You are on page 1of 52

‫‪ 30‬كلمة الناشر‬

‫القسم الثاني‬ ‫القسم الول‬


‫تمهيد‬ ‫تمهيد‬
‫أبنائي الذكور‬ ‫حجاب من الفحم!!‬
‫اتصال عشوائي في الهاتف يدمر فتاة‍‬ ‫المسارعة إلى التنفيذ‬
‫كشفت ستر ال علي‬ ‫هكذا أسلمت‬
‫رفضت أن أتزوج عليها‬ ‫بأم عيني‬
‫الكنز المخبوء‬ ‫المحرم يقيك المغرم "بإذن ال"‬
‫مطلقة على أبواب الثامنة عشرة‬ ‫مقارنة بين الم والزوجة‬

‫الخادمة سرقت زوجي‬ ‫صنائع المعروف تقي مصارع السوء‬


‫دعت البنة على أبيها فقال آمين ‪ ..‬آمين ‍!‬
‫عندما يتنازل الرجل عن قوامته‬

‫القسم الثالث‬
‫تمهيد‬
‫عندما هممت بالزواج من الثانية‬
‫أنا وأب زوجتي‬
‫جارتنا وكالة أنباء‬
‫طباخة ماهرة‬
‫اربطي فمك من أجل الرشاقة‬
‫شر البلية ما يضحك‬
‫مسيار‬
‫مقامة للمتزوجين فقط‬
‫كلمة الناشر‬

‫الحمد ل ولي الصالحين‪ ،‬وناصر المؤمنين‪ ،‬والصلة والسلم على المبعوث رحمة للعالمين ‪،‬‬
‫سيد الولين والخرين‪ ،‬وخاتم النبياء والمرسلين‪ ،‬نبينا محمد الصادق الوعد المين‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحابته الغر الميامين‪ ،‬وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪.‬‬

‫فإننا – في دار الندلس الخضراء – جعلنا من أهدافنا "العناية بثقافة وصيانة المرأة والطفل‬
‫والسرة"‪ ،‬وشرعنا لذلك في إصدار سلسلة "عالم المرأة والسرة" التي بدأناها بالجزء الول‬
‫من "دليل مكتبة المرأة المسلمة"‪ ،‬ليكون فاتحة خير لصدارات متميزة تتوالى تباعا بمشيئة ال‬
‫تعالى‪.‬‬

‫وإدراكا منا لما غلب على أهل عصرنا من العزوف عن القراءة عموما‪ ،‬والقراءة الجادة‬
‫الهادفة خصوصا ‪ ،‬جاء هذا الكتاب الذي تعرض مادته بطريقة مرغبة‪ ,‬تدفع الملل بما فيها من‬
‫التنوع‪ ،‬وتساعد على القراءة بما في فقراتها من القصر‪ ،‬وتعمل على غرس الفوائد والعبر‬
‫بطريقة تلقائية متيسرة من خلل المواقف المعبرة‪ ،‬والقصص المؤثرة‪ ،‬والطرائف المسلية‪،‬‬
‫ومن ثم سماه مؤلفه "كشكول السرة"‪ ،‬وجعل أسلوبه سهلً‪ ،‬وعباراته واضحة‪ ،‬وتعليقاته‬
‫مختصرة‪ ،‬فجاء الكتاب كباقة زهور زاهية اللوان جميلة الرائحة‪ ،‬متناسقة المنظر‪.‬‬

‫ومؤلف‪" :‬كشكول السرة" داعية حصيف‪ .‬اشتهر بعنايته بموضوعات المرأة ‪ ،‬وقضايا السرة‪،‬‬
‫وأبدع في هذا المجال‪ ،‬فكتب المقالت‪ ،‬وأجاب عن المشكلت‪ ،‬وألقى المحاضرات‪ ،‬وصنف‬
‫الكتب‪ ،‬وتوسعت دائرة اطلعه‪ ،‬وتعمقت تجاربه‪ ،‬وتميزت كتاباته‪ ،‬وكتب ال له التوفيق‪،‬‬
‫وجعل له القبول‪.‬‬

‫هذا الكتاب بين أيديكم – معشر القراء – نترك لكم فرصة الستمتاع به‪ ،‬والستفادة منه‪،‬‬
‫ونعدكم بأننا سنحرص في مثل هذه السلسلة على مثل هذه الصدارات المتميزة المتنوعة‪ ،‬ولن‬
‫يطول انتظاركم – بإذن ال – للكتاب القادم بما فيه من تنوع وابتكار‪ ،‬وجمال وحسن اختيار‪.‬‬
‫وبهاء وإبداع في الخراج‪.‬‬

‫الناشر‬
‫( القسم الول)‬

‫مواقف نسائية‬

‫تمهيد‬

‫إن جذوة اليمان إذا توقدت في القلوب أنارت البصائر‪ ،‬وأحيت الضمائر‪ ،‬وزكت النفوس‬
‫وهذبتها ‪ ،‬واستقامت بها الجوارح على نهج خالقها‪ ،‬وعندئذٍ يتحول النسان إلى طود شامخ ‪..‬‬
‫ل تزلزله الشهوات الثمة‪ ،‬ول تغريه النزوات المحرمة‪ ،‬ول تعبث به المصائب مهما اشتدت‪،‬‬
‫ول تعصف به النوائب مهما عظمت ؛ ذلك لنه آمن بال وتوكل عليه ووثق به وتوجه إليه ‪..‬‬
‫(ال ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)‪ .‬البقرة‪ ،‬الية‪.257 :‬‬

‫ولعل مما يزيد اليمان في القلوب ذكر بعض المواقف اليمانية لبعض النساء اللتي دفعهن‬
‫إيمانهم للثبات على دين ال على الرغم من شدة الفتن و الستمساك بأمر ال على الرغم من‬
‫عظم المحن‪.‬‬
‫حجاب من الفحم‪.‬‬

‫قالت الخت اليوغسلفية وهي تتحدث الفصحى‪:‬‬

‫"عندما غزانا المد الشيوعي كنت حينها صبية في العاشرة من عمري‪ ،‬وكنت أرتدي الحجاب‬
‫دون غطاء الوجه‪ ،‬وكانت أمي تغطي وجهها مع سائر بدنها‪.‬‬

‫وكنا قبل هذا المد الخبيث نعيش في أمان على كل شئ‪ .‬على أموالنا ‪ ..‬وأعراضنا ‪ ..‬وديننا ‪..‬‬
‫فلما ابتلنا ال بهذا الطاغوت الذي ل يرعى في مسلم إل ول ذمة‪ ،‬تغيرت أحوالنا‪ ،‬فما كنا‬
‫نستطيع أن ننام ليلة واحدة في أمان‪ ،‬وكانت أمي تنام في حجابها خوفا أن يداهم الحراس‬
‫الكفرة بيوتنا في ساعة من ليل‪.‬‬

‫وكان أول عمل قام به الشيوعيون هو هتك الستر‪ .‬فقد هدموا الجدر الفاصلة بين منزل‬
‫ومنزل‪ ،‬حيث كانت عالية للمحافظة على الحرمات‪ ،‬فأبوا إل أن يجعلوا ارتفاعها ل يزيد على‬
‫متر واحد ‪ ..‬فكنت أنا وأمي ل نستطيع أن نظهر في حديقة الدار إل ونحن متحجبتان؛ بل‬
‫كانت أمي تغطي حتى وجهها وهي تقضي بعض العمال في حديقة الدار"‬

‫عجبت وال من صلبة اليمان في قلب تلك المسلمة غير العربية‪ ،‬أشاهدتن معي كيف أنها‬
‫تنام في حجابها خوفا أن يداهمهم أحد في الليل!! ول تظهر إل بحجابها في حديقة دارها ؛ لن‬
‫ارتفاع الجدار ليس كافيا ليسترها عن جيرانها‪.‬‬

‫وهل تردن المزيد عن هذه المرأة الصالحة؟ إذن سأكمل عليكن ما روته لي ابنتها – تلك‬
‫الخت اليوغسلفية‪. -‬‬

‫قالت‪" :‬فما اكتفى الشيوعيون بذلك ؛ بل إنهم فرضوا على كل من تغطي وجهها أن تحمل‬
‫صورة فوتوغرافية تبرزها في هويتها"‪.‬‬

‫ولسنا بصدد العجب من هذا فهو يحصل في أغلب البلد للتحقق من الهوية الشخصية ؛ ولكن‬
‫العجب كل العجب من موقف تلك الم الصالحة ‪ .‬أتدرون ماذا فعلت؟ قالت لي ابنتها بالحرف‬
‫الواحد‪:‬‬
‫"عندما جاءنا جنود الدب الحمر‪ ،‬وأبلغونا بوجوب إبراز صورة في البطاقة الشخصية للنساء‬
‫‪ ..‬يومها ما رأيت أمي تبكي كبكائها تلك الليلة‪ ،‬وهي تردد وتقول‪ :‬كيف سأكشف وجهي أمام‬
‫المصور؟ وهو يركز نظره علي ثم يأتي أتباع الدب الحمر ليتمتعوا بالنظر إلى صورتي ‪..‬‬
‫ماذا أفعل؟ أنقذوني من هذا الموقف الذي ل أطيق تحمله ‪ ..‬وبينما نحن في حيرة من أمرنا‬
‫وقد تألمت جدا لبكائها وحرقتها؛ إذ قام والدي وأحضر بين يديه فحما أسود وقال لها‪ :‬خذي يا‬
‫أم فلن ول تجزعي ‪ ..‬خذي هذا‪ ..‬قالت ‪ :‬وماذا أنا فاعلة به ؟‬

‫قال‪ :‬أصبغي به وجهك! ‪ ..‬وقنعيه بالسواد فل تبدو ملمح جمالك حين تكشفين عن وجهك‬
‫أمام المصور وستظهر الصورة قاتمة ‪ .‬فأخذت والدتي منه على مضض وهي غير متوقعة أنه‬
‫سيكفي ‪ .‬فلما لطخت وجهها بلونه السود وقنعته به اختفت كل معالم جمالها‪ ،‬فانفرجت‬
‫أساريرها‪ ،‬ول زلت أحتفظ من يومها بتلك الصورة الرائعة بقناع من الفحم السود تقف شاهدة‬
‫لمي وأبي أمام ال يوم القيامة في غيرتهما على دينه"‬
‫ثم أظهرت لي الصورة من حقيبتها ‪ ..‬فوقفت مما أرى ‪ ..‬فلم أصدق ما تراه عيني لول أني قد‬
‫سمعت قصتها‪..‬‬
‫أين نحن من تلك المرأة اليوغسلفية ‪ ..‬؟ فوال إننا لنقف أمام هذه الصلبة اليمانية متوشحين‬
‫برداء الخجل ‪ ..‬ويبرز أمامنا شبح التقصير ‪ ..‬فنحن العربيات المسلمات اللواتي يفهمن‬
‫حروف ومعاني القرآن الكريم وألفاظ الحديث الشريف أكثر منها ‪ ..‬هل نلتزم مثل التزامها‬
‫‪ ..‬؟ هل يخطر ببالنا أن نفكر مثل تفكيرها؟ ويل لنا من تقصيرنا ‪ ..‬نسأل ال أن يرحمنا‪ ،‬وأن‬
‫يردنا إلى ديننا ردا جميلً‪...‬‬
‫وما أجمل الحياة حين يخالط اليمان بشاشة القلب‪ ..‬وما أروع أن تعيش المرأة المسلمة في‬
‫ظل دينها الحنيف الذي يحقق لها المن النفسي والحماية المادية ‪ ..‬وما أعظم أولئك النسوة‬
‫المؤمنات اللتي يرين دينهن أغلى ما يملكن في هذه الدنيا‪ ،‬فل يفرطن في أي أمر من أوامره‬
‫صغيرا كان أو كبيرا‪ ،‬وإذا ما تعرضن للبتلء في الدين كان منهن من الصمود ما يحاكي‬
‫الجبال الرواسي‪ ،‬وإذا ما اشتد عليهن البلء هداهن ال بإيمانهن إلى ما يحفظ عليهن دينهن‬
‫وكرامتهن مصداقا لقوله تعال‪( :‬إن الذين ءامنوا وعملو الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم)‬
‫يونس‪،‬الية ‪ .9:‬وقوله‪( :‬ومن يؤمن بال يهد قلبه)التغابن‪ ،‬الية‪.11 :‬‬
‫إن الصدق في أخذ هذا الدين بقوة يورث صاحبه هداية وسدادا يعصم بها دينه ونفسه‪.‬‬
‫وهذا فضل ال يؤتيه من يشاء وال ذو الفضل العظيم‪ ،‬وقد أمرنا سبحانه أن نسأله من فضله‬
‫‪ ...‬فهل نحن فاعلون؟‬
‫المسارعة إلى التنفيذ‬

‫موقف النساء المسلمات الول مما حرم ال عليهن من تبرج الجاهلية‪ ،‬وما أوجب عليهن من‬
‫‪)1(.‬‬ ‫الحتشام والتستر "موقف عظيم‪ ،‬تتجلى فيه قوة إيمانهن‪ ،‬وسرعة تنفيذهن لما أمرهن ال به"‬

‫ف قد كا نت المرأة في الجاهل ية ت مر كاش فة صدرها‪ ،‬ل يوار يه شئ‪ ،‬وكثيرا ما أظهرت عنق ها‬
‫وذوائب شعر ها‪ ،‬وأقراط أذني ها‪ ،‬فحرم ال على المؤمنات تبرج الجاهل ية الولى‪ ،‬وأمر هن أن‬
‫يتميزن عن ن ساء الجاهل ية‪ ،‬ويخال فن شعار هن ويلز من ال ستر والدب في هيئات هن وأحوال هن‪،‬‬
‫بأن يضربن بخمرهن على جيوبهن‪.‬‬

‫وهنيا تروي لنيا السييدة عائشية أم المؤمنيين رضيي ال عنهيا كييف اسيتقبل نسياء المهاجريين‬
‫والنصار في المجتمع السلمي الول هذا التشريع اللهي‪ ،‬الذي يتعلق بتغير شيء مهم في‬
‫حياة النساء‪ ،‬وهو الهيئة والزينة والثياب‪.‬‬

‫قالت عائ شة ‪" :‬ير حم ال ن ساء المهاجر ين الول ‪ ...‬ل ما أنزل ال (وليضر بن بخمر هن على‬
‫جيوبهن) النور‪ ،‬الية‪ .31 :‬شققن مروطهن (‪ )2‬فاختمرن بها"صحيح البخاري‪...‬‬

‫وجلس إليهيا بعيض النسياء يوما‪ ،‬فذكرن نسياء قرييش وفضلهين‪ ،‬فقالت‪" :‬إن نسياء قرييش‬
‫لفضليات‪ ،‬ولكني وال ما رأيت أفضل من نساء النصارو أشد تصديقا بكتاب ال‪ ،‬ول إيمانا‬
‫بالتنز يل‪ ،‬ل قد أنزلت سورة النور‪( :‬وليضر بن بخمر هن على جيوب هن) فانقلب رجال هن إلي هن‬
‫يتلون عليهن ما أنزل ال فيها‪ ،‬فما منهن امرأة إل قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح‪،‬‬
‫معتجرات(‪ )3‬كأن على رؤوسهن الغربان" (‪)4‬‬

‫هذا هيو موقيف النسياء المؤمنات مميا شرع ال لهين‪ .‬موقيف المسيارعة إلى تنفييذ ميا أمير‪،‬‬
‫واجتناب ما نهى‪ ،‬بل تردد ول توقف ول انتظار‪ .‬أجل لم ينتظرن يوما أو يومين أو أكثر حتى‬
‫يشترين أو يخطن أكسية جديدة تلئم غطاء الرؤوس وتسدل على الوجوه حتى تغطى‪ ،‬وتتسع‬
‫لتضرب على الجيوب؛بل أي كساء وجد‪ ،‬وأي لون تيسر‪ ،‬فهو الملئم والموافق‪ ،‬فإن لم يوجد‬
‫شققن من ثيابهن ومروطهن‪ ،‬وشددنها على رؤوسهن‪ ،‬غير مباليات بمظهرهن الذي يبدون به‬
‫كأن على رؤوسهن الغربان‪ ،‬كما وصفت أم المؤمنين‪)5( .‬‬
‫ويمكننيا أن نأخيذ درسيا آخير مميا ذكرتيه عائشية رضيي ال عنهيا عين رجال النصيار‪ ،‬هيو‬
‫اهتمامهم بتعليم نسائهم القرآن‪ ،‬وإلزامهن بتطبيق أوامر ال حيث قالت‪" :‬فانقلب رجالهن إليهن‬
‫يتلون عليهن ما أنزل ال فيها"‪.‬‬

‫وإننا نلحظ تقصيرا ظاهرا وإهمالً مفرطا في قيام الرجل أو الزوج بتعليم أهله أمور دينهم ‪..‬‬
‫وكأن مسؤوليته انحصرت في الطعام والكسوة ‪ ..‬وكأنه لم يسمع قول ال تعالى‪( :‬يأيها الذ ين‬
‫ءأمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)‪)6( .‬‬

‫وقد يعتذر البعض بجهله بأحكام الشرع وفاقد الشي ل يعطيه‪ ،‬فنقول‪ :‬إن عليك أن تتعلم ما تنقذ‬
‫به نفسك ومن تعول من نار وقودها الناس والحجارة‪ ..‬كما أن وسائل تعليم الهل كثيرة منها‬
‫الشرطية السيلمية‪ ،‬ومنهيا حثهيم وتوجيههيم إلى سيماع إذاعية القرآن الكرييم‪ ،‬ومجالسية‬
‫الصالحات‪ ،‬إلى آخره من وسائل الخير‪..‬‬

‫نعم ‪ ..‬ما أكثر تقصير بعض الرجال في حق تعليم نسائهم ‪ ..‬فإن الرجل – بجهله – يظن أن‬
‫ل فائدة من تعليم المرأة أمور دينها ‪ ...‬وكل ما عليها أن تطيعه فيما أمر وتجتنب ما نهى عنه‬
‫وزجر ‪ ..‬فإن فعلت ذلك فلتبشر بالجنة ‪ ..‬ونعم المستقر ! مرددا صباح مساء‪ :‬ألست تريدين‬
‫الجنة؟ فأنا جنتك ونارك ‪ ..‬أطيعيني تسعدي‪..‬‬

‫و كم يحرم م ثل هذا الر جل امرأ ته – متعل مة كا نت أو جاهلة – من الخ ير ح ين يحرم ها من‬


‫مجالس الذكر ومجالسة الصالحات والتدارس معهن بحجة أن زوجها وأولدها أولى بوقتها ‪..‬‬
‫وميا عرف المسيكين أنهيا كلميا زادت علما بدينهيا كلميا ازدادت طاعية له‪ ،‬وكلميا قيل علمهيا‬
‫ازدادت تمردا عليه‪ ،‬وأنه بالمكان – لو وجدت النية والعزيمة والتنسيق – الجمع بين مهمات‬
‫السرة‪ ،‬ومتطلبات الستزادة من العلم النافع والعمل الصالح‪.‬‬

‫إن تعل يم المرأة الم ستمر لمور دين ها م سؤوليتك أي ها الر جل أمام ال تعالى‪ ،‬و حق ل ها عل يك‬
‫سيسألك ال عنه يوم القيامة‪.‬‬

‫إ نك تعلم أ نه بتقوى ال‪ ،‬ثم بالتنظ يم والترت يب ستكسب زوج تك الخ ير دون أن يتضرر بي تك‬
‫بشيء‪.‬‬

‫ول ت كن م من ل يم نع ذلك إل ل نه يخ شى أن ها بمز يد من العلم الشر عي ستعرف ما ل ها من‬


‫الحقوق فتواجهك بتقصيرك!‬
‫فهب – أخي – من رقدتك‪ ،‬وانفض عنك غبار التقصير فإن ال تعالى يقول‪( :‬ولهن مثل الذي‬
‫عليهن بالمعروف)‪)7( .‬‬

‫أعلم أنك ستقول (وللرجال عليهن درجة) ‪ ..‬نعم إن هذه الدرجة هي التي تلزمك بتيسير أسباب‬
‫التعلم لمرأتك ‪ ..‬فمن فمك أدينك‪.‬‬
‫هكذا أسلمت‬

‫أنيا طبيبية نسياء وولدة‪ ..‬أعميل بأحيد المسيتشفيات المريكيية منيذ ثمانيية أعوام ‪ ..‬فيي العام‬
‫الماضي أتت امرأة مسلمة عربية لتضع بالمستشفى‪ ،‬فكانت تتألم وتتوجع قبيل الولدة‪ ،‬ولكن لم‬
‫أر أي دمعية تسيقط منهيا‪ ،‬وحينميا قرب موعيد انتهاء دواميي أخبرتهيا أننيي سيأذهب للمنزل‬
‫و سيتولى أ مر توليد ها طبيب غيري‪ ،‬فبدأت تب كي وت صيح بحرارة وتردد‪ :‬ل ‪ ..‬ل‪ ...‬ل ‪ ..‬ل‬
‫أريد رجلً‪!!..‬‬

‫عجبت من شأنها فأخبرني زوجها أنها ل تريد أن يدخل رجل عليها ليراها‪ ،‬فهي طيلة عمرها‬
‫لم ير وجهها سوى والدها وأشقاؤها وأخواتها وأعمامها فقط ‪! ...‬‬

‫ضحكت وقلت باستغراب شديد ‪ :‬أنا ل أظن أن هناك رجلً في أمريكا لم ير وجهي بعد ‪!! ..‬‬
‫فاستجبت لطلبها وقررت أن أجلس لجلها حتى تضع فقاما بشكري‪ ،‬وجلست ساعتين إلى حين‬
‫وضعت‪.‬‬

‫وفيي اليوم الثانيي جئت للطمئنان عليهيا بعيد الوضيع‪ ،‬وأخبرتهيا أن هناك الكثيير مين النسياء‬
‫يعان ين من المراض واللتهابات الداخل ية ب سبب إهمال هن لفترة النفاس ح يث يقرب ها زوج ها‪،‬‬
‫فأخذت تشرح لي الوضع بالنسبة للنفاس عندهم في السلم‪ ،‬وتعجبت جدا لما ذكرته‪.‬‬

‫وبين ما ك نت على ان سجام مع ها في الحد يث دخلت طبي بة الطفال لتطمئن على المولود‪ ،‬وكان‬
‫م ما قال ته للم‪ :‬من الف ضل أن ينام المولود على جن به الي من‪ ،‬فقالت الم‪ :‬إن في هذا ت طبيقا‬
‫لسنة نبينا محمد عليه الصلة والسلم‪ ،‬فتعجبت لهذا أيضا‪...‬‬

‫انقضى عمرنا لنصل لهذا العلم وهم يعروفنه من دينهم ‪ ..‬فقررت أن أتعرف على هذا الدين‪،‬‬
‫فأخذت إجازة لمدة ش هر وذه بت لمدي نة أخرى في ها مر كز إ سلمي كبير‪ ،‬ح يث قض يت أغلب‬
‫الوقت فيه للسؤال والستفسار واللتقاء بالمسلمين العرب والمريكيين‪ ،‬وحينما هممت بالرحيل‬
‫حملت م عي ب عض النشرات التعريف ية بال سلم‪ ،‬فأ صبحت أقرأ في ها‪ ،‬و قد ك نت على ات صال‬
‫مستمر ببعض أعضاء ذلك المركز‪.‬‬
‫والحمد ل أنني أعلنت إسلمي بعد عدة أشهر‪)8( .‬‬

‫الدكتورة "أوريفيا"‬
‫أمريكا‬
‫صدق ال العظيم ‪( :‬ومن يتق ال يجعل له مخرجا‪ ،‬ويرزقه من حيث ل يحتسب) (‪ )9‬سبحان‬
‫الذي سخر لهذه الم سلمة امرأة كافرة تقوم بتوليد ها وم ساعدتها‪ ،‬ثم تك تب ل ها الهدا ية ب سببها‪،‬‬
‫إنها التقوى حين تؤتي ثمارها تفريجا للكروب‪ ،‬وإنارة للدروب‪ ...‬أختي المسلمة ‪ ...‬إن للعورة‬
‫أحكاما تعرفها كل النساء ‪ ..‬ول أشد انكشافا لها من حالة الولدة‪ ،‬فكيف ترضى الحرة العفيفة‬
‫أن يراها الرجل في هذه الحالة‪ ،‬وفي مجتمعنا – بحمد ال – من الطبيبات المسلمات ما يغني‬
‫عن الرجال في هذا المجال؟‬

‫أناشدك ال – أخية – أن تتقي ال و تتمسكي بحيائك الذي هو المحرك لشعب اليمان عندك ‪..‬‬
‫ول ت ستمعي لجنود إبل يس عباد الهوى و صرعى الشهوات الذ ين يلقون في رو عك‪ ،‬أن الر جل‬
‫أكثر مهارة في التوليد من المرأة ويسوقون لك تجارب تبرهن على ذلك‪.‬‬

‫يا أخية‪ :‬إن الذي خلق الجنين في رحم الم في ظلمات ثلث هو الذي ييسر له سبيل الخروج‬
‫وهو الذي ييسر لك المر عندما يرى منك التقوى‪.‬‬

‫صوني حياءك صوني العرض ل تهني‬


‫وصابري واصبري ل واحتسبي‬

‫لقد كان حياء المرأة المسلمة سببا في إسلم امرأة كافرة فهنيئا لها بشرى النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪" :‬لن يهدي ال بك رجلً خير لك من حمر النعم"‪)10( .‬‬

‫إنهيا عزة السيلم حيين تتوج رأس المسيلمة لتطميس بنورهيا ظلمات المنهزميين نفسييا رجالً‬
‫ونساء‪.‬‬
‫بأم عيني‬

‫ك نت أول مرة أزور جار تي‪ .‬رأيت ها في الخام سة والثلث ين‪ ،‬البت سامة ل تفارق وجه ها‪ ،‬و قد‬
‫اجتم عت حول ها بنات ها الر بع‪ ،‬وأ كبرهن كا نت تنادي ها "عطرة" شار فت على العشر ين‪ ،‬با سمة‬
‫الثغر حيية خجولة ل تهدأ من طلبات أمها وأخواتها‪ .‬فتارة تقوم بواجب الضيافة‪ ،‬وتارة تعمل‬
‫رضعية للمولودة الصيغيرة‪ ،‬ومرة تأخذهيا فيي حجرتهيا تهدهدهيا لتنام‪ ،‬وتأتيي بالدواء لمرأة‬
‫كبيرة في السن تناديها جدتي‪ ،‬وكلما أنهت عملً التصقت بأمها تهمس لها‪ ،‬وقد تلقى رأساهما‬
‫في زي نة واحدة‪ ،‬وكذلك ثوبيه ما و ما تلب سانه من حلي وذ هب‪ ،‬وكأنه ما في حبه ما لبعضه ما‬
‫طفلن صغيران لم يتجاوزا السابعة من العمر يتجاذبان ويتضاحكان‪.‬‬

‫قالت جار تي مشيرة لثلث طفلت الت صقن ب ي "عطرة"‪ :‬هؤلء بنا تي أمي نة‪ ،‬فاط مة‪ ،‬جما نة‪،‬‬
‫وهذا علي‪ ،‬وهذا محمد‪ ،‬وتلك العجوز المريضة أمي‪ ،‬تسكن معي منذ مرضت لرعاها‪ .‬أردت‬
‫أن أسأل عن الشابة عطرة فسبقتني وقالت‪ :‬عطرة جارتي أو ضرتي كما يقال!!‬

‫عقدت الده شة ل ساني‪ ،‬وألجمت ني المفاجأة فات سعت عيناي وفقدت الن طق لحظات أو هكذا خ يل‬
‫إلي‪ ،‬وقلت بتعجب‪ :‬وال ل أحسبها إل ابنتك‪.‬‬

‫ضحكت عطرة الزوجة الجديدة وزادت التصاقا بضرتها كما تلتصق البنة بأمها‪ ،‬وأضافت أم‬
‫محمد‪ :‬لقد زوجت زوجي بعد أن خطبت له ؛ لن عندي خمس بنات اثنتان متزوجتان وهؤلء‬
‫ثلث وطفلن‪ ،‬ويرييد زوجيي مزيدا مين الولد الذكور‪ ،‬والكيل تعجيب مين عدم غيرتيي !!‬
‫ولماذا أغار؟ إنه زوجها كما كان زوجي وكما هو الن لم ينقص منه شئ‪ ،‬وهو يعدل بين نا‪،‬‬
‫وكل واحدة لها غرفة‪ ،‬وفي النهار يجمعنا بيت واحد‪ ،‬وقد زادت محبة زوجي لي‪.‬‬

‫قالت الزو جة الجديدة‪ :‬ل تظ ني كل الضرائر مثل نا‪ ،‬فبعض هن ل ي ستطعن رؤ ية ضرائر هن‪،‬‬
‫وهناك نساء يتضاربن مع ضرائرهن أو يصل المر إلى التعذيب‪ ،‬وكل هذا يعود إلى الزوج‬
‫عندما ل يعدل‪ ،‬وربما إلى الزوجة عندما ل تعقل‪.‬‬

‫قالت أم علي‪ :‬نحين نؤمين بالقضاء والقدر‪ ،‬وأن ال شرع للرجيل أن يتزوج بأربيع‪ ،‬ولكين‬
‫أخبريني ماذا تفعلين أنت إذا تزوج زوجك؟‬

‫لم أجب وأعتقد أن وجهي أجاب بألوانه المتعددة وخرسي الفوري‪.‬‬


‫فركت عيني واستأذنت وشددت على يدي جار تي لتأ كد أني ل ست في حلم‪ ،‬وعدت إلى زمن‬
‫ن ساء الصحابة وأمهات المؤمنين وقلت في نفسي‪ :‬ل در اليمان بالقضاء والقدر خيره وشره‪،‬‬
‫كم يح فظ ل نا من دين نا و صحتنا واتزان أنف سنا‪( :‬و من يؤ من بال ي هد قل به) (‪ )11‬فالقضاء إذا‬
‫وقع‪" :‬من رضي فله الرضا‪ ،‬ومن سخط فله السخط"‪)12( .‬‬

‫اللهم أفرغ علينا صبرا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به‪ ،‬ورضنا بقضائك‪.‬‬

‫عدت إلى المنزل وحدثت زوجي معجبة بصبر المرأة وإيمانها وأخلقها‪ ،‬وما زلت ل أصدق‬
‫ما رأيت بأم عيني!! (‪)13‬‬

‫قالت إحداهن‪:‬‬

‫نعم ‪ ..‬إنه نموذج رائع للنساء ‪ ..‬ولكنه نموذج أروع للرجال فحين يعرف الرجل لم يعدد ‪..‬؟‬
‫وكيف يعدل‪..‬؟ وتكون تقوى ال شعارا له ولها فمرحبا به والضرائر الثلث‪..‬‬

‫أ ما ح ين ل يعرف أب سط قوان ين التعدد ول يق يم ميزان العدل إن ما تقوده نزوا ته إل يه ك ما تقاد‬


‫الشاة إلى مسلخها فل مرحبا بهن ‪ ..‬ول به أيضا!‪.‬‬

‫وقلت معقبا‪:‬‬

‫الشرع محكم‪ ،‬والعدل منصف‪ ،‬والعقل زينة والعاطفة نعمة‪ ،‬فإذا اتبع الرجال والنساء الشرع‪،‬‬
‫وأقاموا العدل‪ ،‬وضبطوا العاطفية بالعقيل وتحرروا مين العراف الخاطئة‪ ،‬والعوائد الجائرة‬
‫فحينئذ ينعمون ويسعدون‪.‬‬
‫المحرم يقيك المغرم‬
‫"بإذن ال"‬

‫إن مما أمرنا ال تعالى به في كتابه العزيز غض البصر عن النظر إلى المرأة الجنبية عنا‪،‬‬
‫مثل بنت عمنا وبنت خالنا وغيرهن من النساء ممن هن لسن لنا بمحارم‪" :‬فإن ذوات القربى‬
‫التي يصح لنا زواجهن لسن بمحارم"‪ .‬قال تعالى‪( :‬قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)‪)14(.‬‬

‫وكذلك أمير ال تعالى النسياء بغيض النظير إلى الرجال الجانيب عنهين‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وقيل‬
‫للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)‪)15(.‬‬

‫وما ذلك المر إل لن النظر رسول الفتنة وبريد الفساد‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬

‫نظرة فابتسامة فسلم‬


‫فيكيلم فييميوعييد فيلقاء‬

‫وقال شاعر آخر‪:‬‬

‫ومعظم النييار من مستصغر الشرر‬ ‫كل الحوادث مبدؤها من النييظر‬


‫في أعين الغيد موقيوف على الخطر‬ ‫والمرء ما دام ذا عين يقيبييها‬
‫السيهام بيل قييييوس ول وتر‬ ‫كم نظرة فعلت في قلب صاحبها فعل‬
‫ل مرحيبا بسيرور عياد بالضرر‬ ‫يسر ناظره ما ضيير خياطره‬

‫و في الق صة التال ية سترى ك يف رأى أ حد الرجال امرأة تطوف ببيت ال الحرام فأعجب ته؛ فلم‬
‫يغض بصره عنها‪ ،‬بل استرسل في النظر إليها وحاول التكلم معها‪ ،‬ولكنها راقبت ال تعالى‬
‫واجتهدت في صده عن غيه‪.‬‬

‫جاء في كتاب حياة الحيوان الكبرى ما نصه‪" :‬بينما عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت إذ رأى‬
‫امرأة تطوف بالبيت فأعجبته‪ ،‬فسأل عنها فإذا هي من البصرة‪ ،‬فكلمها مرارا فلم تلتفت إليه‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬إليك عني فإنك في حرم ال‪ ،‬وفي موضع عظيم الحرمة‪.‬‬

‫فلميا ألح عليهيا ومنعهيا مين الطواف أتيت محرما لهيا‪ ،‬وقالت له‪ :‬تعال معيي أرنيي المناسيك‪،‬‬
‫فحضر معها‪ ،‬فلما رآها عمر بن أبي ربيعة عدل عنها‪ ،‬فتمثلت بشعر الزبرقان السعدي‪:‬‬
‫وتتقي مربض المستأسد الضاري‬ ‫تعدو الذئاب على من ل كلب له‬

‫فبلغ الحاكم خبرهما‪:‬‬

‫فقال‪" :‬وددت أنه لم تبق فتاة في خدرها إل سمعته"‪)16( .‬‬

‫تنبيه مهم‪:‬‬

‫ولهم ية وجود المحرم كال بن والخ والب وا بن الخ وا بن ال خت وال عم والخال مع المرأة‬
‫في ب عض الحالت لئل تعدو علي ها الذئاب ن جد أن ال نبي صلى ال عل يه و سلم أ مر المرأة بأن‬
‫تجعل معها محرما في حالتين‪:‬‬

‫الولى‪ :‬إذا أرادت أن تختلي بأجنبي عنها‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬إذا أرادت أن تسافر‪.‬‬

‫جاء في الحديث‪:‬‬

‫عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما‪ :‬أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال‪" :‬ل يخلون أحد كم‬
‫بامرأة إل مع ذي محرم"‪)17( .‬‬

‫وجاء في الحديث‪:‬‬

‫عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يحل لمرأة تؤمن‬
‫بال واليوم الخر تسافر مسيرة يوم وليلة إل مع ذي محرم عليها"‪)18(.‬‬

‫وفي رواية‪" :‬مسيرة يوم"‪ ،‬وفي أخرى‪" :‬مسيرة ليلة إل ومعها رجل ذو حرمة منها"‪.‬‬

‫وكل امرأة ل تلتزم بالتوجيه النبوي الوارد في الحديثين أعله لتكن على علم بأنها عاصية ل‬
‫ور سوله عل يه ال صلة وال سلم‪ ،‬وت جب علي ها التو بة والرجوع إلى ال ق بل فوات الوان‪ ،‬فإن‬
‫الموت يأتي بغتة‪.‬‬

‫نسأل ال السلمة والعافية مما يحدث اليوم بين ظهرانينا‪ ،‬وإنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫مقارنة بين الم والزوجة‬

‫مرض صخر بن عمرو بن الشريد وطال مرضه‪ .‬وكانت أمه وزوجته سليمى يمرضانه‪ ،‬أي‬
‫يشرفان على علجه وما يحتاج إليه من أكل وشرب ونظافة‪ ..‬إلخ‪ ،‬فطال مرض صخر فسئلت‬
‫زوجته سليمى عن حاله يوما وكانت قد ضجرت‪.‬‬

‫فقالت سليمى‪ :‬ل هو حي فيرجى‪ ،‬ول ميت فيبكى‪.‬‬

‫ف سمعها زوج ها صخر‪ ،‬فقال البيات التال ية مقارنا ب ين أ مه وزوج ته‪ ،‬وموضحا أن الزو جة ل‬
‫تكون بأي حال من الحوال مثل الم‪ ،‬لن شفقة الم وحنانها أعظم من الزوجة‪ ،‬والبيات التي‬
‫قالها في هذا المعنى هي‪:‬‬

‫وملت سليمى مضجعي ومكاني‬ ‫أرى أم صخر ل تيمل عييادتي‬


‫عيليك ومن يغتر بالييحدثان‬ ‫وما كنت أخشى أن أكون جنازة‬
‫وأسمعت من كييانت له أذنان‬ ‫لعمري لقد نبهت من كيان نائما ً‬
‫فيل عاش إل في شقا وهوان (‪)19‬‬ ‫وأي امرئ سياوى بيأم حليلة‬

‫قلت‪ :‬قد رف عت الشري عة الله ية حق الم إلى منزلة عظي مة ودر جة رفي عة‪ ،‬ك ما في حد يث‬
‫عائشة رضي ال عنها قالت‪" :‬أي الناس أعظم حقا على المرأة؟"‬
‫قال‪ :‬زوجها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟‬
‫قال‪ :‬أمه"‪)20(.‬‬

‫فهذه حقيقة أثبتتها الشريعة تغفل عنها الكثيرات من النساء؛ بل والرجال وهي‪:‬‬

‫إن أولى الناس بالمرأة‪ :‬زوجها‪ ،‬وأولى الناس بالرجل أمه وليست زوجته؟!‬

‫وليعلم الجم يع أن كثيرا من الخطاء والمشكلت تن شأ من المقار نة ب ين المهات والزوجات‪،‬‬


‫في كل م سألة‪ ،‬فتن ظر الزو جة إلى الم على أن ها مناف سة ل ها‪ ،‬وتن ظر الم على أن الزو جة‬
‫معتديية عليهيا‪ ،‬وقيد يكون الزوج سيببا فيي الوصيول إلى مثيل هذه المواقيف عندميا ل يحسين‬
‫المعاملة والموازنة والمفاضلة‪.‬‬
‫صنائع المعروف تقي مصارع السوء‬

‫إليكم هذا الموقف الذي أصرت فيه الم على الحسان إلى من أساء إليها فوقاها ال السوء كما‬
‫قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬صنائع المعروف تقي مصارع السوء"‪)21( ...‬‬

‫وقد جعلها الكاتب تحت عنوان "قصة من الزمة"‪.‬‬

‫"جمع ما استطاع مما قل وزنه وزاد ثمنه‪ ،‬ثم كدس في سيارته أمه وزوجته وأبناءه‪ ،‬ثم انطلق‬
‫نحو الحدود الجنوبية للبلد بعد أن اشتد على الناس البلء‪ ،‬وخاف الكثير منهم على أعراضهم‬
‫وأنف سهم‪ ،‬وعند ما و صل مدي نة "الوفرة" و هي من المنا طق الحدود ية رأى جنديا عراقيا بكا مل‬
‫سلحه‪ ،‬واستغرب عندما لم يفعل لهم شيئا ؛ ً بل دلهم على الطريق المؤدي للحدود السعودية‪،‬‬
‫فانطلقوا ن حو الطر يق الذي دل هم عليه‪ ،‬وقبل أن تلوح لهم علمات الو صول للحدود قالت أ مه‬
‫له‪ :‬يا ولدي ما الذي سوف نفعله بهذا الطعام الذي أخذناه معنا‪ ،‬ونحن مقبلون على خير وفير‪،‬‬
‫لماذا ل نرجيع إلى الجندي المسيكين ونعطييه هذا الطعام؟ فغضيب الولد وقال‪ :‬كييف نعطييه‬
‫الطعام يا أماه‪ ،‬وهو ممن جاء ليقتلنا ويهتك أعراضنا‪ ،‬ويدخل الرعب في قلوبنا؟! (‪)22‬‬

‫فأصيرت الم على أن يعود للجندي ليعطييه الطعام‪ ،‬وأصير جمييع مين فيي السييارة على عدم‬
‫العودة‪ ،‬فلما رأت الم إصرارهم هددته بعدم الرضا إذا لم يعد‪ ،‬ولما رأى البن إصرارها عاد‬
‫للجندي وقال له رغ بة أ مه‪ ،‬ول كن الجندي شك في ال مر وطلب من هم أن يأكلوا أما مه‪ ،‬فل ما‬
‫أكلوا مين حييث اختار لهيم اطمأن للطعام‪ ،‬وأخذه منهيم‪ ،‬وشكرهيم على صينيعهم‪ ،‬ثيم فاجأهيم‬
‫بقوله‪ :‬ما دم تم قد أح سنتم إلي‪ ،‬وأ سديتم لي هذا المعروف‪ ،‬فا سلكوا الطر يق المخالف للطر يق‬
‫الذي دللت كم عل يه في المرة الولى‪ ،‬ل نه يو صلكم إلى ح قل ألغام‪ ،‬فتع جب الجم يع لهذا الح فظ‬
‫الرباني بسبب عمل الخير"‪.‬‬

‫وهكذا هي سنة ال‪ ،‬فهو يحفظ عباده الصالحين‪ ،‬بسبب أعمالهم الصالحة‪ ،‬وخير شاهد لذلك ما‬
‫جاء فيي سيورة الكهيف عين حفيظ الوالديين مين ابنهميا عندميا قتله الخضير‪ ،‬وحفيظ اليتيميين‬
‫ومعرفتهما لكنزهما بسبب صلح والديهما‪ ،‬فهل من معتبر؟!!!‬

‫وهل نسعى دائما إلى بذل المعروف والحسان حتى لمن أساء‪:‬‬
‫(ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) (‪)23‬‬

‫فطالما استعبد النسان إحسان‪.‬‬ ‫أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم‬


‫دعت البنة على أبيها‬
‫فقال‪ :‬آمين ‪ ...‬آمين!!!‬

‫كان ممن تأثرت أخلقهم وأفكارهم بالطفرة المادية ‪ ...‬فأصبح المال محبوبه الول‪ ..‬وأعمت‬
‫المادة بصيرته فلم يعد يبصر إل من خلل ثقوبها الضيقة‪ ..‬وأصبح المال ميزانه الذي يزن به‬
‫المور‪ ..‬وكانيت له ابنية بلغيت مبلغ الزواج ‪ ..‬وأخيذ الخطاب على اختلف مراتبهيم يدقون‬
‫أبوابه راغبين في الزواج من ابنته‪.‬‬

‫ولكنه كان يردهم بحجج واهية ظاهرها المصلحة وباطنها المادة‪ ..‬مع أن من هؤلء الخطاب‬
‫أصحاب دين وخلق ‪ ..‬ممن أوصى الرسول صلى ال عليه وسلم بهم ‪ ...‬ولكن كان لسان حاله‬
‫يقول‪ :‬أين الذي يدفع أكثر ‪ ..‬والمنافع والمصالح من ورائه أكبر؟‬

‫ومرت اليام ‪ ..‬و ظل على أحل مه الماد ية ‪ ..‬ومرت العوام ‪ ..‬وترك قطار الز من ابن ته في‬
‫محطة العنوسة ‪ ..‬وغادر الخطاب بابه واتجهوا لغيره ممن لديهم بقية دين وخلق ‪ .....‬ممن‬
‫يرفضون بيع بناتهم كالنعاج في الحراج‪.‬‬

‫وذبل شباب ابنته ‪ ..‬وانطفأت نضارتها‪ ..‬وذوى عودها ‪ ..‬ومع اليام دب السقم في جوانحها‬
‫‪ ..‬وأصيبت بداء عضال أضنى الطباء شفاؤه ‪ ..‬ونقلت إلى المستشفى ‪ ...‬وحانت لحظاتها‬
‫الخيرة ‪ ..‬وأ خبر والد ها بال مر ‪ ..‬فأفاق من عال مه المادي وأ تى م سرعا ‪ ..‬ليرى ابن ته في‬
‫ثوب المرض ‪ ..‬بعد أن حرمها منذ زمن من ثوب الزفاف ‪ ..‬نظر إليها مشفقا عليها ‪ ..‬نظرت‬
‫إليه بعينين قد اغرورقت بالدمع ‪ ..‬وأخذت تتمتم وتحرك شفتيها ‪ ...‬دنا منها ليسمع ما تريد‬
‫البوح به في لحظتها الخيرة ‪ ..‬فوجدها تطلب منه أن يقول آمين ‪ ..‬فقال‪ :‬آمين ‪ ..‬ثم تمتمت‬
‫مرة أخرى‪ ،‬وطلبت منه أن يقول آمين ‪ ..‬فقال‪ :‬آمين ‪ ..‬ثم فعلت ذلك مرة ثالثة‪ ،‬وطلبت منه‬
‫أن يقول آمين ‪ ..‬فقالها‪.‬‬

‫وبعد فترة من الصمت المشحون بالسى ‪ ..‬سألها برفق عن الدعاء الذي طلبت منه أن يؤمن‬
‫عليه ‪ ..‬فانحدرت دموعها الخيرة ‪ ..‬وأجا بت بعد صمت ب صوت واهن مليئ بالسى ‪ ..‬ل قد‬
‫دعوت ال أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج‪.‬‬

‫وطوى القبر في باطنه مأساة دامية ‪ ..‬وبقي المجرم الذي أعمى الجشع بصيرته ‪ ..‬بقي يندب‬
‫نفسه وابنته ‪ ..‬ويعض أصابع الندم ‪ ..‬ولت ساعة مندم ‪ ..‬هذه ماساة سمعنا بها وعرفناها فيا‬
‫ترى كم من المآسي من هذا النوع تمت في صمت ولم نسمع بها ‪ ..‬ما دام الناس في إعراض‬
‫عن الحياة و فق الشري عة وآداب ها ‪ ..‬فل شك أن هناك الكث ير من هذا النوع ‪ ..‬و ما خ في كان‬
‫أعظم‪)24( .‬‬

‫قلت‪:‬‬

‫‪-1‬دعاء البنيت على أبيهيا فييه سيوء أدب ميع الوالديين‪ ،‬ينبغيي أن تترفيع عنيه الفتاة‬
‫المسيلمة‪ ،‬وإن ظلمهيا أبوهيا ‪ ..‬وإنميا ذكرت هذا الموقيف ‪ ..‬على ميا فييه تحذيرا‬
‫للباء والمهات من إعضال بناتهم‪.‬‬
‫‪-2‬إن العنو سة ابتلء من ال‪ ،‬ينب غي للمرأة أن ت صبر وتحت سب له‪ ،‬وأن تر ضى ب ما‬
‫ك تب ال ل ها‪ " :‬ما ي صيب الم سلم من ن صب‪ ،‬ول و صب‪ ،‬ول هم‪ ،‬ول حزن‪ ،‬ول‬
‫أذى‪ ،‬ول غم‪ ،‬ح تى الشو كة يشاك ها إل ك فر ال ب ها من خطاياه"(‪ )25‬فاختيار ال‬
‫للعبد خير من اختياره لنفسه‪.‬‬
‫‪-3‬وفيي القصية درس مهيم وهيو لزوم التنيبيه والتحذيير مين السيلبية الجتماعيية‪،‬‬
‫والتهاون في المنا صحة‪ ،‬وترك ال مر بالمعروف والن هي عن المن كر‪ ،‬فل شك أن‬
‫هذا الب له أقرباء وأصدقاء وجيران فلم ينصحوه؟ وإذا نصحوه فلم ينتصح لِ مَ لَم‬
‫يقاطعوه؟ وإذا قاطعوه فلم يرتدع لم لم يعاقبوه؟ غالب الظين فيي كثيير مين هذه‬
‫الحالت أن هؤلء يغتابو نه وينهشون عر ضه بذ كر مثال به في المجالس‪ ،‬دون أن‬
‫يواجهوه ليصيلحوه‪ ،‬لو أن كيل مخطيئ وجيد مين ينصيحه‪ ،‬ووجيد مجتمعا يلوميه‬
‫ويحاصره لما ركب راسه‪ ،‬وحكم هواه كما فعل هذا الب الجاني‪.‬‬
‫عندما يتنازل الرجل عن قوامته‬

‫إن قوامة الرجل على المرأة حق تكليفي وتشريفي أيضا ل مناص منه‪ ،‬ول يمكن للرجل أن‬
‫يتنازل ع نه ؛ لن القوا مة م سؤولية تنت ظم ب ها شؤون ال سرة‪ ،‬ف من خلل ها تحدد الم سؤوليات‪،‬‬
‫وتوزع الواجبات‪ ،‬ويعرف كل فرد في السرة مكانه ودوره‪.‬‬

‫ك ما أن ل كل سفينة ربانا يقود ها فل بد ل كل أ سرة قواما أو قيما يدبر أمر ها ويشرف علي ها‪،‬‬
‫وإل عمت الفوضى وظهر الضطراب‪ ،‬كما هو واقع السر في الدول التي ساوت بين المرأة‬
‫والرجل في كل شئ‪.‬‬

‫وقوامة الرجل على أهله ليست قوامة تعسف وتجبر وتكبر؛ بل هي قوامة رحمة وعدالة؛ إذ‬
‫أن من أهم الواجبات المترتبة على هذه القوامة رعايتهم وتوجيههم وإعفافهم وحمايتهم من كل‬
‫شر وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر‪( :‬يأيها الذين ءآمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)‪)26(.‬‬

‫وكيم هيو مزر أن تضعيف قوامية الرجيل على أهيل بيتيه إلى درجية أنيه ل يسيتطيع أمرهيم‬
‫بمعروف ونهيهم عن منكر‪ ،‬ولكن أسوأ من ذلك أن يتنازل هو عن قوامته‪.‬‬

‫ولقد رأيت صورا مزرية عديدة تدل على المفاسد العظيمة الناتجة من ضعف قوامة الرجل أو‬
‫تلشيهيا‪ ،‬ولعلي أنقيل هاتيين الصيورتين ‪ -‬على سيبيل المثال– واللتيين تعكسيان شيئا مين هذه‬
‫المفاسد‪:‬‬

‫دخلت الزوجة محلً لبيع "الحلويات" وتبعها زوجها ‪ ..‬كشفت الزوجة شيئا من حجابها وكأنها‬
‫دخلت بيتهيا ‪ ...‬فميا حرك الزوج شفتييه بكلمية يأمرهيا بالحتشام والحتجاب؛ بيل ظيل واقفا‬
‫ل ويمسيك بيده الخرى طفلً آخير‪ ..‬أخذت الزوجية تجادل البائع فيي سيعر‬
‫خلفهيا يحميل طف ً‬
‫البضاعة وتماكسه ‪ ..‬فارتفعت منها قهقهة لفتت أنظار الرجال الذين اكتظ بهم المحل‪ ،‬والزوج‬
‫"المصون" قد وقف خلفها كأن المر ل يعن يه ‪ ...‬وبعد جدال طويل بينها وبين البائع اقتن عت‬
‫أخيرا بال سعر فاشترت البضا عة ‪ ..‬وذه بت ل كي تحا سب ‪..‬أخر جت من حقيبت ها أوراقا نقد ية‬
‫دفعتها للمحاسب وخرجت ‪ ..‬والزوج يتبعها‪.‬‬

‫أ ما ال صورة الثان ية فتبدأ ع ند باب المنزل ح يث خر جت تار كة زوج ها في فرا شه نائما ف قد‬
‫تأخرت عن موعدها‪ ،‬وكان السائق في انتظارها عند الباب‪.‬‬
‫الزوجة للسائق‪ :‬إلى السوق بسرعة ‪ ...‬أدار السائق مفتاح السيارة واتجه حيث أمرته سيدته ‪..‬‬
‫وقبيل المغرب استيقظ الزوج من نومه فنادى الخادمة قائلً‪ :‬سيري أين "ماما"؟ فأجابت سيري‬
‫"ماما يروح للسوق"‪.‬‬

‫ل بس الزوج ملب سه دون اكتراث لخروج زوج ته دون إذ نه وعل مه‪ ،‬ف قد اعتاد على ذلك ؛ بل‬
‫هو الذي عودها عليه يوم أن تنازل عن حقه في قوامته عليها‪..‬‬

‫إنه ينبغي للرجل والمرأة أن ل يرضيا بهذا الحال‪ ،‬أما الرجل فلن المرأة عرضه وشرفه فأين‬
‫دي نه؟ وأ ين رجول ته وشهام ته؟ و قد ترك لزوج ته الح بل على غار به‪ ،‬وف تح ل ها البواب ال تي‬
‫تصفر فيها رياح الشهوات الثمة والنزوت الفاجرة‪.‬‬

‫وأما المرأة فلن الرجل حاميها وراعيها‪ ،‬فأين محبته لها؟ وغيرته عليها؟ وأين اهتمامه بها؟‬
‫وأ ين دفا عه عن ها؟ و قد ترك ها تك شف زينت ها للرجال‪ ،‬وتضاحك هم وتمازح هم‪ ،‬كأ نه ل يعن يه‬
‫أمرها‪ ،‬ول يهمه حفظها‪.‬‬
‫(القسم الثاني)‬

‫قصص واقعية‬

‫تمهيد‬

‫الحمد ل وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ،‬وعلى آله وصحبه؛ وبعد‪ :‬فإن‬
‫القصص من أعظم مواطن العبر‪ ،‬والتربية بالقصة أسلوب عظيم الفائدة عميق التأثير‪ ،‬ومن ثم‬
‫نجد القرآن الكريم مليئا بالقصص الحق‪ ،‬كما نجد لفت النظر إلى أهميته في قوله جل وعل‪:‬‬
‫(لقد كان في قصصهم عبرة لولي اللباب)‪)27( .‬‬

‫والقصص الواقعية أكثر فائدة؛ لنها تقدم التجارب الحية من صميم الواقع‪ ،‬وتبين الظروف‬
‫والملبسات التي تؤثر في الحداث‪ ،‬وتظهر التسلسل والتدرج الذي يتكرر كلما تشابهت‬
‫الوقائع‪ ،‬وتكشف النهايات الخطيرة للبدايات الصغيرة‪.‬‬

‫وهذه مجموعة من القصص من ميدان الحياة الجتماعية بما طرأ عليها من تغير غير محمود‪،‬‬
‫وتأثر غير مرغوب‪ ،‬وتساهل غير مسبوق‪ .‬وكثير من هذه القصص تدور رحاها‪ ،‬وتتحمل‬
‫عواقبها الفتاة‪ ،‬وتظل تتجرع كأس الحسرة‪ ،‬وتسكب دموع الندامة بقية عمرها‪ ،‬وتدفع ثمن‬
‫الغفلة واللذة من ربيع عمرها‪ ،‬وريعان صباها‪ ،‬وتثلم بالتساهل والتفريط شرفها‪.‬‬

‫ومما أود أن أؤكده أنه ليست هذه القصص خيالت‪ ،‬وليس فيها مبالغات؛ بل في الواقع ما هو‬
‫أفظع منها‪ ،‬وهذه القصص وغيرها ناقوس خطر يدق في جنبات مجتمعاتنا وأسرنا تحذيرا من‬
‫التفريط في الوامر والداب الشرعية التي فيها الخير والصلح‪ ،‬والوقاية والمان‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى هي دعوة للحذر من سيل الشبهات والشهوات‪ ،‬وتنبيه على أساليب الغواء والغراء‬
‫وفائدتها للجميع من الباء والمهات‪ ،‬والبناء والبنات‪.‬‬
‫أبنائي الذكور‬

‫"الغرور يق صم الظهور ‪ " ..‬هكذا قال أ هل التجر بة؛ ولذلك فإ ني أعرف العد يد من الن ساء‬
‫اللتي هدمن بيوتهن بأيديهن‪ ،‬لنهن كن مغرورات بالوظيفة ‪ ..‬أو بالجمال ‪ ..‬أو بالبناء ‪ ..‬أو‬
‫بالهل ذوي الجاه والمال‪ ..‬إلخ ‪ ...‬وهذه القصة تبين ضحية من ضحايا الغرور‪.‬‬

‫حدثتني زوجة فقالت‪:‬‬

‫عند ما تزو جت ك نت فتاة جميلة صغيرة ال سن ‪ ..‬و قد أن عم ال علي بإنجاب عدد من الذكور‪،‬‬
‫وكنت كلما رزقت بصبي تمتلئ نفسي زهوا وغرورا‪ ،‬كأنني أتيت بما لم يأت به الوائل‪.‬‬

‫كان إنجاب الذكور يهبني قوة وثقة‪ ،‬ويزرع في نفسي حب التسلط والسيطرة ‪..‬فقد كان معظم‬
‫من حولي ينجبن الناث في الغالب‪ ،‬وأول شخص اكتوى بنار جبروتي وغروري هو زوجي‬
‫المسكين‪،‬فقد رحت أستغل صلحه وصبره وطيبته وهدوء طبعه معتمدة على أمرين‪ :‬جمالي‪،‬‬
‫ور صيدي العالي من الذكور‪ ..‬را حت سياط غروري وجهلي تل هب ظ هر كل من حولي‪ ،‬ل‬
‫أميز بين ذي رحم أو قريب أو صديق أو جار ‪ ..‬فعاداني الجميع‪ ،‬وتحاشوني اتقاء شري‪.‬‬

‫أخذ البناء يكبرون وكنت ل أفتأ أردد على أسماعهم قصة الزوج الفقير الظالم ‪ ...‬والدهم ‪..‬‬
‫الذي أذاقني المرين في مقتبل حياتي ‪ .‬لحتويهم وأستميلهم إلي‪ ،‬فل ينظرون إل بعيني‪ ،‬ول‬
‫يسمعون إل بأذني‪ ،‬ول يضربون إل بيدي‪ ..‬والحقيقة ما كان يحصل بيني وبين زوجي هو من‬
‫باب الخلفات البسييطة التيي تحصيل فيي كيل البيوت‪ ،‬لكين حنقيي مين فقره ورضاه بالقلييل‪،‬‬
‫وغي ظي من صبره و صلحه إلى جا نب قلة إيما ني وخيالي المر يض‪ ،‬كل هذا جعل ني أش عر‬
‫دائما أنني مظلمومة‪ ،‬وأن مثلي تستحق أن تعيش في كنف رجل غني حياته رفاهية وترف‪...‬‬
‫تخرج من ت حت يدي شباب جبارون ظالمون ‪ ..‬فاشلون في حيات هم الدرا سية‪ ،‬كانوا كاره ين‬
‫للناس‪ ،‬حاقدين على والدهم‪ ،‬حتى وصل بهم المر إلى تهديده إن تسبب بإغضابي‪.‬‬

‫ومرت اليام ‪ ..‬وقضيت مشيئة ال تعالى أن ابتلييت بمرض عضال احتجيت فييه للمسياعدة‬
‫الخاصة في كل شؤوني حتى الخاصة منها ‪ ..‬وهنا لم أجد أمامي سوى زوجي الطيب ‪ ..‬نعم‬
‫الطيب ‪ ..‬الذي لم يقصر في خدم تي وم ساعدتي ‪ ..‬وإن كان ي ساعد م ساعدة المكره المضطر‬
‫‪ ..‬بسبب ما ذاق مني على مر اليام ‪ ..‬ولكن طيبته لم تمنعه من أداء واجبه نحوي ‪ ...‬أما‬
‫أبنائي الذكور الذ ين ك نت أعت مد علي هم ف قد خذلو ني وتركو ني في أحلك الظروف بح جة أن هم‬
‫مشغولون بعائلتهم وشؤونهم الخاصة‪ ،‬ولم ينفعني منهم أحد‪.‬‬

‫منذ مدة أنبأتني إحدى صديقاتي ‪ ..‬أن زوجي حاول خطبة شابة قاربت الثلثين‪ ،‬ولكنه لم يفلح‬
‫في ذلك‪ ،‬ولما سأله والد الفتاة عن سبب رغبته في الزواج من امرأة ثانية أجاب بأن زوجته قد‬
‫اسيتغنت عنيه بأبنائهيا منيذ فترة طويلة‪ ،‬و هو يفكير بالزواج منيذ فترة طويلة غيير أن ظروفيه‬
‫المادية لم تكن تسمح له بذلك ‪ ..‬ها هو زوجي الن يبحث عن امرأة تشاركه ما تبقى من أيام‬
‫حياته تكون له سكنا وعونا ورحمة ‪ ،‬وهذا من حقه‪.‬‬

‫الحيق أقول‪ :‬إننيي نادمية أشيد الندم على مافات‪ ،‬وأقير بأننيي كنيت مخطئة إلى حيد بعييد فيي‬
‫ت صرفاتي ومعامل تي لزو جي وأبنائي‪ ،‬ولكن ني من ناح ية ثان ية أح مل زو جي قدرا كبيرا من‬
‫المسيؤولية‪ ،‬فقيد كان حريا بيه أن يوقفنيي عنيد حدي ويسيتخدم صيلحياته كزوج له شخصييته‬
‫وحقو قه‪ ،‬فيأ خذ حقو قه ويعطي ني حقو قي دون أن يط غى أحد نا على ال خر‪ ،‬ف قد كان عل يه أل‬
‫يترك ني أتمادى في غ يي وغروري‪ ،‬وف عل ما يحلو لي دون اعتبار ل حد ‪ ..‬ولو أوقف ني عن‬
‫حماقاتي وطيشي في الوقت المناسب لما صارت المور إلى ما صارت إليه‪.‬‬

‫بت أؤمن إيمانا قاطعا أن المرأة المدللة تفسد أكثر مما تصلح‪ ،‬وتضر أكثر مما تفيد؛ بل في‬
‫أكثر الحيان ل يأت منها سوى الفساد والشر‪)28(.‬‬

‫قلت‪:‬‬

‫يا أيتها المهات‪ :‬احذرن من تدل يل البنات‪ ،‬وتربيت هن على الغترار بالجمال‪ ،‬والفت نة بالزي نة‪،‬‬
‫والتعلق بالدن يا والجري وراء زخارف ها‪ ،‬و حب الد عة والم يل للك سل‪ ،‬فإن ذلك كله ي سبب ل هن‬
‫الفشل في الحياة الزوجية وتربية البناء‪.‬‬
‫اتصال عشوائي في الهاتف يدمر فتاة!‬

‫الشاب‪ :‬ألو‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬نعم‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬دقيقة من فضلك‪ ،‬مجرد كلمات‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬ماذا تريد؟‬

‫الشاب‪ :‬أنا أعايش القلق والتفكير في المستقبل‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬خيرا ماذا بك؟‬

‫الشاب‪ :‬الواقع أني أريد فتاة أبني معها حبل المودة‪ ،‬والحب البريء لتخفف آلمي وجروحي‪،‬‬
‫ثم يكون الزواج في المستقبل‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬وأنا كذلك لم أجد شابا صدوقا يفي بكلماته ووعوده‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬قد وجدت ما تريدين‪ ،‬فأنا لك ذلك المحب الوفي‪ ،‬وبعد ذلك يكون الزواج فتكونين أنت‬
‫أما ‪ ..‬وأنا أبا‪..‬‬

‫الفتاة‪ :‬ولكني ل أعرفك‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬البدا ية الو صف به كفا ية‪ ،‬فأ نا شاب ا سمي ‪ ....‬وعمري‪ ...‬و سيم الش كل‪ ،‬كل من‬
‫يراني يعجب بي‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬هل هذا الكلم حقيقة؟‬

‫الشاب‪ :‬نعم وال‪.‬‬

‫مكالمة أخرى‪:‬‬

‫الشاب‪ :‬حقيقة أن القلوب تآلفت ولم يبق إل الزواج‪.‬‬


‫الفتاة‪ :‬نعم وسأمتنع عن جميع من يخطبني‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬نريد ان نلتقي ولو مرة واحدة ليكون التعارف أشد‪..‬‬

‫الفتاة‪ :‬ولكن اللقاء صعب‪ ،‬وأخاف‪..‬‬

‫الشاب‪ :‬ل بيد مين اللقاء والتعارف البري ‪ ،‬وإل فلن يتيم الزواج‪ ،‬وأيضا المكالمات مسيجلة‪،‬‬
‫وسأنشرها إن لم توافقي‪.‬‬

‫الفتاة‪ :‬ولكنك تريد بهذا الكلم قطع العلقة‪ ،‬وهدم المودة بيني وبينك‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬ل ولكني أريد اللقاء والتعارف على الطبيعة قبل الزواج‪.‬‬

‫وتم اللقاء ووقعت المأساة‪.‬‬

‫ومع مكالمة أخرى‪:‬‬

‫الفتاة‪ :‬لقد خدعتني بلقاء برئ‪ ،‬فأوقعتني في مصيبة‪.‬‬

‫الشاب‪ :‬وماذا تريدين؟‬

‫الفتاة‪ :‬أريد استمرار الحب‪ ،‬والستعداد لبناء عش الزوجية‪..‬‬

‫الشاب‪ :‬ولكن ليس فيك ما يعجبني‪ ،‬والحب ليس في يدي!!‬

‫الفتاة‪( :‬تبكي وتنتحب) ولكن بعد ما أوقعتني!!!؟‬

‫الشاب‪ :‬الرجاء قطع المكالمات‪ ،‬وأنا ل أرغب في الزواج من فتيات الهاتف‪.‬‬

‫الفتاة‪( :‬بكاء‪ ،‬بكاء‪ ،‬بكاء) ويقطع الهاتف‪)29( .‬‬

‫قلت‪ :‬لي ست هذه الق صة خيال ية‪ ،‬ل يس في ها مبال غة‪ ،‬ول أع ني حرف ية كلمات ها وإن ما مجريات‬
‫أحداث ها‪ .‬فإن كثيرا من الفظائع ال كبيرة تبدأ بممار سات ت عد تاف هة صغيرة‪ ،‬وين سى كثيرون أن‬
‫"أول الغ يث ق طر ثم ينه مر"‪ ،‬وأن "مع ظم النار من م ستصغر الشرر"‪ ،‬وين سون أن المعا صي‬
‫يجر بعضها بعضا‪ ،‬وأن الصغيرة تدفع إلى تكرارها‪ ،‬وتؤدي إلى ما هو أكبر منها وهلم جرا‪،‬‬
‫والمعاصي يهون بعضها بعضا‪ ،‬فمن لم ينكر المخالفة الصغيرة تعود على قبولها فإذا وقع ما‬
‫هو أكبر منها كان إنكاره خفيفا لنه قبل ما دونها وقارنها بما هو أكبر منها‪.‬‬

‫والشريعة السلمية لم تحرم الزنا والفواحش فحسب؛ بل حرمت كل طريق يؤدي إليها‪ ،‬فجاء‬
‫النهي عن التكسر والتأنث والتميع في الكلم في قوله تعالى‪( :‬فل تخضعن بالقول فيطمع الذي‬
‫في قلبه مرض) (‪ ، )30‬وورد النهي عن كشف الزينة‪( :‬ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن) (‪)31‬‬
‫‪ ،‬وثبت المر بغض البصر‪ ( :‬قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى‬
‫ل هم إن ال خبير ب ما ي صنعون) (‪( ،)32‬و قل للمؤمنات يغض ضن من أب صارهن) (‪ ،)33‬و في‬
‫ال سنة ورد الل عن ل من خر جت متعطرة لي جد الرجال ريح ها‪ ،‬ك ما ورد التحذ ير من الخلوة في‬
‫قول المصطفى صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان ثالثهما الشيطان"‪)34(.‬‬

‫ف من ات بع الشرع سلم وأ من‪ ،‬و من تجاوز هذه الحوا جز الوقائ ية وت ساهل وتهاون فإ نه معرض‬
‫للوقوع في المهالك والمخازي‪.‬‬

‫ويقال لمن فرط وتساهل‪" :‬يداك أوكتا وفوك نفخ"‪ ،‬فليحذر الهالي ولتنتبه الفتيات‪.‬‬
‫كشفت ستر ال عليّ‬

‫كنيت فتاة مراهقية ‪ ..‬أغوانيي الشيطان فصيدني عين ذكير ال وعين الصيلة بوسيائل عديدة‬
‫وحرمني عن الستقامة بطرق خبيثة ‪ ...‬شغلني بالغاني التي أهيم بها في حب فارس الحلم‬
‫‪ ..‬وأغراني بمجلة فاسدة أحلق بها في متاهات الموضة والزياء‪ ،‬وأضلني بي"الفيديو" الذي‬
‫أرى فيه أفلما تهيج الغرائز وتدفع للرذائل ‪ ..‬وهاتف "أقتل" به ما بقي من فراغي‪ ،‬ومن هذا‬
‫الخير بدأت مأساتي ‪..‬ومن خلل سماعته تلشى حيائي‪ ،‬وعن طريقه ذهب عفافي إلى غير‬
‫رجعة‪..‬‬

‫تعر فت على شاب من خلل الها تف‪ ،‬وأخذت أكل مه ويكلم ني‪ ،‬و قد أحسيست فيي أول المير‬
‫بالحرج والحياء من النفتاح م عه بالحد يث‪ ،‬ولكن هذا الحياء تلشى مع تكرار الحد يث وكثرة‬
‫المكالمات‪..‬‬

‫وبعد مدة‪ ،‬طلب مني اللقاء‪ ،‬وتم اللقاء بعد تردد لم يصمد طويلً أمام إلحاحه ورجائه‪.‬‬

‫وفعلً تم اللقاء الذي أعق به لقاءات عديدة‪ ،‬ح تى وق عت المأ ساة ال تي فقدت في ها عف تي‪ ،‬ولو ثت‬
‫عرضي وشرفي‪...‬‬

‫ومضت اليام وأنا أحاول أن أنسى ما وقع‪ ،‬ولكني لم أستطع‪ ..‬وبعد أن حصلت على شهادتي‬
‫الجامعية ‪ ..‬تزوجت بشاب صالح أحببته وأحبني ‪ ..‬وفي جلسة حديث عن الماضي كشفت له‬
‫ذنبي الذي تلطخت به‪ ،‬وكشفت ستر ال علي‪ ،‬فأخبرته بأيام الغرام‪ ،‬وصارحته بما وقعت فيه‬
‫من الثام‪ ،‬فوقع ما لم أتوقع‪ ..‬غضب غضبا شديدا‪ ،‬وقذف في وجهي كلمة الطلق‪...‬‬

‫وأرجع ني إلى ب يت أهلي ‪ ..‬وأخبر أبي بالذي قلت ‪ ..‬كل هذا حدث في ساعات معدودة‪ ،‬وها‬
‫أنذا حبيسة حسرات ل تنتهي‪ ،‬ورهينة آلم ل تنقضي‪ ،‬تكالبت علي الهموم‪ ،‬وأضنتني الغموم‪،‬‬
‫فل أدري أأبكيي على شرفيي الذي أهدرت‪ ،‬أم على بيتيي الذي هدميت ‪ ..‬فهيل مين معتيبرة‬
‫بمأساتي؟!!‬
‫رفضت أن أتزوج عليها‬

‫ك نت م سرورا ب ها‪ ..‬سعيدا مع ها‪ ،‬إذا أمرت ها أطاعت ني‪ ،‬وإذا نظرت إلي ها سرتني‪ ،‬وإذا غ بت‬
‫عنها حفظتني‪ ،‬ل أذكر أني اختلفت معها يوما إل كانت تسارع بالعتذار إلي حتى ولو كنت‬
‫لها ظالما ‪ ..‬كل ذلك جعلني أحبها حبا شديدا‪ ،‬وأتعلق بها تعلقا كبيرا‪.‬‬

‫ومضت ثماني سنوات على زواجنا كأنها أيام على الرغم من أننا لم نرزق بولد‪...‬‬

‫ول قد بذلت جهودا عديدة لعلج ها‪ ،‬ول كن باءت جهودي بالف شل ح يث أج مع الطباء على ع قم‬
‫زوجتي ‪ ..‬وهذا هو قدر ال (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور‪ ،‬أو يزوجهم ذكرانا‬
‫وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) (‪ )35‬ومع إيماني بقدر ال وقضائه إل أنه صعب‬
‫علي أن أتغلب على هاتيف حيب الوالد الذي كان يلح علي بالزواج بثانيية‪ ،‬فعرضيت عليهيا‬
‫رغبتيي بالزواج فوافقيت ول كن بشرط!! بشرط أن أطلقهيا ‪ ..‬حاولت مرارا أن أقنع ها بالعدول‬
‫عن ذلك ولكنها أصرت فكان الطلق‪.‬‬

‫تذكرة‪:‬‬

‫التعدد سنة وحق من حقوق الرجل‪ ،‬حتى ولو لم يكن هناك ثمة سبب يدعوه للتعدد‪ ،‬فكيف إذا‬
‫كان بسبب مرض الزوجة ونحوه؟!!‬

‫فلتحذر المرأة من أن تطلب من زوج ها طلق ها لغ ير م سوغ شر عي يدعو ها لذلك كخش ية أن‬
‫تكون من اللتي قال عنهن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أيما امرأة سألت زوجها الطلق‬
‫في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة"‪)36(.‬‬

‫ولماذا تطلب مثل هذه المرأة الطلق من زوج أحبها وأحبته‪ ،‬وعاشرها وعاشرته‪ ،‬ولماذا تحرم‬
‫نف سها من سعادة الزوج ية‪ ،‬و سكن ال سرة‪ ،‬وأ من وحما ية الزوج؟ ولماذا تف قد ال مل وت ستسلم‬
‫لليأس‪ ،‬ول تتوقع أن ترزق بالذرية ولو بعد حين؟ ولماذا تحرم امرأة أخرى من أن تجد زوجا‬
‫ي سترها وي سعدها؟ وق بل ذلك لماذا تف عل ما يش عر أ نه عدم ر ضى بح كم ال أو اعتراض على‬
‫شرع ال؟ إنهيا لو حكميت عقلهيا‪ ،‬وهدأت عاطفتهيا‪ ،‬وقبيل ذلك ابتغيت رضوان ربهيا وإسيعاد‬
‫زوجها لكان لها بذلك الجر في الخرة والسعادة في الدنيا‪.‬‬
‫الكنز المخبوء‬

‫قالت مديرة المدرسة‪:‬‬

‫تأخرت إحدى التلميذات ذات يوم في المدر سة ح يث لم يح ضر ال سائق والخاد مة ل ستلمها‪،‬‬


‫فكلفت المشرفة بالبقاء معها حتى قدومهما ل ستلمها‪ ،‬ثم انتظرت المشرفة حتى صلة العصر‬
‫‪ ..‬ولم يح ضر أ حد ‪ ..‬فات صلت بي في الب يت م خبرة إياي بال مر‪ ،‬فأشرت علي ها بأن تأ خذ‬
‫التلميذة معها إلى بيتها‪ ،‬وتترك للحارس رقم تلفونها‪ ..‬فلعله حصل لهلها أمر طارئ اضطروا‬
‫ب سببه لهذا التأخ ير ‪ ..‬وغادرت المعل مة المدر سة م صطحبة مع ها تلك الم سكينة إلى بيت ها ‪..‬‬
‫فأطعمتها ‪ ..‬وآوتها‪ ،‬وجلست تنتظر أن يتصل بها أحد ‪ ..‬ولكن دون جدوى ‪ ...‬فسلمت أمرها‬
‫ل ‪ ..‬وتركيت الطفلة تيبيت ميع أطفالهيا ‪ ..‬ثيم أخذتهيا معهيا فيي اليوم التالي إلى المدرسية ‪..‬‬
‫وجاءت بها مباشرة إلى المديرة وأخبرتها بخبرها‪.‬‬

‫قالت المديرة‪:‬‬

‫رفعيت سيماعة الهاتيف واتصيلت فورا بأم التلميذة لرى ميا المير ‪ ...‬فردت علي إحدى‬
‫الخادمات وأخبرتني أنها نائمة ‪!!! ...‬‬

‫قلت‪ :‬الحمد ل لم يحصل لها مكروه ‪ ..‬ثم كررت التصال الساعة الحادية عشرة قبل الظهر‪،‬‬
‫ثم ردت علي الخاد مة وأ خبرتني أن ها لن ت صحو من نوم ها ق بل الواحدة ب عد الظ هر ف سلمت‬
‫أمري ل ‪ ..‬واتصلت بها بعد الواحدة بقليل ‪ ..‬ولم أخبرها بشيء ‪ ..‬إنما طلبت منها الحضور‬
‫إلى المدرسة فورا لمر مهم يخص ابنتها‪.‬‬

‫فأجابت الم قائلة‪ :‬لدي موعد مع الخياطة بعد قليل ‪ ..‬إنه مهم جدا ل بد أن أقضيه‪ ،‬لني الليلة‬
‫مدعوة إلى حفلة عرس ‪ ..‬و قد أتأ خر عن الخيا طة ‪..‬لهذا فأ نا أعتذر اليوم عن الحضور إلى‬
‫المدرسة‪ ،‬وسآتيكم غدا‪.‬‬

‫قالت لها المديرة‪ :‬سأنتظرك في المدرسة اليوم مهما كلف المر حتى لو بقيت للعشاء‪..‬‬

‫فذه بت الم للخيا طة أولً ‪ ...‬ثم عر جت بفضلة وقت ها إلى المدر سة لترى ماذا حل بابنت ها!!!‬
‫وجدت المديرة بانتظارها فبادرتها قائلة‪ :‬أين كانت ابنتك البارحة؟ قالت الم‪ :‬كانت في البيت‬
‫‪ ..‬أين ستكون ‪!! ...‬‬
‫المديرة‪ :‬هل تناولت مع ها طعام الغداء‪ ،‬ثم أشر فت على درو سها ومذاكرت ها ‪ ..‬و هل لح ظت‬
‫ساعة نومها؟‬

‫قالت الم‪ :‬ل‪.‬‬

‫قالت المديرة‪ :‬ولم ل؟‬

‫قالت الم‪ :‬لن الولد لهيم جناح خاص بهيم‪ ،‬تشرف عليهيم إحدى الخادمات ‪ ..‬فهيي التيي‬
‫تح ضر ل هم الطعام ‪ ..‬والشراب ‪ ..‬و هي ال تي تقوم بالشراف على درو سهم ‪ ..‬أل يك في أن نا‬
‫تعبنا في حملهم وإنجابهم‪!! ..‬‬

‫قالت لها المديرة‪ :‬أتعرفين أيتها السيدة المحترمة ‪ ..‬أن ابنتك لم تبت البارحة في جنتها الحالمة‬
‫!! وبرجها العاجي ‪ !! ..‬إنما كانت تبيت في بيت إحدى المعلمات جزاها ال خيرا‪.‬‬

‫قالت الم وقيد فوجئت واندهشيت مميا تسيمع‪ :‬ماذا؟! أنيا ل اسيمح بمثيل هذا الكلم ‪ ..‬وهذا‬
‫التطاول ‪ ..‬نحن من عائلة معروفة ي كما تعلمين ي وقد يؤثر هذا الكلم على سمعتنا ‪!! ..‬‬

‫قالت المديرة‪ :‬أيتها السيدة ‪ ....‬إنه ليس كلما كما تتصورين ‪ ..‬إنه أمر واقع مر ‪ ..‬أنت أداته‬
‫الفاعلة ‪ ..‬ونحن نتجرع غصته ‪ ..‬أنت أم ‪ ..‬والمو مة لفظة تل قي بظللها على أركان الن فس‬
‫النسانية السوية‪ ،‬فتدفعها دفعا ل شعوريا إلى التضحية والعطاء ‪ ..‬وإسباغ الحنان ‪ ..‬والشعور‬
‫بالرحمة‪ ،‬أين أنت من كل هذا؟! ألست أمها؟ ما هو شعورك نحو ابنتك؟ أين أنت منها؟! إنها‬
‫كنزك المخبوء ع ند كبرك ‪ ..‬وب عد مو تك ‪ ..‬إ نك إن لم ترحمي ها في صغرها ‪ ..‬حر مت من‬
‫رحمتها لك عند كبرك ‪ ..‬وبعد موتك ‪ ..‬أنت لو كانت معك كنوز قارون فإنها ستفنى‪ ،‬ولكن‬
‫الرح مة ‪ ..‬والحنان ‪ ..‬والتضح ية ‪ ..‬والصيبر ‪ ..‬كل ها نودع ها فيي خزائن ال الذي ل تضييع‬
‫عنده صيغيرة ‪ ..‬ول كيبيرة إل أحصياها لنيا‪ ،‬ثيم يبارك لنيا فيهيا ‪. .‬فيي أي عالم أيتهيا الم‬
‫تعيشين؟!‬

‫طأطأت الم رأ سها‪ ،‬ثم التف تت إلى البريئة ابنت ها وقالت ل ها‪ :‬أ ين ك نت البار حة ‪ ...‬؟ فأجا بت‬
‫الطفلة بكل براءة ‪ ..‬وكأنها تعبر عن مشكلتها بكل صدق‪.‬‬
‫قالت الطفلة‪ :‬ماما ‪ ..‬لقد تناولت طعام العشاء البارحة مع المعلمة وأولدها ‪ ..‬ثم نمت معهم ‪..‬‬
‫ورأيت المعلمة في الليل تمر علينا واحدا واحدا وتغطينا ‪ ..‬إنها يا ماما تخاف على أولدها من‬
‫البرد ‪ ..‬ثم تناولنا وجبة الفطور أيضا كلنا مع بعضنا ‪ ..‬الفطور جميل يا ماما ‪ ..‬ولذيذ ‪ ..‬وقد‬
‫عملت لي المعلمة شطيرة من الجبن أكلتها في الفسحة المدرسية ‪ ..‬كم سعدت يا أمي في بيت‬
‫المعلمة ‪ ..‬أفطري معي يا أمي ‪ ..‬كل يوم ‪ ..‬وتعشي معي ‪ ..‬أرجوك يا أمي ‪..‬‬

‫نهضت الم من مكانها وهي ممتعضة ‪ ..‬وغادرت تجر ابنتها وهي تتمتم قائلة‪ :‬ويل لكما اليوم‬
‫مني أيها السائق وأنت أيتها الخادمة ‪ ..‬هذا كل ما قدرت عليه ‪ ..‬هذه الم ‪)37( !! ..‬‬

‫قلت‪ :‬القصة ل تحتاج إلى تعليق‪ ،‬وهي مهداة إلى كل السر من المهات والباء الذين يزيفون‬
‫المو مة والبوة بالخدم وال سائقين‪ ،‬ويظنون أن المو مة والبوة معاشرة وح مل وإنجاب ف قط‪،‬‬
‫ول يعرفون أنها مسؤولية وأمانة وتربية‪.‬‬
‫مطلقة على أبواب الثامنة عشرة‬

‫كنت صبية في السادسة من عمري‪ ،‬لم تفارقني آثار الطفولة بعد ‪ ..‬فلم أكن أتردد عن اللعب‬
‫بالماء في حديقة منزلنا ‪ ..‬أما دميتي فلم تزل رفيقتي حتى اليوم منذ أن كان لي من العمر ست‬
‫سنوات ‪ ..‬ل أهنأ بنوم إل بجانبها ‪ ..‬ويغمرني الفرح حينما أبتكر لها تسريحة أو ألبسها فستانا‬
‫جديدا‪.‬‬

‫وكنت وحيدة والدي‪ ،‬فقد حظيت باهتمامهما الفائق ودللهما الزائد ل سيما ونحن أسرة ميسورة‬
‫‪ ..‬كان دللهما يؤخر نضوجي ويؤجل انتهاء مرحلة طفولتي إلى حين ‪ ..‬وهكذا مرت اليام‪،‬‬
‫ملؤ ها الل هو والفرح وال سرور‪ ،‬ح تى جاء اليوم الذي أ خبرتني ف يه أ مي بالمفاجأة‪ :‬ل قد خط بك‬
‫جار نا لب نه‪ ،‬و هو ك ما تعلم ين ‪ ..‬صاحب أ كبر شر كة سيارات ‪ ..‬ستسافران إلى الخارج‬
‫لقضاء ش هر الع سل‪ ،‬و ستسعدين بإذن ال‪ ،‬و في ال غد سنذهب إلى ال سوق لنشتري ما تريد ين‪،‬‬
‫وبكل عطف وحنان قالت‪ :‬وفقك ال يا بنيتي!‬

‫لم أ كن في الحقي قة أعرف مع نى للزواج سوى ما شرح ته لي أ مي ‪ ..‬سفر ومغامرة و سعادة‪،‬‬


‫وخروج إلى ال سوق في كل يوم‪ !..‬رأ يت أ نه شئ ل بأس به‪ ،‬و ما هي إل أيام معدودة ح تى‬
‫أ صبحت زو جة ‪ ..‬ن عم زو جة ‪ ..‬ب عد احتفالت مهي بة‪ ،‬وف ساتين رائ عة‪ ،‬ومجوهرات ثمي نة‪،‬‬
‫وفرقة غناء تناسب مقام أسرتي وأسرة زوجي‪.‬‬

‫ثم سافرت إلى أوربا لشهر كامل‪ ،‬ومرت اليام سعيدة هنية‪ ،‬حتى عدنا لرض الوطن‪ ،‬وهنا‬
‫بدأت الحقائق تتساقط على رأسي واحدة تلو الخرى ‪ ..‬اكتشفت أن زوجي لم يكمل تعليمه كما‬
‫أخبر نا ‪ ..‬و هو ل يع مل؛ بل يعت مد في م صروفه على عطا يا والده‪ ،‬ك ما أ نه ل ي صلي ول‬
‫يعرف طر يق الم سجد ‪ ..‬ور حت في رب يع عمري أتعرض لن سمات حار قة من ق سوة زو جي‬
‫وفظاظته‪ ،‬حتى ذهبت نضارتي ونحل جسمي‪ ،‬وازددت بؤسا وتعاسة حين اكتشفت أنني حامل‬
‫‪ ..‬لم ي كن يهم ني أن زو جي لم يك مل تعلي مه أو أ نه ل يع مل ‪ ..‬ول كن لم أ عد أحت مل ق سوته‬
‫المفرطية‪ ،‬وعدم تورعيه عين ضربيي وإهانتيي لتفيه السيباب! عدا عين سيهره الدائم خارج‬
‫المنزل ‪ ..‬وعدم إحساسي بالمان إلى جانبه كما ينبغي لكل زوجة ‪ ..‬فكرهت حياتي برمتها‪،‬‬
‫ولم يعيد أماميي سيوى طلب الطلق‪ ،‬والدعاء بالمغفرة لوالدي الذي زوجنيي دون سيؤال عين‬
‫أخلق الزوج ودينه‪ ،‬ولوالدتي التي لم تسأل عن المجتمع الذي سأعيش فيه بقدر ما سألت عن‬
‫قيمة صداقي والهدايا والعطايا ‪ ..‬وهكذا أدركت لماذا ينبغي على الناس أن يسألوا عن صلح‬
‫الزوج وتقواه وورعه‪ ،‬وليس عن منصبه وجاهه وماله ‪ ..‬إذ أن من يخشى ال فسوف يتقيه‪،‬‬
‫ويخافه في أقرب الناس إليه وهي زوجته‪.‬‬

‫وها أنا اليوم أعيش بعد طلقي منه بين جدران شهدت عهد طفولتي كما شهدت عهد شقائي ‪..‬‬
‫وأحميل وسياما يحرق فؤادي ‪ ..‬وسياما تشقيى بيه كيل مطلقية‪ ،‬إنيه الطلق‪ ،‬أنيا الطفلة البريئة‬
‫المدللة‪ ،‬غدوت اليوم مطل قة‪ ،‬أرمق بعيون ملؤها الشك والريبة‪ ،‬وأعاب بما ليس لي فيه ذنب‬
‫ل للزواج‪ ،‬من‬
‫ول خطيئة‪ ،‬هذا الو سام الذي و سمني به والداي عند ما زوجا ني وأ نا ل ست أه ً‬
‫رجل يحمل المال ‪ ..‬فقط ‪ ! ..‬مطلقة كلمة ترميني في دهاليز اللم والحزن‪.‬‬

‫ول كن بالر غم من ذلك كله لن أيأس‪ ،‬و سأبدأ حيا تي من جد يد‪ ،‬وأك مل درا ستي ‪. .‬و سألتحق‬
‫بحلقات تحفيظ القرآن ومجالس الذكر‪ ،‬ولن أقبل إل بمن يحفظ القرآن ‪ ..‬كاملً‪)38( .‬‬
‫الخادمة سرقت زوجي!‬

‫أصبح من المعتاد أن تطلب المرأة خادمة في بيتها سواء كانت تحتاج إليها أم ل؛ لكن الغريب‬
‫أن ترفض النساء ذلك وتلح في الرفض حتى لو كانت تحتاج إليها نظرا لكثرة العباء المنزلية‬
‫‪ ..‬فما السباب وراء ذلك!‬

‫ى قائلة‪ :‬لم أكن أتصور أن "الخادمة" ستؤدي دورا كبيرا مثل ما حدث‬
‫تروي ريم حكايتها بأس ً‬
‫في حيا تي‪ ،‬ف قد تزو جت م نذ حوالي سنتين‪ ،‬ك نت مقتن عة بزوا جي هذا تماما‪ ،‬ف قد كان زو جي‬
‫مثاليا‪ ،‬ويبحث عن كل ما يرضيني ليفعله‪ ،‬وحدث الحمل بعد الزواج بشهور قليلة‪.‬‬

‫ورغ بة في إرضائي أح ضر لي زو جي خاد مة فلبين ية‪ ،‬ك نت في الش هر الولى للح مل متع بة‬
‫جدا أكاد ل أقوم من الفراش‪ ،‬و هي تقوم ب كل أعمال المنزل‪ ،‬ولن هذا هو حملي الول فقدت‬
‫كثيرا من وزني وحيوتي‪ ،‬وهي في كل حيويتها ورونقها‪.‬‬

‫أصبحت زاهدة في كل متع الدنيا نتيجة لمتاعب الحمل‪ ،‬مرهقة‪ ،‬ول أتزين دائما وهي دائما في‬
‫كامل زينتها‪ ،‬تجوب بيتي كأنه لها! بدأت أحس نحوها بشيء غامض ودفعني إحساسي هذا إلى‬
‫مراقبتهيا‪ ،‬ولحظيت منهيا بعيض التصيرفات‪ ،‬ومنهيا أنهيا تغيير ملبسيها وتتزيين وتعدل مين‬
‫ت سريحتها ع ند عودة زو جي‪ ،‬وبتكرار ملحظ تي أيق نت أن ها تتز ين لزو جي لكن ني أبدا لم أف قد‬
‫الثقة فيه لحظة واحدة‪.‬‬

‫الح مل ي كبر وأ نا أزداد وهنا وضعفا‪ ،‬و هي تبالغ في زينت ها وتزداد حيو ية‪ ،‬وكا نت الم صادفة‬
‫ال تي صعقتني‪ ،‬ف من عادة زو جي أن يقرأ ال صحف ب عد الغداء في حجرة مكت به‪ ،‬ذه بت إل يه‬
‫ل لكنني فوجئت عندما رأيته مع الخادمة في وضع غير لئق‪.‬‬
‫لجلس معه قلي ً‬

‫وتنحدر من عيني "ريم" دمعة وتكمل في حزن ظاهر‪ :‬لحظتها لم أنطق بكلمة‪ ،‬حاول أن يكفر‬
‫عن خطئه‪ ،‬فطرد ها في اليوم نف سه‪ ،‬ولكن ني خر جت إلى منزل أهلي‪ ،‬لم أ حك ل هم شيئا م ما‬
‫حدث‪ ،‬وحتى الن لم أعد إلى زوجي ‪ ..‬ولن أعود‪)39( .‬‬

‫قلت‪ :‬كل من تساهل في اللتزام بالحكام الشرعية جنى عاقبة ذلك من الوقوع في الحرام‪ ،‬أو‬
‫الضطراب في مسيرة الحياة‪ ،‬ومثل هذه الحالة ربما ينطبق عليها قول الشاعر‪:‬‬

‫إياك إياك أن تبتل بالماء‬ ‫ألقاه في اليم مكتوفا وقال له‬


‫ومثل هذه الزوجة وقد أدركت خطأ وخطر هذا التصرف ينبغي لها أن تطوي صفحة الماضي‪،‬‬
‫وتبدأ حياتها بعيدا عن الممارسات التقدمية أو الجتماعية المخالفة للحكام الشرعية‪.‬‬
‫(القسم الثالث)‬

‫طرائف أسرية‬

‫تمهيد‬

‫إن مين أسيباب غرس المحبية فيي القلوب وبيث النشاط فيي النفوس بيين الزوجيين أحادييث‬
‫الم سامرة والطرائف المضح كة‪ .‬أعت قد أن ذلك من المور ال تي قد يغ فل عن ها ب عض الزواج‬
‫فتجد جل كلمهم في هموم الحياة ومشكلتها وواجباتها ومسؤولياتها‪ ،‬فالزوجة عادة ما تتحدث‬
‫عن مشكلت الولد ومتاعبهم‪ ،‬ونواقص البيت وحاجاتهم‪ ،‬والزوج يتحدث عادة عن صعوبات‬
‫الحياة ومشقة العمل‪ ،‬فالحياة جافة مما يزرع في القلوب الجفوة والنفرة‪.‬‬

‫ولذلك كان صلى ال عل يه و سلم يحرص على م سامرة زوجا ته ‪ ...‬و ما حد يث أم زرع ع نا‬
‫ببعيد؛ بل حث صلى ال عليه وسلم أصحابه على ذلك ولم يكتف عليه أفضل الصلة والسلم‬
‫بمجرد فعله ميع أنيه كاف فيي الدللة على المشروعيية حييث قال لجابر‪ :‬هل بكرا تلعبهيا‬
‫وتلع بك وتضاحك ها وتضاح كك ‪. .‬فالحياة الزوج ية بأ مس الحا جة إلى م ثل هذه الوقفات ‪...‬‬
‫وقفات الملعبة والمضاحكة‪..‬‬

‫ولكن في مسألة المضاحكة والمسامرة أمور ل بد من مراعاتها‪:‬‬

‫ين فقال‪:‬‬
‫يف عباده المؤمنيي‬
‫يتطاعة؛ لن ال وصي‬
‫‪-1‬أن يكون الكلم هادفا بقدر السي‬
‫(والذين هم عن اللغو معرضون)‪.‬‬
‫‪-2‬أن تكون المسامرة خالية مما نهى ال عنه من الغيبة والنميمة‪ ،‬وإذا وقع ذلك فعلى‬
‫السامع أن يرشد المتحدث كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪-5‬أن تكون خالية من الكذب ‪ ..‬لنه قد ورد النهي عن الكذب لضحاك الناس ‪..‬‬
‫‪-8‬أن تكون بقدر لن كثرة الضحيك يمييت القلب ‪ ..‬ويشغيل عين المهمات ويسيقط‬
‫المروءات‪.‬‬
‫هي‪ -‬أن ل يكون فيها ما يقدح بخاطر الزوجة أو الزوج‪.‬‬

‫إذا ث بت هذا ‪ ..‬فإن هذه الطرائف أوردهاعلى ل سان قائلي ها م من سمعت أوقرأت فأعج بت‬
‫بما كتبوا أو قالوا‪ ،‬وهي ل تخلو من ملحوظات ‪ ..‬ولكن ظني أنها بالجملة مما ينفع سماعه‬
‫وال يغفر الشطط‪ ،‬وقد اجتهدت أن أذكر المرجع الذي اقتبست منه ولكن ربما عجزت عن‬
‫بعضهيا نظرا لنسيياني المرجيع الذي أخذت عنيه‪ ،‬فليغفير لي أصيحابها ذلك فإنميا الخيير‬
‫أردت‪...‬‬
‫عندما هممت بالزواج من الثانية!‬

‫ما أكثر ما يدور الحديث في مجالس الرجال عن التعدد‪ ،‬وإن كان الكثير من الكلم ل رصيد‬
‫له من الع مل في الوا قع‪ ،‬ويبدو أن ذلك تنف يس عن المنيات المكبو تة والمال المحبو سة في‬
‫صدور الكثير من الرجال‪ ،‬والتي ل يستطيعون التصريح بها أمام زوجاتهم!!‬

‫وفي مجلس من المجالس الذي دار فيه الحديث عن تجارب المعددين‪ ،‬قال أحدهم‪:‬‬

‫حدثت ني نف سي يوما بالزواج من ثان ية‪ ...‬ول ما ك نت حري صا على أن أم هد لزوج تي ق بل أن‬
‫أ صارحها برغب تي في الزواج ف قد بح ثت عن كتاب أو ر سالة تبين ف ضل التعدد وأهمي ته ‪..‬‬
‫وفعلً اطلعت على مقالة أعجبتني في صحيفة فانتزعتها ووضعتها في موقع بارز في "المطبخ"‬
‫رجاء أن ي قع ب صر زوج تي علي ها فتقرأ ها‪ ،‬ل عل ذلك يخ فف غيرت ها وي حد من غضب ها عند ما‬
‫أصارحها بما يدور في نفسي‪.‬‬

‫ذه بت إلى الع مل وأ نا أف كر في مو قف زوج تي من هذا المقال وماذا سيكون رد فعل ها عند ما‬
‫تقرؤه ‪ ..‬لقد كنت متفائلً في أن المقال سيغير موقفها وسيسهل علي مهمتي التي عزمت عليها‬
‫‪ ..‬ولكن عندما عدت من عملي في آخر النهار ودخلت المطبخ ‪ ..‬خاب ظني وتلشى تفاؤلي‪،‬‬
‫حيث وجدت مقالي قد وضع على طاولة الطعام وقد وضعت زوجتي فوقه سكينا كبيرة!!‬

‫قلت ي في نفسي ي وأنا أنظر إلى السكين‪ :‬الن عرفت السبب الذي جعل الكثير من الرجال‬
‫يحجمون عن التعدد على الرغم من كثرة ثرثرتهم حوله في مجالسهم‪ ،‬يبدو أنهم رأوا سكاكين‬
‫كثيرة ‪ ..‬ورحم ال "زوجا" عرف قدر نفسه‪.‬‬
‫أنا وأب زوجتي‬

‫أ نا وأب زوج تي في إشكالت م ستمرة‪ ..‬ات صل ب نا مبديا رغب ته في زيارت نا ورحب نا وهلل نا‬
‫وسيهلنا وطلبنيا منيه موعيد إقلع الرحلة حتيى نكون فيي انتظاره ‪ ..‬اتصيل هاتفيا ولم أكين‬
‫ل من مو عد القلع من الرياض ‪..‬‬
‫موجودا‪ ،‬وأبلغ زوج تي مو عد الو صول إلى مطار جدة بد ً‬
‫فذهب نا إلى المطار وفوجئ نا بأن الرحلة قد و صلت من ع شر دقائق وال عم غ ير موجود‪ ،‬وب عد‬
‫البحث والتقصي عرفنا أنه ذهب إلى بيت ابن أخيه بالرغم من أنه يعرف عنوان بيتنا‪ ،‬وهذا‬
‫دليل "الزعل" وذهبنا على الفور إلى بيت أبن أخيه‪ ،‬وقد قدمنا له فروض العتذار ورجوناه أل‬
‫يؤاخذنا على الخطأ وسوء الفهم‪ ،‬واتفقنا على أن يتغدى في بيت ابن أخيه ويتعشى عندنا‪...‬‬

‫وتكفيرا عن الخ طأ الذي اقترفناه ف قد ذه بت إلى م حل حلويات راق‪ ،‬واشتر يت كيلوي بقلوة‬
‫زينت بها السفرة التي كان يتوسطها مفطح مندي استندت قيمته من أحد الصدقاء ‪ .. .‬انتهى‬
‫العشاء وانصرف الضيوف‪ ،‬ونمت تلك الليلة مرتاح الضمير ‪ ..‬وفي الصباح ذهبت إلى العمل‬
‫للتصل بي زوجتي من المستشفى لن أباها مريض بالسكر‪ ،‬وقد أسرف في تناول الحلويات‪،‬‬
‫م ما اض طر ال طبيب إلى إدخاله الم ستشفى‪ ،‬وال سبب معروف هو أن ني تعمدت شراء البقلوة‬
‫للنتقام من عمي!‬

‫وخرج العيم مين المسيتشفى وتحولت سيفرتنا إلى سيفرة مسيتشفيات‪ :‬رز مسيلوق‪ ،‬دجاج بدون‬
‫جلد‪ ،‬دهن قليل الدسم‪ ،‬خبز أسمر‪ ،‬إلخ ‪ ....‬مما ل يخفى عليكم ‪ ..‬ولكنني حتى هذه المرة لم‬
‫أ سلم من تشن يع ال عم ي حف ظه ال يي ف قد اتهمنيي بالب خل ومحاولة تطفي شه‪ ،‬طبعا كل هذه‬
‫الرسائل كانت تصلني بصورة غير مباشرة عن طريق ابنته ي زوجتي ي‬
‫بقلم‪:‬‬ ‫ألم أقل لكم إنني أنا وأب زوجتي في إشكال مستمر؟! (‪)41‬‬
‫التعيس‪.‬‬
‫جارتنا وكالة أنباء‬

‫الت صقت الثرثرة بالمرأة ‪...‬وظلت القلم تتناول هذه الظاهرة‪ ،‬وتزيد ها الت صاقا بالمرأة ح تى‬
‫ترسخت في عقولنا جميعا بأنها من لوازم شخصيتها!!‬

‫ومع التسليم بأن هناك ن ساء ل يعر فن الثرثرة ‪ ..‬إل أن الدلئل كل ها تش ير إلى أن ن سبة عال ية‬
‫منهن يعرفن الثرثرة ويحترفنها‪.‬‬

‫جارتنيا العزيزة "عزيزة" ل يمير يوم إل وتقوم بزيارتنيا دون موعيد سيابق ‪ ..‬وبمجرد إلقائهيا‬
‫تحية الصباح أو المساء ‪ ..‬تبدأ في بث إرسالها‪ ،‬حتى لكأنها وكالة رويتر والستوشيتد برس‬
‫والشرق الوسط وغيرها‪ ،‬في آن واحد!!‬

‫ونظرا لن زوجتي ي شفاها ال ي تعاني من ضعف السمع فإن جارتنا يعلو صوتها‪ ،‬فيصل‬
‫حجرتي ليخترق سمعي تماما كما يخترق سمع زوجتي المسكينة التي ل تجد مفرا من السمع‬
‫والنصات ‪ ..‬فكلهن من "حواء" ويردن أن يعرفن أسرار بعضهن ‪ ..‬ول تخرج نشرة جارتنا‬
‫عن أن "فلنة" كانت على خلف مع زوجها طوال شهر مضى ‪ ..‬وبنت فلن تركها عريسها‬
‫ل سباب سوف أحاول معرفت ها ‪ ..‬والجارة "الفلن ية" تغار على زوج ها م ني‪ ،‬وفلن مر يض‪،‬‬
‫وبنت جارتي ضربها ابني ‪ ..‬و ‪ ...‬و ‪ ...‬إلى آخر الزعيق والنعيق الذي ل يتوقف من جارتنا‬
‫العزيزة "عزيزة" ‪ !! ..‬تتخلل ذلك لحظات صمت معدودة‪ ،‬فأ ظن أن مو عد ان صرافها قد حان‬
‫‪ ..‬إل أن ني ي من وا قع التجر بة ي تبينت أن فترة ال صمت هذه ما هي إلى فترة همهمات‬
‫وتمتمات في أذن امرأتي المسكينة حتى لكأن المر يتعلق بسر خطير ‪ ..‬إضافة إلى هذا كله‪..‬‬
‫زوجتي ي كان ال في عونها ي تظل مجالسة للجارة دون أن تعبأ بأنني في حاجة إلى تناول‬
‫غدائي أو إفطاري‪ ،‬بعيد يوم عميل شاق‪ ،‬أو قبيل الخروج إلى العميل‪ ،‬والصيغار المسياكين ل‬
‫يكون أمام هم سوى خيار ين ‪ ..‬إ ما الذهاب إلى المدر سة دون تناول الفطور‪ ،‬أو النتظار دون‬
‫غداء‪ ،‬وهذا كله يتوقف على موعد زيارة جارتنا العزيزة "عزيزة" التي تأتي دون سابق إنذار‪.‬‬

‫هذا كله ل يمنيع زوجتيي مين التردد على المطبيخ مين آن لخير لعميل المشروبات باختلف‬
‫أنوعها ‪ ..‬وتعددها من ساخن إلى بارد ‪ ..‬إلى نصف ساخن‪ ،‬وذلك إكراما لجارتنا‪.‬‬

‫العرض مسيتمر ولمدة ل تقيل عين ثلث سياعات‪ ،‬وفيي الغالب يتيم ذلك فيي الفترة الصيباحية‬
‫"على الرييق"‪ ،‬الحسينة الوحيدة لجارتنيا العزيزة "عزيزة" أنهيا أعطتنيي تفسييرا لعدم اهتمام‬
‫زوجتي بقراءة الجرائد‪ ،‬أو عدم سماع نشرات الخبار التي تبثها الذاعة والتلفزيون‪ ،‬حيث إن‬
‫اجتماع جارتها بها يغنيها عن ذلك كله‪.‬‬

‫وآه لو تكل مت مع زوج تي منتقدا جارت ها‪ ،‬سرعان ما تك شر عن أنياب ها وتبادر ني قائلة‪ :‬هذه‬
‫نميمة وغيبة ول يصح منك ذلك!!‬

‫وأتساءل‪ :‬أليس ما يحدث بين زوجتي وجارتها هو من باب الغيبة والنميمة؟؟ أعرف أن المرأة‬
‫العاقلة "الرا سية" ت ستطيع بذكائ ها أن ت حد من ثرثرة جارت ها بش يء من "الدبلوما سية" الهادئة‪،‬‬
‫والصد‪ ،‬وتوجيه النصح غير المباشر‪ ،‬وعدم مسايرتهن في تناول سيرة الناس‪.‬‬

‫صحيح أن الود والصلة مطلوبان بين الجيران ولكن بحدود حددها الدين والعراف السائدة في‬
‫كل مجتمع ‪..‬ليت نساءنا يفهمن تلك الحدود ول يفسرنها تبعا لهوائهن‪..‬‬

‫رحيم ال أيام زمان‪ ،‬يوم أن كان الجيران يثمنون العلقية فيميا بينهيم ‪ ..‬يتزاورون‪ ،‬ويهنيئ‬
‫بعض هم بعضا في المنا سبات‪ ،‬لم ي كن الح قد يعرف طريقا إلى قلوب هم؛ بل كان النقاء وال صفاء‬
‫سيمعتهم الرئيسية‪ ..‬أصيابع التهام كلهيا تشيير إلى أن الماديات طغيت واسيتطاعت أن تمحيو‬
‫الخلقيات‪ ،‬وتحول العالم من عالم الخاء واليثار إلى عالم التناقضات والنانية!!‬

‫رحم ال جدتي عندما كانت تقول في الجار ‪" :‬الجار جار ولو جار" أي أن الجار سيبقى جارا‬
‫حتى لو ظلم جيرانه‪ ...‬كذلك حينما كانت السرة تنتقل من مسكن إلى آخر كانت جدتي تنصح‬
‫بقول ها‪" :‬الجار ق بل الدار"‪ ،‬ثم تت بع ذلك بقول ها‪ " :‬دي مش عشرة يوم ‪ ..‬دي عشرة دوم"‪ ..‬أي‬
‫أنها عشرة دائمة ‪..‬‬

‫تبخرت أقاو يل جد تي‪" ،‬وكأن ها أذ نت في مال طة" ور فع الجيران اليوم شعارات عديدة ل عل من‬
‫أبرز ها (أ نا و من بعدي الطوفان) ‪ ..‬فل ح ساب لشعور جار بجار مر يض‪ ،‬أو لجار أل مت به‬
‫مصيبة‪ ،‬أو لجار أراد أن يستريح في بيته بعد مهمة عمل شاق ‪..‬‬

‫وبالتأكيد ي عزيزي القارئ ي استطعت أن تفسر ثرثرة جارتي مع زوجتي‪ ،‬والتي هي ي في‬
‫اعتقادي ي ل تخرج من كون جارتي بسلمتها "بتحلي قعدتها" ‪ ..‬أي أنها ل تستطيع ترغيب‬
‫زوجتي سوى بالحديث في سيرة ‪0‬فلنة وعلنة‪ ،‬وزعيط ومعيط‪ ،‬ونطاط الحيط)‪)42( .‬‬
‫طباخة ماهرة‬

‫كنت ل أزال في بداية المرحلة الجامعية عندما تزوجت ‪ ..‬كان أول شيىء أخبرت به زوجي‬
‫بعد عقد القران أنني ل أتقن فن الطبخ‪ ،‬لنني لم أفكر يوما في الدخول إلى المطبخ لعمل وجبة‬
‫غداء أو عشاء للعائلة‪ ،‬فما كان منه إل أن ابتسم وقال‪" :‬أنوقف استمرار مسيرة حياتنا من أجل‬
‫عدم إتقانك للطبخ فأنا ل أهتم بمثل هذه المور"‪.‬‬

‫و سارت حيات نا الزوج ية بل عناء أو ن كد أو خ صام‪ ،‬ف قد كان زو جي ع ند وعده لي‪ ،‬يحت مل‬
‫الكث ير وتغا ضى عن الكث ير‪ ،‬وال حق أن ني ك نت أج هد نف سي في إتقان طب خة أو أكله يحب ها‪،‬‬
‫فترا ني أب حث ب ين طيات الك تب‪ ،‬أو أر فع سماعة الها تف ل سأل ذوات ال خبرة والخت صاص‪،‬‬
‫ف صعدت در جة واحدة ف قط في سلم الط بخ كا نت بالن سبة لي قفزة وا سعة خا صة ب عد سماع‬
‫تشجيعات زوجي وإطرائه المستمر‪ ،‬كان زوجي من نوعية الرجال الذين يستقبلون الكثير من‬
‫ال صدقاء على وج بة العشاء مرة أ سبوعيا على ال قل‪ ،‬و في كل مرة كان يقوم بشراء وجبات‬
‫خارجية حتى جاء اليوم الذي أحسست فيه أن هذا عيب كبير في حقي كزوجة‪ ،‬وكثيرا ما كنت‬
‫أشعر منه أنه يتمنى اليوم الذي أقدم فيه شيئاَ لصدقائه من صنع يدي ‪ ..‬وقررت أن أقوم بهذا‬
‫الع مل من ال سبوع المق بل‪ ،‬فأخذت أ ستعد لذلك إلى أن جاء يوم ال ستقبال‪ ،‬وحاولت جاهدة أن‬
‫أتقن ما أقوم بعمله خاصة وأنا أرى السرور والفرح ينتاب زوجي‪ ،‬ومكثت ساعات في المطبخ‬
‫ولكن محاولتي الولى ماتت يوم مولده‪ ،‬فأنا لم أتقن عمل كمية بسيطة تكفيني وزوجي فكيف‬
‫إذا بكم ية لعشرة أشخاص أو أك ثر بقل يل‪ ،‬ثم إن ني ل ألم بأ ساسيات الط بخ ف قد وض عت الرز‬
‫على نار متوه جة وكم ية الماء قليلة جدا ح تى تعان قت حبات الرز من ب عد الفراق وأ بت إل‬
‫الوصال‪ ،‬وأصبح وكأنه معد لكبار السن في دار العجزة الذين فقدوا أسنانهم وأضراسهم فهو‬
‫للبلع أقرب منه للمضغ‪ ،‬ورأيت انكسار خاطر زوجي وذبول عينيه التي ما برحت تنظر إلى‬
‫الرض مين شدة الخجيل مين الصيدقاء الذيين فجعوا بهذا المصياب اللييم‪ ،‬فبعيد النتظار لم‬
‫يجدوا إل الدمار‪ ،‬وانتهت الضيافة وخرج الصدقاء وقد ماتت على لسان كل واحد منهم كلمة‬
‫عزاء يود لو قالها لزوجي على هذه الزوجة الماهرة‪.‬‬

‫وبكيت في تلك الليلة كأن لم أبك من قبل‪ ،‬بكيت على فشل‪ ،‬بكيت على عدم إتقاني لفن الطبخ‬
‫الذي هو تاج تفتخر به كل زوجة ماهرة‪ ،‬والذي لم يكن يعني لي شيئا قبل الزواج‪ ،‬بكيت بشدة‬
‫على الموقف المؤسف المحرج الذي وضعت زوجي الحنون فيه‪.‬‬

‫بكيت على تحمله لي وحسن عشرته وصحبته والتي أقابلها بالخيبة والفشل‪.‬‬
‫بك يت إلى أن بزغ يوم جد يد تفجرت في نف سي في ذلك اليوم موه بة جديدة ا سمها فن الط بخ‪،‬‬
‫فقد أصبح حديثي الدائم والذي ل ينتهي هو الطبخ وما هي أساسياته وكيفية إتقانه‪ ،‬ويوما بعد‬
‫يوم أصبحت أتقن مئات الطبخات والحلويات‪ ،‬وأصبح زوجي يستقبل أصدقاءه مرفوع الرأس‬
‫وهو يسمع إطراءهم على طعامي اللذيذ‪.‬‬

‫ولك ني تعل مت در سا لن أن ساه‪ ...‬وأ حب أن أحدث به كل فتاة على أبواب الزواج‪ ،‬وأن صحها‬
‫بأن تتعلم أسياسيات الطبيخ وتتقين عميل الكثيير مين المأكولت؛ لن هذا المير سييكون مهما‬
‫بالنسبة لها بعد الزواج‪ ،‬فإذا ما جاءها زوج حنون فإنها ستشعر بمدى الساءة التي تسببها له‪،‬‬
‫ك يف تقا بل إح سانه بإ ساءة؟‪, ،‬إن كان غ ير ذلك ف ستكون هذه بدا ية المشاحنات‪ ،‬ف قد حدثت ني‬
‫إحدى القريبات بأن زوج ها كان يترك الب يت ويذ هب إلى أ حد المطا عم و هو نا قم علي ها وعلى‬
‫حال ها‪ ،‬وكا نت نظر ته ترمق ها دائ ما و هي تقول ‪" :‬بأ نك ل ت ستحقين ل قب زو جة"‪ .‬وكان هذا‬
‫المير يكدر عليهيا حياتهيا إلى أن أتقنيت صينع الطعام‪ ،‬وقديما قالوا‪ :‬أقرب طرييق إلى قلب‬
‫الرجل هو معدته ‪...‬‬
‫مع تحيات زوجة ناصحة‪.‬‬
‫وأنا أقول‪ :‬أيتها الخوات‪:‬‬

‫‪-1‬إن أمر الطبخ واهتمام المرأة فيه أمر مهم؛لن ذلك من أساسيات‬
‫خدمة المرأة لزوجها‪.‬‬

‫‪-2‬لكن ل إفراط ول تفريط‪ ،‬ما نسمعه من تضييع بعض النساء لجل‬


‫أوقات هن ب ين عجي نة ك يك وعجي نة بيتزا هذا أ مر غ ير صحيح ‪..‬‬
‫لن المرأة المسلمة عندها ما يشغلها غير الطبخ من صلة وقراءة‬
‫قرآن وتربية أبناء‪..‬‬

‫‪-3‬وبالمناسبة كانت أم المؤمنين صفية معروفة بإجادتها للطبخ‪ ،‬فهي‬


‫طباخة ماهرة‪ ،‬ولذلك امتدحتها عائشة بذلك رضي ال عنها‪.‬‬

‫ومما يزيد في كسل المرأة وتهاونها في أمر الطبخ تدليل زوجها لها بموافقته‬
‫الدائمية على شراء الطعام الجاهيز وقيت الولئم‪ ،‬فإن هذا يعود المرأة على‬
‫الك سل وعدم الهتمام ب فن الط بخ‪ ،‬أ ما إذا أو كل الر جل للمرأة أ مر الط بخ في‬
‫بعض الولئم البسيطة وأجبرها على ذلك ي من غير إضرار بها ي فإن هذا‬
‫في الحقي قة م صلحة ل ها‪ ،‬ل نه سيدفعها إلى أن تتعلم ما يم كن تعل مه في هذا‬
‫الفن‪.‬‬

‫‪ –4‬والمر الخير الذي نؤكد عليه أنه ل بد من تدريب البنت قبل زواجها على‬
‫أمور الطبيخ وتدبيير شؤون المنزل‪ ..‬ولعلي أختيم هذه الطرفية بميا قاله ذلك‬
‫الزوج الذي تبرم من زوجته وكسلها وتهاونها؛ بل ومن بنات العصر اللتي‬
‫غلب عليهن التهاون ‪ ..‬فقال مناديا‪)43( :‬‬

‫يا فتيياة العصييير قومي‬


‫وانييييهضي فالفجر لح‬
‫اذكيييييري ال وصيييلي‬
‫واعييييييبديه بانشيييييراح‬
‫اخييلعييي بييييرد التواني‬
‫والبيييسي ثيييوب العمل‬
‫رتبي أعمييييال يوميييك‬
‫واحذري سيييوء الفشل‬
‫نيييييظفي ثم اجيييييييعلي‬
‫كيييييل شيء بانييتيييظييام‬
‫امسيييييحي ثم اصييقلي‬
‫مين زجيييياج ورخييييام‬
‫اغسييييلي غسيلً نظيفا‬
‫أصيييلحي مينه الممزق‬
‫واعتنيييي في الكي جدا‬
‫بييييعد هييييذا فييليطبق!‬
‫فييييصلي ثيييوبا وقيسي‬
‫طييرزي يا عاقيييييييييلة‬
‫هييييئي طبيييخا نييظيفا‬
‫متييييقيييينا للييييييييعائلة‬
‫غييييييربلي قمحا ونقي‬
‫واهرسييي هرسا قويا‬
‫وانيييخييييليه واعجنيه‬
‫واخيييبزي عيشا هنيّا!‬
‫لطفييييي الهل جميعا‬
‫اعطفييي نحو القارب‬
‫كل ميين يبدي ابتساما‬
‫فهو مميييدوح وغالب‬
‫مرضي المرضى بنصح‬
‫واجبري قلب الحزييين‬
‫واسعفيهم بعييييييييييلج‬
‫ثم بري الييييييييييائسين‬
‫واحتيييييرام الزوج حتم‬
‫ليييييييييييييس فيه شائبة‬
‫ل تغيظييييييييييييه وكفي‬
‫أو تسوء الييييييييييعاقبة‬
‫أبعيييييييديه عن دييييون‬
‫عقييييييبها دوميييا وخيم‬
‫اعيييييييذريه ل تكييييوني‬
‫مثييييل شييييييطان رجيم!‬
‫اربطي فمك من أجل الرشاقة‬

‫في مجلس من مجالس "الثرثرة" قالت فلنة لجارتها‪ :‬وال يا ( ‪" ) .....‬سمنت كثيرا" ل بد أن‬
‫تنتبهي لنفسك‪!!....‬‬

‫وكأن ها عند ما سمعت هذه العبارة ن قل ل ها خبر وفاة قر يب ل ها ‪ ..‬فتكدر خاطر ها ‪ ..‬وضاق‬
‫صيدرها‪ ،‬وتغيير وجههيا وجلسيت وهيي تحميل هما ثقيلً بيين قريناتهيا وسيألتهن بقلق بالغ‪:‬‬
‫أدركوني ‪ ..‬ما الحل؟ سمنت ‪ ..‬كيف أنحف؟‬

‫سؤال بل يغ ‪ ..‬أجا بت عل يه الحاضرات بحماس شد يد واهتمام بالغ‪ ،‬وإلي كم أبرز الحلول ال تي‬
‫ذكرت للمسكينة المعذبة‪!!...‬‬

‫‪-1‬التسيجيل بأحيد مراكيز العلج الطيبيعي لعميل الرياضية بمختلف‬


‫أنواعهيا‪ :‬سيباحة‪ ،‬جري‪ ،‬تماريين رياضيية ‪ ..‬إلخ‪ .‬وهذه الخطوة‬
‫ن صحها الجم يع بالقيام ب ها‪ ،‬لن ها ح سب زعم هن أ ساسية مع أي‬
‫و سيلة أخرى ك ما أن ها سهلة وجميلة ح يث في ها ترف يه عن الن فس‬
‫بالخروج مين البييت‪ ،‬كميا أن تكاليفهيا ل تتعدى مئات الريالت‬
‫شهريا ‪ ..‬وهيي وسييلة مريحية ورخيصية‪ ،‬وإن كانيت نتائجهيا‬
‫بمفردها بطيئة بعض الشئ‪!!..‬‬

‫‪-2‬اتباع نظام غذائي مع ين بح يث ل ي تم أ كل كث ير من أنواع المواد‬


‫الغذائية كالسكريات والنشويات ‪ ..‬إلخ‪ .‬وهذه الخطوة أساسية وإن‬
‫كانت شاقة فل بد منها‪ ،‬وعليها أن تتحمل ي في بادئ المر ي‬
‫صداع الرأس والعياء الناجم عن ذلك ‪! ..‬‬

‫وأشارت عليهيا إحداهين بالسيتفراغ يي أكرمكيم ال يي إن هيي لم تتحميل تجنيب‬


‫الكثير من المأكولت فبإمكانها أن تأكل ما تريد وبعد النتهاء تستفرغ ما أكلته‪.‬‬

‫‪-3‬تناول بعيض أنواع العشاب وإن كان غالبا طعمهيا مرا وبلعهيا‬
‫صيعبا‪ ،‬فالمرارة الحقيق ية فيي فقدان الرشاقية وصيعوبة الحصيول‬
‫عليها ‪!! ...‬‬
‫‪-4‬شفيط الدهون مين الجسيم لدى أحيد مراكيز العلج الطيبيعي أو‬
‫المستشفيات الخاصة للتخلص منها‪ ،‬وإن كانت العملية مكلفة ماديا‬
‫بعض الشيء إل أن هذا غير مهم فالمهم "الرشاقة"‪!! ..‬‬

‫‪-5‬و ضع بالون في المعدة عن طر يق أ حد الم ستشفيات لتش عر دوما‬


‫بالشبع فل تأكل‪!...‬‬

‫وحذر ها الب عض من هذه العمل ية خوفا من الضرار ال صحية في ح ين شجع ها‬


‫البعض على القيام بها‪ ،‬فرشاقتها لها ضريبة ول بد أن تصبر على دفعها‪!!...‬‬

‫‪-6‬وهذه خطوة جديدة وهي "المضمونة" اربطي فمك (!!!) نعم ‪! ...‬‬
‫اذهبي لحدى العيادات الخاصة وادفعي ما يقارب اللف ر حتى‬
‫يربطوا ف مك‪ ،‬ول ي صبح لك سوى فت حة صغيرة بالكاد تتمكن ين‬
‫خللهيا مين شرب السيوائل فقيط؛ بيل وبالشفاط ‪ !! ..‬عندهيا ل‬
‫تأكليين رغما عين أنفيك وتخفيين خلل فترة زمنيية قصييرة‪ ،‬وإن‬
‫كان مظهرك خلل فترة ربط فمك سيكون شاذا نوعا ما‪ ،‬كما إن‬
‫كلميك سييكون غيير واضيح ‪ ...‬ولكين ل بأس فالصيبر مفتاح‬
‫الفرج‪ ..‬سيتصبرين وتناليين ‪ ..‬وهذا مؤكيد فكثيرات أقدمين على‬
‫هذه الخطوة ونجحن فصرن من معشر الرشيقات‪.‬‬

‫‪-7‬وخطوة أخرى جديدة "خيطيي نصيف معدتيك لتصيبح بحجيم معدة‬


‫الطفل فل تأكلين إل قليلً"‪!!...‬‬

‫هذه هيي جمييع الحلول التيي قدميت للمسيكينة وهذه تعليقاتهين القيمية‪ ،‬ولو دخلت‬
‫المجلس ورأيت حماسهن وانفعالهن حين الحديث لحسبت أن المر أعظم من ذلك‬
‫وأكبر ‪ ..‬وإذا به من أجل الرشاقة‪!!....‬‬

‫أكل هذا بحثا عن "الجمال"؟ فكيف حال من يبحث عن السلمة والعافية من مرض‬
‫ألم به؟ كيف حال من يدفع كل ما يملك ليحصل على طعام يسد جوعه؟ كيف حال‬
‫من يعمل ليل نهار ليشتري علبة حليب لبنه الرضيع؟ كيف حال من يسافر بعيدا‬
‫عن بلده وأهله ليجمع المال ويوفر العلج؟ كيف؟ وكيف ‪!! ...‬‬
‫الفراغ‪ :‬هل هو الذي أوصل النساء لهذه المرحلة؟ أم حب المظاهر والتعلق بالدنيا؟‬
‫أم ماذا؟‬

‫* من المسؤول ‪ ..‬التربية‪ ،‬أم العلم‪ ،‬أم من ؟‬


‫* هل تدارك نا و ضع ن سائنا مع الرشا قة إبان ظهور طرق جديدة للح صول على‬
‫الرشاقة تستولي على جل اهتمامهن وتأخذ حظا وافرا من أوقاتهن ونصيبا كبيرا‬
‫من أموالهن‪)44( .‬‬

‫أخيتي‪ :‬إذا أردت الرشاقة فاتبعي ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬الحفاظ على الو صية النبو ية‪" :‬ثلث لطعا مه‪ ،‬وثلث لشرا به‪ ،‬وثلث‬
‫لنفسه"‪.‬‬
‫‪-2‬القيام بأعمال المنزل والستغناء عن الخادمة ي إن أمكن ي وإل‬
‫فمعاونتها في أعمال البيت وعدم إسناد كل المهام لها‪.‬‬
‫‪-3‬الكثار من صيام النافلة مع الملحظة أن يكون قصدك طاعة ال‬
‫تعالى‪.‬‬
‫أما مراكز العلج الطبيعي ففري منها فرراك من السد‪ ،‬فإنك ستخرجين منها كما‬
‫دخلت‪ ،‬ولن تكون هناك "رشاقة" إل في حق حقيبتك‪.‬‬

‫وأما وضع البالون في جوفك فإني أحذرك أن "يتفرقع" داخلك‪.‬‬

‫وأ ما ر بط ف مك فأرجوك ل تفعلي فن حن بحا جة إلى كلما تك ال صادقة الداع ية إلى‬


‫الخيير‪ ،‬فإنيك إن آثرت رشاقتيك على الدعوة إلى الحيق فقيد تركيت لهيل الباطيل‬
‫فرصتهم وأخرست صوت الحق بنفسك‪.‬‬
‫شر البلية ما يضحك !!‬

‫خلق ال عيز وجيل النسيان فيي أحسين صيوره‪ ،‬وجعله فيي أفضيل هيئة‪ ،‬ودعاه إلى التزيين‬
‫والتجمل فقال‪( :‬يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) (‪ )45‬وقال نبينا صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"إن ال جميل يحب الجمال"(‪.)46‬‬

‫وأباح ي عز وجل ي للنساء في أمور الزينة والتجمل ما لم يبحه للرجال؛ وذلك لكون غريزة‬
‫حب التزين عند النساء أكبر منها عند الرجال‪ ،‬ولهذا أباح لهن الحرير والذهب وحرمهما على‬
‫الرجال‪.‬‬

‫و مع مراعاة ال سلم لهذه الغريزة ع ند المرأة إل أ نه دعا ها لضبط ها بضوا بط شرع ية‪ ،‬فحدد‬
‫لهيا حدودا ينبغيي عدم تجاوزهيا‪ ،‬وحرم أشياء يجيب عدم انتهاكهيا‪ ،‬حرصيا مين الشارع على‬
‫كرامتها وحماية لها من كل ضرر في دينها أوعقلها أو نسلها أو مالها‪ ...‬وعندما تنفلت المرأة‬
‫من هذه القيود والضوا بط الشرع ية فإن ها تتردى في أود ية تلك الغرائز والرغبات ح تى ت صل‬
‫إلى حد السفه والحماقة‪..‬‬

‫ومن أمثلة هذا النفلت ما قرأته عن الفتاة المريكية (كاثي ليوك) حيث استبدلت وجهها بوجه‬
‫آخر ياباني حتى تستطيع أن تتزوج من الشاب الياباني الذي أحبته خلل إقامتها في اليابان‪ ،‬إل‬
‫أن أسيرة الشاب اليابانيي رفضيت أن تزوج ابنهيا إل مين إحدى اليابانيات‪ ..‬وإزاء ذلك وحتيى‬
‫تستطيع (كاثي) أن تتزوج عشيقها ذهبت إلى أحد جراحي التجميل وطلبت منه أن يغير ملمح‬
‫وجه ها ح تى تبدو كاليابانيات‪ ،‬فقام ال طبيب بتعر يض أنف ها وتغي ير ش كل حاجبي ها ح تى ت صبح‬
‫عيونها ضيقة!! وبعد كل هذا رفضت السرة الزواج‪.‬‬

‫أما عن حبيبها فلم يعجبه وجهها "المريك ي ياباني" وتركها وتزوج من فتاة يابانية‪ ،‬وأمام هذه‬
‫الخيبة لجأت كاثي ليوك مرة أخرى لجراحة التجميل لستعادة وجهها المريكي!‬

‫وهكذا يف عل الشيطان بأتبا عه ك ما أخبر نا رب نا عز و جل ع نه و هو يقول‪( :‬ولمرن هم فليغيرن‬


‫خلق ال ومن يتخذ الشيطان وليا من دون ال فقد خسر خسرانا مبينا)‪)47( .‬‬

‫والح مد ل على نع مة ال سلم ال تي أخرج نا ال ب ها من الظلمات إلى النور‪ ،‬و من هذا التخ بط‬
‫الشيطاني إلى الهدى الرباني‪)48( .‬‬
‫مسيار‬

‫استيقظت "هيلة" مفزوعة لن موعد جارتها "أم علي" قد فات منه أكثر من نصف ساعة ‪...‬‬

‫لبست "هيلة" عباءتها‪ ،‬وخرجت نحو "أم علي" ولكنها نسيت شيئا مهما ‪ ..‬فهي خرجت دون أن‬
‫تغسل وجهها وتمشط شعرها‪ ..‬وما علمت المسكينة أن شكلها للجن أقرب منه للنس!!‬

‫ضربت الباب بشدة‪ ،‬فيد للباب والخرى للجرس‪ ..‬وجاءت "أم علي" مذعورة‪ ،‬من الطارق ‪...‬‬
‫من ‪! ...‬‬

‫أم علي ‪ ..‬أم علي افت حي أ نا "هيلة" ع سى ما تأخرت‪ ،‬فت حت "أم علي" ودخلت "هيلة" ب سرعة‬
‫(تفوق سرعة الصوت) إلى مجلس النساء أخذت تصافحهن قائلة "صبحكم ال بالخير" ‪ ..‬والكل‬
‫يرقب شكلها الموحش‪ ،‬والذي ل يعرف "هيلة" ظن أن الوجه اليابس والشعر الشعث "موضة‬
‫برشلونة الجديدة"!‬

‫جلست هيلتنا في أضيق مكان في المجلس! ولم تأبه بتململ من بجوارها‪ ..‬ثم قطعت حيدثهن‬
‫كالعادة قائلة‪ :‬سمعتوا آخر خبر "سوبر" تطلقت وهالحين هي و "أبو إبراهيم" من محكمة إلى‬
‫محكمة ‪ ..‬أنا شفتهم بعيوني ‪ ..‬ال يعينا يالحريم‪" ،‬سوبر" ثالث واحدة تطلق هالشهر بعد "شما"‬
‫و "أم نضال" الفلسطينية ‪ ...‬بس "شما" تستاهل لنها مغرورة وتدلع ‪ ....‬وال ما تحسفت عليها‬
‫‪ ..‬إللي تحسفت عليها "أم سعد" الزينة يتزوج عليها زوجها ‪ ..‬ال يغربله‪..‬‬
‫عنيد ذلك لم تصيبر "فاطمية" – المرأة التقيية يي على هذه الغيبية وكشيف السيرار والرجاف‬
‫فقالت‪:‬‬
‫ح سبك يا هيلة ‪ ..‬ات قي ال ‪ ..‬كذب وافتراء وغي بة ‪ ..‬إلى م تى؟ تدر ين أن " سوبر" ما تطل قت‬
‫ول شيء ‪ ..‬زوجها بيكتب بيت باسمها ولزم تروح معه للمحكمة‪ ،‬وأنت شفتيهم في المحكمة‬
‫وظنيتي ‪ !!...‬و "شما" ما تطلقت‪ ،‬زوجها تزوج واحد ثانية و"شما" هي خاطبتها ‪ ..‬و"أم سعد"‬
‫مب سوطة ومرتا حة‪ ..‬ول أعدل من زوج ها ‪ ..‬ثم يا أخوا تي الفاضلت ‪ ..‬ود نا نغ ير مجال سنا‬
‫من غيبة ونميمة وكذب وتجسس إلى تناصح وتذكير وسوالف تنفع‪...‬‬
‫خجلت "هيلة" وانسلت من بين النساء إلى بيتها ‪ ..‬تتمنى أن تبتلعها الرض‪)49(.‬‬
‫مقامة للمتزوجين فقط‬

‫قالت‪ :‬حدثتني صديقتي هيام بنت هشام عن زوج همام‪ ،‬ليس له مثيل في النام‪ ،‬حدثتني تشكو‬
‫قسوة اليام‪ ،‬مع زوجها البطل؛ إذ حتى في شهر العسل‪ ،‬عرفت طعم البصل !! تصحو لكي‬
‫تنام‪ ،‬على شخيير بانتظام ‪ ..‬ل كلمية لطيفية‪ ،‬ول لمسية حصييفة ‪ ...‬بيل أحادييث عين زوجية‬
‫الجيران ‪ ..‬يقول عنها ‪ :‬هي في المط بخ أروع من فنان يدها تدر ذهبا فهي تخيط في الشهر‬
‫مائة (فستان)‪..‬‬

‫وبعد أن ينام‪ ،‬يسمعها عزفا منفردا من الشخير والكوابيس والحلم ‪ ..‬لن أطيل في الكلم ‪..‬‬
‫فشرحه يطول‪ ،‬وزوجها البطل‪ ،‬يصول أو يجول ‪ ..‬حاله واحد ل يحول ول يزول‪..‬‬

‫وبعيد سينين عديدة ‪ ..‬تعودت هيام‪ ،‬وصيارت تتحميل المصياعب واللم ‪ ..‬تعميل فيي النهار‬
‫موظفة في المطار!! تفتش الجويب وتكشف العيوب ‪ ..‬وفي البيت تعمل مربية قديرة ‪ ..‬لحمد‬
‫ومنيرة ‪ ..‬ول سعود ثم ال صغيرة‪ ..‬أعباؤ ها كثيرة ‪ ..‬وزوج ها المت يم بالنوم ‪ ..‬دائما يل قي علي ها‬
‫اللوم ‪. .‬إن أخطأ الصغير فذنبها كبير‪ ،‬لم تحسن التهذيب‪ ،‬بل تحتاج إلى تأديب ‪ ..‬وإن تأخر‬
‫الطعام فيوم الساعة قد قام‪ ..‬فالجوع كافر ‪ ..‬يجعله يصهل كحصان ولكن بل حافر!!‬

‫وفيي المسياء يريدهيا كالعاشيق الملهوف ‪ ..‬ترتدي الحريير‪ ،‬وتنثير العطور‪ ،‬وتلبيس الشفوف‪،‬‬
‫ومن حلو الكلم تتقن الصنوف‪ ،‬وإن قضت الضرورة تدق بالدفوف!!‬

‫وبسرعة كبيرة يبدأ عزفه المعتاد‪ ..‬في نفس الوقت والميعاد !!! وفي آخر الشهر تذوق ألوان‬
‫القهر ‪ ...‬راتبها كله لجيوبه !! وعليها أن تضحي وتخفي كل عيوبه ‪ ..‬هكذا المرأة الصالحة‬
‫تكون ‪ ،‬يقولها بصوت حنون !! ثم يربت على جيبها وهو ممنون‪.‬‬
‫ويهمس في لحظة غرور مثيرة‪ :‬تستحقين الخير يا أميرة‪ ،‬أنت بزوج عظيم مثلي جديرة! (‪)5‬‬
‫قد ذكرت هذه المرأة عدة أمور‪:‬‬
‫‪-1‬مسألة الشخير وقد وجد الطب لها علجا‪.‬‬
‫‪-2‬العتقاد الخاطيئ عنيد بعيض الرجال أن تربيية البناء مين مسيؤولية الم‪ ،‬ولذلك‬
‫يحملها وزر انحرافهم وسوء أدبهم‪.‬‬
‫‪-3‬يريد ها في الم ساء كالعا شق الملهوف و قد كد ها في النهار كدا‪ ،‬م صادرة للرح مة‬
‫التي وضعها ل بين الزوجين‪( :‬وجعل بينكم مودة ورحمة)‪)51( .‬‬
‫‪-4‬ال ستيلء على الرا تب‪ ،‬والتضي يق على الزو جة من أ جل ال ستحواذ عل يه‪ ،‬وهذا‬
‫ظلم‪ ،‬وأخذ للمال بالباطل‪( :‬ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)‪)52( .‬‬
‫وقال صلى ال عل يه و سلم ‪" :‬إن هذا المال خضرة حلوة‪ ،‬ف من أخذه بح قه بورك له ف يه‪ ،‬و من‬
‫أخذه بإشراف ن فس لم يبارك له ف يه‪ ،‬وكان كالذي يأ كل ول يش بع‪ ،‬وال يد العل يا خ ير من ال يد‬
‫السفلى"‪)53( .‬‬

You might also like