You are on page 1of 14

‫أشكال العالقة بين السلطات ) النظام الرئاسي و البرلماني(‬

‫مع دراسة للحالة المصرية‬

‫في الربع االول من عام ‪ 2011‬شھدت مصر حدثا ھاما تمثل في سقوط النظام السياسي برئاسة محمد‬
‫حسني مبارك اثر ثورة شعبيه اندلعت في ‪ 25‬يناير لتسقط ھذا النظام في ظل ثمانية عشر يوما فقط ذلك‬
‫النظام الذي وصف بانه واحد من النظم الديكتاتورية التي تركزت فيه كافة السلطات في يد شخص واحد‬
‫ھو رئيس الدولة ‪ .‬و لطي صفحة الماضي و بدأ بناء نظام سياسي ديمقراطي يتالئم مع طموحات الشعب‬
‫المصري ثار الجدل حول شكل العالقة بين السلطات الثالث ) التنفيذية – التشريعية – القضائية ( في‬
‫اطار الدولة الديمقراطية الجديدة و قد تركز الجدل حول ھل تتبع مصر النظام البرلماني ام الرئاسي ام‬
‫النظام المختلط الذي تتبعه مصر مع تقنين سلطات الرئيس‪.‬‬

‫في ظل ھذه التساؤالت العديدة حول مستقبل العالقة بين السلطات الثالث في مصر فان الورقة البحثية‬
‫ستنقسم الي جزأين األول عرض نظري الشكال العالقات بين السلطات الثالث و ھي النظام الرئاسي و‬
‫البرلماني و المختلط و ماھو الفرق بينھم و ماھي سمات و عيوب كال منھم ‪ ،‬اما الجزء الثاني فھو‬
‫يتناول الحالة المصرية من خالل عرض ماھو االنسب لمصر و ذلك وفقا للبيئة و الظروف السياسية‬
‫المصرية‪.‬‬

‫الجزء االول‪ :‬االطار النظري‪.‬‬


‫عبر التاريخ ثار الجدل حول شكل و طبيعة العالقة بين سلطات الثالث خاصة بعد بدأ ظھور التيارات‬
‫الداعية لحكم الشعب و الديمقراطية و التي دعت لتفعيل السلطة التشريعية ) البرلمان( و استقالل السلطة‬
‫الق ضائية و تقليل ھيمنة السلطة التنفيذية و كان نتيجة لھذا الجدل ان برز لدينا نموذجين اساسيين يحددوا‬
‫طبيعة ھذه العالقة و ھما ‪ :‬النموذج البرلماني ‪ ،‬الرئاسي‪ .‬و ھناك نموذج ثالث نتج عن طريق احداث‬
‫مزج بين النموذجين الرئاسي و البرلماني و ھو النموذج المختلط ‪ .‬و فيما يلي سنتناول عرض لھذه‬
‫النماذج من حيث تناول النقاط التالية في كال منھا‪:‬‬

‫ المبدأ الحاكم لشكل العالقة ‪.‬‬


‫ السمات‪.‬‬
‫ المميزات و العيوب‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬النظام البرلماني‪:‬‬


‫و تعتبر بريطانيا ھي النموذج التاريخي لھذا النظام حيث نشأ ھذا النظام بعد صراع طويل بين كال‬
‫من الملك و القوي السياسية و التي توصلت في النھاية الي ھذا النموذج كحل امثل لظروف بريطانيا‪ ،‬و‬
‫يعتبر المبدا الحاكم للعالقة بين السلطات ھو " التداخل بين السلطتين التشريعية و التنفيذية" اي ان‬

‫‪1‬‬
‫العالقة بينھم قائمة علي التعاون و التوازن و كال منھم تراقب االخري‪ .‬و ھناك عدد من السمات التي‬
‫يتسم بھا ھذا النظام و ھي‪:‬‬

‫فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية فھي تتسم بـ‪:‬‬


‫ ازدواجية السلطة التنفيذية‪ :‬اي ان لھا رئيسين ھما الملك \ الرئيس و رئيس الوزراء‬
‫‪ ،‬الملك او الرئيس يملك و ال يحكم بمعني انه له سلطات رمزية و ليست فعلية اما‬
‫الثاني و ھو رئيس الوزراء فھو صاحب السلطة الفعلية ‪.‬‬
‫ يتولي الملك \ الرئيس تعين رئيس الوزراء و ھنا نفرق بين حالتين‪:‬‬
‫ في حالة وجود حزب قد حصل علي اغلبية مقاعد البرلمان فھنا يلتزم الملك \‬
‫الرئيس بتعين زعيم حزب االغلبية بمعني انه ھنا مقيد بتعين زعيم حزب االغلبية‬
‫‪.‬‬
‫ حالة عدم حصول اي حزب علي االغلبية ھنا تزداد سلطة الرئيس \ الملك حيث‬
‫يتدخل الختيار رئيس الوزراء اي ان الملك\ الرئيس في ھذه الحالة يتمتع بسلطة‬
‫غير مقيدة‪.‬‬
‫يتولي رئيس الوزراء تعين الوزراء ‪ ،‬في العادة يكون الوزراء من نفس حزب رئيس‬ ‫‬
‫الوزراء و يكونوا اعضاء في البرلمان في ذات الوقت ‪ .‬يتمتع رئيس الوزراء بحق‬
‫اقالة الوزراء ‪.‬‬
‫يدعو رئيس الوزراء مجلس الوزراء لالنعقاد و في حالة بحث موضوع التخاذ قرار‬ ‫‬
‫بشأنه فان رئيس الوزراء له صوت واحد فقط شأنه في ذلك شأن باقي الوزراء فال‬
‫يوجد تميز بينھم و يلتزم رئيس الوزراء بقرار االغلبية‪.‬‬
‫الوزراء مسؤلون امام البرلمان‪ :‬وھو يعني مسؤلية الوزراء عن السياسات العامة‬ ‫‬
‫للحكومة و انجازاتھا و المسؤلية ھنا تكون جماعية اي ان جميع اعضاء الوزارة‬
‫يدافعون عن سياساتھا و اعمالھا ككل فال يجوز ان يتحجج اي وزير بانه من‬
‫المعارضين الحد القرارات التي اتخذتھا الحكومة ففي حالة اتخاذ الحكومة لقرارات‬
‫يرفضھا الراي العام و يري انھا ظالمة يتدخل البرلمان لمسائلة الحكومة و قد يصل‬
‫االمر الي سحب الثقة من ھذه الحكومة ككل ‪ .‬كذلك بجانب المسؤلية الجماعية فھناك‬
‫المسؤلية الفردية و التي تعني ان كل وزير مسئول عن كافة االعمال التي تتم في‬
‫قطاعه الوزاري مثال لذلك ان وزير النقل يعتبر مسئول عن كافة االعمال التي تتم‬
‫داخل الوزارة ھذا بجانب المسؤلية عن االعمال و التصرفات الشخصية ) مثل سوء‬
‫استغالل النفوذ او شبھة الفساد السياسي او قضايا تتعلق باالخالق(‪.‬‬
‫الحكومة ال تكون مسؤلة مسؤلية مباشرة امام الناخبين فالناخبين ال يقوموا بانتخاب‬ ‫‬
‫الحكومة و انما ينتخبوا فقط البرلمان الذي تتشكل منه الحكومة‪.‬‬
‫يجمع اعضاء الوزارة بين العضوية في البرلمان و العضوية في الوزارة ) اي ازدواج‬ ‫‬
‫وظيفي(‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فيما يتعلق بالسلطة التشريعية‪:‬‬
‫ في ھذا النظام يعتبر الثقل للبرلمان الذي ھو السلطة التشريعية و ذلك لتداخل السلطتين‬
‫التشريعية و التنفيذية في ھذا النظام فالسلطة التنفيذية تاتي من السلطة التشريعية و ھي‬
‫مسؤلة امامھا ‪ .‬و ھو مايعني حدوث تفوق للسلطة التشريعية علي السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ يشارك البرلمان في اقرار السياسة العامة للدولة و اتخاذ القرارات و اقتراح القوانين و‬
‫تشاركه السلطة التنفيذية في ھذا باعتبار انھا جزء من البرلمان فھو قوة فعلية و ليست‬
‫قوة رمزية لما له من سلطات ‪.‬‬

‫ يتولي البرلمان الرقابة علي اعمال الحكومة و بالتالي فاالعضاء يقوموا بتقديم االسئلة و‬
‫االستجوابات العضاء الحكومة بصفة مستمرة‪.‬‬

‫التوازن و التعان بين السلطتين التشريعية و التنفيذية‪:‬‬


‫‪ -‬صور التوازن تشمل اآلتي‪:‬‬
‫يحق للبرلمان سحب الثقة من الحكومة و بالتالي اسقاطھا ‪ ،‬في المقابل يحق للحكومة أن تحل‬
‫البرلمان و ذلك من خالل قيام رئيس الوزراء بنصح الملك او الرئيس بان يحل البرلمان‬
‫والدعوة النتخابات جديدة‪ ،‬وحل البرلمان يعني االحتكام إلى الشعب‪ ،‬فإما أن يدعم الحكومة‬
‫فينتخب نوابا مؤيدين لھا‪ ،‬أو يدعم موقف البرلمان فينتخب نوابا معارضين لسياسة الحكومة ‪.‬‬
‫كذلك تمتلك الحكومة حق دعوة البرلمان لالنعقاد وفض دورات انعقاده‪ ،‬و للوزراء حق دخول‬
‫البرلمان لشرح سياسة الحكومة و الدفاع عنھا‪.‬‬
‫‪ -‬صور التعاون تشمل اآلتي‪:‬‬
‫للسلطة التنفيذية حق اقتراح القوانين ‪،‬ومن حق البرلمان تشكيل لجان للتحقيق مع الوزراء‪،‬و‬
‫للبرلمان حق الموافقة على الميزانية السنوية للدولة‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالسلطة القضائية‪:‬‬
‫ھي سلطة مستقلة في عملھا و ال تنحاز الي سلطة من السلطات‪.‬‬

‫و يمكن ايجاز سمات النظام البرلماني من خالل الشكل االتي‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫الرئيس \ الملك‬

‫" يملك و ال يحكم"‬

‫يعين رئيس الوزراء‬ ‫سلطةحل البرلمان‬


‫سلطة قضائية‬
‫السلطة التنفيذية‬ ‫يطلب من الملك حل البرلمان‬ ‫السلطة التشريعية‬ ‫مستقلة‬
‫‪ -‬تعين الحكومة من البرلمان‬ ‫مركز الثقل‬

‫‪ -‬الحكومة مسؤلة امام البرلمان‬


‫رئيس الوزراء‬
‫‪ -‬تسحب الثقة من الحكومة‬

‫الوزراء‬

‫ينتخب الشعب البرلمان‬

‫النظام الرئاسي‪:‬‬
‫و تعتبر الواليات المتحدة ھي النموذج التقليدي لھذا النظام الذي يقوم علي مبدأ الفصل الجامد‬
‫بين السلطات اي استقالل السلطات الثالث و عدم تدخل ايا منھا في عمل االخري ) و ھذا من‬
‫الناحية النظرية(‪ .‬و يتسم ھذا النظام بعدد من الخصائص ھي‪:‬‬
‫فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية‪:‬‬

‫ تتركز السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة الذي ينتخب من قبل الشعب لمدة محددة و‬
‫يجمع بين رئاسة الدولة و رئاسة الوزراء فالنظام الرئاسي ال يعرف منصب رئيسا‬
‫للوزراء‪ ،‬ھذا و يتمتع رئيس الدولة بسلطات عديدة و واسعة ) لذا سمي بالنظام الرئاسي‬
‫نسبة لدور الرئيس فيه(‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ يتولي الرئيس تعين الوزراء او سكيرتير كما في النظام االمريكي الذين قد يكونوا من‬
‫حزب الرئيس او من احزاب اخري و يملك سلطة محاسبتھم و اقالتھم و ھم مسؤلون‬
‫امام الرئيس وحده‪.‬‬
‫ الحكومة تتمثل في شخص الرئيس بمعني ان الرئيس قد ال يتقيد باراء الوزراء \‬
‫السكرتاريه ‪ ،‬و علي ھذا فالرئيس ھو المسؤل عن كافة اعمال الحكومة‪.‬‬
‫ الوزراء \ السكرتاريه ال يكونوا اعضاء في البرلمان ‪ ،‬فالنظام الرئاسي قائم علي وحدة‬
‫المنصب ) اي عدم جواز حصول اي فرد علي منصبين( ‪.‬‬
‫ الحكومة ) الرئيس( مسؤول امام الشعب الذي انتخبه و اليجوز مسائلته امام البرلمان و‬
‫ال يخضع له‪.‬‬
‫ ال يجوز للرئيس ان يخاطب الشعب من خالل البرلمان اال في حاالت الضرورة‬
‫القصوي و يخاطب الشعب مباشرة من خالل وسائل االعالم المختلفة ‪ ،‬ليس من حق‬
‫الرئيس ان يدعو البرلمان لالنعقاد او يفض دورة االنعقاد او ان يحله‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالسلطة التشريعية‪:‬‬

‫ السلطة التشريعية يتم انتخابھا بواسطة الشعب ‪.‬‬


‫ ال يجوز العضاء السلطة التشريعية ان يعينوا في السلطة التنفيذية اال اذا قدم العضو‬
‫استقالته من السلطة التشريعية‪.‬‬
‫ السلطة التشريعية مسئولة امام الشعب الذي انتخبھا‪.‬‬
‫ لھا عدد محدد من الوظائف ‪.‬‬
‫ ال تمتلك السلطة التشريعية الحق في ان توجه اسئلة او استجوابات للرئيس او للوزراء\‬
‫السكرتاريه ‪ ،‬كذلك ال يجوز لھا ان تقيل الوزراء ‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالسلطة القضائية‪:‬‬
‫االصل انھا مستقلة وال تتدخل في عمل اي من السلطتين و في المقابل ال تتدخل‬
‫السلطات االخري في عملھا‪.‬‬
‫ص ور التوازن و التعاون بين السلطات الثالث ‪:‬‬
‫علي الرغم من ان النظام الرئاسي قائم علي مبدا الفصل الجامد بين السلطات اال ان ھذا من الناحية‬
‫النظرية فقط فالممارسة العملية اثبتت وجود تعاون و تداخل احيانا بين اعمال السلطتين تتمثل في‪:‬‬
‫ للرئيس حق االعتراض علي مشروعات القوانين التي توافق عليھا السلطة التشريعية و‬
‫حقه في اللجوء مباشرة للشعب باستخدام اسلوب االستفتاء‪.‬‬
‫ للرئيس الحق في دعوة البرلمان لالنعقاد في دورة غير عادية اذا رفض المجلس‬
‫الموافقة علي مشروعات القوانين التي يتقدم بھا الرئيس ‪.‬‬
‫ السلطة التشريعية لھا الحق في الموافقة علي تعيين كبار الموظفين في الدولة فمثال‬
‫في الواليات المتحدة يجب ان يوافق مجلس الشيوخ علي تعين الوزراء ‪ ،‬كذلك له‬
‫الحق في الموافقة علي عقد المعاھدات و اعالن حالة الحرب مثال ھذا عندما وافق‬
‫الرئيس االمريكي ويلسون علي انضمام الواليات المتحدة لعصبة االمم دون اللجوء‬
‫للكونجرس ھنا رفض الكونجرس ھذا االمر مما ادي لعدم انضمام الواليات المتحدة‬
‫للمنظمة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ للسلطة التشريعية حق اتھام الرئيس بالخيانة العظمي اذا ما خالف الدستور او القانون ‪.‬‬
‫اي ان مبدأ الفصل الجامد غير مطبق فالرئيس قد يقوم بمھام السلطة التشريعية مثل‬
‫اقتراح مشاريع قوانين ‪ ،‬كذلك السلطة التشريعية قد تقوم بمھام السلطة التنفيذية مثل حقه‬
‫في انشاء المرافق العامة و تحديد اختصاصاتھا ‪،‬ايضا قد تقوم السلطة التشريعية بمھام‬
‫السلطة القضائية مثل القيام بتشكيل لجان للتحقيق في بعض الموضوعات‪ ،‬كذلك‬
‫للرئيس الحق في تعيين القضاة في مستويات معينة‪.‬‬
‫و يمكن اجمال اھم مالمح النظام الرئاسي في الشكل التالي‪:‬‬

‫النظام الرئاسي‬
‫فصل بين السلطات‬
‫السلطة التشريعية‬ ‫السلطة التنفيذية‬

‫الرئيس‬
‫=‬

‫– يقترح مشروعات القوانين‬ ‫له صالحيات واسعة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫و يقر االتفاقيات ‪.‬‬ ‫يعين الوزراء\ السكرتاريه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مسؤل امام الشعب‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫صور للتدخل بين السلطتين‬

‫للرئيس حق التقدم بمشروعات قوانين و له حق النقض ‪.‬‬

‫له حق دعوة المجلس لدورة غير عادية‪.‬‬

‫يتدخل البرلمان في الموافقة علي تعين كبار الموظفين‪.‬‬

‫للمجلس حق اتھام الرئيس با لخيانة العظمي‬

‫تنتخب من قبل الشعب‬


‫مقارنة بين النظام الرئاسي و البرلماني‪:‬‬

‫بعد ان عرضنا لكال من النظام البرلماني و الرئاسي فھنا نتناول عرض الھم الفروق ) المميزات و‬
‫العيوب( بين ھذين النظامين من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫ من النقاط االيجابية للنظام البرلماني انه يخلق فكرة المسؤلية الجماعية للحكومة و بالتالي يؤدي‬
‫لمزيد من الكفاءة في عمل الحكومة‪ .‬اما في النظام الرئاسي فال توجد مسؤلية للحكومة ممثلة في‬
‫الرئيس امام البرلمان و انما ھو مسؤل امام الشعب الذي انتخبه‪.‬‬

‫ من النقاط االيجابية االخري للنظام البرلماني ھو ان الناخب عندما يصوت لحزب ما في االنتخابات‬
‫و في حالة نجاح ھذا الحزب فالناخب يضمن ان الحزب سيتبني السياسة و البرامج التي علي‬
‫‪6‬‬
‫اساسھا صوت لھا الناخب ‪ ،‬اما في النظم الرئاسية فال يضمن الناخب ان يكون رئيس الدولة من‬
‫نفس حزب االغلبية في البرلمان مما يجعل من الصعوبة بمكان ان يتنبأ الناخب بما ستكون عليه‬
‫سياسة الحكومة خاصة في حالة حدوث تعارض بين حزب الرئيس و حزب االغلبية في البرلمان‪.‬‬

‫ النظام الرئاسي من نقاطه االيجابية تمتعه باالستقرارفالرئيس يظل في منصبه حتي انتھاء مدته )‬
‫اال في حالة الوفاة او المرض او االتھام بالخيانة العظمي( علي عكس النظام البرلماني الذي يتسم‬
‫في بعض الدول بعدم استقرار الحكومة او البرلمان النه يرتبط بمدي استمرار ثقة االغلبية فيھا‪ .‬و‬
‫لكن يجب مالحظة ان ھذا االستقرار قد يصل لدرجة الشلل السياسي في حالة وجود تعارض بين‬
‫الرئيس و البرلمان‪.‬‬

‫فكال من النظامين له عدد من العيوب و المميزات و المعيار الرئيسي ھو مدي مالئمة ظروف الدولة‬
‫الي من النظامين ‪ ،‬و كان من نتائج ظھور عيوب لھذه االنظمة ان ظھر لدينا نظام ثالث و ھو النظام‬
‫المختلط القائم علي المزج بين النظامين الرئاسي و البرلماني و من الدول التي تتبع ھذا النظام فرنسا و‬
‫كذلك مصر و يتسم ھذا النظام بعدد من الصفات ھي‪:‬‬

‫السلطة التنفيذية لھا رئيسان ھما رئيس الدولة و رئيس الوزراء و كال منھم لديه سلطة فعلية ‪،‬‬ ‫‬
‫فالرئيس يتم انتخابه من قبل الشعب و يقوم بتعين رئيس الوزراء الذي يكون زعيم حزب االغلبية‬
‫في البرلمان و يتولي رئيس الوزراء تعين الوزراء ‪.‬‬

‫الرئيس ال يعتبر مسؤل امام السلطة التشريعية و انما ھو مسئول امام الشعب الذي انتخبه بينما‬ ‫‬
‫رئيس الوزراء و حكومته يعتبروا مسئوالن امام السلطة التشريعية التي تملك السلطة لمحاسبة و‬
‫مسائلة الحكومة بل و سحب الثقة منھا‪.‬‬

‫نتيجة لوجود ازدواج في السلطة التنفيذية ) ما بين رئيس الدولة و رئيس الوزراء( فان ھذا يتطلب‬ ‫‬
‫وجود قدر من التعاون بينھم خاصة في حالة ما اذا كان رئيس الوزراء من حزب غير حزب رئيس‬
‫الدولة حيث قد يثور التعارض ھنا نتيجة الختالف توجه كل حزب‪.‬‬

‫السلطة التشريعية تنتخب من قبل الشعب و تتولي الرقابة علي اعمال الحكومة و تشارك في وضع‬ ‫‬
‫السياسات العامة و لھا سلطات منھا وضع القوانين و اقرار ميزانية الدولة‪.‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬الحالة المصرية‪ ...‬ما بين الرئاسي و البرلماني؟‬


‫في ھذا الجزء نتناول عرض مدي مالئمة كال من النظام الرئاسي و البرلماني للنظام المصري في‬
‫المرحلة القادمة خاصة في ظل وجود جدل حول ايھم االنسب لمصر في ظل البيئة السياسية و‬
‫الثقافية و االجتماعية لمصر‪ .‬من خالل مناقشة النقاط التالية‪:‬‬

‫اوال‪ :‬تطور النظام السياسي المصري منذ مطلع القرن العشرين‪..‬‬

‫فمنذ مطلع القرن العشرين مر النظام السياسي المصري بمرحلتين مختلفتين ھما‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة الحكم البرلماني ) الحقبة الليبرالية ( منذ عام ‪.1952 -1923‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬مرحلة النظام المختلط منذ ‪.2011 -1952‬‬

‫اوال ‪ :‬مرحلة الحكم البرلماني‪:‬‬

‫فبداية ھذه المرحلة تمثلت في اندالع ثورة ‪ 1919‬التي عمت ارجاء البلد اثر نفي سعد زغلول و‬
‫كان من مطالب ھذه الثورة انھاء الحماية البريطانية عن مصر و اقامة دولة مستقلة ‪ ،‬و من احد‬
‫اھم نتائج الثورة ان تم وضع دستور عام ‪ 1923‬الذي بموجبه تم ارساء قواعد النظام البرلماني في‬
‫مصر ليتم انھاء نظام الحكم المطلق الفردي القائم علي منح الملك سلطات واسعة في كافة‬
‫االختصاصات‪ .‬و قد اتسم النظام البرلماني المصري ب‪:‬‬

‫‪ -‬عدم تقليص سلطات الملك الي ادني الحدود او تحويل سلطاته الي سلطات رمزية فدستور‬
‫‪ 1923‬قد اعطي الملك اختصاصات عدة منھا ‪ :‬حقه في حل مجلس النواب بشكل مطلق و‬
‫تأجيل انعقاد المجلس‪ ،‬حق العفو و تخفيض العقوبة ‪ ،‬حقه في اعطاء النياشين العسكرية و‬
‫المدنية و ألقاب الشرف ) مثل البشوية و البكوية( ‪ ،‬كذلك حق تعين رجال السلك الدبلوماسي و‬
‫كبار رجال الدين ‪...‬الخ ‪ .‬علي الجانب االخر فقد نص الدستور علي ان االمة ھي مصدر‬
‫السلطات و ذلك من خالل اضفاء الصفة البرلمانية لنظام الحكم حيث ان الوزارة يتم تعينھا من‬
‫قبل اعضاء البرلمان و له الحق في سحب الثقة منھا و اسقاطھا ‪.‬‬

‫‪ -‬تقيم التجربة البرلمانية‪:‬‬

‫من ھذا يتضح ان دستور ‪ 1923‬قد طبق النظام البرلماني بصورة تختلف عن ما يقتضيه ھذا‬
‫النظام فقد خالف احد اھم قواعده المتمثلة في تقليص سلطات الملك و كان نتيجة لھذا الخلل )‬
‫المتمثل في اعطاء الملك سلطات واسعة وھامة( ان اتسمت الحياة السياسية خالل ھذه الفترة ‪1923‬‬
‫– ‪ 1952‬بعدم االستقرار السياسي نتيجة لتدخل الملك المستمر في الحياة السياسية بجانب تاثير‬
‫االنجليز علي بعض االمور فكان النمط العام لالزمات يبدا بوصول الوفد للسلطة – باعتباره‬
‫صاحب االغلبية الشعبية ‪ -‬و سرعان ما تدخل وزارة الوفد في صدام مع الملك او االنجليز نتيجة‬
‫لتعارض المصالح و ھنا يتدخل الملك القالة الوزارة و تكليف احد احزاب االقلية بتشكيل الحكومة‬
‫و تقوم ھذه الحكومة بتأجيل انعقاد المجلس الي ان يصدر الملك مرسوم بحل البرلمان و الدعوة‬
‫النتخابات جديدة و ھكذا ) و ھو مايوضحه الشكل التالي(‪ .‬و كان نتيجة لھذا ان تعاقبت علي الحكم‬
‫خالل ھذه الفترة حوالي ‪ 38‬وزارة ھذا بجانب عدم استكمال اي برلمان لمدته سوي برلمان ‪1945‬‬
‫حيث كان يتدخل الملك لحل البرلمان النھاء االزمة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫دورة الحياة البرلمانية في مصر اثناء العھد البرلماني \ الليبرالي‬

‫تدخل الملك القالة الحكومة‬ ‫صدام مع الملك \ االنجليز‬ ‫فوز الوفد‬

‫تكليف احد احزاب االقلية لتكوين الحكومة‬ ‫تشكيل الحكومة‬

‫الشعب‬

‫تأجيل انعقاد البرلمان‬ ‫نقطة البداية‬

‫اصدار الملك قرار بحل البرلمان‬

‫و الدعوة النتخابات جديدة‬

‫‪ -‬علي الرغم من وجود سلبيات للتجربة البرلمانية اال ان ھذا ال يعني عدم وجود اثار ايجابية لھا‬
‫فمن االثار االيجابية ظھور احزاب سياسية ) و ان كانت فد عانت ھي االخري من‬
‫الصراعات الداخلية التي قد تصل النقسام الحزب ( تتنافس علي الوصول للحكم ھذا بجانب‬
‫وجود تجربة ديمقراطية قد شھدتھا مصر في ظل ظروف تمثلت في التدخل الدائم للملك و‬
‫االنجليز في الحياة السياسية‪.‬‬

‫ثانيا مرحلة الحكم المختلط ‪: 2011 -1952‬‬

‫و قد بدات ھذه الفترة بثورة ‪ 1952‬و التي كانت في البداية مجرد انقالب عسكري علي الحكم اال انھا‬
‫سريعا ما وجدت تأيد شعبيا ناجم عن رفض الشعب لالوضاع السياسية و االقتصادية و االجتماعية في‬
‫مصر فتحولت الي ثورة علقت عليھا االمال النشاء وطن حر و قوي ‪ .‬فقد اعلنت الثورة انھاء الحكم الملكي‬
‫و تحويل مصر الي جمھورية و ثار الجد ل في تلك الفترة حول ماھو النظام االنسب لمصر ھل ھو‬
‫الرئاسي ام البرلماني ‪ .‬و قد اختار عبد الناصر النظام المختلط ) وفقا لدستور ‪ (1956‬علي الرغم من‬
‫وجود دعوات عدة لتطبيق النظام البرلماني و في عھد السادات تم اصدار دستور ‪ 1971‬و الذي حافظ علي‬
‫‪9‬‬
‫النظام المختلط مع وجود بعض التطورات ‪ .‬فقد جمع النظام المختلط ما بين مالمح النظم الرئاسية و‬
‫البرلمانية ‪ ،‬فبالنسبة للسلطة البرلمانية فقد تمثلت في مجلس االمة الذي اصبح فيما بعد مجلس الشعب ) وفقا‬
‫لدستور ‪ ( 1971‬اما السلطة التنفيذية فيمثلھا الرئيس ورئيس الوزراء و الوزراء و يتم اختيار الرئيس عن‬
‫طريق مجلس االمة\ الشعب – يتولي المجلس ترشيح الرئيس باالغلبية المطلقة – و يعرض بعد ذلك‬
‫لالستفتاء العام اال انه منذ عام ‪ 2005‬تم تعديل الدستور ) م ‪ (76‬ليصبح اختيار الرئيس من خالل االقتراع‬
‫السري المباشر بين اكثر من مرشح‪ .‬و بصفة عامة فقد شھدت ھذه الفترة نوع من االستقرار السياسي‪.‬‬

‫تقيم النظام المختلط‪:‬‬

‫‪ -‬علي الرغم من ان النظام المختلط قائم علي تقليل مساويء النظام البرلماني و الرئاسي اال ان‬
‫النظام المختلط قد طبق في مصر بصورة مختلفة فقد شھد سيطرة شديدة للسلطة التنفيذية –‬
‫الممثلة في الرئيس – علي عمل السلطة التشريعية فكانت ھذه السلطة – التشريعية ‪ -‬بمثابة‬
‫امتداد للسلطة التنفيذية في عھد عبد الناصر و السادات و الي حد ما في عھد مبارك ‪.‬‬

‫‪ -‬داخل السلطة التنفيذية ھناك طغيان لمنصب الرئيس علي ھذه السلطة فالرئيس له سلطات‬
‫واسعة جدا ‪ ،‬فمن المفترض في النظم المختلطة – مثال حالة فرنسا – ان يلعب رئيس الوزراء‬
‫دورا قد يصل احيانا لمعارضة الرئيس اال ان النظم المختلط في مصر قد شھد ھيمنة منصب‬
‫الرئيس علي منصب رئيس الوزراء الذي تحول الي تابع للرئيس‪.‬‬

‫من خالل العرض لتطور النظام السياسي المصري منذ مطلع القرن العشرين نالحظ ان ھذا النظام قد انتقل‬
‫مابين النظام البرلماني و المختلط و ان كان كال منھم قد صبغ بالخصوصية المصرية فالنظام البرلماني‬
‫كما راينا لم تطبق قواعده االساسية االمر الذي ادي لحدوث خلل شديد في ھذه الفترة و النظم المختلط طبق‬
‫بطريقة خلقت لنا رئيس مھيمن علي كافة سلطات الدولة و ھو ما يعني ضرورة االخذ في االعتبار البيئة‬
‫المصرية و خصوصيتھا الثقافية و المجتمعية و السياسية كمعيار في اختيار نوع النظام السياسي ) فيما‬
‫يتعلق بالعالقة بين السلطات(‪.‬‬

‫النظام السياسي المصري المستقبلي‪:‬‬


‫يمر النظام السياسي المصري بنقطة فارقة فبانتھاء عھد اتسم بالديكتاتورية و التسلطية يتطلع المصريون‬
‫لتشكيل نظام سياسي ديمقراطي يعبر عن الشعب و مصالحه و في اطار ھذا يثور الجدل حول طبيعة‬
‫العالقة بين السلطات ھل يتم الفصل بينھم ) نظام رئاسي( ام يتم دمج ھذه السلطات و خلق عالقة تعاون‬
‫بينھم ) نظام برلماني( ام يتبع نظام وسط بين النظامين و ھو النظام المختلط و علي ھذا فقد تمثل الجدل‬
‫االساسي حول النظام الرئاسي ام البرلماني حيث ذھب كل تيار لدعم اراءه بحجج ومبررات تجعله‬
‫االفضل و االنسب لمصر و ھو ماسنتناول عرضه فيما يلي ‪:‬‬

‫التيار الداعم للنظام البرلماني‪:‬‬

‫يري ھذا التيار انه من االنسب لمصر في العھد الجديد ان يتم الحد من سلطات الرئيس بجعله منصب‬
‫شرفي مثل ملكة بريطانيا مع نقل السلطات الفعلية لرئيس الوزراء الذي يتولي البرلمان مراقبته و يكون‬
‫للبرلمان الحق في محاسيته و سحب الثقة منه اذا راي ذلك و يدعم ھذا التيار رايه بعدد من المبررات ھي‪:‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬انه الحل االمثل النھاء اسطورة الرئيس المھيمن علي كافة السلطات و ذلك من خالل اعطاء‬
‫الرئيس سلطات رمزية ‪،‬و ان تكون السلطة الفعلية لرئيس الوزراء الذي يراقبه البرلمان و‬
‫يحاسبه و يملك اقالته‪.‬‬

‫‪ -‬ان ھذا النظام سوف يساعد علي تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات علي اساس من التوازن و‬
‫التعاون بين السلطتين التشريعية و التنفيذية و يجعل رئيس الدولة حكما بين السلطات بحيادية‬
‫دون تحيز النه يملك و ال يحكم ) و فقا لراي الفقيه القانوني د\ شوقي السيد(‪.‬‬

‫‪ -‬ان ھذا النظام كفيل بالتعبير عن االرداة الشعبية ‪.‬‬

‫‪ -‬ان مثل ھذا النظم سوف يساھم في خلق احزاب سياسية تسطيع ان تنافس و ان تكون معارضة‬
‫حقيقية داخل البرلمان‪.‬‬

‫التيار الداعم للنظام الرئاسي ‪:‬‬

‫و يري انصار ھذا التيار ان ھذا النظام ھو االنسب لمصر علي اعتبار انه يلبي حاجات البيئة المصرية في‬
‫الفترة القادمة و ذلك من خالل وجود رئيس له سلطات واسعة و لكن ليست مطلقة بل انھا مقيدة بالقانون و‬
‫علي الجانب االخر يكون ھناك برلمان قوي له وظائف محددة يتولي تنفيذھا مما يحدث توازن بين السلطتين‬
‫و يكون كال من الرئيس و البرلمان مسئول امام الشعب و يبرر ھذا التيار رايه بمبررات منھا‪:‬‬

‫‪ -‬ان االتھام الموجه للنظام الرئاسي بانه السبب في ظھور رئيس مھيمن غير صحيح و يبرروا‬
‫بذلك علي التجربة االمريكية فالرئيس له سلطات عديدة و لكن ال يعني ھذا طغيانه علي‬
‫السلطات االخري‪.‬‬

‫‪ -‬ان النظام الرئاسي كفيل بعدم طغيان اي سلطة علي االخري الن ھناك خطوط فاصلة ال يجوز‬
‫الي سلطة ان تتعداھا‪.‬‬

‫‪ -‬ان مثل ھذا النظام يضمن حدوث استقرار سياسي داخل الدولة‪.‬‬

‫من خالل ھذا العرض لكال التيارين نجد ان كال منھم قد قدم نفسه علي انه االفضل و االنسب لمصر في‬
‫المرحلة القادمة فكال منھم يسعي الرساء نظام سياسي جديد بقواعد لعبة جديدة تختلف عن العھد السابق و‬
‫بالتالي تتطلب وجود فھم من قبل الشعب بھذا النظام و قواعده و كذلك فھي تتطلب وجود عدد من‬
‫المتطلبات االزمة لقيامھا خاصة النظام البرلماني الذي تزداد متطلباته ) و بعضھا معقد( عن متطلبات‬
‫النظام الرئاسي فعند تقرير اي نظم ھو االنسب لمصر يجب ان ننطلق من واقع البيئة المصرية و‬
‫خصائصھا و التي منھا علي سبيل المثال و لس الحصر مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬و جود ھشاشة حزبية و صراعات داخل االحزاب القائمة ھذا بجانب ان ھذه االحزاب كانت‬
‫بمثابة الديكور في النظام السابق و بالتالي فھي ليست مھيئة بعد الن تلعب الدور الرئيس في‬
‫العملية السياسية ) يقصد بالعملية السياسية‪ :‬مجموع التفاعالت التي تتم علي المستوي السياسي‬
‫و منھا مثال االنتخابات ( فھي بحاجة لمزيد من الوقت لتعيد بناء نفسھا اما بالنسبة لالحزاب‬

‫‪11‬‬
‫الجديدة التي ظھرت بعد الثورة فمثل ھذه االحزاب تحتاج ايضا لمزيد من الوقت لكي تبني لھا‬
‫قاعدة شعبية تجعلھا مؤثرة علي الساحة السياسية و ذات دور فعال ‪.‬‬

‫‪ -‬الثقافة السياسية المصرية و التي تم تجريفھا لفترة طويلة و ادي ھذا لغرس قيم سلبية فيھا منھا‬
‫السلبية و العزوف عن المشاركة في العمل السياسي ) من خالل االنضمام لالحزاب او‬
‫المشاركة في صنع القرار( ھذا بجانب وجود وعي سياسي منخفض‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع نسبة االمية في مصر لتصل الي ‪ %40‬من اجمالي الشعب المصري و ھو ما يدل علي‬
‫امكانية استغالل ھذه الفئة لصالح تيار سياسي معين خاصة في ظل انخفاض مستوي الوعي‬
‫السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬نوعية االعضاء الممثلين في البرلمان فالقانون يحدد ھذه الشروط و من اخطرھا ھي المستوي‬
‫التعليمي للمرشح فھو يشترط ان يكون قد حصل علي شھادة اتمام التعليم االساسي و بالتالي قد‬
‫ينعكس ھذا علي دور العضو و مدي فاعليته ‪.‬‬

‫فانطالقا من ھذه االمور نجد ان البيئة المصرية ال تعتبر مھيئة للنظام البرلماني فھي لم تستوفي بعد‬
‫المتطلبات الرئيسية لھذا النظام و التي علي رأسھا وجود نظام حزبي متعدد و قوي قادر علي‬
‫التنافس في االنتخابات و قادر عليي حصد اغلبية االصوات ففي ظل االوضاع الحالية نحن امام‬
‫موقفين اذا طبق النظام البرلماني‪:‬‬

‫‪ -‬عدم استطاعة اي حزب الحصول علي اغلبية االصوات و بالتالي يتم اللجوء لتكوين حكومة‬
‫ائتالفية مھددة بالسقوط في اي لحظة‪.‬‬

‫‪ -‬امكانية وصول حزب ما للسلطة و لكن من خالل استقطاب االصوات خاصة من فئة االميين‬
‫او السيدات و ھو ما سوف يعبر عن ارادة زائفة و ليست حقيقية و لعل االستفتاء االخير الذي‬
‫شھدته مصر ) ‪ -19‬مارس ‪ (2011‬خير دليل علي ھذا‪.‬‬

‫اما النظام الرئاسي فربما تقل متطلباته عن متطلبات النظام البرلماني النه باالساس يتطلب وجود‬
‫رئيس و لكن علي الجانب االخر فھذا النظام ال يعتبر ضامن لعدم وجود رئيس مھيمن خاصة في‬
‫حالة عدم وجود برلمان قوي قادر علي احداث توازن بينه و بين السلطة التنفيذية ‪.‬‬

‫لذا فنحن نري انه من االفضل ان تتبع مصر النظام المختلط و الذي يمكن ان يقلص مساؤي كال‬
‫من النظام البرلماني و الرئاسي في الفترة القادمة و ال يعني سوء التطبيق خالل العھد السابق عدم‬
‫مالئمة ھذا النظام لمصر فما يحتاجه ھو تحديد سلطات الرئيس و اعطاء سلطات فعلية لرئيس‬
‫الوزراء مع تفعيل سلطة البرلمان ليصبح اداة رقابية علي الحكومة‪ .‬و يمكن ان يتم اتباع ھذا‬
‫النظام لفترة انتقالية محددة – في حدود عشر سنوات ‪ -‬تتھيأ فيھا االمور اما لالستمرار في تطبيق‬
‫النظام المختلط او تطبيق النظام البرلماني او الرئاسي فھذه المرحلة ستمھد ل‪:‬‬

‫ظھور احزاب قوية – التي ھي اساس النظام البرلماني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬تغير الثقافة السياسية و انخفاض مستوي االمية و ارتفاع الوعي السياسي و بالتالي منع امكانية‬
‫شراء االصوات او توجيھھا ‪.‬‬

‫‪ -‬معالجة الخلل الذي يعاني منه النظام المصري و المتمثل في وجود اختالل شديد بين صالحيات‬
‫الرئاسة و صالحيات البرلمان‪.‬‬

‫‪ -‬اعادة حالة االستقرار في الشارع المصري خاصة بعد حالة االنفالت االمني التي شھدتھا مصر‬
‫خالل الثورة و ھو ما يتطلب اعادة بناء ھيبة الدولة و اجھزتھا االمنية و مثل ھذا االمر يتطلب‬
‫وجود استقرار سياسي و ھو ما يمكن ان يوفره النظام المختلط‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫في ھذه الورقة البحثية تناولنا عرض للعالقة بين السلطات و ھي السلطة التنفيذية و التشريعية و‬
‫القضائية و قد تجسدت شكل ھذه العالقة في ثالث نماذج ھي النموذج البرلماني القائم علي الدمج‬
‫بين ھذه السلطات و التعاون بينھا و يكون فيھا الثقل للبرلمان الذي يتمتع بالتفوق و السيادة علي‬
‫السلطات االخري‪ ،‬اما النموذج الثاني و ھو النموذج الرئاسي القائم علي مبدا الفصل بين السلطات‬
‫و ان يكون لكال منھا سلطات محددة مما يؤدي لحدوث توازن وعدم ھيمنة الحد السلطات علي‬
‫االخري و ان كان في العديد من االحيان ال يوجد مركز ثقل في ھذا النظام ‪ ،‬اما النموذج الثالث‬
‫فھو نموذج قد ظھر ليعالج عيوب كال النموذجين من خالل الجمع بينھم ‪.‬‬

‫و قد تناولنا عرض للحالة المصرية التي تمر االن بمرحلة فارقة في ظل سقوط نظام سياسي و‬
‫البدء في بناء نظام جديد و قد عرضنا للتيارين الرئيسين و ھما التيار الداعم للنظام البرلماني و‬
‫التيار الداعي للنظام الرئاسي و قد اختتمنا الورقة البحثية باقتراح اتباع مصر للنموذج المختلط‬
‫لفترة زمنية انتقالية تمھد الرساء القواعد الديمقراطية و تلبية متطلبات كال النموذجين‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫• د\ منار الشوربجي‪ ،‬مصر‪..‬فلنتريث بشأن الحكومة البرلمانية‪،‬‬
‫‪http://www.onislam.net/arabic/newsanalysis/special-folders-pages/new-‬‬
‫‪ ،egypt/egypt-after-the-january-25/129095-2011-02-23-11-55-00.html‬تاريخ‬
‫الحصول عليه ‪.2011\4\22‬‬

‫• د\ جالل عبد ‪ N‬معوض ‪ ،‬د\ محمد خربوش‪ ،‬مباديء العلوم السياسية ‪ ،‬القاھرة ‪ :‬كلية االقتصاد و‬
‫العلوم السياسية ‪.2005 .‬‬

‫• د\ علي الدين ھالل‪ ،‬تطور النظام السياسي في مصر‪ ،‬القاھرة ‪ :‬مركز البحوث و الدراسات‬
‫السياسية ‪.2007 ،‬‬

‫• دورثي بيكلس)ترجمة زھدي جار ‪ ،(N‬الديمقراطية‪ ،‬لبنان‪ :‬دار النھار للنشر ‪.1972 ،‬‬

‫• معتز با‪ P‬عبد الفتاح ‪ ،‬أيھما أصلح لمصر‪ :‬نظام رئاسى أم برلمانى؟ ‪،‬‬
‫‪ ،http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=432894‬تاريخ‬
‫الحصول عليه ‪.2011-4-22‬‬

‫‪14‬‬

You might also like