Professional Documents
Culture Documents
مَنْ أَرا َد طباعته لوَجه ال تعَال ل يُريد به عَرضًا مِنْ الدّنيا فقد ُأ ِذنَ لَ ُه وَجزاه
ل الكر َي العَلي العَظِيم الرّؤف الرّحِيم َأنْ يَْنفَع ال عن وعَن الُسلِمي خَيًاَ ،أسْأل ا َ
بِه مَنْ َقرَأه َومَ ْن سَ ِمعَ ُه وَأن يأجر مَن دَل عَليه أو سَعى بهِ إِلَى مَ ْن ينتفِع بِه ،اللهُم
حبِه أجْمعِي صْ
ص ِل عَلى ممّد َوعَلى آلِ ِه وَ ََ
ل تَعَال
َوقْفٌ ِ
إيقاظ أول المم العالية
2
إيقاظ أول المم العالية
واجبب على
ٌ نمده على مبا أفاض علينبا مبن النعام ،ونشكره شُكرُ النعبم
النام.
ونشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له اللك العلم.
ونشهد أن ممدًا عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه السادة العلم.
وبعد؛ فإن قد جعت بعون ال وتوفيقه ف كتاب هذا فوائد ومواعظ ونصائح
و ِحكًمًا وأحكامًا ووصايا وآدابًا وأخلقًا فاضلة من كلم ال جل جلله وتقدّ َستْ
أ ساؤه ،و من كلم ر سول ال ،و من كلم أئ مة ال سلف ،و صال اللف الذي
امتثلوا ف أفعالم وأقوالم ما قاله ال جل جلله ،وما قاله رسوله .
وج عت م ا قاله الكماء والعلماء والعباد والزهاد أنواعًا ج ة ف فنون متل فة
وضروب متفرقة ومعان مؤتلفة ،بذلت ف ذلك جُهدي حسب معْرفت وقُدْرت.
ب ِمثْلِي َغيْرُ خَاَفَيةٍ والنّمْ ُل ُيعْذَرُ فببب القَدْرِ الذي حَ َملَا
لكنّببب قُ ْدرَهبب َ
اللهم مالك اللك تؤت اللك من تشاء وتنع اللك من تشاء ،وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الي إنك على كل شيء قدير.
يا ال يا حي ويا قيوم يا من ل تأخذه سن ٌة ول نوم.
يا بديع السموات والرض.
فالق الب والنوى ذا اللل والكرام.
الواحد الحد الفرد الصمد الذي ل يلد ول يولد ول يكن له كفوًا أحد.
اللك القدوس السلم الؤمن الهيمن العزيز البار التكب الالق البارئ الصور
الول الخر الظاهر الباطن الذي أحاط بكل شيء علمًا.
القوي العزيز الرحن الرحيم الغفور الودود ذا العرش الجيد البدؤ العيد الفعال
لا يُريد.
نسألك أن تعل عملنا خال صًا لوجهك الكري وأن تفتح ل ُدعَاِئنَا باب القبُول
والجَابة.
3
إيقاظ أول المم العالية
وأن تن فع بذا الكتاب من قرأه و من سعه وأن تأ جر من طبع ُه أو أعان على
طبعه.
أو تسبّبَ لطبعه وقفًا لوجهك الكري يُوزع على من ينتفع به من السلمي.
اللهم صل على ممد وعلى آله وصحبه أجعي ...
عبدالعزيز آل ممد السلمان
4
إيقاظ أول المم العالية
فصل ف الكمة
قال ال تبارك وتعال :يُؤْتِي الِكْ َمةَ مَن يَشَاءُ َومَن يُؤْ تَ الِكْ َمةَ َف َقدْ أُوتِ يَ
خَيْرًا كَِثيًا َومَا َيذّكّرُ إِلّ أُ ْولُوا ا َللْبَابِ ،وعن عبدال بن عمر ب رضي ال عنهما
ب قال :قال ر سول ال « :ما َأهْدَى الر ُء ال سلمُ لخيه هديةً أفض َل مِ نْ حك َم ٍة
يزيْدُ هُ بَا هُدَى ويَ ُردُ هُ ب ا عن َردَى» أخر جه البيه قي ف «ش عب اليان» ،وأ بو
نعيم ف «اللية».
وقال –عليه الصلة والسلم« :-أوتي تُ جوامع الكلم وا ْختُ صَرتْ ل الكمةُ
اخْتصارًا».
ُعثتب بوامبع
فب «الصبحيحي» :عبن أبب هريرة ،عبن النبب قال« :ب ُ
الكلم».
و عن ا بن م سعود قال :سعت ر سول ال يقول« :ل ح سد إل ف اثنت ي:
رجل آتاه ال مالً فسلطه على هلكته ف الق ،ورجل آتاه ال ِحكْمةً فهو يقضي
با ويعلمها» رواه البخاري ومسلم.
وقيبل :إن فب التوراة أن ال قال لوسبى –عليبه وعلى نبينبا أفضبل الصبلة
وال سلم« :-عَظّم الك مة فإ ن ل أج عل الك مة ف قلب ع بد إل وأوردت أن
أغ فر له فتعلم ها ،ثُم اع مل ب ا ،ثُم ابذل ا كي تنال بذلك كرام ت ف الدن يا
والخرة».
وخرج أبو يعلى الوصلي من حديث ع مر بن الطاب ،عن النب قال:
ِعب الكلم وخواتهب واختصبر ل الكلم اختصبارًا» ،وقال : ْتب َجوَام َ
«إنب أوتي ُ
«أعطيت جوامع الكلم واختصر ل الديث اختصارًا».
وقال لقمان :إن القلب ليح يا بالكل مة من الك مة ك ما ت يا الر ضُ بوا بل
الطر.
وقال أبان بن سليم :كلمة حكمة من أخيك خيٌ لك من مال يعطيك.
5
إيقاظ أول المم العالية
وقال بعبض الكماء :الكمبة صبديقة العقبل ،وميزان العدل ،وعيب البيان،
ورو ضة الرواح ،ومزي ة الموم عن النفوس بإذن ال ،وأ نس ال ستوحش ،وأ من
الائف ،ومتجبر الراببح ،وحبظ الدنيبا والخرة بإذن ال لنب وفقبه ال ،وسبلمة
العاجل والجل لن وفقه ال.
وقال آخبر :الكمبة نور البصبار ،وروضبة الفكار ،ومطيبة اللم ،وكفيبل
النجاح ،وضميب اليب والرشبد ،والداعيبة إل الصبواب ،والسبفي بيب العقبل
والقلوب.
ل تندرس آثارها ول تعفو ربوعها كل ذلك لن وفقه ال تعال.
وروي عن الشعب أنه قال :لو أن رجلً سافر من أقصى الشام إل أقصى اليمن
ليسمع كلمة واحدة ينتفع با فيما يُستقبل من عمره ما رأيت أن سفرهُ قد ضاع.
وقال بعض العلماء :من تفرد بالعلم ل تُوحشه اللوة ،ومن تسلى بالكتب ل
تفته سلوة ،وإن هذه القلوب تلُ كما تل البدان فابتغوا لا طرائف الكمة.
والكمة موقظة للقلوب من سنة الغفلة ،ومنقذة للبصائر من سنة الية وميية
لا بإذن ال من موت الهالة ومستخرجة لا من ضيق الضللة لن وفقه ال تعال،
وال أعلم ،وصلى ال على ممد.
وقال آ خر :يا بُ ن ل تُم كن الناس من نف سك ،فإن أجرأ الناس على ال سباعِ
أكثرُهم لا مُعاينةً.
قال الشاعر:
رأيتببُ حياة الرء تُرخصببُ قدرهببُ فإن مات أغلتهببُ النايببا الطوائحببُ
كمببا يُخلق الثوب الديببد ابتذاله كذا تلقبببُ الرء العيون اللوامعبببُ
7
إيقاظ أول المم العالية
وإن الر جل يلس مع القوم فيتكل ُم بالكلم ي سخطُ ال به فت صيبه ال سخطة
فتعمُ من حولهُ.
ح َكهُ ْم َويْلٌ لَهُ ثُم َويْلٌ لَهُ».
ث الناسَ َفَيكِْذبُ ِلُيضْ ِ
وقال َ « :ويْلٌ لِلّذِي يُحدّ ُ
قلت :وف زمننا هذا قد كثروا جدًا فكُن على حذر منهم ومن يتصلُ بم عافنا
ال وإياك من شرهم ،وال أعلم ،وصلى ال على ممد.
وقال :ا ستشعروا الك مة ،وابتغوا الديا نة ،وعودُوا أنف سكم الوقا َر وال سكينة،
وتلوا بالداب السبنة الميلة ،وتر ّووْا فب أموركبم ،ول تعجلوا ولسبيما فب
مُجازاة الُسيء.
واجعلوا خشيبة ال حشبو جنوبكبم فب الكبم ،واحذروا النّفاق والرياء ول
تُزكوا الونة ول تُخونوا الزكياء.
وقال :إذا جادل كم الخالفُون ل كم ف الد ين بالفضاضَة والغل ظة و سُوء القول
فل تقابلوهُم بثل ذلك ،بل قابلُوهُم بالرف ِق واللي واللطف والدللة والداية.
:ادْ عُ ِإلَى َسبِيلِ َربّ كَ بِاْلحِكْ َمةِ وَالْمَ ْو ِعظَةِ الَ سََنةِ قال ال جل وعل لنبيه
سنُ .
وَجَا ِدلْهُم بِالّتِي ِهيَ أَحْ َ
وقال جل وعل وتقدس :ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ َفإِذَا اّلذِي بَيْنَكَ َوبَيْنَهُ َعدَا َوةٌ
َكأَّنهُ َولِيّ حَمِيمٌ * َومَا يُ َلقّاهَا إِ ّل اّلذِينَ صَبَرُوا َومَا يُ َلقّاهَا إِلّ ذُو َحظّ َعظِيمٍ .
وقال عز من قائل ف صفة أ هل العبود ية الا صةَ :وعِبَا ُد الرّحْمَ ِن اّلذِي نَ
يَمْشُونَ َعلَى الَرْضِ َه ْونًا َوإِذَا خَاطَبَهُمُ الَاهِلُونَ قَالُوا سَلمًا ،وقالَ :وإِذَا مَرّوا
9
إيقاظ أول المم العالية
بِال ّلغْوِ مَرّوا كِرَامًا ،وقال جل وعل وتقدس :وَاّلذِي نَ هُمْ عَ نِ ال ّلغْوِ مُعْرِضُونَ ،
ُمه
ْهه َوقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا َولَك ْ وقال عبز مبن قائلَ :وإِذَا َ
سهِمعُوا ال ّلغْوَ أَعْرَضُوا عَن ُ
أَعْمَالُ ُكمْ سَلمٌ عَلَ ْي ُكمْ لَ نَبَْتغِي الَاهِلِيَ .
بكُوت
ببفيهُ فل تبه ببُ فخيٌ مببن إجاَبتِهببِ السب ُ
إذا نطق ببَ السب
با عييت بُ
بن الواب ومب ت عبن السبفيهِ فظنّب أنب عييت بُ عب
بكَ ّ
س َ
وقال :اتفقوا ،وتابوا ف ال ،وثابروا على العمال الصالة من صيام وصلة
مع الماعة وزكاة وحج ببصائر صافية ونية نقية صالة غي متقسمة ول مشوبة،
وتوادوا على طاعة ال عز وجل والتقوى له ،واسعوا للخي ،وافعلوا له ،واجتهدوا
فيه ،وال أعلم ،وصلى ال على ممد وآله وسلم.
فصل
عباد ال :احرصببوا على تأديتكببم لفرائض ال بالكمال والتمام والشوع
والضوع ،من غي عُجبٍ ول استكبار ،وإيّاكم والتفاخر والتكاثر.
وعليكم بالسكينة والخبات والتواضع لتستثمروا الي من عمالكم ،وتفوزوا
برضاء ربكم.
10
إيقاظ أول المم العالية
وإذا فرط من النسان بادرة إث بأن ارتكب منكرًا فعليه أن يُقلع فورًا ويتوب
توب ًة نصوحًا ول تمله السلم ُة منها على العودة إليها.
فإناب وإن سبترت عل يه ف الدن يا ،فإن أمامبه يومُب الديبن يومُب الجازات على
العمال ،قال ال جبل وعل وتقدس :فَم َن َيعْمَلْ مِ ْثقَالَ َذ ّرةٍ َخيْرًا يَر ُ
َهه * وَم َن
يَعْمَلْ مِ ْثقَالَ َذ ّرةٍ شَرًا يَ َرهُ .
وأوصيكم بالتمسك بكتاب ال وسّنة رسوله .
قال ال جل وعل وتقدس :فَا ْستَمْ ِ
سكْ بِاّلذِي أُوحِ يَ إِلَيْ كَ ِإنّ كَ َعلَى صِرَاطٍ
مّ سَْتقِيمٍ ،وقال « :علي كم ب سنت و سنة اللفاء الراشد ين الهدي ي من بعدي
عضوا عليها بالنواجذ».
وتأدبوا بأداب ما ،أي الكتاب وال سّنة ،واقتدوا بالعلماء العامل ي بعلم هم الذي
جَعلوا الدنيا مطية للخرة.
واحذروا كل الذر من الت سمي بالعلم الذ ين هدف هم الدن يا ف قط ،فضرر هم
ب ل يقب ُل إل طيبًا.
عظيم وترزوا من الآكل البيثة ،فإن ال طي ٌ
واحتشموا الكاسب الدّنيئة ،فإنا سببٌ لعدم قبول الدعاء.
اجعوا بي مبة الديانة والكمة وقفوا نفوسكم على تعلمها.
وإن قدرتب على أن يكون زمان مقامكبم فب هذه الدنيبا مصبروفًا بأسبره إل
العمل بالكتاب والسّنة فافعلوا.
ومت كنتم بذه الصفة سهل عليكم ما يصعب على غيكم ،وكان ما يصل
لكم من شرف الفضيلة أنفع من ذخائر الموال؛ لن عروض الدنيا تفن ول تبقى
وثواب ال يبقى ول يفن.
قال ال جل وعل وتقدس :بَلْ تُؤْثِرُونَ الَيَاةَ ال ّدنْيَا * وَالخِ َرةُ خَيْرٌ َوأَْبقَى ،
ه خَ ْيرٌ ّللَبْرَارِ عباد ال سباووا بيب
وقال جبل وعل وتقدس :وَمَها عِندَ اللّه ِ
ظواهركم وبواطنكم ف الخاطبات بينكم ،ول تكن ألسنتكم مالفة لضمائركم.
11
إيقاظ أول المم العالية
ول تُخالفوا الرأي الصواب ،ومشاورة النُصحاء؛ لتأمنوا من الندامة ،ويسلموا
من اللمة.
ولتكبن أفواهكبم ملوءة بمبد ال ،وذكره ،وشكره ،والثناء عليبه وتقديسبه
وتنيهه عن النقائص والعيوب.
ولي كن ه كم م صروفًا إل طا عة رب كم سبحانه وتعال ،واجتهدوا ف دعائه
بقلوب سليمة ،واعتقادات مستقيمة.
ي ستجب ل كم ،ويبلغ كم آمال كم ،ويف تح ل كم أبواب الر شد ف م ساعيكم
ومتوجهاتكم ،ويعصمكم من أفكار السُوء ،ويفظ أنفسكم من الكاره ،وينجيكم
من فخاخ الثام ،ويردّ عنكم الخاوف ،فما من دابة إل هو آخ ٌذ بناصيتها.
وقال :اكتسببوا الصبدقاء ،وقدموا الختبار لمبن قببل السبتنامة إليهبم ،ول
تعجلوا بالثقبة بمب قببل الختبار ،لئل يلحقكبم الندم والسبف ،وتنالكبم منهبم
الضرة.
بب ببم وتفقّدب أبببل الرجال إذا أردت إخاءهُمببْ وتوس ببّم ّن أمورُهب
بى فبببه اليديببن قريْ َر عَيْببن فاشْدُد بة والتّقب
فإذا ظفرت بَ بذي المانب
صحبة أهل الصلح تورث ف القلب ال صلح ،و صحبة أهل ال شر والف ساد
تورث ف القلب الفساد.
أخوك من عرّفك العيوب ،وصديقك من حذّرك من ال ُذنُوب.
كان ب عض العلماء ل يدع أحدًا يغتاب ف مل سه أحدًا ،يقول :إن ذكر ت ال
أعناكم ،وإن ذكرت الناس تركناكم.
وقال آخر :ل تكن وليًا ل ف العلنية وعدوهُ ف السر.
وقال :كل ما شغلك عن ال عز وجل من أهل ومال وول ٍد فهو عليك شُؤمٍ.
إذا كا نت الخرة بالقلب جاءت الدن يا تزاحُ ها وإذا كا نت الدن يا بالقلب ل
تزاحها الخرة؛ لنا كرية ،فاجعل الخرة ف قلبك.
12
إيقاظ أول المم العالية
ومبن أعطاه ال فضلً فب دنيبا فليحمبد ال ،وليكثبر مبن شكره وذكره ،ول
ب والتعاظمُ.
يفخر ّن به على أخيه ،ول يتداخله الك ُب والعج ُ
وقال :ل تبدر من كم ع ند الغ ضب كلم ُة الف حش ،فإن ا تز يد العار والنق صة،
وتلح ُق بكم العيب والجنة ،وتر عليكم الآث والعُقوبة.
وقال :خي اللوك شرفًا من بدل سُنة السوء ف ملكته بالسّنة الصالة ،وشرهم
من بدّل السّنة الصالة السنة بالسُنة السيئة.
والدليبل على غريزة الود السبماح ُة عنبد العسبرة ومعنب العُسبرة (الضيبق
والشدة).
والدليل على غريزة الورع الصدق عند السخط والبُعد عن الشبهات ومواضع
الريبب والكثار مبن ذكبر ال وحده وشكره والتفتيبش على الآكبل والشارب
واللبس ونوها بدقة.
والدليل على غريزة اللم العفو عند الغضب.
ومن أعظم الناس مُصيبة من ل يكن عقل ول حكمة ،ول له ف الدب رغبة.
ل يب خل بالعلم على م ستحقيه إل جا هل قل يل العلم ،وإن ل ي كن قل يل العلم
فهو دنء المة حسّاد.
ومن جاد بالعلم والكمة فهو أف ضل مّن جاز بالال وأبقى لذكره؛ لن الال
يفن والعلم يبقى ،وال أعلم ،وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه وسلم.
13
إيقاظ أول المم العالية
إذا وليبت أمرًا فأبعبد عنبك الشرار والفسبقة والجرميب ،فإن جيبع عُيوبمب
ب إليك رضيت أم سخطت. تُنس ُ
عبن الرء ل تسبأل وسبل عبن قرينبه فكبببل قريبببن بالقارن يقتدي
آخر:
ّمب
صبدْ ُر ال َقنَاة مبن الد ِ
َتب َ
فإنّب َقرِين بَ الس بُوءِ يُ ْردِي وشَاهِدِي كمبا شَرق ْ
أمر الدنيا أقصر من أن تتعادى فيه النفوس ،وأن تتفانا وأن تطاع فيه الضغائن
والحقاد.
وقال :ل ي ستطيع أ حد أن ي د ال ي والك مة إل أن تُخلص نف سه ف العاد،
ول خلص له إل أن تكون له ثلثة أشياء :وزير ،وول ،وصديق.
فوزيره عقله ،ووليه عفته ،وصديقه عمله الصال.
الود أن تود بالك ،وت صون نف سك عن مال غيك ،وأق صى غا ية الود أن
تود بنفسك ف سبيل ال.
لوْ ُد بالنّفْسببِ أَقْصببَى غَاَيةِ الَودِ
ب ظَنّب البخي ُل باب وا ُ
ب إن ْ
جوْ ُد بالّنفْس ِ
يَ ُ
14
إيقاظ أول المم العالية
قا بل غض بك بل مك ،وجهلك بعل مك ،ون سيانك بذكرك ،وتزود من ال ي
وأنت مقبل خي من أن تتزود وأنت مدبر.
الع جب م ن يت مي من الآ كل الرديئة ول يترك الذنوب ما فة رب العال ي،
ويستحي من اللق ول يستحق من ل تفى عليه خائفة ،قال تعال :يَ سَْت ْ
خفُونَ
خفُونَ مِنَ ال ّلهِ وَهُوَ َمعَ ُهمْ .
مِ َن النّاسِ َولَ يَسَْت ْ
ف منه السُقوط ف حُفرة ،والهل ياف العمى خيٌ من الهل؛ لن العمى يا ُ
منه الوقوع ف اللك.
ينبغي للرئيس أن يبتدي بتقوي نفسه قبل أن يبتدي بتقوي رعاياه.
وإل كان بنلة من رام استقامة ظل معوجّ قبل تقوي عوده الذي هو ظل له.
ب عنببه فأنْتببَ َحكَيُبم ك فاْنهَهَبا عببن َغيّهَبا فإذا إْنَتهَتبْإبْ َدأُ ِبَنفْسببِ َ
ب الّتعْليمببُ
ب ُيقْبلُ مبببا تقُو ُل وُيقْتَدَى بالرّأي مِنْببك وَيْنفَعب ُ
فهناكبب َ
استدامةُ الصحة تكون بإذن ال بترك التكا سُل عن التّعب ،وبترك المتلء من
الطعام والشراب وترتيب الآكل.
ض منه السهر.
للقلب آفتان المّ والغم ،فالغ ُم يعرض منه النوم ،والم يعر ُ
العلم كثي والعمر قصي فخذ من العلم أحسنه وما بلغك قليله إل كثيه.
بببببببَنةْ مببا حوى العلم مببن اللق أحببد ل ولو حاوله ألف سب
بنَهُ
إنّمببببا العِلْمببببُ َكبَحْرٍ زاخرٍ فاتّخذْ مِبببن ُكلْ شيءٍ أَحْسبب َ
عجبًا لن عرف الدُنيا وأنا دار فناء كيف تلهيه عن دار البقاء الت فيها ما ل
عي رأت ول أذن سعت ول خطر على قلب بشر.
إعطاء الريض ما يشتهيه أنفع له من أخذه كل ما ل يشتهيه.
الدن يا تن صح تارك ها وت غش طالب ها ،فن صيحتها لتارك ها ما تُر يه من تغي ها
بأهلها وفتكها بم ونكدها وكدرها وغمومها وهومها ،وغشها لطالبها ما تذيبقه
من لذة ساعتها ث تعقبُهُ مرارة طعمها وسُوء مُنقلبها.
15
إيقاظ أول المم العالية
طالب الدنيا كناظر السراب يسبه سببًا لريه فيتعب نفسه ف طلبه ،فإذا جاءه
خانه ظنه وفاته أمله وبقي عطشه ودامت حسرته وندامتُهُ وخسر طُول عنائه.
وقال آخر :النسان ف الدنيا مُعذّ بٌ بميع أحوالا غي باق عليه ما يصيُ إليه
من أسبابا.
قل يل التهنئة ب ا يده من ملذ ها دائم الن كد والك بد والغُ صص بفار قة أحبا به
فيها.
يبا هذا الدنيبا وراءك والخرة أمامبك والطلب لاب وراءك هزيةٌ ،إناب يعجبب
بالدنيا من ل فهم له الدنيا كأضغاث أحلم تس ّر النائم.
لُعب خيال يسبها الطفل حقيقةً ،فأما العاقل فيفهمها.
ب الَقْي َقةِ رَاقِبي
ب هُبو فب علْم ِ َرَأيْتببببببُ َخيَاَ الظِلِ أ ْكبَ َر عْبَرةٍ لن ْ
حرّكببُ بَاقببِ با وَتفْنبب والُ َ
بي جَمْيعًب ب تَ ُم ّر وتَْنقَضب ب وأشْبَاحبٌ
شُخُوصبٌ
كل شيء إذا كثر رخص إل العلم والعقل كلما كثر أحدها إل ،وال أعلم،
وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
أ شد المور تأييدًا للع قل أرب عة :ا ستخارة ال ،ث مشاورةُ العلماء الخل صي،
وتربة المور ،وحُسن التثبت والتوكل على ال.
16
إيقاظ أول المم العالية
و أشدها ضررًا على العقل الستبدادُ بالرأي ،والتهاون والعجلة.
قال ب عض العلماء :إذا ظ فر إبل يس من ا بن آدم بثلث ل يطل به بغي هن :إذا
أعجب بنفسه ،واستكثر عمله ،ونسي ذنوبه.
ثلثةٌ من أقل الشياء ول يزددن إل قلة :درهم حلل تنفقُه ف حلل ،وأخ ف
س به وتسك ُن إليه ،وأمي تطمئن إليه وتستريح إل الثقة به.ال تأن ُ
إذا عاد يت أمرًا فل تعادي ج يع أهله ،بل صادق بعض هم ،لي كن سلحًا لك
عليه ،ويكف أذيته عنك.
قيل لبعضهم :من الذي يسلم غالبًا من الناس ،قال :من ل يظهر منه لم خيٌ
ول شبر؛ لنبه إذا ظهبر منبه لمب خ ٌي عاداه شرارهبم ،وإن ظهبر منبه شبر عاداهُب
خيارهم.
احرص على مالسة العُلماء الستقيمي ،فإنّ العقول تلقُح العُقول ،واحذر من
علماء الدنيا كل الذر فهو الذئاب الضارية.
ل تفن عمرك ف البطالة ول بالكد فيما ل منفعة لك به.
ولكنه أفنه ف الباقيات الصالات لتفوز برضا ال.
قال أ حد اللوك ل حد الكماء :من ترى نُولّي القضاء؟ قال له :من ل يهُزّ هُ
الدحُ ،ول يحكُه الغراء ،ول تضجرهُ فدامة الغب ،ول يغره فهمُ الذكي.
وقال آ خر :إن ال سعاة أخب ثُ من الل صوص؛ لن الل صوص ي سلبون الموال
وهؤلء يسلبون الودّات ،قلتُ :ويوقعون ف الهالكِ والضرارِ.
ّمب بالك قببل أن يتنعّمب ببه غيُرك واحرص على بذله فيمبا يقرببك إل ال تنع ْ
والدار الخرة كبناء مسباجد وببث كُتْب دينيةٍ تعيب على فهبم الكتاب والسبّنة،
واحذر أن يكون عونًا على معاصي ال.
من نزلت به مصيبة فأراد تفيفها وتحيقها فليتصور أكثر ما هي وأعظم تن
عليه وليجو ثوابا يرى الربح ف القتصار عليها.
وليتصور سرعة زوالا فإنه لول كرب الشدة ما رُجيت ساعة الراحة.
17
إيقاظ أول المم العالية
وليعلم أن مدة مقام ها كمدة مقام الضيف فليتفقد حوائ جه ف كل ل ظة فيا
سرعة انقضاء مقامه.
قال عمر بن الطاب :الفواقرُ ف ثلث :جارُ سوء ف دار مقام إن رأى حسنة
سترها وإن رأى سيئة أذاعها ،وامرأة سوء إن دخلت لسنتْكَ (أي سليطةُ اللسان)
وإن غبْتَ ل تأمنها ،وسُلطانُ جائر إنْ أحسنت ل يمدك وإن أسأت قتلك.
قال السن :لول ثلث ما وضع ابنُ آدم رأسه :الرض ،والفقر ،والوت.
كدر العيش ف ثلث :الار السوء ،والولد العاق ،والرأة السيئة اللق.
ث الضغائن والعداوات ويزرع الحقاد ويُكم ُن الشر وينع الب حب الدنيا يُور ُ
ويسبب العقوق وقطيعة الرحم والظلم.
طالب الدنيا قصيُ العُمر كثي الفكر فيما يض ُر ول ينفع.
طالب الدنيا كراكب البحر إن سلم ،قيل :ماطر وإن عطب قيل مغرور.
شعرًا:
ببٍ فبب الالكيَب عَ ِريْقببُ ب هَالِكبٍ و ُذوْ نَسبَ ب هالِكبٌ وابن ُ أل كْلُ حَي ٍ
حيْق
بِ بببب َ َفقُلْ ِلغَريْببببِ الدا ِر إنّكبببَ رَاحِلٌ إل مَنْ ِز ٍل نَائي الَحَلّ سب
وَمَبا َتعْدِمببُ الدُنيببا ال ّدِنيّ ُة أهْلَهَبا شِواظ بَ َح ِريْق بٍ أو دُخَان بَ َحرِيْبق
با هَالِكًبا َفقْ َد هالِك بٍ وتشجببى فريقًببا ِمْنهُمُوا بفَريْببق ب فيهب تُجَرّع ُ
ب َكْنَتهَا َقرَارًا فَمَببا ُدْنيَاكببَ َغيْ ُر طَرِيْببق ببِ الدُنيَبا إذَا مبا س َ فل تَحْس َ
ب له عببن عَ ُدوٍ فبب ثِيَابببِ صببَ ِديْق شفَت ْ ب َتكَ ّ
ب الدنيبا لَبيْب ٌ
إذا ا ْمتَحَن َ
ضيْقببببِ عَليْكبببَ بدا ٍر ل يَزَا ُل ظِللُهبببا ول َيتَأذّى أهْلُهَبببا بِ َم ِ
بّادِي ص بَداهُ برِيْبق ب الصب ب ِببُ ْل َغةٍ ول َيْنفَعبُ
فَمَبا َيبْلُغببُ الرّاضِبي رِضاهبُ
من خاف من شيء عمل ما يُؤ ّمنُه ،فمن خاف من الوت فليعمل ما يرجُو به
السلمة وبابُ التوبة مفتوحٌ ،وأبوابُ الي مفتوحة ،وقد حث ال ورسوله عليها.
العاقل يعرف بكثرة صمته ،والاهلُ يُعرفُ بكثرة كلمه.
الكلم ملوك للنسان ما ل ينطق به صاحبه ،فإذا نطق به خرج عن ملكه له.
18
إيقاظ أول المم العالية
حُسن اللق يغطي غيه من القبائح ،وسوء اللق يغطي غيه من الحاسن.
من ح سُن خلقه طابت عيشته ودام تْ سلمته ف الغالب وتأكدت ف النفوس
مبتهُ ،ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوسُ منه.
َ :ولَوْ كُن تَ َفظًا َغلِي ظَ القَ ْل بِ لنفَضّوا مِ نْ قال ال جل وعل وتقدس لنبيه
حَ ْوِلكَ .
حُ سْنُ اللُق يُؤدي غالبًا إل السلمة ويؤم نُ من الندامة ويُسببُ اللفة ويبعث
على الفعل الميل ،ويؤم نُ من الفرقة بإذن ال تعال ،ومن ساء خُُلقُه اجتمع عليه
نكد الدنيا والخرة.
شعرًا:
ب ُن الُلق أبىبب وأكملُ با كمالً فحُسب ْ بت الفعال يومًبا لهلهب لن كانب
ب ُج ْهدِ الَرْء فب الكَسببِ أجْمَلُ
ب كانَتببِ الرزاق رزقا ُمقَدّرا فقلت ُوإنب ْ
من ألْ َم نف سه حُبّ الدُن يا امْتل قلبُه من ثل ثَ خِللَ :ف قر ل يُدْرِ كُ غناه،
وأمل ل يبل ُغ ُمْنَتهَاه ،و ُشغْ ٌل ل يُدْ ِركُ َفنَاه.
م ا ينب غي ويُ ستحس ُن عِما َرةُ الذِ هن بالك مة ،وجل ُء الع قل بالدب ،وقم عُ
الغضب باللم ،وقم ُع الكِب والعُجْب بالتواضع.
ع الِرص بالقنا ِعةِ
سكُون ،وردْ ُوق مع الشهوة بال ُزهْ ِد والعفةِ ،وتذليلُ الرَ حِ بال ُ
س والبَ َدنِ.
سبُ رَاحَة النف ِ يُكْ ِ
ب مِلكًبا لو ل يَكنببْ لكببَ الراحةَ البَدَنببِ هبي القناعةُ فاْل َزمْهبا تكن ْ
آخر:
بوَاء
إذا ُكنْتببَ فبب الدنيببا َقنُوعببٍ فَأنْتببَ ومالكببُ الدنيببا سب َ
آخر:
ب أن تسبببْألَا َقذَ ُر الياةِ أق ّل مِنبب ْ ب عبن السبُؤالِ فإنّمبا ب يَ َديْك َ
أكْرم ْ
ب مُشتملً باببب ُمتَز ّملً وأبيْتبب ُ ولقَدْ أضُمّبب إلّبب َفضْلَ قَناعَتبب
تَصببِفُ الغِنبب فتخَالُنبب مُتمّولً ص ِة شَا َرةً
وأرى الغُ ُد ّو على الَصبببَا َ
وأمَانيببببا أ ْفَنيُْتهُنّبببب توكلً وإذا الفَتَبى أفْنَبى الّليَالَب حَس بْ َرةً
20
إيقاظ أول المم العالية
وال أعلم ،وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
قال لقمان لبنه :يا بن ،أكثر من ذكر ال عز وجل ،فإنّ ال ذاكرُ من ذكرهُ،
قال جل وعل وتقدس :فَا ْذكُرُونِي أَ ْذكُ ْر ُكمْ .
يا بُن ،لتك نُ ذُنوبُ كَ بي عَيَنيْ كَ ،وعملك خلف ظهرك ،وفرّ من ذنوب كَ إل
ال ،ول تستكثر عملك.
يا بن ،إذا رأيتَ الاطئ فل ُت َعيّ ْرهُ واذْكُرْ ُذنُوبَكَ فإنا تسأل عن عَمَلِك.
يا بُن ،أطعْ ال فإنَ ُه من أطاعَ ال كفا ُه ما أهّهُ وعصَمَ ُه مِن َخ ْلقِهِ.
شغِلْ قَلبَكَ ببها فإنَك ل تلق لا وما خلق ال يا بُنّ ،ل تَرْكَنْ إل الدنيا ول تُ ْ
خلقًا أهون عليه منها؛ لنه ل يعل نعمتها ثوابًا للمطيعي ول يعل بلها عُقُوبةً
للعاصي.
ميّزْتببُ بيبب جالابب وفعالَهببا فإذا اللحةُ بالقباح ِة ل تَفِبببببي
ب ل تفبي ب لَنَبا أن ْ ب ُعهُودَنَبا فكَأنّاب حََلفَت ْ ب لنبا أن ل تون َ حََلفَت ْ
وقال ال جل وعلَ :ومَا أُوتِيتُم مّن َش ْيءٍ فَمَتَاعُ الَيَاةِ ال ّدنْيَا َوزِينَتُهَا َومَا عِندَ
اللّ هِ خَيْرٌ َوأَبْقَى أَ َفلَ َتعْقِلُو نَ ،وقال تعال :بَلْ تُ ْؤثِرُو نَ الَيَاةَ الدّنْيَا * وَالخِ َرةُ
خَيْرٌ َوأَبْقَى ،وقال « :من أ صبح وه ه الخرة ج ع ال عل يه أمره وح فظ عل يه
ضيعته وأتته الدنيا وهي راغمة» الديث.
وحقيقة الزهد خروج حب الدنيا والرغبة فيها من القلب.
وهوان الدن يا على الع بد ح ت يكون إدبار الدن يا وقلة الش يء أ حب إل يه وآ ثر
عنده من إقبالا وكثرتا هذا من حيث الباطن.
وأما من حيث الظاهر فيكون متجافيًا عنها مع القدرة عليها.
ويكون مقت صرًا من سائر أمتعت ها مأكلً وملب سًا وم سكنًا وغ ي ذلك على ما
لبد نه ،قلت :هذا ف عصرنا نادرًا الوجود كالكبيت الحر.
21
إيقاظ أول المم العالية
كما قال « :ليكن بلغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب».
يا بُن ،ل َتفْ َر حْ بطول العافية ،واكتم البلوى فإنه من كنوز الب ،واصب عليها
فإنّهُ ذُ ْخرٌ لك ف العاد.
يا بُنّ ،عليك بالصب واليقي وماهدة نفسك ،واعلم أنّ الصب فيه الشوقُ (أي
الشرف) ،وفيه الشفق ُة والزهادةُ والترَقُب.
فإذا صبت عن مارم ال وزهدت ف الدنيا وتا َونْ تَ بالصائب (أي مصائب
ب إليكَ مِن الوت وأْنتَ تترقبُه. الدنيا) ل يكنْ أح ّ
وإيّاك والغفْلةَ ،خَ فِ ال ول ُتعْلِ مْ بذلك النا سَ ،ول يغُرنّ ك النا سُ ب ا ل تعلم
من نفسك ،ل تغتر بقول الاهل إن ف يَ َدكَ ُلؤْلُؤةً وأنت تعلم أنّها َبعْ َرةٌ.
ب العروف ،كث َي التف كر قلي َل الكلم إل ف يا ب ن ،ك نْ لَيْن الا نب ،قريْ ِ
الق ،كثي البُكاء قليل الفرح.
ت فاسب ُكتْ فب تفكرُ ،وإذا ب َك ّ
ب ول تصبَاخبْ ول تارِ ،و إذا س َ ول تازح ْ
حكَمٍ.
تكلمتَ فتكلم ِب ِ
ك مَا قدّمتَ لِنفْسِكَ ،ومالَ ضيّعْ مالكَ وتصل ْح ما َل غيكَ ،فإن مال َ يا بن ،ل ُت َ
غيكَ ما تر ْكتَ وراء َظهْركَ.
ت ول تعل هّك فيما كُفيت ،ل ْتتَمّ للدُنيا ك في ما كُلفْ َيا ب ن ،ا ْجعَ ْل هَمّ َ
ك عن الخرة. فتشغل َ
وقال :يا بنّ ،إذا أنعم ال عليك نعمة فيَ أث ُرهَا علي كَ ف شُكْر َك وتواضُع كَ
وإحْسَانكَ إل مَن هُو دُونك.
وقال :ل كل ش يء آ فة وآ فة الع مل العُج بُ ،ل تُرائي الناس ب ا يعلم ال م نك
غيهُ.
ول تعجب با تعمل وإن كثر ،فإنّك ل تدري أيقبل ال منك أم ل؟ وال أعلم
وصلى ال على ممد وآله وسلم.
فصل
22
إيقاظ أول المم العالية
يا بُن ،أداءُ صلتك الت فُرضت عليك أفضلُ من كُل ما تعمل.
يا بُ ن :جالس قومًا يذكرون ال ،إن كُ نت عالًا نف عك عل مك ،وإن ك نت
جاهلً عَلّمُوك ،وإن نزلت عليهم رحةٌ أو رزقٌ شركتهمُ فيه.
يا بُ ن ،ل تالس قومًا ل يذكرون ال ،فإن ك نت جاهلً زادوك ،وإن ك نت
عالًا ل ينفعك علمك شيئًا ،وإن نزلت عليهم لعنةٌ أو سخطٌ شركتهم فيها.
وتطبب
ْ وقال :اعتزلوا شرار الناس تصبل ْح لكبم قلوبك ُم وتسبترح أبدانُك ُم
نُفوسُكم.
وقال :اش كر ل ن أن عم عل يك وأن عم على من شكرك ،فإ نه ل بقاء للنع مة إذا
كُفرت ،ول زوال لا إذا شكرت.
وقال :لقاء أهل الي عمارة القلوب.
س كثي ،فاجعل سفينتك وقال :يا بن ،إن الدنيا ب ٌر عمي قٌ وقد غرق فيها نا ٌ
ص عليها ريُكَ، فيها تقوى ال ،والعمال الصالة بضاعتك الت تم ُل فيها ،والر َ
واليام موجُها ،وكتاب ال دليلها ،ور ّد النفس عن الوى حبالا ،والوت ساحلها،
والقيامة أرض التجر الت ترج إليها ،وال مالكُها.
با بالكَ ّد والّتعَبببِك بالدنيبا وزُخرُفهبا وجدّ فبب جعهَب ب َ ب تَمَس ّ
يبا مَن ْ
ب ُكنُهَا دَار القَرا ِر وفيهببا َمعْدِنببُ الطّلَبببِ
هَلّا عَمَرتببَ لِدَا ٍر أنتببَ تسب ْ
ب مِبن نَشَبب ّقب مبا جَ ّمعْت َ
َفعَنببْ قَلِيلٍ تراهَببا وهْيببَ دائرةٌ وقَ ْد تَمز َ
وروي عن ابن عباس ب رضي ال عنهما ب أنه قال :يُؤتى بالدنيا يوم القيامة
شوّ َه ُة اللقبة ل يراهبا أحدٌ إل على صبُورةٍ عجوزٍ شطاء زرقاء ،أنيابُهبا بادي ٌة مُ َ
ف على اللئقِ ،فيُقال َلهُمْ :أتعرفُون هذه؟ ك ِر َههَا ،فتُشْرِ ُ
فيقال لم :هذه الت تفاخرتُم وتاربتُم عليها ،ث يُؤمَ ُر با إل النار ،فتقولُ :يا
ربّ أين أتباعي وأصحاب وأحباب؟ فيلحقوَنهَا.
ووجه إلقائها ف النار لينظر إليها أهلها فيون هوانا على ال ج ّل وعَل.
23
إيقاظ أول المم العالية
ت يومٍ ماشيًا إ ْذ نظر
وذكر ف الب عن عيسى ب عليه السلم ب :أنه كان ذا َ
إل امرأةٍ علي ها من كل زينةٍ فذ هب ليُغ طي وجه هُ عن ها ،فقالت :اك شف عن
ج كثي، وجه كَ فلستُ بامرأة أنا الدنيا ،فقال لا :أل كِ زو جٌ؟ فقالت ل هُ :ل أزوا ٌ
فقال :أكل طّلقَ كِ أم كلً قتل تِ؟ فقالت :بلْ ُكلً قتل تُ ،فقال :حزنت على أحد
منهم؟ فقالت :هم يزنون عليّ ول أحزنُ عليهم ويبكون علي ول أبكي عليهم.
با ل تَ َزوّجببُب أوْلَادَهَب
ب عَ ُروْسبًا وجَ ْدتَهبا بابب َقتَلَتب ْ
َتب ال ُدنْيَ ا
ولو كان ِ
آخر:
ِسوَى ُم ْومِ سٍ أ ْفنَ تْ بِمَا سَاء عُ ْمرَهَا ولو كانَ تِ ال ُدنْيَا من النْ سِ ل تكُ نْ
ورُوي أن رجُلً قدم على ال نب من أرض ،ف سأله عن أرضهم ،فأخبهُ عن
سعتها وكثرة النّع يم في ها ،فقال ر سول ال « :ك يف تفعلون؟» قال :إ نا نت خذ
ألوانًا من الطعام ونأكل ها ،قال ر سول ال « :ث ت صي إل ماذا؟» قال :إل ما
تعلم يا رسول ال ،يعن بولً وغائطًا ،فقال رسول ال « :فكذلك مث ُل الدنيا».
ببا على َنفْسبببهَا لَو كانببَ فبب العَالَم مَبن يَسببْمَع قَ ْد نَادَت ال ُدنْيَب
ب بَددْتببُ مببا يمعببُ ب واثِقببِ بالعُمْببر أفنيتُهببُ وجَامِعب ٍ كَمب ْ
فصل
ث اعلم :أن الدنيا عبارة عن كل ما يشغل عن ال قبل الوت ،فكلما لك فيه
حظ وغرض ونصيب وشهوة ولذة ف عاجل الال قبل الوفاة ،فهي الدنيا.
وليس كل ذلك مذموم ،بل الذموم النهي عن مبته هو كل ما فيه حظ عاجل
ول ثرة له ف الخرة.
24
إيقاظ أول المم العالية
وإذا سعت بذم الدن يا ،فاعلم أ نه ل يس راجعًا إل زَمان ا الذي الل يل والنهار
التعاقبان إل قيام الساعة.
فإن ال سبحانه وتعال جعلهُما خلفة لن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
ول يس الذم راجعًا إل مكان الدن يا و هو الرض ول إل ما أنب ته ال في ها مِن
الشجر والزرع.
ل والعتبارفإن ذلك كله من نعم ال على عباده لا لُم فيه من الناف ِع والصا ِ
والستدللِ بذلك على وحدانيّة ال وقدرته وعظمته وحكمته ورحته بعباده.
قال جل وعلُ :ه َو الّذِي َخلَ قَ لَكُم مّا فِي الَرْ ضِ جَمِيعًا ،وقال تعال:
وَفِي الَ ْرضِ آيَاتٌ لّلْمُوقِنِيَ .
وإناب الذموم أفعال بنب آدم مبن العاصبي الكبائر والصبغائر كالشرك وترك
الصبلة وترك الزكاة أو الصبوم أو الجب وكالكذب على ال أو على رسبله أو
كراهة ما أنزل ال أو قتل نفس بغي حق أو ظلم أو شهادة زور.
واللواط وقذف الح صنات وال سحر والز نا والر با والتول يوم الز حف والرياء
والعقوق وقطيعة الرحم وأكل مال اليتيم والسرقة والغصب والنميمة والغيبة والكب
والسد والعُجْب والمر والدخان.
والل هو وا ستعمال آل ته والجتماع مع الكفار والتارك ي لل صلة ومواكلت هم
واستخدامهم مزارعي أو سائقي أو خدامي خياطي أو فراشي أو نو ذلك.
نسبأل ال اليب القيوم الذي ل تأخذه سبنة ول نوم أن يعصبمنا وإخواننبا
ف معَهم.السلمي منهم وأن يتوفانا ما أضّلنَا سقْ ٌ
وما يدخل ف الدنيا الذمومة ،ما قا َد العبدَ إل العاصي وشوقه إليها وألاه عن
ذكر ال وأغفله عن الخرة.
وذلك كاللعبب بالكورة ،واللوس عنبد التلفاز ،والفيديبو ،والذياع ،وضياع
الوقبت فب الجلت ،والرائد ،واللعبب فب الورق ،والشتغال بظوظ الدنيبا،
والعراض عن ال.
25
إيقاظ أول المم العالية
والتكا سل عن طاع ته والتفا خر والتكا ثر ف الموال والولد ،وإيثار ملذات
الدنيا وشهواتا على الخرة.
ل يسب الدنيا ،فقال له :إنا لدار جاء عن علي بن أب طالب أنه سع رج ً
صِ ْدقِ لِمَنْ صَدَقها ،ودا ُر عافية لن فهم عنها ،ودارُ غن َلمِنْ تزود با.
مسجدُ أحباب ال ،ومهبطُ وحيه ،ومُصلّى ملئكته ومتج ُر أوليائِهِ.
اكتسبُوا فيها الرحة ،وربوا فيها النة ،فمن ذا يذُ ُم الدنيا وقد آذنت بفراقها،
ت ب سُرورها إل أهل ت ببلئها وشوّقَ ْ ونادت بعيبها ،ونعت نفسها وأهلها ،فمثّلَ ْ
السرور.
فذ ّمهَا قو ٌم عند الندامة وم َد َحهَا آخرون ،حدْثتُهم فصدقوا وذكرتم فذكروا.
فيا أيها الغتر بالدنيا الغتر بغرورها ،مت استلمت إليك الدنيا ،بل مت غرتك
أبضاج ِع آبائك تت الثرى ،أمْ بصارع ُأمّهاتِكَ من البلى.
أسبَلفَتْ إليكببَ فأنتببَ الظالُبب التُكَذّب ْبب ْ
ْتب على الدنيبا ول َذن َ َنقِم َ
ب
صببٌ فب َهوَاهَبا ُمعَذّب ُ َنب هُوَ َ
وهَبْهَبببا َفتَاةً هَ ْل عَلَيهبببا ِجنَاَيةٌ بِم ْ
ت بيدك تطلب له الشفاء وتسأل له الطباء فلم تظفُر كم َقّلبْتَ بكفيك ومَرّضْ َ
سعَفْ بط ْلَبتِ كَ قد مَثلَ تْ لك الدنيا بَ صْ َرعِه مَ صْرعَكَ غدًا ول ُيغْن
با َجتِ كَ ول تُ ْ
ك بُكاؤكَ ول ينفعُكَ أ ْحبَابُك. عَن َ
قال اب نُ ر جب ب رح ه ال ب على كل علي بن أ ب طالب َ :فَبيّ َن أم ي
الؤمن ي أن الدن يا ل تُذم مطلقًا وأن ا تم ُد بالن سبة إل من تزود من ها العمال
ط الوحي.الصالة ،وأن فيها مساج ُد النبياء ومهبَ ُ
وهي دا ُر التجارة للمؤمني اكتسبُوا فيها الرحةَ وربُوا با النةَ فهي نعم الدارُ
لِمَ ْن كانت هذه صفتُه.
ع فإن ا تُنادي بواعظ ها وتن صح بعب ها تبدي وأ ما ما ذ كر من أن ا تَغُر وتد ُ
عيوبا با تُرى من أهلها من مصارع اللكى.
26
إيقاظ أول المم العالية
وتقلب الحوال من الصحة إل السقم ،ومن الشبيبة إل الرم ،ومن الغن إل
الفقر ،ومن العز إل الذل؛ ولكن مُحبها قد أعماه وأصمه حبها.
ب إليهببا عَالِمببٌ و َج ُهوْلُ
َنعَمببْ إنابب الدنيببا إل الغَدْرِ َد ْعوَةٌ أجَابب َ
ب عَ ِقيْلُ
ب عَ ْمرُو بنببُ ال ُزَبيْ ِر َش ِقيْقَهببُ و َخلّى أ ِميْ َر الؤ ِمِنيْنببببب َ
َففَارَقبَ
فصل
روي أن عبدالعز يز بن مروان ب رح ه ال ب قال ل ا حضر ته الوفاة :إئتو ن
بكفن الذي أكفن فيه أنظر إليه فلما وضع بي يديه نظر إليه ،فقال :مال من كبي
ما أخل فُ من الدنيا إل هذا ،ث ول ظهره فبكى وهو يقول :أف لك من دار وإن
كان كثيك لقليل وإن كان طويلك لقصي وإن كنَا منك لفي غرور.
ب عَلينببا غ ُي َم ْأمُونببِ فل تَ ُظنَنّببب أمْرًا غَيَ مَ ْظنُونبببِ مَكرُ الذنوببِ
ُونب
ْضب وال ِ ُونب َمكْ ِر البي ِ
با مَكْبر أْنفُسبِنا ذَات النَى د َ ب علينب بَلْ الخَوف ُ
ب
بتُو ٍر و َمكْنُون ٍشفَت بْ مِبن َمكْرهَبا كُ ّل مَس ْ إنّب الليالَب واليام بَ قَدْ كَ َ
بيْ ٍح غَيِ َملْحُونببِ بهَا نواطقًببا َبفَصب ِ وحَ ّدثْتنَببا بأنببا مِببن فَرائِسب ِ
با ومَدْفُون بى مِنَب بن ذاك كلُ لَقَب َضيب ِمنّاب فأنْبأن َا عَب
ت م َن م َ واسبتَشْهَدَ ْ
ْ
ب
ب ّد َم ْزبُون ِ
بدَ عنهبا ص َ بوْءِ إذا مَبا رَامبَ ُم ْرتَضِعبُ أخْلفَهبا ص َ وأُمبُ س ُ
وننببُ فبب ذاك نُصببْفْيهَا َموَ ّدتَنَبا تَبًبا لكُبل سببَفيْهِ الرَأي َمغْبُونببِ
بْمب َم ْفتُون ِ
ل ولكبن عل َ ب َج ْه ً
با بَ ْل ليْس َ
بو إل ال َج ْهلً َقدْ أضَرّر بنَب نَشكُب
ببِ جنُونب حْيحًا له أَفعْا ُل مَ ْ ببَ ِستَ ترَى إل صب أغَوَى الَوىَ كلّ ذي َعقْلً فَلَ ْ
بفَا َه ًة ونبببي ُع ال َفوْقببَ بال ّدوْنببِ شتَري دُنيًببا بآ َخرَة سبَ َحتّىبب مَتَببى نَ ْ
خلِيدَ قارُونببِ با تَ ْ بى َقبْلَنَب َنبْنببب العَاقِ َل والعْدا ُء يُخَلدِنَبببا وقببد أبَب
ُونب
َسبخُوا باب ع ِ ُوسب ول ن ْ نَظَ ُل نَسببببببْتنفقُ العْمَا َر طّيَبةً عنهبا النُف ُ
ب بَعدَ ميتهبببِ إل تأخّ َر َنقْ ٌد بَع َد عُ ُربُونبببببببِ ومبببا تأخّرَ حَيبب ٌ
27
إيقاظ أول المم العالية
وكان العتمبد ببن عباد ملك إشبيليبة يرفُلُ فب زاهبي حُلل اللك ويتقلب فب
أنواع النعيم والشرف ،وبعد أن سلبُه تاشفي مُلكَ هُ وقبض عليه وأسره وسجنه ف
أغمات ،دخلت عليه ف السجن بناتُه بعد مُدة وكان يوم عيد وكُنّ بعد ما انتزع
اللك من أبي هن يغزلن للناس بالجرة ف أغمات ح ت إن إحدا هن غزل تْ ل هل
بيت صاحب الشرطة الذي كان ف خدمة أيبها فيما مضى وهو ف سلطانه فراهُنّ
ف أطما ٍر رثةٍ وحال ٍة سيئةٍ يرثى له فصد عن قلبه ،فأنشد هذه البيات:
ب َمأْسبُورَا فيمبا مَضَبى فب العيَا ِد مَسبْ ُروْرًا فَسبَا َءكَ ال ِعيْدُ فب أغْمات ٍ
بب الطمار جَائعةً َيغْزلْنببَ لِلناس مببا يَ ْمِلكْنببَ قِطْ ِمْيرَا تَرَى َبنَاتِكببَ فب
28
إيقاظ أول المم العالية
وقبل وفاته بأيام أمر أن يُعرض عليه جيع ما يلكه ويقدر عليه وهو جالس ف
النظرة.
ب حتب جواريبهفركبب اليبش بكماله وأحضرت الموال كلهبا وماليكه ُ
وحظاياه.
جعَ َل يبكي ويقول :هذه العساكر ل يدفعون عن مثقال ذرة من أمر رب ول فَ
يزيدون ف عمري لظةً.
ث ندم وتأ سف على ما كان م نه إل اللي فة القت في وأ هل بغداد وح صارهم
وأذيتهم.
ك الوت من فداءً لدتُ ث قال :وهذه الزائن والموال والواهر لو قبلهم مل ُ
بذلك جيعه له.
ملكب الوت منب فداءً
ُ وهذه الظايبا والواري السبان والمالك لو قبلهبم
لدتُ بذلك جيعه له.
ث قال :مَا أَغْنَى عَنّ ي مَالِيَ هْ * َهلَ كَ عَنّ ي ُس ْلطَانَِيهْ ث فَرّق شيئًا من ذلك
الواصل والموال ث توف.
وكُلُنببا لِصببُ ُروْفِ الده ِر نَسببّاءُ ح وإمْسبَاءٌ ببَا ٌ
يأتب على الناسبِ إص ْ
ب أخِسبَاءُ
سةَ أو نَاس ٌ بيْ َ
يَرضَبى الس ِ بستِ يبا دَارَ ُدْنيَانَبا فأفّب لن ْ
بْ خَس ِ
ب خَرْسبَاءُب الناس ُ ب فيمبا يظن ُ وأنْت ِ َاتب لنبا
ف العِض ِ بأصبنَا ِ
ْتب ْ لَق َد نَ ِطق َ
ب بعَيٍب فهبي َشوْسبَاءُ ب نَظرت ِوإن ْ بَيةً
إذا َتعَ ّطفْت بِ َيوْمًبا ُكنْت بِ قَاس ِ
ب عزةٌ فب اللك َقعْسبَاء ب لم ُ
كَانَت ْ أيْنببَ اللُوكببُ وأْبنَاءُ اللوك ومَنببْ
بِ َرغْ ِمهِمبببْ فإذا الّنعْمَاءُ بأسبببَاءُ ب وارْتَلُوابْيًا مِبن اللّذَاتبِ نالوا يَسب
فصل
29
إيقاظ أول المم العالية
قيبل :إن حاتب الصبم قال لولده :إنب أريبد الجب ،فبكوا ،وقالوا :إل مبن
تكِ ْلنَا ،فقالت ابنته :لم اسكتوا ،دعوه فليس هو برزّاق ،هو الرزاق فباتوا جياعًا
وجعلوا يوبون البنت ،فقالت :اللهم ل تُخجلن بينهم ،فم ّر أميُ البلد وطلب ماءً
فناوله أهلُ حاتب كُوزًا جديدًا فيبه ماء بارد فشرب ،وقال :دا ُر مبن هذه؟ فقالوا:
دارُ حا ت ال صَم فرمَى في ها منطقةً من ذ هب ،وقال ل صحابه :من أحب ن ف عل
مثلي ،فر مى من حوله ُكلُ هم مثله فجعلت ب نت حا ت تب كي ،فقالت ل ا أم ها :ما
ق ن ظر إلي نا فا ستغنينا ،أي ف ما ظ نك
يُبك يك و قد و سّعَ ال علي نا ،فقالت :ملُو ٌ
بالالق جل وعل الذي سخر لنا هذا الخلوق فعطفه علينا.
ق يل لبعض العلماء :ك يف تركت ال صبيان؟ فقالَ :ولَْيخْ شَ اّلذِي نَ لَوْ تَ َركُوا
ضعَافًا خَافُوا عَلَ ْيهِ مْ فَلْيَّتقُوا اللّ هَ َولَْيقُولُوا قَوْلً َسدِيدًا تقوى ال
مِ نْ َخ ْلفِهِ مْ ُذ ّريّةً ِ
لنَا ولُم.
قيل :إنه كان عبدال بن البارك يتجر ف البحر ،ويقول :لول خسة ما اترت:
سفيان الثوري ،وسفيان بن عيينة ،والفضيل بن عياض ،وممد بن السماك ،وابن
علية.
وكان يرج فيتجرُ إل خراسان فكلما ربح من شيء أخذ القوت للعيال ونفقة
الج والباقي يصلُ به إخوان ُه المسة.
فقدم سنة ،فقيل له :قد ولّ ابن علية القضاء ،فلم يأته ول يصله بال صّرة الت
كان يصلُه با ف كل سنة.
فبلغ ابن علية أن ابن البارك قد قدم فركب وتنكس على رأسه ،فلم يرفع به
عبدال بن البارك رأسًا ول يكلمه فانصرف.
فل ما كان من ال غد ك تب إل يه رقعةً« :ب سم ال الرح ن الرح يم ،أ سعدك ال
بطاعته وتولك بفظه وحاطك بياطته قد كُنت منتظرًا لبك وصلتك أتبك با،
وجئ تك أ مس فلم تُكلم ن ورأيتُك واجدًا علي فأي ش يء رأ يت م ن ح ت اعتذر
إليك منه».
30
إيقاظ أول المم العالية
فلما وردت الرقعة على ابن البارك دعا بالدواة والقرطاس ث كتب إليه« :بسم
ال الرحن الرحيم» ،وكتب إليه أبياتًا من الشعر:
ب وابببن سببيْرين
«أَيْنببَ ِروَايَاتُكببَ فبب سببَ ْر ِدهَا عببن ابببن َعوْنبٍ
أيْنببَ ِروَايَاتُكببُ فبب سببَرْدها ِلتَرْكببببِ أبواب السببببّلطِي»
قال النب لعبدال بن عباس ب رضي ال عنهما ب« :إن أعلمك كلمات:
اح فظ ال يف ظك ،اح فظ ال تده تا هك ،إذا سألت فا سأل ال ،وإذا ا ستعنت
فاسبتعن بال ،واعلم أن المبة لو اجتمعبت على أن ينفعوك بشيبء ،ل ينفعوك إل
بشيء قد كتبه ال لك ،ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ل يضروك إل بشيء
ت القلمُ ،و َج ّفتِ الصُحُف».
قد كتبه ال عليك ،رُفعَ ِ
قال بعضهم يوصي إخوانه:
إن النبة ل تنال إل بالعمبل ،اخلطوا الرغببة بالرهببة ،ودموا على صبال
العمال ،والقوا ال بقلوب سليمة وأعمال صادقة من خاف أدلْ.
32
إيقاظ أول المم العالية
ب ُة القْدارِ وبِهببا النفُوسببُ فَريْسب َ مَببا دَارُ ُدنْيبببا لِ ْلمُقيمبببِ بدَارِ
لعْمَارِ َنفَسبببَانِ ُم ْرتَشفَانبببِ ل َ با َبيْنببَ ليلٍ عاكفببٍ ونَهارهببِ مَب
واليُسببْرُ لِلنْسببَانِ كَالعْسببَار بيْرهَا طُولُ الياة إذا مَضَببى َكقَصب ِ
ب الكْدَارِ خلّفب ُب ْفوُ فِيببه مُ َ
والصب ّ ب يَعقبببُ بالرا َرةِ حُ ْلوَهببُ والعَيشب ُ
بببن الوْطَارِ ل َفنَائنَبببا وَطَرًا مب وكأنابب َتقْضيببْ ُبِنيّاتببُ الرّدَى
ج ِر والسببْحَارِ ب َبيْنببَ الفَ ْ
كَالنّومب ِ ب وعمْرُهببُ والَرْءُ كَال ّطيْفببِ الُطْيفبِ
شعَارِ بن حَرْبببٍ إل اسببْتِ ْ ونََلوْذُ مِب بب ِل َهوْلِه ِ
ب الُطُوب ُ ب َتضَاءَلَت َ خَطْب ٌ
ب الَبّارِبعْ َي الفاتِكب َبعَونَ سب َ يَسب ْ ب َبنَوا مَشيْدًا وانثنواإنّببب الذينبب َ
ُمتَوَسبببّديْ َن وَسبببَائِدَ الحْجَارِ بَبحُوا س بُلبُوا الّنضَا َرةَ والّنعِيْم بَ فاص ْ
وتوسبببببببّدُوا مَدَرًا بغَيِ دثَارِ ب على أعْدَائِهبببم تَركُوا دِيا َرهُمبب ُ
وغَنّيهمبببُ سبببًاوَى بذي القْتَارِ بم ضعْيفِهب بب َخَلَط بَ الِمَام بُ قَويّهم ُ
ببْ ٍح الُجِدّ السببّارِي بن صب ُ لبُدّ مِب بم جلُنببا عَلىَ آثارِهِب لوْفببُ ُيعْ ِ وا َ
باكَرّ مَببا نَظَمَببا مِببن العْمَارِ وتَعَاقُب ببُ الَلوَيْببن فِينَببا ناثِرٌ
فصل
ل ت ستعي ف حا جة ب ن يبت غي مثل ها فين سى الذي كلف ته أو يتنا ساه ،ويبدؤ
باجته قبلها؛ لنا عنده أهمُ.
ت سعة ل يُفارق هم الز نُ ول الكآ بة :القود ،وال سود ،وجد يد عه ٍد بغناه،
وغنٌ ي شى الف قر ،وفق ي مديون ،وطال بُ رت بة يق صر عن ها قدر هُ ،وجل يس أ هل
العلم وليس منهم ،والسجون ،ومن يطلب بثأر.
من اهتم بالدنيا ضيع نفسه ،ومن اهتم بنفسه زهد ف الدنيا ،طال بُ الدُنيا ل
يلو من الزن ف حال ي :حزن على ما فا ته ك يف ل ينل هُ ،وحُز نٌ على ما نال هُ
33
إيقاظ أول المم العالية
يشى أن يسلبه ،وإن أمن سلبه أيقن بتركه لغيه بعد موته فهو مغموم ومزون ف
جيع أحواله.
ومهما كان النسان آمنًا ف سربه معاف ف بدنه وله قوت يومه وليلته فحزنه
وغمه وكدره بسبب أمر الدنيا علمة على نقصان عقله وجهله وحاقته ،فإن ذلك
ل يلو إما أن يكون تأ ُسفًا على ما مضى أو خوفًا من مُستقبل أو حُزنًا على سبب
حاضر ف الال.
فإن كان على فائت ،فالعاقبل بصبي بأن الزع والزن على مبا فات ل يلم
شعثًا ول يَ ُرمّ ما انتكث.
وما ل حيلة فيه فالغمّ والمّ عليه جهل؛ ولذلك يقول ال جل وعل وتقدس:
لِكَيْل َتأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَ ُكمْ .
وقال الشاعر:
ك الفَاِئتَ الَ َزنُ
ول َيرُ ّد علي َ
وقال الخر:
ج ٍد عليّ فأجز ُ
ع ع مُ ْ
وهل جَ َز ٌ
وإن كان تأسبف على حاضبر ،فإمبا أن يكون حسبدًا لوصبول نعمةً إل مبن
يعرفهُ أو يكون حزنًا للفقر وفقدان الال والاه وأسباب الدنيا.
وسبب هذا الهل بغوائل الدنيا وتقلباتا وسومها وأكدارها.
ولو عرفها حق معرفتها لشكر ال قائمًا وقاعدًا وماشيًا على كونه من الُخفي
ُد ْونَ الثقَلي.
قال رسول ال « :من أصبح منكم آ ِمنًا ف ِس ْربِهُِ ،معَافَى ف جسده ،عنده
ِهب فكأناب حِيزت له الدنيبا بِحَذافِيِهبا» رواه الترمذي ،وقال :حديبث
قوتب يوم ِ
َ
حسن.
ب ِعيْدُ
إذا مبببا كان عندي قُوت يَومبببٍ طَ َرحْتببُ الَمّب عنبب يببا سبَ
بببببببد ول تطبببببببر هوم غدٍ ببال لن غدًا له رزق جديب
34
إيقاظ أول المم العالية
عن ا بن عباس وعمران بن ال صي عن ال نب قال« :اطلع تُ ف النةِ
فرأيت أ ْكثَرَ أهلِها الفُقَراء» الديث متفق عليه.
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول اله « :يد خل ال ُفقَراءُ ال نة ق بل الغنياء
بمسمائة عام» رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح.
قال أح د بن عا صم :أن فع اليق ي ما ع ظم ف عين يك ما به أيق نت ،وأن فع
الوف ما حجزك عن العاصي ،وأطال منك الزن على ما فات ،وألزمك الفكر
ف بقية عُمرك وخاتة أمرك.
وأنفع الصدق أن تقرّ ل عز وجل بعيوب نفسك ،وأنف عُ الياء أن تستحي أن
ب وتأت ما يكره. تسأل ُه ما تُح ُ
وأن فع ال صب ما قواك على خلف هواك ،وأف ضل الهاد مُجاهد تك نف سك
لتردها إل قبول الق.
وأوجبب العداء منبك ماهدة أقربُهبم منبك ُدُنوّا وأخفاهُم عنبك شخصبًا ُ
وأعظمهم لك عداو ٌة وهو إبليس.
قُلتبُ :فمبا ترى ف النبس بالناس؟ قال :إن وجدت عاقلً مأمونًا فأنبس ببه
واهرب من سائرهم كهربك من السباع.
قُلتُ :فما أفضل ما أتقرب به إل ال عز وجل؟ قال :ترك معاصيه الباطنة.
قل تُ :فما بال الباطنة أول من الظاهرة؟ قال :لنّك إذا اجتنبت الباطنة بطلت
الظاهرةُ والباطنةُ.
قل تُ :ف ما أ ضر الطاعات ل؟ قال :ما ن سيت ب ا م ساوئك ،وجعلت ها نُ صب
عينيك إدللً با وأمنًا.
قال :و سعته يقول :ا ستكثر من ال عز و جل لنف سك قل يل الرزق تل صًا إل
الشكر ،و استقلل من نفسك ل ع ّز وجلّ كثي الطاعة إزراءً على النفس وتعرضًا
للعفو.
35
إيقاظ أول المم العالية
واسبتجلب شدة التيقبظ بشدة الوف ،وادفبع عظيبم الرص بإيثار القناعبة،
واقطع أسباب الطمع بصحة اليأس ،وسد سبيل العُجب بعرفة النفس.
واطلب راحبببة البدن بإجام القلب ،وتلص إل إجام القلب بقلة الُلطاء،
وتعرض لرقبة القلب بدوام مالسبة أهبل الذكبر ،وبادر بانتهاز البُغيبة عنبد إمكان
الفرصة ،وأُحذرك «سوف».
وكُ نْ صَا ِرمًا كَاْلوَقْ تِ فَا َلقْ تُ ف عَ سَى وإيّاكببَ َم ْهلً فهببي أخْطَرُ عِلَتبب
ّدتب
ْتب ج ِ إنب ُجد َْسب ْ
سبوْفَ فإن َتجُدْ تَجِ ْد َنفَسبًا فالّنف ُ
ْمب َ
بسبيْف العَز ِوجُ ّذ َ
عن الوزا عي أ نه و عظ ،فقال ف موعظ ته :أي ها الناس ،تقوّوا بذه الن عم ال ت
أصبحتم فيها على الرب من نار ال الوقدة الت تطلع على الفئدة ،فإنكم ف دار
الثواءُ في ها قل يل وأن تم في ها مُؤجلون خلئف من ب عد القرون الذ ين ا ستقبلوا من
الدن يا أنف ها وزهرت ا ،ف هم كانوا أطول من كم أعمارًا وأمدّ أج سامًا وأع ظم آثارًا
فخددوا البال ،وجابوا ال صخور ،ونقبوا ف البلد مُؤيد ين بب طش شديدٍ وأج سام
كالعماد.
اليامب والليال أن طوت مُددهبم وعفبت آثارهبم وأخوت منلمب ُ فمبا لبثبت
س منهم من أحدٍ ول تسمع لم ركزًا. وأنست ذكرهم ،فما ت ُ
كانوا بلهو المل آمني لبيات قوم غافلي أو لصباح قوم نادمي ،ث إنكم قد
علمتم الذي نزل بساحتهم بياتًا من عقوبة ال عز وجل.
فأ صبح كث ي من هم ف ديار هم جاث ي ،وأ صبح الباقون ينظرون ف آثار نق مة
وزوال نعمبة ومسباكن خاويبة فيهبا آيبة للذيبن يافون العذاب الليبم وغيه لنب
يشى.
وأصبحتمُ من بعدهم ف أجل منقو صٍ ودُنيا مقبوضة ف زمان قد ول عفوه
وذهب رخاؤه.
فلم تق منه إل ح ة شر وصبابة كدر ،وأهاو يل عب ،وعقوبات غ ي وإر سال
فت ،وتتابع زلزل ورذالة خلفٍ بم ظهر الفسادُ ف الب والبحر.
36
إيقاظ أول المم العالية
فل تكونوا أشباهًا ل ن خدع هُ الملُ وغرّ بطول ال جل وتبلغ بالما ن ،ن سأل
ال أن يعلنا وإياكم مّن وعى نذرهُ ،وعقل فمهد لنفسه.
ك تب بعض هم إل أخ يُو صيه :أ ما ب عد ،فإ ن أو صيك بتقوى ال ،والع مل ب ا
علمك ال عز وجل ،والراقبة حيث ل يراك أحد إل ال عز وجل ،والستعداد لا
ليس لحد فيه حيلة ،ول تنفع الندامة عند نُزوله.
فاح سر عن رأ سك الغافل ي ،وانت به من رقدة الو تى ،وش ر لل سباق غدًا فإن
الدنيا ميدان السابقي ،ول تغترّ بن أظهر النّسك ،وتشاغل بالوصف ،وترك العمل
بالوصوف.
واعلم يا أخي :أنه لبدّ ل ولك من القام بي يدي ال عز وجل ،ولست آمن
أن ي سألن وإياك عن و ساوس ال صدور ،ولظات العيون ،وإ صغاء ال ساع ،و ما
عسى أن َيعْجز مثلي عن صفته.
واعلم :أ نه م ا وُ صف به منافقوا هذه ال مة أن م خالطوا أ هل الدن يا بأبدان م
وطابقوهم عليها بأهوائهم ،وخضعوا لا طمعوا من نائلهم ،وداهن بعضهم بعضًا
ف القول والف عل ،فأ شر وب طر قول م ،ومرّ خبيث فعل هم ،تركوا با طن الع مل بل
تصحيح فحرمهم ال تعال بذلك الثمن الرّبيح.
واعلم يا أ خي :أ نه ل يزي من الع مل القول ،ول من البذل العدةُ ،ول من
التقوى ول من التوقّي التلوُم.
وقد صرنا ف زمان هذه صفة أهله فمن كان كذلك فقد تعرّض للمقت وصُدّ
عن سواء السبيل ،وفقنا ال ع ّز وجل وإياك لا يب ويرضى ،انتهى .وال أعلم،
وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فوائد ومواعظ
37
إيقاظ أول المم العالية
قال مالك بن دينار :مثلُ قُراء هذا الزمان كمثل رج ٍل نصب فخًا ونصب فيه
بُرة فجاء عُصبفورٌ ،فقال :مبا غيّببك ف التراب؟ قال :التواضبع ،قال :لي شيبء
اننيت؟ قال :من طول العبادة.
قال :فما هذه البُروة النصوبة فيك؟ قال :أعددتُها للصائمي ،فقال :نعم الار
أنت.
فلما كان عند الغرب َدنَا العصفور ليأخذها فخنقه الفخّ.
فقال العصبفور :إن كان العباد ينقون خنقبك فل خيب فب العباد اليوم ،ومرّ
وال البصر بالك بن دينار والوال يرفلُ (أي يرّ ذيل ُه ويتبختر) ،فصاح به مالك:
أقل من مشيتك هذه ،فهمّ خدم الوال بالك ،فقال :دعوه.
ث قال :ما أراك تعرفن ،فقال له مالك :ومن أعرف بك من أما أولك فنطفة
مذرة ،وأما آخرك فجيفة قذرة ث أنت بي ذلك تم ُل البول والعذرة فنكس الوال
رأسه ومشى.
ت بالسر ،قال العشّار عن مالك بن دينار قال :قدمت من سفر ل فلما صر ُ
(الذي يأخذ العشر ضريبة) :ل يرجن أحد من السفينة ول يقومن أحدٌ من مكانه
فأخذت ثوب فوضعته على عُنقي ث وثبت فإذا أنا على الرض.
فقال العشّار :ما أخر جك؟ قل تُ :ل يس م عي ش يء ،قال :اذ هب ،فقل تُ ف
ف تعو يق يوم القيا مة) التعو يق نف سي :هكذا ال مر الخرة (يع ن ما ي صلُ للمخ ِ
يصل لهل الموال كل بسبه.
وقال بعض العلماء :ما يس ُر العاقل أن الدنيا له منذ خلقت إل أن تفن يتنعم
فيها حل ًل ل يسأ ُل عنه يوم القيامة ،وأنه حُجب عن ال عز وجل ساعةً واحدةً،
فكيف بن حُجب أيام الدنيا وأيام الخرة.
من أك ثر ذ كر الوت كفا هُ الي سي ،و من علم أن منط قه من عمله قلّ كلم هُ
(إل بذكر ال وحده وشكره).
38
إيقاظ أول المم العالية
عن الوزاعي ،قال :كان يُقا ُل يأت على الناس زمانٌ أقل شيءٍ ف ذلك الزمان
أخ مؤنسٌ أو درهمٌ من حلل ،أو عملٌ ف سنة.
وقال :كان ال سلفُ إذا صدع الف جر أو قبله بش يء كأنّ على رؤو سهم الطيُ
مُقبلي على أنفسهم لو أن حيمًا (أي صديقًا أو قريبًا) لحدهم غاب عنه حينًا ث
قدم ما التفت إليه.
فل يزالون كذلك ح ت يكون قريبًا من طلوع الش مس ،ث يقوم بعض هم إل
ب عض فيتحلقون ،وأوّل ما يُفيضون ف يه أمرُ معاد هم ،و ما هم صائرون إل يه ،ث
يتحلفون إل الفقه والقرآن.
علمهب بخالطتهبم
ُ مبن توفيبق ال للنسبان أن يكون له إخوان فب ال يزدادُ
وتزداد طاعاته ويزداد حفظًا لوقاته.
به َنقْصببٌ وخُسببْرانُ برّ فإنّ ب أوقاتَب
ب َبيْن بَ إخْوان بٍ يُس َ
مَبن ل َيكُن ْ
ببع ال ْحبَاب َميْدَان
ْسب فيبه تقبى سببَ ّم الياط مب َبب الرض مبا لِلّنف ِ وأ ْطي ُ
ب العْداء نيان ب َ
ببر النان مَعب ْسب فيبه أذَى خضبالرضب م َا لِلّنف ِ
ِ َثب
وأ ْخب ُ
عن عا مر أن ابنًا لشر يح قال لب يه :بي ن وب ي قوم خ صومة فان ظر فإن كان
القُ ل خاصمتهم ،وإن ل يكن ل الق ل أخاصمهم ،فقص قصته عليه.
فقال :انطلق فخاصمهم ،فانطلق فخاصمهم إليه فقضى على ابنه.
فقال له لا رجع إل أهله :وال لو ل أتقدم إليك ل ألك فضحتن.
فقال :وال يا بن لنت أحب إلّ من ملئ الرض مثلهم؛ ولكن ال هو أعزّ
عليّ م نك أخ شى أن أ خبك أن القضاء عل يك فت صالهم فتذ هب بب عض حق هم،
تأمل يا أخي ،هل يوجد مثل العدل والورع؟
ق يل لياس بن معاو ية :ف يك أر بع خ صال :دما مة ،وكثرة كلم ،وإعجاب
بنفسك ،وتعجيل بالقضاء.
قال :الدمامبة فالمبر فيهبا إل غيي ،وأمبا كثرة الكلم فبصبواب أتكلم أم
بطأ؟ قالوا :بصواب ،قال :فالكثار من الصواب أمثل (أي أحسن) ،وأما إعجاب
39
إيقاظ أول المم العالية
بنف سي ،أفيعجبُك مُ ما ترون م ن؟ قالوا :ن عم ،قال :فإن أحقّ أن أع جب بنف سي،
وأما قولكم :فإن أتعجل القضاء ،فكم هذه -وأشار بأصابع يده؟ فقالوا :خسة،
فقال :أعجلتم أل قُ ْلتُم واحدًا واثني وثلثة وأربعة وخسة.
قالوا :ما نعدّ شيئًا قد عرفناه ،قال :وأنا ما أحبس شيئًا قد تبي ل فيه الكم.
عن جعفر بن يي بن خالد البمكي ،قال :ما رأينا ف القُراء أحدًا مثل عيسى
بن يونس أرسلنا إليه فأتانا بالرقة فاعتل قبل أن يرجع ،فقلت :يا أبا عمرو ،قد أمر
لك بعشرة آلف ،فقال :هبي ،فقلت :خسبون ألف ًا ،قال :ل حاجبة ل فيهبا،
فقلت :لِمَ وال لهنئنكها هي وال مائة ألف.
قال :ل وال ل يتحدث أهل العلم أن أكل تُ لل سّنة ثنًا ،أل كان هذا قبل أن
ترسلوا إلّ ،فأما على الديث فل وال ول شرابةَ ماء ول هليلجة.
وقال أبو بكر الرزوي :سعتُ أحد بن حنبل وذكر ورع عيسى بن يونس،
قال :قدم فأُمر له بائة ألف ،أو قال :بال فلم يقبل ،وتدري ابن كم؟ كان عيسى
أراد أنه كان حدث السن.
وقال ممد بن النكدر :حج الرشيد فدخل الكوفة فركب المي والأمون إل
عيسى بن يونس فحدثهما فأمر له الأمون بعشرة آلف درهم.
فأب أن يقبل ها فظن أنه استقلها ،فأ مر له بعشر ين ألفًا ،فقال عي سى :ل وال
ول إهليل جة ول شر بة ماء على حد يث ر سول ال ،ولو ملت ل هذا ال سجد
ذهبًا إل السقف.
طلب الليفة هشام ب ُن عبداللك ذات يوم أحد العلماء ،فلما دخل عليه ،قال:
السلم عليك يا هشام ،ث خلع نعليه وجلس بانبه.
فغضب هشام وهم بقتله ولا تدث معه وجده عالًا كبيًا.
فلمبا انتهبى الديبث عاتببه بقوله له لقبد سبيتن باسبي ول تُكنّنب أو ت ْدعُنب
باللفة ،وخلعت نعليك وجلست بانب فلم فعلت ذلك.
فقال له :ل أدعُك باللفة؛ لن الناس ل ينتخبوك كُلّهم.
40
إيقاظ أول المم العالية
وسيتك ول أكنّك؛ لن ال جل وعل وتقدس نادى النبياء بأ سائهم ،فقال:
يا عيسى ،يا إبراهيم ،يا موسى ،يا نوح ،يا داود.
وكنّى عدوه ،فقال :تَبّتْ َيدَا أَبِي لَ َهبٍ .
وخلعتُ نعلي بانبك وأنا أخلعهما لا أدخُل بيت رب.
وجل ست بان بك؛ ل ن سعتُ أن ر سول ال قال« :مَن سَ ّرهُ أن يُ َمثَلَ له
الرجَالُ قِيامًا َف ْليَتَبوّءْ َم ْقعَ َدهُ من النار».
فكرهت لك النار فأمر له هشام بال فلم يقبله وانصرف.
تأمل يا أخي ،هذا الورع عن أخذ شيء من حطام الدنيا على ما حدثهما به،
وقال :ل يتحدث أهل العلم أن أكلتُ للسّنة ثنًا.
فما ظنك بن يأكل بالكتب الت تتوي على اليات والحاديث باسم تقيق
أو نشر ويتكرها ،نسأل ال العفو والعافية ف الدنيا والخرة ،نعوذ بال من عمى
البصية ،قال ال تعال :أَفَمَن ُزيّنَ َلهُ سُوءُ عَمَ ِلهِ فَرَآهُ حَسَنًا .
قال يوسف بن أسباط :عجب تُ كيف تنا مُ عيٌ مع الخافة أو يغفلُ قلب مع
اليقي بالحاسبة!!
مبن عرف وجوب حبق ال عبز وجبل على عباده ل تسبتحل عيناه أبدًا إل
بإعطاء الجهود من نفسه.
خلق ال تعال القلوب مساكن للذكر ،فصارت مساكن للشهوات.
الشهوات مُفسببدة للقلوب ،وتلف للموال ،وإخلق للوجوه ،ول يحببو
الشهوات من القلوب إل خوف مزعج أو شوق مُقلق.
وقال :الزهدُ ف الرياسة أشد من الزهد ف الدنيا.
وكان يُقال :اعمل عمل رجل ل يُنجيه إل ال ث عمله ،وتوكل توكل رجل
ل يصيبه إل ما كُتب له.
اللهم عرّفن نفسي ول تقطع رجاءك من قلب.
41
إيقاظ أول المم العالية
وقالت زوج ته :كان يقول اشت هي من ر ب ثلث خ صال ،قُل تُ :و ما هُنّ؟
قال :اشتهي أن أموت حي أموت وليس ف ملكي درهم ،ول يكو نُ عليّ دي نٌ،
ول على عظمي لم.
فأعطي ذلك كُله ،ولقد قال ل ف مرضه :أبقي عندك نفقة؟ فقلت :ل ،قال:
فماذا تر ين؟ قل تُ :أخرج هذه الاب ية للب يع ،فقال :يعلم الناس بال نا ويقولون ما
باعُوها إل وث حاجة شديدة .فأخرج إلّ شيئًا كان أهداه إليه بع ضُ إخوانه فباعه
بعشرة دراهم ،وقال :اعز ل منها درهًا لنوطي وأنفقي باقيها ،فمات ،وما بقي
غي درهم.
بَتقِ ُروْنَ ُد ْونَهببُ
ب عِبا ٌد وَحْدَهببُ يَ ْعبُ ُد ْونِهببُ يَ ُر ْو ُموْنَهببُ ل يَسب ْ لِ َربّيب ْ
ب ُدوْنَهُ
ب ُد السبْن الذي َيقْص ُ بتَنَ ُدوْا ببه ُهوَ ا َلقْص َ السبنَ ُد القْوى الذي اس ُْهوَ ّ
بوَى َموْلهُمُوا يَ ْطُلُبوْنَهببُ ب فليسببَ سبِ ب غَيْرَه ُ إذا ا ْعتَمَ َد ا ُلضْطَرُ فب الَطب ِ
ْسبُد ْونَهُ
الناسب مبن يَح ُْسب لمب فب ِ َمب فَلي َ ُوكب بِمُ ْل ِكه ْ
الناسب الل َ
ُ َسب َد
وإنب ح َ
ْ
ج ُد ْونَهببُ لّنهُ ُموْا َحّلوْا بسبببَا َح ٍة مَالِكبببِ فَ َمهْمَببا أرَادُوا ِعنْدَهببُ يَ ِ
ب القُوتببُ الذي يَ ْقتَ ُد ْونَهببُ وتو ِحيْدُهبببُ الوِ ْردُ الذي يَر ُد ْونَهبببُ حّبتُهب ُ
مَ َ
َهب
ُمب َيفْتَ ُد ُون ُ
َاكب القَدْ َر ه ْ
الروحب ذ َ
ِ بلِهِ َقدْرُ َذ ّرةٍ فَببا
ب مبن وَص ْ مَتَبى فَاَتهُم َ
ب ُطوْلَ الَدَى َي ْعبُ ُد ْونَهبُ
بوَاهُمْ َفهُم ِْلهَذا اص بْ َطفَاهُمْ َل ْلعِبَا َدةِ ُدوْن بَ مَن بْ س ِ
بى يَ ْرتَ ُد ْونَهببُ ب الوَرَى َفوَلؤُه ببُ طِر ٌز على ثوبببِ التُقَب ب َ َتوَلّهُ ُموْا ُدوْنب
43
إيقاظ أول المم العالية
فتكدر عليه ما كان فيه من ال َبةِ والنعيم وما لبث بعدها إل أيامًا قلئل حت
تُوف.
َعب
َاهب م ِن زَخَارِف تَخْد ُ
ب ُطوْلُ عُمِره ومبا قبد َحو ُ َفقُلْ لِلّذي قببد غَرّهب ُ
بيْرةٍ تَجِدْ كُلّ مببا فيهببا ودَائِع ت ْرجِعببُ
ب وانْظِبر الدنيبا بعَيِب بَص ِ
أفِق ْ
آخر:
ب عِبْ َرةً وتَتْرُكُهببببببا وَْلهَاءَ َحوْ َل ا َلقَابِرِ
ب الّنفْسب َ
ب بِ ٍر ُتوْرِثب ُ
َموَاعِظب ُ
ب ثَائِرِ
ب ذِكْرَهَبا ُتهَيّجببُ أ ْحزَانًبا مِبن القلببِ ب إمّاب تَسبْأ ِم النّفْس ُمَواعِظ ُ
ب أوّ ُل زائِرِ فَدُونَ كَ يا ذَا ال َفهْ مِ إ نْ ُكنْ تَ ذَا نُهَى َفبَادِ ْر فإنّببب الوتبب َ
روي عن عبدال بن عمرو بن العاص أ نه قال :لن أدمع دمعةً من خشية ال
عز وجل أحب إلّ من أن أتصدق بألف دينار.
ول ا حضرت عا مر بن ق يس الوفاة ب كى ،وقال :إ ن ل أ بك جزعًا من الوت
ول حر صًا على الدن يا؛ ول كن أب كي على عدم قضاء وطري من طا عة ر ب وقيام
الليل ف أيام الشتاء.
وب كى أ حد العباد عند ما احت ضر ،وقال :ما تأ سفي على دار الموم والنكاد
والحزان والطايبا والذنوب ،وإناب تأسبفي على ليلة منتهبا ويوم أفطرتبه وسباعة
غفلت فيها عن ذكر ال.
ولا احتضر مسروق بن الجدع بكى ،فقيل له :ما هذا الزع؟ قال :ما ل ل
أجزع وإن ا هي ساعة ول أدري أ ين ي سلك ب وب ي يدي طريقان ل أدري إل
النة أم إل النار ،وال أعلم ،وصلى ال على ممد وآله وسلم.
فصل
الناس ف القناعة والزهد أقسام ،منهم من عمل لدنياه وآخرته واستع من الدنيا
با رزقه ال ورضي وقع به ،وهذا عيش الؤمن والقناعةُ ممودة ،قال بعضهم:
44
إيقاظ أول المم العالية
ُفب نَائِبًا
سببْلِ الخَاو ِ
َاتب عبن ُ
ب ِعيْشَبة ومَن ب َ يُقولُون ل مَبن أ ْرغَ ُد الناس ِ
ب رَاضِيًبا
ب ال فب الرزق َِفقُلْتببُ ِلَبيْبببٌ عارِفببٌ َقهَ َر الَوى وصبارَ ُبكْم ِ
آخر:
بعَ ِد البَشَرِ
ب إذًا مِبن أس ْ
ْنب لَو جُمع َا عِنْدِي َل ُكنْت ُ ْفب قَلْبب على َشيَْئي ِ
يبا َله َ
ب َيقِيْن ب شَ ّر مَس بْألةٍ وخِ ْد َم ِة العِلم بِ َحتّى ب َينْتَهِبي عُ ُمرِي
ب َعيْش ٍ كَفاف ِ
ع الَياة الدن يا وزخرف ها عرضًا زائلً ولذة الق سم الثا ن من الناس وَ َج َد َمتَا َ
مؤقتة وشاغلً ل هُ عن عبادة ربه والدار الخرة ،فأخذ من الدنيا ما لبُدّ منه وعاش
عيش الكفاف من الكسب اللل.
ل بقوله : وصبرف معظبم أوقاتبه لعبادة رببه طمعًا فب مببة ال ورضاه عم ً
ك الناس» ،وهذا هو الذي «ا ْزهَدْ ف الدُنيا يُحبُكَ ال ،وازهَ ْد فيما عند الناس يُحبُ َ
ف وقته عكس من ذهبت أعمارهم فُرطًا. عَرف كيف يصر ُ
ح با ،وإ نْ ل تأ تِ ل
وأهم الزهد ف الدنيا أ نْ ل تُلقى لا بالً إ نْ َأتَ تْ ل َتفْ َر ْ
تأسف عليها ،وترجها من قلبك وتصرف رغبتك وفرحك إل فضل ال ورحته،
قال تعالُ :قلْ ِبفَضْلِ ال ّلهِ َوبِ َرحْمَِتهِ فَِب َذِلكَ فَلَْيفْ َرحُوا هُوَ خَ ْيرٌ مّمّا َيجْ َمعُونَ .
ب الشبهات خوفًا
وق سمٌ من الناس ورعون ودر جة الورع عال ية ،و هي اجتنا ُ
من الوقوع ف الرام ،والقل ُل من اللل لئل يُشغِ ْل عن العبادة.
والورعُ مل ُك الدين وآفة الدين الطمع.
وأ هم ما ف الز هد والورع ،الز هد ف الرام ،والورع عن الشبهات ،وحُ سنُ
الدب مع ال.
روي عن أب حنيفة أنه له ديْ نٌ على رجل ف بغداد فذهب إليه ومعه بعض
تلميذه ،وذلك ف وسط النهار ،والرُ شديد فطرق الباب على الدائن ،وابتعد عن
الباب لوجود سبقيفة فوق الباب لاب ظ ٌل يقبي مبن حَرّ الشمبس ،فقال له أحبد
45
إيقاظ أول المم العالية
تلميذه :ل ابتعدنا عن السقيفة ووقفنا ف الشمس ،فقال أبو حنيفة :لنا دين على
صاحب السقيفة ،ووقوفنا تت السقيفة هو استفادة من الدين ،وهذه ُشْب َهةُ ربا.
جاءت امرأة إل عمرو ببن قيبس بثوب ،فقالت :يبا أببا عبدال ،اشتبر هذا
الثوب ،واعلم أن غزله ضعيبف وكان إذا جاءه إنسبان يعرضبه عليبه قال :إن
صاحبته أ خبتن أ نه كان ف غزله ض عف ح ت جاء ر جل فاشتراه ،وقال :برأناك
منه.
وبعث أبو حنيفة إل حفص بن عبدالرحن شريكه ف التجارة وأعلمه أن ثوبًا
من البيع فيه عيبًا فبينهُ للمشتري.
ص التاع ون سي أن يُبي الع يب وا ستوف الث من كاملً ،وق يل :إن فباع حف ُ
الثمن كان ثلثي ألفًا أو خسة وثلثي ألفًا ،فبعث أبو حنيفة لشريكه وكلّفه أن
يب حث عن الشتري فلم يهتدي إل الر جل ،ففارق أ بو حني فة شري كه وتتار كا،
ق به كاملً. ورفض أبو حنيفة أن يُضيف الثمن إل ُحرّ ماله وتص ّد َ
وكان عند يونس بن عُبيد حُلل متلفة فيها ما قيمتها أربعمائة وفيها ما قيمتها
مائتان.
فخلّف ا بن أخ يه ف الدُكان فجاء أعرا ب فطلب حُّل ًة بأر بع مائة فعرض عل يه
من الذي قيمتُه مائتان فاشتراها بأربعمائة.
فاسبتقبل ُه يُونبس وهبي على يده فعرفهبا ،فقال له :بكبم اشتريتهبا؟ فقال:
بأربعمائة ،فقال :ل تساوي أكثر من مائتي فارجع حت ت ُر ّدهَا.
فقال :هذه ف لد نا تُ ساوي خ سمائة وأ نا ارتضيتُ ها ،فقال يو نس :ان صرف
معي ،فإن النصح ف الدين خيٌ من الدنيا وما فيها ،ث أتى إل الدكان وردّ عليه
مائت درهم.
وخا صم ا بن أخ يه ف ذلك ووب ه ،وقال :أ ما ا ستحييت أ ما اتق يت ال تر بح
مثل الثمن وتترك النصح للمسلمي.
فقال :ما أخذها إل وهو راضٍ با ،قال :فهل رضيت له با ترضاهُ لنفسك.
46
إيقاظ أول المم العالية
وقيل لجمع التيمي وقد جلب شاته للبيع :كيف شاتك ،قال :ما أرضاها؟
وروي عن ممد بن النكدر أن غلمه باع لعراب ف غيبته ما يُساوي خسةً
ب العراب ويسأل عنه حت وجدهُ. بعشرة ،فلم يزل يطل ُ
فقال له :إن الغُلم قد غلط فباعك ما يُساوي خسةً بعشرة ،فقال :يا هذا قد
رضي تُ ،فقال :وإن رضي تَ ،فإ نا ل نر ضى لك إل ما نرضاه لنف سنا ،ورَدّ عل يه
خسة.
ول در القائل:
بم ب فل تَ ُظنّيبب غَيْرَهببُ أنّب التّورُعببَ عنببد هذا الدّرْهَب وََلقَ ْد عَلِمْتب ُ
ب َتقْوى الُس بْلِمِ
ب بأنّب هُناك َ
فإذا قَ ِدرْتببَ عليببه ثُمّ ب تَرَ ْكتَهببُ فاعْلَم ْ
47
إيقاظ أول المم العالية
إنبه قبد كان قبلكبم قرون ،يمعبن فيُوعون ،ويبنُون فيوثقون ،ويُؤملُون
فيُطيلون.
فأصبح أملهم غرورًا وأصبح جعهم بُورًا ،وأصبحت مساكنهم قبورًا ،أل إن
ل وركابًا ،فمبن يشتري مبي مياث عادٍ عدنب وعُمان خي ً
عادًا ملكبت مبا بيب ٍ
بدرهي.
إذا مَرضْنَببا نَويْنَببا كُلّ صببَالة وإن ُش ْفيْنَببا َف ِمنّابب الزيببغ والزَّللُ
با عَمَلُ بو لَنَب
نرجببو الله إذا خِفنببا ونُسببْخِطُه إذا أمنّابب فمببا َيزْكُب
وكَتب أبو الدرداء إل مسلمة بن ملد النصاري :أما بعد ،فإن العبد إذا عمل
بطاعة ال أحبهُ ال ،فإذا أحبهُ ال حّببَهُ إل خلقِهِ ،وإذا عمل بعصيةِ ال أبغضهُ ال،
فإذا أبغضه ال بغضهُ إل خلقه.
وك تب مرةً إل أخ ل هُ :أ ما ب عد فل ست ف شيءٍ من أ مر الدنيا إل ما قد مت
لنفسك ،فآثرها على الُصلح من ولدك فإنك تقد مُ على من ل يعذُرك وتمع لن
ل يمدك.
وإن ا تم عُ لواحدٍ من اثن ي ،إمّ ا عاملٌ ف يه بطاعةِ ال عز و جل ،في سعد ب ا
شقيت به.
وإما عاملٌ فيه بعصية ال عز وجل ،فيشقى با جعتَ له.
وليس وال واح ٌد منهما أهلٍ أن تُبّد لهُ على ظهرك ،وأن تؤثرهُ على نفسك.
ج ل ن م ضى من هم رح ة ال ،و ثق ل ن ب قي من هم برزق ال عز و جل، أر ُ
والسلم.
ت فاسْمعوا:
وقيل لب الدرداء :مالك ل تشعر؟ قال :قد قُ ْل ُ
بببب ال إل مَببببا أرَادَا يُريْدُ الرءُ أن ببْ يُعْطَببى ُمنَاه ببُ ويَأبب
َيقَولُ الر ُء فائِدتببببببب ومَال وتقوى ال أفضلُ مبببا اسبببَْتفَادا
48
إيقاظ أول المم العالية
وقال :ما من أ حد إل و ف عقله ن قص عن حل مه وعل مه ،وذلك أ نه إذا أتت هُ
الدُنيا بزيادة ف مال ظل فرحًا مسرورًا.
و الل يل والنها ُر دائبَا نِ ف هدم عُ ُمرِ ِه ل يُحزنُه لك ،ظلّ ظللُه ،ما ينف عُ مالٌ
يزيد وعُمُ ٌر ينقص.
وقال :نِعْم صومَعةِ الر ِء ال سلم بيتُه يكُ فُ ل سانه وفر جه وب صرهُ ،و إيا كم
ومالس السواق ،فإنا تُلهي وتلغِي.
بن العاد وذكره وتشاغلُوا بالرص والطماع خَلَت بِ القلوب بُ مب
ف والتلفاز والذياع ح ِ
َالسب مبن ترى وحديثهبم فببب الصبببُ ْ صبَارتْ م ُ
وعن أب الدرداء قال :أخو فُ ما أخا فُ أ ْن يُقال ل يوم القيامة :أعلم تَ أم
جهلتَ.
ت بفرضيتها المرةُ هل ت ل تبقى آية آمرةٌ أو زاجرةٌ إل أخذ ُ فإن قُل تُ :علم ُ
ائتمرت والزاجر هل ازدجرت.
شبَع ودعا ٍء ل يُسْمَع ،رواه أحد.
فأعوذُ بال من عل ٍم ل يَْنفَع وِن ْفسٍ ل تَ ْ
وقال :لو تعلمون ما أنتم راؤون َبعْ َد الوت ،لا أكلتم طعامًا على شهوة ،ول
شربتُم شرابًا على شهوة ،ول دخلتبم بيتًا تسبتظلون ،ولرجتبم إل الصبعدات
تضربون صدوركم ،وتبكون على أنفسكم ،ولوددتُ أن شجرة ُتعْضَد ث تُوكل.
و عن جبي بن نف ي قال :ل ا فُت حت قبص فرق ب ي أهل ها فب كى بعض هم إل
بعض ،فرأيا أبا الدرداء جالسًا وحدهُ يبكي.
فقلت :يا أبا الدرداء ،ما يُبكيك ف يوم أعز ال السلم وأهله؟ قال :ويك يا
جُبي ،ما أهون اللق على ال عز وجل إذا تركوا أمره.
بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لم اللك تركوا أمر ال فرأيتهم كما ترى.
ليَاةِ فإنابب تُلْهببي وتُنْسببِي والُنَببى تَظِْليْلُ ل تَخْ َد َعنْكببَ مُنَببى ا َ
ب والبَقَاءُ َقلِيلُ
بب ٌوتأ ّهبَنببْ ِللْمَوتببِ قَب َل نُزُولِهببِ فالَوتبببُ َحتْمب
49
إيقاظ أول المم العالية
فوائد ونصائح
اجعل مراقبتك لن ل تغيب عن نظره إليك ،واجعل شكرك لن ل تنقطعُ نعمهُ
عنك واجعل خضوعك لن ل ترجُ عن مُلكه.
ْسبكَ إعراضبك عبن ال بأن ترى مبا وقال العمري :إن مبن غفلتبك عبن نف ِ
يُسخطه فتجاوزه ول تأمر ول تنهى خوفًا من ل يلك ضرًا ول نفعًا.
الشكر من أعلى القامات وهو أعلى من الصب والوف والزهد ،وهو مقصود
لنفسه ولذلك ل ينقطع ف النة ،وليس فيها خوف ،ول توبة ول صب ،ول زهد.
والشكر دائم ف النة ،ولذلك قال جل وعل :وَآخِرُ دَعْوَاهُ مْ أَ نِ الَ ْمدُ لِلّ هِ
َربّ العَالَمِيَ ،وقال عن أهل النةَ :وقَالُوا الَ ْمدُ لِلّهِ اّلذِي أَذْهَبَ عَنّا الَزَنَ ِإنّ
َربّنَا َلغَفُورٌ َشكُورٌ .
أما كيفية شكر ال فيتم بأمور ،أولً :أن يمد ال على نعمه بلسانه ويشكره.
ثانيًا :أن يعتقد أن هذه النعمة أو النعم آتيتُه من ال تعال كرمًا منه وإحسانًا.
ثالثًا :أن ل يستع َ
ي با على مَعاصيه ،بل يُطيع ال فيها.
رابعًا :أن يعرف ف ضل ال عل يه وكر مه في ستحي م نه فل يع صه ،وال أعلم،
وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
ب حلوةَ الزُ هد بق صر ال مل ،واق طع أ سباب
قال سهل بن عبدال :ا ستجل ْ
الطمع بصحّة اليأسِ ،وتع ّرضْ لرقة القلب بجالسة أهل الذكر.
واستفت ْح باب الُزن بُطول الفكر ،وتزيّنْ ل بالصدق ف كل الحوال.
وإيّاك والتّ سويف ،فإ نه يُغر قُ الل كى ،وإياك والغفلة فإن في ها سواد القلب،
واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر.
وقال يي ب ُن مُعاذ :عمل كالسراب ،وقل بٌ من التقوى خراب ،و ُذنُوب بِعدد
الرمل والتُراب ،ث تطمع ف الكواعب التراب.
50
إيقاظ أول المم العالية
هيهات أ نت سكرانٌ بغ ي شراب ،ما أكملك لو بادرت أملك ،ما أجلّك لو
بادرت أ َجلَكَ ،وما أقواك لو خالفت هواك.
وقال يي بن معاذ :يا ابن آدم ،طلب تَ الدنيا طلب من لبُد له منها ،وطلب تَ
الخرة طلب من ل حاجة له إليها.
والدُنيا قد كُفيتها وإن ل تطلبها ،والخرة بالطلب منك تنالُها ،فاعقل شأنك.
وقال :مفاو ُز الدنيا تُقطعُ بالقدام ،ومفاوز الخرة تُقطعُ بالقُلُوب.
وقال :يا ابن آدم ،ل يزالُ دينُك مُتمزقًا ما دام قلبُك بُب الدنيا متعلقًا.
بى ول مببا نُرَقّعببُ با َيبْقَب
نرقببع ُدْنيَانَببا بتَمْ ِزيْقببِ ِدْينَنببا فَل دِينُنَب
فَطُوبَببى ِل َعبْدِ آثببر ال و ْحدَهببُ وجاد بدنياه لِمببببا ُيتَوقّعببببُ
الدنيا لذ ُة ساعة ،يتبعُها ُح ْزنٌ طويل ،وهومٌ وغموم وأنكاد ،ومصائب ومتاعب.
والخرة صبٌ قل يل ،و سرور ،ونع يم ،ل نا ية له ل ن ر ضي ال ع نه ،قال ال
تعالَ :فلَ َتعْ َلمُ َنفْسٌ مّا أُ ْخفِيَ لَهُم مّن قُ ّرةِ أَعُْينٍ َجزَاءً بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ .
وعن سهل بن سعد قال :شهد تُ من رسول ال مل سًا وصف فيه النة
س َعتْ ول خطر على
حت انتهى ،ث قال ف آخرته« :فيها مَا ل عيٌ رَأتْ ول أذنٌ ِ
قلب ب شر» ،ث قرأ :تََتجَافَى جُنُوبُهُ مْ عَ نِ الَضَاجِ عِ إل قوله تعالَ :فلَ َتعْلَ مُ
نَ ْفسٌ مّا أُ ْخفِيَ لَهُم مّن ُق ّرةِ أَعْيُنٍ رواه البخاري.
و عن صهيب :أن ر سول ال قال« :إذا د خل أ هل ال نة ال نة يقول ال
تبارك وتعال :تُ ِريْدُو َن َشْيئًا أ ِزيْدُكم؟ فيقولون :أل ُتَبيّض وجُوهَنَا! أل تُ ْدخِلْنا الَنةَ
وتنجي نا من النار ،فيكشَ فُ الجا بَ ،ف ما أعْطُوا َشْيئًا أَحَبّ إلي هم مِن النظرِ إل
َربِهم».
حكم ووصايا
َكب العُيُوببَ ،وصبديقك مبن حذرك مبن الذنوب ،وعلى قدر
أخوك مَن عَرّف َ
خوفك من ال يهابُك اللق.
51
إيقاظ أول المم العالية
وعلى قدر حُبك ل يُحبك اللق ،وعلى قدر شغلك بال يشتغل الل ُق بأمرك.
عجب من يز ُن على نُقصان ماله كيف ل يزنُ على نُقصان عمره.
وقال :أيهبا الريدون ،إن اضطررتب إل طلب الدُنيبا ،فاطلبوهبا ول تُحبوهبا،
واشغلوا با أبدانكم ،وعلقوا بغيها قُلوبكم.
فإنا دار مر ،وليست بدار مقر ،الزاد منها ،والقيلُ ف غيها.
ب عَ ِمُلوْا ِمقْدَارَ مَببا عَِل ُموْا
ب ل بَقَاءَ َلهُمببْ َل ْو أّنهُمب ْ
النّاس قَ ْد عَِل ُموْا أنب ْ
وقال آخر :يا مَن قد بَلَ َغ أرَبعِي َسنَة ،وكُ ُل عُمره نو ٌم وَ ِسَنةْ ،يا ُمْتعِبًا ف جع
سِبهَا مُ ْرَتهََنةْ.
حَنةْ ،إنا بكَ ْ
الال بَ َدنَهْ ،ث ل يَدْرِي لِمَنْ خَ َزنَهْ ،أعْلِ ْم هذه النّ ْفسَ الُ ْمتَ ِ
أل يعتب الغرور بن قد دفنه ،كم رأى من جبارٍ فارق أهله وأولده ومسكنه،
انتِبهُوا يا راحلي بالقامة ،يا هالكي بالسلمة.
أين من أخذ صفو ما أنتمُ ف كدره ،أما وعظكم بسيه ف سيه ،بل قد حل
بريد النذار أخبارهم ،وأراكم تصفح الثار آثارهُم.
لبَرَا
بمَ ِع ا َ ب مبا جَ َمعَتْبه فاس ْ وحَ ّدَثتْكببَ اللّيال أنّبب شي َمتَهَببا َتفْريْق ُ
حتْ وانَ ُظرْ إليهببا ترى اليات والعبببا بَ ب على حَذ ٍر منهبا فقَ ْد نَص َ وكُن ْ
حبال الدنيبا خيال تغ ُر الغرّ ،التمسبك باب يلعبب بلعاب الشمبس وبيبت
العنكبوت ،الدنيا كالرأة الفاجرة ل تثبت مع زوج.
أفنتب باسبَاء عُ ْمرَه َا
ْ ولو كا نت ال ُدنْيَا من ال نس ل ت كن سبوى مُوم ِس
يا مقيمًا ف دائرة الغي ،كم حضرت فيها من مُحتضر ،وكم عاينت فيها من
قب يتفر ،لقد ألنت مواعظها كُلّ صلدٍ وحجر ،اسع يا من إذا عامل خان وظلم.
52
إيقاظ أول المم العالية
يا هذا أما علمت أن اللطف مع الضعيف أكثر لا كانت الدجاجة ل تبو على
الولد أخرج كا سيًا ،ول ا كا نت النملة ضعي فة الب صر أعي نت بقوة ال شم فب ها تدُ
ريح الطعوم من بعيد فتطلب.
ول ا كان التم ساح مُختلف ال سنان كُل ما أ كل ح صل ب ي أ سنانه ما يؤذ يه
فيخر جُ إل شا طئ الب حر فاتًا فاه طالبًا للرا حة فيأ ت طيٌ فين قر ما ب ي أ سنانه
فيكون ذلك رزقًا للطائر وترويًا عن التّمْسَاح.
وهذه الُلد دويبة عمياء من أقوى الخلوقات سع ،قال الشاعر:
ُحسب ببه الُ ْلدُ
ْجب ل ي ّجي ٍضِ
ابنب دَايةٍ وهبم فب َ ُموعب ل يَراه َا ُ
فه ُم فب ج ٍ
قد أْلهِمَ تْ هذه ال ّد َويَْب َة العَ ْميَاء و قت الَا َجةِ ِل ْلقُو تِ أ ْن َتفَ تح فا ها في سقط
الذباب فيه فتتناول منه.
ك ل تنطق ي ،فتقول مع وهذه الطيار تترنّ م طُول النهار فيقال للضفدع :مال ِ
صوت الزار :يُستبشعُ صوت.
فيُقالُ :هذا الل يل ول ا خلق ال جَل وعل الخرس ل يقدر على الكلم سُلبَ
السّمْ َع لئل يسمعُ ما يكره ول يُمكنِهُ الواب فكُلُ أخرس أطرُوش.
و لّا تولع الذام بأظفار أصحابه ص ُعبَ عليهم الكّ ف ُمنِ َع منهم القملُ فليس
ف ثياب الجذوم قملة.
سُبحان من هذا لُط فه وهذه حك مه ،صُ ْنعَ اللّ هِ اّلذِي َأْتقَ نَ كُلّ شَ ْيءٍ ،
اّلذِي أَحْسَنَ كُلّ شَ ْيءٍ َخ َل َقهُ ،و أَ ْعطَى ُكلّ َش ْيءٍ َخ ْلقَهُ ُثمّ َهدَى .
من أدعية الضطرين :يا و ُدوْدُ يا ذا العرش الجيد ،يا ُمبْدئُ يا ُم ِعيْد ،يا َفعَا ٌل
ك الت قدرت با لِمَا تُريْد ،أسألك بنوُرِ وجهك الذي مل أركا نَ عرشك وبقُدْ َرتِ َ
على جيع خلقك.
وبرحتك الت وسعت كل شيء ل إله إل أنت ،يا ُم ِغيْث أغثن.
53
إيقاظ أول المم العالية
قيل لعفر الصادق :مالنا ندعوا فل يستجاب لنا؟ قال :لنكم تدعُون من ل
تعرفونه.
عن سهم بن منجاب قال :غزونا مع العلء بن الضرمي دارين (قرية ف بلد
فارس) فد عا بثلث دعوا تٍ ،فا ستُجيبت له في هن :نزل نا منلً فطلب الاء ليتو ضأ
فلم يده ،فقام فصلى ركعتي ،وقال :اللهم إنا عبيدُك وف سبيلك نُقاتلُ ع ّدوَ كَ،
اللهم أ ْسقِنَا غيثًا نتوضأُ منه ونشر بُ ،فإذا توضأنا ل يكن لحدٍ فيه نصيب غينا،
ف سرنا قليلً ،فإذا ن ن باء ح ي أقلع تْ عنه ال سماء فتوضأنا منه وتزود نا ومل تُ
إدوا ت (إناء صغي من جلد) وتركتُ ها مكان ا ح ت أن ظر هل ا ستُجيب له أم ل؟
ف سرنا قليلً ث قُلْ تُ ل صحاب :ن سيتُ إدوا ت ،فجئ تُ إل ذلك الكان فكأن هُ ل
يُ صيبهُ ماءٌ ق طُ ،ث سرنا ح ت أتي نا دار ين والب حر بين نا وبين هم ،فقال :يا علي مُ يا
حلي مُ يا عل يُ يا عظي مُ إنا عبي ُدكَ وف سبيلك نُقات ُل عَ ُدوّ كَ ،الم فاجعل لنا إليهم
ضنَا ما يَبُْل غُ لبودنا ،فخرجنا إليهم فلما رجع أخذه وج عُ خ ْ
سبيلً ،فتقحّم البحر ف ُ
البطنِ فمات فطلبنا ماء نغسلهُ فلم نده فلففناهُ ف ثيابه ودفناهُ.
فسرنا غي بعيد فإذا ن نُ باء كثي ،فقال بعضُنا لبعضٍ :لو رجعنا فاستخرجناهُ
فغ سّلناه ،فرجعنا فطلبنا هُ فلم ندُه ،فقال رجلٌ من القوم :إن سعته يقول :يا عل يُ
يا عظي مُ يا حلي مُ أ خف علي هم مو ت -أو كل مة نو ها -ول تُطلِع على عور ت
أحدُا ،فرجعنا وتركناه ،وال أعلم ،وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
اعلم وفق نا ال وإياك أن العمال ال صالة تُفيدُ الرا حة ف الدن يا والتن عم ف
الخرة.
وعمارة الدنيا تكسب التعب فيها والشقاء بعد مُفارقتها.
ومن صدق نفس ُه بفنا ِء الدنيا زهد فيها ومن صدّق نفسه ببقاء الخرة رغب
فيها.
54
إيقاظ أول المم العالية
احذر كبل الذر مبن الكذاب ،والُ َمثّلب ،والنّمام ،والُتجسبّس ،والسبّاخر،
والغشاش والا سد ،والعيان ،والت كب ،والُع جب بنف سه ،والت هم باللواط ،والت هم
بالزنا ،فإن هؤلء قُربم وخيم وضررهم عظيم ف الدنيا والخرة.
ينبغي للعاقل أن يغتنم أوقاته ف الدنيا ،إما بسبب يُثمر راحة ف الدنيا أو يُثمر
نعيمًا وحدًا ف الخرة ،وهذا ما يتمناه اللبيبُ العاقل.
ب شَامِلةٌ فالعُم ُر َمعْ ُدوْدُ
ب عَافيةٌ عَلَيكببببب َ ب ل َتغْرُرْكب َ
با ابْنببَ آدَمب َ
أيَب
ب بكُ ِل شيءٍ مِببن الفات َمقْص ببُودُ ب ُخضْ َرتِه ِ
مبا أنبت إل َكزَرْع عِن َ
ب أجْ َمعِهَبا فأنْتببَ عندَ كمالِ الم ِر مَحْصببُودُ بلِ ْمتَ مِبن الفات ِفإن س َ
قال بعضهم :عجبًا لن ل يهتم بؤنة الشتا حت يقوى البد ،ول بؤنة الصيف
ح ت يش تد الرُ ،و من هذه صفته ف أمور الدن يا َفهُوَ فِي الخِ َرةِ أَعْمَى َوأَ َ
ضلّ
سَبِيلً .
هذا الطائر إذا علم أن النثبى قبد حلت أخبذ ينقبل العيدان لبناء العبش قببل
الو ضع أفتراك ما علم تَ قُر بَ رحيلك إل ال قب الظلم الذي ستنفرد ف يه وحدك
ويُسد عليك فيه باللب والطي.
فهلّا عملت لك فراش تقوى ،قال ال جل وعل وتقدسَ :ومَ نْ عَ ِملَ صَاِلحًا
َفلَنفُسِ ِهمْ يَمْ َهدُونَ .
ب
ب العَوائِق ُ
ب باب مَبا ل َت ُعقْك َ
با بس بَاعَتِكَ الت ب ظَفِرْت َ بن الدُنيب
تَ َزوّدْ مب
ب
ب وَاثِق ُ
ب التب ببه أنْت َ ب بعَائدٍ ول يَومُك َ
بي عَ ْليْكب َ
فل َيوْمُكببَ الَاضِب
وهذا اليبوع ل يتخذ بيتًا إل ف موضع طيب مرتفع ليسلم من سيل أو حافر،
ث ل يعله إل ع ند أك مة أو صخرة لئل ي ضل ع نه إذا عاد إل يه ،وليجده ب سرعة
عندما يذر من شيء.
ث يعل له أبوابًا من جهات ،ويرقق بعضها ليسهل عليه الروج ،فإذا أت ن
باب دفع برأسه مأرق وخرج.
55
إيقاظ أول المم العالية
وهذا اليل يأكل اليات فيشتد عطشه فيحومُ حول الاء ول يشربُ لعلمه أن
الاء يُنفذ السموم إل أماكن ل يبلغها الطعام.
ومبن عادتبه أنبه يسبقط قرنُه كُلّ سبنة وهبو سبلحه فيختفبي إل أن يَنبُت
فسبحان من أعطى كل شيء خلقه ث هدى.
وهذه اليبة تتفبي طول الشتاء بالرض فتخرج وقبد عشبى بصبرها فتحكبه
بأصول الرازيانج؛ ل نه يزيل الغشاء ،فسبحانه من حكيم عليم أع طى كل شيء
خلقه ث هدى.
وهذا الفهد إذا سن علم أنه مطلوب وشحمه ينعُه من الرب فهو يستر نفسه
إل أن ينحل جسمه ويزول الشحم ،فسبحانه من إله بصي بكل شيء.
وهذه النملة تدخر ف الصيف للشتاء ،فإذا خافت فساد الب وتعفُنَ هُ أخرجته
إل الوى ،فإذا حذرت أن ينبت نقرت موضع القطمي.
وهو الش قُ ف البة والنواة ،فسبحانه من إله حي قيوم ل تأخذه سنة ول نوم
أحاط بكل شيء علمًا.
وهذه السمكة إذا حبستها الشبكة قفزت بكل قوتا لتقطع الابس وأنت لو
نضت بقوة العزم لنرقت شبكة الوى.
اسعْ يا من ضيق على نفسه الناق بفعل العاصي ،فما أبقى لعُذ ٍر موضعًا ،يا
مقهورًا بغلبة النفس قم عليها بسوط العزم ،فإنا إن علمت منك الدّ والجتهاد
والعزم الصادق استأسرت لك ،فامنعها ملذوذها ليقع الصلحُ على ترك الرام.
ب
ب َح فاّتهِم ِ
ب النُص ْ
ب هُمَبا مَحضَاك َ
ْصبهِمَا وإن ْ
والشيطانب واع ِ
َ ِسب
ِفب الَنف َ
وخَال ِ
بْنتْ لَ َذةً لِلْمَر ِء قاتَِلةً مِن حَيْث ل يَ ْدرِ أنّ ال سم ف الدّ سَمِ
كبببم حَسبب ّ
ث اعلم :أن الدنيا والشيطان خارجيان خارجان عليك خارجان عنك ،فالنفس
عدو مباطن.
56
إيقاظ أول المم العالية
ومن آداب الهاد ما أرشدنا إليه ال ،قال جل وعل وتقدس :يَا أَيّهَا اّلذِي نَ
آمَنُوا قَاتِلُوا اّلذِينَ يَلُونَكُم .
وليس من بارز بالحاربة كَمَ نْ َكمَ َن واختفى ،فما دامت النف سُ حية تسعى،
فهي حية تسعى أقل فعلها تزيقُ العمرِ بكفّ التبذير كالرقاء وجدت صُوفًا.
أخلُ بنف سك ف ب يت الف كر ساعة ،وان ظر هل هي م عك أو عل يك ،نادِهَا
بلسان التذكرة ،وقُل يا نف سُ صابري عطش الجي ،يصل الصوم وتزمي تزُم
الجي فإنا هو يوم.
ب ُتصِبْ عن قَريْب غَايَة الملِ ب فب الكَسبلِ فاْنصَ ْ الَ ّد بالِ ّد والِرمَان ُ
بل با َت َعوّد نقَض بَ القَو َل والعَمب
ّصبفًا ومب
ْمب ُمت ِ
إنّ الفَتب مبن باضِي الَز ِ
ب الَولِ ب مِبن أيّامِه ِ
ب َيعُودَ مبا فَات َ ب َفلَن ْ
ب سبَاعَاتِ ال ّزمَان ِ
ول ُيضَيّع ُ
بن الَلَلِ به مب ول َيعُ ُد ُعيُوبًببببا بالورى أبَدَا بَ ْل َيعْتَن ب بالذي فيب
ول يؤمّلُ آمالً بصبببببُبْ ِح غَدٍ إل عَلى وَجَلٍ مِبببن َوثَْبةِ الجَلِ
ببُلِ بيْرتَهُ لنابب ِللْ َمعَال أوضَببح السب ُ بن التّقوَى بَص َ ول يَص بُ ُد عب
ب مغمُورًا مِبن الُللِ ب كان َ
ِسبهُ عَا ٍر وإن ْ
َهب ماب يُ َدن ُ َصب ْن عِرْض ُ
م َن ل ي ُ
يا هذا دَبرْ دينَ كَ ك ما َدبّرْ تَ ُدْنيَا كَ لو عَِل َق ِبثَوبِ كَ مِ سْمَار رج عت إل وراء
لتخلصه.
هذا مسمارُ الضرار قد تشبث بقلبك ،فلو عدلت إل الندم خطوتي تّلصْتَ.
ب الغَفَْلةِ ،كُلّما ُح ّركَ نَامَ.
صُولكن َهيْهَاتَ َ
كُل يوم تضبر الجلس وتسبمع الوعظبة ،فإذا خرجبت كمبا دخلت ،قال
الشيطان :فديتُ من ل يُفلح.
ويك إبك بكاء من يدري قيمة الفائت من الوقت.
57
إيقاظ أول المم العالية
يا هذا ،اسع كلم الناصح الخلص الذي يريد نفع جيع السلمي ،الدنيا حال ُة
الصائب كدرةُ الشارب تورثُ للبية أنواع البلية مع كل لقمة غُصّة فما أح ُد فيها
إل وهو ف كل غرض لسهُ ٍم ثلثةٍ :سهم نقمة ،وسهم رزية ،وسهم منّيةٍ.
بيْبُهُ
ببب ِ ب َفتُخْطئُه َطوْرًا و َطوْرًا تُصب
ب مِبن كُلّ جَانِب ٍ
ُتنَاضِلُه الوقات ُ
فمن كان معتبًا با يتجدد كل يوم من حلول الوادث بأصحابا.
ومعتببًا باب يتجدد كبل يوم مبن ارتاع النعبم مبن أرباباب وشدة حُزنمب
واغتمامهم بفقدها ل يأسف على فواتا.
با بُِلبَابهببِ بى اْلبَابَنَب أرَىَ الدهرًا َأغْنَى َخ ْطبُ هُ عن خِطَابِ هِ ِبوَعْظببٍ شَفَب
ِهب
ْكب اْنقِلب ِ بوَاديًا إليهبا وَتعْم َى عبن َو ِشي ِ بص َ ب َتهْدِي القُلوُب َ ب ُقلّب ٌ لَه ُ
س غابِ هِ ب وهْوَا خَا ِدرٌ سَطَا فأغَا بَ اللّي ثَ عن أنْ ِ ب إل أنّهبُ هُبو الليثبُ
به مِبن مَرَا َرةِ ص بَابِهِ ِهب لِص بَابِ إليبَسبَلمْ حَل َوةُ َشهْد ِ
َمب ت َْيهاتب ل ْ
َ وه
ببا عَواُقبَهببببُ مَختُو َم ٌة ِب ِعقَابِهببببِ مُبببيْ ٌد َمبَادِيه ببِ َتغُ ّر وإنّمب
ت مُلُو كُ الرَ ضِ تَح تَ رِكَابِ هِ ب قادرًا و سَارَ ْ س الَمالِك َأَمْبم تَرَ مَبن سبَا َ
با لَول خُمُو ُد شهَابِهببِ ّهب عَلى ُش ْهبِهَب
حل ُ ْتب تُ ِ
َهب الدنيبا وكَاد ْ َتب ل ُ
ودَان ْ
ببِ ِه با ْكتِسبَابِهِ
بنُهُ وحُصبُونُهُ غَدَا َة غَدًا عَبن كَس ْ بَل َمتْهُ حِص ْ
لقبد أس ْ
ب عِندَ َذهَابِهببِ ب أغْنَاهب ُ
جتْهببُ عن َد اْنفِضَاضِهببِ ول ذَهبب ٌ ض ٌة أنْ َ
فَل ِف ّ
ب بتُراثِهببِ وأفْرَدَهبببُ أتْرابُهبببُ بتُرابهبببِ سببَل َشخْصببَ ُه وُرّاثُهبُ
58
إيقاظ أول المم العالية
وكان يعودُ إل بيته بالمد والشكر طُول النهار على نعم ال عليه ف تليصه
من البليا.
وينبغبي للنسبان أن ينظبر إل مبن دونبه فب الال والاه ليشكبر ال ويمده،
وينظر ف الدين إل من هو فوقه ليجتهد ويُشمر ليلحقه.
وإبليس لعنه ال إذا استول واستحوذ على النسان نكّس هذا النظر وعكسه.
فإذا ق يل له ل تتعا طى هذا الف عل القب يح ،اعتذر بعذرٍ قبيحٍ ،وذلك بأن يقول:
فلن يتعاطى ما هو أعظم منه.
وإذا قيل له :ل ل تقنع بذا الوجود ،يقول :فلن أغن من ول قنع فلم أصب
على ما ليس يصب عنه.
وهذا عي الضلل والهل.
قال بعضهم :إخوان الدنيا غرّارة ،غدّارة ،خدّاعة ،مكّارة ،تظنها مقيمة وهي
سيارة ،وتظنها مصالة ،وهي قد شنّت على أهلها الغارة ،فانتبه لا:
ب وال َجلُ ب مبا يأم ُل الّتْنغِيْص ُ ب المَلُ و ُدوْن َ يَبا أيّهبا ذا الذي قَبد غَرّه ُ
ّتب ا ْرتَحَُلوْ ّكبب حَّلوْا ثُم َبا ك َمنْزلِ الر ْ أل ترى إنّمببا الدُنيببا وزيَْنتُهَب
ب ّفوُها كدَ ٌر ومُلكُهببا ُدوَلُ با نكَدٌ وصب َ ب ٌد وعَيْشُهَب با رَصب َُحتُوفُهَب
ب ول جَذَلُ ب عَيْش ٌ تَظَ ُل ُتفْزِع بُ بالر ّوعَات بِ س بَا ِكَنهَا فَمَبا يَسبُوغ لَه ُ
بهَامُ ال ّدهِ ْر َتْنتَظِلُ
ببه س ب ِ كأنّهببُ لِ ْل َمنَايببا والرّدَى غَرَضببٌ تَظَلُ فيب
بببا َجلَلُ والنفسببُ ها ِرَب ٌة والوتببُ َيْتَبعُهَبا وكُ ُل عَثْ َرةِ ِرجْ ٍل ِعنْدَهَب
َهب الرّجُلُ َسبعَى ل ُِثب مبا ي ْ
ب وال َقبْ ُر وَار ُ بعَى ِلوَا ِرثِه ِ
بعَى بِمَبا يَس ْ
والر ُء يَس ْ
60
إيقاظ أول المم العالية
بت َقِليْ ُلب وإنّمببا َمقَامُكببَ فيهببا لو عَرَفْب
أَتبْنبب ِبنَاء الالِدِينب َ
ب ِكفَاَيةٌ لِمَبن كان يومًبا يقتفيببه رَ َحيْلُ
لقبد كان فب ظبل الرَاك ِ
61
إيقاظ أول المم العالية
لنمب ينقسبمون إل قسبمي :خواص وعوام ،فالاصبة تُفضّلُك باب تُحسبنُ،
والعامة تُفضلك با تلك.
ل تطلب سبُرعة العمبل واطلب حُسبنُه وجودتبه ،قال ال تبارك وتعال:
لِيَبْلُ َوكُ مْ َأيّكُ مْ أَحْ سَنُ عَ َملً والناس ل يسألون كم يوم استغرقت مُدة العمل وإنا
يسألُون عن جودة صنعته.
الُعلم زارع والنفوس مزارع ،والدرا سة ماء الترب ية ف من ل ت كن مزرع ته نق ية
وماؤها متدفقًا ل ينجح الزرع.
القدوةُ مُعلم يفيد بل لسانٍ بإذن ال ومرشد ناصح من غي بيان.
وهي مدرسة النسان العلمية الت يرسخ تعليمها ف النفوس ويعل ُق بالفهام.
والناس مائلون دائمًا إل أن يتعلموا بعيونم أكثر ما يتعلمون بآذانم.
وال ْرئِي يؤثرُ أكثر من القروء والسموع.
وتعليبم العمبل أنفبع مبن تعليبم القول والرشاد يُرى الطريبق ،ولكبن القدرة
البكما ُء تسيه فيه بإذن ال.
ومهما أوت الُعلم من الفصاحة والباعة ف تذيب النفوس فليس ببالغ ما يبلغه
زميل له دُونه ف الهارة وفوقه ف السية.
ولذا قيل :خي النصح افعل كما أفعل ل كما أقول ،ولا كانت غريزة التشبه
أقوى ف الحداث ينب غي أن ينشئوا ف بيئة صالة لينشئوا نافع ي ،فإن م يتشبهون
ويتمثلُو نَ بن حولُم ،قال ال تعال عن بلقيس :وَ َ
صدّهَا مَا كَانَت ّتعُْبدُ مِن دُو نِ
ال ّلهِ ِإنّهَا كَانَتْ مِن َق ْومٍ كَافِرِينَ .
ت به.
ولذا قالوا :انظر إل الشرات الصغية تتلون بلون النّباتِ الذي تقتا ُ
ومن أجل ذلك كان التّربيةُ البيتية أبلغ ف نفوسهم من التربية الدرسية.
فالبيت أصل الجتمع ومن ينوعه تنبعث الداب والخلق؛ ولذا يب العتناء
به.
62
إيقاظ أول المم العالية
وصفات الوالدين تظهر ف أولدها وأفعالما الختلفة الت يارسونا تيا ف
أولدها بعد أن يكونوا قد نسوْا تعليمها الشفوي.
ونظرة واحدة من الب أو الم قد تبقى مؤثرة ف الولد مدى الياة.
و عن ن شل بن كث ي ،عن أب يه قال :أد خل الشاف عي يومًا إل ب عض حُ جر
هارون الرشيد ليستأذن له ومعه سراج الادم ،فأقعده عند أب عبدالصمد مؤدب
أولد هارون الرشيبد ،فقال سبراجُ للشافعبي :يبا أببا عبدال ،هؤلء أول ُد أميب
الؤمني ،وهذا مؤدبم فلو أوصيته بم ،فأقبل عليهم ،فقال :ليكن أول ما تبدأ به
من إ صلح أولد أم ي الؤمن ي إ صلحك نف سك ،فإن أعينُ هم معقودٌة بعي نك،
فالَ س ُن عند هم ما ت ستحسنهُ ،وال قبي ُح عند هم ما تكرهُه ،علم هم كتاب ال ول
تُكرههُم عليه فيملوُه ول تتركُه ُم منه فيهجُروه ،ثُمّ روهم من الشعر أعف هُ ،ومن
الديث أشرفه ،ول تُخرجهم من علم إل غيه حت يُحكمُوه فإن ازدحام الكلم
ف السمع مضلةٌ للفهم.
إذا وقفت النف سُ عما اشتبه عليها وقبلت ما اتضح لا فهو دليلٌ على ذكائها
وورعها.
نُفوسُ البرار تنفر من أعمال الفُجار.
ونفوسُ الشرار مُتبمة ومتكرهةٌ لعمال البرار.
مُتب عُ الشهوات ناد مٌ ف العاقبة مذمو مٌ ف العاجلة ،وتارك الشهوات سال غان
ف العاجلة ،ممود مغتبط ف الجلة.
من مال إل الدنيا تعجل التعب فيها ،وكان على يقي من فنائه.
و من ز هد في ها ا ستراح من عنائ ها وأحب هُ أهلُ ها ،وأ من خوف العاق بة ب عد
مُفارقتها.
ما أغفل من يتيقن بالرحيل عن الدنيا ،وهو دائب جاد ف عمارتا.
وجدير بالعاقل أن ل يُجدّ ف عمار ِة شيء يتركه لغيه.
63
إيقاظ أول المم العالية
ج ِل
َمضَيْنَ كالسه ِم أو كالبَرقِ ف عَ َ ل عَشْرٌ مِببن العوامببِ باهِرةَ
ب المالِ فب ُشغُلِ ب مَع َعَنّاب ونن ُ كذا ترُ لَيال العُمْرَ راحلةً
ب يُ ْدنِينبا مِبن الجَلِ َج ْهلً وذَلِك َ ُسبّر ببه
ُصبِحُ فبَل ْهوٍ ن َْسب ُي ون ْب
نُم ِ
عليببه إذْ مرّ فبب الثام والزّلَلِ والعُم ُر يَ ْمضِ يُ ول نَدْري فوا أ َسفًا
با شيئًا مِبن العملِ بْ لنب ول نُقدمب ص بهت ِش ْعرِي غدًا كيف الل ُ يا َلْي َ
ب قِبلِ ب مِن ْ
ب ل بَزَاء الذنْب ِفليس َ ب قبد َجنَتْه يدِيَكبعم ا ب رب َع ْفو َ يا
حكم متنوعة
ْنب على فقدان الطاعبة مبع عدم القيام والجتهاد فب طلبهبا مبن علمات الُز ُ
الغترار.
إذا أردت أن تشاور أحدًا فب شيبء مبن أمبر نفسبك فانظبر كيبف يُدرُ ذلك
الستشار أمر نفسه.
فإن كان ل ي صلح تدب ي نف سه ول يُك سبها خيًا فأ نت أحرى أن ل تنت فع به
ولست ألزم عليه من نفسه.
الكمةُ والذكرُ السن أبقى وأحسنُ من الال عند العقلء؛ لن الال مضمحلٌ
والكمة والذكر السنُ باقيان.
سفَل والراذل.
وقد يكون الالُ عند ال ُ
وأما الكمة والذكر الميل فعند أهل الفضل.
العجزُ يُعر فُ ف الر جل من ثلث خَ صال :قل ُة اهتما مه ب صال نف سه وقلةُ
مُخالفتِهِ لا يشتهي وقبولُه الشيء بدُون تفكّر ونضرٍ ف العواقب.
كُن مع والديك كما تُحب أن يكون معك ولدُك.
يا هذا ،مثّ ْل لنفسك صرعة الوت وما قد عزم تَ أن تفعل حينئ ٍذ وقت السرِ
فافعل ُه وقت الطلق.
64
إيقاظ أول المم العالية
ب جهنّمب وأنبت تبكبي أبدًا وأبواباب مُغلقبة ومثبل نفسبك فب زاويبة مبن زواي ا
وسقوفها مُطبقة وهي سوداء مظلة.
ل رفيق تأن سُ به ول صديق تشكو إليه ول نوم يُري ُح ول نفس ول طعام إل
ب إل الميم. الزّقُوم ول شرا َ
ُونب أيديهُم إل الناكبب مِن النّدامبة على قال كَع ْب :إنّ أهبل النار ليأكل َ
تفريطهم وما يشعرون بذلك.
ِركب وازرع فب ربيبع حياتبك قبلَ جُدوببة أرض فانتببه يبا غافبل لغتنام عُم َ
شخصك.
وادّ ِخرْ من وقت قُدرتك لزمن عجزك واعتب رحلك قبل رحيلك.
فكأنك برب التّلف قدْ قامت على ساق وانزمت جُيوشُ المل.
وإذا ملك الوت قد بارز الروح يتذبا بطاطيف الشدائد من تيار العُروق.
وقد أوثق كتاف الذبيح وحار البصر لشدة ا َلوْلِ.
ول تسألْ عن حال الُحتضر وما نزل به من الكروب والسكرات.
فتيقظ يا مسكي وتيأ لتلك الساعة وحصّلْ زادًا قبل العوزِ.
ضيْحَتب َفيَحْزَنُب َقلْبِي مِن عَظِيمِب خَ ِطْيئَتب أَفكّرُ فب َموْتب وَبعْدُ َف ِ
وتَبْكِي دَمًا عَيْ ن وحُقّ َلهَا البُكَا على س بُوء أ ْفعَال وقِّلةِ ِحيْلَتَبي
ب َمِنيّتِبيبيّمَا عن َد اقْترَاب ِب َغيْرَهبُ ول س ِ فمبا ل إل ال ل أرْج ُ
واسبأَلُ رَبب فب وَفَاتب َم ْؤمِن ًا على ِمّلةِ السببلم أشْرَفببَ مِّلةِ
يا عجبًا ربنا جل وعل يتحبب إلينا بالنعم وهو غنٌ عنا وعن كل خلقه
أهل السموات والرض.
ونتمقت ونتبغض إليه بالعاصي ونن متاجون إليه ،بل مضطرون إليه.
علمة مَحبة ال إيثار طاعته وتنب معاصيه ومُتابعة رسوله .
قال بعضهم :أحببتُ رب ُحبًا سهل عليّ كُ ّل مُصيبة ورضان ف كل قضيّة.
65
إيقاظ أول المم العالية
ف ما أبال مع حب إياه ما أ صبحت عل يه و ما أم سيت وأر جو أن أكون من
أحبابه.
قال أحبد الشعراء أبياتًبا فب ملوق ل تصبلح إل لرب العزة واللل تبارك
وتعال ،فعدلنا فيها ووجهنا الطلب والتمن إل ال:
َابب
والنامب غِض ُ
ُ َكب تَرض َى
وَليْت َ
ب َتعْفُببو والياةُ مِ ْريَرةٌ فََلْيتَكب َ
ب
ب العَالِيَب َخرَاب ُ
وبَيْنْب وَبيْن َ
ب عامِرٌ ب الذي َبيْنب وبَْينَك َ وَليْت َ
ُرابب
ُرابب ت ُ
ْقب الت ِ
فكبل الذي َفو َ
إذا نِ ْلتُ ِمنْكَ الو َد يَا خَالِ َق الوَرَى
فصل
قال سبفيان الثوري :ل يتمبع فب هذا الزمان لحبد مال إل وعنده خسب
خصال :طول المل ،وحرص غالب ،وشح شديد ،وقلة الورع ،ونسيان الخرة.
ستة أشياء هن غريبةٌ ف ستة مواضع :السجدُ غريب بي ناس ل يصلون فيه،
والصحفُ غري بٌ ف منل قوم ل يقرءون فيه ،والقرآن غريب ف جوف الفاسق،
والرأة السلمة غريبة ف يد رجل ظال سيئ اللق ،والرج ُل السل ُم الصالُ غري بٌ
ف يد امرأةٍ رديئ ٍة سيئة اللق ،والعال غريب بي قوم ل يستمعُون إليه.
اعلم أن القلوب القاسية تعال بأمور:
أولً :القلع عَ ما هي عل يه من العا صي ،وذلك بضور مالس الو عظ والتذك ي
والتخويف والترغيب ،وأخبار الصالي ،والكثار من مطالعة الكتب الحتوية
على ذلك ،فإنّ ذلك يُلي القلوب بإذن ال.
الثان :ذكر الوت فيكثر من ذكر هادم اللذات ،ومفرق الماعات ،وميت البني
والبنات.
66
إيقاظ أول المم العالية
يروى أن امرأة ش كت إل عائ شة أم الؤمن ي ب ر ضي ال عن ها ب ق ساوة
يرقب قلببك ،ففعلت ذلك فرق ّ قلبهبا،
قلبهبا ،فقالت :أكثري مبن ذكبر الوت ُ
فجاءت تشكر عائشة.
قال ب عض العلماء :يا من ي د ف قل به ق سوةً ،احذر أن تكون نق ضت عهدًا،
فإن ال تعال يقولَ :فبِمَا َنقْضِهِم مّيثَاقَ ُهمْ َلعَنّا ُهمْ وَ َجعَ ْلنَا قُلُوبَ ُهمْ قَاسَِيةً .
ول ا احت ضر عمرو بن ق يس اللئي ب كى ،فقال له أ صحابه :علم تب كي من
الدنيا فوال لقد كُنت تبغ ضُ العيش أيام حياتك!! فقال :وال ما أبكي على الدنيا
إنا أبكي خوفًا أن أحرم خوف الخرة.
وكان إذا نظر إل أهل السُوقِ ،قال :ما أغفل هؤلء عما أع ّد لُم.
قال جا ٌر لسعر بن كدام :بكى مسعر فبكت أمه ،فقال لا مسعر :ما أبكاك يا
ك تب كي فبكي تُ ،فقال :يا أماه ل ثل ما نج مُ عل يه غدًا
أمّاه؟ فقالت :يا بُ ن رأيت َ
فلن طل البكاء ،قالت :و ما ذاك؟ فانت حب ،فقال :القيا مة و ما في ها ،قال :ث غل به
البكاء ،فقام.
ت ال سجد إل ل ا ل بد م نه ،وكان إذا د خل وكان يقول :لول أ مي ما فارق ُ
بكى ،وإذا خرج بكى ،وإن صلى بكى ،إن جلس بكى.
ول ا حضر ته الوفاة د خل عل يه سفيان الثوري فوجده جزعًا ،فقال له :تزع
فوال لوددتُ أن ُمتّ الساعة.
فقال م سعر :أقعدو ن فأعاد سفيان الكلم عل يه ،فقال :إ نك لوا ثق بعملك يا
سُفيان.
لك ن وال على شاه َقةِ ج بل ل أدري أ ين أه بط ،فب كى سفيان ،وقال :أن تَ
أخوفَ ل مِن.
قال بعضُهم :من غض بصرهُ عن الحارم وأمسك نفسهُ عن الشهوات وعمر
ْطب له
باطنبه بدوام الراقببة وظاهره باتباع السبّنة وعوّد نفسبه أكبل اللل ل تُخ ِ
فراسة.
67
إيقاظ أول المم العالية
فصل ف بعض ذكر فوائد الوت
اعلم أن ف ذكر الوت فوائد عديدة من ذلك:
ي القلب القاسي. أولً :أنه يرد ُ
ع عن العاصي ،ويُل ُ
ثانيًا :يُذهب الفرح والسرور بالدنيا ،ويُزه ُد فيها ،ويُهون الصائب.
ثالثًا :التأثبر ف مشاهدة الحتضريبن الذي ترج أرواحهبم ،فإن ف النظبر إليهبم
ومشاهدة سبكراتم عنبد نزع أرواحهبم ،وشخوص أبصبارهم عنبد نزعهبا،
وعجزهم عن الكلم ،عند تسلُل الروح من السد.
س لذات ا ويطرد عنوتأ مل صُورهم ب عد خروج الروح ما يقط عُ عن النُفو ِ
القلوب مسرّاتا وين ُع الفون من النّوم وين ُع البدان من الراحة ،ويبعثُ على
الد والجتهاد ف العمل للخرة.
فروي أن السن البصري دخل على مريض يعوده فوجده ف سكرات الوت،
فنظر إل كُربه وشدّة ما نزل به ،فرجع إل أهله بغي اللون الذي خرج به من
عندهم ،فقالوا له :الطعام ،فلم يأكل ،وقال :فوال لقد رأي تُ مصرعًا ل أزالُ
أعمل له حت اللقاء.
رابعًا :ما يلي القلوب القاسية زيار ُة القبور.
فإنا َتبْلُ ُغ مِن القلوب ما ل يبلغه الول والثان والثالث؛ لنا تذكر بالخرة.
بِهم كالقابِرِ
َعب َمنْظِرًا ول واعِظِبي جُلّاسب
كالمواتب أفْج َ
ِ ول أرَى
آخر:
ُرابب ُخ ُفوْتُب
وأصبحَابُها تْتَب الت ِ
ْ صبُموْتُ
َاثب وهُنّ ُ
ْكب أ ْجد ٌ
َوعَ َظت َ
الا مس :زيارة ال ستشفيات وال ستوصفات فإن ا تل ي القلوب وت ث الن سان
على ح د ال وشكره وعلى ال د والجتهاد في ما يعودُ نفعُه على الن سان
ف الخرة.
وينب غي للن سان أن يُقوّي ظ نه بال ويسبتحضر رح ته ورأف ته ولط فه بعباده
ولسيما عند الحتضار.
68
إيقاظ أول المم العالية
قال « :ل يوتن أحدكم إل وهو يسن الظن بال» رواه مسلم ،ف حديث
أب هريرة عن رسول ال أنه قال« :قال ال عز وجل :أنا عند ظن عبدي ب»
الديث متفق عليه.
ول ر يب أن حُ سن ال ظن برب العال ي الذي خلق ف سوى والذي قدر فهدى
الل يم الكر ي الواد الرح ن الرح يم الرءوف بالعباد الغ ن ع نا و عن أعمال نا و عن
تعذيبنا عقابنا.
من أعظم ما نتقرب به إليه ومن أجزل ما نتوجه به عليه.
أيّ عبا َدةٍ أعظ مُ من حُ سْ ِن ظننا برب العالي مع الوف مِن مُعاملتِ هِ إيّانا بعَدْ
لِهِ.
فالعا قل يكون ب ي الوف والرجاء ل كن يُغلب الرجاء ع ند الحتضار وي سن
ال ظن بالكر ي الغفار ،وي ستحضر أ نه قادم على أكرم الكرم ي ،وأجود الجود ين
الب الرحيم.
وإن ح صل أن يتلى ع ند الحت ضر آيات الرجاء وأحاد يث الرجاء ليقوى ظ نه
بال تعال أجود الجودين وأكرم الكرمي.
َسهَرفُوا
ِينه أ ْ
ِيه اّلذ َ
ومبن آيات الرجاء قوله ج ّل وعل وتقدسُ :قلْ يَا عِبَاد َ
ّهه ُهوَ
ُوبه جَمِيعًا ِإن ُ
ّهه َي ْغفِ ُر ال ّذن َ
ّهه إِنّ الل َ
ُسههِ ْم َل تَقْنَطُوا مِن ّرحْ َم ِة الل ِ
عَلَى أَنف ِ
ال َغفُو ُر الرّحِيمُ .
وقال تعال :وَرَحْمَتِي َوسِعَتْ ُك ّل َشيْءٍ ،وقوله :وَالّذِي َن لَ َيدْعُونَ مَعَ
حقّ وَ َل َيزْنُو َن َومَن َيفْ َعلْ
اللّ ِه ِإلَهًا آ َخرَ َو َل يَقْتُلُو َن الّنفْ سَ الَتِي َحرّ َم اللّ هُ ِإلّ بِالْ َ
ف لَهُ العَذَابُ َيوْ َم القِيَامَ ِة َويَخْ ُلدْ فِيهِ ُمهَانًا * ِإلّ مَن تَابَ
ك يَلْقَ َأثَامًا * يُضَاعَ ْ
َذلِ َ
ت وَكَا َن اللّهُ َغفُورًا
وَآمَ َن وَعَ ِملَ عَ َملً صَالِحًا َفُأوْلَئِكَ يَُب ّدلُ اللّهُ سَيّئَاِتهِ ْم حَسَنَا ٍ
ّرحِيمًا .
وقوله :إِنّ ال ّلهَ لَ يَ ْغفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ َوَيغْفِرُ مَا دُونَ َذِلكَ لِمَن يَشَاءُ .
69
إيقاظ أول المم العالية
و من أحاد يث الرجاء ما ورد عن ع مر بن الطاب قال :قُدم على ر سول
ال ب سب فإذا امرأة من ال سّبْي ت سعى إذا وجدت صبيًا ف ال سب أخذ ته فألزق ته
ببطنها فأرضعت هُ ،فقال رسول ال « :أترو َن هَذَ هِ الرأةَ طا َر ِحةً ولَ َدهَا ف النار؟»
قلنا :ل يا رسول ال ،فقال« :ال أرْ َح ُم بعباد ِه مِن هذه ِبوَلَدِها» متفق عليه.
وورد ع نه أ نه قال« :فإنّ ال حَرّ مَ على النا ِر مَن قال :ل إله إل ال يبت غي
بذلك وجْهَ ال» متفق عليه.
وقال « :لا َخلَق ال الَلْقَ َكتَبَ ف كِتابٍ فهو عنده فوق العرشِ :إن رحت
تغلب غضب» ،وف رواية« :غَلبت غضب» ،وف روايةَ « :سَبقَتْ غضب» متفق
عليه.
ْقب عَليّ
وروي عبن المام أحدب أنبه لاب حضرتبه الوفاة قال لولده عبدال :ال ِ
سنُأحاد يث الرجاء؛ لن الؤ من إذا سع آيات الرجاء وأحاد يث الرجاء َقوِ يَ حُ ْ
ظنه بربه عز وجل ،واشتاق إل لقاء سيده وموله الذي هو أرحم به من والديه
وأولده فعند ذلك تَهون عليه سكراتُ الوت إذا أرَادَ ال.
َصب َل الُحِب ّ َفتَحْي َا عِندَ ِمْيعَادِ
ت مِن كَل ِل ال ّسْي ِر أ ْو َع َدهَا و ْ
إذا اشْت َك ْ
والهم أنه يرص كل الرص على تقوية وحسن ظنه برب العالي ،ث أن
اعلم
للموت سكرات قال ال جل وعل وتقدس :وَجَاءَ تْ سَ ْك َرةُ الَوْ تِ بِاْلحَقّ َذلِ كَ
مَا كَنتَ مِ ْنهُ َتحِيدُ .
وق يل :إن العضاء ي سلم بعضُ ها على ب عض ،ف في تذكرة القر طب ،عن أ نس
ب الوت ،وإن َمفَا صِلَهُ َليُ سَلَ ُم َب ْعضَ ها على ب عض،مرفوعًا« :إن الع بد َلُيعَال ُكرَ َ
ك ُتفَارُِقنِي وأفارِقُكَ إل يو ِم القيامةِ».
يقول :السلم علي َ
ع بعضها بعضًا. أي يُو ّد ُ
70
إيقاظ أول المم العالية
َاثب ِمنّاب عَرائِسبَا
َفب إل الجْد ِ تُز ُ ب الليال فَرائِسبًا خُلقْنَبا ل ْحدَاث ِ
ب أعوادَ النايبا فَوارِسبَا وتُرْدِف ُ جهّ ُز ِمنّابب ِل ْلقُبوِر عَسببَاكِرًا
تُ َ
غَدًا أ َج ٌل عَمّابب نُحَاوِلُ حَابسببَا ب
إذا أمَلٌ أرْخَبى لنبا مبن ِعنَانِه ِ
رَطيبًا وما أ نْ أصب َح الغُ صْن ياب سَا أرَى الغُ صْنَ لَمّ ا اجتُثّ و هو بائِ هِ
ونصبب مبا شئنبا فتورًا َدوَارسبا بفَا َهةً
نَشِيدُ قُصببورًا ِللْخُلودِ سبَ
ت ِمنّ ا لو أ صَاَبتْ أكَاي سَا
بِمَن مَا َ ُوسبنَا
َعتب الدنيبا إلينبا نُف َوقبد ن ِ
بَابَ َر أمثالً فلم نَبر قَائِسب وَقيْصب لقَدَ ضَ َربَ تْ كِ سْرَى اللو َك وتُبّ عا
ب مبا نَزْدَادُ إل تقاعُسبَا وهيهات َ وقد َفضَح الدنيا لنَا الو تُ واعِظًا
فصل
قال مالك بن دينار :عجبًا لن يعلم أن الوت مصيه والقب مورده ،كيف تقر
بالدنيا عينه ،وكيف يطيب فيها عيشه ،ث يبكي حت يسقط مغشيًا عليه.
قال الارث ببن سبعيد :كنبا عنبد مالك ببن دينار وعنده قارئ يقرأ :إِذَا
ُزلْ ِزلَ تِ الَرْ ضُ ِزلْزَالَهَا فج عل مالك ينت فض وأ هل الجلس يبكون ،ح ت انت هى
القارئ إل :فَمَن َيعْمَلْ مِ ْثقَالَ ذَ ّرةٍ خَيْرًا يَرَ هُ * وَمَن َيعْمَلْ مِ ْثقَالَ َذ ّرةٍ َشرًا يَرَ هُ ،
فجعل مالك يبكي ويشهق حت غُشي عليه ،فحُمل بي القوم صريعًا.
واحترق بيته فأخذ الصحف وأخذ القطيفة فأخرجهما ،فقيل له :يا أبا يي،
البيت ،فقال :ما فيه إل السندانة ما أُبال أن يترق.
وروي ع نه أ نه كان يقول :إن ال عز و جل إذا أ حب عبدًا انتق صه من دنياه
وكفّ عنه ضيعته ،ويقول :ل تبح من بي يديّ ،قال :فهو متفرغٌ لدمة ربه عز
وجل.
71
إيقاظ أول المم العالية
وإذا أبغض عبدًا دفع ف نره شيئًا من الدنيا ،ويقول :أعزب من بي يدي فل
أراك بي يدي ،فتراه معلقُ القلب بأرض كذا وبتجارة كذا.
وروي عن أب عبدال الباثي أنه كان يقول :حلتنا الطام ُع على أسوأ الصنائع
نذل ل ن ل يقدرُ ل نا على ضر ٍر ول على نف عٍ ،ونض ُع ل ن ل يل كُ ل نا رزقًا ول
حياةً ول موتًا ول نشورًا ،فك يف أزع مُ أ ن أعرف ر ب حقّ معرف ته وأ نا أ صنع
ذلك ،هيهات هيهات.
قيل :إنه مر تاجر بعشار فحبسوا عليه سفينته ،فجاء إل مالك بن دينار ،فذكر
ذلك له ،قال :فقام مالك فمشى إل العشار ،فلما رأوه ،قالوا :يا أبا يي أل تبعث
إلينا حاجتك؟ قال :حاجت أن تلوا سفينة هذا الرجل.
قالوا :قد فعلنا ،قال :وكان عندهم كوز يعلون فيه ما يأخذون من الناس من
الدراهم ،فقالوا :ادع ال لنا يا أبا يي ،قال :قولوا للكوز يدعو لكم ،كيف أدعو
لكم وألف يدعون عليكم ،أترى يُستجاب لواحد ول يستجاب للف؟
وقال الربيع :نصب التقون الوعيد من ال أمامهم فنظرت إليه قلوبم بتصديق
وتقيق ،فهم وال ف الدنيا منغصون ،ووقفوا ثواب العمال الصالة خلف ذلك.
فمتب سبعت أبصبار القلوب وارتاحبت إل حلول ذلك فهبم وال إل الخرة
متطلعون بي وعي ٍد هائل ووعدٍ حق صادق ل ينفكون من خوف وعيد إل رجعوا
إل شوق موعود.
فهم كذلك وعلى ذلك ،وف الوت جُعلتْ لم الراحة ث يبكي.
وقال :إن ل عبادًا أخصوا له البُطون عن مطاعم الرام وغضّوا له الُفون عن
مناظر الثام.
وأهلُوا له العيون ل ا اختلط علي هم الظلم رجاءَ أن يُن ي ُقلُوب م إذا تضمنت هم
الرضُ بي أطباقهم فهُم ف الدنيا مُكتئِبون وإل الخرة مُتطلعون.
فهم الذين ل راح َة لم ف الدنيا وهم الذين تق ّر أعينُهم بطلع ِة ملك الوت.
72
إيقاظ أول المم العالية
وقال فب كلم له :قطعتنبا غفل ُة المال عبن مبادرة الجال فنحبن فب الدنيبا
حيارى ل ننتبه من رقدةٍ إل أعقبتنا ف أثرها غفلة.
ف يا إخوتاه ،نشد كم بال ،هل تعلمون مؤمنًا بال أغ ّر ولنقم ته أ قل حذرًا من
قومٍ هجمت بم العب والمثال ،ث رجعوا عن ذلك إل غي قلعةٍ ول نقلة.
فإن تسن أيها الرء يُحسن إليك ،وإن تُسيء فعلى نفسك بالعُتب فارجع فقد
بيّن وحذّر فما للناس على ال حُجة بعد الرسُل َوكَانَ ال ّلهُ عَزِيزًا حَكِيمًا .
نزل جاعبة مبن العباد ذات ليلة على السباحل فهيّأب لمب أحدُ إخوانمب طعامًا
ودعاُهم إليه فجاءوا فلمّا وُضع الطعام بي أيديهم إذا قائل ينشد وهو على ساحل
البحر هذا البيت:
ِمب ولَ ّذةُ َنفْسببٍ غيّهببا َغيْ ُر نافِعببِ
ْكب عبن دار اللو ِد مَطَاع ٌ
وتلي َ
فبكى القوم ورُف َع الطعام وما ذاقوا منه لُقمةً.
وصبحَابا
َبكْ ُر ْوهِه َا م ِن أهْلِهبا ِ َتب
َمب َدن ْ
َكب فالدُنيبا الدنيةَ ك ْ
ُر َويُد َ
وصبحَابَا
سبكْرِها َ أفاقب باب مِن ُ َ ّقب
الفاقب كُ ُل ُموَف ٍ
ِ فاقب فب
َلقَ ْد َ
سبرَى باب أمب َ
ِهب ْ
أخّلفَهَا مِن َبعْد ِ فَسَبلْ جَامِعَب الموالِ فيهبا برصِبهِ
ولو نَابَ ها خَطْ بٌ إذا ما وَنَى بِ ها ب ِد سبَا َد البَرايَبا بببِه
وكبم أس ِ
باب ونَابِهَب
با َق ْد مَزَّقتْهب ُ
خَلبِهَب
بِمِ ْ ببَحَ فيهبا ِعبْرةً لول النُهَبى فأص ْ
وقال بعض العباد :لو يعلم اللئق ما يستقبلون غدًا ما لذوا بعيش أبدًا،
وال إن لا رأيت الليل وهولة وشدت سواده.
ذكر تُ به الو قف (أي مو قف يوم القيا مة) وشدة ال مر ه نا ك و كل امرئ
يومئذ تمه نفسه يوم لّ َيجْزِي وَاِلدٌ عَن َوَلدِ هِ وَلَ مَ ْولُودٌ ُهوَ جَازٍ عَن وَاِلدِ هِ شَيْئًا
.
كا نت إحدى العابدات تقول :طوى أملي طلوع الش مس وغروب ا ،ف ما من
حركة تُسمع ،ول من قدم تُوضع ،إل ظننتُ أن الوت ف أثرها.
73
إيقاظ أول المم العالية
وكا نت تقول :سكانُ دار أوذنوا بالنقلة (أي اعلموا بالرتال) و هم حيارى
يركضون ف الهلة كأن الراد غيهم ،أو التأذي ُن ليس لم ،والعن بالمر سواهم.
آهٍ من عقول ما أنقصها ،ومن جهالة ما أتها ،بؤسًا لهل العاصي ،ماذا غرّوا
به من المهال وال ستدراج؟ ب سطوا آمال م ،فأضاعوا أعمال م ولو ن صبوا الجال
وطووا المال خفت عليهم العمال.
وكا نت تقول :ل ي نل الطيعون ما نالوا من حُلو ِل النان ور ضا الرح ن إل
بتعب البدان ل والقيام ل بقه ف النشط والكرَه.
ت وهبب ببن مُنببه ،وأقببل على عطاء وعبن أبب سبنان القسبملي قال :سبع ُ
الراسان ،فقال« :ويك يا عطاء ،أل أخبك أنك تمل علمك إل أبواب اللوك
وأبناء الدن يا؟ ويْح ضك يا عطاء ،تأ ت من يُغلق ع نك با به ،ويُظ هر لك فقر هُ،
ويُواري عنك غناه ،وتدع من يفت حُ لك بابه ،ويُظهر لك غناءه ويقول :ادْعُونِي
أَسَْتجِبْ لَ ُكمْ .
ويْحَ كَ يا عطاء ،ارْ ضَ بالدّون من الدن يا مع الك مة ول ترض بالدون من
الكمة مع الدنيا ،ويك يا عطاء ،إن كان يُغنيك ما يكفيك فإن أدن ما ف الدنيا
يكفيك ،ويك يا عطاء ،إنا بطنُ كَ بر من البُحور ووادٍ من الدوية فليس يلؤه
إل التراب».
قال مقاتل بن صال الراسان :دخلت على حاد بن سلمة فإذا ليس ف البيت
إل حصي وهو جالس عليه ومصحف يقرأ فيه وجرا بٌ فيه علمه ومطهرةٌ يتوضأ
منها.
فبين ما أ نا عنده جالس إذا دقّ الباب ،فقال :يا صبيةُ أخر جي ،فانظري من
هذا؟ فقالت :رسول ممد بن سليمان أمي البصرة ،قال :قُول له يدخل وحده،
فدخل فناول هُ كتابًا فإذا فيه« :بسم ال الرحن الرحيم ،من ممد بن سليمان إل
حاد بن سلمة ،أ ما ب عد ،ف صبّحك ال ب ا صبح به أولياءه وأ هل طاع ته وق عت
مسألة فأتنا نسألك عنها والسلم».
74
إيقاظ أول المم العالية
قال :يا صبية ،هلمي الدواة ،ث قال ل :اقلب الكتاب (أي الورقة) ،واكتب:
أما بعد ،وأنت فصبّحَكَ ال با صبح به أولياءَه وأهل طاعته.
إنا أدركنا العُلماء وهم ل يأتون أحدًا.
فإن كانت وقعت مسألة فأتنا واسألنا عمّا بدا لك.
وإن أتيتنب فل تأتنب إل وحدك ول تأتنب بيلك ورجلك فل أنصبحُك ول
أنصح نفسي والسلم.
ب أنبا عنده دق الباب داق ،فقال :يبا صببية ،أخرجبي فانظري مبن هذا؟ فبينم ا
فقالت :مُحمد بن سليمان.
قال :قول له ليدخل وحده ،فدخل فسلم ،ث جلس بي يديه.
فقال :مال إذا نظرت إليك امتلتُ رُعبًا.
فقال حادُ :سبعت ثابتًا البُنان يقول :سبعتُ أنبس ببن مالك يقول :سبعتُ
رسول ال يقُول« :إنّ العَالِ مَ إذا أرَا َد بعِ ْلمِ هِ وجْ َه ال عَزّ وجَل هَابَه ك ُل شيءٍ،
وإذا أرادَ أ ْن َيكََتنِ َز به ال ُكنُو َز هَابَ مِن كُ ِل شيءٍ».
فقال :أربعُون ألف درهم تأخذها تستعي با على ما أنت عليه.
قال :ارددها على من ظلمت ُه با.
قال :وال ما أعطيتك إل ما ورثته.
قال :ل حاجة ل فيها إزوها عن (أي أبعدها عن) زوى ال عنك أوزارك.
قال :فتقسمها ،قال :فلعلي إن عدلت ف قسمتها أن يقول بع ضُ من ل يُرزق
منها ل يعدل إزوها عن ذوى ال عنك أوزارك .اهب.
تأمل يا أخي ،كيف يؤثر ف القلوب كلم الخلصي الذين ل يريدون الدنيا
متقشفب مُتزهدٍ
ٍ الوعظب إل مبن
ُ وعروضهبا ،قال أببو الوفاء ببن عقيبل :ل يعمبل
ج بطينًا فا خر
متور عٍ ف نظا فة ج سمٍ (قل تُ :ونظا فة قلب) ،قال :فأ ما من ير ُ
الثياب مدا ِخلً للمراء فكيف تستجيبُ له القُلوبُ إنا يُسمعُ من هؤلء على سبيل
الفُرجة ،قلت :والنتقاد والستهزاء والسخرية.
75
إيقاظ أول المم العالية
وكان حاد ب رح ه ال ب مشغولً بنف سه إ ما أن يدث ،وإ ما أن ي سبح ،
وإما أن يصلي ،كان قد قسم النهار على هذه العمال.
ب ِفهِمْ َرجُلُ
بفْ بعَال وص ْ
ب ل َيتّص ِ
ب أن يٌُالُ ِلمَن ْ
ب الرجَا ُل و َغبْن ٌ
هُم ُ
جاء رجل إل يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقًا من حاله ومعاشه واغتما مً
منه بذلك.
فقال له يونس :أيسرّك ببصرك هذا الذي تُبص ُر به مائةُ ألفٍ ،قال :ل.
قال :فسمعك الذي تسمعُ به يسرّك به مائةُ ألف ،قال :ل.
قال :فيداك يسرّك بما مائة ألف ،قال :ل.
قال :فرجلك ،قال :فذكره نعم ال عليه.
فأقبل عليه يونس ،فقال :أرى لك مئي أو لُوفًا وأنت تشكو الاجة.
وجاءته امرأة ببةِ خز ،فقالت له :اشترها ،فقال :بكم تبيعينها؟ قالت :بمس
مائة ( ،)500قال :هي خي من ذلك (يعن تسوى أزيد).
قالت :بستمائة ( ،)600قال :هي خي من ذلك ،فلم يزل يقول هي خي من
ذلك حت بلغت ألفًا ( ،)1000وقد بذلتها له بمسمائة (.)500
وكان يشتري البري سم من الب صرة فيب عث به إل وكيله وكان وكيله يب عث
إليه بالز (أي الرير) فإن أخب وكيله أن التاع عنده زائد ل يشتر منهم أبدًا حت
يبهم أنه زائد ،لئل يغتروا.
وإذا زاد عند هم التا عُ قال لوكيله :أ خب من تشتري ل نا م نه أن الش يء زائد
عندنا.
وكان يقولُ :لو أصبت درهًا حللً من تارة لشتريت به بُرًا ث صيته سوقًا
ث سقيته الرضى.
وأخرج شاة للبيع ،وقال للدّلل :ب ْعهَا وابرأ من أنا تقل بُ العلف وتنع الوتد
(أي أشرط على الشتري هذا العيب) هل يوجد مثل هذا النصح والورع ف زمننا.
76
إيقاظ أول المم العالية
وكان السبلف –رحهبم ال -قبد جعوا خصبا ًل حيدة منهبا النصبح للمبة
والصبدع بالقب ،ولو أدى ذلك إل ضررهبم وبذل الال و الاه والحافظبة على
الوقات أعظم من مُحافظة أهل الموال على أموالم.
يقطعون الوقات إما بتعليم علم ما جاء به النب وإما بصلة.
وإمبا بالباقيات الصبالات ل إله إل ال وسببحان والمبد ل وال أكبب ول
حول ول قوة إل بال العلي العظيم أو نو ذلك.
وأ ما أك ثر أ هل هذا الزّمان ف قد ذه بت أعمار هم فُرطًا مضا عة ع ند قتالت
الوقات في ما ي ضر ول ين فع كالتلفزيون ،والفيد يو ،والذياع ،والكورة ،والورق،
والقيل والقال ،والكذب ،والغيبة ،والنميمة ،وما أشبه ذلك.
وقد اتسع ف زمننا الغيبة والنميمة والسعاية بسبب التلفون؛ لنا بالزمان الول
لبُدّ من اجتماع البدان.
ويندُرُ جدًا أن تد الفطن اللوذعي الحاسب لنفسه على الركات واللحظات
الصائن لوقته عن الضياع.
بع َمعَاذرٌ با للوضيب
ب ْهوِ فيهب
ب السبّل يَحْقِبببر الرجُلُ الرفيعبببُ دَقيقةً فب
بغِيةٌ وصبببغائرُ الرجلِ الكببببيِ َكبَائِرُ ب ِغيْرِ صبب َ
فكبَائ ُر الرج ِل الصبب ّ
آخر:
ب بالّنعْ َمتَيب بَبل أجْهدِ سببَهْلَل ول ُت ْغَبنَن ْ
ْكب َ
ول يَ ْذ َهبّنّب العُمْ ُر ِمن َ
ت نَا َل الُنِى ومَ نْ أكَبّ على اللّذَا تِ عَ ضَ على اليَدِ
فَمَ ْن هَجرَ اللّذَا ِ
فصل
77
إيقاظ أول المم العالية
يفجاءهب قببل
ُ ينبغبي للنسبان أن يكون دائم الذكبر للموت ليلً ونارًا لئل
الستعداد والتأهب له كما هي طريقة كثي من السلف.
والناسُ ف ذكر الوت أقسام ثلثة:
قسم ل يذكره أبدًا.
وقسم يذكره رُعبًا وخشيةً.
وقسم يذكره عقلً وحكمة.
القسم الول :أحق وهو الذي ل يتذكر الوت ول يري له على خاطر كأنّه
قد ثبت ف عقله أن ل موت.
فل ي س هذه القي قة إل ع ند الشاهدة ،ول يذ كر الوت إل ريث ما تنق ضي
تلك الشاهدة كأن يشتد به الرض أو يتطف الوت أحد أهله أو جيانه أو يصل
عليه حادث يقربه من اللك.
فهو ل يتفكر ف الوت وما يعقبه إل نظرًا ف حال ماله وأولده عند موته ،ول
ينظر ويتدبر ف أحوال نفسه.
وعندما يرى جنازة يقول بلسانه« :إنا ل وإنا إليه راجعون» ول يرجع إل ال
بأفعاله ،بل يرجع بأقواله فقط ،وهذا على خطر عظيم.
القسم الثان :يذكره دائمًا لشية وقوعه وخو فٍ من نُزوله فيتولهم الرعب
ويستول عليهم الفزع.
وأك ثر ما يذكرو نه إذا خلوا من أشغال م وانتقلوا إل أوقات فراغ هم فيكدر
علي هم صفاء هناءت م وأ شد ما يكون كدر هم ونكد هم إذا أقبلت علي هم الدن يا
وتتاب عت علي هم الن عم وازداوا من متاع الدن يا وزينت ها ،فترا هم ف هم دائ مٍ وقلق
وعناء مُقيم للتوقي من الخطار والتحرُز من أسباب اللك ويتوهون ف كُلّ لقمة
صةً وتد هم مهتم ي دائمًا بالف حص عن أبدان م خوف تم ًة و ف كل جُرع ٍة غُ ّ
الوت.
78
إيقاظ أول المم العالية
القسم الثالث :وهو الذي وفقه ال للستعداد للموت والتأهب للقاء ال ،فهذا
ل يفار قه ذك ُر الوت كالتن قل من م ل إل م ل آ خر أو كال سافر من بلدٍ إل بلدٍ
ليُقيم فيها.
فإنبه ل يفارقبه ذكبر مقصبده ،وذلك لنبه يعلم أن ذكبر الوت يطردُ فضول
ال مل ،ويق طع ال ن ،ويهون ال صائب ،ويول ب ي الن سان والطُغيان ،و من فوائد
ذكر الوت أن يُول ُد القناعة با رُزق ،والرضا باليسور ،والبادرة إل التوبة.
والعتناء بالو صية ،والتخلص من حقوق ال وحقوق عباده ،وترك التحا سد،
والرص على الدنيبا ،والبتعاد عبن الكبب والعُجبب ،ومبن فوائد ذكره أنبه يزيبد
النشاط ف العبادة.
فعلى العاقل أن يكثر من ذكره ،ول يهل نفسه ،بل يصبح كل يوم على تقدير
الستعداد للرحلة؛ لنه ما من وقت إل والوت فيه مُمكن ،وهذا أمر متفق عليه.
والناس متلفون فب كبل الشياء إل الوت فل خلف فيبه ،قال ال تبارك
وتعال :كُلّ َن ْفسٍ ذَائِ َقةُ الَ ْوتِ .
79
إيقاظ أول المم العالية
القب مُرْتابًا
ول تَكُن جاهلً فب ِ
أكْدَ حْ ِلَنفْسكَ َقبْلَ الو تِ ف َمهَ ٍل
ب أحْقابًبا لبُ ّد ِمنْهَبا ولو عُمّرت َ
ببة مَورُو ٌد َمنَاهِلُهبببا إن النيّب
ب ألبابًبا يَزْدادُ فيهبا أولُو اللْباب ِ
ب تَجْربةٌ وفب الّليَال وفب اليام ِ
كانب َق ْد شَاب َا
والشّعرُ بع َد سبوا ٍد َ
ب ُمنْحَنيًاَبعْدَ الشبا بِ يَ صِي ال صّ ْل ُ
ْسب كَرّهبا دَاب َاسبرَي ٌع وشَم ٌ لَي ٌل َ
ُوسب ول ُيبْقِي على أحَدٍ ُيفْنب الُنف َ
ب غُيّابًبا َحتّىب َيعُو َد شُهو ُد الناس ِ
ب ُمقَدّرةٍلِمُسبببَتق ٍر ومِيقَاتبب ٍ
بالارِ جارًا وبال صحابِ أ صحَابًا
ومَبن تعَاقِرهببُ اليامببُ ُتبْدِلُهببُ
ت مِنبه ِلطُو ِل الّنأْي أثْوَابًبا
بيْ َكُس ِ
خَلّوا بُروَجًبا وأوطانًبا و ُمغْترَبًبا
ّهب مَبن َغْيبَةٍ آبَبا
ب مَبن حَل ُ وَليْس َ
ب نَا ٍء َمحَّلتُهببُ ضيّقب ٍ بُوحِشببٍ َ
ُونب السبّرا ِدقِ حُرّاسبًا َوحُجّاب ًاد َ
ك ُمتّخِذٍ كَ ْم مَن َم ِهيْ بٍ عَ ِظيْ ِم الُلْ ِ
َهب فب الق َب َبوّاببا ومبا يُرَى ِعنْد ُ
صغِيَ الشأ ِن ُمنْفردًا أضْحَى ذليلً َ
ب اليّ عن ذِي النأيِيْ إضرابًا فاضْرَ َ
ك الناسُ قَ ْد عَاشُوا وقد هَلكُوا وَقبْل َ
الل هم ار حم ذُل نا يوم يقوم الشهاد ،وأمّ ن خوف نا من فزع العاد ووفق نا ل ا
تنجينها بهه مهن العمال فه ظلم اللاد ،ول تزنها يوم القيامهة إنهك ل تلف
اليعاد ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا
أرحم الراحي ،وصل ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
فصل
ث اعلم أن للموت نُذُر ،قال القرطب :ورد ف الب أن بعض النبياء قال للك
الوت :أما لك رسول تقدمه بي يديك يكون الناس على حذر منك ،قال :نعم،
ل وال ُرسُل كثية من العلل والمراض والرم وتغيّر السمع والبصر والشيب.
فإذا ل يتذ كر من نزل به ذلك ول يتب ناديتُ هُ إذا قبضتُه أل أقدم لك ر سُولً
بعد رسول وأنا النذير الذي ليس بعدي نذير.
قال بعضهم:
80
إيقاظ أول المم العالية
َسبمَعُ
َاتب َوَيْثقُلُ م ْ
ب ناظِرٌ وتَقْصبرُ خُ ْطو ٌ
ضعُف ُ
بنَانٌ وَي ْ
ط أس ْ
تَسبَاقَ ُ
ف ما من يوم تطلع ش سه ل وملك يُنادي :يا أبناء الربع ي ،هذا و قت أ خذ الزاد
أذهانكم حاضرة وأعضاؤكم قوية شداد ،يا أبناء المسي ،قد دنا الخذ والصاد ،يا
أبناء الستي ،نسيتم العقاب وغفلتم عن ر ّد الواب.
وكأنب قَدِ
ْ ْهب الُ ْلتَق َى
َانب ِمن ُ
جةً َفقَدْ ح َ
بيْنَ َح ّ
حوَ الدا ِر سِتّ
ومَن ْب سبَا َر نَ ْ
ئ آ خر أجله ح ت بلغ ستي سنة، وورد ف « صحيح البخاري» :أعذر ال إل امر ٍ
ورُوي أن ملك الوت دخل على داوُد ب عليه السلم ب ،فقال :من أنت؟ قال :من ل
ب اللوك ،ول يتن ُع من ال ُقصُور ،ول يقب ُل ال ّرشَاء. يها ُ
ك الوت ول أ ستعدّ بعدُ ،قال :يا داوُدُ ،أ ين فُل نٌ جارك؟ قال :فإذًا أ نت مل ُ
أين فلنٌ قريبك؟ قال :ماتا ،قال :أما كان لك ف هؤلء عبة لتستعد.
ْتب م َن زَادِ
آنب الرّ ِحيْلُ ومبا َق ّدم َ
ب َ يبا سبَا ِهيًا لهِيًبا عَمّاب يُرا ُد بِه ِ
ت غَدًا مَ ْع مَن غَدَا غادِ
ت أنْ َ
ب البَقَاءَ صبَحيْحًا سبَالًا أبَدَا هِْيهَا َ تَرْج ُ
آخر:
ب ف غفلةٍ بانْ صِرا ِم العُمْرِ ما َشعِرُوا
ب به ِ
تضبي الياةُ وأبناءُ الزمان ِ
ت أيامه ولياليه ف هيئة الزائن،
ض على النسان ف الدار الخرة ساعا ُقيل :إنا تُعر ُ
كل يوم وليلة أربع وعشرون خزانة بعدد ساعاتما فيى الساعة الت عمل فيها بطاعة ال
خزا نة ملوءة نورًا فيفرح بذلك فرحًا شديدًا ،وال ت ع مل في ها بع صية ال ملوءة ظُل مة،
والت ل يعمل فيها بطاعة ول معصية يدها فارغة ل شيء فيها.
فيع ظم ند مه وح سرته إذا ن ظر إل الفار غة ،ويتم ن لو مل ها بذ كر ال جل
وعل ،قال جل وعل وتقدسَ :وأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الَسْ َرةِ إِذْ قُ ِ
ضيَ ا َلمْرُ وَهُمْ فِي َغفْ َلةٍ
وَ ُهمْ لَ يُ ْؤمِنُونَ .
81
إيقاظ أول المم العالية
وقال عز من قائلُ :هنَالِ كَ تَ ْبلُو ُكلّ َنفْ سٍ مّ ا أَ سْ َلفَتْ فالعا مل بطا عة ال
يكون فرحًا مسرورًا مغتبطًا على الدوام يزيد فرحُه واغتباطه ويكاد فؤاده يطي من
شدة الفرح.
وعك سه العا مل بعا صي ال يكون مغمومًا مزونًا قلقًا يزداد حُز نه وح سرتُه
وندامتُه إل غي ناية.
ففكر يا أخي ،واختر لنفسك رحنا ال وإياك وجيع السلمي ما دُمت ف قيد
الياة ف دار الختيار ل تطوى صحيفتك.
فالبدار البدار فيمبا ينفعبك ويرفعبك وإياك والتسبويف ،فإنبه ش ٍر والنسبان
معرض للفات والشواغل الكثية.
قال « :اغتنم خ سًا قبل خس :شبابك قبل هرمك ،وصحتك قبل سقمك،
وفراغك قبل شغلك ،وغناك قبل فقرك ،وحياتك قبل موتك».
وأخرج الترمذي وح سنه والا كم و صححه ،وا بن ما جه عن ال نب ،قال:
«الؤمبن يوت بعرق الببي» ،وقال اببن مسبعود :إن الؤمبن يبقبى عليبه خطايبا
يُجازي با عند الوت ،فيعرق لذلك جبينه.
وقال سبفيان :كانوا يسبتحبونة العرق للموت ،ومبن ثب قال علقمبة لبعبض
أصحابه :أحضرن فَلِقن ل إله إل ال ،فإن عرق جبين فبشرن.
قال بعضُ العلماء :وإنا يعرق جبينه حياءً من ربه لا اقترف من مافته؛ لن ما
سفل منه قد مات وإنا بقيت منه قوة الياة وحركاتا فيما عل.
والياءُ ف العيني ،والكافر ف عما عن هذا كله ،والُوحد الُعذّبُ ف شغل عن
هذا با حل به.
ولا احتضر عمرو بن العاص قال ابنه :يا أبت ،إنك كُنت تقول :ليتن ألقى
ل عاقلً ع ند الوت ح ت ي صف ما يدُ ،وأ نت ذلك الر جل ف صِفْ ل الوت، رج ً
قال :يا بُن وال لكأن أنتفسُ من سمّ أبرةٍ وكأن ُغصْ َن شوكٍ يُجرّ به من قدمي.
82
إيقاظ أول المم العالية
وقال :أجدُ كأن السموات أطبقت على الرض وأنا ينهما وكأن نفسي ترج
على ثقب لبر ٍة وكأن غُصن شو ٍك يُجذبُ به من هامت إل قدمي.
ص ْد ُر
َلعَمْرَ كَ مَا ُيغْنِي الثراءُ عن الفَتَى إذا َح ْشرَجت يومًا وضَا َق با ال ّ
سع بعض هم بكاء على م يت ،فقال :عَجبًا من قوم مُ سافرين يبكون على
مسافر قد بلغ منله.
قال عمر بن عبدالعزيز :ما أحب أن تون عليّ سكرات الوت؛ لنه آخر ما
يؤجر عليه الؤمن.
أهل القبور مبُو سُون ندموا على ما قدموا ،وأهل الدور مُنتظرون يقتتلُون على
ما عليه أهل القبور مُتندمُون.
فل هؤلء إل هؤلء يرجعون ،ول هؤلء بؤلء معتبون.
سُئل بعضهم :هل من علمة تدل على أن ال قد َقبِلَكَ؟
فقال :إذا رأ يت ال عز و جل قد ع صمك عن العا صي كُلّ ها كره ها إل يك،
ووف قك لطاع ته عل مت أ نه قد قبلك ،قُل تُ :لو قال قوي ظ نك ورجاؤك لكان
أول ،إن لل سيئة ظل مة ف القلب وشينًا ف الو جه ،ووهنًا ف البدن ،ونق صًا ف
الرزق ،وبغضة ف قلوب اللق ،ونق صًا ف العقل والدين ،وأما السنة فإن لا نورًا
ف الو جه ،ونشاطًا ف البدن ،وزيادة ف الرزق وم بة ف قلوب اللق وزيادة ف
العقل والدين.
ُوكب
ْتب َمْنه ُ
ّكب لَو َفكّر َ ْتب عِز َب عُمْرِ كَ يا َمغْرُو ُر َم ْهتُو كُ وبَي ُ
ِحجَا ُ
بببِحُ يَومًبا و ْه َو ْمتُروك ُ َكفَا كَ ما قَمَشَ تْ َكفّاك مِن نَشَ بٍ لبُ ّد يُص ْ
َسبفُوكُ
ح ُر م ّْبب منبه النّ ْ
خض ُ ب عَلى زَ ّلتِهببِ نَدَمًببا دَمًا يُ َ ل بَاكب ٍ
ُوكب
ِكب الفِكْرِ فب اليات مَأف ُ حقُ هُ وإف ُ ل شَكّ ف الجَ ِل الحتُو مِ يَ ْل َ
ك هُ ْلكًا ومَمْلُو كُ
َيقْلى الثّواءَ بدَار غَيبببب ثَا ِويَةٍ فيها ا ْسَتوَى مالِ ٌ
83
إيقاظ أول المم العالية
موعظة
أيُ ها الع بد ،حا سب نف سك ف خلو تك وتف كر ف سرعة إنقراض مُد تك،
واعمل بد واجتهاد ف زمان فراغك لوقت حاجتك وشدتك.
وتدبّر قبل الفعل ما يُملى ف صحيفتك وانظر هل نفسك معك على الشيطان
والوى والدنيا أو عليك ف ماهدتك.
ل قد َسعِدَ من حا سبها وفاز من حارب ا وقام با ستيفاء القوق من ها وطالب ها
ت عاتبها وكلما توّقفَتْ جذبا.
وكلما قصرت أو وَن ْ
قال –عليه الصلة والسلم« :-الكيس مَن دَان َنفْ سَه وعمل لا بعد الوت،
والعاجِز من أتبع نفسه هواها وتن على ال المان».
وقال ع مر :حا سبوا أنف سكم ق بل أن تا سبوا وطالبو ها بال صدق ف العمال
قبل أن تطالبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا ،فإنه أهون عليكم ف الساب غدا
وتزينوا للعرض الكب يَ ْومَِئذٍ ُتعْرَضُونَ لَ َتخْفَى مِن ُكمْ خَافَِيةٌ .
فصل
أخرج الاكم ف «الستدرك» واب نُ سعدٍ عن عوانة بن الكم :أن عمرو بن
العاص كان يقول :عجبًا لن نزل به الوت ،قال له ابنه عبدال :يا أبتِ إنك ُكنْتَ
َتقُولُ :عجبًا لن نزل به الوت وعقلُه معه كيف ل يصفُه ،فصفْ لنا الوت؟ قال:
يا بُن ،أجلّ من أن يوصف ،ولكن سأصف لك منه شيئًا ،أجدن كأن على عنقي
جبال رضوى ،وأجد ن كأن ف جو ف شوك ال سلن ،وأجد ن كأن نف سي تر جُ
من ثقب إبرة.
وقال عمر لكعب :أخبن عن الوت؟ قال :يا أمي الؤمني ،هو مثل شجرةٍ
كثية الشوك ف جوف ابن آدم فليس منه عرق ول مفصل إل وفيه شوكة ،ورجُلٌ
شديدُ الذراعي فهو يُعالها وينعها.
وأخرج أببو نعيبم فب «الليبة» ،عبن واثلة ببن السبقع ،عبن النبب قال:
«ا ْحضُروا َم ْوتَاكم ولقِنُوهُم ل إله إل ال وبَشروهُم بالنةِ ،فإنّ الَلي مَ مِن الرجالِ
84
إيقاظ أول المم العالية
حيّ ُر عند ذلك الَ صْ َرعِ ،وإنّ الشيطا نَ أقر بُ ما يكون من ابن آدم عند
والنسا ِء َيتَ َ
ذلك الصرع ،والذي نفسي بيده لُعاينةُ ملك الوت أشدّ من ألف ضربةٍ بالسيف،
عرقب منبه على
ْسب عب ٍد مبن الدنيبا حتب َيتَأل كلُ ٍوالذي نفسبي بيده ل ترج َنف ُ
ِحيَالِهِ».
قال بعضهم :من خاف الوعيد قصّ َر البعيد ،ومن طال أمله ضعف عمله وكل
ما هو آتٍ قريب.
واعلم يا أخي ،أن كل ما يشغلك عن ربك فهو عليك مشؤم.
واعلم أن أهل القبور إنا يفرحون با يُق ّدمُون ،ويندمُون على ما يُخلفُون.
وأهل الدنيا يقتتلون ويتنافسون فيما عليه أهل القبور يندمُون.
وقال مالك بن دينار :إن ال ج عل الدن يا دار م فر والخرة دار م قر ،فخذوا
لقركم من مفركم ،وأخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن ترج منها أبدانكم ،ول
تتكُوا أستاركم عند من يعلم أسراركم.
ف في الدن يا حيي تم ولغي ها خُلق تم إن ا م ثل الدن يا كال سُم أكله من ل يعر فه
واجتنبه من عرفه.
ومثل الدنيا مث ُل الية مسّها ليٌ وف جوفها السّم القاتل يذرها ذووا العقول،
ويهوى إليها الصبيان بأيديهم.
وقال رجل لالك بن دينار :يا مُرائي ،قال :مت عرفت إسي؟ ما عرف اسي
غيُك.
ب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. وقال :ما ضُر َ
وقال :إن العال إذا أتيتُه ف بيته رأيت حصيةُ للصلة ومصحفه ومطهرته ف
جانب البيت ترى أثر الخرة.
وقال :إن البرار لتغلي قُلوبمب بأعمال الب وإن الفجار تغلي قلوبُهبم بأعمال
الفُجُور وال يرى هُمُومكم فانظروا ما هُمُومكم رحكم ال.
85
إيقاظ أول المم العالية
ب الوَاقِفَيْبن على ال َقبْرِ
ْتب لِلْق َ ِب والبلى وللْ َملَكيْنبِ
مُحَمّ ُد مبا أعْ َدد َ
وأنْت بَ مُص بِ ٌر ل تُراجِع بُ تَوَبةً ول ترعَوي عمبا يُذَم ّ م ِن المْرِ
ْثب والنّشْرِ
َهب زادًا إل البَع ِ
ّمب ل ُ
ب َفقَد ْ ب ل تُحاوِل دَ ْفعَه ُ
بيَ ْأِتيْكَ يَوم ٌ
سَ
قال بعهض العلماء :الشياء القتضيهة لسهُوء الاتةه والعياذ بال أربعهة:
التهاون بالصهلة ،وشرب المهر ،وعقوق الوالديهن ،وإيذا ُء السهلمي ،وزاد
بعضهم النظر إل الحداث.
و عن أ ب سعيد قال :د خل ر سول ال مُ صله فرأى نا سًا يكتشرون (أي
شغَلكُم عَمّ ا يضحكون) ،فقال« :أ ما إن كم لو أكثرتُم مِن ذِكرِ هادِ مِ اللذا تِ لَ َ
أرَى».
فأكثر ذكرها ذم اللذات الوت ،فإنه ل يأت على القب يوم إل يتكلم ،فيقول:
أنا بيت الغُربة ،وأنا بيت الوحدة ،وأنا بيت التُراب ،وأنا بيت الدود.
فإذا د فن الع بد الؤ من قال له ال قب :أهلً ومرحبًا ،أ ما إن ك نت ل حب من
ي شي على ظهري فإذا ولي تك اليوم و صرت إل ف سترى صنيعي بك فيت سعُ مدّ
بصره ويُفتحُ لهُ بابٌ إل النة.
وإذا دُفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القب :ل مرحبًا ول أهلً ،أما إن كنت
لبغض من يشي على ظهري فإذا وليتك اليوم وصرت إلّ فسترى صنيعي بك.
قال :فليتئم عليه حت تلتقي وتتلف أضلعُه ،وقال « :ف أصابعه و أدْ َخلَ
ضهَا ف بعض ،ويُقي ضُ له تِسعُونَ تَّنْينًا لَو أنّ واحدًا َنفَ خَ ف الر ضِ ما أْنبَتَ تْ َبعْ َ
خ ِدشُه حت ُيفْضى به إل الساب». َشيْئًا ما َبقَِيتِ الدُنيا فَتْنهَشُه وتَ ْ
ض ٌة مِن رِياض النة أو ُحفْ َرٌة مِن ُحفَرِ قال :وقال رسول ال « :القب إمّا َروْ َ
النار» أخرجه الترمذي.
وقال :هذا حديث حسن غريب ل نعرفه إل مِن هذا الوجه.
قال الافظ ابن رجب :لكن روي معناه من وجوه ذكر بعضها .اهب.
86
إيقاظ أول المم العالية
فتفكر يا مغرور بالوت وسكراته وصعوبة كأ سِهِ ومرارته فيا للموت من وعدٍ
ما أصدقه ومن حاكم ما أعد له.
فكفى بالوتِ مُقرّحًا للقلوب و ُمبْكيًا لِ ْلعُيون ومُفرقًا ِللْجَماعات وهاذمًا للذات
وقاطعًا للمنيات.
فهل تفكرت يا ابن آدم ف يوم مصرعك وانتقالك من موضعك ،ونقلت من
سعة إل ضيق ،وفارقك الصاحب والرفي قُ ،وهجرك الخ والصديق ،وأخذت من
فرشك وغطائك إل حفر وغطوك من بعد لي لافك بترابٍ ومدرٍ.
ب
ب ال ُدنْيَبا َفنَ ْلهُوا ونَ ْلعَب ُ
الوتب سبَاعةَ ذِ ْكرِه وتَ ْعتَرض ُ
ِ َاعب لِذكْ ِر
نُز ُ
ْسببُ
لهْ ِل ُين ََانب إل ا َ ِهب عليبه وعِرْف ٌ ِبب َأمْر ِ
الشكب غَال ُ
َ ْنب كأنَّيقِي ُ
آخر:
ب فب كبل َلحْ َظ ٍة يَشيْدُ وَيبْن ب دَائمًبا ويُحَصبّنُ ومُْنتَظِرٍ ِللْموت ِ
ِنب
ْسب يُوق ُب وأعمالُه أعْمَا ُل م َن َلي َ ب َح ِقيْ َق ُة ُموْقِن ٍ
ب َتبْلُوه ُ
ب ِحيْن َ
لَه ُ
با يَتَيقَن بُ
جهْلِ علْمُهبُ بَمَ ْذ َهبِه بِ ف ب كُلّ مب ب كإنْكَارٍ وكالْ َ عِيان ٌ
كان بعضهم يوبخ نفسه ،فيقول :عمل كال سّراب وقل بٌ من التقوى خرا،
ب بعدد الرمل والتراب.
وذنو ٌ
ث تطمع ف الكواعب التراب هيهات أنت سكرات بغي شراب.
87
إيقاظ أول المم العالية
ما أكملك لو بادرت أملك ،ما أجلّك لو بادرت أجلك ،ما أقواك لو خالفت
هواك.
وقال آ خر :العل ُم ع صمة اللوك؛ ل نه ينُع هم من الظلم ،ويدر هم إل اللم،
ويصدهم عن الذية ،ويعطفهم على الرعية.
فمبن حقهبم أن يعرفوا حقبه ،ويسبتنبطوا أهله ،فأمبا الال فظبل زائل وعاريبة
مسترجعة ،وليس ف كثرته فضيلة ،إل لن يسلطه ال على هلكته ف الق.
كمن ينفقه ف الهاد ف سبيل ال ،وعمارة الساجد وسائر الشاريع الدينية،
ويتَنسّخ من زكاته.
كان موسى بن جعفر بن ممد بن علي بن السي يُدعى العبد الصال لجل
عبادته واجتهاده وقيامه بالليل ،وكان كريًا إذا بلغه عن رجل أنه يؤذيه ،بعث إليه
بال.
وبعث موسى إل الرشيد من البس رسالة إنه لن ينقضي عن يوم من البلء
إل انق ضى ع نك مع ُه يو مٌ من الرّخاء ح ت نُف ضي جيعًا إل يوم ل يس له انقضاء
يس ُر فيه البطلون.
بةٍ ودَا ُر غُرور آ َذنَتببْ ِبفِراقببِأخِبي إنّمبا الدُنيبا ملّة َنغْص َ
ب بِسباقِ
تزوّد أخِي مِن قَب ِل أن َت ْس ُك َن الثّرى وتَ ْلتَفّب سباقٌ ِللْمَمات ِ
فصل
من فوائد ذ كر الوت أ نه يورث ال ستشعار بالنزعاج عن هذه الدار الفان ية
الملوءة بالكدار والنكاد والموم والغموم.
ويثُك ذكر الوت على التوجُه ف كل لظةٍ إل الخرة بالستعداد لا ث إن
النسان ل ينفك عن حالت ضي ٍق وسع ٍة ونعمةٍ ومْنةٍ.
88
إيقاظ أول المم العالية
فإن كان ف حال ضيقةٍ ومنةٍ فذ كر الوت سهّلَ عليه بعض ما هو فيه إذ ل
مُصيبة إل والوت أعظم منها وهو ذائقه ولبُد.
قال ال تعال :كُلّ َن ْفسٍ ذَائِ َقةُ الَ ْوتِ وإن كان ف حال سع ٍة ونعمةٍ.
فذك ُر الوت ينعه من الغترار بالدُنيا والركون إليها لتحقق عدم دوامها وتقق
ذهابا عنه وانصرامها.
قال ال جل وعل وتقدسَ :فلَ تَغُ ّرنّكُ مُ الَيَا ُة الدّنْيَا َولَ َيغُ ّرنّكُم بِاللّ هِ الغَرُورُ
.
َقب
َتب تُسبِي ُء وُتوْم ُ
َاكب مَا زَال ْ
ب و ُدَنْي َ
ب دَائِمً ا
يُسبِي ُء امْر ٌؤ منبا َفُيْبغَض ُ
َقب
ا سَ ّر َهوَاهَا الشي خُ والكهلُ وال َف ت َبهْلٍ فمبن كُبل النّواظبر تُ ْرم ُ
ومبا هبي أهْلٌ أن يؤهّ َل ِمثْلُهَبا َلوُدٍ وَلكِنّب ابنببَ آدم أحْمَقببُ
وكتهب عمهر بهن عبدالعزيهز إل بعهض أههل بيتهه :أمها بعهد ،فإنهك إن
استشعرت ذكر الوت ف ليلك ونارك بغض إليك ُك ّل فان.
اليامب سبهام والناس أغراض والدهبر يرميبك كُ ّل يوم ُ وقال بعبض العلماء:
بسهامه ويترمك بلياليه وأيامه حت يستغرق ويستكمل جيع أجزائك فكيف تبقى
ف لك عما أحدثت سلمتُك مع وقوع اليام بك وسرعة الليال ف بدنك لو كُش َ
ت مَمرَاليام ف يك من الن قص ل ستوحشت من كل يو ٍم يأ ت عل يك وا ستثقل َ
الساعات بك ولكن تدبيُ ال فوق كل تدبي.
ب َووَ ْقعَه بُ وَ َر ْو َعةَ مَ ْلقَاه بُ َومَ ْطعَم بَ ص بَابِهِ
ومَثّلْ ِل َعْينَيْك بَ المام َ
ب
بَتنْزَ ًل عبن ُقبَابِه ِ
بَينْزلُها مُس ْ وأنّ قُ صَارَى ُمْنتَهَى الَي ُحفْرةٌ س َ
آخر:
سببُ ْوتًا وآحادًا وَننْشُرَهَبا ونَحَ نُ ف الطّي َبيْ َن ال سّبتِ والحَ ِد
ْويب ُ
نَط ْ
بُ ف ب العَ َددِ
ت ومِ نْ أحَدٍ لبُدّ أن يَدْ ُخلَ الَ ْطوِيبت مِن َسبْ ٍ فعُدّ ما ِشئْ َ
89
إيقاظ أول المم العالية
وبالسلو عن غوائل الدنيا وأنكادها وتكديراتا وجد طعم لذاتا ،وإنا لمرّ
من العلقم ،و الصب والر والنظل إذا عجنها الكيم وقد أعيت الواصفون
لعيوبا بظاهر أفعالا وما تأت به من العجائب أكثر ما يُحيط به الواعظُ والحذّر
منها ،ومع هذا فالقلب متعلق با أعظم تعلق ،قال ال جل وعلَ :ولَ يَ ْ
سأَلْ ُكمْ
ضغَانَكُ مْ أمّ ا الل سان فيذ مُ
حفِكُ مْ تَ ْبخَلُوا َوُيخْرِ جْ أَ ْ
سَألْكُمُوهَا فَُي ْ
أَمْوَالَكُ مْ * إِن يَ ْ
الدنيا ،وأما القلب فمحبتها ف سويدائه على حدّ قول الشاعر:
ب
ب فيهبا ِللّسبَا ِن ُمبَايِن ٌ
ب وقَ ْلبُك َ لِسبَانُكَ لِل ّدنْيبا عَ ُدوٌ مُشَاحِن ٌ
صفَا لَهَا ِمنْكَب وِدٌ فب فُؤادِكَب كَامِنُب
ت فيها وَقدْ َ وما ضَرّها ما قُلْ َ
آخر:
سِوى أم عمرو ُموْجَ ُع القل بِ هائِ مُ
أبَى القَلْبُب ألّا أمّ دَفْر كَمَا آبب
سهَىهي الُشَْتهَى والُْنَتهَى ومَ َع ال ُ
ب
أمَانب ِمنْهَبا ُد ْوَنهُنّب العَظَائِم ُ
بدٌ
ب تُ ْلفِنَبا إلّا وِفيْنَبا تَحَاس ُ
ولَم ْ
سبخَا ِءمُ
الصبدُور َ
عليهبا وإل فب ُ
تنبيه:
اعلم يا أخي ،أن الدنيا ل تذم لذاتا وكيف يذم ما منّ ال به على عباده وما
هو ضرورة ف بقاء الدمي وسبب ف إعانته على تصيل العلم والعبادة من مطعم
ومشرب ومل بس وم سجد يُ صلى ف يه ،وإن ا الذموم أ خذ الش يء من غ ي حله أو
ف النفبس فيبه بُمقتضبى
تناوله على وجبه السبرف ل على مقدار الاجبة ،ويُصبر ُ
رُعوناتاب ل بإذن الشرع فالعاقبل يعلهبا مطيبة للخرة فينفقهبا فب سببيل ال فب
الشار يع الدين ية من طبا عة م صاحف ك تب دين ية وعمارة م ساجد وبذل للفقراء
الذين ل موارد لم.
وقال آخر :وقد استوصف الدنيا وقدر بقائها ،فقال :الدنيا وقتك الذي يرجعُ
إليك فيه طرف كَ؛ لن ما مضى عنك فقد فاتك إدراكه ،وما ل يأت فل علم لك
90
إيقاظ أول المم العالية
ببه ،والده ُر يوم مقببل تنعاه ليلتبه وتطويبه سباعاته وأحداثبه تتوال على النسبان
بالتغي ي والنق صان والد هر مُوكّلُ بتشت يت الماعات وانرام الش مل وتنقُل الدُول
والم ُل طويل والعمر قصي ،و إل ال تصي المور.
س يَنْجَا بُ
ْيتب ببه أم دُو نَ ُذ ْهنِ كَ سِتْرٌ َليْ َ
َميب أتَدرْي م َا ُمن َ
يبا آد ُ
َابب
فيهب إ ْخض ُ وعامب ِْبب ٌ َومب وَيفْنَى العُمْ ُر ُمنْطَويًا عَام جَدي ٌ
َومب وي ٌ
ي ٌ
إنب بَلَاهَبا عَاقِلٌ صبَابُ
فل تَغُرنّك بَ ال ُدنْيَبا بزُ ْخرُفِهَبا فأ ْريُهَبا ْ
والَزْ ُم يَجْ ن أ ُموْرًا كُلّهَا شَرَ فٌ والُرْ قُ ي َجْن أمُورًا كُلّها عا بُ
أ ما عمرك كل يوم يُنتهب ،أ ما الُع ظم من ُه قد تولّى وذ هب ،إل أي حي أنت ف جع الورق والذهب ،تبخل
بالال وأوقات العمر تب ،يا من إذا خل تفكر وحسب ،فأمّا لنول الوت فما قدر وحسبْ.
تأهب فإنك مُقبل على كربةٍ ل كالكرب ،تطلب النجاة من غي باب الطّلب،
وتقفُ ف الصلة وإن صلتك لعجبْ ،السْمُ حاض ٌر والقلبُ ف شُعب.
السدُ بالعراق والقل بُ ف حلب ،الفهم أعجم يُ و اللفظ لفظ العرب ،وهذا
يدل على أن ُحبّ الدُنيا والوى على قلبك قد غلب.
فكأنكم الدنيا قد تولت ،والنفوس الكرية قد هانت وذلت ،وبكؤوس السى
والتأسف قد انلت وعلت ،وبمول الظاعني على السف قد استقّلتْ.
مت يُقال لذه الغمرة الت جّلتْ قد تلّت ،فواعجبًا لنفس ما تنتبه وقد زلت.
ف مَطُْلوْبَا مُذْ كَا نَ وَ ْسنَانُ
بى غَيْ ُر مُطْرَقةٍ وطَرْ ُ ب الني ٍة َيقْضَب
عَيْنب ُ
ِدهب فالنّطْ قُ صاحٍ ولُبّ الرءِ َسكْرَانُ ْنب َموْل ِ ِنهب ِحي َ
ّنب م ُ
ل تَمك َ َج ْه ً
قال أ حد العلماء :وجدت الدن يا شيئ ي ،فش يء من ها هو ل فلن أعجله ق بل أجله ولو طلب ته بقوة ال سموات
والرض.
91
إيقاظ أول المم العالية
ووجدت ما أعطي تُ من الدن يا شيئ ي ،فشي ٌء يأ ت أجله ق بل أجلي فأغل ُ
ب
عليه ،وشيء يأت أجلي قبل أجله فأموتُ وأخلفُه لن بعدي ففي أي هذين أعصي
رب عز وجل.
وعن مصعب بن عبدال قال :سع عامر بن عبدال الؤذن وهو يو ُد بنفسه أي
ف النع ومنله قريبٌ من السجد ،فقالُ :خذُوا بيدي.
فقيل له :إنك عليل ،فقال :أسع داعي ال فل أجيبه ،فأخذوا بيده ،فدخل ف
صلة الغرب فركع مع المام ركعة ث مات ،بلغ يا أخي الذي إذا سعوا داعي ال
تلفلفوا بأرديتهم.
كان لتاجبر صباحب أكياس عببد صبال فقال لعبده :افتقدنبا بعبض الكياس
ففتبش لعلك تدهبا فلمبا ل يدهبا ،قال لعبده :أتعرف مبن هبي عنده؟ قال :ل،
وبعد ذلك حضرت الصلة ،فصل التاجر وتذكرها ف صلته وبعد إنتهاء الصلة،
قال لملوكه :لقد ذكرتُ من هي عنده ،عند فلن اذهبْ فأت با.
س أو طالب خالق، فقال الغلم :يا عمّ ،أ نت ف صلتك كُن تَ طال بَ أكيا ٍ
فأعتقهُ حيث نّبهَهُ للخلل ف صلته الت هي أول ما يُحاسب عنه العبد.
كان أبو الدرداء يقول :اللهم إن أعوذ بك من تفرقة القلب ،قيل :وما تفرقة
القلب؟ قال :أن يوضع ل ف كل وادٍ مال.
وقال سفيان الثوري :بلغ ن أ نه يأ ت على الن سا زمان تتلئ قلوبُ هم ف ذلك
الزمان مِن حب الدنيا فل تدخله الشية.
عن ماهد قال :مرر تُ مع ابن عُمر على خربة ،فقال :يا ماهد ،ناد يا خربة
ما فعل أهلك؟ أين أهلك؟ قال :فناديتُ ،فقال اب ُن عُمر :ذهبوا وبقيت أعمالم.
وعن السن قال :م ّر عمر على مزبلةٍ فاحتبس عندها فكأنّ أصحابه تأذوا
با ،فقال :هذه دُنياكم الت ترصون عليها.
عن عمر بن الطاب قال :لو نا َد مُنادٍ من السماء أيها الناس ،إنكم داخلون
النة إل رجلً واحدًا لفتُ أن أكون ذلك الواحد.
92
إيقاظ أول المم العالية
ب أن
ولو ناد مُنا ٍد أيهبا الناس ،إنكبم داخلون النار إل ر ُجلً واحدًا لرجوت ُ
أكون أنا ذلك الواحد.
وقال عثمان :لو أن بي النة والنار ول أدْري إل أيتهما يُؤمرُ ب لختر تُ
أن أكون رمادًا قبل أن أعلم إل أيتهما أصب.
وعن عون بن ذكوان قال :صلّى بنا زرارةُ ب ُن أوف صلة الصبح ،فقرأ :يَا
أَيّهَا ا ُل ّدثّرُ حت بلغَ :فإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فخر مغشيًا ،وكُنت فيمن حله إل
داره.
وقال عبدالعلى التي مي :شيئان قط عا ع ن لذات الدن يا ذك ُر الوت ،والوقو فُ
بي يدي ال.
الياطب لتكون الياطةُ جيدة
ُ أتبى رجبل إل خياط ليخيبط له ثوبًا ،فاجتهبد
ومُتقنة ،ولا جاء صاحب الثوب أعطاه الجرة وأخذ الثوب ،وذهب.
و ف اليوم الثا ن عاد الر جل وأ تى الياط ،وقال له :وجدت ف اليا طة ب عض
العيوب وأراه إيا ها ،فب كى الياط ،فقال له الر جل :ما ق صدت أن أحز نك وأ نا
راضٍ بالثوب ،فقال له الياط :ليس على هذا أبكي لن عملت جهدي لتقن لك
اليا طة ،ث خر جت هذه العيوب فأ نا أب كي على طاع ت لر ب ،و قد اجتهدت ب ا
عُمري فكم فيها من العُيُوب.
تأمل يا أخي ،هذا التفكي ل دره.
بعًا ،فكان هبو وامرأتبهْتب أببا هريرة س ب
وعبن أبب عثمان النهدي قال :تضّيف ُ
يتعقبُون الليل أثلثًا ،يُصلي هذا ث يوقظ هذا ،ويُصلي هذا ث يُوقظ هذا.
وعن عطاء بن أب رباح عن أب هريرة ،قال :ما وج عٌ أحب إل من المى؛
لنا تُطي كل مفصل قسطهُ من الوجع ،وإن ال تعال يُعطي كل مفصلٍ قسطهُ
من الجر.
عن عبدالرح ن بن مهدي قال :ليلة بات سفيان عندي فل ما اش تد به ال مر
ب أببا عبدال ،أراك كثيب الذنوب ،فرفبع شيئًا مبن جعبل يبكبي ،فقال له ر جل :ي ا
93
إيقاظ أول المم العالية
الرض ،فقال :وال ل ُذنُو ب أهو نُ عندي من ذا إ ن أخا فُ أن أُ سَلبَ اليان ق بل
الوت.
قال ابن القيم:
بِبيْل ال َع ْفوِ وال ُغفْرَانبببِ
وال مببا َخوْفبب ال ُذنُوبببَ فإنّهَبا َلعَلَى سبب َ
ْبب م ِن تَحْكببي هذا الوَحْببي والقُرآنببِ خ القَل ِ
ْسبلَا َ
َلكِنّمبا أخْش َى ان ِ
ورِضًببا بآرَاءِ الرِجالِ وخَرصبببِها ل كان ذَاكببببَ بِ ِمّن َة الَنَانببببِ
قال وهيب :عجبًا للعال كيف تُجيبه دواعي قلبه إل ارتياح الضحك ،وقد
علم أنّ لهُ ف القيامة روعات ووقفات وفزعات.
و عن وه يب يقول ال عز و جل :وعز ت وجلل وعظم ت ما من ع بد آ ثر
ت الف قر من قل به
ت هُمو مه وجع تُ عل يه ضيع ته ونزع ُهواي على هواه إل أقْلَلْ ُ
ت الغن بي عينيه واترت له من وراء كُل تاجرٍ. وجعل ُ
ت هومه وفرقت عليه وعزت وجلل ما من عبد آثر هواهُ على هواي إل كثر ُ
ضيعته ونزع تُ الغن من قلبه ،وجعلت الفقر بي عينيه ث ل أبال ف أي أوديتها
هلك.
وعن وهيب قال :بلغن أن موسى ب عليه السلم ب قال :يا رب أخبن عن
آية رِضاكَ عن عبدك؟ فأوحى ال تعال إليه إذا رأيتن أهيئُ له طاعت ،وأصرفه عن
مَعصيت فذلك آيةُ رضاي عنه.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
وعن حفص بن ميسرة قال :قال أ بو حات :عجبًا لقوم يعملون لدار يرحلون
عنها كُ ّل يوم مرحلة ،ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة.
وقال :شيئان إذا عملت ب ما أ صبت خ ي الدن يا والخرة ،ت مل ما تكره إذا
أحبّهُ ال ،وتترك ما تُحبُ إذا كرههُ ال.
94
إيقاظ أول المم العالية
وقال :يس ُي الدنيا يُشغ ُل عن كثي من الخرة.
كرهتب أن
َ فقدمهب اليوم ،ومبا
ُ أحببتب أن يكون معبك فب الخرة َ وقال :مبا
يكون معكَ ف الخرة فاترك ُه اليوم.
حج أبو جع فر فدعا ابن أ ب ذئب ،فقال :نشدتُ كُ بال ألستُ أعم ُل بال ق؟
ألستَ تران أعدلُ؟
فقال ا بن أ ب ذئب :أ ما إذا نشدت ن بال ،فأقول :الل هم ل أراك تعدل ،وإ نك
لائر ،وإنك لتستعمل الظلمة وتدعُ أهل الي.
قال ممد بن عمر :فحدثن ممد بن إبراهيم بن يي ،وأخبتُ عن عيسى بن
علي ،قالوا :فظننا أن أبا جعفر سيعاجله بالعقوبة ،فجعلنا نل فُ إلينا ثيابنا مافة أن
يُصيبنا من دمه ،فجزع أبو جعفر واغتم ،وقال له :قم فاخرج.
تأمل يا أخي ،هل يوجد هذا الطراز من ل تأخذهم ف الدنيا لومة لئم أظنه
ع بال ق فل حول ول قوة إل بال معدُو مٌ ف هذا الو قت ما ف يه اليوم من ي صد ُ
العلي العظيم.
د خل عمرو بن عُب يد على النصور ،فقال :أن ال أعطاك الدُنيا بأ سرها فاشترْ
ض صبيحتها عن يوم القياة. ح ُ
منه نفسك ببعضها وإن لحذرك ليلةً تتم ّ
ثب قال له عبن حاشيتبه :إن هؤلء اتذوك سبُلمًا لشهواتمب ،فأنبت الخبذ
بالقرني وهم يلبون.
فا تق ال فإ نك م يت وحدك ،وما سب وحدك ،ومبعو ثٌ وحدك ،ولن يغنوا
عنك هؤلء من ربك شيئًا.
فقال له :أعن بأصحابك فأستعي بم دون هؤلء فرّد عليه أظهر الق يتبعُك
أهله.
فقال ل هُ :ألك حاجة؟ قال :نعم ،قال :ما هي؟ قال :أل تعث إلّ حت آتيك،
إذًا ل نلتقي ،قال :عن حاجت سألت ،ث ذهب.
95
إيقاظ أول المم العالية
قال الجاج ليحي بن يعمر :ما تقول ف واسط (مدينة بناها الجاج) ،فقال
له :ما أقول فيها وقد بنيتها من غي مالك وسيس ُكنُها غيُ أهلك.
ظ وغض بٍ :ما حلك على ما قُلت؟ قال :ما أ خذ ال فقال له الجاج ف غي ٍ
تعال على العلماء من العهد أل يكتموا الناس حديثًا.
فقال له :أل تش سيف الجاج؟
ع مكانًا لشية سواه. فقال :لقد ملتن خشيةُ ال جل وعل فلم تد ْ
وق يل :إن الجاج خ طب يومًا ،فقال :أي ها الناس ،ال صب عن مارم ال أي سر
من ال صب على عذاب ال ،فقام إل يه ر جل فقال له :وي كَ يا حجا جُ ،ما أ صفق
وجهك وأقل حياءك تفعلُ ما تفعلُ وتقو ُل مثل هذا الكلم ِخْبَئتَ وضل س ْعيُكَ.
فقال للحرس :خذوه ،فلمبا فرغ مبن خُطبتبه ،قال له :مبا الذي جرّأك عليّ؟
فقال :ويكَ يا حجاج ،أنت تترئُ على ال ول أجترئُ عليك ،ومن أنت حت ل
ئ عليك ،وأنت تترئُ على رب العالي! فقال :خلوا سبيلهُ ،فأطلق. أجتر ُ
ودخل العزُ ب ُن عبدالسلم على السلطان فوعظ هُ وشدّد ف الوعظة فعاتب هُ ولدُه
ف ذلك ،فقال له :هذا اجتماع ل فل أكد ُر ُه بشيءٍ من عرض الدنيا.
يا بُن ،لقد رأيت السلطان ف تلك العظمة ،فأرد تُ أن أهينُه لئل تكبُر نف سُه
عليه فتُؤذيه.
ت هيبة ال تعال إذ أخُاطِبُه ،فصار السلطان أقلّ من القط. ولقد استحضر ُ
ولو كانت بنفسي لديه حاجة من حاجات الدنيا لرأيتُه الدُنيا كلّها.
وأجبب أحبد العلماء على أن يدخبل على ملك مصبر وطلب منبه أن يلببس
ملبس خاصة فأب ،وقال :كيف أتملُ لهُ بلباسٍ ل أتملُ به لرب ف الصلة.
دخل عباد الواص على إبراهيم بن صال -وهو أمي فلسطي ،-فقال له :يا
شيخ ،عظن ،فقال :ب أعظُك أصلحك ال ،بلغن أن أعمال الحياء تُعر ضُ على
أقارب م من الو تى فان ظر ما يُعرض على ر سوله من عملك فب كى ح ت سالت
دموعُه على ليته.
96
إيقاظ أول المم العالية
وقال مالك :وجّ هَ إلّ الرشيدُ أن أحد ثه ،فقل تُ :يا أم ي الؤمن ي ،إن العلم
يُؤتى ول يأت فصار إل منل فاستند إل الدار َمعِي.
فقُل تُ له :يا أم ي الؤمن ي إنّ من إجلل ال إجلل ذي الشيبة ال سلم ،فقام،
فجلس بي يدي ،قال :فقال بعد مدةٍ :يا أبا عبدال ،تواضعنا لعلمك فانتفعنا به،
وتواضع لنا عل ُم سُفيان بن عُيينة فلم ننتفع به.
وروى البيهقي وغيه أن الهدي لا قدم الدينة حاجًا جاءه مالك فسلم عليه،
فأمر الهدي ابنيه الادي وهارون الرشيد أن يسمعا منه ،فطلباه إليهما فامتنع.
فعاتبه الهدي ف ذلك ،فقال :يا أمي الؤمني ،إن للعلم نضارة ،يُؤتى أهلُه.
وف رواية :العلم أهل أن يُوقر ،ويُوقّرَ أهلُه ،فأمرها والداها بالصي إليه فسأله
مؤدبُمبا أن يقرأ عليهمبا ،فقال :إن أهبل هذه البلدة يقرءون على العال كمبا يقرأ
ال صبيانُ على الُعلم فإذا أخطوا أفتاهُم فرجعُوا إل اللي فة فعاتب هُ الهدي ف ذلك،
فقال :يا أم ي الؤمن ي ،سعت ا بن شهاب يقولُ :سعنا هذا العِلْم من رجال ف
الروضة سعيد بن السيب وأبو سلمة وعروة والقاسم بن ممد وسال بن عبدال
وعبد آخريبن كبل هؤلء يُقرأ عليهبم ول يقرؤون ،فقال الهدي فب هؤلء :قدوة
صيُوا إليه فأقرءوا عليه.
أراد الوليد أن يول يزيد بن مرثد القضاء ،فبلغ ذلك يزيد ،فلبس فروةً وقلبها
فج عل اللد على ظهره وال صوف خارجًا وأ خذ بيده رغ يف (أي خُبزة) وعرقًا
(أي ع ظم عليه ل م) وخرج بل رداء ول قلن سُوة (أي أ صلع الرأس) ول ن عل ول
خُف ويشي ف السواق ويأكل ،فقيل للوليد :إن يزيد قد اختلط (أي خرّف)،
وأ خب ب ا ف عل فتر كه الول يد ،قل تُ :وف عل يز يد يدل على ورعه وخو فه من تب عة
القضاء؛ لن القضاء ف يه خ طر عظ يم؛ ولذا قال العلماء :يرم على من ل يُح سنه
ول تتمع فيه شروطُه الدخول فيه.
97
إيقاظ أول المم العالية
وقال « :القضاة ثل ثة وا حد ف ال نة واثنان ف النار» ،وقال « :مَن وُل
القضاء ف قد ذ بح بغ ي سكي» ،وقال « :لَيأت ي على القا ضي العدل يوم القيا مة
سَاعة َيتَ َمنّى أنه ل يقض بي اثني ف ترة قط».
وف لفظ يُدعى القاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الساب ما يتمن أنه
ل يقض بي اثني ف عمُره قط.
ترك خلفُ البزار الرواية عن الكسائي ،فلم يروي عنه مع أنه كان أستاذه وهو
باجة إليه ف تصنيفه كتاب «القراءات» ،ولا أن ضايقُوه ِلمَ لَ ْم يَرو عنه.
قال :ل قد سعتُه يقول :قال ل سيّديِ الرش يد ،فقل تُ :إن إن سانًا مقدا ُر الدن يا
ي أن يُؤخذ عنه شيءٌ من العلم. عنده أن يُج ّل أهلها هذا الجلل لر ٌ
قُلتُ :ل درهُ حيث ل يطمئنّ قلبُهَ لن يُعظمُ الدنيا.
فانظر رحك ال إل شدة ورعهم وترفُعهم وتنُهِهم عن مُخالطة اللوك و أهل
الدن يا ،و صيانة العلم وإعزازه وب ثل هذه الخلق العطرة وال صفات الفاضلة عظ مَ
السلمُ وأهله.
دخل رجل على الأمون كان يشي ف الناس فيأمرهم بالعروف وينهاهم عن
النكر دُو نَ أن يكون مأمورًا من قبل الليفة ،فاستدعاه الأمو نُ ،وقال له :لِ َم تأمُرْ
وتنهى وقد جعل ال ذلك إلينا ،ونن الذين قال ال فيهم :الّذِي نَ إِن مّكّنّاهُمْ فِي
َنه الُنكَرِ ؟ فقال
ُوفه َونَهَوْا ع ِ
ْضه أَقَامُوا الصهّلةَ وَآتَوُا ال ّزكَاةَ َوَأمَرُوا بِالْ َمعْر ِ
الَر ِ
الرجل :صدقتَ يا أمي الؤمني ،أنت كما وصفت نفسك من ال سُلطان والتمكن
غي أنا أولياؤُك وأعوانُك فيه ،ول يُنكر ذلك إل من جهل كتاب ال وسّنة رسوله
ْضه
ُمه أَ ْولِيَاءُ َبع ٍ
َاته َبعْضُه ْ ،قال ال جبل وعل وتقدس :وَالْمُ ْؤمِن َ
ُونه وَالْمُ ْؤمِن ُ
َنه الُنكَرِ ،وقال رسبول ال « :الؤمبن للمؤمبن
ْنه ع ِ
ُوفه َويَنْهَو َ
ُونه بِالْ َمعْر ِ
يَ ْأمُر َ
ب الأمونُ بكلمِ ِه وسُرّ به ،وقال :مثلك يوزُ أن
كالبنيان يشد بعضُه َب ْعضَا» فُأعْج َ
يأمر بالعروف فامض على ما ُكْنتَ عليه بأمرنا وعن رأينا.
98
إيقاظ أول المم العالية
جةّ الأمون،
وهكذا حي أحسن الرجل الحتجاج بالقُرآن وال سّنة انقطع تْ ُح ّ
ول ي ْد بُدًا من إقرار الرجل على طريقته بالمر بالعروف والنهي عن النكر.
وعكس هذا الرجل ،دخل واعظ على الأمون فوعظه وأغلط عليه ف القول،
فقال له الأمون :يا رجُل ،ارفُ قْ فإن ال ب عث من ُهوَ خ ٌي م نك إل من هو شرٌ
من ،وأمره بالرّفْق ،بعث موسى وهارون إل فرعون ،فأوصاهُما بقولهَ :فقُول لَهُ
قَوْلً لّيّنًا ّلعَ ّلهُ يََتذَكّرُ أَوْ َيخْشَى .
وهُنا كان موقف الأمون هو القوى؛ لنّ الدليل معه.
بعث المي طاهر بن عبدال إل ممد بن رافع بمسة آلف درهم على يد
رسوله ،فدخل عليه بعد صلة العصر وهو يأكل البز مع الفجل ،فوضع كيس
الدراهبم بيب يديبه ،فقال :بعثَب الم ُي طاهبر بذا الال إليبك لتُنفقبه على أهلك،
أحتاجب إليبه ،فإن الشمبس قبد بلغبت رؤوس اليطان ،وإناب ُ فقال :خُذه خُذه ل
ت الثماني سنة إل مت أعيشُ ،فرد الال ول يقبل، ب بعد ساعة وأنا قد جاوز ُ تغر ُ
فأخذ الرسو ُل الال وذهب ودخل على الشيخ ابنه ،وقال :يا أب تِ ليس لنا الليلة
خبز.
قال :فذهب بعض أصحابه خلف الرسول ليُرد الال إل صاحبه خوفًا من أن
يذهب ابنُه خلف الرسول فيأخذ الال.
وقال أحدُ الزهاد للمنصُور :أذكُرْ ليلةً تبيتُ ف القب ل تبت ليلةً مثلها ،واذكر
خضُ عن يوم القيامة ل ليلة بعدها. ليلةً ت ّ
احتجتب إل مالك مبا
ُ فأفحبم النصبور قولُه فأمبر لُه بالٍ فردّهبُ ،وقال :لو
وعظتُك.
وقال لب نه ل ا ولّاه الع هد :ا ستدم النعمةَ بالش كر ،والقدرة بالع فو ،والن صر
بالتواضع ،والتألف بالطاعة ،ول تنس نصيبك من الدنيا ،ونصيبك من رحة ال.
ل وق فَ ف باب هذا وقال للرب يع :ويْحَ كَ ،ل قد رأي تُ منامًا هال ن رأ يت قائ ً
القصر يقول:
99
إيقاظ أول المم العالية
برِ قبد بَادَ أهلُه وأوحَشببَ منببه أهلُه و َمنَازلُه كأنب بذا القص ْ
ب
ب ُيبْنَبي عليبه َجنَادِلُه ْ
جةٍ إل َجدَث ٍ
س القصر من َبعْ ِد َبهْ َ
و صَارَ َرِئيْ ُ
وكان ابن أب ذئب جالسًا ف السجد النبوي الشريف ف الدينة فدخل أمي الؤمني الهدي فلم يبق أح ٌد إل قام،
فلما وصل إل ابن أب ذئب ل يُقم ،قال السيب بن زهي :قُم هذا أمي الؤمني ،فقال :إنا يقو مُ الناس لرب العالي،
فقال الهدي :دعهُ فلقد قامت كُلُ شعر ٍة ف رأسي.
100
إيقاظ أول المم العالية
العلم فوق رُؤسكم ،والعمل تت أقدامكم.
فل أحرارٌ كرام و لعبي ٌد أتقياء.
أهلُ الشَاغِلِ بالدنيببا وَزْيَنتِهَبا عَ نْ ذِكْر َرّبهِ ُموْا سَاهُو َن ل ُهوْنَا
بوْنَا
َلوْ أنّهُبم َقِنعُوا مِمّابب ُيبَّلغُهُبم َلعَجّلُوا رَا َح ًة مِمّابب ُيقَاسب ُ
ّتب الدارَ ال ْخرَى وهبي فَاِنَيةٌ يبا َويْ َل عُشّاقِهَبا مِمّاب يُلُقوْنَبا ُتفَو ُ
ل دارهبم َلهُ ُموْا فب ال ّدهْ ِر بَاِقَيةٌ كلّا ول هم لَهَا ف ال ّدهْ ِر بَاُقوْنَا
وقال بعهض العلماء :اعلم أن للعال العامهل بعلمهه حقيقةً علمات وأمارات تُفرق بينهه وبيه عُلماء اللسهان
الخلطي التبعي للهوى الؤثرين للدنيا على الخرة ،فمن علمات العال القيقي المتاز :أن يكون متواضعًا خائفًا وجلً
مشفقًا من خشية ال زاهدًا ف الدنيا قانعًا باليسي منها بعيدًا عن السد والعُجب والغيبة والنّميمة والُداهنة ،ملتم سًا
للفقراء التمسكي بدينهم الالية بيوتم من اللهي والنكرات ،الذين ليس لم موارد ول مساكن ليُ سْ ِعفَهم با يقدر
ل له وناهيًا عن النكر ،ومُجتنبًا له
عليه من مال وجاه ،ناصحًا لعباد ال شفيقًا عليهم رحيمًا بم ،آمرًا بالعروف ،فاع ً
وم سارعًا فهاليات ملزمًا للعبادات ،دا ًل على اليه ،داعيًا إل الدى ،ذا صهمتٍ وتوأدة ووقار و سكينةِ ،حَسَهنُ
الخلق ،واسهَع الصّهدْرِ ،ليّنَه الانهب ،مفوض الناح للمؤمنيه ،ل متكهبًا ،ول مُتجهبًا ،ول طامعًا فه الناس ،ول
حريصًا على الدنيا ،ول مؤثرًا لا على الخرة.
ول منهمكًا بمبع الال ،ول مانعًا له عبن حقبه ،ول فظًا ول غليظًا ،ول
ضيّ َق الصدرِ ،ول مداهنًا،مُمَاريًا ،ول مُخاصمًا بالباطل ،ول سيئ الخلق ،ول َ
ول مادعًا ،ول غشاشًا ،ول مقدمًا للغنياء على الفقراء ،ول مُرائيًا ،ول مُحبًا
للوليات.
وبالملة فيكون مُتصفًا بميع ما يثُه عليه الكتاب والسّنة ،مؤترًا با يأمرانه به
من الخلق الحمودة والعمال ال صالة ،مانبًا ل ا ين هى ع نه كتا بُ ال و سّنةُ
رسول ال من الخلق والعمال الذمومة.
وهذه صفات ينب غي أن يت صف ويتحلى ب ا كل مُؤ من ،إل أنّ العال وطالب
العلم أول أن تصف با ويافظ عليها ويدعو إليها.
وينبغي للعال أن يكون حديثه مع العامة ف حال مالطته لم ف بيان الواجبات
الحرمات ونوافبل الطاعات وذكبر الثواب والعقاب على الحسبان والسباءة،
ويكون كلمه بعبارة يعرفونا ويفهمونا ،ويبي لم المور الت هم ملبِسُون لا.
101
إيقاظ أول المم العالية
ول ينبغبي له أن يسبكُت حتب يُسبأل وهبو يعلم أنمب مُحتاجُون إليبه ،أو
مضطرون له ،وال الوفق.
وقال رجل لعبد العزيز بن أب رواد :كيف أصبحت؟ فبكى ،وقال :أصبحتُ
وال ف غفلة عظيمةٍ عن الوت مع ُذنُوبٍ كثية ومؤئل لستُ أدري علم أهج ُم ث
بكى.
اليام ثل ثة :فأ مس حك يم مؤدب ترك حكم ته وأبقا ها عل يك ،واليوم صديق
مودّع كان عنك طويل الغيبة حت أتاك ول تأته وهو عنك سريع الفراق ،وغدًا ل
تدري أتكون من أهله أو ل تكون.
وكان يُقال من أ شد الناس ح سرةً يوم القيا مة ثل ثة :ر جل كان له عبدٌ فجاء
يوم القيا مة أفضَل عملً م نه ،ورجلٌ له مال فلم يت صدق م نه فمات فور ثه غي هُ
فتصدقَ منه ،ورجلٌ عال ل ينتفع بعلمِه َفعَلّم غي ُه فانتفعَ به.
َظب مبن قبب ،ول آنبس مبن كتاب ،ول أسبل َم مبن وقال بعضهبم :لْ أ َر أ ْوع َ
الوَحْ َدةِ.
فقيل له :قد جاء ف الوحدةٍ ما جاء ،قال :ل تُفسدُ إل جاهلً.
قيل :كان مبدؤ توبة داود الطائي أنه دخل القبة ،فسمع امرأة عند قب وهي
تقول:
َريبب
ْتب ق ُ ُكب ل يُرْج َى وأن َ َهب ِلقَاؤ َ
َثب ال ُ َخ ْلق ُ
أنب َيْبع َ
ْمب إل ْ
ُمقِي ٌ
ب وََليَْلةِ وتُ سْلَى كَمَا تَبْلَى وأنْ تَ حَبْيبُ
تَ َزيْدُ بلىً فبب كُ ّل يَومب ٍ
آخر:
وكان بعض هم إذا وا فق أخاه ف ال قال :نق صت العمارُ بعدك ،واقتر بت الجا ُل ما ف عل جيا نك (يع ن أ هل
القبور) ،ولعلّ مسكنه قريب من القبة ،قلت :وف عصرنا من الذي فاز ف الكورة؟ وما الذي ظهر ف التلفاز؟
102
إيقاظ أول المم العالية
بنَعُ الدهرُ ولْب تَرَ فب الباقيَب مَبا يَص ْ ب َمعْ بأ ْخبَار مَبن مَضَبى ب ل تَس ْ كأنْك َ
ب َبعْدَك والقَطْرُ عليهببا ِمجَالُ الريحب ِ ب ِديَارُهُبم ب ل تَ ْدرِي َفتِلْك َ ب ُكنْت َ
فإن ْ
على الرضببِ إل بالفَنَاءِ لَهببُ َقبْرُ ب حيّاب َبْنزِلٍ ت عينَاك َ برَ ْ وهَبل أبْص َ
شرُ ب نَ ْوَليْسببَ لَهببم إل إل ربّهمب ْ وأهَ ْل الثّرَى نَحْببو ا َلقَاب ِر ُشرّعببٌ
بتَ ِر ّدهُم الَشْرُيَمُرّونببَ حتّبى يَسبْ ب مَرّوا أجْ َمعُونببَ و َهكَذا على ذاكب َ
ل وَفْرُ ب مِبن صبا ٍ وَلكِنّب مبا َق ّدمْت َ ب الوفْ َر مَالً َج ْمعْتَه ببُ فل تَحْس ببَ ّ
ب منبه هُبو الذّ ْخرُ ولكنّب مَبا أوَْليْت َ أنتب جَام ِع ْسب الذي يَبْق َى الذي َ وَلي َ
سِبوَى الفَقْرِ يَا بُؤسبًا لِمَ نْ زَادُ هُ ال َفقْرُ قَضَبببى جَا ِمعُوا المْوالِ ل َيتَزودّوا
ب ل يَْنفَعببُ الذّكْرُ وتَذْكُرُ قَولَي ِحيْنب َ ف الغَطَا
ف تَ صّحُو ِحيَ َينْكَشِ ُ بَلى َسوْ َ
إذا نَصببَ َح القوامببُ أنفسببَهم عُ ْمرُ ومببا بَيَب ميْل ِد الفَتبب َووَفَاتِهببِ
ب الضيّبق النّزْرُ ومبا هُبو إل وقتُك َ لنّب الذي يَأتب كَ ِمثْلِ الذي مَضَبى
ب الصببُ فعمّاب قَليْبل َبعْدَهبا َينْفَع ُ َاتب حتب تُحوزَه َا فصببْرًا على الوق ِ َ
فصل
قال بعض العلماء :إذا بلغك عن صديق لك ما تكره فإيّاك أن تُبادره بالعداوة
وق طع الول ية فتكون مّ ن أزال يقين ُه ب شك؛ ول كن إل قه وقُل له بلغ ن ع نك كذا
وكذا ،واحذر أن تُ س ّميْ ل هُ البلّغ ،فإن أن كر ذلك فاد فع بال ت هي أح سن واع فُ
عنه ول تزد على ذلك شيئًا.
لهب فب ذلك وجهًا لعذر فاقببل منبه ،و إن ل تُردوإن اعترف بذلك فرأيبت ُ
ذلك ،فقلْ ل هُ :ماذا أردت ب ا بلغ ن ع نك ،فإن ذ كر ما له وج هٌ من العذر فاق بل
منه ،وإن ل تر لذلك وجهًا لعذرٍ وضاق عليك السلكُ فحينئذٍ أثبتها عليه.
103
إيقاظ أول المم العالية
ثب أنبت بعبد ذلك باليار إن شئت كافأتبه بثله مبن غيب زيادة ،و إن شئت
عفو تَ عنه ،والعفوُ أقر بُ للتقوى وأبلغ ف الكرم؛ لقول ال تعال :وَ َجزَاءُ سَيَّئةٍ
ص َلحَ َفأَ ْج ُرهُ ،وقولهَ :وأَن تَ ْعفُوا أَقْ َربُ لِلّتقْوَى .
سَيَّئةٌ مّ ْثلُهَا َفمَنْ َعفَا َوأَ ْ
ك بالكافأة ،فأفكر فيما سبق لديك من الحسان فعاجل ل هُ فإن نازعتك نفُس َ
إحسانًا بذه السيئة ،ول تبخس باقي إحسانَهُ السالف بذه السيئة ،فإنه ظلم.
فوائد
قبول ال سعاية شرٌ من ال سعاية؛ لن ال سعاية دللة ،والقبول إجازة ،ول يس من
دل على شيء كمن قبل وأجاز.
قال بعبض العلماء :ل تُنلن حاجتبك مبن أغلق دُونبك أبواببه وجعبل عليهبا
ُحجّابَ هُ؛ ول كن انزل ا بن باب هُ مفتو حٌ لك إل يوم القيامة أمرك أن تدعو هُ وضم نَ
لك أن يستجيب لك.
ُمه ،وقال تبارك وتعالَ :وإِذَا قال ال جبل وعل :ادْعُون ِي أ ْ
َسهَتجِبْ لَك ْ
َسَألَكَ عِبَادِي عَنّي َفِإنّي َقرِيبٌ أُجِيبُ َدعْ َوةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ .
ب ل تُحْجَبببُ ل تَسبببْألَنّ إل اببببن آدم حَا َجةً وسببَل الذي أبْوابُهب ُ
بب يُسبْأ ُل َي ْغضَب ُ
ب ِحيْن َب آدم َ
ال َيغْضَبببُ إن تَرَكْتببَ سببُؤالَهُ وُبنَي ُ
قيل :إنه عرض عثمان على ابن عمر ب رضي ال عنهما ب القضاء فأب،
ولّ ا أل عل يه لقبول القضاء مُذكرًا إيا هُ بأن أباه كان يق ضي ،قال عبدال :إن أ ب
كان يقضي ،فإذا أشكل عليه سأل النب ،وإذا أشكل على النب سأل جبيل،
وإن ل أجدُ من أسأل.
وكان ابن عمر إذا أعجبه شيء من ماله يقربه إل ال عز وجل ،وكان عبيده
قد عرفوا م نه ذلك ،فرب ا لزم أحد هم ال سجد فإذا رآه ا بن ع مر على تلك الال
أعتقه.
فيقال له :إنم يدعونك ،فيقول :من خدعنا بال اندعنا له.
104
إيقاظ أول المم العالية
وكان له جار ية يب ها كثيًا فأعتق ها وزوج ها لوله نا فع ،وقال :لَن تَنَالُوا
البِرّ حَتّى تُنفِقُوا مِمّا ُتحِبّونَ .
واشترى مرة بعيًا فأعجبه لا ركبه فأدخله ف إبل الصدقة.
وأعطاه ابن جعفر ف نافع عشرة آلف ،فقال :أو خي من ذلك هو حر لوجه
ال تعال.
واشترى مرة غلمًا بأربع ي ألفًا وأعت قه ،فقال الغلم :يا مولي قد أعتقت ن
فهب ل شيئًا أعيش به فأعطاه أربعي ألفًا.
واشترى مرة خسة عبيد ،فقام يصلي ،فقاموا خلفه يصلون ،فقال :لن صليتم
هذه الصلة؟ فقالوا :ل ،فقال :أنتم أحرار لن صليتم له ،فأعتقهم.
والقصود أنه ما مات حت أعتق ألف رقبة وربا تصدق ف الجلس الواحد
بثلثي ألفًا.
وكانت تضي عليه اليام الكثي والشهر ل يذوق لمًا إل وعلى يديه يتيم.
وكان يقول :ل أسأل أحدًا شيئًا وما رزقن ال فل أرده.
عن عبدال بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم ،قال :بينما أنا مع عمر
بن الطاب و هو يع سّ (أي يدور على البيوت وال سواق يرس الناس ويك شف
عن أهل الريبة) إذ أعيا واتكأ على جانب جدار ف جوف الليل ،وإذا امرأة تقولُ
لبنتها :يا ابنتاه قُومي إل ذلك اللب فامذُقيه بالاء ،فقالت لا :يا أُمتاه وما علمت
ما كان من عز َم َة أمي الؤمني اليوم؟ قالت :وما كان من عزمته يا بُنية ،قومي إل
اللبب فامذُقيبه بالاء فإنبك بوضبع ل يراك عُمَ ُر ول مُنادي عُمبر ،فقالت الصببية
لمها :يا أمتا ُه ما كنت لطيعهُ ف الل وأعصيه ف اللء.
ف الوضع ،ث مضى وعُمُر يسمع كل ذلك ،فقال :يا أسلم علّم الباب واعر ْ
ف عسسه حت أصبح ،فلما أصبح قال :يا أسلم امض إل الوضع فانظر من القائلة
ومن القو ُل لا؟ وهل لُم من بعل؟ فأتيت الوضع فنظرت ،فإذا الارية أيّمٌ ل بعل
لا ،وإذا تِيك أمها وإذا ليس لُم رجُل.
105
إيقاظ أول المم العالية
فأتيت عمر بن الطاب فأخبته ،فدعا عمر ولده فجمعهم ،فقال :هل فيكم
من يتاج إل امرأةٍ أزوجُه ،ولو كان بأبيكم حركة إل النساء ما سبقه منكم أحد
إل هذه الرأة ،فقال عبدال :ل زوجة ،وقال عبدالرحن :ل زوجة ،وقال عاصم:
يا أبتا هُ ل زوجةَ ل فزوّجْن ،فبعث إل الارية فزوّجَها من عاصم فولدت ِلعَا صِمٍ
بنتًا وولدت البنتُ عُم َر بن عبدالعزيز ب رحه ال ب.
ب َقبْلَ الرّدَى ل ُتخْلَقِبي عَبثًباب بِهبببِ يبا َنفْس ُ جهَا ٍز َتبُْلغِيْنبب َ
تَجّهزي ِب َ
ب الباقبي ومَبا وَرثًبا ب َيبْقَببى وتَ ْفَتقِري إن الرّ َد وارث ُ ول تكُدّي لِمَنب ْ
شعَثَبا ب وال ّشيْنبَ بُ ال ّ
صيْبُ الشم سُ َجْب َهتَ هُ أو الغُبَا َر يَخَافب مَن كان حيْ َن تُ ِ
َسبكُ ُن َيوْم ًا راغم ًا جَدَث َا
في ْ َسبوْ َ ب ف َ ب الظِلّ كبي تَبْقَبى بشاشَتُه ُ ويَألَف ُ
ْتب الثَرى فب َق ْعرِهَبا الّلبَثَبا
فببببب َق ْع ِر ُموْحِشةٍ غَبْرا َء مُظِْل َمةٍ يُ ِطيْ ُل تَح َ
فصل
وقال ف الفنون :لقد عظم ال اليوان لسيّما ابن آدم حيثُ أباحهُ الشرك عند
الكراه وخوف الضرر على نف سه ،فقال جل وعل :إِلّ مَ نْ ُأكْرِ هَ َوقَلْبُ هُ ُمطْمَئِنّ
بِا ِليَانِ .
ك أن تتوقى وتُحامي عن نفسك من قدّم حرمة نفسك على حُرمته حت أباحَ َ
بذكره با ل ينبغي له سبحانه.
فحقيق أن تعظم شعائرهُ وتوقّر أوامرهُ وزواجرهُ.
وعصم عرضك بإياب الد بقذفك ،وعصم مالك بقطع مسلم ف سرقته.
وأ سقط ش طر ال صلة ل جل مشق تك ،وأقام م سح الُفّ مقام غَ سْل الر جل
إشفاقًا عليك من مشقة اللع واللبس وأباحك اليتة سدًا لرمقك وحفظًا لصحتك،
وزجرك عببن مضارك بدٍ عاجببل ووعيدٍ آجلٍ ،وخرق العوائد لجلك وأنزل
الكتب إليك.
106
إيقاظ أول المم العالية
أيسنُ بك مع هذا الكرام أن ترى على ما ناك مُنهمكًا وعمّا أمرك مُتنكبًا
وعن داعيه مُعرضًا ولسنته هاجرًا ولداعي عدُوك فيه مُطيعًا.
ت وهو حطّ رُنب عباده لجلك وأهبط يُعظمُك وهُو ُهوَ وتمِلُ أمره وأنت أن َ
إل الرض من امتنع من سجد ٍة يسجدُ لبيك.
هل عاديت خادمًا طالت خدمته لك لترك صلة ،هلْ نفيتهُ من دارك للخلل
بفرض أو لرتكاب نى ،انتهى.
قلت :وفب وقتنبا هبل أخرجبت اللهبي والنكرات مبن بيتبك؟ هبل منعبت
الجانب والجنبيات سوّاقي وخدّمات من بيتك؟
فائدة
كُل ما قو يت حاج ُة الناس إل الش يء ومعرف ته ي سر ال أ سبابه ،ك ما يُي سرُ ما
كانت حاجتهم إليه ف أبدانم أشد.
فلما كانت حاجتهم إل النفس والوى أعظم منها إل الاء كان مبذولً لكل
أحد ف كل وقت.
ول ا كا نت حاجت هم إل الاء أك ثر من حاجت هم إل القُوت كان وجود الاء
أكثر لذلك.
فلمبا كانبت حاجتهبم إل معرفبة الالق أعظبم كانبت آياتُه ودلئ ُل ربوبيتبه
وقدرته وعلمه ومشيئته وحكمته أعظم من غيها.
ولا كانت حاجتهم إل معرفة صدق الرسل بعد ذلك أعظم من حاجتهم إل
غي ذلك.
أقام ال من دلئل صدقهم وشواهد نُبوتم وحُسن حال من اتبعهم و سعادته
وناته وبيان ما يصل له من العلم النافع والعمل الصال.
وقُ بح حال من خالف هم وشقاوت م وجهله وظل مه ما يظ هر ل ن تدبر ذلك
جعَلِ ال ّلهُ لَهُ نُورًا فَمَا َلهُ مِن نّورٍ .
َومَن ّلمْ َي ْ
107
إيقاظ أول المم العالية
قال وهيب بن الورد :بلغنا أن البيث إبليس تبدى ليحي ابن زكريا –عليهما
ال سلم -فقال له :إ ن أر يد أن أن صحك! قال :كذ بت ،أ نت ل تن صحن؛ ول كن
أخبن عن بن آدم.
قال :هم عندنا على ثلثة أصناف ،أما صنف منهم :فهم أشد الصناف علينا
نُقبل حتّى نفِْتنُ هُ ونستمكن منه ،ث يفزع إل الستغفار والتوبة ،فُيفْ سِ ُد علينا كل
شيء أدركنا منه ،ث نعود له فيعود فل نن نيأس منه ،ول نن نُدر كُ منه حاجتنا
فنحنُ من ذلك ف َعنَا.
وأما ال صنف ال خر :فُ هم ب ي أيدي نا بنلة الكرة ف أيدي صبيانكم نتلقفُهُم
كيف شئنا فقد كفونا أنفُسهم.
وأما الصنف الخر :فهم مثلك معصومُون ل نقد ُر منهم على شيء.
فقال له يي :على ذاك هل قدرتَ من على شيء؟
قال :ل إل مرةً واحدةً فإ نك ق ّدمْ تَ طعامًا تأكله ،فلم أزل أشه يه لك ح ت
أكلتَ أكثر ما تُريدُ َفنِ ْمتَ تلكَ الليلة ول تقم إل الصلة كما ُكنْت تقومُ إليها.
قال :فقال له يي :ل َج َر َم ل شبعتُ من طعام أبدًا حت أموت.
حتُ آدميًا َبعْ َدكَ.
فقال له البيث :ل جَ َر َم ل َنصَ ْ
با س بُلّطُوا إلّا لجْ ِل َشقَاوَتبببببب و َعنَائِي إنّي ب بُِليْت بُ بأربْع بِ مب
ب الَلصببُ وكُلّهُبم أعدائي با وَنفّسببِي والَوَى َكيْفبَ إبِْليْسببُ وال ُدنْيَب
مواعظ وفوائد
ما أقبح الغفلة عن طاعة من ل يغفل عن برّك وعن ذكر من أمرك بذكره.
قال أبو حازم :يس ُي الدنيا يُشغلُ عن كثي الخرة ،وقال :ما أحببت أن يكون
معك ف الخرة فقدم ُه اليوم ،وما كرهْتَ أن يكون معك ف الخرة فاتركَ ُه اليوم.
108
إيقاظ أول المم العالية
سمَ ال له ا سْتغن ،و من دا خل وقال بعضُ هم يُو صِي ابنَه :إ نه مَن قن عِ ب ا قَ َ
ط العُلما َء وقّرْ. السُفهاءَ حُقر ،ومَن خال َ
ومن دَخل مداخل السوء اتم ،يا بن ،قُل الق لك أو عليك ،وإيّا َك والنّميْ َمةَ
فإنا تَزْ َرعُ الشحناء.
وعنه أنه قال :من اشتاق إل النة سارع إل اليات ومن أشفق من انتهى
عن الشهوات ومن تيقن بالوت اندمتْ عليه اللذات ومن عرف الدنيا هانت عليه
الصيبات.
وقال بدي ُل العقيلي :من أراد بعمله و جه ال عز و جل أق بل ال عل يه بوج هه
وأق بل بقُلُوب العباد إل يه ،و من ع مل لغ ي ال عز و جل صرف ال عز و جل ع نه
ب العباد عنه. وجهه وصرفَ قلو َ
وقال ممد بن واسع :إذا أقبل العبد بقلبه إل ال عز وجل أقبلَ ال عز وجل
إليه بقلوب الؤمني.
ت ابن واسع يقول :واصحاباه ،ذهب أصحاب، وقال الارث بن نبهان :سع ُ
ب يصومون النهار ويقومون الليل وياهدون فقلت :يرحك ال ،أليس قد نشأ شبا ٌ
ف سبيل ال عز وجل ،قال :بلى ،ولكن أخ وتفل أفسدهم العُجبُ.
قلت :فك يف لو رأى شباب زمان نا الالق ي للّحَا ال سبلي للثياب الخنف سي
أصحاب الشنبات.
سبُئل بعضهبم :هبل يعرف العببد إذا تاب أن توبتبه قُبلت ْب أم ُردّتبْ؟ قال :ل
أح كم ف ذلك؛ ول كن لذلك علمات ،إحداها :أن يرى نفسه غي معصومة من
العصية ،ويرى ف قلبه الفرح غائبًا والزن شاهدًا ،ويُقرّبَ أه َل الي ،ويُباعدُ أهل
الشرّ ،ويرى القل يل من الدن يا كثيًا ،ويرى الكث ي من ع مل الخرة قليلً ،ويرى
قلبه مشتغلً با ضمن من ال تعال ،فارغًا عما ضمن ال له ،ويكونُ حافظًا للسانه
دائم الفكرة ،لزم الغم والنّدَامةِ.
109
إيقاظ أول المم العالية
وقال يي بن معاذ :من أعظم الغترار عندي التمادي ف الذُنو بُ على رَجَاء
العَفو من غي ندامة ،وتوقّ ُع القُربِ من ال تعال بغي طاعة.
وطلبب دار الطيعيب بالعاصبي ،وانتظار الزاء بغيب ُ وانتظار زرع النبة ببذر
عمل والتمن على ال مع الفراط.
ب ِفْيَنةَ ل تَجْري على اليَبَبس
ك مَس بَال َكهَا إنّب الس ّ
تَرجُوا النجاةَ ول تَس بْلُ ْ
وقال السبن البصبري :فسباد القلوب متولد مبن سبتة أشياء ،أولاه :يذنبون
برجاء التوببة ،ويتعلمون العلم ول يعملون ببه ،وإذا عملوا ل يُخلصبُون ،ويأكلون
رزق ال ول يشكرون ،ول يرضون بقسمة ال ،ويدفنون موتاهم ول يعتبون.
عن أ ب وائل قال :خرج نا مع عبدال بن م سعود ومع نا الر ببيع بن خي ثم،
فمررنا على حداد ،فقام عبدال ينظر حديدة ف النار.
فن ظر الرب يع إلي ها فتما يل لي سقط ،فم ضى عبدال ح ت أتي نا على أتون على
شاطئ الفرات.
فلما رآه عبدال والنار تلتهب ف جوفه قرأ هذه الية :إِذَا َرَأتْهُم مّن مّكَا نٍ
بَعِيدٍ سَ ِمعُوا لَهَا تَغَّيظًا َوزَفِيًا إل قوله :ثُبُورًا .
فصعق الربيع بنُ خيثم فاحتملناه فجئنا به إل أهله.
قال :ث راب طه عبدال إل الظ هر فلم يُ فق ،ث رابط هُ إل الع صر فلم ي فق ،ث
رابطهُ إل الغرب فلم يُفق ،ث إنه أفاق فرجع عبدال إل أهله.
عن سعيد بن جبي قال :إن الشية أن تشى ال حت تول خشيته بينك وبي
معصيتك فتلك الشية والذكر طاعة ال ،فمن أطاع ال فقد ذكره ومن ل يطعه
فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلوة القرآن.
كتب أبو الدرداء إل سلمان ب رضي ال عنهما ب :يا أخي ،اغتنم صحتك
وفراغك قبل أن ينل بك من البلء ما ل يستطي ُع العبادُ ردّه واغتنم دعوة البتلىَ.
110
إيقاظ أول المم العالية
يا أخي ،ليكن السج ُد بيتك ،فإن سعتُ رسول ال يقول« :الساج ُد بي ُ
ت
كل ت قي ،و قد ض من ال عز و جل ل ن كا نت ال ساجد بيوت م بالروح والرح ة،
والواز على الصراط إل رضوان ال عز وجل» حديث حسن ،أخرجه الطبان ف
«الكبي» و«الوسط» ،والبزار ،وقال :إسناده صحيح.
وروي عن عيسى ب عليه السلم ب :ل تالسوا الوتى فتموت قُلُوبكم ،قيل:
ومن الوتى؟ قال :الحبون للدنيا.
قال ب عض العلماء :من عج يب ما نقد تُ من أحوال الناس :كثرة ما ناحُوا
على خراب الديار ،وموت القارب والسببلف ،والتحسببر على الرزاق بذم
الزمان وأهله ،وذ كر ن كد الع يش ف يه ،و قد رأوا من اندام ال سلم وموت ال سُنن
وظهور البدع وارتكاب العاصي وتقضي العُمر ف الفارغ الذي ل يُجدي والقبيح
الذي يُوبقُ ويؤذي.
ط عُمُر هِ ول آ سَي على
فل أ جد من هم من ناح على دي نه ول ب كى على فا ِر ِ
فَاِئتِ َدهْره.
وما أرى لذلك سببًا إل قلة مبالتم ف الديان وعظم الدُنيا ف عيونم ،ضد
ما كان عليه السلف الصال يرضون بالبلغ وينوحُون على الدين .اهب.
كتب عباد الواص إل إخوانه يعظهم ،فقال :إنكم ف زمان قد رق فيه الورع
وقلّ ف يه الشوع وح ل العلم مُف سدُوه فأحبّوا أ ْن يُعرفوا بمله وكرهوا أن يعرفوا
بإضاعة العمل به فنطقوا فيه بالوى ليزينوا ما دخلوا فيه من الطر فذنوبم ذنوب
عظيمبة وتقصبيهم تقصبي ل يعترف ببه أحبُوا الدنيبا وكرهوا منلة أهلهبا
فشاركوهم ف العيش وزايلوهم بالقول (أي فارقوهم ف القول).
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
الطر يق إل ال م سدودًا على خلق ال عز و جل إل على القتف ي آثار ال نب
والتابعي لسنته ،كما قال تعال :لَ َقدْ كَانَ لَ ُكمْ فِي َرسُولِ ال ّلهِ أُسْ َوةٌ حَسََنةٌ .
111
إيقاظ أول المم العالية
مبن علمات توفيبق العببد أنبه إذا زاد جَاهبه زاد تواضعبه ،وإذا زاد ماله زاد
سخاؤه ،وإذا زاد عمره زاد اجتهاده.
خ س خ صال يعرف ب ا الا هل :الغ ضب ف غ ي ش يء ،والث قة ب كل أ حد،
والكلم ف غي نفع ،والعظة ف غي موضعها ،ول يعرف ع ُد ّوهُ من صديقه.
من توفيق ال للنسان أن يكون بي قوم صالي ،إن أمر بعروف آزروه ،وإن
نى عن منكر أعانُوه ،وإن احتاج إل شيء من الدنيا ساعدوه ،وإن مات دعوا له
وشيعوه.
الناس أربعة أق سام من هم من مُخالط ته كالغذاء ل ي ستغن ع نه ف اليوم والليلة
وهبم العلماء بال وأمره ومكائد عدوه وأمراض القلوب وأدويتهبا الناصبحون ل
ولكتا به ولرسوله وللقه ،فهؤلء مالطتهم ربح كل ها ،قلت :وهؤلء يندر وجود
أحد منهم ،فهم مثل الكبيت الحر ،إن ظفرت بأحد منهم ولو رقم 2فالزمه
ليلً ونارًا ون على عتبة بابه.
الثا ن :من مُخالط ته كالدواء يتاج إل يه ع ند الرض ف ما دُ مت صحيحًا فل
حاجة لك ف خلطته ،وهم من ل يستغن عن مالطتهم ف مصلحة العاش وقيام ما
أنت متاج إليه.
الثالث :من مالطته كالداء على اختلف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه ،وهم
من ف خلطته ضرر دين أو دنيوي.
ومت ابتليت بواحد من هؤلء فعاشره بالعروف حت يعل ال لك فرجًا ومت
تكنت من نقله إل الي فهي فرصة.
الرابع :من مالطته اللك والدمار وهو بنلة السم وهم أهل البدع والضللة،
قلت :كالهم ية والعتزلة والشاعرة والراف ضة ونو هم ،و من أ ضر ما يكون ف
عصرنا الال الشاعرة والرافضة.
وقال ب رح ه ال ب :حذار حذار من أمر ين ل ما سوء العوا قب رَ ّد ال ق
لخالفة هواك فإنك تعاقبُ القلب.
112
إيقاظ أول المم العالية
وردّ ما يردُ عل يك من ال ق رأ سًا ثانيًا التهاون بال مر إذا ح ضر وق ته فإ نك
تعاقب بالتثبيط والقعاد والكسل.
القلب ف سيه إل ال بنلة الطائر ،فالحبة رأسه والوف والرجاء جناحاه.
فمتب سبلم الرأس والناحان فالطائر جيبد الطيان ،ومتب قطبع الرأس مات
الطائر ومع عدم الناحان فهو عرضة لكُلّ صائد وكاسر.
الياء خلق ناشئ عن حياة القلب ورؤية التقصي ف حقوق ال.
ويث مر الياء اجتناب الحرمات والقيام بالواجبات؛ ولذا قال ال نب « :الياء
ل يأت إل بي».
كان بعضهم يقول ف دعائه :اللهم اغفر ل ريائي وسُعت.
قال عون بن عبدال :صحبت الغنياء فلم يكن أحد أطول غمًا من أن رأيت
أحدًا أحسن ثيابًا من وأطيب ريًا من ،فصحبت الفقراء فاسترحت.
وقال :ما أحسبُ أحدًا تفرغ لعيب الناس إل من غفل ٍة غفلها عن نفسه.
وقال :جالسوا التوابي ،فإنم أرق الناس قلوبًا.
وقال :إن من كان قبل نا كانوا يعلون للدن يا ما ف ضل عن آخرت م ،وإن كم
تعلون لخرتكم ما فضل عن دنياكم.
وقال عمرو بن مرة :من طلب الخرة أ ضر بالدن يا ،و من طلب الدن يا أ ضر
بالخرة ،فاضروا بالفان للباقي ،وما كتب لك من الرزق سوف يأتيك.
للناسببِ ِحرْص على الدُنيببا وتَ ْدِبيْرُ وفببببب مُرَادِ ا َلوَى َعقْ ٌل وتَشْ ِميْرُ
مأسبوْرُ
الطاعاتب ُ
ِ وإن أتَوا طاعةً ل َربّهمبببببببُ فالعقلُ منهبم عبن
ب وتكْدِيرٌ بفَا ُء عيشاتِهببا هَمب ٌ ب صب َ لجبل هذا وذاك الرص َق ْد مُزِجَت ْ
ب َمتْ َلكِنّهُببم رُزِقُوهَببا با َلقَادِيبببر ل يُرْزَقُوهَبا ب َعقْلٍ عنبد مَبا قُس َ
ب العَصببَافِي ب بأقْواتب ِ ببن قُوةٍ أو عَببن ُمغَاَلَبةٍ طَا َر البُزَاتب ُ لو كان عب
جهّ ُز
وكان من تار أهل البصرة وله شريك بالبصرة وحسان مقيم بالهواز يُ َ
على شري كه بالب صرة ث يتمعان على رأس ال سنة يتحا سبان ،ث يقت سمان الر بح،
فكان يأخذ قوته من ربه ،ويتصدّق با بقي.
وكان صاحبه يب ن الدور ،ويتخذُ الرض ي ،قال :فقدم ح سان الب صرة ففرق
ما أراد أن يفرق.
فذ كر له أه ُل بيت ل ت كن حاجت هم ظهرت ،فقال :أما تُبنا فا ستقرض ل م
ثلثائة درهم فبعث با إليهم.
114
إيقاظ أول المم العالية
وقال امرأته :كان ي يء فيدخل معي ف فراشي ث يادعن ك ما تادع الرأة
صبيها.
فإذا علم أن قد نتُ س ّل نفسهُ فخرج ،ث يقومُ فيصلي.
ك فيو شك أن أرق رقدةً ل ب نف سك ،فقال :ا سكت وي ِ فقالت له :كم تُعذّ ُ
أقوم منها زمانًا.
و مر بغر فة ،فقال :م ت ُبنِ تْ هذه؟ ث أق بل على نف سه ،فقال :ت سألي عمّال
يعنيك لعاقبنّك بصوم سنة فصامها.
وكان يف تح باب حانو ته في ضع الدواة ،وين شر ال ساب ،ويُر خي سترهُ ،ث
س بالنسان قد جاء يُقبل على الساب ،يريه أنه كان ف الساب، يُصلي فإذا أح ّ
خوفًا من الرياء وكان يقول :لول الساكي ما اتّجَرْتُ.
وقال شيبط ببن عجلن :بادروا بالصبحة السبقم ،وبالفراغ الشغبل ،وبادروا
بالياة الوت ،ويقول :بئس الع بد خلق للعاق بة ،ف صدته العاجلة عن العاق بة فزالت
عنه العاجلة ،وشقي ف العاقبة.
ويقول :أعطيت ما يكفيك وأنت تطل بُ ما يُطغيك ل بقليل تقنع ول بكثي
تشبع.
كيف يعمل للخرة من ل تنقضي من الدنيا شهوته.
وكان يقول :العجب كل العجب لُصدقٍ بدار الق ،وهو يسعى لدار الغرور.
ببب ُمعَمّرٌ وأنّبب الذي أخشاه عنبب مُؤخببر تُخَببببّن المَا ُل أنّيب
ب ل ُيغَيّرُ ضّيةٌ عَليّبب بُكْببم قاطِع ب ٍ ب ومَرّ ال َربْعيَببب ق ِفكيفبب َ
ببَابِ ا َلنَايَببا و َم ْعبَرُ
بيْرٌ لسب ْب فإنّهببب أسب َ إذا الَرْءُ جَا َز الَربعيْنبب َ
آخر:
با َلغَاَي ُة مَطْلُوب بٍ لَمَن بْ هُبو طالب بُ
با وإنّهَب
بن الدُنيببا ثلثًب
أريْدُ مِب
ب َعفِْي َفةٌ وإكثارُ أعما ٍل عليهبببا أوَاظِببببُ ِتلَ َوةُ قرآنبببٍ ونفْسبب ٌ
115
إيقاظ أول المم العالية
ك و قد حُقّ له ف كتاب ال تز ب ويضح ُ رُبّ م سرو ٍر مغبون يأكلُ ويشر ُ
وجل أنه من وقود النار.
من الغرور ذك ُر السنات ونسيانُ السيئات.
وقال بلل بن سعد :يا أول اللباب ليتفكّر مُتفكّر فيما يبقى له وينفعهُ.
أما ما وكلكم ال ع ّز وج ّل به فتُضّيعُونَه.
وأما ما تكفل لكم به فتطلبونه ما هكذا نعت ال عبادة الؤمني.
أذووا عقول ف طلب الدنيا وبله عما خُلقتم له فكما ترجون ال با تؤدون من
طاعته فكذلك أشفقوا من عذاب ال با تنتهكون من معاصيه.
وقال :عباد ال إعلموا أنكم تعملو نَ ف أيام قصار ليّا ٍم طوال ،وف دار زوال
لدار مقام ،وف دار نصبٍ وحُزنِ لدارِ نعيم و ُخلْدٍ.
ومن ل يعمل على اليقي فل َيَتعَنّ.
عباد ال ،هل جاءكم مُخب ي بكم أن شيئًا من أعمالك تقبل منكم أو شيئًا
من أعمالكم ُغفَر لكم!!
قال أبو عمرو الوزاعي :ليس ساعةٌ من ساعات الدنيا إل وهي معروضة على
العبد يوم القيامة يومًا فيومًا وساعةً فساعةً.
ول تر به ساعة ل يذكر ال فيها إل وتقطعت نفسهُ عليها حسرات ،فكيف
إذا مرّت به ساعة مع ساعة ويومٌ إل يومٍ!!
ا بن آدم اعْمَ ْل عَ َملَ ر جل ل ينج يه إل ال ث عملُ هْ ،وتو كل تو كل ر جل ل
يصيبه إل ما كتبه ال له.
فصل
سسُ
روي أن امرأة جاءت إل المام أحد بن حنبل تسأل وتقول :ير بنا العَ َ
الليل حاملي مشاعل السلطان ويقفون أمام بيتنا ،فهل يل ل أن أغزل على ضوء
مشاعِلِهم؟
فقال :من أنت؟ قالت :أخت بشر الاف ،فقال :ل يَحلُ لك.
116
إيقاظ أول المم العالية
وروي عن المام النووي أ نه كان يل بس من غزل زوج ته ون سجها ،فل بس
ت مُدة اض طر مع ها أن يلع قمي صًا جديدًا ذات يوم فش عر بكةٍ شديد ٍة وا ستمر ْ
القم يص ،ث سأل زوج ته :ك يف ن سجت القم يص؟ فذكرت أن ا ن سجتْ بع ضه
على ضوء الشارع ،فتصدق به.
كتب غلم لسان بن أب سنان إليه من الهواز :إن قصب السكر أصابته آفةُ،
فاش تر ال سكر في ما قبلك ،قال :فاشترى من ر جل ،فلم يأت عل يه إل القل يل ،فإذا
فيما اشترى ربح ثلثي ألفًا.
قال :فأتبى صباحب السبكر ،فقال :يبا هذا ،إن غلمبي كان كتبب إل ول
أعلمك فأقلن فيما اشتريتُ منك ،قال :قد أعلمتن الن وطيبته لك.
قال :فرجع حسان فلم يتمل قلبه ،فأتى البائع ،وقال :يا هذا ،إن ل آت المر
من وجهه ،أي لنه ل يبه أن السكر زائد.
قال حسان للبائع :فأحب أن تسترد هذا البيع ،فما زال به حت رده عليه.
دخل ابن مييز حانوتًا بدانق وهو يريد أن يشتري ثوبًا ،فقال رجل لصاحب
الانوت :هذا ابن مي يز ،فأح سن بيعه (أي سامه) ،فغ ضب ا بن مي يز وخرج،
وقال :إنا نشتري بأموالنا لسنا نشتري بديننا.
ح ل إل م مد بن إ ساعيل البخاري بضا عة أنفذ ها إل يه الرا سل له ،فاجت مع
التجار إل يه بالعش ية فطلبو ها م نه بر بح خ سة آلف در هم ،فقال ل م :ان صرفوا
الليلة ،فجاءه من ال غد تار فطلبوا م نه تلك البضا عة بر بح عشرة آلف ،فرد هم،
وقال :إ ن نو يت البار حة أن أد فع إلي هم ب ا طلبوا –يع ن الذ ين طلبوا أول مرة،-
ففعل ،وقال :ل أحب أن انقض نيّت ،فقنع بربح خسة آلف درهم مُحافظة على
النية وترك ربح عشرة آلف الدرهم تورعًا منه ب رحه ال ب.
قال حذي فة الرع شي :إن ا هي أرب عة :عيناك ول سانك وهواك وقل بك ،فان ظر
عينيك ل تنظر با إل ما ل يل لك وانظر لسانك ل تقل به شيئًا يعلم ال خلفه
117
إيقاظ أول المم العالية
من قل بك ،وان ظر قل بك ل ي كن ف غ ٌل على أ حد من ال سلمي ،وان ظر هواك ل
توى شيئًا –أي مالفًا لا جاء به النب .
وقال آ خر :كان عشرة م ن م ضى من أ هل العلم ل يدخلون بطون م إل ما
يعرفون من اللل.
وقال آ خر :ليُ كن عملك ل خال صًا ،وأن ت ب للناس ما ت ب لنف سك ،وأن
تتحرى ف مأكلك فل يدخل بطنك إل حلل.
قال حذيفة الرعشي :إياكم وهدايا الفُجار والسفهاء ،فإنكم إن قبلتموها ظنوا
أنكم قد رضيتُم فعلهُم.
أنعم الناس عيشًا من تلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتاوز ما يُخاف إل ما
ل يُخاف.
قال بعضهم :طوب للفقي ف الدنيا والخرة ،ل يطلب السلطان منه خراجًا ف
الدنيا ول زكاة عليه ،وف الخرة خفيف الساب.
وقال آخر :كوخ تتبسط فيه خي من قصر تبكي فيه.
ومن تام نعمة ال عليك أن منعك ما يطغيك ويملُك على الكب والبوت.
ب والكبُ حُمُق يُغطي به صاحبُه عيوب نفسه. العج ُ
مثل الذي ل يدُ ما يُفاخر به سوى الباء والجداد مثل البطاطا أهم ما فيه
مدفون تت الرض.
رؤي رجبل يطوف بالكعببة وحوله شرطبة ينعون الناس حوله مبن الطواف
لجله ،ثب رؤي بعبد مدة على جسبر بغداد يسبأل الناس ،فعجبب منبه الذي رآه
وسأله ،فقال :تكبت ف موضع يتواضع الناس فيه ،فأذلن ف موضع يترفع الناس
فيه.
مر السن بصبيان يأكلون كسر البز فاستضافوه فنل وأكل معهم ،ث حلهم
إل منله فأطعمه ُم وكساهُم.
وقال الفضل لم :لنم ل يدوا غي ما أطعمونا وننُ ند أكثر ما أعطيناهم.
118
إيقاظ أول المم العالية
وكان أم ي الؤمن ي ع مر بن الطاب يطوف على العجائز يق ضي حوائج هن،
وقبله الصبديق كان يتفقبد ضُعفاء السبلمي ،وقبد ذكرنبا عنهمبا فب الوارد مبن
القصص ما فيه كفاية.
خبّرُنببببا أنّبببب الثّواءَ قليلُ ب رَسبُولُ يُ َ ب النواصبِي لل َمنُون ِ شيْب ُ
مَ ِ
ب صبَامتًا ُمثِ ُي الَعَانببب للُنفُوسبببِ عَذُولُ ب كان َ بيْحٌ إذا نَادَا وإن ْ
فَص ِ
فواعَجَبًببا مِببن مُوقببن بفنَائهببِ وآمَالُهببُ َتنْمُببو وليسببَ يَحُول
جةً وقَدْ آنبببَ منّبببي لِ ْل ُقبُورِ رَ ِحيْلُجاوزتب سبَبعيَ حِ ّ
َ أمبن بَع ْد مبا
ُأ َؤمِلُ آمَا ًل وأرغَبببُ فبب الغِنَببى بدَا ٍر غِنَاهَبببا َينْقَضِبببي ويَزُولُ
لهُولُ به وُيؤِثرُهَببا ُحبّاببب لاببب َ وإنببْ امرءً ُدْنيَاهببُ أكبببُ هّمِب
ب ِمقْولٌ عنبببد الِطَاب طَويلُ ب عَالٍب واله ُل أوْلَى بِعلِمِهببِ لَهبب ُ فكَمب ْ
خبَرٌ لِلصبببّالاتِ وصبببُول ب كثيةٍ لَه مَ ْ وكبم مبن قَصبيٍ فب عُلوم ٍ
شَي ُة ال والتّقَبى فكُ ّل تقيّ ب فبب العُيونببِ جَليببل فَمَبا العلمببُ إل خَ ْ
ببيلُ ببحتُ ل يَخْفَبى عليّب سب ببُ َل الُدى فأصب فيبا ربّب قبد علّمتنب س ُ
بوَا ْه ُينِيْلُ
فيا ربّ ه بْ ل من كَ ع ْزمًا على التّ قى فأنتبببَ الذي مَال سبب ِ
قال الغية ببن حببيب :قال عبدال ببن غالب الدانب :لاب برزوا للعدو علم
آسى من الدنيا ،فوال ما فيها للبيب جذلٌ.
وال لول مبت لُباشرت السهر بصفحة وجهي ،وافترش البهة لك يا سيدي،
والُراو حة ب ي العضاء ف ظُلم الل يل رجاءَ ثوابِ كَ وحُلول رضوا نك ،ل قد ك نت
متمنيًا لفراق الدنيا وأهلها.
ث كسر جفن سفيه ،ث تقدم فقاتل حت قتل ،قال :فحُمِل من العركة وإنّ به
لرمقات ،فمات دون العسكر.
فلما دفن أصابوا من قبه رائحة السك ،قال :فرآه رجل من إخوانه ف منامه،
فقال :يا أبا فراسٍ ما صنعت؟ قال :خي الصنيع.
119
إيقاظ أول المم العالية
قال :إل مبا صبرت؟ قال :إل النبة ،قال :بِمبَ؟ قال :بسبن اليقيب وطول
التهجّد وظمأ الواجر.
قال :فما هذه الرائحة الطيبة الت توجد من قبك؟
قال :تلك رائ حة التلوة والظ مأ ،قال :قلت :أو صن ،قال :اك سب لنف سك
خيًا ل َتخْرجْ عنك الليال واليام عُ ُطلً.
ببَهَْللَا ول ُت ْغبَنَنببْ بَالّنعْمَتيْنببِ بببل ا ْجهِدِ
ول يَ ْذ َهبَنّب العُمْرُ منببك سبَ
ب عَضّب على اليَدَِاتب نالَ الُن َى وم َن أكَبّب على اللّذَات ِ َنب هَج َر اللّذ ِ فَم ْ
ب ومواعظٌ
عٌ
قيبل :إنبه مرض بعبض العلماء وكبف بصبره واعتراه أل ل يهدأ بالُسبكنات،
فد خل عل يه أ حد تلمذ ته فوجده يب كي ،فبدأ يوا سيه ويثُ هُ على ال صب على ما
أصابه.
فقال له :أ نا ل أب كي ضجرًا من أل ي ولكن ن أب كي فرحًا و سرورًا؛ لن ال
وجدن أهلً لن يبتلين ،وقد قال رسول ال حي سأله سعد بن أب وقاص :أي
الناس أش ّد بلءً؟ فقال« :النبياء ث المثل فالمثل».
فيبتلى الرجل على حسب دينه ،فإن كان رقيق الدين ابتُلي على حسب ذاك،
وإن كان صلب الدين ابتلى على حسب ذاك فما تزال البليا بالرجل حت يشي
على الرض وما عليه خطيئة.
وكف بصرُ سعدُ ب نُ أب وقاص ،وكان ماب الدعوة تأت الناس ليدعُو لُم
فيستفيدُوا.
فقال لم أحدهم :يا عم ،إنك تدعو للناس فلو دعوت لنفسك لَيُدّ ال عليك
بصرك ،فقال :يا بُنّ ،قضاءُ ال عندي أحسنُ من بصري ،فالرضا درجته أعلى
من درجة الصب ،وقلّما يبلغها إل من آتاه ال إيانًا كاملً وصبًا عظيمًا.
120
إيقاظ أول المم العالية
فترى الراضي مسرورًا با هو فيه سواء كان ما أصابه علة أو مرض أو فقر أو
نو ذلك؛ لنا حدثت بشيئة ال.
وقيل :إنه لا أصيب جيش السلم بعد وقعة اليمُوك بالطاعون ،كان الصاب
به يُقبّلُ ُدمّ َل الطاعون ف يده وي مد ال؛ ل نه إذا مات بالطاعون يكت سب در جة
الشهادة ،ف قد قال « :الطاعون شهادة ل كل م سلم» ،و من أدعي ته « :أ سْألكَ
الرِضا بالقضاءِ».
وقال زين العابدين :الرضا بالقضاء أرفع درجات اليقي.
طلب اللي فة من أ ب حازم أن ير فع إل يه حوائ جه ،ف كت إل يه هيهات رف عت
حوائجبي إل مبن ل يتزنِب الوائج ،فمبا أعطانب منهبا قنعبت ومبا أمسبك عنب
رضيت ،وقال شيط بن عجلن :يعمد أحدهم فيقرأ القرآن ويطلب العلم حت إذا
علمه أخذ الدنيا فضَ ّمهَا إل صدره وحلها على رأسه.
فنظر إليه ثلثة ضعفاء :امرأة ضعيفة ،وأعراب جاهل ،وأعجمي ،فقالوا :هذا
أعلم بال منا لو ل ير ف الدنيا ذخية ما فعل هذا فرغبوا ف الدنيا وجعوها ،فصار
هو السبب ف جعهم لا.
وقال :رأس الؤمبن دينُه حيثمبا زال معبه ل يلفُه الرجال ،ول يأمبن عليبه
الرجال ،وقال :إن ال عز وجل وسم الدنيا بالوحشة ليكون أنس الطيعي به.
وكان يقول :الناس رجلن ،فمُتمرّدُن مبن الدنيبا ،ومتنعبم فيهبا ،فانظبر أيّ
الرجليب أنبت ،إن تطيبع ال عبز وجبل وتُسبن عبادتبه ،وتتقرب إليبه بالعمال
الصالة فطوب لك.
أم ت ب طول البقاء لتأ كل وتشرب ،وت مع الدن يا وتثمر ها وتن عم زوج تك
وولدك فلبئس ما أردْت له البقاء.
وكان يقول :إذا و صف الؤمن ي أتا هم عن ال تبارك وتعال أ مر صرفهم عن
الباطبل فأسبهروا العيب وأجاعوا البطون ،وأظمئوا الكباد ،وأنفقوا الموال،
121
إيقاظ أول المم العالية
واهتضموا التالد والطارف ف طلب ما يقربم إل ال عز وجل ،وف طلب النجاة
ما خَوفهم به.
وكان يقول :إنّ الؤمن اتّ خذ كتاب ال عز و جل مرآة (أي قدوة يقتدي به)
فمرّة ينظر إل ما نعت ال به الُغت ّريْنَ.
ومرة ينظر إل النة وما أعد ال عز وجل فيها.
تلقاه حزينًا كالسهم الرمي به شوقًا إل ما شوقهُ ال عزّ وجل منه.
وكان يقول :إن الؤمن أبصر الدنيا فأنزلا منلتها فإن هي أقبلت عليه ،قال:
ل مرحبًا ول أهلً ،وال ما أراك جئت ب ي و ما ف يك من خ ي إل أن تطلب بك
النة ،ويُفتدى بك من النار.
فإن هي أدبرت ،قال :عليك العفاء ،وعلى من يتّبعُ كِ المد ل الذي خار ل
وصرف عن فتنتك وشغلك.
وكان يقول :أ هل الدن يا حيارى سكارى فار ُسهُم يرك ضُ وراجل هم ي سعى
سعيًا ل غنيهم يشبع ول فقيهم يقنع.
وكان يقول :إذا وصف القبل على الدنيا ،دائ بُ البطنة ،قليل الفطنة ،إنا هه
بطنه وفرجُ ُه وجلدُه.
م ت أصبح فأ كل وأشرب وأل و وألعب ،م ت أم سي فأنام ،جي فة بالل يل بطّال
بالنهار.
ويك ألذا خُلقت ،أم بذا أُمرت أم بذا تطلب النة وتربَ من النار.
وكان يقول :إن العافية سترت ال ّب والفاجر ،فإذا جاءت البليا استبان عندها
الرجُلن .فجاءت البل يا إل الؤ من فأذهب تْ ماله وخاد مه وداب ته ،ح ت جاع ب عد
الشبع ومشى بعد الركوب وخدم نفسه بعد أن كان مدومًا.
ف صب ور ضي بقضاء ال عز و جل ،وقال :هذا ن ظر من ال عز و جل ل هذا
أهون لساب غدًا.
122
إيقاظ أول المم العالية
وجاءت البليا إل الفاجر فأذهبت ماله وخادمه ودابته ،فجزع وهل عَ ،وقال:
مال وال بذا طاقة.
صْبرٌ من الُ ْل ِو والَامِض والار والبارد
ت نفسي عاد ًة مال عنها َ وال لقد عود ُ
وِليْن العيش.
فإن هو أصابه من اللل ،وإل طلبه من الرام والظلم ليُعود إليه ذلك العيش.
وكان يقول :الناس ثلثة :فرج ٌل ابتكر الي ف حداثة سنه ث داوم عليه حت
خرج من الدنيا ،فهذا القرّبُ.
ورجل ابتكر عمُ َر ُه بالذنوب وطول الغفلة ث راجع توبة ،فهذا صاحب يي.
ور جل ابت كر الشرّ ف حدا ثة سنّه ث ل يزل ف يه ح ت خرج من الدن يا ،فهذا
صاحب شال.
وكان يقول :أيها الغتر بطول صحته ،أما رأيت ميتًا قط من غي سقم! أيها
الغتر بطول الهلة ،أما رأيت مأخوذًا قط من غي عدة! أبالصحة تغترون! أم بطول
العافية ترحون ،أم الوت تأمنون! أم على اللك تترؤن!
إن ملك الوت إذا جاء ل ينعبه منبك ثروةُ مالك ،ول كثرة احتشادك ،أمبا
علمت أن ساعة الوت ذاتُ كربٍ شدي ٍد و ُغصَص وندامة على التفريط.
ثب يقول :رحبم ال عبدًا عمبل لسباعة الوت ،رحبم ال عبدًا عمبل لاب بعبد
الوت ،رحم ال عبدًا نظر لنفسه قبل نزول الوت.
قال بعض هم :للبكاء دوا عي ،أحد ها :الفكرة ف الذنوب ،فإن أجا بت الن فس
إل ذلك وإل نقلها إل موقف العرض ،وتلك الشدائد والهوال.
فإن أجابت على ذلك وإل فاعرض عليها التّقُلبَ ف أطباق النيان.
قال ي ي بن سعيد لر جل :اقرأ ،فقرأ ح هم الدخان ،فل ما بلغ إِنّ يَوْ مَ
الفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْ َمعِيَ صعق يي وغشي عليه وسقط وأصاب البابُ فقار ظهره
وسال الدم وتقّرح مل الصدمة ،ث عاد إل فراشه وجعل يُردّ ُد الية ث ما زالت به
القرحة حت مات ب رحه ال ب.
123
إيقاظ أول المم العالية
قال أ حد أقرباء رباح بن عمرو القي سي :كُن تُ أد خل عل يه ف ال سجد و هو
يبكي ،وأد خل عليه البيت وهو يبكي ،فقل تُ له :أنت دهرك ف مأت ،فب كى ث
قال :ي ُق لهل الصائب والذنوب أن يكونوا هكذا.
وكان يقول :إل كم يا ليل يا نارُ تُطّان من أجلي وأنا غافل عما يُرادُ ب إنا
ل إنا ل.
غ شى على م سروق ف يوم صائف و هو صائم ،فقالت ابن ته :أف طر ،قال :ما
أردت ب ،قالت :الرفق ،قال :يا بُنية إنا أطلب الرفق لنفسي ف يوم كان مقداره
خسي ألف سنة.
قال السن البصري :لّا أهبط آدم أوحى ال إليه أرب ٌع فيهن جاع المر لك
ولولدك من بعدك.
أما واحدة :فلي.
وأما الثانية :فلك.
وأما الثالثة :فبين وبينك.
وأمّا الرابعة :فبينك وبي الناس.
أمّا الت ل فتعبدن ول تشرك ب شيئًا.
وأمّا الت لك فعملك أجزيكهُ أفقر ما تكون إليه.
وأما الت بين وبينك فعليك الدعاء وعلي الجابة.
ي الناس فتُصا ِحُبهُم با تُحبّ أن يُصاحبُو َك به.وأما الت بينك وب َ
أرب عٌ من ح صل علي ها واجتم عت عنده اجت مع له خ ي الدن يا والخرة :امرأة
صالة عفي فة ،و صدي ٌق موا فق على طا عة ال ،ومال من حلل وا سع ينف قه ف
مراضي ال ،وعمل صال.
أو صى ر سول ال رجلً ،فقال« :هَ يء َجهَازَ كَ ،وقدِم زادك ،وكُن و صي
نفسك ،فإنه ل َخلَفَ من التقوى ،ول ِعوَض مِن ال عَزّ وجَلّ» اهب.
ضّيعْتَبه َعوَضبُضّيعَتَبه عَوضببٌ ومبا مِبن ال إنبْ َ مِبن ك ِل شيءٍ إذا َ
124
إيقاظ أول المم العالية
ك ع ما سواه وعلي كَ صيْه« :عَليْ كَ بذِكْ ِر الوت فإ نه يَشغل َ وقال لر جل ُيوْ ِ
ستَجَابُ لَكَ ،وأكثر من الشكر فإنه زيادة». بكثرة الدعاء ،فإنك ل تدري مت يُ ْ
قال أعشى قيس:
حمّدٍ َنبّيبب الله ِحيْنببَ أوصببَى وأشْهَدَا ببمعْ وصببَاةَ مُ َ أجدك ل تسب
ب قَبد تَزَودّا
ب مَن ْ
ب بَع َد الوت ِإذا أنْت بَ ل ترحلْ بزَادٍ مِبن التُقَبى ولَقيْت َ
بدَا
ب الذي كان أرْص َ بدَ ِللْ َموْت ِ
ب َفتُرْص ِ
ب كَ ِمثْله ِ
ب ل َتكُون َب على أن ْ
نَ ِدمْت َ
مَرّ عَامِرُ ببن عبدِ قَيْس بر جل مبن أعوان السبلطان وهبو ي ر ذميًا و الذمبي
يستغيث ،فأقبل على الذمي ،فقال :أ ّديْت جزيتك ،قال :نعم ،فأقبل عليه ،فقال:
ما تريد منه؟ قال :أذه بُ به يكن سُ دار المي ،قال :فأقبل على الذمي ،فقال :هلْ
ب نفسُكَ له بذا ،قال :يُشغلن عن صنعت. تطيْ ُ
قال للر جلَ :دعْ هُ ،قال :ل أدَعُه ،قالَ :دعْ هُ ،قال :ل أد عه ،فوض عَ ك ساءهُ،
خفَر ذ ّمةُ ممد وأنا حي ،ث خّلصَ ُه منه.فقال :ل تُ ْ
قالت الرأة ال ت نزل علي ها عا مر بن عبدال :مال أرى الناس ينامُون ول أراك
تنام؟ قال :ذكر جهنم ل يدعن أن أنام.
وقال عامر بن عبد قيس :أربع آيات ف كتاب ال إذا ذك ْرتُهن ل أبال على ما
أصبحت أو أمسيت:
ل ُمرْ ِسلَ لَ هُ
سكْ فَ َ
ك َلهَا َومَا يُمْ ِ
س َ
ل مُمْ ِ
س مِن ّرحْ َم ٍة فَ َ
ح اللّ هُ لِلنّا ِ
-1مَا َيفْتَ ِ
ِم ْن َبعْ ِدهِ .
سكَ ال ّلهُ بِضُرّ َفلَ كَاشِفَ َلهُ إِلّ ُهوَ .
َ -2وإِن يَمْسَ ْ
جعَلُ ال ّلهُ َبعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا .
-3سََي ْ
َ -4ومَا مِن دَاّبةٍ فِي الَ ْرضِ إِلّ عَلَى ال ّلهِ رِ ْزقُهَا .
وقال :عل يك ب ا يُرغبُك ف الخرة ،ويُزهدُ كَ ف الدن يا ،ويُقرّبُك إل ال عز
وجل.
125
إيقاظ أول المم العالية
قال :الُوصّى ،قُلتُ :ما هو؟ فقال :تَقْصرُ عن الدنيا هّك ،وتشحذ إل الخرة
نيّتك ،وتُص ّدقُ ذلك بفعلك.
فإن ُكنْ تَ كذلك ل يكن شيءٌ أح بّ إليك من الوت ،ول شيء أبغض إليك
من الياة.
فقلت :يا أبا عبدال كُن تُ ل أحسبُك تُحس ُن مثل هذا ،فقال :كم من شيء
ُكنْتُ أحسنُه وددْتُ أن ل أحسنُه.
وما يغن عن ما أحسنُ من الي إذا ل أعمل به ،وكان يشترط على رفقائه أن
يُنفق عليهم بقدر طاقته.
عن السن قال :كان عامر بن قيس إذا صلى الصبح تنَحّى ف ناحية السجد،
فقال :من أقرئه؟ قال :فيأتيه قوم فيقرئهم ،حت إذا طلعت الشمس وأمكنته الصلة
قام يُصلي إل أن ينتصف النهار ،ث يرجعُ إل منله فيقيْلُ.
ث يرجعُ إل السجد إذا زالت الشمس فيصلي حت يصلي الظهر ،ث يصلي إل
العصر ،فإذا صلى العصر تنحّى ف ناحية السجد.
ث قال :من أقرئه؟ قال :فيأت يه قوم فيُقرئهُم ح ت إذا غر بت الش مس صلى
الغرب ،ثب يصبلي حتب يصبلي العشاء الخرة ،ثب يرجبع إل منله فيتناول أحبد
رغيف يه ،فيأ كل ث يه جع هجع ًة خفيفةً ،ث يقوم فإذا أ سحر تناول رغي فه ال خر
فأكله ،ثب شرب عليبه شرببة مبن ماء ثب يرج إل السبجد ،وكان يأخبذ عطاءه
فيجعله ف طرف ردائه فل يلقى أحدًا من الساكي يسأل إل أعطاه ،وكان يتجوز
ف الصلة النافلة إذا جاءه أحدًا خشية الرياء.
وقال بعضهم :جلست إليه وهو يصلي فتجوز ف صلته (أي خففها) ،وقال
لن جاءه :أرحن باجتك فإن أبادر.
قال :قُلتبُ :ومبا تبادر؟ قال :ملك الوت رحكب ال ،قال :فقمتُب عنبه وقام
يصلي .وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
126
إيقاظ أول المم العالية
عن أنس ،عن أب العالية ،قال :كُن تُ أرحلُ إل الرجل مسية أيا مٍ ،فأولُ ما
ت وسعتُ منه ،وإن وجدته أتفقدهُ من أمره صلته ،فإن وجدته يقيمها ويُتمها أقم ُ
يضيعها رجعت ول أسع منه ،وقلتُ :هو لغي الصلة أضيع.
ابنب البارك فيمبا يقري مبن الال فب البلدان ول يفعلُ فب أهبل بلده َبب ُ
عُوت َ
ف مكا نَ قو ٍم ل م فض ٌل و صدقٌ طلبوا الد يث وأح سنوا كذلك ،فقال :إ ن أعر ُ
الطلب فاحتاجوا.
فإن تركناهُم ضاع علمهم وإن أعنّاهُم بثوا العلم لمة ممد ول أعلم ب عد
النبوة أفضل من بث العلم.
كان شاب يتل فُ إل ا بن البارك ويقوم بوائ جه وي سمع م نه الد يث ،فقدم
عبدال الرّقبة مرّة ،فلم يرى ذلك الشاب وكان مُسبتعجلً ،فخرج فب النفيب إل
الهاد ،فلما قفلُ من غزوته ورجع إل الرقة سأل عن الشاب ،فقالوا :إنه مبوس
بدين ركبه.
فقال عبدال :و كم مبلغ دي نه؟ قالوا :عشرة آلف در هم ،فلم يزل ي سأل عن
صاحب الدين حت دُلّ عليه ،فدعا به ليلً ووزن له عشرة آلف درهم ،وحلفه أن
ل يُخبا أحدًا ما دام حيًا عبدال ،وقال :إذا أصبحت فأخرج الرجل من البس.
قال بعض هم :لول أ ن أكره أن يُع صَى ال ،تني تُ أن ل يب قى ف هذا ال صر
ف واغتابن.
أحد إل وقع ّ
فأي شيء أهنأ من حسنةٍ يدها الرجل ف صحيفته يوم القيامة ل يعملها ول
يعلم با.
وقال يي بن معاذ :لستُ آمركم بترك الدُنيا آمركم بترك الذنوب ،تر ُك الدنيا
فضيلة وتر ُك الذنوب فريضة وأنتم إل إقامة الفريضة أحوج منكم إل السنات.
وقال :ل تكن مّ ْن يفضحه يوم موته مياثه ويوم حشره ميزانُه.
وقال إبراهيبم الواص :دواء القلب فب خسبة أشياء :قراءة القرآن بالتدبر،
وخلء البطن ،وقيام الليل ،والتضرع عند السحر ،ومالسة الصالي.
127
إيقاظ أول المم العالية
وقال :على قدر إعزاز الرء لمر ال يُلب سُه ال من عِزه ويقيم له العز ف قلوب
الؤمني.
وقال يو سف بن ال سي :على قدر خو فك من ال يها بك اللق ،وعلى قدر
حبك ال يبك اللق ،وعلى قدر شُغلك بأمر ال يُشغلُ الل ُق بأمرك.
وقال آخر :وقد سُئل عن الصحبة مع ال عز وجل ،قال :بسن الدب ودوام
اليبة والراقبة.
والصحبة مع الرسول بإتباع ُسنّته ولزوم ظاهر الكم.
والصحة مع أولياء ال بالحترام والدمة.
والصحبة مع الهل والولد بسن الُلق.
والصحبة مع الخوان بدوام البشر لم والنبساط معهم ما ل يكن إثًا.
والصحة مع الهال بالدعاء لم والرحة عليهم ورؤية نعمة ال عليك إ ْذ عافاك
ما ابتلهم به.
جلس أحد العلماء للتّذكي حت طال سكوته فناداه رجل ما ترى أن تقول ف
سُكوتك شيئًا ،فأنشأ يقول:
ب و ْهوَ مَريض بُ
ب بالتّقَببى طَبْيب بٌ يُدَاوِي الناس َ
َوغَ ُي ِتقِيّبب يَأمُ ُر الناسب َ
128
إيقاظ أول المم العالية
ببِي أطَبؤ الثُ َريّاب
ب بأخْمُصبَومِمّابب زادَنبب شَرَفًببا َوِتيْهَببا وكِدْتبُ
حدَ لِيببْ َنبِيَببابيّرتَ أ َ
ب يبا عبادي وأنببْ صب َ ب َقوْلِك َ
ب تَحُت َ
ُد ُخوْلِي ْ
فصل
قال أ حد العلماء :ل ي كن هم أحد هم ف كثرة الع مل؛ ول كن لي كن ه ه ف
إحكا مه وإتقا نه وت سينه ،فإن الع بد قد يُ صلي و هو يع صي ال ف صلته ،و قد
يصوم وهو يعصي ال ف صيامه.
وق يل ل خر :ك يف أ صبحت ،فب كى ،وقال :أ صبحت ف غفل ٍة عظي مة عن
الوت مع ذُنوب كثية قد أحاطت ب ،وأجل يسرع كل يوم ف عمري ،وموئل
لستُ أدري علما أهجم ث بكى.
وقال آخر :ل تغتم إل من شيء يضرُك غدًا (أي ف الخرة) ول تفرح بشيء
ل يسرك غدًا ،وأنف عُ الوف ما حجزك عن العاصي ،وأطال الُزْ نَ ِمنْ كَ على ما
ك الفِكْرَ ف بَقي ِة عُمرك.
فاتك من الطاعة ،وألْ َزمَ َ
وقال آ خر :عل يك ب صحبة من تُذكرُك ال عز و جل رُؤيتُه ،وت قع هيبتُه على
باطنك ،ويزيدُ ف عملك منطقُه.
ويُزهِدُ كَ ف الدنيا عمله ،ول تعصي ال ما دُمت ف قُربه ،يعظك بلسان فعله
ول يعظك بلسان قوله.
قال إسرافيل :حضرت ذي النون الصري وهو ف البس ،وقد دخل الشرطي
بطعام له ،فقام ذُو النون فنفض يده (أي قبضها عن الطعام).
فقيبل له :إن أخاك جاء ببه ،فقال :إنبه على يدي ظال ،قال :وسبعت رجلً
سأله ما الذي أتعب العباد وأضعفهم؟
فقال :ذكبر القام وقلةُ الزاد ،وخوفُب السباب ،ول ل تذوبُب أبدانُب العمال
وتذهلُ عقولم ،والعرضُ على ال جل وعل أمامهم ،وقراءة كتبهم بي أيديهم.
129
إيقاظ أول المم العالية
ف بي يدي البار ينتظرون أمر هُ ف الخيار والشرار ،ث مثّلوا واللئكة وقو ٌ
ب أعُْيِنهِم.
هذا ف نفوسهم وجعلُوه نُص َ
وقال :سقم ال سد ف الوجاع ،و سقم القلوب ف الذنوب ،فك ما ل ي د
السد لذة الطعام عند سقمه ،كذلك ل يد القلب حلوة العباد مع الذنوب.
وقال :من ل يعرف قدر النعم ،سُلبها من حيث ل يعلم.
ما خلع ال على عبد خلعة أحسن ول أشرف من العقل ول قلده قلدة أجل
من العلم ول زينة بزينة أفضل من اللم وكمال ذلك التقوى.
وقال آخر :أدركت أقوامًا يستحيون من ال ف سواد ال من طول الجعة ،إنا
هو على النب فإذا ترّك قال لنفسه :ليس لك قومي خُذي حظّك من الخرة.
وقال أ بو ها شم الزا هد :إن ال عز و جل و سم الدن يا بالوح شة ،لي كن أن سُ
الريديبن ببه دوناب ،وليُقْببل الطيعُون له بالعراض عنهبا ،وأه ُل العرفبة بال فيهبا
ستَوْحِشُون ،وإل الخرة مُشتاقون. مُ ْ
ونظر أبو هاشم إل شريك القاضي يرجُ من دار يي بن خالد ،فبكى ،وقال:
أعوذ بال من عل ٍم ل ينفع.
وقال أسود بن سال :ركعتان أصليهما أحب إل من النة با فيها ،فقيل له:
هذا خطأ.
فقال :دعُونا من كلمكم ،رأيت النة رضا نفسي ،وركعتي أصليهما رضا
رب ،ورضاء رب أحبّ إلّ من رضا نفسي ،تأمل يا أخي دقّة هذا الفهم ل دره.
وقال وهيبب :اليان قائد ،والعمبل سبائق ،والنفبس بينهُمبا حرون ،فإذا قاد
القائدُ ول يسُق السائقٌ ل يُغن ذلك شيئًا.
وإذا سباق السبائق ول يقبد القائد ل يغبن ذلك شيئًا ،وإذا قا َد القائ ُد وسباقَ
السائ ُق ابتعتْ ُه النفسُ طوعًا وطاب العمل.
قال بعض هم يو بخ نف سه ويعظ ها :يا نف سُ بادري بالوقات ق بل إن صرامها،
واجتهد ف حراسة ليال الياة وأيامها.
130
إيقاظ أول المم العالية
فكأنبك بالقبور قبد تشققبت ،وبالمور وقبد تققبت ،وبوجوه التقيب وقبد
أشرقبت ،وبرؤوس العصباة وقبد أطرقبت ،قال تعال وتقدسَ :ولَوْ تَرَى إِذِ
ا ُلجْرِمُو نَ نَاكِ سُوا ُرءُو سِ ِهمْ عِندَ َربّهِ مْ َربّنَا َأبْ صَ ْرنَا وَ سَ ِمعْنَا فَا ْر ِجعْنَا َنعْمَلْ صَاِلحًا إِنّا
مُوقِنُو نَ يا ن فس ،أ ما الورعُون ف قد جدّوا ،وأ ما الائفون ف قد ا ستعدوا ،وأ ما
الصالون فقد فرحوا وراحوا ،وأما الواعظون فقد نصحوا وصاحوا.
العلم ل يصل إل بالنصب والال ل يمع إل بالتعب ،أيها العبد الريص على
تليص نفسه إن عزمت فبادر وإن همت فثابر ،واعلم أنه ل يُدرك العز والفاخر
من كان ف الصف الخر.
ب وشَدّوا ُدوْنَببه الزُرَاَدبّوا إل الجدِ والسبباعُونَ قببد بَلغُوا ُجهْ َد الُنفُوسب ِ
صببَرا
َنب َ
ج َد م َن واف َى وم ْ
َقب الَ ْ
وسبَاوَ َروْا الجدَ َحتّىب مَلّ أ ْكثَرُهُبم وعَان َ
ببِرَا
ب الجدَ َحتّىب تْلعَبق الص ّ
ب َتبْلُغ َ
ببِ الجدَ تَمْرًا أنْتببَ آكلُه لَن ْ
ل تَحْسب َ
اللهم أجرنا من النار وأدخلنا النة مع البرار برحتك يا عزيز يا غفار ،اللهم
ا ستر عورات نا وأ من روعات نا وأقل نا من عثرات نا ول تفضح نا ب ي يد يك يا أر حم
الراحي ،وصل ال على ممد وآله وصحبه أجعي.
فصل
132
إيقاظ أول المم العالية
قال ممد بن مهدي :وال ل تد فقد شيء تركت ُه ابتغاء وجه ال ،كُن تُ أنا
وأخي شريكي فأصبنا ما ًل كثيًا ،فدخل قلب من ذلك شيء فتركتُه ل وخرج تُ
م نه ،ف ما خر جت من الدن يا ح ت ردّ ال عليّ ذلك الال عامت هُ إلّ وإل ولدي،
زوج أخي ثلث بناتٍ من بنّ ،وزوّجت ابنت من ابنه.
ومات أخي فورثه أب ومات أب فورثته أنا ،فرجع ذلك كله إلّ وإل ولدي
ف الدنيا.
عبن عطاء السبن الرسبان أنبه كان يقول :إنب ل أوصبيكم بدنياكبم أنتبم
مُستوصون با ،وأنتم عليها حراص.
وإناب أوصبيكم بآخرتكبم ،فخذوا مبن دار الفناء لدار البقاء ،واجعلوا الوت
كشيبء ذقتُموه ،فوال لتذوُقنّهب ،واجعلوا الخرة كشيبء نزلتموه فوال لتنُُلنّهبا،
و هي دار الناس كل هم ،ل يس من الناس أ حد يرج ل سفر إل أ خذ له أهب ته ،ف من
أخذ لسفره الذي يُصلحُ ُه اغتبط.
ومن خرج إل سفر ل يأخذ له أهبتهُ ندم ،فإذا أضحى ل يد ظلً ،وإذا ظمئ
ل يد ماء يتروى به ،وإنا سف ُر الدنيا منقطع ،وأكيس الناس من قام يتجهّز لسفر
ل ينقطعُ.
وقال آ خر يو صي أخًا له :اعلم أ نك تل قى ما أ سلفت ول تل قى ما خل فت
فمهد لنفسك ،فإنك ل تدري مت يفجؤك أمرُ ربك ،قال :فأبكان كلمُه وهوّن
عليّ الدنيا.
قيبل للقمان الكيبم :مبا بلغ ببك مبا نرى (يُريدون الفضبل) ،قال :صبدقُ
الديث ،وأداء المانة ،وترك ما ل يعن.
عبن جابر العفبي ،قال :قال ل ممبد ببن علي ببن السبي :يبا جابر ،إنب
لحزون ،وإن لشتغ ُل القلب ،قلت :وما حُزنُك؟ وما شُغل قلبك؟
قال :يا جابر ،إنه من دخل قلبهُ صاف خالصُ دين ال شغلهُ عمّا سواه.
133
إيقاظ أول المم العالية
ب لبستهب ركبت ُه أو ثو ٌ
يا جابر ،ما الدنيا ما عسى أن تكون هل هو إل مرك ٌ
أو امرأة أصبتها.
يا جابر ،إن الؤمن ي ل يطمئنوا إل الدن يا لبقا ٍء في ها ،ول يأمنوا قدوم الخرة
عليها ،ول يصمهُم عن ذكر ما سعوا بآذانم من الفتنة ،ول يعمهم عن نور ال ما
رأوا بأعينهم من الزينة ،ففازوا بثواب البرار.
إن أهبل التقوى أيسبر أهبل الدنيبا مؤونبة وأكثرهبم لك معُونبة ،إن نسبيت
ذكّروك ،وإن ذكرت أعانوك.
قوال ي ب ق ،قوام ي بأ مر ال ،فأنزل الدن يا كمنلٍ نزلت به وارتلت م نه ،أو
كمال أ صبته ف منا مك فا ستيقظت ول يس م عك م نه ش يء ،واح فظ ال تعال ما
استرعاك من دينه وحكمته.
ت الور عُ ف قلبك ،واقطع قال بعضهم :فكّر ف ذنبك ،وتُب إل ربكَ ،يْنبُ ُ
الطمع إل من ربك ،ذم مولنا الدنيا فمدحناها ،وأبغضها فأحببناها ،وزهّدَنا فيها
فآث ْرنَاهَا ،ورغبنبا فب طلبهبا ،دعتكُم إل هذه الغرارة دواعيهبا فأجبتبم مُسبرعي
مُناديها خدعتكم بغُرورها تتمرُون ف زهراتا وزخارفها ،قال ال جل وعلَ :فلَ
تَغُ ّرنّ ُكمُ الَيَاةُ الدّنْيَا .
أ تى ال سن بكوز من ماء ليُف طر عل يه فل ما أدناه إل فيه ب كى ،وقال :ذكرت
أمنية أهل النار ،قولم :أَفِيضُوا عَلَ ْينَا مِنَ الَاءِ ،وذكرت ما أجيبوا به :إِنّ اللّهَ
حَ ّرمَهُمَا عَلَى الكَافِرِينَ .
وقال ك عب الحبار :لن أب كي من خش ية ال فت سيل دموعبي على وجن ت
أحب إل من أتصدق بوزن ذهبًا.
وعن إبراهيم بن الشعث قال :كنا إذا خرجنا مع الفضيل ف جنازة ل يزال
يعظ ويذكر ويبكي حت لكأنه يودع أصحابه ذاهبٌ إل الخرة حت يبلغ القابر.
فيجلس فكأنه بي الوتى جلس من الزن والبكاء حت يقوم وكأنه رجع من
الخرة يب عنها.
134
إيقاظ أول المم العالية
وكان يقول :الوف أف ضل من الرجاء ما دام الر جل صحيحًا ،فإذا نزل به
الوت فالرجاء أفضل من الوف.
يقول :إذا كان ف صحته م سنًا ع ظم رجاؤه ع ند الوت وح سن ظ نه (أي
بال) ،وإذا كان ف صحته مسيئًا ساء ظنه عند الوت ول يعظم رجاؤه.
حيْحُ ب عببن رَجُببل بريءٍ مببن الفاتببِ ظَاهُره صبب ِ إذا أ ْخبَرَتب َ
ب هَ ْل ُهوَ آدمِي ببٌ فإنببْ قالُوا َنعَمببْ فالقوَلُ ريْحببُ ب ْلهُم َعنْه ب ُ
فَس ب َ
ببن َب ْعضُنَببا أهْ ُل اس ببِْتتَارٍ وعنبببد ال أجْ َمعُنبببا جَريحبببُ ولكب
ببُ بتْ َت ُفوْحبب َ ببا ليْسب ومبببن إنعام خَالقنبببا عَلينبببا بأن ُذنُوبنب
حنَا هُرُوبًببا فُرادَى فبب الفَل مببا نسببْتَريحُ ببَ ْ
فََلوْ فاحَتببْ لصب ْ
ب البَلَ ُد الفَس ببَيحُ
وضاقببَ بِكُببل ُمْنتَحِلٍ صببَلحًا ِلنَتْن ببِ ذُنوبِه ب ِ
العاصي تنقسم إل قسمي :قسم ذنوب جوارح ظاهرة ،مثل القذف ،والغيبة،
والظلم ،والغتصاب ،والقتل ،والزنا ،واللواط ،والسرقة ونو ذلك.
والقسبم الثانب :وهبي ذنوب القلوب ،وهبن الهلكات القاصبمات ،ومنهبا:
الشرك ،والشك ،والنفاق ،والكفر ،والغترار بال ،والمن من مكر ال ،والقنوط
من رحة ال.
ومن ها احتقار الذنوب والتهاون ب ا والت سويف بالتو بة والنا بة وال صرار على
العا صي والرياء والت يه وال كب والع جب واليا نة والغدر وال سد وال غل وال قد
والبغض.
وسوء الظن والفاء والقطيعة والعقوق والقسوة والشح والرص والشره على
ما ل ينبغي الرص والشره عليه.
ومن ها :الطغيان بالال والقوة والاه واحتقار الن عم والحتقار ب صائب الد ين،
ومنها الستهانة بعلم ال ونظره وسعه وإطلعه.
135
إيقاظ أول المم العالية
ومن ها :قلة الياء من ال عز و جل وتقدس وقلة الياء م ن على اليم ي وعلى
الشمال من اللئكة عند فعلك ما يكرهه ال ونو ذلك من الذنوب الت ل يسلم
منها إل من عصمه ال.
موعظة
قال ا بن الوزي :يا عجبًا ك يف أ نس بالدن يا مفارق ها! وأ من النار وارد ها!
ك يف يغفُل من ل يُغ فل ع نه! ك يف يفر حُ بالدن يا من يو مه يهدم شهره ،وشهره
بتُه تدم عمُره! ك يف يل هو من يقوده عُمُره إل أجله وحيا ته إل يهدم سنته وس ن
موته!
إخوان :الدنيا ف إدبار ،وأهلُها منها ف استكثار ،والزارع فيها غي التقي ل
يصُدُ إل الندم.
با أفْضَبح ال ُدنْيَبا لهِْليْهَبا مبا أ ْفضَحبَ الوت لِل ّدنْيَبا وَزْيَنتِهَبا جِدّا ومب
بَا ِوْيهَا
ب مَسب
ب بادٍ فب بب على الدنيبببا بلئِمةٍ َفعُ ْذرُهَبا لَكبَ ل تَرْ ِجعَنّب
ببا ل ُنعَاديْهَببا بَتنِيْ ُم إليهب
بل دائِبةً ونَس ب ُْتفْن ب الَبنِيْن بَ وتُفْنِبي الهب
فَمَببا يَ ِزيْدُكُمُوا َقتْلُ الذي َقتَلَتببْ ول العَدَاوة إل َرغْب ًة فيهببببببا
آخر:
ب فيهببا ِللّسببَانِ ُمبَاينببُ
لِسببَانُكَ لل ُدنْيببا عَ ُدوٌ مُشَاحِنببٌ وقَ ْلبُكب َ
ب
ب كَامِن ُ
ب ودٌ فب فُؤادك َصبفَا لَهَبا ِمنْك َ
ْتب فيهبا وَقدْ َومبا ضَرّهَا مبا قُل َ
آخر:
ب َعبْيدُهَبا
ب ُعهَا شَتَمًبا ونَحْن ُ
ول أرى كال ُدنْيَببا نَذُم صببُ ُروْفَها ونُوس ِ
آخر:
ب وتُطْلَبببُ
با تُذَمّب
جِلبُونابب ول أرَى كال ُدنْيَب
ب يَ ْ
يَ ُذمُونببَ ُدْنيَاهُبم وهُمبْ
136
إيقاظ أول المم العالية
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
اعلم وّفقَنبا ال وإيّاك أن الصبلة عماد الديبن وأجبل مبانب السبلم بعبد
الشهادتي ،وملها من الدين مل الرأس من السد ،فكما أنه ل حياة لن ل رأس
له فكذلك ل ديْنَ لِ َمنْ ل صَلةَ له.
جعلنا ال وإياكم من الحافظي عليها الاشعي فيها الدائمي عليها القيمي
لا ،قال جل وعلَ :وأَقِمِ الصّلةَ ِإنّ الصّلةَ تَنْهَى عَنِ ال َفحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ،وقال
عَزّ من قائل :ال هم * َذلِ كَ الكِتَا بُ لَ َريْ بَ فِي هِ ُهدًى لّلْمُّتقِيَ * الّذِي نَ يُ ْؤمِنُو نَ
بِاْلغَيْ بِ َوُيقِيمُو نَ ال صّلةَ ،وقال :مُنِيِبيَ إِلَيْ هِ وَاّتقُو هُ َوأَقِيمُوا ال صّلةَ َولَ تَكُونُوا
مِنَ الُشْ ِر ِكيَ .
فالنا بة هي الرجوع إل ال ،والتقوى هي امتثال أوا مر ال واجتناب نواه يه،
والقامة للصلة التيان با على الوجه الذي أمر ال به.
قال ج ّل وعلَ :قدْ أَفْلَ حَ الُ ْؤمِنُو نَ * اّلذِي نَ هُ مْ فِي صَلتِ ِهمْ خَا ِشعُو نَ إل
قوله :وَاّلذِي نَ هُ مْ عَلَى صَلَوَاتِ ِهمْ ُيحَا ِفظُو نَ ،وقال ر سول ال « :صلوا ك ما
رأيتمو ن أ صلي» فال صلي على التباع والقتداء بر سول ال ف صلته على
الو جه الذي نقله عُلماء ال مة من ال سلف واللف هو الُ صَلِي العدو ُد ع ند ال
من القيمي للصلة والحافظي عليها.
وللصلة صُورةٌ ظاهرةٌ وحقيق ٌة باطنة ل كمال للصلة ول تام لا إلّا بإقامتهما
جيعًا.
فأ ما صُورتا الظاهرة ف هي القيام والقراءة والركوع وال سجود ون و ذلك من
وظائف الصلة الظاهرة.
ب وكمال وأمبا حقيقتهبا الباطنبة فمثبل الشوع والخبات وحُضور القلب ِ
الخلص.
137
إيقاظ أول المم العالية
والتدبر والتفهبم لعانب القراءة ومعانب التسببيح ونوب ذلك وظائف الصبلة
الباطنة.
فظاهر الصلة حفظ البدن والوارح وباطن الصلة حفظ القلب.
ومن الحافظة على الصلة والقامة لا كمال الطهارة والحتياط فيها ف البدن
والثوب والكان.
قال –عل يه ال صلة وال سلم« :-الطهور ش طر اليان» ،و ف الد يث ال خر:
«الطهور مفتاح الصلة وإسباغِ الوضوء وتثليثه مِن غي وسوسة ول إسراف».
فإن الوسوسةَ ف الطهارة والصلة من عمل الشيطان يُلبّسُ با على من ضعُف
عقلُه وقلّ علمه.
و قد وردت الحاد يث ال صحيحة« :أن مَن تو ضأ فأحْ سَنَ الوضوء خرجَ تْ
خطاياه مِن أعضائه ودَ َخلَ ف الصلة نقيًا مِن الذنوب».
ومِن الحافظة على الصلة والقامَة لا البادرة با ف أول مواقيتها ،وف ذلك
فضلٌ وأجر عظيم.
و هو دل يل على م بة الع بد لر به وعلى ال سارعة ف مر ضا ته وما به ،قال :
«أول الوقت رضوان ال وآخره عفو ال».
وقبيح بالؤمن العاقل أن يدخل عليه وقت الصلة وهو على شغل من أشغال
الدنيا فل يتركه ويقوم إل فريضة ال الت كتبها ال عليه فيؤديها.
وما يفعل ذلك إل من عظمت غفلته ،وقلت معرفتُه بال وعظمته وضعُفت
رغبته فيما أع ّد ال لوليائه ف الدار الخرة.
وأما تأخيها وقتها فل يو ُز وفيه إث عظيم.
ومن الحافظة على الصلة والقامة لا الشوع وحُضور القلب وتدبُر القراءة
وفه ُم معانيها واستشعا ُر الُضُوع والتواضُع ل عند الركوع والسجود.
وامتلءُ القلب بتعظيبم ال وإجلله وتقديسبه عنبد التكببي والتسببيح وجيبع
أجزاء الصلة.
138
إيقاظ أول المم العالية
والرص والجتهاد ف د فع الوا طر والواج يس ف شؤون الدن يا والعراض
عن حديث النفس ف ذلك.
ويكون هه ف الصلة وحُس ُن تأديتها كما أمر ال.
فإن الصلة مع الغفلة وعدم الشوع والضور قليلة الدوى.
فاجتهد ف تدبّر ما تقول من كلم ربك واحرص على الطمأنينة فيها.
فإن الذي ل يتم الركوع والسجود ف الصلة سارق لا كما ورد ف الديث
وورد أن من حافظ عليها وأتها ترج بيضاء تقول :حفظك ال كما حفظن.
والذي ل يتم الصلة ترج سوداء مظلمة تقولُ :ضّيعَ كَ ال كما ضيعتن ،ث
ب با وجهُهُ.ف الثوبُ اللق فيضر ُ تلف كما يُل ُ
ظ الناس ،فقال :يا حاتُ ،أراك تع ظُ الناس رأى رُجلٌ حا ت ال صم واقفًا يع ُ
أفتحسنُ أن تُصلي؟ قال :نعم ،قال :كيف تُصلي؟
قال :أقوم بال مر ،وأم شي بال سكينة ،و أدخُل بالي بة ،وأ كبُ بالعظ مة ،واقرأ
بالترتيل ،واجلس للتشهد بالتمام وأسلم على السنة ،وأسلمُها إل رب ،وأحفظها
أيام حيا ت ،وأر جع باللّوم على نفسي ،وأخا فُ أن ل تُق بل م ن ،وأرجُو أن تُق بل
من ،وأنا بي الرجا والوف.
واشكر من علّمن وأعلّمُ من سألن وأحدُ رب إذ هدان.
قال له ممد بن يوسف :مثلك يصلح أن يعظ.
روي أن زين العابدين بن علي بن السي :كان يتغيّر عند الوضوء ويصفر
لونه ،فإذا قام إل الصلة أخذتُه ر ْع َدةٌ.
فقيل له ف ذلك ،فقال :أتدرُونَ بي يدَي مَن أقُوم؟
وقال أبو بكر الوراق :ربا انصرف من الصلة وأنا استحي من ال ج ّل وعل
ف مِن الزِنا.
ول حياءَ رجُلٍ انصر َ
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
139
إيقاظ أول المم العالية
مواعظ
عن أ ب ب كر بن عياش قال :قال ل ر ُجلٌ مرّة وأ نا شابّ خلّ صْ رقب تك ما
ق الخرة. استطعت ف الدنيا من ر ّ
فإن أسي الخرة غي مفكوك أبدًا ،قال أبو بكر :فما نسيتُها أبدًا.
وكان يقو مُ الليل ف قباء صُوف وسراويل وعُكازة يضعُها ف صدره فيتكيءُ
عليها حي ك ُب فيُحْيي ليَْلتَ ْه ويُذكّ ِرهُ َحمْ ُل العَصَى بالسّفرِ إل الخرة.
قال بعضهم:
حلْت بُ مِبن ال ِكبَرْ ف أوْجَبَ حَمَْلهَا عَليّب ول انّي ب نَ َ ضعْ َ حَ َملْتُ العَصَا ل ال ّ
بفَرْب عَلى سبَلعْلِمَهَبا أنّب ا ُلقْيِمبَ
بيَ حَمْلَهَبا ب َنفْس ِ ولكِنّنِبي ألْزمْت ُ
140
إيقاظ أول المم العالية
قال أح د بن عبدال بن يو نس :كان معروف بن وا صل التي مي إمام م سجد
بن عمرو بن سعد.
قيل :إنه كان يتم القرآن ف كل ثلث سفرًا وحضرًا وأنه أم قومه ستي سنة
ل يسهُ ف صلته؛ لنا كانت تمّه.
وقال عبداللك بن أب ر :ما من الناس إل مُبتلى بعاف ية ليُن ظر ك يف ُشكْرُه أو
ُمبْتَلى ببلّيةٍ ليُنظر كيف صبُه.
و ف ال ب يأ ت على الناس زمان يكون هلك الر جل على يد زوج ته وأبو يه
وولده يُعيونهُ بالفقر ويكلفونه ما ل يطيق فيدخل ف الداخل الت يذهب فيها دنه
فيهلك ،قلت :هذا حاصل ف عصرنا فتأمل.
عن معمر مؤذن سُليمان التي مي ،قال :صلّى إل جنب سُليمان التيمي العشاء
الخرة ،وسعته يقرأ :تَبَارَكَ اّلذِي بَِيدِهِ ا ُل ْلكُ .
قال :فلما أتى على هذه الية َفلَمّ ا َرأَوْ هُ ُزْلفَةً سِيَئتْ وَجُو هُ اّلذِي نَ َكفَرُوا
جعل يُردّ ُدهَا حت خفّ أهل السجد وانصرفوا ،قال :فخرجت وتركتُه.
قال :وعدت لذان الفجر فإذا هو ف مقامه ،قال :فتس ّم ْعتُ ،فإذا هو ل يزها
وهو يقول :فَ َلمّا َرأَ ْوهُ ُزلْ َفةً سِيئَتْ وَجُوهُ اّلذِينَ َكفَرُوا .
وق يل له :أ نت أن تَ (أي يثنون عل يه) ،قال :ل تقولوا هكذا ل أدري ما يبدو
ل من رب عز وجل ،سعتُ ال يقولَ :وَبدَا لَهُم مّنَ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَ ِ
سبُونَ
.
ولّا حضر ُه الوتُ قال لبنه :يا ُمعْتَ ِمرُ حدّثن بالرّخَصِ لعلي ألقى ال ع ّز وجل
وأنا حسنُ الظّن به.
عن العمش قال :قال عمرو بن عُتبة ب نُ فَرْقَد سَأْلتُ ال ثلثًا فأعطان اثنتي
وانت ظر الثالثة ،سألته أن يُزهّد ن ف الدنيا ف ما أبال ما أق بل و ما أدبر ،و سألته أن
يُق ّويْن على الصلة فرزقن منها ،وسألته الشهادة فأنا أرجوها.
كان طلحة بن مُصرّف يقول ف دعائه :اللهم اغفر ل ريائي وسُمعت.
141
إيقاظ أول المم العالية
قال خُليد العصري :كلنا قد أيقن بالوت وما نرى له مستعدًا ،وكلنا قد أيقن
بالنة وما نرى لا عاملً.
وكلنبا قبد أيقبن بالنار ومبا نرى لاب خائف ًا ،فعلم تعرجون ،ومبا عسبيتم
تنتظرون ،الوت فهو أول وارد عليكم من ال بي أو بشر.
إخوان ،إنكم تغدون وتروحون ف آجال قد غيبت عنكم ل تدرون مت تجم
ب مُسْرع.
عليكم فالوحا الوحا والنجا النجا فالطال ُ
يَج ّد بنببا صببَ ْرفُ ال ّزمَانببِ ونَهْ ُزلُ ونُوقَظببُ بالحْدَاثببِ فيببه وَن ْغفُلُ
ب مُسبببْتعْجَلٌ أو مُؤجّلُ ب أ ْو ُموَدّعبٌ ومُسبببْتَل ٌ ومَبا الناسبُ إل ظاعِن ٌ
ب اليامببُ إل َمنَازِلٌ إذا مَببا قَ َطعْنَببا َمنْز ًل بَانببَ مَنْزلُ ومببا هَذِهب ِ
ب أوّلُ ب منّابب آ ِخ ٌر مَاتب َ َفنَاءٌ مُلحببٌ مَببا ُيغِبببُ جْيعَنَببا إذا عاشب َ
ببب الفَنَا ُء الُعَجّلُ
بببَلّمَ ُه منّيب
َهب تَسب أكرهب َف ْقد ُ
ْتب ُ وكبم صبَا ِحبٍ ل كن ُ
جتَنَا ،واهْد
الل هم تق بل توبت نا ،واغ سل حوبت نا ،وأ جب دعوت نا ،وث بت ُح ّ
قُلوبنا ،وسدّدْ ألسنتنا ،واسُْللْ سخيمةَ صُدُورنا.
142
إيقاظ أول المم العالية
واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي ،وصل ال على
ممد وآله وصحبه أجعي.
فوائد ومواعظ
اعلم يا أ خي ،أن الناس ع ند الوت ثل ثة أق سام ،الول :ذو ب صية علم أن
الن سان وإن طال عمره ف الدن يا ف هو كخط فة برق ل عت ف ال سماء ث عادت
للختفاء ،فل يث قل على العا قل اللب يب الُروج من الدن يا إل بقدر ما يفو ته من
خدمة ربه عز وجل ،والزدياد مِن ما يقربه إليه ،والشفاق ما يقول أو يقال له.
ك ما قال بعض هم لّ ا ق يل له :لِ مَ تزع؟ قال :ل ن أ سلُكُ طريقًا ل أعهدْ هُ،
وأقدم على رب جل وعل ول أدري ما أقول وما يقال ل.
ومثْلُ هذا الش خص ل ينفُر من الوت ،بل إذا عجزَ عن العبادة ربّ ما أشتا قَ
إليه.
وقال بعضُهم ف مناجاته :إلي إن سألتُكَ الياة ف دار المات فقد رغب تُ ف
البعد عنك ،وزهدتُ ف القرب منك.
فقد قال نبيُك وصفيُك « :مَن أ َحبّ لِقاءَ ال أ َحبّ ال ِلقَاءَهُ ومَن كَرِهَ ِلقَاءَ
ال كَ ِرهَ ال لقاءه».
الثان :رجلٌ رديء البصية مُتلطخ السريرة مُنهمكٌ ف الدنيا مُنكرٌ للبعث ،قد
رضي بالياة الدنيا واطمأن با ويئس مِن الخرة.
فهذا مصيهُ كما ذكر الِ :إنّ اّلذِي نَ لَ يَرْجُو نَ لِقَاءَنَا َورَضُوا بِاْلحَيَاةِ ال ّدنْيَا
وَاطْ َمأَنّوا بِهَا وَاّلذِينَ هُمْ َعنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُ ْولَئِكَ َمأْوَاهُ ُم النّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
.
القسم الثالث :مَن خلطوا عملً صالًا وآخر سيئًا واعترفوا بذنوبم ،وهؤلء
أيض ًا مصبيهم كمبا ذكبر ال ،قال ال ج ّل وعل وتقدس :وَآخَر َ
ُونه اعْتَرَفُوا
بِ ُذنُوبِهِ مْ خَ َلطُوا عَ َملً صَاِلحًا وَآخَرَ سَيّئًا عَ سَى اللّ هُ أَن يَتُو بَ َعلَيْهِ مْ إِنّ اللّ هَ َغفُورٌ
رّحِيمٌ .
143
إيقاظ أول المم العالية
ث اعلم أن طول الع مر مبوب ومطلوب إذا كان ف طا عة ال؛ لقوله –عل يه
ال صلة وال سلم« :-خي كم من طال عمره وح سُن عمله» وكل ما كان الع مر
أطول ف طاعة ال ،كانت السنات أكثر والدرجات أرفع.
وأ ما طوله ف غ ي طا عة ،أو ف العا صي ،ف هو شر وبلء ،تك ثر ال سيئات،
وتضاعف الطيئات.
ومن زعم أنه ي بُ طول البقاء ف الدُنيا ليستكثر من العمال الصالة القربة
إل ال تعال ،فإن كان مع ذلك حري صًا عليها ومُشمرًا فيها ومانبًا لا يشغل عنها
من أمور الدنيا فهو بالصادقي أشبه.
سوّفًا فيها أي العمال الصالة ،فهو من الكاذبي ل عنها ومُ َ
وإن كان متكاس ً
التعللّي با ل يُغن عنه.
لن من أحب أن يبقى لجل شيء وجدته ف غاية الرص عليه مافةَ أن يفوتهُ
ويُحال بينُه وبينَه.
ولسيّمَا والعمل الصال مَلّه الدنيا ول يكن ف غيها؛ لن الخرة دارُ جزاء
وليست بدار عمل.
فتفكر يا أخي ف ذلك عسى ال أن ينفعنا وإيّاك واستعن بال واصب واجتهد
وشّر وبادر بالعمال الصالة قبل أن يُحال بينك وبينها فل تد إليها سبيلً.
ف من صوبُ ل سهام وكُ نْ حذر من مفاجأة ال جل فإ نك غر ضٍ للفات وهد ٌ
النايا وإنا رأ سُ مالك الذي يكنُ كَ إن وَفقَ كَ ال أن تشتري به سعادة البد هذا
العُمْر.
قال ال جل وعل :أَوَ لَ مْ نُعَمّ ْركُم مّا يََت َذكّرُ فِي هِ مَن تَ َذكّرَ الية ،فإيّاك أن
تن فق أوقا ته وأيام ُه و ساعاته وأنفا سَه في ما ل خ ي ف يه ول منف عة فيطول ت سّركَ
ون َدمُك وحُزنُكَ بعد الوت.
ب
ب فب َغيْ ِر واجِب ِ
إذا كان رأسببُ الا ِل عُمْرِكببَ فا ْحتَ ِرزْ عليبه مبن النفاق ِ
144
إيقاظ أول المم العالية
قال م مد بن القا سم خادم م مد بن أ سلم ،قال م مد بن أ سلم :مال ولذا
اللق كُنتُ ف صلب أب و ْحدِي.
ث صرت ف بطن أمي وحْدِي.
ث َدخَ ْلتُ الدنيا و ْحدِي.
ث أدخل ف قبي وحدي.
ث يأتين منكر ونكي فيسألن وحدي ،فإن صرت إل خي صرت وحدي.
ث يوضع عملي وذنوب ف اليزان وحدي.
وإن بُعْثتُ إل النة بُعثتُ وحدي.
وإن بُعثتُ إل النار بعثتُ وحدي ،فما ل وللناس.
ث تف كر ساعة فوق عت عل يه ال ّرعْ َدةُ ح ت خشي تُ أن ي سقُط ،قال :و سعته
يلف كذا وكذا مرة يقول :لو قدرتُ أن أتطوع حيثُ ل يران ملكاي لفعلتُ.
ولكن ل أستطيع ذلك خوفًا من الرياء.
وكان يدخل بيته ويُغلقُ بابه ويدخل معه كُوزًا من ماء فلم أدري ما يصنع.
ت ابنًا له صغيًا يكي بُكاءهُ فنهتهُ أمهُ ،فقلتُ لا :ما هذا البكاء؟ حت سع ُ
فقالت :إن أ با ال سن يد خل هذا الب يت فيقرأ القرآن ويب كي في سمعه ال صب
فيحكيه (أي يقلده).
وكان إذا أراد أن يُخرج غسل وجهه واكتحل لئل يُرى عليه أثرُ البُكاءِ.
بلغ يا أخي الذين يذكرون أعمالم للناس من حج وصدقة وصيام رياءً وسعةً.
ث إليهم ويقول للرسول :انظر أن وكان يصل قومًا وُيعْطِيهم ويكسوهم فيبع ُ
ل يعلموا من بعثه إليهم ويأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ويفى نفسه.
ول يعلمون من الذي أعطاهم ول أعلم أنه وصل أحدًا بأقل من مائة درهم إل
أن ل يكنه ذلك.
145
إيقاظ أول المم العالية
صنَعَ ال
ودخل تُ عل يه ق بل مو ته بأرب عة أيام ،فقال :يا أ با عبدال ،أب شر ب ا َ
بأخيبك مبن اليب ق ْد نَ َزلَ بب الوتُب وقبد مَنّ ال علي أنبه ليبس عندي درهبم
يُحاسبن ال عليه.
ضعْفِي فإ ن ل أطي ُق ال سابَ ،فلم يدع عندي شيئًا يُحا سبن ال و قد علم َ
عليه ث أغلق الباب ول تأذن لحدٍ علي حت أموت.
واعلم أن أخر جُ ن الدنيا وليس أد عُ مياثًا غي كسائي ،وإنائي الذي أتوضأ
فيه وكتب.
وكانت معه صُر ٌة فيها نو ثلثي درهًا ،فقال :هذا لبن أهدا هُ إليه قري بٌ له
ول أعلم شيئًا أحَلّ ل منه؛ لن النب قال« :أنْتَ ومالُك لبيك».
ف َك ّفنُو ن من ها وابْ سُطُوا على جناز ت لبدي وغطوا عليّ بك سائِي وت صدّقوا
بإنائي أعطُو ُه مسكينًا يتوضأ منه ث مات باليوم الرابع ب رحه ال ب.
ق يل :إ نه مرض ق يس أ حد الكرماء فا ستبطأ إخوا نه ف عياد ته ،ف سأل عن هم،
فقالوا :إنم يستحيون لالكَ عليهم من الدّين.
فقال :أخزى ال مالً ينعُ الخوان عن الزيارة.
س عليه مال فهو منه ف حِلّ. ث أمر مُناديًا ينادي من كان ِل َقْي ٍ
ت عتبةُ داره بالعشى لكثرة ُعوّاده. فكُسر ْ
وأتبى رجبل صبديقًا ودقّ عليبه الباب فلمبا خرجبَ ،قال :لاذا جئتنب؟ قال:
لربعمائة درهم َديْنٌ عَليّ.
فدخل الدار ووزن له أربعمائة درهم وسلمها له ودخل الدار يبكي.
فقالت امرأته :هلّا تعللت واعتذرت حي شقّ عليك الجابة؟
فقال :إنا أبكي لن غفلتُ عنه ول أتفقّدْ حَاله حَت احتاجَ أن يُفاجئن به.
ت يوم اليمُوك لطلب ابن عم ل ومعي وحكي عن حُذيفة العَدَوي قال :انطلق ُ
شيء من ما ٍء وأنا أقولُ إن كان به رم قٌ سقيته ومسحت وجه هُ فإذا أنابه ،فقل تُ:
ل َنعَمْ فإذا رَ ُج ٌل يقول :آهْ ،فقال اب ُن عمي :انطلقْ إليه.
ك فأشار إ ّ
أسقي َ
146
إيقاظ أول المم العالية
فجئتُ إليه فإذا ُهوَ هشامُ ب ُن العاص ،فقلتُ :اسقيكَ فسم َع هشامُ آخر يقول:
آه ،فقال :انطلق به إليه فجئت إليه فإذا هو قد مَات.
ث رجعت إل هشام فإذا هو أيضًا قد مات.
ث رجعتُ إل ابن عمّي فإذا هو قد مات.
إل كَمببْ ذا التراخِببي و التّمَادي وحادي الوت بالرواحببببِ حَادي
فلو كُنّبببا جَمَادًا لّت َعضْنَبببا وَلكِنّببببا أشدّ مببببن الَمَادِ
بغِي إل قَولِ ا ُلنَادِي
ُتنَادِينببببا الَنّيةُ كُ ّل وقتببببً ومبببا نُصبب ْ
ب النُفوس إل انِْتقَاصبببٍ ولكنّببب ال ُذنَوببببَ إل ازْدَيادِ وأنفاسبب ُ
بفِرَارٌ فليسبببَ دَواؤُهبببُ غ َي الَصبببادِ با الزّرْعببُ قَا َرنَهببُ اصب ْ
إذا مَب
كأنّكبب بالشيبببِ وقببد َتبَدّى
وبالخرى ُمنَاديهبببببببا يُنادِي
وقالوا:
قَدْ قَضَببببى فاقْ َروْا عليببببه سببببَل َمكُمُ إل َيوْمببببِ التّنَادِ
148
إيقاظ أول المم العالية
وقال عُمر بن درهم لعطاء :حت مت نسهو ونلعب وملك الوت ف طلبنا ل
حةً َخ ّر َمغْشيًا عليه. يَكُفَ فصاح عطاء صي َ
واجت مع الناس وق عد ع مر ع ند رأ سه فلم يزل على حاله ح ت الغرب ث أفاق
فحُمل.
قيل :إن أبا عثمان النتخب أنشد نور الدين أبياتًا تتضمنُ ما هو مُتلبسٌ به نور
الدين ف ملكه من الكوس والضرائب وفيها تويف وتذير شديد له كانت هذه
البيات سببًا لوضعها عن الناس:
بببا الغْ ُروْرُ يوم ال ِقيَا َمةِ والسببببببما ُء تَمُورُ ب أيهب بب َ ِمثّلْ وُُقوْفَكب
ب مُنكَ ٌر وَن ِكيْرُماذا تقولُ إذا ُنقِلْتبببببَ إل البِلىَ فرْدًا وجَاءَكببببب َ
بيْرُ ب عَسبب ِ ل والسبببا ُ ببٍ َفرْدًا ذَِلْي ً ببَ بِ َموْقِفب ماذا تقولُ إذا وَقفْتب
ب فب يوم الِسببَابِ مُس ببَلْسَلٌ مَجْ ُروْرُ ُصب ْومُ وأنْت َ
ْكب ال ُ َتب ِفي َ
وتَعَّلق ْ
بببّ ٌد َم ْقبُورُ ب ال ُقبُورِ ُموَسب
بب ِ ضيْقب ب فب ِ لُنوْ ُد وأنْت َبا ُ ب عَنْك َ
وتَفَرّقَت ْ
بببُ أ ميُ ب ولَيةً َيوْمًبببا ول قال النامب َووَدِدْت بْ أنك بَ مَبا وَِليْت َ
وبَ ِقيْتبببَ َبعْ َد العِزّ َرهْنبببَ َح ِفيْرةً فبب عَالَم الوتببى وأنْتببَ َح ِقيْرُ
ب مُجيْرُ ب عُ ْريَانًبا َح ِزيْنًبا باكِيًبا قَلقًبا ومالكببَ فبب النامبِ وحُشِرْت َ
ب عَافبب الَرَابببِ وجْسببْمُكَ ا َلعْ ُموْرُ ب دَارس ٌ ب تْيَبا وقَ ْلبُك َ ب أن ْضيْت َأرَ ِ
جوْرُ ب ُمعَذّببببٌ َم ْه ُ ب أبدًا وأنْتبب َ سبوَاك بقُ ْربِه ِ
ب ُيحْظَبى ِ ب أن ْضيْت َ
أرَ ِ
ج ًة َتنْجُببو بَببا َيوْم العا ِد َويْومببببببَ َتبْ ُد ْو العُوْرُ َمهّدْ ِلَنفْسببِكَ ُح ّ
فلمبا سبع نور الديبن هذه البيات بكبى بكاءً شديدًا وأمبر بوضبع الضرائب
والكوس ف سائر البلد وكتب إل الناس ليكون منهم ف حل ما كان أخذ منهم،
ويقول ل م :إن ا صرف ذلك ف قتال أعدائ كم من الكفرة والذب عن بلد كم
ونسائكم وأولدكم ،وكتب ذلك إل سائر مالكه وبلدان سلطانه وأمر الوعاظ أن
يستحلوا له من التجار ،وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
149
إيقاظ أول المم العالية
فصل
قال ممد بن واسع :ما آسى مِن الدنيا إل على ثلث :صاحب إذا اعوججت
قومن ،وصلة ف جاعة يُحمل عن سهوها وأفو ُز بفّضْلِها ،وقوتٍ من الدنيا ليس
لحد فيه منة ،ول ل عز وجل علي فيه تبعة.
كان بالكوفة رجل قد خرج عن ُدْنيًا واسعةً وتعبّد ،فقال الفضيل لعبدال بن
البارك :إن هاهنا رجلً من الُتعبدين قد خرج عن دُنيا واسعة فامض بنا إليه ننظر
عقله ،فجاءوا إليه وهو عل يل وعل يه عباء ٌة وت ت رأ سه قطع ُة لب نة ف سلم عليه ابن
البارك ،ث قال لهُ :يا أخي ،بلغنا أنه ما ترك عب ٌد شيئًا ل إل عوضُهُ ال ما هو أكثر
منه فما عوّضَكَ؟
سبُكَ ،وقاما على ذلك. قال :الرّضَا بَا أنا فيه ،فقال ابنُ البارك :حَ ْ
ك الناس عن ذات نفسك ،فإن وأوصى بعضهم أخًا له ف ال ،فقال :ل يُ ْل ِهَينّ َ
ال مر يلص إ ل يك دون م ول أر شيئًا أح سن طلبًا ول أ سرع إدراكًا من ح سنة
حديثة لذنب قدي.
قال خليد العصري :كلنا قد أيقن بالوت وما نرى له مستعدًا ،وكلنا قد أيقن
بالنة وما نرى لا عاملً ،وكلنا قد أيقن بالنار وما نرى له خائفًا ،فعلم تعرجون.
و ما ع سيتم تنتظرون الوت ف هو أول وارد علي كم من ال ب ي أو شر ،ف يا
اخوتاه ،سيوا إل ربكم سيًا جيلً.
وقال آ خر :ا بن آدم لو رأ يت ي سيَ ما ب قي من أجلك ،لزهد تَ ف طول ما
ت مِن حِرْصِكَ و ِحيَلِك.
ترجُو من أملك ولرغبتَ ف الزيادة من عملك ،ولقصّرْ َ
ك أهْلُ كَ وحَشَمُ كْ ،وتَبَا م نك وإن ا يَ ْلقَا َك نَ َدمُ كَ إذا زَلّ ق َدمُ كْ ،وا سْلِم َ
ف عنكَ الَبيْب ،فل أنت إل ُدنْياك عَائد ول ف حسناتك زائد. القريب ،واْنصَر َ
150
إيقاظ أول المم العالية
ب ل َي ْفهَم بُ
ونَعُودُ ف ب عَمَه بٍ كَمَن ْ بابا الُطُوبببُ كُ ُروْرَهَب أبَدًا تُفهّمُنَب
ب فب الظ ِل يَرْقُبم َوعْظَبه مَبن يَرقُم ُ ببُ كأناب بَا ِمعَنا العِظاتبتَلْقَبى مَسب
ُيقْرَا الخِ ُي ويُدْرج التقدّمببببببُ ب سبُطورها ب نن ُف اليام ِ بحَائ ُوص َ
ب عليهببا أعْظُمببُ وبأعَظُببم ِرمَمب ٌ ضرْيُهبببببُ لَحْدٌ على َلحْ ٍد ُيهَالُ َ
عادٌ أطاحَهببم الِمَامببُ ُوجُرْهمببُ مَن ببْ ذا تَوقّاه النون ببُ وَقبْلنَببا
ب و ُمتَمّم ببُ ب ومَالِك ب ٌ وا ُلنْذِرَان ب ِ والّتبّعانببِ َتلَحقَببا و ُمحَرّقببٌ
152
إيقاظ أول المم العالية
وقيل لمدون :ما بال كلم السلف أنفع من كلمنا ،قال :لنم تكلموا لعز
السلم وناة النفوس ورضا الرحن ،ونن نتكلم لعز النفوس وطلب الدنيا ورضا
اللق.
قُل تُ :فكيف لو رأى أهل هذا الزمان وما أصيبوا به مِن التكَالُب على الدنيا
والفتنان بزخارفِها ومغرياتا فل حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
قال شيخ السلم :القلبُ ل يصلح ول يفلح ول يسر ول يلتذ ول يطيب ول
يسكن ول يطمئن إل بعبادة ربه وحُبه والنابة إليه ،ولو حصل له كُل ما يلتذُ به
من الخلوقات ل يطمئنّ ول يسكن ،إذ فيه فقر ذات إل ربه من حيث هُو معبودُهُ
ومبوب ُه ومطلوب ُه ،وذلك يصبل له الفرح والسبرور واللذ ُة والنعم ُة والسبُكونُ
والطمأنينة.
وهذا ل ي صل إل بإعا نة ال له ،ول يقدر على ت صيل ذلك له إل ال ،ف هو
دائمَا مفتقرٌ إل حقيقة إيّاك نعب ُد وإيّاك نستعي.
فهو مفتقرٌ إليه من حيث هو الطلوب الحبوبُ العبو ُد ومن حيثُ هو الُستعانُ
به التوكلُ عليه.
فهو إله ل إله ل ُه غيهُ وهو ربّهُ ل ربّ له سواهُ ول تت ُم عبوديتُه إل بذين.
وقال :إعراض القلب عن الطلب من ال والرجا له يوجب إنصراف قلبه عن
العبودية ل لسيما من كان يرجو الخلوق ول يرجو الالق.
بيبث يكون قلببه معتمدًا إمبا على رئاسبته وجنوده وأتباعبه وإمبا على أهله
وأصدقائه وإما على أمواله أو غيهم من مات أو يوت ،قال تعالَ :وتَ َوكّلْ عَلَى
الَيّ اّلذِي لَ يَمُوتُ .
وقال :على كل مؤ من أن ل يتكلم ف ش يء من الد ين إل تبعًا ل ا جاء به
الرسول ول يتقدم بي يديه.
153
إيقاظ أول المم العالية
بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعًا لقوله ،وعمله تبعًا لمره ،فمن قول ال وقول
رسوله يتعلم وبه يتكلم.
وكل من خالف ما جاء به الرسول ل يكن عند علم بذلك ول عدل ،بل ل
يكون عنده إل جهل وظلم وظن وما توى النفس َوَل َقدْ جَاءَهُم مّن ّربّهِمُ ا ُلدَى
.
وقال ب رحه ال ب :من ابتلي ببلءٍ قلب أزعجه فأعظمُ دواء له قو ُة اللتجاء
إل ال ودوا ُم التضرع والدُعاء بأن يتعلم الدعية الأثورة ويتو خى الدُعاء ف مظان
الجابة.
مثلُ آ خر الل يل وأوقات الذان والقا مة و ف سجوده وأدبار ال صلوات ويضُمّ
إل ذلك الستغفار.
وليتخ ْذ وردًا من الذكار طرف النهار وعند النوم وليصبْ على ما يعرضُ له من
الوانع والصوارف.
فإنه لبُدّ أن يُؤيده ال بروح منه ويكتب اليان ف قلبه.
وليحرص على إكمال الفرائض مبن الصبلوات المبس بباطنبه وظاهره فإناب
عمود الدين.
وليكن هجياه ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
فإنه با يمل الثقال ويكابد الهوال وينال رفيع الحوال.
ول يسأم من الدعاء والطلب ،فإن العبد يُستجاب له ما ل يعجل.
وليعلم أن النصر مع الصب وأن الفرج مع الكرب وأن مع العُسر يسرا.
وقال ابن القيم :مراقبة الرب علم العبد وتيقنه بإطلع ال على ظاهره وباطنه
فاستدامته لذا العلم واليقي هي الراقبة.
وهي ثرة عمله بأن ال سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله ومطلع على
عمله كل وقت وكل لظة.
154
إيقاظ أول المم العالية
ق َطعْ مَ اليان من رضى بال ربًا ،وبالسلم دينًا ،وبحمد قال النب « :ذا َ
رسولً».
وقال« :من قال حي يسمع النّداءَ رضي تُ بال ربًا ،وبالسلم دينًا ،وبحمد
نبيّا غفرت ذنوبه».
وهذا الديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما َيْنتَهِي.
و قد تضَ ّمنَهَا الر ضا بربوبي ته سبحانه وألوهي ته والر ضا بر سوله والر ضا بدي نه
والتسليم له.
ومن اجتمعت له فهو الصديق َحقًا ،وقال :الد بُ اجتما عُ خصال الي ف
العبد ،وهي ثلثة أنواع:
أدب مع ال بأن يَ صُون قلب هُ أن يلتف تَ إل غيه أو تتعلّق إرادته با يقتُه عليه،
ويصون معاملته أن يشوبا بنقيصه.
وأدب مبع الرسبول بكمال النقياد ،وتلقبى خببه بالقبول والتصبديق وأن ل
يعارضه ب غيه بوجه من الوجوه.
وأدب مع اللق بعاملتهم على اختلف مراتبهم با يليق بم ويناسب حالتهم.
وقال ب رح ه ال ب :القبول من الع مل ق سمان ،أحده ا :أن يُ صلي الع بد
ويعمل سائر الطاعات ،وقلبه متعلق بال عز وجل ذاكر ال على الدوام فعمله ف
أعلى الراتب.
الثا ن :أن يع مل الع بد العمال على العادة والغفلة وينوي ب ا الطا عة والتقرب
إل ال.
فأركا نه مشغولة بالطا عة وقل به له عن ذ كر ال وكذلك سائر أعماله ،فهذا
عمله مقبُولٌ ومُثابٌ عليه بسبه.
وقال العارف :ل يأ مر الناس بترك الدن يا فإن م ل يقدرون على ترك ها ول كن
يأمرهم بترك الذنوب مع إقامتهم على دنياهم.
155
إيقاظ أول المم العالية
ب عليهم ترك الذنوب فاجتهد وكيف يؤمر بفضيلة من ترك فريضة ،فإن ص ُع َ
أن تبب ال إليهم بذكر نعمه وصفات كماله.
فإن القلوب مفطورة على مبتبه ،فإذا تعلقبت بببه هان عليهبا ترك الذنوب
والقلل منها.
جبِ ورؤَي ِة النفس.
ل شيء أفْسَ َد للعمال من العُ ْ
ول ش يء أ صلح ل ا من شهود الع بد م نة ال وتوفي قه وال ستعانة به والفتقار
إليه وإخلص العمل له.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
وقال ابن القيم ب رحه ال ب:
العقبات الت يتدرج منها الشيطان لغواء العبد:
العقبة الول:
عقبة الكفر بال ولقائه وبصفات كماله وبا أخبت به رسله عنه ،فإنه إن ظفر
به ف هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح.
فإن اقت حم هذه العق بة ون ا من ها بب صية الدا ية و سلم م عه نور اليان طل به
على.
العقبة الثانية:
وهي عقبة البدعة إما باعتقاد خلف الق الذي أرسل ال به رسوله وأنزل به
كتابه ،وإما بالتعبد با ل يأذن به ال ،من الوضاع والرسوم الحدثة ف الدّين الت
ل يقبل ال منها شيئًا.
والبدعتان ف الغالب متلزمتان قل أن تن فك إحداه ا عن الخرى ،ك ما قال
بعضهبم :تزوجبت بدعبة القوال ببدعبة العمال ،فاشتغبل الزوجان بالعرس فلم
يفجأهم إلّا وأولد الزّنا يعيشون ف بلد السلم ،تضج منهم العباد والبلد إل ال
تعال.
156
إيقاظ أول المم العالية
وقال شيخ نا :تزو جت القي قة الكافرة بالبد عة الفاجرة فتولّد بينه ما خ سران
الدّنيا والخرة.
فإن قطع هذه العقبة وخلص منها بنور ال سّنة واعتصم منها بقيقة التابعة وما
مضى عليه السلف الخيار من الصحابة والتابعي لم بإحسان.
وهيهات أن تسمح العصار التأخرة بواحد من هذا الضرب ،فإن سحت به
نصبب له أهبل البدع البائل ويغوْه الغوائل ،وقالوا :مبتدع مدث ،فإذا وفقبه ال
لقطع هذه العقبة طلبه على:
العقبة الثالثة:
وهي عقبة الكبائر ،فإن ظفر فيها زينّها له وح سّنها ف عينه وسوّف به وفتح
له باب الرجاء ،وقال له :اليان هو الت صديق نف سه فل تقدح ف يه العمال (أي
أعمال الفسوق والعصيان).
وربا أجرى على لسانه وأُذنه كلم ًة طالا أهلك با اللق وهي قوله« :ل يضر
مع التوحيد ذنب ،كما ل ينفع مع الشرك حسنة» والظفر به ف عقبة البدعة أحب
إليه ،لناقضتها الدين ،ودفعها لا بعث ال به رسوله.
وصاحبها ل يتوب منها ،ول يرجع عنها بل يدعو اللق إليها ،والجتهاد على
إطفاء نور السّنة.
وتولية من عزله ال ورسوله ،وعزل من وله ال ورسوله ،واعتبار ما ردّه ال
ور سوله ،ورد ما اع تبه ،وموالة من عاداه ،ومعاداة من واله وإثبات ما نفاه،
ونفي ما أثبته.
وتكذ يب ال صادق وت صديق الكاذب ،ومعار ضة ال ق بالبا طل وقلب القائق
ب عل ال ق باطلً والبا طل حقًا ،واللاد ف د ين ال ،وتعمي ُة ال ق على القلوب
وطلب العوج لصراط ال الستقيم ،وفتح باب تبديل الدين جلة.
فإن البدع تستدرج بصغيها إل كبيها ،حت ينسلخ صاحبها من الدين كما
تنسل الشعرة من العجي.
157
إيقاظ أول المم العالية
فمفا سد البدع ل ي قف علي ها إل أرباب الب صائر ،والعميان ضالون ف ظل مة
جعَلِ ال ّلهُ لَهُ نُورًا فَمَا َلهُ مِن نّورٍ .
العمى َومَن ّلمْ َي ْ
فإن قطع هذه العقبة بعصمة ال أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه على:
العقبة الرابعة:
وهي عقبة الصغائر فكال له منها بالقُفزان ،وقال :ما عليك إذا اجتنب الكبائر
ما غش يت الل مم أو ما عل مت أن ا تكفّ ر باجتناب الكبائر وبال سنات ،ول يزال
يهوّن عليه أمرها حت يصر عليها.
فيكون مرتكب الكبية الائف الوجل النادم أحسن حا ًل منه ،فالصرار على
الذنب أقبح منه ول كبية مع التوبة والستغفار ،ول صغية مع الصرار.
ل بقوم نزلوا بفلةوقد قال « :إيّاكم ومقرات الذنوب» ث ضرب لذلك مث ً
من الرض فأعوزهم الطب ،فجعل هذا ييء بعود وهذا بعود حت جعوا حطبًا
كثيًا فأوقدوا نارًا وأنضجوا خبزتم.
فكذلك فإن مقرات الذنوب تتجمبع على العببد وهبو يسبتهي بشأناب حتب
تلكه.
فإن نا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والستغفار وأتبع السّيئة
السنة طلبه على:
العقبة الامسة:
و هي عق بة الباحات ال ت ل حرج على فاعل ها ،فشغله ب ا عن ال ستكثار من
الطاعات ،و عن الجتهاد ف التزود لعاده ث ط مع ف يه أن ي ستدرجه من ها إل ترك
السنن ،إل ترك الواجبات.
وأ قل ما ينال م نه :تفوي ته الرباح والكا سب العظي مة والنازل العال ية ،ولو
عرف السعر ما فوّت على نفسه شيئًا من القربات؛ ولكنه جاهل بالسعر.
فإن ناب مبن هذه العقببة ببصبية تامبة ونور هاد ومعرفبة بقدر الطاعات
والسبتكثار منهبا وقلة القام على اليناء وخطبر التجارة وكرم الشتري ،وقدر مبا
158
إيقاظ أول المم العالية
يعوّض به التّجار فبخل بأوقاته وضنّ بأنفاسه أن تذهب ف غي ربح ،طلبه العدو
على:
العقبة السادسة:
وهي عقبة العمال الرجوحة الفضولة من الطاعات فأمره با وحسّنها ف عينه
وزينّها له و أراه ما فيها من الفضل والربح ،ليشغله با عما هو أفضل منها وأعظم
كسبًا وربًا.
لنه لّا عجز عن تسيه أصل الثواب طمع ف تسيه كماله وفضله ،ودرجاته
العال ية ،فشغله بالفضول عن الفا ضل وبالرجوح عن الرا جح ،وبالحبوب ل عن
الحبّ إليه ،وبالرضي عن الرضى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الفراد ف العال ،والكثرون قد ظفر بم
ف العقبات الوَلْ.
فإن ن ا من ها بف قه ف العمال ومراتب ها ع ند ال ومنازل ا ف الف ضل ،ومعر فة
مقادير ها والتمي يز ب ي عالي ها و سافلها ومفضول ا وفاضل ها ورئي سها ومرؤو سها
وسيدها ومسودها.
فإن ف العمال سيدًا وم سودًا ورئي سًا ومرؤو سًا وذروة و ما دو نا ،ك ما ف
الد يث ال صحيح « :سيد ال ستغفار أن يقول الع بد :الل هم أ نت َربّيب ل إله إل
أنت» الديث.
وفب الديبث الخبر« :الهاد ذروة سبنا م المبر» وفب الثبر الخبر« :إن
العمال تفاخرت فذ كر كبل عمبل منهبا مرتبتبه وفضله وكان للصبدقة مزيبة ف
الفخر عليهنّ».
ول يق طع هذه العق بة إل أ هل الب صائر وال صدق من أول العلم ال سائرين على
جادة التوفيق ،قد أنزلوا العمال منازلا وأعطوا كل ذي حقّ حقّه.
فإذا ن ا من ها أ حد ل ي بق هناك عق بة يطل به العدو علي ها سوى واحدة ل بد
منها ،ولو نا منها أحد لنجا منها رسول ال وأنبياؤه وأكرم اللق عيه.
159
إيقاظ أول المم العالية
وهي عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الذى باليد واللسان والقلب على حسب
مرتب ته ف ال ي ،فكلّ ما عل تْ مرتب ته أجلب عل يه العدو بيله وظا هر عل يه بنده،
وسلّط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط.
وهذه العقبة ل حيلة له ف التخلص منها ،فإنه كلما جدّ ف الستقامة والدعوة
إل ال والقيام له بأمره ج ّد العدوّ ف إغراء السّفهاء به ،فهو ف هذه العقبة قد َلبِسَ
لمة الرب ،وأخذ ف ماربة العدوّ ل وبال.
فعبوديته فيها عبودية خواص العارفي وهي تسمى عبودية الراغمة ول ينتبه لا
إل أولو البصائر التّامّة ،ول شيء أحبّ إل ال من مراغمة وليّه لعدوّه وإغاظته له.
اهب.
فصل
كان ال صدق ف صدر ال سلم أ ساسًا ف القول والعلم والعاملة ،وخ صوصًا
فيما يتعلق بالدين وحفظ الديث.
ف قد ور ثت عن العُلماء الوائل علو مُ الد ين مضبو طة كامِلةً ك ما أنزلت على
رسول ال وحدّث عنها.
وكان عُلماءُ الدين وجامعُوا أحاديث النب يتحرون صدق الحدث بشكل
عجيب.
يدر سون حيا ته ويتحققون من أقواله وأعماله وأ نه يأ كل من ك سب يده ول
يدخل على سلطان ف صحبة أو وظيفة.
وأنه يُطب قُ تعال يم الد ين كاملة ول تع هد عليه كذبة ف َحيَا ته ،فعندها يُؤخذُ
عنه الديث النبوي.
ومثالُ على ما ذكر عن المام أحد ب رحه ال ب أنه سع بوجود حديث
عند عال بدمشق مسافر إليه من بغداد حت وصل دمشق فمكث مُ ّد ًة يسأل عن
العال وعن أخلقه ومُعاملته وكلمه.
160
إيقاظ أول المم العالية
حت إذا وثق من صدقه أتاه مبكرًا بعد أن اغتسل وتطيب ولبس أحسن ثيابه
إجللً للحديث ولَنْ يمله.
ول ا اقترب من بي ته و جد العال خارجًا من بي ته يقود حار ُه و قد كان حالً
يكتسبُ رزقه.
فرفض المار أن يسي معه فحاول أن يره أو يسوقه بختلف الوسائل ويأب
المار.
فجمع له طرف جُبته وقدّم هُ للحمار ليُوهه أنّ ف البّة شعيًا أو نوه فتبعه
المار.
فنظر المام أحد إل البة فوجدها خالية ما فيها شيء.
فترك أح ُد العال والخذ عنه حيثُ تبيّنَ له كذبُه على المار.
فل يُؤتَمَن على الديث الشريف .اهب.
وأخطبر الكذب الكذب على ال ورسبله ،قال تعالِ :إنّم َا يَفْتَرِي ال َكذ َ
ِبه
اّلذِينَ لَ يُ ْؤمِنُونَ بِآيَاتِ ال ّلهِ َوأُ ْولَِئكَ ُهمُ الكَا ِذبُونَ .
ِقيْلَ :إن ربعي بن حراش ل يكذبْ كذْبةً قطْ.
وكان له ابنان عاصيان على الجاج ،فطلبهما فلم يعثر عليهما.
فقيل للحجاج :إن أباها ل يكذب كذبة قط ،لو أرسلت إليه فسألته عنهما،
فاستدعا أباها ،فقال :أين أبناؤك؟
قال :هُما ف البيت فاستغرب الجاج.
وقال لبيهما :ما حلك على هذا وأنا أريدُ قتلهُما.
فقال :ل قد كره تُ أن أل قى ال تعال بكذبةٍ ،فقال الجاج :قد عفونا عنه ما
بصدقك.
أتى الجاج برجُلي من أصحاب ابن الشعث فأمر بقتلهما ،فقال أحدها :إن
ل عندك يدًا.
161
إيقاظ أول المم العالية
قال :وما هي؟ قال :ذكر اب ُن الشعث يومًا أمّك فردد تُ عليه ،فقال :ومن
يشهدُ لك؟ قال :صاحب هذا فسأله ،فقال :نعم (أي صدق).
فقال :ما منعك أن تفعل كما فعل صاحبك (العن لِمَ ل تُدافِ ْع َعنّي مِثله).
ِهب
ُكب (أي لنب أبغضُكبَ) فقال :أطلقُوا هذا لصبدقِهِ وهذا لفعل ِ فقال :بُغض َ
فأطلقوها.
فانظر يا أخي ،كيف يُنجي ال الصادقي ،قال ال جل وعل :يَا َأيّهَا اّلذِي نَ
آمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ َوكُونُوا مَعَ الصّادِقِيَ .
تنبيه :اعلم أن الصدق إنا يسُن إذا تعلّق به نفع ول يلحق ضررُ ُه بأحد ،ومن
صدْقًا.العلوم قب ُح الغيبة والنميمة والسّعَاية وإن كانتا ِ
ولذلك قيل :كفى بالسعاية والغيبة والنميمة ذمًا أنّ الصدق يقبح فيها.
رحل المام أحد ب رحه ال ب إل ما وراء النهر ليوي أحاديث ثُلثيةً ،قيل
له :إن هناك من يرويها ويفظها فوجد شيخًا يُطع مُ كلبًا ،فسلّم على الشيخ فردّ
عل يه ال سلم ،ث اشت غل الش يخ بإطعام الكلب فو جد المام أح د ف نف سه حي ثُ
أقبل الشي ُخ على الكلب ول يُقبل عليه ،فلما فرغ الشي خُ من إطعام الكلب التفت
إل المام أحد ،وقال له :كأنك وجدت ف نفسك حيث أقبلت على الكلب ول
أقبل عليك ،قال :نعم ،قال :حدثن أبو الزناد عن العرج ،عن أب هريرة :أن النب
قال« :من َقطَ عَ رَجَا َء مَن ارْتا هُ قَطَ عَ الُ رَجَاءَ هُ منه يوم القيامة فلم يَلج النة»
فخفتب أن أقطبع
ُ وأرْضُنبا هذه ليسبت بأرض كلب ،وقبد قصبدن هذا الكلب،
رجاءهُ ،فقال المام أحد :هذا الديث َي ْك ِفيْن ث رجع.
مر عبدال بن جع فر على ع بد ف بُ ستان م عه ثلثةُ أقراص شع ي ،فأتاه كلب
فر مى إل يه بأول قُرص ،ث ر مى بالثا ن ،ث بالثالث ،ف سأله جعفرُ :ما هُو قُو تُ
يومِ كَ؟ فقال :هو ما رأي تَ ،قال :ما حلك على هذا؟ قال :آثر تُ الكلب على
نفسي؛ لنه أتى من بعيد جائعًا.
162
إيقاظ أول المم العالية
قال :ومبا تفعلُ فب يومبك؟ قال :أطويبه بل طعام ،فاشترى البُسبتان واشترى
العبد من سيده وأعتقه ووهبَهُ البُستان.
خرج عبدال بن البارك إل ال ج مع جا عة وب عد م سيهم مرحلة خرج ف
ال صباح من الي مة ،فو جد صبية آ تت إل مطرح القما مة وأخذت من ها دجا جة
مُلقاةً مي تة وذه بت ب ا فتبع ها عبدال فوجد ها دخلت ف خيم ٍة مُهلهلة أي خل قة
وفي ها ولدٌ صغي ،فقال ل ا :لِ مَ أخذت الدجا جة الي تة؟ فقالت :أنتُم رميتمو ها،
فقال :أل تعلمي أنه ل يل أكلها؟ فقالت :إنا تل لنا لشدة فقرنا ،فذهب عبدال
بن البارك إل وكيله ،وقال له :ما الذي مع كَ؟ قال :ألف دينار ،قال :أبق منها ما
يُوصِلُنا إل بلدنا وادفع للنثى الباقي وسنحُجّ ف العام القبل إن شاء ال.
دخل ممد بن واسع على أمي وعليه ُجّبةُ صُوف ،فقال المي :ما الذي دعاك
إل لبس هذه فسكت ،فقال المي :لِمَ لَ ْم تُجبن؟
فقال :أكره أن أقول ُزهْدًا فأزكي نفسي أو أقول فقرًا فأشكو رب.
قال ا بن ر جب :دخلوا على ب عض ال صحابة ف مر ضه ووج هه يتهلّل ف سألوه
عن سبب تلُلُ وجهه ،فقال :ما من عَمَل أوثقُ عندي من خصلتي كُنتْ ل أتكلم
فيما ل يعنين ،و كان قلب سليمًا للمسلمي.
أتى ُجنْدِ يٌ إل بلده فوجد إبراهيم بن أدهم ،فسأله :أين العُمران؟ فدّله على
ال قبة ،ف ظن أ نه ي ستهزئ به ،فضرب هُ ح ت أدما هُ ،فق يل للجندي :هذا الم ي بن
أدهم ،فعاد يعتذر إليه ،فقال إبراهي مُ :لّا كُن تُ تضربن كن تُ أسألُ ال لك النة،
قال :ولِ مَ ،قال :لنك ظلمتن فصبت حي ضربتن ،فخمل تُ رجاء النة ،فكان
لك فضلٌ علي فسألك لك النة.
163
إيقاظ أول المم العالية
ب َتبْيدُ ب َبب الخَريْنب َمعَالُمُببه فب حتْ ببَ َ ب وَأص ْ ب ضَاع َ ولول رواةُ الدِين ِ
بببُ َكؤُدْدُ ب والَرَامب
بب ٍ إل كُلّ أُفْقب هُمُوا هَا َج ُروْا فبب جَ ْمعِهَبا وَتبَادَ ُروْا
حيْ ُح الّنقْ ِل وهُبو جَ ِديْدُ
فدامببَ صبب ِ وقامُوا بتَعْدِيلِ ال ّروَاةِ وجَرْ ِحهِمببببْ
ح ّروْا ِحفْظَهَبببببا و ُعهُودُ حُ ُدوْ ٌد تَ َ بُ ِدْينِنَبا ت شَرَائِعب ح ْ بَ ّ
بْ صب بتَبِْلْي ِغهِمب
ب إل عاندٌ و َح ُقوْدُ ببببب َ فلم َيبْقب ُمب
ُمب حِجَا ُجه ْ وصبحّ لهْ ِل النّق ْل ِمْنه ْ َ
ح ْودُ
بْتطاعُ جُ ُ
بم َر َووْا ل يُسب و َعنْهب بُبهُموا أنّ ب الصببّحَاَبةَ َبّل ُغوْا وحَسب ْ
شكُوكبببببِ مَريْدُ مُ ِريْدٌ لظِهارِ ال ّ بب فمارق ٌ فَمَبن حَا َد عَبن هَذَا اليَ ِقيْن ِ
َفَليْسببببَ ِل َموْجُو ِد الضّللِ ُو ُجوْدُ ولكنبببْ إذا جَا َء الُدَى ودَلْيلُهبببُ
ب مَكيْدُ فكيدهُمُبببو بالُخْزَياتبب ِ با وإنببْ رَامببَ أعْدَاءُ الدِياَنةِ َكيْدَهَب
164
إيقاظ أول المم العالية
يتزاورون فيها ،وإل أهل النار يتعاوون فيها ،قال النب « :عَرَفْتَ فالزمَ ،عبْ ٌد َنوّر
ال اليان ف قلبه».
مَرّ أببو هريرة بسبوق الدينبة فوقبف عليهبا ،فقال :يبا أهبل السبوق ،مبا
أعجز كم؟ قالوا :و ما ذاك يا أ با هريرة ،قال :مياث ر سول ال ُيقْ سَ ُم وأنت مُ
هاهُ نا أل تذهبون فتأخذون ن صيبكم ف يه؟ قالوا :وأ ين هو يا أ با هريرة؟ قال :ف
ال سجد ،فخرجوا سراعًا وو قف أ بو هريرة ل م ح ت رجعُوا ،فقال ل م :ما ل كم؟
فقالوا :يا أبا هريرة ،قد أتينا السجد فدخلنا فيه فلم نرى شيئًا يقسم.
فقال لمب أببو هريرة :ومبا رأيبت فب السبجد أحدًا؟ قالوا :بلى رأينبا قومًا
يصلون ،وقومًا يقرؤون القرآن ،وقومًا يتذاكرون اللل والرام.
فقال لمب أببو هريرة :ويكبم فذاك مياث ممبد ،رواه الطببان فب
«الوسط».
و عن ا بن م سعود ،قال :ك يف ب كم إذا لب ستكم فت نة ير بو في ها ال صغي،
ويهرم فيها الكبي ،وتتخذ سّنة فإن غيت يومًا ،قيل :هذا منكر!!
قال :وم ت ذلك؟ قال :إذا قَلّ تْ أُمناؤ كم وكثُر تْ أمراؤ كم وقَلّ تْ ُفقَهاؤ كم
و َكثُر تْ قُرّاؤ كم وُتفُقّ هَ لغ ي الد ين والتم ست الدن يا بع مل الخرة ،قل تُ :هذا
موجود الن بكثرة ،فتأمل ودقّق النظر!!
وروى أ بو نع يم وغيه عن كم يل بن زياد عن علي بن أ ب طالب أ نه قال:
الناس ثل ثة :عال ربا ن ،ومتعلم على سبيل النجاة ،وه ج رعاع أتباع كل نا عق
ييلون مع كل صائح ل يستضيئوا بنور العلم ول يلجوا إل ركن وثيق.
ث ذ كر كلمًا ف ف ضل العلم إل أن قال ...« :إن هاه نا لعلمًا جًا -وأشار
إل صدره -لو أ صبتُ له حلةً ،بل أ صيبُ لقنًا غ ي مأمون مُ ستعملً آلة الد ين
للدنيا ومستظهرًا بنعم ال على عباده ُبجَجِ ِه على أوليائه ،أو مقلدًا لملة الق ل
ب صيةَ ف أحنائه ينقدح ال شك ف قل به لول عارض من شب هة ،أل لذَا ول ذاك،
165
إيقاظ أول المم العالية
ش ْهوَةِ ،أو مُغرمًا بالمع والدّخار ،ليس من رُعاة أو مْنهُومًا باللّذة سلس القيادِ لل ّ
الدين ف شيء.
ت العِلْمُ بوتِ حَامِليْهِ.
أقربُ شبهًا بما النعامُ السائمةُ ،كذلك يو ُ
الل هم بلى ل تلُو الر ضُ من قائم ل بج جه إمّ ا ظاهرًا مشهورًا ،أو خائفًا
مغمورًا.
لئل تبطل حُج ُج ال وبيناتُه كم ذا وأين أولئك وال القلّون ع َددَا ،العظمُون
عند ال قدْرَا.
يف ظُ ال ب م حُججَ ُه وبيّنَا ته ،ح ت ُيوْ ِد ُعوْهَا نُظَراءَهُم ،ويزرعُو ها ف قُلُوب
أشباههم.
ه جم ب م على حقي قة الب صية ،وباشروا روح اليق ي وا ستلنوا ما ا ستوعرهُ
سوْا با استوحش منه الاهِلون. الترفُون ،وأن ُ
و صحبوا الدن يا بأبدان أرواحُ ها مُتعل قة بال حل العلى ،أولئك خلفاء ال ف
أرضه ،والدُعاةُ إل دينه ،آه أل شوقًا إل رؤيتهم».
ْيب الراجلِ ْبب غَل َْنب َتغْلي الَر ُل ِقْيقِي ّ فب الورى على ِحي ِ ْمب ا َ
لقبد نَش َروْا العِل َ
ببن ُمتُون الصبببّواهِلِ ض بال ِق مِن عَلى َمنَابِ ِر عِزّ مِب وقَدْ َخ َطبُوا ف الر ِ
ب الَلئِلِ بفَا ِسفَهم بالكْ ُرمَات ب ِ شعُوب وقَابَلُوا س ب َ بفَاهَات ال ُأزَالوا سبب َ
ب التّقَبى والفَضَائِلِ وشادُوا على تلك الرسبببُومِ َحضَارةً أ ْقيِمَت بْ على أس ّ
ببب َبنَاءَ الوَائِلَ با أل َلْيتَنَبببا َنبْنب كذلكببَ َقدْ كانتببْ أوائلُ َق ْومِنَب
ببَح منهببا دَارِسببًا كُ ُل مَائِلِ ب ْومًا غادَ ُروْا لعْتِبارِنَبا فأصب َ حيِي بْ رُس ُ ونُ ْ
فصل
ق يل :إن القاضي أبا الطيب صعد من سيية (مركوب بري) وهو ف ع شر
الائة 100سنة ،فقفز منها إل الشط.
166
إيقاظ أول المم العالية
فقال له بعض من ح ضر :يا ش يخ ،ل تف عل هذا ،فإن أعضاءك تض عف ورب ا
أورثت هذه القفزة فتقًا ف بطنك ،فقال :يا هذا ،إن هذه أعضاؤنا حفظناها عن
معاصبي ال فحفظهبا ال علينبا ،فب حديبث اببن عباس قال له « :احفبظ ال
يفظك».
قال بعضهبم :مبن نقّرب على الناس قلّ أصبدقاؤه ،ومبن نقبر على ُذنُوببه طال
بُكاؤُه ،ومن نقر على مطعمه طال جُوعُه.
أشببد الشياء تأييدًا للعقببل مُشاورة العلماء ،والناة فبب المور والعتبار
بالتجارب وأشدهبا ضررًا بالعقبل السبتبداد بالرأي ،والتهاون بالمور ،والعجلة
ومشاورة سخفاء العقول والنساء.
العجبُ من ورثة الوتى كيف ل يزهدُونَ ف الدنيا.
أوصبى رجبل بنيبه ،فقال :يبا بنب ،عليكبم بالنُسبك ،فإنبه إذا ابتُلي أحدُكبم
ُحبب السبراف ،وإن ابتلى بالعيّ ،قيبل :يكره كثرةَ بالبخبل ،قيبل :مقتصبد ل ي ُ
لبْن ،قِيل :ل ُيقْ ِدمُ على شبهة.
الكلم فيما ل يعنيه ،وإن ابتُلي با َ
أكثر ما يكون النسان غفلةً عن نعم ال عليه حينما يكون مغمورًا بتلك النعم
ول يعرف فضلها إل بعد زوالا.
فالنسبان ل يعرف فضبل هذه النعمبة العظيمبة إل عنبد فقدهبا ومثله السبمع
والكلم والشهوة للطعام والنكاح وسائر نعم ال الت قال عنهاَ :وإِن َتعُدّوا ِنعْ َمةَ
ال ّلهِ لَ ُتحْصُوهَا فعلى النسان أن يسأل ال أن يلهمه ذكره وحده وشُكره.
والشكرُ يكون بأمور ،منها :أن يمد ال بلسانه وأن يشكره ،ثانيًا :أن يعتقد
أن النعم كلها من ال فضلً وإحسانًا.
ثالثًا :أن ل يعصي ال في ها ،رابعًا :أن يط يع ال فيها ،خام سًا :أن يُق بل على
طاعة ال بدٍ واجتهادٍ.
غربةُ الصادقي بي أهل ال ّريَا َء والنفاق.
وغربة العلماء بي أهل الهل و َسّييِيْ َن الخلق.
167
إيقاظ أول المم العالية
وغر بة علماء الخرة ب ي علماء الدن يا الذ ين سُِلبُوا الش ية والشفاق وأ َحبّوا
شهْرَة و الظهور والرياء والسمعة.
ال ّ
وغربة الزاهدين بي الراغبي فيما ينفذُ وليس بباق.
وغرببة أهبل الصبلح بيب الفُسبّاق والرج ِة وأهبل النكرات ،كأهبل التلفاز
والفيد يو والكورة والدخان وحالقِي اللّ حا ،وال أعلم ،و صل ال على م مد وآله
وصحبه وسلم.
فصل
قال أحد العلماء :من صفات العال الطبق للشرع :أن يأمن شره من خالطه،
ويأ مل خيه من صاحبه ،ول يؤا خذ بالعثرات ،ول يُش يع الذنوب عن غيه ،ول
يُف شي سرّ من عاداه ،ول ينت صر م نه بغ ي حق ويع فو وي صفح ع نه ،ذليلٌ لل حق،
عزيزٌ ف الباطل ،كاظم للغيظ عمن آذاه ،شديد البغض لِ َم ْن َعصَى موله.
ييب السفيه بالصمت عنه ،والعال بالقبول منه ،ل مداهن ،ول مشاحن ،ول
متال ،ول فخور ،ول حسبود ،ول جاف ،ول فبظ ،ول غليبظ ،ول طعان ،ول
ُهب مبن النكرات والكافريبن والكافرات، لعان ،ول مغتاب ،ول سبباب ،خَا ٍل بيت ُ
يالط مبن الخوان مبن عاونبه على طاعبة رببه وناه عمبا يكره موله ،ويالق
بالميل من ل يأمن شرّ هُ ،إ بقاءً على دينه ،سليم القلب للعباد مِن الغل والسد،
يغلب على قلبه حسنُ الظن بالؤمني ف كل ما أمكن فيه العذر.
ل يُحبّ زوال الن عم عن أ حد من العباد ،يداري ج هل من عامله برف قه ،إذا
تعجب من جه ِل غيه ذكر أنّ جهله فيما بينه وبي ربه أكثر.
ل يتو قع له بائ قة ،ول ياف م نه غائلة ،الناس م نه ف را حة ،ونف سه م نه ف
جهد.
ومبن صبفته أيض ًا أن يكون شاكرًا ل وله ذاكرًا ،دائم الذكبر بلوة حبب
الذكور ُمَنعَ مُ القلب بُناجاة الرح ن َيعُ ُد نف سه مع شدةِ اجتهاده مذنبًا مُوقرًا من
العاصي والثام.
168
إيقاظ أول المم العالية
و مع ال ستمرار على ح سن الع مل مق صرًا ل أ إل ال فقوى ظهره وو ثق بال
فلم يف غيه مستغن بال عن كل شيء ومفتقر إل ال ف كل شيء أنسه بال
وحده ووحشته من يشغله عن ربه.
إن ازداد علمًا خاف توكيد الجة مشفق على ما مضى من صال عمله أن ل
يقبل منه هه ف تلوة كلم ال الفهم عن موله ،وف سُنن الرسول الفقه لئل
يضيع ما أمر به.
مَتأدب بالقرآن وال سّنة ل يُنافِ سُ أهل الدنيا ف عِ ّزهَا ول يز عُ من ذلا يشي
على الرض هونًا بال سّكينة والوقار ومشت غل قل به بالف هم والعتبار والتفك ي في ما
يقربه إل ال.
إن فرغ قلبه عن ذكر ال فمصيبة عنده عظيمة ،وإن أطاع ال عز وجل بغي
حضور فهم فخسران عنده مبي.
يذ كر ال مع الذاكر ين ،عالٌ بداء نف سه و ُمتّه ٌم ل ا ف كل حال ُشغْلُه بال
مُتص ٌل وعن غيه مُنفصِل.
فإن قال قائل :ف هل لذا الن عت الذي ن عت به العلماء وو صفتهُم به أ صل ف
القرآن أو السّنة أو أثر عمن تقدم.
ق يل له :ن عم ،قال ال جل وعل :إِنّ اّلذِي نَ أُوتُوا العِلْ مَ مِن قَ ْبلِ هِ إِذَا يُتْلَى
جدًا * َويَقُولُو نَ سُ ْبحَانَ َربّنَا إِن كَا نَ َو ْعدُ َربّنَا لَ َم ْفعُولً *
عَ َليْهِ مْ َيخِرّو نَ ِللَذْقَا نِ ُس ّ
َوَيخِرّونَ ِللَذْقَانِ يَبْكُونَ َويَزِيدُ ُهمْ خُشُوعًا .
وصبف العلماء بالبكاء والشيبة والطاعبة والتذلل فيمبا بينبه وبينهبم .اهبب
بتصرف واختصار.
قال أ حد العلماء :الكايات ُجنْدٌ من جنود ال يُث بت ال ب ا قلو بَ العارف ي
ُصه
َ :و ُكلً نّق ّ مبن عباده ،وقال :مصبداق ذلك قول ال جبل وعل لرسبوله
عَ َليْ كَ مِ نْ أَنبَا ِء الرّ سُلِ مَا نُثَبّ تُ بِ هِ فُؤَادَ كَ كان يقال :من أع طي أربعًا ل ي نع
أربعًا :من أعطى الشكر ل ينع الزيد ،قال تعال :لَئِن شَ َك ْرتُمْ لَزِي َدنّ ُكمْ .
169
إيقاظ أول المم العالية
ومبن أعطبى التوببة ل ينبع القبول ،قال تعال :وَهُوَ اّلذِي يَقَْب ُل التّ ْوبَةَ ع ْ
َنه
عِبَا ِدهِ ومن أعطى الشورة ل ينع الصواب ،ومن أعطى الستخارة ل ينع الية.
هذه ق صيدة لبعض هم في ها غلو صلحنا ما في ها من الغلط العتقادي وجعل نا
على ما فيه تصليح أقواسًا:
شَيةِ ب َوبَادِرْ فَفِببي التّاخِيِ أعْظَمببُ خَ ْ ب هُدَاهَبا َتوَلت ْب عَن ْ ب ِلنَفْس ٍَتيَقّض ْ
با كُ ّل ُب ْغَيةِ ب مِنببْ غَيّهَب ب ل تَلْو ى لِ ُرشْ ٍد ِعنَانَهَببا وَقْ ْد بََلغَتب ْ ب َحتّامبفَ َ
بتْ لِ ْلهُدَى مُ ْط َمِئّنةِ وأمّارَةٌ بالسبببّوءِ َلوّا َمةٌ لِمَنبببْ َنهَاهَببا فََليْسبب َ
ب التّقَبى وَالَبَ ّرةِ بن ال ِفعْلِ إ ْخوَانبُ
إذا أ ْز َمعَتببْ أمْرًا فََليْسببَ يَرُدّهَببا عَب
بب كُ ّل مَ ّرةِ ب َمرّ ِفعْ ُل الَيْرِ فب بَالِهَبا أنْثَنَبى أبُببو مُ ّرةٍ َيْثنِيه ببِ فب وَإن ْ
ب وََلوْ أنّيبب ُدعِيتببُ ِلقُ ْرَبةِ وَل قَدَمبببٌ َلوْ قُ ّدمَتبببْ لِظُل َمةِ لَطَارَتب ْ
ب ب فَشلّت ِ حةٌ وَرِجْلٌ رَمَبى فِيهَبا ال ّزمَان ُ صبحِي َ
ْنب رِ ْجلٌ َ ْتب كَذِي رِجَْلي َِلكْن ُ
ب وَزَفْرَتب ب لِيب ٍ ب مِن ْ
با أصببَابَن ومَبا أنَبا فِيه ِ وَقَائَلةٍ لَمّابب رَأتببْ مَب
ب ورَ ْح َمةِ ب نَيْلِ َروْح ٍ بنْ مِن ْ ب وإن َكثُ َر الَطَبا ول َتيْأس َ ُر َويْدَك بَ ل َت ْقنُط ْ
ب َرةٌ ول َفرَجببببببٌ إل بشِ ّدةِ أ ْز َمةِ ببّ ُر نُص ْ
ب ٌر والتّص َ
ب ِر يُس ْ
ب العُس ْ
مَع َ
لّنةِ» «وكَم بْ عَامِ ِل أعْمَا َل أهْبل َج َهنّم بٍ فَلَمّاببب دَعَبببى ا َلوْل أعِي َد َ
حةِت مِ َن البُشْرَى وَحُ سْ ِن النّ صِي َ ب َخيْرًا على الذي َمنَحْ ِ ب لَبا ُجوِزيت ِ َفقُلْت ُ
ب كُ ْربَتب ب ُتفَرّج َ َفهَ ْل مِنبْ سبَبيلِ لِلنّجَا ِة مِنبَ الرّدَى وَمَبا حِيلَتب فب أن ْ
ب بَوارٍ و َخيَْبةِ» ُمب مَُتوَجّه ًا لِربّكببَ تَسببْلَ ْم مِنب ْ ِبب َنفْسبًا وَق ْ
َتب فَط ْ «َفقَال ْ
ب كُبل َخطِيَئةِ» به َفحُطّت بْ عَنْه ُ ب رَحْ َمةِ فالتْجَبا إليب ب مِن ْب آيس ٌ «فَكَم ْ
ب مِنببْ كُ ّل َعثْ َرةِ» «فَ َدْيتُكببَ فَأقْصببِ ْدهُ بذلّ فَإنببه ُيقِي َل بَنبب الزلّاتبِ
«إذا مَبا أتوه بُ تَائِبيْن بَ مِبن الذي َجنْوه بُ مِبن الثَام بِ َت ْوَبةَ ُمخْبت بِ»
فصل
170
إيقاظ أول المم العالية
عبن أبب الدرداء قال :إن الذيبن ألسبنتهُم رطببة بذكبر ال عزّ وجبل يدخلُ
أحدهم النة وهو يضحك.
خرج زي ُد ب ُن ثابت يُريد المعة فاستقبل ُه الناسُ راجعي ،فدخل دارًا ،فقيل له،
فقال :إنه من ل يستحي من الناس ل يستحي من ال.
صلى ت يم الداري ليلةً ح ت أ صبح أو قارب ال صبح و هو يقرؤ آي ًة ويُردد ها
ويب كي :أَ مْ حَ سِبَ اّلذِي نَ اجْتَرَحُوا ال سّيّئَاتِ أَن ّنجْعَ َلهُ مْ كَاّلذِي نَ آمَنُوا وَعَ ِملُوا
الصّاِلحَاتِ .
وقام مرة بعدَ أن صلى العشاء ف السجد فم ّر بذه الية وَهُ مْ فِيهَا كَالِحُو نَ
فما خرج منها حت سع أذان الصبح.
و سأله ر جل عن صلته بالل يل ،فغ ضب غضبًا شديدًا ،ث قال :وال لرك عة
أ صليها ف جوف الليل ف سرٍ أحبّ إلّ من أن أُ صّلي الل يل كلُه ،ث أقُ صّهُ على
الناس بَلّغَْ مَن َيعُدّكم جَ ّج مِن َم ّرةٍ وكم ا ْعتَمَر و َحذِره مِن الرياءِ والسمعةِ.
وقال آخر :قليل ف سُنة خيٌ من كثي ف بدعة ،كيف يق ُل عمل مع تقوى،
أقوى القُوة غلبتُك نفسَك.
و من ع جز عن أدب نف سه كان عن أدب غيه أع جز ،و من خاف ال خا فه
ك ُل شيء.
ص مِن عمرك ف غي ك على ما َينْقُ ُ
وقال :إن اغتممت با يْنقُص مِن مالكَ فابْ ِ
طاعة ال.
ولن يكْمُلَ رجلٌ حت يؤثر دينه على شهوته ولن يهلك حت يؤثر شهوته على
دينه.
ومن علمة الستدراج العمى عن عيُوب النفس.
كان الربيع بن خيثم بعد ما سقط ِسقّثه يعتمدُ على رجلي إل السجد ،وكان
أصحاب عبدال يقولون له :لقد ر ّخصَ ال لك لو صليت ف بيتك.
171
إيقاظ أول المم العالية
ب تقولون ولكنب سبعتُ الذان حيّ على الفلح ،فمبن سبع فيقولُ :إنبه كم ا
منكم فليجبه ولو زحفًا ولو حبوًا.
قال بعضهم :يا أخي ،إن الشفقة ل تزل بالؤمن حت أوفدته على خي حال،
وإن الغفلة ل تزل بالفاجر حت أسلمتهُ إل شرِ حال.
وما خ ُي عُمرِ امرئٍ ل يدري ما عاقبة أمره ،وما خ ُي عيشٍ ل يكملُ ما حُفظ
م نه ،ولئن كا نت الرغبةُ ف الدن يا هي ال ستولية على قلوب نا ك ما ا ستولت على
أبداننا لقد خبنا غدًا ف القيامة وخسِ ْرنَا.
مرض خيثمبة وثقبل وجاءتبه امرأتبه ،فجلسبت عنده فبكبت ،فقال لاب :مبا
يبكيك؟ الوت لبد منه ،فقالت :الرجا ُل عليّ حرا ،فقال لا :ما كل هذا أرد تُ
منك إنا كن تُ أخاف ر ُجلً واحدًا وهو أخي ،وهو رجل فاسق يتناول الشراب،
فكرهتُ أن يشربَ ف بيت الشراب بعد إذ القرآن يُتلى فيه كلّ ثلث.
وعن العمش عن خيثمة ،قال :تقول اللئكة :يا رب عبدك الؤمن تزوي عنه
الدنيبا ،وتعرضبه للبلء ،قال :فيقول للملئكبة :اكشفوا لمب عبن ثواببه ،فإذا رأوا
ثوابه ،قالوا :يا رب ل يضره ما أصابه ف الدنيا.
قال :ويقولون عبدك الكافبر تزوي عنبه البلء وتبسبط له الدنيبا ،قال :فيقول
للملئكة :اكشفوا لم عن عقابه ،قال :فإذا رأوا عقابه ،قالوا :يا رب ل ينفعه ما
أصابه من الدنيا.
ت القرآن ف ولا نزل بابن إدريس الوت بكت ابنتُه ،فقال :ل تبكي فقد ختم ُ
هذا البيت أربعةَ آلف ختمة.
قال عبدال بن مسعود :ذهب صفو الدّنيا وبقي كدرها ،فالوت اليوم تفةٌ
لكل مسلم.
وعظ السنُ أصحابهُ ،فقال :وال لقد صحبنا أقوامًا كانُوا يقولُون :ليس لنا
ف الدنيا حاجةٌ ليس لا خلقنا ،فطلبوا النة بغُدوهم ورواحِهم.
172
إيقاظ أول المم العالية
نعم ،وال حت أهرقوا فيها دماءهم فأفلحوا ونحوا هنيئًا لم ل يطوى أحدُهم
ثوبًا ول يفْترشُه ول تل قى إل صائمًا ذليلً متباي سًا خائفًا إذا د خل على أهله إن
قِرُب إليه شيء أكلُه وإل سكت ل يسألُم عن شيءٍ ما هذا؟ وما هذا؟ ث قال:
ح بِ َميْتبٍ إنّمَببا اليتبببُ َميّتبببُ ال ْحيَاءِ ليسبَ مَبن مَات فاسبْترا َ
قال حذيفة ف مرضه الذي مات فيه :لول أن أرى أن هذا اليوم آخ ُر يوم من
الدنيا وأو ُل يومٍ من الخرة ل أتكلم به.
الل هم إنّ ك تعلم أ ن ك نت أ حب الف قر على الغ ن ،وأحبّ العُزَْلةَ على العِز
وأحبّ الوت على الياة حبيبٌ جاء على فاقة ل أفلحَ من ندِم ،ث مات .
قال بعضُهم :من عرف ربّهُ أحبّهُ ،ومن أحبّهُ ترك الدنيا إل لا لبُدّ له منه.
وقال آخر :يا وي حَ نفسي كيف أغف ُل ول يُغف ُل عن! أم كيف تنُؤن معيشت
واليوم الثقي ُل ورائي! أم كيف يشت ُد عُجب بدار ف غيها قراري وخلدي!
وعن عون بن ذكوان قال :صلى بنا زرارةُ بنُ أب أوف صلة الصبح حت بلغ:
َفإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فخ ّر ميتًا وكنتُ فيمن حلهُ إل داره.
قال الشيخ ت قي الد ين :من تام نع مة ال على عباده الؤمن ي أن ينل ب م من
الشدة والضبر مبا يلجئهبم إل توحيده فيدعونبه ملصبي له الديبن ويرجونبه ول
يرجون أحدًا غيه.
فتتعلق قلوب م به ل بغيه فيح صل ل م من التو كل عل يه والنا بة إل يه وحلوة
ب هبو أعظبم مبن زوال الرض والوف اليان وذوق طعمبه والباءة مبن الشرك م ا
والُدْب والضر .اهب.
شقَا َوةِ أربعة :نسيان الذنوب الاضية وهي عند ال مفوظة ،وذكر علمات ال ّ
السنات الاضية ول يدري أقبل تْ أم ُردّت ،ونظره إل من فوقه ف الدنيا ،ونظره
إل من دُونه ف الدين.
وعلمات ال سعادة أرب عة :ذ كر الذنوب الاض ية ،ون سيان ال سنات الاض ية،
ونظره إل من فوقه ف الدين ،ونظره إل من دُونه ف الدنيا.
173
إيقاظ أول المم العالية
قال بعضهم :الد بُ أد بُ الد ين وهو داعية إل التوفيق ،وسببٌ إل السعادة
وزادٌ من التقوى.
وهبو أن تعلم شرائع السبلم وأداء الفرائض وأن تأخُذ لنفسبك بظهبا مبن
النافلة وتز يد ذلك ب صحة الن ية وإخلص الن فس وحُب ال ي مُناف سًا ف يه مُبغضًا
للشر نازعًا عنه.
ويكون طلببك للخيب رغبةً فب ثواببه ومُجانببة للشبر رهب ًة مبن عقاببه فتفوز
بالثواب وتسبلم مبن العقاب ذلك إذا اعتزلت رُكوب الُوبقات وآثرت السبنات
النجيات .وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
174
إيقاظ أول المم العالية
تقد مت امرأة إل قا ضي الري فادّ عت على زوج ها ب صداقها خ سمائة دينار،
فأنكر فجاءت ببينة تشهد لا به.
فقالوا :نُريد أن تسفُر لنا عن وجهها حت نعلم أنا الزوجة أم ل.
فلما صمّمُوا على ذلك قال الزوج :ل تفعلوا هي صادقة فيما تدعيه.
فأقر با أدعت ليصُونَ زوجتَهَ عن النظر إل وجهها.
فقالت الرأة ح ي عر فت ذلك م نه وأ نه أق ّر لي صُونَ و ْجهَهَا عن ن ظر الرجال
إليه :هو ف حِلّ من صداقي الذي عليه ف الدنيا والخرة.
مَن خَل قلبُه من ذكر أخطار أربعة فهو ُمغْتَر فل يأمن الشقاء:
الول :خ طر اليثاق ح ي قال :هؤلء ف ال نة ول أبال ،وهؤلء ف النار ول
أبال ،فل يعلم ف أي الفريقي كان.
والثا ن :ح ي خَِل قَ ف ظلمات ثلث ،فنادى اللك بالشقاوة وال سعادة ،ول
يدري أمن الشقياء هو أم من السعداء.
والثالث :ذكرُ هول الطلع ،فل يدري أيبشر برضاء ال أم بسخطه.
والرابع :يوم يصدر الناس أشتاتًا ،فل يدري أي الطريقي يسلك به .اهب.
قال علي بن الو فق :كان ل جار مو سي ا سه شهريار ،فكن تُ أعرض عل يه
السلم ،فيقول :نن على الق ،فمات على الجوسية ،فرأيته ف النوم ،فقل تُ له:
ما الب؟ فقال :نن ف قعر جهنم ،قال :قلتُ :تتكم قوم؟ قال :نعم ،قو ٌم منكم،
قال :قل تُ :من أي الطوائف ِمنّ ا ،قال :الذ ين يقولون إن القرآن ملوق .اه ب من
«طبقات النابلة» الجلد (.)2
قيل للعمش :قد أحببت العلم بكثرة من يأخذه عنك؟ قال :ل تعجبوا ،فإن
ثلثا منهم يوتون قبل أن يدركوا وثلثًا يلزمون السلطان فهم شرٌ من الوتى.
ومن الثلث الثالث قليل من يفلح ،وقال :شرّ المراء أبعدهم من العلماء ،وشرّ
العلماء أقربُهم من المراء.
175
إيقاظ أول المم العالية
وقال آ خر :اجتنب صحبة ثلثة أ صناف من الناس :البابرة الغافل ي ،والقُراء
الُداهني ،والتصوفة الاهلي.
وقال الليل بن أحد :أيامي أربعة :يوم ألقى فيه من هو أعلم من فأتعلم منه،
فذاك يو مٌ فائدت وغنيمت ،ويوم ألقى فيه من أنا أعلم منه فذاك يوم أجري ،ويوم
ألقى فيه من هو مثلي فأذاكِرُهُ فذلك يومُ درْسي ،ويوم ألقى فيه من هو دون وهو
يرى أنه فوقي فل أكلمه وأجعله يوم راحت.
قال ا بن ال سيب :ل قد أ تى علي ثانُون سنة وذهب تْ إحدى عينّ وأ نا أع شو
بالخرى وصاحب أعمى وأصم يُريدُ ذكرهُ و إن أخاف من فتنة النساء.
وقال عبادة ببن الصبامت :أل ترونب ل أقُوم إل رفْدًا (يعنب إنبه يسباعد على
القيام) ول آكل إل ما لُو قَ ل (يعن ماليّن و سُخنّ) وقد مات صاحب منذ زمان
(يعن ذكرهُ).
وما يسرن أن خلوتُ بامرأة ل تل ل وأن ل ما تطلعُ عليه الشمسُ مافةَ أن
يأتي ن الشيطان فيحركُه عليّ؛ ل نه ل سع له ول ب صر ،وكان من ال سلف ف
السوق ل ينظر إل إل قدمه.
ت على ب يت مال لدي تُ الما نة ،ولو أتن تُ وقال سعيد بن ال سيب :لو أتن ُ
على امرأة سوداءَ لفتُ أن ل أؤدي المانة فيها.
وكذلك الال ل يؤت ن عل يه أ صحاب الن فس الري صة على أخذه ،وهذا كله
يبي أن النفس تون أمانتها إل من عصمهُ ال.
176
إيقاظ أول المم العالية
َبب
والرأسب أشْي ُ
ُ الرأسب
ِ َونب
َكب ل ُوخان َ ب خلَب ُ ب ومِ ْ ب نَاب ٌ ب مشبن اليام ِ فَرَاك َ
َببوالوتب أ ْقر ُ
ُ النفسب
ِ َبعْيبد مَرَامبي ب هِ ّمةٍ
فحتّام ل َتنْفَكبببُ جَامِحبب َ
بب ُمعَذّب ُ ب الدنيبا وأنت َ بَتعْذِ ُ
وتَس ْ ب
ب فيبه ُمَنغَص ّ برّث بعَيْبش أنْت َ تُس َ
شرَبُب ك والسباعَاتُ ُروْحَكَبتَ ْ وتَسبْقيْ َ ك َتغْتَذِيبمَ َب جِس ْ ب والوْقَات ُ ُتغَ ّذيْك َ
ب أعْجَبببُ إليْهَببا َلعَمْرُ ال ِفعْلُكب َ بابا ُمتََلفِتًب
وتَعْجَبببُ مببن آفاتِهَب
ببُ فيَ ْظهَ ُر منهببا َغيْرُ مببا َتتَحَسب ّ ببُهَا بالبشْببر ّتبْطِنببُ خّلةً وتْسب ِ
َبب
ذيبلُبّ باب حْيَ َتغْض ُ فمبا ظنّ ْ ُقب الُدَى ْكب عبن طُر ِ ْتب أعْ َمت َ
ضي ْ إذا رَ ِ
بِلبُ
على أناب ُتعْطِبي خِدَاعًبا وتَس ْ وفبب سببَ ْلبَها ثوبببَ الشّبَاب دَلَلةٌ
ب
ب تَلْهُبو وتَ ْلعَب ُ ب اليام ِ
ب مَع َوأنْت َ ب والجبا ب َشْيبُك َ أتَرْضَبى بأن َينْهَاك َ
بُ
بُ ُخلّبب ول َتتَرجّب الرّيّب والبَرْقب ب َموْعدًا أجدّكببَ ل تَسببمَعْ لِ ُدْنيَاكبَ
177
إيقاظ أول المم العالية
بقَامُ
ح ٌة وسب َب وُيؤْسببٌ صببِ ّ َن ِعيْمب ٌ ب تَمرُ على الفَتَبى بر تَارَاتبٌوللدّهْب
ب عليهببا َم ْعتِبببٌ وملَامببُ فليسب َ ب فب الدنيبا فل َي ْعتَبنّهبا ب يَك ُ
ومَن ْ
وماذا الذي َتْبغِيْهبببِ َف ْهوَ ُحطَامبببُ أجدّكببَ مببا الدنيببا ومَاذَا َمتَاعُهَبا
با وسببوَامُ ولتَكببُ فيهببا راعيًب
ب
ب هُمَام ُ ب الدنيبا وأنْت َ ب لَك َ َودَانَت ْ فَ َدعْهَببا وَنعْمَاهَببا َهنِْيئًا لهلهببا
بد ذاك بَ ِحمَام بُ أَليْس بَ َبتْم بٍ بَعب بابب إنّب َمقَالي َد المُور مَل ْكتَهَب هَب
وَبيْنببَ النايببا والُنفُوسببِ ِلزَامببُ ومُّتعْتبببَ باللّذاتبببِ َدهْرًا بغِبْ َطةٍ
بيّ ٌد وغُلمببُ ومببا حَا َد عنهببا سب َ ب البَايَببا والُُلوْ ِد َتبَايُنببٌ َفَبيْنب َ
ومببا كان فيهببا مِرْيةٌ وخِصببَامُ لكْمِهَبببا ب ُ
ضيّ ٌة اْنقَا َد النامبب ُ َق ِ
ب ب مَرَقْبى الفَرَْقدِيْبن َمقَام ُب َفوْق ََلهُم ْ ضَ ُروْ ِرّي ٌة َتقْضِببي العُقولُ بصببِدِْقهَا
بأعْتابِهِببم ِل ْلعَاكِ ِفيْنببَ زِحَامببُ سَلِ الرض عن حَالِ اللو ِك الت َخلَ تْ
به كَلَام بُ بم َجوَابًبا َليْس بَ فيب عَليهب ب تَرَاكثم ببٌ بأْبوَاِبهِم ببْ لِ ْلوَافِ ِديْن ب َ
سبهَامُطاشب ع َن مَرْمىً َلهُن ّ ِ َ ومبا
وأ ْقفَ َر منهببببم َمنْزِ ٌل َو َمقَامببببُ سيُوفِ ال ت َجرَ تْ تبْ كَ عن أ سْرَار ال ُ
بب القِيام قِيام بب حَتب ببس لمب فليب با با أقْصببَ َدْتهُم ِنبَالُهَب بأنّ ب النَايَب
ب أ ْطبَاقبِ ال ُرغَامبِ ُرغَام بُ ب َبيْن َ
َفهُم ْ ب إل الرّدَى ق الغابرين َ
بْيقُوا مَسبَا َوس ِ
ببُ ل َغيْرَ مَببا َيعْهَ ُد ْونَهب
حً وحَلُوا مَ َ
ألَمّب بم ب ريْب بُ النُون بِ َفغَاَلهُم بْ
178
إيقاظ أول المم العالية
فصل
اعلم أن المبر بالعروف والنهبي عبن النكبر ،تار ًة يُحملُ على رجاء ثواببه،
وتارة على خوف العقاب ف تركه ،وتارة الغضب ل ،وتارة النصيحة للمسلمي
والرحة لم.
ورجاء إنقاذ هم م ا أوقعوا أنف سهم ف يه من التعرض للعقو بة وغض به ف الدّن يا
والخرة وتارة يمل عليه إجللً ل وعظمته ومبته وأنه أهل أن يُطاع فل ُيعْ صَى
وأن يذكر فل ينسى وأن يشكر فل يكفر.
وأن يُفتدى مبن انتهاك مارمبه بالنفوس والموال ،كمبا قال بعبض السبلف:
و ِددْتُ أن اللْقَ كلهم أطاعوا ال وأن َلحْمِي قُرِض بالقاريض.
وكان عبداللك بن عمر بن عبدالعزيز يقول لبيه :ودِدْ تُ أن غل تْ ب وب كَ
القدور ف ال تعال.
ظ هذا القام والذي قبله هَان عليه كل ما يَلقى من الذى ف ال تعال ومَن ل َ
ورب ا دَعَا ل ن آذاه ك ما قال ذلك ال نب لَمّ ا ضر به قو مه فج عل ي سح الدم عن
وجهه ،ويقول« :اللهم اغفر لقومي ،فإنم ل يعلمون» اهب.
أ تت امرأة إل ع مر بن الطاب ،فقالت :يا أم ي الؤمن ي ،إن زو جي ي صوم
النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة ال عز وجل.
فقال ل اِ :نعْ مَ الزو جُ زوجُك فجعل تْ ُتكَرر عل يه القول وهبو يكرر علي ها
الواب ،فجاء كعبُ السدي ،فقال :يا أمي الؤمني ،هذه الرأة تشكو زوجها ف
مُباعد ته إيّا ها عن فرا شه ،فقال ع مر :ك ما فهم تَ كلم ها ،فا قض بينه ما ،فقال
عليّ بزوجهبا ،فأتبببه ،فقال له :إن امرأتبك هذه تشكوك ،قال :أفب طعامبٍ ،أم
شراب ،قال :ل.
فقالت الرأة:
179
إيقاظ أول المم العالية
ب ألْهَبى خَليلي عبن فِرَاشِبي مَسبْج ُدهُب ُرشْدُه ُ
يبا أيّهبا القَاضِبي الَكيم ُ
ب القَضَبا كعْب بٌ ول تُرَددُه بْ َزهّدي فبب َمضْجَعِببي تعبُدُهببُ فاقْض َ
ب أمْ ِر النِسبباء أ ْحمَدُهببُ
بتُ فب
نارُهبببُ وَليْلُه مبببا يَرُْقدُهبببْ وَلَسبْ
فقال كعب:
ب عَقَلْ
بيُبَها فبب أ ْربَعببٍ لِمَنب ْ
بَ حَقًبا يَبا رَجُلْ نَصب ْ
إنّب لَبا عَليْكب
اجتمع الزهري وأبو حازم الزاهد بالدينة عند بعض بن أمية لا حج ،وسع
الزهري كلم أ ب حازم وحك مه فأعج به ذلك ،وقال :هو جاري م نذ كذا وكذا
وما جالستُه ول عرفت أن هذا عنده ،فقال له أبو حازم :أجل إن من الساكي،
ولو كنتُ من الغنياء لعرفتن ،فوبه بذلك.
ت ال أحببتن؛ ولكن نسيت ال فنستين ،يُشي إل وف رواية أنه قال :لو أحبب َ
أن من أحب ال أحبّ الساكي من أهل العلم والكمة لجل مبته ل تعال ،ومن
غفل عن ال غفل عن أوليائه من الساكي.
وقد كان علماء السلف يأخذون العلم عن أهله والغالب عليهم السكنة وعدم
الال والرفعة ف الدنيا ويدعون أهل الرياسات والوليات إذا ل يكونوا أهلً.
وأ ما إذا كانوا أهلً ،فإن الرئا سة ل ت نع ،بل تز يد العال شرفًا وح سن اعتقاد
ويكون علمه أنفذ؛ لنه ل لطمع ،كاللفاء الربعة .
و قال اببن الوزي :إخوانب ،إن الذنوب تغطبي على القلوب ،فإذا أظلمبت
مرآة القلب ل يب فيها وجه الدى ،ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم.
181
إيقاظ أول المم العالية
يا من أعماله إذا تُؤمّل تْ سقط ،كم أثبت له عمل فلما عدم الخلص سقط،
يا حاضر الذهن ف الدنيا ،فإذا جاء الدين خل طْ ،يعل هّ هُ ف الساب فإذا صلى
اختلط.
يا ساكتًا عن الصواب فإذا تكلم لغط ،يا قريب الجل وهو يري من الزلل
على نَطْ.
يا من ل يعظه وهنُ العظم ول كلمُ الشّمطْ ،يا من ل يرعوى ول ينتهي ،بل
على منهاج الطيئة فقط ،ويك بادر هذا الزمان فالصحة غنيمة والعافية لقطْ.
فكأنك بالوت قد سلّ سيفهُ عليك واخترط ،أين العزيز ف الدنيا؟ أين الغن
الغتبط؟ خيّم بي القبور ،وضرب فسطاطه ف الوسط ،وبات ف اللحد كالسي
الرتبط.
واسبتلبت ذخائره ففرغ الصبندوق والسبفط ،وتزق اللد السبتحسن وتعبط
الش عر فكأ نه ما رجله وكأ نه ما امت شط ور ضي وُرّاثُه ب ا أ صابُوه وجعلُوا ن صبه
السخط.
وفرقوا ما كان يمعه بكف البخل والقنط ووقع ف قفر ل ماء فيه ول حنط
وكم حُدّثَ أن سعد بن معاذ ف القب انضغط ،وكم حُذّر من العاصي ،وأخب أن
آدم بلقمة زل فهبط.
182
إيقاظ أول المم العالية
َتب مَطَاعمهبا أينب السبُوم التب طاب ْ َ ب مَعالِمُهبا نا ِد القُصبورَ التب أقوَت ْ
ألاه ناضِرُ دُنياهببببُ وناعِمُهببببا ب الُلُوك بُ وأبناءُ اللوك بِ ومَبن أيْنبَ
َوفب تُسبالُ ِمهَا
َرينب وم ِن خ ٍ
أسب ُد الع ِ ْ ب السبودُ التب كانَبت تُحاذِرهبا أين َ
با
با ال ُعقَابببُ لاَنتْهببا قَوا ِدمُهَبلَهَب أي َن الُيو شُ ال ت كا نت لَو ا ْعتَرضَ تْ
وأيْنببَ ُرتْبتُبه الكبببىَ وخادمُهببا َهب
الجابب ل ُ
ُ أينب الِجَاب وم َن كان َ
بوَائِمُهاب فب مَراعيهبا س َ كمبا لَهت ْ بن َلهْوا عمّا ب لَه بُ خُلِقوا أين بَ الذيب
هَ ْل الدنَانيُ أغنَتببْ أمببْ دَرَاهِمُهَبا جتْ أي َن البيُوت ال ت مِن عَ سْج ٍد نُ س َ
ضرَاغِمُهَبا ب َ
ب أم ْ
ب ّر ُة أغْنَت ْ
هَ ِل الس ِ بابا ضراغِمهب ب الس بِ ّر ُة َتعْلوهبأين َ
ول يَرَى عِصببَمٍ الغرورِ عاصببمُها هذِي العَاقِلُ كانَببت قب ُل عَاصببِ َمةً
اللهم أنقذنا من سنة الغفلة ووفقنا لغتنام أيام الهلة واغفر لنا ولوالدينا وجيع
السلمي برحتك يا أرحم الراحي ،وصل ال على ممد وآله وصحبه أجعي.
فصل
قال ابن الوزي :إنا فضل العقل على الس بالنظر ف العواقب ،فإن الس ل
يرى الاضر والعقل يلحظ الخرة ويعمل على ما يتصور أن يقع.
فل ينبغي للعاقل أن يغفل عن تلمُح العواقب.
ف من ذلك أن التكا سل ف طلب العلم وإيثار عا جل الرا حة يُوج بُ ح سرات
دائمة ل تفي لذ ُة البطالة بعشار تلك السرة.
ومن ذاك أن النسان قد يهل بعض العلم فيستحي من السؤال والطلب لكبَ
ِسنّه.
ولئل يُرى بعي الهل فيلقى من الفضيحة إن سُئل عن ذلك أضعاف ما آثر
من اليا.
ومن ذلك أن الطبع يطالب بالعمل بقتضى الالة الاضرة مثل جواب جاهل
وقت الغضب.
183
إيقاظ أول المم العالية
ث يقع الندم ف ثان الال على أن لذة اللم أوف من النتقام ،وربا أثر القد
من الاهل فتمكن فبالغ ف الذى له.
ومن ذلك أن يعادي بعض الناس ويأمن أن يرتفع العادى فيؤذيه وإنا ينبغي أن
يضمر عداوة العدو.
و من ذلك أن ي ب شخ صًا فيف شي إل يه أ سراره ث ي قع بينه ما عداوة فيظ هر
ذلك عليه.
ول ر جل تبالةً ف صعد ال نب ف ما ح د ال ول أث ن عل يه ح ت قال :إن الم ي
أعزنا ال وإياه ولن بلدكم هذه ،وإن وال ما أعرف من الق موضع َس ْوطِي،
ولن أوتب بظال ول مظلوم إل أو َج ْعُتهُم َا ضرب ًا ،فكانوا يتعاملون بالقب بينهبم
ويتصالون ول يرتفعون إليه.
ومن ذلك أن يرى الال الكثي فينفق ناسيًا أن ذلك يفن فيقع له ف ثان الال
حوائج فيلقى من الندم أضعاف ما التذّ به ف النفقة.
فينب غي ل ن رزق مالً أن ي صور كب ال سن والع جز عن الك سب ،ويت صور
ذهاب الاه ف الطلب من الناس ليحفظ ما معه.
و من ذلك أن ينب سط ذو دولة ،فإذا عُزِلَ ند َم على ما ف عل ،وإن ا ينب غي أن
يُصور العزل ويعمل بقتضاه.
ومن ذلك أن يؤثر لذة مطعم فيشبع فيفوته قيامُ الليل ،أو يؤثر لذة النوم فيفوته
التهجد ،أو يأكل أو يامع بشره فيمرض.
أو يشتهي جاع سوداء وينسى أنا ربا حَمَلتْ فجاءت بنت سوداء ،فكم من
حسرةٍ تقعُ له على مدى الزمان ،كلما رأى تلك البنتَ.
و قد كان ف زمن نا من جا مع سوداء فجاءت بولد أ سود فافت ضح به من هم
صاحب الخزن وقاضي القضاة الدامغان ،وكان تاجرًا قد ولد له ابن أسود ،فلما
رآه قال :لعن ال شهوت.
184
إيقاظ أول المم العالية
و من ذلك الشتغال ب صورة العلم ،وإن ا يُراد الع مل به والخلص ف طل به
فيذهب الزمان ف حب الصيت وطلب مدح الناس فيقع السران إذا حُ صّلَ ما ف
الصدور ،قُل تُ :ما أكثر هذا ف وقتنا ،نسأل ال الي القيوم أن يعصمنا وإخواننا
السلمي.
ومبن ذلك إقناع العلم بطرف مبن العلم فأيبن مزاحةب الكامليب والنظبر فب
عواقب أحوالم.
ومن ذلك الكثار من الماع ناسيًا مغبته وأنه يضعف البدن ويؤذي ،فالطبع
يرى اللذة الاضرة والعقل يتأمل.
ولقد جئت يومًا من حر شديد فتعجل تُ راحة البودة فنعت ثوب فأصابن
زكام أشر فت م نه على الوت ،ولو صبت ساعة رب ت ما لق يت فقِ سْ كل لذة
عاجلة ودَع العقْل يتل مح عواقبِهَا ،وال أعلم ،و صل ال على م مد وآله و صحبه
وسلم.
فصل
قال ا بن ر جب ب رح ه ال ب ف «شرح الم سي»« :فالا صل من هذه
الحاديث كلها أن ما حرم ال النتفاع به.
فإ نه يرم بي عه وأ كل ث نه ك ما جاء م صرحًا به ف الروا ية التقد مة أن ال إذا
حرّم شيئًا حرّم ثنه.
وهذه كلم ٌة عامةٌ جامعةٌ تطردُ ف كل ما كان القصود من النتفاع به حرامًا،
و هو ق سمان :أحده ا :ما كان النتفاع به حا صلً مع بقاء عي نه كال صنام ،فإن
منفعتها القصودة منها الشرك بال وهو أعظم العاصي على الطلق.
ويلتحبق بذلك مبا كانبت منفعتبه مرمبة ككتبب الشرك والسبحر والبدع
والضلل ،وكذلك الصور الحرمة وآلت اللهي الحرمة كالطنبور وكذلك شراء
الواري للغناء.
185
إيقاظ أول المم العالية
و ف «ال سند» :عن أ ب أما مة عن ال نب قال« :إن ال بعث ن رح ة وهدى
للعالي ،وأمرن أن أمق الزامي والكبارات» يعن البابط والعازف والوثان الت
كانت تعبد ف الاهلية.
ب عبدٌ من عبيدي جرعة من خر إل سقيته مكانا وأقسم رب بعزته ل يشر ُ
من حيم جهنم مُع ّذبًا أو مغفورًا له ول يسقاها صبيًا صغيًا إل سقيته مكانا من
حيم جهنم معذبًا أو مغفورًا له.
ول يدع ها ع بد من عبيدي من ماف ت إل سقيته إيا ها ف حظية القدس ول
يل بي ُعهُ ّن ول شراؤهُنّ ول تعليمهن ول تارة فيهن وأثانن حرام» اهب.
ذكر ابن القيم ف «الدي» :أنه من صح له يو مُ جعته وسلم سلمت له سائر
جعته ،ومن صح له رمضان وسلم سلمت له سائر سنته ،ومن صحت له حجّته
وسبلمت له صبح له سبائر عمره ،فيوم المعبة ميزان السببوع ،ورمضان ميزان
العام ،والج ميزان العمر.
وصى بعضهم ابنه ،فقال :عليك بالشاورة فإنك واجد ف الرجال من ينصح
لك ال كي وي سمُ ع نك الدّاء ويُخرج لك الُ ستكن ول يدع لك ف عدوك فر صة
صنَها.
إل انتهزها ول لعدوك فيك فرصة إل ح ّ
ول ينعك شدة رأيك ف ظنك ،ول عُلو مكانك ف نفسك من أن تمع إل
ت َن َفيْت.
رأيك رأي غيك ،فإن أحدت أجتنيت وإنّ ذمَ ْم َ
فإن ف ذلك خصالً ،منها :أنه إن وافق رأيك ازداد شد ًة عندك ،وإن خالف
رأيك عرضت هُ على نظرك ،فإن رأيته مُعتليًا لا رأيت قبلت ،وإن رأيته متضعًا عنه
استغنيتَ.
ومنها :أنه يدد لك النصيحة من شاروت وإن أخطأ ويحض لك مودته وإن
قصّر.
ح عند من ل يستعمله ،والا ُل عند
إذا كان الرأي عند من ل يُقبل منه ،والسل ُ
من ل ينفقه ضاعت المور.
186
إيقاظ أول المم العالية
وأو صى آ خر اب نه ،فقال :يا ب ن ،كن على حذر من اللئ يم إذا أكرم ته و من
الكري إذا أهنته ،قال الشاعر:
ْشب الذَى عندَ إكْرَام الّلئِيبم كمبا تَخْشَى الَذَى إ نْ أ َهنْ تَ الُرّ ذَا النُبَل
واخ َ
وكن على حذر من الاهل إذا صاحبته ،ومن الفاجر إذا خاصمته.
ومن الرشد مشاورة الناصح ومدارة العدو والاسد ،قال الشاعر:
ف يُرَى عَمّابب قَلِي ٍل نَ ِديْمًببا لِلنّدَامَاتببِ
مَن يَدْارِ دَارَى ومَن ل يَدْر سَو َ
فصل
و من و صايا أ ب حني فة ل ب يو سف :ل تتكلم ب ي يدي العا مة إل ب ا ت سأل
عنه ،قلت( :أو فيما يعود عليهم با ينفعهم وإن ل يسألوا).
ول تكثر الروج إل السوق ،ول تكلم الراهقي فإنم فتنة (قلت إل لضرورة
أو حاجة).
ول ت ش ف قار عة الطريبق مع الشا يخ والعا مة ،فإ نك إن قدّمتهبم ازدري
ث أنم أسَنّ منك.
بعلمك ،وإن أخرتم ازدري بك من حي ُ
قال النب « :من ل يرحم صغينا ول يوقر كبينا فليسَ ِمنّا».
ول تقعد على قوارع الطريق فإن دعاك ذلك فاقعد ف السجد.
ول تأكل ف السواق والساجد ،قلتُ :إل لضرورة أو حاجة.
187
إيقاظ أول المم العالية
ول ترض لنفسك من العبادات إل بأكثر ما يفعله غيك وتعاطاها ،فإن العامة
إذا ل يروا منك القبال عليها أكثر ما يفعلون اعتقدوا فيك قلة الرغبة واعتقدوا أن
علمك ل ينفعك إل ما نفعهم الهل الذي هم فيه.
وإذا دخلت بلدة في ها أ هل العلم فل تتخذ ها لنف سك ،بل كن كوا حد من
أهلهبا ليعلموا أنبك ل تقصبد جاههبم ول يرجون عليبك بأجعهبم ويطعنون ف
مذهبك وتصي مطعونًا عندهم بل فائدة.
وإن استفتوك فل تناقشهم ف الناظرة والطارحات.
ول تذكر لم شيئًا إل عن دليل واضح.
ول تطعبن فب أسباتذتم فإنمب يطعنون فيبك ،قلت :إل أن يكونوا مبتدعيب
كالشاعرة والعتزلة والهمية والرافضة فيحذر عنهم.
وكن من الناس على حذر.
وكن ل تعال ف سرك كما أنت له ف علنيتك.
ول يصلح أمر العلم إل بعد أن يعل سره كعلنيته.
ل فل تق بل ذلك م نه إل ب عد أن تعلم أ نه إن ا يُول يك
وإذا أولك ال سلطان عم ً
ذلك لعلمك.
ب اللل فب وإياك أن تتكلم فب ملس النظبر على خوف ،فإن ذلك يُورث ُ
اللفاظ ،والكلل ف اللسان.
وإياك أن تكثر الضحك ،فإنه ييت القلب.
ِينه قلتب لقول ال تعال :وَعِبَادُ الرّ ْحم ِ
َنه اّلذ َ ُ ول تشب إل على طمأنينبة،
يَمْشُونَ َعلَى الَ ْرضِ َه ْونًا .
ول تكبن عجُولً فب المور ،قلت :إل فيمبا حبث الشارع على السبراع
والبادرة فيه.
188
إيقاظ أول المم العالية
وإذا تكلمت فل تكثر التصويت ،ول ترفع صوتك ،قلت :لنه يدل على قلة
العقل ،قال ال تعالِ :إنّ اّلذِي نَ يُنَادُونَ كَ مِن وَرَاءِ ا ُ
لجُرَا تِ َأكْثَرُهُ مْ لَ يَ ْعقِلُو نَ
.
وات ذ لنف سك ال سكوُن وقلة الر كة ،ليتحقّ قَ ع ند الناس ثباتُك ،ول نه يدل
على رزانة العقل.
وأكثر من ذكر ال تعال فيما بي الناس ،ليتعلّمُوا ذلك منك ،قلت :وليكون
له مثل أجورهم؛ لديث« :من دلَ على خي فله مثل أجر فاعله».
واتذ لنفسك وردًا خلف الصلوات تقرأ فيه القرآن ،وتذكر ال تعال وتمده
وتشكره.
واتذ أيامًا معدودةً من كل شهر تصوم فيها ،ليقتدي بك غيك.
ول تطمئن إل دُنياك وإل ما أنت فيه ،فإن ال سائلك عن جيع ذلك.
وإذا عرفت إنسانًا بالشر فل تذكره به ،بل اطلب منه خيًا فاذكره به ،إل ف
باب الدين فإنك إن عرفت ف دينه ذلك فاذكره للناس كي ل يتبعوه وليحذروه،
قال –عل يه ال صلة وال سلم« :-اذكروا الفا جر ب ا ف يه ح ت يذره الناس» ،وإن
كان ذا جاه ومنلة فاذكر ذلك ول تبال من جاهه ،فإن ال تعال مُعينك وناصرك
وناصر الدين.
فإذا فعلت ذلك مرة هابوك ول يتجاسر أحد على إظهار البدعة ف الدين.
ول تالس أحدًا من أهل الهواء إل على سبيل الدعوة إل الدين ول تشات.
وإذا أذن الؤذن فتأ هب لدخول ال سجد لئل تتقدم عل يك العا مة ،قل تُ :بل
للمبادرة إل أداء الفريضة وليقتدي بك غيك.
ول تتخذ دارك ف جوار السلطان.
ومبا رأيبت على جارك فاسبتره فإنبه أمانبة ،قُلتبُ :إل أن يكون مُجاهرًا
بالعاصي.
ول تظهر أسرار الناس ،قلتُ :إل أن يكون فيها ضررٌ على مسلم.
189
إيقاظ أول المم العالية
ومن استشارك ف شيء فأشر عليه با يقربك إل ال تعال.
وإياك والب خل فإ نه تن قص به الروءة ول ت كن طماعًا ول كذابًا ،قل تُ :ول
جاسوسًا ول غيابًا ول نامًا ول غشاشًا ول صاحب مقابلة.
وأظ هر غ ن القلب مظهرًا ف نف سك قلة الرص والرغ بة وأظ هر من نف سك
الغن ،ول تظهر الفقر وإن كنت فقيًا.
ت منلته.
وكن ذا هِ َمةٍ فإن من ضعفت هته ضعف ْ
وإذا مشيت مع الطريق فل تتلفت يينًا ول شالً ،بل داوم النظر ف الرض،
قلتُ :إل لضرورة أو حاجة.
ول تاكس بالبات والدوانق وحقر الدنيا الحقرة عند أهل العلم (أي علماء
الخرة العاملون بعلمهم ل علماء الدنيا).
وَو ّل أمور َك غيَ كَ ليمك نك القبال على العلم ،وإياك أن تكلم الجان ي و من
ل يعرف الناظرة وال جة من أ هل العلم والذ ين يطلبون الاه وي ستغرقون بذ كر
ال سائل في ما ب ي الناس ،فإن م يطلبون تجيلك ول يبالون م نك وإن عرفُوك على
الق.
وإذا دخلت على قوم كبار فل ترتفع عليهم ما ل يرفعوك لئل يلحق بك منهم
أذية.
وإذا كنبت فب قوم فل تتقدم عليهبم فب الصبلة مبا ل يقدموك على وجبه
التقدير ،قلت :إل أن يكون أقرأهم لكتاب ال فيتقدم .اهب.
جعَلَ كَ آَيةً لّلنّا سِ :يعن لبن إسرائيل وذلك
قال ابن عباس ف أمر عزير َولَِن ْ
أنه كان يلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب؛ لنه مات وهو ابن أربعي سنة،
فبعثه ال شابًا كهيئته يوم مات.
وقيل ف معن ما قاله ابن عباس:
190
إيقاظ أول المم العالية
ب ف ْهوَ أكْبَرُب ابْنِهبِ
ومببن َقبْلِهببِ ابنبُ ب ابنُبه ب شاب مبن قبْلِه ِ وأسبْودُ رَاس ٍ
ب أ ْشقَرُ حَيتُهببُ سببَودا ُء والرأسب ُ ولِ ْ ب شْيخًبا يدِبّب على العَصبَا يَرَى ابْنَه ُ
ببِيُ َفيْعثرُ بي الصب ّ با يَمْشِبَيقُوم كَمَب ومَببا لبِنِببه َحيْلٌ ول َفضْلُ ُق ّوةٍ
ختَرُب ول يَتبَ ْ ب ل يَجْريب ْ وعشرينب َ جةٌ
ب ِعيْنَ ح ّ ب تِس ْ
َيعُدّ ابنُبه فب الناس ِ
الناسب َعبّروا
ِ َسبعُونَ فبولببن إبِن ِه ت ْ ب أمَرّهَببا وعُمْ ُر أِبيْه ببِ أ ْرَبعُوْن ب َ
لهْلِ تُعْ َذرُ بَ ل تَ ْدرِي فبِا َ
بْ ُكنْتب وإنب ْتب دَارِيًا
إنب ُكن َفمبا هبو فب ا َلعْقُو ِل ْ
عن بعض أصحاب جعفر الصادق قال :دخلت على جعفر وموسى بي يديه
و هو يو صيه بذه الو صية فكان م ا حف ظت من ها أ نه قال :يا ُب ن ،اقب ٍل و صيت،
واحفظ مقالت ،فإنك إن حفظتها تعش سعيدًا وتت حيدًا.
يا بن ،إنه من قنع با قسم ال له استغن ومن م ّد عينه إل ما ف يد غيه مات
فقيًا ،ومن ل يرضَ با قسم ال عزّ وج ّل له اتّهم ال تعال ف قضائه.
ومن استصغر زلّة نفسه استعظم زلة غيه ،ومن استصغر زلة غيه استعظم زلة
ت عورا تُ بيته ،ومن سل سيف نفسه ،يا بن ،من كشف حجاب غيه انكشف ُ
البغي قُتل به.
و من احت فر لخ يه بئرًا سقط في ها ،و من دا خل ال سفهاء حُ قر ،و من خالط
العلماء وقّرْ ،ومن دخل مداخل السوء أتم.
يا ب ن ،قُل ال ق لك وعل يك ،وإياك والنمي مة فإن ا تزر عُ الشحناء ف قلوب
الرجال ،يا ب ن ،إذا طل بت الود فعل يك بعادِ نه .وال أعلم ،و صل ال على م مد
وآله وصحبه وسلم.
192
إيقاظ أول المم العالية
قيبل لبب عمرو الشيبانب :لاذا يكون الثقيبل أثقبل على النسبان مبن المبل
الثق يل؟ فقال :لن الثق يل يق عد على القلب ،والقل بُ ل يتملُ ما يتمل هُ الرأ سُ
والبدنُ من الِثقَلِ.
قال حبيب بن أوس:
بهَدِ
با ب َط ْلعَتِبه كَمَببا تَبَ ّرمَتببِ ال ْجفَان بالسب ّ
با مَبن تَبَ ّرمِت بِ الدنيب
يب
ِهب يَمْشبي على َكبِدِي
ْسببُه مِن بُغ ْض طَ ْل َعت ِ
ختَالً فأح ِالرضب مُ ْ
ِ يَمش ِي على
قيل لب مسلم :ما كان سبب خروج الدولة عن بن أمية؟ قال :لنم أبعدوا
أولياءهم ثقة بم وأدنوا أعداءهم تألفًا لم ،فلم ي صر الع ُدوّ صديقًا بالدنو و صار
الصديق عدوًا بالبعاد.
نظر عبداللك بن مروان عند موته وهو ف قصره إل قصا ٍر يضرب بالثوب ف
الغسلة ،قال :يا ليتن كنتُ قصارًا ول أتقلد اللفة.
فبلغ كلمه أبا حات ،فقال :المد ل الذي جعلهمُ إذا حضرهم الوت يتمنون
ما نن فيه ،وإذا حضرنا الوت ل نتمن ما هم فيهم.
عن و هب بن من به قال :قال الواريون :يا عي سى ،من أولياء ال الذ ين ل
خوف عليهم ول هم يزنون؟ فقال :الذين نظروا إل باطن الدنيا حي نظر الناس
إل ظاهرها ،والذين نظروا إل آجل الدنيا حي نظر الناس إل عاجلها فأماتوا ما
خشوا أن ييتهم ،وتركُوا ما علموا أن سيتركهم ،فصار استكثارهم منها استقللً،
وذكرهم إياها فواتًا ،وفرحُهم با أصابوا منها حُزنًا ،فما عارضهم منها رفضوه ،أو
من رفعتها بغي الق وضعوه.
خلقت الدنيا عندهم فلم يددوها ،وخربت بينهم فلم يعمروها ،وماتت ف
حيُوها.
صدورهم فليسوا يُ ْ
يهدمُون ا فيبنون ب ا آخرت م ،ويبيعون ا فيشترون ب ا ما يب قى ل م ،رفضو ها
وكانوا برفضها فرحي ،وباعوها وكانوا ببيعها رابي.
193
إيقاظ أول المم العالية
نظروا إل أهلها صرعى قد حلت بم الثلت ،فأحيوا ذكر الوت وأماتوا ذكر
الياة ،يبون ال ويبون ذكره ويستضيئون بنوره.
ل م خب عج يب ،و عند هم ال ب العج يب ،ب م قام الكتاب و به قاموا ،وب م
ن طق الكتاب ،و به نطقوا ،وب م عُلم الكتاب و به علموا فلي سوا يرون نائلً مع ما
نالوا ول أمانًا دون ما يرجون ول خوفًا دُو نَ ما يذرون ،رواه المام أحد ،وال
أعلم.
194
إيقاظ أول المم العالية
وقد روي ف بعض طرق هذا الديث أن النب قال لزية« :بِ مَ تَشْهدُ ول
تكن َمعَنا؟» قال :يا رسول ال ،أنا أصدقك بب السما َء أفل أصدّقُكَ با َتقُولُ؟
قال الطاب :ووجه هذا الديث أن النب حكم على العراب بعلمِه إذ كان
النبب صبادقًا بارًا وجرت شهادةُ خزيةب فب ذلك مرى التوكيبد؛ لقوله
والستظهار با على خصمه.
فصارت ف التقدير مع قول رسول ال كشهادة رجلي ف سائر القضايا ب
رحه ال ب.
ّثب عبن إسبلمه، قال الواقدي عبن أشياخ له :إن شيببة ببن عثمان كان يُحد ُ
فيقول :ما رأيتُ أعجب مّا ُكنّا فيه من لُزُوم ما مضى عليه آباؤُنا من الضّللت.
فل ما كان عام الف تح ود خل ال نب عُنوةً ،قل تُ :أ سيُ مع قُر يش إل هوازن
بُني فعسى إن اختلطوا أن أُصيب من ممدٍ غر ًة فأثا ُر منه فأكون أنا الذي قم تُ
بثأر قُر يش كُلّ ها ،وأقولُ :ولو ل ي بق من العرب والع جم أح ٌد إل ات بع ممدًا ما
اتبعته أبدًا.
فلما اختلط الناس اقتحم رسول ال عن بغلته وأصلت السيفَ فدنوت أُريدُ
ما أري ُد م نه ورفع تُ سيفي ،فر فع ل شوا ظٌ من نارٍ كالبق حتّ ى كاد يحش ن،
فوض عت يدي على ب صري خوفًا عل يه ،فالت فت إل ر سول ال ونادا ن « :يا
شيب ،ا ْدنُ من» ،فدنوت منه فمسح صدري ،وقال« :اللهمُ أعِذ ُه مِن الشيطان».
فوال َلوُ كان ساعتئذٍ أحبّ إلّ من سعي وبصري ونفسي ،وأذهب ال عز
وجل ما كان ب.
ب بسيفي ،ال يعل مُ أن أحبّ أن ث قال« :ادْ نُ َفقَاتِلْ» ،فتق ّدمْ تُ أمامه أضر ُ
أقيهُ بنفسي كُ ّل شيء ،ولو لقيت تلك الساعة أب لو كان حيًا لوقعتُ به السيف.
ْتب بغَْلةَ رسبول ال ، فلمبا تراجبع السبلمون وكروا كرّة رجلٍ واحبد ق ّرب ُ
فا ستوى علي ها فخرج ف أثر هم ح ت تفرقُوا ف كُل و جه ،ور جع إل مُع سكره
195
إيقاظ أول المم العالية
فدخل خباء هُ ،فدخل تُ عليه ،فقال« :يا شيْب ،الذي أراد ال بك خ ٌي ما أرد تَ
بنفسك».
ث حدثن بكل ما أضمرت ف نفسي ما ل أكُنْ أذكرُهُ لحدٍ قط ،فقلتُ :فإن
أشهدُ أن ل إله إل ال وأنك رسولُ ال ،ث قل تُ :استغفر ل يا رسول ال ،فقال:
«غفر ال لك».
ضعّف ذِيضعِيف ُمَت َوعن أنس بن مالك قال :قال رسول ال « :كم مشن َ
طِمْ َريْن لو أقْسَمَ على ال لبرهُ ،منهم الباءُ بنُ مالك».
وإن الباء لقي زحفًا من الشركي وقد أوجع الشركون ف السلمي ،فقالوا
له :يا براءُ ،إن ر سول ال قال« :إ نك لو أقْ سَ ْمتَ على ال لبر كَ» فأق سم على
ت عليك يا رب لا منحتنا أكتافهم فمُنحوا أكتافهُم. ال ،فقال :أقسم ُ
ث التقوا على قنطرة ال سُوس فأوجعُوا ف ال سلمي ،فقالوا :أق س ْم على رب كَ،
فقال :أقسبمت عليبك يبا رب لاب منحتنبا أكتافهبم وألقتنب بنبيبك ،فمُنحوا
أكتافهم ،وقُتل الباء شهيدًا .وال أعلم.
فصل
أرسل عمر إل الكوفة من يسأل عن سعد فكان الناس يثنون عليه خيًا حت
سُئل عنه رجل من بن عبس ،فقال :أما إذا أنشدتونا عن سعد فإنه كان ل يرج
ف السرية ول يعدل بالرعية ول يقسم بالسوية.
فقال سبعد :اللهبم إن كان كاذب ًا قام رياء وسبعة فأطبل عره وعظبم فقره
وعرضه للفت.
فكان يُرى وهبو شيبخ كببي قبد تدلّى حاجباه مبن الكبب يتعرض للجواري
يغم ُزهُنّ ف الطرقات ،ويقول :شيخ كبي مفتُون أصابتن دعوة سعْد.
196
إيقاظ أول المم العالية
وكذا سبعيد ببن زيبد كان ماب الدعوة ،فقبد روي أن أروى بنبت أوس
استعدت مروان على سعيد ،وقالت :سرق من أرضي وأدخله ف أرضه.
فقال سعيد :اللهم إن كانت كاذبة فأذهب بصرها وأقتُلها ف أرضها ،فذهب
بصرُها وماتت ف أرضها.
قال إبراه يم بن أد هم :مرض بع ضُ ال ُعبّاد فدخل نا عل يه نعُوده ،فج عل يتن فس
ويتأسف ،فقل تُ له :على ماذا تتأسف؟ قال :على ليلة نتُها ،ويوم أفطرته ،وساعةٍ
غفلتُ فيها عن ذكر ال عز وجل.
وبكى بعضُ العباد عند موته ،فقيل له :ما يبُكيك؟ فقال :أن يصوم الصائمون
ت فيهم ،ويصلي الصلون ولستُ فيهم .تأمل ت فيهم ،ويذكر الذاكرون ولس ُ ولس ُ
يا أخي ،هذه المان ل دره.
عن ابن أب مُليكة قال :لا كان يوم الفتح ركب عكرمةُ بن أب جهل البحر
هاربًا فخبّ ب م البحرُ ،فجعلت ال صرّارِي (أي اللحون) يدعُون ال ويُوحّدُونَ هُ،
إلهب ممدٍ الذي فقال :مبا هذا؟ قالوا :هذا مكان ل ينفبع فيبه إل ال ،قال :هذا ُ
يدعونا إليه ،فارجعُوا بنا ،فرجع فأسلم.
وعن مصعب بن سعد ،عن عكرمة بن أب جهل ،قال :قال النب يوم جئته:
ب ا ُلهَاجرِ ،مَ ْر َحبًا بالراك بِ الهاجرِ» ،قلت :وال يا رسول ال ،ل «مَرْ َحبًا بالراك ِ
ع نفق ًة أنفقتُها عليك إل أنفقتُ مثلها ف سبيل ال. أد ُ
وعن عبدال بن أب مليكة أن عكرمة بن أب جهل كان إذا اجتهد ف اليمي
قال :ل والذي نّا ن يوم بدرٍ ،وكان يض ُع الُ صحف على وج هه ،ويقول :كتا بُ
رب ،كتابُ رب.
استشهد عكرمة يوم اليمُوك ف خل فة أ ب ب كر ،فوجدُوا فيه بضعًا و سبعي
من بي ضرب ٍة وطعن ٍة ورميةٍ.
قال الزب ي :وحدث ن ع مي م صعب بن عبدال قال :جاء ال سلم ودا ُر الندوة
بيد حكيم بن حزام ،فباعها بع ُد مِن معاوية بن أب سفيان بائة ألف درهم.
197
إيقاظ أول المم العالية
فقال له عبدال بن الزبي :بعتَ مكرمة قريش؟ فقال حكيمُ :ذهبت الكارمُ إل
التقوى ،يا ا بن أ خي ،إ ن اشتر يت ب ا دارًا ف ال نة ،أشهدك أ ن قد جعلت ها ف
سبيل ال.
وعن أب بكر بن سليمان قال :ح جّ حكيم بن حزام معه مائة بدنة قد أهداها
وجلّل ها ال بة وكفّ ها عن أعجاز ها ووقّ ف مائةَ و صيفٍ يوم عرفةَ ف أعناقِ هم
أطوق هُ ،الفضّ ة قد نُ قش ف ُرؤُ سِها« :عُتقاء ال ع ّز وجلّ عن حك يم بن حزام»،
وأعتقهم وأهدى ألف شاة.
وعن ممد بن سعد يرفعه :أن حكيم بن حزام بكى يومًا ،فقال هل ابنه :ما
يُبكيك؟ قال :خصالٌ كلها أبكان :أما أولا :فبطءُ إسلمي حت سُبقتُ ف مواطن
ت يوم بدر واحدٍ ،فقلت :ل أخرج أبدًا من مكة ول أوضعُ مع كلها صالة ،ونو ُ
قُريش ما بقيت.
فأقمت بكة ويأب ال عز وجل أن يشرح صدري للسلم ،وذلك أن أنظرُ
إل بقايا من قريش لم أسنان متمسكي لا هم عليه من أمر الاهلية فأقتدي بم،
ويا ليت أن ل أقتد بم ،فما أهلكنا إل القتداء بآبانا وكُبائنا.
فلما غزا النب مكة جعل تُ أفكرُ ،فخرج تُ أنا وأبو سفيان نستروح الب،
ت بيت ،فأغلقتُه عليّفلقي العباسُ أبا سفيان ،فذهب به إل النب ورجعتُ فدخل ُ
ودخل النب مكة فآمن الناس ،فجئتُه فأسلمت وخرجتُ معه إل حني.
وعن عُروة أن حكيم بن حزام أعتق ف الاهلية مائة رقبة ،وف السلم مائة
رقبة وحل على مائة بعي.
قال ابن سعد :قال ممد بن عمر :قدم حكيم بن حزام الدينة ونزلا وبن با
دارًا ،ومات با سنة أربع وخسي وهو ابن مائة وعشرين سنة ب رحه ال ب.
عن أب برزة السلمي أن ُجَلْيبِْيبًا كان امرأ من النصار وكان أصحاب النب
ج ل ا) ل يزوج ها ح ت يُعل َم ال نب :هل ل هُ إذا كان لحد هم أيّم (أي ل زو َ
فيها حاج ًة أمْ ل؟
198
إيقاظ أول المم العالية
فقال رسول ال ذات يو مٍ لرجُل من النصارِ« :يا فُلَا نَُ ،زوّجْن ابَْنتَ كَ»،
َسبتُ ِلَنفْسبِي أرْيدُه َا» قال :لِمَنبْ؟ قال: قال :نعبم ونعم ُة عَيْبن ،قال« :إنب ل ْ
«لَُليِْبيْ بْ» ،قال :يا ر سول ال ،ح ت أ ستأمِرَها (أي أشاورُهَا) وأمَهّا ،فأتا ها،
ب ابنت كِ ،قالت :نَع َم وِنعْ ِم ُة عَيْنَ ،ز ِو جْ ر سولَ ال فقال :إن ر سول ال يَخْطُ ُ
،قال :إنبه ليبس لنفسبه يُريدُهبا ،قالت :فلِمَنبْ؟ قال :لُلَيببيب ،قالتَ :حلْقَي
ألُليبيب؟ ل لعَمْرُ ال ل أ َز ِوجُ جُليبيًا.
فل ما قام أبو ها ليأ ت ال نب ،قالت الفتاةُ من خدرِ ها لبويْ ها :من خطب ن
إليكما؟ قال :رسول ال ،قالت :أفترُدُو نَ على رسول ال أمرَ هُ؟ ادَْفعُون إل
رسول ال فإنّهُ لَ ْن يُضيّعَن.
ك بِها ،فزوّ َجهَا جُليبيبًا.
فذهب أبوها إل النب ،فقال :شأنَ َ
قال إ سحاق بن عبدال بن أ ب طل حة لثا بت :أتدري ما د عا ل ا به ال نب ؟
قال :وما دعا لا به النب ب عليه السلم ب؟
صبّا ول ْتعَ ْل عَيشَهَا كَدّا كَدّا».صبّ عَلَيها الَيَ َ قال« :اللهم ُ
قال ثابتُ :فزوّجها إيّاهُ ،فبينما رسولُ ال ف مغزى له ،قال« :هَ ْل َتفْقِدُونَ
مِن أحَدٍ؟» قالوا :نفقدُ فُلنًا ونفق ُد فلنًا ونفق ُد فلنًا ،ث قال« :هَ ْل َت ْفقِدُو نَ مِن
أحَدٍ؟» قالوا :نفقد فلنًا ونفقد فلنًا ،ث قال« :هَ ْل َت ْفقِدُونَ مِن أ َحدٍ؟» قالوا :ل،
قال« :لكن أفقدُ جَُلْيِبيْبًا ،فطلبُوه ف القتلى» ،فنظروا فوج ُدوْ هُ إل جنب سبعةٍ قد
قتله مُ ث قتلُوه ،فقال رسول ال « :هذا من وأنا منه ،أََقتَلَ سبعةً! ث قتلوه ،هذا
ِمنّي وأنا ِمنْ هُ ،أقتلَ سبعةً! ث قتلوْه هذا من وأنا منه» ،فوضعه رسول ال على
ساعديه ،ث حف ُروْا لهُ ما له سريِر إل ساعدي رسول ال حت وضعه ف قبه.
ل در هذه النفس فما أعزّها ،وهذه المم ما أرفعها!
199
إيقاظ أول المم العالية
حرّمببِ
ب غَيَ مُ َ
عليهببم وعِزّ الوتب ِ وَلَمّاببب رَأوَا َبعْضبببَ الياةِ مَذلةً
ب تُ َذمّمببِ
عليببه وماتُوا ِمْيَتةً لَمب ْ بب والذَمّب واقع ٌ
أنب يَذُوقُوا ال َعيْش َ
أبْوْا ْ
َمب
ِلبب العادِي م ِن فَصبِيحْ وأعج ِ ك ُ َتب باب
إنب َظفِر ْ
ِلسب ِد ْ
َبب ل ْ ول َعج ٌ
ْجمب
ْفب علي ّ فب حُسبَام اببن مُل ِ و َحت ُ حرْبةُ وحْشِيّب سب َقتْ حَمزةَ الردَى فَ َ
فصل
روى م سلم ف أفراده من حد يث أ نس بن مالك قال :انطلق ر سول ال
وأصبحابه إل بدر حتب سببقوا الشركيب ،وجاء الشركون ،فقال رسبول ال :
«قوموا إل جن ٍة عَرْضُها السمواتُ والرضُ».
قال عُمَي ْر ببن المام النصباري :يبا رسبول ال ،جن ٍة عَرْضُهبا السبموات
والرض؟! قال« :نعم» ،قال :بَ ٍخ بَخٍ يا رسول ال ،فقال« :ما يملك على قولك
بَ ِخ بَ خِ؟» قال :ل ،وال يا رسول ال إل رَجَاءَ أن أكو نَ مِن أهلها ،قال« :فإنك
من أهلها».
قال :فأخرج ترات من قرنه فجعل يأكُلُهنّ ،ث قال :إ نْ حضِييْ تُ حت آكُلَ
تَمرات هذه إنا لياةٌ طويلة ،فرمى با كان معهُ من التمر ،ث قاتل حت قُتل.
قال الواقدي :ل ا أراد عمرو بن المُوح الروج إل أ حد ،من عه بنُوه ،وقالوا:
قد عذرك ال ،فجاء إل النب ،فقال :إن بن يريدون حبسي عن الروج معك
وإن لرجو أن أطأ بعرجت [هذه] ف النة ،فقال« :أمّا أنت فقد عذَرك ال» ،ث
قال لبنيه« :ل عليكم أن ل تنعوه لعل ال عز وجل يرزقه الشهادة» فخلوا سبيله.
قالت امرأته هند بنت عمرو بن خُزَام :كأن انظر إليه موّليًا ،قد أخذ درقته،
وهو يقول :اللهم ل تردن إل خرب ،وهي منازل بن سلمة.
قال أبو طلحة :فنظر تُ إليه حي انكشف السلمون ث ثابوا ،وهو ف الرّعيل
الول ،لكأن أنظر إل ظلع ف رجله ،وهو يقول :أنا وال مشتاق إل النة!
ث انظر إل ابنه خَلّاد [وهو] َيعْدو [معه] ف إثْره حت قتل جيعًا.
200
إيقاظ أول المم العالية
و ف الديث :أ نه دُ فن عمرو بن المُوح وعبدال بن عُمر وأ بو جابر ف قب
وا حد ،فخرّب ال سيلُ قُبور هم ،فح فر عن هم ب عد ست وأربع ي سنة فوجدوا ل
يتغيوا كأنم ماتوا بالمس.
عن أ نس بن مالك قال :ك نا جُلو سًا مع ر سول ال ،فقال« :يَطْلُ ُع الن
ف ليت هُ من وضُوئه قدْ لنّةِ» فطل عَ رجُ ٌل مِن النصار تنظ ُ
عليْكُ مْ رجُ ٌل مِ ْن أهْ ِل ا َ
علق نعليه بيده الشمال.
فلما كان الغدُ ،قال النب ِ :مثْلَ ذلك ،فطلع ذلك الر ُج ُل مثْلَ الرّة الول.
فل ما كان اليوم الثال ثُ ،قال ال نب ِمثْلَ مقال ته أيضًا فطلع ذلك الر جل على
مثل حاله الول ،فلما قام النب تبع هُ عبدال اب نُ عمرو ،فقال :إن ل َحيْ تُ أب،
فأقسمتُ أن ل أدخُلُ عليه ثلثًا ،فإن رأيْ تَ أن تؤويَن إلي كَ حت تَ ْمضِي َفعَلْ تَ،
قال :نعم.
ث أن هُ بات مع هُ تلك الثلث الليال فل مْ يرَ ُه يقُو مُ
قال أنس :فكان عبدال يُحدّ ُ
من الل يل شيئًا غ ي أن هُ إذا تعارّ تقلّب على فرا شه ذكرَ ال عز و جل ،و كب ح ت
لصلة الفجر.
الثلثب الليال،ُ قال عبدال :غيَ أنب ل أسبع ُه يقولُ إل خيًا ،فلمّاب مضبت
وكِدْ تُ أ نْ أحتق َر عمل هُ ،قل تُ :يا عبدال ،ل ي كن بي ن وب ي أ ب غض بٌ ول
هُجْ َرةٌ ،ول كن سعتُ ر سول ال يقول لك ثلث مرات« :يَطُْل عُ عليكُ ُم ال نَ
رَ ْج ٌل مِن أهل النة» فطلع تَ أنت ثلث مرّا تٍ ،فأرد تُ أن آوي إليك ،فانظر ما
عملتب كببيَا عَمَلٍ ،فمبا الذي بلغ ببك مبا قال َ عملُك ،فأقتدي ببك ،فلم أرَك
ر سول ال ؟ قال :ما هو إل ما رأيْ تَ ،فلمّ ا وّليْ تُ َدعَا ن ،فقال :ما ُهوَ إل ما
ت غيَ أن ل أجدُ ف نفسي لحَدٍ مِن السلمي غِشّا ول أحْسُدُ أحدًا على غيٍ رأيْ َ
أعطاهُ ال إيّاهُ.
بلغتب بِكبَ ،رواه أحدب بإسبناد على شرط البخاري ْ فقال عبدال :هذه التب
ومسلم والنسائي.
201
إيقاظ أول المم العالية
عن نا فع عن ا بن ع مر أن ر سول ال ب عث جيشًا في هم ر جل يقال له:
حُ َديْر ،وكانت تلك السنة قد أصابتهم سنة من قلة الطعام ،فزودَهم رسولُ ال
ونَسِ َي أنْ يُ َزوّدَ حُديرًا.
فخرج حد ير صابرًا مت سبًا ،و هو ف آ خر الر كب يقول :ل إله إل ال ،وال
أكب ،والمد ل ،وسبحان ال ،ول حول ول قوة إل بال ،ويقول :نعْم الزّاد هو
يارَب ،فهو يردّدها وهو ف آخر الركب.
قال :فجاء جب يل إل ال نب ،فقال له :إن ربّ أر سلن إل يك يُ خبك أ نك
زوّدْ تَ أصحابك ونسيتَ أن تزوّدَ حُ َدْيرًا ،وهو ف آخر الركب ،يقول :ل إله إل
ال وال أ كب و سبحان ال وال مد ل ،فد عا ال نب رجلً فد فع إل يه زاد حُد ير
وأمره إذا انتهى إليه حفظ عليه ما ُيقُول ،وإذا دفع إليه الزاد حفظ عليه ما يقول،
ويقول له :إن رسول ال يُقرئك السلم ورح ة ال ،ويُ خبك أنه كان نِ سَيَ أن
يَ ُزوّدَكبَ ،وإن ربب تبارك وتعال أرسبل إلّ جبيبل يذكرّنبببك ،فذكّره جبيبل
وأعلمه مكانك.
فانت هى إل يه و هو يقول :ل إله إل ال و ال أ كب و سبحان ال وال مد ل ول
حول ول قوة إل بال ،ويقول :ن عم الزاد هذا يا رب ،قال :فد نا م نه ،ث قال له:
إن ر سول ال يُقرئك ال سلم ورحةَ ال و قد أر سلن إل يك بزا ٍد م عي ،ويقول:
إن إنا نسيتُك ،فأرسل إلّ جبيل من السماء يُذكّرُن بك ،قال :فحمد ال وأثن
عليه ،وصلى على النب .
ث قال :المد ل رب العالي ،ذكرن رب من فوق سبع سواتٍ ،ومن فوق
عر شه ،ورحِم جُو عي وضع في ،يا ر بّ ك ما ل ت نس حُديرًا فاج عل حُديرًا ل
ينساك.
قال :فحفظ ما قال ،ورجع إل النب فأخبه با سع منه حي أتاه ،وبا قال
ح ي أ خبه ،فقال ر سول ال « :أ ما إ نك لو رف عت رأ سك إل ال سماء لرأي تَ
لكلمه ذلك نورًا ساطعًا ما بي السماء والرض».
202
إيقاظ أول المم العالية
عن م مد بن سعد قال :كان ذو البجاد ين يتيمًا ل مال له ،فمات أبوه ول
يورثه شيئًا ،وكفله عمه حت أيسر ،فلما قدم النب الدينة جعلت نفسه تتوق إل
السلم ول يقدرُ عليه من عمه حت مضتْ السنُون والشاهد ،فقال لعمه :يا عمّ،
إ ن قد انتظر تُ إ سلمك فل أراك تر يد ممدًا ،فأذن ل ف ال سلم ،فقال :وال
لئن اتبعتَ ممدًا ل أترك بيدك شيئًا ُكْنتُ أعطيتُكَهُ إل نز ْعتُه منك ،حت ثوبيك.
قال :فأنا وال متبعٌ ممدًا وتاركٌ عبادة الجرِ ،وهذا ما بيدي َفخُذْهُ ،فأخذ ما
أعطاه حت جرّدَهُ من إزاره ،فأتى أمه فقطعتْ بادًا لا باثني فأتزر بواحدٍ وارتدى
حرِ.
بالخر ،ث أقبل إل الدينة وكان بورقان فاضطجع ف السجد ف السّ َ
وكان ر سولُ ال يت صف ُح الناس إذا ان صرف من ال صبح فن ظر إل يه ،فقال:
ب عبدُ ال ُذوْ ب أنْتبَ؟» فانتسبب له ،وكان اسبه عبدُالعزّى ،فقال« :أنت َ «مَن ْ
ضيَافِهِب حتب قَرأ قرآنًا البجَادَيبن» ،ثب قال« :انْزِ ْل مِنَ قَريْبًا» ،فكان يكون فب أ ْ
كثيًا ،فل ما خرج ال نب إل تَبُو كَ ،قال :ادْ عُ ل بالشهادة ،فرب طَ ال نب على
عضُدِه لَحِي سَمُرة ،وقال« :اللهم إن أحرم َدمَهُ على الكفار».
فقال :ليسَ هذا أرَدْتُ.
ت شهيْد، ت غازيًا فأخَ َذتْ كَ الُمّى َف َقتَلتْ كَ فأنْ َ قال النب « :إنك إذا خَرَجْ َ
ت َشهِيد» فأقامُوا بتبُو َك أيامًا ث تُوفَي.
صتْكَ دَاّبتُكَ فأنْ َ
أو وََق َ
قال بللُ ب نُ الارث :حضر تُ ر سولَ ال ومَ عَ بلل الؤذ ُن ُشعْلةٌ من نار
عند القب واقفًا با.
حدِ،
شقّ هِ ف اللّ ْ
وإذا رسول ال وهو يقول« :أدْنيا إلّ أخَاكُما» فلما هَيأه لِ ِ
ض عنه». قال« :اللهم إن قد أمْسَيتُ عنه راضيًا فا ْر َ
حدِ.فقال ابنُ مسعود :لَيتن كُنتُ صاحبَ اللّ ْ
وعن أب وائل ،عن عبدال قال :وال لكأن أرى رسول ال ف غزوة تبوك
وهو ف قب عبدال ذي البجادين ،وأبُو بكر وعُمر يقول« :أ ْدِنيَا إل أخَاكُمَا».
203
إيقاظ أول المم العالية
ج النبُ َووَّليَاهُمَا العَمَلَ ،فلما
وأخذ هُ من القبلةِ حت أسكنهُ ف َلحْدِه ث خرَ َ
فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعًا يديه يقول« :اللهم إن أمسيتُ عنه راضيًا فارْضَ
عنه».
وكان ذلك ليلً ،فوال لودد تُ أ ن مكا نه ،ول قد أ سلمتُ قبل هُ بم سَ عشرَ
َسنَة .وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
عن م مد بن سعد قال :أ تى واثلةُ ر سول ال ف صلى م عه ال صبح ،وكان
ر سول ال إذا صلى وان صرف ت صفّحَ أصحابهُ ،فل ما دَنا من واثلة ،قال« :من
أنت؟» فأخبه.
ْتب
جئتب أبايبع ،فقال رسبول ال « :فيمبا أ ْحَبب َ ُ فقال :مبا جاء بكبَ؟ قال:
وكَ ِر ْهتَ؟» قال :نعم ،قال« :فِيما أ َط ْقتَ؟» قالَ :نعَمْ ،فأسلم وبَاَيعَهُ.
ج واثلةُ إل أهلِ هِ فَلَقِي أبَا هُ خرَ َوكان ر سول ال يتجه ُز يومئذٍ إل َتبُو كَ فَ َ
السبقعَ فلمبا رَأى حَاله ،قال :قبد فعلتهبا؟ قال :نعبم ،قال أبوه :وال ل أكلمُك
أبدًا.
فأتى عمه فسلّم عليه ،فقال :قَدْ َفعَ ْلَتهَا؟ قال :نعم ،قال :فلمهُ أيسر من ملمة
أبيه ،وقال :ل يكُن ينبغي لك أن تسبقنا بأمرٍ.
فسمعت أخت واثلة كلم هُ فخرجت إليه وسلّ َمتْ عليه بتحّية السلم ،فقال
واثلة :أنّي لك هذا يا أخّيةُ؟ قالت :سعتُ كلمك وكلم عمك فأسلمتُ.
فقال :جهزّي أخاك جهاز غا ٍز فإنّ رسبول ال على جناح سبفر ،فجهزتهُب
الناسب وهبم على ِ ّراتب م ِن
ُوكب وبقبي ُغب ٌ ِقب برسبول ال قدْ تمّلَ إل تب َ فلح َ
الشُخُوص.
جعَل يُنادي بسوقِ بن قينقاع :من يملُن وله سهمِي؟ قال :وكُنتُ ر ُجلً ل َف َ
رُحلةَ ب.
204
إيقاظ أول المم العالية
بنب عجرة ،فقال :أنبا أحلُك عُقبةً بالليبل و ُعقْب ًة بالنهار كعبب ُ
ُ قال :فدعانب
وي ُدكَ أسوةُ يدي وسهْمُكَ ل ،قال واثلة :نعم.
قال واثلة :جزا هُ ال خيًا لقد كان يملُن ويزيْدُن وآكُلُ مع هُ ويرف عُ ل حت
لنْدَل. إذا بعث رسول ال خالد بن الوليد إل أكيِدرِ بن عبداللك بد ْو َمةِ ا َ
خر جَ ك عب ف ج يش خالد وخرج تُ م عه ،فأ صبنا فيئًا كثيًا فق سمه خالدُ
ت قلئص فأقبل تُ أسوقُها حت جئ تُ با خيمة كعب بن عجرة، بيننا فأصابن س ُ
فقلتُ :اخرُج رحك ال فانظر إل قلئصك فاقبضها.
ك وأ نا أري ُد أن آ خذ فخرج و هو يبت سم ويقول :بارك ال لك في ها ما حلت َ
منك شيئًا.
عن ب شر بن عبدال عن واثلة بن ال سقع قالُ :كنّ ا أ صحاب ال صفة ف
مسجد رسول ال وما فينا رجلٌ له ثوبٌ.
ول قد ات ذ العر قُ ف ُجلُود نا طُرقًا من الغبار ،إذ خرج علي نا ر سول ال ،
فقال« :ليْبشِرْ فُقراءُ الهاجرين» ثلثًا.
عن نع يم بن ربي عة بن ك عب قال :كن تُ أخد مُ ر سول ال وأقوم له ف
حوائجه ناري أجع ،حت يُصلي رسول ال العشاء الخرة.
فأجل سُ على بابه إذا دخل بيته ،أقولُ :لعلها أن تدث لرسول ال حاجة،
ف ما أزالُ أ سعه سبحان ال ،سبحان ال ،سبحان ال وبمده ح ت أملّ فارج ُع أو
تغلُبن عين فأرقُد.
فقال ل يومًا لاب رأى مبن حفّتب (أي العنايبة والدمبة) له وخدمتب إيّاه ،يبا
ربيعةُ ،سَلْن أعْطِك ،قال :فقلتُ :انظر ف أمري يا رسول ال ث أعلمُك ذلك.
فقال :ففكر تُ ف نف سي فعلم تُ أن الدن يا ُمنْقطعةٌ وزائل ٌة وأن ل في ها رزقًا
سيأتين ،قال :فقل تُ :أ سأل ر سول ال لخر ت ،فإ نه من ال ع ّز و جل بالنل
الذي هو به ،فجئتُه ،فقال« :ما َفعَلْ تَ يا َربِي َعةُ؟» فقل تُ :أسألُكَ يا رسولَ ال أن
تشف عَ ل إل َربِ كَ َفَي ْعِتقَن مِن النار ،فقال« :مَ ْن أمَرَ َك بذا يا ربيعة؟» فقل تُ :ل
205
إيقاظ أول المم العالية
ك وكُنت من ال والذي بعثك بالق ما أمرن به أحدٌ ولكنك لّا قل تَ سلن أعط َ
بالنل الذي أنت به نظرتُ ف أمري ،فعرفتُ أن الدنيا منقطعة وزائل ُة وأنّ ل فيها
رزقًا سيأتين.
فقلتُ :أسأل رسول ال لخرت ،قال :فصمت رسول ال طويلً ،ث قال
ك بكثرةِ السُجُود».
ل« :إن فاع ٌل فأ ِعنّي على َنفْس َ
وأخرجا ف «الصحيحي» من حديث قيس بن عبادة قال :كنت جال سًا ف
م سجد الدي نة ف ناس في هم ب عض أ صحاب ال نب ،فجاء ر جل ف وج هه أثرُ
خشوع ،فقال بع ضُ القوم :هذا رجلُ من أهل النة ،فصلى ركعتي توّ َز فيهما،
ت فأخبتُه.ث خرج فابتعتُه ،فدخل منله فدخل ُ
فقال :ل ينب غي لحدٍ أن يقول ما ل يعلم ،و سأحدثك لِمَا ذاك؟ رأي تُ رُؤيًا
على عهد رسول ال فقصصتها عليه ،رأيتن ف روضة ،وسط الروضة عمود من
حد يد ،أسبفلُه ف الرض وأعلهُب ف السبماء ،ف أعله عُروة ،فقيبل ل :إرقبه،
فقل تُ :ل أستطيعُ ،فجاءن منصفٌ يعن خادمًا ،فقال :بثياب من خلفي ،فأخذ تُ
ببالعروة ،فقصبصتها على رسبول ال ،فقال« :تلك الروض ُة السبلم ،وذاك َ
العَمُو ُد عَمُو ُد السبلم ،وتلك العُروةُ ،العُروة الوثقبى ،وأنْتَب على السبلم حتب
توت» والرج ُل عبدال بن سلم.
وعن أب بُردة بن أب موسى قال :قدم تُ الدينة فأتي تُ عبدال بن سلم ،فإذا
ستَ إلينا وقَدْ حَانَ قِيامُنا،رجلٌ متخشعٌ ،فجلستُ إليه ،فقال :يا بنَ أخي إنكَ جَلَ ْ
أفتأ َذنُ؟ وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
بعث عمر بن الطاب عمي بن سعد عاملً على حص فمكث حو ًل ل يأتيه
خبه ،فقال ع مر لكات به :أك تب إل عم ي ،فوال ما أراه إل قد خان نا ،إذا جاءك
كتاب هذا ،فأقبل وأقبلْ با جبيتَ من فء السلمي حي تنظر ف كتاب هذا.
206
إيقاظ أول المم العالية
قال :فأخذ عمي جرابه فوضع فيه زاده وقصعتهُ وعلق إداوته وأخذ عنت هُ ،ث
أقبل يشي من حص حت قدم الدينة.
قال :فقدم و قد شحُب لو نه وا غب وجه ُه وطالت شعرتُه ،فد خل على ع مر،
فقال :السلم عليك يا أمي الؤمني ورحة ال ،قال عمر :ما شأنك؟ قال :ما ترى
من شأن ألست تران صحيح البدن ظ اهر الدم ،معي الدنيا أ ُج ّرهَا بقُرونا؟
قال عمر :وما َمعَك؟ وظنّ عمر أنه جاء هُ بال ،قال :معي جراب أجعل فيه
زادي ،وق صعت آك ُل في ها ،وإدوا ت أح ل في ها وضوئي وشرا ب ،وعن ت أتو كأ
عليها وأجاهد با عدوًا إن عرض ل ،فوال ما الدنيا إل تب ٌع لتاعي.
ع لك بدابةٍ قال ع مر :فجئ تَ ت شي؟ قال :ن عم ،قال :أ ما كان لك أح ٌد ي تب ُ
تركبُها؟ قال :ما فعلوا وما سألتهم ذلك ،فقال عمر :بئس السلمون خرجت من
عِندهم.
فقال عُمي :اتق ال يا عمر ،قد ناك ال عن الغيبة ،وقد رأيتهم يصلون صلة
الغداة ،قال ع مر :فأ ين بعث تك؟ وأي ش يء صنعت؟ قال :و ما سؤالك يا أم ي
الؤمني؟
قال عمر :سبحان ال ،فقال عمي :أما إن لول أخشى أن أغُمك ما أخبتُك،
بعثتن حت أتيت البلد فجمع تُ صُلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حت إذا جعُو هُ
ك منه شيء لتيتُكَ به. ضعَه ولو مال َ
وض ْعتُه موا ِ
قال :فما جئتنا بشيء؟ قال :ل ،قال :جَدّدُوا لعُمي َعهْدًا ،قال :إن ذلك شيءٌ
قلتب لنصبران أسبلَم ،لقدْ ُ ت بَلْ ل ْأعملهب لك ول لح ٍد بعدك ،وال مبا سبَلم ُ ُ ل
ت معك. ضتَن له يا عمر ،وإن أشقى أيامي يوم خُل ْف ُ أخزاك ال ،فهذا ما عرّ ْ
ث ا ستأذنه فأذن له فر جع إل منله وبي نه وب ي الدي نة أميال ،فقال ع مر ح ي
انصرف عمي :ما أراه إل قد خاننا.
207
إيقاظ أول المم العالية
فب عث رجلً يقال له الارث ،وأعطاه مائة دينار ،وقال :انطلق إل عم ي ح ت
تنل به كأنّك ضيْف فإن رأيت أثر شيء فأقبل ،وإن رأيت حالً شديدًا فادفع إليه
هذه الائة الدينار.
فانطلق الارث فإذا هو عمي جالس يفلي بقميصه إل جنب الائط ،فقال له
عمي :انزل رحك ال ،فنل ث سألهُ ،فقال :مِن أين جئت؟ فقال :من الدينة.
فقال :كيبف تركبت أميب الؤمنيب؟ فقال :صبالًا ،قال :فكيبف تركبت
السلمي؟ قال :صالي ،قال :ألْيسَ يُقيم الدود؟
قال :بلى ضرب ابنًا له على فاحشة فمات من ضربه ،فقال عمي :اللهم أعن
عمر فإن ل أعلمه إل شديدًا حبّه لك.
قال :فنل ببه ثلثبة أيام وليبس لمب إل قُرصبٌة مبن شعيب كانوا يُصبّونهُ باب
لهْدُ ،فقال له عُميُ :إن كَ َقدْ أجعت نا فإ ْن رأيْ تَ أن تتحّول ويطوون ح ت أتاهُم ا َ
عنّا فا ْفعَلْ.
قال :فأخرج الدّنان ي فدفع ها إل يه ،فقال :بع ثَ ب ا أميُ الؤمن ي فا ستعن ها،
قال :فصاح ،وقال :ل حاجة ل فيها ف ُر ّدهَا.
فقالت لهُ امرأته :إن احتجت إليها وإل فضعها ف مواضعها.
فقال عم ي :وال ما ل شيءٌ أجعلُ ها ف يه ،فشقّ ت الرأةُ أ سفل درع ها فأعطت هُ
خرقةً فجعلها فيها ،ث خرج فقسّمهَا بي أبناءِ الشُهداء والفُقراء.
ث ر جع والر سولُ يظ ُن أنهّ يُعط يه من ها شيئًا ،فقال له عم ي :أقرئ م ن أم ي
الؤمني السلم.
فر جع الارث إل عُ مر ،فقال :ما رأ يت؟ قال :رأ يت يا أم ي الؤمن ي ،حالً
شديدًا ،قال :فما صنع بالدناني؟ قال :ل أدري.
قال :فكتب إليه عُمَرُ :إذا جاءك كتاب هذا فل تضعه من يدك حت تُقبل.
فأقبل إل عُمر ،فدخل عليه ،فقال له عمر :ما صنعتَ بالدناني؟ قال :صنعتُ
ما صنعت ،وما سؤالك عنها؟ قال :أنش ُد عليك لتُخبن ما صنعت با.
208
إيقاظ أول المم العالية
قال :قدّمتُها لنفسي ،قال :رحك ال ،فأمر له بوسقٍ من طعام وثوبي ،فقال:
أما الطعامُ فل حاجة ل فيه قد تركت ف النل صاعي من شعي.
إل أن آكبل ذلك قبد جاء ال بالرزق ول يأخُذ الطّعام وأمبا الثّوبان فإنّ أمّ
فلن عارية ،فأخذهُمَا ورجعَ إل منله.
فلم يل بث أن هلك ب رح ه ال ب فبلغ ذلك ع مر ف شق عل يه وتر حم عل يه
وخرج يشي ومعه الشاؤون إل بقيع الغرقَد.
فقال ل صحابه :ليتم نّ كل ر جل من كم أمن ية ،فقال ر جل :يا أم ي الؤمن ي،
وددت أن عندي مالً فأعتق لوجه ال كذا وكذا.
وقال آخر :وددت أن عندي ما ًل فأنفق ف سبيل ال.
وقال آخر :وددت أن ل قوة فأميح بدلو زمزم لجاج بيت ال.
ل ِمثْلَ عمي بن سعدٍ أستعيُ به ف فقال عمر بن الطاب :وددت أن ل رج ً
أعمال السلمي ب رحه ال ورضي ال عنه ب .
ب بالْبوَابببِ إ ْذ ظَ ّل ُمعْسببِرًا
ب أ ْغبَرا يُدَافَعب ُ
أل رُبّب ذِي طِ ْمرَيْبن أشْعَث َ
ببن الحْزَان أنبببْ َيَتفَطّرا ب يَخَافبُ ال فب كُ ّل أمِرهبِ يَكَادُ مِب مُ ِطيْع ٌ
جَبرَا
ب ويُ ْ ب َ
با عليببه أبَرّهببُ وكان حَريًببا أن يُجَابب وََلوْ أقْسببَ َم ْن َيوْمًب
209
إيقاظ أول المم العالية
صنَع (يش ي إل ال كب والع جب) ح ت فقال :يا ضرار هذا الذي صنع ب نا ما َ
سبْق.
سبقنا كلّ ال َ
ف [إليه] لقد وض َع السلمُ أم َر الاهلية ورف عَ ال بالسلم أ يْ لعمري اختل ُ
قومًا كانوا ل يُذكرون ف الاهلية فليتنا كنّا مَ َع أولئك فتق ّد ْمنَا.
وعن السن قال :حَضر باب عُمر بن الطاب سُهيلُ بن عمرو ،و الارثُ
وبلل ،وتلك الوال الذين شهدوا بدرًا ،فخرج آذن عمر ،فأذن لم وترك هؤلء.
فقال أبو سُفيان :ل أر كاليوم قط ،يأذ ُن لؤلء العبيد ون ُن على بابه ل يلتفتْ
إلينا؟
ل عاقلً ،أيها القوم إن وال لقد أرى الذي فقال سهيل ب نُ عمرو :وكان ر ُج ً
ف وجوهكم ،إن كُنتُم غضابًا فاغضبُوا على أنفسكم.
القومب ودُعيتُم فأسبْرعُوا وأبطأتُم ،فكيبف بكبم إذا ُدعُوا يوم القيامبة ُ دُعبي
وتُركتُم؟
أما وال لا سبقوكم إليه من الفضل مّا ل ترون أشدّ عليكم فوتًا من بابكم
هذا الذي كنتم تنافسونم عليه ،قال :ونفضَ ثوبهُ وانطلق.
قال السن :وصدق وال سهيل ،ل يعل ال عبدًا أسرع إليه كعب ٍد أبطأ عنه.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
و عن أ ب قدا مة ال سرخسي قال :قام العمري للخلي فة على الطر يق ،فقال له:
ب وفعلتبَ ،فقال له :ماذا تريبد؟ قال :تعم ُل بكذا وتعمبل بكذا ،فقال له فعلت َ
هارون :نع ْم يا عمّ ،نعم يا عمّ.
وعن سعيد بن سليمان قال :كنت بكة ف زقاق الشطوى وإل جنب عبدال
بن عبدالعزيز العمري ،وقد حج هارون الرشيد.
210
إيقاظ أول المم العالية
فقال له إنسبان :يبا أببا عبدالرحنب هبو ذا أميب الؤمنيب يسبعى قبد أخلى له
السعى ،قال العمري للرجل :ل جزا ك ال عن خيًا ،كلفتن أمرًا كنت عنه غنيًا،
ث تعلّق نعليه (أي لبسهما).
وقام فتبعته وأقبل هارون الرشيد من الروة يريد الصفا ،فصاح به :يا هارون،
فلما نظر إليه ،قال :لبي كَ يا ع مّ ،قال :ارْ قَ ال صّفا ،فلما رقيه ،قال :ارم بطرفك
إل الب يت ،قال :قد فعل تُ ،قال :كم هُم؟ قال :و من يُح صيهم؟ قال :ف كم ف
الناس ِمثُْلهُم؟ قال :خل ٌق ل يُحصيهم إل ال.
قال :اعلم أيُ ها الر جل أنّ كُلّ واح ٍد من هم يُ سألُ عن خا صّة نف سه وأ نت
وحدك تسأ ُل عنهم كلّهم فانظر كيف تكون؟ قال :فبكى هارون وجل سَ وجعلُوا
يُعطُونه مِنديلً منديلً للدموع.
قال العُمري :وأخرى أقولا ،قالُ :قلْ يا عَم ،قال :وال إن الرجل ليُ سْرفُ ف
جرَ عليه ،فكيف بن يُ سْرِفُ ف مال السلمي؟ ث مضى وهارون ماله فيستح ّق الَ ْ
يبكي.
قال ممبد ببن خلف :سبعتُ ممبد ببن عبدالرحنب يقول :بلغنب أن هارون
الرش يد قال :إ ن لح بّ أن أح جّ كل سنة ما ينع ن إل ر جل من ول ِد ع مر ث
يُسمعن ما أكره.
وقد روي لنا من طريق آخر أنه لقي هُ ف السعى فأخذ بلجام دابتّه فأهْوت إليه
الجناد فكفّهم عنه الرشيد فكلمه فإذا دموع الرشيد تسيل على معرفة دابتّه.
ث انصرف ،وأنه لقيه م ّرةً ،فقال :يا هارون ،فعلتَ وفعلتَ ،فجعل يسم ُع منه،
ويقول :مقبولٌ منك يا عم على الرأس والعي.
فقال :يا أم ي الؤمن ي من حال الناس كي تَ وكي تَ ،فقال :عن غ ي عل مي
وأمري وخرج العمري إل الرشيد مرّة ليعظه فلما نزل الكوفة زحف العسكر حت
لو كان نزل بم مائة ألف من العدوّ ما زادوا على هيبته ،ث رجع ول يص ْل إليه.
211
إيقاظ أول المم العالية
و عن أ ب ي ي الزهري ،قال :قال عبدال بن عبدالعز يز العُمري ع ند مو ته:
بنعمة رب أحدّث أن ل أصبح أملك إل سبعة دراهم مِن لاء شجرٍ فتلته بيدي،
وبنعمة رب أحدّث :لو أن الدّنيا أصبحت تت قدمي ما ينعن أخذها إل أن أزيل
قدمي عنها ،ما أزلتها.
استسقى مُوسى بن نُصي ف الناس ف سنة 93حي أقحطُوا بإفريقية فأمرهم
ب صيام ثل ثة أيام ،ث خرج ب م و َميّ ز أ هل الذ مة عن ال سلمي وَفرّ قَ بيَ البهائِم
ف النهار،جيْ ِج وهو يَ ْدعُو ال تعال حت انتص َ
وأولدها ث أمَ َر بالبُكاء وارْتفَاع الضّ ِ
ث نزَل ،فقيْل لَه :أل دعو تَ لمي الؤمني؟ فقال :هذا موط نٌ ل يذكَر فيه إل ال
عزّ وجل فسقاهُم ال عزّ وجل لا قال ذلك.
كتب زر بن حُبيش إل عبداللك بن مروان كتابًا يعظُهُ فيه فكان ف آخر :ول
يُطْ ِمعَ كَ يا أم ي الؤمن ي ف طول الياة ما يَ ْظهَرُ من صحة بد نك فأ نت أعلى
بنفسك واذكرْ ما تكلّم به الولون.
ببت مِببن ِكبَر أجْس ببَا ُدهَا ب أوْلدُهَبببا وبليب إذَا الرجَا ُل وَلَدَتبب ْ
وَ َجعَلَتببْ أسببْقَا ُمهَا َتعْتَادُهَببا فذِي ُزوْعببٌ قَدْ دَنَببا حَصببَا ُدهَا
فلما قرأ عبداللك الكتب بكى حت بلّ طرف ثوبه بدموعه ،ث قال :صدق
ز ٌر ولو كتب إلينا بغي هذا كان أرفق بنا.
آخر:
بِ َقدْ كَلَحَبا
حيّابب ال َعيْشب
َسب َمتْ بِ َمفْرق فَ ُم َ
ْبب قَدْ ب َ
ْقب الشّي ِ
ْتب ُب ُرو َ
إذَا رَأي َ
ب َق ْد أعَدّ مِبن العما ِل مبا صبَلحُا شيْبببَ بإجْل ٍل وتَكْرِمةٍ مَن ْ يَلْقَببى الَ ِ
فصل
212
إيقاظ أول المم العالية
وعبن الفضبل ببن الربيبع قال :حبج أميب الؤمنيب الرشيبد فأتانب ،فخرجبت
مسرعًا ،فقلت :يا أمي الؤمني ،لو أرسلت إلّ أتيتك ،فقال :ويك قدْ حَا كَ ف
نفسي شيء ،فانظر ل رجلً أسأله ،فقلت :هاهنا سفيان بن عيينة.
فقال :امض بنا إليه ،فأتيناه فقرعت الباب ،فقال :من ذا؟ فقلت :أجب أم ي
الؤمن ي ،فخرج م سرعًا ،فقال :يا أم ي الؤمن ي ،لو أر سلت إل أتي تك ،فقال له:
خذ لا جئناك له رحك ال.
فحد ثه ساعة ث قال له :عل يك د ين؟ قال :ن عم ،فقال :أ با عباس ا قض دي نه،
فلما خرجنا ،قال :ما أغن عن صاحبك شيئًا ،انظر ل رجلً أسأله.
فقلت له :هاهنا عبدالرزاق بن هام ،قال :امض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب،
فقال :من هذا؟ قلت :أجب أمي الؤمني.
فخرج م سرعًا ،فقال :يا أم ي الؤمن ي ،لو أر سلت إل أتي تك ،قال :خذ ل ا
جئناك له.
فحادثه ساعة ،ث قال له :عليك دين؟ قال :نعم ،قال :أبا عباس ،اقض دينه،
فلما خرجنا قال :ما أغن صاحبك شيئًا انظر ل رجلً أسأله.
قلت :هاهنا ال ُفضَيْلُ بن عياض ،قال :امض بنا إليه ،فأتيناه فإذا هو قائم يصلي
يتلو آ ية من القرآن يردد ها ،فقال :اقرع الباب ،فقر عت الباب ،فقال :من هذا؟
فقلت :أ جب أم ي الؤمن ي ،فقال :مال ولم ي الؤمن ي؟ فقلت :سبحان ال أ ما
عليك طاعة! أليس قد روى النب أنه قال« :ليس للمؤمن أن يُذل نفسه» فنل
ففتح الباب ،ث ارتقى إل الغرفة فأطفأ الصباح ث التجأ إل زاوية من زوايا البيت.
فدخلنا فجعلنا نول عليه بأيدينا فسبقت كفّ هارون قبلي إليه ،فقال :يا لا
من كف ما ألينها إن نت غدًا من عذاب ال عز وجل.
فقلت ف نف سي :ليكلم نه الليلة بكلم ن قي من قلب ت قي ،فقال له :خذ ل ا
جئناك له رح ك ال ،فقال :إن ع مر بن عبدالعز يز ل ا ول الل فة د عا سال بن
213
إيقاظ أول المم العالية
عبدال ،وممد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة ،فقال لم :إن قد ابتُليت بذا
البلء فأشيوا عليّ ،فع ّد اللفة بلء وعددتا أنت وأصحابك نعمة.
فقال له سال بن عبدال :إن أردت النجاة غدًا من عذاب ال ف صُم عن الدنيا
وليكن إفطارك من الوت.
وقال له ممد بن كعب القرظي :إن أردت النجاة من عذاب ال ،فليكن كبي
ال سلمي عندك أبًا وأو سطهم أخًا وأ صغرهم عندك ولدًا فو قر أباك وأكرم أخاك
وتنن على ولدك.
وقال له رجاء بن حيوة :إن أردت النجاة غدًا من عذاب ال عز وجل فأحبّ
للمسلمي ما تُحبّ لنفسك واكره لم ما تكره لنفسك ث مُت إذا شئت.
وإن أقول لك :إن أخاف عليك أش ّد الوف يوم تزل فيه القدام ،فهل معك
رحك ال من يشي عليك بثل هذا؟
فب كى هارون بكاء شديدًا ح ت غُ شي عل يه ،فقلت له :ار فق بأم ي الؤمن ي،
فقال :يا اب نْ أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفُق به أنا ث أفاق ،فقال له :زدْن
رحك ال.
فقال :يا أم ي الؤمن ي ،بلغ ن أن عاملً لع مر بن عبدالعزيز شكا إل يه ،فكتب
إليه عمر :يا أخي ،أذكّرك طول سهر أهل النار ف النار مع خلود البد ،وإياك أن
يُنصرف بك من عند ال فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء.
قال :فلما قرأ الكتاب طوى البلد حت قدم على عمر بن عبدالعزيز ،فقال له:
ما أقد مك؟ قال :خل عت قل ب بكتا بك ،ل أعود إل ول ية أبدًا ح ت أل قى ال عز
وجل.
قال :فب كى هارون بكاءً شديدًا ،ث قال له :زد ن رح ك ال ،فقال :يا أم ي
الؤمني ،إن العباس عم الصطفى جاء إل النب ،فقال :يا رسول ال ،أمرن
على إمارة ،فقال له النب « :إن المارة حسرة وندامة يوم القيامة ،فإن استطعت
أن ل تكون أميًا فافعل».
214
إيقاظ أول المم العالية
فبكى هارون بكاء شديدًا ،وقال له :زدن رح ك ال ،فقال :يا حَسن الوجه
أنت الذي يسألك ال عز وجل عن هذا اللق يوم القيامة ،فإن استطعت أن تقي
هذا الو جه من النار فاف عل ،وإياك أن ت صبح وتُم سي و ف قل بك غ شٌ ل حد من
ح رائحة النة». رعيتك ،فإن النب قال« :من أصبح لم غاشًا ل ير ْ
فبكى هارون ،وقال له :عليك َديْن؟ قال :نعم دَين لرب ياسبن عليه ،فالويل
ل إن سألن ،والو يل ل إن ناقش ن ،والو يل ل إن ل أل م حج ت ،قال :إن ا أع ن
ديْن العباد.
قال :إن ر ب ل يأمر ن بذا ،أ مر ر ب أن أوحّده وأط يع أمره ،فقال ع ّز و جل:
وَمَا َخ َلقْ تُ الِنّ وَالِن سَ إِلّ لَِيعُْبدُو نِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّ ن رّزْ قٍ وَمَا أُرِيدُ أَن
يُ ْطعِمُونِ * ِإنّ ال ّلهَ هُ َو الرّزّاقُ ذُو القُ ّوةِ الَتِيُ .
فقال له :هذه ألف دينار خذهبا فأنفقهبا على عيالك وتقوّ باب على عبادتبك،
فقال :سبحان ال أنه أدُلّ كَ على طريق النجاة وأنت تكافئن بثل هذا؟ سلمك ال
ووفقك.
ث صمت فلم يكلم نا فخرج نا من عنده فل ما ضر با على الباب ،قال هارون:
أبا عباس إذا دَلَ ْلتَن على رجل فدُلّن على مثل هذا ،هذا سيد السلمي.
فدخلت عل يه امرأة من ن سائه ،فقال :يا هذا قد ترى ما ن ن ف يه من ض يق
الال فلو قبلت هذا الال فتفرجنا به ،فقال لا :مثلي ومثلكم كمثل قومٍ كان لم
بعي يأكلون من كسْبه فلما كبِ نْحَروه فأكلُوا لمه.
فلم َا سبع هارون هذا الكلم قال :ندخبل فعسبى أن يقببل الال فلمبا علم
الفض يل خرج فجلس ف ال سطح على باب الغر فة ،فجاء هارون فجلس إل جن به
فجعل يكلمه فل ييبه فبينا نن كذلك إذ خرجت جارية سوداء ،فقالت :يا هذا
قد أتع بت الشي َخ م نذ الليلة فان صرف رح ك ال ،فان صرف ،تأ مل يا أ خي ،هل
يُوجَد ف َز َمنِنِا مَن يَردُ حُطَا َم الدنيا إذا عُر ضَ عليه ل حول ول قوة إل بال العلي
215
إيقاظ أول المم العالية
العظيم ،بَلّ غْ يا أخي من يأكلون بالكتُب الدينية باسم تقيق ونشرٍ ،وقل لم قال
ال تعال :قُلْ مَتَاعُ الدّنْيَا َقلِيلٌ .
ب الَبق ُمْنفَردٌ والسببّالِكُو َن طَ ِريْقببَ الَببق أفْرَا ُد ب بأنّب طَريْقبَ اعْلَمبْ
ب على مَهَبل يشوُنببَ قُصببّادُ ب مَس بَاعِيهُم َفهُمبُل يَطلبُون بَ ول تُطلَب ْ
ب الَقّب رُقّادُ
جلُهُبم عببن طريقبِ ب ُدوْا فَ ُ
ب فب َغفْل ٍة عَمّاب له قَص َ
والناس ُ
فصل
د خل سليمان بن عبداللك الدينة فأقام ب ا ثلثًا ،فقال :أما هاه نا رجل م ن
أدرك أ صحاب ر سول ال يدث نا؟ فق يل له :هاه نا ر جل ،يقال له :أ بو حازم،
فب عث إل يه فجاء ،فقال سليمان :يا أ با حازم ،ما هذا الفاء؟ فقال له أ بو حازم:
وأيُ جفاءٍ رأيت من؟ فقال له :أتان وجوه الدينة كلهم ول تأتن.
فقال :ما جرى بين وبينك معرفة آتيك عليها ،قال :صدق الشيخ يا أبا حازم
ما لنا نكره الوت؟ قال :لنكم عمرت دنياكم وخربتم آخرتكم ،فأنتم تكرهون أن
تنقلوا من العمران إل الراب ،قال :صدقت.
يا أبا حازم ،فكيف القدوم على ال تعال؟ قال :أما الحسن فكالغائب يقدم
على أهله فرحًا مسرورًا ،وأما السيء فكالبق يقدم على موله خائفًا مزونًا.
فبكى سليمان ،وقال :ليت شعريّ ما لنا عند ال يا أبا حازم ،فقال أبو حازم:
اعرض نفسك على كتاب ال ،فإنك تعلم ما لك عند ال.
ب أببا حازم ،وأنب أصبيب تلك العرفبة مبن كتاب ال ،قال :عنبد قوله قال :ي ا
تعال :إِنّ ا َلبْرَارَ َلفِي َنعِيمٍ * َوِإنّ اْل ُفجّارَ لَفِي َجحِيمٍ .
قال :يا أبا حازم ،فأين رحة ال ،قال :قريب من الحسني.
قال :يا أبا حازم من أعقل الناس؟ قال :مَن تعلم الكمة وعلمها الناس.
216
إيقاظ أول المم العالية
قال :ف من أح ق الناس؟ قال :من حط نف سه ف هوى ر جل و هو ظال فباع
آخرته بدنيا غيه.
قال :فما أسع الدعاء؟ قال :دعاء الخبتي ،قال :فما أزكا الصدقة؟ قال :جهد
القل.
قال :يا أ با حا ت ما تقول في ما ن ن ف يه ،قال :أعف ن من هذا ،قال سليمان:
نصيحة تلقيها.
قال أ بو حازم :إن نا سًا أخذوا هذا ال مر عنوة مِن غ ي مشاورة ال سلمي ول
إجاع من رأيهم فسفكوا فيها الدماء على طلب الدُنيا ث ارتلوا عنها فليت شعري
ما قالوا وما قيل لم.
ت يا شيخ. فقال بعض جلسائهم :بئس ما قل َ
ب إن ال أخبذ اليثاق على العلماء ليببيننه للناس ول فقال أببو حازم :كذبْت َ
يكتمونه.
قال سليمان :يا أبا حازم ،أصبحنا تُصيبُ منا ونصيبُ من كَ ،قال :أعوذ بال
من ذلك ،قال :ولِ مَ؟ قال :أخاف أن أر كن إلي كم شيئًا قليلً َفيُذيق ن ال ضع فَ
الياة وضعفَ الماتِ.
ث ناك أو يفقدك حيثُ أمرك. قال :فأشرْ عليّ ،قال :اتق ال أن يراك حي ُ
قال :يا أ با حازم ،ادع ل نا ب ي ،فقال :الل هم إن كان سليمان ول يك في سره
للخي وإن كان غي ذلك فخُذْ إل الي بناصيته.
فقال :يا غلم هات مائة دينار ،ث قالُ :خذْ هذا يا أ با حازم ،قال :ل حا جة
ل ب ا ل ولغيي ف هذا الال أ سوة فإن وا سيت بين نا وإل فل حا جة ل في ها إ ن
ت مِن كلمي أيْ ثنًا له. أخاف أن يكون لا سع َ
فكأن سليمان أعجبَ بأب حازم ،فقال الزهري :إنه لاري منذ ثلثي سنة ما
كلمته قط.
شتُمن؟
فقال أبو حازم :إنك نسيتَ ال فنسيتن ،قال الزهري :أت ْ
217
إيقاظ أول المم العالية
قال سليمان :بل أنْت شتمت نفسك ،أما علمت أن للجار على الار حقًا.
قال أبو حازم :إن بن إسرائيل لا كانوا على الصواب كانت المراء تتاج إل
العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من المراء.
فل ما رأى قوم من أراذل الناس تعلموا العلم وأوتوا به المراء ا ستغنت المراء
عن العلماء واجتمع القوم على العصية فسقطُوا وهلكوا.
ب هؤلء يصبونون علمهبم لكانبت المراء تابمب وتعظمهبم، ولو كان علماؤن ا
فقال الزهري :كأنك إيّايّ تريد وب تعرض ،قال :هو ما تسمع .اهب.
ل ليوليبه القضاء ،فقال له :إنب ل أحسبن القضاء ولَس ْبتُ أحضبر الرشيبد رج ً
بفقيه.
قال الرشيد :فيك ثلث خلل :لك شرف ،والشرف ينع صاحبه من الدناءة،
وفيك حلم ينعك من العجلة ،ومن ل يعجل قل خطؤه ،وأنت تشاور ف أمرك،
ومن شاور كثر صوابه ،وأما الفقه فنظُ مُ إليك من تتفق هُ عليه فوله فما وجد فيه
مطْعنًا.
د خل يز يد الرقا شي على ع مر بن عبدالعز يز ،فقال له :عِظْنِي يا يز يد ،قال:
اعلم يا أمي الؤمني ،أنك أول خليفة توت ،فبكى عمر ،ث قال :زدن يا يزيد،
ب َميّت فبكى عمر ،وقال :زدن يا قال :يا أمي الؤمني ،ليس بينك وبي آدم إل أ ٌ
يزيد ،قال :يا أمي الؤمني ،ليس بي النة والنار منلة ،فسقط عمر مغشيًا عليه ب
رحه ال ب.
وقال الرشيد لبن السماك :عظن وكان ف يد الرشيد شربة من ماء ،فقال :يا
ت عَنْ كَ هذه الشّ ْرَبةَ أ ُكنْ تَ تفدي ها بل كك؟ قال:أم ي الؤمن ي ،أرأيْ تَ لو حُب س ْ
نعم ،قال :فلو ُحِبسَ َعنْكَ خُرو ُجهَا أكُْنتَ تَفْدِيها ُب ْلكِكَ؟ قال :نعم.
قال :ل خي ف ملك ل يُساوي شربةَ ماء ول َبوَْلةَ ،فبكى الرشيد.
وقال علي ل ْسقُفٍ قد أ سلم :عِظ ن ،فقال :يا أم ي الؤمن ي ،إن كان ال
معك فمن تاف ،قال :أحسنت زدن.
218
إيقاظ أول المم العالية
قال :هب إن ال غ فر ذنوب ال سيئي أل يس قد فات م ثواب الح سني ،قال:
حسب حسب.
وقال سليمان بن عبداللك لم يد الطو يل :عظ ن ،قال :يا أم ي الؤمن ي ،إن
ُكنْتَب إذا عصبيت ال تعال ظننبت أنبه يراك فقبد إجترأت على رب عظيبم ،وإن
كن نت ت ظن أ نه ل يراك ف قد كفرت برب كر ي .وال أعلم ،و صل ال على م مد
وآله وصحبه وسلم.
فصل
عن أ ب هريرة ،عن ال نب أ نه قال « :كل ع ي باك ية يوم القيا مة إل ع ي
غ ضت عن مارم ال ،وع ي سهرت ف سبيل ال ،وع ي يرج من ها م ثل رأس
الذباب من خشية ال» يعن دمعة مثل رأس الذباب.
قال ابن مسعود :أفرس الناس ثلثة :عزيز مصر حي قال لمرأته :أَكْ ِرمِي
مَثْوَاهُه ،والرأة ال ت قالت لبيهبا عن موسبى :يَا أَبَتِه اس َْت
هأْجِ ْرهُ إِنّ خَيْرَ مَنِه
ا سَْتأْ َج ْرتَ القَ ِويّ ا َلمِيُ ،وأبو بكر الصديق حي استخلف عمر بن الطاب ب
رضي ال عنهما ب.
قال شقيق البلخي لات الصم :قد صحبتن مدة فماذا تعلّمْتَ من؟ قال :ثان
مسائل:
لشخصب مبوببٌ ،عندمبا يصبل إل القبب
ٍ الول :نظرت إل اللق فإذا كان
يفارقه ،فجعلت مبوب حسنات لتكون معي ف القب.
والثانية :نظرت إل قول ال تعالَ :ونَهَى النّفْ سَ َع نِ الَوَى فاجتهدت ف
دفع الوى عن َنفْسِي حت استقرت على طاعة ال تعال.
وأما الثالثة :فإن رأيت كل من معه ش يء له قيمة عنده يف ظه ،فنظرت ف
قوله تعال :مَا عِن َدكُ مْ يَن َفدُ وَمَا عِندَ اللّ هِ بَا قٍ فكل ما و قع م عي ش يء له قي مة
و ّج ْهتُه إليه ليبقى عنده.
219
إيقاظ أول المم العالية
وأما الرابعة :فإن رأيت الناس يرجعون إل الال والسب والشرف ،فنظر تُ
إل قول ال تعالِ :إنّ َأكْرَمَ ُكمْ عِندَ ال ّلهِ أَْتقَا ُكمْ .
وأما الامسة :فإن رأيت الناس يتحاسدون فنظرتُ ف قول ال تعال :نَحْنُ
قَسَ ْمنَا بَيْنَهُم ّمعِيشَتَ ُهمْ فتركتُ السد.
وأما السادسة :فإن رأيتهم يتعادون ،فنظرت ف قول ال تعالِ :إنّ الشّ ْيطَانَ
ت عداوتم واتذتُ الشيطان عدوًا.
خذُوهُ َعدُوًا فترك ُ
لَ ُكمْ َعدُوّ فَاّت ِ
وال سابعة :رأيت هم يذلون أنف سهم ف طلب الرزق ،فنظرت ف قول ال تعال:
َومَا مِن دَاّبةٍ فِي الَرْضِ إِلّ عَلَى اللّهِ ِرزْقُهَا فاشتغلتُ با له علي وتركت ما ل
عنده.
وأ ما الثام نة :فإ ن رأيت هم متوكل ي على تارت م و صنائعهم و صحة أبدان م
فتوكلتُ على ال تعال.
فائدة
اعلم أن ذ كر ال تارة يكون لعظم ته فيتولد م نه الي بة فالجلل ،وتارة يكون
لقدرته فيتولد منه الوف والزن ،وتارة لنعمته فيتولد منه المد والشكر؛ ولذلك
قيل :ذكر النعمة شكرها ،وتارة لفعاله الباهرة فيتولد منه العب ،فحق على الؤمن
أن ل يْنفَكّ أبدًا من ذكره على أحد هذه الوجه.
سأل بعضهم وكيعًا عن مقدمه هو وابن إدريس وحفص على هارون الرشيد،
فقال :كان أول مَن َدعَا به أنا.
فقال ل هارون :يا وك يع ،إن أ هل بلدك طلبوا م ن قاضيًا و سَ ُم ْوكَ ل في من
سّوا وقد رأيت أن أشركك ف أمانت.
فقل تُ :يا أمي الؤمني ،أنا شيخ كبي وإحدى عينّ ذاهبة والخرى ضعيفة،
فقال هارون :اللهم غفرًا خذ عهدك أيها الرجل وامض.
220
إيقاظ أول المم العالية
فقلت :يا أمي الؤمني ،وال لئن ُكنْ تُ صادقًا إنه لينبغي أن ل يُقبل من ولئن
كُنتُ كاذبًا فما ينبغي أن تول القضاء كذّابًا ،فقال :اخرُج فخرجتُ.
ودخل ابن إدريس فسمعنا وقع ركبتيه على الرض حي برَ َك وما سعناه يُسلم
إل سلمًا خفيًا.
فقال له هارون :أتدري لاب دعوتُك؟ قال :ل ،قال :إن أهبل بلدك طلبوا منب
قاضيًا وإنم سّوك ل فيمن سّوا.
وقد رأيت أن أشركك ف أمانت وأدخلُك ف صال ما أدخُل فيه من أمر هذه
المة فخ ْذ عهدكَ وامضِ.
فقال له ابن إدريس :وأنا ودد تُ أن ل أكُ ْن رأيتُك فخرج ،ث دخل حف صُ
فقبل عهده ،فأتى خادمٌ معه ثلثةُ أكياس ف كل كيس خسةُ آلف.
فقال :إن أمي الؤمني ُيقْرؤ َك السلمَ ،ويقولُ لكم :قد لزمتكم ف شخوصكم
مؤُن ٌة فاستعينُوا بذه ف سفركم.
ت م ن ب يث قال وكي عُ ،فقلت :أقرئ أم ي الؤمن ي ال سلم ،وقُل له قَ ْد وقع ْ
يبُ أمي الؤمني ،وأنا مُستغن عنها.
وأما ابنُ إدريس فصاح به مُرّ من هاهنا أي رُ ّدهَا وقبلها حفصُ .ل در وكيع
وابن إدريس من رقم ( )1ف «الزهد».
وخرجَت الرقعةُ إل ابن إدريس من بيننا عافانا ال وإيّا كَ سألناك لن تدخل
ف أعمالنا فلم تفعل ووصلناك من أموالنا فلم تقبل.
فإذا جاءك ابن الأمون فحدثه إن شاء ال.
فقال للرسول :إذا جاءنا مع الماعة حدثناه إن شاء ال,.
قام صال بن عبدالل يل ب ي يدي الهدي ،فقال :إ نه ل ا ُسهّل علي نا ما توعّرَ
على غينا ن الوصول إليه ،قُمنا مقام الداء عنهم ،وعن رسول ال .
221
إيقاظ أول المم العالية
بإظهار ما ف أعناق نا من فريضَ ِة ال مر والن هي ،ع ند انقطاع عُذْر الكتمان،
ولسيّمَا حي اتسمت بيسم التّواضع َو َوعَدْ تَ ال وحَ َمّل َة كتابه بإيثار الق على
ما سواه.
فجمع نا وإيّاك مشهدٌ من مشا هد التمح يص ،لي تم مُؤدي نا على موعود الداء
وقابلنا على موعود القبول ،أو يزيدنا تحيص ال إيانا ف اختلف السر والعلنية.
وقد كان أ صحاب رسول ال يقولون :من حجب ال عنه العلم عذبه ال
على الهل وأشد منه من أقبل عليه العلم وأدبر عنه ،ومن أهدى ال إليه علمًا فلم
يعمل به ،فقد رغب عن هدية ال وقصر با.
فا ْقبَ ْل مَا أهْدَى ال إلي كَ من ألسنتنا قبول تقيق وعمل ،ل قبول سعة ورياء،
فإنه ل يعدمك منا إعلم لا تهل أو مواطئة على ما تعمل أو تذكي من غفلة.
ف قد وطّ ن ال عز و جل نبيه على نزول ا تعز ية ع ما فات وتحي صًا من
التمادي ودللةً من الخرج ،فقال جل وعلَ :وِإمّ ا يَنَغَنّ كَ مِ نَ الشّ ْيطَا نِ نَزْ غٌ
فَاسَْت ِعذْ بِال ّلهِ .
ُهب على إيثار القب ومنابذة الهواء ول حول ول اطلع ال على قلببك مبا يُنوّر ُ
قوة إل بال العلي العظ يم ،خرج أحدُ الزهاد ف يوم ع يد ف هيئة ر ثة ،فق يل له:
أترج فب هذا اليوم فب مثبل هذه اليئة والناس يتزينون ،فقال له :إنب أريبد أن
أرافقبك ،فقال له إبراهيبم :على أن أكون أملك لشيئك منبك ،فقال :ل ،فقال
إبراهيبم :أعجبنب صبدقك ،وال أعلم ،وصبل ال على ممبد وعلى آله وصبحبه
وسلم.
فصل
قام عمرو بن عبيد بي يدي النصور ،فقال له:ن إن ال أعطاك الدنيا بأسرها
فاشتر نفسك ببعضها واذكر ليلةً تخض عن يوم ل ليلة بعده.
222
إيقاظ أول المم العالية
ت أمي الؤمني ،فقال فوحم أبو جعفر ن قوله ،فقال له الربيع :يا عمرو ،غَمَمْ َ
عمرو :إن هذا صحبك عشرين سنة ل ير لك عليه أن ينصحك يومًا واحدًا وما
عمل وراء بابك بشيء من كتاب ال ول سّنة نبيه.
قال أ بو جع فر :ف ما أ صنع قد قل تُ لك :خات ي ف يدك فتعال وأ صحابك
سنَا ِبعَونك.
فاكفن ،قال عمرو :أ ْد ُعنَا بعَدْ لِك تَس ُخ أْنفُ ُ
ببابك ألف مظلمة أردُ ْد منها شيئًا نعلم أنك صادق.
سُئل بعضهم :أيّ شيء أشد على النفس؟ فقال :الخلص؛ لنه ليس للّنفْس
فيه نصيب.
وقال آخبر :أعبز شيبء فب الدنيبا الخلص (والخلص أن يكون العمبل
مق صودًا به و جه ال خال من الرياء وج يع الف سدات والنق صات) ،قل تُ :هذا
يتاج إل تيقظٍ دائمٍ ف كل العمال.
قال بعضهم :لستُ أستبشع ول أستنكر ما يرد علي من الل؛ لن قد أصلتُ
أصلً وهو أن الدنيا دا ُر ه ٍم وغ ٍم وبل ٍء وفتنةٍ وكد ٍر ومصائبٍ وأن كله شر ،ولبد
أن يلقى النسان بكل ما يكره وإن تلقاه با يب فهو فضل ،وإل فالصل الول
وهو كثرة النكد والموم والحزان والذى.
ببْرِ
َتعَوّدْت بُ مَس بّ الضرُ حت ب الفْتُبه وأسببْلَمن طولُ البَلءِ إل الصب ّ
صب ْدرِي
ْقب ببه َ
ضي ُ
َووَسبّعَ صبَدْرِي للذَى َكثْرةُ الذَى وكان قَدِي ًا قبد َي ِ
223
إيقاظ أول المم العالية
قال :فلم يفل ابن السماك بقوله ول يلتفت إليه وأقبل على الرشيد ،وقال :يا
أم ي الؤمن ي ،إن هذا يع ن الف ضل بن الرب يع ل يس وال م عك ول عندك ف ذلك
اليوم ،قلت :ولو كان عنده ومعه ماذا يفيد؛ لن الكم ل وحده.
فاتق ال وانظر لنفسك ،فبكى هارون بكاءً شديدًا حت أشفقوا وأفحم الفضل
فلم يَنْطق برف.
كان يي بن ييا النيسابوري يضر ملس مالك ،فانكسر قلمه فناوله الأمون
قلمًا من ذهبً فامتنعَ عن قبوله.
فقال له الأمون :ما ا سُكَ؟ قال :ي ي بن ي ي الني سابُوري ،فقالَ :تعْرُف ن؟
قال :ن عم أنبت الأمون اب نُ أم ي الؤمن ي ،قال :فك تب الأمون على ظ هر جزئه:
ناولتُ يي بن ييا النيسابوري قلمًا ف ملس مالك فلم يقبلهُ.
فلما أفضت اللفة إليه بعث إل عامله بنيسابور وأمره أن يول يي بن يي
القضاء فبعث إليه يستدعيه.
فقال بعض الناس :إنه يتنع من الضور ،فذهب إليه الرسول فأنفذ إليه كتاب
الأمون فقرئ عليه فامتنع من القضاء ،فردّ إليه ثانيًا ،وقال :إن أمي الؤمني يأمرك
بشيء وأن تَ تتنع عليه؟ فقال :قُل لمي الؤمني ناولتن قلمًا وأنا شاب فلم أقبله
فتجبُن الن على القضاء وأنا شيخ.
علمتب امتناعبه ولكبن نُول القضاء رجلًُ فرفبع البب إل الأمون ،قال :قبد
ل فوُل القضاء. يتاره ،فاختار ر ُج ً
ود خل على ي ي ف ضم يي فراشًا كان جال سًا عليه كراهية أن يمعه وإيّاه،
فقال :أيّهُ الشيخ أل تترن؟
ت اختاره وما قُلتُ لك تقلّ َد القضاء. قال :إنا قل ُ
عن ممد بن عبدالكري الروزي ،قال :لا ول يي بن أكثم القضاء كتب إليه
أخوه من مرُو وكان زاهدًا:
224
إيقاظ أول المم العالية
وُلقَ َمةٌ بَرِيبببش اللح تأكلهبببا ألذّ مِبببن ترة تُحْشَبببى ب ُزنُْبوْ ِر
بفُوْر ب عُص ْحّب ِة الفَخّب دَقّتبْ عُنْق َ
وَأكلةٌ قَ ّربْتببْ لِ ْلمَلْكببِ صببَا ِحبَها ك َ
قال ابن سيين :كنا عند أب عُبيدة بن أب حذيفة ف قبة له وبي يديه كانون
فيه نار فجاءه رجل فجلس معه فساره بشيء ل ندري ما هو.
فقال له أبو عبيدة :ضع ل أصبعك ف هذه النار ،فقال :سبحان ال تأمرن أن
أ ضع أ صبعي ،فقال أ بو عبيدة :أتب خل علي بأ صبع من أ صابعك ف نار الدن يا
وتسألن أن أضع لك جسدي كله ف نار جهنم ،قال :فظننا أنه دعاه للقضاء.
بنب أحبد الغنياء دارًا وكان فب جواره بيبت لعجوز يسباوي عشريبن دينارًا
وكان متاجًا إليه للصقته لداره ليتوسّع به ،فبذل لا فيه مأت دينار فلم تبعه.
فقيل له :إن القاضي يجر عليك بسفهك حيثُ تركتِ مأت دينار لا يُساوي
عشر ين دينارًا ،قال تِْ :ل مَ لَ ْم يَحْجُر القا ضي على من يشتري بأت ي ما ي ساوي
عشرين دينارًا.
حمَت القاضي ومن معه جيعًا وترك البيتَ ف يدها حت ماتت. فأف َ
كان رجل ُمتَعَبدٌ بالبصرة فعُرض عليه القضاء فتوله ،فلقيه النيد يومًا ،فقال:
من أراد أن يستودع سرًا لِ َم ْن ل يفشيه فعليه بفلن و سّاه ،فإنه كتم ُحبّ الدنيا
أربعي سنة حت قدر عليه.
قال ر جل لداود الطائي :أو صن ،فدمعبت عيناه ،وقال :يا أخبي ،إن ا الليبل
والنهار مراحل ينلا الناس مرحلة بعد مرحلة ،حت ينتهي ذلك إل آخر سفرهم،
فإن ا ستطعت أن تُقدّ مَ كُ ّل يوم زادًا ل ا ب ي يد يك فاف عل ،فإن انقطاع ال سفر عن
قريب ،والمر أعجلُ من ذلك ،فتزود لنفسك واقض ما أنت قاض ،فكأنك بالمر
قد بغتكَ ،إن لقول لك هذا ،وما أعلم أحدًا أش ّد تقصيًا من!! ث قام وتركه.
225
إيقاظ أول المم العالية
حلُ
ف تَ ْرتَ ِ
ب عَمّابب قَليلٍ سببَو َ
وأنْتبَ يببا لهيًببا بالنايببا غَ ّرةُ الملُ
بلُوا ب لابب شَمّرُوا وَصب َ إن الخفّيَب تبغببي اللُحُوقببَ بل زادٍ تُقَ ّدمُهببُ
بتَْنتَقلُ
ب مِبن عاجلِ الدنيبا س َ فأنْت َ ل تركننّ ب إل الدنيببا وزُخرفهببا
ورُبّبب ذِي أملٍ َقدْ خَانَببه المَلُ ت تَرجُبو غدًا يأتب وبعدَ غدٍ ببَح َ
أص ْ
مببا َبعْدَ َشيْبببك ل َلوٌ ول جَذَلُ به
بك قَدْ ولّتببْ بشاشتُب هذا شَبابُب
حةً فبب طيّهببا عَِللُ بّ با صب ِ لهْلِهَب ماذا التعلّلُ بالدنيببا وقببد نَشَرَتببْ
فصل
ق يل :إن رجلً نادى الأمون با سه فغ ضب الأمُو نُ ،وقال له :أتدعُو ن با سي،
فقال :ننُب ندعُوا ال جل جلله با سه ،فسبكت الأمون ،وقضبى حاجبة الر جل
وأنعم عليه.
ح كي أن الأمون كان يلس للمظال يوم ال حد ،فن هض ذات يوم من ملس
نظره و الشمسُ قد زالت ،فتلقته امرأةٌ ف ثياب رثةٍ ،وقالت:
226
إيقاظ أول المم العالية
با بِهببِ قَ ْد أشَرْقببَ البَلَدُ
با إمامًب
ف ُيهْدَى لَهبُ ال ّرشَدُ ويَب يَبا َخْي َر ُمنْتَص بِ ٍ
با َت ْقوَى بِه بِ أس بَدُبو غليببه َح ِفيْدَ الُلْكببِ أ ْرمََلةٌ عَدَا عَلَيهَبا فمب تَشْكُب
فاْبتَ ّز مِنهببا ضَياعًببا َبعْدَ مِْن َعتِهَببا لَمّابب َتفَرّقببَ عَنهببا الهْ ُل والولَدُ
فانصرفت وحضرت يوم الحد أوّل الناس ،فوقفت ف ملس التظلمي ،فقال
س ب نُ أم ي الؤمن ي،
ل ا الأمون :من خَ صمُك؟ فقالت :القائ مُ على رأ سك العبا ُ
فقال :الأمون لقاضيه يي بن أكثم :أجلسها معه ،وانظر بينهما ،فأجلستْ معه
ض الُجّاب ،فقال الأمون: والأمون ين ظر إلي ها فج عل كلم ها يعلُو ،فزجر ها بع ُ
د ْعهَا فإن ال ق أنطقها والباطل أخرسه ،وأ مر بردّ ضياعها إليه ،ففعل الأمون ف
النظر بينهُما ما يلزم.
وردّ النظبر بحضبر منبه إل مبن كفاه ماورة الرأة فب اسبتيضاح الدعوى
والُجة ،وباشر بنفسه تنفيذَ الُكمِ ،وإلزام ابنه ال َق وسلوكَ الحجّة.
قال الأمون لببن إدريبس :يبا عبم ،إل جانبب مسبجدك دار إن أذنبت لنبا
اشتريناها ووسعنا با السجد.
فقال :ما ل إل هذا حا جة قبد أجزأ مبن كان قبلي وهبو يزو ن ،فن ظر إل
قرحةٍ فب ذراع الشيبخ ،فقال :إن ّ معنبا مُتطبببي وأوديبة ،أتأذن أن ييئك مبن
يُعالك؟ قال :ل ،قد ظهر ب مثل هذا وبرأ.
فأمر له بال ،فأب أن يقبله ،تأمل يا أخي ،هل يوجد مثل هذا ف عصرنا ما
أظن يوجد ول رقم ثلثة ،ولّا نزل بابن إدريس الوت بكت ابنته ،فقال :ل تبكي
فقد ختمتُ القرآن ف هذا البيت أربعة آلف ختمة.
227
إيقاظ أول المم العالية
بلغ يا أخي من ضاعت أعمارهم فرطًا عند التلفاز والذياع والكورة والرائد
والجلت والورق واللهي ،والقيل والقال.
قال عبدالعلى بن حاد أ حد رجال الد يث :دخل تُ على ب شر بن من صور
سَتبْشرًا ،فقلت :ما هذا ال سرور؟ قال :أخرُ جُ من ب ي و هو ف الوت ،فرأي ته مُ ْ
الاسدين والباغي والغتابي ،وأق َدمُ على رب العالي ول أفرح.
ق يل لب عض ال صالي و هو يو ُد بنف سه :ك يف تدك؟ وك يف حالُك؟ فقال:
كيف حالُ من يريدُ سفرًا بعيدًا بل زاد ،ويدخل قبًا موحشًا بل مُؤنس ،وينطلق
إل رب ملك عاد ٍل بل حُجّة!!
ب َتنْزِلُ
ب أَيّب الكَانَيْنبِ
ب تَدْرِ فب
ب تَنام بُ العَيُب وهْي بَ َقرِيرةٌ ولَمبْ
و َكيْف َ
موعظة
قال ال جبل وعل :فَاعَْتبِرُوا يَا أُ ْولِي ا َلبْصهَارِ العتبار :النظبر فب المور
ليعرف با شيء من غي جنسها ،والبصار :العقول ،والعن :تَ َدبّ ُروْا.
إخوان ،الدنيا دار عبة ما وقعت فيها حبة إل وردفتها عبة أين من عاشرناه
كثيًا وألفنا؟ أين من ملنا إليه بالوداد وانعطفنا؟ أين من ذكرناه بالحاسن ووصفنا؟
ما نعرفهم لو عنهم كشفنا ما ينطقون لو سألناهُم والفنا.
و سنصيُ ك ما صاروا فليت نا أنف صفنا ،كم أغمض نا من أحباب نا على كره هم
جفنا؟ كم ذكرتنا مصارعُ من فن من يفن؟ كم عزيز أحببنا دفناهُ وانصرفنا؟ كم
مُؤنسٍ أضجعناهُ ف اللحد وما وقفنا؟ كم كري علينا إذا مررنا عليه انرفنا؟
ما ل نا نتحقّ قُ القّ فإذا أيقنّ ا صدفنا ،أ ما ضرّ أهل ُه الت سويف ،و ها ن ن قد
ب مصينا فلماذا منه أنفنا ،إلم تغرّنا السلمة وكأن قد تلفنا. سوّفْنا ،أما التُرا ُ
أ ين حبيب نا الذي كان وانت قل؟ أ ما غم س ُه التل فُ ف بره وارتلْ أ ما خل ف
لده بالعمل ،أين من جرّ ذيل اليلء غافلً ورفل أما سافر عنا وإل الن ما قفلْ.
228
إيقاظ أول المم العالية
أين من تنعم ف قصره وف قبه قد نزل ،فكأن بالدار ما كان ،وف اللحد ل
يزل ،أ ين البابرة الكا سرة الول الذ ين كنوا الكنوز العُتاة الول ،ملك الموال
سواهُم والدنيا دُول.
ب يَطْرقُهبا الكَرى ولِحْيلَتبب وقببد انْجلَى عنّيبب الِرَا عَجَبًبا ِلعَينب َكيْف َ
أمب َحيْنب كَرَى َفب ْ
لت ِ ب أنّهببُ قَدْ ُفوّقَتببْ نَحْوي سبِهامُ ا ْ أْل ُهوْ وأعلَمب ُ
ب ال َق ْهقَرَي
ب لّب الدُنيبا فعُدْت ُ وإذا هَ َممْتبببببببُ بتَوَبةٍ وإنَاَبةٍ عَرضَت ْ
أسبمَ ُع أوْ أرَى
ْتب أعقلُ حِيَب ْ رأيتب َموَاعِظًا َلوْ ُكن ُ
ُ ت وقَ ْد
سبِم ْع ُ
كبم قبد َ
أيْنببَ الذيببن َط َغوْا وجَارُوا واعتَ َدوْا وعَتْوا وطَالُوا واسببببْتَخفّوا بالوَرَى
أسبدُ الشّرَى َتب لمب ْ ضع ْ ب أعْ َطْتهُمببْ َمقَالِيببد العُل حتب لقبد َخ َ أوَ َليْسب َ
با وثيقات العُرَى ببا فَصبَ َمتْ لمب منهب بكُوا ِببَالاببب لكِنّهَب وتسبب َ
ب الذّرَى مببا أخْلَ َدتْهببم بَعدَ سببالِفِ رِ ْف َعةٍ ببل أنْزََلتْهُبم مِبن شَما ِريْخ ِ
َباقب الثّرى
َحتب أط ِ ْكب الحاسب ُن ت َ ش ّوهَتببْ تِل َ ببد ُنقّلُوا وتَ َ وإل البلَى قب
ب مبا عليهبم قَدْ َجرَى ب َدهْرَك َ َلوْ أ ْخبَروْكببَ بالمبب ومَآلِببم أبْكاك َ
أ ْفنَاهُبم مَبن َليْسبَ َيفْنب مُلْكثهبُ ذُو البَطْشبببة الكُبْرَى إذا أ َخ َذ القُرَى
ب يُفتَرى ب إناب ِميْعَادُهَبببا أبَدًا َح ِديْثبب ٌ ف عبن الدنيبا طِماعَك َ فاصبرِ ْ
ْ
ببا إل مُواص ببَلةُ الس ببّرَى جيْكَب مِن ْب آفاتِهبوصِب ِل ال سّرَى عنهبا ف ما ُينْ ِ
قال يي بن أكثم :كان للمأمون وهو أمي إذ ذاك ملس نظر فدخل ف جلة
الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة ،قال :فتكلم فأحسن
الكلم والعبارة.
فل ما تقوض الجلس دعاه الأمون ،فقال له :إ سرائيلي؟ قال :ن عم ،قال :أ سلم
حت أفعل بك وأصنع ووعده ،فقال :دين ودين آبائي ،وانصرف.
قال :فل ما كان ب عد سنة جاء مُ سلمًا فتكلم على الف قه ،فأح سن الكلم فل ما
تقوض الجلس دعاه الأمون ،وقال :أل ستَ صا ِحبَنا بال مس؟ قال :بلى ،قال :ف ما
ب إسبلمك؟ قال :انصبرفت مبن حضرتبك ،فأحبببت أن أمتحبن هذه كان سبب ُ
229
إيقاظ أول المم العالية
الديان ،وأنت تران حس ُن الط ،فعمدتُ إل التوراة ،فكتبتُ ثلث نُسخ ،فزد ُ
ت
فيها ونقصتُ وأدخلتها الكنيسة فاشتريت من ،العن :ما بار تْ تصرّفت وطافت
ما ُحقّ َق فيها.
ت فيها ونقصتُ وأدخلتُها البيعة ث نسخ فزد ُ وعمدتُ إل النيل ،فكتبتُ ثل َ
فاشتريت من أي كالتوراة.
صتُ وأدخلتُ ها ت في ها ونقَ َ
ت ثل ثَ ن سخ وزِدْ ُوعمد تُ إل القرآن ،فعمل ُ
الورّاقي فتصفحُوها.
فعلمتب أن هذا
ُ فلمبا وجدوا فيهبا الزيادة والنقصبان رموا باب فلم يشتروهبا،
كتابٌ مفوظ ،فكان هذا سبب إسلمي.
قال يي بن أكثم ،فحججتُ تلك السنة ،فلقيت سُفيان بن عُيينة ،فذكرت له
ال ب ،فقال ل :م صداقُ هذا ف كتاب ال ،قال :قل تُ :ف أي مو ضع؟ قال :ف
ح ِفظُوا مِن كِتَا بِ اللّ هِ فج عل حفظ هُ
قوله تعال ف التوراة والن يل :بِمَا ا سُْت ْ
إليهم ،فضاع ،وقال عز وجلِ :إنّا َنحْ نُ نَزّلْنَا الذّكْرَ َوإِنّا لَ هُ َلحَا ِفظُو نَ فحفظه
ال جل وعل علينا فلم يَضع .اهب.
قلتُ :ومن الدلة أيضًا قوله تعال :لَ يَ ْأتِي ِه البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَ َديْهِ وَلَ مِنْ َخ ْلفِهِ
.
قيل للحسي بن الفضل :هل تد ف القرآن من جهل شيئًا عاداه؟ قال :نعم ف
ِهه
َمه يَهَْتدُوا ب ِ
َوإِذْ ل ْ ِهه ،وقوله: موضعيب :بَلْ َك ّذبُوا بِم َا ل ْ
َمه ُيحِيطُوا ِبعِلْم ِ
فَسََيقُولُونَ َهذَا إِ ْفكٌ َق ِديٌ .
قال عث ما ن بن مرة الول ن :ل ا ابتدأ الول يد ببناء م سجد دم شق و جد ف
حائط السجد لوحًا من حجارة فيه كتابة باليونانية ،فعرضه على جاعة من أهل
الكتاب فلم يقدروا على قراءته.
فوجه به إل وَهْب بن مُنبه ،فقال :مكتوب ف أيام سليمان ابن داود –عليهما
وعلى نبي نا ال سلم ،-فقرأه ،فإذا ف يه« :ب سم ال الرح ن الرح يم .يا ا بن آدم ،لو
230
إيقاظ أول المم العالية
عاينت م ا بقي من يسي أجلك لزهدت فيما بقي من طول أملك ،وق صّرت عن
ت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك، رغبتك وحيلك ،وإنا تلقى ندمك إذا زل ْ
وانصرف عنك البيب ،وودعك القريب ،ث صرْتَ تدعى فل تيب ،فل أنت إل
أهلك عائد ول ف عملك زائد ،فاغتنم الياة قبل الوت والقوة قبل الفوت ،وقبل
أن يُؤخذ منك بالكظم ويال بينك وبي العمل» وكُتبَ ز َمنَ سليمان بن داود.
فأ مر الول يد أن يك تب بالذ هب على الزورد ف حائط ال سجد :رب نا ال ل
نعبد إل ال ،أمر ببناء هذا السجد وهدم الكنيسة الت كانت فيه عبدال الوليد أمي
الؤمني ،ف ذي الجة سنة سبع وثاني ،وهذا الكلم مكتوب بالذهب ف مسجد
دم شق إل وقت نا هذا و هو سنة اثن ي وثلث ي وثلثائة .وال أعلم و صلى ال على
ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
وقال صال بن أحد بن حنبل :ورد كتاب علي بن الهم :أن أمي الؤمني –
بصبّرةٍ ،ومعبه جائزة ويأمرك
يعنب التوكبل -قبد وج ّه إليبك يعقوب العروف ُ
بالروج ،فال ال أن تستعفى أو ترد الال ،فيتسع القولُ لن يُبغضك.
فلما كان من الغد ورد يعقوب فدخل عليه ،فقال :يا أبا عبدال ،أمي الؤمني
آنسب بُقرببك وأن أتببك بدعائك ،وقبد
أحببتب أن َ
ُ يُرئك السبلم ،ويقول :قبد
وجّهتُ إليك عشرة آلف درهم معونةً على سفرك.
ص ّر ًة فيها بدرة نو مائت دينار والباقي صحاح ،فلم ينظر إليها ث شدّها
أخرج ُ
يعقوب ،وقال له :أعودُ غدًا حت أبصر ما تعزم عليه وانصرف.
فجئت بإجّانبة خضراء فكببتُهبا على البدْرة ،فلمبا كان عنبد الغرب قال :يبا
صال ،خذ هذا صيّرة عندك ،فصيّتا عند رأسي فوق البيت ،فلما كان سحرًا إذا
ت إليه ،فقال :ما نت ليلت هذه.
هو ينادي :يا صال ،فقمتُ فصعد ُ
فقلت :لِ مَ يا أب تِ؟ فج عل يب كي ،وقال :سلمتُ من هؤلء ح ت إذا كان ف
آخر عمري بُليت بم ،قد عزمت على أن أفرّق هذا الشيء إذا أصبحتُ.
231
إيقاظ أول المم العالية
فقلت :ذاك إليك ،فل ما أ صبح ،قال :جئ ن يا صال بيزان ،وقال :وجهوا إل
أبناء الهاجر ين والن صار ،ث قال :و جه إل فلن يفرق ف ناح ية ،وإل فلن فلم
يزل حت فرّقا كلها ونفضت الكيس ،ونن ف حالة ال تعال با عليم.
فجاء بُن ل ،فقال :يا أبت أعطن درهًا ،فنظر إلّ فأخرجت قطعة فأعطيته
وكتب صاحب البيد :إنه قد تصدق بالدراهم من يومه حت تصدّق بالكيس.
قال علي بن الهم :فقلت :يا أمي الؤمني ،قد علم الناس أنه قد قبل منك،
وما يصنع أحد بالال؟ وإنا قُوتُه رغيف ،فقال ل :صدقت يا عليّ.
عن ممد بن موسى بن حاد الزيدي ،قال :ح َل السن بن عبدالعزيز الروي
من مياثه من مصر مائة ألف دينار ،فحمل إل أحد بن حنبل ثلثة أكياس ف كل
ك يس أل فُ دينار ،فقال :يا أ با عبدال هذه مياث حللٌ فخذ ها فاستع ْن ب ا على
عائلتك.
وعن إسحاق بن راهويه ،قال :لا خرج أحد بن حنبل إل عبدالرزاق انقطعت
به النفقة ،فأكرى نفسه من بعض المالي ،إل أن واف صنعاء ،وقد كان أصحابه
فعرضوا عليه الواساة فلم ي ْقبَل مِن أحد شيئًا.
فدمعتب
ْ ت عبدالرزاق –وذكبر أحدب ببن حنببل وعبن الرمادي ،قال :سبع ُ
عينا هُ ،-فقال :بلغ ن أن نفق ته نفدت فأخذ تُ عشرةَ دنان ي وأقمتُه خلف الباب،
وما معي ومعه أحدٌ ،وقُل تُ :إنه ل تتمع عندنا الدناني وقد وجد تُ الساعة عند
النساء عشرة دناني ،فخذها فأرجُو أل تنفقها حت يتهيأ عندنا شيء ،فتَب سّمَ وقال
ت شيئًا من الناس قبلتُ منك. ل :يا أبا بكر ،لو قبل ُ
ت على أب ف أيام الواثق وال يعلم وعن صال بن أحد بن حنبل ،قال :دخل ُ
ف أي حالة ن نُ وخرج ل صلة الع صر ،وكان له جلد يل سُ عل يه ،قد أ تت عليه
سنون كثيةٌ حت قد بلى فإذا تته كتاب فيه« :بلغن يا أبا عبدال ما أنت فيه من
الض يق ،و ما عل يك من الد ين ،و قد وجه تُ إل يك بأرب عة آلف در هم على يدي
232
إيقاظ أول المم العالية
فلن لتقضي با دينك وتُو سّ ْع با على عيالك ،وما هي مِن صدق ٍة ول زكاةٍ ،إنا
هُو شيء ورثُته من أب» .
فقرأت الكتاب ووضعته ،فلما دخل ،قلتُ له :يا أبت ،ما هذا الكتاب؟ فاحر
وجهه ،وقال :رفعتُه منك ،ث قال :تذهب بوابه إل الرجل ،وكتب:
«بسم ال الرحن الرحيم .و صَل كتابك إلّ ونن ف عافية ،فأما الدين فإنه
لرجل ل يُرهقنا ،وأما عيالنا فهم بنعمة ال والمد ل».
قال صال :وأمر التوكل أن تُشترى لنا دار ،فقال :يا صال ،لئن أقررت لمن
بشراء دار لتكوننّ القطيع ُة بين وبينك فلم يزل يدفع شري الدار حت اندفع.
وقال الشافعي لحد بن حنبل وهو يتردد إليه ف جلة :من يأخذ عنه العلم أل
تقبل قضاء اليمن ،فامتنع من ذلك امتناعًا شديدًا.
وذلك أن الرشيد قال للشافعي :إن اليمن يتاج إل قاضي.
وبالتال قال أحد للشافعي :إن أختلف إليك لجل العلم الزهد ف الدنيا،
فتأمرن أن أل القضاء ولول العلم ل أكملك بعد اليوم ،فاستحي الشافعي منه.
وروي أنبه كان ل يصبلي خلف عمبه إسبحاق ول خلف بنيبه ول يكلمهبم
أيضًا؛ لنم أخذوا جائزة السلطان.
ومكث مر ًة ثلثة أيام ل يد ما يأكله حت بعث إل بعض أصحابه فاستقرض
منه دقيقًا فعرف أهلُه حاجته إل الطعام فعجلوا ،وعجنوا وخبزوا له سريعًا.
فقال :ما هذه العجلة كيف خبزتُم؟ فقالوا :وجدنا تنُور بيت صال مسجورًا
فخبز نا لك ف يه ،فقال :ارفعوا ول يأ كل وأ مر ب سد با به إل دار صال؛ لن صال
أخذ جائزة السلطان وهو التوكل على ال.
وقال اب نه عبدال :م كث أ ب بالع سكر ع ند اللي فة ستة ع شر يومنًا ل يأ كل
فيها إل ربع مد سويق يفطر بعد كل ثلث ليال على قبضة منه حت رجع إل بيته
ول ترجع إليه نفسه إل بعد ستة أشهر .ل دره ما أورعه وأزهده ،العفاف.
233
إيقاظ أول المم العالية
قال البيهقي :وقد كان الليفة يَبْعث إليه الائدة فيها أشياء كثية من النواع،
وكان أحد ل يتناول منها شيئًا.
قال :وب عث الأمون مرة ذهبًا يق سم على أ صحاب الد يث ،ف ما ب قي من هم
أحد إل أخذ إل أحد بن حنبل ،فإنه أب أن يأخذ.
قال الروزي :دخلت على أحدب ببن حنببل ،فقلت :كيبف أصببحت؟ فقال:
ك يف أ صبح من ر به يطال به بأداء الفرائض ،و نبيه يطال به بأداء ال سّنة ،والالكان
يطالبا نه بت صحيح الع مل ،ونف سُه تطال به بوا ها ،وإبل يس يطال به بالفحشاء ،وملك
الوت يطالببه بقببض روحبه ،وعياله يطلبونبه بنفقتهبم .وال أعلم وصبل ال على
ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
حُجب رجلٌ عن باب السلطان فكتب إليه« :نن نعوذُ بال من الطاع الدّنيّة،
هةٍ،والمم القصية ،وابتذال الُريّة ،فإن نفسي ول المد أبية ما سقطت وراء ّ
ول خذل ا ص ٌب ع ند نازلة ،ول ا سترقها طم ٌع ول طب عت على هلع ،و قد رأي تك
وليت عرضك من ل ي صُونه ،ووصلت ببابك من يشينُه ،وجعلت ترجُمان عقلك
ويوجهب وفدَ الذم
ُ مبن يكثبر مبن أعدائك ويتعدّى أوليائك ويُسبيء العبارة عنبك،
إل يك ،ويُضغ نُ قُلوب إخوا نك عل يك؛ ل نه ل يعرف لشري فٍ قدرًا ،ول ل صديق
منلةً ،ويُز يل الرا تب عن ج هل ب ا وبدرجات ا ،في حط العليّ إل مرت بة الوض يع،
ويرف عُ الدّنّ إل مرتبة الرفيع ،ويتقر الضعيف لضعفه وتنبو عينه عن ذي البذاذة،
وييلُ إل ذي اللباس والزينة ويُق ِدمُ على الوى ويقبلُ الرُشا».
ل ا مات جالينوس ُو جد ي جي به رق عة مكتوب في ها« :أح ق الم قى من يل
بطنه من كل ما يد ،وما أكلته فلجسمك ،وما تصدقت به فلروحك ،وما خّل ْفتَهُ
فلغيك ،والحسن حي وإن نقل إل دار البلى ،والسيء ميت وإن بقي ف الدنيا،
والقناعة تستر اللةَ ،وبالصب تدرك المور ،وبالتدبي يكثر القليل ،ول أرى لبن
آدم شيئًا أنفع له من التوكل على ال».
234
إيقاظ أول المم العالية
قيل لبعض العلماء :ما خي الكاسب؟ قال :خي مكاسب الدنيا طلب اللل
لزوال الاجة ،والخذ منه للقوة على العبادة وتقدي فضله الزائد ليوم القيامة.
وأمّا خي مكاسب الخرة فعل مٌ معمول به نشرته ،وعملٌ صال قدمته ،و سّنةُ
حسنةٌ أحييتهَا.
ق يل :و ما شر الكا سب؟ قال :أمّ ا شر مكا سب الدن يا فحرام جع ته ،و ف
العاصي أنفقته ،ولن ل يطيع ربه َخّلفْتَه.
وأما شر مكاسب الخرة :فحق أنكرته حسدًا ،ومعصية قدمتها إصرارًا ،وسّنة
سيئة أحييتها عُدوانًا.
قيل :إنه ظهر إبليس –لعنه ال -لعيسى ب عليه السلم ب ،فقال له :أفلست
تقول؟ لن يصيبك إل ما كتب ال عل يك؟ قال :بلى ،قال :فارم نفسك من ذروة
هذا الببل ،فإذا قدّرَ ال لك السبلمة تسبلم ،فقال له :ملعون ،إن ال تعال يتبب
عباده ،وليس للعبد أن يتر ربه.
خي الرزق ما سلم من خسة :من الث ف الكتساب ،والذلة والضوع ف
السؤال ،والغش ف الصناعة ،وأثان آلت العاصي ،ومعاملة الظلمة.
جعل الشر كله ف بيت ،وجعل مفتاحه الرغبة ف الدنيا.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
قصة
روى ابن عساكر عن أب السي النوري أنه اجتاز بزورق فيه خر مع ملح،
فقال :ما هذا؟ ول ن هذا؟ فقال :هذه خ ر للمعت ضد ،ف صعد أ بو ال سي إلي ها،
فجعل يضرب الدنان بعمود ف يده حت كسرها كلها إل دنا واحدًا تركه.
واسبتغاث اللح فجاءت الشرطبة ،فأخذوا أببا السبي ،فأوقفوه بيب يدي
العتضد.
فقال له :من أ نت؟ فقال :الحت سب ،فقال :و من ولك ال سبة؟ فقال :الذي
ولك اللفة يا أمي الؤمني ،فأطرق رأسه ث رفعها.
235
إيقاظ أول المم العالية
فقال :ما الذي حلك على ما فعلت؟ فقال :شفقةً عل يك لد فع الضرر ع نك،
فأطرق رأ سه ث رفع ها ،فقال :ولي ش يء تر كت من ها دنّ ا واحدًا ل تك سره؟
ت علي ها فك سرتا إجللً ل تعال ،فلم أبال بأحدٍ ح ت إذا فقال :ل ن إن ا أقدم ُ
انته يت إل هذا الدّ نِ د خل َنفْ سِي إعجاب من قب يل أ ن قد أقدم تُ على مثلك
فتركته.
ت يدك ،فغيّرْ ما أحببتَ أن تغيه من النكر، فقال له العتضد :اذهب فقد أطلق ُ
فقال له النوري :الن انتقض عزمي عن التغيي.
فقال :ولِ مَ؟ فقال :ل ن كُن تُ أغي هن ل وأ نا الن تغيت الن ية ،فقال :سل
حاجتك ،فقال :أ ُحبّ أن ترجن من بي يديك سالًا فأمر به فأخرج فصار إل
البصرة ،فأقام با متفيًا خشية أن يشق عليه أحد ف حاجة عند العتضد ،فلما توف
العتضدُ رجع إل بغداد.
قصة
ج ب نُ فضالة ،فقال له
د خل الن صور يومًا إل ق صر الذ هب ،فقام الناس إل فر ُ
وقد غضب عليه :لِمَ لَ ْم تقم؟
ْتب بذلك ،وقبد كرهضي َخفتب أن يسبألن ال عبن ذلك ويسبألك ل رَ ِ ُ قال:
رسول ال القيام للناس.
قال :فبكى النصور وقربه وقضى حوائجه.
وقال الصمعي :قال النصور لرجل من أهل الشام :احد ال يا أعراب الذي
دفع عنكُم الطاعون بوليتنا ،فقال العراب :إن ال أحكم الاكمي ل يمع علينا
حشفًا وسُوء كَيل وليتكم والطاعُون.
وقال :أت برجل ليُعاقبه ،فقال :يا أمي الؤمني ،النتقام عدلٌ ،والعفو فضْل،
ونعو ْذ أمي الؤمني بال أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبي ،وأدن القسمي دُو نْ
أرفع الدرجتي فعفا عنه.
236
إيقاظ أول المم العالية
وقال النصبور لبنبه الهدي :إن الليفبة ل يُصبلحه إل التقوى ،والسبلطان ل
يصبلحه إل الطاعبة ،والرعيبة ل يُصبلحُها إل العدل ،وأول الناس بالعفبو أقدرهُم
ص الناس عَقلً من ظلم من هو دُونه. على العُقوبة ،وأنق ُ
وقال :يا بُن استدم النعمة بالشكر ،والقدرة بالعفو ،والطاعة بالتأليف ،والنّصر
س نصيبك من الدنيا ونصيبك من رحة ال. بالتواضع والرحة للناس ،ول تن َ
كتب سال بن عبدال بن عمر بن الطاب إل ع مر بن العزيز لّا ول عُ مر
اللفة :أما بعد يا عمر ،فإنه قد ول اللفة واللك قبلك أقوام ،فماتوا على ما قد
نزعب الوت الذي رأيبت ولقُوا ال فرُادًا بعبد الُموع والفدة والشبم ،وعالوا َ
كانوا منه يفرُون فانفقأت أعينهم الت كانت ل تفتأ تنظر لذاتا واندفنت رقابُهم
غ ي مُو سدين ب عد ل ي الو سائد وتظا هر الفُرش والرا فق وال سُرُر والدم وانش قت
بطون م ال ت كا نت ل تش بع من كل نوع ولون من الموال والطع مة و صارُوا
جيفًا بعد طيب الروائح العطرة حت لو كانوا إل جانب مسكي مّ ْن كانوا يقرُونَه
و هم أحياء لتأذّى ب م ولن فر من هم ب عد إنفاق الموال إل أغراض هم من الط يب
والثياب الفاخرة اللي نة كانوا ينفقوا الال إ سرافًا ف أغراض هم وأهوائ هم ،ويُقترون
ف حق ال وأمره ،فإن ا ستطعت أن تلقاهُم يوم القيا مة و هم مبو سُون ب ا علي هم
وأنت غي مبوس ول مُرت ٌن بشيء ،فافعل واستعنْ بال ول حول ول قوة إل بال
سبحانه.
بَالٍ ولو َكثُرَتببْ أحْرَاسببُهُ و َموَاكِبُهببْ بل بسب ب قَليبب عَمّاببا مَلكبٌومب
جرُ البابببَ حَا ِجبُهببْ ب شَ ِديْدٍ وحاجبب َفعَمّابب قَلي ٍل َيهْ ُ ومَبن كان ذَا بَاب ٍ
ب إل َغيْرِه أ ْعوَانُهببببُ و َحبَائِبُهببببْ ب َحتّىب َتفَرّقَت ْ
ومبا كان غَ ُي الوت ِ
بدٍ وأس ببْلَمَهُ أص ببْحَابُه وحَبائبُه ببْ ب ُروْرًا ببه كُلُ حَاس ِ
ببَحَ مَس ْ
فأص ْ
عن عُ مر بن ذر عن ما هد ،قال :إذا أراد أحد كم أن ينام فلي ستقبل القبلة
ولي نم على يي نه ،وليذ كر ال ولي كن آ خر كل مه ع ند منا مه ل إله إل ال ،فإن ا
وفاء ل يدري لعلها تكون ميتته ،ث يقرأ :وَهُوَ اّلذِي يَتَوَفّاكُم بِاللّ ْيلِ .
237
إيقاظ أول المم العالية
كان ممد بن طارق يطوف ف البيت العتيق ف اليوم والليلة سبعي أسبوعًا،
وكان كرز يتم القرآن ف كل ليلة ويوم ،وف ذلك يقول ابن شبمة:
ب
ب والَرَم ِب طارق حَو َل البيت ِ
ب أو كابْن ِ
ب َككُرزٍ فب َت َعبّدِه ِ ب ُكنْت ُ لو شِئت ُ
ب خوُْفهُمَبا وس بَا َرعَا ف ب طِلب الفَوز والكَرَم بِ ب َل ِذيْ ِذ ال َعيْش ِ
قَدْ حَالَ ُدوْن َ
فائدة
من أحبّ أن يكون للنبياء وارثًا ،وف مزارعهم حارثًا فليتعلم العلم النافع.
وهو ما جاء عن النب وهو علمُ دين السلم ،ففي الديث« :العُلماء ورثة
النبياء».
ض النة. وليحضر مالس العُلماء فإنا ريا ُ
ومن أحبّ أن يعلم ما نصيبه من عناية ال فلينظر ما نصيبه من الفقه ف دين
ال.
ففي الديث« :مَن يُرد ال به خيًا يفقهْ هُ ف الدي نِ» ومن أحب أن ل ينقطع
عمله بعد موته فلينش ُر العِ ْل َم بالتّ ْدوِيْن والتَعْليم.
ففي الديث« :إذا مات النسان انقطَع عَمَلُه إل مِن ثلث :صدقة جارية ،أو
علم ُيْنتَفَ ُع بِهِ ،أو ولد صال يَدعو له».
ومن سأل عن طريق تَبلغه النة ،فليمشِ إل مالسِ العلم ،ففي الديث« :مَن
ك طَ ِرْيقًا يلتمس فيه عِ ْلمًا سَلَكَ ال به طَ ِرْيقًا إل النةِ». سَلَ َ
وقال عمر بن الطاب :من حدّثَ بديْث فعُمِلَ به فله أجر مثل ذلك العمل.
وقال الس ُن البصري :لول ال ث العُلماء لصَار الناس أمثال البهائم.
ِسبمَهُ كثيُ صبببَلةٍ دَائِم الصبببوم عابدُ أل رُب ّ م َن قَ ْد أنْحَلَ ال ُزهْدُ ج ْ
بدُب قاص ِب وِصبَالً و ْهوَ بالطّرْقبِ جَاهِلٌ إذا ُج ِهلَ ا َلقْصبُودُ قبد خاب َ يَ ُروْم ُ
لهْلِ فاسببدُ ب نافِعببٌ كثيٌ مِببن العما ِل با َ قَِليْ ٌل مِنببَ العما ِل بالعِلْمب ِ
238
إيقاظ أول المم العالية
فائدة عظيمة
أربعة أعمال قطعتْ أعناق الرجال ،فاستعذ بال منها:
أولا :الكفر ،وهو قسمان :الول :كفر الشك وهو كفر الظن ،والثان :كفر
ط والباء والستكبار ،وهو أعظم البليتي؛ لن الشاك قد يؤمن إذا اتضح له
ال سّخَ ِ
اليقي ،وأما الساخط فعلى بصية كفر برب العالي.
ثانيًا :البد عة ،و هي ق سمان :مكفرة ،ومُظلّلَة ،ف من سلم منه ما ف قد سلم له
إسلمهُ ،ومن ابتلي بأحدها فقد حاد عن طريق السلم أو تاه عن سبيل النجاة.
ثالثًا :الغفلةُ عن ذكر ال ،فإن العصية إل الغافل أسرعُ من اندار الصّخْرةِ إل
الكان النازل.
رابعًا :حُبّ الدن يا إذا تكّ ن من القلْب ولو كان عابدًا فبدنُه مُشتغلٌ بالعبادة
وقلبُهُ ف أودية الدنيا فترا ُه طُولَ عُمره يتقربُ إل ال بظواهره ويبع ُد عنه بقلبه.
ب الَقّب مَسبْلُوكُ ب فب حُطَامِهَبا وطَريْق ُ
ب ال ِميْرُ على الدنيبا ب ُزهْدِك َ
أنْت َ
ب مَمُْلوْك بُ
ب َي ْهوَاه ُ
شقُهَبا إنّب الُحِب بَ لن َ
ب تَع ِ
ب َعبْدٌ لَبا مبا ُدمْت َ وأنْت َ
موعظة
ب طويل فتهيئُوا للنقلة عنها قبل
عباد ال الثواءُ ف الدنيا قليل ،ولنا عليها حسا ٌ
أن يُزعجكم الرحيل ،ليس لكم ف سفر الخرة إل ما قدمتموه ليوم العاد.
ا سع يا من أحياه ال على ال سلم ا سأله أن يتوفاك عل يه ،و يا من سربلهُ ال
قميص اليان ،اجتهد أن يكون بالنقا ِء مُعلمًا ،ويا من استحفظه ال القرآن كُن به
مُؤمنًا ،القرآن يَدُلنا على التاجر الرابة ون ُن متأخرون ،ويُزهدنا ف الدنيا الفانية
ونن فيها راغبون.
عباد ال ينب غي للحا ضر أن يكون سامعًا ،ولل سامع أن يكون واعيًا ،وللدّاعِي
أن يكون با دعا إليه عاملً ،وللعامل ف عمله أن يكون ملصًا.
239
إيقاظ أول المم العالية
واعلم يا ابن آدم ،أنك مريض القلب من جهتي ،إحداها :مالفتك لمر ال،
والخرى :غفلتك عن ذكر ال.
ولن ت د ط عم العاف ية ح ت تكون على طا عة مُقيمًا ،ولذ كر ال مُديًا ،فعالْ
مرض الخالفة بالتوبة ،ومرض الغفلة بالنابة والرجوع إل ال.
شرِ ِكتَابِهببِ
ب وحِسبَابِهِ ل يَسببْتَعدَث لَيوْمببِ نَ ْ يَبا ُمعْرضًبا عبن عَرْضِه ِ
ببببِ ْمتَلَهيًببا فبب أهْلِهببِ وصببِحَابِهِ ببببِ وبِمَالِهب ل بعيَالِهب
ُمتَعَّل ً
ب ومآبِهبببِ ب َووُقُوفِهبب ُِمتَنَاس ببِيًا لِ َممَاتِه ببِ وض ِريْحِه ببِ ونُشُورِهبب ِ
ق وال ِفعْلُ فعْ ُل ُمكَذّبببٍ بثوابببه وعقَابِهببِ القولُ َقوْ ُل مُصببببببَ ّد ٍ
مَبن قَالَ َقوْلً ثبب خَالفببَ َقوْلَهببُ ِبفِعَالِهببببِ َف ِفعَالُه أوْلَى بِهببببِ
قصة:
كان شريبك ببن عبدال القاضبي الكوفب ل يلس للحكبم بيب الناس حتب
يتغدى ،ث يرج ورق ًة فينظر قبل أن يكم بي الناس ،ث يأمر بتقدي الُصُومَة إليه،
فحرس ب عض أ صحابه على قراءة ما ف تلك الور قة ال ت يقرؤ ها ق بل ال كم ب ي
الناس ،فإذا فيها« :يا شريك بن عبدال ،اذكر الصراطَ و ِح ّدتَه ،يا شريك ،اذكر
الوقف بي يد ال عز وجل».
تأمل يا أخي ،هل يُوجَد ف زمننا أمثال هؤلء!!
قصة:
ذكر القاضي أبو السن ممد بن عدالواحد الاشي عن شيخ من التجار ،قال:
كان ل على بعض المراء مال كثي ،فما طلن ومنعن حقي وجعل كلما جئ تُ
أطالبه حججن عنه ،ويأمر غلمانه يُؤذونَن ،فاشتكي تُ عليه إل الوزير ،فلم يفد
ذلك شيئًا وإل أول المر من الدولة فلم يقطعوا منه شيئًا ،وما زاده ذلك إل منعًا
وجحودًا ،فأي ست من الال الذي عل يه ودخل ن ه مٌ من جه ته ،فبين ما أ نا كذلك
240
إيقاظ أول المم العالية
وأنبا حائر إل مبن أشتكبي ،إذ قال ل رجبل :أل تأتب فلنًا الياط إمام مسبجد
هناك؟
فقلت :وما عسى أن يصنع خياط من هذا الظال وأعيان الدولة ل يقطعوا فيه،
فقال :الياط هو أق طع وأخوف عنده من ج يع من اشتك يت إل يه ،فاذ هب إل يه
لعلك أن تد عنده فرجًا.
قال :فق صده غ ي متفلٍ ف أمره (يع ن م ستبعدٌ النجاح) فذكرت له حاج ت
ومال وما لقيت من هذا الظال.
فقام معي ،فحي عاينه المي قام إليه وأكرمه واحترمه وبادر إل قضاء حقي
الذي عليه فأعطاِنيْه كاملً من غي أن يكون منه إل المي كبي أمر.
ت فتغي لو ُن المي ودَفَ عَغي أنه قال له :ادفع إل هذا الرجل حقه ،وإل أ ّذنْ ُ
إل حقي.
قال التاجر :فعجبتُ من ذلك الياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف انطاع
وانقاد ذلك الميُ لهُ!
ث إن عرضتُ عليه شيئًا من الال فلم يقبل ،وقال :لو أدرتُ هذا لكان ل من
الال ما ل يصى ،فسألته عن خبه ،وذكرتُ له تعجب منه وألحتُ عليه.
فقال :إن سبب ذلك أ نه كان عند نا ف جوار نا أم ي تر كي من أعال الدولة
و هو شاب ح سن (أي ج يل) ،فمرت به ذات يوم امرأة ح سناء قد خر جت من
المام وعلي ها ثياب مرتف عة ذات قي مة ،فقام إلي ها و هو سكران فتعلق ب ا يريد ها
على نفسبها ليدخلهبا منله ،وهبي تأبب عليبه وتصبيح بأعلى صبوتا تقول :يبا
مُسلمي ،أنا امرأة ذات زوج ،وهذا رجل يُريدين على نفسي ويدخلن منله ،وقد
حلف زوجي بالطلق أن ل أبيت ف غي منله ومت بت هاهنا طلقت منه ولقن
بسبب ذلك عار ل تدحضه اليام ول تغسله الدامع.
قال الياط :فقمبت إليبه فأنكرت عليبه وأردت خلص الرأة مبن بيب يديبه
فضربن بدبوس ف يده فشج رأسي وغلب الرأة على نفسها فأدخلها منله قهرًا.
241
إيقاظ أول المم العالية
فرجعت وغسلت الدم عن وعصبتُ رأسي وصليت بالناس صلة العشاء ،ث
قلت للجماعة :إن هذا قد فعل ما قد علمتم فقوموا معي إليه ِلُنْنكِرَ عليه ونلص
الرأة منه.
فقام الناس معي ،فهجمنا عليه ف دار فثار إلينا ف جاعة من غلمانه بأيديهم
الع صى والدباب يس يضربون الناس ،وق صدن هو من بين هم فضرب ن ضربًا شديدًا
ُمبَرّحًا حت أدمان وأخرجنا من منله ونن ف غاية الهانة والذل.
فرجع تُ إل منل وأ نا ل أهتدي إل الطر يق من شدة الو جع وكثرة الدماء،
فنم تُ على فراشي فلم يأخذن النوم ،وتيت ماذا أصنع حت أنقذ الرأة من يده
ف الليل لترجع فتبيت ف منلا حت ل يقع عليها من زوجها الطلق ،فألِمْ تُ أن
أذن للصبح ف أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منله فتذهب
إل منل زوجهبا ،فصبعدت النارة وجعلت انظبر إل باب داره وأنبا أتكلم على
عادت قبل الذان هل أرى الرأة خرجت ،ث أذنتُ فلم ترج ،ث صمّ ْمتُ على أنه
إن ل ترج أقمت الصلة حت يتحقق الصباح ،فبينما أنا أنظر هل ترج الرأة أم
ل؟ إذ امتلت الطريق فرسانًا ورجالة.
وهم يقولون :أين الذي أذّن هذه الساعة؟ فقل تُ :أنا ذا وأنا أريد أن يعينون
عليه ،فقالوا :انزل ،فنلت ،فقالوا :أجب أمي الؤمني.
فأخذو ن وذهبوا ب إليه ول أملك مِ ْن نف سي شيئًا ح ت أدخلو ن عل يه ،فل ما
رأيته جالسًا ف مقام اللفة ارتعدت من الوف وفزعت فزعًا شديدًا.
فقال :ادن ،فدنوت ،فقال ل :ليسكن روعك وليهدأ قَلبك ،وما زال يلطفن
حت اطمأننت وذهب خوف.
فقال ل :أنت الذي أ ّذنْت هذه الساعة؟ قلت :نعم يا أمي الؤمني ،فقال :ما
حلك على أن أذ نت هذه ال ساعة ،و قد ب قي من الل يل أك ثر م ا م ضى م نه فت غر
بذلك الصائم والسافر والصلي و غيهم.
242
إيقاظ أول المم العالية
فقلت :يؤمنن أمي الؤمني حت أقص عليه خبي؟ فقال :أنت آم نٌ ،فذكرتُ
له القصّة.
قال :فغ ضب غضبًا شديدًا ،وأ مر بإحضار ذلك الم ي والرأة من ساعته على
أي حالة كانا فأحضرا سريعًا ،فبعث بالرأة إل زوجها مع نسوة من جهته ثقات
ومعهن ثقة من جهته.
وأمره أن يأ مر زوج ها بالع فو وال صفح عن ها والح سان إلي ها ،فإن ا مكر هة
ومعذورة.
ث أقبل على ذلك الشاب المي ،فقال له :كم لك من الرزق؟ وكم عندك من
الال؟ وكم عندك من الواري والزوجات؟ فذكر له شيئًا كثيًا.
فقال له :وي ك ،أ ما كفاك ما أن عم ال به عل يك ح ت انته كت حر مة ال
وتعديت حدوده ،وترأت على ال سلطان ،و ما كفاك ذلك ح ت عمدت إل ر جل
أمرك بالعروف وناك عن النكر فضربته وأهنته وأدميته فلم يكن له جواب ،فأمر
به فج عل ف رجله ق يد و ف عن قه غل ،ث أ مر به فأدخِلَ ف جوالق ،ث أ مر به
فضرب بالدبابيس ضربًا شديدًا حت خفت.
ث أمر به فألقي ف دجلة فكان ذلك آخر العهد ث أمر بدرًا صاحب الشرطة
أن يتاط على ما ف داره من الواصل والموال الت كان يتناولا من بيت الال.
ث قال لذلك الرجل الصال الياط :كل ما رأيت منكرًا صغيًا كان أو كبيًا،
ولو على هذا وأشار إل صاحب الشرطة فأعلمن.
فإن ات فق اجتما عك ب وإل ،فعلى ما بي ن وبي نك الذان فأذن ف أي و قت
كان أو ف مثل وقتك هذا.
قال :فلهذا ل آمرُ أحدًا مبن هؤلء الدولة بشيبء إل امتثلوه ول أناهبم عبن
شيء إل تركوه خوفًا من العتضد ،وما احتجت أن أؤذن ف مثل تلك الساعة إل
الن.
قال بعضهم ُم َوبّخًا َنفْسَهُ:
243
إيقاظ أول المم العالية
ِكب الوَلِ ِنب أيّام َ َاعب م ْ
ِيكب م َا ض َ َي ْكف َ ب والغَزَلِ دَع التّشَاغُلَ باْلغِزْلَنبببب ِ
ل العمَالِ فب ُشغُلِ َنب صبَا ِ ْتب ع ْ
وَ ُكن َ ْتب ب َا َكب ل ُدنْي َا َظفِر َ ْتب عُمْر َ
ضّيع َ َ
ببُلِ ب الس ّ ب عنهبا لِ ُم ْعوَجّب مِن َ َومِلْت َ حةٍس واضِ َ ق الُدَى كالشم ِ تَرَكْ تَ طُرْ َ
ب فب َخبَلِ ب فب َغفَْلةٍ أم أنْت َ أأنْت َ ول َتكُنببْ نَاظَرًا فبب أمْببر عَاقََبةٍ
ب النّزلِ اللجُوجببِ ويَرْجُببو أكْرَمب َ ب يَبا عَاجِزًا َيتَمَادَى فب ُمتَاَب َع ِة الّنفْس ِ
ب العَمَلِ َفقَ ّدمُوا َخيْرَ مَبا يُرْجَبى مِن َ شّبهْتببَ بالكياسببِ إذْ فَ ْطنُوا هل تَ َ
إن ا َلِنيّ َة ل تَأتبببببب على َمهَلِ جلٍ ت يَا صَاحِ فَا ْستَدْ ِر ْك عَلَى عَ َ فَ ّرطْ َ
ب بعُمْبر غَيْبر ُمْنفَص بِلِ أ ْو بَشّ َرتْك َ ب َزوْ َرتِهَبا ب َيقِينًبا وَقْت َ ه ْل أنْذَ َرتْك َ
به مَلي ول ال ّزمَان بُ بَبا أمّلْت بَ فيب هَْيهَات َهْيهَاتببَ مَبا ال ّدنْيَبا ببَاقِيةٍ
ب ْفوًا فَمَبا سبَالَ َمتْ إل على دَ َخلِ صَ ببَنَ اللَيال سببَالَ َمتَ أَحَدًا ل تَحْسب َ
ببا َغيْ َر ُمْنتَقِلِ َفهَلْ رَأيْتبببَ َنعِيمًب بب ِنعَم ٍ ب مِن ْب مَبا أولِيت َ ول َيغُ ّرنْك َ
ب َغيْ ِر ُمنْ َدمِلِجرْحبب ٍ ب بِ ُ
َفقَابََلتْهبب ُ ب َرتِهِ
ب َبعْدَ كَس ْ ب َفتً َجبَرتْه ُ ب مِن ْ كَم ْ
ب والَذَلِ بِسبَاطِ َلهْوكبَ بيب التّيه ِ ب تَرْفُلُ فبب َثوْبببِ الغُرُو ِر على إلَامبَ
فَمَببا بِهببِ ُكنْتببَ إل َغيْ َر ُم ْهَتبِلِ بحٌ حَذِرٌ ب نَاص ِ ب مِنْه ُ
ب وَافَاك َ والشّيْب ُ
ْبب فب عَذَلِ شي َِصبحَ ال ّ
ْتب ن ِي إنّيب أّتهَم ُ ُهب
ت َتنْشُد ُ ح َأصببَ ْ
ْهب بَلْ ْ َعب ِمن ُ
َمب تُر ْ
ول ْ
ب تَص بِلِ بْ ولَمبْ ج ُة العُمْرِ ِق ْد وَلّتب
َفَبهْ َ ت تَطْلُ بُ حَظّ الّنفْ سِ مِ نْ َسفَهٍ وَ سِرْ َ
ب تَحُلِ ب الغَيّب لَم ْ ب طَرِيق ِ وَحَال ٌة عَن ْ حلً ب مُ ْرتَ ِب ُر التّصبَاب ِمنْك َ َومَا َل عَص ْ
بابِ الوِزْرِ ف ب ثِقلِ تَرَ ْكتَهَبا با ْكتِسب ك م َا ْسب َ ْصبْفتَ َنف َْسب ْمتُ بال لو أن َ أق َ
ببببْرَا ِر والِيلِ على الضّمَائِ ِر والسب أمَببا عَلِمْتببَ بأنّبب ال مُطّلِعببٌ
يُحْ صَى ولو ُكنْ تَ ف ال سْتَا ِر والكِلَلِ وكُلّ َخيْ ٍر وشَ ّر أنْتبببَ فَاعِلُهبببُ
بهْلٍ وف ب َجبَلِ هَذي الَلي َقةِ ف ب س َ ب ِبتَ ْردَاتدِ ا َلنُونببِ إل با اعَْتبَرْتب َ أمَب
ب مَضَبى إل إل أجَلِ ب عَمّن ْ أخّرْت َ وسبوْفَ تأتب بل شَك ّ إليبك فَم َا َ
ْكب ُمكْتَ ِملِ ْمب ِمن َ
َضب ِبعَز ٍ
ْمب وانْه ْ بالز ِ خذْ لكِنّهببُ َغيْ ُر َمعْلُومببٍ َل َديْكببَ فَ ُ
َمب يَط ُل َابب الذي وَلّى ول ْ ْخب الشّب ِ شَر ِ ب وَابْكببِ على دَع البطَاَلةَ والّتفْريطب َ
244
إيقاظ أول المم العالية
ِثب الَلَلِ
ْمب الَاد ِ ِنب َهوْ ِل َيو ِِيكب م ْ
ُينْج َ ب ُتحَص بّ ْل بِه بِ عِلْمًبا ول عَملً ولَم ْ
بفَلِ ولضوْ تَعَاظَمببَ وا ْحذَ ْر َبيْ َعةَ السب ّ َكب ل َتبْغ ِي ببه ِعوَض ًا وابْخ َل بدِين َ
ب بِل مََللِ عَمّببا نَهَببى وتَ َدبّرْهب ُ واتْ ُل الكِتَابببَ ِكتِابببَ ال ُمنْتَهيًبا
ب مِنبببَ الظُلَلِ َف ْه َو النّجّاةُ لتَاليهبب ِ ب
ب بِه ِ ب أمْبر عََليْك َ وكُلّ مَبا فِيبه مِن ْ
ب ال ْهوَاءِ واعْتَ ِزلِ َوعَ ّد عَنببْ طُرُقب ِ ب بَبا بّن َة الغَرّا َء تَحْظبَ
ولزِمببِ السبّ
ك واحْذَرْ ِفْتَنةَ الَدَلِ وا ْحفَظ بْ لِس بَانَ َ ُهب
ت َتعْلَم ُ َسب َ
ْضب فِيم َا ل ْ لو َ ِبب ا َ
وَجَان ِ
حتَمَلِ به غَيْرَ مُ ْحَمّلْت بَ َنفْس بَكَ فيب وكُ نْ حَري صًا على كَ سْب الَللِ وَلوْ
فَفِبببببي ال َقنَاعةِ عِ ّز َغيْ ُر مُ ْرَتحِلِ ب تَج ْد ُغنَْي ًة عببن كُ ّل مَسببْألَةٍ واقنَعبْ
مَببا َتْبتَغِيه ببِ بلَا مَنّبب ول بَدَلِ ب مِ َن ال واتْرُ كْ مَ نْ ِسوَاهُ تَجدْ واطُلُ ْ
ب ِمنْهببُ غَاَي َة المَلِ با وَلوْ نِلْتب َ َيوْمًب ت مِنببْ أجْ ِل ِنعْ َمتِهببِ ول تُدَاهِنببْ َف ً
وانْشُرهببُ تَسببْعَ ْد بِذِ ْك ٍر َغيْ ِر ُمنْخَذِلِ ِهب
ْقب ب ِ ْهب تَش َ ِكب ل َتهْجُر ُ واعْمَ ْل بعِ ْلم َ
حقِدْ عََليْهببِ وفبب عُْتبَاهببُ ل تطُلِ تَ ْ ْهب ول ْفب عَن ُ
َكب َذنْبًا فَاع ُ َنب أتَى ل َ وم ْ
صَبحَائفٌ لَكَب ِمنْهَا صِبرْتَ فب َخجَلِ َتب
أنب ُتجْزَى إذَا نُشِر ْ عَسبَاكَ بال َع ْفوِ ْ
ب بالرّجُبل ب النّاس ِ ب َبيْن َب َيقْبح ُ َفذَاك َ ب
َسبتَ تُظْهرُه ُ ُنب ُمضِمرًا مَبا ل ْ ول َتك ْ
أس بَْل ْفتَ مِن بْ زَّل ٍة لكِن بْ على وَ َجلِ ب الكَريَب لاب ب آيسبًا وارْج ُ ول َتكُن ْ
ي مَا ف الّنفْ سِ مِ ْن عِلَلِ جزِ ْم ِبتَ سْك ِتَ ْ برًاب ُمْنكَس ِ ب الَ ْفتُوح ِب على بَابِه ِ وَقِف ْ
جُنّب الظّلمببُ ِبقَلْبببً َغيْ ِر مُشْتغِلِ َسبلْهُ إذاِصبةَ الشّكوَى و َ َهب ق ّ َعب ل ُ
وارْف ْ
ب واْبَتهِلِ ب وتَذَلّلْ وادْع ُ وا ْخضَع بْ لَه ُ جلً ُنب عَ ِ واصببِ ْر ل َتك ْ
َابب ْ ِمب الب َ ولز ِ
بمَحُ ل ب تَس ْ عَسبَا َك بِال َع ْفوِ والغُفْرَان ِ ونَا ِد يَبا مَالِكِبي قَدْ ِجئْت بُ ُم ْعتَذِرًا
بلِ ب والكَس َ ب الّنوْم ِب العُمْ َر َبيْن َ
ضيّع َوَ بفَهًابوْءِ قَدْ جَنَبى س َ فَإنّنب َعبْ ُد س َ
َحتّى ب غَدَا ف ب الَعَاص بِي غَاَيةَ الُثُلِ ب وال ْمهَا ُل ِمنْكبَ لَهبُ وغَرّهبُ الِلْم ُ
شقَاءٌ كَانببَ فبب الزَلِ َردَ ْدتَنبب فَ َ وَليْسَب ل غَيْرُ حُس ْبنِ الظّنّ فِيكَب فَإن ْب
ب زََللَي ب ُع يَبا ُموْلي مِن ْ وال َعفْ ُو أوْس َ ِنب َر ّد َمثْلي خَائِب ًا َجزِع ًا َاكب م ْ
حَاش َ
َمب أَملَ ِكب السبْلمِ ل ْ سبوَى دْين َ دينب ٍِ ب مُشْركًبا وإل ِكب يَومً اُنب ب َ َمب أك ْ ول ْ
245
إيقاظ أول المم العالية
ب ِقبَلِي
ب مِن ْ
ب ْعيٍ كَان َ
ب ذَاك بِس َ
ِهب وَليْس َ
ْتب ب ِ
ْكب ُجد َ
ضلً ِمن َ
ِكب َف ْ
َانب ذَل َ
وك َ
246
إيقاظ أول المم العالية
فإذا ان صرفتُ فأعِدْ عل يه ذ كر الع قد ،ث أعلم ن ب ا يقولُ لك ،فف عل الا ُ
ج
ذلك ،فل ما كان ف اليوم الرا بع ،جاء عضدُ الدولة ف موك به العظ يم ،فل ما رأى
ج –ول يتحرك :-وعليكم السلم. الاجّ وقفَ ،وقال :سلمٌ عليكم ،فقال الا ّ
فقال :يا أخي ،تقد مُ من العراق ول تأتينا ،ول تعر ضْ علينا حوائجك! فقال
له :ما اَتفَ َق هذا ،ول يزد على ذلك شيئًا ،هذا والع سك ُر وا قف بكماله ،فانذ هل
العطارُ ،وأيق َن بالوت.
فل ما ان صرف عضدُ الدولة ،الت فت العطار إل الاجّ ،وقال له :يا أ خي ،م ت
أودعْت ن هذا الع قد؟ و ف أيّ شي ٍء هُو ملفو فٌ؟ فذكرّ ن لعلّي أتذكّ ر ،فقال :من
صفته كذا وكذا ،فقام وفتّ ش ،ث ف تح جرابًا وأخرج م نه الع قد ،وقال :ال أعلم
ت ناسيًا ،ولو ل تذكرن ما تذكّرتُ.أنّن كُن ُ
فأخذ الاج عقده ومضى إل عضد الدولة ،فأعلم ُه [فبعث به مع الاجب إل
دكان العطّار] فعلّقه ف عنقه ،وصله على با بُ دكانِ ِه ونُودِ يَ عليه :هذا جزاء من
استودع فجحد! ث أخذ الاج العقد ومضى إل بلده.
ومثله ما نُقل عن ذكاء إياس الذي سارت به الرّكبان ،قيل :إن رجلً استودع
أم ي إياس مالً ،وخرج الود عُ إل الجاز ،فل ما ر جع طل به فجحد ُه فأ تى إيا سًا
فأخبهُ ،فقال إياس :أعلم أنّك أتيتن؟ قال :ل ،قال :أفنازعته عند غيي؟ قال :ل،
قال :فانصرف واكتُم سرك ،ث عُدْ إلّ بعد يومي.
فم ضى الر جل ،ود عا إيا سٌ أم ي ،فقال :قد ح ضر عند نا ما ٌل كث ي أريدُ أن
أسبلم ُه إليبك ،أفحصبيٌ منلُكبَ؟ قال :نعبم ,قال :فأعبد موضعًا للمال ،وقومًا
أعطاكب الال
َ انطلقب إل صباحبك ،فإن
ْ يملونبه ،وعاد الرجبل إل إياس ،فقال:
فذَاكَ ،وإن جحد فقُل له :إن أخبُ القاضي بالقصّة.
فأ تى الرجلُ صاحبه ،فقال :تُعطي ن الودي عة أو أشكوك إل القا ضي ،وأ خبه
بالال ،فدفع إليه الال ،فرجع الرجُ ُل وأخ َب إيا سًا ،وقال :أعطان الوديعة ث جاء
247
إيقاظ أول المم العالية
الم ي إل إياس ليأ خذ الال الوعود به ،فزجر هُ ،وقال له :ل َتقْ َربْ ن ب عد هذا يا
خائن.
ومن لطائف النقول من كتاب الذكياء :أن يي بن أكثم القاضي ول القضاء
بالب صرة و سنه عشرون سنة ،فا ستصغره أ هل الب صرة ،فقال أحدُ هم :كم سِنّ
القاضي؟ َفعَِلمَ يي أنه استصغرَ.
فقال :أ نا أ كب من عتّاب بن أ سيد ح ي بع ثه ر سول ال قاضيًا على أ هل
مكة يوم الفتح ،وأنا أكبُ من مُعاذ بن جبل حي وجه هُ رسول ال قاضيًا على
أهل اليمن ،وأنا أكبُ من كعُ بِ بن سُور حي وله عُمر بن الطاب قاضيًا على
أهل البصرة ،قال :فعظُمَ ف أعيُ أهل البصرة وهابُوه.
ومن النقول من كتاب «الذكياء» :أن بعض اللصوص دخل بيتًا ومعه جاعة
تت أمره ون يه ف القتل وال سرقة ،فظفرُوا بصاحب البيت ،وأوْقفوه للقتلِ فد خل
عليهم ف إبقاء رُوحه ،وأخذ ما ف البيت بكماله ،فقال كبيهم :حَّلفُوه بالطلق
الثلث ،وعلى الصحف [الشريف أل يذكرنا إل بي ،فحلف لم بالطلق الثلث
وعلى الصحف] أل يعلمَ بم أحدًا.
فأصبح الرجل يرى الل صُوصَ يبيعون متاع هُ ،ول يقدر أن يتكل مَ لجل اليمي،
وأعلمهب حاله ،فقال له :أحضبر أكابر حيّكبَ ،وأعيان ُ فجاء إل المام أبب حنيفبة
جيانك ،وإمام جاعتك ،فلما حضروا ،قال لم أبو حنيفة :هلْ تُحبّون أن يَ ُردّ ال
على هذا الرجل متاعهُ؟ قالوا :نعم.
ق من هم ،فأدخلو هم الامِ عَ ،ث أخرجو هم واحدًا فقال :أجعُوا كلّ ذي عر ٍ
واحدًا ،وكُلمّا خرجَ منهم واحدٌ قُولوا :هذا لصكَ ،فإن كان ليس بلصّ ،قال :ل،
وإن كان ل صّ ُه فيسكتُ ،فإذا سكت فاقبضوا عليه ،ففعلوا ،فردّ ال عليه جيع ما
سُرق له.
ومنه أنّ الربيع صاحبُ النصور كان يعادي أبا حنيفة ،فحضر يومًا عند أمي
الؤمني ،فقال الربي عُ :يا أمي الؤمني ،إن أبا حنيفة يُخالف جدك ابن عباس ،وك
248
إيقاظ أول المم العالية
ان جدّك يقول :إذا حلف الرجل على شيء يينًا ث استثن بعد ذلك بيوم أو يومي
كان ذلك جائزًا ،وقال أبو حنيفة :ل يُو ُز الستثناء إل مُتصلً باليمي ،فقال أبو
حنيفة :يا أمي الؤمني ،إن الربيع يزعُ مُ أن ليس لك ل رقاب جُند كَ عهدٌ ،قال:
كيف [ذلك]؟
قال :يلفون لك ث يرجعون إل منازل م في ستثنون ،فتبطلُ أيانُ هم ،فض حك
النصورُ ،وقال :يا ربيع ،ل تتعرضْ لب حنيفة.
ت الباد ية فاحتج تُ إل الاء ،فجاء ن وم نه أن المام أ با حني فة قال :دخل ُ
أعرابّ ومعه قربةٌ ملنة ،فأب أن يبيعها إل بمسة دراهم فدفعتُها إليه ،ث أخذت
القربة.
فقل تُ :ما رأ يك يا أعرا ب ف ال سويق؟ فقال :هات ،فأعطي ته سويقًا ملتوتًا
بز يت ،فج عل يأ كل ح ت امتل ،ث ع طش ،فقال عليّ بشر بة ،فقل تُ له :بم سة
ت المسة ،وبقي الاء. دراهم على قدحٍ من ماءٍ ،فاستردد ُ
ل استودع رجلً مالً ،وحجّ ورجع ،فطلبه فجحده وجعل يلف ومنه أن رج ً
له ،فانطلق الرجُل إل أ ب حني فة ،فخل به وأ خبهُ بأمره ،فقال له المام :ل تُعلِ مْ
أحدًا بحوده ،وكان الرجل يُجال سُ أبا حنيفة ،فقال له وقد خل لُما الكان :إن
هؤلء بعثوا يستشيونن ف رجُل يصلحُ للقضاء ،وقد اخترتُ كَ ،فانصرف من عند
المام وقد طمع بذلك.
ث جاء صاحب الوديعة ،فقال له المام :ارج عْ إل صاحبك وذكر هُ لحتمال
أن يكون ناسيًا فذهب إليه ،وسأله فلم يتج معه إل علمة ،بل دفع إليه متاعه،
وتوجه بعد ذلك إل أب حنيفة ،فقال له أبو حنيفة :إن نظر تُ ف أمرك ،فأرد تُ
س مِن هذا. أن أرفع قدرك ،ول أسيّكَ حت يضر ما هُو أنف ُ
ومنه أنه كان بوار أب حنيفة شابّ يغشى ملسه ،فقال له يومًا من اليام :يا
إمام ،إن أريدُ التزويج إل فلن من أهل الكوفة ،وقد خطبتها من وليّها فطلب من
249
إيقاظ أول المم العالية
من ال هر فوق و سعي وطاق ت ،فقال أ بو حني فة :فا ستخر ال تعال ،وأع ِطهِ مْ ما
طلبُوه ِمنْكَ.
فأجابمب إل مبا طلبوا ،فلمبا عقدوا النكاح جاء إل أبب حنيفبة ،فقال :إنب
سبألتهم أن يأخذوا منب البعبض ،ويدعوا البعبض عنبد الدخول ،فأبوا ،فمبا ترى؟
قال :احتبل ،واقترض حتب تدخبل بأهلك ،فإن المبر يكون أسبهل عليبك مبن
تعقيدهم ،ففعل ذلك.
فل ما زُفّ تْ إل يه ،ود خل ب ا ،قال له أ بو حني فة :ما عل يك أن تُظْهِر الروج
بأهلك عن هذا البلد إل موضع بعيد ،فاكترى الرجل جلي وأحضر آلت ال سّفر
و ما يتا جُ إل يه ،وأظ هر أنّ هُ يُريدُ الروج من البلد ف طلب العاش ،وأن ي صحبَ
أهلهُ معهُ.
فاشتدّ ذلك على أ هل الرأة وجاءوا إل أ ب حني فة ي ستشيونَهُ ،فقال ل م أ بو
حنيفبة :له أن يُرجهبا إل حيبث شاء ،فقالوا :ل نصبب على ذلك ،قال :فارضوه
بأن ترُدّثوا عليه ما أخذتُم منه ،فأجابُوه إل ذلك.
فقال أب ُو حنيفبة للفتب :إن القوم قبد سبعوا ،وأجابوا إل أن يرُدوا عليبك مبا
أخذوا منك من الهر ،ويبئوك منه ،فقال الفت :لبُدّ من زيادة آخذُها منهم ،فقال
ب إليك ،أن ترضى با بذلوا لك. أبو حنيفة :أيّما أح ّ
وإل أقرت الرأة لرَجُلٍ بد ين علي ها يزي ُد على ال هر ،ول يُمك نك حلُ ها ،ول
ال سّف ُر ب ا ح ت تق ضي ما علي ها من الدّ ين؟ قال :فقال الف ت :ال ال يا إمام! ل
يسمعُ أح ٌد منهم بذلك ،ث أجاب وأخذ ما بذلوه من الهر.
ومنه أن رجلً جاء إل أب حنيفة ،وقال :يا إمام ،دفن تُ مالً من مدة طويلة،
ت الوض عَ الذي دفنته فيه ،فقال المام :ليس ف هذا فق هٌ فأحتال لك ،ولكن ونسي ُ
اذهب فصلّ الليلة إل الغداةِ ،فإنك ستذكره إن شاء ال تعال.
250
إيقاظ أول المم العالية
ففعلَ ،فل ْم يَمْض إل أقل من رُبع الليل َحتّى ذكر الوضع الذي فيه ،فجاء إل
أب حنيفة فأخبه ،فقال :قد علم تُ أن الشيطان ل يدعُ كَ تصلّي الليلَ كُلّه ،فهل
أتمت ليلتك كُلّها شُكرًا ل تعال.
ومنبه أن بعضهبم كانبت له زوجةٌ جيلة ،وكان يبّهبا حبّاب شديدًا ،وتبغضبه
بغضًا شديدًا ،ول تزُل الُنافرة بينهما البتة ،فأضجره ذلك ،وطالت مُدة ترّئها عليه
ف تغل يظ الكلم ،فقال ل ا يومًا :أ نت طالق ثلثًا بتاتًا إن خاطبت ن بش يء ،ول
أخاطبك بشيء مثله ،فقالت له ف الال :أنت طالق ثلثًا بتاتًا.
فأبلسب الرجلُ ،ول يدر مبا يُجيببُ! وخاف فب جواباب مبن وقُوع الطلق، َ
فأر شد إل أ ب جع فر ال طبي ،فأ خبه ب ا جرى ،فقال ل هُ :إذا طالب تك بالواب،
فقُ ْل لا :أنت طالق ثلثًا بتاتًا إن أنا طّلقُتك ،فتكون قد خاطبتها ووفيت بيمينك،
وال أعلم.
فصل
و من النقول عن أذكياء ال صبيان أن هُ و قف إياس ب ُن مُعاو ية و هو صبّ إل
قاضي دمشق ومعه شيخ ،فقال :أ صَْلحَ ال القاضي! هذا الشي خُ ظلمن[ ،واعتدى
عليّ] ،وأكل مال ،فقال القاضي :ارفَق بالشيخ :ول تستقبله بثل هذا الكلم.
فقال إياس[ :أصبلح ال القاضبي!] إن القّ أكببُ منب ومنبه ومنبك ،قال:
أسبكت ،قال :فإن سبكت فمبن يقوم ُبجّتب! قال :فتكلّم ،فوال ل تتكلم بيب،
فقال :ل إله إل ال وحدهُ ل شريك له ،فبلغ ذلك الليفة ،فعزل القاضي.
ومنه أن التوكل قال يومًا للسائه :نقم السلمون على عثمان أشياء ،منها :أن
المام أبا بكر لا تسنّم النب هبط عن مقام النب مبقاة ،ث قام عُمرُ دون مقام
أب بكر ،وصعد عثمانُ ذروة النب.
فقال عباد :ما أحدٌ أعظم منه عليك من عثمان يا أمي الؤمني ،وكيف ويلك!
قال :لنه صعد ذورة النب ،ولو أنه كُلما قام خليفة نزل مرقاةً ،ونزل عُثمان عمن
تقدمه ،كنت أنت تطبنا من بئر! فضحك التوكل ومن حوله.
251
إيقاظ أول المم العالية
ومن دهاء النصور أنه كان جال سًا ف بعض الليال ،وكانت ليلة شديدة البد
والر يح وال طر ،فد عا بأ حد الفر سان ،وقال له :ان ض الن إل فج طليارش وأ قم
فيه ،فأول خاطر يطر عليك سقه إل.
قال :فنهض الفارس وبقي ف الفج ف البد والريح والطر واقفًا على فرسه ،إذ
وقف عليه قرب الفجر شيخ هرم على حار له ومعه آلة الطب ،فقال له الفارس:
إل أين تريد يا شيخ؟ فقال :وراء حطب.
فقال الفارس ف نفسه :هذا شيخ م سكي نض إل البل يسوق حطبًا ،فما
عسبى أن يريبد النصبور منبه؟ قال :فتركتبه فسبار عنب قليلً ،ثب فكرت فب قول
النصبور ،وخفبت سبطوته ،فنهضبت إل الشيبخ ،وقلت له :ارجبع إل مولنبا
النصور.
فقال :و ما ع سى أن ير يد الن صور من ش يخ مثلي ،سألتك بال أن تترك ن
لطلب معيشت؟ فقال له الفارس :ل أفعل ،ث قدم به على النصور ومثله بي يديه،
وهو جالس ل ينم ليلته تلك.
فقال النصبور للصبقالبة :فتشوه ،ففتبش فلم يوجبد عنده شيبء ،فقال :فتشُوا
ب كتابًا مبن نصبارى كانوا قبد نزوعُوا إل النصبور
برذعبة حاره ،فوجدوا داخله ا
يدمون عنده إل أصبحابم مبن النصبارى ،ليُقبلوا ويضروا فب إحدى النواحبي
العلومبة ،فلمبا انبلج الصببح ،أمبر بإخراج أولئك النصبارى إل باب الزاهرة،
فضُربت أعناقهم ،وضربتْ رقبةُ الشيخ معهم.
و من ذلك ق صة الوهري التا جر ،وذلك أن رجلً جوهريًا من تار الشرق
قصد النصور من مدينة عدن بوهر كثي وأحجار نفيسة ،فأخذ النصور من ذلك
ما استحسنه ودفع إل التاجر الوهري صرته ،وكانت قطعة يانية ،فأخذ التاجر
ف انصرافه طريق الرملة على شط النهر.
فل ما تو سطها –واليوم قائظ وعر قه من صب -دع ته نف سه إل ال تبد ي الن هر،
فوضع ثيابه وتلك الصرة على الشط ،فمرت حدأة فاختطفت الصرة تسبها لمًا،
252
إيقاظ أول المم العالية
وصاعدت ف الفق ذاهبة ،فقطعت الفق الت تنظر إليه عي التاجر ،فقامت قيامته،
وعلم أنه ل يقدر أن يستدفع ذلك بيلة ،فأسر الزن ف نفسه ،ولقه لجل ذلك
علة اضطرب فيها.
وح ضر الد فع إل التجار ،فح ضر الر جل لذلك بنف سه ،فا ستبان للمن صور ما
بالرجل من الهانة والكآبة وفقد ما كان عنده من النشاط وشدة العارضة ،فسأله
النصور عن شأنه ،فأعلمه بقصته.
فقال له :هل أت يت إلي نا بدثان وقوع ال مر فك نا ن ستظهر على اليلة ،ف هل
هد يت إل الناح ية ال ت أ خذ الطائر إلي ها؟ قال :مر مشرقًا على سعت هذا ال بل
الذي يلي ق صرك –يع ن الرملة -فد عا الن صور شرط يه الاص به ،فقال له :جئ ن
بشيخة أهل الرملة الساعة.
فم ضى وجاء ب م سريعًا ،فأمر هم بالب حث عن من غ ي حال القلل من هم
سريعًا ،وانتقل عن الضافة دون تدريج ،فتناظروا ف ذلك ،ث قالوا :يا مولنا ،ما
ل مبن ضعفائنبا كان يعمبل هبو وأولده بأيديهبم ويتناولون السببق نعلم إل رج ً
بأقدامهبم عجزًا عبن شراء داببة ،فابتاع اليوم داببة ،واكتسبى هبو وولده كسبوة
متوسطة ،فأمر بإحضاره من الغد ،وأمر التاجر بالغدو إل الباب.
فح ضر الر جل بعي نه ب ي يدي الن صور ،فا ستدناه والتا جر حا ضر ،وقال له:
سبب ضاع منا وسقط إليك ما فعلت به؟ قال :هو ذا يا مولي ،وضرب بيده إل
حجزة سراويله فأخرج الصرة بعينها.
ف صاح التا جر طربًا وكاد يط ي فرحًا ،فقال له الن صور :صف ل حديث ها،
فقال :بينمبا أنبا أعمبل فب جنانب تتب نلة إذ سبقطت أمامبي فأخذتاب وراقنب
منظرها ،فقلت :إن الطائر اختلسها من قصرك لقرب الوار ،فاحترزت با ودعتن
فاقت إل أخذ عشرة مثاقيل عيونًا كانت معها مصرورة ،وقلت :أقل ما يكون ف
كرم مولي أن يسمح ل با.
253
إيقاظ أول المم العالية
فأعجب النصور ما كان منه ،وقال للتاجر :خذ صرتك وانظرها واصدقن عن
عددها ،ففعل ،وقال :ما ضاع منها شيء سوى الدناني الت ذكرها وقد وهبتها
له ،فقال له النصور :نن أول بذلك منك ،ول ُنَنغّ صُ عليك فرحك ،ولول جعه
بي الصرار والقرار لكان ثوابه موفورًا عليه ،ث أمر للتاجر بعشرة دناني عوضًا
عن دنانيه ،وللجنان بعشرة دناني ثوابًا لتأنيه عن فساد ما وقع بيده.
و قال :لو بدأنا بالعتراف قبل البحث لوسعناه جزاء ،قال :فأخذ التاجر ف
الثناء على النصور وقد عاوده نشاطه.
الدْه ُر يُعببب مببا َيضُ ّر وينفعببُ والصبببُ أحدُ مببا إليببه يُرْجَعببُ
با ،وليببس عببن الني ِة مَدْفعببُ والَرْءُ فيمببا منببه كان مَصببِيهُ حينًب
بتَشْفعُ فاحذر مفَاجأة الَنون فإنببببببه ل يُ ْلتِجَببى منهببا ول يُسب ْ
أيْنببَ الذيببن ت ّمعُوا وتَصببّنُوا وتوّثقُوا وتيّشُوا وتّنعُوا
وتَ َكبّرُوا و َتوّلُوا وتَرّفعُوا جبّرْوا
وتَعظّمُوا وتَشّمُوا وتَ َ
فأسبَرعُوا وحَدَا بمبببب حَادِي البِلىَ فتق ّطعُوا َبب الزمان ْ صبا َحتْ بمب ُنو ُ
ب بَاتِرٍ أو ماَنعُوهبببببُ بالذي قدَ جَ ّمعُوا أل ا ْحتَ َموْا عنبببه ِبعَضْببب ٍ
ضعُوا ضعْ َ
ببَالُم وَت َ ببْ أوْصب بةً فَتفرّقَتب ب مأنُوسب َبم بمب ْ كانَتببْ َمنَازِلُب
بفَتْ على الثارِ ريحببٌ َز ْعزَعببُ ب َبعْدَ قُصبُورهم وسبَ بَتوْ َطنُوا الجْدَاث َواس ْ
بم فيببه وماذَا يُصببْنَعُ بببب الواب لِ ُمْنكَرٍ أنببْ غَرّهُب ماذا أعَدّثوا فب
بفَعُ ب أبْيَضببُ بَمِي ِل طاعَتِهببِ َووَجْهببٌ أسب ْ وجَدُوا الذي عَملُواَ ،فوَجْهبٌ
ب
ب حَيًبا فالنصبيح ُة تنفع ُ أبُنَيببّ كُبن ُمتَمَسببّكًا بنَصببِيْحَت مبا ُدمْت َ
ب مبا فب نفسبِ ِه َيتَذَرّعبُ واحْذَ ْر مُجَاوَرةَ الَسبببوُدِ فإنَببه بِخلف ِ
بب أنْفَع ُ وعََليْكببَ بالقّ ب الميببل فإنببه مِبن كُبل شيءٍ ُي ْقتَنَبى لك َ
جنّببب الدُنيببا وكُبن ُمَت َع ّففّابب فال ّر يَرْضَبببى بالقلي ِل وَي ْقنَعبببُ وتَ َ
بذ الكتابببَ ب ُق ّوةٍ واعْمَلْ بابب أمَرَ الهيمنببُ فهببو حقّ ب يُْتبَعببُ وخُب
ب الهْيَع بُ بو الطّرِيق ُ به فهب ب َتنْجُبو بب ك سبَبيلَ رَسبُولِهِ فب أمْرِه ِ بلَ ْ
واس ْ
254
إيقاظ أول المم العالية
شيءٌ ،إليببه مَصببِ ُينَا والرْجعببُ ب بأنّ ب ال َليْسببَ ك ِمثْلهببِ واعْلَمب ْ
ب وتَخْضعببُ بمَ ٌد تَذِلّ له الرقاببُ
صبَ ببب قَدِيرٌ واحدٌ مَُتنَزّهببببٌ حَيّب
بن يشاء و َينَعبُ بالقِسبْطِ ُيعْطِبي مب ب عَدْلٌ َجوَا ٌد ُمنْعِمببببٌ ُمتَكلّمببب ٌ
منّابب وَيعْلَمببُ مببا َنقُو ُل ويَسببْمَعُ به سببَريرَة ذُو العَرْش ل تفببى عليب
ب وَكُ ّل َيضْرَعبببُ كُ ّل يَذِلّ لَهبب ُ بب الش ِر يَ ْظهَرُ لِ ْلعِباد بلُ ْطفِه ببِ فب
ونَِبيُنَببا فِينَببا إليببه يشفَعببُ العَ ْدلِ يكمببُ فبب القيام ِة ِبيْنَنَببا
بتََتبِعُ
ب اللفةِ سببَاب ٌق مُسبْهببو فب بببِدّيقُه بببُ صب َخيْ ُر البّيةِ َبعْدَهب
مِببن بَعدِهببِ َحبْرٌ َجوَادٌ سببَلفَعُ ب صبَاحبٍ ب أكْرَم ُب الفاروق ُ وكَذَلِك َ
بو ُيَبضّعبُ بتَسْلِمًا فب الدارِ وهب مُس ْ اليشب العظيبم ،ومبن ثوَى ِ جهّزبومُ َ
وحُسببَامُهُ ذاكببَ البَطيُب النْزَعببُ ب ِفيّهُ
ب َببْيبُهُ وصب بْيبُ ُه ونِسبب ِ وحَسب
ب ب الطّلع ُ ب الصبّواحبُ والنجُوم ُ وهُم ُ لَهُببم النَاقِبببُ والواهِبببُ والعُل
يومبببَ العَا ِد وكُلّ ذُخْرٍ يَْنفَعبببُ بْحّبهُمب بن بِبم َيفُو ُز مُ ِ بم الذيب وهب
فصل
ت منشأةُ من حُب الدنيا،
قال بعضُ العلماء :تأملتُ التحاسُد بي العُلماء ،فرأي ُ
فإن علماء الخرة ،يتوادون ول يتحاسدون ،كما قال عز وجل :وَلَ َيجِدُونَ فِي
صةٌ .
صدُورِ ِهمْ حَا َجةً مّمّا أُوتُوا َويُ ْؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِ ِهمْ َولَوْ كَانَ بِ ِهمْ خَصَا َ
ُ
وقال جل وعل :وَاّلذِي نَ جَاءُوا مِ نْ بَ ْعدِهِ مْ َيقُولُو نَ َربّنَا ا ْغفِرْ لَنَا وَلِ ْخوَانِنَا
جعَلْ فِي قُلُوبِنَا ِغلً لّ ّلذِينَ آمَنُوا .
اّلذِينَ سََبقُونَا بِالِيَانِ وَلَ تَ ْ
وقد كان أبو الدرداء يدعو كل ليلة لماعة من إخوانه.
وقال المام أحد لولد الشافعي :أبُوكَ من الستة الذين أدعُو لُم كل ليلة وق َ
ت
السّحَر.
255
إيقاظ أول المم العالية
ب ويبون والم ُر الفارقُب بيب الفئتيب أن علماء الدنيبا ينظرُون إل الرياسبة فيه ا
كثرة المبع والثناء ،وعلماء الخرة بعز ٍل مبن إيثار ذلك ،وكانوا يتخوفونهبُ،
ويرحون من بُلي به.
وقال علقمة :أكره أن يُوطأ عقب.
وكانوا يتدافعون الفتوى ،ويبون الُمول ،وهو عكس الشُهرة فهم ل يطلبُون
جاهًا ول منصبًا.
ت المواج ،فعنده ج واضطربَ ْ فمثل القوم كمثل راكب البحر إذا خبّ أي ها َ
ُشغْلٌ إل أن يُوقِنَ بالنجاة.
ب تصاحبُوا وتابوا ف يَ ْدعُو بعضهم لبعض؛ لنم رك ٌ وإنا كان عُلمَاء ال سّل ِ
ف طاعة ال فاليام والليال مراحلُهم إل سفر النة.
ك والعِظامببُ َر ِميْمببُ ب فب التُراب شخوصبُهم فالنش ُر مِسببْ ٌ ماتوا وغيّب َ
256
إيقاظ أول المم العالية
بن َجنَابِكببَ أ ْظفُرُ أترى بقُرببب مِب بتَبْشِرُ
ب ل أس ْ ب بغَيب رضَاه ُ يبا مَن ْ
عَ َملً بببه ترضببى عَليّبب وَت ْغفِرُ بب لْم أعْمَبل بِه ُِحزْنب على مَبا فات َ
ب يَذكرُ َفغِذَاءُ قلببب أنّهببُ لَكب َ بب مَطَاعِبم وإذا اغتذى قَلْب بٌ بطيب
حرُ
حيّتبب أنبب ِلَنفْسببِي أنْ َ فضَ ِ حيّةبب ك ِبضَ ِ
ب ناسبب ٌ وإذا َتقَرّبب َ
بب الفضِ َل عندك أغزرُ ب فإنّبأمْنُنبب ْ ُنب
ِنب جُوده فب قول ك ْ يبا م َن خَزَائ ُ
فأنببا إل جَ ْدوَاكببَ منهببم أ ْفقَرُ ب تُعطِبي السبائِليَ ِل َفقْرهبم إن ُكنْت َ
فأنبببببا الشهي ُد بأن عَفوَك أ ْكبَرُ ب الكبببي َخ ِطيْئَتبب إن كان بالُرْمبِ
أنْتبببَ الذي كُ ّل الَرَائمبببِ َت ْغفِرُ بابي أَتْيتُكببَ بالَرَائِمببِ كُلِهَب
هَبْنِب
موعظة
عباد ال ،ي ب على من ل يدري م ت يبغ ته الوت أن يكون مُ ستعدًا ل ُه ول
يغت ّر بشبابه وصحته ،فإن أقل من يوتُ الشيوخُ الطاعني ف السن.
وأكثرُ من يوت الشُبا نُ خُ صوصًا ف زمن نا الذي كثُر تْ ف يه الوادث؛ ولذا
ينذرُ من يكبُ وقد أنشدوا:
ب
شبَاب ِ
ب مبن ال ّ ُيعَمّرُ واحدٌ َفَيغُرّ َقوْمًبببببببا وُينْسبَى مَبن يَمُوت ُ
257
إيقاظ أول المم العالية
آخر:
بَ ُشبّان بُ
شيْبب
بَ َقبْلَ ال ّ
ب َتقَدّمب
ب ناعِمبببٍ خَ ِظلٍ َفكَمبْ
ل َتغْتَرِرْ بِشَبَاببب ٍ
ُركب وكثرة
وماب يعينبك على الدب والجتهاد فب الطاعبة :تصبور قصبَر عُم َ
الشغال ،وتصبور قُوة الندم على التفريبط والضاعبة عنبد الوت ،وطول السبرة
على البدار بعد الفوت.
وتصبور عظبم ثواب السبابقي الكامليب وأنبت ناقبص ،والجتهديبن وأنبت
متكاسل ،واجع ْل نصب عينيكَ ما يلي:
قوله تعالُ :هنَاِلكَ تَبْلُو كُلّ نَ ْفسٍ مّا أَسْ َلفَتْ .
وقوله تعال :يَ ْومَ يَنظُرُ الَ ْرءُ مَا َقدّمَتْ َيدَاهُ .
س َرتَى َعلَى مَا َفرّطتُ فِي جَنبِ ال ّلهِ .
وقوله تعال :أَن َتقُولَ نَ ْفسٌ يَا حَ ْ
ُمه لَ
ُمه فِي َغفْ َلةٍ وَه ْ
ِيه ا َلمْرُ وَه ْ
َسهَرةِ إِذْ قُض َ
ْمه ال ْ وقوله تعالَ :وأَنذِرْه ْ
ُمهيَو َ
يُ ْؤمِنُونَ فتصور السرة والندامة والُزن عندما ترى الفائزين.
ب مَبن قبد تزوّدَا
ت َبعْدَ الوت ِ
برْ َ
بى وأبْص َبَ ل تَرْحَ ْل بِزادٍ مِبن التُقب
إذا أنْتب
ْصبدَا
َانب أر َ
ْصبدْ كَم َا ك َ
ّكب ل ُتر ِ ب وأن َ ب ك ِمثْلِه ِ
ب ل َتكُون َ
ب على أن ْ نَ ِدمْت َ
ّهب لول
فالبدا َر البدا َر والذر والَذر مبن الغفلة والتسبويف وطول المبل ،فإن ُ
صلً.
طولُ المل ما وقع إهالٌ أ ْ
وإنا ُيقْ ِد ُم على العاصي ويُؤخر التوبةَ ِلطُول المل وتبادر الشهوات.
عملتب فيهبا مبن
َ وتنسبى التوببة والنابةُ لطُول المبل وتفقبد أوقاتبك ومبا
الذنوب.
وتن سى التو بة والناة لطول ال مل ف يا أيّ ها الُهْ ِم ُل وكُلّ نا كذلك انت هز فر صة
المكان وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب.
فبادر فب موهبا بالتوببة النصبوح وأكثبر مبن الدعاء والسبتغفار كبل وقبت
خصوصًا ف أوقات الجابة.
258
إيقاظ أول المم العالية
ومن أوقات الجابة ثُلثُ الليل الخر ،قال تعالَ :وبِالَ ْسحَارِ هُ مْ يَ سَْت ْغفِرُونَ
.
ويوم المعة عند صعود المام النب للخطبة.
وف آخر ساعة من يوم المعة وعند دخول المام للخطبة.
وعندما تسمع الذان إل أن يفرغ.
وبي الذان والقامة.
وبعد الصلة الفريضة وبعد النافلة.
وعند الفطر للصائم وف أيام رمضان ولياليه.
وعند نُزُول الغيث.
عشية عرفة.
وف السجود.
وعند ختم القرآن وف ليلة القدر.
وعند البكاء والشية من ال.
فعلى النسبان أن يُكثبر مبن الدعاء واللاح فيبه ،فإن الدعاء له أث ٌر عظيبم،
وموقعٌ جسيم ،وهو مخُ العبادة.
لسبيما مبع حضور قلب ،وإخباتبٍ ،و خشوع ،وذلٍ ،وانكسبار ،ورقةٍ،
وتضرعٍ ،وخشيةٍ ،واستقبال القبلة حال دُعائه ،وعلى طهارة ،ويدد التوبة ،ويكثر
من الستغفار ،ويبدأ بمد ال وتنيهه ،وتجيده ،وتقديسه ،والثناء عليه ،وشكره،
ث يصلي على النب بعد الثناء على ال.
ويدعو بالدعاء الشروع باسم من أساء ال السن ،مناسب لطلوبه ،فإن كان
يُريد عِلمًا ،قال :يا عليم علمن ،وإن كان يطلب رحةً قال :يا رح ُن ارحن ،وإن
كان ي سأل رزقًا ،قال :يا رزاق أرزق ن ون و ذك ،ويُوق نُ بالجا بة ،فإن ال جل
وعل أصدقُ القائلي ،و قد قال سبحانه وتعال :ادْعُونِي أَ سَْتجِبْ لَكُ مْ ،وقال
َ :وإِذَا َسأََلكَ عِبَادِي عَنّي َفِإنّي قَرِي بٌ أُجِي بُ دَعْ َوةَ الدّا عِ إِذَا دَعَا نِ ، لرسوله
259
إيقاظ أول المم العالية
وقال عَزّ من قائل :ادْعُوا َربّكُ مْ تَضَرّعًا َو ُخفْيَةً ،وقال :أَمّ ن ُيجِي بُ الُ ْ
ضطَرّ
إِذَا دَعَا هُ ،و هو سبحانه أو ف الواعد ين ،قال تعالَ :و ْعدَ اللّ هِ لَ ُيخْلِ فُ اللّ هُ
ص َدقُ مِ نَ اللّ هِ قِيلً َ ،ومَ نْ أَ ْ
ص َدقُ مِ نَ اللّ هِ وَ ْعدَ هُ ،وقال جل وعلَ :ومَ نْ أَ ْ
صدَقَنَا وَ ْع َدهُ .
َحدِيثًا ،وقال أهل النة :الَ ْمدُ لِ ّل ِه الّذِي َ
وإذا وق عت ف م نة ي صعب اللص من ها ،فل يس لك إل الدعاء واللجوء إل
ُوجبب العقوببة ،قال ال جبل
ُ ال ،بعبد أن تقدم التوببة مبن الذنوب ،فإن الزّلل ي
وعلَ :ومَا أَصَابَكُم مّن مّصِيَبةٍ فَبِمَا كَسََبتْ َأْيدِي ُكمْ .
سبَب ،فإذا أث بت ودعو تَ
فإذا زال الذن بُ بالتو بة ال صادقة الن صوح ،ارت فع ال ّ
ول تر لجابة الدُعاء أثرًا ،فتفق ْد نفسك فربا كانت التوبة ما صحّت فصحّحْها.
ع ول تض جر ول ت ل من الدعاء فإ نه عبادة ،ورب ا كا نت ال صلحة ف ث اد ُ
تأخي الجابة ،وربا ل تكن الصلحة ف الجابة ،قال تعالَ :وعَ سَى أَن تَكْرَهُوا
شَيْئًا وَهُوَ خَ ْيرٌ لّ ُكمْ َوعَسَى أَن ُتحِبّوا َشيْئًا َوهُوَ شَرّ لّ ُكمْ .
فأ نت تثاب وتُجا بُ إل مناف عك ،و من مناف عك أن ل تع طى ما طل بت بل
تعوض غيه.
فإذا جاءك الشيطان ،فقال :إل م ت تد عو ول تاب ،ف قل :أ نا أتع بد بالدعاء،
الدعاء مخ العبادة ،وأنا واثق كل الثقة بالجابة؛ لن ال أصدق القائلي.
َ :وإِذَا َسأََلكَ عِبَادِي عَنّ ي َفإِنّ ي قَرِي بٌ و قد قال جل وعل وتقدس ل نبيه
أُجِيبُ دَعْ َوةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ ،وقال تبارك وتعال :ادْعُونِي أَسَْتجِبْ لَ ُكمْ .
وعلم أ نه رب ا كان التأخ ي لب عض ال صال ف هو ييءُ ف و قت منا سب ،وإذا
ب سببًا للهلك.
سألت شيئًا فاقرنه بسؤال الية فربا كان الطلو ُ
وإذا كُن تَ قد أمرت بالشاورة ف أمور الدن يا ليُبي لك صاحبُك ف ب عض
الراء ما يعجزُ رأيك عنه ث ترى أن ما وقع لك ل يصلح فكيف ل تسأل الي
ربّك الذي أحاط بكل شيء علمًا ،والستخارة من حسن الشاورة.
260
إيقاظ أول المم العالية
ب
ب طَامع ُ والكُلُ فب صبَدقاتِ جُودك َ كُ ُل الوُ ُجوْدِ ِلعِزّ َقهْركببَ خَاضِعببُ
بببِعُ بببَ َفضْلٌ لِ ْلبَرّي ِة وَاسب َف ُهنَاكب يببا َمعْشَببر ال ُفقَرا ِء أ ّموْا بَابَهببُ
بي القَضَا َء فل يُدَافِعببُ دَافِعببُ َيقْضِب ب مَانِعببٌُيعْطِببي العَطَا َء فل يُمَانِعب ُ
بعْيٌ لَ َديْهببِ ضَائِعببُ كَلّا ول سب َ ب واجِبببُ مببا لِ ْل ِعبَا ِد عَليببه حَقبٌ
ب الواسببِعُ ب و ْهوَ الكريْمب ُ فِبفَضْلِهب ِ إن عُ ّذبُوا فبعَ ْد له أو ُنعّ ُموْا
حّبةَ زَارِعببُ فالذِكْرُ فبب القَلْبببِ ال َ ب طَريْق بَ الذِكْ ِر عُمْرك بَ دَائِبًبا إلزَم ْ
قال أح ُد الوعاظ :هذا نذير الوت قد غدا يقول الرح يل غدًا ،كأن كم بال مر
وقد قرُب ودنا ،فطوب لعب ٍد استيقظ من غفلته ووعا.
ك يف ب كم إذا صاح إ سرافيل ون فخ ف ال صور ،قال جل وعلَ :وُنفِ خَ فِي
سلُونَ .
الصّورِ َفإِذَا هُم مّنَ ا َل ْجدَاثِ إِلَى َربّ ِهمْ يَن ِ
فت صور خرو جك مذعورًا ت سعى من ت ت الدر ،و قد ُر جت الرض ويُ ست
بار لتلك العظائم والهوال والزعجات وَ َخ َ
شعَت هِ بت البصب
البال ،وشخصب
الَصْوَاتُ لِلرّ ْحمَنِ َفلَ تَسْ َمعُ إِلّ هَمْسًا .
ففلق الائفبُ ،وشاب الصبغيُ ،وزفرت النارُ ،وأحاطبت الوزار ،ونُصبب
الصراطُ ،ووُضع اليزان ،وحضر الساب.
وجيء بهنم تقاد بسبعي ألف زمام ،مع كل زمام سبعون ألف ملك يرونا،
قال تعالَ :وجِيءَ يَ ْومَِئذٍ ِبجَهَّنمَ يَ ْومَِئذٍ يََتذَكّرُ الِنسَانُ َوَأنّى َلهُ ال ّذكْرَى .
وشهد الكتاب وتقطعت السباب ،فكم من كبي يقول :واشيبتاه ،وكم من
كهل يُنادي بأعلى صوته :واخيبتاهْ ،وكم من شاب يصيح :واشباباه.
وبرزت النار ،قال ال جل وعل وتقدسَ :وبُرّزَ تِ الَحِي مُ لِ ْلغَاوِي نَ ،وقال
جل وعل وتقدسَ :وبُرّ َزتِ الَحِيمُ لِمَن يَرَى .
و سع اللئ قُ ح سيسها إل من سبقت له الُ سن من ال ،قال تعال :إِنّ
سهَا وَهُمْ فِي
اّلذِي نَ سََبقَتْ لَهُم مّنّا الُ سْنَى أُوْلَئِكَ عَ ْنهَا مُ ْب َعدُونَ * لَ يَ سْ َمعُونَ حَ سِي َ
261
إيقاظ أول المم العالية
ُمه الَلئِ َكةُ َهذَا
َعه ا َلكْبَرُ َوتَتَ َلقّاه ُ
ُمه الفَز ُ
ُونه * لَ َيحْزُنُه ُ
ُسهُهمْ خَاِلد َ
َته أَنف ُ
مَا اشْتَه ْ
يَ ْومُ ُكمُ اّلذِي كُنُتمْ تُو َعدُونَ .
وأيقن بالردى واللك كل فاجر ،قال تعالَ :وأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ال ِز َفةِ إِذِ القُلُوبُ
لَدَى الَنَاجِرِ وقامبت ضوضا ُء الدَل ،وأحاط بصباحبه العملْ ،قال جبل وعل
جدُوا عَ ْنهَا مَصْرِفًا .
وتقدسَ :و َرأَى ا ُلجْرِمُو َن النّارَ َفظَنّوا َأنّهُم مّوَا ِقعُوهَا َوَلمْ يَ ِ
وحالت اللوان ،وتوالت الح ُن على النسان ،فأين عُ ّدتُك ،يا غافل عن هذا
الزمان ،أين تصحيح اليقي واليان.
أتر ضى بال سران والوان ،أ ما عل مت أ نك ك ما تد ين تُدان ،أ ما تاف أن
تقول :يَا َحسْ َرتَى َعلَى مَا فَرّطتُ فِي جَنبِ ال ّلهِ أما علمت أعظم السران.
قال جل وعل وتقدس :قُلْ ِإنّ الَا سِرِينَ اّلذِينَ خَ ِ
سرُوا أَنفُسَ ُهمْ َوأَهْلِيهِمْ يَوْمَ
القِيَا َمةِ أَلَ َذِلكَ ُهوَ الُسْرَانُ الُبِيُ .
كم ف كتابك من خطأ وزلل! وكم ف عملك من سهو وخلل! هذا وشس
ت واجبًا وفرضًا! و كم عُمرك على أطراف الذوائب و قد قرُب ال جل! كم ضّيعْ َ
نقضت عهدًا مكمًا نقضًا! وكم أتيت حرامًا صريًا مضًا! يا أجسادًا صحاحًا
فيها قلوبٌ مرضى.
عباد ال أطول الناس ُحزْنًا ف الدن يا أكثر هم فرحًا ف الخرة ،وأ شد الناس
خوفًا ف الدنيا أكثرهم أمنًا ف الخرة.
إخوا ن ،الؤ من يتقلب ف الدن يا على جرات الذر من نيان الوف ،ير هب
العاقبة ،ويذ ُر الُعاقبةَ ،فالوفُ من النار مُتمك ٌن من سويداء قلبه.
فإن هفبا بأن حصبل منبه زلةٌ توقدت فب قلببه نا ُر النّدم ،وإن تذكبر ذنب ًا
اضطرمت نارُ الُزْ نِ ف باطنه ،وإن تفكر ف مصيه ومُنقلبه التهب تْ نارُ الذرِ ف
قلبِهِ ،وصار ل يهنؤ ُه طعامٌ ول شراب.
262
إيقاظ أول المم العالية
ب واللّبيْبببُ َخِبيْرُ والوتببُ آتب ٍ ليَاةُ غُروْرُ
ب فا َبفَا لَكبَ خُذْ مببا صبَ
ب يَدورُ بب اللكب ِ فَلَكببٌ على قُطْب ب فإنّهببُ ل َتعِْتبَنّبب على الزمانب ِ
ليَاةِ سببُ ُطوْرُ
با َوالَلْقببُ فبب رِقبَ ب َعهْدُهَبا َتعْفُبو السبُطوْرُ إذا َتقَادَم َ
وله إل مَببا فببر منهببُ مَصببِيْرُ ك ٌل يَفرُ مبببن الرّدَى ِلَي ُفوْتَهبببُ
ب يَ ِطيْرُ
لنَاحب ِو َزمَانُهببا ضَافبب ا َ فانظُ ْر لَنفْسببِكَ فالسببّلمة ُنهْزَهببٌ
بيْرُب كس ِ شيْب ِب بال ِ
ب عُ ْمرَك َ
و َجنَاح ُ ب ِقيَْلةٌ
شبَابببِ صب َ مِرْآةُ عَيْشِكببَ بال ّ
ب أ ِميْرُب والشَباببب ُ والعُ ْمرُ َجيْشبب ٌ ف قاطِع بٌ بيْ ٌ
بَ سبَ بَادِ ْر فإنّب الوَقْتب
آخر:
با الَطرُ
والذكرُ فيببه َحيَاةٌ ِل ْلقُلُوبببِ كمببا تيببا البِلدُ إذا مببا جَاءَهَب
وقال ابن رجب ب رحه ال ب :أعظ ُم عذاب أهل النار حجاُبهُمْ عن ال ع ّز
وجلّ ،وإبعادهم عنه ،وإعراضُه عنهم ،وسخطُه عليهم ،كما أن رضوان ال على
أهل النة أفضلُ من كل نعيم ال نة ،وتليه لُم ،ورؤيتهم إيا هُ ،أعظ مُ من جيع
أنواع نعيم النة ،قال ال تعالَ :كلّ ِإنّهُمْ عَن ّربّهِمْ يَ ْومَِئذٍ لّ َم ْ
حجُوبُونَ * ُثمّ ِإنّهُمْ
لَصَالُوا ا َلحِيمِ * ثُمّ ُيقَالُ َهذَا اّلذِي كُنتُم ِبهِ تُ َكذّبُونَ .
فذكر تعال لُم ثلثة أنواع من العذاب ،حجابُهم عنه ،ث صليهُم الحيم ،ث
توبيخهّم بتكذيبهم به ف الدنيا ،ووصفهم بالرّان على قُلُوبم ،وهو صدأ الذنوب
الذي أسودّتْ به ُقلُوبم ،فل ْم يصلْ إليها َبعْدَ ذلك ف ال ُدْنيَا شيءٌ من معرَفةِ ال،
ول من إجلله ومهابته ،وخشيته ومبته.
جبُوا ف الخرة عن رُؤي ته ،وهذا جبَ تْ ُقلُوُبهُ مْ ف الدن يا عن ال ،حُ ِ
فك ما حُ ِ
َقه
ُسهنَى َو ِزيَا َدةٌ وَلَ يَرْه ُ
ْسهنُوا ال ْ بلف حال أهبل النبة ،قال تعال :لّ ّلذ َ
ِينه أَح َ
وَجُوهَهُ مْ قَتَرٌ وَلَ ِذّلةٌ والذ ين أح سنُوا هُ مْ أهلُ الح سانِ ،والح سانُ «أ ْن َتعْبُدَ
ك تَراه» كما فسره النب لّا سَألَ ُه عنه ِجبْريْلُ ب عليه السلم ب ،فجعل
ال كأنّ َ
سنَى ،و هو ال نة ،والزيادةُ و هي النظرُ إل و جه ال عز و جل،
جزاءَ الح سان الُ ْ
ب وغيه ،انتهى. كما فسّ َرهُ بذلك رسول ال ف حديث صهي ٍ
وقال ابن القيم –رحه ال تعال:-
264
إيقاظ أول المم العالية
يُخْبب ُب عببن ُمنَادِي َجّن ِة الَيَوانببِ ب اليْمَان بِ ت ُمنَادِي َ أوَ مَبا س بَ ِم ْع َ
ب بضَمَانببِ هَببو ُمنْجِزُهببُ لكُمب ْ ب لدى الرحنب َوعْدُ يبا أهْلَهبا َلكُم ُ
أعْمَالنَببا َثقّلْتببَ فبب ا ِليْزَانببِ ثالوا أمَببا َبّيضْتببَ أوْ ُجهَنَببا كَذَا
ب مَدْ َخ ِل النِيانببِ أجَ ْرتَنَببا مِنب ْ بب ِحيْن َ ب قَدْ أدْخَ ْلتَنَبا الَنات ِوكَذَاك َ
ب بِرَ ْحمَتْبب و َحنَانْبب أعْطِْيكُمُوهب ُ فيقولُ ِعنْدِي َم ْوعِدٌ قَدْ آنببَ أنببْ
بببِ بببْلِم ِبَبيَانب َجهْرًا َروَى َذ مُسب ب ِحجَابِهبِ َفيَر ْونَهبُ مِبن بَعْدِ كَشْف ِ
بب بعبد قُرآن ِ ب ّح الكُتْب ِ
هُمَبا أص َ حيْن اللذيبن حيْ َ
بِ ولقَ ْد أتَانبا فب الص ّ
البجليّبب عَمّنبب جَاء بالقُرْآنببِ بِروَاَي ِة الثّق ِة الصببببببُ ُد ْوقِ جَريرٍ
ُرؤْيبا ال ِعيَانبَ كَمَبا يُرَى القَمَرَانبِ ببْحَانَهُ
أَنّبب العِبَا َد يَر ْونَهبببُ سبب ُ
ب
ب مبا عِشْتُبم مَدَى الزمان ِ البَ ْر َديْن ِ ب فا ْحفَظُوا بتَ َط ْعتُمْ ُك ّل وَقْت ٍ
ب اس ْ فإن ْ
مِبن ص بَحْب أحْ َمدِ ِخيْرةِ الرّ ْحمَن بِ ب امْرُوءٌ ب وعَشْ ُروْن َ ولقبد َروَى ِبضْع ٌ
ل بل ِكتْمَانببِ بالوَحْببي َتفْصببِْي ً أ ْخبَارَ هذا الباب عَمّنببْ قَبد أتَبى
وَألَ ُذ شَيءٍ لِ ْل ُقُلوَبببِ َفهَذِهببِ الخبارُ
ب
ب أ ْمثَالِهَبا هبي َبهْجَبة اليْمَان ِ مَع ْ ب
وال لَول ُر ْؤَيةُ الرّحْمَبن فب الَنّات ِ
مَببا طَابَببت لذِي العِرْفَانبببِ ب َنعِيْمببُ ُر ْؤَيةِ وجْههببِ أعْلَى الّنعِيْمب ِ
ليَوان ببِ بب َجّنةِ ا َ وخِطَابُببه فب وأشدُ شيءٍ فبب العَذَابببِ ِحجَابُهببُ
ببْحَانَه عببن سببَاكِن الِنيْرَانببِ سبُ بوْا الذِي بْ وإذا رَآه بُ الُؤمِنُون بَ نَس ُ
هُمببْ فيببه ِممّابب نَالَت العَْينَانببِ فإذا َتوَارَى َعنْهُبببببم عَادُوا إل
لَذَاتِهببم مِببن سببَائِ ِر الْلوَانببِ بوَى بد ُر ْؤَيتِهبِ س ِ ب عنب فَلَهُبم َنعِيْم ٌ
حبَذا المْرَانبببِ هذا الّنعِيْمبببِ فَ َ ْرفب خَلْق ِهسبؤَا َل أع ِ ت ُ سب ِم ْع َ
أو م َا َ
ب بالقُرْآنبببِ ب الَْبعُوثبب ِ
بِجَلَالِهبب ِ شَوقًبببا إليبببه وَلَ َذ ِة النّ َظرِ الذِي
بَلَا ِل َوجْهببِ الربببِ ذِي السببُلْطَانِ ْقب لَ َذةٌ ُروُحبه فب هذه ال ّدنْي َا شو ُ فال ّ
َوَيوْمبببَ ِقيَامَهبببِ البْدَانبببِ تَ ْلتَ ُذ بالنّظَرِ الذي فَازَتبببْ ببببه
ب هَذِهببِ ال َعيْنَانببِ ُدوْنببَ الَوارحب ِ وال مَببا فبب هذه ال ُدنْيَببا ألَذُ
265
إيقاظ أول المم العالية
ببْحَانَهُ مِببن اشَتيَاقببِ ال َعبْدِ لِلرّحْمَنببِ
وَكَذَاكببَ ُر ْؤَي ُة وَ ْجهِهببِ سب ُ
ب للنْسببَانِ هببي أَكْ َملُ اللذّاتب ِ
اللهم انفعنا با علّمتنا ،وعلمنا ما ينفعُنا ،ووفقنا للعمل با فهمتنا ،الل ُهمّ إن
ُكنّا ُمقَصّريْنَ ف حفظ حقك ،والوفاء بعهدكَ ،فأنْتَ تَعَْلمُ صِدَْقنَا ف رجاء رفْدِكَ،
وخالص ودّ كَ ،اللهُمّ أ نت أعل ُم ب نا منّ ا ،فبكمال ُج ْودَ كَ تاوز عَنّ ا ،واغ فر ل نا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي ،الحياء من هم واليت ي ،برحت كَ يا أرح مَ الراح ي،
وصل ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
فصل
قال بعض هم :بين ما أ نا سائر ف ب عض جبال ب يت القدس إ ْذ هب طت إل وادٍ
ي منه فاّتبَ ْعتُ الصوت.
ك البالِ َدوِ ٌ
هناك وإذا أنا بصوت عالٍ ولتل َ
جدُ
فإذا أنا بروض ٍة فيها شجر مُ ْلتَ فٌ وإذا برجل قائم يُرددُ هذه الية :يَوْ َم َت ِ
ت مِن سُوءٍ تَ َو ّد لَ ْو أَنّ بَيَْنهَا َوبَيْنَهُ
ضرًا َومَا عَمِلَ ْ
ت مِنْ خَ ْي ٍر مّحْ َ
ُك ّل َنفْسٍ مّا عَمِ َل ْ
حذّرُ ُك ُم اللّ ُه َن ْفسَهُ .
َأمَدًا َبعِيدًا َويُ َ
صيْحةً َخ ّر مغشيًا عل يه فانتظر ُ
ت قال :فوق فت وهو يُردد هذه ال ية ث صاحَ َ
إفاقته ،فأفاق بعد ساعة ،وهو يقول :أعو َذ ب كَ مِن أعمال البطالي وأعوذُ بك من
إعراض الغافلي.
ب العارفي
ب الائفي وفزع تْ أعمال القصرين ،وذلّ تْ قلو ُ لك خشعت قلو ُ
ث نف ضَ يديه ،وهو يقول :مال ولل ّدنْيَا وما لل ُدنْيَا ول أيْ َن القرو نُ الاضية وأهلُ
الدُهور السّالِفة ف التراب يبَْلوْن وعلى مر الدهُور يفنون.
فناديتُ هُ :يا عبدال ،أنا ُمنْ ُذ اليوم خلفك انتظرُ فراغك ،قال :وكيف يفر غُ من
ت آثامُه.
يبادر الوقات وتبادرُه كيف يفرغَ من ذهبت أيامُه وبقي ْ
266
إيقاظ أول المم العالية
ث قال :أنت لا ولكل شدة أتوقع يُرددُها ث لى عن ساعة ،وقرأَ :وَبدَا لَهُم
سبُونَ ث صاح صِيحةً أشد من الول وخَر مغشيًا عليه،
مّنَ ال ّلهِ مَا لَمْ يَكُونُوا َيحْتَ ِ
فقلتُ :قد خرَجت َنفْسُه.
ق وهو يقولُ :مَن أنا مَا خطري ه بْ ل فدنوت منه ،فإذا هُو َيضْطَرب ث أفا َ
ك إذا وقفتُ َبيْن يَ َديَك.إساءت بفضك وجللن بستر َك واعْفُ عن بكرم و ِجهْ َ
فقل تُ له :يا سيدي بالذي ترجوه ِلَنفْ سِكَ وتث قُ به إل كلمتي ،فقال :عليك
بكلم من ينفع كَ كلمُه ،ودع كلم من أوبقت هُ ُذنُوبه أنا ف هذا الوضع ما شاء
س وياهد ن ،فلم ي د عونًا علي ليُخرج ن م ا أنا فيه غيك فإل يك ال أجاه ُد إبلي َ
عن ،فقد عطّلْتَ لسان ،ومَالتْ إل حديثك ُش ْعَبةٌ من قلب فأنا أعوذ من شرك بن
أرجو أن يعيذن من سخطه.
فقلت ف نف سي :هذا ول من أولياء ال أخاف أن أشغلُه عن ر به ،ث ترك ته
ومضيتُ لوجهت ،انتهى.
قدمتب الدينبة،
َ ل وأعطاه عشرة آلف درهبم ،وقال له :إذا وصبَى رجلٌ ر ُج ً
فان ظر أفقرَ أ هل ب يت بالدي نة فأعط هم إيّا ها ف ُدلّ على أ هل ب يت ،فطرق الباب،
فأجابتهُ امرأةٌ قائلةً من أنْتَ؟
فقال :أ نا رجلٌ من أ هل بغداد أودع تُ عشرة آلف ،وأمر تُ أن أ سَلّمهَا إل
أفقر أهل بالدينة وَق ْد وصفهُم ل.
فقالت :يا عبدال ،إن صاحبك اشترط أف قر أ هل بي تٍ وهؤلء الذ ين بإزائ نا
ت الباب ،فأجابت ن امرأة ،فقلت ل ا م ثل أف قر م نا فتركت هم وأت يت أولئك فطرق ُ
الذي قُل تُ لتلك الرأة ،فقالت :يا عبدال ،ن نُ وجياُننَا ف الفقر سواء ،فاقسمها
بيننا وبينهم.
267
إيقاظ أول المم العالية
ب َعنْهَبا الشوائِب بُ
بد آن َتْنهَاك َ فقب ِمب عبن فَطَامِهَا
ِعب الدُنيبا انْفَط ْ
أيبا رَاض َ
بب فب طاعبة ال رَاغِب ُ إل مُخْلص ٌ بببَه بببا لِيْنقِ َذ َنفْسب أل عَام ٌل فيهب
ب الُزْن بِ نادِب
أل نَائِح بٌ ف ب مَأتَم ِ أل آسبببِفٌ ُذوْ َل ْو َعةٍ وتَخرّقبببٍ
شَيةِ ال رَاهِب بُ
أل خائِف بٌ مِبن خَ ْ بن ُذنُوبِه بِبتَ ْغفِرُ مب
أل مُ ْذنِب بُ مُس ْ
أل ناحِ ٌل َشوْقًببا إل ال ذَائببببُ شَيةِ ال خَاضِع بٌ أل خَاشِع بٌ مِبن خَ ْ
ببُ جزَى بابب ُهوَ كَاسبِ ئ يُ ْ
وكُ ُل امْر ٍ ب فب غَدٍ بتَلْقون مبا ق ّدمْتُبم اليوم َسَ
قال القرطب ف «تفسيه» ف سورة النمل :عند قول ال تعالَ :وقَالَ يَا أَيّهَا
النّا سُ ُعلّمْنَا مَنطِ َق الطّيْرِ ،قال مقاتل بن سليمان :بينما سليمان بن داود جالس
ذات يوم إذ مَ ّر به طائرٌ يطوف.
فقال للسائه :أتدرون ما يقول هذا الطائر؟ إنا قالت ل :السلم عليك أيها
اللك الُ سَلّط ،والنب لبن إسرائيل ،أعطاك ال الكرامة ،وأظهرك على عدوك ،إن
منطلق إل أفراخي ،ث أمر بك ثانية و إنه سيجع إلينا الثانية.
ث رجع ،فقال :إنه يقول السلم عليك أيها اللك السلط إن شئت أن تأذن ل
كي ما اكت سبُ على أفرا خي ح ت يشبوا ث آت يك فاف عل ب ما شئت ،فأ خبهم
سليمان با قال وأذن له فانطلق.
وقال فرقبد السببخي :مَ ّر سبُليمان على بُلب ٍل فوق شجرة يُحركُب رأسبه ويُميلُ
ذنب هُ ،فقال ل صحابه :أتدرون ما يقول هذا البل بل؟ قالوا :ل يا نب ال ،قال :إ نه
ت نصف ترة فعلى الدنيا العفاء. يقول :أكل ُ
ومرّ بد هد فوق شجرة و قد ن صب له صب فخًا ،فقال له سليمان :احذَرْ يا
هُ ْدهُدُ ،فقال :يا نب ال ،هذا صب ل عقْلَ لَ ُه فأنا أسْخَر به.
ث رجع سليمان فوجده قد وقع ف حبال ِة الصب وهو ف يده ،فقال هُدهد :ما
ت فيها يا نب ال ،قال :وي كَ فأنْ تَ ترى الاء تت هذا؟ قال :ما رأيتُها حت وقع ُ
الرض أما ترى الفخّ؟ قال :يا نب ال إذا نزل القضاء عَ ِميَ البصرُ.
268
إيقاظ أول المم العالية
وقال ك عب :صاح ورشان ع ند سليمان بن داود ،فقال :أتدرون ما يقول؟,
قالوا :ل ،قال :إنه يقول لدُوا للموت وابنوا للخراب.
ت هذاو صاحت فاختةٌ ،فقال :أتدرون ما تقول؟ قالوا :ل ،قال :إن ا تقول ليْ َ
اللق ل يُخلقُوا وليتهُم إذ خلقوا علمُوا لا خُِلقُوا له.
و صاح عنده طاوس ،فقال :أتدرون ما يقول؟ قالوا :ل ،قال :إ نه يقول ك ما
تدين تدان.
وصاح عنده هدهد ،فقال :أتدرون ما يقول؟ قالوا :ل ،قال :إنه يقول مَن ل
يرحم ل يرحم.
برَد عنده ،فقال :أتدرون مبا يقول؟ قالوا :ل ،قال :إنبه يقول وصباح ص ُ
استغفروا ال يا مذنبي ،فمن ث نى رسول ال عن قتله.
وقيبل :إن الصبرد هبو الذي دل آدم على مكان البيبت وهبو أول مبن صبام،
ولذلك يقال للصرد الصوام.
روي عن أب هريرة ،وصاحت عنده طيطوي ،فقال :أتدرون ما تقول؟ قالوا:
ل ،قال :إنا تقول كلُ حَي َميّت وكلُ جديد بَالٍ.
وصباحت خَطّافبة عنده ،فقال :أتدرون مبا تقول؟ قالوا :ل ،قال :إناب تقول
ق ّدمُوا خْيرًا تدُوه ،فم ْن ث نى رسولُ ال عن َقتْلِها.
وقيبل :أن آدم خرج مبن النبة فاشتكبى إل ال الوحشبة فآنسبه ال تعال
بالطاف والزمها البيوت ،فهي ل تفارق بن آدم أنسًا لم.
قال :ومعها أربع آيات من كتاب ال عز وجل :لَوْ أَن َزلْنَا َهذَا القُرْآ نَ عَلَى
جََبلٍ لّ َرأَيَْتهُ إل آخرها وتد صوتا بقوله العزيز الكيم.
وهدرت حامبة عنبد سبليمان ،فقال :أتدرون مبا تقول؟ قالوا :ل ،قال :إناب
تقول :سبحان رب العلى عدد ما ف سواته وأرضه.
وصاح قمري عند سليمان ،فقال :أتدرون ما يقول؟ قالوا :ل ،قال ،إنه يقول
سبحان رب العظيم الهيمن.
269
إيقاظ أول المم العالية
وقال كعبب :وحدثهبم سبليمان ،فقال :الغراب يقول :اللهبم الْع َن العَشار،
ت سَلِمْ.
والدأة تقول :كل شيء هالك إل وجهه ،والقطاة تقول :من َسكَ َ
والببغا ُء تقول :و يل لِمَن الدنيا هّ ه ،و الضفد عُ يقول :سبحان الذكور ب كل
لسان ف كل مكان.
وقال مكحول :صاح دراج ع ند سليمان ،فقال :أتدرون ما يقول؟ قالوا :ل،
قال :إ نه يقول« :الرح ن على العرش ا ستوى» ،وقال ال سن :قال ال نب « :إذا
صاح الديك :قال اذكروا يا غافلي».
وقال ال سن بن علي ا بن أ ب طالب :قال ال نب « :الن سر إذا صاح قال :يا
ابن آدم عِش ما شئتَ فآخِركَ الوت».
وإذا صاح العقاب ،قال :ف البعد عن الناس الراحة.
وإذا صباح الطاف ،قرأ المبد ل رب العاليب إل آخرهبا ،فيقول :ول
الضال ي وي د ب ا صوته ،ك ما ي د القارئ ،قال قتادة والش عب :إن ا هذا ال مر ف
الطي خاصة؛ لقولهُ :علّمْنَا مَنطِ قَ الطّيْرِ ،والنملة طائر إذ قد يوجد له أجنحة،
قال الشعب :وكذلك كانت هذه النحلة ذات جناحي.
وقال :فر قة ،بل كان ف ج يع اليوان وإن ا ذ كر الط ي؛ ل نه كان جندًا من
جند سليمان يتاجه ف التظليل عن الشمس ،وف البعث ف المور ،فخص بالذكر
لكثرة مداخلته ،ولن أمر سائر اليوان نادر وغي متردد ترداد أمر الطي.
وقال أبو جعفر النحاس :والنطق يقع لا يفهم بغي كلم ،وال جل وعز أعلم
با أراد ،قال ابنُ العرب :مَن قال :إنه ل يعلم إل منطق الطي ،فنقصان عظيم.
270
إيقاظ أول المم العالية
ب وَجَاهِدُ وإنب لَسبَاعٍ فب رضَاك َ إليبب إنبب شاكرٌ لَكببَ حَا ِمدٌ
ب بالعف ِو عائد على العَائِ ِد التّوبببب ِ وأنّك بَ َمهْمَبا زَلّت بِ الّنعْ ُل بالفَتَبى
و ِحلْمًببا فأنْتببَ الُدّنبب ا ُلَتبَاعِدُ ب َتعَطُفًببا ب مَجْدًا واَّنيْتب ََتبَاعَدْتب َ
بب ا ُل ْعضِلت ببُ الشدائدُ إذا َدهَ َمتْنب بوَا َك ُم َعوّلٌومببا ل على شيءٍ سب ِ
ب واحِدُ ب أنّك َ وقبد أوضحبَ البُ ْرهَان ُ با با وخَالِقًب بو ل إلًب أغَيْرَكببَ أدْعُب
ب شاهِدُ ب بُرْهان بٌ ول لح َ على ذَاك َ ببوَاكَ فَلم َيقُم ْبس ِ وقِدْمًبا دَعَبى قوم ٌ
به ويُشَاهِدُ با الفَتَبى ف ب نفسب يَرَاهب ْقب الوَرى مِن دَلئِل َكب فب خَل ِ وكبم ل َ
تُخَاصبببِ ُم ُهمْ إنبببْ أْنكَ ُروْا وُتعَانِدُ ُوسبهُمْ
ْكب ُنف ُ كَف َى ُمكْذِب ًا ِللْجَاحِ ِدي َ
موعظة
قال ابن الوزي ب رحه ال ب:
اسبتم ْع يبا رهيب الفات والصبائب ،يبا أسبي الطارقات النوائب ،إياك وإياك
المال الكواذب ،فالدنيا دا ٌر وليست بصاحب أما أرتْكَ ف فعلها العجائب.
فيمن مشى ف الشارق والغارب ،ث أرتك فيك شيب الذوائبْ.
صوَاِئبْ ،ل يَرُدّهَا مُحَارِ بْ ،ول يفوتُ ها هار بْ، ت أنّ سهامَ الوت َ أ ما علم َ
صوْت تدبّ إلينا دبيب اليّات والعَقارِ بْ ،بينما أنْ تَ تسمعُ صوتَ م ْزهِر صار َ
نادِبْ.
يا أ سي حُبّ الدن يا إن قتل تك من نطالب كأ ن بك ق ْد بتّ فرحًا م سرورًا،
فأصبحت ترحًا مثبورًا ،وتركتَ مالك ِل َغيَركَ َموْفُورًا.
وخرج من يدك فصار للكُ ّل ُشوْرَى ،وعَاَينْتَ ما َفعَْلتَ ف الكتاب مَسْطْورًا.
صبَا ال صّبَا فعاد تْ َدبُورًا،
وعَلِمْ تَ أنك كن تَ ف الوى َمغْرُورًا ،وا ستحالتْ َ
وأ سكنتَ لدًا ت صيُ ف يه مأ سورًا ،ونزلت جدثًا خربًا وترك تَ ق صرًا معمورًا،
ودخلت ف خب كان َوكَانَ أَمْرُ ال ّلهِ َقدَرًا ّم ْقدُورًا .
271
إيقاظ أول المم العالية
ب فيهببا القاطنببُ الترحّلُ َفيَحزَنب ُ ومببا هذه ال ُدنْيَببا بَدارِ إقَامَببة
ب َتحَمّلُوا
ب ورَكْب ٌ ب باب رَكْب ٌ
أنَاخ َ هبببي الدّارُ إل أنّهَبببا كَ َمفَا َزةٍ
حفَلُ حفَلٌ َكرّ َج ْ
إذا مَ ّر منهببببا جَ ْ لنب مَ ّر ال ِد يْديبن فب الوغَبى وإنّاب ْ
بهْمًا والبَريّةبب َم ْقتَلُ
وُتْنبِضببُ سب َ ب ِمفْصببَلٌ ل والَلئِقب ُ بً تُجَرّ ُد نَصب ْ
بف لنبب رام النجاة التخيببل فكيَب ومببا َخ ْلفَنَبا منهببا َمفَرٌ لابب رب
إل َموْرِدٍ مببا عنببه للخلق َمعْدِلُ بيْرهُ
ب طَا َل الّثوَاءُ مَص ِوكُ ٌل وإن ْ
أيبن الوالدان وعمبا ولدوا؟ أيبن البارون؟ وأيبن مبا قصبدوا؟ أيبن أرباب
العاصبي على ماذا وردوا؟ أم َا جَنوا ثرات مبا جنوا وحصبدوا ،أمبا قدموا على
أعمالم ف مآلم ووفدوا ،أما خلوا ف ظلمات القبور.
بكوا وال على تفريطهم وانفردوا أما ذَلّوا وقلوا بعد أن عتوا ومردوا أما طلبو
ا زادًا يكفي ف طريقهم ففقدوا.
عاينوا وال كلّ ما قدّموا ووجدُوا ،فمنهم أقوام شقوا ،ومنهم أقوام سعدوا.
كان اب ُن ال سماك يقول :أل منت به من رقدة؟ أل م ستيقظ من غفلة؟ أل مف يق
من سكرته؟ أل خائف من صرعته؟
أق سم بال لو رأ يت القيا مة ت فق بزلزل أهوال ا و قد عَلت النار مِشر فة على
أهلها وجيء بالنبيي والشهداء لس ّركَ أن يكون لك ف ذلك المع منلة وزلفى.
اهب.
ب وال يببا هَذَا ِلرِزْقِكببَ ضَامِنببُ ببَ َق القَضَا ُء بكبل مبا هُبو كائِن ُ
سَ
حوَادِثببِ آمِنببُ بي كأنّكببَ لِلْ َ ب ُتعْنَب
ب مبا بِه ِ َتعْنِبي باب ُتكْفَبي وتَتْرك ُ
با آمِنببُ أو مَبا تَرىَ الدُنيَبا ومَصبْرعَ أهلِهَبا فاعْمَلْ ِليَومببِ ِفرَاقِهببا يَب
حتَ ت َمعُه بُ ِل َغيْرك بَ خَازن بُ ببَ ْ
ب بأنّكببَ ل أبالَكببَ الذي أص ْ واعْلَمب ْ
بن النيةِ سببَاكِنُ يبببا عَامِرَ الدنيبببا أِتعْمُ ُر َمنْزلً ل َيبْقببَ فيهببِ مِب
ب ُمَتهَاوِنببُ
ب وأنْتببَ بِذِ ْكرِهب ِ
ب شيءٌ أنْتببَ َتعْلَمببُ أنّهببُ حَقبٌ الوتب ُ
بتَأ ِذنُ
با ول تَسب ْ بت فبب َنفْسببِ ِه يَومًب ب الِنيّ َة ل تُؤامِببر مِببن أتَبإنّب
272
إيقاظ أول المم العالية
273
إيقاظ أول المم العالية
من م صر بأن ثل ثة من الل صوص نقبوا دارًا فوجدوا ع ند ال صباح مو تى أحد هم
على باب النقب ،والثان على رأس الدرجة ،والثالث على الثياب الكورة.
وف السنة الت تليها وقع وباء ،فكان تفر زبية لعشرين وثلثي فيلقون فيها،
وتاب الناس كلهم وأراقوا المور ولزموا الساجد.
و ف سنة ست وخ سي وأربعمائة و قع الوباء وبلغ الر طل من الت مر الندي
أربعة دناني ،وف سنة اثنتي وستي وأربعمائة اشتد الوع والوباء بصر حت أكل
الناس بعض هم بعضًا وب يع اللوز وال سكر بوزن الدرا هم والبي ضة بعشرة قرار يط،
وخرج وزير صاح مصر إليه فنل عن بغلته فأخذها ثلثة فأكلوها فصلبوا فأصبح
الناس ل يرون إل عظامهبم تتب خشبهبم وقبد أكلوا ،وفب سبنة أرببع وسبتي
وأربعمائة وقع الوت ف الدواب حت إن راعيًا قام إل الغنم وقت الصباح ليسوقها
فوجدوها كلها موتى .انتهى.
وقال ا بن كث ي ب رح ه ال ب :و ف سنة أر بع وثلث ي وثلثائة و قع غلء
شد يد ببغداد ح ت أكلوا الي تة وال سناني والكلب ،وكان من الناس من ي سرق
الولد فيشويهم ويأكلهم.
وك ثر الوباء ف الناس ح ت كان ل يد فن أحدٌ أحدًا ،بل يُتركون على الطرق
فيأكل كثيًا منهم الكلب.
وبيعت الدور بالبز وانتجع الناسُ إل البصْرة فكان منهم من مات ف الطريق.
وذكر ب رحه ال ب أن ف سنة اثنتي وثلثي وثلثائة ف جاد الول غلت
السعار ببغداد جدًا وكثُرت المطار حت تدم البناء ،و مات كثي من الناس تت
الدم وتعطّلت أكثر الساجد من قلة الناس.
ونق صت قي مة العقار ح ت ب يع م نه بالدر هم ما يُ ساوي الدينار وخلت الدُور
وكان الدّللُون يُعطُون من يسكنُها أجرة ليحفظها من الداخلي إليها ليُخرُبوْها.
وكثرت الكب ساتُ من الل صوص بالل يل ح ت كان الناس يتحار سُون وكثُرت
الفتُ من كل جهة إِنّا لِ ّلهِ َوإِنّا ِإلَيْهِ رَا ِجعُونَ .اهب.
274
إيقاظ أول المم العالية
ث وثلث ي وخ سمائة كا نت زلزلة عظي مة بدي نة جبت فمات و ف سنة ثل ٍ
بسببها مائتا ألف وثلثون ألفًا وصار مكانا ماء أسود عشرة فراسخ ف مثلها.
وزلزل أ هل حلب ف ليلة واحدة ثان ي مرة ،فو ضع ال سلطان ممود مكو سًا
كثية عن الناس وكثُرت الدعية له.
قال :و ف سنة اثنت ي وخ سي وخ سمائة كا نت زلزلة عظي مة بالشام هلك
بسببها خلق كثي ل يعلمهم إل ال.
وتدّم أكثرُ حلب وحاة وشيز وحصب وكفبر طاب وحصبن الكراد والعرّة
وقامية واللذقية وأنطاكية وطرابُلس.
قال :وقال اب ُن الوزي :وأما قامية فساخت قلعتها وتل حران انقسم قسمي
فأبدى نواويس وبيوت كثية ف وسطه.
وتدّمت أسوار أكثر مدن الشام حت أن مكتبًا من مدينة حاة اندم على من
فيه من الصغار فهلكوا عن آخرهم.
وف سنة أربع وعشرين ومائتي زلزلت فرغانة فمات فيها خسة عشر ألفًا.
و ف ال سنة ال ت تلي ها رج فت الهواز وت صعدت البال وهرب أ هل البلد إل
البحر والسفن ودامت ستة عشر يومًا.
و ف ال سنة ال ت تلي ها م طر أ هل تي ما مطرًا وبردًا كالب يض ،فق تل به 370
إنسانًا.
وسع ف ذلك صوت يقول :ارحم عبادك ،اعف عن عبادك.
ونظروا إل أثر قدم طولا ذراع بل أصابع وعرضها ش ٌب وبي الطوتي خس
أذرع أو ستة.
فاتبعوا الصوت فجعلوا يسمعون صوتًا ول يرون شخصًا.
وف سنة 233رجفت دمشق رجفة انقضت منها البيوت وسقطت على من
فيها فمات خلق كثي.
وانكفأت قرية ف الغوطة على أهلها فلم ينج منهم إل رجل واحد.
275
إيقاظ أول المم العالية
وزلزلَت أنطاكية فمات منها عشرون ألفًا.
وف السنة الت تليها هبت ريح شديدة ل يعهد مثلها فاتصلت نيفًا وخسي
يومًا.
وشلت بغداد والبصرة والكوفة وواسط وعبادان وهوازن.
ث ذهبت إل هدان فأحرقت الزرع.
ث ذهبت إل الوصل فمنعت الناس من السعي وتعطلت السواق.
وزلزلت هراة فوقعت الدور.
وذكروا أشياء كثية غريبة عجيبة يطول ذكرها اقتصرنا منها على هذا الطرف
اليسي الذي ربا يكون سببًا للعتبار والتيقظ والرجوع إل ال.
ن سأل ال ال ي القيوم العلي العظ يم الوا حد ال حد الفرد ال صمد الذي ل يلد
ول يولد ول يكن له كفوًا أحد.
أن يو قظ قلوبنا وي ستر عيوبنا ويغ فر ذنوبنا ويثبتنا على قوله الثا بت ف الياة
الدنيا والخرة ،إنه سيع قريب على كل شيء قدير.
276
إيقاظ أول المم العالية
ب َومَآربب حوَه ُ ب وَجْهِبي َن ْ َووَ ّجهْت ُ ب النام بِ مَطَالب ب برَ ْفتُ إل رِب ّ ص َ
ب
بْيبُهُ فب الْتَاعِب ِ ب يُ َرجّىب س َمَليْك ٌ ب العْلَى الذّي ليسبَ فَوقَهبُ إل الَلِك ِ
وعَمّبب الوَرَى طُرًا َبزْ ِل ا َلوَاهِبببِ ب
ب ُجوْدُه ُ بمَ ِد البَرّ الذي فَاض َ إل الص ّ
ب وَاهِبببِ وأسببْمَ َح َغفّارٍ وأكْرمب َ ُمقِيْليببْ إذا زَلّتببْ بَب الّنعْ ُل عَاثِرًا
ببدُورِ النّوائِب ِ ب َعنّيب فب ص ُ ويَدْفَع ُ با با زَا َل ُيوِْليْنبب الَ ِميْ َل تَلَطّفًب
فَمَب
ببِ ب وَبّب الكاسبِ َجنِيْنًبا ويْ ِميْنب ل وَقبْلَهَببا ل وكه ً ويَرْزُقُنببب طِ ْف ً
ِبب
ِمب َزجْرُ حَاج ِ وَنهْنَبه عبن غِشْياِنه ْ ب ُدوْنب قُصبُو َرهُمْ ب المْلَاك ُإذا أغْلَق َ
مُدِلً أُنادِي بإسببْمِهِ غيبب هائِبببِ بُ إل بَاب ا ُل َهيْمِبن طارقًبا فِزعْتب
ِبب
َامب ال َكوَاك ِْقب ه ِسبؤْلِيْ َفو َ
ولو كَان ُ با وَل أخْشببَ مِْن َعةً فلم ألْف حُجّابًب
َنهَارًا وَليْلً فب الدُجَبى والغَياهِببِ ب كُلّمَبا دَعَبا ب يُلَبْبي عَبْدَه ُ
كَريْم ٌ
تَسببِحّ دِفَاقًبا باللّهَبى وال ّرغَائِبببِ س بَأسْألهُ مَبا شِئت بُ إنّب يَ ِمْينَه بُ
ب
بهِا ُم النّوائِب ِ
بس ِ و ِحرْزًا إذا ِخْيفَت ْ ب الَرّاهِ ِز مَ ْلجًَبا ببِيَ رَبْب فب فَحَسبْ
278
إيقاظ أول المم العالية
وقال ابن عباس :إذا ترك العال ل أدري أصيبت مقالته ،وقال :كان رسول ال
إمام السلمي وسيد العالي يسأل عن الشيء فل ييب حت يأتيه الوحي من
السماء.
وقال الشعب :ل أدري نصف العلم.
َسب ُل عبن الشيبء فيقدّم ويؤخبر
وقال أحدب فب روايبة الروذي :كان مالك ي ْئ
يتثبت ،وهؤلء يقيسون على قوله ،ويقولون :قال مالك.
وعبن علي ببن أبب طالب قال :مبن عِلْم الرجبل أن يقول لاب ل يعلم :ال
:قُلْ مَا أَ ْسأَلُ ُكمْ عَلَيْ هِ مِ نْ أَجْرٍ َومَا أَنَا مِ نَ أعلم؛ لن ال عز وجل قال لرسوله
الُتَكَ ّلفِيَ .
و صح عن ا بن ع مر ب ر ضي ال عنه ما ب قال :العلم ثل ثة :كتاب ناط قٌ،
وسّنة ماضية ،ول أدري.
وقال أحد ف رواية الروذي :ليس ف كل شيء ينبغي أن يُتكلم فيه ،وذكر
أحاديث النب كان يُسأل فيقول ل أدري حت أسأل جبيل.
وقال عبدال :سعتُ أب يقول :كان سفيان ل يكاد يفت ف الطلق ،ويقول:
مَ ْن يُحسنُ ذا من يُحسنُ ذا.
وقال ف رواية الارث :ودد تُ أنه ل يسألن أحد عن مسألة أو ما شيء أشد
علي من أن أسأل عن هذه السائل البلء يُخرجُه الرج ُل عن عُُنقِه ويُقَلّدك.
وخاصّة مسائل الطلق والفُروج ،ونقل الثرم عنه أنه سأله عن شيء ،فقلتُ:
كيف هو عندك ،فقال :وما عندي أنا.
و سعتُه يقول :إن ا هو يع ن العل مَ ما جاء من فوق ،وقال سفيان :من فت نة
ب إليه من السكوت. الرجل إذا كان فقيهًا أن يكون الكلم أح ّ
وقال الروذي :قُل تُ لب عبدال إن العال يظنون عنده عل مُ كل شيء ،فقال:
قال ابن مسعود :إن الذي يُفت الناس ف كل ما يستفتُونه لجنُون ،وأنكر أبو
عبدال على من يتهجّم ف السائل والوابات.
279
إيقاظ أول المم العالية
قال :وسعتُ أبا عبدال يقول :ليتّ قِ ال عب ٌد ولينظر ما يقول وما يتكلم ،فإنه
مسئول.
الناسب على مذهببه ،ويُشدّد
َ وقال :مبن أفتب الناس ليبس ينبغبي له أن يُحيبل
عليهم.
وقال ف رواية القاسم :إنا ينبغي أن يُؤمر الناسُ بالمر البي الذي ل شك فيه
وليت الناس إذا أمروا بالشيء الصحيح أن ل ياوزوه.
ونقل ممد بن أب طاهر عنه أنه سُئل عن مسألة ف الطلق ،فقال :س ْل غيي
ليس ل أن أفت بالطلق بشيء.
وقال ف رواية ابن منصور :ل ينبغي أن تُجي بَ ف كل ما يُستفت ،وصح عن
مالك أنه قال :ذ ٌل وإهانةٌ للعال أن تيب كُلّ من سألَكَ.
وقال أيضًا :ك ُل مَن أ خبَ النا سَ ب كل ما ي سم ُع فهُو منُون ،وقال أح د ف
رواية أحد بن علي البار ،وقال له رجلَ :حَلفْ تُ بيميْ ل أدري أيش هي؟ قال:
ت أنك إذا دَ َرْيتَ دَ َرْيتُ أنا.لي َ
وقال ف رواية الثرم :إذا هاب الرجل شيئًا فل ينبغي أن يمل على أن يقول.
وقال ف روايبة الروذي :إن الذي يُفتب الناس يتقلدُ أمرًا عظيمًا ،وقال :يُقدم
على أمر عظيم ينبغي لن أفت أن يكون عالًا بقول من تقدم وإل فل يُفت.
وقال ف رواية اليمون :من تكلم ف شيء ليس له فيه إمام أخاف عليه الطأ.
وقال الثوري :ل نزال نتعلم ما وجد نا من يعلم نا ،وقال أح د :ن ن ال ساعة
نتعلم ،و سأله إ سحاق بن إبراه يم عن الد يث الذي جاء« :أجرؤ كم على الفت يا
أجرؤكم على النار» ما معناه.
قال أببو عبدال :يُفتب باب ل يسبمع ،وقال ممبد ببن أبب حرب :سبعت أببا
عبدال ،و سُئل عن الرجل يفت بغي علم ،قال :يروى عن أب موسى ،قال :يرق
من دينه.
280
إيقاظ أول المم العالية
ونقبل الروذي :أن رجلً تكلم بكلم أنكره عليبه أببو عبدال ،قال :هذا مبن
حبه الدنيا يُسئلُ عن الشيء الذي ل يسن فيحمل نفسه على الواب.
ونو هذا عن حاد ،وقال :كنت أسائل إبراهيم عن الشيء ،فيعرف ف وجهي
أن ل أفهم فيعيده حت أفهم ،روى ذلك اللل وغيه.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
قال ا بن و هب عن يو نس عن الزهري :أن أ با ب كر ال صديق حدث رج ً
ل
ض ُتقِلُ ن إذا
بد يث فا ستفهمهُ الر جل ،فقال ال صديق :هو ك ما حدّثتُك ،أي أرْ ٍ
قلتُ با ل أعلم.
وروى نوه من غ ي و جه عن أ ب هريرة مرفوعًا « :من أف ت بفت يا غَيْر ثِبْ تٍ
فيها ،فإنا إثه على الذي أفتاه» ،وف لفظ« :من أفت بفتيا بغي علم كان إث ذلك
على الذي أفتاه» رواه ا أح د ،وروى الثا ن أ بو داود ،والول ا بن ما جه ،و هو
حديث جيد له طرق مذكورة ف حواشي «النتقى».
وقال الثوري عن العمش عن أب وائل عن ابن مسعود ،قال :من أفت الناس
ف كل ما ي ستفتونه ف هو منون ،وقال مالك :عن ي ي بن سعيد عن ا بن عباس
مثله.
وقال الزهري عن خالد بن أسلم ،قال :كنا مع ابن عمر ،فسأله أعراب أترثُ
العمبة؟ فقال :ل أدري ،قال :أنبت ل تدري ،قال :نعبم إذهبب إل العلماء،
فا سألم ،فل ما أدبر الر جل َقبّ َل اب ُن ع مر يد هُ ،فقال :ن عم ما قال أ بو عبدالرح ن،
سُئل عما ل يدري ،فقال :ل أدري.
وقال سفيان بن عيينة والثوري عن عطاء بن السائب عن عبدالرحن بن أب
ليلى ،قال :أدركت عشرين ومائة من النصار من أصحاب رسول ال ما منم
من أحد يدث بديث إل ود أن أخاه كفاه إياه.
281
إيقاظ أول المم العالية
ول يُ ستفت عن ش يء إل ودّ أن أخاه كفاه الفتوى ،هذا ل فظ روا ية الثوري،
ولفظ ابن عيينة إذا سُئل أحدهم عن السألة ردها هذا إل هذا ،وهذا إل هذا حت
ترجع إل الول.
وقال أ بو حُ صَي عثمان بن عا صم التاب عي :إن أحد كم يُف ت ف ال سألة ولو
وردتْ على عمر لمع لا أهْ َل بَدْرٍ.
وقال القاسم وابن سيين :لن يوت الرجل جاهلً خي له من أن يقول ما ل
يعلم ،وقال مالك عن القاسم بن ممد :إنّ مِن إكرام الرء لنفسه أن ل يقول إل ما
أحاط به علمه.
وقال سعيد بن جبي :ويل لن يقول لا ل يعلم إن أعلم ،وقال مالك :من فقه
العال أن يقول ل أعلم ،فإنه عسى أن يهيأ له الي.
وقال أحد بن حنبل :سعتُ الشافعي ب رضي ال عنهما ب سعت مالكًا،
سبعت ممبد ببن عجلن يقول :إذا ترك العال ل أدري أصبيبت مقاتله ،ورواه
إ سحاق بن راهو يه عن ا بن عيي نة عن داود بن أ ب ال ُزبَ ي الزبيي عن مالك بن
عجلن ،قال :قال ابن عباس ،فذكره وقد سبق.
وقال عبدالرزاق عن مع مر ،قال :سأل ر جل عَمْرَو ب نَ دينار عن م سألة فلم
يبه ،فقال الرجل :إن ف نفسي منها شيئًا فأجبن.
فقال :إن ي كن ف نف سك منها مثل أ ب قُبيس أ حب إلّ أن يكون ف نف سي
منها مثل الشعرة.
وقال ابن مهدي :سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة فطال ترداده إليه فيه
ب فيبه اليبوأل عليبه ،فقال :مبا شاء ال يبا هذا ،إنب ل أتكلم إل فيمبا احتسب ُ
ولستُ أحسنُ مُسألتَكَ هذه.
نوعب مبن الهبل
ت مالكًا يقول :العجلة فب الفتوى ٌ ابنب وهبب :سبع ُ وقال ُ
والُرق.
282
إيقاظ أول المم العالية
وقال يي بن سعيد :كان سعيد بن السيب ل يكاد يفت فُتيًا ول يقول شيئًا
إل قال :اللهم سلّمْن وسَلّمْ من ،ذكره البيهقي وغيه.
ولسيما إن كان من يُف ت يعلم من نف سه أ نه ليس أهلً للفتوى لفوات شرط
أو وجود مانع ول يعلم الناس ذلك منه.
فإ نه يرم عل يه إفتاء الناس ف هذه الال بل إشكال ف هو ي سارع إل ما يرم
لسيما إن كان الامل على ذلك عرض الدنيا.
وأ ما ال سف فكانوا يتركون ذلك خوفًا ،ول عل غيه يكف يه و قد يكون أد ن
لوجود مَن هو أول منه.
قال ابن معي :الذي يدث بالبلدة وبا من هو أول منه بالديث فهو أحق.
وقال مالك :ما أفتيتُ حت شهد ل سبعون أن أهلٌ لذلك.
وقال ابن عُيينة وسحنون :أجسر الناس على الفتيا أقلهم علمًا ،وقال سحنون:
أشقى الناس من باعَ آخرتَ ُه بدنيا غيه.
وقال :فتن ُة الواب بالصواب أشدُ من فِتنة الال.
وقال سفيان :أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن ييبوا ف السائل والفُتيا حت
ل يدوا بُدّا من أن يُفتُوا ،وقال :أعل ُم الناس بالفُت يا أ سكتُهم عن ها وأجهل هم ب ا
أنطقهم فيها.
وبكى ربيعة ،فقيلَ :ما يُبكيك؟ فقال :اسُتفْتِي مَن ل عِ ْل مَ له ،وقال :ولبعض
من يُفت هاهنا أحقّ بالسّجْن من السّراق.
وقال بعض العلماء لبعض الفتي :إذا ُسئِ ْلتَ عن مسألة فل يكن هك تليص
ال سائل؛ ول كن لي كن هّ كَ تل يص نف سك ،وقال عمرو بن دينار :ل ا جلس قتادة
للفتيا تدري ف أي عمل وقعت؟ وقعت يا قتادة بي ال وبي خلقه ،وقل تُ :هذا
يصلح ،وهذا ل يصلح.
وقال بعضهم :إن العال داخل بي ال وبي خلقه ،فلينظر كيف يدخل بينهم!
283
إيقاظ أول المم العالية
وكان ابن سيين إذا سُئل عن الشيء من اللل والرام تغيّر لونه وتبدل حت
كأنه ليس بالذي كان.
وكان النخ عي ي سأل فتظ هر عل يه الكرا هة ،ويقول :ما وجدت أحدًا ت سأله
غيي؟
وقال آخر :إذا سُئلت عن مسألة فتفكر ،فإن وجدت لنفسك مرجًا فتكلم،
وإل فاسكت.
وعن مالك :أنه كان إذا سُئل عن السألة كأنه واقف بي النة والنار.
ت بُدًا ما تكلمت ،وإن زمانًا أكون فيه وقال النخعي :قد تكلم تُ ولو وجد ُ
فقيه أهل الكوفة لزمان سوء.
وقال ابن عيينة :ليس هذا المر لن ود أن الناس احتاجوا إليه ،إنا هذا المر
لن ود أن وجد من يكفيه.
وسُئل عمر بن عبدالعزيز عن مسألة ،فقال :ما أنا على الفتيا بريء ،انتهى.
ب َبعْدُ جَ ِديْدُ
ب هِدَاَيةً إذا غاب َنجْمببٌ لحب َ با نوم ُ ض ُووْا العلم فب الدنيب َ
بُ ال طُرًا وهُم بْ له بُ َمعَاقِلُ مبببببببن أعْدَائه و ُجنُودُ ب عَزّ ِديْنبِبهِمبْ
ب وُيفِيْدُ
ب ك ان يَ ْروِي عِ ْلمَه ب ُ
ولو ل َيقُمببْ أه ُل الديثببِ بنقِلهببِ فَمَن ب ْ
ب النّبو ِة وا ْحتَووْا مِبن الفضلِ مبا عنبه النامبُ رُُقوْدُ هُمُوا وَرِثوا عِلْمببب َ
ببببا ل ُموْا َبعْدَ المات خُ ُم ْودُ ِمب وَمَبُمب كَمَصبَابِيْحِ الدّجَى ُيهْتَدَى ِبه ْ
وه ْ
آخر:
ب الصببو ِم عابِدُِسبمَهُ َكِثيْرُ صببَلةٍ دَائِمب ِ
ِنب قَ ْد أنْحَلَ الزّهدُ ج ْ
أل رُب ّ م ْ
بدُب جَاهِلٌ إذا ُج ِهلَ ا َلقْصبُودُ قبد خَاب قاص ِب وِصبَالً وهبو بال ُطرْق ِ يَرُوم ِ
لهْلِ فاسببِدُ ب نَافِعببٌ كَثيٌ مببن العما ِل با َ قليلٌ مببن العمالِ بالعلمب ِ
جج
284
إيقاظ أول المم العالية
فصل
أسئلة وأجوبة ال أعلم بالسائل عنها والسئول:
السؤال الول عن واحد ل ثان له.
وعن دين ل يقبل ال غيه.
وعن مفتاح الصلة وب تتم.
وعن غراس النة وعن صلة كل شيء.
وعن أربعة فيهم الروح ول يكونوا ف أصلب الرجال ول أرحام النساء.
وعن رجل ل أب له.
وعن رجل ل أم له ول أب.
وعن حيوان جرى بصاحبه.
وعن بقعة من الرض طلعت عليها الشمس مرة واحدة ول تطلع عليها قبل
ذلك ول بعده.
وعن ظاعِن ظعن م ّرةً ول يظعن قبلها ول بعدها.
وعن شجرة نبتت على إنسان.
وعن شيء يتنفس ول روح له.
وعن الكمة ف الحو الذي ف القمر.
وعن ميت مات ألف شهر ومائت شهر.
وعن جبل ارتفع ث رجع.
وعن اثنان ل ثالث لما.
وخسة ل سادس لا.
وستة ليس سابع.
وسبعة ليس لا ثامن.
وثانية ل تاسع لا.
وتسعة ل عاشر لا.
285
إيقاظ أول المم العالية
وعشرة ليس لم حادي عشر.
واثنا عشر ل ثالث عشر لا.
وثلثة عشر ل رابع لا.
وعن أحب كلمة إل ال.
وما الوضع الذي ليس له قبلة.
وعن شيء حل بعضه وحرم بعضه.
وعن نب نى ال النب أن يعمل مثل عمل عمله.
وعن مَ ْن بعثه ال وليس من بن آدم ول من الن ول من اللئكة.
وعن نفس ماتت وضُرب ببعضها ميت فحيا بإذن ال.
وعن كافر ل تأكل الرض لمه.
س ول نسبة بينهما. وعن نفسٍ خرجت من نف ٍ
وعن اثني تكلما ف الدهر مرةً واحدة فقط ث ها سكوت إل يوم القيامة.
وعن أنفع كلمة وأرفع كلمة وأحسن كلمة وأزكى.
وعن جاعة شهدوا بالق وهمُ كاذبون.
وعن جاعة شهدوا بالق فأدخلوا النار ومن شهدوا عليه.
وعن شيء ف الرض من النة.
وعن صيدين صادها رجل فحل أحدها له وحرم عليه الخر.
وعن امرأة أوحى ال إليها.
وعن خسة مشوا على وجه الرض ول يولدوا.
وعن أم ل تلد.
وعن أم ل تولد.
و 7عن ماء ل يذكر أنه نبع من الرض ول يذكر أنه نزل من السماء.
الواب:
286
إيقاظ أول المم العالية
الواحد الذي ل ثان له فال جل جلله وتقدست أساؤه ،وأما الدين الذي ل
يقبل غيه فدين السلم ،قال تعالَ :ومَن يَبَْتغِ غَيْرَ الِسْلمِ دِينًا فَلَن ُيقْبَلَ مِنْهُ .
وأما مفتاح الصلة فالتكبي وتتتم بالتسليم.
وأما غرس النة فسبحان ال والمد ل ول إله إل ال وال أكب.
وأما صلة كل شيء سبحان ال وبمده.
وأ ما الذي في هم الروح ول يكونوا ف أ صلب الرجال ول ف أرحام الن ساء،
فهم :آدم وحواء ،وناقة صال ب عليه السلم ب ،وعصا موسى لا قلبها ال حية،
والكبش الذي فدى به إبراهيم ابنه ،قال ال تعالَ :و َفدَيْنَا هُ ِب ِذبْ حٍ َعظِي مٍ ،وأما
الوضع الذي ليس له قبلة فظهر بيت ال (أي سطح الكعبة).
وأما الرجل الذي ل أب له فعيسى –عليه وعلى نبينا السلم.-
وأما الرجل الذي ل أم له ول أب فآدم ب عليه السلم ب.
وأما اليوان الذي جرى بصاحبه ،فالوت الذي سار بيونس ف البحر.
وأما البقعة ال ت طل عت عل يه الش مس مرةً واحدة فأرض الب حر الذي فل قه ال
لوسى ومن معه من بن إسرائيل.
وأما الثنان اللذان ليس لما ثالث فالليل والنهار.
وأما الثلث الت ليس لا رابع فالطلق الثلث.
وأما المس الت ل سادس لا فالصلوات المس الفروضة.
وأما الستة الذين ل سابع لم فاليام الت خلق ال فيها السموات والرض.
وأما السبعة الت ل ثامن لا فأيام السبوع.
وأ ما الثمان ية الذ ين ل يس ل م تا سع فحملة العرش يوم القيا مة ،قال ال جل
وعلَ :وَيحْمِلُ عَ ْرشَ َربّكَ َفوْقَ ُهمْ يَ ْومَِئذٍ ثَمَانَِيةٌ .
وأما التسعة الذين ل عاشر لم ،فالتسعة الرهط الذين ذكرهم ال ف سورة
سدُونَ فِي الَ ْرضِ . النمل ،قال تعالَ :وكَانَ فِي ا َلدِيَنةِ تِ ْ
س َعةُ رَ ْهطٍ ُيفْ ِ
287
إيقاظ أول المم العالية
وأ ما الع شر ال ت ل يس ل ا حادي عشرة ،فقوله تعال :وَاْل َفجْرِ * َولَيَالٍ عَشْرٍ
.
وأما الحد عشر فإخوة يوسف.
وأما الثنا عشر فشهور السنة.
وأما الثلثة عشر فإخوة يوسف وأبوه وأمه.
و ما أحب كلمة إل ال فكلمة الخلص «ل إله إل ال».
وأما الشيء الذي أحِ ّل بعضُه وحُرّ َم بعضُه فهو نر طالوت ،قال تعال :إِنّ
س مِنّي َومَن لّ ْم يَ ْطعَمْ هُ َفِإنّ هُ مِنّي ِإ ّل مَ نِ
اللّ َه مُبْتَلِيكُم بَِن َهرٍ َفمَن َشرِ بَ مِنْ ُه فَلَيْ َ
اغَْترَفَ ُغ ْر َفةً بَِي ِدهِ .
وأ ما الذي بع ثه ال ول سي من ال نس ول من اللئ كة ول من ال ن ،ف هو
الغراب ،قال ال تعال :فََبعَثَ ال ّلهُ ُغرَابًا يَ ْبحَثُ فِي ا َل ْرضِ .
وأما النفس الت ماتت وضرب ببعضها ميتًا آخر فحيا بإذن ال ،فهي بقرة بن
إسرائيل ،قال ال جل وعلَ :فقُ ْلنَا اضْ ِربُوهُ بَِبعْضِهَا َكذَِلكَ ُيحْيِي ال ّلهُ الَ ْوتَى .
وأما الشجرة الت نبتت على إن سان فالت أنبت ها ال على يونس بن َمتّى ،قال
تعالَ :وأَنْبَتْنَا عَ َل ْيهِ َشجَ َرةً مّن يَ ْقطِيٍ .
وأ ما الن فس ال ت دخلت ف ن فس أخرى وخر جت ول يس بينه ما منا سبة ف هو
يو نس بن م ت ب عل يه ال سلم ب د خل ف ب طن الوت وخرج ،قال تعال:
فَالْتَقَ َمهُ الُوتُ .
وأما الكن من كنوز النة فل حول ول قوة إل بال ،كما ف الديث.
وأ ما الاء الذي ل يذ كر أ نه ن بع من الرض ول يذ كر أ نه نزول من ال سماء،
فالاء الذي نبع بي أصابع النب .
وأما الكمة الت ف مو آية الليل القمر ،فال أعلم أنه لجل تييز الليل من
النهار ،ولنافع أخرى تتعلق بالنبات والزروع والشجار.
288
إيقاظ أول المم العالية
وأ ما أن فع كل مة وأر فع كل مة وأح سن كل مة ،فكل مة الخلص« :ل إله إل
ال».
وأما النب الذي نى ال النب أن يعمل مثل عمل عمله ،فهو يونس ،قال ال
جل وعل وتقدس :فَا صْبِرْ ِلحُكْ مِ َربّ كَ َولَ تَكُن كَ صَا ِحبِ الُو تِ إِذْ نَادَى وَهُوَ
مَ ْكظُومٌ .
وأما الشهود الذين شهدوا حقًا وهم كاذبون فهم النافقون ،قال ال تعال:
ك َلرَ سُوُلهُ وَاللّ هُ
إِذَا جَاءَ َك الُنَا ِفقُو َن قَالُوا َنشْ َه ُد إِنّ كَ لَرَ سُولُ اللّ ِه وَاللّ هُ يَعْلَ ُم ِإنّ َ
ي لَكَا ِذبُونَ .
َيشْ َه ُد إِ ّن الُنَا ِفقِ َ
وأما الشهود الذ ين شهدوا بال ق وأدخلوا النار ،و من شهدوا عل يه فالوارح،
ش َهدُ عَلَ ْيهِ مْ َألْ سِنَُت ُهمْ َوَأيْدِيهِ ْم َوأَرْجُ ُلهُم بِمَا
قال ال جل وعل وتقدس :يَوْ َم َت ْ
سه ْم ُعهُمْ
ِمه َ
ُونه ،وقال تعال :حَتّىه ِإذَا م َا جَاءُوه َا َشهِدَ عَلَ ْيه ْ
كَانُوا يَعْمَل َ
وََأبْصَا ُرهُ ْم وَجُلُودُ ُه ْم بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ اليات.
وأ ما ال بل الذي ارت فع وعاد فج بل الطور ،أعاده ال ،قال ال جل وعل:
وَِإ ْذ نََتقْنَا الََبلَ َف ْو َقهُمْ َكَأّنهُ ظُ ّلةٌ وَظَنّوا َأنّ ُه وَاقِ ٌع ِب ِهمْ .
وأما الكافر الذي ل تأكل الرض لمه فقارون.
وأما الذي ف الرض وهو من النة فالجر السود.
و أ ما ال صيدان اللذان صادها ر جل ،فأحِل له أحده ا وحرم عل يه ال خر،
فمحرم صاد صيدين من الب واحد ومن البحر واحد ،فالذي من الب حرام ،والذي
من البحر حلل.
وأما الذي مات ألف شهر ومائت شهر ث أحياه ال ،فالعزيز ب عليه السلم
ب ،قال ال جل وعل وتقدسَ :فَأمَاَتهُ ال ّلهُ مِاَئةَ عَامٍ ثُمّ َبعََثهُ .
وأما الرأة الت أوحى ال إليها فأم موسى ،قال ال جل وعلَ :وأَوْحَيْنَا إِلَى
ضعِيهِ .
أُمّ مُوسَى َأنْ أَرْ ِ
وأما الم الت ل تولد فحواء –عليها السلم.-
289
إيقاظ أول المم العالية
وأ ما الم ال ت ل تلد فم كة الكر مة أم القرى ،قال ال جل وعل :لّتُنذِرُ أُمّ
القُرَى .اهب.
سُئل الشافعي عن رجلي خطبا امرأة فحلت لحدها ول تل للخر ،فقال:
إن الذي ل تل له ،له أربع زوجات فحرمت عليه الامسة.
فقال :ما تقول ف رجلي شربا خرًا فوجب على أحدها الد ،ول يب على
الخر وكانا مسلمي؟ فقال :إن أحدها كان حرًا بالغًا فوجب عليه الد ،والخر
صغي ل يبلغ.
قال :فما تقول ف خسة زنوا بامرأة فوجب على أحدهم القتلُ ،وعلى الخر
الرجمُ ،وعلى الثالث الدُ ،وعلى الرابع نصف الدِ ،ول يب على الامس حَدّ.
فقال :أمّ ا الول فمشرك ز ن بُ سلمة فو جب عل يه الق تل ،وأ ما الثا ن فم سلم
مُحصن زن فوجب عليه الرجم ،وأما الذي وجب عليه الد فمسل ٌم بكر زنَى،
ف الد ،وأما الذي ل يب عليه شيء وأما الرابع فمملو كَ زن فوجب عليه نص ُ
ب والجنون. فالص ّ
قال :فما تقول ف رجل أخذ كأسًا من ماء فشرب بعضه وحرُم عليه الباقي؟
قال :هذا لا شرب بعضه وقع على الباقي ناسة فحرم عليه.
قال :فما تقول ف رجل دفع إل امرأته كيْ سًا متومًا ،وقال لا :أن تِ طال قٌ إن
ل تُفرغيه ول تفتحيه ول تقطعيه ول تفتقيه ،ففرغته على ذلك الكم ول يلحقها
طلق؟
فقال :إن الكيس ملوءًا سكرًا أو ملحًا فوضعته ف الاء فذاب وتف ّرغَ.
قال :فمبا تقول فب جاعبة صبلحاء سبجدوا لغيب ال تعال وهبم فب فعلهبم
مُطيعون؟ قال :اللئكة سجدوا لدم.
قال :فما تقول ف رجل لقي جارية فقبّلها ،وقال :فديتُ من أب جدّها وأخي
عمها وأنا زوج أمها ،فما تكون منه؟ قال :هي ابنته.
290
إيقاظ أول المم العالية
قال :فما تقول ف امرأة لقيت غُلمًا ،فقبلته ،قالت :فديتُ من أُمي ولدت أمهُ
وأ ُخوْ زوْجِي عمّ ُه وأبُوه ابن حات وأنا امرأة أبيه؟ قال :هي أمّهُ.
وقال :ما تقول ف ر جل تزوّج امرأ ًة وزوّج ابن ُه أمّ ها ،فجاءت الم والبن تُ
بولدين ،فما يكون الولدُ من ذلك وذلك؟ فقال :اب نُ الم خالُ لبن البنت ،واب نُ
البنت ع ّم لبن الم.
وقال :ما تقول ف ر جل مات وخلّف ستّمائة در هم وله من الور ثة أخ تٌ
فأصابا درهمٌ واحد.
فقال :هذا شخبص مات وخلف سبتّمائة درهبم وترك بنتيب أصبابُما الثُلُثان
أربعمائة در هم وخلّ فَ والد ته أ صابا ال سُدُسُ مائة در هم وخلّ فَ زو جة أ صابا
الثم نُ و هو خ س و سبعون درهًا ،وله اث نا ع شر أخًا ل كل وا حد من هم درهان،
ففضل للخت درهم.
وقال آخر مُلغزًا:
ب ِببَاطِلِ ْصب وأخُت َه كذا أ ْختَهببُ الخرى وليسب َ ْصب أم ّ شَخ ٍ ّجب َشخ ٌ تَ َزو َ
ب وقالوا له أجْرٌ لدى كُلّ فاضبببببل حرّم ٍ
ب أتَبى أيضًبا ِب ِفعْ ٍل مُ َوشَخْص ٌ
وقال آخر:
ب
ب بابْتِذَاله ِ
ب أفْنَبى عُمْرَه ُ وفب الفقه ِ ب بَارِعًبا أل فاسبْألُوا مَبن كان بالعلم ِ
با سبَمّاهُ مِبن ثلث مَالِهبِ ِل َزيْدٍ كمب ّهب
ْهب َرب ِ َاصبدًا وَج َ
عبن الر ِء ُيوْصبِي ق ِ
دََفعْنَببا له الوصببى له بكمالهببِ ب الوصببى له ُمتَ َموّلً ب َيكُنب ْ فإنب ْ
حَ َر ْمنَاهببُ ذَاكببَ الالَ فارْث لَحِالِهببِ وإن كان ذا َفقْ ٍر وقِ ّل وفَاَقةٍ
بب الفتب باحْتيالِه ِ ب مبا رِزْق ُ َلعَ ْمرُك َ ببُ ذُو الغنب بُ ُذوْ َفقْ ٍر وُيعْطَاهبأيُحْرَمب
بببِ بَتنِدْ إل ِلعِزّ جَللِهب
بب ْ ول تسب فل ت ْعتَمِدْ إل على ال وَحْدِهبببببُ
291
إيقاظ أول المم العالية
ت ميتٌ ف البحر ول وقال آخر :هل ينوب الاء عن التراب؟ فقيل :نعم إذا ما َ
يتسّرْ د ْفنُه ف الب ،يُجعل فيه مُثقِل ويُ ْلقَى ف البحر ،ويَنُوبُ الاءُ عن التراب,.
ب بُدّلَا
ب فَفِبي البَح ِر يُلْقَبى وهبو بالتُرْب ِ
ح ٍر وقبد عَزّ دَ ْفنُه ُ
ب ل بَ ْ
ومَبن مَات َ
موعظة
ب نفْسَه ويُناجي ربّهُ. عن الزهري قال :سعتُ علي بن السي يُحاس ُ
يا نف سُ حتّا مَ إل الدن يا سُكوتك ،وإل عمارت ا رُكُون كِ ،أ ما اع تبت ب ن
مضى من أسلفك ،ومن وارتهُ الرض من الفك ،ومن فُجعت به مِن إخوانك.
ونُقل إل الثرى من أقرابك ،فهم ف بُطُون الرضِ بعد ظهورها ،ماسنهم فيها
بوالٍ دواثر.
ح َو النايَبببا الَقَا ِدرُصهُم وسبببَاَقهُم نَ ْ خَلَ تْ ُدوْرُ هم من هم وأ ْقوَ تْ عرا ُ
لفَائرُ بب التراب ا َ وخَّلوْا عبن الدنيبا ومبا جَ َم ُعوْا لَهَبا وض ّمْتهُمببُ تتب
كم خرّ بت أيدي الُنون من قُرون ب عد قُرون! و كم غبّرَت الرض! وغيب تْ
ف تُرابا مّ نْ عاشر تَ من صُنوف وشيّعتهُم إل الهَالِك ث رجعت عنهم إل أهل
الفلس!
ب ُمكَاثِرُب لُطّابابب فيهببا حَريْصب ٌ ب على الدُنيبا مُكِبّب ُمنَافِس ٌ وأنْت َ
ببِحُ لهِيًبا أتدْرِي بِمَاذَا َل ْو َعقَلْتببببَ ُتخَاطِرُعلى خَطَرٍ تَمْشِبي وتُص ْ
برُب خَاس ِ
ب ل شَك َ
بُ دَائبًبا ويَ ْذهَلُ عبن أ ُخرَاه ُ بعَى ِل ُدْنيَاهب
وإنّب امْرءًا يسبْ
حتّام على الدنيبا إقبالُك وبشهواتاب اشتغالك ،وقبد وخطبك الشيبب وأتاكفَ
النذير وأنت عما يُرادُ بك سا ٍه وبلذة يومك وغدك ول ٍه وقد رأيت انقل بَ أهل
الشهوات وعاَينْتَ ما َح ّل بم مِن الُصيبات.
292
إيقاظ أول المم العالية
ب تَربصببٌ وشيببببببب قَذَا ٍل ُمنْذِر للكَابرِ أبعببد ا ْقتَراب الربَ ِعيْنب َ
ك عَمْدًا أو عببن الرشدِ حائر كأنّكبب َمعْنّبب بابب هُببو ضَائرٌ لِنفْسببِ َ
انظر إل المم الاضية واللوك الفانية كيف اختطفتهم ُع ْقبَا نُ اليام ووافاهم
المامُ فانحتْ من الدنيا آثارهُم وبقيت فيها أخبارهم وأضحوا رمًا ف التراب إل
يوم الش ِر والآب والساب.
بم وأخْلى ا َلقَاص بِرُ بهُم منهب
َتب مَجَالس َ
الترابب وعُطّل ْ
ِ ْسبوْا َر ِميْم ًا فب
فأم َ
بكّان ال ُقبُورِ التّزَاوُرُ
وحَلُوا بدَار ل تزاور بَْيَنهُمببببببْ وأنّىببب لسبب ُ
برُ
بفِي عليهبا العاص ِ ح ًة تس ْ
بطّ َ
فمببا أن تَرى إل ُقبُورًا َث َووْا بِهَببا مُس َ
كم مِن ذي منعةٍ و سُلطانٍ وجنُود وأعوان تكن من دُنياه ونال فيها ما تناه،
السبرِاري
َحب ّ وبنب فيهبا القُصبُورَ والدسبَاكِرُ ،وجعب فيهبا الموال والذخائر ،ومُل َ
والَرائِر.
به ا َلِنّيةَ إذا أتَتبْ ُمبَادَرَة توى إليهببببببا الذَخَائِرُ برََفتْ عنب
با ص َ فمب
َتب عنبه الُصبُونُ التب بَن َى وحَفّب بابب أنارُهببُ والدّسببَاكِرُ ول دََفع ْ
َتب فب الذّب عنبه العَسبَاكِرُ
ب عنبببه ا َلنِّيةَ ِحيْلةٌ ول طَ ِمع ْ
ول قا َرعَتبب ْ
293
إيقاظ أول المم العالية
فالبدا َر البدا َر والِذا َر الِذا َر مبن الدنيبا ومكائدهبا ،ومبا نصببتْ لك مبن
ك مِن شهواتِ ها وأخف تْ ع نك من م صائدها ،وتلّ تْ لك من زينت ها ،وأبرز تْ ل َ
قواتِلِها وهََلكَاِتهَا.
جعَاتاب إل دَفْعهَبببا دَاعبببٍ وبال ُزهْدِ آمِرُ ب عَايَنْبت مبن فَ َ
وفب ُدوْن مَ ا
ببا فعَمّاببب قلي ٍل يَتركبببُ الدا َر عَامِرُ ج ّد ول َت ْغفُلْ وكبببن ُمَتيِقظًب فَ ُ
فَشمّ ْر ول ت ّفتُرْ َفعُمْركبببببَ زَائِلٌ وأنْتبببَ إل دار القامةِ صبببَائِرُ
با فإنّب ن ِعيْمَهَبا وإنببْ نِلْتببَ منببه غِّبةُ لَكببَ ضَائرُ
بَ الدنيب ول تَ ْطلُبب
ف هل ير صُ على الدن يا لب يب ،أو يُ س ّر ب ا أر يب ،و هو على ثقةٍ ف فنائ ها،
وغ ُي طامع ف بقائها! أم كيف تنام عيُ من يشى البيات! وكيف تسكُنُ نف سُ
من توقّعَ فلي جيع أموره المات!
ب عَمّابب نُحَاذِرُ شغَلُنَببا اللّذَاتب ُ
بنَا وتَ ْ
أل ل وَل ِكنّابببب َنغُ ّر نُفوسببب َ
ب تُبُلى السبّرائرُ
ب يَوم َ
ِنب بِ َموْقِبف عَرْض ٍ
ْشب م َن ه ُو مُوق ٌ وكيبف يََل ُذ العَي َ
بدّى مبا لنبا َبعْدِ المات مَصبَادرُ ب ل نُشُورَ وأننببا س ُ كأنببا نَرَى أنب ْ
كم غرّت الدنيا من مُخْلد إليها ،وصرعتْ مِ َن مُك بٍ عليها ،فلم تنعَشْ ُه مِن
عثْ َرتِه ،ول ُتنْقِذْ هُ من صَ ْر َعتِه ،ول تشف ِه مِن ألِ هِ ،ول ُتبْر هِ من َسقَمِهِ ،ول ُتخَلّ صْهُ
مِن وصَمِه.
294
إيقاظ أول المم العالية
بوْءٍ مبا لُنّب مَصبَادرُ َموَا ِر َد س ُ ب بَعدَ ع ٍز و ِمْنعَةٍ
بَلَى أوْرَ َدتْهببب ُ
ب التّحَاذُرُ جيْه بِ مِنه ُ
ب ل ُينْ ِ
فلمببا رأى أنببْ ل نَجَا َة وأنّهببُ ُهوَ الوت ُ
َتنَدّمببَ إذ ل ُتغْنببِ عنببه نَدَا َمةٌ عليببه وأبكَتْهببُ ال ُذنُوبببُ ال َكبَائِرُ
إذا بكى على ما سلف من خطاياه ،وتسّر على ما خلّف من ُدْنيَاه ،واستغفر
حت ل ينفعهُ الستغفار ،ول يُنجيه العتذار عند هول النية ونزُول البِليّة.
جزَتْببه ا َلقَادِرُ بب أعْ َب لّاب
ب وهُمُومُبه وأبْلَسب َ أحَاطَتببْ بببه أحْزَانُهبُ
ب مِمّابب يُحَاذِرُ ناصببِرُ ب وليسببَ لَهب ُ ب فارِج ٌ
ب له مِبن كُ ْرَب ِة الوت ِفليس َ
ب النِّي ِة نفْسبُه تُ َردّدُهَببا ِمنْهببُ اللّهَببا والَنَا ِجرُب خَوف َ وقبد جَشَأت ْ
ف ُعوّادَ هُ وأسلمهُ أهلُه وأولده وارتفعت البيّة بالعويل وقد أي سُوا ُهنَالِ كَ خلّ َ
مِن العليبل ،فغ ّمضُوا بأيديهبم عينيبه ومَدّ عنبد خروج ُروْحبه رجليبه وتل َى عنبه
الصّديق والصاحب الشفيق.
ببْرًا ومَبا ُهوَ صبَابِرُ
بَتنْجِدٌ ص َ
ب ومُس ْ
ب َيبْكِبي عليبه ُمفَجّع ٌ ب ُموْجَع ٌَفكَم ْ
بتْرِجعٌ دَاعببٍ له ال ُمخْلصببًا ُيعَدّدُ منببه كُلّ مببا هببو ذَاكِرُ ومُسبَ
بَائِرُبَارَ صب بل للّذي صب با قَليب بِ وعمببَتبْشِ ٌر بوَفَاتِهب
ب مُسبْ
بم شامِتبٌ وكب
295
إيقاظ أول المم العالية
صغَر مبن أولده ،و قد غلب الُزْ نُ على فؤاده ،ويُخشبى مبن فلو رأيبت ال ْ
ب أباه ،ويقول :يا ويله واح ْربَاه.الزع عليه وقد خضبت الدموع عينيه وهو يندُ ُ
بببُ ناظِرُ بببُ ويَ ْرتَاعب
َلعَايَنْتببَ مِببن ُقبْحببِ النيةِ َمنْظرًا ُيهَالُ لَمِرْآهب
باغِرُبا َتنَاس بَاهُ الَبنُون بُ الصب
أكاب ُر أوْل ٍد َيهِيبببج اكتئابمببب إذا مب
و َرّيةُ نسبببوان عليبببه جوازع مَدَامِعُهُببم فَوقبببَ الدود غوازِرُ
ث أخرج من سعة قصره إل مضيق قبه ،فلما استقرّ ف اللحد ،وهيئ عليه
اللّب احتوشت هُ أعمالُه وأحاط تْ به خطاياه وأوزاره ،وضا قَ ذرعًا با رآه ،ث حثوا
بأيديهم عليه التراب ،وأكثرُوا عليه البُكاء والْنتِحَابَ ،ث وَقفُوا ساعة عليه وأيسُوا
من النظر إليه ،وتركُوهُ ر ْهنًا با كسب وطلبَ.
بل الذي لقَبى أ ُخوْهببُ مُحَا ِذرُ
ب وكُلّهُببم لِمِثْب َفوَلّوا عليببه ُمعْوِليْنب َ
بببَ بَدَالابببب بِ ُم ْديِتِببه بادِي الذّرَاعَيبب حَاسببِرُ كَشَا ٍء رعَاءٍ آ ِمنِيْنب
ب َفلَمّابب نأى عنهببا الذي هببو جازرُ ل وا ْجفَلَت ْب ول تَرْعَبى قَِلْي ً فَ ِرْيعَت ْ
عادت إل مرعاها ،ونسيتْ ما ف أختها دهاها ،أفا بأفعال النعام ا ْقتَ َدْينَا أم
على عادتا جرينا ،عُدْ إل ذكر النقُول إل دار البلَى ،واعتبه بوضعه تتَ الثرى،
الدفُوع إل هول ما ترى.
ب وَتوَ ّزعَتببْ َموَارْيثَهببُ أولدُهببُ و الصببَاهِرُ ثوى ُمفْ َردًا فَبي لْدِهبِ
ببا وشاكِرُ ببم عليهب ب َيقْس ببِمُونَها فل حَام ٌد منهب
وأ ْحنَوا على أ ْموَالِه ب ِ
بن أن تدُورَ ال ّدوَائِرُ با مِب فيبا عامِ َر الدنيبا ويَبا سباعيًا لاب ويببا آمنًب
ت هذه الالة ،وأنت صائر إليها ل مالة؟ أمْ كيف ضّيعْتَ حياتَكَ، كيف آمن َ
ت مُنتظِرَ ِحمَامَ كْ؟ أم
ف تش بع مِن َطعَامِك ،وأنْ َ
و هي مَطّيتُ كَ إل ما تك؟ أ مْ كي َ
كيف تنأُ بالشهوات وهي مطيّة الفات؟
296
إيقاظ أول المم العالية
ول تتَ َزوّدْ لِلرّحِيبببل وَقَدْ دنبببا وأنْت بَ على حَا ٍل و ِشيْك بٌ مُس بَاِفرُ
َفيَالَهْبف قلبب كبم أسبوّفُ توبتب وعُمْرِيببَ فانببٍ والرّدَى لَبب ناظِرُ
ببِ قادِرُ ببه عادِلُ الكمب وكل الذي أ سْلفْتُ ف ال صُحْفِ مُْثبَ تٌ يَازي عليب
298
إيقاظ أول المم العالية
وَي ْغتَرّ بالدنيببا ومببا هيببَ دَارُهببُ ب ب وهبو ُمِبيْدُه ُ برّ الفتب بالعَيْش ِ
يُس َ
إذَا صببَ ّح فيهببا ِفكْرهببُ وا ْعتِبارُهببُ وفبب عِبَر اليامببِ لِ ْلمَر ِء واعظببٌ
بببُ بببَ ُح شيءٍ َليْلُه وَنهَارُهبفأفْصب ب يبا غافلُ ال ّدهْرَ صبَا ِمتًابْ
فل تَحْس َ
برَا ُرهُ
بيْ ْغِنيْكَ عبن جَهْبر القا ِل س ِ
سَ أصببَحْ ُل ِمنَاجَاةِ الزمانببِ فإنّهببُ
أُبيْحَتببْ َمغَاِنيْهببِ وأَ ْقوَتببْ ِديَارُهببُ بْبًا َفكُّلهُمب أدَارَ على الاضِيَب كأسب
بب القَنَبا وا ْشتِجَارُه ُ ب أطْراف ِ
َتنَاوُش ُ ُسبّقوْا بكَأسبِهمْ ول يَحْمِهبم مبن أن ي َ
299
إيقاظ أول المم العالية
خوّفبب َمكْرًا لَهببا و ِخدَاعَببا َفتَ َ ببا بدَارِ مَسببَرةٍ مَببا هذه الدنيب
ب يَسبببْتَ ْمتِ ُع اسبببْتِ ْمتَاعَا
وبالِهبب ِ بِهب ّر بنفْسب َليْنَبا الفَت ب فيْهَبا يُسب
با
به فيببه بعدَ ذَاكببَ رَضَاعَب وحَمتْب ب َقتْهُ مِببن النّيةِ شرْبةًَحتّىبب سب َ
بتَ ِطيْعُ لابب عَ َرتْهببُ دِفَاعَببال يَسب ْ بَبتْ يَداهببُ َر ِهيَْنةً
َفغَدًا بَببا كسب َ
بطَاعَا ف ْليُحْسبِن العمَلَ الفَتَبى مَبا اس ْ ب الثرى ب تْت َ
ب قال مَن ْلو كان َينْطِق ُ
300
إيقاظ أول المم العالية
ب َمغْ ُروْرُ
ب فيمبا ُرمْت َ ل شَكّب أنّك َ صيْرُ قَدْ سَارَ
سيْرَ فيه َتقْ ِ
َتبْغِي الوُ صُو َل ب َ
بيْرهم وج ٌد وتشْ ِميْرُ هَذا وفبب سب َ بلُواب أبْطَالٌ فمبببا وَصبب ِ بْلَكبب َ
ببببَ َبّيَنةً َل ِكنّهَببببا ُزوْرُ أقَامب يبا مُدّعِي الُبّ فب َشرْع الغَرامِب وقَد
جوْرُ ببببَ َب ْعيِدُ الدارِ َم ْه ُ هَذا وأنْتب ِعبب
َركب فب لَهْبو وفب ل ٍ ْتب عُم َ أ ْفنَي َ
ب ِم الَيْت بِ تأثِيْرُ جرَاح بِ جِس ْ با لِلْ ِ
مب ْتب م ِن كَمَدٍ ُكب حَي ًا ُذب َكانب قَ ْلب َ
لو َ
الل هم إ نا ن سألك نف سًا مطمئ نة تؤم نُ بلقائك وتر ضى بقضائك ،الل هم إ نا
نسألك باسك الطاهر الطيب الُبارك الحبّ إليك الذي إذا دُعيت به أجبت ،وإذا
سُئلت به أعطي تَ ،وإذا استُرحتَ به رحت ،وإذا استفرجت به فرّج تْ أن تغفر
سيئاتنا وتبدلا لنا بسنات يا أرحم الراحي ،وصل ال على ممد وآله وصحبه
وسلم.
وختامًا فالواجب على النسان البادرة إل العمال الصالة ،وأ ْن ينتهز فرصة
المكان قبل هجوم هادم اللذات.
وأن يسبتعي بال ويتوكبل عليبه ويسبأله العون فب تسبيي العمال الصبالة
وصرف الوانع الائلة بينه وبينها.
وليحرص على ح فظ القرآن ،وتدبره ،وتفه مه ،والع مل به ،وكذلك ال سّنة،
ويرص على أداء الصلة ف جاعة.
ويرص على مالس الذكبر ،ويفبظ لسبانه عبن الغيببة والنميمبة والسبعاية
والكذب وجيع العمال والخلق السيئة.
ُوقب ل
ويتهيبأ للرحيبل ،ويتفقبد نفسبه باب عليبه ،ومبا له فإن كان عنده ُحق ٌ
كزكاة ،أو لل قه كأمانات أو عواري أو و صايا أدا ها ب سُ ْر َعةٍ خش ية أن يفجَاءَ هُ
ت وهي عنده.الو ُ
فإذا ل تُؤدها أنت ف حياتك ،فمن بعدك من أولد أو إخوان َيْبعُدُ اهتمِامُهم
بذلك؛ لنم يهتمون ويشتغلون با خّل ْفتَهُ لم وضّي ْعتَ بسببه نفسك.
فال ال البدارَ بالتفتيش على النفس ،والباردة بالتوبة والكثار من الستغفار.
301
إيقاظ أول المم العالية
وما يثُك على ذلك ذكرُ مرارة الوت الذي ساه رسول ال هادم اللذات،
وتذكر شدة النع والتفكر ف الوتى الذي حُب سُوا على أعمالم ليُجازوا با فليس
فيهم من يقدرُ على مو خطيئةٍ ،ول على زيادة حسنة.
وعاد بعضهم مريضًا ،فقال له :كيف تدُك؟
قال :هبو الوت ،قال له :وكيبف علمبت أنبه الوت؟ قال :أجدُنب أجْتذَب
اجتذابًا ،وكأن الناجر ف جوف ،وكأن جوف تنوُ ٌر ُمحْمىً يتلهّب.
قال له :فاعهبد (أي أوصبي) ،قال :أرى المبر أعجبل مبن ذلك فدعبا بدواة
وصحيفة ،وقال :فوال ما أتى با حت شخص بص ُرهُ فمات.
وقال إبراهيم بن يزيد العبدي :أتان رياح القيسي ،فقال :يا أبا إسحاق انطلق
ث بقربم َعهْدًا.
حدِ ُبنا إل أهل الخرة نُ ْ
فانطلقبت معبه ،فأتبى القابر فجلسبنا إل بعبض تلك القبور ،فقال :يبا أببا
إ سحاق ،ما ترى هذا مُتمنيًا لو مُنّ ء ،قلت :أن يُ َردّ وال إل الدن يا في ستمتع من
طاعة ال ويُصلح.
قال :فها ننُ ،ث نض فج ّد واجتَهَد ،فلم يلبث إل يسرًا حت مات.
صوّر لنف سك عرضَهَا ك على التأ هب وال ستعداد لادم اللذات أن تُ َ حثُ َ
وم ا يَ ُ
على َربِ كَ وتجيله إياك بضيضِ العتاب على فعلِ ما ناكَ عنه ،قال ج َل وعل:
َوكُلّ ُهمْ آتِيهِ يَ ْومَ القِيَا َمةِ فَرْدًا .
وقال رسول ال « :ما منكم من أحد إل سيُكلمُهُ ربه تبارك وتعال يس بينه
وبينه ترجان».
وعن صفوان بن مرر قال :كنتُ آخذًا بيد ابن عمر إذ عرض له رجُل ،فقال:
كيف سعتَ رسول ال يقول ف النجوى يوم القيامة؟
فقال :سبعتُ رسبول ال يقول« :إن ال يُدْنب الؤمبن َفَيضَعُب عليبه َكنَفَه،
ستُره من الناس ،وُيقَرّرُ هُ ب ُذنُو به ،ويقُولُ له :أتَعْر فُ َذنْ بَ كذا ،أتعرف ذ نب
ويَ ْ
302
إيقاظ أول المم العالية
كذاَ ،حتّ ى إذا قرره بذنو به ورأى ف نف سه أ نه قد هلك ،قال :فإ ن قد َستَرْتا
عليك ف الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم».
وم ا يثُك على ال ستعداد للموت والبتعاد عن العا صي أن تتخا يل وتت صوّر
شهادة الكان الذي تعصي فيه عليك يوم القيامة.
ّثه أَخْبَارَه َا ،فقال:
حد ُيَ ْومَئِذٍ ُت َ فعبن أبب هريرة قال :قرأ رسبول ال
«أتدرون ما أخبار ها! أن تشهَدَ على كل ع بد ب ا ع مل على ظهر ها ،أن تقول
عَمِلَ كذا وكذا ف يوم كذا وكذا ،فهو أخبارها».
وم ا ي ثك على التأ هب وال ستعداد للموت والبتعاد عن العا صي أ ْن تُ َمثِلَ
َنفْسَكَ عند بعض زََللِكَ كأنه يُؤمَ ُر بك إل النار الت ل طاقةَ لخلوق با.
وتصور نفاذ اللذة وذهاَبهَا وَبقَا َء العار والعذاب.
بى الث ب والعَارُ ب وَيبْقبب نَا َل َش ْه َوتَهببُ مِبن الَرَام ِ تَفنبب اللّذَا َذةُ مِمّنب ْ
با النَارُ بن َبعْدِهَب
بوْءِ فب َم َغّبتِهَبا ل َخيْرَ فبب لَ ّذةٍ مِب بس ُ َتبْقَبى َعوَاقِب ُ
عن أ ب هريرة ،عن ال نب أ نه قال« :نار كم هذه ما يُوقِدُ بَنُوا آدَ مَ ُجزْءٌ
واح ٌد مِن َسْبعِيْنَ جزءًا من حر َج َهنَمّ» ،قالوا :وال إن كانت لكافية.
وقال بعض السلف :ربا ُمثّلَ ل رأسي بي جبلي من نار وربا رأيتن أهوى
فيها حت أبلغ قعرها فكيف تنا الدنيا من كانت هذه صفته.
وكان عمر ربا توقد له النار ث يدن يديه منها ،ث يقول :يا ابن الطاب،
هل لك على هذا صَب!
وما يثك على الستعداد وتفقد شؤونك وأمرك ذكر أحوال كثي من السلف
ف الساب والعذاب ف البزخ والنار. الصال الذي أقلقهم خو ُ
لا أهديت مُعاذة العدويةو إل زوجها صلة بن أشيم أدخله ابن أخيه المام ،ث
أدخله بيتًا مُطيبًان فقام يصلي حت أصبح ،وفعل تْ زوجتُه معاذة مثله ،فلما أصبح
عاتبهُ اب نُ أخ يه على فعله ليلة الزواج ،فقال له :أدخلت ن ال مس بيتًا ذكّرت ن به
النار ،ث أدخلتن بيتًا ذكرتن به النة ،فما زالت فكرت فيهما حت أصبحت.
303
إيقاظ أول المم العالية
ونظر عمر بن عبدالعزيز إل رجل عنده مُتغيّ اللون ،فقال له :ما الذي بك؟
فقال :إ ن ذُقْ تُ حلوة الدن يا ف صغُر ف عي ن زهرت ا وملعبُ ها ،وا ستوى عندي
حجارتُهبا وذهبُهبا ،ورأيتُب كأن الناس يُسباقون إل النبة ،وأنبا أسباقُ إل النار،
ب عفو ال، فأسهرتُ لذلك ليلي ،واظمأ تُ ناري ،وكلُ ذلك صغيٌ حقيٌ ف جن ِ
وثوابه عز وجل وجنْب عقابه.
وقال إبراه يم التي مي :مثل تُ نف سي ف النار آ كل من زقُومِ ها ،وأشْر بُ من
ل سلسلها وأغللا. صديدها وأعا ُ
ت لنفسي :أيّ شيءٍ تُريدين ،قالت :أريدُ أن أردّ إل الدنيا فأعمل صالًا، فقل ُ
قال :فقلت :أنت ف المنّيةِ فاعملي.
وسع عُمر بن الطاب رجلً يتهجدُ ف الليل ويقرأ سورة الطور ،فلما لغ قوله
تعال :إِنّ َعذَابَ َرّبكَ لَوَا ِقعٌ * مَا َلهُ مِن دَا ِفعٍ .
قال عمر :قسم ورب الكعبة حق ،ث رج عَ إل يته فمرض شهرًا يعُوده الناس،
ول يدرُونَ ما سببُ مرضه.
وكان جا عة من ال سلف َمرِضوا مِن الوف ول ِزمُوا َمنَازِل م وبعضُ هم و صار
صاحب فراش.
وكان ال س ُن يقول ف و صف الائف ي :قد براهُم الو فُ فَ هم أمثالُ القداح
ينظر إليهم الناظر ،فيقولَ :مرْضَي وما بم مَرَ ضٌ ،ويقولُ :قد خُولِطُوا وقد خَالَ طَ
القومَ من ذِكر الخرةِ أمرٌ عظيم.
304
إيقاظ أول المم العالية
ب غَيك بَ مَ ْطلَب بُ ول ل إل أبْواب ِ جؤٌ و َحقّكبب يببا ذَا الُو ِد مَال مَ ْل َ
بَكَب أ ْذهَب ُ
ب َغيْر َ ب إل أْبوَاب ِ َفكَيْف َ إذا ل َتكُنببْ ل عِن َد َغيْرِكببَ حَا َجةُ
فكيفَب سِبوَى َمعْ ُروْفِب ُجوْدِكَب أطْلُبُب بوَا َك بِمَ ْطلَبِبي إذ ل يَكبن ُمعْطبٍ س ِ
به ويُ ْطنِب بَُفيُ ْكثِرُ مِبن َلوْمِبي عَلَيب بُبِ مَبا يَرَى مَبا رَأْيتُهب عَ ُذوْ ل فيهب
ب َيعْجَببُ ب ِمنْهبُ وَ ْه َو ِمنّي َفأعْجَب ُ لسبُلوْ ِكهَا
ل مبا ا ْهتَدى ُ ت سبَبيْ ً سبَل ْك ُ
َ
َببحج ُ أيَادِي ْه عبن كُلِ الوَرَى ليبس تُ ْ ب حجّب ٍ بّل ٌو عبن جَمَا ٍل مُ َ بس ُ وَ َكيْف َ
فكُّلهُ ُموْا حتبب الركائبببِ تَطْرَبببُ باسبمِهِ
ْبب ْ ْنب لِلرّك ِ س الَا ُدو َ اسبتَاَن َ
إذ ْ
فَل طَيّبببٌ إل وذ ْكرُكببَ أ ْطيَبببُ حّبيْنببَ ذِكْرُهببُ حُلوْ لِلْ ُم ِ
يَطيْبببُ ويَ ْ
َبب أصبفَى وأعْذ ُْتب ما ًء فهبو ْ وإنب ُقل ُ
ْ ب َشهْدًا فهبو أحْلَى مَذَاَقةً فإنبْ ُقلْت ُ
ب ب َيثْرب ُ
ب يومًبا ِل َعْينَيْك َإذا مَبا بَدَت ْ با حَادِي الرَكَائِب حَا َجةً سببَأْلتُكَ يَب
ب
ب تُ ْملَى وُت ْكتَب ُ وشِ ْرعَتُبه فب الكَون ِ ب ِقبَابُهَبا ب َقدْ َح َوتْه ُبلّم على مَن ْ فَس َ
ببُ ببِ ُتنْسبَ إل فَخرْهببِ كُ ُل الناسبِ ختَا ُر والاجِدُ الذي مُحَمّدٌ الُ ْ
َبب
ْهب َف ْهوَ فب الَشْ ِر ُينْد ُ جب َُنب ل يُ ِ
فَم ْ َهب
هبو الصبا ِدقُ الدّاع ِي إل ال وَحْد ُ
بن ال يُطْلَبببُ ثَواُبكُمُوا فيهببا مِب به دائمًبا فَص بَلتكم فَص بَلوا عليب
وختامًا :فالواجبب على العاقبل البادرة إل العمال الصبالة مبا دام فب قيبد
الياة وخصوصًا الصلة الت فرضها ال جل وعل على عباده آكد أركان السلم
بعد الشهادتي وملها من الدين مل الرأس من السد.
فك ما أن ل حياة ل ن ل رأس له فكذلك ل د ين ل ن ل صلةَ له و هي خاتةُ
وصّيةِ النب عند آخر عهدهِ من الدنيا.
ف عن أ نس قال :كا نت عامةُ و صيّة ر سول ال ح ي حضرتْ ُه الوفا ُة وهُو
يُغرغر بنفسه« :الصلة وما ملكت أيانكم» رواه أحد وأبو داود.
وهي أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة ،كما ورد بذلك الديث عن أب
هريرة قال :سعت رسول ال يقول« :إن أول ما ياسب به العبد يوم القيامة
305
إيقاظ أول المم العالية
مِن عمله صلته ،فإن صلحت فقد أفلح وأنح ،وإن فسدت فقد خاب وخسر»
الديث رواه الترمذي.
والصلة أكب عون للعبد على مصال دينه ودنياه ،قال ال تعال :وَا سَْتعِينُوا
بِالصّبْرِ وَالصّلةِ الية.
فالصلة سعادة وسرور للمؤمن الاشع الحب لربه ،فقد قال رسول ال :
«وجعلت قرة عي ن ف ال صلة» وكان إذا حز به أ مر فزع إل ال صلة ،فال صلة
جسدٌ وروْح.
أما جسدها فهو كلم اللسان وحركات العضاء ،وأما روحها فهو الشوع،
قال ال جل وعلَ :قدْ أَفْ َلحَ الُ ْؤمِنُونَ * الّذِينَ ُهمْ فِي صَلتِ ِهمْ خَا ِشعُونَ .
والشوع حضور الذهن وأن يتصوّر النسانُ أن ره أمام ُه يسمعه ويناجيه ،فل
يشغل فكره بشيء من الدنيا ما دام ف صلته ويمع فكره إل تأمل ما يتلو وما
يسمع من المام ويرص كل الرص على طرد الواجيس.
قال أحبد العلماء :إن مبن العلوم أن النتصبب لطاب ملك مبن مُلوك الدنيبا
يمعُ قلبهُ للقبال عليه ويُحسن التودد إليه ويتحر ُز التحرز الكلي عن أن تفرط منه
كلم ُة م ستهجنةً أو التفات هُ غ ي مُ ستحسنةٍ أو ذهُول عمّ ا يُخاط به به أو يتلقا هُ من
خطابِ ِه وإن ك ان ل ياف نقمت ُه ول يرجُو نعمته.
فيا عجبًا من منتصبٍ لُناجات ملك السموات والرض وهو يعل مُ أنه حاضرٌ
لديه ورقيب عليه وأنه مُحتا جٌ ف كُل لظةٍ إليه غي مُستغ ٍن عنه وإن إحسانهُ إليه
فوق كُل إحسان.
وعاقبة عصيانه إنه اللودُ ف قعر النيان وإن عظمت ُه ل تُدانيها عظمة سُلطان،
ومع ذلك يتر ُك القبال عليه ويعرض له الذهو ُل عن هُ لواطر دنيوي ٍة ووساوس غي
نافعة ول مرضيّة حت ل يشعر بعان ما يتلوه ف صلته ول يعقل ما الطلو بُ با
ويسهو عن أركانا وأذكارها هذا ما تا ُر فيه العقول.
306
إيقاظ أول المم العالية
ولعل السبيل إل ذلك هو التحفظ عن تلك الشواغل ف حالة الصلة الت هي
عماد الد ين والفارقةُ ب ي الكفرة والؤمن ي ال ت فرض ها ال ليتطهّ ر ب ا عبادُ هُ عمّ ا
اقترفوه في ما ب ي أوقات ا من الذنوب ويغ سلُوا ب ا أبدان م وأرواح هم عن درَ نِ
الُوْب.
ت الم سَ َك َمثَلِ َنهْرٍ جا ِر يَ ُم ُر على باب ك ما يشِعرُ به قوله َ « :مثَ ُل ال صلوا ِ
أحدكم يَغتسل منه كُ ّل يو مٍ خ سَ مرا تٍ» ،وف رواية« :فماذا ِت َروْ َن أَيبْقَى عليه
من الدَ َرنِ بعد ذلك».
وال هم أن ي صرف العبدُ ذهن هُ إل أن قيامَ هُ للوضوء وال صلة إن ا هو لطاب
ملك الُلُو كِ والعتذار إل يه من التق صي ف اليَا ِء مِ نه ف أحْواله ال سابقة ،وليطلب
منه العفو والسامة والحسان ولداءِ ما كّلفَ ُه مِن العبادة.
فصل
س مُبتدع و هو ذ كر ا بن كث ي ب رح ه ال ب :أن أ حد العلماء حَضرَ مل َ
يتكلم على الناس فلمبا نام ،قال :رأيتُب ربّ العِزة واللل فب الليلة ،وهبو يقول
صبَحَ ل ُيبْصر
ك النظر ف الدنيا ،فأ ْ ت على مُبتدع وسعتَ كلمه لحْر ّمنَ َ ل :وقف َ
وعَيْناهُ مفتوحتان كأنه بصي .اهب.
قطاع الطر يق على أرباب ال سلوك أرب عةُ :مبْتدِ عٌ يُ ِزْيغُ كَ عن سُنة ر سول ال
،وفاسق يُجَرؤ َك على َمعَاصي ال ،غاف ٌل يُنسيك صُحبة ذكر ال ،وكافر يَصُ ّدكَ
عن ِديْن السلم.
َاصبلُ
َبحب ح ِ صبْف َقةِ الر ِ
ُنب له م ِن َ
جرٍ يكو ُ السبيَ فب نَي ْل َمتْ َ
ْتب ّإذا مبا عَ َزم َ
ببْيَل ُهمْ َكفُو ٌر وبِ ْدعِيبببببٌ وعَاص وغَافِلُ فأ ْربَ َع ٌة ل تَسبببُلكَنّ سبب َ
آخر:
307
إيقاظ أول المم العالية
ب
جهْدِه ِ ب فيهبا بِ ُ ب الشَيْطان ُوَاوَْقعَك َ ت بِحِ ْملِهَببا إذا أثقََلتْكببَ السببّيئا ُ
ب
وصبرْتَ لاب شبْبه السبيْر بقَيْدِه ِ النفسب فب شَهوَاتِهبا ُ َليكب
ّتب ع َ ول ْ
ول تَلْقبببَ ذَا رِ ْف ٍد يَجُو ُد بِرِ ْفدِهبببِ الرزقب فب ك ّل مَ ْدخَلٍُ َليكب
َاقب ع َوض َ
با ُبنْدِهببِ بم قدْ أحَاطَب ب وغَب وهَمبٍ بيْتَ ذَا دَيْببن وَفقْ ٍر وغُ ْرَبةٍ ب َوأمْسب
بب ْدرًا بِ َردّه ِ
بص َ ضقْت َ
ب َحتّىب ِ ِبقَ ْلبِك َ ب وال َقبْ ِر والبلىَ ب ذِكْ َر الوت ِ
وأ ْحضَرْت َ
عليببه مِببن ا َلوْلِ الشّ ِديْدِ وادّهببِ ب ومَا ْحتِوى وَفكّرْتُب فب يوم الِسبَا ِ
َفذَاكبَ مِبن الَيْراتبِ آخِ ُر َعهْدِهبِ ْتب م ِن النارِ التب م َن ثَوى باب و ِخف َ
ب
ت َعبْدِه ِ صبوْ َ على باب َموْل سبَامعٍ َ ِفب
ِصبةَ الَا ِل ث ُم ق ْ َعب ق ّ
ِكب فارْف ْ
هُنَال َ
َفقِيْبر عَمىً ل َي ْهتَدِي طُرْقبَ ُر ْشدِهبِ ب أنْظُرْ إل حَا ِل عَا ِجزٍ با كَريْمبُ وقُلْ يب
حمْدِه بِ ببِ ْح بِ َ
به ثُبم س َ تَوكّلْ عليب باَخزِاِئنُهببُ فيهببا الَطَالِبببُ ُكلّهَب
ب َبهَ ْديِهببِ وأصببحابِ ِه والهت ِديْنب َ بة أحْمَبد ب البيب بلى على خيب وصب
فصل
قيل :إ نه زر حاتُ ال صمُ ممد بن مقا تل قاضي الري فلما و صل إل الباب،
ب مُشرف فبقي حات مُتفكرًا يقولُ :عالٌ على هذا الال. فإذا با ٌ
ث أذن لم فدخلوا فإذا دارٌ قوراء (أي مزخرفة) وإذا بزّة وسع ٌة وستو ٌر وبذ خٌ
فبقي حات مُتفكرًا.
ث دخلوا إل الجلس الذي ف يه القا ضي فإذا لفُرش وطيئةٍ (أي لينةٍ جيلةٍ) وإذا
هو راقد عليها وعند رأسه غُلمُه بيده م َذّبةٌ.
فتقدم التاجر الذي عند القاضي يسأله عن حاله وحات واقف ،فأومأ القاضي
ممد بن مقاتل إل حات أن أقعد ،وقال له :لعَلّ لك حاجة!
قال حات :نعم ،قال القاضي :وما هي؟ ,قال :مسألةٌ ف العلم أسألك عنها،
قال :سلن ،قال :فقم واستوى جالسًا حت أسألُكها فأمر غلمانهُ فأسندُوه.
308
إيقاظ أول المم العالية
فقال حات :علمُ كَ هذا من أين جئت به؟ قال الثقاة :حدثون ،قال :عن مَن؟
قال :عن أصحاب رسول ال .
قال :وأصحاب رسول ال عَمّنْ؟
قال :عن رسول ال ،قال :ورسول ال من أينَ جَاء به؟
قال :من عند ال بإملء جبيل ب عليه السلم ب.
قال :أفيما آتاه جبيل عن ال وأدّاه رسول ال إل أصحابه وأداه الصحابة
الثقاة إليكَ.
ف هل سعتَ ف العلم الؤدى إل يك أن من كان ف داره كأنّ هُ أميًا ف إمار ته
وحوله الثاث والرياض تكون له النلة عند ال أكثر؟ قال :ل.
قال حات :فكيف سعتَ؟ قال :من زهدِ ف الدنيا ورغِ بَ ف الخرة وأ َحبّ
الساكي وقدّم من دُنياه لخرَته كان له عند ال من النلة أكثر.
قال :نعَ مْ ،قال حات الصم :فأنْ تَ بن اقتدي تَ ف ذلك أب النب وأصحابه
أو بصالي تلك المة ،أم بفرعون والنمرود؟ فقال :رجعْنا إل ال وتُْبنَا إليه.
فقال حات :غفر ال ل ولك وعفا عن وعنك.
فبلغ أهل الري ما جرى بي حات الصم وابن مقاتل ،وقالوا :بقزوين أكثر من
هذا ال سراف ،وأشاروا به إل الطنافُ سي ،ف سار إل يه حا ت ،فد خل عل يه ،فقال:
رح ك ال أ نا ر جل أعج مي أ حب أن تُعلّ َم ن أوّل مبدأ دي ن ،ومفتاح صلت،
كيف أتوضأ للصلة؟
قال :نعَمْ يا غلمُ هاتِ ماءً ،فقعد الطنافُسي وتوضأ ثلثًا ث قال :هكذا توضأ.
قال حات :مكانك حت أتوضأ بي يديك ،فيكون أؤك َد لا أري ُد فتوضأ حات
ث غَسَل الذراعَي أربع مرات.
قال له الطناف سي :أ سرفت يا هذا ،قال له حا ت :ف أي ش يء أ سرفت؟ قال:
غسلت ذراعك أربعًا.
309
إيقاظ أول المم العالية
ت وأنت يا هذا ف ب ْذخِك ف قال حات :سبحان ال أنا ف كفٍ من ماءٍ أسرف ُ
هذا المع ل تسرف.
فعرف الطنافُ سي أ نه أراده بذلك ول يُ ِر ْد م نه التّعَلُم ،فد خل البي تَ ول ير جْ
إل الناس أربعي يومًا.
فالعالُ إذا خالف علمُه عملهُ وكذّب قولُهُ ِفعْلَهُ كان ْم ُق ْوتًا ف الرض والسماء
يُضلُ من أراد أن يقتدي به.
ت عند الناس مهابتُه وزَلَ تْع كلم هُ ،وقلّ ْ وإذا أمر بغي ما يعمل مّت السا ُ
من القلوبِ َم ْوعِ َظتُهُ ومكَانتُه.
كما قال مالك بن دينار :إن العال إذا ل يعمل بعلمه تَزِ ُل موعظته مِن القُلوبِ
كما يزلُ القَطْر عن الصفاةِ.
وحكى الوزاعي عن بلل بن سعد أنه كان يقول :ينظر أحدكم إل الشرطي
فيستعيذ بال منه.
وين ظر إل علماء الدن يا الت صنعي للخَلْق التشوق ي إل الريا سة فل ْي ُقتُه ْم هذا
أحَ ُق با َلقْتِ من هذا الشُرطَي.
قيل :إنه أصاب الناس ُقحْ طٌ ف بعض السني ،فأمر اللك عبدالرحن الموي
ستَسْقى للناس. القاضي منذر البلوطي ب رحه ال ب أن يَ ْ
فلما جاءته الرسالة مع البيد ،قال للرسول :كيف تركتَ اللك؟ فقال :تركته
أخش َع ما يكون وأكثر دعاء وتضرعًا.
فقال القاضيُ :سقِيتم وال إذا خشع جبار الرض رَحِ مَ جبّار السماء ،ث قال
لغلمه :نَادِ ف الناس الصلة ،فجاء الناس إل مل الستسقاء ،وجاء القاضي مُنذِر،
فصعد النب والناس ينظرون إليه ويسمعون ما يقول ،فلما أقبل عليهم كان أول ما
خاطبهم به ،قال :سَلمٌ عَلَ ْيكُمْ كََتبَ َربّكُمْ عَلَى َنفْ ِ
س ِه الرّحْ َمةَ َأنّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ
ص َلحَ َفَأّنهُ َغفُورٌ رّحِيمٌ .
سُوءًا ِبجَهَاَلةٍ ثُمّ تَابَ مِنْ َب ْعدِهِ َوأَ ْ
310
إيقاظ أول المم العالية
ثب أعادهبا مرارًا فأخبذ الناس فب البكاء والنحيبب والدُعاء والتضرع والتّوببة
بقُوا ورجعوا يَخُوضُون الاءبتغفار ،فلم يزالوا كذلك حت ب س ُ بة والسب والنابب
بأرجلهم.
الل هم هب ل نا ما وهب ته لعبادك الخيار ،وأنظم نا ف سلك القرب ي والبرار،
وآت نا ف الدن يا ح سنة و ف الخرة ح سنة وق نا عذاب النار ،واغ فر ل نا ولوالدي نا
وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي ،و صل ال على م مد وآله و صحبه
أجعي.
فصل
أمهاتب العاملة :التوببة ،والعبوديبة ،والزهبد،
ُ قال العلماء –رحهبم ال:-
والستقامة ،تامُ هذه الربع بأربعة :إقلل الطعام ،وإقلل الكلم إل بذكر ال وما
وله ،وإقلل النوم؛ لن العمال َتنْقَطعُ به ،والعُزلة عن الناس إل لا لبُ ّد منه؛ فإنه
أصوَن لدينه وعرضه.
الول :مُعاملةُ النفبس وذلك بنعهبا هواهبا وإذللاب ،ورد جاحهبا بالطاعبة
وكسرها ،فإنا ف القيقة أكب العداء.
وذلك بأن ين ظر ف القلب فيطهره من الخلق الذمو مة كالرياء ،وال سُمعة،
والسبد ،والكبب ،والعُجبب ،والبُخبل ،والَرِص ،والطّمعبِ ،والكبر ،والديعبة،
والنفاق ،والغش ،و ُحبّ الدح ،والثناء.
والسبعَاية ،والسبُخرية،
ويُطهِر لِسبَانَه وجيبع أعضائِهِب عبن ال ِغْيَبةِ ،والنميمبةِ ،
والسبتهزاء ،والكذب ،والبهبت ،والولوع بالشهوات ،ومببة الدنيبا والغفلة عبن
الخرة ،وغي ذلك من غرائزه الذ ُموْ َمةِ.
سنَ ويغرس ف قلبه الخلص ل ،والتواضع ،والنصيحة ،واللم ،والشفقة ،وحُ ْ
الُلق ،والصب واعتماد الشكر ،والسّخاء ،ومبة الدار الخرة والدعوة إليها.
والعراض عن الدنيا وشهواتا الرام ،وينظر ف حل مطعمه وملبسه ومشربِه
ومسكنه وسائر تصرُفه.
311
إيقاظ أول المم العالية
ول يط يع نف سه ف ش يء من هوا ها ،قال ال جل وعل وتقدسَ :وَأمّ ا مَ نْ
خَافَ مَقَامَ َرّبهِ َونَهَى الّن ْفسَ عَنِ الَوَى * َفِإنّ الَّنةَ هِيَ ا َلأْوَى .
الثان ية :معاملة ال جل وعل ،و هي اللتجاء إل يه والتو كل عل يه ورؤ ية أن ل
سواه وأن العمل خالصًا له.
وليحذر أن يفقده أمره أو يراه ح يث ناه وي ثق به غا ية الث قة ل بغيه ،ف من
عامله جل وعل ربح وأفلح ورشد ونح وأصلح.
الثالثة :معاملة عدو ال الشيطان الرجيم ،وذلك بأن يبن على أنه عدوه اللدود
فل يطي عه أبدًا وي ستشعر أ نه يأت يه من طرق كثية ،فعل يه أن يتن به له ويذره أ شد
الذر ،فإن له حيلً ومكرًا وخداعًا ،قل من يسْلم منها ،فإذا خطر بقلبه ما ل يعلم
أنه م نه عر ضه على الشري عة الطهرة ،ث تث بت وتأ ن وا ستخار ال سبحانه وتعال
وتعوذ بال من كيده ومكره وسأل ال أن يكشف له ما لتبس عليه.
وذكر ابن القيم ب رحه ال ب :أن من كيده العجيب أنه يُشَام النفس حت
يعلم أيّ القُوّتيْ تغلبُب عليبه قوة القدام والشجاعبة أم قوة النكفاف والحجام
والهانة.
فإن رأى الغالب على الن فس الها نة والحجام أ خذ ف ت ثبيطه وإضعاف ه ته
وإرادته عن الأمور به وثقله عليه فهون عليه تركه جل ًة أو يقصر فيه ويتهاون به.
وإن رأى الغالب عل يه قوة القدام وعلو ال مة أ خذ ُيقَلّلُ عنده الأمورَ ويُوهُه
أنه ل يكفيه وأنه يتاجُ معه إل مُبالغةٍ وزيادة ينقص بالول ويتجاوز بالثان.
ك ما قال ب عض ال سلف :ما أ مر ال تعال بأ مر إل وللشيطان ف يه نزعتَان ،إ ما
إل تفريط وتقصي ،وإما إل ماوزة وعلو ،ول يُبال بأيّهما ظَفر.
وقد ا ْقتَطَعَ أكثر الناس إل أقلّ القليل ف هذين الوَادَييِ نْ ،وادي التقصي ووادي
الجاوزة والتعدي.
والقليبل منهبم جدّا الثاببت على الصبراط السبتقيم الذي كان عليبه النبب
وأصحابه.
312
إيقاظ أول المم العالية
فقو ٌم قصّ َر بم عن واجبات الطهارة.
وقومٌ تاوز بم إل مُجاوزة الد بالوسواس.
وقو ٌم قصّرَ بم عن إخراج الواجب من الال.
وقومٌ تاوزَ بم حت أخرجوا جيع ما بأيديهم.
وقو مٌ ق صّر بم حت عن تناول ما يتاجُو نَ إليه مِن الطعام والشراب واللباس
حت أضروا بأبْدَانم وقُلوبم.
وقومٌ تاوزَ بم حت أخذوا فوق الاجة فأضروا بقلوبم وأبدانم.
وقصّ َر بقوم ف حق النبياء وورثتهم حت قتلوهم.
وتاوز بآخرين حت عبدُوهم.
وق صّ َر بقوم ف ُخلْ َط ِة الناس حت اعتزلُوهُم ف الطاعات كالمعة والماعات
والهاد وتعلّم العِلْم.
وتاوز بقوم حت خالطوهم ف الظلم والعاصي والثام.
وقصّ َر بقوم حت امتنعُوا من ذبح ُعصْفُو ٍر أو شاةٍ ليأكلهُ.
وتاوز بآخرين حت جرأهُم على الدماءِ ال ْعصُو َمةِ.
وقصّ َر بقوم حت مَن َعهُم مِن الشتغال بالعلم النافع.
وتاو َز بآخريْنَ حت جعَلوا العِ ْلمَ وحْ َد ُه ُهوَ غايتُهم دُونَ العَملَ به.
وقصّ َر بقومٍ حت أطعمهم مِن العُشب ونبَاتِ البية دونَ غذَاءِ بن آدم.
وتاو َز بآخرين حت أطعمهم الرامَ الالصَ.
وقصّ َر بقوم حت زين لم ترك سّنة النب من النكاح فرغبوا عنه بالكلية.
وتاوز بآخرين حت ارتكبوا ما وصلوا إليه من الرام.
وق صّ َر بقوم ح ت جفوا الشيوخ من أ هل الدِ ين وال صلح وأعرضوا عن هم ول
يقوموا بقهم.
وتاوز بآخرين حت عبدوهم مع ال.
وقصّ َر بقوم حت منعهم قبول أقوال أهل العلم.
313
إيقاظ أول المم العالية
وتاوز بآخريبن حتب جعلوا اللل مبا حلّلُوه والرام مبا حرموه ،وقدموا
أقوالم على سّنة رسول ال الصحيحة الصرية.
وعد ب رحه ال ب أشياء كثية يطول ذكرها اقتصرنا على ذكر بعضها.
الراب عة :معاملة الدن يا والضا بط لذلك أن كل ما ل ن فع ف يه ف الخرة ف هو
دنيوي وما فيه نفع ف الخرة فأخروي.
ومعاملة الدن يا أن يعرف الن سان أن ل را حة في ها فل يطلب ها ول يتعلق قل به
بالتنعم والترفه والرياسة فيها وليس له منها كفاية.
فليطلب منها ما يطلب السافر وهو ما يبلغه منله ول يتم إل بالبناء على قُرْبِ
الجل وترُقبِ هادم اللذات ،فإنه من أطال المل أساءَ العمل.
ب وَحُطَامببببُ ب أهْلِهَبا إلّا غُ ُروْرٌ ُكلّهببب ُ ب الدنيبا و ُزبْرُج ُ مبا ُزخْرُف ُ
ضيَنّب كَمَبا مَضَبى ال ْقوَامببُ بِبيِْلهِمْ وَلتَ ْم ِ
ضوْا لِسب َ ب َم َ
ولَرُبّبب أ ْقوَامب ٍ
ب مُ َمهَ َدةٍ لَهببُ أمسبى عليبه مِبن التُراببِ رُكَامبُ ولَرُبّبب ذِي فرشب ٍ
بب وَتنَام ببُ والوتبببُ َيعْمَ ُل والعُيونبببُ قَ ِرْي َرةٌ تَ ْل ُهوْا وتَ ْلعَب ببُ بالنب
ب اليَامببببُ وعلى ال َفنَا ِء تُديْرُهببب ُ كُ ٌل يَ ُدوْ ُر على الَبقَا ِء مُؤمِلً
ب الوْهَامببُ ب يَزَلْ مَلِكًببا َتقَطّعببُ ُد ْونَهب ُ والدّائِمبُ اللكوتبُ رَببٌ لَم ْ
بوَاهُ َدوَامببُفالمدُ ل الذي ُهوَ دَائِمببببببٌ أبدًا وليببس لَببا سب ِ
الامسهة :معاملة اللق ،وقبد عظمبت البلوى بمب ،فإن لمب حقوقًا ،ومنهبم
وبسببهم تنشأ أكثر الشرور ،فليقم بقوقهم ويتسامح عن حقوقه ما أمكن.
وليبتعد عنهم ما أمكن إن صلحت له العزلة ،وإن ل تصلح فليجالس من فيه
خي وصلح.
فجليس الي خي من الوحدة ،والوحدة خي من جليس السوء.
ويب لخوانه السلمي ما يب لنفسه.
ويكره لم ما يكره لنفسه وتكون مبته ف ال ومولته ومعاداته كذلك.
314
إيقاظ أول المم العالية
ويأمبر بالعروف وينهبى عبن النكبر بقدر طاقتبه ويلك نفسبه عنبد الشهوة
والغضب.
ول يعجل ف شيء من المور فيخطي إل ما يستحسن فيه البادرة ول يتوان
فتبطل.
ول يداهن على العصية ول يل بالداراة الائزة عند خوف الضرر.
وليحسن الظن بم ما أمكنه وينظر إل من فوقه ف الدين فيقتدي به.
وينظر إل من دونه ف الدنيا فيأمن الزدراء والحتقار لِنعم ال عليه,.
ويكثر من حد ال وشكره على أن فضله على غيه.
وبالملة ف ما عرف رشده اتب عه ،و ما عرف قب حه اجتن به ،و ما أش كل عل يه
والت بس تو قف فيه واجتهد ف معرف ته ،و سأل ال تعال أن يدله على ما ف يه ال ي
والصلح.
موعظة
ح بالع صيةِ دلي ٌل على شدةِ الرغَْب ِة في ها
قال ا بن الق يم ب رح ه ال ب :الفر ُ
والهل بقدر من عصاه ،وهو ال جل جلله.
ثانيًا :الهل بسوء عاقبتها وعظم خطَرها.
ففرحُ ُه با غطى عليه ذلك كلّه وفرحُه با أشد ضررًا عليه من مُواقعتها.
والؤمبن ل تتبم له لذةٌ بعصبية أبدًا ول يكم ُل باب فرحُهبُ ،ببل ل يُباشرُهبا إل
والُ ْزنُ مالط لقلبِهِ.
ولكبن سُبكْرُ الشهوة يجبُهُب عبن الشعور ببه ومتب خلي قلببه مبن هذا الُزْن
واشتدت غبط ته و سروُ ْر ُه فليت هم إيان ُه وليب كِ على موْ تِ قل به ،فإ نه لو كان حيًا
317
إيقاظ أول المم العالية
س القل بُ بذلك فحي ثُ ل صعُبَ عل يه ول يُح ّ لحزنَ هُ ارتكا بُ الذنْب وغاضَ ُه و َ
س به فما لُرْح بيّت إيلم. ُي ّ
وهذه النكتة ف الذنب ق ّل مَ ْن يهتدي إليها أو يتّنبُه لا وهي موضعٌ مُوفٌ جدًا
مُترام إل اللك إن ل يتدرك بثلثة أشياء :خوف من الوافاةً عليه قبل التوبة ،وندمٍ
على ما فاته من ال بُخالفته أمره ،وتشمي للجد ف استدراكه.
ب مآرببُ لْب فب َرْبعِهبِ و َموَاقِفبُ ب وَقوّضَت ْ ب التّصبَا ْ خليليّب و ّدعْت ُ
بل آس بِفُ ّيب َف ِفئْت بُ ولكن ب على الليب ْبب فب لَيْبل لت ْ صببْحُ الشّي ِّنب ُوأذ َ
ب كنّابب نُسببَ ّر ِبقُ ْربِهببِ وآخ ُر مَطْويببٌ عليببه اللفَائِفببُ وبَاعَ َد مَنب ْ
ب بالَببْيبِ مُس بَاعِفُ ببيبةٍ َمضَوا و َزمَان ٌ رِجَالٌ وأوقاتببٌ وشرْخببُ شَب
با أنببا واصببِفُ بة َم ْوُتوْرٍ بَب
تصب ّد َعتُ بلوْعَبجةٍ َقدْ َ َفقُ ْل م َا تَش َا فب ُمهْ َ
بوَالِفُ با القُ ُروْنببُ السب ّ
ْنب عَ ّز مُسبَامِري دَفَاتِ َر أمَْلتْهَب
سب ِميْريْ ِحي َ
ْتب َ
َجعَل ُ
ب ب ا َلعَارِف ُ
ب ُدعَاه ُ
فَطَورًا أناجبببي كُلّ َحبْ ٍر ُموَفقبببٍ إذا مبا دَعَبا لبّت ْ
318
إيقاظ أول المم العالية
والن صح ف إيقاع ها على أك مل الوجوه ،والبادرة إل تأديت ها ف أول وقت ها
والروج إل الامع وإ ْن َبعُدَ كان أفضل لكثرة الُطَا.
والفضبل فب أوقات ضرورة الحتاج إل السباعدة بالال أو الاه أو البدن،
الشتغالُ بساعدته وإغاثته.
والفضبل فب وقبت قراءة القُرآن الرص على تدبره وتفهمبه حتب كأنّ ال
ياطبه به ،ويعزم على تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه.
و الفضبل فب عشبر ذو الجبة الجتهاد والرص على الكثار مبن العمال
الصالة والدعاء والتضرع والكثار من قراءة القرآن وذكر ال.
والفضل ف الوقوف بعرفة الجتهاد ف الدعاء والتضرع والكثار من قول ل
إله إل ال.
والفضبل فب العشبر الخيب مبن رمضان لزوم السباجد واللوة والعتكاف
وتلوة القرآن.
والكثار من الباقيات ال صالات والرص على إخراج الزكاة ف هذا الش هر
البارك وإفطار الصوام.
والفضبل فب وقبت مرض أخيبك السبلم أو موتبه عيادتبه وحضور جنازتبه
وتشييعه ،وتقدي ذلك على خلواتك وجعيتك.
والفضل ف وقت نزول النوازل وأذاة الناس له أداء واجب الصب مع خلطتك
بم دون الرب منهم.
فإن الؤ من الذي يالط الناس وي صب على أذا هم أف ضل من الذي ل يالط هم
ول يؤذونه.
والف ضل خلطت هم ف ال ي ف هي خ ي من اعتزالِ هم ف يه ،واعتزال م ف ال شر
أفضل ،فإن علم أنه إذا خالطهم أزالهُ أو قلّلَهُ فخلطتهم حينئذ أفضلُ من اعتزَالِهم.
قلتبُ :وفب زمننبا هذا تترجبح العزلة لفُشبو النكرات وكثرتاب ،وموت الغية
الدينية عند الكثي هذا فيما يترجح عندي ،وال أعلم؛ لنه كما قال العلماء :من
319
إيقاظ أول المم العالية
اتصل اللق ول يالقهم بأخلقهم مقتو هُ واستْثقَلُو ُه واغتَابُوه ويذه بُ دينهم فيه،
ويذهبُ دينُه ودُنياه ف النتقام منهم ومُسارقةُ ال ّطبْع من أخلقِهم الرّ ِديْئةِ ،وهُو داءُ
ل عن الغافلي.دَفي قلما ينتبه ل ُه العُقلء فض ً
وذلك أنه قلّ أن يُجالس النسانُ فاسقًا مدة مع كونه مُنكرًا عليه ف باطنه إل
ولو قاس نفسه إل ما قبل مالسته لوجد فرقًا ف النُفور عن الف ساد؛ لن الفساد
يصي بكثرة الُباشرة هيّنًا على الطبع ويسقط وقعُهُ واستعظامُهُ.
ومهما طالت مُ ّد ُة النسان إذا لحظ أحوال السلف ف الزهد والتعبد احتقر
نفسه واستصغر عبادته.
فيكون ذلك داعيبة إل التشميب والدّ والجتهادِ فب الطاعات والبتعا ِد عبن
النكرات.
وما يدُ ُل على سُقوط وقع الشيء بسبب تكرره ومشاهدته أن أكثر الناس إذا
رأوا مسلمًا قد أفطر ف رمضان استعظموا ذلك حت يكادُ أن يُفضي إل اعتقادهم
فيه الكفرَ.
وقد يشاهدون من يُؤخر الصلة عن أوقاتا فل ينفرون عنه نفورهم عن تأخي
الصوم ول سبب لذلك إل أ ّن الصلة تتكرر والتساهل فيها يكثر.
وكذلك لو لبس الفقيه ثوبًا من حرير أو خاتًا من ذهب ل ْشتَ ّد إنكار الناس
لذلك.
ب فل يستعظمونَ ذلك والغيبةُ أشدُ من لبسِ الرير. وقد يشاهدونه يغتا ُ
ولكن لكثرة ساعها ومُشاهدةُ ا ُل ْغتَابي سقطَ عن القلوب وقعُها.
ب بُؤسببًا ُيعَ ّد ول ُنعْمَبا ب الفَتَبى َفلَمببْ يَرَهبُ
بَتهَانَ بِه ِ
ب الشي ُء اس ْ
إذا ألِف َ
ُحسب له َطعْم َا
ْقب عَذْب ًا ل ي ّ ب َومَسببَاغِهِ م ِن ال ِري ِ بن عُمْرهبِ كإنفاقِهببِ مِب
ب ينفعكَب فب الخرة،
فالذر الذر مبن التصبال بالناس ومالسبتهم إل فيم ا
فإ نك ل تكادُ ترى من هم إل ما يز يد ف حر صك على الدن يا و ف غفل تك عن
320
إيقاظ أول المم العالية
الخرة ،وتون عل يك العا صي وتض عف رغبتُك ف الطاعات؛ لن مال طة الكث ي
ت أناسًا يذكرون ال فل تفارقهم. اليوم ضرر وإن وجدْ َ
ِلقَاءُ الناسبببِ ليسبببَ ُي ِفيْ ُد َشْيئًا سببوى الَذَيانببِ مِببن ِقيْ ٍل وقَالِ
فأقْلِ ْل مِنببببْ لقاءِ الناسببببِ إل لخْ ِذ العِلْم أوْ إصببببببلحِ حَالِ
322
إيقاظ أول المم العالية
وقال :وحاصل هذا كله أن ال سبحانه أمر العباد أن يكونوا مع مراده الدين
منهم ،ل مع مراد أنف سهم ،فأهل طاعته آثروا ال ومراده على مُرَادِهم فاستحقوا
كرامته.
وأ هل مع صيتِه آثروا مُراد هم على مُراده وعلم سبحانه من هم أن م ل يؤثرون
مراده البتة وإنا يؤثرون أهواءهم ومرادهم ،فأمرهم وناهم ،فظهر بأمره ونيه من
القدر الذي قدّ َر عليهبم مبن إيثارهبم هوى نفوسبهم ومرادهبم على مرضاة ربمب
جةُ عدله فعاقبهم بظلمهم. ومراده ،فقامت عليهم ُح ّ
قال :سعت شيخ السلم ابن تيمية يقول ف قول النب « :ل تدخل اللئكة
بيتًا فيه كلبٌ ول صورةٌ» إذا كانت اللئكة الخلوقون ينعها الكلبُ والصورة عن
دخول البيت.
فك يف تلج معر فة ال عز و جل ومبتُه وحلوةُ ذكره وال نس بقر به ف قلب
مُمَتلئٍ بكلب الشهوات وصُورها! فهذا من إشارة اللفظ الصحيح.
ومن هذا أن طهارة الثوب والبدن إذا كانت شرطًا ف صحة الصلة والعتداد
با ،فإذا أخل با كانت فاسدة.
فك يف إذا كان القلب ن سًا ول يطهره صاحبه! فك يف يع تد له ب صلة وإن
أسقطت القضاء!
وهبل الطهارة الظاهرة إل تكميبل لطهارة الباطبن! ومبن هذا أن اسبتقبال فب
الصلة شرط لصحتها وهي بيت الرب.
فتوجه الصلي إليها ببدنه وقالبه شرط ،فكيف تصح صلة من ل يتوجه بقلبه
إل رب القبلة والبدن ،بل وجّ َه بَ َدنَه إل البيت ووجّهِ قلبهُ إل غي رب البيت.
وأمثال ذلك مبن الشارات التب ل تنال إل بصبفاء الباطبن وصبحة البصبية
وحسن التأمل ،وال أعلم.
عن ع مر بن الطاب قال :قال ر سول ال « :ما مِن م صل إل وملك عن
يينه وملك عن يساره ،فإن أتها عرجا با ،وإن ل يتمها ضربا با و ْجهَهُ».
323
إيقاظ أول المم العالية
يكون الفتبب مسببتوجبًا للعقوبببة تُصببلي بل قلب صببلة بثلهببا
با رَ ْك َعةً بعببد رَكعةِتَزِيببد ا ْحِتيَاطًب تظببل وقببد أتْمَ ْمتَهَبا غيبب عال
بوبيَب يَدي مَبن تنحَنب غيب مبت َ ب مَبن تناجيبه ُمعْرضًبا فويلك تَدْري ْ
على غيه فيهبببا ِلغَيببب ضَ ُروْ َرةِ ب َن ْعبُدُ ُمقْبلً
تاطبببببه إيّاكببب َ
تَ َميّزْتببَ مِبن َغيْظببٍ عيببه وغَيْ َرةِ ولو رَدّ مَبن ناجَاكبَ للغيب طرفهبَ
بدُودَك عنببه يببا قلي َل الُ ُروْ َءةِ صب ُ أنب يرى َسبحِي مِن مالك اللك ْ أمبا ت ْتَ
ب السبّوّيةِ ب َنهْجًبا فب طريق ِ إل الق ِ ْتب وخُ ْذ بنبا ِيب اهْدِن َا فيمبن ه َدي َ
إل ْ
وقال ابن القيم ب رحه ال بَ :فضِيح ُة البهرج تبيُ عند الحك ،لو أبصرت
طلئع الصديقي ف أوائل الركب ،أو سعت استغاثة الحبي ف وسط الركب ،أو
شاهدت ساقة الُستغفرين ف آخر الرّكْب ،لعلم تَ أنك قد انقطعت ت تَ شجرة
أم َغيْلَان.
ْبب َيعُدّ النازلَ إل الرواح فب الوى والتفليبس ُنقطعب ُدوْن الرّك ِ
واحسبرتَاه ل ٍ
حَبةِ إبلْيسِ.
صْوحتّامَ السعُي ف ُ
سيْس أعلم تَ وكم برجةٍ ف العملِ وتدليس أي نَ أقرانُ كَ هل تسم ُع لم من ح ِ
أنُه ْم اشتد ندمُهم وحسرتم على إيثار السِيس.
سيْس. تال لقد ودُوا أن لو كانوا طّلقُوا الدنيا قبل الَ ِ
ب على َشفِيْرِ ب اللكب ِ أتلهُوا َبيْنببببببببَ با ِطَيةٍ و ِزيْرِ وأنتببَ مِنب َ
ب أمَ ٌل َطوِيلٌ بببببه ُيرْدى إل أجَلٍ قَصببببِيْرِ ببن غَرّهبب ُ ببا مَب فيَب
ب ال ُقُبوْرِ
بَ فب
بَ َقبْرِكب بَ مكانب ب وا َلنِّيةُ كُ ّل يَومببببٍ تُ ِريْكب أتَفْرَحببب ُ
ب ّرتْكَ َيوْمًبا فإنّبب الُزْن ببَ عَاقِبةُ الس ببُرُورِ بي ال ُدنْيَبا وإنبْ س َ هب
با َكعَارِي ٍة تُرَدّ إل ُم ِعيْرِ
با جَمّعْبت فيهب بتَسِْلبُ كُلّ مب
سبَ
بي ودَارَ الَقّببب مِبببن دَار الغُ ُروْرِ بن التَظَنِبوتَ ْعتَاضببُ اليَقيْنببَ مِب
324
إيقاظ أول المم العالية
قيل :إنه دخل أعرابٌ على سليمان بن عبداللك ،فقال :يا أمي الؤمني ،إن
حبُ إن قبلتهُ. ك بكلم فاحتمله وإن كرهتهُ ،فإن وراءهُ ما ُت ِ مُكلّمُ َ
قال :قُلْ ،قال :يا أم ي الؤمن ي ،إنّ ه قد اكتن فك رجال ابتاعوا دُنياك بدين هم
ورضاك بسخط ربم خافوك ف ال ول يافُوهُ فيك.
خربوا الخرة وعمّروا الدنيا ف هم حر بٌ للخرة ،سِلمٌ للدنيا فل تأمن هم على
ائتمنك ال عليه ،فإنمن ل يألوا المانة تضييعًا والمة خسفًا.
وأنبت مسبؤولٌ عمبا اجترحُوا ولي سوا ب سئولي عمّاب اجترحبت ،فل تُصبلحْ
ك فإنّ أعظ َم الناسِ غبنًا بائع آخرته بدنيا غيه. دُنياهم بفساد آخِ َرتِ َ
فقال سليمان :أما أنت فقد سللت لسانك وهو أقط ُع من سيفك.
فقال :أجل يا أمي الؤمني ،لك ل عليك.
قال :ف هل مِن حاجةٍ ف ذات نف سك ،قال :أ ما خا صّة دون عا مة فل ث قام
فخرج ،ل دره هذا من رقم ( )2ف «الزهد».
فقال سليمان :ل دره ،ما أشرف أ صله وأذرب لِ سانه وأ صدق نيتّ ه وأروع
ف والعقلُ.نفسه ،هكذا فليكن الشر ُ
شبَابببِ ا ُلفَارقببِ ب َح ّل بعَارضبي ن ِذيْرًا بَتْرحَال ال ّ
ب الشَيْب َ ولّاب رَأيْت ُ
ْتب لَا انظري إل مببا أتببى هذا ابتداءُ القَائِقببِ ْتب إل نَفْسبِي َفقُل ُ
رَ َجع ُ
َاتب وَ ْقتُه َا كمببا قَدْ أزالَ اللي ُل نورَ الَشَارقببِ لواتب اللهبو قبد ف َ ِ دَعبى
بابقي ب وسب دعببي َمنْزِلَ اللذَاتببِ ينلُ أهلُهببُ وجُدّي لَبا تُ ْدعَي بْ إليْه ِ
د خل عطاء بن أ ب رباح على هشام ،فر حب به ،وقال :ما حاج تك يا أ با
ممد ،وكان أشرافُ الناس يتحدثون فسكتوا.
فذكره عطاء بأرزاق أهل الرمي وعطياتم ،فقال :نعم يا غلم ،اكت بْ لهل
الدينة وأهل مكة بعطاءِ أرْزَاقِهم.
325
إيقاظ أول المم العالية
ث قال :يا أ با م مد ،هل من حا جة غي ها ،فقال :ن عم فذكّر هُ بأ هل الجاز
وأهل ند وأهل الثغور ففعل مثل ذلك ،حت ذكره بأهل الذمّة أن ل يكلفُوا ما ل
يُطيقُون.
فأجابه إل ذلك ،ث قال له ف آخر ذلك :هَلْ من حاجة غيها؟
قال :ن عم يا أم ي الؤمن ي ،ا تق ال ف نف سك ،فإن خُلقْ تَ وحدك ،وتو تُ
وحدك ،وتُحشر وحدك ،وتاسبُ وحدك ،ل وال ما معك مّن ترى أحدًا.
قال :فأكب هشا مٌ يبكي ،وقام عطاء ،فلما كان عند الباب إذا رجلٌ قد تبعه
بكيس ،ما ندري ما فيه أدراهم أم دناني؟
وقال :إن أمي الؤمني قد أمر لك بذا ،فقال :مَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَ َليْ هِ مِ نْ أَجْرٍ إِ نْ
سوَة مَاء ،ل
أَجْرِ يَ إِلّ َعلَى َربّ العَالَمِيَ ث خرج ول وال ما شرب عندهم حَ ْ
دره سلك طريقة الرسل عليهم السلم ،هذا من رقم ( )1ف «الزهد».
ولا رجع الرشيد قيل له :يا أمي الؤمني ،قد حج شيبان ،قال :اطلبُوه ل فأتوه
به ،فقال :يا َشيْبانُ ،عظن!
قال :يا أم ي الؤمن ي ،أ نا رج ٌل ألك نٌ ل أف صحُ بالعرب ية ،فجئ ن ب ْن يف هم
كلمي حت أكلمه ،فأت برجُل يفهم كلمهُ.
ك قبْل أن تبلُ غَ الأ من أن صحُ
خوّفُ َفقال لهُ :قلْ له يا أم ي الؤمن ي ،إن الذي يُ َ
لك من الذي يُؤمّنُكَ قبل أن تبلغ الوف.
قال له :أي شيء تفسي هذا؟ قال :قُلْ لهُ الذي يقو ُل لك :اتّق ال فإنك رجلٌ
مسئول عن هذه المة الت استرعاك ال عليها وقلّد َك أمورها وأنت مسئو ٌل عنها.
فاعدل ف الرع ية واق سم بال سوية وان فذ ف ال سرية ،وا تق ال ف نف سك هذا
الذي يوفك فإذا بلعتَ الأمَ َن أمنْتَ.
هذا أنصحُ لك مّ ْن يقول :أنتُم أه ُل بي تٍ مغفورٌ لكم وأنت قرابةُ نبيكم ،وف
ت الوفَ ع ِطْبتَ. شفاعته فل يزال يُؤ ّمنُكَ حت إذا بلغ َ
قال :فبكى هارون حت رحه من َحوْلَه ،ث قال :زدن ،قال :حسبك.
326
إيقاظ أول المم العالية
رُوي أن عوف بن مالك أسبر الشركون ابنًا له ،فأتبى ر سول ال ،فقال:
ُأسِ َر ابن وشَكَا إليه الفَاقَة.
فقال رسول ل « :ما أم سْى عند آل ممد إل مُدّ ،فاتق ال ،واصب وأكثر
من قول :ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم» ،فعاد إل بيته ،وقال لمرأته :إن
رسول ال أمرن أن تستكثر من قول ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
فقالت :نعم ما أمر به رسول ال ،فأخذا يقولن ذلك فبينما هو ف بيته إذْ
ع ابنُه الباب ،ومع ُه مائةٌ من ال بل تغَفّ َل عن ها الع ُدوّ ،فا ستاقها وأ تى ب ا إل قر َ
سُبهُ .
والديه ،فنلت هذه اليةَ :ومَن يَتَ َوكّلْ عَلَى ال ّلهِ فَهُوَ حَ ْ
قيبل لبعبض العُقلء :لِمَب اعتزلت الناس؟ فقال :خشيتُب أن ْب أسبلبَ ديْنب ول
أشعُر ،وهذا دل يل على م سارقَة الط بع ك ما هو مُشا هد ،ودل يل على ذكاء العا قل
ودقة نظره وزهده.
قال السن البصري :إنا الفقيه الزاهدُ ف الدنيا الراغب ف الخرة البصي بدينه
الداوم على عبادة ربه.
الورع الكاف من أعراض السلمي ،العفيف عن أموالم ،الناصح لم.
لكبل شيبء آفبة تفسبده فآفبة العبادة الرياء ،وآفبة اللم الظلم ،وآفبة الياء
الضعف ،وآفة العلم النسيان ،وآفة العقل العجب بالنفس ،وآفة الكمة الفُح شُ،
وآفةُ ال َقصْدِ الشُخُ ،وآفةُ العُمُر الكبَرُ ,وآفة الودِ التبذير.
سُئل علي بن أ ب طالب :كم ب ي اليان واليق ي؟ قال :أرب عُ أ صابع ،ق يل:
وك يف ذلك؟ قال :اليا نُ كُلُ ما سعتهُ أذنَا كَ و صدّقهُ قلبُك ،واليقيُ ما رأت هُ
س بي العي والذُن إل أرب عُ أصابع .وال أعلم ،وصل عيناك ،فأيقن به قلبُك وليْ َ
ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
قال شي خُ ال سلم بن تيم ية ،و ف الثار يقول ال تعال :أ نا ال ل إله إل أ نا
ملك اللوك ونواصيها بيدي.
327
إيقاظ أول المم العالية
فمن أطاعن جعلت قلوب اللوك عليه رحة ومن عصان جعلتُهم عليه نقمة.
ل وأطيعون أعطفهم عليكم. فل تشغلوا أنفسك بسب اللوك ،ولكن توبوا إ ّ
وقال ابن القيم :لهل الذنوب ثلثة أنار عظام ،يتطهّرون با ف الدنيا ،فإن ل
حيْم يوم القيا َمةِ.
تَفِ بطُهرهم ُطهّ ُروْا ف نر ال ِ
نر التوبة النصوح ،ونر السنات الستغرقة للوزار الحيطة با ،ونر الصائب
العظيمة الكفرة.
أدخلهب أحبد هذه النار الثلثبة ،فورد القيامبة طيب ًا ُ فإذا أراد ال بعبده خيًا
طاهر ،فلم يتج إل التطهي الرابع.
من غلب عل يه حُبّ الاه صار مق صور ال م على مُراعاة اللق مونعًا بالتردد
علي هم والرآت ل م ،ول يزال ف أقواله وأفعاله ملتفتًا إل ما يُع ّظ مُ منل ته عند هم
وذلك بذ ُر النفاق.
وأ صل الف ساد؛ لن كل من طلب النلة ف قلوب الناس اض طر أن ينافق هم
بإظهار ما هو خال عنه.
ويرّ ذلك إل الراآت ف العبادات ،واقتحام الحظورات والتو صل إل اقتناص
القلوب.
ب والعُ ْمرَِتفَكّرُ فب ُنقْصبَا ِن مَالِكبَ دَائِمًبا و وتَغْفُبل عبن ُنقُصبَانِ ِدْينِك َ
ويَْثِنيْكَب خوفُب الفَقْر عبن ك ِل طَا َعةٍ و ِخْي َفةُ حَال ال َفقْ ِر شَرٌ مِببببن ال َفقْرِ
كان ال سلف –رح هم ال -و من سار على نج هم من اللف أحرص الناس
على حفظ الوقت ،وتعبيته بالعمال الصالة سواء ف ذلك العال ،وطالب العلم،
والعابد.
وكانوا يقتدي بعضهم ببعض ويوصي أحدهم الخر على صيانته وملئه بالي
وكانوا يسابقون الساعات ،ويبادرون اللحظات ،حرصًا منهم على الوقت ،وأن ل
يذهب هدرًاَ ،لعِلْمِهم أنه يُر مرّ السحاب ويري جريَ الريح.
328
إيقاظ أول المم العالية
ق يل :إن نوحًا –عل يه وعلى نبي نا م مد أف ضل ال صلة وال سلم -جاء ملك
الوت ليقبض روحه بعد ألف سنة أو أقل أو أكثر ،ال أعلم ،فسأله ملك الوت،
ت الدنيا؟ فقال :كدارٍ لا بابان دخل تُ
قال له :يا أطول النبياء عُمْرًا كيف وجد َ
مع أحدها وخرجتُ من الخر.
قال ال جل وعل وتقدسَ :كأَّنهُ مْ َيوْ مَ َي َروْ نَ مَا يُوعَدُو نَ لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِلّ سَا َعةً
مّن ّنهَارٍ .
شّيةً َأوْ ضُحَاهَا .
وقال تبارك وتعالَ :كأَّنهُ ْم َي ْومَ َي َر ْونَهَا لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِ ّل عَ ِ
ّنب
ّمب يَ ْلَبثُوا إِ ّل سبَا َعةً م َ
ُمب َكأَن ل ْ
ْمب َيحْشُ ُره ْ
وقال تبارك وتعال وتقدسَ :وَيو َ
الّنهَا ِر َيَتعَارَفُو َن َبيَْنهُمْ .
ومبن خصبائص الوقبت أن كبل سباعة أو يوم أو لظبة ترب ليبس يكبن
استرجاعها.
وقال السن البصري :ما مِن يوم ينشق فجره إل وينادي يا ابن آدم ،أنا خل قٌ
جديد وعلى عملك شهيد ،فتزوّدْ من فإن إذا مضيتُ ل أعود.
بفَ ٍر ُي ْفنِيْببه باليومببِ والشهرِ
ومببا الرءُ إلّا رَاكِبببٌ َظهْ َر عُمْره على سب َ
با إل القَبْرِ
بل يَوم بٍ وَليَْلةٍ َبعِيْدًا عببن الدنيببا َق َريْبًب
بى كب
ب وُيضْحب
َيبِيْت ُ
آخر:
ب إل يُبَاعِببد َموْلِدًا ويُدْنِبي الَنَايَبا للّنفُوسببِ َفَتقْرُبببُ
ومببا َنفَسب ٌ
فالذي ينبغي للنسان أن يافظ على وقته أعظم من مُحافظته على ماله ،وأن
يرص على الستفادة منه ف كل لظة فيما ينفعه ف دينه وف دُنياه ،مّا هو وسيلةٌ
إل الدار الخرة.
قال عمر بن عبدالعزيز :إن الليل والنهار يعملن فيك فاعمل فيهما.
329
إيقاظ أول المم العالية
وقال حكيم :من أمضى يومًا من عُمره ف غي حق قضاه ،أو فرض أداه ،أو
م د أثله ،أو ح د ح صله ،أو خ ي أ سّسَه ،أو اعلم اقتب سه ،ف قد عقّ يوم هُ وظل مَ
نفْسَه.
والذي يعي على اغتنام الزمان ،العزلة مهما أمكن ،إل لضرورة ،أو حا َج ًة لن
يلقا هُ ،أو يزُور هُ ،وقّل ُة ال كل؛ لن كثر ته تُك سلُ البد نَ ،و سببٌ للنّو مِ ال ّطوِيْل،
َاعب الليبل ،وفوات التجهبد ،أو تقليله ،وعمارةُ القلب فب أربعبة :فب العلم، وضي ِ
والتقوى ،وطا عة ال وذكره ،وخرابُه من ال هل والع صية والغترار والغفلةْ .وال
أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
ول قد كا نت ه مُ ال سلف عال ية يدل علي ها كثرة مُ صنفاِتهِمْ ال ت هي خل صة
أعمارهم.
و قد أ مر ال سبحانه وتعال با ستباق اليات وال سارعة إلي ها ق بل أن تش غل
عنها الشواغل أو تعوق العوائق.
قال ال جل وعل :فَاسْتَِبقُوا الَيْرَاتِ .
ضهَا السّ َموَاتُ
وقال عز من قائل :وَسَارِعُوا ِإلَى َم ْغفِ َر ٍة مّن ّربّكُمْ وَجَّنةٍ َعرْ ُ
ض أُ ِع ّدتْ لِلْمُّت ِقيَ .
وَالَرْ ُ
ْضه
ُمه َوجَّنةٍ َعرْضُه َا َك َعر ِ
وقال جبل وعل :سهَابِقُوا ِإلَى َمغْ ِف َر ٍة مّنه ّرّبك ْ
ت لِ ّلذِينَ آمَنُوا بِال ّلهِ وَ ُرسُ ِلهِ .
ض أُ ِعدّ ْ
السّمَا ِء وَالَرْ ِ
ومدح الصالي من أهل الكتاب بأنم يُ ْؤمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْ ِم الخِ ِر َويَ ْأ ُمرُونَ
بِالْ َم ْعرُوفِ َويَ ْن َهوْنَ َعنِ الُن َكرِ َوُيسَارِعُونَ فِي الَيْرَاتِ َوأُ ْولَِئكَ ِم َن الصّالِحِيَ .
وقد حث النب على البادرة بالعمل قبل حلول العوائق والفت ،فقال« :هَ ْل
َتنْتَظِ ُروْ نَ إل غنًى مُ ْطغِيًا أو فقرًا ُمنْ سِيًا أو مرضًا مف سدًا أو هَرَمًا مفندًا أو موتًا
ِبب ينتظبر أو السباعة ،فالسباعة أدهبى وأمبر» رواه ْمهِزًا أو الدّجَالَ فشبر غَائ ٍ
الترمذي.
330
إيقاظ أول المم العالية
وقال ا بن الق يم ب رح ه ال ب :وعمارة الو قت ال ْشِتغَالُ ف ج يع آنَائ هِ ب ا
ب أو من كح أو منام أو ُيقَرّ بُ إل ال تعال أو يُعيُ على ذلك من مأ كل ومشرَ ٍ
راحة.
فإنّهُ مت أخذها بنية القوة على ما يبه ال وتنّب ما يسخطه كانتْ من عمارة
الوقت.
وإن كان له فيهبا أتّ ل ّذةٍ فل تسبب عمارة الوقبت بجبر اللذات والطيبات
الباحة.
ب التّوفيق عن اللق من ستةِ أشياء: قال بعض العلماء :أُغلق با ُ
انشغالُهم بالنعمة عن شكرها.
ورغبتُهم ف العلم وتركهم العمل.
وإقبال الخرة وهم معرضون عنها.
والغترا ُر بصحبة الصالي وترك القتداء بفعالم.
وإدبار الدنيا عنهم وهُ ْم يتبعُونا.
والسارعة إل العاصي والذنوب وتأخي التوبة.
ب نَا َل ِمْنهُنّب َل ّذةً ومَات بَ وخَلّاهَبا وذَاق بَ ال ّدوَاهِيَباب َمعَاص ٍ
ب ذِي ْ
وكَم ْ
َاتب الْ َمعَاصبِي كَم َا هَي َا
ب العَاصبِي وَتنْقَضِبي وَتبْق َي تبَاع ُ ب ّرمُ لذّات ُ
تَص َ
بيَا
بوْءَتَا والُب رَا ٍء وَسببَامِعٌ ِل َعبْ ٍد ب َعيْنببِ الِب يَغْشَبى العَاصبِبا سبَ فَيَب
آخر:
ب الورى وأنْتببَ ب َعيْنببْ ال ل شببك ُتنْظرُ
ب عَن ِ
ب البُيِوت ِ
جدْرَان ِ
َتوَارَى بِ ُ
وقال آ خر :إن ل عبادًا جعلوا ما ك تب علي هم من الوت مثالً بيَ أعين هم
وقطعُوا السباب التصلة بقلوبم من علئق الدنيا فهم أنضَا ُء عبادته حُلفا ُء طاعته.
قد أنضجُوا خُدُودهم بوابل ُدمُوعِهم وافترشُوا جباههُمْ ف ماريبهم يُناجُون ذا
الكبياء والعظمة ف فكاك رقابم.
331
إيقاظ أول المم العالية
ث فيما ل َيعِْنيْه فوقف عليه ،فقال :كلمُ كَ وم ّر إبراهيم ب نُ أدهم برل يتحدّ ُ
هذا ترجو به الثواب؟ قال :ل ،فقال :أفتأم ُن عليه العقاب؟ قال :ل.
قال :فما تصنعُ بكلم ل ترجُو عليه ثوابًا وتاف منه عقابًا.
قال بعضهبم :لو بعبت لظ ًة مبن إقبالك على ال بقدار عمبر نوح فب ملك
قارون ل ُكْنتَ مغبونًا ف العقد.
قال سفيان الثوري :دخلت على جعفر الصادق ،فقلتُ له :ما ل أراك سكنت
ط الناس؟ قال :نعم يا ابن سعيد ،ف العُزلة دعة ،وف الدعة القناعة، دارك ول تُخال ُ
وما ُقدّ َر لك يأتيك.
يا سُفيان ،فسد أهل الزمان وتغيّر الصدقاء فرأيتُ النفراد أسكن للفؤاد.
َتغَيّرَ إ ْخوَانببببُ هذا ال ّزمَانببببْ وكُلُ صبببببببَدِيق عَراه خَلَلْ
ت ُمْنتَظِرًا ِلبَاب البَدَلْ
بم فَصببببببِرْ ُ بن بَابِهِب
ضيْتببُ الّتعَجّبببَ مِب َق َ
فصل
ُهب على النفراد والعمبل ويرغببه عبن كتبب العمري العاببد إل مالك يض ُ
الجتماع إليه ف العلم.
فكتب إليه مالك إن ال قسّم العمال كما قسّم الرزاق فرُبّ ر ُجلٍ فُتح عليه
ف الصلة ول يُفتح له ف الصوم.
وآخر فُتح له ف الصدقةِ ول يُفتح له ف الصوم.
وآخر فُتح له ف الهاد ول يُفتح لهُ ف الصلة.
ونشرُ العلم وتعليمه من أشرف أعمال الب.
وقد رضيتُ با فتح ال ع ّز وج ّل عليّ فيه من ذلك.
وما أظنُ ما أنا فيه ب ُدوْن مِ ْن مَا أنت فيه.
332
إيقاظ أول المم العالية
وأرجو أن يكو نَ كلنا على خيٍ وب ٍر وي بُ على كُ ٍل منّا أن يرضى با ق سِم
له ،والسلم.
قيل :أ صاب عبدالرحن بن مد ين مالً عظيمًا وكان رجل صدقٍ ،و صاحب
د ين فجهّزَ سبعي ملوكًا بأ سلحتهم إل هشام بن عبداللك ث أ صبحُوا مع هُ يوم
الرّ ِحيْل.
فل ما ا ستوى ب م ف الطر يق ن ظر إلي هم ،وقال ف نف سه :ما ينب غي لرجُل أن
ب معكبم يتقرّب هؤلء إل غيب ال عزّ وجلّ ،ثب قال لمب :اذهبُوا فأنتبم أحرار وم ا
لكم.
وقال ا بن الق يم ب رح ه ال ب :إن الذي ي س ُم مادة رجاءِ الخلوق ي من
ك هو الرضا بكْم ال عز وجل وقسمهِ لك. ق ْلبِ َ
فمن رضي ُبكْمِ ال وقسْمِهِ ل يبق لرجاء اللقِ ف قلبه موضِع.
والذي يسمُ مادة الوف هو التسليمُ ل ،فإنّ من سلّمَ ل واستسلم ل هُ وعلم
أنّ ما أصابهُ ل يكنْ ليخطئه ،وما أخطأه ل يكن ليصيبه ،وعلم أنه لن يُصيبه إل ما
كتب ال له ل يبق لوف الخلوقي ف قلبه موضع أيضًا.
فإن نفسه الت ياف عليها قد سلمّها إل وليّها ومولها وعلم أنه ل يصيبها
إل ما كتب لا ،وأن ما كتب لا لبد أن يصيبها فل معن للخوف من غي ال.
والذي يس ُم مادة البالت بالناس شهود القيقة ،وهو رؤية الشياء كلها من
ال ،وبال وف قبضته وتت قهره و سُلطانه ل يتحرك منها شيء إل بوله وقوته،
ول ينفع ول يضر شيءٌ إل بإذنه ومشيئته ،فما وجه البالت باللق!
شعرًا:
با تَذَرَ با عُمَرُ يَرَى ويَس بْمَعُ مَبا تأتِبي ومب ب أنّب ال يبب َتعْلَم ُ
إن ُكنْت َ
ب والَذَرُ ب الَوف ُ ب عنبه فأيْن َ تركبب مبا َنهَاك ِ
ُ َاكب
وأنتب فب َغفْل ٍة عَن ذ َ
َ
حيْي وَت ْعتَذِرُ
بتَ ِ
تُجَاهِرُ الَب إقْدامًبا عليببه ومِنببْ ُحثَاَل ِة الناسبببِ تسبب ْ
333
إيقاظ أول المم العالية
اشترى عبدال بن عامر من خالد بن عُقبة دار هُ الت ف السوق بتسعي ألف
در هم ،فمل كان الل يل سع بكاء أ هل خالد مُتأ سفي على ب يع الدار ،فقال :ما
يبكونب على دارهبم التب اشتريتهبا ،قال :يبا غلم ائتهبم َ لؤلء يبكون ،قالوا:
فأعلمهم أن الدار والال لم جيعًا.
وكان لعُثمان على طلحة ب رضي ال عنهما ب خسون ألف درهم ،فخرج
إل السجد ،فقال طلحة :قد تيأ مالُك فاقبضهُ.
فقال :هُو لك يا أبا ممد ،معُونةً على مرُوءتك.
ودخل عل يُ بن السن على ممد بن أسامة بن زيدٍ ف مرضه ،فجعل يبكي،
فقال :ما شأنك؟
قال :عليّ د ين ،قال :كم هو؟ قال :خ سة ع شر ألف دينار أو بض عة ع شر
ألف دينار ،قال :هيَ عليّ.
ضةُ الَبيْضَاءُ وال ّذهَبببُ
با ال ِف ّ
بم أمْطَارُهَبلَهُبم س بَحَاِئبُ جُودٍ ف ب أنَامِلِهب
فبب العُسببر قالوا إذا أيْسببَرنَ ثَاِنَيةً أق صرَن عَن َبعْ ضِ ما ُنعْطِي ومَا َنهَ بُ
ب ُتّتهَبببُحتبب إذَا عَا َد أيّامببُ اليَسببَا ِر لُمببْ رَأيْتببَ أمْوالمببْ للناسبِ
آخر:
ب
ف فيهبا ول خَرَق ُ بلَ ٌ با ومبا بِنَبا ص َ قَالَتببْ طُرَي َفةُ مببا تَب ْقىَ دَرَاهِمُنَب
بَتبِقُ
ب تَس ْ
ب العروف ِ ب إل طُرُق ِ ب إذَا ا ْجتَمَعَبت يَومًبا دَرَاهِمُنَبا ظَلّت ْ َلكِن ْ
برّتنا َلكِنببْ يَمُبر عَليَهببا و ْهوَ ُمنْطَلقببُ
بص ُ ب الَضْ ُروْب ُ ب الدّ ْرهَم ُ
ل يألَف ُ
334
إيقاظ أول المم العالية
روي أن عمر بن عبدالعزيز كان ف سفر مع سليمان بن عبداللك ،فأصابم
السماء برعد وبرق وظلمة وريح شديدة حت فزعوا لذلك ،وجعل عُمرُ يضح كُ،
فقال له سليمان :ما يُضحكَ يا عمر؟ أما ترى ما ننُ فيه!
فقال له :يا أم ي الؤمن ي ،هذه آثارُ رحتِ هِ في ها شدائدُ ما ترى ،فك يف بآثار
سخط ِه وغضبِهِ!
أر سل الن صور إل سفيان الثوري ،فل ما ح ضر قال له :س ْلنِي حاج تك يا أ با
عبدال.
قال سفيان :أو تقضيها يا أمي الؤمني؟ قال :نعم ،قال :ل تطْلُبن حت آتيك،
ول تعطين حت أسألُكَ ،ث خرج مِن عنده.
فقال النصور :ألقينا البّ إل العُلماءِ ،فالتقطُوا إل سُفيان.
جزُ أن يَر ُج َو النسببانَ إنْسببَانُ ب والعَ ْ ب ِح ْرمَان ُب على الْبوَاب ِ إن الوُقُوف َ
بن إيْمَانبِ فل تُؤمّ ُل مَخْلوُقًبببا وَتقْصبببُ ُدهُ إن كانبَ عِنْدَكبَ بالرحْمب
ب
ب شَان ُ ب فب خَ ْلقِه ِ
ب لَه ُ
ب ذا فب كُ ّل َيوْم ٍ ب ُهوَ ُيعْطِبي ذَا ويَ ْمنَع ُ ب بالذي ْثق ْ
آخر:
ب بالرّبببِ الرّ ِحيْمببِ َرجَاؤُهببُ تعَلّقبَ أطماعب عبدٍ ع َن الوَرَى ُ َتب
إذا انقَ َطع ْ
ضيَاؤُهببُ ب أْنوَارُهببُ و ِ عَلى و ْجهِهب ِ فأصبببببببَْحَ حُرًا عِزّة وَقنَا َعةً
ببا يَر ُجوْ َوطَا َل َعنَاؤُهبببُ
َتبَاعَدَ مَب ْسبهَ
َاعب َنف ِ
ْقب أطْم ُ َتب بالَل ِ
وإنب عَِلق ْ
ْ
بفَا ُؤهُ
بحّ فب ح ّل الصبّفاءِ ص َ ولو ص َ فل تَرْجببُ إلّا ال لِ ْلخَطْببب و ْحدَه
336
إيقاظ أول المم العالية
قالوا :ها ف النة أمْ ف النار.
قال :أقول فيهما ما قال الليل ب عليه السلم ب فيمن هو شر منهما:
ك َغفُورٌ رّحِيمٌ .
فَمَن َتِب َعنِي فَِإنّ ُه ِمنّي َومَ ْن عَصَانِي فَِإنّ َ
وأقول ك ما قال عي سى ب عل يه ال سلم ب :إِن ُتعَ ّذْبهُ مْ فَِإّنهُ ْم عِبَادُ كَ َوإِن
لكِيمُ .
َتغْفِرْ َل ُهمْ فَِإنّكَ َأْنتَ العَزِيزُ ا َ
سوْا رؤوسهم وانصرفوا. فنكّ ُ
وسأل أبا حنيفة ناسٌ من الزنادقة عن وجُود ال ،فقال :ذكرُوا ل أن سفينةً ف
ب وت يء الب حر مُوقَرة ،ول يس ب ا أحدٌ ير سُها ول ي سوقُها و هي مع ذلك تذه ُ
وتسيُ بنفسها من غي سائق يسُوقها.
فقالوا :هذا ش يء ل يقوله عا قل ،فقال :ويكُ مْ هذه الوجُودات ب ا في ها من
العال العلوي والسُفلي.
ت القومُ ورج ُعوْا إل
حكَمَة ليس لا صانع َفُبهَ َوما اشتملتْ عليه من الشياء الُ ْ
الق.
وقال ابن القيم :إن ال سُنّة الذات تح ُق البدعةَ ول تقوُ ُم لا وإذا طلعت ش سُها
ضبَابَ ك ِل بِ ْد َعةٍ وأزَالَت ظلمة كل ضللة.ف قلب العبد قطعتْ من قلبه ُ
ق ب ي ال سنةإذ ل سلطان للظل مة مع سلطان الش مس ،ول يرى العبدُ الفر َ
والبدعة.
سنّة إل الُتابعة ،والجرة بقلبه كل ول يُعينُه على الروج من ظلمِتهَا إل نور ال ُ
وقت إل ال بالستعانة والخلص وصدق اللّجاء إل ال.
والجرةُ إل رسبوله بالرص على الوصبول إل أقواله وأعماله وهديبه وسبُنته،
«فمن كانت هجرته إل الِ ورسولهِ فهجرته إل ال ورسوله» ومن ها َجرَ إل غي
ذلك فهو حظه ونصيبه من الدنيا والخرة وال الستعان.
وقال :وأش ُد العقوب ُة العقوبةُ بسلب اليان ،ودُونا العقوبةُ بوت القلب ،ومو
لذة الذكر والقراءة والدعاء والناجاة.
337
إيقاظ أول المم العالية
ب ب ا فتع مي
ت عقو بة القلب ف يه دب يب الظل مة ،إل أن يتلي القل ُ ورب ا دبّ ْ
البصية.
وأهو ُن العقوبَة ،ما كان واقعًا بالبدن ف الدنيا ،وأهو ُن منها ما وقع بالال.
وربا كانت عقوبةُ النظر ف البصية أو ف البصر أو فيهما.
حذار حِذار من أمرين لما عواقب سُوءٍ:
ب بتقليب القلب. رد الق لخالفته َهوَاك ،فإنك تُعاق ُ
وردّ ما يردُ عليك من الق رأسًا ول تقبلهُ إل إن برز ف قالب هواك.
قال ال جل وعلَ :ونُقَلّ بُ أَ ْفئِ َدَتهُ مْ َوَأبْ صَا َرهُمْ كَمَا لَ ْم ُي ْؤ ِمنُوا بِ هِ َأوّ َل مَ ّرةٍ
َونَذَ ُرهُ مْ فِي ُط ْغيَانِهِ ْم َيعْ َمهُو نَ فعاقب هم على رَ ِد ال ق أوّل مرة بأن قلّب أفئدت م
وأبصارهم.
والثان :التهاون بالمر إذا حظر وقته ،فإنك إن تعاونت به ثبطك الُ وأقعد َك
عن مراضيهِ وأوامره ُعقُوبةً لك.
خرُو جِ فَقُل لّن قال تعال :فَإِن رّ َجعَ كَ اللّ هُ إِلَى طَاِئ َفةٍ ّمْنهُ مْ فَا ْستَئْ َذنُوكَ ِللْ ُ
تَخْ ُرجُوا َمعِيَ َأبَدًا وَلَن ُتقَاتِلُوا َمعِيَ عَ ُدوًا ِإنّكُمْ رَضِيتُم بِاْل ُقعُودِ َأوّ َل مَ ّرةٍ فَا ْقعُدُوا مَعَ
الَالِفِيَ فمن سَلِم من هاتي الفاتي فليهْنِ ِه السلم.
قال يي بن معاذ :يرج العارفُ من الدنيا ول يقضي وطرهُ من شيئي:
بكائه على نفسه ،وثنائه على ربه.
وهذا يدل على معرفته نفسه وعيُوبه وآفاته.
وعلى معرفته بربه وكماله وجلله ،فهو شديد الزدراء على نفسه ول ٌج بالّثنَاءِ
على ربه.
قال رجل للحسن بن علي ب رضي ال عنهما ب :إ ن أكر هُ الو تَ ،فقال:
لعلك أخرتَ مالكَ ،ولو ق ّد ْمتَهُ لسرّك أن تلحقَ به.
ح عاقلً ذكيًا ورعًا، ذكر أن رجلً مدح رجلُا آخر ف وجهه ،وكان المدو ُ
فقال :لا مدحتن أجربتن عند الغضب ،فوجدتن حليمًا؟ قال :ل.
338
إيقاظ أول المم العالية
قال :أجربتن ف السفر ،فوجدتن حس ُن الُلُق؟ قال :ل.
قال :أجربتن عند المانة ،فوجدتن أمينًا؟ قال :ل.
ج ّربُهُ ف هذه الشياء. قال :فل يلُ لحدٍ أن يدحَ آخر ما ل يُ َ
قلت :لنا مك ينكشف فيها البايا خصوصًا ال سّفر؛ لنه يسفر عن أخلق
الرجال.
أثنب رج ٌل على زاهبد ،فقال :يبا هذا ،لو عرفبت منب مبا أعرفُه مبن نفسبي
لبغضتن!
فالنف سُ ف الو طن ل تظهَر خبائ ثُ أخلقِ ها ل ْستِئنَاسِها با يُواف ُق طبعها من
الألوفات العهودة.
حنَتْ بشاق الغُربة
فإذا حلت وعثاء السفر وصُرفتْ عن مألوفاتِها العتادة وامت ُ
انكشفتْ غوائلها ووق َع الوقوف على عُيوبا .وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله
وصحبه وسلم.
فصل
ق يل :إ نه شُ كي أ حد الولة إل الأمون ،فكذب م ،وقال :قد صحّ عندي عدله
فيكم ،وإحسانه إليكم ،فاستحيوا أن ي ُردّوا عليه ،فقام شيخ منهم ،وقال :يا أمي
الؤمني ،إذا كان قد عدل فينا خسة أعوام ،فانقل هُ إل مصر آخر حتّى يسع عدلُ هُ
جيع رعيّتك وتربح الدُعاء ،فضحك الأمُونُ واستحيا منهم ،ونقل ُه عنهم.
قال حكيم :للقلب ستة مواطنَ يُول فيها ثلثةٌ سافلة ،وثلثةٌ عالية ،فالسافلة:
ُدنْيا تتزين له ،ونفسٌ تدثه ،وع ُدوٌ ُي َو ْسوِسُ لَهُ.
والعاليةُ :عل ٌم يتبيُ له ،وعقلٌ يُرشده ،وإله يعبدهُ.
أش ُد العمال ثلثة :الودُ من قِلّضة ،والورع ف اللوة ،وكل مُ ال ِق عند من
يُرجى ويُخاف.
احذر سؤال البخيل ،فإنّه إن منعك أبغضته ،وإن أعطاك أبغضك.
احذر صحبة الشرار والفسقة ،فإنم ينون عليك بالسّلمة منهم.
339
إيقاظ أول المم العالية
واحرص على صحبة الزّهاد ف الدنيا من أهل العلم والورع إن وجدتُم تسعدْ
ف الدنيا والخرة.
ب نُ َدمَاؤه
ب مَنب ْب البَحْثب ِ
ضيَْلةَ صببَا ِحبِ فانْظُ ْر َب ِعيْنب ِ
ب تَرى َف ِ
وإذا أ َردْتب َ
حبُه ُعنْوانُهببُ
بْب عَل َى عَلّاتِهببببِ طَيّب ال ِكتَابببِ وصبَ فالَرْ ُء مَ ْطوِيببب ٌ
آخر:
بب والالُ والعِرْض ُ ب ال ّديْن ُب يُصبَانُ لَ َديْه ِ
ب مَحْض ُ
تَحّرَ إذ صبَادَ ْفتَ مَبن ودّه ُ
َفكُلُ خَِليْ ٍل ُمْنِبئٌ عَنبببْ خَِليْلِهبببِ كَمَا َع نْ ُشؤُو ِن القَلْ بِ قَ ْد أْنبََأ النّبْ ضُ
ب البُغْض بُ وبال صِ ْدقِ عَامِ ْل مَن تُحِ بُ مِن الوَرَى وإلّا فَذَاك بَ الُبّب آخِرُه ُ
340
إيقاظ أول المم العالية
يُروى أنه لا وصل الرشيد الكُوفة قاصدًا الج خرج إليه أه ُل الكوفة ،فناداه
البهلول :يبا هارون ،فقال الرشيدُ :مبن هذا؟ فقالوا :البهلُول ،فقال :يبا أميب
الؤمني ،روينا بالسناد عن قدامة بن عبدال العامري ،قال :رأيت رسول ال
ضعُ كَ يا أم يك إليْ كَ وتوا ُ ب ول طَرْدَ ،ول قال :إليْ َ
ير مي جْر َة العق بة ل ضرْ َ
الؤمني هذا خيٌ لك من تكبّرك.
فبكى الرشيد حت جرتْ دمُوعُه ،وقال :أحسنت يا ُبهْلُول زدْنا.
فقال :أيّما رجُل آتا هُ ال مالً وجا ًل وسلطانًا فأنفق مال ُه وعفّ جال هُ وعدلَ
ف سُلطانه كُتب ف ديوان ال من البْرَار.
ت وأمرَ لهُ بائزة ،فقال :ل حاجةَ ل فيها رُدّها إل من فقال له الرشيد :أحسن َ
أخذتا منه.
قال الرشيدُ :فنجري عل يك رزقًا يقو مُ بك ،فر فع الُبهْلُولُ طرف هُ إل ال سماء،
وقال :يا أمي الؤمني ،أنا وأنت عيال ال فمحُال أن يذكُرك وينسان.
جاء عبدالرح ن بن ز يد رجلٌ من أ هل بي ته ،ف سألهُ أن يُدّ هُ بش يء من الال
معُونةً عل الزواج ،فأجابه بواب يدل على قِلةِ ما َسيُسَاعِ ُدهُ به ،فلما مضى الرجل
من عنده قال ل صاحب خزان ته :أع طه أربعمائة دينار فا ستكثرها أحدُ من حوله،
وقال :ل قد رددت ردًا ضعيفًا ح ت ظن نا أ نك تُعط يه شيئًا قليلً ،فقال عبدالرح ن:
أحبّ أن يكون فعلي أعظم من قول.
جاء يومًا بعض خدم الليفة الُعتضد إل ملس القضاء مع خصم له فترفّع ف
الجلس على خصبمه ،فأمره حاجبب القاضبي يوسبف ببن يعقوب أن يسباوي
خصبمهُ فامتنبع إدل ًل باهبه عنبد الليفبة فزجره القاضبي ،وقال :ائتونب بالدلل
النّخاس حت أبيع هذا العبد وأبعث بثمنه إل الليفة.
وجاء صاحب القاضي فأخذ بيده وأجلسهُ مع خ صْمِه ،فلما انقضت القضيّة
ر جع الادم إل العتضد فبكى ب ي يد يه ،فقال له :مالك؟ فأخبه بالب وما أراد
القاضي من بيعه.
341
إيقاظ أول المم العالية
صيّتك
ت بيع ُه ول ا ا سترجعتُك أبدًا ،فل يس خ صُو ِفقال :وال لو باع كَ لجز ُ
عندي تُزيلُ مرتبة الشرع ،فإنّه عمُودُ السلطان وقوامُ الديان.
وذكروا أن أحد التجار قدم إل العراق من خراسان فتأهّ بَ للحَج وبقي معه
ج إليها.
ألف ديْنار ل يتا ُ
ت با وإن أودعتُها خفتُ جح ِد الُودعِ. فقال :إن حَ َم ْلُتهَا خاطر ُ
فمضبى إل ال صحراء فرأى شجرة خروع فح فر تت ها ودفن ها ،ث خرج إل
الج وعاد فحفر الكان فلم يد شيئًا.
فجعبل يبكبي ،فإذا سبُئل عبن حاله؟ قال :الرض سبرقت مال ،فقيبل له :لو
ت ع ضد الدولة ،فإن له فطنةٌ فق صده فأ خبه بق صته ،فج مع الطباء ،وقال: ق صد َ
هل تداوي عندكم ف هذه السنة بعُرُوق الرْوع أحدٌ؟
فقال أحدهُم :أنا داويت فُلنًا وهو من خواصك ،فقال :عَليّ به ،فجاء.
ت هذه السنة بعُروق الروع ،قال :نعمْ. فقال له :هل تداويْ َ
قال :من جاءك به؟ قال :فلن الفراش ،قال :عليّ به ،فل ما جاء ،قال له :من
أين أخذت عروقَ الروع؟ فقال :من الكان الفلن.
فقال :اذهب بذا معك فأره الكان الذي أخ َذ منه ،فذهب بصاحب الال إل
تلك الشجرة ،وقال :من هذه الشجرة أخذتُ.
فقال :هاهُنا وال ترك تُ مال فرج عَ إل عضد الدولة ،فأخبه ،فقال للفراش:
هلمّ الال فتلكأ فأوعده ،فأحضر الال.
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
ويروى أن الهدي اللي فة ل ا د خل الب صرة رأى إياس ب َن مُعاو ية و هو صبٌ
وخلفه جاعةٌ من العُلماء وإياسُ قُدا َمهُم.
فقال الهدي :أ ما كان ف هؤلء ش يخ يتقدمُ هم غ ي هذا الدث! ث الت فت
الهديُ إل إياس ،وقال :كم سنّكَ يا فت؟
342
إيقاظ أول المم العالية
فقال :سن أطالَ الُ بقاء المي سِنَ أسامة بن زيد بن حارثة لّا ول هُ رسول
ال جيشًا فيهم أبو بكر وعُمر ،فقال له الهدي :تق ّد ْم بُور َك فيْكْ.
ويُروى أن ييب بن أكثبم ولّ قضاء الب صرة و سنّهُ قريبًا مبن عشر ين سبنة
فا ستصغروه ،فقالوا :كم س ُن القا ضي؟ فقال :أ نا أ كب من عتاب بن أ سيد الذي
وجّ هَ به ر سول ال قاضيًا ب كة يوم الف تح ،وأ نا أ كب من معاذ بن ج بل الذي
وجّ هَ به رسول ال قاضيًا لليمن ،وأكب من كعب بن ُسوْر الذي وجّ هَ به عمر
بن الطاب قاضيًا للبصْ َرةِ.
َسب أح ُد اللوك أح َد الُكَماء وأمَرَ أن ل يزيْدَ طعَامُه اليومبي على قرصبي َحب َ
مبن شعيب ،فأقام الكيبم على هذه الالة ُدوْن أن يتكلم ،فأمبر اللك أصبحابه أن
حتُك ،فما يسألُوه عن ذلك ،فقالوا :أيّها الكيم ،أنت ف شدة وضيق ول تتأثر ص ّ
ُهوَ السببُ ف ذلك؟
فقال :عملتُ ستةَ أخلطِ آ ُخ ُذ منه ك ّل يوم شيئًا:
الول :الث ّقةُ بال جل جللهُ.
والثان :علمي أن كل ما قدرهُ ال كائنٌ ل مالة.
والثالث :علمي أن الصّب َخيْ ُر ما يستعملُه الُ ْمتَحَن.
والرابعُ :الثباتُ على الصب.
والسادس :ترويي على نف سِي ف قول من ساعة إل ساعَة فر جٌ ،فبلغ الل كَ
ذلك ،فعفا عنه.
قال بعض هم :انتف عت بأعدائي أك ثر م ا انتف عت من بأ صحاب؛ لن أعدائي
يُعيّ ُر ْونَ ن بال طأ ويَُنّبهُونَنِي عل يه فأ َتنّبُه ،وأ صحاب يدحُون ن ويُزينُون ل ال طأ
جعُوَننِي عليه بنفاقهم ،ولْيسَ كذالك يكُونُ الصْحاب. ويُش ّ
با
ب عَنب العَاديب عُدَاتبب لَهُببم َفضْ ٌل عَليّبب ومنةٌ َفلَا أَ ْذهَب بْ الرحن ُ
بُبتُ ا َلعَالِيَبا
ب نافسبُون فا ْكتَس َ حثُوا عببن زلّتبب فا ْجتََنْبتُهَبا وهُم ْ هُ ُموْا بَ َ
وقال آخر:
343
إيقاظ أول المم العالية
عَ ّدوْا عَليّبب َمعَائِببب فَح ِذ ْرتُهببا وَن َفيْتببُ عببن أخْلَاقِببي الَقذَاءَ
ب ِشفَاءَ
بى ِبعَ ُدوّهببِ كَالسببُمّ َأ ْحيَانًببا َيكُونب ُ
ب الفَتَب
با انتفَعب َ
ولَ ُربّمَب
فصل
344
إيقاظ أول المم العالية
قال شيخ السلم :فالعبد لبُدّ ل هُ من رزق وهو مُحتا جٌ إل ذلك ،فإذا طلب
ُوقب صبار عبدًا لذلك
طلبهب مبن مل ٍرزقهب مبن ال صبارَ عَبْدًا ل فقيًا إليبه ،وإذا ُُ
الخلوق فقيًا إليه؛ ولذا كانت مسألة (الخلُوق) أي سؤاله (مُحرمة) ف الصل.
حتْ للضّرُورةِ ،وف النهي عنها أحاديث كثية. وإنا أُبيْ َ
وقال ب رحه ال ب :ول ْن يستغْن القل بُ عن جيع الخلوقات إل بأن يكون
ل هُو مولهُ الذي ل يعبُد إل إيّا ُه ول يستعي إل به. اُ
ُبغضهب
ول يتوكبل إل عليبه ول يفرح إل بابيُحبُه ويرضاه ول يكره إل مبا ي ُ
ب ويكْ ِرهُهُ.الر ُ
ول يوال إل من واله ال ول يعادي إل من عاداهُ الُ.
ض شيئًا إل ل ول يُعطي إل ل ول ينعُ إل ل. ول يُحبُ إل ل ول يُبغ ُ
ت ُعبُوديتُه واستغناؤهُ عن الخلوقي.
فكلما قوي إخلصُ دينه ل كَمُل ْ
وبكمال عُبوديته ل تكمل تبئتُه من الكب والشرك.
والشرك غالب على النصارى والكب غالب على اليهود.
خذُوا أَ ْحبَا َرهُ مْ وَ ُر ْهبَاَنهُ مْ أَ ْربَابًا مّن دُو نِ اللّ ِه
قال ال تعال ف النصارى :اتّ َ
وَالْمَ سِي َح ابْ َن مَ ْريَ مَ وَمَا ُأمِرُوا إِلّ ِلَي ْعبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لّ إِلَ هَ إِلّ ُهوَ ُسبْحَانَ ُه عَمّ ا
يُشْرِكُونَ .
اسب ْكبَ ْرتُمْ
ُمب رَسبُو ٌل بِمَا َل َت ْهوَى أَنفُسبُبكُ ُم ْتَ
وفب اليهود :أََفكُلّمَا جَاءَك ْ
َففَرِيقًا كَ ّذْبتُمْ وََفرِيقًا َت ْقتُلُونَ .
وقال ب رح ه ال ب :أر جح الكا سب التوكلُ على ال تعال والث قة ب ُك ْفَيتِ هِ
وحُسْ ُن الظن به ،ويأخ ُذ الال بسخاوة نفسٍ من غي أن يكون له ف القلب مكانة؛
ولكبن يسبعى فب تصبليحه وتنميتبه لقامبة مبا عليبه مبن واجبات ومسبتحبات
وللستغناء به عن اللق.
وقال ابن القيم ب رحه ال ب :أعجبُ العجَب أن تعرفَ ال ث ل ُتبُه ،وأن
ت سمع داع يه ث تتأ خر عن الجا بة ،وأن تعرف قدْرَ الر بح ف ُمعَامَل ته ث ُتعَامِل
345
إيقاظ أول المم العالية
غَيْرَ هُ ،وأن تعرف قدْر غضبه ث تتعرض له ،وأن تذُوق أل الوحشة ف معصيته ،ث
ب النسَ بطاعته.
ل تطل ُ
وأعجب من هذا علمك أنّك لبُدّ لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه
ُمعْرِض وفيما يُبعدك عنه راغب .اهب.
فوائد جة:
ف العُلماء خسر الدين. من أهان خسةً خسر خسةً ،ومن استح ّ
ومن استخفّ بالمراء خسر الدنيا.
ف باليان خس َر النافع. ومن استخ ّ
ب العيشة. ف بأهله خس َر طي َ ومن استخ ّ
روي عن النب أنه قال« :ل ُيعْطِي الُ ل َحدٍ خْم سًا إل وَقدْ أعَدّ لَ هُ خ سًا
أخرى :ل ُيعْ ِطيْ ِه الشك َر إل وقَ ْد أعَدّ لَ هُ الزيادَة ،ول ُيعْطِ يه ال ّدعَاء إل وق ْد أعَدّ لَ هُ
ال سْتجَابَة ،ول يعطيه الستغفار إل وقد أعَدّ لَ ُه الغُفْران ،ول ُيعْطِيه التوبة إل وقد
أعَدّ لَ ُه ال َقبُول ،ول ُيعْطِيه الصّدَق َة إل وقد أعَدّ لَ ُه التّ َقبّل».
وال أعلم ،وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
فصل
بتشفيات
بر الوت وزيارة السب
بر ذكب بن أكثب با ال وإياك أن مب اعلم وفقنب
والستوصفات والقابر والرضى استفادة عدّة فوائد:
الول :البادرة على التوبة.
الثانية :القناعة بالرزق اليسي.
الثالثة :النشاط ف العبادة.
الرابعة :الوصية.
الامسة :ترجيع العواري.
السّادسة :أداء القوق الت عليه ل أو للق ال.
346
إيقاظ أول المم العالية
السابعة :استحلل من بينه وبينه مُعاملة أو ماصمة قدية أو حديثة من جار أو
زوجة ،أو ُمعَامل ،أو صديق ،أو شريْكٍ ،أو أجي ،أو نو ذلك.
شعرًا:
ب ل يُنَهنَهبببُ بالزّجْرَ وَرُبّب ِنيَامببٍ فبب القابرِ زُ ْرُتهُمببْ بَ ُمْنهَلّ َدمْعبب ٍ
ب الطّلَلِ ال َفقْرِ ب على الدار يَدْعُبو دَارس َ ب و ْق َف َة عَاشِق ٍب على الجْدَاث ِ وَقفْت ُ
صبدْري َراتب َق ْد تَصبَاعَ ْد َن مِن َ
ُهب إل زَف ٍ ْعب َحتّىب َق َرْنت ُ
ْضب ال ّدم ِ
فمبا سبَالَ َفي ُ
ُمب وأنْتُم عَلى ال ّظهْرِ َتب مِنك ُ ب ُعهُودَا َمض ْ ب هلّا ذَكَ ْرتُم ُبكَانُ بَطْبن الرض ِ أس ُ
ب والُلَ ِل الُمْرِ ب بأ ْكفَان بِ البِلىَ حُللً َلكُم بْ وَ ُكنُتُبم أول ال ّديْبَاجبِ رَضْيتُم ْ
ب تُوذِي الَشَايَبا ُجنُوبكُبم فكَيْفَب رََقدْتُم والُنُوبُب على الصّبخْر وقَدْ ُكْنتُم ُ
با َغيْ َر عَارفببٍ بَا سَاكِ َن ال صّحْراءِ من سَاكِن القَ صْرِ با ُقبُورًا زُ ْرتُهَب
أل يَب
ب أُوُلوْ ال ِفكْرِ
حتَارُ فب َمثْوىَ ذَويْك ِ بُ َليَ ْ بِ وإنّهب ب ذويْكب َلقَدْ حَارَ ِفكْرِي فب
ل ل ينفعُك ،ول تغ تر بالرأة وإن كان تْ ل تملْ ما ل تط يق ،ول تعم ْل عم ً
عفيفةً ،ول تثِقْ بالال وإن كثُر.
السبُعاة والنمامُون لصبوص الودات فاحذرهبم ،ل تُصبّدقْ كثيب اللف وإن
اجتهبد فب اليميب ،واحذر كبل الذر مبن الداميب والدامات والسبائقي غيب
الؤمني.
ك فل َتلُمْهُ ،قال بعضهم موصيًا :عليك بالعلم
من قصّر ف حقك قبلَ أن يعرف َ
ل تب غي به بدلً ،ثانيًا :اللم ،ثالثًا :التقوى ،رابعًا :الث قة بال والتكال عل يه ف
ج يع الالت ،خام سًا :الخلص ف الع مل ،سادسًا :القنا عة ب ا ق سم ال لك،
اللاحب فب الدعاء فب أوقات
ُ سهابعًا :الصبدق ،والوفاء بالوعبد والعهبد ،ثامنًا:
الجابة ،وتقدم ذكرها.
شعرًا:
347
إيقاظ أول المم العالية
ب أربَعببُفَتًبى ل تُرىَ فيببه خَلَائِقبُ ب وَالِجَبا
ب َبنْسبُوبٍ إل العِلْم ِ وَليْس َ
ب
بيْ ُم الَيْبر والفَضْلُ أجْمَع ُ
ُينَالُ جَس ِ ب الّتبب بابب فَواحِ َدةُ َتقْوى اللهب ِ
ب عَليببه ُذوْ الُروُءة يُ ْطبَعببُ طباعبٌ بببه ليَاءِ فَإنَب ب ْدقُ ا َوثانِيةٌ صببب ِ
إَليْهببِ َخبَايًبا مِبن ُفجُو ٍر تَسببَ ّرعُ لهْ ُل اُطِْلعَتببْبا ِحلْمببٌ إ َذ ا َ
وثالثُهَب
ب يُدْفَع بُ
إذَ نَابَبه الَق بُ الذي َليْس َ ب يَ ِمْينِهببببِ ورابعةٌ جُودٌ بُلْكببب ِ
فصل
ُنبْ َذةٌ ماب جرى لولياء ال مبن الِح َن والقَت ِل والضرب م ِن الظلمبة والطُغاة
والُجرمي جازاهُم ال با يستحقون.
ل ا ق تل الجاج ب ُن يو سف عبدال بن الزب ي ،أ مر بشبةٍ ف صلبه علي ها ،فل ما
أقبلت أمّ هُ أسا ُء بن تُ أب بكر الصديق ب رضي ال عنهما ب إل الشبة فعانقتها
وجل ست تب كي ،وتقول :واغوثاه ،يا ل ما أع ظم ما نزل ب نا بعدك يا م مد يا
ر سول ال ،لو تُدرك ما نزل بعدك بأ صهاركَ وأرْحَا مك وأبناء الهاجر ين لرأي تَ
أمرًا عظيمًا.
اللهم فبلغ عنا نبيك ف عظيم ما نزل بنا ،فأخب بقالتها عبدال بن عُمر،
فبكى حت كاد تْ نف سُه تفيض ،ث قال لبنه :قُدن إليها وقد َكبُرَ وكان يرتِعش
من ال كبِ ،وكا نت قد عُمّ ر فقاده ابن هُ إلي ها ،فل ما أشرف على الش بة ن ظر إل يه
مصلوبًا ،قال :سعتُ رسول ال يقول« :لَي ْقتُلُن أ ِميْرٌ جَائِر على طَاعَة أ َحبّ إلّ
من َأ ُموْتَ مُجاهدًا ف سبيل ال» ،فأتى شقيٌ من الشقياء ،فبلّغ ذلك إل الجاج،
فبلغ منه قو ُل ابن عمر كلّ مبلغ ،فركب إل خشبة بن الزُبي فأصاب أم هُ عندها
تبكي وابن عُمر وابنه سالًا ،فقال :ليْس مِثلُه يُبكى عليه ،فقال اب ُن عمر :قومي،
فقامت ول تكلِمْ ُه وانصْرَف اب ُن عُمر إل منله.
فد عا الجاج رجاله ،فقال :إن ا بن عُ مر بن خلي فة و صاحبُ ر سول ال
وأخاف إن خرجنا أن يستحل ِمنّا ما استحَل اب نُ الزير وعُلما ُء العراق ،قالوا :فما
348
إيقاظ أول المم العالية
ترى؟ قال :هذا أعظم ما كان منّا إنا عمدنا إل جبل السلم وحاجب ممد ومن
عُرضت عليه اللفة فلم يقبلها ،ومن حج أربعي حجة ،ومن ستهُ قريش حامة
البيت يُريد ابن عمر ،وقَدْ ُروُه ف العرب كما علمتُم و ُحبّ الوس والزرج لبيه
عُمر بن الطاب ،نعوذُ بال من الظّلمة وأعْوانَهم.
ج غلمهُ أن يركب فرسًا جامًا وأمرهُ أن يطحنهُ بالفرس ويقتله. فبعث الجا ُ
فر كب الغُلم الفرس فن ظر إل ا بن ع مر و هو سائ ٌر يو مَ الم عة فح مل عل يه
و صدمهُ ورضّ هُ ،فبادر الناس إل يه ،وقالوا :يا غُلم ،أهل كت الُ سلمي ف علم هم،
ج ينتظر موتَه. فطلبك ال وأقام الجا ُ
فلما أبطأ عليه عمد إل الديدة الت ف الرمح فس ّمهَا سُمًا ناقعًا وجعلها ف
ع صا ،وقال ل حد رجاله :ضعُه على ظ هر قدمِ ِه وات كئ ع يه حتّ ى يدخُل ،فإ نت
ك ها ُهنَا ،ففعل ذلك ث خرج عنه فاشتعل قال :أهل ْكتَن ،فقل :ما عَِلمْ تُ أن رجْلَ َ
جس ُد ابن عُمَر سُمًا فأقام ثلثة أيام فمات ،رحةُ ال عليه.
ود خل الجاج على ا بن ع مر يعُوده ق بل مو ته ،فقال اب ُن عُ مر :أ نت قتَلْت ن،
حسبنا ال ونعم الوكيل.
ومن الذين آذُوا ف سبيل ال وقتلوا سعيد بن جبي وقصته أشهر من تذكر فل
نط يل بذكر ها ،وكان قد د عا من ق بل أن يذب هُ الجاج ،فقال :الل هم ل تُ سلّطْه
على أح ٍد يقتُلهُ بعدي.
وقيل :إنه عاش بعد قتله لسعيد ستة عشر يومًا فقط وقع تِ الكلة ف بِطنِه،
ت النوم أخذ برجْلي. وكان ينادي ف بقية حياته مال ولسعيد بن جبي كُلّما أردْ ُ
وقيل :دعا عليه بالزّمهرير البدِ العظيم ،فكانُوا يعلون حوله الكوانِب تلتَه بُ
جرًا مع ما عليه من الثياب الت يُ َدثّر ْونَه با.
فما زالَ ف العذاب الليم ،ث أرسل ف طلب السن البصري التابعي الشهور،
فأتاه واشتكى إليه ما نزل به من الل ،فقال :قد نيتُك مرةً بعد أخرى ل تتعرّ ضْ
349
إيقاظ أول المم العالية
لل صّالي ،ول تكن منهم إل بسبيل خي ،فأبيت ولجت لّيَقْ ِ
ض يَ اللّ هُ أَمْرًا كَا نَ
مَ ْفعُولً .
وذكر ف كتاب «الحن» :أن الجاج أرسل إل أب صال ماهان الُسبّحُ ،فلما
أتاه ،قال :بلغن عنك صلحٌ وخيٌ وإن أريدُ أن أوّليُكَ القضاء.
قال لَهبُ :أنبا ،قالَ :نعَمبْ ،قال :أنبا ل أحُسبِن أعُدُ عشرة ،قال :يبا مُرائي علي
َتتَبَالَ هْ ،وقال :والفُرا تُ ق ْد مَدّ َفعَدا من بي يديه وهو شيخ كبي ينح حت وق فَ
ت مُرائي كما زعم الجاج فغرقن ،قال: على جُرْف الفُرات ،فقال :اللهم إن كن ُ
فرمى بنفسه ،فقام على مت الاء فلم تغِبْ قدماهُ ،قال :فوال ما َنهَْنهَهُ ذلك فأخذهُ
وصلبَه على بابه.
َسبوْا إل أبب جعفبر ببن ومّنب ضرب مالك ببن أنبس وذلك أن الُسبّادَ د ّ
سبليمان ،مبن قال له :إن مالكًا يُفتب الناس أن أيان البيعبة ل تلزمهبم لخالفتبك
واستكارهك إيّاهُم عليها.
فَد سّ عل يه جعفرُ من ي سأله عن ذلك فأفتا هُ مالك طُمأنينةً إل يه وح سبة م نه،
فجاء هُ ر سُولُ جع فر بن سليمان ،وأ تى به ُمنْت هك الُ ْر َم ِة مُهانًا فأ مر به جع فر
فضربه سبعي سوطًا.
ومن ما جرى على عبدال بن عون البصري الذي قيل ما كان بالعراق أعلم
بالسّنة منه.
وكان ورعًا تزوج امرأة عرب ية فضر به بلل ب نُ أ ب بردة عشرة أ سواط ،وقال
له :انزل عنها ،قال :ل أفعل ،فقال له بلل :وال ل أبرح أضربك حت تطلقها.
فقال ابن عون :وال ل أبرح أصب ول أطلقها حت أعْ جز ،قال :وكان رجلً
نيفًا ل يتمَل الضرّب بالسوط ،قال :فضربه أيضًا عشرة أسواط ،وقال بلل :هو
ما ترى.
قال :فأ مر به فضرب ع شر أ سواط ،وقال :يا ا بن عون ،هو ما ترى ح ت
تطُلقِها ،قال :هي طالق ،قال :بتتها.
350
إيقاظ أول المم العالية
وم ن أمت حن عطاء بن أ ب رباح وذلك أن رجلً أ تى من الجاج إل م سجد
بكة.
فنام فكش فت الر يح الثوب عن بط نه ،فظ هر جراب الفلوس ف مر به أ صحابه
فخافوا عليه فنعوا الراب.
وب عد قل يل انت به الر جل فن ظر ،فإذا جرا به مأخوذ فن ظر يينًا وشالً فلم يرى
حولُه إل عطاء بن أب رباح قائمًا يُصلي.
فجاء ُه فأخذ بتلبيبه وضيّق عليه ،وقال له :يا عدوّ ال ،فعلت الذي فعلتَ ب!
فلمّا رهقتُك قُمت تُصلي.
فقال له :مبا بالُك يبا هذا؟ قال :منطقتب حللتهبا (أي الراب) قال له :وكبم
فيها؟ قال :مائتا دينار ،قال :فهل سع بذا غيُك؟ قال :ل.
قال :فاذ هب م عي ح ت أعط يك ما ذ هب لك ،قال :فذ هب َفعَدّ ل ُه مائ ت
دينار ،فذهب إل أصحابه فأخبهم الب.
فقالوا له :ظلم تَ وال الر جل كان من ق صتنا ك يت وكي تَ ،ث حلل نا ع نك
خوفًا عليها وها هي هذه.
فقامُوا بأجعهم إل الرجُل فوقفُوا عليه ،فسألوا ع نه ،فقيلَ لُم :هو عطاء بن
أب رباح فقيهُ أهل مكة وسيدّهم.
فاعتذروا إليه وسألوهُ أن يعل الرجل ف َح ّل ويقْبَلَ ال ّدنَانِي.
ب فأنْتَ ف حِل وهَي لك. فقال لم :هَيْهاتَ ما كانت بالت ترجَع إلّ ا ْذهَ ْ
351
إيقاظ أول المم العالية
بيْرُ ب تَصبِ وانْ ُظ ْر ِبفِكْركببَ مببا إليْهبِ بَ التّشْمِيُ ب َيْنفَعب
بَى أنبْ ب عَسب
شَمّرب
بيْرُ
ب قص ِ ت أنّب العُمْ َر منك َ
ونِسبي َ طوّلْتبببَ آما ًل تكَّنفَهَبببا ا َلوَى
ب نَ ِذيْرُ
شيُبب ُ شيْبُببك والَ ِ أتَببى مَ ِ َاكب عبن غدَرَاتِهبا و حتْ ُدْني َ
ْصب َ
قبد أف َ
تَرْ ُج ْو القامببَ بَبا وأنْتببَ تسببيْرُ دَارٌ َل َهوْت بِ َزهْوهَبببا ُمتَ َمتّعًبببا
ببا مَببا أقام ببَ َثِبيْرُ عُمّرْت فيهب ب بأنكببَ رَاحِ ٌل َعنْهَببا وَلوْ واعْلَمب ْ
بيْر مببا َي ْك ِفيْكببَ منببه كَثيْرُ ويَسبِ َليْس بَ الغِنَبي ف ب ال َعيْش بِ إل بُ ْل َغةَ
ب الَ ِقيْرِ َحقِيْرُ
أبَدًا فَ ُم ْلتَمِسببببب ُ ب عَاجِ ٌل عبببن آجلٍ شغََلنّكبب َ
ل يَ ْ
ب مأ ُموْرٌ بَببا وأ ِميْرُفبب الَرْضب ِ وَلقَ ْد تَسببَاوَى َبيْنببَ َأطْبَاقببِ الثرّى
فصل
بعث أبو جعفر ف طلب أب عبدال جعفر بن ممد الصادق ،فقيل له :إن أمي
الؤمن ي متغ يظ عل يك فد خل و هو يُحرّ ُك شفت يه ،فل ما رآه أ بو جع فر ن ض إل يه
واعتنق هُ وأجل سَه معه ث عانقه ،وقال له :يا أبا عبدال ،ما هذا الذي يبلغُن عنك
لقد هم تُ؟ فقال له :إن أيوب ابْتُلي فصب ،وإن سليمان أعطى فشكر ،وأنت من
ذلك النَسْج.
ط ول عَ صَا ،ث أ مر بالرا فع قال :فيُرف عُ إلّ أن الموال تُجْبَى إل يك بل َسوُ ٍ
فأ ْحضِرَ.
فقال أبو عبدال :أحقًا رفع تَ إل أمي الؤمني ،قالَ :نعَ مْ ،قال :فاستحلفهُ يا
أمي الؤمني ،قال أبو عبدال :رد اليمي عليه.
فقال أ بو جع فر :احلف ،فقال :وال الذي ل إله إل هو ،فقال له أ بو عبدال:
ليس هو كذا ،إنّ العبد إذا مّد ال ف يينه أمهل هُ ف ال ُعقُوبة؛ ولكن قُلْ :أنا بريءٌ
من ال ،والُ بريءٌ م ن ،وأ نا خار جٌ من حول ال وقو ته راج عٌ إل حول نف سي
وقوتا.
352
إيقاظ أول المم العالية
قال :فحلف فوال ما رُفع إل ميتًا ،فراع ذلك أبا جعفر ،وقال :انصرف يا أبا
عبدال ،فلستُ أسألُك بعدها.
و سُئل عمّا حرّك به شفتيه حينما دخل عليه ،فقال :قل تُ :اللهم بك استفتح
صعُوبة.
وبك استنتج اللهم ذِلل حزونته وكل حزونة وسهّل ل صعُوبته وكلّ ُ
اللهم أعطن منه من الي ما أرجو واصرف عن منه من الشر ما أحذر ،فإنك
ت وعندك أ ّم الكتاب ول حول ول قوة إل بال. تحُو ما تشاءُ وتثب ُ
ب هبو ذات يوم كان صبفوان ببن سبيم قد كفّ بصبرهُ ف آ خر عمره فبينم ا
ق يُقاد إذ دخل بلل بن أب بُردة فسمع الطريق واللوزة بي يديه. بالسو ِ
فقال :ما هذا؟ فق يل :بلل ،فقال :سحائب صيف عن قر يب تق شع ف سمعه
بلل.
فقال :وال لذيقنّكَ مِن برْد َك ُش ْؤبُ ْونَا ،فلما نزل بيكله بعث ف طلبه ث ضربهُ
بالسّياط نعوذ بال من الظلمة وأعوانم.
عن مالك بن أنس أنه قال :لو قْيلَ لصفوان بن سليم غدًا يو ُم القيامة ما قدر
على أن يزيد على ما هو فيه من العبادة شيئًا.
ومن ذلك ما امتحن به أبو مسلم الولن لا ألقي ف النار وذلك أن السود
العنسي تنبأ اليمن فدعا أبا مُسلم الولن ،فقال :اشهد أن رسول ال ،قال :ل
ف فيها أبا
أسع ،قال :أشهد أن ممدًا رسول ال ،قال :نعم ،فأمر السودُ بنار فقذَ َ
َحب عَرقًا ،فقيبل للسبود :إنفبه عنبك ل يُفْسبُد عليبك الناس فخرجب يرش َِ مسبلم
فأخرجُوهُ ث قدم الدينة ،وبا أبو بكر وعُمر ب رضي ال عنهما ب.
فقال له عمر :من أين أقبل الرجُل؟ قال :من اليمن ،قال :ما فعل الرجلُ الذي
أحرق ُه الكذاب؟ قال :ذلك عبدُ ال ب ُن ثوب ،قال له عُمر :أنشدُك بال أنت هُر؟
قال :نعم ،قال :فأدخله وأجلسه بينه وبي أب بكر ،وقال :المدُ ل الذي أران ف
هذه المة مَن ُفعِ َل به مث َل مَا فُع َل بإبراهيم خليل الرحن.
353
إيقاظ أول المم العالية
ومّنْ ُقتِلَ صبًا كُميل بن زياد النخعي الكُوف كان شجاعًا زاهدًا قتلهَ الجا ُ
ج
ب ُن يُوسف ،وذلك أن الجاج نقم عليه؛ لنه طلب من عثمان بن عفان القِ صَاص
من لطمةٍ لطمها إيّاه ،فلما مكّنَ ُه عثمان من نفسه عفا عنه.
ك يسأ ْل مِن أمي الؤمني القصاص! ث أمر به فضربت فقال له الجاج :أو مثل َ
عنقهُ ،نسأل ال العافية.
السبلَابةُ (أي قطاعغشيتهب ّ
ُ وذكبر أن رياح ببن يزيبد على أتانبه فب سبفر إذ
سيْ ُر فأخذوا أتانَهُ ونزعُوا ثيابه إلّا واحدًا ث ذهبوا عنه. الطريق) وهو ي ِ
فمال رياح إل مو ضع فأحر َم بت كبيةٍ ث أق بل يُ صلي فبين ما هُو يُ صلي إذا
أظلمت السماء فلم تدْري السّلبةُ أيْ َن يتو ّجهُون.
فلمّا َطوّل ف الصلة ،قالوا :أحسنْ صلتَكَ يا عبدَال أما تَرى ما نَزَل بنا ول
سبُ ذلك إلّا من أجْلِكَ. نَحْ ِ
فَسلّم ث التفت إليهم ،فقال :ما تريُ ُدوْنَ أخ ْذتُوا ثياب وحاري فَ َردّوا عليه ثيابه
ت عَنهم الظُلمة. ودابتهُ فانل ْ
فرغبُوا عند ذلك إليه وسألوهُ من هُو وأقسمُوا عليه ،فقال لم :رياح بن يزيد.
ب مَبا تَجدُ بّل ْي َعنْك َ
جدْ خُ ُطوْبًبا تُس َطَالِ ْع تَواريْخ مَن ف الدهرِ قد وُجدُوا تَ ِ
با بِهَبا قَدْ ُفّتتَت بْ ُكبُدُ بصًا مِن بَ الرّزَايب تدْ أَكَاب َرهُمببْ قَدْ جُ ّرعُوا غُصب َ
ِيب َحبْسببٌ وََقتْ ٌل وتَشْ ِريْدُ لِمَنببْ َزهِ ُدوْا ْبب السبّياط يَل ْ ضر ٌ ْبب و َ
عَزْ ٌل وَنه ٌ
َنب َحمِ ُدوْا
ب َف ْلتَحْمدِ الَ فب ال ُعقْبَى كَم ْ ب بَمْبد الِب شِ ّرَتهُم ْ ب وُِقيْت َ
وإن ْ
آخر:
جيَا ُه وُتوْضِحُهببُ
لنب تُبببيْنُ َفضْلَ سببَ َ
ْمب ْ
إن ّ الشّدَائِدَ قَ ْد َتغْش َى الكَ ِري َ
كَ ُمبْرِد ال َقيْنببِ إ ْذ َيعُْل ْو الَ ِديْ َد بِهببِ وليْس ببَ يأكُله ببُ إلّا ِليُص ببْلِحَهُ
354
إيقاظ أول المم العالية
فصل
قال ا بن الق يم :و من تريبات ال سّالكي ال ت ج ّرُبوْهَا فأل َفوْهَا صحيةً أن من
أدمنَب (أي أكثبر) مبن قول« :يبا حيّ يبا قيوم ل إله إل أنبت» أورثهُب ذلك حياة
القلب والعقْل.
وكان ش يخ ال سلم شديدَ اللّهْج ب ا جدًا ،وقال ل يومًا لذ ين ال سي وه ا
«الي القيوم» تأثي عظيم ف حيا ِة القلْب.
وكأنّ ه يُش ي إل أن ما ال سم الع ظم ،و سعته يقول :من وا ظب على أربع ي
مرة كل يوم بي ُسّنةِ الفجر وصلة الفجر «يا َحيّ يا قيوم ل إله إل أنت برحتك
أستغيث» َحصَلتَ ل ُه حياةُ القلبِ ول يتْ قلبُه.
قال العلماء :اعلم أ نه ل يق فُ على الدواء من ل يق فُ على الداء إ ْذ ل مع ن
للدواء إل مناقضةُ أسباب الداء ول يبطل الشيء إل بضده.
شهْوةُ
و سببُ ال صرار الغفلة والشهوة ول تضا ُد الغفلة إل بالعلم ،ول تُضادّ ال ّ
ب الُحَرّ َكةِ للشّهوة.
إل بالصب على َقطْ ِع السْبَا ِ
والغفلة رأس الطايبا فل دواء إذًا للتوببة إل بعجُونِبيُعجبن مبن حلوة العلْم
صبْر.
ومرارة ال ّ
مرضب القُلوب ومرض القلوب أكثبر ُ والطباءُ لذا الرض هبم العُلماء؛ لنبه
وأعظم من مَرَض البدان.
وذلك لمور :أحدها :أن مرض القلب بال ُذنُوب ل يدرى صاحبه أنه مريض.
الثان :أن عاقبته غي مشاهدة ف الدنيا بلف مرض البدان فإن عاقبته موت
مشاهد ينفر ال ّطبْ ُع عنه.
ت النفرة عن الذنوب وإن علمها مرتكبها. وما بعد الوت غي مشاهد ،فقّل ِ
فلذلك تراه يتكل على فضل ال ف مرض القلب.
ويتهد ف علج مرض البدن من غي اتكال.
355
إيقاظ أول المم العالية
والمر الثالث :وهو الداء العضال ،فقد الطبيب ،فإن الطباء هم العلماء ،وقد
ب ومبع
مرضوا فب هذه العصبار مرضٌب مُوفبْ؛ لن الداء الهلك هبو حبب الدني ا
ال سفِ الشد يد أنّ هُ قد غلَ بَ هذا الداءُ على الطباء أي العلماء ،فلم يقدروا على
تذير اللق خوفًا من أن يقال لم :فما لكم تأمرون بالعلج وتنسون أنفسكم أما
تقرؤون قول ال جل وعل وتقدس :أََت ْأمُرُو نَ النّا سَ بِالْبِرّ َوتَن َ
س ْونَ أَْنفُ سَ ُكمْ َوَأنْتُ مْ
تَتْلُونَ الكِتَابَ أَ َفلَ تَ ْعقِلُونَ .
وقال تعال :يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا لِ َم َتقُولُونَ مَا َل َت ْفعَلُونَ * َكبُ َر َمقْتًا عِندَ اللّهِ
أَن َتقُولُوا مَا لَ تَ ْفعَلُونَ فبهذا السبب عمّ الدا ُء وانقطع الدّواءُ.
القائل ف القرن الا مس فك يف لو رأى أك ثر علماء هذا الع صر ،وما هم ف يه
من التكالب على الدن يا وإهال م القيام ب ا أو جب ال علي هم من ال مر بالعروف
والنهي عن النكر.
والنصيحة ل ولكتابه ورسوله والئمة والؤمني.
قال العلماء :من نتائج العصية قلة التوفيق ،وفساد الرأي ،وخفاء الق ،وفساد
القلب ،وخول الذ كر وإضاعبة الوقبت ،ونفرت اللق ،والوح شة مع الرب وقلّة
السّداد وتشتيتُ الفكر ،ومنع إجابة الدعاء ،وقسوة القلب ،ومق البكة ف الرزق
والعمر ،وِلبَاس الذل ،وضيق الصدر.
كيف يسلم من له زوجةُ ل ترحه ،وولد ل َيعْذُرُه ،وجار ل يأمنه ،وصاحب
ك ل يُن صفُه ،وعدوٌ ل ينام عن مُعاداتِ هِ ،ونف سٌ أمّار ٌة ال سُوء، ل ين صحه ،وشري ٌ
وغضبب قاهرٌ ،وشيطان ُم َزيّنب،
ٌ ودُنيبا مُتزيّنبة ،وهوىً مُ ْردِي ،وشهوٌة غالبةٌ لَهبُ،
ف م ستولٍ عليه ،فإن توله الُ وجَذَبَه إليه انقهر تَ له هذه كُلُها وإن تلى وضعْ ٌ
عنه ووكله إل نفسه اجتمعتْ عليه فكانت اللكة.
356
إيقاظ أول المم العالية
َتبْغببي َفقَصببْ ُركَ مِْيَتةٌ و َذهَابببُ ب بالَزَامةِ فبب الذي الرأيببُ أخْذُكبَ
ق الكَذَاب بُ
ق النام بِ وص بُ ّد َ ص بُ ْد ُ ب
ب الفَسبَا ُد على العُقولِ َفكُ ّذبَت ْ
غَلَب َ
َيفْنَبى وطَال عَبن الَوَى الضْرَاببُ بالسبيُوفِ على الذيِمب ُ ضَ َربُوا الَمَاج َ
مَا ًء يَ ُموْجببُ وكُُلهُنّبب سببَرَابُ وتَغُرّنَبببا آمالُنَبببا َفنَخَالُهَبببا
357
إيقاظ أول المم العالية
ب الِمَامبُ فأسبُ َر ُعوْا ودَعَبا بِشُرْبم ُ بنَدُونَ تَعاقَروا كأسببَ الرّدى ومُسب ْ
َعب
ِحب الُطُوب ال ّزعْز ُ َتب بِهبم ِري ُ
و َهف ْ ب عََليْه ُموْا ِبرَانِهببِ بَرَكببَ الزّمانب ُ
ب َمعُوا ب فَأس ْ
ب اللِبيْب َ
وعَ ُظوْا بِمَبا يَزِع ُ ُخرُسببٌ إذَا نَا َديْتببَ إلّا أّنهُمببْ
ب َتعَدّ كَريْ َمةٌ َأ ْو تُجْمَعبببُ َفلِمَنبب ْ والدّهْرُ يَ ْفتِكببُ بالُنفُوسببِ حِمَامُهببُ
ضيّعبببُ بب وهْ َو ُم َ حفْ ُظهُنّبويَظَ ّل يَ ْ ب ُيْبقِيببْ ذَخَاِئ َر مَالِهببِ عَجَبًبا لِمَنبْ
َعب
ف مضْج ُ الصبحَائِ ِ
ْنب ّ َهب بَط ُمُلْق ًى ل ُ وِلغَافِ ٍل ويَرَى بكُلّ َثِنّيةٍ
ب
ب مَبا َيتَجرّع ُ ضعَاف َ بهِ أ ْ
مبن كَأس ِ بأَ ُروْا
بُب أنّهُبم مَبا أسبْ أتراه يْسب
عبادَ الِ َكمْ أخْلى الو تُ دارًا ،وتر كَ العمُور ِقفَارَا ،كم أوقد من السف ف
صصَ الُرّة مرارًا.
ق الغُ َ
الوانح نارًا ،وكمْ أذا َ
ل قد جال يينًا وي سارًا ف ما حا ب فقرًا ول ي سارًا ،أ ين الي شُ العرمرم؟ أ ين
الكبيُ العظم؟ ألق الخي بن تقدم!
قال ممد بن كعب القرظي :إنا الدنيا سوق خرج الناسُ منها با يضُرهُم وبا
ينفعُهم.
وكم اغتر نا سٌ فخرجوا ملومي واقتسم ما جعوا من ل يمدهم وصاروا إل
من ل يعذرهم.
فيح قُ ل نا أن ننظُرَ إل ما نغبط هم به من العمال فنعملُ ها ،وإل ما نتخوّ فُ
فنتجنبُها.
358
إيقاظ أول المم العالية
ب َووَقَارِهببِشيْبببُ بِ ْلمِهبِ وأتَبي الَ ِ ب وبعارِه بِ ب بَجْهلِه ِ شبَاب ُ
َذهَب بَ ال ّ
ِبغُرورهببببِ و ُمبَشّ ٍر بوارِهببببِ َشتّانببَ َبيْنببَ ُمِبعّدٍ مِببن َربّهببِ
ب
ب ُمعْجَبًبا ِبعِذَارِه ِ ب يَمْرَح ُ
كَالَطّرْف ِ مببا زِلْت أمُرَحببُ بالشبابببِ َجهَاَلةً
وجَررت مِببن بَطَرٍ فُضولَ أزارِهببِ حبْت أثواب البَطاَلةِ لهِيًببا وس ببَ َ
بببي ُح َعوَارِه ببِ َعوْرَاتُببه وبَدَا قب شفَتببْ حتبب َتقَلْصببَ ظِلُه فتك َ
بب عَلَى َأوْزَارِه ببِ وتَنَدم ببٌ مِنّيب ب منبه بِطَائِ ٍل غَيُبر السبَى ل أُحْظ َ
بَمَواعِظببٍ والقببُ فبب تَذْكَارِهببِ ب بِ َمفْرِقببي
والن قدْ خَطّب الشيببُ
عببببن ول تُصببببْغِ إل إنْذَارِ والّنفْس بُ تَركب بُ َغيّهَبا ل تَرعَوي
ب وَنهَارِهببِ مُحْصببًى على بَليْلِهب ِ ببا ببي على عُمْ ٍر يَ ُم ّر ُمضَيّعًب َلهَفِب
قال علي بن أب طالب :ميدانكُم نفوسكُم ،فإن انتصرت عليها كنتم على
غيها أقدر ،وإن خذلتم فيها كنتم على غيها أعجز ،فجربُوا معها الكفاح أولً.
كان سفيان الثوري ما ينام إل أوّل الليل ،ث ينتف ضُ فزعًا مرعوبًا ينادي النار
النار شغلن ذكُر النار عن النّوم والشهوات.
ث يتوضأ ويقو ُل على أثر وضُوئه :اللهم إنك عالٌ باجت غي مُعلّم وما أطلبُ
إل فكاك رقبت من النار.
قال ع مر بن عبدالعزيز :أيها الناس ،إنا يُراد ال طبيب للو جع الشد يد ،أل فل
ف من الوت. وجع أشدّ من الهل ،ول داء أخبثُ من الذنوب ،ول خوف أخو ُ
يُروى عن ال صمعي ،قال :قرأت وَال سّا ِرقُ وَال سّارِ َقةُ فَا ْقطَعُوا أَْي ِديَهُمَا جَزَاءً
بِمَا كَسَبَا نَكَالً مّنَ ال ّلهِ (وال غفورٌ رحيم).
وبنب أعراب ،فقال :كلمُ من هذا؟ فقلت :كلم ال.
قال :أع ْد فأعدتُ ،فقال :ليس هذا كلمُ ال ،فانتبهت ،فقرأتُ :وَاللّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ .
359
إيقاظ أول المم العالية
فقال :أ صبتَ هذا كل مَ ال ،فقل تُ :أتقرأُ القرآن؟ قال :لُ ،فقُل تُ :من أ ين
علمت؟
فقال :يا هذا ،عزّ فحكم فقطع ،ولو غفر ورحمَ لا قطع.
كان أحد العلماء له وظيفة يأخذ عليها رات بٌ جي ٌد فاتفق أنه كان يأكل يومًا
مع أصحابه طعامًا فجاء قط فرموا له شيئًا فأخذه وذهب سريعًا.
ث ر جع فرموا ل هُ أيضًا شيئًا ،فانطلق به سريعًا ث جاء أيضًا فرموا له شيئًا
فعلموا أنه ل يأك ُل هذا كله فتبعوهُ فإذا هو يذهبُ به إل قطٍ آخ َر أعمى ف سطحٍ
هُناك فتعجبُوا من ذلكَ.
فقال الش يخ :يا ُسبْحانَ ال هذا حيوان ب يم قد ساق الُ إل يه رزق ُه على يد
غيه ،أفل َيرْزُقُن وأنا َعبْدُ ُه واعْبُدُه.
ث ترك ما كان ل هُ ن الرّا تب وج ع حواش يه ،وأق بل على العبادة والُلز مة ف
غرفة ف جامع عمرو بن العاص إل أن مات.
بهَادُ وتُوقِنببُ بالرّحِيْببل وََليْسببَ زَادُ ب وَقَدْ ُأعِدّ لكببَ السب ُ َتنَامب ُ
بْ مَبا الُرَادُبتَ تدْرِيب بَ لَسبْ
ضيْعًبا كَأنّكببيْ ُم ِ ببْ ُح مِثْبل مبا تٌمْس ِ وتُص ِ
ْكب فب ال ُدنْي َا ا ْجتِهضادُ
َكب َمن َ
َمب ي ُ
َأتَطْمَعببُ أنببْ َت ُفوْ َز غَدًا هَنِيًببا ول ْ
ب حَصبَادُ ب مِبن عَدَم ٍ ب يَكون ُب زَرْعببٍ َف َكيْف َ إذا فَ ّرطْتببَ فبب َتقَدِيِب
قال ب عض العلماء :علي كم بأهل ال سخاء والشجاعة ،فإن م أهلُ حُ سْن الظّنّ
بال ولو أن أهل البخل ل يدخل عليهم من ضرر بُخْلهم ومَ َذ ّم ِة الناس َلهُم وإ ْطبَاق
القلوب على كرا َهتِ هم إلّا سُو ُء َظنّهِ مْ ب َربّهِم ف الَلَ فِ َلكَا ِن عَ ِظيْمًا .وال أعلم،
وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
361
إيقاظ أول المم العالية
ضرِ بَ على قفاه ُموَليًا وأنا يومئ ٍذ على الق وأن تَ قال :يوم مثل أبُوْ َك هاربًا و ُ
وأبوك على الباطلِ.
قال السنُ لبن سيينُ :تعَبّرُ الرؤيا كأن كَ مِن آلِ يَعُقوب ،فقال ابن سيين:
وأنت تُفسِر القرآن كأنك شهَدْت التنيل.
ج العِلْمُ.
قال أبو الزناد لبن شبمة ف مُناظرتِهِ لَ ُه مِن عندنا خرَ َ
شبْ ُر َمةَ ث ل َيعُدْ إليكم.
فقال اب ُن ب ُ
قال مُعاوية لعقيل بن أب طالب أين ترى عمّك أبا لَب.
قال :ف النا ِر هو وعمتُكَ حالةَ الطَب.
قال ال ّر ِشيْدُ لشريْك القاضِي :آيةٌ فب كتاب ال ليسَب لكَب ول ِل َقوْمِكَب فيهبا
شيء.
قال :وما هي؟ قال قولهُ تعالَ :وِإّنهُ لَ ِذكْرٌ ّلكَ َوِلقَوْ ِمكَ .
فقال :آيةٌ أُخرى ليس ل ول لقومي فيها شيء ،قال :وما هي؟ قال :قول ال
جل وعلَ :و َكذّبَ ِبهِ قَ ْو ُمكَ َوهُوَ الَقّ .
قال معاوية بكلم عرض فيه بعبدال بن الزبي ،فقال :يا أمي الؤمني ،ل يكن
حقنا منك أن تُمْسكَ ي َدكَ مغلولة إل عنقك وُتعْملْ لِسَانَكِ ف قومِك.
اشت كى عبدال بن صفوان ضر سهُ ،فأ تا رجُل يعُودُه ،وقال :ما بِك؟ قال:
ضرْس.وجع ِ
ت ما يقوُل إبليسُ؟ قال :قال :يقو ُل دواؤهَ الكسر. فقال :أما علم َ
قال :إنا يطي ُع إبليس أوليا ُؤهُ.
وقال معاو ية لر جل من أ هل الي من :ما كان أح ق قو مك ح ي قالواَ :ربّنَا
بَا ِعدْ بَيْنَ أَ ْسفَا ِرنَا أما كان جعُ الشملِ خيًا لُم.
حيْ َن قالوا :اللّ ُهمّ إِن كَا نَ َهذَا هُوَ الَقّ مِ نْ
فقال اليمان :قومُ كَ أح ُق منهم ِ
عِندِكَ َفَأمْطِرْ عَلَيْنَا ِحجَا َرةً مّنَ السّمَاءِ أَ ِو ائْتِنَا بِ َعذَابٍ َألِيمٍ .
362
إيقاظ أول المم العالية
الاجببلِشريْكَب القاضِي َبضْ َرةِ الهْدِي بلغنب أنبك ُخنْتَب أميَ ُ قال الربيعُب
الؤمني.
صْيبُكَ.
فقال شريكٌ :ل تقلْ ذلك لو خُنتُه لتاك َن ِ
مرض الشعب فعادهُ رج ٌل ثقيل الدّم ،فأطال الُلوسَ جدّا.
فقال للشعب :ما أشدّ ما مَرّ عليك ف مرضك؟
قالُ :ق ُعوْ ُدكَ عنْدِي.
ص بيتًا لحد الظُرفاء الذكياء ،فقال لل صّ :إن الذي تطلبُه بالليل ما ودخَل لِ ٌ
وجدنا ُه بالنهارِ.
سُئل إنسان عن نسبه ،فقال :أنا اب نُ أُخت فلن ،فسمعهُ رجلٌ ،فقال :الناس
ينتسبُون طو ًل وهذا ينتسب عرضًا.
قال بعضهم يوصي إخوانه :عاشروا الناس مُعاشرة الكرام إن غِْبتُم َحنُوا إليكم
وذك ُروْكبم بيب وإن مرضتبم عادوكبم ودعوى لكبم بالشفاء وإن متبم ترحوا
عليكبم ،ول تعاشروهبم مُعاشرة اللّئام إن غبتبم ،قالوا :المبد ل الذي أزَال عنبا
نق مة ،وإن مِتُم ،قالوا :تف يف ورح ة ،وإن مرض تم فرحوا ،وقالوا :ن سأل ال أن
يري نا ،واعلموا أن الناس ما من هم سلمة إن انقبضتُم أو انب سَ ْطتُم فكونوا من هم
على حذر.
الناسبببُ داءُ دفيببب ل دواءَ له العقلُ قبد حَا َر منهبم فهبو ُمنْذَهبل
با قالوا بببه ِثقَلُ ب ُمْنقَبِضًب ب ُمنْبسببطًا مَسببْخرةً أوْ ُكنْتب َ إن ُكنْتب َ
ب مَلَلُ
ب تُجَانبهَببم قالُوا بِهب ِ ب تُخَالِطَهُبم قالُوا بببه طَمَعببٌ وإنب ْ وإنبْ
ب تَ َزهّدَ قالوا ُزهْدُه ِحيَلُ
بةٍ وإنببببب ْ وإن َت َهوّرْ لَاَقوْكببببَ َبنْقَصببب َ
وفد أعراب على أحد الوُلة وأنشدهُ قصيدةً يثن عيه فيها وكان ف فمه ميلن
فلم يأمر له بشيء وكان ملتمسًا للمُكافأةِ.
ك ُم ْعوَجًا؟ فقال :لعل ُه ِعقَابٌ من ال تعال.
فقال له الوال :ما بالُ فَمِ َ
363
إيقاظ أول المم العالية
فقال الوال :على أي شيبء عاقببك ،فقال :لكثرة مبا كذببت بالدح والثناء
ت منهم.بالباطل على الناس ،يعن وأن َ
ي مُ سلمًا يأ كل ف نار رمضان و هو غ ي م سافر فطلب م نه أن و جد يهود ٌ
يُطعمهُ.
فقال الُسلم :يا هذا ،إنّ ذبيحتنا ل تِ ُل على اليهود.
فقال اليهودي :أنا ف اليهود مثلك ف السلمي.
سأل ر جل حكيمًا عن أخ له :ك يف حاله؟ فقال :مَا تَ ،فقال :ما سببُ
موته ،قال :حياتُه.
ل عنده زوجةٌ مات عنها أربعةُ أزواج ،فمرض الام سُ فجلست يُ ْروَى أن رج ً
عند رأسه تبكي ،وقالت :إل من تُوصِي ب ،فقال :إل السّادس.
ودخل الليلُ بن أحد على مَريْض نْوي وعندهُ أخٌ له ما يُحسنُ النّحوَ ،فقال
أخو الريض لِلْمَريض ا ْفتْ َح عيناك وحرّك شفتاك إنّ أبو ممد عندك جالسًا.
فقال الليل :إن أكثر مرض أخيكَ من كلمِكَ؛ لن كلمَهُ لَحْنٌ.
ب مُ سْكتٌ فعلمن وجاء رجلٌ إل الاح ظُ ،وقال له :سعتُ أن لك أل فَ جَوا ٍ
منها ،فقال له الاحظ :لك ما تريد.
ف العقلِ فَبمَاذا أجيبُ هُ؟ فقال الثقيلُ :إذا قال ل رجُلٌ :يا ثقيلَ الدّ َم و يا خفي َ
فقال لهُ الاحظ :قُلْ لهُ صد ْقتَ.
رُوي أن صهيبًا قدم على النب وبي يديْه تَ ْمرٌ وخُبزٍ ،فقال :أدْ نُ َفكُلْ فأخذ
يَأك ُل مِن التمرِ.
فقال له النب « :إنّ ب َعيْنِ كَ َرمَدًا؟» فقال :يا رسول ال ،أنا آكُ ُل مِن النّاحِيةِ
الخرَى فتَبسّمَ النبُ .
وسعَ أعرابٌ ر ُجلً يروي عن ابن عباس ب رضي ال عنهما ب أنه قال :مَن
نوى ال ّج وعاقَه عائقَ ِكُتبَ له الَج ،فقال العراب :ما وَقَعَ أ ْرخَص مِن هَذا.
364
إيقاظ أول المم العالية
وعن أمّ سلمة قالت :خَرجَ أبو بكر ف تارة إل بُصْرى ،قَبل َموْتِ رسول ال
بعام و َمعَهُ نعيْمان و ُسوَيْبط بن حرمَلة.
ل مَزّاحًبا، وكانبا قَ ْد ِشهَدَا بَدْرًا وكان ن َعيْمان على الزاد وكان سبُويبط ر ُج ً
فقال َلُنعَيْمانِ :أطْعِمْن ،قالَ :حتّى ييء أبو بكر.
قال :أما لغيْ َظنّكَ ،قال :فمروا بقوم ،فقال لم :سُويْبطُ تشترون من عبدًا ل،
قالوا :نعم ،قال :إنه عبد له كلم فهو قائل لكم إن حر ،فإن كنتم إذا قال لكم
هذه القالة تركتموه ،فل تفسدوا عليّ عبدي.
قالوا :ل ببل نشتريبه منبك فاشتروه بعشبر قلئص ثب أتوه فوضعوا فب عنقبه
ت بعببد، َسب ُ
ئ بكبم وإنب حبر ول ْ عمامبة أو حبلً ،فقال ُنعَيْمانبُ :إن هذا يسبتهز ُ
فقالوا :قد أخرنا خبك فانطلقوا به فجاء أبو بكر فأخبوه بذلك فاتبع القوم ،فرد
عليهم القلئص وأخذ نعيمان.
فلما قدموا على النب أخبوه ،فضحك النب وأصحابه منه.
إنّابب عَلى َق ْل َعةٍ مِببن هَذِهببِ الدارِ نُسببَاقُ عنهببا بإمْسببَاءٍ وإْبكَارِ
بوْفَ تَ ْلحَقبببُ آثا ٌر بآثارِ ب َمضَوْا وسبب َ َنبْكِيببْ وَننْدبببُ آثارَ الذينبَ
بب َغيْ ُر عُمّارِ ب أنّاب
ب َنعْلَم ب ُ ب عِمَارتَنُبا ال ُدنْيَبا على غَرَرٍ ونَحْن ب ُ طَالَتبْ
ب يُحَث بُ َبتْ ِرحَا ٍل على عَجَلٍ َليْس ببَ الَحَّل ُة َغيْ َر ال َفوْزِ مِببن نارِ با مَن ْ
يب
ب القِيا َم ِة يَومبببُ الفَخَ ِر وَالعَارِ
ب ُمفَاخَ َرةَ الدُنيببا وزْيَنتَهَببا َيوْمبب ُ
فاتْرُكب ْ
فصل
عباد ال قبد نقلنبا فب كتاب «إرشاد العباد» عبن النار وأهوالاب وغمومهبا
وأنكالا وشراب أهلها وطعامهم وما إل ذلك ما أعده ال جل وعل لهلها من
أنواع العذاب الليم البدي السرمدي ما فيه كفاية.
ويقا بل دار الشقياء دارُ أخرى دارُ قرا ٍر ونعي ٍم و سُرُور و ُحبُور وأمْ ٍن و صحةٍ
وحياةٍ أبدي ٍة فيها ما تشتهيه النف سُ وتل ُذ العيُ مّا ل عيٌ رأ تْ ول أذ نٌ سعتْ
ول خطَر على قلب بَشرٍ.
دارٌ جعلها الكري جل وعل دارَ ضيافةٍ ،يُكرم فيها عباد ُه الخيَار الذين وّفقَهم
لدمته والعمل بطاعته.
ول ت ظن هذه الضيا فة مدودة ،ول أن الكرا مة في ها تنت هي ،بل كل ما ت به
وتتمناه أمامك إن ُكنْتَ من أهل العفو والتجاوز فتوهم إن تفضّل ال عليك بالعفو
والتجاوز (أي تصور مَمَ ّر َك على الصراط).
366
إيقاظ أول المم العالية
ونُو ُركَ يسعى بي يديك وعن يينك ،وكتابُكَ بيمينكَ ُمْبّيضَ الوَجْهِ.
سوَدّ َوجُو هٌ ،و قد أيق نت برضاه
قال ال جل وعل :يَوْ مَ تَبْيَضّ َوجُو هٌ َوتَ ْ
عنك وأنت على الصراط مع زمرة العابدين ووفود التقي.
سبلّمْ ،والوجَ ُل مبع ذلك ل يفارق قلببك ول قلوب
واللئكةُ تُنادي :سبلّ ْم َ
الؤمني ،تُنادي وينادونَ :ربّنَا َأتْمِ مْ لَنَا نُو َرنَا وَا ْغفِرْ لَنَا ِإنّ كَ عَلَى كُلّ شَ ْيءٍ َقدِيرٌ
.
فتدبر ح ي رأوا النافق ي ط فئ نُورُهُم ،وهاج الوجلُ ف قُلوب م ،ف َدعَوا بتمام
النُور والغفرة.
فتوهّم أي ت صو ْر وت يل نف سك ،وأ نت تُ ُر خفيفًا مع الو جل ،وت صوّرْ مرّك
على قدر خفّة أوزارك وثقلها وقد انتهيتَ إل آخِره.
فغل بَ على قلبك النجاةُ ،وقد عاينت نعي َم النا نِ وأن تَ على الصراط ،فحَنّ
قلبُكَ على جوار ال عز وجل ،واشتاق إل رضا ال.
َواتب بأحَدِ رجليبك إل العرصبةِ (أي عرصبة صبرْتَ إل آخره خَط ٍ حتب إذا ِ
القيا مة) ال ت ب ي آ خر ال سر وب ي باب ال نة ،فوضعت ها على العر صة ال ت ب عد
الصراط ،وبقيت القدمُ الخُرى على الصراط ،والوفُ والرجاءُ قد اعْتَليَا ف قلبك
وغَلبا عليك.
ت ال صِراطَ كُله واستقرّتْ قدما كَ على تلك العرصة، ث ثنيت بالخرى ،فجُزْ َ
وزِْلتَ عن السَ ْر ببدنكَ ،وخّل ْفتَ ُه وراء َظهْرِك.
و َج َهنّ مُ تضطر بُ من تت من يُر عليها ،وَتثِ بُ على مَن زلّ عنه ُمغْتاظةً تزُفرُ
شهَ ُق إليه.
عليه وت ْ
ث التفت إل السر فنظرت إليه باضطرابه ،ونظرت إل اللئقِ من فوقِهِ ،وإل
جهنّم من تته تثبُ وتزفرُ على الذين زُلْزِلُوا عن الصراطِ.
لا ف رؤوسهم وأنائهم قصيفٌ ،فطار قلبكَ فرحًا إذْ نوت بضعفك من النار
ت النارَ وجسرها من وراء ظه ِركَ ،متوجهًا إل جوار ربكَ. و خّل ْف َ
367
إيقاظ أول المم العالية
ت آمنًا إل باب النة امتل قلبُ كَ سُرورًا وفرحًا ،فل تزالُ ف مَ َمرّ كَ ث خطو َ
بالفرح والسرور حت تُواف أبوابا.
فإذا وفيت بابا استقبلك بسنه ،فنظرت إل حسنه ونوره وحسن صُورة النة
وجُدرانا.
وقلبك مستطي فرحٌ مسرورٌ متعلقٌ بدُخُو ِل النة حي وافيت بابا أنت وأولياءُ
الرحن.
ُمب أهلُ كرامبة ال فتوهبم أي تيّلب وتصبور نفسبك فب ذلك الوكبب ،وه ْ
سَتبْشِرُون،
ورضوا نه ،مُبيض ًة وجوه هم ،مُشر قة بر ضا ال ،م سرورون فَرحُو َن مُ ْ
وقد وافيت باب النة بغبا ِر قبكَ ،وح ّر القَامِ ووَهجِ ما م ّر بك.
فنظرت إل الع ي ال ت أعدّ ها ال لوليائه وإل حُ سن مائ ها ،فانغم ست في ها
م سرورًا ،ل ا وجدت من برد مائ ها وطي به ،فوجدت له بردًا وطيبًا ،فذ هب ع نك
بُ ْزنِ القام.
و َطهّر كَ من كُلِ د نس وغُبار ،وأ نت م سرور ل ا وجدت من ط يب مائ ها ل ا
باشرت هُ ،وقد أفلتّ من وهج الصراط وحرّه؛ لنه قد يواف بابا من أحرقت النار
بعض جسده بلفحها ،وقد بلغت منه.
ف ما ظ نك و قد انفلت من حر القام وو هج أنفاس اللئق ،و من شدة توهّ ج
ح ّر الصراط فوافيت باب النة بذلك ،فلما نظرت إل العي قذفت بنفسك فيها.
فتوهّ مْ (أي ت صوّر وتيّ ل) فر حة فُؤادك ل ا با شر برد مائ ها بد نك ب عد حر
الصراط ،ووهج القيامة ،وأنت فر حٌ لعرفتك أنك إنا تغتسلُ لتتطّهر لدخول النة
واللود فيها.
فأ نت تغت سل من ها دائبًا ،ولونُ كَ مُتغيٌ ح سنًا ،وج سدُك يزدادُ نضر ًة وبجةً
ج منها ف أحسن الصُور وأت النُور. ونعيمًا ،ث تر ُ
368
إيقاظ أول المم العالية
فتو هم (أي ت صور وت يل) فرح قل بك ح ي خر جت من ها فنظرت إل كمال
جالك ،ونضارة وجهبك وحُسبنه ،وأنبت عال مُوقبن بأنبك تتنظفُب للدخول إل
جوار ربك.
ث تقصد إل العي الخرى ،فتتناولُ من بعض آنيتها ،فتوهّ ْم نظرك إل حُسن
الناء ،وإل حُسن الشراب ،وأنت مسرور بعرفتك أنك إنّما تشر بُ هذا الشراب
لِتطهّرَ جوفك من كلّ غلٍ ،وجسدك ناعمٌ أبدًا.
حت إذا وضع تَ الناء على في كَ ث شربت هُ ،وجدت طعم شراب ل تذق مثله،
ول تعوّ ْد شُرب هُ ،فيسلس من فيْ كَ إل َجوِفك ،فطار قلبُك سُرورًا لا وجدت من
ل ّذتِهِ ،ث نقي جوفك من كُلّ آفةٍ.
فوجدت لذة طهارة صدرك من ُكلّ طب عٍ كان ف يه يُنازعُه إل الغُموم والُموم
والرص والشدة والغضبب والغلّ ،فيبا برد طهارة صبدرك ،ويبا روح ذلك على
فؤادك.
حتب إذا اسبتكملت طهارةُ القلب والبدنبِ ،واسبتكمل أحباءُ ال ذلك معبك،
وال مُطلعٌ يراك ويراهُم.
أمبر مولك الا ُد التحنبن خوان النبة مبن اللئكبة ،الذيبن ل يزالوا مُطيعيب
خائف ي منه مُشفق ي وجل ي من عقا به إعظامًا له وإجللً ،وهيبةً ل هُ ،وحذرًا من
نقمهِ ،وأمرُم أن يفتحُوا باب جنته لوليائه.
فاندروا مبن دارهبا ،وبادروا مبن سباحاتا ،وأتوا باب النبة فمدُوا أيديهبم
ليفْتحُوا أبوابا.
وأيق نت بذلك ،فطار قل بك سُرورًا ،وامتلت فرحًا ،و سعتَ حُ سن صرير
أبوابا ،فعلك السرور ،وغلب على فُؤادك ،فيا سُرور قُلوب الفتوح لم باب جنة
رب العالي.
ب ُم طيبب النان ،وطيبب جرى مائهبا ،فنفبح فلمبا فتبح لمب بابُهبا ،هاج نس ي
وجهك ،وجيع بدنك ،وثارت أراييح النة العبقة الطيبة.
369
إيقاظ أول المم العالية
وهاج ري ُح م سكها الذ فر ،وزعفران ا الُونِع ،وكافُور ها ال صفر ،وعنب ها
الشهب ،وأرياحُ طيب ثارها وأشجارها ،وما فيها من نسيمها.
فتداخلت تلك الراييح ف مشامّ كُ حت وصلتْ إل دماغِك ،وصار طيبُها ف
قلبك ،وفاض من جيع جوارحك.
ونظرت بعينك إل حُسن قصورها ،وتأسيس بُنيانا من طرائق الندل الخضر
من ال ُزمُردِ ،والياقوت الحرِ ،والدُر البيض قد سطع منه نوره وباؤه وصفاؤه.
ف قد أكمله ال ف ال صفاء والنور ،ومازج ُه نُورُ ما ف النان ،ونظر تَ إل
وفرح فؤادُك لعرفتك أ نك إذا دخلتها فإنّ لك في ها الزيادات، حُجُب ال،
ب أرايي حِ النة وحس ُن بجة منظرها ،وطي بُ والنظرُ إل وجه ربك ،فاجتمع طي ُ
نسيمها ،وبردُ جوها.
فتصور نفسك إن تفضل ال عليك بذه اليئة ،فلو مُتّ فرحًا لكان ذلك ي قُ
لك ،حتب إذا فتحوا باببا ،أقبلوا عليبك ضاحِكيب فب وجهبك ووُجُوه أولياء ال
معك.
ونادو كم سَلمٌ عَلَ ْيكُ مْ فتو هم ح سن نغمات م ،وط يب كلم هم ،وح سن
تسليمهم ف كمال صورهم ،وشدة نورهم.
ث أتبعوا ال سلم بقول م :طِبْتُ مْ فَادْ ُخلُوهَا خَاِلدِي نَ فأثنوا علي هم بالط يب
والتهذيب من كل َدنَس ودَرَنٍ وغ ٍل وغشٍ ،وكل آفةٍ ف دين أو دُنيا ،ثن أذنُوا لم
على ال بالدُخُول ف جواره.
ث أ خبوهم أن م باقُون في ها أبدًا ،فقالوا :طِبْتُ مْ فَادْ ُخلُوهَا خَاِلدِي نَ ،فل ما
البوابب مبن
ُ الذنب وأولياءُ ال معبك ،بادرتب الباب بالدخول ،فكضّتب
ُ سبعت
الزحام.
فتصور نفسك إن عفا ال عنك ف تلك الزحة مُبادرًا مع مُبادرين ،مسرورًا
مع مسرورين ،بأبدا نٍ قد طهرَ تْ ،ووجُو هٍ قد أشرقت وأنارت فهي كالبدر ،قد
سطع من أعراضهم كشُعاعِ الشمس.
370
إيقاظ أول المم العالية
فل ما جاوزت باب ا ،وض عت قدم يك على تُربت ها ،و هي م سك أذف ُر ونب تُ
ك مصبوبٌ على أرضٍ من فضةٍ ،والزعفران نابتٌ حولا. الزعفران الونع ،والس ُ
فذلك أول خطوةٍ خطوت ا ف أرض البقاء بال من من العذاب والوت ،فأ نت
تتخطّى ف تُراب السك ،وريا ضِ الزعفران ،وعيناك ترمقان حُسن بجة الدُر ،مِن
حُسن أشجارها ،وزينة تصويرها.
فينما أنت تتخطّى ف عرصات النان ،ف رياض الزعفران ،وكُثبان السك ،إذ
نُودي ف أزوا جك وولدا نك وخدا مك وغلما نك وقهارم تك ،أن فلنًا قد أق بل،
فأجابُوا وا ستبشروا لقُدُوم كَ ،ك ما يُبشرُ أه ُل الغائب ف الدنيا بقُدُومِ هِ ،ك ما قال
ب َتنْظُرُ إل قُصبُورك ،إذ سبعت جلبتهُبم علي ببن أبب طالب :فبينمبا أنْت َ
ك لّا
ح مسرو ٌر بغبطتهم لقُدومِ َ
شهُم ،فاستطرتَ لذلك فرحًا ،فبينما أنت فر ٌ شيْ َ
وتب ِ
ت إجلبَهَمُ فرحًا بك.سع َ
صبفُوفًا لقُدومبك ،فبينمبا أتبت إذ ابتدرت القها َر َمةُ إليبك وقامبت الولدان ُ
ف أزواجك للعجلة ،فبعثت كُلُ واحدةٍ منهن بعض القهارم ٌة مُقبلة إليك ،إذ استخ ّ
خُدّمها لينظر إليك مُقبلً.
ويُسرع بالرجُوع إليها بقُدومك ،لتطمئ ّن إليه فرحًا ،وتسكُنَ إل ذلك سُرورًا،
فنظر إليك الدمُ قبل أن تلقَاكَ َقهَا َرمُتكَ.
ث بادر رسولُ كُل واحدة منهنّ إليها فلما أخبها بقُدومِكَ ،قالت كُلُ واحدةٍ
لرسولا :أ نت رأيت هُ من شدة فرح ها بذلك ،ث أرسلت ك ُل واحدة منهنّ ر سُولً
آخر.
فلما جاءت البشارات بقُدومك إليهن ،ل يتمالكن فرحًا ،فأردن الُروج إليك
ب القصرَ لنّ ف اليام إل ُقدُومِ كَ ،كما قال مُبادرا تٍ إل لقائك لول أن ال كت َ
مليكك :حُورٌ مّقْصُورَاتٌ فِي الِيَامِ .
371
إيقاظ أول المم العالية
فوضع هن أيدي هن على عضائد أبواب ن ،وأذرعهنّ برُؤو سِهنّ ينظرن م ت تبدو
ل ن صفحةُ وج هك ،في سكنُ طولُ حنين هن ،وشد ُة شوق هن إل يك ،وينظرون إل
سهّن إل ول رب ّن وحبيب مولهُنَ. قرير أعينُهنّ ،ومعدن راحتهن ،وأنُ َ
فتو هم ما عاي نت ،ح ي فُت حت أبواب قُ صُورك ،ورفُ عت ُستُورُهُ من حُ سن
بجة مقاصيه ،وزينةو أشجارهن وحُسْنِ رياضه ،وتللؤ صحنه ،ونور ساحاته.
فبين ما أ نت تن ظر إل ذلك ،إذ بادرت البشرى من خُدّامِ كَ يُنادون أزواج كَ
هذا فُل نُ ب ُن فلن قد د خل من باب ق صره ،فل ما سع َن نداءَ البشراء بقدو مك
ودُخُولِكَ ،توّثبْنَ من الفُرش على السرة ف الجال.
وعينُبك ناظرةٌ إليهببن فبب جوف اليام والقباب ،فنظرت إل ُوثُوبنّب
مُستعجلت ،قد استخفهُنّ الفرحُ ،والشوقُ إل رُؤَيتِكَ.
ب بالتهادي فتخيّلب تلك البدان الرخيمبة الرعبوببة الريدة الناعمبة ،يتوّثبْن َ
ختُر.
والّتبَ ْ
فت صور كُلّ واحد ٍة من هن ،ح ي وثببت ف حُ سْن حُلل ها وحليت ها ب صباحة
وجهها ،وتثن بدنا بنعمته.
فتو هم اندار ها مُ سرعةً بكمال بدن ا ،نازلةً عن سريرها إل صحن ُقّبتِ ها،
وقرار خيمتها ،فوَثبْنَ حت أتيْ َن أبوابَ خِيامِه ّن وقبابنّ.
ثب أخذن بأيديهبن عضائد أبواب خيامهبن للقصبر ،الذي ضُرِب عليهنّ إل
قدومك ،فقمنَ آخذاتٍ بعضائدِ أبوابن.
ث خرجن برؤوسه ّن ووُجُوهِهنّ ينحدرن من أبواب قبابن ،مُتطلعا تٍ ينظرن
إليكُ ،م ْقبِلت قد مُلئن منكَ فرحًا وسرورًا.
ك وفرحِهِ ،وقد رمقتهُنّ على حُسْن وجوههن ،وغنج وتيل نفسك بسُرور قلب َ
أعيُنهِنّ.
372
إيقاظ أول المم العالية
فل ما قابلت وجوههنّ حار طرفُك ،وهاج قل بك بال سرور ،فبق يت كالبهو تِ
ت عيناك ،و سكنتَ إل يه الذا هل من عظ يم ما هاج ف قل بك من سُرور ما رأ ْ
نفسُك.
فبينمبا أنبت ترفُ ُل إليهبن ،إذ دنوت مبن أبواب اليام ،فأسبرعن مُبادرات قبد
ْنب مبن كمال ت يتثنيب مبن نعيبم البدان ،ويتها َدي َ اسبتخفهن العشقبُ ،مُسبرعا ٍ
الجسام.
ث نادت كَ كُلّ واحد ٍة من هن :يا حب يب ما أبطأك علي نا؟ فأجبت ها بأن قلت :يا
حبيةُ ما زال ال عزّ وج ّل يُوقف ن على ذنْ بِ كذا وكذا ح ت خشي تُ أن ل أ صل
إليكُن.
فمشي نوك ف السُندسِ والرير ،يُثْ ِر َن الِسْكَ ،وشوقًا وعِشْقًا لك.
فأول من تقّدم تْ منهنّ مَدّ تْ إل يك بنان ا ومع صمها وخات ها وض ّمتْ كَ إل
ك و ساعدكَ ح ت وضعت ُه على قلئد ها من حلقِ ها ،ث نْرهَا فانثني تَ علي ها بكف َ
ضممتُها إليك وض ّمتْكَ إليها.
فتوهن نعيم بدنا لّا ض ّمتْك إليها كاد أن يُداخل بدنُك بدنا من لينه ونعيمه.
فتو هم ما با شر صدرك من حُ سْن ُنهُود ها ،ولذّة مُعانقت ها ،ث ش مت ط يب
عوارضها ،فذهب قلبُك من كُ ّل شيء سواها حت غرق ف السُرور ،وامتل فرحًا،
لا وصل إل ُروْحك من طيب مسيسها ،ولذةَ روائح عوارضها.
فل ما ا ستمكنتْ خفّ ة ال سرور من قل بك ،وعمّ تْ لذ ُة الفرح ج يع بد نك،
وموعد ال عزّ وجلّ ف سُرورك ،فناديت بالمد ال الذي صدقك الوعد ،وأنز
لك الوعد ،ث ذكرت طلبك إل ربك إيّاهُنّ بالدُؤوبِ والتّشْمي.
فأين أنت ف عاقبة ذلك العمل الذي استقبلته وأنت تلتث ُمهُنّ وتش ُم عوارضهنّ
لِمِ ْثلِ َهذَا َفلَْيعْمَلِ العَامِلُونَ .
فتوهم صعودها على السرير بعظيم بدنا ونعيمه ،حت استوت عليه جالسة ،ث
ارتق يت على ال سرير ،فا ستويت عل يه مع ها ،فقابل تك وأ نت مُقابلُ ها ،ف يا حُ سنَ
373
إيقاظ أول المم العالية
منظرك إليها جالسةً ف حالا وحليها بصباحة وجهها ونعيم جسمها! الساور ف
معاصبمها ،والواتب فب أكفهبا ،واللخيبل فب أسبواقها ،والقلئد فب عنقهبا،
والكاليبل مبن الدر والياقوت على قصبتها وجبينهبا ،والتاج مبن فوق ذلك على
رأسبها ،والذوائب مبن تتب التاج ،قبد حبل مبن مناكبهبا ،وبلغ أردافهبا ،تَرى
و ْجهَكَ ف نرها ،وهي تنظر إل وجهها ف نرك.
وقبد تدلت الشجار بثمارهبا مبن جوانبب حجلتِكبَ ،واطردتِب النارُ حول
قصرك ،واستعلى الداول على خيمتك بالمر والعسل واللب والسلسبيل.
وقد كمل حُسنُك وحُسنها ،و أنت لبس الرير وال سُندسُ ،وأساور الذهب
ف فوق رأسك، واللؤلؤ على كل مفْصِل من مفاصلك ،وتاجُ الدُر والياقوت مُنتص ُ
صةً بالنور على جبينك. صَوأكاليل الدُر مف ّ
و قد أضاءت ال نة وج يع ق صورك من إشراق بد نك ونور وج هك ،وأ نت
تعاين من صفاء قصورك جيع أزواجك و ُخ ّدمِكَ وجيع أبنية مقاصيك.
وقد تدلّ تْ عليك ثارُ أشجارك ،واطّردت أنارُ كَ من المر واللب من تتك،
والاء والع سلُ من فو قك ،وأ نت جالس مع زوج تك على أريك تك ،و قد فُتح تْ
مصاريع أبوابك ،وأرخيت عليك حجال خيمتك ،وحفت الدام والولدانُ بقُبتك،
وسعت زجله ُم بالتّقْدِيس لربك ع ّز وجل.
وأ نت وزوجُك بأك مل اليئة وأ ت النعمةِ ،و قد حا َر في ها طرفُك تنظُر إلي ها
مُتعجبًا من جالا وكمالا ،طرٌ قلبُ كَ بلحَتها ،وأن سٌ قلبك با من حُسنها ،فهي
سبِي َل والتّسبنيم فب
والسبلْ ْ
ّ ُكب وتُعاطيبك الم َر
مُنادمبة لك على أريكتبك ،تُنازع َ
ضةِ.
كأساتِ الدُر وأكاويْبِ قوارير الف ّ
فتو هم الكأس من الياقوت والدُر ف بنان ا ،و قد قرُ بت إل يك ضاح كة بُ سن
ثغرها ،فسطع نُو ُر بنانا ف الشراب ،مع نُور وجهها ونرها ،ونُور النان ،ونُور
وجهبك وأنبت مُقابلهبا ،واجتمبع فب الكأس الذي فب بناناب نُورٌ الكأس ،ونُور
الشراب ،ونُو ُر وجهها ،ونُورُ نرها ،ونُورُ ثغرها ،انتهى بتصرف.
374
إيقاظ أول المم العالية
375
إيقاظ أول المم العالية
377
إيقاظ أول المم العالية
بَتنْ َدمُ
بس َ ب قَ ِريْب ٍ صبَريْ َع المَانْب عَن ْ لهْ ِل وا َلوَى فَيَبا سبَاهيًا فب غَ ْمرِة ا َ
بوَى َجّنةٍ َأوْ حَرّ نَا ٍر تَضَرّمبببُ سبب ِ س َبعْدَ هُأفِ قْ قَدْ دَنَى الوَقْ تُ الذِ يْ َليْ َ
ْصبمُ
ِيب العُ ْر َو ُة الوُثْقَى التب لَي ْس ُتف َ ه َ بكًا ب ُمتَمَسب ّ بّنةِ الغَرّاءِ كُنب ْ
وبالسب ّ
َوعَضّبب عََليْهَببا بالنّواجِ ِذ تَسببْلَمِ ب
خيْلِ بَالِه ِ ك البَ ِ
ب َك بِهَبا مَس ْ ب ْ تَمَس ّ
ب الَوَادِثبِ أوْخَمبُ ب هَاِتيْك َ فَ َم ْرتَع ُ ث النّا سُ َبعْ َدهَا ع َعنْ كَ مَا قَدْ أحْدَ َوَدِ ْ
مِنببَ ال َيوْمببَ العَرْض مَاذَا أ َجْبتُمببُ بْ َم ُع النّدَا
َوهَيءْ َجوَابًبا عنْدَمَبا تَسب
َمبسبوْفَ ُيخْزَى َويَند ُ َابب سبَوهُمْ َأج َ ُنبَنب يَك ْ ُمب َفم ْ ُسبِليْ لَمّاب أَتوْك ْ
ِهب ر ُب ِ
ب َتبْ ُدوْ ِعيَانًببا َج َهنّمببُ ِلَيوْمببٍ بِهب ِ َمب ُجّنةٍْمنب أعْظ َوَخُ ْذ م ِن تُق َى الرّح ِ
ب مُسببَلّمُ َفهَاوٍ َومَخْ ُدوْشببٌ وناجب ٍ ِنب َفوْق َمتْنِهَا
َسبُر م ْ
َاكب ال ْ
ْصببُ ذ َ َويُن َ
حكُم بُ ب ال ِعبَا ِد َويَ َْفَيفْص بِلُ مَبا َبيْن َ ب العَالَ ِميْنببَ ِل َوعْدِهببِ َويَأتْبب إلَهب ُ
ب يَ ْظلِمببُ ب َعبْدٍ لِ ْلخَلئِقب ِ َفيَابُؤْسب َ َويَاخُذُ لِ ْلمَظْلومببِ َربُكببَ َحقّهببُ
ب يَظْلِمببُ بالقِسببْطِ الذي َليْسب َ ب َوُتوْضَ ُع الْمَوا ِزيْ نُ
َويُنْشَرُ ِدْيوَا نُ الِ سَا ِ
َمب
َاكب ُي ْهض ُ ِهب ذ َ ول ُمحْسبنٌ م ِن أ ْجر ِ
ختُم بُ ب يَ ْكذَاك بَ على فِيْبه ا ُل َهيْمِن ُ فَلَا ُمجْرِمبببٌ َيخْشَببى ظَلَا َمةَ ذَ ّرةٍ
ب وتُقْسببَمُ تَطَايَرُ ُكتْبببُ العَالِميْنب َ بِيء بَبا جَنَبى شهَدُ أ ْعضَاءُ الُسب َوتَ ْ
ب تَسببَلّمُ بالخْرى وَرَاءَ ال ّظهْ ِر ِمنْكب َ ِكب ِعنْدَمَا ْفب حَال ُ
ِيب َكي َ ْتب ِشعْر َْفيَاَلي َ
ب ب أ ْو ُه َو يُظْلِم ُ ب الوَجْه ُ ب ِمنْك َ
َفيُشْرِق ُ ب
ب َتكُن ْ ب أم ْأتَأخُ ُذ باليُمْنَبى ِكتَابَك َ
ب َوُيعْلِمبببُ ُيبَشّ ُر بالفَوْ ِز العَ ِظيْمبب ِ َوتَقْرَأ ِفيْهَبببا كُ ّل شَيءٍ عَمِ ْلتَهبببُ
ب أ ْوتَهببُ َف ُهوَ َمغْرَمببُ أل َلْيَتنِيببْ لَمب ْ َتقُوْلُ ِكتَابِببي فا ْق َرؤُه ببُ فإنّه ببُ
ب َم ْقبُوْ ٌل وَصببَرْفُكَ َقيّمببُ وعَدْلُكب َ وإن تَكُببن ال ْخرَى فإنّك ببَ قَائِلٌ
َمب
َسبعَى َوَتغْن ُ َانب ت ْ ْنب ال ْمك ِ ففِبي َزم ِ حةٌ بَ ب فب العُ ْمرِ فُس ْ َفبَادِرْ إذًا مَبا دَام َ
با ِمنْهببُ َمفَ ٌر َو َمهْزَمببُ َوهَْيهَاتببَ مَب ببَاب الص ّ ب َزمَن َ
ع واغَْتنِم ْوَجُ ّد وَسبَا ِر ْ
وَسِبْر مُس ْبِرعًا فالوتُب خَ ْلفَكَب مُس ْبِرعًا
378
إيقاظ أول المم العالية
عن النعمان بن بشي أنه قال :سعتُ رسول ال يقول« :إن الل َل بيّ ٌن وإن
الرا َم َبيّ نٌ ،وبَْيَنهُمَا أمُورٌ مشتبها تٌ ل َيعْل َمهُنّ كثيٌ مَن الناس فَمَن اَتقَى الشُبها تِ
شبَهَا تِ وَقَع ف الَرِام كالراعي يَ ْرعَى فَقَد ا سَْتبْرَأ لِ ِدْينِ ِه وعِرْضِ هِ ،ومَن وَقَ عَ ف ال ُ
ِكب حَمبى أل وإن حِمىَ ال َعب فيبه ،أل وَإن لِكُل َمل ٍ ِكب أن يَ ْرت َ
َحوْ َل الِمَى ُي ْوش ُ
صلَح الَ سَدُ كُلُه ،وإذا فَ سَدَتْ حتْ َ صلَ َض َغةً إذا َ
مَحَارِمُه ،أل وإنّ ف الَ سَد ُم ْ
فَسَ َد الَسَدُ كُلُه أل وَهي القَ ْلبُ» رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس أن البن وجد ترةً ف الطريق ،فقال« :لول أن أخاف أَ نْ َت ُكوْ نَ
مِن الصدقِة لكَ ْلُتهَا» متفق عليه.
و عن عُق بة بن الارث« :أن هُ تزوّج ابنةً ل ب إهاب فأت ته امرأة ،فقالت :إ ن
ت عق بة وال ت تزوّج ب ا ،فقال عُق بة :ما أعل مُ أ نك أرضعت ن ول أ خبتِن، أرضع ُ
ف وقَد قِيل؟» فركب إل رسول ال بالدينة ،فسأله ،فقال رسول ال َ « :كيْ َ
حتْ زوجًا غيه» رواه البخاري. ففارَقهَا ُعقَْب ُة ونك َ
وعن السن بن علي ب رضي ال عنهما ب أنه قال :حفظ تُ من رسول ال
« :دَ عْ ما يَريْبُك إل ما ل َي ِريْبُك» رواه الترمذي ،ومعناه :اتْرُ كْ ما تش كُ ف يه
وخُ ْذ ما ل تَشُكُ فيه.
وعن عائشة ب رضي ال عنها ب أنا قالت« :كان لب بكر الصديق غُلمٌ
يُخر جُ له الراج ،فجاءه يومًا بش يء فأ كل م نه أبُو بكرٍ ،فقال الغلم :تدري ما
ت لنسان ف الاهلية ،فأعطان هذا؟ فقال أبو بكر :وما هو؟ فقالُ :كنْ تُ تَكهَنْ ُ
لذلك (أي لجْلِ) َت َكهّ ن هذا الذي أكل تَ م نه ،فأد خل أ بو ب كر يد هُ فقاءَ ما ف
بطنه» رواه البخاري.
و عن نا فع أن ع مر بن الطاب كان فر ضَ للمهاجر ين الول ي أرب عة آلف
وفرض لبنه عبدال ثلثة آلف فقط ،فقِيلَ لعُمر :ابنُكَ من الُهاجرين ،فلِ َم نقصتَهُ
ال ّربُعَ ،فقال« :إنا هاجر به أبُوهُ» أي ليس كمنَ هاجر بنفْسِهِ.
379
إيقاظ أول المم العالية
ل وار َتعْتُهاوعن عبدال بن عمر ب رضي ال عنهما ب أنه قال :اشتري تُ إب ً
إل المبى فلمبا سَمَنتْ ق ِدمْ تُ ب ا ،قال :فد خل عُمرُ السبوق فرأى إبلً سانًا،
فقال :لِمَن هذه؟ فقيل :لعبدال ابن عمر ،فجعل يقول :يا عبدال بَ ٍخ بَ ٍخ ابن أمي
الؤمني.
قال :فجئته اسعى ،فقُل تُ :مالك يا أمي الؤمني؟ قال :ما هذه البل؟ فقُل تُ:
ت ب ا إل ال مى أبت غي ما يبت غي ال سلمون ،قال :فقال: إبلٌ هزيلة اشتريت ها وبعث ُ
ارعَوا إبل اب ِن أمي الؤمنيُ ،أ ْسقُوا إبل ابن أميِ الؤمني.
يا عبدال بن عُمر ،أغْدُ على رأسِ مالك واجعلْ باقيه ف بيت مال السلمي.
وره َن الما مُ أحدُ سطلً له ع ند بقّالٍ ب كة ،فل ما أراد فكاك هُ أخرج البقالُ
سَطْلَي ،وقالُ :خذْ سطلكَ ،فقال أحد :أشكل عليّ سطلي ل أدري أيّهُما؟ هو
لك والدرا هم لك ،فقال البقال :سطلُك هذا وأشار إل أحده ا ،وقال :أرد تُ أن
أجَ ّربَكَ أيْ أخت ُبكَ ،فقال :ل آخُذُه وترَكَهُ عنَده.
ّهب على قلمب اسبتعا َرهُ ليُد ُ
بنب البارك م ِن مَ ْروْ إل الشام فب ٍ ورجعب عبدُال ُ َ
صاحبه ،وحُمِلَ إل عُمر بن عبدالعزيز مِ سْكٌ من الغنائم فلما أدخله إل بيت الال
َأمْسَكَ بأنفه ،وقال :إنا يُنتفع منه بريْحِ ِه وأنا أكر ُه أنْ أجدَ ريَهُ ُدوْن السلمي.
شعرًا:
با غَيُ دَاءِ ال ّذنْب بِ مِبن أَ ْدوَائِه بِ
القَلْبببُ أَعْلَمببُ يببا عَ ُذوْ ُل بِدَائِهببِ مب
ب مِنكببَ َب ْفنِهببِ وبِمائِهببِ ب أَ ُخ ْو التُقَبى وأَحَقّب ب َأوْلَى مَبا َبكَاه ُوال ّذنْب ُ
ب وس بَمائِهِ بيَ ّن عَواذِلِي قَس بَمًا بِه بِ ف ب أرْضِه ِ فَومَنببْ أُحِبّبب َلعَصب ْ
ب إذا َب َكىَ إنّبب الَلمةَ فِيهببِ مِببن أعْدَائِهببِ ب أَخَبا ال ُذنُوب ِ مِبن ذَا يَلُوم ُ
ب الفُؤا ُد و ِعيْدَه بُ ورَجَبا َمثُوَبتَهببُ وحُسببْنَ َجزَائِهببِ َفوَحِقّب مَبن خَاف َ
بوَائِهِ
بس ِ ب نَظْمِبي فب مَدِيح ٍ ُسبنَ الثّن َا ِببَدِيع ٍ
ّنب يَرتَض ِي ح ْ ِنتب مِم ْ
مبا ك ُ
بَمِائِهِ بقْفِ سب بيْ َطةَ ِل ْلوَرَى ُفرُشًبا وتَوّجَهَبا بِسبِ ط البَس ِبَ مَبن ذَا الذي بَس َ
السبمَا تَجْري بَتقْدِيرٍ على أَ ْرجَائِهببببببِ بالشمسب فب أُفُق َِ مَن ذَا أَتَى
380
إيقاظ أول المم العالية
ل والذِي رَفَعببَ السببّمَا بَِبنَائِهببِ ضيَا ًء نَافِعًببا
بوّاهَا ِببواهُ س ب َ أَسب
ببْحَ ُه – ِبضِيائِهببِ َليْلٌ فَشَابَهببَ صب ُ ب القَمَ َر الُنِي ب إذَا دَجَبى مَبن أطلع َ
وَأتَتبْ قِصبَارًا عندَ فَصبْ ِل شِتائِهبِ مَببن َطوّ َل اليامببَ عن َد مَصببْي ِفهَا
ب ِببّرهببِ وعَطائِهببِ وكَفَبى الَمِيعبَ ب كُلّهَبا ب الَلئِق َمَبن ذَا الذي َخلَق َ
ب يَمْتصبّ ِطيْببَ غِذَائِهبِ مِبن أمّه ِ ب َمعَاشَهبببُ ضيْعبب ِ وأدَرّ لِل ّطفْلِ الرّ ِ
ب وندائِهبببِ إحْسبببَانَ ُه بِنَوالِهبب ِ اللهب وقَدْ َرأَى
ْحب مبن َيعْصبِي ِ يبا َوي َ
بِ ب أ ْرجَائِهب
بُ فب بيْ ُح البُومب خِ ْلوًا تَصبِ ّنب َخلَا و َرأَى مَسبَاكِ َن م َن عَصبَى مِم ْ
ب ب فب علوائِه ِ ب شَاهَدْت َ وانْظُرْ لِمَن ْ ودَع الِبابَر َة الكَاسببببببِرَةاللَي
ختَا ُل َبيْنببَ ِجيُوشِهببِ وِلوَائِهببِ يَ ْ ب مِبن مَلِك غَدَا َتب عَينَاك َ
كبم شَاهَد ْ
ب َقتْهُ ُمرّ السببّمِ فبب َحلْوائِهببِ وَسبَ با كُؤوس بًا ُحلْوةً مَلت بْ لَه بُ الدُنيب
ب بِدائِهببِ ب َو ّمتَ َعتْهب ُهِيببَ طَّل َقتْهب ُ با اخْتيارًا إنّمببا مببا طَلّقببَ ال ُدنْيَب
بكْنَا ُه وبَيْتببَ بَلئِهببِ حدَ سب ُ واللّ ْ َجعَلتببْ له الكفانببَ كِسببْو َة عُ ّدةٍ
ب
ب فب أَحْشَائِه ِ ب حَشَاه ُ َحتّىب تكون َ ضمّهببِ با فبب ِ شفِقًب ويَضُمّهببُ ل مُ ْ
حجَا َر ٍة وبِ ِطيَْنةٍ وبَائِهببببببببِ بِ ِ بن أهلِهبِ ب عب وهُنَاكبَ يُغْلَقبُ لَحْدُه ُ
بوَائِهِ
ب سبُؤالِ س ِ ب ل عَن ْ عبن ِدْينِه ِ بؤَالِهِ ويَ ُزوْرُهببُ الََلكَانببِ قَصببْدَ سبُ
بِ ب وَقفَائِهب
ب وَ ْجهِهبِ بُ فبضرْبًبا لَهب َ ِيب أَ ْقبِلَسبتُ» أَ ْدر ْ
َابب ببب «ل ْ فإذا أج َ
ضيْقببٍ لِطُولِ عَنَائِهببِ ويُقيمببُ فبب ِ ب ِبقَعْببر َج َهنّم ببٍ ى َمنَازلَه ب ُ ويَر َ
عِن َد امْتِحَان العَب ِد َتحْتببَ ثَرَائِهببِ يببا ربّبب ثبّتْنَببا ب َقوْ ٍل ثابتببِ
وِبكُُتبْهبببِ وِبَبعْثِهبببِ وِلقَائِهبببِ با ُم ْؤمَنببٌ ِالِ ب ثُمّ ب بِرُسببْلِهِ أَنَب
واللِ أهلِ البيتبببِ أهلِ كِسبببَائِهِ حمّدٍ ثبب الصببلةُ على الرسببو ِل مُ َ
الل هم إ نا ن سألُك حيا ًة طيبةً ،ونف سًا تقيةً ،وعيشةٍ نق ية ،وميتةً سويّة ،ومردًا
غي مُخزي ول فاضح.
اللهم اجعلنا من أهل الصلح والنجاة والفلح ،ومن الؤيدين بنصرك وتأييدك
ورضاك يا رب العالي.
381
إيقاظ أول المم العالية
نعُ الُ ْلكَ مِمّن تَشَاءُ َوُتعِزّ مَن تَشَاءُ
اللّ ُهمّ مَالِكَ الُ ْلكِ تُ ْؤتِي ا ُل ْلكَ مَن تَشَاءُ َوتَ ِ
َوُتذِلّ مَن تَشَاءُ بَِيدِكَ الَيْرُ إِّنكَ عَلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ .
يا ودُودُ يا ذا العرش الج يد يا مُبديءُ يا مع يد يا فعا ٌل ل ا تر يد ن سألك بنور
ت ب ا على ج يع خلق كَ وج هك الذي مل أركان عر شك وبقدر تك ال ت قدر َ
وبرحتك الت و ِسعَت كل شيء ل إله إل أنت أن تغفر ذُنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلا
لنا بسنات إنك جوادٌ كري رؤوف رحيم.
الل هم اف تح لدعائ نا باب القبول والجا بة واغ فر ل نا ولوالدينا وجيع ال سلمي
برحتك يا أرحم الراحي.
وصل ال على ممد وآله وصحبه أجعي.
383
إيقاظ أول المم العالية
فقال :مال وللدن يا ما أ نا ف الدن يا إل كرا كب أ ستظل ت ت شجرة ث راح
وتركها ،رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه.
قال ع مر بن الطاب :دخلت على ر سول ال و هو على ح صي فجل ستُ
فإذا عليه إزا ُرهُ وليس عليه غيه وإذا الصيُ قد أثّرَ ف َجْنبِهِ.
وإذا أنا بقبضةٍ من شعي نو الصاع وقرظ ف ناحية الغرفة ،وإذا أهاب معلق
(الهاب :اللد) فابتدرت عيناي.
فقال« :ما يُبكيك يا ابن الطاب؟» فقل تُ :يا نب ال ،وما ل ل أبكي وهذا
الصي قد أثر ف جنبك ،وهذه خزانتُك ل أرى إل ما أرى.
وذاك كسرى وقيصر ف الثمار والنار وأنت نب ال وصفوتُه وهذه خزانتك.
قال « :يا بن الطاب ،أ ما تر ضى أن تكون ل نا الخرة ول م الدن يا» رواه ا بن
ماجه بإسناد صحيح ،والاكم ،وقال :على شرط مسلم.
وروي عبن جابر قال :حضرنبا عرس علي وفاطمبة ،فمبا كان عرسبًا كان
أح سن م نه حشو نا الفراش يع ن من الل يف ،وأوتي نا بت مر وز يت فأكل نا وكان
فراشها ليلة عرسها إهاب كبش ،رواه البزار .الهاب :اللد.
ت فاط مة ،و ما ل ا ول فراش عن عا مر الش عب قال :قال علي :ل قد تزوج ُ
غ ي جلد ك بش ننام عل يه بالل يل ونعلف عل يه النا ضح بالنهار ،و ما ل ول ا خادم
غيها.
وعن علي أن رسول ال لا زوّجَ هُ فاطمة بعث معها بميلة ووسادة أدم
حشوها ليف ورَ َحَييْن وسقا ِء وج ّرتَي.
فقال علي لفاطمة ذات يوم :وال َسَنوْتُ حت اشتكي تُ صدري (العن تعب تُ
من إخراج الاء من البئر) و قد جاء ال ب سب فاذ هب فا ستخد ِميْهِ (أي اطلُ ب م نه
خادمًا).
384
إيقاظ أول المم العالية
فقالت :وأ نا وال ل قد طحنْ تُ ح ت مل تْ يدي من الع مل ،فأ تت ال نب ،
حَيتْ ي ُبَنيّة؟» قالت :جئت لسلمَ عليك واست َ فقال« :ما جا َء بِكِ ومَا حَا َجتَكِ أ ْ
أ َن تَسْألَهُ فَر َج َعتْ.
فقال علي :ما فعل تِ؟ قالت :استحييتُ أن أسأله ،فأتياه جيعًا ،فقال عليّ :يا
رسول ال ،وال لقد سنوتُ حت اشتكيتُ صدري.
وقالت فاطمة :لقد طحن تُ حت مل تْ يداي ،وقد جاء كَ ال عز وجل بسب
وسعة فأخد ْمنَا.
ص ّفةِ تطْوى بُطونُ هم ل أجدُ ما أن فق فقال« :وال ل أعْ ِطيْكُمَا وَأدَ عُ أ هل ال ّ
عليهم ،ولكن أبيعهم وأنفق عليهم».
شفَ تْ فرجعا ،وأتاها النب ،وقد دخل ف قطيفتهما إذا غَطَيا ُرؤُ َسهُمَا تكَ ّ
ش َفتْ رُؤسُهما فثارا ،فقالَ « :مكَانكما».
أقدامُهما ،وإذا غَ َطيَا أقدامَهما تكَ ّ
ث قال« :أل أخبكما بيٍ ما سألتمان؟» قال :بلىَ ،قال« :كلمات عَلّ َمِنْيهُنّ
جبْري َل تُ سبحّانِ ف ُدبُرِ كُلّ صَل ٍة ع شر وتَحْمَدا ِن عَشْرَا ،وُت َكبّرا نِ عشرَا ،وإذَا
أوْيتُ ما إل فرا ِشكُ ما ،ف سبحا ثلثًا وثلث ي ،وأحدا ثلثًا وثلث ي ،و كبا أربعًا
وثلثي» ،قال :فوال ما تَر ْكُتهُ ّن منذ عَلمنْيهُنّ رسول ال .
ل يقول :الل هم أ ن أ سألك بأ ن أش هد أن كَ عن بريدة قال :سع ال نب ر ُج ً
أنتب ال ل إله إل أنبت الحبد الصبمد الذي ل يلد ول يولد ول يكبن له كفوًا َ
أحد.
فقال رسول ال « :والذي نفسي بيده لقد سأل ال باسه العظم الذي إذا
دعي به أجاب ،وإذا سُئل به أعطى» أخرجه أبو داود والترمذي.
وعن أنس قال :دعا رجل ،فقال :اللهم إن أسألك بأن لك المد ل إله إل
أنت النان النان بديع السموات والرض ذو اللل والكرام يا حي يا قيوم.
385
إيقاظ أول المم العالية
فقال النبب « :أتدرون باب دعبا؟» قالوا :ال ورسبوله أعلم ،قال« :والذي
نفسبي بيده ل قد د عا ال با سه الع ظم الذي إذا دُ عي به أجاب ،وإذا سُئل به
سنَن.
أعطى» أخرجه أصحاب ال ّ
عن سعد بن أ ب وقاص قال :قال ر سول ال « :دعوة ذي النون إذْ دَعَى
وهو ف بطن الوت :ل إله إل أنت ُسبْحَانَكَ إن كنت من الظالي ،فإنه ل يدع
ب ا ر جل م سلم ف ش يء قط إل ا ستجاب له» رواه الترمذي والن سائي والا كم،
وقال :صحيح السناد.
وعن معاوية بن أب سُفيان قال :سعتُ رسول ال يقول« :من َدعَا بؤلء
الكلمات المبس ل يسبأل ال شيئًا إل أعطاه :ل إله إل ال وال أكبب ،ل إله إل
ال وحده ل شريك له له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير ،ل إله إل ال
ول حول ول قوة إل بال» رواه الطبان بإسناد حسن.
ل وهو يقول« :يا ذا اللل وعن معاذ بن جبل ،قال :سع رسول ال رج ً
جْيبَ لَكَ فَسَلْ» رواه الترمذي. والكرام» ،فقال« :قد اسْتُ ِ
الل هم اجعل نا مُكثر ين لذكرك مُؤدّيْن لقّ ك حافظ ي لمرك راج ي ِل َوعْدِ كَ
راضيٍ ف جيع حالتنا عَنك.
راغبي ف كُلّ أمُورنا إليك مُؤمّليَ لِفضْلِك شاكرين ِلنِعَمِك.
ف عنا ،وأحسِنْ إلينا. يا مَن يب العفو والحسان ،ويأمر بما أع ُ
فإنك بالذي أنت له أهلٌ من عَفوك أحق منا بالذي نن له أهل مِن ُعقُوبتك.
الل هم ث بت رجاءك ف قلوب نا ،واقط عه عَمّ نْ ِسوَاك ،ح ت ل نرجُوا غيك ول
نستعي إل إياك ،يا أرحم الراحي ،ويا أكرم الكرمي.
اللهبم هبب لنبا اليقيب والعافيبة ،وإخلص التوكبل عليبك ،والسبتغناء عبن
خلقك.
واجعل خي أعمالنا ما قارب آجالنا.
386
إيقاظ أول المم العالية
اللهبم أغننبا باب وفقتنبا له مبن العلم ،وزينبا باللم وأكرمنبا بالتقوى وجّلْنَا
بالعافية.
ب طاعتَك وطاعةَ رسبولك ووفقنبا اللهبم افتبح مسبامع قلوبنبا لذكرك وارزُقن ا
للعمل بكتابك وسّنة رسولك.
اللهم إنا نسألك الدى ،والتّقّى والعافية والغن ،ونعوذ بك من درك الشقاءِ،
ومن جهد البلء ومن سوء القضاء ومن شاتة العداء.
اللهم لك المدُ ُكلّه ،ولك الل كَ ُكلّه ،وبيدك الي كله ،وإليك يرجع المر
كله علنيته وسره ،أه ُل المد والثناء أنت ،ل إله إل أنت سُبحانك إنك على كل
شيء قدير.
اللهم اغفر لنا جيع ما سلف منا من الذنوب ،واعصمنا فيما بقي من أعمارنا،
ووفقنا لعمل صال ترضى به عنا.
اللهم يا سامع كل صوت ،ويا بارئ النفوس بعد الوت ،يا من ل تشتب هُ عليه
الصوات يا عظيم الشأن ،يا واضح البهان ،يا مَن هو كل يوم ف شأن ،اغفر لنا
ذنوبنا إنكَ أنت الغفور الرحيم.
اللهم يا عظيم العفو ،يا واسع الغفرة ،يا قريب الرحة ،يا ذا اللل والكرام،
هب لنا العافية ف الدنيا والخرة.
الل هم يا حيّ و يا قيّوم ف ّرغْنَا ل ا خَل ْقتَنَا له ،ول تُشغل نا ب ا تكَفّلْ تَ ل نا به،
ويشاكب حق ّ
َ ويقنعب بعطائك،
ُ يؤمنب بلقائك ،ويرضبى بقضائك واجعلنبا منب ُ
خشيتِك.
ت بنا أحدًا. اللهم اجعل رزقنا رغدًا ،ول تشم ْ
الل هم ر ّغبْنَا في ما يب قى ،وزهد نا في ما يف ن ،و هب ل نا اليق ي الذي ل ت سكن
النفوس إل إليه ،ول يُعوّلُ ف الدين عليه.
387
إيقاظ أول المم العالية
اللهم إنا نسألك بعزك الذي ل يُرام وملكك الذي ل يُضام وبنورك الذي مل
أركان عرشك أن تكفينا شر ما أهنا وما ل نتم به وأن تعيذنا من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا.
اللهم يا عليم يا حليم يا قوي يا عزيز يا ذا الن والعطا والعز والكبياء ،يا مَن
تغُنوْا له الوجُوه وتشع له الصوات.
وفقنا لصال العمال وأكفنا بللك عن حرامك وبفضلك عمن سواك إنك
على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألك رحةً من عندك تدي با قُلُوبنَا ،وتم ُع با شلنا ،وتل ُم با
ظ ب ا غائب نا ،وتز كي ب ا أعمال نا ،وتلهم نا ب ا
شعث نا ،وتر فع ب ا شاهد نا ،وتف ُ
رشدنا ،وتعصمنا با من كل سوء يا أرحم الراحي.
الل هم ارزق نا من فضلك ،وأكف نا شر خل قك ،وأح فظ علي نا دين نا و صحة
أبداننا.
اللهم يا هادي الضلي ويا راحم الذنبي ،و ُمقِيْ َل عثرات العاثرين ،نسألك أن
ت علي هم من ال نبيي وال صديقي والشهداء تُلحق نا بعبادك ال صالي الذ ين أنعم َ
والصالي آمي يا رب العالي.
اللهم يا عال الفيات ،ويا رفيع الدرجات ،يا غفر الذنب وقابل التوب شديد
العقاب ذي الطول ل إله إل أنت إليك الصي.
وأرأفب
َ نسبألك أن تذيقنبا برد عفوك ،وحلوة رحتبك ،يبا أرحبم الراحيب
الرائفي وأكرم الكرمي.
اللهم اعتقنا من رقّ ال ُذنُو بْ ،وخلّصنا من أشر النّفوس ،وأذهب عنا وحشة
الساءة ،وطهّرنا من دنس الذنوب ،وباع ْد بيننا وبي الطايا وأجرْنا من الشيطان
الرجيم.
اللهم طيبنا للقائِكْ ،وأه ْلنَا لولئِكْ وأدخلنا مع الرحُومي من أوليائك ،وتوفنا
مُسلمي وألقنا بالصالي.
388
إيقاظ أول المم العالية
اللهم أعنّا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتِ كْ ،وتلوةِ ِكتَابِكْن واجعَ ْلنَا من
ت عليهم من حزبك الُفلحي ،وأيدنا بنْدِك النصوري ،وازر ْقنَا مُرافقة الذين أنعم َ
النبيي والصديقي والشهداء والصالي.
اللهم يا فالق الب والنّوى ،يا ُمنْشِئ الجسادِ بع َد البلَى ،يا ُمؤْ يْ النقطعي
إل يه ،يا كا ف التُوكّل ي عل يه ،انق طع الرّجَاءُ إل ِمنْ كْ ،وخا بت الظُنُون إل فيْ كْ،
ّكب
َليكب نسبألُك أن تُمطبر ملَ ُقلُوبِن َا مبن سبحائب بر ْ ُفب العتماد إل ع ْ وضع َ
ك وأن توفقنا لِوجبات رحتك وعزائِ مَ مغفرتك إن كَ جواد كري رؤوف وإحسانِ ْ
غفور رحيم.
الل هم إنّ ا ن سألك قلبًا سليمًا ،ول سانًا صادقًا ،وعملً متقبلً ،ون سألك بر كة
الياة وخي الياة ،ونعوذ بك من شر الياة ،وشر الوفاة.
اللهُمّ إنا نسألك باسك العظم الغرّ الجلّ الكرم الذي إذا دُعيت به أجبت
ت به أعطْيتَ. وإذا ُسئِ ْل َ
ونسألُك بوجه كَ الكريِ أكرم الوجُوه ،يا من عَنَ تْ ل ُه الوجو هُ ،وخضع تْ ل هُ
الرقاب ،وخشعتْ ل ُه الصواتُ ،يا ذا الل ِل والكرام.
يا حيّ يا قيّو مُ ،يا مالك اللك ،يا من ُهوَ على كُ ّل شيءٍ قديْرٌ ،وب كل شيءٍ
ك نستغيْث ،ومِن عذابِكَ نستجي. عليمِ ،ل إله إل أْنتَ ،برحْمِت َ
شقِنَا بِ َم ْعصِيتَك.
اللهم اجعلنا نشاكَ حتّى كأننا نَراكَ ،واسْعِدْنا بتقْواك ،ول تُ ْ
اللهم إنك تسم ُع كلمنا ،وترى مكاننا ،وتعلم سرنا وعلنيتنا ل يفى عليك
شيءٌ مبن أمرنبا ننب البؤسبا ُء الفُقراءُ إليبك ،الُسبْتغيثُون الُسبتجيون الوجلُون
الشفقُون العترفُون ب ُذنُوبنا.
ن سألك م سألة ال سكي ،ونبتهلُ إل يك ابتهالَ الذن بِ الذّليْل ،وند ُعوْك دُعاء
الائف الضرير.
الل هم يا من خضع تْ ل هُ رقابِنَا ،وفاضَ تْ له ُعباراتُنَا ،وذَلّت له أج سامنا،
ورغمتْ ل ُه أنوُفنَا ل تعلنا بدُعائك أشقياء ،وكن بنا رؤوفًا يا خي السئولي.
389
إيقاظ أول المم العالية
َعب
ِكب وترضَى بقضائِكبْ ،وَت ْقن ُ ُؤمنب بلقائ ْ
اللهبم إنبا نسبألُك نفسبًا مطمئنةً ،ت ُ
بعطائكْ ،يا أرأف الرائفي ،وأرحم الراحي.
ص ْدقَ التوك ِل عليكْ،
حبّه مِن العمالِ ،ونسألُك ِ ك التوفيق لا ُت ِ اللهم إنا نسألُ َ
وحُسْنَ الظّنّ بك يا ربّ العالي.
خبِتي ،الغُ ّر الُحَجّلِي الوَفْ ِد الَُت َقبّلِي.
اللهم اجعلنا مِن عبا ِد َك الُ ْ
اللهم إنا نسألُك حياةً طيبةً ،ونفسًا تقيّة ،وعيش ٍة نقية ،وميتةً سوية ،ومردًا غي
مُخزي ول فاضح.
اللهبم اجعلنبا مبن أهبل الصبلح والنجاح والفلح ،ومبن الؤيديبن بنصبرك
وتأييدك ورضاك يا رب العالي.
نعُ الُ ْلكَ مِمّن تَشَاءُ َوُتعِزّ مَن تَشَاءُ
اللّ ُهمّ مَالِكَ الُ ْلكِ تُ ْؤتِي ا ُل ْلكَ مَن تَشَاءُ َوتَ ِ
َوُتذِلّ مَن تَشَاءُ بَِيدِكَ الَيْرُ إِّنكَ عَلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ .
يا وَ ُد ْودُ يا ذا العرش الج يد يا ُمبْدِئُ يا مُع يد ،يا فعا ٌل ل ا تُر يد ن سألك بنور
وجهبك الذي مل أركان عرشبك وبقدرتبك التب قدرت باب على جيبع خلقبك
وبرحتك الت وسعت كل شيء ل إله إل أنت أن تغفر ذنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلا
لنا بسنات إنك جوادٌ كري رؤوفٌ رحيم.
اللهم افتح لدعائنا باب القبول والجابة ،واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي
برحتك يا أرحم الراحي.
وصل ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
عبدالعزيز بن ممد بن سلمان.
390