي مرجي ذينك الرفي فتحصل تأديته و إنا اقتبست
ذلك من رسم أهل الصحف حروف الشام كالصراط ف قراءة خلف فإن النطق بصاده فيها معجم متوسط بي الصاد و الزاي فوضعوا
الصاد و رسوا ف داخلها شكل الزاي و دل ذلك عندهم على التوسط بي الرفي فكذلك رست أنا الكاف حرف يتوسط بي حرفي من
حروفنا كالكاف التوسطة عند الببر بي الكاف الصرية عندنا و اليم أو القاف مثل اسم بلكي فأضعها كافا و أنقطها بنقطة اليم واحدة
من أسفل أو بنقطة القاف واحدة من فوق أو اثنتي فيدل ذلك على أنه متوسط بي الكاف و اليم أو القاف و هذا الرف أكثر ما ييء
ف لغة الببر و ما جاء من غيه فعلى هذا القياس أضع الرف التوسط بي حرفي من لغتنا بالرفي معا ليعلم القارىء أنه متوسط فينطق به
كذلك فنكون قد دللنا عليه و لو وضعناه برسم الرف الواحد عن جانبه لكنا قد صرفناه من مرجه إل مرج الرف الذي من لغتنا و غينا
لغة القوم فأعلم ذلك و ال الوفق للصواب بنه و فضله.
و منها توهم الصدق و هو كثي و إنا ييء ف الكثر من جهة الثقة بالناقلي و منها الهل بتطبيق الحوال على الوقائع لجل ما يداخلها
من التلبيس و التصنع فينقلها الخب كما رآها و هي بالتصنع على غي الق ف نفسه .و منها تقرب الناس ف الكثر لصحاب التجلة و
الراتب بالثناء و الدح و تسي الحوال و إشاعة الذكر بذلك فيستفيض الخبار با على غي حقيقة فالنفوس مولعة بب الثناء و الناس
متطلعون إل الدنيا و أسبابا من جاه أو ثروة و ليسوا ف الكثر براغبي ف الفصائل و ل متنافسي ف أهلها .و من السباب القتضية له
ل ل بد له من طبيعةأيضا و هي سابقة على جيع ما تقدم الهل بطبائع الحوال ف العمران فإن كل حادث من الوادث ذاتا كان أو فع ً
تصه ف ذاته و فيما يعرض له من أحواله فإذا كان السامع عارفا بطبائع الوادث و الحوال ف الوجود و مقتضياتا أعانه ذلك ف تحيص
الب على تييز الصدق من الكذب و هذا أبلغ ف التمحيص من كل وجه يعرض و كثيا ما يعرض للسامعي قبول الخبار الستحيلة و
ينقلونا و تؤثرعنهم كما نقله السعودي عن السكندر لا صدته دواب البحر عن بناء السكندرية و كيف أتذ صندوق الزجاج و غاص فيه
إل قعر البحر حت صور تلك الدواب الشيطانية الت رآها و عمل تاثيلها من أجساد معدنية و نصبها حذاء البنيان ففرت تلك الدواب حي
خرجت و عاينتها و ت بناؤها ف حكاية طويلة من أحاديث خرافة مستحيلة من قبل اتاذه التابوت الزجاجي و مصادمة البحر و أمواجه
برمه و من قبل أن اللوك ل تمل أنفسها على مثل هذا الغرور و من اعتمده منهم فقد عرض نفسه للهلكة و انتقاض العقدة و اجتماع
الناس إل غيه و ف ذلك إتلفه و ل ينظرون به رجوعه من غروره ذلك طرفة عي و من قبل أن الن ل يعرف لا صورة و ل تاثيل تتص
با إنا هي قادرة على التشكيل و ما يذكره من كثرة الرؤوس لا فإنا الراد به البشاعة و التهويل ل إنه حقيقة .و هذه كلها قادحة ف تلك
الكاية و القادح الحيل لا من طريق الوجود أبي من هذا كله و هو أن النغمس ف الاء و لو كان ف الصندوق يضيق عليه الواء للتنفس
الطبيعي و تسخن روحه بسرعة لقلته فيفقد صاحبه الواء البارد العدل لزاج الرئة و الروح القلب و يهلك مكانه و هذا هو السبب ف هلك
أهل المامات إذا أطبقت عليهم عن الواء البارد و التدلي ف البار و الطامي العميقة الهوى إذا سخن هواؤها بالعونة و ل تداخلها الرياح
فتخلخلها فإن التدل فيها يهلك لينه و بذا السبب يكون موت الوت إذا فارق البحر فإن الواء ل يكفيه ف تعديل رئته إذ هو حار
بإفراط و الاء الذي يعدله بارد و الواء الذي ف خرج إليه حار فيستول الار على روحه اليوان و يهلك دفعة و منه هلك الصعوقي و
أمثال ذلك ومن الخبار الستحيلة ما نقله السعودي أيضا ف تثال الزرزور الذي برومة تتمع إليه الزرازير ف يوم معلوم من السنة حاملة
للزيتون و منه يتخذون زيتهم و انظر ما أبعد ذلك عن الجرى الطبيعي ف اتاذ الزيت
و منها ما نقله البكري ف بناء الدينة السماة ذات البواب تيط بأكثر من ثلثي مرحلة و تشتمل على عشرة آلف باب و الدن إنا اتذت
للتحصن و العتصام كما يأت و هذه خرجت عن أن ياط با فل يكون فيها حصن و ل معتصم و كما نقله السعودي أيضا ف حديث
مدينة النحاس و أنا مدينة كل بنائها ناس بصحراء سجلماسة ظفر با موسى بن نصي ف غروته إل الغرب و أنا مغلقة البواب و أن
الصاعد إليها من أسوارها إذا أشرف على الائط صفق و رمي بنفسه فل يرجع آخر الدهر ف حديث مستحيل عادة من خرافات القصاص
و صحراء سجلماسة قد نفضها الركاب و الدلء و ل يقفوا لذه الدينة على خبهم أن هذه الحوال الت ذكروا عنها كلها مستحيل عادةً
مناف للمور الطبيعية ف بناء الدن و اختطاطها و أن العادن غاية الوجود منها أن يصرف ف النية و الرثي و أما تشييد مدينة منها فكما
تراه من الستحالة و البعد و أمثال ذلك كثية و تحيصه إنا هو بعرفة طبائع العمران و هو أحسن الوجوه و أوثقها ف تحيص الخبار
وتييز صدقها من كذبا و هو سابق على التمحيص بتعديل الرواة و ل يرجع إل تعديل الرواة حت يعلم أن ذلك الب ف نفسه مكن أو
متنع و أما إذا كان مستحيلً فل فائدة للنظر ف التعديل و التجريح و لقد عد أهل النظر من الطاعن ف الب استحالة مدلول اللفظ و تأويله
با ل يقبله العقل وإنا كان التعديل و التجريح هو العتب ف صحة الخبار الشرعية لن معظمها تكاليف إنشائية أوجب الشارع العمل با
حت حصل الظن بصدقها و سبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة و الضبط .و أما الخبار عن الواقعات فل بد ف صدقها و صحتها من
اعتبار الطابقة فلذلك وجب أن ينظر ف إمكان وقوعه و صار فيها ذلك أهم من التعديل و مقدما عليه إذ فائدة النشاء مقتبسة منه فقط و
فائدة الب منه و من الارج بالطابقة و إذا كان ذلك فالقانون ف تييز الق من الباطل ف الخبار بالمكان و الستحالة أن ننظر ف
الجتماع البشري الذي هو العمران و نيز ما يلحقه من الحوال لذاته و بقتضى طبعه و ما يكون عارضا ل يعتد به و ما ل يكن أن
يعرض له و إذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا ف تييز الق من الباطل ف الخبار و الصدق من الكذب بوجه برهان ل مدخل للشك فيه و
حينئذ فإذا سعنا عن شيء من الحوال الواقعة ف العمران علمنا ما نكم بقبوله ما نكم بتزييفه و كان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به
الؤرخون طريق الصدق و الصواب فيما ينقلونه و هذا هو غرض هذا الكتاب الول من تأليفنا و كأن هذا علم مستقل بنفسه فإنه ذو
موضوع و هو العمران البشري و الجتماع النسان و ذو مسائل و هي بيان ما يلحقه من العوارض و الحوال لذاته واحدة بعد أخرى و
هذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أو عقليا.
و إعلم أن الكلم ف هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النعة عزيز الفائدة اعثر عليه البحث و أدى إليه الغوص و ليس من علم الطابة
إنا هو القوال القنعة النافعة ف استمالة المهور إل رأي أو صدهم عنه و ل هو أيضا من علم السياسة الدنية إذ السياسة الدنية هي تدبي
النل أو الدينة با يب بقتضى الخلق و الكمة ليحمل المهور على منهاح يكون فيه حفظ النوع و بقاؤه فقد خالف موضوعه
موضوع هذين الفني اللذين ربا يشبهانه و كأنه علم مسنبط النشأة و لعمري ل أقف على الكلم ف منحاه لحد من الليقة ما أدري
ألغفلتهم عن ذلك و ليس الظن بم أو لعلهم كتبوا ف هذا الغرض و استوفوه و ل يصل إلينا فالعلوم كثية و الكماء ف أمم النوع النسان
متعددون و ما ل يصل إلينا من العلوم أكثر ما وصل فأين علوم الفرس الت أمر عمر رضى ال عنه بحوها عند الفتح و أين علوم الكلدانيي
و السريانيي و أهل بابل و ما ظهر عليهم من آثارها و نتائجها و أين علوم القبط و من قبلهم و إنا وصل إلينا علوم أمة واحدة و هم يونان
خاصة لكلف الأمون بإخراجها من لغتهم و اقتداره على ذلك بكثرة الترجي و بذل الموال فيها و ل نقف على شيء من علوم غيهم و
إذا كانت كل حقيقة متعلقة طبيعية يصلح أن نبحث عما يعرض لا من العوارض لذاتا وجب أن يكون باعتبار كل مفهوم و حقيقة علم
من العلوم يصه لكن الكماء لعلهم إنا لحظوا ف ذلك العناية بالثمرات و هذا إنا ثرته ف الخبار فقط كما رأيت و إن كانت مسائله ف
ل و هذا الفنذاتا و ف اختصاصها شريفة لكن ثرته تصحيح الخبار و هي ضعيفة فلهذا هجروه و ال أعلم و ما أوتيتم من العلم إل قلي ً
الذي لح لنا النظر فيه ند منة مسائل تري بالعرض لهل العلوم ف براهي علومهم و هي من جنس مسائله بالوضوع و الطلب مثل ما
يذكره الكماء و العلماء ف إثبات النبوة من أن البشر متعاونون ف وجودهم فيحتاجون فيه إل الاكم و الوازع و مثل ما يذكر ف أصول
الفقه ف باب إثبات اللغات أن الناس متاجون إل العبارة عن القاصد بطبيعة التعاون و الجتماع و تبيان العبارات أخف و مثل ما يذكره
الفقهاء ف تعليل الحكام الشرعية بالقاصد ف أن الزنا ملط للنساب مفسد للنوع و أن القتل أيضا مفسد للنوع و أن الظلم مؤذن براب
العمران الفضي لفساد النوع غي ذلك من سائر القاصد الشرعية ف الحكام فإنا كلها مبنية على الحافظة على العمران فكان لا النظر فيما
يعرض له و هو ظاهر من كلمنا هذا ف هذه السائل المثلة و كذلك أيضا يقع إلينا القليل من مسائله ف كلمات متفقرقة لكماء الليقة
لكهم ل يستوفوه فمن كلم الوبذان برام بن برام ف حكاية البوم الت نقلها السعودي أيها اللك إن اللك ل يتم عزه إل بالشريعة و القيام
ل بطاعته و التصرف تت أمره و نيه و ل قوام للشريعة إل باللك و ل عز للملك إل بالرجال و ل قوام للرجال إل بالال و ل سبيل
للمال إل بالعمارة و ل سبيل للعمارة إل بالعدل و العدل اليزان النصوب بي الليقة نصبه الرب و جعل له قيما و هو اللك .و من كلم
أنوشروان ف هذا العن بعينه اللك بالند و الند بالال و الال بالراج و الراج بالعمارة و العمارة بالعدل و العدل بإصلح العمال و
إصلح العمال باستقامة الوزراء و رأس الكل بافتقاد اللك حال رعيته بنفسه و اقتداره على تأديتها حت يلكها و ل تلكه و ف الكتاب
النسوب لرسطو ف السياسة التداول بي الناس جزء صال منه إل أنه غي مستوف و ل معطى حقه من الباهي و متلط بغيه و قد أشار
ف ذلك الكتاب إل هذه الكلمات الت نقلناها عن الوبذان و أنوشروان و جعلها ف الدائرة القريبة الت أعظم القول فيها هو قوله :العال
بستان سياجه الدولة و الدولة سلطان تيا به السنة السنة سياسة يسوسها اللك اللك نظام يعضده الند الند أعوان يكفلهم الال الال رزق
تمعه الرعية الرعية عبيد يكنفهم العدل العدل مألوف و به قوائم العال العال بستان ث ترجع إل أول الكلم .فهذه ثان كلمات حكمية
سياسية ارتبط بعضها ببعض و ارتدت أعجازها إل صدورها و اتصلت ف دائرة ل يتعي طرفها فخر بعثوره عليها و عظم من فوائدها .و
أنت إذا تأملت كلمنا ف فصل الدول و اللك و أعطيته حقه من التصفح و التفهم عثرت ف أثنائه على تفسي هذه الكلمات و تفصيل
إجالا مستوف بينا بأوعب بيانا و أوضح دليل و برهان أطلعنا ال عليه من غي تعليم أرسطو و ل إفادة موبذان و كذلك تد ف كلم ابن
القفع و ما يستطرد ف رسائله من ذكر السياسات الكثي من مسائل كتابنا هذا غي مبهنة كما برهناه إنا يليها ف الذكرعلى منحى
الطابة ف أسلوب الترسل و بلغة الكلم و كذلك حوم القاضي أبو بكر الطرطوشي ف كتاب سراج اللوك و بوبه على أبواب تقرب من
أبواب كتابنا هذا و مسائله لكنه ل يصادف فيه الرمية و ل أصاب الشاكلة و ل استوف السائل و ل أوضح الدلة إنا يبوب الباب للمسألة
ث يستكثر من الحادث و الثار و ينقل كلمات متفرقة لكماء الفرس مثل بزر جهر و الوبذان و حكماء الند و الأثور عن دانيال و
هرمس و غيهم من أكابر الليقة و ل يكشف عن التحقيق قناعا و ل يرفع الباهي الطبيعية حجابا إنا هو نقل و تركيب شبيه بالواعظ و
كأنه حوم على العرض و ل يصادفه و ل تقق قصده و ل استوف مسائله و نن ألمنا ال إل ذلك إلاما و أعثرنا على علم جعلنا بي نكرة
و جهينة خبه فإن كنت قد استوفيت مسائله و ميزت عن سائر الصنائع أنظاره و أناءه فتوفيق من ال و هداية و أن فاتن شيء ف إحصائه
و اشتبهت بغي فللناظر التحقق إصلحه ول الفضل لن نجت له السبيل و أوضحت له الطريق و ال يهدي بنوره من يشاء .و نن الن
نبي ف هذا الكتاب ما يعرض للبشر ف اجتماعهم من أحوال العمران ف اللك و الكسب و العلوم و الصنائع بوجوه برهانية يتضح با
التحقيق ف معارف الاصة و العامة و تندفع با الوهام و ترفع الشكوك .و نقول لا كان النسان متميزا عن سائر اليوانات بواص
اختص با فمنها العلوم و الصنائع الت هي نتيجة الفكر الذي تيز به عن اليوانات و شرف بوصفه على الخلوقات و منها الاجة إل الكم
الوازع و السلطان القاهر إذ ل يكن وجوده دون ذلك من بي اليوانات كلها إل ما يقال عن النحل و الراد و هذه و أن كان لا مثل
ذلك فبطريق إلامي ل بفكر و روية و منها السعي ف العاش و العتمال ف تصيله من وجوهه و اكتساب أسبابه لا جعل ال من الفتقار
إل الغذاء ف حياته و بقائه و هداه إل التماسه و طلبه فإن تعال أعطى كل شيء خلقه ث هدى و منهما العمران و هو التساكن و التنازل ف
مصر أو حلة للنس بالعشي و اقتضاء الاجات لا ف طباعهم من التعاون على العاش كما نبينه و من هذا العمران ما يكون بدويا و هو
الذي يكون ف الضواحي و ف البال و ف اللل النتجعة ف القفار و أطراف الرمال و منه ما يكون حضريا و هو الذي بالمصار و القرى
و الدن والدر للعتصام با و التحصن بدرانا و له ف كل هذه الحوال أمور تعرض من حيث الجتماع عروضا ذاتيا له فل جرم انصر
الكلم ف هذا الكتاب ف ستة فصول.
و الثان ف العمران البدوي ف و ذكر القبائل و المم الوحشية .و الثالث ف الدول و اللفة و اللك و ذكر الراتب السلطانية و الرابع ف
العمران الضري و البلدان و المصار .و الامس ف الصنائع و العاش و الكسب و وجوهه .و السادس ف العلوم و اكتسابا و تعلمها .و
قد قدمت العمران البدوي لنه سابق على جيعها كما نبي لك بعد و كذا تقدي اللك على البلدان و المصار وأما تقدي العاش فلن
العاش ضروري طبيعي و تعلم العلم كمال أو حاجي و الطبيعي أقدم من الكمال و جعلت الصنائع مع الكسب لنا منه ببعض الوجوه و
من حيث العمران كما نبي لك بعد و ال الوفق للصواب و العي عليه.
تكملة لذه القدمة الثانية ف أن الربع الشمال من الرض أكثر عمرانا من
الربع النوب و ذكر السبب ف ذلك
و نن نرى بالشاهدة و الخبار التواترة أن الول و الثان من القاليم لعمورة أقل عمرانا ما بعدها و ما وجد من عمرانه فيتخلله اللء و
لقفار و الرمال و البحر الندي الذي ف الشرق منهما و أمم هذين القليمي و أناسيهما ليست لم الكثرة البالغة و أمصاره و مدنه كذلك و
الثالث و الرابع و ما بعدها بلف ذلك فالقفار فيها قليلة و الرمال كذلك أو معدومة و أمها و أناسيها توز الد من الكثرة و أمصارها و
مدنا تاوز الد عددا و العمران فيها مندرج ما بي الثالث و السادس و النوب خلء كله و قد ذكر كثي من الكماء أن ذلك لفراط
الر و قلة ميل الشمس فيها عن ست الرؤوس فلنوضح ذلك ببهانه و يتبي منه سبب كثرة العمارة فيما بي الثالث و الرابع من جانب
الشمال إل الامس و السابع .فنقول إن قطب الفلك النوب و الشمال إذا كانا على الفق فهنالك دائرة عظيمة تقسم الفلك بنصفي هي
أعظم الدوائر الارة من الشرق إل الغرب و تسمى دائرة معدل النهار و قد تبي ف موضعه من اليئة أن الفلك العلى متحرك من الشرق
إل الغرب حركة يومية يرك با سائر الفلك ف جوفه قهرا و هذه الركة مسوسة و كذلك تبي أن للكواكب ف أفلكها حركة مالفة
لذه الركة و هي من الغرب إل الشرق و تتلف آمادها باختلف حركة الكواكب ف السرعة و البطء و مرات هذه الكواكب ف
أفلكها توازيها كلها دائرة عظيمة من الفلك العلى تقسمه بنصفي و هي دائرة فلك البوج منقسمة باثن عشر برجا و هي على ما تبي
ف موضعه مقاطعة لدائرة معدل النهار على نقطتي متقابلتي من البوج ها أول المل و أول اليزان فتقسمهما دائرة معدل النهار بنصفي
نصف مائل عن معدل النهار إل الشمال و هو من أول المل إل آخر السنبلة و نصف مائل عنه إل النوب و هو من أول اليزان إل آخر
الوت و إذا وقع القطبان على الفق ف جيع نواحي الرض كان على سطح الرض خط واحد يسامت دائرة معدل النهار ير من الغرب
إل الشرق و يسمى خط الستواء و وقع هذا الط بالرصد على ما زعموا ف مبدإ القليم الول من القاليم السبعة و العمران كله ف الهة
الشمالية يرتفع عن آفاق هذا العمور بالتدريج إل أن ينتهي ارتفاعه إل أربع ،و ستي درجة و هنالك ينقطع العمران و هو آخر القليم
السابع ،إذا ارتفع على الفق و بقيت تسعي درجة و هي الت بي القطب و دائرة معدل النهار على الفق و بقيت ستة من البوج فوق
الفق و هي الشمالية و ستة تت الفق و هي النوبية و العمارة فيما بي الربعة و الستي إل التسعي متنعة لن الر و البد حينئذ ل
يصلن متزجي لبعد الزمان بينهما يصل التكوين فإذا الشمس تسامت الرؤوس على خط الستواء ف رأس المل و اليزان ث تيل ف
السامتة إل رأس السرطان ورأس الدي و يكون ناية ميلها عن دائرة معدل النهار أربعا و عشرين درجة ث إذا ارتفع القطب الشمال عن
الفق مالت دائرة معدل النهار عن ست الرؤوس بقدار ارتفاع و انفض القطب النوب كذلك بقدار متساو ف الثلثة وهو السمى عند
أهل الواقيت عرض البلد و إذا مالت دائرة معدل النهار عن ست الرؤوس علت عليها البوج الشمالية مندرجة ف مقدار علوها إل رأس
السرطان و انفضت البوج النوبية من الفق كذلك إل رأس الدي لنرافها إل الانبي ف أفق الستواء كما قلناه فل يزال الفق
الشمال يرتفع حت يصي أبعد الشمالية و هو رأس السرطان ف ست الرؤوس و ذلك حيث يكون عرض البلد أربعا و عشرين ف الجاز و
ما يليه و هذا هو اليل الذي إذا مال رأس السرطان عن معدل النهار ف أفق الستواء ارتفع بارتفاع القطب الشمال حت صار مسامتا فإذا
ارتفع القطب أكثر من أربع و عشرين نزلت الشمس عن السامتة و ل تزال ف انفاض إل أن يكون ارتفاع القطب أربعا و ستي و يكون
انفاض الشمس عن السامتة كذلك و انفاض القطب النوب عن الفق مثلها فينقطع التكوين لفراط البد و المد و طول زمانه غي
متزج بالر .ث إن الشمس عند السامتة و ما يقاربا تبعث الشعة قائمة و فيما دون السامتة على زوايا منفرجة و حادة و إذا كانت زوايا
الشعة قائمة عظم الضوء و انتشر بلفه ف النفرجة و الادة فلهذا يكون الر عند السامتة و ما يقرب منها أكثر منه فيما بعد لن الضوء
سبب الر و التسخي.
ث أن السامتة ف خط الستواء تكون مرتي ف السنة عند نقطت المل و اليزان و إذا مالت فغي بعيد و ل يكاد الر يعتدل ف آخر ميلها
عند رأس السرطان و الدي إل أن صعدت إل السامتة فتبقى الشعة القائمة الزوايا تلح على ذلك الفق و يطول مكثها أو يدوم فيشتعل
الواء حرارة و يفرط ف شدتا و كذا ما دامت الشمس تسامت مرتي فيما بعد خط الستواء إل عرض أربع و عشرين فإن الشعة ملحة
على الفق ف ذلك بقريب من إلاحها ف خط الستواء و إفراط الر يفعل ف الواء تفيفا و يبسا ينع من التكوين لنه إذا أفرط الر
جفت الياه و الرطوبات و فسد التكوين ف العدن و اليوان و النبات إذ التكوين ل يكون إل بالرطوبة ث إذا مال رأس السرطان عن ست
الرؤوس ف عرض خس و عشرين فما بعده نزلت الشمس عن السامتة فيصي الر إل العتدال أو ييل عنه ميلً قليلً فيكون التكوين و
يتزايد على التدريج إل أن يفرط البد ف شدته لقلة الضوء و كون الشعة منفرجة الزوايا فينقص التكوين و يفسد بيد أن فساد التكوين من
جهة شدة الر أعظم منه من جهة شدة البد لن الر أسرع تأثيا ف التجفيف من تأثي البد ف المد فلذلك كان العمران ف القليم
الول و الثان قليلً و ف الثالث و الرابع و الامس متوسطا لعتدال الر بنقصان الضوء و ف السادس و السابع كثيا لنقصان الر و أن
كيفية البد ل تؤثر عند أولا ف فساد التكوين كما يفعل الر إذ ل تفيف فيها إل عند الفراط با يعرض لا حينئذ من اليبس كما بعد
السابع فلهذا كان العمران ف الربع الشمال أكثر و أوفر و ال أعلم .و من هنا أخذ الكماء خلء خط الستواء و ما وراءه و أورد عليهم
أنه مغمور بالشاهدة و الخبار التواترة فكيف يتم البهان على ذلك و الظاهر أنم ل يريدوا امتناع العمران فيه بالكلية إنا أداهم البهان إل
أن فساد التكوين فيه قري بإفراط الر و العمران فيه إما متنع أو مكن أقلي و هو كذلك فإن خط الستواء و الذي وراءه و إن كان فيه
عمران كما نقل فهو قليل جدا .و قد زعم ابن رشد أن خط الستواء معتدل و أن ما وراءه ف النوب بثابة ما وراءه ف الشمال فيعمر منه
ما عمر من هذا و الذي قاله غي متنع من جهة فساد التكوين و إنا امتنع فيما وراء خط الستواء ف النوب من جهة أن العنصر الائي غمر
وجه الرض هنالك إل الد الذي كان مقابله من الهة الشمالية قابلً للتكوين و لا امتنع العتدل لغيبة الاء تبعه ما سواه لن العمران
متدرج و يأخذ ف التدريج من جهة الوجود ل من جهة المتناع و أما القول بامتناعه ف خط الستواء فيده النقل التواتر و ال أعلم .و
لنرسم بعد هذا الكلم صورة الغرافيا كما رسها صاحب كتاب روجار ث نأخذ ف تفصيل الكلم عليها إل أخره.
القليم الثان :و هو متصل بالول من جهة الشمال و قبالة الغرب منه ف البحر الحيط جزيرتان من الزائر الالدات الت مر ذكرها و ف
الزء الول و الثان منه ف الانب العلى منهما أرض قنورية و بعدها ف جهة الشرق أعال أرض غانة ث مالت زغاوة من السودان و ف
الانب السفل منهما صحراء نستر متصلة من الغرب إل الشرق ذات مفاوز تسلك فيها التجار ما بي بلد الغرب و بلد السودان و فيها
مالت اللثمي من صنهاجة و هم شعوب كثية ما بي كزولة و لتونة و مسراتة و لطة و وريكة و على ست هذه الفاوز شرقا أرض فزان
ث مالت أزكار من قبائل الببر ذاهبة إل أعال الزء الثالث على ستها ف الشرق و بعدها من هذا الزء الثالث و هي جهة الشمال منه
بقية أرض وذان و على ستها شرقا أرض سنترية و تسمى الواحات الداخلة و ف الزء الرابع من أعله بقية أرض الباجويي ث يعترض ف
وسط هذا الزء بلد الصعيد حافات النيل الذاهب من مبدأه ف القليم الول إل مصبه ف البحر فيمر ف هذا الزء بي البلي الاجزين و
ها جبل الواحات من غربيه و جبل القطم من شرقيه و عليه من أعله بلد أسنا و أرمنت و يتصل كذلك حافاته إل أسيوط و قوص ث إل
صول و يفترق النيل هنالك على شعبي ينتهي الين منهما ف هذا الزء عند اللهون و اليسر عند دلص و فيما بينهما أعال ديار مصر و
ف الشرق من جبل القطم صحارى عيذاب ذاهبة ف الزء الامس إل أن تنتهي إل بر السويس و هو بر القلزم الابط من البحر الندي ف
النوب إل جهة الشمال و ف عدوته الشرقية من هذا الزء أرض الجاز من جبل يلملم إل بلد يثرب ف وسط الجاز مكة شرفها ال و
ف ساحلها مدينة جدة تقابل بلد عيذاب ف العدوة الغربية من هذا البحر .و ف الزء السادس من غربيه بلد ند أعلها ف النوب و تبالة و
جرش إل عكاظ من الشمال و تت ند من هذا الزء بقية أرض الجاز و على ستها ف الشرق بلد نران و خيب و تتها أرض اليمامة و
على ست نران ف الشرق أرض سبأ و مأرب ث أرض الشحر و ينتهي إل بر فارس و هو البحر الثان الابط من البحر الندي إل الشمال
كما مر و يذهب ف هذا الزء بانراف إل الغرب فيمر ما بي شرقيه و جوفيه قطعة مثلثة عليها من أعله مدينة قلهات و هي ساحل
الشحر ث تتها على ساحله بلد عمال .ث بلد البحرين و هجر منها ف آخر الزء و ف الزء السابع ف العلى من غربيه قطعة من بر
فارس تتصل ب القطعة الخرى ف السادس و يغمر بر الند جانبه العلى كله و عليه هنالك بلد السند إل بلد مكران و يقابلها بلد
الطوبران و هي من السند أيضا فيتصل السند كله ف الانب الغرب من هذا الزء و تول الفاوز بينه و بي أرض الند و ير فيه نره الت
من ناحية بلد الند و يصب ف البحر الندي ف النوب و أول بلد الند على ساحل البحر الندي و ف ستها شرقا بلد بلهرا و تتها
اللتان بلد الصنم العظم عندهم ،ث إل أسفل من السند ،ث إل أعال بلد سجستان .و ف الزء الثامن من غربيه بقية بلد بلهرا من الند،
و على ستها شرقا بلد القندهار .ث بلد منيبار و ف الانب العلى على ساحل البحر الندي و تتها ف الالب السفل أرض كابل و
بعدها شرقا إل البحر الحيط بلد القنوج ما بي قشمي الداخلة و قشمي الارجة عند آخر القليم و ف الزء التاسع ث ف الانب الغرب
منه بلد الند القصى و يتصل فيه إل الانب الشرقي فيتصل من أعله إل العاشر و تبقى ف أسفل ذلك الانب قطعة من بلد الصي فيها
مدينة شيغون ث تتصل بلد الصي ف الزء العاشر كله إل البحر الحيط و ال و رسوله أعلم و به سبحانه التوفيق و هو و ل الفضل و
الكرم.
القليم الثالث :و هو متصل بالثان من جهة الشمال ففي الزء الول منه و على نو الثلث من أعله جبل درن معترض فيه من غربيه عند
البحر الحيط إل الشرق عند آخر و يسكن هذا البل من الببر أمم ل يصيهم إل خالقهم حسبما يأت ذكره و ف القطعة الت بي هذا
البل و القليم الثان و على البحر الحيط منها رباط ماسة و يتصل به شرقا بلد سوس و نول و على ستها شرقا بلد درعة ث بلد
سجلماسة ث قطعة من صحراء نستر الفازة الت ذكرناها ف القليم الثان و هذا البل مطل على هذه البلد كلها ف هذا الزء و هو قليل
الثنايا و السالك ف هذه الناحية الغربية إل أن يسامت وادي ملوية فتكثر ثناياه و مسالكه إل أن ينتهي و ف هذه الناحية منه أمم الصامدة ث
هنتانة ث تينملك ث كدميوه ث مشكورة و ث آخر الصامدة فيه ث قبائل صنهاكة و هم صنهاجة و ف آخر هذا الزء منه بعض قبائل زناتة و
يتصل به هنالك من جوفيه جبل أوراس و هو جبل كتامة و بعد ذلك أمم أخرى من البابرة نذكرهم ف أماكنهم .ث إن جبل درن هذا من
جهة غربيه مطل على بلد الغرب القصى و هي ف جوفيه ففي الناحية النوبية منها بلد مراكش و أغمات و تاد ًل و على البحر الحيط
منها رباط أسفى و مدينة سل و ف الوف عن بلد مراكش بلد فاس و مكناسة و تازا و قصر كتامة و هذه هي الت تسمى الغرب
القصى ف عرف أهلها و على ساحل البحر الحيط منها بلدان أصيل و العرايش و ف ست هذه البلد شرقا بلد الغرب الوسط و قاعدتا
تلمسان و ف سواحلها على البحر الرومي بلد هني و وهران و الزائر لن هذا البحر الرومي يرج من البحر الحيط من خليج طنجة ف
الناحية الغربية من القليم الرابع و يذهب مشرقا فينتهي إل بلد الشام فإذا خرج من الليج التضايق غي بعيد انفسح جنوبا و شا ًل فدخل
ف القليم الثالث و الامس فلهذا كان على ساحله من هذا القليم الثالث الكثي ف بلده ث يتصل ببلد الزائر من شرقيها بلد باية ف
ساحل البحر ث قسطنطينية ف الشرق منها و ف آخر الزء الول و على مرحلة من هذا البحر ف جنوب هذه البلد و مرتفعا إل جنوب
الغرب الوسط بلد أشي ث بلد السيلة ث الزاب و قاعدته بسكرة تت جبل أوراس التصل بدرن كما مر و ذلك عند آخر هذا الزء من
جهة الشرق و الزء الثالث من هذا القليم على هيئة الزء الول ث جبل درن على نو الثلث من جنوبه ذاهبا فيه من غرب إل شرق
فيقسمه بقطعتي و يعب البحر الرومي مسافة من شاله فالقطعة النوبية عن جبل درن غربيها كله مفاوز و ف الشرق منها بلد عذامس و ف
ستها شرقا أرض و دان الت بقيتها ف القليم الثان كما مر و القطعة الوفية عن جبل درن ما بينه و بي البحر الرومي ف الغرب منها جبل
أوراس و تبسة و الوبس و على ساحل البحر بلد بونة ث ف ست هذه البلد شرقا بلد أفريقية فعلى ساحل البحر مدينة تونس ث السوسة
ث الهدية و ف جنوب هذه البلد تت جبل درن بلد الريد توزر و قفصة و نفراوة و فيما بينها و بي السواحل مدينة القيوان و جبل و
سلت و سبيطلة و على ست هذه البلد كلها شرقا بلد طرابلس على البحر الرومي و بإزائها ف النوب جبل دمر و نقرة من قبائل هوارة
متصلة ببل درن و ف مقابلة غذامس الت مر ف نرها ف آخر القطعة النوبية و آخر هذا الزء ف الشرق سويقة ابن مشكورة على البحر و
ف جنوبا مالت العرب ف أرض و دان و ف الزء الثالث من هذا القليم ير أيضا فيه جبل درن إل أنه ينعطف عند آخر إل الشمال و
يذهب على سته إل أن يدخل ف البحر الرومي و يسمى هنالك طرف أوثان و البحر الرومي من شاليه يغمر طائفة منه إل أن يضايق ما بينه
و بي جبل درن فالذي وراء البل ف النوب و ف الغرب منه بقية أرض و دان .و مالت العرب فيها ث زويلة ابن خطاب ث رمال و قفار
إل آخر الزء ف الشرقي و فيما بي البل و البحر ف الغرب منه بلد سرت على البحر ث خلء و قفار تول فيها العرب ث أجدابية ث برقة
عند منعطف البل ث طلمسة على البحر هنالك ث ف شرقي النعطف من البل مالت هيب و رواحة إل آخر الزء و ف الزء الرابع من
هذا القليم و ف العلى من غربيه صحارى برقيق و أسفل منها بلد هيب و رواحة ث يدخل البحر الرومي ف هذا الزء فيغي طائفة منه إل
النوب حت يزاحم طرفه العلى و يبقى بينه و بي آخر الزء فيها قفار تول فيها العرب و على ستها شرقا بلد الفيوم و هي على مصب
أحد الشعبي من النيل الذي ير على اللهون من بلد الصعيد ف الزء الرابع من القليم الثان و يصب ف بية فيوم و على سته شرقا أرض
مصر و مدينتها الشهية على الشعب الثان الذي ير بدلص من بلد الصعيد عند آخر الزء الثان و يفترق هذا الشعب افتراقه ثانية من
تت مصر على شعبي آخرين من شطنوف و زفت و ينقسم الين منهما من قرمط بشعبي آخرين و يصب جيعها ف البحر الرومي فعلى
مصب الغرب من هذا الشعب بلد السكندرية و على مصب الوسط بلد رشيد و على مصب الشرقي بلد دمياط و بي مصر و القاهرة و بي
هذه السواحل البحرية أسافل الديار الصرية كلها مشوة عمرانا و فلجا و ف الزء الاص من هذا القليم بلد الشام و كثرها على ما
أصف و ذلك لن بر القلزم ينتهي من النوب و ف الغرب منه عند السويس لنه ف مره مبتدىء من البحر الندي إل الشمال ينعطف
آخذا إل جهة الغرب فتكون قطعة من انعطافه ف الزء طويلة فينتهي ف الطرف الغرب منه إل السويس و على هذه القطعة بغد السويس
فاران ث جبل الطور ث أيلة مدين ث الوراء ف آخرها و من هنالك ينعطف بساحله إل النوب ف أرضي الجاز كما مر ف القليم الثان
ف الزء الامس منه و ف الناحية الشمالية من هذا الزء قطعة من البحر الرومي غمرت كثيا من غربيه عليها الفرما و العريش و قارب
طرفها بلد القلزم فيضايق ما بينهما من هنالك و بقي شبه الباب مفضيا إل أرض الشام و ف غرب هذا الباب فحص التيه أرض جرداء ل
تنبت كانت ما ًل لبن إسرائيل بعد خروجهم من مصر و قبل دخولم إل الشام أربعي سنة كما قصة القرآن ،و ف هذه القطعة من البحر
الرومي ف هذا الزء طائفة من جزيرة قبص و بقيتها ف القليم الرابع كما نذكره و على ساحل هذه القطعة عند الطرف التضايق لبحر
السويس بلد العريش و هو آخر الديار الصرية و عسقلن و بينهما طرف هذا البحر ث تنحط هذه القطعة ف انعطافها من هنالك إل القليم
الرابع عند طرابلس و غزة و هنالك ينتهي البحر الرومي ف جهة الشرق و على هذه القطعة أكثر سواحل الشام ففي شرقه غزة ث عسقلن
و بانراف يسي عنها إل الشمال بلد قيسارية ث كذلك بلد عكاء ث صور ث صيداء ث ينعطف البحر إل الشمال ف القليم الرابع و يقابل
هذه البلد الساحلية من هذه القطعة ف هذا الزء جبل عظيها يرج من ساحل أيلة من بر القلزم و يذهب ف ناحية الشمال منحرفا إل
الشرق إل أن ياوز هذا الزء و يسمى جبل اللكام و كأنه حاجز بي أرض مصر و الشام ففي طرفه عند أيلة العقبة الت يفر عليها الجاج
من مصر إل مكة ث بعدها ف ناحية الشمال مدفن الليل عليه الصلة و السلم عند جبل السراة يتصل من عند جبل اللكام الذكور من
شال العقبة ذاهبا على ست الشرق ث ينعطف قليلً و ف شرقه هنالك بلد الجر و ديار ثود و تيماء و دومة الندل و هي أسافل الجاز و
فوقها جبل رضوى و حصون خيب ف جهة النوب عنها و فيما بي جبل السراة و بر القلزم صحراء تبوك و ف شال جبل السراة مدينة
القدس عند جبل اللكام ث الردن ث طبية و ف شرقيها بلد الغور إل أذرعات و ف ستها دومة الندل آخر هذا الزء و هي آخر الجاز.
و عند منعطف جبل اللكام إل الشمال من آخر هذا الزء مدينة دمشق مقابلة صيدا و بيوت من القطعة البحرية و جبل اللكام يعترض بينها
و بينها و على سنت دمشق ف الشرق مدينة بعلبك ث مدينة حص ف الهة الشمالية آخر الزء عند منقطع جبل اللكام و ف الشرق عن
بعلبك و حص بلد تدمر و مالت البادية إل آخر الزء و ف الزء السادس من أعله مالت العراب تت بلد ند و اليمامة ما بي جبل
العرج و الصمان إل البحرين و هجر على بر فارس و ف أسافل هذا الزء تت الجالت بلد الية و القادسية و مغايض الفرات .و فيما
بعدها شرقا مدينة البصرة و ف هذا الزء ينتهي بر فارس عند عبادان و اليلة من أسافل الزء من شاله و يصب! فيه عند عبادان نر دجلة
بعد أن ينقسم بداول كثية و تتلط به جداول أخرى من الفرات ث تتمع كلها عند عبادان و تصب ف بر فارس و هذه القطعة من البحر
متسعة ف أعله مضايقة ف آخر ف شرقيه و ضيقة عند منتهاه مضايقة للحد الشمال منه و على عدوتا الغربية منه أسافل البحرين و هجر و
الحساء و ف غربا أخطب و الصمان و بقية أرض اليمامة و على عدوته الشرقية سواحل فارس من أعلها و هو من عند آخر الزء من
الشرق لا على طرف قد امتد من هذا البحر مشرقا و وراءه إل النوب ف هذا الزء جبال القفص من كرمان و تت هرمز على الساحل
بلد سياف و نيم على ساحل هذا البحر و ف شرقيه إل آخر هذا الزء و تت هرمز بلد فارس مثل سابور و دار أبرد و نسا و إصطخر
و الشاهجان و شياز و هي قاعدتا كلها و تت بلد فارس إل الشمال عند طرف البحر بلد خوزستان و منها الهواز و تستر و صدى و
سابور و السوس و رام هرمز و غيها و أزجال و هي حد ما بي فارس و خوزستان و ف شرقي بلد خوزستان جبال الكراد متصلة إل
نواحي أصبهان و با مساكنهم و مالتم وراءها ف أرض فارس و تسمى الرسوم .و ف الزء السابع ف العلى منه من الغرب بقية جبال
القفص و يليها من النوب و الشمال بلد كرمان و مكران و من مدنا الرودن و الشيجان و جيفت و يزدشي و البهرج و تت أرض
كرمان إل الشمال بقية بلد فارس إل حدود أصبهان و مدينة أصبهان ف طرف هذا الزء ما بي غربه و شاله ث ف الشرق عن بلد
كرمان و بلد فارس أرض سجستان و كوهستان ف النوب و أرض كوهستان ف الشمال عنها و يتوسط بي كرمان و فارس و بي
سجستان و كوهستان ،و ف وسط هذا الزء الفاوز العظمى القليلة السالك لصعوبتها من مدن سجستان بست الطاق و أما كوهستان
فهي من بلد خراسان و من مشاهي بلد سرخس و قوهستان آخر الزء .و ف الزء الثامن غربه و جنوبه مالت اللج من أمم الترك
متصلة بأرض سجستان من غربا و بأرض كابل الند من جنوبا و ف الشمال عن هذه الجالة جبال الغور و بلدها و قاعدتا غزنة فرضة
الند و ف آخر الغور من الشمال بلد أستراباذ ث ف الشمال غربا إل أخر الزء بلد هراة أوسط خراسان و با أسفراين و قاشان و بوشنج
و مرو الروذ و الطالقان و الوزجان و تنتهي خراسان هنالك إل نر جيحون.
القليم الرابع :يتصل بالثالث من جهة الشمال .و الزء الول منه ف غربيه قطعة من البحر الحيط مستطيلة من أوله جنوبا إل آخر شالً و
عليها ف النوب مدينة طنجة و من هذه القطعة تت طنجة من البحر الحيط إل البحر الرومي ف خليج متضايق بقدار اثن عشر ميلً ما
بي طريف و الزيرة الضراء شالً و قصر الجاز و سبتة جنوبا و يذهب مشرقا إل أن ينتهي إل وسط الزء الامس من هذا القليم و
ينفسح ف ذهابه بتدريج إل أن يغمر الربعة الجزاء و أكثر الامس من هذا القليم الثالث و الامس كما سنذكره و يسمى هذا البحر
البحر الشامي أيضا و فيه جزائر كثية أعظمها ف جهة الغرب يابسة ث ما يرقة ث منرقة ث سردانية ث صقلية و هي أعظمها ث بلونس ث
أقريطش ث قبص كما نذكرها كلها ف أجزائها الت وقعت فيها و يرج من هذا البحر الرومي عند آخر الزء الثالث منه و ف الزء الثالث
من القليم الامس خليج البنادقة يذهب إل ناحية الشمال ث ينعطف عند وسط الزء من جوفه و ير مغربا إل أن ينتهي ف الزء الثان من
الامس و يرج منه أيضا ف آخر الزء الرابع شرقا من القليم الامس خليج القسطنطينية ير ف الشمال متضايقا ف عرض رمية السهم إل
آخر القليم ث يفضي إل الزء الرابع من القليم السادس و ينعطف إل بر نيطش ذاهبا إل الشرق ف الزء الامس كله و نصف السادس
من القليم السادس كما نذكر ذلك ف أماكنه و عندما يرج هذا البحر الرومي من البحر الحيط ف خليج طنجة و ينفسح إل القليم
الثالث .يبقى ف النوب عن الليج قطعة صغية من هذا الزء فيها مدينة طنجة على ممع البحرين و بعدها مدينة سبتة على البحر الرومي
ث قطأون ث باديس ث يغمر هذا البحر بقية هذا الزء شرقا و يرج إل الثالث و أكثر العمارة ف هذا الزء ف شاله و شال الليج منه و
هي كلها بلد الندلس الغربية منها ما بي البحر الحيط و البحر الرومي أولا طريف عند ممع البحرين و ف الشرق منها على ساحل البحر
الرومي الزيرة الضراء ث مالقة ث النقب ث الرية و تت هذه من لدن البحر الحيط غربا و على مقربة منه شريش ث لبلة و قبالتها فيه
جزيرة قادس و ف الشرق عن شريش و لبلة إشبيلية ث أستجة و قرطبة و مديلة ث غرناطة و جيان و أبدة ث و اديش و بسطة و تت هذه
شنتمرية و شلب على البحر الحيط غربا و ف الشرق عنهما بطلموس و ماردة و يابرة ث غافق و بزجالة ث قلعة رياح و تت هذه أشبونة
على البحر الحيط غربا و على نر باجة و ف الشرق عنها شنترين و موزية على النهر الذكور ث قنطرة السيف و يسامت اشبونة من جهة
الشرق جبل الشارات يبدأ من الغرب هنالك و يذهب مشرقا مع آخر الزء من شاليه فينتهي إل مدينة سال فيما بعد النصف منه و تت
هذا البل طلبية ف الشرق من فورنة ث طليطلة ث وادي الجارة ث مدينة سال و عند أول هذا البل فيما بينه و بي أشبونة بلد قلمرية و
هذه غرب الندلس .و أما شرقي الندلس فعلى ساحل البحر الرومي منها بعد الرية قرطاجنة ث لفتة ث دانية ث بلنسية إل طرطوشة آخر
الزء ف الشرق ،و تتها شالً ليورقة و شقورة تتاخان بسطة و قلعة رياح من غرب الندلس ث مرسية شرقا ث شاطبة تت بلنسية شالً ث
شقر ث طرطوشة ث طركونة آخر الزء ث تت هذه شالً أرض منجالة وريدة متاخان لشقورة و طليطلة من الغرب ث أفراغة شرقا تت
طرطوشة و شالً عنها ث ف الشرق عن مدينة سال تقلة أيوب ث سرقسطة ث لردة آخر الزء شرقا و شالً .و الزء الثان من هذا القليم
غمر الاء جيعه إل قطعة من غربيه ف الشمال فيها بقية جبل البنات و معناه جبل الثنايا و السالك يرج إليه من آخر الزء الول من
القليم الامس يبدأ من الطرف النتهي ،من البحر الحيط عند آخر ذلك الزء جنوبا و شرقا و ير ف النوب بالر إل الشرق فيخرج ف
هذا القليم الرابع منحرفا عن الزء الول منه إل هذا الزء الثان فيقع فيه قطعة منه تفضي ثناياها إل الب التصل و تسمى أرض غشكونية
و فيه مدينة خريدة و قرقشونة و على ساحل البحر الرومي من هذه القطعة مدينة برشلونة ث أربونة و ف هذا البحر الذي غمر الزء جزائر
كثية و الكثي منها غي مسكون لصغرها ففي غربيه جزيرة سردانية و ف شرقيه جزيرة صقلية متسعة القطار يقال إن دورها سبعمائة ميل و
با مدن كثية من مشاهيها سرقوسة و بلرم و طرابغة و مازر و مسين و هذه الزيرة تقابل أرض أفريقية و فيما بينهما جزيرة أعدوش و
مالطة .و الزء الثالث من هذا القليم مغمور أيضا بالبحر إل ثلث قطع من ناحية الشمال الغربية منها أرض قلورية و الوسطى من أرض
أبكيدة و الشرقية من بلد البنادقة .و الزء الرابع من هذا القليم مغمور أيضا بالبحر كما مر و جزائره كثية و أكثرها غي مسكون كما
ف الثالث و الغمور منها جزيرة بلونس ف الناحية الغريبة الشمالية و جزيرة أقريطش مستطيلة من وسط الزء إل ما بي النوب و الشرق
منة .و الزء الامس من هذا القليم غمر البحر منه مثلثة كبية بي النوب و الغرب ينتهي الضلع الغرب منها إل ،آخر الزء ف الشمال و
ينتهي الضلع النوب منها إل نو الثلثي من الزء و يبقى ف الالب الشرقي من الزء قطعة نو الثلث ير الشمال منها إل الغرب منعطفا
مع البحر كما قلناه و ف النصف النوب منها أسافل الشام و ير ف وسطها جبل اللكام إل أن ينتهي إل آخر الشام ف الشمال فينعطف من
هنالك ذاهبا إل القطر الشرقي الشمال و يسمى بعد انعطافه جبل السلسلة و من هنالك يرج إل القليم الامس و يوز من عند منعطفه
قطعة من بلد الزيرة إل جهة الشرق و يقوم من عند منعطفه من جهة الغرب جبال متصلة بعضها ببعض إل أن ينتهي إل طرف خارج
من البحر الرومي متأخر إل آخر الزء من الشمال و بي هذه البال ثنايا تسمى الدروب و هي الت تفضي إل بلد الرمن و ف هذا الزء
قطعة منها بي هذه البال و بي جبل السلسلة فأما الهة النوبية الت قدمنا أن فيها أسافل الشام و أن جبل اللكام معترض فيها بي البحر
الرومي و آخر الزء من النوب إل الشمال فعلى ساحلي البحر بلد أنطرطوس ف أول الزء من النوب متاخة لغزة و طرابلس على ساحله
من القليم الثالث و ف شال أنطرطوس جبلة ث اللذقية ث إسكندرونة ث سلوقية و بعدها شالً بلد الروم و أما جبل اللكام العترض بي
البحر و آخر الزء بافاته فيصاقبه من بلد الشام من أعلى الزء جنوبا من غربيه حصن الوان و هو للحشيشة الساعيلية و يعرفون لذا
العهد بالفداوية و يسمى مصيات و هو قبالة أنطرطوس و قبالة هذا الصن ف شرق البل بلد سلمية ف الشمال عن حص و ف الشمال و
ف مصيات بي البل و البحر بلد انطاكية و يقابلها ف شرق البل العرة و ف شرقها الراغة و ف شال انطاكية الصيصة ث أذنة ث طرسوس
آخر الشام و ياذيها من غرب البل قنسرين ث عي زربة و قبالة قنسرين ف شرق البل حلب و يقابل عي زربة منبج آخر الشام .و أما
الدروب فعن يينها ما بينها و بي البحر الرومي بلد الروم الت هي لذا العهد للتركمان و سلطانا ابن عثمان و ف ساحل البحر منها بلد
أنطاكية و العليا .و أما بلد الرمن الت بي جبل الدروب و جبل السلسلة ففيها بلد مرعش و ملطية و العرة إل آخر الزء الشمال و
يرج من الزء الامس ف بلد الرمن نر جيحان و نر سيحان ف شرقيه فيمر با جيحان جنوبا حت يتجاوز الدروب ث ير بطرسوس ث
بالصيصة ث ينعطف هابطا إل الشمال و مغربا حت يصب ف البحر الرومي جنوب سلوقية و ير نر سيحان مؤازيا لنهر جيحان فيحاذى
العرة و مرعش و يتجاوز جبال الدروب إل أرض الشام ث ير بعي زربة و يوز عن نر جيحان ث ينعطف إل الشمال مغربا فيختلط بنهر
جيحان عند الصيصة و من غربا و أما بلد الزيرة الت ييط با منعطف جبل اللكام إل جبل السلسلة ففي جنوبا الرافضة و الرقة ث حران
ث سروج و الرها ث نصيبي ث سيساط و آمد تت جبل السلسلة و آخر الزء من شاله و هو أيضا آخر الزء من شرقيه و ير ف وسط
هذه القطعة نر الفرات و نر دجلة يرجان من القليم الامس و يران ف بلد الرمن جنوبا إل أن يتجاوزا جبل السلسلة فيمر نر الفرات
من غرب سيساط و سروج و ينحرف إل الشرق فيمر بقرب الرافضة و الرقة و يرج إل الزء السادس و ير دجلة شرق آمد و ينعطف
قريبا إل الشرق فيخرج قريبا إل الزء السادس و ف الزء السادس من هذا القليم من غربيه بلد الزيرة و ف الشرق منها بلد العراق
متصلة با تنتهي ف الشرق إل قرب آخر الزء و يعترض من آخر العراق هنالك جبل أصبهان هابطا من جنوب الزء منحرفا إل الغرب
فإذا انتهي إل وسط الزء من آخر ف الشمال يذهب مغربا إل أن يرج من الزء السادس و يتصل على سنته ببل السلسلة ف الزء
الامس فينقطع هذا الزة السادس بقطعتي غربية و شرقية ففي الغربية من جنوبيها مرج الفرات من الامس و ف شاليها مرج دجلة منه
أما الفرات فأول ما يرج إل السادس ير بقرقيسيا و يرج من هنالك جدول إل الشمال ينساب ف أرض الزيرة و يغوص ف نواحيها و
ير من قرقيسيا غي بعيد ث ينعطف إل النوب فيمر بقرب الابور إل غرب الرحبة و يرج منه جداول من هنالك ير جنوبا و لبقى صفي
ف غربيه ث ينعطف شرقا و ينقسم بشعوب فيمر بعضها بالكوفة و بعضها بقصر ابن هبية و بالامعي و ترج جيعا ف جنوب الزء إل
القليم الثالث فيغوص هنالك ف شرق الية و القادسية و يرج الفرات من الرحبة مشرقا على سته إل هيت من شالا ير إل الزاب و
النبار من جنوبما ث يصب ف دجلة عند بغداد .و أما نر دجلة فإذا دخل من الزء الامس إل هذا الزء ير بزيرة ابن عمر على شالا ث
بالوصل كذلك و تكريت و ينتهي إل الديثة فينعطف جنوبا و تبقى الديثة ف شرقه و الزاب الكبي و الصغي كذلك و ير على سته
جنوبا و ف غرب القادسية إل أن ينتهي إل بغداد و يتلط بالفرات ث ير جنوبا على غرب جرجرايا إل أن يرج من الزء إل القليم
الثالث فتنتشر هنالك شعوبه و جداوله ث يتمع و يصب هنالك ف بر فارس عند عبادان و فيما بي نر دجلة و الفرات قبل ممعهما كما
يبغداد هي بلد الزيرة و يتلط بنهر دجلة بعد مفارقته ببغداد نر آخر يأت من الهة الشرقية الشمالية منه و ينتهي إل بلد النهروان قبالة
بغداد شرقا ث ينعطف جنوبا و يتلط بدجلة قبل خروجه إل القليم الثالث و يبقى ما بي هذا النهر و بي جبل العراق و العاجم بلد
جلولء و ف شرقها عند البل بلد حلوان و صيمرة .و أما القطعة الغربية من الزء فيعترض ،جبل يبدأ من جبل العاجيم مشرقا إل آخر
الزء و يسمى جبل شهرزور و يقسمها بقطعتي ف النوب من هذه القطعة الصغرى بلد خونان من الغرب و الشمال عن أصبهان و
تسمى هذه القطعة بلد اللوس و ف وسطها بلد ناوند و ف شالا بلد شهرزور غربا عند ملتقى البلي و الدينور شرقا عند آخر الزء و ف
القطعة الصغرى الثانية من بلد أرمينية قاعدتا الراغة و الذي يقابلها من جبل العراق يسمى باريا و هو مساكن للكراد و الزاب الكبي و
الصغي الذي على دجلة من ورائه و ف آخر هذه القطعة من جهة الشرق بلد أذربيجان و منها تبيز و البيدقان و ف الزاوية الشرقية
الشمالية من هذا الزء قطعة من بر نيطش و هو بر الزر و ف الزء السابع من هذا القليم من غربه و جنوبه معظم بلد اللوس و فيها
هذان و قزوين و بقيتها ف القليم الثالث و فيها هنالك أصبهان و ييط با من النوب جبل يرج من غربا و ير بالقليم الثالث ث ينعطف
من الزء السادس إل القليم الرابع و يتصل ببل العراق ف شرقيه الذي مر ذكره هنالك و إنه ميط ببلد اللوس ف القطعة الشرقية و يهبط
هذا البل الحيط بأصبهان من القليم الثالث إل جهة الشمال و يرج إل هذا الزء السابع ميط ببلد اللوس من شرقها و تته هنالك
قاشان ث قم و ينعطف ف قرب النصف من طريقه مغربا بعض الشيء ث يرجع مستديرا فيذهب مشرقا و منحرفا إل الشمال حت يرج إل
القليم الامس و يشتمل على منعطفه و استدارته على بلد الري ف شرقيه و يبدأ من منعطفه جبل آخر ير غربا إل آخر هذا الزء و من
جنوبه من هنالك قزوين و من جانبه الشمال و جانب جبل الري التصل معه ذاهبا إل الشرق و الشمال إل وسط الزء ث إل القليم
الاص بلد طبستان فيما بي هذه البال و بي قطعة من بر طبستان و يدخل من القليم الامس ف هذا الزء ف نو النصف من غربه
إل شرقه و يعترض عند جبل الري و عند انعطافه إل الغرب جبل متصل ير على سته مشرقا و بانران قليل إل النوب حت يدخل ف
الزء الثامن من غربه و يبقى بي جبل الري و هذا البل من عند مبدأها بلد جرجان فيما بي البلي و منها بسطام و وراء هذا البل
قطعة من هذا الزء فيها بقية الفازة الت بي فارس و خراسان و هي ف شرقيه قاشان و ف آخرها عند هذا البل بلد أستراباذ و حافات هذا
البل من شرقيه إل آخر الزء بلد نيسابور من خراسان ففي جنوب البل و شرق الفازة بلد نيسابور ث مرو الشاهجان آخر الزء و ف
شاله و شرقي جرجان بلد مهرجان و خازرون و طوس آخر الزء شرقا و كل هذا تت البل و ف الشمال عنها بلد نسا و ييط با عند
زاوية الزئي الشمال و الشرق مفاوز معطلة .و ف الزء الثامن من هذا القليم و ف غربيه نر جيحون ذاهبا من النوب إل الشمال ففي
عدوته الغربية رمم و آمل من بلد خراسان و الظاهرية و الرجانية من بلد خوارزم و ييط بالزاوية الغربية النوبية منه جبل أستراباذ
العترض ف الزء السابع قبله و يرج ف هذا الزء من غربيه و ييط بذه الزاوية و فيها بقية بلد هراة و الوزخان حت يتصل ببل البتم
كما ذكرناه هنالك و ف شرقي نر جيحون من هذا الزء و ف النوب منه بلد بارى ث بلد الصغد و قاعدتا سرقند ث سردارا و أشنة و
منها خجندة آخر الزء شرقا و ف الشمال عن سرقند و سردار و أشنة أرض إيلق ث ف الشمال عن إيلق أرض الشاش إل آخر الزء
شرقا و يأخذ قطعة من الزء التاسع ف جنوب تلك القطعة بقية أرض فرغانة و يرج من تلك القطعة الت ف الزء التاسع نر الشاش ير
معترضا ف الزء الثامن إل أن ينصب ف نر جيحون عند مرجه من هذا الزء الثامن ف شاله إل القليم الامس و يتلط معه ف أرض
إيلق نر يأت من الزء التاسع من القليم الثالث من توم بلد التبت و يتلط معه قبل مرجه من الزء التاسع نر فرغانة و على ست نر
الشاش جبل جباغون يبدأ من القليم الامس و ينعطف شرقا و منحرفا إل النوب حت يرج إل الزء التاسع ميطا بأرض الشاش ث
ينعطف ف الزء التاسع فيحيط بالشاش و فرغانة هناك إل جنوبه فيدخل ف القليم الثالث و بي نر الشاش و طرف هذا البل ف وسط
هذا الزء بلد فاراب و بينه و بي أرض بارى و خوارزم مفاوز معطلة و ف زاوية هذا الزء من الشمال و الشرق أرض خجندة و فيها
بلد إسبيجاب و طراز .و ف الزء التاسع من هذا القليم ف غربيه بعد أرض فرغانة و الشاش أرض الزلية ف النوب و أرض الليجة ف
الشمال و ف شرقي الزء كله أرض الكيماكية و يتصل ف الزء العاشر كله إل جبل قوقيا آخر الزء شرقا و على قطعة من البحر الحيط
هنالك و هو جبل يأجوج و مأجوج و هذه المم كلها من شعوب الترك .انتهي.
القليم الامس :الزء الول منه أكثره مغمور بالاء إل قليلً من جنوبه شرقه لن البحر الحيط بذه الهة الغربية دخل ف القليم الامس و
السادس و السابع عن الدائرة الحيطة بالقليم فأما النكشف من جنوبه فقطعة على شكل مثلث متصلة من هنالك بالندلس و عليها بقيتها و
ييط با البحر من جهتي كأنما ضلعان ميطان بزاوية الثلث ففيها من بقية غرب الندلس سعيور على البحر عند أول الزء من النوب و
الغرب و سلمنكة شرقا عنها و ف جوفها سورة و ف الشرق عن سلمنكة أيلة آخر النوب و أرض قستالية شرقا عنها و فيها مدينة شقونية
و ف شالا أرض ليون و برغشت ث وراءها ف الشمال أرض جليقية إل زاوية القطعة و فيها على البحر الحيط ف آخر الضلع الغرب بلد
شنتياقو و معناه يعقوب و فيها من شرق بلد الندلس مدينة شطلية عند آخر الزء ف النوب و شرقا عن قستالية و ف شالا و شرقها و
شقة و بنبلونة على ستها شرقا و شالً و ف غرب بنبلونة قشتالة ث ناجزة فيما بينها و بي برغشت و يعترض وسط هذه القطعة جبل عظيم
ماذ للبحر و للضلع الشمال الشرقي منه و على قرب و يتصل به و بطرف البحر عند بنبلونة ف جهة الشرق الذي ذكرنا من قبل أن يتصل
ف النوب بالبحر الرومي ف القليم الرابع و يصي حجرا على بلد الندلس من جهة الشرق و ثناياه لا أبواب تفضي إل بلد غشكونية
من أمم الفرنج فمنها من القليم الرابع برشلونة و أربونة على ساحل البحر الرومي و خريدة و قرقشونة وراءها ف الشمال و منها من
القليم الامس طلوشة شالً عن خريدة .و أما النكشف ف هذا الزء من جهة الشرق فقطعة على شكل مثلث مستطيل زاويته الادة وراء
البنات شرقا و فيها على البحر الحيط على رأي القطعة الت يتصل با جبل البنات بلد نيونة و ف آخر هذه القطعة ف الناحية الشرقية
الشمالية من الزء أرض بنطو من الفرنج إل آخر الزء .و ف الزء الثان من الناحية الغربية منه أرض غشكونية و ف شالا أرض بنطو و
برغشت و قد ذكرناها و ف شرق بلد غشكونية ف شالا قطعة أرض من البحر الرومي دخلت ف هذا الزء كالضرس مائلة إل الشرق
قليلً و صارت بلد غشكونية ف غربا داخلة ف جون من البحر و على رأس هذه القطعة شا ًل بلد جنوة و على ستها ف الشمال جبل
نيت جون و ف شاله و على سعه أرض برغونة و ف الشرق عن طرف جنوة الارج من البحر الرومي طرف آخر خارج منه يبقى بينهما
جون داخل من الب ف البحر ف غزبيه نيش و ف شرقيه مدينة رومة العظمى كرسي ملك الفرنة و مسكن البابا بطركهم العظم و فيها
من البان الضخمة و الياكل الائلة و الكنائس العادية ما هو معروف الخبار و من عجائبها النهر الاري ف وسطها من الشرق إل الغرب
مفروش قاعه ببلط النحاس و فيها كنيسة بطرس و بولس من الواريي و ها مدفونان با و ف الشمال عن بلد رومة بلد أقرنصيصة إل
آخر الزء ،و على هذا الطرف من البحر الذي ف جنوبه رومة بلد نابل ف الانب الشرقي منه متصلة ببلد قلورية من بلد الفرنج و ف
شالا طرف من خليج البنادقة دخل ف هذا الزء من الزء الثالث مغربا و ماذيا للشمال من هذا الزء و انتهى إل نو الثلث منه و عليه
كثي من بلد البنادقة دخل ف هذا الزء من جنوبه فيما بينه و بي البحر الحيط و من شاله بلد إنكلية ف القليم السادس .و ف الزء
الثالث من هذا القليم ف غربيه بلد قلورية بي خليج البنادقة و البحر الرومي ييط با من شرقيه يصل من برها ف القليم الرابع ف البحر
الرومي ف جون بي طرفي خرجا من البحر على ست الشمال إل هذا الزء ف شرقي بلد قلورية بلد أنكيدة ف جون بي خليج البنادقة
و البحر الرومي و يدخل طرف من هذا الزء ف الون ف القليم الرابع و ف البحر الرومي و ييط به من شرقيه خليج البنادقة من البحر
الرومي ذاهبا إل ست الشمال ث ينعطف إل الغرب ماذيا لخر الزء الشمال و يرج على سته من القليم الرابع جبل عظيم يوازيه و
يذهب معه إل الشمال ث يغرب معه ف القليم السادس إل أن ينتهي قبالة خليج ف شاليه ف بلد إنكلية من أمم اللمانيي كما نذكر و
على هذا الليج و بينه و بي هذا البل ماداما ذاهبي إل الشمال بلد البنادقة فإذا ذهبا إل الغرب فبينهما بلد حروايا ث بلد اللانيي عند
طرف الليج .و ف الزء الرابع من هذا القليم قطعة من البحر الرومي خرجت إليه من القليم الرابع مضرسةً كلها بقطع من البحر و يرج
منها إل الشمال و بي كل ضرسي منها طرف من البحر ف الون بينهما و ف آخر الزء شرقا قطع من البحر و يرج منها إل الشمال
خليج القسطنطينية يرج من هذا الطرف النوب و يذهب على ست الشمال إل أن يدخل ف القليم السادس و ينعطف من هنالك عن
قرب مشرقا إل بر نيطش ف الزء الامس و بعض الرابع قبلة و السادس بعدة من القليم السادس كما نذكر و بلد القسطنطينية ف شرقي
هذا الليج عند آخر الزء من الشمال و هي الدينة العظيمة الت كانت كرسي القياصرة و با من آثار البناء و الضخامة ما كثرت عنه
الحاديث و القطعة الت ،ما بي البحر الرومي و خليج القسطنطينية من هذا الزء و فيها بلد مقدونية الت كانت لليونانيي و منها ابتداء
ملكهم و ف شرقي هذا الليج إل آخر الزء قطعة من أرض باطوس و أظنها لذا العهد مالت للتركمان و با ملك ابن عثمان و قاعدته
با بورصة و كانت من قبلهم للروم و غلبهم عليها لا المم إل أن صارت للتركمان .و ف الزء الاص من هذا القليم من غربيه و جنوبيه
أرض باطوس و ف الشمال عنها إل آخر الزء بلد عمورية و ف شرقي عمورية نر قباقب الذي يد الغرات و يرج من جبل هنالك و
يذهب ف النوب حت يالط الفرات قبل وصوله من هذا الزء إل مره ف القليم الرابع و هنالك ف غربيه آخر الزء ف مبدأ سيحال ث نر
جيحان غربيه الذاهبي على سته و قد مر ذكرها و ف شرقه هنالك مبدأ نر دجلة الذاهب على سته و ف موازاته حت يالطه عند بغداد و
ف الزاوية الت بي النوب و الشرق من هذا الزء وراء البل الذي يبدأ منه نر دجلة بلد ميافارقي و نر قباقب الذي ذكرناه يقسم هذا
الزء بقطعتي إحداها غربية جنوبية و فيها أرض باطوس كما قلناه و أسافلها إل آخر الزء شالً و وراء البل الذي يبدأ منه نر قباقب
أرض عمورية كما قلناه و القطعة الثانية شرقية شالية على الثلث ف النوب منها مبدأ دجلة و الفرات و ف الشمال بلد البيلقان متصلة
بأرضي عمورية من وراء جبل قباقب و هي عريبة و ف آخرها عند مبدإ الفرات بلد خرشنة و ف الزاوية الشرقية الشمالية قطعة من بر
نيطش الذي يده خليج القسطنطينية.
و ف الزء السادس من هذا القليم ف جنوبه و غربه بلد ارمينية متصلة إل أن يتجاوز وسط الزء إل جانب الشرق و فيها بلدان أردن ف
النوب و الغرب و ف شالا تفليس و دبيل و ف شرق أردن مدينة خلط ث بردعة ف جنوبا بانراف إل الشرق مدينة أرمينية و من هنالك
مرج بلد أرمينية إل القليم الرابع و فيها هنالك بلد الراغة ف شرقي جبل الكراد السمى بأرمى و قد مر ذكره ف الزء السادس منه و
يتاخم بلد أرمينية ف هذا الزء و ف القليم الرابع قبله من جهة الشرق فيها بلد أذربيجان و آخرها ف هذا الزء شرقا بلد اردبيل على
قطعة من بر طبستان دخلت ف الناحية الشرقية من الزء السابع و يسمى بر طبسان و عليه من شاله ف هذا الزء قطعة من بلد الزر و
هم التركمان و يبدأ من عند آخر هذه القطعة البحرية ف الشمال جبال يتصل بعضها ببعض على ست الغرب إل الزء الاص فتمر فيه
منعطفة و ميطة ببلد ميافارقي و يرج إل القليم الرابع عند آمد و يتصل ببل السلسلة ف أسافل الشام و من هنالك يتصل ببل اللكام
كما مر و بي هذه البال الشمالية ف هذا الزء ثنايا كالبواب تفضي من الانبي ففي جنوبيها بلد البواب متصلة ف الشرق إل بر
طبستان و عليه من هذه البلد مدينة باب البواب و تتصل بلد البواب ف الغرب من ناحية جنوبيها ببلد أرمينية و بينهما ف الشرق و بي
بلد أذربيجان النوبية بلد الزاب متصلة إل بر طبستان و ف شال هذه البال قطعة من هذا الزء ف غربا ملكة السرير ف الزاوية الغربية
الشمالية منها و ف زاوية الزء كله قطعة أيضا من بر نيطش الذي يده خليج القسطنطينية و قد مر ذكره و يف بذه القطعة من نيطش
بلد السرير وعليها منها بلد أطرابزيدة و تتصل بلد السرير بي جبل البواب و الهة الشمالية من الزء إل أن ينتهي شرقا إل جبل حاجز
بينها و بي أرض الزر و عند آخرها مدينة صول و وراء هذا البل الاجز قطعة من أرض الزر تنتهي إل الزاوية الشرقية الشمالية من هذا
الزء من بر طبستان و آخر الزء شالً .و الزء السابع من هذا القليم غربيه كله مغمور ببحر طبستان و خرج من جنوبه ف القليم
الرابع القطعة الت ذكرنا هنالك أن عليها بلد طبستان و جبال الديلم إل قزوين و ف غرب تلك القطعة متصلة با القطعة الت ف الزء
السادس من القليم الرابع و يتصل با من شالا القطعة الت ف الزء السادس من شرقه أيضا و ينكشف من هذا الزء قطعة عند زاويته
الشمالية الغربية يصب فيها نر أثل ف هذا البحر و يبقى من هذا الزء ف ناحية الشرق قطعة منكشفة من البحر هي مالت للغز من أمم
الترك ييط با جبل من جهة النوب داخل ف الزء الثامن و يذهب ف الغرب إل ما دون وسطه فينعطف إل الشمال إل أن يلقي بر
طبستان فيحتف به ذاهبا معه إل بقيته ف القليم السادس ث ينعطف مع طرفه و يفارقه و يسمى هنالك جبل سياه و يذهب مغربا إل الزء
السادس من القليم السادس ث يرجع جنوبا إل الزء السادس من القليم الامس و هذا الطرف منه و هو الذي اعترض ف هذا الزء بي
أرض السرير و أرض الزر و اتصلت بأرض الزر ف الزء السادس و السابع حافات هذا البل السمى جبل سياه كما سيأت .و الزء
الثامن من هذا القليم الامس كله مالت للغز من أمم الترك و ف الهة النوبية الغربية .منه بية خوارزم الت يصب فيها نر جيحون
دورها ثلثائة ميل و يصب فيها أنار كثية من أرض هذه الجالت و ف الهة الشمالية الشرقية منه بية عرعون دورها أربعمائة ميل و
ماؤها حلو و ف الناحية الشمالية من هذا الزء جبل مرغار و معناه جبل الثلج لنه ل يذوب فيه و هو متصل بآخر الزء و ف النوب عن
بية عرعون جبل من الجر الصلد ل ينبت شيئا يسمى عرعون و به سيت البحية و ينجلب منه و من جبل مرغار شال البحية أنار ل
تنحصر عدتا فتصب فيها من الانبي .و ف الزء التاسع من هذا القليم بلد أركس من أمم الترك ف غرب بلد الغز و شرق بلد
الكيماكية و يف به من جهة الشرق آخر الزء جبل قوقيا الحيط بيأجوج و مأجوج يعترض هنالك من النوب إل الشمال حت ينعطف
أول دخوله من الزء العاشر و قد كان دخل إليه من آخر الزء العاشر من القليم الرابع قبله و احتف هنالك بالبحر الحيط إل آخر الزء
ف الشمال ث انعطف مغربا ف الزء العاشر من القليم الرابع إل ما دون نصفه و أحاط من أوله إل هنا ببلد الكيماكية ث خرج إل الزء
العاشر من القليم الامس فذهب فيه مغربا إل آخره و بقيت ف جنوبه من هذا الزء قطعة مستطيلة إل الغرب قبل آخر بلد الكيماكية ث
خرج إل الزء التاسع ف شرقيه و ف العلى منه و انعطف قريبا إل الشمال و ذهب على سته إل الزء التاسع من القليم السادس و فيه
السد هنالك كما نذكره و بقيت منه القطعة الت أحاط با جبل قوقيا عند الزاوية الشرقية الشمالية من هذا الزء مستطيلة إل النوب و هي
من بلد يأجوج و مأجوج و ف الزء العاشر من هذا القليم أرض يأجوج و مأجوج فتصله ف كله إل قطعةً من البحر غمرت طرفا ف
شرقيه من جنوبه إل شاله إل القطعة الت يفصلها إل جهة النوب و الغرب جبل قوقيا حي مر فيه و ما سوى ذلك فأرض يأجوج و
مأخوج و ال سبحانه و تعال أعلم.
القليم السادس .فالزء الول منه غمر البحر أكثر من نصفه و استدار شرقا مع الناحية الشمالية ث ذهب مع الناحية الشرقية إل النوب و
انتهى قريبا من الناحية النوبية فانكشف قطعة من هذه الرض ف هذا الزء داخلة بي الطرفي و ف الزاوية النوبية الشرقية من البحر
الحيط كالون فيه و ينفسح طولً و عرضا و هي كلها أرض بريطانية و ف بابا بي الطرفي و ف الزاوية النوبية الشرقية من هذا الزء
بلد صاقس متصلة ببلد بنطو الت مر ذكرها ف الزء الول و الثان من القليم الامس .و الزء الثان من هذا القليم دخل البحر الحيط
من غربه و شاله فمن غربه قطعة مستطيلة أكب من نصفه الشمال من شرق أرض بريطانية ف الزء الول و اتصلت با القطعة الخرى ف
الشمال من غربه إل شرقه و انفسحت ف النصف الغرب منه بعض الشيء و فيه هنالك قطعة من جزيرة أنكلترا و هي جزيرة عظيمة
مشتملة على مدن و با ملك ضخم و بقيتها ف القليم السابع و ف جنوب هذه القطعة و جزيرتا ف النصف الغرب من هذا الزء بلد
أرمندية و بلد أفلدش متصلي با ث بلد إفرنسية جنوبا و غربا من هذا الزء و بلد برغونية شرقا عنها و كلها لمم الفرنة و بلد
اللمانيي ف النصف الشرقي من الزء فجنوبه بلد أنكلية ث بلد برغونية شالً ث أرض لويكة و شطونية و على قطعة البحر الحيط ف
الزاوية الشمالية الشرقية أرض أفريرة و كلها لمم اللمانيي .و ف الزء الثالث من هذا القليم ف الناحية الغربية بلد مراتية ف النوب و
بلد شطونية ف الشمال و ف الناحية الشرقية بلد أنكوية ف النوب و بلد بلونية ف الشمال يعترض بينهما جبل بلواط داخلً من الزء
الرابع و ير مغربا بانراف إل الشمال إل أن يقف ف بلد شطونية آخر النصف الغرب .و ف الزء الرابع ف ناحية النوب أرض جثولية و
تتها ف الشمال بلد الروسية و يفصل بينهما جبل بلواط من أول الزء غربا إل أن يقف ف النصف الشرقي و ف شرق أرض جثولية بلد
جرمانية و ف الزاوية النوبية الشرقية أرض القسطنطينية و مدينتها عند آخر الليج الارج من البحر الرومي و عند مدفعه ف بر نيطش
فيقع قطيعة من بر نيطش ف أعال الناحية الشرقية من هذا الزء و يدها الليج و بينهما ف الزاوية بلد مسيناه .و ف الزء الامس من
القليم السادس ث ف الناحية النوبية عند بر نيطش يتصل من الليج ف آخر الزء الرابع و يرج من سته مشرقا فيمر ف هذا الزء كله و
ف بعض السادس على طول ألف و ثلثائة ميل من مبدإه ف عرض ستمائة ميل و يبقى وراء هذا البحر ف الناحية النوبية من هذا الزء ف
غربا إل شرقها بر مستطيل ف غربه هرقلية على ساحل بر نيطش متصلة بأرض البيلقان من القليم الامس و ف شرقه بلد اللنية و
قاعدتا سوتلي على بر نيطش و ف شال بر نيطش ف هذا الزء غربا أرض ترخان و شرقا بلد الروسية و كلها على ساحل هذا البحر و
بلد الروسية ميطة ببلد ترخان من شرقها ف هذا الزء من شالا ف الزء الامس من القليم السابع و من غربا ف الزء الرابع من هذا
القليم .و ف الزء السادس ف غربيه بقية بر نيطش و ينحرف قليل إل الشمال و يبقى بينه هنالك و بي آخر الزء شا ًل بلد قمانية و ف
جنوبه منفسحا إل الشمال با انرف هو كذلك بقية بلد اللنية الت كانت آخر جنوبه ف الزء الامس و ف الناحية الشرقية من هذا الزء
متصل أرض الزر و ف شرقها أرض برطاس و ف الزاوية الشرقية الشمالية أرض بلغار و ف الزاوية الشرقية النوبية أرض بلجر يوزها هناك
قطعة من جبل سياكوه النعطف مع بر الزر ف الزء السابع بعده و يذهب بعد مفارقته مغربا فيجوز ف هذه القطعة و يدخل إل الزء
السادس من القليم الامس فيتصل هنالك ببل البواب و عليه من هنالك ناحية بلد الزر .و ف الزء السابع من هذا القليم ف الناحية
النوبية ما جازه جبل سياه بعد مفارقته بر طبستان و هو قطعة من أرض الزر إل آخر الزء غربا و ف شرقها القطعة من بر طبستان
الت يوزها هذا البل من شرقها و شالا و وراء جبل سياه ف الناحية الغربية الشمالية أرض برطاس و ف الناحية الشرقية من الزء أرض
شحرب و يناك و هم أمم الترك .و ف الزء الثامن و الناحية النوبية منة كلها أرض الول من الترك ف الناحية الشمالية غربا و الرض
النتنة و شرق الرض الت يقال إن يأجوج و مأجوج خرباها قبل بناء السد و ف هذه الرض النتنة مبدأ نر الثل من أعظم أنار العال و
مره ف بلد الترك و مصبه ف بر طبستان ف القليم الامس ف الزء السابع منه و هو كثي النعطاف يرج من جبل من الرض النتنة من
ثلثة ينابيع تتمع ف نر واحد و ير على ست الغرب إل آخر السابع من هذا القليم فينعطف شا ًل إل الزء السابع من القليم السابع
فيمر ف طرفه بي النوب و الغرب فيخرج ف الزء السادس من السابع و يذهب مغربا غي بعيد ث ينعطف ثانية إل النوب و يرجع إل
الزء السادس من القليم السادس و يرج منه جدول يذهب مغربا و يصب ف بر نيطش ف ذلك الزء و ير هو ف قطعة بي الشمال و
الشرق ف بلد بلغار فيخرج ف الزء السابع من القليم السادس ث ينعطف ثالثةً إل النوب و ينفذ ف جبل سياه و ير ف بلد الزر و
يرج إل القليم الامس ف الزء السابع منه فيصب هنالك ف بر طبستان ف القطعة الت انكشفت من الزء عند الزاوية الغربية النوبية.
والزء التاسع من هذا القليم ف الانب الغرب منه بلد خفشاخ من الترك و هم قفجاق و بلد الشركس منهم أيضا و ف الشرق منه بلد
يأجوج يفصل بينهما جبل قوقيا الحيط و قد مر ذكره يبدأ من البحر الحيط ف شرق القليم الرابع و يذهب معه إل آخر القليم ف الشمال
و يفارقه مغربا و بانراف إل الشمال حت يدخل ف الزء التاسع من القليم الامس فيجع إل سته الول حت يدخل ف هذا الزء التاسع
من القليم من جنوبه إل شاله بانراف إل الغرب و ف وسطه ههنا السد الذي بناه السكندر ث يرج على سته إل القليم السابع و ف
الزء التاسع منه فيمر فيه إل النوب إل أن يلقى البحر الحيط ف شاله ث ينعطف معه من هنالك مغربا إل القليم السابع إل الزء الامس
منه فيتصل هنالك بقطعة من البحر الحيط ف غربيه و ف وسط هذا الزء التاسع هو السد الذي بناه السكندر كما قلناه و الصحيح من
خبه ف القرآن و قد ذكر عبد ال بن خرداذبة ف كتابه ف الغرافيا أن الواثق رأى ف منامه كأن السد انفتح فانتبه فزعا و بعث سلما
الترجان فوقف عليه و جاء ببه وصفه ف حكاية طويلة ليست من مقاصد كتابنا هذا و ف الزء العاشر من هذا القليم بلد مأجوج
متصلة فيه إل آخره على قطعة من هنالك من البحر الحيط أحاطت به من شرقه و شاله مستطيلة ف الشمال و عريضة بعض الشيء ف
الشرق.
القليم السابع :و البحر الحيط قد غمر عامته من جهة الشمال إل وسط الزء الامس حيث يتصل ببل قوقيا الحيط بيأجوج و مأجوج.
فالزء الول و الثان مغموران بالاء إل ما انكشف من جزيرة أنكلترا الت معظمها ف الثان و ف الول منها طرف انعطف بانراف إل
الشمال و بقيتها مع قطعة من البحر مستديرة عليه ف الزء الثان من القليم السادس و هي مذكورة هناك والجاز منها إل الب ف هذه
ل و وراء هذه الزيرة ف شال الزء الثان جزيرة رسلندة مستطيلةً من الغرب إل الشرق .و الزء الثالث من هذا القطعة سعة اثن عشر مي ً
القليم مغمور أكثره بالبحر إل قطعة مستطيلة ف جنوبه و تتسع ف شرقها و فيها هنالك متصل أرض فلونية الت مر ذكرها ف الثالث من
القليم السادس و أنا ف شاله و ف القطعة من البحر الت تغمر هذا الزء ث ف الانب الغرب منها مستدير ًة فسيحةً و تتصل بالب من باب
ف جنوبا يفضي إل بلد فلونية و ف شالا .جزيرة برقاعة و ف نسخة بوقاعة مستطيلة مع الشمال من الغرب إل الشرق .و الزء الرابع
من هذا القليم شاله كله مغمور بالبحر الحيط من الغرب إل الشرق و جنوبه منكشف و ف غربه أرض قيمازك من الترك و ف شرقها
بلد طست ث أرض رسلن إل آخر الزء شرقا وهي دائمة الثلوج و عمرانا قليل و يتصل ببلد الروسية ف القليم السادس و ف الزء
الرابع و الامس منه و ف الزء الامس من هذا القليم ف الناحية الغربية منه بلد الروسية و ينتهي ف الشمال إل قطعة من البحر الحيط
الت يتصل با جبل قوقيا كما ذكرناه من قبل و ف الناحية الشرقية منه متصل أرض القمانية الت على قطعة بر نيطش من الزء السادس من
القليم السادس و ينتهي إل بية طرمى من هذا الزء و هي عذبة تنجلب إليها أنار كثية من البال عن النوب و الشمال و ف شال
الناحية الشرقية من هذا الزء أرض التتارية من الترك و ف نسخة التركمان إل آخره و ف الزء السادس من الناحية الغربية النوبية متصل
بلد القمانية و ف وسط الناحية بية عثور عذبةً تنجلب إليها النار من البال ف النواحي الشرقية و هي جامدة دائما لشدة البد إل قليلً
ف زمن الصيف و ف شرق بلد القمانية بلد الروسية الت كان مبدؤها ف القليم السادس ف الناحية الشرقية الشمالية من الزء الامس منه
و ف الزاوية النوبية الشرقية من هذا الزء بقية أرض بلغار الت كان مبدؤها ف القليم السادس و ف الناحية الشرقية الشمالية من الزء
السادس منه و ف وسط هذه القطعة من أرض بلغار منعطف نر أثل القطعة الول إل النوب كما مر و ف آخر هذا الزء السادس من
شاله جبل قوقيا متصل من غربه إل شرقه و ف الزء السابع من هذا القليم ف غربه بقية أرض يناك من أمم الترك و كان من مبدؤها من
الناحية الشمالية الشرقية من الزء السادس قبله و ف الناحية النوبية الغربية من هذا الزء و يرج إل القليم السادس من فوقه و ف الناحية
الشرقية بقية أرض سحرب ث بقية الرض النتنة إل آخر الزء شرقا و ف آخر الزء من جهة الشمال جبل قوقيا الحيط متصل من غربه إل
شرقه .و ف الزء الثامن من هذا القليم ف النوبية الغربية منه متصل الرض النتنة و ف شرقها الرض الحفورة و هي من العجائب خرق
عظيم ف الرض بعيد الهوى فسيح القطار متنع الوصول إل قعره يستدل على عمرانه بالدخان ف النهار و النيان ف الليل تضيء و تفى و
ربا رئي فيها نر يشقها من النوب إل الشمال و ف الناحية الشرقية من هذا الزء البلد الراب التاخة للسد و ف آخر الشمال منه جبل
قوقيا متصلً من الشرق إل الغرب و ف الزء التاسع من هذا القليم ف الانب الغرب منه بلد خفشاخ و هم قفجق يوزها جبل قوقيا حي
ينعطف من شاله عند البحر الحيط و يذهب ف وسطه إل النوب بانراف إل الشرق فيخرج ف الزء التاسع من القليم السادس و ير
معترضا فيه و ف وسطه هنالك سد .يأجوج و مأجوج و قد ذكرناه و ف الناحية الشرقية من هذا الزء أرض يأجوج وراء جبل قوقيا على
البحر قليلة العرض مستطيلةً أحاطت به من شرقه و شاله .و الزء العاشر غمر البحر جيعه .هذا آخر الكلم على الغرافيا و أقاليمها السبعة
و ف خلق السموات و الرض و اختلف الليل و النهار ليات للعالي.
و أما أهل الشمال فلم يسموا باعتبار ألوانم لن البياض كان لونا لهل تلك اللغة الواضعة للساء فلم يكن فيه غرابة تمل على اعتباره ف
التسمية لوافقته و اعتياده و وجدنا سكانه من الترك و الصقالبة و الطغرغر و الزر و اللن و الكثي من الفرنة و يأجوج و مأجوج أساءً
متفرفةً و أجيالً متعددة مسمي بأساء متنوعة و أما أهل القاليم الثلثة التوسطة أهل العتدال ف خلقهم و سيهم و كافة الحوال الطبيعية
للعتمار لديهم من العاش و الساكن و الصنائع و العلوم و الرئاسات و اللك فكانت فيهم النبؤات و اللك و الدول و الشرائع و العلوم و
البلدان و المصار و البان و الفراسة و الصنائع الفائقة و سائر الحوال العتدلة و أهل هذه القاليم الت وقفنا على أخبارهم مثل العرب و
الروم و فارس و بن إسرائيل و اليونان و أهل السند و الند و الصي .و لا رأى النسابون اختلف هذه المم بسماتا و شعارها حسبوا
ذلك لجل النساب فجعلوا أهل النوب كلهم السودان من ولد حام و ارتابوا ف ألوانم فتكلفوا نقل تلك الكاية الواهية و جعلوا أهل
الشمال كلهم أو أكثرهم من ولد يافث و أكثر المم العتدلة و أهل الوسط النتحلي للعلوم و الصنائع و اللل و الشرائع و السياسة و اللك
من ولد سام و هذا الزعم إن صادف الق ف انتساب هؤلء فليس ذلك بقياس مطرد إنا هو إخبار عن الواقع ل أن تسمية أهل النوب
بالسودان و البشان من أجل انتسابم إل حام السود .و ما أداهم إل هذا الغلط إل اعتقادهم أن التمييز بي المم إنا يقع بالنساب فقط
و ليس كذلك فإن التمييز للجيل أو المة يكون بالنسب ف بعضهم كما للعرب و بن إسرائيل و الفرس و يكون بالهة و السمة كما للزنج
و البشة و الصقالبة و السودان و يكون بالعوائد و الشعار و النسب كما للعرب .و يكون بغي ذلك من أحوال المم و خواصهم و
ميزاتم فتعميم القول ف أهل جهة معينة من جنوب أو شال بأنم من ولد فلن العروف لا شلهم من نلة أو لون أو سة وجدت لذلك
الب إنا هو من الغاليط الت أوقع فيها الغفلة عن طبائع الكوان و الهات أن هذه كلها تتبدل ف العقاب و ل يب استمرارها سنة ال
ل و ال و رسوله أعلم بغيبه و أحكم و هو الول النعم الرؤوف الرحيم. ف عباده و لن تد لسنة ال تبدي ً
و لنذكر الن تفسي حقيقة النبؤة على ما شرحه كثي من الحققي ث نذكر
حقيقة الكهانة ث الرؤيا ث شان العرافي و غي ذلك من مدارك الغيب فنقول
إعلم .أرشدنا ال و إياك أنا نشاهد هذا العال با فيه من الخلوقات كلها على هيئة من الترتيب و الحكام و ربط السباب بالسببات و
اتصال الكوان بالكوان و استحالة بعض الوجودات إل بعض ل تنقضي عجائبه ف ذلك و ل تنتهي غاياته و أبدأ من ذلك بالعال
الحسوس الثمان و أولً عال العناصر الشاهدة كيف تدرج صاعدا من الرض إل الاء ث إل الواء ث إل النار متصلً بعضها ببعض و كل
واحد منها مستعد إل أن يستحيل إل ما يليه صاعدا و هابطا و يستحيل بعض الوقات و الصاعد منها ألطف ما قبله إل أن ينتهي إل عال
الفلك و هو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة ل يدرك الس منها إل الركات فقط و با يهتدي بعضهم إل
معرفة مقاديرها و أوضاعها و ما بعد ذلك من وجود الذوات الت لا هذه الثار فيها ث انظر إل عال التكوين كيف ابتدأ من العادن ث
النبات ث اليوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق العادن متصل بأول أفق النبات مثل الشائش و ما ل بذر له و آخر أفق النبات مثل
النخل و الكرم متصل بأول أفق اليوان مثل اللزون و الصدف و ل يوجد لما إل قوة اللمس فقط و معن التصال ف هذه الكونات أن
آخر أفق منها مستعد بالستعداد الغريب لن يصي أول أفق الذي بعده و اتسع عال اليوان و تعددت أنواعه و انتهى ف تدريج التكوين إل
النسان صاحب الفكر و الروية ترتفع إليه من عال القدرة الذي اجتمع فيه الس و الدراك و ل ينته إل الروية و الفكر بالفعل و كان ذلك
أول أفق من النسان بعده و هذا غاية شهودنا ث إنا ند ف العوال على اختلفها آثارا متنوعةً ففي عال الس آثار من حركات الفلك و
العناصر و ف عال التكوين آثار من حركة النمو و الدراك تشهد كلها بأن لا مؤثرا مباينا للجسام فهو روحان و يتصل بالكونات لوجود
اتصال هذا العال ف و جودها و لذلك هو النفس الدركة و الحركة و ل بد فوقها من وجود آخر يعطيها قوى الدراك و الركة و يتصل
با أيضا و يكون ذاته إدراكا صرفا و تعقلً مضا و هو عال اللئكة فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للنسلخ من البشرية إل
اللكية ليصي بالفعل من جنس اللئكة وقتا من الوقات ف لحة من اللمحات و ذلك بعد أن تكمل ذاتا الروحانية بالفعل كما نذكره بعد
و يكون لا اتصال بالفق الذي بعدها شأن الوجودات الرتبة كما قدمناه فلها ف التصال جهتا العلو و السفل و هي متصلة بالبدن من
أسعف منها و تكتسب به الدارك السية الت تستعد با للحصو ل على التعقل بالفعل و متصلة من جهة العلى منها بأفق اللئكة و
مكتسبة به الدارك العلمية و الغيبية فإن عال الوادث موجود ف تعقلتم من غي زمان و هذا على ما قدمناه من الترتيب الحكم ف الوجود
باتصال ذواته و قواه بعضها ببعض ث إن هذه النفس النسانية غائبة عن العيان و آثارها ظاهرة ف البدن فكأنه و جيع أجزائه متمع ًة و
مفترقةً آلت للنفس و لقواها أما الفاعلية فالبطش باليد و الشي بالرجل و الكلم باللسان و الركة الكلية بالبدن متدافعا و أما الدركة و
إن كانت قوى الدراك مرتبة و مرتقي ًة إل القوة العليا منها و من الفكرة الت يعب عنها بالناطقة فقوى الس الظاهرة بآلته من السمع و
البصر و سائرها يرتقي إل الباطن و أوله الس الشترك و هو قوة تدرك الحسوسات مبصر ًة و مسموعةً وملموسةً و غيها ف حالة واحدة
و بذلك فارقت قوة الس الظاهر لن الحسوسات ل تزدحم عليها ف الوقت الواحد ث يؤديه الس الشترك إل اليال و هي قوة تثل
الشي الحسوس ف النفس كما هو مرد عن الواد الارجة فقط و آلة هاتي القوتي ف تصريفهما البطن الول من الدماغ مقدمه للول و
مؤخرة للثانية ث يرتقي اليال إل الواهة و الافظة فالواهة لدراك العان التعلقة بالشخصيات كعداوة زيد و صداقة عمرو و رحة الب و
افتراس الذئب و الافظة لبداع الدركات كلها متخيلةً و هي لا كالزانة تفظها لوقت الاجة إليها و آلة هاتي القوتي ف تصريفهما
البطن الؤخر من الدماغ أوله للول و مؤخره للخرى ث ترتقي جيعها إل قوة الفكر و آلته البطن الوسط من الدماغ و هي القوة الت يقع
با حركة الرؤية و التوجه نو التعقل فتحرك النفس با دائما لا ركب فيها من النوع للتخلص من درك القوة و الستعداد الذي للبشرية و
ترج إل الفعل ف تعقلها متشبهةً بالل العلى الروحان و تصي ف أول مراتب الروحانيات ف إدراكها بغي اللت السمانية فهي متحركة
دائما و متوجهة نو ذلك و قد تنسلخ بالكلية من البشرية و روحانيتها إل اللكية من الفق العلى من غي اكتساب بل با جعل ال فيها
من البلة و الفطرة الول ف ذلك.
الوحي
و صنف مفطور على النسلخ من البشرية جلة جسمانيتها و روحانيتها إل اللئكة من الفق العلى ليصي ف لحة من اللمحات ملكا
بالفعل و يصل له شهود الل العلى ف أفقهم و ساع الكلم النفسان و الطاب اللي ف تلك اللمحة و هؤلء النبياء صلوات ال و
سلمه عليهم جعل ال لم النسلخ من البشرية ف تلك اللمحة و هي حالة الوحي فطره فطرهم ال عليها و جبلة صورهم فيها و نزههم
عن موانع البدن و عوائقه ما داموا ملبسي لا بالبشرية با ركب ف غرائزهم من القصد و الستقامة الت ياذون با تلك الوجهة وركز ف
طبائعهم رغبةً ف العبادة تكشف بتلك الوجهة و تسيغ نوها فهم يتوجهون إل ذلك الفق بذلك النوع من النسلخ مت شاءوا بتلك
الفطرة الت فطروا عليها ل باكتساب و ل صناعة فلذا توجهوا و انسلخوا عن بشريتهم و تلقوا ف ذلك الل العلى ما يتلقونه ،و عاجوا به
على الدارك البشرية منلً ف قواها لكمة التبليغ للعباد فتار ًة يسمع أحدهم دويا كأنه رمز من الكلم يأخذ منه العن الذي ألقي إليه فل
ل فيكلمه و يعي ما يقوله و التلقى من اللك و الرجوع إل ينقضي الدوي إل و قد وعاه و فهمه و تار ًة يتمثل له اللك الذي يلقي إليه رج ً
الدارك البشرية و فهمه ما ألقي عليه كله كأنه ف لظة واحدة بل أقرب من لح البصر لنه ليس ف زمان بل كلما تقع جيعا فيظهر كأنا
سريعة و لذلك سيت وحيا لن الوحي ف اللغة السراع و اعلم أن الول و هي حالة الدوي هي رتبة النبياء غي الرسلي على ما حققوه
ل ياطب هي رتبة النبياء الرسلي و لذلك كانت أكمل من الول و هذا معن الديث الذي فسر فيه و الثانية و هي حالة تثل اللك رج ً
النب صلى ال عليه و سلم الوحي لا سأله الارث بن هشام و قال :كيف يأتيك الوحي ؟ فقال :أحيانا يأتين مثل صلصلة الرس و هو
أشده علي فيفصم عن و قد وعيت ما قال و أحيانا يتمثل ل اللك فيكلمن فأعي ما يقول و إنا كانت الول أشد لنا مبدأ الروج ف
ذلك التصال من القوة إل الفعل فيعسر بعض العسر و لذلك لا عاج فيها على الدارك البشرية اختصت بالسمع و صعب ما سواه و عندما
يتكرر الوحي و يكثر التلقي يسهل ذلك التصال فعندما يعرج إل الدارك البشرية يأت على جيعها و خصوصا الوضح منها و هو إدراك
البصر و ف العبارة عن الوعي ف الول بصيغة الاضي و ف الثانية بصيغة الضارع لطيفة من البلغة و هي أن الكلم جاء ميء التمثيل لالت
الوحي فمثل الالة الول بالدوي الذي هو ف التعارف غي كلم و أخب أن الفهم و الوعي يتبعه غب انقضائه فناسب عند تصوير انقضائه
و انفصاله العبارة عن الوعي بالاضي الطابق للنقضاء و النقطاع و مثل اللك ف الالة الثانية برجل ياطب و يتكلم و الكلم يساوقه
الوعي فناسب العبارة بالضارع القتضي للتجدد .واعلم أن ف حالة الوحي كلها صعوبةً على الملة و شدة قد أشار إليها القرآن قال تعال:
إنا سنلقي عليك قول ثقيل و قالت عائشة :كان ما يعان من التنيل شدة و قالت :كان عليه الوحي ف اليوم الشديد البد فيفصم عنه و أن
جبينه ليتفصد عرقا .و لذلك كان يدث عنه ف تلك الالة من الغيبة و الغطيط ما هو معروف و سبب ذلك أن الوحي كما قررنا مفارقة
البشرية إل الدارك اللكية و تلقي كلم النفس فيحدث عنه شدة من مفارقة الذات ذاتا و انسلخها عنها من أفقها إل ذلك الفق الخر و
هذا هو معن الغط الذي عب به ف مبدإ الوحي ف قوله فغطن حت بلغ من الهد ث أرسلن فقال اقرأ فقلت ما إنا بقارئ و كذا ثانية و
ثالثة .كما ف الديث و قد يفضي العتياد بالتدريج فيه شيئا فشيئا إل بعض السهولة بالقياس إل ما قبله و لذلك كان تنل نوم القرآن و
سوره و آيه حي كان بكة أقصر منها و هو بالدينة و انظر إل ما نقل ف نزول سورة براءة ف غزوة تبوك و أنا نزلت كلها أو أكثرها عليه
و هو يسي على ناقته بعد أن كان بكة ينل عليه بعض السورة من قصار الفصل ف وقت و ينل الباقي ف حي آخر و كذلك كان آخر ما
نزل بالدينة آية الدين و هي ما هي ف الطول بعد أن كانت الية تنل بكة مثل آيات الرحن و الذاريات و الدثر و الضحى و الفلق و
أمثالا .و اعتب من ذلك علمة تيز با بي الكي و الدن من السور و اليات و ال الرشد إل الصواب .هذا مصل أمر النبؤة.
الكهانة
و أما الكهانة فهي أيضا من خواص النفس النسانية و ذلك أنه قد تقدم لنا ف جيع ما مر أن للنفس النسانية استعدادا للنسلخ من
البشرية إل الروحانية الت فوقها و أنه يصل من ذلك لحة للبشر ف صنف النبياء با فطروا عليه من ذلك و تقرر أنه يصل لم من غي
اكتساب و ل استعانة بشيء من الدارك و ل من التصورات و ل من الفعال البدنية كلما أو حركةً و ل بأمر من المور إنا هو انسلخ
من البشرية إل اللكية بالفطرة ف لظة أقرب من لح البصر و إذا كان كذلك و كان ذلك الستعداد موجودا ف الطبيعة البشرية فيعطى
التقسيم العقلي و إن هنا صنفا آخر من البشر ناقصا عن رتبة الصنف الول نقصان الضد عن ضده الكامل لن عدم الستعانة ف ذلك
الدراك ضد الستعانة فيه و شتان ما بينهما فإذا أعطي تقسيم الوجود إل هنا صنفا آخر من البشر مفطورا على أن تتحرك قوته العقلية
حركتها الفكرية بالرادة عندما يبعثها النوع لذلك و هي ناقصة عنه بالبلة عندما يعوقها العجز عن ذلك تشبث بأمور جزئية مسوسة أو
متخيلة كالجسام الشفافة و عظام اليوانات و سجع الكلم و ما سنح من طي أو حيوان فيستدي ذلك الحساس أو التخيل مستعينا به ف
ذلك النسلخ الذي يقصده و يكون كالشيع له و هذه القوة الت فيهم مبدأ لذلك الدراك هي الكهانة و لكون هذه النفوس مفطور ًة على
النقص و القصور عن الكمال كان إدراكها ف الزئيات أكثر من الكليات و لذلك تكون الخيلة فيهم ف غاية القوة لنا آلة الزئيات فتنفذ
فيها نفوذا تاما ف نوم أو يقظة و تكون عندها حاضر ًة عتيدةً تضرها الخيلة و تكون لا كالرآة تنظر فيها دائما و ل يقوى الكاهن على
الكمال ف إدراك العقولت لن وحيه من وحي الشيطان و أرفع أحوال هذا الصنف أن يستعي بالكلم الذي فيه السجع و الوازنة ليشتغل
به عن الواس و يقوى بعض الشيء على ذلك التصال الناقص فيهجس ف قلبه عن تلك الركة و الذي يشيعها من ذلك الجنب ما يقذفه
على لسانه فربا صدق و وافق الق و با كذب لنه يتمم نقصه بأمر أجنب عن ذاته الدركة و مباين لا غي ملئم فيعرض له الصدق و
الكذب جيعا و ل يكون موثوقا به و ربا يفزع إل الظنون و التخمينات حرصا على الظفر بالدراك بزعمه و تويها على السائلي و
أصحاب هذا السجع هم الخصوصون باسم الكهان لنم أرفع سائر أصنافهم و قد قال صلى ال عليه و سلم ف مثله هذا من سجع الكهان
فجعل السجع متصا بم بقتضى الضافة و قد قال لبن صياد حي سأله كاشفا عن حاله بالخبار كيف يأتيك هذا المر ؟ قال :يأتين
صادقا و كاذبا فقال :خلط عليك المر يعن أن النبؤة خاصتها الصدق فل يعتريها الكذب بال لنا اتصال من ذات النب بالل العلى من
غي مشيع و ل استعانة بأجنب و الكهانة لا احتاج صاحبها بسبب عجزه إل الستعانة بالتصورات الجنبية كانت داخلة ف إدراكه و
التبست بالدراك الذي توجه إليه فصار متلطا با و طرقه الكذب من هذه الهة فامتنع أن تكون نبؤة و إنا قلنا إن أرفع مراتب الكهانة
حالة السجع لن معن السجع أخفه من سائر الغيبات من الرئيات و السموعات و تدل خفة العن على قرب ذلك التصال و الدراك و
البعد فيه عن العجز بعض الشيء و قد زعم بعض الناس أن هذه الكهانة قد انقطعت منذ زمن النبؤة با وقع من شأن رجم الشياطي
بالشهب بي يدي البعثة و أن ذلك كان لنعهم من خب السماء كما وقع ف القرآن و الكهان إنا يتعرفون أخبار السماء من الشياطي
فبطلت الكهانة من يومئذ و ل يقوم من ذلك دليل لن علوم الكهان كما تكون من الشياطي تكون من نفوسهم أيضا كما قررناه و أيضا
فالية إنا دلت على منع الشياطي من نوع واحد من أخبار السماء و هو ما يتعلق بب البعثة و ل ينعوا ما سوى ذلك .و أيضا فإنا كان
ذلك النقطاع بي يدي النبؤة فقط و لعلها عادت بعد ذلك إل ما كانت عليه و هذا هو الظاهر لن هذه الدارك كلها تمد ف زمن النبؤة
كما تمد الكواكب و السرج عند وجود الشمس لن النبؤة هي النور العظم الذي يفى معه كل نور و يذهب.
و قد زعم بعض الكماء أنا إنا توجد بي يدي النبؤة ث تنقطع و هكذا كل نبؤة وقعت لن وجود النبوة ل بد له من وضع فلكي يقتضيه
و ف تام ذلك الوضع تام تلك النبؤة الت تدل عليها و نقص ذلك الوضع عن التمام يقتضي وجود طبيعة من ذلك النوع الذي يقتضيه
ناقصة و هو معن الكاهن على ما قررناه فقبل أن يتم ذلك الوضع الكامل يقع الوضع الناقص و يقتضي وجود الكاهن إما واحدا أو متعددا
فإذا ت ذلك الوضع ت وجود النب بكماله و انقضت الوضاع الدالة على مثل تلك الطبيعة فل يوجد منها شيء بعد و هذا بناء على أن
بعض الوضع الفلكي يقتضي بعض أثره و هو غي مسلم .فلعل الوضع إنا يقتضي ذلك الثر بيئته الالصة و لو نقص بعض أجزائها فل
يقتضي شيئا ،ل إنه يقتضي ذلك الثر ناقصا كما قالوه .ث إن هؤلء الكهان إذا عاصروا زمن النبؤة فإنم عارفون بصدق النب و دللة
معجزته لن لم بعض الوجدان من أمر النبؤة كما لكل إنسان من أمر اليوم و معقوبية تلك النسبة موجودة للكاهن بأشد ما للنائم و ل
يصدهم عن ذلك و يوقعهم ف التكذيب إل قوة الطامع ف أنا نبؤة لم فيقعون ف العناد كما وقع لمية بن أب الصلت فإنه كان يطمع أن
يتنبأ و كذا وقع لبن صياد و لسيلمة و غيهم فإذا غلب اليان و انقطعت تلك المان آمنوا أحسن إيان كما وقع لطليحة السدي و
سواد بن قارب و كان لما ف الفتوحات السلمية من الثار الشاهدة بسن اليان.
الرؤيا
و أما الرؤيا فحقيقتها مطالعة النفس الناطقة ف ذاتا الروحانية لحة من صور الواقعات فإنا عندما تكون روحانية تكون صور الواقعات فيها
موجودة بالفعل كما هو شأن الذوات الروحانية كلها و تصي روحانية بأن تتجرد عن الواد السمانية و الدارك البدنية و قد يقع لا ذلك
لحة بسبب النوم كما نذكر فتقتبس با علم ما تتشوف إليه من المور الستقبلة و تعود به إل مداركها فإن كان ذلك القتباس ضعيفا و
غي جلي بالحاكاة و الثال ف اليال لتخلصه فيحتاج .من أجل هذه الحاكاة إل التعبي و قد يكون القتباس قويا يستغن فيه عن الحاكاة
فل يتاج إل تعبي للوصه من الثال و اليال و السبب ف وقوع هذه اللمحة للنفس أنا ذات روحانية بالقوة مستكملة بالبدن و مداركه
حت تصي ذاتا تعقلً مضا و يكمل وجودها بالفعل فتكون حينئذ ذاتا روحانية مدركة بغي شيء من اللت البدنية إل أن نوعها ف
الروحانية دون نوع اللئكة أهل الفق العلى على الذين ل يستكملوا ذواتم بشيء من مدارك البدن و ل غيه فهذا الستعداد حاصل لا
ما دامت ف البدن و منه خاص كالذي للولياء و منه عام للبشر على العموم و هو أمر الرؤيا .و أما الذي للنبياء فهو استعداد بالنسلخ
من البشرية إل اللكية الحضة الت هي ،أعلى الروحانيات و يرج هذا الستعداد فيهم متكررا ف حالت الوحي و هو عندما يعرج على
الدارك البدنية و يقع فيها ما يقع من الدراك يكون شبيها بال النوم شبها بينا و إن كان حال النوم أدون منه بكثي فلجل هذا الشبه عب
الشارع عن الرؤيا بأنا جزء من ستة و أربعي جزا من النبؤة و ف رواية ثلثة و أربعي و ف رواية سبعي و ليس العدد ف جيعها مقصودا
بالذات و إنا الراد الكثرة ف تفاوت هذه الراتب بدليل ذكر السبعي ف بعض طرقه و هو للتكثي عند العرب و ما ذهب إليه بعضهم ف
رواية ستي و أربعي من أن الوحي كان ف مبدإه بالرؤيا ستة أشهر و هي نصف سنة و مدة النبوة كلها بكة و الدينة ثلث و عشرين سنة
فنصف السنة منها جزء من ستة و أربعي فكلم بعيد من التحقيق لنة إنا وقع ذلك للنب صلى ال عليه و سلم و من أين لنا أن هذه الدة
وقعت لغيه من النبياء مع أن ذلك إنا يعطي نسبة زمن الرؤيا من زمن النبؤة و ل يعطي حقيقتها من حقيقة النبؤة و إذا تبي لك هذا ما
ذكرناه أولً علمت أن معن هذا الزء نسبة الستعداد الول الشامل للبشر إل الستعداد القريب الاص بصنف النبياء الفطري لم صلوات
ال عليهم إذ هو الستعداد البعيد و إن كان عاما ف البشر و معه عوائق و موانع كثية من حصوله بالفعل و من أعظم تلك الوانع الواس
الظاهرة ففطر ال البشر على ارتفاع حجاب الواس بالنوم الذي هو جبلي لم فتتعرض النفس عند ارتفاعه إل معرفة ما تتشوف إليه ف عال
الق فتدرك ف بعض الحيان منه لحة يكون فيها الظفر بالطلوب و لذلك جعلها الشارع من البشرات فقال ل يبق من النبؤة إل البشرات
قالوا و ما البشرات يا ر سول ال قال الرؤيا الصالة يراها الرجل الصال أو ترى له و أما سبب ارتفاع حجاب الواس بالنوم فعلى ما
أصفه لك و ذلك أن النفس الناطقة إنا إدراكها و أفعالا بالروح اليوان السمان و هو بار لطيف مركزه بالتجويف اليسر من القلب
على ما ف كتب التشريح لالينوس و غيه و ينبعث مع الدم ف الشريانات و العروق فيعطي الس و الركة ،و سائر الفعال البدنية و
يرتفع لطيفه إل الدماغ فيعدل من برده و تتم أفعال القوى الت ف بطونه فالنفس الناطقة إنا تدرك و تعقل بذا الروح البخاري و هي متعلقة
به لا اقتضته حكمة التكوين ف أن اللطيف ل يؤثر ف الكثيف و لا لطف هذا الروح اليوان من بي الواد البدنية صار ملً لثار الذات
الباينة له ف جسمانيته وهي النفس الناطقة و صارت آثارها حاصلة ف البدن بواسطته و قد كنا قدمنا أن إدراكها على نوعي إدراك بالظاهر
و هو الواس المس و إدراك بالباطن و هو القوى الدماغية و أن هذا الدراك كله صارف لا عن إدراكها ما فوقها من ذواتا الروحانية
الت هي مستعدة له بالفطرة و لا كانت الواس الظاهرة جسمانية كانت معرضةً للوسن و الفشل با يدركها من التعب و الكلل و تغشى
الروح بكثرة التصرف فخلق ال لا طلب الستجمام لتجرد الدراك على الصورة الكاملة و إنا يكون ذلك بانناس الروح اليوان من
الواس الظاهرة كلها و رجوعه إل الس الباطن و يعي على ذلك ما يغشى البدن من البد بالليل فتطلب الرارة الغزيرة أعماق البدن و
تذهب من ظاهره إل باطنه فتكون مشيعة مركبها و هو الروح اليوان إل الباطن و لذلك كال النوم للبشر ف الغالب إنا هو بالليل فإذا
اننس الروح عن الواس الظاهرة و رجع إل القوى الباطنة و خفت عن النفس شواغل الس و موانعه و رجعت إل الصورة الت ف
الافظة تثل منها بالتركيب و التحليل صور خيالية و أكثر ما تكون معتادة لنا منتزعة من الدركات التعاهدة قريبا ث ينلا الس الشترك
الذي هو جامع الواس الظاهرة فيدركها على أناء الواس المس الظاهرة و ربا التفتت النفس لفتة إل ذاتا الروحانية مع منازعتها القوى
الباطنية فتدرك بإدراكها الروحان لنا مفطورة عليه و تقيس من صور الشياء الت صارت متعلقة ف ذاتا حينئذ ث يأخذ اليال تلك الصور
الدركة فيمثلها بالقيقة أو الحاكاة ف القوالب العهودة و الحاكاة من هذه هي الحتاجة للتعبي و تصرفها بالتركيب و التحليل ف صور
الافظة قبل أن تدرك من تلك اللمحة ما تدركه هي أضغاث أحلم .و ف الصحيح أن النب صلى ال عليه و سلم قال :الرؤيا ثلث رؤيا من
ال و رؤيا من اللك و رؤيا من الشيطان و هذا التفصيل مطابق لا ذكرناه فاللي من ال و الحاكاة الداعية إل التعبي من اللك و أضغاث
الحلم من الشيطان لنا كلها باطل و الشيطان ينبوع الباطل هذه حقيقة الرؤيا و ما يسببها و يشيعها من النوم و هي خواص للنفس
النسانية موجودة ف البشر على العموم ل يلو عنها أحد منهم بل كل واحد من النسان رأى ف نومه ما صدر له ف يقظته مرارا غي
واحدة و حصل له على القطع أن النفس مدركة للغيب ف النوم و ل بد و إذا جاز ف ذلك ف عال النوم فل يتنع ف غي من الحوال لن
الذات الدركة واحدة و خواصها عامة ف كل حال و ال الادي إل الق بنه و فصله.
فصل :و وقوع ما يقع للبشر من ذلك غالبا إنا هو من غي قصد ول قدرة عليه و إنا تكون النفس متشوقة لذلك الشيء فيقع بتلك اللمحة
ف النوم لنا تقصد إل ذلك فتراه و قد وقع ف كتاب الغاية و غي من كتب أهل الرياضيات ذكر أساء تذكر عند النوم فتكون عنها الرؤيا
فيما يتشوف إليه و يسمونا الالومية و ذكر منها مسلمة ف كتاب الغاية حالومة ساها حالومة الطباع التام و هو أن يقال عند النوم بعد
فراغ السر و صحة التوجه هذه الكلمات العجمية و هي تاغس بعد أن يسواد و غداس نوفنا غادس و يذكر حاجته فإنه يرى الكشف عما
يسأل عنه ف النوم .و حكى أن رجلً فعل ذلك بعد رياضة ليال ف مأكله و ذكره فتمثل له شخص يقول له إن طباعك التام فسأله و أخبه
عما كان يتشوف إليه و قد وقع ل أنا بذه الساء مراء عجيبة و اطلعت با على أمور كنت أتشوف عليها من أحوال و ليس ذلك بدليل
على أن القصد للرؤيا يدثها و إنا هذه الالومات تدث استعدادا ف النفس لوقوع الرؤيا فإذا قوي الستعداد كال أقرب إل حصول ما
ل على إيقاع الستمد له فالقدرة على الستعداد غي القدرة على الشيء يستعد له و للشخص أن يفعل من الستعداد ما أحب و ل يكون دلي ً
فاعلم ذلك و تدبره فيما تد من أمثاله و ال الكيم البي.
فصل :ث إنا ند ف النوع النسان أشخاصا يبون بالكائنات قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميز با صنفهم عن سائر الناس و ل يرجعون ف
ذلك إل صناعة و ل يستدلون عليه بأثر من النجوم و ل من غيها إنا ند مداركهم ف ذلك بقتضى فطرته الت فطروا عليها و ذلك مثل
العرافي و الناظرين ف الجسام الشفافي كالرايا و طساس الاء و الناظرين ف قلوب اليوانات و أكبادها و عظامها و أهل الزجر ف الطي
و السباع و أهل الطرق بالصى و البوب من النطة و النوى و هذه كلها موجودة ف عال النسان ل يسع أحدا جحدها و ل إنكارها و
كذلك الجاني يلقى على ألسنتهم كلمات من الغيب فيخبون با و كذلك النائم و اليت لول موته أو نومه يتكلم بالغيب و كذلك أهل
الرياضيات من التصوفة لم مدارك ف الغيب على سبيل الكرامة معروفة .و نن الن نتكلم عن هذه الدراكات كلها و نبتدئ منها بالكهانة
ث نأت عليها واحدةً واحدةً إل آخرها و نقدم على ذلك مقدمة ف أن النفس النسانية كيف تستعد لدراك الغيب ف جيع الصناف الت
ذكرناها و ذلك أنا ذات روحانية موجودة بالقوة إل الفعل بالبدن و أحواله و هذا أمر مدرك لكل أحد و كل ما بالقوة فله مادة و صورة
و صورة هذه النفس الت با يتم وجودها هو عي الدراك و التعقل فهي توجد أولً بالقوة مستعدة للدراك و التعقل فهي توجد أولً بالقوة
مستعدة للدراك و قبول الصور الكلية و الزئية ث يتم نشؤها و وجودها بالفعل بصاحبة البدن و ما يعودها بورود مدركاتا الحسوسة
عليها و ما تنتزع من تلك الدراكات من العان الكلية فتتعقل الصور مرة بعد أخرى حت يصل لا الدراك و التعقل بالفعل فتتم ذاتا و
تبقى النفس كاليول و الصور متعاقبة عليها بالدراك واحدة بعد واحدة و لذلك ند الصب ف أول نشأته ل يقدر على الدراك الذي لا من
ذاتا ل بنوم و ل بكشف و ل بغيها و ذلك أن صورتا الت هي عي ذاتا و هي الدراك و التعقل ل تتم بعد بل ل يتم لا انتزاع الكليات
ث إذا تت ذاتا بالفعل حصل لا ما دامت مع البدن نوعان من الدراك إدراك بآلت السم تؤديه إليها الدارك البدنية و إدراك بذاتا من غي
واسطة و هي مجوبة عنه بالنغماس ف البدن و الواس و بشواغلها لن الواس أبدا جاذبة لا إل الظاهر با فطرت عليه أولً من الدراك
السمان و ربا تنغمس من الظاهر إل الباطن فيتفع حجاب البدن لظةً إما بالاصية الت هي للنسان على الطلق مثل النوم أو بالاصية
الوجودة لبعض البشر مثل الكهانة و الطرق أو بالرياضة مثل أهل الكشف من الصوفية فتلتفت حينئذ إل الذوات الت فوقها من الل لا بي
أفقها و أفقهم من التصال ف الوجود كما قررنا قبل و تلك الذوات روحانية و هي إدراك مض و عقول بالفعل و فيها صور الوجودات و
حقائقها كما مر فيتجلى فيها شيء من تلك الصور و تقتبس منها علوما و ربا دفعت تلك الصور الدركة إل اليال فيصرفه ف القوالب
العتادة ث يراجع الس با أدركت إما مردا أو ف قوالبه فتخب به .هذا هو شرح استعداد النفس لذا الدراك الغيب .و لنرجع إل ما وعدنا
به من بيان أصنافه .فأما الناظرون ف الجسام الشفافة من الرايا و طساس الياه و قلوب اليوان و أكبادها و عظامها و أهل الطرق بالصى
و النوى فكلهم من قبيل الكهان إل أنم أضعف رتبة فيه ف أصل خلقهم لن الكاهن ل يتاج ف رفع حجاب الس إل كثي معاناة و
هؤلء يعانونه بانصار الدارك السية كلها ف نوع واحد منها و أشرفها البصر فيعكف على الرئي البسيط حت يبدو له مدركه الذي يب
به عنه و ربا يظن أن مشاهدة هؤلء لا يرونه هو ف سطح الرآة و ليس كذلك بل ل يزالون ينفرون ف سطح الرآة إل أن يغيب عن البصر
و يبدو فيما بينهم و بي سطح الرآة حجاب كأنة غمام يتمثل فيه صور هي مداركهم فيشيون إليه بالقصود لا يتوجهون إل معرفته من
نفي أو إثبات فيخبون بذلك على نو ما أدركوه و أما الرآة و ما يدرك فيها من الصور فل يدركونه ف تلك الال و إنا ينشأ لم با هذا
النوع الخر من الدراك و هو نفسان ليس من إدراك البصر بل يتشكل به الدرك النفسان للحس كما هو معروف و مثل ذلك ما يعرض
للناظرين ف قلوب اليوانات و أكبادها و لناظرين ف الاء و الطساس و أمثال ذلك .و قد شاهدنا من هؤلء من يشغل الس بالبخور فقط
ث بالعزائم للستعداد ث يب كما أدرك و يزعمون أنم يرون الصور متشخصة ف الواء تكي لم أحوال ما يتوجهون إل إدراكه بالثال و
الشارة وغيبة هؤلء عن الس أخف من الولي و العال أبو الغرائب .و أما الزجر و هو ما يدث من بعض الناس من التكلم بالغيب عند
سنوح طائر أو حيوان و الفكر فيه بعد مغيبه و هي قوة ف النفس تبعث على الرص و الفكر فيما زجر فيه من مرئي أو مسموع و تكون
قوته الخيلة كما قدمناه قوية فيبعثها ف البحث مستعينا با رآه أو سعه فيؤديه ذلك إل إدراك ما ،كما تفعله القوة التخيلة ف النوم و عند
ركود الواس تتوسط بي الحسوس الرئي ف يقظته و تمعه مع ما عقلته فيكون عنها الرؤيا .و أما الجاني فنفوسهم الناطقة ضعيفة التعلق
بالبدن لفساد أمزجتهم غالبا و ضعف الروح اليوان فيها فتكون نفسه غي مستغرقة ف الواس و ل منغمسة فيها با شغلها ف نفسها من
أل النقص و مرضه و ربا زاحها على التعلق به روحانية أخرى شيطانية تتشبث به و تضعف هذه عن مانعتها فيكون عنه التخبط فإذا أصابه
ذلك التخبط إما لفساد مزاجه من فساد ف ذاتا أو لزاحة من النفوس الشيطانية ف تعلقه غاب عن حسه جلة فأدرك لحة من عال نفسه و
الطبع فيها بعض الصور و صرفها اليال و ربا نطق عن لسانه ف تلك الال من غي إرادة النطق وإدراك هؤلء كلهم مشوب فيه الق
بالباطل لنة ل يصل لم التصال و إن فقدوا الس إل بعد الستعانة بالتصورات الجنبية كما قررناه و من ذلك ييء الكذب ف هذه
الدارك و أما العرافون فهم التعلقون بذا الدراك و ليس لم ذلك التصال فيسلطون الفكر على المر الذي يتوجهون إليه و يأخذون فيه
بالفن و التخمي بناء على ما يتوهونه من مبادىء ذلك التصال و الدراك و يدعون بذلك معرفة الغيب و ليس منه على القيقة هذا تصيل
هذه المور و قد تكلم عليها السعودي ف مروج الذهب فما صادف تقيقا و ل إصابة و يظهر من كلم الرجل أنه كان بعيدا عن الرسوخ
ف العارف فينقل ما سع من أهله و من غي أهله و هذه الدراكات الت ذكرناها موجودة كلها ف نوع البشر فقد كان العرب يفزعون إل
الكهان ف تعرف الوادث و يتنافرون إليهم ف الصومات ليعرفوهم بالق فيها من إدراك غيبهم و ف كتب أهل الدب كثي من ذلك و
اشتهر منهم ف الاهلية شق بن أنار بن نزار و سطيح بن مازن بن غسان و كان يدرج كما يدرج الثوب و ل عظم فيه إل المجمة و من
مشهور الكايات عنهما تأويل رؤيا ربيعه بن مضر و ما أخباه به ملك البشة لليمن و ملك مضر من بعدهم و لظهور النبؤة الحمدية ف
قريش و رؤيا الوبذان الت أولا سطيح لا بعث إليه با كسرى عبد السيح فاخبه بشأن النبؤة و خراب ملك فارس و هذه كلها مشهورة و
كذلك العرافون كان ف العرب منهم كثي و ذكروهم ف أشعارهم قال
و قال الخر
وعراف اليمامة هو رباح بن عجلة و عراف ند البلق السدي .و من هذه الدارك الغيبية ما يصدر لبعض الناس عند مفارقة اليقظة و
التباسه بالنوم من الكلم على الشيء الذي يتشوف إليه با يعطيه غيب ذلك المر كما يريد و ل يقع ذلك إل ف مبادىء النوم عند مفارقة
اليقظة و ذهاب الختبار ف الكلم فيتكلم كأنه مبور على النطق و غايته أن يسمعه و يفهمه و كذلك يصدر عن القتولي عند مفارقة
رؤوسهم و أوساط أبدانم كلم بثل ذلك .و لقد بلغنا عن بعض البابرة الظالي أن قتلوا من سجونم أشخاصا ليتعرفوا من كلمهم عند
القتل عواقب أمورهم ف أنفسهم فأعلموهم با يستبشع .و ذكر مسلمة ف كتاب الغاية له ف مثل ذلك أن آدميا إذا جعل ف دن ملوء بدهن
السمسم و مكث فيه أربعي يوما يغذى بالتي و الوز حت يذهب لمة و ل يبقى منه إل العروق و شؤون رأسه فيخرج من ذلك الدفن
فحي يف عليه الواء ييب عن كل شيء يسأل عنه من عواقب المور الاصة و العامة و هذا فعل من مناكي أفعال السحرة لكن يفهم منه
عجائب العال النسان و من الناس .من ياول حصول هذا الدرك الغيب بالرياضة فيحاولون بالجاهدة موتا صناعيا بإماتة جيع القوى
البدنية ث مو آثارها الت تلونت با النسق ث تغذيتها بالذكر لتزداد قوة ف نشئها و يصل ذلك بمع الفكر و كثرة الوع و من العلوم على
القطع أنه إذا نزل الوت بالبدن ذهب الس و حجابة و اطلعت النفس على الغيبات و من هؤلء أهل الرياضة السحرية يرتاضون بذلك
ليحصل لم الطلع على الغيبات و التصرفات ف العوال و أكثر هؤلء ف القاليم النحرفة جنوبا و شالً خصوصا بلد الند و يسمون
هنالك الوكية و لم كتب ف كيفية هذه الرياضة كثية و الخبار عنهم ف ذلك غريبة .و أما التصوفة فرياضتهم دينية و عرية عن هذه
القاصد الذمومة و إنا يقصدون جع المة و القبال على ال بالكلية ليحصل لم أذواق أهل العرفان و التوحيد و يزيدون ف رياضتهم إل
المع و الوع التغذية بالذكر فبها تتم و جهتهم ف هذه الرياضة لنه إذا نشأة النفس على الذكر كانت أقرب إل العرفان بال و إذا عريت
عن الذكر كانت شيطانية و حصول ما يصل من معرفة الغيب و التصرف لؤلء التصوفة إنا هو بالعرض و ل يكون مقصودا من أول
المر لنه إذا قصد ذلك كانت الوجهة فيه لغي ال و إنا هي لقصد التصرف و الطلع على الغيب و أخسر با صفقة فإنا ف القيقة شرك
قال بعضهم :من آثر العرفان للعرفان فقد قال بالثان فهم يقصدون بوجهتهم العبود ل لشيء سواه ل إذا حصل ف أثناء ذلك ما يصل
فبالعرض و غي مقصود لم و كثي منهم يفر منه إذا عرض له و ل يفل به و إنا يريد ال لذاته ل لغيه و حصول ذلك لم معروف و
يسمون ما يقع لم من الغيب و الديث على الواطر فراسة و كشفا و ما يقع لم من التصرف كرامة و ليس شيء من ذلك بنكي ف
حقهم و قد ذهب إل إنكاره الستاذ أبو إسحق السفراين و أبو ممد بن أب زيد الالكي ف آخرين فرارا من التباس العجزة بغيها و
العول عليه عند التكلمي حصول التفرقة بالتحدي فهو كاف .و قد ثبت ف الصحيح أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال :إن فيكم
مدثي و أن منهم عمر و قد وقع للصحابة من ذلك وقائع معروفة تشهد بذلك ف مثل قول عمر رضي ال عنة يا سارية البل و هو سارية
بن زنيم كان قائدا على بعض جيوش السلمي بالعراق أيام الفتوحات و تورط مع الشتركي ف معترك و هم بالنزام و كان بقربه جبل
يتحيز إليه فرفع لعمر ذلك و هو يطب على النب بالدينة فناداه يا سارية البل و سعه سارية و هو بكانه و رأى شخصه هنالك و القصة
معروفة و وقع مثله أيضا لب بكر ف وصيته عائشة ابنته رضي ال عنهما ف شأن ما نلها من أوسق التمر من حديقته ث نبهها على جذاذه
لتحوزه عن الورثة فقال ف سياق كلمه و إنا ها أخواك و أختاك فقالت :إنا هي أساء فمن الخرى ؟ فقال :إن ذا بطن بنت خارجة
أراها جارية فكانت جارية وقع ف الوطإ ف باب ما ل يوز من النحل و مثل هذه الوقائع كثية لم و لن بعدهم من الصالي و أهل
القتداء إل أن أهل التصوف يقولون إنه يقل ف زمن النبؤة إذ ل يبقى للمريد حالة بضرة النب حت أنم يقولون إن الريد إذا جاء للمدينة
النبوية يسلب حاله ما دام فيها حت يفارقها و ال يرزقنا الداية و يرشدنا إل الق.
و من هؤلء الريدين من التصوفة قوم باليل معتوهون أشبه بالجاني من العقلء و هم مع ذلك قد صحت لم مقامات الولية و أحوال
الصديقي و علم ذلك من أحوالم من يفهم عنهم من أهل الذوق مع أنم غي مكلفي و يقع لم من الخبار عن الغيبات عجائب لنم ل
يتقيدون بشيء فيطلقون كلمهم ف ذلك و يأتون منه بالعجائب و ربا ينكر الفقهاء أنم على شيء من القامات لا يرون من سقوط
التكليف عنهم و الولية ل تصل إل بالعبادة و هو غلط فإن فضل ال يؤتيه من يشاء و ل يتوقف حصول الولية على العبادة و ل غيها و
إذا كانت النفس النسانية ثابتة الوجود فال تعال يصها با شاء من مواهبه و هؤلء القوم ل تعدم نفوسهم الناطقة و ل فسدت كحال
الجاني و إنا فقد لم العقل الذي يناط به التكليف و هي صفة خاصة للنفس و هي علوم ضروية للنسان يشتد با نظره و يعرف أحوال
معاشه و استقامة منله و كأنة إذا ميز أحوال معاشه و استقامة منله ل يبق له عذر ف قبول التكاليف لصلح معاده و ليس من فقد هذه
الصفة بعاقل لنفسه و ل ذاهل عن حقيقته فيكون موجود القيقة معدوم العقل التكليفي الذي هو معرفة العاش و ل استحالة ف ذلك و ل
يتوقف اصطفاء ال عباده للمعرفة على شيء من التكاليف و إذا صح ذلك فأعلم أنه ربا يلتبس حال هؤلء بالجاني الذين تفسد نفوسهم
الناطقة و يلتحقون بالبهائم و لك ف تييزهم علمات منها أن هؤلء البهاليل ل تد لم وجهة أصلً و منها أنم يلقون على البله من أول،
نشأتم و الجاني يعرض لم النون بعد مدة من العمر لعوارض بدنية طبيعية فإذا عرض لم ذلك و فسدت نفوسهم الناطقة ذهبوا باليبة و
منها كثرة تصرفهم ف الناس بالي و الشر لنم ل يتوقفون على إذن لعدم التكليف ف حقهم و الجاني ل تصرف لم و هذا فصل انتهى
بنا الكلم إليه و ال الرشد للصواب.
و قد يزعم بعض الناس أن هنا مدارك للغيب من دون غيبة عن الس فمنهم النجمون القائلون بالدللت النجومية و مقتضى أوضاعها ف
الفلك و آثارها ف العناصر و ما يصل من المتزاج بي طباعها بالتناظر و يتأدى من ذلك الزاج إل الواء و هؤلء النجمون ليسوا من
الغيب ف شيء إنا هي ظنون حدسية و تمينات مبنية على التأثي النجومية و حصول الزاج منه للهواء مع مزيد حدس يقف به الناظر على
تفصيله ف الشخصيات ف العال كما قاله بطليموس و نن نبي بطلن ذلك ف مله إن شاء ال و هؤلء لو ثبت فغايته حدس و تمي و
ليس ما ذكرناه ف شيء .و من هؤلء قوم من العامة استنبطوا لستخراج الغيب و تعرف الكائنات صناعة سوها خط الرمل نسبة إل الادة
الت يضعون فيها عملهم و مصول هذه الصناعة أنم صيوا من النقط أشكالً ذات أربع مراتب تتلف باختلف مراتبها ف الزوجية و
ل لنا إن كانت أزواجا كلها أو أفرادا كلها فشكلن و إن كان الفرد فيهما ف مرتبة
الفردية و استوائها فيهما فكالت ستة عشر شك ً
واحدة فقط فأربعة أشكال و إن كان الفرد ف مرتبتي فستة أشكال و إن كان ف ثلث مراتب فأربعة أشكال جاءت ستة عشر شكل
ميزوها كلها بأسائها و أنواعها إل سعود و نوس شأن الكواكب و جعلوا لا ستة عشر بيتا طبيعية يزعمهم و كأنا البوج الثنا عشر الت
للفلك و الوتاد الربعة و جعلوا لكل شكل منها بيتا و خطوطا ،و دللة على صنف من موجودات عال العناصر يتص به و استنبطوا من
ذلك فنا حاذوا به فن النجامة و نوع فصائه إل أن أحكام النجامة مستندة إل أوضاع طبيعية كما يزعم بطليموس و هذه إنا مستندها
أوضاع تكيمية و أهواء اتفاقية و ل دليل يقوم على شيء منها و يزعمون أن أصل ذلك من النبؤات القدية ف العال و ربا نسبوها إل
دانيال أو إل إدريس صلوات ال عليهما شأن الصنائع كلها و ربا يدعون مشروعيتها و يتجون بقوله صلى ال عليه و سلم :كان نب يط
فمن وافق خطة فذاك و ليس ف الديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من ل تصيل لديه لن معن الديث كان نب
يط فيأتيه الوحي عند ذلك الط و ل استحالة ف أن يكون ذلك عادة لبعض النبياء فمن وافق خطة ذلك النب فهو ذاك أي فهو صحيح
من بي الط با عضده من الوحي لذلك النب الذي كانت عادته أن يأتيه الوحي عند الط و أما إذا أخذ ذلك من الط مردا من غي
موافقة وحي فل و هذا معن الديث و ال أعلم .فإذا أرادوا استخراج مغيب بزعمهم عمدوا إل قرطاس أو رمل أو دقيق فوضعوا النقط
سطورا على عدد الراتب الربع ث كرروا ذلك أربع مرات فتجيء ستة عشر سطرا ث يطرحون النقط أزواجا و يضعون ما بقى من كل
سطر زوجا كان أو فردا ف مرتبته على الترتيب فتجيء أربعة أشكال يضعونا ف سطر متتالية ث يولدون منها أربعة أشكال أخرى من
جالب العرض باعتبار كل مرتبة و ما قابلها من الشك الذي بإزائه و ما يتمع منهما من زوج أو فرد فتكون ثانية أشكال موضوعة ف سطر
ث يولدون من كل شكلي شكلً تتهما باعتبار ما يتمع ف كل مرتبة من مراتب الشكلي أيضا من زوج أو فرد فتكون أربعة أخرى تتها
ل كذلك تتهما ث من هذا الشكل الامس عشر مع الشكل الول شكلً ث يولدون من الربعة شكلي كذلك تتها من الشكلي شك ً
يكون أخر الستة عشر ث يكمون على الط كله با اقتضته أشكاله من السعودة و النحوسة بالذات و النظر و اللول و المتزاج و الدللة
على أصناف الوجودات و سائر ذلك تكما غريبا و كثرت هذه الصناعة ف العمران و وضعت فيها التآليف و اشتهر فيها العلم من
التقدمي و التأخرين و هي كما رأيت تكم و هوى و التحقيق الذي ينبغي أن يكون نصب فكرك أن الغيوب ل تدرك بصناعة البتة و ل
سبيل إل تعرفها إل للخواص من البشر الفطورين على الرجوع من عال الس إل عال الروح و لذلك يسمى النجمون هذا الصنف كلهم
بالزهريي نسبة إل ما تقتضيه دللة الزهرة بزعمهم ف أصل مواليدهم على إدراك الغيب فالط و غيه من هذه أن كان الناظر فيه من أهل
هذه الاصية و قصد بذه المور الت ينظر فيها من النقط أو العظام أو غيها إشغال الس لترجع النفس إل عال الروحانيات لظة ما ،فهو
من باب الطرق بالصى و النظر ف قلوب اليوانات و الرايا الشفافة كما ذكرناه .و أن ل يكن كذلك و إنا قصد معرفة الغيب بذه
الصناعة و أنا تفيده ذلك فهذر من القول و العمل و ال يهدي من يشاء .و العلمة لذه الفطرة الت فطر عليها أهل هذا الدراك الغيب أنم
عند توجههم إل تعرف الكائنات يعتريهم خروج عن حالتهم الطبيعية كالتثاؤب و التمطط و مبادىء الغيبة عن الس و يتلف ذلك بالقوة
و الضعف على اختلف وجودها فيهم فمن ل توجد له هذه العلمة فليس من إدراك الغيب ف شيء و إنا هو ساع ف تنفيق كذبه.
فصل
و منهم طوائف يضعون قواني لستخراج الغيب ليست من الطور الول الذي هو من مدارك النفس الروحانية و ل من الدس البن على
تأثيات النجوم كما زعمه بطليموس و ل من الظن و التخمي الذي ياول عليه العرافون و إنا هي مغالط يعلونا كالصائد لهل العقول
الستضعفة و لست أذكر من ذلك إل ما ذكره الصنفون و ولع به الواص فمن تلك القواني الساب الذي يسمونه حساب النيم و هو
مذكور ف آخر كتاب السياسة النسوب لرسطو يعرف به الغالب من الغلوب ف التحاربي من اللوك و هو أن تسب الروف الت ف
اسم أحدها بساب المل الصطلح عليه ف حروف أبد من الواحد إل اللف آحادا و عشرات و مئي وألوفا فإذا حسبت السم و
تصل لك منه عدد فاحسب اسم الخر كذلك ث اطرح من كل واحد منهما تسعة و احفظ بقية هذا و بقية هذا ث انظر بي العددين
الباقيي من حساب السي فإن كان العددان متلفي ف الكمية وكانا معا زوجي أو فردين معا .فصاحب القل منهما هو الغالب و إن كان
أحدها زوجا و الخر فردا فصاحب الصغر هو الغالب و أن كانا متساويي ف الكمية و ها معا زوجان فالطلوب هو الغالب و إن كانا
معا فردين فالطالب هو الغالب و يقال هنالك بيتان ف هذا العمل اشتهرا بي الناس و ها:
و أكثرها عند التحالف غالب أرى الزوج و الفراد يسمو اقلها
و عند استواء الفرد يغلب طالب و يغلب مطلوب إذا الزوج يستوي
ث وضعوا لعرفة ما بقى من الروف بعد طرحها بتسعة قانونا معروفا عندهم ف طرح تسعة و ذلك أنم جعوا الروف الدالة على الواحد
ف الراتب الربع و هي (ا) الدالة على الواحد وهي (ي) الدالة على العشرة و هي واحد ف مرتبة العشرات و(ق) الدالة على الائة لنا
واحد ف مرتبة الئي و (ش) الدالة على اللف لنا واحد ف منلة اللف و ليس بعد اللف عدد يدل عليه بالروف لن الشي هي آخر
حروف أبد ث رتبوا هذه الحرف الربعة على نسق الراتب فكان منها كلمة رباعية و هي (ايقش) ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على اثني
ف الراتب الثلث و أسقطوا مرتبة اللف منها لنا كانت آخر حروف أبد فكان مموع حروف الثني ف الراتب الثلث ثلثة حروف
و هي (ب) الدالة على اثني ف الحاد و (ك) الدالة على اثني ف العشرات و هي عشرون و (ر) الدالة على اثني ف الئي و هي مائتان و
صيوها كلمة واحدة ثلثة على نسق الراتب و هي بكر ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على ثلثة فنشأت عنها كلمة جلس و كذلك إل
آخر حروف أبد و صارت تسع كلمات ناية عدد الحاد و هي ايقش بكر جلس دمت هنث و صخ زعد حفظ طضغ مرتبة على توال
العداد و لكل كلمة منها عددها الذي هي ف مرتبته فالواحد لكلمة ايقش و الثنان لكلمة بكر و الثلثة لكلمة جلس و كذلك إل التاسعة
الت هي طضغ فتكون لا التسعة فإذا أرادوا طرح السم بتسعة نظروا كل حرف منه ف أي كلمة هو من هذه الكلمات و أخذوا عددها
مكانه ث جعوا العداد الت يأخذونا بدلً من حروف السم فإن كانت زائدة على التسمية أخذوا ما فضل عنها و إل أخذوه كما هو ث
يفعلون كذلك بالسم الخر و ينظرون بي الارجي با قدمناه و السر ف هذا بي و ذلك أن الباقي من كل عقد من عقود العداد بطرح
تسعة إنا هو واحد فكأنه يمع عدد العقود خاصة من كل مرتبة فصارت أعداد العقود كأنا آحاد فل فرق بي الثني و العشرين و الائتي
و اللفي و كلها اثني و كذلك الثلثة و الثلثون و الثلثائة و الثلثة اللف كلها ثلثةً ثلثةً فوضعت العداد على التوال دالة على أعداد
العقود ل غي و جعلت الروف الدالة على أصناف العقود ف كل كلمة من الحاد و العشرات و الئي و اللوف و صار عدد الكلمة
الوضوع عليها نائبا عن كل حرف فيها سواء دل على الحاد أو العشرات أو الئي فيؤخذ عدد كل كلمة عوضا من الروف الت فيها و
تمع كلها إل آخرها كما قلناه هذا هو العمل التداول بي الناس منذ المر القدي و كان بعض من لقيناه من شيوخنا يرى أن الصحيح فيها
كلمات أخرى تسعة مكان هذه و متوالية كتواليها و يفعلون با ف الطرح بتسعة مثل ما يفعلونه بالخرى سواء و هي هذه ارب يسقك
جزلط مدوص هف تذن عش خع ثضظ تسع كلمات على توال ،العدد و لكل كلمة منها عددها الذي ف مرتبته فيها الثلثي و الرباعي و
الثنائي و ليست جارية على أصل مطرد كما تراه لكن كان شيوخنا ينقلونا عن شيخ الغرب ف هذه العارف من السيمياء و أسرار الروف
و النجامة و هو أبو العباس بن البناء و يقولون عنه أن العمل بذه الكلمات ف طرح حساب النيم أصح من العمل بكلمات ايقش و ال يعلم
كيف ذلك و هذه كلها مدارك للغيب غي معروف أرسطو عند الحققي لا فيه من الراء البعيدة عن التحقيق و البهان يشهد لك بذلك
تصفحه إن كنت من أهل الرسوخ .و من هذه القواني الصناعية لستخراج الغيوب فيما يزعمون الزايرجة السماة بزايرجة العال ،العزوة إل
أب العباس سيدي أحد السبت من أعلم التصوفة بالغرب كان ف آخر الائة السادسة براكش و لعهد أب يعقوب النصور من ملوك
الوحدين و هي غريبة العمل صناعة .و كثي من الواص يولعون بإفادة الغيب منها بعملها العروف اللغوز فيحرضون بذلك على حل رمزه
و كشف غامضه .و صورتا الت يقع العمل عندهم فيها دائرة عظيمة ف داخلها دوائر متوازية للفلك و العناصر و الكونات و الروحانيات
و غي ذلك من أصناف الكائنات و العلوم و كل دائرة مقسومة بأقسام فلكها إما البوج و إما العناصر أو غيها و خطوط كل قسم مارة
إل الركز و يسمونا الوتار و على كل وتر حروف متتابعة موضوعة فمنها برشوم الزمام الت هي أشكال العداد عند أهل الدواوين و
الساب بالغرب لذا العهد و منها برشوم الغبار التعارفة ف داخل الزايرجة و بي الدوائر أساء العلوم و مواضع الكوان و على ظاهر
الدوائر جدول متكثر البيوت التقاطعة طولً و عرضا يشتمل على خسة و خسي بيتا ف العرض و مائة و واحد و ثلثي ف الطول جوانب
منه معمورة البيوت تارة بالعدد و أخرى بالروف و جوانب خالية البيوت و ل تعلم نسبة تلك العداد ف أو ضاعها و ل القسمة الت
عينت البيوت العامرة من الالية و حافات الزايزجة أبيات من عروض الطويل على روي اللم النصوبة تتضمن صورة العمل ف استخراج
الطلوب من تلك الزايرجة إل أنا من قبيل اللغاز ف عدم الوضوح و اللء و ف بعض جوانب الزايرجة بيت من الشعر منسوب لبعض
أكابر أهل الدثان بالغرب و هو مالك بن وهيب من علماء أشبيلية كان ف الدولة اللمتونية و نص البيت
غرائب شك ضبطه الد مثل سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن
و هو البيت التداول عندهم ف العمل لستخراج الواب من السؤال ف هذه الزايرجة و غيها فإذا أرادوا استخراج الواب عما يسأل عنه
من السائل كتبوا ذلك السؤال و قطعوه حروفا ث أخذوا الطالع لذلك الوقت من بروج الفلك و درجها و عمدوا إل الزايرجة ث إل الوتر
الكتنف فيها بالبج الطالع من أوله مارا إل الركز ث إل ميط الدائرة قبالة الطالع فيأخذون جيع الروف الكتوبة عليه من أوله إل آخره و
العداد الرسومة بينهما و يصيونا حروفا بساب المل و قد ينقلون آحادها إل العشرات و عشراتا إل الئي و بالعكس فيهما كما
يقتضيه قانون العمل عندهم و يضعونا مع حروف السؤال و يضيفون إل ذلك جيع ما على الوتر الكتنف بالبج الثالث من الطالع من
الروف و العداد من أوله إل الركز فقط ل يتجاوزونه إل الحيط و يفعلون بالعداد ما فعلوه بالول و يضيفونا إل الروف الخرى ث
يقطعون حروف البيت الذي هو أصل العمل و قانونه عندهم و هو بيت مالك بن وهيب التقدم و يضعونا ناحية ث يضربون عدد درج
الطالع ف أس البج و أسه عندهم هو بعد البج عن آخر الراتب عكس ما عليه الس عند أهل صناعة الساب فانه عندهم البعد عن أول
الراتب ث يضربونه ف عدد آخر يسمونه الس الكب و الدور الصلي و يدخلون با تمع لم من ذلك ف بيوت الدول على قواني معروفة
و أعمال مذكورة و أدوار معدودة و يستخرجون منها حروفا و يسقطون أخرى و يقابلون با معهم ف حروف البيت و ينقلون منه ما
ينقلون إل حروف السؤال و ما معها ث يطرحون تلك الروف بأعداد معلومة يسمونا الدوار و يرجون ف كل دور الرف الذي ينتهي
عنده الدور و يعاودون ذلك بعدد الدوار العينة عندهم لذلك فيخرج آخرها حروف متقطعة و تؤلف على التوال فتصي كلمات منظومة
ف بيت واحد على وزن البيت الذي يقابل به العمل و رويه و هو بيت مالك ابن وهيب التقدم حسبما نذكر ذلك كله ف فصل العلوم عند
كيفية العمل بذه الزايرجة و قد رأينا كثيا من الواص يتهافتون على استخراج الغيب منها بتلك العمال و يسبون أن ما وقع من مطابقة
الواب للسؤال ف توافق الطاب دليل على مطابقة الواقع و ليس ذلك بصحيح لنه قد مر لك أن الغيب ل يدرك بأمر صناعي البتة و إنا
الطابقة الت فيها بي الواب و السؤل من حيث الفهام و التوافق ف الطاب حت يكون الواب مستقيما أو موافقا للسؤال و وقوع ذلك
ف هذه الصناعة ف تكسي الروف الجتمعة من السؤال و الوتار و الدخول ف الدول بالعداد الجتمعة من ضرب العداد الفروضة و
استخراج الروف من الدول بذلك و طرح أخرى و معاودة ذلك ف الدوار العدودة و مقابلة ذلك كله بروف البيت على التوال غي
مستنكر و قد يقع الطلع من بعض الذكياء على تناسب بي هذه الشياء فيقع له معرفة الجهول فالتناسب بي الشياء هو سبب الصول
على الجهول من العلوم الاصل للنفس و طريق لصوله سيما من أهل الرياضة فإنا تفيد العقل قوة على القياس و زيادة ف الفكر و قد مر
تعليل ذلك غي مرة و من أجل هذا العن ينسبون هذه الزايرجة ف الغالب لهل الرياضة فهي منسوبة للسبت و لقد وقفت على أخرى
منسوبة لسهل بن عبد ال و لعمري إنا من العمال الغريبة و العاناة العجيبة .و الواب الذي يرج منها فالسر ف خروجه منظوما يظهر ل
إنا هو القابلة بروف ذلك البيت و لذا يكون النظم على وزنه و رويه و يدل عليه أنا و جدنا أعمالً أخرى لم ف مثل ذلك أسقطوا فيها
القابلة بالبيت فلم يرج الواب منظوما كما تراه عند الكلم على ذلك ف موضعه و كثي من الناس تضيق مداركهم عن التصديق بذا
العمل و نفوذه إل الطلوب فينكر صحتها و يسب أنا من التخيلت و اليهامات و أن صاحب العمل با يثبت حروف البيت الذي ينظمه
كما يريد بي أثناء حروف السؤال و أن الوتار و يفعل تلك الصناعات على غي نسبة و ل قانون ث ييء بالبيت و يوهم أن العمل جاء
على طريقي منضبطة و هذا السبان توهم فاسد حل عليه العقول عن فهم التناسب بي الوجودات و العدومات و التفاوت بي الدارك و
العقول و لكن من شأن كل مدرك إنكار ما ليس ف طوقه إدراكه و يكفينا ف رد ذلك مشاهدة العمل بذه الصناعي و الدس القطعي فإنا
جاءت بعمل مطرد و قانون صحيح ل مرية فيه عند من يباشر ذلك من له ذكاء و حدس و إذا كان كثي من العاياة ف العدد الذي هو
أوضح الواضحات يعسر على الفهم إدراكه لبعد النسبة فيه و خفائها فما ظنك بثل هذا مع خفاء النسبة فيه و غرابتها فلنذكر مسئلة من
العاياة يتضح لك با شيء ما ذكرنا مثاله لو قيل لك أخذت عددا من الدراهم و اجعل بإزاء كل درهم ثلثة من الفلوس ث المع الفلوس
الت أخذت و اشتر با طائرا ث اشتر بالدراهم كلها طيورا بسعر ذلك الطائر فكم الطيور الشتراة بالدراهم فجوابه أن تقول هي تسعة لنك
تعلم أن فلوس الدراهم أربعة و عشرون و أن الثلثة ثنها و أن عدة أثان الواحد ثانية فإذا جعت الثمن من الدراهم إل الثمن الخر فكان
كله ثن طائر فهي ثانية طيور عدة أثان الواحد و تزيد على الثمانية طائرا آخر و هو الشترى بالفلوس الأخوذة أولً و على سعر اشتريت
بالدراهم فتكون تسعة فأنت ترى كيف خرج لك الواب الضمر بسر التناسب الذي بي أعداد السئلة و الوهم أول ما يلقي إليك هذه و
أمثالا إنا يعله من قبيل الغيب الذي ل يكن معرفته و ظهر أن التناسب بي المور هو الذي يرج مهولا من معلومها و هذا إنا هو ف
الواقعات الاصلة ف الوجود أو العلم و أما الكائنات الستقبلة إذا ل تعلم أسباب وقوعها و ل يثبت لا خب صادق عنها فهو غيب ل يكن
معرفته ل إذا تبي لك ذلك فالعمال الواقعة ف الزايرجة كلها إنا هي ف استخراج الواب من ألفاظ السؤال لنا كما رأيت استنباط
حروف على ترتيب من تلك الروف بعينها على ترتيب آخر و سر ذلك إنا هو من تناسب بينهما يطلع عليه بعض دون بعض فمن عرف
ذلك التناسب تيسر عليه استخراج ذلك الواب يتلك القواني و الواب يدل ف مقام آخر من حيث موضوع ألفاظه و تراكيبه على وقوع
أحد طرف السؤال من نفي أو إثبات و ليس هذا من القام الول بل إنا يرجع لطابقة الكلم لا ف الارج و ل سبيل إل معرفة ذلك من
هذه العمال بل البشر مجوبون عنه و قد استأثر ال بعلمه و ال يعلم و أنتم ل تعلمون.
الفصل السادس ف أن معاناة أهل الضر للحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة
بالنعة منهم
و ذلك أنه ليس كل أحد مالك أمر نفسه إذ الرؤساء و المراء الالكون لمر الناس قليل بالنسبة إل غيهم فمن الغالب أن يكون النسان ف
ملكة غيه ،و ل بد فإن كانت اللكة رفيقة و عادلة ل يعان منها حكم و ل منع و صد كان الناس من تت يدها مدلي با ف أنفسهم من
شجاعة أو جب واثقي بعدم الوازع حت صار لم الذلل جبلة ل يعرفون سواها و أما إذا كانت اللكة و أحكامها بالقهر و السطوة و
الخافة فتكسر حينئذ من سورة بأسهم و تذهب النعة عنهم لا يكون من التكاسل ف النفوس الضطهدة كما نبينه و قد نى عمر سعدا
رضي ال عنهما عن مثلها لا أخذ زهرة بن حوبة سلب الالنوس و كانت قيمته خسة و سبعي ألفا من الذهب و كان أتبع الالنوس يوم
القادسية فقتله و أخذ سلبه فانتزعه منه سعد و قال له هل انتظرت ف أتباعه إذن و كتب إل عمر يستأذنه فكتب إليه عمر تعمد إل مثل
زهرة و قد صلى با صلى به و بقى عليك ما بقى من حربك و تكسر فوقه و تفسد قلبه و أمضى له عمر سلبه و أما إذا كانت الحكام
بالعقاب فمذهبة للبأس بالكلية لن وقوع العقاب به و ل يدافع عن نفسه يكسبه الذلة الت تكسر من سورة بأسه بل شك و أما إذا كانت
الحكام تأديبية و تعليمية و أخذت من عند الصبا أثرت ف ذلك بعض الشيء لرباه على الخافة و النقياد فل يكون مد ًل ببأسه و لذا ند
التوحشي من العرب أهل البدو أشد بأسا من تأخذه الحكام و ند أيضا الذين يعانون الحكام و ملكتها من لدن مرباهم ف التأديب و
التعليم ف الصنائع و العلوم و الديانات ينقص ذلك من بأسهم كثيا و ل يكادون يدفعون عن أنفسهم عادية بوجه من الوجوه و هذا شأن
طلبة العلم النتحلي للقراءة و الخذ عن الشايخ و الية المارسي للتعليم و التأديب ف مالس الوقار و اليبة فيهم هذه الحوال و ذهابا
بالنعة و البأس .و ل تستنكر ذلك با وقع ف الصحابة من أخذهم بأحكام الدين و الشريعة و ل ينقص ذلك من بأسهم بل كانوا أشد الناس
بأسا لن الشارع صلوات ال عليه لا أخذ السلمون عنه دينهم كان وازعهم فيه من أنفسهم لا تلي عليهم من الترغيب و الترهيب و ل
ل يأخذون أنفسهم با با رسخ فيهم من عقائد اليان و يكن بتعليم صناعي و ل تأديب تعليمي إنا هي أحكام الذين و آدابه التلقاة نق ً
التصديق فلم تزل سورة بأسهم مستحكمة كما كانت و ل تدشها أظفار التأديب و الكم قال عمر رضي ال عنه ( من ل يؤدبه الشرع ل
أدبه ال ) حرصا على أن يكون الوازع لكل أحد من نفسه و يقينا بأن الشارع أعلم بصال العباد و لا تناقص الدين ف الناس و أخذوا
بالحكام الوازعة ث صار الشرع علما و صناعة يؤخز بالتعليم و التأديب و رجع الناس إل الضارة و خلق النقياد إل الحكام نقصت
يذلك سورة البأس فيهم فقد تبي أن الحكام السلطانية و التعليمية مفسدة للبأس لن الوازع فيها ذات و لذا كانت هذه الحكام السلطانية
و التعليم ما تؤثر ف أهل الواضر ف ضعف نفوسهم و حضد الشوكة منهم بعاناتم ف وليدهم و كهولم و البدو بعزل من هذه النلة
لبعدهم عن أحكام السلطان و التعليم و الداب و لذا قال ممد بن أب زيد ف كتابه ف أحكام العلمي و التعلمي ( أنه ل ينبغي للمؤدب
أن يضرب أحدا من الصبيان ف التعليم فوق ثلثة أسواط ) نقله عن شريح القاضي و احتج له بعضهم با وقع ف حديث بدء الوحي من
ل على ذلك لبعده عن التعليم التعارف و ال الكيم
شأن الغط و أنه كان ثلث مرات و هو ضعيف و ل يصلح شأن الغط أن يكون دلي ً
البي.
الفصل الادي و العشرون ف أنه إذا كانت المة وحشية كان ملكها أوسع
و ذلك لنم أقدر على التغلب و الستبداد كما قلناه و استعباد الطوائف لقدرتم على ماربة المم سواهم و لنم يتنلون من الهلي منلة
الفترس من اليوانات العجم و هؤلء مثل العرب و زناتة و من ف معناهم من الكراد و التركمان و أهل اللثام من صنهاجة و أيضا فهؤلء
التوحشون ليس لم وطن يرتافون منه و ل بلد ينحون إليه فنسبة القطار و الواطن إليهم على السواء فلهذا ل يقتصرون على ملكة قطرهم
و ما جاورهم من البلد و ل يقفون عند حدود أفقهم بل يظفرون إل القاليم البعيدة و يتغلبون على المم النائية و انظر ما يكى ف ذلك
عن عمر رضي ال عنه لا بويع و قام يرض الناس على العراق فقال :إن الجاز ليس لكم بدار إل على النجعة و ل قوى عليه أهله إل
بذلك أين القراء الهاجرون عن موعد ال سيوا ف الرض الت وعدكم ال ف الكتاب أن يورثكموها فقال :ليظهره على الدين كله و لو
كره الشركون و اعتب ذلك أيضا بال العرب السالفة من قبل مثل التبابعة و حي كيف كانوا يطون من اليمن إل الغرب مرة و إل العراق
و الند أخرى و ل يكن ذلك لغي العرب من المم و كذا حال اللثمي من الغرب لا نزعوا إل اللك طفروا من القليم الول و مالتم
منه ف جوار السودان إل القليم الرابع و الامس ف مالك الندلس من غي واسطة و هذا شأن هذه المم الوحشية فلذلك تكون دولتهم
أوسع نطاقا و أبعد من مراكزها ناية ،و ال يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار ل شريك له.
الفصل السادس و العشرون ف أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها
الراب
و السبب ف ذلك أنم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لم خلقا و جبلةً و كان عندهم ملذوذا لا فيه من
الروج عن ربقة الكم و عدم النقياد للسياسة و هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له فغاية الحوال العادية كلها عندهم الرحلة و
التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و فناف له فالجر مثلً إنا حاجتهم إليه لنصبه أثاف القدر فينقلونه من البان و يربونا
عليه و يعدونه لذلك و الشب أيضا إنا حاجتهم إليه ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الوتاد منه لبيوتم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت
طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران هذا ف حالم على العموم و أيضا فطبيعتهم انتهاب ما ف أيدي الناس و أن رزقهم ف
ظلل رماحهم و ليس عندهم ف أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إل مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا ت
اقتدارهم على ذلك بالتغلب و اللك بطلت السياسة ف حفظ أموال الناس و خرب العمران و أيضا فلنم يكلفون على أهل العمال من
الصنائع و الرف أعمالم ل يرون لا قيمة و ل قسطا من الجر و الثمن و العمال كما سنذكره هي أصل الكاسب و حقيقتها و إذا
فسدت العمال و صارت مانا ضعفت المال ف الكاسب و انقبضت اليدي عن العمل و ابذعر الساكن و فسد العمران و أيضا فإنم
ليست لم عناية بالحكام و زجر الناس عن الفاسد و دفاع بعضهم عن بعض إنا ههم ما يأخذونه من أموال الناس نبا أو غرامة فإذا
توصلوا إل ذلك و حصلوا عليه أعرضوا عما بعده من تسديد أحوالم و النظر ف مصالهم و قهر بعضهم عن أغراض الفاسد و ربا فرضوا
العقوبات ف الموال حرصا على تصيل الفائدة و الباية و الستكثار منها كما هو شأنم و ذلك ليس بغن ف دفع الفاسد و زجر التعرض
لا بل يكون ذلك زائدا فيها لستسهال الغرم ف جانب حصول الغرض فتبقى الرعايا ف ملكتهم كأنا فوضى دون حكم و الفوضى مهلكة
للبشر مفسدة للعمران با ذكرناه من أن وجود اللك خاصة طبيعية للنسان ل يستقيم وجودهم و اجتماعهم إل با و تقدم ذلك أول
الفصل و أيضا فهم متنافسون ف الرئاسة و قل أن يسلم أحد منهم المر لغيه و لو كان أباه أو أخاه أو كبي عشيته إل ف القل و على
كره من أجل الياء فيتعدد الكام منهم و المراء و تتلف اليدي على الرعية ف الباية و الحكام فيفسد العمران و ينتقض .قال العراب
الوافد على عبد اللك لا سأله عن الجاج و أراد الثناء عليه عنده بسن السياسة و العمران فقال :تركته يظلم و حده و انظر إل ما ملكوه
و تغلبوا عليه من الوطان من لدن الليقة كيف تقوض عمرانه و اقفر ساكنه و بدلت الرض فيه غي الرض فاليمن قرارهم خراب إل قليلً
من المصار و عراق العرب كذلك قد خرب عمرانه الذي كان للفرس أجع و الشام لذا العهد كذلك و أفريقية و الغرب لا جاز إليها بنو
هلل و بنو سليم منذ أول الائة الامسة و ترسوا با لثلثائة و خسي من السني قد لق با و عادت بسائطه خرابا كلها بعد أن كان ما
بي السودان و البحر الرومي كله عمرانا تشهد بذلك آثار العمران فيه من العال و تاثيل البناء و شواهد القرى و الدر و ال يرث الرض و
من عليها و هو خي الوارثي.
الفصل الثان ف أنه إذا استقرت الدولة و تهدت فقد تستغن عن العصبية
و السبب ف ذلك أن الدول العامة ف أولا يصعب على النفوس النقياد لا إل بقوة قوية من الغلب للغرابة و أن الناس ل يألفوا ملكها و ل
اعتادوه فإذا استقرت الرئاسة ف أهل النصاب الخصوص باللك ف الدولة و توارثوه واحدا بعد آخر ف أعقاب كثيين و دول متعاقبة
نسيت النفوس شأن الولية و استحكمت لهل ذلك النصاب صبغة الرئاسة و رسخ ف العقائد دين النقياد لم و التسليم و قاتل الناس
معهم على أمرهم قتالم على العقائد اليانية فلم يتاجوا حينئذ ف أمرهم إل كبي عصابة بل كأن طاعتها كتاب من ال ل يبدل و ل يعلم
خلفه و لمر ما يوضع الكلم ف المامة آخر الكلم على العقائد اليانية كأنه من جلة عقودها و يكون استظهارهم حينئذ على سلطانم
و دولتهم الخصوصة إما بالوال و الصطنعي الذين نشأوا ف ظل العصبية و غيها و إما بالعصائب الارجي عن نسبها الداخلي ف وليتها
و مثل هذا و قع لبن العباس فإن عصبية العرب كانت فسدت لعهد دولة العتصم و ابنه الواثق و استظهارهم بعد ذلك إنا كان بالوال من
العجم و الترك و الديلم و السلجوقية و غيهم ث تغلب العجم الولياء على النواحي و تقلص ظل الدولة فلم تكن تعدو أعمال بغداد حت
زحف إليها الديلم و ملكوها و صار اللئق ف حكمهم ث انقرض أمرهم و ملك السلجوقية من بعدهم فصاروا ف حكمهم ث انقرض
أمرهم و زحف آخر التتار فقتلوا الليفة و موا رسم الدولة و كذا صنهانة بالغرب فسدت عصبيتهم منذ الائة الامسة أو ما قبلها و
استمرت لم الدولة متقلصة الظل بالهدية و باية و القلعة و سائر ثغور أفريقية و ربا انتزى بتلك الثغور من نازعهم اللك و اعتصم فيها و
السلطان و اللك مع ذلك مسلم لم حت تأذن ال بانقراض الدولة و جاء الوحدون بقوة قوية من العصبية ف الصامدة فمحوا آثارهم و كذا
دولة بن أمية بالندلس لا فسدت عصبيتها من العرب استول ملوك الطوائف على أمرها و اقتسموا خطتها و تنافسوا بينهم و توزعوا مالك
الدولة و انتزى كل واحد منهم على ما كان ف وليته و شخ بأنفه و بلغهم شأن العجم مع الدولة العباسية فتلقبوا بألقاب اللك و لبسوا
شارته و أمنوا من ينقص ذلك عليهم أو يغيه لن الندلس ليس بدار عصائب و ل قبائل كما سنذكره و استمر لم ذلك كما قال ابن
شرف.
ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتصم فيها و معتضد
ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا صورة السد
فاستظهروا على أمرهم بالوال و الصطنعي و الطراء على الندلس من أهل العدوة من قبائل الببر و زناتة و غيهم اقتداءً بالدولة ف آخر
أمرها ف الستظهار بم حي ضعفت عصبية العرب و استبد ا بن أ ب عامر على الدولة فكان لم دول عظيمة استبدت كل واحدة منها
بانب من الندلس و حظ كبي من اللك على نسبة الدولة الت اقتسموها و ل يزالوا ف سلطانم ذلك حت جاز إليهم البجر الرابطون أهل
العصبية القوية من لتونة فاستبدلوا بم و أزالوهم عن مراكزهم و موا آثارهم و ل يقتدروا على مدافعتهم لفقدان العصبية لديهم فبهذه
العصبية يكون تهيد الدولة و حايتها من أولا و قد ظن الطرطوشي أن حامية الدول بإطلق هم الند أهل العطاء الفروض مع الهلة ذكر
ذلك ف كتابه الذي ساه سراج اللوك و كلمه ل يتناول تأسيس الدول العامة ف أولا و إنا هو مصوص بالدول الخية بعد التمهيد و
استقرار اللك ف النصاب و استحكام الصبغة لهله فالرجل إنا أدرك الدولة عند هرمها و خلق جدتا و رجوعها إل الستظهار بالوال و
الصنائع ث إل الستخدمي من ورائهم بالجر على الدافعة فإنه إنا أدرك دول الطوائف و ذلك عند اختلل بن أمية و انقراض عصبتها من
العرب و استبداد كل أمي بقطره و كان ف إيالة الستعي بن هود و ابنه الظفر أهل سرقسطة و ل يكن بقي لم من أمر العصبية شيء
لستيلء الترف على العرب منذ ثلثائة من السني و هلكهم و ل ير إل سلطانا مستبدا باللك عن عشائره قد استحكمت له صبغة
الستبداد منذ عهد الدولة و بقية العصبية فهو لذلك ل ينازع فيه و يستعي على أمره بالجراء من الرتزقة فأطلق الطرطوشي القول ف ذلك
ل يتفطن لكيفية المر منذ أول الدولة و إنه ل يتم إل لهل العصبية فتفطن أنت له و افهم سر ال فيه و ال يؤت ملكه من يشاء.
الفصل الثالث :ف أنه قد يدث لبعض أهل النصاب اللكي دولة تستغن عن
العصبية
و ذلك أنه إذا كان لعصبية غلب كثي على المم و الجيال و ف نفوس القائمي بأمره من أهل القاصية إذعان لم و انقياد فإذا نزع إليهم
هذا الارج و انتبذ عن مقر ملكه و منبت عزه اشتملوا عليه و قاموا بأمره و ظاهروه على شأنه و عنوا بتمهيد دولته يرجون استقراره ف
نصابه و تناوله المر من يد أعياصه و جزاءه لم على مظاهرته باصطفائهم لرتب اللك و خططه من وزارة أو قيادة أو ولية ثغر و ل
يطمعون ف مشاركته ف شيء من سلطانه تسليما لعصبيته و انقيادا لا استحكم له و لقومه من صبغة الغلب ف العال و عقيدة إيانية
استقرت ف الذعان لم فلو راموها معه أو دونه لزلزلت الرض زلزالا و هذا كما وقع للدارسة بالغرب القصى و العبيديي بأفريقية و
مصر لا انتبذ الطالبيون من الشرق إل القاصية و ابتعدوا عن مقر اللفة و سوا إل طلبها من أيدي بن العباس بعد أن استحكمت الصبغة
لبن عبد مناف لبن أمية أول ث لبن هاشم من بعدهم فخرجوا بالقاصية من الغرب و دعوا لنفسهم و قام بأمرهم البابرة مر ًة بعد أخرى
فأوربة و مغيلة للدارسة و كتامة و صنهاجة و هوارة للعبيديي فشيدوا دولتهم و مهدوا بعصائبهم أمرهم و اقتطعوا من مالك العباسيي
الغرب كله ث أفريقية و ل يزل ظل الدولة يتقلص و ظل العبيديي يتد إل أن ملكوا مصر و الشام والجاز و قاسوهم ف المالك السلمية
شق البلمة و هؤلء البابرة القائمون بالدولة مع ذلك كلهم مسلمون للعبيديي أمرهم مذعنون للكهم و إنا كانوا يتنافسون ف الرتبة
عندهم خاصة تسليما لا حصل من صبغة اللك لبن هاشم و لا استحكم من الغلب لقريش و مضر على سائر المم فلم يزل اللك ف
أعقابم إل أن انقرضت دولة العرب بأسرها و ال يكم ل معقب لكمه.
الفصل الرابع :ف أن الدولة العامة الستيلء العظيمة اللك أصلها الدين إما
من نبوة أو دعوة حق
و ذلك لن اللك إنا يصل بالتغلب و التغلب إنا يكون بالعصبية و اتفاق الهواء على الطالبة و جع القلوب و تأليفها إنا يكون بعونة من
ال ف إقامة دينه قال تعال :لو أنفقت ما ف الرض جيعا ما ألفت بي قلوبم و سره أن القلوب إذا تداعت إل أهواء الباطل و اليل إل
الدنيا حصل التنافس و فشا اللف و إذا انصرفت إل الق و رفضت الدنيا و الباطل و أقبلت على ال اتدت و جهتها فذهب التنافس و
قل اللف و حسن التعاون و التعاضد و اتسع نطاق الكلمة لذلك فعظمت الدولة كما نبي لك بعد أن شاء ال سبحانه و تعال و به
التوفيق ل رب سواه.
الفصل الامس ف أن الدعوة الدينية تزيد الدولة ف أصلها قوة على قوة
العصبية الت كانت لا من عددها
و السبب ف ذلك كما قدمناه أن الصبغة الدينية تذهب بالتنافس و التحاسد الذي ف أهل العصبية و تفرد الوجهة إل الق فإذا حصل لم
الستبصار ف أمرهم ل يقف لم شيء لن الوجهة واحدة و الطلوب متساو عندهم و هم مستميتون عليه و أهل الدولة الت هم طالبوها إن
كانوا أضعافهم فأغراضهم متباينة بالباطل و تاذلم لتقية الوت حاصل فل يقاومونم و إن كانوا أكثر منهم بل يغلبون عليهم و يعاجلهم
الفناء با فيهم من الترف و الذل كما قدمناه و هذا كما وقع للعرب صدر السلم ف الفتوحات فكانت جيوش السلمي بالقادسية و
اليموك بضع ًة و ثلثي ألفا ف كل معسكر و جوع فارس مائة و عشرين ألفا بالقادسية و جوع هرقل على ما قاله الواقدي أربعمائة ألف
فلم يقف للعرب أحد من الانبي و هزموهم و غلبوهم على ما بأيديهم و اعتب ذلك أيضا ف دولة لتونة و دولة الوحد ين فقد كان
بالغرب من القبائل كثي من يقاومهم ف العدد و العصبية أو يشف عليهم إل أن الجتماع الدين ضاعف قوة عصبيتهم بالستبصار و
الستماتة كما قلناه فلم يقف لم شيء و اعتب ذلك إذا حالت صبغة الدين و فسدت كيف ينتقض المر و يصي الغلب على نسبة العصبية
وحدها دون زيادة الدين فتغلب الدولة من كان تت يدها من العصائب الكافئة لا أو الزائدة القوة عليها الذين غلبتهم بضاعفة الدين لقوتا
و لو كانوا أكثر عصبية منها و أشد بداو ًة و اعتب هذا ف الوحدين مع زناتة لا كانت زناتة أبدى من الصامدة و أشد توحشا و كان
للمصامدة الدعوة الدينية باتباع الهدي فلبسوا صبغتها و تضاعفت قوة عصبيتهم با فغلبوا على زناتة أولً و استتبعوهم و أن كانوا من
حيث العصبية و البداوة أشد منهم فلما خلوا من تلك الصبغة الدينية انتقضت عليهم زناتة من كل جانب و غلبوهم على المر و انتزعوه
منهم و ال غالب على أمره.
الفصل الثالث عشر ف أنه إذا تكمت طبيعة اللك من النفراد بالجد و
حصول الترف و الدعة أقبلت الدولة على الرم
و بيانه من وجود الول أنا تقتضي النفراد بالجد كما قلناه و مهما كان الجد مشتركا بي العصابة و كان سعيهم له واحدا كانت
همهم ف التغلب على الغي و الذب عن الوزة أسوةً ف طموحها و قوة شكائمها و مرماهم إل العز جيعا يستطيبون الوت ف بناء مدهم
و يؤثرون اللكة على فساده و إذا انفرد الواحد منهم بالجد قرع عصبيتهم و كبح من أعنتهم و استأثر بالموال دونم فتكاسلوا عن الغزو
و فشل ربهم و رئموا الذلة و الستعباد ث رب اليل الثان منهم على ذلك يسبون ما ينالم من العطاء أجرا من السلطان لم عن الماية
و العونة ل يري ف عقولم سواه و قل أن يستأجر أحد نفسه على الوت فيصي ذلك وهنا ف الدولة و خضدا من الشوكة و تقبل به على
مناحي الضعف و الرم لفساد العصبية بذهاب البأس من أهلها .و الوجه الثان أن طبيعة اللك تقتضي الترف كما قدمناه فتكثر عوائدهم و
تزيد نفقاتم على أعطياتم و ل يفي دخلهم برجهم فالفقي منهم يهلك و الترف يستغرق عطاءه بترفه ث يزداد ذلك ف أجيالم التأخرة إل
أن يقصر العطاء كله عن الترف و عوائده و تسهم الاجة و تطالبهم ملوكهم بصر نفقاتم ف الغزو و الروب فل يدون وليجةً عنها
فيوقعون بم العقوبات و ينتزعون ما ف أيدي الكثي منهم يستأثرون به عليهم أو يؤثرون به أبناءهم و صنائع دولتهم فيضعفونم لذلك عن
إقامة أحوالم و يضعف صاحب الدولة بضعفهم و أيضا إذا كثر الترف ف الدولة و صار عطاؤهم مقصرا عن حاجاتم و نفقاتم احتاج
صاحب الدولة الذي هو السلطان إل الزيادة ف أعطياتم حت يسد خللهم و يزيح عللهم و الباية مقدارها معلوم و ل تزيد و ل تنقص و
أن زادت با يستحدث من الكوس فيصي مقدارها بعد الزيادة مدودا فإذا وزعت الباية على العطيات و قد حدثت فيها الزيادة لكل
واحد با حدث من ترفهم و كثرة نفقاتم نقص عدد الامية حينئذ عما كان قبل زيادة العطيات ث يعظم الترف و تكثر مقادير العطيات
لذلك فينقص عدد الامية و ثالثا و رابعا إل أن يعود العسكر إل أقل العداد فتضعف الماية لذلك و تسقط قوة الدولة و يتجاسر عليها
من ياوزها من الدول أو من هو تت يديها من القبائل و العصائب و يأذن ال فيها بالفناء الذي كتبه على خليقته و أيضا فالترف مفسد
للخلق با يصل ف النفس من ألوان الشر و السفسفة و عوائدها كما يأت ف فصل الضارة فتذهب منهم خلل الي الت كانت علمة
على اللك و دليلً عليه و يتصفون ب يناقضها من خلل الشر فيكون علمة على الدبار و النقراض با جعل من ذلك ف خليقته و تأخذ
الدولة مبادئ العطب و تتضعضع أحوالا و تنل با أمراض مزمنة من الرم إل أن يقضي عليها .الوجه الثالث أن طبيعة اللك تقتضي الدعة
كما ذكرناه و إذا اتذوا الدعة و الراحة مؤلفا و خلقا صار لم ذلك طبيعةً و جبلةً شأن العوائد كلها و إيلفها فترب أجيالم الادثة ف
غضارة العيش و مهاد الترف و الدعة و ينقلب خلق التوحش و ينسون عوائد البداوة الت كان با اللك من شدة البأس و تعود الفتراس و
ركوب البيداء و هداية القفر فل يفرق بينهم و بي السوقة من الضر إل ف الثقافة و الشارة فتضعف حايتهم و يذهب بأسهم و تنخضد
شوكتهم و يعود وبال ذلك على الدولة با تلبس من ثياب الرم ث ل يزالون يتلونون بعوائد الترف و الضارة و السكون و الدعة و رقة
الاشية ف جيع أحوالم و ينغمسون فيها و هم ف ذلك يبعدون عن البداوة و الشونة و ينسلخون عنها شيئا فشيئا و ينسون خلق البسالة
الت كانت با الماية و الدافعة حت يعودوا عيالً على حامية أخرى أن كانت لم و اعتب ذلك ف الدول الت أخبارها ف الصحف لديك
تد ما قلته لك من ذلك صحيحا من غي ريبة و ربا يدث ف الدولة إذا طرقها هذا الرم بالترف و الراحة أن يتخي صاحب الدولة أنصارا
و شيعةً من غي جلدتم من تعود الشونة فيتخذهم جندا يكون أصب على الرب و أقدر على معاناة الشدائد من الوع و الشظف و
يكون ذلك دوا ًء للدولة من الرم الذي عساه أن يطرقها حت يأذن ال فيها بأمره و هذا كما وقع ف دولة الترك بالشرق فإن غالب جندها
الوال من الترك فتتخي ملوكهم من أولئك الماليك الجلوبي إليهم فرسانا و جندا فيكونون أجرا على الرب و أصب على الشظف من
أبناء الماليك الذين كانوا قبلهم و ربوا ف ماء النعيم و السلطان و ظله و كذلك ف دولة الوحدين بأفريقية فإن صاحبها كثيا ما يتخذ
أجناده من زناتة و العرب ويستكثر منهم و يترك أهل الدولة التعودين للترف فتستجد الدولة بذلك غفرا آخر سالا من الرم و ال وارث
الرض و من عليها.
الفصل الثامن عشر ف أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتا ف أصلها
و السبب ف ذلك أن الثار إنا تدث عن القوة الت با كانت أولً و على قدرها يكون الثر فمن ذلك مبان الدولة و هياكلها العظيمة فإنا
تكون على نسبة قوة الدولة ف أصلها لنا ل تتم إل بكثرة الفعلة و اجتماع اليدي على العمل بالتعاون فيه فإذا كانت الدولة عظيمة
فسيحة الوانب كثية المالك و الرعايا كان الفعلة كثيين جدا و حشروا من آفاق الدولة و أقطارها فتم العمل على أعظم هياكله أل ترى
إل مصانع قوم عاد و ثود و ما قصة القرآن عنهما.
و انظر بالشاهدة إيوان كسرى و ما أقتدر فيه الفرس حت أنه عزم الرشيد على هدمه و تريبه فتكاءد عنه و شرع فيه ث أدركه العجز و
قصة استشارته ليحي بن خالد ف شأنه معروفة فانظر كيف تقتدر دولة على بناء ل تستطيع أخرى على هدمه مع بون ما بي الدم و البناء
ف السهولة .تعرف من ذلك بون ما بي الدولتي و انظر إل بلط الوليد بدمشق و جامع بن أمية بقرطبة و القنطرة الت على واديها كذلك
بناء النايا للب الاء إل قرطاجنة ف القناة الراكبة عليها آثار شرشال بالغرب و الهرام بصر و كثي من هذه الثار الاثلة للعيان يعلم منه
اختلف الدول ف القوة و الضعف و اعلم أن تلك الفعال للقدمي إنا كانت بالندام و اجتماع الفعلة و كثرة اليدي عليها فبذلك شيدت
تلك الياكل و الصانع و ل تتوهم ما تتوهه العامة أن ذلك لعظم أجسام القدمي عن أجسامنا ف أطرافها و أقطارها فليس بي البشر ف
ذلك كبي بون كما ند بي الياكل و الثار و لقد ولع القصاص بذلك و تغالوا فيه و سطروا عن عاد و ثود و العمالقة ف ذلك أخبارا
عريقة ف الكذب من أغربا ما يكون عن عوج بن عناق رجل من العمالقة الذين قاتلهم بنو إسرائيل ف الشام زعموا أنه كان لطوله يتناول
السمك من البحر و يشويه إل الشمس و يزيدون إل جهلهم بأحوال البشر الهل بأحوال الكواكب لا اعتقدوا أن للشمس حرارة و أنا
شديدة فيما قرب منها و ل يعلمون أن الر هو الضوء و أن الضوء فيما قرب من الرض أكثر لنعكاس الشعة من سطح الرض بقابلة
الضواء فتتضاعف الرارة هنا لجل ذلك و إذا تاوزت مطارح الشعة النعكسة فل حر هنالك بل يكون فيه البد حيث ماري السحاب
و أن الشمس ف نفسها ل حارة و ل باردة و أنا هي جسم بسيط مضيء ل مزاج له.
و كذلك عوج بن عناق هو فيما ذكروه من العمالقة أو من الكنعانيي الذين كانوا فريسة بن إسرائيل عند فتحهم الشام و أطوال بن
إسرائيل و جسمانم لذلك العهد قريبة من هياكلنا يشهد لذلك أبواب بيت القدس فإنا وإن خربت و جددت ل تزل الحافظة على أشكالا
و مقادير أبوابا و كيف يكون التفاوت بي عوج و بي أهل عصره بذا القدار و إنا مثارغلطهم ف هذا أنم استعظموا آثار المم و ل
يفهموا حال الدول ف الجتماع و التعاون و ما يصل بذلك و بالندام من الثار العظيمة فصرفوه إل قوة الجسام و شدتا بعظم هياكلها
و ليس المر كذلك .و قد زعم السعودي و نقله عن الفلسفة مزعما ل مستند له إل التحكم و هو أن الطبيعة الت هي جبلة للجسام لا
برأ ال اللق كانت ف تام الكرة و ناية القوة و الكمال و كانت العمار أطول و الجسام أقوى لكمال تلك الطبيعة فإن طروء الوت أنا
هو بانلل القوى الطبيعية فإذا كانت قوية كانت العمار أزيد فكان العال ف أولية نشأته تام العمار كامل الجسام ث ل يزل يتناقص
لنقصان الادة إل أن بلغ إل هذه الال الت هو عليها ث ل يزال يتناقص إل وقت النلل و انقراض العال و هذا رأي ل وجه له إل
التحكم كما تراه و ليس له علة طبيعية و ل سبب برهان و نن نشاهد مساكن الولي و أبوابم و طرقهم فيما أحدثوه من البنيان و
الياكل و الديار و الساكن كديار ثود النحوتة ف الصلد من الصخر بيوتا صغارا و أبوابا ضيقة و قد أشار صلى ال عليه و سلم إل أنا
ديارهم و نى عن استعمال مياههم و طرح ما عجن به و أهرق و قال :ل تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إل أن تكونوا باكي
يصيبكم ما أصابم.
و كذلك أرض عاد و مصر و الشام و سائر بقاع الرض شرقا و غربا و الق ما قررناه و من آثار الدول أيضا حالا ف العراس و الولئم
كما ذكرناه ف وليمة بوران و صنيع الجاج و ابن ذي النون و قد مر ذلك كله.
و من آثارها أيضا عطايا الدول و أنا تكون على نسبتها و يظهر ذلك فيها و لو أشرفت على الرم فإن المم الت لهل الدولة تكون على
نسبة قوة ملكهم و غلبهم للناس و المم ل تزال مصاحبة لم إل انقراض الدولة و اعتب ذلك بوائز ابن ذي يزن لوفد قريش كيف أعطاهم
من أرطال الذهب و الفضة و العبد و الوصائف عشرا عشرا و من كرش العنب واحدة و أضعف ذلك بعشرة أمثاله لعبد الطلب و إنا
ملكه يومئذ قرارة اليمن خاصة تت استبداد فارس و إنا حله على ذلك هة نفسه با كان لقومه التبابعة من اللك ف الرض و الغلب على
المم ف العراقي و الند و الغرب و كان الصنهاجيون بأفريقية أيضا إذا أجازوا الوفد من أمراء زناتة الوافدين عليهم فإنا يعطونم الال
أحا ًل و الكساء توتا ملوءةً و الملن جنائب عديدة.
و ف تاريخ ابن الرقيق من ذلك أخبار كثية و كذلك كان عطاء البامكة و جوائزهم و نفقاتم و كانوا إذا كسبوا معدما فإنا هو الولية و
النعمة آخر الدهر ل العطاء الذي يستنفده يوم أو بعض يوم و أخبارهم ف ذلك كثية مسطورة و هي كلها على نسبة الدول جارية هذا
جوهر الصقلب الكاتب قائد جيش العبيديي لا ارتل إل فتح مصر استعد من القيوان بألف حل من الال و ل تنتهي اليوم دولة إل مثل
هذا .و كذلك وجد بط أحد بن ممد بن عبد الميد عمل با يمل إل بيت الال ببغداد أيام الأمون من جيع النواحي نقلته من جراب
الدولة غلت السواد سبع و عشرون ألف ألف درهم مرتي و ثانائة ألف درهم و من اللل النجرانية مائتا حلة و من طي التم مائتان و
أربعون رطلً كنكر أحد عشر ألف ألف درهم مرتي و ستمائة ألف درهم كورد جلة عشرون ألف ألف درهم و ثانية دراهم حلوان أربعة
آلف ألف درهم مرتي و ثانائة ألف درهم الهواز خسة و عشرون ألف درهم مرة و من السكر ثلثون ألف رطل فارس سبعة و
عشرون ألف ألف درهم و من ماء الورد ثلثون ألف قارورة و من الزيت السود عشرون ألف رطل كرمان أربعة آلف ألف درهم مرتي
و مائتا ألف درهم و من التاع اليمان خسمائة ثوب و من التمر عشرون ألف رطل مكران أربعمائة ألف درهم مرة السند و ما يليه أحد
ل سجستان أربعة آلف ألف درهم مرتي و من عشر ألف ألف درهم مرتي و خسمائة ألف درهم و من العود الندي مائة و خسون رط ً
ل خراسان ثانية و عشرون ألف ألف درهم مرتي و من نقر الفضة ألفا نقرة و من الثياب العينة ثلثمائة ثوب ومن الفانيد عشرون رط ً
الباذين أربعة آلف و من الرقيق ألف رأس .و من التاع عشرون ألف ثوب و من الهليلج ثلثون ألف رطل جرجان اثنا عشر ألف ألف
درهم مرتي و من البريسم ألف شقة .قومس ألف ألف مرتي و خسمائة من نقر الفضة طبستان و الروبان و ناوند ستة آلف ألف
مرتي و ثلئمائة ألف و من الفرش الطبي ستمائة قطعة و من الكسية مائتان و من الثياب خسمائة ثوب و من الناديل ثلثائة و من
الامات ثلثائة الري اثنا عشر ألف ألف درهم مرتي و من العسل عشرون ألف رطل هذان أحد عشر ألف ألف درهم مرتي و ثلثائة
ألف و من رب الرمان ألف رطل و من العسل اثنا عشر ألف رطل ما بي البصرة و الكوفة عشرة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة ألف
درهم ماسبذان والدينار أربعة آلف ألف درهم مرتي شهر زور ستة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة ألف درهم الوصل و ما يليها أربعة
و عشرون ألف ألف درهم مرتي و من العسل البيض عشرون ألف ألف رطل أذربيجان أربعة آلف ألف درهم مرتي الزيرة و ما يليها
من أعمال الفرات أربعة و ثلثون ألف ألف درهم مرتي و من الرقيق ألف رأس و من العسل اثنا عشر ألف زق و من البزاة عشرة و من
ل و من السايج الكسية عشرون أرمينية ثلثة عشر ألف ألف درهم مرتي و من البسط الحفور عشرون و من الزقم خسمائة و ثلثون رط ً
السور ما هي عشرة آلف رطل و من الصونج عشرة آلف رطل و من البغال مائتان و من الهرة ثلثون قنسرين أربعمائة ألف دينار و من
الزيت ألف حل دمشق أربعمائة ألف دينار و عشرون ألف دينار و الردن سبعة و تسعون ألف دينار فلسطي ثلثائة ألف دينار و عشرة
آلف دينار و من الزيت ثلثائة ألف رطل مصر ألف ألف دينار و تسعمائة ألف دينار و عشرون ألف دينار .برقة ألف ألف درهم مرتي.
أفريقية ثلثة عشر ألف ألف درهم مرتي و من البسط مائة و عشرون .اليمن ثلثائة ألف دينار و سبعون ألف دينار سوى التاع .الجاز
ثلثائة ألف د ينار انتهي.
و أما الندلس فالذي ذكره الثقات من مؤرخيها أن عبد الرحن الناصر خلف ف بيوت أمواله خسة آلف ألف ألف دينار مكررة ثلث
مرات يكون جلتها بالقناطي خسمائة ألف قنطار.
و رأيت ف بعض تواريخ الرشيد أن الحمول إل بيت الال ف أيامه سبعة آلف قنطار و خسمائة قنطار ف كل سنة فاعتب ذلك ف نسب
الدول بعضها من بعض و لتنكرن ما ليس بعهود عندك و ل ف عصرك شيء من أمثاله فتضيق حوصلتك عند ملتقط المكنات فكثي من
الواص إذا سعوا أمثال هذه الخبار عن الدول السالفة بادر بالنكار و ليس ذلك من الصواب فإن أحوال الوجود والعمران متفاوتة و من
أدرك منها رتبة سفلى أو وسطى فل يصر الدارك كلها فيها و نن إذا اعتبنا ما ينقل لنا عن دولة بن العباس و بن أمية و العبيديي و
ناسبنا الصحيح من ذلك و الذي ل شك فيه بالذي نشاهده من هذه الدول الت هي أقل بالنسبة إليها وجدنا بينها بونا و هو لا بينها من
التفاوت ف أصل قوتا و عمران مالكها فالثار كلها جارية على نسبة الصل ف القوة كما قدمناه و ل يسعنا إنكار ذلك عنها إذ كثي من
هذه الحوال ف غاية الشهرة و الوضوح بل فيها ما يلحق بالستفيض و التواتر و فيها العاين و الشاهد من آثار البناء و غيه فخذ من
الحوال النقولة مراتب الدول ف قوتا أو ضعفها و ضخامتها أو صغرها و اعتب ذلك با نقصه عليك من هذه الكاية الستظرفة.
و ذلك أنه ورد بالغرب لعهد السلطان أب عنان من ملوك بن مرين رجل من مشيخة طنجة يعرف بابن بطوطة كان رحل منذ عشرين سنة
قبلها إل الشرق و تقلب ف بلد العراق و اليمن و الند و دخل مدينة دهلي حاضرة ملك الند و هو السلطان ممد شاه و اتصل بلكها
لذلك العهد و هو فيوزجوه و كان له منه مكان و استعمله ف خطة القضاء بذهب الالكية ف عمله ث انقلب إل الغرب و اتصل بالسلطان
أب عنان و كان يدث عن شأن رحلته و ما رأى من العجائب بمالك الرض و أكثر ما كان يدث عن دولة صاحب الند و يأت من
أحواله با يستغربه السامعون مثل أن ملك الند إذا خرج إل السفر أحصى أهل مدينته من الرجال و النساء و الولدان و فرض لم رزق ستة
أشهر تدفع لم من عطائه و أنه عند رجوعه من سفره يدخل ف يوم مشهود يبز فيه الناس كافة إل صحراء البلد و يطوفون به و ينصب
أمامه ف ذلك القل منجنيقات على الظهر ترمى با شكائر الدراهم و الدناني على الناس إل أن يدخل إيوانه و أمثال هذه الكايات فتناحى
الناس بتكذيبه و لقيت أيامئذ وزير السلطان فارس بن وردار البعيد الصيت ففاوضته ف هذا الشأن و أريته إنكار أخبار ذلك الرجل لا
استفاض ف الناس من تكذيبه.
فقال ل الوزير فارس إياك أن تستنكر مثل هذا من أحوال الدول با أنك ل تره فتكون كابن الوزير الناشىء ف السجن و ذلك أن وزيرا
اعتقله سلطانه و مكث ف السجن سني رب فيها ابنه ف ذلك الجلس فلما أدرك و عقل سأل عن اللحمان الت كان يتغذى با فقال له أبوه
هذا لم الغنم فقال و ما الغنم فيصفها له أبوه بشياتا و نعوتا فيقول يا أبت تراها مثل الفأر فينكر عليه و يقول أين الغنم من الفأر و كذا
ف لم البل و البقر إذ ل يعاين ف مبسه من اليوانات إل الفأر فيحسبها كلها أبناء جنس الفأر و لذا كثيا ما يعتري الناس ف الخبار
كما يعتريهم الوسواس ف الزيادة عند قصد الغراب كما قدمناه أول الكتاب فليجع النسان إل أصوله و ليكن مهيمنا على نفسه و ميزا
بي طبيعة المكن و المتنع بصريح عقله و مستقيم فطرته فما دخل ف نطاق المكان قبله و ما خرج عنه رفضه و ليس مرادنا المكان
العقلي الطلق فإن نطاقه أوسع شيء فل يفرض حدا بي الواقعات و أنا مرادنا المكان بسب الادة الت للشيء فإنا إذا نظرنا أصل الشيء
و جنسه و صنفه و مقدار عظمه و قوته أجرينا الكم من نسبة ذلك على أحواله و حكمنا بالمتناع على ما خرج من نطاقه ،و قل رب
زدن علما و أنت أرحم الراحي و ال سبحانه و تعال أعلم.
الفصل التاسع عشر ف استظهار صاحب الدولة على قومه و أهل عصبيته
بالوال و الصطنعي
إعلم أن صاحب الدولة إنا يتم أمره كما قلناه بقومه فهم عصابته و ظهراؤه على شأنه و بم يقارع الوارج على دولته و منهم يقلد أعمال
ملكته و وزارة دولته و جباية أموله لنم أعوانه على الغلب و شركاؤه ف المر و مساهوه ف سائر مهماته هذا ما دام الطور الول للدولة
كما قلناه فإذا جاء الطور الثان و ظهر الستبداد عنهم و النفراد بالجد و دافعهم عنه بالراح صاروا ف حقيقة المر من بعض أعدائه و
احتاج ف مدافعتهم عن المر و صدهم عن الشاركة إل أولياء آخرين من غي جلدتم يستظهر بم عليهم و يتولهم دونم فيكونون أقرب
إليه من سائرهم و أخص به قربا و اصطناعا و أول إيثارا و جاها لا أنم يستميتون دونه ف مدافعة قومه عن المر الذي كان لم و الرتبة
الت ألفوها ف مشاركتهم فيستخلصهم صاحب الدولة و يصهم بزيد التكرمة و اليثار و يقسم لم ما للكثي من قومه و يقلدهم جليل
العمال و الوليات من الوزارة و القيادة و الباية و ما يتص به لنفسه و تكون خالصة له دون قومه من ألقاب الملكة لنم حينئذ أولياؤه
القربون و نصحاؤه الخلصون و ذلك حينئذ مؤذن باهتضام الدولة و علمة على الرض الزمن فيها لفساد العصبية الت كان بناء الغلب
عليها.
و مرض قلوب أهل الدولة حينئذ من المتهان و عداوة السلطان فيضطغنون عليه و يتربصون به الدوائر و يعود وبال ذلك على الدولة و ل
يطمع ف برئها من هذا الداء لنه ما مضى يتأكد ف العقاب إل أن ذهب رسها و اعتب ذلك ف دولة بن أمية كيف كانوا إنا يستظهرون
ف حروبم و ولية أعمالم برجال العرب مثل عمرو بن سعد بن أب و قاص و عبد ال بن زياد بن أب سفيان والجاج بن يوسف و
الهلب بن أب صفرة و خالد بن عبد ال القسري و ابن هبية و موسى بن نصي و بلل بن أب بردة بن أب موسى الشعري و نصر بن
سيار و أمثالم من رجالت العرب و كذا صدر من دولة بن العباس كان الستظهار فيها أيضا برجالت العرب فلما صارت الدولة للنفراد
بالجد و كبح العرب عن التطاول للوليات صارت الوزارة للعجم و الصنائع من البامكة و بن سهل بن نوبت و بن طاهر ث بن بويه و
موال الترك مثل بغا و وصيف و أثلمش و باكناك و ابن طولون و أبنائهم و غي هؤلء من موال العجم فتكون الدولة لغي من مهدها و العز
لغي من اجتلبه سنة ال ف عباده و ال تعال أعلم.
السبة و السكة
إما السبة فهي وظيفة دينية من باب المر بالعروف و النهي عن النكر الذي هو فرض على القائم بأمور السلمي يعي لذلك من يراه أهلً
له فيتعي فرضه عليه ويتخذ العوان على ذلك و يبحث عن النكرات و يعزر و يؤدب على قدرها و يمل الناس على الصال العامة ف
الدينة مثل النع من الضايقة ف الطرقات و منع المالي و أهل السفن من الكثار ف المل و الكم على أهل البان التداعية للسقوط
بدمها و إزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة والضرب على أيدي العلمي ف الكاتب و غيها ف البلغ ف ضربم للصبيان التعلمي و
ل يتوقف حكمه على تنازع أو استعداء بل له النظر و الكم فيما يصل إل علمه من ذلك و يرفع إليه و ليس له إمضاء الكم ف الدعاوي
مطلقا بل فيما يتعلق بالغش و التدليس ف العايش و غيها ف الكاييل و الوازين و له أيضا حل الماطلي على النصاف و أمثال ذلك ما
ليس فيه ساع بينة و ل إنفاذ حكم و كأنا أحكام ينه القاضي عنها لعمومها و سهولة أغراضها فتدفع إل صاحب هذه الوظيفة ليقوم با
فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لنصب القضاء و قد كانت ف كثي من الدول السلمية مثل العبيديي بصر و الغرب و المويي
بالندلس داخلة ف عموم ولية القاضي يول فيها باختياره ث لا انفردت وظيفة السلطان عن اللفة و صار نظره عاما ف أمور السياسة
اندرجت ف وظائف اللك و أفردت بالولية.
و أما السكة فهي النظر ف النقود التعامل با بي الناس و حفظها ما يداخلها من الغش أو النقص إن كان يتعامل با عددا أو ما يتعلق بذلك
و يوصل إليه من جيع العتبارات ث ف وضع علمة السلطان على تلك النقود بالستجادة و اللوص برسم تلك العلمة فيها من خات
حديد أتذ لذلك و نقش فيه نقوش خاصة به فيوضع على الدينار بعد أن يقدر ويضرب عليه بالطرقة حت ترسم فيه تلك النقوش و تكون
علمة على جودته بسب الغاية الت وقف عندها السبك والتخليص ف متعارف أهل القطر و مذاهب الدولة الاكمة فإن السبك و
التخليص ف النقود ل يقف عند غاية و إنا ترجع غايته إل الجتهاد فإذا وقف أهل أفق أو قطر على غاية من التخليص وقفوا عندها و
سوها إماما و عيارا يعتبون به نقودهم وينتقدونا بماثلته فإن نقص عن ذلك كان زيفا و النظر ف ذلك كله لصاحب هذه الوظيفة و هي
دينية بذا العتبار فتندرج تت اللفة و قد كانت تندرج ف عموم ولية القاضي ث أفردت لذا العهد كما وقع ف البشة.
هذا آخر الكلم ف الوظائف اللفية و بقيت منها وظائف ذهبت بذهاب ما ينظر فيه و أخرى صارت سلطانيةً فوظيفة المارة و الوزارة و
الرب و الراج صارت سلطانية نتكلم عليها ف أماكنها بعد وظيفة الهاد وظيفة الهاد بطلت ببطلنه إل ف قليل من الدول يارسونه و
يدرجون أحكامه غالبا ف السلطانيات وكذا نقابة النساب الت يتوصل با إل اللفة أو الق ف بيت الال قد بطلت لدثور اللفة و
رسومها و بالملة قد اندرجت رسوم اللفة و وظائفها ف رسوم اللك و السياسة ف سائر الدول لذا العهد و ال مصرف المور كيف
يشاء.
الفصل الثان و الثلثون ف اللقب بأمي الؤمني و إنه من سات اللفة و هو
مدث منذ عهد اللفاء
و ذلك أنه لا بويع أبو بكر رضي ال عنه و كان الصحابة رضي ال عنهم و سائر السلمي يسمونه خليفة رسول ال صلى ال عليه و سلم
و ل يزل المر على ذلك إل أن هلك فلما بويع لعمر بعهده إليه كانوا يدعونه خليفة خليفة رسول ال صلى ال عليه و سلم و كأنم
استثقلوا هذا اللقب بكثرته و طول إضافته و أنه يتزايد فيما بعد دائما إل أن ينتهي إل الجنة و يذهب منه التمييز بتعدد الضافات و كثرتا
فل يعرف فكانوا يعدلون عن هذا اللقب إل ما سواه ما يناسبه و يدعى به مثله و كانوا يسمون قواد البعوث باسم المي و هو فعيل من
المارة و قد كان الاهلية يدعون النب صلى ال عليه و سلم أمي مكة و أمي الجاز و كان الصحابة أيضا يدعون سعد بن أب و قاص أمي
الؤمني لمارته على جيش القادسية و هم معظم السلمي يومئذ و اتفق أن دعا بعض الصحابة عمر رضي ال عنه يا أمي الؤمني فاستحسنه
الناس و استصوبوه و دعوه به.
يقال إن أول من دعاه بذلك عبد ال بن جحش و قيل عمرو بن العاصي والغية بن شعبة و قيل بريد جاء بالفتح من بعض البعوث و دخل
الدينة و هو يسأل عن عمر و يقول أين أمي الؤمني و سمها أصحابه فاستحسنوه و قالوا أصبت و ال اسه إنه و ال أمي الؤمني حقا
فدعوه بذلك و ذهب لقبا له ف الناس وتوارثه اللفاء من بعده سةً ل يشاركهم فيها أحد سواهم إل سائر دولة بن أمية ث إن الشيعة خصوا
عليا باسم المام نعتا له بالمامة الت هي أخت اللفة وتعريضا بذهبهم ف أنه أحق بإمامة الصلة من أب بكر لا هو مذهبهم و بدعتهم
فخصوه بذا اللقب و لن يسوقون إليه منصب اللفة من بعده فكانوا كلهم يسمون بالمام ما داموا يدعون لم ف اللفاء حت إذا يستولون
على الدولة يولون اللقب فيما بعده إل أمي الؤمني كما فعله شيعة بن العباس فإنم ما زالوا يدعون أئمتهم بالمام إل إبراهيم الذي جهروا
بالدعاء له و عقدوا الرايات للحرب على أمره فلما هلك دعي أخوة السفاح بأمي الؤمني.
و كذا الرافضة بأفريقيا فإنم ما زالوا يدعون أئمتهم من ولد إساعيل بالمام حت انتهى المر إل عبيد ال الهدي و كانوا أيضا يدعونه
بالمام و لبنه أب القاسم من بعده فلما استوثق لم المر دعوا من بعدها بأمي الؤمني و كذا الدارسة بالغرب كانوا يلقبون إدريس
بالمام و ابنه إدريس الصغر كذلك وهكذا شأنم و توارث اللفاء هذا اللقب بأمي الؤمني و جعلوه سة لن يلك الجاز و الشام و
العراق و الواطن الت هي ديار العرب و مراكز الدولة و أهل اللة و الفتح و ازداد لذلك ف عنفوان الدولة و بذخها لقب آخر اللفاء يتميز
به بعضهم عن بعض لا ف أمي الؤمني من الشتراك بينهم فاستحدث لذلك بنو العباس حجابا لسائهم العلم عن امتهانا ف ألسنة السوقة
و صونا لا عن البتذال فتلقبوا بالسفاح و النصور و الهدي و الادي و الرشيد إل آخر الدولة و اقتفى أثرهم ف ذلك العبيديون بأفريقية و
مصر و تاف بنو أمية عن ذلك بالشرق قبلهم مع الغضاضة و السذاجة لن العروبية و منازعها ل تفارقهم حينئذ و ل يتحول عنهم شعار
البداوة إل شعار الضارة و أما بالندلس فتلقبوا كسلفهم مع ما عملوه من أنفسهم من القصور عن ذلك بالقصور عن ملك الجاز أصل
العرب و اللة و البعد عن دار اللفة الت هي مركز العصبية و أنم إنا منعوا بإمارة القاصية أنفسهم من مهالك بن العباس حت إذا جاء عبد
الرحن الداخل الخر منهم و هو الناصر بن ممد بن المي عبد ال بن ممد بن عبد الرحن الوسط لول الائة الرابعة و اشتهر ما نال
اللفة بالشرق من الجر و استبداد الوال و عيثهم ف اللفاء بالعزل و الستبدال و القتل و السمل ذهب عبد الرحن هذا إل مثل مذاهب
اللفاء بالشرق و أفريقية و تسمى بأمي الؤمني و تلقب بالناصر لدين ال .و أخذت من بعده عادة و مذهب لقن عنه و ل يكن لبائه و
سلف قومه .و استمر الال على ذلك إل أن انقرضت عصبية العرب أجع و ذهب رسم اللفة و تغلب الوال من العجم على بن العباس
و الصنائع على العبيديي بالقاهرة و صنهاجة على أمراء أفريقية و زناتة على الغرب و ملوك الطوائف بالندلس على أمر بن أمية واقتسموه
و افترق أمر السلم فاختلفت مذاهب اللوك بالغرب و الشرق ف الختصاص باللقاب بعد أن تسموا جيعا باسم السلطان.
فأما ملوك الشرق من العجم فكان اللفاء يصونم يألقاب تشريفية حت يستشعر منها انقيادهم و طاعتهم و حسن وليتهم مثل شرف
الدولة و عضد الدولة و ركن الدولة و معز الدولة و نصي الدولة و نظام اللك و باء الدولة و ذخية اللك و أمثال هذه و كان العبيديون
أيضا يصون با أمراء صنهاجة فلما استبدوا على اللفة قنعوا بذه اللقاب و تافوا عن ألقاب اللفة أدبا معها و عدول عن ساتا
الختصة با شأن التغلبي الستبدين كما قلناه و نزع التأخرون أعاجم الشرق حي قوي استبدادهم على اللك و عل كعبهم ف الدولة و
السلطان و تلشت عصبية اللفة و اضمحلت بالملة إل انتحال اللقاب الاصة باللك مثل الناصر و النصور و زيادة على ألقاب
يتصون با قبل هذا النتحال مشعرة بالروج عن ربقة الولء و الصطناع با أضافوها إل الدين فقط فيقولون صلح الدين أسد الدين نور
الدين .و أما ملوك الطوائف بالندلس فاقتسموا ألقاب اللفة و توزعوها لقوة استبدادهم عليها با كانوا من قبيلها و عصبتها فتلقبوا
بالناصر و النصور و العتمد و الظفر و أمثالا كما قال ابن أب شرف ينعى عليهم:
ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتمد فيها و معتضد
ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا صورة السد
و أما صنهاجة فاقصروا عن اللقاب الت كان اللفاء العبيديون يلقبون با للتنويه مثل نصي الدولة و معز الدولة و اتصل لم ذلك لا أدالوا
من دعوة العبيديي بدعوة العباسيي ث بعدت الشقة بينهم و بي اللفة و نسوا عهدها فنسوا هذه اللقاب و اقتصروا على اسم السلطان و
كذا شأن ملوك مغراوة بالغرب ل ينتحلوا شيئا من هذه اللقاب إل اسم السلطان جريا على مذاهب البداوة و الغضاضة .و لا مي رسم
اللفة و تعطل دستها ا و قام بالغرب من قبائل الببر يوسف بن تاشفي ملك لنتونة فملك العدوتي و كان من أهل الي و القتداء نزعت
به هته إل الدخول ف طاعة الليفة تكميلً لراسم دينه فخاطب الستظهر العباسي و أوفد عليه بيعته عبد ال بن العرب و ابنه القاضي أبا
بكر من مشيخة إشبيلية يطلبان توليته إياها على الغرب و تقليده ذلك فانقلبوا إليه بعهد اللفة له على الغرب و استشعار زيهم ف لبوسه و
رتبته وخاطبه فيه يا أمي الؤمني تشريفا و اختصاصا فاتذها لقبا و يقال إنه كان دعي له بأمي الؤمني من قبل أدبا مع رتبة اللفة لا كان
عليه هو و قومه الرابطون من انتحال الدين و اتباع السنة و جاء الهدي على أثرهم داعيا إل الق آخذا بذاهب الشعرية ناعيا على أهل
الغرب عدولم عنها إل تقليد السلف ف ترك التأويل لظواهر الشريعة و ما يؤول إليه ذلك من التجسيم كما هو معروف ف مذهب
الشعرية و سي أتباعه الوحدين تعريضا بذلك النكي و كان يرى رأي أهل البيت ف المام العصوم و أنه ل بد منه ف كل زمان يفظ
بوجوده نظام هذا العال فسمى بالمام لا قلناه أولً من مذهب الشيعة ف ألقاب خلفائهم و أردف بالعصوم إشارةً إل مذهبه ف عصمة
المام و تنه عند اتباعه عن أمي الؤمني أخذا بذاهب التقدمي من الشيعة و لا فيها من مشاركة الغمار و الولدان من أعقاب أهل اللفة
يومئذ بالشرق.
ث انتحل عبد الؤمن ول عهده اللقب بأمي الؤمني و جرى عليه من بعده خلفاء بن عبد الؤمن و آل أب حفص من بعدهم استئثارا به
عمن سواهم لا دعا إليه شيخهم الهدي من ذلك و أنه صاحب المر و أولياؤه من بعده كذلك دون كل أحد لنتقاء عصبية قريش و
تلشيها فكان ذلك دأبم .و لا انتقض المر بالغرب و انتزعه زناتة ذهب أولم مذاهب البداوة و السذاجة و أتباع لتونة ف انتحال اللقب
بأمي الؤمني أدبا مع رتبة اللفة الت كانوا على طاعتها لبن عبد الؤمن أول و لبن أب حفص من بعدهم ث نزع التأخرون منهم إل اللقب
بأمي الؤمني و انتحلوه لذا العهد استبلغا ف منازع اللك و تتميما لذاهبه وساته و ال غالب على أمره.
الفصل الثالث و الثلثون ف شرح اسم البابا و البطرك ف اللة النصرانية و
اسم الكوهن عند اليهود
إعلم أن اللة ل بد لا من قائم عند غيبة النب يملهم على أحكامها و شرائعها و يكون كالليفة فيهم للنب فيما جاء به من التكاليف و
النوع النسان أيضا با تقدم من ضرورة السياسة فيهم للجتماع البشري ل بد لم من شخص يملهم على مصالهم و يزعهم عن
مفاسدهم بالقهر و هو السمى باللك و اللة السلمية لا كان الهاد فيها مشروعا لعموم الدعوة و حل الكافة على دين السلم طوعا أو
كرها اتذت فيها اللفة و اللك لتوجه الشوكة من القائمي با إليهما معا .و أما ما سوى اللة السلمية فلم تكن دعوتم عامة و ل
الهاد عندهم مشروعا إل ف الدافعة فقط فصار القائم بأمر الدين فيها ل يغنيه شيء من سياسة اللك و إنا وقع اللك لن وقع منهم
بالعرض و لمر غي دين و هو ما اقتضته لم العصبية لا فيها من الطلب للملك بالطبع لا قدمناه لنم غي مكلفي بالتغلب على المم كما
ف اللة السلمية و إنا هم مطلوبون بإقامة دينهم ف خاصتهم.
و لذلك بقي بنو إسرائيل من بعد موسى و يوشع صلوات ال عليهما نو أربعمائة سنة ل يعتنون بشيء من أمر اللك إنا ههم إقامة دينهم
فقط و كان القائم به بينهم يسمى الكوهن كأنه خليفة موسى صلوات ال عليه يقيم لم أمر الصلة و القربان و يشترطون فيه أن يكون من
ذرية هارون صلوات ال عليه لن موسى ل يعقب ث اختاروا لقامة السياسة الت هي للبشر بالطبع سبعي شيخا كانوا يتلون أحكامهم
العامة و الكوهن أعظم منهم رتبةً ف الدين و أبعد عن شغب الحكام و اتصل ذلك فيهم إل أن استحكمت طبيعة العصبية و تحضت
الشوكة للملك فغلبوا الكنعاني على الرض الت أورثهم ال بيت القدس و ما جاورها كما بي لم على لسان موسى صلوات ال عليه
فحاربتهم أمم الفلسطي و الكنعانني و الرمن و أردن و عمان و مأرب و رئاستهم ف ذلك راجعة إل شيوخهم و أقاموا على ذلك نوا
من أربعمائة سنة و ل تكن لم صولة اللك و ضجر بنو إسرائيل من مطالبة المم فطلبوا على لسان شويل من أنبيائهم أن يأذن ال لم ف
تليك رجل عليهم فول عليهم طالوت و غلب المم و قتل جالوت ملك الفلسطي ث ملك بعده داود ث سليمان صلوات ال عليهما و
استفحل ملكه وامتد إل الجاز ث أطراف اليمن ث إل أطراف بلد الروم ث افترق السباط من بعد سليمان صلوات ال عليه بقتضى
العصبية ف الدول كما قدمناه إل دولتي كانت إحداها يالزيرة و الوصل للسباط العشرة و الخرى بالقدس و الشام لبن يهوذا و
بنيامي.
ث غلبهم بت نصر ملك بابل على ما كان بأيديهم من اللك أولً السباط العشرة ث ثانيا بن يهوذا و بنت القدس بعد اتصال ملكهم نو
ألف سنة و خرب مسجدهم و أحرق توراتم و أمات دينهم و نقلهم إل أصبهان و بلد العراق إل أن ردهم بعض ملوك الكيانية من
الفرس إل بيت القدس من بعد سبعي سنةً من خروجهم فبنوا السجد وأقاموا أمر دينهم على الرسم الول للكهنة فقط و اللك للفرس ث
غلب السكندر و بنو يونان على الفرس و صار اليهود ف ملكتهم ث فشل أمر اليونانيي فاعز اليهود عليهم بالعصبية الطبيعية و دفعوهم عن
الستيلء عليهم و قام بلكهم الكهنة الذين كانوا فيهم من بن حشمناي و قاتلوا يونان حت انقرض أمرهم و غلبهم الروم فصاروا تت
أمرهم ث رجعوا إل بيت القدس و فيها بنو هيودس أصهار بن حشمناي و بقيت دولتهم فحاصروهم مدة ث افتتحوها عنوة و أفحشوا ف
القتل و الدم و التحريق و خربوا بيت القدس و أجلوهم عنها إل رومة و ما وراءها و هو الراب الثان للمسجد و يسميه اليهود باللوة
الكبى فلم يقم لم بعدها ملك لفقدان العصبية منهم و بقوا بعد ذلك ف ملكة الروم من بعدهم يقيم لم أمر دينهم الرئيس عليهم السمى
بالكوهن ث جاء السيح صلوات ال و سلمة عليه با جاءهم به من الدين و النسخ لبعض أحكام التوراة و ظهرت على يديه الوارق
العجيبة من إبراء الكمة و البرص و إحياء الوتى و اجتمع عليه كثي من الناس و آمنوا به و أكثرهم الواريون من أصحابه و كانوا أثن
ل إل الفاق داعي إل ملته و ذلك أيام أوغسطس أول ملوك القياصرة و ف مدة هيودس ملك اليهود الذي انتزع عشر و بعث منهم رس ً
اللك من بن حشمناي أصهاره فحسده اليهود و كذبوه و كاتب هيودس ملكهم ملك القياصرة أوغسطس يغريه به فأذن لم ف قتله و
وقع ما تله القرآن من أمره و افترق الواريون شيعا و دخل أكثرهم بلد الروم داعي إل دين النصرانية و كان بطرس كبيهم فنل برومة
دار ملك القياصرة ث كتبوا النيل الذي انزل على عيسى صلوات ال عليه ف نسخ أربع على اختلف رواياتم فكتب مت إنيله ف بيت
القدس بالعبانية و نقله يوحنا بن زبدي منهم إل اللسان اللتين و كتب لوقا منهم إنيله باللتين إل بعض أكابر الروم و كتب يوحنا بن
زبدي منهم إنيله برومة و كتب بطرس إنيله باللتين و نسبه إل مرقاص تلميذه و اختلفت هذه النسخ الربع من النيل مع أنا ليست
كلها و حيا صرفا بل مشوبة بكلم عيسى عليه السلم و بكلم الواريي و كلها مواعظ و قصص و الحكام فيها قليلة جدا و اجتمع
الواريون الرسل لذلك العهد برومة و وضعوا قواني اللة النصرانية و صيوها بيد أقليمنطس تلميذ بطرس و كتبوا فيها عدد الكتب الت
يب قبولا و العمل با.
فمن شريعة اليهود القدية التوراة و هي خسة أسفار و كتاب يوشع و كتاب القضاة و كتاب راعوث و كتاب يهوذا و أسفار اللوك أربعة
و سفر بنيامي و كتب القابيي ل بن كريون ثلثة و كتاب عزرا المام و كتابا أوشي و قصة هامان و كتاب أيوب الصديق و مزامي داود
عليه السلم و كتب ابنه سليمان عليه السلم خسة و نبؤات النبياء الكبار و الصغار ستة عشر و كتاب يشوع بن شارخ وزير سليمان .و
من شريعة عيسى صلوات ال عليه التلقاة من الواريي نسخ النيل الربع و كتب القتاليقون سبع رسائل و ثامنها البريكسيس ف قصص
الرسل و كتاب بولس أربع عشرة رسالة و كتاب أقليمنطس و فيه الحكام و كتاب أبو غالسيس و فيه رؤيا يوحنا بن زبدي .و اختلف
شأن القياصرة ف الخذ بذه الشريعة تارة و تعظيم أهلها ث تركها أخرى و التسلط عليهم بالقتل و البغي إل أن جاء قسطنطي و أخذ با و
استمروا عليها .و كان صاحب هذا الدين و القيم لراسيمه يسمونه البطرك و هو رئيس اللة عندهم و خليفة السيح فيهم يبعث نوابه و
خلفاءه إل ما بعد عنه من أمم النصرانية و يسمونه السقف أي نائب البطرك و يسمون المام الذي يقيم الصلوات و يفتيهم ف الدين
بالقسيس و يسمون النقطع الذي حبس نفسه ف اللوة للعبادة بالراهب.
و أكثر خلواتم ف الصوامع و كان بطرس الرسول رأس الواريي و كبي التلميذ برومة يقيهم با دين النصرانية إل أن قتله نيون خامس
القياصرة فيمن قتل من البطارق و الساقفة ث قام بلفته ف كرسي رومة آريوس و كان مرقاس النيلي بالسكندرية و مصر و الغرب
داعيا سبع سنيي فقام بعده حنانيا و تسمى بالبطرك و هو أول البطاركة فيها و جعل معه اثن عشر قسا على أنه إذا مات البطرك يكون
واحد من الثن عشر مكانه و يتار من الؤمني واحدا مكان ذلك الثان عشر فكان أمر البطاركة إل القسوس ث لا وقع الختلف بينهم
ف قواعد دينهم و عقائده و اجتمعوا بنيقية أيام قسطنطي لتحرير الق ف الدين و اتفق ثلثائة و ثانية عشر من أساقفتهم على رأي واحد
ف الدين فكتبوه و سوه المام و صيوه أصلً يرجعون إليه و كان فيما كتبوه أن البطرك القائم بالدين ل يرجع ف تعيينه إل اجتهاد القسة
كما قرره حنانيا تلميذ مرقاس و أبطلوا ذلك الرأي و إنا يقدهم عن بلء و اختبار من أئمة الؤمني و رؤسائهم فبقي المر كذلك.
ث اختلفوا بعد ذلك ف تقرير قواعد الذين و كانت لم متمعات ف تقرير و ل يتلفوا ف هذه القاعدة فبقي المر فيها على ذلك و تصل
فيهم نيابة الساقفة عن البطاركة و كان الساقفة يدعون البطرك بالب أيضا تعظيما له فاشتبه السم ف أعصار متطاولة يقال آخرها
بطركية هرقل بإسكندرية فأرادوا أن ييزوا البطرك عن السقف ف التعظيم فدعوه البابا و معناه أبو الباء و ظهر هذا السم أول ظهوره
بصر على ما زعم جرجيس بن العميد ف تأريه ث نقلوه إل صاحب الكرسي العظم عندهم و هو كرسي بطرس الرسول كما قدمناه فلم
يزل سة عليه حت الن ث اختلفت النصارى ف دينهم بعد ذلك و فيما يعتقدونه ف السيح و صاروا طوائف و فرقا و اسظهروا بلوك
النصرانية كل على صاحبه فاختلف الال ف العصور ف ظهور فرقة دون فرقة إل أن استقرت لم ثلث طوائف هي فرقهم و ل يلتفتون إل
غيها و هم اللكية و اليعقوبية و النسطورية ث اختصت كل فرقة منهم ببطرك فبطرك رومة اليوم السمى بالبابا على رأي اللكية و رومة
للفرنة و ملكلهم قائم بتلك الناحية و بطرك العاهدين بصر على رأي اليعقوبية و هو ساكن بي ظهرانيهم و البشة يدينون بدينهم و
لبطرك مصر فيهم أساقفة ينوبون عنه ف إقامة دينهم هنالك.
و اختص اسم البابا ببطرك رومة لذا العهد و ل تسمي اليعاقبة بطركهم بذا السم و ضبط هذه اللفظة بباءين موحدتي من أسفل و النطق
با مفخمة و الثانية مشددة و من مذاهب البابا عند الفرنة أنه يضهم على النقياد للك واحد يرجعون إليه ف اختلفهم و اجتماعهم
ترجا من افتراق الكلمة و يتحرى به العصبية الت ل فوقها منهم لتكون يده عالية على جيعهم و يسمونه النبذور و حرفة الوسط بي
الذال و الظاء العجمتي و مباشرة يضع التاج على رأسه للتبك فيسمى التوج ،و لعله معن لفظة النبذور و هذا ملخص ما أوردناه من
شرح هذين السي الذين ها البابا و الكوهن و ال يضل من يشاء و يهدي من يشاء.
الفصل الرابع و الثلثون ف مراتب اللك و السلطان و ألقابا
ل فل بد له من الستعانة بأبناء جنسه و إذا كان يستعي بم ف ضرورة معاشه و سائر مهنه إعلم أن السلطان ف نفسه ضعيف يمل أمرا ثقي ً
فما ظنك بسياسة نوعه و من استرعاه ال من خلقه و عباده و هو متاج إل حاية الكافة من عدوهم بالدافعة عنهم و إل كف عدوان
بعضهم على بعض ف أنفسهم بإمضاء الحكام الوازعة فيهم و كف عدوان عليهم ف أموالم بإصلح سابلتهم و إل حلهم على مصالهم
و ما تعمهم به البلوى ف معاشهم و معاملتم من تفقد العايش و الكاييل و الوازين حذرا من التطفيف و إل النظر ف السكة بفظ النقود
الت يتعاملون با من الغش و إل سياستهم با يريده منهم من النقياد له و الرضى بقاصده منهم و انفراده بالجد دونم فيتحمل من ذلك
فوق الغاية من معاناة القلوب قال بعض الشراف من الكماء :لعاناة نقل البال من أماكنها أهون على من معاناة قلوب الرجال ث إن
الستعانة إذا كانت بأول القرب من أهل النسب أو التربية أو الصطناع القدي للدولة كانت أكمل لا يقع ف ذلك من مانسة خلقهم للقه
فتتم الشاكلة ف الستعانة قال تعال واجعل ل وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه ف أمري و هو إما أن يستعي ف
ذلك بسيفه أو قلمه أو رأيه أو معارفه أو بجابه عن الناس أن يزدحوا عليه فيشغلوه عن النظر ف مهماتم أو يدفع النظر ف اللك كله و
يعول على كفايته ف ذلك و اضطلعه فلذلك قد توجد ف رجل واحد و قد تفترق ف أشخاص و قد يتفرع كل واحد منها إل فروع
كثية كالقلم يتفرع إل قلم الرسائل و الخاطبات و قلم الصكوك و القطاعات و إل قلم الحاسبات و هو صاحب الباية و العطاء و
ديوان اليش و كالسيف يتفرع إل صاحب الرب و صاحب الشرطة و صاحب البيد و ولية الثغور ث اعلم أن الوظائف السلطانية ف
هذه اللة السلمية مندرجة تت اللفة لحتمال منصب اللفة على الدين و الدنيا كما قدمناه فالحكام الشرعية متعلقة بميعها و
موجودة لكل واحدة منها ف سائر وجوهها لعموم تعلق الكم الشرعية بميع أفعال العباد و الفقية ينظر ف مرتبة اللك و السلطان و شروط
تقليدها استبدادا على اللفة و هو معن السلطان أو تعويضا منها و هو معن الوزارة عندهم كما يأت و ف نظره ف الحكام و القوال و
سائر السياسات مطلقا أو مقيدا و ف موجبات العزل إن عرضت و غي ذلك من معان اللك و السلطان و كذا ف سائر الوظائف الت تت
اللك و السلطان من وزارة أو جباية أو ولية ل بد للفقيه من النظر ف جيع ذلك كما قدمناه من انسحاب حكم اللفة الشرعية ف اللة
السلمية على رتبة اللك و السلطان إل أن كلمنا ف وظائف اللك و السلطان و رتبته إنا هو بقتضى طبيعة العمران و وجود البشر ل با
يصها من أحكام الشرع فليس من غرض كتابنا كما علمت فل نتاج إل تفصيل أحكامها الشرعية مع أنا مستوفاة ف كتب الحكام
السلطانية مثل كتاب القاضي أب السن الاوردي و غيه من أعلم الفقهاء فإن أردت استيفاءها فعليك بطالعتها هنالك و إنا تكلمنا ف
الوظائف اللفية و أفردناها لنمي بينها و بي الوظائف السلطانية فقط ل لتحقيق أحكامها الشرعية فليس من غرض كتابنا و إنا نتكلم ف
ذلك با تقتضيه طبيعة العمران ف الوجود النسان و ال الوفق.
الوزارة :و هي أهم الطط السلطانية و الرتب اللوكية لن اسها يدل على مطلق العانة فإن الوزارة مأخوذة إما من الؤازرة و هي العاونة
أو من الوزر و هو الثقل كأنه يمل مع مفاعله أوزاره و أثقاله و هو راجع إل العاونة الطلقة و قد كنا قدمنا ف أول الفصل أن أحوال
السلطان و تصرفاته ل تعدو أربعةً لنا إما أن تكون ف أمور حاية الكافة و أسبابا من النظر ف الد و السلح و الروب و سائر أمور
الماية و الطالبة و صاحب هذا هو الوزير التعارف ف الدول القدية بالشرق و لذا العهد بالغرب و إما أن تكون ف أمور ماطباته لن بعد
عنه ف أمور جباية الال و إنفاقه و ضبط ذلك من جيع وجوهه أن يكون بضبطة و صاحب هذا هو صاحب الال و الباية و هو السمى
بالوزير لذا العهد بالشرق و إما أن يكون ف مدافعة الناس ذوي الاجات عنه أن يزدحوا عليه فيشغلوه عن فهمه و هذا راجع لصاحب
الباب الذي يجبه .فل تعدو أحواله هذه الربعة بوجه .و كل خطة أو رتبة من رتب اللك و السلطان فإليها ترجع .إل أن الرفع منها ما
كانت العانة فيه عامة فيما تت يد السلطان من ذلك الصنف إذ هو يقتضي مباشر السلطان دائما و مشاركته ف كل صنف من أحوال
ملكه و أما ما كان خاصا ببعض الناس أو ببعض الهات فيكون دون الرتبة الخرى كقيادة ثغر أو ولية جباية خاصة أو النظر ف أمر
خاص كحسبة الطعام أو النظر ف السكة فإن هذه كلها نظر ف أحوال خاصة فيكون صاحبها تبعا لهل النظر العام و تكون رتبته مرؤوسة
لولئك .و ما زال المر ف الدول قبل السلم هكذا حت جاء السلم و صار المر خلفة فذهبت تلك الطط كلما بذهاب رسم اللك
إل ما هو طبيعي من العاونة بالرأي و الفاوضة فيه فلم يكن زواله إذ هو أمر ل بد منه فكان صلى ال عليه و سلم يشاور أصحابه و
يفاوضهم ف مهماته العامة و الاصة و يص مع ذلك أبا بكر بصوصيات أخرى حت كان العرب الذين عرفوا الدول و أحوالا ف كسرى
و قيصر و النجاشي يسمون أبا بكر وزيره و ل يكن لفظ الوزير يعرف بي السلمي لذهاب رتبة اللك بسذاجة السلم و كذا عمر مع أب
بكر و علي ف و عثمان مع عمر و أما حال الباية و النفاق و السبان فلم يكن عندهم برتبة لن القوم كانوا عربا أميي ل يسنون
ل فيهم و أما أشرافهم فلم
الكتاب و الساب فكانوا يستعملون ف الساب أهل الكتاب أو أفرادا من موال العجم من ييده و كان قلي ً
يكونوا ييدونه لن المية كانت صفتهم الت امتازوا با و كذا حال الخاطبات و تنفيذ المور ل تكن عندهم رتبة خاصة للمية الت كانت
فيهم و المانة العامة ف كتمان القول و تأديته و ل ترج السياسة إل اختياره لن اللفة إنا هي دين ليست من السياسة اللكية ف شيء و
أيضا فلم تكن الكتابة صناعة فيستجاد لليفة أحسنها لن الكل كانوا يعبون عن مقاصدهم بأبلغ العبارات و ل يبق إل الط فكان الليفة
يستنيب ف كتابته مت عن له من يسنه و أما مدافعة ذوي الاجات عن أبوابم فكان مظورا بالشريعة فلم يفعلوه فلما انقلبت اللفة إل
اللك و جاءت رسوم السلطان و ألقابه كان أول شيء بديء به ف الدولة شأن الباب و سده دون الهور با كانوا يشون عن أنفسهم من
اغتيال الوارج و غيهم كما وقع بعمر و علي و معاوية و عمر بن العاص و غيهم مع
ما ف فتحه من ازدحام الناس عليهم و شغلهم بم عن الهمات فاتذوا من يقوهم لم بذلك و سوه الاجب و قد جاء أن عبد اللك لا ول
حاجبه قال له قد وليتك حجابة باب إل عن ثلثة الؤذن للصلة فإنه داعي ال و صاحب البيد فأمر ما جاء به و صاحب الطعام لئل يفسد
ث استفحل اللك بعد ذلك فظهر الشاور و العي ف أمور القبائل و العصائب و استئلفهم و أطلق عليه اسم الوزير و بقي أمر السبان ف
الوال و الذميي و أتذ للسجلت كاتب مصوص حوط ًة على أسرار السلطان أن تشتهر فتفسد سياسته مع قومه و ل يكن بثابة الوزير لنه
إنا احتيج له من حيث الط و الكتاب ل من حيث اللسان الذي هو الكلم إذ اللسان لذلك العهد على حاله ل يفسد فكانت الوزارة
لذلك أرفع رتبهم يومئذ ف سائر دولة بن أمية فكان النظر للوزير عاما ف أحوال التدبي و الفاوضات و سائر أمور المايات و الطالبات و
ما يتبعها من النظر ف ديوان الند و فرض العطاء بالهلية و غي ذلك فلما جاءت دولة بن العباس و استفحل اللك و عظمت مراتبه و
ارتفعت و عظم شأن الوزير و صارت إليه النيابة ف إنفاذ الل و العقد تعينت مرتبته ف الدولة و عنت لا الوجوه و خضعت لا الرقاب و
جعل لا النظر ف ديوان السبان لا تتاج إليه خطته من قسم العطيات ف الند فاحتاج إل النظر ف جعه و تفريقه و أضيف إليه النظر فيه
ث جعل له النظر ف القلم و الترسيل لصون أسرار السلطان و لفظ البلغة لا كان اللسان قد فسد عند المهور و جعل الات لسجلت
السلطان ليحفظها من الذياع و الشياع و دفع إليه فصار اسم الوزير جامعا لطت السيف و القلم و سائر معال الوزارة و العاونة حت لقد
دعي جعفر بن يي بالسلطان أيام الرشيد إشارة إل عموم نظره و قيامه بالدولة و ل يرج عنه من الرتب السلطانية كلها إل الجابة الت
هي القيام على الباب فلم تكن له لستنكافه عن مثل ذلك ث جاء ف الدولة العباسية شأن الستبداد على السلطان و تعاور فيها استبداد
الوزارة مرة و السلطان أخرى و صار الوزير إذا استبد متاجا إل استنابة الليفة إياه لذلك لتصح الحكام الشرعية و تيء على حالا كما
تقدمت فانقسمت الوزارة حينئذ إل وزارة تنفيذ و هي حال ما يكون السلطان قائما على نفسه و إل وزارة تفويض و هي حال ما يكون
الوزير مستبدا عليه ث استمر الستبداد و صار المر للوك العجم و تعطل رسم اللفة و ل يكن لولئك التغلبي أن ينتحلوا ألقاب اللفة
و استنكفوا من مشاركة الوزراء ف اللقب لنم خول لم فتسموا بالمارة و السلطان و كأن الستبد على الدولة يسمى أمي المراء أو
بالسلطان إل ما يليه به الليفة من ألقابه كما تراه ف ألقابم و تركوا اسم الوزارة إل من يتولها للخليفة ف خاصته و ل يزل هذا الشأن
عندهم إل آخر دولتهم و فسد اللسان خلل ذلك كله و صارت صناعة ينتحلها بعض الناس فامتهنت و ترفع الوزراء عنها لذلك و لنم
عجم و ليست تلك البلغة هي القصودة من لسانم فتخي لا من سائر الطبقات و اختصت به و صارت خادمة للوزير و اختص اسم المي
بصاحب الروب و الند و ما يرجع إليها و يده مع ذلك عالية على أهل الرتب و أمره نافذ ف الكل إما نيابة أو استبدادا و استمر المر
على هذا ث جاءت دولة الترك آخرا بصر فرأوا أن الوزارة قد ابتذلت بترفع أولئك عنها و دفعها لن يقوهم با للخليفة الحجور و نظره مع
ذلك فتعقب بنظر المي فصارت مرؤوسة ناقصة فاستنكف أهل هذه الرتبة الالية ف الدولة عن اسم الوزارة و صار صاحب الحكام و
النظر ف الند يسمى عندهم بالنائب لذا العهد و بقي اسم الاجب ف مدلوله و اختص اسم الوزير عندهم بالنظر ف الباية .و أما دولة بن
أمية بالندلس فأنفوا اسم الوزير ف مدلوله أول الدولة ث قسموا خطته أصنافا و أفردوا لكل صنف وزيرا فجعلوا لسبان الال وزيرا و
للترسيل وزيرا و للنظر ف حوائج التظلمي وزيرا و للنظر ف أحوال أهل الثغور وزيرا و جعل لم بيت يلسون فيه على فرش منضدة لم و
ينفذون أمر السلطان هناك كل فيما جعل له و أفرد للتردد بينهم و بي الليفة واحد منهم ارتفع عنهم بباشرة السلطان ف كل وقت فارتفع
ملسه عن مالسهم و خصوه باسم الاجب و ل يزل الشأن هذا إل آخر دولتهم فارتفعت خطة الاجب و مرتبته على سائر الرتب حت
صار ملوك الطوائف ينتحلون لقبها فأكثرهم يومئذ يسمى الاجب كما نذكره ث جاءت دولة الشيعة بإفريقية و القيوان و كان للقائمي با
رسوخ ف البداوة فاغفلوا أمر هذه الطط أو ًل و تنقيح أسائها كما تراه ف أخبار دولتهم ،و لا جاءت دولة الوحدين من بعد ذاك أغفلت
المر أول للبداوة ث صارت إل انتحال الساء و اللقاب و كان اسم الوزير ف مدلوله ث اتبعوا دولة المويي و قلدوها ف مذاهب السلطان
و اختاروا اسم الوزير لن يجب السلطان ف ملسه و يقف بالوفود و الداخلي على السلطان عند الدود ف تيتهم و خطابم و الداب
الت تلزم ف الكون بي يديه و رفعوا خطة الجابة عنه ما شاءوا و ل يزل الشأن ذلك إل هذا العهد و أما ف دولة الترك بالشرق فيسمون
هذا الذي يقف بالناس على حدود الداب ف اللقاء و التحية ف مالس السلطان و التقدم بالوفود بي يدي الدويدار و يضيفون إليه استتباع
كاتب السر و أصحاب البيد التصرفي ف حاجات السلطان بالقاصية و بالاضرة و حالم على ذلك لذا العهد و ال مول المور لن
يشاء.
الجابة :قد قدمنا أن هذا اللقب كان مصوصا ف الدولة الموية و العباسية بن يجب السلطان عن العامة و يغلق بابه دونم أو يفتحه لم
على قدره ف مواقيته و كانت هذه منلة يوما عن الطط مرؤوسة لا إذ الوزير متصرف فيها با يراه و هكذا كانت سائر أيام بن العباس ل
إل هذا الهد فهي بصر مرؤوسة لصاحب الطة العليا السمى بالنائب .و أما ف الدولة الموية بالندلس فكانت الجابة لن يجب
السلطان عن الاصة و العامة و يكون واسطة بينه و بي الوزراء فمن دونم فكانت ف دولتهم رفيعة غاية كما تراه ف أخبارهم كابن حديد
و غي من حجابم ث لا جاء الستبداد على الدولة اختص الستبد باسم الجابة لشرفها فكان النصور بن أب عامر و أبناوه كذلك و لا
بدوا ف مظاهر اللك و أطواره جاء من بعدهم من ملوك الطوائف فلم يتركوا لقبها و كانوا يعدونه شرفا لم و كان أعظمهم ملكا بعد
انتحال ألقاب اللك و أسائه ل بد له من ذكر الاجب و ذي الوزارتي يعنون به السيف و القلم و يدلون بالجابة على حجابة السلطان
عن العامة و الاصة و بذي الوزارتي عن جعه لطت السيف و القلم .ث ل يكن ف دول الغرب و أفريقية ذكر لذا السم للبداوة الت
كانت فيهم و ربا يوجد ف دولة العبيديي بصر عند استعظامها و حضارتا إل أنه قليل .و لا جاءت دولة الوحدين ل تستمكن فيها
الضارة الداعية إل انتحال اللقاب و تييز الطط و تعيينها بالساء إل آخرا فلم يكن عندهم من الرتب إل الوزير فكانوا أولً يصون بذا
السم الكاتب التصرف الشارك للسلطان ف خاص أمر كابن عطية و عبد السلم الكومي و كان له مع ذلك النظر ف الساب و الشغال
الالية ث صار بعد ذلك اسم الوزير لهل نسب الدولة من الوحدين كابن جامع و غيه و ل يكن اسم الاجب معروفا ف دولتهم يومئذ .و
أما بنو أب حفص بأفريقية فكانت الرئاسة ف دولتهم أولً و التقدم لوزير و الرأي و الشورة و كان يص باسم شيخ الوحدين و كان له
النظر ف الوليات و العزل وقود العساكر و الروب و اختص السبان و الديوان برتبة أخرى و يسمى متوليها بصاحب الشغال ينظر فيها
النظر الطلق ف الدخل و الرج و ياسب و يستخلص الموال و يعاقب على التفريط و كان من شرطه أن يكون من الوحدين و اختص
عندهم القلم أيضا بن ييد الترسيل و يؤتن على السرار لن الكتابة ل تكن من منتحل القوم و ل الترسيل بلسانم فلم يشترط فيه النسب
و احتاج السلطان لتساع ملكه و كثرة الرتزقي بداره إل قهرمان خاص بداره ف أحواله يريها على قدرها و ترتيبها من رزق و عطاء و
كسوة و نفقة ف الطابخ و الصطبلت و غيها و حصر الذخية و تنفيذ ما يتاج إليه ف ذلك على أهل الباية فخصوه باسم الاجب و
ربا أضافوا إليه كتابة فعلمة على السجلت إذا اتفق أنه يسن صناعة الكتابة و ربا جعلوه لغيه و استمر المر على ذلك و حجب
السلطان نفسه عن الناس فصار هذا الاجب واسطة بي الناس و بي أهل الرتب كلهم ث جع له آخر الدولة السيف و الرب ث الرأي و
الشورة فصارت الطة أرفع الرتب و أوعبها للخطط ث جاء الستبداد و الجر مدة من بعد السلطان الثان عشر منهم ث استبد بعد ذلك
حفيده السلطان أبو العباس على نفسه و أذهب آثار الجر و الستبداد بإذهاب خطة الجابة الت كانت سلما إليه و باشر أموره كلها
بنفسه من غي استعانة بأحد و المر على ذلك لذا العهد.
و أما دولة زناتة بالغرب و أعظمها دولة بن مرين فل أثر لسم الاجب عندهم و أما رئاسة الرب و العساكر ف للوزير و رتبة القلم ف
السبان و الرسائل راجعة إل من يسنها من أهلها و إن اختصت ببعض البيوت الصطنعي ف دولتهم و قد تمع عندهم و قد تفرق و أما
باب السلطان و حجبه عن الائة فهي رتبة عندهم فيسمى صاحبها عندهم بالزوار و معناه القدم على النادرة التصرفي بباب السلطان ف
تنفيذ أوامر و تصريف عقوباته و إنزال سطواته و حفظ العتقلي ف سجونه و العريف عليهم ف ذلك فالباب له و أخذ الناس بالوقوف عند
الدود ف دار العامة راجع إليه فكأنا وزارة صغرى .و أما دولة بن عبد الواد فل أثر عندهم لشيء من هذه اللقاب و ل تييز الطط
لبداوة دولتهم و قصورها و إنا يصون باسم الاجب ف بعض الحوال منفذ الاص بالسلطان ف داره كما كان ف دولة بن أب حفص و
قد يمعون له السبان و السجل كما كان فيها حلهم على ذلك تقليد الدولة با كانوا ف تبعتها و قائمي بدعوتا منذ أول أمرهم.
و أما أهل الندلس لذا العهد فالخصوص عندهم بالسبان و تنفيذ حال السلطان و سائر المور الالية يسمونه بالوكيل و أما الوزير
فكالوزير إل أنه يمع له الترسيل و السلطان عندهم يضع خطه على السجلت كلها فليس هناك خطة العلمة كما لغيهم من الدول .و أما
دولة الترك بصر فاسم الاجب عندهم موضوع لاكم من أهل الشوكة و هم الترك ينفذ الحكام بي الناس ف الدينة و هم متعددون و
هذه الوظيفة عندهم تت وظيفة النيابة الت لا الكم ف أهل الدولة و ف العامة على الطلق و للنائب التولية و العزل ف بعض الوظائف
على الحيان و يقطع القليل من الرزاق و يبتها و تنفذ أوامره كما تنفذ الراسم السلطانية و كان له النيابة الطلقة عن السلطان و للحجاب
الكم فقط ف طبقات العامة و الند عند الترافع إليهم و إجبار من أب النقياد للحكم و طورهم تت طور النيابة و الوزير ف دولة الترك
هو صاحب جباية الموال ف الدولة على اختلف أصنافها من خراج أو مكس أو جزية ث ف تصريفها ف النفاقات السلطانية أو الرايات
القدرة و له مع ذلك التولية و العزل ف سائر العمال الباشرين لذه الباية و التنفيذ على اختلف مراتبهم و تباين أصنافهم و من عوائدهم
أن يكون هذا الوزير من صنف القبط القائمي على ديوان السبان و الباية لختصاصهم بذلك ف مصر منذ عصور قدية و قد يوليها
السلطان بعض الحيان لهل الشوكة من رجالت الترك أو أبنائهم على حسب الداعية لذلك و ال مدبر المور و مصرفها بكمته ل إله
إل هو رب الولي و الخرين.
الفساطيط و ا لسياج
اعلم أن من شارات اللك و ترفه اتاذ الخبية و الفساطيط و الفازات من ثياب الكتان و الصوف و القطن فيباهى با ف السفار و تنوع
منها اللوان ما بي كبي و صغي على نسبة الدولة ف الثروة و اليسار و إنا يكون المر ف أول الدولة ف بيوتم الت جرت عادتم باتاذها
قبل اللك و كان العرب لعهد اللفاء الولي من بن أمية إنا يسكنون بيوتم الت كانت لم خياما من الوبر و الصوف و ل تزل العرب
لذلك العهد بادين إل القل منهم فكانت أسفارهم لغزواتم و حروبم بظعونم و سائر حللهم و أحيائهم من الهل و الولد كما هو شأن
العرب لذا العهد و كانت عساكرهم لذلك كثية اللل بعيدة ما بي النازل متفرقة الحياء يغيب كل واحد منها عن نظر صاحبه من
الخرى كشأن العرب و لذلك ما كان عبد اللك يتاج إل ساقة تشد الناس على أثره و أن يقيموا إذا ظعن.
و نقل أنه استعمل ف ذلك الجاج حي أشار به روح بن زنباغ و قصتهما ف إحراق فساطيط روح و خيامه لول وليته حي وجدهم
مقيمي ف يوم رحيل عبد اللك قصة مشهورة .و من هذه الولية تعرف رتبة الجاج بي العرب فإنه ل يتول إرادتم على الظعن إل من
يأمن بوادر السفهاء من أحيائهم با له من العصبية الائلة دون ذلك و لذلك اختصه عبد اللك بذه الرتبة ثقة بغنائه فيها بعصبيته و صرامته
فلما تفننت الدولة العربية ف مذاهب الضارة و البذخ و نزلوا الدن و المصار و انتقلوا من سكن اليام إل سكن القصور و من ظهر
الف إل ظهر الافر اتذوا للسكن ف أسفارهم ثياب الكتان يستعملون منها بيوتا متلفة الشكال مقدرة المثال من القوراء و الستطيلة و
الربعة و يتفلون فيها بأبلغ مذاهب الحتفال و الزينة و يدير المي و القائد للعساكر على فساطيطه و فازاته من بينهم سياجا من الكتان
يسمى ف الغرب بلسان الببر الذي هو لسان أهله أفراك بالكاف و القاف و يتص به السلطان بذلك القطر ل يكون لغيه .و أما ف
الشرق فيتخذه كل أمي و إن كان دون السلطان ث جنحت الدعة بالنساء و الولدان إل القام بقصورهم و منازلم فخف لذلك ظهرهم و
تقاربت السياج بي منازل العسكر و اجتمع اليش و السلطان ف معسكر واحد يصره البصر ف بسيطة زهوا أنيقا لختلف ألوانه و
استمر الال على ذلك ف مذاهب الدول ف بذخها و ترفها .و كذا كانت دولة الوحدين و زناتة الت أظلتنا كان سفرهم أول أمرهم ف
بيوت سكناهم قبل اللك من اليام و القياطي حت إذا أخذت الدولة ف مذاهب الترف و سكن القصور و عادوا إل سكن الخبية و
الفساطيط بلغوا من ذلك فوق ما أرادوه و هو من الترف بكان إل أن العساكر به تصي عرضة للبيات لجتماعهم ف مكان واحد تشملهم
فيه الصيحة و لفتهم من الهل و الولد الذين تكون الستماتة دونم فيحتاج ف ذلك إل تفظ آخر و ال القوي العزيز.
و أما الدعاء على النابر ف الطبة فكان الشأن أولً عند اللفاء ولية الصلة بأنفسهم فكانوا يدعون لذلك بعد الصلة على النب صلى ال
عليه و سلم و الرضى عن أصحابه و أول من اتذ النب عمرو بن العاص لا بن جامعه بصر و أول من دعا للخليفة على النب ابن عباس دعا
لعلي رضي ال عنهما ف خطبته .و هو بالبصرة عامل له عليها فقال اللهم انصر عليا على الق و اتصل العمل على ذلك فيما بعد و بعد
أخذ عمرو بن العاص النب بلغ عمر بن الطاب ذلك فكتب إليه عمر بن الطاب أما بعد فقد بلغن أنك اتذت منبا ترقى به على رقاب
السلمي أو ما يكفيك أن تكون قائما و السلمون تت عقبيك فعزمت عليك إل ما كسرته فلما حدثت البة و حدث ف اللفاء الانع من
الطبة و الصلة استنابوا فيهما فكان الطيب يشيد بذكر الليفة على النب تنويها باسه و دعاءً له با جعل ال مصلحة العال فيه و لن تلك
الساعة مظنة للجابة و لا ثبت عن السلف ف قولم من كانت له دعوة صالة فليضعها ف السلطان و كان الليفة يفرد بذلك فلما جاء
الجر و الستبداد صار التغلبون على الدول كثيا ما يشاركون الليفة ف ذلك و يشاد باسهم عقب اسه و ذهب ذلك بذهاب تلك
الدول و صار المر إل اختصاص السلطان بالدعاء له على النب دون من سواه و حظر أن يشاركه فيه أحد أو يسمو إليه و كثيا ما يغفل
العاهدون من أهل الدول هذا الرسم عندما تكون الدولة ف أسلوب الغضاضة و مناحي البداوة ف التغافل و الشونة و يقنعون بالدعاء على
البام و الجال لن ول أمور السلمي و يسمون مثل هذه الطبة إذا كانت على هذا النحى عباسية يعنون بذلك أن الدعاء على الجال
إنا يتناول العباسي تقليدا ف ذلك لا سلف من المر و ل يفلون با وراء ذلك من تعيينه و التصريح باسه يكى أن يغمراسن بن زيان عاهد
دولة بن عبد الواد لا غلبه المي أبو زكريا يي بن أب حفص على تلمسان ث بدا له ف إعادة المر إليه على شروط شرطها كان فيها ذكر
اسه على منابر عمله فقال يغمراسن تلك أعوادهم يذكرون عليها من شاءوا و كذلك يعقوب بن عبد الق عاهد دولة بن مرين حضره
رسول الستنصر الليفة بتونس من بن أب حفص و ثالث ملوكهم و تلف بعض أيامه عن شهود المعة فقيل له ل يضر هذا الرسول
كراهية للو الطبة من ذكر سلطانه فأذن ف الدعاء له و كان ذلك سببا لخذهم بدعوته و هكذا شأن الدول ف بدايتها و تكنها ف
الغضاضة و البداوة فإذا انتبهت عيون سياستهم و نظروا ف أعطاف ملكهم و استتموا شيات الضارة و مفان البذخ و البة انتحلوا جيع
هذه السمات و تفننوا فيها و تاروا إل غايتها و أنفوا من الشاركة فيها و جزعوا من افتقادها و خلو دولتهم من أثارها و العال بستان و
ال على كل شيء رقيب.
و من مذاهب أهل الكر و الفر ف الروب ضرب الصاف وراء عسكرهم من المادات و اليوانات العجم فيتخذونا ملجأً للخيالة ف
كرهم و فرهم يطلبون به ثبات القاتلة ليكون أدوم للحرب و أقرب إل الغلب و قد يفعله أهل الزحف أيضا ليزيدهم ثباتا و شدة فقد كان
الفرس و هم أهل الزحف يتخذون الفيلة ف الروب و يملون عليها أبراجا من الشب أمثال الصروح مشحونة بالقاتلة و السلح و
الرايات و يصفونا وراءهم ف حومة الرب كأنا حصون فتقوى بذلك نفوسهم و يزداد وثوقهم و انظر ما وقع من ذلك ف القادسية و إن
فارس ف اليوم الثالث اشتدوا بم على السلمي حت اشتدت رجالت من العرب فخالطوهم و بعجوها بالسيوف على خراطيمها فنفرت و
نكصت على أعقابا إل مرابطها بالدائن فجفا معسكر فارس لذلك و انزموا ف اليوم الرابع .و أما الروم و ملوك القوط بالندلس و أكثر
العجم فكانوا يتخذون لذلك السرة ينصبون للملك سريره ف حومة الرب و يف به من خدمه و حاشيته و جنوده من هو زعيم
بالستماتة دونه و ترفع الرايات ف أركان السرير و يدق به سياج آخر من الرماة و الرجالة فيعظم هيكل السرير و يصي فئة للمقاتلة و
ملجأ للكر و الفر و جعل ذلك الفرس أيام القادسية و كان رستم جالسا على سرير نصبه للوسه حت اختلفت صفوف فارس و خالطه
العرب ف سريره ذلك فتحول عنه إل الفرات و قتل .و أما أهل الكر و الفر من العرب و أكثر المم البدوية الرحالة فيصفون لذلك إبلهم و
الظهر الذي يمل ظعائنهم فيكون فئة لم و يسمونا الجبوذة و ليس أمة من المم إل و هي تفعل ف حروبا و تراه أوثق ف الولة و آمن
من الغرة و الزية و هو أمر مشاهد و قد أغفلته الدول لعهدنا بالملة و اعتاضوا عنه بالظهر الامل للثقال و الفساطيط يعلونا ساقةً من
خلفهم و ل تغن غناء الفيلة و البل فصارت العساكر بذلك عرضة للهزائم و مستشعرة للفرار ف الواقف .و كان الرب أول السلم كله
زحفا و كان العرب إنا يعرفون الكر و الفر لكن حلهم على ذلك أول السلم أمران أحدها أن أعداءهم كانوا يقاتلون زحفا فيضطرون
إل مقاتلتهم بثل قتالم .و الثان أنم كانوا مستميتي ف جهادهم لا رغبوا فيه من الصب ،و لا رسخ فيهم من اليان و الزحف إل
الستماتة أقرب .و أول من أبطل الصف ف الروب و صار إل التعبئة كراديس مروان بن الكم ف قتال الضحاك الارجي و البيي بعده
قال الطبي لا ذكر قتال البيي فول الوارج عليهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري و يلقب أبا الذلفاء قاتلهم مروان بعد ذلك بالكراديس
و أبطل الصف من يومئذ انتهى .فتنوسي قتال الزحف بإبطال الصف ث تنوسي الصف وراء القاتلة با داخل الدول من الترف و ذلك أنا
حينما كانت بدوية و سكناهم اليام كانوا يستكثرون من البل و سكن النساء و الولدان معهم ف الحياء فلما حصلوا على ترف اللك و
ألفوا سكن القصور و الواضر و تركوا شأن البادية و القفر نسوا لذلك عهد البل و الظعائن و صعب عليهم اتاذها فخلفوا النساء ف
السفار وحلهم اللك و الترف على اتاذ الفساطيط و الخبية فاقتصروا على الظهر الامل للثقال و البنية و كان ذلك صفتهم ف الرب
و ل يغن كل الغناء لنه ل يدعو إل الستماتة كما يدعو إليها الهل و الال فيخف الصب من أجل ذلك و تصرفهم اليعات و ترم
صفوفهم .و لا ذكرناه من ضرب الصاف وراء العساكر و تأكده ف قتال الكر و الفر صار ملوك الغرب يتخذون طائفة من الفرنج ف
جندهم و اختصوا بذلك لن قتال أهل وطنهم كله بالكر و الفر و السلطان يتأكد ف حقه ضرب الصاف ليكون ردءا للمقاتلة أمامه فل بد
من أن يكون أهل ذلك الصف من قوم متعودين للثبات ف الزحف و إل أجفلوا على طريقة أهل الكر و الفر فانزم السلطان و العساكر
بإجفالم فاحتاج اللوك بالغرب أن يتخذوا جندا من هذه المة التعودة الثبات ف الزحف و هم الفرنج و يرتبون مصافهم الحدق بم منها
هذا على ما فيه من الستعانة بأهل الكفر .و إنم استخفوا ذلك للضرورة الت أريناكها من توف الجفال على مصاف السلطان و الفرنج
ل يعرفون غي الثبات ف ذلك لن عادتم ف القتال الزحف فكانوا أقوم بذلك من غيهم مع أن اللوك ف الغرب إنا يفعلون ذلك عند
الرب مع أمم العرب و الببر و قتالم على الطاعة و أما ف الهاد فل يستعينون بم حذرا من مالتم على السلمي هذا هو الواقع لذا
العهد و قد أ بدينا سببه و ال بكل شيء عليم .و بلغنا أن أمم الترك لذا العهد قتالم مناضلة بالسهام و إن تعبئة الرب عندهم بالصاف و
أنم يقسمون بثلثة صفوف يضربون صفا وراء صف و يترجلون عن خيولم و يفرغون سهامهم بي أيديهم ث يتناضلون جلوسا و كل
صف ردء للذي أمامه أن يكبسهم العدو إل أن يتهيأ النصر لحدى الطائفتي على الخرى و هي تعبئة مكمة غريبة .و كان من مذاهب
الول ف حروبم حفر النادق على معسكرهم عندما يتقاربون للزحف حذرا من معرة البيات و الجوم على العسكر بالليل لا ف ظلمته و
وحشته من مضاعفة الوف فيلوذ اليش بالفرار و تد النفوس ف الظلمة سترا من عاره فإذا تساووا ف ذلك أرجف العسكر و وقعت
الزية فكانوا لذلك يتفرون النادق على معسكرهم إذا نزلوا و ضربوا أبنيتهم و يديرون الفائر نطاقا عليهم من جيع جهاتم حرصا أن
يالطهم العدو بالبيات فيتخاذلوا .و كانت للدول ف أمثال هذا قوة و عليه اقتدار باحتشاد الرجال و جع اليدي عليه ف كل منل من
منازلم با كانوا عليه من وفور العمران و ضخامة اللك فلما خرب العمران و تبعه ضعف الدول و قلة النود و عدم الفعلة نسي هذا الشأن
جلة كأنه ل يكن و ال خي القادرين .و انظر وصية علي رضي ال عنه و تريضه لصحابه يوم صفي تد كثيا من علم الرب و ل يكن
أحد أبصر با منه قال ف كلم له :فسووا صفوفكم كالبنيان الرصوص و قدموا الدارع و أخروا الاسر و عضوا على الضراس فإنه أنب
للسيوف عن الام و التووا على أطراف الرماح فإنه أصون للسنة و غضوا البصار فإنه أربط للجأش و أسكن للقلوب و اخفتوا الصوات
فإنه أطرد للفشل و أول بالوقار و أقيموا راياتكم فل تيلوها و ل تعلوها إل بأيدي شجعانكم و استعينوا بالصدق و الصب فإنه بقدر الصب
ينل النصر و قال الشتر يومئذ يرص الزد :عضوا على النواجذ من الضراس و استقبلوا القوم بامكم و شدوا شدة قوم موتورين من
يثأرون بآبائهم و إخوانم حناقا على عدوهم و قد وطنوا على الوت أنفسهم لئل يسبقوا بوتر و ل يلحقهم ف الدنيا عار و قد أشار إل
كثي من ذلك أبو بكر الصيف شاعر لتونة و أهل الندلس ف كلمة يدح با تاشفي بن علي بن يوسف و يصف ثباته ف حرب شهدها و
يذكره بأمور الرب ف وصايا تذيرات تنبهك على معرفة كثي من سياسة الرب يقول فيها.
قوله و اصدمه أول وهلة ل تكترث البيت مالف لا عليه الناس ف أمر الرب فقد قال عمر لب عبيد بن مسعود الثقفي لا وله حرب
فارس و العراق فقال له اسع و أطع من أصحاب النب صلى ال عليه و سلم و أشركهم ف المر و ل تيب مسرعا حت تتبي فإنا الرب و
ل يصلح لا الرجل الكيث الذي يعرف الفرصة و الكف و قال له ف أخرى :إنه لن ينعن أن أؤمر سليطا إل سرعته ف الرب و ف التسرع
ف الرب إل عن بيان ضياع و ال لول ذلك لمرته لكن الرب ل يصلحها إل الرجل الكيث هذا كلم عمر و هو شاهد بأن التثاقل ف
الرب أول من الفوف حت يتبي حال تلك الرب و ذلك عكس ما قاله الصيف إل أن يريد أن الصدم بعد البيان فله وجه و ال تعال
اعلم .و ل وثوق ف الرب بالظفر و إن حصلت أسبابه من العدة و العديد و إنا الظفر فيها و الغلب من قبيل البحث و التفاق و بيان
ذلك أن أسباب الغلب ف الكثر متمعة من أمور ظاهرة و هي اليوش و وفورها و كمال السلحة و استجادتا و كثرة الشجعان و ترتيب
الصاف و منه صدق القتال و ما جرى مرى ذلك و من أمور خفية و هي إما خداع البشر و حيلهم ف الرجاف و التشانيع الت يقع با
التخذيل و ف التقدم إل الماكن الرتفعة ليكون الرب من أعلى فيتوههم النخفض لذلك و ف الكمون ف الغياض و مطمئن الرض و
التواري بالكدى حول العدو حت يتداولم العسكر دفعة و قد تورطوا فيتلفتون إل النجاة و أمثال ذلك و إما أن تكون تلك السباب الفية
أمورا ساوية ل قدرة للبشر على اكتسابا تلقى ف القلوب فيستول الرهب عليهم لجلها فتختل مراكزهم فتقع الزية و أكثر ما تقع الزائم
عن هذه السباب الفية لكثرة ما يعتمل لكل واحد من الفريقي فيها حرصا على الغلب فل بد من وقوع التأثي ف ذلك لحدها ضرورة و
لذلك قال صلى ال عليه و سلم :الرب خدعة و من أمثال العرب رب حيلة أنفع من قبيلة فقد تبي أن وقوع الغلب ف الروب غالبا عن
أسباب خفية غي ظاهرة و وقوع الشياء عن السباب الفية هو معن البخت كما تقرر ف موضعه فاعتبه و تفهم من وقع الغلب عن
المور السماوية كما شرحناه معن قوله صلى ال عليه و سلم :نصرت بالرعب مسية شهر و ما وقع من غلبه للمشركي ف حياته بالعدد
القليل و غلب السلمي من بعده كذلك ف الفتوحات فإن ال سبحانه و تعال تكفل لنبيه بإلقاء الرعب ف قلوب الكافرين حت يستول على
قلوبم فينهرموا معجزة لرسوله صلى ال عليه و سلم فكان الرعب ف قلوبم سببا للهزائم ف الفتوحات السلمية كلها أنه خفي عن
العيون .و قد ذكر الطرطوشي :أن من أسباب الغلب ف الرب أن تفضل عدة الفرسان الشاهي من الشجعان ف أحد الانبي على عدتم
ف الانب الخر مثل أن يكون أحد الانبي فيه عشرة أو عشرون من الشجعان الشاهي و ف الالب الخر ثانية أو ستة عشر فالانب
الزائد و لو بواحد يكون له الغلب و أعاد ف ذلك و أبدى و هو راجع إل السباب الظاهرة الت قدمنا و ليس بصحيح .و إنا الصحيح
العتب ف الغلب حال العصبية أن يكون ف أحد الانبي عصبية واحدة جامعة لكلهم و ف الانب الخر عصائب متعددة لن العصائب إذا
كانت متعددة يقع بينها من التخاذل ما يقع ف الوحدان التفرقي الفاقدين للعصبية تنل كل عصابة منهم منلة الواحد و يكون الانب الذي
عصابته متعددة ل يقاوم الانب الذي عصبته واحدة لجل ذلك فتفهمه و اعلم أنه أصح ف العتبار ما ذهب إليه الطرطوشي و ل يمله
على ذلك إل نسيان شأن العصبية ف حلة و بلدة و أنم إنا يرون ذلك الدفاع و الماية و الطالبة إل الوحدان و الماعة الناشئة عنهم ل
يعتبون ف ذلك عصبية و ل نسبا و قد بينا ذلك أول الكتاب مع أن هذا و أمثاله على تقدير صحته إنا هو من السباب الظاهرة مثل اتفاق
اليش ف العدة و صدق القتال و كثرة السلحة و ما أشبهها فكيف يعل ذلك كفيلً بالغلب و نن قد قررنا لك الن أن شيئا منها ل
يعارض السباب الفية من اليل و الداع و ل المور السماوية من الرعب و الذلن اللي فافهمه و تفهم أحوال الكون و ال مقدر
الليل و النهار .و يلحق بعن الغلب ف الروب و أن أسبابه خفية و غي طبيعية حال الشهرة و الصيت فقل أن تصادف موضعها ف أحد من
طبقات الناس من اللوك و العلماء و الصالي و النتحلي للفصائل على العموم و كثي من اشتهر بالشر و هو بلفه و كثي من تاوزت
عنه الشهرة و هو أحق با و أهلها و قد تصادف موضعها و تكون طبقا على صاحبها و السبب ف ذلك أن الشهرة و الصيت إنا ها
بالخبار و الخبار يدخلها الذهول عن القاصد عند التناقل و يدخلها التعصب و التشييع و يدخلها الوهام و يدخلها الهل بطابقة
الكايات للحوال لفائها بالتلبيس و التصنع أو لهل الناقل و يدخلها التقرب لصحاب التجلة و الراتب الدنيوية بالثناء و الدح و تسي
الحوال و إشاعة الذكر بذلك و النفوس مولعة بب الثناء و الناس متطاولون إل الدنيا و أسبابا من جاه أو ثروة و ليسوا من الكثر براغبي
ف الفضائل و ل منافسي ف أهلها و أين مطابقة الق مع هذه كلها فتختل الشهرة عن أسباب خفية من هذه و تكون غي مطابقة و كل ما
حصل بسبب خفي فهو الذي يعب عنه بالبخت كما تقرر و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق.
الفصل الادي و المسون ف وفور العمران آخر الدولة و ما يقع فيها من
كثر الوتان و الجاعات
اعلم أنه قد تقرر لك فيما سلف أن الدولة ف أول أمرها لبد لا من الرفق ف ملكتها و العتدال ف إيالتها إما من الدين إن كانت الدعوة
دينية أو من الكارهة و الحاسنة الت تقتضيها البداوة الطبيعية للدول و إذا كانت اللكة رفيقة مسنة انبسطت آمال الرعايا و انتشطوا
للعمران و أسبابه فتوفر و يكثر التناسل و إذا كان ذلك كله بالتدريج فإنا يظهر أثره بعد جيل أو جيلي ف القل و ف انقضاء اليلي
تشرف الدولة على ناية عمرها الطبيعي فيكون حينئذ العمران ف غاية الوفور و النماء و ل تقولن إنه قد مر لك أن أواخر الدولة يكون فيها
الجحاف بالرعايا و سوء اللكة فذلك صحيح و ل يعارض ما قلناه لن الجحاف و إن حدث حينئذ و قلت البايات فإنا يظهر أثره ف
تناقص العمران بعد حي من أجل التدريج ف المور الطبيعية ث إن الجاعات و الوتان تكثر عند ذلك ف أواخر الدول و السبب فيه :إما
الجاعات فلقبض الناس أيديهم عن الفلح ف الكثر بسبب ما يقع ف آخر الدولة من العدوان ف الموال و البايات أو الفت الواقعة ف
انتقاص الرعايا و كثرة الوارج لرم الدولة فيقل احتكار الزرع غالبا و ليس صلح الزرع و ثرته بستمر الوجود و ل على وتية واحدة
فطبيعة العال ف كثرة المطار و قلتها متلفة و الطر يقوى و يضعف و يقل و يكثر و الزرع و الثمار و الضرع على نسبته إل أن الناس
واثقون ف أقواتم بالحتكار فإذا فقد الحتكار عظم توقع الناس للمجاعات فغل الزرع و عجز عنه أولو الصاصة فهلكوا و كان بعض
السنوات الحتكار مفقودا فشمل الناس الوع و أما كثرة الوتان فلها أسباب من كثرة الجاعات كما ذكرناه أو كثرة الفت لختلل
الدولة فيكثر الرج و القتل أو وقوع الوباء و سببه ف الغالب فساد الواء بكثرة العمران لكثرة ما يالطه من العفن و الرطوبات الفاسدة و
إذا فسد الواء و هو غذاء الروح اليوان و ملبسه دائما فيسري الفساد إل مزاجه فإن كان الفساد قويا وقع الرض ف الرئة و هذه هي
الطواعي و أمراضها مصوصة بالرئة و إن كان الفساد دون القوي و الكثي فيكثر العفن و يتضاعف فتكثر الميات ف المزجة و ترض
البدان و تلك سبب كثرة العفن و الرطوبات الفاسدة ف هذا كله كثرة العمران و وفوره آخر الدولة لا كان ف أوائلها من حسن اللكة و
رفقها و قلة الغرم و هو ظاهر و لذا تبي ف موضعه من الكمة أن تلل اللء و القفر بي العمران ضروري ليكون توج الواء يذهب با
يصل ف الواء من الفساد و العفن بخالطة اليوانات و يأت بالواء الصحيح و لذا أيضا فإن الوتان يكون ف الدن الوفورة العمران أكثر
من غيها بكثي كمصر بالشرق و فاس بالغرب و ال يقدر ما يشاء.
الفصل الثالث ف أن الدن العظيمة و الياكل الرتفعة إنا يشيدها اللك الكثي
قد قدمنا ذلك ف آثار الدولة من البان و غيها و أنا تكون على نسبتها و ذلك أن تشييد الدن إنا يصل باجتماع الفعلة و كثرتم و
تعاونم فإذا كانت الدولة عظيمة متسعة المالك حشر الفعلة من أقطارها و جعت أيديهم على عملها و ربا استعي ف ذلك ف أكثر المر
بالندام الذي يضاعف القوي و القدر ف حل أثقال البناء لعجز القوة البشرية و ضعفها عن ذلك كالخال و غيه و ربا يتوهم كثي من
الناس إذا نظر إل آثار القدمي و مصانعهم العظيمة مثل إيوان كسرى و أهرام مصر و حنايا العلقة و شرشال بالغرب إنا كانت بقدرهم
متفرقي أو متمعي فيتخيل لم أجساما تناسب ذلك أعظم من هذه بكثي ف طولا و قدرها لتناسب بينها و بي القدر الت صدرت تلك
البان عنها و يغفل عن شأن الندام و الخال و ما اقتضته ف ذلك الصناعة الندسية و كثي من التغلبي ف البلد يعاين ف شأن البناء و
استعمال اليل ف نقل الجرام عند أهل الدولة العتني بذلك من العجم ما يشهد له با قلناه عيانا و أكثر آثار القدمي لذا العهد تسميها
العامة عاديةً نسب ًة إل قوم عاد لتوههم أن مبان عاد و مصانعهم إنا عظمت لعظم أجسامهم و تضاعف قدرهم .و ليس كذلك ،فقد ند
آثارا كثية من آثار الذين تعرف مقادير أجسامهم من المم و هي ف مثل ذلك العظم أو أعظم كإيوان كسرى و مبان العبيديي من الشيعة
بأفريقية و الصنهاجيي وأثرهم باد إل اليوم ف صومعة قلعة بن حاد و كذلك بناء الغالبة ف جامع القيوان و بناء الوحدين ف رباط الفتح
و رباط السلطان أب سعيد لعهد أربعي سنة ف النصورة بإزاء تلمسان و كذلك النايا الت جلب إليها أهل قرطاجنة الاء ف القناة الراكبة
عليها ماثلة لذا العهد و غي ذلك من البان و الياكل الت نقلت إلينا أخبار أهلها قريبا و بعيدا و تيقنا أنم ل يكونوا بإفراط ف مقادير
أجسامهم و إنا هذا رأي ولع به القصاص عن قوم عاد و ثود و العمالقة .و ند بيوت ثود ف الجر منحوتة إل هذا العهد و قد ثبت ف
الديث الصحيح أنا بيوتم ير با الركب الجازي ف أكثر السني و يشاهدونا ل تزيد ف جوها و مساحتها و سكها على التعاهد و إنم
ليبالغون فيما يعتقدون من ذلك حت أنم ليزعمون أن عوج بن عناق من جيل العمالقة كان يتناول السمك من البحر طريئا فيشويه ف
الشمس يزعمون بذلك أن الشمس حارة فيما قرب منها و ل يعلمون أن الر فيما لدينا هو الضوء لنعكاس الشعاع بقابلة سطح الرض و
الواء و أما الشمس ف نفسها فغي حارة و ل باردة و إنا هي كوكب مضيء ل مزاج له و قد تقدم شيء من هذا ف الفصل الثان حيث
ذكرنا أن آثار الدولة على نسبة كل قوتا ف أصلها .و ال يلق ما يشاء و يكم ما يريد.
الفصل الامس فيما تب مراعاته ف أوضاع الدن و ما يدث إذا غفل عن
الراعاة
إعلم أن الدن قرار يتخذه المم عند حصول الغاية الطلوبة من الترف و دواعيه فتؤثر الدعة و السكون و تتوجه إل اتاذ النازل للقرار و لا
كان ذلك القرار و الأوى وجب أن يراعى فيه دفع الضار بالماية من طوارقها و جلب النافع و تسهيل الرافق لا فأما الماية من الضار
فياعى لا أن يدار على منازلا جيعا سياج السوار و أن يكون وضع ذلك ف تنع من المكنة إما على هضبة متوعرة من البل و إما
باستدارة بر أو نر با حت ل يوصل إليها إل بعد العبور على جسر أو قنطرة فيصعب منالا على العدو و يتضاعف امتناعها و حصنها .و
ما يراعى ف ذلك للحماية من الفات السماوية طيب الواء للسلمة من المراض .فإن الواء إذا كان راكدا خبيثا أو ماورا للمياه الفاسدة
أو منافع متعفنة أو مروج خبيثة أسرع إليها العفن من ماورتا فأسرع الرض للحيوان الكائن فيه ل مالة و هذا مشاهد .و الدن الت ل يراع
فيها طيب الواء كثية المراض ف الغالب .و قد اشتهر بذلك ف قطر الغرب بلد قابس من بلد الريد بأفريقية فل يكاد ساكنها أو طارقها
يلص من حى العفن بوجه .و لقد يقال أن ذلك حادث فيها و ل تكن كذلك من قبل و نقل البكري ف سبب حدوثه أنه وقع فيها حفر
ظهر فيه أناء من ناس متوم بالرصاص .فلما فض ختامه صعد منه دخان إل الو و انقطع .و كان ذلك مبدأ أمراض الميات فيه و أراد
بذلك أن الناء كان مشتملً على بعض أعمال الطلمسات لوبائه و أنه ذهب سره بذهابه فرجع إليها العغن و الوباء و هذه الكاية من
مذاهب العامة و مباحثهم الركيكة و البكري ل يكن من نباهة العلم و استنارة البصية بيث يدفع مثل هذا أو يتبي خرفه فنقله كما سعه.
و الذي يكشف لك الق ف ذلك أن هذه الهوية العفنة أكثر ما يهيئها لتعفي الجسام و أمراض الميات ركودها .فإذا تللتها الريح و
تفشت و ذهبت با يينا و شا ًل خف شأن العفن و الرض البادي منها للحيوانات .و البلد إذا كان كثي الساكن و كثرت حركات أهله
فيتموج الواء ضرورة و تدث الريح التخللة للهواء الراكد و يكون ذلك معينا له على الركة و التموج و إذا خف الساكن ل يد الواء
معينا على حركته و توجه و بقي ساكنا راكدا و عظم عفنه و كثر ضرره .و بلد قابس هذه كانت عندما كانت أفريقية مستجدة العمران
كثية الساكن توج بأهلها موجا فكان ذلك معينا على توج الواء و اضطرابه و تفيف الذى منه فلم يكن فيها كثي عفن و ل مرض،
وعندما خف ساكنها ركد هواؤها التعفن بفساد مياهها فكثر العفن و الرض .فهذا و جهه ل غي .و قد رأينا عكس ذلك ف بلد وضعت
و ل يراع فيها طيب الواء و كانت أولً قليلة الساكن فكانت أمراضها كثية فلما كثر سكانا انتقل حالا عن ذلك و هذا مثل دار اللك
بفاس لذا العهد السمى بالبلد الديد و كثي من ذلك ف العال فتفهمه تد ما قلته لك .و أما جلب النافع و الرافق للبلد فياعى فيه أمور
منها الاء بأن يكون البلد على نر أو بإزائها عيون عذبة ثرة فإن وجود الاء قريبا من البلد يسهل على الساكن حاجة الاء و هي ضرورية
فيكون لم ف وجوده مرفقة عظيمة عامة .و ما يراعى من الرافق ف الدن طيب الراعي لسائمتهم إذ صاحب كل قرار ل بد له من دوجن
اليوان للنتاج و الضرع و الركوب و ل بد لا من الرعى فإذا كان قريبا طيبا كان ذلك أرفق بالم لا يعانون من الشقة ف بعده و ما
راعى أيضا الزارع فإن الزروع هي القوات .فإذا كانت مزارع البلد بالقرب منها كان ذلك أسهل ف اتاذه و أقرب ف تصيله و من ذلك
الشجر للحطب و البناء فإن الطب ما تعم البلوى ف اتاذه لوقوب النيان للصطلء و الطبخ .و الشب أيضا ضروري لسقفهم و كثي
ما يستعمل فيه الشب من ضرورياتم و قد يراعى أيضا قربا من البحر لتسهيل الاجات القاصية من البلد النائية إل أن ذلك ليس بثابة
الول و هذه كلها متفاوتة بتفاوت الاجات و ما تدعو إليه ضرورة الساكن .و قد يكون الواضع غافلً عن حسن الختيار الطبيعي أو إنا
يراعي ما هو أهم على نفسه و قومه ،و ل يذكر حاجة غيهم كما فعله العرب لول السلم ف الدن الت اختطوها بالعراق و أفريقية فإنم
ل يراعوا فيها إل الهم عندهم من مراعي البل و ما يصلح لا من الشجر و الاء اللح و ل يراعوا الاء و ل الزارع و ل الطب و ل مراعي
السائمة من ذوات الظلف و ل غي ذلك كالقيوان و الكوفة و البصرة و أمثالا و لذا كانت أقرب إل الراب ما ل تراع فيها المور
الطبيعية.
و ما يراعى ف البلد إل الساحلية الت على البحر أن تكون ف جبل أو تكون بي أمة من المم موفورة العدد تكون صريا للمدينة مت
طرقها .طارق من العدو و السبب ف ذلك أن الدينة إذا كانت حاضرة البحر و ل يكن بساحتها عمران للقبائل أهل العصبيات و ل
موضعها متوعر من البل كانت ف غرة للبيات و سهل طروقها ف الساطيل البحرية على عدوها و تيفه لا لا يأمن من وجود الصريخ لا.
و أن الضر التعودين للدعة قد صاروا عيالً و خرجوا عن حكم القاتلة .و هذه كالسكندرية من الشرق و طرابلس من الغرب و بونة و
سل.
و مت كانت القبائل و العصائب موطني بقربا بيث يبلغهم الصريخ و النعي و كانت متوعرة السالك على من يرومها باختطاطها ف
هضاب البال و على أسنمتها كان لا بذلك منعة من العدو و يئسوا من طروقها لا يكابدونه من وعرها و ما يتوقعونه من إجابة صريها
كما ف سبتة و باية و بلد القل على صغرها فافهم ذلك و اعتبه ف اختصاص السكندرية باسم الثغر من لدن الدولة العباسية مع أن
الدعوة من ورائها ببقة و أفريقية .و إنا اعتب ف ذلك الخافة التوقعة فيها من البحر لسهولة وضعها و لذلك و ال أعلم كان طروق العدو
للسكندرية و طرابلس ف اللة مرات متعددة و ال تعال أعلم.
الفصل التاسع ف أن البان الت كانت تتطها العرب يسرع إليها الراب إل
ف القل
و السبب ف ذلك شأن البداوة و البعد عن الصنائع كما قدمناه فل تكون البان وثيقة ف تشييدها و له و ال أعلم وجه آخر و هو أمس به
و ذلك قلة مراعاتم لسن الختيار ف اختطاط الدن كما قلناه ف الكان و طيب الواء .و الياه و الزارع و الراعي فإنه بالتفاوت ف هذا
تتفاوت جودة الصر و رداءته من حيث العمران الطبيعي و العرب بعزل عن هذا و إنا يراعون مراعي إبلهم خاصة ل يبالون بالاء طاب أو
خبث و ل قل أو كثر و ل يسألون عن زكاء الزارع و النابت و الهوية لنتقالم ف الرض و نقلهم البوب من البلد البعيد و أما الرياح
فالقفر متلف للمهاب كلها و الظعن كفيل لم بطيبها لن الرياح إنا تبث مع القرار و السكن و كثرة الفضلت و انظر لا اختطوا الكوفة
و البصرة و القيوان كيف ل يراعوا ف اختطاها إل مراعي إبلهم و ما يقرب من القفر و مسالك الظعن فكانت بعيدة عن الوضع الطبيعي،
للمدن و ل تكن لا مادة تد عمرانا من بعدهم كما قدمنا أنه يتاج إليه ف العمران فقد كانت مواطنها غي طبيعية للقرار و ل تكن ف
وسط المم فيعمرها الناس فلول وهلة من انلل أمرهم و ذهاب عصبيتهم الت كانت سياجا لا أتى عليها الراب و النلل كأن ل
تكن .و ال يكم ل معقب لكمه.
الفصل الثالث عشر ف قصور أهل البادية عن سكن الصر الكثي العمران
والسبب ف ذلك أن الصر الكثي العمران يكثر ترفه كما قدمناه و تكثر حاجات ساكنه من أجل الترف .و تعتاد تلك الاجات لا يدعو
إليها فتنقلب ضرورات و تصي فيه العمال كلها مع ذلك عزيزة و الرافق غالية بازدحام العراض عليها من أجل الترف و بالغارم السلطانية
الت توضع على السواق والبياعات و تعتب ف قيم البيعات و يعظهم فيها الغلء ف الرافق و أن أوقات والعمال فتكثر لذلك نفقات ساكنه
كثرة بالغة على نسبة عمرانه .و يعظم خرجه فيحتاج حينئذ إل الال الكثي للنفقة على نفسه و عياله ف ضرورات عيشهم و سائر مؤونتهم.
والبدوي ل يكن دخله كثيا ساكنا بكان كاسد السواق ف العمال الت هي سبب الكسب فلم يتأهل كسبا و ل مالً فيتعذر عليه من
أجل ذلك سكن الصر الكبي لغلء مرافقه و عزة حاجاته .و هو ف بدوه يسد حاجته بأقل العمال لنه قليل عوائد الترف ف معاشه و
سائر مؤونته فل يضطر إل الال و كل من يتشوف إل الصر و سكناه من البادية فسريعا ما يظهر عجزه و يفتضح ف استيطانه إل من يقدم
منهم تأثل الال و يصل له منه فوق الاجة و يري إل الغاية الطبيعية لهل العمران من الدعة و الترف فحينئذ ينتقل إل الصر و ينتظم
حالة مع أحوال أهله ف عوائدهم و ترفهم .و هكذا شأن بداءة عمران المصار .و ال بكل شيء ميط.
الفصل الرابع عشر ف أن القطار ف اختلف أحوالا بالرفه و الفقر مثل
المصار
إعلم أن ما توفر عمرانه من القطار و تعددت المم ف جهاته و كثر ساكنه اتسعت أحوال أهله و كثرت أموالم و أمصارهم و عظمت
دولم و مالكهم .و السبب ف ذلك كله ما ذكرناه من كثرة العمال و ما سيأت ذكره من أنا سبب للثروة با يفصل عنها بعد الوفاء
بالضروريات ف حاجات الساكن من الفضلة البالغة على مقدار العمران و كثرته فيعود على الناس كسبا يتأثلونة حسبما نذكر ذلك ف
فصل العا ش و بيان الرزق و الكسب فيتزيد الرفه لذلك و تتسع الحوال و ييء الترف والغن و تكثر الباية للدولة بنفاق السواق فيكثر
مالا و يشمخ سلطانا و تتفنن ف اتاذ العاقل و الصون و اختطاط الدن و تشييد المصار .و اعتب ذلك بأقطار الشرق مثل مصر و الشام
و عراق العجم و الند و الصي و ناحية الشمال كلها وأقطارها وراء البحر الرومي وعظمت لا كثر عمرانا كيف كثر الال فيهم و عظمت
دولتهم و تعددت مدنم و حواضرهم و عظمت متاجرهم و أحوالم .فالذي نشاهده لذا العهد من أحوال تار المم النصرانية الواردين
على السلمي بالغرب ف رفههم و اتساع أحوالم أكثر من أن ييط به الوصف .و كذا تار أهل الشرق و ما يبلغنا عن أحوالم و أبلغ
منها أهل الشرق القصى من عراق العجم و الند و الصي فإنه يبلغنا عنهم ف باب الغن و الرفه غرائب تسي الركبان بديثها و ربا تتلقى
بالنكار ف غالب المر .و يسب من يسمعها من العامة أن ذلك لزيادة ف أموالم أو لن العادن الذهبية و الفضية أكثر بأرضهم أو لن
ذهب القدمي من المم استأثروا به دون غيهم و ليس كذلك فمعدن الذهب الذي نعرفه ف هذه القطار إنا هو من بلد السودان و هي
إل الغرب أقرب .وجيع ما ف أرضهم من البضاعة فإنا يلبونه إل غي بلدهم للتجارة .فلو كان الال عتيدا موفورا لديهم لا جلبوا
بضائعهم إل سواهم يبتغون با الموال و ل استغنوا عن أموال الناس بالملة .و لقد ذهب النجمون لما رأوا مثل ذلك واستغربوا ما ف
الشرق من كثرة الحوال و اتساعها و وفور أموالا فقالوا بأن عطايا الكواكب و السهام ف مواليد الشرق أكثر منها حصصا ف مواليد أهل
الغرب و ذلك صحيح من جهة الطابقة بي الحكام النجومية و الحوال الرضية كما قلناه و هم إنا أعطوا ف ذلك السبب النجومي و
بقي عليهم أن يعطوا السبب الرضي و هو ما ذكرناه من كثرة العمران و اختصاصه بأرض الشرق وأقطاره و كثرة العمران تفيد كثرة
الكسب بكثرة قي العمال الت هي سببه فلذلك اختص الشرق بالرفه من بي الفاق ل إن ذلك لجرد الثر النجومي .فقد فهمت ما أشرنا
لك أولً أنه ل يستقل بذلك و أن الطابقة بي حكمه و عمران الرض و طبيعتها أمر ل بد منه .و اعتب حال هذا الرفه من العمران ف قطر
أفريقية و برقة لا خف سكنها وتناقص عمرانا كيف تلشت أحوال أهلها وانتهوا إل الفقر والصاصه .و ضعفت جباياتا فقلت أموال
دولا بعد أن كانت دول الشيعة و صنهاجة با على ما بلغك من الرفه و كثرة البايات و اتساع الحوال ف نفقاتم و أعطياتم .حت لقد
كانت الموال ترفع من القيوان إل صاحب مصر لاجاته و مهماته و كانت أموال الدولة بيث حل جوهر الكاتب ف سفر إل فتح مصر
ألف حل من الال يستعد با لرزاق النود و أعطياتم ونفقات الغزاة .و قطر الغرب و أن كان ف القدي دون أفريقية فلم يكن بالقليل ف
ذلك و كانت أحواله ف دول الوحدين متسعة و جباياته موفورة و هو لذا العهد قد أقصر عن ذلك لقصور العمران فيه و تناقصه فقد ذهب
من عمران الببر فيه أكثره و نقص عن معهوده نقصا ظاهرا مسوسا ،و كاد أن يلحق ف أحواله بثل أحوال أفريقية بعد أن كان عمرانه
متصلً من البحر الرومي إل بلد السودان ف طول ما بي السوس القصى و برقة .و هي اليوم كلها أو أكثرها قفار و خلء و صحارى إل
ما هو منها بسيف البحر أو ما يقاربه من التلول و ال وارث الرض ومن عليها و هو خي الوارثي.
الفصل التاسع عشر ف أن المصار الت تكون كراسي للملك ترب براب
الدولة وانقراضها
قد استقرينا ف العمران أن الدولة إذا اختلت و انتقصت فإن الصر الذي يكون كرسيا لسلطانا ينتقض عمرانه و ربا ينتهي ف انتقاضه إل
الراب و ل يكاد ذلك يتخلف .و السبب فيه أمور :الول أن الدولة ل بد ف أولا من البداوة القتضية للتجاف عن أموال الناس و البعد عن
التحذلق .و يدغو ذلك إل تفيف الباية و الغارم .الت منها مادة الدولة فتقل النفقات و يقل الترف فإذا صار الصر الذي كان كرسيا
للملك ف ملكة هذه الدولة التجددة و نقصت أحوال الترف فيها نقص الترف فيمن تت أيديها من أهل الصر لن الرعايا تبع الدولة
فيجعون إل خلق الدولة أما طوعا لا ف طباع البشر من تقليد متبوعهم أو كرها لا يدعو إليه خلق الدولة من النقباض عن الترف ف جيع
الحوال و قلة الفوائد الت هي مادة العوائد فتقصر لذلك حضارة الصر و يذهب معه كثي من عوائد الترف .و هو معن ما نقول ف خراب
الصر .المر الثان أن الدولة إنا يصل لا اللك و الستيلء بالغلب ،و إنا يكون بعد العداوة و الروب .و العداوة تقتضي منافاة بي أهل
الدولتي و تكثر إحداها على الخرى ف العوائد والحوال .و غلب أحد التنافيي يذهب بالناف الخر فتكون أحوال الدولة السابقة منكرة
عند أهل الدولة الديدة و مستبشعة و قبيحة .و خصوصا أحوال الترف فتفقد ف عرفهم بنكي الدولة لا حت تنشأ لم بالتدريج عوائد
أخرى من الترف فتكون عنها حضارة مستأنفة .و فيما بي ذلك قصور الضارة الول ونقصها و هو معن اختلل العمران ف الصر .المر
الثالث أن كل أمة ل بد لم من وطن و هو منشآهم و منه أولية ملكهم .و إذا ملكوا ملكا آخر صار تبعا للول وأمصاره تابعة لمصار
الول .و أتسع نطاق اللك عليهم .و ل بد من توسط الكرسي بي توم المالك الت للدولة لنه شبه الركز للنطاق فيبعد مكانه عن مكان
الكرسي الول و توي أفئدة الناس من أجل الدولة و السلطان فينتقل إليه العمران و يف من مصر الكرسي الول .و الضارة إنا هي توفر
العمران كما قدمناه فتنقص حضارته و تدنه .و هو معن اختلله .و هذا كما وقع للسلجوقية ف عدولم بكرسيهم عن بغداد إل أصبهان و
للعرب قبلهم ف العدول عن الدائن إل الكوفة و البصرة ،و لبن العباس ف العدول عن دمشق إل بغداد و لبن مرين بالغرب ف العدول عن
مراكش إل فاس .و بالملة فاتاذ الدولة الكرسي ف مصر يل بعمران الكرسي الول .المر الرابع أن الدولة الثانية ل بد فيها من أهل
الدولة السابقة و أشياعها بتحويلهم إل قطر آخر هو من فيه غائلتهم على الدولة و أكثر أهل الصر الكرسي أتباع الدولة .أما من الامية
الذين نزلوا به أول الدولة أو أعيان الصر لن لم ف الغالب مالطة للدولة على طبقاتم و تنوع أصنافهم .بل أكثرهم ناشئ ف الدولة فهم
شيعة لا .و إن ل يكونوا بالشوكة والعصبية فهم باليل و الحبة و العقيدة .و طبيعة الدولة التجددة مو آثار الدولة السابقة فينقلهم من مصر
الكرسي إل و طنها التمكن ف ملكتها .فبعضهم على نوع التغريب و البس و بعضهم على نوع الكرامة و التلطف بيث ل يؤدي إل
النفرة حت ل يبقى ف مصر الكرسي إل الباعة و المل من أهل الفلح و العيارة و سواد العامة و ينل مكانم حاميتها و أشياعها من يشتد به
الصر وإذا ذهب من الصر أعيانم على طبقاتم نقص ساكنه و هو معن اختلل عمرانه .ث ل بد من أن يستجد عمران آخر ف ظل الدولة
الديدة و تصل فيه حضارة أخرى على قدر الدولة .و إنا ذلك بثابة من له بيت على أوصاف مصوصة فاظهر من قدرته على تغيي تلك
الوصاف و إعادة بنائها على ما يتاره و يقترحه فيخري ذلك البيت ث يعيد بناءه ثانيا .و قد و قع من ذلك كثي ف المصار الت هي
كراسي للملك و شاهدناه .و عرفناه و ال يقدر الليل و النهار .و السبب الطبيعي الول ف ذ لك على الملة أن الدولة و اللك للعمران
بثابة الصورة للمادة و هو الشكل الافظ بنوعه لوجودها .و قد تقرر ف علوم الكمة أنه ل يكن انفكاك أحدها عن الخر .فالدولة دون
العمران ل تتصور و العمران دون الدولة و اللك متعذر لا ف طباع البشر من العدوان الداعي إل الوازع فتتعي السياسة لذلك أما الشريعة
أو اللكية و هو معن الدولة و إذا كانا ل ينفكان فاختلل أحدها ف مؤثر ف اختلل الخر كما أن عدمه مؤثر ف عدمه و اللل العظيم إنا
يكون من خلل الدولة الكلية مثل دولة الروم أو الفرس أو العرب على العموم أو بن أمية أو بن العباس كذلك .و أما الدولة الشخصية مثل
دولة أنو شروان أو هرقل أو عبد اللك بن مروان أو الرشيد فأشخاصها متعاقبة على العمران حافظة لوجوده و بقائه و قريبة الشبه بعضها
من بعض فل تؤثر كثي اختلل لن الدولة بالقيقة الفاعلة ف مادة العمران إنا هي العصبية و الشوكة و هي مستمرة على أشخاص الدولة
فإذا ذهبت تلك العصبية و دفعتها عصبية أخرى مؤثرة ف العمران ذهبت أهل الشوكة بأجعهم و عظم اللل كما قررناه أو ًل و ال سبحانه
و تعال أعلم.
الفصل الامس عشر ف أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء و بعيدة من
الروءة
قد قدمنا ف الفصل قبله أن التاجر مدفوع إل معاناة البيع و الشراء و جلب الفوائد و الرباح و ل بد ف ذلك من الكايسة و الماحكة و
التحذلق و مارسة الصومات و اللجاج و هي عوارض هذه الرفة .و هذه الوصاف نقص من الذكاء و الروءة و ترح فيها لن الفعال
ل بد من عود آثارها على النفس .فأفعال الي تعود بآثار الي و الذكاء و أفعال الشر و السفسفة تعود بضد ذلك فتتمكن و ترسخ إن
سبقت و تكررت و تنقص خلل الي إن تأخرت عنها با ينطبع من آثارها الذمومة ف النفس شأن اللكات الناشئة عن الفعال .و تتفاوت
هذه الثار بتفاوت أصناف التجار ف أطوارهم فمن كان منهم سافل الطور مالفا لشرار الباعة أهل الغش و اللبة و الديعة و الفجور ف
الثان إقرارا و إنكارا .كانت رداءة تلك اللق عنه أشد و غلبت عليه السفسفة و بعد عن الروءة و اكتسابا بالملة .و إل فل بد له من
تأثي الكايسة و الماحكة ف مروءته ،و فقدان ذلك منهم ف الملة .و وجود الصنف الثان منهم الذي قدمناه ف الفصل قبلة أنم يدرعون
بالاه و يعوض لم من مباشرة ذلك ،فهم نادر و أقل من النادر .و ذلك أن يكون الال قد يوجد عنده دفعة بنوع غريب أو ورثه عن أحد
من أهل بيته فحصلت له ثروة تعينه على التصال بأهل الدولة و تكسبه ظهورا و شهرة بي أهل عصره فيتفع عن مباشرة ذلك بنفسه و
يدفعه إل من يقوم له به من وكلئه و حشمه .و يسهل له الكام النصفة ف حقوقهم با يؤنسونه من بره و إتافه فيبعدونه عن تلك اللق
بالبعد عن معاناة الفعال القتضية لا كما مر .فتكون مروءتم أرسخ و أبعد عن تلك الحاجاة إل ما يسري من آثار تلك الفعال من وراء
الجاب فإنم يضطرون إل مشارفة أحوال أولئك الوكلء و رفاقهم أو خلفهم فيما يأتون أو يدرون من ذلك إل أنه قليل و ل يكاد يظهر
أثره و ال خلقكم و ما تعملون.
الفصل التاسع عشر ف أن الصنائع إنا تستجاد و تكثر إذا كثر طالبها
و السبب ف ذلك ظاهر و هو أن النسان ل يسمح بعمله أن يقع مانا لنه كسبه و منه معاشه .إذ ل فائدة له ف جيع عمره ف شيء ما
سواه فل يصرفه إل فيما له قيمة ف مصره ليعود عليه بالنفع .و إن كانت الصناعة مطلوبة و توجه إليها النفاق كانت و إنا الصناعة بثابة
السلعة الت تنفق سوقها و تلب للبيع .فتجتهد الناس ف الدينة لتعلم تلك الصناعة ليكون منها معاشهم .و إذا ل تكن الصناعة مطلوبة ل
تنفق سوقها و ل يوجه قصد إل تعلمها ،فاختصت بالترك و فقدت للهال .و لذا يقال عن علي رضي ال عنه ،قيمة كل امرئ ما يسن
بعن أن صناعته هي قيمته أي قيمة عمله الذي هو معاشه .و أيضا فهنا سر آخر و هو أن الصنائع و إجادتا إنا تطلبها الدولة فهي الت تنفق
سوقها و توجه الطالبات إليها .و ما ل تطلبه الدولة و إنا يطلبها غيها من أهل الصر فليس على نسبتها لن الدولة هي السوق العظم و
فيها نفاق كل شيء و القليل و الكثي فيها على نسبة واحدة .فما نفق منها كان أكثريا ضرورة .و السوقة و إن طلبوا الصناعة فليس طلبهم
بعام و ل شوقهم بنافقة .و ال سبحانه و تعال قادر على ما يشاء.
الفصل الثان و العشرون فيمن حصلت له ملكة ف صناعة فقل أن ييد بعد
ف ملكة أخرى
و مثال ذلك الياط إذا أجاد ملكة الياطة و أحكمها و رسخت ف نفسه فل ييد من بعدها ملكة النجارة أو البناء إل أن تكون الول ل
تستحكم بعد و ل ترسخ صبغتها .و السبب ف ذلك أن اللكات صفات للنفس و ألوان فل تزدحم دفعة .و من كان على الفطرة كان
أسهل لقبول اللكات و أحسن استعدادا لصولا .فإذا تلونت النفس باللكة الخرى و خرجت عن الفطرة ضعف فيها الستعداد باللون
الاصل من هذه اللكة فكان قبولا للملكة الخرى أضعف .و هذا بي يشهد له الوجود .فقل أن تد صاحب صناعة يكمها ث يكم من
بعدها أخرى و يكون فيهما معا على رتبة واحدة من الجادة .حت أن أهل العلم الذين ملكتهم فكرية فهم بذه الثابة .و من حصل منهم
على ملكة علم من العلوم و أجادها ف الغاية فقل أن ييد ملكة علم آخر على نسبته بل يكون مقصرا فيه إن طلبه إل ف القل النادر من
الحوال .و مبن سببه على ما ذكرناه من الستعداد و تلوينه بلون اللكة الاصلة ف النفس .و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب
سواه.
الفصل الثالث ف أن العلوم إنا تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الضارة
و السبب ف ذلك أن تعليم العلم كما قدمناه من جلة الصنائع .و قد كنا قدمنا أن الصنائع إنا تكثر ف المصار .و على نسبة عمرانا ف
الكثرة و القلة و الضارة و الترف تكون نسبة الصنائع ف الودة و الكثرة لنه أمر زائد على العاش .فمت فضلت أعمال أهل العمران عن
معاشهم انصرفت إل ما وراء العاش من التصرف ف خاصية النسان و هي العلوم و الصنائع .و من تشوف بفطرته إل العلم من نشأ ف
القرى و المصار غي التمدنة فل يد فيها التعليم الذي هو صناعي لفقدان الصنائع ف أهل البدو .كما قدمناه و ل بد له من الرحلة ف طلبه
إل المصار الستبحرة شأن الصنائع كلها .و اعتب ما قررناه بال بغداد و قرطبة و القيوان و البصرة و الكوفة لا كثر عمرانا صدر
السلم و استوت فيها الضارة .كيف زخرت فيها بار العلم و تفننوا ف اصطلحات التعليم و أصناف العلوم و استنباط السائل و الفنون
حت أربوا على التقدمي و فاتوا التأخرين .و لا تناقص عمرانا و ابذعر سكانا انطوى ذلك البساط با عليه جلة ،و فقد العلم با و
التعليم .و انتقل إل غيها من أمصار السلم .و نن لذا العهد نرى أن العلم و التعليم إنا هو بالقاهرة من بلد مصر لا أن عمرانا مستبحر
و حضارتا مستحكمة منذ آلف من السني ،فاستحكمت فيها الصنائع و تفننت و من جلتها تعليم العلم .و أكد ذلك فيها و حفظه ما
وقع لذه العصور با منذ مائتي من السني ف دولة الترك من أيام صلح الدين بن أيوب و هلم جرا .و ذلك أن أمراء الترك ف دولتهم
يشون عادية سلطانم على من يتخلفونه من ذريتهم لا له عليهم من الرق أو الولء و لا يشى من معاطب اللك و نكباته .فاستكثروا من
بناء الدارس و الزوايا و الربط و وقفوا عليها الوقاف الغلة يعلون فيها شركا لولدهم ينظر عليها أو يصيب منها مع ما فيهم غالبا من
النوح إل الي و التماس الجور ف القاصد و الفعال .فكثرت الوقاف لذلك و عظمت الغلت و الفوائد و كثر طالب العلم و معلمه
بكثرة جرايتهم منها و ارتل إليها الناس ف طلب العلم من العراق و الغرب و نفقت با أسواق العلوم و زخرت بارها .و ال يلق ما
يشاء.
الفصل الادي عشر :ف أن عال الوادث الفعلية إنا يتم بالفكر
اعلم أن عال الكائنات يشتمل على ذوات مضة ،كالعناصر و آثارها و الكونات الثلثة عنها .الت هي العدن و النبات و اليوان .و هذه
كلها متعلقات القدرة اللية و على أفعال صادرة عن اليوانات ،واقعة بقصودها ،متعلقة بالقدرة الت جعل ال لا عليها :فمنها منتظم
مرتب ،و هي الفعال البشرية ،و منها غي منتظم و ل مرتب ،و هي أفعال اليوانات غي البشر .و ذلك الفكر يدرك الترتيب بي الوادث
بالطبع أو بالوضع ،فإذا قصد إياد شيء من الشياء ،فلجل الترتيب بي الوادث لبد من التفطن بسببه أو علته أو شرطه ،و هي على
الملة مبادئه ،إذ ل يوجد إل ثانيا عنها و ل يكن إيقاع التقدم متأخرا ،و ل التأخر متقدما .و ذلك البدأ قد يكون له مبدأ آخر من تلك
البادئ ل يوجد إل متأخرا عنه ،و قد يرتقي ذلك أو ينتهي .فإذا انتهى إل آخر البادىء ف مرتبتي أو ثلث أو أزيد ،و شرع ف العمل
الذي يوجد به ذلك الشيء بدأ بالبدأ الخي الذي انتهى إليه الفكر ،فكان أول عمله .ث تابع ما بعده إل آخر السببات الت كانت أول
فكرته .مثل :لو فكر ف إياد سقف يكنه انتقل بذهنه إل لائط الذي يدعمه ،ث إل الساس الذي يقف عليه الائط فهو آخر الفكر .ث
يبدأ ف العمل بالساس ،ث بالائط ،ث بالسقف ،و هو آخر العمل.
و هذا معن قولم :أول العمل آخر الفكرة ،و أول الفكرة آخر العمل فل يتم فعل النسان ف الارج إل بالفكر ف هذه الرتبات لتوقف
بعضها على بعض .ث يشرع ف فعلها .و أول هذا الفكر هو السبب الخي ،و هو آخرها ف العمل .و أولا ف العمل هو السبب الول و
هو آخرها ف الفكر .و لجل العثور على هذا الترتيب يصل النتظام ف الفعال البشرية.
و أما الفعال اليوانية لغي البشر فليس فيها انتظام لعدم الفكر الذي يعثر به الفاعل علي الترتيب فيما يفعل .إذ اليوانات إنا تدرك بالواس
و مدركاتا متفرقة خلية من الربط لنة ل يكون إل بالفكر .و لا كانت الواس العتبة ف عال الكائنات هي النتظمة ،و غي النتظمة إنا
هي تبع لا .اندرجت حينئذ أفعال اليوانات فيها ،فكانت مسخرة للبشر .و استولت أفعال البشر على عال الوادث .با فيه ،فكان كله ف
طاعته و تسخره .و هذا معن الستحلف الشار إليه ف قوله تعال :إن جاعل ف الرض خليفة فهذا الفكر هو الاصة البشرية الت تيز با
البشر عن غيه من اليوان .و على قدر حصول السباب و السببات ف الفكر مرتبة تكون إنسانيتة .فمن الناس من تتوال له السببية ف
مرتبتي أو ثلث ،و منهم من ل يتجاوزها ،و منهم من ينتهي إل خس أو ست فتكون إنسانيته أعلى .و اعتب ذلك بلعب الشطرنج :فإن
ف اللعبي من يتصور الثلث حركات و المس الذي ترتيبها وضعي ،و منهم من يقصر عن ذلك لقصور ذهنه .و إن كان هذا الثال غي
مطابق .لن لعب الشطرنج باللكة ،و معرفة السباب و السببات بالطبع .لكنه مثال يتذي به الناظر ف تعقل ما يورد عليه من القواعد .و
ال خلق النسان و فضله على كثي من خلق تفضيل.
الفصل الثان و الثلثون :ف ابطال صناعة النجوم و ضعف مداركها و فساد
غايتها
هذه الصناعة يزعم أصحابا أنم يعرفون با الكائنات ف عال العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب و تأثيها ف الولدات
العنصرية مفردة و متمعة فتكون لذلك أوضاع الفلك و الكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية و الشخصية.
فالتقدمون منهم يرون أن معرفة قوى الكواكب و تأثياتا بالتجربة و هو أمر تقصر العمار كلما لو اجتمعت عن تصيله إذ التجربة إنا
تصل ف الرات التعددة بالتكرار ليحصل عنها العلم أو الظن .و أدوار الكواكب منها ما هو طويل الزمن فيحتاج تكرره إل آماد و أحقاب
متطارلة يتقاصر عنها ما هو طويل من أعمار العال .و ربا ذهب ضعفاء منهم إل أن معرفة قوى الكواكب و تأثياتا كانت بالوحي و هو
رأي فائل و قد كفونا مؤنة إبطاله .و من أوضح الدلة فيه أن تعلم أن النبياء عليهم الصلة و السلم أبعد الناس عن الصنائع و أنم ل
يتعرضون للخبار عن الغيب إل أن يكون عن ال فكيف يدعون استنباطه بالصناعة و يشيون بذلك لتابعيهم من اللق .و أما بطليمس و
من تبعه من التأخرين فيون أن دللة الكواكب على ذلك دللة طبيعية من قبل مزاج يصل للكواكب ف الكائنات العنصرية قال لن فعل
النيين و أثرها ف العنصريات ظاهر ل يسع أحدا حجده مثل فعل الشمس ف تبدل الفصول و أمزجتها و نضج الثمار و الزرع و غي ذلك
و فعل القمر ف الرطوبات و الاء و إنضاج الواد التعفنة و فواكه القناء و سائر أفعاله .ث قال :و لنا فيما بعدها من الكواكب طريقان الول
التقليد لن نقل ذلك عنه من أئمة الصناعة إل أنه غي مقنع للنفس و الثانية الدس و التجربة بقياس كل واحد منها إل الني العظم الذي
عرفنا طبيعته و أثره معرفة ظاهرة فننظر هل يزيد ذلك الكوكب عند القران ف قوته و مزاجه فتعرف موافقته له ف الطبيعة أو ينقص عنها
فتعرف مضادته .ث إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركبة و ذلك عند تناظرها بأشكال التثليث و التربيع و غيها و معرفة ذلك من قبل
طبائع البوج بالقياس أيضا إل الني العظم .و إذا عرفنا قوى الكواكب كلها فهي مؤثرة ف الواء و ذلك ظاهر .و الزاج الذي يصل منها
للهواء يصل لا تته من الولدات و تتخلق به النطف و البزر فتصي حال للبدن التكون عنها و للنفس التعلقة به الفائضة عليه الكتسبة لا لا
منه و لا يتبع النفس و البدن من الحوال لن كيفيات البزرة و النطفة كيفيات لا يتولد عنهما و ينشأ منهما .قال :و هو مع ذلك ظن و
ليس من اليقي ف شيء و ليس هو أيضا من القضاء اللي يعن القدر إنا هو من جلة السباب الطبيعية للكائن و القضاء اللي سابق على
كل شيء .هذا مصل كلم بطليمس و أصحابه و هو منصوص ف كتابه الربع و غيه .و منه يتبي ضعف مدرك هذه الصناعة و ذلك أن
العلم الكائن أو الظن به إنا يصل عن العلم بملة أسبابه من الفاعل و القابل و الصورة و الغاية على ما يتبي ف موضعه .و القوى النجومية
على ما قرروه إنا هي فاعلة فقط و الزء العنصري هو القابل ث إن القوى النجومية ليست هي الفاعل بملتها بل هناك قوى أخرى فاعلة
معها ف الزء الادي مثل قوة التوليد للب و النوع الت ف النطفة و قوى الاصة الت تيز با صنف من النوع و غي ذلك .فالقوى النجومية
إذا حصل كمالا و حصل العلم فيها إنا هي فاعل واحد من جلة السباب الفاعلة للكائن .ث إنة يشترط مع العلم بقوى النجوم و تأثياتا
مزيد حدس و تمي و حينئذ يصل عنده الظن بوقوع الكائن .و الدس و التخمي قوى للناظر ف فكره و ليس من علل الكائن و ل من
أصول الصناعة فإذا فقد هذا الدس و التخمي رجعت أدراجها عن الظن إل الشك .هذا إذا حصل العلم بالقوى النجومية على سداده و ل
تعترضه آفة و هذا معوز لا فيه من معرفة حسبانات الكواكب ف سيها لتتعرف به أوضاعها و لا أن اختصاص كل كوكب بقوة ل دليل
عليه .و مدرك بطليمس ف إثبات القوى للكواكب المسة بقياسها إل الشمس مدرك ضعيف لن قوة الشمس غالبه لميع القوى من
الكواكب و مستولية عليها فقل أن يشعر بالزيادة فيها أو النقصان منها عند القارنة كما قال و هذه كلها قادحة ف تعريف الكائنات الواقعة
ف عال العناصر بذه الصناعة .ث إن تأثي الكواكب فيما تتها باطل إذ قد تبي ف باب التوحيد أن ل فاعل إل ال بطريق استدلل كما
رأيته و احتج له أهل علم الكلم با هو غن ف البيان من أن إسناد السباب إل السببات مهول الكيفية و العقل منهم على ما يقضى به فيما
يظهر بادئ الرأي من التأثي فلعل استنادها على غي صورة التأثي التعارف .و القدرة اللية رابطة بنهما كما ربطت جيع الكائنات علوا و
سفل سيما و الشرع يرد الوادث كلها إل قدرة ال تعال و يبأ ما سوى ذلك .و النبؤات أيضا منكرة لشأن النجوم و تأثياتا .و استقراء
الشرعيات شاهد بذلك ف مثل قوله إن الشمس و القمر ل يسفان لوت أحد و ل لياته و ف قوله أصبح من عبادي مؤمن ب و كافر ب.
فأما من قال مطرنا بفضل ال و رحته فذلك مؤمن ب كافر بالكواكب و أما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر ب مؤمن بالكواكب
الديث الصحيح .فقد بان لك بطلن هذه الصناعة من طريق الشرع و ضعف مداركها مع ذلك من طريق العقل مع ما لا من الضار ف
العمران النسان با تبعث من عقائد العوام من الفساد إذا اتفق الصدق من أحكامها ف بعض الحايي أتفاقا ل يرجع إل تعليل و ل تقيق
فيلهج بذلك من ل معرفة له و يظن اطراد الصدق ف سائر أحكامها و ليس كذلك .فيقع ف رد الشياء إل غي خالقها .ث ما ينشأ عنها
كثيا ف الدول من توقع القواطع و ما يبعث عليه ذلك التوقع من تطاول العداء و التربصي بالدولة إل الفتك و الثورة .و قد شاهدنا من
ذلك كثيا فينبغي أن تظر هذه الصناعة على جيع أهل العمران لا ينشأ عنها من الضار ف الدين و الدول ،و ل يقدح ف ذلك كون
وجودها طبيعيا للبشر بقتضى مداركهم و علومهم .فالي و الشر طبيعتان موجودتان ف العال ل يكن نزعهما و إنا يتعلق التكليف
بأسباب حصولما فيتعي السعي ف اكتساب الي بأسبابه و دفع أسباب الشر و الضار .هذا هو الواجب على من عرف مفاسد هذا العلم و
مضاره .و ليعلم من ذلك أنا و إن كانت صحيحة ف نفسها فل يكن أحدا من أهل اللة تصيل علمها و ل ملكتها بل إن نظر فيها ناظر و
ظن الحاطة با فهو ف غاية القصور ف نفس المر .فإن الشريعة لا حظرت النظر فيها فقد الجتماع من أهل العمران لقراءتا و التحليق
لتعليمها و صار الولع با من الناس و هم القل و أقل من القل إنا يطالع كتبها و مقالتا ف كسر بيته متسترا عن الناس و تت ربقة
المهور مع تشغب الصناعة و كثرة فروعها و اعتياصها على الفهم فكيف يصل منها على طائل ؟ و نن ند الفقه الذي عم نفعه دينا و
دنيا و سهلت مآخذه من الكتاب و السنة و عكف المهور على قراءته و تعليمه ث بعد التحقيق و التجميع و طول الدارسة و كثرة
الجالس و تعدها إنا يذق فيه الواحد بعد الواحد ف العصار و الجيال .فكيف يعلم مهجور للشريعة مضروب دونه سد الطر و التحري
مكتوم عن المهور صعب الآخذ متاج بعد المارسة و التحصيل لصوله و فروعه إل مزيد حدس و تمي يكتنفان به من الناظر فأين
التحصيل و الذق فيه مع هذه كلها .و مدعى ذلك من الناس مردود على عقبه و ل شاهد له يقوم بذلك لغرابة الفن بي أهل اللة و قلة
حلته فاعتب ذلك يتبي لك صحة ما ذهبنا إليه .و ال أعلم بالغيب فل يظهر على غيبه أحدا .و ما وقع ف هذا العن لبعض أصحابنا من
أهل العصر عندما غلب العرب عساكر السلطان أب السن و حاصروه بالقيوان و كثر إرجاف الفريقي الولياء و العداء و قال ف ذلك
أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس:
قد ذهب العيش و الناء أستغفر ال كل حي
و الصبح ل و الساء أصبح ف تونس و أمسي
يدثها الرج و الوباء الوف و الوع و النايا
و ما عسى ينفع الراء و الناس ف مرية و حرب
حل به اللك و التواء فأحدي يرى عليا
به إليكم صبا رخاء و آخر قال سوف يأت
يقضي لعيديه ما يشاء و ال من فوق ذا و هذا
ما فعلت هذه السماء يا راصد النس الواري
أنكم اليوم أملياء مطلتمونا و قد زعمتم
و جاء سبت و أربعاء مر خيس على خيس
و ثالث ضمه القضاء و نصف شهر و عشر ثان
أذاك جهل أم ازدراء و ل نرى غي زور قول
أن ليس يستدفع القضاء إنا إل ال قد علمنا
حسبكم البدر أو ذكاء رضيت بال ل إلا
إل عباديد أو إماء ما هذه النم السواري
و ما لا ف الورى اقتضاء يقضى عليها و ليس تقضي
ما شأنه الرم و الفناء ضلت عقول ترى قديا
يدثه الاء و الواء و حكمت ف الوجود طبعا
تغذوهم تربة و ماء ل تر حلوا إزاء مر
ما الوهر الفرد و اللء ال رب و لست أدري
ما ل عن صورة عراء و ل اليول الت تنادي
و ل ثبوت و ل انتفاء و ل وجود و ل انعدام
ما جلب البيع و الشراء و الكسب ل أدر فيه إل
ما كان للناس أولياء و إنا مذهب و دين
و ل جدال و ل رياء إذ ل فصول و ل أصول
يا حبذا كان القتفاء ما تبع الصدر و اقتفينا
و ل يكن ذلك الذاء كانوا كما يعلمون منهم
أشعرن الصيف و الشتاء يا أشعري الزمان إن
و الي عن مثله جزاء ل أجز بالشر غي شر
فلست أعصى و ل رجاء و إنن إن أكن مطيعا
أطاعه العرش و الثراء و إنن تت حكم بار
أتاحه الكم و القضاء ليس انتصار بكم و لكن
له إل رأيه انتماء لو حدث الشعري عمن
ما يقولونه براء لقال أخبهم بأن
الفصل الثالث و الثلثون :ف انكار ثرة الكيميا و استحالة وجودها و ما
ينشأ من الفاسد عن انتحالا
اعلم أن كثيا من العاجزين عن معاشهم تملهم الطامع على انتحال هذه الصنائع و يرون أنا أحد مذاهب العاش و وجوهه و أن اقتناء
الال منها أيسر و أسهل على مبتغيه فيتكبون فيها من التاعب و الشاق و معاناة الصعاب و عسف الكام و خساره الموال ف النفقات
زيادة على النيل من غرضه و العطب آخرا إذا ظهر على خيبة و هم يسبون أنم يسنون صنعا .و إنا أطمعهم ف ذلك رؤية أن العادن
تستحيل و ينقلب بعضها إل بعض للمادة الشتركة فيحاولون بالعلج صيورة الفضة ذهبا و النحاس و القصدير فضة و يسبون أنا من
مكنات عال الطبيعة و لم ف علج ذلك طرق متلفة لختلف مذاهبهم ف التدبي و صورته و ف الادة الوضوعة عندهم للعلج الساة
عندهم بالجر الكرم هل هي العذرة أو الدم أو الشعر أو البيض أو كذا أو كذا ما سوى ذلك .و جلة التدبي عندهم بعد تعي الادة أن
تهى بالفهر على حجر صلد أملس و تسقى أثناء إمهائها بالاء و بعد أن يضاف إليها من العقاقي و الدوية ما يناسب القصد منها و يوثر ف
انقلبا إل العدن الطلوب .ث تفف بالشمس من بعد السقي أو تطبخ بالنار أو تصعد أو تكلس لستخراج مائها أو ترابا فإذا رضي بذلك
كله من علجها و ت تدبيه على ما اقتضته أصول صنعته حصل من ذلك كله تراب أو مائع يسمونه الكسي و يزعمون أنه إذا ألقى على
الفضة الحماة بالنار عادت ذهبا أو النحاس الحمى بالنار عاد فضة على ما قصد به ف عمله .و يزعم الحققون منهم أن ذلك الكسي مادة
مركبة من العناصر الربعة حصل فيها بذلك العلج الاص و التدبي مزاج ذو قوى طبيعية تصرف ما حصلت فيه إليها و تقلبه إل صورتا
و مزاجها و تبث فيه ما حصل فيها من الكيفيات و القوى كالمية للخبز تقلب العجي إل ذاتا و تعمل فيه ما حصل لا من النفشاش و
الشاشة ليحسن هضمة ف العدة و يستحيل سريعا إل الغذاء .و كذا إكسي الذهب و الفضة فيما يصل فيه من العادن يصرفه إليهما و
يقلبه إل صورتما .هذا مصل زعمهم على الملة فتجدهم عاكفي على هذا العلج يبتغون الرزق و العاش فيه و يتناقلون أحكامه و
قواعده من كتب لئمة الصناعة من قبلهم يتداولونا بينهم و يتناظرون ف فهم لغوزها و كشف أسرارها إذ هي ف الكثر تشبه العمى.
كتآليف جابر بن حيان ف رسائله السبعي و مسلمة الجريطي ف كتابه رتبة الكيم و الطغرائي و الغيب ف قصائده العريقة ف إجادة النظم
و أمثالا و ل يلون من بعد هذا كله بطائل منها .ففاوضت يوما شيخنا أبا البكات التلفيفي كبي مشيخة الندلس ف مثل ذلك و وقفته
على بعض التآليف فيها فتصفحه طويل ث رده إل و قال ل و أنا الضامن له أن ل يعود إل بيته إل باليبة .ث منهم من يقتصر ف ذلك على
الدلسة فقط .إما الظاهرة كتمويه الفضة بالذهب أو النحاس بالفضة أو خلطهما على نسبة جزء أو جزءين أو ثلثة أو الفية كإلقاء الشبه
بي العادن بالصناعة مثل تبييض النحاس و تلبيسه بالزوق الصعد فيجيء جسما معدنيا شبيها بالفضة و يفى إل على النقاد الهرة فيقدر
أصحاب هذه الدلس مع دلستهم هذه سكة يسربونا ف الناس و يطبعونا بطابع السلطان تويها على المهور باللص .و هؤلء أخس
الناس حرفة و أسوأهم عاقبة لتلبسهم بسرقة أموال الناس فإن صاحب هذه الدلسة إنا هو يدفع ناسا ف الفضة و فضة ف الذهب
ليستخلصها لنفسه فهو سارق أو شر من السارق .و معظم هذا الصنف لدينا بالغرب من طلبة الببر النتبذين بأطراف البقاع و مساكن
الغمار يأوون إل مساجد البادية و يوهون على الغنياء منهم بأن بأيديهم صناعة الذهب و الفضة و النفوس مولعة ببهما و الستهلك ف
طلبهما فيحصلون من ذلك على معاش .ث يبقى ذلك عندهم تت الوف و الرقبة إل أن يظهر العجز و تقع الفضيحة فيفرون إل موضع
آخر و يستجدون حال أخرى ف استهواء بعض أهل الدنيا بأطماعهم فيما لديهم .و ل يزالون كذلك ف ابتغاء معاشهم و هذا الصنف ل
كلم معهم لنم بلغوا الغاية ف الهل و الرداءة و الحتراف بالسرقة و ل حاسم لعلتهم إل اشتداد الكام عليهم و تناولم من حيث كانوا
و قطع أيديهم مت ظهروا على شأنم لن فيه إفسادا للسكة الت تعم با البلوى و هي متمول الناس كافة .و السلطان مكلف بإصلحها و
الحتياط عليها و الشتداد على مفسديها .و أما من انتحل هذه الصناعة ول يرض بال الدلسة بل استنكف عنها و نزه نفسه عن إفساد
سكة السلمي و نقودهم و إنا يطلب إحالة الفضة للذهب و الرصاص و النحاس و القصدير إل الفضة بذلك النحو من العلج و بالكسي
الاصل عنده فلنا مع هؤلء متكلم و بث ف مداركهم لذلك .مع أنا ل نعلم أن أحدا من أهل العال ت له هذا الغرض أو حصل منه على
بغية إنا تذهب أعمارهم ف التدبي و الفهر و الصلبة و التصعيد و التكليس و اعتيام الخطار بمع العقاقي و البحث عنها .و يتناقلون ف
ذلك حكايات و تت لغيهم من ت له الغرض منها أو وقف على الوصول يقنعون باستماعها و الفاوضات فيها و ل يستريبون ف تصديقها
شأن الكلفي الغرمي بوساوس الخبار فيما يكلفون به فإذا سئلوا عن تقيق ذلك بالعاينة أنكروه و قالوا إنا سعنا و ل نر .هكذا شأنم ف
كل عصر و جيل و اعلم أن انتحال هذه الصنعة قدي ف العال و قد تكلم الناس فيها من التقدمي و التأخرين فلننقل مذاهبهم ف ذلك ث
نتلوه با يظهر فيها من التحقيق الذي عليه المر ف نفسه فنقول إن مبن الكلم ف هذه الصناعة عند الكماء على حال العادن السبعة
التطرقة و هي الذهب و الفضة و الرصاص و القصدير و النحاس و الديد والارصي هل هي متلفات بالفصول و كلها أنواع قائمة
بأنفسها أو إنا متلفة بواص من الكيفيات و هي كلها أصناف لنوع واحد ؟ فالذي ذهب إليه أبو البصر الفاراب و تابعه عليه حكماء
الندلس أنا نوع واحد و أن اختلفها إنا هو بالكيفيات من الرطوبة و اليبوسة و اللي و الصلبة و اللوان من الصفرة و البياض والسواد و
هي كلها أصناف لذلك النوع الواحد و الذي ذهب إليه ابن سينا و تابعه عليه حكماء الشرق أنا متلفة بالفصول و أنا أنواع متباينة كل
واحد منها قائم بنفسه متحقق بقيقته له فصل و جنس شأن سائر النواع .و بن أبو نصر الفاراب على مذهبه ف اتفاقها بالنوع إمكان
انقلب بعضها إل بعض لمكان تبدل الغراض حينئذ و علجها بالصنعة .فمن هذا الوجه كانت صناعة الكيمياء عنده مكنة سهلة الأخذ.
و بن أبو علي بن سينا على مذهبه ف اختلفها بالنوع إنكار هذه الصنعة و استحالة وجودها بناء على أن الفصل ل سبيل بالصناعة إليه و
إنا يلقه خالق الشياء و مقدرها و هو ال عز و جل .و الفصول مهولة القائق رأسا بالتصوف فكيف ياول انقلبا بالصنعة .و غلطه
الطغرائي من أكابر أهل هذه الصناعة ف هذا القول .و رد عليه بأن التدبي و العلج ليس ف تليق الفصل و إبداعه و إنا هو ف إعداد الادة
لقبوله خاصة .و الفصل يأت من بعد العداد من لدن خالقه و بارئه كما يفيض النور على الجسام بالصقل و المهاء .و ل حاجة بنا ف
ذلك إل تصوره و معرفته قال :و إذا كنا قد عثرنا على تليق بعض اليوانات مع الهل بفصولا مثل العقرب من التراب و النت و مثل
اليات التكونة من الشعر و مثل ما ذكره أصحاب الفلحة من تكوين النحل إذا فقدت من عجاجيل البقر .و تكوين القصب من قرون
ذوات الظلف و تصييه سكرا بشو القرون بالعسل بي يدي ذلك الفلح للقرون فما الانع إذا من العثور على مثل ذلك ف الذهب و الفضة.
فتتخذ مادة تضيفها للتدبي بعد أن يكون فيها استعداد أول لقبول صورة الذهب و الفضة .ث تاولا بالعلج إل أن يتم فيها الستعداد
لقبول فصلها .انتهى كلم الطغرائي بعناه .و هو الذي ذكرة ف الرد على ابن سينا صحيح .لكن لنا ف الرد على أهل هذه الصناعة مأخذا
آخر يتبي منه استحالة وجودها و بطلن مزعمهم أجعي ل الطغرائي و ل ابن سينا .و ذلك أن حاصل علجهم أنم بعد الوقوف على
الادة الستعدة بالستعداد الول يعلونا موضوعا و ياذون ف تدبيها و علجها تدبي الطبيعة ف السم العدن حت أحالته ذهبا أو فضة و
يضاعفون القوى الفاعلة و النفعلة ليتم ف زمان أقصر .لنة تبي ف موضوعه أن مضاعفة قوة الفاعل تنقص من زمن فعله و تبي أن الذهب
إنا يتم كونه ف معدنه بعد ألف و ثاني من السني دورة الشمس الكبى فإذا تضاعفت القوى و الكيفيات ف العلج كان زمن كونه أقصر
من ذلك ضرورة على ما قلناه أو يتحرون بعلجهم ذلك حصول صورة مزاجية لتلك الادة تصيها كالمية فتفعل ف السم العال
الفاعيل الطلوبة ف إحالته و ذلك هو الكسي على ما تقدم .و اعلم أن كل متكون من الولدات العنصرية فلبد فيه من اجتماع العناصر
الربعة على نسبة متفاوتة إذ لو كانت متكافئة ف النسبة لا ت امتزاجها فلبد من الزء الغالب على الكل .و لبد ف كل متزج من الولدات
من حرارة غريزية هي الفاعلة لكونا الافظة لصورته ،ث كل متكون ف زمان فلبد من اختلف أطواره و انتقاله ف زمن التكوين من طور
إل طور حت ينتهي إل غايته .و انظر شأن النسان ف طور النطفة ث العلقة ث الضغة ث التصوير ث الني ث الولود ث الرضيع ث إل نايته.
و نسب الجزاء ف كل طور تتلف ف مقاديرها و كيفياتا و إل لكان الطور الول بعينه هو الخر و كذا الرارة الغريزية ف كل طور
مالفة لا ف الطور الخر .فانظر إل الذهب ما يكون له ف معدنه من الطوار منذ ألف سنة و ثاني و ما ينتقل فيه من الحوال فيحتاج
صاحب الكيمياء إل أن يساوق فعل الطبيعة ف العدن و ياذيه بتدبيه و علجه إل أن يتم .و من شرط الصناعة أبدا تصورها يقصد إليه
بالصنعة فمن المثال السائرة للحكماء أول العمل آخر الفكرة و آخر الفكرة أول العمل .فلبد من تصور هذه الالت للذهب ف أحواله
التعددة و نسبها التفاوتة ف كل طور و اختلف الار الغريزي عند اختلفها و مقدار الزمان ف كل طور و ما ينوب عنه من مقدار القوى
الضاعفة و يقوم مقامه حت ياذي بذلك كله فعل الطبيعة ف العدن أو تعد لبعض الواد صورة مزاجية كصورة المية للخبز و تفعل ف
هذه الادة بالناسبة لقواها و مقاديرها .و هذه الادة إنا يصرها العلم الحيط والعلوم البشرية قاصرة عن ذلك و إنا حال من يدعي حصوله
على الذهب بذه الصنعة .بثابة من يدعي بالصنعة تليق إنسان من الن .و نن إذا سلمنا له الحاطة بأجزائه و نسبته و أطواره و كيفية
تليقه ف رحه و علم ذلك علما مصل بتفاصيله حت ل يشذ منه شيء عن علمه سلمنا له تليق هذا النسان وأن له ذلك .و لنقرب هذا
البهان بالختصار ليسهل فهمه فنقول حاصل صناعة الكيمياء و ما يدعونه بذا التدبي أنه مساوقة الطبيعية العدنية بالفعل الصناعي و
ماذاتا به إل أن يتم كون السم العدن أو تليق مادة بقوى و أفعال و صورة مزاجية تفعل ف السم فعل طبيعيا فتصيه و تقلبه إل
صورتا .و الفعل الصناعي مسبوق بتصورات أحوال الطبيعة العدنية الت يقصد مساوقتها أو ماذاتا أو فعل الادة ذات القوى فيها تصورا
مفصل واحدة بعد أخرى .و تلك الحوال ل ناية لا و العلم البشري عاجز عن الحاطة با دونا و هو بثابة من يقصد تليق إنسان أو
حيوان أو نبات .هذا مصل هذا البهان و هو أوثق ما علمته و ليست الستحالة فيه من جهة الفصول كما رأيته و ل من الطبيعة إنا هو
من تعذر الحاطة و قصور البشر عنها .و ما ذكره ابن سينا بعزل عن ذلك و له وجه آخر ف الستحالة من جهة غايته .و ذلك أن حكمة
ال ف الجرين و ندورها أنما قيم لكاسب الناس و متمولتم .فلو حصل عليهما بالصنعة لبطلت حكمة ال ف ذلك و كثر وجودها
حت ل يصل أحد من اقتنائهما على شيء .و له وجه آخر من الستحالة أيضا و هو أن الطبيعة ل تترك أقرب الطريق ف أفعالا و ترتكب
العوص و البعد .فلو كان هذا الطريق الصناعي الذي يزعمون أنه صحيح و أنه أقرب من طريق الطبيعة ف معدنا أو أقل زمانا لا تركته
الطبيعة إل طريقها الذي سلكته ف كون الفضة و الذهب و تلقهما و أما تشبيه الطغراءي هذا التدبي با عثر عليه من مفردات لمثاله ف
الطبيعة كالعقرب و النحل و الية وتليقها فأمر صحيح ف هذه أدى إليه العثور كما زعم .و أما الكيمياء فلم تنقل عن أحد من أهل العال
أنه عثر عليها و ل على طريقها و ما زال منتحلوها يبطون فيها عشواء إل هلم جرا و ل يظفرون إل بالكايات الكاذبة .و لو صح ذلك
لحد منهم لفظه عنه أولده أو تلميذه و أصحابه و تنوقل ف الصدقاء و ضمن تصديقه صحة العمل بعده إل أن ينتشر و يبلغ إلينا و إل
غينا .و أما قولم إن الكسي بثابة المية .و إنه مركب ييل ما يصل فيه و يقلبه إل ذلك فاعلم أن المية إنا تقلب العجي و تعده
للهضم و هو فساد و الفساد ف الواد سهل يقع بأيسر شيء من الفعال و الطبائع .و الطلوب بالكسي قلب العدن إل ما هو أشرف منه و
أعلى فهو تكوين و صلح و التكوين أصعب من الفساد فل يقاس الكسي بالمية .و تقيق المر ف ذلك أن الكيمياء إن صح وجودها
كما تزعم الكماء التكلمون فيها مثل جابر بن حيان و مسلمة بن أحد الجريطي و أمثالم فليست من باب الصنائع الطبيعية و ل تتم بأمر
صناعي .و ليس كلمهم فيها من منحى الطبيعيات إنا هو من منحى كلمهم ف المور السحرية و سائر الوارق و ما كان من ذلك
للحلج و غيه و قد ذكر مسلمة ف كتاب الغاية ما يشبة ذلك .و كلمه فيها ف كتاب رتبة الكيم من هذا النحى و هذا كلم جابر ف
رسائله و نو كلمهم فيه معروف و ل حاجة بنا إل شرحه و بالملة فأمرها عندهم من كليات الواد الارجة عن حكم الصنائع فكما ل
يتدبر ما منه الشب و اليوان ف يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مرى تليقه كذلك ل يتدبر ذهب من مادة الذهب ف يوم و ل
شهر و ل يتغي طريق عادته إل بإرفاد ما وراء عال الطبائع و عمل الصنائع فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله و عمله و يقال
لذا التدبي الصناعي التدبي العقيم لن نيله إن كان صحيحا فهو واقع ما وراء الطبائع و الصنائع كالشي على الاء و امتطاء الواء و النفوذ
ف كشائف الجساد و نو ذلك من كرامات الولياء الارقة للعادة أو مثل تليق الطي و نوها من معجزات النبياء .قال تعال :وإذ تلق
من الطي كهيئة الطي بإذن فتنفخ فيها فتكون طيا بإذن وتبئ الكمه والبرص بإذن و على ذلك فسبيل تيسيها متلف بسب حال من
يؤتاها .فربا أوتيها الصال و يؤتيها غيه فتكون عنده معارة .و ربا أوتيها الصال و ل يلك إيتاءها فل تتم ف يد غيه .و من هذا الباب
يكون عملها سحريا فقد تبي أنا إنا تقع بتأثيات النفوس و خوارق العادة إما معجزة أو كرامة أو سحرا .و لذا كان كلم الكماء كلهم
فيها إلغازا ل يظفر بقيقته إل من خاض لة من علم السحر و اطلع على تصرفات النفس ف عال الطبيعة .و أمور خرق العادة غي منحصرة
و ل يقصد أحد إل تصيلها .و ال با يعملون ميط .و أكثر ما يمل على التماس هذه الصناعة و انتحالا هو كما قلناه العجز عن الطرق
الطبيعية للمعاش و ابتغاؤه من غي وجوهه الطبيعية كالفلحة و التجارة و الصناعة فيصعب العاجز ابتغاءه من هذه و يروم الصول على
الكثي من الال دفعة بوجوه غي طبيعية من الكيمياء و غيها .و أكثر من يعن بذلك الفقراء من أهل العمران حت ف الكماء التكلمي ف
إنكارها و استحالتها .فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغن و الثروة و الفاراب القائل بإمكانا كان من أهل
الفقر الذين يعوزهم أدن بلغة من العاش و أسبابه .و هذه تمة ظاهرة ف أنظار النفوس الولعة بطرقها و انتحالا .و ال الرازق ذو القوة
التي ل رب سواه.
الفصل الامس و الثلثون :ف القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و إلغاء
ما سواها
اعلم أن العلوم البشرية خزانتها النفس النسانية با جعل ال فيها من الدراك الذي يفيدها ذلك الفكر الحصل لا ذلك بالتصور للحقائق
أول ،ث بإثبات العوارض الذاتية لا أو نفيها عنها ثانيا ،إما بغي وسط أو بوسط ،حت يستنتج الفكر بذلك مطالبه الت يعن بإثباتا أو نفيها.
فإذا استقرت من ذلك صورة علمية ف الضمي فلبد من بيانا لخر :إما على وجه التعليم ،أو على وجه الفاوضة ،تصقل الفكار ف
تصحيحها .و ذلك البيان إنا يكون بالعبارة ،و هي الكلم الركب من اللفاظ النطقية الت خلقها ال ف عضو اللسان مركبة من الروف،
و هي كيفيات الصوات القطعة بعضلة اللهاة و اللسان ليتبي با ضمائر التكلمي بعضهم لبعض ف ماطباتم و هذه رتبة أول ف البيان عما
ف الضمائر ،و إن كان معظمها و أشرفها العلوم ،فهي شاملة لكل ما يندرج ف الضمي من خب أو إنشاء على العموم .و بعد هذه الرتبة
الول من البيان رتبة ثانية ل يؤدى با ما ف الضمي ،لن توارى أو غاب شخصه و بعد ،أو لن يأت بعد و ل يعاصره و ل لقيه .و هذا
البيان منحصر ف الكتابة ،و هي رقوم باليد تدل أشكالا و صورها بالتواضع على اللفاظ النطقية حروفا بروف و كلمات بكلمات ،فصار
البيان فيها على ما ف الضمي بواسطة الكلم النطقي ،فلهذا كانت ف الرتبة الثانية واحدا ،فسمي هذا البيان .يدل على ما ف الضمائر من
العلوم و العارف ،فهو أشرفها .و أهل الفنون معتنون يإيداع ما يصل ف ضمائرهم من ذلك ف بطون الوراق بذه الكتابة ،لتعلم الفائدة
ف حصوله للغائب و التأخر و هؤلء هم الؤلفون .و التآليف بي العوال البشرية و المم النسانية كثي ،و منتقلة ف الجيال و العصار و
تتلف باختلف الشرائع و اللل و الخبار عن المم و الدول .و أما العلوم الفلسفية ،فل اختلف فيها ،لنا إنا تأت على نج واحد ،فيما
تقتضيه الطبيعة الفكرية ،ف تصور الوجودات على ما هي عليه ،جسمانيها و روحانيها و فلكيها و عنصريها و مردها و مادتا .فإن هذه
العلوم ل تتلف ،و إنا يقع الختلف ف العلوم الشرعية لختلف اللل ،أو التاريية لختلف خارج الب .ث الكتابة متلفة باصطلحات
البشر ف رسومها و أشكالا ،و يسمى ذلك قلما و خطا .فمنها الط الميي ،و يسمى السند ،و هو كتابة حي و أهل اليمن القدمي ،و
هو يالف كتابة العرب التأخرين من مضر ،كما يالف لغتهم .و إن الكل عربيا .إل أن ملكة هؤلء ف اللسان و العبارة غي ملكة أولئك.
و لكل منهما قواني كلية مستقرأة من عبارتم غي قواني الخرين .و ربا يغلط ف ذلك من ل يعرف ملكات العبارة .و منها الط
السريان ،و هو كتابة النبط و الكلدانيي .و ربا يزعم بعض أهل الهل أنه الط الطبيعي لقدمه فإنم كانوا أقدم المم ،و هذا وهم ،و
مذهب عامي .لن الفعال الختيارية كلها ليس شيء منها بالطبع ،و إنا هو يستمر بالقدي و الران حت يصي ملكة راسخة ،فيظنها
الشاهد طبيعية كما هو رأي كثي من البلداء ف اللغة العربية ،فيقولون :العرب كانت تعرب بالطبع و تنطق بالطبع .و هذا وهم .و منها
الط العبان الذي هو كتابة بن عابر بن شال من بن إسرائيل و غيهم .و منها الط اللطين ،خط اللطينيي من الروم ،و لم أيضا لسان
متص بم .و لكل أمة من المم اصطلح ف الكتاب يعزى إليها و يتص با .مثل الترك و الفرنج و النود و غيهم .و إنا وقعت العناية
بالقلم الثلثة الول .أما السريان فلقدمه كما ذكرنا ،و أما العرب و العبي فلتنل القرآن و التوراة بما بلسانما .و كان هذان الطان
بيانا لتلوها ،فوقعت العناية بنظومهما أول و انبسطت قواني لطراد العبارة ف تلك اللغة على أسلوبا لتفهم الشرائع التكليفية من ذلك
الكلم الربان .و أما اللطين فكان الروم ،و هم أهل ذلك اللسان ،لا أخذوا بدين النصرانية ،و هو كله من التوراة ،كما سبق ف أول
الكتاب ،ترجوا التوراة و كتب النبياء السرائيليي إل لغتهم ،ليقتنصوا منها الحكام على أسهل الطرق .و صارت عنايتهم بلغتهم و
كتابتهم آكد من سواها .و أما الطوط الخرى فلم تقع با عناية ،و إنا هي لكل أمة بسب اصطلحها .ث إن الناس حصروا مقاصد
التآليف الت ينبغي اعتمادها و إلغاء ما سواها ،فعدوها سبعة:
أولا :استنباط العلم بوضوعه و تقسيم أبوابه و فصوله و تتبع مسائله ،أو استنباط مسائل و مباحث تعرض للعال الحقق و يرص على
إيصاله بغيه ،لتعم النفعة به فيودع ذلك بالكتاب ف الصحف ،لعل التأخر يظهر على تلك الفائدة ،كما وقع ف الصول ف الفقه .تكلم
الشافعى أول ف الدلة الشرعية اللفظية و لصها ،ث جاء النفية فاستنبطوا مسائل القياس و استوعبوها ،و انتفع بذلك من بعدهم إل الن.
و ثانيها :أن يقف على كلم الولي و تآليفهم فيجدها مستغلقة على الفهام و يفتح ال له ف فهمها فيحرص على إبانة ذلك لغيه من
عساه يستغلق عليه ،لتصل الفائدة لستحقها .و هذه طريقة البيان لكتب العقول و النقول ،و هو فصل شريق.
و ثالثها :أن يعثر التأخر على غلط أو خطأ ف كلم التقدمي من اشتهر فضله و بعد ف الفادة صيتة ،و يستوثق ف ذلك بالبهان الواضح
الذي ل مدخل للشك فيه ،فيحرص على إيصال ذلك لن بعدة ،إذ قد تعذر موه و نزعه بانتشار التآليف ف الفاق و العصار ،و شهرة
الؤلف و وثوق الناس بعارفه ،فيودع ذلك الكتاب ليقف على بيان ذلك.
و رابعها :أن يكون الفن الواحد قد نقصت منه مسائل أو فصول بسب انقسام موضوعه فيقصد الطلع على ذلك أن يتمم ما نقص من تلك
السائل ليكمل الفن بكمال مسائله و فصوله ،و ل يبقى للنقص فيه مال.
و خامسها :أن تكون مسائل العلم قد وقعت غي مرتبة ف أبوابا و ل منتظمة ،فيقصد الطلع على ذلك أن يرتبها و يهذبا ،و يعل كل
مسئلة ف بابا ،كما وقع ف الدونة من رواية سحنون عن ابن القاسم ،و ف العتبية من رواية العتب عن أصحاب مالك ،فإن مسائل كثية من
أبواب الفقه منها قد وقعت ف غي بابا فهذب ابن أب زيد الدونة و بقيت العتبية غي مهذبة .فنجد ف كل باب مسائل من غيه .و استغنوا
بالدونة و ما فعله ابن أب زيد فيها و البادعي من بعده.
و سادسها :أن تكون مسائل العلم مفرقة ف أبوابا من علوم أخرى فيتنبه بعض الفضلء إل موضوع ذلك الفن و جيع مسائله ،فيفعل ذلك،
و يظهر به فن ينظمه ف جلة العلوم الت ينتحلها البشر بأفكارهم ،كما وقع ف علم البيان .فإن عبد القاهر الرجان و أبا يوسف السكاكي
وجدا مسائله مستقرية ف كتب النحو و قد جع منها الاحظ ف كتاب البيان و التبيي مسائل كثية ،تنبه الناس فيها لوضوع ذلك العلم و
انفراده عن سائر العلوم ،فكتبت ف ذلك تأليفهم الشهورة ،و صارت أصول لفن البيان ،و لقنها التأخرون فأربوا فيها على كل متقدم.
و سابعها :أن يكون الشيء من التآليف الت هي أمهات للفنون مطول مسهبا فيقصد بالتآليف تلخيص ذلك ،بالختصار و الياز و حذف
التكرر ،إن وقع ،مع الذر من حذف الضروري لئل يل بقصد الؤلف الول.
فهذه جاع القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و مراعاتا .و ما سوى ذلك ففعل غي متاج إليه و خطأ عن الادة الت يتعي سلوكها ف
نظر العقلء ،مثل انتحال ما تقدم لغيه من التآليف أن ينسبه إل نفسه ببعض تلبيس ،من تبديل اللفاظ و تقدي التأخر و عكسه ،أو يذف
ما يتاج إليه ف الفن أو يأت با ل يتاج إليه ،أو يبدل الصواب بالطأ ،أو يأت با ل فائدة فيه .فهذا شأن الهل و القحة .و لذا قال
أرسطو ،لا عدد هذه القاصد ،و انتهى إل آخرها فقال :و ما سوى ذلك ففصل أو شره ،يعن بذلك الهل و القحة .نعوذ بال من العمل
ف ما ل ينبغي للعاقل سلوكه .و ال يهدي للت هي أقوم.
الفصل السادس و الثلثون ف أن كثرة الختصارات الؤلفة ف العلوم ملة
بالتعليم
ذهب كثي من التأخرين إل اختصار الطرق و الناء ف العلوم يولعون با و يدونون منها برناما متصرا ف كل علم يشتمل على حصر
مسائله و أدلتها باختصار ف اللفاظ و حشو القليل منها بالعان الكثية من ذلك الفن .و صار ذلك مل بالبلغة و عسرا على الفهم .و
ربا عمدوا إل الكتب المهات الطولة ف الفنون للتفسي و البيان فاختصروها تقريبا للحفظ كما فعله ابن الاجب ف الفقه و ابن مالك ف
العربية و الوني ف النطق و أمثالم .و هو فساد ف التعليم و فيه اخلل بالتحصيل و ذلك لن فيه تليطا على البتدئ بإلقاء الغايات من
العلم عليه و هو ل يستعد لقبولا بعد و هو من سوء التعليم كما سيأت .ث فيه مع ذلك شغل كبي على التعلم بتتبع ألفاظ الختصار
العويصة للفهم بتراحم العان عليها و صعوبة استخراج السائل من بينها .لن ألفاظ الختصرات تدها لجل ذلك صعبة عويصة فينقطع ف
فهمها حظ صال عن الوقت .ث بعد ذلك فاللكة الاصلة من التعليم ف تلك الختصرات إذا ت على سداده و ل تعقبه آفة فهي ملكة قاصرة
عن اللكات الت تصل من الوضوعات البسيطة الطولة لكثرة ما يقع ف تلك من التكرار و الحالة الفيدين لصول اللكة التامة .و إذا
اقتصر على التكرار قصرت اللكة لقلته كشأن هذه الوضوعات الختصرة فقصدوا إل تسهيل الفظ على التعلمي فأركبوهم صعبا يقطعهم
عن تصيل اللكات النافعة و تكنها .و من يهد ال فل مضل له و من يضلل فل هادي له .و ال سبحانه و تعال أعلم.
الفصل السابع و الثلثون :ف وجه الصواب ف تعليم العلوم و طريق إفادته
اعلم أن تلقي العلوم للمتعلمي إنا يكون مفيدا إذا كان على التدريج شيئا فشيئا و قليل قليل يلقى عليه أول مسائل من كل باب من الفن
هي أصول ذلك الباب .و يقرب له ف شرحها على سبيل الجال و يراعى ف ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حت ينتهي إل
آخر الفن و عند ذلك يصل له ملكة ف ذلك العلم إل أنا جزئية و ضعيفة .و غايتها أنا هيأته لفهم الفن و تصيل مسائله .ث يرجع به إل
الفن ثانية فيفعه ف التلقي عن تلك الرتبة إل أعلى منها و يستوف الشرح و البيان و يرج عن الجال و يذكر له ما هنالك من اللف و
وجهه إل أن ينتهي إل آخر الفن فتجود ملكته .ث يرجع به و قد شد فل يترك عويصا و ل مهما و ل مغلقا إل وضحه و فتح له مقفله
فيخلص من الفن و قد استول على ملكته هذا وجه التعليم الفيد و هو كما رأيت إنا يصل ف ثلثا تكرارات .و قد يصل للبعض ف أقل
من ذلك بسب ما يلق له و يتيسر عليه و قد شاهدنا كثيا من العلمي لذا العهد الذي أدركنا يهلون طرق التعليم و إفاداته و يضرون
للمتعلم ف أول تعليمه السائل القفلة من العلم و يطالبونه بإحضار ذهنه ف حلها و يسبون ذلك مرانا على التعليم و صوابا فيه و يكلفونه
رعي ذلك و تصيله و يلطون عليه با يلقون له من غايات الفنون ف مبادئها و قبل أن يستعد لفهمها فإن قبول العلم و الستعدادات لفهمه
تنشأ تدريا و يكون التعلم أول المر عاجزا عن الفهم بالملة إل ف القل و على سبيل التقريب و الجال والمثال السنة .ث ل يزال
الستعداد فيه يتدرج قليل قليل بخالفة مسائل ذلك الفن و تكرارها عليه و النتقال فيها من التقريب إل الستيعاب الذي فوقه ،حت تتم
اللكة ف الستعداد ث ف التحصيل و ييط هو بسائل الفن و إذا ألقيت عليه الغايات ف البداءات و هو حينئذ عاجز عن الفهم و الوعي و
بعيد عن الستعداد له كل ذهنه عنها و حسب ذلك من صعوبة العلم ف نفسه فتكاسل عنه و انرف عن قبوله و تادى ف هجرانه .و إنا
إل ذلك من سوء التعليم .و ل ينبغي للمعلم أن يزيد متعلمه على فهم كتابه الذي أكب على التعليم منه بسب طاقته و على نسبة قبوله
للتعليم مبتدئا كان أو منتهيا و ل يلط مسائل الكتاب بغيها حت يعيه من أوله إل أخره و يصل أغراضه و يستول منه على ملكة با ينفذ
ف غيه .لن التعلم إذا حصل ملكة ما ف علم من العلوم استعد با لقبول ما بقي و حصل له نشاط ف طلب الزيد و النهوض إل ما فوق
حت يستول على غايات العلم و إذا خلط عليه المر عجز عن الفهم و أدركه الكلل و انطمس فكره و يئس من التحصيل و هجر العلم و
التعليم .و ال يهدي من يشاء .و كذلك ينبغي لك أن ل تطول على التعلم ف الفن الواحد بتفريق الجالس و تقطيع ما بينها لنه ذريعة إل
النسيان و انقطاع مسائل الفن بعضها من بعض فيعسر حصول اللكة بتفريقها .و إذا كانت أوائل العلم و أواخره حاضرة عند الفكرة مانبة
للنسيان كانت اللكة أيسر حصول و أحكم ارتباطا و أقرب صنعة لن اللكات إنا تصل بتتابع الفعل و تكراره و إذا تنوسي الفعل
تنوسيت اللكة الناشئة عنه .و ال علمكم ما ل تكونوا تعلمون .و من الذاهب الميلة و الطرق الواجبة ف التعليم أن ل يلط على التعلم
علمان معا فإنه حينئذ قل أن يظفر بواحد منهما لا فيه من تقسيم البال و انصرافه عن كل واحد منهما إل تفهم الخر فيستغلقان معا و
يستصعبان و يعود منهما باليبة .و إذا تفرغ الفكر لتعليم ما هو بسبيله مقتصرا عليه فربا كان ذلك أجدر لتحصيله و ال سبحانه و تعال
الوفق للصواب .و اعلم أيها التعلم أن أتفك بفائدة ف تعلمك فإن تلقيتها بالقبول و أمسكتها بيد الصناعة ظفرت بكن عظيم و ذخية
شريفة و أقدم لك مقدمة تعينك ف فهمها و ذلك أن الفكر النسان طبيعة مصوصة فطرها ال كما فطر سائر مبتدعاته و هو وجدان
حركة للنفس ف البطن الوسط من الدماغ .تارة يكون مبدأ للفعال النسانية على نظام و ترتيب و تارة يكون مبدأ لعلم ما ل يكن حاصل
بأن يتوجه إل الطلوب .و قد يصور طرفيه يروم نفيه أو إثباته فيلوح له الوسط الذي يمع بينهما أسرع من لح البصر إن كان واحدا .أو
ينتقل إل تصيل آخر إن كان متعددا و يصي إل الظفر بطلوبه هذا شأن هذه الطبيعة الفكرية الت تيز با البشر من بي سائر اليوانات .ث
الصناعة النطقية هي كيفية فعل هذه الطبيعة الفكرية النظرية تصفه لتعلم سداده من خطئه و أنا و إن كان الصواب لا ذاتيا إل أنه قد يعرض
لا الطأ ف القل من تصور الطرفي على غي صورتما من اشتباه اليئات ف نظم القضايا و ترتيبها للنتاج فتعي النطق للتخلص من ورطة
هذا الفساد إذا عرض .فالنطق إذا أمر صناعي مساوق للطبيعة الفكرية و منطبق على صورة فعلها و لكونه أمرا صناعيا استغن عنه ف
الكثر .و لذلك تد كثيا من فحول النظار ف الليقة يصلون على الطالب ف العلوم دون صناعة علم النطق و ل سيما مع صدق النية و
التعرض لرحة ال تعال فإن ذلك أعظم معن .و يسلكون بالطبيعة الفكرية على سدادها فيفضي بالطبع إل حصول الوسط و العلم بالطلوب
كما فطرها ال عليه .ث من دون هذا المر الصناعي الذي هو النطق مقدمة أخرى من التعلم و هي معرفة اللفاظ و دللتها على العان
الذهنية تردها من مشافهة الرسوم بالكتاب و مشافهة اللسان بالطاب .فلبد أيها التعلم من ماوزتك هذه الجب كلها إل الفكر ف
مطلوبك .فأول :دللة الكتابة الرسومة على اللفاظ القولة و هي أخفها ث دللة اللفاظ القولة على العان الطلوبة ث القواني ف ترتيب
العان للستدلل ف قوالبها العروفة ف صناعة النطق .ث تلك العان مردة ف الفكر اشتراطا يقتنص با الطلوب بالطبيعة الفكرية بالتعرض
لرحة ال و مواهبه .و ليس كل أحد يتجاوز هذه الراتب بسرعة و ل يقطع هذه الجب ف التعليم بسهولة ،بل ربا وقف الذهن ف حجب
اللفاظ بالناقشات أو عثر ف اشتراك الدلة بشغب الدال و الشبهات و قعد عن تصيل الطلوب .و ل يكد يتخلص من تلك الغمرة إل
قليل من هداه ال .فإذا ابتليت بثل ذلك و عرض لك ارتباك ف فهمك أو تشغيب بالشبهات ف ذهنك فاطرح ذلك و انتبذ حجب اللفاظ
و عوائق الشبهات و أترك المر الصناعي جلة و اخلص إل فضاء الفكر الطبيعي الذي فطرت عليه .و سرح نظرك فيه و فرغ ذهنك فيه
للغوص على مرامك منه واضعا لا حيث وضعها أكابر النظار قبلك مستعرضا للفتح من ال كما فتح عليهم من ذهنهم من رحته و علمهم
ما ل يكونوا يعلمون .فإذا فعلت ذلك أشرقت عليك أنوار الفتح من ال بالظفر بطلوبك و حصل المام الوسط الذي جعله ال من
مقتضيات هذا الفكر و نظره عليه كما قلناه و حينئذ فارجع به إل قوالب الدلة و صورها فأفرغه فيها و وفه حقه من القانون الصناعي ث
اكسه صور اللفاظ و أبرزة إل عال الطاب و الشافهة وثيق العرى صحيح البنيان .و أما إن وقفت عند الناقشة و الشبهة ف الدلة
الصناعية و تحيص صوابا من خطئها و هذه أمور صناعية وضعية تستوي جهاتا التعددة و تتشابه لجل الوضع والصطلح فل تتميز جهة
الق منها إذ جهة الق إنا تستبي إذا كانت بالطبع فيستمر ما حصل من الشك و الرتياب و تسدل الجب على الطلوب و تقعد بالناظر
عن تصيله .و هذا شأن الكثرين من النظار و التأخرين سيما من سبقت له عجمة ف لسانه فربطت عن ذهنه و من حصل له شغب
بالقانون النطقي تعصب له فاعتقد أنه الذريعة إل إدراك الق بالطبع فيقع ف الية بي شبه الدلة و شكوكها و ل يكاد يلص منها .و
الذريعة إل إدراك الق بالطبع إنا هو الفكر الطبيعي كما قلناه إذا جرد عن جيع الوهام و تعرض الناظر فيه إل رحة ال تعال و أما النطق
فإنا هو واصف لفعل هذا الفكر فيساوقه ف الكثر .فاعتب ذلك و استمطر رحة ال تعال مت أعوزك فهم السائل تشرق عليك أنواره
باللام إل الصواب .و ال الادي إل رحته و ما العلم إل من عند ال.
الفصل الثامن و الثلثون :ف أن العلوم اللية ل توسع فيها النظار و ل
تفرع السائل
اعلم أن العلوم التعارفة بي أهل العمران على صنفي :علوم مقصودة بالذات كالشرعيات من التفسي و الديث و الفقه و علم الكلم و
كالطبيعيات و الليات من الفلسفة ،و علوم هي وسيلة آلية بذه العلوم كالعربية و الساب و غيها للشرعيات كالنطق للفلسفة .و ربا
كان آلة لعلم الكلم و لصول الفقه على طريقة التأخرين فأما العلوم الت هي مقاصد فل حرج ف توسعة الكلم فيها و تفريع السائل و
استكشاف الدلة و النظار فإن ذلك يزيد طالبها تكنا ف ملكته و إيضاحا لعانيها القصودة .و أما العلوم الت هي آلة لغيها مثل العربية و
النطق و أمثالما فل ينبغي أن ينظر فيها إل من حيث هي آلة لذلك الغي فقط .و ل يوسع فيها الكلم و ل تفرع السائل لن ذلك يرج لا
عن القصود إذ القصود منها ما هي آلة له ل غي .فكلما خرجت عن ذلك خرجت ف القصود و صار الشتغال با لغوا مع ما فيه من
صعوبة الصول على ملكتها بطولا و كثرة فروعها .و ربا يكون ذلك عائقا عن تصيل العلوم القصودة بالذات لطول وسائلها مع أن
شأنا أهم و العمر يقصر عن تصيل الميع على هذه الصورة فيكون الشتغال بذه العلوم اللية تضييعا للعمر و شغل با ل يغن .و هذا
كما فعل التأخرون ف صناعة النحو و صناعة النطق و أصول الفقه لنم أوسعوا دائرة الكلم فيها و أكثروا من التفاريع و الستدللت با
أخرجها عن كونا آلة و صيها من القاصد و ربا يقع فيها لذلك أنظار و مسائل ل حاجة با ف العلوم القصودة فهي من نوع اللغو و هي
أيضا مضرة بالتعلمي على الطلق لن التعلمي اهتمامهم بالعلوم القصودة أكثر من اهتمامهم بوسائلها فإذا قطعوا العمر ف تصيل
الوسائل فمت يظفرون بالقاصد ؟ فلهذا يب على العلمي لذه العلوم اللية أن ل يستجيوا ف شأنا و ل يستكثروا من مسائلها و ينبهوا
التعلم على الغرض منها و يقفوا به عنده .فمن نزعت به هته بعد ذلك إل شيء من التوغل و رأى من نفسه قياما بذلك و كفاية به فليق
له ما شاء من الراقي صعبا أو سهل و كل ميسر لا خلق له.
علم النحو
اعلم أن اللغة ف التعارف هي عبارة التكلم عن مقصوده .و تلك العبارة فعل لسان ناشئ عن القصد بإفادة الكلم فلبد أن تصي ملكة
متقررة ف الغصو الفاعل لا و هو اللسان و هو ف كل أمة بسب اصطلحاتم .و كانت اللكة الاصلة للعرب من ذلك أحسن اللكات و
أوضحها إبانة عن القاصد لدللة غي الكلمات فيها على كثي من العان .مثل الركات الت تعي الفاعل من الفعول من الجرور أعن
الضاف و مثل الروف الت تفضي بالفعال أي الركات إل الذوات من غي تكلف ألفاظ أخرى .و ليس يوجد ذلك إل ف لغة العرب .و
أما غيها من اللغات فكل معن أو حال لبد له من ألفاظ تصه بالدللة و لذلك ند كلم العجم من ماطباتم أطول ما تقدره بكلم
العرب .و هذا هو معن قوله صلى ال عليه و سلم :أوتيت جوامع الكلم و اختصر ل الكلم اختصارا .فصار للحروف ف لغتهم .و
الركات و اليئات أي الوضاع اعتبار ف الدللة على القصود غي متكلفي فيه لصناعة يستفيدون ذلك منها .إنا هي ملكة ف ألسنتهم
يأخذها الخر عن الول كما تأخذ صبياننا لذا العهد لغاتنا .فلما جاء السلم و فارقوا الجاز لطلب اللك الذي كان ف أيدي المم و
الدول و خالطوا الجم تغيت تلك اللكة با ألقى إليها السمع من الخالفات الت للمستعربي .و السمع أبو اللكات اللسانية ففسدت با
ألقي إليها ما يغايرها لنوحها إليه باعتياد السمع .و خشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك اللكة رأسا و يطول العهد با فينغلق القرآن و
الديث على الفهوم فاستنبطوا من ماري كلمهم قواني لتلك اللكة مطردة شبه الكليات و القواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلم و
يلحقون الشباه بالشباه مثل أن الفاعل مرفوع و الفعول منصوب و البتدأ مرفوع .ث رأوا تغي الدللة بتغي حركات هذه الكلمات
فاصطلحوا على تسميته إعرابا و تسمية الوجب لذلك التغي عامل و أمثال ذلك .و صارت كلها اصطلحات خاصة بم فقيدوها بالكتاب
و جعلوها صناعة لم مصوصة .و اصطلحوا على تسميتها بعلم النحو .و أو ل من كتب فيها أبو السود الدؤل من بن كنانة و يقال
بإشارة علي رضي ال عنه لنه رأى تغي اللكة فأشار عليه بفظها ففزع إل ضبطها بالقواني الاضرة الستقرأة .ث كتب فيها الناس من
بعده إل أن انتهت إل الليل بن أحد الفراهيدي أيام الرشيد و كان الناس أحوج ما كان الناس إليها لذهاب تلك اللكة من العرب .فهذب
الصناعة و كمل أبوابا .و أخذها عنه سيبويه فكمل تفاريعها و استكثر من أدلتها و شواهدها و وضع فيها كتابه الشهور الدي صار إماما
لكل ما كتب فيها من بعده .ث وضع أبو علي الفارسي و أبو القاسم الزجاج كتبا متصرة للمتعلمي يذون فيها حذو المام ف كتابه .ث
طال الكلم ف هذه الصناعة و حدث اللف بي أهلها ف الكوفة و البصرة الصرين القديي للعرب .و كثرت الدلة و الجاج بينهم و
تباينت الطرق ف التعليم و كثر الختلف ف إعراب كثي من آي القرآن باختلفهم ف تلك القواعد و طال ذلك على التعلمي .و جاء
التأخرون بذاهبهم ف الختصار فاختصروا كثيا من ذلك الطول مع استيعابم لميع ما نقل كما فعله ابن مالك ف كتاب التسهيل و أمثاله
أو اقتصارهم على البادئ للمتعلمي ،كما فعله الزمشري ف الفصل و ابن الاجب ف القدمة له .و ربا نظموا ذلك نظما مثل ابن مالك ف
الرجوزتي الكبى و الصغرى و ابن معطي ف الرجوزة اللفية .و بالملة فالتآليف ف هذا الفن أكثر من أن تصى أو ياط با و طرق
التعليم فيها متلفة فطريقة التقدمي مغايرة لطريقة التأخرين .و الكوفيون و البصريون و البغداديون و الندلسيون متلفة طرقهم كذلك .و
قد كادت هذه الصناعة تؤذن بالذهاب لا رأينا من النقص ف سائر العلوم و الصنائع بتناقص العمران و وصل إلينا بالغرب لذه العصور
ديوان من مصر منسوب إل جال الدين بن هشام من علمائها استوف فيه أحكام العراب مملة و مفصلة .و تكلم على الروف و الفردات
و المل و حذف ما ف الصناعة من التكرر ف أكثر أبوابه و ساه بالغن ف العراب .و أشار إل نكت إعراب القرآن كلها و ضبطها
بأبواب و فصول و قواعد انتظم سائرها فوقفنا منع على علم جم يشهد بعلو قدره ف هذه الصناعة و وفور بضاعته منها و كأنه ينحو ف
طريقته منحاة أهل الوصل الذين اقتفوا أثر ابن جن و اتبعوا مصطلح تعليمه فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته و اطلعه .و
ال يزيد ف اللق ما يشاء.
علم اللغة
هذا العلم هو بيان الوضوعات اللغوية و ذلك أنه لا فسدت ملكة اللسان العرب ف الركات السماة عند أهل النحو بالعراب و استنبطت
القواني لفظها كما قلناه .ث استمر ذلك الفساد بلبسة العجم و مالطتهم حت تأدى الفساد إل موضوعات اللفاظ فاستعمل كثي من
كلم العرب ف غي موضوعه عندهم ميل مع هجنه الستعربي ف اصطلحاتم الخالفة لصريح العربية فاحتيج إل حفظ الوضوعات اللغوية
بالكتاب و التدوين خشية الدروس و ما ينشا عنه من الهل بالقرآن و الديث فشمر كثي من أئمة اللسان لذلك و أملوا فيه الدواوين .و
كان سابق اللبة ف ذلك الليل بن أحد الفراهيدي .ألف فيها كتاب العي فحصر فيه فركبات حروف العجم كلها من الثنائي و الثلثي
والرباعي و الماسي و هو غاية ما ينتهي إليه التركيب ف اللسان العرب .و تأت له حصر ذلك بوجوه عديدة حاضرة و ذلك أن جلة
الكلمات الثنائية ترج من جيع العداد على التوال من واحد إل سبعة و عشرين و هو دون ناية حروف العجم بواحد .لن الرف
الواحد منها يؤخذ مع كل واحد من السبعة و العشرين فتكون سبعة و عشرين كلمة ثنائية .ث يؤخذ الثان مع الستة و العشرين كذلك .ث
الثالث و الرابع .ث يؤخذ السابع و العشرون مع الثامن و العشرين فيكون واحدا فتكون كلها أعدادا على توال العدد من واحد إل سبعة و
عشرين فتجمع كما هي بالعمل العروف عند أهل الساب و هو أن تمع الول مع الخي و تضرب الجموع ف نصف العدة .ث تصاعف
لجل قلب الثنائي لن التقدي و التأخي بي الروف معتب ف التركيب فيكون الارج جلة الثنائيات .و ترج الثلثيات من صرب عدد
الثنائيات فيما يمع من واحد إل ستة و عشرين على توال العدد لن كل ثنائية يزيد عليها حرفا فتكون ثلثية .فتكون الثنائية بنلة الرف
الواحد مع كل واحد من الروف الباقية و هي ستة و عشرون حرفا بعد الثنائية فتجمع من واحد إل ستة و عشرين على توال العدد و
يضرب فيه جلة الثنائيات .ث تضرب الارج ف ستة ،جلة مقلوبات الكلمة الثلثية فيخرج مموع تراكيبها من حروف العجم .و كذلك
ف الرباعي و الماسي .فانصرت له التراكيب بذا الوجه و رتب أبوابه على حروف العجم بالترتيب التعارف .و اعتمد فيه ترتيب الخارج
فبدأ بروف اللق ث بعده من خروف النك ث الضراس ث الشفة و جعل حروف العلة آخرا و هي الروف الوائية .و بدأ من حروف
اللق بالعي لنه القصر منها فلذلك سي كتابه بالعي لن التقدمي كانوا يذهبون ف تسمية دواوينهم إل مثل هذا و هو تسميته بأول ما
يقع فيه من الكلمات و اللفاظ .ث بي الهمل منها من الستعمل و كان الهمل ف الرباعي و الماسي أكثر لقلة استعمال العرب له لثقله و
لق به الثنائي لقلة دورانه و كان الستعمال ف الثلثي أغلب فكانت أوضاعه أكثر لدورانه .و ضمن الليل ذلك كله ف كتاب العي و
استوعبه أحسن استيعاب و أوعاه .و جاء أبو بكر الزبيدي و كتب لشام الؤيد بالندلس ف الائة الرابعة فاختصره مع الحافظة على
الستيعاب و حذف منه الهمل كله و كثيا من شواهد الستعمل و لصه للحفظ أحسن تلخيص .و ألف الوهري من الشارقة كتاب
الصحاح على الترتيب التعارف لروف العجم فجعل البداءة منها بالمزة و جل الترجة بالروف على الرف الخي من الكلمة لضطرار
الناس ف الكثر إل أواخر الكلم فجعل ذلك بابا .ث يأت بالروف أول الكلمة على ترتيب حروف العجم أيصا و يترجم عليها بالفصول
إل آخرها .و حصر اللغة اقتداء بصر الليل .ث ألف فيها من الندلسيي ابن سيده من أهل دانية ف دولة علي بن ماهد كتاب الحكم على
ذلك النحى من الستيعاب و على نو ترتيب كتاب العي .و زاد فيه التعرض لشتقاتات الكلم و تصاريفها فجاء من أحسن الدواوين .و
لصه ممد بن أب السي صاحب الستنصر من ملوك الدولة الفصية بتونس .و قلب ترتيبه إل ترتيب كتاب الصحاح ف اعتبار أواخر
الكلم و بناء التراجم عليها فكانا توأمي رحم و سليلي أبوة و لكراع من أئمة اللغة كتاب النجد ،و لبن دريد كتاب المهرة و لبن
النباري كتاب الزاهر هذه أصول كتب اللغة فيما علمناه .و هناك متصرات أخرى متصة بصنف من الكلم و مستوعبة لبعض البواب أو
لكلها .إل أن وجه الصر فيها خفي و و ف الصر ف تلك جلي من قبل التراكيب كما رأيت .و من الكتب الوضوعة أيضا ف اللغة كتاب
الزمشري ف الجاز ساه أساس البلغة بي فيه كل ما توزت به العرب من اللفاظ و فيما توزت به من الدلولت و هو كتاب شريف
الفادة .ث لا كانت العرب تضع الشيء على العموم ث تستعمل ف المور الاصة ألفاظا أخرى خاصة با فوق ذلك عندنا ،و بي الوضع و
الستعمال و احتاج إل فقه ف اللغة عزيز الأخذ كما وضع البيض بالوضع العام لكل ما فيه بياض ث اختص ما فيه بياض من اليل
بالشهب و من النسان بالزهر و من الغنم بالملح حت صار استعمال البيص ف هذه كلها لنا و خروجا عن لسان العرب .و اختص
بالتأليف ف هذا النحى الثعالب و أفرده ف كتاب له ساه فقه اللغة و هو من أكد ما بأخذ به اللغوي نفسه أن يرف استعمال العرب عن
مواضعه .فليس معرفة الوضع الول بكاف ف الترتيب حت يشهد له استعمال العرب لذلك .و أكثر ما يتاج إل ذلك الديب ف فن نظمه
و نثره حذرا من أن يكثر لنه ف الوضوعات اللغوية ف مفرداتا و تراكيبها و هو أشد من اللحن ف العراب و أفحش .و كذلك ألف
بعض التأخرين ف اللفاظ الشتركة و تكفل بصرها و إن ل تبلغ إل النهاية ف ذلك فهو مستوعب للكثر .و أما الختصرات الوجودة ف
هذا الفن الخصوصة بالتداول من اللغة الكثي الستعمال تسهيل لفظها على الطالب فكثية مثل اللفاظ لبن السكيت و الفصيح لثعلب و
غيها .و بعضها أقل لغة من بعض لختلف نظرهم ف الهم على الطالب للحفظ .و ال اللق العليم ل رب سواه.
فصل :و اعلم أن النقل الذي تثبت به اللغة ،إنا هو النقل عن العرب أنم استعملوا هذه اللفاظ لذه العان ،ل تقل إنم وصغوها لنه متعذر
و بعيد .و ل يعرف لحد منهم .و كذلك ل تثبت اللغات بقياس ما ل نعلم استعماله .على ما عرف استعماله ف ماء العنب ،باعتبار
السكار الامع .لن شهادة العتبار ف باب القياس إنا يدركها الشرع الدال على صحة القياس من أصله .و ليس لنا مثله ف اللغة إل
بالعقل ،و هو مكم ،و على هذا ف جهور الئمة .و إن مال إل القياس فيها القاضي و ابن سريح و غيهم .لكن القول بنفيه أرجح .و ل
تتوهن أن إثبات اللغة ف باب الدود اللفظية ،لن الد راجع إل العان .ببيان أن مدلول اللفظ الجهول الفي هو مدلول الواضح
الشهور ،و اللغة إثبات أن اللفظ كذا ،لعن كذا ،و الفرق ف غاية الظهور.
علم البيان
هذا العلم حادث ف اللة بعد علم العربية و اللغة ،و هو من العلوم اللسانية لنه متعلق باللفاظ و ما تفيده .و يقصد با الدللة عليه من
العان و ذلك أن المور الت يقصد التكلم با إفادة السامع من كلمه هي :إما تصور مفردات تسند و مسند إليها و يفضي بعضها إل
بعض .و الدالة على هذه هي الفردات من الساء و الفعال و الروف و إما تييز السندات من السند إليها و الزمنة .و يدل عليها بتغي
الركات من العراب و أبنية الكلمات .و هذه كلها هي صناعة النحو .و يبقى من المور الكتنفة بالواقعات الحتاجة للدللة أحوال
التخاطبي أو الفاعلي و ما يقتضيه حال الفعل و هو متاج إل الدللة عليه لنه من تام الفادة و إذا حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الفادة
ف كلمه .و إذا ل يشتمل على شيء منها فليس من جنس كلم العرب فإن كلمهم واسع و لكل مقام عندهم مقال يتص به بعد كمال
العراب و البانة .أل ترى أن قولم زيد جاءن مغاير لقولم جاءن زيد من قبل أن التقدم منهما هو الهم عند التكلم فمن قال :جاءن
زيد أفاد أن اهتمامه بالجيء قبل الشخص السند إليه و من قال :زيد جاءن أفاد أن اهتمامة بالشخص قبل الجيء السند .و كذا التعبي عن
أجزاء الملة با يناسب القام من موصول أو مبهم أو معرفة .و كذا تأكيد السناد على الملة كقولم :زيد قائم و أن زيدا قائم و إن زيدا
لقائم متغايرة كلها ف الدللة و إن استوت من طريق العراب فإن الول العاري عن التأكيد أنا يفيد الال الذهن و الثان الؤكد بإن يفيد
التردد و الثالث يفيد النكر فهي متلفة .و كذلك تقول :جاءن الرجل ث تقول مكانه بعينه جاءن رجل إذا قصدت بذلك التنكي تعظيمه و
أنه رجل ل يعادله أحد من الرجال .ث الملة السنادية تكون خبية و هي الت لا خارج تطابقه أول ،و إنشائية و هي الت ل خارج لا.
كالطلب و أنواعه .ث قد يتعي ترك العاطف بي الملتي إذا كان للثانية مل من العراب :فيشرك بذلك منلة التابع الفرد نعتا و توكيدا و
بدل بل عطف أو يتعي العطف إذا ل يكن للثانية مل من العراب .ث يقتضي الحل الطناب و الياز فيورد الكلم عليهما .ث قد يدل
باللفظ و ل يراد منطوقه و يراد لزمه إن كان مفردا كما تقول :زيد أسد فل تريد حقيقة السد النطوقة و إنا تريد شجاعته اللزمة و
تسندها إل زيد و تسمى هذه استعارة .و قد تريد باللفظ الركب الدللة على ملزومه كما تقول :زيد كثي الرماد و تريد ما لزم ذلك عنه
من الود و قرى الضيف لن كثرة الرماد ناشئة عنهما ف دالة عليهما .و هذه كلها دللة زائدة على دللة اللفاظ من الفرد و الركب و
إنا هي هيئات و أحوال الواقعات جعلت للدللة عليها أحوال و هيئات ف اللفاظ كل بسب ما يقتضيه مقامه ،فاشتمل هذا العلم السمى
بالبيان على البحث عن هذه الدللة الت هي للهيئات و الحوال و القامات و جعل على ثلثة أصناف :الصنف الول يبحث فيه عن هذه
اليآت و الحوال الت تطابق باللفظ جيع مقتضيات الال و يسمى علم البلغة ،و الصنف الثان يبحث فيه عن الدللة على اللزم اللفظي
و ملزومه و هي الستعارة و الكناية كما قلناه و يسمى علم البيان .و ألقوا بما صنفا آخر و هو النظر ف تزيي الكلم و تسينه بنوع من
التنميق إما بسجع يفصله أو تنيس .يشابه بي ألفاظه أو ترصيع يقطع أو تورية عن العن القصود بإيهام معن أخفى منة لشتراك اللفظ
بينهما و أمثال ذلك و يسمى عندهم علم البدء .و أطق على الصناف الثلثة عند الحدثي اسم البيان و هو اسم الصنف الثان لن القدمي
أول من تكلموا فيها ث تلحقت مسائل الفن واحدة بعد أخرى و كتب فيها جعفر بن يي و الاحظ و قدامة وأمثالم إملءات غي وافية
فيها .ث ل تزل مسائل الفن تكمل شيئا فشيئا إل أن مص السكاكي زبدته و هذب مسائله و رتب أبوابه على نو ما ذكرناه أنفا من
الترتيب و ألف كتابه السمى بالفتاح ف النحو و التصريف و البيان فجعل هذا الفن من بعض أجزائه .و أخذه التأخرون من كتابه و لصوا
منه أمهات قي التداولة لذا العهد كما فعله السكاكي ف كتاب التبيان و ابن مالك ف كتاب الصباح و جلل الدين القزوين ف كتاب
اليضاح و التلخيص و هو أصغر حجما من اليضاح و العناية به لذا العهد عند أهل الشرق ف الشرح و التعليم منه أكثر من غيه .و
بالملة فالشارقة على هذا الفن أقوم من الغاربة و سببه و ال أعلم أنه كمال ف العلوم اللسانية و الصنائع الكمالية توجد ف وفور العمران.
و الشرق أوفر عمرانا من الغرب كما ذكرناه .أو نقول لعناية العجم و هم معظم أهل الشرق كتفسي الزمشري ،و هو كله مبن على هذا
الفن و هو أصله .و إنا اختص بأهل الغرب من أصنافه علم البدء خاصة ،و جعلوه من جلة علوم الدب الشعرية ،و فرغوا له ألقابا و عدوا
أبوابا و نوعوا أنواعا .و زعموا أنم أحصوها من لسان العرب و إنا حلهم على ذلك الولوع بتزيي اللفاظ ،و العلم البديع سهل الأخذ .و
صعبت عليهم مآخذ البلغة و البيان لدقة أنظارها و غموض معانيهما فتجافوا عنهما .و من ألف ف البدء من أهل أفريقية ابن رشيق و
كتاب العمدة له مشهور .و جرى كثي من أهل أفريقية و الندلس على منحاه .و اعلم أن ثرة هذا الفن إنا هي ف فهم العجاز من القرآن
لن إعجازه ف وفاء الدللة منه بميع مقتضيات الحوال منطوقة و مفهومة و هي أعلى مراتب الكمال مع الكلم فيما يتص باللفاظ ف
انتقائها و جودة رصفها و تركيبها .و هذا هو العجاز الذي تقصر الفهام عن إدراكه .و إنا يدرك بغض الشيء منه من كان له ذوق
بخالطة اللسان العرب و حصول ملكته فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه .فلهذا كانت مدارك العرب الذين سعوة من مبلغه أعلى مقاما ف
ذلك لنم فرسان الكلم و جهابذته و الذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون و أصحه .و أحوج ما يكون إل هذا الفن الفسرون و أكثر
تفاسي التقدمي غفل عنه حت ظهر جاز ال الزمشري و وضع كتابه ف التفسي و تتبع آي القرآن بأحكام هذا الفن با يبدي البعض من
إعجازه فانفرد بذا الفصل على جيع التفاسي لول أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلغة .و لجل هذا يتحاماه
كثي من أهل السنة مع وفور بضاعته من البلغة .فمن أحكم عقائد السنة و شارك ف هذا الفن بعض الشاركة حت يقتدر على الرد عليه
من جنس كلمه أو يعلم أنه بدعة فيعرض عنها و ل تضر ف معتقده فإنه يتعي عليه النظر ف هذا الكتاب للظفر بشيء من العجاز مع
السلمة من البدع و الهواء .و ال الادي من يشاء إل سواء السبيل.
علم الدب
هذا العلم ل موضع له ينظر ف إثبات عوارضه أو نفيها .و إنا القصود منة عند أهل اللسان ثرته ،و هي الجادة ف فن النظوم و النثور،
على أساليب العرب و مناحيهم ،فيجمعون لذلك من كلم العرب ما عساه تصل به الكلمة .من شعر عال الطبقة ،و سجع متساو ف
الجادة ،و مسائل من اللغة و النحو مبثوثة أثناء ذلك ،متفرقة ،يستقري منها الناظر ف الغالب معظم قواني العربية ،مع ذكر بعض من أيام
العرب يفهم به ما يقع ف أشعارهم منها .و كذلك ذكر الهم من النساب الشهية و الخبار العامة .و القصود بذلك كله أن ل يفى على
الناظر فيه شيء من كلم العرب و أساليبيهم و مناحي بلغتهم إذا تصفحه لنه ل تصل اللكة من حفظه إل بعد فهمه فيحتاج إل تقدي
جيع ما يتوقف عليه فهمة .ث إنم إذا أرادوا حد هذا الفن قالوا :الدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها و الخذ من كل علم بطرف
يريدون من علوم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونا فقط و هي القرآن و الديث .إذ ل مدخل لغي ذلك من العلوم ف كلم العرب
إل ما ذهب إليه التأخرون عند كلفهم بصناعة البديع من التورية ف أشعارهم و ترسلهم بالصطلحات العلمية فاحتاج صاحب هذا الفن
حينئذ إل معرفة اصطلحات العلوم ليكون قائما على فهمها .و سعنا من شيوخنا ف مالسى التعليم أن أصول هذا الفن و أركانه أربعة
دوارين و هي أدب الكتاب لبن قتيبة و كتاب الكامل للمبد و كتاب البيان و التبيي للجاحظ و كتاب النوادر لب علي القال البغدادي.
و ما سوى هذه الربعة فتبع لا و فروع عنها .و كتب الحدثي ف ذلك كثية .و كان الغناء ف الصدر الول من أجزاء هذا الفن لا هو
تابع للشعر إذ الغناء إنا هو تلحينه .و كان الكتاب و الفضلء من الواص ف الدولة العباسية يأخذون أنفسهم به حرصا على تصيل
أساليب الشعر و فنونه فلم يكن انتحالة قادحا ف العدالة و الروءة .و قد ألف القاضي أبو الفرج الصبهان كتابه ف الغان جع فيه أخبار
العرب و أشعارهم و أنسابم و أيامهم و دولتهم .و جعل مبناه على الغناء ف الائة صوتا الت اختارها الغنون للرشيد فاستوعب فيه ذلك أت
استيعاب و أوفاه .و لعمري إنه ديوان العرب و جامع أشتات الحاسن الت سلفت لم ف كل فن من فنون الشعر و التاريخ و الغناء و سائر
الحوال و ل يعدل به كتاب ف ذلك فيما نعلمه و هو الغاية الت يسمو إليها الديب و يقف عندها و أن له با .و نن الن نرجع بالتحقيق
على الجال فيما تكلمنا عليه من علوم اللسان .و ال الادي للصواب.
الفصل السابع و الربعون :ف أن لغة العرب لذا العهد مستقلة مغايرة للغة
مصر و حي
و ذلك أنا ندها ف بيان القاصد و الوفاء بالدللة على سنن اللسان الضري و ل يفقد منها إل دللة الركات على تعي الفاعل من الفعول
فاعتاضوا منها بالتقدي و التأخي و بقرائن تدل على خصوصيات القاصد .إل أن البيان و البلغة ف اللسان الضري أكثر و أعرق ،لن
اللفاظ بأعيانا دالة على العان بأعيانا .و يبقى ما تقتضيه الحوال و يسمى بساط الال متاجا إل ما يدل عليه .و كل معن ل بد و أن
تكتنفه أحوال تصه فيجب أن تعتب تلك الحوال ف تأدية القصود لنا صفاته و تلك الحوال ف جيع اللسن أكثر ما يدل عليها بألفاظ
تصها بالوضع .و أما ف اللسان العرب فإنا يدل عليها بأحوال و كيفيات ف تراكيب اللفاظ و تأليفها من تقدي أو تأخي أو حذف أو
حركة أعراب .و قد يدل عليها بالروف غي الستقلة .و لذلك تفاوتت طبقات الكلم ف اللسان العرب بسب تفاوت الدللة على تلك
الكيفيات كما قدمناه فكان الكلم العرب لذلك أوجز و أقل ألفاظا و عبارة من جيع اللسن .و هذا معن قوله صلى ال عليه و سلم:
أوتيت جوامع الكلم و اختصر ل الكلم اختصارا .و اعتب ذلك با يكى عن عيسى بن عمر و قد قال له بعض النحاة :إن أجد ف كلم
العرب تكرارا ف قولم :زيد قائم و إن زيدا قائم و إن زيدا لقائم و العن واحد .فقال له :إن معانيها متلفة .فالول :لفادة الال الذهن
من قيام زيد .و الثان :لن سعه فتردد فيه ،و الثالث لن عرف بالصرار على إنكاره فاختلفت الدللة باختلف الحوال .و ما زالت هذه
البلغة و البيان ديدن العرب و مذهبهم لذا العهد .و ل تلتفت ف ذلك إل خرفشة النحاة أهل صناعة العراب القاصرة مداركهم عن
التحقيق حيث يزعمون أن البلغة لذا العهد ذهبت و أن اللسان العرب فسد اعتبارا با وقع ف أواخر الكلم من فساد العراب الذي
يتدارسون قوانينه .و هي مقالة دسها التشيع ف طباعهم و ألقاها القصور ف أفئدتم و إل فنحن ند اليوم الكثي من ألفاظ العرب ل تزل ف
موضوعاتا الول و التعبي عن القاصد و التعاون فيه بتفاوت البانة موجود ف كلمهم لذا العهد و أساليب اللسان و فنونه من النظم و
النثر موجودة ف ماطباتم و فهم الطيب الصقع ف مافلهم و مامعهم و الشاعر الفلق على أساليب لغتهم .و الذوق الصحيح و الطبع
السليم شاهدان بذلك .و ل يفقد من أحوال اللسان الدون إل حركات العراب ف أواخر الكلم فقط الذي لزم ف لسان مضر طريقة
واحدة و مهيما معروفا و هو العراب .و هو بعض من أحكام اللسان .و إنا وقعت العناية بلسان مضر لا فسد بخالطتهم العاجم حي
استولوا على مالك العراق و الشام و مصر و الغرب و صارت ملكته على غي الصورة الت كانت أول فانقلب لغة أخرى .و كان القرآن
منل به و الديث النبوي منقول بلغته و ها أصل الدين و اللة فخشي تناسيهما و انغلق الفهام عنهما بفقدان اللسان الذي نزل به
فاحتيج إل تدوين أحكامه و وضع مقاييسه و استباط قوانينه .و صار علما ذا فصول و أبواب و مقدمات و مسائل ساه أهله بعلم النحو و
صناعة العربية فأصبح فنا مفوظا و علما مكتوبا و سلما إل فهم كتاب ال و سنة رسوله صلى ال عليه و سلم وافيا .و لعلنا لو اعتنينا بذا
اللسان العرب لذا العهد و استقرينا أحكامه نعتاض عن الركات العرابية ف دللتها بأمور أخرى موخودة فيه تكون با قواني تصها .و
لعلها تكون ف أواخره على غي النهاج الول ف لغة مضر فليست اللغات و ملكاتا مانا .و لقد كان اللسان الضري مع اللسان الميي
بذه الثابة و تغي عند مضر كثي من موضوعات اللسان الميي و تصاريف كلماته .تشهد بذلك النقال الوجودة لدينا خلفا لن يمله
القصور على أنا لغة واحدة و يلتمس إجراء اللغة الميية على مقاييس اللغة الضرية و قوانينها كما يزعم بعضهم ف اشتقاق القيل ف
اللسان الميي أنه من القول و كثي من أشباه هذا و ليس ذلك بصحيح .و لغة حي لغة أخرى مغايرة للغة مضر ف الكثي من أوضاعها و
تصاريفها و حركات إعرابا كما هي لغة العرب لعهفدنا مع لغة مضر إل أن العناية بلسان مضر من أجل الشريعة كما قلناه حل ذلك على
الستنباط و الستقراء و ليس عندنا لذا العهد ما يملنا على مثل ذلك و يدعونا إليه .و ما وقع ف لغة هذا اليل العرب لذا العهد حيث
كانوا من القطار شأنم ف النطق بالقاف فإنم ل ينطقون با من مرج القاف عند أهل المصار كما هو مذكور ف كتب العربية أنه من
أقصى اللسان و ما فوقه من النك العلى .و ما ينطقون با أيضا من مرج الكاف و إن كان أسفل من موضع القاف و ما يليه من النك
العلى كما هي بل ييئون با متوسطة بي الكاف و القاف و هو موجود للجيل أجع حيث كانوا من غرب أو شرق حت صار ذلك علمة
عليهم من بي المم و الجيال متصا بم ل يشاركهم فيها غيهم .حت إن من يريد التقرب و النتساب إل اليل و الدخول فيه ياكيهم
ف النطق با .و عندهم أنه إنا يتميز العرب الصريح من الدخيل ف العروبية والضري بالنطق بذه القاف .و يظهر بذلك أنا لغة مضر بعينها
فإن هذا اليل الباقي معظمهم و رؤساؤهم شرقا و غربا ف ولد منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلن من سليم بن منصور و من
بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور .و هم لذا العهد أكثر المم ف العمور و أغلبهم و هم من أعقاب مضر و
سائر اليل معهم من بن كهلن ف النطق بذه القاف أسوة .و هذه اللغة ل يبتدعها هذا اليل بل هي متوارثة فيهم متعاقبة و يظهر من ذلك
أنا لغة مضر الولي و لعلها لغة النب صلى ال عليه و سلم بعينها قد ادعى ذلك فقهاء أهل البيت و زعموا أن من قرأ ف أم القرآن اهدنا
الصراط الستقيم بغي القاف الت لذا اليل فقد لن و أفسد صلته و ل أدر من أين جاء هذا ؟ فإن لغة أهل المصار أيضا ل يستحدثوها و
إنا تناقلوها من لدن سلفهم و كان أكثرهم من مضر لا نزلوا المصار من لدن الفتح .و أهل اليل أيضا ل يستحدثوها إل أنم أبعد من
مالطة العاجم من أهل المصار .فهذا يرجح فيما يوجد من اللغة لديهم أنه من لغة سلفهم .هذا مع اتفاق أهل اليل كلهم شرقا و غربا
ف النطق با و أنا الاصية الت يتميز با العرب من الجي و الضري .و الظاهر أن هذه القاف الت ينطق با أهل اليل العرب البدوي هو
من مرج القاف عند أولم من أهل اللغة ،و أن مرج القاف متسع ،فأوله من أعلى النك و آخره ما يلي الكاف .فالنطق با من أعلى
النك ف لغة المصار ،و النطق با ما يلي الكاف هي لغة هذا اليل البدوي .و بذا يندفع ما قاله أهل البيت من فساد الصلة بتركها ف أم
القرآن ،فإن فقهاء المصار كلهم على خلف ذلك .و بعيد أن يكونوا أهلوا ذلك ،فوجهه ما قلناه .نعم نقول إن الرجح و الول ما ينطق
به أهل اليل البدوي لن تواترها فيهم كما قدمناه شاهد بأنا لغة اليل الول من سلفهم ،و أنا لغة النب صلى ال عليه و سلم .و يرجح
ذلك أيضا ادغامهم لا ف الكاف لتقارب الخرجي .و لو كانت كما ينطق با أهل المصار من أصل النك ،لا كانت قريبة الخرج من
الكاف ،و ل تدغم .ث إن أهل العربية قد ذكروا هذه القاف القريبة من الكاف ،و هي الت ينطق با أهل اليل البدوي من العرب لذا
العهد ،و جعلوها متوسطة بي مرجي القاف و الكاف .على أنا حرف مستقل ،و هو بعيد .و الظاهر أنا من آخر مرج القاف لتساعه
كما قلناه .ث إنم يصرحون باستهجانه و استقباحه كأنم ل يصح عندهم أنا لغة اليل الول .و فيما ذكرناه من اتصال نطقهم با ،لنم
إنا ورثوها من سلفهم جيل بعد جيل ،و أنا شعارهم الاص بم ،دليل على أنا لغة ذلك اليل الول ،و لغة النب صلى ال عليه و سلم
كما تقدم ذلك كله .و قد يزعم زاعم أن هذه القاف الت ينطق با أهل المصار ليست من هذا الرف ،و أنا إنا جاءت من مالطتهم
للعجم ،و إنم ينطقون با كذلك ،فليست من لغة العرب .و لكن القيس كما قدمناه من أنما حرف واحد متسع الخرج .فتفهم ذلك .و
ال الادي البي.
الفصل الثامن و الربعون :ف أن لغة أهل الضر والمصار لغة قائمة بنفسها
للغة مضر
اعلم أن عرف التخاطب ف المصار و بي الضر ليس بلغة مضر القدية و ل بلغة أهل اليل بل هي لغة أخرى قائمة بنفسها بعيدة عن لغة
مضر و عن لغة هذا اليل العرب الذي لعهدنا و هي عن لغة مضر أبعد .فأنا إنا لغة قائمة بنفسها فهو ظاهر يشهد له ما فيها من التغاير
الذي يعد عند صناعة أهل النحو لنا .و هي مع ذلك تتلف باختلف المصار ف اصطلحاتم فلغة أهل الشرق مباينة بعض الشيء للغة
أهل الغرب و كذا أهل الندلس عنهما و كل منهم متوصل بلغته إل تأدية مقصوده و البانة عما ف نفسه .و هذا معن اللسان و اللغة .و
فقدان العراب ليس بضائر لم كما قلناه ف لغة العرب لذا الهد .و أما أنا أبعد عن اللسان الول من لغة هذا اليل فلن البعد عن اللسان
إنا هو بخالطة العجمة .فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلك اللسان الصلي أبعد لن اللكة إنا تصل بالتعليم كما قلناه .و هذه
ملكة متزجة من اللكة الول الت كانت للعرب و من اللكة الثانية الت للعجم .فعلى مقدار ما يسمعونه من العجم و يربون عليه يبعون عن
اللكة الول .و اعتب ذلك ف أمصار أفريقية و الغرب والندلس و الشرق .أما أفريقية و الغرب فخالطت العرب فيها البابرة من العجم
بوفور عمرانا بم و ل يكد يلو عنهم مضر و ل جيل فغلبت العجمة فيها على اللسان العرب الذي كان لم و صارت لغة أخرى متزجة.
و العجمة فيها أغلب لا ذكرناه فهي عن اللسان الول أبعد .و كذا الشرق لا غلب العرب على أمه من فارس و الترك فخالطوهم و
تداولت بينهم لغاتم ف الكرة و الفلحي و السب الذين اتذوا خولً و دايات و أظآرا و مراضع ففسدت لغتهم بفساد اللكة حت انقلبت
لغة أخرى .و كذا أهل الندلس مع عجم الللقة و الفرنة .و صار أهل المصار كلهم من هذه القاليم أهل لغة أخرى مصوصة بم
تالف لغة مضر و يالف أيضا بعضهم بعضا كما نذكره و كأنه لغة أخرى لستحكام ملكتها ف أجيالم .و ال يلق ما يشاء و يقدر.
الفصل المسون :ف أن ملكة هذا اللسان غي صناعة العربية و مستغنية عنها
ف التعليم
و السبب ف ذلك أن صناعة العربية إنا هي معرفة قواني هذه اللكة و مقاييسها خاصة .فهو علم بكيفية ل نفس كيفية .فليست نفس اللكة
و إنا هي بثابة من يعرف صناعة من الصنائع علما ول يكمها عملً .مثل أن يقول بصي بالياطة غي مكم للكتها ف التعبي عن بعض
أنواعها الياطة هي أن يدخل اليط ف خرت البرة ث يغرزها ف لفقي الثوب متمعي و يرجها من الانب الخر بقدار كذا ث يردها إل
حيث ابتدأت ويرجها قدام منفذها الول بطرح ما بي الثقبي الولي ث يتمادى على ذلك إل آخر العمل و يعطي صورة البك و التثبيت
و التفتيح و سائر أنواع الياطة و أعمالا .و هو إذا طولب أن يعمل ذلك بيده ل يكم منه شيئا .و كذا لو سئل عامل بالنجارة عن تفصيل
الشب فيقول :هو أن تضع النشار على رأس الشبة وتسك بطرفه و آخر قبالتك مسك بطرفه الخر و تتعاقبانه بينكما و أطرافه الضرسة
الحددة تقطع ما مرت عليه ذاهبة و جائية إل أن ينتهي إل آخر الشبة .و هو لو طولب بذا العمل أو شيء منه ل يكمه .و هكذا العلم
بقواني العراب مع هذه اللكة ف نفسها فإن العلم بقواني العراب إنا هو علم بكيفية العمل و ليس هو نفس العمل .و لذلك ند كثيا
من جهابذة النحاة و الهرة ف صناعة العربية الحيطي علما بتلك القواني إذا سئل ف كتابة سطرين إل أخيه أو ذوي مودته أو شكوى
ظلمه أو قصد من قصوده أخطأ فيها عن الصواب و أكثر من اللحن ول يد تأليف الكلم لذلك و العبارة عن القصود على أساليب اللسان
العرب ,و كذا ند كثيا من يسن هذه اللكة وييد التفنن ف النظوم و النثور و هو ل يسن إعراب الفاعل من الفعول و ل الرفوع من
الجرور و ل شيئا من قواني صناعة العربية.
فمن هذا تعلم أن اللكة هي غي صناعة العربية و إنا مستغنية عنها بالملة و قد ند بعض الهرة ف صناعة العراب بصيا بال هذه اللكة
و هو قليل و اتفاقي و أكثر ما يقع للمخالطي لكتاب سيبوبه .فإنه ل يقتصر على قواني العراب فقط بل مل كتابه من أمثال العرب و
شواهد أشعارهم و عباراتم فكان فيه جزء صال من تعليم هذه اللكة فتجد العاكف عليه و الحصل له قد حصل على خط من كلم
العرب و اندرج ف مفوظه ف أماكنه و مفاصل حاجاته .و تنبه به لشأن اللكة فاستوف تعليمها فكان أبلغ ف الفادة .و من هؤلء الخالطي
لكتاب سيبويه يغفل عن التفطن لذا فيحصل على علم اللسان صناعة و ل يصل عليه ملكة .و أما الخالطون لكتب التأخرين العارية عن
ذلك إل من القواني النحوية مردة عن أشعار العرب و كلمهم ،فقل ما يشعرون لذلك بأمر هذه اللكة أو ينتبهون لشأنا فتجدهم يسبون
أنم قد حصلوا على رتبة ف لسان العرب و هم أبعد الناس عنه .و أهل صناعة العربية بالندلس ومعلموها أقرب إل تصيل هذه اللكة و
تعليمها من سواهم لقيامهم فيها على شواهد العرب و أمثالم و التفقه ف الكثي من التراكيب ف مالس تعليمهم فيسبق إل البتدئ كثي من
اللكة أثناء التعليم فتنقطع النفس لا و تستعد إل تصيلها و قبولا .و أما من سواهم من أهل الغرب و أفريقية و غيهم فأجروا صناعة
العربية مرى العلوم بثا و قطعوا النظر ف التفقه ف كلم العرب إل أن أعربوا شاهدا أو رجحوا مذهبا من جهة القتضاء الذهن ل من
جهة مامل اللسان و تراكيبه .فأصبحت صناعة العربية كأنا من جلة قواني النطق العقلية أو الدل و بعدت عن مناحي اللسان و ملكته و
أفاد ذلك حلتها ف المصار و آفاقها البعد عن اللكة ف الكلية ،و كأنم ل ينظرون ف كلم العرب .و ما ذلك إل لعدولم عن البحث ف
شواهد اللسان و تراكيبه و تييز أساليبه و غفلتهم عن الران ف ذلك للمتعلم فهو أحسن ما تفيد اللكة ف اللسان .و تلك القواني إنا هي
وسائل للتعليم لكنهم أجروها على غي ما قصد با و أصاروها علما بتا و بعدوا عن ثرتا .و تعلم ما قررناه ف هذا الباب أن حصول
ملكة اللسن العرب إنا هو بكثرة الحفظ من كلم العرب حت يرتسم ف خياله النوال الذي نسجوا عليه تراكيبهم فينسج هو عليه و يتنل
بذلك منلة من نشأ معهم و خالط عباراتم ف كلمهم حت حصلت له اللكة الستقرة ف يالعبارة عن القاصد على نو كلمهم .و ال
مقد المور كلها و ال أعلم بالغيب.
الفصل الواحد و المسون :ف تفسر الذوق ف مصطلح أهل البيان و تقيق
معناه و بيان أنه ل يصل للمستعربي من العجم
اعلم أن لفظة الذوق يتداولا العتنون بفنون البيان و معناها حصول ملكة البلغة للسان .و قد مر تفسي البلغة و أنا مطابقة الكلم للمعن
من جيع وجوهه بواص تقع للتراكيب ف إفادة ذلك .فالتكلم بلسان العرب و البليغ فيه يتحرى اليئة الفيدة لذلك على أساليب العرب و
أناء ماطباتم و ينظم الكلم على ذلك الوجه جهده فإذا اتصلت مقاماته بخالطة كلم العرب حصلت له اللكة ف نظم الكلم على ذلك
الوجه و سهل عليه أمر التركيب حيث ل يكاد ينحو فيه غي منحى البلغة الت للعرب و إن سع تركيبا غي جار على ذلك النحى مه و نبا
عنه سعه بأدن فكر ،بل و بغي فكر ،إل با استفاد من حصول هذه اللكة .فإن اللكات إذا استقرت و رسخت ف مالا ظهرت كأنا طبيعة
و جبلة لذلك الحل .و لذلك يظن كثي من الغفلي من ل يعرف شأن اللكات أن الصواب للعرب ف لغتهم إعرابا و بلغة أمر طبيعي .و
يقول كانت العرب تنطق بالطبع و ليس كذلك و إنا هي ملكة لسانية ف نظم الكلم تكنت و رسخت فظهرت ف بادئ الرأي أنا جبلة و
طبع .و هذه اللكة كما تقدم إنا تصل بمارسة كلم العرب و تكرره على السمع و التفطن لواص تراكيبه و ليست تصل بعرفة القواني
العلمية ف ذلك الت استنبطها أهل صناعة اللسان فإن هذه القواني إنا تفيد علما بذلك اللسان و ل تفيد حصول اللكة بالفعل ف ملها و قد
مر ذلك .و إذا تقرر ذلك فملكة البلغة ف اللسان تدي البليغ إل وجود النظم و حسن التركيب الوافق لتراكيب العرب ف لغتهم و نظم
كلمهم .و لو رام صاحب هذه اللكة حيدا عن هذه السبل العينة و التراكيب الخصوصة لا قدر عليه و ل وافقه عليه لسانه لنه ل يعتاده
و ل تديه إليه ملكته الراسخة عنده .و إذا عرض عليه الكلم حائدا عن أسلوب العرب و بلغتهم ف نظم كلمهم أعرض عنه و مه و علم
أنة ليس من كلم العرب الذين مارس كلمهم .و ربا يعجز عن الحتجاج لذلك كما تصنه أهل القواني النحوية و البيانية فإن ذلك
استدلل با حصل من القواني الفادة بالستقراء .و هذا أمر وجدان حاصل بمارسة كلم العرب حت يصي كواحد منهم .و مثاله :لو
فرضنا صبيا من صبيانم نشأ و رب ف جيلهم فإنه يتعلم لغتهم و يكم شأن العراب و البلغة فيها حت يستول على غايتها .و ليس من
العلم القانون ف شيء و إنا هو بصول هذه اللكة ف لسانه و نطقه .و كذلك تصل هذه اللكة لن بعد ذلك اليل بفظ كلمهم و
أشعارهم و خطبهم و الداومة على ذلك بيث يصل اللكة و يصي كواحد من نشأ ف جيلهم و رب بي أجيالم .و القواني بعزل عن هذا
و استعي لذه اللكة عندما ترسخ و تستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان و الذوق و إنا هو موضوع لدراك الطعوم.
لكن لا كان مل هذه اللكة ف اللسان من حيث النطق بالكلم كما هو مل لدراك الطعوم استعي لا اسه .و أيضا فهو وجدان اللسان
كما أن الطعوم مسوسة له فقيل له ذوق .و إذا تبي لك ذلك علمت منه أن العاجم الداخلي ف اللسان العرب الطارئي عليه الضطرين إل
النطق به لخالطة أهله كالفرس و الروم و الترك بالشرق و كالببر بالغرب فإنه ل يصل لم هذا الذوق لقصور حظهم ف هذه اللكة الت
قررنا أمرها لن قصاراهم بعد طائفة من العمر و سبق ملكة أخرى إل اللسان و هي لغاتم أن يعتنوا با يتداوله أهل مصر بينهم ف الحاورة
من مفرد و مركب لا يضطرون إليه من ذلك .و هذه اللكة قد ذهبت لهل المصار و بعدوا عنها كما تقدم .و إنا لم ف ذلك ملكة
أخرى و ليست هي ملكة اللسان الطلوبة .و من عرف أحكام تلك اللكة من القواني السطرة ف الكتب فليس من تصيل اللكة ف شيء.
إنا حصل أحكامها كما عرفت .و إنا تصل هذه اللكة بالمارسة و العتياد و التكرر لكلم العرب .فإن عرض لك ما تسمعة من أن
سيبويه و الفارسي و الزمشري و أمثالم من فرسان الكلم كانوا أعجاما مع حصول هذه اللكة لم فاعلم أن أولئك القوم الذين تسمع
عنهم إنا كانوا عجما ف نسبهم فقط .و أما الرب و النشأة فكانت بي أهل هذه اللكة من العرب و من تعلمها منهم فاستولوا بذلك من
الكلم على غاية ل شيء وراءها و كأنم ف أول نشأتم من العرب الذين نشأوا ف أجيالم حت أدركوا كنه اللغة و صاروا من أهلها فهم و
إن كانوا عجما ف النسب فليسوا بأعجام ف اللغة و الكلم لنم أدركوا اللة ف عنفوانا و اللغة ف شبابا و ل تذهب أثار اللكة و ل من
أهل المصار ث عكفوا على المارسة و الدارسة لكلم العرب حت استولوا على غايته .و اليوم الواحد من العجم إذا خالط أهل اللسان
العرب بالمصار فأول ما يد تلك اللكة القصودة من اللسان العرب متحية الثار .و يد ملكتهم الاصة بم ملكة أخرى مالفة للكة
اللسان العرب .ث إذا فرضنا أنة أقبل على المارسة لكلم العرب و أشعارهم بالدارسة و الفظ يستفيد تصيلها فقل أن يصل له ما قدمناه
من أن اللكة إذا سبقتها ملكة أخرى ف الحل فل تصل إل ناقصة مدوشة .و إن فرضنا أعجميا ف النسب سلم من مالطة اللسان العجمي
بالكلية و ذهب إل تعلم هذه اللكة بالفظ و الدارسة فربا يصل له ذلك لكنه من الندور بيث ل يفى عليك با تقرر .و ربا يدعى كثي
من ينظر ف هذه القواني البيانية حصول هذا الذوق له با و هو غلط أو مغالطة و إنا حصلت له اللكة إن حصلت ف تلك القواني البيانية
و ليست من ملكة العبارة ف شيء .و ال يهدي من يشاء إل طريق مستقيم.
هذا الفن من فنون كلم الفصل الامس و المسون :ف صناعة الشعر و وجه تعلمه
العرب و هو السمى بالشعر عندهم و يوجد ف سائر اللغات إل أننا الن إنا نتكلم ف الشعر الذي للعرب .فإن أمكن أن تد فيه أهل
اللسن الخرى مقصودهم من كلمهم و إل فلكل لسان أحكام ف البلغة تصه .و هو ف لسان العرب غريب النعة عزيز النحى إذ هو
كلم مفصل قطعا قطعا متساوية ف الوزن متحدة ف الرف الخي من كل قطعة و تسمى كل قطعي من هذه القطعات عندهم بيتا و
يسمى الرف الخي الذي تتفق فيه رويا و قافية و يسمى جلة الكلم إل آخره قصيدة و كلمة .و ينفرد كل بيت منه بإفادته ف تراكيبه
حت كأنه كلم وحده مستقل عما قبله و ما بعده .و إذا أفرد كان تاما ف بابه ف مدح أؤ تشبيب أو رثاء فيحرص الشاعر على إعطاء ذلك
البيت ما يستقل ف إفادته .ث يستأنف ف البيت الخر كلما آخر كذلك و يستطرد للخروج من فن إل فن و من مقصود إل مقصود بأن
يوطئ القصود الول و معانيه إل أن يناسب القصود الثان و يبعد الكلم عن التنافر .كما يستطرد من التشبيب إل الدح و من وصف
البيداء و الطلول إل وصف الركاب أو اليل أو الطيف و من وصف المدوح إل وصف قومه و عساكره و من التفجع و العزاء ف الرثاء
إل التأثر و أمثال ذلك .و يراعي فيه اتفاق القصيدة كلها ف الوزن الواحد حذرا من أن يتساهل الطبع ف الروج من وزن إل وزن يقاربه.
فقد يفى ذلك من أجل القاربة على كثي من الناس .و لذه الوازين شروط و أحكام تضمنها علم العروض .و ليس كل وزن يتفق ف
الطبع استعملته العرب ف هذا الفن و إنا هي أوزان مصوصة تسميها أهل تلك الصناعة البحور .و قد حصروها ف خسة عشر برا بعن
أنم ل يدوا للعرب ف غيها من الوازين الطبيعية نظما .و اعلم أن فن الشعر من بي الكلم كان شريفا عند العرب .و لذلك جعلوه ديوان
علومهم و أخبارهم و شاهد صوابم و خطئهم و أصل يرجعون إليه ف الكثي من علومهم و حكمهم .و كانت ملكته مستحكمة فيهم
شأن اللكات كلها .و اللكات اللسانية كلما إنا تكسب بالصناعة و الرتياض ف كلمهم حت يصل شبة ف تلك اللكة .و الشعر من بي
فنون الكلم صعب الأخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة من التأخرين لستقلل كل بيت منه بأنه كلم تام ف مقصوده و يصلح
أن ينفرد دون ما سواه فيحتاج من أجل ذلك إل نوع تلطف ف تلك اللكة حت يفرغ الكلم الشعري ف قوالبه الت عرفت له ف ذلك
النحى من شعر العرب و يبز مستقل بنفسه .ث يأتى ببيت آخر كذلك ث ببيت آخر و يستكمل الفنون الوافية بقصوده .ث يناسب بي
البيوت ف موالة بعضها مع بعض بسب اختلف الفنون الت ف القصيدة .و لصعوبة منحاه و غرابة فنه كان مكا للقرائح ف استجادة
أساليبه و شحذ الفكار ف تنيل الكلم ف قوالبه .و ل يكفي فيه ملكة الكلم العرب على الطلق بل يتاج بصوصه إل تلطف و ماولة
ف رعاية الساليب الت اختصته العرب با و استعمالا فيه .لنذكر هنا سلوك السلوب عند أهل هذه الصناعة و ما يريدون با ف إطلقهم.
فاعلم أنا عبارة عندهم عن النوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفرغ به .و ل يرجع إل الكلم باعتبار إفادته أصل العن الذي
هو وظيفة العراب و ل باعتبار إفادته كمال العن من خواص التراكيب الذي هو و ظيفة البلغة و البيان و ل باعتبار الوزن كما استعمله
العرب فيه الذي هو وظيفة العروض .فهذه العلوم الثلثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية و إنا يرجع إل صورة ذهنية للتراكيب النتظمة
كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص .و تلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب و أشخاصها و يصيها ف اليال كالقالب أو
النوال ث ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار العراب و البيان فيصها فيه رصا كما يفعله البناء ف القالب أو النساج ف النوال
حت يتسع القالب بصول التراكيب الوافية بقصود الكلم و يقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان العرب فيه فإن لكل فن من
الكلم أساليب تتص به و توجد فيه على أناء متلفة فسؤال الطلول ف الشعر يكون بطاب الطلول كقوله :يا دار مية بالعلياء فالسند و
يكون باستدعاء الصحب للوقوف و السؤال كقوله :قفا نسأل الدار الت خف أهلها .أو باستبكاء الصحب على الطلل كقوله :قفا نبك من
ف ذكرى حبيب و منل .أو بالستفهام عن الواب لخاطب غي معي كقوله :أل تسأل فتخبك الرسوم .و مثل تية الطلول بالمر
لخاطب غي معي بتحيتها كقوله :حي الديار بانب الغزل .أو بالدعاء لا بالسقيا كقوله:
و غدت عليهم نضرة و نعيم أسقى طلولم أجش هزي
و ليس لعي ل يفض ماؤها عذر كذا فليجل الطب و ليفدح المر
أو باستعظام الادث كقوله :أرأيت من حلوا على العواد أرأيت كيف خبا ضياء النادي .أو بالتسجيل على الكوان بالصيبة لفقده كقوله:
كأنك ل تزع على ابن طريف أيا شجر الابور مالك مورقا
و أمثال ذلك كثي من سائر فنون الكلم و مذاهبه .و تنتظم التراكيب فيه بالمل و غي المل إنشائية و خبية ،إسية و فعلية ،متفقة،
مفصولة و موصولة ،على ما هو شأن التراكيب ف الكلم العرب ف مكان كل كلمة من الخرى .يعرفك فيه ما تستفيده بالرتياض ف
أشعار العرب من القالب الكلي الجرد ف الذهن من التراكيب العينة الت ينطبق ذلك القالب على جيعها .فإن مؤلف الكلم هو كالبناء أو
النساج و الصورة الذهنية النطبقة كالقالب الذي يبن فيه أو النوال الذي ينسج عليه .فإن خرج عن القالب ف بنائه أو عن النوال ف نسجه
كان فاسدا .و ل تقولن إن معرفة قواني البلغة كافية لذلك لنا نقول قواني البلغة إنا هي قواعد علمية قياسية تفيد جواز استعمال
التراكيب على هيئتها الاصة بالقياس .و هو قياس علمي صحيح مطرد كما هو قياس القواني العرابية .و هذه الساليب الت نن نقررها
ليست من القياس ف شيء إنا هي هيئة ترسخ ف النفس من تتبع التراكيب ف شعر العرب لريانا على اللسان حت تستحكم صورتا
فيستفيد با العمل على مثالا و الحتذاء با ف كل تركيب من الشعر كما قدمنا ذلك ف الكلم بإطلق .و إن القواني العلمية من العربية و
البيان ل يفيد تعليمه بوجه .و ليس كل ما يصح ف قياس كلم العرب و قوانينه العلمية استعملوه .و إنا الستعمل عندهم من ذلك أناء
معروفة يطلع عليها الافظون لكلمهم تندرج صورتا تت تلك القواني القياسية .فإذا نظر ف شعر العرب على هذا النحو و بذه الساليب
الذهنية الت تصي كالقوالب كان نظرا ف الستعمل من تراكيبهم ل فيما يقتضيه القياس .و لذا قلنا إن الحصل لذه القوالب ف الذهن إنا
هو حفظ أشعار العرب و كلمهم .و هذه القوالب كما تكون ف النظوم تكون ف النثور فإن العرب استعملوا كلمهم ف كل الفني
وجاؤوا به مفصل ف النوعي .ففي الشعر بالقطع الوزونة و القواف القيدة و استقلل الكلم ف كل قطعي و ف النثور يعتبون الوازنة و
التشابه بي القطع غالبا و قد يقيدونه بالسجاع .و قد يرسلونه و كل واحد ف من هذه معروفة ف لسان العرب .و الستعمل منها عندهم
هو الذي يبن مؤلف الكلم عليه تأليفه و ل يعرفه إل من حفظ كلمهم حت يتجرد ف ذهنه من القوالب العينة الشخصية قالب كلي مطلق
يذو حذوه ف التأليف كما يذو البناء على القالب و النساج على النوال .فلهذا كان من تآليف الكلم منفردا عن نظر النحوي و البيان و
العروضي .نعم إنه مراعاة قواني هذه العلوم شرط فيه ل يتم بدونا فإذا تصلت هذه الصفات كلها ف الكلم اختص بنوع من النظر لطيف
ف هذه القوالب الت يسمونا أساليب .و ل يفيده إل حفظ كلم العرب نظما و نثرا .و إذا تقرر معن السلوب ما هو فلنذكر بعده حدا أو
رسا للشعر به تفهم حقيقته على صعوبة هذا العرض .فإنا ل نقف عليه لحد من التقدمي فيما رأيناه .و قول العروضيي ف حده إنه الكلم
الوزون القفى ليس بد لذا الشعر الذي نن بصدده و ل رسم له .و صناعتهم إنا تنظر ف الشعر من حيث اتفاق أبياته ف عدد التحركات
و السواكن على التوال ،و ماثلة عروض أبيات الشعر لضربا .و ذلك نظر ف وزن مدد عن اللفاظ و دللتها .فناسب أن يكون حدا
عندهم ،و نن هنا ننظر ف الشعر باعتبار ما فيه من العراب و البلغة .و الوزن و القوالب الاصة .فل جرم إن حدهم ذلك ل يصلح له
عندنا فل بد من تعريف يعطينا حقيقته من هذه اليثية فنقول :الشعر هو الكلم البليغ البن على الستعاره و الوصاف ،الفضل بأجزاء
متفقة ف الوزن و الروي مستقل كل جزء منها ف غرضه و مقصده عما قبله و بعده الاري على أساليب العرب الخصوصة به .فقولنا
الكلم البليغ جنس و قولنا البن على الستعارة و الوصاف فصل له عما يلو من هذه فإنه ف الغالب ليس بشعر و قولنا الفصل بأجزاء
متفقة الوزن و الروي فصل له عن الكلم النثور الذي ليس بشعر عند الكل و قولنا مستقل كل جزء منها ف غرضه و مقصده عما قبله و
بعده بيان للحقيقة لن الشعر ل تكون أبياته إل كذلك و ل يفصل به شيء .و قولنا الاري على الساليب الخصوصة به فصل له عما ل
ير منه على أساليب العرب العروفة فإنه حينئذ ل يكون شعرا إنا هو كلم منظوم لن الشعر له أساليب تصه ل تكون للمنثور .و كذا
أساليب النثور ل تكون للشعر فما كان من الكلم منظوما و ليس على تلك الساليب فل يكون شعرا .و بذا العتبار كان الكثي من
لقيناه من شيوخنا ف هذه الصناعة الدبية يرون أن نظم التنب و العري ليس هو من الشعر ف شيء لنما ل يريا على أساليب العرب فيه،
و قولنا ف الد الاري على أساليب العرب فصل له عن شعر غي العرب من المم عندما يرى أن الشعر يوجد للعرب و غيهم .و من يرى
أنه ل يوجد لغيهم فل يتاج إل ذلك و يقول مكانه الاري على الساليب الخصوصة .و إذ قد فرغنا من الكلم على حقيقة الشعر
فلنرجع إل الكلم ف كيفية عمله فنقول :اعلم أن لعمل الشعر و إحكام صناعته شروطا أولا :الفظ من جنسه أي من جنس شعر العرب
حت تنشأ ف النفس ملكة ينسج على منوالا و يتخي الحفوظ من الر النقي الكثي الساليب .و هذا الحفوظ الختار أقل ما يكفي فيه شعر
شاعر من الفحول السلميي مثل ابن ربيعة و كثي و ذي الرمة و جرير و أب نواس و حبيب و البحتري و الرضي و أب فراس .و أكثره
شعر كتاب الغان لنه جع شعر أهل الطبقة السلمية كله و الختار من شعر الاهلية .و من كان خاليا من الحفوظ فنظمه قاصر رديء
و ل يعطيه الرونق و اللوة إل كثرة الحفوظ .فمن قل حفظه أو عدم ل يكن له شعر و إنا هو نظم ساقط .و اجتناب الشعر أول بن ل
يكن له مفوظ .ث بعد المتلء من الفظ و شحذ القرية للنسج على النوال يقبل على النظم و بالكثار منه تستحكم ملكته و ترسخ .و
ربا يقال إن من شرطه نسيان ذلك الحفوظ لتمحى رسومه الرفية الظاهرة إذ هي صادرة عن استعمالا بعينها .فإذا نسيها و قد تكيفت
النفس با انتقش السلوب فيها كأنه منوال يؤخذ بالنسج عليه بأمثالا من كلمات أخري ضرورة .ث ل بد له من اللوة و استجادة الكان
النظور فيه من الياه و الزهار و كذا السموع لستنارة القرية باستجماعها و تنشيطها بلذ السرور .ث مع هذا كله فشرطه أن يكون على
جام و نشاط فذلك أجع له و أنشط للقرية أن تأت بثل ذلك النوال الذي ف حفظه .قالوا :و خي الوقات لذلك أوقات البكر عند
البوب من النوم و فراغ العدة و نشاط الفكر و ف هؤلء المام .و ربا قالوا إن من بواعثه العشق و النتشاء ذكر ذلك ابن رشيق ف
كتاب العمدة و هو الكتاب الذي انفرد بذه الصناعة و إعطاء حقها و ل يكتب فيها أحد قبله و ل بعده مثله .قالوا :فإن استصعب عليه
بعد هذا كله فليتركه إل وقت أخر و ل يكره نفسه عليه .و ليكن بناء البيت على القافية من أول صوغه و نسجه بعضها و يبن الكلم
عليها إل آخره لنه إن غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها ف ملها .فربا تيء نافرة قلقة و إذا سح الاطر بالبيت و ل
يناسب الذي عنده فليتركه إل موضعه الليق به فإن كل بيت مستقل بنفسه و ل تبق إل الناسبة فليتخي فيها كما يشاء و لياجع شعره بعد
اللص منه بالتنقيح و النقد و ل يضن به على الترك إذا ل يبلغ الجادة .فإن النسان مفتون بشعره إذ هو نبات فكره و اختراع قريته و ل
يستعمل فيه من الكلم إل الفصح من التراكيب .و الالص من الضرورات اللسانية فليهجرها فإنا تنل بالكلم عن طبقة البلغة .و قد
حظر أئمة اللسان الولد من ارتكاب الضرورة إذ هو ف سعة منها بالعدول عنها إل الطريقة الثلى من اللكة .و يتنب أيضا العقد من
التراكيب جهده .و إنا يقصد منها ما كانت معانيه تسابق ألفاظه إل الفهم .و كذلك كثرة العان ف البيت الواحد فإن فيه نوع تعقيد على
الفهم .و إنا الختار منه ما كانت ألفاظه طبقا على معانيه أو أوف منها .فإن كانت العان كثية كان حشوا و استعمل الذهن بالغوص عليها
فمنع الذوق عن استيفاء مدركه من البلغة .و ل يكون الشعر سهل إل إذا كانت معانيه تسابق ألفاظه إل الذهن .و لذا كان شيوخنا
رحهم ال يعيبون شعر أب بكر بن خفاجة شاعر شرق الندلس لكثرة معانيه و ازدحامها ف البيت الواحد كما كانوا يعيبون شعر التنبئ و
العري بعدم النسج على الساليب العربية كما مر فكان شعرها كلما منظوما نازل عن طبقة الشعر و الاكم بذلك هو الذوق .و ليجتنب
الشاعر أيضا الوشي من اللفاظ و القصر و كذلك السوقي البتذل بالتداول بالستعمال فإنه ينل بالكلم عن طبقة البلغة و كذلك العان
البتذلة بالشهرة فإن الكلم ينل با عن البلغة أيضا فيصي مبتذل و يقرب من عدم الفادة كقولم :النار حارة و السماء فوقنا .و بقدار ما
يقرب من طبقة عدم الفادة يبعد عن رتبة البلغة إذ ها طرفان .و لذا كان الشعر ف الربانيات و النبويات قليل الجادة ف الغالب و ل
يذق فيه إل الفحول و ف القليل على العشر لن معانيها متداولة بي المهور فتصي مبتذلة لذلك .و إذا تعذر الشعر بعد هذا كله فلياوضه
و يعاوده فإن القرية مثل الضرع يدر بالمتراء و يف بالترك و الهال .و بالملة فهذه الصناعة و تعلمها مستوف ف كتاب العمدة لبن
رشيق و قد ذكرنا منها ما حضرنا بسب الهد .و من أراد استيفاء ذلك فعليه بذلك الكتاب ففيه البغية من ذلك .و هذه نبذة كافية و ال
العي .و قد نظم الناس ف أمر هذه الصناعة الشعرية ما يب فيها .و من أحسن ما قيل ف ذلك و أظنه لبن رشيق:
الفصل السابع و المسون :ف أن حصول هذه اللكة بكثرة الفظ و جودتا
بودة الحفوظ
قد قدمنا أنه ل بد من كثرة الفظ لن يروم تعلم اللسان العرب و على قدر جودة الحفوظ و طبقته ف جنسه و كثرته من قلته تكون جودة
اللكة الاصلة عنه للحافظ .فمن كان مفوظه من أشعار العرب السلميي شعر حبيب أو العتاب أو ابن العتز أو ابن هانئ أو الشريف
الرضي أو رسائل ابن القفع أو سهل ابن هارون أو ابن الزيات أو البديع أو الصابئ تكون ملكته أجود و أعلى مقاما و رتبة ف البلغة من
يفظ شعر ابن سهل من التأخرين أو ابن النبيه أو ترسل البيسان أو العماد الصبهان لنول طبقة هؤلء عن أولئك يظهر ذلك للبصي الناقد
صاجب الذوق .و على مقدار جودة الحفوظ أو السموع تكون جودة الستعمال من بعده ث إجادة اللكة من بعدها .فبارتقاء الحفوظ ف
طبقته من الكلم ترتقي اللكة الاصلة لن الطبع إنا ينسج على منوالا و تنمو قوى اللكة بتغذيتها .و ذلك أن النفس و إن كانت ف جبلتها
واحدة بالنوع فهي تتلف ف البشر بالقوة و الضعف ف الدراكات .و اختلفها إنا هو باختلف ما يرد عليها من الدراكات و اللكات و
اللوان الت تكيفها من خارج .فبهذه يتم وجودها و ترج من القوة إل الفعل صورتا و اللكات الت تصل لا إنا تصل على التدريج كما
قدمناه .فاللكة الشعرية تنشأ بفظ الشعر و ملكة الكتابة بفظ السجاع و الترسيل ،و العلمية بخالطة العلوم و الدراكات و الباث و
النظار ،و الفقهية بخالطة الفقه و تنظي السائل و تفريعها و تريج الفروع على الصول والتصوفية الربانية بالعبادات و الذكار و تعطيل
الواس الظاهرة باللوة و النفراد عن اللق ما استطاع حت تصل له ملكة الرجوع إل حسه الباطن و روحه و ينقلب ربانيا و كذا
سائرها .و للنفس ف كل واحد منها لون تتكيف به و على حسب ما نشأت اللكة عليه من جودة أو رداءة تكون تلك اللكة ف نفسها
فملكة البلغة العالية الطبقة ف جنسها إنا تصل بفظ العال ف طبقته من الكلم و بذا كان الفقهاء و أهل العلوم كلهم قاصرين ف البلغة
و ما ذلك إل لا سبق إل مفوظهم و يتلئ به من القواني العلمية و العبارات الفقهية الارجة عن أسلوب البلغة و النازلة عن الطبقة لن
العبارات عن القواني و العلوم ل حظ لا ف البلغة فإذا سبق ذلك الخفوظ إل الفكر و كثر و تلونت به النفس جاءت اللكة الناشئة عنه
ف غاية القصور و انرفت عباراته عن أساليب العرب ف كلمهم .و هكذا ند شعر الفقهاء و النحاة و التكلمي و النظار و غيهم من ل
يتلئ من حفظ النقي الر من كلم العرب .أخبن صاحبنا الفاضل أبو القاسم بن رضوان كاتب العلمة بالدولة الرينية قال :ذكرت يوما
صاحبنا أبا العباس بن شعيب كاتب السلطان أب السن و كان القدم ف البصر باللسان لعهده فأنشدته مطلع قصيدة ابن النحوي و ل
أنسبها له و هو هذا:
ما الفرق بي جديدها و البال ل أذر حي وقفت بالطلل
فقال ل على البديهة :هذا شعر فقيه ،فقلت له :و من أين لك ذلك ،فقال :من قوله ما الفرق ؟ إذ هي من عبارات الفقهاء و ليست من
أساليب كلم العرب ،فقلت له :ل أبوك إنه ابن النحوي .و أما الكتاب و الشعراء فليسوا كذلك لتخيهم ف مفوظهم و مالطتهم كلم
العرب و أساليبهم ف الترسل و انتقائهم لم اليد من الكلم .ذاكرت يوما صاحبنا أبا عند ال بن الطيب وزير اللوك بالندلس من بن
الحر و كان الصدر القدم ف الشعر و الكتابة فقلت له :أجد استصعابا علي ف نظم الشعر مت رمته مع بصري به و حفظي للجيد من
الكلم من القرآن و الديث و فنون من كلم العرب و إن كان مفوظي قليل .و إنا أتيت و ال أعلم بقيقة الال من قبل ما حصل ف
حفظي من الشعار العلمية و القواني التألفية .فإن حفظت قصيدت الشاطب الكبى و الصغرى ف القراءات ف الرسم و استظهرتما و
تدارست كتاب ابن الاجب ف الفقه و الصول و جل الونى ف النطق و بعض كتاب التسهيل و كثيا من قواني التعليم ف الجالس
فامتل مفوظي من ذلك و خدش وجه اللكة الت استعددت لا بالحفوظ اليد من القرآن و الديث و كلم العرب تعاق القرية عن
بلوغها .فنظر إل ساعة معجبا ث قال :ل أنت و هل يقول هذا إل مثلك ؟ و يظهر لك من هذا الفصل و ما تقرر فيه سر آخر و هو إعطاء
السبب ف أن كلم السلميي من العرب أعلى طبقة ف البلغة و أذواقها من كلم الاهلية ف منثورهم و منظومهم .فإنا ند شعر حسان
بن ثابت و عمر بن أ ب ربيعة و الطيئة و جرير و الفرزدق و نصيب و غيلن ذي الرمة و الحوص و بشار ث كلم السلف من العرب ف
الدولة الموية و صدرا من الدولة العباسية ف خطبهم و ترسيلهم و ماوراتم للملوك أرفع طبقة ف البلغة من شعر النابغة و عنترة و ابن
كلثوم و زهي و علقمة بن عبدة و طرفة بن العبد و من كلم الاهلية ف منثورهم و ماوراتم و الطبع السليم و الذوق الصحيح شاهدان
بذلك للناقد البصي بالبلغة .و السبب ف ذلك أن هؤلء الذين أدركوا السلم سعوا الطبقة العالية من الكلم ف القرآن و الديث اللذين
عجز البشر ف التيان بثليهما لكونا ولت ف قلوبم و نشأت على أساليبها نفوسهم فنهضت طباعهم و ارتقت ملكاتم ف البلغة على
ملكات من قبلهم من أهل الاهلية من ل يسمع هذه الطبقة و ل نشأ عليها فكان كلمهم ف نظمهم و نثرهم أحسن ديباجة و أصفى رونقا
من أولئك و أرصف مبن و أعدل تثقيفا با استفادوه من الكلم العال الطبقة .و تأمل ذلك يشهد لك به ذوقك إن كنت من أهل الذوق و
البصر بالبلغة .و لقد سألت يوما شيخنا الشريف أبا القاسم قاضي غرناطة لعهدنا و كان شيخ هذه الصناعة أخذ بسبتة عن جاعة من
مشيختها من تلميذ الشلوبي و استبحر ف علم اللسان و جاء من وراء الغاية فيه فسألته يوما ما بال العرب السلميي أعلى طبقة ف البلغة
من الاهليي ؟ و ل يكن ليستنكر ذلك بذوقه فسكت طويل ث قال ل :و ال ما أدري ،فقلت :أعرض عليك شيئا ظهر ل ف ذلك و لعله
السبب فيه .و ذكرت له هذا الذي كتبت فسكت معجبا ث قال ل :يا فقيه هذا كلم من حقه أن يكتب بالذهب .و كان من بعدها يؤثر
ملي و يصيخ ف مالس التعليم إل قول و يشهد ل بالنباهة ف العلوم ،و ال خلق النسان و علمه البيان.
الفصل الثامن و المسون :ف بيان الطبوع من الكلم و الصنوع و كيف
جودة الصنوع أو قصوره
إعلم أن الكلم الذي هو العبارة و الطاب ،إنا سره و روحه ف إفادة العن .و أما إذا كان مهمل فهو كالوات الذي ل عبة به .و كمال
الفادة هو البلغة على ما عرفت من حدها عند أهل البيان لنم يقولون هي مطابقة الكلم لقتضى الال ،و معرفة الشروط و الحكام الت
با تطابق التراكيب اللفظية مقتضى الال ،هو فن البلغة .و تلك الشروط و الحكام للتراكيب ف الطابقة اسقريت من لغة العرب و
صارت كالقواني .فالتراكيب بوضعها تفيد السناد بي السندين ،بشروط و أحكام هي جل قواني العربية .و أحوال هذه التراكيب من
تقدي و تأخي ،و تعريف و تنكي ،و إضمار و إظهار .و تقييد و إطلق و غيها ،يفيد الحكام الكتنفة من خارج بالسناد و بالتخاطبي
حال التخاطب بشروط و أحكام هي قواني لفن ،يسمونه علم العان من فنون البلغة .فتندج قواني العربية لذلك ف قواني علم العان لن
إفادتا السناد جزء من إفادتا للحوال الكتنفة بالسناد .و ما قصر من هذه التراكيب عن إفادة مقتضى الال للل ف قواني العراب أو
قواني العان كان قاصرا عن الطابقة لقتضى الال ،و لق بالهمل الذي هو ف عداد الوات.
ث يتبع هذه الفادة لقتضى الال التفنن ف انتقال التركيب بي العان بأصناف الدللت لن التركيب يدل بالوضع على معن ث ينقل الذهن
إل لزمه أو ملزومه أو شبهه ،فيكون فيها مازا :إما باستعارة أو كناية كما هو مقرر ف موضعه ،و يصل للفكر بذلك النتقال لذة كما
تصل ف الفادة و أشد .لن ف جيعها ظفر بالدلول من دليله .و الظفر من أسباب اللذة كما علمت .ث لذه النتقالت أيضا شروط و
أحكام كالقواني صيوها صناعة ،و سوها بالبيان .و هي شقيقة علم العان الفيد لقتضى الال لنا راجعة إل معان التراكيب و
مدلولتا .و قواني علم العان راجعة إل أحوال التراكيب أنفسها من حيث الدللة .و اللفظ و العن متلزمان متضايقان كما علمت .فإذا
علم العان و علم البيان ها جزء البلغة ،و بما كمال الفادة ،فهو مقصر عن البلغة و يلتحق عند البلغاء بأصوات اليوانات العجم و
أجدر به أن ل يكون عربيا ،لن العرب هو الذي يطابق بإفادته مقتضى الال .فالبلغة على هذا هي أصل الكلم العرب و سجيته و روحه
و طبيعته.
ث اعلم أنم إذا قالوا :الكلم الطبوع فإنم يعنون به الكلم الذي كملت طييعته و سجيته من إفادة مدلوله القصود منه ،لنه عبارة و
خطاب ،ليس القصود منه النطق فقط .بل التكلم يقصد به أن يفيد سامعه ما ف ضميه إفادة تامة ،و يدل به عليه دللة وثيقة .ث يتبع
تراكيب الكلم ف هذه السجية الت له بالصالة ضروب من التحسي و التزيي ،بعد كمال الفادة و كأنا تعطيها رونق الفصاحة من تنميق
السجاع ،و الوازنة بي حل الكلم و تقسيمه بالقسام الختلفة الحكام و التورية باللفظ الشترك عن الفي من معانيه ،و الطابقة بي
التضادات ،ليقع التجانس بي اللفاظ و العان .فيحصل للكلم رونق و لذة ف الساع و حلوة و جال كلها زائدة على الفادة.
و هذه الصنعة موجودة ف الكلم العجز ف مواضيع متعددة مثل :والليل إذا يغشى * والنهار إذا تلى ،و مثل :فأما من أعطى واتقى *
وصدق بالسن ،إل آخر التقسيم ف الية .و كذا :فأما من طغى * وآثر الياة الدنيا إل آخر الية .و كذا :هم يسبون أنم يسنون
صنعا .و أمثاله كثي .و ذلك بعد كمال الفادة ف أصبل هذه التراكيب قبل وقوع هذا البديع فيها .و كذا وقع ف كلم الاهلية منه ،لكن
عفوا من غي قصد ول تعمد .و يقال إنه وقع ف شعر زهي.
و أما السلميون فوقع لم عفوا و قصدا ،و أتوا منه بالعجائب .و أول من أحكم طريقته حبيب بن أوس و البحتري و مسلم بن الوليد،
فقد كانوا مولعي بالصنعه .و يأتون منها بالعجب .و قيل أن أول من ذهب إل معاناتا بشاز بن برد و ابن هرمة ،و كانا آخر من يستشهد
بشعره ف اللسان العرب .ث اتبعهما عمرو بن كلثوم و العتاب و منصور النميي و مسلم بن الوليد و أبو نواس .و جاء على آثارهم حبيب و
البحتري .ث ظهر ابن العتز فختم على البدء و الصناعة أجع .و لنذكر مثال من الطبوع الال من الصناعة .مثل قول قيس بن ذريح:
أحدث عنك النفس ف السر خاليا و أخرج من بي البيوت لعلن
و قول كثي:
تليت عما بيننا و تليت و إن و تيامي بعزة بعدما
تبوأ منها للمقيل اضمحلت لكالرتي ظل الغمامة كلها
فتأمل هذا الطبوع ،الفقيد الصنعة ،ي أحكام تأليفه و ثقافة تركيبه .فلو جاءت فيه الصنعة من بعد هذا الصل زادته حسنا.
و أما الصنوع فكثي من لدن بشار ،ث حبيب و طبقتهما ،ث ابن العتز خات الصنعة الذي جرى التأخرون بعدهم ف ميدانم ،و نسجوا على
منوالم .و قد تعددت أصناف هذه الصنعة عند أهلها ،و اختلفت اصطلحاتم ف ألقابا .و كثي منهم يعلها مندرجة ف البلغة على أنا
غي داخلة ف الفادة ،و أنا هي تعطى التحسي و الرونق .و أما التقدمون من أهل البديع ،فهي عندهم خارجة عن البلغة .و لذلك
يذكرونا ف الفنون الدبية الت ل موضوع لا .و هو رأي ابن رشيق قي كتاب العمدة له ،و أدباء الندلس .و ذكروا ف استعمال هذه
الصنعة شروطا منها أن تقع من غي تكلف و ل اكتراث ف ما يقصد منها .و أما العفو فل كلم فيه لنا إذا برئت من التكلف سلم الكلم
من عيب الستهجان ،لن تكلفها و معاناتا يصي إل الغفلة عن التراكيب الصلية للكلم ،فتخل بالفادة من أصلها ،و تذهب بالبلغة
رأسا .و ل يبقى ف الكلم إل تلك التحسينات ،و هذا هو الغالب اليوم على أهل العصر .و أصحاب الذواق ف البلغة يسخرون من
كلفهم بذه الفنون ،و يعدون ذلك من القصور عن سواه .و سعت شيخنا الستاذ أبا البكات البلفيقي ،و كان من أهل البصر ف اللسان و
القرية .ف ذوقه يقول ،إن من أشهى ما تقترحه على نفسي أن أشاهد ف بعض اليام من ينتحل فنون هذا البديع ف نظمه أو نثره ،و قد
عوقب بأشد العقوبة ،و نودي عليه ،يذر بذلك تلميذه أن يتعاطوا هذه الصنعة ،فيكلفون با ،و يتناسون البلغة .ث من شروط استعمالا
عندهم القلل منها و أن تكون ف بيتي أو ثلثة من القصيد ،فتكفي ف زينة الشعر و رونقه .و الكثار منها عيب ،قاله ابن رشيق و غيه.
و كان شيخنا أبو القاسم الشريف السبت منفق اللسان العرب بالندلس لوقته يقول :هذه الفنون البديعية إذا وقعت للشاعر أو للكاتب فيقبح
أن يستكثر منها ،لنا من مسنات الكلم و مزيناته ،فهي بثابة اليلن ف الوجه يسن بالواحد و الثني منها ،و يقبح بتعدادها .و على
نسبة الكلم النظوم هو الكلم النثور ف الاهلية و السلم .كان أول مرسل معتب الوازنة بي جله و تراكيبه ،شاهدة موازنته بفواصله من
غي التزام سجع و ل اكتراث بصنعة .حت نبغ إبراهيم بن هلل الصاب كاتب بن بويه ،فتعاطى الصنعة و التقفيه و أتى بذلك بالعجب .و
عاب الناس عليه كلفه بذلك ف الخاطبات السلطانية .و إنا حله عليه ما كان ف ملوكه من العجمة و البعد عن صولة اللفة النفقة لسوق
البلغة .ث انتشرت الصناعة بعده ف منثور التأخرين و نسي عهد الترسيل و تشابت السلطانيات و الخوانيات و العربيات بالسوقيات .و
اختلط الرعى بالمل .و هذا كله يدلك على أن الكلم الصنوع بالعاناة و التكليف ،قاصر عن الكلم الطبوع ،لقلة الكتراث فيه بأصل
البلغة ،و الاكم ف ذلك الذوق .و ال خلقكم و علمكم ما ل تكونوا تعلمون.
خاتة
و لذلك عزمنا أن نقبض العنان عن القول ف هذا الكتاب الول الذي هو طبيعة العمران و ما يعرض فيه و قد استوفينا من مسائله ما حسيناه
كفا ية له .و ل عل من يأ ت بعد نا م ن يؤيده ال بف كر صحيح و علم مبي يغوف من م سائله على أك ثر م ا كتب نا فل يس على م ستنبط ال فن
إحصاء مسائله و إنا عليه تعيي موضع العلم و تنويع فصوله و ما يتكلم فيه و التأخرون يلحقون السائل من بعده شيئا فشيئا إل أن يكمل.
و ال يعلم و أنتم ل تعلمون.
قال مؤلف الكتاب عفى ال عنه :أتمت هذا الزء الول الشتمل على القدمة بالوضع و التأليف قبل التنقيح و التهذيب ف مدة خسة أشهر
آخرها منتصف عام تسعة و سبعي و سبعمائة .ث نقحته بعد ذلك و هذبته و القت به تواريخ المم كما ذكرت ف أوله و شرطته .و ما
العلم إل من عند ال العزيز الكيم.
ل عن مو قع ا سلموب مع ب عض التعديلت وال من وراء الق صد .ت ف صباح يوم الثلثاء01 ,
مع تيات مو قع الفل سفة ال سلمية نق ً
تشرين الول2002 ,