You are on page 1of 83

‫مفاتح تدبر القرآن‬

‫و‬
‫النجاح في الحياة‬

‫إعداد‬
‫د‪.‬خالد بن عبد الكري اللحم‬
‫أستاذ القرآن وعلومه الساعد‬
‫بامعة المام ممد بن سعود السلمية‬
‫ح خالد بن عبد الكري اللحم ‪1425 ،‬هـ‬
‫فهرسة مكتبة اللك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫اللحم ‪ ،‬خالد عبد الكري ممد‬
‫مفاتيح تدبر القرآن والنجاح ف الياة ‪/‬خالد بن عبد الكري اللحم ‪-‬‬
‫الرياض ‪1425 ،‬هـ‬
‫‪ 80‬ص ‪ 24 ،‬سم‬
‫ردمكـ ‪9960 _ 46 _ 021 - 5‬‬
‫أ ‪ -‬العنوان‬ ‫‪ -1‬القرآن ‪-‬مباحث عامة ‪ -2‬النجاح‬
‫‪1425 -2878‬‬ ‫ديوي ‪229‬‬

‫رقم اليداع ‪1425 - 2878 :‬‬


‫ردمكـ ‪_ 46 _ 021 - 5‬‬
‫حقوق الطبع مفوظة‬
‫الطبعة الول ‪1425‬هـ ‪ 2004 -‬م‬

‫يطلب الكتاب من الناشر على العنوان ‪:‬‬


‫جوال ‪0505217570‬‬
‫فاكس ‪ ، 012312652‬بريد الكترون‬
‫‪LAHIM@QURANLIFE.com‬‬
‫بسم الله‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫سبب تأليف الكتاب‬
‫بعد إحدى المحاضرات سألني أحدهم ‪:‬‬
‫كيف يكون النجاح بالقرآن ؟‬
‫فقلت له ‪ :‬هذا ستؤال كتبير ‪ ،‬وخاصتة هذه اليام التتي فتتن‬
‫الناس فيهتا بهذا الفتن مستتندين فتي معظتم طرحهتم على‬
‫كتب حضارات غير إسلمية ‪ ،‬وصار المتسيِّد ُ للحديث فيه ل‬
‫يملكتته إل متتن حصتتل على شهادات أو دورات هناك ‪ ،‬قلت‬
‫له ‪ :‬هذا ستؤال كتبير وأخشتى إن أجبتت عنته إجابتة ستريعة‬
‫أن أستيئ إلى القرآن ‪ ،‬فل بتد متن البيان المتكامتل الواضتح‬
‫الذي يربتط المفاهيتم والمصتطلحات بالواقتع ‪ ،‬ويوضتح أن‬
‫الصتتل فتتي تحقيتتق النجاح هتتو القرآن الكريتتم كلم رب‬
‫العالميتتن ‪ ،‬ومتتا عداه ‪ :‬فإمتتا أن يكون تابعا ً له ‪ ،‬وإل فهتتو‬
‫مرفوض ‪.‬‬
‫كان هذا الستتتؤال هتتتو ستتتبب تأليتتتف هذا الكتاب ‪ ،‬الذي‬
‫حاولت فيته أن أبيتن كيفيتة تحقيتق القوة والنجاح بمفهومته‬
‫الشامتل المتكامتل لكتل طبقات المجتمتع ولجميتع جوانتب‬
‫حياتهم ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫مقدمة‬
‫مقدمة‬
‫إن المسد ل نمده ‪ ،‬ونسستعينه ‪ ،‬ونسستغفره ‪ ،‬ونعوذ بال مسن شرور أنفسسنا‬
‫وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد‬
‫أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪ ،‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فإن الوسسيلة الول لصسلح النفسس وتزكيسة القلب والوقايسة مسن الشكلت‬
‫‪،‬‬
‫وعلجها هو العلم ووسيلته الول القراءة والكتاب ؛ لذلك ند أن ال تعال لا‬
‫أراد هداية اللق وإخراجهم من الظلمات إل النور أنزل إليهم كتابا يقرأ ‪ ،‬وف‬
‫أول سورة نزلت منه بدأت بكلمة عظيمة هي مفتاح الصلح لكل الناس مهما‬
‫اختلفت الزمان وتباينت البلدان إنا ‪ { :‬إقرأ } ‪ ،‬وعليه فمن أراد النجاح وأراد‬
‫الزكاة والصسلح فل طريسق له سسوى الوحييس القرآن والسسنة ‪ :‬قراءة وحفظسا‬
‫وتعلما‪.‬‬
‫إن الحالة على كتاب يقرأ ويفهم ويطبق هي الطريقة العملية للتغي والتطوير‪.‬‬
‫ولو تأملنا ف حال سلفنا الصال بدءا من النب § وانتهاءً بالعاصرين من الصالي‬
‫لوجد نا أن القا سم الشترك بين هم هو القيام بالقرآن و ف صلة الل يل خا صة ‪،‬‬
‫والع مل الت فق عل يه عند هم الذي ل يرون التهاون به ف أي حال هو الزب‬
‫اليومي من القرآن ‪ ،‬عن عمر بن الطاب _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬من نام‬
‫عن حزبه أو عن شيء م نه فقرأه فيما بي صلة الف جر وصلة الظهر كتب له‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪6‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كأنا قرأه من الليل" إنه الرص على عدم فواته مهما حالت دونه الوائل ‪ ،‬أو‬
‫اعترضتسه العوارض ‪ ،‬لنمس يعلمون يقينسا أن هذا هسو غذاء القلب الذي ل ييسا‬
‫بدونه ‪ ،‬إنم يرصون على غذاء القلب قبل غذاء البدن ‪ ،‬ويشعرون بالنقص مت‬
‫حصسل شسئ مسن ذلك ‪ ،‬بعكسس الفرطيس الذيسن ل يشعرون إل بوع أبدانمس‬
‫وعطشها ‪ ،‬أو مرضها وألها ‪ ،‬أما أل القلوب وعطشها وجوعها فل سبيل لم إل‬
‫الحساس به‪.‬‬
‫إن قراءة القرآن ف صلة الليل هي أقوى وسيلة لبقاء التوحيد واليان غضا‬
‫طريا نديا ف القلب ‪.‬‬
‫إنا النطلق لكل عمل صال آخر من صيام أو صدقة أو جهاد وبر وصلة‪.‬‬
‫لا أراد ال سبحانه وتعال تكليف نبيه ممد § بواجب التبليغ والدعوة وهو حل‬
‫ثقيلٌ جدا ؛ وجّ هه إل ما يعي نه عل يه و هو القيام بالقرآن ‪{ :‬يَا أَيّهَا الْمُ ّزمّلُ ‡†‬
‫قُمِس الّليْلَ إِلّ قَلِيلً ‡† نِص ْسفَهُ َأوِ انقُ صْ مِنْ هُ قَلِيلً ‡† َأوْ زِ ْد عََليْ هِ وَ َرتّ ِل الْقُرْآ نَ‬
‫تَ ْرتِيلً ‡† ِإنّا َسنُ ْلقِي عََليْ كَ َقوْ ًل َثقِيلً ‡† ِإنّ نَا ِشَئةَ الّليْ ِل هِ يَ َأشَ ّد َوطْئا َوأَ ْقوَ مُ‬
‫قِيلً ‡† ِإنّ لَكَ فِي اَلّنهَارِ سَبْحًا طَوِيلً } [‪ 7-1‬سورة الزمل] ‪.‬‬
‫لقـد كثـر فـ زماننـا هذا الديـث عـن النجاح والسـعادة والتفوق والقوة‪،‬‬
‫وكثرت فيه الؤلفات وكل يدعي أن ف كتابه أو برنامه الدواء الشاف ‪ ،‬والعلج‬
‫النا جع ‪ ،‬وأ نه الكتاب الذي ل تتاج م عه إل غيه ‪ ،‬وال ق أن هذا الو صف ل‬
‫يوز أن يوصف به إل كتاب واحد هو القرآن الكري‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ابن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ابن‬
‫خزي ة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سنن الن سائي ال كبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سنن أ ب داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سنن ا بن ما جه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪(474‬‬
‫‪)581‬‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة‬
‫ولعلج هذه الشكلة ‪ -‬أعنس انصسراف الناس عسن القرآن الكريس ‪ ،‬واشتغال‬
‫بعضهم بتلك الؤلفات بثا عن السعادة والنجاح ‪ -‬يئ هذا البحث ليسهم ف‬
‫تبيي القائق وتوض يح الدقائق ‪ ،‬و ر سم الطر يق ال صحيح للمن هج ال سليم الذي‬
‫ينبغي أن يتبعه السلم ف حياته ‪.‬‬
‫إن الع بد إذا تعلق قل به بكتاب ر به فتي قن أن نا حه و نا ته و سعادته وقو ته ف‬
‫قراء ته وتدبره تكون هذه البدا ية للنطلق ف مرا قي النجاح و سلم الفلح ف‬
‫الدنيا والخرة‪.‬‬
‫هذا الب حث يتحدث عن الو سائل العمل ية ال ت تكّ ن ‪ -‬بعون ال تعال ‪ -‬من‬
‫النتفاع بالقرآن الكري ‪ ،‬وهذه القواعد هي الت كان يسلكها سلفنا الصال ف‬
‫تعاملهم مع القرآن الكري ‪ ،‬الت بسبب غفلة الكثيين عنها أو بعضها أصبحوا ل‬
‫يتأثرون ول ينتفعون با فيه من اليات والعظات ‪ ،‬والمثال والكم‪.‬‬
‫ومن أخذ بذه الوسائل فإنه سيجد بإذن ال تعال أن معان القرآن تتدفق عليه‬
‫حت ربا يضى عليه وقت طويل ل يستطيع تاوز آية واحدة من كثرة العان الت‬
‫تفتح عليه ‪ ،‬وقد حصل هذا للسلف من قبلنا والخبار ف هذا كثية مشهورة‪.‬‬
‫قال سهل بن عبد ال التستري ‪ " :‬لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف‬
‫ف هم ل يبلغ نا ية ما أودع ال ف آ ية من كتا به ل نه كلم ال وكل مه صفته‬
‫وكما أنه ليس ل ناية فكذلك ل ناية لفهم كلمه ‪ ..‬وإنا يفهم كلٌ بقدار ما‬
‫يفتح ال على قلبه ‪ ،‬وكلم ال غي ملوق ‪ ،‬ول يبلغ إل ناية فهمه فهوم مدثة‬
‫(‪)1‬‬
‫ملوقة "اهس ‪ ،‬وهذا كلم صحيح والتجربة والواقع يشهد بذلك ‪ ،‬فإن الناس‬
‫يتفاوتون فس فهمهسم وإدراكهسم ليات القرآن الكريس ‪ ،‬وتنيلهسا على أمور‬
‫حيسسسسسساتم ‪ ،‬وأيضا فإن الشخص نفسه قد ينفتح له فهم لبعض اليات‬

‫‪ )(1‬مقدمة تفسي البسيط للواحدي (رسالة دكتوراه) ‪34-1 :‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪8‬‬
‫ويتأثر با‪ ،‬ويأت ف وقت آخر يقف أمام الية وقد أغلقت دونه ‪ ،‬يقف أمامها‬
‫ويقول لقد تأثرت بذه الية يوما من اليام فأين ذاك التأثر ؟ وأين ذاك الفهم ؟‬
‫إن ف هم القرآن وتدبره موا هب من الكر ي الوهاب يعطي ها ل ن صدق ف طلب ها‬
‫وسلك السباب الو صلة إلي ها بد واجتهاد ‪ ،‬أما التكئ على أريكته ‪ ،‬الشت غل‬
‫بشهوات الدنيا ويريد فهم القرآن فهيهات هيهات ولو تن على ال المان‪.‬‬
‫مادة هذا البحـث ليسـت مموعـة نظريات أو فرضيات توضـع كحلول‬
‫للمشكلة الراد علج ها ‪ ،‬إن ا هي خطوات عمل ية ‪ ،‬تتاج إل تدرج وتكرار‬
‫حتـ يصـل التعلم فيهـا إل مـا وصـف مـن نتائج وثار ‪ ،‬قال ثابست البنانس ‪:‬‬
‫"كابدت القرآن عشرين سنة ث تنعمت به عشرين سنة " اهس ‪ ،‬وما قاله ثابت‬
‫البنان حق ‪ ،‬فقف عند الباب حت يفتح لك ؛ إن كنت تدرك عظمة ما تطلب‬
‫فإنه مت فتح لك ستدخل إل عال ل تستطيع الكلمات أن تصفه ول العبارات أن‬
‫ت صور حقيق ته ‪ ،‬أ ما إن ا ستعجلت وان صرفت ف ستحرم نف سك من ك ن عظ يم‬
‫وفرصة قد ل تدركها فيما تبقى من عمرك‪.‬‬
‫كنت أحاول كتابة تفسي تربوي يركز ف مضمونه على ما يقوي اليان ويزيد‬
‫الشوع دون اسستطراد أو خروج عسن هذا السسار ‪ ،‬ولكسن بعسد أن بدأت‬
‫بالشتراك مسع الخ الدكتور إبراهيسم بسن سسعيد الدوسسري بوضسع منهسج لذا‬
‫التفسي ‪ ،‬وتت كتابة الرحلة النظرية للبحث ‪ ،‬وبعد ماولة كتابة القسم التطبيقي‬
‫له ‪ ،‬تبي ل أن مهما كتبت ‪ ،‬أوكتب غيي ف هذا اليدان فلن يقق الطلوب ‪،‬‬
‫وال صواب ف هذا ال مر أن كل إن سان ل بد أن يغرف من ال صب الرئ يس وأن‬
‫(‪، )1‬‬
‫تبي أن ما أبث‬ ‫ينهل من النبع مباشرة دون أية واسطة تبعده عن القصود‬

‫‪ )(1‬وهذا ف جا نب تزك ية القلوب ‪ ،‬وتربية النفوس ‪ ،‬أ ما الوا نب الخرى من القرآن كالحكام مثل فيحتاج القارئ‬
‫معها إل ما يفصلها ويوضحها ‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫مقدمة‬
‫عنه هو منهج وقواعد لفهم القرآن الكري مباشرة والتأثر والنتفاع به ‪ ،‬فتأملت‬
‫حال ال سلف رح هم ال ف هذا ال مر ‪ ،‬ودر ست منهج هم ف تعامل هم م عه ‪،‬‬
‫وقارنت بي حالنا وحالم فكانت مادة هذا البحث ومتواه ‪ ،‬وال الوفق والادي‬
‫إل سواء الصراط ‪.‬‬
‫محور البحث ومشكلته‬
‫َهس‬
‫ْآنس عَلَى َجبَلٍ لّ َرَأْيت ُ‬ ‫ننس نؤمسن ونصسدق بقول ال تعال ‪َ{ :‬لوْ أَنزَلْنَا هَذَا اْلقُر َ‬
‫ن } [(‬ ‫ك ا َلمْثَا ُل َنضْ ِرُبهَا لِلنّا سِ َلعَّلهُ ْم َيتَ َفكّرُو َ‬
‫شَيةِ اللّهِ َوتِلْ َ‬
‫خَا ِشعًا ّمتَصَ ّدعًا مّ نْ خَ ْ‬
‫‪ )21‬سسورة الشسر] ‪ ،‬ونقرأ قول ال تعال ‪{ :‬اللّ ُه نَزّلَ أَحْ سَنَ الْحَدِي ثِ ِكتَابًا ّمتَشَابِهًا‬
‫شوْ نَ َرّبهُ مْ ثُمّ تَِليُ جُلُو ُدهُ ْم وَقُلُوُبهُ مْ إِلَى ذِكْرِ‬ ‫شعِ ّر ِمنْ هُ جُلُو ُد الّذِي َن يَخْ َ‬ ‫ّمثَانِ يَ تَقْ َ‬
‫ن هَادٍ} [(‪ )23‬سورة‬ ‫ك هُدَى اللّ ِه َيهْدِي بِ هِ مَ ْن يَشَاء َومَن ُيضْلِلْ اللّ هُ َفمَا لَ ُه مِ ْ‬ ‫اللّ هِ ذَلِ َ‬
‫الزمر] ‪ ،‬وقوله تعال ‪َ { :‬وإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُو َرةٌ فَ ِمْنهُم مّن َيقُولُ أَّيكُمْ زَا َدتْ ُه هَذِهِ إِيَانًا‬
‫ستَبْشِرُو َن } [(‪ )124‬سورة التوبة] ‪ ،‬فهذا هو القرآن‬ ‫َفَأمّا الّذِينَ آمَنُواْ َفزَا َدْتهُمْ ِإيَانًا َوهُ ْم يَ ْ‬
‫‪ ،‬ونن نقرؤه ‪ ،‬ولكن ما أخب ال تعال عنه من تأثي فإننا ل نده ! فلماذا ؟‬
‫القرآن هو القرآن ‪ ،‬و قد و صل وال مد ل إلي نا مفو ظا تا ما م صونا من الزيادة‬
‫والنقص ‪.‬‬
‫أين اللل ؟ وأين الشكلة ؟‬
‫ف كل تأثي عندنا ثلثة أركان ‪ :‬الؤثر ‪ ،‬والتأثر ‪ ،‬والوصّل ‪.‬‬
‫فالؤثر ‪ -‬وهو القرآن ‪ -‬أثره ثابت ل نشك فيه‪.‬‬
‫بقي الحتمال ف المرين الخيين ‪ :‬الوصّل ‪ ،‬والتأثر ‪.‬‬
‫التأثر ‪ :‬هو قلب التلقي القارئ ‪ ،‬والوصّل ‪ :‬هو القراءة والتدبر ‪.‬‬
‫والبحث ياول استكشاف اللل ف الهتي ‪ ،‬ويقترح اللول البنية على تارب‬
‫الناجحي ف تصيل التأثي والثر ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪10‬‬
‫الحياة‬
‫أيضا ‪ :‬حالة الفتح والفهم ف وقت وإغلقه ف وقت آخر ‪ -‬وقد سعت الشكوى‬
‫من هذه الال عند عدد من الشخاص ‪ -‬تقرأ الية ف وقت فتتأثر با وتنفتح‬
‫لك في ها معان ‪ ،‬ثس تعود إلي ها ب عد فترة فت قف أمام ها ل تذ كر شيئا مسن تلك‬
‫العان ول تس بذلك الثر الذي حصل سابقا ! فما السر ؟ وما السباب؟‬
‫هذا مسا تاول هذه الدراسسة أن تيسب عنسه ‪ ،‬وتشخصسه ‪ ،‬وتصسف له العلج‬
‫الناسب بإذن ال تعال ‪.‬‬
‫خلصة البحث‬
‫يتكون البحث من تهيد وعشرة مفاتيح ‪:‬‬
‫التمهيد ‪ :‬ف معن التدبر وعلماته ‪ ،‬وبيان خطأ ف مفهومه ‪.‬‬
‫والفتاح الول ‪ :‬فخلصسته أن القلب آلة الفهسم والعقسل والدراك ‪ ،‬وأن القلب‬
‫ب يد ال تعال يقل به ك يف شاء ‪ ،‬يفت حه م ت شاء ويقفله م ت شاء ‪ ،‬وف تح القلب‬
‫للقرآن يكون بأمرين ‪:‬الول ‪ :‬دوام التضرع إل ال تعال وسؤاله ذلك ‪،‬والثان ‪:‬‬
‫القراءة الكثفة عن عظمة القرآن ‪ ،‬وأهيته ‪ ،‬وحال السلف معه‪.‬‬
‫والفتاح الثانـ ‪ :‬مضمونسه أنسه ينبغسي أن نعرف قيمسة القرآن وعظمتسه ‪ ،‬وأن‬
‫ن ستحضر الهداف والقا صد ال ت من أجل ها نقرؤه ‪ ،‬فدائ ما ا سأل نف سك‪ :‬لاذا‬
‫أر يد قراءة القرآن ؟ ولت كن الجا بة واض حة مف صلة ‪ ،‬وإن كا نت مكتو بة فذاك‬
‫أول ‪ ،‬والقاصسد السساسية لقراءة القرآن خسسة ‪ :‬العلم ‪ ،‬والعمسل ‪ ،‬والناجاة ‪،‬‬
‫والثواب ‪ ،‬والشفاء‪.‬‬
‫والفتاح الثالث إل العا شر ‪ :‬الد يث في ها عن إجا بة سؤال م هم ‪ :‬ك يف نقرأ‬
‫القرآن الكر ي ؟ وك يف ه نا متوج هة إل ‪ :‬الحوال والكيفيات ال ت ت قق أعلى‬
‫قدر من التركيز والعمق ف فهم القرآن الكري ‪ ،‬فكل واحد منها يعطي درجة ف‬
‫التركيز والفهم ‪ ،‬وهذه الفاتيح هي ‪ :‬أن تكون القراءة ف صلة ‪ ،‬ف ليل ‪ ،‬حفظا‬
‫مقدمة‬
‫‪11‬‬
‫‪ ،‬بترت يل ‪ ،‬وج هر ‪ ،‬وتكرار ‪ ،‬ور بط ‪ ،‬مع خ تم القدار الذي يقرأ ويراد ح صول‬
‫تدبره كل أسبوع ‪.‬‬
‫هذه خلصة هذا البحث ‪ ،‬نسأل ال تعال أن يقق مقاصدنا ‪ ،‬وأن يرزقنا العلم‬
‫النافع والعمل الصال ‪ ،‬إنه ول ذلك والقادر عليه ‪ ،‬وال أعلم وصلى ال وسلم‬
‫على نبينا ممد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫المفاتيح العشرة ‪:‬‬
‫مفاتيح تدبر القرآن عشرة ‪ ،‬مموعة ف قولك ‪ ( :‬لصلح ترتي )‬
‫(ل) لب وهو القلب ‪ :‬والعن أن القلب هو آلة فهم القرآن ‪ ،‬والقلب بيد ال‬
‫تعال يقلبسه كيسف شاء ‪ ،‬والعبسد مفتقسر إل ربسه ليفتسح قلبسه للقرآن فيطلع على‬
‫خزائنه وكنوزه‬
‫(أ) أهداف ‪ ،‬أو أهية ‪ :‬أي استحضار أهداف قراءة القرآن ؟ أي لاذا تقرأ القرآن‬
‫(ص) صلة ‪ :‬أن تكون القراءة ف صلة ‪.‬‬
‫(ل) ليل‪ :‬أن تكون القراءة والصلة ف ليل ‪ ،‬أي وقت الصفاء والتركيز‪.‬‬
‫(أ) أسبوع ‪ :‬أن يكرر ما يقرؤه من القرآن كل أسبوع ‪ ،‬حت لو لزء منه ‪.‬‬
‫(ح) حفظا ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا عن ظهر قلب بيث يصل التركيز التام‬
‫وانطباع اليات عند القراءة ‪.‬‬
‫(ت) تكرار ‪ :‬تكرار اليات وترديدها لتحقيق مزيد من التثبيت ‪.‬‬
‫(ر) ربط ‪ :‬ربط اليات بواقعك اليومي وبنظرتك للحياة ‪.‬‬
‫(ت) ترتيل ‪ :‬الترتيل والترسل ف القراءة ‪ ،‬وعدم العجلة ‪ ،‬إذ القصود هوالفهم‬
‫وليسس الكسم ‪ ،‬وهذه مشكلة الكثييسن ‪ ،‬وهسم بذا السستعجال يفوتون على‬
‫أنفسهم خيا عظيما‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪12‬‬
‫الحياة‬
‫(ج) جهرا ‪ :‬الهر بالقراءة ؛ ليقوى التركيز ويكون التوصيل بهتي بدل من‬
‫واحدة ؛ أي الصورة والصوت‪.‬‬
‫(ي) ‪......................................‬‬
‫فهذه وسائل وأدوات يكمل بعضها بعضا ف تقيق وتصيل مستوى أعلى وأرفع‬
‫ف تدبر آيات القرآن الكري ‪ ،‬والنتفاع والتأثر با ‪.‬‬
‫وإن م ا يتأ كد الت نبيه عل يه عدم ق صر وح صر النجاح ف تدبر القرآن على هذه‬
‫الفات يح ‪ ،‬ف ما هي إل أسباب والنتائج ب يد ال تعال يعطيها من شاء وينعها من‬
‫شاء ‪ ،‬فل يعن ‪ -‬مثل ‪ -‬إذا قلنا ‪ :‬من مفاتيح تدبر القرآن ‪ :‬أن تكون القراءة ف‬
‫ليل ؛ أن قراءة النهار ل تفيد وملغاة ‪ ،‬وإذا قلنا ‪ :‬أن تكون القراءة ف صلة ؛ أن‬
‫القراءة خارج الصلة ل تقق التدبر ‪ ،‬فالصر والقصر غي صحيح ‪ ،‬بل القرآن‬
‫كله مؤثر ‪ ،‬يؤثر ف كل وقت ‪ ،‬وعلى أي حال ‪ ،‬مت شاء ال ذلك ‪ ،‬وما أقوله‬
‫إن هي إل وسائل بسب الستقراء من النصوص وحال السلف ‪ ،‬وهي أسباب‬
‫ي سلكها كل مر يد للنتفاع بالقرآن بش كل أ كب وأع مق وأش ل ‪ ،‬و هي أ سباب‬
‫نذكّ ر ب ا من حرم من تدبر القرآن و هو يريده ؛ نقول له ا سلك هذه ال سباب‬
‫لعل ال إذا رأى ماهدتك ف هذا المر وعلم منك صدقك أن يفتح لك خزائن‬
‫كتابه تتنعم فيها ف الدنيا قبل الخرة ‪.‬‬
‫إن التلذذ بالقرآن لن فتحت له أبوابه ل يعادله أي لذة أو متعة ف هذه الياة‬
‫ولكن أكثرالناس ل يعلمون ‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫‪13‬‬
‫دعوة للتواصل عبر موقع ‪ :‬القرآن‬
‫والحياة‬
‫حين ما كت بت هذا الب حث حاولت الخت صار ‪ ،‬والياز قدر المكان لئل أخرج‬
‫عن مقصوده ‪ ،‬فأصرف القارئ عن النتفاع به ‪ ،‬وقد تضمن عددا من القضايا‬
‫الهمة الت تتاج إل نقاش وحوار ‪ ،‬ومن أجل ذلك فإن أقترح أن يتم التواصل‬
‫بي الميع ف النقاش العلمي الادف عب موقع ‪ ( :‬القرآن والياة ) على الرابط‬
‫(‪ ، )www.quranlife.com‬أت ن من الخوة الكرام أن يتكرموا ببيان‬
‫رأيهم ف القضايا الت تضمنها هذا الكتاب ليستفيد منها الميع ‪ ،‬وليكون الرأي‬
‫أقرب للصواب ‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫د ‪ .‬خالد بن عبد الكري اللحم‬
‫بريد إلكترون‪LAHIM@QURANLIFE.COM :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪14‬‬
‫الحياة‬
‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫المسألة الولى‪ :‬معنى التدبر‬
‫قال اليدانس ‪" :‬التدبر هسو‪ :‬التفكسر الشامسل الواصسل إل أواخسر دللت الكلم‬
‫()‬
‫ومراميه البعيدة "اهس ‪ ،‬ومعن تدبر القرآن ‪ :‬هو التفكر والتأمل ليات القرآن‬ ‫‪1‬‬

‫من أجل فهمه ‪ ،‬وإدارك معانيه ‪ ،‬وحكمه ‪ ،‬والراد منه ‪.‬‬


‫المسألة الثانية‪ :‬علامات التدبر‬
‫ذكسر ال تعال فس كتابسه الكريس علمات وصسفات تصسف حقيقسة تدبر القرآن‬
‫وتوضحه بلء من ذلك ‪:‬‬
‫ض مِ نَ ال ّدمْ ِع مِمّا عَرَفُواْ مِ نَ‬ ‫{ َوإِذَا سَ ِمعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرّ سُو ِل تَرَى َأ ْعيَُنهُ ْم َتفِي ُ‬
‫الْحَقّ يَقُولُو نَ َربّنَا آ َمنّ ا فَا ْكُتبْنَا َم عَ الشّاهِدِي نَ } [(‪ )83‬سورة الائدة] ‪ِ{،‬إنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو نَ‬
‫الّذِينَ إِذَا ذُ ِكرَ اللّ ُه وَجَِلتْ ُقلُوبُهُ ْم َوإِذَا تُِلَيتْ عََلْيهِ ْم آيَاتُهُ زَا َدْتهُمْ إِيَانًا َوعَلَى َرّبهِمْ‬
‫َيَتوَكّلُو نَ} [ (‪ )2‬سسورة النفال ] ‪َ { ،‬وإِذَا مَا أُنزِلَ تْ سُو َرةٌ َف ِمنْهُم مّ ن يَقُولُ َأّيكُ مْ زَا َدتْ هُ‬
‫‪،‬‬ ‫[ (‪ )124‬سسورة التوبسة]‬ ‫هَذِ هِ إِيَانًا َفَأمّ ا الّذِي نَ آ َمنُواْ َفزَا َدْتهُ مْ إِيَانًا َوهُ ْم يَ سَْتبْشِرُونَ }‬
‫{قُلْ آ ِمنُوْا بِ هِ َأوْ َل ُتؤْ ِمنُواْ إِنّ الّذِي نَ أُوتُوْا اْلعِلْ َم مِن َقبْلِ هِ إِذَا ُيتْلَى عََلْيهِ ْم يَخِرّو نَ‬
‫َانس َوعْدُ َربّن َا لَ َم ْفعُولً‡†‬‫سسبْحَانَ َربّن َا إِن ك َ‬ ‫ُونس ُ‬‫سسجّدًا ‡† َويَقُول َ‬ ‫َانس ُ‬ ‫ِللَذْق ِ‬
‫خرّو نَ ِللَذْقَا ِن َيبْكُو َن َويَزِي ُدهُ مْ خُشُوعًا} [‪: 109-107‬سسورة السسراء] ‪ { ،‬إِذَا تُتْلَى‬ ‫َويَ ِ‬
‫عََلْيهِ ْم آيَا تُ الرّحْمَن َخرّوا سُجّدًا َوُب ِكيّ ا*} [(‪ )58‬سسورة مريس] ‪{ ،‬وَالّذِي نَ إِذَا ذُكّرُوا‬
‫خرّوا عََليْهَا صُمّا َوعُ ْميَانًا} [(‪ )73‬سورة الفرقان] ‪َ {،‬وإِذَا ُيتْلَى عََلْيهِ مْ‬ ‫بِآيَا تِ َرّبهِ مْ لَ ْم يَ ِ‬
‫حقّ مِن ّرّبنَا ِإنّا ُكنّا مِن َقبْلِ ِه مُ سِْلمِيَ} [(‪ )53‬سورة القصص ] ‪{ ،‬اللّ هُ‬
‫قَالُوا آ َمنّا بِ هِ ِإنّ هُ الْ َ‬
‫شوْ نَ َرّبهُ مْ‬
‫س َن الْحَدِي ثِ ِكتَابًا ّمتَشَاِبهًا ّمثَانِ َي َتقْشَعِ ّر ِمنْ هُ جُلُو ُد الّذِي َن يَخْ َ‬
‫نَزّلَ أَحْ َ‬

‫‪ )(1‬قواعد التدبر المثل لكتاب ال عزوجل ‪10 :‬‬


‫‪15‬‬ ‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫ك هُدَى اللّ ِه َيهْدِي بِ هِ مَ ْن يَشَاء َومَن‬
‫ثُمّ تَلِيُ ُجلُو ُدهُ ْم وَُقلُوُبهُ مْ إِلَى ذِكْرِ اللّ هِ ذَلِ َ‬
‫ُيضْلِلْ اللّهُ َفمَا لَ ُه مِ ْن هَادٍ} [ (‪ )23‬سورة الزمر] ‪.‬‬
‫فتحصل من اليات السابقة سبع علمات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اجتماع القلب والفكر حي القراءة ‪ ،‬ودليله التوقف تعجبا وتعظيما‪.‬‬
‫‪ -2‬البكاء من خشية ال‪ -3 .‬زيادة لشوع‪ -4 .‬زيادة اليان ‪ ،‬ودليله التكرار‬
‫العفوي لليات‪ -5 .‬الفرح وال ستبشار‪-6 .‬القشعريرة خو فا من ال تعال ث‬
‫غلبة الرجاء والسكينة ‪ -7 .‬السجود تعظيما ل عز وجل ‪.‬‬
‫فمسن وجسد واحدة مسن هذه الصسفات ‪ ،‬أو أكثسر فقسد وصسل إل حالة التدبر‬
‫والتفك سسسر ‪ ،‬أ ما من ل ي صل أيا من هذه العلمات ف هو مروم من تدبر‬
‫القرآن ‪ ،‬ول يصل بعد إل شئ من كنوزه وذخائره ‪ ،‬قال إبراهيم التيمي ‪" :‬من‬
‫أوت من العلم ما ل يبكيه لليق أل يكون أوت علما لن ال نعت العلماء فقال ‪:‬‬
‫{قُلْ آ ِمنُوْا بِ هِ َأوْ َل ُتؤْ ِمنُواْ إِنّ الّذِي نَ أُوتُوْا اْلعِلْ َم مِن َقبْلِ هِ إِذَا ُيتْلَى عََلْيهِ ْم يَخِرّو نَ‬
‫َانس َوعْدُ َربّن َا لَ َم ْفعُولً ‡†‬‫سسبْحَانَ َربّن َا إِن ك َ‬ ‫ُونس ُ‬
‫سسجّدًا ‡† َويَقُول َ‬ ‫َانس ُ‬ ‫ِللَذْق ِ‬
‫(‬
‫خرّو نَ ِللَذْقَا ِن َيبْكُو نَ َويَزِي ُدهُ مْ خُشُوعًا} [(‪ )109-107‬سسورة السسراء] " ‪ ، )1‬و عن‬
‫َويَ ِ‬
‫أساء بنت أب بكر ~ قالت‪ :‬كان أصحاب النب § إذا قرئ عليهم القرآن كما‬
‫نعتهم ال تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم"(‪ ، )2‬إن كل يوم ير بك ول يكون لك‬
‫نصيب ورزق من هذه العلمات ‪ ،‬فقد فاتك فيه ربح عظيم ‪ ،‬وهو يوم حري أن‬
‫يبكى على خسارته‪.‬‬

‫‪ )(1‬الزهد لبن البارك ‪ ، 41 :‬حلية الولياء ‪88-5 :‬‬


‫‪ )(2‬تفسيالقرطب‪149-15 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪16‬‬
‫الحياة‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬مفهوم خاطئ لمعنى التدبر‬


‫إن ما يصرف كثيا من السلمي عن تدبر القرآن ‪ ،‬والتفكر فيه ‪ ،‬وتذكر ما فيه‬
‫من العان العظيمة ؛ إعتقادهم صعوبة فهم القرآن ‪ ،‬وهذا خطأ ف مفهوم تدبر‬
‫القرآن ‪ ،‬وانصسراف عسن الغايسة التس مسن أجلهسا أنزل ‪ ،‬فالقرآن كتاب تربيسة‬
‫وتعليسم ‪ ،‬وكتاب هدايسة وبصسائر لكسل الناس ‪ ،‬كتاب هدى ورحةس وبشرى‬
‫للمؤمني ‪ ،‬كتابٌ قد يسّر ال تعال فهمه وتدبره ‪،‬كما قال تعال ‪{ :‬وََلقَ ْد يَسّ ْرنَا‬
‫اْلقُرْآنَ لِلذّكْرِ َفهَ ْل مِن مّدّكِ ٍر }[ (‪ )17‬سورة القمر] ‪.‬‬
‫قال ابن هبية ’‪ " :‬ومن مكايد الشيطان تنفيه عباد ال من تدبر القرآن ‪ ،‬لعلمه‬
‫أن الدى واقع عند التدبر ‪ ،‬فيقول هذه ماطرة ‪ ،‬حت يقول النسان أنا ل أتكلم‬
‫(‪)1‬‬
‫ف القرآن تور عا " ‪ ،‬وقال الشا طب ’‪ ":‬ف من ح يث كان القرآن معجزا أف حم‬
‫الفصحاء ‪ ،‬وأعجز البلغاء أن يأتوا بثله ‪ ،‬فذلك ل يرجه عن كونه عربيا جاريا‬
‫(‪)2‬‬
‫على أساليب كلم العرب ‪ ،‬ميسرا للفهم فيه عن ال ما أمر به ونى" اهس ‪،‬‬
‫قال ابسن القيسم ’‪ " :‬مسن قال ‪ :‬إن له تأو ًل لنفهمسه ‪ ،‬ول نعلمسه ‪ ،‬وإناس نتلوه‬
‫(‪)3‬‬
‫متعبدين بألفاظه ‪ ،‬ففي قلبه منه حرج " اهس ‪ ،‬ويقول الصنعان ’‪ " :‬فإن من‬
‫قرع سعه قوله تعال ‪َ { :‬ومَا ُتقَ ّدمُوا لَنفُسِكُم مّنْ َخيْ ٍر تَجِدُو ُه عِندَ اللّ ِه ُهوَ َخْيرًا‬
‫َوَأعْظَ مَ أَ ْجرًا وَا ْستَ ْغفِرُوا اللّ هَ إِنّ اللّ َه َغفُورٌ رّحِي مٌ} [(‪ )20‬سورة الز مل] يفهم معناه دون‬
‫أن يعرف أن ( ما ) ‪ :‬كل مة شرط ‪ ،‬و ( تقدموا ) ‪ :‬مزوم ب ا ل نه شرط ها ‪ ،‬و‬
‫(تدوه) ‪:‬مزوم ب ا ل نه جزاؤ ها ‪ ،‬ومثل ها كث ي ‪ ...‬فيال يت شعري ! ما الذي‬

‫‪ )(1‬ذيل طبقات النابلة لبن رجب ‪273-3‬‬


‫‪ )(2‬الوافقات ‪805-3‬‬
‫‪ )(3‬التبيان ف أقسام القرآن ‪144 :‬‬
‫‪17‬‬ ‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫خَصّ الكتاب والسنة بالنع عن معرفة معانيها ‪ ،‬وفهم تراكيبها ‪ ،‬ومبانيها‪ ...‬حت‬
‫جعلت كالقصسسورات فسس اليام ‪ ..‬ول يبسسق لنسسا إلترديسسد ألفاظهسسا‬
‫(‪)1‬‬
‫وحروفها‪"...‬اهس‬
‫إن الصحيح والق ف هذه السألة‪ :‬أن القرآن معظمه واضح ‪ ،‬وبي وظاهر لكل‬
‫الناس ‪ ،‬كما قال ابن عباس ‪" : ù‬التفسي على أربعة أوجه ‪ :‬وجه تعرفه العرب‬
‫من كلمها ‪ ،‬وتفسي ل يعذر أحد بهالته ‪ ،‬وتفسي يعلمه العلماء ‪ ،‬وتفسي ل‬
‫(‪)2‬‬
‫يعلمه إل ال " ‪ ،‬ومعظم القرآن من القسمي الولي ‪.‬‬
‫إن عدد آيات الحكام ف القرآن ‪ 500‬آية ‪ ،‬وعدد آيات القرآن ‪ 6236‬آية‪.‬‬
‫إن ف هم الو عد والوع يد ‪ ،‬والترغ يب والتره يب ‪ ،‬والعلم بال واليوم ال خر ؛ ل‬
‫يشترط له فهم الصطلحات العلمية الدقيقة ‪ ،‬من نوية وبلغية وأصولية وفقهية ‪.‬‬
‫فمعظم القرآن بيّ ٌن واضح ظاهر ‪ ،‬يدرك معناه الصغي والكبي ‪ ،‬والعال والمي ‪،‬‬
‫فحينما سع العراب قول ال تعال ‪َ{ :‬فوَرَبّ ال سّمَاء وَالرْ ضِ ِإنّ هُ لَحَقّ ّمثْ َل مَا‬
‫َأّنكُ ْم تَن ِطقُو نَ} [(‪ )23‬سسورة الذاريات] قال ‪ :‬من ذا الذي أغ ضب الل يل ح ت أق سم ‪.‬‬
‫سقْفُ مِن َفوِْقهِ ْم َوَأتَاهُ مُ‬
‫خ ّر عََلْيهِ ُم ال ّ‬
‫وحينما أخطأ إمام ف قراءة آية النحل { فَ َ‬
‫شعُرُو نَ} [(‪ )26‬سسورة النحسل ] قرأ ها ‪ :‬من تت هم ‪ ،‬صوب له‬ ‫اْلعَذَا بُ مِ نْ َحيْ ثُ َل يَ ْ‬
‫ّنس واضسح ظاهسر ‪ ،‬وفهمسه‬ ‫خطأه امرأة عجوز ل تقرأ ول تكتسب ‪ ،‬إن القرآن بي ٌ‬
‫وفق هه وتدبره ل يس صعبا ب يث نغلق عقول نا ‪ ،‬ونعلق فه مه كله بالرجوع إل‬
‫كتب التفسي ‪ ،‬فنعمم حكم القل على الكل فهذا مفهوم خاطئ وهو نوع من‬
‫التسويف ف تدبر القرآن وفهمه‪.‬‬

‫‪ )(1‬إرشاد النقاد إل تيسي الجتهاد ص ‪36‬‬


‫‪ )(2‬تفسي الطبي ‪ ، 1/75‬مقدمة ابن تيمية ‪115‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪18‬‬
‫الحياة‬
‫إن إغلق عقولنسا عسن تدبر القرآن بجسة عدم معرفسة تفسسيه ‪ ،‬والكتفاء بقراءة‬
‫ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على العبد ليصرفه عن الهتداء به ‪.‬‬
‫وإذا سلمنا بذه الجة فإن العقل والنطق والزم والكمة أنك إذا أشكل عليك‬
‫معن آية أن تبادر وتسارع للبحث عن معناها والراد با ل أن تغلق عقلك فتقرأ‬
‫دون تدبر أو تترك القراءة ‪.‬‬
‫المفتاح الول ‪ :‬حب القرآن‬
‫‪19‬‬
‫المفتاح الول‪ :‬حب القرآن‬
‫المسألة الولى‪ :‬القلب آلة الفهم والعقل‬
‫الكلم ف هذه السألة ‪ -‬بإياز ‪ -‬من وجهي ‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن القلب هو آلة الفهم والعقل ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أن القلب بيد ال وحده ل شريك له‪.‬‬
‫فأما الوجه الول ‪:‬‬
‫فقسد دل على ذلك نصسوص كثية ‪ ،‬اليات القرآنيسة منهسا تزيسد على مائة آيسة‪،‬‬
‫وسأكتفي ف هذا البحث بذكر ثلث منها ما هي صرية الدللة على السألة ‪،‬‬
‫قهُو هُ } [(‪ )57‬سورة الكهف]‬ ‫وهي‪ :‬قول ال تعال ‪ِ { :‬إنّا َجعَ ْلنَا عَلَى ُقلُوِبهِمْ أَ ِكّنةً أَن َيفْ َ‬
‫ب َي ْعقِلُو َن ِبهَا َأوْ آذَا نٌ‬
‫‪ ،‬وقوله تعال ‪{ :‬أَفَلَ ْم يَ سِيُوا فِي الَرْ ضِ َفتَكُو نَ َلهُ مْ ُقلُو ٌ‬
‫ب الّتِي فِي الصّدُورِ} [(‪)46‬‬ ‫يَسْ َمعُونَ ِبهَا فَِإّنهَا ل َتعْمَى اْلأَبْصَا ُر وََلكِن َتعْمَى اْلقُلُو ُ‬
‫جوْفِ ِه }[(‪ )4‬سورة الحزاب] ‪.‬‬ ‫سورة السج ] ‪،‬وقوله تعال‪{ :‬مّا َجعَلَ اللّهُ ِلرَجُ ٍل مّن َق ْلَبيْنِ فِي َ‬
‫ول يس هذا مقام ب سط هذه ال سألة وتأ صيلها ‪ ،‬وإن ا الق صود التذك ي بأن القلب‬
‫آلة الفهم والعقل والدراك ‪ ،‬ومن ذلك فهم القرآن وتدبره ‪.‬‬
‫وأما الوجه الثان ‪ :‬القلب بيد ال وحده ل شريك له ‪ ،‬يفتحه مت شاء ويغلقه مت‬
‫ْنس‬
‫ّهس َيحُو ُل َبي َ‬
‫شاء ‪ ،‬بكمتسه وعلمسه سسبحانه ‪ ،‬قال ال تعال ‪{ :‬وَاعَْلمُواْ أَنّ الل َ‬
‫الْ َمرْ ِء وَقَ ْلبِهَِ}[(‪ )24‬سورة النفال] ‪ ،‬وقال تعال ‪ {:‬إنا جعلنا على قلوبم أكنة أن يفقهوه‬
‫}[ (‪ )57‬سورة الكهف ] ‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬سأصرف عن آيات الذين يتكبون } [ (‪ )164‬سورة‬

‫العراف ] ‪ ،‬وقد جعل لذلك أسبابا ووسائل ‪ ،‬من سلكها وفق ‪ ،‬ومن تلف عنها‬
‫خذل ويأت بيان ذلك ف السائل التالية ‪.‬‬
‫فتذكر وأنت تاول فهم القرآن أن القلوب بيد ال تعال ‪ ،‬وأن ال يول بي الرء‬
‫وقلبه ‪ ،‬فليست العبة بالطريقة والكيفية ؛ بل الفتح من ال وحده ‪ ،‬وما يصل‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪20‬‬
‫الحياة‬
‫لك من التدبر فهو نعمة عظيمة من ال تعال تستوجب الشكر ل الفخر ‪ ،‬فمت‬
‫أعطاك ال فهسم القرآن ‪ ،‬وفتسح لك معانيسه ‪ ،‬فاحدس ال تعال واسسأله الزيسد ‪،‬‬
‫وانسب هذه النعمة إليه وحده ‪ ،‬واعترف با ظاهرا وباطنا ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬علقة حب القرآن بالتدبر‬
‫من العلوم أن القلب إذا أحب شيئا تعلق به ‪ ،‬واشتاق إليه ‪ ،‬وشغف به ‪ ،‬وانقطع‬
‫ع ما سواه ‪ ،‬والقلب إذا أ حب القرآن تلذذ بقراء ته ‪ ،‬واجت مع على فه مه ووع يه‬
‫فيحصل بذلك التدبر الكي ‪ ،‬والفهم العميق ‪ ،‬وبالعكس إذا ل يوجد الب فإن‬
‫إقبال القلب على القرآن يكون صسعبا ‪ ،‬وانقياده إليسه يكون شاقسا ل يصسل إل‬
‫بجاهدة ومغالبة ‪ ،‬وعليه فتحصيل حب القرآن من أنفع السباب لصول أقوى‬
‫وأعلى مستويات التدبر ‪.‬‬
‫والواقسع يشهسد لصسحة ماذكرت ‪ ،‬فإننسا مثل ندس أن الطالب الذي لديسه حاس‬
‫ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له بسرعة فائقة وبقوة ‪ ،‬وينهي متطلباته‬
‫وواجباتسه فس وقست وجيسز ‪ ،‬بينمسا الخسر ل يكاد يعسي مسا يقال له إل بتكرار‬
‫وإعادة ‪ ،‬وتده يذهب معظم وقته ول ينجز شيئا من واجباته ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬علمات حب القلب للقرآن‬
‫حب القلب للقرآن له علمات منها ‪:‬‬
‫‪-1‬الفرح بلقائه ‪ -2 .‬اللوس معه أوقاتا طويلة دون ملل ‪ -3 .‬الشوق إليه مت‬
‫ب عد الع هد ع نه وحال دون ذلك ب عض الوا نع ‪ ،‬وت ن لقائه والتطلع إل يه وماولة‬
‫إزالة العقبات الت تول دونه‪-4 .‬كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه‬
‫فيما يشكل من أمور الياة صغيها وكبيها‪-5 .‬طاعته ‪ ،‬أمرا ونيا‪.‬‬
‫المفتاح الول ‪ :‬حب القرآن‬
‫‪21‬‬
‫هذه أهسم علمات حسب القرآن و صحبته ‪ ،‬فمتس وُجدت فإن البس موجود ‪،‬‬
‫ومت تلفت فحب القرآن مفقود ‪ ،‬ومت تلف شئ منها نقص حب القرآن بقدر‬
‫ذلك التخلف ‪.‬‬
‫إنه ينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه هذا السؤال‪ :‬هل أنا أحب القرآن؟‬
‫إنه سؤال مهم وخطي ‪ ،‬وإجابته أشد خطرا ‪،‬إنا إجابة تمل معان كثية‪.‬‬
‫وقبل أن تيب على هذا السؤال ارجع إل العلمات الت سبق ذكرها لتقيس با‬
‫إجابتك وتعرف با الصواب من الطأ ‪.‬‬
‫إن بعض السلمي لو سئل هل تب القرآن ؟ ييب ‪ :‬نعم أحب القرآن ‪ ،‬وكيف‬
‫ل أحبه ؟ لكن هل هو صادق ف هذا لواب ؟‬
‫كيـف يبـ القرآن وهـو ل يطيـق اللوس معـه دقائق ‪ ،‬بينمـا تراه يلس‬
‫الساعات مع ما تواه نفسه وتبه من متع الياة‪.‬‬
‫قال أبو عبيد ‪" :‬ل يسأل عبد عن نفسه إل بالقرآن فإن كان يب القرآن فإنه‬
‫(‪)1‬‬
‫يب ال ورسوله"‬
‫إننا ينبغي أن نعترف بالتقصي إذا ل توجد فينا العلمات السابقة ‪ ،‬ث نسعى ف‬
‫التغيي ‪ ،‬وهو ما سيتم بيانه ف السألة التالية ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬وسائل تحقيقه‬
‫الوسيلة الولى‪ :‬التوكل على ال تعالى والستعانة به‪:‬‬
‫السستعانة بال تعال ‪ ،‬وسسؤاله سسبحانه أن يرزقسك (حسب القرآن) ‪ ،‬ومسن ذلك‬
‫الدعاء العظيم عن ابن مسعود _ قال ‪ :‬قال رسول ال § ‪" :‬ما قال عبد قط إذا‬
‫أصابه هم أو حزن ‪ :‬اللهم إن عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيت بيدك ماض ف‬

‫‪ )(1‬مصنف ابن أب شيبة ‪485-10‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪22‬‬
‫الحياة‬
‫حكمك عدل ف قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سيت به نفسك أو أنزلته ف‬
‫كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به ف علم الغيب عندك أن تعل‬
‫القرآن العظيم رب يع قل ب ونور صدري وجلء حز ن وذهاب ه ي إل أذهب ال‬
‫هه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول ال ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات‬
‫(‪)1‬‬
‫قال أجل ينبغي لن سعهن أن يتعلمهن"‬
‫فيكرره كل يوم ثل ثا ‪ ،‬خ سا ‪ ،‬سبعا ‪ ،‬ويتحرى موا طن الجا بة ‪ ،‬ويت هد أن‬
‫يكون سسؤاله بصسدق ‪ ،‬وبتضرع ‪ ،‬وإلاح ‪ ،‬وشفقسة ‪ ،‬وحرص شديسد أن ياب‬
‫وأن يع طى ‪ ،‬إن ب عض الناس ل يعرف اللاح ف ال سألة إل ف مطال به الدنيو ية‬
‫الادية ‪ ،‬أما المور الدينية فتجد سؤاله لا باردا باهتا ‪ ،‬هذا إن دعا وسأل ‪.‬‬
‫ومن الستعانة بال ف حصول تدبر القرآن ما شرع لقارئ القرآن من الستعاذة‬
‫بال تعال من الشيطان الرجيم ‪ ،‬ومن البسملة ف أوائل السور ففيها طلب العون‬
‫من ال تعال على تدبر القرآن عامة والسورة الت يريد قراءتا خاصة ‪.‬‬
‫الوسيلة الثانية‪ :‬القراءة‪:‬‬
‫أي القراءة عسن عظمسة القرآن ماس ورد فس القرآن والسسنة وأقوال السسلف فس‬
‫تعظيمهم للقرآن وحبهم له ‪.‬‬
‫أقترح على كسل راغسب فس تصسيل حسب القرآن أن يضسع له برناماس يتضمسن‬
‫ن صوصا من القرآن وال سنة وأقوال ال سلف ‪ ،‬في ها بيان لعظ مة القرآن ومكان ته ‪،‬‬

‫‪ )(1‬مسسند أحدس بسن حنبسل ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 3712( 391‬صسحيح ابسن حبان ج ‪/3‬ص ‪، ) 972(253‬‬
‫مصنف ابن أب شيبة ج ‪/6‬ص ‪ ، )29318( 40‬العجم الكبي ج ‪/10‬ص ‪ ، ) 10352( 169‬مسند‬
‫أبسس يعلى ج ‪/9‬ص ‪ ، ) 5296( 198‬مسسسند البزار ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 1994( 363‬ممسسع الزوائد ج‬
‫‪/10‬ص ‪ ، 136‬الدعوات الكبي ج ‪/1‬ص ‪ ، )164(124‬وصحح إسناده اللبان ف السلسلة الصحيحة ج‬
‫‪/1‬ص ‪.)199( 236‬‬
‫المفتاح الول ‪ :‬حب القرآن‬
‫‪23‬‬
‫ويرتبهسا على مسستويي ‪ :‬متس ‪ ،‬وشرح ‪ ،‬فالتس يفسظ ويكرر ‪ ،‬والشرح يقرأ‬
‫(‪)2‬‬
‫ويفهم ‪ ،‬ويتم ربط العان الت تضمنها الشرح بألفاظ الت ‪.‬‬
‫ويرجـى بإذن ال تعال لنـ طبـق هذا البنامـج أن يرزقـه ال حـب القرآن‬
‫وتعظيمه ‪ ،‬الذي هو الفتاح الرئيس لتدبر القرآن وفهمه ‪ ،‬وكل كلم يقال ف‬
‫هذا الوضوع ف هو متو قف عل يه ‪ ،‬وهذا ال سر ف أن الكث ي م نا يقرأ ف هذا‬
‫الوضوع ول يرج بأي نتائج إيابية ‪.‬‬
‫فأكثسر مسن القراءة عسن القرآن ‪ ،‬اقرأ باسستمرار عسن حال السسلف مسع القرآن‬
‫وقصصهم ف ذلك وأخبارهم ‪.‬‬
‫ينبغي أن نعلم أن عدم حبنا للقرآن ‪ ،‬وعدم تعظيمنا له سببه الهل بقيمته ‪ ،‬مثل‬
‫الطفل تعطيه خسمائة ريال فيفض ويطلب ريال واحدا ‪ ،‬فكذلك من ل يعرف‬
‫قيمة القرآن يزهد فيه ويهجره ويشتغل با هو أدن منه ‪.‬‬
‫لو أعلن عن كتاب من ي تب ف يه وين جح ي نح عشرة مليارات ؛ فك يف يكون‬
‫حرص الناس وتعلقهسم بذا الكتاب ؟ وكيسف يكون الطلب عليسه ‪ ،‬والشتغال‬
‫بذاكرته ؟‬
‫إن القرآن كتاب من ينجح فيه ينح ملكا ل حدود له ‪.‬‬
‫إن الكث ي من ال سلمي تعظي مه للقرآن تعظ يم م مل ‪ ،‬ف حد علم هم ‪ :‬أ نه كتاب‬
‫منل من ع ند ال ‪ ،‬تعبّدنا بتلوته ف الصلة ‪ ،‬ونقرأه على الرضى للشفاء ‪ ،‬أما‬
‫العلم التفصيلي بعظمة القرآن ومكانته وما يققه من ناح للنسان ف هذه الياة‬
‫فهو مل جهل عند الكثيين ‪ ،‬وأضرب لذلك مثال ‪ :‬لا تسمع عن شخص عظيم‬

‫‪ )(2‬ومثل هذا العمل ل ينوب فيه أحد عن أحد بل على كل شخص أن يمع لنفسه كل نص يتأثر به ‪ ،‬ويرتب ما يمع‬
‫على الطريقة الت وصفتها ‪ .‬كما أن تكرار قراءة هذا الكتاب أيضا يقق لك هذا الدف ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪24‬‬
‫الحياة‬
‫له أثر ف التاريخ يتكون لديك صورة إجالية عنه ‪ ،‬ويصبح له مكانة ف نفسك ‪،‬‬
‫وعندما تقرأ كتابا من ‪ 600‬صفحة عن بطولته وتضحياته وقصص كرمه وبره‬
‫للناس ‪ ،‬وما حققه من إنازات ‪ ،‬وما قام به من مرؤات ‪ ،‬تعيش مع هذا الكتاب‬
‫مدة شهر حرفا حرفا فبكل تأكيد أن صورة هذا القائد أو الصلح ستزداد عمقا ‪،‬‬
‫ويزداد حبك وتعظيمك له ‪ ،‬وهذا التأثر أمر مشاهد ل يكن لحد إنكاره ‪ ،‬فلم‬
‫ل نوظفه لزيادة حبنا وتعظيمنا للقرآن الكري وتعلقنا به ‪ ،‬فإذا فعلنا ذلك فإن هذا‬
‫الكتاب العظيم سيزيد حبنا وتعظيمنا ل عز وجل ‪ ،‬وبذا نصل إل مرتبة ودرجة‬
‫أولياء ال التقيـ ‪ ،‬الذيـن ل خوف عليهـم ول هـم يزنون ‪ ،‬الذيسن لو أقسسم‬
‫الواحد منهم على ال لبره ‪ ،‬وحقق له أمنيته ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫تمهيد‪ :‬في التنبيه إلى استحضار أهداف قراءة القرآن‬
‫معظسم الناس إذا سسألته لاذا تقرأ القرآن ؟ ييبسك لن تلوتسه أفضسل العمال ‪،‬‬
‫ولن الرف بع شر ح سنات ‪ ،‬وال سنة بع شر أمثال ا ‪ ،‬فيق صر نف سه على هدف‬
‫ومقصد الثواب فحسب ‪ ،‬أما القاصد والهداف الخرى فيغفل عنها ‪.‬‬
‫والشت غل ب فظ القرآن تده يقرأ القرآن ليث بت ال فظ ‪ ،‬الدف ت ثبيت الروف‬
‫وصور الكلمات ‪ ،‬فتجده تر به العان العظيمة الؤثرة فل ينتبه لا ‪ ،‬ول يس ول‬
‫يشعر با ؛ لنه قصر هته وركز ذهنه على الروف وانصرف عن العان ؛ فلهذا‬
‫السبب تد حافظا للقرآن غي عامل ول متخلق به ‪.‬‬
‫وج ع الذ هن ب ي نيات ومقا صد متعددة ف و قت وا حد عمل ية تتاج إل انتباه‬
‫وقصد وتركيز ‪.‬‬
‫وف أي عمل نعمله كلما تعددت النيات وكثرت كلما كان العمل أعظم أجرا‬
‫وأكب تأثيا على العامل ‪ ،‬مثل الصدقة على ذي الرحم ‪ :‬صدقة وصلة ‪ ،‬ومثل‬
‫النفقة على الهل ‪ :‬نفقة وصدقة ‪.‬‬
‫وقراءة القرآن يتمع فيها خس مقاصد ونيات كلها عظيمة ‪ ،‬وكل واحدة منها‬
‫كافية لن تدفع السلم ليسارع إل قراءة القرآن ‪ ،‬ويكثر الشتغال به وصحبته‪.‬‬
‫وأهداف قراءة القرآن مموعة ف قولك ‪ (:‬ثّ شعّ ) ‪( :‬الثاء) ‪ :‬ثواب ‪( ،‬اليم) ‪:‬‬
‫مناجاة ‪ ،‬مسألة ‪( ،‬الشي) ‪ :‬شفاء ‪( ،‬العي) ‪ :‬علم ‪( ،‬العي) ‪ :‬عمل ‪.‬‬
‫فمتس قرأ السسلم القرآن مسستحضرا القاصسد المسسة معسا كان انتفاعسه بالقرآن‬
‫أعظسسم ‪ ،‬وأجره أكب ‪ ،‬قال النب §‪":‬إنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪26‬‬
‫الحياة‬
‫(‪)1‬‬
‫نوى" ‪ ،‬ف من قرأ القرآن ير يد العلم رز قه ال العلم ‪ ،‬و من قرأه ير يد الثواب‬
‫فقط أعطي الثواب ‪ ،‬قال ابن تيمية ’‪ " :‬من تدبر القرآن طالبا الدى منه تبي له‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وقال القرطب ’‪ " :‬فإذا استمع العبد إل كتاب ال تعال وسنة‬ ‫طريق الق"‬
‫(‪)3‬‬
‫نبيه § بنية صادقة على ما يب ال أفهمه كما يب ‪ ،‬وجعل ف قلبه نورا"اهس‬
‫ومن قرأ القرآن يريد النجاح يسر ال له النجاح ‪.‬‬

‫الهدف الول ‪ :‬قراءة القرآن لجل العلم‬


‫المسألة الولى ‪ :‬أهمية هذا المقصد‪:‬‬
‫هذا هو القصد الهم ‪ ،‬والقصود العظم من إنزال القرآن ‪ ،‬والمر بقراءته ‪ ،‬بل‬
‫ك ُمبَارَ كٌ‬
‫ومن ترتيب الثواب على القراءة ‪ ،‬قال ال عزوجل ‪ِ { :‬كتَا بٌ أَنزَْلنَا هُ إِلَيْ َ‬
‫ل يَتَ َدبّرُو َن اْلقُرْآ نَ وََلوْ‬ ‫ّليَ ّدبّرُوا آيَاتِ هِ وَِلَيتَذَكّرَ ُأوْلُوا الَْلبَا بِ} [(‪ )29‬سسورة ص ] ‪{ ،‬أََف َ‬
‫كَا نَ مِ ْن عِندِ َغيْرِ اللّ هِ َلوَجَدُواْ فِي هِ ا ْخِتلَفًا َكثِيًا} [(‪ )82‬سورة الن ساء] ‪{ ،‬أَفَلَ ْم يَ ّدبّرُوا‬
‫اْل َقوْلَ أَ مْ جَاءهُم مّ ا لَ ْم َيأْ تِ آبَاءهُ ُم ا َلوّلِيَ} [(‪ )68‬سسورة الؤمنون] ‪{ ،‬إِنّ فِي ذَلِ كَ‬
‫شهِيدٌ} [(‪ )37‬سورة ق ] ‪.‬‬ ‫لَذِ ْكرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَ ْلبٌ َأوْ أَْلقَى السّمْ َع َو ُهوَ َ‬
‫قال ا بن م سعود _ ‪ " :‬إذا أرد ت العلم فانثروا هذا القرآن فإن ف يه علم الول ي‬
‫(‪)4‬‬
‫والخريسن "اهسس ‪ ،‬وقال السسن بسن علي ‪ " : ù‬إن مسن كان قبلكسم رأوا‬
‫القرآن رسائل من ربم فكانوا يتدبرونا بالليل ‪ ،‬ويتفقدونا ف النهار "اهس(‪، )5‬‬
‫‪ )(1‬صحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، )1( 3‬صحيح م سلم ج ‪/3‬ص ‪ ، ) 1907( 1515‬سنن أ ب داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 2201( 262‬سنن الترمذي ج ‪/4‬ص ‪)1647( 179‬‬
‫‪ )(2‬العقيدة الواسطية ‪103‬‬
‫‪ )(3‬تفسي القرطب ‪176-11‬‬
‫‪ )(4‬مصنف ابن أب شيبة ‪ ، 126-6‬العجم الكبي للطبان ‪ ، 136-9 :‬شعب اليان للبيهقي ‪332-2 :‬‬
‫‪ )(5‬التبيان للنووي‪28 :‬‬
‫‪27‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫وقال مسسروق بسن الجدع ’ ‪ -‬وهسو مسن كبار تابعسي الكوفسة وأجعهسم لعلم‬
‫الصحابة ‪ " : -‬ما نسأل أصحاب ممد § عن شئ إل وعلمه ف القرآن ولكن‬
‫(‪)1‬‬
‫قصر علمنا عنه " ‪ ،‬وقال عبد ال بن عمر ‪ " : ù‬لقد عشنا دهرا طوي ً‬
‫ل وإن‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أحد نا يؤ تى اليان ق بل القرآن فتنل ال سورة على م مد § فنتعلم حلل ا‬
‫وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها ‪ ،‬ث لقد رأيت رجال‬
‫يؤتى أحدهم القرآن قبل اليان ‪ ،‬فيقرأ ما بي فاتة الكتاب إل خاتته ل يدري‬
‫ما آمره ول زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل "اهس ‪ ،‬وقال‬
‫(‪)4‬‬

‫السن البصري ’‪ " :‬ما أنزل ال آية إل وهو يب أن يعلم فيم أنزلت وما أراد‬
‫(‪)5‬‬
‫و عن ع بد ال بن ع مر ‪ ù‬قال ‪ " :‬علي كم بالقرآن فتعلّموه وعلّموه‬ ‫با "‬
‫أبناءكـم فإنكـم عنـه تسـألون ‪ ،‬وبـه تزون ‪ ،‬وكفـى بـه واعظا لنـ عقـل‬
‫(‪)6‬‬
‫"اهس ‪ ،‬وقال السن البصري ‪ " :ù‬قراء القرآن ثلثة أصناف ‪ :‬صنف اتذوه‬
‫بضاعة يأكلون به ‪ ،‬وصنف أقاموا حروفه ‪ ،‬وضيعوا حدوده ‪ ،‬واستطالوا به على‬
‫أهل بلدهم ‪ ،‬واستدروا به الولة ‪ ،‬كثر هذا الضرب من حلة القرآن ل كثرهم‬
‫ال ‪ ،‬وصسنف عمدوا إل دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبمـ ‪ ،‬فركدوا بسه‬
‫فس ماريبهسم ‪ ،‬وحنوا بسه فس برانسسهم ‪ ،‬واسستشعروا الوف ‪ ،‬فارتدوا الزن ‪،‬‬

‫‪ )(1‬شعب اليان للبيهقي ‪5/231 :‬‬


‫‪ )(2‬أي ما تضمنته اليات من العلم بال واليوم الخر ‪.‬‬
‫‪ )(3‬أي مرد قراءة اللفاظ ‪.‬‬
‫‪ )(4‬الستدرك على الصحيحي ج ‪/1‬ص ‪ ، )101( 91‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/3‬ص ‪. )5073(120‬‬
‫‪ )(5‬تفسي القرطب ‪1/26 :‬‬
‫‪ )(6‬كن العمال ‪ ، 23 :‬مشكل الثار للطحاوي ‪1/171 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪28‬‬
‫الحياة‬
‫فأولئك الذيسن يسـقي ال بمـ الغيـث وينصـر بمـ علىالعداء ‪ ،‬وال لؤلء‬
‫(‪)1‬‬
‫الضرب ف حلة القرآن أعز من الكبيت الحر " اهس‬
‫قال أحد بن أب الواري ’‪" :‬إن لقرأ القرآن وأنظر ف آيه ‪ ،‬فيحي عقلي با‪،‬‬
‫وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ‪ ،‬ويسعهم أن يشتغلوا بشئ من‬
‫الدنيـا وهـم يتلون كلم ال ‪ ،‬أمـا إنمـ لو فهموا مـا يتلون ‪ ،‬وعرفوا حقـه‬
‫(‪)2‬‬
‫فتلذذوا به واستحلوا الناجاة لذهب عنهم النوم فرحا با قد رزقوا "‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬العلم الذي نريده من القرآن ‪:‬‬


‫ما العلم الذي نريده من القرآن ؟ أهو علم الصناعة ؟ أو الزراعة ؟ الدارة ؟ علم‬
‫الدين ؟ علم الدنيا ؟‬
‫ييب ابن القيم ’ على هذه السألة الهمة بأبيات جيلة يقول فيها ‪:‬‬
‫من رابع‬ ‫والعلم أقسام ثلث ما لسسسسسسسسسسسسسا‬
‫والق ذو تبيسسسسسسسسسان‬
‫علم بأوصساف الله وفعلسسسسسسسسسسسسسه وكذلك‬
‫الساء للرحسسسسسسسسسسسسسن‬
‫وجزاؤه يوم العاد‬ ‫والمسسر والنهسسي الذي هسسو دينسسسسه‬
‫الثسسسسسسسسسسسسان‬
‫جاءت عن البعوث بالقرآن‬ ‫والكل ف القسرآن والسنن الت‬

‫‪ )(1‬ابسن الوزي فس العلل ‪ ، 1/110‬والكسبيت الحرس ‪ :‬أي الذهسب الالص ‪ ،‬انظسر ‪ :‬لسسان العرب ( كسب )‬
‫‪5/125‬‬
‫‪ )(2‬لطائف العارف ‪203‬‬
‫‪29‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫إن نا نر يد العلم الذي ي قق ل نا النجاح ف الياة ‪ ،‬ي قق ل نا ال سعادة ‪ ،‬والياة‬
‫الطي بة ‪ ،‬والن فس الطمئ نة ‪ ،‬والرزق اللل الوا سع ‪ ،‬وي قق ل نا ال من ف الدن يا‬
‫والخرة ‪ ،‬نريسد العلم الذي يولد الرادة والعزيةس ‪ ،‬ويقضسي على كسل مظاهسر‬
‫الفشسل والخفاق فس جيسع مالت الياة ‪ ،‬إنسه ‪ :‬العلم بال تعال والعلم باليوم‬
‫الخسر ‪ ،‬العلم بال تعال أوله العلم القتضسي لل سستغفار كمسا قال تعال ‪:‬‬
‫{فَاعْلَ مْ َأنّ هُ لَا إِلَ هَ إِلّا اللّ ُه وَا ْسَتغْفِرْ لِذَنبِ كَ} [(‪ )19‬سسورة ممسد] ‪ ،‬فالعلم الذي يورث‬
‫الستغفار ‪ ،‬ويدفع إليه هو العلم الؤدي للنجاح ‪ ،‬وهذا العلم هو ‪ :‬علم ل إله ال‬
‫ال ‪ ،‬على وجه يقق القصود لفظا ومعن ‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪ -ù‬ف تفسي قول ال تعال‪ِ {:‬إنّمَا يَخْشَى اللّ َه مِ نْ عِبَادِ ِه اْلعُلَمَاء‬
‫إِنّ اللّ هَ عَزِي ٌز َغفُورٌ} [(‪ )28‬سسورة فاطسر ] ‪ :-‬هم الذ ين يعلمون أن ال على كل شئ‬
‫قدير‪.‬‬
‫ول فظ العلم م صطلح وا سع جدا ‪ ،‬وإطلقا ته كثية ‪ ،‬و هو ل فظ جذاب ‪ ،‬و كل‬
‫يصسطفيه لنفسسه ويعتسب مسا عداه ليسس بعلم ‪ ،‬ومسن ذلك ‪ :‬أهسل العلوم الدنيويسة‬
‫يسمون معارفهم علما ‪ ،‬ويسمون العلوم الخرى ‪ -‬با فيها علوم الدين‪ : -‬أدبا‬
‫‪...‬ال ‪ ،‬وكل ذلك يعتب علما فكل معرفة علما ‪ ،‬لكن مالته متعددة ‪ ،‬ويقيد‬
‫فيقال علم كذا ‪ ،‬أما إذا أطلق العلم عند السلمي وف القرآن والسنة خاصة فياد‬
‫به ماذكره ا بن الق يم ‪ ،‬وأي ضا شاع ب ي الناس ق صر هذا العلم على ق سم وا حد‬
‫منه وهو العلم باللل والرام ‪ ،‬وهذا خطأ شائع ‪ ،‬فيقصرون كل فضل وارد ف‬
‫العلم ف القرآن والسنة على علم الفروع أي الفقه ‪ ،‬أو السائل اللفية من علم‬
‫العتقاد ‪ ،‬أما الصول التفق عليها فيصرف اللفظ عنها ‪ ،‬وقد تد من يادل ف‬
‫هذه القيقسة ‪ ،‬فال صحيح أن العال حقسا هو من يشسى ال تعال ‪ ،‬وإن كان ل‬
‫يعرف كتابة اسه ‪ ،‬كما قيل ‪:‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪30‬‬
‫الحياة‬
‫ورأس العلم تقوى ال حقا وليس بأن يقال لقد رئستا‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال ابن مسعود _ ‪ ":‬كفى بشية ال علما وكفى بالغترار بال جهل "‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية تحقيق هذا المقصد ‪:‬‬


‫إن ماس يعيس على تقيسق هذا القصسد أن تقرأ القرآن كقراءة الطالب لكتابسه ليلة‬
‫المتحان ‪ ،‬قراءة مركزة واعية ‪ ،‬قراءة من يستعد ليختب فيه إختبارا دقيقا ‪.‬‬
‫إننا ف هذه الياة متبون ف القرآن ‪ ،‬فمنا الاد النشيط الذي يذاكر هذا‬
‫الكتاب باستمرار ‪ ،‬وأجوبته حاضرة وراسخة ‪ ،‬ومنا الهمل القصر اللعب‬
‫الذي إذا سئل عن شئ ف القرآن قال ‪ :‬هاه هاه ! لأدري ‪.‬‬
‫أن تقرأ القرآن قراءة الداري للئحة النظام الت تنظم عمله ‪ ،‬وتدد الجابة عن‬
‫كل معاملة ‪ ،‬ويتاج إل الرجوع إليها يوم يا ‪ ،‬إنه من القرر أن الداري الناجح‬
‫هسو مسن يفسظ اللئحسة ويفهمهسا فهمسا دقيقا شاملً ‪ ،‬وبسه يتفوق التفوقون فس‬
‫الدارة والقيادة‪.‬‬
‫إن القرآن هو الذي يب الرجوع إليه ف كل موقف من مواقف حياتنا ‪ ،‬وعليه‬
‫فمن أراد أن يكون شخصا ناجحا ف الياة فعليه بفظه وفهم نصوصه ‪ ،‬ليمكنه‬
‫ال صول على الجابات الفور ية وال سريعة وال صحيحة ف كل حالة ت ر به ف‬
‫حياته‪.‬‬
‫وقد ورد ف القرآن الكري عدد من الصور والنماذج لؤلء الناجحي‪:‬‬
‫من ذلك جواب النب §لب بكر _ إذ ها ف الغار ‪ { :‬لَ تَحْزَ نْ ِإنّ اللّ َه َم َعنَا }‬
‫سَيهْدِينِ} [(‬ ‫[ ( ‪ )40‬سورة التو بة ] ‪ ،‬وجواب مو سى ‪ À‬لقو مه ‪َ { :‬كلّ إِنّ َمعِ يَ َربّ ي َ‬

‫‪ )(1‬مفتاح دار السعادة ‪1/51 :‬‬


‫‪31‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫ّهس َربّيس‬
‫ّهسِإن ُ‬
‫‪ )62‬سسورة الشعراء] ‪ ،‬وجواب يوسسف ‪ À‬لاس دُعسي للفحشاء ‪َ { :‬معَاذَ الل ِ‬
‫أَحْ سَ َن َمْثوَا يَ ِإنّ هُ لَ يُفِْل حُ الظّالِمُو نَ} [(‪ )23‬سورة يوسف] ‪ ،‬إنا ردود سريعة وحاضرة‬
‫وقو ية ف أ صعب الوا قف ال ت ت ر بالن سان ‪ ،‬وتط يش في ها عقول الرجال ‪ .‬إ نه‬
‫الثبات والرسوخ من حفظوا كتاب ربم ‪ ،‬وفقهوا ما فيه ‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬من تطبيقات مقصد العلم‪:‬‬


‫أن تضع ف ذهنك معان وأسئلة مددة تريد البحث عن جوابا ف القرآن ‪ ،‬مثلك‬
‫ف هذا مثل ‪ :‬من يسي ف طريق وهو خال الذهن ؛ أو من يسي وهو يبحث‬
‫عن هدف مع ي ‪ ،‬إ نه من الشا هد ‪ -‬مثل ‪ -‬أن نا ن ر بالشارع مرار وتكرارا فل‬
‫ننت به لوجود م ل مع ي ف يه إل أن نتاج إل يه فنبدأ بالترك يز والب حث فنكتش فه ‪،‬‬
‫وقبل ذلك لو سئلنا هل يوجد ف الشارع الفلن مكتبة ؟ فنقول ل ‪ ،‬ونؤكد أنه‬
‫ل يوجد ‪ ،‬بينما هي موجودة ‪ ،‬لكن ل ننتبه مع أننا مررنا بوارها مئات الرات ‪.‬‬
‫إن كل موقف أو حدث أو حالة تر بك تسأل نفسك ‪ :‬أين ذكرت ف القرآن ؟‬
‫هل وردت ف كتاب ال عزوجل ؟‬
‫وكم قرأنا وسعنا عمن يندهش لغياب معن آية من القرآن عن قلبه فتجده يقول‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أهذه آية ف القرآن ؟كأن أسعها لول مرة ‪.‬‬
‫نعم إن قراءة معان اليات أمر يتلف تاما عن قراءة اللفاظ ‪ ،‬ونسيان العان‬
‫وغيابا أمر يصل مع أن اللفظ موجود واللسان ينطق به ويكرره ‪.‬‬

‫‪ )(1‬ارجع إل شريط ( صيام قلب ) للدكتور خالد البي ‪.‬وفيه قوله ‪ " :‬آية كنت أقرؤها وأسعها منذ أربعي سنة ول‬
‫أفهمها إل اليوم ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪32‬‬
‫الحياة‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬القرآن والبرمجة اللغوية العصبية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يقول الدكتور ممسد التكريتس ‪ " :‬لو كان ملتون أريكسسون يعرف العربيسة ‪،‬‬
‫وقرأ القرآن لوجد ضالته النشودة فيما حاول أن يصل إليه من استخدام اللغة ف‬
‫التأثي اللشعوري ف النسان ‪ ،‬ذلك التأثي الذي يشبه السحر وما هو بسحر ‪،‬‬
‫فقد سحر العرب مؤمنهم وكافرهم على حد سواء ‪ ،‬ول يكونوا ف بداية المر‬
‫(‪)2‬‬
‫يعرفون سببا لذلك "اهس ‪.‬‬
‫وهنا دعوة أوجهها إل كل من اشتغل بذا العلم بثا عن السعادة والقوة والنجاح‬
‫أن يبحث عنها ف القرآن ‪ ،‬وأن يركز جهوده وفكره لربط الناس بالقرآن العظيم‬
‫الذي ما أنزل إل من أ جل تق يق القوة وال سعادة للناس ‪ ،‬وترير هم من عبود ية‬
‫الشهوات والهواء ‪ ،‬وجيع نقاط ضعفهم لينطلقوا ف درجات القوة والنجاح ف‬
‫أرقى أشكالا ‪ ،‬وأعلى صورها ‪.‬‬
‫ول يس مق صود الب حث ب سط الكلم ف هذه ال سألة وإن ا تعر ضت ل ا لعلقت ها‬
‫بتدبر القرآن ‪ ،‬ولنا من أبرز الظاهر الت تؤكد أهية معرفة مفاتيح تدبر القرآن‬
‫والنتفاع به ف الياة‬ ‫((‪3‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬لم ل تكون الدعوة بالقرآن‪:‬‬


‫لو تأمل نا ف حوار ال نب § مع الدعو ين ‪ ،‬وماذا كان يقول ل م ‪ ،‬لوجدنا أنه ف‬
‫كثي من الواقف يكتفي بتلوة آيات من القرآن الكري ‪ ،‬ويدث هذا أثرا عظيما‬
‫فس النفوس ‪ ،‬لقسد كانست قراءة النسب § ليسة مسن القرآن تشسد الكافسر والنافسق‬

‫‪ )(1‬أحد رواد البمة اللغوية العصبية ‪.‬‬


‫‪ )(2‬آفاق بل حدود‪ :‬ص ‪201‬‬
‫‪ )(3‬قد خصصت لبيان هذه القضية رسالة بعنوان ‪ ( :‬البمة اللغوية العصبية أو التزكية العلمية القلبية أي الطريقي أقرب‬
‫للنجاح ) ‪ ،‬أسأل ال أن ييسر كتابتها ‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫والشرك و تبي له الق ‪ ،‬ول يقل أحد إن هذا خاص بالنب § بل هو مكن لكل‬
‫من سلك سبيله واقتدى به ‪ ،‬وهو بذا مستجيب لربه سبحانه وتعال الذي أمره‬
‫س َوعِيدِ} [(‪ )45‬سسسورة ق] ‪ ،‬وبقوله‬ ‫س مَسن يَخَاف ُ‬ ‫بذلك إذ يقول ‪ { :‬فَذَكّ ْر بِاْلقُرْآن ِ‬
‫كلَ مَ اللّ ِه } [(‬
‫سبحانه ‪{ :‬وَإِنْ أَحَ ٌد مّ َن الْمُشْرِ ِكيَ اسْتَجَا َركَ َفأَ ِجرْهُ َحتّى يَسْ َمعَ َ‬
‫ونَزّْلنَا هُ تَنِيلً} [(‪)106‬‬
‫‪ )6‬سسورة التوبسة]‪{ ،‬وَقُرْآنا فَرَ ْقنَا هُ ِلَتقْ َرأَ ُه عَلَى النّا سِ عَلَى ُمكْ ثٍ َ‬
‫سسورة السسراء]‪،‬وقوله ‪َ { :‬وأَ نْ َأتُْل َو اْلقُرْآ نَ َفمَ ِن اهْتَدَى فَِإنّمَا َيهْتَدِي ِلَنفْ سِ ِه وَمَن ضَلّ‬
‫َفقُلْ ِإنّمَا َأنَا مِ َن الْمُنذِرِينَ} [(‪ )92‬سورة النمل] ‪.‬‬
‫فلم ل يكون حوار نا ‪ ،‬وتكون خطب نا ‪ ،‬ومواعظ نا تنطلق وتدور ف فلك آيات‬
‫القرآن الكري ‪ ،‬نبدأ بالستشهاد با ف كل ما نريد إيصاله إل الدعوين من تربية‬
‫وتعليم ‪.‬‬
‫إن البعض قد يعتذر قائل ‪ :‬إن ما تدعو إليه صعب ‪ ،‬ونن نشاهد الناس يتأثرون‬
‫بالقصص والمثلة والنماذج الية أكثر من تأثرهم بالقرآن ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬إن هذا هو أساس الشكلة الت ناول علجها ف هذا البحث ‪ ،‬وهو لاذا‬
‫نتأثر بالقصص والكايات ‪ ،‬ول نتأثر باليات ؟‬
‫إن بعسض الدعاة منس يكثسر القصسص يتعلل بقوله ‪ :‬إن الناس ل يطيقون أو ل‬
‫يفهمون ذلك ‪ ،‬فنحن نقرب لم المر بالقصص والكايات والدبيات الت تؤثر‬
‫ف نفوسهم ‪ ،‬وهذا غي صحيح ‪ ،‬فالعيب ف الداعية نفسه وليس ف الطريقة أو‬
‫النهج ‪ ،‬وليس العيب ف الناس ‪ ،‬بل إنه مت استشعر الداعية عظمة القرآن وكان‬
‫معايشا له متعمقا فيه فإن أثر قراءته لبضع آيات ل يقارن بأثر قصة أو طرفة أو‬
‫مشهد من هنا وهناك وجرب تد ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ )(1‬إن الب عض يناقش ف هذه السألة مع شدة وضوحها وقوة ظهورها ‪ ،‬ومن ل يزال ف ريب ما أقول فليقرأ كتاب ‪:‬‬
‫بالقرآن أسلم هؤلء – تأليف ‪ :‬عبد العزيز سيد هاشم – نشر ‪ :‬دار القلم ‪ ،‬وليقرأ سية النب صلى ال عليه وسلم وسي‬
‫أصحابه بتمعن وعمق ليتبي له الق ‪ ،‬إننا لا فرطنا ف تطبيق هذه الفاتيح حيل بيننا وبي القرآن فصرنا ل نتأثر به ول‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪34‬‬
‫الحياة‬
‫إن ا كل مة أوجه ها إل ال صلحي ‪ ،‬والرب ي ‪ ،‬والقائم ي على مكا تب الدعوة ‪،‬‬
‫وأقسام القوة العنوية ف القطاعات العسكرية والمنية ‪ ،‬وحلقات تفيظ القرآن‬
‫بأن يركزوا جهودهم على هذا المر بألوان وأساليب متنوعة فيه تقريب وتدريب‬
‫وتعليسم فردي يوصسل التلقسي إل هدف إتقان هذه المفاتيتتح العشرة‬
‫ح سب ال ستطاعة ‪ ،‬ف في هذا اقتداء بال نب § وتوف ي للوقات والهود والموال‬
‫التس تصسرف على الدعوة والصسلح ‪ ،‬وفس هذا علج قوي وسسريع الفعول‬
‫وطويل المد ‪.‬‬
‫إن أي وسيلة دعوية يب أن تربط مباشرة بالقرآن فإن كانت تقق فهم القرآن‬
‫والتأثر به حسن فعلها وإل فتركها أول وأحرى ‪.‬‬
‫إن انشغال الناس بؤلفات الناس وطلب هم العاف ية والشفاء النف سي والقوة العنو ية‬
‫منها يشبه أسلوبم ف التغذية البدنية السدية ؛ حيث اقتصروا على أطعمة ترضي‬
‫الذوق والزاج بينما هي تدم السد وتلكه‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬القرآن يحيى القلوب كما يحيى الماء الرض‪:‬‬
‫قال ال تعال ‪{ :‬اعَْلمُوا أَنّ اللّ َه ُيحْيِي الَرْ ضَ َبعْ َد َم ْوتِهَا قَ ْد َبّينّ ا َلكُ مُ اليَا تِ‬
‫َلعَّلكُ ْم َت ْعقِلُونَ} [(‪ )17‬سورة الديد] ‪ ،‬وقد جاءت هذه الية بعد قول ال تعال ‪{ :‬أَلَمْ‬
‫َيأْنِسلِلّذِينَس آ َمنُوا أَن تَخْشَعَس ُقلُوُبهُم ْسلِذِكْرِ اللّهِس وَمَا نَزَلَ مِنَس الْحَقّ وَل يَكُونُوا‬
‫ستْ قُلُوُبهُ ْم وَ َكثِيٌ ّمْنهُ مْ‬
‫ب مِن َقبْلُ فَطَا َل عََلْيهِ ُم الَمَدُ َفقَ َ‬
‫كَالّذِي نَ أُوتُوا اْلكِتَا َ‬
‫فَا ِسقُونَ} [(‪ )16‬سورة الد يد] ‪ ،‬و ف هذا إشارة إل أن حياة القلوب تكون بذ كر ال‬
‫تعال و ما نزل من ال ق و هو القرآن م ثل ما أن حياة الرض الي تة يكون بالاء ‪،‬‬
‫قال مالك بن دينار’‪ " :‬ما زرع القرآن ف قلوبكم يا أهل القرآن ؟ إن القرآن‬

‫نستطيع أن نؤثر به فسلكنا طريق القصة والقصيدة والفكاهة والشهد ال ما نسميه وسائل الدعوة ‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وهذا أ مر مشا هد ظا هر‬ ‫رب يع الؤ من ك ما أن الغ يث رب يع الرض " اه س‬
‫للعيان ‪ ،‬و من الشاهدات ف هذا ال مر ما نشاهده من زكاة القلوب ورقت ها ف‬
‫رمضان ح ي يتوال علي ها ساع القرآن وقراء ته ويك ثر ذلك ‪ ،‬ث إ نك ترى هذه‬
‫الياة الت حصلت للقلوب ف رمضان تبدأ بالتلشي بالتدريج بعد رمضان حي‬
‫تنقطع عن القرآن الكري ‪.‬‬
‫فمن أراد حياة قلبه فعليه بسقيه بربيع القلوب القرآن وبكميات وكيفيات مناسبة‬
‫لحداث الياة كما سيأت تفصيله ف ثنايا هذا البحث ‪.‬‬

‫المسألة الثامنة‪ :‬وقفة مع آية ‪:‬‬


‫وهسي قول ال تعال ‪َ{ :‬لقَ ْد مَنّ اللّهُس عَلَى الْمُؤ ِمنِيَ إِ ْذ َبعَثَس فِيهِم ْس رَسسُو ًل مّن ْس‬
‫حكْ َم َة َوإِن كَانُواْ مِن َقبْلُ‬
‫سهِ ْم يَتْلُو عََلْيهِ ْم آيَاتِ ِه َويُزَكّيهِ ْم َوُيعَلّ ُم ُه ُم الْ ِكتَابَ وَالْ ِ‬
‫أَنفُ ِ‬
‫َلفِي ضَل ٍل ّمبِيٍ} [(‪ )164‬سورة آل عمران] ‪.‬‬
‫إن تزكية النسان وإصلحه له جهتان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬العلم والتعل يم ‪ ،‬أو الف كر ‪ ،‬أوالن طق ‪ ،‬أوالقناع ‪ ،‬أوالعتقدات ‪ ....‬ال‬
‫من الصطلحات ف هذا العن‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬العمل ‪ ،‬أو التربية ‪ ،‬أو التدريب ‪ ،‬أو السلوك ‪ ...‬ال من الصطلحات ‪.‬‬
‫والقرآن الكري يقق المرين معا بأكمل وجه وأحسن صورة لن آمن به وسلك‬
‫السباب الوصلة لذلك‪.‬‬
‫إن القرآن الكري بق هو كتاب التربية والتعليم الذي يغن عما سواه ‪ ،‬ول يغن‬
‫ع نه غيه ‪ ،‬ول قد أجاد ا بن الق يم ف كتا به مفتاح دار ال سعادة ف بيان هات ي‬
‫الهتيس والعلقسة بينهمسا ‪ ،‬فمسن العلوم القرر أن سسلوك النسسان وتصسرفاته ل‬

‫‪ )(1‬إحياء علوم الدين ج ‪/1‬ص ‪285‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪36‬‬
‫الحياة‬
‫ت صدر بعفو ية أو عشوائ ية ‪ ،‬وإن ا تقوم على ف كر ومعت قد ‪ ،‬وتراكمات علم ية‬
‫بنيت على مر اليام ‪ ،‬وعلى خبات ت تزينها مع تكرار الواقف والتصرفات منذ‬
‫الطفولة إل أن صار رجل ‪ ،‬فم ت أردت الطر يق الخت صر لتغي ي ش خص فعل يك‬
‫بتغييس معتقداتسه وأفكاره ‪ ،‬دون أن تتعسب نفسسك بلحقسة مفردات سسلوكياته‬
‫وتصرفاته ‪ ،‬وهذا ما يققه القرآن الكري لن أخذ بفاته ‪.‬‬
‫الهدف الثاني ‪:‬قراءة القرآن بقصد العمل به‬
‫المسألة الولى‪ :‬أهمية هذا المقصد‪:‬‬
‫قال علي بسن أبس طالب _ ‪ " :‬يسا حلة القرآن أو ياحلة العلم ؛ اعملوا بسه فإناس‬
‫العال من عمل با علم ‪ ،‬ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يملون العلم ل ياوز‬
‫تراقي هم يالف عمل هم علم هم وتالف سريرتم علنيت هم يل سون حلقا يبا هي‬
‫بعضهسم بعضسا حتس إن الرجسل ليغضسب على جليسسه أن يلس إل غيه ويدعسه‬
‫(‪)1‬‬
‫أولئك ل تصعد أعمالم ف مالسهم تلك إل ال تعال "اهس‬
‫وعسن السسن البصسري ’ قال ‪ ":‬أمسر الناس أن يعملوا بالقرآن فاتذوا تلوتسه‬
‫(‪)2‬‬
‫عمل" ‪ ،‬وقال ال سن بن علي ’‪" :‬إقرأ القرآن ما ناك فإذا ل ين هك فلي ست‬
‫(‪)3‬‬
‫بقراءة" ‪ ،‬وقال ال سن الب صري ’‪" :‬إن أول الناس بذا القرآن من اتب عه وإن ل‬
‫(‪)5‬‬
‫يكن قرأه(‪")4‬اهس ‪ ،‬وعن أب عبد الرحن السلمي ’ عن عثمان وابن مسعود‬
‫وأ ب بن ك عب ‪: è‬أن ر سول ال § كان يقرؤ هم الع شر ‪ ،‬فل ياوزون ا إل‬

‫‪ )(1‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪ ، 20‬كن العمال ج ‪/10‬ص ‪120‬‬


‫‪ )(2‬تفسي السمعان ج ‪/4‬ص ‪ ،119‬مدارج السالكي‪ ،451-1 :‬تلبيس إبليس‪109 :‬‬
‫‪ )(3‬كن العمال ‪2776-1 :‬‬
‫‪ )(4‬أي أنه ل يقدر على القراءة ‪ ،‬أما من قدر على قراءة القرآن فل يتصور أنه ل يقرؤه ‪.‬‬
‫‪ )(5‬قاعدة ف فضائل القرآن لشيخ السلم ابن تيمية ‪59 :‬‬
‫‪37‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫عشر أخرى حت يتعلموا ما فيها من العمل ‪ ،‬فتعلمنا القرآن والعمل جيعا" ‪،‬‬
‫ويقول الجُرّي ’ ‪" :‬يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه هته مت أكون من التقي ؟‬
‫مت أكون من الاشعي ؟ مت أكون من الصابرين ؟ مت أزهد ف الدنيا ؟ مت‬
‫(‪)2‬‬
‫أنى نفسي عن الوى ؟ "اهس ‪ ،‬وقال السن البصري ’ ‪ " :‬إن هذا القرآن قد‬
‫قرأه عب يد و صبيان ل علم ل م بتأويله ‪ ، ...‬و ما تدبر آيا ته إل باتبا عه ‪ ،‬و ما هو‬
‫ب فظ حرو فه وإضا عة حدوده ‪ ،‬ح ت إن أحد هم ليقول ‪ :‬ل قد قرأت القرآن كله‬
‫فما أسقطت منه حرفا ‪ ،‬وقد وال أسقطه كله ‪ ،‬ما يرى القرآن له ف خلق ول‬
‫عمسل ‪ ،‬حتس إن أحدهسم ليقول ‪ :‬إنس لقرأ السسورة فس نفسس ! وال مسا هؤلء‬
‫بالقراء ‪ ،‬ول بالعلماء ‪ ،‬ول الكماء ‪ ،‬ول الورعة ‪ ،‬مت كان القراء مثل هذا ؟ ل‬
‫(‪)3‬‬
‫كثسر ال فس الناس مثسل هؤلء "اهسس ‪ ،‬وسسئلت عائشسة ~ عسن قول ال‬
‫تعال‪َ {:‬وِإنّ كَ َلعَلى خُُل ٍق عَظِي مٍ}[(‪ )4‬سورة القلم] ما كان خلق رسسسسسول ال ؟‬
‫(‪)4‬‬
‫فقالت‪ " :‬كان خل قه القرآن يغ ضب لغض به وير ضى لرضاه"اه س ‪ ،‬جاء ر جل‬
‫بابنه إل أب الدرداء _ فقال ‪ :‬إن ابن هذا قد جع القرآن ‪ ،‬فقال ‪ :‬اللهم َغفْرا ‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬و عن حذي فة _ قال‪ " :‬يا مع شر‬ ‫إن ا ج ع القرآن من سع له وأطاع "اه س‬

‫‪ )(1‬تفسيالقرطب ‪ ، 39-1 :‬تفسي الطبي ‪60-1 :‬‬


‫‪ )(2‬أخلق حلة القرآن ‪40 :‬‬
‫‪ )(3‬سنن سعيد بن منصور ‪ ، 420-2 :‬شعب اليان للبيهقي ‪ ، 541-2 :‬الزهد لبن البارك ‪1/274 :‬‬
‫‪ )(4‬صحيح مسلم ‪ ، )746( :‬وبذا اللفظ أخرجه ‪ :‬الطبي ف تفسيه ‪ ، 18-29 :‬والطبان ف الوسط ‪:‬‬
‫‪ ، 30-1‬والبيه قي ف الش عب ‪ ، 154-2 :‬والمام أح د ف م سنده ‪ ، 216-6 :‬وتكلم عل يه ا بن كث ي ف‬
‫تفسيه ‪ ، 4/403 :‬وابن حجر ف فتح الباري ‪575-6 :‬‬
‫‪ )(5‬قاعدة ف فضائل القرآن لبن تيمية‪59 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪38‬‬
‫الحياة‬
‫القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا ‪ ،‬فإن أخذت يينا وشال لقد ضللتم ضلل‬
‫()‬
‫بعيدا"اهس ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬مفهوم تطبيق هذا المقصد وكيفيته‪:‬‬


‫أن يقرأ القرآن بن ية الع مل ‪ ،‬بن ية الب حث عن علم ليع مل به ‪ ،‬في قف ع ند آيا ته‬
‫ين ظر ماذا تطلب م نه ‪ ،‬هل أ مر يؤ مر به ‪ ،‬أو شئ ين هى ع نه ‪ ،‬أو فضيلة يد عى‬
‫للتحلي با ‪ ،‬أو خطر ييق به يذر منه ‪ ،‬وهكذا فإن القرآن هو الدليل العملي‬
‫لتشغ يل الن فس و صيانتها ‪ ،‬ينب غي أن يكون قري با من كل م سلم ير ب به نف سه‬
‫ويهذبا ‪ ،‬أن تقرأ القرآن بنية وقصد من يبحث عن حل لشكسسلة أو إصلح‬
‫خسسسسلل ‪ ،‬يبحسث عسن تفسسي لظاهرة أو علج لرض ‪ ،‬أو تليسل لالة مسن‬
‫الالت‪.‬‬
‫أما إذا كنا نبحث عن علج مشكلتنا التربوية ف كتب فلن ‪ ،‬أوعلن ‪ ،‬أو ف‬
‫الجلت والصحف ‪ ،‬أو القنوات الفضائية ‪ ،‬فإننا بذا قد عطلنا هذا القصد الهم‬
‫من مقا صد القرآن ‪ ،‬إن كل ترب ية ل تب ن مباشرة على القرآن ف هي ترب ية قا صرة‬
‫ولو أثرت بعض الثمار مؤقتا استدارجا وابتلء ‪ ،‬إن تربية الناشئة وتربية الشباب‬
‫ل بد أن تبن مباشرة على القرآن بأساليب ووسائل مناسبة‪.‬‬
‫إن البعسض منسا لاس تعلق بالدنيسا ومكاسسبها الاديسة ابتلي وفتس بعلوم الغرب‬
‫وأطروحاتم ‪ ،‬وظن فيها النجاح والسعادة ‪ ،‬والقوة الدارية والقتصادية ‪ ،‬وهو‬
‫يتأول لفعله هذا بشت التأويلت ‪ ،‬ويتج لتصرفه بكثي من الجج‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ )7282( :‬كتاب العتصام ‪ ،‬باب القتداء بسنن رسول ال ’‬


‫‪39‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫الهدف الثالث ‪ :‬قراءة القرآن بقصد مناجاة ال‬
‫عن أ ب هريرة _ أ نه سع ال نب § يقول‪ " :‬ما أذن ال ل شئ ما أذن ل نب ح سن‬
‫(‪)1‬‬
‫ال صوت ي هر بالقرآن " ‪ ،‬ومع ن أذن ‪ :‬أي ا ستمع ‪ ،‬و عن فضالة بن عب يد _‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬ل أشد أُذُنا إل الرجل السن الصوت بالقرآن يهر‬
‫(‪)2‬‬
‫به من صاحب القينة إل قينته" ‪ ،‬وعن عبد ال بن البارك’ قال ‪ :‬سألت سفيان‬
‫الثوري’ قلت ‪ :‬الرجل إذا قام إل الصلة أي شئ ينوي بقراءته وصلته ؟ قال ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ينوي أ نه ينا جي ر به " ‪ ،‬و عن البيا ضي _ أن ر سول ال § خرج على الناس‬
‫وهم يصلون ‪ ،‬وقد علت أصواتم بالقراءة فقال ‪ :‬إن الصلي يناجي ربه عزوجل‬
‫(‪)4‬‬
‫فلين ظر ما يناج يه ‪ ،‬ول ي هر بعض كم على ب عض بالقرآن" ‪،‬وقال قتادة’‪ " :‬ما‬
‫(‪)5‬‬
‫أكلت الكراث م نذ قرأت القرآن" ‪ ،‬وقال أبسو مالك’‪ :‬إن أفواهكسم طرق مسن‬
‫طرق ال تعال فنظفوهسا مسا اسستطعتم قال ‪ :‬فمسا أكلت البصسل منسذ قرأت‬
‫(‪)6‬‬
‫القرآن" ‪.‬‬
‫فالسلم عند قراءته للقرآن عليه أن يستحضر هذا القصد العظيم لكي يشعر بلذة‬
‫القراءة حينما يستحضر أن ال يراه ويستمع لقراءته وهو يقرأ ويدحه ويثن عليه‬
‫ويباهي به ملئكته القربي ‪ ،‬إن أحدنا لو ظن أن رئيسه ‪ ،‬أو والده أو أميا ينظر‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7105( 2743‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 792( 545‬سنن أب‬
‫داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1473( 75‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/2‬ص ‪) 1017( 180‬‬
‫‪ )(2‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪)330( 425‬‬
‫‪ )(3‬تعظيم قدر الصلة ‪92-1 :‬‬
‫‪ )(4‬مسند المام أحد ‪ ، 344-4 :‬وصححه أحد شاكر‬
‫‪ )(5‬فضائل اب عبيد ‪ ، 55‬التذكار ‪108‬‬
‫‪ )(6‬فضائل القرآن لب عبيد ‪ ، 55‬الدر النثور ج ‪/1‬ص ‪ ، 278‬تفسي القرطب ج ‪/1‬ص ‪ ، 27‬وانظر ‪ :‬سنن‬
‫ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪106‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪40‬‬
‫الحياة‬
‫إل قراءته ويدحه لجتهد ف ذلك ‪ ،‬فكيف والذي يستمع إليه ويثن عليه ملك‬
‫اللوك الذي له ما ف السموات وماف الرض وما بينهما وما تت الثرى ‪.‬‬
‫فالقارئ ي ستشعر أن ال ياط به مباشرة ‪ ،‬وأن ال تعال ي سمع قراء ته ‪ ،‬فإذا مر‬
‫بآية فيها تسبيح سبح ‪ ،‬وإذا مر بآية فيه وعيد استعاذ ‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل ‪.‬‬
‫هذا ما أعن يه بالناجاة ‪ ....‬عن حذي فة _ قال ‪ " :‬صليت مع ال نب § ذات ليلة‬
‫فافت تح البقرة ‪ ،‬فقلت ير كع ع ند الائة ث م ضى ‪ ،‬فقلت ي صلي ب ا ف رك عة‬
‫(‪)1‬‬

‫فمضى ‪ ،‬فقلت يركع با ‪ ،‬ث افتتح النساء فقرأها ‪ ،‬ث افتتح آل عمران فقرأها ‪،‬‬
‫يقرأ متر سل ‪ ،‬إذا مر بآ ية في ها ت سبيح سبح ‪ ،‬وإذا مر ب سؤال سأل ‪ ،‬وإذا مر‬
‫(‪)2‬‬
‫بتعوذ تعوذ" ‪.‬‬
‫هكذا تكون الناجاة بالقرآن ‪ ،‬إناس قراءة حيسة يعسي فيهسا العبسد ماذا يقرأ ؟ ولاذا‬
‫يقرأ ؟ و من يا طب بقراء ته ؟ وماذا يتاج م نه ؟ و ما ي ب له نوه من التعظ يم‬
‫والتقديس ‪.‬‬
‫تذ كر دائ ما إذا مررت ب صفة من صفات النجاح وال سعادة أن ت سأل ال تعال‬
‫إياها ‪ ،‬وإذا مررت بصفة من صفات الشقاء والفشل والنكد والضيق أن تستعيذ‬
‫بال من شرها‪.‬‬
‫ث إن ترب ية الن فس على هذا الق صد يقوي في ها مراق بة ال تعال ف حال النشاط‬
‫وهي مقبلة فيكون حاجزا لا عند الفتور والدبار‪.‬‬

‫‪ )(1‬قوله ‪ " :‬يصلي با ف ركعة " أراد بالركعة الصلة كاملة والعن ‪ :‬يصلي با ف تسليمة ‪.‬‬
‫‪ )(2‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 772( 536‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/3‬ص ‪)1664( 225‬‬
‫‪41‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫قال ابسن القيسم’‪ " :‬إذا أردت النتفاع بالقرآن فاجعس قلبسك عنسد تلوتسه‬
‫و ساعسسسسسه ‪ ،‬وألق سعك ‪ ،‬واح ضر حضور من ياط به به من تكلم به‬
‫(‪)1‬‬
‫سبحانه منه إليه ‪ ،‬فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله § "اهس‬
‫فائدة ‪:‬‬
‫تذكّر أنه يتمع لك ف الناجاة بالقرآن خس معان مموعة ف قولك‪(:‬حرس مع)‬
‫الاء ‪ :‬أن ال يبك حي تقرأ القرآن ‪ ،‬الراء ‪ :‬يراك ‪ ،‬السي ‪ :‬يسمعك ‪ ،‬اليم‪:‬‬
‫يدحك ‪ ،‬العي ‪ :‬يعطيك ‪ ،‬فاستحضر هذه العان حي القراءة ول تدعها تفوت‬
‫عليك ‪.‬‬

‫الهدف الرابع ‪ :‬قراءة القرآن بقصد الثواب‬


‫ورد ف ترتيب الثواب على قراءة القرآن نصوص كثية اذكر طرفا منها للتذكي‬
‫بذا المر الهم‪ :‬فعن ابن مسعود _ قال قال رسول ال § ‪" :‬من قرأ حرفا من‬
‫كتاب ال فله ح سنة وال سنة بع شر أمثال ا ل أقول ال حرف ول كن ألف حرف‬
‫(‪)2‬‬
‫ولم حرف وم يم حرف" ‪ ،‬و عن ز يد بن أر قم _ أن ال نب § قال‪" :‬أل إ ن‬
‫تارك فيكم ثِقْلي ‪:‬أحدها ‪:‬كتاب ال عزوجل ‪ ،‬هو حبل ال ‪ ،‬ومن اتبعه كان‬
‫(‪)3‬‬
‫على الدى و من تر كه كان على ضللة" ‪ ،‬و عن أ ب سعيد الدري _ قال ‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قال رسول ال § ‪ ":‬كتاب ال هو حبل ال المدود من السماء إل الرض " ‪،‬‬
‫وعن جابر بن عبد ال ‪ ù‬قال ‪ " :‬كان النب § يمع بي الرجلي من قتلى أحد‬
‫ف ثوب واحد ث يقول ‪ :‬أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟ فإذا أشي له إل أحدها قدّمه‬

‫‪ )(1‬الفوائد‪1 :‬‬
‫‪ )(2‬رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫‪ )(3‬صحيح مسلم ج ‪/4‬ص ‪ 1873‬رقم (‪)2408‬‬
‫‪ )(4‬سنن الترمذي‪ 663-5 :‬رقم ( ‪ ، ) 3788‬وقال حديث حسن غريب ‪ ،‬وصححه اللبان‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪42‬‬
‫الحياة‬
‫(‪)1‬‬
‫فس اللحسد " ‪ ،‬وعسن عائشسة~ قالت ‪ :‬قال رسسول ال §‪ :‬الاهسر بالقرآن مسع‬
‫السسفرة الكرام البرة ‪ ،‬والذي يقرأ القرآن ويتتعتسع فيسه وهسو عليسه شاق له‬
‫(‪)2‬‬
‫أجران" ‪ ،‬وعسن عثمان _ قال ‪ :‬قال رسسول ال § ‪":‬خيكسم مسن تعلم القرآن‬
‫(‪)3‬‬
‫وعل مه" ‪ ،‬و عن أ ب هريرة _ قال ‪ :‬قال ر سول ال § ‪ ":‬تعلموا القرآن فاقرؤه‬
‫وأقرئوه ‪ ،‬فإن م ثل القرآن ل ن تعل مه فقام به كم ثل جراب م شو م سكا يفوح‬
‫ريه ف كل مكان ‪ ،‬ومثل من تعلمه فرقد وهو ف جوفه كمثل جراب أوكي‬
‫(‪)4‬‬
‫على م سك " ‪ ،‬و عن أ ب أما مة _ قال ‪ :‬سعت ر سول ال § يقول‪ ":‬اقرأوا‬
‫(‪)5‬‬
‫القرآن فإنه يأت يوم القيامة شفيعا لصحابه" ‪ ،‬وعن عبدال بن عمرو ‪ ù‬أن‬
‫ر سول ال § قال‪ " :‬ال صيام والقرآن يشفعان للع بد يوم القيا مة ‪ ،‬يقول ال صيام ‪:‬‬
‫أي رب منع ته الطعام والشهوات بالنهار فشفع ن ف يه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منع ته النوم‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري‪ ، 450-1:‬سنن أ ب داود ‪، ) 3138 ( 196-3 :‬سنن الترمذي ‪( 354 -3 :‬‬
‫‪ ) 1036‬وقال حسن صحيح ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪، 471-7 :‬سنن النسائي ‪ ، ) 1955 ( 62-4‬سنن‬
‫ابن ماجه ‪ ، )1514 ( 485-1‬وصححه اللبان‬
‫‪ )(2‬صسحيح البخاري ‪ ،)4653( 1882-4‬وصسحيح مسسلم ‪ ، )798( 549-1:‬وسسنن أبس داود‪:‬‬
‫سه‪( 1242-2 :‬‬ ‫سنن الترمذي ‪ ، )2904( 171-5 :‬وسسنن ابس‬
‫سن ماجس‬ ‫‪ ، )1454( 2/70‬وسس‬
‫‪)3779‬‬
‫‪ )(3‬صسحيح البخاري‪ ، )4739( 1919-4 :‬سسنن أبس داود ‪ ، )1452( 70-2 :‬سسنن الترمذي‪:‬‬
‫‪ ، )2907( 173-5‬سنن ا بن ما جه ‪ ، )211( 76-1 :‬سنن الدار مي ‪، )3337( 528-2 :‬‬
‫مسند المام أحد ‪)405( 57-1 :‬‬
‫‪ )(4‬سنن الترمذي ‪ )2876( 156-5‬وقال حديث حسن ‪ ،‬وضعفه اللبان ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪499-5 :‬‬
‫(‪ )2126‬قال شعيب الرناؤط ‪ :‬رجاله ثقات رجال الصحيح غي عطاء مول أب أحد ‪.‬‬
‫‪ )(5‬صحيح م سلم ‪ ، )804( 552-1 :‬وبنحوه ف سنن الدار مي ‪ ، )3311( 522-2 :‬م سندالمام‬
‫أحدس ‪ ، )22200( 249-5‬صسحيح ابسن حبان ‪، )116( 322-1 :‬السستدرك ‪( 747-1 :‬‬
‫‪ ، )2057‬سنن البيهقي ‪)3862( 395-2 :‬‬
‫‪43‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫بالل يل فشع ن ف يه قال فيشفعان" ‪ ،‬و عن جابر _ عن ال نب § ‪ ":‬القرآن شا فع‬
‫ُصسدّق ‪ ،‬مسن جعله أمامسه قاده إل النسة ‪ ،‬ومسن جعله خلف‬
‫مشفسع ‪ ،‬وماح ٌل م َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ظهره ساقه إل النار" ‪ ،‬وعن النواس بن سعان _ عن النب §قال ‪ :‬يأت القرآن‬
‫(‪)3‬‬
‫وأهله الذ ين يعملون به ف الدنيا تقد مه سورة البقرة وآل عمران" ‪ ،‬وعن ابن‬
‫عباس _ قال ‪ :‬قال رسسول ال § ‪":‬إن الذي ليسس فس جوفسه شسئ مسن القرآن‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬وعن عمر _ قال ‪ :‬أما إن نبيكم § قد قال ‪" :‬إن ال يرفع‬ ‫كالبيت الرب"‬
‫(‪)5‬‬
‫بذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" وعن أب موسى الشعري _ قال ‪ :‬قال‬
‫رسسول ال § ‪ " :‬مثسل الؤمسن الذي يقرأ القرآن كمثسل الترجسة ريهسا طيسب‬
‫وطعمهسا طيسب ‪ ،‬ومثسل الؤمسن الذي ل يقرأ القرآن كمثسل التمرة ل ريسح لاس‬
‫(‪)6‬‬

‫وطعمها حلو ‪ ،‬ومثل النافق الذي يقرأ القرآن مثل الريانة ريها طيب وطعمها‬

‫‪ )(1‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪ ، )6626( 174‬وصححه أحد شاكر‪ ،‬مستدرك الاكم ‪470-1 :‬‬
‫وقال صحيح على شرط م سلم ‪،‬م صنف ابن أب شي بة ج ‪/6‬ص ‪ ،) 30044(129‬صحيح الترغيب والترهيب‬
‫لللبان ‪.)969( 483-1:‬‬
‫‪ )(2‬صسحيح ابسن حبان ‪ ، )124( 331-1 :‬مصسنف عبسد الرزاق ‪ )6010( 372-3 :‬شعسب اليان‬
‫للبيهقي ‪)2010( 351-2 :‬‬
‫‪ )(3‬صحيح مسلم‪ ، )805 ( 554-1 :‬سنن الترمذي ‪. )2883 ( 160-5:‬‬
‫‪ )(4‬سنن الترمذي‪ )2913(177-5 :‬وقال ح سن صحيح ‪ ،‬ال ستدرك ‪ )2037( 741-1 :‬وقال ‪:‬‬
‫صحيح ال سناد ول يرجاه ‪ ،‬سنن الدار مي ‪ ، )3306( 521-2 :‬الع جم ال كبي لل طبان ‪( 109-12 :‬‬
‫‪ ، )12619‬مسند المام أحد ‪)1947( 223-1 :‬‬
‫‪ )(5‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 817( 559‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪)218( 79‬‬
‫‪ )(6‬يعن أنه أمي ل يقدر على القراءة ‪ ،‬وهو حريص على قراءة القرآن بدليل وصفه باليان ‪ ،‬فل يتصور أبدا مؤمن يقدر‬
‫على قراءة القرآن ويهجر قراءته ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪44‬‬
‫الحياة‬
‫(‪)1‬‬
‫مر ‪ ،‬ومثل النافق الذي ل يقرأ القرآن كمثل النظلة ليس لا ريح وطعمها مر"‬
‫‪ ،‬وعن أب هريرة _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬ما اجتمع قوم ف بيت من بيوت‬
‫ال يتلون كتاب ال ويتدارسسونه بينهسم إل نزلت عليهسم السسكينة ‪ ،‬وغشيتهسم‬
‫الرحة ‪ ،‬وحفتهم اللئكة وذكرهم ال فيمن عنده" (‪ ، )2‬وعن عبد ال بن مسعود‬
‫(‪)3‬‬
‫_ ‪ -‬مرفو عا‪ " -‬من سره أن ي ب ال ور سوله فليقرأ ف ال صحف " ‪ ،‬وقال‬
‫ابن عباس ‪ " : ù‬لو أن حلة القرآن أخذوه بقه وما ينبغي له لحبهم ال ولكن‬
‫(‪)4‬‬
‫طلبوا به الدن يا فابغض هم ال وهانوا على الناس"اه س ‪ ،‬و عن ا بن م سعود _‬
‫قال‪":‬إن هذا القرآن مأدبة ال فخذوا منه ما استطعتم فإن ل أعلم شيئا أَصْفرَ من‬
‫خي من بيت ليس فيه من كتاب ال شئ ‪ ،‬وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب‬
‫(‪)5‬‬
‫ال شسئ خرب كخراب البيست الذي ل سساكن فيسه " ‪ ،‬وقال أيضسا _‪ " :‬إن‬
‫(‪)6‬‬
‫هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ول تشغلوها بغيه" ‪ ،‬وقال أبو هريرة _‬
‫‪ " :‬الب يت الذي يتلى ف يه كتاب ال ك ثر خيه وحضر ته اللئ كة وخر جت م نه‬
‫الشياطيس والبيست الذي ل يتلى فيسه كتاب ال ضاق بأهله وقسل خيه وحضرتسه‬
‫‪ )(1‬صحيح البخاري ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 5111 ( 2070‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 797( 549‬سنن‬
‫أ ب داود ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4829( 259‬سنن ا بن ما جه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 214( 77‬سنن الترمذي ج ‪/5‬ص‬
‫‪ ، ) 2865( 150‬سنن النسائي ج ‪/8‬ص ‪)5038( 124‬‬
‫‪ )(2‬سنن أب داود ‪ :‬ج ‪/2‬ص ‪ ، )1455( 71‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، )225( 82‬سنن الترمذي ‪ :‬ج‬
‫‪/5‬ص ‪. )2945(195‬‬
‫‪ )(3‬الترغيب لبن شاهي ‪ :‬ق‪ ، 288-1-‬الكامل لبن عدي‪ ،111-2 :‬وإسناده حسن كما قال اللبان ف‬
‫الصحيحة ‪452-5‬‬
‫‪ )(4‬تفسي القرطب ج ‪/1‬ص ‪20‬‬
‫‪ )(5‬سنن الدارمي رقم ‪3173‬‬
‫‪ )(6‬م صنف ا بن أ ب شي بة ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 30011(126‬ج ‪/7‬ص ‪ ، ) 34551( 106‬م سند أح د‬
‫بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 6655( 177‬‬
‫‪45‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫الشياطيس وخرجست منسه اللئكسة " ‪ ،‬والنصسوص فس هذا الباب كثية وإناس‬
‫قصسدت أل يلو هذا البحسث مسن طرف منهسا ليكون ترسسيخا لذا الدف مسن‬
‫أهداف قراءة القرآن ‪ ،‬و من أراد التو سع فعل يه بك تب ال سنة يق طف من ها ما لذ‬
‫وطاب من الكلم ال ستطاب ؛ ف ما ذكر ته ه نا غ يض من ف يض وقليل من كث ي‬
‫وال الادي إل سواء السبيل ‪.‬‬
‫الهدف الخامس‪ :‬قراءة القرآن بقصد الستشفاء به‬
‫قال ال تعال ‪{ :‬يَا أَيّهَا النّا سُ َقدْ جَاءتْكُم ّموْعِ َظ ٌة مّ ن ّربّكُ ْم َو ِشفَاء لّمَا فِي‬
‫ِنس‬
‫الصسدُو ِر َوهُدًى وَرَ ْح َمةٌ لّلْ ُم ْؤ ِمنِيَ } [(‪ )57‬سسورة يونسس] ‪ ،‬وقال تعال { َونُنَزّلُ م َ‬ ‫ّ‬
‫منِيَ وَلَ َيزِيدُ الظّالِمِيَ إَلّ خَ سَارًا} [(‪ )82‬سسورة‬ ‫اْلقُرْآ نِ مَا ُه َو ِشفَاء وَرَحْ َمةٌ لّلْ ُم ْؤ ِ‬
‫ُونس‬
‫ِينس ل ُي ْؤمِن َ‬
‫ِينس آ َمنُوا هُدًى َو ِشفَاء وَالّذ َ‬
‫السسراء] ‪ ،‬وقال ال تعال ‪ُ { :‬ق ْل ُهوَ لِلّذ َ‬
‫فِي آذَاِنهِ ْم وَقْ ٌر َو ُهوَ عََلْيهِمْ عَمًى ُأوَْلئِكَ ُينَا َد ْو َن مِن ّمكَا ٍن َبعِيدٍ} [(‪ )44‬سورة فصلت]‪.‬‬
‫فالقرآن شفاء للقلوب مسن أمراض الشبهات والشهوات والوسساوس كلهسا‬
‫(‪)2‬‬
‫القهري من ها وغيه ‪ ،‬وشفاء للبدان من ال سقام ‪ ،‬فم ت ا ستحضر الع بد هذا‬
‫الق صد فإ نه ي صل له الشفاءان ‪ :‬الشفاء العل مي العنوي ‪ ،‬والشفاء الادي البد ن‬
‫(‪)3‬‬
‫بإذن ال تعال ‪ ،‬عن علي _ قال ‪ :‬قال ر سول ال §‪" :‬خ ي الدواء القرآن" ‪،‬‬
‫وعن عائشة ~ أن رسول ال § دخل عليها وامرأة تعالها ‪ ،‬أو ترقيها ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫عاليهسا بكتاب ال "(‪ . )4‬والشفاء بالقرآن يصسل بأمريسن ‪ :‬الول ‪ :‬القيام بسه ‪،‬‬

‫‪ )(1‬الزهد لبن البارك ج ‪/1‬ص ‪) 790( 273‬‬


‫‪ )(2‬إن تطبيق مفاتح تدبر القرآن من أقوى الدوية ف قطع الوساوس الزعجة والت تدث القلق أو الكتئاب‪ ،‬وقد انتفع‬
‫به كثي من الناس هدأت نفوسهم واطمأنت قلوبم ونزلت عليهم السكينة وحصل لم السلم النفسي بكل معانية ‪.‬‬
‫‪ )(3‬سلسلة الحاديث الصحيحة ‪931-4‬‬
‫‪ )(4‬صسسحيح ابسسن حبان ج ‪/13‬ص ‪ ، ) 6098( 464‬موارد الظمآن ج ‪/1‬ص ‪.)1419( 343‬‬
‫وصححه اللبان ف السلسلة الصحيحة برقم ( ‪. )1931‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪46‬‬
‫الحياة‬
‫وخاصة ف جوف الليل الخر ‪ ،‬مع استحضار نية الشفاء ‪ ،‬والثان ‪ :‬الرقية به ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫فالر يق النا تج مسن تلوة آيات القرآن الكريس له أثسر عظ يم ف القوة والنشاط ‪،‬‬
‫وال صحة والعاف ية ل ير قى إل يه أي خل طة من خلطات العشاب أو مر كب من‬
‫مركبات الصيادلة ‪ ،‬ول أظن مسلما ينكر أثر النفث باليات ف الشفاء والعلج ‪،‬‬
‫ولكن ليس من أي أحد ‪ ،‬وأيضا هو مكن لكل أحد ‪ ،‬من يأخذ بالسباب‪.‬‬
‫إننا ينبغي أن نتعامل مع القرآن مباشرة فهو ميسر لكل من صدق ف التعامل‬
‫م عه و جد ف القيام به‪ ،‬أ ما أن ن عل بين نا وب ي القرآن و سطاء ون مل التعا مل‬
‫البا شر م عه فهذا غا ية الرمان ‪ ،‬ت د الب عض حين ما ي صاب ب صيبة أو ينل به‬
‫مرض يوب الفاق ويطوف البلد ب ي القراء والعال ي و ما علم أن ال مر أقرب‬
‫من ذلك وأي سر‪ ،‬فال سبحانه وتعال حين ما يبتلينا بالشدائد والصائب ير يد منا‬
‫أن نتضرع وأن نسستكي ونتذلل بيس يديسه سسبحانه وتعال كمسا قال عزوجسل ‪:‬‬
‫{ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربم وما يتضرعون } [ ‪ 76‬الؤمنون]‬
‫وقال تعال ‪ { :‬ولقد أرسلنا إل أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم‬
‫يتضرعون } [النعام ‪ ، ]42‬والقيام الطويل بالقرآن هو من أهم صور التذلل ل‬
‫تعال والتضرع بي يديه كما يصل ف صلة الكسوف وغيها فالقيام بالقرآن‬
‫من أقوى أسباب العافية والشفاء ‪...‬‬
‫وليس هذا موضع بسط هذه السألة ‪ ،‬وإنا القصود التذكي بأن يستحضر قارئ‬
‫القرآن هذا المر العظيم حي قراءته ليحصل على أعلى درجات التأثي والنفع ‪ ،‬ومن‬

‫‪ )(1‬والسلم يوقن بذا ال ثر للقرآن الكري ‪ ،‬وهو أمر مشاهد مسوس ‪ ،‬وانتفاع السلمي به متواتر على مر العصور ‪،‬‬
‫ولسنا باجة لثبات ذلك بالتجربة بل هو يقي علمي خبي ‪ ،‬لكن من أراد زيادة يقي فعليه بشريط ‪ :‬أسباب منسية ‪،‬‬
‫للدكتور البي‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫اراد الستزادة فعليه براجعة كتاب الطب النبوي لبن القيم فقد فصل وأجاد الديث‬
‫عن هذه السألة وفيه كلم نفيس يسن الرجوع إليه ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪48‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح الثالث‪ :‬القيام بالقرآن‬
‫إن هذا الفتاح من أهم مفاتح تدبر القرآن ‪ ،‬وأعظمها شأنا ‪ ،‬وقد ورد عدد من‬
‫جدْ بِ هِ نَافَِلةً‬
‫الن صوص تؤ كد أهي ته ‪ ،‬من ذلك قول ال تعال ‪َ { :‬ومِ نَ الّليْلِ فََتهَ ّ‬
‫‪ ،‬وقول ال تعال ‪:‬‬ ‫[(‪ )79‬سورة السراء]‬ ‫حمُودًا}‬
‫ك َمقَامًا مّ ْ‬
‫ك عَ سَى أَن َيبْ َعثَ كَ َربّ َ‬
‫لّ َ‬
‫{يَا َأّيهَا الْ ُم ّزمّلُ ‡† قُ مِ الّليْلَ إِلّ َقلِيلً ‡† نِ ْ‬
‫صفَهُ َأوِ انقُ صْ ِمنْ هُ قَلِيلً ‡† َأوْ زِدْ‬
‫عََليْهِ َو َرتّلِ الْقُرْآنَ تَ ْرتِيلً ‡† ِإنّا سَنُ ْلقِي عََليْكَ َقوْ ًل َثقِيلً ‡† }[‪ 5-1‬سورة الزمل] ‪،‬‬
‫وقول ال تعال ‪{ :‬لَيْ سُواْ َسوَاء مّ نْ َأهْلِ اْل ِكتَا بِ ُأ ّمةٌ قَآئِ َمةٌ َيتْلُو نَ آيَا تِ اللّ ِه آنَاء‬
‫الّليْ ِل َوهُ مْ يَ سْجُدُونَ} [(‪ )113‬سسورة آل عمران] ‪ ،‬وقول ال تعال ‪{:‬أَمّ ْن ُهوَ قَانِ تٌ آنَاء‬
‫ِينس‬
‫َسسَتوِي الّذ َ‬ ‫الّليْ ِل سسَاجِدًا َوقَائِم ًا يَحْ َذرُ الخِ َرةَ َويَرْج ُو رَحْ َمةَ َرب ِ‬
‫ّهس قُ ْل هَ ْل ي ْ‬
‫َيعْلَمُو نَ وَالّذِي نَ ل َيعَْلمُو نَ ِإنّمَا َيتَذَكّرُ ُأوْلُوا الَلْبَا بِ}[ (‪ )9‬سورة الز مر] ‪ ،‬وقال §‪:‬‬
‫"ل حسد إل ف اثنتي رجل أتاه ال القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ‪،‬‬
‫ورجسل آتاه ال مال فهسو ينفقسه آناء الليسل وآناء النهار "(‪ ، )1‬فانظـر إل قوله ‪:‬‬
‫(ينف قه) مع قوله (يقوم به) فيؤ خذ منه أن من آتاه ال القرآن ول ي قم به أي ل‬
‫يقرأه ف صلة فهو مثل من آتاه ال مال ول ينفقه ‪ ،‬ويؤكد هذا الديث الت ‪:‬‬
‫عسن أبس هريرة _ قال ‪ :‬قال رسسول ال §‪ " :‬تعلموا القرآن فا ْقرَؤوه وأقْرِؤوه ‪،‬‬
‫فإن مثل القرآن لن تعلمه فقام به كمثل جراب مشو مسكا يفوح ريه ف كل‬
‫(‪)2‬‬
‫مكان ‪ ،‬ومثل من تعلمه فرقد وهو ف جوفه كمثل جراب أوكي على مسك"‬

‫‪ )(1‬صسسسحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 73(39‬ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4737( 1919‬ج ‪/4‬ص ‪(1919‬‬


‫‪ ، ) 4738‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪، ) 815( 559‬ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 816( 559‬صحيح ا بن حبان ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 90(292‬سسنن النسسائي الكسبى ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 8072( 27‬سسنن ابسن ماجسه ج ‪/2‬ص‬
‫‪ ، ) 4208(1407‬سنن الترمذي ج ‪/4‬ص ‪) 1936( 330‬‬
‫‪ )(2‬سنن الترمذي ‪ )2876( 156-5‬وقال حديث حسن ‪ ،‬وضعفه اللبان ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪499-5 :‬‬
‫(‪ )2126‬قال شعيب الرناؤط ‪ :‬رجاله ثقات رجال الصحيح غي عطاء مول أب أحد ‪.‬‬
‫المفتاح الثالث ‪ :‬القيام بالقرآن‬
‫‪49‬‬
‫فدل هذا الديسث على أن مسن آتاه ال القرآن فرقسد ول يقسم بسه فهسو مثسل مسن‬
‫اشترى طيبا وتركه مغلقا ول يستخدمه ‪ ،‬ويبي الديث التال الدف من القيام‬
‫بالقرآن ‪ ،‬وسبب هذا الفرق الكبي بي من يقوم به ‪ ،‬ومن ل يقوم به ‪ ،‬عن ابن‬
‫عمسر ‪ ù‬عسن النسب § أنسه قال‪ " :‬إذا قام صساحب القرآن فقرأه بالليسل والنهار‬
‫ذكره وإن ل يقم به نسيه "(‪ ، )1‬فهذا هو بيت القصيد وهو حجر الزاوية ف تدبر‬
‫القرآن والنتفاع به ؛ إ نه تذ كر آيات القرآن الكر ي ‪ ،‬وكون ا حاضرة ف القلب‬
‫ف كل آن ‪ ،‬وخا صة ف الوا قف ال صعبة ف الياة ‪ ،‬موا قف الشدة والذهول ‪،‬‬
‫الواقف الت يفت فيها الرء ويتحن ويتب ‪ ،‬فمن كان يقوم به آناء الليل ‪ ،‬وآناء‬
‫النهار فت جد إجاب ته حاضرة و سريعة وقو ية ‪ ،‬تده وقا فا ع ند كتاب ال تعال ‪،‬‬
‫وأ ما من كان مفر طا ف ا ستخدام هذا الفتاح ف ما أ سرع ما ي سقط ويهوي ‪،‬‬
‫لةِ ِإنّ‬
‫صبْ ِر وَالصّ َ‬
‫ويدل لذا العن قول ال تعال ‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوْا اسَْتعِينُواْ بِال ّ‬
‫اللّ َه مَ َع ال صّابِرِينَ} [(‪ )153‬سورة البقرة] ‪ ،‬فالصب هو ثرة العلم ‪ ،‬والعلم وسيلته القراءة‬
‫بتدبر ‪ ،‬و هو حا صل ل ن قرأ القرآن ف صلة ‪ ،‬لذلك قرن ال تعال بينه ما ف‬
‫أك ثر من مو ضع ‪ ،‬وكان ال نب § إذا حز به أ مر فزع إل ال صلة ‪ ،‬ويط يل في ها‬
‫قراءة القرآن ك ما ف صلة الك سوف ‪ ،‬ف من يتر ب على هذا الفتاح ‪ -‬وخا صة‬
‫من الصغر ‪ -‬يسهل عليه النتفاع به ف الياة ‪ ،‬أما من ل يترب عليه فإنه تضيق‬
‫به الياة ف حال الشدة ‪ ،‬وتضيع عليه الياة حال الرخاء‪.‬‬
‫إن اجتماع القرآن مع الصلة يكن أن يشبه باجتماع الكسجي مع اليدروجي‬
‫ح يث ين تج من تركيبه ما الاء الذي به حياة البدان ؛ فكذلك اجتماع القرآن‬
‫مع الصلة ينتج عنه ماء حياة القلب وصحته وقوته ‪ ،‬ولذلك فل تعجب من كل‬

‫‪ )(1‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪، ) 789( 544‬سنن الن سائي ال كبى ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 8043(20‬م سند أب‬
‫عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3811( 456‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪)4923( 35‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪50‬‬
‫الحياة‬
‫هذا الفضل الذي رتب على هذا الع مل ‪ ،‬عن ع بد ال بن عمرو ‪ ù‬عن ر سول‬
‫ال § أنه قال ‪ " :‬من قام بعشر آيات ل يكتب من الغافلي ‪ ،‬ومن قام بئة آية‬
‫(‪)1‬‬
‫كتب من القانتي ‪ ،‬ومن قام بألف آية كتب من القنطرين" ‪ ،‬وعن أب هريرة‬
‫_ قال ‪ :‬قال رسسول ال §‪ :‬أيبس أحدكسم إذا رجسع إل أهله أن يدس ثلث‬
‫خلفات عظام سان ؟ قلنا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فثلث آيات يقرأ بن أحدكم ف صلة‬
‫(‪)2‬‬
‫خي له من ثلث خلفات عظام سان" ‪ ،‬وبالضافة إل ما سبق ذكره فقد دلت‬
‫ن صوص على أن الع بد إذا د خل ف ال صلة فإ نه يزداد قر با من ال تعال ‪ ،‬وأ نه‬
‫سبحانه يقبل عليه بوجهه ‪ ،‬من ذلك ما جاء عن أنس _ أن النب §‪ :‬قال ‪" :‬أيها‬
‫الناس إن أحدكم إذا كان ف الصلة فإنه ُمنَا جٍ ربه ‪ ،‬وربه فيما بينه وبي القبلة‬
‫(‪)3‬‬
‫" ‪ ،‬وعن أب هريرة _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪":‬إذا كان أحدكم ف صلة فل‬
‫(‪)4‬‬
‫يبزقن أمامه فإنه مستقبل ربه" ‪ ،‬قال ابن جريج ’ قلت لعطاء ’‪ :‬أيعل الرجل‬
‫يده على أنفه أو ثو به ؟ قال‪ :‬فل ‪ ،‬قلت من أجل أنه يناجي ربه ؟ قال ‪ :‬ن عم ‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وأ حب أل ي مر فاه" ‪ ،‬قال عطاء ’‪":‬بلغ نا أن الرب يقول ‪ :‬إل أ ين تلت فت ؟‬
‫‪ )(1‬صحيح ا بن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، 310‬صحيح ا بن خزي ة ج ‪/2‬ص ‪ ، )1144( 181‬موارد الظمآن ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 662( 172‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪) 1398( 57‬‬
‫‪ )(2‬صسحيح مسسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 802( 552‬سسنن ابسن ماجسه ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3782(1243‬سسنن‬
‫الدارمي ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3314( 523‬مسند أب عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3777( 447‬مصنف ابن أب شيبة‬
‫ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 30073( 132‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 9141(396‬‬
‫‪ )(3‬صحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1156(406‬سنن النسائي ال كبى ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 528(191‬سنن‬
‫ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 763(251‬مسند أب عوانة ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1198(336‬مصنف ابن أب شيبة ج‬
‫‪/2‬ص ‪) 7461(143‬‬
‫‪ )(4‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 551(390‬سنن الدار مي ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1397( 378‬الع جم ال كبي‬
‫ج ‪/8‬ص ‪ ، ) 8168(313‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 9355( 415‬‬
‫‪ )(5‬تعظيم قدر الصلة ‪190-1 :‬‬
‫المفتاح الثالث ‪ :‬القيام بالقرآن‬
‫‪51‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إلّ يا ابن آدم ؛ إن خي لك من تلتفت إليه" ‪ ،‬ولو ل يكن ف القراءة داخل‬
‫ال صلة إل النقطاع عن الشوا غل واللهيات لك فى ‪ ،‬فإن ال صلي إذا د خل ف‬
‫ال صلة حرم عل يه الكلم واللتفات والر كة من غ ي حا جة ‪ ،‬فهذا أعون على‬
‫التدبر والتف كر وأجع للقلب ‪ ،‬وأيضا فإن من حوله ل يقاطعه ول يشغله ما دام‬
‫ف صلته‪.‬‬

‫‪ )(1‬تعظيم قدر الصلة ‪190-1 :‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪52‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‬
‫إن الليل ‪ -‬وخاصة وقت السحر‪ -‬من أفضل الوقات للتذكر ‪ ،‬فالذاكرة تكون‬
‫ف أعلى م ستوى ب سبب الدوء وال صفاء ‪ ،‬وب سبب بر كة الو قت ح يث النول‬
‫الل ي ‪ ،‬وف تح أبواب ال سماء ‪ ،‬فأي أ مر تر يد ت ثبيته ف الذاكرة ب يث تتذكره‬
‫خلل النهار ف قم براجع ته ف هذا الو قت ‪ ،‬و قد ا ستفاد من هذا أ هل الدن يا من‬
‫أهل السياسة والقتصاد وخاصة الغرب ؛ حيث ذكر عدد منهم أنه يقوم براجعة‬
‫لوائحسة ‪ ،‬أو حسساباته ‪ ،‬أو معاملتسه وأوراقسه فس مثسل هذا الوقست وأنسه يوفسق‬
‫للصواب ف قراراته ‪ ،‬فأهل القرآن أهل الخرة أول باغتنام هذه الفرصة لتثبيت‬
‫إيانم وعلمهم ‪ ،‬وإن من القائق التاريية الديرة بالدراسة والتأمل تلك العلقة‬
‫بي قوة السلمي وبي قيامهم بالقرآن ف الليل ‪ ،‬فمن خلل تأمل سريع تد أن‬
‫انتصارات ال سلمي وجدت حين ما كانت جنوده تو صف بأن م ‪( :‬رهبان بالل يل‬
‫فرسان ف النهار ) ‪ ،‬وما يدل على كون القراءة ف ليل أحد مفاتح التدبر قول‬
‫ال عز و جل ‪َ { :‬ومِ نَ الّليْلِ َفَتهَجّ ْد بِ ِه نَافَِلةً لّ كَ عَ سَى أَن يَْب َعثَ كَ َربّ كَ َمقَامًا‬
‫حمُودًا} [(‪ )79‬سسورة السسراء]‪ ،‬وقول ال عزو جل ‪ {:‬إِنّ نَاشَِئةَ الّليْ ِل هِ يَ َأشَ ّد َوطْئا‬ ‫مّ ْ‬
‫َوأَ ْقوَمُس قِيلً } [(‪ )6‬سسورة الزمسل] قال ابسن عباس ‪" : ù‬هسو أجدر أن يفقسه القرآن " ‪،‬‬
‫ويقول ابن حجر ‪ -‬عن مدارسة جبيل ‪ À‬لرسول ال § ف كل ليلة من رمضان‬
‫‪ " :-‬القصود من التلوة الضور والفهم ‪ ،‬لن الليل مظنة ذلك لا ف النهار من‬
‫(‪)1‬‬
‫الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية "اهس ‪ ،‬وقال ال تعال ‪{ :‬لَيْ سُواْ َسوَاءً‬
‫جدُونَ} [(‪ )113‬سورة‬ ‫مّ نْ َأهْلِ اْل ِكتَا بِ ُأ ّمةٌ قَآئِ َم ٌة َيتْلُو َن آيَاتِ اللّ ِه آنَاء الّليْلِ َوهُ ْم يَ سْ ُ‬
‫ت آنَاء الّليْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْ َذ ُر الْآخِ َرةَ‬ ‫آل عمران] ‪ ،‬وقال ال تعال ‪{ :‬أَمّ ْن ُهوَ قَانِ ٌ‬

‫‪ )(1‬فتح الباري ج ‪/9‬ص ‪45‬‬


‫المفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‬
‫‪53‬‬
‫َويَرْجُو رَحْ َمةَ َربّ هِ ُق ْل هَ ْل يَ سَْتوِي الّذِي َن َيعْلَمُو نَ وَالّذِي نَ لَا َيعْلَمُو نَ ِإنّمَا يَتَذَكّرُ‬
‫ُأوْلُوا اْلأَلْبَا بِ} [ (‪ )9‬سسورة الزمسر] ‪ ،‬وقال ال سن بن علي ‪ " :ù‬إن من كان قبل كم‬
‫رأوا القرآن رسسائل مسن ربمس فكانوا يتدبروناس بالليسل ‪ ،‬ويتفقدوناس فس النهار‬
‫(‪)1‬‬
‫"اهس والشاهد قوله ‪" :‬يتدبرونا بالليل" ‪ ،‬وقال ابن عمر ‪" : ù‬أول ما ينقص‬
‫(‪)2‬‬
‫من العبادة ‪ :‬التهجد بالليل ‪ ،‬ورفع الصوت فيها بالقراءة" ‪ ،‬وقال الشيخ عطيه‬
‫سال ’ ‪ -‬حاكيا عن شيخه الشنقيطي ’ ‪ " :-‬وقد سعت الشيخ يقول ‪ :‬ل يثبت‬
‫القرآن ف ال صدر ‪ ،‬ول ي سهل حف ظه ‪ ،‬ويي سر فه مه إل القيام به ف جوف‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الليل "اهس ‪ ،‬وقال السري السقطي’ ‪ " :‬رأيت الفوائد ترد ف ظلم الليل"‬
‫‪ ،‬قال النووي ’‪" :‬ينبغسي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن فس الليسل أكثسر ‪،‬‬
‫وف صلة الليل أكثر ‪ ،‬والحاديث والثار ف هذا كثية ‪ ،‬وإنا رجحت صلة‬
‫اليل وقراءته لكونا أجع للقلب ‪ ،‬وأبعد عن الشاغلت واللهيات والتصرف ف‬
‫الاجات ‪ ،‬وأ صون عن الرياء وغيه من الحبطات ‪ ،‬مع ماجاء به الشرع من‬
‫(‪)5‬‬
‫إياد اليات ف الل يل ‪ ،‬فإن ال سسراء بالر سول § كان ليل "اه س ‪ ،‬و عن‬
‫عمر بن الطاب _ قال ‪ :‬قال رسول ال § ‪ " :‬من نام عن حزبه أو عن شئ منه‬
‫(‪)6‬‬
‫فقرأه فيما بي صلة الفجر وصلة الظهر كتب له كأنا قرأه من الليل"اهس‬

‫‪ )(1‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪29‬‬


‫‪ )(2‬خلق أفعال العباد ج ‪/1‬ص ‪111‬‬
‫‪ )(3‬مقدمة أضواء البيان‪4:‬‬
‫‪ )(4‬رهبان الليل للعفان ‪526-1‬‬
‫‪ )(5‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪34‬‬
‫‪ )(6‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ابن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ابن‬
‫خزي ة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سنن الن سائي ال كبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سنن أ ب داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سنن ا بن ما جه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪(474‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪54‬‬
‫الحياة‬
‫و ف هذا دللة واض حة على أن ال صل ف القيام بالزب من القرآن هو الل يل ‪،‬‬
‫وفس حالة العذر فإنسه يعطسى الثواب نفسسه إذا قضاه فس النهار ‪ ،‬قال أبسو داود‬
‫الفري ’ ‪ :‬دخلت على كرز بسن وبرة ’ فس بيتسه ‪ ،‬فإذا هسو يبكسي ‪ ،‬فقلت‪ :‬مسا‬
‫يبكيك ؟ قال ‪ :‬إن باب مغلق وإن ستري لسبل ومنعت حزب أن أقرأه البارحسة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وما هو إل ذنب أحدثته " ‪.‬‬
‫إن القراءة للقلب م ثل ال سقي للنبات ‪ ،‬فال سقي ل يكون ف حر الش مس فإن‬
‫هذا يضعف أثره خاصة مع قلة الاء فإنه يتبخر ‪ ،‬وكذلك قراءة القرآن إذا كانت‬
‫قليلة ‪ ،‬وكانت ف النهار وقت الضجيج والشغلت ‪ ،‬فإن ما يرد على القلب من‬
‫العان يتبخر ول يؤثر فيه ‪ ،‬وهذا ييب على تساؤل البعض إذ يقول ‪ :‬إن أكثر‬
‫قراءة القرآن لكن ل أتأثر به ؟ فلما سألته ‪ :‬مت تقرأ القرآن ؟ تبي أن كل قراءته‬
‫ف النهار ‪ ،‬و ف و قت الضج يج ‪ ،‬وب شئ من الكابدة ل صول الترك يز فك يف‬
‫سيتأثر ؟‬
‫إن القراءة ف الل يل ي صل مع ها ال صفاء والدوء ح يث ل أ صوات تش غل الذن‬
‫ول صور تش غل الع ي فيح صل الترك يز التام و هو يؤدي إل قوة التدبر والتف كر‬
‫وقوة الفظ والرسوخ للفاظ القرآن ومعانية ‪.‬‬

‫‪)581‬‬
‫‪ )(1‬حلية الولياء ‪ :‬ج ‪-5‬ص ‪79‬‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫‪55‬‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫للقرآن‬
‫المسألة الولى ‪ :‬أهميته‬
‫القرآن أنزل ليع مل به ‪ ،‬وو سيلة الع مل به العلم به أول ‪ ،‬و هو ي صل بقراء ته‬
‫وتدبره ‪ ،‬وكلمسا تقاربست أوقات القراءة ‪ ،‬وكلمسا كثسر التكرار كان أقوى فس‬
‫ر سوخ معا ن القرآن الكر ي ‪ ،‬و من أ جل ذلك كان ال سلف يواظبون على قراءة‬
‫القرآن ‪ ،‬ويرصون على كثرة تلوته وتكرارها ‪ ،‬ومن ظن أنم يقرأونه من أجل‬
‫ثواب القراءة فح سب ف قد ق صر فه مه ف هذا الباب ‪ ،‬عن ع مر بن الطاب _‬
‫قال ‪ :‬قال ر سول ال § ‪ " :‬من نام عن حز به أو عن ش يء م نه فقرأه في ما ب ي‬
‫(‪)1‬‬
‫صلة الفجر وصلة الظهر كتب له كأنا قرأه من الليل" ‪ ،‬وقال عقبة بن عامر‬
‫(‪)2‬‬
‫الهن _ ‪" :‬ما تركت حزب سورة من القرآن من ليلتها منذ قرأت القرآن "‬
‫و عن الغية بن شع بة _ قال ‪ " :‬ا ستأذن ر جل على ر سول ال و هو ب ي م كة‬
‫(‪)3‬‬
‫والدينة فقال ‪ :‬قد فاتن الليلة حزب من القرآن وإن ل أوثر عليه شيئا" ‪ ،‬وعن‬
‫خيث مة ’ قال ‪ " :‬انته يت إل يه ‪ -‬يع ن ‪ :‬ع بد ال بن عمرو ‪ - ù‬و هو يقرأ ف‬
‫(‪)4‬‬
‫الصحف فقال ‪ :‬هذا حزب الذي أريد أن أقوم به الليلة" ‪ ،‬وعن القاسم ’ قال‬

‫‪ )(1‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ابن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ابن‬
‫خزي ة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سنن الن سائي ال كبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سنن أ ب داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سنن ا بن ما جه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪( 474‬‬
‫‪)581‬‬
‫‪ )(2‬فضائل القرآن لب عبيد ‪95‬‬
‫‪ )(3‬كن العمال ج ‪/2‬ص ‪)4137(141‬‬
‫‪ )(4‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪) 8559(240‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪56‬‬
‫الحياة‬
‫‪ :‬كنا نأت عائشة ~ قبل صلة الفجر ‪ ،‬فأتيناها ذات يوم ‪ ،‬فإذا هي تصلي ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫فقالت نت عن حزب ف هذه الليلة فلم أكن لدعه" ‪ ،‬وعن أب بكر بن عمرو‬
‫بن حزم ’ ‪ :‬أن رجلً ا ستأذن على ع مر _ بالاجرة فحج به طويل ‪ ،‬ث أذن له‬
‫(‪)3‬‬
‫فقال ‪ :‬إن كنت نت عن حزب فكنت أقضيه" ‪ ،‬وعن ابن الاد ’ قال سألن‬
‫نا فع بن جبي بن مط عم ’ فقال ل ‪ :‬ف كم تقرأ القرآن؟ فقلت‪ :‬ما أحز به ‪،‬‬
‫فقال ل نافـع ‪ :‬ل تقـل مـا أحزبـه ‪ ،‬فإن رسـول ال § قال ‪ :‬قرأت جزءا مـن‬
‫(‪)4‬‬
‫القرآن " ‪ ،‬فهذه النصوص وغيها ما نقل عن السلف ف هذه القضية الهمة‬
‫تؤ كد على ضرورة تز يب القرآن والحاف ظة على ما ي تم تزي به ‪ ،‬وأن يكون له‬
‫الولوية الول ف كل وقت ‪.‬‬
‫ينب غي أن يو جد الرص التام عل يه وأن يقدم على كل ع مل ‪ ،‬وأل يهدأ لك بال‬
‫حت تقوم به ‪ ،‬حت تؤديه ف وقته ‪ ،‬أو تقضيه إن فات أداؤه ف وقته ‪ ،‬إن العمل‬
‫الذي ل تقضيه إذا فات يعن تساوي الفعل والترك عندك ‪ ،‬وهذا دليل على عدم‬
‫أهيته لديك ‪ ،‬مت وجد هذا الرص فهو مفتاح النجاح ف الياة ‪ ،‬إنه مفتا حٌ‬
‫ل نتاج إل إثبات ناحه بالتجربة ‪ ،‬فهو ثابت بالب عن ال تعال وعن رسوله‬
‫§ ‪ ،‬كما قال ال تعال‪ {:‬فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى } [(‪ )123‬سورة طه ] ‪،‬‬
‫وهل يعقل أو يتصور أن يوجد اتباع دون قراءة مستمرة ‪ ،‬دون مذاكرة لقواعده‬
‫وتوجيهاته ‪ ،‬كما سبق البيان أننا ف واقع الياة ند أن الداري الذي ل يفظ‬
‫اللئ حة ول ي عي ما في ها هو إداري فا شل ‪ ،‬والطالب الذي ل يذا كر درو سه‬

‫‪ )(1‬يفهم من السياق أن ميئهم هذه الرة بعد طلوع الشمس ‪ ،‬أو أن صواب العبارة ( بعد صلة الفجر ) ‪.‬‬
‫‪ )(2‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪)4784(416‬‬
‫‪ )(3‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪416‬‬
‫‪ )(4‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪) 1392(55‬‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫‪57‬‬
‫كذلك ‪ ،‬ومت علم ال منك صدق الرغبة والرص على هذا الغذاء فإنه يفتح لك‬
‫أبوا به ويبارك لك ف يه ‪ ،‬وي تد أثره ليش مل ج يع جوا نب حيا تك ‪ ،‬ل أقول إن‬
‫التجر بة تش هد لذلك ‪ ،‬فثبات نتائج هذا الع مل أقوى وأ صدق من أن ت ضع‬
‫للتجربة ‪ ،‬وما يوجد ف حياتنا من نقص إنا هو بسبب ترك وإهال هذا العمل‬
‫اليسي على من يسره ال عليه ‪ ،‬العظيم ف نفعه وأثره الشامل ف تقيق النجاح‬
‫الكا مل ل كل من أ خذ به بد قة ‪ ،‬و هو ما ن ل يتاج إل دورات ول ر سوم ول‬
‫مدرب ‪.‬‬
‫إن عادات النجاح ليست سبعا ول عشرا بل هي عاد ٌة واحدة ‪ ،‬إنا الحافظة‬
‫على قراءة حزبسك مسن القرآن ‪ ،‬بسل هسي عبادة وليسست عادة ‪ ،‬مسن يسسر ال له‬
‫الحافظة عليها حصلت له كل معان النجاح الدينية والدنيوية‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬كيفية تحــزيب القرآن ومدة الخــتم‬


‫قراءة القرآن مثل العلج ل بد أن يكون بقدار معي ل يزيد عليه ول ينقص حت‬
‫يدث أثره ‪ ،‬م ثل الضاد اليوي إن طالت الدة ض عف أثره ‪ ،‬وإن تقارب أك ثر‬
‫من الناسب أضر بالبدن ‪ ،‬فكذلك قراءة القرآن الدة الت أقرها النب §لمته ‪ ،‬لن‬
‫ر غب ف ال ي هي سبعة أيام إل ش هر ‪ ،‬ون ى عن أ قل من ثلث ‪ ،‬وجاءت‬
‫نصوص ف النهي عن هجر القرآن أكثر من أربعي يوما‪.‬‬
‫عن أوس بن حذيفة الثقفي _ قال ‪ :‬قدمنا على رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف وفد ثق يف فنلوا الحلف على الغية بن شعبة _‪ ،‬وأنزل رسول ال § ب ن‬
‫مالك ف قبة له فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء فيحدثنا قائ ما على رجل يه ح ت‬
‫يراوح بي رجليه وأكثر ما يدثنا ما لقي من قومه من قريش ويقول ‪ :‬ول سواء‬
‫ك نا م ستضعفي م ستذلي فل ما خرج نا إل الدي نة كا نت سجال الرب بين نا‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪58‬‬
‫الحياة‬
‫وبينهم ندال عليهم ويدالون علينا فلما كان ذات ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان‬
‫يأتينا فيه فقلت ‪ :‬يار سول ال لقد أبطأت علينا الليلة قال ‪ :‬فإنه طرأ علي حزب‬
‫من القرآن فكر هت أن أخرج ح ت أت ه قال أوس بن حذي فة سألت أ صحاب‬
‫رسسول ال كيسف يزبون القرآن ؟ قالوا ‪ :‬ثلث وخسس وسسبع وتسسع وإحدى‬
‫(‪)1‬‬
‫عشرة وثلث عشرة وحزب الف صل " ‪ ،‬وذ كر عن عثمان _ أ نه كان يفت تح‬
‫ليلة المعة بالبقرة ويتم ليلة الميس ‪ ،‬وعن عائشة ~ قالت ‪" :‬إن لقرأ جزئي‬
‫(‪)2‬‬
‫أو قالت سبعي وأ نا جال سة على فرا شي أو على سريري" ‪ ،‬وقال عبدال ا بن‬
‫مسعود _ ‪ ":‬ل يقرأ القرآن ف أقل من ثلث اقرأوه ف سبع ويافظ الرجل على‬
‫(‪)3‬‬
‫حزبه" ‪ ،‬قال النووي ’ ‪ -‬عن التم ف سبع ‪" :-‬فعل الكثرين من السلف" ‪،‬‬
‫وقال السسيوطي ’‪ " :‬وهذا أوسسط المور ‪ ،‬و أحسسنها ‪ ،‬وهسو فعسل الكثسر مسن‬
‫الصحابة وغيهم " ‪.‬‬
‫الول أن يكون تز يب القرآن وتق سيمه على ال سور‪ -‬قدر المكان ‪ -‬بع ن أن‬
‫تقرأ ال سورة ف الليلة الواحدة كاملة ‪ ،‬وأن يكون التق سيم والتوز يع متواف قا مع‬
‫نايات السور ‪ ،‬وهذا هو السنة ‪ ،‬وعليه عمل الصحابة والتابعي ‪ ،‬أما الحزاب‬
‫والجزاء والثان العروفة اليوم فلم تأت إل متأخرة ‪ ،‬علوة على ما فيها من بتر‬
‫للمعان وتقطيع للسور ‪ ،‬ومن أراد تفصيل القول ف هذه السألة فلياجع ما كتبه‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ف الفتاوى الزء الثالث عشر‪.‬‬
‫‪ )(1‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1393( 55‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪، ) 1345( 427‬مسند أحد‬
‫بن حنبل ج ‪/4‬ص ‪ ، )16211( 9‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 8583( 242‬العجم الكبي ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 599(220‬م سند الطيال سي ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1108( 151‬الغ ن عن ح ل ال سفار ج ‪/1‬ص‬
‫‪ ) 875(225‬وقال حديث حسن ‪ ،‬فتاوى ابن تيمية ج ‪/13‬ص ‪ ، 408‬لتذكار ‪104‬‬
‫‪ )(2‬مصنف ابن أب شية ‪)30182. (143‬‬
‫‪ )(3‬انظر ‪ :‬ممع الزوائد ج ‪/2‬ص ‪269‬رواه الطبان ف الكبي ورجاله رجال الصحيح‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫‪59‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية تطبيق هذا المفتاح‬


‫القيام بالقرآن كامل ف كل أ سبوع يتاج الو صول إل يه إل التدرج والتدر يب‬
‫شيئا فشيئا ‪ ،‬ومن ذلك تطبيق قاعدة ‪ ( :‬أدومه وإن قل) ‪ ،‬فمن المكن أن تكون‬
‫البدا ية بالف صل يز به سبعة أحزاب ل كل يوم من أيام ال سبوع حزب ‪ ،‬أو من‬
‫الم كن أن تكون البدا ية بزء ( عم) يق سمه سبعة أق سام و كل ليلة يقرأ بق سم ‪،‬‬
‫يكرر هذا كسل أسسبوع ‪ ،‬ثـ ينظـر النتيجـة كيـف تكون ؟ وعندمسا يرى الثسر‬
‫والفائدة فإن هذا سيدفعه إل الزيادة ‪ ،‬ولت كن بالتدر يج ‪ ،‬فيز يد القدار وبن فس‬
‫الطري قة ي تم توز يع القدار الد يد إل سبعة أق سام كل ق سم من ها يقرأ ف ليلة ‪،‬‬
‫بيث يتم القدار كل أسبوع حت يرسخ ‪ ،‬حت تثبت اليات ف القلب بصورة‬
‫قوية يسهل استدعاؤها ف مواقف الياة اليومية ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪60‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة‬
‫حفظا‬
‫المسألة الولى‪ :‬أهمية هذا المفتاح‬
‫مثسل حافسظ القرآن وغيس الافسظ ؛ مثسل اثنيس فس سسفر ‪ ،‬الول‪ :‬زاده التمسر ‪،‬‬
‫والثان‪ :‬زاده الدقيق ‪ ،‬فالول‪ :‬يأكل مت شاء وهو على راحلته‪ ،‬والثان‪ :‬ل بد له‬
‫من نزول ‪ ،‬وعجن ‪ ،‬وإيقاد نار ‪ ،‬وخبز ‪ ،‬وانتظار نضج ‪.‬‬
‫والعلم مثسل الدواء ل يؤثسر حتس يدخسل الوف ‪ ،‬ويتلط بالدم ‪ ،‬ومسا ل يكسن‬
‫كذلك فإن أثره مؤقت ‪ ،‬ومثل الهاز الزود ببطارية والهاز الذي ليس كذلك ‪،‬‬
‫الول يكن أن يشتغل ف أي مكان أما الثان فل بد من مصدر كهرباء ‪.‬‬
‫عن ا بن عباس ‪ ù‬قال‪ :‬قال ر سول ال §‪" :‬إن الذي ل يس ف جو فه شئ من‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن كالب يت الرب " ‪ ،‬وقال ا بن تيم ية ’ ‪ ":‬أ نا جن ت وب ستان ف صدري‬
‫َأنّ ى رُحْ تُ ف هي م عي" ‪ ،‬و هو ير يد بذلك القرآن وال سنة ال ت ف صدره تثب ته‬
‫وتزيده يقينا ‪ ،‬وقال سهل بن عبدال ’‪ :‬لحد طلبه ‪ :‬أتفظ القرآن ؟ قال ‪:‬‬
‫ل ؟ قال ‪ :‬واغوثاه لؤمن ل يفظ القرآن ! فبم يترن؟ فبم يتنعم ؟ فبم يناجي‬
‫ربه ؟ ‪ ،‬ويقول أبو عبد ال بن بشر القطان ’‪" :‬ما رأيت رجل أحسن انتزاعا لا‬
‫أراد من آي القرآن من أ ب سهل بن زياد ’ ‪ ،‬وكان جار نا ‪ ،‬وكان يد ي صلة‬
‫الليل ‪ ،‬وتلوة القرآن ‪ ،‬فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بي عينينه ينتزع منه ما‬
‫(‪)2‬‬
‫شاء من غ ي ت عب " ‪ ،‬وهذا الق صود من كون ال فظ أ حد مفا تح التدبر ل نه‬

‫‪ )(1‬سنن الترمذي‪ )2913(177-5 :‬وقال ح سن صحيح ‪ ،‬ال ستدرك ‪ )2037( 741-1 :‬وقال ‪:‬‬
‫صحيح ال سناد ول يرجاه ‪ ،‬سنن الدار مي ‪ ، )3306( 521-2 :‬الع جم ال كبي لل طبان ‪( 109-12 :‬‬
‫‪ ، )12619‬مسند المام أحد ‪223-1 :‬‬
‫‪ )(2‬تاريخ بغداد ‪ ، 45-5 :‬سي أعلم النبلء ‪521-15 :‬‬
‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫‪61‬‬
‫مت كانت الية مفوظة فتكون حاضرة ‪ ،‬ويتم تنيلها على النوازل والواقف الت‬
‫ت ر بالش خص ف الياة اليوم ية بش كل سريع ومبا شر ‪ ،‬أ ما إذا كان القرآن ف‬
‫الرفوف فقط ؛ فكيف يكن لنا أن نطبقه على حياتنا ؟‬
‫المسألة الثانية‪ :‬توضيح أثر الحفظ على الفهم والتدبر‬
‫إن علج أي مشكلة له ثلث صور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬العالة الذهنية الجردة الشفهية من غي ترير ول ترتيب للحلول ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬العالة الكتوبة الحررة الرتبة ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬العالة الذهنية لشئ مكتوب مسبقا ‪ ،‬ومرر بعن حفظ ما ت التوصل‬
‫إليه ف علج الشكلة كتابيا ‪.‬‬
‫وال صورة الثال ثة هي أقوا ها ‪ ،‬تلي ها الثان ية ‪ ،‬ث الول ‪ ،‬وح فظ القرآن وتكرار‬
‫قراءته هو من النوع الثالث ‪ ،‬فترديد الية والتفكر فيها وهي مفوظة أفضل من‬
‫تكرارها نظرا ‪ ،‬لن مفعول الطريقة الثالثة يستمر ‪ ،‬بينما الثانية يقف عند إغلق‬
‫الصحف‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬لماذا نحفظ القرآن ؟‬
‫بناء على ما تقرر ذكره ف الفات يح ال سابقة فإن الدف الول ل فظ القرآن هو ‪ :‬القيام به‬
‫آناء الليل وآناء النهار ‪ ،‬والدف من القيام به حفظ ما تضمنه من العلم بال واليوم الخر ‪،‬‬
‫ذل كم العلم الذي ي قق ال سعادة والياة الطي بة للن سان ‪ ،‬وي قق له الثبات ف الزمات ‪،‬‬
‫والقوة لل مة ف مواج هة أعدائ ها ‪ ،‬هذا هو الدف ال هم ل فظ القرآن والذي ينب غي أن‬
‫يركز عليه القائمون على التربية ‪.‬‬
‫إن حفظ اللفاظ وسيلة وليس غاية ‪ ،‬وسيلة إل حفظ العان ‪ ،‬والنتفاع با ف الياة ‪ ،‬أما‬
‫القتصار على حفظ اللفاظ فهو قصور ف حق القرآن العظيم ‪ ،‬وهو انراف عن الصراط‬
‫الستقيم ف رعايته والنتفاع به ف الياة الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪62‬‬
‫الحياة‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬كيف نحفظ القرآن الكريم ( الحفظ التربوي)‬


‫بناء على ما تقرر ف ال سألة ال سابقة ‪ ،‬و ما تقرر ف الفتاح الا مس ؛ أقول‪ :‬إن‬
‫حفظ القرآن حفظا تربويا يتلخص ف الطوات التالية ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -1‬تكون بداية حفظ القرآن من سورة الناس ث الفلق بعكس ترتيب القرآن ‪،‬‬
‫فهذا التاه ي قق التدرج وال سهولة ‪ ،‬وي قق ثبات ال سي ف مش سروع ح فظ‬
‫القرآن ‪ ،‬ويُسَهّل التدريب على القيام به( ) ‪ ،‬سواء كان الطالب صغيا أو كبيا ‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وهو ُمتّب ٌع وناجح ف مدارس تفيظ القرآن الكري بوزارة التربية والتعليم ‪ ،‬وهو‬
‫على التحز يب بال سور سهل مي سور ‪ ،‬أ ما على التحز يب بالجزاء والثان ف هو‬
‫ع سي ‪ ،‬فالذ ين يتبعون الجزاء والثان ل يرون أن يكون سي ال فظ من ق صار‬
‫السور لنه يناقض الجزاء والثان ‪ ،‬ولو جربوا التقسيم بالسور لتنفسوا الصعداء‬
‫وتلصوا من عبودية تلك الطريقة ‪ ،‬ولذاقوا لذة الرونة ف الفظ ‪.‬‬
‫‪ -2‬يقسم الفظ إل قسمي ‪ :‬الول‪( :‬حفظ الديد) ‪ ،‬الثان‪( :‬القيام بالقرآن)‬
‫‪.‬‬
‫‪ -4‬يصص النهار وهو من الفجر إل الغرب لس(حفظ الديد)‪.‬‬
‫‪ -5‬يصص الليل وهو من آذان الغرب إل آذان الفجر لس(القيام بالقرآن) مع‬
‫تطبيق بقية مفاتيح التدبر العشرة‪.‬‬
‫‪ -6‬ينقسم (حفظ الديد) إل قسمي ‪ :‬الول ‪( :‬الفظ) ‪ ،‬الثان ‪( :‬التكرار) ‪،‬‬
‫أ ما (ال فظ) فيحدد له مو عد ب عد الف جر ‪ ،‬ومو عد ب عد الع صر ‪ ،‬وأ ما (التكرار)‬
‫فيكون ف صلةِ نافلة أو فريضة خلل ساعات النهار‪.‬‬
‫‪ )(1‬ما ذكرته هنا هو الثمرة العملية واللصة لبحث مستقل عن ( الفظ القرآن التربوي للقرآن وصناعة النسان ) ‪.‬‬
‫‪ )(2‬سيأت مزيد إيضاح وتفصيل لذه السائل ف كتاب ‪( :‬مفاتح تدبر السنة والعمل با ف الياة) الذي يصدر بإذن ال‬
‫قريبا‪.‬‬
‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫‪63‬‬
‫‪ -7‬تقليل مقدار (الفظ الديد) والتركيز أكثر على (التكرار) لا ت حفظه ‪.‬‬
‫‪ -8‬يق سم ما ي تم حف ظه إل سبعة أق سام عدد أيام ال سبوع ‪ ،‬فيقوم كل ليلة‬
‫بقسسم ‪ ،‬وهذا القسسم الثانس الذي سسيته ( القيام بالقرآن ) وهسو مسا يعرف‬
‫بالراجعة‪.‬‬
‫‪ -9‬كلما زاد القدار الحفوظ يتم إعادة توزيع التقسيم السبوعي ليتناسب مع‬
‫الزيادة ‪ ،‬مع ملح ظة أن أيام ال سبوع الول يكون مقدار ها أ قل ل نه ل ير سخ‬
‫بعد ‪.‬‬
‫‪ -10‬يكون الفظ سورة سورة ‪ ،‬ويكون حفظ السورة لول مرة بالتقسيط ‪،‬‬
‫فيمكسن تقسسيم السسورة إل عدد مسن اليات حسسب موضوعاتاس ‪ ،‬وبعسض‬
‫الوضوعات الطويلة يكن أن تقسم إل مقطعي أو أكثر ‪ ،‬ويكن جع أكثر من‬
‫موضوع ف مق طع وا حد إن كا نت ق صية ؛ فب عض الوضوعات تكون ف آ ية‬
‫واحدة ف قط ؛ بل ب عض اليات تتض من عددا من الوضوعات ‪ ،‬ال هم أ ّل يكون‬
‫التقسيم عشوائيا ‪ ،‬ول حسب الوجه ‪ ،‬ول حسب الثان ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -11‬ل يصسلح ول يسسوغ أبدا تاوز أي سسورة حتس يفظهسا جلة ‪ ،‬مهمسا‬
‫كانت طسويلة ‪ ،‬ويكررها ‪ -‬بعد حفظها جلةً ‪ -‬عددا من الرات ‪ ،‬وف أكثر‬
‫من يوم ‪.‬‬
‫‪ -12‬من الفيد جدا تسميع ما ستقوم به الليلة على شخص آخر ‪ ،‬والول أن‬
‫يكون من السرة ليحصل التواصي به ‪ ،‬والتعاون عليه ‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا تسبي ضعسف حفسظ بعسض السسور أثناء ( القيام بالقرآن ) ليلً فتتسم‬
‫مراجع ته وضب طه ف نار اليوم التال له ‪ ،‬ول ي صح أن يبدأ ب فظ جد يد والالة‬

‫‪ )(1‬إن أي تقسيم ل يراعي الوضوع يعن التركيز على اللفاظ ونسيان العان وقد جربت هذه الطرق مرارا ‪ ،‬وثبت لدي‬
‫ما نصحت به ‪ ،‬ويكن لي مشتغل بفظ القرآن أن يرب بنفسه ث يكم ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪64‬‬
‫الحياة‬
‫هذه ‪ ،‬وغالبا ما يكون هذا ف أيام السبوع الول الت تتضمن ما ت حفظه أخيا‬
‫‪.‬‬
‫‪ -14‬من الهم جدا تطبيق الفاتيح العشرة با ف ذلك مفتاح الترتيل ‪ ،‬ومفتاح‬
‫الهر ‪ ،‬ول يسن السرعة والعجلة حي قراءة القرآن ‪ -‬حت ف حفظ الديد ‪-‬‬
‫ب جة ض بط ال فظ ‪ ،‬فال سرعة تع ن ن سيان أهداف قراءة القرآن ‪ ،‬و هو الفتاح‬
‫الثا ن من الفات يح العشرة ‪ ،‬وع ند وجود هذه الالة يعاد التذك ي به من خلل‬
‫قراءته ف هذا الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -15‬هذه الطريقة تعطي الا فظ الطمأنينة وال سكينة إذا اقتنع با وتر ب عليها‬
‫فل عجلة ول خوف ن سيان ‪ ،‬بل وضوح تام لق صود ال فظ ‪ ،‬وا ستثمار له من‬
‫البداية‬
‫‪ -16‬هذه الطريقسة تقوم على مبدأ ‪(:‬الفسظ التربوي) ‪ ،‬أمسا طريقسة‪(:‬احفسظ‬
‫وانس) فهي كما قال العمش ’‪ " :‬مثل من يقدم له الطعام ث يأخذ باللقمة تلو‬
‫اللقمة ويرميها وراء ظهره ول يدخلها إل جوفه " ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -17‬فيها توفي للوقت والهد ‪ ،‬إذ أنك تفظ السورة مرة واحدة ف العمر ‪،‬‬
‫ث تستثمر حفظها وتنتفع به ‪ ،‬أما تعاقب الفظ والنسيان فهذا يستهلك الوقت‬
‫والهد ‪ ،‬ويرم من التنعم بالقرآن ف الياة ‪ ،‬بل يوجد الناع والصام بي حفظ‬
‫الديد والراجعة لا ت حفظه ‪ ،‬وأيضا يوجد القلق والرج عند من حفظ شيئا‬
‫من القرآن ث نسيه ‪ ،‬وربا كان سببا ف اليأس من الفظ وتركه‪.‬‬
‫‪ -18‬ي كن ترب ية ال سرة على (ال فظ التربوي) بو ضع جدول أ سبوعي ل كل‬
‫منهم وتسميعه لم ف النهار ‪ ،‬وتذكيهم به ‪ ،‬وحثهم على القيام به ف الليل ‪،‬‬

‫‪ )(1‬انظر ‪ :‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ‪.‬‬


‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫‪65‬‬
‫ومكافأتم عليه ‪ ،‬حت يتدربوا ‪ ،‬ويشبوا عليه ‪ ،‬ويكون مصاحبا لم ل ينفكون‬
‫عنه ‪ ،‬ول يطيقون فراقه ‪ ،‬ويكون مصباحا يضيئ لم طريق الياة ‪.‬‬
‫‪ -19‬من يقرأ ما يفظه ‪ -‬ولو كان سورة واحدة ‪ -‬كل أسبوع خ ٌي من يقرأ‬
‫مائة سورة كل ش هر ‪ ،‬الول يقرأ ال سورة كل سبعة أيام ‪ ،‬والثا ن يقرأ ال سورة‬
‫س سسيكون حفظسه للمعانس أثبست ‪ ،‬وأقوى ‪ ،‬وأقرب‬ ‫كسل ثلثيس يومسا فأيهم ا‬ ‫(‪)1‬‬

‫للذكر والعمل ‪ ،‬ل عبة للكثرة مقابل القوة ؛ فقليل قوى خي من كثي ضعيف ‪،‬‬
‫وهذا يذكرن با جاء ف سنن أب داود من حديث ثوبان _ قال قال رسول‬
‫(‪)2‬‬

‫ال § ‪ " :‬يوشك المم أن تداعى عليكم كما تداعى الكلة إل قصعتها ‪ ،‬فقال‬
‫قائل‪ :‬ومن قلة نن يومئذ ؟ قال بل أنتم يومئذ كثي ‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل‬
‫‪ ،‬ولينعن ال من صدور عدوكم الهابة منكم ‪ ،‬وليقذفنّ ال ف قلوبكم الوهن ‪،‬‬
‫فقال قائل ‪ :‬يا رسول ال وما الوهن ؟ قال‪ :‬حب الدنيا وكراهية الوت" ‪ ،‬وعليه‬
‫فليسس الدف حفسظ ألفاظ كثية مسن القرآن ‪ ،‬بسل الدف ‪ :‬تكرار مفوظ مـن‬
‫القرآن كل سبعة أيام ف صلة بن ية التدبر لي تم الشفاء من الو هن ‪ ،‬أيّا كان‬
‫هذا الحفوظ حتس لو سسورة واحدة ‪ ،‬فهسو خيس ألف مرة مسن حفسظ كثيس ل‬
‫يتصف با ذكر ‪ ،‬فإن وجد حفظٌ كثي أو القرآن كامل بسب ما ذكر فهو أول‬
‫وأقوى من القليل ‪ ،‬فالهم القاعدة السابقة ‪ ،‬ومت رأيت أن الوقت يضيق فعليك‬
‫بتقليل القدار مع بقاء التكرار ‪.‬‬

‫‪ )(1‬فالنسبة بينهما تعادل ‪ 1/4‬أي قوة ما يقرا كل أسبوع تعادل أربعة أضعاف ما يقرأ كل شهر ‪ ،‬ومن كان ف شك‬
‫فليجرب ‪.‬‬
‫‪)(2‬ج ‪/4‬ص ‪111‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪66‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬
‫إن الدف من التكرار هو التوقف لستحضار العان ‪ ،‬وكلما كثر التكرار كلما‬
‫زادت العانس التس تفهسم مسن النسص ‪ ،‬والتكرار ‪ -‬أيضسا ‪ -‬قسد يصسل ل إراديسا‬
‫تعظي ما أو إعجا با ب ا قرأ ‪ ،‬وهذا مشا هد ف وا قع الناس حين ما يع جب أحد هم‬
‫بملة أو قصة فإنه يكثر من تكرارها على نفسه أو غيه ‪ ،‬التكرار ‪ :‬نتيجة وثرة‬
‫للفهم والتدبر ‪ ،‬وهو أيضا وسيلة إليه حينما ل يوجد ‪ ،‬قال ابن مسعود _ ‪" :‬ل‬
‫تذوه هذ الش عر ول تنثروه ن ثر الد قل ‪ ،‬قفوا ع ند عجائ به وحركوا به القلوب‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ول يكن هَمّ أحدكم آخر السورة " ‪ ،‬وقال أبو ذر _ ‪" :‬قام النب § بآية حت‬
‫َنتس اْلعَزِيزُ‬
‫ّكس أ َ‬
‫ُمس فَِإن َ‬
‫ُكس َوإِن َت ْغفِرْ َله ْ‬
‫ُمس ِعبَاد َ‬
‫ُمس فَِإّنه ْ‬
‫أصسبح يرددهسا {إِن ُتعَ ّذْبه ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حكِي مُ} [(‪ )118‬سورة الائدة]" ‪ ،‬وعن عباد بن حزة ’ قال‪ " :‬دخلت على أساء ~‬ ‫الْ َ‬
‫وهي تقرأ‪َ { :‬فمَنّ ال علينا ووقانا عذاب السموم }[(‪ )27‬سورة الطور] قال‪ :‬فوقفت‬
‫عليها فجعلت تستعيذ وتدعو ‪ ،‬قال عباد‪ :‬فذهبت إل السوق فقضيت حاجت ث‬
‫(‪)3‬‬
‫رج عت و هي في ها ب عد ت ستعيذ وتد عو" ‪ ،‬و عن القا سم بن أ ب أيوب ’ أن‬
‫د هذه الية ‪ {:‬واتقوا يوما ترجعون فيه إل ال } [ (‪ )281‬سورة‬
‫سعيد بن جبي ’ ردّ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫س وعشريسن مرة ‪ ،‬وقال م مد بسن كعسب القرظسي ’ ‪ :‬لن أقرأ ( إذا‬
‫البقرة ] بضع ا‬
‫زلزلت الرض زلزالا ) و (القارعة ) أرددها وأتفكر فيهما أحب من أن أبيت‬

‫‪ )(1‬تفسي البغوي ‪ ، 407-4‬شعب اليان للبيهقي ‪ ، 344-1‬أخلق حلة القرآن ‪19‬‬


‫‪ )(2‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، )1389(429‬قال ف مصباح الزجاجة إسناده صحيح ‪ ،‬سنن النسائي (الجتب)‬
‫‪ ، 177-1‬م ستدرك الا كم ‪ 241-1‬و صححه وواف قه الذ هب ‪ ،‬وح سنه اللبا ن ف سنن الن سائي ‪ ،‬وح سنه‬
‫الرناؤط ف متصر منهاج القاصدين‬
‫‪ )(3‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪)6037( 25‬‬
‫‪ )(4‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/7‬ص ‪203‬‬
‫المفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬
‫‪67‬‬
‫(‪)1‬‬
‫س َل‬
‫َأهُذّ القرآن" ‪ ،‬وردّدَ ‪ -‬السسن البصسري ’ ‪ -‬ليلة { َوإِن َتعُدّواْ ِنعْ َمةَ اللّه ِ‬
‫تُحْ صُوهَا إِنّ اللّ هَ َل َغفُورٌ رّحِي مٌ} [(‪ )18‬سورة الن حل] ح ت أ صبح ‪ ،‬فق يل له ف ذلك ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬إن فيها معتبا ما نرفع طرفا ول نرده إل وقع علىنعمة ‪ ,‬وما ل نعلمه من‬
‫(‪)2‬‬
‫ب الّذِينَس‬
‫نعسم ال أكثسر " ‪ ،‬وقام تيسم الداري _ بآيسة حتس أصسبح {أًم ْس حَسِس َ‬
‫حيَاهُم‬‫جعََلهُ مْ كَالّذِي نَ آ َمنُوا وَعَ ِملُوا ال صّالِحَاتِ َسوَاء مّ ْ‬
‫ا ْجتَ َرحُوا ال سّّيئَاتِ أّن نّ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬قال ا بن الق يم ’ ‪ :‬هذه عادة‬ ‫[(‪ )21‬سسورة الاثيسة]‬ ‫حكُمُو نَ}‬
‫َومَمَاُتهُ مْ سَاء مَا َي ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫ال سلف يردد أحد هم ال ية إل ال صبح " ‪ ،‬قال النووي ’ ‪ " :‬و قد بات جا عة‬
‫من ال سلف يتلو الوا حد من هم ال ية الواحدة ليلة كاملة أو معظم ها يتدبر ها ع ند‬
‫(‪)5‬‬
‫القراءة " ‪ ،‬وقال ابسن قدامسة ’‪ " :‬وليعلم أن مسا يقرأه ليسس كلم بشسر وأن‬
‫يستحضر عظمة التكلم سبحانه ويتدبر كلمه فإن التدبر هو القصود من القراءة‬
‫‪)6‬‬
‫وإن ل يصل التدبر إل بترديد الية فليددها"( ‪.‬‬

‫‪ )(1‬الزهد لبن البارك ‪97‬‬


‫‪ )(2‬متصر قيام الليل للمروزي ‪151‬‬
‫‪ )(3‬متصر منهاج القاصدين ‪68 :‬‬
‫‪ )(4‬مفتاح دار السعادة ‪222-1‬‬
‫‪ )(5‬الذكار ‪50‬‬
‫‪ )(6‬متصر منهاج القاصدين‪68 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪68‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح الثامن ‪ :‬ربط اللفاظ بالمعاني‬
‫المسألة الولى‪ :‬مفهوم هذا المفتاح‬
‫هو ‪ :‬ربط اللفظ بالعن ؛ أي ‪ :‬حفظ العان ‪ ،‬وهو أيضا‪ :‬ربط الية بالواقع ؛‬
‫أي‪ :‬تن يل ال ية على الوا قف والحوال اليوم ية ال ت ت ر بالش خص ‪ ،‬هو التم ثل‬
‫بالقرآن ف كل حدث يصل ف اليوم والليلة ‪ ،‬بيث يبقى القرآن حيّا ف القلب‬
‫تؤ خذ م نه الجابات والتف سيات للحياة ‪ ،‬وتؤ خذ م نه التوجيهات والنظ مة ف‬
‫كل صغية و كبية ‪ ،‬وهذا الر بط يعرف ع ند علماء الن فس بالقتران الشر طي ‪،‬‬
‫ويعرف بالوقت الاضر عند علماء البمة بالرساء ‪ ،‬وهو ما يعرف ف القرآن‬
‫والسنة بالذكر أو التذكر ‪ ،‬وهو يعن تداعي العان ‪ ،‬كما قال تعال؛{إِنّ الّذِي نَ‬
‫مبْ صِرُونَ} [(‪ )201‬سورة العراف]‬
‫شيْطَا نِ تَذَكّرُواْ فَِإذَا هُم ّ‬
‫ف مّ نَ ال ّ‬
‫سهُ ْم طَائِ ٌ‬
‫اّتقَواْ إِذَا مَ ّ‬
‫‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬أنواعه‬
‫سدي ‪ ،‬فالعفوي إلامات وفتوحات‬ ‫سي نوعان ‪ :‬عفوي وقصس‬ ‫سط أو التداعس‬ ‫الربس‬
‫يفتح ها ال تعال على من يشاء من عباده ‪ ،‬وق صدي ‪ :‬و هو أن تقوم بالر بط ث‬
‫التكرار حت يرسخ ويثبت ‪ ،‬والتكرار الذي يقق الربط نوعان ‪ :‬الول ‪ :‬التكرار‬
‫ال ن ‪ ،‬و الثا ن ‪ :‬التكرار ال سبوعي ‪ ،‬أ ما التكرار ال ن ف سبق بيا نه ف الفتاح‬
‫السابع ‪ ،‬وأما التكرار السبوعي فسبق بيانه ف الفتاح الامس ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬كيفية الربط‬
‫أن تكرر اللفظ مع استحضار معن جديد ف كل مرة ‪ ،‬حت تر على كل العان‬
‫الت يكن أن تتذكرها من النص أو اللفظ ‪ ،‬وقد سبق ذكر كلم السن البصري‬
‫’ ح ي قام الل يل كله يكرر قول ال تعال ‪ { :‬وإن تعدوا نع مة ال ل ت صوها}‬
‫فلما قيل له ؟ قال ‪ :‬إن فيها معتبا ما نرفع طرفا ول نرده إل وقع علىنعمة‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫المفتاح الثامن ‪ :‬ربط اللفاظ بالمعاني‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬حسابات اللفاظ والكلمات‬


‫اللفاظ قوالب العان وحساباتا البنكية ‪ ،‬فكلمة عند شخص لا خسة معان ‪،‬‬
‫وعند آخر سبعة معان ‪ ،‬وعند ثالث ‪ :‬صفر خالية ل تعن له شيئا ‪.‬‬
‫إن إدارك ووعي الناس ليات القرآن يتفاوت تفاوتا كبيا مع أن الية هي الية‬
‫يقرؤ ها هذا ويقرؤ ها هذا وإن ما بينه ما ف ع مق ف هم ال ية أو الملة ك ما ب ي‬
‫الشرقي ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪70‬‬
‫الحياة‬
‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬
‫الترت يل يع ن التر سل والتم هل ‪ ،‬و من ذلك مراعاة القا طع والبادئ وتام الع ن ‪،‬‬
‫ب يث يكون القارئ متفكرا في ما يقرأ ‪ ،‬قال ال تعال ‪ { :‬ور تل القرآن ترتيل }‬
‫[‪ 4‬الز مل ] ‪ ،‬قال ا بن كث ي ‪ :‬أي اقرأه على ت هل فإ نه يكون عو نا على ف هم‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن وتدبره ‪ ،‬وكذلك كان يقرأ صسلوات ال وسسلمه عليسه ‪ ،‬قالت عائشسة‬
‫(‪)2‬‬
‫رضي ال عنها ‪ " :‬كان يقرأ السورة فيتلها حت تكون أطول من أطول منها "‬
‫وعن أنس رضي ال عنه أنه سئل عن قراءة رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ :‬كا نت مدا ي د ب سم ال ‪ ،‬وي د الرح ن ‪ ،‬وي د الرح يم " ‪ ،‬و عن أم سلمة‬
‫ر ضي ال عن ها أن ا سئلت عن قراءة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقالت ‪:‬‬
‫كان يق طع قراء ته آ ية آ ية { ب سم ال الرح ن الرح يم * ال مد ل رب العال ي *‬
‫(‪)4‬‬
‫الرحن الرحيم * مالك يوم الدين } ‪.‬‬
‫قال السن البصري ’ ‪ :‬يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنا هتك آخر السورة "‬
‫(‪)5‬‬
‫وقد أنكر ابن مسعود _ على نيك بن سنان ’ سرعته ف القراءة حي قال ‪:‬‬
‫قرأت الفصل البارحة فقال عبد ل _ ‪" :‬هذّا كهذّ الشعر ! إنا قد سعنا القراءة‬
‫(‪)6‬‬
‫وإ ن لح فظ القُرَناء ال ت يقرأ ب ن ال نب §" ‪ ،‬وقال ا بن م سعود _ لعلق مة ’‬
‫‪ )(1‬تفسي ابن كثي ‪1453 :‬‬
‫‪ )(2‬صحيح مسلم ‪4/507‬‬
‫‪ )(3‬فتح الباري ‪8/709‬‬
‫‪ )(4‬مسند أحد ‪ ، 6/302‬سنن أب داود ‪ ، 4/294‬تفة الحوذي ‪8/241‬‬
‫‪ )(5‬متصر قيام الليل الروزي ‪150 :‬‬
‫‪ )(6‬صحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 742(269‬ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4756(1924‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص‬
‫‪، ) 822( 564‬ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 822( 565‬صسحيح ابسن حبان ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 1812(118‬سسنن‬
‫النسائي الكبى ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1077(344‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪، ) 2291(60‬مسند أحد بن‬
‫‪71‬‬ ‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬
‫(‪)1‬‬
‫‪-‬وقد عَجِل ف القراءة ‪ " :-‬فداك أب وأمي رتل فإنه َزيْ نُ القرآن " ‪ ،‬قال ابن‬
‫مفلح ’‪" :‬أ قل الترت يل ترك العجلة ف القرآن عن البا نة وأكمله أن ير تل القراءة‬
‫(‪)2‬‬
‫ويتوقف فيها " ‪ ،‬وصفة قراءة القرآن الت نقلت إلينا عن النب § وصحابته ‪è‬‬
‫تدل على أه ية التر سل وتزي ي ال صوت بالقراءة ‪ ،‬ف من ين ظر إل أي كتاب ف‬
‫سل ذلك إل للقرآن ‪،‬‬ ‫سة بلء ووضوح ‪ ،‬ول ينقس‬ ‫سد يدرك هذه القيقس‬ ‫التجويس‬
‫فالحاد يث ول طب والواعظ ل ين قل في ها شئ من ذلك ‪ ،‬وإ نه لفرق كبي ف‬
‫التمهل والتأن بي من يطبق أحكام التجويد ومن ل يطبقها بل يهذ القراءة هذّا ‪.‬‬
‫عن حذي فة _ قال ‪ " :‬صليت مع ال نب § ذات ليلة فافت تح البقرة فقرأ ها ‪ ،‬ث‬
‫الن ساء فقرأ ها ‪ ،‬ث آل عمران فقرأ ها ‪ ،‬يقرأ متر سل ‪ ،‬إذا مر بآ ية في ها ت سبيح‬
‫(‪)3‬‬
‫سبح ‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل ‪ ،‬وإذا مر بتعوذ تعوذ "‬
‫وإذا تعارض مقدار القراءة مع صفتها قدمت الصفة ‪ ،‬سئل زيد بن ثابت _ ‪:‬‬
‫كيف ترى ف قراءة القرآن ف سبع ؟ قال ‪ :‬حسن ‪ ،‬ولن أقرأه ف نصف شهر‬
‫أو عشسر أحسب إل ‪ ،‬وسسلن ل ذلك ؟ قال‪ :‬فإنس أسسألك ‪ ،‬قال ‪ :‬لكسي أتدبره‬
‫(‪)4‬‬
‫وأ قف عل يه " اه س ‪ ،‬قال ا بن ح جر ’ ‪" :‬إن من ر تل وتأ مل ك من ت صدق‬
‫بوهرة واحدة ثي نة ‪ ،‬و من أ سرع ك من ت صدق بعدة جوا هر ل كن قيمت ها قي مة‬
‫الواحدة ‪ ،‬وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الخريات وقد يكون العكس"‬

‫حنبل ج ‪/1‬ص ‪) 3958( 417‬‬


‫‪ )(1‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 2259( 54‬سنن سعيد بن منصور (‪ )2‬ج ‪/1‬ص ‪، ) 54(225‬‬
‫مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 8724(255‬ج ‪/6‬ص ‪) 30152(140‬‬
‫‪ )(2‬الداب الشرعية ‪2/297‬‬
‫‪ )(3‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 772( 536‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/3‬ص ‪)1664( 225‬‬
‫‪ )(4‬الوطأ ‪201-1‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪72‬‬
‫الحياة‬
‫(‪)1‬‬
‫اه س ‪ ،‬وال صحيح‪ :‬أن من أ سرع ف قد اقت صر على مق صد وا حد من مقا صد‬
‫قراءة القرآن و هو ‪ :‬ثواب القراءة ‪ ،‬و من ر تل وتأ مل ف قد ح قق القا صد كل ها‬
‫وكمل انتفاعه بالقرآن ‪ ،‬واتبع هدي النب §وصحابته الكرام ‪. è‬‬

‫‪ )(1‬فتح الباري ‪ 89-3‬وذكر نوه السيوطي ف التقان ‪.‬‬


‫‪73‬‬ ‫المفتاح العاشر ‪ :‬الجهر بالقراءة‬
‫المفتاح العاشر ‪ :‬الجهر والتغني بالقراءة‬
‫()‬
‫عن أب هريرة _ قال §‪ " :‬ليس منا من ل يتغن بالقرآن يهر به " ‪ ، 1‬وعنه أيضا _ أنه‬
‫()‬
‫سع النب § يقول‪ ":‬ما أذن ال لشئ ما أذن لنب حسن الصوت يهر بالقرآن " ‪ ، 2‬وعن‬
‫أبس موسسى _ قال ‪ :‬قال النسب § ‪" :‬إنس لعرف أصسوات رفقسة الشعرييس بالقرآن حيس‬
‫يدخلون بالل يل ‪ ،‬وأعرف منازل م من أ صواتم بالقرآن بالل يل ؛ وإن ك نت ل أر منازل م‬
‫()‬
‫ح ي نزلوا بالنهار " ‪ ، 3‬و عن أم ها نئ ~ قالت ‪" :‬ك نت أ سع قراءة ال نب § وأ نا على‬
‫()‬
‫عريشسي" ‪ ، 4‬وعسن أبس قتادة _ أن النسب § خرج ليلة فإذا بأبس بكسر _ يصسلي يفسض‬
‫صوته ‪ ،‬ومَرّ على ع مر بن الطاب _ و هو ي صلي راف عا صوته ‪ ،‬قال ‪ :‬فل ما اجتم عا ع ند‬
‫النب § قال‪ :‬يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تفض من صوتك ؟ قال ‪ :‬قد أسعت من‬
‫ناجَيْ تُ يار سول ال ‪ ،‬وقال لع مر ‪ :‬مررت بك وأ نت ت صلي تر فع صوتك ؟ فقال ‪ :‬يا‬
‫ر سول ال أو قظ الو سنان ‪ ،‬وأطرد الشيطان ‪ ،‬فقال ال نب §‪ :‬يا أ با ب كر ار فع من صوتك‬
‫()‬
‫شيئا ‪ ،‬وقال لع مر‪ :‬اخ فض من صوتك شيئا " ‪ 5‬و سئل ا بن عباس ‪ ù‬عن ج هر ال نب §‬
‫()‬
‫بالقراءة بالليل فقال ‪":‬كان يقرأ ف حجرته قراءة لو أراد حافظ أن يفظها فعل " ‪ ، 6‬وقال‬

‫‪ )(1‬صسسحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7089(2737‬السسستدرك على الصسسحيحي ج ‪/1‬ص ‪(758‬‬


‫‪ ، ) 2091‬صسحيح ابسن حبان ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 120( 326‬سسنن البيهقسي الصسغرى ج ‪/1‬ص ‪( 558‬‬
‫‪ ، ) 1024‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1469( 74‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪. ) 2257(54‬‬
‫‪ )(2‬صحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7105( 2743‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 792( 545‬سنن أب‬
‫داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1473( 75‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/2‬ص ‪. ) 1017( 180‬‬
‫‪ )(3‬صحيح البخاري ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 3991(1547‬صحيح مسلم ج ‪/4‬ص ‪ ، )2499(1944‬مسند‬
‫أب عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3829( 459‬مسند أب يعلى ج ‪/13‬ص ‪. ) 7318(305‬‬
‫‪ )(4‬سسنن النسسائي (الجتسب) ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1013(178‬سسنن ابسن ماجسه ج ‪/1‬ص ‪، ) 1349(429‬‬
‫م صنف ا بن أ ب شي بة ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 3672( 321‬م سند أح د بن حن بل ج ‪/6‬ص ‪، )26939(341‬‬
‫وحسنه اللبان ف صحيح سنن النسائي‬
‫‪ )(5‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1329(37‬سنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 447( 309‬صحيح ابن خزية‬
‫ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1161( 189‬م صنف ع بد الرزاق ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 4210( 496‬م سند أح د بن حن بل ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 865(109‬صحيح ابن خزية ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1161( 189‬صحيح ابن حبان ج ‪/3‬ص ‪(6‬‬
‫‪ ، ) 733‬و صححه النووي ف الجموع ‪ ، 391-3‬والا كم وواف قه الذ هب واللبان ف صفة صلة النب §ص‬
‫‪. 109‬‬
‫‪ )(6‬متصر قيام الليل للمروزي ‪.133 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪74‬‬
‫الحياة‬
‫ابن عباس ‪ - ù‬لرجل ذكر له أنه سريع القراءة ‪ ": -‬إن كنت فاعل فاقرأ قراءة تسمعها‬
‫()‬
‫أذ نك ‪ ،‬ويعي ها قل بك "اه س ‪ ، 1‬و عن ا بن أ ب ليلى ’ قال‪ ":‬إذا قرأت فا سع أذن يك فإن‬
‫()‬
‫القلب عدل بي اللسان والذن" ‪. 2‬‬
‫إن الهر با يدور ف القلب أعون على التركيز والنتباه ولذلك تد النسان يلجأ إليه قسرا‬
‫عندما تتعقد المور ويصعب التفكي‪.‬‬
‫البعض عند قراءته للقرآن يسر بقراءته طلبا للسرعة وقراءة أكب قدر مكن وهذا خطأ ومن‬
‫الواضح غياب قصد التدبر ف مثل هذه الالة‪.‬‬
‫إن الهر درجات أدنا ها أن ي سمع الرء نف سه وتر يك أدوات النطق من ل سان وشفتي ‪،‬‬
‫وأعلها أن يسمع من قرب منه ‪ ،‬فما دونه ليس بهر وما فوقه يعيق التدبر ويرهق القارئ‬
‫ويؤذي السامع ‪.‬‬
‫ومسن فوائد الهسر اسستماع اللئكسة الوكلة بسسماع الذكسر لقراءة القارئ ‪ ،‬وهرب وفرار‬
‫الشياطي عن القارئ والكان الذي يقرأ فيه ‪ ،‬وف ذلك تطهي للبيت وتعطي له وجعله بيئة‬
‫صالة للتربية والتعليم ‪.‬‬
‫إن بيتا يك ثر ف يه ال هر بالقرآن هو ب يت ‪ -‬ك ما قال أ بو هريرة _ ‪ -‬ك ثر خيه وحضر ته‬
‫اللئكة وخرجت منه الشياطي والبيت الذي ل يتلى فيه كتاب ال ضاق بأهله وقل خيه‬
‫(‪)3‬‬
‫وحضرته الشياطي وخرجت منه اللئكة"‬

‫‪ )(1‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪, ) 2759(168‬فتح الباري ‪. 89-9 :‬‬


‫‪ )(2‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪. )3670( 321‬‬
‫‪ )(3‬الزهد لبن البارك ج ‪/1‬ص ‪. ) 790( 273‬‬
‫خاتمة البحث‬
‫‪75‬‬
‫خاتمة البحث‬
‫أخي السلم بفعلك لا سبق ذكره من مفاتح التدبر تكون كمن استعمل منظارا‬
‫لتقريب وتكبي الصور ‪ ،‬وهذا ما يصل تاما لقارئ القرآن بذه الكيفية فإنه تكب‬
‫ف نظره العان ‪ ،‬وتزداد عمقا ‪ ،‬ويغزر فهمه لضامينها حت إنه لينتبه إل معان ل‬
‫ي كن يدرك ها من ق بل ‪ ،‬وألفاظ كان ي ر ب ا دون أن يش عر ‪ ،‬ح ت إ نه ليقول ‪:‬‬
‫سبحان ال ! لقد كنت أقرأ هذه السورة ‪ ،‬أو الية منذ سنوات ؛ لكن ل أفهمها‬
‫كما فهمتها اليوم ؟‬
‫إن البعض منا يريد أن يتدبر القرآن ‪ ،‬ويتأثر به ‪ ،‬وهو ل يهيئ السباب والوسائل‬
‫الساعدة على فهمه وفقهه ‪ ،‬حت أدن درجات التركيز والدوء ل يوجدها حي‬
‫قراءته للقرآن ‪ ،‬لاذا ؟ لنه قصر هته على نطق اللفاظ ‪ ،‬وما يصل من حسنات‬
‫مقابل ذلك ‪.‬‬
‫إن من يوا ظب على قراءة القرآن ك ما ت بيا نه وو صفه من حال ال سلف‬
‫فإن هذا سيؤدي إل حياة قلبه ‪ ،‬وقوة ذاكرته ‪ ،‬وصحة نفسه ‪ ،‬وعلو هته‬
‫‪ ،‬وقوة إرادتـه ‪ ،‬وهذه هـي مرتكزات النجاح القيقيـة ‪ ،‬ذلكـم النجاح‬
‫الشامل التكامل الثابت ف حال الشدة كما هو حاصل ف حال الرخاء‪.‬‬
‫إن من يط بق هذه الفات يح العشرة ف سيى بأم قل به نور القرآن ‪ ،‬وي صبح‬
‫من أولياء ال الذين ل خوف عليهم ول هم يزنون ‪ ،‬الذين مدحهم بقوله‬
‫سبحانه ‪ { :‬إذا تتلى عليهم آيات الرحن خروا سجدا وبكيا }[(‪ )58‬سورة مري] ‪،‬‬
‫ن سأل ال الكر ي ب نه وفضله أن يعل نا من هم ‪ ،‬وال الو فق والادي إل ال صراط‬
‫الستقيم ‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪76‬‬
‫الحياة‬
‫ملحق (‪ : )1‬رحلتي مع الكتاب‬
‫بدأت رحلتس مسع هذا الكتاب منسذ أن عقلت وأدركست أن الياة ماهدة ‪،‬‬
‫وم صابرة ‪ ،‬و صراع ب ي ال ق والبا طل ‪ ،‬وال ي وال شر ‪ ،‬وأن الثبات على ال ق‬
‫وتصيل الي ل بد له من جهد ‪ ،‬ومن عمل ‪.‬‬
‫كا نت البدا ية مع كتاب الواب الكا ف أقرؤه كل ما أح سست بض عف ال سيطرة‬
‫على النفسس ‪ ،‬وضعسف الرادة والوقوع فس النقائص ‪ ،‬فكنست أجسد فيسه العلج‬
‫وانت فع به حي نا من الد هر ‪ ،‬ث انتقلت إل ك تب الثقف ي والفكر ين العا صرين‬
‫أمثال ‪ :‬قوارب النجاة ‪ ،‬وحد يث الش يخ ‪ ،‬وتربيت نا الروح ية ‪ ،‬وجدد حيا تك ‪،‬‬
‫وغيها من كتب جعلتها قريبة من أقرؤها لخذ منها الزاد الروحي ‪ -‬على حد‬
‫تعبي أولئك الكتّاب ‪.‬‬
‫سر منهاج‬ ‫سن للغزال ومتصس‬ ‫ست بكتاب إحياء علوم الديس‬ ‫ثس جاءت فترة تعلقس‬
‫القاصدين لبن قدامه ‪.‬‬
‫و ف الرحلة الامعية كان التو جه ن و كتب الغرب وال ت بدأت تغزو ال سواق ‪،‬‬
‫مسن ذلك ‪ :‬كيسف تكسسب الصسدقاء ‪ ،‬دع القلق وابدأ الياة ‪ ،‬سسيطر على‬
‫نفسك ‪ ،‬سلطان الرادة وغيها ‪ ،‬فكنت أرجع إليها كلما حصلت مشكلة أو‬
‫احتجت لعلج مسألة ‪ ،‬وكنت قرأتا أكثر من مرة ولصت ما فيها على شكل‬
‫قواعد وأصول ‪ ،‬وف حينها كان يتردد على خاطري سؤال مي ‪ :‬كيف يكون‬
‫العلج والتغيي ف مثل هذه الكتب ول يكون ف القرآن ؟‬
‫ث تلتها مرحلة أخرى تعلقت بكتاب مدارج السالكي وخاصة بعدما طبع تذيبه‬
‫فس ملد واحسد فكان رفيقسي فس السسفر والضسر أقرأ فيسه بدف تقويسة العزيةس‬
‫وماهدة النفس ‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫ملحقات البحث‬
‫ث جاءت مرحلة ل ي ض علي ها سوى سنوات ات هت إل ك تب وأشر طة القوة‬
‫وتطو ير الذات وال ت بدأت تتنا فس ف جذب الناس ‪ ،‬فاشتغلت ف الكث ي من ها‬
‫طل با للتطو ير والترق ية ‪ ،‬من ذلك ‪ :‬كتاب العادات ال سبع ‪ ،‬أي قظ قواك الف ية ‪،‬‬
‫إدارة الولويات ‪ ،‬القراءة السسريعة ‪ ،‬كيسف تضاعسف ذكائك ‪ ،‬الفاتيسح العشرة‬
‫للنجاح ‪ ،‬البمةس اللغويسة العصسبية ‪ ،‬كيسف تقوي ذاكرتسك ‪..‬كسن مطمئنسا ‪،‬‬
‫السعادة ف ثلثة شهور ‪ ،‬كيف تصبح متفائل ‪ ،‬أيقظ العملق ‪ ....‬ال من قائمة‬
‫ل تنتهي ‪ ،‬كنت أقرؤها ‪ ،‬أو أسعها بكل دقة وأناة باحثا فيها عما عساه يغي من‬
‫الواقسع شيئا ‪ ،‬ويصسل بسه النطلق والتخلص مسن نقاط الضعسف ‪ ،‬ولكسن دون‬
‫جدوى ‪ ،‬وأح د ال تعال أن ا كا نت دون جدوى ‪ ،‬وأ ن نوت من الفت نة بذه‬
‫ال صادر البشر ية للنجاح ‪ ،‬فك يف سيكون حال لو ك نت ح صلت على النجاح‬
‫من تلك الكتب ونسيت كتاب رب إل أن فارقت الياة ؟‬
‫إن السسؤال الحيس ‪ ،‬والذي يدعسو للعجسب والسستغراب ‪ :‬هسل كان مثسل هذا‬
‫التخ بط ح صل من ش خص يع يش ف ما هل أفريق يا ؟ أو أدغال آ سيا ول يبل غه‬
‫القرآن ؟ أو أ نه ح صل من ش خص ي فظ القرآن و هو ف الرحلة التو سطة و مع‬
‫هذا ل ينتفع به لنه نسي هذه الفاتيح ‪.‬‬
‫هذا هسو السسؤال الحيس الذي كنست أبثس عسن إجابتسه ؟ فوجدتاس والمسد ل‬
‫وضمنتها هذا الكتاب ‪ ،‬فإياك ‪ -‬أخي السلم ‪ -‬أن ترحل من هذه الدنيا ول تذق‬
‫ألذ وأط يب ما في ها إ نه القرآن كلم ال ‪ ،‬الذي ل يشبه التن عم به أي نع يم على‬
‫الطلق ‪ ،‬وهو حاصل بإذن ال تعال لن أخذ بذه الفاتيح الت هدي إليها سلفنا‬
‫الصسال ‪ ،‬ففتحست لمس كنوز القرآن ‪ ،‬وباس فتحست لمس كنوز الرض وخياتاس‬
‫فكانوا خي أمة أخرجت للناس ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪78‬‬
‫الحياة‬
‫ملحق (‪ : )2‬أفضل هدية يقدمها والد إلى‬
‫ولده‬
‫إن أعظم هدية يقدمها والد إل ولده ‪ ،‬وأعظم إحسان يسديه إليه ؛ أن يربيه على مفاتح‬
‫تدبر القرآن ‪ -‬ال ت ذكرت ا عن ال سلف ‪ -‬م نذ الصغر ح ت يت سلح بالقرآن ف هذه الع صر الذي‬
‫كثرت ف يه الف ت ‪ ،‬وانت شر ف يه القلق واللل ‪ ،‬وزادت المراض النف سية ‪ ،‬وضع فت النفوس عن‬
‫ت مل ال صائب ‪ ،‬و صار الناس يبحثون عن الت سلية والترو يح عن الن فس بو سائل ش ت ‪ ،‬ح ت‬
‫أرهقتهم بدنيا وماليا ووصلوا معها إل طريق مسدود وصدق عليهم قول الشاعر‪:‬‬
‫وأخرى تداويت منها با‬ ‫وكأس شربت على لذة‬
‫إن مسن ينشسأ على القيام بالقرآن ‪ ،‬يقرؤه كمسا وصسفت ‪ ،‬فإنسه ينشسأ قوي النفسس ‪،‬‬
‫قسسسسوي البدن ‪ ،‬ثا بت ال طى ‪ ،‬ي شق طري قه ف الياة بل ماوف ‪ ،‬ول مشا كل بإذن ال‬
‫تعال ‪،‬لنه يد التفسي الواضح الثابت لكل الواقف الت ير با ‪ ،‬ولكل الناهج والطروحات‬
‫الت تتنافس ف إثبات وجودها ‪ ،‬وما زلت أسع وأرى صورا ومآسي ل نرافات فكرية وخلقية‬
‫تصل من أبناء السلمي ‪ ،‬وماذاك إل بسبب التفريط ف الربط بالقرآن حبل ال التي ‪ ،‬الذي‬
‫ما ضل من تسك به ‪ ،‬والتمسك به ل يكون أبدا إل با سبق بيانه من وسائل ومفاتيح ‪.‬‬
‫إن هذا أسهل وأخصر الطرق ف تربية الولد لن وفق إليه وقدر عليه ‪ ،‬أما من حرمه فإنه‬
‫سيظل حبيس تارب وطرق وأفكار ل أول لا ول آخر ‪ ،‬تارب ووسائل متباينة ومكلفة وصعبة‬
‫التطبيق ‪ ،‬وضعيفة النتائج ‪ ،‬وهشة البناء ل تصمد للمواقف الصعبة واللحظات الرجة ‪.‬‬
‫تذكر أنك حي ترب ابنك منذ الصغر على القرآن بالطريقة الت وصفتها فإنك تثبت ف‬
‫قلبه رقيبا يصحبه أينما ذهب وف كل وقت وحينها ل تتاج أبدا إل مراقبته ومتابعته لن رقيبه‬
‫مث بت ف صدره وبقوة ؛ فتنام بذلك قر ير العي وت ن ثرة ما زرع ته ف قل به ف سنوات حيا ته‬
‫الول ‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫ملحقات البحث‬

‫ملحق (‪ : )3‬القرآن والصيام‬


‫عن عبد ال بن عمرو ‪ ù‬أن رسول ال § قال ‪" :‬الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة‬
‫يقول الصسيام ‪ :‬أي رب ‪ ،‬منعتسه الطعام والشهوات بالنهسسسار فشفعنس فيسه ‪ ،‬ويقول القرآن ‪:‬‬
‫()‬
‫منعته النوم بالليل فشعن فيه قال فيشفعان " ‪. 1‬‬
‫إن ب ي القرآن وال صيام عل قة متي نة ‪ ،‬ف من أع ظم وأ هم ال كم من مشروع ية صيام نار‬
‫رمضان تيئة القلب لتدبر القرآن ح ي القيام به ف الل يل ‪ ،‬والشا هد أن كثيا من الناس يُفوّتون‬
‫على أنفسهم هذه الصلحة العظيمة حينما يسرفون ف الطعام والشراب وقت الفطار والعشاء ‪.‬‬
‫لقد أثبت الطب الديث ‪ ،‬والطب البديل أهية الصيام لصفاء القلب وقيامه بوظائفه الادية‬
‫(‪)2‬‬
‫والعنو ية ‪ ،‬ول أر يد التف صيل ف هذه القض ية فالقام ل ي سمح لك ن أر شد إل ب عض الرا جع‬
‫وإن ك نت على يق ي من حك مة تشر يع ال صيام بدون عناء الرجوع إل تلك الك تب و صرف‬
‫الو قت وال هد ف قراءت ا يكفي نا ف هذا قول ال تعال ‪ { :‬وأن ت صوموا خ ي ل كم إن كن تم‬
‫تعلمون } [ (‪ )184‬سورة البقرة ] ‪ ،‬إنا رسالة من رب العالي تمل الكثي والكثي من الشارات‬
‫والرشادات ‪ ،‬إن ال تعال يقرر لنا هذه القاعدة العظيمة ‪ :‬أن الصيام خي لنا ‪ ،‬وإن من بعض‬
‫خيه ما ت إثبا ته بالتجارب الخب ية و من تارب العلماء الذ ين يؤكدون على أه ية هذه العل قة‬
‫بي الصيام وبي التفكي والفهم والتدبر ‪ ،‬إن شواهد صحتها وأقوال أهل التجربة وأحوالم من‬
‫علماء ال سلمي وغ ي ال سلمي ل يت سع له كتاب و ما ل ين قل عن هم من أقوال وأحوال أك ثر‬
‫وأكثر ‪ ،‬فالقليل منهم َعبّر عن حاله ‪ ،‬وذكر ما وجد ‪ ،‬وغيهم كثي وجد ول يذكر‪.‬‬
‫فإن أردت حقا تدبر القرآن ‪ ،‬والتأثر به ‪ ،‬فعليك بذا الفتاح العجيب ‪ ،‬وخاصة ف رمضان‬
‫إ نه الصيام ‪ ،‬الصيام الصحيح الذي يرص فيه الصائم على تطبيق ما جاء ف حدي ثِ ا ِلقْدَام بن‬
‫َمعْدِي كرِ بَ قا َل ‪ :‬سَ ِم ْعتُ رَ سُولَ الِ صلى ال عليه وسلم يقُولُ ‪ « :‬ماملَ ابْ ُن آدَ مَ وِعاءً َشرّا‬
‫سبِ ابْ ِن آدَمَ ُلقَيماتٌ يقِمْ َن صُ ْلَبهُ ‪ ،‬فإِنْ كان ل مَحََالَةَ ‪ ،‬فَُثُلثٌ لِطَعا ِمهِ وَُثُلثٌ لِشَراِبهِ‬
‫مِنْ َبطْنٍ ‪،‬بِحَ ْ‬
‫س ِه » رواه المام أحد والترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذي ‪ :‬حديث حسن‬ ‫وَِثلُ ثٌ ِلَنفَ ِ‬
‫صحيح ‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪ ، )6626( 174‬وصححه أحد شاكر‪ ،‬مستدرك الاكم ‪470-1 :‬‬
‫وقال صحيح على شرط م سلم ‪،‬م صنف ابن أب شي بة ج ‪/6‬ص ‪ ،) 30044(129‬صحيح الترغيب والترهيب‬
‫لللبان ‪.)969( 483-1:‬‬
‫‪ )(2‬من ذلك ‪ :‬كتاب ري يم ال صوم ن شر ‪ :‬دار طو يق ‪ ،‬ال صوم وال صحة ‪ ،‬ن يب الكيل ن ‪ ،‬صوموا ت صحوا – درا سة‬
‫علمية لفوائد الصوم ‪ :‬الشيخ سعيد الحري – دار العارف ‪ ،‬عال نفسك بالصيام ‪ :‬ميي الدين عبد الميد ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪80‬‬
‫الحياة‬
‫وهذا الديث أصل جامع لصول الطب كلها ‪ ،‬وقد روى أن ابن أب ماسويه الطبيب ‪ -‬لا‬
‫قرأ هذا الد يث ف كتاب أ ب خيث مة ’ ‪ -‬قال ‪ " :‬لو ا ستعمل الناس هذه الكلمات ل سلموا من‬
‫المراض والسقام ولتعطلت الارشايات ودكاكي الصيادلة"‪.‬‬
‫ليس معن الصوم أن تسك عن الطعام والشراب مدة ث تلتهم أضعاف ما أمسكت عنه ؛‬
‫هذا بكل تأكيد ليس صوما نافعا ‪ ،‬إن الصوم الذي ينفع صاحبه هو ما يقترن معه عدم الشبع‬
‫حال الفطار ‪ ،‬إن بعض الشباب يقول قد صمت فما وجدت الوجاء الذي أخب به النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .‬نقول ‪ :‬نعم إن كنت ف وقت فطرك تتقاضى من وقت صومك وترد الصاع‬
‫صاعي فهذا ليس بصوم على القيقة بل هو إرهاق للبدن وتعذيب له ‪ ،‬لن الدف من الصوم‬
‫حاية السد عامة والقلب خاصة من سوم الطعمة والشربة ‪ ،‬وهذا معن قول النب صلى ال‬
‫عليه وسلم " فإنه له وجاء " ؛ ذلك أن القلب إذا استراح من سوم الطعمه صفا ورق ‪.‬‬
‫قال الروزي ’ ‪ :‬قلت لب عبدال ‪ -‬يعن المام أحد ’‪ " : -‬يد الرجل من قلبه رقة وهو‬
‫شبع قال ‪ :‬ما أرى" ‪ ،‬وعن نا فع ’ عن ابن عمر ‪ ù‬قال ‪ " :‬ماشبعت منذ أسلمت "‪ ،‬وعن‬
‫ممد بن واسع ’ قال ‪ " :‬من قل ُطعْمُه فهم وأفهم وصفا ورق ‪ ،‬وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه‬
‫عن كث ي م ا ير يد " ‪ ،‬و عن أ ب سليمان الدارا ن ’ قال ‪" :‬إذا أردت حا جة من حوائج الدن يا‬
‫والخرة فل تأ كل ح ت تقضي ها ‪ ،‬فإن ال كل يغ ي الع قل " ‪ ،‬و عن ق ثم العا بد ’ قال ‪" :‬كان‬
‫يقال‪ :‬ما قل ط عم امر يء قط إل رق قل به وند يت عيناه " ‪ ،‬و عن أ ب عمران الو ن ’ قال‬
‫‪":‬كان يقال من أ حب أن ينور قل به فلي قل طع مه " ‪ ،‬و عن عثمان بن زائدة ’ قال‪ ":‬ك تب إلّ‬
‫سفيان الثوري ’ ‪ :‬إن أردت أن َيصِ ّح جسمك وَيقِلّ نومك فأقلل من الكل " ‪ ،‬وعن إبراهيم بن‬
‫أد هم ’ قال ‪ " :‬من ض بط بط نه ض بط دي نه ‪ ،‬و من ملك جو عه ملك الخلق ال صالة" ‪ ،‬وقال‬
‫السن بن ييىالشن ’ ‪ :‬من أراد أن يغزر دموعه ويرق قلبه فليأكل وليشرب ف نصف بطنه ‪،‬‬
‫وقال أح د بن أ ب الواري ’‪ :‬فحد ثت بذا أ با سليمان فقال ‪ :‬إن ا جاء الد يث " ثلث طعام‬
‫وثلث شراب " ‪ ،‬وأرى هؤلء قد حا سبوا أنف سهم فربوا سدسا ‪ ،‬و عن الشاف عي ’ قال ‪ :‬ما‬
‫شبعت منذ ستة عشر سنة إل شبعة أطرحها ‪ ،‬لن الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة ويلب النوم‬
‫ويض عف صاحبه عن العبادة ‪ ،‬وقالت عائ شة ~ ‪ " :‬أول بد عة حد ثت ب عد ر سول ال § ‪:‬‬
‫الشبع ‪ ،‬إن القوم لا شبعت بطونم جحت با نفوسهم إل الدنيا ‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫ملحقات البحث‬
‫رسالة إلى كل معلم ومعلمة في العالم‬
‫أخي الُعلّم أخت الُعلّمة ‪ :‬يا من يسر ال لكَِ قلوب الناشئة ‪ ،‬تسمع لك وتطيع ‪ ،‬وُتقِدّس‬
‫كلمك ‪ ،‬وترى فيك القدوة السنة ‪ ،‬والثل الذي يتذى ‪ ،‬إليك أوجه هذه الرسالة ‪ :‬وهي أن‬
‫ت سعى جاهدا ف تو صيل ما تضم نه هذا الكتاب من أمور علم ية وعمل ية بأ سلوبك وطريق تك‬
‫الاصة ‪ ،‬بيث يتر سّخ لدى الناشئة علما وعملً أن ناحهم وسعادتم وقوتم ب سسذا القرآن‬
‫العظيسم ‪ ،‬وَجّههسم إل كيفيسة القيام بالقرآن ‪ ،‬وعلّمهسم أنسه الطريسق لتثسبيت معانيسه العظيمسه فس‬
‫القسلوب ‪ ،‬علّمهم كيف يدعون ال تعال أن يرزقهم حب القرآن ‪ ،‬وأن يفتح لم كنوزه ‪ ،‬وأن‬
‫يضيسئ ل م أنواره ‪ ،‬وضّ ْح لمس بتف صيل وا ستمرار أن الياة بدون القرآن العظ يم شقاء وضلل‬
‫وضياع ‪ ،‬وأن ال تعال أنزل هذا القرآن العظيم رحة وهدى للعالي ‪.‬‬
‫احتوى الكتاب على عدد مسن اليات ‪ ،‬والحاديسث ‪ ،‬وأقوال السسلف ‪ ،‬ماس يسبي كيفيسة‬
‫َسسرْها واشرحهسا لمس ‪ ،‬واجعلهسم يفظون منهسا‬ ‫التعامسل مسع القرآن العظيسم ‪ ،‬والنتفاع بسه ‪ ،‬ف ّ‬
‫مايستطيعون ليكون حافزا لم للعمل با ‪.‬‬
‫تفقد هم ب ي ال ي وال خر ‪ ،‬ورا قب تفاعل هم مع ما تعلم هم إياه ف هذا ال مر ال هم ف‬
‫حيات م ‪ ،‬إن م بذلك يكونون ح سنة من ح سناتك ‪ ،‬وغر سا من غرا سك ‪ ،‬ت سعد وت سر ح ي‬
‫تراهم سعداء ‪ ،‬تراهم نافعي مؤثرين ف أمتهم ‪.‬‬
‫أرجو منك الحتساب ف توصيل مادة الكتاب ‪ ،‬لن تت يدك من فلذات أكبادنا ‪ ،‬الذين‬
‫يؤلنا واقعهم الأسوي ‪ ،‬وما يعانيه الكثي منهم من قلق ‪ ،‬وضياع فكري وخلقي ‪ ،‬ف زمن كثر‬
‫ف يه قطاع الطر يق وتنو عت أطماع الطامع ي وو سائلهم ‪ ،‬وت بط الكثيون ف الب حث عن القوة‬
‫والتطوير وتقيق النجاح ف الياة ‪ ،‬وهو ف أيديهم ‪ ،‬ف هذا القرآن العظيم ‪.‬‬
‫إن الكتاب ير سم الطر يق الخت صر وال من والقوي للترب ية وال صلح ‪ ،‬ول كن ال مر يتاج‬
‫إل توضيح وبيان لن ل يستطع ذلك ‪.‬‬
‫أسأل ال الكري بنه وفضله أن يعلك مفتاحا من مفاتيح القوة والنجاح للمة ‪ ،‬وأن يقق‬
‫على يديك النصر للسلم والسلمي ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في‬ ‫‪82‬‬
‫الحياة‬
‫المحتويات‬
‫‪...............................................................................................................................5‬مقدمة‬

‫‪ ...........................................................13‬دعوة للتواصل عب موقع ‪ :‬القرآن والياة‬

‫‪.............................................................................14‬تهيد ‪ :‬ف معن التدبر وعلماته‬

‫‪.......................................................................................19‬الفتاح الول‪ :‬حب القرآن‬

‫‪.......................................................................25‬الفتاح الثان ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬

‫‪...................................................................................48‬الفتاح الثالث‪ :‬القيام بالقرآن‬

‫‪.................................................................52‬الفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة ف ليل‬

‫‪ ....................................................55‬الفتاح الامس ‪ :‬التكرار السبوعي للقرآن‬

‫‪...........................................................60‬الفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬

‫‪.................................................................................66‬الفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬

‫‪......................................................................68‬الفتاح الثامن ‪ :‬ربط اللفاظ بالعان‬

‫‪..............................................................................................70‬الفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬

‫‪.................................................................73‬الفتاح العاشر ‪ :‬الهر والتغن بالقراءة‬

‫‪ ...............................................................................................................75‬خاتة البحث‬
‫‪83‬‬ ‫المحتويات‬
‫‪...............................................................................76‬ملحق (‪ : )1‬رحلت مع الكتاب‬

‫‪...................................................78‬ملحق (‪ : )2‬أفضل هدية يقدمها والد إل ولده‬

‫‪.....................................................................................79‬ملحق (‪ : )3‬القرآن والصيام‬

‫‪......................................................................................................................82‬الحتويات‬

You might also like