المد ل ،نمده تعال و نستعينه ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فلن تد له وليا مرشدا ،وأشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ،صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا .أما بعد: روى البخاري رحه ال تعال ف صحيحه عن عبد ال بن عباس ( :أن أبا سفيان بن حرب أخبه أن هرقل أرسل إليه ف ركب من قريش؛ وكانوا ِتجَارا بـالشام ف الدة الت كان رسول ال عليه الصلة والسلم ما ّد فيها أبا سفيان وكفار قريش )...هرقل جاءته رسالة النب عليه الصلة والسلم فأراد أناسا من قوم النب عليه الصلة والسلم؛ ليسأل عن حاله ،فعُثِر على أب سفيان وكان مشركا مع بعضٍ من كفار قريش؛ وقد كانوا ُتجّارا بـالشام، فأُتِي بم إل هرقل .قال ...( :فأتوه وهم بـإيلياء ،فدعاهم ف ملسه وحوله عظماء الروم ،ث دعاهم ودعا بترجانه فقال :أيكم أقرب نسبا بذا الرجل الذي يزعم أنه نب؟ فقال أبو سفيان :فقلت :أنا أقربم نسبا .فقال :أدنوه من ،وقرّبوا أصحابَه فاجعلوهم عند ظهره ،ث قال لترجانه :قل لم :إن سائلٌ هذا عن هذا الرجل ،فإن َكذَبن فكذّبوه )...سأسأل صاحبكم الذي يلس أمامكم وهو أبو سفيان عن صاحبكم ،الذي هو النب عليه الصلة والسلم، فإن َكذَب ف الجابة فبيّنوا ل أنه قد َكذَب( .يقول أبو سفيان :فوال لول الياء من أن يأثِروا عل ّي كذبا لكذبت عنه .ث كان أول ما سألن عنه أن قال :كيف نسبه فيكم؟ قلت :هو فينا ذو نسب .قال :فهل قال هذا القول منكم أح ٌد قط قبلَه؟ قلت :ل .قال :فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت :ل. قال :فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت :بل ضعفاؤهم .قال :أيزيدون أم ينقصون؟ قلت :بل يزيدون .قال :فهل يرتد أحدٌ منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت :ل .قال :فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت :ل .قال :فهل يغدِر؟ قلت :ل .ونن منه ف مدة ل ندري ما هو فاعلٌ فيها -نن الن ف مرحلة صلح الديبية ف هدنة معه ل ندري ماذا يفعل فيها؟ -قال أبو سفيان :ول ُتمْكِن كلمةٌ أُدخل فيها شيئا غي هذه الكلمة) أي :ما استطعت أن أدخل دسيسة ف الواب إل ف هذا الوضع( .قال :فهل قاتلتموه؟ قلت :نعم .قال :فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت :الرب بيننا وبينه سجال -يعن :تناوب ف النتصار ،مرة لنا ومرة له -ينال منا وننال منه .قال :ماذا يأمركم؟ قلت :يقول :اعبدوا ال وحده ول تشركوا به شيئا ،واتركوا ما يقول آباؤكم ،ويأمرنا بالصلة ،والزكاة ،والصدق ،والعفاف والصلة )
هرقل يبي حقيقة نبوة الصطفى من إجابات أب سفيان:
(فقال للترجان -هرقل يقول للترجان الذي يترجم من لغة إل أخرى :-قل له -لب سفيان :-سألتك عن نسبه؟ فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث ف نسب قومها .وسألتك :هل قال أحد منكم هذا القول؟ -يعن :من قبل -فذكرتَ أن ل ،فقلت :لو كان أحدٌ قال هذا القول قبله لقلتُ رجلٌ يتأسى بقول قيل قبله) أي :مقلد ،لكن ما أحد قال هذا الكلم قبله( .وسألتك :هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن ل ،قلت :فلو كان من آبائه من ملك ،قلت :رجلٌ يطلب ملك أبيه) سبب هذه الدعوة أنه يطالب بلك أبيه ،لكن ليس من آبائه من ملك( .وسألتك :هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أن ل ،فقد أعرف أنه ل يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على ال) يعن :هرقل متأكد من أن النب صلى ال عليه وسلم صادق( .وسألتك :أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ أن ضعفاءهم اتبعوه ،وهم أتباع الرسل) هرقل يعرف أن أتباع الرسل هم الضعفاء( .وسألتك :أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنم يزيدون ،وكذلك أمر اليان حت يتم -يعن :يبدأ غريبا ث ينتشر .-وسألتك :أيرتد أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن ل ،وكذلك اليان حي تالط بشاشته القلوب .وسألتك :هل يغدِر؟ فذكرت أن ل ،وكذلك الرسل ل تغدِر .وسألتكِ :بمَ يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا ال ول تشركوا به شيئا ،وينهاكم عن عبادة الوثان ،ويأمركم بالصلة والصدق والعفاف ،فإن كان ما تقول حقا فسَيمْلِك موضع قدمي هاتي ،وقد كنت أعلم أنه خارجٌ ،ل أكن أظن أنه منكم ،فلو أن أعلم أن أخْلُص إليه لتجشّمتُ لقاءه ،ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه).
نص رسالة النب صلى ال عليه وسلم لرقل:
دعا هرقل بكتاب رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي بعث به دحية إل عظيم بصرى ،فدفعه إل هرقل فقرأه فإذا فيه( :بسم ال الرحن الرحيم من ممد عبد ال ورسوله إل هرقل عظيم الروم .سلم على من اتبع الدى .أما بعد :فإن أدعوك بدعاية السلم -يعن :دعوة السلم؛ شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال -أسلم تسلم ،يؤتك ال أجرك مرتي ،فإن توليت فإن عليك إث الريسيي -وهم الفلحون الذين كانوا من رعايا هرقل -و خذَ بَ ْعضُنَا بَعْضا َأرْبَابا ِمنْ دُونِ اللّ ِه فَإِنْ َت َولّوْا فَقُولُوا ا ْشهَدُوا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَاَلوْا ِإلَى كَِلمَةٍ َسوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ َألّا نَعُْبدَ ِإلّا اللّهَ وَل ُنشْرِكَ بِهِ شَيْئا وَل يَّت ِ بِأَنّا ُمسِْلمُونَ [آل عمران . ]64:قال أبو سفيان :فلما قال ما قال ،وفرغ من قراءة الكتاب ،كثر عنده الصخب -أي :الصوات الختلطة الرتفعة- وارتفعت الصوات ،وأُخْرِجنا .فقلت لصحاب حي أخرجنا :لقد أمِرَ أمْرُ ابن أب كبشة -لقد عَظُم أمر ممد صلى ال عليه وسلم -إنه يافه ملك بن الصفر -أبو سفيان يقول :هرقل ؛ هذا ملك الروم ياف ممدا! صلى ال عليه وسلم (فما زلت موقنا أنه سيظهر حت أدخل ال عليّ السلم). (وكان ابن الناظور أو ابن الناطور صاحب إيلياء و هرقل سُقُفّا على نصارى الشام) ابن الناطور و هرقل كانا من علماء النصارى بالدين ،وكانا زميلي ف الدين النصران( .وكان ابن الناطور -صاحب إيلياء و هرقل -سُقُفّا على نصارى الشام يدّث أن هرقل حي قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته -يعن :الرجال الكبار عنده :-قد استنكرنا هيئتك .قال ابن الناطور :وكان هرقل حزّاءً ينظر ف النجوم ،فقال لم حي سألوه :إن ت ف النجوم ملك التان قد ظهر ،فمن يتت من هذه المة؟) أي :لا سألوه :ما بالك مهموما؟ قال :رأيت ملك التان قد ظهر، رأيت الليلة حي نظر ُ انظروا من يتت ف العال ف الناس؟! من يتت؟! (قالوا :ليس يتت إل اليهود ،فل يهمك شأنم ،واكتب إل الدن ف ملكك فيقتلوا مَن فيها مِن اليهود. فبينما هم على أمرهم أُتِي هرقل برجلٍ أرسل به ملك غسان يب عن خب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فلما استخبه هرقل قال :اذهبوا فانظروا أمتت هو أم ل؟ -الرسول هذا الذي جاء برسالة من ممد صلى ال عليه وسلم انظروا هل هو متت أم ل؟ -فنظروا إليه فحدثوه أنه متت .وسأله عن العرب .فقال :هم يتتنون .فقال هرقل :هذا مُلْك هذه المة قد ظهر .ث كتب هرقل إل صاحب له بـرومية ،وكان نظيه ف العلم ،وسار هرقل إل حص فلم يرِم حصا حت أتاه كتاب من صاحبه -الذي ف رومية -يوافق رأي هرقل على خروج النب صلى ال عليه وسلم وأنه نب ،فأذن هرقل لعظماء الروم ف دسكرة له بـحمص -بناء كالقصر أمر بأن يُدخلوا إليه -ث أمر بأبوابا فغلّقت ،ث اطّلع -هرقل اطّلع على كل الكباء الذين أدخلوا -فقال: يا معشر الروم! هل لكم ف الفلح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النب؟ فحاصوا حيصةَ ُحمُر الوحش إل البواب فوجدوها قد ُغلّقت -اضطربوا وتدافعوا إل البواب -فلما رأى هرقل نفرتم وأَيِس من اليان قال :ردوهم عليّ ،وقال :إن قلت مقالت آنفا أختب با شدتكم على دينكم، فقد رأيت ،فسجدوا له ورضوا عنه ،فكان ذلك آخر شأن هرقل ) .هذه القصة الت رواها البخاري رحه ال تعال ف صحيحه ،وكذلك رواها مسلم رحه ال ،والديث عند الترمذي وأب داود و أحد ف سياقات متلفة.
هرقل يرسل رسولً إل الصطفى صلى ال عليه وسلم:
وهناك رواية ساقها المام أحد رحه ال فيها مزيد من التوضيح لبعض الظروف الت حصلت ف الطاب النبوي إل هرقل ،يقول فيه سعيد بن أب راشد مول لل معاوية ( :قدمت إل الشام فقيل ل :ف هذه الكنيسة رسول قيصر إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،قال :فدخلنا الكنيسة فإذا أنا بشيخ كبي ،فقلت له :أنت رسول قيصر إل رسول ال صلى ال عليه وسلم؟ قال :نعم .قلت :حدثن عن ذلك ،قال :إنه لا غزا تبوك كتب إل قيصر كتابا وبعث به مع رجل يقال له :دحية بن خليفة الكلب ،فلما قرأ كتابه -لا قرأ هرقل كتاب النب عليه الصلة والسلم ورسالته -وضعه معه على سريره ،وبعث إل بطارقته ) إل رجال الكنيسة ،ومفردها :بطريق ( ورءوس أصحابه ) عظماء القوم ،قادة اليوش ،المراء ،وقادة اللوية ( فقال :إن هذا الرجل قد بعث إليكم رسولً ،وكتب إليكم كتابا ييكم إحدى ثلث - :إما أن تتبعوه على دينه - .أو تقروا له بَراجٍ يري له عليكم ويقركم على هيئتكم ف بلدكم - .أو أن تلقوا إليه بالرب .قال :فنخروا نرةً ) النخي :هو صوت النف ،والراد الغضب والفوران العب عن النفور ( فنخروا نرةً حت خرج بعضهم من برانسهم ) والبنس :هو الثوب الذي يلتصق به غطاء الرأس ،مثل :لباس الغاربة اليوم ( حت خرج بعضهم من برانسهم، وقالوا :ل نتبعه على دينه ونَدَع ديننا ودين آبائنا ،ول نقر له براج يري له علينا ،ولكن نُلقي إليه الرب .فقال :قد كان ذاك ،ولكن كرهتُ أن أفتات دونكم بأمرٍ .قال عباد :فقلت لـابن خثيم :أو ليس كان قارب وهمّ بالسلم فيما بَلَغَنا ) يعن :هرقل ،ما كاد يسلم؟ ( قال :بلى .لول أنه رأى منهم ،فقال :أُبغون رجلً من العرب أكتب معه إليه جواب كتابه ) أي :التمسوا ل رسولً أكتب معه جواب كتابه ( .قال :فأتيت وأنا شاب فانطُلق ب إليه فكتب جوابه وقال ل :مهما نسيت من شيء فاحفظ عن ثلث خلل ) يقول هرقل لرسوله :إذا ذهبت إل ممد -صلى ال عليه وسلم -أعطه كتاب ورسالت ،وإذا نسيتَ فل تنسَ هذه الشياء ( :انظر إذا هو قرأ كتاب هل يذكر الليل والنهار؟ وهل يذكر كتابه إلّ؟ وانظر! هل ترى ف ظهره َعلَما؟ ).
رسول هرقل يقابل رسول ال:
( قال -رسول هرقل :-فأقبلت حت أتيته وهو بـتبوك ف حلقة من أصحابه متبي فسألت فأُخبت به ،فدفعت إليه الكتاب -رسالة هرقل -فدعا معاوية -وكان من كتاب الوحي ،من يعرفون القراءة ،وقد أسلم رضي ال عنه -فقرأ عليه الكتاب ،فلما أتى على قوله :دعوتَن إل جنة عرضها السماوات والرض فأين النار؟ ) هرقل يسأل النب صلى ال عليه وسلم سؤالً :دعوتَن إل جنة عرضها السماوات والرض فأين النار؟ ( قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :إذا جاء الليل فأين النهار؟ ) يعن :هذا رد على الشبهة ،يقول :إذا جاء الليل فأين النهار؟ أين يذهب النهار؟ ( قال :فقال :إن قد كتبت إل النجاشي فخرّقه فخرّقه ال مرّق الُلك .قال عبّاد :فقلت لـابن خثيم :أليس قد أسلم النجاشي ونعاه رسول ال عليه الصلة والسلم بـالدينة إل أصحابه فصلى عليه؟ قال :بلى .ذاك فلن بن فلن ،وهذا فلن بن فلن ،قد ذكره ابن خثيم جيعا ونسيتهما ) ...يعن :أن كلمة النجاشي لقب ملك البشة ،كل مَن ملَك البشة يقال له :ناشي ،كل مَن ملَك الروم يقال له قيصر ،كل مَن ملَك الفرس يقال له :كسرى ،كل مَن ملَك اليمن يقال له :تُبّع ،كل مَن ملَك مصر يقال له :فرعون ،كل مَن ملَك السكندرية يقال له :القوقس ،كل مَن ملَك الترك يقال له :خاقان ،فكلمة ملك بالبشية :ناشي ،بالصرية :فرعون ،بالسكندرانية :مقوقس ،بالتركية :خاقان ،بالفارسية :كسرى ،بالرومية :قيصر ،لكن القياصرة لم أساء متلفة ،الفراعنة لم أساء متلفة ،والنجاشي هكذا أيضا .فيقول له :النجاشي الذي أرسلت إليه الرسالة غي النجاشي الذي أسلم ،ملكٌ آخر من ملوك البشة ،هذا القصود .قيصر ملك الروم الذي أرسلت إليه الرسالة ما اسه؟ اسه هرقل ،وهو الذي نن بصدده .كسرى أنوشروان ،له اسم ،كسرى هذا لقب ،معناه :مَلِك ،مَلِك الفرس ...( .وكتبتُ إل كسرى كتابا فمزّقه فمزق ال ملكه -أو كما قال عليه الصلة والسلم -وكتبتُ إل قيصر كتابا ك قائم ،وسيمزقهم ال فأجابن فيه ،فلم تزل الناس يشون منهم بأسا ما كان ف العيش خيٌ )...يقول :البشة لن تقوم لم قائمة ،ولن يوجد فيهم مُل ٌ لنم مزقوا الرسالة ،ويقول :دولة فارس لن تقوم فيها ملكة لفارس ولن يكموها ولن يدوم لم الكم ،وال سيمزق ملك فارس كما أنم مزقوا الرسالة ،لكن يقول :هرقل ما مزق الرسالة ،فسيبقى ف الروم قوة .والناظر ف الواقع يرى هذا جيدا ،بعد كسرى تزقت ملكة فارس ،ما عاد هناك مِن مَلِك ،كلها ثورات وحروب .وكذلك البشة ل يعد لا شأن ،وصاروا أناسا متخلفي .والروم؟ اليوم أوروبا ما زال لم قوة إل الن ،والروب الصليبية ل زالت موجودة إل الن .قال ...( :وكتبت إل قيصر كتابا فأجابن فيه ،فلم تزل الناس يشون منهم بأسا ما كان ف العيش خيٌ ،ث قال ل :مَن أين أنت؟ قلت :من تنوخ -رسول هرقل تنوخي -قال :يا أخا تنوخ! هل لك ف السلم؟ قلت :ل .إن أقبلتُ من قِبَل قوم وأنا فيهم على دين ولست مستبدِ ًل بدينهم حت أرجع إليهم ،قال :فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم أو تبسم ،فلما قضيت حاجت قمتُ ،فلما وليت دعان ،فقال :يا أخا تنوخ! هل ّم فامضِ للذي أُمِرْتَ به -صاحبك أمرك بثلثة أشياء ،وأنت وجدت اثنتي ،والثالثة ما أخذت خَبَرها ،ما هي الثالثة؟ علمة الظهر -قال :هلمّ فامضِ للذي أُمِرْتَ به ،قال :وكنت قد نسيتُها فاستدرت من وراء اللقة ،ويلقى بردة كانت على ظهره -أو يلقيها عن ظهره -فرأيت غضروف كتفه مثل الحجم الضخم) الحجم :الشرط الذي يشق به موضع الجامة ،وكان النب صلى ال عليه وسلم بي كتفه مموعة عظام مثل هيئة بيضة المامة، خات النبوة ،مستدير ،بي كتفي النب صلى ال عليه وسلم ،كان جيلً موقعه ،جيلً شكله ،وليس بعاهة ول تشويه .هذه الرواية الت رواها المام أحد ف سندها رجل مقبول ،فذكر نو حديث عبّاد بن عبّاد ؛ وحديث عبّاد أت وأحسن ،وزاد فقال( :فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم حي دعاه إل السلم ،فأب أن يسلم وتل هذه الية (( :إِنّكَ ل َت ْهدِي مَنْ أَحْبَْبتَ َولَكِنّ اللّهَ َي ْهدِي َمنْ َيشَاءُ ))[القصص ]56:ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم: إنك رسول قوم ،وإن لك حقا -يعن :ل بد أن نكرمك ونضيفك-ولكن جئتنا ونن مُرْمِلون -يعن :نفذ زادنا ف تبوك -فقال عثمان بن عفان :أنا أكسوه حلة صَفُورية -ثوب من قطعتي -وقال رجل من النصار :عليّ ضيافته ،يعن :أنا أتكفل بضيافة هذا الرسول) .وهناك قصة أخرى تبي أشياء جدُونَهُأخرى من التفاصيل رواها الاكم ف الستدرك ،وذكرها ابن كثي رحه ال ف تفسيه تت قوله تعال :الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِ ّي الْأُمّيّ اّلذِي َي ِ مَكْتُوبا عِْندَ ُهمْ فِي الّتوْرَاةِ والنيل يَأْمُرُ ُهمْ بِاْلمَعْرُوفِ وَيَْنهَاهُمْ َعنِ اْلمُنْكَرِ [ ...العراف ]157:الية.
رواية أخرى عند البيهقي ف دعوة هرقل للسلم:
عن هشام بن العاص الموي قال [ :بُعِْثتُ أنا ورجل آخر إل هرقل صاحب الروم ندعوه إل السلم ،فخرجنا حت قدمنا الغوطه -يعن :غوطة دمشق- فنلنا على جبلة بن اليهم الغسان ] ...والغساسنة عرب ،لكن ولؤهم للروم ،وكان الروم قد وضعوا الغساسنة على حدود الزيرة بينهم وبي العرب، حت ل يدخل العرب بغاراتم ف بلد الروم ،والغساسنة يكفُون الروم العرب على الدود ،والروم ل يطمعون ف أرضهم؛ لنا صحراء قاحلة.
هشام بن العاص يطلب مقابلة هرقل:
يقول [ :فنلنا على جبلة بن اليهم الغسان فدخلنا عليه فإذا هو على سرير اللهو ،فأرسل إلينا برسوله نكلمه ،فقلنا :وال ل نكلم رسولً وإنا بعثنا إل اللك فإن أذن لنا كلمناه ،وإل لن نكلم الرسول ،فرجع إليه الرسول فأخبه بذلك .قال :فأذن لنا -من هو الذي أذن؟ جبلة بن اليهم ملك غسان- فقال :تكلموا .فكلمه هشام بن العاص ودعاه إل السلم فإذا عليه ثياب سود؛ فقال له هشام :وما هذه الت عليك؟ قال :لبستها وحلفت أل أنزعها حت أخرجكم من الشام .قلنا :وملسك هذا -وال -لنأخذنه منك ولنأخذن مُلك اللِك العظم -يقول هذا السلم للغسان :سنأخذ مُلكك وملك اللك العظم الذي هو قيصر ،إن شاء ال أخبنا بذلك نبينا ممد صلى ال عليه وسلم .قال :لستم بم ،بل هم قوم يصومون بالنهار ويقومون بالليل، فكيف صومكم؟ فأخبناه ،فمُلئ وجهه سوادا .فقال :قوموا ،وبعث معنا رسولً إل اللك ،فخرجنا حت إذا كنا قريبا من الدينة ،قال لنا الذي معنا :إن دوابكم هذه ل تدخل مدينة اللك ،فإن شئتم حلناكم على براذين وبغال .قلنا :وال ل ندخل إل عليها ،فأرسلوا إل اللك أنم يأبون ذلك ،فأمرهم أن ندخل على رواحلنا فدخلنا عليها متقلدين سيوفنا حت انتهينا إل غرفة اللهو ،فأننا ف أصلها وهو ينظر إلينا ،فقلنا :ل إله إل ال وال أكب ،فال يعلم لقد انتفضت الغرفة حت صارت كأنا عذق تصفقه الرياح .قال :فأرسل إلينا ليس لكم أن تهروا علينا بدينكم ،وأرسل إلينا أن ادخلوا ،فدخلنا عليه وهو على فراش اللهو وعنده بطارقة من الروم وكل شيء ف ملسه أحر وما حوله حرة وعليهم ثياب من المرة .فدنونا منه فضحك ،فقال :ما عليكم لو جئتمون بتحيتكم فيما بينكم -لاذا ل تسلموا عليّ؟ -وإذا عنده رجل فصيح بالعربية كثي الكلم .فقلنا :إن تيتنا فيما بيننا ل تل لك ،وتيتك الت تيّا با ل يل لنا أن نييك با .قال :كيف تيتكم فيما بينكم؟ قلنا :السلم عليك .قال :فكيف تيون مَلِكَكم؟ قلنا :با .قال :كيف يرد عليكم؟ قلنا: با -يعن :وعليكم السلم .-قال :فما أعظم كلمكم؟ قلنا :ل إله إل ال وال أكب ،فلما تكلمنا با وال يعلم لقد انتفضت الغرفة حت رفع رأسه إليها. قال :فهذه الكلمة الت قلتموها حيث انتفضت الغرفة ،أ ُكلّما قلتموها ف بيوتكم انتفضت عليكم غرفكم؟ قلنا :ل ،ما رأيناها فعلت هذا قط إل عندك. قال :لوددت أنكم كلما قلتم انتفض كل شيء عليكم ،وأن قد خرجت من نصف ملكي .قلناِ :لمَ؟ قال :لنه كان أيسر لشأنا ،وأجدر أل تكون من أمر النبوة ،وأن تكون من حِيَل الناس .ث سألَنَا عما أراد ،فأخبناه .ث قال :كيف صلتكم وصومكم؟ فأخبناه .فقال :قوموا ،فأمر لنا بنل حسن، ونُزُل كثي فأقمنا ثلثا ].
هرقل يري هشام بن العاص وصاحبه صور النبياء:
قال هشام بن العاص [ :فأرسل إلينا هرقل ليلً فدخلنا عليه فاستعاد قولنا فأعدناه ،ث دعا بشيء كهيئة الرضعة العظيمة مذهّبَة ،فيها بيوت صغار عليها أبواب ،ففتح بيتا فاستخرج حريرة سوداء فنشرناها ،فإذا فيها صورة حراء ،وفيها رجلٌ ضخم العيني ،عظيم الليتي ،ل أر مثل طول عنقه ،وإذا ليست له لية ،وإذا له ظفيتان أحسن ما خلق ال .فقال :أتعرفون هذا؟ قلنا :ل .قال :هذا آدم عليه السلم ،وإذا هو أكثر الناس شعرا -أي :الروم رسوا النبياء بناءً على معلومات عندهم .-ث فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ،وإذا فيها صورة بيضاء ،وإذا له شعر كشعر القَطط ،أحر العيني، ضخم الامة ،حسن اليئة .فقال :هل تعرفون هذا؟ قلنا :ل .قال :هذا نوح عليه السلم .ث فتح بابا آخر فاستخرج حريرة سوداء ،وإذا فيها رجل شديد البياض ،حسن العيني ،صلت البي ،طويل الد ،أبيض اللحية كأنه يبتسم ،فقال :هل تعرفون هذا؟ قلنا :ل .قال :هذا إبراهيم عليه السلم .ث فتح بابا آخر ،فإذا فيه صورة بيضاء ،وإذا -وال -رسول ال صلى ال عليه وسلم -الرسة -فقال :أتعرفون هذا؟ قلنا :نعم .هذا ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم .قال :وبَكيْنا ،قال :وال أعلم أنه قام قائما ث جلس ،وقال :وال إنه لو .قلنا :نعم .إنه لو كأنك تنظر إليه .فأمسك ساعةً ينظر إليها ،ث قال :أما إنه كان آخر البيوت ولكن عجّلته لكم؛ لنظر ما عندكم -الصورة هذه كانت ف آخر شيء ،يعن :هو آخر نب .-ث فتح بابا واستخرج صورا، وأخبهم عنها .ث قال -ف ناية القصة :-أما وال إن نفسي طابت للخروج من مُلكي ،وأن كنت عبدا لشركم حت أموت ،ث أجازنا فأحسن جائزتنا وسَرّحنا .فلما أتينا أبا بكر الصديق رضي ال عنه فحدّثناه با أرانا ،وبا قال لنا ،وما أجازنا ،قال :فبكى أبو بكر وقال :مسكي ،لو أراد ال به خيا لفعل ،ث قال :أخبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أنم -يعن :النصارى -واليهود ييدون نعت ممد صلى ال عليه وسلم عندهم ] .الديث أخرجه البيهقي عن الاكم رحه ال ف كتاب :دلئل النبوة .وقال ابن كثي :إسناده ل بأس به .على أية حال :على فرض صحة هذه القصة فإنا تبيّن لنا أيضا شيئا آخر ،لكن الرواية الساسية هي رواية المام البخاري رحه ال الت تبي أن هرقل فعلً قارب أن يُسلم ،بل هو أوشك على السلم ،بل هو دعا قومه إل السلم ،لكن لا رآهم نفروا وخشي أن يزول ملكه تراجع ،وقال بدهائه للروم :كنت أختب ثباتكم على دينكم.
شرح رواية البخاري ف دعوة هرقل للسلم وفوائد من ذلك:
رواية البخاري رحه ال هي عن أب سفيان صخر بن حرب بن أمية لا أتى به هرقل ملك الروم ف الركب ،وهم أولو البل العشرة فما فوقها وكانوا ُتجّارا ،والقصة حصلت ف مدة صلح الديبية وكانت ف سنة ( )6للهجرة ،ومدة الصلح عشر سني؛ لكن قريشا نقضوا العهد ،فالنب عليه الصلة والسلم غزاهم سنة ( )8للهجرة ،يعن بعد الصلح بسنتي ،وفَتَحَ مكة ،وهذا بعد أن غدروا .فلما وصلت رسالة النب عليه الصلة والسلم لـهرقل ، طلب بعضَ قريش ليسألم عن النب صلى ال عليه وسلم ،فوجدهم رسولُه ببعض الشام ف غزة .يقول أبو سفيان :كنا قوما ُتجّارا وكانت الرب قد حصبتنا -هذا يدل على أن الرب أثرت على قريش اقتصاديا -فلما كانت الدنة -يعن :صلح الديبية -خرجت تاجرا إل الشام مع رهط من قريش ،فوال ما عَِل ْمتُ بـمكة امرأة ول رجلً إل وقد حلن بضاعة ،فقال هرقل لصاحب شرطته :قَّلبِ الشام ظهرا لبطنٍ حت تأتين برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه ،يقول أبو سفيان :فوال إن لفي أصحاب بـغزة إذ هجم علينا فساقنا جيعا .و إيلياء هي :بيت القدس ،وقيل :معناها :بيت ال، وإيلياء :هي الت سار إليها هرقل لا كشف ال عنه جنود فارس ،وقد كان مكان ملك هرقل ف حص ،فسار من حص إل إيلياء -إل بيت القدس- مشيا شكرا ل تعال ،وكان سبب ذلك القصة الت جاءت من طرق متعاضدة كما قال ابن حجر رحه ال وملخصها :أن كسرى أغزى جيشه بلد هرقل فخربوا كثيا من بلده ،وكان النصر ف البداية للفرس على الروم ،ث استبطأ كسرى أميه فأراد قتله وتولية غيه ،فاطّلع أميُه على ذلك فباطن هرقل واصطلح معه على كسرى وانزم عنه بنود فارس ،فكان سبب عودة الكفة ف الرجحان للروم انشقاقٌ حصل ف الفرس .فلما حصل ذلك مشى هرقل إل بيت القدس شكرا ل تعال على ذلك .الهم :أُدخل سفيان ومن معه على هرقل ،قال( :فأدخلنا عليه فإذا هو جالس ف ملس ملكه وعليه التاج ،وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان ،ودعا بالترجان .فقال :أيكم أقرب نسبا لذا الرجل الذي -خرج بأرض العرب -يزعم أنه نب؟ يقول أبو سفيان :فقلت :أنا أقربم نسبا )...فـأبو سفيان يتمع مع النب صلى ال عليه وسلم ف عبد مناف ؛ و عبد مناف هو الب الرابع للنب صلى ال عليه وسلم ،وكذلك لـأب سفيان ،فيجتمعان ف عبد مناف .
السلم دين عالي:
منها :دعوة كل العال إل السلم وأن السلم دعوة عالية ليست خاصة بالعرب -:السلم دعوة عالية ليست خاصة بـالزيرة ،فالسلم للعالَي، ولذلك النب صلى ال عليه وسلم لا انتهى من الزيرة أرسل الرسائل خارج الزيرة ،وبدأت أول خطوات الهاد للروم ف عهد النب عليه الصلة والسلم ف غزوة تبوك ،والتحضي لغزو المالك الخرى خارج الزيرة بدأ من عهد النب صلى ال عليه وسلم ،وجيش أسامة بن زيد كان مهزا لذا الغرض .الهم :أن السلم دعوة لكل العال وليس متصا بفئة دون أخرى ،والنب عليه الصلة والسلم أرسل رسائل دعوة للروم وللفرس ولغيهم.
ذكاء هرقل ف معرفة صدق أب سفيان:
فائدة ثانية :مِن فِعْل هرقل لا جاء بـأب سفيان ومعه أقاربه وضعهم وراءه ،قال( :إن كذب فكذّبوه) :إن ل يب بالصدق قولوا بالقيقة ،ول شك أن القريب أحرى بالطلع على المور الظاهرة والباطنة من غيه ،ث إنه ل يقدح ف نسب قريبه .لاذا جعلهم وراءه؟ لاذا جعل قوم أب سفيان وراء أب سفيان ،وليس أمامه؟ لئل يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب ،يعن :يكذبوه دون أن ينظروا ف وجهه ،يقول أبو سفيان ( :فوال لول الياء من أن يأثِروا -ينقلوا -عل ّي الكذب لكذبت عليه) وهذا دليل على أن الكذب ف الاهلية كان عيبا كبيا ،وربا كان أبو سفيان يضمن أنم لو كانوا وراءه لن يكذبوه؛ لنم مشتركون ف عداوة النب صلى ال عليه وسلم ،لكن ما الذي منع أبا سفيان من الكذب؟ حت ل يُنقَل عن سيد قريش إذا رجعوا أنه َكذَب؛ وهذا عيب كبي .قال أبو سفيان ( :فوال ما رأيت من رجل قط كان أدهى من ذلك القلف) يعن :هرقل ،والقلف :غي الختون .سأله عن النسب؛ وهذا يدل على أن هرقل يعلم بأن النبياء تُبعث ف أنساب قومها ،حت ل يطعن أحد ف نسب النب ،فيكون معروفا لدى كل القوم نسب القبيلة الت يُبعث فيهم. الؤمن ل يرتد عن دينه سخطا عليه: وكذلك ف الديث :أن النسان إذا آمن ل يرتد عن دينه ساخطا على الدين وإنا يرتد لسباب أخرى ،وهذا ف السلم ،أما ف غي السلم فإنه يرتد عن الدين سخطا على الدين ،يعن :ربا الواحد يكون الشخص نصرانيا ،فيخرج من النصرانية ساخطا عليها ،وآخر يهوديٌ يرج من اليهودية ساخطا على اليهودية ؛ لن ما فيها باطل؛ لكن ل يوجد شخص مسلم يدخل السلم ويعرفه ويفقهه تاما ،ث يرج من السلم؛ لن هناك أخطاء ف السلم، أو هناك نقاط ضعف ف السلم ،ل يكن؛ لكن ربا يرج من السلم لمور دنيوية ،ولذلك قال هرقل :هل هناك أحد من السلمي ارتد عن دينه سخطةً لدينه؟ -يعن :ساخطا على دينه -ل يوجد ،لذلك قال أبو سفيان :ل .ففي السلم قد يرتد الشخص إما لنه حديث عهد بالسلم ول يفقه السلم؛ وإما لنه ل يريد دفع الزكاة ،وإما لنه أُغْرِي بال ،فـعبيد ال بن جحش الذي ارتد ف البشة ،وكان من مهاجري البشة وارتد ف البشة، إنا ارتد لظ ف نفسه ،وليس لجل ضعف ف الدين السلمي ،وهذه نقطة مهمة ،وهي أنه ل يوجد أحدٌ يدخل ف الدين -والمد ل -ويفقهه جيدا فيتركه ساخطا عليه ،وهذا ربا يقع ف أديان أخرى ،أما ف السلم فإنه ل يقع ،لكن ربا يعن لوىً؛ كمال ،أو أغروه بنصب مثلً؛ فهذا ُيمْكِن.
تعامل هرقل مع الدسيسة ف كلم أب سفيان:
كذلك نقطة مهمة :هرقل عندما قال أبو سفيان :لكن نن الن ف مدة ل ندري ماذا يصنع فيها ممد صلى ال عليه وسلم ،وأدخل هذه الدسيسة يقول أبو سفيان ( :فوال ما التفت إليها من) :هرقل عاقل وذكي ،أخذ إجابات أب سفيان بالنص ،والدسيسة الت أدخلها أبو سفيان ف الكلم قال :لكن الن نن ف هدنة ل ندري ماذا يصنع فيها ،هذه الدسيسة الوحيدة الت استطاع أن يُدخلها ،ومع ذلك هرقل ما التفت إليها.
الغن والهل سببان ف الصد عن سبيل ال:
كذلك ف هذا الديث :أن أتباع الرسل أكثر ما يكونون من الفقراء ،لاذا؟ لن العظماء والغنياء يصرفهم غناهم وعظمتهم عن الق؛ لن السلم سيزيل شيئا من مزاياهم ،أو من ميزاتم ،فالن هرقل لو دخل ف الدين سيصبح مسلما عاديا ،يعن :مُلْكُه سيزول ،وسيتنازل عن ملكه .أبو جهل مثلً: إذا أسلم فإنه سيقلّد النب عليه الصلة والسلم زمام المور .ما الذي منع عبد ال بن أب من السلم ،وصار منافقا؟ كانوا يريدون أن يتوجوه ملكا على الدينة ،فلما جاء السلم شرق به وغص ،ما هضم القضية ،لاذا؟ لن النصب الذي كان سيعيّن فيه حُرِم منه بسبب دخول الدين الديد إل الدينة . إذا :من أسباب صد كثي من العظماء والغنياء عن الدين والق الغن والهل ،لذلك النب صلى ال عليه وسلم قال( :ما ذئبان جائعان أرسل ف غنم بأفسد لا من حرص الرء على الال والشرف لدينه) يعن :الال والاه يفسدان دين النسان أكثر من إفساد الذئب الائع للغنم؛ وهذه مسألة مهمة.
اليان إذا وقر ف القلب فإن صاحبه ل يرتد:
كذلك ف هذا الديث :أن اليان إذا خالطت بشاشته القلوب فإن صاحبه ل ينحرف :ولذلك كثي من النتكسي ما خالطت بشاشة اليان قلوبَهم ،أو أنا ل تلزمهم هذه البشاشة وتبقى معهم ،ولذلك انتكس.
الوف على النفس ينع من اتباع الق:
كذلك ف هذا الديث :أن الوف على النفس قد ينع الشخص من اتباع الق -:هرقل يقول( :وال إن لعلم أنه نب مرسل ،ولكن أخاف الروم على نفسي ،ولول ذلك لتبعته) ولو أن هرقل تفطن إل قول النب صلى ال عليه وسلم( :أسلم تسلم) لكان ما أصابه شيء؛ لكن مع ذكائه ما تفطن لقوله عليه الصلة والسلم( :أسلم تسلم) مع أنه قال( :لو أن كنت عند النب صلى ال عليه وسلم لغسلتُ عن قدميه -يعن :مبالغة ف العبودية والدمة له- وقال :لو علمت أنه هو لشيت إليه حت أقبّل رأسه وأغسل قدميه) وكان وقعُ الرسالة على هرقل كبيا يقول( :ولقد رأيت جبهته تتحادر عرقا من كرب الصحيفة) أي :عندما قُرِئ عليه كتاب النب صلى ال عليه وسلم .وما يقوي أن هرقل آثَرَ مُلكه على اليان واستمر على الضلل :أنه حارب السلمي ف غزوة مؤتة سنة ( )8هـ بعد هذه القصة بأقل من سنتي ،فإن السلمي نزلوا ف معان ؛ معان :معروفة ف أرض الشام ،ونزل هرقل ف مائة ألف من الشركي وحدثت غزوة مؤتة .
الختصار ف الدعوة إل ال:
وكذلك فإن ف هذا الديث :أن النسان عليه أن يتصر ف الدعوة بأسلوب حسن واضح :فإن الرسالة كانت متصرَة غاية الختصار( :بسم ال الرحن الرحيم من ممد رسول ال إل هرقل .أدعوك بدعاية السلم) يعن :دعوة السلم وهي :شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال( .أسلم تسلم) وهذا ف غاية البلغة( .يؤتك ال أجرك مرتي) :لاذا؟ لنك تكون آمنت بالنب الول ،وآمنت بالنب البعوث ،وكذلك يكون لك الجر مرتي؛ لن بإسلمك يكن أن يسلم أعدادٌ من قومك فتنال مثل أجرهم أيضا.
فائدة فيمن تري عليه أحكام أهل الكتاب:
وأخذ العلماء من الديث :أن كل من دخل ف دين النصرانية ُيجْرَى عليه أحكام أهل الكتاب ولو كان أصلً ليس من بن إسرائيل :يعن :البوذي الندوسي إذا تنصّر هل نأكل ذبيحته؟ نعم .إذا دخل ف الدين ،يُجرى عليه حكم أهل الكتاب .وقال بعض العلماء :الكتاب هو من كان أبواه كتابيي، فهذا الذي تؤكل ذبيحته .فأهل الكتاب لم أحكام خاصة مع كفرهم تييزا لم عن بقية الشركي من ل أساس لدينهم أصلً .وكذلك فإن ف قوله: (فإن توليت فإن عليك إث الريسيي) وهم ال ّزرّاع والفلحون الذين كانوا ف ملكته ،وفيه أن الصاغر والضعفاء أتباع الكابر والقوياء :ويقول لـهرقل :إذا أصدرت على الكفر فإن كل هؤلء الضعفاء القلدين لك ف ملكتك من ال ّزرّاع والفلحي إثهم عليك ،تكسب مثل إثهم ،قال ( :فإن عليك إث الريسيي ) .ففيها :أن من كان سببا ف إضلل غيه فإنه يتحمل مثل إثهَ :ولََيحْمُِلنّ أَثْقَاَل ُهمْ وَأَثْقَالً َمعَ أَثْقَاِلهِمْ [العنكبوت . ]13:وَمِنْ َأ ْوزَا ِر الّذِينَ ُيضِلّوَن ُهمْ بِغَيْرِ عِ ْلمٍ أَل سَاءَ مَا يَ ِزرُونَ [النحل . ]25:إِذْ تَبَرّأَ اّلذِينَ اتّبِعُوا مِ َن اّلذِينَ اتّبَعُوا [البقرة . ]166:بعض العلماء قالوا :إن ف هذا الديث دليل على جواز قراءة النب للية واليتي ،وبإرسال بعض القرآن إل الكفار :فإذا ل يقصد النب التلوة جاز؛ كأن يقول النب مثلً :رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا ب النّارِ [البقرة ]201:وقصد الدعاء فل حرج ،فالنب ل يوز له أن يقرأ القرآن عند جهور العلماء؛ إل إذا قاله َحسَنَةً َوفِي الْآخِرَةِ َحسَنَةً َوقِنَا َعذَا َ ليس على سبيل التلوة وإنا على سبيل الدعاء أو الذكر ،كأن قال :سُْبحَا َن اّلذِي َسخّرَ لَنَا َهذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِيَ [الزخرف ]13:لو ركب دابةً ،أو دعا بدعاء هو جزء من آية أو آية.
حصول التأييد للنب صلى ال عليه وسلم بأشياء كثية:
كذلك ف هذا الديث :أن التأييد للنب صلى ال عليه وسلم حصل بعدة أشياء -:حت من جهة الن ،وحت من جهة الكهان ،وحت من جهة النجمي. يعن :الن الكهانة والتنجيم ليس فيها علم الستقبل ،ول علقة للنجوم بالحداث الرضية .ما معن قول هرقل لا نظر ف النجم قال( :هذا ملك هذه المة) ،أو( :هذا مَلِك التان) مَلِكُ التان ،أهل التان ،هذا ملكهم؟ أراد البخاري رحه ال أن يبي أن الشارات للنب صلى ال عليه وسلم جاءت من كل طريق ،وعلى لسان كل فريق؛ من الكاهن والنجم ،النسي والن ،تعاضدت كلها ،مع أن علم النجوم والستدلل بالنجوم على الحداث الرضية باطل ،والكهنة ل يعلمون الغيب؛ لكن اجتمعت كل الدلة ف وقت البعث على هذا ،يعن :عرفوا النب عليه الصلة والسلم بالطرق الصحيحة وبالطرق الباطلة ،عرفوا أنه سيخرج ،وإل هرقل كان حزّاءً ينظر ف النجوم ويتكهن ،والكهان يستندون إل إلقاء الشياطي ،يعن :ما يلقيه الشيطان ف نفس هذا الكاهن ،وبعضهم يسترقون الب من السماء ويأتونه بالب ،فطرق الق وطرق الباطل كلها اجتمعت على خروج وبعثة النب صلى ال عليه وسلم .كان قوم هرقل يظنون أن التان ف اليهود فقط ،ولذلك قالوا لـهرقل :ل تقلق ،إذا كنت تشى من الختوني ،الختونون هم اليهود ،اكتب إل كل الدن الت فيها يهود ف ملكتك يذبونم وتنتهي القضية ،ل ُي ِهمّنّك شأنم ،ما كانوا يعرفون أن التان ف السلمي ،ما كانت وصلت الخبار ،ث وصلت الخبار بعد ذلك وعُرف عن طريق هذا الرسول الذي جاءهم بالرسالة أن السلمي يتتنون .ث إن ضغاطر -وهو من عظماء الروم -لا بلغه مبعث النب صلى ال عليه وسلم أظهر إسلمه وألقى ثيابه وخرج على الروم فدعاهم إل السلم وشهد شهادة الق فقاموا إليه فضربوه حت قتلوه ،ولذلك هرقل خاف أن يلقى نفس الصي ،فلم يسلم ث ركب رأسه بعد ذلك وحارب السلمي ف موقعة مؤتة ،فحصل أن بعض عظماء الروم قد أسلموا فعلً ،ولن قيصر قرأ الكتاب وطواه ث رفعه ،فستكون لدولته بقية ،وأما كسرى فلنه مزق الطاب ،النب صلى ال عليه وسلم دعا عليه أن ُيمَزّق ملكه ،فلن تكون لم بقية .قال السهيلي :أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب ف قصبة من ذهب تعظيما له ،وأنم ل يزالوا يتوارثونه حت كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ،ث كان عند سِبْطِه ،قال :فحدثن بعض أصحابنا أن عبد اللك بن سعد -أحد قواد السلمي -اجتمع بذلك اللك ،فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبه ،وسأله أن يكنه من تقبيله فامتنع -امتنع النصران أن يترك السلم يقبل الكتاب -فيقال :إن الرسالة -رسالة النب صلى ال عليه وسلم إل هرقل -بقيت عندهم. بيان حقيقة قوله تعال( :وَمَا َأرْسَلْنَاكَ ِإ ّل رَ ْحمَةً لِلْعَالَمِيَ) والقصة تبي حلقة من حلقات الدعوة الت كانت موجودة عند النب صلى ال عليه وسلم ،وكيف أنه نفذ قول ال تعال وأمره بالدعوة للعالي :وَمَا َأرْسَلْنَاكَ ِإلّا رَ ْحمَةً لِلْعَاَلمِيَ [النبياء . ]107 :وفيها فوائد كثية ،ذكر بعضها الافظ ابن حجر رحه ال ف الفتح .فنكتفي بذا القدر .ونسأل ال سبحانه وتعال أن يعلنا من النقادين إل الق الريصي على اتباعه .وال أعلم