Professional Documents
Culture Documents
النظري والمنهجي*
للستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح
هذا المذهب الجديد ،ولسيّما ما إن الذي نقصده بالبنوية هو
ثبتت صحته فيه عند جميع العلماء المذهب اللغوي العلمي الذي ظهر
وهو شيء حسن إذ لبد من أن في أوربا وأمريكا في بداية القرن
يراجع العلماء نظرياتهم ومناهجهم العش رين الميلدي وتطور وبلغ
العلمية كلّما اقتضى الحال؛ لن أشده في نهاية الربعينيات .وهو
سير العلم ل يتوقف عند قوم دون يدعو إلى دراسة اللغة كنظام
قوم في تاريخ البشرية ،إل أن ذلك وكبنية لها وجود سابق لوجود
يقتضي أيضا أن نمعن النظر فيما أجزائها ومكوناتها( ) .
1
نقول عنه إنه " قد ثبتت صحته " وقد عرف جمهور المثقفين
ول نتسرع في الحكم على ذلك ،بل العرب في زماننا هذا البنوية
نطيل البحث عما أدى غيرنا إلى الغربية منذ عهد قريب وسبقهم
الحكم بصحة ما يقوله البنويون أو بعض من أوفد إلى أوربا للدراسات
أكثره . العليا في اللغة فاتفق أن كانت
أما النحو العربي الذي نقصده البنوية هي السائدة في الجامعات
فهو نحو الوربية أنذاك وذلك على شكل
عشرةكلمن مؤتمر الدورة الثالثة والستين ،يوم الحد 21من ذي
التاسعة في
مدرسة يتزعمفيكل
الجلسة مدارس البحث
* ألقي هذا
ببعضآذار ) سنة 1997م.
من مارس ( القعدة سنة 1417ه ،الموافق 30
اشتهر بلد أستاذ كبير
وصل إليه ما أو وأصحابه، الخليل
() Structuralismنقول " بنوي " كما نقول " قروي " و " تربوي "و" طهوي " وغير ذلك.
النحو في زمانه وزمان سبيوية الفكار في مذهبه البنوى .وقد
وفي عهد أتباعهما الكبار .والسبب جاءت هذه البنوية بأفكار علمية،
في ذلك أنهم هم المبدعون للنحو نظرية
العربي ونظرياته الصيلة العميقة ومنهجية جديدة ،مهمة ومفيدة
ولم يبلغ الذين تلوهم ( بعد القرن بالنسبة لما كان متعارفا عليه في
الرابع ) من البداع والعمق ما الغرب قبل ظهورها .أما بالنسبة لنا
بلغوه إل بعض الفذاذ القلئل، ،معشر العرب ،فقد طرح السؤال
والرضي السهيلي مثل: عن إمكانية الستفادة مما يوجد في
197
والصغرى ،وكلهما يبحث عن الستراباذي .فهؤلء وحدهم
كيفية تركيبها بعضها في بعض، يمثلون في اعتقادنا ،أصالة النحو
إل أن فضل اللسانيات الغربية على العربي وروعته .
سابقاتها يكمن في اهتمامها الكبير
الذي أظهرته في القرن التاسع ولذلك فسنحاول أن نتبيّن فيما
عشر بتحول اللغات إلى لغات يلي ما هي الفوارق الجوهرية التي
أخرى عبر الزمان ،وذلك لم يتبادر يفترق فيها النحو العربي عن
إلى ذهن القدامى (لسباب تاريخية البنوية ،وفي الوقت نفسه ما هي
محضة ل لنقص في عقولهم ) ( ).
1
() نقل إلى اللغات الوربية بعض ماكتبوه في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .
في تفسير ظواهر القلب والبدال المغلقة فهي شيء اختصت به
()
والعلل والحذف وغير ذلك . 1
البنوية
وهو من أعظم ما أنتجه فكرهم جـ -دورة التخاطب ( The process of
وأهمه بالنسبة إلى التفسير العلمي . )communicationوظواهرها
-2أهم ما يوجد من الفوارق بين إن اللغة أداة للتبليغ ،وتلك هي
النحو والبنوية أهم وظائفها .وتحاول البنوية أن
-المعيارية والوصفية : تتفهم الظواهر اللغوية باللجوء إلى
إن هذا الجانب هو أهم كثيرًا من مبدأي القتصاد والفرق .أما
جميع الجوانب التي تخص اللغة؛ القتصاد فهو ميل المتكلم إلى
لنه الجانب الذي تكثر فيه الحكام التقليل من الجهود العضلية
الخاطئة في زماننا هذا ،بل الوهام والذاكرية ،التي يبذلها في عملية
الرهيبة عند علماء اللسان سواء التخاطب ،وقد لجأ أيضًا النحاة إلى
منهم الغربيون أو الباحثون العرب مبدأ الستخفاف في تفسير ظواهر
. كثيرة ،مثل :الحذف والدغام
إن أهم ما تفتخر به البنوية هو والختلس ،وتبين لهم أن بعض
مذهبها الوصفي ،وتعتبره المذهب الحركات المحدثة للحروف إذا
الوحيد الذي يستحق أن يوصف تتالت استثقلها الناطق ،كالخروج
بأنه علمي ،وتغلو في ذلك أيما من الضم إلى الكسر أو ككثرة
غلوّ .ويجب قبل أن نتطرق إلى تتالي الحركات المصوتة ،وغير
ذلك أن نذكر أن الن زعة الوصفية ذلك .أما الفرق فهو ضد ذلك أي
المغالية تعارض نزعتين في ميل المتكلم إلى البيان أي إلى تبيين
الحقيقة :الن زعة إلى الحكم على أغراضه للمخاطب وتخوفه من أن
العبارات بأنها صواب أو خطأ؛ يلتبس كلمه عليه بكثرة الحذف
لنها موافقة أو مخالفة لمعيار والختصار وغير ذلك .
اجتماعي ما .
والن زعة الثانية هي محاولة تعليل
النحاةل يمكن أن يتم إل بإغلق العينّة من المعطيات ،وجعلها الوصف ما يعيره
الموضوعي للغة أن واحدترىكل
ويعرف
() فهي
. اللغوية الظاهرة
تحليله واستشهاده .فوصفه ،كما يقول البنويون ،ل يخص
العلمي التحليل بأن القول أما للتخفيففيمن
أهميةإليها الباحث
التي يرجع
الوحيدةمن المادة
الولون
إل تلك العينة ،وهذا في نظرنا هو موقف سلبي عقيم إذ يجب على الباحث أن يعتمد على ما جمعه هو،
معطياتعن
بعضهم الباحث
امتناعصحة يقتضي
الباحثين على للغةإجماع أخرى،
بالجماع .لن جهة ثابت
منمما هو اللبس
سابقوه ولرفعجمعه
جهة كل ما
وعلى
بالتلقين إل
المكتسبةبالحكم
غير بحثه تخص اللغات
موضوع التي في هو الذي يضمن الموضوعية ( ويجب أل تغلق المدونات
التدخل
بذهاب أصحاب هذه اللغات .انظر فيما يلي):
200
أصحابها ؟ وأي لغة في الدنيا يمكن على ما يدونه من المعطيات
أن ينطق فيها الناطق بأي شيء بالصواب أو الخطأ؛ فهو صحيح ل
بدالة دون أن يخضع لما تعارف مراء فيه؛ لن الباحث الن زيه ل
عليه أصحابها ؟ يحكم على المعطيات إل بما فيها،
فكيف يمكن أن نكتفي بالوصف ل بما يعجبه فيها أو يعجب فئة
لجانب واحد من اللغة ،وهو قليلة جدّا من المجتمع .وإن صدر
وحداتها وكيفية تقابلها بعضها إزاء منه هذا فهو تحكم محض وخروج
بعض كما يفعله الوصفيون، عن العلم .
ونت رك كيفية صياغتها وعلى هذا فإن النحو العربي –
مثل النحو التقليدي الوربي – ل
يكون إل معياريّا إذ قد يقول
التي تضبطها الضوابط.ولماذا أصحابه في كل مناسبة:
نهدر الوصف للضوابط التي تجعل إن هذا حسن ،وذاك قبيح.
بعض العبارات صحيحة ، ويكون النحوي – مثل سيبويه –
وعبارات أخرى ل تحصى غير في هذه الحكام من أبعد الناس عن
صحيحة ؟ وقد وقع هاهنا تخليط العلم الموضوعي إذ يفضل –
بين الحكم الذاتي الذي يمكن أن حسب أقوالهم – معيارًا على آخر.
يصدر من الباحث وبين الحكم والحق غير هذا الذي يقولونه عن
الص ادر من الناطقين باللغة النحو العربي ( بالنسبة إلى سبيويه
أنفسهم .فالمعيار كظاهرة يجب وأصحابه ) وذلك لسباب منها :
العتداد به ،وهو هذا المجموع -1أن معيار اللغة ظاهرة من
المنسجم من الضوابط التي يخضع الظواهر ،وهي تخص سلوك
لها بالفعل كل الناطقين أو أكثرهم . الناطق بها ،فل يمكن أن تهدر في
ومن هنا نفهم معنى الكثرة واهتمام البحث بدعوى أن الحكم بالصواب
النحاة الكبير بهذا المفهوم وسنرى والخطأ تحكم محض .فأين هي
ذلك فيما يلي: اللغة التي يقول عنها أصحابها
-2أن قولهم ":هذا جيّد ،وذاك كلهم :إن الصواب والخطأ اللغوي
ردىء " إنما يخص الخروج عن سيان عليهم ،وأية لغة في الدنيا
القياس أي الباب ل أي خروج،بل يخطيء الناطق بها عرضًا في
عبارة معينة ،فل يقوّمه أحد من
201
آخر وهو الصل أل وهو النتماء ذلك الذي يكون قليلً جدّا في
الصلي"لما" إلى الحروف ل إلى استعمال الفصحاء ( ) وهم السليقيون
1
باب الفعل الناسخ .أما إدراجها في من الناطقين .وهم ل يعتبرونه
ب اب النواسخ لحنا أي خروجًا مطلقًا عن
العربية.فكل
دخولهاولمعلى
يتأثر هنا هو
بالسليقة ل بالتلقين الجامع اللغة
() الفصاحة هنا هي لغوية محضة وهي صفة الناطق (الذي يعرف
فليس
في النواسخ )
ويعتمد والخبر أومثل
لهجة معينة، المبتدأوصف لغة
ببيئة لغوية أخرى غير بيئته .ول يعقل أن يحاول الباحث
يختار
وقد في الناطقين بها .
بكثرة أنه وجد إلجماعة بأصليمثلوا
ذلك على ناطقين ل يتقنون هذه اللغة إذ ل يمكن حينئذ أن
أو حي يوجد فيه أكثر من لغة أو لهجة ومتداخلة أحيانا وجههأو"(مدينة،
)1/274 إقليم معين،
علىلغةغير
أجرىيصف
الباحث أن
ما
معنى ًا
ض أي يفسر وهذا الستعمال.
كثيرة ،فل يمكن أن يقول بأنه يصف إحدى هذه اللغات فقط وهي متداخلة مع غيرها.ومفهوم
أن لغة تميم هنا أقيس جني
Native قول :ابن
speaker
أو وض ع في غير موضعه
الفصيح عندهم هو قريب جدّا مما يسميه تشومسكيو غيره
"
(الخصائص ) 1/125أي أقرب إلى " ( ") 1/8ولم يستعمل أصلً أو
القياس الصلي وقول سيبويه بأن استعمله القليل من الناس ،وتركته
اللغة الحجازية في فكّ الدغام في عامة العرب الموثوق بعربيتهم
الفعل المضاعف نحو " :اُرْدُدْ" فإنهم ينعتونه بالقبيح أو الضعيف
هي " اللغة القديمة الجيدة " ( أو الردىء،وإن كان المستعمل منه
) 424/2لنها جاءت على الصل . جائزا إذ هناك فرق عندهم بين
وكذلك قوله عن عدم إمالة أهل "المستقيم القبيح" على حد تعبير
الحجاز " :الحجازية هي اللغة سيبويه ( ) )1/8وبين القبيح الذي ل
الولى القدمى " ( )41/2أى هي يستقيم أبدًا ،ول يجوز لنه جمع
الصل إذ المالة فرع لنها تحدث بين شذوذه عن القياس وعدم
عن سبب معين . وجوده إطلقا في الستعمال.
أما الفتح ( عدم المالة ) فهو (ويكون غالبا نتيجة لعملية قياسية
أصل لنه غير مسبب ( المنظور غير سليمة أو شيء سمع من فرد
هنا ليس هو الصل في الزمان كما واحد أو أفراد غير موثوق بلغتهم
يصرح بذلك ابن جني (الخصائص أو برواية ضعيفة) .
.) 265/1 -256 ، وقد يكون في الستعمال قياسان
وأما ما يوافق القياس،أصليّا كان أم اثنان (أو أكثر ) فيكون أحدهما
فرعيّا ،وكان كثيرًا في الستعمال الصل ،والخر فرعًا عليه ،مثل:
فإن سيبوبه وأصحابه ينعتونه لغة الحجاز في تشبيه "ما " "بليس
بأنه"عربي كثير"أو" عربي " ولغة تميم التي تخضع لقياس
202
() وهذا يفسر معنى قوله " جيدة " فى " اُردُدْ " فليس ذلك لنها الصل بل لنها لم تخالف قياسًا
وكانت كثيرة في الستعمال .وهذا دليل على أن سيبويه لم يحاول أبدًا أن يفرض لغة أهل الحجاز( أما
مفهوم الصل ومفهوم الفرع فهما من أسس المنهجية العلمية العربية كما سنراه ) .
و"لغة أهل الحجاز " " لغة هذيل " جيد"(والكتاب مفعم بهذه العبارات)
تدل عند سيبويه على اللهجة (). 1
الدانمركي فله نظرية Hjelmslev ()وأهم ممثل لهذه الن زعة ،حلقة براغ المشهورة ومارتينى .أما
صورية خاصة .
لذوات اللفاظ وحدها ،حتى جعلوا
بنية اللغة كلها متوقفة عليها،
ومتولدة عنها ،وهذا ما يخالفهم فيه
الكثير من العلماء حتى من البنويين صحيح فلول تباين اللفاظ لما
.ولهذا الموقف الوظيفي المغالي حصل البيان عن المعاني إل أن
ومواقف أخرى مهمة سنراها اللغة ل ينحصر فيها التباين إل
تبعات خطيرة :منها النظرة بتباين عناصرها في ذاتها ( )2فهنا،
التأملية غير الجرائية التي امتازت علمات وأدلة في اللغة يمكن أن
بها البنوية ومنها التخليط بين يرتفع بها اللبس إذا اتحدت اللفاظ،
الوضع والستعمال ،أي بين اللغة وذلك كالسياق عامة ،وكعلمات
كنظام وبنية وبين استعمال العراب ،وكاختصاص السم
الناطقين لها في واقع الخطاب . بدخول حروف الجر عليه
وأما البنويون المريكيون فإنهم والوصف والضافة وغيرها،
ل يلجؤون أبدا إلى مفهوم الوظيفة واختصاص الفعل بدخول بعض
لتحديد الوحدات اللغوية ،ول إلى الدوات عليه وغير ذلك .ولهذا ل
المعنى للتمييز بين الوحدات يجد المخاطب صعوبة في فهم
الصوتية كأجناس ومختلف تأدياتها الكثير من المشترك والمرادف .
( ) allophonesكما سنراه ( )1أما أما ظاهرتا الشتراك والترادف،
موقف النحاة العرب من الف ادة أو فهما سر النجاعة التي تتصف بها
التبليغ فإنهم كانوا شديدي العناية اللسنة البشرية ( )3فكيف يمكن أن
بها إل أنهم جعلوا لها،كعامل تحصر اللغة في وظيفتها البيانية،
تفسير،ثلثة ميادين :الول :هو وأن تحصر هذه الخيرة في تمييز
مجموع الظواهر المتعلقة بإجراء الوحدات الصوتية وحدها بين
المعاني ؟
الخطاب ( أو ما يسمى بدورة
() وذلك كالجرس الخاص بصوت شخص معين والنغمات الدالة على حالة نفسية معينة وغير ذلك.
أن التخاطب ) يحاولون فيه مثلً
( )2ويقول مثل هذا النحاة الذين عرفوا منطق أرسطو وأولهم في التاريخ هو أبو بكر بن السراج إل
المسماة
كل اللفاظعلى واضع دور
يوجبه النظر يفسروا" الذي
الرماني كما يقال ) .قال في كتابه الموسوم بكتاب الشتقاق:
أسماءتختلفالشارة
باختلف على :
المعاني فحقها أن بالمبهمة
لغة أن يخص كل لفظ بمعنى لن السماء إنما جعلت لتدل
والضمائر والظروف (هي Shifters المعاني (.)21
وقد علقة باعتباطية اللغة ولول ذلك للصق كل كلمة بمعناها الصلي ولما استطاعت اللغة
قصر في الوظيفيون بالغ ( )3وهذا له
عظيم شيء وهو ) عند Jackobson
التمييزية التصورات التي تحدث بعد في أذهان الناس .ومن المسمياتالوظيفة
والمعاني الطارئة بل عن على اهتمامهم
أن تعبر
المعروف أن اللسان البشري قادر أن يعبر عما ل وجود له حسا وعل.
206
فئة منها تسمى الشفوية ،فيمكن أن ( أكثره يوجد في شروح كتاب
يرسم نظامها التمايزي على شكل سيبويه وشروح أخرى مهمة ).
شجرة كالتالي(: )2 والثاني :هو ميدان البلغة ،ول
الشفوية سيما في علم المعاني.
والثالث :هو ميدان تفسير الشواذ
من الشفة من الشفتين
السفلى عن القياس .
ف هذا ولم يحاولوا أن يفسروا آليات
لين جامد تفريع البنى من أصولها ،وبالتالي
تولدها باللجوء إليتفسير كيفية و
غير أغنّّ أغنّ هذه الوظيفة .
ب م -الوضع والستعمال عند البنويين
وعند النحاة العرب :
يدعى الوصفيون البنويون بأن بنية
اللغة تنحصر في نظ ام خاص
تنتظم فيه عناصر اللغة في كل
فهذا النظام التمايزى الجزئي هو واحد من مستوياتها بحسب تمايز
عند هم بنية وتندرج بدورها في كل عنصر عن العناصر
نظام تمايزي أوسع هو بنية الخرى.فهو إذن نظام تمايزي أو
تقابلي محض (Oppositional system
()
المستوى الصوتي العربي . 2
إلى فئة معينة ،وبالتالي يكون مندرجًا في فئة يتميز فيها عن
التحديد عندهم بالجنس والفصل ( أفرادها بميزات خاصة
()3
فقط كما هو عند أرسطو تمامًا ،)Featuresوكل فئة تندرج في فئة
فالفونيم – أو الوحدة الصوتية -هو أوسع تتميز فيها عن غيرها
مجموعة من الصفات المميزة كما بميزات أخرى ،وهكذا حتى نصل
يقولون .فالنظام كله وليد الوظيفة إلى الجنس العام الذي يشملها كلها
التمييزية . فى مستواها.ولنأخذ مثال :الوحدات
الصوتية ( )1في اللغة العربية ،بل
207
أن الشيء المُقام مَقام الشيء بما أنه أما المستوى العلى الخاص
وحدة دالة ،فهم ا إذن من قبيل بالجملة فإن للبنوية المريكية
()4
واحد تمامًا .إل المسماة بالستغراقية أو القرائنية
طريقة خاصة أرقى كثيرًا من
طريقة الوربيين بالنسبة لهذا
المستوى .يحاول أصحابها أن
يكتشفوا بها بنية الجملة وهي
كالتالي :
تشترط هنا
السياق ) المريكية
الخطية بحسب أنهذهالطريقة
الوحدات ورموزها () هي التي يسميها العرب الحروف ( وهذه الكلمة تدل على
وهي غير الصوات في ذاتها لن الحرف الواحد قد ينطق بكيفيات مختلفة بحسب التنوع القليمي أو تأثير
جديد – أن تكون – وهو شيء
الجوار كالجيم العربية مثل وأنواع هذه الجيمات هي ال ( Variantsأو .) allophones
أصغر .ما يمكن ُقامةوغير ذلك دوائر الم
رياضية الوحدة( )2أو على شكل أقواس متداخلة [ م/ب] و/ف أو شكل
علميعلىفي أن
وخاصة دليلً يكونبه فيذلك
كل علم، حتىمعمول
()3التحليل التصنيفي إلى أجناس وأنواع متداخلة هو شيء
الجملة ،أو من كل الكائنات .
الجزءأسرارمن
الحيوان والنبات ،إل أنه ل يكتفي بذلك العلماء في اكتشاف
الكلمة بالتوزيعية مع أن معنى Distributionهنا ليس هو الجملة ريكي في
بعضهم هذه Distributionalismالم
ويترجم ()4يبحث اللغوي
ويريدحقيقة،
اللغويون هو ، التيفيتحتها
الكلم( . ّناتلغوي المكو
عنصر الكبرى ،أنثميقترن بها مكوناتها
القرائن التي يمكن مجموع التوزيع ،بلعن
التامة
()1
المكوّن القريب لها أي المباشر .
. ) بها يحيط أن يمكن ما جميع باستغراق العناصر
يبحث في كل مكون منها عن
تحدد أن المريكيون
وقد رسم هذه العمليات التجزئية مكوناته ،وهكذا بالتدريج حتى
المتدرجة اللغوي المريكي هوكت يصل إلى المكونات الصغرى التي
علَب(.)Boxes فمثّلها على شكل ُ ل تقبل التحليل في مستوى
فالجملة النجليزية The boy opened : العناصر الدالة ( المورفيمات ) .أما
يمكن أن ترسم بنيتها his bag على أي مقياس يجزّئ هذه الشياء
حسب البنوية المريكية هكذا : ( إلى مكوناتها القريبة
) The Boy Opened His Bag 1
) Constituents Immediatفهو المقياس
)2
208الجملة (كما يتصورونها ) في الوقت نفسه أي بفضل التحليل على درجات .
بنية
تختلف نظرة النحاة واللغويين VP
NP
القدامى العرب إلى اللغة عن نظرة NP
البنويين لها في زماننا اختلفا V
جوهريّا في عدة نقاط .فلئن كان A N
D N
يهتم كل طرف منهما بالنظام
الداخلي للغة وما تقوم به اللغة من
The boy V R T his bag
دور في الفادة فإن النحاة الولين
قد ميزوا جيدًا بين كل ما هو راجع Open ed
إلى الوضع م ن جهة أي ما يخص
اللفظ الموضوع للدللة على معنى فهذه الرسوم تمثل عند البنويين
وهذا المعنى المدلول عليه باللفظ المريكيين بنية هذه الجملة.
وحده ،ومن ثم ما يخص بنية هذا والشجرة هي أمثل صورة لما قد
اللفظ بقطع النظر عما يؤديه في سبق أن لحظناه في مستوى
واقع الخطاب ( أي في حال من الحروف ( الحروف الشفوية) وهو
أحوال الخطاب الملموسة) ومن الشكل الندراجى المتداخل .وهذا
جهة أخرى ما هو راجع إلى الشكل ينطبق على كل ما يسميه
استعمال هذا اللفظ أي إلى تأديته حتى عند البنويون Structure
للمعاني المقصودة بالفعل وهي تشومسكي الذي تبنى التحليل إلى
الغراض( . )2وأكبر دليل على ذلك مكونات قريبة ،وإن كان قد بين
هو استنباطهم أولً لبنى الكلم قصور هذا التحليل فصاغة من
والكلم بمناهج خاصة وما تدل ()1
أجل ذلك صياغة منطقية
عليه في الوضع ثم التفاتهم ،بعد النظرية التوليدية ) وحاول أن
ذلك ،إلى م ا تصاب هذه يصلح هذا النقص بإضافة مفهوم
التحويل وكان ذلك حادثًا حاسمًا في
البنى من التغيير في الستعمال
الذي .يصاغ هذه الصياغة ل اللغة نفسها كما قد يتصوره بعضهم .
الغربية اللسانيات
للغة هو () التحليل
بوحدة وحدة وإبدال والقلب بالحذف
(()2فالول يسميه اللغوي الفرنسي Benvenis-teالذي أدرك هذا الفرق جيدًا ( وكذلك مواطنه
يصابمقالبهه: وغير ذلك وما
( Sémantiqueانظر أخرىالخر ب
J. Gagnepainليس إل ) Sémiologiq-ueويسمى الجانب
المعنى الوضعي من التغيير بسبب =البنية عند العلماء العرب :الوضع
الستعمال الذي يتصرف فيه والستعمال عندهم
والستعارة بالمجاز الناطق
209
علماء الفيزياء والحياء في والكناية ،وغير ذلك .والدللة في
عصرنا هذا .ويلجؤون في ذلك هذه الظواهر هي دللة المعنى
إلى " حمل" هذه الفراد بعضها ( معنى عند الجرجاني ) .فل
على بعض ،وذلك بجعل كل جزء يخلطون بين الدللة الوضعية وبين
منها إزاء الجزء الذي يقابله في غيرها كدللة الحال ودللة المعنى
المرتبة ويعتمدون هنا ،مثل البنوية هذه ( أو العقلية ) في تحديدهم لبنى
،على مقياس التكافؤ وهو صلحية اللغة وكل ما يرجع إلى الوضع .
قيام الشيء مقام الشيء (الستبدال أما كيف يستنبطون البنُى دون أن
في الصطلح اللساني الحديث ). يلجؤوا إلى ظواهر التبليغ ( وما
إل أن البنوية تريد بذلك أن تعرف البلغة إل النظر في ظواه ر
عن الجزء من الكلم،هل هو وحدة التبليغ الناجع ل في بُنى اللغة في
قائمة بنفسها ( مورفنيم أو فونيم كل ذاتها) فان ذلك أساسه كلّه البحث
في عن " الجامع " أي عما يجمع بين
بالعتماد Sémiologie de laوقد وضح ذلك جيدًا عبد القاهرlangue, probl،. De
الواحد 1974الجنس
ling. Générale, =أفراد
التي الخليل وسيبويه ول يمكن أن تفهم أقوالهما في ميدان المميزة قدفقط
سبق إليه قبلهماصفاتها
بقرون .وكل ذلك الجرجانيعلى
ليس
شراحهما أول وتلميذ هؤلء وهو عبد القاهر ( وقبله ابن جنى أيضًا ) قاله ما بتدبر إل
تجعلها تندرج في ه ذاالدللت
إلى )أن اللتفات من لبد ). 15/1 ( والعقلية اللفظية الفعل دللت في (انظر كلم سيبويه .مثلً
(1
تشومسكي.
هوأماجنسه ما وبالتالي ) مستواه
هذين العالمين هما من علماء اللسانيات وليسا من المتخصصين في اللغة العربية.
فيريدون أن
ظهور العرب الوسطى بعد
النحاة في القرون
فهو كذلك إل أن له اطلعًا عميقًا على النحو العبريأماالذي حرر
يكشفوا ليس عن هوية الجزء كتاب سيبويه .
وجنسه فقط وإنما عن مكانته الجنس ،وإنما بالنظر في هيئتها
ودوره في المجموعة من أجزاء وزنتها .فكل هذه الفراد التي
العبارة التي ينحصر فيها ،فبذلك تجمعها هيئتها تكوّن عندهم بابًا
تتحدد هويته ليس بإدراجه في فئة وهي نظائر بعضها إزاء بعض؛
بسيطة فقط وإنما ببنائه ،أو لنه يوجد فيما بينها تناظر ل
بتركبيه في مجموعة مرتبة ،لكل مجرد تشابه ،إذ قد تختلف بعضها
جزء منها موضع خاص يؤدى فيه عن بعض اختلفًا شديدًا .وكلما
()2
وهذه عملً وضعيّا خاصّا اختلفت أكثر كان الجامع بينها – إن
المجموعة بهذا المعنى الرياضي وُجد – أعمق والبحث عنه أقرب
يسمونه بابًا وحدّا هي ما إلى المنهج العلمي كما يتصوره
210
ولول الترتيب المعين لما كان هناك وقياسًا،ورسمُه وتمثيلهُ يسمى
قياس أوحد .ويؤدى هذا الحمل إلى عندهم مثال.ولكل مستوى من
تجريد رياضي ل يكتفي فيه بتجريد مستويات اللغة حدود خاصة به.
الصفات المشتركة الذي ينتج عنه لتأخذ مثلً مستوى الكلم المتمكنة
الجنس ( الفئة البسيطة ) بل إلى فحدودها ومثلها في هذا المستوى
مثال وهي مجردة بنية هو من قبيل البناء ،ويعنون بذلك
الكلمة،وتمثل فيها المتغيّرات أن أج زاءها مبنية بعضها على
برموز ( ( )3ف /ع /ل) بعض على مثال معين بحيث ل
الكلمةأصناف الوحدات ودليلها في ذلك هو فقط تكافؤها في
صنف منبتلشي
ِجها في تحذفُت ْدرإل وفي أن
الوقت نفسه ()1يمكن
تصور) مه هذه
أجزاء أخرى سبق أن عرفت كوحدات. ويمكن( أن
paradigmatic كلها .الستبدالي
المحور
وىّنات الخرى في الفادة .
المستالمكو
يؤديه مع
فيأنهذا الحمليةيمكن
النظر عما ( )2بقطع
العمليات
( ) 3مثل الرموز الرياضية تمامًا ( الفاء تمثل أي حرف صامت من العربية في المرتبة الولى
والثوابت بالبقاء على أصلها . وهكذا )
ويستنبط النحاة حدّ السم وحدّ
( أي السم والفعل بما الفعل ب = ملعب هكذا :أ = مكتب
يدخل على كل واحد منهما وهو مجلس المثال الجامع = مفعل
()1
مستوى أعلى من الكلمة ) بحد أ
ج ب
م
آخر .والفرق بين هذا الحدّ وما فتح
م م
فتح فتح
كـ تكافؤ = ترتيب
ج ل
وجود عناصر في داخله ل تُبنى سكون
سكون
: بنية مثالها
سكون
التعريف وحرف الجر ( وقد ولم فالقياس والحد هنا ناتج عن انتماء
()2
ولن بالنسبة للفعل ) .وهناك كل من " مكتب " و"ملعب "
فرق كبير جدّا بين التحليل البنوى و"مجلس " إلى جنس واحد هو
والتحليل العربي .فالبنويون اسم المكان الثلثي ،وفي الوقت
ينطقون في هذا المستوى من نفسه من تواجد عناصر على
الجملة ويقطعونها بالعتماد على ترتيب معّين في كل واحد منها
211
مبدأ الستب دال مورفيما بحسب
تسميتها "لفظة" (اسمية أو فعلية) تسلس ل
لطلق الرضى " اللفظة" على ما
هو فوق الكلمة وتحت الكلم
مباشرة .
أما مستوى الكلم (أو التركيب)
فيبحث هاهنا أيضًا عن المثال
المجرد الذي ينبني عليه أقل الكلم الكلم( )3أو بالتجزئة إلى مكونات
المركب ،وذلك بحمل كلم على متداخلة كما هو الشأن عند
(
آخر من جنسه (واجب وغير ذلك المريكيين .أما العرب فينطقون
.)1ومعنى ذلك أنهم ينطلقون هنا من " أقل ما يتكلم به مفردًا " على
أيضا من أقل ما يمكن أن يتكلم به حد تعبيرهم وهو العنصر الذي
لكن فيما هو فوق السم كما يمكن أن ينفرد في الكلم وبذلك
حددناه) .وذلك مثل":زيد يتأكد الباحث أنه وحدة من وحدات
منطلق"وقام عبد ال )2(".وينظر ما اللغة ( مع أنه كلم مفيد ) مثل
هي العناصر التي يمكن أن تدخل "كتاب " في جواب " ما هذا " ؟
على ذلك دون أن تخرجه عن كونه هي العناصر التي ثم ينظر ما
كلمًا واحدًا .وذلك مثل : تستطيع أن تدخل عليه يمينًا وشمالً
ول تغيره عن كونه اسمًا واحدًا.
فبهذه الزيادات المتتابعة يتحدد
موضع كل عنصر طارئ وما
يؤديه فيه ،ومجموع هذه المواضع
المرتبة تكوّن حدّ السم اللفظي
(أي الصوري) ل كمفردة بل"
كمجموعة تدخل عليه لوازمها
زيد منطلق ø
وتخرج" .وق د اصطلحنا على
زيد منطلقًا أمس
زيدًا كان
() هذا المستوى لم يتفطن له إل J.Gagnepai-nالذي أشرناإنإليه .وقد تنبه
منطلق
اللغويون المريكيون إلى أن
مورفيمات ولكنهم لم تحتوى على
منطلقًا الجملة ليست ناتجة عن تركيب مورفيمات بل عن تركيبحسبت
مجموعات زيدًا
تكافؤ
215
التي تدخل فيها " تولدها ،عند
العرب" التحويلت نفسها بل
المجموعات من التحويلت هي
نفسها بنى بسبب ترتيبها(. )1
عبد ـ ــالرحمن ـ ــالحاج
صالح
عضو المجمع
المراسل
من الجزائر
216
() ينبغي أن نميز بين هذا النحو العلمي الذي يكثر فيه التجريد والتحليل والنحو التعليمي الذي ل
يراد منه إل الستعانة به على تحصيل الملكة اللغوية إل أن هذا النحو هو نتيجة عن استثمار ما
حققه النحو العلمي من جهة ،وعلم تدريس اللغات من جهة أخرى.