Professional Documents
Culture Documents
للصنعاني
كتاب الجنائز
الجنائز :جمييع جنازة بفتييح الجيييم وكسييرها ،وفييي القاموس :الجنازة الميييت
ويفتيح أو بالكسير المييت وبالفتيح السيرير أو عكسيه أو بالكسير السيرير ميع
الميت.
صلّى الله ن أ بي هُريرة رضيي الله عنيه قا َ َي
ل :قال رسيول الله َي [رح ]1ييييي ع َي ْ
سلّم" :أكْثروا ذِكَْر هاذِم اللّذات :الموت" رواه التّرمذي والنسيييائ ُّ َ
ي ع َلَي ْيييهِ وَييي َ
ن حبّان. ححه اب ُ وص ّ
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ يي (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله َ
موت") بالكسييير بدل مييين هاذم (رواه الترمذي "أكثروا ذكييير هاذم اللّذات :ال َ ْ
والنسييائي وصييححه ابيين حبان) والحاكييم وابيين السييكن وابيين طاهيير وأعله
الدارقطني بالرسال.
وفييي الباب عيين عميير وعيين أنييس ومييا تخلو عيين مقال ،قال المصيينف فييي
التلخيييص نقل ً عيين السييهيلي :إن الرواييية فييي هاذم بالذال المعجميية معناه
ما بالمهلة فمعناه المزييل للشييء ولييس مرادا ً هنيا ،قال المصينف: القاطيع وأ ّي
وفي هذا النفي نظر ل يخفى (قلت) :يريد المعنى على الدال المهملة صحيح
فإن الموت يزيل اللذات كما يقطعها ولكن العمدة الرواية.
والحدييث دلييل على أنيه ل ينبغيي للنسيان أن يغفيل عين ذكير أعظيم المواعيظ
وهيو الموت ،وقيد ذكير فيي آخير الحدييث فائدة الذكير بقوله "فإنكيم ل تذكرونيه
فييي كثييير إل قلله ول قليييل إل كثره" .وفييي رواييية للديلمييي عيين أبييي هريرة
"أكثروا ذكير الموت فميا مين عبيد أكثير ذكره إل أحييى الله قلبيه وهوّن علييه
الموت" وفيي لفيظ لبين حبان والبيهقيي فيي شعيب اليمان "أكثروا ذكير هاذم
اللذات فإنيه ميا ذكره عبد ٌ قيط فيي ضييق إل وسيعه ول فيي سيعة إل ضيقهيا"
وفي حديث أنس عن ابن لل في مكارم الخلق "أكثروا ذكر الموت فإن ذلك
تمحيص للذنوب وتزهيد في الدنيا" وعند البزار "أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه
ميا ذكره أحيد فيي ضييق مين العييش إل وسيعه علييه ول فيي سيعة إل ضيقهيا"
وعنيد ابين أبيي الدنييا "أكثروا مين ذكير الموت فإنيه يمحيق الذنوب ويزهيد فيي
الدنيييا فإن ذكرتموه عنييد الغنييي هدمييه وإن ذكرتموه عنييد الفقيير أرضاكييم
بعيشكم".
َ
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه ل الله َي [رح ]2ييييي وعين أن سٍي رض يَي الله عن ُهي قال" :قال رسيو ُ
متمنيا ً فَليقُيل: و سلّم" :ل يتمني َ َ
ن ل بُد ّ ُن كا َي
ضرٍ نزل بيه ،فإ ْي ن أحدُك ُيم المو َي
ت لِ ُ ّ ّي َي َ
ً ً َ
ّ
م أحيني ما كانت الحياة ُ خيْرا لي ،وتَوَفني إذا كانت الوفاة ُ خيْرا لي" متفقٌ َ اللّهُ ّ
عليْه.
سلّم (ل صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وعين أنيس رضيي الله عنيه قال :قال رسيول الله َي
ن كان ل بُدَّ) أي ل فرار ول محالة كميا يتمني َ َ
ل بيه فإ ْي ضَر نز َموْت ل ُ م ال َ حدُك ُي ُنأ َ ّ َي ّ
متَمنِّيا ً فَلْيَقُيل) بدل ً مين لفيظ التمنيي الدعاء وتفوييض ذلك إلى فيي القاموس ( ُ
حيني ما كانت الحياة خيرا ً لي وتوف ّني إذا كانت الوفاة خيرا ً لي، َ
الله( :اللهم أ ْ
متفق عليه).
الحديث دليل على النهي عن تمني الموت للوقوع في بلء أو محنة أو خشية
ذلك مين عدوُ أو مرض أو فاقية أو نحوهيا مين مشاق الدنييا لميا فيي ذلك مين
الجزع وعدم الصبر على القضاء وعدم الرضا.
وفيي قوله "لضير نزل بيه" ميا يرشيد إلى أنيه إذا كان لغيير ذلك مين خوف فتنية
فيي الديين فإنيه ل بأس بيه ،وقيد دل له حدييث الدعاء "إذا أردت بعبادك فتنية
فاقبضني إليك غير مفتون" ،أو كان تمنيا ً للشهادة كما وقع ذلك لعبد الله ابن
رواحة وغيره من السلف ،وكما في قول مريم {يا ليتني مت قبل هذا} فإنها
إنما تمنت ذلك لمثل هذا المر المخوف من ك ُفر من ك َفر وشقاوة من شقي
بسببها.
وفي قوله" :فإن كان ل بد ّ متمنياً" يعني إذا ضاق صدره وفقد صبره عدل إلى
هذا الدعاء ،وإل فالولى له أن ل يفعل ذلك.
َ
سلّم قال: صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َي َي هأ َ
نّي النيب َّ ه ع َن ْي ُ[رح ]3ييييي وعين بريدة َ رضيي الل ّي ُ
ن حبّان.
ه اب ُ
حح ُ ق الجبين" رواه ُ الثلثة وص ّ ت بِعََر ِ ن يمو ُ م ُ"المؤْ ِ
سلّم
صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ (وعن بريدة رضي الله عنه) هو ابن الحصيب (أن النبي َ
ق) بفتح العين المهملة والراء (الجبين" .رواه الثلثة ت بعر ِ مو ُ ني ُ م ُمؤْ ِقال" :ال ُ
وصححه ابن حبان) وأخرجه أحمد وابن ماجه وجماعة ،وأخرجه الطبراني من
حديث ابن مسعود.
وفييه وجهان :أحدهميا :أنيه عبارة عميا يكابده مين شدة السيياق "النزع" الذي
يعرق دونه جبينه أي يشدد عليه تمحيصا ً لبقية ذنوبه ،والثاني :أنه كناية عن كدّ
المؤمن في طلب الحلل وتضييقه على نفسه بالصوم والصلة حتى يلقى الله
تعالى ،فيكون الجاّر والمجرور في محل النصب على الحال.
والمعنى على الوّل أن حال الموت ونزوع الروح شديد عليه فهو صفة لكيفية
الموت وشدتيه على المؤمين ،والمعنيى على الثانيي أن يدركيه الموت فيي حال
كونيه على هذه الحالة الشديدة التيي يعرق منهيا الجيبين فهيو صيفة للحال التيي
يفاجئه الموت عليها.
ي الله عنهما قال :قال رسول الله َ [رح ]4يييي وع َ َ
ن أبي سعيد وأبي هُريرة رض َ ْ
ة.
م والْربع ُ موتاكم ل إله إل الله" َروَاه ُ مسل ٌ ُ َ
سلم" :لقِّنوا َ ْ ّ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
صلى الله ّ (وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قال :قال رسول الله َ
موْتاكيم) أي الذيين فيي سيياق الموت فهيو مجاز (ل إله إل قّنُوا َ سلّم" :ل َ ِ ع َلَي ْيهِ وَي َ
َ
ه" رواه مسلم والربعة) وهذا لفظ مسلم ،ورواه ابن حبان عن أبي هريرة الل ّ ُ
بلفظيه وزيادة" ،فمين كان آخير قوله ل إله إل الله دخيل الجنية يوما ً مين الدهير
وإن أصييابه مييا أصييابه قبييل ذلك" وقييد غلط ميين نسييبه إلى الشيخييين أو إلى
البخاري ،وروى ابين أبيي الدنييا عين حذيفية بلفيظ "لقنوا موتاكيم ل إله إل الله،
فإنها تهدم ما قبلها من الخطايا" .وفي الباب أحاديث صحيحة.
وقوله" :لقنوا" المراد تذكيير الذي فيي سيياق الموت هذا اللفيظ الجلييل وذلك
ليقولهييا ،فتكون آخيير كلمييه فيدخييل الجنيية كمييا سييبق ،فالميير فييي الحديييث
بالتلقيين عام لكيل مسيلم يحضير وهيو فيي سيياق الموت ،وهيو أمير ندب ،وكره
العلماء الكثار عليييه والموالة ،لئل يضجيير ويضيييق حاله ويشتييد كربييه ،فيكره
ذلك بقلبييه ويتكلم بمييا ل يليييق ،قالوا :وإذا تكلم مرة فيعاد عليييه التعريييض
ليكون آخر كلمه ،وكأن المراد بقول ل إله إل الله أي وقول محمد رسول الله
فإنها ل تقبل إحداهما إل بالخرى كما علم.
والمراد "بموتاكييم" :موتييى المسييلمين .وأمييا موتييى غيرهييم ،فيعرض عليهييم
سلّم على عميه عنيد السيياق ،وعلى صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
السيلم ،كميا عرضيه َي
الذمي الذي كان يخدمه ،فعاده وعرض عليه السلم فأسلم ،وكأنه خص في
الحديث موتى أهل السلم لنهم الذين يقبلون ذلك ولن حضور أهل السلم
عندهم هو الغلب بخلف الكفار فالغالب أنه ل يحضر موتاهم إل الكفار.
(فائدة) يحسن أن يُذك َّر المريض بسعة رحمة الله ولطفه وبّره ،فيحسن ظنه
صلّى الله ع َلَي ْيهِ بربيه .لميا أخرجيه مسيلم مين حدييث جابر "سيمعت رسيول الله َي
سلّم يقول قبيل موتيه :ل يموتين أحدكيم إل وهيو يحسين الظين بالله" .وفيي وَي َ
الصيحيحين مرفوعا مين حدييث أبيي هريرة "قال :قال الله :أنيا عنيد ظين عبدي ً
بيي" .وروى ابين أبيي الدنييا عين إبراهييم قال :كانوا يسيتحبون أن يلقنوا العبيد
محاسين عمله عنيد موتيه ،لكيي يحسين ظنيه بربيه" وقيد قال بعيض أئمية العلم:
إنه يحسن جمع أربعين حديثا ً في الرجاء تقرأ على المريض فيشتد حسن ظنه
بالله تعالى ،فإنه تعالى عند ظن عبده به.
وإذا امتزج خوف العبيد برجائه عنيد سيياق الموت فهيو محمود .أخرج الترمذي
سلّم دخيل على شاب وهيو صلّى الله ع َلَي ْهِ وَي َ بإسيناد جيد من حدييث أنس :أ نه َ
فييي الموت فقال" :كيييف تجدك؟" قال :والله يييا رسييول الله إنييي أرجييو الله
سلّم" :ل يجتمعان فيي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وإنيي أخاف ذنوبيي ،فقال رسيول الله َي
قلب عبد في مثل هذا الموطن إل أعطاه الله ما يرجوه وآمنه مما يخاف".
(فائدة أخرى) ينبغييي أن يوجييه ميين هييو فييي السييياق إلى القبلة ،لمييا أخرجييه
سلّم حيين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الحاكيم وصيححه مين حدييث أبيي قتادة :أن النيبي َي
قدم المدينية سيأل عين البراء بين معرور قالوا :توفيي وأوصيى بثلث ماله لك ييا
صلّى الله رسيول الله وأوصيى أن يوجيه للقبلة إذا احتضير ،فقال رسيول الله َي
سلّم" :أصياب الفطرة ،وقيد رددت ثلثيه على ولده" ثيم ذهيب فصيلى ع َلَي ْيهِ وَي َ
علييه وقال" :اللهيم اغفير له وأدخله جنتيك وقيد فعلت" وقال الحاكيم :ل أعلم
في توجيه المحتضر للقبلة غيره.
َ
صلّى الله ع َلَي ْيهِ ي َي ن الن ّيب َّه عن ُهي أ َّي معْيقل بين يسيارٍ رضيي الل ّي ُ [رح ]5ييييي وعين َ
سلّم قال" :اقَرءُوا على موتاك ُيم ييس" رواه ُي أبيو داود والنسيائي وصيححه اب نُي وَي َ
حبَّان. ِ
(وعين معقيل بين يسيار رضيي الله عنيه أن النيبي صيلى الله علييه وآله وسيلم
م) قال ابين حبان :أراد بيه مين حضرتيه المنيية ل أن موتَاك ُي ْ
قال" :اقرءُوا على َ ْ
المييت يقرأ علييه (ييس" رواه أبيو داود والنسيائي وصيححه ابين حبان) وأخرجيه
أحميد وابين ماجيه مين حدييث سيليمان التيميي عين أبيي عثمان ،ولييس بالنهدي
عن أبيه عن معقل بن يسار ،ولم يقل النسائي وابن ماجه عن أبيه ،وأعله ابن
القطان بالضطراب والوقييف ،وبجهالة حال أبييي عثمان وأبيييه ،ونقييل عيين
الدارقطنييي أنييه قال :هذا حديييث مضطرب السييناد مجهول المتيين ول يصييح،
وقال أحمد في مسنده :حدثنا أبو المغيرة :حدثنا صفوان قال :كانت المشيخة
يقولون :إذا قرئت ييس عنيد المييت خفيف عنيه بهيا .وأسينده صياحب الفردوس
سلّم" :ما من صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ عن أبي الدرداء وأبي ذر قال :قال رسول الله َ
ميييت يموت فيقرأ عنده يييس إل هوّن الله عليييه" اهييي .وهذان يؤيدان مييا قاله
ابن حبان من أن المراد به المحتضر وهما أصرح في ذلك مما استدل به.
وأخرج أبو الشيخ في فضائل القرآن وأبو بكر المروزي في كتاب الجنائز عن
أبي الشعثاء صاحب ابن عباس أنه يستحب قراءة سورة الرعد وزاد فإن ذلك
يخفيف عين المييت وفييه أيضا ً عين الشعيبي قال :كانيت النصيار يسيتحبون أن
يقرءُوا عند الميت سورة البقرة.
صلّى الله سلَمة رض يَي الله ع َن ْيها قالت :دَخ َ [رح ]6ييييي وع َي ُي
ل رسيول الله َي َ
م ِ َي نأ ّ ْ
َ َي
مّي قال" :إن الُّروح إذا ض ُهي ث َ م َشق َّي بصيره ُ فَأغْ َ ة وقيد َ م َسل َسلّم على أ بي َي ع َلَي ْيهِ وَي َ
َ َ
م إل بخير س من أهلْهِ ،فقال" :ل تدع َُوا على أنفسك ُ ْ ج نا ٌ ض َّه الْبصُر" فَ َ قُبض تَبِع ُ
سلمة، فْر لبييي َيي م اغ ْ ِ م قال" :الل ّهُيي َّ منُون على مييا تقُولون" ث ّييَ ة يُؤ َ ِّ
فإن الملئك َ
ه فييه ،واخلْف ُهي فيي ه فيي قيبره ونوِّْر ل َي ُ واْرفَيعْ درجت ُهي فيي المهْدي ّ ِيين ،وافْيسح ل َي ُ
م. سل ٌ م ْ عقبه" رواه ُ ُ
(وعين أم سيلمة رضيي الله عنهيا قالت :دخيل رسيول الله صيلى الله علييه وآله
شقَّ بصره) في شرح مسلم أنه بفتح الشين ورفع وسلم على أبي سلمة وقد َ
بصره فاعل شق هكذا ضبطناه وهو المشهور ،وضبطه بعضهم بصره بالنصب
وهيو صيحيح أيضا ً فالشيين مفتو حة بل خلف( .فأغم ضه ثيم قال" :إن الُّروح إذا
خي ْر ق ُبض تبعه البصُر" فضج ناس من أهله فقال" :ل تَدع ُوا على أنْف ُسكم إل ب َ
ن الملئكية يؤمنون على ميا تقُولون") أي مين الدعاء (ثيم قال :اللّهُيم اغفير فإ َّي
ه
خلف ْ ُ ه فيه وا ْ ه قبرهِ ،ونَوِّْر ل ُ م ْهدي ّين ،واف ْسح ل ُ مة وارف َعْ درجته في ال َ لبي سل َ َ
فييي عقِ يبه" رواه مسييلم) يقال :شييق الميييت بصييره إذا حضره الموت وصييار
ينظر إلى الشيء ل يرتد عنه طرفه.
سلم طرفيه دلييل على اسيتحباب ذلك ،وقيد ّ صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وفيي إغماضيه َي
أجميع علييه المسيلمون .وقيد علل فيي الحدييث ذلك بأن البصير يتبيع الروح أي
ينظر أين يذهب.
والحديييث ميين أدلة ميين يقول إن الرواح لطيفيية متحللة فييي البدن ،وتذهييب
الحياة من الجسد بذهابها ،وليس عرضا ً كما يقوله آخرون.
وفييه دلييل على أنيه يدعييى للمييت عنيد موتيه ،ولهله ،وعقبيه ،بأمور الخرة
والدنيا.
وفيه دللة على أن الميت ينعم في قبره أو يعذب.
صلّى الله ع َلَي ْيهِ [رح ]7يييييي وعيين عائشيية رضييي الله عنهييا" :أن رسييول الله َي
متّفقٌ عليه. حبََرة" ُ ي بِبُْرد ِ ج َ سلّم حين تُوُفي ُ
س ِّ وَ َ
سلّم حين توفي صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ (وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله َ
سيجي بيبرد حيبرة) بالحاء المهملة فموحدة فراء فتاء تأنييث بزنية عنبية (متفيق
عليه).
التسجية بالمهملة والجيم التغطية أي :غطي ،والبرد يجوز إضافته إلى الحبرة
ووصفه بها ،والحبرة ما كان لها أعلم ،وهي من أحب اللباس إليه صلى الله
عليه وآله وسلم.
وهذه التغطيية قبيل الغسيل .قال النووي فيي شرح مسيلم :إنيه مجميع عليهيا،
وحكمتيه صييانة المييت عين النكشاف ،وسيتر صيورته المتغيرة عين العيين،
قالوا :وتكون التسجية بعد نزع ثيابه التي توفي فيها لئل يتغير بدنه بسببها.
يل النّب َّ ه قَب ّ َ [رح ]8يييي وعنها رضي الله عنها أ َ َ َ
صديق رضي الله عن ْ ُ ن أبا بكر ال ِّ ّ
موْتِه" رواه ُ البخاريُّ. سلّم بعْد َ َ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
َ
(وعنهيا) أي عائشية رضيي الله عنهيا (أن أبيا بكير الصيديق رضيي الله عنيه قب ّيل
سلّم بعد موته .رواه البخاري). صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ النبي َ
اسيتدل بيه على جواز تقبييل المييت بعيد موتيه ،وعلى أنهيا تندب تسيجيته ،وهذه
أفعال صيحابة بعيد وفاتيه ل دلييل فيهيا لنحصيار الدلة فيي الربعية نعيم هذه
الفعال جائزة على أصييل الباحيية وقييد أخرج الترمذي ميين حديييث عائشيية أن
سلّم قب ّيل عثمان بين مظعون وهيو مييت وهيو يبكيي أو صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ النيبي َي
قال :وعيناه تذرفان ..قال الترمذي :حديث عائشة حسن صحيح.
سلّم َي
صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ه عين النيبي َي [رح ]9ييييي وعين أ بي هُريرة رضيي الله عن ْي ُ
حمد ُ والترمذيّيُ َ معلّق ٌ قا َ
ه" رواهي ُ أ ْ حتيى يُقْيضى ع َن ْي ُ ة بِدَيْن ِيهِ َ س المؤمين ُ ل" :نَفْي ُ
ه.
سن َ ُوح ّ
سلّم الصلة على من صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وقد ورد التشديد في الدين حتى ترك َ
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ مات وعليه دين حتى تحمله عنه بعض الصحابة ،وأخبر َ
أنه يغفر للشهيد عند أول دفعة من دمه كل ذنب إل الدين.
وهذا الحدييث مين الدلئل على أنييه ل يزال الميييت مشغول ً بدينييه بعييد موتيه،
ففيييه حييث على التخلص عنييه قبييل الموت ،وأنييه أهييم الحقوق ،وإذا كان هذا
الدين المأخوذ برضا صاحبه فكيف بما أخذ غصبا ً ونهبا ً وسلباً؟
ه عنه ُما أ َ َّ َ
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ي َ ن الن ّب َّ ي الل ّ ُ س رض َ [رح ]10يييي وعن ابن عبا ٍ
سدْرٍ وكفنوهيُ فيي سلُوه ُ بماءٍ و ِي ن راحلتيه فمات" :اغ ْي ِ قال فيي الذي سيقط ع ْي
متّفقٌ عليهِ. ن" ُ وبَي ْ ِ ثَ ْ
سلّم قال فيي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ (وعين ابين عباس رضيي الله عنهميا أن النيبي َي
الذي سيقط عين راحلتيه فمات) وذلك هيو واقيف بعرفية على راحلتيه كميا فيي
سدْر وكفنُوه فيي ثوبيين" متفيق علييه) تماميه "ول البخاري( :اغ ْيسلوه بما ٍء و ِي
تحنطوه ول تخمروا رأسه" وبعده في البخاري "فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً".
الحدييث دلييل على وجوب غسيل المييت ،قال النووي :الجماع على أن غسيل
المييت فرض كفايية ،قال المصينف بعيد نقله فيي الفتيح :وهيو ذهول شدييد فإن
الخلف فيه مشهور عند المالكية ،حتى إن القرطبي رجح في شرح مسلم أنه
سينة .ولكين الجمهور على وجوبيه ،وقيد رد ابين العربيي على مين لم يقيل بذلك
وقال :وقيد توارد القول والعميل وغسيل الطاهير المطهير فكييف بمين سيواه؟.
م عطية قريباً. ويأتي كمية الغسلت في حديث أ ّ
وقوله" :بماء وسيدر" ظاهره :أنيه يخلط السيدر بالماء فيي كيل مرة مين مرات
ن غسيل المييت للتنظييف ل للتطهيير ،لن الماء الغسيل ،قييل :وهيو يشعير بأ ّي
ن السدر ل يغير وصف الماء فل المضاف ل يتطهر به؛ قيل :وقد يقال يحتمل أ ّ
يصيير مضافاً ،وذلك بأن يمعيك بالسيدر ثيم يغسيل بالماء فيي كيل مرة ،وقال
القرطيبي :يجعيل السيدر فيي ماء ثيم يخضخيض إلى أن تخرج رغوتيه ويدلك بيه
جسيد المييت ثيم يصيب علييه الماء القراح هذه غسيلة؛ وقييل :ل يطرح السيدر
في الماء أي لئل يمازج الماء فيغير وصف الماء المطلق.
وتمسيك بظاهير الحدييث بعيض المالكيية فقال :غسيل المييت إنميا هيو للتنظييف
فيجزي الماء المضاف كما الورد ونحوه ،وقالوا :إنما يكره لجل السرف.
والمشهور عنيييد الجمهور أنيييه غسيييل تعبدي يشترط فييييه ميييا يشترط فيييي
الغتسالت الواجبة والمندوبة.
وفي الحديث النهي عن تحنيطه ولم يذكره المصنف كما عرفت ،وتعليله بأنه
يبعيييث ملبيا ً يدل على أن علة النهيييي كونيييه مات محرماً ،فإذا انتفعيييت العلة
ن الحنوط للميت كان أمرا ً متقّررا ً عندهم. انتفى النهي ،وهو يدل على أ ّ
وفييه أيضا ً النهيي عين تخميير وتغطيية رأسيه لجيل الحرام ،فمين لييس بمحرم
يحنط ويخمر رأسه .والقول بأن ينطع حكم الحرام بالموت كما تقول الحنفية
وبعيض المالكيية خلف الظاهير ،وقيد ذكير فيي الشرح خلفهيم وأذلتهيم وليسيت
بناهضة في مخالفة ظاهر الحديث فل حاجة إلى سردها.
وقوله "وكفنوه فيي ثوبيين" يدل على وجوب التكفيين ،وأنيه ل يشترط فييه أن
يكون وتراً ،وقيل :يحتمل أن القتصار عليهما لنه مات فيهم وهو متلبس بتلك
العبادة الفاضلة ،ويحتميل أنيه لم يجيد له غيرهميا ،وأنيه مين رأس المال ،لنيه
سلّم أمر به ولم يستفصل هل عليه دين مستغرق أم ل؟ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
وورد الثوبان فيي هذه الروايية مطلقيين وفيي روايية فيي البخاري "فيي ثوبييه"
وللنسائي "في ثوبيه اللذين أحرم فيهما" قال المصنف :فيه استحباب تكفين
الميت في ثياب إحرامه؛ وأن إحرامه باق وأنه ل يكفن في المخيط.
وفي قوله "يبعث ملبياً" ما يدل لمن شرع في عمل طاعة في حيل بينه وبين
تمامها بالموت أنه يرجى له أن يكتبه الله في الخرة من أهل ذلك العمل.
َ
ل الله ل رسو ِ س َ ما أرادُوا غ ُ ْ ت" :ل ّ الله ع َن ْها قال ْ ة رضي ن عائش َ [رح ]11يييي وع َ ْ
َ ّ َ
ّي ّ
صلى الله ع َلي ْيهِ ل الله َي جّرِد رسيو َ ه ميا نَدْري ن ُ َ
سلم قالوا :والل ِ صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
َي
َ َ ّ
مدُح َ ث ،روا ه ُ أ ْ م نغسله وعليه ثيابه؟" الحدي َ موتانا أ ْ جّرِد ُ َ ْ
سلم من ثيابه كما ن ُ َ وَ َ
وأَبو داود.
وتمامه عند أبي داود "فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل
إل وذقنه في صدره ثم كلمهم ملكهم من ناحية الب يت ،ل يدرون من هو :أن
اغسيلوا النيبي صيلى الله علييه وآله وسيلم وعلييه ثيابيه فقاموا إلى رسيول الله
سلّم فغسيلوه وعلييه قميصيه ،يصيبون الماء فوق القمييص صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
ويدلكونييه بالقميييص دون أيديهييم" .وكانييت عائشيية تقول" :لو اسييتقبلت ميين
سلّم إل نسياؤه" صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ أمري ميا اسيتدبرت ميا غسيل رسيول الله َي
وفييي رواييية لبيين حبان "وكان الذي أجلسييه فييي حجره علي بيين أبييي طالب
سلّم عل ّ
ي صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ رضي الله عنه" وروى الحاكم قال" :غسل النبي َ
ي خرقة فغسله فأدخل يده تحت القميص فغسله رضي الله عنه وعلى يد عل ّ
والقميص عليه" وروى ذلك الشافعي عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه.
سلّم كغيره من الموتى. صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ وفي هذه القصة دللة على أنه َ
صلّى الله م ِ عطي ّة رضي الله ع َن ْها قالت :دخل ع َلَي ْنا الن ّب ُّ ُ
ي َ نأ ّ [رح ]12يييي وع ْ
َ َ
ن ذلك سلْنها ثلثا ً أوْ خمسا ً أوْ أكثر م ْ سل ابنته فقال" :اغ ْ ِ حن نغ ِّ سلّم ون ْ ع َلَي ْهِ و َ َ
ما ن كافور" فل َ ّ شيْئا ً ِ
م ْ جعَلْن في الخرة كافورا ً أو َ سدْرٍ ،وا ْ ن ذلك بماءٍ و ِ إن رأَيْت ُ َّ
ل" :أ َ ْ َ
متفق ٌي علييه .وفيي روايية شعِْرنهيا إيّاه ُي" ُ حقْوَه فقا َ فرغ ْينا آذ َنّاه ُي فألقيى إلي ْينا ِ
شعْرهيا ضفَْرنيا َ ظي للبخاري "فَ َ ضوءِ منهيا" وفيي لف ٍ ضع الو ُ موَا ِي منهيا و َ ن بميا ِ "ابْدأ َي
ن فَألْقيْناها خلفها". َ
ثلثة قرو ٍ
م عطييية رضييي الله عنهييا) تقدم اسييمها وفيييه خلف وهييي أنصييارية (وعيين أ ّ ي
سلّم ونحن نغسل ابنته) لم تقع في صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ (قالت :دخل علينا النبي َ
شيييء ميين روايات البخاري مسييماة ،والمشهور أنهييا زينييب زوج أبييي العاص
كانيت وفاتهيا فيي أوّل سينة ثمان ،ووقيع فيي روايات أنهيا أم كلثوم .ووقيع فيي
البخاري عين ابين سييرين" :ل أدري أي بناتيه" (فقال" :اغ ْيسلنها ثلثا ً أو خمسياً
ن رأَيتن ذلك بماءٍ وسدر ،واجعلن في الخرة كافورا ً أَوْ شيئاً أو أكثر من ذلك إ ْ
ميين كافور") هييو شييك ميين الروايات أي اللفظييين قال .والول محمول على
الثاني لنه نكرة في سياق الثبات ،فيصدق بكل شيء منه (فلما فرغنا آذناه)
ن :فإذا فرغتين آذننيي" ووقيع سلّم قال له ّي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ فيي البخاري "أنيه َي
فيي روايية البخاري "فلميا فرغين" عوضا ً عين فرغنيا (فألقيى إلينيا حقوه) فيي
حقوه" وهيو بفتيح المهملة ويجوز كسيرها وبعدهيا قاف لفيظ البخاري "فأعطانيا ِ
سيياكنة والمراد هنييا الزار .وأطلق على الزار مجازا ً إذ معناه الحقيقييي معقييد
شعرن ْها إيّاه" متفق عليه) الزار فهو من تسمية الحال باسم المحل (فقال" :أ َ ْ
أي اجعلنه شعارها أي الثوب الذي يلي جسدها (وفي رواية) أي للشيخين عن
أم عطية (ابْدَأن بميامنها ومواضع الوضوء منها") (وفي لفظ للبخاري) أي عن
ضفَرنا شعرها ثلثة قُرون فأَلْقيناها خلْفها). أم عطية (فَ َ
دل المر في قوله "اغسلنها ثلثاً" على أنه يجب ذلك العدد .والظاهر الجماع
على إجزاء الواحدة فالمر بذلك محمول على الندب.
وأما أصل الغسل فقد علم وجوبه من محل آخر ،وقيل :تجب الثلثة.
وقوله":أو خمساً" أو للتخيير ل للترتيب هو الظاهر.
وقوله" :أو أكثير" قد فسير فيي رواية أو سيبعا ً بدل قوله أو أكثير من ذلك ،وبه
قال أحميييد وكره الزيادة على سيييبع ،قال ابييين عبيييد البر :ل أعلم أحدا ً قال
بمجاوزة السبع ،إل أنه وقع عند أبي داود "أو سبعا ً أو أكثر من ذلك" ،ظاهرها
شرعية الزيادة على السبع.
وتقدم الكلم فيي كيفيية غسيلة السيدر .قالوا :والحكمية فييه أنيه يلي ّين جسيد
الميت.
وأما غسله الكافور فظاهره أنه يجعل الكافور في الماء ول يضر الماء تغييره
بيه ،والحكمية فييه أنيه يطييب رائحية الموضيع لجيل مين حضير مين الملئكية
وغيرهيم ،ميع أنيه فييه تجفيفا ً وتيبريدا ً وقوة نفوذ ،وخاصيية فيي تصيليب جسيد
الميت وصرف الهوام عنه ،ومنع ما يتحلل من الفضلت ،ومنع إسراع الفساد
إليه ،وهو أقوى الروائح الطيبة فيي ذلك .وهذا هو السر فيي جعله في الخرة
إذ لو كان في الولى مثل ً لذهبه الماء.
وفيييه دللة على البداءة فييي الغسييل بالمياميين ،والمراد بهييا مييا يلي الجانييب
اليمن.
وقوله" :ومواضيييع الوضوء منهيييا" لييييس بيييين المريييين تناف لمكان البداءة
بمواضيع الوضوء وبالميامين معاً ،وقييل المراد :ابدأن بميامنهيا فيي الغسيلت
التي ل وضوء فيها ومواضع الوضوء منها في الغسلة المتصلة بالوضوء.
والحكميية فييي الميير بالوضوء تجديييد سييمة المؤميين فييي ظهور أثيير الغرة
والتحجيل ،وظاهر موضع الوضوء دخول المضمضة والستنشاق.
وقولهيا "ضفرنيا شعرهيا" اسيتدل بيه على ضفير شعير المييت ،وقال الحنفيية:
يرش شعر المرأة خلفها وعلى وجهها مفرقاً.
قال القرطيبي :كأن سيبب الخلف أن الذي فعلتيه أم عطيية لم يكين عين أمره
صلى الله عليه وآله وسلم .ولكنه قال المصنف :إنه قد روى سعيد بن منصور
ذلك بلفيظ "قالت :قال رسيول الله صيلى الله علييه وآله وسيلم :اغسيلنها وتراً
واجعلن شعرهيا ضفائر" وفيي صيحيح ابين حبان "اغسيلنها ثلثية أو خمسيا ً أو
سبعا ً واجعلن لها ثلثة قرون".
والقرن هنيا المراد بيه الضفائر ،وفيي بعيض ألفاظ البخاري "ناصييتها وقرنيهيا"
ففيي لفيظ ثلثية قرون تغلييب ،والكيل حجية على الحنفيية ،والضفير يكون بعيد
نقض شعر الرأس وغسله وهو في البخاري صريحاً.
وفيييه دللة على إلقاء الشعيير خلفهييا ،وذهييل ابيين دقيييق العيييد عيين كون هذه
اللفاظ في البخاري فنسب القول به إلى بعض الشافعية وأنه استند في ذلك
إلى حديث غريب.
ّ َ ّ
صلى الله ل الله َ ت" :كُف ّن ر ُ
سو ُ ه ع َن ْها قال ْ ي الل ُ
ن عائشة رض َ [رح ]13يييي وع ْ
َ
صي ول ف لَي ْيس فيهيا قمي ٌ م نْي كُْر ُ
سي ٍ حوليّةٍ ِسي ُ
ب بي ضٍي ُ سلّم فيي ثلثَةِ أثْوا ٍي ع َلَي ْيهِ وَي َ
متّفَقٌ عليه. ة" ُ عمام ٌ ِ
سلمّ َ ّ
صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ (وعين عائشية رضيي الله عنهيا قالت :كفين رسيول الله َي
سحولية) بضييم السييين المهملة والحاء المهملة (ميين فييي ثلثيية أثواب بيييض ُ ي
سف) بضييم الكاف وسييكون الراء وضييم السييين المهملة ففاء أي قطيين كُْر ُيي
(ليس فيها) أي الثلثة (قميص ول عمامة) بل إزار ورداء ولفافة كما صرح به
في طبقات ابن سعد عن الشعبي (متفق عليه).
فييه أن الفضيل التكفيين فيي ثلثية أثواب بييض ،لن الله تعالى لم يكين يختار
سلّم إل الفضل ،وقد روى أهل السنن من حديث ابن صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َلنبيه َ
عباس "البسوا ثياب البياض فإنها أطيب وأطهر وكفنوا فيها موتاكم" وصححه
الترمذي والحاكم ،وله شاهد من حديث سمرة أخرجوه وإسناده صحيح أيضاً.
(وللخمسة) أي من حديث أبي هريرة( ،وصححه ابن حبان بلفظ" :صلة الليل
والنهار مثنيى مثنيى" ،وقال الن سائي :هذا خطيأ) أخرجيه المذكوريين من حدييث
ي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر بهذا ،وأصله في الصحيحين بدون ذكر عل ّ
ي وأنكروه عليه، النهار ،وقال ابن عبد البر :لم يقله أحد عن ابن عمر غير عل ّ
وكان ابن معين يضعف حديثه هذا ول يحتج به ،ويقول :إن نافعا ً وعبد الله بن
دينار وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر النهار ،وروي بسنده عن يحيى بن
معين أنه قال :صلة النهار أربع ل يفصل بينهن فقيل له :فإن أحمد بن حنبل
يقول :صيلة اللييل والنهار مثنيى مثنيى ،قال :بأي حدييث قييل بحدييث الزدي،
قال :ومن الزدي حتى أقبل منه .قال النسائي :هذا الحديث عندي خطأ ،وكذا
قال الحاكيم فيي علوم الحدييث ،وقال الدارقطنيي فيي العلل :ذكير النهار فهيي
وهيم ،وقال الخطابيي :روي هذا الحدييث طاوس ونانيع وغيرهميا عين ابين عمير
فلم يذكيير أحييد فيييه النهار إل أن سييبيل الزيادة ميين الثقيية أن تقبييل ،وقال
البيهقي :هذا حديث صحيح ،وقال :والبارقي احتج به مسلم والزيادة من الثقة
مقبولة ،انتهى كلم المصنف في التلخيص.
سلّم سجي ببرد حبرة" صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وأما ما تقدم في حديث عائشة "أنه َ
صلّى الله ع َلَي ْ ِ
ه وهي برد يماني مخطط غالي الثمن ،فإنه ل يعارض ما هنا لنه َ
سلّم لم يكفين فيي ذلك البرد بيل سيجوه بيه ليتجفيف فييه ثيم نزعوه عنيه كميا وَي َ
أخرجه مسلم ،على أن الظاهر أن التسجية كانت قبل الغسل .قال الترمذي:
تكفينه في ثلثة أثواب بيض أصح ما رود في كفنه.
وأميا ميا أخرجيه أحميد وابين أبيي شيبية والبزار مين حدييث علي رضيي الله عنيه
سلّم كفن في سبعة أثواب" فهو من رواية عبد الله بن صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ "أنه َ
محمد بن عقيل وهو سيء الحفظ يصلح حديثه في المتابعات إل إذا انفرد فل
يحسين ،فكييف إذا خالف كميا هنيا .فل يقبيل ،قال المصينف :وقيد روى الحاكيم
من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ما يعضد رواية ابن عقيل.
فإن ثبت ،جمع بينه وبين حديث عائشة بأنها روت ما اطلعت عليه وهو الثلثة،
وغيرها روى ما اطلع عليه سيما إن صحت الرواية عن علي فإنه كان المباشر
للغسل.
واعلم أنيه يجيب مين الكفين ميا يسيتر جمييع جسيد المييت ،فإن قصير عين سيتر
الجميع قدم ستر العورة ،فما زاد عليها ستر به من جانب الرأس وجعل على
سلّم فيي عميه حمزة صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الرجليين حشييش ،كميا فعيل النيبي َي
ومصعب بن عمير.
فإذا أرييد الزيادة على الواحيد ،فالمندوب أن يكون وتراً ،ويجوز القتصيار على
الثنين كما مر في حديث المحرم الذي مات ،وقد عرفت من رواية الشعبي
كيفيية الثلثية ،وأنهيا إزار ورداء ولفافية ،وقييل مئزر ودرجان ،وقييل يكون منهيا
قمييص غيير مخييط وإزار يبلغ مين سيرته إلى ركبتيه ،ولفافية يلف بهيا مين قرنيه
إلى قدمه ،وتأول هذا القائل قول عائشة" :ليس فيها قميص ول عمامة" بأنها
أرادت نفييي وجود المرييين معا ً ل القميييص وحده ،أو أن الثلث خارجيية عيين
القميص والعمامة ،والمراد أن الثلثة مما عداها وإن كانا موجودين ،وهذا بعيد
جداً ،قييل والولى أن يقال أن التكفيين بالقمييص وعدميه سيواء يسيتحبان فإنيه
ُ
ي في قميصه أخرجه .البخاري .ول سلّم كفن عبد الله بن أب َ ْ صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ
َ
سلم إل ما هو الحسن. ّ َ
صلى الله ع َليْهِ وَ َ ّ يفعل َ
وفييه أن قمييص المييت مثيل قمييص الحيي مكفوفا ً مزروراً ،وقيد اسيتحب هذا
محمد بن سيرين كما ذكره البيهقي في الخلفيات ،قال في الشرح :وفي هذا
رد على ميين قال إنييه ل يشرع القميييص إل إذا كانييت أطرافييه غييير مكفوفيية.
قلت :وهذا يتوقف على أن كف أطراف القميص كان عرف أهل ذلك العصر.
ي [رح ]14يييي وعن ابن ع ُمر رضي الله عنهما قال" :لما توفّي عبد الله اب ُ
ن أب َ ُ ّ ُ ِ َ ِ
ه َ ُ َ َ ّ َ ّ
سلم فقَال :أع ْطنيي قميصيك أكفِّن ْي ُ صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ ه إلى رسيول الله َي جاءَ ابْن ُي ُ
َ
متّفقٌ ع َلَيْهِ. َ
سلّم قميصه" ُ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ فيهِ ،فَأعطاه ُ َ
ي جاء ابنه) هو ُ
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :لما توفي عبد الله بن أب ّ
سلّم فقال :اعطنيي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ عبيد الله بين عبيد الله (إلى رسيول الله َي
سلّم قميصه .متفق عليه). صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ قميصك أكفنه فيه ،فأعطاه َ
هيو دلييل على شرعيية التكفيين فيي القمييص كميا سيلف قريباً .وظاهير هذه
سلّم قبيل التكفيين إل أنيه قيد صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الروايية أنيه طلب القمييص منيه َي
سلّم أتى عبد صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ عارضها ما عند البخاري من حديث جابر" :أنه َ
الله بين أب يّي بعيد ميا دفين فأخرجيه فنفيث فييه مين ريقيه وألبسيه قميصيه" فإنيه
صيريح أنيه كان العطاء واللباس بعيد الدفين ،وحدييث ابين عمير يخالفيه ،وجميع
بينهمييا بأن المراد ميين قوله فييي حديييث ابيين عميير فأعطاه أي أنعييم له بذلك
فأطلق على العدة اسيم العطيية مجازا ً لتحقيق وقوعهيا ،وكذا قوله فيي حدييث
ي في حفرته أو أن المراد من حديث جابر أن الواقع جابر "بعد ما دفن" أي دُل ِّ َ
بعيد إخراجيه مين حفرتيه هيو النفيث ،وأميا القمييص فقيد كان ألبيس ،والجميع
بينهميا ل يدل على وقوعهميا معا ً لن الواو ل تقتضيي الترتييب ول المعيية فلعله
سلّم مين غيير صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ أراد أن يذكير ميا وقيع فيي الجملة مين إكراميه َي
إرادة الترتيب.
سلّم أعطاه أحيد قميصييه أوّل ولميا دفين أعطاه صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وقييل إنيه َي
الثاني بسؤال ولده عبد الله .وفي الكليل للحاكم ما يؤيد ذلك.
ً
ي لنه كان رجل ً صالحا ولنه واعلم أنه إنما أعطى عبد الله بن عبد الله بن أب ّ
صلّى الله ع َلَي ْهِ سأله ذلك وكان ل يرد سائلً ،وإل فإن أباه الذي ألبسه قميصه َ
سلّم وكفن فيه من أعظم المنافقين ومات على نفاقه ،وأنزل الله فيه{ :ول وَ َ
ً
تصل على أحد منهم مات أبدا}.
ُ
سلّم قميصه لنه كان كسا العباس لما أ سر صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وقيل إنما كساه َ
سلّم أن يكافئه. صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ ببدر فأراد َ
سلم ّ َ ّ ن النب َّ َ
ي الله ع َنْه ُما أ َّ
صلى الله ع َلي ْهِ و َ َ ي َ س رض ِ ن عبّا ٍ [رح ]15يييي وعن اب ِ
م ،وكفِّنوا فيهيا موتاك ُيم" خي ْير ثيابك ُي ْ ن َ م ْي م الْبَيَاض فإنهيا ِ ن ثيابك ُي ُ
م ْي
سوا ِ ل" :الب ُي قا َ
ه الترمذيُّ. ي وصحح ُ ة إل النّسائ َّ رواه ُ الخمس ُ
سلم كفين فيي ثلثية ّ َ
صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ ّ تقدم حدييث البخاري عين عائشية :أنيه َي
أثواب بيض.
وظاهر المر أنه وجب التكفين فيي الثياب البيض ويجب لبسها إل أنه صرف
المر عنه في اللبس أنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لبس غير
البييض ،وأميا التكفيين فالظاهير أنيه ل صيارف عنيه إل أنيه ل يوجيد البييض كميا
وقيع فيي تكفين شهداء أ ُحد فإ نه صيلى الله عليه وآله وسيلم كفين جماعة فيي
نمرة واحدة كما يأتي فإنه ل بأس به للضرورة.
سلّم كفن صلّى الله ع َلَيْهِ و َ َ وأما ما رواه ابن عدي من حديث ابن عباس" :أنه َ
فيي قطيفية حمراء" ففييه قييس بين الربييع وهيو ضعييف وكأنيه اشتبيه علييه
بحدييث :أنيه جعيل فيي قيبره قطيفية حمراء ،وكذلك ما قييل إنيه كفين فيي بردة
حبرة وتقدم الكلم أنه إنما سجي بماء ثم نزعت عنه.
سلّم: صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ي َي [رح ]16ييييي وعين جابِرٍ رض يَي الله عن ُهي قال قال النيب ُّ
َ "إذ َا كَفّ َ
م. ه" رواه ُ مسل ْ ٌ حدُكُم أخاه ُ فَلْيُحسن كَفَن ُ نأ َ َ
ورواه الترمذي أيضا في حديث أبي قتادة وقال :حسن غريب .ثم قال :وقال: ً
سلَّم بين أبيي مطييع فيي قوله "فليحسين كفنيه" قال :هيو ابين المبارك :قال َي
الصفاء بالضاد المعجمة والفاء أي الواسع الفائض.
وفيي المير بإحسيان الكفين دللة على اختيار ميا كان أحسين فيي الذات ،وفيي
صفة الثوب ،وفي كيفية وضع الثياب على الميت.
فأميا حسين الذات فينبغيي أن يكون على وجيه ل يعيد مين المغالة كميا سييأتي
النهي عنه.
وأما صفة الثوب فقد بينها حديث ابن عباس الذي قبل هذا.
وأما كيفية وضع الثياب على الميت فقد بينت فيما سلف.
وقيد وردت أحادييث فيي إحسيان الكفين وذكرت فيهيا علة ذلك :أخرج الديلميي
عيين جابر مرفوعا ً "أحسيينوا كفيين موتاكييم فإنهييم يتباهون ويتزاورون بهييا فييي
قبورهيم" وأخرج أيضا ً مين حدييث أم سيلمة" :أحسينوا الكفين ول تؤذوا موتاكيم
بعويل ول بتزكية ول بتأخير وصية ول بقطيعة وعجلوا بقضاء دَي ْنه واعدلوا عن
جيران السوء وأعمقوا إذا حفرتم ووسعوا".
صلّى الله ومين الحسيان إلى المييت ميا أخرجيه أحميد مين حدييث عائشية عنيه َي
سلّم" :مين غسيل ميتا ً فأدّى فييه المانية ولم يفيش علييه ميا يكون منيه ع َلَي ْيهِ وَي َ
سلّم" :لِيَل ِ ِ
ه صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ عند ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" .وقال َ
أقربكم إن كان يعلم فإن لم يكن يعلم فمن ترون عنده حظا ً من ورع وأمانة"
صلّى رواه أحميد .وأخرج الشيخان مين حدييث ابين عمير قال :قال رسيول الله َي
سلّم" :مين سيتر مسيلما ً سيتره الله يوم القيامية" .وأخرج عبيد الله الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
ي بين كعيب :إن آدم علييه السيلم قبضتيه الملئكية بين أحميد مين حدييث أب ّي
وغسيييلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوه وصيييلوا علييييه ودخلوا قيييبره
ووضعوا عليه اللبن ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه التراب ثم قالوا :يا بني
آدم هذا سنتكم.
َ
معُ ج َسلّم ي َ ْصلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ ن النبي َ ل" :كا َ ه قا َ ه رضي الل ّ ُ
ه عن ُ [رح ]17يييي وع َن ْ ُ
َ َ َ ُ
خذا للقُرآن؟" م أكْثُر أ ْ ل" :أيُّه ْ م يقُو ُ ب واحد ث َّ حد ٍ في ثَوْ ٍ جلين من قتْلى أ ُ ن الَّر ُ بي ْ َ
ل عليهم" رواه البخاريُّ. سلوا ولم ي ُص َّ ه في اللّحد ،ولم يُغَ ّ
َ م ُ فيَقُدِّ ُ
سلّم يجمييع بييين صلّى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ (وعنييه) أي عيين جابر (قال :كان النييبي َيي
م أَك ْثر أخذا للقرآن" فيقد ّمه في اللحد) ً َ
الرجلين من قتلى أحد ثم يقول" :أيُّه ْ
سيمي لحدا ً لنيه شيق يعميل فيي جانيب القيبر فيمييل عين وسيطه واللحاد لغية
ل عليهم .رواه البخاري). الميل (ولم يغسلوا ولم يص ّ
دل على أحكام (الول) أنيه يجوز جميع الميتيين فيي ثوب واحيد للضرورة وهيو
أحد الحتمالين (والثاني) أن المراد يقطعه بينهما ويكفن كل واحد على حياله
وإلى هذا ذهب الكثرون ،بل قيل إن الظاهير أنه لم يقل بالحتمال الول أحد
فإن فيييه التقاء بشرتييي الميتييين ول يخفييى أن قول جابر فييي تمام الحديييث
فكفين أبيي وعميي فيي نمرة واحدة .دلييل على الحتمال الول ،وأميا الشارح
رحميه الله فقال :الظاهير الحتمال الثانيي كميا فعيل فيي حمزة رضيي الله عنيه
(قلت) :حديث جابر أوضح في عدم تقطيع الثوب بينهما فيكون أحد الجائزين،
والتقطيع جائز على الصل.
(الحكيم الثانيي) أنيه دل على أنيه يقدّم الكثير أخذا ً للقرآن على غيره لفضيلة
القرآن ويقاس عليه سائر جهات الفضل إذا جمعوا في اللحد.
(الحكم الثالث) جمع جماعة في قبر وكأنه للضرورة وبوّب البخاري "باب دفن
الرجلين والثلثة في قبر" وأورد فيه حديث جابر هذا وإن كان رواية جابر في
الرجليين ،فقيد وقيع ذكير الثلثية فيي روايية عبيد الرزاق :كان يدفين الرجليين
والثلثة في القبر الواحد .وروى أصحاب السنن عن هشام بن عامر النصاري
سلّم وسيلم يوم أحيد صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
قال :جاءت النصيار إلى رسيول الله َي
فقالوا :أصييابنا قرح وجهييد ،فقال :احفروا وأوسييعوا واجعلوا الرجلييين والثلثيية
في القبر .صححه الترمذي .ومثله المرأتان والثلث:
وأما دفن الرجل والمرأة في القبر الواحد فقد روى عبد الرزاق بإسناد حسن
عين واثلة بين السيقع "أنيه كان يدفين الرجيل والمرأة فيي القيبر الواحيد فيقدم
الرجل ويجعل المرأة وراءه" وكأنه كان يجعل بينهما حائل من تراب.
(الحكيم الرابيع) أنيه ل يغسيل الشهييد وإلييه ذهيب الجمهور ولهيل المذاهيب
تفاصيل في ذلك.
وروي عن سعيد بن المسيب والحسن وابن سريج أنه يجب غسله .والحديث
سلّم قال صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َحجية عليهيم ،وقيد أخرج أحميد مين حدييث جابر أنيه َي
ً
ح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة" في قتلى أحد" :ل تغسلوهم فإن كل جر ٍ
فبين الحكمة في ذلك.
(الحكييم الخامييس) عدم الصييلة على الشهيييد وفييي ذلك خلف بييين العلماء
معروف فقالت طائفة :يصلى عليه عمل ً بعموم أدلة الصلة على الميت وبأنه
سلّم صييلى على قتلى أ ُييحد ،وكييبر على حمزة صلّى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ
روي "أنييه َيي
صلّى الله ع َلَي ْيهِ سيبعين تكيبيره" ،وبأنيه روى البخاري عين عقبية بين عامير "أنيه َي
سلّم صيلّى على قتلى أحيد" وقالت طائفية :ل يصيلى علييه عمل بروايية جابر وَي َ
هذه.
صلّى قال الشافعيي :جاءت الخبار كأنهيا عيان مين وجوه متواترة "أن النيبي َي
ّ ُ
سلم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ سلّم لم يصل على قتلى أ حد" وما روي أنه َ الله ع َلَي ْهِ و َ َ
صيلّى عليهيم وكيبر على حمزة سيبعين تكيبيرة ل يصيح وقيد كان ينبغيي لمين
عارض بذلك هذه الحاديييث الصييحيحة أن يسييتحيي على نفسييه .قال :وأمييا
حديث عقبة بن عامر فقد وقع في نفس الحديث أن ذلك كان بعد ثمان سنين
يعنيييي ،والمخالف يقول :ل يصيييلى على القيييبر إذا طالت المدة "فل يتيييم له
سلّم دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب صلّى الله ع َلَيْهِ و َ َ الستدلل" وكأنه َ
أجله مودعا ً لهم بذلك ،ول يدل على نسخ الحكم الثابت انتهى.
ويؤكيد كونه دعيا لهيم عدم الجمعيية بأصيحابه ،إذ لو كانيت صيلة الجنازة لشعير
أصيحابه وصيلها جماعية كميا فعيل فيي صيلته علي النجاشيي ،فإن الجماعية
أفضل قطعا ً وأهل أحد أولى الناس بالفضل ،ولنه لم يرد عنه أنه صلى على
سلّم صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ قيبر فرادى ،وحدييث عقبية أخرجيه البخاري بلفيظ "أنيه َي
حد بعييد ثمان سيينين" وزاد ابيين حبان "ولم يخرج ميين بيتييه حتييى ُي
على قتلى أ ُ
قبضه الله تعالى".
َ
صلّى الله ت رسيول الل ّيهِ َي ي الله عنيه قال :سيمعْ ُ ي رض َي ن عل ٍي [رح ]18ييييي وع ْي
ب سيلبا ً سيريعاً" رواه ُي أبيو سل ُ ه ي ُي ْ ل" :ول تَغَالَوْا فيي الكفين فإِن ّي ُ سلّم يقُو ُ ع َلَي ْيهِ وَي َ
داودَ.
من رواية الشعبي عن علي عليه السلم وفي إسناده عمرو بن هشام الجنبي
بفتييح الجيييم فنون سيياكنة فموحدة مختلف فيييه ،وفيييه انقطاع بييين الشعييبي
ي لن الدارقطني قال :إنه لم يسمع منه سوى حديث واحد اهي. وعل ّ
وفيه دللة على المنع من المغالة في الكفن وهي زيادة الثمن.
وقوله" :فإنيه يسيلب سيلبا ً سيريعاً" كأنيه إشاره إلى أنيه سيريع البلى والذهاب،
كميا فيي حدييث عائشية" :إن أبيا بكير نظير إلى ثوب علييه كان يمرض فييه بيه
ردع مين زعفران فقال :اغسيلوا ثوبيي هذا وزيدوا علييه ثوبيين فكفنونيي فيهيا"
(قلت) إن هذا خلق قال :إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة.
ذكره البخاري مختصراً.
لسلّم قا َ صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ن الن ّبي َ ي الله ع َن ْها أ َ َّ ة رض َ [رح ]19يييي وعن عائش َ
َ
نه اب ُي حح ُ ص ّه و َي ج ْي سلْتُك" الحدييث ،رواهيُ أحمد ُ وابين َ
ما َ ت قَبْلي لَغَي ّ م ّ ِيلهَيا" :لَوْ ُ
حب ِّا َ
ن.
فيه دللة على أن للرجل أن يغسل زوجته وهو قول الجمهور.
وقال أبيييو حنيفييية :ل يغسيييلها بخلف العكيييس لرتفاع النكاح ول عدة علييييه
والحديث يرد قوله .هذا في الزوجين.
وأميا فيي الجانيب فإنيه أخرج أبيو داود فيي المراسييل مين حدييث أبيي بكير ابين
عياش عين محميد بين أبيي سيهل عين مكحول قال :قال رسيول الله صيلى الله
عليييه وآله وسييلم" :إذا ماتييت المرأة مييع الرجال ليييس فيهييم امرأة غيرهييا
والرجييل مييع النسيياء ليييس معهيين رجييل غيره فإنهمييا ييممان ويدفنان" وهمييا
بمنزلة مين ل يجيد الماء انتهيى .محميد بين أبيي سيهل هذا ذكره ابين حبان فيي
الثقات .وقال البخاري :ل يتابيع على حديثيه .وعين علي علييه السيلم قال :قال
سلّم" :ل تبرز فخذك ول تنظير إلى فخذ حيي ول صلّى الله ع َلَي ْهِ وَي َ رسول الله َ
ميت" رواه أبو داود وابن ماجه وفي إسناده اختلف.
َّ َ َ َ
ه
ي الل ُ مة رض َ ن فاط ِ َ ه عن ْها" :أ َّ ي الل ّ ُ س َرض َ مي ْ ٍت عُ َ سماءَ بن ْ ِ نأ ْ [رح ]20يييي وع ْ
ي.ي" رواه ُ الدارقطن ُّ سلَها ع َل ٌّ َ َ
ن يُغَ ِّ
تأ ْ ص ْ ع َنْها أوْ َ
هذا يدل على ما دل عليه الحديث الول وأما غسل المرأة زوجها فيستدل له
بمييا أخرجييه أبييو داود عيين عائشيية أنهييا قالت" :لو اسييتقبلت ميين أمري مييا
سلّم غيير نسيائه" وصيححه صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ اسيتدبرت ميا غسيل رسيول الله َي
الحاكيم ،وإن كان قول صيحابية ،وكذلك حدييث فاطمية ،فهيو يدل على أنيه كان
سلّم ويؤيده ما رواه البيهقيي مين أن صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ أمرا ً معروفا ً فيي حياتيه َي
أبيا بكير أوصيى امرأتيه أسيماء بنيت عمييس أن تغسيله واسيتعانت بعبيد الرحمين
بين عوف لضعفهيا عين ذلك ولم ينكره أحيد .وهيو قول الجمهور والخلف فييه
لحمد بن حنبل .قال :لرتفاع النكاح كذا في الشرح.
والذي في دليل الطلب من كتب الحنابلة ما لفظه :وللرجل أن يغسل زوجته
وأمته وبنتا ً دون سبع وللمرأة غسل زوجها وسيدها وابن دون سبع.
َ َ
مَر الن ّيب ُّ
ي ه فيي قصية الْغامديية التيي أ َ ه ع َن ْي ُن بَُريْدة َ رضيي الل ّي ُ [رح ]21ييييي وع َي ْ
َ
ت" ي ع َلَيْها ودُفِن َ ْ صل ِ َ مَر بها فَ ُ مأ َ ل" :ث َّ مهَا في الّزِنَا قا َ ج ِ سلّم بر ْ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
م.ٌ مسل ُ ه روا
(وعين بريدة رض يَي الله عنيه فيي قصية الغامديية) بالغيين المعجمية وبعيد المييم
صلّى دال مهملة نسيبة إلى غاميد وتأتيي قصيتها فيي الحدود (التيي أمير النيبي َي
صل ِّي عليها ودفنت .رواه سلّم برجمها في الزنا قال :ثم أمر بها ف ُ الله ع َلَي ْهِ و َ َ
مسلم).
صلّى الله ع َلَي ْيهِ فييه دلييل على أنيه يصيلي على مين قتيل بحد ّ ولييس فييه أنيه َي
سلّم الذي صيلى علييه ،وقيد قال مالك :إنيه ل يصيلي المام على مقتول فيي وَي َ
حد ّ لن الفضلء ل يصلون على الفساق زجرا ً لهم .قلت :كذا في الشرح لكن
سلّم في الغامدية" :إنها تابت توبة لو قسمت بين أهل صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ قال َ
المدينة لوسعتهم" أو نحو هذا اللفظ.
وللعلماء خلف فييي الصييلة على الفسيياق ،وعلى ميين قتييل فييي حييد ،وعلى
المحارب ،وعلى ولد الزنا ،وقال ابن العربي :مذهب العلماء كافة الصلة على
كيل مسيلم ومحدود ومرجوم وقاتيل نفسيه وولد الزنيا اهيي .وقيد ورد فيي قاتيل
نفسه الحديث:
ُ َ
صلّى الله ي َ ي النب ُّ ل" :أت ِ َ ه عنهما قا َ ي الل ّ ُ مَرة َ رض َ س ُ ن َ ن جابرِ ب ِ [رح ]22يييي وع َ ْ
م.
سل ٌ م ْ ل ع َلَيْهِ" رواه ُ ص ِّ م يُ َشاقِص فَل َ ْ ه بم َ س ُ ل قَت َ َ
ل ن َ ْف َ ج ٍ سلّم بر ُ ع َلَيْهِ وَ َ
المشاقص جمع مشقص وهو نصل عريض.
قال الخطابي :ترك الصلة عليه معناه العقوبة له وردع لغيره عن مثل فعله.
وقد اختلف الناس في هذا ،وكان عمر بن عبد العزيز ل يرى الصلة على من
قتل نفسه ،وكذلك قال الوزاعي.
وقال أكثير الفقهاء :يصيلي علييه اهيي ،وقالوا فيي هذا الحدييث :إنيه صيلى علييه
سلّم الصيلة على مين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الصيحابه .قالوا :وهذا كميا ترك النيبي َي
مات وعليه دين أول المر ،وأمرهم بالصلة على صاحبهم ،قلت :إن ثبت نقل
سلّم أصحابه بالصلة على قاتل نفسه .تم هذا القول صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ أنه أمر َ
وإل فرأى عمير بين عبيد العزييز أوفيق ،إل أن فيي روايية للنسيائي" :أميا أنيا فل
أصلي عليه" ،فربما أخذ منها أن غيره صلى عليه.
َ َ
م ت تَق ُ ُّ صة المرأةِ ال ّتي كان ْ ي الله ع َن ْه في ق ّ ن أَ بي هُريْرة َ رض َ [رح ]23يييي وع َ ْ
ل: ت ،فَقَا َ ُ
سلم فَقَالوا :مات ْي ّ َ
صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ ّ ي َي ل ع َن ْيها الن ّيب ُّ سجد قال فَيسأ َ الم ْي
مرهييا ،فَقَال" :دُلُونييي على قَبْرهييا" َ َ َ
صغّروا أ ْ م َي مونييي؟" فَكأنهُ ي ْ م آذ َنْت ُ ُ "أفَل كُنْت ُ ي ْ
ُ
ن هذ هِ الْقُبُور مملُوءَ ٌ
ة ل" :إ َّ م ث َّ
م قا َ سل ٌمتّفَقٌ ع َلَي ْهِ ،وزاد َ م ْ صلى ع َلَي ْهاُ ، فَدَل ّوه ف َ َ
م بصلتي ع َلَيْهم". ن الله عَّز وج َّ
ل يُنَوُِّرهَا لَهُ ْ ة على أهلِها وإ َّ ظُل ْ َ
م ٌ
(وعين أبيي هريرة رضيي الله عنيه فيي قصية المرأة التيي كانيت ت َيقم المسيجد)
بفتح حرف المضارعة أي تخرج القمامة منه وهي الكناسة (فسأل عنها النبي
م َ َ
م آذنتمونيي فكأنه ْي صيلى الله علييه وآله ُوسيلم فقالوا :مات فقال" :أفل كنت ْي
مرهيا فقال :دل ّونيي على قبرهيا) أي بعيد قولهيم فيي جواب سيؤاله إنهيا َ
صيغرا أ ْ
ماتت (فدلوه فصلى عليها .متفق عليه وزاد مسلم) أي من رواية أبي هريرة
ة على ن هذه القبور مملوءة ٌ ظُلْم ٌ سلّم ("إ َّ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ (ثم قال) أي َالنبي َ
ه عَّز وجيل يُنوِّرهيا له ْمي بصيلتي علي ْيهم) وهذه الزيادة لم يخرجهيا أَهْلهيا وإ َ
نّي الل ّي َ
البخاري لنها مدرجة في هذا السناد ،وهي من مراسيل ثابت كما قال أحمد.
هذا والمصنف جزم أن القصة كانت مع امرأة وفي البخاري :أن رجل ً أسود أو
امرأة سوداء بالشك من ثابت الراوي لكنه صرح في رواية أخرى في البخاري
عن ثابت قال" :ول أراه إل امرأة" وبه جزم ابن خزيمة من طريق أخرى عن
أبيي هريرة فقال" :امرأة سيوداء" ورواه البيهقيي أيضا ً بإسيناد حسين وسيماها
أم محجين وأفاد أن الذي أجا به صلى الله عليه وآله وسيلم عين سؤاله هيو أبيو
بكر ،وفي البخاري عوض "فسأل عن ها" فقال" :ما فعل ذلك النسان؟ قالوا:
مات يا رسول الله" الحديث.
والحدييث دلييل على صيحة الصيلة على المييت بعيد دفنيه مطلقا ً سيواء أصيلي
عليه قبل الدفن أم ل وإلى هذا ذهب الشافعي.
ويدل له أيضا ً صيلته صيلى الله علييه وآله وسيلم على البراء بين معرور فإنيه
سلّم بمكة فلما قدم صلى على قبره ،وكان ذلك صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ مات والنبي َ
بعد شهر من وفاته.
ويدل له أيضا ً صييلته صييلى الله عليييه وآله وسييلم على الغلم النصيياري الذي
سلّم بموته ،أخرجه البخاري. صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ دفن ليل ولم يشعر َ
ويدل له أيضا ً أحاديث وردت في الباب عن تسعة من الصحابة أشار إليها في
الشرح.
وذهب أبو طالب تحصيل ً لمذهب الهادي إل أنه ل صلة على القبر واستدل له
فيي البحير بحدييث ل يقوى على معارضية أحادييث المثبتيين لميا عرفيت مين
صحتها وكثرتها.
واختلف القائلون بالصلة على القبر في المدة التي تشرع فيها الصلة ،فقيل
إلى شهير بعيد دفنيه ،وقييل إلى أن يبلى المييت لنيه إذا بلي لم يبيق ميا يصيلي
علييه ،وقييل أبدا ً لن المراد مين الصيلة علييه الدعاء وهيو جائز فيي كيل وقيت.
قلت :هذا هو الحق إذ ل دليل على التحديد بمدة.
وأما القول بأن الصلة على القبر من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم فل
تنهض لن دعوى الخصوصية خلف الصل.
ّ
سلم كان َ ّ
صلى الله ع َلي ْهِ و َ َي َ َ
ن الن ّب َّ ة رضي الله عنه "أ ّ ن حذيْف َ[رح ]24يييي وع ْ
سنَه. َ
ن النّعْي" رواه ُ أحمد والتِّْرمذي وح َّ
يَنْهى ع ِ
سلّم كان ينهيى عين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ (وعين حذيفية رضيي الله عنيه أن النيبي َي
النعييي) فييي القاموس :نعاه له نعيا ً ونعيا ً ونعيانا ً أخييبره بموتييه (رواه أحمييد
والترمذي وحسنه) وكأن صيغة النهي هي ما أخرجه الترمذي من حديث عبد
سلّم "إياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية" صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ الله عنه َ
فإن صييغة التحذيير فيي معنيى النهيي .وأخرج حدييث حذيفية وفييه قصية ،فإنيه
ساق سنده إلى حذيفة أنه قال لمن حضره" :إذا مت فل يؤذن أحد إني أخاف
سلّم ينهى عن النعي" صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ أن يكون نعيا ً فإني سمعت رسول لله َ
هذا لفظه ولم يحسنه.
ثييم فسيير الترمذي النعييي بأنييه عندهييم أن ينادي فييي الناس إن فلنا ً مات
ليشهدوا جنازتيه .وقال بعيض أهيل العميل :ل بأس أن يعلم الرجيل أهيل قرابتيه
وإخوانه .وروي عن إبراهيم أنه قال :ل بأس بأن يعلم الرجل قرابته انتهى.
وقيييل المحّرم مييا كانييت تفعله الجاهلييية كانوا يرسييلون ميين يعلم بخييبر موت
الميت على أبواب الدور والسواق.
وفيي النهايية :والمشهور فيي العربيية أنهيم كانيو إذا مات منهيم شرييف أو قتيل
بعثوا راكبا ً إلى القبائل ينعاه إليهيييم يقول :نَعاءِ فلنا ً أو يَانَعَاء العرب :أي هلك
فلن أو هلكت العرب بموت فلن انتهى.
ويقرب عندي أن هذا هيو المنهيي عنيه .قلت :ومنيه النعيي مين أعلى المنارات
كما يعرف في هذه العصار في موت العظماء.
قال ابن العربي :يؤخذ من مجموع الحاديث ثلث حالت (الولى) إعلم الهل
والصحاب وأهل الصلح فهذا سنة.
(الثانية) دعوى الجمع الكثير للمفاخرة فهذه تكره.
(الثالثة) إعلم بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم انتهى.
وكأنيه أخيذ سينية الولى مين أنيه ل بيد مين جماعية يخاطبون بالغسيل والصيلة
سلّم" :أل آذنتموني" ونحوه ،ومنه: صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َوالدفن ويدل له قوله َ
سلمّ َ ّ ن النّب ِ َّ َ
ي الله عنه" :أ َّ
صلى الله ع َلي ْهِ و َ َ ي َ ن أبي هريرة رض َ [رح ]25يييي وَع َ ْ
ف به ْمي ص َّمصيلى فَي َ ت فيه ِي وخَر َجي به ْمي إلى ال ُ يّي فيي اليوْيم ِ الذي ما َي نَعَيى النّجاش َ
َ
متّفَقٌ عليْه. وَكَبَّر ع َلَيْهِ أْربعاً" ُ
سلّم نعييى صلّى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ (وعيين أبييي هريرة رضييي الله عنييه أن النييبي َيي
النّجاشي) بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد اللف شين معجمة ثم مثناة تحتية
من ملك الحبشة واسمه أصحمة (في اليوم مشددة وقيل مخففة ،لقب لكل َ
الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى) يحتمل أنه مصلى العيد أو محل اتخذ
لصلة الجنائز (فصف بهم وكبر عليه أربعاً ،متفق عليه).
فيه دللة على أن النعي اسم للعلم بالموت وأنه لمجرد العلم جائز.
وفيه دللة على شرعية صلة الجنازة على الغائب ،وفيه أقوال:
الول :تشرع مطلقا ً وبه قال الشافعي وأحمد وغيرهما وقال ابن حزم لم يأت
عن أحد من السلف خلفه.
والثاني :منعه مطلقا ً وهو للهادوية والحنفية ومالك.
والثالث :يجوز فيي اليوم الذي مات فييه المييت أو ميا قرب منيه إل إذا طالت
المدة.
الرا بع :يجوز ذلك إذا كان الميت فيي جهة القبلة ،ووجه التفصيل في القولين
صلّى الله معا ً الجمود على قصية النجاشيي .وقال المانيع له مطلقاً :إن صيلته َي
سلّم على النجاشيي خاصية بيه ،وقيد عرف أن الصيل عدم الخصيوصية ع َلَي ْيهِ وَي َ
واعتذروا بمييا قاله أهييل القول الخامييس وهييو :يصييلى على الغائب إذا مات
بأرض ل يصلى عليها فيها كالنجاشي فإنه مات بأرض لم يسلم أهلها واختاره
ابيين تيمييية ،ونقله المصيينف فييي فتييح الباري عيين الخطابييي وأنييه اسييتحسنه
الرويا ني ،ثم قال :وهو محتمل إل أنني لم أقف فيي شيء من الخبار أنه لم
ل عليه في بلده أحد. يص ِّ
واسييتدل بالحديييث على كراهيية الصييلة على الجنازة فييي المسييجد ،لخروجييه
سلّم .والقول بالكراهية للحنفيية والمالكيية ،ورد بأنيه لم يكين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
فيي الحدييث نهيي عين الصيلة فييه ،وبأن الذي كرهيه القائل بالكراهية إنميا هيو
سلّم تعظيما ً لشأن صلّى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ إدخال الميييت المسييجد وإنمييا خرج َيي
النجاشي ولتكثر الجماعة الذين يصلون عليه.
وفيه شرعية الصفوف على الجنازة لنه أخرج البخاري في هذه القصة حديث
وبوب له البخاري "باب مين صيف ّ جابر وأنيه كان فيي الصيف الثانيي أو الثالث
صفين أو ثلثة على الجنازة خلف المام".
وفيي الحدييث مين أعلم النبوّة إعلمهيم بموتيه فيي اليوم الذي توفيي فييه ميع
بُعد ما بين المدينة والحبشة.
َ
صلّى معْت رسول الله َ س ِ
لَ : ي الله عنْه ُما قا َ ّ س رض ِ [رح ]26يييي وعن ابن عبّا ٍ
َ سلّم يقو ُ
ن م على جنازت ِهِ أربْعو َ ت فَيَقو ُ سلم ٍ يمو ُ م ْ ُ ل
ٍ ن رج ْ م
َ ل" :ما الله ع َلَي ْهِ و َ َ
َ
مسل ْ ٌ
م. ه فيهِ" رواه ُ ُ م الل ّ ُ شفّعَهُ ُ جل ً ل يُشركُون بالله شيئا ً ل َ ر ُ
فييي الحديييث دليييل على فضيلة تكثييير الجماعيية على الميييت .وأن شفاعيية
المؤمين نافعية مقبولة عنده تعالى وفيي روايية "ميا مين مييت يصيلي علييه أمية
شفعوا فييه" .وفيي روايية مين المسيلمين يبلغون مائة :كلهيم يشفعون له إل ُ
"ثلثة صفوف" رواها أصحاب السنن.
قال القاضييي :قيييل هذه الحاديييث خرجييت أجوبيية لسييائلين سييألوا عيين ذلك
سلّم أخبر صلّى الله ع َلَيْهِ و َ َ فأجاب كل واحد عن سؤاله اهي .ويحتمل أن يكون َ
بقبول شفاعيية كييل واحييد ميين هذه العداد ول تنافييي بينهمييا إذ مفهوم العدد
يطرح مع وجود النص فجميع الحاديث معمول بها وتقبل الشفاعة بأذناها..
يت وََراءَ الن ّب ِ ّ صلّي ْ ُي الله عَنْهما قالَ " : ب رض َ جنْد ُ ٍ ن ُ مَرة َ ب ِ س ُ ن َ [رح ]27يييي وع َ ْ
َ َ ّ
ق
متّفَي ٌ سط َها" ُ م وَي ْ سها فَقَا َي ت فيي نفا ِي مات َي ْ سلم على امرأةٍ َ صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
ع َلَيْهِ.
فيييه دليييل على مشروعييية القيام عنييد وسييط المرأة إذا صييلى عليهييا وهذا
مندوب ،وأما الواجب فإنما هو استقبال جزء من الميت رجل ً أو امرأة.
واختلف العلماء في حكم الستقبال في حق الرجل والمرأة فقال أبو حنيفة:
إنهما سواء.
وعند الهادوية أنه يستقبل المام سرة الرجل وثديي المرأة لرواية أهل البيت
عليهم السلم عن علي عليه السلم .وقال القاسم :صدر المرأة ،وبينه وبين
سلّم عند صدرها ول ب ّ
د صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ السرة من الرجل ،إذ قد روي قيامه َ
من مخالفة بينها وبين الرجل.
وعن الشافعي أنه يقف حذاء رأس الرجل وعند عجيزتها لما أخرجه أبو داود
والترمذي مين حدييث أنيس :أنيه صيلى على رجيل فقام عنيد رأسيه وصيلى على
صلّى المرأة فقام عند عجيزتها فقال له العلء بن زياد :هكذا كان رسول الله َ
سلّم يفعل؟ قال :نعم .إل أنه قال المصنف في الفتح :إن البخاري الله ع َلَي ْهِ و َ َ
أشار بإيراد حديث سمرة إلى تضعيف حديث أنس.
َ
سول الله [رح ]28ييييي وع نْي عائشية رضيي الله عنهيا قالت" :والل ّيهِ لَقَد ْ صيلى َر ُي
م. مسل ٌ ضاءَ في المسجد" رواه ُ ي بَي ْ َسلّم على ابْن َ ْ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
صلّى الله َي الله رسيول صيلى لقيد والله قالت: عنهيا الله رضيي عائشية (وعين
سلّم على ابني بيضاء) هما سهل وسهيل أبوهما وهب بن ربيعة وأمهما ع َلَي ْهِ و َ َ
البيضاء اسييمها دعييد والبيضاء صييفة لهييا (فييي المسييجد .رواه مسييلم) قالتييه
عائشة ردّا ً على من أنكر عليها صلتها على سعد بن أبي وقاص في المسجد
فقالت" :ما أسرع ما نسي الناس والله لقد صلى" الحديث.
والحدييث دلييل على ميا ذهيب إلييه الجمهور مين عدم كراهية صيلة الجنازة فيي
المسجد.
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنها ل تصح وفي القدوري للحنفية ول يصلى على
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ميت في مسجد جماعة .واحتجا بما سلف من خروجه َ
إلى الفضاء للصيلة على النجاشيي وتقدّم جوابيه وبميا أخرجيه أبيو داود "مين
صييلى على جنازة فييي المسييجد فل شيييء له" وأجيييب بأنييه نييص أحمييد على
ضعفيه لنيه تفّرد بيه صيالح مولى التوأمية وهيو ضعييف على أنيه فيي النسيخ
المشهورة من سنن أبي داود بلفظ "فل شيء عليه".
وقد روى أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا ً صلى على عمر
في المسجد.
وعنيد الهادويية يكره إدخال المييت المسيجد كراهية تنزييه وتأولوا هيم والحنفيية
سلّم على ابنييي صلّى الله ع َلَي ْ يهِ وَ ي َ والمالكييية حديييث عائشيية بأن المراد أنييه َ ي
البيضاء وجنازتهما خارج المسجد وهو صلى الله تعالى على وآله وسلم داخل
المسجد ول يخفي بعده وأنه ل يطابق احتجاج عائشة.
ن
ن َزيْد ُ ب ْ ُ ل" :كا َ ه قا َ ن أبي لَيْلى رضي الله عن ُ الرحمن ب ِ [رح ]29يييي وعن عبد
َ َ َ
ن
ل :كا َي ه فقا َ سألْت ُ ُ مسيا ً فَي َ خ ْ ه كَبَّر على جناَزةٍ َ م يُكَب ِّ َُر على جنَائزنيا أْربَعا ً وإن ّي ُ أْرقَي َ
ة.
م والربع ُ سل ٌم ْها" رواه ُ سلّم يُكَبُِّر َ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ ل الل ّهِ َ رسو ُ
(وعين عبيد الرحمين بين أبيي ليلى) هيو أبيو عيسيى عبيد الرحمين بين أبيي ليلى
رضي الله عنه ولد لست سنين بقيت من خلفة عمر سمع أباه وعلي بن أبي
طالب علييه السيلم وجماعية مين الصيحابة ووفاتيه سينة اثنتيين وثمانيين وفيي
سيبب وفاتيه أقوال ،قييل :فقيد ،وقييل قتيل ،وقييل غرق فيي نهير البصيرة (قال:
كان زييد بين أرقيم يكيبر على جنائزنيا أربعا ً وإنيه كيبر على جنازة خمسيا ً فسيألته
سلّم يكبرهيا .رواه مسيلم والربعية) صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ فقال :كان رسيول الله َي
سلّم كيبر فيي صيلته على صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ تقدم فيي حدييث أبيي هريرة أنيه َي
النجاشيي أربعا ً وروييت الربيع عين ابين مسيعود وأبيي هريرة وعقبية بين عامير
والبراء بن عازب وزيد بن ثابت ،وفيي الصيحيحين عين ابن عباس :صلى على
صلّى الله قيبر فكيبر أربعاً .وأخرج ابين ماجيه عين أبيي هريرة :أن رسيول الله َي
سلّم صيلى على جنازة فكيبر أربعاً .قال ابين أبيي داود :لييس فيي الباب ع َلَي ْيهِ وَي َ
أصح منه.
فذهيب إلى أن ها أربعا ً ل غيير جمهور مين السيلف والخلف منهيم الفقهاء الربعية
ورواية زيد بن علي عليه السلم.
وذهيب أكثير الهادويية إلى أنيه يكيبر خميس تكيبيرات واحتجوا بميا روي أن علياً
علييه السيلم كيبر على فاطمية خمسيا ً وأن الحسين كيبر على أبييه خمسيا ً وعين
ابن الحنفية أنه كبر على ابن عباس خمسا ً وتأولوا رواية الربع بأن المراد بها
ما عدا تكبيرة الفتتاح وهو بعيد:
ستاً َ
ف ِي
حني ٍي
ل بين ُ ه كَبَّر على سيهْ ِ ه "أن ّي ُ ه ع َن ْي ُن علي رضيي الل ّي ُ [رح ]30ييييي وع ْي
َ
صله في البخاري. ن منصورٍ وأ ْ ه بدْريٌّ" رواه ُ سعيد ُ ب ُ وقا َ
ل :إن ّ ُ
(وعين علي رضيي الله عنيه أنيه كيبر على سيهل بين حنييف) بضصيم المهملة
فنون فمثناة تحتية ففاء (ستا وقال" :إنه بدريٌّ") أي ممن شهد وقعة بدر معه
سلّم (رواه سيعيد بين منصيور وأصيله فيي البخاري) الذي فيي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
البخاري "أن عليا ً كبر على سهل بن حنيف" زاد البرقاني في مستخرجه ستاً
كذا ذكره البخاري في تاريخه.
وقد اختلفت الروايات في عدة تكبيرات الجنازة فأخرج البيهقي عن سعيد بن
المسييب :أن عمير قال :كيل ذلك قيد كان أربعا ً وخمسيا ً فاجتمعنيا على الربيع.
ورواه ابين المنذر مين وجيه آخير عين سيعيد ،ورواه البيهقيي أيضا ً عين أبيي وائل
سلّم أربعا ً وخمساً صلّى الله ع َلَي ْهِ وَي َ قال :كانوا يكيبرون على عهيد رسيول الله َي
لٌ ّ َ ّ
سلم فأخبر ك ّ صلى الله ع َلي ْهِ و َ َ وستا ً وسبعا ً فجمع عمر أصحاب رسول الله َ
بميا رأى فجمعهيم عمير على أربيع تكيبيرات .وروى ا بن عبيد البر فيي السيتذكار
سلّم يكيبر على الجنائز أربعا ً وخمسياً صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ بإسيناده :كان النيبي َي
وستا ً وثمانيا ً حتى جاء موت النجاشي فخرج إلى المصلى وصف الناس وراءه
سلّم على أربيع حتيى توفاه صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وكيبر علييه أربعا ً ثيم ثبيت النيبي َي
الله؛ فإن صيح هذا فكأن عمير ومين معيه لم يعرفوا اسيتقرار المير على الربيع
حتى جمعهم وتشاوروا في ذلك.
َ َ
صلّى الله ع َلَي ْيهِ ل الل ّيهِ َي سو ُ ني ر ُيه عنيه قال :كا َ [رح ]31ييييي وعين جابرٍ رضيي الل ّي ُ
ُ َ
ب في الت ّكبيرةِ الولى" روا هُ سلّم يُكبُِّر على جنائزنا أربعاً ،ويقرأ بفاتحةِ الكتا ِ وَ َ
ف.ي بإسناد ٍ ضعي ٍ شافع ُّ ال ّ
سيقط هذا الحدييث مين نسيخة الشرح فلم يتكلم علييه الشارح رحميه الله قال
المصنف في الفتح :إنه أفاد شيخه في شرح الترمذي أنه سنده ضعيف وفي
التلخيص إنه رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عقيل عن
جابر انتهى وقد ضعفوا[تض] ابن عقيل[/تض].
واعلم أنييه اختلف العلماء فييي قراءة الفاتحيية فييي صييلة الجنازة ،فنقييل ابيين
المنذر عين ابين مسيعود والحسين بين علي وابين الزبيير مشروعيتهيا وبيه قال
الشافعي وأحمد وإسحاق.
ونقييل عيين أبييي هريرة وابيين عميير أنييه ليييس فيهييا قراءة وهييو قول مالك
والكوفيييين .واسييتدل الولون بمييا سييلف وهييو وإن كان ضعيفا ً فقييد شهييد له
قوله:
َ
ت ل" :صيلْي ُ ه عن ُهي قا َ ف رضيي الل ّي ُ ن ع َوْي ٍ ة بين عبيد الله ب ِي [رح ]32ييييي وع نْي طلح َ
َ
ب ،قال: س رضييي الله عنهمييا على جنازةٍ فَقََرأ بفاتحيية الْكتا ِ ي ن ع َبّا ٍ ي ف اب َ ِ يخل َ ي
ة" رواه ُ البُخاري. سن ّ ٌموا أنّها ُ لِتَعْل َ ُ
وأخرجيه ابين خزيمية فيي صيحيحه والنسيائي بلفيظ "فأخذت بيده فسيألته عين
ذلك فقال :نعيم ييا ابين أخيي إنيه حيق وسينة" وأخرج النسيائي أيضا ً مين طرييق
أخرى بلفظ "فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت
صلّى بيده فسيألته فقال :سينة وحيق" وقيد روى الترمذي عين ابين عباس :أنيه َي
سلّم قرأ على الجنازة بفاتحييية الكتاب .ثيييم قال ل يصيييح هذا. الله ع َلَي ْيييهِ وَييي َ
والصحيح عن ابن عباس قوله" :من السنة".
قال الحاكيم :أجمعوا على أن قول الصيحابي "مين السينة" حدييث مسيند قال
المصينف :كذا نقيل الجماع ميع أن الخلف عنيد أهيل الحدييث وعنيد الصيوليين
شهير.
والحدييث دلييل على وجوب قراءة الفاتحية فيي صيلة الجنازة لن المراد مين
سلّم ل أن المراد بها ما يقابل صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ السنة الطريقة المألوفة عنه َ
الفريضة فإنه اصطلح عرفي .وزاد الوجوب تأكيدا ً قوله" :حق" أي ثابت .وقد
صلّى الله ع َلَي ْ ِ
ه أخرج ابن ماجه من حديث أم شريك قالت :أمرنا رسول الله َ
سلّم أن نقرأ على الجنازة بفاتحية الكتاب .وفيي إسيناده ضعيف يسيير يجيبره وَي َ
حديث ابن عباس.
والمير مين أدلة الوجوب ،وإلى وجوبهيا ذهيب الشافعيي وأحميد وغيرهميا مين
السلف والخلف.
وذهيب آخرون إلى عدم مشروعيتهيا لقول ابين مسيعود :لم يوقيت لنيا رسيول
سلّم قراءة فييي صييلة الجنازة بييل قال" :كبّر إذا كييبر صلّى الله ع َلَي ْ يهِ وَ ي َ الله َي
المام واختير مين أطاييب الكلم ميا شئت" إل أنيه لم يعزه إلى كتاب حديثيي
حتيى تعرف صيحته مين عدمهيا ثيم هيو قول صيحابي على أنيه ناف وابين عباس
مثبت وهو مقدم.
وعيين الهادي وجماعيية مين الل أن القراءة سينة عمل بقول ابين عباس سيينة
وقد عرفت المراد بها في لفظه.
واسيتدل للوجوب بأنهيم اتفقوا أنهيا صيلة وقيد ثبيت حدييث "ل صيلة إل بفاتحية
الكتاب" فهي داخلة تحت العموم وإخراجها منه يحتاج إلى دليل.
وأما موضع قراءة الفاتحة فإنه بعد التكبيرة الولى ثم يكبر فيصلي على النبي
سلّم ثم يكبر فيدعو للميت وكيفية الدعاء قد أفادها قوله: صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
صلى ّ ل الله َ ه قال :صلى رسو ُ ف بن مالك رضي الله ع َن ْ ُ [رح ]33يييي وعن ع َو ْ ِ
ه،م ُيح ْه ،واْر َ م اغفِْر ل ُي ن دعائه ِي "الله َّي ت م ْي حفِظ ْي ُسلّم على جنَاَزةٍ فَ َ الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
ه بالماءِ والثّلْج والبَْردِ، َ
سل ْ ُ ه ،واغ ْي ِ مدْخل ُي ه ،ووسيع ُ ه ،وأكرم نُُزل َي ُ ف عن ْي ُ وع َافِيهِ واع ْي ُ
خيْرا ً مين َ
ضي مين الدنيس ،وأبْدل ُهي دارا ً َ ونقّيه مين الْخطاييا كميا يُنَقَيى الثّوب البْي ُ
َ َ َ
ب النّار" رواه ة ،وقِيهِ فت ْينة القيبر وعذا َي ه الجن ّ َ داره ِي ،وأهْل ً خيرا ً مين أهْله ،وأدْخل ْي ُ
م.مسل ٌ ُ
سلم جهير بيه فحفظيه ويحتميل أنيه سيأله ميا قاله ّ َ
صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ ّ يحتميل أنيه َي
فذكره له فحفظه.
وقيد قال الفقهاء :يندب السيرار ،ومنهيم من قال يخيير ،ومنهيم من قال :يسير
في النهار ويجهر بالليل.
سلّم" :أخلصيوا له صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وفيي الدعاء ينبغيي الخلص فييه لقوله َي
سلّم أولى .وأصح الحاديث الواردة في صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ الدعاء" وما ثبت عنه َ
ذلك هذا الحديث وكذلك قوله:
صلّى ل" :فكان رسيول الله َي [رح ]34ييييي وعين أبيي هُريرة َ رضيي الله عن ُهي قا َ
حي ِّنا ومي ِّتِنا ،وشاهدِنا م اغْفِْر ل ِ َ ل" :اللهُ َّ سلّم إذا صلى على جنازةِ يقو ُ الله ع َلَيْهِ وَ َ
حيه ِي على َ َ صغيرِنا وكبيرِينا ،وذكَرِينا وأُنثانيا ،اللهُي َّ
من ّيا فأ ْ ن أحييَت ْيه ِ م ْي م َ وغائبنيا ،و َي
َ ه على اليمان ،الله ُ َّ
جَر هُ ،ول تُضلنا من َا أ ْحر ْ ملت ْ من ّا فتوف ّ ُ ه ِ ن توفّيْت َ ُ م ْ السلم ،و َ
ة.
بَعْدَهُ" رواه ُ مسلم والربع ُ
(وعين أبيي هريرة رضيي الله عنيه قال :كان رسيول الله صيلى الله علييه وآله
وسييلم على جنازة يقول" :اللهييم اغفيير لحي ّيينا وميِّتنييا وشاهدنييا) أي حاضرنييا
(وغائبنييا وصييغيرنا) أي ثبتييه عنييد التكليييف للفعال الصييالحة وإل فل ذنييب له
ه َ (وكبيرنا ،وذكرنا وأُنثانا ،الله ُ َّ
حيي ْته من ّا فأحي ْه على السلم ،ومن توفيْت َ ُ م من أ ْ
ضل ْينا بَعْدهيُ" رواه مسيلم جَرهيُ ول ت ُ ِ ه على اليمان ،اللهيم ل تحرمن ْيا أ ْ من ّيا فتوفّي ُ
والربعية) والحادييث فيي الدعاء للمييت كثيرة ففيي سينن أبيي داود عين أبيي
سلّم دعيا فيي الصيلة على الجنازة" :اللهيم صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ هريرة أن النيبي َي
أنيت ربهيا وأنيت خلقتهيا وأنيت هديتهيا للسيلم وأنيت قبضيت روحهيا وأنيت أعلم
بسيرها وعلنيتهيا جئناك شفعاء فاغفير له" .وابين ماجيه مين حدييث واثلة بين
سلّم على جنازة رجل من صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ السقع قال" :صلى بنا رسول الله َ
المسيلمين فسيمعته يقول :اللهيم إن فلن ابين فلن فيي ذمتيك وحبيل جوارك،
فقييه فتنيية القييبر وعذاب النار ،وأنييت أهييل الوفاء والحمييد ،اللهييم فاغفيير له
وارحمه ،إنك أنت الغفور الرحيم".
ً
واختلف الروايات دال على أن الميير متسييع فييي ذلك ليييس مقصييورا على
شييء معيين ،وقيد اختار الهادويية أدعيية أخرى ،واختار الشافعيي كذلك ،والكيل
مسطور في الشرح.
وأما قراءة سورة مع الحمد فقد ثبت ذلك كما عرفت في رواية النسائي ولم
يرد فيهيا تعييين وإنميا الشأن فيي إخلص الدعاء للمييت لنيه الذي شرعيت له
الصلة ،والذي ورد به الحديث وهو قوله:
سلم قال" :إذا ّ َ
صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ ّ ن النيبي َي ه رضيي الله عن ُهي أ َي َّ [رح ]35ييييي وع َن ْي ُ
َ َ
ن.ن حبَّا َ ه اب ُ صوا له الدعاءَ" رواه ُ أبو داود ،وصحح ُ خل ِ ُ م على الميّت فَأ ْ صلّيْت ُ ْ
َ
(وعنيه) أي أبيي هريرة رضيي الله عنيه (أن النيبي صيلى الله علييه وآله وسيلم
قال" :إذا صيليْتم على المي ّ ِيت فأَخلصيوا ل ُهي الدعاءَ" رواه أبيو داود وصيححه ابين
حبان) لنهم شفعاء والشافع يبالغ في طلبها يريد قبول شفاعته فيه.
وروى الطييبراني :أن ابيين عميير كان إذا رأى جنازة قال" :هذا مييا وعدنييا الله
ورسوله وصدق الله ورسوله" ،اللهم زدنا إيمانا ً وتسليماً .ثم أسند عن النبي
سلّم أنيه قال" :مين رأى جنازة فقال :الله أكيبر صيدق الله صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
ورسوله هذا ما وعد الله ورسوله اللهم زدنا إيمانا ً وتسليما ً تكتب له عشرون
حسنة".
َ
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ه عنه عن النبي َ ي الل ّ ُ
ن أبي هُريْرة رض َ [رح ]36يييي وع ْ
ك سيوى ني ت َي ُ ة فَ َ ني ت َي ُ َي
مونهيا إلي ْيهِ ،وإ ْ دّ ُ
خيٌْر تُق ِ ك صيالح ً قال :وأ سرع ُوا بالجنازةِ ،فإ ْ
متّفقٌ عليهِ. ن رقابكُم" ُ ه عَ ْ شٌّر تَضعون ُ ذلك فَ َ
سلّم قال: صلّى الله ع َلَي ْ يهِ وَ ي َ (وعيين أبييي هريرة رضييي الله عنييه عيين النييبي َ ي
ك) أي الجنازة والمراد بها الميت (صالحة فخيٌْر) خبر "أسرعوا بالجنازة فإن ت ُ
ك سوى ذلك مونها إليْه ،وإن ت ُ دّ ُ
مبتدأ محذوف أي فهو خير ومثله شر التي (تُق ِ
ن رقابكم) "متفق عليه". فشٌّر تضعونه ع ْ
نقل ابن قدامة أن المر بالسراع للندب بل خلف بين العلماء.
وسئل ابن حزم فقال بوجوبه ،والمراد به شدة المشي وعلى ذلك حمله بعض
السلف.
وعنيد الشافعيي والجمهور المراد بالسيراع فوق سيجية المشيي المعتاد ،ويكره
السراع شديد .والحاصل أنه يستحب السراع بها لكن بحيث إنه ل ينتهي إلى
شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل والمشيع.
وقال القرطيبي :مقصيود الحدييث أن ل يتباطيأ بالمييت عين الدفين ،لن البطيء
ربميييييا أدى إلى التباهيييييي والختيال ،هذا بناء على أن المراد بقوله بالجنازة
بحملهيا إلى قبرهيا ،وقييل :المراد السيراع بتجهيزهيا فهيو أعيم مين الول .قال
النووي :هذا باطيل مردود بقوله فيي الحدييث "تضعونيه عين رقابكيم" ،وتعقيب
بأن الحميل على الرقاب قيد يعيبر بيه عين المعانيي كميا تقول حميل فلن على
رقبتييه ديوناً .قال :ويؤيده أن الكييل ل يحملونييه ،قال المصيينف بعييد نقله فييي
سلّم صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الفتيح :ويؤيده حدييث ابين عمير سيمعت رسيول الله َي
يقول :إذا مات أحدكيم فل تحبسيوه وأسيرعوا بيه إلى قيبره" أخرجيه الطيبراني
بإسييناد حسيين ،ولبييي داود مرفوعاً :ل ينبغييي لجيفيية مسييلم أن تبقييى بييين
ظهراني أهله.
والحديييث دليييل على المبادرة بتجهيييز الميييت ودفنييه ،وهذا فييي غييير المفلوج
ونحوه فإنه ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله.
والحديييث دليييل على المبادرة بتجهيييز الميييت ودفنييه ،وهذا فييي غييير المفلوج
ونحوه فإنه ينبغي التثبت في أمره.
سلّم: صلّى الله ع َلَيْهِ و َ َ ل الله َ ل رسو ُ ه قال :قا َ ه رضي الله عن ُ [رح ]37يييي وَع َن ْ ُ
ه
ن فل ُ حتى تُدف َ َ من شهدها َ ٌ
ه قيرا ط ،و َ َ َ
صلى ع َليها فَل ُ حتى ي ُ َ ن شهد َ الجنَاَزة َ م ْ " َ
مث ْيل الجبليين العظيمي ْين" متفق ٌي عليه ِي، ن" قييل :وميا القيراطان؟ قالِ " : قيراطا ِي
سلم إيماناً م ْي ن تبع يَ جنَاَزة َ ُ م ْي يّ ي " َ حدِ" وللبُخار ِ ضع يَ فييي الل ّ ْ سلم ٍ "حتييى تو َ ولم ْ ي
ه يَْرجع بقيراطي ْن، ن دَفْنها فإن ّ ُ م ْ حتى ي ُصلى عليه َا ويُفر غ َ ِ ن م َعه َا َ ً
حتسابا وكا َ وا ْ
حدٍ". ُ مث ْ ُ ك ُ ُّ
لأ ُ ل قيراط ِ
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه (وعنيه رضيي الله عنيه) أي أبيي هريرة (قال :قال رسيول الله َي
سلّم" :مين شهيد الجنازة حتيى يصيلى عليهيا فل ُهي قيرا طٌي ومين شهدهيا حتيى وَي َ
تدفين فله قيراطان" قييل) صيرح أبيو عوانية بأن القائل وميا القيراطان هيو أبيي
هريرة (و ما القيراطان؟ قال :مثل الجبلين العظيم ين" متفق عليه .ولمسيلم)
أي مين حدييث أبيي هريرة حتيى توضيع فيي اللحيد" .وللبخاري أيضا ً مين حدييث
أبيي هريرة ("مين تبيع جنازة مسيلم إيمانا ً واحتسيابا ً وكان معهيا حتيى يصيلى
حدٍ") فاتفقا على عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مث ُ ُ
لأ ُ ٍ
صيدر الحدييث ثيم انفرد كيل واحيد منهميا بلفيظ .وهذا الحدييث رواه اثنيا عشير
صحابياً.
وقوله" :إيمانا ً واحتسياباً) قييد بيه لن ل بيد منيه لن ترتيب الثواب على العميل
يسيتدعي سيبق النيية ،فيخرج مين فعيل ذلك على سيبيل المكافأة المجردة أو
على سبيل المحاباة .ذكره المصنف في الفتح.
وقوله" :مثيل أ ُيحد" ووقيع فيي روايية النسيائي" :فله قيراطان مين الجير كيل
واحد منهما أعظم من أحد" وفي رواية لمسلم" :أصغرهما مثل أ ُحد" .وعند
ابن عدي من رواية واثلة" :كتب له قيراطان من الجر أخفهما في ميزانه يوم
القيامة أثقل من جبل أُحد".
والشهود :الحضور وظاهره الحضور معهيا مين ابتداء الخروج بهيا .وقيد ورد فيي
لفييظ مسييلم" :ميين خرج مييع جنازة ميين بيتهييا ثييم تبعهييا حتييى تدفيين كان له
قيراطان مين الجير كيل قيراط مثيل أ ُيحد ،ومين صيلى عليهيا ثيم رجيع كان له
قيراط" .والروايات إذا رد بعضهييا إلى بعييض تقضييي بأنييه ل يسييتحق الجيير
المذكور إل من صلى عليها ثم تبعها.
قال المصينف رحميه الله :الذي يظهير لي أنيه يحصيل الجير لمين صيلى وإن لم
يتبع لن ذلك وسيلة إلى الصلة لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط
مين صيلى وتبيع .وأخرج سيعيد بين منصيور مين حدييث عروة عين زييد بين ثابيت:
"إذا صليت على جنازة فقد قضيت ما عليك" أخرجه ابن أبي شيبة بلفظ "إذا
صليتم" وزاد في آخره "فخلوا بينها وبين أهلها" ومعناه قد قضيت حق الميت
فإن أروت التباع فلك زيادة أجيير .وعلق البخاري قول حمييييد بيين هلل :مييا
علمنا على الجنازة إذنا ولكن من صلى ورجع فله قيراط.
وأما حديث أبي هريرة :أميران وليسا بأميرين :الرجل يكون مع الجنازة يصلي
عليهيا فلييس له أن يرجيع حتيى يسيتأذن وليهيا .أخرجيه عبيد الرزاق فإنيه حدييث
منقطع موقوف .وقد رويت في معناه أحاديث مرفوعة كلها ضعيفة.
ولما كان وزن العمال في الخر ليس لنا طريق إلى معرفة حقيقته ول يعلمه
إل الله ،ولم يكين تعريفنيا لذلك إل بتشيبيهه بميا نعرفيه مين أحوال المقاديير،
شبييه قدر الجيير الحاصييل ميين ذلك بالقيراط ليييبرز لنييا المعقول فييي صييورة
المحسيوس .ولميا كان القيراط حقيير القدر بالنسيبة إلى ميا نعرفيه فيي الدنييا
نبه على معرفة قدره :بأنه كأحد الجبل المعروف بالمدينة.
وقوله" :حتى تدفن" ظاهر في وقوع مطلق الدفن وإن لم يفرغ منه كله.
ولفظ "حتى توضع في اللحد" كذلك إل إن في الرواية الخرى لمسلم "حتى
يفرغ من دفنها" ففيها بيان وتفسير لما في غيرها.
والحديث ترغيب في حضور الميت والصلة عليه ودفنه ،وفيه دللة على عظم
فضل الله وتكريمه للميت وإكرامه بجزيل الثابة لمن أحسن إليه بعد موته.
تنبيه يييي في حمل الجنازة يييي :أخرج البيهقي في السنن الكبرى بسنده إلى
عبيد الله بين مسيعود أنيه قال :إذا تبيع أحدكيم الجنازة فليأخيذ بجوانيب السيرير
الربعية ثيم ليتطوع بعيد أو يذر فإنيه مين السينة .وأخرج بسينده :أن عثمان ابين
عفان حميل بيين العموديين سيرير أميه فلم يفارقيه حتيى وضعيه" وأخرج أيضاً
"أن أبيا هريرة رضيي الله عنيه حميل بيين عمودي سيرير سيعد بين أبيي وقاص.
وأخرج :أن ابين الزبيير حميل بيين عمودي سيرير المسيور بين مخرمية .وأخرج
من حديث يوسف بن ماهك قال :شهدت جنازة رافع بن خديج وفيها ابن عمر
وابين عباس فانطلق ابين عمير حتيى أخيذ بمقدم السيرير بيين القائميين فوضعيه
على كاهله ثم مشى بها .انتهى.
صلّى الله َ
ه رأى الن ّيب َّ َ
ي َي ن أبيه ِي رضيي الله عنْهُيما "أن ّي ُ ن سيالم ٍ ع َي ْ [رح ]38ييييي وع َي ْ
م الْجنازة" روا ه ُ الخمسة وصحح ُ
ه ن أما َ شو َ سلّم وأ َبا بَكْرٍ وع ُمر وه ُم يم ُ ع َلَي ْهِ و َ َ
َ
ل.ة بالْرسا ِ ي وطائف ٌ ه النّسائ ُّ ن حب ِّان وأعل ْ ُ اب ُ
(وعن سالم رضي الله عنه) هو أبو عبد الله وأبو عمرو :سالم بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب أحد فقهاء المدينة من سادات التابعين وأعيان علمائهم روى
عن أبيه وغيره مات سنة ست ومائة (عن أبيه) هو عبد الله بن عمر (أنه رأى
النيبي صيلى الله علييه وآله وسيلم وأبيا بكير وعمير وهيم يمشون أمام الجنازة.
رواه الخمسة وصححه ابن حبان وأعله النسائي وطائفه بالرسال) اختلف في
وصييله وإرسيياله فقال أحمييد :إنمييا هييو عيين الزهري مرسييل ،وحديييث سييالم
موقوف على ابين عمير مين فعله .قال الترمذي :أهيل الحدييث يرون المرسيل
أصيح .وأخرجيه ابين حبان فيي صيحيحه عين الزهري عين سيالم أن عبيد الله بين
عميير كان يمشييي بييين يديهييا وأبييا بكيير وعميير وعثمان .قال الزهري :وكذلك
السينة .وقيد ذكير الدارقطنيي فيي العلل اختلفا ً كثيرا ً فييه على الزهري قال:
والصحيح قول من قال عن الزهري عن سالم عن أبيه :أنه كان يمشي .قال:
سلّم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وقد مشى رسول الله َ
بين يديها .وهذا مرسل وقال البيهقي :إن الموصول أرجح لنه من رواية ابن
عيينية وهيو ثقية حافيظ ،وعين علي بين المدينيي قال :قلت لبين عيينية :ييا أبيا
محميد خالفيك الناس فيي هذا الحدييث ،فقال :اسيتيقن؛ الزهري حدثنيية مراراً
لسييت أحصيييه ،يعيده ويبديييه ،سييمعته ميين فيييه ،عيين سييالم عيين أبيييه .قال
المصنف :وهذا ل ينفي عنه الوهم لنه ضبط أنه سمعه منه عن سالم عن أبيه
والمر كذلك إل أن فيه إدراجاً .وصححه الزهري وحدث به ابن عيينة.
وللختلف فيي الحدييث اختلف العلماء على خمسية أقوال (الوّل) أن المشيي
سلّم وفعييل الخلفاء صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ أمام الجنازة أفضييل لوروده ميين فعله َي
وذهب إليه الجمهور والشافعي.
(والثاني) للهادية والحنفية أن المشي خلفها أفضل لما رواه ابن طاوس عن
سلّم حتى مات إل خلف الجنازة" صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ أبيه "ما مشى رسول الله َ
ي عليه السلم قال :المشي خلفها ولما رواه سعيد بن منصور من حديث عل ّ
أفضيل مين المشيي أمامهيا كفضيل صيلة الجماعية على صيلة الفذ ّ .إسيناده
حسن وهو موقوف له حكم الرفع ،وحكى الثرم أن أحمد تكلم في إسناده.
(الثالث) أنه يمشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها علقه البخاري
عين أنيس ،وأخرجيه ابين أبيي شيبية موصيول ً وكذا عبيد الرزاق ،وفييه التوسيعة
على المشيعييين وهييو يوافييق سيينة السييراع بالجنازة وأنهييم ل يلزمون مكاناً
واحدا ً يمشون فيه لئل يشق عليهم أو على بعضهم.
(القول الرابييع) للثوري أن الماشييي يمشييي حيييث شاء والراكييب خلفهييا لمييا
أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم من حديث المغيرة مرفوعاً
"الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها".
(القول الخامس) للنخعي إن كان مع الجنازة نساء مشي أمامها وإل فخلفها.
َ ُ
م
ت" :نُهينا عن اتّباع الجنائز ول ْ ه عنها قال ْ ي الل ّ ُ
ة رض َ
م ِ عطي َ [رح ]39يييي وع َن أ ّ
متفقٌ عليه. م ع َلينا" ُيُعَْز ْ
(وعن أم عطية رضي الله عنها قالت :نهينا) مبني للمجهول (عن اتباع الجنائز
ولم يعزم علينا متفق عليه) جمهور أهل الصول والمحدثين أن قول الصحابي
نهينا أو أمرنا بعدم ذكر الفاعل له حكم المرفوع إذ الظاهر من ذلك أن المر
والناهي هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما هذا الحديث فقد ثبت رفعه وأنه أخرجه البخاري في باب الحيض عن أم
عطية بلفظ "نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يييي الحديث" إل أنه
مرسل لن أم عطية لم تسمعه منه لما أخرجه الطبراني عنها قال :لما دخل
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة جمع النساء في بيت ثم بعث
سلّم إليكين بعثنيي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ إلينيا عمير فقال" :إنيي رسيول رسيول الله َي
إليكين لبايعكين على أل تشركين بالله شيئاً" الحدييث .وفيي آخره "ونهانيا أن
نخرج في جنازة".
وقولها" :ولم يعزم علينا" ظاهر في أن النهي للكراهية ل للتحريم كأنها فهمته
من قرينة وإل فأصله التحريم ،وإلى أنه للكراهة ذهب جمهور أهل العلم ويدل
صلّى الله له ما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث أ بي هريرة "أن رسول الله َ
سلّم كان فيي جنازة فرأى عمير امرأة فصياح بهيا فقال :دعهيا ييا عمير" ع َلَي ْيهِ وَي َ
الحديث وأخرجه النسائي وابن ماجه .ومن طريق أخرى ورجالها ثقات.
َ ه عن ُهي أ َي َّ َ َي
ل الل ّيهِ َي
صلّى الله ع َلَي ْيهِ ن رسيو َ سيعِيد ٍ رضيي الل ّي ُ
[رح ]40ييييي وع نْي أ بي َ
َ
س حتيى تُوضيع" جل ْي ن تبعهيا فل ي ْ م ْي م الجنازة فقُوموا ،فَ َ سلّم قال" :إذا رأيْت ُي ُ وَي َ
متّفقٌ عليه. ُ
المييير ظاهييير فيييي وجوب القيام للجنازة إذا مرت بالمكلف وإن لم يقصيييد
تشييعهييا وظاهيير فييي عموم كييل جنازة ميين مؤميين وغيره ويؤيده أنييه أخرج
البخاري قياميه صيلى الله علييه وآله وسيلم لجنازة يهودي مرت بيه .وعلل ذلك
بأن الموت فزع وفييي رواييية "أليسييت نفسيياً" وأخرج الحاكييم "إنمييا قمنييا
للملئكية" وأخرج أحميد والحاكيم وابين حبان" :إنميا نقوم إعظاما ً للذي يقبيض
النفوس" .ولفظ ابن حبان" :إعظاما ً لله" .ول منافاة بين التعليلين.
وقيد عارض هذا المير حدييث عل يّي رضيي الله عنيه عنيد مسيلم :أنيه صيلى الله
علييه وآله وسيلم قام للجنازة ثيم قعيد .والقول بأنيه يحتميل أن مراده قام ثيم
قعييد لمييا بعدت عنييه ،يدفعييه أن عليا ً أشار إلى قوم بأن يقعدوا ثييم حدثهييم
الحديث .ولما تعارض الحديثان اختلف العلماء في ذلك.
ي عليه السلم ناسخ للمر بالقيام ،ورد ّ أن فذهب الشافعي إلى أن حديث عل ّ
صا ً لحتمال أن قعوده صلى الله عليه وآله وسلم كان لبيان ي ليس ن ّ حديث عل ّ
الجواز ،ولذا قال النووي :المختار أنه مستحب .وأما حديث عبادة بن الصامت
سلّم يقوم للجنازة فمّر بيه حيبر مين اليهود فقال: صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ أنيه كان َي
هكذا نفعييل ،فقال" :اجلسييوا خالفوهييم" .أخرجييه أحمييد وأصييحاب السيينن إل
النسيائي وأخرجيه البزار والبيهقيي ،فإنيه حدييث ضعييف فييه [تيض]بشير بين
رافع[/تض] قال البزار :تفّرد به بشر وهو لين الحديث.
وقوله" :وميين تبعهييا فل يجلس حتييى توضييع" أفاد النهييي لميين شيعهييا ،عيين
الجلوس حتيى توضيع ،ويحتميل أن المراد حتيى توضيع فيي الرض أو توضيع فيي
اللحيد ،وقيد روي الحدييث باللفظيين إل أنيه رجيح البخاري وغيره روايية "توضيع
في الرض".
فذهيب بعيض السيلف إلى وجوب القيام حتيى توضيع الجنازة لميا يفيده النهيي
هنا ولما عند النسائي من حديث أبي هريرة وأبي سعيد" :ما رأينا رسول الله
سلّم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع". صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
وقال الجمهور :إنيه مسيتحب .وقيد روى البيهقيي مين حدييث أبيي هريرة وابين
عمر وغيرهما :إن القائم مثل الحامل يييي يعني في الجر.
خ َ
ل َ
ن يزيد َ أد َ ب الله عبيد َ
ن [رح ]41ييييي وع َين أبيي إسيحاق رضيي الل َّيه عن ه "أ َي
ِي ّ ُ ْي ُ ْ
َ
ه أبو داودَ. َ ُ َ
ج ُ
سنّةِ" أخر َ ن ال ّم َجلي القَبْر وقال :هذا ِ ل رِ ْ
ن قب ِ المي ْ َ
تم ْ
(وعين أبيي إسيحاق) هيو السيبيعي بفتيح السيين المهملة وكسير الباء الموحدة
والعيين المهملة الهمدانيي الكوفيي رأى عليا ً علييه السيلم وغيره مين الصيحابة
وهيو تابعيي مشهور ،كثيير الروايية ،ولد لسينتين مين خلفية عثمان ،ومات سينة
تسيع وعشريين ومائة (رضيي الله عنيه أن عبيد الله بين يزييد) هيو عبيد الله بين
يزييد الخطميي بالخاء المعجمية الوسيي كوفيي شهيد الحديبيية وهيو ابين سيبع
عشرة سيينة وكان أميرا ً على الكوفيية وشهييد مييع علي عليييه السييلم صييفين
والجمل ذكره ابن عبد البر في الستيعاب (أدخل الميت من قِبَل رجلي القبر)
أي مين جهية المحيل الذي يوضيع فييه رجل ً المييت فهيو مين إطلق الحال على
المحيل (وقال :هذا مين السينة .أخرجيه أبيو داود) وروى عين علي علييه السيلم
سلّم على جنازة رجيل مين ولد عبيد صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ قال" :صيلى رسيول الله َي
المطلب فأمير بالسيرير فوضيع مين قبيل رجلي اللحيد ثيم أمير بيه فسيل سيل".
ذكره الشارح ولم يخرجه .وفي المسألة ثلثة أقوال:
(الول) ما ذكر وإليه ذهبت الهادوية والشافعي وأحمد.
ً
(والثاني) يسل من قبل رأسه لما روى الشافعي عن الثقة مرفوعا من حديث
سلّم سيل ميتا ً مين قبيل رأسيه" وهذا أحيد صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ابين عباس "أنيه َي
قولي الشافعي.
ً
(والثالث) لبي حنيفة أنه يسل من قبل القبلة معترضا إذ هو أيسر (قلت) :بل
ورد بيه النيص كميا يأتيي فيي شرح حدييث جابر فيي النهيي عين الدفين ليل فإنيه
أخرجيه الترمذي مين حدييث ابين عباس وهيو نيص فيي إدخال المييت مين قبيل
ل مخير فيه. القبلة ويأتي أنه حديث حسن فيستفاد من المجموع أنه فع ٌ
(فائدة) اختلف فيي تجلييل القيبر بالثوب عنيد مواراة المييت فقييل يجلل سيواء
كان المدفون رجل ً أو امرأة لميا أخرجيه البيهقيي ل أحفظيه إل مين حدييث ابين
سلّم قيبر سيعد بثوبيه" قال صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ل الله َي عباس قال" :جلل رسيو ُ
البيهقي :ل أحفظه إل من حدييث [تيض]يحييي بن عقبة بن أبيي العيزار[/تيض]
وهو ضعيف.
وقييل يختيص بالنسياء لميا أخرجيه البيهقيي أيضا ً مين حدييث أبيي إسيحاق "أنيه
حضر جنازة الحرث العور فأبي عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبا ً وقال:
إنيه رجيل" قال البيهقيي :وهذا إسيناده صيحيح وإن كان موقوفا ً (قلت) ويويده
ميا أخرجيه أيضا ً البيهقيي عين رجيل مين أهيل الكوفية "أن علي بين أبيي طالب
أتاهم يدفنون ميتا ً وقد بسط الثوب على قبره فجذب الثوب من القبر ،وقال:
"إنما يصنع هذا بالنساء".
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ي الله عنهما عن النبي َ َ مَر رض َ ن عُ َ [رح ]42يييي وعن اب ِ
مل ّيهِ رسيول موتاك ُيم فيي القُبُور فقولوا :بسيم الل ّيهِ ،وعلى َ ضعْت ُيم َ ْ قال" :إذا وَ َ
ّي َي َ الله" أ َ ْ
ه الدارقطنيي ن وأعل ُ ن حبَّا َي
حمد ُ وأ بو داود والنسيائي وصيححه اب ُي خرج ُهي أ ْ
ف.بالوق ِ
ورجح النسائي وقفه على ابن عمر أيضاً ،إل أنه له شواهد مرفوعة ذكرها في
الشرح ،وأخرج الحاكييم والبيهقييي بسييند ضعيييف "لمييا وضعييت أم كلثوم ينييت
سلّم: صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ سلّم في القبر قال رسول الله َ صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ النبي َ
{منهييا خلقناكييم وفيهييا نعيدكييم ومنهييا نخرجكييم تارة ً أخرى} بسييم الله وفييي
َ
مل ّة رسول الله" ،وللشافعي دعاء آخر استحسنه فدل كلمه سبيل الله وعلى ِ
على أنه يختار الدافن للميت ما يراه وأنه ليس فيه حد محدود.
سُر ل" :ك َ ْ سلّم قَا َ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ ل الله َ سو َن َر ُ ة ،أ َ َّ
ش َ ن عَائ ِ َ [رح ]34/045ي وَع َ ْ
سنَاد ِ ع َلَي َ َ
سلِمٍ. م ْ ط ُ شْر ِ حيّاً"َ .روَاه ُ أبُو داود بِإ ِ ْ سرِهِ َ ت كَك َ ْ ع َظْم ِ ال ْ َ
مي ِّ ِ
ُ
ي الله ع َنْهَا" :فِي الثْمِ". ض َ ة َر ِم َسل َ َ مِ َ ثأ ّ حدِي ِ ن َ م ْ هي ِ ج َ ما َن َ وََزاد َ اب ْ ُ
سلّم قال: صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ (وعيين عائشيية رضييي الله عنهييا أن رسييول الله َي
"كسيُر عظ ْيم المييت ككسيره حيّاً" رواه أبيو داود بإسيناد على شرط مسيلم:
وزاد ابن ماجه) ،أي في الحديث هذا وهو قوله" :من حديث أم سلمة" :في
الثم") بيان للمثلية.
فيه دللة على وجوب اخترام الميت كما يحترم الحي ،ولكن زيادة "في الثم"
أنبأت أنيه يفارقيه مين حييث إنيه ل يجيب الضمان ،وهيو يحتميل أن المييت يتألم
كما يتألم الحي ،وقد ورد به حديث:
حداً َ
حدوا لي ل ْ [رح ]44ييييي وعين سيعد بين أ َيبي وقّاص رض يَي الله عنيه قال" :ال ِ
ْ
سلّم" رواه ُي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ سول الله َي صنع بر ُي صبا ً كميا ُي ن ن ْي يّي اللّب ِي َصبُوا عل َ وان ْي ِ
م.سل ٌم ْ ُ
ً
هذا الكلم قاله سعد لما قيل له أل نتخذ لك شيئا كأنه الصندوق من الخشب؟
فقال :اصيينعوا .فذكره .واللحييد بفتييح اللم وضمهييا هييو الحفيير تحييت الجانييب
القبلي من القبر.
سلّم وقيد أخرجيه أحميد وابين ماجيه صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وفييه دللة أنيه لحيد له َي
بإسناد حسن .وأنه كان بالمدينة رجلن رجل يلحد ورجل يشق فبعث الصحابة
فيي طلبهميا فقالوا :أيهميا جاء عميل عمله لرسيول الله صيلى الله علييه وآله
سلّم .ومثله عين ابين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ وسيلم فجاء الذي يلحيد لرسيول الله َي
عباس عند أحمد والترمذي .وأن الذي كان يلحد هو أبو طلحة النصاري :وفي
إسناده ضعف.
وفيه الدللة على أن اللحد أفضل.
حوُيه ُ وزاد" :وُرفِيع قَبُْره ُي عين ي عين جابرٍ رض يَي الله عنيه ن َ ْ [رح ]45ييييي وللبيْهَق ِ ّي
ن حبَّان. ه اب ُ
حح ُشبْرٍ" وص ّ الرض قدَْر ِ
(وللبيهقي) أي وروي البيهقي (عن جابر رضي الله عنه نحوه) أي نحو حديث
سعد (وزاد :ورفع قبره عن الرض قدر شبر وصححه ابن حبان).
هذا الحدييث أخرجيه البيهقيي وابين حبان مين حدييث جعفير بين محميد عين أبييه
عين جابر .وفيي الباب مين حدييث القاسيم بين محميد قال :دخلت على عائشية
سلّم وصاحبيه صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ فقلت :يا أماه اكشفي لي عن قبر رسول الله َ
فكشفيت له عين ثلثية قبور ل مشرفية ول وطئيية ،مبطوحية ببطحاء العرصية
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه الحمراء .أخرجييه أبييو داود والحاكييم وزاد :رأيييت رسييول الله َي
سلّم صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ سلّم مقدما ً وأبيو بكير رأسيه بيين كتفيي رسيول الله َي وَي َ
وعمير رأسيه عنيد رجلي رسيول الله صيلى الله علييه وآله وسيلم .وأخرج أبيو
داود في المراسيل عن صالح بن أبي صالح قال :رأيت قبر رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم شبرا ً أو نحو شبر.
صلّى ويعارضه ما أخرجه البخاري من حديث سفيان التمار :أنه رأى قبر النبي َ
سلّم مسينماً .أي مرتفعا ً كهيئة السينام وجميع بينهميا البيهقيي بأنيه الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
كان أول ً مسيطحا ً ثيم لميا سيقط الجدار فيي زمين الولييد بين عبيد الملك أصيلح
فجعل مسنماً.
سلّم يوم الثنيين عندميا زاغيت الشميس صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
(فائدة) كانيت وفاتيه َي
لثنتيي عشرة ليلة خلت مين ربييع الول ودفين يوم الثلثاء .كميا فيي الموطيأ.
وقال جماعة يوم الربعاء .وتولى غسله ودفنه علي والعباس وأسامة .أخرجه
أبيو داود مين حدييث الشعيبي وزاد :وحدثنيي مرحيب ،وكذا فيي الشرح والذي
في التلخيص :مرحب أو أبو مرحب بالشك أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن بن
عوف .وفي رواية البيهقي زيادة مع علي والعباس الفضل بن العباس وصالح
ييييي وهيو شقران ييييي ولم يذكير ابين عوف .وفيي روايية له ولبين ماجيه :على
والفضيل وقثييم وشقران .وزاد .وسييوّى لحده رجييل مين النصيار .وجميع بيين
الروايات بأن من نقص فباعتبار ما رأى أول المر ومن زاد أراد به آخر المر..
صلّى الله ع َلَي ْيهِ [رح ]36ييييي ولمسيلم عنيه رضيي الله عنيه :نهيى رسيول الله َي
سلّم أن يجصص القبر وأن يقعدا عليه ،وأن يبنى عليه. وَ َ
صلّى الله ع َلَي ْهِ (ولمسلم عنه رضي الله عنه) أي عن جابر (نهى رسول الله َ
سلّم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه). وَ َ
الحدييث دلييل على تحرييم الثلثية المذكورة لنيه الصيل فيي النهيي .وذهيب
الجمهور إلى أن النهيي فيي البناء والتجصييص للتنزييه .والقعود للتحرييم وهيو
جمييع بييين الحقيقيية والمجاز ول يعرف مييا الصييارف عيين حمييل الجميييع على
الحقيقة التي هي أصل النهي.
وقد وردت الحاديث في النهي عن البناء على القبور والكتب عليها والتسريج
وأن يزاد فيهيا وأن توطيأ .فأخرج أبيو داود والترمذي والنسيائي مين حدييث ابين
مسيييعود مرفوعاً" :لعييين الله زائرات القبور والمتخذيييين عليهيييا المسييياجد
والسييرج" .وفييي لفييظ للنسييائي" :نهييى أن يبنييى على القييبر أو يزاد عليييه أو
يجصص أو يكتب عليه" .وأخرج البخاري من حديث عائشة قالت :قال رسول
سلّم فييي مرضييه الذي لم يقييم منييه" :لعيين اللهاليهود صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ الله َي
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" .واتفقا على إخراج حديث أبي هريرة
بلفيييظ "لعييين الله اليهود والنصيييارى اتخذوا قبور أنيييبيائهم مسيياجد" .وأخرج
الترمذي "أن عليا ً عليه السلم قال لبي الهياج السدي :أبعثك على ما بعثني
ه ول سيويت ُ
ّ سلّم أن ل أدع قيبرا ً مشرفا ً إل صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ علييه رسيول الله َي
تمثال ً إل طمسيته "قال الترمذي :حدييث حسين ،والعميل على هذا عنيد بعيض
أهل العلم ،فكرهوا أن يرفع القبر فوق الرض.
قال الشارح رحميه الله :وهذه الخبار المعيبر فيهيا باللعين والتشيبيه بقوله" :ل
تجعلوا قيييبري وثنا ً يعبيييد مييين دون الله" تفييييد التحرييييم للعمارة والتزييييين
والتجصيص ووضع الصندوق المزخرف ووضع الستائر على القبر وعلى سمائه
والتمسيح بجدار القيبر وأن ذلك قيد يفضيي ميع بعيد العهيد وفشيو الجهيل إلى ميا
كان علييه الميم السيابقة مين عبادة الوثان ،فكان فيي المنيع عين ذلك بالكليية
قطع لهذه الذريعة المفضية إلى الفساد ،وهو المناسب للحكمة المعتبرة في
شرع الحكام ميين جلب المصييالح ودفييع المفاسييد ،سييواء كانييت بأنفسييها أو
باعتبار ما تفضي إليه انتهى .وهذا كلم حسن وقد وفينا المقام حقه ومسألة
مستقلة.
َ
صلّى الله ع َلَي ْيهِ ي َي ن النيب َ ه "أ َّي ة رض يَي الل ّي ُ
ه عن ْي ُ ن ربيع َ ن عامرِ ب ِي [رح ]47ييييي وع َي ْ
ْ َ ْ
حثَيَات وهُ َ
و ث َ حثى عليه ثل َ مظعُون وأ تى القَبَْر فَ َ ن َ نب ِ سلّم صلّى على عثما َ وَ َ
م" رواه ُ الدارقطن ُّ
ي. قائ ٌ
شّيوأخرجيه البزار وزاد بعيد قوله وهيو قائم "عنيد رأسيه" وزاد أيضا ً "فأمير فر َ
عليه الماء" وروى أبو الشيخ في مكارم الخلق عن أبي هريرة مرفوعا ً "من
حثيا على مسيلم احتسيابا ً كتيب له بكيل ثراة حسينة" وإسيناده ضعييف .وأخرج
سلّم حثيى صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ابين ماجيه مين حدييث أبيي هريرة "أن رسيول الله َي
مين قبيل الرأس ثلثاً" إل أنيه قال أبيو حاتيم :حدييث باطيل وروى البيهقيي مين
طريق محمد بن زياد عن أبي أمامة قال" :توفي رجل فلم تصب له حسنة إل
ثلث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه" .ولكن هذه شهد بعضها لبعض.
وفيييه دللة على مشروعييية الحثييي على القييبر ثلثاً ،وهييو يكون باليدييين معاً
لثبوته في حديث عامر بن ربيعة ففيه حثا بيديه ،واستحب أصحاب الشافي أن
يقول عند ذلك {منها خلقناكم وفيها نعيدكم} الية.
َ ّ ُ َّ
ه
صلى الله ع َلي ْ ِ سول الل هِ َ نر ُ ن رضي الله عنه قال :كا َ [رح ]48يييي وعن عثْما َ
سألُوا َ
ف ع َل ْييه وقال" :اسيتغْفُِروا لخيك ُي ْ
م وا ْي ت وقَي َ م نْي دفين المي ّ ِي ِ سلّم إذا فرغ ِ وَي َ
َ
م.سأل" رواه ُ أبو داود وصححه الْحاك ِ ُ ه الن ي ُ ْ ه التّثْبيت فإن ّ ُ لَ ُ
فييه دللة على انتفاع المييت باسيتغفار الحيي له ،وعلييه ورد قوله تعالى{ :ربنيا
اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان} وقوله{ :واستغفر لذنبك وللمؤمنين
والمؤمنات} ونحوهما.
وعلى أنه يسأل في القبر ،وقد وردت به الحاديث الصحيحة ،كما أخرج ذلك
سلّم قال" :إن المييت صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
الشيخان .فمنهيا مين حدييث أنيس أنيه َي
إذا وضع في قيبره وتولى عنه أصحابه ،وإ نه ليسمع قرع نعال هم" .زاد مسلم:
"وإذا انصييرفوا أتاه ملكان" زاد ابيين حبان والترمذي ميين حديييث أبييي هريرة:
"أزرقان أسييودان يقال لحدهمييا المنكيير والخيير النكييير" .زاد الطييبراني فييي
الوسط" :أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما
البقر مثل الرعد" تزاد عبد الرزاق" :ويحفران بأنيابه ما ويطآن في أشعارهما
معهميا مرزبية لو اجتميع عليهيا أهيل منيى لم يقلوهيا" وزاد البخاري مين حدييث
البراء" :فيعاد روحه في جسده".
ويستفاد في مجموع الحاديث أنهما يسألنه فيقولن" :ما كنت تعبد؟ فإن كان
الله هداه فيقول :كنييت أعبييد الله ،فيقولن :مييا كنييت تقول فييي هذا الرجييل
سلّم فأمييا المؤميين فيقول :أشهييد أنييه عبييد الله صلّى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ لمحمييد َيي
ً
ورسييوله" .وفييي رواييية "أشهييد أن ل إله إل الله وأن محمدا عبده ورسييوله
فيقال له :صيدقت" "فل يسيأل عين شييء غيرهيا" "ثيم يقال له :على اليقيين
كنيت وعلييه ميت وعلييه تبعيث إن شاء الله تعالى" .وفيي لفيظ" :فينادي مناد
مين السيماء أن صيدق عبدي فافرشوه مين الجنية ،وافتحوا له بابا ً إلى الجنية
وألبسوه من الجنة قال :فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له مد بصره ،ويقال
له انظيير مقعدك ميين النار قييد أبدلك الله مقعدا ً ميين الجنيية فيراهمييا جميعاً،
فيقول :دعونيي حتيى أذهيب أبشير أهلي فيقال له :اسيكت ،ويفسيح له قيبره
سيبعون ذراعا ً ويمل خضرا ً إلى يوم القيامية" .وفيي لفيظ "ويقال له نيم فينام
نومية العروس الذي ل يوقظيه إل أحيب أهله .وأميا الكافير والمنافيق فيقول له
الملكان :مين ربيك؟ فيقول :هاه هاه ،ل أدري ويقولن :ميا دينيك؟ فيقول :هاه
هاه ،ل أدري فيقولن :مييا هذا الرجييل الذي بعييث فيكييم :فيقول :هاه هاه ل
أدري فيقال :ل دريييت ول تليييت يييييي أي ل فهمييت ول تبعييت ميين يفهييم يييييي
ويضرب بمطارق من حديد ضر بة لو ضرب بها جبل لصار ترابا ً فيصيح صيحة
يسمعها من يليه غير الثقلين".
واعلم أنه قد وردت أحاديث على اختصاص هذه المة بالسؤال في القبر دون
الميم السيالفة قال العلماء :والسير فييه أن الميم كانيت تأتيهيم الرسيل فإن
أطاعوهم فالمراد ،وإن عصوهم اعتزلوهم وعولجوا بالعذاب .فلما أرسل الله
سلّم رحميية للعالمييين أمسييك عنهييم العذاب وقبييل صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ محمدا ً َي
السييلم ممين أظهره سيواء أخلص أم ل ،وقييض الله لهيم مين يسيألهم فييي
القبور ليخرج الله سرهم بالسؤال وليميز الله الخبيث من الطيب.
وذهب ابن القيم إلى عموم المسألة وبسط المسألة في كتاب الروح.
ل" :كانُوا حد َ التّابعيين قا َ َ
ي الله عنيه أ َ ن حيبيب رض َي مَرة َ ب ِي ض ْ ن َ[رح ]49ييييي وَع َي ْ
َ
عنْد َ قَبْر هِ: ه أن يُقا َ
ل ِ ُ س ع َن ْ ُ سوِّيَ على المي ِّت قَبُْر ه ُ وان ْصرف النّا حبُّون إذا ُ ست َ ِ
يَ ْ
َّ ل :ل إله إل الله ،ثلث مَّرات ،يا فلن قُ ْ ن قُ ْ
م،سل ُه ،وديني ال ْ ي الل ُ ل :رب ِّ َ يا فُل ُ
ث أ َبي
حدي ِ ن َ
م ْ موْقُوفاً ،وللطّبََراني ن َ ْ
حو ُه ُ ِ صور َ
من ْ ُ
ن َ
سعيد ُ ب ُ مدٌ" روا ه ُ َ ي مح ّ ونَبِي ِّ ِ ّ
مطَوَّلً. َ
مْرفوعا ً ُ ة َ م َما َ أ َ
(وعن ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم (ابن حبيب) بالحاء المهملة
مفتوحية فموحدة فمثناة فموحدة (أحيد التابعيين) حمصيي ثقية روى عين شدّاد
بيين أوس وغيره (قال :كانوا) ظاهره الصييحابة الذييين أدركهييم (يسييتحبون إذا
سيوي) بضيم السيين المهملة مغيير الصييغة مين التسيوية (على المييت قيبره
وانصييرف الناس عنييه أن يقال عنييد قييبره :يييا فلن قييل :ل إله إل الله ثلث
مرات ،ييا فلن قيل :ربيي الله ودينيي السيلم ونيبيي محميد .رواه سيعيد بين
منصور موقوفاً) على ضمرة بن حبيب (وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة
ت فاصينعوا بيي كميا أمير مرفوعا ً مطولً) ولفظيه عين أبيي أمامية :إذا أنيا م ُي
صلّىسلّم أن نصينع بموتانيا ،أمرنيا رسيول الله َي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ رسيول الله َي
سلّم فقال" :إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره الله ع َلَي ْهِ و َ َ
فليقيم أحدكيم على رأس قيبره ثيم ليقيل :ييا فلن ابين فلنية فإنيه يسيمعه ول
يجييب ثيم يقول :ييا فلن ابين فلنية ،فإنيه يسيتوي قاعدا ً ثيم يقول :ييا فلن ابين
فلنة فإنه يقول :أرشدنا رحمك الله ،ولكن ل تشعرون ،فليقل :اذكر ما كنت
علييه فيي الدنييا مين شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً عبده ورسيوله ،وأنيك
رضييت بالله ربّا ً وبالسيلم دينا ً وبمحميد نيبيا ً وبالقرآن إماماً .فإن منكرا ً ونكيراً
يأخيذ كيل واحيد منهميا بييد صياحبه ويقول :انطلق بنيا ميا يقعدنيا عنيد مين لقين
حجتيه؟ قال :فقال رجيل :ييا رسيول الله فإنيه لم يعرف أميه؟ قال :ينسيبه إلى
مه حوّاء ،ييا فلن ابين حواء" قال المصينف :إسيناده صيالح وقيد قوّاه الضياء أ ّي
فيي أحكاميه .قلت :قال الهيثميي بعيد سيياقه ميا لفظيه :أخرجيه الطيبراني فيي
الكيبير ،وفيي إسيناده جماعية لم أعرفهيم .وفيي هامشيه :فييه[تيض] عاصيم بين
عبد الله[/تض] ضعيف :ثم قال :والراوي عن أبي أمامة سعيد الزدي بيض له
أبييو حاتييم ،وقال الثرم :قلت لحمييد بيين حنبييل :هذا الذي يصيينعونه إذا دفيين
الميت يقف الرجل ويقول :يا فلن ابن فلنة قال :ما رأيت أحدا ً يفعله إل أهل
الشام حيين مات أبيو المغيرة .ويروى فييه عين أبيي بكير ابين أبيي مرييم عين
أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه.
وقد ذهب إليه الشافعية.
وقال في المنار :إن حديث التلقين هذا حديث ل يشك أهل المعرفة بالحديث
في وضعه .وأنه أخرجه سعيد بن منصور في سنه عن ضمرة بن حبيب عن
أشياخ له من أهل حمص فالمسئلة حمصية.
وأما جعل "اسألوا له التثبيت فإنه الن يسأل" :شاهدا ً له ،فل شهادة فيه.
وكذلك أميير[اث] عمرو بيين العاص[/اث] بالوقوف عنييد قييبره مقدار مييا ينحيير
جزور ليستأنس بهم عند مراجعة رسل ربه :ل شهادة فيه على التلقين .وابن
القيييم جزم فييي الهدى بمثييل كلم المنار ،وأمييا فييي كتاب الروح فإنييه جعييل
حديييث التلقييين ميين أدلة سييماع الميييت لكلم الحياء وجعييل اتصييال العمييل
بحدييث التلقيين مين غيير نكيير كافيا ً فيي العميل بيه ،ولم يحكيم له بالصيحة بيل
قال فيي كتاب الروح :إنيه حدييث ضعييف ويتحصيل مين كلم أئمية التحقييق أنيه
حديث ضعيف والعمل به بدعة ول يغتر بكثرة من يفعله.
ل ه قال :قا َ ي رضييي الله عن ْيي ُ م ِّ سل َ ِب ال ْيي حصييي ْ ِ ن بَُريْدَة بيين ال َ [رح ]50يييييي وع َيي ْ
م عين زياَرةِ القبُورِ فَُزوروهيا" ت نَهَيْتُك ُي ْ سلّم" :كُن ْي ُ صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ل الله َي رسيو ُ
خَرةَ". مذيُّ" :فإنها تُذكُّر ال ِ مَ ،زاد َ التِّْر ِ سل ٌ م ْ رواه ُ ُ
صلّى (وعن بريدة بن الحصيب السلمي رضي الله عنه قال :قال رسول الله َ
ت نهيتكيم عين زيارة القبُور فزوروهيا" رواه مسيلم زاد سلّم" :كن ُي الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
الترمذي) أي من حديث بريدة ("فإنها تذكُِّر الخرة").
"وتَُزهِّد ُ في الدُّنْيَا". سعود ٍ َ م ْن َن حديث اب ِ م ْه ِ ج ْ ما َ ن َ 51يييي زاد َ اب ُ
(زاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود) وهو الحديث السابق بلفظ "ما مضى"
وزاد ("وتَُزهّد ُ في الدنيا") وفي الباب أحاديث عن أبي هريرة عن مسلم وعن
ابن مسعود عن ابن ماجه والحاكم وعن أبي سعيد عند أحمد والحاكم وعن
ي عليه السلم عند أحمد وعن عائشة عن ابن ماجه. عل ّ
والكل دال على مشروع ية زيارة القبور وبيان الحكمة في ها وأنها للعتبار فإنه
فيي لفيظ حدييث ابين مسيعود "فإنهيا عيبرة وذكرى للخرة والتزهييد فيي الدنييا"
فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعاً.
سلّم كان نهى أول ً عن صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وحديث بريدة جمع فيه بين ذكير أنه َ
زيارتها ثم أذن فيها أخرى.
وفيي قوله" :فزوروهيا" أمير الرجال بالزيارة وهيو أمير ندب اتفاقاً ،ويتأكيد فيي
حق الوالدين لثار في ذلك.
وأما ما يقوله عند وصوله المقابر فهو :السلم عليكم دار قوم مؤمنين ورحمة
الله وبركاتيه ،ويدعيو لهيم بالمغفرة ونحوهيا .وسييأتي حدييث مسيلم فيي ذلك
قريبا ً وأما قراءة القرآن ونحوها عند القبر فسيأتي الكلم فيها قريباً.
َ َ ن أ َبي هَُريْرة َ رضي الله عن ُهي "أ َ
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه ل الل ّيهِ َ سونّي ر ُ [رح ]52يييي وَع َي ْ
َ
حبّان وقال الترمذي ن ِ ه اب ُ حح ُ ه الترمذي ُّ وص ّ خرج ُ ت القُبُور" أ ْ ن َزائَرا ِ سلّم لَع َ َ وَ َ
بعد إخراجه :هذا حديث حسن .وفي الباب عن ابن عباس وحسان.
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه وقيد قال بعيض أهيل العلم :إن هذا كان قبيل أن يرخيص النيبي َي
سلّم في زيارة القبور فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء. وَ َ
ن وكثرة جزعهين ثيم وقال بعضهيم :إنميا كره زيارة القبور للنسياء لقلة صيبره ّ
ساق بسنده أن عبد الرحمن بن أبي بكر توفي ودفن في مكة وأتت عائشة
قبره ثم قالت:
[شع] وكنا كندماني جذيمة برهة
من الدهر حتى قيل :لن يتصدعا[/شع] [شع] وعشنا بخير في الحياة وقبلنا
أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا[/شع] [شع] ولما تفرقنا كأني ومالكاً
لطول اجتماع لم نبييت ليلة معاً[/شييع] اهي ي ويدل مييا قاله بعييد أهييل العلم مييا
أخرجيه مسيلم عين عائشية قالت :كييف أقول ييا رسيول الله إذا زرت القبور؟
فقال :قولي" :السيلم على أهيل الديار مين المسيلمين والمؤمنيين يرحيم الله
المتقدميين من ّيا والمتأخريين وإنيا إن شاء الله بكيم لحقون" .وميا أخرج الحاكيم
مين حدييث علي ابين الحسيين أن فاطمية عليهيا السيلم كانيت تزور قيبر عمهيا
حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده .قلت :وهو حديث مرسل فإن علي بن
سلّم .وعموم ما أخرجه صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد َ
البيهقيي فيي شعيب اليمان مرسيلً :مين زار قيبر الوالديين أو أحدهميا فيي كيل
جمعة غفر له وكتب باّراً.
َ
ل الله ل" :لَعَين رسيو ُ ه قا َ ه عن ْي ُ يّي رض يَي الل ّي ُ ِ خدْر ن أ َيبي سيعيد ٍ ال ُ [رح ]53ييييي وع َي ْ
َ َ
ه أبُو داود. ج ُ خَر َ معَ َ
ة" أ ْ ست َ ِ
م ْ ة وال ُ ح َ سلّم النّائ ِ َ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
النوح هو رفع الصوت بتعديد شمائل الميت ومحاسن أفعاله.
والحديث دليل على تحريم ذلك وهو مجمع عليه.
ل الله َي
ة رضيي الله عن ْيها قالت" :أ خذ ع َلَي ْينا رسيو ُ م ِ عطي ّ َ [رح ]54ييييي وع َي ُي
نأ ّ ْ
َ ّ
ن ل نَنُوح" متفقٌ عليه. سلم عند البيعة أ ْ صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ َ
ن ذلك وقت المبايعة على السلم. كان أخذه عليه ّ
والحديثان دالن على تحريييم النياحيية وتحريييم اسييتماعها إذ ل يكون اللعيين إل
صلّى الله ع َلَيْهِ على محرم .وفي الباب عن ابن مسعود قال :قال رسول الله َ
سلّم" :لييس من ّيا مين ضرب الخدود وشيق الجيوب ودعيا بدعوى الجاهليية". وَي َ
صلّى الله ع َلَي ْي ِ
ه متفيق علييه .وأخرجيا مين حدييث أبيي موسيى :أن رسيول الله َي
سلّم قال" :أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق" .وفي الباب غير ذلك. وَ َ
ول يعارض ذلك ما أخرج أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم عن ابن عمر :أنه
سلّم مير بنسياء ابين عبيد الشهيل يبكيين هلكاهين يوم أ ُيحد صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ َي
فقال" :لكين حمزة ل بواكيي" فجاء نسياء النصيار يبكيين حمزة ييييي الحدييث.
فإنيه منسيوخ بميا فيي آخره بلفيظ "فل تبكيين على هالك بعيد اليوم" وهيو يدل
على أنه عبر عن النياحة بالبكاء.
فإن البكاء غير منهي عنه كما يدل له ما أخرجه النسائي عن أبي هريرة قال:
سلّم فاجتميع النسياء يبكيين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ "مات مييت مين آل رسيول الله َي
سلّم :دعهين ييا صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ علييه فقام عمير ينهاهين ويطردهين فقال له َي
عمير فإن العيين تدميع والقلب مصياب والعهيد قرييب" والمييت هيي زينيب بنتيه
سلّم كما صرح به في حديث ابن عباس أخرجه أحمد وفيه صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ َ
أنيه قال لهين" :إياكين ونعييق الشيطان فإنيه مهميا كان مين العيين ومين القلب
فمن الله ومن الرحمة ،وما كان من اليد والل سان ف من الشيطان" فإ نه يدل
على جواز البكاء ،وإنه إنما نهي عن الصوت.
سلّم" :العيين تدميع ويحزن القلب ول نقول إل ميا صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ومنيه قوله َي
يرضييي الرب" قاله فييي وفاة ولده إبراهيييم ،وأخرج البخاري ميين حديييث ابيين
عميير "إن الله ل يعذب بدمييع العييين ول بحزن القلب ولكيين يعذب بهذا يييييي
وأشار إلى لسيانه ييييي أو يرحيم" وأميا ميا فيي حدييث عائشية عين الشيخيين فيي
سلّم لمن أمره أن ينهى النساء المجتمعات للبكاء على صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ قوله َ
جعفير بين أبيي طالب "أحيث فيي وجههين التراب" فيحميل على أنيه كان بكاء
ن.
بتصويت النياحة فأمر بالنهي عنه ولوَ بحثو التراب في أفواهه ّ
سلّم صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ ي َ ه ع َنْه ُما عن الن ّب ِ ّ ي الل ّ ُ مَر رض َ ن عُ َ [رح ]55يييي وعن اب ِ
حوُيه ُ عين متّفق ٌي ع َلَي ْيه ،ولهُيما ن ْ ب فيي قيبره بميا نييح عليه ِي" ُ ت يُعَذ ُي قال" :المي ّ ِي ُ
ة.المغيرةِ بن شعب َ
(وعين ابين عمير رضيي الله عنهميا عين النيبي صيلى الله علييه وآله وسيلم قال:
ت يعذب فيي قيبره بميا نييح علييه" متفيق علييه .اولهميا) أي الشيخيين كميا "المي ُي
دل له متفق عليه فإنهما المراد به (نحوه) أي نحو حديث ابن عمر وهو (عن
المغيرة بن شعبة).
الحاديث في الباب كثيرة .وفيها دللة على تعذيب الميت بسبب النياحة عليه.
وقد استشكل ذلك لن تعذيبه بفعل غيره .واختلفت الجوابات.
فأنكرت عائ شة ذلك على عمر وابنه عبد الله واحتجت بقوله تعالى{ :ول تزر
وازرة وزر أخرى} وكذلك أنكره أبو هريرة.
واسيتبعد القرطيبي إنكار عائشية وذكيير أنيه رواه عدة مين الصيحابة فل وجيه
لنكارهيا ميع إمكان تأويله ،ثيم جميع القرطيبي بيين حدييث التعذييب واليية بأن
قال :حال البرزخ يلحييق بأحوال الدنيييا وقييد جرى التعذيييب فيهييا بسييبب ذنييب
الغيير كميا يشيير إلييه قوله تعالى{ :واتقوا فتنية ل تصييبن الذيين ظلموا منكيم
خاصييية} فل يعارض حدييييث التعذييييب ،آيييية {ول تزر وازرة وزر أخرى} لن
المراد بها الخبار من حال الخرة واستقواه الشارح.
وذهييييب الكثرون إلى تأويله بوجوه .الوّل :للبخاري أنييييه يعذب بذلك إذا كان
سيينته وطريقتييه وقييد أقّر عليييه أهله فييي حياتييه فيعذب لذلك ،وإن لم يكيين
طريقتيه فإنيه ل يعذب .فالمراد على هذا أنيه يعذب ببعيض بكاء أهله وحاصيله
أنه قد يعذب العبد بفعل غيره إذا كان له فيه سبب.
الثانيي :المراد أنيه يعذب إذا أوصيى أن يبكيي علييه وهيو تأوييل الجمهور قالوا:
وقد كان معروفا ً عند القدماء كما قال طرفة بن العبد:
[شع] إذا مت فابكيني بما أنا أهله
وشقيي عل يّي الجييب ييا ابنية معبيد[/شيع] ول يلزم مين وقوع النياحية مين أهيل
المييييت امتثال ً له أن ل يعذب لو لم يمتثلوا بيييل يعذب بمجّرد اليصييياء ،فإن
امتثلوه وناحوا عذب على المرين :اليصاء لنه فعله ،والنياحة لنها بسببه.
والثالث :أنيه خاص بالكافير وأن المؤمين ل يعذب بذنيب غيره أصيل وفييه بُعْيد ل
يخفيى فإن الكافير ل يحميل علييه ذنيب غيره أيضا ً لقوله تعالى{ :ل تزر وازرة
وزر أخرى}.
الرابيع :أن معنيى التعذييب توبييخ الملئكية للمييت بميا يندبيه بيه أهله كميا روى
أحميد مين حدييث أبيي موسيى مرفوعاً" :المييت يعذب ببكاء الحيي ،إذا قالت
النائحية :واعضداه واناصيراه واكاسيياه جلد المييت وقال :أنيت عضدهيا؟ أنيت
ناصرها؟ أنت كاسيها؟" وأخرج معناه ابن ماجه والترمذي.
الخامس :أن معنى التعذيب تألم الميت بما يقع من أهله من النياحة وغيرها
فإنيه يرق لهيم ،وإلى هذا التأوييل ذهيب محميد بين جريير وغيره وقال ،القاضيي
سلّم زجر صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ عياض ،هو أولى القوال واحتجوا بحديث فيه" :أنه َ
امرأة عين البكاء على ابنهيا وقال :إن أحدكيم إذا بكيى اسيتعبر له صيويحبه ،ييا
عباد الله ل تعذبوا إخوانكييييم .واسييييتدل له أيضا ً أن أعمال العباد تعرض على
موتاهم وهو صحيح.
وثمة تأولت أخر وما ذكرناه أشف ما في الباب.
َ ّ ً َ [رح ]56يييي وع َ َ
ه
صلى الله ع َلي ْ ِ ي َ ت بِنْتا للنّب ِ ّل" :شهِد ْ ُ ه قا َ س رضي الل ّ ُ
ه عن ُ ٍ ن أن َ
َ ْ
َ ْ ّ َ ّ
تسي على القَبْر فََرأي ْي ُ سلم جال ٌ صلى الله ع َلي ْيهِ وَي َ سلّم (تدفين) ورسيول الله َي وَي َ
ن" َروَاه ُ البخاريُّ.
معا ِ
ع َيْنَيْهِ تَد ْ َ
قد بين الواقدي وغيره في روايته أن البنت أم كلثوم ،وقد أورد البخاري قول
سلّم فيي بدر لم صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ مين قال إنهيا رقيية بأنهيا ماتيت ورسيول الله َي
سلّم دفنها. صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ يشهد َ
والحدييث دلييل على جواز البكاء على المييت بعيد موتيه وتقدم ميا يدل له أيضاً
إل أنيه عورض بحدييث فإذا وجبيت فل تبكيين باكيية .وجميع بينهميا بأنيه محمول
على رفع الصوت أو أنه مخصوص بالنساء لنه قد يفضي بكاؤهن إلى النياحة
فيكون من باب سد الذريعة.
سلّم قال: َي
صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ ي َين الن ّيب َّن جابر رض يَي الله ع َن ْيه أ َّ [رح ]57ييييي وع َي ْ
َ َ َ
سلم
م ْ ٍه في ُ صل ُ ُ
ه ،وأ ْ ج ْ ما َن َ
ه اب ُخرج ُ ضطَُّروا" أ ْ م باللّي ْل إل أ ْ
ن تُ ْ موتَاك ُ ْ
"ل تَدْفِنُوا َ ْ
صلّى عليه". َ
ل بالليْل حتى ي ُ َ ج ُن يُقْبر الَّر ُ جَر أ ْ لَ" :ز َلكن قا َ
سلّم قال" :ل تدفنوا صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ (وعين جابر رضيي الله عنيه أن النيبي َي
موتاكم بالليل إل أن تضطروا" أخرجه ابن ماجه وأصله في مسلم لكن قال:
جَر) بالزي والجييم والراء عوض "نهيى" (أن يقيبر الرجيل باللييل حتيى يصيلى َز َ
عليه).
دل على النهيي عين الدفين للمييت ليل ً إل لضرورة ،وقيد ذهيب إلى هذا الحسين
وورد تعليل النهي عن ذلك بأن ملئكة النهار أرأف من ملئكة الليل في حديث
قال الشارح :الله أعلم بصحته.
سلم ّ َ ّ
صلى الله ع َليْهِ وَ َ وقوله "وأصله في مسلم" لفظ الحديث الذي فيه" :أنه َ
خطب يوما ً فذكر رجل ً من أصحابه قبض وكفن في كفن غير طائل وقبر ليلً
وزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه إل أن يضطر النسان إلى ذلك".
وهو ظاهر أن النهي إنما هو حيث كان مظنة حصول التقصير في حق الميت
بترك الصيلة أو عدم إحسيان الكفين إذا كان يحصيل بتأخير المييت إلى النهار
كثرة المصييلين أو حضور ميين يرجييى دعاؤه ،حسيين تأخره ،وعلى هذا فيؤخيير
عيين المسييارعة فيييه لذلك ولو فييي النهار؛ دل لذلك دفيين علي عليييه السييلم
لفاطمية عليهيا السيلم ليل ً ودفين الصيحابة لبيي بكير ليلً ،وأخرج الترمذي مين
سلّم دخيل قيبرا ً ليل ً فأسيرج له صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
حدييث ا بن عباس" :أن النبي َ
ً
سيراج فأخيذ مين قبيل القبلة فقال :رحميك الله إن كنيت لوّاها تلءً للقرآن".
الحدييث ،قال :هيو حدييث حسين قال :وقيد رخيص أكثير أهيل العلم فيي الدفين
ليلً.
وقال ابين حزم :ل يدفين أحيد ليل ً إل أن يضطير إلى ذلك .قال :ومين دفين ليلً
سلّم وأزواجيه فإنيه لضرورة أوجبيت ذلك مين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ مين أصيحابه َي
خوف زحام أو خوف الحير على مين حضير أو خوف تغيير أو غيير ذلك مميا يبييح
الدفن ليلً .ول يحل لحد أن يظن بهم رضي الله عنهم خلف ذلك اهي.
(تنيبيه) تقدم فيي الوقات حدييث عقبية بين عامير" :ثلث سياعات كان رسيول
سلّم ينهانيا أن نصيلي فيهين وأن نقيبر فيهين موتانيا حيين صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
الله َي
تطلع الشمييس بازغيية حتييى ترتفييع وحييين يقوم قائم الظهيرة حتييى تزول
الشميس وحيين تضييف الشميس للغروب حتيى تغرب" اهيي .وكان يحسين ذكير
المصنف له هنا.
َ
جعْفَر ي َ ما جاءَ نَعْ ُ ه ع َنْهُما قال :ل ّ جعْفَر رضي الل ّ ُ ن عبد الله بن َ [رح ]58يييي وَع َ ْ
جعْفَير طَعَاماً ل َ صنَعُوا ل ِ سلّم" :ا ْي صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ حيين قُت ِيل قال رسيول الله َي
َ
ي.ة إل النّسائ َّ ه الْخم َ
س ُ خرج ُ م" أ ْشغِلُهُ ْ م ما ي ُ ْفَقَد ْ أتَاهُ ْ
فييه دلييل على شرعيية إيناس أهيل المييت بصينع الطعام لهيم لميا هيم فييه مين
الشغييل بالموت ،ولكنييه أخرج أحمييد ميين حديييث[اث] جرييير بيين عبييد الله
البجلي[/اث]" :كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من
النياحة".
فيحمل حديث جرير على أن المراد صنعة أهل الميت الطعام لمن يدفن منهم
ويحضير لديهيم كميا هيو عرف بعيض أهيل الجهات ،وأميا الحسيان إليهيم بحميل
الطعام لهم فل بأس به وهو الذي أفاده حديث جعفر.
ومميا يحرم بعيد الموت العقير عنيد القيبر لورود النهيي عنيه ،فإنيه أخرج أحميد
سلّم قال" :ل عقر في صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ وأبو داود من حديث أنس :أن النبي َ
السيييلم" .قال عبيييد الرزاق :كانوا يعقرون عنيييد القيييبر بقرة أو شاة ،قال
الخطابيي :كان أهيل الجاهليية يعقرون البيل على قبيل الرجيل يقولون نجازييه
على فعله لنيه كان يعقرهيا فيي حياتيه فيطعمهيا الضياف ونحين نعقرهيا عنيد
قبره حتى تأكلها السباع والطير فيكون مطعما ً بعد وفاته كما كان يطعم في
حياته.
ومنهيم مين كان يذهيب إلى أنيه إذا عقرت راحلتيه عنيد قيبره حشير فيي القيامية
راكبا ً ومين لم يعقير عنده حشير راجل ً وكان هذا على مذهيب مين يقول منهيم
بالبعث فهذا فعل جاهلي محرم.
ّيَ َ
ن
ه ع َنْهُيما قال :كا َي ي الل ُ ن بين بُريْدَة َ عين أبييه رض ْي سليْما َ ن ُي [رح ]59ييييي وع َي ْ
م
جوا إلى المقابر "السييل ُ م إذا خَر ُ ْ ي ُ مه
ُ ّ سلم يُعَل ِ ّ صلّى الله ع َلي ْ يهِ وَ ي َ
َ ل الله َ ي رسييو ُ
َ
حقُون، م لل ِ ه بك ُي ْن شاءَ الل ّي ُ ن المؤمنيين والمسيلمين ،وإن ّيا إ ْي م َي ل الدِّيار ِ على أهْ َ ِ
م. سل ٌ م ْ م العافية" رواه ُ ه لنَا ولك ُ ُ ل الل ّ َ سأ َ ُ َ
أ ْ
(وعن سليمان بن بريدة رضي الله عنه) هو السيلمي روى عن أبيه وعمران
بن حصيين وجماعة مات سينة خميس عشرة ومائة (عن أبيه) أي بريدة (قال:
سلّم يعلمهيم) أي الصيحابة (إذا خرجوا إلى صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ كان رسيول الله َي
المقابر) أي (أن يقولوا :السلم على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا
إن شاء الله بكيم للحقون أسيأل الله لنيا ولكيم العافيية .رواه مسيلم) وأخرجيه
أيضا ً مييين حدييييث عائشييية وفييييه زيادة "ويرحيييم الله المسيييتقدمين منيييا
والمستأخرين".
والحدييث دلييل على شرعيية زيارة القبور والسيلم على مين فيهيا مين الموات
وأنه بلفظ السلم على الحياء.
قال الخطابيي :فييه أن اسيم الدار يقيع على المقابر وهيو صيحيح فإن الدار فيي
اللغة تقع على الرابع المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
لوالتقيييد بالمشيئة للتيبرك وامتثال ً لقوله تعالى{ :ول تقولن لشييء إنيي فاع ٌ
ذلك غدا ً إل أن يشاء الله} وقيل المشيئة عائدة إلى تلك التربة بعينها.
وسؤاله العافية دليل على أنها من أهم ما يطلب وأشرف ما يسئل ،والعافية
للميت بسلمته من العذاب ومناقشة الحساب.
ومقصيود زيارة القبور :الدعاء لهيم والحسيان إليهيم وتذكير الخرة والزهيد فيي
الدنيييا ،وأميا ميا أحدثييه العاميية مين خلف ،كدعائهيم الميييت والسييتصراخ بيه
والستغاثة به وسؤال الله بحقه وطلب الحاجات إليه تعالى به فهذا من البدع
والجهالت وتقدم شيء من هذا.
صلّى الله ل :مَّر رسول الله َ س رضي الله ع َنْه ُما قا َ [رح ]60يييي وعن ابن ع َبّا ٍ
َ َ
لم ييا أهْ َ م ع َلَيْك ُي ْ
سل ُجهِيهِ فقال" :ال ّي م بو ْل عليه ْي سلّم بقبُور المدينية فأقْب َ
َ
ع َلَي ْيهِ وَي َ
َ
ل ن بالث َير" رواهي ُ التِّرمذيّيُ وقا َ سلَفُنا ونْح ُي ه لنيا ولكيم ،أنْت ُيم َي فُر الل ّي ُ
الْقُبور ،يَغْ ِ
ن.
حس ٌ
فيه أنه يسلم عليهم إذا مّر بالمقبرة وإن لم يقصد الزيادة لهم.
وفيه أنهم يعلمون بالماّر بهم وسلمه عليهم وإل كان إضاعة.
وظاهره في جمعة وغيرها وفي الحديثين يييي الول وهذا يييي دليل أن النسان
إذا دعيا لحيد أو اسيتغفر له يبدأ بالدعاء لنفسيه والسيتغفار لهيا ،وعلييه وردت
الدعية القرآنية {ربنا اغفر لنا ولخواننا} {واستغفر لذنبك وللمؤمنين} وغير
ذلك.
وفييه أن هذه الدعيية ونحوهيا نافعية للمييت بل خلف وأميا غيرهيا مين قراءة
القرآن له فالشافعي يقول :ل يصل ذلك إليه.
وذهب أحمد وجماعة من العلماء إلى وصول ذلك إليه.
وذهب جماعة من أهل السنة والحنفية الى أن للنسان أن يجعل ثواب عمله
لغيره صلة كان أو صوما ً أو حجا ً أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذكرا أو أي أنواع
القرب ،وهذا هييو القول الرجييح دليلً ،وقييد أخرج الدارقطنييي :أن رجل ً سييأل
سلّم أنه كيف يبر أبويه بعد موتهما فأجابه" :بأنه يصلي صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ النبي َ
لهما مع صلته ويصوم لهما مع صيامه" .وأخرج أبو داود من حديث معقل بن
سلّم" :اقرءُوا على موتاكيم سيورة ييس" وهيو صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ يسيار عنيه َي
سلّم صلّى الله ع َلَيْهِ وَ َ شامل للميت بل هو الحقيقة فيه ،وأخرج الشيخان "أنه َ
كان يضحي عن نفسه بكبش وعن أمته بكبش".
وفيه إشارة إلى أن النسان ينفعه عمل غيره وقد بسطنا الكلم في حواشي
ضوء النهار بما يتضح منه قوة هذا المذهب.
ّ َ
صلى الله ل الله َي ل رسيو ُ ه ع َن ْيها قالت :قا َ [رح ]61ييييي وعين عائشية رضيي الل ّي ُ
َ
موا" رواه يُ ضوا إلى مييا قييد قد َّ ُ م قد ْ أفْ َ سبُّوا الموات فإنّهُيي ْ سلّم" :ل ت َ ي ُ ع َلَي ْ يهِ وَ ي َ
الْبُخاريَّ.
سلّم: صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ (وعين عائشية رضيي الله عنهيا قالت :قال رسيول الله َي
(ل تسيبوا الموات فإنهيم قيد أفضوا) أي وصيلوا (إلى ميا قدَّموا) مين العمال
(رواه البخاري).
الحدييث دلييل على تحرييم سيب الموات .وظاهره العموم للمسيلم والكافير.
وفيي الشرح :الظاهير أن مخصيص بجواز سيب الكافير لميا حكاه الله مين ذم
الكفار في كتابه العزيز كعاد وثمود وأشباههم.
قلت :لكين قوله "قيد أفضوا إلى ميا قدَّموا" علة عاملة للفريقيين معناهيا أنيه ل
فائدة تحت شبهم والتفكه بأعراضهم ،وأما ذكره تعالى للمم الخالية بما كانوا
فيه من الضلل فليس المقصود ذمهم بل تحذيرا ً من تلك الفعال التي أفضت
بفاعلها إلى الوبال وبيان محرمات ارتكبوها.
وذكير الفاجير بخصيال فجوره لغرض جائز ،ولييس مين السيب المنهيي عنيه فل
تخصيص بالكفار ،نعم الحديث مخصص ببعض المؤمنين كما في الحديث :أنه
صلّىسلّم بجنازة فأثنوا عليها شرا الحديث وأقرهم َ صلّى الله ع َلَيْهِ و َ َ مَّر عليه َ ُ
سلم على ذلك بيل قال" :وجبيت" أي النار ثيم قال" :أنتيم شهداء ّ َ
الله ع َلي ْيهِ وَي َ
الله" .ول يقال إن الذي أثنوا عليه شرا ً ليس بمؤمن لنه قد أخرج الحاكم في
ذميه" :بئس المرء كان لقيد كان فظا ً غليظاً" .والظاهير أنيه مسيلم إذ لو كان
كافرا ً لما تعرضوا لذمه بغير كفره.
سلّم لهيم بأنيه صلّى الله ع َلَي ْيهِ وَي َ
وقيد أجاب القرطيبي عين سيبهم له وإقراره َي
يحتمل أنه كان مستظهرا ً بالشر ليكون من باب ل غيبة لفاسق ،أو بأنه يحمل
النهيي عين سيب الموات على ميا بعيد الدفين .قلت :وهيو الذي يناسيب التعلييل
بإفضائهم إلى ما قدموا فإن الفضاء الحقيقي بعد الدفن.
حوَه ُ لكن قال" :فَتُؤْذ ُوا ال ْ
حياءَ". مغيرةِ ن ْ[رح ]62يييي وروى التّرمذيُّ عن ال ُ
(وروي الترمذي عن المغيرة نحوه) أي نحو حديث عائشة في النهي عن سب
الموات (لكيين قال) عوض قوله "فإنهييم قييد أفضوا إلى مييا قدموا" (فتؤذوا
الحياء) قال ابن رشد :إن سب الكافر يحرم إذا تأذى به الحي المسلم .ويحل
إذا لم يحصل به الذية ،وأما المسلم فيحرم إل إذا دعت الضرورة كأنه يكون
فييه مصيلحة للمييت إذا أرييد تخليصيه مين مظلمية وقعيت منيه فإنيه يحسين بيل
يجب إذا اقتضى ذلك سبه وهو نظير ما استثني من جواز الغيبة لجماعة من
الحياء لمور.
(تنبيه) من الذية للميت القعود على قبره لما أخرجه أحمد قال الحافظ ابن
حجر :بإسناد صحيح من حديث[اث] عمرو بن حزم النصاري[/اث] قال :رآني
سلّم وأنا متكيء على قبر فقال" :ل تؤخذ صاحب صلّى الله ع َلَي ْهِ و َ َ رسول الله َ
صلّى
القيبر" وأخرج مسيلم مين حدييث أبيي هريرة أنيه قال :قال رسيول الله َي
سلّم" :لن يجلس أحدكييم على جمرة فتحرق ثيابييه فتخلص إلى الله ع َلَي ْييهِ وَيي َ
جلده خييير له ميين الجلوس عليييه" وأخرج مسييلم عيين أبييي مرثييد مرفوعا ً "ل
تجلسوا على القبور ول تُصلّوا إليها".
والنهي ظاهر في التحريم .وقال المصنف في فتح الباري نقل ً عن النووي :إن
الجمهور يقولون بكراهية القعود علييه،وقال مالك :المراد بالقعود الحدث وهيو
تأويل ضعيف أو باطل انتهى .وبمثل قول مالك قال أبو حنيفة كما في الفتح.
قلت :والدليييل يقتضييي تحريييم القعود عليييه والمرور فوقييه ،لن قوله" :ل تؤذ
صياحب القيبر" نهيى عين أذيية المقبور مين المؤمنيين ،وأذيية المؤمين محرمية
بنييص القرآن {والذييين يؤذون المؤمنييين والمؤمنات بغييير مييا اكتسييبوا فقييد
احتملوا بهتانا ً وإثما ً مبينا}