You are on page 1of 39

‫أجل كنت أسخر من هذا وذاك ‪ ..‬ل يسلم أحد منّي أحد حت أصحاب ‪..

‬‬
‫صار بعض الناس يتجنّبن كي يسلم من لسان ‪..‬‬
‫أذكر أن تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل ف السّوق‪ ..‬والدهى أنّي وضعت قدمي‬
‫ن‬ ‫‪ ..‬في بَطْ‬
‫أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه ل يدري ما يقول ‪ ..‬وانطلقت ضحكت تدوي ف السّوق ‪..‬‬
‫عدت إل بيت متأخرا كالعادة ‪..‬‬ ‫ِ‬
‫ت ‪..‬‬
‫و ِ‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫وجدت زوجت ف انتظاري ‪ ..‬كانت ف حالة يرثى لا ‪..‬‬

‫ْ‬
‫قالت بصوت متهدج ‪ :‬راشد ‪ ..‬أين كنتَ ؟‬
‫قلت ساخرا ‪ :‬ف الريخ ‪ ..‬عند أصحاب بالطبع ‪..‬‬
‫كان العياء ظاهرا عليها ‪ ..‬قالت والعبة تنقها‪ :‬راشد… أنا تعبة جدا ‪ ..‬الظاهر أن‬
‫موعد ولدت صار وشيكا ‪..‬‬ ‫محمد بن عبد الرحمن العريفي‬
‫سقطت دمعة صامته على خدها ‪..‬‬
‫أحسست أنّي أهلت زوجت ‪..‬‬
‫كان الفروض أن أهتم با وأقلّل من سهرات ‪ ..‬خاصة أنّها ف شهرها التاسع ‪..‬‬
‫حلتها إل الستشفى بسرعة ‪..‬‬
‫دخلت غرفة الولدة ‪ ..‬جعلت تقاسي اللم ساعات طوال ‪..‬‬
‫‪ ..‬أعمى يسدد الهدف ‪..‬‬
‫كنت أنتظر ولدتا بفارغ الصب ‪ ..‬تعسرت ولدتا ‪ ..‬فانتظرت طويلً حت تعبت ‪ ..‬فذهبت‬ ‫ل أكن جاوزت الثلثي حي أنبت زوجت أوّل أبنائي‪..‬‬
‫إل البيت ‪..‬‬ ‫ما زلت أذكر تلك الليلة ‪ ..‬بقيت إل آخر الليل مع الشّلة ف إحدى الستراحات ‪..‬‬
‫وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشرون ‪..‬‬ ‫كانت سهرة مليئة بالكلم الفارغ ‪ ..‬بل بالغيبة والتعليقات الحرمة ‪..‬‬
‫بعد ساعة ‪ ..‬اتصلوا ب ليزفوا ل نبأ قدوم سال ‪..‬‬ ‫كنت أنا الذي أتول ف الغالب إضحاكهم ‪ ..‬وغيبة الناس ‪ ..‬وهم يضحكون ‪..‬‬
‫ذهبت إل الستشفى فورا ‪..‬‬ ‫أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيا‪..‬‬
‫أول ما رأون أسأل عن غرفتها ‪..‬‬ ‫كنت أمتلك موهبة عجيبة ف التقليد ‪..‬‬
‫طلبوا منّي مراجعة الطبيبة الت أشرفت على ولدة زوجت ‪..‬‬ ‫بإمكان تغيي نبة صوت حت تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ‪..‬‬
‫‪1‬‬
‫مرّت السنوات ‪ ..‬وكب سال ‪ ..‬وكب أخواه ‪..‬‬ ‫صرختُ بم ‪ :‬أيّ طبيبة ؟! الهم أن أرى ابن سال ‪..‬‬
‫كنت ل أحب اللوس ف البيت ‪ ..‬دائما مع أصحاب ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ ..‬أولً ‪ ..‬راجع الطبيبة ‪..‬‬
‫ف القيقة كنت كاللعبة ف أيديهم ‪..‬‬ ‫دخلت على الطبيبة ‪ ..‬كلمتن عن الصائب ‪ ..‬والرضى بالقدار ‪..‬‬
‫ل تيأس زوجت من إصلحي‪..‬‬ ‫ث قالت ‪ :‬ولدك به تشوه شديد ف عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!‬
‫كانت تدعو ل دائما بالداية ‪ ..‬ل تغضب من تصرّفات الطائشة ‪..‬‬ ‫خفضت رأسي ‪ ..‬وأنا أدافع عبات ‪ ..‬تذكّرت ذاك التسوّل العمى ‪ ..‬الذي دفعته ف‬
‫لكنها كانت تزن كثيا إذا رأت إهال لسال واهتمامي بباقي إخوته ‪..‬‬ ‫السوق وأضحكت عليه الناس ‪..‬‬
‫كب سال ‪ ..‬وكبُر معه هي ‪..‬‬ ‫سبحان ال كما تدين تدان ! بقيت واجا قليلً ‪ ..‬ل أدري ماذا أقول ‪ ..‬ث تذكرت زوجت‬
‫ل أمانع حي طلبت زوجت تسجيله ف أحدى الدارس الاصة بالعاقي ‪..‬‬ ‫وولدي ‪..‬‬
‫ل أكن أحس برور السنوات ‪ ..‬أيّامي سواء ‪ ..‬عمل ونوم وطعام وسهر ‪..‬‬ ‫فشكرت الطبيبة على لطفها ‪ ..‬ومضيت لرى زوجت ‪..‬‬
‫ف يوم جعة ‪..‬‬ ‫ل تزن زوجت ‪ ..‬كانت مؤمنة بقضاء ال ‪ ..‬راضية ‪ ..‬طالا نصحتن أن أكف عن الستهزاء‬
‫استيقظت الساعة الادية عشر ظهرا‪..‬‬ ‫بالناس ‪..‬‬
‫ما يزال الوقت مبكرا بالنسبة ل ‪ ..‬كنت مدعوا إل وليمة ‪..‬‬ ‫كانت تردد دائما ‪ ..‬ل تغتب الناس ‪..‬‬
‫لبست وتعطّرت وهمت بالروج ‪..‬‬ ‫خرجنا من الستشفى ‪ ..‬وخرج سال معنا ‪..‬‬
‫مررت بصالة النل ‪ ..‬استوقفن منظر سال ‪ ..‬كان يبكي برقة !‬ ‫ف القيقة ‪ ..‬ل أكن أهتم به كثيا‪..‬‬
‫إنّها الرّة الول الت أنتبه فيها إل سال يبكي مذ كان طفلً ‪ ..‬عشر سنوات مضت ‪ ..‬ل‬ ‫اعتبته غي موجود ف النل ‪..‬‬
‫ألتفت إليه ‪ ..‬حاولت أن أتاهله ‪ ..‬فلم أحتمل ‪ ..‬كنت أسع صوته ينادي أمه وأنا ف الغرفة‬ ‫حي يشتد بكاؤه أهرب إل الصالة لنام فيها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫كانت زوجت تتم به كثيا ‪ ..‬وتبّه كثيا ‪..‬‬
‫التفت ‪ ..‬ث اقتربت منه ‪ ..‬قلت ‪ :‬سال ! لاذا تبكي ؟!‬ ‫أما أنا فلم أكن أكرهه ‪ ..‬لكن ل أستطع أن أحبّه !‬
‫حي سع صوت توقّف عن البكاء ‪ ..‬فلما شعر بقرب ‪..‬‬ ‫كب سال ‪ ..‬بدأ يبو ‪ ..‬كانت حبوته غريبة ‪..‬‬
‫بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيتي ‪ ..‬ما بِه يا ترى؟!‬ ‫قارب عمره السنة فبدأ ياول الشي ‪ ..‬فاكتشفنا أنّه أعرج ‪..‬‬
‫اكتشفت أنه ياول البتعاد عن !!‬ ‫أصبح ثقيلً على نفسي أكثر ‪..‬‬
‫وكأنه يقول ‪ :‬الن أحسست ب ‪ ..‬أين أنت منذ عشر سنوات ؟!‬ ‫أنبت زوجت بعده عمر وخالدا ‪..‬‬

‫‪2‬‬
‫استمعنا لطبة المعة معا وصلى بانب ‪ ..‬بل ف القيقة أنا صليت بانبه ‪..‬‬ ‫تبعته ‪ ..‬كان قد دخل غرفته ‪..‬‬
‫بعد انتهاء الصلة طلب منّي سال مصحفا ‪..‬‬ ‫رفض أن يبن ف البداية سبب بكائه ‪..‬‬
‫استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى ؟‬ ‫حاولت التلطف معه ‪..‬‬
‫كدت أن أتاهل طلبه ‪ ..‬لكن جاملته خوفا من جرح مشاعره ‪ ..‬ناولته الصحف ‪..‬‬ ‫بدأ سال يبي سبب بكائه ‪ ..‬وأنا أستمع إليه وأنتفض ‪ ..‬تدري ما السبب !!‬
‫طلب منّي أن أفتح الصحف على سورة الكهف‪..‬‬ ‫تأخّر عليه أخوه عمر ‪ ..‬الذي اعتاد أن يوصله إل السجد ‪..‬‬
‫أخذت أقلب الصفحات تارة ‪ ..‬وأنظر ف الفهرس تارة ‪ ..‬حت وجدتا ‪..‬‬ ‫ولنا صلة جعة ‪ ..‬خاف ألّ يد مكانا ف الصف الوّل ‪..‬‬
‫أخذ من الصحف ‪ ..‬ث وضعه أمامه ‪ ..‬وبدأ ف قراءة السورة ‪ ..‬وعيناه مغمضتان ‪..‬‬ ‫نادى عمر ‪ ..‬ونادى والدته ‪ ..‬ولكن ل ميب ‪ ..‬فبكى ‪ ..‬أخذت أنظر إل الدموع تتسرب‬
‫يا ال !! إنّه يفظ سورة الكهف كاملة !!‬ ‫من عينيه الكفوفتي ‪..‬‬
‫خجلت من نفسي‪ ..‬أمسكت مصحفا ‪..‬‬ ‫ل أستطع أن أتمل بقية كلمه ‪..‬‬
‫أحسست برعشة ف أوصال‪ ..‬قرأت ‪ ..‬وقرأت‪..‬‬ ‫وضعت يدي على فمه ‪ ..‬وقلت ‪ :‬لذلك بكيت يا سال !!‪..‬‬
‫دعوت ال أن يغفر ل ويهدين ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫ل أستطع الحتمال ‪ ..‬فبدأت أبكي كالطفال ‪..‬‬ ‫نسيت أصحاب ‪ ..‬ونسيت الوليمة ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫كان بعض الناس ل يزال ف السجد يصلي السنة ‪ ..‬خجلت منهم ‪ ..‬فحاولت أن أكتم‬ ‫سال ل تزن ‪ ..‬هل تعلم من سيذهب بك اليوم إل السجد؟ ‪..‬‬
‫بكائي ‪ ..‬تول البكاء إل نشيج وشهيق ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أكيد عمر ‪ ..‬لكنه يتأخر دائما ‪..‬‬
‫ل أشعر إلّ بيد صغية تتلمس وجهي ‪ ..‬ث تسح عنّي دموعي ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬بل أنا سأذهب بك ‪..‬‬
‫إنه سال !! ضممته إل صدري ‪..‬‬ ‫دهش سال ‪ ..‬ل يصدّق ‪ ..‬ظنّ أنّي أسخر منه ‪ ..‬استعب ث بكى ‪..‬‬
‫نظرت إليه ‪ ..‬قلت ف نفسي ‪ ..‬لست أنت العمى ‪ ..‬بل أنا العمى ‪ ..‬حي انسقت وراء‬ ‫مسحت دموعه بيدي ‪ ..‬وأمسكت يده ‪..‬‬
‫فساق يرونن إل النار ‪..‬‬ ‫أردت أن أوصله بالسيّارة ‪ ..‬رفض قائلً ‪ :‬السجد قريب ‪ ..‬أريد أن أخطو إل السجد ‪- ..‬‬
‫عدنا إل النل ‪ ..‬كانت زوجت قلقة كثيا على سال ‪..‬‬ ‫إي وال قال ل ذلك ‪.. -‬‬
‫لكن قلقها توّل إل دموع حي علمت أنّي صلّيت المعة مع سال ‪..‬‬ ‫ل أذكر مت كانت آخر مرّة دخلت فيها السجد ‪..‬‬
‫من ذلك اليوم ل تفتن صلة جاعة ف السجد ‪..‬‬ ‫لكنها الرّة الول الت أشعر فيها بالوف ‪ ..‬والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الاضية ‪..‬‬
‫هجرت رفقاء السوء ‪ ..‬وأصبحت ل رفقة خيّرة عرفتها ف السجد‪..‬‬ ‫كان السجد مليئا بالصلّي ‪ ..‬إلّ أنّي وجدت لسال مكانا ف الصف الوّل ‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫إلّ آخر مرّة هاتفتها فيها ‪ ..‬ل أسع ضحكتها التوقّعة ‪ ..‬تغيّر صوتا ‪..‬‬ ‫ذقت طعم اليان معهم ‪..‬‬
‫قلت لا ‪ :‬أبلغي سلمي لسال ‪ ..‬فقالت ‪ :‬إن شاء ال ‪ ..‬وسكتت ‪..‬‬ ‫عرفت منهم أشياء ألتن عنها الدنيا ‪..‬‬
‫أخيا عدت إل النل ‪ ..‬طرقت الباب ‪..‬‬ ‫ل أفوّت حلقة ذكر أو صلة الوتر ‪..‬‬
‫تنّيت أن يفتح ل سال ‪..‬‬ ‫ختمت القرآن عدّة مرّات ف شهر ‪..‬‬
‫لكن فوجئت بابن خالد الذي ل يتجاوز الرابعة من عمره ‪..‬‬ ‫رطّبت لسان بالذكر لعلّ ال يغفر ل غيبت وسخريت من النّاس ‪..‬‬
‫حلته بي ذراعي وهو يصرخ ‪ :‬بابا ‪ ..‬يابا ‪..‬‬ ‫أحسست أنّي أكثر قربا من أسرت ‪..‬‬
‫ل أدري لاذا انقبض صدري حي دخلت البيت ‪..‬‬ ‫اختفت نظرات الوف والشفقة الت كانت تطل من عيون زوجت ‪..‬‬
‫استعذت بال من الشيطان الرجيم ‪..‬‬ ‫البتسامة ما عادت تفارق وجه ابن سال ‪..‬‬
‫أقبلت إلّ زوجت ‪ ..‬كان وجهها متغيا ‪ ..‬كأنا تتصنع الفرح ‪..‬‬ ‫من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها ‪..‬‬
‫تأمّلتها جيدا ‪ ..‬ث سألتها ‪ :‬ما بكِ؟‬ ‫حدت ال كثيا على نعمه ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬ل شيء ‪..‬‬ ‫ذات يوم ‪ ..‬قرر أصحاب الصالون أن يتوجّهوا إل أحدى الناطق البعيدة للدعوة ‪..‬‬
‫فجأة تذكّرت سالا ‪ ..‬فقلت ‪ ..‬أين سال ؟‬ ‫تردّدت ف الذهاب‪ ..‬استخرت ال ‪ ..‬واستشرت زوجت ‪..‬‬
‫خفضت رأسها ‪ ..‬ل تب ‪ ..‬سقطت دمعات حارة على خديها ‪..‬‬ ‫توقعت أنا سترفض ‪ ..‬لكن حدث العكس !‬
‫صرخت با ‪ ..‬سال ‪ ..‬أين سال ‪..‬؟‬ ‫فرحت كثيا ‪ ..‬بل شجّعتن ‪..‬فلقد كانت تران ف السابق أسافر دون استشارتا فسقا‬
‫ل أسع حينها سوى صوت ابن خالد ‪ ..‬يقول بلثغته ‪ :‬بابا ‪ ..‬ثال لح النّة ‪ ..‬عند ال‪..‬‬ ‫وفجورا ‪..‬‬
‫ل تتحمل زوجت الوقف ‪ ..‬أجهشت بالبكاء ‪ ..‬كادت أن تسقط على الرض ‪ ..‬فخرجت‬ ‫توجهت إل سال ‪ ..‬أخبته أن مسافر ‪ ..‬ضمن بذراعيه الصغيين مودعا ‪..‬‬
‫من الغرفة ‪..‬‬ ‫تغيّبت عن البيت ثلثة أشهر ونصف ‪..‬‬
‫عرفت بعدها أن سال أصابته حّى قبل موعد ميئي بأسبوعي ‪..‬‬ ‫كنت خلل تلك الفترة أتصل كلّما سنحت ل الفرصة بزوجت وأحدّث أبنائي ‪ ..‬اشتقت‬
‫فأخذته زوجت إل الستشفى ‪..‬‬ ‫إليهم كثيا ‪ ..‬آآآه كم اشتقت إل سال !!‬
‫فاشتدت عليه المى ‪ ..‬ول تفارقه ‪ ..‬حي فارقت روحه جسده ‪..‬‬ ‫تنّيت ساع صوته ‪ ..‬هو الوحيد الذي ل يدّثن منذ سافرت ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫إمّا أن يكون ف الدرسة أو السجد ساعة اتصال بم ‪..‬‬
‫‪ ..‬الملك ‪..‬‬ ‫كلّما حدّثت زوجت عن شوقي إليه ‪ ..‬كانت تضحك فرحا وبشرا ‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫فغضب الفزاري ‪ ..‬واشتكاه إل عمر بن الطاب ‪..‬‬ ‫بعض الناس ‪ ..‬تشتاق نفسه إل الداية ‪..‬‬
‫فبعث إليه فقال ‪ :‬ما دعاك يا جبلة إل أن لطمت أخاك ف الطواف ‪ ..‬فهشمت أنفه !‬ ‫لكنه ينعه الكب من اتباع شعائر الدين ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إنه وطئ إزاري ؟ ولول حرمة البيت لضربت عنقه ‪..‬‬ ‫نعم يتكب عن تقصي ثوبه فوق الكعبي ‪ ..‬وإعفاء ليته ومالفة الشركي ‪ ..‬فجمال مظهره‬
‫فقال له عمر ‪ :‬أما الن فقد أقررت ‪ ..‬فإما أن ترضيه ‪ ..‬وإل اقتص منك ولطمك على‬ ‫أعظم عنده من طاعة ربه ‪..‬‬
‫وجهك ‪..‬‬ ‫وبعض النساء كذلك ‪ ..‬ل تزال تتساهل بأمر الجاب ‪ ..‬حرصا على تكميل زينتها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يقتص من وأنا ملك وهو سوقة !‬ ‫وحسن بزتا ‪ ..‬أو تعصي ربا بنتف حاجبها ‪ ..‬أو تضييق لباسها ‪ ..‬وإذا نصحت استكبت‬
‫قال عمر ‪ :‬يا جبلة ‪ ..‬إن السلم قد ساوى بينك وبينه ‪ ..‬فما تفضله بشيء إل بالتقوى ‪..‬‬ ‫وطغت ‪..‬‬
‫قال جبلة ‪ :‬إذن أتنصر ‪..‬‬ ‫ول يدخل النة من كان ف قلبه مثقال ذرة من كب ‪ ..‬فكيف إذا كان هذا الكب مانعا من‬
‫قال عمر ‪ :‬من بدل دينه فاقتلوه ‪ ..‬فإن تنصرت ضربت عنقك ‪..‬‬ ‫الداية ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أخّرن إل غدٍ يا أمي الؤمني ‪..‬‬ ‫كان جبلة بن اليهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لك ذلك ‪ ..‬فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة ‪ ..‬وسار إل القسطنطينية‬ ‫ملكا من ملوك غسان ‪ ..‬دخل إل قلبه اليان ‪..‬‬
‫فتنصّر ‪..‬‬ ‫‪ ..‬يستأذنه ف القدوم عليه ‪..‬‬ ‫فأسلم ث كتب إل الليفة عمر‬
‫فلما مضى عليه زمان هناك ‪..‬‬ ‫سرّ عمرُ والسلمون لذلك سرورا عظيما ‪..‬‬
‫ذهبت اللذات ‪ ..‬وبقيت السرات ‪ ..‬فتذكر أيام إسلمه ‪ ..‬ولذة صلته وصيامه ‪..‬‬ ‫وكتب إليه عمر ‪ :‬أن اقدم إلينا ‪ ..‬ولك مالنا وعليك ما علينا ‪..‬‬
‫فندم على ترك الدين ‪ ..‬والشرك برب العالي ‪..‬‬ ‫فأقبل جبلة ف خسمائة فارس من قومه ‪..‬‬
‫فجعل يبكي ويقول ‪:‬‬ ‫فلما دنا من الدينة لبس ثيابا منسوجة بالذهب ‪ ..‬ووضع على رأسه تاجا مرصعا بالوهر ‪..‬‬
‫تنصرت الشراف من عار لطمة * وما كان فيها لو صبت لا ضرر‬ ‫وألبس جنوده ثيابا فاخرة ‪..‬‬
‫تكنفن منها لاج ونوة * وبعت لا العي الصحيحة بالعور‬ ‫ث دخل الدينة ‪ ..‬فلم يبق أحد إل خرج ينظر إليه حت النساء والصبيان ‪..‬‬
‫فياليت أمي ل تلدن وليتن * رجعت إل القول الذي قال ل عمر‬ ‫فلما دخل على عمر رحّب به وأدن ملسه ! ‪..‬‬
‫وياليتن أرعى الخاض بقفرة * وكنت أسي ف ربيعة أو مضر‬ ‫فلما دخل موسم الج ‪ ..‬حج عمر وخرج معه جبلة ‪..‬‬
‫وياليت ل بالشام أدن معيشة * أجالس قومي ذاهب السمع والبصر‬ ‫فبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقي من بن فزارة ‪..‬‬
‫ث ما زال على نصرانيته حت مات ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه جبلة مغضبا ‪ ..‬فلطمه فهشم أنفه ‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫وصلوا إل الرقص ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬مات على الكفر لنه تكب عن الذلة لشرع رب العالي ‪..‬‬
‫رآهم صاحب الرقص من بعيد ‪ ..‬ظن أنم ذاهبي لدرس أو ماضرة ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫فلما أقبلوا عليه ‪ ..‬تعجب ‪ ..‬فلما توجهوا إل باب الرقص ‪..‬‬ ‫‪ ..‬شيخ في مرقص ‪..‬‬
‫سألم ‪ :‬ماذا تريدون ؟‬ ‫قال ل ‪:‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬نريد أن ننصح من ف الرقص ‪..‬‬ ‫كان ف حارتنا مسجد صغي يؤم الناس فيه شيخ كبي ‪ ..‬قضى حياته ف الصلة والتعليم ‪..‬‬
‫تعجب صاحب الرقص ‪ ..‬وأخذ ينظر إليهم ‪ ..‬واعتذر عن قبولم ‪..‬‬ ‫لحظ أن عدد الصلي يتناقص ‪ ..‬كان مهتما بم ‪ ..‬يشعر أنم أولده ‪..‬‬
‫أخذ الشيخ يساومه ‪ ..‬ويذكره بالثواب العظيم ‪ ..‬لكنه أب ‪..‬‬ ‫ذات يوم التفت الشيخ إل الصلي وقال لم ‪ :‬ما بال أكثر الناس ‪ ..‬خاصة الشباب ل‬
‫فأخذ يساومه بالال ليأذن لم ‪ ..‬حت دفعوا له مبلغا من الال يعادل دخله اليومي ‪..‬‬ ‫يقربون السجد ول يعرفونه ‪..‬‬
‫فوافق صاحب الرقص ‪ ..‬وطلب منهم أن يضروا ف الغد عند بدء العرض اليومي !‬ ‫فأجابه الصلون ‪ :‬إنم ف الراقص واللهي ‪..‬‬
‫فلما كان الغد والناس ف الرقص ‪..‬‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬مراقص !! وما الراقص ؟‬
‫وخشبة السرح تعج بالنكرات ‪ ..‬والشياطي تف الناس وتصفق لم ‪..‬‬ ‫فقال أحد الصلي ‪ :‬الرقص صالة كبية فيها خشبة مرتفعة ‪ ..‬تصعد عليها الفتيات يرقصن‬
‫وفجأة أسدل الستار ‪..‬‬ ‫والناس حولن ينظرون إليهن ‪..‬‬
‫ث فُتح ‪ ..‬فإذا شيخ وقور يلس على كرسي ‪..‬‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬أعوذ بال ‪ ..‬والذين ينظرون إليهن مسلمون ‪..‬‬
‫دُهش الناس ‪ ..‬وتعجبوا ‪ ..‬ظن بعضهم أنا فقرة فكاهية ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫بدأ الشيخ بالبسملة ‪ ..‬والمد ل ‪ ..‬والثناء عليه ‪ ..‬وصلى على النب عليه الصلة والسلم‬ ‫فقال بكل براءة ‪ :‬ل حول ول قوة إل بال ‪ ..‬يب أن ننصح الناس ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬أتعظ الناس وتنصحهم ف الرقص ‪..‬؟‬
‫ث بدأ ف وعظ الناس ‪..‬‬ ‫فقال نعم ‪ ..‬ث نض خارجا من السجد ‪ ..‬وهو يقول ‪ :‬هيا بنا إل الرقص ‪..‬‬
‫نظر الناس بعضهم إل بعض ‪ ..‬منهم من يضحك ‪ ..‬ومنهم من ينتقد ‪ ..‬ومنهم من يعلق‬ ‫حاولوا أن يثنوه عن عزمه ‪ ..‬أخبوه أنم سيواجهون بالسخرية والستهزاء ‪ ..‬وسينالم‬
‫بسخرية ‪ ..‬والشيخ ماض ف موعظته ل يلتفت إليهم ‪..‬‬ ‫الذى ‪..‬‬
‫حت قام أحد الضور ‪ ..‬وأسكت الناس ‪..‬‬ ‫!!‬ ‫فقال ‪ :‬وهل نن خي من ممد‬
‫وطلب منهم النصات ‪..‬‬ ‫ث أمسك الشيخ بيد أحد الصلي ‪ ..‬وقال ‪ :‬دلن على الرقص ‪..‬‬
‫بدأ الدوء ييط بالناس ‪ ..‬والسكينة تنل على القلوب ‪..‬‬ ‫مضى الشيخ يشي ‪ ..‬بكل صدق وثبات ‪..‬‬

‫‪6‬‬
‫أحيانا ‪ ..‬يعرف الرء الق ويرغب ف اتباعه ‪..‬‬ ‫حت هدأت الصوات ‪ ..‬فل تسمع إل صوت الشيخ ‪..‬‬
‫لكنه يغرى بتع الدنيا ‪ ..‬فيظل على معصيته ‪..‬‬ ‫قال كلما ما سعوه من قبل ‪..‬‬
‫العشى بن قيس ‪..‬‬ ‫آيات تز البال ‪ ..‬وأحاديث وأمثال ‪ ..‬وقصص لتوبة بعض العصاة ‪..‬‬
‫كان شيخا كبيا شاعرا ‪ ..‬خرج من اليمامة ‪ ..‬من ند ‪ ..‬يريد النب عليه الصلة والسلم ‪..‬‬ ‫وأخذ يدافع عباته ويقول ‪..‬‬
‫راغبا ف الدخول ف السلم ‪..‬‬ ‫يا أيها الناس ‪ ..‬إنكم عشتم طويلً ‪ ..‬وعصيتم ال كثيا ‪..‬‬
‫مضى على راحلته ‪ ..‬مشتاقا للقاء رسول ال ‪ .. J‬بل كان يسي وهو يردد ف مدح النب‬ ‫فأين ذهبت لذة العصية ‪ ..‬لقد ذهبت اللذة وبقيت الصحائف سوداء ‪..‬‬
‫قائلً ‪:‬‬ ‫ستسألون عنها يوم القيامة ‪..‬‬
‫أل تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليمُ مسهدا‬ ‫سيأت يوم يفن فيه كل شيء إل ال الواحد القهار ‪..‬‬
‫أل أيهذا السائلي أين يمت * فإن لا ف أهل يثرب موعدا‬ ‫أيها الناس ‪ ..‬هل نظرت إل أعمالكم ‪ ..‬وال أين ستؤدّي بكم ‪..‬‬
‫نب يرى ما ل ترون وذكرُه * أغار لعمري ف البلد وأندا‬ ‫إنكم ل تتحملون النار ف الدنيا ‪ ..‬وهي جزء من سبعي جزءا من نار جهنم ‪..‬‬
‫أجدّك ل تسمع وصاة ممد * نبّ الله حيث أوصى وأشهدا‬ ‫فبادروا بالتوبة قبل فوات الوان ‪..‬‬
‫إذ أنت ل ترحل بزاد من التقى * ول قيت بعد الوت من قد تزودا‬ ‫وبدا الشيخ متأثرا وهو يعظ ‪ ..‬كانت كلماته قد خرجت من القلب ‪ ..‬فوصلت إل القلب‬
‫ندمت على أن ل تكون كمثله * فترصد للمر الذي كان أرصدا‬ ‫‪..‬‬
‫وما زال يقطع الفياف والقفار‪..‬يمله الشوق والغرام ‪ ..‬إل النب عليه الصلة السلم ‪..‬‬ ‫بكى الناس ‪ ..‬فزاد ف موعظته ‪ ..‬ث دعا لم بالرحة والغفرة ‪ ..‬وهم يرددون ‪ :‬آمي ‪ ..‬آمي‬
‫راغبا ف السلم ‪ ..‬ونبذ عبادة الصنام ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فلما كان قريبا من الدينة‪..‬اعترضه بعض الشركي فسألوه عن أمره؟‬ ‫ث قام من على كرسيه ‪ ..‬تلله الهابة والوقار ‪..‬‬
‫ليسلم ‪ ..‬فخافوا أن يسلم هذا الشاعر ‪ ..‬فيقوى‬ ‫فأخبهم أنه جاء يريد لقاء رسول ال‬ ‫وخرج الميع وراءه ‪ - ..‬نعم الميع ‪.. -‬‬
‫‪ ..‬فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بم الفاعيل ‪ ..‬فكيف لو أسلم‬ ‫شأن النب‬ ‫وكانت توبتهم على يده ‪ ..‬عرفوا س ّر وجودهم ف الياة ‪ ..‬وما تغن عنهم الرقصات‬
‫شاعر العرب العشى بن قيس ‪..‬‬ ‫واللذات ‪ ..‬إذا تطايرت الصحف وكبت السيئات ‪..‬‬
‫فقالوا له ‪ :‬يا أعشى دينك ودين آبائك خي لك ‪..‬‬ ‫حت صاحب الرقص ‪ ..‬تاب وندم على ما كان منه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بل دينه خي وأقوم ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫فنظر بعضهم إل بعض وجعلوا يتشاورون ‪ ..‬كيف يصدوه عن الدين ‪..‬‬ ‫‪ ..‬الشيخ الضال ‪..‬‬

‫‪7‬‬
‫السيارة تضي بدوء ‪ ..‬انطلقت أفكر ‪ ..‬أيقظن منبه سيارة أخرى ‪ ..‬نظرت إل صاحب السيارة‬ ‫فقالوا له ‪ :‬يا أعشى ‪ ..‬إنه يرم الزنا ‪ ..‬فقال ‪ :‬أنا شيخ كبي ‪ ..‬وما ل ف النساء حاجة ‪..‬‬
‫بغضب ‪ ..‬وأشرت إليه بيدي ‪ ..‬تهل الدنيا لن تطي ‪ ..‬ونسيت حال قبل دقائق‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬إنه يرم المر ‪..‬‬
‫قررت أن أقضي السهرة ف البيت ‪ ..‬إنا فكرة جيده ‪ ..‬فابنت الوحيدة مريضة ‪ ..‬والفضل أن‬ ‫فقال ‪ :‬إنا مذهبة للعقل ‪ ..‬مذلة للرجل ‪ ..‬ول حاجة ل با ‪..‬‬
‫أكون قريبا منها‪..‬‬ ‫فلما رأوا أنه عازم على السلم ‪..‬‬
‫أوقفت السيارة أمام مل الفيديو ‪ ..‬نزلت إل الحل ‪ ..‬اخترت عدة أفلم ‪ ..‬وانطلقت إل‬ ‫قالوا ‪ :‬نعطيك مائةَ بعي وترجع إل أهلك ‪ ..‬وتترك السلم ‪..‬‬
‫النل‪..‬‬ ‫فجعل يفكر ف الال ‪ ..‬فإذا هو ثروة عظيمة ‪ ..‬فتغلب الشيطان على عقله ‪ ..‬والتفت إليهم‬
‫فتحت الباب ‪ ..‬ناديت على زوجت ‪ ..‬احضري الشاهي والكسرات‪..‬‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫دخلت إل الغرفة ‪" ..‬يالا من زوجة معقدة" ‪ ..‬الن ستقول ل‪":‬اتق ال يا أحد"‪ ..‬لقد تعودت‬ ‫أما الال ‪ ..‬فنعم ‪..‬‬
‫على هذه الكلمات حت تبلدت أحاسيسي نوها‪ ..‬لكنها زوجة مطيعة‪ ..‬طيبة‪ ..‬تشقى من‬ ‫فجمعوا له مائة بعي ‪ ..‬فأخذها ‪ ..‬وارتد على عقبيه ‪ ..‬وكرّ راجعا إل قومه بكفره ‪..‬‬
‫أجل سعادت‪..‬‬ ‫واستاق البل أمامه ‪ ..‬فرحا با مستبشرا ‪..‬‬
‫دخلت ومعها الشاهي والكسرات‪ ..‬ابتسمت ف وجهي ‪ ..‬قالت ‪ :‬لبد أنك سئمت السهر مع‬ ‫فلما كاد أن يبلغ دياره ‪ ..‬سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات ‪..‬‬
‫أصدقائك وتريد أن تلس ف البيت‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ..‬تعال واجلسي ‪ ..‬فرِحت وهت أن تلس ‪..‬‬ ‫‪ ..‬سارة ‪..‬‬
‫وقمت أنا إل جهاز الفيديو والتلفاز ‪ ..‬فانطلقت الوسيقى الصاخبة ‪..‬‬ ‫الشارة حراء ‪ ..‬والطريق مليء بالسيارات ‪. ..‬ل يتبق على الوعد سوى بضع دقائق ‪..‬‬
‫أرخت السكينة رأسها وقالت ‪ :‬اتق ال يا أحد‪ ..‬وخرجت تر أذيال السرة والزية‪ ..‬فهي ل‬ ‫تبا لذه الشارة إنا طويلة ‪ ..‬يا ليتن كنت ف الصف الول ‪ ..‬لكنت قطعتها ‪..‬‬
‫تسمع الوسيقى ‪..‬‬ ‫الثوان تر بطيئة كأنا دقائق بل ساعات ‪..‬‬
‫ارتفعت الصوات ف الغرفة ‪ ..‬موسيقى ‪ ..‬صراخ ‪ ..‬ضحكات‪ ..‬وانطلقت أشرب الشاهي ‪..‬‬ ‫أنظر إل الساعة حينا وإل الشارة حينا آخر ‪..‬‬
‫وأتناول الكسرات ‪ ..‬وعيناي قد تسمرتا ف شاشة التلفاز‪..‬‬ ‫أضاءت الشارة اللون الخضر ‪ ..‬ضغطت على منبه السيارة أزعجت الميع ‪ ..‬تركت‬
‫انتهى الشريط الول ‪ ..‬والشريط الثان ‪..‬‬ ‫السيارات ‪ ..‬تاوزت الول ‪..‬كدت اصطدم بالثان ‪ ..‬قيادت للسيارة أفزعت من حول‪..‬‬
‫الساعة تشي إل الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ‪..‬‬ ‫حاولت أن أسرع ‪ ..‬لكنن ل أستطع ‪..‬‬
‫فجأة ‪ ..‬مقبض الباب يتحرك ببطء ‪ ..‬صرخت ‪ :‬ماذا تريدين ؟ ‪ ..‬ل أسع جوابا‪..‬‬ ‫مضى الوقت‪ ..‬وضاع الوعد‪ ..‬ول أجد الصدقاء ‪ ..‬لقد ذهبوا‪..‬‬
‫انفتح الباب‪ ..‬دخلت ابنت الريضة ‪..‬‬ ‫إل أين أذهب؟‪ ..‬احترت ف الجابة ‪ ..‬أطلقت زفرة من صدري ‪ ..‬ياليتن كنت أعرف مكانم‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫دخلت السجد ‪ ..‬صليت ركعتي ‪ ..‬وجلست اقرأ القرآن ‪..‬‬ ‫فاجأن الوقف ‪ ..‬سكت برهة ول أتكلم ‪..‬‬
‫تلعثمت ف القراءة ‪..‬‬ ‫اقتربت من ‪ ..‬نظرت إلّ بدوووء ‪ ..‬ث قالت ‪ :‬اتق ال يا بابا ‪ ..‬اتق ال يا بابا ‪..‬‬
‫منذ زمن ل أقرأ القرآن ‪..‬‬ ‫ث انصرفت وأغلقت الباب‪..‬‬
‫شعرت أن القرآن يسألن ‪ :‬ل هجرتن منذ سنوات ‪ ..‬ألستُ كلم ربك ‪..‬‬ ‫ناديتها ‪ ..‬سارة ‪ ..‬سارة ‪ ..‬ل تب ‪ ..‬انطلقت خلفها‪..‬‬
‫أخذت أردد ف سورة الزمر ‪ ( :‬قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال‬ ‫ل أكاد أصدق‪..‬هل هذه ابنت ؟‪..‬‬
‫إن ال يغفر الذنوب جيعا ) ‪ ..‬عجبا ‪ ..‬جيعا ‪ ..‬ما أرحم ال بنا ‪..‬‬ ‫فتحت باب الغرفة‪ ..‬وجدتا سبقتن إل فراشها ‪ ..‬ونامت ف حضن أُمها‪ ..‬إنا هي‪..‬‬
‫تنيت أن استمر ف القراءة ‪ ..‬لكن الؤذن ‪ ..‬أقام الصلة ‪ ..‬تمدت ف مكان لظة ث تقدمت مع‬ ‫عدت إل غرفة اللوس ‪ ..‬أغلقت جهاز الفيديو ‪ ..‬صوت ابنت يل الغرفة ‪ ..‬اتق ال يا بابا ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬وقفت ف الصف ‪ ..‬وكأنن غريب‪..‬‬ ‫اتق ال يا بابا ‪..‬‬
‫انتهت الصلة‪..‬جلست ف السجد حت أشرقت الشمس ‪..‬‬ ‫قشعريرة سرت ف جسدي ‪ ..‬تصبب العرق من رأسي‪..‬‬
‫عدت إل البيت‪ ..‬فتحت باب الغرفة ‪ ..‬ألقيت نظرة على زوجت وسارة ‪..‬‬ ‫ل أدري ماذا أصابن ‪..‬‬
‫كانتا نائمتي ‪ ..‬تركتهما وخرجت إل العمل ‪..‬‬ ‫ما عدت أسع إل صوتا ‪ ..‬ول أرى إل صورتا ‪ ..‬كلماتا اخترقت كل الواجز الاثة على‬
‫ليس من عادت الذهاب مبكرا إل العمل ‪..‬‬ ‫صدري منذ زمن بعيد ‪ ..‬ترك صلة ‪ ..‬معاصٍ ‪ ..‬دخان ‪ ..‬أفلم خليعة ‪..‬‬
‫تفاجأ الزملء بوجودي ‪..‬‬ ‫أيقظتن من الغفلة‪ ..‬تسارعت نبضات قلب ‪ ..‬وألقيت بسدي على الرض‪..‬‬
‫انطلقت عبارات التهنئة مزوجة بالسخرية ‪..‬‬ ‫حاولت أن أنام ‪ ..‬لكنن ل أستطع ‪ ..‬مضى الوقت سريعا ‪..‬‬
‫ل أبال با يقولون ‪ ..‬تسمرت عيناي على الباب ‪ ..‬أنتظر قدوم إبراهيم ‪..‬‬ ‫صور من الاضي استعرضتها أمامي ‪ ..‬ومع كل صورة اسع صوت ابنت يتردد ‪ ..‬اتق ال ‪ ..‬اتق‬
‫زميلي ف الكتب ‪ ..‬والذي طالا نصحن ‪..‬‬ ‫ال ‪..‬‬
‫إنه شخص طيب الخلق ‪ ..‬حسن العاملة ‪..‬‬ ‫وهنا ‪ ..‬ارتفع صوت الذان ‪ ..‬اهتزت جواني ‪ ..‬ارتعدت فرائصي ‪..‬‬
‫حضر إبراهيم ‪ ..‬فقمت من مكان استقبله ‪ ..‬ل يصدق عينيه ‪..‬‬ ‫رعشة سرت ف أطراف ‪ ..‬جعل يردد ‪ " :‬الصلة خيٌ من النوم " ‪ ..‬قلت ‪ :‬صدقت ‪ ..‬الصلة‬
‫سألن ‪ :‬أنت أحد ؟!!‪..‬‬ ‫خي من النوم ‪ ..‬أوووه ‪ ..‬لقد كنت نائما كل هذه السني‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ..‬جذبت يده ‪ ..‬وقلت ‪ :‬أريد أن أحدثك ‪..‬‬ ‫توضأت وخرجت إل السجد ‪ ..‬مشيت ف الطريق وكأن ل أعرفه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل بأس ‪ ..‬نتحدث ف الكتب ‪ ..‬قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬نذهب إل الستراحة‪..‬‬ ‫كأن نسائم الفجر تعاتبن أين أنت ؟ ‪..‬‬
‫صمت إبراهيم ‪ ..‬وراح يصغي لكلمات ‪ ..‬حدثته بديث البارحة ‪..‬‬ ‫وطيور السماء تقول ‪ :‬مرحبا بالنائم الذي استيقظ أخيا‪..‬‬

‫‪9‬‬
‫زوجت منطوية على نفسها تبكي ‪..‬‬ ‫أمتلت عيناه بالدموع ‪ ..‬وابتسم ابتسامة عريضه ‪ ..‬قال ل ‪:‬‬
‫التفتت إلّ ‪ ..‬صرخت وهي تبكي ‪ :‬لقد ماتت سارة ‪..‬‬ ‫ذاك نور أضاء قلبك فل تطفئه بظلمة العاصي‪..‬‬
‫ل أتبي ما تقول ‪ ..‬اندفعت نو سارة ‪ ..‬ضممتها إل صدري ‪..‬‬ ‫كان يوما حافلً بالنشاط والدية ‪ ..‬رغم أن ل أن منذ البارحة ‪..‬‬
‫حاولت حلها ‪ ..‬سقطت يدها نو الرض ‪ ..‬جسمها بارد ‪..‬‬ ‫ابتسامة تعلو وجهي ‪ ..‬تفانٍ ف العمل ‪..‬‬
‫كذلك يداها وقدماها ‪ ..‬نبضها ‪ ..‬أنفاسها ‪ ..‬ل أسع شيئا ‪..‬‬ ‫الراجعون يتجهون نوي ‪ ..‬يطلبون من مساعدتم ‪ ..‬بعضهم قال ل ‪:‬‬
‫نظرت إل وجهها ‪ ..‬نورٌ يتلل ‪ ..‬كأنه كوكب دري ‪..‬‬ ‫ما هذا النشاط؟!‪..‬أجبته ‪ :‬إنا صلة الفجر ف السجد‪..‬‬
‫ايقظتها ‪ ..‬حركتها ‪ ..‬هززتا ‪..‬‬ ‫مسكي إبراهيم ‪ ..‬كان يتحمل العبء الكب من العمل ‪ ..‬أما أنا فقد كنت أنام ‪..‬‬
‫صرخت أمها ‪ :‬سارة ‪ ..‬سارة ‪ ..‬لقد ماتت ‪ ..‬ماتت ‪ ..‬وانرطت ف البكاء‪..‬‬ ‫ل يشتك ول يتذمر ‪ ..‬ياله من إنسان طيب ‪..‬‬
‫ل أصدق ما أرى ‪ ..‬كأنه حلم ‪..‬‬ ‫نعم إنه اليان عندما تالط حلوته القلوب‪..‬‬
‫انمرت الدموع من عين ‪ ..‬أخذت أشهق ‪..‬‬ ‫مضى الوقت ول أشعر بالتعب والرهاق ‪..‬‬
‫أنظر إل وجهها الميل ‪ ..‬وشعرها الناعم ‪..‬‬ ‫قال ل إبراهيم ‪ :‬أحد ‪ ..‬يب أن تذهب إل البيت ‪ ..‬فإنك ل تنم منذ البارحة ‪ ..‬وسأقوم بعملك‬
‫أقبّل فمها الصغي ‪ ..‬كأنا تردد الن ‪ :‬عيب عليك ‪ ..‬عيب عليك ‪ ..‬يا بابا ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫تذكرت أن هذه مصيبة ‪ ..‬أخذت أردد ‪ ..‬ل حول ول قوة إل بال ‪..‬‬ ‫نظرت إل الساعة ‪ ..‬ل يبق على أذان الظهر سوى دقائق ‪ ..‬قررت البقاء‪..‬‬
‫إنا ل وإنا إليه راجعون ‪..‬‬ ‫أذن الؤذن ‪ ..‬فسارعت إل السجد ‪ ..‬جلست ف الصف الول ‪..‬‬
‫اتصلت بإبراهيم ‪ ..‬قلت له ‪ :‬تعال فورا ‪ ..‬لقد ماتت سارة ‪..‬‬ ‫شعرت بالندم على اليام الت كنت أهرب فيها من العمل وقت الصلة‪..‬‬
‫النساء ف الداخل مع زوجت يغسلن ابنت ‪..‬‬ ‫بعد الصلة انطلقت إل البيت ‪..‬‬
‫انتهي من تغسيلها ‪ ..‬لففن على جسدها الطاهر خرقة بيضاء ‪..‬‬ ‫ف الطريق انتابن شعور بالقلق ‪ ..‬يا ترى كيف حال سارة ؟‪..‬‬
‫نادتن زوجت ‪..‬‬ ‫شعرت بانقباض ‪ ..‬ل أدري لاذا ؟!‬
‫دخلت كي أودع سارة الوداع الخي ‪ ..‬كدت أسقط على الرض ‪ ..‬تاسكت ‪..‬‬ ‫أحسست أن الطريق هذه الرة طويل ‪ ..‬ازداد الوف ‪ ..‬رفعت رأسي إل السماء ‪..‬‬
‫قبلتها على جبينها ‪..‬‬ ‫دعوت ال أن يعجل بشفاء ابنت‪..‬‬
‫عاهدتا على الثبات حت المات ‪ ..‬نظرت إل أمها ‪ ..‬فإذا هي زائغة العيني ‪ ..‬شاحبة الوجه ‪..‬‬ ‫وصلت إل البيت ‪ ..‬فتحت الباب ‪ ..‬ناديت زوجت ‪ ..‬ل أسع جوابا ‪..‬‬
‫تنتفض ‪..‬‬ ‫دخلت الغرفة مسرعا ‪..‬‬

‫‪10‬‬
‫‪..‬‬ ‫وكانت آخر غزوة غزاها النب‬ ‫قلت لا ‪ :‬ل تزن ‪ ..‬فقد ذهبت إل النة بإذن ال ‪ ..‬هناك سنلتقي ‪ ..‬فشمري كي تشفع لنا ‪..‬‬
‫الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم ‪..‬‬ ‫آذن النب‬ ‫ث قرأت قوله تعال ‪{ :‬والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيان ألقنا بم ذريتهم وما ألتناهم من‬
‫وجع منهم النفقات لتجهيز اليش ‪ ..‬حت بلغ عدد اليش ثلثي ألفا ‪..‬‬ ‫عملهم من شيءٍ كل امرئٍ با كسب رهي}‪..‬‬
‫وذلك حي طابت الظلل الثمار ‪..‬‬ ‫بكت الم وبكيت أنا‪..‬‬
‫ف حر شديد ‪ ..‬وسفر بعيد ‪ ..‬وعدو قوي عنيد ‪..‬‬ ‫صلينا عليها صلة النازة ‪ ..‬ث سرنا با إل القبة ‪..‬‬
‫وكان عدد السلمي كثيا ‪ ..‬ول تكن أساؤهم مموعة ف كتاب ‪..‬‬ ‫أنظر إل النازة وكأنن أنظر إل النور الذي أضاء ل حيات‪..‬‬
‫قال كعب – كما ف الصحيحي ‪: -‬‬ ‫وصلنا القبة ‪ ..‬الكان موحش ‪ ..‬ميف ‪ ..‬توجهنا إل القب ‪..‬‬
‫وأنا أيسر ما كنت ‪ ..‬قد جعت راحلتي ‪ ..‬وأنا أقدر شيء ف نفسي على الهاد ‪..‬‬ ‫وقفت على شفي القب ‪ ..‬هنا سأضع ابنت ‪ ..‬أمسك إبراهيم بكتفي وقال ‪ :‬اصب يا أحد‪..‬‬
‫وأنا ف ذلك أصغي إل الظلل ‪ ..‬وطيب الثمار ‪..‬‬ ‫نزلت إل القب ‪..‬‬
‫غاديا بالغداة ‪..‬‬ ‫فلم أزل كذلك ‪ ..‬حت قام رسول ال‬ ‫إنا دارك يا أحد ‪ ..‬ربا اليوم وربا غدا ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أنطلق غدا إل السوق فأشتري جهازي ‪ ..‬ث ألق بم ‪..‬‬ ‫ماذا أعددت لذه الدار ‪..‬‬
‫فانطلقت إل السوق من الغد ‪ ..‬فعسر علي بعض شأن ‪ ..‬فرجعت ‪..‬‬ ‫نادان إبراهيم ‪ :‬أحد خذ البنت ‪ ..‬وضعتها على صدري ‪ ..‬وددت لو أدفنها فيه ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء ال فألق بم ‪ ..‬فعسر عليّ بعض شأن أيضا ‪..‬‬ ‫ضممتها ‪ ..‬قبلتها ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء ال ‪ ..‬فلم أزل كذلك ‪..‬‬ ‫ث وضعتها على شقها الين ‪ ..‬وقلت ‪ :‬بسم ال وعلى ملة رسول ال ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫حت مضت اليام ‪ ..‬وتلفت عن رسول ال‬ ‫صففت اللب ‪ ..‬سددت كل النافذ ‪..‬‬
‫فجعلت أمشي ف السواق ‪ ..‬وأطوف بالدينة ‪..‬‬ ‫خرجت من القب ‪ ..‬بدأ الناس يهيلون التراب ‪ ..‬ل أملك دموعي‪..‬‬
‫فل أرى إل رجلً مغموصا عليه ف النفاق ‪ ..‬أو رجلً قد عذره ال ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫فقد مضى بأصحابه الثلثي ألفا ‪..‬‬ ‫نعم تلف كعب ف الدينة ‪ ..‬أما رسول ال‬ ‫‪ ..‬ذكريات تائب ‪..‬‬
‫حت إذا وصل تبوك ‪ ..‬نظر ف وجوه أصحابه ‪ ..‬فإذا هو يفقد رجلً صالا من شهدوا بيعة‬ ‫هو شيخ كبي ‪ ..‬نلس إليه ‪ ..‬بعدما كب سنه ‪ ..‬ورق عظمه ‪ ..‬وكف بصره ‪..‬‬
‫العقبة ‪..‬‬ ‫وهو يكي ذكريات شبابه ‪..‬‬
‫‪ :‬ما فعل كعب بن مالك ؟!‬ ‫فيقول‬ ‫‪..‬‬ ‫نلس إل كعب بن مالك‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬خلفه برداه والنظر ف عطفيه ‪..‬‬ ‫وهو يكي ذكرياته ‪ ..‬ف تلفه عن غزوة تبوك ‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫وال ما كنت قط أقوى ‪ ..‬ول أيسر من حي تلفت عنك ‪..‬‬ ‫فقال معاذ بن جبل ‪ :‬بئس ما قلت ‪ ..‬وال يا نب ال ما علمنا عليه إل خيا ‪..‬‬
‫ث سكت كعب ‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫فسكت رسول ال‬
‫إل أصحابه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫فالتفت النب‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫أما هذا ‪ ..‬فقد صدقكم الديث ‪ ..‬فقم ‪ ..‬حت يقضي ال فيك ‪..‬‬ ‫غزوة تبوك ‪ ..‬وأقبل راجعا إل الدينة ‪ ..‬جعلت أتذكر ‪ ..‬باذا أخرج به‬ ‫فلما قضى النب‬
‫فقام كعب ير خطاه ‪ ..‬وخرج من السجد ‪ ..‬مهموما مكروبا ‪ ..‬ل يدري ما يقضي ال فيه‬ ‫من سخطه ‪ ..‬وأستعي على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫حت إذا وصل الدينة ‪ ..‬عرفتُ أن ل أنو إل بالصدق ‪..‬‬
‫فلما رأى قومه ذلك ‪ ..‬تبعه رجال منهم ‪ ..‬وأخذوا يلومونه ‪ ..‬ويقولون ‪:‬‬ ‫الدينة ‪ ..‬فبدأ بالسجد فصلى فيه ركعتي ‪ ..‬ث جلس للناس ‪..‬‬ ‫فدخل النب‬
‫وال ما نعلمك أذنبت ذنبا قط ‪ ..‬قبل هذا ‪ ..‬إنك رجل شاعر ‪..‬‬ ‫فجاءه الخلفون ‪ ..‬فطفقوا يعتذرون إليه ‪ ..‬ويلفون له ‪..‬‬
‫با اعتذر إليه الخلفون ‪..‬‬ ‫أعجزت أل تكون اعتذرت إل رسول ال‬ ‫علنيتهم ‪ ..‬واستغفر لم ‪ ..‬ووكل‬ ‫وكانوا بضعة وثاني رجلً ‪ ..‬فقبل منهم رسول ال‬
‫هل اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه ‪ ..‬ث يستغفر لك ‪ ..‬فيغفر ال لك ‪..‬‬ ‫سرائرهم إل ال ‪..‬‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫‪ ..‬ث تبسّم تبسّم الغضب ‪..‬‬ ‫وجاءه كعب بن مالك ‪ ..‬فلما سلم عليه ‪ ..‬نظر إليه النب‬
‫فلم يزالوا يؤنبونن ‪ ..‬حت همت أن أرجع فأكذب نفسي ‪..‬‬ ‫ث قال له ‪ :‬تعال ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬هل لقي هذا معي أحد ؟‬ ‫فأقبل كعب يشي إليه ‪ ..‬فلما جلس بي يديه ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬رجلن قال مثل ما قلت ‪ ..‬فقيل لما مثل ما قيل لك ‪..‬‬ ‫‪ :‬ما خلفك ‪ ..‬أل تكن قد ابتعت ظهرك ؟‬ ‫قال له‬
‫قلت ‪ :‬من ها ؟ قالوا ‪ :‬مرارة بن الربيع ‪ ..‬وهلل بن أمية ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫فإذا ها رجلن صالان قد شهدا بدرا ‪ ..‬ل فيهما أسوة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فما خلفك ؟!‬
‫فقلت ‪ :‬وال ل أرجع إليه ف هذا أبدا ‪ ..‬ول أكذب نفسي ‪..‬‬ ‫فقال كعب ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬إن وال لو جلست عند غيك من أهل الدنيا ‪ ..‬لرأيت أن‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫أخرج من سخطه بعذر ‪ ..‬ولقد أعطيت جدلً ‪..‬‬
‫ث مضى كعب ‪ ..‬حزينا ‪ ..‬كسي النفس ‪ ..‬وقعد ف بيته ‪..‬‬ ‫ولكن وال لقد علمت ‪ ..‬أن إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي ‪ ..‬ليوشكن ال‬
‫فلم يضِ وقت ‪ ..‬حت نى النب الناس عن كلم كعب وصاحبيه ‪..‬‬ ‫أن يسخطك علي ‪..‬‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫ولئن حدثتك حديث صدق ‪ ..‬تد عليّ فيه ‪ ..‬إن لرجو فيه عفوَ ال عن ‪..‬‬
‫فاجتنبنا الناس ‪ ..‬وتغيوا لنا ‪ ..‬فجعلت أخرج إل السوق ‪ ..‬فل يكلمن أحد ‪..‬‬ ‫يا رسول ال ‪ ..‬وال ما كان ل من عذر ‪..‬‬

‫‪12‬‬
‫فطفق الناس يشيون له إل كعب ‪ ..‬فأتاه ‪ ..‬فناوله صحيفة من ملك غسان ‪..‬‬ ‫وتنكر لنا الناس ‪ ..‬حت ما هم بالذين نعرف ‪..‬‬
‫عجبا !! من ملك غسان ‪!!..‬‬ ‫وتنكرت لنا اليطان ‪ ..‬حت ما هي باليطان الت نعرف ‪..‬‬
‫إذا قد وصل خبه إل بلد الشام ‪ ..‬واهتم به ملك الغساسنة ‪ ..‬فماذا يريد اللك ؟!!‬ ‫وتنكرت لنا الرض ‪ ..‬حت ما هي بالرض الت نعرف ‪..‬‬
‫فتح كعب الرسالة فإذا فيها ‪..‬‬ ‫فأميا صياحباي فجلسيا في بيوتميا يبكيان ‪ ..‬جعل يبكيان اللييل والنهار ‪ ..‬ول يطلعان‬
‫أما بعد ‪ ..‬يا كعب بن مالك ‪ ..‬إنه بلغن أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ‪..‬‬ ‫رؤوسهما ‪ ..‬ويتعبدان كأنما الرهبان ‪..‬‬
‫ولست بدار مضيعة ول هوان ‪ ..‬فالق بنا نواسك ‪..‬‬ ‫وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ‪ ..‬فكنت أخرج ‪ ..‬فأشهد الصلة مع السلمي ‪..‬‬
‫فلما أت قراءة الرسالة ‪ ..‬قال ‪ :‬إنا ل ‪ ..‬قد طمع فّ أهل الكفر ‪..‬‬ ‫وأطوف ف السواق ‪ ..‬ول يكلمن أحد ‪..‬‬
‫هذا أيضا من البلء والشر ‪..‬‬ ‫وآت السجد فأدخل ‪..‬‬
‫ث مضى بالرسالة فورا إل التنور ‪ ..‬فأشعله ث أحرقها فيه ‪..‬‬ ‫فأسلم عليه ‪..‬‬ ‫وآت رسول ال‬
‫ول يلتفت كعب إل إغراء اللك ‪..‬‬ ‫فأقول ف نفسي ‪ :‬هل حرك شفتيه برد السلم علي أم ل ؟‬
‫نعم فُتح له باب إل بلط اللوك ‪ ..‬وقصور العظماء ‪ ..‬يدعونه إل الكرامة والصحبة ‪..‬‬ ‫ث أصلي قريبا منه ‪ ..‬فأسارقه النظر ‪ ..‬فإذا أقبلت على صلت ‪ ..‬أقبل إل ‪..‬‬
‫والدينة من حوله تتجهمه ‪ ..‬والوجوه تعبس ف وجهه ‪..‬‬ ‫وإذا التفتّ نوه ‪ ..‬أعرض عن ‪..‬‬
‫يسلم فل يرد عليه السلم ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫ويسأل فل يسمع الواب ‪..‬‬ ‫ومضت على كعب اليام ‪ ..‬واللم تلد اللم ‪..‬‬
‫ومع ذلك ل يلتفت إل الكفار ‪..‬‬ ‫وهو الرجل الشريف ف قومه ‪..‬‬
‫ول يفلح الشيطان ف زعزعته ‪ ..‬أو تعبيده لشهوته ‪..‬‬ ‫بل هو من أبلغ الشعراء ‪ ..‬عرفه اللوك والمراء ‪..‬‬
‫ألقى الرسالة ف النار ‪ ..‬وأحرقها ‪..‬‬ ‫وسرت أشعاره عند العظماء ‪ ..‬حت تنوا لقياه ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫ث هو اليوم ‪ ..‬ف الدينة ‪ ..‬بي قومه ‪ ..‬ل أحد يكلمه ‪ ..‬ول ينظر إليه ‪..‬‬
‫ومضت اليام تتلوها اليام ‪ ..‬وانقضى شهر كامل ‪ ..‬وكعب على هذا الال ‪..‬‬ ‫حت ‪ ..‬إذا اشتدت عليه الغربة ‪ ..‬وضاقت عليه الكربة ‪ ..‬نزل به امتحان آخر ‪:‬‬
‫والصار يشتد خناقه ‪ ..‬والضيق يزداد ثقله ‪..‬‬ ‫فبينما هو يطوف ف السوق يوما ‪..‬‬
‫فل الرسول يُمضي ‪ ..‬ول الوحي بالكم يقضي ‪..‬‬ ‫إذا رجل نصران جاء من الشام ‪..‬‬
‫فلما اكتملت أربعون يوما ‪..‬‬ ‫فإذا هو يقول ‪ :‬من يدلن على كعب بن مالك ‪ ..‬؟‬

‫‪13‬‬
‫فوال ما رد علي السلم ‪..‬‬ ‫يأت إل كعب ‪ ..‬فيطرق عليه الباب ‪..‬‬ ‫فإذا رسول من النب‬
‫فقلت ‪ :‬أنشدك ال ‪ ..‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلم أن أحب ال ورسوله ؟‬ ‫فيخرج كعب إليه ‪ ..‬لعله جاء بالفرج ‪ ..‬فإذا الرسول يقول له ‪:‬‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫يأمرك أن تعتزل امرأتك ‪..‬‬ ‫إن رسول ال‬
‫فقلت ‪ :‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلم أن أحب ال ورسوله ؟‬ ‫قال ‪ :‬أطلقها ‪ ..‬أم ماذا ؟‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن اعتزلا ول تقربا ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أنشدك ال ‪ ..‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلم أن أحب ال ورسوله ؟‬ ‫فدخل كعب على امرأته وقال ‪ :‬القي بأهلك ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ال ورسوله أعلم ‪..‬‬ ‫فكون عندهم حت يقضي ال ف هذا المر ‪..‬‬
‫سع كعب هذا الواب ‪ ..‬من ابن عمه وأحب الناس إليه ‪ ..‬ل يدري أهو مؤمن أم ل ؟‬ ‫إل صاحب كعب بثل ذلك ‪..‬‬ ‫وأرسل النب‬
‫فلم يستطع أن يتجلد لا سعه ‪ ..‬وفاضت عيناه بالدموع ‪..‬‬ ‫فجاءت امرأة هلل بن أمية ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬
‫ث اقتحم الائط خارجا ‪..‬‬ ‫يا رسول ال ‪ ..‬إن هلل بن أمية شيخ كبي ضعيف ‪ ..‬فهل تأذن ل أن أخدمه ‪..‬؟‬
‫وذهب إل منله ‪ ..‬وجلس فيه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن ل يقربنك ‪..‬‬
‫يقلب طرفه بي جدرانه ‪ ..‬ل زوجة تالسه ‪ ..‬ول قريب يؤانسه ‪..‬‬ ‫فقالت الرأة ‪ :‬يا نب ال ‪ ..‬وال ما به من حركة لشيء ‪..‬‬
‫وقد مضت عليهم خسون ليلة ‪ ..‬من حي نى النب الناس عن كلمهم‬ ‫ما زال مكتئبا ‪ ..‬يبكي الليل والنهار ‪ ..‬منذ كان من أمره ما كان ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫ومرت اليام ثقيلة على كعب ‪..‬واشتدت الفوة عليه ‪..‬حت صار يراجع إيانه ‪..‬‬
‫وف الليلة المسي ‪ ..‬نزلت توبتهم على النب ثلث الليل ‪..‬‬ ‫يكلم السلمي ول يكلمونه ‪..‬‬
‫فقالت أم سلمة ‪:‬‬ ‫ويسلم على رسول ال فل يرد عليه ‪..‬‬
‫يا نب ال ‪ ..‬أل نبشر كعب بن مالك ‪..‬‬ ‫فإل أين يذهب ‪ !!..‬ومن يستشي !؟‬
‫قال ‪ :‬إذا يطمكم الناس ‪ ..‬وينعونكم النوم سائر الليلة ‪..‬‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫الفجر ‪ ..‬آذن الناس بتوبة ال علينا ‪..‬‬ ‫فلما صلى النب‬ ‫فلما طال عليّ البلء ‪ ..‬ذهبت إل أب قتادة ‪ ..‬وهو ابن عمي ‪ ..‬وأحب الناس إلّ ‪ ..‬فإذا هو‬
‫فانطلق الناس يبشرونم ‪..‬‬ ‫ف حائط بستانه ‪ ..‬فتسورت الدار عليه ‪..‬‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫ودخلت ‪ ..‬فسلمت عليه ‪..‬‬

‫‪14‬‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول ال ! إن من توبت أن أنلع من مال صدقة إل ال ‪ ..‬وإل رسوله ‪..‬‬ ‫وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أمسك عليك بعض مالك ‪ ..‬فهو خي لك ‪..‬‬ ‫فبينا أنا جالس على الال الت ذكر ال تعال ‪ ..‬قد ضاقت علي نفسي ‪ ..‬وضاقت عليّ‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول ال ! إن ال إنا نان بالصدق ‪ ..‬وإن من توبت أل أحدث إل صدقا ما‬ ‫الرض با رحبت ‪..‬‬
‫بقيت ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو يوت ‪..‬‬ ‫وما من شيء أهم إلّ ‪ ..‬من أن أموت ‪ ..‬فل يصلي عليّ رسولُ ال‬
‫نعم ‪ ..‬تاب ال على كعب وصاحبيه ‪ ..‬وأنزل ف ذلك قرءانا يتلى ‪..‬‬ ‫فأكون من الناس بتلك النلة ‪ ..‬فل يكلمن أحد منهم ‪ ..‬ول يصلي عليّ ‪..‬‬
‫فقال عز وجل ‪:‬‬ ‫فبينما أنا على ذلك ‪..‬‬
‫َل َقدْ تَابَ ال ّلهُ عَلَى النّبِيّ وَاْلمُهَاجِرِينَ وَاْلأَْنصَارِ اّلذِينَ اتَّبعُوهُ فِي سَا َعةِ اْلعُسْ َرةِ ِمنْ َب ْعدِ مَا‬ ‫إذ سعت صوت صارخ ‪ ..‬على جبل سلع بأعلى صوته يقول ‪:‬‬
‫كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْ ُهمْ ُثمّ تَابَ عَلَ ْي ِهمْ إِّنهُ بِ ِهمْ َرؤُوفٌ رَحِيمٌ * َو َعلَى الثّلَثةِ اّلذِينَ خُ ّلفُوا‬ ‫يا كعب بن مالك ! ‪ ..‬أبشر ‪..‬‬
‫جأَ مِنَ ال ّلهِ‬
‫س ُهمْ وَظَنّوا أَنْ ل مَلْ َ‬
‫حَتّى ِإذَا ضَاقَتْ عَ َليْ ِهمُ اْلأَرْضُ ِبمَا رَحُبَتْ َوضَاقَتْ عَلَ ْي ِهمْ أَْنفُ ُ‬ ‫فخررت ساجدا ‪ ..‬وعرفت أن قد جاء فرج من ال ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫إِلّا إِلَ ْيهِ ُثمّ تَابَ عَلَ ْي ِهمْ لَِيتُوبُوا ِإنّ ال ّلهَ ُهوَ الّتوّابُ الرّحِيمُ‬ ‫وأقبل إلّ رجل على فرس ‪ ..‬والخر صاح من فوق جبل ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫وكان الصوت أسرع من الفرس ‪..‬‬
‫‪ ..‬في بطن الحوت ‪..‬‬ ‫فلما جاءن الذي سعت صوته يبشرن ‪ ..‬نزعت له ثوبّ فكسوته إياها ببشراه ‪..‬‬
‫كل الناس يذكرون ال عند الشدائد ‪..‬‬ ‫وال ما أملك غيها ‪..‬‬
‫لكن منهم من يذكره ويطيعه ‪ ..‬فإذا زالت الشدة عصاه ونساه ‪..‬‬ ‫واستعرت ثوبي ‪ ..‬فلسبتهما ‪..‬‬
‫ومنهم من يستمر صلحه وتوبته ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فتلقان الناس فوجا ‪ ..‬فوجا ‪..‬‬ ‫وانطلقت إل رسول ال‬
‫يونس عليه السلم ‪ ..‬دعا قومه إل اليان ‪ ..‬فأعرضوا وتكبوا ‪ ..‬فغضب ‪ ..‬وركب البحر‬ ‫يهنئون بالتوبة ‪ ..‬يقولون ‪ :‬ليهنك توبة ال عليك ‪..‬‬
‫مع سفينة ‪ ..‬فلما ثقلت بم خافوا أن يغرقوا جيعا ‪ ..‬فعلموا أنه ل بد أن يففوا المل بإلقاء‬ ‫‪..‬‬ ‫حت دخلت السجد ‪ ..‬فسلمت على رسول ال‬
‫أحد ركابا إل البحر ‪ ..‬عملوا القرعة مرارا فوقعت على يونس ‪ ..‬ألقوه ف البحر ‪ ..‬فالتقمه‬ ‫وهو يبق وجهه من السرور ‪ ..‬وكان إذا سُرّ استنار وجهه ‪ ..‬حت كأنه قطعة قمر ‪..‬‬
‫الوت ‪ ..‬ث نزل به إل العماق ‪..‬‬ ‫فقال ل ‪ :‬أبشر بي يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك ‪..‬‬
‫كل شيء حدث بسرعة ‪ ..‬يونس ف الظلمات ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أمن عندك يا رسول ال ‪ ..‬أم من عند ال ؟‬
‫تسمع حوله ‪ ..‬فإذا به يسمع تسبيح الصى الذي ف قعر البحر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬بل من عند ال ‪ ..‬ث تل اليات ‪..‬‬
‫فانتفض ‪ ( ..‬فَنَادَى فِي الظّ ُلمَاتِ أَنْ ل إَِلهَ إِلّا َأنْتَ سُ ْبحَاَنكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظّاِلمِيَ ) ‪..‬‬ ‫فلما جلست بي يديه ‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫بدأ شريط حيات بالرور أمام عين ‪..‬‬ ‫فقرعت كلماته أبواب السماء ‪ ..‬فنل عليه الفرج ‪..‬‬
‫مع أول شهقة ‪ ..‬عرفت كم أنا ضعيف ‪..‬‬ ‫هذا خب يونس النب عليه الصلة والسلم ‪..‬‬
‫بضع قطرات مالة سلطها ال علي ليين أنه هو القوي البار ‪..‬‬ ‫أما يونس اليوم فيقول ‪:‬‬
‫آمنت أنه ل ملجأ من ال إل إليه‪ ...‬حاولت التحرك بسرعة للخروج من الاء ‪ ..‬إل أن‬ ‫كنت شابا أظن أن الياة ‪ ..‬مال وفي ‪ ..‬وفراش وثي ‪ ..‬ومركب وطيء ‪..‬‬
‫كنت على عمق كبي ‪..‬‬ ‫وكان يوم جعة ‪ ..‬جلست مع مموعة من رفقاء الدرب على الشاطئ ‪..‬‬
‫ليست الشكلة أن أموت ‪ ..‬الشكلة كيف سألقى ال ؟!‬ ‫وهم كالعادة مموعة من القلوب الغافلة ‪..‬‬
‫إذا سألن عن عملي ‪ ..‬ماذا سأقول ؟‬ ‫سعت النداء حي على الصلة ‪ ..‬حي على الفلح ‪..‬‬
‫أما ما أحاسب عنه ‪ ..‬الصلة ‪ ..‬وقد ضيعتها ‪..‬‬ ‫أقسم أن سعت الذان طوال حيات ‪ ..‬ولكن ل أفقه يوما معن كلمة فلح ‪..‬‬
‫تذكرت الشهادتي ‪ ..‬فأردت أن يتم ل بما ‪..‬‬ ‫طبع الشيطان على قلب ‪ ..‬حت صارت كلمات الذان كأنا تقال بلغة ل أفهمها ‪..‬‬
‫فقلت أشهي ‪ ..‬فغصّ حلقي ‪ ..‬وكأن يدا خفية تطبق على رقبت لتمنعن من نطقها ‪..‬‬ ‫كان الناس حولنا يفرشون سجاداتم ‪ ..‬ويتمعون للصلة ‪..‬‬
‫حاولت جاهدا ‪ ..‬أشهي ‪ ..‬أشهي ‪ ..‬بدأ قلب يصرخ ‪ :‬رب ارجعون ‪ ..‬رب ارجعون ‪..‬‬ ‫ونن كنا نهز عدة الغوص وأنابيب الواء ‪..‬‬
‫ساعة ‪ ..‬دقيقة ‪ ..‬لظة ‪ ..‬ولكن هيهات‪..‬‬ ‫استعدادا لرحلة تت الاء‪..‬‬
‫بدأت أفقد الشعور بكل شيء ‪ ..‬أحاطت ب ظلمة غريبة ‪..‬‬ ‫لبسنا عدة الغوص ‪ ..‬ودخلنا البحر ‪ ..‬بعدنا عن الشاطئ ‪..‬‬
‫هذا آخر ما أتذكر ‪..‬‬ ‫حت صرنا ف بطن البحر ‪..‬‬
‫لكن رحة رب كانت أوسع ‪..‬‬ ‫كان كل شيء على ما يرام ‪ ..‬الرحلة جيلة ‪..‬‬
‫فجأة بدأ الواء يتسرب إل صدري مرة أخرى ‪..‬‬ ‫وف غمرة التعة ‪ ..‬فجأة تزقت القطعة الطاطية الت يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه‬
‫انقشعت الظلمة ‪ ..‬فتحت عين ‪ ..‬فإذا أحد الصحاب ‪..‬‬ ‫لتحول دون دخول الاء إل الفم ‪ ..‬ولتمده بالواء من النبوب ‪ ..‬وتزقت أثناء دخول الواء‬
‫يثبت خرطوم الواء ف فمي ‪..‬‬ ‫إل رئت ‪ ..‬وفجأة أغلقت قطرات الاء الال الجرى التنفسي‪ ...‬وبدأت أموت ‪..‬‬
‫وياول إنعاشي ‪ ..‬ونن مازلنا ف بطن البحر ‪..‬‬ ‫بدأت رئت تستغيث وتنتفض ‪ ..‬تريد هواء ‪ ..‬أي هواء ‪..‬‬
‫رأيت ابتسامة على مياه ‪ ..‬فهمت منها أنن بي ‪..‬‬ ‫أخذت اضطرب ‪ ..‬البحر مظلم ‪ ..‬رفاقي بعيدون عن ‪..‬‬
‫عندها صاح قلب ‪ ..‬ولسان ‪ ..‬وكل خلية ف جسدي ‪..‬‬ ‫بدأت أدرك خطورة الوقف ‪ ..‬إنن أموت ‪..‬‬
‫أشهد أن ل إله إل ال ‪ ..‬وأشهد أن ممد رسول ال ‪ ..‬المد ل ‪..‬‬ ‫بدأت أشهق ‪ ..‬وأشرق بالاء الال‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫يا رسول ال ‪ ..‬أرأيت رجلً عمل الذنوب كلها ‪ ..‬فلم يترك منها شيئا ‪..‬‬ ‫خرجت من الاء ‪ ..‬وأنا شخص أخر ‪..‬‬
‫وهو ف ذلك ل يترك حاجة ‪ ..‬ول داجة ‪ ..‬أي صغية ول كبية ‪ ..‬إل أتاها ‪..‬‬ ‫تغيت نظرت للحياة ‪..‬‬
‫لو قسّمت خطيئته بي أهل الرض لوبقتهم ‪ ..‬فهل لذلك من توبة ؟‬ ‫أصبحت اليام تزيدن من ال قربا ‪ ..‬أدركت سرّ وجودي ف الياة ‪ ..‬تذكرت قول ال‬
‫بصره إليه ‪ ..‬فإذا شيخ قد انن ظهره ‪ ..‬واضطرب أمره ‪..‬‬ ‫فرفع النب‬ ‫( إل ليعبدون ) ‪..‬‬
‫قد هده مر السني والعوام ‪ ..‬وأهلكته الشهوات واللم ‪..‬‬ ‫صحيح ‪ ..‬ما خلقنا عبثا ‪..‬‬
‫‪ :‬فهل أسلمت ؟‬ ‫فقال له‬ ‫مرت أيام ‪ ..‬فتذكرت تلك الادثة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أما أنا ‪ ..‬فأشهد أن ل إله إل ال ‪ ..‬وأنك رسول ال ‪..‬‬ ‫فذهبت إل البحر ‪ ..‬ولبست لباس الغوص ‪..‬‬
‫‪ :‬تفعل اليات ‪ ..‬وتترك السيئات ‪ ..‬فيجعلهن ال لك خيات كلهن ‪..‬‬ ‫فقال‬ ‫ث أقبلت إل الاء ‪ ..‬وحدي وتوجهت إل الكان نفسه ف بطن البحر ‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬وغدرات ‪ ..‬وفجراتن ‪..‬‬ ‫وسجدت ل تعال سجدة ما أذكر ان سجدت مثلها ف حيات ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫ف مكان ل أظن أن إنسانا قبلي قد سجد فيه ل تعال ‪..‬‬
‫فصاح الشيخ ‪ :‬ال أكب ‪ ..‬ال أكب ‪ ..‬ال أكب ‪..‬‬ ‫عسى أن يشهد علي هذا الكان يوم القيامة فيحن ال بسجدت ف بطن البحر ويدخلن جنته‬
‫فما زال يكب حت توارى عنهم ‪..‬‬ ‫اللهم أمي ‪..‬‬
‫الديث ‪ :‬رواه الطبان والبزار ‪ ،‬وقال النذري ‪ :‬إسناده جيد قوي ‪،‬وقال ابن حجر هو على‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫شرط الصحيح ‪.‬‬ ‫وغدراتي وفجراتي !!‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫ربنا أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ‪..‬‬
‫هل تطرحه في النار ؟!‬ ‫ومن سعة رحته ‪ ..‬أنه عرض التوبة على كل أحد ‪..‬‬
‫ال أرحم بعباده ‪ ..‬من آبائهم وأمهاتم ‪..‬‬ ‫مهما أشرك العبد وكفر ‪ ..‬أو طغى وتب ‪..‬‬
‫ف الصحيحي ‪:‬‬ ‫فإن الرحة معروضة عليه ‪ ..‬وباب التوبة مشرع بي يديه ‪..‬‬
‫لا انتهى من حرب هوازن ‪ ..‬أُت إليه بعد العركة ‪ ..‬بأطفال الكفار ونسائهم ‪..‬‬ ‫أن النب‬ ‫وانظر إل ذاك الشيخ الرم ‪ ..‬الذي ‪ ..‬كب سنه ‪ ..‬وانن ظهره ‪ ..‬ورق عظمه ‪..‬‬
‫ث جعوا ف مكان ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وهو جالس بي أصحابه يوما ‪..‬‬ ‫أقبل على رسول ال‬
‫إليهم ‪ ..‬فإذا امرأة من السب ‪ ..‬أم ثكلى ‪ ..‬تر خطاها ‪ ..‬تبحث عن ولدها‬ ‫فالتفت النب‬ ‫ير خطاه ‪ ..‬وقد سقط حاجباه على عينيه ‪ ..‬وهو يدّعم على عصا ‪..‬‬
‫‪ ..‬وفلذة كبدها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقال بصوت تصارعه اللم ‪..‬‬ ‫جاء يشي ‪ ..‬حت قام بي يديّ النب‬

‫‪17‬‬
‫•دخلت على مريض ف الستشفى ‪ ..‬فلما أقبلت إليه ‪ ..‬فإذا رجل قد بلغ من‬ ‫قد اضطرب أمرها ‪ ..‬وطار صوابا ‪ ..‬واشتدّ مصابا ‪..‬‬
‫العمر أربعي سنة ‪ ..‬من أنضر الناس وجها ‪ ..‬وأحسنهم قواما ‪..‬‬ ‫تطوف على الطفال الرضع ‪ ..‬تنظر ف وجوههم ‪ ..‬يكاد ثديها يتفجر من احتباس اللب فيه‬
‫لكن جسده كله مشلولٌ ل يتحرك منه ذرة ‪ ..‬إل رأسه وبعض رقبته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫دخلت غرفته ‪ ..‬فإذا جرس الاتف يرن ‪ ..‬فصاح ب وقال ‪ :‬يا شيخ أدرك الاتف قبل أن‬ ‫تتمن لو أن طفلها بي يديها ‪ ..‬تضمه ضمة ‪ ..‬وتشمه شة ‪ ..‬ولو كلفها ذلك حياتا ‪..‬‬
‫ينقطع التصال ‪..‬‬ ‫فبينما هي على ذلك ‪..‬‬
‫فرفعت ساعة الاتف ث قربتها إل أذنه ووضعت مدة تسكها ‪ ..‬وانتظرت قليلً حت أنى‬ ‫إذ وجدت ولدها ‪ ..‬فلما رأته جف دمعها ‪ ..‬وعاد صوابا ‪..‬‬
‫مكالته ‪ ..‬ث قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬أرجع السماعة مكانا ‪..‬‬ ‫ث انكبت عليه ‪ ..‬وانطرحت بي يديه ‪ ..‬وقد رحت جوعه وتعبه ‪ ..‬وبكاءه ونصبه ‪..‬أخذت‬
‫فأرجعتها مكانا ‪ ..‬ث سألته ‪ :‬منذ مت وأنت على هذا الال ؟‬ ‫تضمه وتقبله ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬منذ عشرين سنة ‪ ..‬وأنا أسي على هذا السرير ‪..‬‬ ‫ث ألصقته بصدرها ‪ ..‬وألقمته ثديها ‪..‬‬
‫•وحدثن أحد الفضلء أنه مر بغرفة ف الستشفى ‪ ..‬فإذا فيها مريض يصيح‬ ‫فنظر الرحيم الشفيق إليها ‪ ..‬وقد أضناها التعب ‪ ..‬وعظم النصب ‪..‬‬
‫بأعلى صوته ‪ ..‬ويئن أنينا يقطع القلوب ‪..‬‬ ‫وقد طال شوقها إل ولدها ‪ ..‬واشتد مصابه ومصابا ‪..‬‬
‫قال صاحب ‪ :‬فدخلت عليه ‪ ..‬فإذا هو جسده مشلولٌ كله ‪..‬‬ ‫فلما رأى ذلا ‪ ..‬وانكسارها ‪ ..‬وفجيعتها بولدها ‪..‬‬
‫وهو ياول اللتفات فل يستطيع ‪..‬‬ ‫التفت إل أصحابه ث قال ‪:‬‬
‫فسألت المرض عن سبب صياحه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫أتُرَون هذه ‪ ..‬طارحة ولدها ف النار ‪ ..‬يعن لو أشعلنا نارا وأمرناها أن تطرح ولدها فيها ‪..‬‬
‫هذا مصاب بشلل تام ‪ ..‬وتلف ف المعاء ‪ ..‬وبعد كل وجبة غداء أو عشاء ‪ ..‬يصيبه عسر‬ ‫أترون أنا ترضى ‪..‬‬
‫هضم ‪..‬‬ ‫فعجب الصحابة الكرام ‪ :‬كيف تطرحه ف النار ‪ ..‬وهو فلذة كبدها ‪ ..‬وعصارة قلبها‬
‫فقلت له ‪ :‬ل تطعموه طعاما ثقيلً ‪ ..‬جنبوه أكل اللحم ‪ ..‬والرز ‪..‬‬ ‫‪..‬كيف تطرحه ‪ ..‬وهي تلثمه ‪ ..‬وتقبله ‪ ..‬وتغسل وجهه بدموعها ‪ ..‬كيف تطرحه ‪..‬‬
‫فقال المرض ‪ :‬أتدري ماذا نطع مه ‪ ..‬وال ل ندخل إل بط نه إل الل يب من خلل الناب يب‬ ‫وهي الم الرحيمة ‪ ..‬والوالدة الشفيقة ‪..‬‬
‫الوصلة بأنفه ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬ل ‪ ..‬وال ‪ ..‬يا رسول ال ‪ ..‬ل تطرحه ف النار ‪ ..‬وهي تقدر على أن ل تطرحه ‪..‬‬
‫وكل هذه اللم ‪ ..‬ليهضم هذا الليب ‪..‬‬ ‫‪ :‬وال ‪ ..‬ل ‪ ..‬أرحم بعباده من هذه بولدها ‪..‬‬ ‫فقال‬
‫•وحدثن آخر أنه مرّ بغرفة مريض مشلول أيضا ‪ ..‬ل يتحرك منه شيء أبدا ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫قال ‪ :‬فإذا الريض يصيح بالارين ‪ ..‬فدخلت عليه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬في المستشفى ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫كانت حالته خطية ‪..‬‬ ‫فرأيت أمامه لوح خشب عليه مصحف مفتوح ‪ ..‬وهذا الريض منذ ساعات ‪ ..‬كلما انتهى‬
‫اقترب ولده من أذنه وصار يكلمه ‪ ..‬وهو ل يعقل شيئا ‪..‬‬ ‫من قراءة الصفحتي أعادها ‪ ..‬فإذا فرغ منهما أعادها ‪ ..‬لنه ل يستطيع أن يتحرك ليقلب‬
‫فبدأ الولد يقول ‪ ..‬يا أب ‪ ..‬أمي بي ‪ ..‬وإخوان بي ‪ ..‬وخال رجع من السفر ‪..‬‬ ‫الصفحة ‪ ..‬ول يد أحدا يساعده ‪..‬‬
‫واستمر الولد يتكلم ‪..‬‬ ‫فلما وقفت أمامه ‪ ..‬قال ل ‪ :‬لو سحت ‪ ..‬اقلب الصفحة ‪..‬‬
‫والمر على ما هو عليه ‪ ..‬الشيخ ل يتحرك ‪ ..‬والهاز يدفع تسعة أنفاس ف الدقيقة ‪..‬‬ ‫فقلبتها ‪ ..‬فتهلل وجهه ‪ ..‬ث وجّه نظره إل الصحف وأخذ يقرأ ‪..‬‬
‫وفجأة قال الولد ‪ ..‬والسجد مشتاق إليك ‪ ..‬ول أحد يؤذن فيه إل فلن ‪ ..‬ويطئ ف‬ ‫فانفجرت باكيا بي يديه ‪ ..‬متعجبا من حرصه وغفلتنا ‪..‬‬
‫الذان ‪ ..‬ومكانك ف السجد فارغ ‪..‬‬ ‫•وحدثن ثالث أنه دخل على رجل مقعد مشلول تاما ف أحد الستشفيات ‪ ..‬ل‬
‫فلما ذكر السجد والذان ‪ ..‬اضطرب صدر الشيخ ‪ ..‬وبدأ يتنفس ‪ ..‬فنظرت إل الهاز‬ ‫يتحرك إل رأسه ‪..‬‬
‫فإذا هو يشي إل ثانية عشر نفسا ف الدقيقة ‪..‬‬ ‫فلما رأى حاله ‪ ..‬رأف به وقال ‪ :‬ماذا تتمن ‪..‬‬
‫والولد ل يدري ‪..‬‬ ‫فقال الريض ‪ ..‬أنا عمري قرابة الربعي ‪ ..‬وعندي خسة أولد ‪..‬‬
‫ث قال الولد ‪ :‬وابن عمي تزوج ‪ ..‬وأخي ترج ‪..‬‬ ‫وعلى هذا السرير ‪ ..‬منذ سبع سني ‪ ..‬ل أتن أن أمشي ‪ ..‬ول أن أرى أولدي ‪ ..‬ول أن‬
‫فهدأ الشيخ مرة أخرى ‪ ..‬وعادت النفاس تسعة ‪ ..‬يدفعها الهاز الل ‪..‬‬ ‫أعيش مثل الناس ‪..‬‬
‫فلما رأيت ذلك أقبلت إليه ‪ ..‬حت وقفت عند رأسه ‪ ..‬حركت يده ‪ ..‬عينه ‪ ..‬هززته ‪ ..‬ل‬ ‫لكنن أتن أن أستطيع أن ألصق هذه البهة على الرض ذلة لرب العالي ‪ ..‬وأسجد كما‬
‫شيء ‪ ..‬كل شيء ساكن ‪ ..‬ل يتجاوب معي أبدا ‪ ..‬تعجبت ‪..‬‬ ‫يسجد الناس ‪..‬‬
‫قربت فمي من أذنه ث قلت ‪ :‬ال أكبررر ‪ ..‬حي على الصلة ‪ ..‬حي على الفلح ‪..‬‬ ‫•وأخبن أحد الطباء أنه دخل ف غرفة النعاش على مريض ‪ ..‬فإذا شيخ كبي‬
‫وأنا أسترق النظر إل جهاز التنفس ‪ ..‬فإذا به يشي إل ثان عشرة نفس ف الدقيقة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬على سرير أبيض وجهه يتلل نورا ‪ ..‬قال صاحب ‪ :‬أخذت أقلب ملفه ‪..‬‬
‫فلله درهم من مرضى‪ ..‬بل وال نن الرضى‪..‬‬ ‫فإذا هو قد أجريت له عملية ف القلب ‪ ..‬أصابه نزيف خللا ‪ ..‬ما أدى إل‬
‫نعم ‪ ( ..‬رِجَالٌ ل ُتلْهِي ِهمْ تِجَا َرةٌ وَل بَ ْيعٌ َعنْ ِذكْرِ ال ّلهِ وَإِقَامِ الصّلةِ وَإِيتَاءِ الزّكَاةِ َيخَافُونَ‬ ‫توقف الدم عن بعض مناطق الدماغ ‪ ..‬فأصيب بغيبوبة تامة ‪..‬‬
‫سنَ مَا َع ِملُوا وَيَزِي َد ُهمْ ِمنْ َفضْ ِلهِ وَال ّلهُ‬
‫َيوْما تََتقَلّبُ فِيهِ اْلقُلُوبُ وَاْلأَْبصَارُ * لَِيجْزَِي ُهمُ ال ّلهُ أَ ْح َ‬ ‫وإذا الجهزة موصلة به ‪ ..‬وقد وضع على فمه جهاز للتنفس الصناعي يدفع إل رئتيه تسعة‬
‫يَرْ ُزقُ َمنْ َيشَاءُ ِبغَيْرِ ِحسَابٍ ) ‪..‬‬ ‫أنفاس ف الدقيقة ‪ ..‬كان بانبه أحدُ أولده ‪..‬سألته عنه‬
‫هذا حال أولئك الرضى ‪..‬‬ ‫فأخبن أن أباه مؤذن ف أحد الساجد منذ سني ‪..‬‬
‫فأنت يا سليما من المراض والسقام ‪ ..‬يا معافً من الدواء والورام ‪..‬‬ ‫أخذت أنظر إليه ‪ ..‬حركت يده ‪ ..‬حركت عينه ‪ ..‬كلمته ‪ ..‬ل يدري عن شيء أبدا‪..‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ :‬يا أبا بكر ‪ ..‬إنا قليل ‪..‬‬ ‫فقال‬ ‫يا من تتقلب ف النعم ‪ ..‬ول تشى النقم ‪..‬‬
‫‪ ..‬إل السجد ‪ ..‬وخرج السلمون معه‪..‬وتفرقوا ف‬ ‫فلم يزل أبو بكر يلح عليه حت خرج‬ ‫ماذا فعل ال بك فقابلته بالعصيان ‪ ..‬بأي شيء آذاك ‪ ..‬أليست نعمه عليك تترى ‪ ..‬وأفضاله‬
‫نواحي السجد‪..‬كل رجل ف عشيته‪..‬‬ ‫عليك ل تصى ؟‬
‫وقام أبو بكر ف الناس خطيبا ‪ ..‬فكان أول خطيب دعا إل ال ‪ ..‬فلما رأى الشركون من‬ ‫أما تاف ‪ ..‬أن توقف بي يدي ال غدا ‪..‬‬
‫يسفه آلتهم ‪ ..‬ويتنقص دينهم ‪..‬‬ ‫فيقول لك ‪ ..‬يا عبدي أل أصح لك ف بدنك ‪ ..‬وأوسع عليك ف رزقك ‪..‬‬
‫ثاروا على أب بكر وعلى السلمي ‪..‬‬ ‫وأسلم لك سعك وبصرك ‪ ..‬فتقول بلى ‪ ..‬فيسألك البار ‪:‬‬
‫فجعلوا يضرِبونم ف نواحي السجد ضربا شديدا ‪..‬‬ ‫فلم عصيتن بنعمي ‪ ..‬وتعرضت لغضب ونقمي ‪..‬‬
‫وأبو بكر يهر بالدين ‪ ..‬فأحاط به جع منهم ‪..‬‬ ‫فعندها تنشر ف الل عيوبك ‪ ..‬وتعرض عليك ذنوبك ‪..‬‬
‫فضربوه ‪ ..‬حت وقع على الرض ‪ ..‬وهو كهل قد قارب عمره المسي سنة ‪..‬‬ ‫فتبا للذنوب ‪ ..‬ما أشد شؤمها ‪ ..‬وأعظم خطرها ‪..‬‬
‫ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ‪ ..‬وجعل يطأ على بطنه وصدره ‪ ..‬ويضربه بنعلي مصوفي‬ ‫وهل أخرج أبانا من النة إل ذنب من الذنوب ‪..‬‬
‫‪ ..‬ويرفهما على وجهه ‪ ..‬حت مزق لم وجهه ‪ ..‬وجعلت دماؤه تسيل ‪ ..‬حت ما يعرف‬ ‫وهل أغرق قوم نوح إل الذنوب ‪..‬‬
‫وجهه من أنفه ‪ ..‬وأبو بكر مغمى عليه ‪..‬‬ ‫وهل أهلك عادا وثود إل الذنوب ‪..‬‬
‫فجاءت قبيلته بنو تيم يتعادون ‪ ..‬ودفعوا الشركي عنه ‪..‬‬ ‫وهل قلب على قوم لوط ديارهم ‪ ..‬وعجل لقوم شعيب عذابم ‪..‬‬
‫وحلوه ف ثوب ‪ ..‬ول يشكون ف موته ‪ ..‬حت أدخلوه منله ‪..‬‬ ‫وأمطر على أبرهة حجارة من سجيل ‪ ..‬وأنزل بفرعون العذاب الوبيل ‪..‬‬
‫وقعد أبوه وقومه عند رأسه ‪ ..‬يكلمونه فل ييب ‪..‬‬ ‫إل العاصي والذنوب ‪..‬‬
‫حت إذا كان آخر النهار ‪ ..‬أفاق ‪ ..‬وفتح عينيه ‪ ..‬فكان أول كلمة تكلم با ان قال ‪ :‬ما‬
‫‪ ..‬؟؟‬ ‫فعل رسول ال‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫فغضب أبوه وسبه ‪ ..‬ث خرج من عنده ‪..‬‬ ‫‪ ..‬الجبال الراسيات ‪..‬‬
‫فقعدت أمه عند رأسه ‪ ..‬تتهد أن تطعمه أو تسقيه ‪ ..‬وتلحّ عليه ‪..‬‬ ‫ف أول بعثة النب عليه الصلة والسلم كان يدعو إل السلم ف مكة سرا ‪ ..‬وكان‬
‫‪..‬‬ ‫وهو يردد ‪ :‬ما فعل رسول ال‬ ‫السلمون يتفون بدينهم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬وال مال علم بصاحبك ‪..‬‬ ‫فلما تكامل عددهم ثانية وثلثي رجلً ‪..‬‬
‫ف الظهور ‪..‬‬ ‫على رسول ال‬ ‫ألّ أبو بكر‬

‫‪20‬‬
‫حاول أن يقوم ‪ ..‬فلم يستطع ‪ ..‬خرجت به أمه وأم جيل يتكئ عليهما ‪ ..‬حت أدخلتاه على‬ ‫فقال ‪ :‬اذهب إل أم جيل بنت الطاب ‪ ..‬فسليها عنه ‪ ..‬وكانت أم جيل مسلمة تكتم‬
‫‪..‬‬ ‫رسول ال‬ ‫إسلمها ‪..‬‬
‫فلما رآه النب عليه الصلة والسلم ‪ ..‬أكب عليه يقبله ‪..‬‬ ‫فخرجت أمه حت جاءت أم جيل فقالت ‪:‬‬
‫رقة شديدة ‪..‬‬ ‫وأكبّ عليه السلمون ‪ ..‬ورق له رسول ال‬ ‫إن أبا بكر يسألك عن ممد بن عبد ال ؟‬
‫وأبو بكر يقول ‪ :‬بأب وأمي أنت يا رسول ال ‪ ..‬ليس ب من بأس ‪ ..‬إل ما نال الفاسق من‬ ‫فخافت أم جيل أن يكتشفوا إسلمها ‪ ..‬فقالت ‪ :‬ما أعرف أبا بكر ‪ ..‬ول ممدا ‪ ..‬ولكن إن‬
‫وجهي ‪..‬‬ ‫أحببت مضيت معك إل ابنك ‪..‬‬
‫ث قال أبو بكر ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬هذه أمي برة بولدها ‪ ..‬وأنت رجل مبارك ‪ ..‬فادعها إل ال‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬فمضت معها ‪..‬‬
‫عز وجل ‪ ..‬وادع ال لا ‪ ..‬عسى ال أن يستنقذها بك من النار ‪..‬‬ ‫فلما دخلت على أب بكر ‪ ..‬وجدته صريعا دنفا ‪ ..‬مزق الوجه ‪ ..‬ودماؤه تسيل ‪..‬‬
‫‪ ..‬ث دعاها إل ال ‪ ..‬فأسلمت ‪..‬‬ ‫فدعا لا رسول ال‬ ‫فبكت وقالت ‪ :‬وال إن قوما نالوا هذا منك لهل فسق وكفر ‪ ..‬وإن لرجو أن ينتقم ال‬
‫‪ ..‬وتأمل ف حرصه على الدعوة إل ال ‪..‬‬ ‫فانظر إل هذا البل الراسي ‪ ..‬أب بكر‬ ‫لك منهم ‪..‬‬
‫واعجب من قوة ثباته على الدين ‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫فالتفت إليها أبو بكر ‪ ..‬وما يكاد يطيق ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا أم جيل ‪ ..‬ما فعل رسول ال‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫فنظرت أم جيل إل أم أب بكر وكانت ل تسلم بعد ‪ ..‬فخشيت أن تب الكفار بأسرار‬
‫السلمي ‪..‬‬
‫‪ ..‬قال ‪ :‬معاذ الله ‪..‬‬ ‫فقالت أم جيل لب بكر ‪ :‬هذه أمك تسمع ‪..‬‬
‫كان شابا فقيا ‪ ..‬يعمل بائعا ‪ ..‬يتجول ف الطرقات ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فل شيء عليك منها ‪..‬‬
‫وكانت هي امرأة فارغة ‪ ..‬ل تكف عن التعرض للحرام ‪ ..‬كانت مصيدة للشيطان ‪..‬‬
‫سالٌ صالٌ ‪ ..‬قال ‪ :‬فأين هو ؟‬ ‫قالت ‪ :‬رسول ال‬
‫مرّ ذات يوم بانب بيتها ‪ ..‬أطلت من طرف الباب وسألته عن بضاعته فأخبها ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬ف دار أب الرقم ‪..‬‬
‫طلبت منه أن يدخل لترى البضاعة ‪ ..‬فلما دخل أغلقت الباب ‪..‬‬
‫فقالت أمه ‪ :‬قد عرفت خب صاحبك ‪ ..‬فكل واشرب الن ‪..‬‬
‫ث دعته إل الرام ‪ ..‬فصاح با ‪ ..‬معاذ ال ‪..‬‬
‫‪ ..‬فأراه‬ ‫فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬إن ل علي أن ل أذوق طعاما أو شرابا ‪ ..‬حت آت رسول ال‬
‫وتذكر حاله عندما تذهب اللذات ‪ ..‬وتبقى السرات ‪..‬‬
‫بعين ‪..‬‬
‫تذكر يوم تشهد عليها أعضاؤه الت متعتها بالزنا ‪..‬‬
‫فأمهلتاه ‪ ..‬حت إذا أظلم الليل ‪ ..‬وهدأ الناس ‪..‬‬
‫رجله الت مشى با‪ ..‬يده الت لس با‪ ..‬لسانه الذي تكلم به‪..‬‬

‫‪21‬‬
‫فقال ‪ :‬أريد اللء ‪ ..‬المام ‪ ..‬فأشارت له إليه ‪..‬‬ ‫بل تشهد عليه ‪ ..‬كل ذرة من ذراته ‪ ..‬وكل شعرة من شعراته ‪..‬‬
‫فلما دخل اللء ‪ ..‬نظر إل نوافذه فإذا هو ل يستطيع الرب من خللا ‪..‬‬ ‫تذكر حرارة النيان ‪ ..‬وعذاب الرحن ‪..‬‬
‫ففكر ف طريقة يتخلص با ‪..‬‬ ‫يوم يعلق الزناة ف النار‪ ..‬ويضربون بسياط من حديد ‪ ..‬فإذا استغاث أحدهم من الضرب‪..‬‬
‫فأقبل على الصندوق الذي يُجمع فيه الغائط ‪..‬‬ ‫نادته اللئكة ‪ :‬أين كان هذا الصوت وأنت تضحك‪ ..‬وتفرح‪ ..‬وترح‪ ..‬ول تراقب ال ول‬
‫وجعل يأخذ منه ويلقي على ثيابه‪ ..‬ويديه‪ ..‬وجسده‪..‬‬ ‫تستحي منه‪!!..‬‬
‫ث خرج إليها‪ ..‬فلما رأته صاحت ‪ ..‬وألقت ف وجهه بضاعته ‪ ..‬وطردته من البيت ‪..‬‬ ‫تذكر قول النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬يا أمة ممد‪ ..‬وال إنه ل أحد أغي من ال‪ ..‬أن‬
‫فمضى يشي ف الطريق ‪ ..‬والصبيان يصيحون وراءه ‪ :‬منون‪ ..‬منون‪..‬‬ ‫يز ن عبده‪ ..‬أو تز ن أم ته‪ ..‬يا أ مة م مد وال لو تعلمون ما أعلم‪ ..‬لضحك تم قليلً ولبكي تم‬
‫حت وصل بيته‪ ..‬فأزال عنه النجاسة‪ ..‬واغتسل‪..‬‬ ‫كثيا ) ‪..‬‬
‫فلم يزل يُشمّ منه رائحة السك‪ ..‬حت مات‪..‬‬ ‫تذكر يوم رأى النب عليه الصلة والسلم ف منامه رجالً ونساءً عراة ف مكان ضيق مثل‬
‫( ذكر القصة ابن الوزي ف الواعظ ) ‪..‬‬ ‫التنور ‪ ..‬أسفله واسع وأعله ضيق ‪ ..‬وهم يصيحون ويصرخون ‪ ..‬وإذا هم يأتيهم لب من‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫‪ :‬من هؤلء يا‬ ‫أسفل منهم ‪ ..‬فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا من شدة حره ‪ ..‬فقال‬
‫‪ ..‬ينغمس في أنهارها ‪..‬‬ ‫جبيل ؟‬
‫كان ماعز شابا من الصحابة ‪ ..‬متزوج ف الدينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هؤلء الزناة والزوان ‪ ..‬فهذا عذابم إل يوم القيامة ‪..‬‬
‫وسوس له الشيطان يوما ‪ ..‬وأغراه بارية لرجل من النصار ‪..‬‬ ‫ولعذاب الخرة أشد وأبقى ‪ ..‬نسأل ال العفو والعافية ‪.‬‬
‫فخل با عن أعي الناس ‪ ..‬وكان الشيطان ثالثَهما ‪ ..‬فلم يزل يزين كلً منهما لصاحبه حت‬ ‫قالت له نفسه ‪ :‬افعل وتب ‪ ..‬قال ‪ ..‬أعوذ بال ‪ ..‬كيف أهتكت ستر رب ‪ ..‬كيف أنظر إل‬
‫وقعا ف الرام ‪..‬‬ ‫امرأة ل تل ل وال عز وجل من فوقنا ‪ ..‬ينظر إلينا ‪ ..‬كيف نتفي من اللق ‪ ..‬ونفجر أمام‬
‫فلما فرغ ماعز من جرمه ‪ ..‬تلى عنه الشيطان ‪ ..‬فبكى وحاسب نفسه ‪ ..‬ولمها ‪ ..‬وخاف‬ ‫الالق ‪..‬‬
‫من عذاب ال ‪ ..‬وضاقت عليه حياته ‪ ..‬وأحاطت به خطيئته ‪ ..‬حت أحرق الذنب قلبه ‪..‬‬ ‫فبقي ساكنا يفكر ف مرج ‪ ..‬وينظر على الباب ‪..‬‬
‫فجاء إل طبيب القلوب ‪ ..‬ووقف بي يديه وصاح من حرّ ما يد وقال ‪:‬‬ ‫فصاحت به الفاجرة ‪ :‬وال إن ل تفعل ما أريده منك صرخت ‪ ..‬فيحضر الناس فأقول ‪ :‬هذا‬
‫يا رسول ال ‪ ..‬إن البعد قد زن ‪ ..‬فطهرن ‪..‬‬ ‫الشاب‪ ..‬هجم عليّ ف داري ‪ ..‬فما ينتظرك بعدها إل القتل أو السجن ‪..‬‬
‫‪ ..‬فجاء من شقه الخرَ فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬زنيت ‪ ..‬فطهرن ‪..‬‬ ‫فأعرض عنه النب‬ ‫فأخذ الشاب العفيف يرتف ‪ ..‬خوّفها بال فلم تنجر ‪..‬‬
‫‪ :‬ويك ارجع ‪ ..‬فاستغفر ال وتب إليه ‪..‬‬ ‫فقال‬ ‫فلما رأى ذلك ‪ ..‬فكر ف حيلة يتخلص با ‪..‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ :‬أين فلن وفلن ؟‬ ‫فقال‬ ‫فرجع غي بعيد ‪ ..‬فلم يطق صبا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نن ذانِ ‪ ..‬يا رسول ال ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬يا رسول ال طهرن ‪..‬‬ ‫فعاد إل النب‬
‫قال ‪ :‬انزل ‪ ..‬فكل من جيفة هذا المار ‪..‬‬ ‫فقال رسول ال ‪ :‬ويك ‪ ..‬ارجع فاستغفر ال وتب إليه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا نب ال !! غفر ال لك ‪ ..‬من يأكل من هذا ؟‬ ‫قال ‪ :‬فرجع غي بعيد ‪ ..‬ث جاء فقال ‪ :‬يا رسول ال طهرن ‪..‬‬
‫‪ :‬ما نلتما ‪ ..‬من عرض أخيكما ‪ ..‬آنفا أشدّ من أكل اليتة ‪ ..‬لقد تاب توبة لو‬ ‫فقال‬ ‫‪ ..‬وقال ‪ :‬ويلك ‪ ..‬وما يدريك ما الزنا ؟ ‪..‬‬ ‫فصاح به النب‬
‫قسمت بي أمة لوسعتهم ‪ ..‬والذي نفسي بيده إنه الن لفي أنار النة ينغمس فيها ‪..‬‬ ‫ث أمر به فطرد ‪ ..‬وأخرج ‪..‬‬
‫فطوب ‪ ..‬لاعز بن مالك ‪ ..‬نعم وقع ف الزن ‪ ..‬وهتك الستر الذي بينه وبي ربه ‪..‬‬ ‫ث أتاه الثانية ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬زنيت ‪ ..‬فطهرن ‪..‬‬
‫لكنه تاب توبة لو قسمت بي أمة لوسعتهم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ويلك ‪ ..‬وما يدريك ما الزنا ؟ ‪..‬‬
‫( أصل قصته ف الصحيحي وسقتها من مموع رواياتا ) ‪..‬‬ ‫وأمر به ‪ ..‬فطُرد ‪ ..‬وأخرج ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫ث أتاه الثالثةَ ‪ ..‬والرابعةَ كذلك ‪ ..‬فلما أكثر عليه ‪..‬‬
‫‪ ..‬المغني ‪..‬‬ ‫قومَه ‪ :‬أبه جنون ؟ قالوا ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬ما علمنا به بأسا ‪..‬‬ ‫سأل رسول ال‬
‫وقفت على النافذة تراقبن بعيني دامعتي ‪ ..‬تلوح بيديها اللتي أهزلما مر السني ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬لعله شرب خرا ؟ فقام رجل فاستنكهه وشّه فلم يد منه ريح خر ‪..‬‬
‫كانت تدافع عباتا ‪ ..‬حت غلبها البكاء ‪ ..‬فبكت ‪..‬‬ ‫‪ :‬هل تدري ما الزنا ؟‬ ‫فقال‬
‫وقفت أنظر إليها ‪ ..‬نشيجها يصل إل مسمعي ‪ ..‬لكن العاصي الاثة على صدري حالت‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬أتيت من امرأة حراما ‪ ،‬مثلَ ما يأت الرجل من امرأته حللً ‪..‬‬
‫بينه وبي الوصول إل قلب القاسي ‪..‬‬ ‫‪ :‬فما تريد بذا القول ؟‬ ‫فقال‬
‫ل أرحم توسلتا بالبقاء معها ‪ ..‬واللتحاق بامعة ف نفس الدينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أريد أن تطهرن ‪..‬‬
‫أنانية ‪ ..‬حب للذات ‪ ..‬بث عن حرية مزعومة ‪ ..‬و شخصية مستقلة بذاتا ‪..‬‬ ‫‪ :‬نعم ‪ ..‬فأمر به أن يرجم ‪ ..‬فرجم حت مات ‪..‬‬ ‫قال‬
‫بل شهوات وملذات ‪ ..‬وشياطي من النس والن يؤازر بعضهم بعضا ‪..‬‬ ‫على موضعه مع بعض أصحابه ‪..‬‬ ‫فلما صلوا عليه ودفنوه مرّ النب‬
‫هروب من نصائحها ومواعظها ‪ ..‬من عطفها وشفقتها ‪ ..‬وخوفها أن أنرف ‪..‬‬ ‫رجلي من أصحابه يقول أحدها لصاحبه ‪:‬‬ ‫فسمع النب‬
‫تركتها وهي واقفة تودعن ‪ ..‬غبت عنها وهي ل تفارق مكانا ‪ ..‬وداعا أمي ‪..‬‬ ‫انظر إل هذا ‪ ..‬الذي ستر ال عليه ول تدعه نفسه حت رُجم رَجم الكلب ‪..‬‬
‫وهناك ‪ ..‬ل أعد أسع عند خروجي ‪ :‬ف حفظ ال يا ولدي ‪ ..‬إل أين تذهب يا ولدي ؟‬ ‫‪ ..‬ث سار ساعة ‪ ..‬حت مر بيفة حار ‪ ..‬قد أحرقته الشمس حت انتفخ‬ ‫فسكت النب‬
‫وهناك ‪ :‬ل أعد أسع ‪ :‬لاذا تأخرت يا ولدي ؟‪..‬‬ ‫وارتفعت رجله ‪..‬‬

‫‪23‬‬
‫حركة دائبة ف النل فزواج أخي يوم الميس ‪ ..‬ويوم الربعاء سيتم عقد قران اثنتي من‬ ‫انطلقت ف حياة اللهو والترف ‪ ..‬حياة الغفلة والوض ف العاصي والثام ‪..‬‬
‫أخوات ‪..‬‬ ‫صوت الميل أغرى رفقاء السوء الذين زينوا لّ الغناء ‪..‬‬
‫كانت أمي كالنحلة ‪ ..‬تنتقل من مكان إل مكان ‪ ..‬ل تكاد الدنيا تسعها من الفرح ‪ ..‬تردد‬ ‫بدأت أغن وشياطي النس يغدقون عبارات الثناء الت لمست قلب ‪..‬‬
‫الدعوات والتبيكات ‪..‬‬ ‫إل أن جاء ذلك اليوم الذي دعوت فيه لكي أغن على السرح ‪ ..‬عشت صراعا رهيبا فل‬
‫على شفتيها فرح لو قسم على العال لبتسم ‪ ..‬تواصل الليل بالنهار ‪..‬‬ ‫زال الياء يتل من قلب مساحة صغية ‪ ..‬فعشت بي الرفض والوافقة لظات ‪ ..‬فقلب‬
‫تعد العدة للفرح الكبي ‪ ..‬تطمئن على كل شيء ‪ ..‬ل تدع صغية ول كبية إل وتسأل‬ ‫يعاتبن ‪ :‬ل لست من يقف ليغن كما يفعل الفسقة ‪ ..‬لكن نفسي توبن وتلومن ‪ :‬هذه‬
‫عنها ‪..‬‬ ‫فرصتك ل تضيعها سوف تصبح مشهورا ‪ ..‬وبعد عناء وتردد وافقت ‪..‬‬
‫وجاء يوم الربعاء سريعا ‪..‬‬ ‫صعدت على السرح ولزال للحياء بقية ‪ ..‬لكنه رحل مع أول كلمة تغنيت با ‪..‬‬
‫فإذا به يمل الفاجعة الت غيت مرى حيات ‪ ..‬الفاجعة الت أيقظتن من الغفلة ‪..‬‬ ‫اهتزت القاعة طربا ‪ ..‬وتايلت الجساد نشوة ‪ ..‬عبارات الثناء والديح تستحثن على‬
‫أحيت قلب الذي قد مات ‪..‬‬ ‫الواصلة كلما سكت ‪..‬‬
‫جاءت الفاجعة لتنتشلن من الستنقع القذر ‪ ..‬مستنقع الرذيلة ‪ ..‬مستنقع الغناء والطرب ‪..‬‬ ‫لتمضي تلك الليلة ولتقضي على ماتبقى من إيان ‪..‬‬
‫ماتت أمي ‪ ..‬كيف !! ل أدري ‪ ..‬الهم أنا ماتت ‪..‬‬ ‫رفقاء السوء من حول قد أزدادوا ‪ ..‬الدعوات كثرت ‪ ..‬تنقلت من قاعة إل قاعة ‪ ..‬تنقلت‬
‫بعد أن شاركتنا لظات بسيطة من الفرح ‪ ..‬تنحت قليلً ‪..‬‬ ‫بي أصناف العاصي والثام ‪ ..‬سهرات خاصة وعامة ‪..‬‬
‫وألقت بسدها النهك على سريرها ‪ ..‬وكأنا تقول ‪ :‬وداعا صغاري ‪ ..‬لقد كبت ‪..‬‬ ‫قدمت لّ دعوة للمشاركة ف حفل غنائي ف أحد القصور ‪..‬قدمت بعض الغان والت تفاعل‬
‫تول الفرح إل حزن ‪ ..‬وجوه صامتة قد تلكتها الدهشة وألمتها الفاجعة ‪..‬‬ ‫معها المهور وكنت بق النجم القادم إل الساحة الفنية ‪..‬‬
‫ل ترى إل دموعا تنهمر ‪ ..‬وقلوبا ترتف ‪..‬‬ ‫تلقيت بعد هذه الفلة دعوة من أحد أهل الفن يعرض عليّ رغبته ف أن يتبنان فنيا ويهتم ب‬
‫ول تسمع إل نشيجا ينطلق من كل زاوية ف النل ‪ ..‬كل شيء كان يبكي وينوح ‪ ..‬إل أمي‬ ‫‪..‬‬
‫فقد كانت على فراشها ساكنة ‪ ..‬ل تدري عما حولا ‪..‬‬ ‫أخذت موعدا مع فنان مشهور عن طريق وكيل أعماله ‪ ..‬ليتم التنسيق بذا الشأن ‪ ..‬وكان‬
‫جهزوا جنازتا ‪ ..‬بدؤوا يغسلونا ‪..‬‬ ‫الوعد يوم الميس ‪..‬‬
‫دخلت عليها بعدما غسلت ‪ ..‬ألقيت عليها النظرة الخية ‪ ..‬كان وجهها هادئا ‪ ..‬كما كان‬ ‫اليام تضي سريعة ‪..‬‬
‫ف الياة ‪..‬‬ ‫قبل الوعد بيومي رجعت إل أهلي ‪ ..‬لشاركتهم ف بعض الناسبات ‪..‬‬

‫‪24‬‬
‫النحيب مشفوع بدعوات صادقة تنطلق من العماق ‪ ..‬تؤمن عليها كل ذرة من ذرات‬ ‫نظرت إل فمها ‪ ..‬عينيها ‪ ..‬يديها ‪ ..‬كانت بالمس تنهان عن مفارقتها خوفا عل ّي من‬
‫جسدي ‪..‬‬ ‫الفساد ‪..‬‬
‫عاهدت رب على الب با بعد موتا ‪..‬‬ ‫قبلتها ‪ ..‬بكيت ‪ ..‬بكت أخوات حول ‪ ..‬أخرجون من غرفة التغسيل ‪..‬‬
‫سألته أن يثبتن على ذلك ‪ ..‬رددت الدعاء ‪ :‬اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلب على دينك ‪..‬‬ ‫مضت الساعات سريعة ‪ ..‬ل أشعر إل وأنا أقف ف الصف أصلي عليها ‪ ..‬جثتها هامدة ‪..‬‬
‫انتهيت من الصلة ‪..‬‬ ‫والمام يردد ال ‪ :‬أكب ‪ ..‬ال أكب ‪..‬‬
‫توجهت نو الاضي الكئيب ‪ ..‬أقلب بي الدفاتر والوراق ‪..‬‬ ‫دعوت لا بكل جوارحي ‪ ..‬دعوت ال أن يغفر ل تقصيي ف حقها ‪..‬‬
‫فهنا دفتر يمل بعض الغان ‪ ..‬وهنا رسائل ‪ ..‬وهناك صور ‪ ..‬هذا شريط أغانٍ خاصة ‪..‬‬ ‫حلت جنازتا مع من حلوا ‪ ..‬سرنا با إل القب ‪..‬‬
‫وهذه أشرطة لبعض الفساق ‪..‬‬ ‫جعلت أهيل عليها التراب ‪ ..‬اللهم ثبتها ‪ ..‬اللهم ثبتها ‪..‬‬
‫عمدت إل جيب أخرجت ما فيه من بطاقات ‪ ..‬وجدت بطاقة الفنان الكبي ‪ ..‬تذكرت‬ ‫مضى النهار مع العزين ‪ ..‬لكن كان لليل قول آخر ‪..‬‬
‫موعده ‪ ..‬يوم الميس عصرا ‪..‬‬ ‫أويت إل غرفت مبكرا ‪..‬أطفأت النوار ‪..‬‬
‫صرخت ‪ :‬أعوذ بال ‪ ..‬مزقته بيدي ‪..‬‬ ‫ألقيت بسدي على الفراش ‪..‬‬
‫جعت كل شيء يذكرن بالعاصي والثام ‪ ..‬وضعتها ف كيس وف اليوم الثان كان الفراق‬ ‫صورٌ من الاضي بدأت تظهر ل ‪ ..‬صوتا يل الكان ‪ ..‬يا ولدي قم ‪ ..‬ل تفتك الصلة ‪..‬‬
‫بين وبينها ‪..‬‬ ‫زملئك ف السجد ينتظرونك ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫يا ولدي أبق معي ‪ ..‬واصل دراستك هنا ‪ ..‬ل تسافر ‪ ..‬يا ولدي أنتبه لنفسك ‪..‬‬
‫حسرات وندم ‪ ..‬هوم وغموم أطبقت على صدري ‪ ..‬ل استطع أن أتنفس ‪..‬‬
‫‪ ..‬البطل ‪..‬‬ ‫صور من العقوق ‪ ..‬شريط الذكريات ير أمامي ‪..‬‬
‫شاب نضر ‪ ..‬نشأ ف بيت عز وسلطان ‪ ..‬ومنعة ومكان ‪..‬‬
‫كانت تسعدن وأشقيها‪ ..‬تفرحن وأبكيها ‪..‬‬
‫كان معظما عند قومه ‪ ..‬مهيبا ف بلده ‪ ..‬مقدما بي أقرانه ‪ ..‬فريدا ف زمانه ‪..‬‬
‫تذكرت ‪ ..‬توسلتا ‪ ..‬رجاءها ‪ ..‬ل تذهب ‪ ..‬ل تفعل ‪ ..‬زفرات وحسرات ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫انظر إل سلمان الفارسي‬
‫آآآآآه كم كنت عاقا ‪..‬‬
‫كان موسيا ‪ ..‬يعبد النار وكان أبوه سيدَ قومه ‪..‬‬
‫بكيت بكاءً مرا ‪ ..‬قمت أصلي لكنن ل استطع أن أصلي فقد استعجم لسان ‪..‬‬
‫وكان يبه حبا عظيما ‪ ..‬وقد حبسه ف بيته عند النار ‪..‬‬
‫كانت دموعي ساخنة فأذابت قسوة قلب ‪..‬‬
‫ومع طول ملزمته للنار ‪ ..‬اجتهد ف الجوسية ‪ ..‬حت صار قاطن النار الذي يوقدها ‪..‬‬
‫سجدت ل بللت موضع سجودي بالدموع ‪..‬‬

‫‪25‬‬
‫فلما أراد التجار الرجوع أرسلوا إليه ‪ ..‬وواعدوه ف مكان ‪ ..‬فتحيل حت فك القيد من‬ ‫وكان لبيه بستان عظيم ‪ ..‬يذهب إليه كل يوم ‪..‬‬
‫قدميه ‪..‬‬ ‫فشغل الب ف بنيان له يوما ف داره ‪ ..‬فقال لسلمان ‪:‬‬
‫ث خرج إليهم فانطلق معهم إل الشام ‪..‬‬ ‫فانطلق إل ضيعت فاصنع فيها كذا وكذا ‪..‬‬
‫فلما دخل الشام ‪ ..‬سألم ‪ :‬من أفضل أهل هذا الدين علما ؟‬ ‫ففرح سلمان وخرج من حبسه ‪ ..‬وتوجه إل البستان ‪ ..‬فبينما هو ف طريقه إذ مرّ بكنيسة‬
‫قالوا ‪ :‬السقف الذي ف الكنيسة ‪..‬‬ ‫للنصارى ‪ ..‬فسمع صلتم فيها ‪..‬‬
‫فتوجه إل الكنيسة ‪ ..‬فأخب السقف خبه ‪ ..‬وقال له ‪ :‬إن قد رغبت ف هذا الدين ‪..‬‬ ‫فدخل عليهم ينظر ماذا يصنعون ‪..‬‬
‫وأحب أن أكون معك ‪ ..‬أخدمك ‪ ..‬وأصلي معك ‪ ..‬وأتعلم منك ‪..‬‬ ‫وأعجبه ما رأى من صلتم ‪ ..‬ورغب ف اتباعهم ‪..‬‬
‫فقال له السقف ‪ :‬أقم معي ‪..‬‬ ‫وقال ف نفسه ‪ :‬هذا خي من ديننا الذي نن عليه ‪..‬‬
‫فمكث معه سلمان ف الكنيسة ‪..‬‬ ‫فسألم ‪ :‬عن دينهم ‪..‬‬
‫فكان سلمان يرص على اليات ‪ ..‬والتعبد والصلوات ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أصله بالشام ‪ ..‬وأعلم الناس به هناك ‪..‬‬
‫أما السقف فكان رجل سوء ف دينه ‪ ..‬كان يأمر الناس بالصدقة ويرغبهم فيها ‪..‬‬ ‫فلم يزل عندهم ‪ ..‬حت غابت الشمس ‪..‬‬
‫فإذا جعوا إليه الموال ‪ ..‬اكتنيزها لنفسه ‪ ..‬ول يعطها الساكي ‪..‬‬ ‫فلما رجع إليه ‪ ..‬قال أبوه ‪ :‬أي بن أين كنت ؟‬
‫فأبغضه سلمان بغضا شديدا ‪ ..‬لكنه ل يستطيع أن يب أحدا ببه ‪ ..‬فالسقف معظم‬ ‫قال ‪ :‬إن مررت على ناس يصلون ف كنيسة لم ‪ ..‬فأعجبن ما رأيت من أمرهم وصلتم ‪..‬‬
‫عندهم ‪ ..‬أما هو فغريب ‪ ..‬قريب العهد بدينهم ‪..‬‬ ‫ورأيت أن دينهم خي من ديننا ‪..‬‬
‫فلم يلبث السقف أن مات ‪..‬‬ ‫ففزع أبوه ‪ ..‬وقال ‪ :‬أي بن ‪ ..‬دينك ودين آبائك خي من دينهم ‪..‬‬
‫فحزن عليه قومه ‪ ..‬واجتمعوا ليدفنوه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬كل وال ‪ ..‬بل دينهم خي من ديننا ‪..‬‬
‫فلما رأى سلمان حزنم عليه قال ‪ :‬إن هذا كان رجل سوء ‪ ..‬يأمركم بالصدقة ‪ ..‬ويرغبكم‬ ‫فخاف أبوه أن يرج من دين الجوس ‪ ..‬فجعل ف رجله قيدا ‪ ..‬ث حبسه ف البيت‪..‬‬
‫فيها ‪ ..‬فإذا جئتموه با ‪ ..‬اكتنها لنفسه ول يعط الساكي منها شيئا ‪..‬‬ ‫فلما رأى سلمان ذلك ‪ ..‬بعث إل النصارى رسولً من عنده ‪ ..‬يقول لم ‪ :‬إن قد رضيت‬
‫قالوا ‪ :‬فما علمة ذلك ؟‬ ‫دينكم ورغبت فيه ‪ ..‬فإذا قدم عليكم ركب من الشام من النصارى ‪ ..‬فأخبون بم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أنا أدلكم على كنه ‪ ..‬فمضى بم حت دلم على موضع الال ‪ ..‬فحفروه ‪ ..‬فأخرجوا‬ ‫فما مضى زمن حت قدم عليهم ركب من الشام ‪ ..‬تار من النصارى ‪ ..‬فبعثوا إل سلمان‬
‫سبع قلل ملوءة ذهبا وفضة ‪..‬‬ ‫فأخبوه ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬وال ل ندفنه أبدا ‪ ..‬ث صلبوه على خشبة ‪ ..‬ورجوه بالجارة ‪..‬‬ ‫فقال للرسول ‪ :‬إذا قضى التجار حاجاتم وأرادوا الرجوع إل الشام فآذنون ‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫ولكنه قد أظلك زمان نب يبعث بدين إبراهيم النيفية ‪ ..‬يرج بأرض العرب مهاجرا إل‬ ‫وجاءوا برجل آخر ‪ ..‬فجعلوه مكانه ف الكنيسة ‪..‬‬
‫أرض بي حرتي ( أي أرضي سوداوين ) بينهما نل ‪ ..‬به علمات ل تفى ‪:‬‬ ‫قال سلمان ‪ :‬فما رأيت رجلً ل يصلي المس ‪ ..‬كان خيا منه ‪ ..‬أعظم رغبة ف الخرة ‪..‬‬
‫أنه يأكل الدية ‪..‬‬ ‫ول أزهد ف الدنيا ‪ ..‬ول أدأب ليلً ول نارا منه ‪ ..‬فأحببته حبا ما علمت أن أحببته شيئا‬
‫ول يأكل الصدقة ‪..‬‬ ‫كان قبله ‪..‬‬
‫بي كتفيه خات النبوة ‪..‬‬ ‫فلم يزل سلمان يدمه ‪ ..‬حت كب وحضرته الوفاة ‪..‬‬
‫إذا رأيته عرفته ‪ ..‬فإن استطعت أن تلحق بتلك البلد فافعل ‪..‬‬ ‫فحزن على فراقه ‪ ..‬وخاف أن ل يثبت على الدين بعده ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬
‫ث مات ودُفن فمكث سلمان بعمورية ما شاء ال أن يكث ‪..‬‬ ‫يا فلن ‪ ..‬قد حضرك ما ترى من أمر ال ‪ ..‬فإل من توصي ب ؟‬
‫وهو يلتمس من يرج به إل أرض النبوة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي بن ‪ ..‬وال ما أعلم أحدا على ما كنت عليه ‪ ..‬لقد هلك الناس وبدلوا ‪ ..‬وتركوا‬
‫فما زال كذلك ‪ ..‬حت مرّ به نفر من قبيلة كلب ‪ ..‬تار ‪ ..‬فسألم عن بلدهم ‪ ..‬فأخبوه‬ ‫كثيا ما كانوا عليه ‪..‬‬
‫أنم من أرض العرب ‪..‬‬ ‫إل رجلً بالوصل وهو فلن ‪ ..‬وهو على ما كنت عليه فالق به ‪..‬‬
‫فقال لم ‪ :‬تملون إل أرضكم ‪ ..‬وأعطيكم بقرات وغنيمت ؟‬ ‫فلما توف الرجل العابد ‪ ..‬خرج سلمان من الشام إل العراق ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬فأعطاهم إياها ‪ ..‬وحلوه معهم ‪..‬‬ ‫فأتى صاحب الوصل ‪..‬‬
‫حت إذا قدموا به وادي القُرى ‪ ..‬طمعوا ف الال ‪ ..‬فظلموه وادعوا أنه عبد ملوك لم ‪..‬‬ ‫فأقام عنده ‪ ..‬حت حضرته الوفاة ‪ ..‬فأوصى سلمان لرجل بنصيبي ‪..‬‬
‫وباعوه لرجل من اليهود ‪ ..‬فلم يستطع سلمان أن يدفع عن نفسه ‪..‬‬ ‫فشد رحاله إل الشام مرة أخرى ‪..‬‬
‫فصار عند هذا اليهودي يدمه ‪..‬‬ ‫حت أتى نصيبي ‪ ..‬فأقام عند صاحبه طويلً ‪ ..‬حت نزل به الوت ‪ ..‬فأوصاه أن يصاحب‬
‫حت قدم على اليهودي يوما ابن عم له من الدينة من يهود بن قريظة ‪ ..‬فاشترى سلمان منه‬ ‫رجلً بعمورية بالشام ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فذهب إل عمورية ‪..‬‬
‫فاحتمله إل الدينة ‪ ..‬فلما رآها ‪ ..‬ورأى نلها ‪ ..‬وحجارتا ‪ ..‬عرف أنا أرض النبوة الت‬ ‫وأقام عند صاحبه ‪ ..‬واكتسب حت كانت عنده بقرات وغنيمة ‪ ..‬ث ل يلبث العابد أن مرض‬
‫وصفها له صاحبه ‪ ..‬فأقام با ‪ ..‬وأخذ يترقب أخبار النب الرسل ‪..‬‬ ‫ونزل به الوت ‪ ..‬فحزن سلمان عليه ‪ ..‬وقال له مودعا ‪:‬‬
‫ومرت السنوات ‪..‬‬ ‫يا فلن إل من توصي ب ؟ فقال الرجل الصال ‪:‬‬
‫وبعث ال رسوله عليه السلم فأقام بكة ما أقام ‪ ..‬وسلمان ل يسمع له بذكر ‪..‬‬ ‫يا سلمان ‪ ..‬وال ما أعلم أصبح على مثل ما نن فيه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ‪ ..‬يعن‬
‫لشدة ما هو فيه من الدمة عند اليهودي ‪..‬‬ ‫لقد غي الناس وبدلوا ‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫فسلم عليه ‪ ..‬ث قال له ‪ :‬إن‬ ‫وبعدها بأيام ‪ ..‬جع طعاما آخر ‪ ..‬ث أقبل على رسول ال‬ ‫إل الدينة ومكث با ‪ ..‬وسلمان ل يدري عنه شيئا ‪..‬‬ ‫ث هاجر‬
‫قد رأيتك ل تأكل الصدقة ‪ ..‬وهذه هدية أهديتها كرامة لك ‪ ..‬ليست بصدقة ‪..‬‬ ‫فبنما هو يوما ف رأس نلة لسيده ‪ ..‬يعمل فيها ‪ ..‬وسيده جالس أسفل النخلة ‪..‬‬
‫‪..‬فمد يده إليها ‪ ..‬فأكل وأكل أصحابه ‪..‬‬ ‫ث وضعها بي يديه‬ ‫إذ أقبل رجل يهودي من بن عمه ‪ ..‬حت وقف عليه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فلما رأى سلمان ذلك قال ف نفسه ‪ :‬هذه أخرى ‪..‬‬ ‫أي فلن ‪ ..‬قاتل ال بن قيلة ‪ ..‬يعن الوس والزرج ‪ ..‬إنم الن لجتمعون على رجل بقباء‬
‫‪ ..‬ولكن أن له ذلك ‪..‬‬ ‫وبقي واحدة ‪ ..‬أن ينظر إل خات النبوة بي كتفيه‬ ‫‪ ..‬قدم من مكة يزعمون أنه نب ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫رجع سلمان إل خدمة سيده ‪ ..‬وقلبه مشغول بال رسول ال‬ ‫فلما سع سلمان ذلك ‪ ..‬انتفض جسده ‪ ..‬وطار فؤاده ‪..‬‬
‫يبحث عنه ‪ ..‬فإذا هو ف بقيع الغرقد ‪ ..‬قد تبع‬ ‫فمكث أياما ‪ ..‬ث مضى إل رسول ال‬ ‫ورجفت النخلة ‪ ..‬حت كاد أن يسقط على صاحبه ‪ ..‬ث نزل سريعا وهو يصيح بالرجل ‪:‬‬
‫جنازة رجل من النصار ‪ ..‬فجاءه فإذا حوله أصحابه ‪ ..‬وعليه شلتان مؤتزرا بواحدة ‪..‬‬ ‫ماذا تقول ؟ ما هذا الب ؟‬
‫مرتديا بالخرى ‪ ..‬كلباس الحرام ‪..‬‬ ‫فغضب سيده ‪ ..‬ورفع يده فلطمه با لطمة شديدة ‪ ..‬ث قال ‪:‬‬
‫فسلم عليه ‪ ..‬ث استدار ينظر إل ظهره ‪ ..‬هل يرى الات الذي وصف له صاحبه !!‬ ‫ما لك ولذا ؟ أقبل على عملك ‪..‬‬
‫استدارته عرف أنه يستثبت ف شيء وصف له ‪..‬‬ ‫فلما رأى النب‬ ‫فسكت سلمان ‪ ..‬وصعد نلته يكمل عمله ‪..‬‬
‫فحرك كتفيه ‪ ..‬فألقى رداءه عن ظهره ‪ ..‬فنظر سلمان إل الات ‪ ..‬فعرفه ‪ ..‬فانكب عليه‬ ‫وقلبه مشغول بب النبوة ‪ ..‬ويريد أن يتيقن من صفات هذا النب ‪ ..‬الت وصفها صاحبه ‪..‬‬
‫يقبله ويبكى ‪..‬‬ ‫يأكل الدية ‪ ..‬ول يأكل الصدقة ‪ ..‬وبي كتفيه خات النبوة ‪..‬‬
‫تول ‪ ..‬أي اجلس أمامي ‪ ..‬فاستدار حت قابل وجه النب عليه السلم ‪..‬‬ ‫فقال له النب‬ ‫‪..‬‬ ‫فلما أقبل الليل ‪ ..‬جع ما كان عنده من طعام ‪ ..‬ث خرج حت جاء إل رسول ال‬
‫عن خبه ‪ ..‬فقص عليه قصته ‪ ..‬وأخبه أنه كان شابا مترفا ‪ ..‬ترك العز‬ ‫فسأله‬ ‫وهو جالس بقُباء فدخل عليه ‪ ..‬فإذا حوله نفر من أصحابه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫والسلطان ‪ ..‬طلبا للهداية واليان ‪ ..‬حت تنقل بي الرهبان ‪ ..‬يدمهم ويتعلم منهم ‪..‬‬ ‫إنه بلغن أنكم أهل حاجة وغربة ‪ ..‬وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة ‪ ..‬فجئتكم به ‪..‬‬
‫واستقر به القام عبدا ملوكا ليهودي ف الدينة ‪..‬‬ ‫ث وضعه سلمان بي يدي النب عليه السلم ‪ ..‬واعتزل ناحية ينظر إليه ماذا يفعل ؟‬
‫‪ ..‬ودموعه تري على خدية ‪ ..‬فرحا وبشرا ‪..‬‬ ‫ث أخذ سلمان ينظر إل رسول ال‬ ‫إل الطعام ‪ ..‬ث التفت إل أصحابه ‪ ..‬فقال ‪:‬كلوا ‪..‬‬ ‫فنظر النب‬
‫ث أسلم ‪ ..‬ونطق الشهادتي ‪ ..‬ومضى إل سيده اليهودي ‪ ..‬فزاده اليهودي شغلً وخدمة ‪..‬‬ ‫فلم يأكل ‪..‬‬ ‫وأمسك هو‬
‫‪ ..‬أما هو فقد شغله الرق ‪ ..‬عن مالسته ‪ ..‬حت فاتته‬ ‫فكان الصحابة يالسون النب‬ ‫فلما رأى سلمان ذلك قال ف نفسه ‪ :‬هذه وال واحدة ‪ ..‬ل يأكل الصدقة ‪ ..‬وبقي اثنتان ‪..‬‬
‫معركة بدر ث أحد ‪..‬‬ ‫ث رجع إل سيده ‪..‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ..‬مفتاح الشّر ‪..‬‬ ‫ذلك قال له ‪ :‬كاتب يا سلمان ‪ ..‬أي اشتر نفسك من سيدك بال‬ ‫فلما رأى رسول ال‬
‫قال ل ‪:‬‬ ‫تؤديه إليه ‪..‬‬
‫كان ل صديق حيم ف مكانة الخ ‪ ..‬مات السبوع الاضي فجأة ف حادث سي ‪..‬‬ ‫فسأل سلمان صاحبه أن يكاتبه ‪ ..‬فشدد عليه اليهودي ‪..‬‬
‫أسأل ال أن يرحه ويتجاوز عنه ‪..‬‬ ‫وأب عليه إل بأربعي أوقية من فضة ‪..‬‬
‫الشكلة ‪ ..‬أن هذا الصديق له خبة ف النترنت ‪ ..‬وكان متعلقا باكتشاف الواقع الباحية‬ ‫وثلثِمائةِ نلة ‪ ..‬يمعها فسائل صغار ‪ ..‬ث يغرسها ‪ ..‬واشترط عليه أن تيا كلّها ‪..‬‬
‫‪ ..‬وجع الصور الليعة ‪..‬‬ ‫لصحابه ‪ :‬أعينوا‬ ‫با اشترط عليه اليهودي ‪ ..‬قال‬ ‫فلما أخب سلمان رسولَ ال‬
‫حت إنه صمم موقعا إباحيا يتوي على صور خليعة ‪..‬‬ ‫أخاكم بالنخل ‪..‬‬
‫بل لديه مموعة أشخاص ‪ ..‬مسجلي ف الوقع ‪ ..‬يرسل إل بريدهم كل فترة ما يستجد لديه‬ ‫فأعانه السلمون ‪ ..‬وجعل الرجل يضي إل بستانه فيأتيه با يستطيع من فسيلة نل ‪ ..‬فلما‬
‫من صور ‪ ..‬إباحية ‪ ..‬يرسلها الوقع إليهم آليا ‪..‬‬ ‫جع النخل ‪..‬‬
‫ومات الرجل فجأة ‪..‬‬ ‫‪ :‬يا سلمان ‪ ..‬اذهب ففقر لا ‪ -‬أي احفر لا ‪ -‬لغرسها ‪ ..‬فإذا أنت أردت أن‬ ‫فقال‬
‫والصيبة أننا ل نعرف الرمز السري للموقع للتصرف فيه أو إغلقه ‪..‬‬ ‫تضعها فل تضعها حت تأتين فتؤذنن ‪..‬‬
‫كنت أفكر ف ذلك ‪ ..‬وأنا أنتظر الصلة عليه ف السجد ‪..‬‬ ‫فبدأ سلمان يفر لا ‪ ..‬وأعانه أصحابه ‪ ..‬حت حفر ثلثَمائة حفرة ‪..‬‬
‫مشيت ف جنازته ‪ ..‬وهو ممول على النعش ‪..‬‬ ‫معه إليها ‪ ..‬فجعل الصحابة يقربون له فسيلة النخل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فخرج‬ ‫ث جاء فأخب النب‬
‫كنت أفكر ‪ ..‬ماذا سيستقبله ف قبه ‪ ..‬صور خليعة ؟!‪..‬‬ ‫بيده ف الفر ‪..‬‬ ‫ويضعه‬
‫حسبنا ال ونعم الوكيل !!‬ ‫قال سلمان ‪ :‬فوالذي نفس سلمان بيده‪..‬ما ماتت منها نلة واحدة ‪..‬‬
‫وصلنا إل القبة ‪ ..‬قبور موحشة ‪ ..‬الناس يتزاحون على القب ‪..‬‬ ‫فلما أدى النخل إل اليهودي ‪ ..‬بقي عليه الال ‪..‬‬
‫نظرت داخل قبه ‪ ..‬آآآه ‪ ..‬كيف سيكون حاله فيه ‪..‬‬ ‫يوما بذهب من بعض الغازي ‪..‬‬ ‫فأُت النب‬
‫رأيت بعض الناس يبكي ‪..‬‬ ‫فالتفت إل أصحابه وقال ‪ :‬ما فعل الفارسي الكاتب ‪..‬‬
‫قلت ف نفسي ‪ :‬هل سينفعه بكاؤهم !!‬ ‫‪ :‬خذ هذه فأد با ما عليك يا سلمان ‪..‬‬ ‫فدعوه له ‪ ..‬فقال‬
‫دفناه ‪ ..‬ث ذهبنا وتركناه ‪..‬‬ ‫فأخذها سلمان ‪ ..‬فأدى منها الال إل اليهودي ‪..‬‬
‫والدته رأت ف النام صبية يرون على قبه ويتبولون فوقه ‪..‬‬ ‫حت مات ‪..‬‬ ‫وعتق ‪ ..‬ث لزم النب‬
‫كانت تتساءل عن تعبيها ‪ ..‬السكينه ل تدري عن خفايا المور !!‬ ‫* * * * * * * * * *‬

‫‪29‬‬
‫وحسب ال ونعم الوكيل ‪..‬‬ ‫سعت عن هذه الرؤيا ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫فقلت ف نفسي ‪ ..‬ما تتاج إل تعبي ‪ ..‬معناها واضح ‪..‬‬
‫السماء ل تمطر ‪!!..‬‬ ‫هؤلء الصبية الذين يتبولون على قبه ‪ ..‬هم الذين أرسل إليهم الصور ‪..‬‬
‫بنو إسرائيل ‪ ..‬أصابم قحط على عهد موسى عليه السلم ‪ ..‬فاجتمع الناس إليه ‪..‬‬ ‫وبدؤوا هم بإرسالا لن يعرفون ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬يا كليم ال ‪ ..‬ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ‪..‬‬ ‫يا للهول ‪ ..‬كيف سيتحمل آثام هؤلء !!‬
‫فقام معهم ‪ ..‬وخرجوا إل الصحراء ‪ ..‬وهم سبعون ألفا أو يزيدون ‪..‬‬ ‫( من دعا إل ضللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه ل ينقص ذلك من أوزارهم‬
‫اجتمعوا بي يديه ‪ ..‬وقاموا يدعون ‪ ..‬وهم شعث غب ‪ ..‬عطاش جوعى ‪..‬‬ ‫شيئا ) ‪..‬‬
‫وقام كليم ال يدعو ‪ :‬إلي ‪ ..‬اسقنا غيثك ‪ ..‬وانشر علينا رحتك ‪ ..‬وارحنا بالطفال الرضع‬ ‫حاولت جاهدا ‪ ..‬أن أحسن إليه ‪..‬‬
‫‪ ..‬والبهائم الرتع ‪ ..‬والشايخ الركع ‪..‬‬ ‫خاطبت الشركة الكبى الستضيفة للموقع ليوقفوا الشتراك ‪..‬‬
‫فما زادت السماء إل تقشعا ‪ ..‬والشمس إل حرارة ‪..‬‬ ‫فاعتذروا عن عمل أي شيء ‪ ..‬بل ل يصدقون ‪ ..‬لن ل أعرف أرقامه السرية الت حجز با‬
‫فقال موسى ‪ :‬إلي ‪ ..‬اسقنا ‪..‬‬ ‫الوقع ‪..‬‬
‫فقال ال ‪ :‬كيف أسقيكم ؟ وفيكم عبد يبارزن بالعاصي منذ أربعي سنة ‪ ..‬فناد ف الناس‬ ‫صرخت بم ‪ ..‬يا جاعة ‪ ..‬الرجل ماااااااااات ‪ ..‬ل يلتفتوا إلّ ‪..‬‬
‫حت يرج من بي أظهركم ‪ ..‬فبه منعتكم ‪..‬‬ ‫جلست أتفكر ف حاله ‪ ..‬كم صرخت به ‪:‬‬
‫فصاح موسى ف قومه ‪ :‬يا أيها العبد العاصي ‪ ..‬الذي يبارز ال منذ أربعي سنة ‪ ..‬اخرج من‬ ‫كيف تتحمل ذنوب الناس ‪ ..‬كيف تكون مفتاحا للشر ‪ ..‬كيف تمل أوزارهم ف القيامة‬
‫بي أظهرنا ‪ ..‬فبك منعنا الطر ‪..‬‬ ‫على كتفيك ‪..‬‬
‫فنظر العبد العاصي ‪..‬ذات اليمي وذات الشمال ‪..‬فلم ير أحدا خرج ‪..‬فعلم أنه الطلوب ‪..‬‬ ‫لكنه ل يكن يتأثر بكلمي ‪ ..‬كان يرى أنه شباب ويريد أن ( يفرفش ) ‪ ..‬وهذه أمور للتسلية‬
‫فقال ف نفسه ‪ :‬إن أنا خرجت من بي هذا اللق ‪ ..‬افتضحت على رؤوس بن إسرائيل ‪..‬‬ ‫فقط ‪..‬‬
‫وإن قعدت معهم منعوا الطر بسبب ‪ ..‬فانكسرت نفسه ‪ ..‬ودمعت عينه ‪..‬‬ ‫أعوذ بال ‪ ..‬كم من شاب نظر نظرة إل صورة فتبع ذلك وقوع ف فاحشة ‪..‬‬
‫فأدخل رأسه ف ثيابه ‪ ..‬نادما على فعاله ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫وكم من فتاة وقعت ف ذلك كذلك ‪..‬‬
‫إلي ‪ ..‬وسيدي ‪ ..‬عصيتك أربعي سنة ‪..‬وسترتن وأمهلتن ‪ ..‬وقد أتيتك طائعا فاقبلن ‪..‬‬ ‫الرجل مات ‪ ..‬لكنه سيسأل يوم القيامة عن كل نظرة نظرها ‪ ..‬ونظروها ‪ ..‬وكل فاحشة‬
‫وأخذ يبتهل إل خالقه ‪..‬‬ ‫واقعها ‪ ..‬وواقعوها ‪ ..‬وصورة نشرها ‪ ..‬ونشروها ‪..‬‬
‫فلم يستتم الكلم ‪ ..‬حت ارتفعت سحابة بيضاء ‪..‬فأمطرت كأفواه القرب ‪..‬‬ ‫ل أدري كم سيستمر يتحمل آثامهم ‪ ..‬ولكن عسى ال أن يتجاوز عنه ‪..‬‬

‫‪30‬‬
‫وأولئك يسكون به ‪ ..‬حت جعلوا يتجاذبون الصغي بينهم ‪ ..‬وهو يصرخ باكيا ‪ ..‬وقلبها‬ ‫فعجب موسى وقال ‪ :‬إلي ‪ ..‬سقيتنا ‪ ..‬وما خرج من بي أظهرنا أحد ‪..‬‬
‫يتقطع عليه ‪ ..‬حت خلعوا يده ‪ ..‬وانطلق به قوم أب سلمة ‪..‬‬ ‫فقال ال ‪ :‬يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم ‪..‬‬
‫ومضى قوم أم سلمة بأم سلمة ‪ ..‬كسية حزينة ‪..‬‬ ‫فقال موسى ‪ :‬إلي ‪ ..‬أرن هذا العبد الطائع ‪..‬‬
‫فحبسوها عندهم ‪ ..‬وانطلق قوم أب سلمة بالغلم إل ديارهم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا موسى ‪ ..‬إن ل أفضحه وهو يعصين ‪ ..‬أأفضحه وهو يطيعن ‪..‬‬
‫ومضى أبو سلمة مهاجرا إل الدينة ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫ففرقوا بينها وبي زوجها وبي ولدها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬الفراق ‪..‬‬
‫فكانت السكينة ترج ف كل صباح ‪ ..‬فتجلس على الرمال ‪ ..‬فتفكر ف زوجها وولدها ‪..‬‬ ‫بدأ السلم ينتشر ف مكة ‪ ..‬فبدا الناس يترددون ف اتباعه ‪..‬‬
‫فل تزال تبكي حت تسي ‪..‬‬ ‫وكان من بينهم أم سلمة ‪ .. Z‬نظرت ف هذا الدين فإذا هو يأمرها بترك عبادة الصنام ‪..‬‬
‫ومضى عليها على هذا الال ‪ ..‬شهر ‪ ..‬وشهران ‪ ..‬وعشرة ‪ ..‬وقلبها ين إل ولدها ‪..‬‬ ‫وعبادة الواحد العلم ‪ ..‬فأسلمت هي وزوجها ‪ ..‬فاشتد عليهما أذى قريش ‪ ..‬فهاجرا إل‬
‫وفكرها مشغول على زوجها ‪..‬‬ ‫البشة ‪..‬‬
‫حت أتت ستةً كاملة ‪ ..‬وهي ف بر من الدموع ‪..‬‬ ‫ث عادا إل مكة بعد زمان ‪..‬‬
‫حت مر با رجل من بن عمها ‪ ..‬فرآها باكية شاحبة ‪ ..‬فرحها ‪ ..‬فقال لقومها ‪ :‬أل ترجون‬ ‫فعادت قريش ليذائهم ‪ ..‬فأخذ أبو سلمة زوجته وولده ‪ ..‬وخرج بم إل الدينة مهاجرا ‪..‬‬
‫هذه السكينة ‪ ..‬فرقتم بينها وبي زوجها وبي ولدها ‪..‬‬ ‫أركبها على بعي ‪ ..‬ووضع الغلم ف حجرها ‪ ..‬ومضى خارجا من مكة ‪..‬‬
‫فقال قومها ‪ :‬القي بزوجك إن شئت ‪..‬‬ ‫فلما كان ف بعض الطريق ‪ ..‬رآه رجال من بن مزوم وهم قبيلة أم سلمة ‪..‬‬
‫فاستبشرت ‪ ..‬وجعت متاعها ‪ ..‬وركبت بعيها وحدها ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬هذه نفسك قد غلبتنا عليها ‪ ..‬أرأيت أبنتنا هذه ! علم نتركك تسي با ف البلد ؟‬
‫فعلم قوم أب سلمة بروجها ‪ ..‬فردوا عليها ولدها ‪..‬‬ ‫ث تزاحوا عليه ‪ ..‬فنعوا خطام البعي من يده ‪ ..‬وأخذوها يقودونا ‪ ..‬وهو ينظر إل زوجته‬
‫فوضعت ولدها ف حجرها ‪ ..‬ومضت جهة الدينة ‪..‬‬ ‫وولده ‪ ..‬ل يلك لما شيئا ‪..‬‬
‫حت إذا كانت ف بعض الطريق ‪ ..‬لقيها عثمان بن أب طلحة ‪..‬‬ ‫فصار السكي يتلفت ينة ويسرة ‪ ..‬يبحث عن معي ‪..‬‬
‫فتعجب من سفرها وحدها ‪ ..‬فسألا ‪ :‬إل أين يا بنت أمية ؟‬ ‫فمر به رجال من قبيلته ‪ ..‬فلما رأوه مغلوبا ‪ ..‬أقبلوا إل أم سلمة ليأخذوها ‪ ..‬فأب قومها ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أريد زوجي بالدينة ‪..‬‬ ‫فأقبل قوم أب سلمة على الغلم الصغي وانتزعوه من يد أمه وهم يقولون ‪ ..‬ل وال ‪ ..‬ل‬
‫قال ‪ :‬أو معك أحد ؟‬ ‫نترك ابننا عندها ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬ما معي إل ال ‪ ..‬ومعي ابن هذا ‪..‬‬ ‫فصاحت أم سلمة ‪ ..‬فأقبل قومها على الغلم ليأخذوه ‪..‬‬

‫‪31‬‬
‫قال الطفيل ‪ :‬فوال ما زالوا ب يوفونن منه ‪ ..‬حت أجعت أل أسع منه شيئا ‪ ..‬ول أكلمه‬ ‫قال ‪ :‬وال مالك من مترك ‪ ..‬فأخذ بطام البعي ‪ ..‬فانطلق معها ب ‪..‬‬
‫‪ ..‬بل حشوت ف أذنّ كرسفا ‪ -‬وهو القطن – خوفا من أن يبلغن شيء من قوله ‪ ..‬وأنا مارّ‬ ‫قالت أم سلمة ‪:‬‬
‫به ‪..‬‬ ‫فوال ما صحبت رجلً من العرب قط ‪ ..‬أرى أنه كان أكرم منه ‪..‬‬
‫فغدوت إل السجد ‪..‬‬ ‫كان إذا بلغ النل أناخ ب ‪ ..‬ث استأخر عن ‪ ..‬حت إذا نزلت استأخر ببعيي ‪..‬‬
‫قائم يصلي عند الكعبة ‪..‬‬ ‫فإذا رسول ال‬ ‫فحط عنه ‪ ..‬ث قيده ف الشجرة ‪ ..‬ث تنحى عن إل شجرة ‪ ..‬فاضطجع تتها ‪..‬‬
‫فقمت منه قريبا ‪ ..‬فأب ال إل أن يسمعن بعض قوله ‪..‬‬ ‫فاذا دنا وقت السي ‪ ..‬قام إل بعيي فقدمه فرحله ‪ ..‬ث استأخر عن ‪..‬‬
‫فسمعت كلما حسنا ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬اركب ‪ ..‬فاذا ركبت واستويت على بعيي أتى فأخذ بطامه ‪ ..‬فقاده ‪..‬‬
‫فقلت ف نفسي ‪ :‬واثكل أمي ! وال إن لرجل لبيب ‪ ..‬ما يفى عليّ السنُ من القبيح ‪..‬‬ ‫حت ينل ب ‪ ..‬فلم يزل يصنع ذلك ب حت أقدمن الدينة ‪..‬‬
‫فما ينعن أن أسع من هذا الرجل ما يقول ‪ ..‬فإن كان الذي به حسنا قبلته ‪ ..‬وإن كان‬ ‫فلما نظر ال قرية بن عمرو بن عوف بقباء ‪..‬‬
‫قبيحا تركته ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬زوجك ف هذه القرية فادخليها على بركة ال ‪ ..‬ث انصرف راجعا إل مكة ‪..‬‬
‫فمكثت حت قضى صلته ‪ ..‬فلما قام منصرفا إل بيته تبعته ‪..‬‬ ‫ث اسلم عثمان بن أب طلحة بعد ذلك ‪.. Z‬‬
‫حت إذا دخل بيته دخلت عليه ‪ ..‬فقلت ‪ :‬يا ممد ‪ ..‬إن قومك قالوا ل كذا وكذا ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫ووال ما برحوا يوفونن منك حت سددت أذن بكرسف لئل أسع قولك ‪ ..‬وقد سعت منك‬ ‫القرار الشجاع ‪..‬‬
‫قولً حسنا ‪ ..‬فاعرض عليّ أمرك ‪..‬‬ ‫الطفيل بن عمرو ‪..‬‬
‫فابتهج النب عليه الصلة والسلم ‪ ..‬وفرح ‪..‬وعرض السلم على الطفيل ‪ ..‬وتل عليه‬ ‫كان سيدا مطاعا ف قبيلته دوس ‪..‬‬
‫القرآن ‪..‬‬ ‫قدم مكة يوما ف حاجة ‪ ..‬فلما دخلها ‪ ..‬رآه أشراف قريش ‪ ..‬فأقبلوا عليه ‪..‬‬
‫فتفكر الطفيل ف حاله ‪ ..‬فإذا كل يوم يعيشه يزيده من ال بعدا ‪..‬‬ ‫قالوا له ‪ :‬من أنت ؟ قال ‪ :‬أنا الطفيل بن عمرو ‪ ..‬سيد دوس ‪..‬‬
‫وإذا هو يعبد حجرا ‪ ..‬ل يسمع دعاءه إذا دعاه ‪ ..‬ول ييب نداءه إذا ناداه ‪..‬‬ ‫فنظر بعضهم إل بعض ‪ ..‬وخافوا أن يراه النب عليه الصلة والسلم فيدعوه إل السلم ‪..‬‬
‫وهذا الق قد تبي له ‪..‬‬ ‫فإن أسلم هذا السيد ‪ ..‬قوي به السلم ‪..‬‬
‫ث بدأ الطفيل يتفكر ف عاقبة إسلمه ‪..‬‬ ‫فاجتمعوا عليه وقال له أحدهم ‪ :‬إن ههنا رجل ف مكة يزعم أنه نب ‪ ..‬فاحذر أن تلس معه‬
‫كيف يغي دينه ودين آبائه !!‪ ..‬ماذا سيقول الناس عنه ؟!‬ ‫أو تسمع كلمه ‪ ..‬فإنه ساحر ‪ ..‬إن استمعت إليه ذهب بعقلك ‪..‬‬
‫حياته الت عاشها ‪ ..‬أمواله الت جعها ‪ ..‬أهله ‪ ..‬ولده ‪ ..‬جيانه ‪ ..‬خلنه ‪..‬‬ ‫ث قال له الخر مثل ذلك ‪ ..‬وزاد الثالث عليهما ‪ ..‬وأكثروا الكلم ‪..‬‬

‫‪32‬‬
‫قال ‪ :‬و ل يا بن ؟‬ ‫كل هذا سيضطرب ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أسلمت وتابعت دين ممد‬ ‫سكت الطفيل ‪ ..‬يفكر ‪ ..‬يوازن بي دنياه وأخراه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬دين هو دينك ‪..‬‬ ‫وفجأة إذا به يضرب بدنياه عرض الائط ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ‪ ..‬ث ائتن حت أعلمك ما علمت ‪..‬‬ ‫نعم سوف يستقيم على الدين ‪..‬‬
‫فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه ‪ ..‬ث جاء فعرض عليه السلم فأسلم ‪..‬‬ ‫وليض من يرضى ‪ ..‬وليسخط من يسخط ‪..‬‬
‫ث مشى الطفيل إل بيته ‪ ..‬فأقبلت إليه زوجته ‪..‬‬ ‫وماذا يكون أهل الرض ‪ ..‬إذا رضي أهل السماء ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إليك عن ‪ ..‬فلست منك ولست من ‪..‬‬ ‫ماله ورزقه بيد من ف السماء ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬ول ؟ بأب أنت وأمي ‪..‬‬ ‫صحته وسقمه بيد من ف السماء ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فرّق بين وبينك السلم ‪ ..‬وتابعت دين ممد‬ ‫منصبه وجاهه بيد من ف السماء ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬فدين دينك ‪..‬‬ ‫بل حياته وموته بيد من ف السماء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فاذهب فتطهري ‪ ..‬ث ارجعي إلّ ‪ ..‬فولّته ظهرها ذاهبة ‪..‬‬ ‫فإذا رضي أهل السماء ‪ ..‬فل عليه ما فاته من الدنيا ‪..‬‬
‫وكان لم صنم اسه ذو الشرى ‪ ..‬يعظمونه ويرون أن من ترك عبادته أصابه الصنم بعقوبة ‪..‬‬ ‫إذا أحبه ال ‪ ..‬فلبيغضه بعدها من شاء ‪ ..‬وليتنكر له من شاء ‪ ..‬وليستهزئ به من شاء ‪..‬‬
‫فخافت السكينة إن أسلمت أن يضرها أو يضر أولدها ‪..‬‬ ‫فليتك تلو والياة مريرة وليتك ترضى والنام غضاب‬
‫فرجعت إليه وقالت ‪ :‬بأب أنت وأمي ‪ ..‬أما تشى على الصبية من ذي الشرى ‪ ..‬؟‬ ‫وليت الذي بين وبينك عامر وبين وبي العالي خراب‬
‫وذو الشرى صنم عندهم يعبدونه ‪ ..‬وكانوا يرون أن من ترك عبادته أصابه أو أصاب ولده‬ ‫إذا صح منك الود فالكل هي وكل الذي فوق التراب تراب‬
‫بأذى ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬أسلم الطفيل ف مكانه ‪ ..‬وشهد شهادة الق ‪..‬‬
‫فقال الطفيل ‪ :‬اذهب ‪ ..‬أنا ضامن لك أن ل يضرهم ذو الشرى ‪..‬‬ ‫ث ارتفعت هته ‪ ..‬وثارت عزيته ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فذهبت فاغتسلت ‪ ..‬ث عرض عليها السلم فأسلمت ‪..‬‬ ‫يا نب ال ‪ ..‬إن امرؤ مطاع ف قومي ‪ ..‬وإن راجع إليهم وداعيهم إل السلم ‪..‬‬
‫ث جعل الطفيل يطوف ف قومه ‪ ..‬يدعوهم إل السلم بيتا بيتا ‪ ..‬ويقبل عليهم ف نواديهم‬ ‫ث خرج الطفيل من مكة ‪ ..‬مسرعا إل قومه ‪ ..‬حاملً همّ هذا الدين ‪..‬‬
‫‪ ..‬ويقف عليهم ف طرقاتم ‪..‬‬ ‫يصعد به جبل ‪ ..‬وينل به واد ‪..‬‬
‫لكنهم أبو إل عبادة الصنام ‪..‬‬ ‫حت وصل إل ديار قومه ‪ ..‬فلما دخلها ‪ ..‬أقبل إليه أبوه ‪ ..‬وكان شيخا كبيا ‪..‬‬
‫فغضب الطفيل ‪ ..‬وذهب إل مكة ‪..‬‬ ‫فقال الطفيل ‪ :‬إليك عن يا أبت ‪ ..‬فلست منك ولست من ‪..‬‬

‫‪33‬‬
‫فإذا به يقع على الرض فجأة مغمى عليه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ..‬إن دوسا قد عصت وأبت ‪ ..‬يا رسول ال‬ ‫فأقبل على رسول ال‬
‫حله بعض الصلي إل الستشفى ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فادع ال عليهم ‪..‬‬
‫فحدثن الدكتور البي الذي عاين حالته ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫فتغي وجه النب عليه الصلة والسلم ‪ ..‬ورفع يديه إل السماء ‪..‬‬
‫أُت إلينا بذا الشاب ممولً كالنازة ‪ ..‬فلما كشفت عليه فإذا هو مصاب بلطة ف القلب ‪..‬‬ ‫فقال الطفيل ف نفسه ‪ ..‬هلكت دوْس ‪..‬‬
‫لو أصيب با جل لردته ميتا ‪..‬‬ ‫‪ ..‬يقول ‪ " :‬اللهم اهد دوسا ‪ ..‬اللهم اهد دوسا ‪..‬‬ ‫فإذا بالرحيم الشفيق‬
‫نظرت إل الشاب فإذا هو يصارع الوت ‪ ..‬ويودع أنفاس الياة ‪..‬‬ ‫ث التفت إل الطفيل وقال ‪ :‬ارجع إل قومك ‪ ..‬فادعهم ‪ ..‬وارفق بم ‪..‬‬
‫سارعنا إل ندته وتنشيط قلبه ‪..‬‬ ‫فرجع إليهم ‪ ..‬فلم يزل بم ‪ ..‬حت أسلموا ‪..‬‬
‫أوقفت عنده طبيب السعاف يراقب حالته ‪ ..‬وذهبت لحضار بعض الجهزة لعالته ‪..‬‬ ‫ومرت اليام ‪ ..‬ومات النب عليه الصلة والسلم ‪..‬‬
‫فلما أقبلت إليه مسرعا ‪ ..‬فإذا الشاب متعلق بيد طبيب السعاف ‪..‬‬ ‫فخرج الطفيل مع ولده والسلمي لقتال مسليمة الكذاب ف اليمامة ‪..‬‬
‫والطبيب قد الصق أذنه بفم الشاب ‪ ..‬والشاب يهمس ف أذنه بكلمات‪ ..‬فوقفت أنظر‬ ‫فرأى ف منامه رؤيا و هو متوجه إل اليمامة أن رأسه حلق ‪ ..‬وأنه خرج من فمه طائر ‪ ..‬وأنه‬
‫إليهما ‪ ..‬لظات‪..‬‬ ‫لقيته امرأة فأدخلته فيها ‪ ..‬وأرى ابنه يطلبه طلبا حثيثا ث رأيته حبس عنه ‪..‬‬
‫وفجأة أطلق الشاب يد الطبيب ‪ ..‬وحاول جاهدا أن يلتفت لانبه الين ‪..‬‬ ‫فلما أصبح أخب أصحابه بالرؤيا ‪ ..‬وقال فإن قد عبتا ‪ :‬قالوا ‪ :‬بَ ‪..‬‬
‫ث قال بلسان ثقيل ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال ‪ ..‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪ ..‬وأخذ‬ ‫قال ‪ :‬أما حلق رأسي فوضعه ‪ ..‬وأما الطائر الذي خرج منه فروحي ‪..‬‬
‫يكررها ‪ ..‬ونبضه يتلشى ‪ ..‬وضربات القلب تتفي‪ ..‬ونن ناول إنقاذه‪ ..‬ولكن قضاء ال‬ ‫وأما الرأة الت أدخلتن فيها فالرض تفر ل فأغيب فيها ‪..‬‬
‫كان أقوى‪..‬‬ ‫وأما طلب ابن إياي ث حبسه عن فإن أراه سيجتهد أن يصيبه من الشهادة ما أصابن ‪..‬‬
‫ومات الشاب‪..‬‬ ‫فقتل ‪ Z‬شهيدا باليمامة ‪ ..‬وجرح ابنه جراحه شديدة ‪ ..‬لكنه نى من الوت ‪..‬‬
‫عندها انفجر طبيب السعاف باكيا‪ ..‬حت ل يستطع الوقوف على قدميه‪..‬‬ ‫ث استشهد ف معركة اليموك زمن عمر ‪.. Z‬‬
‫فعجبنا وقلنا له ‪ :‬يا فلن !‪ ..‬ما لك تبكي !!‪ ..‬ليست هذه أول مرة ترى فيها ميتا‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫لكن الطبيب استمر ف بكائه ونيبه‪..‬‬ ‫يرى مقعده في الجنة !!‬
‫فلما خف عنه البكاء ‪ ..‬سألناه ‪ :‬ماذا كان يقول لك الفت ؟‬ ‫شاب ‪ ..‬بلغ من عمره ستة عشر عاما ‪ ..‬كان ف السجد يتلو القرآن ‪ ..‬وينتظر إقامة صلة‬
‫فقال ‪ :‬لا رآك يا دكتور ‪ ..‬تذهب وتيء ‪ ..‬وتأمر وتنهى‪ ..‬علم أنك الطبيب الختص به ‪..‬‬ ‫الفجر ‪..‬‬
‫فقال ل ‪:‬‬ ‫فلما أقيمت الصلة ‪ ..‬رد الصحف إل مكانه ‪ ..‬ث نض ليقف ف الصف ‪..‬‬

‫‪34‬‬
‫أصبحت بشكل يومي أحادث صديقات ‪..‬‬ ‫يا دكتور ‪ ..‬قل لصاحبك طبيب القلب‪ ..‬ل يتعب نفسه‪ ..‬ل يتعب‪ ..‬أنا ميت ل مالة ‪..‬‬
‫بعدها أصبح زوجي ل يسمع من أي شكوى أو مطالب ‪..‬‬ ‫وال إن أرى مقعدي من النة الن ‪..‬‬
‫أعترف بأنه ارتاح كثيا من إزعاجي وشكواي ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * * *‬
‫كان كلما خرج من البيت أقبلت كالجنونة على النترنت بشغف شديد ‪..‬‬ ‫‪ ..‬على فراش الموت ‪..‬‬
‫أجلس أقضي الساعات الطوال ‪..‬‬ ‫كتبت إلّ ‪:‬‬
‫بدأت أتن غيابه كثيا ‪ ..‬وقد كنت اشتاق إليه حت بعد خروجه بقليل ‪..‬‬ ‫ما من يوم ير علي إل وأبكي ‪..‬‬
‫أنا أحب زوجي بكل ما تعن هذه الكلمة ‪ ..‬وهو ل يقصر معي ‪..‬‬ ‫كل يوم ير أفكر فيه بالنتحار مرات ‪..‬‬
‫حت وحالته الادية ليست باليدة مقارنة بأخوات وصديقات ‪ ..‬إل أنه كان بدون مبالغة يبذل‬ ‫ل تعد حيات تمن أبدا ‪ ..‬أتن الوت كل ساعة ‪..‬‬
‫لسعادي بأي طريقة ‪..‬‬ ‫ليتن ل أولد ول أعرف هذه الدنيا ‪..‬‬
‫ومع مرور اليام وجدت النترنت تسعدن أكثر فأكثر ‪ ..‬أصبحت ل أهتم حت بالسفر إل‬ ‫بدايت كانت مع واحدة من صديقات القليلت ‪..‬‬
‫أهلي ‪ ..‬وقد كنا كل أسبوعي نسافر لنرى أهلي وأهله ‪..‬‬ ‫دعتن ذات يوم إل بيتها ‪ ..‬وكانت من الذين يستخدمون النترنت كثيا ‪ ..‬وقد أثارت ف‬
‫كان كلما دخل البيت فجأة ارتبكت فأطفئ كل شيء عندي بشكل جعله يستغرب فعلي ‪..‬‬ ‫الرغبة لعرفة هذا العال ‪..‬‬
‫ل يكن عنده شك ‪ ..‬بل كان يريد أن يرى ماذا أفعل ف النترنت ‪..‬‬ ‫لقد علمتن كيف يستخدم ‪ ..‬وكل شيء تقريبا على مدار شهرين ‪ ..‬حيث بدأت أزورها‬
‫ربا كان لديه فضول ‪ ..‬أو هي الغية ‪ ..‬حيث قد رأى يوما مادثة صوتية ل أستطع إخفائها‪..‬‬ ‫كثيا ‪..‬‬
‫بعدها كان يعاتبن ويقول ‪ :‬النترنت مال واسع للمعرفة ‪ ..‬وليس مضيعة وقت ‪..‬‬ ‫تعلمت منها "التشات" بكل أشكاله ‪..‬‬
‫مرت اليام وأنا أزداد بالتشات فتنة ‪..‬‬ ‫تعلمت منها كيفية التصفح ‪ ..‬وبث الواقع اليدة والرديئة ‪..‬‬
‫تركت مسألة تربية البناء للخادمة ‪..‬‬ ‫ف خلل هذين الشهرين كنت ف عراك مع زوجي كي يدخل النترنت ف البيت ‪..‬‬
‫كنت أعرف مت يعود ‪ ..‬فأطفئ الهاز قبل ميئه ‪..‬‬ ‫وكان ضد تلك السألة ‪ ..‬حت أقنعته بأن أشعر باللل الشديد ‪ ..‬ونن نسكن بعيدا عن أهلي‬
‫ومع ذلك أهلت نفسي كثيا ‪ ..‬كنت ف السابق أكون ف أحسن شكل ‪ ..‬وأجل زينة عند‬ ‫‪..‬‬
‫عودته من العمل ‪..‬‬ ‫تججت بأن كل صديقات يستخدمن النترنت ‪ ..‬فلم ل أستخدمه وأحادثهن من خلله فهو‬
‫وبعد النترنت بدأ هذا يتلشى حت اختفى كليا ‪..‬‬ ‫أرخص من فاتورة الاتف على أقل تقدير ‪..‬‬
‫وافق زوجي ‪ ..‬ويا ليته ل يفعل ‪..‬‬

‫‪35‬‬
‫ف يوم من اليام طلب ساع صوت ‪ ..‬فرفضت ‪ ..‬أصر على طلبه ‪ ..‬هددن بتركي وأن‬ ‫كنت مشغوفة بالنترنت ‪ ..‬لدرجت أن أذهب خلسة بعد نومه ‪ ..‬وأرجع خلسة قبل أن‬
‫يتجاهلن ف التشات والييل ‪..‬‬ ‫يصحو من النوم ‪..‬‬
‫حاولت كثيا مقاومة هذا الطلب ول أستطع ‪ ..‬ل أدري لاذا ‪..‬‬ ‫ربا أدرك لحقا أن كل ما أفعله ف النترنت هي مضيعة وقت ولكن كان يشفق علي من‬
‫حت قبلت مع بعض الشروط ‪ ..‬أن تكون مكالة واحدة فقط ‪..‬‬ ‫الوحدة وبعد الهل وقد استغللت هذا أحسن استغلل ‪..‬‬
‫استخدمنا برناما للمحادثة الصوتية ‪ ..‬رغم أن البنامج ليس باليد ‪ ..‬ولكن كان صوته‬ ‫كان منعجا لهال الولد ‪..‬‬
‫جيل جدا وكلمه عذب جدا ‪..‬‬ ‫وبن كثيا ‪ ..‬وكنت أتظاهر بالبكاء ‪ ..‬وأقول أنت ل تعرف ماذا يدور ف البيت ف غيبتك‬
‫قال ل ‪ :‬صوتك غي واضح عب النترنت ‪ ..‬أعطين رقم هاتفك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فأنا مهتمة بم حريصة عليهم ‪ ..‬لكنهم يتعبون ‪..‬‬
‫رفضت ذلك ‪ ..‬تعجبت من جرأته ‪ ..‬ل أجرؤ على مكالته لدة طويلة ‪..‬‬ ‫باختصار أهلت كل شيء ‪ ..‬حت زوجي ‪ ..‬كنت أهاتفه عشرات الرات وهو خارج البيت‬
‫كنت أعلم وال أن الشيطان الرجيم كان يلزمن ويسن صوته ف نفسي ويصارع بقايا العفة‬ ‫فقط أريد ساع صوته ‪ ..‬والن وبعد النترنت أصبح ل يسمع صوت أبدا إل ف حالة احتياج‬
‫والدين وما أملك من أخلق ‪..‬‬ ‫البيت لبعض الطلبات النادرة ‪..‬‬
‫حت أتى اليوم الذي كلمته من الاتف ‪..‬‬ ‫تولدت لدى زوجي غية كبية من النترنت ‪..‬‬
‫ومن هنا بدأت حيات بالنراف ‪ ..‬لقد انرفت كثيااااااا ‪..‬‬ ‫مر عليّ ستة أشهر على هذا الال ‪..‬‬
‫أصبحنا كالسد الواحد ‪ ..‬نستخدم "التشات" ونن نتكلم عب الاتف ‪..‬‬ ‫بنيت علقات مع أساء مستعارة ل أعرف إن كانت لرجل أم أنثى ‪..‬‬
‫لن أطيل الكلم ‪..‬‬ ‫كنت أحاور كل من ياورن عب التشات ‪..‬‬
‫من يقرا قصت يشعر بأن زوجي مهمل ف حقي ‪ ..‬أو كثي الغياب عن البيت ‪..‬‬ ‫حت وأنا أعرف أن الذي ياورن رجل ‪..‬‬
‫ولكن العكس هو الصحيح ‪ ..‬كان يرج من عمله ول يذهب إل أصدقائه كثيا من أجلنا أنا‬ ‫إل أن شخصا واحدا هو الذي أقبلت عليه بشكل كبي ‪..‬‬
‫وأولدي ‪..‬‬ ‫أحببت حديثه ونكته ‪ ..‬كان مسليا ‪ ..‬بدأت العلقة بيننا تقوى مع اليام ‪..‬‬
‫ومع مرور اليام وبعد اندماجي بالنترنت والت كنت أقضي با ما يقارب ‪ 8‬إل ‪ 12‬ساعة‬ ‫تكونت هذه العلقة اليومية ف خلل ‪ 3‬أشهر تقريبا ‪..‬‬
‫يوميا ‪ ..‬أصبحت أكره كثرة تواجده ف البيت ‪ ..‬ألومه على هذا كثيا ‪..‬‬ ‫كان يغمرن بكلمه العسول ‪ ..‬وكلمات الب والشوق ‪..‬‬
‫أشجعه بأن يعمل ف الساء حت نتخلص من الديون التراكمة والقساط الت ل تريد أن تنتهي‬ ‫ربا ل تكن كلماته جيلة إل هذه الدرجة ‪ ..‬ولكن الشيطان جّلها بعين كثيا ‪ ..‬كانت‬
‫‪..‬‬ ‫ماثاتنا كلها كتابة ‪ ..‬عب " التشات " ‪..‬‬
‫وفعل أخذ بكلمي ‪ ..‬ودخل شريكا مع أحد أصدقائه ف مشروع صغي ‪..‬‬

‫‪36‬‬
‫عرض عليّ أن أذهب مع الولد إل أهلي ‪..‬‬ ‫بعد ذلك ‪ ..‬أصبح الوقت الذي أقضيه ف النترنت أكثر وأكثر ‪..‬‬
‫أحسست أن هذا هو الوقت الناسب ‪..‬‬ ‫رغم انزعاجه كثيا من فاتورة الاتف والت تصل إل اللف أحيانا ‪ ..‬إل أنه ل يقدر على‬
‫رفضت الذهاب لهلي ‪..‬‬ ‫صدي عن هذا أبدا ‪..‬‬
‫فوافق مضطرا وذهب مسافرا ف يوم المعة ‪..‬‬ ‫بدأت علقت بصاحب تتطور ‪..‬‬
‫وف يوم الحد كان الوعد ‪..‬‬ ‫أصبح يطلب رؤيت بعدما سع صوت مرارا ‪ ..‬بل ربا مل منه ‪..‬‬
‫اتفقت مع الشيطان أن أقابله ف مكان بأحد السواق ‪..‬‬ ‫ل أكن أبال كثيا أو أحاول قطع اتصال به ‪..‬‬
‫ركبت سيارته ث أنطلق يوب الشوارع ‪..‬‬ ‫بل كنت فقط أعاتبه على طلبه ‪ ..‬وربا كنت أكثر منه شوقا إل رؤيته ‪..‬‬
‫أول مرة ف حيات أخرج مع رجل غريب ‪..‬‬ ‫لكن كنت أترفع عن ذلك ‪ ..‬ل لشيء ‪ ..‬سوى أنن خائفة ‪..‬‬
‫كان يبدو عليه القلق أكثر من ‪..‬‬ ‫أصبح إلاحه يزداد يوما بعد يوم ‪ ..‬يريد فقط رؤيت ل أكثر ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬ل أريد أن يطول وقت خروجي من البيت ‪ ..‬أخشى أن يتصل زوجي أو يدث‬ ‫قبلت طلبه بشرط أن تكون أول وآخر مرة نتقابل فيها ‪..‬‬
‫شيء ‪..‬‬ ‫تواعدنا ث التقينا ف أحد السواق وكان الشيطان ثالثنا ‪..‬‬
‫قال ل ‪ :‬وإذا عرف زوجك ‪ ..‬ربا يطلقك وترتاحي منه ‪..‬‬ ‫ف القيقة من أول نظرة أعجبن ‪ ..‬بل زيّنه الشيطان ف عين ‪..‬‬
‫ل يعجبن حديثه و نبة صوته ‪ ..‬بداء القلق يزداد عندي ‪..‬‬ ‫ل يكن زوجي قبيحا ‪ ..‬لكن الشيطان يزين الرام ‪..‬‬
‫قلت له‪ :‬يب أن ل تبتعد كثيا ‪ ..‬ل أريد أن أتأخر عن البيت ‪..‬‬ ‫افترقنا ‪ ..‬بدأ بعدها يقوي علقته ب ‪..‬‬
‫بدأ يشغلن بأحاديث جانبية ‪..‬‬ ‫ل يكن يعرف أن متزوجة ‪ ..‬وأم أولد ‪..‬‬
‫وفجأة وإذا أنا ف مكان ل أعرفه ‪ ..‬مظلم وهي أشبه باستراحة أو مزرعة ‪..‬‬ ‫رآن بعدها مرارا ‪ ..‬عرف عن كل شيء ‪..‬‬
‫بدأت أصرخ به ما هذا الكان ؟ إل أين تأخذن ؟ ‪..‬‬ ‫جعلن أكره زوجي ‪..‬‬
‫وما هي إل ثوان معدودات ‪ ..‬وإذا بالسيارة تقف ‪ ..‬ورجل آخر يفتح عليّ الباب ويرجن‬ ‫عرض علي الطلق من زوجي لتزوجه ‪..‬‬
‫بالقوة ‪ ..‬وثالث داخل الستراحة ‪ ..‬ورابع رأيته جالسا ‪ ..‬روائح غريبة تنبعث من الكان ‪..‬‬ ‫بدأت أكره زوجي ‪ ..‬بدأت اصطنع معه الشاكل كل يوم ليطلقن ‪..‬‬
‫كان كل شيء ينل علي كالصاعقة ‪..‬‬ ‫ل يتمل زوجي هذه الشاكل التافهة ‪ ..‬و بدأ يكثر الغياب عن البيت ‪..‬‬
‫صرخت وبكيت واستعطفتهم ‪..‬‬ ‫حت وقعت الكارثة ‪..‬‬
‫أصبحت من شدة الرعب ل أفهم ما يدور حول ‪..‬‬ ‫قال زوجي إنه ذاهب ف رحلة عمل لدة خسة أيام ‪..‬‬

‫‪37‬‬
‫حزن زوجي لال ‪ ..‬بل ترك عمله أياما ليكون قريبا من ‪ ..‬رفض أن يطلقن ‪ ..‬كان‬ ‫شعرت بضربة كف على وجهي ‪ ..‬وصوت يصرخ علي ‪..‬‬
‫السكي يبن ‪ ..‬تعب حت كون أسرة وبيتا ول يريد أن يهدمه ‪..‬‬ ‫فزلزلن زلزا ًل فقدت الوعي بعده من شدة الوف ‪..‬‬
‫كتمت سرّي ف صدري ‪ ..‬وكل يوم ير ب أزداد قهرا على قهري ‪ ..‬أي ذلٍ أصابن من‬ ‫وقع ما وقع ‪..‬‬
‫أولئك النذال ‪ ..‬كيف أكون مزبلة لشراب خر ومتعاطي مدرات يعبثون بسدي كما‬ ‫صحوت بعدها من إغمائي ‪..‬‬
‫شاءوا ‪ ..‬كم كنت غبية حقاء ‪ ..‬كيف أمضيت أشهرا ف صرف عواطفي لن ل يستحقها ‪..‬‬ ‫تلكن رعب شديد ‪ ..‬جسمي يرتعش ‪ ..‬ل أتوقف عن البكاء ‪..‬‬
‫وها أنا أكتب هذه القصة من على فراش الرض والزال ‪ ..‬بل لعله يكون فراش الوت ‪..‬‬ ‫ربطوا عين ‪ ..‬وحلون إل السيارة ‪ ..‬ورمون ف مكان قريب من البيت ‪..‬‬
‫دخلت البيت مسرعة ‪ ..‬بقيت أبكي وأبكي حت جفت دموعي ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫أصبحت حبيسة غرفت ‪ ..‬ل أر أبنائي ‪ ..‬ول أدخل ف فمي لقمة ‪..‬‬
‫‪ ..‬اتخذوه مهجورا ً ‪..‬‬ ‫كرهت نفسي ‪ ..‬حاولت النتحار ‪..‬‬
‫قالت ‪:‬‬
‫أبنائي ل أعد أعرفهم ‪ ..‬أو أشعر بوجودهم ‪..‬‬
‫كنت ف الرم الكي ‪ ..‬ف قسم النساء ‪ ..‬وإذا بامرأة تطرق على كتفي ‪ ..‬وتردد بلكنة‬
‫رجع زوجي من السفر ‪ ..‬كانت حالت سيئة لدرجة أنه أخذن إل الستشفى بقوة ‪..‬‬
‫أعجمية ‪ :‬يا حاجة !! يا حاجة !!‪..‬‬
‫أعطون مهدئات ومقويات ‪..‬‬
‫إلتفت إليها ‪ ..‬فإذا امرأة متوسطة السن ‪ ..‬غلب على ظن أنا تركية ‪..‬‬
‫طلبت من زوجي أن يأخذن إل أهلي بأسرع وقت ‪..‬‬
‫سلمت علي ‪ ..‬وقعت ف قلب مبتها !‬
‫كنت أبكي كثيا ‪..‬وأهلي ل يعلمون شيئا ‪..‬يعتقدون أن هنالك مشكلة بين وبي زوجي‪..‬‬
‫سبحان ال الرواح جند مندة ‪..‬‬
‫حاول أب أن يتفاهم مع زوجي ‪..‬ول يصل معه إل نتيجة ‪..‬لن زوجي أصلً ل يعلم شيئا‪..‬‬
‫كانت تريد أن تقول شيئا ‪ ..‬تاول استجماع كلماتا ‪..‬‬
‫ل أحد يعلم ما الذي حل ب ‪ ..‬حت أن أهلي عرضون على بعض القراء ‪ ..‬اعتقادا منهم بأن‬
‫أشارت إل الصحف الذي كنت أحله ‪ ..‬ث قالت بعربية مكسرة ‪:‬‬
‫مريضة ‪..‬‬
‫أنت تقرأ ف قرآن ‪..‬؟!‬
‫باختصار ‪ ..‬أنا ل أستحق زوجي أبدا ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ! ‪ ..‬وإذا بالرأة ‪..‬‬
‫لذا طلبت منه الطلق ‪ ..‬إكراما له وال ‪ ..‬فأنا ل أستحق أن أعيش بي الشراف مطلقا ‪..‬‬
‫يمر وجهها ‪ ..‬وتتلئ عيناها بالدموع ‪..‬‬
‫أنا الت حفرت قبي بيدي ‪ ..‬وصديق "التشات" ل يكن سوى صائد لفريسة من البنات‬
‫قد هالن منظرها ‪ ..‬بدأت ف البكاء !!‬
‫الّلوات يستخدمن التشات ‪..‬‬
‫قلت لا ‪ :‬ما بك !؟‬

‫‪38‬‬
‫ل أتالك نفسي من البكاء ! امرأة أعجمية ‪ ..‬ف بلد علمانية ‪ ..‬تشى أن تلقى ال ول تقرأ‬ ‫قالت بصوت منوق وهي تنظر بجل ‪..‬‬
‫كتابه ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أنا ما أقرأ قرآن ‪..‬‬
‫منتهى أملها ف الياة أن تتم القرآن ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬لاذا ؟‬
‫تبكي ‪ ..‬وتزن ‪ ..‬وتضيق عليها نفسها ‪ ..‬لنا ل تستطيع تلوة كتاب ال ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬ما أعرف ‪ ..‬ومع انتهاء حرف الفاء ‪ ..‬انفجرت باكية ‪..‬‬
‫فما بالنا قد هجرناه ؟‬ ‫ظللت أربت على كتفيها وأهديء من روعها ‪..‬‬
‫قد أوتيناه فنسيناه ؟‬ ‫قلت ‪ :‬أنت الن ف بيت ال ‪ ..‬اسأليه أن يعلمك ‪ ..‬وأن يعينك على قراءة القرآن ‪..‬‬
‫ما بالنا والسبل ميسرة لفظه وتلوته وفهمه ؟‬ ‫كفكفت دموعها ‪..‬‬
‫بال ‪ ..‬على أي شيء تترق قلوبنا ؟ وما الذي يثي مدامعنا ويهيج أحزاننا ؟‬ ‫وف مشهد لن أنساه ما حييت ‪ ..‬رفعت الرأة يديها تدعو ال قائلة ‪ :‬اللهم افتح قلب ‪..‬‬
‫* * * * * * * * * *‬ ‫اللهم افتح قلب أقرأ قرآن ‪ ..‬اللهم افتح قلب أقرأ قرآن ‪..‬‬
‫ث التفتت إلّ وقالت ‪ :‬أنا أموت وما قرأت قرآن ‪..‬‬
‫قلت لا ‪ :‬ل‪ ..‬إن شاء ال سوف تقرأينه كاملً وتتميه مرات ومرات ‪..‬‬
‫سألتها ‪ :‬هل تقرأين الفاتة ؟‬
‫فاستبشرت ‪ ..‬وقالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫ث بدأت ترتل ‪ :‬المد ل رب العالي ‪ ..‬الرحن الرحيم ‪..‬‬
‫حت ختمتها ‪..‬‬
‫ث جلست تعدد صغار السور الت تفظها ‪..‬‬
‫كنت متعجبة من عربيتها اليدة إل حد ما‪ ..‬وهي تتكلم عن حياتا ‪ ..‬وما تبذله لتتعلم‬
‫القرآن ‪..‬‬
‫وفجأة تغي وجهها ‪ ..‬وقالت ‪ :‬إذا أنا أموت ما قرأت قرآن ‪ ..‬أنا ف نار !!‬
‫أنا وال أسع شريط ‪ ..‬بس لزم ف قراءة !!‬
‫هذا كلم ال ‪ ..‬كلم ال العظيم ! وبدأت السكينة تدافع عباتا وهي تتكلم عن عظمة ال‬
‫‪ ..‬وحق كتابه علينا ‪..‬‬

‫‪39‬‬

You might also like