Professional Documents
Culture Documents
واضحة في أذهان كثير من المنتمين إلى هذا المجال ،حيث إن البعض ينظر إلى تسويق
الخدمات على أنه نشاط هامشي ل يناسب طبيعة المؤسسات الجتماعية بما فيها
المكتبات ومراكز المعلومات بحجة أنها ل تهدف إلى الربح وأنها تقدم خدماتها في الصل
مجانا ً ،وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى ترويج برامجها أو إشهار نشاطاتها كما هو الحال
في المؤسسات الربحية .بيد أن هذا العتقاد الذي ل يزال يسيطر على أذهان البعض لم
يستطع الصمود أمام تحديات العصر وما يحيط به من متغيرات ،حيث بدأت تزداد أهمية
التسويق مع التوجه الحالي نحو المكتبة اللكترونية التي أحدثت تغيرا ً جذريا ً في بنية
المكتبة التقليدية وفي مصادرها وتجهيزاتها ،مما يستدعي البحث عن أساليب جديدة
لتسويق خدمات المكتبة الحديثة ،ودراسة البدائل العديدة لوصول المستفيدين إلى
.المعلومات
وقد بدأ الدب المكتبي يشهد ظهور كتابات عن التسويق خلل النصف الثاني من
السبعينيات الميلدية وبداية الثمانينيات ،ففي عام 1971م ظهرت مقالة تثبت أن
المكتبيين بأمس الحاجة إلى تعلم طرق التنافس من خلل الساليب التسويقية ،وفي عام
1972م قام أحد الخبراء في المجال بدراسة أساليب التسويق لترويج بعض النظم
ثم ظهر في عام 1977م بحث يتناول ERIC ،المعلوماتية مثل مصادر المعلومات التربوية
إمكانية تطبيق الساليب التسويقية على خدمات المكتبات الجامعية .وبعد ذلك نشرت
دراسة عام 1980م تؤكد أنه من الضرورة بمكان أن يتعلم المكتبيون واختصاصيو
المعلومات أساليب التسويق ،وفي العام نفسه اقترحت إحدى الخبيرات أن يتم تضمين
.البرامج الدراسية للمكتبات والمعلومات مواد حول أساليب التسويق
وإذا كان موضوع تسويق خدمات المكتبات والمعلومات قد حظي باهتمام الباحثين في
العالم الغربي ،فإن العالم العربي يفتقر إلى هذا النوع من الدراسات .وقد لحظ الباحث
من استقرائه للدبيات شح النتاج الفكري المتعلق بالموضوع حيث إن ما ظهر منه إلى حيز
.الوجود يعد في غاية الندرة
وفيما يتعلق بنشأة التسويق وتطوره ،فيقال إنه على الرغم من ممارسة المكتبات
لمفهوم التسويق قبل أن يظهر استخدام المصطلح نفسه في المجال ،إل أن الحاجة لم
تظهر إلى تسويق خدمات المكتبات إل مؤخرا ً ،وبالتحديد بعد عام 1971م .وكان فضل
السبق في هذا المجال للمكتبات المريكية حيث استطاعت من خلل الستعانة بالساليب
التسويقية الجيدة الحصول على تأييد معنوي ومادي من قبل المستفيدين خلل مرحلة
.العجز القتصادي التي مرت بها
وهناك في الواقع مجموعة من السباب التي حفزت المكتبيين على دخول مجال التسويق
ACTUALوتبني برامجه ،ومنها كسب رضا الجمهور المستهدف من المستفيدين الفعليين
إذ يمكن عن ( EXPECTED USERS .والمستفيدين المحتملين ( المتوقعين USERS ،
طريق التسويق الفاعل والنشط الوصول إلى عدد أكبر من مجتمع غير المستفيدين،
.والتشجيع على ارتياد المكتبة ،وتأكيد دورها في خدمة البحث العلمي والمجتمع
وإذا تجاوزنا الجانب التاريخي للتسويق إلى الجانب المعاصر ،وبخاصة ما له علقة
بالساليب ( الوسائل أو الطرق أو الدوات ) الحديثة لتسويق خدمات المعلومات ،لوجدنا
أن هناك تفاوتا ً واضحا ً بين الباحثين في نظرتهم لتلك الساليب .وقد يأخذ هذا السلوب
التسويقي شكل العلنات عن هذه الخدمات سواء داخل المكتبة أو في الجرائد والمجلت
المحلية والذاعة المسموعة والمرئية أو عن طريق التصالت الشخصية بالمستفيدين أو
التصالت بالهاتف أو البريد أو أي نوع من النشطة التي تراها المكتبة مناسبة لذلك لترويج
خدماتها في محاولة منها لرضاء المستفيدين وكسب ثقتهم .ومن بين الدوات الخرى
التي يمكن أن يستعان بها في تسويق خدمات المكتبة نشرات الحاطة الجارية ،وخدمات
البث النتقائي للمعلومات ،وأدلة المجموعات المكتبية (الدوات الببليوجرافية ) ،وعرض
الشرائح الفيلمية أثناء اللقاءات أو الجتماعات .كما أن الخدمات المرجعية المتمثلة في
.الجابة عن السئلة المطروحة من قبل المستفيدين قد تكون خير دعاية تسويقية للمكتبة
وما دمنا بصدد الحديث عن الساليب التسويقية في المكتبات فينبغي أل نغفل الدور الكبير
الذي يمكن أن تقوم به تقنية المعلومات في هذا السياق .إذ يمكن من خلل التقنية إدخال
وتخطيط برامج تسويقية بغرض ربط المستفيد بالمكتبة ،وتلبية احتياجاته الحالية
والمتوقعة .ومن ذلك على سبيل المثال الحاطة الجارية التي تساعد المكتبة في أن
:تذهب إلى المستفيدين بدل ً من أن تضطرهم لرتيادها .ومن الساليب الخرى ما يأتي
نشرة المعلومات :وتعرف بالنشرة العلمية أو صحيفة المكتبة ،وتعد من أكثر 1 -
أساليب التسويق شيوعا ً وانتشارا ً ،ومن الممكن إيصالها إلى أكبر عدد ممكن من
المستفيدين ،وتحتوي على المعلومات الجديدة والخبار والنشاطات والتقارير والنجازات
… .الخ
ً
نشرة الضافات الجديدة :وهي تصدر بشكل دوري أو غير دوري ( غالبا ما تكون 2 -
شهرية ) ،وتضم قائمة بالمواد التي وصلت حديثا ً للمكتبة خلل فترة زمنية محددة ،
.وتحتوي على بيانات ببليوجرافية عن تلك المواد
التصالت الهاتفية أو الشخصية :قد يتم تقديم خدمات الحاطة الجارية على شكل 3 -
اتصال هاتفي بالباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات لعلمهم بكل ما هو جديد في
المكتبة من مصادر وبرامج وخدمات ،أو على شكل زيارات شخصية يقوم بها المكتبي
.للقسام العلمية بغرض توطيد العلقة بين المستفيدين والمكتبة
لوحة العلنات والعرض :ويمكن توظيفها في التواصل مع المستفيدين من خلل 4 -
عرض الكتب والمواد الخرى والخبار والتعليمات وغيرها ،وينبغي أن توضع في مكان
.مناسب بحيث يسهل على المستفيدين الطلع عليها بسهولة
تداول الدوريات :ويعد من أهم أساليب تسويق خدمات الحاطة الجارية ،ويمكن أن 5 -
يتم تداول الدورية نفسها بين الباحثين في الجامعة ،أو تداول قوائم المحتويات فقط ،
.ومن ثم طلب الدورية عند الحاجة أو طلب تصوير المقال المطلوب
تنظيم معارض الكتب :لتنظيم معارض الكتب والمواد الخرى بغرض البيع أو العلم 6 -
أهمية ل تنكر في تسويق خدمات المكتبة ،وقد تكون هذه الكتب عامة أو متخصصة ،
ويفضل أن يتزامن إقامة المعرض مع مناسبات معينة ،وأن يضم أحدث ما صدر في
.المجال لتبرز فائدته بشكل أكثر أهمية
ومن الساليب التسويقية الخرى لخدمات المكتبة الجامعية تدريب المستفيدين على كيفية
استخدام المصادر والخدمات المختلفة ،إذ إن البرامج التدريبية تعد في الوقت نفسه
برامج تسويقية تهدف إلى تحقيق مجموعة من النقاط اليجابية منها إزاحة عامل الخوف
والرهبة من جو المكتبة وبخاصة لدى الطلبة الجدد ،والتخفيف من حدة مشكلة البحث
عن المعلومات التي أصبحت تشكل في الوقت الراهن ظاهرة مع النفجار المعلوماتي ،
كما أن أغلب المستفيدين في الوسط الكاديمي تنقصهم الدراية الكافية باستخدام
محتويات المكتبة ،والتعامل مع نظمها الفنية ،علوة على أن الفلسفة الحديثة للمكتبة
الجامعية تقوم على مبدأ المبادرة والتوجه نحو المستفيد ،والتعرف على همومه
.ومشكلته
وثمة أسلوب تسويقي آخر ل يقل أهمية عما سبق ،ويتمثل في إعداد الدوات
الببليوجرافية التي تشكل أهمية خاصة للباحثين وطلبة الدراسات العليا ،فهذه الدوات
تؤدي في الواقع وظيفة مزدوجة ؛ إذ هي خدمات معلومات وتسويق لها في آن واحد .وقد
يتسع مفهوم النشاط الببليوجرافي أو يضيق بحسب إمكانات المكتبة وتجهيزاتها .وعلى
أي حال فقد ازدادت أهمية هذا النوع من الخدمات مع تضخم النتاج الفكري ،وتعدد
أشكاله وموضوعاته ولغاته ،وتعقد احتياجات المستفيدين .ولذا أصبح الباحث بأمس
الحاجة إلى أدلة أو مفاتيح تيسر له الوقوف على المادة العلمية المناسبة .ويمكن أن
تسهم المكتبة في الضبط الببليوجرافي من خلل توفير القوائم الببليوجرافية التي تهم
.الباحثين ،وإعلمهم عنها ،وتدريبهم على استخدامها
ويمكن أن يندرج كذلك تحت المظلة التسويقية للمكتبات الكاديمية بمفهومها الشامل
خدمات التكشيف والستخلص ،وبخاصة في هذا العصر الذي يشهد نموا ً متزايدا ً في
مصادر المعلومات مما يصعب معه استرجاعها بالشكل التقليدي ،ولبد من الستعانة
بالحاسوب لمعالجتها فنيا ً ،وتحليل محتوياتها ،وتنظيمها بشكل ييسر استرجاعها بسهولة .
ويمكن أن تسهم المكتبة في هذا النشاط من خلل توفير دوريات التكشيف والستخلص
للباحثين ،وتكليف العاملين لديها بإعداد الكشافات والمستخلصات لما يتوافر بها من مواد
وبخاصة الدوريات العلمية ،وتدريب الباحثين على استخدام تلك الدوات ،والشتراك في
.نظم وشبكات المعلومات التي تقدم تلك الخدمات آلياً
وإذا كانت السطور السابقة قد رسمت الصورة المثالية لتوظيف التسويق في الخدمات
فإن الوضع الراهن في دول العالم النامي بما في ذلك العالم العربي يختلف تماما ً .ذلك
أن فن التسويق ل يزال مهمل ً أو شبه مهمل من قبل المكتبيين واختصاصي المعلومات ،
ولم يلق بعد العناية التي تليق بأهميته وبمكانته في العالم المعاصر .ولعل التخفيف من
حدة هذه المشكلة يكمن في الفادة من نظريات تسويق المعلومات في مناهج علوم
المكتبات والمعلومات حيث إن المنتمين إلى المهنة بشكل عام قد ل تتوافر لديهم الخبرة
الكافية بأساليب وطرق التسويق .والملحظ أن أغلبية تلك المناهج تفتقر إلى مواد لها
علقة بمهارات التسويق والتخطيط .ومن حسن التوفيق أن قسم دراسات المعلومات
بكلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة المام قد راعى هذا الجانب في خطته الجديدة ،
حيث ضمنّها مواد تتمحور حول التسويق واقتصاديات المعلومات ،بغية مجاراة روح العصر
.والتكيف مع تحدياته
.