Professional Documents
Culture Documents
ابن رشد
فقال ابيين القاسييم :ل يلزمييه ،وقال غيره ميين أصييحابه يلزمييه.
وفروع هذا الباب كثيرة ،وليس قصدنا التفريع في هذا الكتاب.
*(*3الجملة الثانية :وهي النظر في أحكام الطوارئ)
**3الفصل الول منه ،وهو النظر في الفسوخ.
@-فنقول :إن الفقهاء اختلفوا فيي عقيد الجارة؛ فذهيب الجمهور
إلى أنيه عقيد لزم ،وحكيي عين قوم أنيه عقيد جائز تشبيهيا بالجعيل
والشركيية .والذييين قالوا إنيه عقييد لزم اختلفوا فيميا ينفسييخ بيه؛
فذهيب جماعية فقهاء المصيار مالك والشافعيي وسيفيان الثوري
وأبييو ثور وغيرهييم إلى أنييه ل ينفسييخ إل بمييا تنفسييخ بييه العقود
اللزمة من وجود العيب بها أو ذهاب محل استيفاء المنفعة .وقال
أبيو حنيفية وأصيحابه :يجوز فسيخ عقيد الجارة للعذر الطارئ على
المستأجر ،مثل أن يكري دكانا يتجر فيه فيحترق متاعه أو يسرق.
وعمدة الجمهور قوله تعالى {أوفوا بالعقود} لن الكراء عقيييييييد
على منافيع فأشبيه النكاح ،ولنيه عقيد على معاوضية فلم ينفسيخ
أصيله البييع .وعمدة أبيي حنيفية أنيه شبيه ذهاب ميا بيه تسيتوفي
المنفعية بذهاب العيين التيي فيهيا المنفعية .وقيد اختلف قول مالك
إذا كان الكراء فيي غيير مخصيوص على اسيتيفاء منفعية مين جنيس
مخصوص؛ فقال عبد الوهاب الظاهر من مذهب أصحابنا أن محل
ا ستيفاء المنافع ل يتعين في الجارة ،وإن عين فذلك كالوصف ل
ينفسيخ بيبيعه أو ذهابيه ،بخلف العيين المسيتأجرة إذا تلفيت قال:
وذلك مثيل أن يسيتأجر على رعايية غنيم بأعيانهيا أو خياطية قمييص
بعينيييه فتهلك الغنيييم ويحترق الثوب فل ينفسيييخ العقيييد ،وعلى
المسيتأجر أن يأتيي بغنيم مثلهيا ليرعاهيا أو قمييص مثله ليخيطيه،
قال :وقيد قييل إنهيا تتعيين بالتعييين فينفسيخ العقيد بتلف المحيل.
وقال بعيض المتأخريين :إن ذلك لييس اختلفيا فيي المذهيب وإنميا
ذلك على قسييمين :أحدهمييا أن يكون المحييل المعييين لسييتيفاء
المنافع مما تقصد عينه أو مما ل تقصد عينه ،فإن كان مما تقصد
عينيه انفسيخت الجارة كالظئر إذا مات الطفيل ،وإن كان مميا ل
يقصيد عينيه لم تنفسيخ الجارة على رعايية الغنيم أو بييع طعام فيي
حانوت وما أشبه ذلك .واشتراط ابين القاسيم فيي المدونة أنه إذا
اسيتأجر على غنيم بأعيانهيا فإنيه ل يجوز إل أن يشترط الخلف هيو
التفات منه إلى أنها تنفسخ بذهاب محل استيفاء المعين ،لكن لما
رأى التلف سييائقا إلى الفسييخ رأى أنييه ميين باب الغرر ،فلم يجييز
الكراء علي ها إل باشتراط الخلف .ومن نحو هذا اختلفهم في هل
ينفسيخ الكراء بموت أحيد المتعاقديين :أعنيي المكري والمكتري؛
فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور :ل ينفسخ ويورث
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عقد الكراء؛ وقال أبو حنيفة والثوري والليث :ينفسخ .وعمدة من
لم يقييل بالفسييخ أنييه عقييد معاوضيية ،فلم ينفسييخ بموت أحييد
المتعاقدييين أصييله البيييع .وعمدة الحنفييية أن الموت نقلة لصييل
الرقبية المكتراة مين ملك إلى ملك ،فوجيب أن يبطيل أصيله البييع
فيي العيين المسيتأجرة مدة طويلة :أعنيي أنيه ل يجوز فلميا كان ل
يجتميع العقدان معيا غلب ههنيا انتقال الملك وإل بقيي الملك لييس
له وارث ،وذلك خلف الجماع ،وربميييييا شبهوا الجارة بالنكاح إذ
كان كلهما استيفاء منافع ،والنكاح يبطل بالموت وهو بعيد ،وربما
احتجوا على المالكيييية فقيييط بأن الجرة عندهيييم تسيييتحق جزءا
فجزءا بقدر ميا يقبيض مين المنفعية ،قالوا :وإن كان هذا هكذا فإن
مات المالك وبقيييت الجارة ،فإن المسييتأجر يسييتوفي فييي ملك
الوارث حقا بموجب عقد في غير ملك العاقد وذلك ل يصح ،وإن
مات المستأجر فتكون الجرة مستحقة عليه بعد موته ،والميت ل
يثبيت علييه ديين بإجماع بعيد موتيه .وأميا الشافعيية فل يلزمهيم هذا
لن اسيتيفاء الجرة يجيب عندهيم بنفيس العقيد على ميا سيلف مين
ذلك ،وعنييد مالك أن أرض المطيير إذا أكريييت فمنييع القحييط ميين
زراعتهيييا أو زرعهيييا فلم ينبيييت الزرع لمكان القحيييط أن الكراء
ينفسخ ،وكذلك إذا استعذرت بالمطر حتى انقضى زمن الزراعة،
فلم يتمكين المكتري مين أن يزرعهيا وسيائر الجوائح التيي تصييب
الزرع ل يحط عنه من الكراء شيء ،وعنده أن الكراء الذي يتعلق
بوقت ما أنه إن كان ذلك الوقت مقصودا مثل كراء الرواحل في
أيام الحيج فغاب المكري عين ذلك الوقيت أ نه ينفسخ الكراء .وأميا
إن لم يكيين الوقييت مقصييودا فإنييه ل ينفسييخ ،هذا كله عنده فييي
الكراء الذي يكون فيي العيان .فأميا الكراء الذي يكون فيي الذمية
فإنه ل ينفسخ عنده بذهاب العين التي قبض المستأجر ليستوفي
منها المنفعة إذ كان لم ينعقد الكراء على عين بعينها وإنما انعقد
على موصيوف فيي الذمية .وفروع هذا الباب كثيرة ،وأصيوله هيي
هذه التي ذكرناها.
**3الفصل الثاني وهو النظر في الضمان.
@-والضمان عنييييييد الفقهاء على وجهييييييين :بالتعدي ،أو لمكان
المصيييلحة وحفيييظ الموال .فأميييا بالتعدي فيجيييب على المكري
باتفاق ،والخلف إنمييا هييو فييي نوع التعدي الذي يوجييب ذلك أو ل
يوجبييه وفييي قدره؛ فميين ذلك اختلف العلماء فييي القضاء فيميين
اكترى دابييية إلى موضيييع ميييا فتعدى بهيييا إلى موضيييع زائد على
الموضيع الذي انعقيد علييه الكراء ،فقال الشافعيي وأحميد :علييه
الكراء الذي التزمه إلى المسافة المشترطة ،ومثل كراء المسافة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
التي تعدى فيها؛ وقال مالك :رب الدابة بالخيار في أن يأخذ كراء
دابته في المسافة التي تعدى فيها أو يضمن له قيمة الدابة؛ وقال
أبيو حنيفية :ل كراء علييه فيي المسيافة المتعداة ،ول خلف أنهيا إذا
تلفيت فيي المسيافة المتعداة أنيه ضامين لهيا .فعمدة الشافعيي أنيه
تعدى على المنفعية فلزميه أجرة المثيل أصيله التعدي على سيائر
المنافيع .وأميا مالك فكأنيه لميا حبيس الدابية عين أسيواقها رأى أنيه
قيد تعدى عليهيا فيهيا نفسيها فشبهيه بالغاصيب ،وفييه ضعيف .وأميا
مذهييب أبييي حنيفيية فبعيييد جدا عمييا تقتضيييه الصييول الشرعييية،
والقرب إلى الصيول فيي هذه المسيألة هيو قول الشافعيي .وعنيد
مالك أن عثار الدابية لو كانيت عثور تعيد مين صياحب الدابية يضمين
بهييا الحمييل ،وكذلك إن كانييت الحبال رثيية ،ومسييائل هذا الباب
كثيرة .وأميا الذيين اختلفوا فيي ضمانهيم مين غيير تعيد إل مين جهية
المصيلحة فهيم الصيناع ،ول خلف عندهيم أن الجيير لييس بضامين
لمييا هلك عنده ممييا اسييتؤجر عليييه إل أن يتعدى مييا عدا حامييل
الطعام والطحان ،فإن مالكيا ضمنيه ميا هلك عنده ،إل أن تقوم له
بينة على هلكه من غير سببه .وأما تضمين الصناع ما ادعوا هلكه
مين المصينوعات المدفوعية إليهيم ،فإنهيم اختلفوا فيي ذلك ،فقال
مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف :يضمنون ما هلك عندهم ،وقال
أبييو حنيفيية :ل يضميين ميين عمييل بغييير أجيير ول الخاص ،ويضميين
المشترك وميين عمييل بأجيير .وللشافعييي قولن فييي المشترك.
والخاص عندهيم هيو الذي يعميل فيي منزل المسيتأجر ،وقييل هيو
الذي لم ينت صب للناس ،وهو مذهب مالك في الخاص ،وهو عنده
غيير ضامين ،وتحصييل مذهيب مالك على هذا أن الصيانع المشترك
يضمن ،وسواء عمل بأجر أو بغير أجر ،وبتضمين الصناع قال علي
وعمير ،وإن كان قيد اختلف عين علي فيي ذلك .وعمدة مين لم يير
الضمان عليهيم أنيه شبيه الصيانع بالمودع عنده والشرييك والوكييل
وأجير الغنم ومن ضمنه فل دليل له إل النظر إلى المصلحة وسد
الذريعيية .وأمييا ميين فرق بييين أن يعملوا بأجيير أو ل يعملوا بأجيير،
فلن العاميل بغيير أجير إنميا قبيض المعمول لمنفعية صياحبه فقيط
فأشبيه المودع ،وإذا قبض ها بأجير فالمنفعية لكليهميا ،فغلبيت منفعية
القابيض ،أصيله القرض والعاريية عنيد الشافعيي ،وكذلك أيضيا مين
لم ينصيب نفسيه لم يكين فيي تضمينيه سيد ذريعية ،والجيير عنيد
مالك كما قلنا ل يضمن إل أنه استحسن تضمين حامل القوت وما
يجري مجراه ،وكذلك الطحان وميييا عدا غيرهيييم فل يضمييين إل
بالتعدي ،وصياحب الحمام ل يضمين عنده ،هذا هيو المشهور عنيه،
وقد قيل يضمن .وشذ أشهب فضمن الصناع ما قامت البينة على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقييييل بيييل القول قول الصيييانع وقول المكري وإن طال ،وهيييو
الصيل .وإذا اختلف المكري والمكتري أو الجيير والمسيتأجر فيي
مدة الزمان الذي وقييع فيييه اسييتيفاء المنفعيية إذا اتفقييا على أن
المنفعييية لم تسيييتوف فيييي جمييييع الزمان المضروب فيييي ذلك،
فالمشهور فيي المذهيب أن القول قول المكتري والمسيتأجر لنيه
الغارم ،والصييييييييول على أن القول قول الغارم؛ وقال ابيييييييين
الماجشون :القول قول المكتري له والمسييتأجر إذا كانييت العييين
المسيتوفاة منهيا المنافيع فيي قبضهميا مثيل الدار وميا أشبيه ذلك.
وأميا ميا لم يكين فيي قبضيه مثيل الجيير فالقول قول الجيير .ومين
مسائل المذهب المشهورة في هذا الباب اختلف المتكاريين في
الدواب وفيي الرواحيل ،وذلك أن اختلفهميا ل يخلو أن يكون فيي
قدر المسافة أو نوعها ،أو قدر الكراء أو نوعه ،فإن كان اختلفهما
فيييي نوع المسيييافة ،أو فيييي نوع الكراء ،فالتحالف والتفاسيييخ
كاختلف المتبايعين في نوع الثمن ،قال ابن القاسم :انعقد أو لم
ينعقد ،وقال غيره :القول قول رب الدابة إذا انعقد وكان يشبه ما
قال .وإن كان اختلفهما في قدر المسافة ،فإن كان قبل الركوب
أو بعييد ركوب يسييير ،فالتحالف والتفاسييخ ،وإن كان بعييد ركوب
كثيير ،أو بلوغ المسيافة التيي يدعيهيا رب الدابية فالقول قول رب
الدابية فيي المسيافة إن انتقيد وكان يشبيه ميا قال ،وإن لم ينتقيد
وأشبيه قوله تحالفيا ويفسيخ الكراء على أعظيم المسيافتين ،فميا
جعييل منييه للمسييافة التييي ادعاهييا رب الدابيية أعطيييه ،وكذلك إن
انتقيد ولم يشبيه قوله وإن اختلفيا فيي الثمين واتفقيا على المسيافة
فالقول قول المكتري نقد أو لم ينقد لنه مدعى عليه .وإن اختلفا
في المرين جميعا في المسافة والثمن مثل أن يقول رب الدابة
بقرطبية :اكترييت منيك إلى قرمونية بديناريين ويقول المكتري بيل
بدينار إلى إشبيلييية ،فإن كان أيضييا قبييل الركوب أو بعييد ركوب ل
ضرر عليهما في الرجوع تحالفا وتفاسخا ،وإن كان بعد سير كثير
أو بلوغ المسيييافة التيييي يدعيهيييا رب الدابييية ،فإن كان لم ينقيييد
المكتري شيئا كان القول قول رب الدابيية فييي المسييافة ،والقول
قول المكتري في الثمن ،ويغرم من الثمن ما يجب له من قرطبة
إلى قرمونيية ،على أنييه لو كان الكراء بييه إلى إشبيلييية وذلك أنييه
أشبيه قول المكتري ،وإن لم يشبيه ميا قال وأشبيه رب الدابية غرم
ديناريين وإن كان المكتري نقيد الثمين الذي يدعيى أنيه للمسيافة
الكييبرى وأشبييه قول رب الدابيية كان القول قول رب الدابيية فييي
المسيافة ويبقيى له ذلك الثمين الذي قبضيه ل يرجيع علييه بشييء
منيه إذ هيو مدعيي علييه فيي بعضيه ،وهيو يقول :بيل هيو لي وزيادة،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيقبيل قوله فييه لنيه قبضيه ،ول يقبيل قوله فيي الزيادة ،ويسيقط
عنه ما لم يقرب به من المسافة أشبه ما قال أو لم يشبه ،إل أنه
إذا لم يشبييه قسييم الكراء الذي أقيير بييه المكتري على المسييافة
كلهيا ،فيأخيذ رب الدابية مين ذلك ميا ناب المسيافة التيي ادعاهيا،
وهذا القدر كاف في هذا الباب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الجعل.
@-والجعيييل هيييو الجارة على منفعييية مظنون حصيييولها ،مثيييل
مشارطية الطيبيب على البرء والمعلم على الحذاق والناشيد على
وجود العبييد البييق .وقييد اختلف العلماء فييي منعييه وجوازه؛ فقال
مالك :يجوز ذلك في اليسير بشرطين :أحدهما أن ل يضرب لذلك
أجل .والثانيي أن يكون الثمين معلوميا؛ وقال أبيو حنيفية :ل يجوز؛
وللشافعييي قولن وعمدة ميين أجازه قوله تعالى {ولميين جاء بييه
حمل بعير وأنا به زعيم} وإجماع الجمهور على جوازه في الباق
والسييؤال .ومييا جاء فييي الثيير ميين أخييذ الثميين على الرقييية بأم
القرآن ،وقيد تقدم ذلك .وعمدة مين منعيه الغرر الذي فييه قياسيا
على سييائر الجارات ،ول خلف فييي مذهييب مالك أن الجعييل ل
يسيتحق شييء منه إل بتمام العميل وأ نه لييس بعقيد لزم .واختلف
مالك وأصيحابه فيي هذا الباب فيي كراء السيفينة ،هيل هيو جعيل أو
إجارة فقول مالك :لييس لصياحبها كراء إل بعيد البلوغ ،وهيو قول
ابن القاسم ذهابا إلى أن حكمها حكم الجعل .وقال ابن نافع من
أصيييحابه :له قدر ميييا بلغ مييين المسيييافة ،فأجرى حكميييه مجرى
الكراء .وقال أصبغ :إن لجج فهو جعل وإن لم يلجج فهو إجارة له
بحسييب الموضييع الذي وصييل إليييه .والنظيير فييي هذا الباب فييي
جوازه ومحله وشروطه وأحكامه ومحله هو ما كان من الفعال ل
ينتفيع الجاعيل بجزء منيه ،لنيه إذا انتفيع الجاعيل بجزء مميا عميل
الملتزم للجعيل (هكذا بالنسيخ ،ولعله للعميل ،لن الملتزم للجعيل
هيو المنتفيع ،أو تجعيل اللم للعلة ،تأميل ا هيي مصيححه) ،ولم يأت
بالمنفعة التي انعقد الجعل علي ها ،وقلنا على حكم الجعيل إنه إذا
لم يأت بالمنفعية التيي انعقيد الجعيل عليهيا لم يكين له شييء ،فقيد
انتفيع الجاعيل بعميل المجعول مين غيير أن يعوضيه مين عمله بأجير
وذلك ظلم ،ولذلك يختلف الفقهاء فيي كثيير مين المسيائل هيل هيو
جعيل أو إجارة مثيل مسيألة السيفينة المتقدمية هيل هيي مميا يجوز
فيهييا الجعييل أول يجوز مثييل اختلفهييم فييي المجاعلة على حفيير
البار ،وقالوا في المغارسة إن ها تشبه الجعل من جهة والبيع من
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
جهيية ،وهييي عنييد مالك أن يعطييي الرجييل أرضييه لرجييل على أن
يغرس فيييه عددا ميين الثمار معلومييا ،فإذا اسييتحق الثميير كان
للغارس جزء من الرض متفق عليه.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وعلى
آله وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب القراض.
@-ول خلف بين المسلمين في جواز القراض ،وأنه مما كان في
الجاهلية فأقره السلم .وأجمعوا على أن صفته أن يعطي الرجل
الرجل المال على أن يتجر به على جزء معلوم يأخذه العامل من
ربيح المال ،أي جزء كان مميا يتفقان علييه ثلثيا أو ربعيا أو نصيفا،
وأن هذا مسييتثنى ميين الجارة المجهولة ،وأن الرخصيية فييي ذلك
إنميا هيي لموضيع الرفيق بالناس ،وأنيه ل ضمان على العاميل فيميا
تلف مين رأس المال إذا لم يتعيد ،وإن كان اختلفوا فيميا هيو تعيد
ممييا ليييس بتعييد .وكذلك أجمعوا بالجملة على أنييه ل يقترن بييه
شرط يزيييد فييي مجهلة الربييح أو فييي الغرر الذي فيييه وإن كان
اختلفوا فيمييا يقتضييي ذلك ميين الشروط ممييا ل يقتضييي .وكذلك
اتفقوا على أنيه يجوز بالدنانيير والدراهيم ،واختلفوا فيي غيير ذلك.
وبالجملة فالنظير فييه :فيي صيفته وفيي محله وفيي شروطيه وفيي
أحكاميييه ،ونحيين نذكيير فييي باب باب ميين هذه الثلثيية البواب
مشهورات مسائلهم.
**3الباب الول في محله.
@-أميا صيفته فقيد تقدميت وأنهيم أجمعوا عليهيا .وأميا محله فإنهيم
أجمعوا على أنيه جائز بالدنانيير والدراهيم ،واختلفوا فيي العروض
فجمهور فقهاء المصيييييار على أنيييييه ل يجوز القراض بالعروض،
وجوزه ابييين أبيييي ليلى .وحجييية الجمهور أن رأس المال إذا كان
عروضا كان غررا لنه يقبض العرض وهو يساوي قيمة ما ،ويرده
وهو يساوي قيمة غيرها ،فيكون رأس المال والربح مجهول .وأما
إن كان رأس المال مييييا بييييه يباع العروض ،فإن مالكييييا منعييييه
والشافعي أيضا ،وأجازه أبو حنيفة .وعمدة مالك أنه قارضه على
مييا بيعييت بييه السييلعة وعلى بيييع السييلعة نفسييها ،فكأنييه قراض
ومنفعة ،مع أن ما يبيع به السلعة مجهول ،فكأنه إنما قارضه على
رأس مال مجهول ،ويشبه أن يكون أيضا إنما منع المقارضة على
قيييم العروض لمكان مييا يتكلف المقارض فييي ذلك ميين البيييع،
وحينئذ ينيض رأس مال القراض ،وكذلك إن أعطاه العرض بالثمين
الذي اشتراه بيه ،ولكنيه أقرب الوجوه إلى الجواز ،ولعيل هذا هيو
الذي جوزه ابن أبي ليلى ،بل هو الظاهر من قولهم؛ فإنهم حكوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عنيه أنيه يجوز أن يعطيي الرجيل ثوبيا ييبيعه ،فميا كان فييه مين ربيح
فهيو بينهميا ،وهذا إنميا هيو على أن يجعل أصيل المال الثمين الذي
اشترى به الثوب ،ويشبه أيضا إن جعل رأس المال الثمن أن يتهم
المقارض فيي تصيديقه رب المال بخرصيه على أخيذ القراض منيه.
واختلف قول مالك في القراض بالنقد من الذهب والفضة ،فروي
عنييه أشهييب منييع ذلك ،وروى ابيين القاسييم جوازه ،ومنعييه فييي
المصييوغ ،وبالمنييع فييي ذلك قال الشافعييي والكوفييي ،فميين منييع
القراض بالنقييد شبههييا بالعروض ،وميين أجازه شبههييا بالدراهييم
والدنانيير لقلة اختلف أسيواقها .واختلف أيضيا أصيحاب مالك فيي
القراض بالفلوس ،فمنعيه ابين القاسيم ،وأجازه أشهيب ،وبيه قال
محميد بين الحسين؛ وجمهور العلماء مالك والشافعيي وأبيو حنيفية
على أنييه إذا كان لرجييل على رجييل دييين لم يجييز أن يعطيييه له
قراضييا قبييل أن يقبضييه؛ أمييا العلة عنييد مالك فمخافيية أن يكون
أعسير بماله ،فهيو يرييد أن يؤخره عنيه على أن يزييد فييه ،فيكون
الربيا المنهيي عنيه .وأميا العلة عنيد الشافعيي وأبيي حنيفية ،فإن ميا
فييي الذميية ل يتحول ويعود أمانيية .واختلفوا فيميين أميير رجل أن
يقبيض دينيا له على رجيل آخير ،ويعميل فييه على ج هة القراض فلم
يجيز ذلك مالك وأصيحابه ،لنيه رأى أنيه ازداد على العاميل كلفية،
وهيو ميا كلفيه مين قبضيه ،وهذا على أصيله أن مين اشترط منفعية
زائدة فييي القراض أنييه فاسييد؛ وأجاز ذلك الشافعييي والكوفييي،
قالوا :لنييه وكله على القبييض ،ل أنييه جعييل القبييض شرطييا فييي
المصارفة ،فهذا هو القول في محله .وأما صفته فهي الصفة التي
قدمناها.
**3الباب الثاني في مسائل الشروط.
@-وجملة ما ل يجوز من الشروط عند الجميع هي ما أدى عندهم
إلى غرر أو إلى مجهلة زائدة .ول خلف بيييييين العلماء أنيييييه إذا
اشترط أحدهميا لنفسيه مين الربيح شيئا زائدا غيير ميا انعقيد علييه
القراض أن ذلك ل يجوز ،لنه يصير ذلك الذي انعقد عليه القراض
مجهول ،وهذا هو الصل عند مالك في أن ل يكون مع القراض بيع
ول كراء ول سيلف ول عميل ول مرفيق يشترطيه أحدهميا لصياحبه
ميع نفسيه ،فهذه جملة ميا اتفقوا علييه وإن كانوا قيد اختلفوا فيي
التفصيييل؛ فميين ذلك اختلفهييم إذا شرط العامييل الربييح كله له،
فقال مالك :يجوز ،وقال الشافعيي :ل يجوز ،وقال أبيو حنيفية :هيو
قرض ل قراض؛ فمالك رأى أنه إحسان من رب المال وتطوع ،إذ
كان يجوز له أن يأخيييذ منيييه الجزء القلييييل مييين المال الكثيييير
والشافعييي رأى أنييه غرر ،لنييه إن كان خسييران فعلى رب المال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وبهذا يفارق القرض ،وإن كان ربيح فلييس لرب المال فييه شييء.
ومنهييا إذا شرط رب المال الضمان على العامييل ،فقال مالك :ل
يجوز القراض وهييو فاسييد ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال أبييو حنيفيية
وأصحابه؛ القراض جائز والشرط باطل .وعمدة مالك أن اشتراط
الضمان زيادة غرر فيي القراض ففسيد؛ وأميا أبيو حنيفية فشبهيه
بالشرط الفاسد في البيع على رأيه أن البيع جائز والشرط باطل
اعتمادا على حدييييييث بريرة المتقدم .واختلفوا فيييييي المقارض
يشترط رب المال علييه خصيوص التصيرف ،مثيل أن يشترط علييه
تعيين جنس ما من السلع ،أو تعيين جنس ما من البيع ،أو تعيين
موضيع ما من التجارة ،أو تعيين صينف ما من الناس يتجير معهم.
فقال مالك والشافعييي فييي اشتراط جنييس ميين السييلع :ل يجوز
ذلك إل أن يكون ذلك الجنيس مين السيلع ل يختلف وقتيا ميا مين
أوقات السيينة؛ وقال أبييو حنيفيية :يلزمييه مييا اشترط عليييه ،وإن
تصرف في غير ما اشترط عليه ضمن .فمالك والشافعي رأيا أن
هذا الشتراط مييين باب التضيييييق على المقارض فيعظيييم الغرر
بذلك؛ وأبيييو حنيفييية اسيييتخف الغرر الموجود فيييي ذلك ،كميييا لو
اشترط عليه أن ل يشتري جنسا ما من السلع لكان على شرطه
فيي ذلك باجماع .ول يجوز القراض المؤجيل عنيد الجمهور ،وأجازه
أبيو حنيفية إل أن يتفاسيخا؛ فمين لم يجزه رأى أن فيي ذلك تضييقيا
على العاميل يدخيل علييه مزييد غرر ،لنيه ربميا بارت عنده سيلع
فيضطير عنيد بلوغ الجيل إلى بيعهيا فيلحقيه فيي ذلك ضرر؛ ومين
أجاز الجيل شبيه القراض بالجارة ومين هذا الباب اختلفهيم فيي
جواز اشتراط رب المال زكاة الربيح على العاميل فيي حصيته مين
الربيح ،فقال مالك فيي الموطيأ :ل يجوز ،ورواه عنيه أشهيب؛ وقال
ابيييين القاسييييم :ذلك جائز ،ورواه عيييين مالك ،وبقول مالك قال
الشافعييي .وحجيية ميين لم يجزه أنييه تعوض حصيية العامييل ورب
المال مجهولة ،لنييه ل يدري كييم يكون المال فييي حييين وجوب
الزكاة فييه ،وتشبيهيا باشتراط زكاة أصيل المال علييه :أعنيي على
العامل ،فإنه ل يجوز باتفاق وحجة ابن القاسم أنه يرجع إلى جزء
معلوم النسيييبة وإن لم يكييين معلوم القدر ،لن الزكاة معلومييية
النسبة من المال المزكى ،فكأنه اشترط عليه في الربح الثلث إل
ربيع العشير ،أو النصيف إل ربيع العشير ،أو الربيع إل ربيع العشير،
وذلك جائز ولييييس مثيييل اشتراطيييه زكاة رأس المال ،لن ذلك
معلوم القدر غييير معلوم النسييبة ،فكان ممكنييا أن يحيييط بالربييح
فيبقيييييى عميييييل المقارض باطل ،وهيييييل يجوز أن يشترط ذلك
المقارض على رب المال؟ فيي المذهيب فييه قولن :قييل بالفرق
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بين العامل ورب المال ،وقيل يجوز أن يشترطه العامل على رب
المال ،ول يجوز أن يشترطه رب المال على العامل؛ وقيل عكس
هذا .واختلفوا فييي اشتراط العامييل على رب المال غلمييا بعينييه
على أن يكون للغلم نصيييب ميين المال ،فأجازه مالك والشافعييي
وأبيو حنيفية؛ وقال أشهيب مين أصيحاب مالك :ل يجوز ذلك ،فمين
أجاز ذلك شبهيه بالرجيل يقارض الرجليين ،ومين لم يجيز ذلك رأى
أنها زيادة ازدادها العامل على رب المال .فأما إن اشترط العامل
غلمييه ،فقال الثوري :ل يجوز ،وللغلم فيمييا عمييل أجرة المثييل،
وذلك أن حظ العامل يكون عنده مجهول.
**4القول في أحكام القراض.
@-والحكام ،منهيا ميا هيي أحكام القراض الصيحيح ،ومنهيا ميا هيي
أحكام القراض الفاسد .وأحكام القراض الصحيح ،منها ما هي من
موجبات العقد ،أعني أنها تابعة لموجب العقد ،ومختلف فيها هل
هي تابعة أو غير تابعة؟ ومنها أحكام طوارئ تطرأ على العقد مما
لم يكن موجبه من نفس العقد ،مثل التعدي والختلف وغير ذلك.
ونحن نذكر من هذه الوصاف ما اشتهر عند فقهاء المصار .ونبدأ
من ذلك بموجبات العقد فنقول :إنه أجمع العلماء على أن اللزوم
ليس من موجبات عقد القراض ،وأن لكل واحد منهما فسخه ما
لم يشرع العامييل فييي القراض .واختلفوا إذا شرع العامييل ،فقال
مالك :هيو لزم ،وهيو عقيد يورث ،فإن مات وكان للمقارض بنون
أمناء كانوا فيي القراض مثيل أبيهيم ،وإن لم يكونوا أمناء كان لهيم
أن يأتوا بأمييين؛ وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :لكييل واحييد منهييم
الفسخ إذا شاء ،وليس هو عقد يورث .فمالك ألزمه بعد الشروع
في العمل لما فيه من ضرر ،ورآه من العقود الموروثة .والفرقة
الثانية شبهت الشروع في العمل بما بعد الشروع في العمل .ول
خلف بينهيم أن المقارض إنميا يأخيذ حظيه مين الربيح بعيد أن ينيض
جمييع رأس المال ،وأنيه إن خسير ثيم أتجير ثيم ربيح جيبر الخسيران
من الربح .واختلفوا في الرجل يدفع إلى رجل مال قراضا فيهلك
بعضه قبل أن يعمل فيه ،ثم يعمل فيه فيربح ،فيريد المقارض أن
يجعيل رأس المال بقيية المال بعيد الذي هلك ،هيل له ذلك أم ل؟
فقال مالك وجمهور العلماء :إن صييدقه رب المال ،أو دفييع رجييل
مال قراضييا لرجييل فهلك منييه جزء قبييل أن يعمييل فأخييبره بذلك
فصيييدقه ثيييم قال له يكون الباقيييي عندك قراضيييا على الشرط
المتقدم لم يجييز حتييى يفاصييله ويقبييض منييه رأس ماله وينقطييع
القراض الول .وقال ابين حيبيب مين أصيحاب مالك إنيه يلزميه فيي
ذلك القول ،ويكون الباقيي قراضيا ،وهذه المسيألة هيي مين أحكام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اشترط علييه .ول أعرف خلفيا بيين فقهاء المصيار أنيه إن تكارى
العاميل على السيلع إلى بلد فاسيتغرق الكراء قييم السيلع وفضيل
عليييه فضلة أنهييا على العامييل ل على رب المال ،لن رب المال
إنميا دفيع ماله إلييه ليتجير بيه ،فميا كان مين خسيران فيي المال
فعليه ،وكذلك ما زاد على المال واستغرقه .واختلفوا في العامل
يستدين مال فيتجر به مع مال القراض ،فقال مالك :ذلك ل يجوز؛
وقال الشافعيي وأبيو حنيفية :ذلك جائز ،ويكون الربيح بينهميا على
شرطهميييا .وحجييية مالك أنيييه كميييا ل يجوز أن يسيييتدين على
المقارضية ،كذلك ل يجوز أن يأخيذ دينيا فيهيا .واختلفوا هيل للعاميل
أن ييبيع بالديين إذا لم يأمره بيه رب المال؟ فقال مالك :لييس له
ذلك ،فإن فعييل ضميين ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال أبييو حنيفيية :له
ذلك .والجمييع متفقون على أن العاميل إنميا يجيب له أن يتصيرف
فيي عقيد القراض ميا يتصيرف فييه الناس غالبيا فيي أكثير الحوال؛
فمين رأى أن التصيرف بالديين خارج عميا يتصيرف فييه الناس فيي
الغلب لم يجزه؛ وميين رأى أنييه ممييا يتصييرف فيييه الناس أجازه.
واختلف مالك والشافعيي وأبيو حنيفية واللييث فيي العاميل يخلط
ماله بمال القراض مين غيير إذن رب المال ،فقال هؤلء كلهيم ميا
عدا مالكيا :هيو تعيد ويضمين؛ وقال مالك :لييس بتعيد .ولم يختلف
هؤلء المشاهيير مين فقهاء المصيار أنيه إن دفيع العاميل رأس مال
القراض إلى مقارض آخيير أنييه ضاميين إن كان خسييران ،وإن كان
ربيح فذلك على شرطيه ،ثيم يكون للذي عميل شرطيه على الذي
دفيع إلييه ،فيوفييه حظيه مميا بقيي مين المال .وقال المزنيي عين
الشافعي :ليس له إل أجرة مثله ،لنه عمل على فساد.
**4القول في حكم القراض الفاسد.
@-واتفقوا على أن حكيم القراض الفاسيد فسيخه ورد المال إلى
صيياحبه مييا لم يفييت بالعمييل .واختلفوا إذا فات بالعمييل مييا يكون
للعاميل فييه فيي واجيب عمله على أقوال :أحدهيا أنيه يرد جميعيه
إلى قراض مثله ،وهي رواية ابن الماجشون عن مالك ،وهو قوله
وقول أشهييب .والثانييي أنييه يرد جميعييه إلى إجارة مثله ،وبييه قال
الشافعيي وأبيو حنيفية وعبيد العزييز بين أبيي سيلمة مين أصيحاب
مالك ،وحكيى عبيد الوهاب أنهيا روايية عين مالك .والثالث أنيه يرد
إلى قراض مثله ميا لم يكين أكثير مميا سيماه ،وإنميا له القيل مميا
سيمي أو مين قراض مثله إن كان رب المال هيو مشترط الشرط
على المقارض ،أو الكثييير مييين قراض مثله ،أو مييين الجزء الذي
سيييمى له إن كان المقارض هيييو مشترط الشرط الذي يقتضيييي
الزيادة التييي ميين قبلهييا فسييد القراض ،وهذا القول يتخرج رواييية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عيين مالك .والرابييع أنييه يرد إلى قراض مثله فييي كييل منفعيية
اشترطها أحد المتقارضين على صاحبه في المال مما ليس ينفرد
أحدهما بها عن صاحبه ،وإلى إجارة مثله في كل منفعة اشترطها
أحيد المتقارضيين خالصية لمشترطهيا مميا ليسيت فيي المال وفيي
كيل قراض فاسيد مين قبيل الغرر والجهيل ،وهيو قول مطرف وابين
نافع وابن عبد الحكم وأصبغ ،واختاره ابن حبيب؛ وأما ابن القاسم
فاختلف قوله فيي القراضات الفاسيدة ،فبعضهيا وهيو الكثير قال:
إن فيها أجرة المثل ،وفي بعضها قال :فيها قراض المثل .فاختلف
الناس فيي تأوييل قوله؛ فمنهيم مين حميل اختلف قوله فيهيا على
الفرق الذي ذهيب إلييه ابين عبيد الحكيم ومطرف ،وهيو اختيار ابين
حييبيب واختيار جدي رحميية الله عليييه .ومنهييم ميين لم يعلل قوله
وقال :إن مذهبيه أن كيل قراض فاسيد ففييه أجرة المثيل إل تلك
التييي نييص فيهييا قراض المثييل وهييي سييبعة :القراض بالعروض،
والقراض بالضمان ،والقراض إلى أجيييل ،والقراض المبهيييم ،وإذا
قال له اعميييييل على أن لك فيييييي المال شركيييييا ،وإذا اختلف
المتقارضان وأتييا بميا ل يشبيه فحلفيا على دعواهميا ،وإذا دفيع إلييه
المال على أن ل يشتري بيه إل بالديين فاشترى بالنقيد ،أو على أن
ل يشتري إل سيلعة كذا وكذا والسيلعة غيير موجودة فاشترى غيير
ميا أمير بيه .وهذه المسيائل يجيب أن ترد إلى علة واحدة ،وإل فهيو
اختلف من قول ابن القاسم ،وحكى عبد الوهاب عن ابن القاسم
أنيه فصييل فقال :إن كان الفسياد مين جهية العقيد رد إلى قراض
المثل ،وإن كان من جهة زيادة ازدادها أحدهما على الخر رد إلى
أجرة المثييل ،والشبييه أن يكون المير فييي هذا بالعكييس .والفرق
بين الجرة وقراض المثل أن الجرة تتعلق بذمة رب المال سواء
كان فييي المال ربييح أو لم يكيين ،وقراض المثييل هييو على سيينة
القراض إن كان فيه ربح كان للعامل منه ،وإل فل شيء له.
**4القول في اختلف المتقارضين.
@-واختلف الفقهاء إذا اختلف العاميييل ورب المال فيييي تسيييمية
الجزء الذي تقارضييا عليييه ،فقال مالك :القول قول العامييل لنييه
عنده مؤتمين ،وكذلك المير عنده فيي جمييع دعاوييه إذا أتيى بميا
يشبييه ،وقال الليييث :يحمييل على قراض مثله ،وبييه قال مالك إذا
أتييى بمييا ل يشبييه؛ وقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :القول قول رب
المال ،وبييه قال الثوري؛ وقال الشافعييي :يتحالفان ويتفاسييخان،
ويكون له أجرة مثله .وسيبب اختلف مالك وأبيو حنيفية اختلفهيم
في سبب ورود النص بوجوب اليمين على المدعى عليه ،هل ذلك
لنيه مدعيى علييه ،أو لنيه فيي الغلب أقوى شبهية؛ فمين قال لنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مدعيى علييه قال القول قول رب المال؛ ومين قال لنيه أقواهميا
شبهة في الغلب قال :القول قول العامل لنه عنده مؤتمن؛ وأما
الشافعييي فقاس اختلفهمييا على اختلف المتبايعييين فييي ثميين
السلعة .وهذا كاف في هذا الباب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما)
**2كتاب المساقاة.
**3القول فييي المسيياقاة .أمييا أول ففييي جوازهييا .والثانييي :فييي
معرفة الفساد والصحة فيها .والثالث :في أحكامها.
**4القول في جواز المساقاة.
@-فأمييا جوازهييا فعليييه جمهور العلماء مالك والشافعييي والثوري
وأبيو يوسيف ومحميد بين الحسين صياحبا أبيي حنيفية وأحميد وداود،
وهيي عندهيم مسيتثناة بالسينة مين بييع ميا لم يخلق ،ومين الجارة
المجهولة؛ وقال أبيييو حنيفييية :ل تجوز المسييياقاة أصيييل .وعمدة
الجمهور في إجازتها حديث ابن عمر الثابت "أن رسول الله صلى
الله علييه وسيلم دفيع إلى يهود خييبر نخيل خييبر وأرضهيا على أن
يعملوهيا من أموالهيم ،ولر سول الله صلى الله علييه وسيلم شطير
ثمرها" خرجه البخاري ومسلم وفي بعض رواياته "أنه صلى الله
علييه وسيلم سياقاهم على نصيف ميا تخرجيه الرض والثمرة" وميا
رواه مالك أيضيا مين مرسيل سيعيد بين المسييب أن رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم قال ليهود خييبر يوم افتتيح خييبر "أقركيم
على ما أقركيم الله على أن التمر بيننا وبينكم" قال وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه
وبينهم ،ثم يقول "إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي" وكذلك مرسله
أيضيا عين سيليمان بين يسيار فيي معناه ،وأميا أبيو حنيفية ومين قال
بقوله فعمدتهم مخالفة هذا الثر للصول مع أنه حكم مع اليهود،
واليهود يحتمل أن يكون أقرهم على أنهم عبيد ،ويحتمل أن يكون
أقرهييم على أنهييم ذميية ،إل أنييا إذا أنزلنييا أنهييم ذميية كان مخالفييا
للصيول ،لنيه بييع ميا لم يخلق؛ وأيضيا فإنيه مين المزابنية ،وهيو بييع
التمر بالتمر متفاضل ،لن القسمة بالخرص بيع الخرص ،واستدلوا
على مخالفته للصول بما روي في حديث عبد الله بن رواحة أنه
كان يقول لهييم عنييد الخرص "إن شئتييم فلكييم وتضمنون نصيييب
المسيلمين ،وإن شئتيم فلي وأضمين نصييبكم" وهذا حرام بإجماع.
وربمييا قالوا إن النهييي الوارد عيين المخابرة هييو مييا كان ميين هذا
الفعل بخيبر .والجمهور يرون أن المخابرة هي كراء الرض ببعض
مييا يخرج منهييا ،قالوا :وممييا يدل على نسييخ هذا الحديييث ،أو أنييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
خاص باليهود ميا ورد مين حدييث رافيع وغيره مين النهيي عين كراء
الرض بمييا يخرج منهييا ،لن المسيياقاة تقتضييي جواز ذلك ،وهييو
خاص أيضا في بعض روايات أحاديث المساقاة ،ولهذا المعنى لم
يقل بهذه الزيادة مالك ول الشافعي ،أعني بما جاء من "أنه صلى
الله علييه وسيلم سياقاهم على نصيف ميا تخرجيه الرض والثمرة"
وهي زيادة صحيحة وقال بها أهل الظاهر.
**4القول في صحة المساقاة.
@-والنظير فيي الصيحة راجيع إلى النظير فيي أركانهيا ،وفيي وقتهيا،
وفيي شروطهيا المشترطية فيي أركانهيا .وأركانهيا أربعية :المحيل
المخصييوص بهييا .والجزء الذي تنعقييد عليييه .وصييفة العمييل الذي
تنعقد عليه .والمدة التي تجوز فيها وتنعقد عليها.
@(-الركيين الول :فييي محييل المسيياقاة) واختلفوا فييي محييل
المسيياقاة ،فقال داود :ل تكون المسيياقاة إل فييي النخيييل فقييط؛
وقال الشافعيي :فيي النخيل والكرم فقيط؛ وقال مالك :تجوز فيي
كيل أصيل ثابيت كالرمان والتيين والزيتون وميا أشبيه ذلك مين غيير
ضرورة ،وتكون فيي الصيول غيير الثابتية كالمقاثيئ والبطييخ ميع
عجيز صياحبها عنهيا ،وكذلك الزرع ،ول تجوز فيي شييء مين البقول
عنييد الجميييع إل ابيين دينار ،فإنييه أجازهييا فيييه إذا نبتييت قبييل أن
تسيتغل؛ فعمدة مين قصيره على النخيل أنهيا رخصية ،فوجيب أن ل
يتعدى بهييا محلهييا الذي جاءت فيييه السيينة .وأمييا مالك فرأى أنهييا
رخصية ينقدح فيهيا سيبب عام ،فوجيب تعديية ذلك إلى الغيير .وقيد
يقاس على الرخييص عنييد قوم إذا فهييم هنالك أسييباب أعييم ميين
الشياء التيي علقيت الرخيص بالنيص بهيا؛ وقوم منعوا القياس على
الرخييص؛ وأمييا داود فهييو يمنييع القياس على الجملة ،فالمسيياقاة
على أصيوله مطردة؛ وأميا الشافعيي فإنميا أجازهيا فيي الكرم مين
قبيل أن الحكيم فيي المسياقاة هيو بالخرص ،وقيد جاء فيي حدييث
عتاب بين أسييد الحكيم بالخرص فيي النخيل والكرم وإن كان ذلك
في الزكاة ،فكأنه قاس المساقاة في ذلك على الزكاة ،والحديث
الذي ورد عن عتاب بن أسيد هو "أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعثه وأمره أن يخرص العنب وتؤدى زكاته زبيبا ،كما تؤدى
زكاة النخيل تمرا" ودفيع داود حدييث عتاب ابين أسييد لنيه مرسيل،
ولنيه انفرد بيه عبيد الرحمين بين إسيحاق ولييس بالقوي .واختلفوا
إذا كان ميع النخيل أرض بيضاء أو ميع الثمار ،هيل يجوز أن تسياقى
الرض ميع النخيل بجزء مين النخيل أو بجزء مين النخيل وبجزء مميا
يخرج مين الرض؟ فذهيب إلى جواز ذلك طائفية ،وبيه قال صياحبا
أبيي حنيفية واللييث وأحميد والثوري وابين أبيي ليلى وجماعية؛ وقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيياقاة فييي حائط فيييه تميير قييد أطعييم .والثانييية إذا اشترط
المسياقي على رب المال أن يعميل معيه .والثالثية المسياقاة ميع
البييع فيي صيفقة واحدة .والرابعية إذا سياقاه فيي حائط سينة على
الثلث وسيينة على النصييف؛ وقيييل إن الصييل عنده فييي ذلك أن
المسيياقاة إذا لحقهييا الفسيياد ميين قبييل مييا دخلهييا ميين الجارة
الفاسيدة أو مين بييع الثمير مين قبيل أن يبدو صيلحه ،وذلك مميا
يشترطه أحدهما على صاحبه من زيادة رد فيها إلى أجرة المثل،
مثيل أن يسياقيه على أن يزييد أحدهميا صياحبه دنانيير أو دراهيم،
وذلك أن هذه الزيادة إن كانيييت مييين رب الحائط كانيييت إجارة
فاسدة ،وإن كانت من العامل كانت بيع الثمر قبل أن يخلق .وأما
فسياده مين قبيل الغرر مثيل المسياقاة على حوائط مختلفية فيرد
إلى مسيياقاة المثييل ،وهذا كله اسييتحسان جار على غييير قياس.
وفي المسألة قول رابع ،وهو أنه يرد إلى مساقاة مثله ما لم يكن
أكثير مين الجزء الذي شرط علييه إن كان للمسياقي ،أو أقيل إن
كان الشرط للمساقي ،وهذا كاف بحسب غرضنا.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الشركة.
@-والنظر في الشركة ،في أنواعها ،وفي أركانها الموجبة للصحة
فييي الحكام ونحيين نذكيير ميين هذه البواب مييا اتفقوا عليييه ،ومييا
اشتهيير الخلف فيييه بينهييم على مييا قصييدناه فييي هذا الكتاب.
والشركيية بالجملة عنييد فقهاء المصييار على أربعيية أنواع :شركيية
العنان :وشركييية البدان .وشركييية المفاوضييية .وشركييية الوجوه.
واحدة منها متفق عليها ،وهي شر كة العنان ،وإن كان بعضهم لم
يعرف هذا اللفيظ ،وإن كانوا اختلفوا فيي بعيض شروطهيا على ميا
سييأتي بعيد .والثلثية مختلف فيهيا ،ومختلف فيي بعيض شروطهيا
عند من اتفق منهم عليها.
**3القول في شركة العنان.
@-وأركان هذه الشركة ثلثة :الول :محلها من الموال .والثاني:
فيي معرفية قدر الربيح مين قدر المال المشترك فييه .والثالث فيي
معرفة قدر العمل من الشريكين من قدر المال.
@(-الركن الول) فأما محل الشركة ،فمنه ما اتفقوا عليه ،ومنه
مييا اختلفوا فيييه؛ فاتفييق المسييلمون على أن الشركيية تجوز فييي
الصنف الواحد من العين :أعني الدنانير والدراهم ،وإن كانت في
الحقيقة بيعا ل تقع فيه مناجزة ،ومن شرط البيع في الذهب وفي
الدراهم المناجزة ،لكن الجماع خصص هذا المعنى في الشركة،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
تصييح الشركيية وإن كان مال كييل واحييد منهمييا بيده .فأبييو حنيفيية
اكتفييييى فييييي انعقاد الشركيييية بالقول؛ ومالك اشترط إلى ذلك
اشتراك التصيييرف فيييي المال؛ والشافعيييي اشترط إلى هذيييين
الختلط .والفقه أن بالختلط يكون عمل الشريكين أفضل وأتم،
لن النصيح يوجيد منيه لشريكيه كميا يوجيد لنفسيه ،فهذا هيو القول
في هذا الركن وفي شروطه.
@(-فأما الركن الثاني) وهو وجه اقتسامهما الر بح ،فإنهم اتفقوا
على أنيه إذا كان الربيح تابعيا لرؤوس الموال ،أعنيي إن كان أصيل
مال الشركية متسياويين كان الربيح بينهميا نصيفين .واختلفوا هيل
يجوز أن يختلف رؤوس أموالهمييا ويسييتويان فييي الربييح؟ فقال
مالك والشافعييييي :ذلك ل يجوز؛ وقال أهييييل العراق :يجوز ذلك.
وعمدة ميين منييع ذلك أن تشييبيه الربييح بالخسييران ،فكمييا أنييه لو
اشترط أحدهمييا جزءا ميين الخسييران لم يجييز كذلك إذا اشترط
جزءا من الربح خارجا عن ماله وربما شبهوا الربح بمنفعة العقار
الذي بيين الشريكيين :أعنيي أن المنفعية بينهميا تكون على نسيبة
أصل الشركة .وعمدة أهل العراق تشبيه الشركة بالقراض ،وذلك
أنيه لميا جاز فيي القراض أن يكون للعاميل مين الربيح ميا اصيطلحا
عليه ،والعامل ليس يجعل مقابله إل عمل فقط كان في الشركة
أحرى أن يجعيل للعميل جزء مين المال إذا كانيت الشركية مال مين
كل واحد منهما وعمل ،فيكون ذلك الجزء من الربح مقابل لفضل
عمله على عمييل صيياحبه ،فإن الناس يتفاوتون فييي العمييل كمييا
يتفاوتون في غير ذلك.
@(-وأميا الركين الثالث) الذي هيو العميل ،فإنيه تابيع كميا قلنيا عنيد
مالك للمال فل يعتبر بنفسه ،وهو عند أبي حنيفة يعتبر مع المال؛
وأظين أن مين العلماء مين ل يجييز الشركية إل أن يكون مالهميا
متسياويين التفاتيا إلى العميل ،فإنهيم يرون أن العميل فيي الغالب
مسييتو فإذا لم يكيين المال بينهمييا على التسيياوي كان هنالك غبيين
على أحدهمييا فييي العمييل ،ولهذا قال ابيين المنذر :أجمييع العلماء
على جواز الشركية التيي يخرج فيهيا كيل واحيد مين الشريكيين مال
مثل مال صاحبه من نوعه :أعنيي دراهم أو دنانير ،ثم يخلطانهما
حتى يصيرا مال واحدا ل يتميز .على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من
أنواع التجارة ،وعلى أن ميا كان مين فضيل فهيو بينهميا بنصيفين،
وميا كان مين خسيارة فهيو كذلك ،وذلك إذا باع كيل واحيد منهميا
بحضرة صيياحبه ،واشتراطييه هذا الشرط يدل على أن فيييه خلفييا
والمشهور عند الجهمور أ نه ليس من شرط الشركاء أن يبيع كل
واحد منهما بحضرة صاحبه.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميين يرى الشفعيية للجار .واختلفوا فيميين انتقييل إليييه الملك بغييير
شراء ،فالمشهور عند مالك .أن الشفعة إنما تجب إذا كان انتقال
الملك بعوض كالبيييع والصييلح والمهيير وأرش الجنايات وغييير ذلك،
وبيه قال الشافعيي؛ وعنيه روايية ثانيية أنهيا تجيب بكيل ملك انتقيل
بعوض أو بغييير عوض ،كالهبيية لغييير الثواب والصييدقة ،مييا عدا
الميراث فإنييه ل شفعيية عنييد الجميييع فيييه باتفاق .وأمييا الحنفييية
فالشفعيية عندهييم فييي المييبيع فقييط ،وعمدة الحنفييية ظاهيير
الحادييث ،وذلك أن مفهومهيا يقتضيي أنهيا فيي الميبيعات بيل ذلك
نص فيها ل في بعضها فل يبع حتى يستأذن شريكه .وأما المالكية
فرأت أن كل ما انتقل بعوض فهو في معنى البيع ،ووجه الرواية
الثانية أنها اعتبرت الضرر فقط .وأما الهبة للثواب فل شفعة فيها
عنيد أبيي حنيفية ول الشافعيي؛ وأميا أبيو حنيفية فلن الشفعية عنده
فييي المييبيع ،وأمييا الشافعييي فلن هبيية الثواب عنده باطلة ،وأمييا
مالك فل خلف عنده وعنيد أصيحابه فيي أن الشفعية فيهيا واجبية.
واتفيق العلماء على أن الميبيع الذي بالخيار أنيه إذا كان الخيار فييه
للبائع أن الشفعة ل تجب حتى يجب البيع .واختلفوا إذا كان الخيار
للمشتري؟ فقال الشافعيي والكوفيون :الشفعية واجبية علييه لن
شق ِيص: شق ص وال َّالبائع قد صرم الشقص [قال في النهاية ... :ال ّ ِ
ُ
شتركية مين كيل شييء .دار الحدييث] عين م ْ
ب فيي العيين ال ُ
النصيي ُ
ملكه وأبانه منه ،وقيل إن الشفعة غير واجبة عليه لنه غير ضامن
وبييه قال جماعيية ميين أصييحاب مالك .واختلف فييي الشفعيية فييي
المسيياقاة ،وهييي تبديييل أرض بأرض ،فعيين مالك فييي ذلك ثلث
روايات :الجواز ،والمنييع ،والثالث أن تكون المناقلة بييين الشراك
والجانب فلم يرها في الشراك ورآها في الجانب.
*(*4الركين الرابيع فيي الخيذ بالشفعية) والنظير فيي هذا الركين
بماذا يأخذ الشفيع ،وكم يأخذ ،ومتى يأخذ؟ فإنهم اتفقوا على أنه
يأخييذ فييي البيييع بالثميين إذا كان حال؛ واختلفوا إذا كان البيييع إلى
أجيل هيل يأخذه الشفييع بالثمين إلى ذلك الجيل ،أو يأخيذ الميبيع
بالثمين حال ،وهيو مخيير؟ فقال مالك :يأخذه بذلك الجيل إذا كان
ملييا أو يأتيي بضامين ملييء ،وقال الشافعيي :الشفييع مخيير ،فإن
عجيل تعجلت الشفعية وإل تتأخير إلى وقيت الجيل ،وهيو نحيو قول
الكوفيييين؛ وقال الثوري ل يأخذهييا إل بالنقييد لنهييا قييد دخلت فييي
ضمان الول ،قال :ومنيا مين يقول تبقيى فيي ييد الذي باعهيا ،فإن
بلغ الجيييل أخذهيييا الشفييييع .والذيييين رأوا الشفعييية فيييي سيييائر
المعاوضات ممييا ليييس بييبيع ،فالمعلوم عنهييم أنييه يأخييذ الشفعيية
بقيميية الشقييص إن كان العوض ممييا ليييس يتقدر ،مثييل أن يكون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
معطيى فيي خلع .وإميا أن يكون معطيى فيي شييء يتقدر ولم يكين
دنانيير ول دراهيم ول بالجملة مكيل ول موزونيا ،فإنيه يأخذه بقيمية
ذلك الشيء الذي دفع الشقص فيه؛ وإن كان ذلك الشيء محدود
القدر بالشرع أخيييذ ذلك الشقيييص بذلك القدر ،مثيييل أن يدفيييع
الشقييص فييي موضحيية وجبييت عليييه أو منقلة ،فإنييه يأخذه بدييية
الموضحة أو المنقلة .وأما كم يأخذ؟ فإن الشفيع ل يخلو أن يكون
واحدا أو أكثيير ،والمشفوع عليييه أيضييا ل يخلو أن يكون واحدا أو
أكثير .فأميا أن الشفييع واحيد والمشفوع علييه واحدا فل خلف فيي
أن الواجييب على الشفيييع أن يأخييذ الكييل أو يدع ،وأمييا إذا كان
المشفوع علييه واحدا والشفعاء أكثير مين واحيد فإنهيم اختلفوا مين
ذلك في موضعين :أحدهما في كيفية قسمة المشفوع فيه بينهم.
والثاني إذا اختلفت أسباب شركتهم هل يحجب بعضهم بعضا عن
الشفعيية أم ل؟ مثييل أن يكون بعضهييم شركاء فييي المال الذي
ورثوه ،لنهم أهل سهم واحد ،وبعضهم لنهم عصبة.
@(-فأميا المسيألة الولى) وهيي كيفيية توزييع المشفوع فييه ،فإن
مالكيا والشافعيي وجمهور أهيل المدينية يقولون :إن المشفوع فييه
يقتسيمونه بينهيم على قدر حصيصهم ،فمين كان نصييبه مين أصيل
المال الثلث مثل أخيذ مين الشقيص بثلث الثمين ،ومين كان نصييبه
الربييع أخييذ الربييع .وقال الكوفيون :هييي على عدد الرؤوس على
السييواء ،وسييواء فييي ذلك الشريييك ذو الحييظ الكييبر وذو الحييظ
الصيغر .وعمدة المدنييين أن الشفعية حيق يسيتفاد وجوبيه بالملك
المتقدم ،فوجيب أن يتوزع على مقدار الصيل ،أصيله الكريية فيي
المسيتأجرات المشتركية والربيح فيي شركية الموال؛ وأيضيا فإن
الشفعة إنما هي لزالة الضرر ،والضرر داخل على كل واحد منهم
على غيير اسيتواء ،لنيه إنميا يدخيل على كيل واحيد منهيم بحسيب
حصييته ،فوجييب أن يكون اسييتحقاقهم لدفعييه على تلك النسييبة.
وعمدة الحنفيييية أن وجوب الشفعييية إنميييا يلزم بنفيييس الملك
فيسييتوفي ذلك أهييل الحظوظ المختلفيية لسييتوائهم فييي نفييس
الملك ،وربميا شبهوا ذلك بالشركاء فيي العبيد يعتيق بعضهيم نصييبه
أنه يقوم على المعتقين على السوية :أعني حظ من لم يعتق.
@(-وأما المسألة الثانية) فإن الفقهاء اختلفوا في دخول الشراك
الذين هم عصبة في الشفعة مع الشراك الذين شركتهم من قبل
السيهم الواحيد فقال مالك :أهيل السيهم الواحيد أحيق بالشفعية إذا
باع أحدهم من الشراك معهم في المال من قبل التعصيب ،وأنه
ل يدخييل ذو العصييبة فييي الشفعيية على أهييل السييهام المقدرة
ويدخييل ذوو السييهام على ذوي التعصيييب ،مثييل أن يموت ميييت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيترك عقارا ترثييه عنييه بنتان وابنييا عييم ثييم تييبيع البنييت الواحدة
حظها ،فإن البنت الثانية عند مالك هي التي تشفع في ذلك الحظ
الذي باعتيه أختهيا فقيط دون ابنيي العيم ،وإن باع أحيد ابنيي العيم
نصييبه يشفيع فييه البنات وابين العيم الثانيي ،وبهذا القول قال ابين
القاسيم ،وقال أهيل الكوفية :ل يدخيل ذوو السيهام على العصيبات
ول العصبات على ذوي السهام ،ويتشافع أهل السهم الواحد فيما
بينهيم خاصية ،وبيه قال أشهيب ،وقال الشافعيي فيي أحيد قولييه:
يدخيل ذوو السيهام على العصيبات والعصيبات على ذوي السيهام،
وهييو الذي اختاره المزنييي ،وبييه قال المغيرة ميين أصييحاب مالك.
وعمدة مذهييب الشافعييي عموم قضائه صييلى الله عليييه وسييلم
بالشفعية بيين الشركاء ،ولم يفصيل ذوي سيهم مين عصيبة .ومين
خصيص ذوي السيهام من العصيبات فلنيه رأى أن الشركية مختلفية
السيباب :أعني بين ذوي السهام وبين العصبات فشبه الشركات
المختلفية السيباب بالشركات المختلفية مين قبيل محالهيا الذي هيو
المال بالقسيمة بالموال .ومين أدخيل ذوي السيهام على العصيبة
ولم يدخيل العصيبة على ذوي السيهام فهيو اسييتحسان على غيير
قياس ،ووجييه السييتحسان أنييه رأى أن ذوي السييهام أقعييد ميين
العصيبة .وأميا إذا كان المشفوع عليهميا اثنيين فأكثير فأراد الشفييع
أن يشفييع على أحدهمييا دون الثانييي ،فقال ابيين القاسييم :إمييا أن
يأخيذ الكيل أو يدع؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه والشافعيي :له أن
يشفييع على أيهمييا أحييب ،وبييه قال أشهييب .فأمييا إذا باع رجلن
شقصييا ميين رجييل ،فأراد الشفيييع أن يشفييع على أحدهمييا دون
الثانيي ،فإن أبيا حنيفية منيع ذلك ،وجوزه الشافعيي .وأميا إذا كان
الشافعون أكثر من واحد :أعني الشراك ،فأراد بعضهم أن يشفع
وسيييلم له الباقيييي فيييي البيوع ،فالجمهور على أن للمشتري أن
يقول للشريك إما أن تشفع في الجميع أو تترك ،وأنه ليس له أن
يشفع بحسب حظه إل أن يوافقه المشتري على ذلك ،وأنه ليس
له أن يبعيض الشفعية على المشتري إن لم يرض بتبعيضهيا .وقال
أصبغ من أصحاب مالك :إن كان ترك بعضهم الخذ بالشفعة رفقا
بالمشتري لم يكن للشفيع إل أن يأخذ حصته فقط .ول خلف في
مذهييب مالك أنييه إذا كان بعييض الشفعاء غائبييا وبعضهييم حاضرا،
فأراد الحاضير أن يأخيذ حصيته فقيط أنيه لييس له ذلك ،إل أن يأخيذ
الكيييييل أو يدع ،فإذا قدم الغائب فإن شاء أخيييييذ وإن شاء ترك.
واتفقوا على أن مييين شرط الخيييذ بالشفعييية أن تكون الشركييية
متقدمية على البييع .واختلفوا هيل مين شرطهيا أن تكون موجودة
في حال البيع ،وأن تكون ثابتة قبل البيع؟.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مكييل أو موزون .ففيي هذا الباب ثلثية فصيول :الول :فيي الرباع.
والثاني :في العروض .والثالث :في المكيل والموزون.
**4الفصل الول في الرباع.
@-فأما الرباع والصول ،فيجوز أن تقسم بالتراضي وبالسهمة إذا
عدلت بالقيمة ،اتفق أهل العلم على ذلك اتفاقا مجمل ،وإن كانوا
اختلفوا فيي محيل ذلك وشروطيه .والقسيمة ل تخلو أن تكون فيي
محييل واحيد أو فييي محال كثيرة ،فإذا كانييت فييي محيل واحيد فل
خلف فيي جوازهيا إذا انقسيمت إلى أجزاء متسياوية بالصيفة ولم
تنقص منفعة الجزاء بالنقسام ويجبر الشركاء على ذلك .وأما إذا
انقسيمت إلى ميا ل منفعية فييه ،فاختلف فيي ذلك مالك وأصيحابه،
فقال مالك :إنها تقسم بينهم إذا دعا أحدهم إلى ذلك ولو لم يصر
لواحد منهم إل ما ل منفعة فيه مثل قدر القدم ،وبه قال ابن كنانة
من أصحابه فقط ،وهو قول أبي حنيفة والشافعي ،وعمدتهم في
ذلك قوله تعالى {مميا قيل منيه أو كثير نصييبا مفروضيا} وقال ابين
القاسم :ل يقسم إل أن يصير لكل واحد في حظه ما ينتفع به من
غيير مضرة داخلة علييه فيي النتفاع مين قبيل القسيمة ،وإن كان ل
يراعيي فيي ذلك نقصيان الثمين .وقال ابين الماجشون :يقسيم إذا
صار لكل واحد منهم ما ينتفع به ،وإن كان من غير جنس المنفعة
التييي كانييت فييي الشتراك أو كانييت أقييل .وقال مطرف ميين
أصحابه :إن لم يصر في حظ كل واحد ما ينتفع به لم يقسم وإن
صار في حظ بعضهم ما ينتفع به ،وفي حظ بعضهم ما ل ينتفع به
قسييم وجييبروا على ذلك سييواء دعييا إلى ذلك صيياحب النصيييب
القلييل أو الكثيير ،وقييل يجيبر إن دعيا صياحب النصييب القلييل ،ول
يجييبر إن دعييا صيياحب النصيييب الكثييير ،وقيييل بعكييس هذا وهييو
ضعيف .واختلفوا من هذا الباب فيما إذا قسم انتقلت منفعته إلى
منفعية أخرى مثيل الحمام ،فقال مالك :يقسيم إذا طلب ذلك أحيد
الشريكيين ،وبيه قال أشهيب؛ وقال ابين القاسيم :ل يقسيم ،وهيو
قول الشافعييي .فعمدة ميين منييع القسييمة قوله صييلى الله عليييه
وسييلم "ل ضرر ول ضرار" وعمدة ميين رأى القسييمة قوله تعالى
{مميا قيل منيه أو كثير نصييبا مفروضيا} ومين الحجية لمين لم يير
القسيمة حدييث جابر عين أبييه "ل تعضيية على أهيل الميراث إل ما
حمل القسم" والتعضية :التفرقة ،يقول :ل قسمة بينهم .وأما إذا
كانيت الرباع أكثير مين واحيد فإنهيا ل تخلو أيضيا أن تكون مين نوع
واحيييد أو مختلفييية النواع ،فإذا كانيييت متفقييية النواع فإن فقهاء
المصيار فيي ذلك مختلفون؛ فقال مالك :إذا كانيت متفقية النواع
قسمت بالتقويم والتعديل والسهيمة ،وقال أبو حنيفة والشافعي:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بييل يقسييم كييل عقار على حدتييه؛ فعمدة مالك أنييه أقييل للضرر
الداخيل على الشركاء من القسمة .وعمدة الفريق الثانيي أن كل
عقار تعينيه بنفسيه لنيه تتعلق بيه الشفعية .واختلف أصيحاب مالك
إذا اختلفت النواع المتفقة في النفاق وإن تباعدت مواضعها على
ثلثية أقوال؛ وأميا إذا كانيت الرباع مختلفية مثيل أن يكون منهيا دور
ومنهييا حوائط ومنهييا أرض ،فل خلف أنييه ل يجمييع فييي القسييمة
بالسيهمة .ومين شرط قسييمة الحوائط المثمرة أن ل تقسييم مييع
الثمرة إذا بدا صيلحها باتفاق فيي المذهيب ،لنيه يكون بييع الطعام
بالطعام على رؤوس الثمير وذلك مزابنية .وأميا قسيمتها قبيل بدو
الصلح ففيه اختلف بين أصحاب مالك :أما ابن القاسم فل يجيز
ذلك قبيل البار بحال مين الحوال ،ويعتيل لذلك لنيه يؤدي إلى بييع
طعام بطعام متفاضل ،ولذلك زعيم أنيه لم يجيز مالك شراء الثمير
الذي لم يطيب بالطعام ل نسييئة ول نقدا؛ وأميا إن كان بعيد البار،
فإنه ل يجوز عنده إل بشرط أن يشترط أحدهما على الخر أن ما
وقيع مين الثمير فيي نصييبه فهيو داخيل فيي القسيمة ،وميا لم يدخيل
في نصيبه فهم فيه على الشركة ،والعلة في ذلك عنده أنه يجوز
اشتراط المشتري الثمييير بعيييد البار ول يجوز قبيييل البار ،فكأن
أحدهما اشترى حظ صاحبه من جميع الثمرات التي وقعت له في
القسيمة بحظيه مين الثمرات التيي وقعيت لشريكيه واشترط الثمير
وصيفة القسيم بالقرعية أن تقسيم الفريضية وتحقييق وتضرب إن
كان فيي سيهامها كسير إلى أن تصيح السيهام ،ثيم يقوم كيل موضيع
منها وكل نوع من غراساتها ،ثم يعدل على أقل السهام بالقيمة،
فربما عدل جزء من موضع ثلثة أجزاء من موضيع آخر على قييم
الرضين ومواضعها ،فإذا قسمت على هذه الصفات وعدلت كتبت
في بطائق أسماء الشراك وأسماء الجهات ،فمن خرج اسمه في
جهية أخيذ منهيا ،وقييل يرميي بالسيماء فيي الجهات ،فمين خرج
اسمه في جهة أخذ منها ،فإن كان أكثر من ذلك السهم ضوعف
له حتييى يتييم حظييه ،فهذه هييي حال قرعيية السييهم فييي الرقاب.
والسيييهمة إنميييا جعلهيييا الفقهاء فيييي القسيييمة تطييبيييا لنفوس
المتقاسيمين ،وهيي موجودة فيي الشرع فيي مواضيع :منهيا قوله
تعالى {فساهم فكان من المدحضين} وقوله {وما كنت لديهم إذ
يلقون أقلمهم أيهم يكفل مريم} ومن ذلك الثر الثابت الذي جاء
فييه " أن رجل أعتيق سيتة أعبيد عنيد موتيه ،فأسيهم رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم بينهييم ،فأعتييق ثلث ذلك الرقيييق" .وأمييا
الق سمة بالتراضيي سواء كانيت بعيد تعديل وتقوييم ،أو بغير تقوييم
وتعديييل ،فتجوز فييي الرقاب المتفقيية والمختلفيية لنهييا بيييع ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجوز فييي المكيييل ويجوز فييي الموزون ،ويدخييل فييي ذلك ميين
الخلف ميا يدخيل فيي جواز بيعيه تحرييا .وأميا إن لم يكين ذلك مين
صيييبرة واحدة وكانيييا صييينفين ،فإن كان ذلك مميييا ل يجوز فييييه
التفاضييل فل تجوز قسييمتها على جهيية الجمييع إل بالكيييل المعلوم
فيميا يكال ،وبالوزن بالصينجة المعروفية فيميا يوزن ،لنيه إذا كان
بمكيال مجهول لم يدر كم يحصل فيه من الصنف الواحد إذا كانا
مختلفييين ميين الكيييل المعلوم ،وهذا كله على مذهييب مالك ،لن
أصل مذهبه أنه يحرم التفاضل في الصنفين إذا تقاربت منافعهما
مثييل القمييح والشعييير ،وأمييا إن كان ممييا ل يجوز فيييه التفاضييل
فيجوز قسيمته على العتدال والتفاضيل البيين المعروف بالمكيال
المعروف أو الصينجة المعروفية :أعنيي على جهية الجميع وإن كانيا
صنفين ،وهذا الجواز كله في المذهب على جهة الرضا .وأما فيي
واجب الحكم فل تنقسم كل صبرة إل على حدة وإذا قسمت كل
صييييبرة على حدة جازت قسييييمتها بالمكيال المعلوم والمجهول،
فهذا كله هو حكم القسمة التي تكون في الرقاب.
**4القول في القسم الثاني وهو قسمة المنافع.
@-فأميا قسيمة المنافيع ،فإنهيا ل تجوز بالسيهمة على مذهيب ابين
القاسيم ،ول يجيبر عليهيا مين أباهيا ،ول تكون القرعية على قسيمة
المنافيع .وذهيب أبيو حنيفية وأصيحابه إلى أنيه يجيبر على قسيمة
المنافييع ،وقسييمة المنافييع هييي عنييد الجميييع بالمهايأة ،وذلك إمييا
بالزمان وإما بالعيان .وأما قسمة المنافع بالزمان فهو أن ينتفع
كيل واحيد منهميا بالعيين مدة متسياوية لمدة انتفاع صياحبه .وأميا
قسيم العيان بأن يقسيما الرقاب على أن ينتفيع كيل واحيد منهميا
بمييا حصييل له مدة محدودة والرقاب باقييية على أصييل الشركيية.
وفييي المذهييب فييي قسييمة المنافييع بالزمان اختلف فييي تحديييد
المدة التيي تجوز فيهيا القسيمة لبعيض المنافيع دون بعيض للغتلل
أو النتفاع مثييل اسييتخدام العبييد وركوب الدابيية وزراعيية الرض،
وذلك أيضا فيما ينقل ويحول ،أو ل ينقل ول يحول .فأما فيما ينقل
ويحول فل يجوز عند مالك وأصحابه في المدة الكثيرة ويجوز في
المدة اليسييرة ،وذلك فيي الغتلل والنتفاع وأميا فيميا ل ينقيل ول
يحول ،فيجوز في المدة البعيدة والجل البعيد ،وذلك في الغتلل
والنتفاع واختلفوا فييي المدة اليسيييرة فيمييا ينقييل ويحول فييي
الغتلل فقييل اليوم الواحيد ونحوه ،وقييل ل يجوز ذلك فيي الدابية
والعبد .وأما الستخدام فقيل يجوز في مثل الخمسة اليام ،وقيل
فيي الشهير وأكثير مين الشهير قليل .وأميا التهاييؤ فيي العيان بأن
يسييتعمل هذا دارا مدة ميين الزمان ،وهذا دارا تلك المدة بعينهييا،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقييل يجوز فيي سيكنى الدار وزراعية الرضيين ،ول يجوز ذلك فيي
الغلة والكراء إل فيييي الزمان اليسيييير ،وقييييل يجوز على قياس
التهايؤ بالزمان ،وكذلك القول في استخدام العبد والدواب يجري
القول فيييه على الختلف فييي قسييمتها بالزمان .فهذا هييو القول
فييي أنواع القسييمة فييي الرقاب ،وفييي المنافييع وفييي الشروط
المصححة والمفسدة .وبقي من هذا الكتاب القول في الحكام.
**4القول في الحكام.
@-والقسيمة مين العقود اللزمية ل يجوز للمتقاسيمين نقضهيا ول
الرجوع فيهييا إل بالطوارئ عليهييا .والطوارئ ثلثيية غبيين؛ أو وجود
عييب ،أو اسيتحقاق .فأميا الغبين فل يوجيب الفسيخ إل فيي قسيمة
القرعية باتفاق فيي المذهيب إل على قياس مين يرى له تأثيير فيي
البييع ،فيلزم على مذهبيه أن يؤثير فيي القسيمة .وأميا الرد بالعييب،
فإنه ل يخلو عن مذهب ابن القاسم أن يجد العيب في جل نصيبه
أو فييي أقله ،فإن وجده فييي جييل نصيييبه ،فإنييه ل يخلو أن يكون
النصييب الذي حصيل لشريكيه قيد فات أو لم يفيت ،فإن كان قيد
فات رد الواجييد للعيييب نصيييبه على الشركيية وأخييذ ميين شريكييه
نصف قيمة نصيبه يوم قبضه ،وإن كان لم يفت انفسخت القسمة
وعادت الشركة إلى أصلها ،وإن كان العيب في أقل ذلك رد ذلك
القيل على أصيل الشركية فقيط ،سيواء فات نصييب صياحبه أو لم
يفت ،ورجع على شريكه بنصف قيمة الزيادة ول يرجع في شيء
مميا فيي يده وإن كان قائميا بالعييب .وقال أشهيب :والذي يفييت
الرد قيد تقدم فيي كتاب البيوع .وقال عبيد العزييز بين الماجشون:
وجود العيييب يفسييخ القسييمة التييي بالقرعيية ول يفسييخ التييي
بالتراضيي ،لن التيي بالتراضيي هيي بييع ،وأميا التيي بالقرعية فهيي
تمييييز حييق ،وإذا فسييخت بالغبيين وجييب أن تفسييخ بالرد بالعيييب.
وحكييم السييتحقاق عنييد ابيين القاسييم حكييم وجود العيييب إن كان
المستحق كثيرا وحظ الشريك لم يفت رجع معه شريكا فيما في
يدييه ،وإن كان قيد فات رجيع علييه بنصيف قيمية ميا فيي يدييه ،وإن
كان يسييرا رجيع علييه بنصيف قيمية ذلك الشييء .وقال محميد :إذا
استحق ما في يد أحدهما بطلت القسمة في قسمة القرعة ،لنه
قيد تيبين أن القسيمة لم تقيع على عدل كقول ابين الماجشون فيي
العييب وأميا إذا طرأ على المال حيق فييه مثيل طوارئ الديين على
التركية بعيد القسيمة أو طرو الوصيية أو طرو وارث ،فإن أصيحاب
مالك اختلفوا في ذلك .فأما إن طرأ الدين قيل في المشهور في
المذهيب وهيو قول ابين القاسيم :إن القسيمة تنتقيض إل أن يتفيق
الورثة على أن يعطوا الد ين من عندهيم ،وسواء كانت حظوظهم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عنيد مالك أن يرتهين ميا ل يحيل بيعيه فيي وقيت الرتهان كالزرع
والثميير لم يبييد صييلحه ول يباع عنده فييي أداء الدييين إل إذا بدا
صلحه وإن حل أجل الدين؛ وعند الشافعي قولن في رهن الثمر
الذي لم يبييد صييلحه ،ويباع عنده عنييد حلول الدييين على شرط
القطيع؛ قال أبيو حاميد :والصيح جوازه؛ ويجوز عنيد مالك رهين ميا
لم يتعييين كالدنانييير والدراهييم إذا طبييع عليهييا ،وليييس ميين شرط
الرهين أن يكون ملكيا للراهين ل عنيد مالك ول عنيد الشافعيي ،بيل
قيد يجوز عندهميا أن يكون مسيتعارا .واتفقوا على أن مين شرطيه
أن يكون إقراره فيي ييد المرتهين مين قبيل الراهين .واختلفوا إذا
كان قبيض المرتهين له بغصيب ثيم أقره المغصيوب منيه فيي يده
رهنيا ،فقال مالك :يصيح أن ينقيل الشييء المغصيوب مين ضمان
الغصييب إلى ضمان الرهيين ،فيجعييل المغصييوب منييه الشيييء
المغصوب رهنا في يد الغاصيب قبيل قبضيه منه؛ وقال الشافعيي:
ل يجوز بيل يبقيى على ضمان الغصيب إل أن يقبضيه .واختلفوا فيي
رهن المشاع ،فمنعه أبو حنيفة وأجازه مالك والشافعي .والسبب
في الخلف هل تمكن حيازة المشاع أم ل تمكن.
@(-الركن الثالث) وهو الشيء المرهون فيه ،وأصل مذهب مالك
فيي هذا أنيه يجوز أن يؤخيذ الرهين فيي جمييع الثمان الواقعية فيي
جمييييع البيوعات إل الصيييرف ورأس المال فيييي السيييلم المتعلق
بالذميية ،وذلك لن الصييرف ميين شركييه التقابييض ،فل يجوز فيييه
عقدة الرهييييين ،وكذلك رأس مال السيييييلم وإن كان عنده دون
الصرف في هذا المعنى .وقال قوم من أهل الظاهر :ل يجوز أخذ
الرهين إل فيي السيلم خاصية :أعنيي فيي السيلم فييه ،وهؤلء ذهبوا
إلى ذلك لكون آييية الرهيين واردة فييي الدييين فييي المييبيعات وهييو
السلم عندهم ،فكأنهم جعلوا هذا شرطا من شروط صحة الرهن،
لنيه قال فيي أول اليية {ييا أيهيا الذيين آمنوا إذا تداينتيم بديين إلى
أجيل مسيمى فاكتبوه} ثيم قال {وإن كنتيم على سيفر ولم تجدوا
كاتبيا فرهان مقبوضية} فعلى مذهيب مالك يجوز أخيذ الرهين فيي
السلم وفي القرض وفي الغصب وفي قيم المتلفات وفي أروش
الجنايات فييييي الموال ،وفييييي جراح العمييييد الذي ل قود فيييييه
كالمأموميية والجائفيية .وأمييا قتييل العمييد والجراح التييي يقاد منهييا
فيتخرج في جواز أخذ الرهن في الدية فيها إذا عفا الولي قولن:
أحدهميييا أن ذلك يجوز ،وذلك على القول بأن الولي مخيييير فيييي
العمييد بييين الدييية والقود .والقول الثانييي أن ذلك ل يجوز ،وذلك
أيضا مبني على أن ليس للولي إل القود فقط إذا أبى الجاني من
إعطاء الديية ،ويجوز فيي قتيل الخطيأ أخيذ الرهين ممين يتعيين مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
العاقلة وذلك بعد الحول ،ويجوز في العارية التي تضمن ،ول يجوز
فيميا ل يضمين ،ويجوز أخذه فيي الجارات ،ويجوز فيي الجعيل بعيد
العمييل ،ول يجوز قبله ،ويجوز الرهيين فييي المهيير ،ول يجوز فييي
الحدود ول فيي القصياص ول فيي الكتابية ،وبالجملة فيميا ل تصيح
فييييه الكفالة .وقالت الشافعيييية :المرهون فييييه له شرائط ثلث:
أحدهيا أن يكون دينيا ،فإنيه ل يرهين فيي عيين .والثانيي أن يكون
واجبيييا ،فإنيييه ل يرهييين قبيييل الوجوب ،مثيييل أن يسيييترهنه بميييا
يسيييتقرضه ،ويجوز ذلك عنيييد مالك .والثالث أن ل يكون لزوميييه
متوقعيا أن يجيب ،وأن ل يجيب كالرهين فيي الكتابية ،وهذا المذهيب
قريب من مذهب مالك.
**3القول في الشروط.
@-وأميييا شروط الرهييين ،فالشروط المنطوق بهيييا فيييي الشرع
ضربان :شروط صيييحة ،وشروط فسييياد .فأميييا شروط الصيييحة
المنطوق بها في الرهن :أعني في كونه رهنا فشرطان :أحدهما
متفيق علييه بالجملة ومختلف فيي الجهية التيي هيو بهيا شرط وهيو
القبييض .والثانييي مختلف فييي اشتراطييه ،فأمييا القبييض فاتفقوا
بالجملة على أنيييييه شرط فيييييي الرهييييين لقوله تعالى {فرهان
مقبوضيية} واختلفوا هييل هييو شرط تمام أو شرط صييحة؟ وفائدة
الفرق أن مين قال شرط صيحة قال :ميا لم يقيع القبيض لم يلزم
الرهيين الراهيين؛ وميين قال شرط تمام قال :يلزم بالعقييد ويجييبر
الراهين على القباض إل أن يتراخيى المرتهين عين المطالبية حتيى
يفلس الراهييين أو يمرض أو يموت ،فذهيييب مالك إلى أنيييه مييين
شروط التمام ،وذهب أبو حنيفة والشافعي وأهل الظاهر إلى أنه
من شروط ال صحة .وعمدة مالك قياس الرهن على سائر العقود
اللزمييية بالقول .وعمدة الغيييير قوله تعالى {فرهان مقبوضييية}
وقال بعيض أهيل الظاهير :ل يجوز الرهين إل أن يكون هنالك كاتيب
لقوله تعالى {ولم تجدوا كاتبييا فرهان مقبوضيية} ول يجوز أهييل
الظاهر أن يوضع الرهن على يدي عدل ،وعند مالك أن من شرط
صيحة الرهين اسيتدامة القبيض ،وأنيه متيى عاد إلى ييد الراهين بإذن
المرتهين بعاريية أو وديعية أو غيير ذلك ،فقيد خرج مين اللزوم وقال
الشافعيي :لييس اسيتدامة القبيض مين شرط الصيحة ،فمالك عميم
الشرط على ظاهره ،فألزم ميين قوله تعالى {فرهان مقبوضيية}
وجود القبيض واسيتدامته .والشافعيي يقول :إذا وجيد القبيض فقيد
صح الرهن وانعقد ،فل يحل ذلك إعارته ول غير ذلك من التصرف
فييه كالحال فيي البييع ،وقيد كان الولى بمين يشترط القبيض فيي
صيحة العقيد أن يشترط السيتدامة ،ومين لم يشترط فيي الصيحة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حنيفييية والثوري؛ وفرق مالك فقال :ميييا كان مييين نماء الرهييين
المنفصييل على خلقتييه وصييورته ،فإنييه داخييل فييي الرهيين كولد
الجارية مع الجارية وأما ما لم يكن على خلقته فإنه ل يدخل في
الرهيين كان متولدا عنييه كثميير النخييل أو غييير متولد ككراء الدار
وخراج الغلم .وعمدة من رأى أن نماء الرهن وغلته للراهن قوله
عليييه الصييلة والسييلم "الرهيين محلوب ومركوب" قالوا :ووجييه
الدليييل ميين ذلك أنييه لم يرد بقوله "مركوب ومحلوب" أي يركبييه
الراهين ويحلبيه ،لنيه كان يكون غيير مقبوض ،وذلك مناقيض لكونيه
رهنيا ،فإن الراهين مين شرطيه القبيض ،قالوا :ول يصيح أيضيا أن
يكون معناه أن المرتهييين يحلبيييه ويركبيييه ،فلم يبيييق إل أن يكون
المعنى في ذلك أن أجرة ظهرة لربه ونفقته عليه .واستدلوا أيضا
بعموم قوله علييه الصيلة والسيلم "الرهين ممين رهنيه له غنميه
وعليه غرمه" قالوا :ولنه نماء زائد على مارضيه رهنا ،فوجب أن
ل يكون له إل بشرط زائد .وعمدة أبييي حنيفيية أن الفروع تابعيية
للصول فوجب لها حكم الصل ،ولذلك حكم الولد تابع لحكم أمه
فيي التدبيير والكتابية .وأميا مالك فاحتيج بأن الولد حكميه حكيم أميه
في البيع :أي هو تابع لها ،وفرق بين الثمر والولد في ذلك بالسنة
المفرقية فيي ذلك ،وذلك أن الثمير ل يتبيع بييع الصيل إل بالشرط
وولد الجاريية يتبيع بغيير شرط .والجمهور على أن لييس للمرتهين
أن ينتفييع بشيييء ميين الرهيين؛ وقال قوم :إذا كان الرهيين حيوانييا
فللمرت هن أن يحلبيه ويرك به بقدر ما يعل فه وينفيق علييه ،وهو قول
أحمد وإسحق ،واحتجوا بما رواه أبو هريرة عن النبي عليه الصلة
والسيييلم أنيييه قال "الرهييين محلوب ومركوب" ومييين هذا الباب
اختلفهم في الرهن يهلك عند المرتهن ممن ضمانه؟ فقال قوم:
الرهن أمانة وهو من الراهن ،والقول قول المرتهن مع يمينه أنه
مييا فرط فيييه ومييا جنييى عليييه ،ومميين قال بهذا القول الشافعييي
وأحمييد وأبييو ثور وجمهور أهييل الحديييث؛ وقال قوم :الرهيين ميين
المرتهين ومصييبته منيه ،وممين قال بهذا القول أبيو حنيفية وجمهور
الكوفيين.
والذييين قالوا بالضمان انقسييموا قسييمين :فمنهييم ميين رأى أن
الرهين مضمون بالقيل مين قيمتيه أو قيمية الديين ،وبيه قال أبيو
حنيفة وسفيان وجماعة .ومنهم من قال :هو مضمون بقيمته قلت
أو كثرت ،وإنييه إن فضييل للراهيين شيييء فوق دينييه أخذه ميين
المرتهيين ،وبييه قال علي ابيين أبييي طالب وعطاء وإسييحق .وفرق
قوم بييين مييا ل يغاب عليييه مثييل الحيوان والعقار ممييا ل يخفييى
هلكيه ،وبيين ميا يغاب علييه مين العروض ،فقالوا :هيو ضامين فيميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يغاب عليييه ومؤتميين فيمييا ل يغاب عليييه ،ومميين قال بهذا القول
مالك والوزاعيييي وعثمان البتيييي ،إل أن مالكيييا يقول :إذا شهيييد
الشهود بهلك ميا يغاب علييه مين غيير تضيييع ول تفرييط ،فإنيه ل
يضمين وقال الوزاعيي وعثمان البتيي :بيل يضمين على كيل حال
قامييت بينيية أو لم تقييم ،وبقول مالك قال ابيين القاسييم ،وبقول
عثمان والوزاعيييي قال أشهيييب .وعمدة مييين جعله أمانييية غيييير
مضمون حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى
الله علييه وسيلم قال "ل يغلق الرهين وهيو ممين رهنيه له غنميه
وعلييه غرميه" :أي له غلتيه وخراجيه ،وعلييه افتكاكيه مصييبته منيه.
قالوا :وقد رضي الراهن أمانته فأشبه المودع عنده .وقال المزني
ميين أصييحاب الشافعييي محتجييا له :قييد قال مالك ومين تابعييه إن
الحيوان وميا ظهير هلكيه أمانية ،فوجيب أن يكون كله كذلك .وقيد
قال أبيو حنيفية :إن ميا زاد مين قيمية الرهين على قيمية الديين فهيو
أمانيية فوجييب أن يكون كله أمانيية ،ومعنييى قوله عليييه الصييلة
والسييلم عنييد مالك وميين قال بقوله "وعليييه غرمييه" أي نفقتييه.
قالوا :ومعنييى ذلك قوله عليييه الصييلة والسييلم "الرهيين مركوب
ومحلوب" أي أجرة ظهره لربه ،ونفقته عليه،
وأميا أبيو حنيفية وأصيحابه فتأولوا قوله علييه الصيلة والسيلم "له
غنمه وعليه غرمه" أن غنمه ما فضل منه على الدين ،وغرمه ما
نقص .وعمدة من رأى أنه مضمون من المرتهن أنه عين تعلق بها
حيق السيتيفاء ابتداء فوجيب أن يسيقط بتلفيه ،أصيله تلف الميبيع
عنيد البائع إذا أمسيكه حتيى يسيتوفي الثمين ،وهذا متفيق علييه مين
الجمهور ،وإن كان عند مالك كالرهين؛ وربميا احتجوا بما روي عن
النيبي صيلى الله علييه وسيلم "أن رجل ارتهين فرسيا مين رجيل،
فنفق في يده ،فقال عليه الصلة والسلم للمرتهن :ذهب حقك"
وأميا تفرييق مالك بيين ميا يغاب علييه وبيين ميا ل يغاب علييه فهيو
اسييتحسان ،ومعنييى ذلك أن التهميية تلحييق فيمييا يغاب عليييه ،ول
تلحق فيما ل يغاب عليه .وقد اختلفوا في معنى الستحسان الذي
يذهيب إلييه مالك كثيرا ،فضعفيه قوم وقالوا :إنيه مثيل اسيتحسان
أبييي حنيفيية ،وحدوا السييتحسان بأنييه قول بغييير دليييل .ومعنييى
السيتحسان عنيد مالك هيو جميع بيين الدلة المتعارضية ،وإذا كان
ذلك كذلك فلييس هيو قول بغيير دلييل .والجمهور على أنيه ل يجوز
للراهين بييع الرهين ول هبتيه ،وأنيه إن باعيه فللمرتهين الجارة أو
الفسيخ .قال مالك :وإن زعيم أن إجارتيه ليتعجيل حقيه حلف على
ذلك وكان له .وقال قوم :يجوز بيعه .وإن كان للرهن غلما أو أمة
فأعتقهيا الراهين فعنيد مالك أنيه إن كان الراهين موسيرا جاز عتقيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وعجيل للمرتهين حقيه ،وإن كان معسيرا بيعيت وقضيي الحيق مين
ثمنهييا وعنييد الشافعييي ثلثيية أقوال :الرد ،والجازة ،والثالث مثييل
قول مالك وأمييا اختلف الراهيين والمرتهيين فييي قدر الحييق الذي
وجب به الرهن ،فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك ،فقال مالك :القول
قول المرتهين فيميا ذكره مين قدر الحيق ميا لم تكين قيمية الرهين
أقييل ميين ذلك ،فمييا زاد على قيميية الرهيين فالقول قول الراهيين.
وقال الشافعيييي وأبيييو حنيفييية والثوري وجمهور فقهاء المصيييار:
القول في قدر الحق قول الراهن
وعمدة الجمهور أن الراهين مدعيى علييه ،والمرتهين مدع ،فوجيب
أن تكون اليميييين على الراهييين على ظاهييير السييينة المشهورة.
وعمدة مالك ههنييا أن المرتهيين وإن كان مدعيييا فله ههنييا شبهيية
بنقيل اليميين إلى حيزه ،وهيو كون الرهين شاهدا له ،ومين أصيوله
أن يحلف أقوى المتداعيين شبهة ،وهذا ل يلزم عند الجمهور ،لنه
قيد يرهن الراهين الشيء وقيمتيه أكثير من المرهون فييه .وأما إذا
تلف الرهيين واختلفوا فييي صييفته ،فالقول ههنييا عنييد مالك قول
المرتهين لنيه مدعيى علييه ،وهيو مقير ببعيض ميا ادعيى علييه وهذا
على أصوله ،فإن المرتهن أيضا هو الضامن فيما يغاب عليه .وأما
على أصول الشافعي ،فل يتصور على المرتهن يمين إل أن يناكره
الراهن في إتلفه .وأما عند أبي حنيفة فالقول قول المرتهن في
قيمة الرهن ،وليس يحتاج إلى صفة ،لن مالك يحلف على الصفة
وتقوييم تلك الصيفة .وإذا اختلفوا فيي المريين جميعيا ،أعنيي فيي
صفة الرهن وفي نقدار الرهن كان القول قول المرتهن في صفة
الرهن ،وفي الحق ما كنت قيمة الصفة التي حلف عليها شاهدة
له ،وفييه ضعيف ،وهيل يشهيد الحيق لقيمية الرهين إذا اتفقيا فيي
الحق واختلفا في قيمة الرهن؟ في المذهب فيه قولن ،والقيس
الشهادة ،لنه إذا شهد الرهن للدين شهد الدين للمرهون .وفروع
هذا الباب كثيرة ،وفيما ذكرناه كفاية في غرضنا.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحجر
@-والنظيير فييي هذا الكتاب فييي ثلثيية أبواب :الباب الول :فييي
أصييناف المحجورييين .الثانييي :متييى يخرجون ميين الحجيير ،ومتييى
يحجيير عليهييم ،وبأي شروط يخرجون .الثالث :فييي معرفيية أحكام
أفعالهم في الرد والجازة.
**3الباب الول في أصناف المحجورين.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أفعاله كلهيا مردودة وإن ظهير رشده حتيى يخرج مين الوليية ،وهيو
قول ضعيف ،فإن المؤثر هو الرشد ل حكم الحاكم .وأما اختلفهم
فييي الرشيد ميا هيو؟ فإن مالكيا يرى أن الرشيد هيو تثميير المال
وإصيلحه فقيط ،والشافعيي يشترط ميع هذا صيلح الديين .وسيبب
اختلفهيم هل ينطلق اسم الرشد على غير صالح الدين؟ ؟ وحال
البكير ميع الوصيي كحال الذكير ل يخرج مين الوليية إل بالخراج ميا
لم تعنيس على اختلف فيي ذلك ،وقييل حالهيا ميع الوصيي كحالهيا
مع الب وهو قول ابن الماجشون .ولم يختلف قولهم إنه ل يعتبر
فيهيا الرشيد كاختلفهيم فيي اليتييم .وأميا المهميل مين الذكور فإن
المشهور أن أفعاله جائزة إذا بلغ الحلم كان سيفيها متصيل السيفه
أو غيير متصيل السيفه ،معلنيا بيه أو غيير معلن .وأميا ابين القاسيم
فيعتييبر نفييس فعله إذا وقييع ،فإن كان رشدا جاز وإل رده .فأمييا
اليتيمية التيي ل أب لهيا ول وصيي فإن فيهيا فيي المذهيب قوليين:
أحدهميا أن أفعالهيا جائزة إذا بلغيت المحييض .والثانيي أن أفعالهيا
مردودة ما لم تعنس وهو المشهور.
الباب الثالث في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والجازة.
والنظير فيي هذا الباب فيي شيئيين :أحدهميا ميا يجوز لصينف صينف
مين المحجوريين مين الفعال ،وإذا فعلوا فكييف حكيم أفعالهيم فيي
الرد والجازة ،وكذلك أفعال المهملين وهم الذين بلغوا الحلم من
غيير أب ول وصيي ،وهؤلء كميا قلنيا إميا صيغار وإميا كبار متصيلو
الحجر من الصغر وإما مبتدأ حجرهم .فأما الصغار الذين لم يبلغوا
الحلم من الرجال ول المحيض من النساء فل خلف في المذهب
في أنه ل يجوز له في ماله معروف من هبة ول صدقة ول عطية
ول عتيق وإن أذن له الب فيي ذلك أو الوصيي ،فإن أخرج مين يده
شيئا بغير عوض كان موقوفا على نظر وليه إن كان له ولي ،فإن
رآه رشدا أجازه وإل أبطله ،وإن لم يكييييييين له ولي قدم له ولي
ينظر في ذلك ،وإن عمل في ذلك حتى يلي أمره كان النظر إليه
فيي الجازة أو الرد .واختلف إذا كان فعله سيدادا ونظرا فيميا كان
يلزم الولي أن يفعله هييل له أن ينقضييه إذا آل الميير إلى خلف
بحوالة السيييواق أو نماء فيميييا باعيييه أو نقصيييان فيميييا ابتاعيييه،
فالمشهور أن ذلك له ،وقييل إن ذلك لييس له ،ويلزم الصيغير ميا
أفسيد فيي ماله مميا لم يؤتمين علييه .واختلف فيميا أفسيد وكسير
مما اؤتمن عليه ،ول يلزمه بعد بلوغه رشده عتق ما حلف بحريته
في صغره وحنث به في صغره .واختلف فيما حنث فيه في كبره
وحلف بيه فيي صيغره ،فالمشهور أنيه ل يلزميه .وقال ابين كنانية:
يلزمه ول يلزمه فيما ادعى عليه يمين .واختلف إذا كان له شاهد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحيد هيل يحلف معيه؟ فالمشهور أنيه ل يحلف ،وروي عين مالك
واللييث أنيه يحلف .وحال البكير ذات الب والوصيي كالذكير ميا لم
تعنس على مذهب من يعتبر تعنيسها .أما السفيه البالغ ،فجمهور
العلماء على أن المحجور إذا طلق زوجتيه أو خالعهيا مضيى طلقيه
وخلعيه ،إل ابين أبيي ليلى وأبيا يوسيف ،وخالف ابين أبيي ليلى فيي
العتق فقال :إنه ينفذ ،وقال الجمهور :إنه ل ينفذ .وأما وصيته فل
أعلم خلفيا فيي نفوذهيا ،ول تلزميه هبية ول صيدقة ول عطيية ول
عتيق ولشييء مين المعروف إل أن يعتيق أم ولده ،فيلزميه عتقهيا،
وهذا كله فيي المذهيب ،وهيل يتبعهيا مالهيا؟ فييه خلف ،قييل يتبيع،
وقييل ل يتبيع ،وقييل بالفرق بيين القلييل والكثيير .وأميا ميا يفعله
بعوض ،فهو أيضا موقوف على نظر وليه إن كان له ولي ،فإن لم
يكييين له ولي قدم له ولي ،فإن رد بيعيييه الولي وكان قيييد أتلف
الثمن لم يتبع من ذلك بشيء ،وكذلك إن أتلف عين المبيع.
وأمييا أحكام أفعال المحجورييين أو المهملييين على مذهييب مالك
فإنهييا تنقسييم إلى أربعيية أحوال :فمنهييم ميين تكون أفعاله كلهييا
مردودة ،وإن كان فيها ما هو رشد .ومنهم ضد هذا ،وهو أن تكون
أفعاله كلهييا محمولة على الرشييد وإن ظهيير فيهييا مييا هييو سييفه.
ومنهييم ميين تكون أفعاله كلهييا محمولة على السييفه مييا لم يتييبين
رشده .وعكيس هذا أيضيا وهيو أن تكون أفعاله كلهيا محمولة على
الرشيد حتيى يتيبين سيفهه .فأميا الذي يحكيم له بالسيفه وإن ظهير
رشده فهيو الصيغير الذي لم يبلغ ،والبكير ذات الب ،والوصيي ميا
لم تعنييس على مذهييب ميين يعتييبر التعنيييس .واختلف فييي حده
اختلفا كثيرا من دون الثلثين إلى الستين ،والذي يحكم له بحكم
الرشد وإن علم سفهه ،فمنها السفيه إذا لم تثبت عليه ولية من
قبل أبيه ،ول من قبل السلطان على مشهور مذهب مالك ،خلفا
لبين القاسيم الذي يعتيبر نفيس الرشيد ل نفيس الوليية ،والبكير
اليتيميية المهملة على مذهييب سييحنون .وأمييا الذي يحكييم عليييه
بالسفه بحكم ما لم يظهر رشده :فالبن بعد بلوغه في حياة أبيه
على المشهور فيي المذهيب ،وحال البكير ذات الب التيي ل وصيي
لها إذا تزوجت ودخل بها زوجها ما لم يظهر رشدها ،وما لم تبلغ
الحيد المعتيبر فيي ذلك مين السينين عنيد مين يعتيبر ذلك ،وكذلك
اليتيمة التي ل وصي لها على مذهب من يرى أن أفعالها مردودة.
وأما الحال التي يحكم فيها بحكم الرشد حتى يتبين السفه :فمنها
حال البكير المعنيس عنيد مين يعتيبر التعنييس ،أو التيي دخيل بهيا
زوجهيا ومضيى لدخوله الحيد المعتيبر مين السينين عنيد مين يعتيبر
الحيد ،وكذلك حال البين ذي الب إذا بلغ وجهلت حاله على إحدى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الروايتين ،والبنة البكر بعد بلوغها على الرواية التي ل تعتبر فيها
دخولها مع زوجها .فهذه هي جمل ما في الكتاب والفروع كثيرة.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب التفليس.
@-والنظر في هذا الكتاب فيما هو الفلس ،وفي أحكام المفلس،
فنقول :إن الفلس فييي الشرع يطلق على معنيييين :أحدهمييا أن
يسييتغرق الدييين مال المدييين ،فل يكون فييي ماله وفاء بديونييه.
والثانييي أن ل يكون له مال معلوم أصييل ،وفييي كل الفلسييين قييد
اختلف العلماء فيي أحكامهميا .فأميا الحالة الولى وهيي إذا ظهير
عنيد الحاكيم مين فلسيه ميا ذكرنيا ،فاختلف العلماء فيي ذلك هيل
للحاكم أن يحجر عليه التصرف في ماله حتى يبيعه عليه ويقسمه
على الغرماء على نسبة ديونهم ،أم ليس له ذلك؟ بل يحبس حتى
يدفيع إليهيم جمييع ماله على أي نسيبة اتفقيت أو لمين اتفيق منهيم،
وهذا الخلف بعينيه يتصيور فيمين كان له مال يفيي بدينيه ،فأبيى أن
ينصف غرماءه ،هل يبيع عليه الحاكم فيقسمه عليهم ،أم يحبسه
حتيى يعطيهيم بيده ميا علييه؟ فالجمهور يقولون :ييبيع الحاكيم ماله
علييه ،فينصيف منيه غرماءه أو غريميه إن كان ملييا ،أو يحكيم علييه
بالفلس إن لم ييف ماله بديونيه ويحجير علييه التصيرف فييه ،وبيه
قال مالك والشافعيي ،وبالقول الخير قال أبيو حنيفية وجماعية مين
أهل العراق .وحجة مالك والشافعي حديث معاذ بن جبل "أنه كثر
دينيه فيي عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فلم يزد غرماءه
على أن جعله لهم من ماله ،وحديث أبي سعيد الخدري" أن رجل
أصيييب على عهييد رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فييي ثميير
ابتاعهييا فكثيير دينييه فقال رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم:
تصدقوا عليه ،فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء بدينه ،فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :خذوا ما وجدتم وليس لكم إل
ذلك" وحدييث عمير فيي القضاء على الرجيل المفلس فيي حبسيه
وقوله فييه :أميا بعيد ،فإن السييفع "أسييفع جهينية" رضيي مين دينيه
وأمانتيه بأن يقال سيبق الحاج ،وأنيه ادان معرضيا فأصيبح قدريين
علييه ،فمين كان له علييه ديين فليأتينيا .وأيضيا مين طرييق المعنيى
فإنييه إذا كان المريييض محجورا عليييه لمكان ورثتييه ،فأحرى أن
يكون المدييييين محجورا عليييييه لمكان الغرماء ،وهذا القول هييييو
الظهير ،لنيه أعدل والله أعلم .وأميا حجيج الفرييق الثانيي الذيين
قالوا بالحبييس حتييى يعطييي مييا عليييه أو يموت محبوسييا ،فيييبيع
القاضيي حينئذ ماله ويقسيمه على الغرماء ،فمنهيا حدييث جابر بين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عبد الله حين استشهد أبوه بأحد وعليه دين ،فلما طالبه الغرماء
قال جابر "فأتييت النيبي صيلى الله علييه وسيلم فكلمتيه ،فسيألهم
أن يقبلوا منييي حائطييي ،ويحللوا أبييي ،فأبوا ،فلم يعطهييم رسييول
الله صلى الله عليه وسلم حائطي قال :ولكن سأغدو عليك ،قال:
فغدا علينا حين أصبح فطاف بالنخل فدعا في ثمرها بالبركة قال:
فجذذتها فقضيت منها حقوقهم ،وبقي من ثمرها بقية" وبما روي
أيضيا أنيه مات أسييد بين الحضيير وعلييه عشرة آلف درهيم ،فدعيا
عمير بين الخطاب غرماءه ،فقبلهيم أرضيه أربيع سينين مميا لهيم
علييه .قالوا :فهذه الثار كلهيا لييس فيهيا أنيه بييع أصيل فيي ديين
ي الواجيدقالوا :يدل على حبسيه قوله صيلى الله علييه وسيلم "ل ُّي
يحيل عرضيه وعقوبتيه" قالوا :العقوبية هيي حبسيه .وربميا شبهوا
اسييتحقاق أصييول العقار عليييه باسييتحقاق إجازتييه ،وإذا قلنييا إن
المفلس محجور علييه ،فالنظير فيي ماذا يحجير علييه ،وبأي ديون
تكون المحاصة في ماله وفي أي شيء من ماله تكون المحاصة؟
وكيييف تكون؟ .فأمييا المفلس فله حالن :حال فييي وقييت الفلس
قبيل الحجير علييه ،وحال بعيد الحجير .فأميا قبيل الحجير فل يجوز له
إتلف شييء مين ماله عنيد مالك بغيير عوض إذا كان مميا ل يلزميه
ومميا ل تجري العادة بفعله ،وإنميا اشترط إذا كان مميا ل يلزميه،
لن له أن يفعيل ميا يلزم بالشرع وإن لم يكين بعوض كنفقتيه على
الباء المعسيرين أو البناء ،وإنميا قييل مميا لم تجير العادة بفعله،
لن له إتلف اليسيير مين ماله بغيير عوض كالضحيية والنفقية فيي
العييد والصيدقة اليسييرة ،وكذلك تراعيي العادة فيي إنفاقيه فيي
عوض كالتزوج والنفقية على الزوجية ،ويجوز بيعيه وابتياعيه ميا لم
تكين فييه محاباة ،وكذلك يجوز إقراره بالديين لمين ل يتهيم علييه.
واختلف قول مالك في قضاء بعض غرمائه دون بعض وفي رهنه.
وأما جمهور من قال بالحجر على المفلس فقالوا :هو قبل الحكم
كسييائر الناس ،وإنمييا ذهييب الجمهور لهذا لن الصييل هييو جواز
الفعال حتيى يقيع الحجير ،ومالك كأنيه اعتيبر المعنيى نفسيه ،وهيو
إحاطية الديين بماله لكين لم يعتيبره فيي كيل حال ،لنيه يجوز بيعيه
وشراؤه إذا لم يكين فييه محاباة ،ول يجوزه للمحجور علييه .وأميا
حاله بعييد التفليييس فل يجوز له فيهييا عنييد مالك بيييع ول شراء ول
أخييذ ول عطاء ،ل يجوز إقراره بدييين فييي ذمتييه لقريييب ول بعيييد،
قيل إل أن يكون لواحد منهم بينة ،وقيل يجوز لمن يعلم منه إليه
تقاض .واختلف فييي إقراره بمال معييين مثييل القراض والوديعيية
على ثلثيية أقوال فييي المذهييب :بالجواز ،والمنييع ،والثالث بالفرق
بييين أن يكون على أصييل القراض أو الوديعيية ببينيية أو ل تكون،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
خرجت من يده ولم يمت فيقولون :هو أحق بها في الفلس دون
الموت ،ومرة يشبهون ذلك بالموت الذي فاتيت فييه فيقولون :هيو
أسييوة الغرماء ومثال ذلك اختلفهييم فيميين اسييتؤجر على سييقي
حائط فسيقاه حتيى أثمير الحائط ثيم أفلس المسيتأجر فإنهيم قالوا
فيه الثلثة القوال .وتشبيه بيع المنافع في هذا الباب ببيع الرقاب
هو شيء -فيما أحسب -انفرد به مالك دون فقهاء المصار ،وهو
ضعييف لن قياس الشبيه المأخوذ مين الموضيع المفارق للصيول
يضعييف ،ولذلك ضعييف عنييد قوم القياس على موضييع الرخييص،
ولكين انقدح هنالك قياس علة ،فهيو أقوى؛ ولعيل المالكيية تدعيى
وجود هذا المعنييى فييي القياس ،ولكيين هذا كله ليييس يليييق بهذا
المختصر .ومن هذا الباب اختلفهم في العبد المفلس المأذون له
فيي التجارة هيل يتبيع بالديين فيي رقبتيه أم ل؟ فذهيب مالك وأهيل
الحجاز إلى أنه إنما يتبع بما في يده ل في رقبته ،ثم إن أعتق بما
بقيي علييه ورأى قوم أنيه يباع ،ورأى قوم أن الغرماء يخيرون بيين
بيعيه وبيين أن يسيعى فيميا بقيي علييه مين الديين ،وبيه قال شرييح،
وقالت طائفية :بيل يلزم سييده ميا علييه وإن لم يشترطيه ،فالذيين
لم يروا بيع رقبته قالوا :إنما عامل الناس على ما في يده فأشبه
الحيير ،والذييين رأوا بيعييه شبهوا ذلك بالجنايات التييي يجنييي ،وأمييا
الذيين رأوا الرجوع على السييد بميا علييه مين الديين فإنهيم شبهوا
ماله بمال السيد إذ كان له انتزاعه.
فسيبب الخلف هيو تعارض أقيسية الشبيه فيي هذه المسيألة ،ومين
هذا المعنى إذا أفلس العبد والمولى معا بأي يبدأ ،هل بدين العبد،
أم بديين المولى؟ فالجمهور يقولون :بديين العبيد ،لن الذيين داينوا
العبيد إنميا فعلوا ذلك ثقية بميا رأوا عنيد العبيد مين المال ،والذيين
داينوا المولى لم يعتدوا بمال العبيد ،ومين رأى البدء بالمولى قال:
لن مال العبيد هيو فيي الحقيقية للمولى .فسيبب الخلف تردد مال
العبيد بيين أن يكون حكميه حكيم مال الجنيبي أو حكيم مال السييد.
وأميا قدر ما يترك للمفلس من ماله فقيل في المذهيب :يترك له
ميا يعييش بيه هيو وأهله وولده الصيغار اليام؛ وقال فيي الواضحية
والعتبيية :الشهير ونحوه ،ويترك له كسيوة مثله؛ وتوقيف مالك فيي
كسيوة زوجتيه لكونهيا هيل تجيب لهيا بعوض مقبوض ،وهيو النتفاع
بهيا أو بغيير عوض؛ وقال سيحنون ل يترك له كسيوة زوجتيه؛ وروى
ابن نافع عن مالك أنه ل يترك له إل ما يواريه ،وبه قال ابن كنانة.
واختلفوا فيي بييع كتيب العلم علييه على قوليين :وهذا مبنيي على
كراهية بيع الكتب الفقه أو ل كراهية ذلك.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا معرفية الديون التيي يحاص بهيا مين الديون التيي ل يحاص بهيا
على مذهييب مالك فإنهييا تنقسييم أول إلى قسييمين :أحدهمييا أن
تكون واجبية عين عوض .والثانيي أن تكون واجبية مين غيير عوض.
فأميا الواجبية عين عوض ،فإنهيا تنقسيم إلى عوض مقبوض وإلى
عوض غييير مقبوض ،فأمييا مييا كانييت عيين عوض مقبوض ،وسييواء
كانييت مال أو أرش جناييية ،فل خلف فييي المذهييب أن محاصيية
الغرماء بها واجبة .وأما ما كان عن عوض غير مقبوض ،فإن ذلك
ينقسييم خمسيية أقسييام :أحدهييا أن ل يمكنييه دفييع العوض بحال
كنفقيية الزوجات لمييا يأتييي ميين المدة ،والثانييي أن ل يمكنييه دفييع
العوض ،ولكن يمكنه دفع ما يستوفي فيه ،مثل أن يكتري الرجل
الدار بالنقيد ،أو يكون العرف فييه النقيد ،ففلس المكتري قبيل أن
يسييكن أو بعييد مييا سييكن بعييض السييكنى وقبييل أن يدفييع الكراء.
والثالث أن يكون دفيع العوض يمكنيه وطرحيه كرأس مال السيلم
إذا أفلس المسيلم إلييه قبيل دفيع رأس المال .والرابيع أن يمكنيه
دفيع العوض ول يلزميه مثيل السيلعة إذا باعهيا ففلس المبتاع قبيل
أن يدفعهييا إليييه البائع .والخامييس أن ل يكون إليييه تعجيييل دفييع
العوض ،مثيل أن يسيلم الرجيل إلى الرجيل دنانيير فيي عروض إلى
أجييل فيفلس المسييلم قبييل أن يدفييع رأس المال وقبييل أن يحييل
أجل السلم .فأما الذي ل يمكنه دفع العوض بحال فل محاصة في
ذلك إل فيييي مهور الزوجات إذا فلس الزوج قبيييل الدخول .وأمييا
الذي ل يمكنيه دفيع العوض ويمكنيه دفيع ميا يسيتوفي منيه ،مثيل
المكتري يفلس قبيل دفيع الكراء ،فقييل للمكري المحاصية بجمييع
الثمن وإسلم الدار للغرماء ،وقيل ليس له إل المحاصة بما سكن
ويأخيذ داره ،وإن كان لم يسيكن فلييس له إل أخيذ داره .وأميا ميا
يمكنه دفع العوض ويلزمه وهو إذا كان العوض عينا ،فقيل يحاص
بيه الغرماء فيي الواجيب له بالعوض ويدفعيه ،فقييل هيو أحيق بيه
وعلى هذا ل يلزميه دفيع العوض .وأميا ميا يمكنيه دفيع العوض ول
يلزمييه فهييو بالخيار بييين المحاصيية والمسيياك ،وذلك هييو إذا كان
العوض عينيا .وأميا إذا لم يكين إلييه تعجييل العوض مثيل أن يفلس
المسيلم قبيل أن يدفيع رأس المال ،وقبيل أن يحيل أجيل السيلم،
فإن رضييي المسييلم إليييه أن يعجييل العروض ويحاصييص الغرماء
برأس مال السييلم فذلك جائز إن رضييي بذلك الغرماء ،فإن أبييى
ذلك أحد الغرماء حاص الغرماء برأس المال الواجب له فيما وجد
للغرييم مين مال وفيى العروض التيي علييه إذا حلت لنهيا مين مال
المفلس ،وإن شاءوا أن يبيعوهييا بالنقييد ويتحاصييوا فيهييا كان ذلك
لهم .وأما ما كان من الحقوق الواجبة عن غير عوض فإن ما كان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
**2كتاب الصلح.
@-والصيل فيي هذا الكتاب قوله تعالى {والصيلح خيير} وميا روي
عيين النييبي عليييه الصييلة والسييلم مرفوعييا وموقوفييا على عميير
"إمضاء الصيلح جائز بيين المسيلمين إل صيلحا أحيل حراميا أو حرم
حلل" واتفييق المسييلمون على جوازه على القرار ،واختلفوا فييي
جوازه على النكار ،فقال مالك وأبيييو حنيفييية :يجوز على النكار؛
وقال الشافعيي :ل يجوز على النكار لنيه مين أكيل المال بالباطيل
من غير عوض؛ والمالكية تقول فيه عوض ،وهو سقوط الخصومة
واندفاع اليميين عنيه ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن الصيلح الذي
يقيع على القرار يراعيي فيي صيحته ميا يراعيي فيي البيوع ،فيفسيد
بمييا تفسييد بييه البيوع ميين أنواع الفسيياد الخاص بالبيوع ويصييح
بصحته ،وهذا هو مثل أن يدعي إنسان على آخر دراهم فيصالحه
عليها بعد القرار بدنانير نسيئة ،وما أشبه هذا من البيوع الفاسدة
من قبل الربا والغرر .وأما الصلح على النكار فالمشهور فيه عن
مالك وأصيحابه أنيه يراعيي فييه مين الصيحة ميا يراعيي فيي البيوع،
مثيل أن يدعيي إنسيان على آخير دراهيم فينكير ثيم يصيالحه عليهيا
بدنانيير مؤجلة ،فهذا ل يجوز عنيد مالك وأصيحابه؛ وقال أصيبغ :هيو
جائز ،لن المكروه فيه من الطرف الواحد ،وهو من جهة الطالب
لنه يعترف أنه أخذ دنانير نسيئة في دراهم حلت له .وأما الدافع
فيقول :هي هبة مني .وأما إن ارتفع المكروه من الطرفين ،مثل
أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه دنانير أو دراهم فينكر كل
واحد منهما صاحبه ،ثم يصطلحان على أن يؤخر كل واحد منهما
صياحبه فيميا يدعييه قبله إلى أجيل ،فهذا عندهيم هيو مكروه ،أميا
كراهيتييه فمخافيية أن يكون كييل واحييد منهمييا صييادقا ،فيكون كييل
واحيد منهميا قيد أنظير صياحبه لنظار الخير إياه فيدخله أسيلفني
وأسيلفك .وأميا وجيه جوازه فلن كيل واحيد منهميا إنميا يقول ميا
فعلت إنميا هيو تيبرع منيي ،وميا كان يجيب علي شييء ،وهذا النحيو
مين البيوع قييل إنيه يجوز إذا وقيع ،وقال ابين الماجشون يفسيخ إذا
وقيع علييه أثير عقده ،فإن طال مضيى ،فالصيلح الذي يقيع فييه مميا
ل يجوز فيي البيوع هيو فيي مذهيب مالك على ثلثية أقسيام :صيلح
يفسيخ باتفاق ،وصيلح يفسيخ باختلف ،وصيلح ل يفسيخ باتفاق إن
طال وإن لم يطل فيه اختلف.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الكفالة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الله صيلى الله علييه وسيلم ثيم أدى المال إلييه" قالوا :فهذا غرم
فيي الحمالة المطلقية .وأميا أهيل العراق فقالوا :إنميا يجيب علييه
إحضار ميا تحميل بيه وهيو النفيس ،فلييس يجيب أن يعدى ذلك إلى
المال إل لو شرطيه على نفسيه ،وقيد قال علييه الصيلة والسيلم
"المؤمنون عند شروطهم" فإنما عليه أن يحضره أو يحبس فيه،
فكميا أنيه إذا ضمين المال فإنميا علييه أن يحضير المال أو يحبيس
فيه ،كذلك المر في ضمان الوجه .وعمدة الفريق الثالث أنه إنما
يلزميه إحضاره إذا كان إحضاره له مميا يمكين ،وحينئذ يحبيس إذا
لم يحضره ،وأميا إذا علم أن إحضاره له غيير ممكين فلييس يجيب
علييه إحضاره كميا أنيه إذا مات لييس علييه إحضاره .قالوا :ومين
ضميين الوجييه فأغرم المال فهييو أحرى أن يكون مغرورا ميين أن
يكون غارا .فأمييا إذا اشترط الوجييه دون المال وصييرح بالشرط
فقيييد قال مالك :إن المال ل يلزميييه ،ول خلف فيييي هذا فيميييا
أحسيب ،لنيه كان يكون قيد ألزم ضيد ميا اشترط ،فهذا هيو حكيم
ضمان الوجيه .وأميا حكيم ضمان المال فإن الفقهاء متفقون على
أنييييه إذا عدم المضمون أو غاب أن الضاميييين غارم .واختلفوا إذا
حضير الضامين والمضمون وكلهميا موسير ،فقال الشافعيي وأبيو
حنيفة وأصحابهما والثوري والوزاعي وأحمد وإسحق :للطالب أن
يؤاخييذ ميين شاء ميين الكفيييل أو المكفول؛ وقال مالك فييي أحييد
قوليه :ليس له أن يأخذ الكفيل مع وجود المتكفل عنه .وله قول
آخيير مثييل قول الجمهور .وقال أبييو ثور :الحمالة والكفالة واحدة،
وميين ضميين عيين رجييل مال لزمييه وبرئ المضمون ،ول يجوز أن
يكون مال واحيد على اثنيين ،وبيه قال ابين أبيي ليلى وابين شبرمية.
وميين الحجيية لمييا رأى أن الطالب يجوز له مطالبيية الضاميين كان
المضمون عنيه غائبيا أو حاضرا ،غنييا أو عديميا حدييث قبيصية بين
المخارقي قال "تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فسيألته عنهيا ،فقال :تخرجهيا عنيك مين إبيل الصيدقة ييا قبيصية إن
المسيألة ل تحيل إل فيي ثلث ،وذكير رجل تحميل حمالة رجيل حتيى
يؤديها"
ووجيه الدلييل مين هذا النيبي صيلى الله علييه وسيلم أباح المسيألة
للمتحميل دون اعتبار حال المتحميل عنيه .وأميا محيل الكفالة فهيي
الموال عنيييد جمهور أهيييل العلم لقوله علييييه الصيييلة والسيييلم
"الزعييم غارم" أعنيي كفالة المال وكفالة الوجيه ،وسيواء تعلقيت
الموال من قبل أموال أو من قبل حدود مثل المال الواجب في
قتل الخطأ أو الصلح في قتل العمد أو السرقة التي ليس يتعلق
بهيا قطيع وهيي ميا دون النصياب أو مين غيير ذلك .وروي عين أبيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حنيفية إجازة الكفالة فيي الحدود القصياص ،أو فيي القصياص دون
الحدود وهيو قول عثمان البتيي :أعنيي كفالة النفيس .وأميا وقيت
وجوب الكفالة بالمال أعني مطالبته بالكفيل ،فأجمع العلماء على
أن ذلك بعد ثبوت الحق على المكفول إما بإقرار وإما ببينة .وأما
وقيت وجوب الكفالة بالوجيه ،فاختلفوا هيل تلزم قبيل إثبات الحيق
أم ل؟ فقال قوم :إنها ل تلزم قبل إثبات الحق بوجه من الوجوه،
وهو قول شريح القاضي والشعبي ،وبه قال سحنون من أصحاب
مالك .وقال قوم :بيل يجيب أخيذ الكفييل بالوجيه على إثبات الحيق،
وهؤلء اختلفوا متيى يلزم ذلك؟ ،وإلى كيم مين المدة يلزم؟ فقال
قوم :إن أتى بشبهة قوية مثل شاهد واحد لزمه أن يعطي ضامنا
بوجهييه حتييى يلوح حقييه وإل لم يلزمييه الكفيييل إل أن يذكيير بينيية
حاضرة في المصر فيعطيه حميل من الخمسة اليام إلى الجمعة،
وهيو قول ابين القاسيم مين أصيحاب مالك ،وقال أهيل العراق :ل
يؤخذ عليهم حميل قبل ثبوت الحق إل أن يدعي بينة حاضرة في
المصيير نحييو قول ابيين القاسييم ،إل أنهييم حدوا ذلك بالثلثيية اليام
يقولون إنه أن أتى بشبهة لزمه أن يعطيه حميل حتى يثبت دعواه
أو تبطييل ،وقييد أنكروا الفرق فييي ذلك والفرق بييين الذي يدعييي
البينة الحاضرة والغائبة ،وقالوا :ل يؤخذ حميل على أحد إل ببينة،
وذلك إلى بيان صدق دعواه أو إبطالها.
وسيبب هذا الختلف تعارض وجيه العدل بيين الخصيمين فيي ذلك،
فإنيه إذا لم يؤخيذ علييه ضامين بمجرد الدعوى لم يؤمين أن يغييب
بوجهيه فيعنيت طالبيه ،وإذا أخيذ علييه لم يؤمين أن تكون الدعوى
باطلة فيعنييت المطلوب ،ولهذا فرق ميين فرق بييين دعوى البينيية
الحاضرة والغائبية .وروي عين عراك بين مالك قال "أقبيل نفير مين
العراب معهيم ظهير فصيحبهم رجلن فباتيا معهيم ،فأصيبح القوم
وقيد فقدوا كذا وكذا مين إبلهيم ،فقال رسيول الله صيلى الله علييه
وسلم لحد الرجلين :اذهب واطلب وحبس الخر ،فجاء بما ذهب،
فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم لحيد الرجليين :اسيتغفر
لي ،فقال :غفيير الله لك ،قال :وأنييت فعفيير الله لك وقتلك فييي
سيبيله" خرج هذا الحدييث أبيو عبييد فيي كتابيه بالفقيه قال :وحمله
بعييض العلماء على أن ذلك كان ميين رسييول الله حبسييا قال :ول
يعجبني ذلك ،لنه ل يجب الحبس بمجرد الدعوى ،وإنما هو عندي
ميين باب الكفالة بالحييق الذي لم يجييب إذا كانييت هنالك شبهيية
لمكان صيحبتهما لهيم .فأميا أصيناف المضمونيين فلييس يلحيق مين
قبييل ذلك اختلف مشهور لختلفهييم فييي ضمان الميييت إذا كان
عليييه دييين ولم يترك وفاء بدينييه ،فأجازه مالك والشافعييي ،وقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أبيو حنيفية :ل يجوز .واسيتدل أبيو حنيفية مين قبيل أن الضمان ل
يتعللق بمعلوم قطعا ،وليس كذلك المفلس .واستدل من رأى أن
الضمان يلزميه بميا روي أن النيبي علييه الصيلة والسيلم كان فيي
صدر السلم ل يصلي على من مات وعليه دين حتى يضمن عنه.
والجمهور يصييح عندهييم كفالة المحبوس والغائب ،ول يصييح عنييد
أبيييي حنيفييية .وأميييا شروط الكفالة فإن أبيييا حنيفييية والشافعيييي
يشترطان فيي وجوب رجوع الضا من على المضمون بما أدى عنه
أن يكون الضمان بإذنييييه ،ومالك ل يشترط ذلك ،ول تجوز عنييييد
الشافعيي كفالة المجهول ول الحيق الذي لم يجيب بعيد ،وكيل ذلك
لزم وجائز عنيد مالك وأصيحابه .وأميا ميا تجوز فييه الحمالة بالمال
مما ل تجوز ،فإنها ل تجوز عند مالك بكل مال ثابت في الذمة إل
الكتابيية ومييا ل يجوز فيييه التأخييير ،ومييا يسييتحق شيئا فشيئا مثييل
النفقات على الزواج ،وما شاكلها.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحوالة.
@-والحوالة معاملة صييحيحة مسييتثناة ميين الدييين بالدييين ،لقوله
علييه الصيلة والسيلم "مطيل الغنيي ظلم وإذا أحييل أحدكيم على
غني فليستحل" والنظر في شروطها وفي حكمها ،فمن الشروط
اختلفهيم فيي اعتبار رضيا المحال والمحال علييه ،فمين الناس مين
اعتيبر رضيا المحال ولم يعتيبر رضيا المحال علييه ،وهيو مالك؛ ومين
الناس ميين اعتييبر رضاهمييا معييا؛ ميين الناس ميين لم يعتييبر رضييا
المحال واعتيبر رضيا المحال علييه ،وهيو نقييض مذهيب مالك ،وبيه
قال داود ،فمين رأى أنهيا معاملة اعتيبر رضيا الصينفين ،ومين أنزل
المحال علييه مين المحال منزلتيه مين المحييل لم يعتيبر رضاه معيه
ك ما ل يعتبره مع المحيل إذا طلب منه ح قه ولم يحل علييه أحدا.
وأمييا داود فحجتييه ظاهيير قوله عليييه الصييلة والسييلم "إذا أحيييل
أحدكييم على ملئ فليتبييع" والميير على الوجوب ،وبقييي المحال
علييه مين الصيل ،وهيو اشتراط اعتبار رضاه .ومين الشروط التيي
اتفيق عليهيا فيي الجملة كون ميا على المحال علييه مجانسيا لميا
على المحييل قدرا ووصيفا ،إل أن منهيم مين أجازهيا فيي الذهيب
والدراهيم فقيط ومنعهيا فيي الطعام ،والذيين منعوهيا فيي ذلك رأوا
أنهيا مين باب بييع الطعام قبيل أن يسيتوفي ،لنيه باع الطعام الذي
كان له على غريمييييه بالطعام الذي كان عليييييه ،وذلك قبييييل أن
يسييتوفيه مين غريمييه؛ وأجاز ذلك مالك إذا كان الطعامان كلهمييا
ميين قرض إذا كان دييين المحال حال .وأمييا إن كان أحدهمييا ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أبييو حنيفيية :يرجييع صيياحب الدييين على المحيييل إذا مات
المحال عليه مفلسا أو جحد الحوالة وإن لم تكن له بينة ،وبه قال
شرييح وعثمان البتيي وجماعية .وسيبب اختلفهيم مشابهية الحوالة
للحمالة.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الوكالة
@-وفيهيا ثلثية أبواب :الباب الول :فيي أركانهيا ،وهيي النظير فيميا
فييه التوكييل ،وفيي الموكيل .والثانيي فيي أحكام الوكالة .والثالث:
في مخالفة الموكل للوكيل.
**3الباب الول فيي أركانهيا ،وهيي النظير فيميا فييه التوكييل ،وفيي
الموكِل ،وفي الموَكل.
@(-الركيييين الول :فييييي الموكييييل) واتفقوا على وكالة الغائب
والمريييض والمرأة المالكييين لمور أنفسييهم ،واختلفوا فييي وكالة
الحاضير الذكير الصيحيح ،فقال مالك :تجوز وكالة الحاضير الصيحيح
الذكر ،وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة :ل تجوز وكالة الصحيح
الحاضر ول المرأة إل أن تكون برزة .فمن رأى أن الصل ل ينوب
فعييل الغييير عيين فعييل الغييير إل مييا دعييت إليييه الضرورة وانعقييد
الجماع علييه قال :ل تجوز نيابية مين اختلف فيي نيابتيه؛ ومين رأى
أن الصيل هيو الجواز قال :الوكالة فيي كيل شييء جائزة إل فيميا
أجمع على أنه ل تصح فيه من العبادات وما جرى مجراها.
@(-الركيين الثانييي :فييي الوكيييل) وشروط الوكيييل أن ل يكون
ممنوعيا بالشرع من تصيرفه فيي الشييء الذي وكيل فييه ،فل يصيح
توكييل الصيبي ول المجنون ول المرأة عنيد مالك والشافعيي على
عقيد النكاح .أميا عنيد الشافعيي فل بمباشرة ول بواسيطة :أي بأن
توكل هي من يلي عقد النكاح ،ويجوز عند مالك بالواسطة الذكر.
@(-الركين الثالث :فيميا فييه التوكييل) وشرط محيل التوكييل أن
يكون قابل للنيابيية مثييل البيييع والحوالة والضمان وسييائر العقود
والفسييوخ والشركيية والوكالة والمصييارفة والمجاعلة والمسيياقاة
والطلق والنكاح والخلع والصييلح .ول تجوز فييي العبادات البدنييية،
وتجوز في المالية كالصدقة والزكاة والحج ،وتجوز عند مالك في
الخصومة على القرار والنكار؛ وقال الشافعي في أحد قوليه :ل
تجوز على القرار ،وشبيييه ذلك بالشهادة واليمان ،وتجوز الوكالة
على اسييتيفاء العقوبات عنييد مالك وعنييد الشافعييي مييع الحضور
قولن :والذيييين قالوا إن الوكالة تجوز على القرار اختلفوا فيييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييي الشراء؛ وفرق أبييو حنيفيية بييين البيييع والشراء لمعييين فقال:
يجوز في البيع أن يبيع بغير ثمن المثل ،وأن يبيع نسيئة ،ولم يجز
إذا وكله فييي شراء عبييد بعينييه أن يشتريييه إل بثميين المثييل نقدا،
ويشبه أن يكون أبو حنيفة إنما فرق بين الوكالة على شراء شيء
بعينه ،لن من حجته أنه كما أن الرجل قد يبيع الشيء بأقل من
ثمن مثله ونساء لمصلحة يراها في ذلك كله ،كذلك حكم الوكيل
إذ قييد أنزله منزلتييه ،وقول الجمهور أبييين ،وكييل مييا يعتدي فيييه
الوكييل ضمين عنيد مين يرى أنيه تعدى ،وإذا اشترى الوكييل شيئا
وأعلم أن الشراء للموكييل فالملك ينتقييل إلى الموكييل؛ وقال أبييو
حنيفة :إلى الوكيل أول ثم إلى الموكل ،وإذا دفع الوكيل دينا عن
الموكل ولم يشهد فأنكر الذي له الدين القبض ضمن الوكيل.
**3الباب الثالث في مخالفة الموكل للوكيل.
@-وأميا اختلف الوكييل ميع الموكيل ،فقيد يكون فيي ضياع المال
الذي اسيتقر عنيد الوكييل ،وقيد يكون فيي دفعيه إلى الموكيل ،وقيد
يكون فييي مقدار الثميين الذي باع بييه أو اشترى إذا أمره بثميين
محدود ،وقيد يكون فيي المثمون ،وقيد يكون فيي تعييين مين أمره
بالدفيع إلييه ،وقيد يكون فيي دعوى التعدي .فإذا اختلفيا فيي ضياع
المال فقال الوكيييل ضاع منييي ،وقال الموكييل لم يضييع ،فالقول
قول الوكيييل إن كان لم يقبضييه ببينيية ،فإن كان المال قييد قبضييه
الوكييل مين غرييم الموكيل لم يشهيد الغرييم على الدفيع لم ييبرأ
الغرييم بإقرار الوكييل عنيد مالك وغرم ثانيية ،وهيل يرجيع الغرييم
على الوكييل؟ فييه خلف ،وإن كان قيد قبضيه ببينية برئ ولم يلزم
الوكيل شيء .وأما إذا اختلفا في الدفع فقال الوكيل دفعته إليك،
وقال الموكييل :ل ،فقيييل القول قول الوكيييل .وقيييل القول قول
الموكل .وقيل إن تباعد ذلك فالقول قول الوكيل .وأمر اختلفهم
في مقدار الثمن الذي به أمره بالشراء؛ فقال ابن القاسم :إن لم
تفيييت السيييلعة فالقول قول المشتري ،وإن فاتيييت فالقول قول
الوكييييل ،وقييييل يتحالفان وينفسيييخ البييييع ويتراجعان وإن فاتيييت
بالقيمية وإن كان اختلفهييم فييي مقدار الثمين الذي أمره بيه فيي
البيع ،فعند ابن القاسم أن القول فيه قول الموكل ،لنه جعل دفع
الثميين بمنزلة فوات السييلعة فييي الشراء .وأمييا إذا اختلفييا فيميين
أمره بالدفييع ففييي المذهييب فيييه قولن :المشهور أن القول قول
المأمور ،وقييل القول قول المير .وأميا إذا فعيل الوكييل فعل هيو
تعيد وزعيم أن الموكيل أمره ،فالمشهور أن القول قول الموكيل،
وقد قيل إن القول قول الوكيل إنه أمره قد ائتمنه على الفعل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب اللقطة
@-والنظير فيي اللقطية فيي جملتيين :الجملة الولى :فيي أركانهيا.
والثانية :في أحكامها.
*(*3الجملة الولى) والركان ثلثة :اللتقاط ،والملتقط ،واللقطة.
فأميا اللتقاط فاختلف العلماء هيل هيو فضيل أم الترك؟ فقال أبيو
حنيفة :الفضل اللتقاط ،لنه من الواجب على المسلم أن يحفظ
مال أخيييه المسييلم ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال مالك وجماعيية
بكراهييية اللتقاط ،وروي عيين ابيين عميير وابيين عباس ،وبييه قال
أحميد ،وذلك لمريين :أحدهميا ميا روي أنيه صيلى الله علييه وسيلم
قال "ضالة المؤمن حرق النار" ولما يخاف أيضا من التقصير في
القيام بما يجب لها من التعريف وترك التعدي عليها ،وتأول الذين
رأوا اللتقاط أول الحدييث وقالوا :أراد بذلك النتفاع بهيا ل أخذهيا
للتعريف؛ وقال قوم :بل لقطها واجب .وقد قيل إن هذا الختلف
إذا كانييت اللقطيية بييين قوم مأمونييين والمام عادل .قالوا :وإن
كانييت اللقطيية بييين قوم غييير مأمونييين والمام عادل فواجييب
التقاطهيا .وإن كانيت بيين قوم مأمونيين والمام جائر فالفضيل أن
ل يلتقطهيا .وإن كانيت بيين قوم غيير مأمونيين والمام غيير عادل
فهيو مخيير بحسيب ميا يغلب على ظنيه مين سيلمتها أكثير مين أحيد
الطرفين ،وهذا كله ما عدا لقطة الحاج ،فإن العلماء أجمعوا على
أنه ل يجوز التقاطها لنهيه عليه الصلة والسلم عن ذلك ،ولقطة
مكيية أيضييا ل يجوز التقاطهييا إل لمنشييد لورود النييص فييي ذلك،
والمروي فيي ذلك لفظان :أحدهميا أنيه ل ترفيع لقطتهيا إل لمنشيد.
الثانيي ل يرفيع لقطتهيا إل منشيد ،فالمعنيى الواحيد أنهيا ل ترفيع إل
لمين ينشدهيا ،والمعنيى الثانيي ل يلتقطهيا إل لمين ينشدهيا ليعرف
الناس .وقال مالك :تعرف هاتان اللقتطان أبدا ،فأميييا الملتقيييط
فهيو كيل حير مسيلم بالغ لنهيا وليية ،واختلف عين الشافعيي فيي
جواز التقاط الكافيير .قال أبييو حامييد :والصييح جواز ذلك فييي دار
السيلم .قال :وفيي أهليية العبيد والفاسيق له قولن :فوجيه المنيع
عدم أهلييية الولييية ،ووجييه الجواز عموم أحاديييث اللقطيية .وأمييا
اللقطيية بالجملة فإنهييا كييل مال لمسييلم معرض للضياع كان ذلك
فيي عامير الرض أو غامرهيا ،والجماد والحيوان فيي ذلك سيواء إل
البيل باتفاق .والصيل فيي اللقطية حدييث يزييد بين خالد الجهنيي،
وهيو متفيق على صيحته أنيه قال "جاء رجيل إلى رسيول الله صيلى
الله عليييه وسييلم فسييأله عيين اللقطيية ،فقال :اعرف عفاصييها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ووكاءهيا ثيم عرفهيا سينة ،فإن جاء صياحبها وإل فشأنيك بهيا ،قال:
فضالة الغنييم يييا رسييول الله؟ قال :هييي لك أو لخيييك أو للذئب،
قال :فضالة البييل ،قال :مالك ولهييا معهييا سييقاؤها وحذاؤهييا ترد
الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها" وهذا الحديث يتضمن معرفة
ميا يلتقيط مميا ل يلتقيط ،ومعرفية حكيم ميا يلتقيط كييف يكون فيي
العام وبعده وبماذا يسيتحقها مدعيهيا .فأميا البيل فاتفقوا على أنهيا
ل تلتقييط ،واتفقوا على الغنييم أنهييا تلتقييط ،وترددوا فييي البقيير،
والنيص عين الشافعيي أنهيا كالبيل ،وعين مالك أنهيا كالغنيم ،وعنيه
خلف.
*(*3الجملة الثانية)
@-وأما حكم التعريف ،فاتفق العلماء على تعريف ما كان منها له
بال سينة ميا لم تكين مين الغنيم .واختلفوا فيي حكمهيا بعيد السينة،
فاتفيييق فقهاء المصيييار مالك والثوري والوزاعيييي وأبيييو حنيفييية
والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور إذا انقضت كان له أن يأكلها
إن كان فقيرا ،أو يتصيدق بهيا إن كان غنييا ،فإن جاء صياحبها كان
مخيرا بيين أن يجيييز الصييدقة فينزل على ثوابهيا أو يضمنيه إياهيا.
واختلفوا فيي الغنيي هيل له أن يأكلهيا أو ينفقهيا بعيد الحول؟ فقال
مالك والشافعيي :له ذلك؛ وقال أبيو حنيفية :لييس له أن يأكلهيا أو
يتصيدق بهيا؛ وروي مثيل قوله عين علي وابين عباس وجماعية مين
التابعيين؛ وقال الوزاعيي :إن كان مال كثيرا جعله فيي بييت المال؛
وروي مثيل قول مالك والشافعيي عين عمير وابين مسيعود وابين
عمير وعائشية .وكلهيم متفقون على أنيه إن أكلهيا ضمنهيا لصياحبها
إل أهييل الظاهيير .واسييتدل مالك والشافعييي بقوله عليييه الصييلة
والسيلم "فشأنيك بهيا" ولم يفرق بيين غنيي وفقيير .ومين الحجية
لهميا ميا رواه البخاري والترمذي عين سيويد بين غفلة قال "لقييت
أوييس بين كعيب فقال :وجدت صيرة فيهيا مائة دينار ،فأتييت النيبي
صيلى الله علييه وسيلم فقال :عرفهيا حول ،فعرفتهيا فلم أجيد ،ثيم
أتيتييه ثلثييا فقال :احفييظ وعاءهييا ووكاءهييا فإن جاء صيياحبها وإل
فاسييتمتع بهييا" وخرج الترمذي وأبييو داود "فاسييتنفقها" .فسييبب
الخلف معارضة ظاهر لفظ حديث اللقطة لصل الشرع ،وهو أنه
ل يحيل مال امرئ مسيلم إل عين طييب نفيس منيه ،فمين غلب هذا
الصل على ظاهر الحديث ،وهو قوله بعد التعريف "فشأنك بها"
قال :ل يجوز فيها تصرف إل بالصدقة فقط على أن يضمن إن لم
يجيز صياحب اللقطية الصيدقة؛ ومين غلب ظاهير الحدييث على هذا
الصيل ورأى أنيه مسيتثنى منيه قال :تحيل له بعيد العام وهيي مال
من ماله ل يضمنها إن جاء صاحبها ،ومن توسط قال :يتصرف بعد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
العام فيهييا وإن كانييت عينييا على جهيية الضمان .وأمييا حكييم دفييع
اللقطية لمين ادعاهيا ،فاتفقوا على أنهيا ل تدفيع إلييه إذا لم يعرف
العفاص ول الوكاء،
واختلفوا إذا عرف ذلك هييل يحتاج مييع ذلك إلى بينيية أم ل؟ فقال
مالك :يسيييتحق بالعلمييية ول يحتاج إلى بينييية؛ وقال أبيييو حنيفييية
والشافعيي :ل يسيتحق إل ببينية .وسيبب الخلف معارضية الصيل
في اشتراط الشهادة في صحة الدعوى لظاهر هذا الحديث؛ فمن
غلب الصل قال :ل بد من البينة؛ ومن غلب ظاهر الحديث قال:
ل يحتاج إلى بينية .وإنميا اشترط الشهادة فيي ذلك الشافعيي وأبيو
حنيفية لن قوله علييه الصيلة والسيلم "اعرف عفاصيها ووكاءهيا
فإن جاء صيياحبها وإل فشأنييك بهييا" يحتمييل أن يكون إنمييا أمره
بمعرفييية العفاص والوكاء لئل تختلط عنده بغيرهيييا ،ويحتميييل أن
يكون إنمييا أمره بذلك ليدفعهييا لصيياحبها بالعفاص والوكاء ،فلمييا
وقييع الحتمال وجييب الرجوع إلى الصييل ،فإن الصييول ل تعارض
بالحتمالت المخالفيية لهيا إل أن تصيح الزيادة التيي نذكرهيا بعيد؛
وعنييد مالك وأصييحابه أن على صيياحب اللقطيية أن يصييف مييع
العفاص والوكاء صييفة الدنانييير والعدد ،قالوا :وذلك موجود فييي
بعيض روايات الحدييث ولفظيه "فإن جاء صياحبها ووصيف عفاصيها
ووكاءها وعددها فادفعها إليه" قالوا :ولكن ل يضره الجهل بالعدد
إذا عرف العفاص والوكاء ،وكذلك إن زاد فييه .واختلفوا إن نقيص
مييين العدد على قوليييين ،وكذلك اختلفوا إذا جهيييل الصيييفة وجاء
بالعفاص والوكاء .وأميا إذا غلط فيهيا فل شييء له .وأميا إذا عرف
إحدى العلمتين اللتين وقع النص عليهما وجهل الخرى فقيل إنه
ل شييء له إل بمعرفتهميا جميعيا ،وقييل يدفيع إلييه بعيد السيتبراء،
وقييل إن ادعيى الجهالة اسيتبرئ ،وإن غلط لم تدفيع إلييه .واختلف
المذهيب إذا أتيى بالعلمية المسيتحقة هيل يدفيع إلييه بيميين أو بغيير
يميين؟ فقال ابين القاسيم بغيير يميين :وقال أشهيب :بيميين .وأميا
ضالة الغنييم ،فإن العلماء اتفقوا على أن لواجييد ضالة الغنييم فييي
المكان القفيير البعيييد ميين العمران أن يأكلهييا لقوله عليييه الصييلة
والسلم في الشاة "هي لك أو لخيك أو للذئب"
واختلفوا هيل يضمين قيمتهيا لصياحبها أم ل؟ فقال جمهور العلماء
إنييه يضميين قيمتهييا؛ وقال مالك فييي أشهيير القاويييل عنييه :إنييه ل
يضمين .وسيبب الخلف معارضية الظاهير كميا قلنيا للصيل المعلوم
ميين الشريعيية ،إل أن مالكييا هنييا غلب الظاهيير فجرى على حكييم
الظاهير ،ولم يجيز كذلك التصيرف فيميا وجيب تعريفيه بعيد العام
لقوة اللفظ ههنا؛ وعنه رواية أخرى أنه يضمن ،وكذلك كل طعام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ل يبقى إذا خشي عليه التلف إن تركه .وتحصيل مذهب مالك عند
أصييحابه فييي ذلك أنهييا على ثلثيية أقسييام :قسييم يبقييى فييي يييد
ملتقطييه ويخشييى عليييه ميين التلف إن تركييه ،كالعييين والعروض.
وقسيم ل يبقيى فيي ييد ملتقطيه ويخشيى علييه مين التلف إن ترك
كالشاة فيي القفير ،والطعام الذي يسيرع إلييه الفسياد .وقسيم ل
يخشيى علييه مين التلف .فأميا القسيم الول ،وهيو ميا يبقيى فيي ييد
ملتقطيه ويخشيى علييه التلف فإنيه ينقسيم ثل ثة أقسيام :أحدهيا أن
يكون يسيييرا ل بال له ول قدر لقيمتييه ويعلم أن صيياحبه ل يطلبييه
لتفاهته ،فهذا ل يعرف عنده وهو لمن وجده .والصل في ذلك ما
روي "أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ميير بتمرة فييي
الطرييق فقال :لول أن تكون مين الصيدقة لكلتهيا" ولم يذكير فيهيا
تعري فا ،وهذا مثيل العصيا وال سوط ،وإن كان أشهيب قيد اسيتحسن
تعرييف ذلك .والثانيي أن يكون يسييرا إل أن له قدر ومنفعية ،فهذا
ل اختلف فيي المذهيب فيي تعريفيه .واختلفوا فيي قدر ميا يعرف،
فقيل سنة ،وقيل أياما .وأما الثالث فهو أن يكون كثيرا أو له قدر،
فهذا ل اختلف فيي وجوب تعريفيه حول .وأميا القسيم الثانيي وهيو
ميا ل يبقيى بييد ملتقطيه ويخشيى علييه التلف ،فإن هذا يأكله كان
غنييا أو فقيرا ،وهيل يضمين؟ فييه روايتان كميا قلنيا الشهير أن ل
ضمان .واختلفوا إن وجييد مييا يسييرع إليييه الفسيياد فييي الحاضرة
فقييل ل ضمان علييه ،وقييل علييه الضمان ،وقييل بالفرق بيين أن
يتصدق به فل يضمن ،أو يأكله فيضمن.
وأما القسم الثالث فهو كالبل ،أعني أن الختيار عنده فيه الترك
للنيص الوارد فيي ذلك ،فإن أخذهيا وجيب تعريفهيا ،والختيار تركهيا؛
وقييل فيي المذهيب هيو عام فيي جمييع الزمنية؛ وقييل إنميا هيو فيي
زمان العدل ،وأن الفضييل فييي زمان غييير العدل التقاطهييا .وأمييا
ضمانهييا فييي الذي تعرف فيييه ،فإن العلماء اتفقوا على أن ميين
التقطهييا وأشهييد على التقاطهييا فهلكييت عنده أنييه غييير ضاميين،
واختلفوا إذا لم يشهد ،فقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد
بين الحسين :ل ضمان علييه إن لم يضييع وإن لم يشهيد؛ وقال أبيو
حنيفييية وزفييير :يضمنهيييا إن هلكيييت ولم يشهيييد .اسيييتدل مالك
والشافعيي بأن اللقطية وديعية فل ينقلهيا ترك الشهاد مين المانية
إلى الضمان ،قالوا :وهيي وديعية بميا جاء مين حدييث سيليمان بين
بلل وغيره أنييه قال :إن جاء صيياحبها وإل فلتكيين وديعيية عندك.
واسيتدل أبيو حنيفية وزفير بحدييث مطرف بين الشخيير عين عياض
بن حمار قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من التقط
لقطيية فليشهييد ذوي عدل عليهييا ول يكتييم ول يعنييت ،فإن جاء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صاحبها فهو أحق بها ،وإل فهو مال الله يؤتيه من يشاء" .وتحصيل
المذهيب فيي ذلك أن واجيد اللقطية عنيد مالك ل يخلو التقاطيه لهيا
مين ثلثية أوجيه :أحدهيا أن يأخذهيا على جهية الغتيال لهيا .والثانيي
أن يأخذهييا على جهيية اللتقاط .والثالث أن يأخذهييا ل على جهيية
اللتقاط ول على جهييية الغتيال ،فإن أخذهيييا على جهييية اللتقاط
فهي أمانة عنده عليه حفظها وتعريفها ،فإن ردها بعد أن التقطها
فقال ابين القاسيم :يضمين؛ وقال أشهيب :ل يضمين إذا ردهيا فيي
موضعها ،فإن ردها في غير موضعها ضمن كالوديعة ،والقول قوله
فيي تلفهيا دون يميين إل أن يتهيم .وأميا إذا قبضهيا مغتال لهيا فهيو
ضامين لهيا ،ولكين ل يعرف هذا الوجيه إل مين قبله .وأميا الوجيه
الثالث فهيو مثيل أن يجيد ثوبيا فيأخذه ،وهيو يظنيه لقوم بيين يدييه
ليسيألهم عنيه ،فهذا إن لم يعرفوه ول ادعوه كان له أن يرد حييث
وجده ول ضمان علييييه باتفاق عنيييد أصيييحاب مالك .وتتعلق بهذا
الباب مسييألة اختلف العلماء فيهييا ،وهييو العبييد يسييتهلك اللقطيية،
فقال مالك :إنهيا فيي رقبتيه إميا أن يسيلمه سييده فيهيا ،وإميا أن
يفدييه بقيمتهيا ،هذا إذا كان اسيتهلكه قبيل الحول ،فإن اسيتهلكها
بعيد الحول كانيت دينيا علييه ولم تكين فيي رقبتيه؛ وقال الشافعيي:
إن علم بذلك السييد فهيو الضامين ،وإن لم يعلم بهيا السييد كانيت
في رقبة العبد .واختلفوا هل يرجع الملتقط بما أنفق على اللقطة
على صيييياحبها أم ل؟ فقال الجمهور :ملتقييييط اللقطيييية متطوع
بحفظهييا فل يرجييع بشيييء ميين ذلك على صيياحب اللقطيية .وقال
الكوفيون :ل يرجيع بميا أنفيق إل أن تكون النفقية عين إذن الحاكيم،
وهذه المسيألة هيي مين أحكام اللتقاط ،وهذا القدر كاف بحسيب
غرضنا في هذا الباب.
**3باب في اللقيط.
@-والنظيير فييي أحكام اللتقاط وفييي الملتقييط واللقيييط وفييي
أحكامه.
وقال الشافعيي كيل شييء ضائع ل كافيل له فالتقاطيه مين فروض
الكفايات ،وفييي وجوب الشهاد عليييه خيفيية السييترقاق خلف،
والخلف فييييه مبنيييي على الختلف فيييي الشهاد على اللقطييية.
واللقيط :هو الصبي الصغير غير البالغ ،وإن كان مميزا ،ففيه في
مذهب الشافعي تردد ،والملتقط :هو كل حر عدل رشيد ،وليس
العبد والمكاتب بملتقط ،والكافر يلتقط الكافر دون المسلم ،لنه
ل وليية له علييه ،ويلتقيط المسيلم الكافير ،وينزع مين ييد الفاسيق
والمبذر ،وليس من شرط الملتقط الغنى ،ول تلزم نفقة الملتقط
على مين التقطيه ،وإن أنفيق لم يرجيع علييه بشييء .وأميا أحكاميه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الدفييع أو يأتييي القابييض بالمال .وأمييا إن دفييع إلى ذميية ،مثييل أن
يقول رجييل للذي عنده الوديعيية ادفعهييا إلي سييلفا أو تسييلفا فييي
سيلعة أو ميا أشبيه ذلك ،فإن كانيت الذمية قائمية برئ الدافيع فيي
المذهب من غير خلف ،وإن كانت الذمة خربة فقولن.
والسيبب فيي هذا اختلفهيم كله أن المانية تقوي دعوى المدعيي
حتييى يكون القول قوله مييع يمينييه؛ فميين شبييه أمانيية الذي أمره
المودع أن يدفعهييا إليييه ،أعنييي الوكيييل بأمانيية المودع عنده قال:
يكون القول قوله في دعواه التلف كدعوى المستودع عنده؛ ومن
رأى أن تلك المانة أضعف قال :ل يبرأ الدافع بتصديق القابض مع
دعوى التلف؛ ومييين رأى المأمور بمنزلة المييير قال :القول قول
الدافيع للمأمور كميا كان القول قوله ميع المير ،وهيو مذهيب أبيي
حنيفة؛ ومن رأى أنه أضعف منه قال :الدافع ضامن إل أن يحضر
القابيض المال ،وإذا أودعهيا بشرط الضمان فالجمهور على أنيه ل
يضمن ،وقال الغير :يضمن .وبالجملة فالفقهاء يرون بأجمعهم أنه
ل ضمان على صياحب الوديعية إل أن يتعدى ويختلفون فيي أشياء
هيل هيي تعيد أم لييس بتعيد؟ فمين مسيائلهم المشهورة فيي هذا
الباب إذا أنفيق الوديعية ثيم رد مثلهيا أو أخرجهيا لنفقتيه ثيم ردهيا،
فقال مالك :يسيقط عنييه الضمان بحالة مثييل إذا ردهييا؛ وقال أبيو
حنيفية :إن ردهيا بعينهيا قبيل أن ينفقهيا لم يضمين ،وإن رد مثلهيا
ضمين؛ وقال عبيد الملك والشافعيي :يضمين فيي الوجهيين جميعيا؛
فمن غلظ المر ضمنه إياها بتحريكها ونية استنفاقها؛ ومن رخص
لم يضمنهيا إذا أعاد مثلهيا .ومنهيا اختلفهيم فيي السيفر بهيا ،فقال
مالك لييس له أن يسيافر بهيا إل أن تعطيى له فيي سيفر؛ وقال أبيو
حنيفية :له أن يسيافر بهيا إذا كان الطرييق آمنيا ولم ينهيه صياحب
الوديعية .ومنهيا أنيه لييس للمودع عنده أن يودع الوديعية غيره مين
غيير عذر ،فإن فعيل ضمين؛ وقال أبيو حنيفية :إن أودعهيا عنيد مين
تلزمه نفقته لم يضمن ،لنه شبهه بأهل بيته.
وعنيد مالك له أن يسيتودع ميا أودع عنيد عياله الذيين يأمنهيم وهيم
تحت غلقه من زوج أو ولد أو أمة أو من أشبههم .وبالجملة فعند
الجمييع أنيه يجيب علييه أن يحفظهيا مميا جرت بيه عادة الناس أن
تحفيظ أموالهيم ،فميا كان بينيا مين ذلك أنيه حفيظ اتفيق علييه ،وميا
كان غيير بيين أنيه حفيظ اختلف فييه ،مثيل اختلفهيم فيي المذهيب
فيمن جعل وديعة في جيبه فذهبت ،والشهر أنه يضمن .وعند ابن
وهيب أن مين أودع وديعية فيي المسيجد فجعلهيا على نعله فذهبيت
أنيه ل ضمان علييه ،ويختلف فيي المذهيب فيي ضمانهيا بالنسييان،
مثل أن ينساها في موضع أو أن ينسى من دفعها إليه ،أو يدعيها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رجلن ،فقييل يحلفان وتقسيم بينهميا ،وقييل إنيه يضمين لكيل واحيد
منهما ،وإذا أراد السفر فله عند مالك أن يودعها عند ثقة من أهل
البلد ول ضمان علييييه قدر على دفعهيييا إلى الحاكيييم أو لم يقدر.
واختلف في ذلك أصحاب الشافعي ،فمنهم من يقول :إن أودعها
لغيير الحاكيم ضمين .وقبول الوديعية عنيد مالك ل يجيب فيي حال،
ومين العلماء مين يرى أنيه واجيب إذا لم يجيد المودع مين يودعهيا
عنده ،ول أجير للمودع عنده على حفيظ الوديعية ،وميا تحتاج إلييه
مين مسيكن أو نفقية فعلى ربهيا .واختلفوا مين هذا الباب فيي فرع
مشهور ،وهو فيمن أودع مال فتعدى فيه واتجر به فربح فيه ،هل
ذلك الربيييح حلل له أم ل؟ فقال مالك واللييييث وأبيييو يوسيييف
وجماعية :إذا رد المال طاب له الربيح وإن كان غاصيبا للمال فضل
عين أن يكون مسيتودعا عنده؛ وقال أبيو حنيفية وزفير ومحميد بين
الحسين :يؤدي الصيل ويتصيدق بالربيح؛ وقال قوم :لرب الوديعية
الصييل والربييح؛ وقال قوم :هييو مخييير بييين الصييل والربييح؛ وقال
قوم :البيع الواقع في تلك التجارة فاسد ،وهؤلء هم الذين أوجبوا
التصيييدق بالربيييح إذا مات .فمييين اعتيييبر التصيييرف قال :الربيييح
للمتصيرف؛ ومين اعتيبر الصيل قال :الربيح لصياحب المال .ولذلك
لميا أمير عمير رضيي الله عنيه ابنييه عبيد الله وعبييد الله أن يصيرفا
المال الذي أسلفهما أبو موسى الشعري من بيت المال ،فتجروا
فييه فربحيا ،قييل له :لو جعلتيه قراضيا ،فأجاب إلى ذلك ،لنيه قيد
روي أنييه قييد حصييل للعامييل جزء ولصيياحب المال جزء ،وأن ذلك
عدل.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب العارية.
@-والنظير فيي العاريية فيي أركانهيا وأحكامهيا .وأركانهيا خمسية:
العارة ،والمعير ،والمستعير ،والمعار ،والصيغة .أما العارة فهي
فعيل محيير ومندوب إلييه ،وقيد شدد فيهيا قوم مين السيلف الول.
روي عن عبد الله بن عباس وعبد الله ابن مسعود أنهما قال في
قوله تعالى {ويمنعون الماعون} أنيييه متاع البييييت الذي يتعاطاه
الناس بينهييم ميين الفأس والدلو والحبييل والقدر ومييا أشبييه ذلك.
وأما المعير فل يعتبر فيه إل لكونه مالكا للعارية إما لرقبتها وإما
لمنفعتها ،والظهر أنها ل تصح من المستعير أعني أن يعيرها .وأما
العاريية فتكون فييي الدور والرضيين والحيوان ،وجميييع ميا يعرف
بعينييه إذا كانييت منفعتييه مباحيية السييتعمال ،ولذلك ل تجوز إباحيية
الجوار للسييتمتاع .ويكره للسييتخدام إل أن تكون ذا محرم .وأمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صيغة العارة ،فهي كل لفظ يدل على الذن ،وهي عقد جائز عند
الشافعي وأبي حنيفة :أي للمعير أن يسترد عاريته إذا شاء؛ وقال
مالك فيي المشهور :لييس له اسيترجاعها قبيل النتفاع ،وإن شرط
مدة ميا لزمتيه تلك المدة ،وإن لم يشترط مدة لزمتيه مين المدة
ما يرى الناس أنه مدة لمثل تلك العارية .وسبب الخلف ما يوجد
فيهيا مين شبيه العقود اللزمية وغيير اللزمية .وأميا الحكام فكثيرة،
وأشهرهييا هييل هييي مضمونيية أو أمانيية؟ فمنهييم ميين قال :إنهييا
مضمونييية وإن قاميييت البينييية على تلفهيييا ،وهيييو قول أشهيييب
والشافعيي ،وأحيد قولي مالك؛ ومنهيم مين قال نقييض هذا ،وهيو
أنها ليست مضمونة أصل ،وهو قول أبي حنيفة؛ ومنهم من قال:
يضمين فيميا يغاب علييه إذا لم يكين على التلف بينية ،ول يضمين
فيميا ل يغاب علييه ،ول فيميا قاميت البينية على تلفيه ،وهيو مذهيب
مالك المشهور وابيين القاسييم وأكثيير أصييحابه .وسييبب الخلف
تعارض الثار فيي ذلك ،وذلك أنيه ورد فيي الحدييث الثابيت أنيه قال
عليييه الصييلة والسييلم لصييفوان بيين أمييية "بييل عارييية مضمونيية
مؤداة" وفيي بعضهيا "بيل عاريية مؤداة" وروي عنيه أنيه قال "لييس
على المستعير ضمان" فمن رجح وأخذ بهذا أسقط الضمان عنه،
ومين أخيذ بحدييث صيفوان ابين أميية ألزميه الضمان؛ ومين ذهيب
مذهييب الجمييع فرق بييين مييا يغاب عليييه وبييين مييا ل يغاب عليييه،
فحمل هذا الضمان على ما يغاب عليه ،والحديث الخر على ما ل
يغاب علييه ،إل أن الحد يث الذي فيه لييس على المستعير ضمان،
غيير مشهور ،وحدييث صيفوان صيحيح ،ومين لم يير الضمان شبههيا
بالوديعيية؛ وميين فرق قال :الوديعيية مقبوضيية لمنفعيية الدافييع،
والعارية لمنفعة القابض.
واتفقوا فيي الجارة على أنهيا غيير مضمونية :أعنيي الشافعيي وأبيا
حنيفية ومالكيا ،ويلزم الشافعيي إذا سيلم أنيه ل ضمان علييه فيي
الجارة أن ل يكون ضمان فيي العاريية إن سيلم أن سيبب الضمان
هو النتفاع ،لنه إذا لم يضمن حيث قبض لمنفعتهما فأحرى أن ل
يضمين حييث قبيض لمنفعتيه إذا كانيت منفعية الدافيع مؤثرة فيي
إسيقاط الضمان .واختلفوا إذا شرط الضمان ،فقال قوم :يضمين؛
وقال قوم :ل يضمين ،والشرط باطيل؛ ويجيئ على قول مالك إذا
اشترط الضمان فيي الموضيع الذي ل يجيب فييه علييه الضمان أن
يلزم إجارة المثل في استعماله العارية لن الشرط يخرج العارية
عيين حكييم العارييية إلى باب الجارة الفاسييدة إذا كان صيياحبها لم
يرض أن يعيرهيا إل بأن يخرجهيا فيي ضمانيه ،فهيو عوض مجهول
فيجب أن يرد إلى معلوم .واختلف عن مالك والشافعي إذا غرس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيتعير وبنيى ثيم انقضيت المدة التيي اسيتعار إليهيا ،فقال مالك:
المالك بالخيار إن شاء أخييذ المسييتعير بقلع غراسييته وبنائه ،وإن
شاء أعطاه قيمته مقلوعا إذا كان مما له قيمة بعد القلع ،وسواء
عنيد مالك انقضيت المدة المحدودة بالشرط أو بالعرف أو العادة؛
وقال الشافعييي :إذا لم يشترط عليييه القلع فليييس له مطالبتييه
بالقلع ،بل يخير المعير بأن يبقيه بأجر يعطاه ،أو ينقض بأرش ،أو
يتملك ببدل ،فأيهميا أراد المعيير أجيبر عليييه المسييتعير ،فإن أبييى
كلف تفريييغ الملك .وفييي جواز بيعتييه للنقييض عنده خلف ،لنييه
معرض للنقييض ،فرأى الشافعييي أن آخذه المسييتعير بالقلع دون
أرش هو ظلم؛ ورأى مالك أن عليه إخلء المحل ،وأن العرف في
ذلك يتنزل منزلة الشروط ،وعنييد مالك أنييه إن اسييتعمل العارييية
اسيتعمال ينقصيها عين السيتعمال المأذون فييه ضمين ميا نقصيها
بالسيتعمال .واختلفوا مين هذا الباب فيي الرجيل يسيأل جاره أن
يعيره جداره ليغرز فيييه خشبيية لمنفعيية ول تضيير صيياحب الجدار
وبالجملة في كل ما ينتفع به المستعير ول ضرر على المعير فيه،
فقال مالك وأبو حنيفة :ل يقضي عليه به إذ العارية ل يقضى بها،
وقال الشافعييي وأحمييد وأبييو ثور وداود وجماعيية أهييل الحديييث:
يقضى بذلك ،وحجتهم ما خرجه مالك عن ابن شهاب عن العرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ل يمنع
أحدكييم جاره أن يغرز خشبيية فييي جداره" ثييم يقول أبييي هريرة:
مالي أراكم عنها معرضين ،والله لرمين بها بين أكتافكم.
واحتجوا أيضا بما رواه مالك عن عمر بن الخطاب أن الضحاك بن
قييس سياق خليجيا له مين العرييض ،فأرادوا أن يمير بيه فيي أرض
محميد بين مسيلمة ،فأبيى محميد ،فقال له الضحاك :أنيت تمنعنيي
وهيو لك منفعية ،تسيقي منيه أول وآخرا ول يضرك؟ فأبيى محميد،
فكلم فيييه الضحاك عميير بيين الخطاب ،فدعييا عميير محمييد بيين
مسييلمة ،فأمره أن يخلي سييبيله ،قال محمييد :ل ،فقال عميير :ل
تمنع أخاك ما ينفعه ول يضرك ،فقال محمد :ل ،فقال عمر :والله
ليمرن به ولو على بطنك ،فأمره عمر أن يمر به ،ففعل الضحاك.
وكذلك حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال :كان في
حائط جدي ربيييع لعبييد الرحميين بيين عوف ،فأراد أن يحوله إلى
ناحية من الحائط ،فمنعه صاحب الحائط ،فكلم عمر بن الخطاب،
فقضيى لعبيد الرحمين بين عوف بتحويله وقيد عذل الشافعيي مالكيا
لدخاله هذه الحادييث فيي موطئه ،وتركيه الخيذ بهيا .وعمدة مالك
وأبي حنيفة قوله عليه الصلة والسلم "ل يحل مال امرئ مسلم
إل عين طييب نفيس منيه" وعنيد الغيير أن عموم هذا مخصيص بهذه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يضمين .وسيبب اختلفهيم هيل كون ييد الغاصيب على العقار مثيل
كون يده على ميا ينقيل ويحول؟ فمين جعيل حكيم ذلك واحدا قال
بالضمان؛ ومن لم يجعل حكم ذلك واحدا قال :ل ضمان.
@(-الركيين الثالث) وهييو الواجييب فييي الغصييب ،والواجييب على
الغاصييييب إن كان المال قائمييييا عنده بعينييييه لم تدخله زيادة ول
نقصيان أن يرده بعينيه ،وهذا ل خلف فييه ،فإذا ذهبيت عينيه فإنهيم
اتفقوا على أنيه إذا كان مكيل أو موزونيا أن على الغاصيب المثيل،
أعنيي مثيل ميا اسيتهلك صيفة ووزنيا واختلفوا فيي العروض فقال
مالك :ل يقضيى فيي العروض مين الحيوان وغيره إل بالقيمية يوم
استهلك؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة وداود :الواجب في ذلك مثل
ول تلزم القيميية إل عنييد عدم المثييل .وعمدة مالك حديييث أبييي
هريرة المشهور عيين النييبي صييلى الله عليييه وسييلم "ميين أعتييق
شقصا له في عبد قوم عليه الباقي قيمة العدل" الحديث .ووجه
الدلييل منيه أنيه لم يلزميه المثيل وألزميه القيمية .وعمدة الطائفية
الثانيية قوله تعالى {فجزاء مثيل ميا قتيل مين النعيم} ولن منفعية
الشييء قيد تكون هيي المقصيودة عنيد المتعدى علييه .ومين الحجية
لهيم ميا خرجيه أبيو داود مين حدييث أنيس وغيره "أن رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم كان عنييد بعييض نسييائه ،فأرسييلت إحدى
أمهات المؤمنين جارية بقصعة لها فيها طعام ،قال :فضربت بيدها
فكسيرت القصيعة ،فأخيذ النيبي صيلى الله علييه وسيلم الكسيرتين
فضييم إحداهمييا إلى الخرى وجعييل فيهييا جميييع الطعام ويقول:
غارت أمكم كلوا كلوا ،حتى جاءت قصعتها التي في بيتها ،وحبس
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم القصييعة حتييى فرغوا ،فدفييع
الصيحفة الصيحيحة إلى الرسيول ،وحبيس المكسيورة فيي بيتيه"
وفي حديث آخر "أن عائشة كانت هي التي غارت وكسرت الناء،
وأنهييا قالت لرسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم :مييا كفارة مييا
صنعت؟ قال :إناء مثل إناء ،وطعام مثل طعام".
**3الباب الثاني في الطوارئ.
@-والطوارئ على المغصوب إما بزيادة وإما بنقصان ،وهذان إما
ميين قبييل المخلوق ،وإمييا ميين قبييل الخالق .فأمييا النقصييان الذي
يكون بأميير ميين السييماء فإنييه ليييس له إل أن يأخذه ناقصييا ،أو
يضمنه قيمته يوم الغصب؛ وقيل إن له أن يأخذ ويضمن الغاصب
قيمية العييب .وأميا إن كان النقيص بجنايية الغاصيب فالمغصيوب
مخيير فيي المذهيب بيين أن يضمنيه القيمية يوم الغصيب أو يأخذه،
وما نقصته الجناية يوم الجناية عند ابن القاسم وعند سحنون ما
نقصيته الجنايية يوم الغصيب؛ وذهيب أشهيب إلى أنيه مخيير بيين أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إل فيميا كان بوجيه شبهية جليية .وقول الشافعيي فيي الصيبغ مثيل
قول ابين القاسيم إل أنيه يجييز الشركية بينهميا ويقول :إنيه يؤمير
الغاصيييب بقلب الصيييبغ إن أمكنيييه وإن نقيييص الثوب ،ويضمييين
للمغصيوب مقدار النقصيان ،وأصيول الشرع تقتضيي أن ل يسيتحل
ماله الغاصيب مين أجيل غصيبه ،وسيواء كان منفعية أو عينيا ،إل أن
يحتيج محتيج بقوله علييه الصيلة والسيلم "لييس لعرق ظالم حيق"
لكين هذا مجميل ،ومفهوميه الول أنيه لييس له منفعية متولدة بيين
ماله وبيين الشييء الذي غصيبه ،أعنيي ماله المتعلق بالمغصيوب،
فهذا هو حكم الواجب في عين المغصوب تغير أو لم يتغير .وأما
حكم غلته ،فاختلف في ذلك في المذهب على قولين :أحدهما أن
حكيم الغلة حكيم الشييء المغصيوب ،والثانيي أن حكمهميا بخلف
الشيييء المغصييوب؛ فميين ذهييب إلى أن حكمهمييا حكييم الشيييء
المغصيوب وبيه قال أشهيب مين أصيحاب مالك يقول :إنميا تلزميه
الغلة يوم قبضهيا أو أكثير مميا انتهيت إلييه بقيمتهيا على قول مين
يرى أن الغاصب يلزمه أرفع القيم من يوم غصبها ل قيمة الشيء
المغصوب يوم الغصب.
----------
("[ )1الرفولة" :الصل غير واضح ،فليتنبه .دار الحديث].
----------
وأميييا الذيييين ذهبوا إلى أن حكيييم الغلة بخلف حكيييم الشييييء
المغصيوب ،فاختلفوا فيي حكمهيا اختلفيا كثيرا بعيد اتفاقهيم على
أنهييا إن تلفييت ببينيية أنييه ل ضمان على الغاصييب ،وأنييه إن ادعييى
تلفها لم يصدق وإن كان مما ل يغاب عليه .وتحصيل مذهب هؤلء
في حكم الغلة هو أن الغلل تنقسم إلى ثلثة أقسام :أحدها غلة
متولدة عن الشيء المغصوب على نوعه وخلقته وهو الولد ،وغلة
متولدة عن الشيء ل على صورته ،وهو مثل الثمر ولبن الماشية
وجبنهيا وصيوفها ،وغلل غيير متولدة بيل هيي منافيع ،وهيي الكريية
والخراجات وميا أشبيه ذلك .فأميا ميا كان على خلقتيه وصيورته فل
خلف أعلمه أن الغا صب يرده كالولد مع الم المغصوبة وإن كان
ولد الغاصيب .وإنميا اختلفوا فيي ذلك إذا ماتيت الم ،فقال مالك:
هييو مخييير بييين الولد وقيميية الم؛ وقال الشافعييي :بييل يرد الولد
وقيميية الم وهييو القياس .وأمييا إن كان متولدا على غييير خلقيية
الصييل وصييورته ففيييه قولن :أحدهمييا أن للغاصييب ذلك المتولد.
والثانييي أنييه يلزمييه رده مييع الشيييء المغصييوب إن كان قائمييا أو
قيمتهييا إن ادعييى تلفهييا ولم يعرف ذلك إل ميين قوله ،فإن تلف
الشييء المغصيوب كان مخيرا بيين أن يضمنيه بقيمتيه ول شييء له
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا مين المعنيى كميا تقدم مين قولنيا فالقياس أن تجري المنافيع
والعيان المتولدة مجرى واحدا ،وأن يعتييبر التضميين أو ل يعتييبر.
وأمييا سييائر القاويييل التييي بييين هذييين فهييي اسييتحسان .وأجمييع
العلماء على أن مين اغترس نخل أو ثمرا بالجملة ونباتيا فيي غيير
أرضيه أنيه يؤمير بالقلع لميا ثبيت مين حدييث مالك عين هشام بين
عروة عين أبييه أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال "مين
أحييا أرضيا ميتية فهيي له ولييس لعرق ظالم حيق" والعرق الظالم
عندهيم هيو ميا اغترس فيي أرض الغيير .وروى أبيو داود فيي هذا
الحدييث زيادة عين عروة :ولقيد حدثنيي الذي حدثنيي هذا الحدييث
"أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس
أحدهما نخل في أرض الخر ،فقضى لصاحب الرض بأرضه ،وأمر
صاحب النخل أن يخرج نخلة منها" قال :فلقد رأيتها وإنما لتضرب
أصيولها بالفؤوس وإنهيا لنخيل عيم حتيى أخرجيت منهيا ،إل ميا روي
فيي المشهور عين مالك "أن مين زرع زرعيا فيي أرض غيره وفات
أوان زراعتييه لم يكيين لصيياحب الرض أن يقلع زرعييه ،وكان على
الزراع كراء الرض .وقيد روي عنيه ميا يشبيه قياس قول الجمهور،
وعلى قوله :إن كيل ميا ل ينتفيع الغاصيب بيه إذا قلعيه وأزاله أنيه
للمغصيييوب يكون الزرع على هذا للزارع .وفرق قوم بيييين الزرع
والثمار فقالوا :الزارع في أرض غيره له نفقته وزريعته ،وهو قول
كثير من أهل المدينة ،وبه قال أبو عبيد وروي عن رافع بن خديج
أنه قال عليه الصلة والسلم "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم
فله نفقتييه وليييس له ميين الزرع شيييء" .واختلف العلماء فييي
القضاء فيما أفسدته المواشي والدواب على أربعة أقوال :أحدها
أن كيل دابية مرسيلة فصياحبها ضامين لميا أفسيدته .والثانيي أن ل
ضمان علييييه .والثالث أن الضمان على أرباب البهائم باللييييل ،ول
ضمان عليهم فيما أفسدته بالنهار.
والرابع وجوب الضمان في غير المنفلت ول ضمان في المنفلت،
ومميين قال :يضميين بالليييل ول يضميين بالنهار مالك والشافعييي؛
وبأن ل ضمان عليهييم أصييل قال أبييو حنيفيية وأصييحابه؛ وبالضمان
بإطلق قال الليييث ،إل أن الليييث قال :ل يضميين أكثيير ميين قيميية
الماشيية ،والقول الرابيع مروي عين عمير رضيي الله عنيه .فعمدة
مالك والشافعييييي فييييي هذا الباب شيئان :أحدهمييييا قوله تعالى
{وداود وسييليمان إذ يحكمان فييي الحرث إذ نفشييت فيييه غنييم
القوم} والنفيش عنيد أهيل اللغية ل يكون إل باللييل ،وهذا الحتجاج
على مذهييب ميين يرى أنييا مخاطبون بشرع ميين قبلنييا .والثانييي
مرسييله عيين ابيين شهاب "أن ناقيية للبراء بيين عازب دخلت حائط
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قوم فأفسدت فيه ،فقضى ر سول الله صلى الله عليه وسلم أن
على أهييل الحوائط بالنهار حفظهييا ،وإن مييا أفسييدته المواشييي
باللييل ضامين على أهلهيا" أي مضمون .وعمدة أبيي حنيفية قوله
عليييه الصييلة والسييلم "العجماء جرحهييا جبار" وقال الطحاوي:
وتحقيق مذهب أبي حنيفة أنه ل يضمن إذا أرسلها محفوظة ،فأما
إذا لم يرسييلها محفوظيية فيضميين؛ والمالكييية تقول :ميين شرط
قولنا أن تكون الغنم في المسرح وأما إذا كانت في أرض مزرعة
ل مسيرح فيهيا فهيم يضمنون ليل ونهارا وعمدة مين رأى الضمان
فيمييا أفسييدت ليل ونهارا شهادة الصييول له ،وذلك أنييه تعييد ميين
المرسييل ،والصييول على أن على المتعدي الضمان ،ووجييه ميين
فرق بيييين المنفلت وغيييير المنفلت بيييين ،فإن المنفلت ل يملك.
فسيبب الخلف فيي هذا الباب معارضية الصيل للسيمع ،ومعارضية
السييماع بعضييه لبعييض ،أعنييي أن الصييل يعارض "جرح العجماء
جبار" ويعارض أيضييا التفرقيية التييي فييي حديييث البراء ،وكذلك
التفرقية التيي فيي حدييث البراء تعارض أيضيا قوله "جرح العجماء
جبار".
(يتبع)...
@(تابيييع- :)1 ...والطوارئ على المغصيييوب إميييا بزيادة وإميييا
بنقصان ،وهذان إما من قبل... ...
ومين مسيائل هذا الباب المشهورة اختلفهيم فيي حكيم ميا يصياب
مين أعضاء الحيوان ،فروي عين عمير بين الخطاب أنيه قضيى فيي
عيين الدابية بربيع ثمنهيا ،وكتيب إلى شرييح فأمره بذلك ،وبيه قال
الكوفيون ،وقضى به عمر بن عبد العزيز؛ وقال الشافعي ومالك:
يلزم فيمييا أصيييب ميين البهيميية مييا نقييص فييي ثمنهييا قياسييا على
التعدي فيي الموال؛ والكوفيون اعتمدوا فيي ذلك على قول عمير
رضييي الله عنييه وقالوا :إذا قال الصيياحب قول ول مخالف له ميين
الصيحابة وقوله ميع هذا مخالف للقياس وجيب العميل بيه لنيه يعلم
أنه إن ما صار إلى القول به من جهة التوقيف ،فسبب الخلف إذا
معارضيية القياس لقول الصيياحب .وميين هذا الباب اختلفهييم فييي
الجميل الصيئول وميا أشبهيه يخاف الرجيل على نفسيه فيقتله ،هيل
يجيب علييه غرميه أم ل؟ فقال مالك والشافعيي :ل غرم علييه إذا
بان أنه خافه على نفسه؛ وقال أبو حنيفة والثوري :يضمن قيمته
على كيل حال .وعمدة مين لم يير الضمان القياس على مين قصيد
رجل فأراد قتله ،فدافيع المقصيود عين نفسيه فقتيل فيي المدافعية
القاصيد المتعدي أنيه لييس علييه قود ،وإذا كان ذلك فيي النفيس
كان في المال أحرى ،لن النفس أعظم حرمة من المال ،وقياسا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيا على إهدار دم الصييد الحرميي إذا صيال وتمسيك بيه حذاق
أصيييحاب الشافعيييي .وعمدة أبيييي حنيفييية أن الموال تضمييين
بالضرورة إليهيا ،أصيله المضطير إلى طعام الغيير ول حرمية للبعيير
مين جهية ميا هيو ذو نفيس .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي المكرهية
على الزنيى ،هيل على مكرههيا ميع الحيد صيداق أم ل؟ فقال مالك
والشافعيي واللييث :علييه الصيداق والحيد جميعيا؛ وقال أبيو حنيفية
والثوري :عليييه الحييد ول صييداق عليييه ،وهييو قول ابيين شبرميية.
وعمدة مالك أنيه وجيب علييه حقان :حيق لله وحيق للدميي ،فلم
يسيقط أحدهميا الخير ،أصيله السيرقة التيي يجيب بهيا عندهيم غرم
المال والقطييع .وأمييا ميين لم يوجييب الصييداق ،فتعلق فييي ذلك
بمعنيييين :أحدهمييا أنييه إذا اجتمييع حقان :حييق لله وحييق للمخلوق
سقط حق المخلوق لحق الله ،وهذا على رأي الكوفيين في أنه ل
يجمع على السارق غرم وقطع .والمعنى الثاني أن الصداق ليس
مقابل البضع ،وإنما هو عبادة إذ كان النكاح شرعيا ،وإذا كان ذلك
كذلك فل صداق في النكاح الذي على غير الشرع .ومن مسائلهم
المشهورة فييي هذا الباب ميين غصييب أسييطوانة فبنييى عليهييا بناء
يسياوي قائميا أضعاف قيمية السيطوانة ،فقال مالك والشافعيي:
يحكم على الغاصب بالهدم ويأخذ المغصوب منه أسطونته؛ وقال
أبييو حنيفيية :تفوت بالقيميية كقول مالك فيميين غييير المغصييوب
بصناعة لها قيمة كثيرة؛ وعند الشافعي ل يفوت المغصوب بشيء
من الزيادة .وهنا انقضى هذا الكتاب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الستحقاق.
@-وجييل النظيير فييي هذا الكتاب هييو فييي أحكام السييتحقاق،
وتحصييل أصيول هذا الكتاب أن الشييء المسيتحق مين ييد إنسيان
بمييا تثبييت بييه الشياء فييي الشرع لمسييتحقها إذا صييار إلى ذلك
النسييان الذي اسييتحق ميين يده الشيييء المسييتحق بشراء أنييه ل
يخلو مين أن يسيتحق مين ذلك الشييء أقله أو كله أو جله ،ثيم إذا
اسيتحق منيه كله أو جله فل يخلو أن يكون قيد تغيير عنيد الذي هيو
بيده بزيادة أو نقصان أو يكون لم يتغير ،ثم ل يخلو أيضا أن يكون
المسيتحق منيه قيد اشتراه بثمين أو مثمون .فأميا إن كان اسيتحق
منيه أقله ،فإنيه إنميا يرجيع عنيد مالك على الذي اشتراه منيه بقيمية
مييا اسييتحق ميين يده ،وليييس له أن يرجييع بالجميييع .وأمييا إن كان
اسييتحق كله أو جله ،فإن كان لم يتغييير أخذه المسييتحق ورجييع
المستحق من يده على الذي اشتراه منه بثمن ما اشتراه منه إن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان اشتراه بثمن ،وإن كان اشتراه بالمثمون رجع بالمثمون بعينه
إن كان لم يتغير ،فإن تغير تغيرا يوجب اختلف قيمته رجع بقيمته
يوم الشراء ،وإن كان المال المستحق قد بيع ،فإن للمستحق أن
يمضي البيع ويأخذ الثمن أو يأخذه بعينه ،فهذا هو حكم المستحق
والمسييتحق ميين يده مييا لم يتغييير الشيييء المسييتحق ،فإن تغييير
الشيييء المسييتحق فل يخلو أن يتغييير بزيادة أو نقصييان .فأمييا إن
كان تغيير بزيادة فل يخلو أن يتغيير بزيادة مين قبيل الذي اسيتحق
من يده الشيء ،أو بزيادة من ذات الشيء .فأما الزيادة من ذات
الشيء فيأخذها المستحق ،مثل أن تسمن الجارية أو يكبر الغلم.
وأما الزيادة من قبل المستحق منه ،فمثل أن يشتري الدار فبنى
فيهييا فتسييتحق ميين يده ،فإنييه مخييير بييين أن يدفييع قيميية الزيادة
ويأخيذ ميا اسيتحقه وبيين أن يدفيع إلييه المسيتحق مين يده قيمية ميا
اسيتحق أو يكونيا شريكيين ،هذا بقدر قيمية ميا اسيتحق مين يده،
وهذا بقدر قيمية ميا بنيى أو غرس ،وهيو قضاء عمير بين الخطاب.
وأمييا إن كانييت الزيادة ولدة ميين قبييل المسييتحق منييه ،مثييل أن
يشتري أميية فيولدهييا ثييم تسييتحق منييه أو يزوجهييا على أنهييا حرة
فتخرج أميية ،فإنهييم اتفقوا على أن المسييتحق ليييس له أن يأخييذ
أعيان الولد ،واختلفوا فييي أخييذ قيمتهييم .وأمييا الم فقيييل يأخذهييا
بعينهييا ،وقيييل يأخييذ قيمتهييا .وأمييا إن كان الولد بنكاح فاسييتحقت
بعبوديية فل خلف أن لسييدها أن يأخذهيا ويرجيع الزوج بالصيداق
على ميين غره ،وإذا ألزمناه قيميية الولد لم يرجييع بذلك على ميين
غره ،لن الغرر لم يتعلق بالولد .وأما غلة الشيء المستحق ،فإنه
إذا كان ضامنييا بشبهيية ملك فل خلف أن الغلة للمسييتحق منييه،
وأعنيي بالضمان أنهيا تكون مين خسيارته إذا هلكيت عنده .وأميا إذا
كان غييير ضاميين ،مثييل أن يكون وارثييا فيطرأ عليييه وارث آخيير
فيستحق بعض ما في يده فإنه يرد الغلة .وأما إن كان غير ضامن
إل أنيه ادعيى فيي ذلك ثمنيا مثيل العبيد يسيتحق بحريية ،فإنيه وإن
هلك عنده يرجع بالثمن ففيه قولن :أنه ل يضمن إذا لم يجد على
مين يرجيع ،ويضمين إذا وجيد على مين يرجيع .وأميا مين أي وقيت
تصييح الغلة للمسييتحق؟ فقيييل يوم الحكييم ،وقيييل ميين يوم ثبوت
الحيق ،وقييل مين يوم توقيفيه .وإذا قلنيا إن الغلة تجيب للمسيتحق
فيي أحيد هذه الوقات الثلثية فإذا كانيت أصيول فيهيا ثمرة فأدرك
هذا الوقيت الثمير ولم يقطيف بعده ،فقييل إنهيا للمسيتحق ميا لم
تقطيف ،وقييل ميا لم تيبيس ،وقييل ميا لم يطيب ويرجيع علييه بميا
سييقى وعالج المسيتحق مين يدييه ،وهذا إن كان اشترى الصيول
قبل البار .وأما إن كان اشتراها بعد البار فالثمرة للمستحق عند
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ينحلون أبناءهييم نحل ثييم يمسييكونها ،فإن مات ابيين أحدهييم قال:
مالي بيدي لم أعطييه أحدا ،وإن مات قال هييو لبنييي قييد كنييت
أعطيتيه إياه فمين نحيل نحلة فلم يحزهيا الذي نحلهيا للمنحول له
وأبقاهيا حتيى تكون إن مات لورثتيه فهيي باطلة ،وهيو قول علي،
قالوا :وهييو إجماع ميين الصييحابة ،لنييه لم ينقييل عنهييم فييي ذلك
خلف .وأ ما مالك فاعتمد المر ين جميعا :أعني القياس وما روي
عين الصيحابة ،وجميع بينهميا ،فمين حييث هيي عقيد مين العقود لم
يكن عنده شرطا من شروط صحتها القبض ،ومن حيث شرطت
الصيحابة فييه القبيض لسيد الذريعية التيي ذكرهيا عمير جعيل القبيض
فيهيا مين شرط التمام ،ومين حيق الموهوب له ،وأنيه إن تراخيى
حتييى يفوت القبييض بمرض أو إفلس على الواهييب سييقط حقييه.
وجمهور فقهاء المصار على أن الب يجوز لبنه الصغير الذي في
ولية نظره وللكبير السفيه الذي ما وهبه كما يجوز لهما ما وهبه
غيره لهييم ،وأنييه يكفييي فييي الحيازة له إشهاده بالهبيية والعلن
بذلك ،وذلك كله فيما عدا الذهب والفضة وفيما ل يتعين.
والصل في ذلك عندهم ما رواه مالك عن ابن شهاب عن سعيد
بين المسييب أن عثمان بين عفان قال :مين نحيل ابنيا له صيغيرا لم
يبلغ أن يحوز نحلتيييه فأعلن ذلك وأشهيييد علييييه فهيييي حيازة وإن
وليهييا؛ وقال مالك وأصييحابه :لبييد ميين الحيازة فييي المسييكون
والملبوس ،فإن كانت دارا سكن فيها خرج منها ،وكذلك الملبوس
إن لبسييه بطلت الهبيية ،وقالوا فييي سييائر العروض بمثييل قول
الفقهاء ،أعنيي أنيه يكفيي فيي ذلك إعلنيه وإشهاده .وأميا الذهيب
والورق فاختلفت الرواية فيه عن مالك ،فروي عنه أنه ل يجوز إل
أن يخرجييه الب عيين يده إلى يييد غيره ،وروي عنييه أنييه يجوز إذا
جعلهييا فييي ظرف أو إناء وختييم عليهييا بخاتييم وأشهييد على ذلك
الشهود .ول خلف بييين أصييحاب مالك أن الوصييي يقوم فييي ذلك
مقام الب .واختلفوا فييي الم؛ فقال ابيين القاسييم :ل تقوم مقام
الب ،ورواه عيين مالك؛ وقال غيره ميين أصييحابه :تقوم ،وبييه قال
أبيو حنيفية؛ وقال الشافعيي :الجيد بمنزلة الب ،والجدة عنيد ابين
وهب أم الم تقوم مقام الم ،والم عنده تقوم مقام الب.
**3القول في أنواع الهبات.
@-والهبية منهيا ميا هيي هبية عيين ،ومنهيا ميا هيي هبية منفعية .وهبية
العيين منهيا ميا يقصيد بهيا الثواب ،ومنهيا ميا ل يقصيد بهيا الثواب.
والتيي يقصيد بهيا الثواب منهيا ميا يقصيد بهيا وجيه الله ،ومنهيا ميا
يقصيد بيه وجيه المخلوق .فأميا الهبية لغيير الثواب فل خلف فيي
جوازهييا ،وإنمييا اختلفوا فييي أحكامهييا .وأمييا هبيية الثواب فاختلفوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيهيا؛ فأجازهيا مالك وأبيو حنيفية؛ ومنعهيا الشافعيي ،وبيه قال داود
وأبيو ثور .وسيبب الخلف هيل هيي بييع مجهول الثمين أو لييس بيعيا
مجهول الثمن؟ فمن رآه بيعا مجهول الثمن قال هو من نوع بيوع
الغرر التيي ل تجوز ،ومين لم يير أنهيا بييع مجهول قال :يجوز وكأن
مالكيا جعيل العرف فيهيا بمنزلة الشرط وهيو ثواب مثلهيا ،ولذلك
اختلف القول عندهييم إذا لم يرض الواهييب بالثواب مييا الحكييم؟
فقييل تلزميه الهبية إذا أعطاه الموهوب القيمية ،وقييل ل تلزميه إل
أن يرضييه ،وهيو قول عمير على ميا سييأتي بعيد ،فإذا اشترط فييه
الرضييا فليييس هنالك بيييع انعقييد ،والول هييو المشهور عيين مالك.
وأميا إذا ألزم القيمية فهنالك بييع انعقيد ،وإنميا يحميل مالك الهبية
على الثواب إذا اختلفوا فيي ذلك ،وخصيوصا إذا دلت قرينية الحال
على ذلك مثيل أن يهيب الفقيير للغنيي ،أو لمين يرى أنيه إنميا قصيد
بذلك الثواب .وأمييا هبات المنافييع فمنهييا مييا هييي مؤجلة ،وهذه
تسيمى عاريية ومنحية وميا أشبيه ذلك ،ومنهيا ميا يشترط فيهيا ميا
بقيت حياة الموهوب له ،وهذه تسمى العمري ،مثل أن يهب رجل
رجل سكنى دار حياته ،وهذه اختلف العلماء فيها على ثلثة أقوال:
أحدهيا أنهيا هبية مبتوتية :أي هبية للرقبية ،وبيه قال الشافعيي وأبيو
حنيفية والثوري وأحميد وجماعية .والقول الثانيي أنيه لييس للمعمير
مر أو إلى ورثته ،وبه فيها إل المنفعة ،فإذا مات عادت الرقبة للمع ِ
قال مالك وأصيحابه ،وعنده أنيه إن ذكير العقيب عادت إذا انقطيع
مر أو إلى ورثتيه .والقول الثالث أنيه إذا قال :هييالعقيب إلى المع ِي
عمري لك ولعقبييك كانييت الرقبيية ملكييا للمعميير ،فإذا لم يذكيير
مر أو لورثته ،وبه قال العقب عادت الرقبة بعد موت المعمر للمع ِ
داود وأبيييييو ثور وسيييييبب الخلف فيييييي هذا الباب اختلف الثار
ومعارضيية الشرط والعمييل للثيير .أمييا الثيير ففييي ذلك حديثان:
أحدهما متفق على صحته ،وهو ما رواه مالك عن جابر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه
فإنهييا للذي يعطاهييا ل ترجييع إلى الذي أعطاهييا أبدا" لنييه أعطييى
عطاء وقعيت فييه الموارييث .والحدييث الثانيي حدييث أبيي الزبيير
عين جابر قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ييا معشير
النصييار أمسييكوا عليكييم أموالكييم ول تعمروهييا فميين أعميير شيئا
حياتيه فهيو له حياتيه ومماتيه" وقيد روي عين جابر بلفيظ آخير "ل
تعمروا ول ترقبوا فمين أعمير شيئا أو أرقبيه فهيو لورثتيه" فحدييث
أبيي الزبيير عين جابر مخالف لشرط المعمير .وحدييث مالك عنيه
مخالف أيضيا لشرط المعمير إل أنيه يخييل أنيه أقيل فيي المخالفية،
وذلك أن ذكر العقب يوهم تبتيت العطية ،فمن غلب الحديث على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أهيل الظاهير والمزنيي :ل تجوز .وسيبب الخلف هيل المنيع
لعلة الورثيية أو عبادة؟ فميين قال عبادة قال :ل تجوز وإن أجازهييا
الورثية؛ ومين قال بالمنيع لحيق الورثية أجازهيا الورثية؛ وتردد هذا
الخلف راجيع إلى تردد المفهوم مين قوله علييه الصيلة والسيلم
"ل وصييية لوارث" هييل هييو معقول المعنييى أم ليييس بمعقول؟
واختلفوا فيي الوصيية للمييت ،فقال قوم :تبطيل بموت الموصيى
له ،وهيم الجمهور؛ وقال قوم :ل تبطيل وفيي الوصيية للقاتيل خطيأ
وعمدا وفييي هذا الباب فرع مشهور ،وهييو إذا أذن الورثيية للميييت
هيل لهيم أن يرجعوا فيي ذلك بعيد موتيه؟ فقييل لهيم ،وقييل لييس
لهييم ،وقيييل بالفرق بييين أن يكون الورثيية فييي عيال الميييت أو ل
يكونوا ،أعنيي إنهيم إن كانوا فيي عياله كان لهيم الرجوع ،والثلثية
القوال في المذهب.
**3القول في الموصى به والنظر في جنسه وقدره.
@-أميييا جنسيييه فإنهيييم اتفقوا على جواز الوصيييية فيييي الرقاب،
واختلفوا فيييي المنافيييع فقال جمهور فقهاء المصيييار :ذلك جائز؛
وقال ابين أبيي ليلى وابين شبرمية وأهيل الظاهير :الوصيية بالمنافيع
باطلة .وعمدة الجمهور أن المنافييع فييي معنييى الموال .وعمدة
الطائفية الثانيية أن المنافيع متنقلة إلى ملك الوارث ،لن المييت ل
ملك له فل تصييح له وصييية بمييا يوجييد فييي ملك غيره ،وإلى هذا
القول ذهيب أبيو عمير بين عبيد البر .وأميا القدر فإن العلماء اتفقوا
على أنييه ل تجوز الوصييية فييي أكثيير ميين الثلث لميين ترك ورثيية.
واختلفوا فيمن لم يترك ورثة وفي القدر المستحب منها ،هل هو
الثلث أو دونه؟ وإنما صار الجميع إلى أن الوصية ل تجوز في أكثر
من الثلث لمن له وارث بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم "أنه
عاد سييعد بيين أبييي وقاص فقال له يييا رسييول الله :قييد بلغ منييي
الوجيع ميا ترى وأنيا ذو مال ول يرثنيي إل ابنية لي ،أفأتصيدق بثلثيي
مالي؟ فقال له رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :ل ،فقال له
سييعد :فالشطيير؟ قال :ل ،ثييم قال رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم :الثلث والثلث كثيير إنيك أن تذر ورثتيك أغنياء خيير مين أن
تذرهييم عالة يتكففون الناس" فصييار الناس لمكان هذا الحديييث
إلى أن الوصيية ل تجوز بأكثير مين الثلث ،واختلفوا فيي المسيتحب
مين ذلك ،فذهيب قوم إلى أنيه ميا دون الثلث ،لقوله علييه الصيلة
والسييلم فييي هذا الحديييث "والثلث كثييير" وقال بهذا كثييير ميين
السلف .قال قتادة :أوصى أبو بكر بالخمس ،وأوصى عمر بالربع،
والخميس أحيب إلي .وأميا مين ذهيب إلى أن المسيتحب هيو الثلث
فإنهيم اعتمدوا على ميا روي عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال "إن الله جعييل لكييم فييي الوصييية ثلث أموالكييم زيادة فييي
أعمالكم" وهذا الحديث ضعيف عند أهل الحديث .وثبت عن ابن
عباس أنيه قال :لوغيض الناس فيي الوصيية مين الثلث إلى الربيع
لكان أحييب إلي ،لن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم قال
"الثلث والثلث كثيير" .وأميا اختلفهيم فيي جواز الوصيية بأكثير مين
الثلث لمييين ل وارث له ،فإن مالكيييا ل يجييييز ذلك والوزاعيييي،
واختلف فييه قول أحميد ،وأجاز ذلك أبيو حنيفية وإسيحق ،وهيو قول
ابيين مسييعود .وسييبب الخلف هييل هذا الحكييم خاص بالعلة التييي
علله بهييا الشارع أم ليييس بخاص ،وهييو أن ل يترك ورثتييه عالة
يتكففون الناس .كمييا قال عليييه الصييلة والسييلم "إنييك أن تذر
ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" فمن جعل
هذا السبب خاصا و جب أن يرتفع الحكيم بارتفاع هذه العلة؛ ومن
جعيييل الحكيييم عبادة وإن كان قيييد علل بعلة ،أو جعيييل جمييييع
المسييلمين فييي هذا المعنييى بمنزلة الورثيية قال :ل تجوز الوصييية
بإطلق بأكثر من الثلث.
**3القول في المعنى الذي يدل عليه لفظ الوصية.
@-والوصيييية بالجملة هيييي هبييية الرجيييل ماله لشخيييص آخييير أو
لشخاص بعد موته أو عتق غلمه سواء صرح بلفظ الوصية أو لم
يصرح به ،وهذا العقد عندهم هو من العقود الجائزة باتفاق ،أعني
أن للموصي أن يرجع فيما أوصى به ،إل المدبر فإنهم اختلفوا فيه
على مييا سيييأتي فييي كتاب التدبييير ،وأجمعوا على أنييه ل يجييب
للموصيى له إل بعيد موت الموصيي .واختلفوا فيي قبول الموصيى
له هل هو شرط في صحتها أم ل؟ فقال مالك :قبول الموصى له
إياهييا شرط فييي صييحة الوصييية؛ وروي عيين الشافعييي أنييه ليييس
القبول شرطا في صحتها ،ومالك شبهها بالهبة.
**3القول في الحكام.
@-وهذه الحكام منها لفظية ،ومنها حسابية ،ومنها حكمية .فمن
مسائلهم المشهورة الحكمية اختلفهم في حكم من أوصى بثلث
ماله لرجيل وعيين ميا أوصيى له بيه فيي ماله مميا هيو الثلث ،فقال
الورثييية :ذلك الذي عيييين أكثييير مييين الثلث ،فقال مالك :الورثييية
مخيرون بيين أن يعطوه ذلك الذي عينيه الموصيي أو يعطوه الثلث
من جميع مال الميت؛ وخالفه في ذلك أبو حنيفة والشافعي وأبو
ثور وأحمييد وداود .وعمدتهييم أن للوصييية قييد وجبييت للموصييى له
بموت الموصيي وقبوله إياهيا باتفاق ،فكييف ينقيل عين ملكيه ميا
وجب له بغير طيب نفس منه وتغير الوصية .وعمدة مالك إمكان
صدق الورثة فيما ادعوه ،وما أحسن ما رأى أبو عمر بن عبد البر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في هذه المسألة ،وذلك أنه قال :إذا ادعى الورثة ذلك كلفوا بيان
ميا ادعوا ،فإن ثبيت ذلك أخيذ منيه الموصيى له قدر الثلث مين ذلك
الشييء الموصيى بيه وكان شريكيا للورثية ،وإن كان الثلث فأقيل
جبروا على إخراجه ،وإذا لم يختلفوا في أن ذلك الشيء الموصى
بيه هيو فرق الثلث ،فعنيد مالك أن الورثية مخيرون بيين أن يدفعوا
إليه ما وصى له به ،أو يفرجوا له عن جميع ثلث مال الميت ،إما
في ذلك الشيء بعينه ،وإما في جميع المال على اختلف الرواية
عن مالك في ذلك؛ وقال أبو حنيفة والشافعي :له ثلث تلك العين
ويكون بباقيييه شريكييا للورثيية فييي جميييع مييا ترك الميييت حتييى
يسيتوفي تمام الثلث .وسيبب الخلف أن المييت لميا تعدى فيي أن
جعيل وصييته فيي شييء بعينيه ،فهيل العدل فيي حيق الورثية أن
يخيروا بيين إمضاء الوصيية أو يفرجوا له إلى غايية ميا يجوز للمييت
أن يخرج عنهيييم مييين ماله أو يبطيييل التعدي ويعود ذلك الحيييق
مشتركا ،وهذا هو الولى إذا قلنا إن التعدي هو في التعيين لكونه
أكثير مين الثلث ،أعنييي أن الواجيب أن يسيقط التعييين .وإميا أن
يكلف الورثيية أن يمضوا التعيييين أو يتخلوا عيين جميييع الثلث فهييو
حميل عليهيم .ومين هذا الباب اختلفهيم فيمين وجبيت علييه زكاة
فمات ولم يوص بهيا وإذا وصيى بهيا فهيل هيي مين الثلث ،أو مين
رأس المال؟ فقال مالك :إذا لم يوص بهييييا لم يلزمييييه الورثيييية
إخراجهيا ،وقال الشافعيي :يلزم الورثية إخراجهيا مين رأس المال،
وإذا وصيى بهيا ،فعنيد مالك يلزم الورثية إخراجهيا وهيي عنده مين
الثلث ،وهيي عنيد الشافعيي فيي الوجهيين مين رأس المال شبههيا
بالديين لقول رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "فديين الله أحيق
أن يقضى" وكذلك الكفارات الواجبة والحج الواجب عنده ،ومالك
يجعلهييا ميين جنييس الوصييايا بالتوصييية بإخراجهييا بعييد الموت ،ول
خلف أنه لو أخرجها في الحياة أنها من رأس المال ولو كان في
السيياق ،وكأن مالكيا اتهميه هنيا على الورثية ،أعنيي فيي توصييته
بإخراجهيا ،قال :ولو أجييز هذا لجاز للنسيان أن يؤخير جمييع زكاتيه
طول عمره إذا دنييا ميين الموت وصييى بهييا فإذا زاحمييت الوصييايا
الزكاة قدمت عند مالك على ما هو أضعف منها؛ وقال أبو حنيفة:
هي وسائر الوصايا سواء ،يريد في المحاصة .واتفق مالك وجميع
أصحابه على أن الوصايا التي يضيق عنها الثلث إذا كانت مستوية
أنها تتحاص في الثلث ،وإذا كان بعضها أهم من بعض قدم الهم.
واختلفوا فييي الترتيييب على مييا هييو مسييطور فييي كتبهييم .وميين
مسييائلهم الحسييابية المشهورة فييي هذا الباب إذا أوصييى لرجييل
بنصف ماله ولخر بثلثيه ورد للورثة الزائد ،فعند مالك والشافعي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سيفل والعيم وابين العيم وإن سيفل والزوج ومولى النعمية .وأميا
النسيياء :فالبنيية وابنيية البيين وإن سييفلت والم والجدة وإن علت
والخت والزوجة والمولة .وأما المختلف فيهم فهم ذوو الرحام،
وهم من ل فرض لهم في كتاب الله ول هم عصبة ،وهم بالجملة
بنيو البنات وبنات الخوة وبنيو الخوات وبنات العمام والعيم أخيو
الب للم فقييييط وبنييييو الخوة للم والعمات والخالت والخوال؛
فذهيب مالك والشافعيي وأكثير فقهاء المصيار وزييد بين ثابيت مين
الصييحابة إلى أنييه ل ميراث لهييم؛ وذهييب سييائر الصييحابة وفقهاء
العراق والكوفية والبصيرة وجماعية العلماء مين سيائر الفاق إلى
توريثهم .والذين قالوا بتوريثهم اختلفوا في صفة توريثهم؛ فذهب
أبيو حنيفية وأصيحابه إلى توريثهيم على ترتييب العصيبات ،وذهيب
سيائر مين ورثهيم إلى التنزييل ،وهيو أن ينزل كيل مين أدلى منهيم
بذي سييهم أو عصييبة بمنزلة السييبب الذي أدلى بييه .وعمدة مالك
ومين قال بقوله أن الفرائض لميا كانيت ل مجال للقياس فيهيا كان
الصيل أن ل يثبيت فيهيا شييء إل بكتاب أو سينة ثابتية أو إجماع،
وجميع ذلك معدوم في هذه المسألة .وأما الفرقة الثانية ،فزعموا
أن دليلهييم على ذلك ميين الكتاب والسيينة والقياس .أمييا الكتاب
فقوله تعالى {وأولوا الرحام بعضهييم أولى ببعييض} وقوله تعالى
{للرجال نصيييب ممييا ترك الوالدان والقربون} واسييم القرابيية
ينطلق على ذوي الحارم ،ويرى المخالف أن هذه مخصييييييييوصة
بآيات المواريث .وأما السنة فاحتجوا بما خرجه الترمذي عن عمر
بين الخطاب أنيه كتيب إلى أبيي عيبيدة أن رسيول الله صيلى الله
عليييه وسييلم قال "الله ورسييوله مولى ميين ل مولى له ،والخال
وارث مين ل وارث له" .وأميا مين طرييق المعنيى فإن القدماء مين
أصيحاب أبيي حنيفية قالوا :إن ذوي الرحام أولى مين المسيلمين
لنهم قد اجتمع لهم سببان :القرابة والسلم ،فأشبهوا تقديم الخ
الشقيق على الخ للب ،أعني أن من اجتمع له سببان أولى ممن
له سييبب واحييد .وأمييا أبييو زيييد ومتأخرو أصييحابه فشبهوا الرث
بالوليية وقالوا :لميا كانيت وليية التجهييز والصيلة والدفين للمييت
عنييد فقييد أصييحاب الفروض والعصييبات لذوي الرحام وجييب أن
يكون لهيييم وليييية الرث ،وللفرييييق الول اعتراضات فيييي هذه
المقايييس فيهيا ضعيف .وإذ قيد تقرر هذا فلنشرع فيي ذكير جنيس
جنييس ميين أجناس الوارثييين ،ونذكيير ميين ذلك مييا يجري مجرى
الصول من المسائل المشهورة المتفق عليها والمختلف فيها.
@(-ميراث الصيلب) وأجميع المسيلمون على أن ميراث الولد مين
والدهم ووالدتهم إن كانوا ذكورا وإناثا معا هو أن للذكر منهم مثل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حييظ النثيييين ،وأن البيين الواحييد إذا انفرد فله جميييع المال ،وأن
البنات إذا انفردن فكانت واحدة أن لها النصف ،وإن كن ثلثا فما
فوق ذلك فلهن الثلثان .واختلفوا في الثنتين فذهب الجمهور إلى
أن لهميا الثلثيين ،وروي عين ابين عباس أنيه قال :للبنتيين النصيف.
والسيبب فيي اختلفهيم تردد المفهوم فيي قوله تعالى {فإن كين
نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} هل حكم الثنتين المسكوت
عنه يلحق بحكم الثلثة أو بحكم الواحدة؟ والظهر من باب دليل
الخطاب أنهميا لحقان بحكيم الواحدة؛ وقيد قييل إن المشهور عين
ابيين عباس مثييل قول الجمهور وقييد روي عيين ابيين عبييد الله بيين
محمد بن عقيل عن حاتم بن عبد الله وعن جابر "أن النبي صلى
الله عليه وسلم أعطى البنتين الثلثين" قال فيما أحسب أبو عمر
ابين عبد البر وعبيد الله بن عقييل :قد قبيل جماعية من أهل العلم
حديثييه وخالفهييم آخرون .وسييبب التفاق فييي هذه الجملة قوله
تعالى {يوصييكم الله فيي أولدكيم للذكير مثيل حيظ النثييين} إلى
قوله {وإن كانييت واحدة فلهييا النصييف} وأجمعوا ميين هذا الباب
على أن بنيي البنيين يقومون مقام البنيين عنيد فقيد البنيين يرثون
كميا يرثون ويحجبون كميا يحجبون ،إل شييء روي عين مجاهيد أنيه
قال :ولد البن ل يحجبون الزوج من النصف إلى الربع كما يحجب
الولد نفسيه ول الزوجية مين الربيع إلى الثمين ،ول الم مين الثلث
إلى السدس .وأجمعوا على أنه ليس لبنات البن ميراث مع بنات
الصيلب إذا اسيتكمل بنات المتوفيي الثلثيين .واختلفوا إذا كان ميع
بنات البن ذكر ابن ا بن في مرتبتهن أو أبعد منهن ،فقال جمهور
فقهاء المصار :إنه يعصب بنات البن فيما فضل عن بنات الصلب
فيقسيمون المال للذكير مثيل حيظ النثييين ،وبيه قال علي رضيي
الله عنه وزيد بن ثابت من الصحابة .وذهب أبو ثور وداود أنه إذا
اسيتكمل البنات الثلثيين أن الباقيي لبين البين دون بنات البين كين
فيي مرتبية واحدة ميع الذكير أو فوقيه أو دونيه .وكان ابين مسيعود
يقول فيي هذه {للذكير مثيل حيظ النثييين} إل أن يكون الحاصيل
للنساء أكثر من السدس فل تعطي إل السدس .وعمدة الجمهور
عموم قوله تعالى {يوصيييكم الله فييي أولدكييم للذكيير مثييل حييظ
النثييين} وأن ولد الولد ولد مين طرييق المعنيى ،وأيضيا لميا كان
ابيين البيين يعصييب ميين فييي درجتييه فييي جملة المال فواجييب أن
يعصيب فيي الفاضيل مين المال .وعمدة داود وأبيي ثور حدييث ابين
عباس أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "اقسيموا المال بيين
أهييل الفرائض على كتاب الله عييز وجييل ،فمييا أبقييت الفرائض
فلولى رجل ذكر" ومن طريق المعنى أيضا أن بنت البن لما لم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ترث مفردة ميين الفاضييل عيين الثلثييين كان أحرى أن ل ترث مييع
غيرها ،وسبب اختلفهم تعارض القياس والنظر في الترجيح .وأما
قول ابين مسيعود فمبنيي على أصيله فيي أن بنات البين لميا كين ل
يرثن مع عدم البن أكثر من السدس لم يجب لهن مع الغير أكثر
مميا وجيب لهين ميع النفراد ،وهيي حجية قريبية مين حجية داود،
والجمهور على أن ذكيير ولد البيين يعصييبهن كان فييي درجتهيين أو
أطرف من هن .و شذ بعض المتأخر ين فقال :ل يعصيبهن إل إذا كان
فييي مرتبتهيين .وجمهور العلماء على أنييه إذا ترك المتوفييي بنتييا
لصيلب وبنيت ابين أو بنات ابين لييس معهين ذكير أن لبنات البين
السيدس تكملة الثلثيين ،وخالفيت الشيعية فيي ذلك فقالت :ل ترث
بنييت البيين مييع البنييت شيئا كالحال فييي ابيين البيين مييع البيين،
فالختلف في بنات البن في موضعين :مع بني البن ،ومع البنات
فيما دون الثلثين وفوق النصف .فالمتحصل فيهن إذا كن مع بني
البين أنيه قييل يرثين ،وقييل ل يرثين؛ وإذا قييل يرثين فقييل يرثين
تعصيبا مطلقا ،وقيل يرثن تعصيبا إل أن يكون أكثر من السدس؛
وإذا قييل يرثين فقييل أيضيا إذا كان ابين البين فيي درجتهين وقييل
كيفما كان ،والمتحصل في وراثتهن مع عدم ابن البن فيما فضل
عن النصف إلى تكملة الثلثين قيل يرثن ،وقيل ل يرثن.
@(-ميراث الزوجات) وأجميع العلماء على أن ميراث الرجيل مين
امرأتييه إذا لم تترك ولدا ول ولد ابيين النصييف ذكرا كان الولد أو
أنثى ،إل ما ذكرنا عن مجاهد ،وأنها إن تركت ولدا فله الربع ،وأن
ميراث المرأة مييين زوجهيييا إذا لم يترك الزوج ولد ول ولد ابييين
الربيع ،فإن ترك ولدا أو ولد ابين فالثمين ،وأنيه لييس يحجبهين أحيد
عيين الميراث ول ينقصييهن إل الولد ،وهذا لورود النييص فييي قوله
تعالى {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد} الية.
@(-ميراث الب والم) وأجمييييييع العلماء على أن الب إذا انفرد
كان له جميييع المال ،وأنييه إذا انفرد البوان كان للم الثلث وللب
الباقيي لقوله تعالى {وورثيه أبواه فلميه الثلث} وأجمعوا على أن
فرض البوييين ميين ميراث ابنهمييا إذا كان للبيين ولد أو ولد ابيين
السييدسان ،أعنييي أن لكييل واحييد منهمييا السييدس لقوله تعالى
{ولبويييه لكييل واحييد منهمييا السييدس ممييا ترك إن كان له ولد}
والجمهور على أن الولد هيو الذكير دون النثيى وخالفهيم فيي ذلك
مين شيذ؛ وأجمعوا على أن الب ل ينقيص ميع ذوي الفرائض مين
السيدس وله ميا زاد؛ وأجمعوا مين هذا الباب على أن الم يحجبهيا
الخوة مييين الثلث إلى السيييدس لقوله تعالى {فإن كان له أخوة
فلمه السدس} .واختلفوا في أقل ما يحجب الم من الثلث إلى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السدس من الخوة ،فذهب علي رضي الله عنه وابن مسعود إلى
أن الخوة الحاجبين هما اثنان فصاعدا ،وبه قال مالك وذهب ابن
عباس إلى أنهييم ثلثيية فصيياعدا ،وأن الثنييين ل يحجبان الم ميين
الثلث إلى السيدس ،والخلف آييل إلى أقيل ميا ينطلق علييه اسيم
الجمييع؛ فميين قال أقييل مييا ينطلق عليييه اسييم الجمييع ثلثيية قال:
الخوة الحاجبون ثلثية فميا فوق؛ ومين قال أقيل ميا ينطلق علييه
اسم الجمع اثنان قال :الخوة الحاجبون هما اثنان أعني في قوله
تعالى {فإن كان له أخوة} ول خلف أن الذكييير والنثيييى يدخلن
تحييت اسييم الخوة فييي الييية وذلك عنييد الجمهور .وقال بعييض
المتأخرييييين ل أنقييييل الم ميييين الثلث إلى السييييدس بالخوات
المنفردات ،لنيه زعيم أنيه لييس ينطلق عليهين اسيم الخوة إل أن
يكون معهيين أخ لموضييع تغليييب المذكيير على المؤنييث ،إذ اسييم
الخوة هييو جمييع أخ ،والخ مذكيير .واختلفوا ميين هذا الباب فيميين
يرث السييييدس الذي تحجييييب عنييييه الم بالخوة ،وذلك إذا ترك
المتوفييي أبوييين وأخوة ،فقال الجمهور :ذلك السييدس للب مييع
الربعية السيداس .وروي عين ابين عباس أن ذلك السيدس للخوة
الذ ين حجبوا ،وللب الثلثان لنه ليس في الصول من يحجب ول
يأخذ ما حجب إل الخوة مع الباء ،وضعف قوم السناد بذلك عن
ابين عباس ،وقول ابين عباس هيو القياس .واختلفوا مين هذا الباب
في التي تعرف بالغراوين ،وهي فيمن ترك زوجة وأبوين ،أو زوجا
وأبويين؛ فقال الجمهور :فيي الولى للزوجية الربيع ،وللم ثلث ميا
بقيي ،وهيو الربيع مين رأس المال ،وللب ميا بقيي وهيو النصيف،
وقالوا في الثانية :للزوج النصف وللم ثلث ما بقي وهو السدس
مين رأس المال ،وللب ميا بقيي وهيو السيدسان ،وهيو قول زييد
والمشهور ميين قول علي رضييي الله عنييه .وقال ابيين عباس فييي
الولى :للزوجة الربع من رأس المال ،وللم الثلث منه أيضا لنها
ذات فرض ،وللب ميا بقيي لنيه عاصيب؛ وقال أيضيا فيي الثانيية:
للزوج النصييف ،وللم الثلث لنهييا ذات فرض مسييمى ،وللب مييا
بقي ،وبه قال شريح القاضي وداود وابن سيرين وجماعة .وعمدة
الجمهور أن الب والم لمييا كانييا إذا انفردا بالمال كان للم الثلث
وللب الباقيي ،وجيب أن يكون الحال كذلك فيميا بقيي مين المال،
كأنهم رأوا أن يكون ميراث الم أكثر من ميراث الب خروجا عن
الصيول .وعمدة الفرييق الخير أن الم ذات فرض مسيمى والب
عاصييب ،والعاصييب ليييس له فرض محدود مييع ذي الفروض ،بييل
يقل ويكثر ،وما عليه الجمهور من طريق التعليل أظهر ،وما عليه
الفرييق الثانيي ميع عدم التعلييل أظهير ،وأعنيي بالتعلييل ههنيا أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عين علي رضيي الله عنيه قال "قضيى رسيول الله صيلى الله علييه
وسيييلم أن أعيان بنيييي الم يتوارثون دون بنيييي العلت" وأجميييع
العلماء على أن الخوات للب والم إذا اسييتكملن الثلثييين فإنييه
لييس للخوات للب معهين شييء كالحال فيي بنات البين ميع بنات
الصيلب ،وأنيه إن كانيت الخيت للب والم واحدة فللخوات للب
ميا كين بقيية الثلثيين وهيو السيدس .واختلفوا إذا كان ميع الخوات
للب ذكير ،فقال الجمهور :يعصيبهن ويقتسيمون المال للذكير مثيل
حيظ النثييين ،كالحال فيي بنات البين ميع بنات الصيلب؛ واشترط
مالك أن يكون فييي درجتهيين؛ وقال ابيين مسييعود :إذا اسييتكمل
الخوات الشقائق الثلثييين فالباقييي للذكور ميين الخوة للب دون
الناث ،وبييه قال أبييو ثور؛ وخالفييه داود فييي هذه المسييألة ،مييع
موافقتيييه له فيييي مسيييألة بنات الصيييلب وبنيييي البنيييين ،فإن لم
يسيتكملن الثلثيين ،فللذكير عنده مين بنيي الب مثيل حيظ النثييين،
إل أن يكون الحاصيل للنسياء أكثير مين السيدس كالحال فيي بنيت
الصيلب ميع بنيي البين .وأدلة الفريقيين فيي هذه المسيألة هيي تلك
الدلة بأعيانهييييييييييا .وأجمعوا على أن الخوة للب يقومون مقام
الخوة للب والم عند فقدهم ،كالحال في بني البنين مع البنين،
وأنيه إذا كان معهين ذكير عصيبهن ،بأن يبدأ بمين له فرض مسيمى،
ثم يرثون الباقي للذكر مثل حظ النثيين كالحال في البنين إل في
موضيع واحيد وهيي الفريضية التيي تعرف بالمشركية ،فإن العلماء
اختلفوا فيهيا ،وهيي امرأة توفييت وتركيت زوجهيا وأمهيا وإخوتهيا
لمهييا وإخوتهييا لبيهييا وأمهييا ،فكان عميير وعثمان وزيييد بيين ثابييت
يعطون للزوج النصييييييف وللم السييييييدس وللخوة للم الثلث،
فيسيييتغرقون المال فيبقيييى الخوة للب والم بل شييييء ،فكانوا
يشركون الخوة للب والم فيي الثلث ميع الخوة للم يقتسيمونه
بينهم للذكر مثل حظ النثيين .وبالتشريك قال من فقهاء المصار
مالك والشافعييي والثوري .وكان علي رضييي الله عنييه وأبييي بيين
كعيييب وأبييو موسييى الشعري ل يشركون إخوة الب والم فيييي
الثلث مع إخوة الم في هذه الفريضة ،ول يوجبون لهم شيئا فيها،
وقال به من فقهاء المصار :أبو حنيفة وابن أبي ليلى وأحمد وأبو
ثور وداود وجماعييية .وحجييية الفرييييق الول أن الخوة للب والم
يشاركون الخوة للم في السبب الذي به يستوجبون الرث وهي
الم فوجيب أن ل ينفردوا بيه دونهيم ،لنيه إذا اشتركوا فيي السيبب
الذي بيه يورثون وجيب أن يشتركوا فيي الميراث .وحجية الفرييق
الثانييي أن الخوة الشقائق عصييبة ،فلشيييء لهييم إذا أحاطييت
فرائض ذوي السيهام بالميراث .وعمدتهيم باتفاق الجمييع على أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين ترك زوجيا وأميا وأخيا واحدا لم وإخوة شقائق عشرة أو أكثير
أن الخ للم يسيتحق ههنيا السيدس كامل ،والسيدس الباقيي بيين
الباقين مع أنهم مشاركون له في الم .فسبب الختلف في أكثر
مسائل الفرائض هو تعارض المقاييس واشتراك اللفاظ فيما فيه
نص.
@(-ميراث الجيد) وأجميع العلماء على أن الب يحجيب الجيد وأنيه
يقوم مقام الب عنيد عدم الب ميع البنيين وأنيه عاصيب ميع ذوي
الفرائض .واختلفوا هييييل يقوم مقام الب فييييي حجييييب الخوة
الشقائق ،أو حجييب الخوة للب؟ فذهييب ابيين عباس وأبييو بكيير
رضيي الله عنهميا وجماعية إلى أنيه يحجبهيم ،وبيه قال أبيو حنيفية
وأبييو ثور والمزنييي وابيين سييريج ميين أصييحاب الشافعييي وداود
وجماعة .واتفق علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن ثابت
وابين مسيعود على تورييث الخوة ميع الجيد ،إل أنهيم اختلفوا فيي
كيفية ذلك على ما أقوله بعد .وعمدة من جعل الجد بمنزلة الب
اتفاقهميا فيي المعنيى ،أعنيي مين قبيل أن كليهميا أب للمييت ،ومين
اتفاقهميا فيي كثيير مين الحكام التيي أجمعوا على اتفاقهميا فيهيا
حتى إنه قد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال :أما يتقي
الله زيد ابن ثابت يجعل ابن البن ابنا ،ول يجعل أب الب أبا .وقد
أجمعوا على أنييه مثله فييي أحكام أخيير سييوى الفروض ،منهييا أن
شهادتييه لحفيده كشهادة الب وأن الجييد يعتييق على حفيده كمييا
يعتيق الب على البين ،وأنيه ل يقتيص له مين جيد كميا ل يقتيص له
من أب .وعمدة من ورث الخ مع الجد أن الخ أقرب إلى الميت
من الجيد ،لن الجيد أبو أبي المييت ،والخ ابين أبيي الميت ،والبين
أقرب مين الب .وأيضيا فميا أجمعوا علييه مين أن ابين الخ يقدم
على العم ،وهو يدلي بالب ،والعم يدلي بالجد.
فسيييبب الخلف تعارض القياس فيييي هذا الباب .فإن قييييل :فأي
القياسيين أرجيح بحسيب النظير الشرعيي؟ قلنيا :قياس مين سياوى
بيين الب والجيد ،فإن الجيد أب فيي المرتبية الثانيية أو الثالثية ،كميا
أن البين ابين فيي المرتبية الثانيية أو الثالثية ،وإذا لم يحجيب البين
الجد وهو يحجب الخوة فالجد يجب أن يحجب من يحجب البن،
والخ ليييس بأصييل للميييت ول فرع ،وإنمييا هييو مشارك له فييي
الصل ،والصل أحق بالشيء من المشارك له في الصل ،والجد
ليس هو أصل للميت من قبل الب بل هو أصل أصله ،والخ يرث
مين قبيل أنيه فرع لصيل المييت ،فالذي هيو أصيل لصيله أولى مين
الذي هيو فرع لصيله ،ولذلك ل معنيى لقول مين قال إن الخ يدلي
بالبنوة ،والجيد يدلي بالبوة ،فإن الخ لييس ابنيا للمييت وإنميا هيو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ابين أبييه ،والجيد أبيو المييت ،والبنوة إنميا هيي أقوى فيي الميراث
مين البوة فيي الشخيص الواحيد بعينيه أعنيي الموروث .وأميا البنوة
التيي تكون لب موروث ،فلييس يلزم أن تكون فيي حيق الموروث
أقوى ميين البوة التييي تكون لب الموروث ،لن البوة التييي لب
الموروث هيي أبوة ميا للموروث :أعنيي بعيدة ،ولييس البنوة التيي
لب الموروث بنوة ما للموروث ل قريبة ول بعيدة ،فمن قال الخ
أحيييق مييين الجيييد ،لن الخ يدلي بالشييييء الذي مييين قبله كان
الميراث بالبنوة وهيييو الب والجيييد يدلي بالبوة هيييو قول غالط
مخييل ،لن الجيد أب ميا ،ولييس الخ ابنيا ميا .وبالجملة الخ لحيق
مين لواحيق المييت ،وكأنيه أمير عارض والجيد سيبب مين أسيبابه،
والسيبب أملك للشييء مين لحقيه .واختلف الذيين ورثوا الجيد ميع
الخوة فيي كيفيية ذلك .فتحصييل مذهيب زييد فيي ذلك أنيه ل يخلو
أن يكون معيه سيوى الخوة ذو فرض مسيمى أو ل يكون ،فإن لم
يكن معه ذو فرض مسمى أعطى الفضل له من اثنين ،إما ثلث
المال ،وإميييا أن يكون كواحيييد مييين الخوة الذكور ،وسيييواء كان
الخوة ذكرانييا أو إناثييا أو المرييين جميعييا فهييو مييع الخ الواحييد
يقاسمه المال ،وكذلك مع الثنين ومع الثلثة والربعة يأخذ الثلث،
وهييو ميع الخييت الواحدة إلى الربيع يقاسيمهن للذكير مثييل حيظ
النثيييين ،ومييع الخمييس أخوات له الثلث ،لنييه أفضييل له ميين
المقاسمة ،فهذه هي حاله مع الخوة فقط دون غيرهم.
وأمييا إن كان معهييم ذو فرض مسييمى فإنييه يبدأ بأهييل الفروض
فيأخذون فروضهم ،فما بقي أعطى الفضل له من ثلث :إما ثلث
ما بقي بعد حظوظ ذوي الفرائض ،وإما أن يكون بمنزلة ذكر من
الخوة ،وإما أن يعطي السدس من رأس المال ل ينقص منه ،ثم
ما بقي يكون للخوة للذكر مثل حظ النثيين في الكدرية على ما
سنذكر مذهبه فيها مع سائر مذاهب العلماء .وأما علي رضي الله
عنيه فكان يعطيي الجيد الحظيى له مين السيدس أو المقاسيمة،
وسييواء كان مييع الجييد والخوة غيرهييم ميين ذوي الفرائض أو لم
يكين ،وإنميا لم ينقصيه مين السيدس شيئا ،لنهيم لميا أجمعوا أن
البناء ل ينقصييييونه منييييه شيئا كان أحرى أن ل ينقصييييه الخوة.
وعمدة قول زييد أنيه لميا كان يحجيب الخوة للم فلم يحجيب عميا
يجيب لهيم وهيو الثلث ،وبقول زييد قال مالك والشافعيي والثوري
وجماعييية ،وبقول علي رضيييي الله عنيييه قال أبيييو حنيفييية .وأمييا
الفريضية التيي تعرف بالكدريية وهيي امرأة توفييت وتركيت زوجيا
وأمييا وأختييا شقيقيية وجدا فإن العلماء اختلفوا فيهييا ،فكان عميير
رضي الله عنه وابن مسعود يعطيان للزوج النصف وللم السدس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
على جد .وذهب زيد إلى أن للم الثلث وما بقي بين الجد والخت
للذكر مثل حظ النثيين.
@(-ميراث الجدات) وأجمعوا على أن للجدة أم الم السيدس ميع
عدم الم ،وأن للجدة أيضيا أم الب عنيد فقيد الب السيدس ،فإن
اجتمعا كان السدس بينهما .واختلفوا فيما سوى ذلك؛ فذهب زيد
وأهيل المدينية إلى أن الجدة أم الم يفرض لهيا السيدس فريضية،
فإذا اجتمعت الجدتان كان السدس بينهما إذا كان قعددهما سواء،
أو كانييت أم الب أقعييد ،فإن كانييت أم الم أقعييد :أي أقرب إلى
الميت كان لها السدس ،ولم يكن للجدة أم الب شيء ،وقد روي
عنيه أيهميا أقعيد كان لهيا السيدس ،وبيه قال علي رضيي الله عنيه،
وميين فقهاء المصييار أبييو حنيفيية والثوري وأبييو ثور ،وهؤلء ليييس
يورثون إل هاتين الجدتين المجتمع على توريثهما ،وكان الوزاعيي
وأحميد يورثان ثلث جدات واحدة مين قبيل الم واثنتان مين قبيل
الب أم الب وأم أبيي الب :أعنيي الجيد ،وكان ابين مسيعود يورث
أربيع جدات :أم الم وأم الب وأم أبيي الب :أعنيي الجيد وأم أبيي
الم :أعني الجد ،وبه قال الحسن وابن سيرين .وكان ابن مسعود
يشرك بيين الجدات فيي السيدس دنياهين وقصيواهن ميا لم تكين
تحجبها بنتها أو بنت بنتها .وقد روي عنه أنه كان يسقط القصوى
بالدنييا إذا كانتيا مين جهية واحدة .وروي عين ابين عباس أن الجدة
كالم إذا لم تكين أم ،وهيو شاذ عنيد الجمهور ،ولكين له حيظ مين
القياس .فعمدة زييد وأهيل المدينية والشافعيي ،ومين قال بمذهيب
زييد ميا رواه مالك أنيه قال "جاءت الجدة إلى أبيي بكير رضيي الله
عنيه تسيأله عين ميراثهيا ،فقال أبيو بكير :مالك فيي كتاب الله عيز
وجيل شييء وميا علميت لك فيي سينة رسيول الله صيلى الله علييه
وسييلم شيئا فارجعييي حتييى أسييأل الناس ،فقال له المغيرة بيين
شعبييية :حضرت رسيييول الله صييلى الله علييييه وسييلم أعطاهييا
السييدس ،فقال أبييو بكيير :هييل معييك غيرك؟ فقال :محمييد بيين
مسلمة ،فقال مثل ما قال المغيرة ،فأنفذه أبو بكر لها ،ثم جاءت
الجدة الخرى إلى عمير ابين الخطاب تسيأله ميراثهيا ،فقال لهييا:
مالك فيي كتاب الله عز وجل شييء ،و ما كان القضاء الذي قضيى
به إل لغيرك ،وما أنا بزائد في الفرائض ،ولكنه ذلك السدس ،فإن
اجتمعتما فيه فهو لكما ،وأيتكما انفردت به فهو لها" وروى مالك
أيضا أنه أتت الجدتان إلى أبي بكر ،فأراد أن يجعل السدس للتي
من قبل الم ،فقال له رجل :أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي
كان إياهيا يرث ،فجعيل أبيو بكير السيدس بينهميا .قالوا :فواجيب أن
ل يتعدى فييي هذا هذه السيينة وإجماع الصييحابة .وأمييا عمدة ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ورث الثلث جدات فحدييث ابين عيينية عين منصيور عين إبراهييم "
أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث ثلث جدات :اثنتين من قبل
الب ،وواحدة من قبل الم" وأما ابن مسعود فعمدته القياس في
تشبيههيا بالجدة للب لكين الحدييث يعارضيه .واختلفوا هيل يحجيب
الجدة للب ابنهيا وهيو الب؛ فذهيب زييد إلى أنيه يحجيب ،وبيه قال
مالك والشافعيي وأبيو حنيفية وداود؛ وقال آخرون :ترث الجدة ميع
ابنهيا ،وهيو مروي عين عمير وابين مسيعود وجماعية مين الصيحابة،
وبييه قال شريييح وعطاء وابيين سيييرين وأحمييد ،وهييو قول الفقهاء
المصييريين .وعمدة ميين حجييب الجدة بابنهييا أن الجييد لمييا كان
محجوبا بالب وجب أن تكون الجدة أولى بذلك .وأيضا فلما كانت
أم الم ل ترث بإجماع مييع الم شيئا كان كذلك أم الب مييع الب.
وعمدة الفريق الثاني ما روى الشعبي عن مسروق عن عبد الله
قال :أول جدة أعطاهيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم سيدسا
جدة ميع ابنهيا وابنهيا حيي قالوا :ومين طرييق النظير لميا كانيت الم
وأم الم ل يحجبن بالذكور كان كذلك حكم جميع الجدات ،وينبغي
أن يعلم أن مالكا ل يخالف زيدا إل في فريضة واحدة ،وهي امرأة
هلكيت وتركيت زوجيا وأميا وإخوة لم وإخوة لب وأم وجدا ،فقال
مالك :للزوج النصيف ،وللم السيدس وللجيد ميا بقيي وهيو الثلث،
وليييس للخوة الشقائق شيييء؛ وقال زيييد :للزوج النصييف ،وللم
السدس ،وللجد السدس ،وما بقي للخوة الشقائق ،فخالف مالك
في هذه المسألة أصله من أن الجد ل يحجب الخوة الشقائق ول
الخوات للب .وحجتيه أنيه لميا حجيب الخوة للم عين الثلث الذي
كانوا يسيتحقونه دون الشقائق كان هيو أولى بيه .وأميا زييد فعلى
أصله في أنه ل يحجبهم.
**3باب في الحجب.
@-وأجمييع العلماء على أن الخ الشقيييق يحجييب الخ للب ،وأن
الخ للب يحجيييب بنيييي الخ الشقييييق ،وأن بنيييي الخ الشقييييق
يحجبون أبناء الخ للب ،وبنييو الخ للب أولى ميين بنييي ابيين الخ
للب والم ،وبنيو الخ للب أولى مين العيم أخيي الب ،وإبين العيم
أخي الب الشقيق أولى من ابن العم أخي الب للب ،وكل واحد
من هؤلء يحجبون بنيهم ،ومن حجب منهم صنفا فهو يحجب من
يحجبيه ذلك الصينف .وبالجملة ،أميا الخوة فالقرب منهيم يحجيب
البعيد ،فإذا اسيتووا حجيب منهيم مين أدلى بسيببين أم وأب مين
أدلى بسييبب واحييد وهييو الب فقييط؛ وكذلك العمام القرب منييه
يحجب البعد ،فإن استووا حجب منهم من يدلي منهم إلى الميت
بسيببين مين يدلي بسيبب واحيد ،أعنيي أنيه يحجيب العيم أخيو الب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لب وابيين العييم الذي هييو أخييو الب لب فقييط .وأجمعوا على أن
الخوة الشقائق والخوة للب يحجبون العمام ،لن الخوة بنيييييو
أب المتوفييي ،والعمام بنييو جده ،والبناء يحجبون بنيهييم ،والباء
أجدادهم ،والبنون وبنوهم يحجبون الخوة ،والجد يحجب من فوقه
ميين الجداد بإجماع ،والب يحجييب الخوة ويحجييب ميين تحجبييه
الخوة ،والجييد يحجييب العمام بإجماع والخوة للم ،ويحجييب بنييو
الخوة الشقائق وبنيي الخوة للب ،والبنات وبنات البنيين يحجبين
الخوة للم .واختلف العلماء فيمن ترك ابني عم أحدهما أخ للم،
فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري :للخ للم السدس من
جهة ما هو أخ لم وهو في باقي المال مع ابن العم الخر عصبة
يقتسمونه بينهم على السواء ،وهو قول علي رضي الله عنه وزيد
وابن عباس؛ وقال قوم :المال كله لبن العم الذي هو أخ لم يأخذ
سيدسه بالخوة وبقيتيه بالتعصييب ،لنيه قيد أدلى بسيببين .وممين
قال بهذا القول من الصحابة ابن مسعود ،ومن الفقهاء داود وأبو
ثور والطبري ،وهو قول الحسن وعطاء.
واختلف العلماء فيييي رد ميييا بقيييي مييين مال الورثييية على ذوي
الفرائض إذا بقييييت مييين المال فضلة لم تسيييتوفها الفرائض ولم
يكين هناك مين يعصيب ،فكان زييد ل يقول بالرد ويجعيل الفاضيل
فييي بيييت المال ،وبييه قال مالك والشافعييي؛ وقال جييل الصييحابة
بالرد على ذوي الفرائض ما عدا الزوج والزوجة وإن كانوا اختلفوا
فيي كيفيية ذلك ،وبيه قال فقهاء العراق مين الكوفييين والبصيريين.
وأجمع هؤلء الفقهاء على أن الرد يكون لهم بقدر سهامهم ،فمن
كان له نصييف أخييذ النصييف ممييا بقييي ،وهكذا فييي جزء جزء.
وعمدتهيم أن قرابية الديين والنسيب أولى مين قرابية الديين فقيط:
أي أن هؤلء اجتميع لهيم سيببان وللمسيلمين سيبب واحيد .وهناك
مسييائل مشهورة الخلف بيييين أهيييل العلم فيهيييا تعلق بأسيييباب
الموارييث يجيب أن نذكرهيا هنيا ،فمنهيا أنيه أجميع المسيلمون على
أن الكافر ل يرث المسلم لقوله تعالى {ولن يجعل الله للكافرين
على المؤمنيين سيبيل} ولميا ثبيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم
"ل يرث المسلم الكافر ،ول الكافر المسلم" واختلفوا في ميراث
المسييلم الكافيير ،وفييي ميراث المسييلم المرتييد ،فذهييب جمهور
العلماء ميين الصييحابة والتابعييين وفقهاء المصييار إلى أنييه ل يرث
المسيلم الكافير بهذا الثير الثابيت؛ وذهيب معاذ بين جبيل ومعاويية
من الصحابة وسعيد ابن المسيب ومسروق من التابعين وجماعة
إلى أن المسيلم يرث الكافير ،وشبهوا ذلك بنسيائهم ،فقالوا :كميا
يجوز لنيا أن ننكيح نسياءهم ول يجوز لنيا أن ننكحهيم نسياءنا كذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الرث ،ورووا في ذلك حديثا مسندا ،قال أبو عمر :وليس بالقوى
عنيد الجمهور ،وشبهوه أيضيا بالقصياص فيي الدماء التيي ل تتكافيأ.
وأميا مال المرتيد إذا قتيل أو مات ،فقال جمهور فقهاء الحجاز هيو
لجماعة المسلمين ول يرثه قرابته ،وبه قال مالك والشافعي وهو
قول زيد من الصحابة.
وقال أبيو حنيفية والثوري وجمهور الكوفييين وكثيير مين البصيريين
يرثيه ورثتيه مين المسيلمين وهيو قول ابين مسيعود مين الصيحابة
وعلي رضييي الله عنهمييا .وعمدة الفريييق الول عموم الحديييث،
وعمدة الحنفيية تخصييص العموم بالقياس ،وقياسيهم فيي ذلك هيو
أن قرابتييه أولى ميين المسييلمين لنهييم يدلون بسييببين :بالسييلم
والقرابة ،والمسلمون بسبب واحد ،وهو السلم ،وربما أكدوا بما
يبقيى لميا له مين حكيم السيلم بدلييل أنيه ل يؤخيذ فيي الحال حتيى
يموت فكانييت حياتييه معتييبرة فييي بقاء ماله على ملكييه ،وذلك ل
يكون إل بأن يكون لماله حرميية إسييلمية ،ولذلك لم يجييز أن يقيير
على الرتداد ،بخلف الكافير ،وقال الشافعيي وغيره يؤخيذ بقضاء
الصيلة إذا تاب من الردة فيي أيام الردة ،والطائفية الخرى تقول:
يوقيف ماله لن له حرمية إسيلمية ،وإنميا وقيف رجاء أن يعود إلى
السيلم ،وأن اسيتيجاب المسيلمين لماله لييس على طرييق الرث
وشذت طائفيية فقالت :ماله للمسييلمين عندمييا يرتييد ،وأظيين أن
أشهب ممن يقول بذلك .وأجمعوا على توريث أهل الملة الواحدة
بعضهيم بعضيا .واختلفوا فيي تورييث الملل المختلفية ،فذهيب مالك
وجماعييييية إلى أن أهيييييل الملل المختلفييييية ل يتوارثون كاليهود
والنصارى ،وبه قال أحمد وجماعة؛
وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية وأبييو ثور والثوري وداود وغيرهييم:
الكفار كلهيييم يتوارثون ،وكان شريييح وابيين أبييي ليلى وجماعيية
يجعلون الملل التييي ل تتوارث ثلثييا :النصييارى واليهود والصييابئين
ملة ،والمجوس ومن ل كتاب له ملة ،والسلم ملة .وقد روي عن
ابين أبيي ليلى مثيل قول مالك .وعمدة مالك ومين قال بقوله ميا
روى الثقات عين عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده أن النيبي
صييلى الله عليييه وسييلم قال "ل يتوارث أهييل ملتييين" .وعمدة
الشافعيية والحنفيية قوله علييه الصيلة والسيلم "ل يرث المسيلم
الكافيير ول الكافيير المسييلم" وذلك أن المفهوم ميين هذا بدليييل
الخطاب أن المسيلم يرث المسيلم والكافير يرث الكافير .والقول
بدليييل الخطاب فيييه ضعييف وخاصيية هنييا .واختلفوا فييي توريييث
الحملء ،والحملء هييم الذييين يتحملون بأولدهييم ميين بلد الشرك
إلى بلد السيلم ،أعنيي أنهيم يولدون فيي بلد الشرك ثيم يخرجون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إلى بلد السيلم وهيم يدعون تلك الولدة الموجبية للنسيب ،وذلك
على ثلثة أقوال :قول إنهم يتوارثون بما يدعون من النسب ،وهو
قول جماعيية ميين التابعييين وإليييه ذهييب إسييحاق .وقول إنهييم ل
يتوارثون إل ببينية تشهيد على أنسيابهم ،وبيه قال شرييح والحسين
وجماعيية .وقول إنهييم ل يتوارثون أصييل وروي عيين عميير الثلثيية
القوال ،إل أن الشهير عنيه أنيه كان ل يورث إل مين ولد فيي بلد
العرب وهو قول عثمان وعمر بن عبد العزيز .وأما مالك وأصحابه
فاختلف فيي ذلك قولهيم ،فمنهيم مين رأى أن ل يورثون إل ببينية،
وهييو قول ابيين القاسييم :ومنهييم ميين رأى أن ل يورثون أصييل ول
بالبينيية العادلة؛ ومميين قال بهذا القول ميين أصييحاب مالك عبييد
الملك بيين الماجشون ،وروى ابيين القاسييم عيين مالك فييي أهييل
حصيين نزلوا على حكييم السييلم ،فشهييد بعضهييم لبعييض أنهييم
يتوارثون ،وهذا يتخرج منييه أنهييم يتوارثون بل بينيية ،لن مالكييا ل
يجوز شهادة الكفار بعضهييم على بعييض قال :فأمييا إن سييبوا فل
يقبيييل قولهيييم فيييي ذلك وبنحيييو هذا التفصييييل قال الكوفيون
والشافعيي وأحميد وأبيو ثور ،وذلك أنهيم قالوا :إن خرجوا إلى بلد
السلم وليس لحد عليهم يد قبلت دعواهم في أنسابهم ،وأما إن
أدركهيم السيبي والرق فل يقبيل قولهيم إل ببينية .ففيي المسيألة
أربعة أقوال :اثنان طرفان ،واثنان مفرقان.
وجمهور العلماء ميين فقهاء المصييار وميين الصييحابة علي وزيييد
وعميير أن ميين ل يرث ل يحجييب مثييل الكافيير والمملوك والقاتييل
عمدا ،وكان ابيين مسييعود يحجييب بهؤلء الثلثيية دون أن يورثهييم
أعنيي بأهيل الكتاب وبالعبييد وبالقاتليين عمدا ،وبيه قال داود وأبيو
ثور .وعمدة الجمهور أن الحجييييب فييييي معنييييى الرث وأنهمييييا
متلزمان .وحجية الطائفية الثانيية أن الحجيب ل يرتفيع إل بالموت.
واختلف العلماء فيي الذيين يفقدون فيي حرب أو غرق أو هدم ول
يدري ميين مات منهييم قبييل صيياحبه كيييف يتوارثون إذا كانوا أهييل
ميراث؟ فذهب مالك وأهل المدينة إلى أنهم ل يورث بعضهم من
بعض ،وأن ميراثهم جميعا لمن بقي من قرابتهم الوارثين أو لبيت
المال إن لم تكين لهيم قرابية ترث ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية
وأصيحابه في ما حكى عنه الطحاوي .وذهيب علي وعمر رضي الله
عنهمييا وأهييل الكوفيية وأبييو حنيفيية فيمييا ذكيير غييير الطحاوي عنييه
وجمهور البصييريين إلى أنهييم يتوارثون ،وصييفة تواريثهييم عندهييم
أنهيم يورثون كيل واحيد مين صياحبه فيي أصيل ماله دون ميا ورث
بعضهم من بعض ،أعني أنه ل يضم إلى مال المورث ما ورث من
غيره ،فيتوارثون الكل على أنه مال وا حد كالحال في الذ ين يعلم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميين تقدم بعضهييم على بعييض ،مثال ذلك زوج وزوجيية توفيييا فييي
حرب أو غرق أو هدم ولكل واحد منهما ألف درهم ،فيورث الزوج
من المرأة خم سمائة درهيم ،وتورث المرأة من اللف التيي كانت
بيييد الزوج دون الخمسييمائة التييي ورث منهييا ربعهييا وذلك مائتان
وخمسون .ومن مسائل هذا الباب اختلف العلماء في ميراث ولد
الملعنية وولد الزنيى .فذهيب أهيل المدينية وزييد بين ثابيت إلى أن
ولد الملعنة كما يورث غير ولد الملعنة ،وأنه ليس لمه إل الثلث
والباقيي لبييت المال ،إل أن يكون له إخوة لم ،فيكون لهيم الثلث
أو تكون أمه مولة فيكون باقي مالها لمواليها ،وإل فالباقي لبيت
مال المسيلمين ،وبيه قال مالك والشافعيي وأبيو حنيفية وأصيحابه،
إل أن أبيا حنيفية على مذهبيه يجعيل ذوي الرحام أولى مين جماعية
المسيلمين .وأيضيا على قياس مين يقول بالرد يرد على الم بقيية
المال؛ وذهب علي وعمر وابن مسعود إلى أن عصبته عصبة أمه
أعني الذي يرثونها .وروي عن علي وابن مسعود أنهم ل يجعلونه
عصيبته عصيبة أ مه إل ميع فقد الم وكانوا ينزلون الم بمنزلة الب
وبه قال الحسن وابن سيرين والثوري وابن حنبل وجماعة.
وعمدة الفريييييق الول عموم قوله تعالى {فإن لم يكيييين له ولد
وورثييه أبواه فلمييه الثلث} فقالوا :هذه أم وكييل أم لهييا الثلث،
فهذه لهيا الثلث .وعمدة الفرييق الثانيي ميا روي مين حدييث ابين
عمير عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم "أنيه ألحيق ولد الملعنية
بأميه" وحدييث عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده قال "جعيل
النيبي صيلى الله علييه وسيلم ميراث ابين الملعنية لميه ولورثتيه"
وحدييث واثلة بين السيقع عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال
"المرأة تحوز ثلثية أموال :عتيقهيا ،ولقيطهيا وولدهيا الذي لعنيت
عليه" وحديث مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك
خرج جمييع ذلك أبيو داود وغيره .قال القاضيي :هذه الثار المصيير
إليهيا واجيب لنهيا قيد خصيصت عموم الكتاب .والجمهور على أن
السيينة يخصييص بهييا الكتاب ،ولعييل الفريييق الول لم تبلغهييم هذه
الحادييث أو لم تصيح عندهيم ،وهذا القول مروي عين ابين عباس
وعثمان ،وهيو مشهور فيي الصيدر الول ،واشتهاره فيي الصيحابة
دليل على صحة هذه الثار ،فإن هذا ليس يستنبط بالقياس ،والله
أعلم.
ومن مسائل ثبوت النسب الموجب للميراث اختلفهم فيمن ترك
ابنين وأقر أحدهم بأخ ثالث وأنكر الثاني؛ فقال مالك وأبو حنيفة:
يجيب علييه أن يعطييه حقيه مين الميراث يعنون المقير ،ول يثبيت
بقوله نسبه ،وقال الشافعي :ل يثبت النسب ول يجب على المقر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وجيل ،فقضيى رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم لعبيد بين زمعية
بأخيه وأثبت نسبه بإقراره إذا لم يكن هنالك وارث منازع له" وأما
أكثر الفقهاء فقد أشكل عليهم معنى هذا الحديث لخروجه عندهم
عيين الصييل المجمييع عليييه فييي إثبات النسييب ،ولهييم فييي ذلك
تأويلت ،وذلك أن ظاهير هذا الحدييث أنيه أثبيت نسيبه بإقرار أخييه
بيييه ،والصيييل أن ل يثبيييت نسيييب إل بشاهدي عدل ،ولذلك تأول
الناس فيي ذلك تأويلت ،فقالت طائفية :إنيه إنميا أثبيت نسيبه علييه
الصلة والسلم بقول أخيه ،لنه يمكن أن يكون قد علم تلك المة
كان يطؤهيا زمعية بين قييس ،وأنهيا كانيت فراشيا له ،قالوا :ومميا
يؤكيد ذلك أنيه كان صيهره ،وسيودة بنيت زمعية كانيت زوجتيه علييه
الصلة والسلم ،فيمكن أن ل يخفى عليه أمرها ،وهذا على القول
بأن للقاضي أن يقضي بعلمه ،ول يليق هذا التأويل بمذهب مالك،
لنه ل يقضي القاضي عنده بعلمه ،ويليق بمذهب الشافعي على
قوله الخيير ،أعنييي الذي ل يثبييت فيييه النسييب .والذييين قالوا بهذا
التأويل قالوا :إنما أمر سودة بالحجبة احتياطا لشبهة الشبه ،ل أن
ذلك كان واجبييا ،وقال لمكان هذا بعييض الشافعييية :إن للزوج أن
يحجيب الخيت عين أخيهيا؛ وقالت طائفية :أمره بالحتجاب لسيودة
دليل على أنه لم يلحق نسبه بقول عتبة ول بعلمه بالفراش.
وافترق هؤلء فييي تأويييل قوله عليييه الصييلة والسييلم "هييو لك"
فقالت طائفة :إنما أراد هو عبدك إذا كان ابن أمة أبيك ،وهذا غير
ظاهير لتعلييل رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم حكميه فيي ذلك
بقوله "الولد للفراش وللعاهيير الحجيير" وقال الطحاوي :إنمييا أراد
بقوله علييه الصيلة والسيلم "هيو لك ييا عبيد بين زمعية" أي يدك
عليه بمنزلة ما هو يد اللقط على اللقطة ،وهذه التأويلت تضعف
لتعليله علييييه الصيييلة والسيييلم حكميييه بأن قال "الولد للفراش
وللعاهيير الحجيير" .وأمييا المعنييى الذي يعتمده الشافعييية فييي هذا
المذهييب ،فهييو أن إقرار ميين يحوز الميراث هييو إقرار خلفيية :أي
إقرار من حاز خلفة الميت ،وعند الغير أنه إقرار شهادة ل إقرار
خلفية ،يرييد أن القرار الذي كان للمييت انتقيل إلى هذا الذي حاز
ميراثيه .واتفيق الجمهور على أن أولد الزنيى ل يلحقون بآبائهيم إل
في الجاهلية على ما روي عن عمر بن الخطاب على اختلف في
ذلك بييين الصييحابة؛ وشييذ قوم فقالوا :يلتحييق ولد الزنييى فييي
السيلم ،أعنيي الذي كان عين زنيى فيي السيلم .واتفقوا على أن
الولد ل يلحيق بالفراش فيي أقيل مين سيتة أشهير ،إميا مين وقيت
العقيد ،وإميا مين وقيت الدخول ،وأنيه يلحيق مين وقيت الدخول إلى
أقصير زمان الحميل ،أو إن كان قيد فارقهيا واعتزلهيا .واختلفوا فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أطول زمان الحميييل الذي يلحيييق بيييه الوالد الولد ،فقال مالك:
خميس سينين؛ وقال بعيض أصيحابه :سيبع؛ وقال الشافعيي :أربيع
سيينين؛ وقال الكوفيون :سيينتان :وقال محمييد بيين الحكييم :سيينة؛
وقال داود :سييتة أشهيير ،وهذه المسييألة مرجوع فيهييا إلى العادة
والتجربة .وقول ابن عبد الحكم والظاهرية هو أقرب إلى المعتاد،
والحكيييم إنميييا يجيييب أن يكون بالمعتاد ل بالنادر ،ولعله أن يكون
مستحيل.
وذهيب مالك والشافعيي إلى أن مين تزوج امرأة ولم يدخيل بهيا أو
دخل بها بعد الوقت وأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ل من
وقت الدخول أنه ل يلحق به إل إذا أتت به لستة أشهر فأكثر من
ذلك مين وقيت الدخول .وقال أبيو حنيفية :هيي فراش له ويلحقيه
الولد .وعمدة مالك أنهيا ليسيت بفراش إل بإمكان الوطيء وهيو ميع
الدخول .وعمدة أبييي حنيفيية عموم قوله عليييه الصييلة والسييلم
"الولد للفراش" وكأنيه يرى أن هذا تعبيد بمنزلة تغلييب الوطيء
الحلل على الوطييييء الحرام فييييي إلحاق الولد بالوطييييء الحلل.
واختلفوا مين هذا الباب فيي إثبات النسيب بالقافية ،وذلك عندميا
يطييأ رجلن فييي طهيير واحييد بملك يمييين أو بنكاح ،ويتصييور أيضييا
الحكيم بالقافية فيي اللقييط الذي يدعييه رجلن أو ثلثية .والقافية
عند العرب :هم قوم كانت عندهم معرفة بفصول تشابه أشخاص
الناس ،فقال بالقافية مين فقهاء المصيار مالك والشافعيي وأحميد
وأبيو ثور والوزاعيي وأبيي الحكيم بالقافية ،الكوفيون وأكثير أهيل
العراق ،والحكييم عنييد هؤلء أنييه إذا ادعييى رجلن ولدا كان الولد
بينهما ،وذلك إذا لم يكن لحدهما فراش ،مثل أن يكون لقيطا ،أو
كانت المرأة الواحدة لكل واحد منهما فراشا مثل المة أو الحرة
يطؤهيا رجلن فيي طهير واحيد؛ وعنيد الجمهور مين القائليين بهذا
القول أنيه يجوز أن يكون عندهيم للبين الواحيد أبوان فقيط؛ وقال
محمييد صيياحب أبييي حنيفيية :يجوز أن يكون ابنييا لثلثيية إن ادعوه،
وهذا كله تخليط وإبطال للمعقول والمنقول .وعمدة استدلل من
قال بالقافية ميا رواه مالك عين سيليمان بين يسيار أن عمير ابين
الخطاب كان يليط أولد الجاهلية بمن استلطهم :أي بمن ادعاهم
فييي السييلم فأتييى رجلن كلهمييا يدعييي ولد امرأة ،فدعييا قائفييا
فنظر إليه فقال القائف :لقد اشتركا فيه ،فضربه عمر بالدرة ،ثم
دعا المرأة فقال :أخبرني ب خبرك ،فقالت :كان هذا لحد الرجلين
يأتي في إبل لهلها فل يفارقها حتى يظن ونظن أنه قد استمر بها
حميل ،ثيم انصيرف عنهيا فأهريقيت علييه دميا ،ثيم خلف هذا عليهيا:
تعنيي الخير ،فل أدري أيهميا هيو ،فكيبر القائف ،فقال عمير للغلم:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن يكون مين له إقامية الحدود ،وبالجملة بيين أن يكون ممين يتهيم
أو ل يتهيم .وسيبب الخلف معارضية أصيل الشرع فيي هذا المعنيى
للنظير المصيلحي ،وذلك أن النظير المصيلحي يقتضيي أن ل يرث
لئل يتذرع الناس مين الموارييث إلى القتيل واتباع الظاهير ،والتعبيد
يوجيب أن ل يلتفيت إلى ذلك ،فإنيه لو كان ذلك مميا قصيد للتفيت
إلييه الشارع {وميا كان ربيك نسييا} كميا تقول الظاهريية .واختلفوا
فييي الوارث الذي ليييس بمسييلم يسييلم بعييد موت مورثييه السييلم
وقبيييل قسيييم الميراث ،وكذلك إن كان مورثيييه على غيييير ديييين
السييلم ،فقال الجمهور :إنمييا يعتييبر فييي ذلك وقييت الموت ،فإن
كان اليوم الذي مات فيييه المسييلم وارثييه ليييس بمسييلم لم يرثييه
أصييل سييواء أسييلم قبييل الميراث أو بعده ،وكذلك إن كان مورثييه
على غيير ديين السيلم وكان الوارث يوم مات غيير مسيلم ورثيه
ضرورة سييواء كان إسييلمه قبييل القسييم أو بعده .وقالت طائفيية
منهييم الحسيين وقتادة وجماعيية :المعتييبر فييي ذلك يوم القسييم،
وروي ذلك عن عمر بن الخطاب .وعمدة كل الفريقين قوله صلى
الله عليه وسلم "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على
قسم الجاهلية ،وأيما دار أو أرض أدركها السلم ولم تقسم فهي
على قسم السلم" فمن اعتبر وقت القسمة حكم للمقسوم في
ذلك الوقيت بحكيم السيلم ،ومين اعتيبر وجوب القسيمة حكيم فيي
وقيت الموت للمقسيوم بحكيم السيلم .وروي مين حدييث عطاء
"أن رجل أسلم على ميراث على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبل أن يقسم ،فأعطاه ر سول الله صلى الله عليه وسلم
نصييبه ،وكذلك الحكيم عندهيم فيمين أعتيق مين الورثية بعيد الموت
وقبييل القسييم .فهذه هييي المسييائل المشهورة التييي تتعلق بهذا
الكتاب .قال القاضييي :ولمييا كان الميراث إنمييا يكون بأحييد ثلثيية
أسييباب :إمييا بنسييب ،أو صييهر ،أو ولء ،وكان قييد قيييل فييي الذي
يكون بالنسيب والصيهر ،فيجيب أن نذكير ههنيا الولء ،ولمين يجيب،
ومن يجب فيه ممن ل يجب ،وما أحكامه؟.
**3باب في الولء.
@-فأميا مين يجيب له الولء ،ففييه مسيائل مشهورة تجري مجرى
الصول لهذا الباب.
@(-المسيألة الولى) أجميع العلماء على أن مين أعتيق عبده عين
نفسه فإن ولءه له وأنه يرثه إذا لم يكن له وارث ،وأنه عصبة له
إذا كان هنالك ورثيية ل يحيطون بالمال .فأمييا كون الولء للمعتييق
عين نفسيه ،فلميا ثبيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم فيي حدييث
بريرة "إنميا الولء لمين أعتيق" واختلفوا إذا أعتيق عبيد عين غيره؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقال مالك الولء للمعتييق عنييه ل الذي باشيير العتييق ،وقال أبييو
حنيفة والشافعي :إن أعتقه عن علم المعتق عنه ،فالولء للمعتق
عنيه ،وإن أعتقيه عين غيير علميه ،فالولء للمباشير للعتيق .وعمدة
الحنفيية والشافعيية ظاهير قوله علييه الصيلة والسيلم "الولء لمين
أعتق" وقوله عليه الصلة والسلم "الولء لحمة كلحمة النسب"
قالوا :فلما لم يجز أن يلحق نسب بالحر بغير إذنه ،فكذلك الولء،
ومين طرييق المعنيى فلن عتقيه حريية وقعيت فيي ملك المعتيق،
فوجييب أن يكون الولء له ،أصييله إذا أعتقييه ميين نفسييه .وعمدة
مالك أنيه إذا أعتقيه عنيه فقيد ملكيه إياه ،فأشبيه الوكييل؛ ولذلك
اتفقوا على أنيه إذا أذن له المعتيق عنيه كان ولءه له ل للمباشير.
وعند مالك أنه من قال لعبده :أنت حر لوجه الله وللمسلمين أن
الولء يكون للمسلمين ،وعندهم يكون للمعتق.
@(-المسيألة الثانيية) اختلف العلماء فيمين أسيلم على يدييه رجيل
هييييييل يكون ولءه له؟ فقال مالك والشافعييييييي والثوري وداود
وجماعية :ل ولء له؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه :له ولءه إذا واله،
وذلك أن مذهبهم أن للرجل أن يوالي رجل آخر فيرثه ويعقل عنه،
وأن له أن ينصييرف ميين ولءه إلى ولء غيره مييا لم يعقييل عنييه؛
وقال غيره :بنفيييس السيييلم على يدييييه يكون له ولءه .فعمدة
الطائفيية الولى قوله صييلى الله عليييه وسييلم "إنمييا الولء لميين
أعتييق" وإنمييا هذه هييي التييي يسييمونها الحاصييرة ،وكذلك اللف
واللم هيي عندهيم للحصير ،ومعنيى الحصير هيو أن يكون الحكيم
خاصيا بالمحكوم علييه ل يشاركيه فييه غيره :أعنيي أن ل يكون ولء
بحسيييب مفهوم هذا القول إل للمعتيييق فقيييط المباشييير .وعمدة
الحنفية في إثبات الولء بالموالة قوله تعالى {ولكل جعلنا موالي
ممييييا ترك الوالدان والقربون} وقوله تعالى {والذييييين عاقدت
أيمانكيم فآتوهيم نصييبهم} .وحجية مين قال :الولء يكون بنفيس
السيلم فقيط حدييث تمييم الداري قال "سيألت رسيول الله صيلى
الله علييه وسيلم عين المشرك يسيلم على ييد مسيلم؟ فقال هيو
أحييق الناس وأولهييم بحياتييه ومماتييه" وقضييى بييه عميير بيين عبييد
العزييييز .وعمدة الفرييييق الول أن قوله تعالى {والذيييين عاقدت
أيمانكييم} منسييوخة بآييية المواريييث ،وأن ذلك كان فييي صييدر
السيلم ،وأجمعوا على أنيه ل يجوز بييع الولء ول هبتيه لثبوت نهييه
عليه الصلة والسلم عن ذلك إل ولء السائبة.
@(-المسييألة الثالثيية) اختلف العلماء إذا قال السيييد لعبده أنييت
سييائبة ،فقال مالك :ولءه وعقله للمسييلمين وجعله بمنزلة ميين
أعتيق عين المسيلمين إل أن يرييد بيه معنيى العتيق فقيط ،فيكون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ولءه له؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة :ولءه للمعتق على كل حال،
وبيه قال أحميد وداود وأبيو ثور؛ وقالت طائفية :له أن يجعيل ولءه
حييييث شاء ،وإن لم يوال أحدا كان ولءه للمسيييلمين ،وبيييه قال
الليييث والوزاعييي؛ وكان إبراهيييم والشعييبي يقولن :ل بأس بييبيع
ولء السييائبة وهبتييه ،وحجتييه هؤلء هييي الحجييج المتقدميية فييي
المسألة التي قبلها .وأما من أجاز بيعه فل أعرف له حجة في هذا
الوقت.
@(-المسيألة الرابعية) اختلف العلماء فيي ولء العبيد المسيلم إذا
أعتقيه النصيراني قبيل أن يباع لمين يكون؟ فقال مالك وأصيحابه:
ولؤه للمسيلمين ،فإن أسيلم موله بعيد ذلك لم يعيد إلييه ولؤه ول
ميراثيه؛ وقال الجمهور :ولؤه لسييده ،فإن أسيلم كان له ميراثيه.
وعمدة الجمهور أن الولء كالنسيييب ،وأنيييه إذا أسيييلم الب بعيييد
إسلم البن أنه يرثه ،فكذلك العبد .وأما عمدة مالك فعموم قوله
تعالى {ولن يجعييل الله للكافرييين على المؤمنييين سييبيل} فهييو
يقول :أنيه لميا لم يجيب له الولء يوم العتيق لم يجيب له فيميا بعيد.
وأميا إذا وجيب له يوم العتيق ثيم طرأ علييه مانيع مين وجوبيه فلم
يختلفوا أنيه إذا ارتفيع ذلك المانيع أنيه يعود الولء له .ولذلك اتفقوا
أنييه إذا أعتييق النصييراني الذمييي عبده النصييراني قبييل أن يسييلم
أحدهميا ثيم أسيلم العبيد أن الولء يرتفيع ،فإن أسيلم المولى عاد
إليه .وإن كانوا اختلفوا في الحربي يعتق عبده وهو على دينه ،ثم
يخرجان إلينييا مسييلمين ،فقال مالك :هييو موله يرثييه؛ وقال أبييو
حنيفية :ل ولء بينهميا ،وللعبيد أن يوالي مين شاء على مذهبيه فيي
الولء والتحالف؛ وخالف أشهيب مالكيا فقال :إذا أسيلم العبيد قبيل
المولى لم يعييد إلى المولى ولءه أبدا؛ وقال ابيين القاسييم :يعود،
وهيييو معنيييى قول مالك ،لن مالكيييا يعتيييبر وقيييت العتيييق ،وهذه
المسائل كلها هي مفروضة في القول ل تقع بعد ،فإنه ليس من
ديين النصيارى أن يسيترق بعضهيم بعضيا ،ول مين ديين اليهود فيميا
يعتقدونه في هذا الوقت ويزعمون أنه من مللهم.
@(-المسييألة الخامسيية) أجمييع جمهور العلماء على أن النسيياء
ليس لهن مدخل في رواثة الولء إل من باشرن عتقه بأنفسهن أو
ميا جير إليهين مين باشرن عتقيه ،إميا بولء أو بنسيب ،مثيل معتيق
معتقها أو ابن معتقها ،وأنهن ل يرثن معتق من يرثنه إل ما حكي
عين شرييح .وعمدتيه أنيه لميا كان لهيا ولء ميا أعتقيت بنفسيها كان
لهييا ولء مييا أعتقييه مورثهييا قياسييا على الرجييل ،وهذا هييو الذي
يعرفونيه بقياس المعنيى ،وهيو أرفيع مراتيب القياس ،وإنميا الذي
يوهنيه الشذوذ .وعمدة الجمهور أن الولء إنميا وجيب للنعمية التيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كانيت للمعت َيق على المعت ِيق ،وهذه النعمية إنميا توجيد فيمين باشير
العتييق ،أو كان ميين سييبب قوي ميين أسييبابه ،وهييم العصييبة .قال
القاضي :وإذ قد تقرر من له ولء ممن ليس له ولء ،فبقي النظر
فيي ترتييب أهيل الولء فيي الولء .فمين أشهير مسيائلهم فيي هذا
الباب المسألة التي يعرفونها بالولء للكبر ،مثال ذلك :رجل أعتق
عبدا ثييم مات ذلك الرجييل وترك أخوييين أو ابنييين ،ثييم مات أحييد
الخوييين وترك ابنييا ،أو أحييد البنييين ،فقال الجمهور :فييي هذه
المسألة أن حظ الخ الميت من الولء ل يرثه عنه ابنه ،وهو راجع
إلى أخييه لنيه أحيق بيه مين ابنيه بخلف الميراث ،لن الحجيب فيي
الميراث يعتييبر بالقرب ميين الميييت ،وهنييا بالقرب ميين المباشيير
العتييق ،وهييو مروي عيين عميير ابيين الخطاب وعلي وعثمان وابيين
مسعود وزيد بن ثابت من الصحابة .وقال شريح وطائفة من أهل
البصيرة :حيق الخ المييت فيي هذه المسيألة لبنييه .وعمدة هؤلء
تشيييبيه الولء بالميراث .وعمدة الفرييييق الول أن الولء نسيييب
مبدؤه ميين المباشيير .وميين مسييائلهم المشهورة فييي هذا الباب
المسيألة التيي تعرف بجير الولء ،وصيورتها أن يكون عبيد له بنون
ميين أمية ،فأعتقييت الميية ثييم أعتييق العبييد بعييد ذلك ،فإن العلماء
اختلفوا لميين يكون ولء البنييين إذا أعتييق الب ،وذلك أنهييم اتفقوا
على أن ولءهم بعد عتق الم إذا لم يمس المولود الرق في بطن
أميه ،وذلك يكون إذا تزوجهيا العبيد بعيد العتيق وقبيل عتيق الب هيو
لموالي الم .واختلفوا إذا أعتيق الب هيل يجير ولءه بنييه لموالييه
أم ل يجييير؟ فذهيييب الجمهور ومالك وأبيييو حنيفييية والشافعيييي
وأصييحابهم إلى أنييه يجيير ،وبييه قال علي رضييي الله عنييه وابيين
مسييعود والزبييير وعثمان ابيين عفان .وقال عطاء وعكرميية وابيين
شهاب وجماعية :ل يجير ولءه .وروي عين عمير ،وقضيى بيه عبيد
الملك بين مروان لميا حدثيه بيه قبيضية بين ذؤييب عين عمير بين
الخطاب ،وإن كان قيد روي عين عمير مثيل قول الجمهور .وعمدة
الجمهور أن الولء مشبييييه بالنسييييب ،والنسييييب للب دون الم.
وعمدة الفريق الثاني أن البنين لما كانوا في الحرية تابعين لمهم
كانوا فيي موجيب الحريية تابعيين لهيا ،وهيو الولء ،وذهيب مالك إلى
أن الجيد يجير ولء حفدتيه إذا كان أبوهيم عبدا ،إل أن يعتيق الب،
وبيه قال الشافعيي وخالفيه فيي ذلك الكوفيون واعتمدوا فيي ذلك
على أن ولء الجيد إنميا يثبيت لمعتيق الجيد على البنيين مين جهية
الب ،وإذا لم يكييين للب ولء فأحرى أن ل يكون للجيييد .وعمدة
الفريق الثاني أن عبودية الب هي كموته فوجب أن ينتقل الولء
إلى أبييي الب ،ول خلف بييين ميين يقول بأن الولء للعصييبة فيمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أعلم أن البناء أحق من الباء ،وأنه ل ينتقل إلى العمود العلى إل
إذا فقيد العمود السيفل بخلف الميراث ،لن البنوة عندهيم أقوى
تعصيبا من البوة ،والب أضعف تعصيبا ،والخوة وبنوهم أقعد عند
مالك مين الجيد ،وعنيد الشافعيي وأبيي حنيفية الجيد أقعيد منهيم.
وسبب الخلف من أقرب نسبا وأقوى تعصيبا وليس يورث بالولء
جزء مفروض وإنميا يورث تعصييبا ،فإذا مات المولى السيفل ولم
يكييين له ورثييية أصيييل ،أو كان له ورثييية ل يحيطون بالميراث كان
عاصييبه المولى العلى ،وكذلك يعصييب المولى العلى كييل ميين
للمولى العلى عليييه ولدة نسييب :أعنييي بناتيه وبنيييه وبنييي بنيييه.
وفيي هذا الباب مسيألة مشهورة وهيي :إذا ماتيت امرأة ولهيا ولء
وولد وعصييبة لميين ينتقييل الولء؟ فقالت طائفيية :لعصييبتها لنهييم
الذييين يعقلون عنهييا ،والولء للعصييبة ،وهييو قول علي ابيين أبييي
طالب؛ وقال قوم :لبنهييا ،وهييو قول عميير بيين الخطاب ،وعليييه
فقهاء المصييار ،وهييو مخالف لهييل هذا السييلف ،لن ابيين المرأة
ليس من عصبتها.
تم كتاب الفرائض والولء والحمد لله حق حمده.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب العتق.
@-والنظير فيي هذا الكتاب فيمين يصيح عتقيه ومين ل يصيح ،ومين
يلزمييه وميين ل يلزمييه :أعنييي بالشرع ،وفييي ألفاظ العتييق ،وفييي
اليمان به ،وفي أحكامه وفي الشروط الواقعة ف يه .ونحن فإنما
نذكر من هذه البواب ما فيها من المسائل المشهورة التي يتعلق
أكثرهيا بالمسيموع .فأميا مين يصيح عتقيه ،فإنهيم أجمعوا على أنيه
يصييح عتييق المالك التام الملك الصييحيح الرشيييد القوي الجسييم
الغني غير العديم .واختلفوا في عتق من أحاط الدين بماله وفي
عتيق المرييض وحكميه .فأميا مين أحاط الديين بماله ،فإن العلماء
اختلفوا فيي جواز عتقيه ،فقال أكثير أهيل المدينية :مالك وغيره :ل
يجوز ذلك ،وبيه قال الوزاعيي واللييث؛ وقال فقهاء العراق :وذلك
جائز حتى يحجر عليه الحاكم ،وذلك عند من يرى التحجير منهم،
وقد يتخرج عن مالك في ذلك الجواز قياسا على ما روي عنه في
الرهن أ نه يجوز ،وإن أحاط الدين بمال الراهن ما لم يحجر عليه
الحاكيم .وعمدة مين منيع عتقيه أن ماله فيي تلك الحال مسيتحق
للغرماء ،فليييس له أن يخرج منييه شيئا بغييير عوض ،وهييي العلة
التي بها يحجر الحاكم عليه التصرف والحكام يجب أن توجد مع
وجود عللها ،وتحجير الحاكم ليس بعلة وإنما هو حكم واجب من
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
روي فيهييا خلف شاذ ،فقيييل عيين ابيين سيييرين إنييه جعييل حصيية
الشريك في بيت المال؛ وقيل عن ربيعة فيمن أعتق نصيبا له في
عبييد أن العتييق باطييل؛ وقال قوم :ل يقوم على المعسيير الكييل،
وينفيذ العتيق فيميا أعتيق؛ وقال قوم بوجوب التقوييم على المعتيق
موسييرا أو معسييرا ويتبعييه شريكييه ،وسييقط العسيير فييي بعييض
الروايات فيي حدييث ابين عمير ،وهذا كله خلف الحادييث ،ولعلهيم
لم تبلغهم الحاديث .واختلف قول مالك من هذا في فرع وهو إذا
كان معسرا فأخر الحكم عليه بإسقاط التقويم حتى أيسر ،فقيل
يقوم ،وقيل ل يقوم .وات فق القائلون بهذه الثار على أن من ملك
باختياره شقصا يعتق عليه من عبد :أنه يعتق عليه الباقي إن كان
موسرا إل إذا ملكه بوجيه ل اختيار له فيه ،وهيو أن يملكيه بميراث
-فقال قوم :يعتيق علييه فيي حال اليسير -وقال قوم :ل يعتيق
عليييه؛ وقال قوم :فييي حال اليسيير بالسييعاية؛ وقال قوم :ل .وإذا
ملك السيييد جميييع العبييد فأعتييق بعضييه؛ فجمهور علماء الحجاز
والعراق مالك والشافعييي والثوري والوزاعييي وأحمييد وابيين أبييي
ليلى ومحميد بين الحسين وأبيو يوسيف يقولون :يعتيق علييه كله،
وقال أبيو حنيفية وأهيل الظاهير :يعتيق منيه ذلك القدر الذي عتيق
ويسييعى العبييد فييي الباقييي ،وهييو قول طاوس وحماد .وعمدة
استدلل الجمهور أنه لما ثبتت السنة في إعتاق نصيب الغير على
الغير لحرمة العتق كان أحرى أن يجب ذلك عليه في ملكه.
وعمدة أبي حنيفة أن سبب وجوب العتق على المبعض للعتق هو
الضرر الداخييل على شريكييه ،فإذا كان ذلك كله ملكييا له لم يكيين
هنالك ضرر .فسييبب الخلف ميين طريييق المعنييى هييل علة هذا
الحكييم حرميية العتييق ،أعنييي أنييه ل يقييع فيييه تبعيييض ،أو مضرة
الشريك؟ .واحتجيت الحنفية بما رواه إسماعيل بن أمية عين أبيه
عين جده أنيه أعتيق نصيف عبده ،فلم ينكير رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم عتقه .ومن عمدة الجمهور ما رواه النسائي وأبو داود
عين أبي الملييح عين أبيه "أن رجل من هذيل أعتيق شقصا له من
مملوك فتميم النيبي علييه الصيلة والسيلم عتقيه وقال :لييس لله
شر يك" وعلى هذا فقيد نص على العلة التي تمسك ب ها الجمهور،
وصيييارت علتهيييم أولى ،لن العلة المنصيييوص عليهيييا أولى مييين
المستنبطة .فسبب اختلفهم تعارض الثار في هذا الباب وتعارض
القياس .وأمييييييا العتاق الذي يكون بالمثلة ،فإن العلماء اختلفوا
فييه ،فقال مالك واللييث والوزاعيي :مين مثيل بعبده أعتيق علييه؛
وقال أبيو حنيفية والشافعيي :ل يعتيق علييه؛ وشيذ الوزاعيي فقال:
من مثل بعبد غيره أعتق عليه والجمهور على أنه يضمن ما نقص
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين قيمية العبيد ،فمالك ومين قال بقوله اعتميد حدييث عمرو بين
شعييب عين أبييه عين جده "أن زنباعيا وجيد غلميا له ميع جاريية،
فقطيع ذكره وجدع أن فه ،فأتيى النيبي صلى الله علييه وسيلم فذكير
ذلك له ،فقال له النيبي صيلى الله علييه وسيلم :ميا حملك على ميا
فعلت؟ فقال :فعيل كذا وكذا ،فقال النيبي صيلى الله علييه وسيلم:
اذهييب فأنييت حيير .وعمدة الفريييق الثانييي قوله صييلى الله عليييه
وسيلم فيي حدييث ابين عمير "مين لطيم مملوكيه أو ضربيه فكفارتيه
عتقيه" قالوا :فلم يلزم العتيق فيي ذلك وإنميا ندب إلييه .ولهيم مين
طرييق المعنيى أن الصيل فيي الشرع هيو أنيه ل يكره السييد على
عتييق عبده إل مييا خصييصه الدليييل .وأحاديييث عمرو بيين شعيييب
مختلف فيي صيحتها ،فلم تبلغ مين القوة أن يخصيص بهيا مثيل هذه
القاعدة.
وأمييا هيل يعتييق على النسيان أحييد مين قرابتيه ،وإن عتييق فمين
يعتييق؟ فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فجمهور العلماء على أنييه يعتييق
على الرجييل بالقرابيية إل داود وأصييحابه ،فإنهييم لم يروا أن يعتييق
أحيد على أحيد مين قبيل قربيى ،والذيين قالوا بالعتيق اختلفوا فيمين
يعتيق ممين ل يعتيق بعيد اتفافهيم على أنيه يعتيق على الرجيل أبوه
وولده؛ فقال مالك :يعتيق على الرجيل ثلثية :أحدهيا أصيوله :وهيم
الباء والجداد والجدات والمهات وآباؤهم وأمهاتهم ،وبالجملة كل
ميين كان له على النسييان ولدة .والثانييي فروعييه ،وهييم :البناء
والبنات وولدهييم مييا سييفلوا ،وسييواء فييي ذلك ولد البنييين وولد
البنات ،وبالجملة كييل ميين للرجييل عليييه ولدة بغييير توسييط أو
بتوسييط ،ذكيير أو أنثييى .والثالث الفروع المشاركيية له فييي أصييله
القرييب وهيم الخوة ،وسيواء كانوا لب وأم ،أو لب فقيط ،أو لم
فقييط؛ واقتصيير ميين هذا العمود على القريييب فقييط ،فلم يوجييب
عتييق بنييي الخوة .وأمييا الشافعييي فقال مثييل قول مالك فييي
العمودين العلى والسفل ،وخالفه في الخوة فلم يوجب عتقهم.
وأميا أبيو حنيفية فأوجيب عتيق كيل ذي رحيم محرم بالنسيب كالعيم
والعمية والخال والخالة وبنات الخ ،ومين أشبههيم ممين هيو مين
النسييان ذو محرم .وسييبب اختلف أهييل الظاهيير مييع الجمهور
اختلفهييم فييي مفهوم الحديييث الثابييت ،وهييو قوله عليييه الصييلة
والسييلم "ل يجزي ولد عيين والده إل أن يجده مملوكييا فيشتريييه
فيعتقيييه" خرجيييه مسيييلم والترمذي وأبيييو داود وغيرهيييم ،فقال
الجمهور :يفهيم مين هذا أنيه إذا اشتراه وجييب علييه عتقيه ،وأنيه
لييس يجيب علييه شراؤه .وقالت الظاهريية :المفهوم مين الحدييث
أنه ليس يجب عليه شراؤه ول عتقه إذا اشتراه ،قالوا :لن إضافة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عتقه إليه دليل على صحة ملكه له ،ولو كان ما قالوا صوابا ،لكان
اللفيظ إل أن يشترييه فيعتيق علييه .وعمدة الحنفيية ميا رواه قتادة
عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من
ملك ذا رحييم محرم فهييو حيير" وكأن هذا الحديييث لم يصييح عنييد
مالك والشافعيييييييي؛ وقاس مالك الخوة على البناء والباء ،ولم
يلحقهييم بهييم الشافعييي واعتمييد الحديييث المتقدم فقييط ،وقاس
البناء على الباء.
وقيد راميت المالكيية أن تحتيج لمذهبهيا بأن البنوة صيفة هيي ضيد
العبودية ،وأنه ليس تجتمع معها لقوله تعالى {وما ينبغي للرحمن
أن يتخيذ ولدا .إن كيل مين فيي السيموات والرض إل آتيي الرحمين
عبدا} وهذه العبوديية هيي معنيى غيير العبوديية التيي يحتجون بهيا،
فإن هذه العبودييية معقولة وبنوة معقولة .والعبودييية التييي بييين
المخلوقين والموليية هي عبودية بالشرع ل بالطبع أعني بالوضع
ل مجال للعقييل كمييا يقولون فيهييا عندهييم ،وهييو احتجاج ضعيييف.
وإنما أراد الله تعالى أن البنوة تساوي البوة في جنس الوجود أو
في نوعه ،أعني أن الموجودين اللذين أحدهما أب والخر ابن هما
متقاربان جدا ،حتيى أنهميا إميا أن يكونيا مين نوع واحيد أو جنيس
واحيد ،وميا دون الله مين الموجودات فلييس يجتميع معيه سيبحانه
فيي جنيس قرييب ول بعييد ،بيل التفاوت بينهميا غايية التفاوت ،فلم
يصيح أن يكون فيي الموجودات التيي ههنيا شييء نسيبته إلييه نسيبة
الب إلى البن ،بل إن كان نسبة الموجودات إليه نسبة العبد إلى
السييد كان أقرب إلى حقيقية المير مين نسيبة البين إلى الب لن
التباعد الذي بين السيد والعبد في المرتبة أشد من التباعد الذي
بيين الب والبين ،وعلى الحقيقية فل شبيه بيين النسيبتين؛ لكين لميا
لم يكين فيي الموجودات نسيبة أشيد تباعدا من هذه النسيبة ،أعنيي
تباعييد طرفيهمييا فييي الشرف والخسيية ضرب المثال بهييا ،أعنييي
نسييبة العبييد للسيييد ،وميين لحييظ المحبيية التييي بييين الب والبيين
والرحمة والرأفة الشفقة أجاز أن يقول في الناس إنهم أبناء الله
على ظاهير شريعية عيسيى .فهذه جملة المسيائل المشهورة التيي
تتعلق بالعتق الذي يدخل على النسان بغير اختياره.
(يتبع)...
@(تابيع- :)1 ...والنظير فيي هذا الكتاب فيمين يصيح عتقيه ومين ل
يصح ،ومن يلزمه ومن ل... ...
وقيييد اختلفوا مييين أحكام العتيييق فيييي مسيييألة مشهورة تتعلق
بالسييماع ،وذلك أن الفقهاء اختلفوا فيميين أعتييق عييبيدا له فييي
مرضييه أو بعييد موتييه ول مال له غيرهييم ،فقال مالك والشافعييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
باعيه لم يملك عتقيه ،وقال :إن باعيه يعتيق علييه ،أعنيي مين مال
البائع إذا باعيه ،وبيه قال مالك والشافعيي ،وبالول قال أبيو حنيفية
وأصحابه والثوري .وفروع هذا الباب كثيرة ،وفي هذا كفاية.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الكتابة
@-والنظيير الكلي فييي الكتابيية ينحصيير فييي أركانهييا وشروطهييا
وأحكامهيا .أميا الركان فثلثية :العقيد وشروطيه وصيفته ،والعاقيد،
والمقعود علييه وصيفاتهما ونحين نذكير المسيائل المشهورة لهيل
المصار في جنس جنس من هذه الجناس.
القول في مسائل العقد.
@-فمن مسائل هذا الجنس المشهورة اختلفهم في عقد الكتابة:
هيل هيو واجيب أو مندوب إلييه؟ فقال فقهاء المصيار :إنيه مندوب؛
وقال أهيييل الظاهييير :هيييو واجيييب ،واحتجوا بظاهييير قوله تعالى
{فكاتبوهييم إن علمتييم فيهييم خيرا} والميير على الوجوب .وأمييا
الجمهور فإنهيم لميا رأوا أن الصيل هيو أن ل يجيبر أحيد على عتيق
مملوكيييه حملوا هذه اليييية على الندب لئل تكون معارضييية لهذا
الصيل ،وأيضيا فإنيه لميا لم يكين للعبيد أن يحكيم له على سييده
بالبييع له وهيو خروج رقبتيه عين ملكيه بعوض ،فأحرى أن ل يحكيم
له عليه بخروجه عن غير عوض هو مال كه ،وذلك أن كسب العبد
هيو للسييد ،وهذه المسيألة هيي أقرب أن تكون مين أحكام العقيد
من أن تكون من أركانه ،وهذا العقد بالجملة هو أن يشتري العبد
نفسييه وماله ميين سيييده بمال يكتسييبه العبييد .فأركان هذا العقييد
الثميين والمثمون والجييل واللفاظ الدالة على هذا العقييد .فأمييا
الثميين ،فإنهييم اتفقوا على أنييه يجوز إذا كان معلومييا بالعلم الذي
يشترط في البيوع .واختلفوا إذا كان في لفظه إبهام ما ،فقال أبو
حنيفية ومالك :يجوز أن يكاتيب عبده على جاريية أو عبيد مين غيير
أن يصفهما ويكون له الوسط من العبيد؛ وقال الشافعي :ل يجوز
حتى يصفه؛ فمن اعتبر في هذا طلب المعاينة شبهه بالبيوع؛ ومن
رأى أن هذا العقييد مقصييوده المكارميية وعدم التشاح جوز فيييه
الغرر اليسير كحال اختلفهيم فيي الصيداق؛ ومالك يجييز بين العبد
وسيده من جنس الربا ما ل يجوز بين الجنبي والجنبي من مثل
بييع الطعام قبيل قبضيه ،وفسيخ الديين فيي الديين ،وضيع وتعجيل؛
ومنييع ذلك الشافعييي وأحمييد وعيين أبييي حنيفيية القولن جميعييا.
وعمدة مين أجازه أنيه لييس بيين السييد وعبده ربيا ،لنيه وماله له،
وإنميا الكتابية سينة على حدتهيا .وأميا الجيل فإنهيم اتفقوا على أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجوز أن تكون مؤجلة ،واختلفوا فييي هييل تجوز حالة ،وذلك أيضييا
بعييد اتفاقهييم على أنهييا تجوز حالة على مال موجود عنييد العبييد،
وهييي التييي يسييمونها قطاعييه ل كتابيية .وأمييا الكتابيية فهييي التييي
يشتري العبيد فيهيا ماله ونفسيه مين سييده بمال يكتسيبه .فموضيع
الخلف إنميا هيو هيل يجوز أن يشتري نفسيه مين سييده بمال حال
ليس هو بيده؟ فقال الشافعي :هذا الكلم لغو ،وليس يلزم السيد
شيء منه؛ وقال متأخروا أصحاب مالك :قد لزمت الكتابة للسيد
ويرفعيه العبيد إلى الحاكيم فينجيم علييه المال بحسيب حال العبيد.
وعمدة المالكية أن السيد قد أوجب لعبده الكتابة ،إل أنه اشترط
فيهييا شرطييا يتعذر غالبييا ،فصييح العقييد وبطييل الشرط .وعمدة
الشافعيية أن الشرط الفاسيد يعود ببطلن أصيل العقيد كمين باع
جاريتيه واشترط أن ل يطأهيا ،وذلك أنيه إذا لم يكين له مال حاضير
أدى إلى عجزه ،وذلك ضد مقصود الكتابة .وحاصل قول المالكية
يرجع إلى أن الكتابة من أركانها أن تكون منجمة ،وأنه إذا اشترط
فيهيا ضيد هذا الركين بطيل الشرط وصيح العقيد .واتفقوا على أنيه
إذا قال السيد لعبده :لقد كاتبتك على ألف درهم فإذا أديتها فأنت
حر أنه إذا أداها حر.
واختلفوا إذا قال له :قد كاتبتك على ألف درهم وسكت هل يكون
حرا دون أن يقول له :فإذا أديتهييا فأنييت حيير؟ فقال مالك وأبييو
حنيفة :هو حر ،لن اسم الكتابة لفظ شرعي ،فهو يتضمن جميع
أحكامه؛ وقال قوم :ل يكون حرا حتى يصرح بلفظ الداء .واختلف
في ذلك قول الشافعي .ومن هذا الباب اختلف قول ابن القاسم
ومالك فيمييين قال لعبده :أنيييت حييير وعلييييك ألف دينار ،فاختلف
المذهب في ذلك؛ فقال مالك :يلزمه وهو حر؛ وقال ابن القاسم:
هو حر ول يلزمه .وأما إن قال :أنت حر على أن عليك ألف دينار،
فاختلف المذهب في ذلك فقال مالك :هو حر والمال عليه كغريم
مين الغرماء؛ وقييل العبيد بالخيار ،فإن اختار الحريية لزمييه المال
ونفذت الحريية وإل بقيي عبدا؛ وقييل إن قبيل كانيت كتابية يعتيق إذا
أدى ،والقولن لبين القاسيم؛ وتجوز الكتابية عنيد مالك على عميل
محدود ،وتجوز عنده الكتابيية المطلقيية ،ويرد إلى أن كتابيية مثله
كالحال فييي النكاح ،وتجوز الكتابيية عنده على قيميية العبييد ،أعنييي
كتابيية مثله فييي الزمان والثميين ،وميين هنييا قيييل إنييه تجوز عنده
الكتابية الحالة .واختلف هيل مين شرط هذا العقيد أن يضيع السييد
مين آخير أنجيم الكتابية شيئا عين المكاتيب لختلفهيم فيي مفهوم
قوله تعالى {وآتوهيم مين مال الله الذي آتاكيم} وذلك أن بعضهيم
رأى أن السييادة هييم المخاطبون بهذه الييية؛ ورأى بعضهييم أنهييم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لنيه يخرج حرا مين ل يقدر مين نفسيه أن يسيعى حتيى يخرج حرا
فهو كما يعود برق من يقدر على السعي ،كذلك يعود بحرية من ل
يقدر على السعي.
وأميا أبيو حنيفية فشبههيا بحمالة الجنيبي ميع الجنيبي فيي الحقوق
التيي تجوز فيهيا الحمالة فألزمهيا بالشرط ولم يلزمهيا بغيير شرط،
وهو مع هذا أيضا ل يجير حمالة الكتابة .وأما العبد بين الشريكين
فإن العلماء اختلفوا هيييل لحدهميييا أن يكاتيييب نصييييبه دون إذن
صاحبه ،فقال بعضهم :ليس له ذلك والكتابة مفسوخة ،وما قبض
منهييا هييي بينهييم على قدر حصييصهم؛ وقالت طائفيية :ل يجوز أن
يكاتب الرجل نصيبه من عبده دون نصيب شريكه؛ وفرقت فرقة
فقالت :يجوز بإذن شريكييه ول يجوز بغييير إذن شريكييه ،وبالقول
الول قال مالك ،وبالثاني قال ابن أبي ليلى وأحمد ،وبالثالث قال
أبيو حنيفيية والشافعييي فييي أحييد قولييه ،وله قول آخيير مثييل قول
مالك .وعمدة مالك أنيه لو جاز ذلك لدى إلى أن يعتيق العبيد كله
بالتقوييم على الذي كاتيب حظيه منيه ،وذلك ل يجوز إل فيي تبعييض
العتيق؛ ومين رأى أن له أن يكاتبيه رأى أن علييه أن يتيم عتقيه إذا
أدى الكتابية إذا كان موسيرا ،فاحتجاج مالك هنيا هيو احتجاج بأصيل
ل يوافقيه علييه الخصيم ،لكين لييس يمنيع مين صيحة الصيل أن ل
يوافقيه علييه الخصيم .وأميا اشتراط الذن فضعييف ،وأبيو حنيفية
يرى فييي كيفييية أداء المال للمكاتييب إذا كانييت الكتابيية عيين إذن
شريكيه أن كيل ميا أدى للشرييك الذي كاتبيه يأخيذ منيه الشرييك
الثاني نصيبه ،ويرجع بالباقي على العبد فيسعى له فيه حتى يتم
له ميا كان كاتبيه علييه ،وهذا فييه بعيد عين الصيول .وأميا هيل تجوز
مكاتبيية ميين ل يقدر على السييعي فل خلف فيمييا أعلم بينهييم أن
شرط المكاتيييب أن يكون قوييييا على السيييعي لقوله تعالى {إن
علمتيم فيهيم خيرا} وقيد اختلف العلماء ميا الخيير الذي اشترطيه
الله فيييي المكاتيييبين فيييي قوله {إن علمتيييم فيهيييم خيرا} فقال
الشافعي :الكتساب والمانة؛ وقال بعضهم :المال والمانة؛ وقال
آخرون :الصييلح والدييين .وأنكيير بعييض العلماء أن يكاتييب ميين ل
حرفية له مخافية السيؤال ،وأجاز ذلك بعضهيم لحدييث بريرة "أنهيا
كوتبيت أن تسيأل الناس" وكره أن تكاتيب المية التيي ل اكتسياب
لهييا بصييناعة مخافيية أن يكون ذلك ذريعيية إلى الزنييا؛ وأجاز مالك
كتابية المدبرة وكيل مين فييه بقيية رق إل أم الولد إذ لييس له عنيد
مالك أن يستخدمها.
**3القول في المكاتب.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عباس أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "يؤدي المكاتيب بقدر
مييا أدى دييية حيير وبقدر مييا رق منييه دييية عبييد" خرجييه النسييائي،
والخلف فيه من قبل عكرمة ،كما أن الخلف في أحاديث عمرو
بين شعييب مين قبيل أنيه روى مين صيحيفة ،وبهذا القول قال علي،
أعني بحديث ابن عباس .وروي عن عمر بن الخطاب أنه إذا أدى
الشطيير عتييق .وكان ابيين مسييعود يقول :إذا أدى الثلث .وأقوال
الصحابة وإن لم تكن حجة ،فالظاهر أن التقدير إذا صدر منهم أنه
محمول على أن فيييي ذلك سييينة بلغتهيييم .وفيييي المسيييألة قول
خامس :إذا أدى الثلثة الرباع عتق ،وبقي عديما في باقي المال.
وقيد قييل إن أدى القيمية فهيو غرييم ،وهيو قول عائشية وابين عمير
وزيييد بيين ثابييت .والشهيير عيين عميير وأم سييلمة هييو مثييل قول
الجمهور ،وقول هؤلء هيو الذي اعتمده فقهاء المصيار ،وذلك أنيه
صيحت الروايية فيي ذلك عنهيم صيحة ل شيك فيهيا ،روى ذلك مالك
فيييي موطئه .وأيضيييا فهيييو أحوط لموال السيييادات ،ولن فيييي
المبيعات يرجع في عين المبيع له إذا أفلس المشتري.
@-الجنس الثاني.
وأميا متيى يرق ،فإنهيم اتفقوا على أنيه إنميا يرق إذا عجيز إميا عين
البعيض وإميا عين الكيل بحسيب ميا قدمنيا اختلفهيم .واختلفوا هيل
للعبيد أن يعجيز نفسيه إذا شاء مين غيير سيبب ،أم لييس له ذلك إل
بسبب؟ فقال الشافعي :الكتابة عقد لزم في حق العبد وهي في
حيق السييد غيير لزمية؛ وقال مالك وأبيو حنيفية :الكتابية عقيد لزم
مين الطرفيين :أي بيين العبيد والسييد .وتحصييل مذهيب مالك فيي
ذلك أن العبد والسيد ل يخلو أن يتفقا على التعجييز أو يختل فا ،ثم
إذا اختلفيا فإميا أن يرييد السييد التعجييز ويأباه العبيد ،أو بالعكيس،
أعنيي أن يرييد بيه السييد البقاء على الكتابية ،ويرييد العبيد التعجييز.
فأما إذا اتفقا على التعجيز فل يخلو المر من قسمين :أحدهما أن
يكون دخييل فييي الكتابيية ولد أو ل يكون ،فإن كان دخييل ولد فييي
الكتابيية فل خلف عنده أنييه ل يجوز التعجيييز .وإن لم يكيين له ولد
ففيي ذلك روايتان :إحداهميا أنيه ل يجوز إذا كان له مال ،وبيه قال
أبو حنيفة؛ والخرى أنه يجوز له ذلك .فأما إن طلب العبد التعجيز
وأبيى السييد لم يكين ذلك للعبيد إن كان معيه مال أو كانيت له قوة
على السييعي .وأمييا إن أراد السيييد التعجيييز وأباه العبييد ،فإنييه ل
يعجزه عنده إل بحكم حاكم ،وذلك بعد أن يثبت السيد عند الحاكم
أنه ل مال له ول قدرة على الداء.
ونرجيع إلى عمدة أدلتهيم فيي أصيل الخلف فيي المسيألة ،فعمدة
الشافعييي مييا روي أن بريرة جاءت إلى عائشيية تقول لهييا" :إنييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أريد أن تشتريني تعتقيني فقالت لها :إن أراد أهلك ،فجاءت أهلها
فباعوهيا وهيي مكاتبية" خرجيه البخاري .وعمدة المالكيية تشيبيههم
الكتابة بالعقود اللزمة ،ولن حكم العبد في هذا المعنى يجب أن
يكون كحكييم السيييد وذلك أن العقود ميين شأنهييا أن يكون اللزوم
فيهييا أو الخيار مسييتويا فييي الطرفييين ،وأمييا أن يكون لزمييا ميين
طرف وغيير لزم مين الطرف الثانيي فخارج عين الصيول ،وعللوا
حدييث بريرة بأن الذي باع أهلهيا كانيت كتابتهيا ل رقبتهيا .والحنفيية
تقول :لمييا كان المغلب فييي الكتابيية حييق العبييد ،وجييب أن يكون
العقد لزما في حق الخر المغلب عليه وهو السيد أصله النكاح،
لنيه غيير لزم فيي حيق الزوج لمكان الطلق الذي بيده وهيو لزم
فيي حيق الزوجية ،والمالكيية تعترض هذا بأن تقول إنيه عقيد لزم
فيما وقع به العوض ،إذ كان ليس له أن يسترجع الصداق.
@-الجنس الثالث.
وأمييا حكمييه إذا مات قبييل أن يؤدي الكتابيية ،فاتفقوا على أنييه إذا
مات دون ولد قبييل أن يؤدي مين الكتابيية شيئا أنييه يرق .واختلفوا
إذا مات عيين ولد فقال مالك :حكييم ولده كحكمييه ،فإن ترك مال
فييه وفاء للكتابية أدوه وعتقوا ،وإن لم يترك مال وكانيت لهيم قوة
على السعي بقوا على نجوم أبيهم حتى يعجزوا أو يعتقوا ،وإن لم
يكن عندهم ل مال ول قدرة على السعي رقوا ،وأنه إن فضل عن
الكتابة شيء من ماله ورثوه على حكم ميراث الحرار ،وأنه ليس
يرثيه إل ولده الذيين هيم فيي الكتابية معيه دون سيواهم مين وارثييه
إن كان له وارث غييير الولد الذي معييه فييي الكتابيية .وقال أبييو
حنيفية :إنيه يرثيه بعيد أداء كتابتيه مين المال الذي ترك جمييع أولده
الذييين كاتييب عليهييم أو ولدوا فييي الكتابيية وأولده الحرار وسييائر
ورثته .وقال الشافعي :ل يرثه بنوه الحرار ول الذين كاتب عليهم
أو ولدوا فييي الكتابيية ،وماله لسيييده وعلى أولده الذييين كاتييب
عليهيم أن يسيعوا مين الكتابية فيي مقدار حظوظهيم منهيا ،وتسيقط
حصيية الب عنهييم ،وبسييقوط حصيية الب عنهييم قال أبييو حنيفيية
وسييائر الكوفيييين .والذييين قالوا بسييقوطها قال بعضهييم :تعتييبر
القيميية ،وهييو قول الشافعييي؛ وقيييل بالثميين؛ وقيييل حصييته على
مقدار الرءوس .وإنميا قال هؤلء بسيقوط حصية الب عين البناء
الذين كاتب عليهم ل الذين ولدوا في الكتابة ،لن من ولد له أولد
فييي الكتابيية فهييم تبييع لبيهييم .وعمدة مالك أن المكاتييبين كتابيية
واحدة بعضهم حملء عن بعض ،ولذلك من عتق منهم أو مات لم
تسيقط حصييته عين الباقيي .وعمدة الفريييق الثانيي أن الكتابية ل
تضمين .وروى مالك عين عبيد الملك بين مروان فيي موطئه مثيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك :يدخييل ماله فييي الكتابيية؛ وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :ل
يدخيييل؛ وقال الوزاعيييي :يدخيييل بالشرط ،أعنيييي إذا اشترطيييه
المكاتيب ،وهذه المسيألة مبنيية على :هيل يملك العبيد أم ل يملك،
وعلى هل يتبعه ماله في العتق أم ل؟ وقد تقدم ذلك.
@-الجنس الخامس.
وهيو النظير فيميا يحجير فييه على المكاتيب مميا ل يحجير ،وميا بقيي
من أحكام العبد فيه.
فنقول :إنييه قييد أجمييع العلماء ميين هذا الباب على أنييه ليييس
للمكاتيب أن يهيب مين ماله شيئا له قدر ول يعتيق ول يتصيدق بغيير
إذن سيده ،فإنه محجور عليه في هذه المور وأشباهها ،أعني أنه
لييس له أن يخرج مين يده شيئا مين غيير عوض .واختلفوا مين هذا
الباب في فروع منها أنه إذا لم يعلم السيد بهبته أو بعتقه إل بعد
أداء كتابتيه ،فقال مالك وجماعية مين العلماء إن ذلك نافيذ ومنعيه
بعضهيم .وعمدة مين منعيه أن ذلك وقيع فيي حالة ل يجوز وقوعيه
فيهيا فكان فاسيدا .وعمدة مين أجازه أن السيبب المانيع مين ذلك
قيد ارتفيع وهيو مخافية أن يعجيز العبيد .وسيبب اختلفهيم هيل إذن
السيد من شرط لزوم العقد أو من شرط صحته؟ ف من قال من
شرط الصحة لم يجزه وإن عتق؛ ومن قال من شرط لزومه قال
يجوز إذا عتيق لنيه وقيع عقدا صيحيحا ،فلميا ارتفيع الذن المرتقيب
فييه صيح العقيد كميا لو أذن هذا كله عنيد مين أجاز عتقيه إذا أذن
السييد ،فإن الناس اختلفوا أيضيا فيي ذلك بعيد اتفاقهيم على أنيه ل
يجوز عتقييه إذا لم يأذن السيييد ،فقال قوم :ذلك جائز؛ وقال قوم:
ل يجوز ،وبيه قال أبيو حنيفية ،وبالجواز قال مالك؛ وعين الشافعيي
فيييي ذلك القولن جميعييا .والذييين أجازوا ذلك اختلفوا فييي ولء
المعتيق لمين يكون ،فقال مالك :إن مات المكاتيب قبيل أن يعتيق
كان ولء عبده لسييده ،وإن مات وقيد عتيق المكاتيب كان له ولؤه
له؛ وقال قوم مين هؤلء :بيل ولؤه على كيل حال لسييده .وعمدة
مين لم يجيز عتيق المكاتيب أن الولء يكون للمعتيق ،لقوله علييه
الصيلة والسيلم "إنميا الولء لمين أعتيق" ول ولء للمكاتيب فيي
حيين كتابتيه فلم يصيح عتقيه .وعمدة مين رأى أن الولء للسييد أن
عبد عبده بمنزلة عبده؛ ومن فرق بين ذلك فهو استحسان .ومن
هذا الباب اختلفهم في هل للمكاتب أن ينكح أو يسافر بغير إذن
سييده؟ فقال جمهورهيم :لييس له أن ينكيح إل بإذن سييده؛ وأباح
بعضهم النكاح له .وأما السفر فأباحه له جمهورهم ومنعه بعضهم،
وبه قال مالك وأباحه سحنون من أصحاب مالك ،ولم يجز للسيد
أن يشترطييه على المكاتييب ،وأجازه ابيين القاسييم فييي السييفر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القريب .والعلة في منع النكاح أنه يخاف أن يكون ذلك ذريعة إلى
عجزه .والعلة فييي جواز السييفر أن بييه يقوى على التكسييب فييي
أداء كتابتييه .وبالجملة فللعلماء فييي هذه المسييألة ثلثيية أقوال:
أحدها أن للمكاتب أن يسافر بإذن سيده وبغير إذنه ،ول يجوز أن
يشترط عليه أن ل يسافر ،وبه قال أبو حنيفة والشافعي .والقول
الثانييي إنييه ليييس له أن يسييافر إل بإذن سيييده ،وبييه قال مالك.
والثالث أن بمطلق عقيد الكتابية له أن يسيافر إل أن يشترط علييه
سييده أن ل يسيافر ،وبيه قال أحميد والثوري وغيرهميا .ومين هذا
الباب اختلفهيم فيي هيل للمكاتيب أن يكاتيب عبدا له؟ فأجاز ذلك
مالك ميييا لم يرد بيييه المحاباة ،وبيييه قال أبيييو حنيفييية والثوري.
وللشافعيي قولن :أحدهميا إثبات الكتابية ،والخير إبطالهيا .وعمدة
الجماعة أنها عقد معاوضة المقصود منه طلب الربح فأشبه سائر
العقود المباحيية ميين البيييع والشراء .وعمدة الشافعييية أن الولء
لمين أعتيق ول ولء للمكاتيب ،لنيه لييس بحير .واتفقوا على أنيه ل
يجوز للسييييد انتزاع شييييء مييين ماله ول النتفاع منيييه بشييييء.
واختلفوا فيي وطيء السييد أمتيه المكاتبية ،فصيار الجمهور إلى منيع
ذلك؛ وقال أحمد وداود وسعيد بن المسيب من التابعين ذلك جائز
إذا اشترطه عليها .وعمدة الجمهور أنه وطء تقع الفرقة فيه إلى
أجيل آت فأشبيه النكاح إلى أجيل .وعمدة الفرييق الثانيي تشبيههيا
بالمدبرة .وأجمعوا على أنهيييا إن عجزت حيييل وطؤهيييا .واختلف
الذيين منعوا ذلك إذا وطئهيا هيل علييه حيد أم ل؟ فقال جمهورهيم:
ل حيد علييه لنيه وطيء بشبهية؛ وقال بعضهيم :علييه الحيد .واختلفوا
فيي إيجاب الصيداق لهيا ،والعلماء فيميا أعلم على أنيه فيي أحكاميه
الشرعية على حكم العبد مثل الطلق والشهادة والحد وغير ذلك
مميا يختيص بيه العبييد .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي بيعيه؛ فقال
الجمهور :ل يباع المكاتييب إل بشرط أن يبقييى على كتابتييه عنييد
مشترييه؛ وقال بعضهيم :بيعيه جائز ميا لم يؤد شيئا مين كتابتيه ،لن
بريرة بيعييت ولم تكيين أدت ميين كتابتهييا شيئا؛ وقال بعضهييم :إذا
رضيي المكاتيب بالبييع جاز ،وهيو قول الشافعيي ،لن الكتابية عنده
ليسيت بعقيد لزم فيي حيق العبيد ،واحتيج بحدييث بريرة إذ بيعيت
وهيي مكاتبية .وعمدة مين لم يجيز بييع المكاتيب ميا فيي ذلك مين
نقيض العهيد ،وقيد أمير الله تعالى بالوفاء بيه ،وهذه المسيألة مبنيية
على هيل الكتابية عقيد لزم أم ل؟ وكذلك اختلفوا فيي بييع الكتابية،
فقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :ل يجوز ذلك ،وأجازهييا مالك ورأى
الشفعة فيها للمكاتب ،ومن أجاز ذلك شبه بيعها ببيع الدين ،ومن
لم يجيز ذلك رآه مين باب الغرر؛ وكذلك شبيه مالك الشفعية فيهيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بالشفعية فيي الديين ،وفيي ذلك أثير عين النيبي صيلى الله علييه
وسلم ،أعني في الشفعة في الدين؛ ومذهب مالك في بيع الكتابة
أنهيا إن كانيت بذهيب أنهيا تجوز بعرض معجيل ل مؤجيل لميا يدخيل
في ذلك من الدين بالدين .وإن كانت الكتابة بعرض كان شراؤها
بذهيييب أو فضييية معجليييين أو بعرض مخالف ،وإذا أعتيييق فولؤه
للمكاتييب ل للمشتري .وميين هذا الباب اختلفهييم هييل للسيييد أن
يجبر العبد على الكتابة أم ل؟.
وأميا شروط الكتابية فمنهيا شرعيية هيي مين شروط صيحة العقيد،
وقييد تقدمييت عنييد ذكيير أركان الكتابيية .ومنهييا شروط بحسييب
التراضييي ،وهذه الشروط منهييا مييا يفسييد العقييد ،ومنهييا مييا إذا
تمسيك بيه أفسيدت العقيد وإذا تركيت صيح العقيد ،ومنهيا شروط
جائزة غيير لزمية ،ومنهيا شروط لزمية ،وهذه كلهيا هيي مبسيوطة
فيي كتيب الفروع ،ولييس كتابنيا هذا كتاب فروع ،وإنميا هيو كتاب
أصيول .والشروط التيي تفسيد العقيد بالجملة هيي الشروط التيي
هي ضد شروط الصحة المشروعة في العقد .والشروط الجائزة
هيييي التيييي ل تؤدي إلى إخلل بالشروط المصيييححة للعقيييد ول
تلزمهييا ،فهذه الجملة ليييس يختلف الفقهاء فيهييا ،وإنمييا يختلفون
في الشروط لختلفهم فيما هو منها شرط من شروط الصحة أو
ليس منها ،وهذا يختلف بحسب القرب والبعد من إخللها بشروط
الصييحة ،ولذلك جعييل مالكييا جنسييا ثالثييا ميين الشروط ،وهييي
الشروط التييي إن تمسييك بهييا المشترط فسييد العقييد ،وإن لم
يتمسك بها جاز ،وهذا ينبغي أن تفهمه في سائر العقود الشرعية.
فمين مسيائلهم المشهورة فيي هذا الباب إذا اشترط فيي الكتابية
شرطيا مين خدمية أو سيفر أو نحوه وقوي على أداء نجوميه قبيل
محييل أجييل الكتابيية هييل يعتييق أم ل؟ فقال مالك وجماعيية :ذلك
الشرط باطل ،ويعتق إذا أدى جميع المال؛ وقالت طائفة :ل يعتق
حتى يؤدي جميع المال ،ويأتي بذلك الشرط وهو مروي عن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه أنه أعتق رقيق المارة وشرط عليهم
أن يخدموا الخليفيية بعييد ثلث سيينين .ولم يختلفوا أن العبييد إذا
أعتقه سيده على أن يخدمه سنين أنه ل يتم عتقه إل بخدمة تلك
السييينين ،ولذلك القياس قول مييين قال :إن الشرط لزم .فهذه
المسائل الواقعة المشهورة في أصول هذا الكتاب.
وههنيا مسيائل تذكير فيي هذا الكتاب وهيي مين كتيب أخرى ،وذلك
أنهيييا إذا ذكرت فيييي هذا الكتاب ذكرت على أنهيييا فروع تابعييية
للصول فيه ،وإذا ذكرت في غيره ذكرت على أنها أصول ،ولذلك
كان الولى ذكرهييا فييي هذا الكتاب .فميين ذلك اختلفهييم إذا زوج
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السييد بنتيه مين مكاتبيه ،ثيم مات السييد وورثتيه البنيت ،فقال مالك
والشافعييي :ينفسييخ النكاح لنهييا ملكييت جزءا منييه ،وملك يمييين
المرأة محرم عليهييا بإجماع؛ وقال أبييو حنيفيية :يصييح النكاح ،لن
الذي ورثت إنما هو مال في ذمة المكاتب ل رقبة المكاتب ،وهذه
المسييألة هييي أحييق بكتاب النكاح .وميين هذا الباب اختلفهييم إذا
مات المكاتب وعليه دين وبعض الكتابة هل يحاص سيده الغرماء
أم ل؟ فقال الجمهور :ل يحاص الغرماء؛ وقال شريييح وابيين أبييي
ليلى وجماعييية :يضرب السييييد ميييع الغرماء .وكذلك اختلفوا إذا
أفلس وعليييه دييين يغترق مييا بيده ،هييل يتعدى ذلك إلى رقبتييه؟
فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة :ل سبيل لهم إلى رقبته؛ وقال
الثوري وأحميد :يأخذونيه إل أن يفتكيه السييد .واتفقوا على أنيه إذا
عجيز عين عقيل الجنايات أنيه يسيلم فيهيا إل أن يعقيل عنيه سييده،
والقول فيي هيل يحاص سييده الغرماء أو ل يحاص هيو مين كتاب
التفلييس ،والقول فيي جنايتيه هيو مين باب الجنايات .ومين مسيائل
القضيية التيي هيي فروع فيي هذا الباب وأصيل فيي باب القضيية
اختلفهييم فييي الحكييم عنييد اختلف السيييد والمكاتييب فييي مال
الكتابييية؛ فقال مالك وأبيييو حنيفييية :القول قول المكاتيييب؛ وقال
الشافعيي ومحميد وأبيو يوسيف يتحالفان ويتفاسيخان قياسيا على
المتبايعييين ،وفروع هذا الباب كثيرة ،لكيين الذي حضيير منهييا الن
فيي الذكير هيو ميا ذكرناه ،ومين وقعيت له مين هذا الباب مسيائل
مشهورة الخلف بيين فقهاء المصيار وهيي قريبية مين المسيموع،
فينبغيي أن تثبيت فيي هذا الموضيع إذ كان القصيد إنميا هيو إثبات
المسائل المشهورة التي وقع الخلف فيها بين فقهاء المصار مع
المسييائل المنطوق بهيييا فيييي الشرع وذلك أن قصيييدنا فيييي هذا
الكتاب كما قلنا غير مرة :إنما هو أن نثبت المسائل المنطوق بها
فيي الشرع المتفيق عليهيا والمختلف فيهيا ،ونذكير مين المسيائل
المسيكوت عنهيا التيي شهير الخلف فيهيا بيين فقهاء المصيار ،فإن
معرفية هذيين الصينفين مين المسيائل هيي التيي تجري للمجتهيد
مجرى الصيول فيي المسيكوت عنهيا وفيي النوازل التيي لم يشتهير
الخلف فيها بين فقهاء المصار سواء نقل فيها مذهب عن واحد
منهيم أو لم ينقيل ،ويشبيه أن يكون مين تدرب فيي هذه المسيائل
وفهم أصول السباب التي أوجبت خلف الفقهاء فيها أن يقول ما
يجييب فييي نازلة نازلة ميين النوازل ،أعنييي أن يكون الجواب فيهييا
على مذهيب فقييه فقييه مين فقهاء المصيار ،أعنيي فيي المسيألة
الواحدة بعينهييا ،ويعلم حيييث خالف ذلك الفقيييه أصييله وحيييث لم
يخالف ،وذلك إذا نقيل عنيه فيي ذلك فتوى .فأميا إذا لم ينقيل عنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في ذلك فتوى أو لم يبلغ ذلك الناظر في هذه الصول فيمكنه أن
يأتييي بالجواب بحسييب أصييول الفقيييه الذي يفتييي على مذهبييه،
وبحسيب الحيق الذي يؤدييه إلييه اجتهاده ،ونحين نروم إن شاء الله
بعيد فراغنيا مين هذا الكتاب أن نضيع فيي مذهيب مالك كتابيا جامعيا
لصيول مذهبيه ومسيائله المشهورة التيي تجري فيي مذهبيه مجرى
الصييول للتفريييع عليهييا ،وهذا هييو الذي عمله ابيين القاسييم فييي
المدونيية ،فإنييه جاوب فيمييا لم يكيين عنده فيهييا قول مالك على
قياس ميا كان عنده فيي ذلك الجنيس مين مسيائل مالك التيي هيي
فيهييا جارييية مجرى الصييول لمييا جبييل عليييه الناس ميين التباع
والتقليد في الحكام والفتوى ،بيد أن في قوة هذا الكتاب أن يبلغ
به النسان كما قلنا رتبة الجتهاد إذا تقدم ،فعلم من اللغة العربية
وعلم مين أصيول الفقيه ميا يكفييه فيي ذلك ،ولذلك رأينيا أن أخيص
السماء بهذا الكتاب أن نسميه كتاب:
[بداية المجتهد وكفاية المقتصد]
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب التدبير
@-والنظر في التدبير :في أركانه ،وفي أحكامه .أما الركان فهي
أربعة :المعنى ،واللفظ ،والمدبِر ،والمدبَر .وأما الحكام فصنفان:
أحكام العقد ،وأحكام المدبر.
@(-الركيين الول) فنقول :أجمييع المسييلمون على جواز التدبييير،
وهييو أن يقول السيييد لعبده :أنييت حيير عيين دبر منييي ،أو يطلق
فيقول :أنيييت مدبر ،وهذان هميييا عندهيييم لفظيييا التدبيييير باتفاق.
والناس فييي التدبييير والوصييية على صيينفين :منهييم ميين لم يفرق
بينهميا ،ومنهيم مين فرق بيين التدبيير والوصيية بأن جعيل التدبيير
لزما والوصية غير لزمة .والذين فرقوا بينهما اختلفوا في مطلق
لفييظ الحرييية بعييد الموت هييل يتضميين معنييى الوصييية؟ أو حكييم
التدبيير؟ أعنيي إذا قال :أنيت حير بعيد موتيي ،فقال مالك :إذا قال
وهو صحيح :أنت حر بعد موتي فالظاهر أنه وصية ،والقول قوله
في ذلك؛ ويجوز رجوعه فيها إل أن يريد التدبير .وقال أبو حنيفة:
الظاهيير ميين هذا القول التدبييير وليييس له أن يرجييع فيييه ،وبقول
مالك قال ابين القاسيم ،وبقول أبيي حنيفة قال أشهب قال :إل أن
يكون هنالك قرينية تدل على الوصيية ،مثيل أن يكون على سيفر أو
يكون مريضييا ،ومييا أشبييه ذلك ميين الحوال التييي جرت العادة أن
يكتيب الناس فيهيا وصياياهم ،فعلى قول مين ل يفرق بيين الوصيية
والتدبيير ،وهيو قول الشافعيي ومين قال بقوله هذا اللفيظ هيو مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ألفاظ صيريح التدبيير .وأميا على مذهيب مين يفرق فهيو إميا مين
كنايات التدبير ،وإما ليس من كناياته ول من صريحه ،وذلك أن ما
يحمله على الوصيية فلييس هيو عنده مين كناياتيه ول مين صيريحه،
ومن يحمله على التدبير وينويه في الوصية فهو عنده من كناياته.
وأميا المدبر فإنهيم اتفقوا على أن الذي يقبيل هذا العقيد هيو كيل
عبييد صييحيح العبودييية ليييس يعتييق على سيييده سييواء ملك كله أو
بعضييه .واختلفوا فييي حكييم ميين ملك بعضييا فدبره ،فقال مالك:
يجوز ذلك ،وللذي لم يدبر حظييييه خياران :أحدهمييييا أن يتقاوماه،
فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله ،وإن لم يشتره انتقيييييييض
التدبيير والخيار الثانيي أن يقوميه علييه الشرييك؛ وقال أبيو حنيفية:
للشريييك الذي لم يدبر ثلث خيارات :إن شاء اسييتمسك بحصييته،
وإن شاء اسيتسعى العبيد فيي قيمية الحصية التيي له فييه وإن شاء
قومهيا على شريكيه إن كان موسيرا ،وإن كان معسيرا اسيتسعى
العبيد؛ وقال الشافعيي :يجوز التدبيير ول يلزم شييء مين هذا كله،
ويبقييى العبييد المدبر نصييفه أو ثلثييه على مييا هييو عليييه ،فإذا مات
مدبره عتييق منييه ذلك الجزء ولم يقوم الجزء الباقييي منييه على
السييد على ميا يفعيل فيي سينة العتيق ،لن المال قيد صيار لغيره
وهم الورثة ،وهذه المسألة هي من الحكام ل من الركان ،أعني
أحكام المدبر فلتثبييت فييي الحكام .وأمييا المدبر فاتفقوا على أن
مين شروطيه أن يكون مالكيا تام الملك غيير محجور علييه سيواء
كان صيحيحا أو مريضيا ،وإن مين شرطيه أن ل يكون ممين أحاط
الديين بماله ،لنهيم اتفقوا على أن الديين يبطيل التدبيير .واختلفوا
فييي تدبييير السييفيه .فهذه هييي أركان هذا الباب .وأمييا أحكامييه
فأصولها راجعة إلى أجناس خمسة :أحدها :مما يخرج المدبر ،هل
من رأس المال أو الثلث؟ .والثاني :ما يبقى فيه من أحكام الرق
مميا لييس يبقيى فييه ،أعنيي ميا دام مدبرا .والثالث :ميا يتبعيه فيي
الحريية مميا لييس يتبعيه .والرابيع :مبطلت التدبيير الطارئة علييه.
والخامس :في أحكام تبعيض التدبير.
@-الجنس الول.
فأميا مماذا يخرج المدبر إذا مات المدبر ،فإن العلماء اختلفوا فيي
ذلك؟ فذهب الجمهور إلى أنه يخرج من الثلث؛ وقالت طائفة :هو
مين رأس المال معظمهيم أهيل الظاهير؛ فمين رأى أنيه مين الثلث
شبهيه بالوصيية ،لنيه حكيم يقيع بعيد الموت .وقيد روي حدييث عين
النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "المدبر مين الثلث" إل أنيه
أثير ضعييف عنيد أهيل الحدييث ،لنيه رواه علي بين طيبان عين نافيع
عن عبد الله بن عمر ،وعلي بن طيبان متروك الحديث عند أهل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشأن ،وربميا قالوا أيضيا مين طرييق المعنيى أنهيا قيد وجبيت لهيا
حرمية وهيو اتصيال الولد بهيا وكونيه بعضيا منهيا ،وحكيو هذا التعلييل
عيين عميير رضييي الله عنييه حييين رأى أن ل يبعيين فقال :خالطييت
لحومنا لحومهن ،ودماؤنا دماؤهن .وأ ما متى تكون أم ولد ،فإنهم
اتفقوا على أنهيا تكون أم ولد إذا ملكهيا قبيل حملهيا منيه .واختلفوا
إذا ملكهيا وهيي حاميل منيه أو بعيد أن ولدت منيه ،فقال مالك :ل
تكون أم ولد إذا ولدت منه قبل أن يملكها ثم ملكها وولدها؛ وقال
أبيييو حنيفييية :تكون أم ولد .واختلف قول مالك إذا ملكهيييا وهيييي
حاميل ،والقياس أن تكون أم ولد فيي جمييع الحوال إذ كان لييس
مين مكارم الخلق أن ييبيع المرء أم ولده ،وقيد قال علييه الصيلة
والسييلم "بعثييت لتمييم مكارم الخلق" وأمييا بماذا تكون أم ولد؟
فإن مالكيا قال :كيل ميا وضعيت مميا يعلم أنيه ولد كانيت مضغية أو
علقية؛ وقال الشافعيي :لبيد أن يؤثير فيي ذلك شييء مثيل الخلقية
والتخطييط .واختلفهيم راجيع إلى ميا ينطلق علييه اسيم الولدة أو
ما يتحقق أنه مولود .وأما ما يبقى فيها من أحكام العبودية ،فإنهم
اتفقوا على أنهييا فييي شهادتهييا وحدودهييا وديتهييا وأرش جراحهييا
كالمية .وجمهور مين منيع بيعهيا لييس يرون ههنيا سيببا طارئا عليهيا
يوجب بيعها إل ما روي عن عمر بن الخطاب أنها إذا زنت رقت.
واختلف قول مالك والشافعي هل لسيدها استخدامها طول حياته
واغتلله إياهييا؟ فقال مالك :ليييس له ذلك ،وإنمييا له فيهييا الوطييء
فقييط؛ وقال الشافعييي :له ذلك وعمدة مالك أنييه لمييا لم يملك
رقبتها بالبيع لم يملك إجارتها ،إل أنه يرى أن إجارة بنيها من غيره
جائزة ،لن حرمتهييييم عنده أضعييييف .وعمدة الشافعييييي انعقاد
الجماع على أنييه يجوز له وطؤهييا .فسييبب الخلف تردد إجارتهييا
بين أصلين :أحدهما وطؤها .والثاني بيعها .فيجب أن يرجح أقوى
الصيلين شبهيا .وأميا متيى تكون حرة ،فإنيه ل خلف بينهيم أن آن
ذلك الوقيت هيو إذا مات السييد ،ول أعلم الن أحدا قال تعتيق مين
الثلث ،وقياسيييها على المدبر ضعييييف على قول مييين يقول :إن
المدبر يعتق من الثلث.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الجنايات.
@-والجنايات التيي لهيا حدود مشروعية أربيع جنايات على البدان
والنفوس والعضاء وهيييو المسيييمى قتل وجرحيييا ،وجنايات على
الفروج وهيو الم سمى زنيى وسيفاحا ،وجنايات على الموال ،وهذه
ميا كان منهيا مأخوذا بحرب سيمى حرابية إذا كان بغيير تأوييل ،وإن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان بتأويييل سييمى بغيييا مأخوذا على وجييه المغافصيية [قال فييي
خذ َيييه ُ على ِغَّرة .وقال (فيييي باب َييي
ه :فاجأ هُ ،وأ َ القاموس :غافَييي َ
ص ُ
"هزؤ") ... :غافيييص الرجيييل مغافصييية وغفاصيييا :أخذه على غرة
بمساءة .دار الحديث] من حرز يسمى سرقة ،وما كان منها بعلو
مرتبية وقوة سيلطان سيمى غصيبا؛ وجنايات على العراض ،وهيو
المسيمى قذفيا؛ وجنايات بالتعدي على اسيتباحة ميا حرميه الشرع
ميين المأكول والمشروب ،وهذه إنمييا يوجييد فيهييا حييد فييي هذه
الشريعة في الخمر فقط ،وهو حد متفق عليه بعد صاحب الشرع
صيلوات الله علييه ،فلنبتدئ منهيا بالحدود التيي فيي الدماء فنقول:
إن الواجب في إتلف النفوس والجوارح هو إما قصاص وإما مال،
وهيو الذي يسيمى الديية ،فإذا النظير أول فيي هذا الكتاب ينقسيم
إلى قسمين :النظر في القصاص ،والنظر في الدية .والنظر في
القصياص ينقسيم إلى القصياص فيي النفوس ،وإلى القصياص فيي
الجوارح .والنظير أيضيا فيي الديات ينقسيم إلى النظير فيي ديات
النفوس ،وإلى النظير فيي ديات قطيع الجوارح والجراح .فينقسيم
أول هذا الكتاب إلى كتابيين :أولهميا يرسيم علييه كتاب القصياص.
والثاني يرسم عليه كتاب الديات.
**2كتاب القصاص
@-وهذا الكتاب ينقسيم إلى قسيمين :الول :النظير فيي القصياص
فيي النفوس .والثانيي :النظير فيي القصياص فيي الجوارح ،فلنبدأ
من القصاص في النفوس.
**3كتاب القصاص في النفوس.
@-والنظير أول فيي هذا الكتاب ينقسيم إلى قسيمين :إلى النظير
في الموجب ،أعني الموجب للقصاص .وإلى النظر في الواجب،
أعني القصاص وفي إبداله إن كان له بدل .فلنبدأ أول بالنظر في
الموجيب ،والنظير فيي الموجيب يرجيع إلى النظير فيي صيفة القتيل
والقاتيل التيي يجيب بمجموعهيا والمقتول القصياص ،فإنيه لييس أي
قاتل اتفق يقتص منه ،ول بأي قتل اتفق ،ول من أي مقتول اتفق،
بيييل مييين قاتيييل محدود بقتيييل محدود ومقتول محدود ،فإذ كان
المطلوب فييي هذا الباب إنمييا هييو العدل .فلنبدأ ميين النظيير فييي
القاتل ،ثم في القتل ،ثم في المقتول.
**4القول في شروط القاتل.
@-فنقول :إنهم اتفقوا على أن القاتل الذي يقاد منه يشترط فيه
باتفاق أن يكون عاقل بالغيا مختارا للقتيل مباشرا غيير مشارك له
فييييييه غيره واختلفوا فيييييي المكَره والمكرِه ،وبالجملة المييييير
والمباشييير ،فقال مالك والشافعيييي والثوري وأحميييد وأبيييو ثور
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حكيم نفسيه ،وفييه ضعيف فيي القياس .وأميا صيفة الذي يجيب بيه
القصيياص ،فاتفقوا على أنييه العمييد ،وذلك أنهييم أجمعوا على أن
القتل صنفان :عمد ،وخطأ .واختلفوا في هل بينهما وسط أم ل؟
وهيو الذي يسيمونه شبيه العميد ،فقال بيه جمهور فقهاء المصيار.
والمشهور عين مالك نفييه إل فيي البين ميع أبييه؛ وقيد قييل أنيه
يتخرج عنيه فيي ذلك روايية أخرى ،وبإثباتيه قال عمير ابين الخطاب
وعلي وعثمان وزييد بين ثابيت وأبيو موسيى الشعري والمغيرة ،ول
مخالف لهيم مين الصيحابة؛ والذيين قالوا بيه فرقوا فيميا هيو شبيه
العمد مما ليس بعمد ،وذلك راجع في الغلب إلى اللت التي يقع
بهيا القتيل ،وإلى الحوال التيي كان مين أجلهيا الضرب؛ فقال أبيو
حنيفة :كل ما عدا الحديد من القضب أو النار وما يشبه ذلك فهو
شبه العمد؛ وقال أبو يوسف ومحمد :شبه العمد ما ل يقتل مثله؛
وقال الشافعيي :شبيه العميد ميا كان عمدا فيي الضرب خطيأ فيي
القتييل :أي مييا كان ضربييا لم يقصييد بييه القتييل فتولد عنييه القتييل.
والخطيأ ميا كان خطيأ فيهميا جميعيا .والعميد ميا كان عمدا فيهميا
جميعا ،وهو حسن .فعمدة من نفى شبه العمد أنه ل واسطة بين
الخطأ والعمد ،أعني بين أن يقصد القتل أو ل يقصده .وعمدة من
أثبيت الوسيط أن النيات ل يطلع عليهيا إل الله تبارك وتعالى وإنميا
الحكيم بميا ظهير .فمين قصيد ضرب آخير بآلة ل تقتيل غالبيا كان
حكمه كحكم الغالب ،أعني حكم من قصد القتل فقتل بل خلف.
ومين قصيد ضرب رجيل بعينيه بآلة ل تقتيل غالبيا كان حكميه مترددا
بيين العميد والخطيأ هذا فيي حقنيا ل فيي حيق المير نفسيه عنيد الله
تعالى .أميا شبهية العميد فمين جهية ميا قصيد ضربيه .وأميا شبهيه
للخطأ فمن جهة أنه ضرب بما ل يقصد به القتل .وقد روي حديث
مرفوع إلى النييبي صييلى الله عليييه وسييلم أنييه قال "أل إن قتييل
الخطيأ شبيه العميد ميا كان بالسيوط والعصيا والحجير ديتيه مغلظية
مائة مين البيل منهيا أربعون فيي بطونهيا أولدهيا" إل أنيه حدييث
مضطرب عنيد أهيل الحدييث ل يثبيت مين جهية السيناد فيميا ذكره
أبيو عمير بين عبيد البر ،وإن كان أبيو داود وغيره قيد خرجيه ،فهذا
النحو من القتل عند من ل يثبته يجب به القصاص ،وعند من أثبته
تجيب بيه الديية ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن الضرب يكون على
وجه الغضب والنائرة يجب به القصاص.
واختلف فييي الذي يكون عمدا على جهيية اللعييب ،أو على جهيية
الدب لمين أبييح له الدب .وأميا الشرط الذي يجيب بيه القصياص
فيي المقتول ،فهيو أن يكون مكافئا لدم القاتيل .والذي بيه تختلف
النفوس هو السلم والكفر والحرية والعبودية والذكورية والنوثية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قالوا :وهذا مخصيص لعموم قوله علييه الصيلة والسيلم "ل يقتيل
مؤمن بكافر" أي أنه أريد به الكافر الحربي دون الكافر المعاهد،
وضعف أهل الحديث حديث عبد الرحمن السلماني وما رووا من
ذلك عن عمر .وأما من طريق القياس فإنهم اعتمدوا على إجماع
المسيلمين فيي أن ييد المسيلم تقطيع إذا سيرق مين مال الذميي،
قالوا :فإذا كانييت حرمية ماله كحرمية مال المسيلم فحرمية دميه
كحرميية دمييه ،فسييبب الخلف تعارض الثار والقياس .وأمييا قتييل
الجماعية بالواحيد ،فإن جمهور فقهاء المصيار قالوا تقتيل الجماعية
بالواحيد ،منهيم مالك وأبيو حنيفية والشافعيي والثوري وأحميد وأبيو
ثور وغيرهيم ،سيواء كثرت الجماعية أو قلت ،وبيه قال عمير حتيى
روي أنه قال :لو تمال عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا .وقال داود
وأهل الظاهر ل تقتل الجماعة بالواحد ،وهو قول ابن الزبير ،وبه
قال الزهري ،وروي عين جابر .وكذلك عنيد هذه الطائفية ل تقطيع
أييد بييد ،أعنيي إذا اشترك اثنان فميا فوق ذلك فيي قطيع ييد؛ وقال
مالك والشافعي :تقطع اليدي باليد؛ وفرقت الحنفية بين النفس
والطراف فقالوا :تقتييل النفييس بالنفييس ،ول يقطييع بالطرف إل
طرف واحيد ،وسييأتي هذا فيي باب القصياص مين العضاء .فعمدة
مين قتيل بالواحيد الجماعية النظير إلى المصيلحة ،فإنيه مفهوم أن
القتل إنما شرع لنفي القتل كما نبه عليه الكتاب في قوله تعالى
{ولكيم فيي القصياص حياة ييا أولي اللباب} وإذا كان ذلك كذلك
فلو لم تقتل الجماعة بالواحد لتذرع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا
قتيل الواحيد بالجماعية ،لكين للمعترض أن يقول :إن هذا إنميا كان
يلزم لو لم يقتل من الجماعة أحد ،فأما إن قتيل منهم واحد وهيو
الذي مين قتله يظين إتلف النفيس غالبيا على الظين ،فلييس يلزم
أن يبطل الحد حتى يكون سببا للتسليط على إذهاب النفوس.
وعمدة من قتل الواحد بالواحد قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن
النفس بالنفس والعين بالعين} وأما قتل الذكر بالنثى ،فإن ابن
المنذر وغيره ممن ذكر الخلف حكى أنه إجماع ،إل ما حكي عن
علي مين الصيحابة ،وعين عثمان البتيي أنيه إذا قتيل الرجيل بالمرأة
كان على أولياء المرأة نصييف الدييية .وحكييى القاضييي أبييو الوليييد
الباجييي فييي المنتقييى عيين الحسيين البصييري ،أنييه ل يقتييل الذكيير
بالنثى ،وحكاه الخطابي في معالم السنن ،وهو شاذ ،ولكن دليله
قوي لقوله تعالى {والنثييييى بالنثييييى} وإن كان يعارض دليييييل
الخطاب ههنا للعموم الذي في قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن
النفييس بالنفييس} لكيين يدخله أن هذا الخطاب وارد فييي غييير
شريعتنيا ،وهيي مسيألة مختلف فيهيا ،أعنيي هيل شرع مين قبلنيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شرع لنيا أم ل؟ والعتماد فيي قتيل الرجيل بالمرأة هيو النظير إلى
المصيلحة العامية .واختلفوا مين هذا الباب فيي الب والبين ،فقال
مالك :ل يقاد الب بالبين إل أن يضجعييه فيذبحييه ،فأمييا إن حذفييه
بسيييف أو عصييا فقتله لم يقتييل ،وكذلك الجييد عنده مييع حفيده.
وقال أبيو حنيفية والشافعيي والثوري :ل يقاد الوالد بولده ول الجيد
بحفيده إذا قتله بأي وجيه كان مين أوجيه العميد ،وبيه قال جمهور
العلماء .وعمدتهييم حديييث ابيين عباس أن النييبي عليييه الصييلة
والسلم قال "ل تقام الحدود في المساجد ول يقاد بالولد الوالد".
وعمدة مالك عموم القصاص بين المسلمين.
وسييبب اختلفهييم مييا رووه عيين يحيييى بيين سييعيد عيين عمرو بيين
شعيب أن رجل من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنا له بالسيف
فأصاب ساقه ،فنزى جرحه فمات ،فقدم سراقة بن جعشم على
عميير ابيين الخطاب فذكيير ذلك له ،فقال له عميير :اعدد على ماء
قدييد عشريين ومائة بعيير حتيى أقدم علييك ،فلميا قدم علييه عمير
أخيذ مين تلك البيل ثلثيين حقية وثلثيين جذعية وأربعيين خلفية ،ثيم
قال :أيين أخيو المقتول ،فقال :هيا أنيا ذا ،قال :خذهيا ،فإن رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم قال "لييس لقاتيل شييء" فإن مالكيا
حمل هذا الحديث على أنه لم يكن عمدا محضا ،وأثبت منه شبه
العميد فيميا بيين البين والب .وأميا الجمهور فحملوه على ظاهره
من أنه عمد لجماعهم أن من حذف آخر بسيف فقتله فهو عمد.
وأمييا مالك فرأى مييا للب ميين التسييلط على تأديييب ابنييه وميين
المحبة له أن حمل القتل الذي يكون في أمثال هذه الحوال على
أنيه لييس بعميد ،ولم يتهميه إذ كان لييس بقتيل غيلة ،فإنميا يحميل
فاعله على أنيه قصيد القتيل مين جهية غلبية الظين وقوة التهمية ،إذ
كانييت النيات ل يطلع عليهييا إل الله تعالى ،فمالك لم يتهييم الب
حيث اتهم الجنبي ،لقوة المحبة التي بين الب والبن .والجمهور
إنمييا عللوا درء الحييد عيين الب لمكان حقييه على البيين ،والذي
يجيييء على أصييول أهييل الظاهيير أن يقاد ،فهذا هييو القول فييي
الموجب.
**4وأما القول في الموجب.
@-فاتفقوا على أن لولي الدم أحد شيئين :القصاص ،أو العفو إما
على الدييية وإميييا على غيييير الديييية .واختلفوا هيييل النتقال مييين
القصاص إلى العفو على أخذ الدية هو حق واجب لولي الدم دون
أن يكون في ذلك خيار للمقتص منه ،أم ل تثبت الدية إل بتراضي
الفريقيين ،أعنيي الولي والقاتيل ،وأنيه إذا لم يرد المقتيص منيه أن
يؤدي الدية لم يكن لولي الدم إل القصاص مطلقا أو العفو ،فقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك :ل يجييب للولي إل أن يقتييص أو يعفييو عيين غييير دييية إل أن
يرضى بإعطاء الدية للقاتل ،وهي رواية ابن القاسم عنه ،وبه قال
أبيو حنيفية والثوري والوزاعيي وجماعية؛ وقال الشافعيي وأحميد
وأبو ثور وداود وأكثر فقهاء المدينة من أصحاب مالك وغيره :ولي
الدم بالخيار إن شاء اقتيص وإن شاء أخيذ الديية ،رضيي القاتيل أو
لم يرض ،وروى ذلك أشهيب عين مالك ،إل أن المشهور عنيه هيي
الروايية الولى .فعمدة مالك فيي الروايية المشهورة حدييث أنيس
ابين مالك فيي قصية سين الربييع أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم قال "كتاب الله القصياص" فعلم بدلييل الخطاب أنيه لييس
له إل القصياص .وعمدة الفرييق الثانيي حدييث أبيي هريرة الثابيت
"من قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يأخذ الدية وبين أن
يعفو" هما حديثان متفق على صحتهما ،لكن الول ضعيف الدللة
فييي أنييه ليييس له إل القصيياص .والثانييي نييص فييي أن له الخيار
والجميع بينهميا يمكين إذا رفيع دلييل الخطاب مين ذلك ،فإن كان
الجمييع واجبييا وممكنييا فالمصييير إلى الحديييث الثانييي واجييب؛
والجمهور على أن الجمع واجب إذا أمكن وأنه أولى من الترجيح،
وأيضيا فإن الله عيز وجيل يقول {ول تقتلوا أنفسيكم} وإذا عرض
على المكلف فداء نفسيه بمال فواجيب علييه أن يفديهيا ،أصيله إذا
وجد الطعام في مخمصة بقيمة مثله وعنده ما يشتريه ،أعني أنه
يقضى عليه بشرائه فكيف بشراء نفسه؟ ويلزم على هذه الرواية
إذا كان للمقتول أولياء صيغار وكبار أن يؤخير القتيل إلى أن يكيبر
الصييغار فيكون لهييم الخيار ،ول سيييما إذا كان الصييغار يحجبون
الكبار مثيل البنيين ميع الخوة .وقال القاضيي :وقيد كانيت وقعيت
هذه المسيألة بقرطبية حياة جدي رحميه الله ،فأفتيى أهيل زمانيه
بالروايية المشهورة ،وهيو أن ل ينتظير الصيغير ،فأفتيى هيو رحميه
الله بانتظاره على القياس ،فشنيع أهيل زمانيه ذلك علييه لميا كانوا
علييه مين شدة التقلييد حتيى اضطير أن يضيع فيي ذلك قول ينتصير
فيه لهذا المذهب وهو موجود بأيدي الناس،
والنظير فيي هذا الباب هيو فيي قسيمين :فيي العفيو والقصياص.
والنظر في العفو في شيئين :أحدهما فيمن له العفو ممن ليس
له ،وترتيب أهل الدم في ذلك ،وهل يكون له العفو على الدية أم
ل؟ وقد تكلمنا في :هل له العفو على الدية .وأما من لهم العفو
بالجملة فهم الذين لهم القيام بالدم ،والذين لهم القيام بالدم هم
العصيبة عنيد مالك وعنيد غيره :كيل مين يرث ،وذلك أنهيم أجمعوا
على أن المقتول عمدا إذا كان له بنون بالغون فعفيييا أحدهيييم أن
القصياص قيد بطيل ووجبيت الديية .واختلفوا فيي اختلف البنات ميع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مطلقيا ،وهؤلء اختلفوا ،فمنهيم مين قال :تلزم الجارح الديية كلهيا،
واختاره المزنيي مين أقوال الشافعيي؛ ومنهيم مين قال :يلزم مين
الدية ما بقي منها بعد إسقاط دية الجرح الذي عفا عنه ،وهو قول
الثوري .وأميا مين يرى أنيه ل يعفيو عين الدم فلييس يتصيور معيه
خلف في أنه ل يسقط ذلك طلب الولي الدية ،لنه إذا كان عفوه
عيين الدم ل يسييقط حييق الولي ،فأحرى أن ل يسييقط عفوه عيين
الجرح .واختلفوا في القاتل عمدا يعفى عنه ،هل يبقى للسلطان
فييه حيق أم ل؟ فقال مالك واللييث :إنيه يجلد مائة ويسيجن سينة،
وبييه قال أهييل المدينيية ،وروي ذلك عيين عميير؛ وقالت طائفيية:
الشافعيي وأحميد وإسيحاق وأبيو ثور :ل يجيب علييه ذلك؛ وقال أبيو
ثور :إل أن يكون يعرف بالشيير فيؤدبييه المام على قدر مييا يرى.
ول عمدة للطائفية الولى إل أثير ضعييف .وعمدة الطائفية الثانيية
ظاهر الشرع وأن التحديد في ذلك ل يكون إل بتوقيف ،ول توقيف
ثابت في ذلك.
**4القول في القصاص.
@-والنظير فيي القصياص هيو فيي صيفة القصياص ،وممين يكون؟
ومتييى يكون؟ فأمييا صييفة القصيياص فييي النفييس ،فإن العلماء
اختلفوا فيي ذلك ،فمنهيم مين قال :يقتيص مين القاتيل على الصيفة
التيي قتيل ،فمين قتيل تغريقيا قتيل تغريقيا ،ومين قتيل بضرب بحجير
قتييل بمثييل ذلك ،وبييه قال مالك والشافعييي ،قالوا :إل أن يطول
تعذيبه بذلك فيكون السيف له أروح .واختلف أصحاب مالك فيمن
حرق آخيير ،هييل يحرق مييع موافقتهييم لمالك فييي احتذاء صييورة
القتل؟ وكذلك فيمن قتل بالسهم؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه :بأي
وجيه قتله لم يقتيل إل بالسييف .وعمدتهيم ميا روى الحسين عين
النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "لقود إل بحديدة" .وعمدة
الفرييق الول حدييث أنيس "أن يهودييا رضيخ رأس امرأة بحجير،
فرضيخ النيبي صيلى الله علييه وسيلم رأسيه بحجير ،أو قال :بيين
حجريين" وقوله {كتيب عليكيم القصياص فيي القتلى} والقصياص
يقتضيي المماثلة وأميا ممين يكون القصياص فالظاهير أنيه مين ولي
الدم ،وقيد قييل إنيه ل يمكين منيه لمكان العداوة مخافية أن يجور
فييه .وأميا متيى يكون القصياص فبعيد ثبوت موجباتيه ،والعذار إلى
القاتيييل فيييي ذلك إن لم يكييين مقرا .واختلفوا هيييل مييين شرط
القصاص أن ل يكون الموضع الحرم .وأجمعوا على أن الحامل إذا
قَتَلت عمدا أنه ل يقاد منها حتى تضع حملها .واختلفوا في القاتل
بالسييييف والجمهور على وجوب القصييياص؛ وقال بعيييض أهيييل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الظاهر :ل يقتص منه من أجل أنه عليه الصلة والسلم سم هو
وأصحابه ،فلم يتعرض لمن سمه.
كمل كتاب القصاص في النفس.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**3كتاب الجراح.
@-والجراح صنفان :منها ما فيه القصاص أو الدية أو العفو .ومنها
ما فيه الدية أو العفو .ولنبدأ بما فيه القصاص ،والنظر أيضا ها هنا
فييي شروط الجارح والجرح الذي بييه يحييق القصيياص والمجروح،
وفييي الحكييم الواجييب الذي هييو القصيياص ،وفييي بدله إن كان له
بدل.
**4القول في الجارح.
@-ويشترط فييي الجارح أن يكون مكلفييا كمييا يشترط ذلك فييي
القاتيل ،وهيو أن يكون بالغيا عاقل ،والبلوغ يكون بالحتلم والسين
بل خلف ،وإن كان الخلف فييي مقداره ،فأقصيياه ثمانييية عشيير
سينة ،وأقله خمسية عشير سينة ،وبيه قال الشافعيي ،ول خلف أن
الواحيد إذا قطيع عضيو إنسيان واحيد اقتيص منيه إذا كان مميا فييه
القصيياص .واختلفوا إذا قطعييت جماعيية عضوا واحدا ،فقال أهييل
الظاهيير :ل تقطييع يدان فييي يييد؛ وقال مالك والشافعييي :تقطييع
اليدي بالييد الواحدة ،كميا تقتيل عندهيم النفيس بالنفيس الواحدة؛
وفرقيت الحنفيية بيين النفيس والطراف ،فقالوا :ل تقطيع أعضاء
بعضو ،وتقتل أنفس بنفس ،وعندهم أن الطراف تتبعض ،وإزهاق
النفيس ل يتبعيض .واختلف فيي النبات ،فقال الشافعيي :هيو بلوغ
بإطلق .واختلف المذهيب فييه فيي الحدود ،هيل هيو بلوغ فيهيا أم
ل؟ والصيل فيي هذا كله حدييث بنيي قريظية "أنيه صيلى الله علييه
وسلم قتل منهم من أنبت وجرت عليه المواسي" كما أن الصل
فيي السين حدييث ابين عمير أنيه عرضيه يوم الخندق وهيو ابين أربيع
عشرة سيينة فلم يقبله وقبله يوم أحييد وهييو ابيين خمييس عشرة
سنة.
**4القول في المجروح.
@-وأمييا المجروح فإنييه يشترط فيييه أن يكون دمييه مكافئا لدم
الجارح والذي يؤثير فيي التكافيؤ العبوديية والكفير .أميا العبيد والحير
فإنهم اختلفوا في وقوع القصاص بينهما في الجرح كاختلفهم في
النفس؛ فمنهم من رأى أنه ل يقتص من الحر للعبد ،ويقتص للحر
من العبد كالحال في النفس؛ ومنهم من رأى أنه يقتص لكل واحد
منهميا مين كيل واحيد ،ولم يفرق بيين الجرح والنفيس؛ ومنهيم مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وجوب القصاص ،والثاني نفيه .وما يجب على هذين القولين ففيه
القولن قبل الدية مغلظة ،وقيل دية الخطأ ،أعني فيما فيه دية،
وكذلك إذا كان على وجيه الدب ففييه الخلف .وأميا ميا يجيب فيي
جراح العميد إذا وقعيت على الشروط التيي ذكرناهيا فهيو القصياص
لقوله تعالى {والجروح قصياص} وذلك فيميا أمكين القصياص فييه
منها ،وفيما وجد منه محل القصاص ولم يخش منه تلف النفس،
وإنما صاروا لهذا لما روي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفع القود في المأمومة والمنقلة والجائفة" فرأى مالك ومن قال
بقوله أن هذا حكيم ميا كان فيي معنيى هذه مين الجراح التيي هيي
متالف ،مثل كسر عظم الرقبة والصلب والصدر والفخذ وما أشبه
ذلك .وقييد اختلف قول مالك فييي المنقلة ،فمرة قال بالقصيياص،
ومرة قال بالدييية؛ وكذلك الميير عنييد مالك فيمييا ل يمكيين فيييه
التسياوي فيي القصياص مثيل القتصياص مين ذهاب بعيض النظير أو
بعض السمع ،ويمنع القصاص أيضا عند مالك عدم المثل مثل أن
يفقيأ أعميى عيين بصيير .واختلفوا مين هذا فيي العور يفقيأ عيين
الصيحيح عمدا ،فقال الجمهور :إن أحيب الصيحيح أن يسيتقيد منيه
فله القود ،واختلفوا إذا عفييا عيين القود ،فقال قوم :إن أحييب فله
الدية كاملة ألف دينار ،وهو مذهب مالك ،وقيل ليس له إل نصف
الدييية ،وبييه قال الشافعييي ،وهييو أيضييا منقول عيين مالك ،ويقول
الشافعييي قال ابيين القاسييم ،وبالقول الخيير قال المغيرة ميين
أصييحابه وابيين دينار .وقال الكوفيون :ليييس للصييحيح الذي فقئت
عينه إل القود أو ما اصطلحا عليه؛ وقد قيل ل يستقيد من العور
وعليييه الدييية كاملة ،روي هذا عيين ابيين المسيييب وعيين عثمان.
وعمدة صيياحب هذا القول أن عييين العور بمنزلة عينييين ،فميين
فقأها في واحدة فكأنه اقتص من اثنين في واحدة ،وإلى نحو هذا
ذهيب مين رأى أنيه إذا ترك القود أنيه له ديية كاملة ،ويلزم حاميل
هذا القول أن ل يسييتقيد ضرورة؛ وميين قال بالقود وجعييل الدييية
نصف الدية فهو أحرز لصله ،فتأمله فإنه بين بنفسه والله أعلم.
وأما هل المجروح مخير بين القصاص وأخذ الدية ،أم ليس له إل
القصياص فقيط إل أن يصيطلحا على أخيذ الديية ففييه القولن عين
مالك مثل القولين في القتل ،وكذلك أحد قولي مالك في العور
يفقيأ عيين الصيحيح :أن الصيحيح يخيير بيين أن يفقيأ عيين العور أو
يأخذ الدية ألف دينار أو خمسمائة على الختلف في ذلك.
وأميا متيى يسيتقاد مين الجرح؟ فعنيد مالك أنيه ل يسيتقاد مين جرح
إل بعييد اندماله ،وعنييد الشافعييي على الفور؛ فالشافعييي تمسييك
بالظاهير ،ومالك رأى أن يعتيبر ميا يئول إلييه أمير الجرح مخافية أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي العميد ،وإنميا الواجيب عنده فيي العميد ميا اصيطلحا علييه وهيو
حال عليه غير مؤجل ،وهو معنى قول مالك المشهور ،لنه إذا لم
تلزمه الد ية عنده إل باصطلح فل معنى لتسميتها دية إل ما روي
عنيه أنهيا تكون مؤجلة كديية الخطيأ فههنيا يخرج حكمهيا عين حكيم
المال المصيطلح علييه ،وديية العميد عنده أرباع :خميس وعشرون
بنييت مخاض ،وخمييس وعشرون بنييت لبون ،وخمييس وعشرون
حقيية ،وخمييس وعشرون جذعيية ،وهييو قول ابيين شهاب وربيعيية،
والديية المغلظية عنده أثلثيا :ثلثون حقية ،وثلثون جذعية ،وأربعون
خلفيية وهييي الحوامييل ،ول تكون المغلظيية عنده فييي المشهور إل
في مثل فعل المدلجي بابنه؛ وعند الشافعي أنها تكون في شبه
العميد أثلثيا أيضيا ،وروى ذلك أيضا عين عمير وزييد بين ثابيت؛ وقال
أبيو ثور :الديية فيي العميد إذا عفيا ولي الدم أخماسيا كديية الخطيأ.
واختلفوا في أسنان البل في دية الخطأ ،فقال مالك والشافعي:
هيييييي أخماس :عشرون ابنييييية مخاض ،وعشرون ابنييييية لبون،
وعشرون ابين لبون ذكرا ،وعشرون حقية ،وعشرون جذعية ،وهيو
مروي عن ابن شهاب وربيعة ،وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ،أعني
التخمييس ،إل أنهيم جعلوا مكان ابين لبون ذكير ابين مخاض ذكرا،
وروي عن ابن مسعود الوجهان جميعا؛ وروي عن سيدنا علي أنه
جعلهيا أرباعيا ،أسيقط منهيا الخميس والعشريين بنيي لبون .وإلييه
ذهيب عمير بين عبيد العزييز ،ول حدييث فيي ذلك مسيند ،فدل على
الباحيية -والله أعلم -كمييا قال أبييو عميير بيين عبييد البر .وخرج
البخاري والترمذي عين ابيين مسيعود عيين النييبي صييلى الله علييه
وسيلم أنيه قال "فيي ديية الخطيأ عشرون بنيت مخاض وعشرون
ابين مخاض ذكور وعشرون بنات لبون وعشرون جذعية وعشرون
حقة"
واعتيل لهذا الحدييث أبيو عمير بأنيه روى عين حنييف ابين مالك عين
ابين مسيعود وهيو مجهول قال :وأحيب إلي فيي ذلك الروايية عين
علي ،ل نه لم يختلف في ذلك عليه كما اختلف على ا بن مسعود.
وخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من
البيييل :ثلثون بنيييت مخاض ،وثلثون بنيييت لبون ،وثلثون حقييية،
وعشرة بني لبون ذكر" قال أبو سليمان الخطابي هذا الحديث ل
أعرف أحدا ميين الفقهاء المشهورييين قال بييه وإنمييا قال أكثيير
العلماء إن دييية الخطييأ أخماس ،وإن كانوا اختلفوا فييي الصييناف؛
وقيد روي أن ديية الخطيأ مربعية عين بعيض العلماء وهيم الشعيبي
والنخعييي والحسيين البصييري ،وهؤلء جعلوهييا :خمسييا وعشرييين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مال الصبي؛ وقال مالك :على العاقلة؛ وأما أبو حنيفة فيرى أن ل
قصاص بينهما .وأ ما متى تجب؟ فإنهم اتفقوا على أن دية الخطأ
مؤجلة في ثلث سنين ،وأما دية العمد فحالة إل أن يصطلحا على
التأجيل .وأما من هم العاقلة ،فإن جمهور العلماء من أهل الحجاز
اتفقوا على أن العاقلة هيي بالقرابية مين قبيل الب ،وهيم العصيبة
دون أهييل الديوان ،وتحمييل الموالي العقييل عنييد جمهورهييم إذا
عجزت عنيه العصيبة ،إل داود فإنيه لم يير الموالي عصيبة ،ولييس
فيميا يجيب على واحيد واحيد منهيم حيد عنيد مالك؛ وقال الشافعيي:
على الغنيي دينار وعلى الفقيير نصيف دينار ،وهيي عنيد الشافعيي
مرتبة على القرابة بحسب قربهم ،فالقرب من بني أبيه ،ثم من
بني جده ،ثم من بني أبية؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه :العاقلة هم
أهل ديوانه إن كان من أهل ديوان .وعمدة أهل الحجاز أنه تعاقل
الناس فيي زمان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وفيي زمان
أبيي بكير ولم يكين هناك ديوان؛ وإنميا كان الديوان فيي زمين عمير
بين الخطاب .واعتميد الكوفيون حدييث جيبير بين مطعيم عين النيبي
صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "ل حلف فيي السيلم ،وأيميا حلف
كان فيي الجاهليية فل يزيده السيلم إل قوة" .وبالجملة فتمسيكوا
في ذلك بنحو تمسكهم في وجوب الولء للحلفاء.
واختلفوا فيي جنايية مين ل عصيبة له ول موالي وهيم السيائبة إذا
جنوا خطأ هل يكون عليه عقل أم ل؟ ،وإن كان فعلى من يكون؟
فقال مين لم يجعيل لهيم موالي :لييس على السيائبة عقيل ،وكذلك
من لم يجعل العقل على الموالي ،وهو داود وأصحابه .وقال :من
جعيييل ولءه لمييين أعتقيييه علييييه عقله ،وقال :مييين جعيييل ولءه
للمسيلمين عقله فيي بييت المال ،ومين قال إن للسيائبة أن يوالي
مين شاء جعيل عقله لمين وله ،وكيل هذه القاوييل قيد حكييت عين
السلف .والديات تختلف بحسب اختلف المودى فيه ،والمؤثر في
نقصيان الديية هيي النوثية والكفير والعبوديية .أميا ديية المرأة فإنهيم
اتفقوا على أنهيا على النصيف مين ديية الرجيل فيي النفيس فقيط.
واختلفوا فيميا دون النفيس مين الشجاج والعضاء على ميا سييأتي
القول فييه فيي ديات الجروح والعضاء .وأميا ديية أهيل الذمية إذا
قتلوا خطيأ ،فإن للعلماء فيي ذلك ثلثية أقوال :أحدهيا ديتهيم على
النصييف ميين دييية المسييلم ذكرانهييم على النصييف ميين ذكران
المسيلمين ،ونسياؤهم على النصيف مين نسيائهم ،وبيه قال مالك
وعمر بن عبيد العزيز ،وعلى هذا تكون ديية جراحهم على النصيف
من دية المسلمين .والقول الثاني أن ديتهم ثلث دية المسلم ،وبه
قال الشافعييي ،وهييو مروي عيين عميير بيين الخطاب وعثمان ابيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عفان ،وقال بييه جماعيية ميين التابعييين .والقول الثالث :أن ديتهييم
مثيل ديية المسيلمين ،وبيه قال أبيو حنيفية والثوري وجماعية ،وهيو
مروي عيين ابين مسييعود ،وقييد روي عيين عميير وعثمان ،وقال بيه
جماعية مين التابعيين .فعمدة الفرييق الول ميا روي عين عمرو بين
شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
"دية الكافر على النصف من دية المسلم" وعمدة الحنفية عموم
قوله تعالى {وإن كان مين قوم بينكيم وبينهيم ميثاق فديية مسيلمة
إلى أهله وتحريير رقبية مؤمنية} .ومين السينة ميا رواه معمير عين
الزهري قال :ديييية اليهودي والنصيييراني وكيييل ذميييي مثيييل ديييية
المسلم .قال :وكانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي حتى كان معاوية ،فجعل في بيت
المال نصفها ،وأعطى أهل المقتول نصفها ،ثم قضى عمر بن عبد
العزيز بنصف الد ية ألغى الذي جعله معاو ية في بيت المال ،قال
الزهري :فلم يقض لي أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز فأخبره
أن الدية كانت تامة لهل الذمة.
(يتبع)...
@(تابييع- :)1 ...والصييل فييي هذا الباب قوله تعالى {وميين قتييل
مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة... ...
وأميا إذا قتيل العبيد خطيأ أو عمدا على مين ل يرى القصياص فييه،
فقال قوم :علييه قيمتيه بالغية ميا بلغيت وإن زادت على ديية الحير،
وبييه قال مالك والشافعييي وأبييو يوسييف ،وهييو قول سييعيد ابيين
المسيب وعمر بن عبد العزيز .وقال أبو حنيفة ومحمد :ل يتجاوز
بقيمية العبيد الديية؛ وقالت طائفية مين فقهاء الكوفية :فييه الديية،
ولكين ل يبلغ بيه ديية الحير ينقيص منهيا شيئا .وعمدة الحنفيية أن
الرق حال نقيص ،فوجيب أن ل تزييد قيمتيه على ديية الحير .وعمدة
من أوجب فيه الدية ولكن ناقصة عن دية الحر أنه مكلف ناقص،
فوجيب أن يكون الحكيم ناقصيا عين الحير لكين واحدا بالنوع أصيله
الحد في الزنى والقذف والخمر والطلق ،ولو قيل فيه إنها تكون
على النصييف ميين دييية الحيير لكان قول له وجييه :أعنييي فييي دييية
الخطييأ ،لكيين لم يقييل بييه أحييد .وعمدة مالك أنييه مال قييد أتلف
فوجب فيه القيمة ،أصله سائر الموال .واختلف في الواجب في
العبد على من يجب؟ فقال أبو حنيفة :هو على عاقلة القاتل ،وهو
الشهر عن الشافعي؛ وقال مالك :هو على القاتل نفسه .وعمدة
مالك تشيبيه العبيد بالعروض .وعمدة الشافعيي قياسيه على الحير.
ومما يدخل في هذا الباب من أنواع الخطأ دية الجنين ،وذلك لن
سقوط الجنين عن الضرب ليس هو عمدا محضا ،وإنما هو عمد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في أمه خطأ فيه .والنظر في هذا الباب هو أيضا في الواجب في
ضروب الجنية وفيي صيفة الجنيين الذي يجيب فييه الواجيب ،وعلى
مين تجيب ،ولمين يجيب ،وفيي شروط الوجوب .فأميا الجنية فإنهيم
اتفقوا على أن الواجيب فيي جنيين الحرة وجنيين المية مين سييدها
هو غرة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة
وغيره "أن امرأتييين ميين هذيييل رمييت إحداهمييا الخرى فطرحييت
جنينها" فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو
وليدة" واتفقوا على أن قيمة الغرة الواجبة في ذلك عند من رأى
أن الغرة فييي ذلك محدودة بالقيميية وهييو مذهييب الجمهور هييي
نصيف عشير ديية أميه؛ إل أن مين رأى أن الديية الكاملة على أهيل
الدراهم هي عشرة آلف درهم قال :دية الجنين خمسمائة درهم؛
ومن رأى أنها اثنا عشر ألف درهم قال :ستمائة درهم؛
والذييين لم يحدوا فييي ذلك حدا أو لم يحدوهييا ميين جهيية القيميية
وأجازوا إخراج قيمتهييا عنهييا قالوا :الواجييب فييي ذلك قيميية الغرة
بالغية ميا بلغيت؛ وقال داود وأهيل الظاهير :كيل ميا وقيع علييه اسيم
غرة أجزأ ،ول يجزئ عنده القيمية فيي ذلك فيميا أحسيب .واختلفوا
فيي الواجيب فيي جنيين المية وفيي جنيين الكتابيية؛ فذهيب مالك
والشافعيي إلى أن جنيين المية عشير قيمية أميه ذكرا كان أو أنثيى
يوم يجنييى عليييه؛ وفرق قوم بييين الذكيير والنثييى ،فقال قوم :إن
كان أنثى فيه عشر قيمة أمه ،وإن كان ذكرا فعشر قيمته لو كان
حيييا ،وبييه قال أبييو حنيفيية ،ول خلف عندهييم أن جنييين الميية إذا
سيقط حييا أن فييه قيمتيه؛ وقال أبيو يوسيف :فيي جنيين المية إذا
سقط ميتا من ها ما نقص من قيمة أمه .وأما جنين الذمية ،فقال
مالك والشافعيي وأبيو حنيفية :فييه عشير ديية أميه ،لكين أبيو حنيفية
على أصله في أن دية الذمي دية المسلم ،والشافعي على أصله
في أن دية الذمي ثلث دية المسلم ،ومالك على أصله في أن دية
الذمي نصف دية المسلم .وأما صفة الجنين الذي تجب فيه فإنهم
اتفقوا على أن مين شروطيه أن يخرج الجنيين ميتيا ول تموت أميه
من الضرب .واختلفوا إذا ماتت أمه من الضرب ثم سقط الجنين
ميتييا ،فقال مالك والشافعييي :ل شيييء فيييه؛ وقال أشهييب :فيييه
الغرة ،وبييه قال الليييث وربيعيية والزهري .واختلفوا ميين هذا الباب
فييي فروع ،وهييي العلميية التييي تدل على سييقوطه حيييا أو ميتييا.
فذهيب مالك وأصيحابه إلى أن علمية الحياة السيتهلل بالصيياح أو
البكاء؛ وقال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري وأكثير الفقهاء :كيل ميا
علمييت بييه الحياة فييي العادة ميين حركيية أو عطاس أو تنفييس
فأحكاميه أحكام الحيي ،وهيو الظهير .واختلفوا مين هذا الباب فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
برجلها أو بغيير رجل ها ،وبه قال أ بو حنيفية ،إل أنيه اسيتثنى الرمحية
بالرجل أو بالذنب ،وربما احتج من لم يضمن رجل الدابة بما روي
عنيه صيلى الله علييه وسيلم "الرجيل جبار" ولم يصيح هذا الحدييث
عنيد الشافعيي ورده .وأقاوييل العلماء فيمين حفير بئرا فوقيع فييه
إنسان متقاربة؛ قال مالك :إن حفر في موضع جرت العادة الحفر
فيي مثله لم يضمين وإن تعدى فيي الحفير ضمين؛ وقال اللييث :إن
حفير فيي أرض يملكهيا لم يضمين وإن حفير فيميا ل يملك ضمين،
فمين ضمين عنده فهيو مين نوع الخطيأ .وكذلك اختلفوا فيي الدابية
الموقوفية ،فقال بعضهيم :إن أوقفهيا بحييث يجيب له أن يوقفهيا لم
يضمن ،وإن لم يفعل ضمن ،وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة:
يضمن على كل حال ،وليس يبرئه أن يربطها بموضع يجوز له أن
يربطهيا فييه ،كميا ل ييبرئه ركوبهيا مين ضمان ميا أصيابته وإن كان
الركوب مباحييا .واختلفوا فييي الفارسييين يصييطدمان فيموت كييل
واحد منهما؛ فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة :على كل واحد منهما
دية الخر وذلك على العاقلة؛ وقال الشافعي وعثمان البتي :على
كيل واحيد منهميا نصيف ديية صياحبه ،لن كيل واحيد منهميا مات مين
فعييل نفسييه وفعييل صيياحبه .وأجمعوا على أن الطييبيب إذا أخطييأ
لزمتيه الديية ،مثيل أن يقطيع الحشفية فيي الختان ،وميا أشبيه ذلك،
لنيه فيي معنيى الجانيي خطيأ؛ وعين مالك روايية :أنيه لييس علييه
شييء ،وذلك عنده إذا كان مين أهيل الطيب ،ول خلف أنيه إذا لم
يكين مين أهيل الطيب أنيه يضمين لنيه متعيد ،وقيد ورد فيي ذلك ميع
الجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم قال "مين تطبيب ولم يعلم منيه قبيل ذلك
الطب فهو ضامن" والدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على
العاقلة ،ومن أهل العلم من جعله في مال الطبيب ،ول خلف أنه
إذا لم يكن من أهل الطب أنها في ماله على ظاهر حديث عمرو
بن شعيب.
ول خلف بينهيم أن الكفارة التيي نيص الله عليهيا فيي قتيل الحير
خطيأ واجبية .واختلفوا فيي قتيل العميد هيل فييه كفارة؟ وفيي قتيل
العبيد خطيأ ،فأوجبهيا مالك فيي قتيل الحير فقيط فيي الخطيأ دون
العميد وأوجبهيا الشافعيي فيي العميد مين طرييق الولى والحرى؛
وعنيد مالك أن العميد فيي هذا حكميه حكيم الخطيأ .واختلفوا فيي
تغليييظ الدييية فييي الشهيير الحرام وفييي البلد الحرام؛ فقال مالك
وأبيو حنيفية وابين أبيي ليلى :ل تغلظ الديية فيهميا؛ وقال الشافعيي:
تغلظ فيهما في النفس وفي الجراح .وروي عن القاسم بن محمد
وابن شهاب وغيرهم أنه يزاد فيها مثل ثلثها ،وروي ذلك عن عمر،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وكذلك عين الشافعيي مين قتيل ذا رحيم محرم .وعمدة مالك وأبيي
حنيفية عموم الظاهير فيي توقييت الديات ،فمين ادعيى فيي ذلك
تخصيييصا فعليييه الدليييل مييع أنهييم قييد أجمعوا على أنييه ل تغلظ
الكفارة فيمين قتيل فيهميا .وعمدة الشافعيي أن ذلك مروي عين
عمير وعثمان وابين عباس ،وإذا روي عين الصيحابة شييء مخالف
للقياس وجييب حمله على التوقيييف ،ووجييه مخالفتييه للقياس أن
التغلييظ فيميا وقيع خطيأ بعييد عين أصيوال الشرع ،وللفرييق الثانيي
أن يقول إنيه قيد ينقدح فيي ذلك قياس لميا ثبيت فيي الشرع مين
تعظيم الحرم واختصاصه بضمان الصيود فيه.
**2كتاب الديات فيما دون النفس.
@-والشياء التيي تجيب فيهيا الديية فيميا دون النفيس هيي شجاج
وأعضاء ،فلنبدأ بالقول فييي الشجاج ،والنظيير فييي هذا الباب فييي
محيل الوجوب وشرطيه وقدره الواجيب ،وعلى مين تجيب؟ ومتيى
تجيب؟ ولمين تجيب؟ فأميا محيل الوجوب فهيي الشجاج أو قطيع
العضاء ،والشجاج عشرة فيي اللغية والفقيه :أولهيا الداميية وهيي
التي تدمي الجلد ،ثم الخارصة وهي التي تشق الجلد ،ثم الباضعة
وهي التي تبضع اللحم :أي تشقه ،ثم المتلحمة وهي التي أخذت
فيي اللحيم ،ثيم السيمحاق وهيي التيي تبلغ السيمحاق وهيو الغشاء
الرقيق بين اللحم والعظم ويقال لها :الملطاء بالمد والقصر ،ثم
الموضحة وهي التي توضح العظم :أي تكشفه ،ثم الهاشمة وهي
التيي تهشيم العظيم ،ثيم المنقلة وهيي التيي يطيير العظيم منهيا ،ثيم
المأمومة وهي التي تصل أم الدماغ ،ثم الجائفة وهي التي تصل
إلى الجوف ،وأسيماء هذه الشجاج مختصية بميا وقيع بالوجيه منهيا
والرأس دون سييائر البدن ،واسييم الجرح يختييص بمييا وقييع فييي
البدن ،فهذه أسييماء هذه الشجاج .فأمييا أحكامهييا أعنييي الواجييب
فيهيا ،فاتفيق العلماء على أن العقيل واقيع فيي عميد الموضحية وميا
دون الموضحية خطيأ .واتفقوا على أنيه لييس فيميا دون الموضحية
خطأ عقل ،وإنما فيها حكومة ،قال بعضهم :أجرة الطبيب ،إل ما
روي عيين عميير وعثمان أنهمييا قضيييا فييي السييمحاق بنصييف دييية
الموضحية ،وروي عين علي أنيه قضيى فيهيا بأربيع مين البيل ،وروي
عن زيد بن ثابت أنه قال :في الدامية بعير ،وفي الباضعة بعيران،
وفيي المتلحمية ثل ثة أبعرة ،وفيي السيمحاق أربعية ،والجمهور من
فقهاء المصيييار على ميييا ذكرنيييا؛ وذلك أن الصيييل فيييي الجراح
الحكوميية إل مييا وقتييت فيييه السيينة حدا؛ ومالك يعتييبر فييي إلزام
الحكومة فيما دون الموضحة أن تبرأ على شين ،والغير من فقهاء
المصار يلزم فيها الحكومة برئت على شين أو لم تبرأ فهذه هي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أحكام ميا دون الموضحية .فأميا الموضحية فجمييع الفقهاء على أن
فيهيا إذا كانيت خطيأ خمسيا مين البيل ،وثبيت ذلك عين رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم فيي كتابيه لعمرو بين حزم ،ومين حدييث
عمرو بيين شعيييب عيين أبيييه عيين جده أن النييبي صييلى الله عليييه
وسييلم قال "فييي الموضحيية خمييس" يعنييي ميين البييل .واختلف
العلماء في موضع الموضحة من الجسد بعد اتفاقهم على ما قلنا،
أعنيي على وجوب القصياص فيي العميد ووجوب الديية فيي الخطيأ
منهيا ،فقال مالك :ل تكون الموضحية إل فيي جهية الرأس والجبهية
والخديين واللحيى العلى ،ول تكون فيي اللحيى السيفل لنيه فيي
حكيم العنيق ول فيي النيف؛ وأميا الشافعيي وأبيو حنيفية فالموضحية
عندهما في جميع الوجه والرأس؛ والجمهور على أنها ل تكون في
الجسيد وقال اللييث وطائفية :تكون فيي الجنيب؛ وقال الوزاعيي:
إذا كانيت فيي الجسيد كانيت مين دينهيا فيي الوجيه والرأس .وروي
عين عمير أنيه قال :فييي موضحية الجسيد نصيف عشير ديية ذلك
العضيو .وغلظ بعيض العلماء فيي موضحية الوجيه تيبرأ على شيين،
فرأى فيهيا مثيل نصيف عقلهيا زائدا على عقلهيا ،وروى ذلك مالك
عين سيليمان بين يسيار ،واضطرب قول مالك فيي ذلك ،فمرة قال
بقول سييليمان بيين يسييار ،ومرة قال :ل يزاد فيهييا على عقلهييا
شييء ،وبيه قال الجمهور؛ وقيد قييل عين مالك إنيه قال :إذا شانيت
الوجيه كان فيهيا حكومية مين غيير توقييف ،ومعنيى الحكومية عنيد
مالك ميا نقيص مين قيمتيه أن لو كان عمدا .وأميا الهاشمية ففيهيا
عنييد الجمهور عشيير الدييية ،وروي ذلك عيين زيييد بيين ثابييت ،ول
مخالف له من الصحابة ؛وقال بعض العلماء :الهاشمة هي المنقلة
وشيذ .وأميا المنقلة فل خلف أن فيهيا عشير الديية ونصيف العشير
إذا كانييت خطييأ ،فأمييا إذا كانييت عمدا ،فجمهور العلماء على أن
ليس فيها قود لمكان الخوف .وحكي عن ابن الزبير أنه أقاد منها
ومن المأمومة .وأ ما الهاشمة فيي العمد .فروى ابن القاسم عن
مالك أنيه لييس فيهيا قود .ومين أجاز القود مين المنقلة كان أحرى
أن يجييز ذلك مين الهاشمية .وأميا المأمومية فل خلف أنيه ل يقاد
منها وأن فيها ثلث الدية إل ما حكي عن ابن الزبير .وأما الجائفة
فاتفقوا على أنهييا مين جراح الجسييد ل مين جراح الرأس وأنهيا ل
يقاد منهيا وأن فيهيا ثلث الديية وأنهيا جائفية متيى وقعيت فيي الظهير
والبطيين .واختلفوا إذا وقعييت فييي غييير ذلك ميين العضاء فنفذت
إلى تجويفيه ،فحكيى مالك عين سيعيد بين المسييب أن فيي كيل
جراحة نافذة إلى تجويف عضو من العضاء -أي عضو كان -ثلث
دية ذلك العضو .وحكى ابن شهاب أنه كان ل يرى ذلك وهو الذي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختاره مالك لن القياس عنده فيي هذا ل يسيوغ؛ وإنميا سينده فيي
ذلك الجتهاد ميين غييير توقيييف وأمييا سييعيد فإنييه قاس ذلك على
الجائفية على نحيو ميا روي عين عمير فيي موضحية الجسيد .وأميا
الجراحات التيي تقيع فيي سيائر الجسيد فلييس فيي الخطيأ منهيا إل
الحكومة.
**3القول في ديات العضاء.
@-والصل فيما فيه من العضاء إذا قطع خطأ مال محدود ،وهو
الذي يسييمى دييية ،وكذلك ميين الجراحات والنفوس حديييث عمرو
بن حزم عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول "إن في النفس مائة من
البييل ،وفييي النييف إذا اسييتوعب جدعييا مائة ميين البييل ،وفييي
المأمومية ثلث الديية ،وفيي الجائفية مثلهيا وفيي العيين خمسيون،
وفيي الييد خمسيون ،وفيي الرجيل خمسيون ،وفيي كيل أصيبع مميا
هناك عشير مين البيل ،وفيي السين والموضحية خميس" وكيل هذا
مجمييع عليييه إل السيين والبهام ،فإنهييم اختلفوا فيهييا على مييا
سينذكره ،ومنهيا ميا اتفقوا علييه مميا لم يذكير ههنيا قياسيا على ميا
نذكييير فنقول :إن العلماء أجمعوا على أن فيييي الشفتيييين الديييية
كاملة ،والجمهور على أن فييي كييل واحدة منهمييا نصييف الدييية؛
وروي عيين قوم ميين التابعييين أن فييي السييفلى ثلثييي الدييية لنهييا
تحبييس الطعام والشراب ،وبالجملة فإن حركتهييا والمنفعيية بهييا
أعظم من حركة الشفة العليا ،وهو مذهب زيد بن ثابت .وبالجملة
فجماعية العلماء وأئمية الفتوي متفقون على أن فيي كيل زوج مين
النسان الدية ما خل الحاجبين وثديي الرجل .واختلفوا في الذنين
متييى تكون فيهمييا الدييية؟ فقال الشافعييي وأبييو حنيفيية والثوري
واللييييث :إذا اصيييطلمتا كان فيهميييا الديييية ،ولم يشترطوا إذهاب
السييمع ،بييل جعلوا فييي ذهاب السييمع الدييية مفردة .وأمييا مالك
فالمشهور عنده أنيييه ل تجيييب فيييي الذنيييين الديييية إل إذا ذهيييب
سيمعهما ،فإن لم يذهيب ففييه حكومية .وروي عين أبيي بكير أنيه
قضى في الذنين بخمس عشرة من البل وقال :إنهما ل يضران
السمع ويسترهما الشعر أو العمامة .وروي عن عمر وعلي وزيد
أنهم قضوا في الذن إذا اصطلمت نصف الدية .وأما الجمهور من
العلماء فل خلف عندهيييم أن فيييي ذهاب السيييمع الديييية .وأميييا
الحاجبان ففيهميا عنيد مالك والشافعيي حكومية؛ وقال أبيو حنيفية:
فيهميا الديية ،وكذلك فيي أشفار العيين؛ ولييس عنيد مالك فيي ذلك
إل حكومة .وعمدة الحنفية ما روي عن ابن مسعود أنه قال :في
كيل اثنيين مين النسيان الديية وتشبيههميا بميا أجمعوا علييه مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيا على إجماعهيم أنيه لييس على مين قطيع ييد مين له ييد واحدة
إل نصييف الدييية .فسييبب اختلفهييم فييي هذا معارضيية العموم
للقياس ،ومعارضة القياس للقياس
ومن أحسن ما قيل فيمن ضرب عين رجل فأذهب بعض بصرها
ميا روي مين ذلك عين علي رضيي الله عنيه أنيه أمير بالذي أصييب
بصره بأن عصبت عينه الصحيحة ،وأعطى رجل بيضة فانطلق بها
وهيو ينظير إليهيا حتيى لم يبصيرها ،فخيط عنيد أول ذلك خطيا فيي
الرض ثم أمر بعينه المصابة فعصبت وفتحت الصحيحة ،وأعطى
رجل البيضية بعينهيا فانطلق بهيا وهيو ينظير إليهيا حتيى خفييت عنيه،
فخيط أيضيا عنيد أول ميا خفييت عنيه فيي الرض خطيا ،ثيم علم ميا
بييين الخطييين ميين المسييافة ،وعلم مقدار ذلك ميين منتهييى رؤييية
العيين الصيحيحة ،فأعطاه قدر ذلك مين الديية .ويختيبر صيدقه فيي
مسيافة إدراك العيين العليلة والصيحيحة بأن يختيبر ذلك منيه مرارا
شتى في مواضع مختلفة ،فإن خرجت مسافة تلك المواضع التي
ذكر واحدة علمنا أنه صادق.
واختلف العلماء في الجناية على العين القائمة الشكل التي ذهب
بصرها؛ فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة :فيها حكومة؛ وقال زيد
بين ثابيت :فيهيا عشير الديية مائة دينار؛ وحميل ذلك الشافعيي على
أنه كان ذلك من زيد تقويما ل تقويتا .وروي عن عمر بن الخطاب
وعبيد الله بين عباس أنهميا قضييا فيي العيين القائمية الشكيل والييد
الشلء والسين السيوداء فيي كيل واحدة منهميا ثلث الديية .وقال
مالك :تتم ديية السين باسودادها ثم فيي قلع ها بعد اسودادها ديية.
واختلف العلماء فيييي العور يفقيييأ عيييين الصيييحيح عمدا؛ فقال
الجمهور :فله القود ،وإن عفيا فله الديية ،وقال قوم :كاملة؛ وقال
قوم :ن صفها ،وبيه قال الشافعيي وابين القاسيم ،وبكل القوليين قال
مالك ،وبالدييية كاملة قال المغيرة ميين أصييحابه وابيين دينار .وقال
الكوفيون :ليييييس للصييييحيح الذي فقئت عينييييه إل القود أو مييييا
اصيطلحوا علييه .وعمدة مين رأى جمييع الديية علييه إذا عفيا عين
القود أنه يجب عليه دية ما ترك له وهي العين العوراء ،وهي دية
كاملة عنيد كثيير مين أهيل العلم .ومذهيب عمير وعثمان وابين عمير
أن عين العور إذا فقئت وجب فيها ألف دينار ،لنها في حقه في
معنى العينين كليتهما إل العين الواحدة ،فإذا تركها له وجبت عليه
ديتهييا .وعمدة أولئك البقاء على الصييل؛ أعنييي أن فييي العييين
الواحدة نصيف الديية .وعمدة أبيي حنيفية أن العميد لييس فييه ديية
محدودة ،وهذه المسألة قد ذكرت في باب القود في الجراح.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييه تفاضيل الديات لتفاضيل العضاء ميع أنيه يشبيه أن يكون مين
صار إلى ذلك من الصدر الول إنما صار إليه عن توقيف ،وجميع
هذه العضاء التيي تثبيت الديية فيهيا خطيأ فيهيا القود فيي قطيع ميا
قطع وقلع ما قلع.
واختلفوا في كسر ما كسر منها مثل الساق والذراع هل فيه قود
أم ل؟ فذهب مالك وأصحابه إلى أن القود في كسر جميع العظام
إل الفخيذ والصيلب ،وقال الشافعيي واللييث :ل قصياص فيي عظيم
من العظام يكسر ،وبه قال أبو حنيفة إل أنه استثنى السن .وروي
عن ابن عباس أنه ل قصاص في عظم ،وكذلك عن عمر .قال أبو
عمير بين عبيد البر :ثبيت أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم أقاد فيي
السن المكسورة من حديث أنس قال :وقد روي من حديث آخر
أن النيبي علييه الصيلة والسيلم لم يقدر مين العظيم المقطوع فيي
غيير المفصيل إل أ نه لييس بالقوي .وروي عن مالك أن أ با بكر بن
محميد بين عمرو بين حزم أقاد مين كسير الفخيذ .واتفقوا على أن
دييية المرأة نصييف دييية الرجييل فييي النفييس .واختلفوا فييي ديات
الشجاج وأعضائهييا؛ فقال جمهور فقهاء المدينيية :تسيياوي المرأة
الرجيل فيي عقلهيا مين الشجاج والعضاء إلى أن تبلغ ثلث الديية،
فإذا بلغيت ثلث الديية عادت ديتهيا إلى النصيف مين ديية الرجيل،
أعنيي ديية أعضائهيا مين أعضائه ،مثال ذلك أن فيي كيل أصيبع مين
أصيابعها عشرا مين البيل ،وفيي اثنيين منهيا عشرون ،وفيي ثلثية
ثلثون ،وفيي أربعية عشرون ،وبيه قال مالك وأصيحابه واللييث بين
سيعد ،ورواه مالك عين سيعيد بين المسييب وعين عروة بين الزبيير،
وهييو قول زيييد بيين ثابييت ومذهييب عميير بيين عبييد العزيييز؛ وقالت
طائفيية :بييل دييية جراحيية المرأة مثييل دييية جراحيية الرجييل إلى
الموضحة ،ثم تكون ديتها على النصف من دية الرجل وهو الشهر
مين قولي ابين مسيعود ،وهيو مروي عين عثمان ،وبيه قال شرييح
وجماعية؛ وقال قوم :بيل ديية المرأة فيي جراحهيا وأطرافهيا على
النصييف ميين دييية الرجييل فييي قليييل ذلك وكثيره ،وهييو قول علي
رضي الله عنه ،وروي ذلك عن ابن مسعود ،إل أن الشهر عنه ما
ذكرناه أول ،وبهذا القول قال أبيييو حنيفييية والشافعيييي والثوري.
وعمدة قائل هذا القول أن الصييل هييو أن دييية المرأة نصييف دييية
الرجيل فواجيب التمسيك بهذا الصيل حتيى يأتيي دلييل مين السيماع
الثابييييت ،إذ القياس فييييي الديات ل يجوز وبخاصيييية لكون القول
بالفرق بييين القليييل والكثييير مخالفييا للقياس ولذلك قال ربيعيية
لسعيد ما يأتي ذكره عنه ،ول اعتماد للطائفة الولى إل مراسيل،
وميا روي عين سيعيد بين المسييب حيين سيأله ربيعية بين أبيي عبيد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السينة .قال :وإذا كانيت هذه الثار غيير نيص فيي القضاء بالقسيامة
والتأوييل يتطرق إليهيا فصيرفها بالتأوييل إلى الصيول أولى .وأميا
القائلون بهيا وبخاصية مالك فرأى أن سينة القسيامة سينة منفردة
بنفسيها مخصيصة للصيول كسيائر السينن المخصيصة ،وزعيم أن
العلة فيي ذلك حوطية الدماء ،وذلك أن القتيل لميا كان يكثير وكان
يقيل قيام الشهادة علييه لكون القاتيل إنميا يتحرى بالقتيل مواضيع
الخلوات جعلت هذه السينة حفظيا للدماء ،لكين هذه العلة تدخيل
عليييه فييي قطاع الطريييق والسييراق ،ذلك أن السييارق تعسيير
الشهادة عليييه ،وكذلك قاطييع الطريييق ،فلهذا أجاز مالك شهادة
المسييلوبين على السييالبين مييع مخالفيية ذلك للصييول ،وذلك أن
المسلوبين مدعون على سلبهم والله أعلم.
@(-المسألة الثانية) اختلف العلماء القائلون بالقسامة فيما يجب
بهيا ،فقال مالك وأحميد يسيتحق بهيا الدم فيي العميد والديية فيي
الخطأ؛ وقال الشافعي والثوري وجماعة :تستحق بها الدية فقط؛
وقال بعيض الكوفييين :ل يسيتحق بهيا إل دفيع الدعوى على الصيل
فيي أن اليميين إنميا تجيب على المدعيى علييه؛ وقال بعضهيم :بيل
يحلف المدعى عليه ويغرم الدية ،فعلى هذا إنما يستحق منها دفع
القود فقط ،فيكون فيها يستحق المقسمون أربعة أقوال .فعمدة
مالك ومن قال بقوله ما رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سهل
بين أبيي حثمية وفييه فقال لهيم رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
"تحلفون وتسييتحقون دم صيياحبكم" وكذلك مييا رواه ميين مرسييل
بشيير بين بشار وفييه :فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
"أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم" .وأما
عمدة مين أوجيب بهيا الديية فقيط ،فهيو أن اليمان يوجيد لهيا تأثيير
فيي اسيتحقاق الموال أعنيي فيي الشرع مثيل ميا ثبيت مين الحكيم
فييي الموال باليمييين والشاهييد ،ومثييل مييا يجييب المال بنكول
المدعى عليه أو بالنكول وقلبها على المدعي عند من يقول بقلب
اليميين ميع النكول ميع أن حدييث مالك عين ابين أبيي ليلى ضعييف
لنيه رجيل مجهول لم يروا عنيه غيير مالك .وقييل فييه أيضيا أنيه لم
يسمع من سهل .وحديث بشير ابن بشار قد اختلف في إسناده،
فأرسييله مالك وأسيينده غيره .قال القاضييي :يشبييه أن تكون هذه
العلة هييي السييبب فييي أن لم يخرج البخاري هذيييين الحديثييين،
واعتضيد عندهيم القياس فيي ذلك بميا روي عين عمير رضيي الله
عنه أنه قال :ل قود بالقسامة ،ولكن يستحق بها الدية .وأما الذين
قالوا إنما يستحق بها دفع الدعوى ف قط ،فعمدتهم أن الصل هو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن اليمان على المدعيى علييه ،والحادييث التيي نذكرهيا فيميا بعيد
إن شاء الله.
@(-المسييألة الثالثيية) واختلف القائلون بالقسييامة ،أعنييي الذييين
قالوا إنهيا يسيتوجب بهيا مال أو دم فيمين يبدأ باليمان الخمسيين
على مييا ورد فييي الثار؛ فقال الشافعييي وأحمييد وداود بيين علي
وغيرهيم :يبدأ المدعون؛ وقال فقهاء الكوفية والبصيرة وكثيير مين
أهييل المدينيية :بييل يبدأ المدعييى عليهييم باليمان وعمدة ميين بدأ
بالمدعين حديث مالك عن ابن أبي ليلى عن سهل بن أبي حثمة
ومرسيله عين بشيير بين يسيار .وعمدة مين رأى التبدئة بالمدعيى
عليهم ما خرجه البخاري عن سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن
يسيار أن رجل مين النصيار يقال له سيهل بين حثمية وفييه "فقال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :تأتون بالبينية على مين قتله"
قالوا :مييا لنييا بينيية ،قال :فيحلفون لكييم ،قالوا :مييا نرضييى بأيمان
يهود ،وكره رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم أن يبطييل دمييه،
فواداه بمائة بعيير مين إبيل الصيدقة" قال القاضيي :وهذا نيص فيي
أنه ل يستوجب باليمان الخمسين إل دفع الدعوى فقط .واحتجوا
أيضا بما خرجه أبو داود أيضا عن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن
وسيليمان بين يسيار عين رجال مين كيبراء النصيار "أن رسيول الله
صلى الله عليه وسلم قال ليهود وبدأ بهم :أيحلف منكم خمسون
رجل خمسيين يمينيا؟ فأبوا ،فقال للنصيار :احلفوا ،فقالوا :أنحلف
على الغييب ييا رسيول الله؟ فجعلهيا رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ديية على يهود" لنيه وجيد بيين أظهرهيم ،وبهذا تمسيك مين
جعل اليمين في حق المدعى عليه وألزمهم الغرم مع ذلك ،وهو
حديييث صييحيح السييناد ،لنييه رواه الثقات عيين الزهري عيين أبييي
سييلمة ،وروى الكوفيون ذلك عيين عميير ،أعنييي أنييه قضييى على
المدعيى عليهيم باليميين والديية .وخرج مثله أيضيا مين تبدئة اليهود
باليمان عين رافيع بين خدييج ،واحتيج هؤلء القوم على مالك بميا
روي عين ابين شهاب الزهري عين سيليمان بين يسيار وعراك بين
مالك أن عمير بين الخطاب قال للجهنيي الذي ادعيى دم ولييه على
رجل من بني سعد وكان أجرى فرسه فوطئ على أصبع الجهني
فترى فيهييا فمات ،فقال عميير للذي ادعييى عليهييم :أتحلفون بالله
خمسييين يمينييا مييا مات منهييا؟ فأبوا أن يحلفوا وتحرجوا ،فقال
للمدعيييين :احلفوا ،فأبوا فقضيييى عليهيييم بشطييير الديييية .قالوا:
وأحاديثنيا هذه أولى مين التيي روي فيهيا تبدئة المدعيين باليمان،
لن الصل شاهد لحاديثنا من أن اليمين على المدعى عليه .قال
أبو عمر :والحاديث المتعارضة في ذلك مشهورة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي مالهيا بدلييل قوله علييه الصيلة والسيلم :تنكيح المرأة لثلث،
فذكيير مالهييا" ويقوى هذا المعنييى على أصييل ميين يرى أن المرأة
محجور عليها من زوجها فيما فوق الثلث ،أو في الثلث فما فوقه،
وهيو مذهيب مالك .ومنهيا ميا يراه أبيو حنيفية مين درء الحيد عين
واطييئ المسييتأجرة ،والجمهور على خلف ذلك ،وقوله فييي ذلك
ضعييف ومرغوب عنيه ،وكأنيه رأى أن هذه المنفعية أشبهيت سيائر
المنافع التي استأجرها عليها ،فدخلت الشبهة وأشبه نكاح المتعة.
ومنهيا درء الحيد عمين امتنيع اختلف فييه أيضيا .وبالجملة فالنكحية
الفاسدة داخلة في هذا الباب ،وأكثرها عند مالك تدرأ بالحد إل ما
انعقد منها على شخص مؤبد التحريم بالقرابة مثل الم وما أشبه
ذلك ،مما ل يعذر فيه بالجهل.
**3الباب الثاني في أصناف الزناة وعقوباتهم.
@-والزناة الذيييين تختلف العقوبييية باختلفهيييم أربعييية أصيييناف:
محصيييينون ثيييييب وأبكار وأحرار وعبيييييد وذكور وإناث .والحدود
السيييلمية ثلثييية :رجيييم ،وجلد ،وتغرييييب .فأميييا الثييييب الحرار
المحصيينون ،فإن المسييلمين أجمعوا على أن حدهييم الرجييم إل
فرقة من أهل الهواء فإنهم رأوا أن حد كل زان الجلد ،وإنما صار
الجمهور للرجيم لثبوت أحادييث الرجيم ،فخصيصوا الكتاب بالسينة
أعني قوله تعالى {الزانية والزاني} الية .واختلفوا في موضعين:
أحدهما هل يجلدون مع الرجم أم ل؟ والموضع الثاني في شروط
الحصان.
@(-أميا المسيألة الولى) فإن العلماء اختلفوا هيل يجلد مين وجيب
عليييه الرجييم قبييل الرجييم أم ل؟ فقال الجمهور :ل جلد على ميين
وجب عليه الرجم؛ وقال الحسن البصري وإسحاق وأحمد وداود:
الزانيي المحصين يجلد ثيم يرجيم .عمدة الجمهور "أن رسيول الله
صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ،ورجم امرأة من جهينة ،ورجم
يهودييين وامرأة مين عامير مين الزد ،كيل ذلك مخرج فيي الصيحاح
ولم يروا أنيه جلد واحدا منهيم .ومين جهية المعنيى أن الحيد الصيغر
ينطوي فيي الحيد الكيبر ،وذلك أن الحيد إنميا وضيع للزجير فل تأثيير
للزجيير بالضرب مييع الرجييم .وعمدة الفريييق الثانييي عموم قوله
تعالى {الزانيية والزانيي فاجلدوا كيل واحيد منهميا مائة جلدة} فلم
يخيص محصين مين غيير محصين .واحتجوا أيضيا بحدييث علي رضيي
الله عنه ،خرجه مسلم وغيره أن عليا رضي الله عنه جلد شراحة
الهمذانيي يوم الخمييس ورجمهيا يوم الجمعية وقال :جلدتهيا بكتاب
الله ،ورجمتها بسنة رسوله .وحديث عبادة بن الصامت ،وفيه أن
النيبي علييه الصيلة والسيلم قال "خذوا عنيي قيد جعيل الله لهين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سبيل البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ،والثيب بالثيب جلد مائة
والرجم بالحجارة" وأما الحصان فإنهم اتفقوا على أنه من شرط
الرجيييم .واختلفوا فيييي شروطيييه فقال مالك :البلوغ والسيييلم
والحرييية والوطييء فييي عقييد صييحيح ،وحالة جائز فيهييا الوطييء،
والوطء المحظور عنده هو الوطء في الحيض أو في الصيام ،فإذا
زنيى بعيد الوطيء الذي بهذه الصيفة وهيو بهذه الصيفات فحده عنده
الرجيم ،ووافيق أبيو حنيفية مالكيا فيي هذه الشروط إل فيي الوطيء
المحظور؛ واشترط فيي الحريية أن تكون مين الطرفيين ،أعنيي أن
يكون الزانييي والزانييية حرييين ،ولم يشترط السييلم الشافعييي.
وعمدة الشافعييي مييا رواه مالك عيين نافييع عيين ابيين عميير ،وهييو
حديث متفق عليه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية
واليهودي اللذييين زنيييا" إذ رفييع إليييه أمرهمييا اليهود ،والله تعالى
يقول {وإن حكميت فاحكيم بينهميا بالقسيط} .وعمدة مالك مين
طرييييق المعنيييى أن الحصيييان عنده فضيلة ول فضيلة ميييع عدم
السيلم ،وهذا مبناه على أن الوطيء فيي نكاح صيحيح هيو مندوب
إليييه ،فهذا هييو حكييم الثيييب .وأمييا البكار فإن المسييلمين أجمعوا
على أن حييد البكيير فييي الزنييى الجلد مائة لقوله تعالى {الزانييية
والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
واختلفوا فييي التغريييب مييع الجلد؛ فقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :ل
تغرييب أصيل؛ وقال الشافعيي :ل بيد مين التغرييب ميع الجلد لكيل
زان ذكرا كان أو أنثيييييييييى ،حرا كان أو عبدا؛ وقال مالك :يغرب
الرجل ول تغرب المرأة ،وبه قال الوزاعي؛ ول تغريب عند مالك
على العبيد .فعمدة من أوجب التغريب على الطلق حديث عبادة
بين الصيامت المتقدم وفييه "البكير بالبكير جلد مائة وتغرييب عام"
وكذلك مييا خرج أهييل الصييحاح عيين أبييي هريرة وزيييد بيين خالد
الجهنيي أنهميا قال "إن رجل مين العراب أتيى النيبي علييه الصيلة
والسييلم قال :يييا رسييول الله أنشدك الله إل قضيييت لي بكتاب
الله ،فقال الخصييم وهييو أفقييه منييه :نعييم اقييض بيننييا بكتاب الله
وائذن لي أن أتكلم ،فقال له النيبي صيلى الله علييه وسيلم :قيل،
قال :إن ابنيي كان عسييفا على هذا فزنيى بامرأتيه ،وإنيي أخيبرت
أن على ابنييي الرجييم فافتديتييه بمائة شاة ووليدة ،فسييألت أهييل
العلم فأخيبروني أنميا على ابنيي جلد مائة وتغرييب عام ،وأن على
امرأة هذا الرجم ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :والذي
نفسييي بيده لقضييين بينكمييا بكتاب الله :أمييا الوليدة والغنييم فرد
عليييك ،وعلى ابنييك جلد مائة وتغريييب عام ،واغييد يييا أنيييس على
امرأة هذا فإن اعترفييت فارجمهييا ،فغدا عليهييا أنيييس فاعترفييت،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
منيه إقرار فأول مين يرجيم المام ثيم الناس؛ وميا كان ببينية فأول
مين يرجيم البينية ثيم المام ثيم الناس .وقال مالك وأبيو حنيفية :ل
يحفر للمرجوم ،وخير في ذلك الشافعي؛ وقيل عنه :يحفر للمرأة
فقط.
وعمدتهيم ميا خرج البخاري ومسيلم مين حدييث جابر ،قال جابر:
ه الحجارة فيير ،فأدركناه بالحرة فرجمناه بالمصييلى ،فلمييا أذ ْلَقَت ْيي ُ
فرضخناه .وقيد روى مسيلم أنيه حفير له فيي اليوم الرابيع حفير.
وبالجملة فالحادييث فيي ذلك مختلفية .قال أحميد :أكثير الحادييث
على أن ل حفييير؛ وقال مالك :يضرب فيييي الحدود الظهييير وميييا
يقاربيه؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :يضرب سيائر العضاء ويتقيى
الفرج والوجيه؛ وزاد أبيو حنيفية الرأس؛ ويجرد الرجيل عنيد مالك
في ضرب الحدود كلها ،وعند الشافعي وأبي حنيفة ما عدا القذف
على ميا سييأتي بعيد؛ ويضرب عنيد الجمهور قاعدا ول يقام قائميا
لمين قال :إنيه يقام لظاهير اليية ،ويسيتحب عنيد الجمييع أن يحضير
المام عند إقامة الحدود طائفة من الناس لقوله تعالى {وليشهد
عذابهميا طائفية مين المؤمنيين} .واختلفوا فيميا يدل علييه اسيم
الطائفة ،فقال مالك :أربعة ،وقيل ثلثة ،وقيل اثنان ،وقيل سبعة،
وقييل ميا فوقهيا .أميا الوقيت ،فإن الجمهور على أنيه ل يقام فيي
الحيير الشديييد ول فييي البرد ،ول يقام على المريييض؛ وقال قوم:
يقام ،وبه قال أحمد وإسحاق ،واحتجا بحديث عمر أنه أقام الحد
على قدامية وهيو مرييض .وسيبب الخلف معارضية أهيل الظواهير
للمفهوم مين الحيد ،وهيو أن يقام حييث ل يغلب على ظين المقييم
له فوات نفييس المحدود؛ فميين نظيير إلى الميير بإقاميية الحدود
مطلقييا ميين غييير اسييتثناء قال :يحييد المريييض؛ وميين نظيير إلى
المفهوم مين الحيد قال :ل يحيد المرييض حتيى ييبرأ ،وكذلك المير
في شدة الحر والبرد.
**3الباب الثالث وهو معرفة ما تثبت به هذه الفاحشة.
@-وأجمييييع العلماء على أن الزنييييى يثبييييت بالقرار وبالشهادة.
واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء الغير المتزوجات إذا
ادعييين السييتكراه .وكذلك اختلفوا فييي شروط القرار وشروط
الشهادة .فأميا القرار فإنهيم اختلفوا فييه فيي موضعيين :أحدهميا
عدد مرات القرار الذي يلزم بيه الحيد .والموضيع الثانيي هيل مين
شرطيه أن ل يرجيع عين القرار حتيى يقام علييه الحيد؟ أميا عدد
القرار الذي يجيب بيه الحيد ،فإن مالكيا والشافعيي يقولن :يكفيي
فيي وجوب الحيد علييه اعترافيه بيه مرة واحدة ،وبيه قال أبيو داود
وأبيو ثور والطيبري وجماعية؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه وابين أبيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ليلى :ل يجب الحد إل بأقارير أربعة مرة بعد مرة ،وبه قال أحمد
وإسيحاق ،وزاد أبيو حنيفية وأصيحابه :فيي مجالس متفرقية .وعمدة
مالك والشافعيي ما جاء فيي حدييث أبي هريرة وزيد بن خالد من
قوله عليييه الصييلة والسييلم "اغييد يييا أنيييس على امرأة هذا ،فإن
اعترفييت فارجمهييا ،فاعترفييت فرجمهييا" ولم يذكيير عددا .وعمدة
الكوفييين ميا ورد مين حدييث سيعيد بين جيبير عين ابين عباس عين
النبي عليه الصلة والسلم "أنه رد ماعزا حتى أقر أربع مرات ثم
أمير برجميه" وفيي غيره مين الحادييث قالوا :وميا ورد فيي بعيض
الروايات أنيه أقير مرة ومرتيين وثلثيا تقصيير ،ومين قصير فلييس
بحجة على من حفظ.
@(-وأما المسلة الثانية) وهيي من اعترف بالزنى ثم رجع ،فقال
جمهور العلماء يقبييل رجوعييه ،إل ابيين أبييي ليلى وعثمان البتييي؛
وفصل مالك فقال :إن رجع إلى شبهة قبل رجوعه .وأما إن رجع
إلى غير شبهة فعنه في ذلك روايتان :إحداهما يقبل وهي الرواية
المشهورة .والثانية ل يقبل رجوعه ،وإنما صار الجمهور إلى تأثير
الرجوع فيي القرار لميا ثبيت مين تقريره صيلى الله علييه وسيلم
ماعزا وغيره مرة بعييد مرة لعله يرجييع ،ولذلك ل يجييب على ميين
أوجب سقوط الحد بالرجوع أن يكون التمادي على القرار شرطا
ميين شروط الحييد .وقييد روي ميين طريييق "أن ماعزا لمييا رجييم
ومسته الحجارة هرب فاتبعوه ،فقال لهم :ردوني إلى رسول الله
علييه الصيلة والسيلم ،فقتلوه رجميا وذكروا ذلك إلى النيبي علييه
الصيلة والسيلم فقال :هل تركتموه لعله يتوب فيتوب الله علييه"
ومن هنا تعلق الشافعي بأن التوبة تسقط الحدود ،والجمهور على
خلفيه ،وعلى هذا يكون عدم التوبية شرطيا ثالثيا فيي وجوب الحيد.
وأما ثبوت الزنى بالشهود فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنى
بالشهود ،وأن العدد المشترط فييي الشهود أربعيية بخلف سييائر
الحقوق لقوله تعالى {ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} وأن من صفتهم
أن يكونوا عدول ،وأن ميين شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينيية
فرجيه فيي فرجهيا ،وأنهيا تكون بالتصيريح ل بالكنايية ،وجمهورهيم
على أن من شرط هذه الشهادة أن ل تختلف ل في زمان ول في
مكان إل ميا حكيي عين أبيي حنيفية مين مسيألة الزواييا المشهورة،
وهيو أن يشهيد كيل واحيد من الربعية أنيه رآهيا فيي ركين مين البييت
يطؤهيا غيير الركين الذي رآه فييه الخير .وسيبب الخلف هيل تلفيق
الشهادة المختلفيييية بالمكان أم ل تلفييييق كالشهادة المختلفيييية
بالزمان؟ فإنهيم أجمعوا على أنهيا ل تلفيق ،والمكان أشبيه شييء
بالزمان .والظاهيير ميين الشرع قصييده إلى التوثييق فييي ثبوت هذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلفوا إن كانيت كافرة أو أمية ،فقال مالك :سواء كانيت حرة أو
أمة أو مسلمة أو كافرة يجب الحد .وقال إبراهيم النخعي :ل حد
علييييه إذا كانيييت أم المقذوف أمييية أو كتابيييية ،وهيييو قياس قول
الشافعي وأبي حني فة .واتفقوا أن القذف إذا كان بهذين المعنيين
أنيه إذا كان بلفيظ صيريح وجيب الحيد ،واختلفوا إن كان بتعرييض،
فقال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري وابين أبيي ليلى :ل حيد فيي
التعرييض ،إل أن أبيا حنيفية والشافعيي يريان فييه التعزيير ،وممين
قال بقولهيم مين الصيحابة ابين مسيعود؛ وقال مالك وأصيحابه :فيي
التعرييض الحيد ،وهيي مسيألة وقعيت فيي زمان عمير ،فشاور عمير
فيهيا الصيحابة ،فاختلفوا فيهيا علييه ،فرأى عمير فيهيا الحيد .وعمدة
مالك أن الكنايية قيد تقوم بعرف العادة ،والسيتعمال مقام النيص
الصيريح ،وإن كان اللفيظ فيهيا مسيتعمل فيي غيير موضعيه أعنيي
مقول بالسييتعارة .وعمدة الجمهور أن الحتمال الذي فييي السييم
المسيتعار شبهية ،والحدود تدرأ بالشبهات ،والحيق أن الكنايية قيد
تقوم فيي مواضع مقام النص ،وقيد تضعف فيي مواضيع ،وذلك أنيه
إذا لم يكثير السيتعمال لهيا والذي يندرئ بيه الحيد عين القاذف أن
يثبيت زنيى المقذوف بأربعية شهود باجماع ،والشهود عنيد مالك إذا
كانوا أقيل من أربعية قذفية وعنيد غيره ليسوا بقذفية ،وإن ما اختلف
المذهب في الشهود الذين يشهدون على شهود الصل .والسبب
فيي اختلفهيم هيل يشترط فيي نقيل شهادة كيل واحيد منهيم عدد
شهود الصيل أم يكفيي فيي ذلك اثنان على الصيل المعتيبر فيميا
سيوى القذف إذ كانوا ممين ل يسيتقل بهيم نقيل الشهادة مين قبيل
العدد.
وأميا الحيد فالنظير فييه فيي جنسيه وتوقيتيه ومسيقطه أميا جنسيه،
فإنهيييم اتفقوا على أنيييه ثمانون جلدة للقاذف الحييير لقوله تعالى
{ثمانين جلدة} .واختلفوا في العبد يقذف الحر :كم حده؟ فقال
الجمهور مين فقهاء المصيار حده نصيف حيد الحير ،وذلك أربعون
جلدة ،وروي ذلك عيين الخلفاء الربعيية ،وعيين ابيين عباس :وقالت
طائفة :حده حد الحر ،وبه قال ابن مسعود من الصحابة وعمر بن
عبيد العزييز وجماعية مين فقهاء المصيار :أبيو ثور والوزاعيي وداود
وأصيييحابه ميين أهييل الظاهيير .فعمدة الجمهور قياس حده فييي
القذف على حده في الزنى .وأما أهل الظاهر فتمسكوا في ذلك
بالعموم ولمييا أجمعوا أيضييا أن حييد الكتابييي ثمانون ،فكان العبييد
أحرى بذلك .وأما التوقيت فإنهم اتفقوا على أنه إذا قذف شخصا
واحدا مرار كثيرة ،فعليه حد واحد إذا لم يحد بواحد منها ،وأنه إذ
قذف فحيد ثيم قذفيه ثانيية حيد حدا ثانييا واختلفوا إذا قذف جماعية،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقالت طائفيية :ليييس عليييه إل حييد واحييد جمعهييم فييي القذف أو
فرقهيم ،وبيه قال مالك وأبيو حنيفية والثوري وأحميد وجماعية وقال
قوم :بل عليه لكل واحد حد ،وبه قال الشافعي والليث وجماعة
حتى روي عن الحسن بن حيى أنه قال :إن قال إنسان :من دخل
هذه الدار فهيو زان جلد الحيد لكيل مين دخلهيا؛ وقالت طائفية إن
جمعهم في كلمة واحدة مثل أن يقول لهم يا زناة فحد واحد ،وإن
قال لكل واحد منهم يا زاني فعليه لكل إنسان منهم حد .فعمدة
ميين لم يوجييب على قاذف الجماعيية إل حدا واحدا حديييث أنييس
وغيره أن هلل بين أميية قذف امرأتيه بشرييك بين سيحماء ،فرفيع
ذلك إلى النييبي عليييه الصييلة والسييلم فلعيين بينهمييا ولم يحده
لشرييك ،وذلك إجماع مين أهيل العلم فيمين قذف زوجتيه برجيل.
وعمدة مين رأى أن الحيد لكيل واحيد منهيم أنيه حيق للدمييين ،وأنيه
لو عفا بعضهم ولم يعف الكل لم يسقط الحد .وأما من فرق بين
قذفهييم فييي كلميية واحدة أو كلمات أو فييي مجلس واحييد أو فييي
مجالس ،فلنيه رأى أنيه واجيب أن يتعدد الحيد بتعدد القذف ،لنيه
إذا اجتمع تعدد المقذوف وتعدد القذف كان أوجب أن يتعدد الحد،
وأميا سيقوطه فإنهيم اختلفوا فيي سيقوطه بعفيو القاذف ،فقال أبيو
حنيفيية والثوري والوزاعييي :ل يصييح العفييو :أي ل يسييقط الحييد؛
وقال الشافعي :يصح العفو أي يسقط الحد بلغ المام أو لم يبلغ؛
وقال قوم :إن بلغ المام لم يجيز العفيو ،وإن لم يبلغيه جاز العفيو.
واختلف قول مالك فيييي ذلك ،فمرة قال بقول الشافعيييي ،ومرة
قال :يجوز إذا لم يبلغ المام ،وإن بلغ لم يجيييز إل أن يرييييد بذلك
المقذوف الستر على نفسه ،وهو المشهور عنه.
والسيبب فيي اختلفهيم هيل هيو حيق لله؟ أو حيق للدمييين ،أو حيق
لكليهميا؟ فمين قال حيق لله لم يجيز العفيو كالزنيى؛ ومين قال حيق
للدميين أجاز العفو؛ ومن قال لكليهما وغلب حق المام إذا وصل
إليه قال بالفرق بين أن يصل المام أو ل يصل ،وقياسا على الثر
الوارد في السرقة .وعمدة من رأى أنه حق للدميين وهو الظهر
أن المقذوف إذا صيدقه فيميا قذفيه بيه سيقط عنيه الحيد .وأميا مين
يقيم الحد فل خلف أن المام يقيمه في القذف .واتفقوا على أنه
يجيب على القاذف ميع الحيد سيقوط شهادتيه ميا لم يتيب .واختلفوا
إذا تاب؛ فقال مالك :تجوز شهادتيه ،وبيه قال الشافعيي؛ وقال أبيو
حنيفية :ل تجوز شهادتيه أبدا .والسيبب فيي اختلفهيم هيل السيتثناء
يعود إلى الجملة المتقدميية أو يعود إلى أقرب مذكور ،وذلك فييي
قوله تعالى {ول تقبلوا لهيم شهادة أبدا وأولئك هيم الفاسيقون إل
الذيين تابوا} فمين قال يعود إلى أقرب مذكور قال :التوبية ترفيع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غير محدود ،وأن أبا بكر رضي الله عنه شاور أصحاب رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم :كيم بلغ ضرب رسيول الله صيلى الله علييه
شراب الخميير؟ فقدروه بأربعييين .وروي عيين أبييي سييعيد وسييلم ل ُ
الخدري "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ضرب فيي الخمير
بنعليين أربعيين" فجعيل عمير مكان كيل نعيل سيوطا .وروي مين
طريق آخر عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا ،وهو "أن
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ضرب فييي الخميير أربعييين"
وروي هذا عين علي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم مين طرييق
أثبت ،وبه قال الشافعي وأما من يقيم هذا الحد فاتفقوا على أن
المام يقيميه ،وكذلك المير فيي سيائر الحدود واختلفوا فيي إقامية
السييادات الحدود على عييبيدهم ،فقال مالك :يقيييم السيييد على
عبده حد الزنى وحد القذف إذا شهد عنده الشهود ،ول يفعل ذلك
بعلم نفسييه ،ول يقطييع فييي السييرقة إل المام ،وبييه قال الليييث،
وقال أبيييو حنيفييية :ل يقييييم الحدود على العبييييد إل المام؛ وقال
الشافعيي :يقييم السييد على عبده جمييع الحدود ،وهيو قول أحميد
وإسييحاق وأبييي ثور .فعمدة مالك الحديييث المشهور "أن رسييول
الله صيلى الله علييه وسيلم سيئل عين المية إذا زنيت ولم تحصين
فقال :إن زنييت فاجلدوهييا ،ثييم إن زنييت فاجلدوهييا ،ثييم إن زنييت
فاجلدوها ،ثم بيعوها ولو بضفير" وقوله عليه الصلة والسلم "إذا
زنييت أميية أحدكييم فليجلدهييا" .وأمييا الشافعييي فاعتمييد مييع هذه
الحادييث ميا روي عنيه صيلى الله علييه وسيلم مين حدييث عنيه أنيه
قال "أقيموا الحدود على مييا ملكييت أيمانكييم" ولنييه أيضييا مروي
عين جماعية مين الصيحابة ول مخالف لهيم ،منهيم ابين عمير وابين
مسيعود وأنيس .وعمدة أبيي حنيفية الجماع على أن الصيل فيي
إقامية الحدود هيو السيلطان .وروي عين الحسين وعمير بين عبيد
العزييز وغيرهيم أنهيم قالوا :الجمعية والزكاة والفيئ والحكيم إلى
السلطان.
@(-فصييل) وأمييا بماذا يثبييت هذا الحييد ،فاتفييق العلماء على أنييه
يثبت بالقرار وبشهادة عدلين .واختلفوا في ثبوته بالرائحة ،فقال
مالك وأصحابه وجمهور أهل الحجاز :يجب الحد بالرائحة إذا شهد
بهيا عنيد الحاكيم شاهدان عدلن؛ وخالفيه فيي ذلك الشافعيي وأبيو
حنيفيية وجمهور أهييل العراق وطائفيية ميين أهييل الحجاز وجمهور
علماء البصييرة فقالوا :ل يثبييت الحييد بالرائحيية .فعمدة ميين أجاز
الشهادة على الرائحيية تشبيههييا بالشهادة على الصييوت والخييط.
وعمدة من لم يثبتها اشتباه الروائح ،والحد يدرأ بالشبهة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب السرقة.
@-والنظييير فيييي هذا الكتاب فيييي حيييد السيييرقة ،وفيييي شروط
المسيروق الذي يجيب بيه الحيد ،وفيي صيفات السيارق الذي يجيب
عليييه الحييد ،وفييي العقوبيية ،وفيمييا تثبييت بييه هذه الجناييية .فأمييا
السيرقة ،فهيي أخيذ مال الغيير مسيتترا مين غيير أن يؤتمين علييه،
وإنما قلنا هذا لنهم أجمعوا أنه ليس في الخيانة ول في الختلس
قطيع إل إياس بين معاويية ،فإنيه أوجيب فيي الخلسية القطيع ،وذلك
مروي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم .وأوجيب أيضيا قوم القطيع
على ميين اسييتعار حليييا أو متاعييا ثييم جحده لمكان حديييث المرأة
المخزوميية المشهور "أنهيا كانيت تسيتعير الحلى ،وأن رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم قطعهيا لموضيع جحودهيا" وبيه قال أحميد
وإسيحاق والحدييث حدييث عائشية قالت "كانيت امرأة مخزوميية
تسيتعير المتاع وتجحده ،فأمير النيبي علييه الصيلة والسيلم بقطيع
يدها ،فأتى أسامة أهلها فكلموه ،فكلم أسامة النبي عليه الصلة
والسييلم ،فقال النييبي عليييه الصييلة والسييلم :يييا أسييامة ل أراك
تتكلم فيي حيد مين حدود الله ،ثيم قام النيبي علييه الصيلة والسيلم
خطيبييا فقال" :وإنمييا أهلك ميين كان قبلكييم أنييه إذا سييرق فيهييم
الشرييف تركوه ،وإذا سيرق الضعييف قطعوه ،والذي نفسيي بيده
لو كانيت فاطمية بنيت محميد لقطعتهيا" ورد الجمهور هذا الحدييث
لنيه مخالف للصيول ،وذلك أن المعار مأمون وأنيه لم يأخيذ بغيير
إذن فضل أن يأخيذ مين حرز ،قالوا :وفيي الحدييث حذف ،وهيو أنهيا
سيييرقت ميييع أنهيييا جحدت ،ويدل على ذلك قوله علييييه الصيييلة
والسيلم "إنميا أهلك مين كان قبلكيم أنيه إذا سيرق فيهيم الشرييف
تركوه" قالوا :وروى هذا الحديييث الليييث بيين سييعد عيين الزهري
بإسناده ،فقال فييه :إن المخزوميية سرقت ،قالوا :وهذا يدل على
أنهيا فعلت المريين جميعيا الجحيد والسيرقة .وكذلك أجمعوا على
أنييه ليييس على الغاصييب ول على المكابر المغالب قطييع إل أن
يكون قاطع طريق شاهرا للسلح على المسلمين مخيفا للسبيل،
فحكميه حكيم المحارب على ميا سييأتي فيي حيد المحارب .وأميا
السيارق الذي يجيب علييه حيد السيرقة ،فإنهيم اتفقوا على أن مين
شرطه أن يكون مكلفا ،وسواء كان حرا أو عبدا ،ذكرا أو أنثى ،أو
مسيلما ،أو ذميييا ،إل ميا روي فييي الصييدر الول مين الخلف فييي
قطع يد العبد البق إذا سرق ،وروي ذلك عن ابن عباس وعثمان
ومروان وعميير ابيين عبييد العزيييز ،ولم يختلف فيييه بعييد العصيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في مجن قيمته ثلثة دراهم "وحديث عائشة أوقفه مالك وأسنده
البخاري ومسيلم إلى النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "تقطيع
اليد في ربع دينار فصاعدا" وأما عمدة فقهاء العراق فحديث ابن
عمير المذكور ،قالوا :ولكين قيمية المجين هيو عشرة دراهيم وروي
ذلك في أحاديث.
وقد خالف ابن عمر في قيمة المجن من الصحابة كثير ممن رأى
القطع في المجن كابن عباس وغيره .وقد روى محمد بن إسحاق
عين أيوب بين موسيى عين عطاء عين ابين عباس قال :كان ثمين
المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم.
قالوا :وإذا وجد الخلف في ثمن المجن وجب أن ل تقطع اليد إل
بيقيين ،وهذا الذي قالوه هيو كلم حسين لول حدييث عائشية ،وهيو
الذي اعتمده الشافعيي فيي هذه المسيألة وجعيل الصيل هيو الربيع
دينار .وأميا مالك فاعتضيد عنده حدييث ابين عمير بحدييث عثمان
الذي رواه ،وهييو أنييه قطييع فييي أترجيية قومييت بثلثيية دراهييم،
والشافعييي يعتذر عيين حديييث عثمان ميين قبييل أن الصييرف كان
عندهييم فييي ذلك الوقييت اثنييا عشرة درهمييا (هكذا هذه العبارة
بجميع الصول ،ولينظر ما معناها ا هي مصححه) والقطع في ثلثة
دراهيم أحفيظ للموال ،والقطيع فيي عشرة دراهيم أدخيل فيي باب
التجاوز والصييفح عيين يسييير المال وشرف العضييو ،والجمييع بييين
حديث ابن عمر وحديث عائشة وفعل عثمان ممكن على مذهب
الشافعيي وغيير ممكين على مذهيب غيره ،فإن كان الجميع أولى
ميين الترجيييح فمذهييب الشافعييي أولى المذاهييب ،فهذا هييو أحييد
الشروط المشترطيية بالقطييع .واختلفوا ميين هذا الباب فييي فرع
مشهور وهو إذا سرقت الجماعة ما يجب فيه القطع ،أعني نصابا
دون أن يكون حيييظ كيييل واحيييد منهيييم نصيييابا ،وذلك أن يخرجوا
النصياب مين الحرز معيا ،مثيل أن يكون عدل أو صيندوقا يسياوي
النصياب؛ فقال مالك :يقطعون جميعيا ،وبيه قال الشافعيي وأحميد
وأبو ثور؛ وقال أبو حنيفة :ل قطع عليهم حتى يكون ما أخذه كل
واحد منهم نصابا؛ فمن قطع الجميع رأى العقوبة إنما تتعلق بقدر
مال المسييروق :أي أن هذا القدر ميين المال المسييروق هييو الذي
يوجيب القطيع لحفيظ المال؛ ومين رأى أن القطيع إنميا علق بهذا
القدر ل بميا دونيه لمكان حرمية الييد قال :ل تقطيع أييد كثيرة فيميا
أوجب فيه الشرع قطع يد واحدة.
واختلفوا متييى يقدر المسييروق؛ فقال مالك :يوم السييرقة؛ وقال
أبييو حنيفيية :يوم الحكييم عليييه بالقطييع .وأمييا الشرط الثانييي فييي
وجوب هذا الحيد فهيو الحرز ،وذلك أن جمييع فقهاء المصيار الذيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلي أو غيره إل
أن يكون معييه حافييظ يحفظييه؛ وميين سييرق ميين الكعبيية شيئا لم
يقطيع عنده ،وكذلك مين المسياجد؛ وقيد قييل فيي المذهيب إنيه أن
سيرق منهيا ليل قطيع .وفروع هذا الباب كثيرة فيميا هيو حرز وميا
ليس بحرز .واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمي مخرجا
للشيء من حرزه وجب عليه القطع ،وسواء كان داخل الحرز أو
خارجيه .وإذا ترددت التسيمية وقيع الخلف ،مثيل اختلف المذهيب
إذا كان سييارقان :أحدهمييا داخييل البيييت ،والخيير خارجييه ،فقرب
أحدهما المتاع المسروق إلى ثقب في البيت فتناوله الخر ،فقيل
القطيع على الخارج المتناول له؛ وقييل :ل قطيع على واحيد منهميا؛
وقييل القطيع على المقرب للمتاع مين الثقيب .والخلف فيي هذا
كله آييل إلى انطلق اسييم المخرج مين الحرز علييه أو لنطلقييه.
فهذا هييو القول فييي الحرز واشتراطييه فييي وجوب القطييع ،وميين
رمى بالمسروق من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع ،وقد توقف
مالك فييه إذا أخيذ بعيد رمييه وقبيل أن يخرج؛ وقال ابين القاسيم:
يقطع.
@(-فصل) وأما جنس المسروق ،فإن العلماء اتفقوا على أن كل
متملك غيير ناطيق يجوز بيعيه وأخيذ العوض منيه ،فإنيه يجيب فيي
سييرقته القطييع مييا عدا الشياء الرطبيية المأكولة ،والشياء التييي
أصييلها مباحيية فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فذهييب الجمهور إلى أن
القطييع فييي كييل متموَّل يجوز بيعييه وأخييذ العوض فيييه؛ وقال أبييو
حنيفية :ل قطيع فيي الطعام ول فيميا أصيله مباح كالصييد والحطيب
والحشييش .فعمدة الجمهور عموم اليية الموجبية للقطيع وعموم
الثار الواردة فيي اشتراط النصياب .وعمدة أبيي حنيفية فيي منعيه
القطيع فيي الطعام الرطيب قوله علييه الصيلة والسيلم "ل قطيع
في ثمر ول كُث ْر" وذلك أن هذا الحديث روي هكذا مطلقا من غير
زيادة .وعمدته أيضا في منع القطع فيما أصله مباح الشبهة التي
فييه لكيل مالك ،وذلك أنهيم اتفقوا على أن مين شرط المسيروق
الذي يجييب فيييه القطييع أن ل يكون للسييارق فيييه شبهيية ملك.
واختلفوا فيما هو شبهة تدرأ الحد مما ليس بشبهة ،وهذا هو أيضا
أحد الشروط المشترطة في المسروق هو في ثلثة مواضع :في
جنسييه ،وقدره ،وشروطييه ،وسييتأتي هذه المسييألة فيمييا بعييد.
واختلفوا من هذا الباب أعني من النظر في جنس المسروق في
المصحف فقال مالك والشافعي :يقطع سارقه؛ وقال أبو حنيفة:
ل يقطيع ،ولعيل هذا مين أبيي حنيفية بناء على أنيه ل يجوز بيعيه ،أو
أن لكل أحد فيه حقا إذ ليس بمال .واختلفوا من هذا الباب فيمن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القطع فيما حكى عنه ابن القاسم .فعمدة من جمع بين المرين
أنه اجتمع في السرقة حقان :حق لله ،وحق للدمي ،فاقتضى كل
حق موجبه ،وأيضا فإنهم لما أجمعوا على أخذه منه إذا وجد بعينه
لزم إذا لم يوجييد بعينييه عنده أن يكون فييي ضمانييه قياسييا على
سيائر الموال الواجبية .وعمدة الكوفييين حدييث عبيد الرحمين بين
عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ل يغرم السارق
إذا أقيم عليه الحد" وهذا الحديث مضعف عند أهل الحديث .قال
أبيو عمير :لنيه عندهيم مقطوع ،قال :وقيد وصيله بعضهيم وخرجيه
النسييائي .والكوفيون يقولون :إن اجتماع حقييين فييي حييق واحييد
مخالف للصول ،ويقولون إن القطع هو بدل من الغرم ،ومن هنا
يرون أنه إذا سرق شيئا ما فقطع فيه ثم سرقه ثانيا أنه ل يقطع
فييه .وأميا تفرقية مالك فاسيتحسان على غيير قياس .وأميا القطيع
فالنظر في محله وفيمن سرق وقد عدم المحل .أما محل القطع
فهو اليد اليمنى باتفاق من الكوع ،وهو الذي عليه الجمهور؛ وقال
قوم :الصابع فقط .فأما إذا سرق من قد قطعت يده اليمنى في
السيييرقة ،فإنهيييم اختلفوا فيييي ذلك فقال أهيييل الحجاز والعراق:
تقطيع رجله اليسيرى بعيد الييد اليمنيى؛ وقال بعيض أهيل الظاهير
وبعض التابعين :تقطع اليد اليسرى بعد اليمنى ،ول يقطع منه غير
ذلك .واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة بعد اتفاقهم على قطع
الرجيل اليسيرى بعيد الييد اليمنيى ،هيل يقيف القطيع إن سيرق ثالثية
أم ل؟ فقال سيفيان وأبيو حنيفية :يقيف القطيع فيي الرجيل ،وإنميا
علييه فيي الثالثية الغرم فقيط؛ وقال مالك والشافعيي :إن سيرق
ثالثيية قطعييت يده اليسييرى ،ثييم إن سييرق رابعيية قطعييت رجله
اليمنى ،وكل القولين مروي عن عمر وأبي بكر ،أعني قول مالك
وأبي حنيفة .فعمدة من لم ير إل قطع اليد قوله تعالى {والسارق
والسيارقة فاقطعوا أيديهميا} ولم يذكير الرجيل إل فيي المحاربيين
فقيط .وعمدة مين قطيع الرجيل بعيد الييد ميا روي "أن النيبي صيلى
الله علييه وسيلم أتيى بعبيد سيرق فقطيع يده اليمنيى ،ثيم الثانيية
فقطع رجله ،ثم أتى به في الثالثة فقطع يده اليسرى ،ثم أتى به
في الرابعة فقطع رجله" وروي هذا من حديث جابر بن عبد الله،
وفييه "ثيم أخذه الخامسية فقتله" إل أنيه منكير عنيد أهيل الحدييث،
ويرده قوله علييه الصيلة والسيلم "هين فواحيش وفيهين عقوبية"
ولم يذكر قتل .وحديث ابن عباس "أن النبي عليه الصلة والسلم
قطيع الرجيل بعيد الييد" وعنيد مالك أنيه يؤدب فيي الخامسية ،فإذا
ذهب محل القطع من غير سرقة بأن كانت اليد شلء ،فقيل في
المذهييب ينتقييل القطييع إلى اليييد اليسييرى ،وقيييل إلى الرجييل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلف فيي موضيع القطيع مين القدم ،فقييل يقطيع مين المفصيل
الذي فيي أصيل السياق ،وقييل يدخيل الكعبان فيي القطيع ،وقييل ل
يدخلن ،وقييل إنهيا تقطيع مين المفصيل الذي فيي وسيط القدم.
واتفقوا على أن لصيياحب السييرقة أن يعفييو عيين السييارق مييا لم
ير فع ذلك إلى المام لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم قال "تعافوا الحدود
بينكم فما بلغني من حد فقد وجب" وقوله عليه الصلة والسلم
"لو كانيت فاطمية بنيت محميد لقميت عليهيا الحيد" وقوله لصيفوان
"هل كان ذلك قبيل أن تأتينيي بيه؟" .واختلفوا فيي السيارق يسيرق
ميا يجيب فييه القطيع فيرفيع إلى المام وقيد وهبيه صياحب السيرقة
مييا سييرقه ،أو يهبييه له بعييد الرفييع وقبييل القطييع؛ فقال مالك
والشافعيي :علييه الحيد ،لنيه قيد رفيع إلى المام وقال أبيو حنيفية
وطائفة :ل حد عليه .فعمدة الجمهور حديث مالك عن ابن شهاب
عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له "إن من
لم يهاجيير هلك ،فقدم صييفوان بيين أمييية إلى المدينيية ،فنام فييي
المسيجد وتوسيد رداءه فجاء سيارق فأخييذ رداءه ،فأخييذ صيفوان
السارق فجاء به إلى ر سول الله صلى الله عليه وسلم ،فأمر به
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أن تقطيع يده ،فقال صيفوان:
لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة ،فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :فهل قبل أن تأتيني به".
**3القول فيما تثبت به السرقة.
@-واتفقوا على أن السييرقة تثبييت بشاهدييين عدلييين ،وعلى أنهييا
تثبيت بإقرار الحير .واختلفوا فيي إقرار العبيد؛ فقال جمهور فقهاء
المصييار :إقراره على نفسييه موجييب لحده ،وليييس يوجييب عليييه
غرميا؛ وقال زفير :ل يجيب إقرار العبيد على نفسيه بميا يوجيب قتله
ول قطع يده لكونه مال لموله ،وبه قال شريح والشافعي وقتادة
وجماعية ،وإن رجيع عين القرار إلى شبهية قبيل رجوعيه .وإن رجيع
إلى غير شبهة فعن مالك في ذلك روايتان ،هكذا حكى البغداديون
عيين المذهييب ،وللمتأخرييين فييي ذلك تفصيييل ليييس يليييق بهذا
الغرض ،وإنما هو لئق بتفريع المذهب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحرابة.
@-والصل في هذا الكتاب قوله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون
الله ورسييوله} الييية .وذلك أن هذه الييية عنييد الجمهور هييي فييي
المحاربيين .وقال بعيض الناس :إنهيا نزلت فيي النفير الذيين ارتدوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي زمان النيبي علييه الصيلة والسيلم واسيتاقوا البيل ،فأمير بهيم
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فقطعييت أيديهييم وأرجلهييم
وسيملت أعينهيم ،والصيحيح أنهيا فيي المحاربيين لقوله تعالى {إل
الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} وليس عدم القدرة عليهم
مشترطية فيي توبية الكفار فبقيي أنهيا فيي المحاربيين .والنظير فيي
أصيول هذا الكتاب ينحصير فيي خمسية أبواب :أحدهيا :النظير فيي
الحرابية .والثانيي :النظير فيي المحارب .والثالث :فيميا يجيب على
المحارب .والرابييع :فييي مسييقط الواجييب عنييه وهييي التوبيية.
والخامس :بماذا تثبت هذه الجناية.
**3الباب الول في النظر في الحرابة.
@-فأميا الحرابية ،فاتفقوا على أنهيا إشهار السيلح وقطيع السيبيل
خارج المصيير ،واختلفوا فيميين حارب داخييل المصيير ،فقال مالك:
داخييل المصيير وخارجييه سييواء؛ واشترط الشافعييي الشوكيية ،وإن
كان لم يشترط العدد ،وإنمييا معنييى الشوكيية عنده قوة المغالبيية،
ولذلك يشترط فيهيا البعيد عين العمران ،لن المغالبية إنميا تتأتيى
بالبعيييد عييين العمران؛ وكذلك يقول الشافعيييي :أنيييه إذا ضعيييف
السيلطان ووجدت المغالبية فيي المصير كانيت محاربية ،وأميا غيير
ذلك فهيو عنده اختلس؛ وقال أبيو حنيفية :ل تكون المحاربية فيي
المصر.
**3الباب الثاني في النظر في المحارب.
@-فأميا المحارب :فهيو كيل مين كان دميه محقونيا قبيل الحرابية،
وهو المسلم والذمي.
**3الباب الثالث فيما يجب على المحارب.
@-وأما ما يجب على المحارب ،فاتفقوا على أنه يجب عليه حق
لله وحيق للدمييين واتفقوا على أن حيق الله هيو القتيل والصيلب
وقطيع اليدي وقطيع الرجيل مين خلف ،والنفيي على ميا نيص الله
تعالى فيي آيية الحرابية .واختلفوا فيي هذه العقوبات هيل هيي على
التخييير أو مرتبية على قدر جنايية المحارب؛ فقال مالك :إن قتيل
فل بد من قتله ،وليس للمام تخيير في قطعه ول في نفيه ،وإنما
التخييير فيي قتله أو صيلبه .وأميا إن أخيذ المال ولم يقتيل فل تخييير
فيي نفييه ،وإنميا التخييير فيي قتله أو صيلبه أو قطعيه مين خلف.
وأما إذا أخاف السبيل فقط فالمام عنده مخير في قتله أو صلبه
أو قطعيه أو نفييه .ومعنيى التخييير عنده أن المير راجيع فيي ذلك
إلى اجتهاد المام ،فإن كان المحارب مميييين له الرأي والتدبييييير،
فوجيه الجتهاد قتله أو صيلبه ،لن القطيع ل يرفيع ضرره .وإن كان
ل رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلف .وإن كان ليس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييه شييء مين هاتيين الصيفتين أخيذ بأيسير ذلك فييه وهيو الضرب
والنفي .وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى أن
هذه العقوبة هي مرتبة على الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها
علييه ،فل يقتيل مين المحاربيين إل مين قتيل ،ول يقطيع إل مين أخيذ
المال ،ول ينفييي إل ميين لم يأخييذ المال ول قتييل؛ وقال قوم :بييل
المام مخييير فيهييم على الطلق ،وسييواء قتييل أم لم يقتييل ،أخييذ
المال أو لم يأخذه .وسيييبب الخلف هيييل حرف "أو" فيييي اليييية
للتخييير أو للتفصييل على حسيب جناياتهيم؟ ومالك حميل البعيض
مين المحاربيين على التفصييل والبعيض على التخييير .واختلفوا فيي
معنى قوله {أو يصلبوا} فقال قوم :إنه يصلب حتى يموت جوعا؛
وقال قوم :بل معنى ذلك أنه يقتل ويصلب معا ،وهؤلء منهم من
قال :يقتل أول ثم يصلب ،وهو قول أشهب ،وقيل إنه يصلب حيا
ثيم يقتيل فيي الخشبية ،وهيو قول ابين القاسيم وابين الماجشون؛
ومين رأى أنيه يقتيل أول ثيم يصيلب صيلى علييه عنده قبيل الصيلب؛
ومن رأى أنه يقتل في الخشبة فقال بعضهم :ل يصلى عليه تنكيل
له ،وقيل يقف خلف الخشبة ويصلى عليه؛ وقال سحنون :إذا قتل
فيي الخشبية أنزل منهيا وصيلى علييه .وهيل يعاد إلى الخشبية بعيد
الصيلة؟ فييه قولن عنيه؛ وذهيب أبيو حنيفية وأصيحابه أنيه ل يبقيى
على الخشبيية أكثيير ميين ثلثيية أيام .وأمييا قوله {أو تقطييع أيديهييم
وأرجلهييييم ميييين خلف} فمعناه أن تقطييييع يده اليمنييييى ورجله
اليسيرى ،ثيم إن عاد قطعيت يده اليسيرى ورجله اليمنيى .واختلف
إذا لم تكيين له اليمنييى؛ فقال ابيين القاسييم :تقطييع يده اليسييرى
ورجله اليمنيى؛ وقال أشهيب :تقطيع يده اليسيرى ورجله اليسيرى.
واختلف أيضيا فيي قوله أو ينفوا مين الرض ،فقييل إن النفيي هيو
السجن ،وقيل إن النفي هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيسجن فيه
إلى أن تظهر توبته ،وهو قول ابن القاسم عن مالك ،ويكون بين
البلديين أقيل ميا تقصير فييه الصيلة ،والقولن عين مالك ،وبالول
قال أبو حنيفة؛ وقال ابن الماجشون :معنى النفي هو فرارهم من
المام لقامية الحيد عليهيم ،فأميا أن ينفيى بعيد أن يقدر علييه فل؛
وقال الشافعيييي :أميييا النفيييي فغيييير مقصيييود ،ولكييين إن هربوا
شردناهيم فيي البلد بالتباع ،وقييل هيي عقوبية مقصيودة ،فقييل
على هذا ينفى ويسجن دائما ،وكلها عن الشافعي؛ وقيل معنى أو
ينفوا :أي من أرض السلم إلى أرض الحرب .والذي يظهر هو أن
النفيي تغريبهيم عين وطنهيم لقوله تعالى {ولو أنيا كتبنيا عليهيم أن
اقتلوا أنفسيكم أو اخرجوا مين دياركيم} اليية .فسيوى بيين النفيي
والقتييل ،وهييي عقوبيية معروفيية بالعادة ميين العقوبات كالضرب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والقتيل ،وكيل ميا يقال فييه سيوى هذا فلييس معروفيا ل بالعادة ول
بالعرف.
**3الباب الرابع في مسقط الواجب عنه من التوبة.
@-وأمييا ميا يسيقط الحييق الواجييب عليييه ،فإن الصييل فيييه قوله
تعالى {إل الذييين تابوا ميين قبييل أن تقدروا عليهييم} واختلف ميين
ذلك في أربعة مواضع :أحدها :هل تقبل توبته؟ .والثاني :إن قبلت
فميا صيفة المحارب الذي تقبيل توبتيه؟ فإن لهيل العلم فيي ذلك
قوليين :قول إنيه تقبيل توبتيه وهيو أشهير لقوله تعالى {إل الذيين
تابوا مين قبيل أن تقدروا عليهيم} وقول :إنيه ل تقبيل توبتيه ،قال
ذلك مين قال إن اليية لم تنزل فيي المحاربيين .وأميا صيفة التوبية
التي تسقط الحكم فإنهم اختلفوا فيها على ثلثة أقوال :أحدها أن
توبتيه تكون بوجهيين :أحدهميا أن يترك ميا هيو علييه وإن لم يأت
المام؛ والثانيي أن يلقيي سيلحه ويأتيي المام طائعيا ،وهيو مذهيب
ابين القاسيم .والقول الثانيي أن توبتيه إنميا تكون بأن يترك ميا هيو
عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه ،وإن أتى المام قبل أن
تظهيير توبتييه أقام عليييه الحييد ،وهذا هييو قول ابيين الماجشون.
والقول الثالث إن توبتييه إنمييا تكون بالمجييئ إلى المام ،وإن ترك
ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الحكام إن أخذ قبل أن
يأتيي المام ،وتحصييل ذلك هيو أن توبتيه قييل إنهيا تكون بأن يأتيي
المام قبيل أن يقدر علييه ،وقييل إنهيا إنميا تكون إذا ظهرت توبتيه
قبييل القدرة فقييط ،وقيييل تكون بالمرييين جميعييا .وأمييا صييفة
المحارب الذي تقبييل توبتييه ،فإنهييم اختلفوا فيهييا أيضييا على ثلثيية
أقوال :أحدهيييا أن يلحيييق بدار الحرب .والثانيييي أن تكون له فئة.
والثالث كيفمييا كانييت له فئة أو لم تكيين لحييق بدار الحرب أو لم
يلحق .واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه المام على أن ينزل،
فقييل له المان ويسيقط عنيه حيد الحرابية ،وقييل :ل أمان له لنيه
إنما يؤمن المشرك .وأما ما تسقط عنه التوبة ،فاختلفوا في ذلك
على أربعية أقوال :أحدهيا أن التوبية إنميا تسيقط عنيه حيد الحرابية
فقط ،ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الدميين ،وهو
قول مالك .والقول الثانييي إن التوبيية تسييقط عنييه حييد الحرابيية
وجميييع حقوق الله ميين الزنييى والشراب والقطييع فييي السييرقة،
ويتبييييع بحقوق الناس ميييين الموال والدماء إل أن يعفييييو أولياء
المقتول .والثالث أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ،ويؤخذ بالدماء
وفيي الموال بميا وجيد بعينيه فيي أيديهيم ول تتبيع ذممهيم .والقول
الرابيع إن التوبية تسيقط جمييع حقوق الله وحقوق الدمييين مين
مال ودم إل ما كان من الموال قائم العين بيده.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يسقط إسلمه عنه حكم الحرابة خاصة ،وحكمه فيما جنى حكم
المرتيد إذا جنيى فيي ردتيه فيي دار السيلم ثيم أسيلم؛ وقيد اختلف
أصييحاب مالك فيييه فقال :حكمييه حكييم المرتييد ميين اعتييبر يوم
الجنايية؛ وقال :حكميه حكيم المسيلم مين اعتيبر يوم الحكيم .وقيد
اختلف فيي هذا الباب فيي حكيم السياحر؛ فقال مالك :يقتيل كفرا؛
وقال قوم :ل يقتل ،والصل أن ل يقتل إل مع الكفر.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب القضية
@-وأصول هذا الكتاب تنحصر في ستة أبواب :أحدها :في معرفة
مين يجوز قضاؤه .والثانيي :فيي معرفية ميا يقضيي بيه .والثالث فيي
معرفة ما يقضي فيه .والرابع :في معرفة من يقضي عليه أو له.
والخامس :في كيفية القضاء .والسادس :في وقت القضاء.
**3الباب الول في معرفة من يجوز قضاؤه.
@-والنظيير فييي هذا الباب فيميين يجوز قضاؤه ،وفيمييا يكون بييه
أفضييل .فأمييا الصييفات المشترطيية فييي الجواز :فأن يكون حرا
مسيلما بالغيا ذكرا عاقل عدل .وقيد قييل فيي المذهيب إن الفسيق
يوجيب العزل ويمضيي ميا حكيم بيه .واختلفوا فيي كونيه مين أهيل
الجتهاد؛ فقال الشافعيي :يجيب أن يكون مين أهيل الجتهاد ومثله
حكييى عبييد الوهاب عيين المذهييب؛ وقال أبييو حنيفيية :يجوز حكييم
العاميي .قال القاضيي :وهيو ظاهير ميا حكاه جدي رحمية الله علييه
فييي المقدمات عيين المذهييب لنييه جعييل كون الجتهاد فيييه ميين
الصييفات المسييتحبة .وكذلك اختلفوا فييي اشتراط الذكورة؛ فقال
الجمهور :هيي شرط فيي صيحة الحكيم؛ وقال أبيو حنيفية :يجوز أن
تكون المرأة قاضييييا فيييي الموال؛ قال الطيييبري :يجوز أن تكون
المرأة حاكميا على الطلق فيي كيل شييء؛ قال عبيد الوهاب :ول
أعلم بينهييم اختلفييا فييي اشتراط الحرييية؛ فميين رد قضاء المرأة
شبهيه بقضاء المامية الكيبرى ،وقاسيها أيضيا على العبيد لنقصيان
حرمتها؛ ومن أجاز حكمها في الموال فتشبيها بجواز شهادتها في
الموال؛ ومن رأى حكمها نافذا في كل شيء قال :إن الصل هو
أن كييل ميين يتأتييى منييه الفصييل بييين الناس فحكمييه جائز إل مييا
خصييصه الجماع ميين الماميية الكييبرى .وأمييا اشتراط الحرييية فل
خلف فييه ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن السمع والبصير والكلم
مشترطة في استمرار وليته وليس شرطا في جواز وليته ،وذلك
أن مين صيفات القاضيي فيي المذهيب ميا هيي شرط فيي الجواز،
فهذا إذا ولي عزل وفسيخ جمييع ميا حكيم بيه ومنهيا ميا هيي شرط
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي السيتمرار وليسيت شرطيا فيي الجواز ،فهذا إذا ولى القضاء
عزل ونفذ ما حكم به إل أن يكون جورا .ومن هذا الجنس عندهم
هذه الثلث صفات .ومن شرط القضاء عند مالك أن يكون واحدا.
والشافعي يجيز أن يكون في المصر قاضيان اثنان إذا رسم لكل
واحيد منهميا ميا يحكيم فييه ،وإن شرط اتفاقهميا فيي كيل حكيم لم
يجييز ،وإن شرط السييتقلل لكييل واحييد منهمييا فوجهان :الجواز
والمنييع ،قال :وإذا تنازع الخصييمان فييي اختيار أحدهمييا وجييب أن
يقترعيا عنده .وأميا فضائل القضاء فكثيرة ،وقيد ذكرهيا الناس فيي
كتبهيم .وقد اختلفوا في المي هل يجوز أن يكون قاضيا؟ والبين
جوازه لكونه عليه الصلة والسلم أميا؛ وقال قوم :ل يجوز؛ وعن
الشافعييي القولن جميعييا ،لنييه يحتمييل أن يكون ذلك خاصييا بييه
لموضيع العجيز ،ول خلف فيي جواز حكيم المام العظيم وتوليتيه
للقاضي شرط في صحة قضائه ل خلف أعرف فيه .واختلفوا من
هذا الباب فيي نفوذ حكيم مين رضييه المتداعيان ممين لييس بوال
على الحكام ،فقال مالك :يجوز؛ وقال الشافعيي :فيي أحيد قولييه
ل يجوز؛ وقال أبو حنيفة :يجوز إذا وافق حكمه حكم قاضي البلد.
**3الباب الثاني في معرفة ما يقضي به.
@-وأما فيما يحكم ،فاتفقوا أن القاضي يحكم في كل شيء من
الحقوق كان حقييا لله أو حقييا للدميييين ،وأنييه نائب عيين المام
العظيم في هذا المعنى وأنه يعقد النكحة ويقدم الوصياء ،وهيل
يقدم الئميية فييي المسيياجد الجامعيية؟ فيييه خلف ،وكذلك هييل
يسيتخلف فييه خلف فيي المرض والسيفر إل أن يؤذن له ،ولييس
ينظير فيي الجباة ول فيي غيير ذلك مين الولة ،وينظير فيي التحجيير
على السفهاء عند من يرى التحجير عليهم .ومن فروع هذا الباب
هيل ميا يحكيم فييه الحاكيم تحلة للمحكوم له بيه ،وإن لم يكين فيي
نفسييه حلل ،وذلك أنهييم أجمعوا على أن حكييم الحاكييم الظاهيير
الذي يعترييييه ل يحيييل حراميييا ول يحرم حلل ،وذلك فيييي الموال
خاصة لقوله عليه الصلة والسلم "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون
إلي فلعيل بعضكيم أن يكون ألحين بحجتيه مين بعيض فأقضيي له
على نحو ما أسمع منه ،فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فل
يأخذ منه شيئا ،فإنما أقطع له قطعة من النار" .واختلفوا في حل
عصمة النكاح أو عقده بالظاهر الذي يظن الحاكم أنه حق وليس
بحيق ،إذ ل تحيل حرام ،ول يحرم حلل بظاهير حكيم الحاكيم دون
أن يكون الباطييين كذلك هيييل يحيييل ذلك أم ل؟ فقال الجمهور:
الموال والفروج في ذلك سواء ،ل يحل حكم الحاكم منها حراما
ول يحرم حلل ،وذلك مثل أن يشهد شاهدا زورا في امرأة أجنبية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أنهيا زوجية لرجيل أجنيبي ليسيت له بزوجية؛ فقال الجمهور :ل تحيل
له وإن أحلهييا الحاكييم بظاهيير الحكييم؛ وقال أبييو حنيفيية وجمهور
أصحابه :تحل له .فعمدة الجمهور عموم الحديث المتقدم ،وشبهة
أبييو حنيفيية أن الحكييم باللعان ثابييت بالشرع ،وقييد علم أن أحييد
المتلعنيييين كاذب ،واللعان يوجيييب الفرقييية ،ويحرم المرأة على
زوجهيا الملعين لهيا ويحلهيا لغيره ،فإن كان هيو الكاذب فلم تحرم
علييه إل بحكيم الحاكيم ،وكذلك إن كانيت هيي الكاذبية ،لن زناهيا ل
يوجب فرقتها على قول أكثر الفقهاء؛ والجمهور أن الفرقة ها هنا
إنما وقعت عقوبة للعلم بأن أحدهما كاذب.
**3الباب الثالث فيما يكون به القضاء.
@-والقضاء يكون بأربع :بالشهادة ،وباليمين ،وبالنكول ،وبالقرار،
أو بما تركب من هذه ففي هذا الباب أربعة فصول.
**4الفصل الول في الشهادة.
@-والنظير فيي الشهود فيي ثلثية أشياء :فيي الصيفة ،والجنيس،
والعدد .فأمييا عدد الصييفات المعتييبرة فييي قبول الشاهييد بالجملة
فهيي خمسية :العدالة ،والبلوغ ،والسيلم ،والحريية ،ونفيي التهمية.
وهذه منهييا متفييق عليهييا ،ومنهييا مختلف فيهييا .أمييا العدالة ،فإن
المسيلمين اتفقوا على اشتراطهيا فيي قبول شهادة الشاهيد لقوله
تعالى {ممن ترضون من الشهداء} ولقوله تعالى {وأشهدوا ذوي
عدل منكم} واختلفوا فيما هي العدالة؛ فقال الجمهور :هي صفة
زائدة على السييييلم ،وهييييو أن يكون ملتزمييييا لواجبات الشرع
ومسييتحباته ،مجنبييا للمحرمات والمكروهات؛ وقال أبييو حنيفيية:
يكفيي فيي العدالة ظاهير السيلم ،وأن ل تعلم منيه جرحية .وسيبب
الخلف كميييا قلنيييا ترددهيييم فيييي مفهوم اسيييم العدالة المقابلة
للفسيق ،وذلك أنهيم اتفقوا على أن شهادة الفاسيق ل تقبيل لقوله
تعالى {يييا أيهييا الذييين آمنوا إن جاءكييم فاسييق بنبييأ} الييية .ولم
يختلفوا أن الفاسيق تقبيل شهادتيه إذا عرفيت توبتيه ،إل مين كان
فسقه من قبل القذف .فإن أبا حنيفة يقول :ل تقبل شهادته وإن
تاب .والجمهور يقولون :تقبيل .وسيبب الخلف هيل يعود السيتثناء
فييييييي قوله تعالى {ول تقبلوا لهييييييم شهادة أبدا وأولئك هييييييم
الفاسيقون .إل الذيين تابوا مين بعيد ذلك} إلى أقرب مذكور إلييه،
أو على الجملة إل ميا خصيصه الجماع ،وهيو أن التوبية ل تسيقط
عنييه الحييد ،وقييد تقدم هذا .وأمييا البلوغ فإنهييم اتفقوا على أنييه
يشترط حييييث تشترط العدالة .واختلفوا فيييي شهادة الصيييبيان
بعضهيم على بعيض فيي الجراح وفيي القتيل ،فردهيا جمهور فقهاء
المصيار لميا قلناه مين وقوع الجماع على أن مين شرط الشهادة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجمهور فيهيا على أن القول فيهيا قول المدعيي ميع يمينيه ،مثيل
دعوى التلف فيي الوديعية وغيير ذلك إن وجيد شييء بهذه الصيفة،
ولولئك أن يقولوا :الصيل ميا ذكرنيا إل ميا خصيصه التفاق ،وكلهيم
مجتمعون على أن اليمييين التييي تسييقط الدعوى أو تثبتهييا هييي
اليمين بالله ،الذي ل إله إل هو ،وأقاويل فقهاء المصار في صفتها
متقاربية؛ وهيي عنيد مالك :بالله الذي ل إله إل هيو ،ل يزييد عليهيا،
ويزييد الشافعيي الذي يعلم مين السير ميا يعلم مين العلنيية .وأميا
هل تغلظ بالمكان؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ،فذهب مالك إلى أنها
تغلظ بالمكان وذلك فييييي قدر مخصييييوص ،وكذلك الشافعييييي.
واختلفوا فيي القدر ،فقال مالك :إن مين ادعيى علييه بثلثية دراهيم
فصاعدا وجبت عليه اليمين في المسجد الجامع ،فإن كان مسجد
النبي عليه الصلة والسلم ،فل خلف أنه يحلف على المنبر ،وإن
كان فييي غيره ميين المسيياجد ففييي ذلك روايتان :إحداهمييا حيييث
اتفيق مين المسيجد ،والخرى عنيد المنيبر .وروى عنيه ابين القاسيم
أنييه يحلف فيمييا له بال فييي الجامييع ولم يحدد؛ وقال الشافعييي:
يحلف فيي المدينية عنيد المنيبر ،وفيي مكية بيين الركين والمقام،
وكذلك عنده فيي كيل بلد يحلف عنيد المنيبر ،والنصياب عنده فيي
ذلك عشرون دينارا؛ وقال داود :يحلف على المنييبر فييي القليييل
والكثير؛ وقال أبو حنيفة :ل تغلظ اليمين بالمكان.
وسيبب الخلف هيل التغلييظ الوارد فيي الحلف على منيبر النيبي
صلى الله عليه وسلم يفهم منه وجوب الحلف على المنبر أم ل؟
فمين قال إنيه يفهيم منيه ذلك قال :لنيه لو لم يفهيم منيه ذلك لم
يكن للتغليظ في ذلك معنى؛ ومن قال للتغليظ معنى غير الحكم
بوجوب اليمييين على المنييبر قال :ل يجييب الحلف على المنييبر.
والحديث الوارد في التغليظ هو حديث جابر بن عبد الله النصاري
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حلف على منبري
آثميا تبوأ مقعده مين النار" واحتيج هؤلء بالعميل فقالوا :هيو عميل
الخلفاء ،قال الشافعييي :لم يزل عليييه العمييل بالمدينيية وبمكيية.
قالوا :ولو كان التغلييظ ل يفهيم منيه إيجاب اليميين فيي الموضيع
المغلظ لم يكيين له فائدة إل تجنييب اليمييين فييي ذلك الموضييع.
قالوا :وكميا أن التغلييظ الوارد فيي اليميين مجردا مثيل قوله علييه
الصيلة والسيلم "مين اقتطيع حيق امرئ مسيلم بيمينيه حرم الله
علييه الجنية وأوجيب له النار" يفهيم منيه وجوب القضاء باليميين،
وكذلك التغلييظ الوارد فيي المكان .وقال الفرييق الخير :ل يفهيم
ميين التغليييظ باليمييين وجوب الحكييم باليمييين ،وإذ لم يفهييم ميين
تغلييظ اليميين وجوب الحكيم باليميين لم يفهيم مين تغلييظ اليميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك هيييو أجرى على نيييص الحادييييث ،وقول الغيييير أجرى على
الصيول .ومميا اختلفوا فييه مين هذا الباب قضاء القاضيي بعلميه،
وذلك أن العلماء أجمعوا على أن القاضيييي يقضيييي بعلميييه فيييي
التعدييل والتجرييح ،وأنيه إذا شهيد الشهود بضيد علميه لم يقيض بيه،
وأنيه يقضيي بعلميه فيي إقرار الخصيم وإنكاره ،إل مالكيا فإنيه رأى
أن يحضر القاضي شاهدين لقرار الخصم وإنكاره ،وكذلك أجمعوا
على أنيه يقضيي بعلميه فيي تغلييب حجية أحيد الخصيمين على حجية
الخير إذا لم يكين فيي ذلك خلف .واختلفوا إذا كان فيي المسيألة
خلف ،فقال قوم :ل يرد حكميييه إذا لم يخرق الجماع؛ وقال قوم
إذا كان شاذا؛ وقال قوم :يرد إذا كان حكميييييييييا بقياس ،وهنالك
سيماع مين كتاب أو سينة تخالف القياس وهيو العدل ،إل أن يكون
القياس تشهيد له الصيول والكتاب محتميل والسينة غيير متواترة،
وهذا هيو الوجيه الذي ينبغيي أن يحميل علييه مين غلب القياس مين
الفقهاء في موضع من المواضع على الثر مثل ما ينسب إلى أبي
حنيفيية باتفاق ،وإلى مالك باختلف .واختلفوا هييل يقضييي بعلمييه
على أحييد دون بينيية أو إقرار ،أو ل يقضييي إل بالدليييل والقرار؟
فقال مالك وأكثيير أصييحابه :ل يقضييي إل بالبينات أو القرار ،وبييه
قال أحميد وشرييح؛ وقال الشافعيي والكوفيي وأبيو ثور وجماعية:
للقاضيي أن يقضيي بعلميه ،ولكل الطائفتيين سيلف مين الصيحابة
والتابعيين ،وكيل واحيد منهميا اعتميد فيي قوله السيماع والنظير .أما
عمدة الطائفيية التييي منعييت ميين ذلك ،فمنهييا حديييث معميير عيين
الزهري عين عروة عين عائشية "أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم
بعيث أبيا جهيم على صيدقة فلحاه رجيل فيي فريضية ،فوقيع بينهميا
شجاج ،فأتوا النييبي صييلى الله عليييه وسييلم فأخييبروه ،فأعطاهييم
الرش ،ثيييم قال علييييه الصيييلة والسيييلم "إنيييي خاطيييب الناس
ومخيبرهم أنكيم قيد رضيتيم ،أرضيتيم؟ قالوا :نعيم ،فصيعد رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم المنيبر ،فخطيب الناس وذكير القصية،
وقال :أرضيتيم؟ قالوا :ل ،فهيم بهيم المهاجرون ،فنزل رسيول الله
صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ،ثم صعد المنبر فخطب ،ثم قال:
أرضيتم؟ قالوا :نعم ،قال :فهذا بين في أنه لم يحكم عليهم بعلمه
صلى الله عليه وسلم .وأما من جهة المعنى فللتهمة اللحقة في
ذلك للقاضي.
وقيد أجمعوا أن للتهمية تأثيرا فيي الشرع :منهيا أن ل يرث القاتيل
عمدا عند الجمهور من قتله .ومنها ردهم شهادة الب لبنه ،وغير
ذلك مما هو معلوم من جمهور الفقهاء .وأما عمدة من أجاز ذلك،
أميا مين طرييق السيماع فحدييث عائشية فيي قصية هنيد بنيت عتبية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ابين ربيعية ميع زوجهيا أبيي سيفيان بين حرب حيين قال لهيا علييه
الصيلة والسيلم وقيد شكيت أبيا سيفيان "خذي ميا يكفييك وولدك
بالمعروف" دون أن يسمع قول خصمها.
وأميا مين طرييق المعنيى فإنيه إذا كان له أن يحكيم بقول الشاهيد
الذي هيو مظنون فيي حقيه فأحرى أن يحكيم بميا هيو عنده يقيين.
وخصص أبو حنيفة وأصحابه ما يحكم فيه الحاكم بعلمه فقالوا :ل
يقضي بعلمه في الحدود ويقضي في غير ذلك؛ وخصص أيضا أبو
حنيفية العلم الذي يقضيي بيه فقال :يقضيي بعلميه الذي علميه فيي
القضاء ،ول يقضيي بميا علميه قبيل القضاء .وروي عين عمير أنيه
قضى بعلمه على أبي سفيان لرجل من بني مخزوم .وقال بعض
أصحاب مالك :يقضي بعلمه في المجلس أعني بما يسمع وإن لم
يشهيد عنده بذلك ،وهيو قول الجمهور كميا قلنيا ،وقول المغيرة هيو
أجرى على الصييول ،لن الصييل فييي هذه الشريعيية ل يقضييي إل
بدلييل وإن كانيت غلبية الظين الواقعية بيه أقوى مين الظين الواقيع
بصدق الشاهدين.
**4الفصل الرابع في القرار.
@-وأما القرار إذا كان بينا فل خلف في وجوب الحكم به ،وإنما
النظيير فيميين يجوز إقراره مميين ل يجوز ،وإذا كان القرار محتمل
رفيع الخلف .أميا مين يجوز إقراره ممين ل يجوز فقيد تقدم .وأميا
عدد القرارات الموجبييية فقيييد تقدم فيييي باب الحدود ،ول خلف
بينهم أن القرار مرة واحدة عامل في المال .وأما المسائل التي
اختلفوا فيهييا ميين ذلك فهييو ميين قبييل احتمال اللفييظ ،وأنييت إن
أحببت أن تقف عليه فمن كتاب الفروع.
**3الباب الرابع[ .على من يقضي ،ولمن يقضي]
@-وأما على من يقضي؟ ولمن يقضي؟ فإن الفقهاء اتفقوا على
أنيه يقضيي لمين لييس يتهيم علييه .واختلفوا فيي قضائه لمين يتهيم
عل يه؛ فقال مالك :ل يجوز قضاؤه على من ل تجوز عليه شهاد ته؛
وقال قوم :يجوز لن القضاء يكون بأسيباب معلومية ولييس كذلك
الشهادة .وأمييا على ميين يقضييي؟ فإنهييم اتفقوا على أنييه يقضييي
على المسييلم الحاضيير .واختلفوا فييي الغائب وفييي القضاء على
أهيل الكتاب فأميا القضاء على الغائب ،فإن مالكيا والشافعيي قال:
يقضيي على الغائب البعييد الغيبية؛ وقال أبيو حنيفية :ل يقضيي على
الغائب أصييل ،وبييه قال ابيين الماجشون؛ وقييد قيييل عيين مالك ل
يقضيي فيي الرباع المسيتحقة .فعمدة مين رأى القضاء حدييث هنيد
المتقدم ول حجية فييه ،لنيه لم يكين غائبيا عين المصير .وعمدة مين
لم ير القضاء قوله عليه الصلة والسلم "فإنما أقضي له بحسب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميا أسيمع" وميا رواه أبيو داود وغيره عين علي أن النيبي صيلى الله
عليييه وسييلم قال له حييين أرسييله إلى اليميين "ل تقييض لحييد
الخصيمين حتيى تسيمع مين الخير" وأميا الحكيم على الذميي ،فإن
فييي ذلك ثلثيية أقوال :أحدهييا أنييه يقضييي بينهييم إذا ترافعوا إليييه
بحكيم المسيلمين ،وهيو مذهيب أبيي حنيفية؛ والثانيي أنيه مخيير ،وبيه
قال مالك ،وعن الشافعي القولن؛ والثالث أنه واجب على المام
أن يحكم بينهم وإن لم يتحاكموا إليه .فعمدة من اشترط مجيئهم
للحاكييم قوله تعالى {فإن جاؤك فاحكييم بينهييم أو اعرض عنهييم}
وبهذا تمسك من رأى الخيار ،ومن أوجبه اعتمد قوله تعالى {وأن
احكييم بينهييم} ورأى أن هذا ناسييخ لييية التخيييير .وأمييا ميين رأى
وجوب الحكيم عليهيم وإن لم يترافعوا ،فإنيه احتيج بإجماعهيم على
أن الذمي إذا سرق قطعت يده.
**3الباب الخامس[ .كيف يقضي القاضي]
@-وأما كيف يقضي القاضي ،فإنهم أجمعوا على أنه واجب عليه
أن يسوي بين الخصمين في المجلس وأل يسمع من أحدهما دون
الخير ،وأن يبدأ بالمدعيي فيسيأله البينية إن أنكير المدعيى علييه.
وإن لم يكن له بينة فإن كان في مال وجبت اليمين على المدعى
عليييه باتفاق ،وإن كانييت فييي طلق أو نكاح أو قتييل وجبييت عنييد
الشافعيي بمجرد الدعوى؛ وقال مالك :ل تجيب إل ميع شاهيد؛ وإذا
كان فييي المال فهييل يحلفييه المدعييى عليييه بنفييس الدعوى أو ل
يحلفييه حتييى يثبييت المدعييي الخلطيية؟ اختلفوا فييي ذلك ،فقال
جمهور فقهاء المصيار :اليميين تلزم المدعيى علييه بنفيس الدعوى
لعموم قوله علييه الصيلة والسيلم مين حدييث ابين عباس "البينية
على المدعيي واليميين على المدعيى علييه" وقال مالك :ل تجيب
اليمين إل بالمخالطة؛ وقال بها السبعة من فقهاء المدينة .وعمدة
ميين قال بهييا النظيير إلى المصييلحة لكيل يتطرق الناس بالدعاوي
إلى تعنييت بعضهيم بعضيا ،وإذايية بعضهيم بعضيا ،ومين هنيا لم يير
مالك إحلف المرأة زوجهييا إذا ادعييت عليييه الطلق إل أن يكون
معهيا شاهيد ،وكذلك إحلف العبيد سييده فيي دعوى العتيق علييه،
والدعوى ل تخلو أن تكون فييي شيييء فييي الذميية أو فييي شيييء
بعينييه ،فإن كانييت الذميية فادعييى المدعييى عليييه البراءة ميين تلك
الدعوى وأن له بينيية سييمعت منييه بينتييه باتفاق .وكذلك إن كان
اختلف في عقد وقع في عين مثل بيع أو غير ذلك .وأما إن كانت
الدعوى فيي عيين وهيو الذي يسيمى اسيتحقاقا ،فإنهيم اختلفوا هيل
تسمع بينة المدعى عليه؟ فقال أبو حنيفة :ل تسمع بينة المدعى
علييه إل فيي النكاح وميا ل يتكرر؛ وقال غيره :ل تسيمع فيي شييء؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقت توقيف المدعى فيه وإزالة اليد عنه إذا كان عينا .فأما متى
يقضيي القاضيي؟ فإذا لم يكين مشغول النفيس لقوله علييه الصيلة
والسيلم "ل يقضيي القاضيي حيين يقضيي وهيو غضبان" ومثيل هذا
عنييد مالك أن يكون عطشانييا أو جائعييا أو خائفييا أو غييير ذلك ميين
العوارض التي تعوقه عن الفهم ،لكن إذا قضى في حال من هذه
الحوال بالصيييواب ،فاتفقوا فيميييا أعلم على أنيييه ينفيييذ حكميييه،
ويحتمل أن يقال :ل ينفذ فيما وقع عليه النص وهو الغضبان ،لن
النهيي يدل على فسياد المنهيى عنيه .وأميا متيى ينفيذ الحكيم علييه
فبعيد ضرب الجيل والعذار إلييه ،ومعنيى نفوذ هذا ،هيو أن يحيق
حجة المدعي أو يدحضها وهل له أن يسمع حجة بعد الحكم؟ فيه
اختلف من قول مالك ،والشهر أنه يسمع فيما كان حقا لله مثل
الحباس والعتق ول يسمع في غير ذلك .وقيل ل يسمع بعد نفوذ
الحكم وهو الذي يسمى التعجيز قيل ل يسمع منهما جميعا ،وقيل
بالفرق بين المدعي والمدعى عليه ،وهو ما إذا أقر بالعجز .وأما
وقت التوقيف فهو عند الثبوت وقبل العذار ،وهو إذا لم يرد الذي
اسييتحق الشيييء ميين يده أن يخاصييم فله أن يرجييع بثمنييه على
البائع ،وإن كان يحتاج فيي رجوعيه بيه على البائع أن يوافقيه علييه
فيثبت شراءه منه إن أنكره ،أو يعترف له به إن أقره فللمستحق
ميين يده أن يأخييذ الشيييء ميين المسييتحق ويترك قيمتييه بيييد
المسييتحق؛ وقال الشافعييي :يشتريييه منييه ،فإن عطييب فييي يييد
المسييتحق فهييو ضاميين له ،وإن عطييب فييي أثناء الحكييم :مميين
ضمانه؟ اختلف في ذلك ،فقيل إن عطب بعد الثبات فضمانه من
المستحق وقيل إنما يضمن المستحق بعد الحكم؛ وأما بعد الثبات
وقبل الحكم فهو من المستحق منه .قال القاضي رضي الله عنه:
وينبغييي أن تعلم أن الحكام الشرعييية تنقسييم قسييمين :قسييم
يقضيي بيه الحكام وجيل ميا ذكرناه فيي هذا الكتاب هيو داخيل فيي
هذا القسم ،وقسم ل يقضي به الحكام ،وهذا أكثره هو داخل في
المندوب إليييه .وهذا الجنييس ميين الحكام هييو مثييل رد السييلم
وتشميت العاطس وغير ذلك مما يذكره الفقهاء في أواخر كتبهم
التيي يعرفونهيا بالجواميع .ونحين فقيد رأينيا أن نذكير أيضيا مين هذا
الجنيس المشهور منيه إن شاء الله تعالى .وميا ينبغيي قبيل هذا أن
تعلم أن السينن المشروعية العمليية المقصيود منهيا هيو الفضائل
النفسيانية ،فمنهيا ميا يرجيع إلى تعظييم مين يجيب تعظيميه وشكير
ميين يجييب شكره ،وفييي هذا الجنييس تدخييل العبادات ،وهذه هييي
السينن الكراميية .ومنهيا ميا يرجيع إلى الفضيلة التيي تسيمى عفية
وهذه صينفان :السينن الواردة فيي المطعيم والمشرب ،والسينن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الطييب كمييا يفزع إلى فتياه فييي الفقييه مييع الحييظ الوافيير ميين
العراب والداب والحكميية .حكييي عنييه أنييه كان يحفييظ شعيير
المتنييبي وحييبيب .وله تآليييف جليلة الفائدة ،منهييا كتاب "بداييية
المجتهيد ،ونهايية المقتصيد" فيي الفقيه (هيو هذا الكتاب الذي أبان
عين مقدار معرفية الرجيل بالشريعية ،فإنيه ذكير فييه أقوال فقهاء
المية مين الصيحابة فمين بعدهيم ،ميع بيان مسيتند كيل مين الكتاب
والسينة ،والقياس ميع الترجييح ،وبيان الصيحيح ،فخاض فيي بحير
عجاج ملتطيم المواج ،واهتدى فييه للسيلوك ،ونظيم جواهره فيي
صحائف تلك السلوك ،فرحمه الله رحمة واسعة) ذكر فيه أسباب
الخلف وعلل وجهيه ،فأفاد وأمتيع بيه ،ول يعلم فيي وقتيه أنفيع منيه
ول أحسيييين سييييياقا ،وكتاب الكليات فييييي الطييييب ،ومختصيييير
المسييتصفى فييي الصييول ،وكتابييه فييي العربيييه الذي وسييمه
بالضروري ،وغير ذلك تنيف على ستين تأليفا ،وحمدت سيرته في
القضاء بقرطبييية ،وتأثلت له عنيييد الملوك وجاهييية عظيمييية ،ولم
يصيرفها فيي ترفييع حال ول جميع مال ،إنميا قصيرها على مصيالح
أهل بلده خاصة ومنافع أهل الندلس .وحدث وسمع منه أبو بكر
بين جهور وأبيو محميد بين حوط الله وأبيو الحسين بين سيهل ابين
مالك وغيرهيم .وتوفيي سينة خميس وتسيعين وخمسيمائة ،ومولده
سينة عشريين وخمسيمائة ،قبيل وفاة القاضيي جده أبيي الولييد بين
رشد بشهر.
تقريظ
وعنييد تمام طبعتييه الولى قرظييه حضرة الديييب السييتاذ الشيييخ
محمييد أحمييد عرفيية بهذه الكلميية ،فأحببنييا إثباتهييا حرصييا على
محاسنها ونشرا لعلو مكانتها ،وهي:
إلى الحكييم الراقيد فيي جد ته ،الها نئ بمضجعيه ،تحفه مسيحة من
النور اللهي ،وعليه حارس من المهابة وسياج من الجلل ،أهدي
غاديات مين الدعوات واسيتمطر له وابل مين صييب الرحمات .لله
أنيت أيتهيا الروح الخالدة العائدة إلى محلهيا الرفيع ،فقيد هبطيت
علينيا مين عالميك العالي ،وطلعيت علينيا طلوع القمير على خابيط
لييل ضيل السيبيل وخانيه الدلييل ،طلعيت والهدى ،فكنيت كالغييث
أصاب أرضا قابلة فأنبتت الكل والعشب وأصاب منها الكثير أقمت
فينا ما شاء الله لك أن تقومي ،وخلفت لك آثارا جعلت لك مقعد
صيدق فيي كيل نفيس ،ثيم عدت سييرتك الولى .بسيم الله مجراك
ومرسيياك وطلوعتييك ومأواك وتأويبييك ومسييراك ،أي جييو حواك،
وأي آمال وسعتك ،وأي جسم تحمل ما ترومين.
وإذا كانت النفوس كبارا * تعبت في مرادها الجسام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بينيا نراك بيين يدي فيثاغورس وأرسيطو قيد حنيت علييك الحكمية،
وأرضعتيك أفاويقهيا ،وأعلتيك درهيا ،وأنهلتيك خيرهيا ،فل يظين أنيك
تعلمين غيرها ،إذا أنت وقد وضعتك الشريعة بين الحشا والفؤاد،
وسييهلت لك حنونهييا ،ووردت منهل عذبييا زاخرا عبابييه ،وسييائغا
شرابيه .وهذا كتابيك قيد خالط أجزاء النفيس وهيش إلييه الحيس،
فهو الحق إل أنه حكم قد ضمن الدر إل أنه كلم.
أنزه في رياض العلم نفسي * وأغدو في مسارحها وأمسي
أمتع ناظري فيما حوته * وأقطف زهرة من كل غرس
وأحسن من كئوس الراح عندي * ومن خد الظبا خدود طرس
وقد ردت الرياض فشمت روضا * به قد غبت عن نفسي وحسي
كأن خلل أسطره بحارا * تدفق بالمعارف بعد رمسي
كتاب حاكه فكر (ابن رشد) * وأخرج آية في كل درس
ومزق من ظلم الشك ثوبا * كما طرد الدجنة ضوء شمس.
فإن غرضييي فييي هذا الكتاب أن أثبييت فيييه لنفسييي (فييي نسييخة
فاس :التنيبيه لنفسيي بدل أن أثبيت) (انظير ترجمية المؤلف آخير
الكتاب) على جهيية التذكرة ميين مسييائل الحكام المتفييق عليهييا
والمختلف فيهيا بأدلتهيا ،والتنيبيه على نكيت الخلف فيهيا ،ميا يجري
مجرى الصييول والقواعييد لمييا عسييى أن يرد على المجتهييد ميين
المسيائل المسيكوت عنهيا فيي الشرع ،وهذه المسيائل فيي الكثير
هييي المسييائل المنطوق بهييا فييي الشرع أو تتعلق بالمنطوق بييه
تعلقيا قريبيا ،وهيي المسيائل التيي وقيع التفاق عليهيا ،أو اشتهير
الخلف فيهيا بيين الفقهاء السيلميين مين لدن الصيحابة رضيي الله
عنهم إلى أن فشا التقليد.
وقبيل ذلك فلنذكير كيم أصيناف الطرق التيي تتلقيي منهيا الحكام
الشرعيية ،وكيم أصيناف الحكام الشرعيية ،وكيم أصيناف السيباب
التي أوجبت الختلف بأوجز ما يمكننا في ذلك .فنقول:
إن الطرق التييي منهييا تلقيييت الحكام عيين النييبي عليييه الصييلة
والسيلم بالجنيس ثلثية :إميا لفيظ ،وإميا فعيل ،وإميا إقرار .وأميا ميا
سيييكت عنيييه الشارع مييين الحكام فقال الجمهور :إن طرييييق
الوقوف عليه هو القياس .وقال أهل الظاهر :القياس في الشرع
باطيل ،وميا سيكت عنيه الشارع فل حكيم له .ودلييل العقيل يشهيد
ثبوتيييه [أي ثبوت القياس .دار الحدييييث] ،وذلك أن الوقائع بيييين
أشخاص الناسييي غييير متناهييية ،والنصييوص والفعال والقرارات
متناهية ،ومحال أن يقابل ما ل يتناهى بما يتناهى.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحييد ميين هذه الطرق ،لنييه لو كان كذلك لكان يقتضييي إثبات
شرع زائد بعيد النيبي صيلى الله علييه وسيلم إذ كان ل يرجيع إلى
أصل من الصول المشروعة .وأما المعاني المتداولة المتأدية من
هذه الطرق اللفظية للمكلفين ،فهي بالجملة :إما أمر بشيء وإما
نهييي عنييه ،وإمييا تخيييير فيييه .والميير إن فهييم منييه الجزم وتعلق
العقاب بتركييه سييمي واجبييا ،وإن فهييم منييه الثواب على الفعييل
وانتفيى العقاب ميع الترك سيمي ندبيا .والنهيي أيضيا إن فهيم منيه
الجزم وتعلق العقاب بالفعييل سييمي محرمييا ومحظورا،وإن فهييم
منيه الحيث على تركيه مين غيير تعلق عقاب بفعله سيمي مكروهيا،
فتكون أصييييناف الحكام الشرعييييية الملتقاة ميييين هذه الطرق
الخميس :واجيب ،ومندوب ،ومحظور ،ومكروه ،ومخيير فييه وهيو
المباح .وأميا أسيباب الختلف بالجنيس فسيتة :أحدهيا تردد اللفاظ
بيين هذه الطرق الربيع :أعنيي بيين أن يكون اللفيظ عاميا يراد بيه
الخاص ،أو خاصييا يراد بييه العام ،أو عامييا يراد بييه العام ،أو خاصييا
يراد بيه الخاص ،أو يكون له دلييل خطاب ،أو ل يكون له .والثانيي
الشتراك الذي فيي اللفاظ ،وذلك إميا فيي اللفيظ المفرد كلفيظ
القرء الذي ينطلق على الطهار وعلى الحيض ،وكذلك لفظ المر
هيل يحميل على الوجوب أو الندب ،ولفيظ النهيي هيل يحميل على
التحرييم أو على الكراهيية ،وإميا فيي اللفيظ المركيب مثيل قوله
تعالى {إل الذيين تابوا} فإنيه يحتميل أن يعود على الفاسيق فقيط،
ويحتمييل أن يعود على الفاسييق والشاهييد ،فتكون التوبيية رافعيية
للفسق ومجيزة شهادة القاذف .والثالث اختلف العراب .والرابع
تردد اللفيظ بيين حمله على الحقيقية أو حمله على نوع مين أنواع
المجاز ،التيي هيي :إميا الحذف ،وإميا الزيادة ،وإميا التقدييم وإميا
التأخيير ،وإميا تردده على الحقيقية أو السيتعارة .والخاميس إطلق
اللفييظ تارة وتقييده تارة ،مثييل إطلق الرقبيية فييي العتييق تارة،
وتقييدها باليمان تارة .والسادس التعارض في الشيئين في جميع
أصيناف اللفاظ التيي يتلقيى منهيا الشرع الحكام بعضهيا ميع بعيض
وكذلك التعارض الذي يأتيييي فيييي الفعال أو فيييي القرارات ،أو
تعارض القياسيييات أنفسيييها،أو التعارض الذي يتركيييب مييين هذه
الصيييناف الثلثييية :أعنيييي معارضييية القول للفعيييل أو للقرار أو
للقياس ،ومعارضيية الفعييل للقرار أو للقياس ،ومعارضيية القرار
للقياس.
قال القاضي رضي الله عنه:
وإذ قيييد ذكرنيييا بالجملة هذه الشياء ،فلنشرع فيميييا قصيييدنا له،
مستعينين بالله ،ولنبدأ من ذلك بكتاب الطهارة على عاداتهم.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
**4الباب الثاني.
@-وأميا معرفية فعيل الوضوء فالصيل فييه ميا ورد مين صيفته فيي
قوله تعالى {ييا أيهيا الذييين آمنوا إذا قمتييم إلى الصييلة فاغسييلوا
وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى
الكعيبين} .وميا ورد مين ذلك أيضيا فيي صيفة وضوء النيبي صيلى
الله عليييه وسييلم فييي الثار الثابتيية ،ويتعلق بذلك مسييائل اثنتييا
عشرة مشهورة تجري مجرى المهات ،وهييي راجعيية إلى معرفيية
الشروط والركان وصيفة الفعال وأعدادهيا وتعيينهيا وتحدييد محال
أنواع أحكام جميع ذلك.
@(-المسألة الولى من الشروط):
اختلف علماء المصار هل النية شرط في صحة الوضوء أم ل بعد
اتفاقهم على اشتراط النية في العبادات لقوله تعالى {وما أمروا
إل ليعبدوا الله مخلصيين له الديين} ولقوله صيلى الله علييه وسيلم
"إنما العمال بالنيات" الحديث المشهور .فذهب فريق منهم إلى
أنهيا شرط ،وهيو مذهيب الشافعيي ومالك وأحميد وأبيي ثور وداود.
وذهب فريق آخر إلى أنها ليست بشرط ،وهو مذهب أبي حنيفة
والثوري .وسييييبب اختلفهييييم تردد الوضوء بييييين أن يكون عبادة
محضية :أعنيي غيير معقولة المعنيى ،وإنميا يقصيد بهيا القربية فقيط
كالصييلة وغيرهييا ،وبييين أن يكون عبادة معقولة المعنييى كغسييل
النجاسة ،فإنهم ل يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية،
والعبادة المفهومية المعنيى غيير مفتقرة إلى النيية ،والوضوء فييه
شبه من العبادتين ،ولذلك وقع الخلف فيه ،وذلك أنه يجمع عبادة
ونظافة ،والفقه أن ينظر بأيهما هو أقوى شبها فيلحق به.
@(-المسألة الثانية من الحكام):
اختلف الفقهاء فييي غسييل اليييد قبييل إدخالهييا فييي إناء الوضوء،
فذهيب قوم إلى أنيه مين سينن الوضوء بإطلق ،وإن تيقين طهارة
الييد ،وهيو مشهور مذهيب مالك والشافعيي .وقييل إنيه مسيتحب
للشاك فييي طهارة يده؛ وهييو أيضييا مروي عيين مالك .وقيييل إن
غسل الييد واجيب على المنتبه من النوم ،وبيه قال داود وأصيحابه.
وفرق قوم بين نوم الليل ونوم النهار ،فأوجبوا ذلك في نوم الليل
ولم يوجبوه فييي نوم النهار ،وبييه قال أحمييد ،فتحصييل فييي ذلك
أربعية أقوال :قول إنيه سينة بإطلق ،وقوله إنيه اسيتحباب للشاك
وقول إنييه واجييب على المنتبييه ميين نوم وقول أنييه واجييب على
المنتبيه مين نوم اللييل دون نوم النهار ،والسيبب فيي اختلفهيم فيي
ذلك اختلفهيم فيي مفهوم الثابيت مين حدييث أبيي هريرة أنيه علييه
الصيلة والسيلم قال "إذا اسيتيقظ أحدكيم مين نوميه فليغسيل يده
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قبيل أن يدخلهيا الناء ،فإن أحدكيم ل يدري أيين باتيت يده" وفيي
بعض رواياته "فليغسلها ثلثا" فمن لم ير بين الزيادة الواردة في
هذا الحدييث على ميا فيي آيية الوضوء معارضية ،وبيين آيية الوضوء
حمل لفظ المر ههنا على ظاهره من الوجوب ،وجعل ذلك فرضا
ميين فروض الوضوء ،وميين فهييم ميين هؤلء ميين لفييظ البيات نوم
اللييل أوجيب ذلك مين نوم اللييل فقيط ،ومين لم يفهيم منيه ذلك
وإنميا فهيم منيه النوم فقيط أوجيب ذلك على كيل مسيتيقظ مين
النوم نهارا أو ليل ،ومين رأى أن بيين هذه الزيادة واليية تعارضيا إذ
كان ظاهيير الييية المقصييود منييه حصيير فروض الوضوء كان وجييه
الجمييع بينهمييا عنده أن يخرج لفييظ الميير عيين ظاهره الذي هييو
الوجوب إلى الندب ،وميين تأكييد عنده هذا الندب لمثابرتييه عليييه
الصيلة والسيلم على ذلك قال إنيه مين جنيس السينن ،ومين لم
يتأكييييييد عنده هذا الندب قال إن ذلك ميييييين جنييييييس المندوب
المسييتحب ،وهؤلء غسييل اليييد عندهييم بهذه الحال إذا تيقنييت
طهارتهيا :أعنيي مين يقول إن ذلك سينة ،مين يقول إنيه ندب ،ومين
لم يفهم من هؤلء من هذا الحديث علة توجب عنده أن يكون من
باب الخاص أرييد بيه العام كان ذلك عنده مندوبيا للمسيتيقظ مين
النوم فقط ،ومن فهم منه علة الشك وجعله من باب الخاص أريد
بيه العام كان ذلك عنده للشاك ،لنيه فيي معنيى النائم ،والظاهير
مين هذا الحدييث أنيه لم يقصيد بيه حكيم الييد فيي الوضوء ،وإنميا
قصيد بيه حكيم الماء الذي يتوضيأ بيه ،إذا كان الماء مشترطيا فييه
الطهارة وأما من نقل من غسله صلى الله عليه وسلم يديه قبل
إدخالهميا فيي الناء فيي أكثير أحيانيه ،فيحتميل أن يكون مين حكيم
اليد على أن يكون غسلها في البتداء من أفعال الوضوء ،ويحتمل
أن يكون مين حكيم الماء ،أعنيي أن ل ينجيس أو يقيع فييه شيك إن
قلنا إن الشك مؤثر.
@(-المسألة الثالثة من الركان):
اختلفوا في المضمضة والستنشاق في الوضوء على ثلثة أقوال:
قول إنهميا سينتان فيي الوضوء ،وهيو قول مالك والشافعيي وأبيي
حنيفة ،وقول إنهما فرض فيه ،وبه قال ابن أبي ليلى وجماعة من
أصيحاب داود ،وقول إن السيتنشاق فرض والمضمضية سينة ،وبيه
قال أبو ثور وأبو عبيدة وجماعة من أهل الظاهر ،وسبب اختلفهم
فيي كونهيا فرضيا أو سينة اختلفهيم فيي السينن الواردة فيي ذلك،
هييل هييي زيادة تقتضييي معارضيية آييية الوضوء أو ل تقتضييي ذلك؛
فميييييين رأى أن هذه الزيادة إن حملت على الوجوب اقتضييييييت
معارضية اليية ،إذ المقصيود مين اليية تأصييل هذا الحكيم وتيبيينه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيييي كلم العرب وذلك أن حرف إلى مرة يدل فيييي كلم العرب
على الغايية ،ومرة يكون بمعنيى ميع ،والييد أيضيا فيي كلم العرب
تطلق على ثلثيية معان على الكييف فقييط ،وعلى الكييف والذراع،
وعلى الكيف والذراع والعضيد ،فمين جعيل "إلى" بمعنيى ميع (هنيا
فييي نسيخة فاس بمعنيى مين) ،أو فهييم مين الييد مجموع الثلثيية
العضاء أوجيب دخولهيا فيي الغسيل (فيهيا هنيا زيادة لن إلى عنده
تكون بمعنى من ومبدأ الشيء من الشيء) ،ومن فهم من "إلى"
الغايية ومين الييد ميا دون المرفيق ولم يكين الحيد عنده داخل فيي
المحدود لم يدخلهميا فيي الغسيل ،وخرج مسيلم فيي صيحيحه عين
أبييي هريرة أنييه غسييل يده اليمنييى حتييى أشرع فييي العضييد ثييم
اليسرى كذلك ،ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ،ثم
غسيل اليسيرى كذلك ،ثيم قال هكذا رأييت رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم يتوضأ .وهو حجة لقول من أوجب إدخالها في الغسل،
لنيه إذا تردد اللفيظ بيين المعنييين على السيواء وجيب أن ل يصيار
إلى أحييد المعنيييين إل بدليييل ،وإن كانييت "إلى" فييي كلم العرب
أظهر في معنى الغاية منها في معنى مع ،وكذلك اسم اليد أظهر
في ما دون العضيد منه في ما فوق العضيد ،فقول من لم يدخل ها من
جهية الدللة اللفظيية أرجيح ،وقول مين أدخلهيا مين جهية هذا الثير
أبيين ،إل أن يحميل هذا الثير على الندب ،والمسيألة محتملة كميا
ترى ،وقييد قال قوم :إن الغاييية إذا كانييت ميين جنييس ذي الغاييية
دخلت فيه ،وإن لم تكن من جنسه لم تدخل فيه.
@(-المسألة السادسة من التحديد):
اتفيق العلماء على أن مسيح الرأس مين فروض الوضوء ،واختلفوا
في القدر المجزئ منه .فذهب مالك إلى أن الواجب مسحه كله،
وذهيب الشافعيي وبعيض أصيحاب مالك وأبيو حنيفية إلى أن مسيح
بعضه هو الفرض ،ومن أصحاب مالك من حد هذا البعض بالثلث،
ومنهم من حده بالثلثين ،وأما أبو حنيفة فحده بالربع ،وحد مع هذا
القدر مين الييد الذي يكون بيه المسيح ،فقال :إن مسيحه بأقيل مين
ثلثة أصابع لم يجزه .وأما الشافعي فلم يحد في الماسح ول في
الممسيوح حدا .وأصيل هذا الختلف فيي الشتراك الذي فيي الباء
فيييي كلم العرب ،وذلك أنهيييا مرة تكون زائدة مثيييل قوله تعالى
{تنبت بالدهن} على قراءة من قرأ تنبت بضم التاء وكسر الباء
من أنبت ،ومرة تدل على التبعيض مثل قول القائل :أخذت بثوبه
وبعضده ،ول معنييى لنكار هذا فييي كلم العرب ،أعنييي كون الباء
مبعضة ،وهو قول الكوفيين من النحويين ،فمن رآها زائدة أوجب
مسيح الرأس كله؛ ومعنيى الزائدة ههنيا كونهيا مؤكدة ،ومين رآهيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مبعضيية أوجييب مسييح بعضييه ،وقييد احتييج ميين رجييح هذا المفهوم
بحديييث المغيرة "أن النييبي عليييه الصييلة والسييلم توضييأ فمسييح
بناصييته وعلى العمامية" خرجيه مسيلم .وإن سيلمنا أن الباء زائدة
بقي ههنا أيضا احتمال آخر ،وهو هل الواجب الخذ بأوائل السماء
أو بأواخرها.
@(-المسألة السابعة من العداد):
اتفيق العلماء على أن الواجيب مين طهارة العضاء المغسيولة هيو
مرة مرة إذا أسيبغ ،وإن الثنيين والثلث مندوب إليهميا ،لميا صيح
"أنيه صيلى الله علييه وسيلم توضيأ مرة مرة وتوضيأ مرتيين مرتيين
وتوضيأ ثلثيا ثلثيا" ولن المير لييس يقتضيي إل الفعيل مرة مرة،
أعني المر الوارد في الغسل في آية الوضوء ،واختلفوا في تكرير
مسيح الرأس هيل هيو فضيلة أم لييس فيي تكريره فضيلة .فذهيب
الشافعي إلى أنه من توضأ ثلثا ثلثا يمسح رأسه أيضا ثلثا ،وأكثر
الفقهاء يرون أن المسيح ل فضيلة فيي تكريره؛ وسيبب اختلفهيم
فيي ذلك اختلفهيم فيي قبول الزيادة الواردة فيي الحدييث الواحيد
إذا أتت من طريق واحد ولم يرها الكثر ،وذلك أن أكثر الحاديث
التيي روي فيهيا أنيه توضيأ ثلثيا ثلثيا مين حدييث عثمان وغيره لم
ينقييل فيهييا إل أنييه مسييح واحدة فقييط .فييي بعييض الروايات عيين
عثمان فيي صيفة وضوئه أنيه علييه الصيلة والسيلم مسيح برأسيه
ثلثيا ،وعضيد الشافعيي وجوب قبول هذه الزيادة بظاهير عموم ميا
روي أنييه عليييه الصييلة والسييلم توضييأ مرة مرة ومرتييين مرتييين
وثلثيا ثلثيا ،وذلك أن المفهوم مين عموم هذا اللفيظ وإن كان مين
لفييظ الصييحابي هييو حمله على سييائر أعضاء الوضوء ،إل أن هذه
الزيادة ليست في الصحيحين ،فإن صحت يجب المصير إليها ،لن
من سكت عن شيء ليس هو بحجة على من ذكره .وأكثر العلماء
أوجييب تجديييد الماء لمسييح الرأس قياسييا على سييائر العضاء.
وروى عن ابن الماجشون أنه قال :إذا نفذ الماء مسح رأسه ببلل
لحيته ،وهو اختيار ابن حبيب ومالك والشافعي.
ويسيتحب فيي صيفة المسيح أن يبدأ بمقدم رأسيه فيمير يدييه إلى
قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ على ما في حديث عبد الله بن زيد
الثابت .وبعض العلماء يختار أن يبدأ من مؤخر الرأس ،وذلك أيضا
مروي مين صيفة وضوئه علييه الصيلة والسيلم مين حدييث الربييع
بنت معوذ ،إل أنه لم يثبت في الصحيحين.
@(-المسألة الثامنة من تعيين المحال):
اختلف العلماء فييي المسييح على العماميية ،فأجاز ذلك أحمييد بيين
حنبل وأبو ثور والقاسم بن سلم وجماعة ،ومنع من ذلك جماعة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أسييفل الخييف أولى بالمسييح ميين أعله" وقييد رأيييت رسييول الله
صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه ،فمن ذهب مذهب
الجمييع بييين الحديثييين حمييل حديييث المغيرة على السييتحباب،
وحديييث علي على الوجوب ،وهييي طريقيية حسيينة .وميين ذهييب
مذهب الترجيح أخذ إما بحديث علي ،وإما بحديث المغيرة ،فمن
رجيح حدييث المغيرة على حدييث علي رجحيه مين قبيل القياس،
أعنيي قياس المسيح على الغسيل ،ومين رجيح حدييث علي رجحيه
مين قبيل مخالفتيه للقياس أو مين جهية السيند ،والسيعد فيي هذه
المسيألة هييو مالك .وأميا ميين أجاز القتصييار على مسييح الباطيين
فقييط فل أعلم له حجيية ،لنييه ل هذا الثيير اتبييع ،ول هذا القياس
استعمل ،أعني قياس المسح على الغسل.
@(-المسألة الثالثة) :وأما نوع محل المسح فإن الفقهاء القائلين
بالمسييح اتفقوا على جواز المسييح على الخفييين ،واختلفوا فييي
المسيح على الجوربيين ،فأجاز ذلك قوم ومنعيه قوم ،وممين منيع
ذلك مالك والشافعييي وأبييو حنيفيية ،ومميين أجاز ذلك أبييو يوسييف
ومحمييد صيياحبا أبييي حنيفيية وسييفيان الثوري .وسييبب اختلفهييم
اختلفهيم فيي صيحة الثار الواردة عنيه علييه الصيلة والسيلم أنيه
مسيح على الجوربيين والنعليين .واختلفهيم أيضيا فيي هيل يقاس
على الخيييف غيره أم هيييي عبادة ل يقاس عليهيييا ول يتعدى بهيييا
محلهيا ،فمين لم يصيح عنده الحدييث أو لم يبلغيه ،ولم يير القياس
على الخييف قصيير المسييح عليييه ،وميين صييح عنده الثيير ،أو جوز
القياس على الخييف أجاز المسييح على الجوربييين ،وهذا الثيير لم
يخرجه الشيخان أعني البخاري ومسلما وصححه الترمذي ،ولتردد
الجوربيين المجلديين بيين الخيف والجورب غيير المجلد عين مالك
في المسح عليهما روايتان :إحداهما بالمنع والخرى بالجواز.
@(-المسيألة الرابعية) :وأميا صيفة الخيف ،فإنهيم اتفقوا على جواز
المسييح على الخييف الصييحيح ،واختلفوا فييي المخرق ،فقال مالك
وأصحابه :يمسح عليه إذا كان الخرق يسيرا ،وحدد أبو حنيفة بما
يكون الظاهير منيه أقيل مين ثلثية أصيابع .وقال قوم بجواز المسيح
على الخييف المنخرق مييا دام يسييمى خفييا وإن تفاحييش خرقييه،
وممين روى عنيه ذلك الثوري ،ومنيع الشافعيي أن يكون فيي مقدم
الخف خرق يظهر منه القدم ولو كان يسيرا في أحد القولين عنه
وسبب اختلفهم في ذلك اختلفهم في انتقال الفرض من الغسل
إلى المسح هل هو لموضع الستر أعني ستر خف القدمين ،أم هو
لموضع المشقة في نوع الخفين؟ فمن رآه لموضع الستر لم يجز
المسيح على الخيف المنخرق ،لنيه إذا انكشيف مين القدم شييء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
انتقيل فرضهميا مين المسيح إلى الغسيل ،ومين رأى أن العلة فيي
ذلك المشقية لم يعتيبر الخرق ميا دام يسيمى خفيا .وأميا التفرييق
بيييين الخرق الكثيييير واليسيييير فاسيييتحسان ورفيييع للحرج .وقال
الثوري :كانيت خفاف المهاجريين والنصيار ل تسيلم مين الخروق
كخفاف الناس ،فلو كان فيي ذلك حظير لورد ونقيل عنهيم .قلت:
هذه المسيألة هيي مسيكوت عنهيا ،فلو كان فيهيا حكيم ميع عموم
البتلء بيه لبينيه صيلى الله علييه وسيلم ،وقيد قال تعالى {لتيبين
للناس ما نزل إليهم} .
@(-المسيألة الخامسية) :وأميا التوقييت فإن الفقهاء أيضيا اختلفوا
فييه ،فرأى مالك أن ذلك غيير مؤقيت ،وأن لبيس الخفيين يمسيح
عليهما ما لم ينزعهما أو تصيبه جنابة؛ وذهب أبو حنيفة والشافعي
إلى أن ذلك مؤقت .والسبب في اختلفهم اختلف الثار في ذلك،
وذلك أنه ورد في ذلك ثلثة أحاديث :أحدها حديث علي عن النبي
علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "جعيل رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ثلثية أيام ولياليهين للمسيافر ويوميا وليلة للمقييم" خرجيه
مسييلم .والثانييي حديييث أبييي بيين عمارة "أنييه قال يارسييول الله
أأمسيح على الخيف؟ قال :نعيم ،قال :يوميا؟ قال :نعيم ،ويوميين؟
قال :نعيم ،قال :وثلثية؟ قال نعيم حتيى بلغ سيبعا ،ثيم قال :امسيح
ما بدا لك" خرجه أبو داود والطحاوي .والثالث حديث صفوان بن
عسييال قال :كنييا فييي سييفر فأمرنييا أن ل ننزع خفافنييا ثلثيية أيام
ولياليهن إل من جنابة ،ولكن من بول أو نوم أو غائط (هكذا رواية
الترمذي ورواييية النسييائي "ثلثيية أيام بلياليهيين" ميين غائط وبول
ونوم إل من جنابة) .قلت :أما حديث علي فصحيح خرجه مسلم.
وأميا حدييث أبيي بين عمارة فقال فييه أبيو عمير بين عبيد البر إنيه
حديييث ل يثبييت وليييس له إسييناد قائم ،ولذلك ليييس ينبغييي أن
يعارض بيه حدييث علي .وأميا حدييث صيفوان بين عسيال فهيو وإن
كان لم يخرجيه البخاري ول مسيلم فإنيه قيد صيححه قوم مين أهيل
العلم بحدييث الترمذي وأ بو محميد بين حزم ،وهيو بظاهره معارض
بدلييل الخطاب لحدييث أبيي كحدييث علي ،وقيد يحتميل أن يجميع
بينهميا بأن يقال :إن حدييث صيفوان وحدييث علي خرجيا مخرجيا
السييؤال عيين التوقيييت ،وحديييث أبييي بيين عمارة نييص فييي ترك
التوقييت ،لكين حدييث أبيي لم يثبيت بعيد ،فعلى هذا يجيب العميل
بحديثيي علي وصيفوان ،وهيو الظهير إل أن دلييل الخطاب فيهميا
يعارضه القياس ،وهو كون التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة،
لن النواقض هي الحداث.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المولة على الشرط الذي تقدم .وقال قوم :طهارتييه باقييية حتييى
يحدث حدثيا ينقيض الوضوء ولييس علييه غسيل ،وممين قال بهذا
القول داود وابين أبيي ليلى .وقال الحسين بين حيي :إذا نزع خفييه
فقييد بطلت طهارتييه ،وبكييل واحييد ميين هذه القوال الثلثيية قالت
طائفيية ميين فقهاء التابعييين ،وهذه المسييألة هييي مسييكوت عنهييا.
وسيبب اختلفهيم هيل المسيح على الخفيين هيو أصيل بذاتيه فيي
الطهارة أو بدل مين غسيل القدميين عنيد غيبوبتهميا فيي الخفيين؟
فإن قلنيا هيو أصيل بذاتيه فالطهارة باقيية وإن نزع الخفيين كمين
قطعت رجله بعد غسلهما ،وإن قلنا إنه بدل ،فيحتمل أن يقال إذا
نزع الخيييف بطلت الطهارة وإن كنيييا نشترط الفور ،ويحتميييل أن
يقال إن غسيييييلهما أجزأت الطهارة إذا لم يشترط الفور .وأميييييا
اشتراط الفور ميين حييين نزع الخييف فضعيييف ،وإنمييا هييو شيييء
يتخيل فهذا ما رأينا أن نثبته في هذا الباب.
**4الباب الثالث في المياه.
@-والصل في وجوب الطهارة بالمياه قوله تعالى {وينزل عليكم
ميين السييماء ماءا ليطهركييم بييه} وقوله {فلم تجدوا ماء فتيمموا
صييعيدا طيبييا} وأجمييع العلماء على أن جميييع أنواع المياه طاهرة
فييي نفسييها مطهرة لغيرهييا ،إل ماء البحيير ،فإن فيييه خلفييا فييي
الصيدر الول شاذا ،وهيم محجوبون بتناول اسيم الماء المطلق له،
وبالثيير الذي خرجييه مالك وهييو قوله عليييه الصييلة والسييلم فييي
البحير "هيو الطهور ماؤه الحيل ميتتيه" وهيو وإن كان حديثيا مختلفيا
في صحته ،فظاهر الشرع يعضده ،وكذلك أجمعوا على أن كل ما
يغييير الماء ممييا ل ينفييك عنييه غالبييا أنييه ل يسييلبه صييفة الطهارة
والتطهيير إل خلفيا شاذا ،روي فيي الماء الجين عين ابين سييرين،
وهيو أيضيا محجوج بتناول اسيم الماء المطلق له ،واتفقوا على أن
الماء الذي غيرت النجاسة إما طعمه أو لونه أو ريحه أو أكثر من
واحييد ميين هذه الوصيياف أنييه ل يجوز بييه الوضوء ول الطهور.
واتفقوا على أن الماء الكثير المسيتبحر ل تضره النجاسة التيي لم
تغير أحد أوصافه وأنه طاهر ،فهذا ما أجمعوا عليه من هذا الباب،
واختلفوا مييين ذلك فيييي سيييت مسيييائل تجري مجرى القواعيييد
والصول لهذا الباب.
@(-المسييألة الولى) اختلفوا فييي الماء إذا خالطتييه نجاسيية ولم
تغيير أحيد أوصيافه ،فقال قوم :هيو طاهير سيواء كان كثيرا أو قليل،
وهي إحدى الروايات عن مالك ،وبه قال أهل الظاهر ،وقال قوم:
بالفرق بيين القلييل والكثيير ،فقالوا إن كان قليل كان نجسيا ،وإن
كان كثيرا لم يكيين نجسييا .وهؤلء اختلفوا فييي الحييد بييين القليييل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حنيفة ،فجمعا بين حديثي أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري،
بأن حمل حديثي أبي هريرة على الماء القليل ،وحديث أبي سعيد
على الماء الكثييير .وذهييب الشافعييي إلى أن الحييد فييي ذلك الذي
يجمع الحاديث هو ما ورد في حديث عبد الله بن عمر عن أبيه،
خرجه أبو داود والترمذي ،وصححه أبو محمد بن حزم قال "سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من السباع
والدواب؟ فقال :إن كان الماء قلتييين لم يحمييل خبثييا" وأمييا أبييو
حنيفية فذهيب إلى أن الحيد فيي ذلك مين جهية القياس ،وذلك أنيه
اعتيبر سيريان النجاسية فيي جمييع الماء بسيريان الحركية ،فإذا كان
الماء بحيث يظن أن النجاسة ل يمكن فيها أن تسري في جميعه
فالماء طاهير ،لكين مين ذهيب هذيين المذهيبين فحدييث العرابيي
المشهور معارض له ول بد ،فلذلك لجأت الشافعية إلى أن فرقت
بيين ورود الماء على النجاسية وورودهيا على الماء ،فقالوا إن ورد
عليهييا الماء كمييا فييي حديييث العرابييي لم ينجييس ،وإن وردت
النجاسة على الماء كما في حديث أبي هريرة نجس.
وقال جمهور الفقهاء :هذا تحكيم ،وله إذا تؤميل وجيه مين النظير،
وذلك أنهيم إنميا صياروا إلى الجماع على أن النجاسية اليسييرة ل
تؤثيير فييي الماء الكثييير إذا كان الماء الكثييير بحيييث يتوهييم أن
النجاسة ل تسري في جميع أجزائه ،وأنه يستحيل عينها عن الماء
الكثير ،وإذا كان ذلك كذلك ،فل يبعد أن قدرا ما من الماء لو حله
قدر ما من النجاسة لسرت فيه ولكان نجسا ،فإذا ورد ذلك الماء
على النجاسية جزءا فجزءا فمعلوم أنيه تفنيى عيين تلك النجاسية
وتذهيب قبيل فناء ذلك الماء ،وعلى هذا فيكون آخير جزء ورد مين
ذلك الماء قيد طهير المحيل لن نسيبته إلى ميا ورد علييه مميا بقيي
مين النجاسية نسيبة الماء الكثيير إلى القلييل مين النجاسية ،ولذلك
كان العلم يقيع فيي هذه الحال بذهاب عيين النجاسية ،أعنيي فيي
وقوع الجزء الخير الطاهر على آخر جزء يبقى من عين النجاسة،
ولهذا أجمعوا على أن مقدار مييا يتوضييأ بييه يطهيير قطرة البول
الواقعة في الثوب أو البدن.
واختلفوا إذا وقعيت القطرة مين البول فيي ذلك القدر مين الماء.
وأولى المذاهيب عندي وأحسينها طريقية فيي الجميع ،هيو أن يحميل
حديييث أبييي هريرة ومييا فييي معناه على الكراهييية ،وحديييث أبييي
سيعيد وأنيس على الجواز ،لن هذا التأوييل يبقيى مفهوم الحادييث
على ظاهرها ،أعني حديثي أبي هريرة من أن المقصود بها تأثير
النجاسة في الماء؛ وحد الكراهية عندي هو ما تعافه النفس وترى
أنيه ماء خيبيث ،وذلك أن ميا يعاف النسيان شربيه يجيب أن يجتنيب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
استعماله في القربة إلى الله تعالى ،وأن يعاف وروده على ظاهر
بدنه كما يعاف وروده على داخله ،وأما من احتج بأنه لو كان قليل
النجاسية ينجيس قلييل الماء لميا كان الماء يطهير أحدا أبدا ،إذ كان
يجيب على هذا أن يكون المنفصيل مين الماء عين الشييء النجيس
المقصيود تطهيره أبدا نجسيا ،فقول ل معنيى له ،لميا بيناه مين أن
نسيبة آخير جزء يرد مين الماء على آخير جزء يبقيى مين النجاسية
فييي المحييل نسييبة الماء الكثييير إلى النجاسيية القليلة ،وإن كان
يعجيب بيه كثيير مين المتأخريين ،فإنيا نعلم قطعيا أن الماء الكثيير
يحيييل النجاسيية ويقلب عينهييا إلى الطهارة ،ولذلك أجمييع العلماء
على أن الماء اللكثير ل تفسده النجاسة القليلة ،فإذا تابع الغاسل
صيب الماء على المكان النجيس أو العضيو النجيس ،فيحييل الماء
ضرورة عيين النجاسية بكثرتيه ،ول فرق بييين الماء الكثيير أن يرد
على النجاسية الواحدة بعينهيا دفعية ،أو يرد عليهيا جزءا بعيد جزء،
فإذا هؤلء إنمييا احتجوا بموضييع الجماع على موضييع الخلف ميين
حيييث لم يشعروا بذلك ،والموضعان فييي غاييية التباييين ،فهذا مييا
ظهير لنيا فيي هذه المسيألة مين سيبب اختلف الناس فيهيا وترجييح
أقوالهيم فيهيا ،ولوددنيا لو أن سيلكنا فيي كيل مسيألة هذا المسيلك،
لكيين رأينييا أن هذا يقتضييي طول وربمييا عاق الزمان عنييه ،وأن
الحوط هييو أن نؤم الغرض الول الذي قصييدناه ،فإن يسيير الله
تعالى فيه وكان لنا انفساح من العمر فسيتم هذا الغرض.
@ (-المسييألة الثانييية) الماء الذي خالطييه زعفران أو غيره ميين
الشياء الطاهرة التيي تنفيك منيه غالبيا متيى غيرت أحيد أوصيافه،
فإنيه طاهير عنيد جمييع العلماء غيير مطهير عنيد مالك والشافعيي،
ومطهيير عنييد أبييي حنيفيية مييا لم يكيين التغييير عيين طبييخ .وسييبب
اختلفهييم هييو خفاء تناول اسييم الماء المطلق للماء الذي خالطييه
أمثال هذه الشياء ،أعني هل يتناوله أو ل يتناوله؟ فمن رأى أنه ل
يتناوله اسيم الماء المطلق وإنميا يضاف إلى الشييء الذي خالطيه
فيقال ماء كذا ل ماء مطلق لم يجييز الوضوء بييه ،إذ كان الوضوء
إنميييا يكون بالماء المطلق ،ومييين رأى أنيييه يتناوله اسيييم الماء
المطلق أجاز بيييه الوضوء ،ولظهور عدم تناول اسيييم الماء للماء
المطبوخ مييع شيييء طاهيير اتفقوا على أنييه ل يجوز الوضوء بييه،
وكذلك فييي مياه النبات المسييتخرجة منييه إل مييا فييي كتاب ابيين
شعبان ميين أجازة طهيير الجمعيية بماء الورد .والحييق أن الختلط
يختلف بالكثرة والقلة ،فقد يبلغ من الكثرة إلى حد ل يتناوله اسم
الماء المطلق مثييل مييا يقال ماء الغسييل ،وقييد ل يبلغ إلى ذلك
الحد ،وبخاصة متى تغيرت منه الريح فقط ،ولذلك لم يعتبر الريح
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قوم ممين منعوا الماء المضاف ،وقيد قال علييه الصيلة والسيلم
لم عطييية عنييد أمره إياهييا بغسييل ابنتييه "اغسييلنها بماء وسييدر
واجعلن فييي الخيرة كافورا أو شيئا ميين كافور" فهذا ماء مختلط
ولكنه لم يبلغ من الختلط بحيث يسلب عنه اسم الماء المطلق،
وقيد روي عين مالك باعتبار الكثرة فيي المخالطية والقلة والفرق
بينهمييا ،فأجازه مييع القلة وإن ظهرت الوصيياف ،ولم يجزه مييع
الكثرة.
@(-المسيلئة الثالثية) الماء المسيتعمل فيي الطهارة .اختلفوا فييه
على ثلثة أقوال :فقوم لم يجيزوا الطهارة به على كل حال ،وهو
مذهب الشافعي وأبي حنيفة ،وقوم كرهوه ولم يجيزوا التيمم مع
وجوده ،وهو مذهب مالك وأصحابه ،وقوم لم يروا بينه وبين الماء
المطلق فرقيا ،وبيه قال أبيو ثور وداود وأصيحابه ،وشيذ أبيو يوسيف
فقال إنيه نجيس .وسيبب الخلف فيي هذا أيضيا ميا يظين مين أنيه ل
يتناوله اسييم الماء المطلق حتييى إن بعضهييم غل فظيين أن اسييم
الغسيالة أحيق بيه مين اسيم الماء ،وقيد ثبيت أن النيبي صيلى الله
عليييه وسييلم كان أصييحابه يقتتلون على فضييل وضوئه ،ول بييد أن
يقييع ميين الماء المسييتعمل فييي الناء الذي بقييي فيييه الفضييل.
وبالجملة فهييو ماء مطلق لنييه فييي الغلب ليييس ينتهييي إلى أن
يتغير أحد أوصافه بدنس العضاء التي تغسل به ،فإن انتهى إلى
ذلك ،فحكميه حكيم الماء الذي تغيير أحيد أوصيافه بشييء طاهير،
وإن كان هذا تعافه النفوس أكثر ،وهذا لحظ من كرهه ،وأما من
زعم أنه نجس فل دليل معه.
@(-المسيألة الرابعية) اتفيق العلماء على طهارة أسيآر المسيلمين
وبهيمية النعام ،واختلفوا فيميا عدا ذلك اختلفيا كثيرا ،فمنهيم مين
زعيم أن كيل حيوان طاهير السيؤر ،ومنهيم مين اسيتثنى مين ذلك
الخنزييير فقييط ،وهذان القولن مرويان عيين مالك ،ومنهييم ميين
اسيتثنى مين ذلك الخنزيير والكلب ،وهيو مذهيب الشافعيي ومنهيم
مين اسيتثنى مين ذلك السيباع عامية ،وهيو مذهيب ابين القاسيم،
ومنهيم مين ذهيب إلى أن السيآر تابعية للحوم ،فإن كانيت اللحوم
محرمة فالسآر نجسة ،وإن كانت مكروهة فالسآر مكروهة ،وإن
كانت مباحة فالسآر طاهرة .وأما سؤر المشرك فقيل إنه نجس،
وقيل إنه مكروه إذا كان يشرب الخمر ،وهو مذهب ابن القاسم،
وكذلك عنده جمييع أسيآر الحيوانات التيي ل تتوقيى النجاسية غالبيا
مثيييل الدجاج المخلة والبيييل الجللة والكلب المخلة .وسيييبب
اختلفهيم في ذلك هو ثلثة أشياء :أحدها معارضة القياس لظاهير
الكتاب .والثانييي معارضتييه لظاهيير الثار .والثالث معارضيية الثار
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بعضها بعضا في ذلك .أما القياس فهو أنه لما كان الموت من غير
ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان بالشرع وجب أن تكون الحياة
هييي سييبب طهارة عييين الحيوان ،وإذا كان ذلك كذلك فكييل حييي
طاهر العين ،وكل طاهر العين فسؤره طاهر .وأما ظاهر الكتاب
فإنييه عارض هذا القياس فييي الخنزييير والمشرك ،وذلك أن الله
تعالى يقول فيي الخنزيير {فإنيه رجيس} وميا هيو رجيس فيي عينيه
فهيو نجيس لعينيه ،ولذلك اسيتثنى قوم مين الحيوان الحيي الخنزيير
فقييط ،وميين لم يسييتثنه حمييل قوله "رجييس" على جهيية الذم له.
وأميا المشرك ففيي قوله تعالى {إنميا المشركون نجيس} فمين
حمل هذا أيضا على ظاهره استثنى من مقتضى ذلك في القياس
المشركين ،ومن أخرجه مخرج الذم لهم طرد قياسه.
وأميا الثار فإنهيا عارضيت هذا القياس فيي الكلب والهير والسيباع.
أما الكلب فحديث أبي هريرة المتفق على صحته ،وهو قوله عليه
الصيلة والسيلم "إذا ولغ الكلب فيي إناء أحدكيم فليرقيه وليغسيله
سييبع مرات" وفييي بعييض طرقييه "أولهيين بالتراب" وفييي بعضهييا
"وعفروه الثامنيية بالتراب" وأمييا الهيير فمييا رواه قرة عيين ابيين
سيييرين عيين أبييي هريرة قال :قال رسييول الله صييلى الله عليييه
وسييلم "طهور الناء إذا ولغ فيييه الهيير أن يغسييل مرة أو مرتييين"
وقرة ثقيية عنييد أهييل الحديييث .وأمييا السييباع فحديييث ابيين عميير
المتقدم عين أبييه قال "سيئل رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
عيين الماء ومييا ينوبييه ميين السييباع والدواب فقال :إن كان الماء
قلتين لم يحمل خبثا" .وأما تعارض الثار في هذا الباب ،فمنها أنه
روي عنه "أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي بين
مكية والمدينية تردهيا الكلب والسيباع ،فقال "لهيا ميا حملت فيي
بطونهيا ولكيم ميا غيبر شرابيا وطهورا" ونحيو هذا حدييث عمير الذي
رواه مالك في موطئه وهو قوله "يا صاحب الحوض ل تخبرنا فإنا
نرد على السيباع وترد علينيا" وحدييث أبيي قتادة أيضيا الذي خرجيه
مالك "أن كبشيييية سييييكبت له وضوء فجاءت هرة لتشرب منييييه
فأصيغى لهيا الناء حتيى شربيت ،ثيم قال إن رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم قال :إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم
أو الطوافات"
فاختلف العلماء فييي تأويييل هذه الثار ووجييه جمعهييا مييع القياس
المذكور؛ فذهيب مالك فيي المير بإراقية سيؤر الكلب وغسيل الناء
منيه ،إلى أن ذلك عبادة غيير معللة ،وأن الماء الذي يلغ فييه لييس
بنجييس ،ولم ييير إراقيية مييا عدا الماء ميين الشياء التييي يلغ فيهييا
الكلب فيي المشهور عنيه ،وذلك كميا قلنيا لمعارضية ذلك القياس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
له ،ولنه ظن أيضا أنه إن فهم منه أن الكلب نجس العين عارضه
ظاهير الكتاب وهيو قوله تعالى {فكلوا مميا أمسيكن عليكيم} يرييد
أنيه لو كان نجيس العيين لنجيس الصييد بمماسيته ،وأييد هذا التأوييل
بما جاء في غسله من العدد والنجاسات ليس يشترط في غسلها
العدد فقال :إن هذا الغسيل إنميا هيو عباده ،ولم يعرج على سيائر
تلك الثار لضعفهييا عنده .وأمييا الشافعييي فاسييتثنى الكلب ميين
الحيوان الحيي ورأى أن ظاهير هذا الحدييث يوجيب نجاسية سيؤره،
وأن لعابيه هيو النجيس ل عينيه فيميا أحسيب ،وأنيه يجيب أن يغسيل
الصييد منيه ،وكذلك اسيتثنى الخنزيير لمكان اليية المذكورة .وأميا
أبيو حنيفية فإنيه زعيم أن المفهوم مين هذه الثار الواردة بنجاسية
سيؤر السيباع والهير والكلب هيو مين قبيل تحرييم لحومهيا ،وأن هذا
من باب الخاص أريد به العام فقال :السآر تابعة للحوم الحيوان،
وأميا بعيض الناس فاسيتثنى مين ذلك الكلب والهير والسيباع على
ظاهيير الحاديييث الواردة فييي ذلك .وأمييا بعضهييم فحكييم بطهارة
سيؤر الكلب والهير ،فاسيتثنى مين ذلك السيباع فقيط .أميا سيؤر
الكلب فللعدد المشترط فيي غسيله ،ولمعارضية ظاهير الكتاب له
ولمعارضيية حديييث أبييي قتادة له ،إذ علل عدم نجاسيية الهرة ميين
قبيل أنهيا مين الطوافيين والكلب طواف .وأميا الهرة فمصييرا إلى
ترجيح حديث أبي قتادة على حديث قرة عن ابن سيرين ،وترجيح
حدييث ابين عمير على حدييث عمير ،وميا ورد فيي معناه لمعارضية
حديييث أبييي قتادة له بدليييل الخطاب؛ وذلك أنييه لمييا علل عدم
النجاسية فيي الهرة بسيبب الطواف فهيم منيه أن ميا لييس بطواف
وهييي السيباع فأسيآرها محرمية ،وممين ذهيب هذا المذهيب ابين
القاسم،
وأميا أبيو حنيفية فقال كميا قلنيا بنجاسية سيؤر الكلب ،ولم يير العدد
في غسله شرطا في طهارة الناء الذي ولغ فيه لنه عارض ذلك
عنده القياس في غسل النجاسات ،أعني أن المعتبر فيها إنما هو
إزالة العييين فقييط ،وهذا على عادتييه فييي رد أخبار الحاد لمكان
معارضية الصيول لهيا .قال القاضيي :فاسيتعمل مين هذا الحدييث
بعضيا ولم يسيتعمل بعضيا ،أعنيي أنيه اسيتعمل منيه ميا لم تعارضيه
عنده الصول ،ولم يستعمل ما عارضته منه الصول ،وعضد ذلك
بأنه مذهب أبي هريرة الذي روى الحديث ،فهذه هي الشياء التي
حركيييت الفقهاء إلى هذا الختلف الكثيييير فيييي هذه المسيييألة
وقادتهيم إلى الفتراق فيهيا ،والمسيألة اجتهاديية محضية يعسير أن
يوجيد فيهيا ترجييح ،ولعيل الرجيح أن يسيتثنى مين طهارة أسيآر
الحيوان الكلب والخنزيييير والمشرك لصيييحة الثار الواردة فيييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الكلب ولن ظاهير الكتاب أولى أن يتبيع فيي القول بنجاسية عيين
الخنزير والمشرك من القياس ،وكذلك ظاهر الحديث ،وعليه أكثر
الفقهاء ،أعنيي على القول بنجاسية سيؤر الكلب ،فإن المير بإراقية
ما ولغ فيه الكلب مخيل ومناسب في الشرع لنجاسة الماء الذي
ولغ فييه ،أعنيي أن المفهوم بالعادة فيي الشرع مين المير بإراقية
الشيء وغسل الناء منه هو لنجاسة الشيء ،وما اعترضوا به من
أنه لو كان ذلك لنجاسة الناء لما اشترط فيه العدد ،فغير نكير أن
يكون الشرع يخيص نجاسية دون نجاسية بحكيم دون حكيم تغليظيا
لهييا .قال القاضييي :وقييد ذهييب جدي رحميية الله عليييه فييي كتاب
المقدمات إلى أن هذا الحديييث معلل معقول المعنييى ليييس ميين
سبب النجاسة .بل من سبب ما يتوقع أن يكون الكلب الذي ولغ
في الناء كلبا ،فيخاف من ذلك السم .قال :ولذلك جاء هذا العدد
الذي هو السبع في غسله ،فإن هذا العدد قد استعمل في الشرع
فيي مواضيع كثيرة فيي العلج والمداواة مين المراض ،وهذا الذي
قال رحمه الله هو وجه حسن على طريقة المالكية ،فإنه إذا قلنا
إن ذلك الماء غيير نجيس ،فالولى أن يعطيى علة فيي غسيله مين
أن يقول إنييه غييير معلل ،وهذا طاهيير بنفسييه ،وقييد اعترض عليييه
فيميا بلغنيي بعيض الناس بأن قال :إن الكلب الكلب ل يقرب الماء
فييي حييين كلبييه ،وهذا الذي قالوه هييو عنييد اسييتحكام هذه العلة
بالكلب ،ل فيي مباديهيا وفيي أول حدوثهيا ،فل معنيى لعتراضهيم.
وأيضيا فإنيه لييس فيي الحدييث ذكير الماء ،وإنميا فييه ذكير الناء،
ولعييل فييي سييؤره خاصييية ميين هذا الوجييه ضارة ،أعنييي قبييل أن
يستحكم به الكلب ،ول يستنكر ورود مثل هذا في الشرع ،فيكون
هذا مين باب ميا ورد فيي الذباب إذا وقيع فيي الطعام أن يغميس،
وتعليل ذلك بأن في أحد جناحيه داء وفي الخر دواء .وأما ما قيل
فيي المذهيب مين أن هذا الكلب هيو الكلب المنهيي عين اتخاذه أو
الكلب الخضري فضعييييف وبعييييد مييين هذا التعلييييل ،إل أن يقول
قائل :إن ذلك أعني النهي من باب التحريج في اتخاذه.
@(-المسييألة الخامسيية) اختلف العلماء فييي أسييآر الطهيير على
خمسيية أقوال :فذهييب قوم إلى أن أسييآر الطهيير طاهرة بإطلق،
وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة .وذهب آخرون إلى أنه ل
يجوز للرجييل أن يتطهيير بسييؤر المرأة ،ويجوز للمرأة أن تتطهيير
بسؤر الرجل ،وذهب آخرون إلى أنه يجوز للرجل أن يتطهر بسؤر
المرأة ما لم تكن المرأة جنبا أو حائضا ،وذهب آخرون إلى أنه ل
يجوز لواحيد منهميا أن يتطهير بفضيل صياحبه إل أن يشرعيا معيا.
وقال قوم :ل يجوز وإن شرعيا معيا ،وهيو مذهيب أحميد بين حنبيل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وسيبب اختلفهيم فيي هذا اختلف الثار ،وذلك أن فيي ذلك أربعية
آثار :أحدهييا أن النييبي صييلى الله عليييه وسييلم كان يغتسييل ميين
الجنابية هيو وأزواجيه مين إناء واحيد ،والثانيي حدييث ميمونية أنيه
اغتسل من فضلها ،والثالث حديث الحكم الغفاري أن النبي عليه
الصيلة والسيلم نهيى أن يتوضيأ الرجيل بفضيل المرأة ،خرجيه أبيو
داود والترمذي .والرابيع حدييث عبيد الله بين سيرجس قال "نهيى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة
والمرأة بفضيل الرجيل ،ولكين يشرعان معيا" .فذهيب العلماء فيي
تأويل هذه الحاديث مذهبين :مذهب الترجيح ،ومذهب الجمع في
بعض والترجيح في بعض ،أما من رجح حديث اغتسال النبي صلى
الله علييه وسيلم ميع أزواجيه مين إناء واحيد على سيائر الحادييث،
لنه مما اتفق الصحاح على تخريجه ،ولم يكن عنده فرق بين أن
يغتسيل معيا أو يغتسيل كيل منهميا بفضيل صياحبه ،لن المغتسيلين
معا كل واحد منهما مغتسل بفضل صاحبه ،وصحح حديث ميمونة
ميع هذا الحدييث ورجحيه على حدييث الغفاري فقال بطهير السيآر
على الطلق .وأميا مين رجيح حدييث الغفاري على حدييث ميمونية
وهييو مذهييب أبييي محمييد بيين حزم .وجمييع بييين حديييث الغفاري
وحدييث اغتسيال النيبي علييه الصيلة والسيلم ميع أزواجيه مين إناء
واحد بأن فرق بين الغتسال معا ،وبين أن يغتسل أحدهما بفضل
الخر وعمل على هذين الحديثين فقط أجاز للرجل أن يتطهر مع
المرأة مين إناء واحيد ،ولم يجيز أن يتطهير هيو مين فضيل طهرهيا،
وأجاز أن تتطهير هييي مين فضيل طهره .وأميا مين ذهيب مذهيب
الجمع بين الحاديث كلها ما خل حديث ميمونة ،فإنه أخذ بحديث
عبد الله بن سرجس ،لنه يمكن أن يجتمع عليه حد يث الغفاري،
وحدييث غسيل النيبي صيلى الله علييه وسيلم ميع أزواجيه مين إناء
واحييد ويكون فيييه زيادة ،وهييي أن ل تتوضييأ المرأة أيضييا بفضييل
الرجيل ،لكين يعارضيه حدييث ميمونية ،وهيو حدييث خرجيه مسيلم،
لكين قيد علله كميا قلنيا بعيض الناس مين أن بعيض رواتيه قال فييه:
أكثر ظني أو أكثر علمي أن أبا الشعثاء حدثني ،وأما من لم يجز
لواحيد منهميا أن يتطهير بفضيل صياحبه ول يشرعان معيا ،فلعله لم
يبلغيه مين الحادييث إل حدييث الحكيم الغفاري وقاس الرجيل على
المرأة .وأميا مين نهيى عين سيؤر المرأة الجنيب والحائض فقيط،
فلسيت أعلم له حجية إل أنيه مروي عين بعيض السيلف أحسيبه عين
ابن عمر.
@(-المسيألة السيادسة) صيار أبيو حنيفية مين بيين معظيم أصيحابه
وفقهاء المصار إلى إجازة الوضوء بنبيذ التمر في السفر لحديث
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ابين عباس "أن ابين مسيعود خرج ميع رسيول الله صيلى الله علييه
وسلم ليلة الجن ،فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
هل معك من ماء؟ فقال :معي نبيذ في إداوتي ،فقال رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم :اصيبب فتوضيأ بيه ،وقال :شراب وطهور"
وحديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن مسعود بمثله،
وفييه قال رسيول الله صيلى الله علييه وسييلم "ثمرة طيبيية وماء
طهور" وزعموا أنيه منسيوب إلى الصيحابة علي وابين عباس ،وأنيه
ل مخالف لهييم ميين الصييحابة ،فكان كالجماع عندهييم .ورد أهييل
الحدييث هذا الخيبر ولم يقبلوه لضعيف رواتيه ،ولنيه قيد روي مين
طرق أوثيق مين هذه الطرق أن ابين مسيعود لم يكين ميع رسيول
الله صييلى الله عليييه وسييلم ليلة الجيين .واحتييج الجمهور لرد هذا
الحديييث بقوله تعالى {فلم تجدوا ماء فتيموا صييعيدا طيبييا} قالوا
فلم يجعيل ههنيا وسيطا بيين الماء والصيعيد ،وبقوله علييه الصيلة
والسيلم "الصيعيد الطييب وضوء المسيلم وإن لم يجيد الماء إلى
عشير حجيج ،فإذا وجيد الماء فليمسيه بشرتيه" ولهيم أن يقولوا إن
هذا قيد أطلق علييه فيي الحدييث اسيم الماء ،والزيادة ل تقتضيي
نسيييخا فيعارضهيييا الكتاب ،لكييين هذا مخالف لقولهيييم إن الزيادة
نسخ.
**4الباب الرابع في نواقض الوضوء.
@-والصييل فييي هذا الباب قوله تعالى {أو جاء أحييد منكييم ميين
الغائط أو لمسيتم النسياء} وقوله علييه الصيلة والسيلم "ل يقبيل
الله صييلة ميين أحدث حتييى يتوضييأ" واتفقوا فييي هذا الباب على
انتقاض الوضوء مين البول والغائط والرييح والمذي والودي لصيحة
الثار في ذلك إذا كان خروجها على وجه الصحة.
@(-ويتعلق بهذا الباب مميا اختلفوا فييه سيبع مسيائل) تجري منيه
مجرى القواعد لهذا الباب.
@(-المسييألة الولى) اختلف علماء المصييار فييي انتقاض الوضوء
مما يخرج من الجسد من النجس على ثلثة مذاهب :فاعتبر قوم
فيي ذلك الخارج وحده مين أي موضيع خرج وعلى أي جهية خرج،
وهييو أبييو حنيفيية وأصييحابه والثوري وأحمييد وجماعيية ولهييم ميين
الصحابة السلف فقالوا :كل نجاسة تسيل من الجسد وتخرج منه
يجييب منهييا الوضوء كالدم والرعاف الكثييير والفصييد والحجاميية
والقييء إل البلغيم عنيد أبيي حنيفية .وقال أبيو يوسيف مين أصيحاب
أبيي حنيفية :إنيه إذا مل الفيم ففييه الوضوء ،ولم يعتيبر أحيد مين
هؤلء اليسيير مين الدم إل مجاهيد ،واعتيبر قوم آخرون المخرجيين
الذكر والدبر ،فقالوا :كل ما خرج من هذين السبيلين فهو ناقض
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين اللميس إذا قارنتيه اللذة أو قصيد اللذة فيي تفصييل لهيم فيي
ذلك وقع بحائل أو بغير حائل بأي عضو اتفق ما عدا القبلة ،فإنهم
لم يشترطوا لذة فييي ذلك ،وهييو مذهييب مالك وجمهور أصييحابه،
ونفييى قوم إيجاب الوضوء ميين لمييس النسيياء وهييو مذهييب أبييي
حنيفية ،ولكيل سيلف مين الصيحابة إل اشتراط اللذة فإنيي ل أذكير
أحدا مين الصيحابة اشترطهيا .وسيبب اختلفهيم فيي هذه المسيألة
اشتراك اسييم اللمييس فييي كلم العرب ،فإن العرب تطلقييه مرة
على اللميس الذي هيو بالييد ،ومرة تكنيي بيه عين الجماع ،فذهيب
قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة في آية الوضوء هو الجماع
فييي قوله تعالى {أو لمسييتم النسيياء} وذهييب آخرون إلى أنييه
اللميس بالييد ،ومين هؤلء مين رآه مين باب العام أرييد بيه الخاص
فاشترط فييه اللذة ،ومنهيم مين رآه مين باب العام أرييد بيه العام
فلم يشترط اللذة فيه ،ومن اشترط اللذه فإنما دعاه إلى ذلك ما
عارض عموم الية من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس
عائشة عند سجوده بيده وربما لمسته وخرج أهل الحديث حديث
حيبيب بين أبيي ثابيت عين عروة عين عائشية عين النيبي صيلى الله
عليه وسلم "أنه قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلة ولم يتوضأ،
فقلت من هي إل أنت؟ فضحكت" قال أبو عمر هذا الحديث وهنه
الحجازيون وصييححه الكوفيون ،وإلى تصيحيحه مال أبيو عمير بين
عبد البر ،قال :وروى هذا الحديث أيضا من طريق معبد بن نباتة،
وقال الشافعي إن ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها
ول في الل مس وضوءا .وقد احتج من أوجب الوضوء من اللمس
بالييد بأن اللميس ينطلق حقيقية على اللميس بالييد وينطلق مجازا
على الجماع ،وأنيه إذا تردد اللفيظ بيين الحقيقية والمجاز ،فالولى
أن يحمل على الحقيقة حتى يدل الدليل على المجاز؛ ولولئك أن
يقولوا إن المجاز إذا كثر استعماله كان أدل على المجاز منه على
الحقيقية كالحال فيي اسيم الغائط الذي هيو أدل على الحدث الذي
هو فيه مجاز منه على المطمئن من الرض الذي هو فيه حقيقة.
والذي أعتقده أن اللمس وإن كانت دللته على المعنيين بالسواء
أو قريبيا مين السيواء أنيه أظهير عندي فيي الجماع وإن كان مجازا،
لن الله تبارك وتعالى قييد كنييى بالمباشرة والمييس عيين الجماع
وهما في معنى اللمس ،وعلى هذا التأويل في الية يحتج بها في
إجازة التيمييم للجنييب دون تقدييير تقديييم فيهييا ول تأخييير على مييا
سييأتي بعيد ،وترتفيع المعارضية التيي بيين الثار واليية على التأوييل
الخر .وأما من فهم من الية اللمسين معا فضعيف ،فإن العرب
إذا خاطبييت بالسييم المشترك إنمييا تقصييد بييه معنييى واحييد ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المعانيي التيي يدل عليهيا السيم ل جمييع المعانيي التيي يدل عليهيا،
وهذا بين بنفسه في كلمهم.
@(-المسيألة الرابعية) ميس الذكير .اختلف العلماء فييه على ثلثية
مذاهيب ،فمنهيم مين رأى الوضوء فييه كيفميا مسيه ،وهيو مذهيب
الشافعيي وأصيحابه وأحميد وداود ،ومنهيم مين لم يير فييه وضوءا
أصل وهو أبو حنيفة وأصحابه ،ولكل الفريقين سلف من الصحابة
والتابعيييين .وقوم فرقوا بيييين أن يمسيييه بحال أو ل يمسيييه بتلك
الحال ،وهؤلء افترقوا فيه فرقا :فمنهم من فرق فيه بين أن يلتذ
أو ل يلتذ .ومنهم من فرق بين أن يمسه بباطن الكف أو ل يمسه،
فأوجبوا الوضوء مييع اللذة ولم يوجبوه مييع عدمهييا ،وكذلك أوجبييه
قوم ميع الميس بباطين الكيف ولم يوجبوه ميع الميس بظاهرهيا،
وهذان العتباران مرويان عيين أصييحاب مالك ،وكان اعتبار باطيين
الكييف راجييع إلى اعتبار سييبب اللذة .وفرق قوم فييي ذلك بييين
العميد والنسييان ،فأوجبوا الوضوء منيه ميع العميد ولم يوجبوه ميع
النسيييان ،وهييو مروي عين مالك ،وهييو قول داود وأصييحابه .ورأى
قوم أن الوضوء من مسه سنة ل واجب ،قال أبو عمر :وهذا الذي
اسيتقر مين مذهيب مالك عنيد أهيل المغرب مين أصيحابه ،والروايية
عنييه فيييه مضطربيية .وسييبب اختلفهييم فييي ذلك أن فيييه حديثييين
متعارضين :أحدهما الحديث الوارد من طريق بسرة أنها سمعت
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يقول "إذا ميس أحدكيم ذكره
فليتوضييأ" وهييو أشهيير الحاديييث الواردة فييي إيجاب الوضوء ميين
ميس الذكير ،خرجيه مالك فيي الموطيأ ،وصيححه يحييى بين معيين
وأحميد بين حنبيل ،وضعفيه أهيل الكوفية؛ وقيد روي أيضيا معناه مين
طرييق أم حبيبية ،وكان أحميد بين حنبيل يصيححه ،وقيد روي أيضيا
معناه من طريق أبي هريرة ،وكان ابن السكن أيضا يصححه ،ولم
يخرجيه البخاري ول مسيلم .والحدييث الثانيي المعارض له حدييث
طلق بن علي قال "قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعنده رجيل كأنيه بدوي ،فقال :ييا رسيول الله ميا ترى فيي ميس
الرجييل ذكره بعييد أن يتوضييأ؟ فقال :وهييل هييو إل بضعيية منييك؟"
خرجييه أيضييا أبييو داود والترمذي ،وصييححه كثييير ميين أهييل العلم
الكوفيون وغيرهيم؛ فذهيب العلماء فيي تأوييل هذه الحادييث أحيد
مذهيبين :إميا مذهيب الترجييح أو النسيخ ،وإميا مذهيب الجميع ،فمين
رجييح حديييث بسييرة أو رآه ناسييخا لحديييث طلق بيين علي قال
بإيجاب الوضوء مين ميس الذكير ،ومين رجيح حدييث طلق بين علي
أسقط وجوب الوضوء من مسه ،ومن رام أن يجمع بين الحديثين
أوجيب الوضوء منيه فيي حال ولم يوجبيه فيي حال ،أو حميل حدييث
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وفي السجود ،أعني سجود التلوة ،فإن فيه خلفا شاذا ،والسبب
فيي ذلك الحتمال العارض فيي انطلق اسيم الصيلة على الصيلة
على الجنائز وعلى السييجود ،فميين ذهييب إلى أن اسييم الصييلة
ينطلق على صييلة الجنائز وعلى السييجود نفسييه وهييم الجمهور
اشترط هذه الطهارة فيهميا :ومين ذهيب إلى أنيه ل ينطلق عليهميا
إذ كانيت صيلة الجنائز لييس فيهيا ركوع ول سيجود ،وكان السيجود
أيضييا ليييس فيييه قيام ول ركوع لم يشترطوا هذه الطهارة فيهمييا،
ويتعلق بهذا الباب مع هذه المسألة أربع مسائل:
@(-المسألة الولى) هل هذه الطهارة شرط في مس المصحف
أم ل؟ فذهييب مالك وأبييو حنيفيية والشافعييي إلى أنهييا شرط فييي
ميس المصيحف ،وذهيب أهيل الظاهير إلى أنهيا ليسيت بشرط فيي
ذلك ،والسبب في اختلفهم تردد مفهوم قوله تعالى {ل يمسه إل
المطهرون} بيين أن يكون المطهرون هيم بنو آدم وبيين أن يكونوا
هيم الملئكية ،وبيين أن يكون هذا الخيبر مفهموميه النهيي ،وبيين أن
يكون خيبرا ل نهييا ،فمين فهيم مين المطهرون بنيي آدم ،وفهيم مين
الخبر النهي قال :ل يجوز أن يمس المصحف إل طاهر ،ومن فهم
منه الخبر فقط وفهم من لفظ المطهرون الملئكة قال :إنه ليس
فيي اليية دلييل على اشتراط هذه الطهارة فيي ميس المصيحف،
وإذا لم يكن هنالك دليل ل من كتاب ول من سنة ثابتة بقي المر
على البراءة الصيلية وهيي الباحية؛ وقيد احتيج الجمهور لمذهبهيم
بحدييث عمرو بين حزم "أن النيبي علييه الصيلة والسيلم كتيب :ل
يمييس القرآن إل طاهيير" وأحاديييث عمرو بيين حزم اختلف الناس
فيي وجوب العميل بهيا لنهيا مصيحفة ،ورأييت ابين المفوز يصيححها
إذا روتهيا الثقات لنهيا كتاب النيبي علييه الصيلة والسيلم ،وكذلك
أحاديييث عمرو بيين شعيييب عيين أبيييه عيين جده ،وأهييل الظاهيير
يردونهميا ،ورخيص مالك للصيبيان فيي ميس المصيحف على غيير
طهر لنهم غير مكلفين.
@(-المسيييألة الثانييييية) اختلف الناس فييييي إيجاب الوضوء على
الجنييب فييي أحوال :أحدهييا إذا أراد أن ينام وهييو جنييب؛ فذهييب
الجمهور إلى استحبابه دون وجوبه وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه
لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر "أنه
ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه جنابة من الليل،
فقال له رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :توضيأ واغسيل ذكرك
ثيم نيم" وهيو أيضيا مروي عنيه مين طرييق عائشية .وذهيب الجهمور
إلى حميل المير بذلك على الندب والعدول بيه عين ظاهره لمكان
عدم مناسييييبة وجوب الطهارة لرادة النوم ،أعنييييي المناسييييبة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشرعية ،وقد احتجوا أيضا لذلك بأحاديث أثبتها حديث ابن عباس
"أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم خرج ميين الخلء فأتييي
بطعام ،فقالوا :أل نأتيك بطهر؟ فقال :أأصلي فأتوضأ .وفي بعض
رواياتييه :فقيييل له :أل تتوضييأ؟ فقال :مييا أردت الصييلة فأتوضييأ"
والسيتدلل به ضعييف ،فإنيه من باب مفهوم الخطاب من أضعيف
أنواعه ،وقد احتجوا بحديث عائشة "أنه عليه الصلة والسلم كان
ينام وهييو جنييب ل يمييس الماء" إل أنييه حديييث ضعيييف .وكذلك
اختلفوا فييي وجوب الوضوء على الجنييب الذي يريييد أن يأكييل أو
يشرب وعلى الذي يرييييد أن يعاود أهله ،فقال الجمهور فيييي هذا
كله بإسييقاط الوجوب لعدم مناسييبة الطهارة لهذه الشياء ،وذلك
أن الطهارة إنمييا فرضييت فييي الشرع لحوال التعظيييم كالصييلة،
وأيضييا فلمكان تعارض الثار فييي ذلك ،وذلك أنييه روي عنييه عليييه
الصلة والسلم "أنه أمر الجنب إذا أراد أن يعاود أهله أن يتوضأ"
وروي عنيه أنيه كان يجاميع ثيم يعاود ول يتوضيأ .وكذلك روي عنيه
منع الكل والشرب للجنب حتى يتوضأ .وروي عنه إباحة ذلك.
@(-المسيألة الثالثية) ذهيب مالك والشافعيي إلى اشتراط الوضوء
فيي الطواف ،وذهيب أبيو حنيفية إلى إسيقاطه .وسيبب اختلفهيم
تردد الطواف بين أن يلحق حكمه بحكم الصلة أو ل يلحق ،وذلك
أنييه ثبييت "أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم منييع الحائض
الطواف كميا منعهيا الصيلة" فأشبيه الصيلة مين هذه الجهية .وقيد
جاء فيي بعيض الثار تسيمية الطواف صيلة ،وحجية أبيي حنيفية أنيه
ليس كل شيء منعه الحيض ،فالطهارة شرط في فعله إذا ارتفع
الحيض كالصوم عند الجمهور.
@(-المسيألة الرابعية) ذهيب الجمهور إلى أنيه يجوز لغيير متوضيئ
أن يقرأ القرآن ويذكييييييير الله ،وقال قوم :ل يجوز ذلك له إل أن
يتوضيأ .وسيبب الخلف حديثان متعارضان ثابتان :أحدهميا حدييث
أبيي جهيم قال "أقبيل رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم مين نحيو
بئر جمل ،فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه السلم حتى أقبل
على الجدار ،فمسح بوجهه ويديه ،ثم إنه رد عليه الصلة والسلم
السيلم" .والحدييث الثانيي حدييث علي "أن رسيول الله صيلى الله
علييه وسييلم كان ل يحجبييه عين قراءة القرآن شييء إل الجنابية"
فصييار الجمهور إلى أن الحديييث الثانييي ناسييخ للول ،وصييار ميين
أوجب الوضوء لذكر الله إلى ترجيح الحديث الول.
**3كتاب الغسل.
@-والصييييل فييييي هذه الطهارة قوله تعالى {وإن كنتييييم جنبييييا
فاطهروا} والكلم المحيط بقواعدها ينحصر بعد المعرفة بوجوبها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصيلة والسيلم أنيه قال " تحيت كيل شعرة جنابية فأنقوا البشرة
وبلوا الشعر".
@(-المسيألة الرابعية) اختلفوا هيل مين شرط هذه الطهارة الفور
والترتيييب ،أم ليسييا ميين شروطهمييا كاختلفهييم ميين ذلك فييي
الوضوء؟ .وسييبب اختلفهييم فييي ذلك هييل فعله عليييه الصييلة
والسيلم محمول على الوجوب أو على الندب؟ فإنيه لم ينقيل عنيه
عليه الصلة والسلم أنه ما توضأ قط إل مرتبا متواليا ،وقد ذهب
قوم إلى أن الترتيييب فييي هذه الطهارة أبييين منهييا فييي الوضوء.
وذلك بين الرأس وسائر الجسد ،لقوله عليه الصلة والسلم في
حدييث أم سيلمة "إنميا يكفييك أن تحثيي على رأسيك ثلث حثيات،
ثييم تفيضييي الماء على جسييدك" وحرف ثييم يقتضييي الترتيييب بل
خلف بين أهل اللغة.
**4الباب الثاني في معرفة نواقض هذه الطهارة.
@-والصيل فيي هذا الباب قوله تعالى {وإن كنتيم جنبيا فاطهروا}
وقوله {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} الية .واتفق العلماء
على وجوب هذه الطهارة مين حدثيين :أحدهميا خروج المنيي على
وجه الصحة في النوم أو اليقظة من ذكر كان أو أنثى ،إل ما روي
عين النخعيي مين أنيه كان ل يرى على المرأة غسيل مين الحتلم،
وإنمييا اتفييق الجمهور على مسيياواة المرأة فييي الحتلم للرجييل
لحديث أم سلمة الثابت أنها قالت "يا رسول الله المرأة ترى في
المنام مثيل ميا يرى الرجيل هيل عليهيا غسيل؟ قال :نعيم إذا رأت
الماء" .وأمييا الحديييث الثانييي الذي اتفقوا عليييه فهييو دم الحيييض،
أعنيييي إذا انقطيييع ،وذلك أيضيييا لقوله تعالى {ويسيييألونك عييين
المحيض} الية ،ولتعليمه الغسل من الحيض لعائشة وغيرها من
النسيياء .واختلفوا فييي هذا الباب ممييا يجري مجرى الصييول فييي
مسئلتين مشهورتين.
@(-المسيألة الولى) اختلف الصيحابة رضيي الله عنهيم فيي سيبب
إيجاب الطهر من الوطء ،فمنهم من رأى الطهر واجبا في التقاء
الختانيييين أنزل أم لم ينزل ،وعلييييه أكثييير فقهاء المصيييار مالك
وأصيحابه والشافعيي وأصيحابه وجماعية مين أهيل الظاهير ،وذهيب
قوم من أهل الظاهر إلى إيجاب الطهر مع النزال فقط والسبب
فيي اختلفهيم فيي ذلك تعارض الحادييث فيي ذلك ،لنيه ورد فيي
ذلك حديثان ثابتان اتفيييق أهيييل الصيييحيح على تخريجهميييا .قال
القاضيي رضيي الله عنيه :ومتيى قلت ثابيت ،فإنميا أعنيي بيه ميا
أخرجيه البخاري ومسيلم ،أو ميا اجتمعيا علييه :أحدهميا حدييث أبيي
هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلة والسلم أنه قال "إذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قعيد بيين شعبهيا الربيع وألزق الختان بالختان فقيد أوجيب الغسيل"
والحدييث الثانيي حدييث عثمان أنيه سيئل فقييل له "أرأييت الرجيل
إذا جاميع أهله ولم يمين؟ قال عثمان :يتوضيأ كميا يتوضيأ للصيلة
سيمعته مين رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم " فذهيب العلماء
فييي هذييين الحديثييين مذهييبين :أحدهمييا مذهييب النسييخ ،والثانييي
مذهيب الرجوع إلى ميا علييه التفاق عنيد التعارض الذي ل يمكين
الجمع فيه ول الترجيح .فالجمهور رأوا أن حديث أبي هريرة ناسخ
لحدييث عثمان ،ومين الحجية لهيم على ذلك ميا روي عين أبيي بين
كعيب أنيه قال :إن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم إنميا جعيل
ذلك رخصة في أول السلم ثم أمر بالغسل ،خرجه أبو داود .وأما
مين رأى أن التعارض بيين هذيين الحديثيين هيو مميا ل يمكين الجميع
فييه بينهميا ول الترجييح فوجيب الرجوع عنده إلى ميا علييه التفاق،
وهو وجوب الماء من الماء .وقد رحج الجمهور حديث أبي هريرة
ميين جهيية القياس ،قالوا :وذلك أنييه لمييا وقييع الجماع على أن
مجاورة الختانين توجب الحد وجب أن يكون هو الموجب للغسل،
وحكموا أن هذا القياس مأخوذ عيييين الخلفاء الربعيييية ،ورجييييح
الجمهور ذلك أيضيا مين حدييث عائشية لخبارهيا ذلك عين رسيول
الله صلى الله عليه وسلم ،خرجه مسلم.
@(-المسألة الثانية) اختلف العلماء في الصفة المعتبرة في كون
خروج المنييي موجبييا للطهيير .فذهييب مالك إلى اعتبار اللذة فييي
ذلك .وذهيب الشافعيي إلى أن نفيس خروجيه هيو الموجيب للطهير
سواء خرج بلذة أو بغير لذة .وسبب اختلفهم في ذلك هو شيئان:
أحدهما هل اسم الجنب ينطلق على الذي أجنب على الجهة الغير
المعتادة أم ليييس ينطلق عليييه؟ فميين رأى أنييه إنمييا ينطلق على
الذي أجنيب على طرييق العادة لم يوجيب الطهير فيي خروجيه مين
غييير لذة ،وميين رأى أنييه ينطلق على خروج المنييي كيفمييا خرج
أوجيب منيه الطهير وإن لم يخرج ميع لذة .والسيبب الثانيي تشيبيه
خروجه بغير لذة بدم الستحاضة ،واختلفهم في خروج الدم على
جهة السيتحاضة هيل يوجب طهرا أم لييس يوجبه؟ فسنذكره فيي
باب الحيض وإن كان من هذا الباب.
وفي المذهب في هذا الباب فرع ،وهو إذا انتقل من أصل مجاريه
بلذة ثيم خرج فيي وقيت آخير بغيير لذة مثيل أن يخرج مين المجاميع
بعيد أن يتطهير ،فقييل يعييد الطهير ،وقييل ل يعيده ،وذلك أن هذا
النوع مين الخروج صيحبته اللذة فيي بعيض نقلتيه ولم تصيحبه فيي
بعيض ،فمين غلب حال اللذة قال :يجيب الطهير ،ومين غلب حال
عدم اللذة قال :ل يجب عليه الطهر.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الحيض عنده قدر محدود وجب أن تكون الدفعة عنده حيضا ،ومن
كان أيضييا عنده أكثره محدودا وجييب أن يكون مييا زاد على ذلك
القدر عنده اسييتحاضة ،ولكيين محصييل مذهييب مالك فييي ذلك أن
النسييياء على ضربيييين :مبتدأة ومعتادة؛ فالمبتدأة تترك الصيييلة
برؤيية أول دم تراه إلى تمام خمسية عشير يوميا ،فإن لم ينقطيع
صييلت وكانييت مسييتحاضة ،وبييه قال الشافعييي ،إل أن مالكييا قال
تصلي من حين تتيقن الستحاضة ،وعند الشافعي أنها تعيد صلة
ما سلف لها من اليام ،إل أقل الحيض عنده وهو يوم وليلة .وقيل
عيين مالك بييل تعتييد أيام لداتهييا ثييم تسييتظهر بثلثيية ايام ،فإن لم
ينقطييع الدم فهييي مسييتحاضة .وأمييا المعتادة ففيهييا روايتان عيين
مالك :إحداهميا بناؤهيا على عادتهيا وزيادة ثلثية أيام ميا لم تتجاوز
أكثر مدة الحييض .والثانية جلو سها إلى انقضاء أكثر مدة الحييض،
أو تعميل على التميييز إن كانيت مين أهيل التميييز .وقال الشافعيي:
تعمييل على أيام عادتهييا وهذه القاويييل لهييا المختلف فيهييا عنييد
الفقهاء فييي أقييل الحيييض وأكثره وأقييل الطهيير ل مسييتند لهييا إل
التجربيية والعادة ،وكييل إنمييا قال ميين ذلك مييا ظيين أن التجربيية
أوقفتيييه على ذلك ولختلف ذلك فيييي النسييياء عسييير أن يعرف
بالتجربية حدود هذه الشياء فيي أكثير النسياء ،ووقيع فيي ذلك هذا
الخلف الذي ذكرنيا وأجمعوا بالجملة على أن الدم إذا تمادى أكثير
مين مدة أكثير الحييض أنيه اسيتحاضة لقول رسيول الله صيلى الله
عليييه وسييلم الثابييت لفاطميية بنييت حييبيش "فإذا أقبلت الحيضيية
فاتركيي الصيلة ،فإذا ذهبيت قدرهيا فاغسيلي عنيك الدم وصيلي"
والمتجاوزة لميد أكثير أيام الحييض قيد ذهيب عنهيا قدرهيا ضرورة
وإنميا صيار الشافعييي ومالك رحميه الله فييي المعتادة فييي إحدى
الروايتيين عنيه إلى أنهيا تبنيي على عادتهيا لحدييث أم سيلمة الذي
رواه فيي الموطيأ "أن امرأة كانيت تهراق الدماء على عهيد رسيول
الله صييلى الله عليييه وسييلم فقال لتنظيير إلى عدد الليالي واليام
التييي كانييت تحيضهيين ميين الشهيير قبييل أن يصيييبها الذي أصييابها،
فلتترك الصلة قدر ذلك من الشهر ،فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم
لتسيتثفر بثوب ثيم لتصيلي" فألحقوا حكيم الحائض التيي تشيك فيي
الستحاضة بحكم المستحاضة التي تشك في الحيض .وإنما رأى
أيضييا فييي المبتدأة أن يعتييبر أيام لداتهييا ،لن أيام لداتهييا شبيهيية
بأيامهيا فجعيل حكمهميا واحدا .وأميا السيتظهار الذي قال بيه مالك
بثلثيية أيام ،فهييو شيييء انفرد بييه مالك وأصييحابه رحمهييم الله
وخالفهيم فيي ذلك جمييع فقهاء المصيار ميا عدا الوزاعيي ،إذ لم
يكيين لذلك ذكيير فييي الحاديييث الثابتيية ،وقييد روي فييي ذلك أثيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ضعيف.
@(-المسييألة الثانييية) ذهييب مالك وأصييحابه فييي الحائض التييي
تنقطيع حيضتهيا ،وذلك بأن تحييض يوميا أو يوميين ،وتطهير يوميا أو
يومييين إلى أنهييا تجمييع أيام الدم بعضهييا إلى بعييض وتلغييي أيام
الطهر وتغتسل في كل يوم ترى فيه الطهر أول ما تراه وتصلي،
فإنهيا ل تدري لعيل ذلك طهير فإذا اجتميع لهيا مين أيام الدم خمسية
عشيير يومييا فهييي مسييتحاضة ،وبهذا القول قال الشافعييي .وروي
عين مالك أيضيا أنهيا تلفيق أيام الدم وتعتيبر ذلك أيام عادتهيا فإن
سييياوتها اسيييتظهرت بثلثييية أيام ،فإن انقطيييع الدم وإل فهيييي
مسيتحاضة ،وجعيل اليام التيي ل تير فيهيا الدم غيير معتيبرة فيي
العدد ل معنييى له ،فإنييه ل تخلو تلك اليام أن تكون أيام حيييض أو
أيام طهير ،فإن كانيت أيام حييض فيجيب أن تلفقهيا إلى أيام الدم،
وإن كانيت أيام طهير فلييس يجيب أن تلفيق أيام الدم ،إذ كان قيد
تخللها طهر ،والذي يجيء على أصوله أنها أيام حيض ل أيام طهر
إذ أقيل الطهير عنده محدود وهيو أكثير مين اليوم واليوميين فتدبر
هذا فإنيييه بيييين إن شاء الله تعالى .والحيييق أن دم الحييييض ودم
النفاس يجري ثم ينقطع يوما أو يومين ثم يعود حتى تنقضي أيام
الحيض أو أيام النفاس كما تجري ساعة أو ساعتين من النهار ثم
تنقطع.
@(-المسييألة الثالثيية) اختلفوا فييي أقييل النفاس وأكثره؛ فذهييب
مالك إلى أنيه ل حيد لقله ،وبيه قال الشافعيي؛ وذهيب أبيو حنيفية
وقوم إلى أنه محدود ،فقال أبو حنيفة :هو خمسة وعشرون يوما،
وقال أبو يوسف صاحبه :أحد عشر يوما ،وقال الحسن البصري:
عشرون يوميا .وأميا أكثره فقال مالك مرة :هيو سيتون يوميا ،ثيم
رجع عن ذلك فقال :يسأل عن ذلك النساء ،وأصحابه ثابتون على
القول الول وبيه قال الشافعييي .وأكثير أهييل العلم مين الصيحابة
على أن أكثره أربعون يوميا ،وبيه قال أبيو حنيفية وقيد قييل تعتيبر
المرأة فييي ذلك أيام أشباههييا ميين النسيياء ،فإذا جاوزتهييا فهييي
مسييتحاضة .وفرق قوم بييين ولدة الذكيير وولدة النثييى ،فقالوا:
للذكيير ثلثون يومييا وللنثييى أبعون يومييا وسييبب الخلف عسيير
الوقوف على ذلك بالتجربة لختلف أحوال النساء في ذلك ،ولنه
ليس هناك سنة يعمل عليها كالحال في اختلفهم في أيام الحيض
والطهر.
@(-المسألة الرابعة) اختلف الفقهاء قديما وحديثا هل الدم الذي
ترى الحامل هو حيض أم استحاضة؟ فذهب مالك والشافعي في
أصيح قولييه وغيرهميا إلى أن الحاميل تحييض؛ وذهيب أبيو حنيفية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فإذا كان ذلك فامكثييي عيين الصييلة ،وإذا كان الخيير فتوضيييء
وصيلي فإنميا هيو عرق" وهذا الحدييث صيححه أبيو محميد بين حزم،
فمين هؤلء مين ذهيب مذهيب الترجييح ،ومنهيم مين ذهيب مذهيب
الجميع ،فمين ذهيب مذهيب ترجييح حدييث أم سيلمة وميا ورد فيي
معناه قال باعتبار اليام ،ومالك رضييي الله عنييه اعتييبر عدد اليام
فقيط فيي الحائض التيي تشيك فيي السيتحاضة ،ولم يعتبرهيا فيي
المسيتحاضة التيي تشيك فيي الحييض ،أعنيي ل عددهيا ول موضعهيا
ميين الشهيير إذا كان عندهييا ذلك معلومييا ،والنييص إنمييا جاء فييي
المسيتحاضة التيي تشيك فيي الحييض ،فاعتيبر الحكيم فيي الفرع،
ولم يعتييبره فييي الصييل وهذا غريييب فتأمله .وميين رجييح حديييث
فاطمية بنيت أبيي حيبيش قال باعتبار اللون ،ومين هؤلء مين راعيى
مييع اعتبار لون الدم مضييي مييا يمكيين أن يكون طهرا ميين أيام
السيتحاضة ،وهيو قول مالك فيميا حكاه عبيد الوهاب .ومنهيم مين
لم يراع ذلك .ومن جمع بين الحديثين قال :الحديث الول هو في
التيي تعرف عدد أيامهيا مين الشهير وموضعهيا .والثانيي فيي التيي ل
تعرف عددهيا ول موضعهيا وتعرف لون الدم ،ومنهيم مين رأى أنهيا
إن لم تكين مين أهيل التميييز ول تعرف موضيع أيامهيا مين الشهير
وتعرف عددهيا أو ل تعرف عددهيا إنهيا تتحرى على حدييث حمنية
بنت جحش ،صححه الترمذي ،وفيه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لها "إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام
أو سيبعة أيام فيي علم الله ثيم اغتسيلي" وسييأتي الحدييث بكماله
عند حكم المستحاضة في الطهر ،فهذه هي مشهورات المسائل
التي في هذا الباب ،وهي بالجملة واقعة في أربعة مواضع :أحدها
معرفية انتقال الطهير إلى الحييض .والثانيي معرفية انتقال الحييض
إلى الطهييير .والثالث معرفييية انتقال الحييييض إلى السيييتحاضة.
والرابيع معرفية انتقال السيتحاضة إلى الحييض ،وهيو الذي وردت
فييه الحادييث .وأميا الثلثية فمسيكوت عنهيا :أعنيي عين تحديدهيا،
وكذلك المر في انتقال النفاس إلى الستحاضة.
**4الباب الثالث .وهو معرفة أحكام الحيض والستحاضة.
@-والصل في هذا الباب قوله تعالى {ويسئلونك عن المحيض}
اليييية ،والحادييييث الواردة فيييي ذلك التيييي سييينذكرها .واتفيييق
المسلمون على أن الحيض يمنع أربعة أشياء :أحدها فعل الصلة
ووجوبهييا ،أعنييي أنييه ليييس يجييب على الحائض قضاؤهييا بخلف
الصيوم .والثانيي أنيه يمنيع فعيل الصيوم ل قضاءه ،وذلك لحدييث
عائشة الثابت أنها قالت" :كنا نؤمر بقضاء الصوم ول نؤمر بقضاء
الصييلة" وإنمييا قال بوجوب القضاء عليهييا طائفيية ميين الخوارج.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حيضتيك ليسيت فيي يدك" وميا ثبيت أيضيا مين ترجيلهيا رأسيه علييه
الصيلة والسيلم وهيي حائض ،وقوله علييه الصيلة والسيلم "إن
المؤمن ل ينجس".
@(-المسيألة الثانيية) اختلفوا فيي وطيء الحائض فيي طهرهيا وقبيل
الغتسيال ،فذهيب مالك والشافعيي والجمهور إلى أن ذلك ل يجوز
حتييى تغتسييل ،وذهييب أبييو حنيفيية وأصييحابه إلى أن ذلك جائز إذا
طهرت لكثر مدة الحيض وهو عنده عشرة أيام ،وذهب الوزاعي
إلى أنهيا إن غسيلت فرجهيا بالماء جاز وطؤهيا ،أعنيي كيل حائض
طهرت متيييى طهرت ،وبيييه قال أبيييو محميييد بييين حزم .وسيييبب
اختلفهييم الحتمال الذي فييي قوله تعالى {فإذا تطهرن فاتوهيين
مين حييث أمركيم الله} هيل المراد بيه الطهير الذي هيو انقطاع دم
الحيض أم الطهر بالماء؟ ثم إن كان الطهر بالماء ،فهل المراد به
طهير جمييع الجسيد أم طهير الفرج؟ فإن الطهير فيي كلم العرب
وعرف الشرع اسيم مشترك يقال على هذه الثلثية المعانيي ،وقيد
رجييح الجمهور مذهبهييم بأن صيييغة التفعييل إنمييا تنطلق على مييا
يكون ميين فعييل المكلفييين ،ل على مييا يكون ميين فعييل غيرهييم،
فيكون قوله تعالى {فإذا تطهرن} أظهر في معنى الغسل بالماء
منه في الطهر الذي هو انقطاع الدم ،والظهر يجب المصير إليه
حتيى يدل الدلييل على خلفيه ،ورجيح أو حنيفية مذهبيه بأن لفيظ
يفعلن في قوله تعالى {حتى يطهرن} هو أظهر في الطهر الذي
هو انقطاع دم الحيض منه في التطهر بالماء .والمسألة كما ترى
محتملة ،ويجيب على مين فهيم مين لفيظ الطهير فيي قوله تعالى
{حتيى يطهرن} معنيى واحدا مين هذه المعانيي الثلثية أن يفهيم
ذلك المعنيى بعينيه مين قوله تعالى {فإذا تطهرن} لنيه مميا لييس
يمكيين أو ممييا يعسيير أن يجمييع فييي الييية بييين معنيييين ميين هذه
المعاني مختلفين حتى يفهم من لفظه يطهرن النقاء ،ويفهم من
لفيظ تطهرن الغسيل بالماء على ميا جرت بيه عادة المالكييين فيي
الحتجاج لمالك ،فإنييه ليييس ميين عادة العرب أن يقولوا ل تعييط
فلنيا درهميا حتيى يدخيل الدار ،فإذا دخيل المسيجد فأعطيه درهميا،
بل إن ما يقولون وإذا دخل الدار فأعطه دره ما ،لن الجملة الثانيية
هيييي مؤكدة لمفهوم الجملة الولى .ومييين تأول قوله تعالى {ول
تقربوهيين حتييى يطهرن} على أنييه النقاء ،وقوله {فإذا تطهرن}
على أنيه الغسيل بالماء فهيو بمنزلة مين قال ل تعيط فلنيا درهميا
حتيى يدخيل الدار ،فإذا دخيل المسيجد فأعطيه درهميا ،وذلك غيير
مفهوم في كلم العرب ،إل أن يكون هنالك محذوف ويكون تقدير
الكلم :ول تقربوهين حتيى يطهرن ويتطهرن فإذا تطهرن فأتوهين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين حييث أمركيم الله ،وفيي تقديير هذا الحذف بعيد أميا ول دلييل
علييه إل أن يقول قائل :ظهور لفيظ التطهير فيي معنيى الغتسيال
هيو الدلييل علييه ،لكين هذا يعارضيه ظهور عدم الحذف فيي اليية،
فإن الحذف مجاز ،وحمييل الكلم على الحقيقيية أظهيير ميين حمله
على المجاز ،وكذلك فرض المجتهد هنا إذا انتهى بنظره إلى مثل
هذا الموضع أن يوازن بين الظاهرين ،فما ترجح عنده منهما على
صياحبه عميل علييه ،وأعنيي بالظاهريين أن يقاييس بيين ظهور لفيظ
فإذا تطهرن في الغتسال بالماء وظهور عدم الحذف في الية إن
أحيييب أن يحميييل لفيييظ تطهرن على ظاهره مييين النقاء ،فأي
الظاهريين كان عنده أرجيح عميل علييه ،أعنيي إميا أن ل يقدر فيي
ال ية حذفا ويحمل لفظ فإذا تطهرن على النقاء أو يقدر في الية
حذفا ويحمل لفظ فإذا تطهرن على الغسل بالماء ،أو يقايس بين
ظهور لفيظ فإذا تطهرن فيي الغتسيال وظهور يطهرن فيي النقاء،
فأي كان عنده أظهير أيضيا صيرف تأوييل اللفيظ الثانيي له وعميل
على أنهما يدلن في الية على معنى واحد ،أعني إما على معنى
النقاء وإميا على معنيى الغتسيال بالماء ،ولييس فيي طباع النظير
الفقهي أن ينتهي في هذه الشياء إلى أكثر من هذا فتأمله ،وفي
مثيل هذه الحال يسيوغ أن يقال :كيل مجتهيد مصييب .وأميا اعتبار
أبي حنيفة أكثر الحيض في هذه المسألة فضعيف.
@(-المسيألة الثالثية) اختلف الفقهاء فيي الذي يأتيي امرأتيه وهيي
حائض ،فقال مالك والشافعي وأبو حني فة :يستغفر الله ول شيء
عليه .وقال أحمد بن حنبل :يتصدق بدينار أو بنصف دينار .وقالت
فرقة من أهل الحديث :إن وطئ في الدم فعليه دينار ،وإن وطئ
في انقطاع الدم فنصف دينار .وسبب اختلفهم في ذلك اختلفهم
في صحة الحاديث الواردة في ذلك أو وهيها ،وذلك أنه روي عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته
وهييي حائض أن يتصييدق بدينار .وروي عنييه بنصييف دينار .وكذلك
روي أيضا في حديث ابن عباس هذا أنه إن وطئ في الدم فعليه
دينار ،وإن وطييييئ فييييي انقطاع الدم فنصييييف دينار .وروي هذا
الحديث يتصدق بخمسي دينار ،وبه قال الوزاعي ،فمن صح عنده
شيء من هذه الحاديث صار إلى العمل بها ،ومن لم يصح عنده
شيييء منهييا وهييم الجمهور عمييل على الصييل الذي هييو سييقوط
الحكم حتى يثبت بدليل.
@(-المسييألة الرابعيية) اختلف العلماء فييي المسييتحاضة ،فقوم
أوجبوا عليها طهرا واحدا فقط ،وذلك عند ما ترى أنه قد انقضت
حيضتهييا بإحدى تلك العلمات التييي تقدمييت على حسييب مذهييب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هؤلء فييي تلك العلمات ،وهؤلء الذييين أوجبوا عليهييا طهرا واحدا
انقسموا ق سمين :فقوم أوجبوا علي ها أن تتوضأ لكل صلة ،وقوم
اسييتحبوا ذلك لهييا ولم يوجبوه عليهييا ،والذييين أوجبوا عليهييا طهرا
واحييد فقييط هييم مالك والشافعييي وأبييو حنيفيية وأصييحابهم وأكثيير
فقهاء المصار ،وأكثر هؤلء أوجبوا أن تتوضأ لكل صلة ،وبعضهم
لم يوجيب عليهيا إل اسيتحبابا وهيو مذهيب مالك ،وقوم آخرون غيير
هؤلء رأوا أن على المسيتحاضة أن تتطهير لكيل صيلة ،وقوم رأوا
أن الواجب أن تؤخر الظهر إلى أول العصر ،ثم تتطهر وتجمع بين
الصييلتين ،وكذلك تؤخيير المغرب إلى آخيير وقتهييا وهييو أول وقييت
العشاء ،وتتطهير طهرا ثانييا وتجميع بينهميا ثيم تتطهير طهرا ثالثيا
لصيلة الصيبح ،فأوجبوا عليهيا ثلثية أطهار فيي اليوم والليلة ،وقوم
رأوا أن عليهييا طهرا واحدا فييي اليوم والليلة ،وميين هؤلء ميين لم
يحد له وقتا ،وهو مروي عن علي .ومنهم من رأى أن تتطهر من
طهر إلى طهر ،فيتحصل في المسألة بالجملة أربعة أقوال :قول
إنه ليس عليها إل طهرا واحد فقط عند انقطاع دم الحيض .وقول
إن عليها الطهر لكل صلة.
وقول إن عليهييا ثلثيية أطهار فييي اليوم والليلة .وقول إن عليهييا
طهرا واحدا فييي اليوم والليلة .والسييبب فييي اختلفهييم فييي هذه
المسيألة هيو اختلف ظواهير الحادييث الواردة فيي ذلك ،وذلك أن
الوارد في ذلك من الحاديث المشهورة أربعة أحاديث :واحد منها
متفيق على صيحته ،وثلثية مختلف فيهيا .أميا المتفيق على صيحته
فحدييث عائشية قالت "جاءت فاطمية ابنية أبيي حيبيش إلى رسيول
الله صييلى الله عليييه وسييلم فقالت :يييا رسييول الله إنييي امرأة
أسيييتحاض فل أطهييير ،أفأدع الصيييلة؟ فقال لهيييا علييييه الصيييلة
والسلم :ل ،إنما ذلك عرق وليست بالحيضة ،فإذا أقبلت الحيضة
فدعي الصلة ،وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي" وفي بعض
روايات هذا الحديييييث "وتوضئي لكييييل صييييلة" وهذه الزيادة لم
يخرجهيا البخاري ول مسيلم ،وخرجهيا أبيو داود وصيححها قوم مين
أهيل الحدييث .والحدييث الثانيي حدييث عائشية عين أم حبيبية بنيت
جحييش امرأة عبييد الرحميين بيين عوف "أنهييا اسييتحاضت فأمرهييا
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أن تغتسيل لكيل صيلة" وهذا
الحدييث هكذا أسينده إسيحاق عين الزهري ،وأميا سيائر أصيحاب
الزهري فإنمييا رووا عنييه :أنهييا اسييتحيضت ،فسييألت رسييول الله
صلى الله عليه وسلم فقال لها" :إنما هو عرق وليست بالحيضة"
وأمرها أن تغتسل وتصلي ،فكانت تغتسل لكل صلة على أن ذلك
هيو الذي فهميت منيه ،ل أن ذلك منقول مين لفظيه علييه الصيلة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأما تركه عليه الصلة والسلم إعلمها بالطهر لواجب عليها عند
انقطاع دم الحيض ،فمضمن في قوله" إنها ليست بالحيضة" لنه
كان معلوميا مين سينته علييه الصيلة والسيلم أن انقطاع الحييض
يوجيب الغسيل ،فإذا إنميا لم يخبرهيا بذلك لنهيا كانيت عالمية بيه،
وليس المر كذلك في وجوب الطهر لكل صلة إل أن يدعي مدع
أن هذه الزيادة لم تكين قبيل ثابتية وتثبيت بعيد ،فيتطرق إلى ذلك
المسيألة المشهورة ،هيي الزيادة نسيخ أم ل؟ وقيد روي فيي بعيض
طرق حديث فاطمة أمره عليه الصلة والسلم لها بالغسل ،فهذا
هيو حال مين ذهيب مذهيب الترجييح ومذهيب البناء ،وأميا مين ذهيب
مذهب النسخ فقال :إن حديث أ سماء بنت عميس ناسخ لحديث
أم حبيبة ،واستدل على ذلك بما روي عن عائشة "أن سهلة بنت
سييهيل اسييتحيضت وأن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم كان
يأمرهيا بالغسيل عنيد كيل صيلة ،فلميا جهدهيا ذلك أمرهيا أن تجميع
بين الظهر والعصر في غسل واحد والمغرب والعشاء في غسل
واحد وتغتسل ثالثا للصبح" وأما الذين ذهبوا مذهب الجمع فقالوا:
إن حديييث فاطميية ابنيية حييبيش محمول على التييي تعرف أيام
الحييض من أيام السيتحاضة ،وحديث أم حبيبة محمول على التيي
ل تعرف ذلك ،فأمرت بالطهيير فييي كييل وقييت احتياطييا للصييلة،
وذلك أن هذه إذا قاميييت إلى الصيييلة يحتميييل أن تكون طهرت
فيجب عليها أن تغتسل لكل صلة .وأما حديث أسماء ابنة عميس
فمحمول على التي ل يتميز لها أيام الحيض من أيام الستحاضة،
إل أنه قد ينقطع عنها في أوقات فهذه إذا انقطع عنها الدم وجب
عليهيا أن تغتسيل وتصيلي بذلك الغسيل صيلتين .وهنيا قوم ذهبوا
مذهب التخيير بين حديثي أم حبيبة وأسماء واحتجوا لذلك بحديث
حمنية بنيت جحيش وفييه "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
خيرها" وهؤلء منهم من قال :إن المخيرة هي التي ل تعرف أيام
حيضتها .ومنهم من قال :بل هي المستحاضة على الطلق عارفة
كانيت أو غيير عارفية ،وهذا هيو قول خاميس فيي المسيألة ،إل أن
الذي فيي حدييث حمنية ابنية جحيش إنميا هيو التخييير بيين أن تصيلي
الصلوات كلها بطهر واحد ،وبين أن تتطهر في اليوم والليلة ثلث
مرات .وأما من ذهب إلى أن الواجب أن تطهر في كل يوم مرة
واحدة ،فلعله إنميا أوجيب ذلك عليهيا لمكان الشيك ولسيت أعلم
في ذلك أثرا.
@(-المسيييييألة الخامسييييية) اختلف العلماء فيييييي جواز وطيييييء
المستحاضة على ثلثة أقوال :فقال قوم :يجوز وطؤها ،وهو الذي
عليييه فقهاء المصييار ،وهييو مروي عيين ابيين عباس وسييعيد بيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
تجدوا ماء فتيمموا صيعيدا طيبيا .ومثيل هذا لييس ينبغيي أن يصيار
إليييه إل بدليييل ،فإن التقديييم والتأخييير مجاز وحمييل الكلم على
الحقيقة أولى من حمله على المجاز ،وقد يظن أن في الية شيئا
يقتضييي تقديمييا وتأخيرا ،وهييو أن حملهييا على ترتيبهييا يوجييب أن
المرض والسيفر حدثان ،لكين هذا ل يحتاج إلييه إذا قدرت أو ههنيا
بمعنييييى الواو ،وذلك موجود فييييي كلم العرب فييييي مثييييل قول
الشاعر:
وكان سيان أن ل يسرحوا نعما * أو يسرحوه بها واغبرت السرح
فإنيه إنميا يقال :سييان زييد وعمرو .وهذا هيو أحيد السيباب التيي
أوجبيت الخلف فيي هذه المسيألة .وأميا ارتيابهيم فيي الثار التيي
وردت في هذا المعنى فبين مما خرجه البخاري ومسلم :أن رجل
أتيى عمير رضيي الله عنيه فقال :أجنبيت فلم أجيد الماء ،فقال :ل
تصيل ،فقال عمار :أميا تذكير ييا أميير المؤمنيين إذ أنيا وأنيت فيي
سييرية فأجنبنييا فلم نجييد الماء ،فأمييا أنييت فلم تصييل ،وأمييا أنييا
فتمعكت في التراب فصليت ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إنميا كان يكفييك أن تضرب بيدييك ثيم تنفيخ فيهميا ثيم تمسيح بهميا
وجهيك وكفييك ،فقال عمير :اتيق الله ييا عمار ،فقال :إن شئت لم
أحدث به" وفي بعض الروايات :أنه قال له عمر :نوليك ما توليت
وخرج مسيلم عين شقييق ( )1قال :كنيت جالسيا ميع عبيد الله بين
مسعود وأبي موسى فقال أ بو موسى :يا أبا عبد الرحمن أرأيت
لو أن رجل أجنيب فلم يجيد الماء شهرا كييف يصينع بالصيلة؟ فقال
عبد الله لبي موسى :ل يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا ،فقال أبو
موسييى :فكيييف بهذه الييية فييي سييورة المائدة {فلم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا} فقال عبد الله :لو رخص لهم في هذه الية
لوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد ،فقال أبو موسى
لعبد الله ألم تسمع لقول عمار؟ وذكر له الحديث المتقدم ،فقال
له عبيد الله :ألم تير عمير لم يقنيع بقول عمار؟ لكين الجمهور رأوا
أن ذلك قيد ثبيت مين حدييث عمار وعمران بين الحصيين ،خرجهميا
البخاري ،وإن نسييان عمير لييس مؤثرا فيي وجوب العميل بحدييث
عمار ،وأي ضا فإنهيم اسيتدلوا بجواز التيميم للجنيب والحائض بعموم
قوله علييه الصيلة والسيلم "جعلت لي الرض مسيجدا وطهورا".
وأميا حدييث عمران بين الحصيين فهيو "أن رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم رأى رجل معتزل لم يصل مع القوم فقال :يا فلن أما
يكفييك أن تصيلي ميع القوم؟ فقال :ييا رسيول الله أصيابتني جنابية
ول ماء فقال علييه الصيلة والسيلم :علييك بالصيعيد فإنيه يكفييك"
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ولموضيع هذا الحتمال اختلفوا :هيل لمين لييس عنده ماء أن يطيأ
أهله أم ل يطؤها؟ أعني من يجوز للجنب التيمم.
----------
(")1شقيق" :الصل غير واضح ،والتصحيح من صحيح مسلم .دار
الحديث]
----------
**4الباب الثاني في معرفة من تجوز له الطهارة.
@-وأميييا مييين تجوز له هذه الطهارة ،فأجميييع العلماء أنهيييا تجوز
لثنييين :للمريييض والمسييافر إذا عدمييا الماء .واختلفوا فييي أربييع:
المريييض يجييد الماء ويخاف ميين اسييتعماله ،وفييي الحاضيير يعدم
الماء ،وفي الصحيح المسافر يجد الماء فيمنعه من الوصول إليه
خوف ،وفييي الذي يخاف ميين اسييتعماله ميين شدة البرد .فأمييا
المريييض الذي يجييد الماء ويخاف ميين اسييتعماله ،فقال الجمهور:
يجوز التيميييم له؛ وكذلك الصيييحيح الذي يخاف الهلك أو المرض
الشدييد مين برد الماء ،وكذلك الذي يخاف مين الخروج إلى الماء،
إل أن معظمهم أوجب عليه العادة إذا وجد الماء ،وقال عطاء :ل
يتيمييم المريييض ول غييير المريييض إذا وجييد الماء .وأمييا الحاضيير
الصيييحيح الذي يعدم الماء ،فذهيييب مالك والشافعيييي إلى جواز
التيميم له ،وقال أبيو حنيفية :ل يجوز التيميم للحاضير الصيحيح وإن
عدم الماء ،وسيبب اختلفهيم فيي هذه المسيائل الربيع التيي هيي
قواعييد هذا الباب؛ أمييا فييي المريييض الذي يخاف ميين اسييتعمال
الماء ،فهو اختلفهم :هل في الية محذوف مقدر في قوله تعالى
{وإن كنتيم مرضيى أو على سيفر} .فمين رأى أن فيي اليية حذفيا
وأن تقدييير الكلم وإن كنتييم مرضييى ل تقدرون على اسييتعمال
الماء ،وأن الضمييير فييي قوله تعالى {فلم تجدوا ماء} إنمييا يعود
على المسيييافر فقيييط أجاز التيميييم للمرييييض الذي يخاف مييين
اسيتعمال الماء .ومين رأى أن الضميير فيي "فلم تجدوا ماء" يعود
على المرييض والمسيافر معيا وأنيه لييس فيي اليية حذف لم يجيز
للمرييض إذا وجيد الماء التيميم .وأميا سيبب اختلفهيم فيي الحاضير
الذي يعدم الماء ،فاحتمال الضميييير الذي فيييي قوله تعالى "فلم
تجدوا ماء" أن يعود على أصييناف المحدثييين :أعنييي الحاضرييين
والمسييافرين ،أو على المسييافرين فقييط .فميين رآه عائدا على
جمييع أصيناف المحدثيين أجاز التيميم للحاضريين ،ومين رآه عائدا
على المسييافرين فقييط أو على المرضييى والمسييافرين لم يجييز
التيمم للحاضر الذي عدم الماء ،وأما سبب اختلفهم في الخائف
من الخروج إلى الماء ،فاختلفهم في قياسه على من عدم الماء،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اسيم الييد فيي لسيان العرب ،وذلك أن الييد فيي كلم العرب يقال
على ثلثية معان :على الكيف فقيط وهيو أظهرهيا اسيتعمال ،ويقال
على الكف والذراع ،ويقال على الكف والساعد والعضد .والسبب
الثاني اختلف الثار في ذلك ،وذلك أن حديث عمار المشهور فيه
مين طرقيه الثابتية "إنميا يكفييك أن تضرب بيدك ثيم تنفيخ فيهيا ثيم
تمسح بها وجهك وكفيك" .وورد في بعض طرقه أنه قال له عليه
الصيلة والسيلم "وأن تمسيح بيدييك إلى المرفقيين" .وروي أيضيا
عن ابن عمر أن النبي عليه الصلة والسلم قال "التيمم ضربتان:
ضربيية للوجييه ،وضربيية لليدييين إلى المرفقييين" وروي أيضييا ميين
طرييق ابين عباس ومين طرييق غيره؛ فذهيب الجمهور إلى ترجييح
هذه الحادييث على حدييث عمار الثابيت مين جهية عضيد القياس
لهيا :أعنيي مين جهية قياس التيميم على الوضوء وهيو بعينيه حملهيم
على أن عدلوا بلفظ اسم اليد عن الكف الذي هو فيه أظهر إلى
الكف والساعد ،ومن زعم أنه ينطلق عليهما بالسواء ،وأنه ليس
في أحدهما أظهر منه في الثاني فقط أخطأ ،فإن اليد وإن كانت
اسيما مشتركيا فهيي فيي الكيف حقيقية ،وفيميا فوق الكيف مجاز،
وليس كل اسم مشترك هو مجمل ،وإنما المشترك المجمل الذي
وضيع مين أول أمره مشتركيا ،وفيي هذا قال الفقهاء إنيه ل يصيح
السييتدلل بييه ،ولذلك مييا نقول إن الصييواب هييو أن يعتقييد أن
الفرض إنما هو الكفان فقط ،وذلك أن اسم اليد ل يخلو أن يكون
في الكف أظهر منه في سائر الجزاء أو يكون دللته على سائر
أجزاء الذراع والعضد بالسواء ،فإن كان أظهر فيجب المصير إلى
الخييذ بالثيير الثابييت ،فأمييا أن يغلب القياس ههنييا على الثيير فل
معنى له ،ول أن ترجح به أيضا أحاديث لم تثبت بعد ،فالقول في
هذه المسيألة بيين مين الكتاب والسينة فتأمله .وأميا مين ذهيب إلى
الباط فإنميا ذهيب إلى ذلك ،لنيه قيد روي فيي بعيض طرق حدييث
عمار أنييه قال "تيممنييا مييع رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم
فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب" .ومن ذهب إلى أن يحمل
تلك الحاديث على الندب وحديث عمار على الوجوب فهو مذهب
حسن إذ كان الجمع أولى من الترجيح عند أهل الكلم الفقهي ،إل
أن هذا إنما ينبغي أن يصار إليه إن صحت تلك الحاديث.
@(-المسيييألة الثانيييية) اختلف العلماء فيييي عدد الضربات على
الصيعيد للتيميم ،فمنهيم مين قال واحدة ،ومنهيم مين قال اثنتيين،
والذيين قالوا اثنتيين منهيم مين قال :ضربية للوجيه وضربية لليديين،
وهم الجمهور ،وإذا قلت الجمهور فالفقهاء الثلثة معدودون فيهم:
أعنيي مالكيا والشافعيي وأبيا حنيفية ،ومنهيم مين قال :ضربتان لكيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الطلب وقدر فيي اليية محذوفيا لم يير إرادة الصيلة الثانيية ميا لم
ينقض التيمم.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) فإن الجمهور ذهبوا إلى أن وجود الماء
ينقضهيا .وذهيب قوم إلى أن الناقيض لهيا هيو الحدث ،وأصيل هيذ
الخلف هييل وجود الماء يرفييع اسييتصحاب الطهرة التييي كانييت
بالتراب ،أو يرفييع ابتداء الطهارة بييه؟ فميين رى أنييه يرفييع ابتداء
الطهارة بيييه قال :ل ينقضهيييا إل الحدث .ومييين رأى أنيييه يرفيييع
اسيتصحاب الطهارة قال :إنيه ينقضهيا ،فإن حيد الناقيض هيو الرافيع
للسيتصحاب ،وقيد احتيج الجمهور لمذهبهيم بالحدييث الثابيت ،وهيو
قوله عليه الصلة والسلم "جعلت لي الرض مسجدا وطهورا ما
لم يجييد الماء" والحديييث محتمييل ،فإنييه يمكيين أن يقال :إن قوله
عليه الصلة والسلم "ما لم يجد الماء" يمكن أن يفهم منه :فإذا
وجد الماء انقطعت هذه الطهارة وارتفعت ،ويمكن أن يفهم منه:
فإذا وجييد الماء لم تصييح ابتداء هذه الطهارة ،والقوى فييي عضييد
الجمهور هيو حدييث أبيي سيعيد الخدري ،وفييه أنيه علييه الصيلة
والسييييلم قال "فإذا وجدت الماء فأمسييييه جلدك" فإن الميييير
محمول عنييد جمهور المتكلمييين على الفور ،وإن كان أيضييا قييد
يتطرق إليييه الحتمال المتقدم فتأمييل هذا .وقييد حمييل الشافعييي
تسيييييليمه على أن وجود الماء يرفيييييع هذه الطهارة أن قال :إن
التيمييم ليييس رافعييا للحدث :أي ليييس مفيدا للمتيمييم الطهارة
الرافعة للحدث ،وإنما هو مبيح للصلة فقط مع بقاء الحدث ،وهذا
ل معنييى له ،فإن الله قييد سييماه طهارة ،وقييد ذهييب قوم ميين
أصحاب مالك هذا المذهب فقالوا :إن التيمم ل يرفع الحدث ،لنه
لو رفعيييه لم ينقضيييه إل الحدث .والجواب أن هذه الطهارة وجود
الماء فيي حقهيا هيو حدث خاص بهيا على القول بأن الماء ينقضهيا،
واتفييق القائلون بأن وجود الماء ينقضهييا على أنييه ينقضهييا قبييل
الشروع في الصلة وبعد الصلة ،واختلفوا هل ينقضها طروه في
الصيلة؟ فذهيب مالك والشافعيي وداود إلى أنيه ل ينقيض الطهارة
فيي الصيلة ،وذهيب أبيو حنيفية وأحميد وغيرهميا إلى أنيه ينقيض
الطهارة فيي الصيلة وهيم أحفيظ للصيل ،لنيه أمير غيير مناسيب
الشرع أن يوجد شيء واحد ل ينقض الطهارة في الصلة وينقضها
فيي غيير الصيلة ،وبمثيل هذا شنعوا على مذهيب أبيي حنيفية فيميا
يراه من أن الضحك في الصلة ينقض الوضوء ،مع أنه مستند في
ذلك إلى الثيير فتأمييل هذه المسييألة فإنهييا بينيية ،ول حجيية فييي
الظواهير التيي يرام الحتجاح بهيا بإرادتيه وإنميا أبطلهيا طرو الماء
كما لو أحدث.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الدم هيو السيبب فيي تحرييم الميتية لميا كانيت ترتقيع الحرميية عين
الحيوان بالذكاة ،وتبقييى حرمييية الدم الذي لم ينفصييل بعييد عيين
المذكاة ،وكانيت الحليية إنميا توجيد بعيد انفصيال الدم عنيه لنيه إذا
ارتفيع السيبب ارتفيع المسيبب الذي يقتضييه ضرورة ،لنيه إن وجيد
السيبب والمسيبب غيير موجود فلييس له هيو سيببا ،ومثال ذلك أنيه
إذا ارتفييع التحريييم عيين عصييير العنييب وجييب ضرورة أن يرتفييع
السيكار إن كنيا نعتقيد أن السيكار هيو سيبب التحرييم .وأميا مين
اسيتثنى مين ذلك ميتية البحير فإنيه ذهيب إلى الثير الثابيت فيي ذلك
مين حدييث جابر ،وفييه "أنهيم أكلوا مين الحوت الذي رماه البحير
أياما وتزودوا منه ،وأنهم أخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه
وسيلم فاسيتحسن فعلهيم ،وسيألهم :هيل بقيي منيه شييء؟" وهيو
دلييييل على أنيييه لم يجوز لهيييم لمكان ضروة خروج الزاد عنهيييم.
واحتجوا أيضا بقوله عليه الصلة والسلم "هو الطهور ماؤه الحل
ميتتيه" .وأميا أبيو حنيفية فرجيح عموم اليية على هذا الثير ،إميا لن
اليية مقطوع بهيا ،والثير مظنون ،وإميا لنيه رأى أن ذلك رخصية
لهم ،أعني حديث جابر أو لنه احتمل عنده أن يكون الحوت مات
بسيبب ،وهيو رميي البحير بيه إلى السياحل ،لن الميتية هيو ميا مات
مين تلقاء نفسيه مين غيير سيبب خارج ،ولختلفهيم فيي هذا أيضيا
سيبب آخير وهيو احتمال عودة الضميير فيي قوله تعالى {وطعاميه
متاعيا لكيم وللسييارة} أعنيي أن يعود على البحير أو على الصييد
نفسييه ،فميين أعاده على البحيير قال طعامييه هييو الطافييي ،وميين
أعاده على الصيد قال هو الذي أحل فقط من صيد البحر ،مع أن
الكوفيين أيضا تمسكوا في ذلك بأثر ورد فيه تحريم الطافي من
السمك وهو عندهم ضعيف.
@(-المسيييألة الثانيييية) وكميييا اختلفوا فيييي أنواع الميتات كذلك
اختلفوا في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة ،وذلك أنهم اتفقوا على
أن اللحيم مين أجزاء الميتية ميتية .واختلفوا فيي العظام والشعير،
فذهيب الشافعيي إلى أن العظيم والشعير ميتية ،وذهيب أبيو حنيفية
إلى أنهميا ليسيا بميتية ،وذهيب مالك للفرق بيين الشعير والعظيم
فقال :إن العظيم ميتية ولييس الشعير ميتية .وسيبب اختلفهيم هيو
اختلفهيم فيميا ينطلق علييه اسيم الحياة مين أفعال العضاء .فمين
رأى أن النميييو والتغذي هيييو مييين أفعال الحياة قال :إن الشعييير
والعظام إذا فقدت النمييو والتغذي فهييي ميتيية .وميين رأى أنييه ل
ينطلق اسيييم الحياة إل على الحيييس قال :إن الشعييير والعظام
ليسيت بميتية لنهيا ل حيس لهيا .ومين فرق بينهميا أوجيب للعظام
الحييس ولم يوجييب للشعيير .وفييي حييس العظام اختلف ،والميير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مختلف فييه بيين الطباء ،ومميا يدل على أن التغذي والنميو ليسيا
هميا الحياة التيي يطلق على عدمهيا اسيم الميتية ،أن الجمييع قيد
اتفقوا على أن ما قطع من البهيمة وهي حية أنه ميتة لو زود ذلك
في الحديث وهو قوله عليه الصلة والسلم "ما قطع من البهيمة
وهيي حيية فهيو ميتية" واتفقوا على أن الشعير إذا قطيع مين الحيي
أنيه طاهير ،ولو انطلق اسيم الميتية على مين فقيد التغذي والنميو
لقييل فيي النبات المقلوع إنيه ميتية ،وذلك أن النبات فييه التغذي
والنمييو ،وللشافعييي أن يقول إن التغذي الذي ينطلق على عدمييه
اسم الموت هو التغذي الموجود في الحساس.
@(-المسييألة الثالثيية) اختلفوا فييي النتفاع بجلود الميتيية ،فذهييب
قوم إلى النتفاع بجلودهيا مطلقيا دبغيت أو لم تدبيغ ،وذهيب قوم
إلى خلف هذا ،وهو أل ينتفع به أصل ،وإن دبغت وذهب قوم إلى
الفرق بيين أن تدبيغ وأن ل تدبيغ ،ورأوا أن الدباغ مطهير لهيا ،وهيو
مذهييب الشافعييي وأبييي حنيفيية ،وعيين مالك فييي ذلك روايتان:
إحداهميا مثيل قول الشافعيي ،والثانيية أن الدباغ ل يطهرهيا ،ولكين
تستعمل في اليابسات ،والذين ذهبوا إلى أن الدباغ مطهر اتفقوا
على أنيه مطهير لميا تعميل فييه الذكاة مين الحيوان :أعنيي المباح
الكل ،واختلفوا فيما ل تعمل فيه الذكاة ،فذهب الشافعي إلى أنه
مطهيير لمييا تعمييل فيييه الذكاة فقييط ،وأنييه بدل منهييا فييي إفادة
الطهارة .وذهييب أبييو حنيفيية إلى تأثييير الدباغ فييي جميييع ميتات
الحيوان مييا عدا الخنزييير .وقال داود :تطهيير حتييى جلد الخنزييير.
وسيبب اختلفهيم تعارض الثار فيي ذلك ،وذلك أنه ورد فيي حديث
ميمونة إباحة النتفاع بها مطلقا ،وذلك أن فيه أنه مر بميتة ،فقال
علييه الصييلة والسيلم "هل انتفعتييم بجلدهييا؟" وفييي حديييث ابيين
عكيم منع النتفاع بها مطلقا ،وذلك أن فيه "أن رسول الله صلى
الله علييه وسيلم كتيب :أل تنتفعوا مين الميتية بإهاب ول عصيب"
قال :وذلك قبيل موتيه بعام .وفيي بعضهيا المير بالتنفاع بهيا بعيد
الدباغ والمنيع قبيل الدباغ ،والثابيت فيي هذا الباب هيو حدييث ابين
عباس أنيه علييه الصيلة والسيلم قال "إذا دبيغ الهاب فقيد طهير"
فلمكان اختلف هذه الثار اختلف الناس فيي تأويلهيا ،فذهيب قوم
مذهييب الجمييع على حديييث ابيين عباس ،أعنييي أنهييم فرقوا فييي
النتفاع بها بين المدبوغ وغير المدبوغ .وذهب قوم مذهب النسخ،
فأخذوا بحديييث ابيين عكيييم لقوله فيييه موتييه بعام .وذهييب قوم
مذهيب الترجييح لحدييث ميمونية ،ورأوا أنيه يتضمين زيادة على ميا
في حديث ابن عباس ،وأن تحريم النتفاع ليس يخرج من حديث
ابن عباس قبل الدباغ ،لن التنفاع غير الطهارة ،أعني كل طاهر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ينتفع به ،وليس يلزم عكس هذا المعنى ،أعني أن كل ما ينتفع به
هو طاهر.
@(-المسييألة الرابعيية) اتفييق العلماء على أن دم الحيوان البري
نجيس ،واختلفوا فيي دم السيمك ،وكذلك اختلفوا فيي الدم القلييل
مين دم الحيوان غيير البحري ،فقال قوم :دم السيمك طاهير ،وهيو
أحييد قولي مالك ومذهييب الشافعييي .وقال قوم :هييو نجييس على
أصييل الدماء ،وهييو قول مالك فييي المدونيية .وكذلك قال قوم :إن
قليل الدماء معفو عنه .وقال قوم :بل القليل منها والكثير حكمه
واحييد ،والول عليييه الجمهور .والسييبب فييي اختلفهييم فييي دم
السيمك هيو اختلفهيم فيي ميتتيه ،فمين جعيل ميتتيه داخلة تحيت
عموم التحريييم جعييل دمييه كذلك ،وميين أخرج ميتتييه أخرج دمييه
قياسيا على الميتتية ،وفيي ذلك أثير ضعييف وهيو قوله علييه الصيلة
والسيييييلم "أحلت لنيييييا ميتتان ودمان الجراد والحوت ،والكبيييييد
والطحال" .وأميا اختلفهيم فيي كثيير الدم وقليله فسيببه اختلفهيم
فيي القضاء بالمقييد على المطلق أو بالمطلق على المقييد ،وذلك
أنه ورد تحريم الدم مطلقا في قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة
والدم ولحييم الخنزييير} وورد مقيدا فييي قوله تعالى {قييل ل أجييد
فيمييا أوحييي إلي محرمييا} إلى قوله {أو دمييا مسييفوحا أو لحييم
خنزييير} فميين قضييى بالمقيييد على المطلق وهييم الجمهور قال
المسيفوح هيو النجيس المحرم فقيط ،ومين قضيى بالمطلق على
المقيد لن فيه زيادة قال :المسفوح وهو الكثيير ،وغير المسفوح
وهيو القلييل ،كيل ذلك حرام ،وأييد هذا بأن كيل ميا هيو نجيس لعينيه
فل يتبعض.
@(-المسيألة الخامسية) اتفيق العلماء على نجاسية بول ابين آدم
ورجيعه إل بول الصبي الرضيع ،واختلفوا فيما سواه من الحيوان،
فذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنها كلها نجسة .وذهب قوم إلى
طهارتهييا بإطلق ،أعنييي فضلتييي سييائر الحيوان البول والرجيييع.
وقال قوم :أبوالهيا وأرواثهيا تابعية للحومهيا ،فميا كان منهيا لحومهيا
محرمية فأبوالهيا وأرواثهيا نجسية محرمية ،وميا كان منهيا لحومهيا
مأكولة فأبوالهيا وأوراثهيا طاهرة ،ميا عدا التيي تأكيل النجاسية ،وميا
كان منها مكروهة فأبوالها وأوراثها مكروهة ،وبهذا قال مالك كما
قال أبو حنيفة بذلك في السآر .وسبب اختلفهم شيئان :أحدهما
اختلفهييم فييي مفهوم الباحيية الواردة فييي الصييلة فييي مرابييض
الغنيم ،وإباحتيه علييه الصيلة والسيلم للعرنييين شرب أبوال البيل
وألبانها ،وفي مفهوم النهي عن الصلة في أعطان البل .والسبب
الثانيي اختلفهيم فيي قياس سيائر الحيوان فيي ذلك على النسيان،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فمين قاس سيائر الحيوان على النسيان ورأى أنيه مين باب قياس
الولى والحرى لم يفهييم ميين إباحيية الصييلة فييي مرابييض الغنييم
طهارة أرواثها وأبوالها جعل ذلك عبادة ،ومن فهم من النهي عن
الصيلة فيي أعطان البيل النجاسية وجعيل إباحتيه للعرنييين أبوال
البيل لمكان المداواة على أصيله فيي إجازة ذلك قال :كيل رجييع
وبول ف هو نجس ،ومن فهيم من حديث إباحة الصلة في مرابض
الغنيم طهارة أرواثهيا وأبوالهيا وكذلك مين حدييث العرنييين وجعيل
النهيي عين الصيلة فيي أعطان البيل عبادة أو لمعنيى غيير معنيى
النجاسييية ،وكان الفرق عنده بيييين النسيييان وبهيمييية النعام أن
فضلتيي النسيان مسيتقذرة بالطبيع وفضلتيي بهيمية النعام ليسيت
كذلك جعييل الفضلت تابعيية للحوم والله أعلم .وميين قاس على
بهيمية النعام غيرهيا جعيل الفضلت كلهيا ميا عدا فضلتيي النسيان
غير نجسة ول محرمة والمسألة محتملة ،ولول أنه ل يجوز إحداث
قول لم يتقدم إليييه أحييد فييي المشهور ،وإن كانييت مسييألة فيهييا
خلف لقيييل إن مييا ينتيين منهييا ويسييتقذر بخلف مييا ل ينتيين ول
يسيتقذر ،وبخاصية ميا كان منهيا رائحتيه حسينة لتفاقهيم على إباحية
العنييبر وهييو عنييد أكثيير الناس فضلة ميين فضلت حيوان البحيير،
وكذلك المسيك ،وهيو فضلة دم الحيوان الذي يوجيد المسيك فييه
فيما يذكر.
@(-المسيألة السيادسة) اختلف الناس فيي قلييل النجاسيات على
ثلثيية أقوال :فقوم رأوا قليلهييا وكثيرهييا سييواء ،ومميين قال بهذا
القول الشافعي .وقوم رأوا أن قليل النجاسات معفو عنه ،وحدوه
بقدر الدرهييم البغلي ،ومميين قال بهذا القول أبييو حنيفيية ،وشييذ
محميد بين الحسين فقال :إن كانيت النجاسية ربيع الثوب فميا دونيه
جازت بييه الصييلة .وقال فريييق ثالث :قليييل النجاسييات وكثيرهييا
سييواء إل الدم على مييا تقدم ،وهييو مذهييب مالك ،وعنييه فييي دم
الحيض روايتان والشهر مساواته لسائر الدماء .وسبب اختلفهم
اختلفهييم فييي قياس قليييل النجاسيية على الرخصيية الواردة فييي
الستجمار للعلم بأن النجاسة هناك باقية ،فمن أجاز القياس على
ذلك استجاز قليل النجاسة ،ولذلك حدوه بالدرهم قياسا على قدر
المخرج ،ومين رأى أن تلك رخصية والرخيص ل يقاس عليهيا منيع
ذلك .وأميييا سيييبب اسيييتثناء مالك مييين ذلك الدماء ،فقيييد تقدم،
وتفصيل مذهب أبي حنيفة أن النجاسات عنده تنقسم إلى مغلظة
ومخففية ،وأن المغلظية هيي التيي يعفيى منهيا عين قدر الدرهيم،
والمخففة هي التي يعفى منها عن ربع الثوب ،والمخففة عندهم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بأكثيير مييا ينطلق عليييه السييم قال يغسييل الذكيير كله ،وميين رأى
الخيذ بأقيل ميا ينطلق علييه قال إنميا يغسيل موضيع الذى فقيط
قياسا على البول والمذي.
**3الباب الرابع في الشيء الذي تزال به.
@-وأمييا الشيييء الذي بييه تزال ،فإن المسييلمين اتفقوا على أن
الماء الطاهر المطهر يزيلها من هذه الثلثة المحال ،واتفقوا أيضا
على أن الحجارة تزيلهيا مين المخرجيين ،واختلفوا فيميا سيوى ذلك
مين المائعات والجامدات التيي تزيلهيا .فذهيب قوم إلى أن ميا كان
طاهرا يزيييل عييين النجاسيية مائعييا كان أو جامدا فييي أي موضييع
كانيت ،وبيه قال أبيو حنيفية وأصيحابه .وقال قوم :ل تزال النجاسية
بميا سيوى الماء إل فيي السيتجمار فقيط المتفيق علييه ،وبيه قال
مالك والشافعي .واختلفوا أيضا في إزالتها في الستجمار بالعظم
والروث ،فمنيع ذلك قوم ،وأجازه بغيير ذلك مميا ينقيي ،واسيتثنى
مالك من ذلك ما هو مطعوم ذو حرمة كالخبز ،وقد قيل ذلك فيما
في استعماله سرف كالذهب والياقوت .وقوم قصروا النقاء على
الحجار فقيط ،وهيو مذهيب أهيل الظاهير .وقوم أجازوا السيتنجاء
بالعظم دون الروث وإن كان مكروها عندهم .وشذ الطبري فأجاز
الستجمار بكل طاهر ونجس .وسبب اختلفهم في إزالة النجاسة
بمييا عدا الماء فيمييا عدا المخرجييين هييو :هييل المقصييود بإزالة
النجاسية بالماء هيو إتلف عينهيا فقيط فيسيتوي فيي ذلك ميع الماء
كيل ميا يتلف عينهيا؟ أم للماء فيي ذلك مزييد خصيوص لييس بغيير
الماء ،فمن لم يظهر عنده للماء مزيد خصوص قال بإزالتها بسائر
المائعات والجامدات الطاهرة ،وأييييييد هذا المفهوم بالتفاق على
إزالتهيا مين المخرجيين بغيير الماء ،وبميا ورد مين حدييث أم سيلمة
أنهييا قالت "إنييي أمرأة أطيييل ذيلي وأمشييي فييي المكان القذر،
فقال لهييا رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يطهره مييا بعده"
وكذلك بالثار التي خرجها أبو داود في هذا مثل قوله عليه الصلة
والسلم "إذا وطئ أحدكم الذى بنعليه فإن التراب له طهور" إلى
غيير ذلك مميا روي فيي هذا المعنيى ،ومين رأى أن للماء فيي ذلك
مزيييد خصييوص منييع ذلك إل فييي موضييع الرخصيية فقييط ،وهييو
المخرجان ،ولما طالبت الحنفية الشافعية بذلك الخصوص المزيد
الذي للماء لجئوا فييي ذلك إلى أنهييا عبادة إذ لم يقدروا أن يعطوا
في ذلك سببا معقول ،حتى أنهم سلموا أن الماء ل يزيل النجاسة
بمعنى معقول ،وإنما إزالته بمعنى شرعي حكمي ،وطال الخطب
والجدل بينهييم :هييل إزالة النجاسيية بالماء عبادة أو معنييى معقول
خلفا عن سلف ،واطرت الشافعية إلى أن تثبت أن في الماء قوة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شرعيية فيي رفيع أحكام النجاسيات ليسيت فيي غيره ،وإن اسيتوى
مع سائر الشياء في إزالة العين ،وأن المقصود إنما هو إزالة ذلك
الحكيم الذي اختيص بيه الماء لذهاب عيين النجاسية ،بيل قيد يذهيب
العيين ويبقيى الحكيم فباعدوا المقصيد وقيد كانوا اتفقوا قبيل ميع
الحنفيين أن طهارة النجاسة ليست طهارة حكمية أعني شرعية،
ولذلك لم تحتييج إلى نييية ولو راموا النفصييال عنهييم بأنييا نرى أن
للماء قوة إحالة للنجاس والدناس وقلعهيييا مييين الثياب والبدان
ليسييت لغيره ،ولذلك اعتمده الناس فييي تنظيييف البدان والثياب
لكان قول جيدا وغيره بعييد ،بيل لعله واجيب أن يعتقييد أن الشرع
إنميا اعتميد فيي كيل موضيع غسيل النجاسية بالماء لهذه الخاصيية
التيي فيي الماء ،ولو كانوا قالوا هذا لكانوا قيد قالوا فيي ذلك قول
هيو أدخيل فيي المذهيب الفقيه الجاري على المعانيي وإنميا يلجيأ
الفقيييه إلى أن يقول عبادة إذا ضاق عليييه المسييلك مييع الخصييم،
فتأمل ذلك فإنه بين من أمرهم في أكثر المواضع .وأما اختلفهم
فيي الروث فسيببه اختلفهيم فيي المفهوم مين النهيي الوارد فيي
ذلك عنيه علييه الصيلة والسيلم ،أعنيي أمره علييه الصيلة والسيلم
أن ل يستنجي بعظيم ول روث ،فمن دل عنده النهيي على الفساد
لم يجييز ذلك ،وميين لم ييير ذلك إذ كانييت النجاسيية معنييى معقول
حمييل ذلك على الكراهييية ولم يعده إلى إبطال السييتنجاء بذلك،
ومن فرق بين العظام والروث فلن الروث نجس عنده.
**3الباب الخامس في صفة إزالتها.
@-وأمييا الصييفة التييي بهييا تزول فاتفييق العلماء على أنهييا غسييل
ومسييح ونضييح لورود ذلك فييي الشرع وثبوتييه فييي الثار .واتفقوا
على أن الغسيييل عام لجمييييع أنواع النجاسيييات ولجمييييع محال
النجاسيات ،وأن المسيح بالحجار يجوز فيي المخرجيين ويجوز فيي
الخفييين وفييي النعلييين ميين العشييب اليابييس ،وكذلك ذيييل المرأة
الطوييل اتفقوا على أن طهارتيه هيي على ظاهير حدييث أم سيلمة
ميين العشييب اليابييس ،واختلفوا ميين ذلك فييي ثلث مواضييع هييي
أصيول هذا الباب :أحدهيا فيي النضيح لي نجاسية هيو والثانيي فيي
المسييح لي محييل هييو ولي نجاسيية هييو بعييد أن اتفقوا على مييا
ذكرناه .والثالث اشتراط العدد فيي الغسيل والمسيح .أميا النضيح
فإن قومييييا قالوا :هذا خاص بإزالة بول الطفييييل الذي لم يأكييييل
الطعام .وقوم فرقوا بييين بول الذكيير فييي ذلك والنثييى ،فقالوا:
ينضيح بول الذكير ويغسيل بول النثيى ،وقوم قالوا :الغسيل طهارة
ما يتيقن بنجاسته ،والنضح طهارة ما شك فيه ،وهو مذهب مالك
بيين أنييس رضييي الله عنييه .وسييبب اختلفهييم تعارض ظواهيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عمر على السترة ،وهو مذهب مالك .ومن ذهب مذهب الترجيح
رجيح حدييث أبيي أيوب ،لنيه إذا تعارض حديثان أحدهميا فييه شرع
موضوع ،والخيير موافييق للصييل الذي هييو عدم الحكييم ولم يعلم
المتقدم منهميا مين المتأخير وجيب أن يصيار إلى الحدييث المثبيت
للشرع ،لنيه قيد وجيب العميل بنقله مين طرييق العدول ،وتركيه
الذي ورد أيضا من طريق العدول يمكن أن يكون ذلك قبيل شرع
ذلك الحكييم ،ويمكيين أن يكون بعده ،فلم يجييز أن نترك شرعييا
وجب العمل به بظن لم نؤمر أن نوجب النسخ به إل لو نقل أنه
كان بعده ،فإن الظنون التييييي تسييييتند إليهييييا الحكام محدودة
بالشرع :أعني التي توجب رفعها أو إيجابها ،وليست هي أي ظن
اتفيق ،ولذلك يقولون إن العميل ميا لم يجيب بالظين وإنميا وجيب
بالصيييل المقطوع بيييه ،يريدون بذلك الشرع المقطوع بيييه الذي
أوجيب العميل بذلك النوع مين الظين ،وهذه الطريقية التيي قلناهيا
هيي طريقية أبيي محميد بين حزم الندلسيي ،وهيي طريقية جيدة
مبنية على أصول أهل الكلم الفقهي ،وهو راجع إلى أنه ل يرتفع
بالشيك ميا ثبيت بالدلييل الشرعيي .وأميا مين ذهيب مذهيب الرجوع
إلى الصل عند التعارض فهو مبني على أن الشك يسقط الحكم
ويرفعه وأنه كل حكم ،وهو مذهب داود الظاهري ،ولكن خالفه أبو
محمد بن حزم في هذا الصل مع أنه من أصحابه .قال القاضي:
فهذا هيو الذي رأينيا أن نثبتيه فيي هذا الكتاب مين المسيائل التيي
ظننيا أنهيا تجري مجرى الصيول ،وهيي التيي نطيق بهيا فيي الشرع
أكثر ذلك ،أعني أن أكثرها يتعلق بالمنطوق به ،إما تعلقا قريبا ،أو
قريبيا مين القرييب ،وإن تذكرنيا لشييء مين هذا الجنيس أثبتناه فيي
هذا الباب ،وأكثير ميا عولت فيميا نقلتيه مين نسيبة هذه المذاهيب
إلى أربابهيا هيو كتاب السيتذكار ،وأنيا قيد أبحيت لمين وقيع مين ذلك
على وهم لي أن يصلحه ،والله المعين والموفق.
**2كتاب الصلة.
@(-بسم الله الرحمن الرحيم) وصلى الله على سيدنا محمد وآله
وصحبه وسلم تسليما.
الصييلة تنقسييم أول وبالجملة إلى فرض ،وندب .والقول المحيييط
بأ صول هذه العبادة ينحصر بالجملة في أربعة أجناس :أعنيي أربع
جمل :الجملة الولى :في معرفة الوجوب وما يتعلق به .والجملة
الثانيييية :فيييي معرفييية شروطهيييا الثلث :أعنيييي شروط الوجوب
وشروط الصييحة وشروط التمام والكمال .والجملة الثالثيية :فييي
معرفة ما تشتمل عليه من أفعال وأقوال ،وهي الركان .والجملة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يثبت بعد في الشرع من طريق يجب المصير إليه ،فقد يجب إذا
لم يدل عندنا على الكفر الحقيقي الذي هو التكذيب أن يدل على
المعنييى المجازي ل على معنييى يوجييب حكمييا لم يثبييت بعييد فييي
الشرع بل يثبت ضده ،وهو أنه ل يحل دمه إذ هو خارج عن الثلث
الذيين نيص عليهيم الشرع فتأميل هذا ،فإنيه بيين والله أعلم .أعنيي
أنيه يجيب علينيا أحيد أمريين :إميا أن نقدر فيي الكلم محذوفيا إن
أردنيا حمله على المعنيى الشرعيي المفهوم مين اسيم الكفير ،وإميا
أن نحمله على المعنى المستعار ،وأما حمله على أن حكمه حكم
الكافير فيي جمييع أحكاميه ميع أنيه مؤمين فشييء مفارق للصيول،
ميع أن الحدييث نيص فيي حيق مين يجيب قتله كفرا أو حدا ،ولذلك
صار هذا القول مضاهيا لقول من يكفر بالذنوب.
*(*3الجملة الثانية في الشروط)
@-وهذه الجملة فيهيييا ثمانيييية أبواب :الباب الول :فيييي معرفييية
الوقات .الثانيي :فيي معرفية الذان والقامية .الثالث :فيي معرفية
القبلة .الرابيع :فيي سيتر العورة واللباس فيي الصيلة .الخاميس:
فييي اشتراط الطهارة ميين النجييس فييي الصييلة .السييادس :فييي
تعيين المواضع التي يصلي فيها من المواضع التي ل يصلي فيها.
السابع :في معرفة الشروط التي هي شروط في صحة الصلة.
الثامن :في معرفة النية وكيفية اشتراطها في الصلة.
**3الباب الول في معرفة الوقات.
@-وهذا الباب ينقسم أول إلى فصلين :الول في معرفة الوقات
المأمور بها .الثاني في معرفة الوقات المنهي عنها.
**4الفصل الول في معرفة الوقات المأمور بها.
@-وهذا الفصييل ينقسييم إلى قسييمين أيضييا :القسييم الول فييي
الوقات الموسعة والمختارة .والثاني في أوقات أهل الضرورة.
@-القسييم الول ميين الفصييل الول ميين الباب الول ميين الجملة
الثانية.
والصيييل فيييي هذا الباب قوله تعالى {إن الصيييلة كانيييت على
المؤمنييين كتابييا موقوتييا} اتفييق المسييلمون على أن للصييلوات
الخمييس أوقاتييا خمسييا هييي شرط فييي صييحة الصييلة ،وأن منهييا
أوقات فضيلة وأوقات توسعة ،واختلفوا في حدود أوقات التوسعة
والفضيلة ،وفيه خمس مسائل:
@(-المسيييألة الولى) اتفقوا على أن أول وقيييت الظهييير الذي ل
تجوز قبله هيو الزوال ،إل خلفيا شاذا روي عين ابين عباس ،وإل ميا
روي من الخلف في صلة الجمعة على ما سيأتي ،واختلفوا منها
فيي موضعيين فيي آخير وقتهيا الموسيع وفيي وقتهيا المرغيب فييه.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فأما آخر وقتها الموسع فقال مالك والشافعي وأبو ثور وداود هو
أن يكون ظيل كيل شييء مثله .وقال أبيو حنيفية :آخير الوقيت أن
يكون ظيل كيل شييء مثلييه فيي إحدى الروايتيين عنيه ،وهيو عنده
أول وقيت العصير .وقيد روي عنيه أن آخير وقيت الظهير هيو المثيل،
وأول وقت العصر المثلن ،وأن ما بين المثل والمثلين ليس يصلح
لصلة الظهر ،وبه قال صاحباه أبو يوسف ومحمد .وسبب الخلف
فيي ذلك اختلف الحادييث وذلك أنيه ورد فيي إمامية جبرييل أنيه
صيلى بالنيبي صيلى الله علييه وسيلم الظهير فيي اليوم الول حيين
زالت الشميس ،وفيي اليوم الثانيي حيين كان ظيل كيل شييء مثله،
ثيم قال" :الوقيت ميا بيين هذيين" وروي عنيه قال صيلى الله علييه
وسيلم" :إنميا بقاؤكيم فيميا سيلف قبلكيم مين الميم كميا بيين صيلة
العصيير إلى غروب الشمييس ،أوتييي أهييل التوراة التوراة فعملوا
حتى إذا انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ،ثم أوتي
أهل النجيل النجيل فعملوا إلى صلة العصر ،ثم عجزوا فأعطوا
قيراطييا قيراطييا ،ثييم أوتينييا القرآن فعملنييا إلى غروب الشمييس
فأعطينيا قيراطيين قيراطيين ،فقال أهيل الكتاب أي ربنيا أعطييت
هؤلء قيراطيين قيراطيين وأعطينيا قيراطيا قيراطيا ونحين كنيا أكثير
عمل؟ قال الله تعالى :هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا:
ل ،قال :فهيو فضلي أوتييه مين أشاء" فذهيب مالك والشافعيي إلى
حديث إمامة جبريل ،وذهب أبو حنيفة إلى مفهوم ظاهر هذا ،وهو
أنييه إذا كان ميين العصيير إلى الغروب أقصيير ميين أول الظهيير إلى
العصيير على مفهوم هذا الحديييث ،فواجييب أن يكون العصير أكثير
من قامة ،وأن يكون هذا هو آخر وقت الظهر .وقال أبو محمد بن
حزم :ولييس كميا ظنوا وقيد امتحنيت المير فوجدت القامية تنتهيي
مين النهار إلى تسيع سياعات وكسير .قال القاضيي :أنيا الشاك فيي
الكسير ،وأظنيه قال :وثلث حجية مين قال باتصيال الوقتيين ،أعنيي
اتصيال ل بفصيل غيير منقسيم قوله علييه الصيلة والسيلم "ل يخرج
وقت صلة حتى يدخل وقت أخرى" وهو حديث ثابت .وأما وقتها
المرغيب فييه والمختار فذهيب مالك إلى أنيه للمنفرد أول الوقيت
ويسيتحب تأخيرهيا عين أول الوقيت قليل فيي مسياجد الجماعات.
وقال الشافعي :أول الوقت أفضل إل في شدة الحر .وروي مثل
ذلك عن مالك .وقالت طائفة :أول الوقت أفضل بإطلق للمنفرد
والجماعيية وفييي الحيير والبرد ،وإنمييا اختلفوا فييي ذلك لختلف
الحادييث ،وذلك أن فيي ذلك حديثيين ثابتيين :أحدهميا قوله علييه
الصيلة والسيلم "إذا اشتيد الحير فأبردوا عين الصيلة ،فإن شدة
الحر من فيح جهنم" والثاني "أن النبي عليه الصلة والسلم كان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يصيلي الظهير بالهاجرة" وفيي حدييث خباب "أنهيم شكوا إلييه حير
الرمضاء فلم يشكهييم" خرجييه مسييلم .قال زهييير رواي الحديييث:
قلت لبييي إسييحاق شيخييه أفييي الظهيير؟ قال :نعييم ،قلت :أفييي
تعجليهيا؟ قال :نعيم ،فرجيح قوم حدييث البراد إذ هيو نيص ،وتأولوا
هذه الحادييث إذ ليسيت بنيص .وقوم رجحوا هذه الحادييث لعموم
ميا روي مين قوله علييه الصيلة والسيلم "وقيد سيئل :أي العمال
أفضيل؟ قال :الصيلة لول ميقاتهيا" والحدييث متفيق علييه ،وهذه
الزيادة فيه ،أعني "لول ميقاتها" مختلف فيه.
@(-المسييألة الثانييية) اختلفوا ميين صييلة العصيير فييي موضعييين:
أحدهما في اشتراك أول وقتها مع آخر وقت صلة الظهر .والثاني
فييي آخيير وقتهييا .فأمييا اختلفهييم فييي الشتراك فإنييه اتفييق مالك
والشافعي وداود وجماعة على أن أول وقت العصر هو بعينه آخر
وقت الظهر ،وذلك إذا صار ظل كل شيء مثله ،إل أن مالكا يرى
أن آخر وقت الظهر وأول وقت العصر هو وقت مشترك للصلتين
معيا :أعنيي بقدر ميا يصيلي فييه أربيع ركعات .وأميا الشافعيي وأبيو
ثور وداود فآخير وقيت الظهير عندهيم هيو الن الذي هيو أول وقيت
العصر هو زمان غير منقسم .وقال أبو حنيفة كما قلنا أول وقت
العصيير إلى أن يصييير ،ظييل كييل شيييء مثليييه ،وقييد تقدم سييبب
اختلف أبيي حنيفية معهيم فيي ذلك .وأميا سيبب اختلف مالك ميع
الشافعيي ومين قال بقوله فيي هذه فمعارضية حدييث جبرييل فيي
هذا المعنيى لحدييث عبيد الله بين عمير ،وذلك أنيه جاء فيي إمامية
جبرييل أنيه صيلى بالنيبي علييه الصيلة والسيلم الظهير فيي اليوم
الثانيي فيي الوقيت الذي صيلى فييه العصير فيي اليوم الول .وفيي
حديث ابن عمر أنه قال عليه الصلة والسلم "وقت الظهر ما لم
يحضر وقت العصر" خرجه مسلم .فمن رجح حديث جبريل جعل
الوقييت مشتركييا ،وميين رجييح حديييث عبييد الله لم يجعييل بينهمييا
اشتراكا ،وحديث جبريل أمكن أن يصرف إلى حديث عبد الله من
حدييث عبيد الله إلى حدييث جبرييل ،لنيه يحتميل أن يكون الراوي
تجوز فييي ذلك لقرب مييا بييين الوقتييين ،وحديييث إماميية جبريييل
صيححه الترمذي ،وحدييث ابين عمير خرجيه مسيلم .وأميا اختلفهيم
فيي آخير وقيت العصير فعين مالك فيي ذلك روايتان إحداهميا :أن
آخير وقتهيا أن يصيير ظيل كيل شييء مثلييه ،وبيه قال الشافعيي.
والثانيية أن آخير وقتهيا ميا لم تصيفر الشميس ،وهذا قول أحميد بين
حنبل .وقال أهل الظاهر :آخر وقتها قبل غروب الشمس بركعة.
والسبب في اختلفهم أن في ذلك ثلثة أحاديث متعارضة :الظاهر
أحدهيا حدييث عبيد الله بين عمير خرجيه مسيلم وفييه "فإذا صيليتم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فأما أوقات الضرورة والعذر فأثبتها كما قلنا فقهاء المصار ونفاها
أهيل الظاهير ،وقيد تقدم سيبب اختلفهيم فيي ذلك .واختلف هؤلء
الذيين أثبتوهيا فيي ثلثية مواضيع :أحدهيا لي الصيلوات توجيد هذه
الوقات وليهييا ل؟ والثانييي فييي حدود هذه الوقات .والثالث فييي
ميين هييم أهييل العذر الذييين رخييص لهييم فييي هذه الوقات وفييي
أحكامهم في ذلك :أعني من وجوب الصلة ومن سقوطها.
@(-المسيألة الولى) اتفيق مالك والشافعيي على أن هذا الوقيت
هييو لربييع صييلوات :للظهيير والعصيير مشتركييا بينهمييا ،والمغرب
والعشاء كذلك ،وإنما اختلفوا في جهة اشتراكهما على ما سيأتي
بعيد ،وخالفهيم أبيو حنيفية فقال :إن هذا الوقيت إنميا هيو للعصير
فقط ،وأنه ليس ههنا وقت مشترك .وسبب اختلفهم في ذلك هو
اختلفهيم فيي جواز الجميع بيين الصيلتين فيي السيفر فيي وقيت
إحداهما على ما سيأتي بعد ،فمن تمسك بالنص الوارد في صلة
العصير أعنيي الثابيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم "مين أدرك
ركعية مين صيلة العصير قبيل مغييب الشميس فقيد أدرك العصير"
وفهم من هذا الرخصة ،ولم يجز الشتراك في الجمع لقوله عليه
الصيلة والسيلم "ل يفوت وقيت صيلة حتيى يدخيل وقيت الخرى"
ولميا سينذكره بعيد فيي باب الجميع من حجيج الفريقيين قال :إنيه ل
يكون هذا الوقت إل لصلة العصر فقط .ومن أجاز الشتراك في
الجمع فيي السفر قاس عليه أهل الضرورات ،لن المسافر أيضا
صياحب ضرورة وعذر ،فجعيل هذا الوقيت مشتركيا للظهير والعصير
والمغرب والعشاء.
@(-المسييألة الثانييية) اختلف مالك والشافعييي فييي آخيير الوقييت
المشترك لهميا ،فقال مالك :هيو للظهير والعصير مين بعيد الزوال،
بمقدار أربييع ركعات للظهيير للحاضيير وركعتييين للمسييافر ،إلى أن
يبقيى للنهار مقدار أربيع ركعات للحاضير وركعتيين للمسيافر فجعيل
الوقيت الخاص للظهير إنميا هيو مقدار أربيع ركعات للحاضير بعيد
الزوال ،وإميا ركعتان للمسيافر ،وجعيل الوقيت الخاص بالعصير إميا
أربيع ركعات قبيل المغييب للحاضير وإميا ثنتان للمسيافر :أعنيي أنيه
مين أدرك الوقيت الخاص فقيط لم تلزميه إل الصيلة الخاصية بذلك
الوقييت إن كان مميين لم تلزمييه الصييلة قبييل ذلك الوقييت ،وميين
أدرك أكثر من ذلك أدرك الصلتين معا أو حكم ذلك الوقت وجعل
آخيير الوقييت الخاص لصييلة العصيير مقدار ركعيية قبييل الغروب،
وكذلك فعيل فيي اشتراك المغرب والعشاء ،إل أن الوقيت الخاص
مرة جعله للمغرب فقال :هيييو مقدار ثلث ركعات قبيييل أن يطلع
الفجير ،ومرة جعله للصيلة الخيرة كميا فعيل فيي العصير فقال هيو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مقدار أربييع ركعات وهييو القياس ،وجعييل آخيير هذا الوقييت مقدار
ركعية قبيل طلوع الفجير .وأميا الشافعيي فجعيل حدود أواخير هذه
الوقات المشتركييية حدا واحدا وهيييو إدراك ركعييية قبيييل غروب
الشمييس ،وذلك للظهيير والعصيير معييا ،ومقدار ركعيية أيضييا قبييل
انصيداع الفجير وذلك للمغرب والعشاء معيا ،وقيد قييل عنيه بمقدار
تكييبيرة :أعنييي أنييه ميين أدرك تكييبيرة قبييل غروب الشمييس فقييد
لزمته صلة الظهر والعصر معا .وأما أبو حنيفة فوافق مالكا في
أن آخيير وقييت العصيير مقدار ركعيية لهييل الضرورات عنده قبييل
الغروب ولم يوافيق فيي الشتراك والختصياص .وسيبب اختلفهيم
أعنيي مالكيا والشافعيي هيل القول باشتراك الوقيت للصيلتين معيا
يقتضي أن لهما وقتين :وقت خاص بهما ووقت مشترك؟ أم إنما
يقتضيي أن لهميا وقتيا مشتركيا فقيط؟ وحجية الشافعيي أن الجميع
إنميييا دل على الشتراك فقيييط ل على وقيييت خاص .وأميييا مالك
فقاس الشتراك عنده فيييي وقيييت الضرورة على الشتراك عنده
فييي وقييت التوسييعة :أعنييي أنييه لمييا كان لوقييت الظهيير والعصيير
الموسع وقتان ،وقت مشترك ووقت خاص ،وجب أن يكون المر
كذلك فييي أوقات الضرورة ،والشافعييي ل يوافقييه على اشتراك
الظهير والعصير فيي وقيت التوسيعة ،فخلفهميا فيي هذه المسيألة
إنميا ينبنيي والله أعلم على اختلفهيم فيي تلك الولى فتأمله ،فإنيه
بين والله أعلم.
@(-المسيألة الثالثية) وأميا هذه الوقات :أعنييي أوقات الضرورة،
فاتفقوا على أنها لربع :للحائض تطهر في هذه الوقات أو تحيض
في هذه الوقات وهي لم تصل ،والمسافر يذكر الصلة في هذه
الوقات وهو حاضر ،أو الحاضر يذكرها فيها وهو مسافر ،والصبي
يبلغ فيهيا ،والكافير يسيلم .واختلفوا فيي المغميي علييه فقال مالك
والشافعييي :هييو كالحائض ميين أهييل هذه الوقات لنييه ل يقضييي
عندهيم الصيلة التيي ذهيب وقتهيا .وعنيد أبيي حنيفية أنيه يقضيي
الصييلة فيمييا دون الخمييس ،فإذا أفاق عنده ميين إغمائه متييى مييا
أفاق قضيى الصيلة .وعنيد الخير أنيه إذا أفاق فيي أوقات الضرورة
لزمتيه الصيلة التيي أفاق فيي وقتهيا ،وإذا لم يفيق فيهيا لم تلزميه
الصيلة ،وسيتأتي مسيألة المغميى علييه فيميا بعيد ،واتفقوا على أن
المرأة إذا طهرت فيي هذه الوقات إنميا تجيب عليهيا الصيلة التيي
طهرت في وقتها ،فإن طهرت عند مالك وقد بقي من النهار أربع
ركعات لغروب الشميس إلى ركعية فالعصير فقيط لزمية لهيا وإن
بقي خمس ركعات فالصلتان معا .وعند الشافعي إن بقي ركعة
للغروب فالصلتان معا كما قل نا ،أو تكبيرة على القول الثاني له،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وكذلك الميير عنييد مالك فييي المسييافر الناسييي يحضيير فييي هذه
الوقات ،أو الحاضييير يسيييافر ،وكذلك الكافييير يسيييلم فيييي هذه
الوقات :أعنيي أنيه تلزمهيم الصيلة ،وكذلك الصيبي يبلغ ،والسيبب
فيي أن جعيل مالك الركعية جزءا لخير الوقيت ،وجعيل الشافعيي
جزء الركعة حدا مثل التكبيرة .منها أن قوله عليه الصلة والسلم
"مين أدرك ركعية مين العصير قبيل أن تغرب الشميس فقيد أدرك
العصير" وهيو عنيد مالك مين باب التنيبيه بالقيل على الكثير ،وعنيد
الشافعيي مين باب التنيبيه بالكثير على القيل ،وأييد هذا بميا روي
"مين أدرك سيجدة مين العصير قبيل أن تغرب الشميس فقيد أدرك
العصير" فإنيه فهيم مين السيجدة ههنيا جزء مين الركعية وذلك على
قوله الذي قال فيييه :ميين أدرك منهييم تكييبيرة قبييل الغروب أو
الطلوع فقيد أدرك الوقيت .ومالك يرى أن الحائض إنميا تعتيد بهذا
الوقيت بعيد الفراغ مين طهرهيا ،وكذلك الصيبي يبلغ .وأميا الكافير
يسلم فيعتد له بوقت السلم دون الفراغ من الطهر وفيه خلف.
والمغمييى عليييه عنييد مالك كالحائض ،وعنييد عبييد الملك كالكافيير
يسيلم .ومالك يرى أن الحائض إذا حاضيت فيي هذه الوقات وهيي
لم تصيل بعيد أن القضاء سياقط عنهيا ،والشافعيي يرى أن القضاء
واجييب عليهييا ،وهييو لزم لميين يرى أن الصييلة تجييب بدخول أول
الوقيت ،لنهيا إذا حاضيت وقيد مضيى مين الوقيت ميا يمكين أن تقيع
فييه الصيلة فقيد وجبيت عليهيا الصيلة ،إل أن يقال إن الصيلة إنميا
تجيب بآخير الوقيت ،وهيو مذهيب أبيي حنيفية ل مذهيب مالك ،فهذا
كميا ترى لزم لقول أبيي حنيفية أعنيي جارييا على أصيوله ل على
أصول قول مالك.
**4الفصييل الثانييي ميين الباب الول فييي الوقات المنهييي عيين
الصلة فيها.
@-وهذه الوقات اختلف العلماء منهيا فيي موضعيين :أحدهميا فيي
عددها ،والثاني في الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها فيها.
@(-المسييألة الولى) اتفييق العلماء على أن ثلثيية ميين الوقات
منهي عن الصلة فيها وهي :وقت طلوع الشمس ،ووقت غروبها،
ومين لَدُن تصيلي صيلة الصيبح حتيى تطلع الشميس .واختلفوا فيي
وقتيين :فيي وقيت الزوال وفيي الصيلة بعيد العصير؛ فذهيب مالك
وأصيييحابه إلى أن الوقات المنهيييي عنهيييا هيييي أربعييية :الطلوع،
والغروب ،وبعيد الصيبح ،وبعيد العصير ،وأجاز الصيلة عنيد الزوال.
وذهيب الشافعيي إلى أن هذه الوقات خمسية كلهيا منهيي عنهيا إل
وقت الزوال يوم الجمعة فإنه أجاز فيه الصلة .واستثنى قوم من
ذلك الصلة بعيد العصر .وسيبب الخلف في ذلك أحيد شيئيين :إما
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
معارضة أثر لثر ،وإما معارضة الثر للعمل عند من راعى العمل:
أعنيي عميل أهيل المدينية ،وهيو مالك بين أنيس ،فحييث ورد النهيي
ولم يكيين هناك معارض ل ميين قول ول ميين عمييل اتفقوا عليييه،
وحيييث ورد المعارض اختلفوا .أمييا اختلفهييم فييي وقييت الزوال
فلمعارضية العميل فييه للثير ،وذلك أنيه ثبيت مين حدييث عقبية بين
عامير الجهنيي أنيه قال "ثلث سياعات كان رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيها وأن نقبر فيها موتانا :حين تطلع
الشمس بازغة حتى ترتفع ،وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل،
وحيين تضييف الشميس للغروب" خرجيه مسيلم ،وحدييث أبيو عبيد
الله الصنابحي في معناه ،ولكنه منقطع ،خرجه مالك في موطئه.
فمين الناس مين ذهيب إلى منيع الصيلة فيي هذه الوقات الثلثية
كلهيا .ومين الناس مين اسيتثنى مين ذلك وقيت الزوال ،إميا بإطلق
وهيو مالك ،وإميا فيي يوم الجمعية فقيط وهيو الشافعيي .وأميا مالك
فلن العمل عنده بالمدينة لما وجده على الوقتين فقط ولم يجده
على الوقت الثالث :أعني الزوال أباح الصلة فيه ،وأعتقد أن ذلك
النهيي منسيوخ بالعميل .وأميا مين لم يير للعميل تأثيرا فبقيي على
أصله في المنع ،وقد تكلمنا في العمل وقوته في كتابنا في الكلم
الفقهي ،وهو الذي يدعى بأصول الفقه .وأما الشافعي فلما صح
عنده ميا روى ابين شهاب عين ثعلبية بين أبيي مالك القرظيي أنهيم
كانوا فيي زمين عمير بين الخطاب يصيلون يوم الجمعية حتيى يخرج
عمير ،ومعلوم أن خروج عمير كان بعيد الزوال على ميا صيح ذلك
من حديث الطنفسة التي كانت تطرح إلى جدار المسجد الغربي،
فإذا غشيي الطنفسية كلهيا ظيل الجدار خرج عمير بين الخطاب ميع
مييا رواه أيضييا عيين أبييي هريرة "أن رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم نهيى عين الصيلة نصيف النهار حتيى تزول الشميس إل يوم
الجمعيية" اسييتثنى ميين ذلك النهييي يوم الجمعيية ،وقوي هذا الثيير
عنده العميل فيي أيام عمير بذلك وإن كان الثير عنده ضعيفيا .وأميا
مين رجيح الثير الثابيت فيي ذلك فبقيي على أصيله فيي النهيي .وأميا
اختلفهم في الصلة بعد صلة العصر فسببه تعارض الثار الثابتة
فيي ذلك ،وذلك أن فيي ذلك حديثيين متعارضيين :أحدهميا حدييث
أبيي هريرة المتفيق على صيحته "أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم نهيى عين الصيلة بعيد صيلة العصير حتيى تغرب الشميس،
وعين الصيلة بعيد الصيبح حتيى تطلع الشميس" .والثانيي حدييث
عائشية قالت "ميا ترك رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم صيلتين
فيي بيتيي قيط سيرا ول علنيية :ركعتيين قبيل الفجير ،وركعتيين بعيد
العصيير" فميين رجييح حديييث أبييي هريرة قال بالمنييع ،وميين رجييح
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حديث عائشة أو رآه ناسخا لنه العمل الذي مات عليه صلى الله
عليه وسلم قال بالجواز ،وحديث أم سلمة يعارض حديث عائشة،
وفييه "أنهيا رأت رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يصيلي ركعتيين
بعييد العصيير ،فسييألته عيين ذلك فقال :إنييه أتانييي ناس ميين عبييد
القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر وهما هاتان".
@(-المسيألة الثانيية) اختلف العلماء فيي الصيلة التيي ل تجوز فيي
هذه الوقات فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنها ل تجوز في هذه
الوقات صلة بإطلق ل فريضة مقضية ول سنة ول نافلة إل عصر
يوميه ،قالوا :فإنيه يجوز أن يقضييه عنيد غروب الشميس إذا نسييه.
واتفيق مالك والشافعيي أنيه يقضيي الصيلوات المفروضية فيي هذه
الوقات .وذهب الشافعي إلى أن الصلوات التي ل تجوز في هذه
الوقات هي النوافل فقط التي تفعل لغير سبب ،وأن السنن مثل
صيلة الجنازة تجوز فيي هذه الوقات ،ووافقيه مالك فيي ذلك بعيد
العصير وبعيد الصيبح :أعنيي فيي السينن ،وخالفيه فيي التيي تفعيل
لسبب مثل ركعتي المسجد ،فإن الشافعي يجيز هاتين الركعتين
بعيد العصير وبعيد الصيبح ،ول يجييز ذلك مالك ،واختلف قول مالك
فييييي جواز السيييينن عنييييد الطلوع والغروب .وقال الثوري فييييي
الصيلوات التيي ل تجوز فيي هذه الوقات هيي ميا عدا الفرض ولم
يفرق سيينة ميين نفييل ،فيتحصييل فييي ذلك ثلثيية أقوال :قول هييي
الصلوات بإطلق .وقول إنها ما عدا الفروض سواء كانت سنة أو
نفل .وقول إنهيا النفيل دون السينن .وعلى الروايية التيي منيع مالك
فيهيا صيلة الجنائز عنيد الغروب قول رابيع ،وهيو أنهيا النفيل فقيط
بعيد الصيبح والعصير والنفيل والسينن معيا عنيد الطلوع والغروب.
وسييبب الخلف فييي ذلك اختلفهييم فييي الجمييع بييين العمومات
المتعارضيية فييي ذلك أعنييي الواردة فييي السيينة ،وأي يخييص بأي،
وذلك أن عموم قوله عليييه الصييلة والسييلم "إذا نسييي أحدكييم
الصييلة فليصييلها إذا ذكرهييا" يقتضييي اسييتغراق جميييع الوقات،
وقوله في أحاديث النهي في هذه الوقات "نهى رسول الله صلى
الله عليييه وسيلم عيين الصيلة فيهيا" يقتضيي أيضيا عموم أجناس
الصيلوات المفروضات والسينن والنوافيل ،فمتيى حملنيا الحديثيين
على العموم فيي ذلك وقيع بينهميا تعارض هيو مين جنيس التعارض
الذي يقييع بييين العام والخاص ،إمييا فييي الزمان ،وإمييا فييي اسييم
الصييلة .فميين ذهييب إلى السييتثناء فييي الزمان :أعنييي السييتثناء
الخاص مين العام منيع الصيلوات بإطلق فيي تلك السياعات ،ومين
ذهب إلى استثناء الصلة المفروضة المنصوص عليها بالقضاء من
عموم اسييم الصييلة المنهييي عنهييا منييع مييا عدا الفرض فييي تلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
@-القسيم الول مين الفصيل الول مين الباب الثانيي فيي صيفة
الذان.
اختلف العلماء في الذان على أربع صفات مشهورة :إحداها تثنية
التكييبير فيييه وتربيييع الشهادتييين وباقيييه مثنييى ،وهييو مذهييب أهييل
المدينيييية مالك وغيره ،واختار المتأخرون ميييين أصييييحاب مالك
الترجييع ،وهيو أن يثنيي الشهادتيين أول خفييا ثيم يثنيهميا مرة ثانيية
مرفوع الصوت .والصفة الثانية أذان المكيين ،وبه قال الشافعي،
وهيو تربييع التكيبير الول والشهادتيين وتثنيية باقيي الذان ،والصيفة
الثالثة أذان الكوفيين ،وهو تربيع التكبير الول وتثنية باقي الذان،
وبيه قال أبيو حنيفية .والصيفة الرابعية أذان البصيريين وهيو تربييع
التكييبير الول وتثليييث الشهادتييين وحييي على الصييلة وحييي على
الفلح ،ويبدأ بأشهييد أن ل إله إل الله حتييى يصييل إلى حييي على
الفلح ،ثييم يعيييد كذلك مرة ثانييية :أعنييي الربييع كلمات تبعييا ،ثييم
يعيدهين ثالثية ،وبيه قال الحسين البصيري وابين سييرين .والسيبب
في اختلف كل واحد من هؤلء الربع فرق اختلف الثار في ذلك
واختلف اتصيال العميل عنيد كيل واحيد منهيم ،وذلك أن المدنييين
يحتجون لمذهبهيم بالعميل المتصيل بذلك فيي المدينية ،والمكيون
كذلك أيضييييا يحتجون بالعمييييل المتصييييل عندهييييم بذلك وكذلك
الكوفيون والبصريون ولكل واحد منهم آثار تشهد لقوله .أما تثنية
التكبير في أوله على مذهب أهل الحجاز فروي من طرق صحاح
عن أبي محذورة وعبد الله بن زيد النصاري ،وتربيعه أيضا مروي
عيين أبييي محذورة ميين طرق أخيير وعيين عبييد الله بيين زيييد .قال
الشافعي :وهي زيادات يجب قبولها مع اتصال العمل بذلك بمكة.
وأما الترجيع الذي اختاره المتأخرون من أصحاب مالك فروي من
طريق أبي قدامة :قال أبو عمر :وأبو قدامة عندهم ضعيف .وأما
الكوفيون فبحدييث أبيي ليلى وفييه "أن عبيد الله بين زييد رأى فيي
المنام رجل قام على خرم حائط وعليييييييه بردان أخضران ،فأذن
مثنييى وأقام مثنييى وأنييه أخييبر بذلك رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم ،فقام بلل فأذن مثنيى وأقام مثنيى" والذي خرجيه البخاري
في هذا الباب إنما هو من حديث أنس فقط وهو "أن بلل أمر أن
يشفع الذان ويوتر القامة إل قد قامت الصلة ،فإنه يثنيها" وخرج
مسيلم عين أبيي محذورة على صيفة أذان الحجازيين ولمكان هذا
التعارض الذي ورد فيي الذان رأى أحميد بين حنبيل وداود أن هذه
الصيفات المختلفية إنميا وردت على التخييير ل على إيجاب واحدة
منهييا ،وأن النسييان مخييير فيهييا ،واختلفوا فييي قول المؤذن فييي
صيلة الصيبح الصيلة خيير مين النوم هيل يقال فيهيا أم ل؟ فذهيب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجمهور إلى أنييه يقال ذلك فيهييا .وقال آخرون :إنييه ل يقال لنييه
لييس مين الذان المسينون ،وبيه قال الشافعيي .وسيبب اختلفهيم
اختلفهم هل قيل ذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو
إنما قيل في زمان عمر؟.
@-القسم الثاني من الفصل الول من الباب الثاني.
اختلف العلماء في حكم الذان هل هو واحب أو سنة مؤكدة ،وإن
كان واجبيا فهيل هيو مين فروض العيان أو مين فروض الكفايية؟
فقيييل عيين مالك إن الذان هييو فرض على مسيياجد الجماعات،
وقييل سينة مؤكدة ،ولم يره على المنفرد ل فرضيا ول سينة .وقال
بعيض أهيل الظاهير هيو واجيب على العيان .وقال بعضهيم :على
الجماعة كانت في سفر أو في حضر .وقال بعضهم :في السفر.
واتفيق الشافعيي وأبيو حنيفية على أنيه سينة للمنفرد والجماعية إل
أنه آكد في حق الجماعة .قال أبو عمر :واتفق الكل على أنه سنة
مؤكدة أو فرض على المصري لما ثبت "أن رسول الله صلى الله
عليييه وسييلم كان إذا سييمع النداء لم يغيير ،وإذا لم يسييمعه أغار".
والسيبب فيي اختلفهيم معارضية المفهوم مين ذلك لظواهير الثار،
وذلك أنيه ثبيت أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال لمالك
بن الحويرث ولصاحبه "إذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما وليؤمكما
أكبركمييا" وكذلك مييا روي ميين اتصييال عمله بييه صييلى الله عليييه
وسيلم فيي الجماعية ،فمين فهيم مين هذا الوجوب مطلقيا قال إنيه
فرض على العيان أو على الجماعيييية ،وهييييو الذي حكاه ابيييين
المغلس عن داود ،ومن فهم منه الدعاء إلى الجتماع للصلة قال
إنييه سيينة المسيياجد أو فرض فييي المواضييع التييي يجتمييع إليهييا
الجماعة .فسبب الخلف هو تردده بين أن يكون قول من أقاويل
الصلة المختصة بها أو يكون المقصود به هو الجتماع.
@-القسم الثالث من الفصل الول في وقته.
وأمييا وقييت الذان فاتفييق الجميييع على أنييه ل يؤذن للصييلة قبييل
وقتهيا ،ميا عدا الصيبح فإنيه اختلفوا فيهيا ،فذهيب مالك والشافعيي
إلى أنه يجوز أن يؤذن لها قبل الفجر ،ومنع ذلك أبو حنيفة ،وقال
قوم :ل بد للصبح إذا أذن لها قبل الفجر من أذان بعد الفجر ،لن
الواجب عندهم هو الذان بعد الفجر .وقال أبو محمد بن حزم :ل
بييد لهييا مين أذان بعييد الوقييت ،وإن أذن قبييل الوقييت جاز إذا كان
بينهما زمان يسير قدر ما يهبط الول ويصعد الثاني .والسبب في
اختلفهييم أنييه ورد فييي ذلك حديثان متعارضان :أحدهمييا الحديييث
المشهور الثابيت ،وهيو قوله علييه الصيلة والسيلم "إن بلل ينادي
بلييل ،فكلوا واشربوا حتيى ينادي ابين أم مكتوم ،وكان ابين مكتوم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يوجب كونها فرضا إما في الجماعة وإما على المنفرد .وأما صفة
القامية فإنهيا عنيد مالك والشافعيي .إميا التكيبير الذي فيي أولهيا
فمثنيى .وأميا ميا بعيد ذلك فمرة واحدة إل قوله قيد قاميت الصيلة،
فإنهيا عنيد مالك مرة واحدة ،وعنيد الشافعيي مرتيين .وأميا الحنفيية
فإن القامة عندهم مثنى مثنى ،وخير أحمد بن حنبل بين الفراد
والتثنية على رأيه في التخيير في النداء .وسبب الختلف تعارض
حديث أنس في هذا المعنى وحديث أبي ليلى المتقدم ،وذلك أن
في حديث أنس الثابت أمر بلل أن يشفع الذان ويفرد القامة إل
قد قامت الصلة .وفي حديث أبي ليلى أنه عليه الصلة والسلم
أ مر بلل فأذن مثنى وأقام مث نى .والجمهور أنه ليس على النساء
أذان ول إقامة .وقال مالك :إن أقمن فحسن ،وقال الشافعي :إن
أذن وأقميين فحسيين ،وقال إسييحاق :إن عليهيين الذان والقاميية.
وروي عين عائشية أنهيا كانيت تؤذن وتقييم فيميا ذكره ابين المنذر،
والخلف آيل إلى هل تؤم المرأة أو ل تؤم؟ وقيل الصل أنها في
معنيى الرجيل فيي كيل عبادة ،إل أن يقوم الدلييل على تخصييصها،
أم في بعضها هي كذلك وفي بعضها يطلب الدليل؟.
**3الباب الثالث من الجملة الثانية في القبلة.
@-اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط
صيحة الصيلة لقوله تعالى {ومين حييث خرجيت فول وجهيك شطير
المسجد الحرام} أما إذا أبصر البيت ،فالفرض عندهم هو التوجه
إلى عيين البييت ،ول خلف فيي ذلك .وأميا إذا غابيت الكعبية عين
البصيار فاختلفوا مين ذلك فيي موضعيين :أحدهميا هيل الفرض هيو
العيين أو الجهية؟ والثانيي هيل فرضيه الصيابة أو الجتهاد :أعنييي
إصيابة الجهية أو العيين عنيد مين أوجيب العيين؟ فذهيب قوم إلى أن
الفرض هيو العيين ،وذهيب آخرون إلى أنيه الجهية .والسيبب فيي
اختلفهييم هييل فييي قوله تعالى {فول وجهييك شطيير المسييجد
الحرام} محذوف حتييى يكون تقديره :وميين حيييث خرجييت فول
وجهيك شطير المسيجد الحرام أم لييس ههنيا محذوف أصيل وأن
الكلم على حقيقتييييه؟ فميييين قدر هنالك محذوفييييا قال :الفرض
الجهة ،ومن لم يقدر هنالك محذوفا قال :الفرض العين ،والواجب
حميييل الكلم على الحقيقييية حتيييى يدل الدلييييل على حمله على
المجاز ،وقد يقال إن الدليل على تقديير هذا المحذوف قوله عليه
الصيلة والسيلم "ميا بيين المشرق والمغرب قبلة إذا توجيه نحيو
البيت" قالوا :واتفاق المسلمين على الصف الطويل خارج الكعبة
يدل على أن الفرض ليييس هييو العييين أعنييي إذا لم تكيين الكعبيية
مب صرة .والذي أوله إ نه لو كان واجبا قصد العين لكان حرجا ،قد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال تعالى {وميا جعيل عليكيم فيي الديين مين حرج} فإن إصيابة
العيييين شييييء ل يدرك إل بتقرييييب وتسيييامح بطرييييق الهندسييية
واسيتعمال الرصياد فيي ذلك ،فكييف بغيير ذلك مين طرق الجتهاد
ونحن لم نكلف الجتهاد فيه بطريق الهندسة المبني على الرصاد
المستنبط منها طول البلد وعرضها.
@(-وأمييا المسييألة الثانييية) فهييي هييل فرض المجتهييد فييي القبلة
الصييابة أو الجتهاد فقييط حتيى يكون إذا قلنيا إن فرضييه الصيابة
متى تبين له أنه أخطأ أعاد الصلة .ومتى قلنا إن فرضه الجتهاد
لم يجيب أن يعييد إذا تيبين له الخطيأ ،وقيد كان صيلى قبيل اجتهاده.
أميا الشافعيي فزعيم أن فرضيه الصيابة وأنيه إذا تيبين له أنيه أخطيأ
أعاد أبدا .وقال قوم :ل يعيييد وقييد مضييت صييلته مييا لم يتعمييد أو
صلى بغير اجتهاد ،وبه قال مالك وأبو حنيفة ،إل أن مالكا استحب
له العادة فييي الوقييت .وسييبب الخلف فييي ذلك معارضيية الثيير
للقياس ميع الختلف أيضيا فيي تصيحيح الثير الوارد فيي ذلك .أميا
القياس فهو تشبيه الجهة بالوقت :أعني بوقت الصلة ،وذلك أنهم
أجمعوا على أن الفرض فيه هو الصابة ،وأنه إن انكشف للمكلف
أنيه صيلى قبيل الوقيت أعاد أبدا إل خلفيا شاذا فيي ذلك عين ابين
عباس وعيين الشعييبي ،ومييا روي عيين مالك ميين أن المسييافر إذا
جهل فصلى العشاء قبل غيبوية الشفق ثم انكشف له أنه صلها
قبيل غيبوبية الشفيق أنيه قيد مضيت صيلته ،ووجيه الشبيه بينهميا أن
هذا ميقات وقيت ،وهذا ميقات جهية .وأميا الثير فحدييث عامير بين
ربيعية قال "كنيا ميع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فيي ليلة
ظلماء فيي سيفر ،فخفييت علينيا القبلة ،فصيلى كيل واحيد منيا إلى
َ
وجيه وعل ّمنيا ،فلميا أصيبحنا فإذا نحين قيد صيلينا إلى غيير القبلة،
فسيألنا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فقال :مضيت صيلتكم،
ونزلت {ولله المشرق والمغرب فأينميييا تولوا فثيييم وجيييه الله}
وعلى هذا فتكون هذه الية محكمة ،وتكون فيمن صلى فانكشف
له أنه صلى لغير القبلة ،والجمهور على أنها منسوخة بقوله تعالى
{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام} فمن لم
يصح عنده هذا الثر قاس ميقات الجهة على ميقات الزمان ،ومن
ذهييب مذهييب الثيير لم تبطييل صييلته .وفييي هذا الباب مسييألة
مشهورة ،وهيي جواز الصيلة فيي داخيل الكعبية .وقيد اختلفوا فيي
ذلك ،فمنهييم ميين منعييه على الطلق ،ومنهييم ميين أجازه على
الطلق ،ومنهيم مين فرق بيين النفيل فيي ذلك والفرض .وسيبب
اختلفهم تعارض الثار في ذلك ،والحتمال المتطرق لمن استقبل
أحد حيطانها من داخل هل يسمى مستقبل للبيت كما يسمى من
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اسييتقبله ميين خارج أم ل؟ أمييا الثيير فإنييه ورد فييي ذلك حديثان
متعارضان كلهما ثابت :أحدهما حديث ابن عباس قال "لما دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت دعا في نواحيه كلها ولم
يصيل حتيى خرج ،فلميا خرج ركيع ركعتيين فيي قبيل الكعبية وقال:
هذه القبلة" والثانييي حديييث عبييد الله بيين عميير "أن رسييول الله
صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن
طلحة وبلل بن رباح ،فأغلقها عليه ومكث فيها ،فسألت بلل حين
خرج ماذا صينع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم؟ فقال :جعيل
عمودا عيين يسيياره وعمودا عيين يمينييه وثلثيية أعمدة وراءه ثييم
صيلى" فمين ذهب مذهيب الترجييح أو النسيخ قال إ ما بمنع الصلة
مطلقيا إن رجيح حدييث ابين عباس ،وإميا بإجازتهيا مطلقيا إن رجيح
حديث ابن عمر ،ومن ذهب مذهب الجمع بينهما حمل حديث ابن
عباس على الفرض وحدييث ابين عمير على النفيل ،والجميع بينهميا
فييه عسير ،فإن الركعتيين اللتيين صيلهما علييه الصيلة والسيلم
خارج الكعبيية وقال "هذه القبلة" هييي نفييل ،وميين ذهييب مذهييب
سقوط الثر عند التعارض ،فإن كان ممن يقول باستصحاب حكم
الجماع والتفاق لم يجز الصلة داخل البيت أصل ،وإن كان ممن
ل يرى اسييتصحاب حكييم الجماع عاد النظيير فييي انطلق اسييم
المسيتقبل للبييت على مين صيلى داخيل الكعبية ،فمين جوزه أجاز
الصيلة ،ومين لم يجوزه ،وهيو الظهير ،لم يجيز الصيلة فيي البييت،
واتفييق العلماء بأجمعهييم على اسييتحباب السييترة بييين المصييلي
والقبلة إذا صيلى ،منفردا كان أو إماميا ،وذلك لقوله علييه الصيلة
والسيلم "إذا وضيع أحدكيم بيين يدييه مثيل مؤخرة الرحيل فليصيل"
واختلفوا فيي الخيط إذا لم يجيد سيترة ،فقال الجمهور :لييس علييه
أن يخييط .وقال أحمييد بيين حنبييل :يخييط خطييا بييين يديييه .وسييبب
اختلفهم اختلفهم في تصحيح الثر الوارد في الخط ،والثر رواه
أبو هريرة أنه عليه الصلة والسلم قال "إذا صلى أحدكم فليجعل
تلقاء وجهيه شيئا ،فإن لم يكين فلينصيب عصيا ،فإن لم تكين معيه
عصيا فليخيط خطيا ول يضره مين مير بيين يدييه" خرجيه أبيو داود
وكان أحمد بن حنبل يصححه والشافعي ل يصححه وقد روي "أنه
صلى الله عليه وسلم صلى لغير سترة" والحديث الثابت أنه كان
يخرج له العنزة ،فهذه جملة قواعد هذا الباب وهي أربع مسائل.
**3الباب الرابع من الجملة الثانية.
@-وهذا الباب ينقسييم إلى فصييلين :أحدهمييا فييي سييتر العورة
والثاني فيما يجزئ من اللباس في الصلة.
**4الفصل الول.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحتج لذلك بعموم قوله تعالى {يا أيها النبي قل لزواجك وبناتك
ونساء المؤمنين} الية ،ومن رأى أن المقصود من ذلك ما جرت
بيه العادة بأنيه ل يسيتر وهيو الوجيه والكفان ذهيب إلى أنهميا ليسيا
بعورة واحتج لذلك بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج.
**4الفصيل الثانيي مين الباب الرابيع فيميا يجزئ فيي اللباس فيي
الصلة.
@-أميا اللباس فالصيل فييه قوله تعالى {خذوا زينتكييم عنيد كيل
مسيجد} والنهيي الوارد عين هيئات بعيض الملبيس فيي الصيلة،
وذلك أنهيم اتفقوا فيميا أحسيب على أن الهيئات مين اللباس التيي
نهي عن الصلة فيها مثل اشتمال الصماء ،وهو أن يحتبي الرجل
في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء ،وأن يحتبي الرجل في
ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء ،وسائر ما ورد من ذلك أن
ذلك كله سييد ذريعيية أل تنكشييف عورتييه ،ول أعلم أن أحدا قال ل
تجوز صيلة على إحدى هذه الهيئات إن لم تنكشيف عورتيه ،وقيد
كان على أصيول أهيل الظاهير يجيب ذلك واتفقوا على أنيه يجزئ
الرجيل مين اللباس فيي الصيلة الثوب الواحيد لقول النيبي صيلى
الله عليه وسلم وقد سئل أيصلي الرجل في الثوب الواحد؟ فقال
"أو لكلكيم ثوبان؟" واختلفوا فيي الرجيل يصيلي مكشوف الظهير
والبطيين ،فالجمهور على جواز صييلته لكون الظهيير والبطيين ميين
الرجيل ليسيا بعورة ،وشيذ قوم فقالوا :ل تجوز صيلته لنهييه صيلى
الله علييه وسيلم أن يصيلي الرجيل فيي الثوب الواحيد لييس على
عاتقه منه شيء ،وتمسك بوجوب قوله تعالى {خذوا زينتكم عند
كيل مسيجد} واتفيق الجمهور على أن اللباس المجزئ للمرأة فيي
الصلة هو درع وخمار ،لما روي عن أم سلمة "أنها سألت رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم :ماذا تصيلي فييه المرأة؟ فقال :فيي
الخمار والدرع السييابغ إذا غيبييت ظهور قدميهييا" ولمييا روي أيضييا
عن عائشة عن النبي عليه الصلة والسلم أنه قال "ل يقبل الله
صلة حائض إل بخمار" وهو مروي عن عائشة وميمونة وأم سلمة
أنهم كانوا يفتون بذلك وكل هؤلء يقولون إنها إن صلت مكشوفة
أعادت في الوقت وبعده ،إل مالكا فإنه قال :إنها تعيد في الوقت
فقييط .والجمهور على أن الخادم لهيا أن تصيلي مكشوفية الرأس
والقدميين ،وكان الحسين البصيري يوجيب عليهيا الخمار واسيتحبه
عطاء .وسيبب الخلف الخطاب المتوجيه إلى الجنيس الواحيد هيل
يتناول الحرار والعبييد معيا أم الحرار فقيط دون العبييد؟ واختلفوا
فيي صيلة الرجيل فيي الثوب الحريير فقال قوم :تجوز صيلته فييه.
وقال قوم :ل تجوز .وقوم اسيتحبوا له العادة فيي الوقيت .وسيبب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفهيم فيي ذلك هيل الشييء المنهيي عنيه مطلقيا اجتنابيه شرط
في صحة الصلة أم ل؟ فمن ذهب إلى أنه شرط :قال إن الصلة
ل تجوز به ،ومن ذهب إلى أنه يكون بلباسه مأثوما والصلة جائزة
قال :لييس شرطيا فيي صيحة الصيلة كالطهارة التيي هيي شرط،
وهذه المسيألة هيي مين نوع الصيلة فيي الدار المغصيوبة والخلف
فيها مشهور.
**3الباب الخامس.
@-وأما الطهارة من النجس فمن قال إنها سنة مؤكدة فيبعد أن
يقول إنها فرض في الصلة أي من شروط صحتها .ومن قال إنها
فرض بإطلق فيجوز أن يقول إنها فرض في الصلة ،ويجوز أن ل
يقول ذلك؛ وحكييى عبييد الوهاب عيين المذهييب فييي ذلك قولييين:
أحدهما إن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلة في حال القدرة
والذكير ،والقول الخير إنهيا ليسيت شرطيا .والذي حكاه مين أنهيا
شرط ل يتخرج على مشهور المذهب من أن غسل النجاسة سنة
مؤكدة ،وإنمييا يتخرج على القول بأنهييا فرض مييع الذكيير والقدرة،
وقد مضت هذه المسألة في كتاب الطهارة ،وعرف هنالك أسباب
الخلف فيها ،وإنما الذي يتعلق به ههنا الكلم من ذلك :هل ما هو
فرض مطلق مما يقع في الصلة يجب أن يكون فرضا في الصلة
أم ل؟ والحييق أن الشيييء المأمور بييه على الطلق ل يجييب أن
يكون شرطا في صحة شيء ما (آخر مأمور به ،وإن وقع فيه إل
بأمير آخير ،وكذلك المير فيي الشييء المنهيي عنيه على الطلق ل
يجب أن يكون شرطا في صحة شيء ما) (ما بين القوسين غير
موجود بالنسيخة المصيرية ،لكنيه مثبيت فيي النسيخة الفاسيية اهيي)
إل بأمر آخر.
**3الباب السادس.
@-وأمييا المواضييع التييي يصييلي فيهييا ،فإن ميين الناس ميين أجاز
الصلة في كل موضع ل تكون فيه نجاسة ،ومنهم من استثنى من
ذلك سيييبعة مواضيييع :المزبلة ،والمجزرة ،والمقيييبرة ،وقارعييية
الطرييق ،والحمام ،ومعاطين البيل ،وفوق ظهير بييت الله ،ومنهيم
مين اسيتثنى مين ذلك المقيبرة فقيط ،ومنهيم مين اسيتثنى المقيبرة
والحمام ،ومنهيم مين كره الصيلة فيي هذه المواضيع المنهيي عنهيا
ولم يبطلهيا وهيو أحيد ميا روي عين مالك ،وقيد روي عنيه الجواز،
وهذه روايية ابين القاسيم .وسيبب اختلفهيم تعارض ظواهير الثار
فيييي هذا الباب ،وذلك أن ههنيييا حديثيييين متفيييق على صيييحتهما
وحديثيين مختلف فيهميا .فأميا المتفيق عليهميا فقوله علييه الصيلة
والسييلم "أعطيييت خمسييا لم يعطهيين أحييد قبلي ،وذكيير فيهييا:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واتفقوا فيما أحسب على جواز الفعل الخفيف .وأما القوال فهي
أيضييا القوال التييي ليسييت ميين أقاويييل الصييلة ،وهذه أيضييا لم
يختلفوا أنها تفسد الصلة عمدا لقوله تعالى {وقوموا لله قانتين}
ولما ورد من قوله عليه الصلة والسلم "إن الله يحدث من أمره
ميا يشاء" ومميا أحدث أن ل تكلموا فيي الصيلة ،وهيو حدييث ابين
مسعود وحديث زيد بن أرقم أنه قال "كنا نتكلم في الصلة حتى
نزلت {وقوموا لله قانتيين} فأمرنيا بالسيكوت ونهينيا عين الكلم"
وحديث معاوية بن الحكم السلمي :سمعت رسول الله صلى الله
علييه وسيلم يقول "إن صيلتنا ل يصيلح فيهيا شييء مين كلم الناس
إنمييا هييو التسييبيح والتهليييل والتحميييد وقراءة القرآن" إل أنهييم
اختلفوا من ذلك في موضعين :أحدهما إذا تكلم ساهيا ،والخر إذا
تكلم عامدا لصيلح الصيلة .وشيذ الوزاعيي فقال :مين تكلم فيي
الصلة لحياء نفس أو لمر كبير ،فإنه يبنى .والمشهور من مذهب
مالك أن التكلم عمدا على جهيييية الصييييلح ل يفسييييدها .وقال
الشافعييي :يفسييدها التكلم كيييف كان إل مييع النسيييان .وقال أبييو
حنيفية :يفسيدها التكلم كييف كان .والسيبب فيي اختلفهيم تعارض
ظواهير الحادييث فيي ذلك ،وذلك أن الحادييث المتقدمية تقتضيي
تحرييييم الكلم على العموم ،وحدييييث أبيييي هريرة المشهور "أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين ،فقال له ذو
اليديين :اقصيرت الصيلة أم نسييت ييا رسيول الله؟ فقال رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم :أصيدق ذو اليديين؟ فقالوا :نعيم ،فقام
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فصييلى ركعتييين أخريييين ثييم
سيلم" ظاهره أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم تكلم والناس معه،
وأنهيم بنوا بعيد التكلم ،ولم يقطيع ذلك التكلم صيلتهم ،فمين أخيذ
بهذا الظاهيير ،ورأى أن هذا شيييء يخييص الكلم لصييلح الصييلة
اسيتثنى هذا مين ذلك العموم ،وهيو مذهيب مالك بين أنيس ،ومين
ذهب إلى أنه ليس في الحديث دليل على أنهم تكلموا عمدا في
الصيلة وإنميا يظهير منهيم أنهيم تكلموا وهيم يظنون أن الصيلة قيد
قصيرت ،وتكلم النيبي علييه الصيلة والسيلم وهيو يظين أن الصيلة
قيد تميت ،ولم يصيح عنده أن الناس قيد تكلموا بعيد قول رسيول
الله صلى الله عليه وسلم" :ما قصرت الصلة وما نسيت" قال:
إن المفهوم مين الحدييث إنميا هيو إجازة الكلم لغيير العاميد ،فإذا
السييبب فييي اختلف مالك والشافعييي فييي المسييتثنى ميين ذلك
العموم هييو اختلفهييم فييي مفهوم هذا الحديييث مييع أن الشافعييي
اعتميد أيضيا فيي ذلك أصيل عاميا ،وهيو قوله علييه الصيلة والسيلم
"رفيع عين أمتيي الخطيأ والنسييان" وأميا أبيو حنيفية فحميل أحادييث
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الذكار التييي فييي الصييلة ممييا ليسييت بواجييب ،إذ قاس تكييبيرة
الحرام على سيائر التكيبيرات .قال أبيو عمير بين عبيد البر :ومميا
يؤييد مذهيب الجمهور ميا رواه شعبية بين الحجاج عين الحسين بين
عمران عيين عبييد الله بين عبييد الرحميين بيين أبزي عيين أبيييه قال:
صيليت ميع النيبي صيلى الله علييه وسيلم فلم يتيم التكيبير ،وصيليت
مع عمر بن عبد العزيز فلم يتم التكبير .وما رواه أحمد بن حنبل
عين عمير رضيي الله عنيه أنيه كان ل يكيبر إذا صيلى وحده ،وكأن
هؤلء رأوا أن التكييبير إنمييا هييو لمكان إشعار المام للمأمومييين
بقيامه وقعوده ،ويشبه أن يكون إلى هذا ذهب من رآه نفل.
@(-المسيألة الثانيية) قال مالك :ل يجزئ مين لفيظ التكيبير إل الله
أكييبر .وقال الشافعييي :الله أكييبر والله الكييبر اللفظان كلهمييا
يجزئ .وقال أبيو حنيفية :يجزئ مين لفيظ التكيبير كيل لفيظ فيي
معناه مثييل :الله العظييم ،والله الجييل .وسييبب اختلفهييم :هييل
اللفييظ هييو المتعبييد بييه فييي الفتتاح أو المعنييى ،وقييد اسييتدل
المالكيون والشافعيون بقوله عليه الصلة والسلم "مفتاح الصلة
الطهور ،وتحريمها التكبير ،وتحليلها التسليم" قالوا :واللف واللم
ههنيا للحصير ،والحصير يدل على أن الحكيم خاص بالمنطوق بيه،
وأنيه ل يجوز بغيره ،ولييس يوافقهيم أبيو حنيفية على هذا الصيل،
فإن هذا المفهوم هو عنده من باب دليل الخطاب ،وهو أن يحكم
للمسيكوت عنيه بضيد حكيم المنطوق بيه ،ودلييل الخطاب عنيد أبيي
حنيفة غير معمول به.
@(-المسألة الثالثة) ذهب قوم إلى أن التوجيه في الصلة واجب،
وهييو أن يقول بعييد التكييبير :إمييا {وجهييت وجهييي للذي فطيير
السيموات والرض} وهيو مذهيب الشافعيي ،وإميا أن يسيبح وهيو
مذهيب أبيي حنيفية ،وإميا أن يجميع بينهميا وهيو مذهيب أبيي يوسيف
وصياحبه .وقال مالك لييس التوجييه بواجيب فيي الصيلة ول بسينة.
وسبب الختلف معارضة الثار الواردة بالتوجيه للعمل عند مالك،
أو الختلف فيي صيحة الثار الواردة بذلك .قال القاضيي :قيد ثبيت
فيي الصيحيحين عين أبيي هريرة "أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم كان يسيكت بيين التكيبير والقراءة إسيكاتة ،قال :فقلت :ييا
رسيول الله بأبيي أنيت وأميي :إسيكاتك بيين التكيبير والقراءة ميا
تقول؟ قال :أقول اللهيم باعيد بينيي وبيين خطاياي كميا باعدت بيين
المشرق والمغرب ،اللهيم نقني من الخطاييا ك ما ينقى الثوب ()1
البييض مين الدنيس ،اللهيم اغسيل خطاياي بالماء والثلج والبرد"
وقيد ذهيب قوم إلى اسيتحسان سيكتات كثيرة فيي الصيلة ،منهيا
حيين يكيبر ،ومنهيا حيين يفرغ مين قراءة أم القرآن وإذا فرغ مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القراءة قبييل الركوع ،ومميين قال بهذا القول الشافعييي وأبييو ثور
والوزاعييي ،وأنكيير ذلك مالك وأصييحابه وأبييو حنيفيية وأصييحابه.
وسيبب اختلفهيم اختلفهيم فيي تصيحيح حدييث أبيي هريرة أنيه قال
"كانييت له عليييه الصييلة والسييلم فييي صييلته حييين يكييبر ويفتتييح
الصييلة وحييين يقرأ فاتحيية الكتاب ،وإذا فرغ ميين القراءة قبييل
الركوع.
----------
([ )1فييي نسييختنا "البرب" بدل "الثوب" وهييو خطييأ مطبعييي!.
وتصحيحنا موافق للروايات المشهورة لهذا الدعاء .دار الحديث]
----------
@(-المسييألة الرابعيية) اختلفوا فييي قراءة بسييم الله الرحميين
الرحيييم فييي افتتاح القراءة فييي الصييلة ،فمنييع ذلك مالك فييي
الصلة المكتوبة جهرا كانت أو سرا ،ل في استفتاح أم القرآن ول
فيي غيرهيا مين السيور ،وأجاز ذلك فيي النافلة .وقال أبيو حنيفية
والثوري وأحميد يقرؤهيا ميع أم القرآن فيي كيل ركعية سيرا ،وقال
الشافعيي :يقرؤهيا ول بيد فيي الجهير جهرا وفيي السير سيرا ،وهيي
عنده آيية مين فاتحية الكتاب ،وبيه قال أحميد وأبيو ثور وأبيو عبييد.
واختلف قول الشافعيي هيل هيي آيية مين كيل سيورة؟ أم إنميا هيي
آييية ميين سييورة النمييل فقييط ،وميين فاتحيية الكتاب؟ فروي عنييه
القولن جميعيا .وسيبب الخلف فيي هذا آييل إلى شيئيين :أحدهميا
اختلف الثار فييي هذا الباب ،والثانييي اختلفهييم :هييل بسييم الله
الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب أم ل؟ فأما الثار التي احتج
بها من أسقط ذلك فمنها حديث ابن مغفل قال "سمعني أبي وأنا
أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ،فقال :يا بني إياك والحدث ،فإني
صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم
أسيمع رجل منهيم يقرؤهيا "قال أبيو عمير بين عبيد البر :ابين مغفيل
رجييل مجهول .ومنهييا مييا رواه مالك ميين حديييث أنييس أنييه قال:
"قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ،فكلهم كان
ل يقرأ بسيم الله إذا افتتحوا الصيلة" قال أبيو عمير :وفيي بعيض
الروايات أنييه قال" :خلف النييبي صييلى الله عليييه وسييلم فكان ل
يقرأ بسييم الله الرحميين الرحيييم" فقال أبييو عميير :إل أن أهييل
الحديييث قالوا فييي حديييث أنييس هذا :إن النقييل فيييه مضطرب
اضطرابيا ل تقوم بيه حجية ،وذلك أن مرة روي عنيه مرفوعيا إلى
النييبي صييلى الله عليييه وسييلم ومرة لم يرفييع ،ومنهييم مين يذكيير
عثمان ومين ل يذكره ،ومنهيم مين يقول :فكانوا يقرءون بسيم الله
الرحميين الرحيييم ،ومنهييم ميين يقول :فكانوا ل يقرءون بسييم الله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غريييب عندهييم ،أدخله مالك فييي موطئه فييي بعييض الروايات وإل
شيئا روي عين ابين عباس أنيه ل يقرأ فيي صيلة السير وأنيه قال
"قرأ رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فيي صيلوات وسيكت فيي
أخرى" فنقرأ فيما قرأ ونسكت فيما سكت .وسئل هل في الظهر
والعصر قراءة؟ فقال :ل ،وأخذ الجمهور بحديث خباب "أنه صلى
الله علييه وسيلم كان يقرأ فيي الظهير والعصير ،قييل فبأي شييء
كنتييييم تعرفون ذلك؟ قال :باضطراب لحيتييييه" وتعلق الكوفيون
بحدييييث ابييين عباس فيييي ترك وجوب القراءة فيييي الركعتيييين
الخيرتيين مين الصيلة لسيتواء صيلة الجهير والسير فيي سيكوت
النيبي صيلى الله علييه وسيلم فيي هاتيين الركعتيين .واختلفوا فيي
القراءة الواجبة في الصلة ،فرأى بعضهم أن الواجب من ذلك أم
القرآن لمين حفظهيا ،وأن ميا عداهيا لييس فييه توقييت ،ومين هؤلء
مين أوجبهيا فيي كيل ركعية ،ومنهيم مين أوجبهيا فيي أكثير الصيلة،
ومنهم من أوجبها في نصف الصلة ،ومنهم من أوجبها في ركعة
ميين الصييلة ،وبالول قال الشافعييي ،وهييي أشهيير الروايات عيين
مالك ،وقييد روي عنييه أنييه إن قرأهييا فييي ركعتييين ميين الرباعييية
أجزأته.
وأما من رأى أنها تجزئ في ركعة ،فمنهم الحسن البصري وكثير
مين فقهاء البصيرة .وأميا أبيو حنيفية فالواجيب عنده إنميا هيو قراءة
القرآن أي آيية اتفقيت أن تقرأ ،وحيد أصيحابه فيي ذلك ثلث آيات
قصيار أو آيية طويلة مثيل آيية الديين ،وهذا فيي الركعتيين الولييين.
وأميا فيي الخيرتيين فيسيتحب عنده التسيبيح فيهميا دون القراءة،
وبيييه قال الكوفيون .والجمهور يسيييتحبون القراءة فيهيييا كلهيييا.
والسبب في هذا الختلف تعارض الثار في هذا الباب ،ومعارضة
ظاهر الكتاب للثر .أما الثار المتعارضة في ذلك ،فأحدها حديث
أبيي هريرة الثابيت "ان رجل دخيل المسيجد فصيلى ثيم جاء فسيلم
على النبي صلى الله عليه وسلم ،فرد عليه النبي صلى الله عليه
وسيلم السيلم وقال :ارجيع فصيل فإنيك لم تصيل ،فصيلى ثيم أمره
بالرجوع ،فعييل ذلك ثلث مرات ،فقال :والذي بعثييك بالحييق مييا
أحسين غيره ،فقال علييه الصيلة والسيلم :إذا قميت إلى الصيلة
فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ،ثم اقرأ ما تيسر معك من
القرآن ،ثيم اركيع حتيى تطمئن راكعيا ،ثيم ارفيع حتيى تعتدل قائميا،
ثيم اسيجد حتيى تطمئن سياجدا ،ثيم ارفيع حتيى تطمئن جالسيا ،ثيم
اسجد حتى تطمئن ساجدا ،ثم ارفع حتى تستوي قائما ،ثم افعل
ذلك في صلتك كلها"
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصيلة أو على بعضهيا ،وذلك أن مين قرأ فيي الكيل منهيا أو فيي
الجزء :أعنييي فييي ركعيية أو ركعتييين لم يدخييل تحييت قوله عليييه
الصلة والسلم "لم يقرأ فيها" وهذا الحتمال بعينه هو الذي أصار
أ با حنيفية إلى أن يترك القراءة أيضا فيي بعض الصيلة :أعنيي فيي
الركعتيين الخرتيين ،واختار مالك أن يقرأ فيي الركعتيين الولييين
من الرباعية بالحمد وسورة ،وفي الخرتين بالحمد فقط ،فاختار
الشافعيي أن تقرأ فييي الربيع مين الظهير بالحميد وسيورة إل أن
السيورة التيي تكون فيي الولييين تكون أطول ،فذهيب مالك إلى
حدييث أبيي قتادة الثابيت "أنيه علييه الصيلة والسيلم كان يقرأ فيي
الوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ،وفي الخريين
منها بفاتحة الكتاب فقط .وذهب الشافعي إلى ظاهر حديث ابي
سعيد الثابت أيضا أنه كان يقرأ في الركعتين الوليين من الظهر
قدر ثلثين آية ،وفي الخريين قدر خمسة عشر آ ية ،ولم يختلفوا
فيي العصير لتفاق الحديثيين فيهيا ،وذلك أن فيي حدييث أبيي سيعيد
هذا "أنه كان يقرأ في الوليين من العصر قدر خمس عشرة آية،
وفي الخريين قدر النصف من ذلك".
@(-المسييألة السييادسة) اتفييق الجمهور على منييع قراءة القرآن
فيي الركوع والسيجود لحدييث علي فيي ذلك قال "نهانيي جبرييل
صيييلى الله علييييه وسيييلم أن أقرأ القرآن راكعيييا وسييياجدا" قال
الطيبري :وهيو حدييث صيحيح ،وبيه أخيذ فقهاء المصيار ،وصيار قوم
ميين التابعييين إلى جواز ذلك ،وهييو مذهييب البخاري لنييه لم يصييح
الحديييث عنده ،والله أعلم .واختلفوا :هييل الركوع والسييجود قول
محدود يقوله المصيييلي أم ل؟ فقال مالك :لييييس فيييي ذلك قول
محدود .وذهيب الشافعيي وأبيو حنيفية وأحميد وجماعية غيرهيم إلى
أن المصيلي يقول فيي ركوعيه :سيبحان ربيي العظييم ثلثيا ،وفيي
السجود سبحان ربي العلى ثلثا على ما جاء في حديث عقبة بن
عامر .وقال الثوري :أحب إلى أن يقولها المام خمسا في صلته
حتى يدرك الذي خلفه ثلثة تسبيحات .والسبب في هذا الختلف
معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر،
وذلك أن في حديث ابن عباس أنه عليه الصلة والسلم قال "أل
وإ ني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ،فأما الركوع فعظموا
فيييه الرب ،وأمييا السييجود فاجتهدوا فيييه فييي الدعاء فقميين أن
يسيتجاب لكيم" وفيي حدييث عقبية بين عامير أنيه قال "لميا نزلت
فسيبح باسيم ربيك العظييم قال لنيا رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم :اجعلوهيا فيي ركوعكيم ،ولميا نزلت سيبح اسيم ربيك العلى
قال :اجعلوهييا فييي سييجودكم" وكذلك اختلفوا فييي الدعاء فييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الركوع بعييد اتفاقهييم على جواز الثناء على الله ،فكره ذلك مالك
لحدييث علي أنيه قال علييه الصيلة والسيلم" :أميا الركوع فعظموا
فييه الرب ،وأميا السيجود فاجتهدوا فييه فيي الدعاء" وقالت طائفية
يجوز الدعاء فييي الركوع ،واحتجوا بأحاديييث جاء فيهييا أنييه عليييه
الصييلة والسييلم دعييا فييي الركوع وهييو مذهييب البخاري ،واحتييج
بحدييث عائشية قالت "كان النيبي علييه الصيلة والسيلم يقول فيي
ركوعيه وسيجوده :سيبحانك اللهيم ربنيا وبحمدك اللهيم اغفير لي"
وأبو حنيفة ل يجيز الدعاء في الصلة بغير ألفاظ القرآن (وكذا ما
ورد ميين السيينة ا هي ي مصييححه) ،ومالك والشافعييي يجيزان ذلك.
والسبب في ذلك اختلفهم فيه ،هل هو كلم أم ل؟.
@(-المسيألة السيابعة) اختلفوا فيي وجوب التشهيد وفيي المختار
منييه ،فذهييب مالك وأبييو حنيفيية وجماعيية إلى أن التشهييد ليييس
بواجييب ،وذهبييت طائفيية إلى وجوبييه ،وبييه قال الشافعييي وأحمييد
وداود .وسيبب اختلفهيم معارضية القياس لظاهير الثار ،وذلك أن
القياس يقتضيي إلحاقيه بسيائر الركان التيي ليسيت بواجبية فيي
الصييلة ،لتفاقهييم على وجوب القرآن ،وأن التشهييد ليييس بقرآن
فيجيب .وحدييث ابين عباس أنيه قال "كان رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن" يقتضي
وجوبييه مييع أن الصييل عنييد هؤلء أن أفعاله وأقواله فييي الصييلة
يجيييب أن تكون محمولة على الوجوب حتيييى يدل الدلييييل على
خلف ذلك ،والصيل عنيد غيرهيم على خلف هذا ،وهيو أن ميا ثبيت
وجوبيه فيي الصيلة مميا اتفيق علييه أو صيرح بوجوبيه فل يجيب أن
يلحييق بييه إل مييا صييرح بييه ونييص عليييه ،فهمييا كمييا ترى أصييلن
متعارضان .وأميا المختار مين التشهيد ،فإن مالكيا رحميه الله اختار
تشهيد عمير رضيي الله عنيه الذي كان يعلميه الناس على المنيبر،
وهييو :التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصييلوات لله ،السييلم
علييك أيهيا النيبي ،ورحمية الله وبركاتيه ،السيلم علينيا وعلى عباد
الله الصيالحين أشهيد أن ل إله إل الله وحده ل شرييك له ،وأشهيد
أن محمدا عبده ورسييوله .واختار أهييل الكوفيية أبييو حنيفيية وغيره
تشهيد عبيد الله بين مسيعود .قال أبيو عمير :وبيه قال أحميد وأكثير
أهيل الحدييث ،لثبوت نقله عين رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
وهيو" :التحيات لله والصيلوات والطيبات ،السيلم علييك أيهيا النيبي
ورحميية الله وبركاتييه ،السييلم علينييا وعلى عباد الله الصييالحين،
أشهيد أن ل إله إل الله ،وأشهيد أن محمدا عبده ورسيوله" واختار
الشافعي وأصحابه تشهد عبد الله بن عباس الذي رواه عن النبي
صييلى الله عليييه وسييلم قال "كان رسييول الله صييلى الله عليييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وسيلم يعلمنيا التشهيد كميا يعلمنيا السيورة مين القرآن ،فكان يقول
"التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ،سلم عليك أيها النبي
ورحمية الله وبركاتيه سيلم علينيا وعلى عباد الله الصيالحين ،أشهيد
أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول الله" وسبب اختلفهم اختلف
ظنونهيم فيي الرجيح منهيا ،فمين غلب على ظنيه رجحان حدييث ميا
مين هذه الحادييث الثلثية مال إلييه ،وقيد ذهيب كثيير مين الفقهاء
إلى أن هذا كله على التخيييير كالذان والتكييبير على الجنائز وفييي
العيديين وفيي غيير ذلك مميا تواتير نقله ،وهيو الصيواب والله أعلم.
وقيد اشترط الشافعيي الصيلة على النيبي صيلى الله علييه وسيلم
فييي التشهييد وقال :إنهييا فرض لقوله تعالى {يييا أيهييا الذييين آمنوا
صييلوا عليييه وسييلموا تسييليما} ذهييب إلى أن هذا التسييليم هييو
التسيليم مين الصيلة ،وذهيب الجمهور إلى أنيه التسيليم الذي يؤتيى
به عقب الصلة عليه ،وذهب قوم من أهل الظاهر إلى أنه واجب
أن يتعوذ المتشهيد مين الربيع التيي جاءت فيي الحدييث مين عذاب
القييبر وميين عذاب جهنييم وميين فتنيية المسيييح الدجال وميين فتنيية
المحيا والممات ،لنه ثبت "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يتعوذ منهييا فييي آخيير تشهده" وفييي بعييض طرقييه "إذا فرغ
أحدكييم ميين التشهييد الخييير فليتعوذ ميين أربييع" الحديييث خرجييه
مسلم.
@(-المسييألة الثامنيية) اختلفوا فييي التسييليم ميين الصييلة ،فقال
الجمهور بوجوبه ،وقال أبو حنيفة وأصحابه :ليس بواجب ،والذين
أوجبوه منهيييم مييين قال الواجيييب على المنفرد والمام تسيييليمة
واحدة ،ومنهييم ميين قال اثنتان ،فذهييب الجمهور مذهييب ظاهيير
حديييث علي ،وهييو قوله عليييه الصييلة والسييلم فيييه "وتحليلهييا
التسيليم" ومين ذهيب إلى أن الواجيب مين ذلك تسيليمتان ،فلميا
ثبيت مين "أنيه علييه الصيلة والسيلم كان يسيلم تسيليمتين" وذلك
عنيييييد مييييين حميييييل فعله على الوجوب .واختار مالك للمأموم
تسيليمتين والمام واحدة ،وقيد قييل عنيه إن المأموم يسيلم ثلثيا:
الواحدة للتحليل ،والثانية للمام ،والثالثة لمن هو عن يساره .وأما
أبيو حنيفية فذهيب إلى ميا رواه عبيد الرحمين بين زياد الفريقيي أن
عبيد الرحمين بين رافيع وبكير بين سيوادة حدثاه عين عبيد الله بين
عمرو بن العاص قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا
جلس الرجيل فيي آخير صيلته فأحدث قبيل أن يسيلم فقيد تميت
صلته" قال أبو عمر بن عبد البر :وحديث علي المتقدم أثبت عند
أهييل النقييل ،لن حديييث عبييد الله بيين عمرو بين العاص انفرد بيه
الفريقي ،وهو عند أهل النقل ضعيف .قال القاضي :إن كان أثبت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي مصيحف أبيي بين كعيب .وقال الشافعيي وإسيحاق بيل يقنيت
"باللهيم اهدنيا فيمين هدييت وعافينيا فيمين عافييت ،وقنيا شير ميا
قضيت ،إنك تقضي ول يقضى عليك ،تباركت ربنا وتعاليت" وهذا
يرويييه الحسيين بيين علي ميين طرق ثابتيية أن النييبي عليييه الصييلة
والسلم علمه هذا الدعاء يقنت به في الصلة .وقال عبد الله بن
داود :مين لم يقنيت بالسيورتين فل يصيلي خلفيه .وقال قوم :لييس
في القنوت شيء موقوت.
**4الفصيل الثانيي فيي الفعال التيي هيي أركان وفيي هذا الفصيل
من قواعد المسائل ثماني مسائل
@(-المسيألة الولى) اختلف العلماء فيي رفيع اليديين فيي الصيلة
فيي ثلثية مواضيع :أحدهيا فيي حكميه .والثانيي فيي المواضيع التيي
يرفع فيها من الصلة .والثالث إلى أن ينتهي برفعها .فأما الحكم،
فذهب الجمهور إلى أنه سنة في الصلة ،وذهب داود وجماعة من
أصيحابه إلى أن ذلك فرض ،وهؤلء انقسيموا أقسياما فمنهيم مين
أوجيب ذلك فيي تكيبيرة الحرام فقيط .ومنهيم مين أوجيب ذلك فيي
السيتفتاح وعنيد الركوع :أعنيي عنيد النحطاط فييه وعنيد الرتفاع
منيه ،ومنهيم من أوجيب ذلك فيي هذيين الموضعيين وعنيد السيجود،
وذلك بحسييب اختلفهييم فييي المواضييع التييي يرفييع فيهييا .وسييبب
اختلفهم معارضة ظاهر حديث أبي هريرة الذي فيه تعليم فرائض
الصيلة لفعله علييه الصيلة والسيلم ،وذلك أن حدييث أبيي هريرة
إنميا فييه أنيه قال له وكيبر ولم يأمره برفيع يدييه ،وثبيت عنيه علييه
الصلة والسلم من حديث ابن عمر وغيره "أنه كان يرفع يديه إذا
افتتح الصلة" وأما اختلفهم في المواضع التي ترفع فيها فذهب
أهل الكوفة أبو حنيفة وسفيان الثوري وسائر فقهائهم إلى أنه ل
يرفيع المصيلي يدييه إل عنيد تكيبيرة الحرام فقيط ،وهيي روايية ابين
القاسم عن مالك،
وذهب الشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور ،وجمهور أهل الحديث
وأهيل الظاهير إلى الرفيع عنيد تكيبيرة الحرام وعنيد الركوع ،وعنيد
الرفيع مين الركوع وهيو مروى عين مالك إل أنيه عنيد بعيض أولئك
فرض وعند مالك سنة .وذهب بعض أهل الحديث إلى رفعها عند
السيجود وعنيد الرفيع منيه .والسيبب فيي هذا الختلف كله اختلف
الثار الواردة فيي ذلك ومخال فة العميل بالمدينة لبعضها ،وذلك أن
في ذلك أحاديث أحدها حديث عبد الله بن مسعود ،وحديث البراء
بين عازب "أنيه كان علييه الصيلة والسيلم يرفيع يدييه عنيد الحرام
مرة واحدة ل يزييد عليهيا ،والحدييث الثانيي حدييث ابين عمير عين
أبييه أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم كان إذا افتتيح الصيلة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رفيع يدييه حذو منكيبيه ،وإذا رفيع رأسيه مين الركوع رفعهميا أيضيا
كذلك وقال "سيمع الله لمين حمده ربنيا ولك الحميد" كان ل يفعيل
ذلك في السجود ،وهو حديث متفق على صحته وزعموا أنه روى
ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلثة عشر رجل من أصحابه.
والحدييث الثالث حدييث وائل بين حجير ،وفييه زيادة على ميا فيي
حدييث عبيد الله بين عمير "أنيه كان يرفيع يدييه عنيد السيجود" فمين
حميل الرفيع ههنيا على أنيه ندب أو فريضية ،فمنهيم مين اقتصير بيه
على الحرام فقيط ترجيحيا لحدييث عبيد الله بين مسيعود وحدييث
البراء بن عازب وهو مذهب مالك لموافقة العمل به ،ومنهم من
رجيح حدييث عبيد الله بين عمير ،فرأى الرفيع فيي الموضعيين أعنيي
فيي الركوع وفيي الفتتاح لشهرتيه ،واتفيق الجمييع علييه ومين كان
رأييه مين هؤلء أن الرفيع فريضية حميل ذلك على الفريضية ،ومين
كان رأيه أنه ندب حمل ذلك على الندب ،ومنهم من ذهب مذهب
الجميع وقال :إنيه يجيب أن تجميع هذه الزيادات بعضهيا إلى بعيض
على مييا فييي حديييث وائل بيين حجيير ،فإذا العلماء ذهبوا فييي هذه
الثار مذهيبين :إميا مذهيب الترجييح ،وإميا مذهيب الجميع .والسيبب
فيي اختلفهيم فيي حميل رفيع اليديين فيي الصيلة :هيل هيو على
الندب أو على الفرض؟ هيو السيبب الذي قلناه قبيل مين أن بعيض
الناس يرى أن الصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم أن تحمل
على الوجوب حتى يدل الدليل على غير ذلك ،ومنهم من يرى أن
الصيل ل يزاد فيميا صيح بدلييل واضيح مين قول ثابيت أو إجماع أنيه
مين فرائض الصيلة إل بدلييل واضيح ،وقيد تقدم هذا مين قولنيا ،ول
معنيى لتكريير الشييء الواحيد مرات كثيرة ،وأميا الحيد الذي ترفيع
إليييه اليدان ،فذهييب بعضهييم إلى أنييه المنكبان ،وبييه قال مالك
والشافعيي وجماعية ،وذهيب بعضهيم إلى رفعهميا إلى الذنيين ،وبيه
قال أ بو حنيفية ،وذهيب بعضهيم إلى رفعهميا إلى الصيدر ،وكيل ذلك
مروي عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم ،إل أن أثبيت ميا فيي ذلك
أنيه كان يرفعهميا حذو منكيبيه وعلييه الجمهور ،والرفيع إلى الذنيين
أثبت من الرفع إلى الصدر وأشهر.
@(-المسألة الثانية) ذهب أبو حنيفة إلى أن العتدال من الركوع
وفييي الركوع غييير واجييب .وقال الشافعييي :هييو واجييب .واختلف
أصحاب مالك :هل ظاهر مذهبه يقتضي أن يكون سنة أو واجبا إذ
لم ينقيل عنيه نيص فيي ذلك :والسيبب فيي اختلفهيم :هيل الواجيب
الخييذ ببعييض مييا ينطلق عليييه السييم أم بكييل ذلك الشيييء الذي
ينطلق عليييه السييم ،فميين كان الواجييب عنده الخييذ ببعييض مييا
ينطلق عليييه السييم لم يشترط العتدال فييي الركوع ،وميين كان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الواجيب عنده الخيذ بالكيل اشترط العتدال ،وقيد صيح عين النيبي
صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال فيي الحدييث المتقدم للرجيل الذي
علمييه فروض الصييلة "اركييع حتييى تطمئن راكعييا ،وارفييع حتييى
تطمئن رافعيا" فالواجيب اعتقاد كونيه فرضيا ،وعلى هذا الحدييث
عول كل من رأى أن الصل ل تحمل أفعاله عليه الصلة والسلم
في سائر أفعال الصلة مما لم ينص عليها في هذا الحديث على
الوجوب حتيى يدل الدلييل على ذلك ،ومين قبيل هذا لم يروا رفيع
اليدييين فرضييا ول مييا عدا تكييبيرة الحرام والقراءة ميين القاويييل
التي في الصلة فتأمل هذا ،فإنه أصل مناقض للصل الول وهو
سبب الخلف في أكثر هذه المسائل.
@(-المسيييألة الثالثييية) اختلف الفقهاء فيييي هيئة الجلوس ،فقال
مالك وأصييحابه يقضييي بأليتيييه إلى الرض وينصييب رجله اليمنييى
ويثنيي اليسيرى ،وجلوس المرأة عنده كجلوس الرجيل .وقال أبيو
حنيفة وأصحابه :ينصب الرجل اليمنى ويقعد على اليسرى .وفرق
الشافعيي بيين الجلسية الوسيطى والخيرة ،فقال فيي الوسيطى
بمثييل قول أبييي حنيفيية ،وفييي الخيرة بمثييل قول مالك .وسييبب
اختلفهييم فييي ذلك تعارض الثار ،وذلك أن فييي ذلك ثلثيية آثار:
أحدهيا وهيو ثابيت باتفاق حدييث أبيي حمييد السياعدي الوارد فيي
وصييف صييلته عليييه الصييلة والسييلم ،وفيييه "وإذا جلس فييي
الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى ،وإذا جلس في
الركعيية الخيرة قدم رجله اليسييرى ونصييب اليمنييى وقعييد على
مقعدتيه" .والثانيي حدييث وائل بين حجير ،وفييه "أنيه كان إذا قعيد
فيي الصيلة نصيب اليمنيى وقعيد على اليسيرى" .والثالث ميا رواه
مالك عين عبيد الله بين عمير أنيه قال "إنميا سينة الصيلة أن تنصيب
رجلك اليمنيى وتثنيي اليسيرى ،وهيو يدخيل فيي المسيند لقوله فييه:
إنميا سينة الصيلة .وفيي روايتيه عين القاسيم بين محميد أنيه أراهيم
الجلوس في التشهد ،فنصب رجله اليمنى وثنى اليسرى وجلس
على وركه اليسر ولم يجلس على قدمه ،ثم قال :أراني هذا عبد
الله بن عبد الله بن عمر ،وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك ،فذهب
مالك مذهييب الترجيييح لهذا الحديييث ،وذهييب أبييو حنيفيية مذهييب
الترجيح لحديث وائل .وذهب الشافعي مذهب الجمع على حديث
أبييي حميييد .وذهييب الطييبري مذهييب التخيييير .وقال :هذه الهيئات
كلهيا جائزة وحسين فعلهيا لثبوتهيا عين رسيول الله صيلى الله علييه
وسييلم ،وهييو قول حسيين ،فإن الفعال المختلفيية أولى أن تحمييل
على التخييير منهيا على التعارض ،وإنميا يتصيور ذلك التعارض أكثير
ذلك في الفعل مع القول أو في القول مع القول.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
من سجد على جبهته وأنفه فقد سجد على وجهه ،واختلفوا فيمن
سيجد على أحدهميا ،فقال مالك :إن سيجد على جبهتيه دون أنفيه
جاز ،وإن سجد على أنفه دون جبهته لم يجز .وقال أبو حنيفة :بل
يجوز ذلك .وقال الشافعيي :ل يجوز إل أن يسيجد عليهميا جميعيا.
وسيبب اختلفهيم :هيل الواجيب هيو امتثال بعيض ميا ينطلق علييه
السيم أم كله ،وذلك أن فيي حدييث النيبي علييه الصيلة والسيلم
الثابت عن ابن عباس "أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء" فذكر
منها الوجه ،فمن رأى أن الواجب هو بعض ما ينطلق عليه السم،
قال :إن سييجد على الجبهيية أو النييف أجزأه .وميين رأى أن اسييم
السيجود يتناول مين سيجد على الجبهية ول يتناول مين سيجد على
النييف أجاز السييجود على الجبهيية دون النييف ،وهذا كأنييه تحديييد
للبعييض الذي هييو امتثاله ،هييو الواجييب ممييا ينطلق عليييه السييم،
وكان هذا على مذهييب ميين يفرق بييين أبعاض الشيييء ،فرأى أن
بعضهييا يقوم فييي امتثاله مقام الوجوب وبعضهييا ل يقوم مقامييه
فتأميل هذا فإنيه أصيل فيي هذا الباب ،وإل جاز لقائل أن يقول :إنه
إن ميس من أنفه الرض مثقال خردلة تيم سيجوده ،وأميا مين رأى
أن الواجيب هيو امتثال كيل ميا ينطلق علييه السيم ،فالواجيب عنده
أن يسجد على الجبهة والنف .والشافعي يقول :إن هذا الحتمال
الذي مين قبيل اللفيظ قيد أزاله فعله علييه الصيلة والسيلم وبينيه،
فإنه كان يسجد على النف والجبهة لما جاء من أنه انصرف من
صيلة مين الصيلوات وعلى جبهتيه وأنفيه أثير الطيين والماء ،فوجيب
أن يكون فعله مفسيرا للحدييث المجميل .قال أبيو عمير بين عبيد
البر :وقيد ذكير جماعية مين الحفاظ حدييث ابين عباس فذكروا فييه
النييف والجبهيية .قال القاضييي أبييو الوليييد :وذكيير بعضهييم الجبهيية
فقيييط ،وكل الروايتيييين فيييي كتاب مسيييلم ،وذلك حجييية لمالك.
واختلفوا أيضيا هيل مين شرط السيجود أن تكون ييد السياجد بارزة
وموضوعيية على الذي يوضييع عليهييا الوجييه أم ليييس ذلك ميين
شروطييه؟ فقال مالك :ذلك ميين شرط السييجود أحسييبه شرط
تماميه .وقالت جماعية :لييس ذلك مين شرط السيجود .ومين هذا
الباب اختلفهيم فيي السيجود على طاقات العمامية ،وللناس فييه
ثلثيية مذاهييب :قول بالمنييع ،وقول بالجواز ،وقول بالفرق بييين أن
يسيجد على طاقات يسييرة مين العمامية أو كثيرة ،وقول بالفرق
بين أن يمس من جبهته الرض شيء أو ل يمس منها شيء ،وهذا
الختلف كله موجود فييي المذهييب وعنييد فقهاء المصييار ،وفييي
البخاري وكانوا يسيجدون على القلنيس والعمائم .واحتيج مين لم
يير إبراز اليديين فيي السيجود بقول ابين عباس "أمير النيبي صيلى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الله علييه وسيلم أن نسيجد على سيبعة أعضاء ول نكفيت ثوبيا ول
شعرا" وقياسيا على الركبتيين وعلى الصيلة فيي الخفيين يمكين أن
يحتج بهذا العموم في السجود على العمامة.
@(-المسييألة الثامنيية) اتفييق العلماء على كراهييية القعاء فييي
الصلة لما جاء في الحديث من النهي أن يقعي الرجل في صلته
كما يقعي الكلب إل أنهم اختلفوا فيما يدل عليه السم ،فبعضهم
رأى أن القعاء المنهييي عنييه هييو جلوس الرجييل على أليتيييه فييي
الصلة ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع ول خلف بينهم أن
هذه الهيئة ليسيت مين هيئات الصيلة .وقوم رأوا أن معنيى القعاء
الذي نهيي عنيه هيو أن يجعيل أليتيه على عقيبيه بيين السيجدتين وأن
يجلس على صيدور قدمييه ،وهيو مذهيب مالك لميا روي عين ابين
عمر أنه ذكر أنه إنما كان يفعل ذلك لنه كان يشتكي قدميه .وأما
ابيين عباس فكان يقول :القعاء على القدمييين فييي السييجود على
هذه الصيفة هيو سينة نيبيكم ،خرجيه مسيلم .وسيبب اختلفهيم هيو
تردد اسييم القعاء المنهييي عنييه فييي الصييلة بييين أن يدل على
المعنى اللغوي أو يدل على معنى شرعي :أعني على هيئة خصها
الشرع بهذا السيم ،فمين رأى أنيه يدل على المعنيى اللغوي قال:
هيو إقعاء الكلب .ومين رأى أنيه يدل على معنيى شرعيي قال :إنميا
أرييد بذلك إحدى هيئات الصيلة المنهيي عنهيا ،ولميا ثبيت عين ابين
عمير أن قعود الرجيل على صيدور قدمييه لييس مين سينة الصيلة،
سيبق إلى اعتقاده أن هذه الهيئة هيي التيي أرييد بالقعاء المنهيي
عنيه ،وهذا ضعييف ،فإن السيماء التيي لم تثبيت لهيا معان شرعيية
يجب أن تحمل على المعنى اللغوي حتى يثبت لها معنى شرعي،
بخلف المير فيي السيماء التيي ثبيت لهيا معان شرعيية :أعنيي أنيه
يجييب أن يحمييل على المعانييي الشرعييية حتييى يدل الدليييل على
المعنى اللغوي ،مع أنه قد عارض حديث ابن عمر في ذلك حديث
ابن عباس.
**3الباب الثاني من الجملة الثالثة.
@-وهذا الباب الكلم المحييط بقواعده فيه فصيول سبعة :أحدها:
فييي معرفيية حكييم صييلة الجماعيية .والثانييي فييي معرفيية شروط
المامية ،ومين أولى بالتقدييم وأحكام المام الخاصية بيه .الثالث:
فيييي مقام المأموم مييين المام والحكام الخاصييية بالمأموميييين.
الرابيع :فيي معرفية ميا يتبيع فييه المأموم المام مميا لييس يتبعيه.
الخامييس :فييي صييفة التباع .السييادس :فيمييا يحمله المام عيين
المأموميين .السيابع :فيي الشياء التيي إذا فسيدت لهيا صيلة المام
يتعدى الفساد إلى المأمومين.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سييمعه التيان إليييه باتفاق وهذا فيييه بعييد والله أعلم ،لن نييص
الحدييث هيو أن أبيا هريرة قال "أتيى النيبي صيلى الله علييه وسيلم
رجيل أعميى ،فقال :ييا رسيول الله إنيه لييس لي قائد يقودنيي إلى
المسييجد ،فسييأل رسييول الله أن يرخييص له فيصييلي فييي بيتييه،
فرخص له ،فلما ولى دعاه فقال :هل تسمع النداء بالصلة .قال:
نعم ،قال :فأجب" وظاهر هذا يبعد أن يفهم منه نداء الجمعة ،مع
أن التيان إلى صيلة الجمعية واجيب على كيل من كان فيي المصير
وإن لم يسيييمع النداء ،ول أعرف فيييي ذلك خلفيييا .وعارض هذا
الحدييث أيضيا حدييث عتبان بين مالك المذكور فيي الموطيأ ،وفييه
أن عتبان بيين مالك كان يؤم وهييو أعمييى ،وأنييه قال لرسييول الله
صيلى الله علييه وسيلم "إنيه تكون الظلمية المطير والسييل وأنيا
رجيل ضريير البصير فصيل ييا رسيول الله فيي بيتيي مكانيا أتخذه
مصلى ،فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :أين تحب
أن أصيلي فأشار له إلى مكان مين البييت فصيلى فييه رسيول الله
صلى الله عليه وسلم".
@(-وأميا المسيألة الثانيية) فإن الذي دخيل المسيجد وقيد صيلى ل
يخلو مين أحيد وجهيين :إميا أن يكون صيلى منفردا ،وإميا أن يكون
صيلى فيي جماعية .فإن كان صيلى منفردا فقال قوم :يعييد معهيم
كيييل الصيييلوات إل المغرب فقيييط ،وممييين قال بهذا القول مالك
وأصييحابه .وقال أبييو حنيفيية :يعيييد الصييلوات كلهييا إل المغرب
والعصيير .وقال الوزاعييي :إل المغرب والصييبح .وقال أبييو ثور :إل
العصر والفجر .وقال الشافعيي :يعيد الصلوات كل ها ،وإنما اتفقوا
على إيجاب إعادة الصيلة علييه بالجملة لحدييث بشير بين محميد
عن أبيه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين دخل
المسيجد ولم يصيل معيه :مالك لم تصيل ميع الناس :ألسيت برجيل
مسيلم؟ فقال بلى ييا رسيول الله ،ولكنيي صيليت فيي أهلي ،فقال
عليييه الصييلة والسييلم :إذا جئت فصييل مييع الناس وإن كنييت قييد
صيليت" فاختلف الناس لحتمال تخصييص هذا العموم بالقياس أو
بالدليل ،فمن حمله على عمومه أوجب عليه إعادة الصلوات كلها
وهيو مذهيب الشافعيي .وأميا مين اسيتثنى مين ذلك صيلة المغرب
فقيط فإنيه خصيص العموم بقياس الشبيه وهيو مالك رحميه الله،
وذلك أنيه زعيم أن صيلة المغرب هيي وتير ،فلو أعيدت لشبهيت
صيلة الشفيع التيي ليسيت بوتير ،لنهيا كانيت تكون بمجموع ذلك
سيت ركعات ،فكأنهيا كانيت تنتقيل مين جنسيها إلى جنيس صيلة
أخرى وذلك مبطيل لهيا ،وهذا القياس فييه ضعيف ،لن السيلم قيد
فصل بين الوتار والتمسك بالعموم أقوى من الستثناء بهذا النوع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين القياس ،وأقوى مين هذا ميا قاله الكوفيون مين أنيه إذا أعادهيا
يكون قد أوتر مرتين ،وقد جاء في الثر " ل وتران في ليلة" وأما
أبييو حنيفيية فإنييه قال :إن الصييلة الثانييية تكون له نفل ،فإن أعاد
العصيير يكون قييد تنفييل بعييد العصيير ،وقييد جاء النهييي عيين ذلك،
فخصيص العصير بهذا القياس والمغرب بأنهيا وتير ،والوتير ل يعاد،
وهذا قياس جدييد إن سيلم لهيم الشافعيي أن الصيلة الخيرة لهيم
نفيل .وأميا مين فرق بيين العصير والصيبح فيي ذلك فلنيه لم تختلف
الثار فيي النهيي عين الصيلة بعيد الصيبح ،واختلف فيي الصيلة بعيد
العصير كميا تقدم ،وهيو قول الوزاعيي .وأميا إذا صيلى فيي جماعية
فهل يعيد في جماعة أخرى؟ فأكثر الفقهاء على أنه ل يعيد ،منهم
مالك وأبيو حنيفية ،وقال بعضهيم :بيل يعييد ،وممين قال بهذا القول
أحميد وداود وأهيل الظاهير .والسيبب فيي اختلفهيم تعارض مفهوم
الثار فيي ذلك ،وذلك أنيه ورد عنيه علييه الصيلة والسيلم أنيه قال
"ل تصلي صلة في يوم مرتين" وروي عنه "أنه أمر الذين صلوا
في جماعة أن يعيدوا مع الجماعة الثانية" وأيضا فإن ظاهر حديث
بشير يوجيب العادة على كيل مصيل إذا جاء المسيجد ،فإن قوتيه
قوة العموم ،والكثيير على أنييه إذا ورد العام على سييبب خاص ل
يقتصر به على سببه ،وصلة معاذ مع النبي عليه الصلة والسلم،
ثييم كان يؤم قومييه فييي تلك الصييلة فيييه دليييل على جواز إعادة
الصيلة فيي الجماعية ،فذهيب الناس فيي هذه الثار مذهيب الجميع
ومذهيب الترجييح .أميا مين ذهيب مذهيب الترجييح فإنيه أخيذ بعموم
قوله عليه الصلة والسلم "ل تصلى صلة واحدة في يوم مرتين"
ولم يسيتثن مين ذلك إل صيلة المنفرد فقيط لوقوع التفاق عليهيا.
وأميا مين ذهيب مذهيب الجميع فقالوا إن معنيى قوله علييه الصيلة
والسيلم" :ل تصيلى صيلة واحدة فيي يوم مرتيين" إنميا ذلك أن ل
يصلي الرجل الصلة الواحدة بعينها مرتين ،يعتقد في كل واحدة
منهميا أنهيا فرض ،بيل يعتقيد فيي الثانيية أنهيا زائدة على الفرض
ولكنييه مأمور بهييا .وقال قوم :بييل معنييى هذا الحديييث إنمييا هييو
للمنفرد :أعنييي أن ل يصييلي الرجييل المنفرد صييلة واحدة بعينهييا
مرتين.
**4الفصييل الثانييي .فييي معرفيية شروط الماميية ،وميين أولى
بالتقديييم ،وأحكام المام الخاصيية بييه .وفييي هذا الفصييل مسييائل
أربع:
@(-المسييألة الولى) اختلفوا فيميين أولى بالماميية ،فقال مالك:
يؤم القوم أفقههم ل أقرؤهم ،وبه قال الشافعي ،وقال أبو حنيفة
والثوري وأحمييد :يؤم القوم أقرؤهييم .والسييبب فييي هذا الختلف
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والسيلم "يؤم القوم أقرؤهيم" قالوا :فلم يسيتثن مين ذلك فاسيقا
مين غيير فاسيق ،والحتجاج بالعموم فيي غيير المقصيود ضعييف،
ومنهم من فرق بين أن يكون فسقه في شروط صحة الصلة ،أو
فيي أمور خارجية عين الصيلة بناء على أن المام إنميا يشترط فييه
وقوع صلته صحيحة.
@(-المسيألة الرابعية) اختلفوا فيي إمامية المرأة ،فالجمهور على
أنييه ل يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا فييي إمامتهييا النسيياء ،فأجاز
ذلك الشافعييي ،ومنييع ذلك مالك وشييذ أبييو ثور والطييبري ،فأجازا
إمامتهييا على الطلق ،وإنمييا اتفييق الجمهور على منعهييا أن تؤم
الرجال ،لنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الول ،ولنه أيضا
لميا كانيت سينتهن فيي الصيلة التأخيير عين الرجال علم أنيه لييس
يجوز لهين التقدم عليهيم ،لقوله علييه الصيلة والسيلم "أخروهين
حيييث أخرهيين الله" ولذلك أجاز بعضهييم إمامتهييا النسيياء إذ كيين
متسياويات فيي المرتبية فيي الصيلة ،ميع أنيه أيضيا نقيل ذلك عين
بعض الصدر الول ،ومن أجاز إمامتها فإنما ذهب إلى ما رواه أبو
داود مين حدييث أم ورقية "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
كان يزورهيا فيي بيتهيا وجعيل لهيا مؤذنيا يؤذن لهيا ،وأمرهيا أن تؤم
أهل دارها" وفي هذا الباب مسائل كثيرة أعني من اختلفهم في
الصيفات المشترطية فيي المام تركنيا ذكرهيا لكونهيا مسيكوتا عنهيا
فيي الشرع .قال القاضيي :وقصيدنا فيي هذا الكتاب إنميا هيو ذكير
المسائل المسموعة أو ماله تعلق قريب بالمسموع.
@(-وأميا أحكام المام الخاصية بيه) فإن فيي ذلك أربعية مسيائل
متعلقية بالسيمع :إحداهيا هيل يؤمين المام إذا فرغ مين قراءة أم
القرآن؟ أم المأموم هييو الذي يؤميين فقييط .والثانييية متييى يكييبر
تكييبيرة الحرام؟ والثالثيية إذا أرتييج عليييه هييل يفتييح عليييه أم ل؟
والرابعية هيل يجوز أن يكون موضعيه أرفيع مين موضيع المأموميين.
فأمييا هييل يؤميين المام إذا فرغ مين قراءة أم الكتاب ،فإن مالكييا
ذهب في رواية ابن القاسم عنه والمصريين أنه ل يؤمن ،وذهب
جمهور الفقهاء إلى أنيييه يؤمييين كالمأموم سيييواء ،وهيييي روايييية
المدنييييين عييين مالك ،وسيييبب اختلفهيييم أن فيييي ذلك حديثيييين
متعارضيي الظاهير :أحدهميا حدييث أبيي هريرة المتفيق علييه فيي
الصحيح أنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أمن
المام فأمنوا" والحديييث الثانييي ميا خرجيه مالك عين أبييي هريرة
أيضا أنه قال عليه الصلة والسلم "إذا قال المام غير المغضوب
عليهم ول الضالين فقولوا أمين" فأما الحديث الول فهو نص في
تأميين المام .وأميا الحدييث الثانيي فيسيتدل منيه على أن المام ل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يؤميين ،وذلك أنييه لو كان يؤميين لمييا أميير المأموم بالتأمييين عنييد
الفراغ ميين أم الكتاب قبييل أن يؤميين المام ،لن المام كمييا قال
عليه الصلة والسلم "إنما جعل المام ليؤتم به" إل أن يخص هذا
مين أقوال المام :أعنيي أن يكون للمأموم أن يؤمين معيه أو قبله،
فل يكون فيييه دليييل على حكييم المام فييي التأمييين ،ويكون إنمييا
تضميين حكييم المأموم فقييط ،لكيين الذي يظهيير أن مالكييا ذهييب
مذهيب الترجييح للحدييث الذي رواه لكون السيامع هيو المؤمين ل
الداعيي ،وذهيب الجمهور لترجييح الحدييث الول لكونيه نصيا ،ولنيه
ليس فيه شيء من حكم المام ،وإنما الخلف بينه وبين الحديث
الخر في موضع تأمين المأموم فقط ل في هل يؤمن المام أو ل
يؤمين فتأميل هذا .ويمكين أيضيا أن يتأول الحدييث الول بأن يقال:
إن معنيى قوله "فإذا أمين فأمنوا" أي إذا بلغ موضيع التأميين ،وقيد
قييل إن التأميين هيو الدعاء وهذا عدول عين الظاهير لشييء غيير
مفهوم من الحديث إل بقياس :أعني أن يفهم من قوله "فإذا قال
غير المغضوب عليهم ول الضالين فأمنوا" أنه ل يؤمن المام .وأما
متييى يكييبر المام فإن قومييا قالوا :ل يكييبر إل بعييد تمام القاميية
واسيتواء الصيفوف ،وهيو مذهيب مالك والشافعيي وجماعية .وقوم
قالوا :إن موضييع التكييبير هييو قبييل أن يتييم القاميية ،واسييتحسنوا
تكبيره عند قول المؤذن قد قامت الصلة ،وهو مذهب أبي حنيفة
والثوري وزفر .وسبب الخلف في ذلك تعارض ظاهر حديث أنس
وحديث بلل .أما حديث أنس فقال" :أقبل علينا رسول الله صلى
الله علييه وسيلم قبيل أن يكيبر فيي الصيلة فقال :أقيموا صيفوفكم
وتراصيوا فإنيي أراكيم مين وراء ظهري" وظاهير هذا أن الكلم منيه
كان بعيد الفراغ مين القامية ،مثيل ميا روي عين عمير أنيه كان إذا
تمت القامة واستوت الصفوف حينئذ يكبر .وأما حديث بلل فإنه
روى "أنيه كان يقييم للنيبي صيلى الله علييه وسيلم ،فكان يقول له:
يا رسول الله ل تسبقني بآمين" خرجه الطحاوي .قالوا :فهذا يدل
على أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم كان يكيبر والقامية لم
تتم .وأما اختلفهم في الفتح على المام إذا أرتج عليه ،فإن مالكا
والشافعيي وأكثير العلماء أجازوا الفتيح علييه ،ومنيع ذلك الكوفيون.
وسيبب الخلف فيي ذلك اختلف الثار ،وذلك "أ نه روي أن رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم تردد فيي آيية ،فلميا انصيرف قال :أيين
أبيي ألم يكين فيي القوم؟" أي يرييد الفتيح علييه .وروي عنيه علييه
الصيلة والسيلم أنيه قال "ل يفتيح على المام" والخلف فيي ذلك
في الصدر الول ،والمنع مشهور عن علي ،والجواز عن ابن عمر
مشهور .وأميا موضيع المام فإن قوميا أجازوا أن يكون أرفيع مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لحديييث ابيين عباس حييين بات عنييد ميمونيية .وقال قوم :بييل عيين
يساره ،ول خلف في أن المرأة الواحدة تصلي خلف المام ،وأنها
إن كانت مع الرجل صلى الرجل إلى جانب المام والمرأة خلفه.
@(-المسيألة الثانيية) أجميع العلماء على أن الصيف الول مرغيب
فيييه ،وكذلك تراص الصييفوف وتسييويتها لثبوت الميير بذلك عيين
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،واختلفوا إذا صلى إنسان خلف
الصييف وحده ،فالجمهور على أن صييلته تجزئ .وقال أحمييد وأبييو
ثور وجماعة صلته فاسدة .وسبب اختلفهم اختلفهم في تصحيح
حديث وابصة ومخالفة العمل له ،وحديث وابصة هو أنه قال عليه
الصلة والسلم "ل صلة لقائم خلف الصف" وكان الشافعي يرى
أن هذا يعارضه قيام العجوز وحدها خلف الصف في حديث أنس.
وكان أحمييد يقول :ليييس فييي ذلك حجيية ،لن سيينة النسيياء هييي
القيام خلف الرجال .وكان أحميد كميا قلنيا يصيحح حدييث وابصية.
وقال غيره :هو مضطرب السناد ل تقوم به حجة .واحتج الجمهور
بحديث أبي بكرة أنه ركع دون الصف فلم يأمره رسول الله صلى
الله علييه وسيلم بالعادة وقال له "زادك الله حرصيا ول تعيد" ولو
حميل هذا على الندب لم يكين تعارض :أعنيي بيين حدييث وابصية
وحديث أبي بكرة.
@(-المسألة الثالثة) اختلف الصدر الول في الرجل يريد الصلة
فيسيمع القامية هيل يسيرع المشيي إلى المسيجد أم ل مخافية أن
يفوته جزء من الصلة؟ فروي عن عمرو وابن مسعود أنهم كانوا
يسيرعون المشيي إذا سيمعوا القامية .وروي عين زييد بين ثابيت
وأبيي ذر وغيرهيم مين الصيحابة أنهيم كانوا ل يرون السيعي ،بيل أن
تؤتيييى الصيييلة بوقار وسيييكينة ،وبهذا القول قال فقهاء المصيييار
لحديييث أبييي هريرة الثابييت "إذا ثوب بالصييلة فل تأتوهييا وأنتييم
تسيعون ،وأتوهيا وعليكيم السيكينة" ويشبيه أن يكون سيبب الخلف
فييي ذلك أنييه لم يبلغهييم هذا الحديييث أو رأوا أن الكتاب يعارضييه
لقوله تعالى {فاسييتبقوا الخيرات} وقوله {السييابقون السييابقون
أولئك المقربون} وقوله {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} .
وبالجملة فأصيول الشرع تشهيد بالمبادرة إلى الخيير ،لكين إذا صيح
الحديث وجب أن تستثنى الصلة من بين سائر أعمال القرب.
@(-المسيألة الرابعية) متيى يسيتحب أن يقام إلى الصيلة ،فبعيض
اسيتحسن البدء فيي أول القامية على الصيل فيي الترغييب فيي
المسارعة ،وبعض عند قوله :قد قامت الصلة ،وبعضهم عند حي
على الفلح ،وبعضهم قال :حتى يروا المام ،وبعضهم لم يحد في
ذلك حدا كمالك رضييي الله عنييه ،فإنييه وكييل ذلك إلى قدر طاقيية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الناس ،وليس في هذا شرع مسموع إل حديث أبي قتادة أنه قال
عليه الصلة والسلم" :إذا أقيمت الصلة فل تقوموا حتى تروني"
فإن صيح هذا وجيب العميل بيه ،وإل فالمسيألة باقيية على أصيلها
المعفو عنه :أعني أنه ليس فيها شرع ،وأنه متى قام كل فحسن.
@(-المسييألة الخامسيية) ذهييب مالك وكثييير ميين العلماء إلى أن
الداخيل وراء المام إذا خاف فوات الركعية بأن يرفيع المام رأسيه
منهيا إن تمادى حتيى يصيل إلى الصيف الول أن له أن يركيع دون
الصف الول ثم يدب راكعا ،وكره ذلك الشافعي ،وفرق أبو حنيفة
بين الجماعة والواحد ،فكرهه للواحد ،وأجازه للجماعة .وما ذهب
إليه مالك مروي عن زيد بن ثابت وابن مسعود .وسبب اختلفهم
اختلفهيم فيي تصيحيح حدييث أبيي بكرة ،وهيو "أنيه دخيل المسيجد
ورسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يصييلي بالناس وهييم ركوع،
فركيع ثيم سيعى إلى الصيف ،فلميا انصيرف رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم قال :من الساعي؟ قال أبو بكرة أنا ،قال :زادك الله
حرصا ول تعد".
**3الفصل الرابع .في معرفة ما يجب على المأموم أن يتبع فيه
المام.
@-وأج مع العلماء على أ نه يجب على المأموم أن يتبع المام في
جميييع أقواله وأفعاله إل فييي قوله :سييمع الله لميين حمده ،وفييي
جلوسه إذا صلى جالسا لمرض عند من أجاز إمامة الجالس .وأما
اختلفهيم فيي قوله سيمع الله لمين حمده ،فإن طائفية ذهبيت إلى
أن المام يقول إذا رفيع رأسيه مين الركوع :سيمع الله لمين حمده
فقييط ،ويقول المأموم :ربنييا ولك الحمييد فقييط ،ومميين قال بهذا
القول مالك وأبييو حنيفيية وغيرهمييا .وذهبييت طائفيية أخرى إلى أن
المام والمأموم يقولن جميعييا سييمع الله لميين حمده ربنييا ولك
الحميد ،وإن المأموم يتبيع فيهميا معيا المام كسيائر التكيبير سيواء.
وقيد روي عين أبيي حنيفية أن المنفرد والمام يقولنهميا جميعيا ،ول
خلف في المنفرد :أعني أنه يقولهما جميعا .وسبب الختلف في
ذلك حديثان متعارضان :أحدهميا حدييث أنيس أن النيبي صيلى الله
علييه وسيلم قال "إنميا جعيل المام ليؤتيم بيه ،فإذا ركيع فاركعوا،
وإذا رفييع فارفعوا ،وإذا قال سييمع الله لميين حمده فقولوا :ربنييا
ولك الحمد" والحديث الثاني حديث ابن عمر "أنه صلى الله عليه
وسلم كان إذا افتتح الصلة رفع يديه حذو منكبيه ،وإذا رفع رأسه
مين الركوع رفعهميا أيضيا كذلك وقال :سيمع الله لمين حمده ربنيا
ولك الحمد" فمن رجح مفهوم حديث أنس قال :ل يقول المأموم
سييمع الله لميين حمده ول المام ربنييا ولك الحمييد ،وهييو مين باب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي باب وجوب القراءة .والثانيي ميا روى مالك عين أبيي هريرة؟
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلة جهر فيها
بالقراءة فقال :هيل قرأ معي منكيم أحيد آن فا ،فقال رجل :نعيم أنا
ييا رسيول الله ،فقال رسيول الله :إنيي أقول مالي أنازع القرآن"
فانتهيى الناس عين القراءة فيميا جهير فييه رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم .والثالث حدييث عبادة بين الصيامت قال "صيلى بنيا
رسيول الله صيلة الغداة فثقلت علييه القراءة .فلميا انصيرف قال:
إني لراكم تقرءون وراء المام ،قلنا :نعم ،قال :فل تفعلوا إل بأم
القرآن" قال أبيو عمير ،وحدييث عبادة بين الصيامت هنيا مين روايية
مكحول وغيره متصيل السيند صيحيح .والحدييث الرابيع حدييث جابر
عن النبي عليه الصلة والسلم قال "من كان له إمام فقراءته له
قراءة" وفي هذا أيضا حديث خامس صححه أحمد بن حنبل ،وهو
ميا روي أنيه قال علييه الصيلة والسيلم "إذا قرأ المام فأنصيتوا"
فاختلف الناس فييي وجييه جمييع هذه الحاديييث .فميين الناس ميين
اسييتثنى مين النهيي عين القراءة فيميا جهير فييه المام قراءة أم
القرآن فقيط على حدييث عبادة بين الصيامت .ومنهيم مين اسيتثنى
من عموم قوله عليه الصلة والسلم "ل صلة إل بفاتحة الكتاب"
المأموم فقيط فيي صيلة الجهير لمكان النهيي الوارد عين القراءة
فيما جهر فيه المام في حديث أبي هريرة ،وأكد ذلك بظاهر قوله
تعالى {وإذا قرئ القرآن فاسيتمعوا له وأنصيتوا لعلكيم ترحمون}
قالوا :وهذا إنمييا ورد فييي الصييلة .ومنهييم ميين اسييتثنى القراءة
الواجبية على المصيلي المأموم فقيط سيرا كانيت الصيلة أو جهرا،
وجعيل الوجوب الوارد فيي القراءة فيي حيق المام والمنفرد فقيط
مصيييرا إلى حديييث جابر ،وهييو مذهييب أبييي حنيفيية ،فصييار عنده
حديث جابر مخصصا لقوله عليه الصلة والسلم "واقرأ ما تيسر
معك فقط" لنه ل يرى وجوب قراءة أم القرآن في الصلة ،وإنما
يرى وجوب القراءة مطلقييا على مييا تقدم ،وحديييث جابر لم يروه
مرفوعيا إل جابر الجعفيي ،ول حجية فيي شييء مميا ينفرد بيه .قال
أبو عمر :وهو حديث ل يصح إل مرفوعا عن جابر.
**4الفصيل السيابع .فيي الشياء التيي إذا فسيدت لهيا صيلة المام
يتعدى الفساد إلى المأمومين.
@-واتفقوا على أنيه إذا طرأ علييه الحدث فيي الصيلة فقطيع أن
صيلة المأموميين ليسيت تفسيد .واختلفوا إذا صيلى بهيم وهيو جنيب
وعلموا بذلك بعد الصلة ،فقال قوم :صلتهم صحيحة ،وقال قوم:
صيلتهم فاسيدة ،وفرق قوم بيين أن يكون المام عالميا بجنابتيه أو
ناسيا لها ،فقالوا إن كان عالما فسدت صلتهم ،وإن كان ناسيا لم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المؤذن وا حد فقالوا :إن معنى قوله :فلما كان زمان عثمان وكثر
الناس زاد النداء الثالث أن النداء الثاني هو القامة.
وأخيذ آخرون بميا رواه ابين حيبيب ،وأحادييث ابين حيبيب عنيد أهيل
الحديييث ضعيفيية ول سيييما بمييا انفرد بييه .وأمييا شروط الوجوب
والصحة المختصة ليوم الجمعة فاتفق الكل على أن من شرطها
الجماعة ،واختلفوا في مقدار الجماعة ،فمنهم من قال :واحد مع
المام وهيو الطيبري .ومنهيم مين قال اثنان سيوى المام .ومنهيم
ميين قال :ثلثيية دون المام ،وهييو قول أبييي حنيفيية .ومنهييم ميين
اشترط أربعييين ،وهييو قول الشافعييي وأحمييد .وقال قوم ثلثييين.
ومنهيييم مييين لم يشترط عددا ،ولكييين رأى أنيييه يجوز بميييا دون
الربعييين ول يجوز بالثلثيية والربعيية ،وهييو مذهييب مالك ،وحدهييم
بأنهم الذين يمكن أن تتقرى بهم قرية.
وسيبب اختلفهيم فيي هذا اختلفهيم فيي أقيل ميا ينطلق علييه اسيم
الجمع هل ذلك ثلثة أو أربعة أو اثنان ،وهل المام داخل فيهم أم
ليس بداخل فيهم؟ وهل الجمع المشترط في هذه الصلة هو أقل
ما ينطلق عليه اسم الجمع في غالب الحوال ،وذلك هو أكثر من
الثلثية والربعية ،فمين ذهيب إلى أن الشرط فيي ذلك هيو أقيل ميا
ينطلق عليه اسم الجمع وكان عنده أن أقل ما ينطلق عليه اسم
الجميع اثنان ،فإن كان ممين يعيد المام فيي الجميع المشترط فيي
ذلك قال تقوم الجمعية باثنيين المام وواحيد ثان ،وإن كان ممين ل
يرى أن يعد المام في الجمع قال تقوم باثنين سوى المام ،ومن
كان أيضيا عنده أن أقيل الجميع ثلثية ،فإن كان ل يعيد المام فيي
جملتهيم قال بثلثية سيوى المام ،وإن كان ممين يعيد المام فيي
جملتهيم وافيق قول مين قال أقيل الجميع اثنان ولم يعيد المام فيي
جملتهييم .وأمييا ميين راعييى مييا ينطلق عليييه فييي الكثيير والعرف
المستعمل اسم الجمع قال ل تنعقد بالثنين ول بالربعة ولم يحد
فيي ذلك حدا ،ولميا كان مين شرط الجمعية السيتيطان عنده حيد
هذا الجميع بالقدر مين الناس الذيين يمكنهيم أن يسيكنوا على حدة
ميين الناس وهييو مالك رحمييه الله .وأمييا ميين اشترط الربعييين
فمصيييرا إلى مييا روي أن هذا العدد كان فييي أول جمعيية صييليت
بالناس ،فهذا هيييو أحيييد شروط صيييلة الجمعييية :أعنيييي شروط
الوجوب وشروط الصحة فإن من الشروط ما هي شروط وجوب
فقيط ،ومنهيا ميا يجميع المريين جميعيا :أعنيي أنهيا شروط وجوب
وشروط صيحة .وأميا الشرط الثانيي وهيو السيتيطان ،فإن فقهاء
المصييار اتفقوا عليييه لتفاقهييم على أن الجمعيية ل تجييب على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اللتييين نقصييتا ميين هذه الصييلة قال :إنهييا ركيين ميين أركان هذه
الصييلة وشرط فييي صييحتها ،وميين رأى أن المقصييود منهييا هييو
الموعظة المقصودة من سائر الخطب رأى أنها ليست شرطا من
شروط الصيلة ،وإنميا وقيع خلف فيي هذه الخطبية هيل هيي فرض
أم ل؟ لكونهيا راتبية مين سيائر الخطيب ،وقيد احتيج قوم لوجوبهيا
بقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} وقالوا هو الخطبة.
@(-المسييألة الثانييية) واختلف الذييين قالوا بوجوبهييا فييي القدر
المجزئ منهيا فقال ابين القاسيم :هيو أقيل ميا ينطلق اسيم خطبية
فيييي كلم العرب مييين الكلم المؤلف المبتدأ بحميييد الله .وقال
الشافعيي :أقيل ميا يجزئ مين ذلك خطبتان اثنتان يكون فيي كيل
واحدة منهميا قائميا يفصييل إحداهمييا مين الخرى بجلسية خفيفية
يحمييد الله فييي كييل واحدة منهمييا فييي أولهييا ويصييلي على النييبي
ويوصيي بتقوى الله ويقرأ شيئا مين القرآن فيي الولى ويدعيو فيي
الخرة والسييبب فييي اختلفهييم هييو هييل يجزئ ميين ذلك أقييل مييا
ينطلق عليييه السييم اللغوي أو السييم الشرعييي ،فميين رأى أن
المجزئ أقيل ميا ينطلق علييه السيم اللغوي لم يشترط فيهيا شيئا
من القوال التي نقلت عنه صلى الله عليه وسلم فيها .ومن رأى
أن المجزئ من ذلك أقل ما ينطلق عليه السم الشرعي اشترط
فيها أصول القوال التي نقلت من خطبه صلى الله عليه وسلم:
أعنيي القوال الراتبية الغيير مبتذلة .والسيبب فيي هذا الختلف أن
الخطبية التيي نقلت عنيه فيهيا أقوال راتبية وغيير راتبية ،فمين اعتيبر
القوال الغيير راتبية وغلب حكمهيا قال :يكفيي مين ذلك أقيل ميا
ينطلق علييه السيم اللغوي :أعنيي اسيم خطبية عنيد العرب .ومين
اعتبر القوال الراتبة وغلب حكمها قال :ل يجزئ من ذلك إل أقل
ما ينطلق عليه اسم الخطبة في عرف الشرع واستعماله ،وليس
مين شرط الخطبية عنيد مالك الجلوس ،وهيو شرط كميا قلنيا عنيد
الشافعيي ،وذلك أنيه مين اعتيبر المعنيى المعقول منيه مين كونيه
اسيتراحة للخطييب لم يجعله شرطيا ،ومين جعيل ذلك عبادة جعله
شرطا.
@(-المسييألة الثالثيية) اختلفوا فييي النصييات يوم الجمعيية والمام
يخطب على ثلثة أقوال :فمنهم من رأى أن النصات واجب على
كل حال وأنه حكم لزم من أحكام الخطبة ،وهم الجمهور ومالك
والشافعيي وأبيو حنيفية وأحميد بين حنبيل وجمييع فقهاء المصيار،
وهؤلء انقسموا ثلثة أقسام ،فبعضهم أجاز التشميت ورد السلم
فيي وقيت الخطبية ،وبيه قال الثوري والوزاعيي وغيرهيم وبعضهيم
لم يجيييز رد السيييلم ول التشمييييت ،وبعيييض فرق بيييين السيييلم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وروى مالك أن الضحاك بيين قيييس سييأل النعمان بيين بشييير ماذا
كان يقرأ بيه رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يوم الجمعية على
أثيير سييورة الجمعيية قال "كان يقرأ بهييل أتاك حديييث الغاشييية"
واستحب مالك العمل على هذا الحديث وإن قرأ عنده بسبح اسم
ربيك العلى كان حسينا ،لنيه مروي عين عمير بين عبيد العزييز وأميا
أبيو حنيفية فلم يقيف فيهيا شيئا .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية
حال الفعيييل للقياس ،وذلك أن القياس يوجيييب أن ل يكون لهيييا
سورة راتبة كالحال في سائر الصلوات ،ودليل الفعل يقتضي أن
يكون لهيا سيورة راتبية .وقال القاضيي :خرج مسيلم عين النعمان
ابين بشيير "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم كان يقرأ فيي
العيديين وفيي الجمعية بسيبح اسيم ربيك العلى ،وهيل أتاك حدييث
الغاشيية" قال فإذا اجتميع العييد والجمعية فيي يوم واحيد قرأ بهميا
فييي الصييلتين ،وهذا يدل على أنييه ليييس هناك سييورة راتبيية وأن
الجمعة ليس كان يقرأ بها دائما.
**4الفصل الرابع في أحكام الجمعة.
@-وفيي هذا الباب أربيع مسيائل .الولى :فيي حكيم طهير الجمعية.
الثانييية :على ميين تجييب مميين خارج المصيير .الثالثيية :فييي وقييت
الرواح المرغييب فيييه إلى الجمعيية .الرابعيية :فييي جواز البيييع يوم
الجمعة بعد النداء.
@(-المسيألة الولى) اختلفوا فيي طهير الجمعية؛ فذهيب الجمهور
إلى أنيه سينة ،وذهيب أهيل الظاهير إلى أنيه فرض ول خلف فيميا
أعلم أنيه لييس شرطيا فيي صيحة الصيلة ،والسيبب فيي اختلفهيم
تعارض الثار وذلك أن فيي هذا الباب حدييث أبيي سيعيد الخدري،
وهو قوله عليه الصلة والسلم "طهر يوم الجمعة واجب على كل
محتلم كطهيير الجنابيية" وفيييه حديييث عائشيية قالت" :كان الناس
عمال أنفسهم فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم ،فقيل لو اغتسلتم؟
والول صييحيح باتفاق ،والثانييي خرجييه أبييو داود ومسييلم .وظاهيير
حديث أبي سعيد يقتضي وجوب الغسل ،وظاهر حديث عاشة أن
ذلك كان لموضيع النظافية وأنيه لييس عبادة ،وقيد روي "مين توضيأ
يوم الجمعة فبها ونعمت ،ومن اغتسل فالغسل أفضل" وهو نص
فيي سيقوط فرضيتيه إل أنيه حدييث ضعييف .وأميا وجوب الجمعية
على ميين هييو خارج المصيير ،فإن قومييا قالوا :ل تجييب على ميين
خارج المصر ،وقوم قالوا :بل تجب ،وهؤلء اختلفوا اختلفا كثيرا،
فمنهيم مين قال :مين كان بينيه وبيين الجمعية مسييرة يوم وجيب
عليه التيان إليها وهو شاذ ،ومنهم من قال يجب عليه التيان إليها
على ثلثية أميال ،ومنهيم مين قال :يجيب علييه التيان مين حييث
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ي سمع النداء فيي الغلب ،وذلك مين ثل ثة أميال مين موضيع النداء،
وهذان القولن عييين مالك ،وهذه المسيييألة ثبتيييت فيييي شروط
الوجوب .وسيبب اختلفهيم فيي هذا الباب اختلف الثار ،وذلك أنيه
ورد أن الناس كانوا يأتون الجمعيية ميين العوالي فييي زمان النييبي
صيلى الله علييه وسيلم ،وذلك ثلثية أميال مين المدينية .وروى أبيو
داود أن النيبي علييه الصيلة والسيلم قال "الجمعية على مين سيمع
النداء" وروي "الجمعيية على ميين آواه الليييل إلى أهله" وهييو أثيير
ضعيف وأما اختلفهم في الساعات التي وردت في فضل الرواح،
وهييو قوله عليييه الصييلة والسييلم "ميين راح فييي السيياعة الولى
فكأنما قرب بدنة ،ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة،
ومين راح فيي السياعة الثالثية فكأنميا قرب كبشيا ،ومين راح فيي
السيياعة الرابعيية فكأنمييا قرب دجاجيية ،وميين راح فييي السيياعة
الخامسية فكأنميا قرب بيضية" فإن الشافعيي وجماعية مين العلماء
اعتقدوا أن هذه السيياعات هييي سيياعات النهار فندبوا إلى الرواح
ميين أول النهار ،وذهييب مالك إلى أنهييا أجزاء سيياعة واحدة قبييل
الزوال وبعده ،وقال قوم :هيييي أجزاء سييياعة قبيييل الزوال وهيييو
الظهير لوجوب السيعي بعيد الزوال إل على مذهيب مين يرى أن
الواجيب يدخله الفضيلة .وأميا اختلفهيم فيي البييع والشراء وقيت
النداء فإن قوميا قالوا :يفسيخ البييع إذا وقيع النداء ،وقوميا قالوا ل
يفسيخ .وسيبب اختلفهيم هيل النهيي عين الشييء الذي أصيله مباح
إذا تقيييد النهييي بصييفة يعود بفسيياد المنهييي عنييه أم ل؟ .وآداب
الجمعية ثلث الطييب والسيواك واللباس الحسين ،ول خلف فييه
لورود الثار بذلك.
**3الباب الرابع في صلة السفر.
@-وهذا الباب فيييه فصييلن :الفصييل الول فييي القصيير .الفصييل
الثاني في الجمع.
**4الفصل الول في القصر.
@-والسيفر له تأثيير فيي القصير باتفاق ،وفيي الجميع باختلف .أميا
القصيير فإنييه اتفييق العلماء على جواز قصيير الصييلة للمسييافر إل
قول شاذ ،وهييو قول عائشيية وهييو أن القصيير ل يجوز إل للخائف
لقوله تعالى {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} وقالوا :إن النبي
عليه الصلة والسلم إنما قصر لنه كان خائفا ،واختلفوا من ذلك
في خمسة مواضع :أحدها في حكم القصر ،والثاني في المسافة
التي يجب فيها القصر ،والثالث في السفر الذي يجب فيه القصر،
والرابيع فيي الموضيع الذي يبدأ منيه المسيافر بالتقصيير ،والخاميس
في مقدار الزمان الذي يجوز للمسافر فيه إذا أقام في موضع أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يقصير الصيلة .فأميا حكيم القصير فإنهيم اختلفوا فييه على أربعية
أقوال :فمنهييم ميين رأى أن القصيير هييو فرض المسييافر المتعييين
علييه .ومنهيم مين رأى أن القصير والتمام كلهميا فرض مخيير له
كالخيار فييي واجييب الكفارة .ومنهييم ميين رأى أن القصيير سيينة.
ومنهم من رأى أنه رخصة وأن التمام أفضل ،وبالقول الول قال
أبيو حنيفية وأصيحابه والكوفيون بأسيرهم :أعنيي أنيه فرض متعيين،
وبالثانيي قال بعيض أصيحاب الشافعيي وبالثالث "أعنيي أنيه سينة"
قال مالك فيي أشهير الروايات عنيه .وبالرابيع "أعنيي أنيه رخصية"
قال الشافعييي فييي أشهيير الروايات عنييه ،وهييو المنصييور عنييد
أصيحابه .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية المعنيى المعقول لصييغة
اللفييظ المنقول ومعارضيية دليييل الفعييل أيضييا للمعنييى المعقول
ولصيييغة اللفييظ المنقول ،وذلك أن المفهوم ميين قصيير الصييلة
للمسيافر إنميا هيو الرخصية لموضيع المشقية كميا رخيص له فيي
الفطر وفي أشياء كثيرة
ويؤييد هذا حدييث يعلى بين أميية قال "قلت لعمير :إنميا قال الله
{إن خفتيم أن يفتنكيم الذيين كفروا} يرييد فيي قصير الصيلة فيي
السيفر ،فقال عمير "عجبيت مميا عجبيت منيه ،فسيألت رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم عميا سألتني عنيه فقال :صيدقة تصيدق الله
بهيا عليكيم ،فاقبلوا صيدقته" فمفهوم هذا الرخصية .وحدييث أبيي
قلبة عن رجل من بني عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله وضع عن المسافر
الصيوم وشطير الصيلة" وهميا فيي الصيحيح ،وهذا كله يدل على
التخفييف والرخصية ورفيع الحرج ،ل أن القصير هيو الواجيب ول أنيه
سينة .وأميا الثير الذي يعارض بصييغته المعنيى المعقول ومفهوم
هذه الثار فحديييث عائشيية الثابييت باتفاق قالت "فرضييت الصييلة
ركعتيين ركعتيين ،فأقرت صيلة السيفر ،وزييد فيي صيلة الحضير"
وأمييا دليييل الفعييل الذي يعارض المعنييى المعقول ومفهوم الثيير
المنقول فإنه ما نقل عنه عليه الصلة والسلم من قصر الصلة
فيي كيل أسيفاره ،وأ نه لم يصيح عنه عليه الصيلة والسلم أنه أتم
الصيلة قيط فمين ذهيب إلى أنيه سينة أو واجيب مخيير فإنميا حمله
على ذلك أنيه لم يصيح عنده "أن النيبي علييه الصيلة والسيلم أتيم
الصلة وما هذا شأنه"
فقد يجب أن يكون أحد الوجهين :أعني إما واجبا مخيرا ،وإما أن
يكون سينة ،وإميا أن يكون فرضيا معينيا ،لكين كونيه فرضيا معينيا
يعارضيه المعنيى المعقول ،وكونيه رخصية يعارضيه اللفيظ المنقول،
فوجيب أن يكون واجبيا مخيرا أو سينة ،وكان هذا نوعيا مين طرييق
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجميع ،وقيد اعتلوا لحدييث عائشية بالمشهور عنهيا مين أنهيا كانيت
تتم ،وروى عطاء "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلة
فيي السيفر ويقصير ويصيوم ويفطير ويؤخير الظهير ويعجيل العصير
ويؤخير المغرب ويعجيل العشاء" ومميا يعارضيه أيضيا حدييث أنيس
وأبي نجيح المكي قال :اصطحبت أصحاب محمد صلى الله عليه
وسلم ،فكان بعضهم يتم وبعضهم يقصر وبعضهم يصوم وبعضهم
يفطيييير ،فل يعيييييب هؤلء على هؤلء ،ول هؤلء على هؤلء ،ولم
يختلف فيي إتمام الصيلة عين عثمان وعائشية ،فهذا هيو اختلفهيم
فييي الموضييع الول .وأمييا اختلفهييم فييي الموضييع الثانييي وهييي
المسييافة التييي يجوز فيهييا القصيير ،فإن العلماء اختلفوا فييي ذلك
أيضا اختلفيا كثيرا ،فذهب مالك والشافعيي وأحمد وجماعة كثيرة
إلى أن الصيلة تقصير فيي أربعية برد ،وذلك مسييرة يوم بالسيير
الوسط.
وقال أبيو حنيفية وأصيحابه والكوفيون :أقيل ميا تقصير فييه الصيلة
ثلثة أيام ،وإن القصر إنما هو لمن سار من أفق إلى أفق .وقال
أهيل الظاهير :القصير فيي كيل سيفر قريبيا كان أو بعيدا .والسيبب
في اختلفهم معارضة المعنى المعقول من ذلك اللفظ ،وذلك أن
المعقول ميين تأثييير السييفر فييي القصيير أنييه لمكان المشقيية
الموجودة فييه مثيل تأثيره فيي الصيوم ،وإذا كان المير على ذلك
فيجب القصر حيث المشقة .وأما من ل يراعي في ذلك إل اللفظ
فقيط ،فقالوا :قيد قال النيبي علييه الصيلة والسيلم "إن الله وضيع
عين المسيافر الصوم وشطير الصيلة" فكيل من انطلق علييه اسيم
مسيافر جاز له القصير والفطير ،وأيدوا ذلك بميا رواه مسيلم عين
عمر بن الخطاب "أن النبي عليه الصلة والسلم كان يقصر في
نحو السبعة عشير ميل" وذهب قوم إلى خاميس كما قلنا وهيو أن
القصييير ل يجوز إل للخائف لقوله تعالى {إن خفتيييم أن يفتنكيييم
الذين كفروا} وقد قيل إنه مذهب عائشة وقالوا :إن النبي صلى
الله عليه وسلم إنما قصر لنه كان خائفا.
وأما اختلف أولئك الذين اعتبروا المشقة فسببه اختلف الصحابة
فيي ذلك ،وذلك أن مذهيب الربعية برد مروي عين ابين عمير وابين
عباس ،ورواه مالك ،ومذهييب الثلثيية أيام مروي أيضييا عيين ابيين
مسعود وعثمان وغيرهما .وأما الموضع الثالث وهو اختلفهم في
نوع السيييفر الذي تقتصييير فييييه الصيييلة ،فرأى بعضهيييم أن ذلك
مقصيور على السيفر المتقرب بيه كالحيج والعمرة والجهاد ،وممين
قال بهذا القول أحميد .ومنهيم مين أجازه فيي السيفر المباح دون
سييفر المعصييية ،وبهذا القول قال مالك والشافعييي .ومنهييم ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أجازه فيي كيل سيفر قربية كان أو مباحيا أو معصيية وبيه قال أبيو
حنيفة وأصحابه والثوري وأبو ثور .والسبب في اختلفهم معارضة
المعنى المعقول أو ظاهر اللفظ لدليل الفعل ،وذلك أن من اعتبر
المشقة أو ظاهر لفظ السفر لم يفرق بين سفر وسفر .وأما من
اعتبر دليل الفعل قال :إنه ل يجوز إل في السفر المتقرب به لن
النبي عليه الصلة والسلم لم يقصر قط إل في سفر متقرب به.
وأما من فرق بين المباح والمعصية فعلى جهة التغليظ،
والصييل فيييه :هييل تجوز الرخييص للعصيياة أم ل؟ وهذه مسييألة
عارض فيهييا اللفييظ المعنييى ،فاختلف الناس فيهييا لذلك .وأمييا
الموضع الرابع وهو اختلفهم في الموضع الذي منه يبدأ المسافر
بقصير الصيلة ،فإن مالكيا قال فيي الموطيأ :ل يقصير الصيلة الذي
يرييد السيفر حتيى يخرج مين بيوت القريية ول يتيم حتيى يدخيل أول
بيوتهيا .وقيد روي عنيه أنيه ل يقصير إذا كانيت قريية جامعية حتيى
يكون منهييا بنحييو ثلثيية أميال ،وذلك عنده أقصييى مييا تجييب فيييه
الجمعيية على ميين كان خارج المصيير فييي إحدى الروايتييين عنييه،
وبالقول الول قال الجمهور .والسيبب فيي هذا الختلف معارضية
مفهوم السيم لدلييل الفعيل ،وذلك أنيه إذا شرع فيي السيفر فقيد
انطلق عليييه اسييم مسييافر فميين راعييى مفهوم السييم قال :إذل
خرج من بيوت القرية قصر .ومن راعى دليل الفعل :أعني فعله
علييه الصيلة والسيلم قال :ل يقصير إل إذا خرج مين بيوت القريية
بثلثية أميال لميا صيح مين حدييث أنيس قال "كان النيبي صيلى الله
علييه وسيلم إذا خرج مسييرة ثلثية أميال أو ثلثية فراسيخ {شعبية
الشاك} صييلى ركعتييين" وأمييا اختلفهييم فييي الزمان الذي يجوز
للمسيافر إذا قام فييه فيي بلد أن يقصير فاختلف كثيير حكيى فييه
أبو عمر نحوا من أحد عشر قول ،إل أن الشهر منها هو ما عليه
فقهاء المصييار ولهييم فييي ذلك ثلثيية أقوال :أحدهييا مذهييب مالك
والشافعييي إنييه إذا أزمييع المسييافر على إقاميية أربعيية أيام أتييم.
والثاني مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري أنه إذا أزمع على إقامة
خمسية عشير يوميا أتيم .والثالث مذهيب أحميد وداود أنيه إذا أزميع
على أكثير مين أربعية أيام أتيم .وسيبب الخلف أنيه أمير مسيكوت
عنه في الشرع والقياس على التحديد ضعيف عند الجميع ،ولذلك
رام هؤلء كلهم أن يستدلوا لمذهبهم من الحوال التي نقلت عنه
عليه الصلة والسلم أنه أقام فيها مقصرا ،أو أ نه جعل لها حكم
المسييافر .فالفريييق الول احتجوا لمذهبهييم بمييا روى "أنييه عليييه
الصلة والسلم أقام بمكة ثلثا يقصر في عمرته" وهذا ليس فيه
حجة على أنه النهاية للتقصير،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وإنميا فييه حجية على أنيه يقصير فيي الثلثية فميا دونهيا .والفرييق
الثاني احتجوا لمذهبهم بما روي أنه أقام بمكة مقصرا وذلك نحوا
مين خمسية عشير يوميا فيي بعيض الروايات وقيد روي سيبعة عشير
يوما وثمانية عشر يوما وتسعة عشر يوما ،رواه البخاري عن ابن
عباس ،وبكل قال فريق .والفريق الثالث احتجوا بمقامه في حجة
بمكة مقصرا أربعة أيام ،وقد احتجت المالكية لمذهبها "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم جعل للمهاجر ثلثة أيام بمكة مقام بعد
قضاء نسييكه" فدل هذا عندهييم على أن إقاميية ثلثيية أيام ليسييت
تسيلب عين المقييم فيهيا اسيم السيفر ،وهيي النكتية التيي ذهيب
الجمييع إليهيا ،وراموا اسيتنباطها مين فعله علييه الصيلة والسيلم:
أعنيي متيى يرتفيع عنيه بقصيد القامية اسيم السيفر ،ولذلك اتفقوا
على أنيه إن كانيت القامية مدة ل يرتفيع فيهيا عنيه اسيم السيفر
بحسيب رأي واحيد منهيم فيي تلك المدة وعاقيه عائق عين السيفر
أنيه يقصير أبدا ،وإن أقام ميا شاء الله .ومين راعيى الزمان القيل
مين مقاميه تأول مقاميه فيي الزمان الكثير مميا ادعاه خصيمه على
هذه الجهيية؛ فقالت المالكييية مثل إن الخمسيية عشيير يومييا التييي
أقامهيا عليه الصيلة والسيلم عام الفتيح إنميا أقامها وهو أبدا ينوي
أنه ل يقيم أربعة أيام ،وهذا بعينه يلزمهم في الزمان الذي حدوه،
والشبه في المجتهد في هذا أن يسلك أحد أمرين :إما أن يجعل
الحكم لكثر الزمان الذي روي عنه عليه الصلة والسلم أنه أقام
فييه مقصيرا ،ويجعيل ذلك حدا مين جهية الصيل هيو التمام فوجيب
أل يزاد على هذا الزمان إل بدليل ،أو يقول إن الصل في هذا هو
أقل الزمان الذي وقع عليه الجماع ،وما ورد من أنه عليه الصلة
والسييلم أقام مقصييرا أكثيير ميين ذلك الزمان ،فيحتمييل أن يكون
أقاميه لنيه جائز للمسيافر ،ويحتميل أن يكون أقاميه بنيية الزمان
الذي تجوز إقامتيه فييه مقصيرا باتفاق ،فعرض له أن قام أكثير من
ذلك ،وإذا كان الحتمال وجب التمسك بالصل ،وأقل ما قيل في
ذلك يوم وليلة ،وهيو قول ربيعية بين أبيي عبيد الرحمين .وروي عين
الحسين البصيري أن المسيافر يقصير أبدا إل أن يقدم مصيرا مين
المصييار ،وهذا بناء على أن اسييم السييفر واقييع عليييه حتييى يقدم
مصرا من المصار ،فهذه أمهات المسائل التي تتعلق بالقصر.
**4الفصل الثاني في الجمع.
@-وأما الجمع فإنه يتعلق به ثلث مسائل :إحداها جوازه .والثانية
فيي صيفة الجميع .والثالثية فيي ميبيحات الجميع .أميا جوازه فإنهيم
أجمعوا على أن الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة
سينة ،وبيين المغرب والعشاء بالمزدلفية أيضيا فيي وقيت العشاء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سينة أيضيا .واختلفوا فيي الجميع فيي غيير هذيين المكانيين ،فأجازه
الجمهور على اختلف بينهم في المواضع التي يجوز فيها من التي
ل يجوز ،ومنعيه أبيو حنيفية وأصيحابه بإطلق .وسيبب اختلفهيم أول
اختلفهيم فيي تأو يل الثار التيي روييت في الجمع والستدلل منها
على جواز الجمع لنها كلها أفعال وليست أقوال ،والفعال يتطرق
إليهيا الحتمال كثيرا أكثير مين تطرقيه إلى اللفيظ .وثانييا اختلفهيم
أيضيا فيي تصيحيح بعضهيا ،وثالثيا اختلفهيم فيي إجازة القياس فيي
ذلك فهييي ثلثيية أسييباب كمييا ترى .أمييا الثار التييي اختلفوا فييي
تأويلهيا ،فمنهيا حدييث أنيس الثابيت باتفاق أخرجيه البخاري ومسيلم
قال "كان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم إذا ارتحيل قبيل أن
تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ،ثم نزل فجمع بينهما،
فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" ومنها
حدييث ابين عمير أخرجيه الشيخان أيضيا قال "رأييت رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم إذا عجييل بييه السييير فييي السييفر يؤخيير
المغرب حتيى يجميع بينهيا وبيين العشاء" والحدييث الثالث حدييث
ابن عباس خرجه مالك ومسلم قال "صلى رسول الله صلى الله
علييه وسيلم الظهير والعصير جميعيا والمغرب والعشاء جميعيا فيي
غير خوف ول سفر" فذهب القائلون بجواز الجمع في تأويل هذه
الحاديث إلى أنه أخر الظهر إلى وقت العصر المختص بها وجمع
بينهميا .وذهيب الكوفيون إلى أنيه إنميا أوقيع صيلة الظهير فيي آخير
وقتها وصلة العصر في أول وقتها على ما جاء في حديث إمامة
جبريييل قالوا :وعلى هذا يصييح حمييل حديييث ابيين عباس لنييه قييد
انعقييد الجماع أنييه ل يجوز هذا فييي الحضيير لغييير عذر :أعنييي أن
تصيلى الصيلتان معيا فيي وقيت إحداهميا ،واحتجوا لتأويلهيم أيضيا
بحدييث ابين مسيعود قال "والذي ل إله غيره ميا صيلى رسيول الله
صلى الله عليه وسلم صلة قط إل في وقتها إل صلتين جمع بين
الظهر والعصر بعرفة ،وبين المغرب والعشاء بجمع" قالوا :وأيضا
فهذه الثار محتملة أن تكون على ميا تأولناه نحين أو ميا تأولتموه
أنتيم .وقيد صيح توقييت الصيلة وتبيانهيا فيي الوقات ،فل يجوز أن
تنتقيل عين أصيل ثابيت بأمير محتميل .وأميا الثير الذي اختلفوا فيي
تصيحيحه ،فميا رواه مالك مين حدييث معاذ بين جبيل "أنهيم أخرجوا
ميع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عام تبوك ،فكان رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم يجميع بيين الظهير والعصير والمغرب
والعشاء ،قال :فأخر الصلة يوما ،ثم خرج فصلى الظهر والعصر
جميعيا ،ثيم دخيل ثيم خرج فصيلى المغرب والعشاء جميعيا" وهذا
الحديث لو صح لكان أظهر من تلك الحاديث في إجازة الجمع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لن ظاهره أنيه قدم العشاء إلى وقيت المغرب ،وإن كان لهيم أن
يقولوا إنيه أخيير المغرب إلى آخير وقتهييا وصيلى العشاء فييي أول
وقتهيا لنيه لييس فيي الحدييث أمير مقطوع بيه على ذلك ،بيل لفيظ
الراوي محتمل .وأما اختلفهم في إجازة القياس في ذلك فهو أن
يلحيق سيائر الصيلوات فيي السيفر بصيلة عرفية والمزدلفية ،أعنيي
أن يجاز الجمييع قياسييا على تلك ،فيقال مثل :صييلة وجبييت فييي
سيفر ،فجاز أن تجميع أصيله جميع الناس بعرفية والمزدلفية ،وهيو
مذهيب سيالم بين عبيد الله :أعنيي جواز هذا القياس ،لكين القياس
فيي العبادات يضعيف ،فهذه هيي أسيباب الخلف الواقيع فيي جواز
الجمع.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) وهيي صيورة الجميع فاختلف فييه أيضيا
القائلون بالجمييع أعنييي فييي السييفر .فمنهييم ميين رأى الختيار أن
تؤخير الصيلة الولى وتصيلى ميع الثانيية وإن جمعتيا معيا فيي أول
وقييت الولى جاز ،وهييي إحدى الروايتييين عيين مالك ،ومنهييم ميين
سييوى بييين المرييين :أعنييي أن يقدم الخرة إلى وقييت الولى أو
يعكيس المير وهيو مذهيب الشافعيي وهيي روايية أهيل المدينية عين
مالك ،والولى رواييية ابيين القاسييم عنييه ،وإنمييا كان الختيار عنييد
مالك هذا النوع مين الجميع لنيه الثابيت مين حدييث أنيس ،ومين
سوى بينهما فمصيرا إلى أنه ل يرجح بالعدالة :أعني أنه ل تفضل
عدالة عدالة في وجوب العمل بها ،ومعنى هذا أنه إذا صح حديث
معاذ وجييب العمييل بييه كمييا وجييب بحديييث أنييس إذا كان رواة
الحديثين عدول ،وإن كان رواة أحد الحديثين أعدل.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) وهيي السيباب المبيحية للجميع ،فاتفيق
القائلون بجواز الجميع على أن السيفر منهيا ،واختلفوا فيي الجميع
في الحضر وفي شروط السفر المبيح له ،وذلك أن السفر منهم
من جعله سببا مبيحا للجمع أي سفر كان وبأي صفة كان ،ومنهم
مين اشترط فييه ضربيا مين السيير ،ونوعيا مين أنواع السيفر ،فأميا
الذي اشترط فيييه ضربييا ميين السييير فهييو مالك فييي رواييية ابيين
القاسييم عنييه ،وذلك أنييه قال :ل يجمييع المسييافر إل أن يجييد بييه
السيير ،ومنهيم مين لم يشترط ذلك وهيو الشافعيي ،وهيي إحدى
الروايتين عن مالك ،ومن ذهب هذا المذهب فإنما راعى قول ابن
عمر "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير"
الحدييث .ومين لم يذهيب هذا المذهيب فإنميا راعيى ظاهير حدييث
أنيس وغيره ،وكذلك اختلفوا كميا قلنيا فيي نوع السيفر الذي يجوز
فييه الجميع .فمنهيم مين قال :هيو سيفر القربية كالحيج والغزو ،وهيو
ظاهير رواية ابن القاسم .ومنهم من قال :هو ال سفر المباح دون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وذلك أنييه ل يجوز أن يكون أمثال هذه السيينن مييع تكررهييا وتكرر
وقوع أسيبابها غير من سوخة ،ويذهيب الع مل بها على أهل المدينة
الذين تلقوا العمل بالسنن خلفا عن سلف ،وهو أقوى من عموم
البلوي الذي يذهيب إلييه أبيو حنيفية ،لن أهيل المدينية أحرى أن ل
يذهب عليهم ذلك من غيرهم من الناس الذين يعتبرهم أبو حنيفة
فيي طرييق النقيل ،وبالجملة العميل ل يشيك أنيه قرينية إذا اقترنيت
بالشيييء المنقول إن وافقتييه أفادت بييه غلبيية ظيين وإن خالفتييه
أفادت بيه ضعيف ظين ،فأميا هيل تبلغ هذه القرينية مبلغيا ترد بهيا
أخبار الحاد الثابتية ففييه نظير ،وعسيى أنهيا تبلغ فيي بعيض ول تبلغ
فيي بعيض لتفاضيل الشياء فيي شدة عموم البلوى بهيا ،وذلك أنيه
كلمييا كانييت السيينة الحاجيية إليهييا أمييس وهييي كثيرة التكرار على
المكلفيين كان نقلهيا مين طرييق الحاد مين غيير أن ينتشير قول أو
عمل فيييه ضعييف ،وذلك أنييه يوجييب ذلك أحييد أمرييين :إمييا أنهييا
منسييوخة ،وإمييا أن النقييل فيييه اختلل ،وقييد بييين ذلك المتكلمون
كأبيي المعالي وغيره .وأميا الجميع فيي الحضير للمرييض فإن مالكيا
أباحييه له إذا خاف أن يغمييى عليييه أو كان بييه بطيين ومنييع ذلك
الشافعييي .والسييبب فييي اختلفهييم هييو اختلفهييم فييي تعدي علة
الجميع فيي السيفر :أعنيي المشقية ،فمين طرد العلة رأى أن هذا
ميين باب الولى والحرى ،وذلك أن المشقيية على المريييض فييي
إفراد الصيلوات أشيد منهيا على المسيافر ،ومين لم يعيد هذه العلة
وجعلهيا كميا يقولون قاصيرة :أي خاصية بذلك الحكيم دون غيره لم
يجز ذلك.
**3الباب الخامييس ميين الجملة الثالثيية ،وهييو القول فييي صييلة
الخوف.
@-اختلف العلماء فيي جواز صيلة الخوف بعيد النيبي علييه الصيلة
والسيلم وفيي صيفتها ،فأكثير العلماء على أن صيلة الخوف جائزة
لعموم قوله تعالى {وإذا ضربتييم فييي الرض فليييس عليكييم جناح
أن تقصروا} ال ية .ولما ثبت ذلك من فعله عليه الصلة والسلم
وعميل الئمية والخلفاء بعده بذلك ،وشيذ أبيو يوسيف مين أصيحاب
أبي حنيفة فقال :ل تصلى صلة الخوف بعد النبي صلى الله عليه
وسيلم بإمام واحيد ،وإنميا تصيلى بعده بإماميين يصيلي واحيد منهميا
بطائفيية ركعتييين ثييم يصييلي الخيير بطائفيية أخرى وهييي الحارسيية
ركعتيين أيضيا وتحرس التيي قيد صيلت .والسيبب فيي اختلفهيم هيل
صلة النبي بأصحابه صلة الخوف هي عبادة أو هي لمكان فضل
النبي صلى الله عليه وسلم فمن رأى أنها عبادة لم ير أنها خاصة
بالنيبي علييه الصيلة والسيلم ،ومين رآهيا لمكان فضيل النيبي علييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصلة والسلم رآها خاصة بالنبي عليه الصلة والسلم ،وإل فقد
كان يمكننييا أن ينقسييم الناس على إمامييين ،وإنمييا كان ضرورة
اجتماعهيم على إمام واحيد خاصية مين خواص النيبي علييه الصيلة
والسلم وتأيد عنده هذا التأويل بدليل الخطاب المفهوم من قوله
تعالى {وإذا كنييت فيهييم فأقمييت لهييم الصييلة} الييية .ومفهوم
الخطاب أنه إذا لم يكن فيهم فالحكم غير هذا الحكم،
وقيد ذهبيت طائفية مين فقهاء الشام إلى أن صيلة الخوف تؤخير
عن وقت الخوف إلى وقت المن كما فعل رسول الله صلى الله
علييييه وسيييلم يوم الخندق .والجمهور على أن ذلك الفعيييل يوم
الخندق كان قبيل نزول صيلة الخوف وأنيه منسيوخ بهيا .وأميا صيفة
صلة الخوف فإن العلماء اختلفوا فيها اختلفا كثيرا لختلف الثار
في هذا الباب :أعني المنقولة من فعله صلى الله عليه وسلم في
صييلة الخوف ،والمشهور ميين ذلك سييبع صييفات .فميين ذلك مييا
أخرجيه مالك ومسيلم مين حدييث صيالح بين خوات عمين صيلى ميع
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يوم ذات الرقاع صيلة الخوف
أن طائفية صيفت معيه وصيفت طائفية وجاه العدو ،فصيلى بالتيي
معه ركعة ،ثم ثبت قائما وأتموا لنفسهم ثم انصرفوا وجاه العدو،
وجاءت الطائفيية الخرى فصييلى بهييم الركعيية التييي بقيييت ميين
صييلتهم ،ثييم ثبييت جالسييا وأتموا لنفسييهم ثييم سييلم بهييم ،وبهذا
الحدييييث قال الشافعيييي ،وروى مالك هذا الحدييييث بعينيييه عييين
القاسم بن محمد عن صالح بن خوات موقوفا كمثل حديث يزيد
بيين رومان أنييه لمييا قضييى الركعيية بالطائفيية الثانييية سييلم ولم
ينتظرهييم حتييى يفرغوا ميين الصييلة ،واختار مالك هذه الصييفة،
فالشافعيي آثير المسيند على الموقوف ،ومالك آثير الموقوف لنيه
أشبيه بالصيول :أعنيي أنيه ل يجلس (قوله يجلس لعله يسيلم كميا
يظهير مين سيابقه اهيي مصيححه) المام حتيى تفرغ الطائفية الثانيية
مين صيلتها لن المام متبوع ل متبيع وغيير مختلف علييه .والصيفة
الثالثة ما ورد في حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن
أبيه ،رواه الثوري وجماعة وخرجه أبو داود قال :صلى رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم صيلة الخوف بطائفية وطائفية مسيتقبلوا
العدو ،فصلى بالذين معه ركعة وسجدتين وانصرفوا ولم يسلموا
فوقفوا بإزاء العدو ،ثم جاء الخرون فقاموا معه فصلى بهم ركعة
ثييم سييلم فقام هؤلء فصييلوا لنفسييهم ركعيية ثييم سييلموا وذهبوا،
فقاموا مقام أولئك مسييتقبلي العدو ،ورجييع أولئك إلى مراتبهييم
فصيلوا لنفسيهم ركعية ثيم سيلموا "وبهذه الصيفة قال أبيو حنيفية
وأصحابه ما خل أبا يوسف على ما تقدم" .والصفة الرابعة الواردة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في حديث أبي عياش الزرقي قال "كنا مع رسول الله صلى الله
علييه وسيلم بعسيفان وعلى المشركيين خالد بين الولييد ،فصيلينا
الظهر ،فقال المشركون :لقد أصبنا غفلة لو كنا حملنا عليهم وهم
فييي الصييلة ،فأنزل الله آييية القصيير بييين الظهيير والعصيير ،فلمييا
حضرت العصير قام رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم مسيتقبل
القبلة والمشركون أمامه فصلى خلف رسول الله صلى الله عليه
وسيلم صيف واحيد وصيف بعيد ذلك صيف آخير ،فركيع رسيول الله
صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي
يليييه وقام الخيير يحرسييونهم فلمييا صييلى هؤلء سييجدتين وقاموا
سيجد الخرون الذيين كانوا خلفيه ثيم تأخير الصيف الذي يلييه إلى
مقام الخرين ،وتقدم الصف الخر إلى مقام الصف الول ثم ركع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ،ثم سجد وسجد
الصيف الذي يلييه ،وقام الخرون يحرسيونهم ،فلميا جلس رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم والصيف الذي يلييه سيجد الخرون ثيم
جلسيوا جميعيا فسيلم بهيم جميعيا" وهذه الصيلة صيلها بعسيفان
وصلها يوم بني سليم.
قال أبيو داود :وروي هذا عين جابر وعين ابين عباس وعين مجاهيد،
وعن أبي موسى وعن هشام ابن عروة عن أبيه عن النبي صلى
الله علييه وسيلم ،قال :وهيو قول الثوري وهيو أحوطهيا يرييد أنيه
ليس في هذه الصفة كبير عمل مخالف لفعال الصلة المعروفة،
وقال بهذه الصيفة جملة مين أصيحاب مالك وأصيحاب الشافعيي،
وخرجهيا مسيلم عين جابر ،وقال جابر :كميا يصينع حرسيكم هؤلء
بأمرائكيم .والصيفة الخامسية الواردة فيي حدييث حذيفية قال ثعلبية
بين زهدم قال كنيا ميع سيعيد بين العاصيي بطبرسيتان ،فقام فقال:
أيكيم صيلى ميع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم صيلة الخوف؟
قال حذيفيية :أنييا ،فصييلى بهؤلء ركعيية وبهؤلء ركعيية ولم يقضوا
شيئا"
وهذا مخالف للصييل مخالفيية كثيرة .وخرج أيضييا عيين ابيين عباس
فيي معناه أنيه قال "الصيلة على لسيان نيبيكم فيي الحضير أربيع
وفي السفر ركعتان وفي الخوف ركعة واحدة" وأجاز هذه الصفة
الثوري .والصيفة السيادسة الواردة فيي حدييث أبيي بكرة وحدييث
جابر عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه صيلى بكيل طائفية مين
الطائفتيين ركعتيين ركعتيين ،وبيه كان يفتيي الحسين ،وفييه دلييل
على اختلف نييية المام والمأموم لكونييه متمييا ،وهييم مقصييرون،
خرجه مسلم عن جابر.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والصيفة السيابعة الواردة فيي حدييث ابين عمير عين النيبي علييه
الصيلة والسيلم أنيه كان إذا سيئل عين صيلة الخوف قال :يتقدم
المام وطائفية مين الناس فيصيلي بهيم ركعية .وتكون طائفية منهيم
بينيه وبيين العدو لم يصيلوا ،فإذا صيلى الذيين معيه ركعية اسيتأخروا
مكان الذيين لم يصيلوا معيه ول يسيلمون ،ويتقدم الذيين لم يصيلوا
فيصيلون معيه ركعية ،ثيم ينصيرف المام وقيد صيلى ركعتيين تتقدم
كيل واحدة مين الطائفتيين فيصيلون لنفسيهم ركعية ركعية بعيد أن
ينصرف المام فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلت ركعتين،
فإن كان خوف أشيد مين ذلك صيلوا رجال قياميا على أقدامهيم ،أو
ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها ،وممن قال بهذه الصفة
أشهب عن مالك وجماعة .وقال أبو عمر :الحجة لمن قال بحديث
ابين عمير هذا أنيه ورد بنقيل الئمية أهيل المدينية وهيم الحجية فيي
النقيل على مين خالفهيم ،وهيي أيضيا ميع هذا أشبيه بالصيول ،لن
الطائفة الولى والثانية لم يقضوا الركعة إل بعد خروج رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الصلة وهو المعروف من سنة القضاء
المجتمع عليها في سائر الصلوات ،وأكثر العلماء على ما جاء في
هذا الحديييث ميين أنييه إذا اشتييد الخوف جاز أن يصييلوا مسييتقبلي
القبلة وغيير مسيتقبليها ،وإيماء مين غيير ركوع ول سيجود .وخالف
فييي ذلك أبييو حنيفيية فقال :ل يصييلي الخائف إل إلى القبلة ،ول
يصيلي أحيد فيي حال المسيايفة .وسيبب الخلف فيي ذلك مخالفية
هذا الفعيل للصيول ،وقيد رأى قوم أن هذه الصيفات كلهيا جائزة،
وأن للمكلف أن يصلي أيتها أحب ،وقد قيل :إن هذا الختلف إنما
كان بحسب اختلف المواطن.
**3الباب السادس من الجملة الثالثة في صلة المريض.
@-أجمييع العلماء على أن المريييض مخاطييب بأداء الصييلة ،وأنييه
يسيقط عنيه فرض القيام إذا لم يسيتطعه ويصيلي جالسيا ،وكذلك
يسيقط عنيه فرض الركوع والسيجود إذا لم يسيتطعهما أو أحدهميا
ويوميئ مكانهميا .واختلفوا فيمين له أن يصيلي جالسيا وفيي هيئة
الجلوس وفيييييي هيئة الذي ل يقدر على الجلوس ول على القيام،
فأما من له أن يصلي جالسا فإن قوما قالوا :هذا الذي ل يستطيع
القيام أصيل ،وقوم قالوا هيو الذي يشيق علييه القيام مين المرض،
وهيو مذهيب مالك .وسيبب اختلفهيم هيو :هيل يسيقط فرض القيام
ميع المشقية أو ميع عدم القدرة؟ ولييس فيي ذلك نيص .وأميا صيفة
الجلوس فإن قوميا قالوا :يجلس متربعيا :أعنيي الجلوس الذي هيو
بدل مين القيام ،وكره ابين مسيعود الجلوس متربعيا ،فمين ذهيب
إلى التربييع فل فرق بينيه وبيين جلوس التشهيد ،ومين كره فلنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ليييس ميين جلوس الصييلة .وأمييا صييفة صييلة الذي ل يقدر على
القيام ول على الجلوس ،فإن قوميا قالوا يصيلي مضطجعيا ،وقوم
قالوا :يصيلي كيفميا تيسير له ،وقوم قالوا :يصيلي مسيتقبل رجله
إلى الكعبة ،وقوم قالوا :إن لم يستطع الجلوس صلى على جنبه،
فإن لم يسيتطع على جنبيه صيلى مسيتلقيا ورجله إلى القبلة على
قدر طاقته ،وهو الذي اختاره ابن المنذر.
*(*3الجملة الرابعية) وهذه الجملة تشميل مين أفعال الصيلة على
التي ليست أداء ،وهذه هي إما إعادة وإما قضاء وإما جبر لما زاد
أو نقيص بالسيجود ففيي هذه الجملة إذا ثلثية أبواب .الباب الول:
في العادة .الباب الثاني :في القضاء .الباب الثالث :في الجبران
الذي يكون بالسجود.
**3الباب الول في العادة.
@-وهذا الباب الكلم فيه في السباب التي تقتضي العادة ،وهي
مفسدات الصلة .واتفقوا على أن من صلى بغير طهارة أنه يجب
علييه العادة عمدا أو نسييانا ،وكذلك مين صيلى لغيير القبلة عمدا
كان ذلك أو نسيانا.
وبالجملة فكيل مين أخيل بشرط مين شروط صيحة الصيلة وجبيت
عليييه العادة وإنمييا يختلفون ميين أجييل اختلفهييم فييي الشروط
المصححة.
(وهيا هنيا مسيائل تتعلق بهذا الباب خارجية عميا ذكير مين فروض
الصييلة اختلفوا فيهييا) فمنهييا أنهييم اتفقوا على أن الحدث يقطييع
الصيلة ،واختلفوا هيل يقتضيي العادة مين أولهيا إذا كان قيد ذهيب
منها ركعة أو ركعتان قبل طرو الحدث أم يبني على ما قد مضى
مين الصيلة ،فذهيب الجمهور إلى أنيه ل يبنيي ل فيي حدث ول فيي
غيره مما يقطع الصلة إل في الرعاف فقط .ومنهم من رأى أنه
ل يبنييي ل فييي الحدث ول فييي الرعاف ،وهييو الشافعييي ،وذهييب
الكوفيون إلى أنه يبني في الحداث كلها .وسبب اختلفهم أنه لم
يرد في جواز ذلك أثر عن النبي عليه الصلة والسلم ،وإنما صح
عن ابن عمر أنه رعف في الصلة فبنى ولم يتوضأ ،فمن رأى أن
هذا الفعل من الصحابي يجري مجرى التوقيف إذ ليس يمكن أن
يفعيل مثيل هذا بقياس أجاز هذا الفعيل ،ومين كان عنده مين هؤلء
أن الرعاف ليييس بحدث أجاز البناء فييي الرعاف فقييط ولم يعده
لغيره ،وهو مذهب مالك ،ومن كان عنده أنه حدث أجاز البناء في
سائر الحداث قياسا على الرعاف ،ومن رأى أن مثل هذا ل يجب
أن يصيار إلييه إل بتوقييف مين النيبي علييه الصيلة والسيلم إذ قيد
انعقد الجماع على أن المصلي إذا انصرف إلى غير القبلة أنه قد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
خرج مين الصيلة ،وكذلك إذا فعيل فيهيا فعل كثيرا لم يجيز البناء ل
في الحدث ول في في الرعاف.
@(-المسألة الثانية) اختلف العلماء هل يقطع الصلة مرور شيء
بيين يدي المصيلي إذا صيلى لغيير سيترة أو مير بينيه وبيين السيترة؟
فذهيب الجمهور إلى أنيه ل يقطيع الصيلة شييء ،وأنيه لييس علييه
العادة ،وذهبييت طائفيية إلى أنييه يقطييع الصييلة :المرأة والحمار
والكلب السيود .وسيبب هذا الخلف معارضية القول للفعيل ،وذلك
أنه خرج مسلم عن أبي ذر أنه عليه الصلة والسلم قال "يقطع
الصييلة المرأة والحمار والكلب السييود" وخرج مسييلم والبخاري
عن عائشة أنها قالت "لقد رأيتني بين يدي رسول الله صلى الله
علييه وسيلم معترضية كاعتراض الجنازة وهيو يصيلي" وروي مثيل
قول الجمهور عيين علي وعيين أبييي ،ول خلف بينهييم فييي كراهييية
المرور بيين يدي المنفرد والمام إذا صيلى لغيير سيترة أو مير بينيه
وبين السترة ،ولم يروا بأسا أن يمر خلف السترة وكذلك لم يروا
بأسييا أن يميير بييين يدي المأموم لثبوت حديييث ابيين عباس وغيره
قال "لقييد أقبلت راكبييا على أتان وأنييا يومئذ قييد ناهزت الحتلم
ورسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يصيلي بالناس ،فمررت بيين
يدي بعييض الصييفوف ،فنزلت وأرسييلت التان ترتييع ودخلت فييي
الصيييف ،فلم ينكييير علي ذلك أحيييد" وهذا عندهيييم يجري مجرى
المسند ،وفيه نظر ،وإنما اتفق الجمهور على كراهية المرور بين
يدي المصييلي ،لمييا جاء فيييه ميين الوعيييد فييي ذلك ،ولقوله عليييه
الصلة والسلم فيه "فليقاتله فإنما هو شيطان".
@(-المسييألة الثالثيية) اختلفوا فييي النفييخ فييي الصييلة على ثلثيية
أقوال :فقوم كرهوه ولم يروا العادة على ميييييييييين فعله ،وقوم
أوجبوا العادة على ميين نفييخ ،وقوم فرقوا بييين أن يسييمع أو ل
يسمع .وسبب اختلفهم تردد النفخ بين أن يكون كلما أو ل يكون
كلما.
@(-المسييألة الرابعيية) اتفقوا على أن الضحييك يقطييع الصييلة،
واختلفوا فيي التبسيم وسيبب اختلفهيم تردد التبسيم بيين أن يلحيق
بالضحك أو ل يلحق به.
@(-المسيألة الخامسية) اختلفوا فيي صيلة الحاقين ،فأكثير العلماء
يكرهون أن يصلي الرجل وهو حاقن ،لما روي من حديث زيد بن
أرقيم قال :سيمعت رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يقول "إذا
أراد أحدكيم الغائط فليبدأ بيه قبيل الصيلة" ولميا روي عين عائشية
عن النبي عليه الصلة والسلم أنه قال "ل يصلي أحدكم بحضرة
الطعام ول وهييو يدافييع الخبثان" يعنييي الغائط والبول .ولمييا ورد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين النهيي عين ذلك عين عمير أيضيا ،وذهيب قوم إلى أن صيلته
فاسيدة ،وأنيه يعييد .وروى ابين القاسيم عين مالك ميا يدل على أن
صيلة الحاقين فاسيدة ،وذلك أنيه روي عنيه أنيه أمره بالعادة فيي
الوقيت وبعيد الوقيت .والسيبب فيي اختلفهيم اختلفهيم فيي النهيي،
هل يدل على فساد المنهى عنه أم ليس يدل على فساده؟ وإنما
يدل على تأثيييم ميين فعله فقييط إذا كان أصييل الفعييل الذي تعلق
النهييي بييه واجبييا أو جائزا ،وقييد تمسييك القائلون بفسيياد صييلته
بحدييث رواه الشاميون ،منهيم مين يجعله عين ثوبان ،ومنهيم مين
يجعله عين أبيي هريرة عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "ل
يحل لمؤمن أن يصلي وهو حاقن جدا" قال أبو عمر بن عبد البر:
هو حديث ضعيف السند ل حجة فيه.
@(-المسيألة السيادسة) اختلفوا فيي رد سيلم المصيلي على مين
سلم عليه ،فرخصت فيه طائفة منهم سعيد بن المسيب والحسن
بين أبيي الحسين البصيري وقتادة .ومنيع ذلك قوم بالقول وأجازوا
الرد بالشارة ،وهييو مذهييب مالك والشافعييي ،ومنييع آخرون رده
بالقول والشارة ،وهو مذهب النعمان ،وأجاز قوم الرد في نفسه،
وقوم قالوا يرد إذا فرغ مين الصيلة .والسيبب فيي اختلفهيم :هيل
رد السيلم نوع مين التكلم فيي الصيلة المنهيى عنيه أم ل؟ فمين
رأى أنيه مين نوع الكلم المنهيى عنيه ،وخصيص المير برد السيلم
فييي قوله تعالى {وإذا حييتييم بتحييية فحيوا بأحسيين منهييا} الييية
بأحاديييث النهييي عيين الكلم فييي الصييلة قال :ل يجوز الرد فييي
الصييلة ،وميين رأى أنييه ليييس داخل فييي الكلم المنهييى عنييه ،أو
خصيص أحادييث النهيي بالمير برد السيلم أجازه فيي الصيلة .قال
أبيو بكير بين المنذر ،ومين قال ل يرد ول يصيير فقيد خالف السينة،
فإنه قد أخبر حبيب أن النبي عليه الصلة والسلم رد على الذين
سلموا عليه وهو في الصلة بإشارة.
**3الباب الثاني في القضاء.
@-والكلم في هذا الباب على من يجب القضاء ،وفي صفة أنواع
القضاء وفييي شروطييه ،فأمييا على ميين يجييب القضاء؟ فاتفييق
المسييلمون على أنييه يجييب على الناسييي والنائم ،واختلفوا فييي
العامد والمغمى عليه ،وإنما اتفق المسلمون على وجوب القضاء
على الناسييي والنائم لثبوت قوله عليييه الصييلة والسييلم وفعله:
وأعنيي بقوله علييه الصيلة والسيلم "رفيع القلم عين ثلث" فذكير
النائم وقوله "إذا نام أحدكييم عيين الصييلة أو نسيييها فليصييلها إذا
ذكرهيا" وميا روي أنيه نام عين الصيلة حتيى خرج وقتهيا فقضاهيا.
وأميا تاركهيا عمدا حتيى يخرج الوقيت ،فإن الجمهور على أنيه آثيم،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأن القضاء عليييه واجييب وذهييب بعييض أهييل الظاهيير إلى أنييه ل
يقضيي وأنيه آثيم ،وأحيد مين ذهيب إلى ذلك أبيو محميد بين حزم.
وسيبب اختلفهيم اختلفهيم فيي شيئيين :أحدهميا فيي جواز القياس
في الشرع .والثاني في قياس العامد على الناسي إذا سلم جواز
القياس .فميين رأى أنييه إذا وجييب القضاء على الناسييي الذي قييد
عذره الشرع في أشياء كثيرة ،فالمتعمد أحرى أن يجب عليه لنه
غييير معذور أوجييب القضاء عليييه ،وميين رأى أن الناسييي والعامييد
ضدان :والضداد ل يقاس بعضهيا على بعيض إذ أحكامهيا مختلفية،
وإنميا تقاس الشباه ،لم يجيز قياس العاميد على الناسيي ،والحيق
فييي هذا أنييه إذا جعييل الوجوب ميين باب التغليييظ كان القياس
سيائغا .وأميا إن جعيل مين باب الرفيق بالناسيي والعذر له وأن ل
يفوتيه ذلك الخييير ،فالعامييد فييي هذا ضييد الناسييي ،والقياس غييير
سائغ لن الناسي معذور والعامد غير معذور ،الصل أن القضاء ل
يجيب بأمير الداء ،وإن ما يجب بأمر مجدد على ما قال المتكلمون،
لن القاضيي قيد فاتيه أحيد شروط التمكين مين وقوع الفعيل على
صحته ،وهو الوقت إذ كان شرطا من شروط الصحة والتأخير عن
الوقت في قياس التقديم عليه ،لكن قد ورد الثر بالناسي والنائم
وتردد العامييد بييين أن يكون شبيهييا أو غييير شييبيه ،والله الموفييق
للحيق .وأميا المغميى علييه ،فإن قوميا أسيقطوا عنيه القضاء فيميا
ذهييب وقتييه ،وقوم أوجبوا عليييه القضاء .وميين هؤلء ميين اشترط
القضاء فيي عدد معلوم ،وقالوا :يقضيي فيي الخميس فميا دونهيا.
والسيبب فيي اختلفهيم تردده بيين النائم والمجنون ،فمين شبهيه
بالنائم أوجييب عليييه القضاء ،وميين شبهييه بالمجنون أسييقط عنييه
الوجوب .وأمييييا صييييفة القضاء ،فإن القضاء نوعان :قضاء لجملة
الصيلة ،وقضاء لبعضهيا .أميا قضاء الجملة فالنظير فييه فيي صيفة
القضاء وشروطه ووقته .فأما صفة القضاء فهي بعينها صفة الداء
إذا كانيت الصيلتان فيي صيفة واحدة مين الفرضيية وأميا إذا كانيت
في أحوال مختلفة مثل أن يذكر صلة حضرية في سفر أو صلة
سييفرية فييي حضيير ،فاختلفوا فييي ذلك على ثلثيية أقوال :فقوم
قالوا :إنما يقضي مثل الذي عليه ولم يراعوا الوقت الحاضر ،وهو
مذهيب مالك وأصيحابه ،وقوم قالوا :إنميا يقضيي أبدا أربعيا سيفرية
كانييت منسييية أو حضرييية ،فعلى رأي هؤلء إن ذكيير فييي السييفر
حضرية صلها حضرية ،وإن ذكر في الحضر سفرية صلها حضرية
وهيو مذهيب الشافعيي .وقال قوم :إنميا يقضيي أبدا فرض الحال
التي هو فيها فيقضي الحضرية في السفر سفرية ،والسفرية في
الحضير حضريية ،فمين شبيه القضاء بالداء راعيى الحال الحاضرة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وجعيل الحكيم لهيا قياسيا على المرييض يتذكير صيلة نسييها فيي
الصييحة أو الصييحيح يتذكيير صييلة نسيييها فييي المرض :أعنييي أن
فرضيه هيو فرض الصيلة فيي الحال الحاضرة ،ومين شبيه القضاء
بالديون أوجب للمقضية صفة المنسية .وأما من أوجب أن يقضي
أبدا حضرييية ،فراعييى الصييفة فييي إحداهمييا والحال فييي الخرى،
أعني أنه إذا ذكر الحضرية في السفر راعى صفة المقضية ،وإذا
ذكير السيفرية فيي الحضير راعيى الحال؛ وذلك اضطراب جار على
غير قياس إل أن يذهب مذهب الحتياط ،وذلك بتصور فيمن يرى
القصر رخصة.
@(-وأميا شروط القضاء ووقتيه) فإن مين شروطيه الذي اختلفوا
فيييه الترتيييب وذلك أنهييم اختلفوا فييي وجوب الترتيييب فييي قضاء
المنسييات :أعنيي بوجوب ترتييب المنسييات ميع الصيلة الحاضرة
الوقيت ،وترتييب المنسييات بعضهيا ميع بعيض إذا كانيت أكثير مين
صييلة واحدة ،فذهييب مالك إلى أن الترتيييب واجييب فيهييا فييي
الخميس صيلوات فميا دونهيا ،وأنيه يبدأ بالمنسيية وإن فات وقيت
الحاضرة حتييى أنييه قال :إن ذكيير المنسييية وهييو فييي الحاضرة
فسييدت الحاضرة عليييه ،وبمثييل ذلك قال أبييو حنيفيية والثوري إل
أنهيم رأوا الترتييب واجبيا ميع اتسياع وقيت الحاضرة ،واتفيق هؤلء
على سقوط وجوب الترتيب مع النسيان .وقال الشافعي ل يجب
الترتييب ،وإن فعيل ذلك إذا كان فيي الوقيت متسيع فحسين يعنيي
فيي وقيت الحاضرة .والسيبب فيي اختلفهيم اختلف الثار فيي هذا
الباب واختلفهييم فييي تشييبيه القضاء بالداء .فأمييا الثار فإنييه ورد
فييي ذلك حديثان متعارضان :أحدهمييا مييا روي عنييه عليييه الصييلة
والسييلم أنييه قال "ميين نسييي صييلة وهييو مييع المام فييي أخرى
فليصيل ميع المام ،فإذا فرغ مين صيلته فليعيد الصيلة التيي نسيي
ثييم ليعييد الصييلة التييي صييلى مييع المام" وأصييحاب الشافعييي
يضعفون هذا الحديث ويصححون حديث ابن عباس أن النبي عليه
الصيلة والسيلم قال "إذا نسيي أحدكيم صيلة فذكرهيا وهيو فيي
صييلة مكتوبيية فليتييم التييي هييو فيهييا ،فإذا فرغ منهييا قضييى التييي
نسيي" والحدييث الصيحيح فيي هذا الباب هيو ميا تقدم مين قوله
عليييه الصييلة والسييلم ،إذا نام أحدكييم عيين الصييلة أو نسيييها"
الحدييث .وأميا اختلفهيم فيي جهية تشيبيه القضاء بالداء فإن مين
رأى أن الترتيب في الداء إنما لزم من أجل أن أوقاتها المختصة
بصلة منها هي مرتبة في نفسها إذ كان الزمان ل يعقل إل مرتبا
لم يلحق بها القضاء ،لنه ليس للقضاء وقت مخصوص ومن رأى
أن الترتييب فيي الصيلوات المؤداة هيو فيي الفعيل وإن كان الزمان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحدا مثيل الجميع بيين الصيلتين فيي وقيت إحداهميا ،شبيه القضاء
بالداء :وقيد رأت المالكيية أن توجيب الترتييب للمقضيية مين جهية
الوقيت ل مين جهية الفعيل لقوله علييه الصيلة والسيلم" :فليصيلها
إذا ذكرهيا" قالوا :فوقيت المنسيية وهيو وقيت الذكير ،ولذلك وجيب
أن تفسييد عليييه الصييلة التييي هييو فيهييا فييي ذلك الوقييت ،وهذا ل
معنيى له لنيه إن كان وقيت الذكير وقتيا للمنسيية فهيو بعينيه أيضيا
وقييت للحاضرة أو وقييت للمنسيييات إذا كانييت أكثيير ميين صييلة
واحدة ،وإذا كان الوقييت واحدا فلم يبيق أن يكون الفسياد الواقيع
فيهيا إل مين قبيل الترتييب بينهيا كالترتييب الذي يوجيد فيي أجزاء
الصييلة الواحدة فإنييه ليييس إحدى الصييلتين أحييق بالوقييت ميين
صياحبتها إذ كان وقتيا لكليهميا إل أن يقوم دلييل الترتييب ،ولييس
ههنييا عندي شيييء يمكيين أن يجعييل أصييل فييي هذا الباب لترتيييب
المنسيات إل الجمع عند من سلمه ،فإن الصلوات المؤداة أوقاتها
مختلفة والترتيب في القضاء إنما يتصور في الوقت الواحد بعينه
للصلتين معا ،فافهم هذا فإن فيه غموضا ،وأظن مالكا رحمه الله
إنمييا قاس ذلك على الجمييع وإنمييا صييار الجميييع إلى اسييتحسان
الترتييب فيي المنسييات إذا لم يخيف فوات الحاضرة لصيلته علييه
الصيلة والسيلم الصيلوات الخميس يوم الخندق مرتبية ،وقيد احتيج
بهذا مييين أوجيييب القضاء على العاميييد ،ول معنيييى لهذا ،فإن هذا
منسوخ ،وأيضا فإنه كان تركا لعذر وأما التحديد في الخمس فما
دونهييا فليييس له وجييه إل أن يقال :إنييه إجماع ،فهذا حكييم القضاء
الذي يكون فيي فوات جملة الصيلة ،وأميا القضاء الذي يكون فيي
فوات بعيض الصيلوات ،فمنيه ميا يكون سيببه النسييان ،ومنيه ميا
يكون سيببه سيبق المام للمأموم :أعنيي أن يفوت المأموم بعيض
صلة المام ،فأما إذا فات المأموم بعض الصلة ،فإن فيه مسائل
ثلثا قواعد :إحداها متى تفوت الركعة .والثانية هل إتيانه بما فاته
بعيد صيلة المام أداء أو قضاء .والثالثية متيى يلزميه حكيم صيلة
المام ومتيى ل يلزميه ذلك .أميا متيى تفوتيه الركعية ،فإن فيي ذلك
مسألتين :إحداهما إذا دخل والمام قد أهوى إلى الركوع ،والثانية
إذا كان مع المام في الصلة ف سها أن يتبعه في الركوع أو منعه
ذلك ما وقع من زحام أو غيره.
@(-وأميا المسيألة الولى) فإن فيهيا ثلثية أقوال :أحدهيا وهيو الذي
عليه الجمهور أنه إذا أدرك المام قبل أن يرفع رأسه من الركوع
وركييع معييه فهييو مدرك للركعيية وليييس عليييه قضاؤهييا ،وهؤلء
اختلفوا :هييل ميين شرط هذا الداخييل أن يكييبر تكييبيرتين تكييبيرة
للحرام وتكييبيرة للركوع أو يجزيييه تكييبيرة الركوع؟ .وإن كانييت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ينحيين فييي الركعييه الثانييية فإنييه رأى أنييه ليييس ميين شرط فعييل
المأموم أن يقارن بعضييه بعييض فعييل المام ول كله ،وإنمييا ميين
شرطييه أن يكون بعده فقييط ،وإنمييا اتفقوا على أنييه إذا قام ميين
النحناء فيي الركعية الثانيية أنيه ل يعتيد بتلك الركعية إن اتبعيه فيهيا،
لنيه يكون فيي حكيم الولى والمام فيي حكيم الثانيية ،وذلك غايية
الختلف عليه.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) مين المسيائل الثلث الول التيي هيي
أصول هذا الباب وهي :هل إتيان المأموم بما فاته من الصلة مع
المام أداء أو قضاء؟ فإن فييي ذلك ثلثيية مذاهييب ،قوم قالوا :إن
ما يأتيي به بعد سيلم المام هيو قضاء وإن ما أدرك ليس هيو أول
صيلته .وقوم قالوا :إن الذي يأتيي بيه بعيد سيلم المام هيو أداء،
وإن مييا أدرك هييو أول صييلته .وقوم فرقوا بييين القوال والفعال
فقالوا :يقضيي فيي القوال يعنون فيي القراءة ،ويبنيي فيي الفعال
يعنون الداء ،فمين أدرك ركعية مين صيلة المغرب على المذهيب
الول :أعنيي مذهيب القضاء قام إذا سيلم المام إلى ركعتيين يقرأ
فيهميييا بأم القرآن وسيييورة مييين غيييير أن يجلس بينهميييا ،وعلى
المذهيب الثانيي :أعنيي على البناء قام إلى ركعية واحدة يقرأ فيهيا
بأم القرآن وسييورة ويجلس ،ثييم يقوم إلى ركعيية يقرأ فيهييا بأم
القرآن فقييط ،وعلى المذهييب الثالث يقوم إلى ركعيية فيقرأ فيهييا
بأم القرآن وسيورة ،ثيم يجلس ثيم يقوم إلى ركعية ثانيية يقرأ فيهيا
أيضا بأم القرآن وسورة ،وقد نسبت القاويل الثلثة إلى المذهب،
والصحيح عن مالك أنه يقضي في القوال ويبني في الفعال لنه
لم يختلف قوله في المغرب إنه إذا أدرك منها ركعة أنه يقوم إلى
الركعيية الثانييية ثييم يجلس ،ول اختلف فييي قوله إنييه يقضييي بأم
القرآن وسورة وسبب اختلفهم أنه ورد في بعض روايات الحديث
المشهور "فما أدركتيم فصلوا وما فاتكيم فأتموا" والتمام يقتضي
أن يكون ما أدرك هيو أول صيلته وفيي بعيض رواياتيه "فميا أدركتيم
فصيلوا وميا فاتكيم فاقضوا" والقضاء يوجيب أن ميا أدرك هيو آخير
صيلته؛ فمين ذهيب مذهيب التمام قال :ميا أدرك هيو أول صيلته؛
ومين ذهيب مذهيب القضاء قال :ميا أدرك هيو آخير صيلته ،ومين
ذهب مذهب الجمع جعل القضاء في القوال والداء في الفعال،
وهييو ضعيييف :أعنييي أن يكون بعييض الصييلة أداء وبعضهييا قضاء،
واتفاقهم على وجوب الترتيب في أجزاء الصلة ،وعلى أن موضع
تكيبيرة الحرام هيو افتتاح الصيلة ،ففييه دلييل واضيح على أن ميا
أدرك هو أول صلته لكن تختلف نية المأموم والمام في الترتيب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فتأميل هذا ،ويشبيه أن يكون هذا هيو أحيد ميا راعاه مين قال :ميا
أدرك فهو آخر صلته.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) مين المسيائل الول ،وهيي متيى يلزم
المأموم حكيم صيلة المام فيي التباع؟ فإن فيهيا مسيائل :إحداهيا
متيى يكون مدركيا لصيلة الجمعية .والثانيية :متيى يكون مدركيا معيه
لحكييم سييجود السييهو :أعنييي سييهو المام .والثالثيية :متييى يلزم
المسيافر الداخيل وراء إمام يتيم التمام إذا أدرك مين صيلة المام
بعضها.
@(-فأمييا المسييألة الولى) فإن قومييا قالوا :إذا أدرك ركعيية ميين
الجمعة فقد أدرك الجمعة ،ويقضي ركعة ثانية ،وهو مذهب مالك
والشافعييي ،فإن أدرك أقييل صييلى ظهرا أربعييا .وقوم قالوا :بييل
يقضييي ركعتييين أدرك منهييا مييا أدرك ،وهييو مذهييب أبييي حنيفيية،
وسبب الخلف في هذا هو ما يظن من التعارض بين عموم قوله
عليه الصلة والسلم" :ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وبين
مفهوم قوله علييه الصيلة والسيلم" :مين أدرك ركعية مين الصيلة
فقيد أدرك الصيلة" فإنيه مين صيار إلى عموم قوله علييه الصيلة
والسيلم "وميا فاتكيم فأتموا" أوجيب أن يقضيي ركعتيين وإن أدرك
منهيا أقيل مين ركعتيين ومين كان المحذوف عنده فيي قوله علييه
الصيلة والسيلم "فقيد أدرك الصيلة" أي فقيد أدرك حكيم الصيلة
وقال :دليييل الخطاب يقتضييي أن ميين أدرك أقييل ميين ركعيية فلم
يدرك حكم الصلة والمحذوف في هذا القول محتمل ،فإنه يمكن
أن يراد به فضل الصلة ،ويمكن أن يراد به وقت الصلة ،ويمكن
أن يراد به حكم الصلة ولعله ليس هذا المجاز في أحدهما أظهر
منيه فيي الثانيي ،فإن كان المير كذلك كان مين باب المجميل الذي
ل يقتضيي حكميا ،وكان الخير بالعموم أولى ،وإن سيلمنا أنيه أظهير
في أحد هذه المحذوفات وهو مثل الحكم على قول من يرى ذلك
لم يكين هذا الظاهير معارضيا للعموم ،إل مين باب دلييل الخطاب،
والعموم أقوى مين دلييل الخطاب عنيد الجمييع ،ولسييما الدلييل
المبنييي على المحتمييل أو الظاهيير .وأمييا ميين يرى أن قوله عليييه
الصييلة والسييلم "فقييد أدرك الصييلة" أنييه يتضميين جميييع هذه
المحذوفات فضعيف وغير معلوم من لغة العرب ،إل أن يتقرر أن
هنالك اصطلحا عرفيا أو شرعيا.
وأميا مسيألة اتباع المأموم للمام فيي السيجود :أعنيي فيي سيجود
السيهو فإن قوميا اعتيبروا فيي ذلك الركعية :أعنيي أن يدرك مين
الصييلة معييه ركعيية ،وقوم لم يعتييبروا ذلك ،فميين لم يعتييبر ذلك
فمصييرا إلى عموم قوله علييه الصيلة والسيلم "إنميا جعيل المام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ليؤتيم بيه" ومين اعتيبر ذلك فمصييرا إلى مفهوم قوله علييه الصيلة
والسيلم "فقيد أدرك الصيلة" ولذلك اختلفوا فيي المسيألة الثالثية
فقال قوم :إن المسيافر إذا أدرك مين صيلة المام الحاضرة أقيل
ميين ركعيية لم يتييم ،وإذا أدرك ركعيية لزمييه التمام ،فهذا حكييم
القضاء الذي يكون لبعيض الصيلة مين قبيل سيبق المام له .وأميا
حكيم القضاء لبعيض الصيلة الذي يكون للمام والمنفرد مين قبيل
النسيييان ،فإنهييم اتفقوا على أن مييا كان منهييا ركنييا فهييو يقضييي:
أعنيي فريضية ،وأنيه لييس يجزي منيه إل التيان بيه ،وفييه مسيائل
اختلفوا فيهييا ،بعضهييم أوجييب فيهييا القضاء وبعضهييم أوجييب فيهييا
العادة ،مثل من نسي أربع سجدات من أربع ركعات سجدة من
كيل ركعية ،فإن قوميا قالوا :يصيلح الرابعية بأن يسيجد لهيا ،ويبطيل
ميا قبلهيا مين الركعات ثيم يأتيي بهيا ،وهيو قول مالك .وقوم قالوا:
تبطيل الصيلة بأسيرها ويلزميه العادة ،وهيي إحدى الروايتيين عين
أحميد بين حنبيل .وقوم قالوا :يأتيي بأربيع سيجدات متواليية وتكميل
بهيا صيلته ،وبيه قال أبيو حنيفية والثوري والوزاعيي .وقوم قالوا:
يصيلح الرابعية ويعتيد بسيجدتين ،وهيو مذهيب الشافعيي .وسيبب
الخلف فيييي هذا مراعاة الترتييييب ،فمييين راعاه فيييي الركعات
والسييجدات أبطييل الصييلة ،وميين راعاه فييي السييجدات أبطييل
الركعات مييا عدا الخيرة قياسييا على قضاء مييا فات المأموم ميين
صيلة المام ،ومين لم يراع الترتييب أجاز سيجودها معيا فيي ركعية
واحدة ،ول سييما إذا اعتقيد أن الترتييب لييس هيو واجبيا فيي الفعيل
المكرر في كل ركعة :أعني السجود ،وذلك أن كل ركعة تشتمل
على قيام وانحناء وسيجود ،والسيجود مكرر ،فزعيم أصيحاب أبيي
حنيفة أن السجود لما كان مكررا لم يجب أن يراعي فيه التكرير
في الترتيب ،ومن هذا الجنس اختلف أصحاب مالك فيمن نسي
قراءة أم القرآن مييين الركعييية الولى فقييييل ل يعتيييد بالركعييية
ويقضيهيا ،وقييل يعييد الصيلة ،وقييل يسيجد للسيهو وصيلته تامية،
وفروع هذا الباب كثيرة ،وكلها غير منطوق به ،وليس قصدنا ههنا
إل ما يجري مجرى الصول.
**3الباب الثالث من الجملة الرابعة في سجود السهو.
@-والسيجود المنقول فيي الشريعية فيي أحيد موضعيين إميا عنيد
الزيادة أو النقصيان اللذيين يقعان فيي أفعال الصيلة وأقوالهيا مين
قبل النسيان ل من قبل العمد .وأما عند الشك في أفعال الصلة،
فأمييا السييجود الذي يكون ميين قبييل النسيييان ل ميين قبييل الشييك
فالكلم فييه ينحصير فيي سيتة فصيول :الفصيل الول :فيي معرفية
حكيم السيجود .الثانيي :فيي معرفية مواضعيه مين الصيلة .الثالث:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي معرفية الجنيس مين الفعال والفعال التيي يسيجد لهيا .الرابيع:
فيي صيفة سيجود السيهو .الخاميس :فيي معرفية مين يجيب علييه
سيجود السيهو .السيادس :بماذا ينبيه المأموم المام السياهي على
سهوه.
**4الفصل الول.
@-اختلفوا فييي سييجود السييهو هييل هييو فرض أو سيينة ،فذهييب
الشافعيي إلى أنيه سينة ،وذهيب أبيو حنيفية إلى أنيه فرض لكين مين
شروط صحة الصلة .وفرق مالك بين السجود للسهو في الفعال
وبيين السيجود للسيهو فيي القوال وبيين الزيادة والنقصيان فقال:
سيجود السيهو الذي يكون للفعال الناقصية واجيب ،وهيو عنده مين
شروط صيحة الصيلة ،هذا فيي المشهور ،وعنيه أن سيجود السيهو
للنقصيان واجيب وسيجود الزيادة مندوب والسيبب فيي اختلفهيم
اختلفهيم فيي حميل أفعاله علييه الصيلة والسيلم فيي ذلك على
الوجوب أو على الندب فأما أ بو حنيفية فحمل أفعاله عليه الصيلة
والسيلم فيي السيجود على الوجوب إذ كان هيو الصيل عندهيم إذ
جاء بيانييا لواجييب كمييا قال عليييه الصييلة والسييلم" :صييلوا كمييا
رأيتمونييي أصييلي" وأمييا الشافعييي فحمييل أفعاله فييي ذلك على
الندب وأخرجهيا عين الصيل بالقياس ،وذلك أنيه لميا كان السيجود
عنيد الجمهور لييس ينوب عين فرض وإنميا ينوب عين ندب رأى أن
البدل عما ليس بواجب ليس هو بواجب .وأما مالك فتأكدت عنده
الفعال أكثيير ميين القوال ،لكونهييا ميين صييلب الصييلة أكثيير ميين
القوال ،أعنيي أن الفروض التيي هيي أفعال هيي أكثير مين فروض
القوال ،فكأنييه رأى أن الفعال آكييد ميين القوال ،وإن كان ليييس
ينوب سيجود السيهو إل عميا كان منهيا لييس بفرض ،وتفريقيه أيضيا
بيين سيجود النقصيان والزيادة على الروايية الثانيية ليكون سيجود
النقصيان شرع بدل مميا سيقط مين أجزاء الصيلة وسيجود الزيادة
كأنه استغفار ل بدل.
**4الفصل الثاني.
@-اختلفوا في مواضع سجود السهو على خمسة أقوال :فذهبت
الشافعية إلى أن سجود السهو موضعه أبدا قبل السلم ،وذهبت
الحنفية إلى أن موضعه أبدا بعد السلم .وفرقت المالكية فقالت:
إن كان السييجود لنقصييان كان قبييل السييلم وإن كان لزيادة كان
بعييد السييلم .وقال أحمييد بيين حنبييل :يسييجد قبييل السييلم فييي
المواضيع التيي سيجد فيهيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قبيل
السلم ،ويسجد بعد السلم في المواضع التي سجد فيها رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم بعيد السيلم ،فميا كان مين سيجود فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غيير تلك المواضيع يسيجد له أبدا قبيل السيلم .وقال أهيل الظاهير:
ل يسجد للسهو إل في المواضع الخمسة التي سجد فيها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقط ،وغير ذلك إن كان فرضا أتى به،
وإن كان ندبيا فلييس علييه شييء والسيبب فيي اختلفهيم أنيه علييه
الصييلة والسييلم ثبييت عنييه أنييه سييجد قبييل السييلم وسييجد بعييد
السيلم ،وذلك أنيه ثبيت مين حدييث ابين بحينية عنيه أنيه قال "صيلى
لنيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ركعتيين ثيم قام فلم يجلس
فقام الناس معيه ،فلميا قضيى صيلته سيجد سيجدتين وهيو جالس"
وثبت أيضا أنه سجد بعد السلم في حديث ذي اليدين المتقدم إذ
سيلم مين اثنتيين ،فذهيب الذيين جوزوا القياس فيي سيجود السيهو:
أعني الذين رأوا تعدية الحكم في المواضع التي سجد فيها عليه
الصييلة والسييلم إلى أشباههييا فييي هذه الثار الصييحيحة ثلثيية
مذاهيب :أحدهيا مذهيب الترجييح .والثانيي مذهيب الجميع .والثالث
الجميع بيين الجميع والترجييح .فمين رجيح حدييث ابين بحينية قال:
"السيجود قبيل السيلم" واحتيج لذلك بحدييث أبيي سيعيد الخدري
الثابيت أنيه علييه الصيلة والسيلم قال "إذا شيك أحدكيم فيي صيلته
فلم يدر كيم صيلى أثلثيا أم أربعيا فليصيل ركعية وليسيجد سيجدتين
وهيو جالس قبيل التسيليم ،فإن كانيت الركعية التيي صيلها خامسية
شفعهيا بهاتيين السيجدتين ،وإن كانيت رابعية فالسيجدتان ترغييم
للشيطان" قالوا :ففييه السيجود للزيادة قبيل السيلم لنهيا ممكنية
الوقوع خامسية ،واحتجوا لذلك أيضيا بميا روي عين ابين شهاب أنيه
قال" :كان آخير المريين مين رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
السيجود قبيل السيلم" وأميا مين رجيح حدييث ذي اليديين فقال:
السجود بعد السلم ،واحتجوا لترجيح هذا الحديث بأن حديث ابن
بحينية قيد عارضيه حدييث المغيرة ابين شعبية "أنيه علييه الصيلة
والسلم قام من اثنتين ولم يجلس ثم سجد بعد السلم" قال أبو
عميير :ليييس مثله فييي النقييل فيعارض بييه ،واحتجوا أيضييا لذلك
بحديث ابن مسعود الثابت "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صيلى خمسيا سياهيا وسيجد لسيهوه بعيد السيلم" .وأميا مين ذهيب
مذهيب الجميع فإنهيم قالوا :إن هذه الحادييث ل تتناقيض ،وذلك أن
السييجود فيهييا بعييد السييلم إنمييا هييو فييي الزيادة والسييجود قبييل
السيلم فيي النقصيان ،فوجيب أن يكون حكيم السيجود فيي سيائر
المواضيع كميا هيو فيي هذا الموضيع ،قالوا :وهيو أولى مين حميل
الحادييث على التعارض .وأميا مين ذهيب مذهيب الجميع والترجييح
فقال :يسجد في المواضع التي سجد فيها رسول الله صلى الله
علييه وسيلم على النحيو الذي سيجد فيهيا رسيول الله صيلى الله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عليه وسلم ،فإن ذلك هو حكم تلك المواضع .وأما المواضع التي
لم يسيجد فيهيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،فالحكيم فيهيا
السيجود قبيل السيلم فكأنيه قاس على المواضيع التيي سيجد فيهيا
عليه الصلة والسلم قبل السلم ،ولم يقس على المواضع التي
سيجد فيهيا بعيد السيلم ،وأبقيى سيجود المواضيع التيي سيجد فيهيا
على ميا سيجد فيهيا ،فمين جهية أنيه أبقيى حكيم هذه المواضيع على
ما وردت عليه وجعلها متغايرة الحكام هو ضرب من الجمع ورفع
للتعارض بييين مفهومهييا وميين جهيية أنييه عدى مفهوم بعضهييا دون
البعض ،وألحق به المسكوت عنه فذلك ضرب من الترجيح :أعني
أنييه قال على السييجود الذي قبييل السييلم ولم يقييس على الذي
بعده .وأما من لم يفهم من هذه الفعال حكما خارجا عنها وقصر
حكمهيا على أنفسيها وهيم أهيل الظاهير فاقتصيروا بالسيجود على
هذه المواضع فقط .وأما أحمد بن حنبل ،فجاء نظره مختلطا من
نظير أهيل الظاهير ونظير أهيل القياس ،وذلك أنيه اقتصير بالسيجود
كما قلنا بعد السلم على المواضع التي ورد فيها الثر ولم يعده،
وعدى السيجود الذي ورد فيي المواضيع التيي قبيل السيلم ،ولكيل
واحيد مين هؤلء أدلة يرجيح بهيا مذهبيه مين جهية القياس :أعنيي
لصيحاب القياس ولييس قصيدنا فيي هذا الكتاب فيي الكثير ذكير
الخلف الذي يوجبييه القياس كمييا ليييس قصييدنا ذكيير المسييائل
المسكوت عنها في الشرع إل في القل ،وذلك إما من حيث هي
مشهورة ،وأصييل لغيرهييا ،وإمييا ميين حيييث هييي كثيرة الوقوع.
والمواضيع الخمسية التيي سيها فيهيا رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم :أحدهيا أنيه قام مين اثنتيين على ميا جاء فيي حدييث ابين
بحينية .والثانيي أنيه سيلم مين اثنتيين على ميا جاء فيي حدييث ذي
اليديين .والثالث أنيه صيلى خمسيا على ميا فيي حدييث ابين عمير،
خرجيه مسيلم والبخاري .والرابيع أنيه سيلم مين ثلث على ميا فيي
حديث عمران بن الحصين .والخامس السجود عن الشك على ما
جاء فيي حدييث أبيي سيعيد الخدري ،وسييأتي بعيد .واختلفوا لماذا
يجب سجود السهو؟ فقيل يجب للزيادة والنقصان ،وهو الشهر؛
وقيل للسهو نفسه ،وبه قال أهل الظاهر والشافعي.
**4الفصل الثالث.
@-وأمييا القوال والفعال التييي يسيجد لهيا فإن القائليين بسيجود
السهو لكل نقصان أو زيادة وقعت في الصلة على طريق السهو
اتفقوا على أن السييجود يكون عيين سيينن الصييلة دون الفرائض
ودون الرغائب .فالرغائب ل شيييء عندهييم فيهييا :أعنييي إذا سييها
عنهيا فيي الصيلة ميا لم يكين أكثير مين رغيبية واحدة ،مثيل ميا يرى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يرجع؟ قال الجمهور :يرجع ما لم يستو قائما .وقال قوم :يرجع ما
لم يعقيد الركعية الثالثية .وقال قوم :ل يرجيع إن فارق الرض قييد
شييبر ،وإذا رجييع عنييد الذييين ل يرون رجوعييه ،فالجمهور على أن
صلته جائزة .وقال قوم :تبطل صلته.
**4الفصل الرابع.
@-وأميا صيفة سيجود السيهو فإنهيم اختلفوا فيي ذلك؛ فرأى مالك
أن حكيم سيجدتي السيهو إذا كانيت بعيد السيلم أن يتشهيد فيهيا
ويسييلم منهييا ،وبييه قال أبييو حنيفيية لن السييجود كله عنده بعييد
السيلم ،وإذا كانيت قبيل السيلم أن يتشهيد لهيا فقيط ،وأن السيلم
من الصلة هو سلم منها ،وبه قال الشافعي إذا كان السجود كله
عنده قبيل السيلم ،وقيد روي عين مالك أنيه ل يتشهيد للتيي قبيل
السلم ،و به قال جماعة .قال أبو عمر :أما السلم من التي بعد
السيلم فثابيت عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم .وأميا التشهيد فل
أحفظيه مين وجيه ثابيت .وسيبب هذا الختلف هيو اختلفهيم فيي
تصحيح ما ورد من ذلك في حديث ابن مسعود أعني من أنه عليه
الصييلة والسييلم "تشهييد ثييم سييلم" وتشييبيه سييجدتي السييهو
بالسيجدتين الخيرتيين مين الصيلة ،فمين شبههيا بهيا لم يوجيب لهيا
التشهيد ،وبخاصية إذا كانيت فيي نفيس الصيلة .وقال أبيو بكير بين
المنذر :اختلف العلماء في هذه المسألة على ستة أقوال :فقالت
طائفة :ل تشهد فيها ول تسليم ،وبه قال أنس بن مالك والحسن
وعطاء .وقال قوم :مقابل هذا وهو أن فيها تشهدا وتسليما .وقال
قوم :فيهييا تشهييد فقييط دون تسييليم ،وبييه قال الحكييم وحماد
والنخعي ،وقال قوم :مقابل هذا وهو أنه فيها تسليما وليس فيها
تشهييد وهييو قول ابيين سيييرين .والقول الخامييس إن شاء تشهييد
و سلم ،وإن شاء لم يفعل ،وروي ذلك عن عطاء .والسادس قول
أحميد بين حنبيل إنيه إن سيجد بعيد السيلم تشهيد وإن سيجد قبيل
السيلم لم يتشهيد ،وهو الذي حكيناه نحين عين مالك .قال أ بو بكر
قيد ثبيت "أنيه صيلى الله علييه وسيلم كيبر فيهيا أربيع تكيبيرات وأنيه
سلم" وفي ثبوت تشهده فيها نظر.
**4الفصل الخامس.
@-اتفقوا على أن سيييجود السيييهو مييين سييينة المنفرد والمام.
واختلفوا فيي المأموم يسيهو وراء المام هيل علييه سيجود أم ل؟
فذهيب الجمهور إلى أن المام يحميل عنيه السيهو ،وشيذ مكحول
فألزمه السجود في خاصة نفسه .وسبب اختلفهم اختلفهم فيما
يح مل المام من الركان عن المأموم وما ل يحمله ،واتفقوا على
أن المام إذا سييها أن المأموم يتبعييه فييي سييجود السييهو وإن لم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وحدييث ابين مسيعود على الذي عنده ظين غالب ،وأسيقط حكيم
حدييث أبيي هريرة وذلك أنيه قال :ميا فيي حدييث أبيي سيعيد وابين
مسيعود زيادة ،والزيادة يجيب قبولهيا والخيذ بهيا ،وهذا أيضيا كأنيه
ضرب مين الجميع .وأميا الذي رجيح بعضهيا وأسيقط حكيم البعيض
فالذييين قالوا إنمييا عليييه السييجود فقييط ،وذلك أن هؤلء رجحوا
حديييث أبييي هريرة وأسييقطوا حديييث أبييي سييعيد وابيين مسييعود،
ولذلك كان أضعف القوال ،فهذا ما رأينا أن نثبته في هذا القسم
ميين قسييمي كتاب الصييلة وهييو القول فييي الصييلة المفروضيية،
فلنصير بعيد إلى القول فيي القسيم الثانيي مين الصيلة الشرعيية،
وهي الصلوات التي ليست فروض عين.
**2كتاب الصلة الثاني.
@-ولن الصيلة التيي ليسيت بمفروضية على العيان منهيا ميا هيي
سنة ،ومنها ما هي نفل ،ومنها ما هي فرض على الكفاية ،وكانت
هذه الحكام منهيا ميا هيو متفيق علييه ،ومنهيا ميا هيو مختلف فييه،
رأينيا أن نفرد القول فيي واحدة واحدة مين هذه الصيلوات ،وهيي
بالجملة عشر :ركعتا الفجر والوتر والنفل وركعتا دخول المسجد
والقيام فييي رمضان والكسييوف والسييتسقاء والعيدان وسييجود
القرآن ،فإنييه صييلة مييا يشتمييل هذا الكتاب على عشرة أبواب،
والصلة على الميت نذكرها على حدة في باب أحكام الميت على
ما جرت به عادة الفقهاء ،وهو الذي يترجمونه بكتاب الجنائز.
**3الباب الول القول في الوتر.
@-واختلفوا في الوتر في خمسة مواضع :منها في حكمه ،ومنها
فيي صيفته ،ومنهيا فيي وقتيه ،ومنهيا فيي القنوت فييه ،ومنهيا فيي
صلته على الراحلة .أما حكمه فقد تقدم القول فيه عند بيان عدد
الصلوات المفروضة .وأما صفته فإن مالكا رحمه الله استحب أن
يوتر بثلث يفصل بينها بسلم .وقال أبو حنيفة :الوتر ثلث ركعات
ميين غييير أن يفصييل بينهييا بسييلم .وقال الشافعييي :الوتيير ركعيية
واحدة .ولكيييل قول مييين هذه القاوييييل سيييلف مييين الصيييحابة
والتابعييين .والسييبب فييي اختلفهييم اختلف الثار فييي هذا الباب،
وذلك أنيه ثبيت عنيه علييه الصيلة والسيلم مين حدييث عائشية "أنيه
كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة" وثبت
عين ابين عمير أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال "صيلة
الليييل مثنييى مثنييى فإذا رأيييت أن الصييبح يدركييك فأوتيير بواحدة"
وخرج مسيلم عين عائشية "أنيه علييه الصيلة والسيلم كان يصيلي
ثلث عشرة ركعية ويوتير مين ذلك بخميس ل يجلس فيي شييء إل
فييي آخرهييا" وخرج أبييو داود عيين أبييي أيوب النصيياري أنييه عليييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصيلة والسيلم قال "الوتير حيق على كيل مسيلم فمين أحيب أن
يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلث فليفعل ،ومن أحب
أن يوتيير بواحدة فليفعييل" وخرج أبييو داود "أنييه كان يوتيير بسييبع
وتسيع وخميس" وخرج عين عبيد الله بين قييس قال "قلت لعائشية
بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت :كان يوتر
بأربييع وثلث وسييت وثلث وثمان وثلث عشيير وثلث ،ولم يكيين
يوتر بأنقص من سبع ول بأكثر من ثلث عشرة"
وحديييث ابيين عميير عيين النييبي عليييه الصييلة والسييلم أنييه قال
"المغرب وتير صيلة النهار" فذهيب العلماء فيي هذه الحادييث
مذهيب الترجييح .فمين ذهيب إلى أن الوتير ركعية واحدة فمصييرا
إلى قوله عليييه الصييلة والسييلم "فإذا خشيييت الصييبح فأوتيير
بواحدة" وإلى حدييث عائشية "أنيه كان يوتير بواحدة" ومين ذهيب
إلى أن الوتر ثلث من غير أن يفصل بينها وقصر حكم الوتر على
الثلث فقيط ،فلييس يصيح له أن يحتيج بشييء مميا فيي هذا الباب،
لنهيا كلهيا تقتضيي التخييير ميا عدا حدييث ابين عمير أنيه قال علييه
الصيلة والسيلم "المغرب وتير صيلة النهار" فإن لبيي حنيفية أن
يقول :إنه إذا شبه شيء بشيء وجعل حكمهما واحدا كان المشبه
بيه أحرى أن يكون بتلك الصيفة ،ولميا شبهيت المغرب بوتير صيلة
النهار وكانت ثلثا وجب أن يكون وتر صلة الليل ثلثا .وأما مالك
فإنه تمسك في هذا الباب بأنه عليه الصلة والسلم لم يوتر قط
إل فييي أثيير شفييع ،فرأى أن ذلك ميين سيينة الوتيير ،وأن أقييل ذلك
ركعتان ،فالوتيير عنده على الحقيقيية إمييا أن يكون ركعيية واحدة،
ولكيين ميين شرطهييا أن يتقدمهييا شفييع ،وإمييا أن يرى أن الوتيير
المأمور بيه هيو يشتميل على شفيع ووتير ،فإنيه إذا زييد على الشفيع
وتر صار الكل وترا،
ويشهييد لهذا المذهييب حديييث عبييد الله بيين قيييس المتقدم ،فإنييه
سمي الوتر فيه العدد المركب من شفع ووتر ويشهد لعتقاده أن
الوتير هيو الركعية الواحدة أنيه كان يقول :كييف يوتير بواحدة لييس
قبلهيا شييء ،وأي شييء يوتير له؟ وقيد قال رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم "توتير له ميا قيد صيلى" فإن ظاهير هذا القول أنيه كان
يرى أن الوتر الشرعي هو العدد الوتر بنفسه :أعني الغير مركب
من الشفع والوتير وذلك أن هذا هو وتير لغيره ،وهذا التأوييل علييه
أولى .والحق في هذا أن ظاهر هذه الحاديث يقتضي التخيير في
صيفة الوتير مين الواحدة إلى التسيع على ميا روي ذلك مين فعيل
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،والنظير إنميا هيو فيي هيل مين
شرط الوتير أن يتقدميه شفيع منفصيل أم لييس ذلك مين شرطيه،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيشبيه أن يقال ذلك مين شرطيه ،لنيه هكذا كان وتير رسيول الله
صلى الله عليه وسلم ،ويشبه أن يقال ليس ذلك من شرطه لن
مسييلما قييد خرج "أنييه عليييه الصييلة والسييلم كان إذا انتهييى إلى
الوتيير أيقييظ عائشيية فأوترت" وظاهره أنهييا كانييت توتيير دون أن
تقدم على وترها شفعا،
وأيضا فإنه قد خرج من طريق عائشة "أن رسول الله صلى الله
علييه وسيلم كان يوتير بتسيع ركعات يجلس فيي الثامنية والتاسيعة
ول يسييلم إل فييي التاسييعة ثييم يصييلي ركعتييين وهييو جالس فتلك
إحدى عشرة ركعية ،فلميا أس وأخيذ اللحيم أوتير بسيبع ركعات ولم
يجلس إل فيي السيادسة والسيابعة ولم يسيلم إل فيي السيابعة ،ثيم
يصيلي ركعتيين وهيو جالس فتلك تسيع ركعات" وهذا الحدييث فييه
الوتير متقدم على الشفيع ،ففييه حجية على أنيه لييس مين شرط
الو تر أن يتقدميه شفيع ،وأن الوتر ينطلق على الثلث ومن الحجية
في ذلك ما روى أبو داود عن أبي بن كعب قال "كان رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم يوتير بسيبح اسيم ربيك العلى ،وقيل ييا أيهيا
الكافرون ،وقييل هييو الله أحييد" وعيين عائشيية مثله "وقالت فييي
الثالثيية بقييل هييو الله أحييد والمعوذتييين" .وأمييا وقتييه فإن العلماء
اتفقوا على أن وقته من بعد صلة العشاء إلى طلوع الفجر لورود
ذلك من طرق شتى عنه عليه الصلة والسلم ،ومن أثبت ما في
ذلك ما خرجه مسلم عن أبي نضرة العوفي أن أبا سعيد أخبرهم
أنهيم سيألوا النيبي صيلى الله علييه وسيلم عين الوتير فقال "الوتير
قبييل الصييبح" واختلفوا فييي جواز صييلته بعييد الفجيير ،فقوم منعوا
ذلك وقوم أجازوه مييا لم يصييل الصييبح ،وبالقول الول قال أبييو
يوسيف ومحميد بين الحسين صياحبا أبيي حنيفية وسيفيان الثوري،
وبالثاني قال الشافعي ومالك وأحمد.
وسبب اختلفهم معارضة عمل الصحابة في ذلك بالثار ،وذلك أن
ظاهيير الثار الواردة فييي ذلك أن ل يجوز أن يصييلي بعييد الصييبح
كحدييث أبيي نضرة المتقدم وحدييث أبيي حذيفية العدوي نيص فيي
هذا خرجيه أبيو داود وفييه "وجعلهيا لكيم ميا بيين صيلة العشاء إلى
أن يطلع الفجر" ول خلف بين أهل الصول أن ما بعد إلى بخلف
ميا قبلهيا إذا كانيت غايية ،وإن هذا وإن كان مين باب دلييل الخطاب
فهييو ميين أنواعييه المتفييق عليهييا ،مثييل قوله {وأتموا الصيييام إلى
اللييل} وقوله {إلى المرفقيين} ل خلف بيين العلماء أن ميا بعيد
الغاية بخلف الغاية وأما العمل المخالف في ذلك للثر فإنه روي
عين ابين مسيعود وابين عباس وعبادة بين الصيامت وحذيفية وأبيي
الدرداء وعائشة أنهم كانوا يوترون بعد الفجر وقبل صلة الصبح،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ولم يرو عيين غيرهييم ميين الصييحابة خلف هذا؛ وقييد رأى قوم أن
مثييل هذا هييو داخييل فييي باب الجماع ول معنييى لهذا فإنييه ليييس
ينسيب إلى سياكت قول قائل :أعنيي أنيه لييس ينسيب إلى الجماع
من لم يعرف له قول في المسألة.
وأما هذه المسألة فكيف يصح أن يقال إنه لم يرو في ذلك خلف
عين الصيحابة ،وأي خلف أعظيم مين خلف الصيحابة الذيين رووا
هذه الحادييث ،أعنيي خلفهيم لهؤلء الذيين أجازوا صيلة الوتير بعيد
الفجر ،والذي عندي في هذا أن هذا من فعلهم ليس مخالفا للثار
الواردة في ذلك أعني في إجازتهم الوتر بعد الفجر ،بل إجازتهم
ذلك هييو ميين باب القضاء ل ميين باب الداء ،وإنمييا يكون قولهييم
خلف الثار لو جعلوا صيلته بعيد الفجير مين باب الداء فتأميل هذا،
وإنميا يتطرق الخلف لهذه المسيألة مين باب اختلفهيم فيي هيل
القضاء في العبادة المؤقتة يحتاج إلى أمر جديد أم ل؟ أعني غير
أمير الداء وهذا التأوييل بهيم ألييق ،فإن أكثير ميا نقيل عنهيم هذا
المذهيب مين أنهيم أبصيروا يقضون الوتير قبيل الصيلة وبعيد الفجير
وإن كان الذي نقل عن ابن مسعود في ذلك قول ،أعني أنه كان
يقول :إن وقيت الوتير مين بعيد العشاء الخرة إلى صيلة الصيبح،
فلييس يجيب لمكان هذا أن يظين بجمييع مين ذكرناه مين الصيحابة
أنه يذهب هذا المذهب من قبل أنه أبصر يصلي الوتر بعد الفجر،
فينبغي أن تتأمل صفة النقل في ذلك عنهم .وقد حكى ابن المنذر
فيييي وقيييت الوتييير عييين الناس خمسييية أقوال :منهيييا القولن
المشهوران اللذان ذكرتهميا .والقول الثالث أنيه يصيلي الوتير وإن
صيلى الصيبح ،وهيو قول طاوس .والرابيع أنيه يصيليها وإن طلعيت
الشميس ،وبيه قال أبيو ثور والوزاعيي .والخاميس أنيه يوتير مين
الليلة القابلة وهيو قول سيعيد بين جيبير .وهذا الختلف إنميا سيببه
اختلفهيم فيي تأكيده وقربيه مين درجية الفرض ،فمين رآه أقرب
أوجيب القضاء فيي زمان أبعيد مين الزمان المختيص بيه ،ومين رآه
أبعد أوجب القضاء في زمان أقرب ،ومن رآه سنة كسائر السنن
ضعف عنده القضاء إذ القضاء إنما يجب في الواجبات ،وعلى هذا
يجييء اختلفهيم فيي قضاء صيلة العييد لمين فاتتيه ،وينبغيي أن ل
يفرق فيي هذا بيين الندب والواجيب أعنيي أن مين رأى أن القضاء
فييي الواجييب يكون بأميير متجدد أن يعتقييد مثييل ذلك فييي الندب،
ومن رأى أنه يجب بالمر الول أن يعتقد مثل ذلك في الندب
وأما اختلفهم في القنوت فيه فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه
يقنييت فيييه ومنعييه مالك وأجازه الشافعييي فييي أحييد قوليييه فييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
النصييف الخيير ميين رمضان ،وأجازه قوم فييي النصييف الول ميين
رمضان ،وقوم في رمضان كله.
والسبب في اختلفهم في ذلك اختلف الثار ،وذلك أنه روي عنه
صيلى الله علييه وسيلم القنوت مطلقيا ،وروي عنيه القنوت شهرا،
وروي عنه أنه آخر أمره لم يكن يقنت في شيء من الصلة ،وأنه
نهيى عين ذلك ،وقيد تقدميت هذه المسيألة .وأميا صيلة الوتير على
الراحلة حييث توجهيت بيه فإن الجمهور على جواز ذلك لثبوت ذلك
من فعله عليه الصلة والسلم ،أعني أنه كان يوتر على الراحلة:
وهو مما يعتمدونه في الحجة على أنها ليست بفرض إذا كان قد
صح عنه عليه الصلة والسلم "أنه كان يتنفل على الراحلة" ولم
يصييح عنييه أنييه صييلى قييط مفروضيية على الراحلة .وأمييا الحنفييية
فلمكان اتفاقهييم معهييم على هذه المقدميية ،وهييو أن كييل صييلة
مفروضة ل تصلى على الراحلة ،واعتقادهم أن الوتر فرض وجب
عندهيم مين ذلك أن ل تصيلى على الراحلة ،وردوا الخيبر بالقياس
وذلك ضعيف.
وذهيب أكثير العلماء إلى أن المرء إذا أوتير ثيم نام فقام يتنفيل أنيه
ل يوتر ثانية ،لقوله عليه الصلة والسلم "ل وتران في ليلة" خرج
ذلك أبو داود ،وذهب بعضهم إلى أنه يشفع الوتر الول بأن يضيف
إليه ركعة ثانية ويوتر أخرى بعد التنفل شفعا ،وهي المسألة التي
يعرفونهيا بنقيض الوتير وفييه ضعيف مين وجهيين :أحدهميا أن الوتير
لييس ينقلب إلى النفيل بتشفيعيه ،والثانيي أن التنفيل بواحدة غيير
معروف من الشرع .وتجويز هذا ول تجويزه هو سبب الخلف في
ذلك ،فمين راعيى مين الوتير المعقول وهيو ضيد الشفيع قال ينقلب
شفعا إذا أضيف إليه ركعة ثانيا ،ومن راعى منه المعنى الشرعي
قال :لييس ينقلب شفعيا لن الشفيع نفيل والوتير سينة مؤكدة أو
واجبة.
**3الباب الثاني في ركعتي الفجر.
@-واتفقوا على أن ركعتييي الفجيير سيينة لمعاهدتييه عليييه الصييلة
والسيلم على فعلهيا أكثير منيه على سيائر النوافيل والترغيبية فيهيا،
ولنيه قضاهيا بعيد طلوع الشميس حيين نام عين الصيلة .واختلفوا
مين ذلك فيي مسيائل إحداهيا فيي المسيتحب مين القراءة فيهميا؛
فعنيييد مالك المسيييتحب أن يقرأ فيهميييا بأم القرآن فقيييط ،وقال
الشافعيي :ل بأس أن يقرأ فيهميا بأم القرآن ميع سيورة قصييرة،
وقال أبو حني فة :ل توقيف فيهما فيي القراءة يستحب ،وأ نه يجوز
أن يقرأ فيهمييا المرء حزبييه ميين الليييل .والسييبب فييي اختلفهييم
اختلف قراءتيه علييه الصيلة والسيلم فيي هذه الصيلة واختلفهيم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي تعييين القراءة فيي الصيلة ،وذلك أنيه روي عنيه علييه الصيلة
والسيلم "أنيه كان يخفيف ركعتيي الفجير" على ميا روتيه عائشية
قالت "حتيى أنيي أقول أقرأ فيهميا بأم القرآن أم ل؟" فظاهير هذا
أنيه كان يقرأ فيهميا بأم القرآن فقيط .وروي عنيه مين طرييق أبيي
هريرة خرجه أبو داود "أنه كان يقرأ فيهما بقل هو الله أحد وقل
يا أيها الكافرون" فمن ذهب مذهب حديث عائشة اختار قراءة أم
القرآن فقيط ،ومين ذهيب مذهيب الحدييث الثانيي اختار أم القرآن
وسورة قصيرة ،ومن كان على أصله في أنه ل تتعين للقراءة في
الصيلة لقوله تعالى {فاقرءوا ميا تيسير منيه} قال يقرأ فيهميا ميا
أحب.
والثانيييية فيييي صيييفة القراءة المسيييتحبة فيهميييا ،فذهيييب مالك
والشافعيي وأكثير العلماء إلى أن المسيتحب فيهميا هيو السيرار،
وذهيب قوم إلى أن المسيتحب فيهميا هيو الجهير ،وخيير قوم فيي
ذلك بين السرار والجهر .والسبب في ذلك تعارض مفهوم الثار،
وذلك أن حدييث عائشية المتقدم المفهوم مين ظاهره "أنيه علييه
الصيلة والسيلم كان يقرأ فيه ما سيرا" ولول ذلك لم تشك عائشية
هيل قرأ فيهميا بأم القرآن أم ل؟ وظاهير ميا روى أبيو هريرة أنيه
كان يقرأ فيهميا بيي {قيل ييا أيهيا الكافرون} و {قيل هيو الله أحيد}
أن قراءتيه علييه الصيلة والسيلم فيهميا جهرا" ولول ذلك ميا علم
أبيو هريرة ميا كان يقرأ فيهميا ،فمين ذهيب مذهيب الترجييح بيين
هذيين الثريين قال :إميا باختيار الجهير إن رحيج حدييث أبيي هريرة،
وإميا باختيار السيرار إن رجيح حدييث عائشية ،ومين ذهيب مذهيب
الجمييع قال بالتخيييير والثالثيية فييي الذي لم يصييل ركعتييي الفجيير
وأدرك المام فييي الصييلة أو دخييل المسييجد ليصييلهما ،فأقيمييت
الصييلة فقال مالك :إذا كان قييد دخييل المسييجد فأقيمييت الصييلة
فليدخيل ميع المام فيي الصيلة ول يركعهميا فيي المسيجد والمام
يصلي الفرض ،وإن كان لم يدخل المسجد فإن لم يخف أن يفوته
المام بركعيية فليركعهييا خارج المسييجد ،وإن خاف فوات الركعيية
فليدخل مع المام ثم يصليهما إذا طلعت الشمس؛
ووافيق أبيو حنيفية مالكيا فيي الفرق بيين أن يدخيل المسيجد أو ل
يدخله ،وخالفيه فيي الحيد فيي ذلك فقال :يركعهميا خارج المسيجد
ميا ظين أنيه يدرك ركعية مين الصيبح ميع المام .وقال الشافعيي إذا
أقيميت الصيلة المكتوبية فل يركعهميا أصيل ل داخيل المسيجد ول
خارجيه ،وحكيى ابين المنذر أن قوميا جوزوا ركوعهميا فيي المسيجد
والمام يصييلي وهييو شاذ .والسييبب فييي اختلفهييم اختلفهييم فييي
مفهوم قوله عليه الصلة والسلم "إذا أقيمت الصلة فل صلة إل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المكتوبة" فمن حمل هذا على عمومه لم يجز صلة ركعتي الفجر
إذا أقيمييت الصييلة المكتوبيية ل خارج المسييجد ول داخله ،وميين
قصييره على المسييجد فقييد أجاز ذلك خارج المسييجد مييا لم تفتييه
الفريضية أو لم يفتيه منهيا جزء .ومين ذهيب مذهيب العموم فالعلة
عنده في النهي إنما هو الشتغال بالنفل عن الفريضة ،ومن قصر
ذلك على المسجد فالعلة عنده إنما هو أن تكون صلتان معا في
موضع واحد لمكان الختلف على المام كما روي عن أبي سلمة
بيين عبييد الرحميين أنييه قال "سييمع قوم القاميية فقاموا يصييلون،
فخرج عليهيم رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فقال :أصيلتان
معا؟ أصلتان معا؟" قال :وذلك في صلة الصبح والركعتين اللتين
قبل الصبح.
وإنميا اختلف مالك وأبيو حنيفية فيي القدر الذي يراعيى مين فوات
صيلة الفريضية مين قبيل اختلفهيم فيي القدر الذي بيه يفوت فضيل
صييلة الجماعيية للمشتغييل بركعتييي الفجيير إذا كان فضييل صييلة
الجماعية عندهيم أفضيل مين ركعتيي الفجير ،فمين رأى أنيه بفوات
ركعة منها يفوته فضل صلة الجماعة قال :يتشاغل بها ما لم تفته
ركعة من الصلة المفروضة ،ومن رأى أنه يدرك الفضل إذا أدرك
ركعة من الصلة لقوله عليه الصلة والسلم "من أدرك ركعة من
الصيلة فقيد أدرك الصيلة" أي قيد أدرك فضلهيا وحميل ذلك على
عموميه فيي تارك ذلك قصيدا أو بغيير اختيار قال :يتشاغيل بهيا ميا
ظين أنيه يدرك ركعية منهيا .ومالك إنميا يحميل هذا الحدييث والله
أعلم على من فاتته الصلة دون قصد منه لفواتها ،ولذلك رأى أنه
إذا فاتته منها ركعة فقد فاته فضلها .وأما من أجاز ركعتي الفجر
في المسجد والصلة تقام ،فالسبب في ذلك أحد أمرين :إما أنه
لم يصيح عنده هذا الثير أو لم يبلغيه .قال أبيو بكير بين المنذر :هيو
أثر ثابت :أعني قوله عليه الصلة والسلم "إذا أقيمت الصلة فل
صلة إل المكتوبة"
وكذلك صيححه أبيو عمير بين عبيد البر ،وإجازة ذلك تروى عين ابين
مسيعود ،والرابعية فيي وقيت قضائهيا إذا فاتيت حتيى صيلى الصيبح،
فإن طائفية قالت يقضيهيا بعيد صيلة الصيبح ،وبيه قال عطاء وابين
جريج وقال قوم يقضيها بعد طلوع الشمس ،ومن هؤلء من جعل
لهيا غيير هذا الوقيت غيير المتسيع ،ومنهيم مين جعله لهيا متسيعا
فقال :يقضيهيييا مييين لدن طلوع الشميييس إلى وقيييت الزوال ول
يقضيهيا بعيد الزوال ،ومين هؤلء الذيين قالوا بالقضاء ،ومنهيم مين
استحب ذلك ،ومنهم من خير فيه .والصل في قضائها صلته لها
عليه الصلة والسلم بعد طلوع الشمس حين نام عن الصلة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
على الوجوب فإن هذا قد قال به قوم قال الركعتان غير واجبتين،
لكين الجمهور إنميا ذهبوا إلى حميل المير ههنيا على الندب لمكان
التعارض الذي بينه وبين الحاديث التي تقتضي بظاهرها أو بنصها
أن ل صلة مفروضة إل الصلوات الخمس التي ذكرناها في صدر
هذا الكتاب مثيل حدييث العرابيي وغيره ،وذلك أنيه إن حميل المير
ههنييا على الوجوب لزم أن تكون المفروضات أكثيير ميين خمييس،
ولمين أوجبهيا أن الوجوب ههنيا إنميا هيو متعلق بدخول المسيجد ل
مطلقيا ،كالمير بالصيلوات المفروضية ،وللفقهاء أن تقيييد وجوبهيا
بالمكان شييييبيه وجوبهييييا بالزمان ،ولهييييل الظاهيييير أن المكان
المخصيوص ليييس مين شرط صيحة الصيلة ،والزمان مين شرط
صحة الصلة المفروضة .واختلف العلماء من هذا الباب فيمن جاء
بالمسيجد وقيد ركيع ركعتيي الفجير فيي بيتيه ،هيل يركيع عنيد دخوله
المسيجد أم ل؟ فقال الشافعيي :يركيع ،وهيي روايية أشهيب عين
مالك؛ وقال أبييو حنيفيية :ل يركييع ،وهييي رواييية ابيين القاسييم عيين
مالك .وسبب اختلفهم معارضة عموم قوله عليه الصلة والسلم
"إذا جاء أحدكييم المسييجد فليركييع ركعتييين" وقوله عليييه الصييلة
والسيلم "ل صيلة بعيد الفجير إل ركعتيي الصيبح" فههنيا عمومان
وخصيوصان :أحدهميا فيي الزمان ،والخير فيي الصيلة ،وذلك أن
حدييث المير بالصيلة عنيد دخول المسيجد عام فيي الزمان خاص
فيي الصيلة ،والنهيي عين الصيلة بعيد الفجير إل ركعتيا الصيبح خاص
في الزمان عام في الصلة ،فمن استثنى خاص الصلة من عامها
رأى الركوع بعيد ركعتيي الفجير ،ومين اسيتثنى خاص الزمان مين
عامييه لم يوجييب ذلك ،وقييد قلنييا :إن مثييل هذا التعارض إذا وقييع
فليييس يجييب أن يصييار إلى أحييد التخصيييصين إل بدليييل ،وحديييث
النهييي ل يعارض بييه حديييث الميير الثابييت والله أعلم ،فإن ثبييت
الحديث وجب طلب الدليل من موضع آخر.
**3الباب الخامس في قيام رمضان.
@-وأجمعوا على أن قيام شهر رمضان مرغب فيه أكثر من سائر
الشهيير لقوله عليييه الصييلة والسييلم "ميين قام رمضان إيمانييا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وأن التراويح التي جمع عليها
عمير بين الخطاب الناس مرغيب فيهيا وإن كانوا اختلفوا أي أفضيل
أهيي أو الصيلة آخير اللييل؟ أعنيي التيي كانيت صيلة رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم ،لكين الجمهور على أن الصيلة آخير اللييل
أفضيل لقوله علييه الصيلة والسيلم "أفضيل الصيلة صيلتكم فيي
بيوتكييم إل المكتوبيية" ولقول عميير فيهييا" :والتييي تنامون عنهييا
أفضييل" واختلفوا فييي المختار ميين عدد الركعات التييي يقوم بهييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الناس فييي رمضان ،فاختار مالك فييي أحييد قوليييه ،وأبييو حنيفيية
والشافعيي وأحميد ودواد القيام بعشريين ركعية سيوى الوتير ،وذكير
ابن القاسم عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلثين ركعة والوتر
ثلث .وسييبب اختلفهييم اختلف النقييل فييي ذلك ،وذلك أن مالكييا
روى عن يزيد بن رومان قال :كان الناس يقومون في زمان عمر
بن الخطاب بثلث وعشرين ركعة .وخرج ابن أبي شيبة عن داود
بين قييس قال :أدركيت الناس بالمدينية فيي زمان عمير بين عبيد
العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستا وثلثين ركعة ويوترون بثلث،
وذكير ابين القاسيم عين مالك أنيه المير القدييم :يعنيي القيام بسيت
وثلثين ركعة.
**3الباب السادس في صلة الكسوف.
@-اتفقوا على أن صلة كسوف الشمس سنة وأن ها في جماعة،
واختلفوا فيي صيفتها وفيي صيفة القراءة فيهيا وفيي الوقات التيي
تجوز فيها ،وهل من شروطها الخطبة أم ل؟ وهل كسوف القمر
في ذلك ككسوف الشمس؟ ففي ذلك خمس مسائل أصول في
هذا الباب.
@(-المسيألة الولى) ذهيب مالك والشافعيي وجمهور أهيل الحجاز
وأحميد أن صيلة الكسيوف ركعتان فيي كيل ركعية ركوعان؛ وذهيب
أبييو حنيفيية والكوفيون إلى أن صييلة الكسييوف ركعتان على هيئة
صلة العيد والجمعة .والسبب في اختلفهم اختلف الثار الواردة
في هذا الباب ومخالفة القياس لبعضها ،وذلك أنه ثبت من حديث
عائشية أنهيا قالت" :خسيفت الشميس فيي عهيد رسيول الله صيلى
الله عليييه وسييلم فصييلى بالناس فقام فأطال القيام ،ثييم ركييع
فأطال الركوع ،ثييم قام فأطال القيام وهييو دون القيام الول ،ثييم
ركيع فأطال الركوع ،وهيو دون الركوع الول ،ثيم رفيع فسيجد ،ثيم
رفع فسجد ،ثم فعل في الركعة الخرة مثل ذلك ،ثم انصرف وقد
تجلت الشميس" ولميا ثبيت أيضيا مين هذه الصيفة فيي حدييث ابين
عباس :أعنييي ميين ركوعييين فييي ركعيية .قال أبييو عميير :هذان
الحديثان ميين أصييح مييا روي فييي هذا الباب ،فميين أخييذ بهذييين
الحديثييين ورجحهمييا على غيرهمييا ميين قبييل النقييل قال :صييلة
الكسييوف ركعتان فييي ركعيية .وورد أيضييا ميين حديييث أبييي بكرة
وسمرة بن جندب وعبد الله بن عمر والنعمان بن بشير أنه صلى
فيي الكسيوف ركعتيين كصيلة العييد .قال أبيو عمير بين عبيد البر:
وهي كلها آثار مشهورة صحاح ،ومن أحسنها حديث أبي قلبة عن
النعمان بيين بشييير قال" :صييلى بنييا رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم فيي الكسيوف نحيو صيلتكم يركيع ويسيجد ركعتيين ركعتيين،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ويسيأل الله حتيى تجلت الشميس" فمين رجيح هذه الثار لكثرتهيا
وموافقتهيا للقياس :أعنيي موافقتهيا لسيائر الصيلوات قال :صيلة
الكسيوف ركعتان .قال القاضيي :خرج مسيلم حدييث سيمرة .قال
أبيو عمير :وبالجملة فإنميا صيار كيل فرييق منهيم إلى ميا ورد عين
سييلفه ،ولذلك رأى بعييض أهييل العلم أن هذا كله على التخيييير،
وممين قال بذلك الطيبري ،قال القاضيي :وهيو الولى ،فإن الجميع
أولى مين الترجييح .قال أبيو عمير :وقيد روي فيي صيلة الكسيوف
عشيير ركعات فييي ركعتييين ،وثمان ركعات فييي ركعتييين وسييت
ركعات فيي ركعتيين ،وأربيع ركعات فييي ركعتيين لكين مين طرق
ضعيفة .قال أبو بكر ابن المنذر ،وقال إسحاق بن راهويه :كل ما
ورد ميين ذلك فمؤتلف غييير مختلف لن العتبار فييي ذلك لتجلي
الكسيوف ،فالزيادة فيي الركوع إنميا تقيع بحسيب اختلف التجلي
في الكسوفات التي صلى فيها ،وروي عن العلء بن زياد أنه كان
يرى أن المصيلي ينظير إلى الشميس إذا رفيع رأسيه مين الركوع،
فإذا كانيت قيد تجلت سيجد وأضاف إليهيا ركعية ثانيية وإن كانيت لم
تنجل ركع في الركعة الواحدة ركعة ثانية ،ثم نظر إلى الشمس؛
فإن كانت قد تجلت سجد وأضاف إليها ثانية ،وإن كانت لم تنجل
ركع ثالثة في الركعة الولى وهكذا حتى تنجلي .وكان إسحاق بن
راهوييه يقول :ل يتعدى بذلك أربيع ركعات فيي كيل ركعية ،لنيه لم
يثبت عن النبي عليه الصلة والسلم أكثر من ذلك .وقال أبو بكر
بن المنذر وكان بعض أ صحابنا يقول :الختيار في صلة الكسوف
ثابيت ،والخيار فيي ذلك للمصيلي إن شاء فيي كيل ركعية ركوعيين،
وإن شاء ثلثيية ،وإن شاء أربعيية ،ولم يصييح عنده ذلك .قال :وهذا
يدل على أن النييبي عليييه الصييلة والسييلم صييلى فييي كسييوفات
كثيرة .قال القاضيي :هذا الذي ذكره هيو الذي خرجيه مسيلم ،ول
أدري كييف قال أبيو عمير فيهيا إنهيا وردت مين طرق ضعيفية .وأميا
عشر ركعات في ركعتين فإنما أخرجه أبو داود فقط.
@(-المسييألة الثانييية) واختلفوا فييي القراءة فيهييا ،فذهييب مالك
والشافعي إلى أن القراءة فيها سر .وقال أبو يوسف ومحمد بن
الحسين وإسيحاق بين راهوييه :يجهير بالقراءة فيهيا .والسيبب فيي
اختلفهييم اختلف الثار فييي ذلك بمفهومهييا وبصيييغها ،وذلك أن
مفهوم حديث ابن عباس الثابت أنه قرأ سرا لقوله فيه عنه عليه
الصيلة والسيلم "فقام قياميا نحوا مين سيورة البقرة" وقيد روي
هذا المعنيى نصيا عنيه أنيه قال "قميت إلى جنيب رسيول الله صيلى
الله عليه وسلم فما سمعت منه حرفا" وقد روي أيضا من طريق
ابين إسيحاق عين عائشية فيي صيلة الكسيوف أنهيا قالت "تحرييت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قراءتيه فحزرت أنيه قرأ سيورة البقرة ،فمين رجيح هذه الحادييث
قال :القراءة فيهييا سيير ،ولمكان مييا جاء فييي هذه الثار اسييتحب
مالك والشافعيييي أن يقرأ فيييي الولى البقرة ،وفيييي الثانيييية آل
عمران ،وفييي الثالثيية بقدر مائة وخمسييين آييية ميين البقرة ،وفييي
الرابعية بقدر خمسيين آيية مين البقرة ،وفيي كيل واحدة أم القرآن؛
ورجحوا أيضا مذهبهم هذا بما روي عنه عليه الصلة والسلم أنه
قال "صييلة النهار عجماء" ووردت ههنييا أيضييا أحاديييث مخالفيية
لهذه ،فمنهيا أنيه روى "أنيه علييه الصيلة والسيلم قرأ فيي إحدى
الركعتين في صلة الكسوف بالنجم" ومفهوم هذا أنه جهر ،وكان
أحميد وإسيحاق يحتجان لهذا المذهيب بحدييث سيفيان بين الحسين
عيين الزهري عيين عروة عيين عائشيية "أن النييبي عليييه الصييلة
والسييلم جهيير بالقراءة فييي كسييوف الشمييس" قال أبييو عميير:
سيفيان بين الحسين لييس بالقوي .وقال :وقيد تابعيه على ذلك عين
الزهري عين عبيد الرحمين بين سيليمان بين كثيير ،وكلهيم لييس فيي
حدييث الزهري ،ميع أن حدييث ابين إسيحاق المتقدم عين عائشية
يعارضييه ،واحتييج هؤلء أيضييا لمذهبهييم بالقياس الشبهييي ،فقالوا:
صيلة سينة تفعيل فيي جماعية نهارا ،فوجيب أن يجهير فيهيا أصيله
العيدان والسييتسقاء ،وخيير فيي ذلك كله الطييبري وهييي طريقية
الجميع ،وقيد قلنيا إنهيا أولى مين طريقية الترجييح إذا أمكنيت ،ول
خلف في هذا أعلمه بين الصوليين.
@(-المسيألة الثالثية) واختلفوا فيي الوقيت الذي تصيلى فييه ،فقال
الشافعي :تصلى في جميع الوقات المنهى عن الصلة فيها وغير
المنهى .وقال أبو حنيفة :ل تصلى في الوقات المنهى عن الصلة
فيهيا .وأميا مالك فروى عنيه ابين وهيب أنيه قال :ل يصيلى لكسيوف
الشمس إل في الوقت الذي تجوز فيه النافلة .وروى ابن القاسم
أن سينتها أن تصيلى ضحيى إلى الزوال .وسيبب اختلفهيم فيي هذه
المسيألة اختلفهيم فيي جنيس الصيلة التيي ل تصيلى فيي الوقات
المنهييى عنهييا ،فميين رأى أن تلك الوقات تختييص بجميييع أجناس
الصيلة لم يجيز فيهيا صيلة كسيوف ول غيرهيا ،ومين رأى أن تلك
الحاديث تختص بالنوافل وكانت الصلة عنده في الكسوف سنة
أجاز ذلك ،ومين رأى أيضيا أنهيا مين النفيل لم يجزهيا فيي أوقات
النهييي .وأمييا رواييية ابيين القاسييم عيين مالك فليييس لهييا وجييه إل
تشبيهها بصلة العيد.
@(-المسألة الرابعة) واختلفوا أيضا هل من شرطها الخطبة بعد
الصيلة؟ فذهيب الشافعيي إلى أن ذلك مين شرطهيا .وذهيب مالك
وأبيو حنيفية إلى أنيه ل خطبية فيي صيلة الكسيوف .والسيبب فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفهيم اختلفهيم فيي العلة التيي مين أجلهيا خطيب رسيول الله
صلى الله عليه وسلم الناس لما انصرف من صلة الكسوف على
ما في حديث عائشة وذلك أنها روت "أنه لما انصرف من الصلة
وقيد تجلت الشميس حميد الله وأثنيى علييه ثيم قال" :إن الشميس
والقميير آيتان ميين آيات الله ل يخسييفان لموت أحييد ول لحياتييه"
الحديث ،فزعم الشافعي أنه إنما خطب لن من سنة هذه الصلة
الخطبية كالحال فيي صيلة العيديين والسيتسقاء .وزعيم بعيض مين
قال بقول أؤلئك أن خطبية النيبي علييه الصيلة والسيلم إنميا كانيت
يومئذ لن الناس زعموا أن الشميس إنميا كسيفت لموت إبراهييم
ابنه عليه السلم.
@(-المسييألة الخامسيية) واختلفوا فييي كسييوف القميير ،فذهييب
الشافعي إلى أنه يصلى له في جماعة ،وعلى نحو ما يصلى في
كسوف الشمس ،وبه قال أحمد وداود وجماعة؛ وذهب مالك وأبو
حنيفة إلى أنه ل يصلى له في جماعة ،واستحب أن يصلي الناس
له أفذاذا ركعتييين كسييائر الصييلوات النافلة .وسييبب اختلفهييم
اختلفهييم فييي مفهوم قوله عليييه الصييلة والسييلم "إن الشمييس
والقمير آيتان مين آيات الله ل يخسيفان لموت أحيد ول لحياتيه فإذا
رأيتموهمييا فادعوا الله وصييلوا حتييى يكشييف مييا بكييم وتصييدقوا"
خرجيه البخاري ومسيلم .فمين فهيم ههنيا مين المير بالصيلة فيهميا
معنيى واحدا وهيي الصيفة التيي فعلهيا فيي كسيوف الشميس رأى
الصلة فيها في جماعة .ومن فهم من ذلك معنى مختلفا لنه لم
يرو عنيه علييه الصيلة والسيلم أنيه صيلى فيي كسيوف القمير ميع
كثرة دورانيه .قال :المفهوم مين ذلك أقيل ميا ل ينطلق علييه اسيم
صيلة فيي الشرع ،وهيي النافلة فذا ،وكأن قائل هذا يقول يرى أن
الصيل هيو أن يحميل اسيم الصيلة فيي الشرع إذا ورد المير بهيا
على أقل ما ينطلق عليه هذا السم في الشرع إل أن يدل الدليل
على غيير ذلك ،فلميا دل فعله علييه الصيلة والسيلم فيي كسيوف
الشمييس على غييير ذلك بقييي المفهوم فييي كسييوف القميير على
أصيله ،والشافعيي يحميل فعله فيي كسيوف الشميس بيانيا لمجميل
ما أمر به من الصلة فيهما ،فوجب الوقوف عند ذلك .وزعم أبو
عمر ابن عبد البر أنه روي عن ابن عباس وعثمان أنهما صليا في
القميير فييي جماعيية ركعتييين فييي كييل ركعيية ركوعان مثييل قول
الشافعي .وقد استحب قوم الصلة للزلزلة والريح والظلمة وغير
ذلك مين اليات قياسيا على كسيوف القمير والشميس لنصيه علييه
الصيلة والسيلم على العلة فيي ذلك ،وهيو كونهيا آيية ،وهيو مين
أقوى أجناس القياس عندهيم ،لنيه قياس العلة التيي نيص عليهيا،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الخطاب مثل ذلك وبه نأخذ .قال القاضي :وقد خرج ذلك أبو داود
من طرق ،ومن ذكر الخطبة فإنما ذكرها في علمي قبل الصلة،
واتفقوا على أن القراءة فيهيا جهرا ،واختلفوا هيل يكيبر فيهيا كميا
يكيبر فيي العيديين؟ فذهيب مالك إلى أنيه يكيبر فيهيا كميا يكيبر فيي
سائر الصلوات ،وذهب الشافعي إلى أنه يكبر فيها كما يكبر في
العيدين .وسبب الخلف اختلفهم في قياسها على صلة العيدين.
وقد احتج الشافعي لمذهبه في ذلك بما روي عن ابن عباس "أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم صيلى فيهيا ركعتيين كميا يصيلي
في العيدين" واتفقوا على أن من سنتها أن يستقبل المام القبلة
واقفييا ويدعييو ويحول رداءه رافعييا يديييه على مييا جاء فييي الثار
واختلفوا فييي كيفييية ذلك ،ومتييى يفعييل ذلك .فأمييا كيفييية ذلك؟
فالجمهور على أنييه يجعييل مييا على يمينييه على شماله ومييا على
شماله على يمينيه .وقال الشافعيي :بيل يجعيل أعله أسيفله ،وميا
على يمينيه منيه على يسياره ،وميا على يسياره على يمينيه .وسيبب
الختلف اختلف الثار فييي ذلك ،وذلك أنييه جاء فييي حديييث عبييد
الله ابيين زيييد "أنييه صييلى الله عليييه وسييلم خرج إلى المصييلى
يسييتسقي ،فاسييتقبل القبلة وقلب رداءه وصييلى ركعتييين" وفييي
بعييض رواياتييه قلت :أجعييل الشمال على اليمييين ،واليمييين على
الشمال ،أم أجعييل أعله أسييفله؟ قال :بييل اجعييل الشمال على
اليمين واليمين على الشمال .وجاء أيضا فيي حديث عبد الله هذا
أنييه قال "اسييتسقى رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم وعليييه
خميصية له سيوداء ،فأراد أن يأخيذ بأسيفلها فيجعله أعلهيا ،فلميا
ثقلت علييه قلبهيا على عاتقيه" وأميا متيى يفعيل المام ذلك ،فإن
مالكيا والشافعيي قال :يفعيل ذلك عنيد الفراغ مين الخطبية .وقال
أبيو يوسيف :يحول رداءه إذا مضيى صيدر مين الخطبية ،وروي ذلك
أيضا عن مالك ،وكلهم يقول :إنه إذا حول المام رداءه قائما حول
الناس أرديتهيم جلوسيا ،لقوله علييه الصيلة والسيلم "إنميا جعيل
المام ليؤتيم بيه" إل محميد بين الحسين واللييث ابين سيعد وبعيض
أصييحاب مالك ،فإن الناس عندهييم ل يحولون أرديتهييم بتحويييل
المام ،لنيه لم ينقيل ذلك فيي صيلته علييه الصيلة والسيلم بهيم،
وجماعية مين العلماء على أن الخروج لهيا وقيت الخروج إلى صيلة
العيديين إل أبيا بكير بين محميد ابين عمرو بين حزم فإنيه قال :إن
الخروج إليهيا عنيد الزوال .وروى أبيو داود عين عائشية "أن رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم خرج إلى السيتسقاء حيين بدا حاجيب
الشمس".
**3الباب الثامن في صلة العيدين.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كييف كان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يكيبر فيي الضحيى
والفطير؟ فقال أبيو موسيى كان "يكيبر أربعيا على الجنائز" فقال
حذيفة :صدق ،فقال أبو موسى :كذلك كنت أكبر في البصرة حين
كنت عليهم ،وقال قوم بهذا.
وأما أبو حنيفة وسائر الكوفيين فإنهم اعتمدوا في ذلك على ابن
مسيعود ،وذلك أنيه ثبيت عنيه أنيه كان يعلمهيم صيلة العيديين على
الصيفة المتقدمية ،وإنميا صيار الجمييع إلى الخيذ بأقاوييل الصيحابة
فييي هذه المسييألة ،لنييه لم يثبييت فيهييا عيين النييبي عليييه الصييلة
والسلم شيء ،ومعلوم أن فعل الصحابة في ذلك هو توقيف ،إذ
ل مدخيل للقياس فيي ذلك .وكذلك اختلفوا فيي رفيع اليديين عنيد
كل تكبيرة ،فمنهم من رأى ذلك وهو مذهب الشافعي؛ ومنهم من
لم يير الرفيع إل فيي السيتفتاح فقيط؛ ومنهيم مين خيير .واختلفوا
فيمن تجب عليه صلة العيد :أعني وجوب السنة ،فقالت طائفة:
يصيليها الحاضير والمسيافر ،وبيه قال الشافعيي والحسين البصيري،
وكذلك قال الشافعي إنه يصليها أهل البوادي ،ومن ل يجمع حتى
المرأة في بيتها وقال أبو حنيفة وأصحابه :إنما تجب صلة الجمعة
والعيدين على أهل المصار والمدائن .وروي عن علي أنه قال :ل
جمعة ول تشريق إل في مصر جامع .وروي عن الزهري أنه قال:
ل صيلة فطير ول أضحيى على مسيافر .والسيبب فيي هذا الختلف
اختلفهم في قياسها على الجمعة ،فمن قاسها على الجمعة كان
مذهبيه فيهيا مذهبيه فيي الجمعية ،ومين لم يقسيها رأى أن الصيل
وهو أن كل مكلف مخاطب بها حتى يثبت استثناؤه من الخطاب.
قال القاضيي :قيد فرقيت السينة بيين الحكيم للنسياء فيي العيديين
والجمعية ،وذلك أنيه ثبيت أنيه علييه الصيلة والسيلم أمير النسياء
بالخروج للعيدين ولم يأمر بذلك في الجمعة "وكذلك اختلفوا في
الموضع الذي يجب منه المجيء إليها كاختلفهم في صلة الجمعة
مين الثلثية الميال إلى مسييرة اليوم التام .واتفقوا على أن وقتهيا
ميين شروق الشمييس إلى الزوال .واختلفوا فيميين لم يأتهييم علم
بأنيه العييد إل بعيد الزوال ،فقالت طائفية :لييس عليهيم أن يصيلوا
يومهييم ول ميين الغييد وبييه قال مالك والشافعييي وأبييو ثور ،وقال
آخرون :يخرجون إلى الصييلة فييي غداة ثانييي العيييد ،وبييه قال
الوزاعييي وأحمييد وإسييحاق .قال أبييو بكيير بيين المنذر :وبييه نقول
لحدييث رويناه عين النيبي علييه الصيلة والسيلم "أنيه أمرهيم أن
يفطروا ،فإذا أصيييبحوا أن يعودوا إلى مصيييلهم" قال القاضيييي:
خرجيه أبيو داود ،إل أنيه عين صيحابي مجهول ،ولكين الصيل فيهيم
رضي الله عنهم حملهم على العدالة،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلفوا إذا اجتميع فيي يوم واحيد عييد وجمعية ،هيل يجزئ العييد
عن الجمعة؟ فقال قوم :يجزئ العيد عن الجمعة وليس عليه في
ذلك اليوم إل العصير فقيط ،وبيه قال عطاء ،وروي ذلك عين ابين
الزبيير وعلي .وقال قوم :هذه رخصية لهيل البوادي الذيين يردون
المصار للعيد والجمعة خاصة كما روي عن عثمان أنه خطب في
يوم عيييد وجمعيية فقال :ميين أحييب ميين أهييل العالييية أن ينتظيير
الجمعية فلينتظير ،ومين أحيب أن يرجيع فليرجيع ،رواه مالك فيي
الموطيأ ،وروى نحوه عين عمير بين عبيد العزييز وبيه قال الشافعيي
وقال مالك وأبيو حنيفية :إذا اجتميع عييد وجمعية فالمكلف مخاطيب
بهميا جميعيا ،العييد على أنيه سينة ،والجمعية على أنهيا فرض ،ول
ينوب أحدهميا عين الخير ،وهذا هيو الصيل إل أن يثبيت فيي ذلك
شرع يجب المصير إلييه ،ومين تمسك بقول عثمان ،فلنه رأى أن
مثل ذلك ليس هو بالرأي وإنما هو توقيف ،وليس هو بخارج عن
الصول كل الخروج .وأما إسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي
بدله لمكان صيلة العييد فخارج عين الصيول جدا ،إل أن يثبيت فيي
ذلك شرع يجب المصير إليه .واختلفوا فيمن تفوته صلة العيد مع
المام ،فقال قوم :يصييلي أربعييا ،وبييه قال أحمييد والثوري ،وهييو
مروي عين ابين مسيعود .وقال قوم :بيل يقضيهيا على صيفة صيلة
المام ركعتيين يكيبر فيهميا نحيو تكيبيره ويجهير كجهره ،وبيه قال
الشافعي وأبو ثور .وقال قوم :بل ركعتين فقط ل يجهر فيهما ول
يكبر تكبيرة العيد .وقال قوم :إن صلى المام في المصلى صلى
ركعتيين ،وإن صيلى فيي غيير المصيلى صيلى أربيع ركعات .وقال
قوم :ل قضاء علييه أصيل ،وهيو قول مالك وأصيحابه .وحكيى ابين
المنذر عنييه مثييل قول الشافعييي ،فميين قال أربعييا شبههييا بصييلة
الجمعية وهيو تشيبيه ضعييف ،ومين قال ركعتيين كميا صيلهما المام
فمصييرا إلى أن الصيل هيو أن القضاء يجيب أن يكون على صيفة
الداء ،ومن منع القضاء فلنه رأى أنها صلة من شرطها الجماعة
والمام كالجمعية ،فلم يجيب قضاؤهيا ركعتيين ول أربعيا إذ ليسيت
هي بدل من شيء ،وهذان القولن هما اللذان يتردد فيهما النظر:
أعنيي قول الشافعيي وقول مالك .وأميا سيائر القاوييل فيي ذلك
فضعيييف ل معنييى له ،لن صييلة الجمعيية بدل ميين الظهيير ،وهذه
ليسييت بدل ميين شيييء ،فكيييف يجييب أن تقاس إحداهمييا على
الخرى فييي القضاء ،وعلى الحقيقيية فليييس ميين فاتتييه الجمعيية
فصيلته للظهير قضاء بيل هيي أداء ،لنيه إذا فاتيه البدل وجبيت هيي
والله الموفق للصواب.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
النحير إلى صيلة الصيبح مين آخير أيام التشرييق ،وهيو قول مالك
والشافعيييي .وقال الزهري مضيييت السييينة أن يكيييبر المام فيييي
المصيار دبر صيلة الظهير مين يوم النحير إلى العصير مين آخير أيام
التشريق.
وبالجملة فالخلف فييي ذلك كثييير حكييى ابيين المنذر فيهييا عشرة
أقوال .وسيبب اختلفهيم فيي ذلك هيو أنيه نقلت بالعميل ولم ينقيل
في ذلك قول محدود ،فلما اختلفت الصحابة في ذلك اختلف من
بعدهم .والصل في هذا الباب قوله تعالى {واذكروا الله في أيام
معدودات} فهذا الخطاب وإن كان المقصييود بييه أول أهييل الحييج،
فإن الجمهور رأوا أنيه يعيم أهيل الحيج وغيرهيم وتلقيى ذلك بالعميل
وإن كانوا اختلفوا فيي التوقييت فيي ذلك ،ولعيل التوقييت فيي ذلك
على التخيير لنهم كلهم أجمعوا على التوقيت واختلفوا فيه .وقال
قوم :التكيبير دبر الصيلة فيي هذه اليام إنميا هيو لمين صيلى فيي
جماعيية ،وكذلك اختلفوا فييي صييفة التكييبير فييي هذه اليام ،فقال
مالك والشافعيي :يكيبر ثلثيا الله أكيبر الله أكيبر الله أكيبر .وقييل
يزيد بعد هذا ل إله إل الله وحده ل شريك له ،له الملك وله الحمد
وهيو على كيل شييء قديير .وروي عين ابين عباس أنيه يقول :الله
أكييبر كييبيرا ثلث مرات ،ثييم يقول الرابعيية ولله الحمييد .وقالت
جماعية :لييس فييه شييء مؤقيت .والسيبب فيي هذا الختلف عدم
التحديييد فييي ذلك فييي الشرع مييع فهمهييم ميين الشرع فييي ذلك
التوقييت :أعنيي فهيم الكثير .وهذا هيو السيبب فيي اختلفهيم فيي
توقيت زمان التكبير ،أعني فهم التوقيت مع عدم النص في ذلك،
وأجمعوا على أنيه يسيتحب أن يفطير فيي عييد الفطير قبيل الغدو
إلى المصيلى ،وأن ل يفطير يوم الضحيى إل بعيد النصيراف مين
الصلة ،وأنه يستحب أن يرجع من غير الطريق التي مشى عليها
لثبوت ذلك من فعله عليه الصلة والسلم.
**3الباب التاسع في سجود القرآن.
@-والكلم فيي هذا الباب ينحصير فيي خمسية فصيول :فيي حكيم
السيجود .وفيي عدد السيجدات التيي لهيا عزائم ،أعنيي التيي يسيجد
لها .وفي الوقات التي يسجد لها .وعلى من يجب السجود .وفي
صيفة السيجود .فأميا حكيم سيجود التلوة فإن أبيا حنيفية وأصيحابه
قالوا :هييو واجييب ،وقال مالك والشافعييي :هييو مسيينون وليييس
بواجييب .وسييبب الخلف اختلفهييم فييي مفهوم الواميير بالسييجود
والخبار التي معناها معنى الوامر بالسجود مثل قوله تعالى {إذا
تتلى عليهيم آيات الرحمين خروا سيجدا وبكييا} هيل هيي محمولة
على الوجوب أو على الندب فأبيو حنيفية حملهيا على ظاهرهيا مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي مرييم عنيد قوله تعالى {خروا سيجدا وبكييا} وسيادسها الولى
مين الحيج عنيد قوله تعالى {إن الله يفعيل ميا يشاء} وسيابعها فيي
الفرقان عنيد قوله تعالى {وزادهيم نفورا} وثامنهيا فيي النميل عنيد
م تنزيل} عند قوله تعالى {رب العرش العظيم} وتاسعها في {ال ّ
ص} عنيد قولهقوله تعالى {وهيم ل يسيتكبرون} وعاشرهيا فيي { ّي
م تنزيل} عند تعالى {وخر راكعا وأناب} والحادية عشرة في {ح ّ
قوله تعالى {إن كنتييم إياه تعبدون} وقيييل عنييد قوله {وهيييم ل
يسييأمون} وقال الشافعييي :أربييع عشرة سييجدة :ثلث منهييا فييي
المفصيل :فيي النشقاق وفيي النجيم وفيي {اقرأ باسيم ربيك} ولم
ص} سجدة لنها عنده من باب الشكر .وقال أحمد :هي ير في { ّ
ص}خمسية عشرة سيجدة أثبيت فيهيا الثانيية مين الحيج وسيجدة { ّي
وقال أبو حنيفة :هي اثنتا عشرة سجدة .قال الطحاوي :وهي كل
سيجدة جاءت بلفيظ الخيبر .والسيبب فيي اختلفهيم اختلفهيم فيي
المذاهيب التيي اعتمدوهيا فيي تصيحيح عددهيا وذلك أن منهيم مين
اعتميد عميل أهيل المدينية ،ومنهيم مين اعتميد القياس ،ومنهيم مين
اعتمد السماع.
أميا الذيين اعتمدوا العميل فمالك وأصيحابه .وأميا الذيين اعتمدوا
القياس فأبيو حنيفية وأصيحابه ،وذلك أنهيم قالوا :وجدنيا السيجدات
التييي أجمييع عليهييا جاءت بصيييغة الخييبر ،وهييي سييجدة العراف
م
والنحل والرعد والسراء ومريم وأول الحج والفرقان والنمل وال ّ
تنزييل ،فوجيب أن تلحيق بهيا سيائر السيجدات التيي جاءت بصييغة
ص وفيي النشقاق ،ويسيقط ثلثية جاءت الخيبر ،وهيي التيي فيي ّي
بلفظ المر وهي التي في والنجم وفي الثانية من الحج وفي اقرأ
باسيم ربيك وأميا الذيين اعتمدوا السيماع فإنهيم صياروا إلى ميا ثبيت
عنيه علييه الصيلة والسيلم مين سيجوده فيي النشقاق وفيي {اقرأ
باسم ربك} وفي {والنجم} خرج ذلك مسلم .وقال الثرم :سئل
أحميد كيم فيي الحيج مين سيجدة؟ قال سيجدتان .وصيحح حدييث
عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "في الحج
سجدتان" وهو قول عمر وعلي.
قال القاضيي :خرجيه أبيو داود .وأميا الشافعيي فإنيه إنميا صيار إلى
صي لميا رواه أبيو داود عين أبيي سيعيد الخدري "أن إسيقاط سيجدة ّ
النبي عليه الصلة والسلم قرأ وهو على المنبر آ ية السجود من
ص} فنزل وسيجد فلميا كان يوم آخير قرأهيا فتهييأ الناس سيورة { ّي
للسجود فقال :إنما هي توبة نبي ،ولكن رأيتكم تشيرون للسجود
فنزلت فسييجدت" وفييي هذا ضرب مين الحجيية لبييي حنيفيية فييي
قوله بوجوب السيجود ،لنيه علل ترك السيجود فيي هذه السيجدة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقهاء المصار عبيد الله بن الحسن العنبري .وسئل أبو عمر فيما
حكيى ابين المنذر عين غسيل الشهييد فقال :قيد غسيل عمير وكفين
وحنييط وصييلى عليييه ،وكان شهيدا يرحمييه الله .واختلف الذييين
اتفقوا على أن الشهييييد فيييي حرب المشركيييين ل يغسيييل فيييي
الشهداء مين قتيل اللصيوص أو غيير أهيل الشرك .فقال الوزاعيي
وأحميد وجماعية حكمهيم حكيم مين قتله أهيل الشرك .وقال مالك
والشافعيي :يغسيل .وسيبب اختلفهيم هيو هيل الموجيب لرفيع حكيم
الغسيل هيي الشهادة مطلقيا أو الشهادة على أيدي الكفار ،فمين
رأى أن سيبب ذلك هيي الشهادة مطلقيا قال :ل يغسيل كيل مين
نيص علييه النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه شهييد ممين قتيل .ومين
رأى أن سبب ذلك هي الشهادة من الكفار قصر ذلك عليهم .وأما
غسيل المسيلم الكافير فكان مالك يقول :ل يغسيل المسيلم والده
الكافير ول يقيبره ،إل أن يخاف ضياعيه فيوارييه .وقال الشافعيي:
لبأس بغسل المسلم قرابته من المشركين ودفنهم ،وبه قال أبو
ثور وأبو حنيفة وأصحابه قال أبو بكر بن المنذر :ليس في غسل
الميييت المشرك سيينة تتبييع ،وقييد روى "أن النييبي عليييه الصييلة
والسيلم .أمير بغسيل عميه لميا مات" .وسيبب الخلف هيل الغسيل
مين باب العبادة ،أو مين باب النظافية؟ فإن كانيت عبادة لم يجيز
غسل الكافر ،وإن كانت نظافة جاز غسله.
**4الفصل الثالث فيمن يجوز أن يغسل الميت.
@-وأما من يجوز أن يغسل الميت ،فإنهم اتفقوا على أن الرجال
يغسيلون الرجال والنسياء يغسيلون النسياء .واختلفوا فيي المرأة
تموت مع الرجال ،أو الرجل يموت مع النساء ما لم يكونا زوجين
على ثلثية أقوال :فقال قوم :يغسيل كيل واحيد منهميا صياحبه مين
فوق الثياب .وقال قوم :ييميم كيل واحيد منهميا صياحبه ،وبيه قال
الشافعيي وأبيو حنيفية وجمهور العلماء .وقال قوم :ل يغسيل واحيد
منهميا صياحبه ول ييمميه ،وبيه قال اللييث بين سيعد ،بيل يدفين مين
غيير غسيل .وسيبب اختلفهيم هيو الترجييح بيين تغلييب النهيي على
الميير ،أو الميير على النهييي ،وذلك أن الغسييل مأمور بييه ،ونظيير
الرجيل إلى بدن المرأة والمرأة إلى بدن الرجيل منهيي عنيه .فمين
غلب النهيي تغليبيا مطلقيا ،أعنيي لم يقيس المييت على الحيي فيي
كون الطهارة التراب له بدل مين طهارة الماء عنيد تعذرهيا قال :ل
يغسل واحد منهما صاحبه ول ييممه .ومن غلب المر على النهي
قال يغسيل كيل واحيد منهميا صياحبه :أعنيي غلب المير على النهيي
تغليبيا مطلقيا .ومين ذهيب إلى التيميم فلنيه رأى أنيه ل يلحيق المير
والنهي في ذلك تعارض ،وذلك أن النظر إلى مواضع التيمم يجوز
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفوا فيميا يجيب علييه ،فقال قوم :مين غسيل ميتيا وجيب علييه
الغسييل .وقال قوم :ل غسييل عليييه .وسييبب اختلفهييم معارضيية
حدييث أبيي هريرة لحدييث أسيماء ،وذلك أن أبيا هريرة روى عين
النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "مين غسيل ميتيا فليغتسيل،
ومن حمله فليتوضأ" خرجه أبو داود .وأما حديث أسماء فإنها لما
غسيلت أبيا بكير رضيي الله عنيه خرجيت فسيألت مين حضرهيا مين
المهاجريين والنصيار وقالت إنيي صيائمة ،وإن هذا يوم شدييد البرد
فهيل علي مين غسيل؟ قالوا :ل ،وحدييث أسيماء فيي هذا صيحيح.
وأميا حدييث أبيي هريرة فهيو عنيد أكثير أهيل العلم فيميا حكيى أبيو
عميير غييير صييحيح ،لكيين حديييث أسييماء ليييس فيييه فييي الحقيقيية
معارضية له ،فإن مين أنكير الشييء يحتميل أن يكون ذلك لنيه لم
تبلغه السنة في ذلك الشيء ،وسؤال أسماء والله أعلم يدل على
الخلف في ذلك في الصدر الول ،ولهذا كله قال الشافعي رضي
الله عنييه على عادتييه فييي الحتياط واللتفات إلى الثيير ل غسييل
على من غسل الميت إل أن يثبت حديث أبي هريرة.
**4الفصل الرابع في صفة الغسل .وفي هذا الفصل مسائل:
@(-إحداها) هل ينزع عن الميت قميصه إذا غسل؟ أم يغسل في
قميصه؟ اختلفوا في ذلك ،فقال مالك :إذا غسل الميت تنزع ثيابه
وتسيتر عورتيه ،وبيه قال أبيو حنيفية ،وقال الشافعيي :يغسيل فيي
قميصيه .وسيبب اختلفهيم تردد غسيله علييه الصيلة والسيلم فيي
قميصيه بيين أن يكون خاصيا بيه وبيين أن يكون سينة فمين رأى أنيه
خاص بيه أنيه ل يحرم مين النظير إلى المييت إل ميا يحرم منيه وهيو
حي قال :يغسل عريانا إل عورته فقط التي يحرم النظر إليها في
حال الحياة .وميين رأى أن ذلك سيينة يسييتند إلى باب الجماع أو
إلى المير اللهيي ،لنيه روي فيي الحدييث أنهيم سيمعوا صيوتا يقول
لهيم :ل تنزعوا القمييص ،وقيد ألقيي عليهيم النوم قال :الفضيل أن
يغسل الميت في قميصه.
@(-المسييألة الثانييية) قال أبييو حنيفيية :ل يوضييأ الميييت .وقال
الشافعيي :يوضيأ .وقال مالك :إن وضيئ فحسين .وسيبب الخلف
فييي ذلك معارضيية القياس للثيير .وذلك أن القياس يقتضييي أن ل
وضوء على المييت ،لن الوضوء طهارة مفروضية لموضيع العبادة،
وإذا أسيقطت العبادة عين المييت سيقط شرطهيا الذي هيو الوضوء
ولول أن الغسل ورد في الثار لما وجب غسله .وظاهر حديث أم
عطييية الثابييت أن الوضوء شرط فييي غسييل الميييت لن فيييه أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال فيي غسيل ابنتيه "ابدأن
بميامنها ومواضع الوضوء منها" وهذه الزيادة ثابتة خرجها البخاري
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وبه قال الشافعي .وقيل يعاد ثلثا .وقيل يعاد سبعا .وأجمعوا على
أنيه ل يزاد على السيبع شييء .واختلفوا فيي تقلييم أظفار المييت
والخييذ ميين شعره ،فقال قوم :تقلم أظفاره ويؤخييذ منييه .وقال
قوم :ل تقلم أظفاره ول يؤخييذ ميين شعره وليييس فيييه أثيير .وأمييا
سييبب الخلف فييي ذلك ،فالخلف الواقييع فييي ذلك فييي الصييدر
الول ،ويشبيه أن يكون سيبب الخلف فيي ذلك قياس المييت على
الحي ،فمن قاسه أوجب تقليم الظفار وحلق العانة لنها من سنة
الحييي باتفاق ،وكذلك اختلفوا فييي عصيير بطنييه قبييل أن يغسييل.
فمنهيم مين رأى ذلك ،ومنهيم مين لم يره .فمين رآه رأى أن فييه
ضربا من الستنقاء من الحدث عند ابتداء الطهارة ،وهو مطلوب
مين المييت كميا هيو مطلوب مين الحيي .ومين لم يير ذلك رأى أنيه
من باب تكليف ما لم يشرع ،وأن الحي في ذلك بخلف الميت.
**3الباب الثالث في الكفان.
@-والصيل فيي هذا الباب أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
كفين فيي ثلثية أثواب بييض سيحولية لييس فيهيا قمييص ول عمامية
"وخرج أبيو داود عين ليلى بنيت قائف الثقفيية قالت "كنيت فيميت
غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فكان أول
ما أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقو ثم الدرع ثم
الخمار ثييم الملحفيية ثييم أدرجييت بعييد فييي الثوب الخيير ،قالت:
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه أكفانها
يناولناهيا ثوبيا ثوبيا" فمين العلماء مين أخيذ بظاهير هذيين الثريين
فقال :يكفين الرجيل فيي ثلثية أثواب والمرأة فيي خمسية أثواب،
وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة .وقال أبو حنيفة :أقل ما تكفن
فيه المرأة ثلثة أثواب ،والسنة خمسة أثواب ،وأقل ما يكفن فيه
الرجيل ثوبان ،والسينة فييه ثلثية أثواب .ورأى مالك أنيه ل حيد فيي
ذلك ،وأنيه يجزئ ثوب واحيد فيهميا إل أنيه يسيتحب الوتير .وسيبب
اختلفهيم فيي التوقييت اختلفهيم فيي مفهوم هذيين الثريين ،فمين
فهم منهما الباحة لم يقل بالتوقيت إل أنه استحب الوتر لتفاقهما
فيي الوتير ،ولم يفرق فيي ذلك بيين المرأة والرجيل ،وكأنيه فهيم
منهميا الباحية إل فيي التوقييت ،فإنيه فهيم منيه شرعيا لمناسيبته
للشرع ،ومين فهيم مين العدد أنيه شرع الباحية قال بالتوقييت ،إميا
على جهيية الوجوب ،وإمييا على جهيية السييتحباب ،وكله واسييع إن
شاء الله وليييس فيييه شرع محدود ،ولعله تكلف شرع فيمييا ليييس
فييه شرع ،وقيد كفين مصيعب بين عميير يوم أحيد بنمرة فكانوا إذا
غطوا بهيا رأسيه خرجيت رجله ،وإذا غطوا بهيا رجلييه خرج رأسيه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "غطوا بها رأسه واجعلوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجنازة منسوخ بما روى مالك من حديث علي بن أبي طالب "أن
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم كان يقوم فييي الجنائز ثييم
جلس" وذهب قوم إلى وجوب القيام ،وتمسكوا في ذلك بما روي
من أمره صلى الله عليه وسلم بالقيام لها كحديث عامر بن ربيعة
قال :قال رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم "إذا رأيتييم الجنائز
فقوموا إليها حتى تخلفكم أو توضع" واختلف الذين رأوا أن القيام
منسوخ في القيام على القبر في وقت الدفن ،فبعضهم رأى أنه
لم يدخيل تحيت النهيي ،وبعضهيم رأى أنيه داخيل تحيت النهيي على
ظاهير اللفيظ ،ومين أخرجيه مين ذلك احتيج بفعيل علي فيي ذلك،
وذلك أنيه روى النسيخ ،وقام على قيبر ابين المكفيف فقييل له أل
تجلس يا أمير المؤمنين؟ فقال :قليل لخينا قيامنا على قبره.
**3الباب الخامس في الصلة على الجنازة.
@-وهذه الجملة يتعلق ب ها بعيد معرفية وجوبها فصيول :أحدهيا فيي
صفة صلة الجنازة .والثاني :على من يصلي ،ومن أولى بالصلة.
والثالث :فيي وقيت هذه الصيلة .والرابيع :فيي موضيع هذه الصيلة.
والخامس :في شروط هذه الصلة.
**4الفصل الول في صفة صلة الجنازة .فأما صفة الصلة فإنها
يتعلق بها مسائل:
@(-المسيألة الولى) اختلفوا فيي عدد التكيبير فييي الصيدر الول
اختلفا كثيرا من ثلث إلى سبع :أعني الصحابة رضي الله عنهم،
ولكن فقهاء المصار على أن التكبير في الجنازة أربع ،إل ابن أبي
ليلى وجابر بيين زيييد فإنهمييا كانييا يقولون إنهمييا خمييس .وسييبب
الختلف اختلف الثار فيي ذلك ،وذلك أنيه روي مين حدييث أبيي
هريرة "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم نعيى النجاشيي فيي
اليوم الذي مات فييه ،وخرج بهيم إلى المصيلى فصيف بهيم وكيبر
أربييع تكييبيرات" وهييو حديييث متفييق على صييحته ،ولذلك أخييذ بييه
جمهور فقهاء المصيار ،وجاء فيي هذا المعنيى أيضيا مين "أنيه علييه
الصلة والسلم صلى على قبر مسكينة فكبر عليها أربعا" وروى
مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال "كان زيد بن أرقم
يكييبر على الجنائز أربعييا ،وأنييه كييبر على جنازة خمسييا ،فسييألناه
فقال :كان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يكبرهيا" وروي عين
أبيي خيثمية عين أبييه قال "كان النيبي صيلى الله علييه وسيلم يكيبر
على الجنائز أربعيييا وخمسيييا وسيييتا وسيييبعا وثمانييييا حتيييى مات
النجاشي ،فصف الناس وراءه وكبر أربعا ،ثم ثبت صلى الله عليه
وسيلم على أربيع حتيى توفاه الله" وهذا فييه حجية لئحية للجمهور.
وأجمييع العلماء على رفييع اليدييين فييي أول التكييبير على الجنازة،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلفوا في سائر التكيبير ،فقال قوم :يرفع؛ وقال قوم :ل يرفع.
وروى الترمذي عين أبيي هريرة "أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسييلم كييبر فييي جنازة فرفييع يديييه فييي أول التكييبير ووضييع يده
اليمنى على اليسرى" فمن ذهب إلى ظاهر هذا الثر وكان مذهبه
فيي الصيلة أنيه ل يرفيع إل فيي أول التكيبير قال :الرفيع فيي أول
التكيبير .ومين قال يرفيع فيي كيل تكيبير شبيه التكيبير الثانيي بالول،
لنه كله يفعل في حال القيام والستواء.
@(-المسألة الثانية) اختلف الناس في القراءة في صلة الجنازة،
فقال مالك وأبيو حنيفية :لييس فيهيا قراءة إنميا هيو الدعاء .وقال
مالك :قراءة فاتحية الكتاب فيهيا لييس بعمول بيه فيي بلدنيا بحال
قال :وإنميا يحميد الله ويثنيي علييه بعيد التكيبيرة الولى ثيم يكيبر
الثانيية فيصيلي على النيبي صيلى الله علييه وسيلم ،ثيم يكيبر الثالثية
فيشفع للمييت ثيم يكيبر الرابعية ويسيلم .وقال الشافعيي :يقرأ بعد
التكبيرة الولى بفاتحة الكتاب ،ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل
ذلك ،وبه قال أحمد وداود .وسبب اختلفهم معارضة العمل للثر
وهل يتناول أيضا اسم الصلة صلة الجنائز أم ل؟ أما العمل فهو
الذي حكاه مالك عن بلده ،وأما الثر فما رواه البخاري عن طلحة
بين عبيد الله بين عوف قال :صيليت خلف ابين عباس على جنازة
فقرأ بفاتحيية الكتاب فقال :تعلموا أنهييا السيينة ،فميين ذهييب إلى
ترجيح هذا الثر على العمل وكان اسم الصلة يتناول عنده صلة
الجنازة وقييد قال صييلى الله عليييه وسييلم "ل صييلة إل بفاتحيية
الكتاب" رأى قراءة فاتحية الكتاب فيهيا .ويمكين أن يحتيج لمذهيب
مالك بظواهير الثار التيي نقيل فيهيا دعاؤه علييه الصيلة والسيلم
على الجنائز ،ولم ينقيل فيهيا أنيه قرأ ،وعلى هذا فتكون تلك الثار
كأنهيا معارضية لحدييث ابين عباس ومخصيصة لقوله "ل صيلة إل
بفاتحة الكتاب" وذكر الطحاوي عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن
سيهل بين حنييف قال وكان مين كيبراء الصيحابة وعلمائهيم وأبناء
الذييين شهدوا بدرا :أن رجل ميين أصييحاب النييبي عليييه الصييلة
والسيلم أخيبره أن السينة فيي الصيلة على الجنائز أن يكيبر المام
ثييم يقرأ فاتحيية الكتاب سييرا فييي نفسييه ،ثييم يخلص الدعاء فييي
التكييبيرات الثلث .قال ابيين شهاب :فذكرت الذي أخييبر بييه أبييو
أماميية ميين ذلك لمحمييد بيين سييويد الفهري فقال :وأنييا سييمعت
الضحاك بين قييس يحدث عين حيبيب بين مسيلمة فيي الصيلة على
الجنائز بمثل ما حدثك به أبو أمامة.
@(-المسيألة الثالثية) واختلفوا فيي التسيليم مين الجنازة هيل هيو
واحييد أو اثنان؟ فالجمهور على أنييه واحييد؛ وقالت طائفيية وأبييو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المام ،والنساء مما يلي القبلة .وقال قوم بخلف هذا :أي النساء
ممييا يلي المام ،والرجال ممييا يلي القبلة؛ وفيييه قول ثالث أنييه
يصيلي كييل على حدة الرجال مفردون والنسيياء مفردات .وسيبب
الخلف ميا يغلب على الظين باعتبار أحوال الشرع مين أنيه يجيب
أن يكون فييي ذلك شرع محدود ،مييع أنييه لم يرد فييي ذلك شرع
يجييب الوقوف عنده ،ولذلك رأى كثييير ميين الناس أنييه ليييس فييي
أمثال هذه المواضييع شرع أصييل .وأنييه لو كان فيهييا شرع لبييين
للناس ،وإنما ذهب الكثر لما قلناه من تقديم الرجال على النساء
ل ما رواه مالك فيي الموطيأ مين أن عثمان بن عفان وعبيد الله بين
عمييير وأبيييا هريرة كانوا يصيييلون على الجنائز بالمدينييية الرجال
والنسياء معيا ،فيجعلون الرجال مميا يلي المام ،ويجعلون النسياء
مما يلي القبلة .وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن نافع عن ابن
عمر أ نه صلى كذلك على جنازة فيها ابن عباس وأ بو هريرة وأبو
سعيد الخدري وأبو قتادة والمام يومئذ سعيد بن العاص ،فسألهم
عين ذلك ،أو أمير مين سيألهم فقالوا :هيي السينة ،وهذا يدخيل فيي
المسيند عندهيم ،ويشبيه أن يكون مين قال بتقدييم الرجال شبههيم
أمام المام بحالهيم خلف المام فيي الصيلة ،ولقوله علييه الصيلة
والسيلم "أخروهين مين حييث أخرهين الله" .وأميا مين قال بتقدييم
النسياء على الرجال فيشبيه أن يكون اعتقيد أن الول هيو المقدم
ولم يجعل التقديم بالقرب من المام .وأما من فرق فاحتياطا من
أن ل يجوز ممنوعييا ،لنييه لم ترد سيينة بجواز الجمييع ،فيحتمييل أن
يكون على أصيل الباحية ،ويحتميل أن يكون ممنوعيا بالشرع ،وإذا
وجد الحتمال وجب التوقف إذا وجد إليه سبيل.
@(-المسيألة السيادسة) واختلفوا فيي الذي يفوتيه بعيض التكيبير
على الجنازة فيي مواضع :منها هيل يدخل بتكبير أم ل؟ ومنهيا هل
يقضيي ميا فاتيه أم ل؟ وإن قضيى فهيل يدعيو بيين التكيبير أم ل؟
فروى أشهييب عيين مالك أنييه يكييبر أول دخوله ،وهييو أحييد قولي
الشافعيي .وقال أبيو حنيفية :ينتظير حتيى يكيبر المام وحينئذ يكيبر،
وهيي روايية ابين القاسيم عين مالك ،والقياس التكيبير قياسيا على
من دخل في المفروضة .واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي على
أنيه يقضيي ميا فاتيه مين التكيبير إل أن أبيا حنيفية يرى أن يدعيو بيين
التكيبير المقضيي ومالك والشافعيي يريان أن يقضييه نسيقا ،وإنميا
اتفقوا على القضاء لعموم قوله عليه الصلة والسلم "ما أدركتم
فصلوا وما فاتكم فأتموا" فمن رأى أن هذا العموم يتناول التكبير
والدعاء قال :يقتضييي التكييبير ومييا فاتييه ميين الدعاء ،وميين أخرج
الدعاء مين ذلك إذ كان غيير مؤقيت قال :يقضيي التكيبير فقيط إذ
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان هيو المؤقيت ،فكان تخصييص الدعاء مين ذلك العموم هيو مين
باب تخصيييص العام بالقياس ،فأبييو حنيفيية أخييذ بالعموم وهؤلء
بالخصوص.
@(-المسألة السابعة) واختلفوا في الصلة على القبر لمن فاتته
الصييلة على الجنازة فقال مالك :ل يصييلى على القييبر؛ وقال أبييو
حنيفية :ل يصيلي على القيبر إل الولي فقيط إذا فاتتيه الصيلة على
الجنازة ،وكان الذي صلى عليها غير وليها؛ وقال الشافعي وأحمد
وداود وجماعية :يصيلي على القيبر مين فاتتيه الصيلة على الجنازة؛
واتفيييق القائلون بإجازة الصيييلة على القيييبر أن مييين شرط ذلك
حدوث الدفييين ،وهؤلء اختلفوا فيييي هذه المدة وأكثرهيييا شهييير.
وسبب اختلفهم معارضة العمل للثر .أما مخالفة العمل فإن ابن
القاسم قال :قلت لمالك فالحديث الذي جاء عن النبي صلى الله
علييه وسيلم أنيه صيلى على قيبر إمرأة قال :قيد جاء هذا الحدييث
ولييس علييه العميل ،والصيلة على القيبر ثابتية باتفاق مين أصيحاب
الحديث ،قال أحمد بن حنبل :رويت الصلة على القبر عن النبي
علييه الصييلة والسيلم مين طرق سييتة كلهيا حسييان .وزاد بعييض
المحدثين ثلثة طرق فذلك تسع .وأما البخاري ومسلم فرويا ذلك
مين طرييق أبيي هريرة .وأميا مالك فخرجيه مرسيل عين أبيي أمامية
بن سهل .وقد روى ابن وهب عن مالك مثل قول الشافعي ،وأما
أبو حنيفة فإنه جرى في ذلك على عادته فيما أحسب ،أعني من
رد أخبار الحاد التي تعم بها البلوى إذا لم تنتشر ول انتشر العمل
بهيييا ،وذلك أن عدم النتشار إذا كان خيييبرا شأنيييه شأن النتشار
قرينة توهن الخبر وتخرجه عن غلبة الظن بصدقه إلى الشك فيه
أو إلى غلبة الظن بكذبه أو نسخه :قال القاضي :وقد تكلمنا فيما
سيلف مين كتابنيا هذا فيي وجيه السيتدلل بالعميل ،وفيي هذا النوع
من الستدلل الذي يسميه الحنفية عموم البلوى ،وقلنا :إنها من
جنس واحد.
**4الفصل الثاني فيمن يصلي عليه ومن أولى بالتقديم.
@-وأجمع أكثر أهل العلم على إجازة الصلة على كل من قال ل
إله إل الله ،وفيي ذلك أثير أنيه قال علييه الصيلة والسيلم "صيلوا
على مين قال ل إله إل الله" وسيواء كان مين أهيل الكبائر أو مين
أهل البدع ،إل أن مالكا كره لهل الفضل الصلة على أهل البدع،
ولم يير أن يصيلي المام على مين قتله حدا .واختلفوا فيمين قتيل
نفسيه ،فرأى قوم أنيه ل يصيلى علييه ،وأجاز آخرون الصيلة علييه،
ومين العلماء مين لم يجيز الصيلة على أهيل الكبائر ول على أهيل
البغيي والبدع .والسيبب فيي اختلفهيم فيي الصيلة ،أميا فيي أهيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة يصلي عليه إذا نفخ فيه الروح،
وذلك أنه إذا كان له في بطن أمه أربعة أشهر فأكثر ،وبه قال ابن
أبييي ليلى .وسييبب اختلفهييم فييي ذلك معارضيية المطلق للمقيييد،
وذلك أنييه روى الترمذي عيين جابر بيين عبييد الله عيين النييبي عليييه
الصلة والسلم أنه قال "الطفل ل يصلى عليه ول يرث ول يورث
حتيى يسيتهل صيارخا" وروي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم مين
حديث المغيرة بن شعبة أنه قال "الطفل يصلى عليه" فمن ذهب
مذهييب حديييث جابر قال :ذلك عام وهذا مفسيير ،فالواجييب أن
يحميييل ذلك العموم على هذا التفسيييير ،فيكون معنيييى حدييييث
المغيرة أن الطفيل يصيلى علييه إذا اسيتهل صيارخا ،ومين ذهيب
مذهيب حدييث المغيرة قال :معلوم أن المعتيبر فيي الصيلة وهيو
حكيم السيلم والحياة والطفيل إذا تحرك فهيو حيي وحكميه حكيم
المسييلمين ،وكييل مسييلم حييي إذا مات صييلى عليييه ،فرجحوا هذا
العموم على ذلك الخصييوص لموضييع موافقيية القياس له وميين
الناس من شذ وقال :ل يصلى على الطفال أصل .وروى أبو داود
"أن النيبي علييه الصيلة والسيلم لم يصيل على ابنيه إبراهييم وهيو
ابين ثمانيية أشهير" وروي فييه "أنيه صيلى علييه وهيو ابين سيبعين
ليلة" واختلفوا فيي الصيلة على الطفال المسيبيين ،فذهيب مالك
فيي روايية البصيرين عنيه أن الطفيل مين أولد الحربييين ل يصيلى
عليه حتى يعقل السلم سواء سبى مع أبويه أو لم يسب معهما،
وأن حكميه حكيم أبوييه إل أن يسيلم الب فهيو تابيع له دون الم،
ووافقيه الشافعيي على هذا إل أنيه إن أسيلم أحيد أبوييه فهيو عنده
تابييع لميين أسييلم منهمييا ل للب وحده على مييا ذهييب إليييه مالك.
وقال أبيو حنيفية :يصيلى على الطفال المسيبيين ،وحكمهيم حكيم
مين سيباهم .وقال الوزاعيي :إذا ملكهيم المسيلمون صيلى عليهيم:
يعنيي إذا بيعوا فيي السيبي .قال :وبهذا جرى العميل فيي الثغير وبيه
الفتيييا فيييه .وأجمعوا على أنييه إذا كانوا مييع آبائهييم ولم يملكهييم
مسلم ول أسلم أحد أبويهم أن حكمهم حكم آبائهم .والسبب في
اختلفهم اختلفهم في أطفال المشركين هل هم من أهل الجنة
أو مين أهيل النار؟ وذلك أنيه جاء فيي بعيض الثار أنهيم مين آبائهيم:
أي أن حكمهم حكم آبائهم ودليل قوله عليه الصلة والسلم "كل
مولود يولد على الفطرة" أن حكمهيم حكيم المؤمنيين .وأميا مين
أولى بالتقديييم للصييلة على الجنازة فقيييل الولي وقيييل الوالي،
فمن قال الوالي شبهه بصلة الجمعة من حيث هي صلة جماعة،
ومين قال الولي شبههيا بسيائر الحقوق التيي الولي أحيق بهيا ،مثيل
مواراته ودفنه ،وأكثر أهل العلم على أن الوالي بها أحق.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال أبيو بكير بين المنذر :وقدم الحسيين بين علي سيعيد بين العاص
وهيو والي المدينية ليصيلي على الحسين بين علي وقال :لول أنهيا
سنة ما تقدمت ،قال أبو بكر :وبه أقول وأكثر العلماء على أنه ل
يصيلى إل على الحاضير .وقال بعضهيم يصيلى على الغائب لحدييث
النجاشييييييي ،والجمهور على أن ذلك خاص بالنجاشييييييي وحده.
واختلفوا هيل يصيلى على بعيض الجسيد والجمهور على أنيه يصيلى
على أكثره لتناول إسيم المييت له ،ومين قال أنيه يصيلى على أقله
قال :لن حرمة البعض كحرمة الكل ،لسيما إن كان ذلك البعض
محل الحياة ،وكان ممن يجيز الصلة على الغائب.
**3الفصل الثالث في وقت الصلة على الجنازة:
@-واختلفوا فييي الوقييت الذي تجوز فيييه الصييلة على الجنازة،
فقال قوم :ل يصلى عليها في الوقات الثلثة التي ورد النهي عن
الصيلة فيهيا ،وهيي وقيت الغروب والطلوع وزوال الشميس على
ظاهر حديث عقبة بن عامر "ثلث ساعات كان رسول الله صلى
الله علييه وسيلم ينهانيا أن نصيلي فيهيا وأن نقيبر موتانيا" الحدييث.
وقال قوم :ل يصييلى فييي الغروب والطلوع فقييط ،ويصييلى بعييد
العصير ميا لم تصيفر الشميس ،وبعيد الصيبح ميا لم يكين السيفار.
وقال قوم :ل يصيلى على الجنازة فيي الوقات الخمسية التيي ورد
النهيي عين الصيلة فيهيا ،وبيه قال عطاء والنخعيي وغيرهيم ،وهيو
قياس قول أبيي حنيفية .وقال الشافعيي :يصيلى على الجنازة فيي
كييل وقييت لن النهييي عنده إنمييا هييو خارج على النوافييل ل على
السنن على ما تقدم.
**4الفصل الرابع في مواضع الصلة.
@-واختلفوا فيييي الصيييلة على الجنازة فيييي المسيييجد فأجازهيييا
العلماء وكرهها بعضهم منهم أبو حنيفة وبعض أصحاب مالك ،وقد
روي كراهييية ذلك عيين مالك ،وتحقيقييه إذا كانييت الجنازة خارج
المسيجد والناس فيي المسيجد .وسيبب الخلف فيي ذلك حدييث
عائشة وحديث أبي هريرة .أما حديث عائشة فما رواه مالك من
أنهيا أمرت أن يمير عليهيا بسيعد بين أبيي وقاص فيي المسيجد حيين
مات لتدعو له ،فأنكر الناس عليها ذلك ،فقالت عائشة :ما أسرع
ما نسي الناس ،ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على
سيهل بين بيضاء إل فيي المسيجد .وأميا حدييث أبيي هريرة ،فهيو أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال" :مين صيلى على جنازة
فييي المسييجد فل شيييء له" وحديييث عائشيية ثابييت وحديييث أبييي
هريرة غير ثابت أو غير متفق على ثبوته ،لكن إنكار الصحابة على
عائشية يدل على اشتهار العميل بخلف ذلك عندهيم ،ويشهيد لذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بروزه صلى الله عليه وسلم للمصلى لصلته على النجاشي ،وقد
زعيم بعضهيم أن سيبب المنيع فيي ذلك هيو أن مييت بنيي آدم ميتية،
وفييه ضعيف ،لن حكيم الميتية شرعيي ،ول يثبيت لبين آدم حكيم
الميتيية إل بدليييل ،وكره بعضهييم الصييلة على الجنائز فييي المقابر
للنهيي الوارد عين الصيلة فيهيا ،وأجازهيا الكثير لعموم قوله علييه
الصلة والسلم "جعلت لي الرض مسجدا وطهورا".
**4الفصل الخامس في شروط الصلة على الجنازة.
@-واتفق الكثر على أن من شرطها الطهارة كما اتفق جميعهم
على أن ميين شرطهييا القبلة .واختلفوا فييي جواز التيمييم لهييا إذا
خييف فواتهيا ،فقال قوم :يتيميم ويصيلى لهيا إذا خاف الفوات ،وبيه
قال أبيييو حنيفييية وسيييفيان والوزاعيييي وجماعييية؛ وقال مالك
والشافعي وأحمد :ل يصلى عليها بتيمم .وسبب اختلفهم قياسها
فيي ذلك على أن الصيلة المفروضية فمين شبههيا بهيا أجاز التيميم،
أعني من شبه ذهاب الوقت بفوات الصلة على الجنازة ،ومن لم
يشبههيا بهيا لم يجيز التيميم لنهيا عنده مين فروض الكغايية أو مين
سينن الكفايية على اختلفهيم فيي ذلك ،وشيذ قوم فقالوا :يجوز أن
يصيلى على الجنازة بغيير طهارة ،وهيو قول الشعيبي ،وهؤلء ظنوا
أن اسم الصلة ل يتناول صلة الجنازة ،وإنما يتناولها اسم الدعاء
إذ كان ليس فيها ركوع ول سجود.
**3الباب السادس في الدفن.
@-وأجمعوا على وجوب الدفيين ،والصييل فيييه قوله تعالى {ألم
نجعل الرض كفاتا أحياء وأمواتا} وقوله {فبعث الله غرابا يبحث
فييي الرض} وكره مالك والشافعييي تجصيييص القبور ،وأجاز ذلك
أبيييو حنيفيييية ،وكذلك كره قوم القعود عليهيييا ،وقوم أجازوا ذلك
وتأولوا النهييي عيين ذلك أنييه القعود عليهييا لحاجيية النسييان والثار
الواردة فيي النهيي عين ذلك ،منهيا حدييث جابر بين عبيد الله قال
"نهييى رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم عيين تجصيييص القبور
والكتابية عليهيا والجلوس عليهيا والبناء عليهيا" ومنهيا حدييث عمرو
بين حزم قال "رآنيي رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم على قيبر
فقال :انزل عين القيبر ول تؤذي صياحب القيبر ول يؤذييك" واحتيج
مين أجاز القعود على القيبر بميا روي عين زييد بين ثابيت أنيه قال
"إنميا نهيى رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عين الجلوس على
القبور لحدث أو غائط أو بول" قالوا :ويؤييد ذلك ميا روي عين أبيي
هريرة قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "مين جلس
على قييبر يبول أو يتغوط فكأنمييا جلس على جمرة نار" وإلى هذا
ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وسيلم تسيليما) (تنيبيه :حييث أننيا التزمنيا فيي التصيحيح النسيخة
المغربيية وفيهيا تقدييم كتاب الزكاة على الصييام فقدمناه تبعيا لهيا،
وإن كانت النسخة المصرية قدمت الصيام).
**2كتاب الزكاة
@-والكلم المحييط بهذه العبادة بعيد معرفية وجوبهيا ينحصير فيي
خميس جميل :الجملة الولى :فيي معرفية مين تجيب علييه .الثانيية:
في معرفة ما تجب فيه من الموال .الثالثة :في معرفة كم تجب
ومين كيم تجيب .الرابعية :فيي معرفية متيى تجيب ومتيى ل تجيب.
الخامسة :معرفة لمن تجب وكم يجب له.
@(-فأما معرفة وجوبها) فمعلوم من الكتاب والسنة والجماع ول
خلف في ذلك.
*(*3الجملة الولى)
@-وأما على من تجب فإنهم اتفقوا أنها على كل مسلم حر بالغ
عاقيل مالك النصياب ملكيا تاميا .واختلفوا فيي وجوبهيا على اليتييم
والمجنون والعبييد وأهيل الذمية والناقيص الملك مثيل الذي علييه
ديين أو له الديين ،ومثال المال المحبيس الصيل .فأميا الصيغار فإن
قوميا قالوا :تجيب الزكاة فيي أموالهيم ،وبيه قال علي وابين عمير
وجابر وعائشيية ميين الصييحابة ومالك والشافعييي والثوري وأحمييد
وإسيحاق وأبيو ثور وغيرهيم مين فقهاء المصيار .وقال قوم :لييس
في مال اليتيم صدقة أصل ،وبه قال النخعي والحسن وسعيد بن
جييبير مين التابعيين .وفرق قوم بيين ميا تخرج الرض وبيين ميا ل
تخرجه فقالوا :عليه الزكاة فيما تخرجه الرض ،وليس عليه زكاة
فيميا عدا ذلك مين الماشيية والناض والعروض وغيير ذلك ،وهيو أبيو
حنيفية وأصيحابه .وفرق آخرون بيين الناض فقالوا :علييه الزكاة إل
فيي الناض .وسيبب اختلفهيم فيي إيجاب الزكاة علييه أو ل إيجابهيا
هيو اختلفهيم فيي مفهوم الزكاة الشرعيية هيل هيي عبادة كالصيلة
والصيام؟ أم هي حق واجب للفقراء على الغنياء؟ فمن قال أنها
عبادة اشترط فيهييا البلوغ ،وميين قال أنهييا حييق واجييب للفقراء
والمسياكين فيي أموال الغنياء لم يعتيبر فيي ذلك بلوغيا مين غيره.
وأميا مين فرق بيين ميا تخرجيه الرض أو ل تخرجيه وبيين الخفيي
والظاهر فل أعلم له مستندا في هذا الوقت .وأما أهل الذمة فإن
الكثييير على أن ل زكاة على جميعهيييم إل مييا روت طائفيية مييين
تضعييف الزكاة على نصيارى بنيي تغلب ،أعنيي أن يؤخيذ منهيم مثل
ميا يؤخيذ مين المسيلمين فيي كيل شييء ،وممين قال بهذا القول
الشافعيي وأبيو حنيفية وأحميد والثوري ،ولييس عين مالك فيي ذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قول ،وإنميا صيار هؤلء لهذا لنيه أثبيت أنيه فعيل عمير بين الخطاب
بهيم ،وكأنهيم رأوا أن مثيل هذا هيو توقييف ولكين الصيول تعارضيه.
وأمييا العبيييد فإن الناس فيهييم على ثلثيية مذاهييب :فقوم قالوا :ل
زكاة فيي أموالهيم أصيل ،وهيو قول ابين عمير وجابر مين الصيحابة
ومالك وأحمد وأبي عبيد من الفقهاء .وقال آخرون :بل زكاة مال
العبييد على سيييده ،وبييه قال الشافعييي فيمييا حكاه ابيين المنذر
والثوري وأبيو حنيفية وأصيحابه ،وأوجبيت طائفية أخرى على العبيد
فيي ماله الزكاة ،وهيو مروي عن ابين عمر من الصحابة ،وبه قال
عطاء مين التابعيين وأبيو ثور مين الفقهاء وأهيل الظاهير وبعضهيم،
وجمهور مين قال ل زكاة فيي مال العبيد هيم على أن ل زكاة فيي
مال المكاتب حتى يعتق .وقال أبو ثور :في مال المكاتب زكاة.
وسبب اختلفهم في زكاة مال العبد اختلفهم في هل يملك العبد
ملكيا تاميا أو غيير تام؟ فمين رأى أنيه ل يملك ملكيا تاميا وأن السييد
هيو المالك إذ كان ل يخلو مال مين مالك قال :الزكاة على السييد،
ومين رأى أنيه لواحيد منهميا يملكيه ملكيا تاميا ل السييد إذ كانيت ييد
العبد هي التي عليه ل يد السيد ول العبد أيضا ،لن للسيد انتزاعه
منييه قال :ل زكاة فييي ماله أصييل .وميين رأى أن اليييد على المال
توجيب الزكاة فييه لمكان تصيرفها فييه تشبيهيا بتصيرف ييد الحير
قال :الزكاة علييه ل سييما مين كان عنده أن الخطاب العام يتناول
الحرار والعبيييد ،وأن الزكاة عبادة تتعلق بالمكلف لتصييرف اليييد
فييي المال .وأمييا المالكون الذييين عليهييم الديون التييي تسييتغرق
أموالهيم ،أو تسيتغرق ميا تجيب فييه الزكاة مين أموالهيم وبأيديهيم
أموال تجييب فيهييا الزكاة ،فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فقال قوم :ل
زكاة فيي مال حييا كان أو غيره حتيى تخرج منيه الديون ،فإن بقيي
ميا تجيب فييه الزكاة زكيى وإل فل ،وبيه قال الثوري وأبيو ثور وابين
مبارك وجماعيية .وقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :الدييين ل يمنييع زكاة
الحبوب ويمنيع ميا سيواها .وقال مالك :الديين يمنيع الزكاة الناض
فقييط إل أن يكون له عروض فيهييا وفاء ميين دينييه فإنييه ل يمنييع.
وقال قوم :بمقابل القول الول ،وهو أن الدين ل يمنع زكاة أصل.
والسيبب فيي اختلفهيم اختلفهيم هيل الزكاة عبادة أو حيق مرتيب
فيي المال للمسياكين؟ فمين رأى أنهيا حيق لهيم قال :ل زكاة فيي
مال مين علييه الديين ،لن حيق صياحب الديين متقدم بالزمان على
حق المساكين ،وهو في الحقيقة مال صاحب الدين ل الذي المال
بيده .ومين قال هيي عبادة قال :تجيب على مين بيده مال لن ذلك
هييو شرط التكليييف ،وعلمتييه المقتضييية الوجوب على المكلف
سيواء كان علييه ديين أو لم يكين؛ وأيضيا فإ نه تعارض هنالك حقان:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حق لله ،وحق للدمي ،وحق الله أحق أن يقضى ،والشبه بغرض
الشرع إسيقاط الزكاة عين المديان لقوله علييه الصيلة والسيلم
فيها "صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" والمدين ليس
بغني .وأما من فرق بين الحبوب وغير الحبوب وبين الناض وغير
الناض فل أعلم له شبهيية بينيية ،وقييد كان أبيو عبيييد يقول :إنييه إن
كان ل يعلم أن عليييه دينييا إل بقوله لم يصييدق ،وإن علم أن عليييه
دينيا لم يؤخيذ منيه ،وهذا لييس خلفيا لمين يقول بإسيقاط الديين
الزكاة ،وإنميا هيو خلف لمين يقول :يصيدق فيي الديين كميا يصيدق
في المال.
وأما المال الذي هو في الذمة ،أعني في ذمة الغير وليس هو بيد
المالك وهيو الديين فإنهيم اختلفوا فييه أيضيا ،فقوم قالوا :ل زكاة
فييه وإن قبيض حتيى يسيتكمل شرط الزكاة عنيد القابيض له ،وهيو
الحول ،وهيو أحيد قولي الشافعيي ،وبيه قال اللييث ،أو هيو قياس
قوله؛ وقوم قالوا :إذا قبضيه زكاة لميا مضيى مين السينين .وقال
مالك :يزكيييه لحول واحييد وإن أقام عنييد المديان سيينين إذا كان
أصيله عين عوض .وأميا إذا كان عين غيير عوض مثيل الميراث فإنيه
يستقبل به الحول ،وفي المذهب تفصيل في ذلك ومن هذا الباب
اختلفهيم فيي زكاة الثمار المحبوسية الصيول ،وفيي زكاة الرض
المسيتأجرة على مين تجيب زكاة ميا يخرج منهيا؟ هيل على صياحب
الرض أو صاحب الزرع؟ ومن ذلك اختلفهم في أرض الخراج إذا
انتقلت مين أهيل الخراج إلى المسيلمين وهيم أهيل العشير ،وفيي
الرض العشييير وهيييي أرض المسيييلمين إذا انتقلت إلى الخراج،
وأعني أهل الذمة ،وذلك أنه يشبه أن يكون سبب الخلف في هذا
كله أنها أملك ناقصة.
@(-وأما المسألة الولى) وهي زكاة الثمار المحبسة الصول فإن
مالكيا والشافعيي كانيا يوجبان فيهيا الزكاة ،وكان مكحول وطاوس
يقولن ل زكاة فيهييييا ،وفرق قوم بييييين أن تكون محبسيييية على
المساكين وبيين أن تكون على قوم أعيانهيم فأوجبوا فيهيا الصيدقة
إذا كانيت على قوم بأعيانهيم ،ولم يوجبوا فيهيا الصيدقة إذا كانيت
على المساكين ،ول معنى لمن أوجبها على المساكين لنه يجتمع
فيي ذلك شيئان اثنان :أحدهميا أنهيا ملك ناقيص ،والثانيية أنهيا على
قوم غيير معينيين مين الصينف الذيين تصيرف إليهيم الصيدقة ل مين
الذين تجب عليهم.
@(-وأما المسألة الثانية) وهي الرض المستأجرة على من تجب
زكاة ميا تخرجيه فإن قوميا قالوا :الزكاة على صياحب الزرع ،وبيه
قال مالك والشافعييي والثوري وابيين مبارك وأبييو ثور وجماعيية.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
على البائع .وسبب اختلفهم تشبيه بيع مال الزكاة بتفويته وإتلف
عينييه ،فميين شبهييه بذلك قال :الزكاة مترتبيية فييي ذميية المتلف
والمفوت؛ ومين قال البييع لييس بإتلف لعيين المال ول تفوييت له
وإنميا هيو بمنزلة مين باع ميا لييس له قال :الزكاة فيي عيين المال،
ثيم هيل البييع مفسيوخ أو غيير مفسيوخ نظير آخير يذكير فيي باب
البيوع إن شاء الله تعالى .ومييين هذا النوع اختلفهيييم فيييي زكاة
المال الموهوب ،وفي بعض هذه المسائل التي ذكرنا تفصيل في
المذهيب لم نير أن نتعرض له إذ كان غيير موافيق لغرضنيا ميع أنيه
يعسير فيهيا إعطاء أسيباب تلك الفروق لنهيا أكثرهيا اسيتحسانية
مثييل تفصيييلهم الديون التييي تزكييى ميين التييي ل تزكييى ،والديون
المسيقطة للزكاة مين التيي ل تسيقطها ،فهذا ميا رأينيا أن نذكره
فييي هذه الجملة وهييي معرفيية ميين تجييب عليييه الزكاة وشروط
الملك التي تجب به وأحكام من تجب عليه .وقد بقي من أحكامه
حكيم مشهور ،وهيو ماذا حكيم مين منيع الزكاة ولم يجحيد وجوبهيا؟
فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى أن حكمه حكم المرتد ،وبذلك
حكم في مانع الزكاة من العرب وذلك أنه قاتلهم وسبى ذريتهم،
وخالفيه فيي ذلك عمير رضيي الله عنيه ،وأطلق مين كان اسيترق
منهيم ،وبقول عمير قال الجمهور .وذهبيت طائفية إلى تكفيير مين
منيع فريضية مين الفرائض وإن لم يجحيد وجوبهيا .وسيبب اختلفهيم
هيل اسيم اليمان الذي هيو ضيد الكفير ينطلق على العتقاد دون
العمل فقط أو من شرطه وجود العمل معه؟ فمنهم من رأى أن
من شرطه وجود العمل معه ،ومنهم من لم يشترط ذلك حتى لو
لم يلفيظ بالشهادة إذا صيدق بهيا فحكميه حكيم المؤمين عنيد الله،
والجمهور وهيم أهيل السينة على أنيه لييس يشترط فييه ،أعنيي فيي
اعتقاد اليمان الذي ضده الكفير مين العمال إل التلفيظ بالشهادة
فقيط ،لقوله صيلى الله علييه وسيلم "أمرت أن أقاتيل الناس حتيى
يقولوا ل إله إل الله ويؤمنوا بيي" فاشترط ميع العلم القول ،وهيو
عميل مين العمال ،فمين شبيه سيائر الفعال الواجبية بالقول قال:
جميع العمال المفروضة شرط في العلم الذي هو اليمان ،ومن
شبيه القول بسيائر العمال التيي اتفيق الجمهور على أنهيا ليسيت
شرطيا فيي العلم الذي هيو اليمان قال :التصيديق فقيط هيو شرط
اليمان ،وبيه يكون حكميه عنيد الله تعالى حكيم المؤمين ،والقولن
شاذان ،واسيتثناء التلفيظ بالشهادتيين مين سيائر العمال هيو الذي
عليه الجمهور.
*( *3الجملة الثانية) وأما ما تجب فيه الزكاة من الموال ،فإنهم
اتفقوا منهيا على أشياء واختلفوا فيي أشياء .وأميا ميا اتفقوا علييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ينيس حيق الله فيي رقابهيا ول ظهورهيا" فذهيب أبيو حنيفية إلى أن
حق الله هو الزكاة ،وذلك السائمة منها .قال القاضي :وأن يكون
هذا اللفظ مجمل أحرى منه أن يكون عاما ،فيحتج به في الزكاة؛
وخالف أبيا حنيفية فيي هذه المسيألة صياحباه أبيو يوسيف ومحميد،
وصيح عين عمير رضيي الله عنيه أنيه كان يأخيذ منهيا الصيدقة ،فقييل
إنيه كان باختيار منهيم .وأميا ميا اختلفوا فيي صينفه فهيي السيائمة
مين البيل والبقير والغنيم مين غيير السيائمة منهيا ،فإن قوميا أوجبوا
الزكاة فيي هذه الصيناف الثلثية سيائمة كانيت أو غيير سيائمة ،وبيه
قال الليييث ومالك؛ وقال سييائر فقهاء المصييار :ل زكاة فييي غييير
السييائمة ميين هذه الثلثيية النواع .وسييبب اختلفهييم معارضيية
المطلق للمقيييد ،ومعارضيية القياس لعموم اللفييظ .أمييا المطلق
فقوله علييه الصيلة والسيلم "فيي أربعيين شاة شاة" .أميا المقييد
فقوله عليه الصلة والسلم "في سائمة الغنم الزكاة" فمن غلب
المطلق على المقيييد قال :الزكاة فييي السييائمة وغييير السييائمة؛
ومن غلب المقيد قال :الزكاة في السائمة منها فقط ،ويشبه أن
يقال إن مين سيبب الخلف فيي ذلك أيضيا معارضية دلييل الخطاب
للعموم ،وذلك أن دلييل الخطاب فيي قوله علييه الصيلة والسيلم
"فيي سيائمة الغنيم الزكاة" يقتضيي أن ل زكاة فيي غيير السيائمة،
وعموم قوله عليه الصلة والسلم "في أربعين شاة شاة" يقتضي
أن السيائمة فيي هذا بمنزلة غيير السيائمة لكين العموم أقوى مين
دليييل الخطاب ،كمييا أن تغليييب المقيييد على المطلق أشهيير ميين
تغلييب المطلق على المقييد .وذهيب أبيو محميد بين حزم إلى أن
المطلق يقتضيي على المقييد ،وإن فيي الغنيم سيائمة وغيير سيائمة
الزكاة ،وكذلك فيي البيل لقوله علييه الصيلة والسيلم "لييس فيميا
دون خمس ذود من البل صدقه" وأن البقر لما لم يثبت فيها أثر
وجب أن يتمسك فيها بالجماع ،وهو أن الزكاة في السائمة منها
فقط ،فتكون التفرقة بين البقر وغيرها قول ثالث.
وأمييا القياس المعارض لعموم قوله عليييه الصييلة والسييلم فيهييا
"في أربعين شاة شاة" فهو أن السائمة هي التي المقصود منها
النماء والربييح ،وهييو الموجود فيهييا أكثيير ذلك ،والزكاة إنمييا هييي
فضلت الموال ،والفضلت إنميييا توجيييد أكثييير ذلك فيييي الموال
السييائمة ،ولذلك اشترط فيهييا الحول ،فميين خصييص بهذا القياس
ذلك العموم لم يوجيب الزكاة فيي غيير السيائمة ،ومين لم يخصيص
ذلك ورأى أن العموم أقوى أو جب ذلك في الصنفين جميعا ،فهذا
هيو ميا اختلفوا فييه مين الحيوان التيي تجيب فييه الزكاة ،وأجمعوا
على أنييه ليييس فيمييا يخرج ميين الحيوان زكاة إل العسييل ،فإنهييم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفوا فييييه ،فالجمهور على أنيييه ل زكاة فييييه ،وقال قوم :فييييه
الزكاة .وسيبب اختلفهيم اختلفهيم فيي تصيحيح الثير الوارد فيي
ذلك ،وهيو قوله علييه الصيلة والسيلم "فيي كيل عشرة أزق زق"
خرجييه الترمذي وغيره .وأمييا مييا اختلفوا فيييه ميين النبات بعييد
اتفاقهيم على الصيناف الربعية التيي ذكرناهيا فهيو جنيس النبات
الذي تجب فيه الزكاة ،فمنهم من لم ير الزكاة إل في تلك الربع
فقييط ،وبييه قال ابيين أبييي ليلى وسييفيان الثوري وابيين المبارك؛
ومنهيم مين قال :الزكاة فيي جمييع المدخير المقتات مين النبات،
وهيو قول مالك والشافعيي؛ ومنهيم مين قال :الزكاة فيي كيل ميا
تخرجييه الرض مييا عدا الحشيييش والحطييب والقصييب .وهييو أبييو
حنيفية .وسيبب الخلف إميا بيين مين قصير الزكاة على الصيناف
المجمييع عليهييا ،وبييين ميين عداهييا إلى المدخيير المقتات ،فهييو
اختلفهيم فيي تعلق الزكاة بهذه الصيناف الربعية هيل هيو لعينهيا أو
لعلة فيهيا ،وهيي القتيات فمين قال لعينهيا قصير الوجوب عليهيا،
وميين قال لعلة القتيات عدى الوجوب لجميييع المقتات .وسييبب
الخلف بيين مين قصير الوجوب على المقتات وبيين مين عداه إلى
جمييع ميا تخرجيه الرض إل ميا وقيع علييه الجماع مين الحشييش
والحطب والقصب هو معارضة القياس لعموم اللفظ ،أما اللفظ
الذي يقتضي العموم فهو قوله عليه الصلة والسلم "فيما سقت
السيماء العشير ،وفيميا سيقى بالنضيج نصيف العشير" وميا بمعنيى
الذي ،والذي مييين ألفاظ العموم وقوله تعالى {وهيييو الذي أنشيييأ
جنات معروشات} الية .إلى قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} .
وأميا القياس ،فهيو أن الزكاة إنميا المقصيود منهيا سيد الخلة ،وذلك
ل يكون غالبيا إل فيميا هو قوت ،فمين خصيص العموم بهذا القياس
أسيقط الزكاة مميا عدا المقتات ،ومين غلب العموم أوجبهيا فيميا
عدا ذلك ،إل ميييا أخرجيييه الجماع ،والذيييين اتفقوا على المقتات
اختلفوا فيي أشياء مين قبيل اختلفهيم فيهيا ،هيل هيي مقتاتية أم
ليست بمقتاتة؟
وهل يقاس على ما اتفق عليه أو ليس يقاس؟ مثل اختلف مالك
والشافعيي فيي الزيتون ،فإن مالكيا ذهيب إلى وجوب الزكاة فييه،
ومنع ذلك الشافعي في قوله الخير بمصر .وسبب اختلفهم هل
هيو قوت أم لييس بقوت؟ ،ومين هذا الباب اختلف أصيحاب مالك
فيي إيجاب الزكاة فيي التيين أو ل إيجابهيا .وذهيب بعضهيم إلى أن
الزكاة تجيب فيي الثمار دون الخضير ،وهيو قول ابين حيبيب لقوله
سييييبحانه وتعالى {وهييييو الذي أنشييييأ جنات معروشات وغييييير
معروشات} الييية ،وميين فرق فييي الييية بييين الثمار والزيتون فل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مائة درهم وجبت عليه فيهما الزكاة ،ومن كانت عنده مائة درهم
تسياوي أحيد عشير مثقال وتسيعة مثاقييل وجبيت علييه أيضيا فيهميا
الزكاة ،وممين قال بهذا القول أبيو حنيفية ،وبمثيل هذا القول قال
الثوري إل أنيه يراعيي الحوط للمسياكين فيي الضيم :أعنيي القيمية
أو الصيرف المحدود :ومنهيم مين قال :يضيم القيل منهيا إلى الكثير
ول يضم الكثر إلى القل؛ وقال آخرون :تضم الدنانير بقيمتها أبدا
كانيت الدنانيير أقيل مين الدراهيم أو أكثير ،ول تضيم الدراهيم إلى
الدنانييير لن الدراهييم أصييل والدنانييير فرع ،إذ كان لم يثبييت فييي
الدنانير حديث ول إجماع حتى تبلغ أربعين ،وقال بعضهم :إذا كان
عنده نصياب مين أحدهميا ضيم إلييه قلييل الخير وكثيره ،ولم يير
الضيم فيي تكمييل النصياب إذا لم يكين فيي واحيد منهميا نصياب بيل
فيي مجموعهميا .وسيبب هذا الرتباك ميا راموه مين أن يجعلوا مين
شيئين نصابهما مختلف في الوزن نصابا واحدا ،وهذا كله ل معنى
له ،ولعيل مين رام ضيم أحدهميا إلى الخير فقيد أحدث حكميا فيي
الشرع حييث ل حكيم ،لنيه قيد قال بنصياب لييس هيو بنصياب ذهيب
ول فضة ،ويستحيل في عادة التكليف والمر بالبيان أن يكون في
أمثال هذه الشياء المحتملة حكيييم مخصيييوص ،فيسيييكت عنيييه
الشارع حتيى يكون سيكوته سيببا لن يعرض فييه مين الختلف ميا
مقداره هذا المقدار ،والشارع إنمييا بعييث صييلى الله عليييه وسييلم
لرفع الختلف.
@(-وأميييا المسيييألة الرابعييية) فإن عنيييد مالك وأبيييي حنيفييية أن
الشريكيين لييس يجيب على أحدهميا زكاة حتيى يكون لكيل واحيد
منهما نصاب؛ وعند الشافعي أن المال المشترك حكمه حكم مال
رجيل واحيد .وسبب اختلفهيم الجماع الذي فيي قوله علييه الصلة
والسلم "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة" فإن هذا
القدر يمكين أن يفهيم منيه إنميا يخصيه هذا الحكيم إذا كان لمالك
واحد فقط ،ويمكن منه أنه يخصه هذا الحكم كان لمالك واحد أو
أكثر من مالك واحد ،إل أنه لما كان مفهوم اشتراط النصاب إنما
هيو الرفيق فواجيب أن يكون النصياب مين شرطيه أن يكون لمالك
واحييد ،وهييو الظهيير والله أعلم .والشافعييي كأنييه شبييه الشركيية
بالخل طة ،ولكن تأثير الخلطة في الزكاة غير متفق عليه على ما
سيأتي بعد.
@(-وأميا المسيألة الخامسية) وهيي اختلفهيم فيي اعتبار النصياب
فييي المعدن وقدر الواجييب فيييه ،فإن مالكييا والشافعييي راعيييا
النصيياب فييي المعدن ،وإنمييا الخلف بينهمييا أن مالكييا لم يشترط
الحول واشترطييه الشافعييي على مييا سيينقول بعييد فييي الجملة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شاتييين ،وإن كان أعلى دفييع إليييه المصييدق عشرييين درهمييا أو
شاتيين ،وهذا ثابيت فيي كتاب الصيدقة فل معنيى للمنازعية فييه،
ولعيل مالكيا لم يبلغيه هذا الحدييث ،وبهذا الحدييث قال الشافعيي
وأبيو ثور .وقال أبيو حنيفية :الواجيب علييه القيمية على أصيله فيي
إخراج القييم في الزكاة .وقال قوم :بل يعطي ال سن الذي عنده،
وما بينهما من القيمة.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) وهيي هيل تجيب فيي صيغار البيل ،وإن
وجبييت فماذا يكلف؟ فإن قومييا قالوا :تجييب فيهييا الزكاة ،وقوم
قالوا :ل تجب .وسبب اختلفهم هل يتناول اسم الجنس الصغار أو
ل يتناوله .والذيين قالوا :ل تجيب فيهيا زكاة هيو أبيو حنيفية وجماعية
من أهل الكوفة ،وقد احتجوا بحديث سويد ابن غفلة أنه قال :أتانا
مصدق النبي عليه الصلة والسلم ،فأتيته فجلست إليه فسمعته
يقول :إن فييي عهدي أن ل آخييذ ميين راضييع لبيين ،ول أجمييع بييين
مفترق ول نفرق بيين مجتميع ،قال :وأتاه رجيل بناقية كوماء فأبيى
أن يأخذها .والذين أوجبوا الزكاة فيها منهم من قال :يكلف شراء
السين الواجبية علييه ،ومنهيم مين قال :يأخيذ منهيا وهيو القييس،
وبنحو هذا الختلف اختلفوا في صغار البقر وسخال الغنم.
**4الفصل الثالث في نصاب البقر وقدر الواجب في ذلك.
@-جمهور العلماء على أن في ثلثين من البقر تبيعا وفي أربعين
مسينة ،وقالت طائفية :فيي كيل عشير مين البقير شاة إلى ثلثيين
ففيها تبيع ،وقيل إذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خمس
وسيبعين ففيهيا بقرتان إذا جاوزت ذلك ،فإذا بلغيت مائة وعشريين
ففييي كييل أربعييين بقرة ،وهذا عيين سييعيد بيين المسيييب .واختلف
فقهاء المصيييار فيميييا بيييين الربعيييين والسيييتين؛ فذهيييب مالك
والشافعييي وأحمييد والثوري وجماعيية أن ل شيييء فيمييا زاد على
الربعيين حتيى تبلغ السيتين ،فإذا بلغيت سيتين ففيهيا تيبيعان إلى
سبعين ،ففيها مسنة وتبيع إلى ثمانين ،ففيها مسنتان إلى تسعين،
ففي ها ثلثة أتبعة إلى مائة ،ففي ها تبيعان ومسنة ،ثم هكذا ما زاد،
ففي كل ثلثين تبيع ،وفي كل أربعين مسنة .وسبب اختلفهم في
الن صاب أن حد يث معاذ غير متفق على صحته ،ولذلك لم يخرجه
الشيخان .وسبب اختلف فقهاء المصار في الوقص في البقر أنه
جاء فييي حديييث معاذ هذا أنييه توقييف فييي الوقاص وقال :حتييى
أسأل فيها النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما قدم عليه وجده قد
توفيي صيلى الله علييه وسيلم ،فلميا لم يرد فيي ذلك نيص طلب
حكميه مين طرييق القياس ،فمين قاسيها على البيل والغنيم لم يير
في الوقاص شيئا ،ومن قال إن الصل في الوقاص الزكاة إل ما
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اسيتثناه الدلييل مين ذلك وجيب أن ل يكون عنده فيي البقير وقيص،
إذ ل دليل هنالك من إجماع ول غيره.
**4الفصل الرابع في نصاب الغنم وقدر الواجب من ذلك.
@-وأجمعوا ميين هذا الباب على أن فييي سييائمة الغنييم إذا بلغييت
أربعييين شاة شاة إلى عشرييين ومائة ،فإذا زادت على العشرييين
ومائة ففيهييا شاتان إلى مائتييين ،فإذا زادت على المائتييين فثلث
شياه إلى ثلثمائة ،فإذا زادت على الثلثمائة ففييي كييل مائة شاة،
وذلك عند الجمهور إل الحسن بن صالح فإنه قال :إذا كانت الغنم
ثلثمائة شاة وشاة واحدة أن فيهيا أربيع شياه ،وإذا كانيت أربعمائة
شاة وشاة ففيهيا خميس شياه ،وروى قوله هذا عين منصيور عين
إبراهييم ،والثار الثابتية المرفوعية فيي كتاب الصيدقة على ميا قال
الجمهور .واتفقوا على أن المعز تضم مع الغنيم ،واختلفوا من أي
صنف منها يأخذ المصدق ،فقال مالك :يأخذ من الكثر عددا ،فإن
اسييتوت خييير السيياعي .وقال أبييو حنيفيية :بييل السيياعي يخييير إذا
اختلفيت الصيناف .وقال الشافعيي :يأخيذ الوسيط مين الصيناف
المختلفية لقول عمير رضيي الله عنيه :نعيد عليهيم السيخلة يحملهيا
الراعييي ول نأخذهييا ول نأخييذ الكولة ول الربييى ول الماخييض ول
فحيل الغنييم ،ونأخيذ الجذعية والثنيية ،وذلك عدل بيين خيار المال
ووسطه .وكذلك اتفق جماعة فقهاء المصار على أنه ل يؤخذ في
الصيييدقة تييييس ول هرمييية ول ذات عور لثبوت ذلك فيييي كتاب
الصيدقة ،إل أنيه يرى المصيدق أن ذلك خيير للمسياكين .واختلفوا
فيي العمياء وذات العلة هيل تعيد على صياحب المال أم ل؟ فرأى
مالك والشافعي أن تعد ،وروي عن أبي حنيفة أنها ل تعد .وسبب
اختلفهيييم هيييل مطلق السيييم يتناول الصيييحاء والمرضيييى أم ل
يتناولهما؟ .واختلفوا من هذا الباب في نسل المهات هل تعد مع
المهات فيكميل النصياب بهيا إذا لم تبلغ نصيابا؟ فقال مالك يعتيد
بهيا ،وقال الشافعيي وأبيو حنيفية وأبيو ثور :ل يعتيد بالسيخال إل أن
تكون المهات نصيابا .وسيبب اختلفهيم احتمال قول عمير رضيي
الله عنه إذ أمر أن تعتد عليهم بالسخال ول يؤخذ منها شيء ،فإن
قومييا فهموا ميين هذا إذا كانييت المهات نصييابا ،وقوم فهموا هذا
مطلقا ،وأحسب أن أهل الظاهر ل يوجبون في السخال شيئا ،ول
يعدون بها لو كانت المهات نصابا ولو لم تكن لن اسم الجنس ل
ينطلق عليها عندهم ،وأكثر الفقهاء على أن للخلطة تأثير في قدر
الواجيب مين الزكاة .واختلف القائلون بذلك هيل لهيا تأثيير فيي قدر
النصاب أم ل؟
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأمييا أبييو حنيفيية وأصييحابه فلم يروا للخلطيية تأثيرا ،ل فييي قدر
الواجيب ول فيي قدر النصياب ،وتفسيير ذلك أن مالكيا والشافعيي
وأكثير فقهاء المصيار اتفقوا على أن الخلطاء يزكون زكاة المالك
الواحييد .واختلفوا ميين ذلك فييي موضعييين :أحدهمييا فييي نصيياب
الخلطاء هيل يعيد نصياب مالك واحيد سيواء كان لكيل واحيد منهيم
نصاب أو لم يكن؟ أم إنما يزكون زكاة الرجل الواحد إذا كان لكل
واحد منهم نصاب؟ .والثاني في صفة الخلطة التي لها تأثير في
ذلك .وأميا اختلفهيم أول فيي هيل للخلطية تأثيير فيي النصياب وفيي
الواجب أو ليس لها تأثير؟ .فسبب اختلفهم اختلفهم في مفهوم
ما ثبت في كتاب الصدقة من قوله عليه الصلة والسلم "ل يجمع
بيين مفترق ول يفرق بيين مجتميع خشيية الصيدقة" وميا كان مين
خليطيين فإنهميا يتراجعان بالسيوية ،فإن كيل واحيد مين الفريقيين
أنزل مفهوم هذا الحدييييييث على اعتقاده ،وذلك أن الذيييييين رأوا
للخلطة تأثير ما في النصاب والقدر الواجب أو في القدر الواجب
فقط قالوا :إن قوله عليه الصلة والسلم "وما كان من خليطين
فإنهميا يتراجعان بالسيوية" وقوله "ل يجميع بيين مفترق ول يفرق
بييين مجتمييع" يدل دللة واضحيية على أن ملك الخليطييين كملك
رجيل واحيد ،فإن هذا الثير مخصيص لقوله علييه الصيلة والسيلم
"ليس فيما دون خمس ذود من البل صدقة" إما في الزكاة عند
مالك وأصحابه :أعني في قدر الواجب ،وإما في الزكاة والنصاب
معا عند الشافعي وأصحابه .وأما الذين لم يقولوا بالخلطة فقالوا:
إن الشريكين قد يقال لهما خليطان ،ويحتمل أن يكون قوله عليه
الصيلة والسيلم "ل يجميع بيين مفترق ول يفرق بيين مجتميع" إنميا
هو نهي للسعاة أن يقسم ملك الرجل الواحد قسمة توجب عليه
كثرة الصييدقة ،مثييل رجييل يكون له مائة وعشرون شاة فيقسييم
علييه إلى أربعيين ثلث مرات ،أو يجميع ملك رجيل واحيد إلى ملك
رجيل آخير حييث يوجيب الجميع كثرة الصيدقة قالوا :وإذا كان هذا
الحتمال فيي هذا الحدييث وجيب أن ل تخصيص بيه الصيول الثابتية
المجميع عليهيا أعنيي أن النصياب والحيق الواجيب فيي الزكاة يعتيبر
بملك الرجل الواحد.
وأ ما الذين قالوا بالخل طة ،فقالوا :إن لفظ الخلطة هو أظهر في
الخلطة نفسها منه في الشركة ،وإذا كان ذلك كذلك فقوله عليه
الصلة والسلم فيهما "إنهما يتراجعان بالسوية" مما يدل على أن
الحيق الواجيب عليهميا حكميه حكيم رجيل واحيد ،وأن قوله علييه
الصلة والسلم "إنهما يتراجعان بالسوية" يدل على أن الخليطين
ليسييا بشريكييين ،لن الشريكييين ليييس يتصييور بينهمييا تراجييع إذ
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بذلك ،وكان أبو حنيفة يقول في المد إنه رطلن ،وفي الصاع إنه
ثمانيية أرطال .وقال أبيو حنيفية :لييس فيي الحبوب والثمار نصياب.
وسيبب اختلفهيم معارضية العموم للخصيوص .أميا العموم فقوله
علييه الصيلة والسيلم "فيميا سيقت السيماء العشير ،وفيميا سيقي
بالنضح نصف العشر" وأما الخصوص فقوله عليه الصلة والسلم
"لييس فيميا دون خمسية أوسيق صيدقة" والحديثان ثابتان ،فمين
رأى الخصييوص يبنييى على العموم قال ل بييد ميين النصيياب وهييو
المشهور ،وميين رأى أن العموم والخصييوص متعارضان إذا جهييل
المتقدم فيهمييا والمتأخيير إذ كان قييد ينسييخ الخصييوص بالعموم
عنده ،وينسيخ العموم بالخصيوص ،إذ كيل ميا وجيب العميل بيه جاز
نسييخه ،والنسييخ قييد يكون للبعييض وقييد يكون للكييل ،وميين رجييح
العموم قال ل نصياب ،ولكين حميل الجمهور عندي الخصيوص على
العموم هييو ميين باب ترجيييح الخصييوص على العموم فييي الجزء
الذي تعارضيا فييه فإن العموم فييه ظاهير والخصيوص فييه نيص،
فتأمييل هذا فإنييه السييبب الذي صييير الجمهور إلى أن يقولوا بنييى
العام على الخاص وعلى الحقيقة ليس بنيانا ،فإن التعارض بينهما
موجود إل أن يمكيين الخصييوص متصييل بالعموم فيكون اسييتثناء،
واحتجاج أبييي حنيفيية فييي النصيياب بهذا العموم فيييه ضعييف ،فإن
الحدييث إنميا خرج مخرج تيبين القدر الواجيب منيه .واختلفوا مين
هذا الباب فيي النصياب فيي ثلث مسيائل :المسيألة الولى :فيي
ضيم الحبوب بعضهميا إلى بعيض فيي النصياب .الثانيية :فيي جواز
تقديير النصياب فيي العنيب والتمير بالخرص .الثالثية :هيل يحسيب
على الرجيل ميا يأكله مين ثمره وزرعيه قبيل الحصياد والجذاذ فيي
النصاب أم ل؟.
@(-أميا المسيألة الولى) فإنهيم أجمعوا على أن الصينف الواحيد
ميين الحبوب والثميير يجمييع جيده إلى رديئه وتؤخييذ الزكاة عيين
جميعه بحسب قدر كل واحد منهما :أعني من الجيد والردئ ،فإن
كان الثمير أصينافا أخيذ مين وسيطه .واختلفوا فيي ضيم القطانيي
بعضهييا إلى بعييض ،وفييي ضييم الحنطيية والشعييير والسييلت فقال
مالك :القطينية كلهيا صينف واحيد الحنطية والشعيير والسيلت أيضيا.
وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وجماعة :القطاني كلها أصناف
كثيرة بحسب أسمائها ،ول يضم منها شيء إلى غيره في حساب
النصاب ،وكذلك الشعير والسلت والحنطة عندهم أصناف ثلثة ل
يضيم واحيد منهيا إلى الخير لتكمييل النصياب .وسيبب الخلف هيل
المراعاة فيي الصينف الواحيد هيو اتفاق المنافيع أو اتفاق السيماء؟
فمن قال اتفاق السماء قال :كلما اختلفت أسماؤها فهي أصناف
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كثيرة ،ومين قال اتفاق المنافيع قال :كلميا اتفقيت منافعهيا فهيي
صينف واحيد وإن اختلفيت أسيماؤها ،فكيل واحيد منهميا يروم أن
يقرر قاعدتييه باسييتقراء الشرع ،أعنييي أن أحدهمييا يحتييج لمذهبييه
بالشياء التييي اعتيبر فيهييا الشرع السييماء ،والخير بالشياء التييي
اعتيييبر الشرع فيهيييا المنافيييع ،ويشبيييه أن يكون شهادة الشرع
للسيييماء فيييي الزكاة أكثييير ميين شهادتيييه للمنافيييع وإن كان كل
العتبارين موجودا في الشرع ،والله أعلم.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) وهيي تقديير النصياب بالخرص واعتباره
به دون الكيل فإن جمهور العلماء على إجازة الخرص في النخيل
والعناب حييين يبدو صييلحها لضرورة أن يخلى بينهييا وبييين أهلهييا
يأكلونها رطبا ،وقال داود :ل خرص إل في النخيل فقط .وقال أبو
حنيفية وصياحباه :الخرص باطيل وعلى رب المال أن يؤدي عشير
مييا تحصييل بيده زاد على الخرص أو نقييص منييه .والسييبب فييي
اختلفهم في جواز الخرص معارضة الصول للثر الوارد في ذلك.
أما الثر الوارد في ذلك وهو الذي تمسك به الجمهور فهو ما روي
"أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم كان يرسيل عبيد الله بين
رواحيية إلى خيييبر فيخرص عليهييم النخييل" .وأمييا الصييول التييي
تعارضيه فلنيه مين باب المزابنية المنهيي عنهيا ،وهيو بييع الثمير فيي
رءوس النخيل بالثمير كيل ،ولنيه أيضيا مين باب بييع الرطيب بالتمير
نسيئة فيدخله المنع من التفاضل ومن النسيئة وكلهما من أصول
الربييا ،فلمييا رأى الكوفيون هذا مييع أن الخرص الذي كان يخرص
على أهييل خيييبر لم يكيين للزكاة إذ كانوا ليسييوا بأهييل زكاة قالوا:
يحتميل أن يكون تخمينيا ليعلم ميا بأيدي كيل قوم مين الثمار .قال
القاضي :أما بحسب خبر مالك ،فالظاهر أنه كان في القسمة لما
روي أن عبييد الله بيين رواحيية كان إذا فرغ ميين الخرص قال :إن
شئتم فلكم وإن شئتم فلي ،أعني في قسمة الثمار ل في قسمة
الحييب .وأمييا بحسييب حديييث عائشيية الذي رواه أبييو داود فإنمييا
الخرص لموضيع النصييب الواجيب عليهيم فيي ذلك ،والحدييث هيو
أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر "كان النبي صلى الله عليه وسلم
يبعيث عبيد الله بين رواحية إلى يهود خييبر فيخرص عليهيم النخيل
حيييين يطييييب قبيييل أن يؤكيييل منيييه" وخرص الثمار لم يخرجيييه
الشيخان ،وكيفما كان فالخرص مستثنى من تلك الصول ،هذا إن
ثبت أنه كان منه عليه الصلة والسلم حكما منه على المسلمين،
فإن الحكيم لو ثبيت على أهيل الذمية لييس يجيب أن يكون حكميا
على المسيلمين إل بدلييل والله أعلم .ولو صيح حدييث عتاب بين
أسييد لكان جواز الخرص بينيا والله أعلم ،وحدييث عتاب بين أسييد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هو أنه قال "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرص
العنب وآخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا" وحديث عتاب
بن أسيد طعن فيه ،لن راويه عنه هو سعيد بن المسيب وهو لم
يسمع منه ،ولذلك لم يجز داود خرص العنب .واختلف من أوجب
الزكاة فييي الزيتون فييي جواز خرصييه .والسييبب فييي اختلفهييم
اختلفهيم فيي قياسيه فيي ذلك على النخيل والعنيب؛ والمخرج عنيد
الجميع من النخل في الزكاة هو التمر ل الرطب ،وكذلك الزبيب
مين العنيب ل العنيب نفسيه ،وكذلك عنيد القائليين بوجوب الزكاة
فيي الزيتون هيو الزييت ل الحيب قياسيا على التمير والزبييب .وقال
مالك فيي العنيب الذي ل يتزبيب والزيتون الذي ل ينعصير أرى أن
يؤخذ منه حبا.
@(-وأما المسألة الثالثة) فإن مالكا وأبو حنيفة قال :يحسب على
الرجيل ميا أكيل مين ثمره وزرعيه قبيل الحصياد فيي النصياب ،وقال
الشافعي :ل يحسب عليه ويترك الخارص لرب المال ما يأكل هو
وأهله .والسييبب فييي اختلفهييم مييا يعارض الثار فييي ذلك ميين
الكتاب والقياس .أما السنة في ذلك فما رواه سهل بن أبي حثمة
"أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا حثمة خارصا ،فجاء رجل
فقال :ييا رسيول الله إن أبيا حثمية قيد زاد علي ،فقال رسيول الله
صلى الله عليه وسلم :إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه ،فقال:
يا رسول الله لقد تركت له قدر عرية أهله وما يطعمه المساكين
وما تسقطه الريح ،فقال :قد زادك ابن عمك وأنصفك" وروي أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا خرصتم فدعوا الثلث،
فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربيع" وروي عين جابر أن رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم قال "خففوا فييي الخرص فإن فييي المال
العرية والكلة والوصية والعامل والنوائب وما وجب في الثمر من
الحيييق" وأميييا الكتاب المعارض لهذه الثار والقياس فقوله تعالى
{كلوا مين ثمره إذا أثمير وآتوا حقيه يوم حصياده} .وأميا القياس
فلنييه مال فوجبييت فيييه الزكاة أصييله سييائر الموال .فهذه هييي
المسائل المشهورة التي تتعلق بقدر الواجب في الزكاة والواجب
منيه فيي هذه الجناس الثلثية التيي الزكاة مخرجية مين أعيانهيا ،لم
يختلفوا أنهيا إذا خرجيت مين العيان أنفسيها أنهيا مجزئة ،واختلفوا
هل يجوز فيها أن يخرج بدل العين القيمة أو ل يجوز؟ فقال مالك
والشافعييي :ل يجوز إخراج القيييم فييي الزكوات بدل المنصييوص
علييييه فيييي الزكوات ،وقال أبيييو حنيفييية :يجوز سيييواء قدر على
المنصوص عليه أو لم يقدر .وسبب اختلفهم هل الزكاة عبادة أو
حيق واجيب للمسياكين ،فمين قال إنهيا عبادة :قال إن أخرج مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غييير تلك العيان لم يجييز لنييه إذا أتييى بالعبادة على غييير الجهيية
المأمور بهيا فهيي فاسيدة ،ومين قال هيي حيق للمسياكين فل فرق
بيين القيمية والعيين عنده ،وقيد قالت الشافعيية :لنيا أن نقول وإن
سييلمنا أنهييا حييق للمسيياكين أن الشارع إنمييا علق الحييق بالعييين
قصيييدا منيييه لتشرييييك الفقراء ميييع الغنياء فيييي أعيان الموال:
والحنفييية تقول :إنمييا خصييت بالذكيير أعيان الموال تسييهيل على
أرباب الموال ،لن كل ذي مال إنما يسهل عليه الخراج من نوع
المال الذي بيين يدييه ،ولذلك جاء فيي بعيض الثير أنيه جعيل فيي
الدية على أهل الحلل حلل على ما سيأتي في كتاب الحدود.
**4الفصل السادس في نصاب العروض.
@-والنصاب في العروض على مذهب القائلين بذلك إنما هو فيما
اتخيذ منهيا للبييع خاصية على ميا يقدر قبيل ،والنصياب فيهيا على
مذهبهيم هيو النصياب فيي العيين إذ كانيت هذه هيي قييم المتلفات
ورءوس الموال ،وكذلك الحول فييي العروض عنييد الذييين أوجبوا
الزكاة فيي العروض ،فإن مالكيا قال ،إذا باع العروض زكاة لسينة
واحدة كالحال فيي الديين ،وذلك عنده فيي التاجير الذي تضبيط له
أوقات شراء عروضيه .وأميا الذيين ل ينضبيط لهيم وقيت ميا ييبيعونه
ول يشترونيه وهيم الذيين يخصيون باسيم المديير ،فحكيم هؤلء عنيد
مالك إذا حال عليهيم الحول مين يوم ابتداء تجارتهيم إلى أن يقوم
ميا بيده مين العروض ،ثيم يضيم إلى ذلك ميا بيده مين العيين وماله
مين الديين الذي يرتجيى قبضيه إن لم يكين علييه ديين مثله :وذلك
بخلف قوله في دين غير المدير ،فإذا بلغ ما اجتمع عنده من ذلك
نصابا أدى زكاته ،وسواء نض له في عامه شيء من العين أو لم
ينيض بلغ نصيابا أو لم يبلغ نصيابا ،وهذه روايية ابين الماجشون عين
مالك .وروى ابيين القاسييم عنييه :إذا لم يكيين له ناض وكان يتجيير
بالعروض لم يكن عليه في العروض شيء .فمنهم من لم يشترط
وجود الناض عنده ،ومنهيم مين شرطيه .والذي شرطيه ،منهيم مين
اعتبر فيه النصاب ،ومنهم من لم يعتبر ذلك .وقال المازني :زكاة
العروض تكون من أعيانها ل من أثمانها .وقال الجمهور ،الشافعي
وأبييو حنيفيية وأحمييد والثوري والوزاعييي وغيرهييم :المدييير وغييير
المديير حكميه واحيد ،وأنيه مين اشترى عرضيا للتجارة فحال علييه
الحول قوميه وزكاه .وقال قوم :بيل يزكيي ثمنيه الذي ابتاعيه بيه ل
قيمته ،وإنما لم يوجب الجمهور على المد ير شيئا لن الحول إنما
يشترط فيي عيين المال ل فيي نوعيه .وأميا مالك فشبيه النوع ههنيا
بالعيين لئل تسيقط الزكاة رأسيا على المديير ،وهذا هيو بأن يكون
شرعيا زائدا أشبيه منيه بأن يكون شرعيا مسيتنبطا مين شرع ثابيت،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن الحول الذي اشترط فيي المال إنميا هيو فيي مال معيين ل يزييد
ول ينقيييص ل بربيييح ول بفائدة ول بغيييير ذلك ،إذ كان المقصيييود
بالحول هو كون المال فضلة مستغنى ع نه وذلك أن ما بقي حول
عند المالك لم يتغيير عنده فليس به حاجة إليه فجعل فيه الزكاة
فإن الزكاة إنميييا هيييي فيييي فضول الموال .وأميييا مييين رأى أن
اشتراط الحول فييي المال إنمييا سييببه النماء فواجييب عليييه أن
يقول :تضيييم الفوائد فضل عييين الرباح إلى الصيييول وأن يعتيييبر
النصاب في طرفي الحول فتأمل هذا فإنه بين والله أعلم .ولذلك
رأى مالك أن ميين كان عنده فييي أول الحول ماشييية تجييب فيهييا
الزكاة ثيم باعهيا وأبدلهيا فيي آخير الحول بماشيية مين نوعهيا أنهيا
تجيب فيهيا الزكاة ،فكأنيه اعتيبر أيضيا طرفيي الحول على مذهيب
أبييي حنيفيية ،وأخييذ أيضييا مييا اعتمييد أبييو حنيفيية فييي فائدة الناض
القياس على فائدة الماشية على ما قلناه.
@(-وأما المسألة الرابعة) وهي اعتبار حول الدين إذا قلنا إن فيه
الزكاة فإن قو ما قالوا :يعتيبر ذلك فييه مين أول ميا كان دينيا يزكييه
لعدة ذلك إن كان حول فحول ،وإن كان أحوال فأحوال ،أعنيي أنيه
إن كان حول تجيب فييه زكاة واحدة ،وإن أحوال وجبيت فييه الزكاة
لعدة تلك الحوال .وقوم قالوا :يزكييه لعام واحيد ،وإن أقام الديين
أحوال عند الذي عنده الدين .وقوم قالوا :يستقبل به الحول .وأما
مين قال يسيتقبل بالديين الحول مين يوم قبيض فلم يقيل بإيجاب
الزكاة فيي الديين .ومين قال فييه :الزكاة بعدد الحوال التيي أقام
فمصييرا إلى تشيبيه الديين بالمال الحاضير .وأميا مين قال :الزكاة
فييه لحول واحيد وإن أقام أحوال ،فل أعرف له مسيتندا فيي وقتيي
هذا ،لنييه ل يخلو مييا دام دينييا أن يقول إن فيييه زكاة أو ل يقول
ذلك ،فإن لم يكن فيه زكاة فل كلم بل يستأنف به ،وإن كان فيه
زكاة فل يخلو أن يشترط فيهييييييييا الحول أو ل يشترط ذلك ،فإن
اشترطنييا وجييب أن يعتييبر عدد الحوال إل أن يقول كلمييا انقضييى
حول فلم يتمكين مين أدائه سيقط عنيه ذلك الحيق اللزم فيي ذلك
الحول ،فإن الزكاة وجبييت بشرطييين :حضور عييين المال ،وحلول
الحول ،فلم يبق إل حق العام الخير ،وهذا يشبهه مالك بالعروض
التييي للتجارة ،فإنهييا ل تجييب عنده فيهييا زكاة إل إذا باعهييا وإن
أقاميت عنده أحوال كثيرة ،وفييه ميا شبيه بالماشيية التيي ل يأتيي
الساعي أعواما إليها ثم يأتي فيجدها قد انقضت فإنه يزكي على
مذهيب مالك الذي وجيد فقيط لنيه لميا أن حال عليهيا الحول فيميا
تقدم ولم يتمكن من إخراج الزكاة إذ كان مجيء الساعي شرطا
عنده فيي إخراجهيا ميع حلول الحول سيقط عنيه حيق ذلك الحول
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الحاضير وحوسيب بيه فيي العوام السيالفة كان الواجيب فيهيا أقيل
أو أكثر إذا كانت مما تجب فيه الزكاة ،وهو شيء يجري على غير
قياس ،وإنميا اعتيبر مالك فييه العميل .وأميا الشافعيي فيراه ضامنيا
لنيه لييس مجييء السياعي شرطيا عنده فيي الوجوب ،وعلى هذا
كييل ميين رأى أنييه ل يجوز أن يخرج زكاة ماله إل بأن يدفعهييا إلى
المام فعدم المام ،أو عدم المام العادل إن كان مميييييين شرط
العدالة فيي ذلك أنيه إذا هلكيت بعيد انقضاء الحول وقبيل التمكين
مين دفعهيا إلى المام فل شييء علييه .ومالك تنقسيم عنده زكاة
الديون لهذه الحوال الثلثية ،أعنيي أن مين الديون عنده ميا يزكيى
لعام واحيد فقيط مثيل ديون التجارة ،ومنهيا ميا يسيتقبل بهيا الحول
مثييل ديون المواريييث .والثالث دييين المدبر وتحصيييل قوله فييي
الديون ليس بغرضنا.
@(-المسييألة الخامسيية) وهييي حول العروض ،وقييد تقدم القول
فيها عند القول في نصاب العروض.
@(-وأميا المسيألة السيادسة) وهيي فوائد الماشيية ،فإن مذهيب
مالك فيهيا بخلف مذهبيه فيي فوائد الناض ،وذلك أنيه يبنيي الفائدة
على الصيل إذا كان الصيل نصيابا كميا يفعيل أبيو حنيفية فيي فائدة
الدارهم وفي فائدة الماشية ،فأبو حنيفة مذهبه في الفوائد حكم
واحد ،أعني أنها تبنى على الصل إذا كانت نصابا كانت فائدة غنم
أو فائدة ناض ،والرباح عنده والنسيل كالفوائد .وأميا مالك فالربيح
والنسييل عنده حكمهمييا واحييد ،ويفرق بييين فوائد الناض وفوائد
الماشييية .وأمييا الشافعييي فالرباح والفوائد عنده حكمهمييا واحييد
باعتبار حولهمييا بأنفسييهما ،وفوائد الماشييية ونسييلها واحييد باعتبار
حولهمييا بالصييل إذا كان نصييابا ،فهذا هييو تحصيييل مذاهييب هؤلء
الفقهاء الثلثية ،وكأنيه إنميا فرق مالك بيين الماشيية والناض اتباعيا
لعمير ،وإل فالقياس فيهميا واحيد ،أعنيي أن الربيح شيبيه بالنسيل
والفائدة بالفائدة ،وحديييث عميير هذا هييو أنييه أميير أن يعييد عليهييم
بالسخال ول يأخذ منها شيئا ،وقد تقدم الحديث في باب النصاب.
@(-المسيألة السيابعة) وهيي اعتبار حول نسيل الغنيم ،فإن مالكيا
قال :حول النسييل هييو حول المهات كانييت المهات نصييابا أو لم
تكن كما قال في ربح الناض .وقال الشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور:
ل يكون حول النسيييل حول المهات إل أن تكون المهات نصيييابا.
وسبب اختلفهم هو بعينه سبب اختلفهم في ربح المال.
@(-وأميا المسيألة الثامنية) وهيي جواز إخراج الزكاة قبيل الحول،
فإن مالكيا منيع ذلك وجوزه أبيو حنيفية والشافعيي .وسيبب الخلف
هيل هيي عبادة أو حيق واجيب للمسياكين ،فمين قال عبادة وشبههيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال آخرون :المسييكين أحسيين حال ميين الفقييير ،وبييه قال أبييو
حنيفة وأصحابه والشافعي في أحد قوليه وفي قوله الثاني أنهما
إسمان دالن على معنى واحد ،وإلى هذا ذهب ابن القاسم ،وهذا
النظر هو لغوي إن لم تكن له دللة شرعية .والشبه عند استقراء
اللغيية أن يكونييا اسييمين دالييين على معنييى واحييد يختلف بالقييل
والكثر في كل واحد منهما ل أن هذا راتب من أحدهما على قدر
غير القدر الذي الخر راتب عليه ،واختلفوا في قوله تعالى {وفي
الرقاب} فقال مالك :هييم العبيييد يعتقهييم المام ويكون ولؤهييم
للمسييلمين وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :هييم المكاتبون وابيين
السيبيل هيو عندهييم المسيافر فيي طاعية ينفيذ زاده فل يجيد ميا
ينفقيه .وبعضهيم يشترط فييه أن يكون ابين السيبيل جار الصيدقة.
وأميييا فيييي سيييبيل الله فقال مالك :سيييبيل الله مواضيييع الجهاد
والرباط وبييه قال أبييو حنيفيية .وقال غيره :الحجاج والعمار .وقال
الشافعي :هو الغازي جار الصدقة ،وإنما اشترط جار الصدقة لن
عنيد أكثرهيم أنيه ل يجوز تنقييل الصيدقة مين بلد إلى بلد إل مين
ضرورة.
**4الفصل الثالث كم يجب لهم؟
@-وأما قدر ما يعطى من ذلك ،أما الغارم فبقدر ما عليه إذا كان
دينه في طاعة وفي غير سرف بل في أمر ضروري ،وكذلك ابن
السبيل يعطى ما يحمله إلى بلده ،ويشبه أن يكون ما يحمله إلى
مغزاه عنيد مين جعيل ابين السيبيل الغازي .واختلفوا فيي مقدار ميا
يعطى المسكين الواحد من الصدقة ،فلم يحد مالك في ذلك حدا
وصييرفه إلى الجتهاد ،وبييه قال الشافعييي قال :وسييواء كان مييا
يعطييى ميين ذلك نصييابا أو أقييل ميين نصيياب .وكره أبييو حنيفيية أن
يعطييى أحييد ميين المسيياكين مقدار نصيياب ميين الصييدقة .وقال
الثوري :ل يعطييى أحييد أكثيير ميين خمسييين درهمييا .وقال الليييث:
يعطييى مييا يبتاع بييه خادمييا إذا كان ذا عيال وكانييت الزكاة كثيرة،
وكان أكثرهم مجمعون على أنه ل يجب أن يعطى عطية يصير بها
من الغنى في مرتبة من ل تجوز له الصدقة ،لن ما حصل له من
ذلك المال فوق القدر الذي هو به من أهل الصدقة صار في أول
مراتيب الغنيى فهيو حرام علييه .وإنميا اختلفوا فيي ذلك لختلفهيم
في هذا القدر ،فهذه المسألة كأنها تبنى على معرفة أول مراتب
الغنى .وأما العامل عليها فل خلف عند الفقهاء أنه إنما يأخذ بقدر
عمله ،فهذا ما رأينا أن نثبته في هذا الكتاب ،وإن تذكرنا شيئا مما
يشاكل غرضنا ألحقناه به إن شاء الله تعالى.
**2كتاب زكاة الفطر:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
زكييى عيين نفسييه ولم يزك عنييه سيييده ،وبييه قال أهييل الظاهيير
والجمهور على أنيه ل تجيب على المرء فيي أولده الصيغار إذا كان
لهيم مال زكاة فطير ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية ومالك ،وقال
الحسين هيي على الب وإن أعطاهيا مين مال البين فهيو ضامين،
وليس من شرط هذه الزكاة الغنى عند أكثرهم ول نصاب بل أن
تكون فضل عين قوتيه وقوت عياله .وقال أبيو حنيفية وأصيحابه :ل
تجييب على ميين تجوز له الصييدقة ،لنييه ل يجتمييع أن تجوز له وأن
تجيب علييه ،وذلك بيين والله أعلم ،وإنميا اتفيق الجمهور على أن
هذه الزكاة ليسيت بلزمية لمكلف ،مكلف فيي ذاتيه فقيط كالحال
فييي سييائر العبادات ،بييل وميين قبييل غيره ليجابهييا على الصييغير
والعبيييد ،فميين فهييم ميين هذا أن علة الحكييم الولييية قال :الولي
يلزمه إخراج الصدقة على كل من يليه ،ومن فهم من هذه النفقة
قال :المنفييق يجييب أن يخرج الزكاة عيين كييل ميين ينفييق عليييه
بالشرع .وإنميا عرض هذا الختلف لنيه اتفيق فيي الصيغير والعبيد،
وهما اللذان نبها على أن هذه الزكاة ليست معلقة بذات المكلف
فقيط بيل ومين قبيل غيره إن وجدت الوليية فيهيا ووجوب النفقية،
فذهييب مالك إلى أن العلة فييي ذلك وجوب النفقيية ،وذهييب أبييو
حنيفية إلى أن العلة فيي ذلك الوليية ،ولذلك اختلفوا فيي الزوجية.
وقيد روي مرفوعيا "أدوا زكاة الفطير عين كيل مين تمونون" ولكنيه
غيير مشهور .واختلفوا مين العبييد فيي مسيائل :إحداهيا كميا قلنيا
وجوب زكاتييه على السيييد إذا كان له مال ،وذلك مبنييي على أنييه
يملك أو ل يملك .والثانية في العبد الكافر هل يؤدي عنه زكاته أم
ل؟ فقال مالك والشافعييي وأحمييد :ليييس على السيييد فييي العبييد
الكافيير زكاة .وقال الكوفيون :عليييه الزكاة فيييه .والسييبب فييي
اختلفهيم اختلفهيم فيي الزيادة الواردة فيي ذلك فيي حدييث ابين
عمير ،وهيو قوله مين المسيلمين ،فإنيه قيد خولف فيهيا نافيع بكون
ابين عمير أيضيا الذي هيو راوي الحدييث مين مذهبيه إخراج الزكاة
عيين العبيييد الكفار .وللخلف أيضييا سييبب آخيير ،وهييو كون الزكاة
الواجبية على السييد فيي العبيد هيل هيي لمكان أن العبيد يكلف أو
أنيه مال؟ فمين قال لمكان أنيه مكلف اشترط السيلم ،ومين قال
لمكان أنيه مال لم يشترطيه ،قالوا :ويدل على ذلك إجماع العلماء
على أن العبيد إذا أعتيق ولم يخرج عنيه موله زكاة الفطير أنيه ل
يلزمه إخراجها عن نفسه بخلف الكفارات .والثالثة في المكاتب،
فإن مالكييا وأبييا ثور قال :يؤدي عنييه سيييده زكاة الفطيير .وقال
الشافعييي وأبييو حنيفيية وأحمييد :ل زكاة عليييه فيييه .والسييبب فييي
اختلفهييم تردد المكاتييب بييين الحيير والعبييد .والرابعيية فييي عبيييد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هلل أول الشهيير عييد الشهيير الذي قبله ثلثييين يومييا ،وكان أول
رمضان الحادي والثلثييين ،وإن كان الذي غييم هلل آخيير الشهيير
مى صام الناس ثلثين يوما .وذهب ابن عمر إلى أنه إن كان المغ ّ
عليييه هلل أول الشهيير صيييم اليوم الثانييي وهييو الذي يعرف بيوم
الشيييك .وروى بعيييض السيييلف أنيييه إذا أغميييى الهلل رجيييع إلى
الحساب بمسير القمر والشمس ،وهو مذهب مطرف بن الشخير
وهيو مين كبار التابعيين .وحكيى ابين سيريج عين الشافعيي أنيه قال:
مين كان مذهبيه السيتدلل بالنجوم ومنازل القمير ثيم تيبين له مين
جهية السيتدلل أن الهلل مرئي وقيد غيم ،فإن له أن يعقيد الصيوم
ويجزييه .وسيبب اختلفهيم الجمال الذي فيي قوله صيلى الله علييه
وسيلم "صيوموا لرؤيتيه وأفطروا لرؤيتيه فإن غيم عليكيم فاقدروا
له" فذهب الجمهور إلى أن تأويله أكملوا العدة ثلثين .ومنهم من
رأى أن معنيى التقديير له هيو عده بالحسياب .ومنهيم مين رأى أن
معنى ذلك أن يصبح المرء صائما ،وهو مذهب ابن عمر كما ذكرنا
وفيه بعد في اللفظ .وإنما صار الجمهور إلى هذا التأويل لحديث
ابين عباس الثابيت أنيه قال علييه الصيلة والسيلم "فإن غيم عليكيم
فأكملوا العدة ثلثين" وذلك مجمل وهذا مفسر ،فوجب أن يحمل
المجمل على المفسر ،وهي طريقة ل خلف فيها بين الصوليين،
فإنهم ليس عندهم بين المج مل والمفسر تعارض أصل ،فمذهب
الجمهور فيي هذا لئح والله أعلم .وأميا اختلفهيم فيي إعتبار وقيت
الرؤيية فإنهيم اتفقوا على أنيه إذا رؤي مين العشيي أن الشهير مين
اليوم الثانيي ،واختلفوا إذا رؤي فيي سيائر أوقات النهار أعنيي أول
ما رؤي ،فمذهب الجمهور أن القمر في أول وقت رؤي من النهار
أنه لليوم المستقبل كحكم رؤيته بالعشي ،وبهذا القول قال مالك
والشافعيي وأبيو حنيفية وجمهور أصيحابهم .وقال أبيو يوسيف مين
أصيحاب أبيي حنيفية والثوري وابين حيبيب مين أصيحاب مالك :إذا
رؤي الهلل قبيل الزوال فهيو لليلة الماضيية وإن رؤي بعيد الزوال
فهييو للتييية .وسييبب اختلفهييم ترك اعتبار التجربيية فيمييا سييبيله
التجربية والرجوع إلى الخبار فيي ذلك ،ولييس فيي ذلك أثير عين
النبي عليه الصلة والسلم يرجع إليه ،لكن روي عن عمر رضي
الله عنه أثران :أحدهما عام والخر مفسر ،فذهب قوم إلى العام
وذهيب قوم إلى المفسير .فأميا العام فميا رواه العميش عين أبيي
وائل شقييق بين سيلمة قال :أتانيا كتاب عمير ونحين بخانقيين أن
الهلة بعضهيا أكيبر مين بعيض ،فإذا رأيتيم الهلل نهارا فل تفطروا
حتى يشهد رجلن أنهما رأياه بالمس.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا الخاص فميا روى الثوري عنيه أنيه بلغ عمير بين الخطاب أن
قوما رأوا الهلل بعد الزوال فأفطروا ،فكتب إليهم يلومهم وقال:
إذا رأيتيييم الهلل نهارا قبيييل الزوال فأفطروا ،وإذا رأيتموه بعيييد
الزوال فل تفطروا .قال القاضيي :الذي يقتضيي القياس والتجربية
أن القمير ل يرى والشميس بعيد لم تغيب إل وهيو بعييد منهيا ،لنيه
حينئذ يكون أكييبر ميين قوس الرؤييية ،وإن كان يختلف فييي الكييبر
والصغر فبعيد والله أعلم أن يبلغ من الكبر أن يرى والشمس بعد
لم تغيب ،ولكين المعتميد فيي ذلك التجربية كميا قلنيا ول فرق فيي
ذلك قبيل الزوال ول بعده ،وإنميا المعتيبر فيي ذلك مغييب الشميس
أو ل مغيبهييا .وأمييا اختلفهييم فييي حصييول العلم بالرؤييية فإن له
طريقيين :أحدهميا الحيس والخير الخيبر ،فأميا طرييق الحيس فإن
العلماء أجمعوا على أن مين أبصير هلل الصيوم وحده أن علييه أن
يصيوم ،إل عطاء بين أبيي رباح فإنيه قال :ل يصيوم إل برؤيية غيره
معيه ،واختلفوا هيل يفطير برؤيتيه وحده؟ فذهيب مالك وأبيو حنيفية
وأحمد إلى أنه ل يفطر .وقال الشافعي :يفطر ،وبه قال أبو ثور،
وهذا ل معنييى له ،فإن النييبي عليييه الصييلة والسييلم قييد أوجييب
الصيوم والفطير للرؤيية .والرؤيية إنميا تكون بالحيس ،ولول الجماع
على الصيام بالخبر عن الرؤية لبعد وجوب الصيام بالخبر لظاهر
هذا الحديث ،وإنما فرق من فرق بين هلل الصوم والفطر لمكان
سد الذريعة أن ل يدعى الفساق أنهم رأوا الهلل فيفطرون وهم
بعيد لم يروه ،ولذلك قال الشافعيي :إن خاف التهمية أمسيك عين
الكيل والشرب واعتقيد الفطير ،وشيذ مالك فقال :مين أفطير وقيد
رأى الهلل وحده فعلييه القضاء والكفارة .وقال أبيو حنيفية :علييه
القضاء فقط .وأما طريق الخبر فإنهم اختلفوا في عدد المخبرين
الذين يجب قبول خبرهم عن الرؤية وفي صفتهم.
فأميا مالك فقال :إنيه ل يجوز أن يصيام ول يفطير بأقيل مين شهادة
رجلييين عدلييين .وقال الشافعييي فييي رواييية المزنييي :إنييه يصييام
بشهادة رجييل واحييد على الرؤييية ،ول يفطيير بأقييل ميين شهادة
رجلين .وقال أبو حنيفة :إن كانت السماء مغيمة قبل واحد ،وإن
كانيت صياحية بمصير كيبير لم تقبيل إل شهادة الجيم الغفيير .وروي
عنيه أنيه تقبيل شهادة عدليين إذا كانيت السيماء مصيحية وقيد روي
عيين مالك أنييه ل تقبييل شهادة الشاهدييين إل إذا كانييت السييماء
مغيمية ،وأجمعوا على أنيه ل يقبيل فيي الفطير إل إثنان ،إل أبيا ثور
فإنه لم يفرق في ذلك بين الصوم والفطر كما فرق الشافعي.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وسييبب اختلفهييم اختلف الثار فييي هذا الباب ،وتردد الخييبر فييي
ذلك بيين أن يكون مين باب الشهادة أو مين باب العميل بالحادييث
التي ل يشترط فيها العدد.
وتردد الخيبر فيي ذلك بيين أن يكون مين باب الشهادة أو مين باب
العميل بالحادييث التيي ل يشترط فيهيا العدد .أميا الثار فمين ذلك
ما خرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب
الناس فييي اليوم الذي يشييك فيييه فقال :إنييي جالسييت أصييحاب
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وسيألتهم وكلهيم حدثونيي أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال" :صيوموا لرؤيتيه وأفطروا
لرؤيته ،فإن غم عليكم فأتموا ثلثين ،فإن شهد شاهدان فصوموا
وأفطروا"
ومنها حديث ابن عباس أنه قال "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله
علييه وسيلم فقال أبصيرت الهلل الليلة ،فقال أتشهيد أن ل إله إل
الله وأن محمييد رسييول الله؟ قال :نعييم ،قال :يييا بلل أذن فييي
الناس فليصييوموا غدا" خرجييه الترمذي قال :وفييي إسييناده خلف
لنه رواه جماعة مرسل.
ومنهييا حديييث ربعييي بيين خراش خرجييه أبييو داود عيين ربعييي بيين
خراش عين رجيل مين أصيحاب رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
قال " كان الناس فيي آخير يوم مين رمضان فقام أعرابيان فشهدا
عنيد النيبي صيلى الله علييه وسيلم لهيل الهلل أميس عشيية ،فأمير
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم الناس أن يفطروا وأن يعودوا
إلى المصيييلى" فذهيييب الناس فيييي هذه الثار مذهيييب الترجييييح
ومذهيب الجميع ،فالشافعيي جميع بيين حدييث ابين عباس وحدييث
ربعيي بين خراش على ظاهرهميا ،فأوجيب الصيوم بشهادة واحيد
والفطير بإثنيين ،ومالك رجيح حدييث عبيد الرحمين ابين زييد لمكان
القياس :أعني تشبيه ذلك بالشهادة في الحقوق ،ويشبه أن يكون
أبيو ثور لم يير تعارضيا بيين حدييث ابين عباس وحدييث ربعيي بين
خراش ،وذلك أن الذي فييي حديييث ربعييي بيين خراش أنييه قضييى
بشهادة إثنيين ،وفيي حدييث ابين عباس أنيه قضيى بشهادة واحيد،
وذلك مميا يدل على جواز المريين جميعيا ،ل أن ذلك تعارض ،ول
أن القضاء الول مختيص بالصيوم والثانيي بالفطير ،فإن القول بهذا
إنميا ينبنيي على توهيم التعارض ،وكذلك يشبيه أن ل يكون تعارض
بين حديث عبد الرحمن بن زيد وبين حديث ابن عباس إل بدليل
الخطاب ،وهيو ضعييف إذا عارضيه النيص ،فقيد نرى أن قول أبيي
ثور على شذوذه هيو أبيين ،ميع أن تشيبيه الرائي بالراوي هيو أمثيل
من تشبيهه بالشاهد ،لن الشهادة إما أن يقول إن اشتراط العدد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في ها عبادة غيير معللة فل يجوز أن يقيس علي ها ،وإ ما أن يقول إن
اشتراط العدد فيهيا هيو لموضيع التنازع الذي فيي الحقوق ،والشبية
التييي تعرض ميين قبييل قول أحييد الخصييمين فاشترط فيهييا العدد
وليكون الظين أغلب والمييل إلى حجية أحيد الخصيمين أقوى ،ولم
يتعد بذلك الثنين لئل يعسر قيام الشهادة فتبطل الحقوق ،وليس
في رؤية القمر شبهة من مخالف توجب الستظهار بالعدد،
ويشبييه أن يكون الشافعييي إنمييا فرق بييين هلل الفطيير وهلل
الصوم للتهمة التي تعرض للناس في هلل الفطر ول تعرض في
هلل الصييوم ،ومذهييب أبييي بكيير بين المنذر هييو مذهييب أبييي ثور
أحسيبه هيو مذهيب أهيل الظاهير وقيد احتيج أ بو بكير بين المنذر لهذا
الحدييث بانعقاد الجماع على وجوب الفطير والمسياك عين الكيل
بقول واحييد ،فوجيييب أن يكون المييير كذلك فييي دخول الشهييير
وخروجيه ،إذ كلهميا علمية تفصيل زمان الفطير مين زمان الصيوم،
وإذا قلنيا إن الرؤيية تثبيت بالخيبر فيي حيق مين لم يره فهيل يتعدى
ذلك من بلد إلى بلد؟ أعني هل يجب على أهل بلد ما إذا لم يروه
أن يأخذوا فيي ذلك برؤيية بلد آخير أم لكيل بلد رؤيية؟ فييه خلف،
فأما مالك فإن ابن القاسم والمصريين رووا عنه أنه إذا ثبت عند
أهييل بلد أن أهييل بلد آخيير رأوا الهلل أن عليهييم قضاء ذلك اليوم
الذي أفطروه وصامه غيرهم ،وبه قال الشافعي وأحمد.
وروى المدنيون عن مالك أن الرؤية ل تلزم بالخبر عند أهل البلد
الذي وقعييت فيييه الرؤييية ،إل أن يكون المام يحمييل الناس على
ذلك ،وبيييه قال ابييين الماجشون والمغيرة مييين أصيييحاب مالك،
وأجمعوا أنيه ل يراعيى ذلك فيي البلدان النائيية كالندلس والحجاز.
والسيبب فيي هذا الخلف تعارض الثير والنظير .أما النظير فهيو أن
البلد إذا لم تختلف مطالعها كل الختلف فيجب أن يحمل بعضها
على بعض لنها في قياس الفق الواحد .وأما إذا اختلفت إختلفا
كثيرا فليس يجب أن يحمل بعضها على بعض .وأما الثر فما رواه
مسيلم عين كرييب أن أم الفضيل بنيت الحرث بعثتيه إلى معاويية
بالشام فقال :قدميييت الشام فقضييييت حاجتهيييا ،واسيييتهل على
رمضان وأنيييا بالشام ،فرأييييت الهلل ليلة الجمعييية ،ثيييم قدميييت
المدينية فيي آخير الشهير فسيألني عبيد الله بين عباس ،ثيم ذكير
الهلل فقال :متى رأيتم الهلل؟ فقلت :رأيته ليلة الجمعة ،فقال:
أنيت رأيتيه؟ فقلت نعيم ورآه الناس وصياموا وصيام معاويية قال:
لكنيا رأيناه ليلة السيبت فل نزال نصيوم حتيى نكميل ثلثيين يوميا أو
نراه ،فقلت :أل تكتفيي برؤيية معاويية؟ فقال ل ،هكذا أمرنيا النيبي
عليه الصلة والسلم ،فظاهر هذا الثر يقتضي أن لكل بلد رؤيته
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
"سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم فقال:
"أفطرا جميعا" خرج هذا الثر الطحاوي ولكن ضعفه .وأما ما يقع
من هذه من قبل الغلبة ومن قبل النسيان فالكلم فيه عند الكلم
في المفطرات وأحكامها .وأما ما اختلفوا فيه مما هو منطوق به
فالحجامة والقيء .أما الحجامة فإن فيها ثلثة مذاهب :قوم قالوا:
إنهييا تفطيير وأن المسيياك عنهييا واجييب ،وبييه قال أحمييد وداود
والوزاعيي وإسيحق بين راهوييه وقوم قالوا :إنهيا مكروهية للصيائم
وليسييت تفطيير ،وبييه قال مالك والشافعييي والثوري .وقوم قالوا:
إنها غير مكروهة ول مفطرة ،وبه قال أبو حنيفة وأصحابه .وسبب
اختلفهيم تعارض الثار الواردة فيي ذلك ،وذلك أنيه ورد فيي ذلك
حديثان :أحدهميا ميا روي مين طرييق ثوبان ومين طرييق رافيع بين
خدييج أنيه علييه الصيلة والسيلم قال" :أفطير الحاجيم والمحجوم"
وحديييث ثوبان هذا كان يصييححه أحمييد .والحديييث الثانييي حديييث
عكرمية عين ابين عباس "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
احتجم وهو صائم" وحديث ابن عباس هذا صحيح؛ فذهب العلماء
في هذين الحديثين ثلثة مذاهب :أحدها مذهب الترجيح .والثاني
مذهيب الجمعية .والثالث مذهيب السيقاط عنيد التعارض والرجوع
إلى البراءة الصلية إذا لم يعلم الناسخ من المنسوخ ،فمن ذهب
مذهيب الترجييح قال بحدييث ثوبان ،وذلك أن هذا موجيب حكميا،
وحديث ابن عباس رافعه ،والموجب مرجح عند كثير من العلماء
على الرافع لن الحكم إذا ثبت بطريق يوجب العمل لم يرتفع إل
بطرييق يوجيب العميل برفعيه ،وحدييث ثوبان قيد وجيب العميل بيه،
وحديييث ابيين عباس يحتمييل أن يكون ناسييخا ويحتمييل أن يكون
منسيييوخا ،وذلك شيييك والشيييك ل يوجيييب عمل ول يرفيييع العلم
الموجيب للعميل ،وهذا على طريقية مين ل يرى الشيك مؤثرا فيي
العلم ،ومين رام الجميع بينهميا حميل حدييث النهيي على الكراهيية
وحديييث الحتجام على الحظيير ،وميين أسييقطهما للتعارض قال
بإباحية الحتجام للصيائم .وأميا القييء فإن جمهور الفقهاء على أن
مين ذرعيه القييء فلييس بمفطير ،إل ربيعية فإنيه قال :إنيه مفطير،
وجمهورهم أيضا على أنه من استقاء فقاء فإنه مفطر إل طاوس.
وسبب اختلفهم ما يتوهم من التعارض بين الحاديث الواردة في
هذه المسألة اختلفهم أيضا في تصحيحها ،وذلك أنه ورد في هذا
الباب حديثان أحدهميا حدييث أبيي الدرداء "أن رسيول الله صيلى
الله عليييه وسييلم قاء فأفطيير" قال معدان :فلقيييت ثوبان فييي
مسييجد دمشييق فقلت له أن أبييا الدرداء حدثنييي "أن رسييول الله
صييلى الله عليييه وسييلم قاء فأفطيير ،قال :صييدق أنييا صييببت له
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أو يحميل على المجاز فيكون التقديير فأفطير فعدة مين أيام أخير،
وهذا الحذف فيي الكلم هيو الذي يعرفيه أهيل صيناعة الكلم بلحين
الخطاب ،فمين حميل اليية على الحقيقية ولم يحملهيا على المجاز
قال :إن فرض المسييافر عدة ميين أيام أخيير لقوله تعالى {فعدة
مين أيام أخير} ومين قدر فأفطير قال :إنميا فرضيه عدة مين أيام
أخيير إذا أفطيير .وكل الفريقييين يرجييح تأويله بالثار الشاهدة لكل
المفهوميين .وإن كان الصيل هيو أن يحميل الشييء على الحقيقية
حتيى يدل الدلييل على حمله على المجاز .أميا الجمهور فيحتجون
لمذهبهيم بميا ثبيت مين حدييث أنيس قال "سيافرنا ميع رسيول الله
صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر
ول المفطيير على الصييائم" وبمييا ثبييت عنييه أيضييا أنييه قال :كان
أصييحاب رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يسييافرون فيصييوم
بعضهيم ويفطير بعضهيم .فأهيل الظاهير يحتجون لمذهبهيم بميا ثبيت
عين ابين عباس "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم خرج إلى
مكية عام الفتيح فيي رمضان ،فصيام حتيى بلغ الكدييد ثيم أفطير
فأفطير الناس" وكانوا يأخذون بالحدث فالحدث مين أمير رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم .قالوا :وهذا يدل على نسيخ الصيوم.
قال أبييو عميير :والحجيية على أهييل الظاهيير إجماعهييم على أن
المريض إذا صام أجزأه صومه.
(وأما المسألة الثانية) وهي هل الصوم أفضل أو الفطر؟ إذا قلنا
أنه من أهل الفطر على مذهب الجمهور؛ فإنهم اختلفوا في ذلك
على ثلثية مذاهيب :فبعضهيم رأى أن الصيوم أفضيل ،وممين قال
بهذا القول مالك وأبييو حنيفيية .وبعضهييم رأى أن الفطيير أفضييل،
وممين قال بهذا القول أحميد وجماعية .وبعضهيم رأى أن ذلك على
التخيير ،وأنه ليس أحدهما أفضل .والسبب في اختلفهم معارضة
المفهوم من ذلك لظاهر بعض المنقول ،ومعارضة المنقول بعضه
لبعض وذلك أن المعنى المعقول من إجازة الفطر للصائم إنما هو
الرخصية له لمكان رفيع المشقية عنيه ،وميا كان رخصية فالفضيل
ترك الرخصة ،ويشهد لهذا حديث حمزة بن عمرو السلمي خرجه
ي قوة على الصييام فييي مسيلم أنييه قال "ييا رسييول الله أجييد ف ّيَ
ي مين جناح؟ فقال رسيول الله صيلى الله علييه السيفر فهيل عل َّي
وسيلم :هيي رخصية مين الله فمين أخيذ بهيا فحسين ،ومين أحيب أن
يصوم فل جناح عليه" وأما ما ورد من قوله عليه الصلة والسلم
ن آخير فعله علييه "لييس مين البر أن تصيوم فيي السيفر" ومين أ َّي
الصلة والسلم كان الفطر ،فيوهم أن الفطر أفضل ،لكن الفطر
لما كان ليس حكما وإنما هو فعل المباح عسر على الجمهور أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يضعوا المباح أفضيل مين الحكيم .وأميا مين خي ّ ِير فيي ذلك فلمكان
حدييث عائشية قالت "سيأل حمزة بين عمرو السيلمي رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم عين الصييام فيي السيفر فقال :إن شئت
فصم وإن شئت فأفطر" خرجه مسلم.
(وأما المسألة الثالثة)
وهي هل الفطر الجائز للمسافر هو في سفر محدود أو في سفر
غييير محدود .فإن العلماء اختلفوا فيهييا؛ فذهييب الجمهور إلى أنييه
إنما يفطر في السفر الذي تقصر فيه الصلة ،وذلك على حسب
اختلفهم في هذه المسألة .وذهب قوم إلى أنه يفطر في كل ما
ينطلق عليه اسم سفر وهم أهل الظاهر .والسبب في اختلفهم
معارضة ظاهر اللفظ للمعنى ،وذلك أن ظاهر اللفظ أن كل من
ينطلق علييه اسيم مسيافر فله أن يفطير لقوله تعالى {فمين كان
منكييم مريضييا أو على سييفر فعدة ميين أيام أخيير} وأمييا المعنييى
المعقول من إجازة الفطر في السفر فهو المشقة ،ولما كانت ل
توجيد فيي كيل سيفر وجيب أن يجوز الفطير فيي السيفر الذي فييه
المشقية ولميا كان الصيحابة كأنهيم مجمعون على الحيد فيي ذلك
وجب يقاس ذلك على الحد في تقصير الصلة .وأما المرض الذي
يجوز فييه الفطير ،فإنهيم اختلفوا فييه أيضيا ،فذهيب قوم إلى أنيه
المرض الذي يلحييق ميين الصييوم فيييه مشقيية وضرورة ،وبييه قال
مالك .وذهيب قوم إلى أنيه المرض الغالب ،وبيه قال أحميد .وقال
قوم إذا انطلق علييه اسيم المرييض أفطير .وسيبب اختلفهيم هيو
بعينه سبب اختلفهم في حد السفر.
(وأما المسألة الخامسة) [ل يوجد رابعة؟؟]
وهيي متيى يفطير المسيافر ومتيى يمسيك ،فإن قوميا قالوا :يفطير
يوميه الذي خرج فييه مسيافرا ،وبيه قال الشعيبي والحسين وأحميد.
وقالت طائفيية :ل يفطيير يومييه ذلك ،وبييه قال فقهاء المصييار.
واسيتحب جماعية العلماء لمين علم أنيه يدخيل المدينية أول يوميه
ذلك أن يدخيل صيائما ،وبعضهيم فيي ذلك أكثير تشديدا مين بعيض
وكلهيم لم يوجبوا على مين دخيل مفطرا كفارة .واختلفوا فيي مين
دخيل وقيد ذهيب بعيض النهار ،فذهيب مالك والشافعيي على أنيه
يتمادى على فطره .وقال أبيو حنيفية وأصيحابه :يكيف عين الكيل،
وكذلك الحائض عنده تطهيير تكييف عيين الكييل .والسييبب فييي
اختلفهيم فيي الوقيت الذي يفطير فييه المسيافر هيو معارضية الثير
للنظير .أميا الثير فإنيه ثبيت مين حدييث ابين عباس "أن رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم صيام حتيى بلغ الكدييد ثيم أفطير وأفطير
الناس معه" وظاهر هذا أنه أفطر بعد أن بيت الصوم .وأما الناس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فل يشك أنهم أفطروا بعد تبييتهم الصوم ،وفي هذا المعنى أيضا
حدييث جابر بين عبيد الله "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
خرج عام الفتييح إلى مكيية ،فسييار حتييى بلغ كراع الغميييم وصييام
الناس ،ثيم دعيا بقدح مين ماء فرفعيه حتيى نظير الناس إلييه ثيم
شرب ،فقييل له بعيد ذلك إن بعيض الناس قيد صيام فقال" :أولئك
العصاة أولئك العصاة" وخرج أبو داود عن أبي نضرة الغفاري أنه
لما تجاوز البيوت دعا بالسفرة ،قال جعفر راوي الحديث :فقلت:
ألست تؤم البيوت؟ فقال :أترغب عن سنة رسول الله صلى الله
علييه وسيلم؟ قال جعفير :فأكيل .وأميا النظير فلميا كان المسافر ل
يجوز له إل أن يييبيت الصييوم ليلة سييفره لم يجييز له أن يبطييل
صومه وقد بيته لقوله تعالى {ول تبطلوا أعمالكم} وأما اختلفهم
فييي إمسيياك الداخييل فييي أثناء النهار عيين الكييل أو ل إمسيياكه.
فالسيبب فيي اختلفهيم فيي تشيبيه مين يطرأ علييه فيي يوم شيك
أفطر فيه الثبوت أنه من رمضان ،فمن شبهه به قال يمسك عن
الكل ،ومن لم يشبهه به قال ل يمسك عن الكل ،لن الول أكل
لموضع الجهل ،وهذا أكل لسبب مبيح أو موجب للكل .والحنفية
تقول :كلهما سببان موجبان للمساك عن الكل بعد إباحة الكل.
(وأما المسألة السادسة)
وهي هل يجوز للصائم في رمضان أن ينشيء سفرا ثم ل يصوم
فييه ،فإن الجمهور على أنيه يجوز ذلك له .وروي عين بعضهيم وهيو
عيبيدة السيلماني وسيويد بين غفلة وابين مجلز أنيه إن سيافر فييه
صيام ولم يجيزوا له الفطير .والسيبب فيي اختلفهيم اختلفهيم فيي
مفهوم قوله تعالى {فمين شهيد منكيم الشهير فليصيمه} وذلك أنيه
يحتمييل أن يفهييم منييه أن ميين شهييد أن الواجييب أن يصييوم ذلك
البعييض الذي شهده ،وذلك أنييه لمييا كان المفهوم باتفاق أن ميين
شهده كله فهو يصومه كله كأن من شهد بعضه فهو يصوم بعضه،
ويؤيييد تأويييل الجمهور إنشاء رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم
السيفر فيي رمضان .وأميا حكيم المسيافر إذا أفطير فهيو القضاء
باتفاق وكذلك المريض لقوله تعالى {فعدة من أيام أخر} ما عدا
المرييض بإغماء أو جنون ،فإنهيم اختلفوا فيي وجوب القضاء علييه،
وفقهاء المصييار على وجوبييه على المغمييى عليييه واختلفوا فييي
المجنون ،ومذهييب مالك وجوب القضاء عليييه وفيييه ضعييف لقوله
علييه الصيلة والسيلم "وعين المجنون حتيى يفييق" والذيين أوجبوا
عليهيم القضاء اختلفوا فيي كون الغماء والجنون مفسيدا ً للصيوم،
فقوم قالوا إنييه مفسييد ،وقوم قالوا :ليييس بمفسييد ،وقوم فرقوا
بيين أن يكون أغميي علييه بعيد الفجير أو قبيل الفجير ،وقوم قالوا:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إن أغميي علييه بعيد مضيي أكثير النهار أجزأه ،وإن أغميي علييه فيي
أول النهار قضييى ،وهييو مذهييب مالك ،وهذا كله فيييه ضعييف ،فإن
الغماء والجنون صييفة يرتفييع بهييا التكليييف وبخاصيية الجنون ،إذا
ارتفع التكليف لم يوصف لمفطر ول صائم فكيف يقال في الصفة
التيي ترفيع التكليف إن ها مبطلة للصوم إل كميا يقال فيي الميت أو
فيي مين ل يصيح منيه العميل إنيه قيد بطيل صيومه وعمله .ويتعلق
بقضاء المسيافر والمرييض مسيائل :منهيا هيل يقضيان ميا عليهميا
متتابعا أم ل؟ ومنها ماذا عليهما إذا أخرا القضاء بغير عذر إلى أن
يدخيل رمضان آخير؟ ومنهيا إذا ماتيا ولم يقضييا هيل يصيوم عنهميا
وليهما أو ل يصوم؟
(أميا المسيألة الولى) فإن بعضهيم أوجيب أن يكون القضاء متتابعيا
على صيفة الداء ،وبعضهيم لم يوجيب ذلك ،وهؤلء منهيم مين خيير
ومنهييم مين اسييتحب التتابييع ،والجماعيية على ترك إيجاب التتابييع.
وسيييبب اختلفهيييم تعارض ظواهييير اللفيييظ والقياس ،وذلك أن
القياس يقتضيييي أن يكون الداء على صيييفة القضاء أصيييل ذلك
الصيلة والحيج .أميا ظاهير قوله تعالى {فعدة مين أيام أخير} فإنميا
يقتضي إيجاب العدد فقط ل إيجاب التتابع .وروي عن عائشة أنها
قالت :نزلت فعدة ميين أيام أخيير متتابعات فسييقط {متتابعات} .
وأمييا إذا أخيير القضاء حتييى دخييل رمضان آخيير؛ فقال قوم :يجييب
علييه بعيد صييام رمضان الداخيل القضاء والكفارة ،وبيه قال مالك
والشافعييي وأحمييد .وقال قوم :ل كفارة عليييه وبييه قال الحسيين
البصيري وإبراهييم النخعيي .وسيبب اختلفهيم هيل تقاس الكفارات
بعضها على بعض أم ل؟ فمن لم يجز القياس في الكفارات قال:
إنمييا عليييه القضاء فقييط .وميين أجاز القياس فييي الكفارات قال:
عليييه كفارة قياسييا على ميين أفطيير متعمدا لن كليهمييا مسييتهين
بحرميية الصييوم .أمييا هذا فبترك القضاء زمان القضاء ،وأمييا ذلك
فبالكييل فييي يوم ل يجوز فيييه الكييل ،وإنمييا كان يكون القياس
مسييتندا لو ثبييت أن للقضاء زمنييا محدودا بنييص ميين الشارع ،لن
أزمنية الداء هيي المحدودة فيي الشرع ،وقيد شيذ قوم فقالوا :إذا
اتصيل مرض المرييض حتيى يدخيل رمضان آخير أنيه ل قضاء علييه
وهذا مخالف للنيص .وأميا إذا مات وعلييه صيوم فإن قوميا قالوا :ل
يصييوم أحييد عيين أحييد .وقوم قالوا يصييوم عنييه وليييه ،والذييين لم
يوجبوا الصيوم قالوا :يطعيم عنيه ولييه ،وبيه قال الشافعيي .وقال
بعضهييم :ل صيييام ول إطعام إل أن يوصييي بييه ،وهييو قول مالك.
وقال أبييو حنيفيية يصييوم ،فإن لم يسييتطع أطعييم وفرق قوم بييين
النذر والصيييام المفروض فقالوا يصييوم عنييه وليييه فييي النذر ول
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وحكم الذي يجهده الصوم أو شبهها بالصحيح ومن أفرد لهما أحد
الحكمييين أولى والله أعلم مميين جمييع ،كمييا أن ميين أفردهمييا
بالقضاء أولى مميين أفردهمييا بالطعام فقييط لكون القراءة غييير
متواترة ،فتأميل هذا فإنيه بيين .وأميا الشييخ الكيبير والعجوز اللذان
ل يقدران على الصييييام فإنهيييم أجمعوا على أن لهميييا أن يفطرا،
واختلفوا فييي مييا عليهمييا إذا أفطرا ،فقال قوم :عليهمييا الطعام.
وقال قوم ليس عليهما إطعام ،وبالول قال الشافعي وأبو حنيفة،
وبالثاني قال مالك إل أنه استحبه .وأكثر من رأى الطعام عليهما
يقول مد عن كل يوم ،وقيل إن حفن حفنات كما كان أنس يصنع
أجزأه .وسبب اختلفهم اختلفهم في القراءة التي ذكرناها ،أعني
قراءة ميين قرأ {وعلى الذييين يطوقونييه} فميين أوجييب العمييل
بالقراءة التيي لم تثبيت فيي المصيحف إذا وردت مين طرييق الحاد
العدول قال :الشييخ منهيم ،ومين لم يوجيب بهيا عمل جعيل حكميه
حكييم المريييض الذي يتمادى بييه المرض حتييى الموت ،فهذه هييي
أحكام الصنف من الناس الذين يجوز لهم الفطر ،أعني أحكامهم
المشهورة التيي أكثرهيا منطوق بيه أو لهيا تعلق بالمنطوق بيه فيي
الصنف الذي يجوز له الفطر .وأما النظر في أحكام الصنف الذي
يجوز له الفطيير إذا أفطيير ،فإن النظيير فييي ذلك يتوجييه إلى ميين
يفطيير بجماع وإلى ميين يفطيير بغييير جماع وإلى ميين يفطيير بأميير
متفيق علييه وإلى مين يفطير بأمير مختلف علييه ،أعنيي بشبهية أو
بغير شبهة ،وكل واحد من هذين إما أن يكون على طريق السهو
أو طريق العمد أو طريق الختيار أو طريق الكراه .أما من أفطر
بجماع متعمدا فييي رمضان ،فإن الجمهور على أن الواجييب عليييه
القضاء والكفارة ،لميا ثبيت مين حدييث أبيي هريرة أنيه قال "جاء
رجييل إلى رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فقال :هلكييت يييا
رسييول الله ،قال :ومييا أهلكييك؟ قال وقعييت على إمرأتييي فييي
رمضان ،قال :هييل تجييد مييا تعتييق بييه رقبيية؟ قال :ل ،قال :فهييل
تسيتطيع أن تصيوم شهريين متتابعيين؟ قال :ل ،قال :فهيل تجيد ميا
تطعم به ستين مسكينا؟ قال :ل ،ثم جلس فأتى النبي صلى الله
علييه وسيلم بفرق فييه تمير فقال :تصيدق بهذا ،فقال :أعلى أفقير
مني؟ فما بين لبتيها أهل بيت أحوج إليه منا ،قال :فضحك النبي
صيلى الله علييه وسيلم حتيى بدت أنيابيه ثيم قال :إذهيب فأطعميه
أهلك" واختلفوا ميين ذلك فييي مواضييع :منهييا هييل الفطار متعمدا
بالكيل والشرب حكميه كلفطار فيي الجماع فيي القضاء والكفارة
أم ل؟ ومنها إذا جامع ساهيا ماذا عليه؟ ومنها ماذا على المرأة إذا
لم تكيين مكرهيية؟ ومنهييا هييل الكفارة واجبيية فيييه مترتبيية أو على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
التخييير؟ ومنهيا كيم المقدار الذي يجيب أن يعطيى كيل مسيكين إذا
كفيير بالطعام؟ ومنهييا هييل الكفارة متكررة بتكرر الجماع أم ل؟
ومنهيا إذا لزميه الطعام وكان معسيرا هيل يلزميه الطعام إذا أثرى
أم ل؟ وشيييييذ قوم فلم يوجبوا على المفطييييير عمدا بالجماع إل
القضاء فقيط ،إميا لنيه لم يبلغهيم هذا الحدييث ،وأميا أنيه لم يكين
المير عزمية فيي هذا الحدييث ،لنيه لو كان عزمية لوجيب إذا لم
يسيتطع العتاق أو الطعام أن يصيوم ،ول بيد إذا كان صيحيحا على
ظاهر الحديث ،وأيضا لو كان عزمة لعلمه عليه الصلة والسلم
أنيه إذا صيح أنيه يجيب علييه الصييام أن لو كان مريضيا وكذلك شيذ
قوم أيضا فقالوا :ليس عليه إل الكفارة فقط إذ ليس في الحديث
ذكير القضاء ،والقضاء الواجيب بالكتاب إنميا هيو لمين أفطير ممين
يجوز له الفطيير ،أو مميين ل يجوز له الصييوم على الختلف الذي
قررناه قبيل فيي ذلك ،فأميا مين أفطير متعمدا فلييس فيي إيجاب
القضاء علييه نيص فيلحيق فيي قضاء المتعميد الخلف الذي لحيق
فيي قضاء تارك الصيلة عمدا حتيى خرج وقتهيا ،إل أن الخلف فيي
هاتيين المسيألتين شاذ .وأميا الخلف المشهور فهيو فيي المسيائل
التي عددناها قبل.
(أمييا المسييألة الولى) وهييي هييل تجييب الكفارة بالفطار بالكييل
والشرب متعمدا ،فإن مالك وأصيييحابه وأبيييا حنيفييية وأصيييحابه
والثوري وجماعية ذهبوا إلى أن مين أفطير متعمدا بأكيل أو شرب
أن علييييه القضاء والكفارة المذكورة فيييي هذا الحدييييث .وذهيييب
الشافعييي وأحمييد وأهييل الظاهيير إلى أن الكفارة إنمييا تلزم فييي
الفطار مين الجماع فقيط .والسيبب فيي اختلفهيم اختلفهيم فيي
جواز قياس المفطر بالكل والشرب على المفطر بالجماع ،فمن
رأى أن شبههما فيه واحد وهو انتهاك حرمة الصوم جعل حكمهما
واحد .ومن رأى أنه وإن كانت الكفارة عقابا لنتهاك الحرمة فإنها
أشييد مناسييبة للجماع منهييا لغيره ،وذلك أن العقاب المقصييود بييه
الردع والعقاب الكيبر قيد يوضيع لميا إلييه النفيس أمييل وهيو لهيا
أغلب مين الجنايات وإن كانيت الجنايية متقاربية إذ كان المقصيود
من ذلك إلتزام الناس بالشرائع ،وأن يكونوا أخيارا عدول كما قال
تعالى {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون} قال هذه الكفارة المغلظيية خاصيية بالجماع ،وهذا إذا كان
ممين يرى القياس .وأميا مين ل يرى القياس فأمره بيين أنيه لييس
يعدى حكيم الجماع إلى الكيل والشرب .وأميا ميا روى مالك فيي
الموطيأ أن رجل أفطير فيي رمضان فأمره النيبي صيلى الله علييه
وسييلم بالكفارة المذكورة فليييس بحجيية لن قول الراوي فأفطيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هيو مجميل ،والمجميل لييس له عموم فيؤخيذ بيه ،لكين هذا قول
على إن الراوي كان يرى أن الكفارة لموضيييع الفطار ،ولول ذلك
لما عبر بهذا اللفظ ولذكر النوع من الفطر الذي أفطر به.
(وأما المسألة الثانية) وهو إذا جامع ناسيا لصومه ،فإن الشافعي
وأبيييا حنيفييية يقولن :ل قضاء علييييه ول كفارة .قال مالك :علييييه
القضاء دون الكفارة .وقال أحميييد وأهيييل الظاهييير علييييه القضاء
والكفارة وسبب اختلفهم في قضاء الناسي معارضة ظاهر الثر
فيي ذلك للقياس وأميا القياس فهيو تشيبيه ناسيي الصيوم بناسيي
الصيلة ،فمين شبهيه بناسيي الصيلة أوجيب علييه القضاء كوجوبيه
بالنييص على ناسييي الصييلة .وأمييا الثيير المعارض بظاهره لهذا
القياس فهيو ميا خرجيه البخاري ومسيلم عين أبيي هريرة قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم" :من نسي وهو صائم فأكل أو
شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" وهذا الثر يشهد له
عموم قوله عليه الصلة والسلم "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان
ومييا اسييتكرهوا عليييه" وميين هذا الباب اختلفهييم فيميين ظيين أن
الشمس قد غربت فأفطر ثم ظهرت الشمس بعد ذلك هل عليه
قضاء أم ل؟ وذلك أن هذا مخطيئ ،والمخطيئ والناسيي حكمهميا
واحيد ،فكيفميا قلنيا فتأثيير النسييان فيي إسيقاط القضاء بيين والله
أعلم .وذلك أن ّ يا إن قلنييا أن الصييل هييو أن ل يلزم الناسييي قضاء
حتييى يدل الدليييل على ذلك وجييب أن يكون النسيييان ل يوجييب
القضاء فييي الصييوم إذ ل دليييل ههنييا على ذلك بخلف الميير فييي
الصيلة ،وإن قلنيا أن الصيل هيو إيجاب القضاء حتيى يدل الدلييل
على رفعه عن الناسي فقد دل الدليل في حديث أبي هريرة على
رفعييه عيين الناسييي ،اللهييم إل أن يقول قائل :إن الدليييل الذي
اسيتثنى ناسيي الصيوم مين ناسيي سيائر العبادات التيي رفيع عين
تاركهيا الحرج بالنيص هيو قياس الصيوم على الصيلة ،ولكين إيجاب
القضاء فييه ضعيف ،وإنميا القضاء عنيد الكثير واجيب بأمير متجدد.
وأميا مين أوجيب القضاء والكفارة على المجاميع ناسييا فضعييف،
فإن تأثير النسيان في إسقاط العقوبات بي ّن في الشرع والكفارة
من أنواع العقوبات وإنما أصارهم إلى ذلك أخذهم بمجمل الصفة
المنقولة فيي الحدييث أعنيي مين أنيه لم يذكير فييه أنيه فعيل ذلك
عمدا ول نسيانا ،لكن من أوجب الكفارة على قاتل الصيد نسيانا
لم يحفيظ أصيله فيي هذا ميع أن النيص إنميا جاء فيي المتعميد ،وقيد
كان يجيب على أهيل الظاهير أن يأخذوا بالمتفيق علييه وهيو إيجاب
الكفارة على العامييييد إلى أن يدل الدليييييل على إيجابهييييا على
الناسيي ،أو يأخذوا بعموم قوله علييه الصيلة والسيلم "رفيع عين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أفطر مما هو مختلف فيه ،فإن بعض من أوجب فيه الفطر أوجب
فييه القضاء والكفارة وبعضهيم أوجيب فييه القضاء فقيط ،مثيل مين
رأى الفطير فيي الحجامية ومين السيتقاء ،ومين بلع الحصياة ،ومثيل
المسافر يفطر أول يوم يخرج عند من يرى أنه ليس له أن يفطر
فيي ذلك اليوم ،فإن مالكيا أوجيب فييه القضاء والكفارة ،وخالفيه
فيي ذلك سيائر فقهاء المصيار وجمهور أصيحابه .وأميا مين أوجيب
القضاء والكفارة من الستقاء فأبو ثور والوزاعي وسائر من يرى
أن السييتقاء مفطيير ل يوجبون إل القضاء فقييط .والذي أوجييب
القضاء والكفارة في الحتجام من القائلين بأن الحجامة تفطر هو
عطاء وحده .وسيبب هذا الخلف أن المفطير بشييء فييه اختلف
فيه شبه من غير المفطر ومن المفطر .فمن غلب أحد الشبهين
أوجيب له ذلك الحكيم وهذان الشبهان الموجودان فييه هميا اللذان
أوجبيا فييه الخلف ،أعنيي هيل هيو مفطير أو غيير مفطير ،ولكون
الفطار شبهة ل يوجب الكفارة عند الجمهور وإنما يوجب القضاء
فقيط ،نزع أبيو حنيفية إلى أنيه مين أفطير متعمدا للفطير ثيم طرأ
عليه في ذلك اليوم سبب مبيح للفطر أنه ل كفارة عليه كالمرأة
تفطيير عمدا ثييم تحيييض باقييي النهار ،وكالصييحيح يفطيير عمدا ثييم
يمرض والحاضير يفطير ثيم يسيافر ،فمين اعتيبر المير فيي نفسيه
أعنيي أنيه مفطير فيي يوم جاز له الفطار فييه لم يوجيب عليهيم
الكفارة ،وذلك أن كيل واحيد مين هؤلء قيد كشيف له الغييب أنيه
أفطير فيي يوم جاز له الفطار فييه ،ومين اعتيبر السيتهانه بالشرع
أوجيب علييه الكفارة ،لنيه حيين أفطير لم يكين عنده علم بالباحية،
وهو مذهب مالك والشافعي .ومن هذا الباب إيجاب مالك القضاء
ك فييي الفجيير ،وإيجابييه القضاءفقييط على ميين أكييل وهييو شا ّيي
والكفارة على مين أكيل وهيو شاك فيي الغروب على ميا تقدم مين
الفرق بينهما .واتفق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمدا في
قضاء رمضان كفارة ،لنيييه لييييس له حرمييية زمان الداء :أعنيييي
رمضان ،إل قتادة فإنيه أوجيب علييه القضاء والكفارة .وروي عين
ابن القاسم وابن وهب أن عليه يومين قياسا على الحج الفاسد.
وأجمعوا على أن مين سينن الصيوم تأخيير السيحور وتعجييل الفطير
لقوله عليه الصلة والسلم " ل يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
وأخروا السيحور" وقال "تسيحروا فإن فيي السيحور بركية" وقال
علييه الصيلة والسيلم "فصيل ميا بيين صييامنا وصييام أهيل الكتاب
أكلة السيييحر" وكذلك جمهورهيييم على أن مييين سييينن الصيييوم
ومرغباتييه كييف اللسييان عيين الرفييث والخنييا لقوله عليييه الصييلة
والسلم "إنما الصوم جنة ،فإذا أصبح أحدكم صائما فل يرفث ول
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجهيل ،فإن امرؤ شاتميه فليقيل إنيي صيائم" وذهيب أهيل الظاهير
إلى أن الرفث يفطر وهو شاذ فهذه مشهورات ما يتعلق بالصوم
المفروض مين المسيائل وبقيي القول فيي الصيوم المندوب إلييه،
وهو القسم الثاني من هذا الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم.
**3كتاب الصيام الثاني وهو المندوب إليه.
@-والنظير فيي الصييام المندوب إلييه هيو فيي تلك الركان الثلثية
وفي حكم الفطار فيه .فأما اليام التي يقع فيها الصوم المندوب
إلييه وهيو الركين الول ،فإنهيا على ثلثية أقسيام :أيام مرغيب فيهيا،
وأيام منهيى عنهيا ،وأيام مسيكوت عنهيا .ومين هذه ميا هيو مختلف
فييه ،ومنهيا ميا هيو متفيق علييه .أميا المرغيب فييه المتفيق علييه
فصيام يوم عاشوراء .وأما المختلف فيه فصيام يوم عرفة وست
من شوال والغرر من كل شهر ،وهي الثالث عشر والرابع عشر
والخاميس عشير .أميا صييام يوم عاشوراء ،فلنيه ثبيت أن رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم صيامه وأمير بصييامه وقال فييه "مين
كان أصبح صائما فليتم صومه ،ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية
يوميه" واختلفوا فييه هيل هيو التاسيع أو العاشير .والسيبب فيي ذلك
اختلف الثار ،خرج مسيلم عين ابين عباس قال :إذا رأييت الهلل
المحرم فاعدد وأصيبح يوم التاسيع صيائما ،قلت :هكذا كان محميد
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال :نعم .وروي "أنه
حيين صيام رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يوم عاشوراء وأمير
بصيييامه قالوا :يييا رسييول الله إنييه يوم يعظمييه اليهود والنصييارى،
فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :فإذا كان العام المقبيل
إن شاء الله صييمنا اليوم التاسييع" قال :فلم يأتييي العام المقبييل
حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .وأما اختلفهم في
يوم عرفية ،فلن النيبي علييه الصيلة والسيلم أفطير يوم عرفية،
وقال فييه "صييام يوم عرفية يكفير السينة الماضيية والتيية" ولذلك
اختلف الناس فيييي ذلك ،واختار الشافعيييي الفطييير فييييه للحاج
وصيامه لغير الحاج جمعا بين الثرين .وخرج أبو داود "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة" وأما
الست من شوال فإنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال "ميين صييام رمضان ثييم أتبعييه سييتا ميين شوال كان كصيييام
الدهر" إل أن مالكا كره ذلك ،إما مخافة أن يلحق الناس برمضان
ما لييس فيي رمضان ،وإميا ل نه لعله لم يبلغه الحديث أو لم يصيح
عنده وهو الظهر ،وكذلك كره مالك تحري صيام الغرر مع ما جاء
فيهيا مين الثير مخافية أن يظين الجهال بهيا أنهيا واجبية ،وثبيت "أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم كان يصيوم مين كيل شهير ثلثية
أيام غيير معينية ،وأنيه قال لعبيد الله بين عمرو بين العاص لميا أكثير
الصيام" :أما يكفيك من كل شهر ثلثة أيام؟ قال :فقلت يا رسول
الله إنيي أطييق أكثير مين ذلك ،قال :خمسيا ،قلت :ييا رسيول الله
إنيي أطييق أكثير مين ذلك ،قال :سيبعا ،قلت :ييا رسيول الله إنيي
أطييق أكثير مين ذلك ،قال :تسيعا ،قلت :ييا رسيول الله إنيي أطييق
أكثير مين ذلك ،قال :أحيد عشير ،قلت :ييا رسيول الله إنيي أطييق
أكثير مين ذلك ،فقال علييه الصيلة والسيلم :ل صيوم فوق صييام
داود ،شطر الدهر صيام يوم ،وإفطار يوم"
وخرج أبيو داود "أنيه كان يصيوم يوم الثنيين ويوم الخمييس" وثبيت
أنيه لم يسيتتم قيط شهرا بالصييام غيير رمضان ،وإن أكثير صييامه
كان في شعبان .وأما اليام المنهى عنها ،فمنها أيضا متفق عليها،
ومنهيا مختلف فيهيا .أميا المتفيق عليهيا فيوم الفطير ويوم الضحيى
لثبوت النهييي عيين صيييامهما .وأميا المختلف فيهييا فأيام التشريييق
ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت والنصف الخر من شعبان
وصيييام الدهيير .أمييا أيام التشريييق فإن أهييل الظاهيير لم يجيزوا
الصوم فيها .وقوم أجازوا ذلك فيها .وقوم كرهوه ،وبه قال مالك،
إل أنه أجاز صيامها لمن وجب عليه الصوم في الحج وهو المتمتع،
وهذه اليام هيي الثلثية اليام التيي بعيد يوم النحير .والسيبب فيي
اختلفهييم تردد قوله عليييه الصييلة والسييلم فييي "إنهييا أيام أكييل
وشرب" بيين أن يحميل على الوجوب أو على الندب ،فمين حمله
على الوجوب قال :الصيييوم يحرم ،ومييين حمله على الندب قال:
الصيوم مكروه ،ويشبيه أن يكون مين حمله على الندب إنميا صيار
إلى ذلك وغلبه على الصل الذي هو حمله على الوجوب لنه رأى
أنييه إن حمله على الوجوب عارضييه حديييث أبييي سييعيد الخدري
الثابيت بدلييل الخطاب ،وهيو أنيه قال :سيمعت رسيول الله صيلى
الله عليه وسلم يقول "ل يصح الصيام في يومين يوم الفطر من
رمضان ويوم النحيير" فدليييل الخطاب يقتضييي أن مييا عدا هذييين
اليوميين يصيح الصييام فييه ،وإل كان تخصييصهما عبثيا ل فائدة فييه.
وأميا يوم الجمعية فإن قوميا لم يكرهوا صييامه ،ومين هؤلء مالك
وأصيحابه وجماعية ،وقوم كرهوا صييامه إل أن يصيام قبله أو بعده.
والسيبب فيي اختلفهيم اختلف الثار فيي ذلك ،فمنهيا حدييث ابين
مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلثة أيام من
كل شهر قال :وما رأيته يفطر يوم الجمعة" وهو حديث صحيح.
ومنهييا حديييث جابر "أن سييائل سييأل جابرا أسييمعت رسييول الله
صلى الله عليه وسلم نهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم؟ قال :نعم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ورب هذا البيت" خرجه مسلم .ومنها حديث أبي هريرة قال :قال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ل يصيوم أحدكيم يوم الجمعية
إل أن يصيوم قبله أو يصيوم بعده" خرجيه أيضيا مسيلم ،فمين أخيذ
بظاهير حدييث ابين مسيعود ،أجاز صييام يوم الجمعية مطلقيا ،ومين
أخذ بظاهر حديث جابر كرهه مطلقا ،ومن أخذ بحديث أبي هريرة
جمع بين الحديثين ،أعني حديث جابر وحديث ابن مسعود.
وأمييا يوم الشييك فإن جمهور العلماء على النهييي عيين صيييام يوم
الشييك على أنييه ميين رمضان لظواهيير الحاديييث التييي يوجييب
مفهومهيا تعلق الصيوم بالرؤيية أو بإكمال العدد إل ميا حكيناه عين
ابين عمير ،واختلفوا فيي تحري صييامه تطوعيا ،فمنهيم مين كرهيه
على ظاهيير حديييث عمار "ميين صييام يوم الشييك فقييد عصييى أبييا
القاسم" ومن أجازه فلنه قد روي أنه عليه الصلة والسلم صام
شعبان كله ،ولميا قيد روي مين أنيه علييه الصيلة والسيلم قال "ل
تتقدموا رمضان بيوم ول بيوميييين إل أن يوافيييق ذلك صيييوما كان
يصومه أحدكم فليصمه" وكان الليث بن سعد يقول :إنه إن صامه
على أنيه مين رمضان ثيم جاء الثبيت أنيه مين رمضان أجزأه ،وهذا
دليل على أن النية تقع بعد الفجر في التحول من نية التطوع إلى
نية الفرض .وأما يوم السبت ،فالسبت في اختلفهم فيه اختلفهم
في تصحيح ما روي من أنه عليه الصلة والسلم قال "ل تصوموا
يوم السيييبت إل فيميييا افترض عليكيييم" خرجيييه أبيييو داود ،قالوا:
والحدييث منسيوخ ،نسيخة حدييث جويريية بنيت الحارث "أن النيبي
عليه الصيلة والسلم دخل علي ها يوم الجمعة وهيي صائمة فقال:
صيمت أميس؟ فقالت :ل ،فقال :تريديين أن تصيومي غدا؟ قالت:
ل ،قال :فأفطري".
وأميا صييام الدهير فإنيه قيد ثبيت النهيي عين ذلك ،لكين مالك لم يير
بذلك بأسيا ،وعسيى رأى النهيي فيي ذلك إنميا هيو مين باب خوف
الضعف والمرض .وأما صيام النصف الخر من شعبان ،فإن قوما
كرهوه ،وقومييا أجازوه ،فميين كرهوه فلمييا روي ميين أنييه عليييه
الصييلة والسييلم قال "ل صييوم بعييد النصييف ميين شعبان حتييى
رمضان" وميين أجازه فلمييا روي عيين أم سييلمة قالت "مييا رأيييت
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم صييام شهرييين متتابعييين إل
شعبان ورمضان" ولميا روي عين ابين عمير قال "كان رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم يقرن شعبان برمضان" وهذه الثار خرجهيا
الطحاوي .وأمييا الركيين الثانييي وهييو النييية فل أعلم أن أحدا لم
يشترط النية في صوم التطوع ،وإنما اختلفوا في وقت النية على
ميا تقدم .وأميا الركين الثالث وهيو المسياك عين المفطرات فهيو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الواخر منه ،إذ كان ذلك هو آخر اعتكافه صلى الله عليه وسلم،
وهيو بالجملة يشتميل على عميل مخصيوص فيي موضيع مخصيوص
وفيي زمان مخصيوص بشروط مخصيوصة وتروك مخصيوصة .فأميا
العمل الذي يخصه ففيه قولن :قيل إنه الصلة وذكر الله وقراءة
القرآن ل غييير ذلك ميين أعمال البر والقرب ،وهييو مذهييب ابيين
القاسيم .وقييل جمييع أعمال القرب والبر المختصية بالخرة ،وهيو
مذهيييب ابييين وهيييب ،فعلى هذا المذهيييب يشهيييد الجنائز ويعود
المرضيى ويدرس العلم ،وعلى المذهيب الول ل ،وهذا هيو مذهيب
الثوري ،والول هو مذهب الشافعي وأبي حنيفة .وسبب اختلفهم
أن ذلك شييء مسيكوت عنيه ،أعنيي أنيه لييس فييه حيد مشروع
بالقول ،فميين فهييم ميين العتكاف حبييس النفييس على الفعال
المختصية بالمسياجد قال :ل يجوز للمعتكيف إل الصيلة والقراءة.
ومين فهيم منيه حبيس النفيس على القرب الخرويية كلهيا أجاز له
غير ذلك مما ذكرناه .وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال :من
اعتكيف ل يرفيث ول يسياب ،وليشهيد الجمعية والجنازة ،ويوصيي
أهله إذا كانييت له حاجيية وهييو قائم ول يجلس .ذكره عبييد الرزاق.
وروي عن عائشة خلف هذا ،وهو أن السنة للمعتكف أن ل يشهد
جنازة ول يعود مريضا ،وهذا أيضا أحد ما أوجب الختلف في هذا
المعنيى .وأميا المواضيع التيي يكون فيهيا العتكاف ،فإنهيم اختلفوا
فيهييا فقال قوم :ل اعتكاف إل فييي المسيياجد الثلثيية بيييت الله
الحرام وبييت المقدس ومسيجد النيبي علييه الصيلة والسيلم وبيه
قال حذيفة وسعيد بن المسيب .وقال آخرون :العتكاف عام في
كيل مسيجد ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري ،وهيو مشهور
مذهيب مالك .وقال آخرون :ل اعتكاف إل فيي مسيجد فييه جمعية،
وهيي روايية ابين عبيد الحكيم عين مالك .وأجميع الكيل على أن مين
شرط العتكاف المسجد ،إل ما ذهب إليه ابن لبابة من أنه يصح
فيي غيير مسيجد ،وأن مباشرة النسياء إنميا حرميت على المعتكيف
إذا اعتكيف فييي المسيجد ،وإل ميا ذهيب إلييه أبيو حنيفية مين أن
المرأة إنما تعتكف في مسجد بيتها.
وسييبب اختلفهييم فييي اشتراط المسييجد أو ترك اشتراطييه هييو
الحتمال الذي في قوله تعالى {ول تباشروهن وأنتم عاكفون في
المسيياجد} بييين أن يكون له دليييل خطاب أو ل يكون له؟ فمنيين
قال له دليييل خطاب قال :ل اعتكاف إل فييي مسييجد ،وإن ميين
شرط العتكاف ترك المباشرة .وميين قال ليييس له دليييل خطاب
قال :المفهوم منييه أن العتكاف جائز فييي غييير المسييجد وأنييه ل
يمنييع المباشرة لن قائل لو قال :ل تعييط فلنييا شيئا إذا كان داخل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييي الدار لكان مفهوم دليييل الخطاب يوجييب أن تعطيييه إذا كان
خارج الدار ،ولكين هيو قول شاذ .والجمهور على أن العكوف إنميا
أضييف إلى المسياجد لنهيا مين شرطيه .وأميا سيبب اختلفهيم فيي
تخصيييص بعييض المسيياجد أو تعميمهييا فمعارضيية العموم للقياس
المخصص له ،فمن رجح العموم قال :في كل مسجد على ظاهر
الييية .وميين انقدح له تخصيييص بعييض المسياجد مين ذلك العموم
بقياس اشترط أن يكون مسييجدا فيييه جمعيية لئل ينقطييع عمييل
المعتكف بالخروج إلى الجمعة ،أو مسجدا تشد إليه المطي مثل
مسيجد النيبي صيلى الله علييه وسيلم الذي وقيع فييه اعتكافيه ،ولم
يقيس سيائر المسياجد علييه إذ كانيت غيير مسياوية له فيي الحرمية.
وأميا سيبب اختلفهيم فيي اعتكاف المرأة فمعارضية القياس أيضيا
للثر ،وذلك "أنه ثبت أن حفصة وعائشة وزينب أزواج النبي صلى
الله علييه وسيلم اسيتأذن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فيي
العتكاف في المسجد ،فأذن لهم حين ضربن أخبيتهن فيه" فكان
هذا الثييير دليل على جواز اعتكاف المرأة فيييي المسيييجد .وأميييا
القياس المعارض لهذا فهييو قياس العتكاف على الصييلة ،وذلك
أنه لما كانت صلة المرأة في بيتها أفضل منها في المسجد على
ما جاء الخبر وجب أن يكون العتكاف في بيتها أفضل قالوا وإنما
يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد مع زوجها فقط على نحو ما
جاء فيي الثير مين اعتكاف أزواجيه علييه الصيلة والسيلم معيه كميا
تسيافر معيه ول تسيافر مفردة ،وكأنيه نحيو مين الجميع بيين القياس
والثر.
وأمييا زمان العتكاف فليييس لكثره عندهييم حييد واجييب ،وإن كان
كلهيم يختار العشير الواخير مين رمضان بيل يجوز الدهير كله ،إميا
مطلقيا عنيد مين ل يرى الصيوم مين شروطيه ،وإميا ميا عدا اليام
التي ل يجوز صومها عند من يرى الصوم من شروطه .وأما أقله
فإنهيم اختلفوا فييه ،وكذلك اختلفوا فيي الوقيت الذي يدخيل فييه
المعتكيف لعتكافيه وفيي الوقيت الذي يخرج فييه منيه .أميا أقيل
زمان العتكاف ،فعنيد الشافعيي وأبيي حنيفية وأكثير الفقهاء أنيه ل
حييد له .واختلف عيين مالك فييي ذلك فقيييل ثلثيية أيام ،وقيييل يوم
وليلة .وقال ابين القاسيم عنيه أقله عشرة أيام ،وعنيد البغدادييين
ميين أصييحابه أن العشرة اسييتحباب وأن أقله يوم وليلة .والسييبب
فيي اختلفهيم معارضية القياس للثير؛ أميا القياس فإنيه مين اعتقيد
أن ميين شرطييه الصييوم قال :ل يجوز اعتكاف ليلة ،وإذا لم يجييز
اعتكافييه ليلة فل أقييل ميين يوم وليلة ،إذ انعقاد صييوم النهار إنمييا
يكون بالليل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا الثير المعارض فميا خرجيه البخاري مين "أن عمير رضيي الله
عنيه نذر أن يعتكيف ليلة فأمره رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
أن يفي بنذره" ول معنى للنظر مع الثابت من مذهب الثر .وأما
اختلفهيم فيي الوقيت الذي يدخيل فييه المعتكيف إلى اعتكافيه إذا
نذر أياميا معدودة أو يوميا واحدا ،فإن مالكيا والشافعيي وأبيا حنيفية
اتفقوا على أنيه مين نذر اعتكاف شهير أنيه يدخيل المسيجد قبيل
غروب الشمس .وأما من نذر أن يعتكف يوما فإن الشافعي قال:
من أراد أن يعتكف يوما واحدا دخل قبل طلوع الفجر ،وخرج بعد
غروبهييا .وأمييا مالك فقوله فييي اليوم والشهيير واحييد بعينييه ،وقال
زفير واللييث :يدخيل قبيل طلوع الفجير ،واليوم والشهير عندهميا
سيييواء .وفرق أبيييو ثور بيييين نذر الليالي واليام فقال :إذا نذر أن
يعتكيف عشرة أيام دخيل قبيل طلوع الفجير ،وإذا نذر عشير ليالي
دخيل قبيل غروبهيا .وقال الوزاعيي :يدخيل فيي اعتكافيه بعيد صيلة
الصيبح .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية القيسية بعضهيا بعضيا،
ومعارضية الثير لجميعهيا؛ وذلك أنيه مين رأى أن أول الشهير ليلة
واعتيبر الليالي قال :يدخيل قبيل مغييب الشميس ،ومين لم يعتيبر
الليالي قال :يدخل قبل الفجر ،ومن رأى أن اسم اليوم يقع على
الليييل والنهار معييا أوجييب إن نذر يومييا أن يدخييل قبييل غروب
الشمييس ،وميين رأى أنييه إنمييا ينطلق على النهار أوجييب الدخول
قبيل طلوع الفجير ،ومين رأى أن اسيم اليوم خاص بالنهار واسيم
الليل بالليل فرق بين أن ينذر أياما أو ليالي.
والحق أن اسم اليوم في كلم العرب قد يقال على النهار مفردا،
وقييد يقال على الليييل والنهار معييا ،لكيين يشبييه أن يكون دللتييه
الولى إنمييا هييي على النهار ،ودللتييه على الليييل بطريييق اللزوم.
وأمييا الثيير المخالف لهذه القيسيية كلهييا فهييو مييا خرجييه البخاري
وغيره من أهل الصحيح عن عائشة قالت "كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعتكف في رمضان وإذا صلى الغداة دخل مكانه
الذي كان يعتكييف فيييه" .وأمييا وقييت خروجييه ،فإن مالكييا رأى أن
يخرج المعتكف العشر الواخر من رمضان من المسجد إلى صلة
العيييد على جهيية السييتحباب ،وأنييه إن خرج بعييد غروب الشمييس
أجزأه .وقال الشافعي وأبو حنيفة :بل يخرج بعد غروب الشمس.
وقال سحنون وابن الماجشون :إن رجع إلى بيته قبل صلة العيد
فيس اعتكافيه .وسيبب الختلف هيل الليلة الباقيية هيي مين حكيم
العشير أم ل؟ وأميا شروطيه فثلث :النيية والصييام وترك مباشرة
النساء .أما النية فل أعلم فيها اختلفا .وأما الصيام فإنهم اختلفوا
فيييه؛ فذهييب مالك وأبييو حنيفيية وجماعيية إلى أنييه ل اعتكاف إل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عليه الصيلة والسلم صبيا فقالت :ألهذ حيج يا رسيول الله؟ قال:
نعيم ولك أجير" ومين منيع ذلك تمسيك بأن الصيل هيو أن العبادة ل
تصييح ميين غييير عاقييل ،وكذلك اختلف أصييحاب مالك فييي صييحة
وقوعها من الطفل الرضيع ،وينبغي أن ل يختلف في صحة وقوعه
ممن يصح وقوع الصلة منه ،وهو كما قال عليه الصلة والسلم
"ميين السييبع إلى العشيير" وأمييا شروط الوجوب فيشترط فيهييا
السيييلم على القول بأن الكفار مخاطبون بشرائع السيييلم ،ول
خلف فيييي اشتراط السيييتطاعة فيييي ذلك لقوله تعالى {مييين
اسييتطاع إليييه سييبيل} وإن كان فييي تفصيييل ذلك اختلف وهييي
بالجملة تتصييور على نوعييين :مباشرة ونيابيية .فأمييا المباشيير فل
خلف عندهيم أن من شرطهيا السيتطاع بالبدن والمال مع المين.
واختلفوا فيي تفصييل السيتطاعة بالبدن والمال ،فقال الشافعيي
وأبيو حنيفية وأحميد :وهيو قول ابين عباس وعمير بين الخطاب إن
مين شرط ذلك الزاد والراحلة .وقال مالك :مين اسيتطاع المشيي
فلييس وجود الراحلة مين شرط الوجوب فيي حقيه بيل يجيب علييه
الحج ،وكذلك ليس الزاد عنده من شرط الستطاعة إذا كان ممن
يمكنييه الكتسيياب فييي طريقييه ولو بالسييؤال .والسييبب فييي هذا
الخلف معارضة الثر الوارد في تفسير الستطاعة لعموم لفظها،
وذلك أنييه ورد أثيير عنييه عليييه الصييلة والسييلم "أنييه سييئل مييا
السييتطاعة فقال :الزاد والراحلة" فحمييل أبييو حنيفيية والشافعييي
ذلك على كييل مكلف ،وحمله مالك على ميين ل يسييتطيع المشييي
ول له قوة على الكتساب في طريقه ،وإنما اعتقد الشافعي هذا
الرأي لن ميييين مذهبييييه إذا ورد الكتاب مجمل ،فوردت السيييينة
بتفسيير ذلك المجميل أنيه لييس ينبغيي العدول عين ذلك التفسيير.
وأما وجوبه باستطاعة النيابة مع العجز عن المباشرة ،فعند مالك
وأبييي حنيفيية أنييه ل تلزم النيابيية إذا اسييتطلعت مييع العجييز عيين
المباشرة ،وعن الشافعي أنها تلزم فيلزم على مذهبه الذي عنده
مال بقدر أن يحيج بيه عنيه غيره إذا لم يقدر هيو ببدنيه عنيه غيره
بماله وإن وجيد مين يحيج عنيه بماله وبدنيه مين أخ أو قرييب سيقط
ذلك عنيه ،وهيي المسيألة التيي يعرفونهيا بالمعضوب ،وهيو الذي ل
يثبيت على الراحلة ،وكذلك عنده الذي يأتييه الموت ولم يحيج يلزم
ورثتيه عنده أن يخرجوا مين ماله بميا يحيج بيه عنيه .وسيبب الخلف
فيييي هذا معارضييية القياس للثييير ،وذلك أن القياس يقتضيييي أن
العبادات ل ينوب فيهيا أحيد عين أحيد ،فإنيه ل يصيلي أحيد عين أحيد
باتفاق ول يزكي أحد عن أحد.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والعمرة تطوع" وهيو حدييث منقطيع .فسيبب الخلف فيي هذا هيو
تعارض الثار فيي هذا الباب ،وتردد المير بالتمام بيين أن يقتضيي
الوجوب أم ل يقتضيه.
**4القول في الجنس الثاني.
@-وهييو تعريييف أفعال هذه العبادة فييي نوع نوع منهييا والتروك
المشترطيية فيهييا .وهذه العبادة كمييا قلنييا صيينفان :حييج وعمرة،
والحيج على ثلثية أصيناف :إفراد وتمتيع وقران ،وهيي كلهيا تشتميل
على أفعال محدودة فييي أمكنيية محدودة وأوقات محدودة ،ومنهييا
فرض ،ومنهييا غييير فرض ،وعلى تروك تشترط فييي تلك الفعال
وكييل ميين هذه أحكام محدودة إمييا عنييد الخلل بهييا ،وإمييا عنييد
الطوارئ المانعية منهيا ،فهذا الجنيس ينقسيم أول إلى القول فيي
الفعال وإلى القول فييي التروك .وأمييا الجنييس الثالث فهييو الذي
يتضمين القول فيي الحكام فلنبدأ بالفعال ،وهذه منهيا ميا تشترك
فييه هذه الربعية النواع مين النسيك ،أعنيي أصيناف الحيج الثلث،
والعمرة ،ومنها ما يختص بواحد واحد منها ،فلنبدأ من القول فيها
بالمشترك ثيم نصيير إلى ميا يخيص واحدا واحدا منهيا ،فنقول :إن
الحج والعمرة أول أفعالهما الفعل الذي يسمى الحرام.
**4القول في شروط الحرام.
@-والحرام شروطيييه الول المكان والزمان ،أميييا المكان فهيييو
الذي يسييييمى مواقيييييت الحييييج ،فلنبدأ بهذا فنقول :إن العلماء
بالجملة مجمعون على أن المواقيت التي من ها يكون الحرام ،أما
لهل المدينة فذو الحليفة ،وأما لهل الشام فالجحفة ،ولهل نجد
قرن ،ولهيل اليمين يلملم ،لثبوت ذلك عين رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره .واختلفوا في ميقات أهل
العراق فقال جمهور فقهاء المصار ميقاتهم من ذات عرق .وقال
الشافعيييي والثوري :إن أهلوا مييين العقييييق كان أحيييب .واختلفوا
فيمن أقته لهم فقالت طائفة :عمر ا بن الخطاب .وقالت طائفة:
بل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقت لهل العراق
ذات عرق والعقييييق .وروي ذلك مييين حدييييث جابر وابييين عباس
وعائشييية .وجمهور العلماء على أن مييين يخطيييئ هذه وقصيييده
الحرام فلم يحرم إل بعدهيا أن علييه دميا ،وهؤلء منهيم مين قال:
إن رجيييع إلى الميقات فأحرم منيييه سيييقط عنيييه الدم ومنهيييم
الشافعي .ومنهم من قال :ل يسقط عنه الدم وإن رجع ،وبه قال
مالك .وقال قوم :لييس علييه دم .وقال آخرون :إن لم يرجيع إلى
الميقات فسد حجه وأنه يرجع إلى الميقات فيهل منه بعمرة وهذا
يذكر في الحكام .وجمهور العلماء على أن من كان منزله دونهن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
{وأتموا الحييج والعمرة لله} قال متييى أحرم انعقييد إحرامييه لنييه
مأمور بالتمام ،وربميييا شبهوا الحيييج فيييي هذا المعنيييى بالعمرة،
وشبهوا ميقات الزمان بميقات العمرة .فأما مذهب الشافعي فهو
مبنييي على أن ميين التزم عبادة فييي وقييت نظيرتهييا انقلبييت إلى
النظييير ،مثييل أن يصييوم نذرا فييي أيام رمضان ،وهذا الصييل فيييه
اختلف في المذهب .وأما العمرة فإن العلماء اتفقوا على جوازها
فيي كيل أوقات السينة لنهيا كانيت فيي الجاهليية ل تصينع فيي أيام
الحيج ،وهيو معنيى قوله علييه الصيلة والسيلم "دخلت العمرة فيي
الحيج إلى يوم القيامية" وقال أبيو حنيفية :تجوز فيي كيل السينة إل
يوم عرفية ويوم النحير وأيام التشرييق فإنهيا تكره .واختلفوا فيي
تكريرها في السنة الواحدة مرارا ،فكان مالك يستحب عمرة في
كيل سينة ،ويكره وقوع عمرتيين عنده وثلثيا فيي السينة الواحدة.
وقال الشافعي وأبو حنيفة :ل كراهية في ذلك فهذا هو القول في
شروط الحرام الزمانية والمكانية .وينبغي بعد ذلك أن نصير إلى
القول فييي الحرام ،وقبييل ذلك ينبغييي أن نقول فييي تروكييه ،ثييم
نقول بعد ذلك في الفعال الخاصة بالمحرم إلى حين إحلله وهي
أفعال الحييج كلهييا وتروكييه ،ثييم نقول فييي أحكام الخلل بالتروك
والفعال ولنبدأ بالتروك.
**4القول في التروك.
@-وهو ما يمنع الحرام من المور المباحة للحلل.
والصل من هذا الباب ما ثبت من حديث مالك عن نافع عن عبد
الله بن عمر "أن رجل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
يلبييس المحرم ميين الثياب؟ فقال رسييول الله صييلى الله عليييه
وسلم :ل تلبسوا القمص ول العمائم ول السراويلت ول البرانس
ول الخفاف إل أحيد ل يجيد نعليين فيلبيس خفيين وليقطعهما أسيفل
ميين الكعييبين ول تلبسييوا ميين الثياب شيئا مسييه الزعفران ول
الورس" فاتفييييق العلماء على بعييييض الحكام الواردة فييييي هذا
الحديييث واختلفوا فييي بعضهييا ،فممييا اتفقوا عليييه أنييه ل يلبييس
المحرم قميصا ول شيئا مما ذكر في هذا الحديث ول ما كان في
معناه من مخيط الثياب وأن هذا مخصوص بالرجال ،أعني تحريم
لبيييس المخييييط ،وأنيييه ل بأس للمرأة بلبيييس القمييييص والدرع
والسيييراويل والخفاف والخمييير .واختلفوا فيمييين لم يجيييد غيييير
السييراويل هييل له لباسييها؟ فقال مالك وأبييو حنيفيية :ل يجوز له
لباس السيييراويل وإن لبسيييها افتدى .وقال الشافعيييي والثوري
وأحمييد وأبييو ثور وداود :ل شيييء عليييه إذا لم يجييد إزارا ،وعمدة
مذهيب مالك ظاهير حدييث ابين عمير المتقدم قال :ولو كان فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ذلك رخصيية لسييتثناها رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم كمييا
استثنى في لبس الخفين .وعمدة الطائفة الثانية حديث عمرو بن
دينار عين جابر وابين عباس قال :سيمعت رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم يقول "السيراويل لمين لم يجيد الزار والخيف لمين لم
يجيييييد النعليييييين" وجمهور العلماء على إجازة لباس الخفيييييين
مقطوعيين لمين لم يجيد النعليين .وقال أحميد :جائز لمين لم يجيد
النعلين أن يلبس الخفين غير مقطوعين أخذا بمطلق حديث ابن
عباس .وقال عطاء :فييي قطعهمييا فسيياد والله ل يحييب الفسيياد.
واختلفوا فيمين لبسيهما مقطوعيين ميع وجود النعليين ،فقال مالك:
علييه الفديية ،وبيه قال أبيو ثور .وقال أبيو حنيفية :ل فديية علييه،
والقولن عن الشافعي ،وسنذكر هذا في الحكام .وأجمع العلماء
على أن المحرم ل يلبيييس الثوب المصيييبوغ بالورس والزعفران
لقوله علييه الصيلة والسيلم فيي حدييث ابين عمير "ل تلبسيوا مين
الثياب شيئا مسه الزعفران ول الورس"
واختلفوا فييي المعصييفر فقال مالك :ليييس بييه بأس فإنييه ليييس
بطييب .وقال أبيو حنيفية والثوري :هيو طييب وفييه الفديية ،وحجية
أبييي حنيفيية مييا خرجييه مالك عيين علي "أن النييبي عليييه الصييلة
والسيلم نهيى عين لبيس القسيي وعين لبيس المعصيفر" وأجمعوا
على أن إحرام المرأة في وجهها وأن لها أن تغطي رأسها وتستر
شعرها ،وأن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدل
خفيفيا تسيتتر بيه عين نظير الرجال إليهيا كنحيو ميا روي عين عائشية
أنهييا قالت "كنييا مييع رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ونحيين
محرمون فإذا مير بنيا ركيب سيدلنا على وجوهنيا الثوب مين قبيل
رءوسنا ،وإذا جاوز الركب رفعناه" ولم يأت تغطية وجوههن إل ما
رواه مالك عين فاطمية بنيت المنذر أنهيا قالت "كنيا نخمير وجوهنيا
ونحين محرمات ميع أسيماء بنيت أبيي بكير الصيديق" .واختلفوا فيي
تخمير المحرم وجهه بعد إجماعهم على أنه ل يخمر رأسه ،فروى
مالك عيين ابيين عميير أن مييا فوق الذقيين ميين الرأس ل يخمره
المحرم ،وإليه ذهب مالك .وروي عنه أنه إن فعل ذلك ولم ينزعه
مكانيه افتدى .وقال الشافعيي والثوري وأحميد وأبيو داود وأبيو ثور
يخمر المحرم وجهه إلى الحاجبين .وروي من الصحابة عن عثمان
وزييد بين ثابيت وجابر وابين عباس وسيعد بين أبيي وقاص .واختلفوا
في لبس القفازين للمرأة فقال مالك :إن لبست المرأة القفازين
افتدت ،ورخييص فيييه الثوري ،وهييو مروي عيين عائشيية .والحجيية
لمالك ما خرجه أبو داود عن النبي عليه الصلة والسلم أنه نهى
عن النقاب والقفازين وبعض الرواة يرويه موقوفا عن ابن عمر،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وصيححه بعيض رواة الحدييث ،أعنيي رفعيه إلى النيبي علييه الصيلة
والسيلم ،فهذا هيو مشهور اختلفهيم واتفاقهيم فيي اللباس ،وأصيل
الخلف فيي هذا كله اختلفهيم فيي قياس بعيض المسيكوت عنيه
على المنطوق بيه واحتمال اللفيظ المنطوق بيه وثبوتيه أو ل ثبوتيه،
وأميا الشييء الثانيي مين المتروكات فهو الطييب ،وذلك أن العلماء
أجمعوا على أن الطييييب كله يحرم على المحرم بالحيييج والعمرة
في حال إحرامه.
واختلفوا فيي جوازه للمحرم عنيد الحرام قبيل أن يحرم لميا يبقيى
ميين أثره عليييه بعييد الحرام ،فكرهييه قوم وأجازه آخرون ،ومميين
كرهيه مالك ،ورواه عين عمير بين الخطاب ،وهيو قول عثمان وابين
عمير وجماعية مين التابعيين .وممين أجازه أبيو حنيفية والشافعيي
والثوري وأحميد وداود ،والحجية لمالك رحميه الله مين جهية الثير
حديث صفوان ابن يعلى ثبت في الصحيحين ،وفيه "أن رجل جاء
إلى النيبي صيلى الله علييه وسيلم بجبية مضمخية بطييب ،فقال :ييا
رسييول الله كيييف ترى فييي رجييل أحرم بعمرة فييي جبيية بعييد مييا
تضمييخ بطيييب؟ فأنزل الوحييي على رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم فلميا أفاق قال :أيين السيائل عين العمرة أنفيا؟ فالتميس
الرجل فأتى به ،فقال عليه الصلة والسلم :أما الطيب الذي بك
فاغسيله عنيك ثلث مرات ،وأميا الجبية فانزعهيا ثيم اصينع ميا شئت
فيي عمرتيك كميا تصينع فيي حجتيك" اختصيرت الحدييث ،وفقهيه هيو
الذي ذكرت.
وعمدة الفرييق الثانيي ميا رواه مالك عين عائشية أنهيا قالت "كنيت
أطييب رأس رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم لحراميه قبيل أن
يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت" واعتل الفريق الول بما روي
عين عائشية أنهيا قالت {وقيد بلغهيا إنكار ابين عمير تطييب المحرم
قبيل إحراميه} "يرحيم الله أبيا عبيد الرحمين طيبيت رسيول الله
صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ثم أصبح محرما" قالوا:
وإذا طاف على نسائه اغتسل ،فإنما يبقى عليه أثر ريح الطيب ل
جرمة نفسه ،قالوا :ولما كان الجماع قد انعقد على أن كل ما ل
يجوز للمحرم ابتداؤه وهو محرم ،مثل لبس الثياب وقتل الصيد ل
يجوز له اسييتصحابه وهييو محرم ،فوجييب أن يكون الطيييب كذلك.
فسبب الخلف تعارض الثار في هذا الحكم .وأما المتروك الثالث
فهيو مجامعية النسياء ،وذلك أنيه أجميع المسيلمون على أن وطيء
النسياء على الحاج حرام مين حيين يحرم لقوله تعالى {فل رفيث
ول فسيوق ول جدال فيي الحيج} .وأميا الممنوع الرابيع وهيو إلقاء
التفيث وإزالة الشعير وقتيل القميل ،ولكين اتفقوا على أنيه يجوز له
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غسيل رأسيه مين الجنابية ،واختلفوا فيي كراهيية غسيله مين غيير
الجنابة ،فقال الجمهور :لبأس بغسله رأسه.
وقال مالك :بكراهيية ذلك ،وعمدتيه أن عبيد الله بين عمير كان ل
يغسل رأسه وهو محرم إل من الحتلم .وعمدة الجمهور ما رواه
مالك عين عبيد الله بين جيبير "أن ابين عباس والمسيور بين مخرمية
اختلفيييا بالبواء ،فقال عبيييد الله :يغسيييل المحرم رأسيييه ،وقال
المسور بن مخرمة :ل يغسل المحرم رأسه ،قال :فأرسلني عبد
الله بين عباس إلى أبيي أيوب النصياري قال :فوجدتيه يغتسيل بيين
القرنيين وهيو مسيتتر بثوب ،فسيلمت علييه فقال :مين هذا؟ فقلت
عبيد الله بين جيبير أرسيلني إلييك عبيد الله بين عباس أسيألك كييف
كان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يغسيل رأسيه وهيو محرم،
فوضيع أبيو أيوب يده على الثوب فتطأطيأ حتيى بدا لي رأسيه ثيم
قال لنسان يصب عليه اصبب ،فصب على رأسه ،ثم حرك رأسه
بيديه فأقبل بهما وأدبر ،ثم قال :هكذا رأيت رسول الله صلى الله
علييه وسيلم يفعيل" وكان عمير يغسيل رأسيه وهيو محرم ويقول:
"ميا يزيده الماء إل شعثيا" رواه مالك فيي الموطيأ ،وحميل مالك
حديث أبي أيوب على غسل الجنابة والحجة له إجماعهم على أن
المحرم ممنوع مين قتيل القميل ونتيف الشعير وإلقاء التفيث وهيو
الوسييخ ،والغاسييل رأسييه هييو إمييا أن يفعييل هذه كلهييا أو بعضهييا.
واتفقوا على منع غسله رأسه بالخطمى .وقال مالك وأبو حنيفة:
إن فعل ذلك افتدى .وقال أبو ثور وغيره :ل شيء عليه .واختلفوا
فيييييي الحمام فكان مالك يكره ذلك ،ويرى أن على مييييين دخله
الفديية .وقال أبيو حنيفية والشافعيي والثوري وداود :لبأس بذلك.
وروي عيين ابيين عباس دخول الحمام وهييو محرم ميين طريقييين،
والحسيين أن يكره دخوله لن المحرم منهييي عيين إلقاء التفييث.
وأميا المحظور الخاميس فهيو الصيطياد ،وذلك أيضيا مجميع علييه
لقوله سيبحانه وتعالى {وحرم عليكيم صييد البر ميا دمتيم حرميا}
وقوله تعالى {ول تقتلوا الصيييد وأنتييم حرم} وأجمعوا على أنييه ل
يجوز له صييده ول أكيل ميا صياد هيو منيه ،واختلفوا إذا صياده حلل
هيل يجوز للمحرم أكله؟ على ثلثية أقوال :قول إنيه يجوز له أكله
على الطلق ،وبيه قال أبيو حنيفية ،وهيو قول عمير ابين الخطاب
والزبير.
وقال قوم :هييو محرم عليييه على كييل حال وهييو قول ابيين عباس
وعلي وابين عمير ،وبيه قال الثوري .وقال مالك :ميا لم يصيد مين
أجيل المحرم أو مين أجيل قوم محرميين فهيو حلل ،وميا صييد مين
أجييل محرم فهييو حرام على المحرم .وسييبب اختلفهييم تعارض
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حديث عثمان ابن عفان أنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسيلم "ل ينكيح المحرم ول ينكيح ول يخطيب" والحدييث المعارض
لهذا حديث ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح
ميمونة وهو محرم" خرجه أهل الصحاح إل أنه عارضته آثار كثيرة
عين ميمونية "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم تزوجهيا وهيو
حلل" رويت عنها من طرق شتى عن أبي رافع وعن سليمان ابن
يسييار وهييو مولهييا ،وعيين زيييد بيين الصييم ،ويمكيين الجمييع بييين
الحديثيين بأن يحميل الواحيد على الكراهيية والثانيي على الجواز،
فهذه هييي مشهورات مييا يحرم على المحرم ،وأمييا متييى يحييل
فسنذكره عند ذكرنا أفعال الحج ،وذلك أن المعتمر يحل إذا طاف
وسعى وحلق .واختلفوا في الحاج على ما سيأتي بعد ،وإذ قد قلنا
في تروك المحرم فلنقل في أفعاله:
**4القول في أنواع هذا النسك.
@-والمحرمون إميييا محرم بعمرة مفردة أو محرم بحيييج فرد ،أو
جاميع بيين الحيج والعمرة ،وهذان ضربان :إميا متمتيع ،وإميا قارن،
فينبغييي أول أن نجرد أصييناف هذه المناسييك الثلث ثييم نقول مييا
يفعل المحرم في كلها ،وما يخص واحدا واحدا منها إن كان هنالك
ما يخص ،وكذلك نفعل فيما يعد الحرام من أفعال الحج إن شاء
الله تعالى.
**4القول في شرح أنواع هذه المناسك.
@-فنقول :إن الفراد هيو ميا يتعرى عين صيفات التمتيع والقران،
فلذلك يجييب أن نبدأ أول بصييفة التمتييع ،ثييم نردف ذلك بصييفة
القران.
**4القول في التمتع.
@-فنقول :إن العلماء اتفقوا على أن هذا النوع مين النسيك الذي
هييو المعنييى بقوله سييبحانه {فميين تمتييع بالعمرة إلى حييج فمييا
اسيتيسر مين الهدى} هيو أن يهيل الرجيل بالعمرة فيي أشهير الحيج
مين الميقات ،وذلك إذا كان مسيكنه خارجيا عين الحرم ،ثيم يأتيي
حتى يصل البيت فيطوف لعمرته ويسعى ويحلق في تلك الشهر
بعينهيا ،ثيم يحيل بمكية ،ثيم ينشيئ الحيج فيي ذلك العام بعينيه وفيي
تلك الشهير بعينهيا مين غيير أن ينصيرف إلى بلده إل ميا روي عين
الحسين أنيه كان يقول هيو متمتيع وإن عاد إلى بلده ولم يحيج :أي
علييه هدى المتمتيع المنصيوص علييه فيي قوله تعالى {فمين تمتيع
بالعمرة إلى الحج فما اسيتيسر من الهدي} لنه كان يقول عمرة
فيي أشهير الحيج متعية .وقال طاوس :مين اعتمير فيي غيير أشهير
الحج ثم أقام حتى الحج وحج من عامه أنه متمتع .واتفق العلماء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سيينة ثابتيية على أنييه خاص .فسييبب الختلف هييل فعييل الصييحابة
محمول على العموم أو على الخصييوص .وأمييا النوع الثانييي ميين
التمتع فهو ما كان يذهب إليه ابن الزبير من أن التمتع الذي ذكره
الله هيو تمتيع المحصير بمرض أو عدو ،وذلك إذا خرج الرجيل حاجيا
فحبسيه عدو أو أمير تعذر بيه علييه الحيج حتيى تذهيب أيام الحيج،
فيأتي البيت فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة ،ويحل ثم يتمتع
بحله إلى العام المقبييل ،ثييم يحييج ويهدي ،وعلى هذا القول ليييس
يكون التمتيييع المشهور إجماعيييا .وشيييذ طاوس أيضيييا فقال :إن
المكي إذا تمتع من بلد غير مكة كان عليه الهدي .واختلف العلماء
في من أنشيأ عمرة فيي غيير أشهير الحيج ثيم عملهيا فيي أشهير الحيج
ثيم حيج مين عاميه ذلك ،فقال مالك :عمرتيه فيي الشهير الذي حيل
فييه ،فإن كان حيل فيي أشهير الحيج فهيو متمتيع ،وإن كان فيي غيير
أشهر الحج فليس بمتمتع ،وبقريب منه قال أبو حنيفة والشافعي
والثوري ،إل أن الثوري اشترط أن يوقييع طوافييه كله فييي شوال،
وبه قال الشافعي.
وقال أبيو حنيفية :إن طاف ثلثية أشواط فيي رمضان وأربعية فيي
شوال كان متمتعيا ،وإن كان عكيس ذلك لم يكين متمتعيا أعنيي أن
يكون طاف أربعة أشواط في رمضان وثلثة في شوال .وقال أبو
ثور :إذا دخيل العمرة فيي غيير أشهير الحيج فسيواء طاف لهيا فيي
غير أشهر الحج أو في أشهر الحج ل يكون متمتعا.
وسبب الختلف هل يكون متمتعا بإيقاع إحرام العمرة في أشهر
الحييج فقييط أم بإيقاع الطواف معييه؟ ثييم إن كان بإيقاع الطواف
معه فهيل بإيقاعيه كله أم أكثره فأ بو ثور يقول :ل يكون متمتعيا إل
بإيقاع الحرام فيييي أشهييير الحيييج ،لن بالحرام تنعقيييد العمرة.
والشافعيي يقول :الطواف هيو أعظيم أركانهيا ،فوجيب أن يكون بيه
متمتعيا؛ فالجمهور على أن مين أوقيع بعضهيا فيي أشهير الحيج كمين
أوقعها كلها ،وشروط التمتع عند مالك ستة :أحدها أن يجمع بين
الحييج والعمرة فييي شهيير واحييد .والثانييي أن يكون ذلك فييي عام
واحد .والثالث أن يفعل شيئا من العمرة في أشهر الحج .والرابع
أن يقدم العمرة على الحج .والخامس أن ينشئ الحج بعد الفراغ
ميين العمرة وإحلله منهييا .والسييادس أن يكون وطنييه غييير مكيية،
فهذه هي صورة التمتع والختلف المشهور فيه والتفاق.
**4القول في القارن.
@-وأميا القران فهيو أن يهيل بالنسيكين معيا أو يهيل بالعمرة فيي
أشهيير الحييج ،ثييم يردف ذلك بالحييج قبييل أن يهييل ميين العمرة.
واختلف أصيحاب مالك فيي الوقيت الذي يكون له فييه ،فقييل ذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
"خرجنيا ميع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عام حجية الوداع
فأهللنييا بعمرة ،ثييم قال رسييول الله :ميين كان معييه هدي فليهييل
بالحيج ميع العمرة ،ثيم ل يحيل حتيى يحيل منهميا جميعيا" واحتجوا
فقالوا :ومعلوم أنيه كان معيه صيلى الله علييه وسيلم هدي ،ويبعيد
أن يأمير بالقران مين معيه هدي ويكون معيه هدي ول يكون قارنيا.
وحديث مالك أيضا عن نافع عن عمر عن حفصة عن النبي عليه
الصلة والسلم أنه قال "إني قلدت هديي ولبدت رأسي فل أحل
حتيى أنحير هدييي" وقال أحميد :ل أشيك أن رسيول الله صيلى الله
عليييه وسييلم كان قارنييا ،والتمتييع أحييب إلي ،واحتييج فييي اختياره
التمتيع بقوله علييه الصيلة والسيلم "لو اسيتقبلت مين أمري ميا
اسييتدبرت ميا سيقت الهدي ولجعلتهييا عمرة" واحتييج مين طريييق
المعنييى ميين رأى أن الفراد الفضييل أن التمتييع والقران رخصيية
ولذلك وجيب فيهميا الدم .وإذ قلنيا فيي وجوب هذا النسيك وعلى
من يجب وما شروط وجوبه ومتى يجب وفي أي وقت يجب ومن
أي مكان يجيب وقلنيا بعيد ذلك في ما يجتنبيه المحرم بما هيو محرم،
ثيم قلنيا أيضيا فيي أنواع هذا النسيك يجيب أن نقول فيي أول أفعال
الحاج أو المعتمر وهو الحرام.
**4القول في الحرام.
@-واتفيق جمهور العلماء على أن الغسيل للهلل سينة ،وأنيه مين
أفعال المحرم حتييى قال ابيين نوار :إن هذا الغسييل للهلل عنييد
مالك أوكد من غسل الجمعة .وقال أهل الظاهر :هو واجب .وقال
أبو حنيفة والثوري :يجزئ منه الوضوء وحجة أهل الظاهر مرسل
مالك من حديث أسماء بيت عميس أنها ولدت محمد بن أبي بكر
بالبيداء ،فذكير ذلك أبيو بكير لرسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
فقال :مرهييا فلتغتسييل ثييم لتهييل" والميير عندهييم على الوجوب
وعمدة الجمهور أن الصييل هييو براءة الذميية حتييى يثبييت الوجوب
بأمر ل مدفع فيه ،وكان عبد الله بن عمر يغتسل لحرامه قبل أن
يحرم ولدخوله مكية ولوقوفيه عشيية يوم عرفية ،ومالك يرى هذه
الغتسيالت الثلث مين أفعال المحرم ،واتفقوا على أن الحرام ل
يكون إل بنية ،واختلفوا هل تجزئ النية فيه من غير التلبية؟ فقال
مالك والشافعيي :تجزئ النيية مين غيير التلبيية .وقال أبيو حنيفية:
التلبية في الحج كالتكبيرة في الحرام بالصلة إل أنه يجزئ عنده
كل لفظ يقوم مقام التلبية كما يجزئ عنده في افتتاح الصلة كل
لفيظ يقوم مقام التكيبير وهيو كيل ميا يدل على التعظييم .واتفيق
العلماء على أن لفييظ تلبييية رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم
"لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك لك لبيك ،إن الحمد والنعمة لك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين روايية مالك وغيره قالوا :وقيد اختلف على أبيي الطفييل عين
ابن عباس فروي عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل
ميين الحجيير السييود إلى الحجيير السييود" وذلك بخلف الرواييية
الولى ،وعلى أصييول الظاهرييية يجييب الرمييل لقوله "خذوا عنييي
مناسيككم" وهيو قولهيم أو قول بعضهيم الن فيميا أظين .وأجمعوا
على أنه ل رمل على من أحرم بالحج من مكة من غير أهلها وهم
المتمتعون لنهيم قيد رملوا فيي حيين دخولهيم حيين طافوا للقدوم.
واختلفوا فييي أهييل مكيية هييل عليهييم إذا حجوا رمييل أم ل؟ فقال
الشافعيي :كيل طواف قبيل عرفية مميا يوصيل بينيه وبيين السيعي
فإنيه يرميل فييه ،وكان مالك يسيتحب ذلك وكان ابين عمير ل يرى
عليهييم رمل إذا طافوا بالبيييت على مييا روى عنييه مالك .وسييبب
الخلف هييل الرمييل كان لعلة أو لغييير علة؟ وهييل هييو مختييص
بالمسيافر أم ل؟ وذلك أنيه كان علييه الصيلة والسيلم حيين رميل
واردا على مكييية .واتفقوا على أن مييين سييينة الطواف اسيييتلم
الركنييين السييود واليمانييي للرجال دون النسيياء .واختلفوا هييل
تسيتلم الركان كلهيا أم ل؟ فذهيب الجمهور إلى أنيه إنميا يسيتلم
الركنان فقيط لحدييث ابين عمير "أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم لم يكين يسيتلم إل الركنيين فقيط" واحتيج مين رأى اسيتلم
جميعهييا بمييا روي عيين جابر قال :كنييا نرى إذا طفنييا أن نسييتلم
الركان كلهيا ،وكان بعيض السيلف ل يحيب أن يسيتلم الركنيين إل
فييي الوتيير ميين الشواط .وكذلك أجمعوا على أن تقبيييل الحجيير
السيييود خاصييية مييين سييينن الطواف إن قدر ،وإن لم يقدر على
الدخول إلييه قبيل يده ،وذلك لحدييث عمير بين الخطاب الذي رواه
مالك أنيه قال وهيو يطوف بالبييت حيين بلغ الحجير السيود "إنميا
أنيت حجير ولول أنيي رأييت رسيول الله قبلك ميا قبلتيك ،ثيم قبله"
وأجمعوا على أن مين سينة الطواف ركعتيين بعيد انقضاء الطواف،
وجمهورهيم على أنيه يأتيي بهيا الطائف عنيد انقضاء كيل أسيبوع إن
طاف أكثر من أسبوع واحد .وأجاز بعض السلف أن ل يفرق بين
السيابيع وأن ل يفصيل بينهميا ركوع ثيم يركيع لكيل أسيبوع ركعتيين،
وهيو مروي عين عائشية أنهيا كانيت ل تفرق بيين ثلثية السيابيع ثيم
تركييع سييت ركعات .وحجيية الجمهور "أن رسييول الله صييلى الله
عليييه وسييلم طاف بالبيييت سييبعا وصييلى خلف المقام ركعتييين،
وقال :خذوا عنييي مناسييككم" وحجيية ميين أجاز الجمييع أنييه قال:
المقصيود إنميا هيو ركعتان لكيل أسيبوع ،والطواف لييس له وقيت
معلوم ول الركعتان المسينونتان بعده ،فجاز الجميع بيين أكثير مين
ركعتين لكثر من أسبوعين ،وإنما استحب من يرى أن يفرق بين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ثلثة السيابيع لن رسيول الله صلى الله علييه وسلم انصيرف إلى
الركعتين بعد وتر من طوافه ،ومن طاف أسابيع غير وتر ثم عاد
إليها لم ينصرف عن وتر من طوافه.
@-القول في شروطه.
وأمييا شروطييه فإن منهييا حييد موضعييه ،وجمهور العلماء على أن
الحجير مين البييت ،وأن من طاف بالبييت لزميه إدخال الحجير فييه،
وأنيه شرط فيي صيحة طواف الفاضية .وقال أبيو حنيفية وأصيحابه:
هو سنة .وحجة الجمهور ما رواه مالك عن عائشة أن رسول الله
صييلى الله عليييه وسييلم قال "لول حدثان قومييك بالكفيير لهدمييت
الكعبية ولصييرتها على قواعيد إبراهييم" فإنهيم تركوا منهيا سيبعة
أذرع ميين الحجيير ضاقييت بهييم النفقيية والخشييب ،وهييو قول ابيين
عباس ،وكان يحتييج بقوله تعالى {وليطوفوا بالبيييت العتيييق} ثييم
يقول طاف رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم مين وراء الحجير،
وحجة أبي حنيفة ظاهر الية .وأما وقت جوازه فإنهم اختلفوا في
ذلك على ثلثية أقوال :أحدهيا إجازة الطواف بعيد الصيبح والعصير،
ومنعه وقت الطلوع والغروب ،وهو مذهب عمر بن الخطاب وأبي
سيعيد الخدري ،وبيه قال مالك وأصيحابه وجماعية .والقول الثانيي
كراهيتيه بعيد الصيبح والعصير ،ومنعيه عنيد الطلوع والغروب ،وبيه
قال سيعيد بين جيبير ومجاهيد وجماعية .والقول الثالث إباحية ذلك
في هذه الوقات كلها ،وبه قال الشافعي وجماعة ،وأصول أدلتهم
راجعيية إلى منييع الصييلة فييي هذه الوقات أو إباحتهييا .أمييا وقييت
الطلوع والغروب فالثار متفقيية على منييع الصييلة فيهييا والطواف
هييل هييو ملحييق بالصييلة؟ فييي ذلك الخلف .وممييا احتجييت بييه
الشافعيية حدييث جيبير بين مطعيم أن النيبي علييه الصيلة والسيلم
قال "ييا بنيي عبيد مناف أو ييا بنيي عبيد المطلب إن وليتيم مين هذا
الميير شيئا فل تمنعوا أحدا طاف بهذا البيييت أن يصييلي فيييه أي
سياعة شاء مين لييل أو نهار" رواه الشافعيي وغيره عين ابين عيينية
بسيينده إلى جييبير بيين مطعييم .واختلفوا فييي جواز الطواف بغييير
طهارة ميييع إجماعهيييم على أن مييين سييينته الطهارة ،فقال مالك
والشافعيي :ل يجزئ طواف بغيير طهارة ل عمدا ول سيهوا .وقال
أبو حنيفة :يجزئ ويستحب له العادة وعليه دم .وقال أبو ثور :إذا
طاف على غير وضوء أجزأه طوافه إن كان ل يعلم ،ول يجزئه إن
كان يعلم ،والشافعيي يشترط طهارة ثوب الطائف كاشتراط ذلك
للمصلي .وعمدة من شرط الطهارة في الطواف قوله صلى الله
علييه وسيلم للحائض وهيي أسيماء بنيت عمييس "اصينعي ميا يصينع
الحاج غير أن ل تطوفي بالبيت" وهو حديث صحيح ،وقد يحتجون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيا بميا روي أنيه صيلى الله علييه وسيلم قال "الطواف بالبييت
صيلة إل أن الله أحيل فييه النطيق فل ينطيق إل بخيير" وعمدة مين
أجاز الطواف بغييير طهارة إجماع العلماء على جواز السييعي بييين
الصفا والمروة من غير طهارة ،وأنه ليس كل عبادة يشترط فيها
الطهر من الحيض من شرطها الطهر من الحدث أصله الصوم.
@-القول في أعداده وأحكامه.
وأميييا أعداده ،فإن العلماء أجمعوا على أن الطواف ثلثييية أنواع:
طواف القدوم على مكة ،وطواف الفاضة بعد رمي جمرة العقبة
يوم النحيير ،وطواف الوداع ،وأجمعوا على أن الواجييب منهييا الذي
يفوت الحيج بفواتيه هيو طواف الفاضية ،وأنيه المعنيى بقوله تعالى
{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وأنه
ل يجزئ عنييه دم ،وجمهورهيييم على أنيييه ل يجزئ طواف القدوم
على مكة عن طواف الفاضة إذا نسي طواف الفاضة لكونه قبل
يوم النحيير .وقالت طائفيية ميين أصييحاب مالك :إن طواف القدوم
يجزئ عين طواف الفاضية كأنهيم رأوا أن الواجيب إنميا هيو طواف
واحييد .وجمهور العلماء على أن طواف الوداع يجزئ عيين طواف
الفاضيية إن لم يكيين طاف طواف الفاضيية لنييه طواف بالبيييت
معمول في وقت طواف الوجوب الذي هو طواف الفاضة بخلف
طواف القدوم الذي هيو قبيل وقيت طواف الفاضية وأجمعوا فيميا
حكاه أبيو عمير بين عبيد البر أن طواف القدوم والوداع مين سينة
الحاج ل لخائف فوات الحيييج فإنيييه يجزئ عنيييه طواف الفاضييية،
واسييتحب جماعيية ميين العلماء لميين عرض له هذا أن يرمييل فييي
الشواط الثلثة من طواف الفاضة ،على سنة طواف القدوم من
الرمييل ،وأجمعوا على أن المكييي ليييس عليييه إل طواف الفاضيية
كميييا أجمعوا على أنيييه لييييس على المعتمييير إل طواف القدوم.
وأجمعوا أن مين تمتيع بالعمرة إلى الحيج أن علييه طوافيين طوافيا
للعمرة لحله منهيا وطوافيا للحيج يوم النحير على ميا فيي حدييث
عائشية المشهور .وأميا المفرد للحيج فلييس علييه إل طواف واحيد
كميا قلنيا يوم النحير .واختلفوا فيي القارن فقال مالك والشافعيي
وأحميد وأبيو ثور :يجزئ القارن طواف واحيد وسيعي واحيد ،وهيو
مذهب عبد الله بن عمر وجابر ،وعمدتهم حديث عائشة المتقدم.
وقال الثوري والوزاعيي وأبيو حنيفية وابين أبيي ليلى على القارن
طوافان وسعيان ،ورووا هذا عن علي وابن مسعود لنهما نسكان
مين شرط كيل واحيد منهميا إذا انفرد طوافيه وسيعيه ،فوجيب أن
يكون المييير كذلك إذا اجتمعيييا ،فهذا هيييو القول فيييي وجوب هذا
الفعييل وصييفته وشروطييه وعدده ووقتييه وصييفته ،والذي يتلو هذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سييبع مرات يبدأ فييي كييل ذلك بالصييفا ويختييم بالمروة ،فإن بدأ
بالمروة قبل الصفا ألغي ذلك الشوط لقول رسول الله صلى الله
علييه وسيلم "نبدأ بميا بدأ الله بيه :نبدأ بالصيفا" يرييد قوله تعالى
{إن الصيفا والمروة مين شعائر الله} وقال عطاء إن جهيل فبدأ
بالمروة أجزأ عنه .وأجمعوا على أنه ليس في وقت السعي قول
محدود فإنيه موضيع دعاء .وثبيت مين حدييث جابر "أن رسيول الله
صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلثا ويقول:
ل إله إل الله وحده ل شريييك له ،له الملك وله الحمييد وهييو على
كييل شيييء قدييير ،يصيينع ذلك ثلث مرات ،ويدعييو ويصيينع على
المروة مثل ذلك".
@-القول في شروطه.
وأمييا شروطييه فإنهييم اتفقوا على أن ميين شرطييه الطهارة ميين
الحييض كالطواف سيواء لقوله صيلى الله علييه وسيلم فيي حدييث
عائشية "افعلي كيل ميا يفعيل الحاج غيير أن ل تطوفيي بالبييت ول
تسيعي بيين الصيفا والمروة" انفرد بهذه الزيادة يحييى عين مالك
دون مييين روى عنيييه هذا الحدييييث ،ول خلف بينهيييم أن الطهارة
ليست من شروطه إل الحسن فإنه شبهه بالطواف.
@-القول في ترتيبه.
وأميا ترتيبيه فإن جمهور العلماء اتفقوا على أن السيعي إنميا يكون
بعد الطواف ،وأن من سعى قبل أن يطوف بالبيت يرجع فيطوف
وإن خرج عن مكة ،فإن جهل ذلك حتى أصاب النساء في العمرة
أو فييي الحييج كان عليييه حييج قابييل والهدي أو عمرة أخرى .وقال
الثوري :إن فعيل ذلك فل شييء علييه .وقال أبيو حنيفية :إذا خرج
من مكة فليس عليه أن يعود وعليه دم .فهذا هو القول في حكم
السعي وصفته وشروطه المشهورة وترتيبه.
**4الخروج إلى عرفة.
@-وأميييا الفعيييل الذي يلي هذا الفعيييل للحاج ،فهيييو الخروج يوم
الترويية إلى منيى والميبيت بهيا ليلة عرفية .واتفقوا على أن المام
يصلي بالناس بمنى يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء
بها مقصورة ،إل أنهم أجمعوا على أن هذا الفعل ليس شرطا في
صيحة الحيج لمين ضاق علييه الوقيت ،ثيم إذا كان يوم عرفية مشيى
المام مع الناس من منى إلى عرفة ووقفوا بها.
@-الوقوف بعرفة.
والقول في هذا الفعل ينحصر في معرفة حكمه وفي صفته وفي
شروطه .أما حكم الوقوف بعرفة فإنهم أجمعوا على أنه ركن من
أركان الحييج ،وأن ميين فاتييه فعليييه حييج قابييل والهدي فييي قول
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أكثرهم لقوله عليه الصلة والسلم" :الحج عرفة" وأما صفته فهو
أن يصييل المام إلى عرفيية يوم عرفييية قبيييل الزوال ،فإذا زالت
الشمس خطب الناس ثم جمع بين الظهر والعصر في أول وقت
الظهير ثيم وقيف حتيى تغييب الشميس .وإنميا اتفقوا على هذا لن
هذه الصيفة هيي مجميع عليهيا مين فعله صيلى الله علييه وسيلم ول
خلف بينهيم أن إقامية الحيج هيي للسيلطان العظيم أو لمين يقيميه
السيلطان العظيم لذلك وأنيه يصيلي وراءه برا كان السيلطان أو
فاجرا أو مبتدعا ،وأن السنة في ذلك أن يأتي المسجد بعرفة يوم
عرفة مع الناس ،فإذا زالت الشمس خطب الناس كما قلنا وجمع
بين الظهر والعصر .واختلفوا في وقت أذان المؤذن بعرفة للظهر
والعصر ،فقال مالك :يخطب المام حتى يمضي صدرا من خطبته
أو بعضها ،ثم يؤذن المؤذن وهو يخطب .وقال الشافعي :يؤذن إذا
أخيذ المام فيي الخطبية الثانيية .وقال أبيو حنيفية :إذا صيعد المام
المنييبر أميير المؤذن بالذان فأذن كالحال فييي الجمعيية ،فإذا فرغ
المؤذن قام المام يخطييب ثييم ينزل ويقيييم المؤذن الصييلة ،وبييه
قال أبيو ثور تشبيهيا بالجمعية .وقيد حكيى ابين نافيع عين مالك أنيه
قال :الذان بعرفية بعيد جلوس المام للخطبية وفيي حدييث جابر
"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زاغت الشمس أمر بالقصواء
فرحلت له وأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن بلل ثم أقام
فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم راح
إلى الموقييف" واختلفوا هييل يجمييع بييين هاتييين الصييلتين بأذانييين
وإقامتين أو بأذان واحد وإقامتين فقال مالك :يجمع بينهما بأذانين
وإقامتيين .وقال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري وأبيو ثور وجماعية:
يجميع بينهميا بأذان واحيد وإقامتيين .وروي عين مالك مثيل قولهيم.
وروي عين أحميد أنيه يجميع بينهميا بإقامتيين ،والحجية للشافعييي
حدييث جابر الطوييل فيي صيفة حجيه علييه الصيلة والسيلم وفييه
"أنيه صيلى الظهير والعصير بأذان واحيد وإقامتيين كميا قلنيا" وقول
مالك مروي عين ابين مسيعود ،وحجتيه أن الصيل هيو أن تفرد كيل
صلة بأذان وإقامة ،ول خلف بين العلماء أن المام لو لم يخطب
يوم عرفيية قبييل الظهيير أن صييلته جائزة بخلف الجمعيية ،وكذلك
أجمعوا أن القراءة فيي هذه الصيلة سيرا ،وأنهيا مقصيورة إذا كان
المام مسييافرا .واختلفوا إذا كان المام مكيييا هييل يقصيير بمنييى
الصيلة يوم الترويية وبعرفية يوم عرفية وبالمزدلفية ليلة النحير إن
كان من أحد هذه المواضع؟ فقال مالك والوزاعي وجماعة :سنة
هذه المواضييع التقصييير سييواء كان ميين أهلهييا أو لم يكيين .وقال
الثوري وأبيو حنيفية والشافعيي وأبيو ثور وداود :ل يجوز أن يقصير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين كان مين أهيل تلك المواضيع ،وحجية مالك أنيه لم يرو أن أحدا
أتيم الصيلة معيه صيلى الله علييه وسيلم أعنيي بعيد سيلمه منهيا.
وحجيية الفريييق الثانييي البقاء على الصييل المعروف أن القصيير ل
يجوز إل للمسيييافر حتيييى يدل الدلييييل على التخصييييص .واختلف
العلماء فييي وجوب الجمعيية بعرفيية ومنييى ،فقال مالك :ل تجييب
الجمعية بعرفية ول بمنيى إل أيام الحيج ل لهيل مكية ول لغيرهيم إل
أن يكون المام مين أهيل عرفية .وقال الشافعيي مثيل ذلك ،إل أنيه
يشترط فيييي وجوب الجمعييية أن يكون هنالك مييين أهيييل عرفييية
أربعون رجل على مذهبييه فييي اشتراط هذا العدد فييي الجمعيية.
وقال أبو حنيفة :إذا كان أمير الحج ممن ل يقصر الصلة بمنى ول
بعرفية صيلى بهيم فيهيا الجمعية إذا صيادفها .وقال أحميد :إذا كان
والي مكة يجمع بهم .وبه قال أبو ثور.
@(-وأميا شروطيه) فهيو الوقوف بعرفية بعيد الصيلة ،وذلك أنيه لم
يختلف العلماء "أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم بعييد مييا
صيلى الظهير والعصير بعرفية ارتفيع فوقيف بجبالهيا داعييا إلى الله
تعالى ووقيف معيه كيل مين حضير إلى غروب الشميس ،وأنيه لميا
اسيتيقن غروبهيا وبان له ذلك دفيع منهيا إلى المزدلفية" ول خلف
بينهم أن هذا هو سنة الوقوف بعرفة ،وأجمعوا على أن من وقف
بعرفية قبيل الزوال وأفاض منهيا قبيل الزوال أنيه ل يعتيد بوقوفيه
ذلك ،وأنيه إن لم يرجيع فيقيف بعيد الزوال أو يقيف مين ليلتيه تلك
قبيل طلوع الفجير فقيد فاتيه الحيج .وروي عين عبيد الله بين معمير
الديلي قال :سييمعت رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يقول
"الحج عرفات ،فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك"
وهيو حدييث انفرد بيه هذا الرجيل مين الصيحابة إل أنيه مجميع علييه.
واختلفوا فيمين وقيف بعرفية بعيد الزوال ثيم دفيع منهيا قبيل غروب
الشمس ،فقال مالك :عليه حج قابل إل أن يرجع قبل الفجر ،وإن
دفع منها قبل المام وبعد الغيبوبة أجزأه .وبالجملة فشرط صحة
الوقوف عنده هييو أن يقييف ليل .وقال جمهور العلماء :ميين وقييف
بعرفيية بعييد الزوال فحجييه تام وإن دفييع قبييل الغروب ،إل أنهييم
اختلفوا فيي وجوب الدم علييه ،وعمدة الجمهور حدييث عروة بين
مضرس ،وهيو حدييث مجميع على صيحته قال "أتييت رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم بجميع فقلت له :هيل لي مين حيج؟ فقال:
مين صيلى هذه الصيلة معنيا ووقيف هذا الموقيف حتيى نفييض أو
أفاض قبييل ذلك ميين عرفات ليل أو نهارا فقييد تييم حجييه وقضييى
تفثييه" وأجمعوا على أن المراد بقوله فييي هذا الحديييث نهارا أنييه
بعيد الزوال ،ومين اشترط اللييل احتيج بوقوفيه بعرفية صيلى الله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ذلك فيي رمييه" والتكيبير عندهيم عنيد رميي كيل جمرة حسين لنيه
يروى عنه عليه الصلة والسلم.
وأجمعوا على أن مين سينة رميي الجمار الثلث فيي أيام التشرييق
أن يكون ذلك بعد الزوال.
واختلفوا إذا رماهييا قبييل الزوال فييي أيام التشريييق ،فقال جمهور
العلماء :مين رماهيا قبيل الزوال أعاد رميهيا بعيد الزوال.وروي عين
أبييي جعفيير محمييد بيين علي أنييه قال :رمييي الجمار ميين طلوع
الشمييس إلى غروبهييا .وأجمعوا على أن ميين لم يرم الجمار أيام
التشريييق حتييى تغيييب الشمييس ميين آخرهييا أنييه ل يرميهييا بعييد.
واختلفوا في الواجب من الكفارة فقال مالك :إن من ترك الجمار
كلهيا أو بعضهيا أو واحدة منهيا فعلييه دم ،وقال أبيو حنيفية :إن ترك
كلها كان عليه دم ،وإن ترك جمرة واحدة فصاعدا كان عليه لكل
جمرة إطعام مسييكين نصييف صيياع حنطيية إلى أن يبلغ دمييا بترك
الجمييع إل جمرة العقبية فمين تركهيا فعلييه دم .وقال الشافعيي:
علييه فيي الحصياة ميد مين طعام ،وفيي حصياتين مدان ،وفيي ثلث
دم .وقال الثوري مثله ،إل أنييه قال فييي الرابعيية الدم .ورخصييت
طائفيية ميين التابعييين فييي الحصيياة الواحدة ولم يروا فيهييا شيئا،
والحجية لهيم حدييث سيعد بين أبيي وقاص قال "خرجنيا ميع رسيول
الله صلى الله عليه وسلم في حجته ،فبعضنا يقول :رميت بسبع،
وبعضنيا يقول :رمييت بسيت ،فلم يعيب بعضنيا على بعيض" وقال
أهيل الظاهير :ل شييء فيي ذلك والجمهور على أن جمرة العقبية
ليسيت مين أركان الحيج .وقال عبيد الملك مين أصيحاب مالك :هيي
مين أركان الحيج .فهذه هيي جملة أفعال الحيج مين حيين الحرام
إلى أن يحييل ،والتحلل تحللن :تحلل أكييبر ،وهييو طواف الفاضيية،
وتحلل أصييغر وهييو رمييي جمرة العقبيية ،وسيينذكر مييا فييي هذا
الختلف.
القول في الجنس الثالث:
وهيو الذي يتضمين القول فيي الحكام ،وقيد نفيى القول فيي حكيم
الختللت التيي تقيع فيي الحيج ،وأعظمهيا فيي حكيم مين شرع فيي
الحيج فمنعيه بمرض أو بعدو أو فاتيه وقيت الفعيل الذي هيو شرط
في صحة الحج أو أفسد حجه بإتيانه بعض المحظورات المفسدة
للحيج أو للفعال التيي هيي تروك أو أفعال ،فلنبتدئ مين هذه بميا
هو نص في الشريعة وهو حكم المحصر وحكم قاتل الصيد وحكم
الحالق رأسيه قبيل محيل الحلق وإلقائه التفيث قبيل أن يحيل ،وقيد
يدخيل فيي هذا الباب حكيم المتمتيع وحكيم القارن على القول بأن
وجوب الهدي في هذه هو لمكان الرخصة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القول في الحصار
وأمييا الحصييار ،فالصييل فيييه قوله سييبحانه- :فإن أحصييرتم فمييا
استيسر من الهدي -إلى قوله -فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى
الحييج فمييا اسييتيسر ميين الهدي -فنقول :اختلف العلماء فييي هذه
اليية اختلفيا كثيرا ،وهيو السيبب فيي اختلفهيم فيي حكيم المحصير
بمرض أو بعدو ،فأول اختلفهيم فيي هذه اليية هيل المحصير ههنيا
هو المحصر بالمرض .فأما من قال :إن المحصر ههنا هو المحصر
بالعدو فاحتجوا بقوله تعالى -فميين كان منكييم مريضييا أو بييه أذى
مين رأسيه -قالوا :فلو كان المحصير هيو المحصير بمرض لميا كان
لذكيير المرض بعييد ذلك فائدة ،واحتجوا أيضييا بقوله سييبحانه -فإذا
أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج -وهذه حجة ظاهرة ،ومن قال:
إن اليية إنميا وردت فيي المحصير بالمرض فإنيه زعيم أن المحصير
هو من أحصر ،ول يقال أحصر في العدو ،وإنما يقال حصره العدو
وأحصيره المرض ،قالوا :وإنميا ذكير المرض بعيد ذلك لن المرض
صينفان :صينف محصير ،وصينف غيير محصير ،وقالوا معنيى قوله
-فإذا أمنتيم -معناه من المرض .وأميا الفريق الول فقالوا عكيس
هذا ،وهييو أن أفعييل أبدا وفعييل فييي الشيييء الواحييد إنمييا يأتييي
لمعنييين :أميا فعيل فإذا أوقيع بغيره فعل مين الفعال ،وأميا أفعيل
فإذا عرضييه لوقوع ذلك الفعييل بييه يقال :أقتله إذا فعييل بييه فعييل
القتيل ،واقتله إذا عرضيه للقتيل ،وإذا كان هذا هكذا فأحصير أحيق
بالعدو وحصييير أحيييق بالمرض ،لن العدو إنميييا عرض للحصيييار،
والمرض فهو فاعل الحصار .وقالوا ل يطلق المن إل في ارتفاع
الخوف مين العدو وإن قييل فيي المرض فباسيتعارة ول يصيار إلى
السيتعارة إل لمير يوجيب الخروج عين الحقيقية ،وكذلك ذكير حكيم
المرييض بعيد الحصير الظاهير منيه أن المحصير غيير المرييض ،وهذا
هيو مذهيب الشافعيي .والمذهيب الثانيي مذهيب مالك وأبيي حنيفية.
وقال قوم :بل المحصر ههنا الممنوع من الحج بأي نوع امتنع إما
بمرض أو بعدو أو بخطييأ فييي العدد أو بغييير ذلك .وجمهور العلماء
على أن المحصيير عيين الحييج ضربان :إمييا محصيير بمرض ،وإمييا
محصير بعدو .فأميا المحصير بالعدو فاتفيق الجمهور على أنيه يحيل
من عمرته أو حجه حيث أحصر .وقال الثوري والحسن بن صالح
ل يتحلل إل فييي يوم النحيير ،والذييين قالوا :يتحلل حيييث أحصيير
اختلفوا في إيجاب الهدي عليه وفيي موضع نحره إذا قيل بوجوبه
وفي إعادة ما حصر عنه من حج أو عمرة ،فذهب مالك إلى أنه ل
يجيب علييه العادة .وذهيب أ بو حنيفية إلى أنيه إن كان أحرم بالحيج
علييه حجية وعمرة ،وإن كان قارنيا فعلييه حيج وعمرتان ،وإن كان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
معتمرا قضيى عمرتيه ،ولييس علييه عنيد أبيي حنيفية ومحميد بين
الحسين تقصيير ،واختار أبيو يوسيف تقصييره ،وعمدة مالك فيي أن
ل إعادة عليييه "أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم حييل هييو
وأصحابه بالحديبية ،فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وحلوا من كل
شييء قبيل أن يطوف بالبييت ،وقبيل أن يصيل إلى الهدي ،ثيم لم
يعلم أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أمير أحيد مين الصيحابة
ول ممن كان معه أن يقضي شيئا ول أن يعود لشيء" وعمدة من
أوجب عليه العادة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر
فييي العام المقبييل ميين عام الحديبييية قضاء لتلك العمرة" ولذلك
قيل لها عمرة القضاء .وإجماعهم أيضا علة أن المحصر بمرض أو
ما أشبهه عليه القضاء .فسبب الخلف هو هل قضى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أو لم يقض؟ وهل يثبت القضاء بالقياس أم
ل؟ وذلك أن جمهور العلماء على أن القضاء يجييب بأميير ثان غييير
أمير الداء .وأميا مين أوجيب علييه الهدي فبناء على أن اليية وردت
فيي المحصير بالعدو ،أو على أنهيا عامية لن الهدي فيهيا نيص ،وقيد
احتج هؤلء بنحر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدي عام
الحديبييية حييين أحصييروا .وأجاب الفريييق الخيير أن ذلك الهدي لم
يكيين هدي تحلل ،وإنمييا كان هديييا سيييق ابتداء ،وحجيية هؤلء أن
الصل هو أن ل هدي عليه إل أن يقوم الدليل .وأما اختلفهم في
مكان الهدي عند من أوجبه فالصل فيه اختلفهم في موضع نحر
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم هدييه عام الحديبيية ،فقال ابين
إسييحاق :نحره فييي الحرم ،وقال غيره :إنمييا نحره فييي الحييل،
واحتييج بقوله تعالى -هييم الذييين كفروا وصييدوكم عيين المسييجد
الحرام والهدي معكوفيا أن يبلغ محله -وإنميا ذهيب أبيو حنيفية إلى
أن مين أحصير عين الحيج أن علييه حجيا وعمرة لن المحصير قيد
فسييخ الحييج فييي عمرة ولم يتييم واحدا منهمييا ،فهذا هييو حكييم
المحصيير بعدو عنييد الفقهاء .وأمييا المحصيير بمرض ،فإن مذهييب
الشافعي وأهل الحجاز أنه ل يحله إل الطواف بالبيت والسعي ما
بين الصفا والمروة ،وأنه بالجملة يتحلل بعمرة ،لنه إذا فاته الحج
بطول مرضيه انقلب عمرة ،وهيو مذهيب ابين عمير وعائشية وابين
عباس ،وخالف فيي ذلك أهيل العراق فقالوا :يحيل مكانيه وحكميه
حكم المحصر بعدو ،أعني أن يرسل هديه ويقدر يوم نحره ويحل
في اليوم الثالث وبه قال ابن مسعود.
(يتبع)...
@(تابييع- :)1 ...وأمييا الفعييل بعدهييا فهييو رمييي الجمار ،وذلك أن
المسلمين اتفقوا على "أن... ...
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أبييو حنيفيية :حيثمييا أطعييم .وقال الشافعييي :ل يطعييم إل
مسياكين مكية .وأجميع العلماء على أن المحرم إذا قتيل الصييد أن
عليه الجزاء للنص في ذلك .واختلفوا في الحلل يقتل الصيد في
الحرم ،فقال جمهور فقهاء المصييييار :عليييييه الجزاء .وقال داود
وأصيحابه :ل جزاء علييه .ولم يختلف المسيلمون فيي تحرييم قتيل
الصييد فيي الحرم ،وإنميا اختلفوا فيي الكفارة وذلك لقوله سيبحانه
-اولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا -وقول رسول الله صلى الله عليه
وسيلم "إن الله حَّرم مكية يوم خلق السيموات والرض" وجمهور
فقهاء المصييار على أن المحرم إذا قتييل الصيييد وأكله أنييه ليييس
علييه إل كفارة واحدة .وروى عين عطاء وطائفية أن فييه كفارتيين،
فهذه هي مشهورات المسائل المتعلقة بهذه الية.
(وأميا السيباب التيي دعتهيم إلى هذا الختلف) فنحين نشيير إلى
طرف منهيا فنقول .أميا مين اشترط فيي وجوب الجزاء أن يكون
القتيل عمدا فحجتيه أن اشتراط ذلك نيص فيي اليية ،وأيضيا فإن
العميد هيو الموجيب للعقاب والكفارات عقابيا ميا .وأميا مين أوجيب
الجزاء مييع النسيييان فل حجيية له ،إل أن يشبييه الجزاء عنييد إتلف
الصيييد بإتلف الموال ،فإن الموال عنييد الجمهور تضميين خطييأ
ونسييييانا ،لكييين يعارض هذا القياس اشتراط العميييد فيييي وجوب
الجزاء ،ف قد أجاب بعضهم عن هذا :أي العمد إنما اشترط لمكان
تعلق العقاب المنصيوص علييه فيي قوله -ليذوق وبال أمره -وذلك
ل معنى له لن الوبال المذوق هو في الغرامة فسواء قتله مخطئا
أو متعمدا قد ذاق الوبال ،ول خوف أن الناسي غير معاقب ،وأكثر
مييا تلزم هذه الحجيية لميين كان ميين أصييله أن الكفارات ل تثبييت
بالقياس ،فإنيه ل دلييل لمين أثبتهيا على الناسيي إل القياس .وأميا
اختلفهيم فيي المثيل هيل هيو الشيبيه أو المثيل فيي القيمية ،فإن
سبب الختلف أن المثل يقال على الذي هو مثل وعلى الذي هو
مثيل فيي القيمية؛ لكين حجية مين رأى أن الشيبيه أقوى مين جهية
دللة اللفظ أن انطلق لفظ المثل على الشبيه في لسان العرب
أظهير ،وأظهير منيه على المثيل فيي القيمية ،لكين لمين حميل ههنيا
المثيل على القيمة دلئل حركتيه إلى اعتقاد ذلك :أحدهيا أن المثيل
الذي هيو العدل هيو منصيوص علييه فيي الطعام والصييام ،وأيضيا
فإن المثل إذا حمل ههنا على التعديل كان عاما في جميع الصيد،
فإن من الصيد ما ل يلقي له شبيه ،وأيضا فإن المثل فيما ل يوجد
له شيبيه هيو التعدييل ،ولييس يوجيد للحيوان المصييد فيي الحقيقية
شيبيه إل من جنسيه ،وقيد نيص أن المثيل الواجيب فييه هيو مين غيير
جنسييه ،فوجييب أن يكون مثل فييي التعديييل والقيميية ،وأيضييا فإن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الحكيم فيي الشيبيه قيد فرغ منيه ،فأميا الحكيم بالتعدييل فهيو شييء
يختلف باختلف الوقات ،ولذلك هو كل وقت يحتاج إلى الحكمين
المنصييوص عليهمييا ،وعلى هذا يأتييي التقدييير فييي الييية بمشابييه،
فكأنه قال :ومن قتله منكم متعمدا فعليه قيمة ما قتل من النعم
أو عدل القيميية طعامييا أو عدل ذلك صييياما .وأمييا اختلفهييم هييل
المقدر هيو الصييد أو مثله مين النعيم إذا قدر بالطعام ،فمين قال
المقدر هييو الصيييد قال :لنييه الذي لمييا لم يوجييد مثله رجييع إلى
تقديره بالطعام ،ومين قال إن المقدر هيو الواجيب مين النعيم قال:
لن الشييء إنميا تقدر قيمتيه إذا عدم بتقديير مثله أعنيي شيبيهه.
وأميا مين قال إن اليية على التخييير فإنيه التفيت إلى حرف "أو" إذ
كان مقتضاها فيي ل سان العرب التخييير وأ ما من نظير إلى ترتيب
الكفارات فييي ذلك فشبههييا فييي الكفارات التييي فيهييا الترتيييب
باتفاق ،وهييي كفارة الظهار والقتييل .وأمييا اختلفهييم فييي هييل
يسييتأنف الحكييم فييي الصيييد الواحييد الذي وقييع الحكييم فيييه ميين
الصييحابة ،فالسييبب فييي اختلفهييم هييو هييل الحكييم شرعييي غييير
معقول المعنى أم هذا معقول المعنى؟
فمين قال هيو معقول المعنيى قال :ميا قيد حكيم فييه فلييس يوجيد
شيء أشبه به منه ،مثل النعامة فإنه ل يوجد أشبه بها من البدنة
فل معنيى إعادة الحكيم ،ومين قال هيو عبادة قال :يعاد ولبيد منيه،
وبيه قال مالك .وأميا اختلفهيم فيي الجماعية يشتركون فيي قتيل
الصيييد الواحييد ،فسييببه هييل الجزاء موجبييه هييو التعدي فقييط أو
التعدي على جملة الصيد؟ فمن قال التعدي فقط أوجب على كل
واحييد ميين الجماعيية القاتلة للصيييد جزاء ،وميين قال التعدي على
جملة الصييييد قال :عليهيييم جزاء واحيييد .وهذه المسيييئلة شبيهييية
بالقصياص فيي النصياب فيي السيرقة وفيي القصياص فيي العضاء
وفي النفس ،وستأتي في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله.
وتفرييق أبيي حنيفية بيين المحرميين وبيين غيير المحرميين القاتليين
فيي الحرم على جهية التغلييظ على المحرميين ،ومين أوجيب على
كيل واحيد مين الجماعية جزاء فإنميا نظير إلى سيد الذرائع ،فإنيه لو
سيقط عنهيم الجزاء جملة لكان من أراد أن يصييد فيي الحرم صاد
فييي جماعيية ،وإذا قلنييا إن الجزاء هييو كفارة للثييم فيشبييه أنييه ل
يتبعض إثم قتل الصيد بالشتراك فيه ،فيجب أن ل يتبعض الجزاء
فيجيب على كيل واحيد كفارة .وأميا اختلفهيم فيي هيل يكون أحيد
الحكمييين قاتييل للصيييد ،فالسييبب فيييه معارضيية مفهوم الظاهيير
لمفهوم المعنيى الصيلي فيي الشرع ،وذلك أنيه لم يشترطوا فيي
الحكميين إل العدالة ،فيجيب على ظاهير هذا أن يجوز الحكيم ممين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يوجيد فييه هذا الشرط ،سيواء كان قاتيل الصييد أو غيير قاتيل .وأميا
مفهوم المعنى الصلي في الشرع فهو أن المحكوم عليه ل يكون
حاكميا على نفسيه .وأميا اختلفهيم فيي الموضيع ،فسيببه الطلق
أعني أنه لم يشترط فيه موضع ،فمن شبهه بالزكاة في أنه حق
للمسياكين فقال ل ينقيل مين موضعيه .وأميا مين رأى أن المقصيود
بذلك إنميا هيو الرفيق بمسياكين مكية قال :ل يطعيم إل مسياكين
مكيية ،وميين اعتمييد ظاهيير الطلق قال :يطعييم حيييث شاء .وأمييا
اختلفهم في الحلل يقتل الصيد في الحرم هل عليه كفارة أم ل؟
فسيببه هيل يقاس فييي الكفارات عنيد مين يقول بالقياس؟ وهيل
القياس أصيل مين أصيول الشرع عنيد الذيين يختلفون فييه؟ فأهيل
الظاهير ينفون قياس قتيل الصييد فيي الحرم على المحرم لمنعهيم
القياس في الشرع ،ويحق على أصيل أبي حني فة أن يمن عه لمنعه
القياس فيي الكفارات ،ول خلف بينهيم فيي تعلق السيم بيه لقوله
سيبحانه وتعالى -أو لم يروا أ نا جعلنيا حراميا آمنيا ويتخطيف الناس
مين حولهيم -وقول رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "إن الله
حرم مكة يوم خلق السموات والرض" وأما اختلفهم فيمن قتله
ثم أكله هل عليه جزاء واحد أم جزاءان؟ فسببه هل أكله تعد ثان
عليييه سييوى القتييل أم ل؟ وإن كان تعديييا عليييه فهييل هييو مسيياو
للتعدي الول أم ل؟ وذلك أنهيم اتفقوا على أنيه إن أكيل أثيم ،ولميا
كان النظير فيي كفارة الجزاء يشتميل على أربعية أركان :معرفية
الواجيب فيي ذلك ،ومعرفية مين تجيب علييه ،ومعرفية الفعيل الذي
لجله يجييب ،ومعرفيية محييل الوجوب .وكان قييد تقدم الكلم فييي
أكثيير هذه الجناس ،وبقييي ميين ذلك أمران :أحدهمييا اختلف فييي
بعيض الواجبات مين المثال فيي بعيض المصييدات .والثانيي ميا هيو
صيد مما ليس بصيد يجب أن ينظر فيما بقي علينا من ذلك ،فمن
أصيول هذا الباب ميا روي عين عمير بين الخطاب أنيه قضيى فيي
الضبييع بكبييش ،وفييي الغزال بعنييز ،وفييي الرنييب ،وفييي اليربوع
بجفرة ،واليربوع :دويبيية لهييا أربييع قوائم وذنييب ،تجتيير كمييا تجتيير
الشاة ،وهي من ذوات الكروش ،والعنز عند أهل العلم من المعز
ميا قيد ولد أو ولد مثله ،والجفرة والعناق مين المعيز ،فالجفرة ميا
أكل واستغنى عن الرضاع ،والعناق قيل فوق الجفرة وقيل دونها،
وخالف مالك هذه الحدييث فقال :فيي الرنيب واليربوع ل يقومان
إل بمييا يجوز هديييا وأضحييية ،وذلك الجذع فمييا فوقييه ميين الضأن،
والثني فما فوقه من البل والبقر ،وحجة مالك قوله تعالى -هديا
بالغ الكعبيية -ولم يختلفوا أن ميين جعييل على نفسييه هديييا أنييه ل
يجيزه أقيل مين الجزع فميا فوقيه مين الضأن والثنيى مميا سيواه،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وفيي صيغار الصييد عنيد مالك مثيل ميا فيي كباره .وقال الشافعيي:
يفدى صيغار الصييد بالمثيل مين صيغار النعيم وكبار الصييد بالكبار
منهيا ،وهيو مروي عين عمير وعثمان وعلي وابين مسيعود ،وحجتيه
أنها حقيقة المثل ،فعنده في النعامة الكبيرة بدنة ،وفي الصغيرة
فصيل ،وأبو حنيفة على أصله في القيمة .واختلفوا من هذا الباب
فيي حمام مكية وغيرهيا ،فقال مالك فيي حمام مكية :شاة ،وفيي
حمام الحيل حكومية .واختلف قول ابين القاسيم فيي حمام الحرم
غيير مكية،فقال مرة شاة كحمام مكية ،ومرة قال حكومية كحمام
الحييل .وقال الشافعييي :فييي كييل حمام شاة ،وفييي حمام سييوى
الحرم قيمتيه .وقال داود كيل شييء ل مثيل له مين الصييد فل جزاء
فيهيا إل الحمام فإن فييه شاة ،ولعله ظين ذلك إجماعيا ،فإنيه روي
عيين عميير بيين الخطاب ول مخالف له ميين الصييحابة .وروي عيين
عطاء أنيه قال :فيي كيل شييء مين الطيير شاة .واختلفوا مين هذا
الباب فيي بيض النعا مة ،فقال مالك :أرى فيي بيض النعامة عشير
ثمن البدنية ،وأ بو حنيفية على أصيله فيي القي مة .ووافقه الشافعيي
في هذه المسألة .وبه قال أبو ثور .وقال أبو حنيفة :إن كان فيها
فرخ ميت فعليه الجزاء :أعني جزاء النعامة .واشترط أبو ثور في
ذلك أن يخرج حيا ثم يموت.
(يتبع)...
@(تابييع- :)2 ...وأمييا الفعييل بعدهييا فهييو رمييي الجمار ،وذلك أن
المسلمين اتفقوا على "أن... ...
وروي عين علي أنيه قضيى فيي بييض النعامية بأن يرسيل الفحيل
على البيل فإذا تيبين لقاحهيا سيميت ميا أصيبت مين البييض ،فقلت:
هذا هدي ،ثم ليس عليك ضمان ما فسد من الحمل .وقال عطاء:
من كانت له إ بل فالقول قول علي ،وإل ففي كل بي ضة درهمان،
قال أبيو عمير :وقيد روي عين ابين عباس عين كعيب بين عجرة عين
النيبي علييه الصيلة والسيلم "فيي بييض النعامية يصييبه المحرم
ثمنييه" ميين وجييه ليييس بالقوي .وروي عيين ابيين مسييعود أن فيييه
القيمية ،قال :وفييه أثير ضعييف .وأكثير العلماء على أن الجراد مين
صيييد البر يجييب على المحرم فيييه الجزاء .واختلفوا فييي الواجييب
مين ذلك ،فقال عمير رضيي الله عنيه :قبضية مين طعام ،وبيه قال
مالك .وقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :تمرة خييير ميين جرادة .وقال
الشافعيي :فيي الجراد قيمتيه ،وبيه قال أبيو ثور إل أنيه قال :كيل ميا
تصيدق بيه مين حفنية طعام أو تمرة فهيو له قيمية .وروي عين ابين
عباس أن فيها تمرة مثل قول أبي حنيفة .وقال ربيعة :فيها صاع
من طعام و هو شاذ .وقد روي عن ابن عمر أن في ها شويهة وهو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيييا شاذ ،فهذه هيييي مشهورات ميييا اتفقوا على الجزاء فييييه،
واختلفوا فيميا هيو الجزاء فييه .وأميا إختلفهيم فيميا هيو صييد مميا
ليس بصيد ،وفيما هو من صيد البحر مما ليس منه ،فإنهم اتفقوا
على أن صييييد البر محَّرم على المحرم إل الخميييس الفواسيييق
المنصوص عليها ،واختلفوا فيما يلحق به مما ليس يلحق ،وكذلك
اتفقوا على أن صيييد البحيير حلل كله للمحرم ،واختلفوا فيمييا هييو
مين صييد البحير مميا لييس منيه ،وهذا كله لقوله تعالى- :أحيل لكيم
صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما
دمتييم حرمييا -ونحيين نذكيير مشهور مييا اتفقوا عليييه ميين هذييين
الجنسين وما اختلفوا فيه ،فنقول:
ثبيت مين حدييث ابين عمير وغيره أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسييلم قال "خمييس ميين الدواب ليييس على المحرم جناح فييي
قتلهييييييييين :الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب والعقور"
واتفييق العلماء على القول بهذا الحدييث ،وجمهورهييم على القول
بإباحة قتيل ميا تضمنيه لكونيه لييس بصييد وإن كان بعضهيم اشترط
فيي ذلك أوصيافا ميا .واختلفوا هيل هذا باب مين الخاص أرييد بيه
الخاص ،أو باب مين الخاص أرييد بيه العام ،والذيين قالوا هيو مين
باب الخاص أريييد بييه العام اختلفوا فييي أي عام أريييد بذلك ،فقال
مالك :الكلب العقور الوارد فيي الحدييث إشارة إلى كيل سبع عاد،
وأن ميا لييس بعاد مين السيباع فلييس للمحرم قتله ولم يير قتيل
صغارها التي ل تعدو ول ما كان منها أيضا ل يعدو ول خلف بينهم
فيي قتيل الحيية والفعيى والسيود ،وهيو مروي عين النيبي علييه
الصيلة والسيلم مين حدييث أبيي سيعيد الخدري قال :قال رسيول
الله صلى الله عليه وسلم "تقتل الفعى والسود" وقال مالك :ل
أرى قتيييل الوزغ ،والخبار بقتلهيييا متواترة ،لكييين مطلقيييا ل فيييي
الحرم ،ولذلك توقييف فيهيا مالك فييي الحرم .وقال أبيو حنيفيية :ل
يقتيييل مييين الكلب العقورة إل الكلب النسيييي والذئب ،وشذت
طائفيية فقالت :ل يقتييل إل الغراب البقييع .وقال الشافعييي :كييل
محرم الكل فهو معنى في الخمس.
وعمدة الشافعيي أنيه إنميا حرم على المحرم ميا أحيل للحلل ،وأن
المباحية الكيل ل يجوز قتلهيا بإجماع لنهيي رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم عين صييد البهائم .وأميا أبيو حنيفية فلم يفهيم مين اسيم
الكلب النسي فقط بل من معناه كل ذئب وحشي .واختلفوا في
الزنبور فبعضهيم شبهيه بالعقرب ،وبعضهيم رأى أنيه أضعيف نكايية
ميين العقرب .وبالجملة فالمنصييوص عليهييا تتضميين أنواعييا ميين
الفساد ،فمن رأى أ نه من باب الخاص أريد به العام ألحق بواحد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والكلم فيي هذه اليية على مين تجيب الفديية ،وعلى مين ل تجيب،
وإذا وجبت فما هي الفدية الواجبة؟ وفي أي شيء تجب الفدية،
ولمين تجيب ومتيى تجيب وأيين تجيب؟ فأميا على مين تجيب الفديية،
فإن العلماء أجمعوا على أنها واجبة على كل من أماط الذى من
ضرورة لورود النييص بذلك ،واختلفوا فيميين أماطييه بغييير ضرورة،
فقال مالك :علييه الفديية المنصيوص عليهيا .وقال الشافعيي وأبيو
حنيفة :إن حلق دون
ضرورة فإنميا علييه دم فقيط ،واختلفوا هيل مين شرط مين وجبيت
علييه الفديية بإماطية الذى أن يكون متعمدا أو الناسيي فيي ذلك
والمتعمد سواء ،فقال مالك :العامد في ذلك والناسي واحد ،وهو
قول أبيي حنيفية والثوري واللييث .وقال الشافعيي فيي أحيد قولييه:
وأهييل الظاهيير ل فدييية على الناسييي ،فميين اشترط فييي وجوب
الفديييية الضرورة فدليله النيييص ،ومييين أوجيييب ذلك على غيييير
المضطيير فحجتييه أنييه إذا وجبييت على المضطيير فهييي على غييير
المضطير أوجيب ،ومين فرق بيين العاميد والناسيي فلتفرييق الشرع
فيي ذلك بينهميا فيي مواضيع كثيرة ،ولعموم قوله تعالى- :ولييس
عليكيم جناح فيميا أخطأتيم بيه ولكين ميا تعمدت قلوبكيم -ولعموم
قوله عليه الصلة والسلم "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" ومن
لم يفرق بينهمييا فقياسييا على كثييير ميين العبادات التييي لم يفرق
الشرع فيها بين الخطأ والنسيان.
وأميا ميا يجيب فييه فديية الذى ،فإن العلماء أجمعوا على أنهيا ثلث
خصيييال على التخييييير :الصييييام والطعام والنسيييك لقوله تعالى:
-ففدية من صيام أو صدقة أو نسك -والجمهور على أن الطعام
هييو لسييتة مسيياكين ،وأن النسييك أقله شاة .وروي عيين أنييس
وعكرميية ونافييع أنهييم قالوا :الطعام لعشرة مسيياكين والصيييام
عشرة أيام .ودلييل الجمهور حدييث كعيب بين عجرة الثابيت .وأميا
مين قال الصييام عشرة أيام فقياسيا على صييام التمتيع وتسيوية
الصيييام مييع الطعام ،ولمييا ورد أيضييا فييي جزاء الصيييد فييي قوله
تعالى- :أو عدل ذلك صييياما -وأميا كيم يطعيم لكيل مسيكين مين
المسياكين السيتة التيي ورد فيهيا النيص ،فإن الفقهاء اختلفوا فيي
ذلك لختلف الثار فييييييي الطعام فييييييي الكفارات ،فقال مالك
والشافعييي وابييو حنيفيية وأصييحابهم :الطعام فييي ذلك مدان بمييد
النيبي صيلى الله علييه وسيلم لكيل مسيكين .وروي عين الثوري أنيه
قال :من البر نصف صاع ومن التمر والزبيب والشعير صاع.
وروي أيضا عن أبي حنيفة مثله وهو أصله في الكفارات.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا ميا تجيب فييه الفديية ،فاتفقوا على أنهيا تجيب على مين حلق
رأسيه لضرورة مرض أو حيوان يؤذييه فيي رأسيه .قال ابين عباس:
المرض أن يكون برأسيييييه قروح ،والذى :القميييييل وغيره .وقال
عطاء :المرض الصيداع ،والذى :القميل وغيره .والجمهور على أن
كييل مييا منعييه المحرم ميين لباس الثياب المخيطيية وحلق الرأس
وقيص الظفار أنيه إذا اسيتباحه فعلييه الفديية :أي دم على اختلف
بينهيم فيي ذلك أو إطعام ،ولم يفرقوا بيين الضرر وغيره فيي هذه
الشياء ،وكذلك اسييتعمال الطيييب .وقال قوم :ليييس فييي قييص
الظفار شيييء .وقال قوم فيييه دم .وحكييى ابيين المنذر أن منييع
المحرم قص الظفار إجماع.
واختلفوا فيمين أخيذ بعيض أظفاره ،فقال الشافعيي وأبيو ثور :إن
أخيذ ظفرا واحدا أطعيم مسيكينا واحدا ،.وإن أخيذ ظفريين أطعيم
مسكينين ،وإن أخذ ثلثا فعليه دم في مقام واحد .وقال أبو حنيفة
فيي أحيد أقواله :ل شييء علييه حتيى يقصيها كلهيا .وقال أبيو محميد
بين حزم :يقيص المحرم أظفاره وشاربيه وهيو شذوذ ،وعنده أن ل
فديييية إل مييين حلق الرأس فقيييط للعذر الذي ورد فييييه النيييص.
وأجمعوا على منييع حلق شعيير الرأس ،واختلفوا فييي حلق الشعيير
مين سيائر الجسيد ،فالجمهور على أن فييه الفديية .وقال داود :ل
فديية فييه .واختلفوا فيمين نتيف مين رأسيه الشعرة والشعرتيين أو
مين لحميه ،فقال مالك :لييس على مين نتيف الشعير اليسيير شييء
إل أن يكون أماط بيييه أذى فعلييييه الفديييية .وقال الحسييين :فيييي
الشعرة مييد وفييي الشعرتييين مدييين ،وفييي الثلثيية دم ،وبييه قال
الشافعيي وأبيو ثور .وقال عبيد الملك صياحب مالك :فيميا قيل مين
الشعير إطعام وفيميا كثير فديية .فمين فهيم مين منيع المحرم حلق
الشعير أنيه عبادة سيوى بيين القلييل والكثيير ،لن القلييل لييس فيي
إزالته زوال أذى.
أميا موضيع الفديية فاختلفوا فييه ،فقال مالك :يفعيل مين ذلك ميا
شاء أين شاء بمكة وبغيرها وإن شاء ببلده ،وسواء عنده في ذلك
ذبح النسك والطعام والصيام ،وهو قول مجاهد والذي عند مالك
ههنا هو نسك وليس بهدي .فإن الهدي ل يكون إل بمكة أو بمنى.
وقال أبييو حنيفيية والشافعييي :الدم والطعام ل يجزيان إل بمكيية
والصوم حيث شاء .وقال ابن العباس :ما كان من دم فبمكة ،وما
كان مين إطعام وصييام فحييث شاء ،وعين أبيي حنيفية مثله .ولم
يختلف قول الشافعيييييي أن دم الطعام ل يجزئ إل لمسييييياكين
الحرم.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شاة ،وذهب ابن عمر إلى أن اسيم الهدي ل ينطلق إل على البل
والبقيير ،وأن معنييى قوله تعالى -فمييا اسييتيسر ميين الهدي -أي
بقرة أدون مييين بقرة ،وبدنييية أدون مييين بدنييية .وأجمعوا أن هذه
الكفارة على الترتيييب ،وأن ميين لم يجييد الهدي فعليييه الصيييام.
واختلفوا مين حيد الزمان الذي ينتقيل بانقضائه فرضيه مين الهدي
إلى الصييام ،فقال مالك :إذا شرع فيي الصيوم فقيد انتقيل واجبيه
إلى الصوم وإن وجد الهدي في أثناء الصوم .وقال أبو حنيفة :إن
وجيد الهدي فيي صيوم الثلثية اليام لزميه ،وإن وجده فيي صيوم
السييبعة لم يلزمييه ،وهذه المسييئلة نظييير مسييئلة ميين طلع عليييه
الماء في الصلة وهو متيمم .وسبب الخلف هو هل ما هو شرط
في ابتداء العبادة هو شرط في استمرارها .وإنما فرق أبو حنيفة
بيين الثلثية والسيبعة ،لن الثلثية اليام هيي عنده بدل مين الهدي
والسبعة ليست ببدل ،وأجمعوا على أنه إذا صام الثلثة اليام في
العشيير الول مين ذي الحجيية أنيه قيد أتيى بهيا فيي محلهييا لقوله
سيبحانه -فصييام ثلثية أيام فيي الحيج -ول خلف أن العشير الول
مين أيام الحيج .واختلفوا فيمين صيامها فيي أيام عميل العمرة قبيل
أن يهيل بالحيج أو صيامها فيي أيام منيى ،فأجاز مالك صييامها فيي
أيام منييى ومنعييه أبييو حنيفيية وقال :إذا فاتتييه اليام الولى وجييب
الهدي في ذمته ومنعه مالك قبل الشروع في عمل الحج وأجازه
أبيو حنيفية .وسيبب الخلف هيل ينطلق اسيم الحيج على هذه اليام
المختلف فيهييا أم ل؟ وإن انطلق فهييل ميين شرط الكفارة أن ل
تجزئ إل بعد وقوع موجبها ،فمن
قال :ل تجزئ كفارة إل بعد وقوع موجبها قال :ل يجزي الصوم إل
بعييد الشروع فييي الحييج ،وميين قاسييها على كفارة اليمان قال:
يجزي.
واتفقوا أنييه إذا صييام السييبعة اليام فييي أهله أجزأه ،واختلفوا إذا
صامها في الطريق فقال مالك :يجزي الصوم ،وقال الشافعي :ل
يجزي .وسيييبب الخلف الحتمال الذي فيييي قوله سيييبحانه -إذا
رجعتييم -فإن اسييم الراجييع ينطلق على ميين فرغ ميين الرجوع،
وعلى مين هيو فيي الرجوع نفسيه ،فهذه هيي الكفارة التيي ثبتيت
بالسيمع وهيي مين المتفيق عليهيا ،ول خلف أن مين فاتيه الحيج بعيد
أن شرع فيه إما بفوت ركن من أركانه ،وإما من قبل غلطه في
الزمان ،أو من قبل جهله أو نسيانه أو إتيانه في الحج فعل مفسدا
له ،فإن عليييه القضاء إذا كان حجييا واجبييا وهييل عليييه هدي مييع
القضاء؟ واختلفوا فيييه ،وإن كان تطوعييا فهييل عليييه قضاء أم ل؟
الخلف فييي ذلك كله ،لكيين الجمهور على أن عليييه الهدي لكون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
النقصان الداخل عليه مشعرا بوجوب الهدي .وشذ قوم فقالوا :ل
هدي أصل ول قضاء إل أن يكون في حج واجب ،ومما يخص الحج
الفاسد عند الجمهور دون سائر العبادات أنه يمضي فيه المفسد
له ول يقطعيه وعلييه دم .وشيذ قوم فقالوا :هيو كسيائر العبادات،
وعمدة الجمهور ظاهييير قوله تعالى -وأتموا الحيييج والعمرة لله -
فالجمهور عمموا والمخالفون خصييصوا قياسييا على غيرهييا ميين
العبادات إذا وردت عليهييا المفسييدات ،واتفقوا على أن المفسييد
للحيج إميا مين الفعال المأمور بهيا فترك الركان التيي هيي شرط
في صحته على اختلفهم فيما هو ركن مما ليس بركن .وأما من
التروك المنهيي عنهيا فالجماع ،وإن كانوا اختلفوا فيي الوقيت الذي
إذا وقع فيه الجماع كان مفسدا للحج .فأما إجماعهم على إفساد
الجماع للحيج فلقوله تعالى -فمين فرض فيهين الحيج فل رفيث ول
فسييوق ول جدال فييي الحييج -واتفقوا على أن ميين وطييئ قبييل
الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه ،وكذلك من وطئ من المعتمرين
قبيل أن يطوف ويسيعى .واختلفوا فيي فسياد الحيج بالوطيء بعيد
الوقوف بعرفة وقبل رمي جمرة العقبة وبعد رمي الجمرة وقبل
طواف الفاضيية الذي هييو الواجييب ،فقال مالك :ميين وطييئ قبييل
رمي جمرة العقبة فقد فسد حجه وعليه الهدي والقضاء ،وبه قال
الشافعيي .وقال أبيو حنيفية والثوري :علييه الهدي بدنية وحجيه تام.
وقيد روي مثيل هذا عين مالك .وقال مالك :مين وطيئ بعيد رميي
جمرة العقبية وقبيل طواف الفاضية فحجيه تام ،وبقول مالك فيي
أن الوطييء قبييل طواف الفاضيية ل يفسييد الحييج قال الجمهور:
ويلزمه عندهم الهدي.
وقالت طائفية :مين وطيئ قبيل طواف الفاضية فسيد حجيه ،وهيو
قول ابين عمير .وسيبب الخلف أن للحيج تحلل يشبيه السيلم فيي
الصلة وهو التحلل الكبر وهو الفاضة وتحلل أصغر ،وهل يشترط
في إباحة الجماع تحللن أو أحدهما؟
ول خلف بينهييم أن التحلل الصييغر الذي هييو رمييي الجمرة يوم
النحر أنه يحل به الحاج من كل شيء حرم عليه بالحج إل النساء
والطيب والصيد ،فإنهم اختلفوا فيه ،والمشهور عن مالك أنه يحل
له كيل شييء إل النسياء والطييب ،وقييل عنيه إل النسياء والطييب
والصيد ،لن الظاهر من قوله -وإذا حللتم فاصطادوا -أنه التحلل
الكبر .واتفقوا على أن المعتمر يحل من عمرته إذا طاف بالبيت
وسييعى بييين الصييفا والمروة وإن لم يكيين حلق ول قصيير لثبوت
الثار فييي ذلك إل خلفييا شاذا .وروي عيين ابيين عباس أنييه يحييل
بالطواف .وقال أ بو حنيفية :ل يحيل إل بعيد الحلق ،وإن جاميع قبله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أم ل؟ وأميا أهيل الظاهير فإنهيم ل يرون دميا إل حييث ورد النيص
لتركهيم القياس وبخاصية فيي العبادات ،وكذلك اتفقوا على أن ميا
كان من المتروك مسنونا ففعل ففيه فدية الذى ،وما كان مرغبا
فييه فلييس فييه شييء .واختلفوا فيي ترك فعيل لختلفهيم هيل هيو
سنة أم ل؟ وأهل الظاهر ل يوجبون الفدية إل في المنصوص عليه
ونحين نذكير المشهور مين اختلف الفقهاء فيي ترك نسيك نسيك،
أعنيي فيي وجوب الدم أو ل وجوبيه مين أول المناسيك إلى آخرهيا،
وكذلك فييي فعييل محظور محظور ،فأول مييا اختلفوا فيييه ميين
المناسيك مين جاوز الميقات فلم يحرم هيل علييه دم؟ فقال قوم:
ل دم علييه .وقال قوم :علييه الدم وإن رجيع ،وهيو قول مالك وابين
المبارك .وروي عين الثوري .وقال قوم :إن رجيع إلييه فلييس علييه
دم ،وإن لم يرجييع فعليييه دم ،وهييو قول الشافعييي وأبييي يوسييف
ومحميد ومشهور قول الثوري .وقال أبيو حنيفية :إن رجيع ملبييا فل
دم عليه ،وإن رجع غير ملب كان عليه الدم .وقال قوم :هو فرض
ول يجييبره بالدم .واختلفوا فيميين غسييل رأسييه بالخطمييى .فقال
مالك وأبو حنيفة :يفتدى .وقال الثوري وغيره :ل شيء عليه.
ورأى مالك أن في الحمام الفدية ،وأباحه الكثرون وروي عن ابن
عباس ميين طريييق ثابييت دخوله ،والجمهور على أنييه يفتدى ميين
لبييس ميين المحرمييين مييا نهييي عيين لباسييه .واختلفوا إذا لبييس
السيراويل لعدم الزار هيل يفتدى أم ل؟ فقال مالك وأبيو حنيفية:
يفتدى ،وقال الثوري وأحميد وأبيو ثور وداود :ل شييء علييه إذا لم
يجيد إزارا .وعمدة مين منيع النهيي المطلق وعمدة مين لم يير فييه
فديية حدييث عمرو بين دينار عين جابر وابين عباس قال :سيمعت
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يقول "السيراويل لمين لم يجيد
الزار والخيف لمين لم يجيد النعليين" واختلفوا فيمين لبيس الخفيين
مقطوعيين ميع وجود النعليين ،فقال مالك :علييه الفديية ،وقال أبيو
حنيفة :ل فدية عليه ،والقولن عن الشافعي.
واختلفوا في لبس المرأة القفازين هل فيه فدية أم ل؟ وقد ذكرنا
كثيرا ميين هذه الحكام فييي باب الحرام ،وكذلك اختلفوا فيميين
ترك التلبيية هيل علييه دم أم ل؟ وقيد تقدم .واتفقوا على أن مين
نكييس الطواف أو نسييي شوطييا ميين أشواطييه أنييه يعيده مييا دام
بمكييية .واختلفوا إذا بلغ إلى أهله ،فقال قوم منهيييم أبيييو حنيفييية:
يجزييه الدم ،وقال قوم :بيل يعييد ويجيبر ميا نقصيه ول يجزييه الدم.
وكذلك اختلفوا فيي وجوب الدم على مين ترك الرميل فيي الثلثية
الشواط ،وبالوجوب قال ابن عباس والشافعي وأبو حنيفة وأحمد
وأبو ثور .واختلف في ذلك قول مالك وأصحابه .والخلف في هذه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشياء كلهيا مبناه على أنيه هيل هيو سينة أم ل؟ وقيد تقدم القول
في ذلك .وتقبيل الحجر أو تقبيل يده بعد وضعها عليه إذا لم يصل
الحجير عنيد كيل مين لم يوجيب الدم قياسيا على المتمتيع إذا تركيه
فييه دم .وكذلك اختلفوا فيمين نسيي ركعتيي الطواف حتيى رجيع
إلى بلده هيل علييه دم أم ل؟ فقال مالك :علييه دم .وقال الثوري:
يركعهميا ميا دام فيي الحرم .وقال الشافعيي وأبيو حنيفية :يركعهميا
حيييث شاء ،والذييين قالوا فييي طواف الوداع إنييه ليييس بفرض
اختلفوا فيمن تركه ولم تتمكن له العودة إليه هل عليه دم أم ل؟
فقال مالك :لييس علييه شييء إل أن يكون قريبيا فيعود .وقال أبيو
حنيفة والثوري :عليه دم إن لم يعد ،وإنما يرجع عندهم ما لم يبلغ
المواقييت ،وحجية مين لم يره سينة مؤكدة سيقوطه عين المكيي
والحائض .وعنيد أبيي حنيفية أنيه إذا لم يدخيل الحجير فيي الطواف
أعاد ميا لم يخرج مين مكية ،فإن خرج فعلييه دم .واختلفوا هيل مين
شرط صيحة الطواف المشيي فييه ميع القدرة علييه؟ فقال مالك:
هيو مين شرطيه كالقيام فيي الصيلة ،فإن عجيز كان كصيلة القاعيد
ويعييييد عنده أبدا .إل إذا رجيييع إلى بلده فإن علييييه دميييا .وقال
الشافعيي :الركوب فيي الطواف جائز "لن النيبي صيلى الله علييه
وسييلم طاف بالبيييت راكبييا ميين غييير مرض" ولكنييه أحييب أن
يستشرف الناس إليه ،ومن لم ير السعي واجبا فعليه فيه دم إذا
انصرف إلى بلده .ومن رآه تطوعا لم يوجب فيه شيئا ،وقد تقدم
اختلفهم أيضا فيمن قدم السعي على الطواف هل فيه دم إذا لم
يعد حتى يخرج من مكة أم ليس فيه دم؟
واختلفوا فيي وجوب الدم على مين دفيع مين عرفية قبيل الغروب
فقال الشافعيي وأحميد :إن عاد فدفيع بعيد غروب الشميس فل دم
علييه ،وإن لم يرجيع حتيى طلع الفجير وجيب علييه الدم .وقال أبيو
حنيفيية والثوري :عليييه الدم رجييع أو لم يرجييع ،وقييد تقدم هذا.
واختلفوا فيمن وقف من عرفة بعرنة ،فقال الشافعي :ل حج له،
وقال مالك :عليه دم.
وسيبب الختلف هيل النهيي عين الوقوف بهيا مين باب الحظير أو
مين باب الكراهيية ،وقيد ذكرنيا فيي باب أفعال الحيج إلى انقضائهيا
كثيرا ميين اختلفهييم فيمييا تركييه دم ومييا ليييس فيييه دم ،وإن كان
الترتيب يقتضي ذكره في هذا الموضع ،والسهل ذكره هنالك.
قال القاضيي :فقيد قلنيا فيي وجوب هذه العبادة وعلى مين تجيب؟
وشروط وجوبهيا ومتيى تجيب؟ وهيي التيي تجري مجرى المقدمات
لمعرفة هذه العبادة ،وقلنا بعد ذلك في زمان هذه العبادة ومكانها
ومحظوراتها وما اشتملت عليه أيضا من الفعال في مكان مكان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين أماكنهيا وزمان زمان مين أزمنتهيا الجزئيية إلى انقضاء زمانهيا،
ثيم قلنيا فيي أحكام التحلل الواقيع فيي هذه العبادة ،وميا يقبيل مين
ذلك الصيلح بالكفارات وميا ل يقبيل الصيلح بيل يوجيب العادة،
وقلنيا أيضيا فيي حكيم العادة بحسيب موجباتهيا .وفيي هذا الباب
يدخل من شرع فيها فأحصر بمرض أو عدو أو غير ذلك.
والذي بقي من أفعال هذه العبادة هو القول في الهدي ،وذلك أن
هذا النوع مين العبادات هيو جزء مين هذه العبادة ،وهيو مميا ينبغيي
أن يفرد بالنظر فلنقل فيه:
* *4القول في الهدي
@ -فنقول :إن النظيير فييي الهدي يشتمييل على معرفيية وجوبييه
وعلى معرفية جنسيه وعلى معرفية سينه وكيفيية سيوقه ومين أيين
يساق وإلى أين ينتهي بسوقه ،وهو موضع نحره وحكم لحمه بعد
النحير ،فنقول :إنهيم قيد أجمعوا على أن الهدي المسيوق فيي هذه
العبادة منه واجب ومنه تطوع؛ فالواجب منه ما هو واجب بالنذر،
ومنه ما هو واجب في بعض أنواع هذه العبادة ،ومنه ما هو واجب
لنيه كفارة .فأميا ميا هيو واجيب فيي بعيض أنواع هذه العبادة فهيو
هدي المتمتيع باتفاق وهدي القارن باختلف .وأميا الذي هيو كفارة
فهدي القضاء على مذهييب ميين يشترط فيييه الهدي ،وهدي كفارة
الصييد ،وهدي إلقاء الذى والتفيث وميا أشبيه ذلك مين الهدي الذي
قاسه الفقهاء في الخلل بنسك نسك منها على المنصوص عليه.
فأما جنس الهدي فإن العلماء متفقون على أنه ل يكون الهدي إل
من الزواج الثمانية التي نص الله عليها ،وأن الفضل في الهدايا
هي البل ثم البقر ثم الغنم ثم المعز ،وإنما اختلفوا في الضحايا.
وأما السنان فإنهم أجمعوا أن الثني فما فوقه يجزي منها ،وأنه ل
يجزي الجذع مين المعيز فيي الضحاييا والهداييا لقوله علييه الصيلة
والسيييلم لبيييي بردة "تجزي عنيييك ول تجزي عييين أحيييد بعدك"
واختلفوا فيي الجذع مين الضأن ،فأكثير أهيل العلم يقولون بجوازه
في الهدايا والضحايا .وكان ابن عمر يقول :ل يجزي في الهدايا إل
الثنيي مين كيل جنيس ،ول خلف فيي أن الغلى ثمنيا مين الهداييا
أفضيل .وكان الزبيير يقول لبنييه :ييا بنيي ل يهديين أحدكيم لله مين
الهدي شيئا يسيييتحي أن يهدييييه لكريميييه ،فإن الله أكرم الكرماء
وأحق من اختير له ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "في
الرقاب وقيد قييل له أيهيا أفضيل فقال :أغلهيا ثمنيا وأنفسيها عنيد
أهلهيا" ولييس فيي عدد الهدي حيد معلوم ،وكان هدي رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم مائة .وأميا كيفيية سيوق الهدي فهيو التقلييد
والشعار بأنيه هدي "لن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم خرج
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عام الحديبيية ،فلميا كان بذي الحليفية قلد الهدي وأشعره وأحرم"
وإذا كان الهدي مين البيل والبقير فل خلف أنيه يقلد نعل أو نعليين
أو ما أشبه ذلك لمن لم يجد النعال.
واختلفوا فيي تقلييد الغنيم ،فقال مالك وأبيو حنيفية :ل تقلد الغنيم.
وقال الشافعيي وأحميد وأبيو ثور وداود :تقلد لحدييث العميش عين
إبراهييم عين السيود عين عائ شة "أن النبي صلى الله علييه وسيلم
أهدى إلى البيييت مرة غنمييا فقلده" واسييتحبوا توجيهييه إلى القبلة
فيي حيين تقليده ،واسيتحب مالك الشعار مين الجانيب اليسير لميا
رواه عين نافيع عين ابين عمير أنيه كان إذا أهدى هدييا مين المدينية
قلده وأشعره بذي الحليفية قلده قبيل أن يشعره ،وذلك فيي مكان
واحيد وهيو موجيه للقبلة يقلده بنعليين ويشعره مين الشيق اليسير،
ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ،ثم يدفع به معهم
إذا دفعوا ،وإذا قدم منييييى غداة النحيييير نحره قبييييل أن يحلق أو
يقصر ،وكان هو ينحر هديه بيده يصفهن قياما ويوجههن للقبلة ثم
يأكيل ويطعيم .واسيتحب الشافعيي وأحميد وأبيو ثور الشعار مين
الجانب اليمن لحديث ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه
وسيلم صيلى الظهير بذي الحليفية ،ثيم دعيا ببدنيه فأشعرهيا مين
صفحة سنامها اليمن ثم سلت الدم عنها وقلدها بنعلين ثم ركب
راحلته ،فلما استوت على البيداء أهل بالحج" وأما من أين يساق
الهدي؟ فإن مالكيا يرى أن مين سينته أن يسياق مين الحيل ،ولذلك
ذهييب إلى أن ميين اشترى الهدي بمكيية ولم يدخله ميين الحييل أن
عليييه أن يقفييه بعرفيية ،وإن لم يفعييل فعليييه البدل .وأمييا إن كان
أدخله من الحل فيستحب له أن يقفه بعرفة ،وهو قول ابن عمر،
وبيه قال اللييث .وقال الشافعيي والثوري وأبيو ثور :وقوف الهدي
بعرفة سنة ،ول حرج على من لم يقفه كان داخل من الحل أو لم
يكن .وقال أبو حنيفة ليس توقيف الهدي بعرفة من السنة ،وحجة
مالك فييي إدخال الهدي ميين الحييل إلى الحرم "أن النييبي عليييه
الصييلة والسييلم كذلك فعييل وقال :خذوا عنييي مناسييككم" وقال
الشافعييي :التعريييف سيينة مثييل التقليييد .وقال أبييو حنيفيية :ليييس
التعريف بسنة ،وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
لن مسييكنه كان خارج الحرم .وروي عيين عائشيية التخيييير فييي
تعريف الهدي أو ل تعريفه.
وأما محله فهو البيت العتيق كما قال تعالى {ثم محلها إلى البيت
العتيق} وقال {هديا بالغ الكعبة}
وأجمييع العلماء على أن الكعبيية ل يجوز لحييد فيهييا ذبييح ،وكذلك
المسيجد الحرام ،وأن المعنيى فيي قوله {هدييا بالغ الكعبية} أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إنميا أراد بيه النحير بمكية إحسيانا منيه لمسياكينهم وفقرائهيم .وكان
مالك يقول :إنما المعنى في قوله {هديا بالغ الكعبة} مكة ،وكان
ل يجيييز لميين نحيير هديييه فييي الحرم إل أن ينحره بمكيية .وقال
الشافعيي وأبيو حنيفية :إن نحره فيي غيير مكية مين الحرم أجزأه.
وقال الطييييبري :يجوز نحيييير الهدي حيييييث شاء المهدي إل هدي
القران وجزاء الصيد فإنهما ل ينحران إل بالحرم.
وبالجملة فالنحير بمنيى إجماع مين العلماء وفيي العمرة بمكية ،إل
ميا اختلفوا فييه مين نحير المحصير .وعنيد مالك إن نحير للحيج بمكة
والعمرة بمنيى أجزأه ،وحجية مالك فيي أنيه ل يجوز النحير بالحرم
إل بمكية قوله صيلى الله علييه وسيلم "وكيل فجاج مكية وطرقهيا
منحيير" واسييتثنى مالك ميين ذلك هدي الفدييية ،فأجاز ذبحييه بغييير
مكيية .وأمييا متييى ينحيير فإن مالكييا قال :إن ذبييح هدي التمتييع أو
التطوع قبييل يوم النحيير لم يجزه ،وجوزه أبييو حنيفيية فييي التطوع
وقال الشافعيي :يجوز فيي كليهميا قبيل يوم النحير ،ول خلف عنيد
الجمهور أن ميا عدل مين الهدي بالصييام أنيه يجوز حييث شاء ،لنيه
ل منفعة في ذلك ل لهل الحرم ول لهل مكة ،وإنما اختلفوا في
الصدقة المعدولة عن الهدي ،فجمهور العلماء على أنها لمساكين
مكة والحرم ،لنها بدل من جزاء الصيد الذي هو لهم،
وقال مالك :الطعام كالصييام يجوز بغيير مكية .وأميا صيفة النحير
فالجمهور مجمعون على أن التسييمية مسييتحبة فيهييا لنهييا زكاة،
ومنها من استحب مع التسمية التكبير .ويستحب للمهدي أن يلي
نحير هدييه بيده وإن اسيتخلف جاز ،وكذلك فعيل رسيول الله صيلى
الله عليييه وسييلم فييي هديييه ،وميين سيينتها أن تنحيير قيامييا لقوله
سيبحانه وتعالى {فاذكروا اسيم الله عليهيا صيواف} وقيد تكلم فيي
صيفة النحير فيي كتاب الذبائح .وأميا ميا يجوز لصياحب الهدي مين
النتفاع بييه وبلحمييه فإن فييي ذلك مسييائل مشهورة :أحدهييا هييل
يجوز له ركوب الهدي الواجييب أو التطوع؟ فذهييب أهييل الظاهيير
إلى أن ركوبه جائز من ضرورة ومن غير ضرورة ،وبعضهم أوجب
ذلك ،وكره جمهور فقهاء المصيييار ركوبهيييا مييين غيييير ضرورة،
والحجة للجمهور ما خرجه أبو داود عن جابر وقد سئل عن ركوب
الهدي فقال :سييمعت رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يقول
"اركبهيا بالمعروف إذا ألجئت إليهيا حتيى تجيد ظهرا" ومين طرييق
المعنييى أن النتفاع بمييا قصييد بييه القربيية إلى الله تعالى منعييه
مفهوم مين الشريعية ،وحجية أهيل الظاهير ميا رواه مالك عين أبيي
الزناد عن العرج عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وسيلم رأى رجل يسيوق بدنية فقال :اركبهيا ،فقال :ييا رسيول الله
إنها هدي ،فقال :اركبها ،ويلك في الثانية أو في الثالثة".
وأجمعوا أن هدي التطوع إذا بلغ محله أنيييه يأكيييل منيييه صييياحبه
كسيائر الناس ،وأنيه إذا عطيب قبيل أن يبلغ محله خلى بينيه وبيين
الناس ولم يأكيل منيه ،وزاد داود :ول يطعيم منيه شيئا أهيل رفقتيه
"لميا ثبيت أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم بعيث بالهدي ميع
ناجيية السيلمي وقال له :إن عطيب منهيا شييء فانحره ثيم اصيبغ
نعلييه فيي دميه وخيل بينيه وبيين الناس" وروي عين ابين عباس هذا
الحديث فزاد فيه "ول تأكل منه أنت ول أهل رفق تك" وقال بهذه
الزيادة داود وأبو ثور .واختلفوا فيم يجب على من أكل منه ،فقال
مالك :إن أكيل منيه وجيب علييه بدله .وقال الشافعيي وأبيو حنيفية
والثوري وأحمد وابن حبيب من أصحاب مالك :عليه قيمة ما أكل
أو أمر بأكله طعاما يتصدق به .وروي ذلك عن علي وابن مسعود
وابين عباس وجماعية مين التابعيين .وميا عطيب فيي الحرم قبيل أن
يصيل مكية فهيل بلغ محله أم ل؟ فييه الخلف مبنيي على الخلف
المتقدم هيل المحيل هيو مكية أو الحرم؟ وأميا الهدي الواجيب إذا
عطب قبل محله فإن لصاحبه أن يأكل منه لن عليه بدله ،ومنهم
من أجاز له بيع لحمه وأن يستعين به في البدل ،وكره ذلك مالك.
واختلفوا فيييي الكيييل مييين الهدي الواجيييب إذا بلغ محله ،فقال
الشافعي :ل يؤكل من الهدي الواجب كله ولحمه كله للمساكين،
وكذلك جله إن كان مجلل والنعيل الذي قلد بيه .وقال مالك :يؤكيل
ميين كييل الهدي الواجييب إل جزاء الصيييد ونذر المسيياكين وفدييية
الذى .وقال أبو حنيفة :ل يؤكل من الهدي الواجب إل هدي المتعة
وهدي القران .وعمدة الشافعيييي تشيييبيه جمييييع أصيييناف الهدي
الواجب بالكفارة.
وأميا مين فرق فلنيه يظهير فيي الهدي معنيان :أحدهميا أنيه عبادة
مبتدأة .والثاني أنه كفارة ،وأحد المعنيين في بعضها أظهر ،فمن
غلب شبهييه بالعبادة على شبهييه بالكفارة فييي نوع نوع ميين أنواع
الهدي كهدي القران وهدي التمتيييع وبخاصييية عنيييد مييين يقول إن
التمتع والقران أفضل لم يشترط أن ل يأكل ،لن هذا الهدي عنده
هو فضيلة ل كفارة تدفع العقوبة ،ومن غلب شبهه بالكفارة قال:
ل يأكله لتفاقهييم على أنييه ل يأكييل صيياحب الكفارة مين الكفارة،
ولميا كان هدي جزاء الصييد وفديية الذى ظاهير مين أمرهميا أنهميا
كفارة لم يختلف هؤلء الفقهاء في أنه ل يأكل منها .قال القاضي:
فقيد قلنيا فيي حكيم الهدي وفيي جنسيه وفيي سينه وكيفيية سيوقه،
وشروط صيحته مين الزمان والمكان ،وصيفة نحره وحكيم النتفاع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بيه ،وذلك ميا قصيدناه والله الموفيق للصيواب .وبتمام القول فيي
هذا بحسيب ترتيبنيا تيم القول فيي هذا الكتاب بحسيب غرضنيا ولله
الشكيير والحمييد كثيرا على مييا وفييق وهدى وميين بييه ميين التمام
والكمال.
وكان الفراغ منيه يوم الربعاء التاسيع مين جمادى الولى الذي هيو
عام أربعة وثمانين وخمسمائة ،وهو جزء من كتاب المجتهد الذي
وضعتيه منيذ أزييد مين عشريين عاميا أو نحوهيا ،والحميد لله رب
العالمييين .كان رضييي الله عنييه عزم حييين تأليييف الكتاب أول أل
يثبت كتاب الحج ،ثم بدا له بعد فأثبته.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم تسليما.
**2كتاب الجهاد
@-والقول المحيط بأصول هذا الباب ينحصر في جملتين :الجملة
الولى :فيييي معرفييية أركان الحرب .الثانيييية :فيييي أحكام أموال
المحاربين إذا تملكها المسلمون.
*(*3الجملة الولى) وفي هذه الجملة فصول سبعة:
@-أحدها :معرفة حكم هذه الوظيفة ولمن تلزم .والثاني :معرفة
الذيين يحاربون .والثالث :معرفية ميا يجوز مين النكايية فيي صينف
صنف من أصناف أهل الحرب مما ل يجوز .والرابع :معرفة جواز
شروط الحرب .والخامييس :معرفيية العدد الذييين ل يجوز الفرار
عنهم .والسادس :هل تجوز المهادنة؟ .والسابع :لماذا يحاربون؟.
**4الفصل الول في معرفة حكم هذه الوظيفة.
@-فأميا حكيم هذه الوظيفية فأجميع العلماء على أنهيا فرض على
الكفاييية ل فرض عييين ،إل عبييد الله بيين الحسيين ،فإنييه قال إنهييا
تطوع ،وإنما صار الجمهور لكونه فرضا لقوله تعالى {كتب عليكم
القتال وهو كره لكم} الية .وأما كونه فرضا على الكفاية ،أعني
إذا قام بييه البعييض سييقط عيين البعييض فلقوله تعالى {ومييا كان
المؤمنون لينفروا كافية} اليية ،وقوله {وكل وعيد الله الحسينى}
ولم يخرج قيط رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم للغزو إل وترك
بعيض الناس ،فإذا اجتمعيت هذه اقتضيى ذلك كون هذه الوظيفية
فرضييا على الكفاييية .وأمييا على ميين يجييب فهييم الرجال الحرار
البالغون الذيييين يجدون بميييا يغزون الصيييحاء إل المرضيييى وإل
الزمنى ،وذلك ل خلف فيه لقوله تعالى {ليس على العمى حرج
ول على المرييض حرج ول على العرج حرج} وقوله {لييس على
الضعفاء ول على المرضييى ول على الذييين ل يجدون مييا ينفقون
حرج} الية .وأما كون هذه الفريضة تختص بالحرار فل أعلم فيها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فهيي القتيل ول خلف بيين المسيلمين أنيه يجوز فيي الحرب قتيل
المشركين الذكران البالغين المقاتلين .وأما القتل بعد السر ففيه
الخلف الذي ذكرنيا ،وكذلك ل خلف بينهيم فيي أنيه ل يجوز قتيل
صبيانهم ول قتل نسائهم ما لم تقاتل المرأة والصبي ،فإذا قاتلت
المرأة استبيح دمها ،وذلك لما ثبت "أنه عليه الصلة والسلم نهى
عين قتيل النسياء والولدان ،وقال فيي امرأة مقتولة :ميا كانيت هذه
لتقاتل"
واختلفوا فيييي أهيييل الصيييوامع المنتزعيييين عييين الناس والعميان
والزمنيى والشيوخ الذيين ل يقاتلون والمعتوه والحراث والعسييف،
فقال مالك :ل يقتييل العمييى ول المعتوه ول أصييحاب الصييوامع،
ويترك لهييم ميين أموالهييم بقدر مييا يعيشون بييه ،وكذلك ل يقتييل
الشييخ الفانيي عنده ،وبيه قال أبيو حنيفية وأصيحابه .وقال الثوري
والوزاعيييي :ل تقتيييل الشيوخ فقيييط .وقال الوزاعيييي :ل تقتيييل
الحراث .وقال الشافعي في الصح عنه تقتل جميع هذه الصناف.
والسييبب فييي اختلفهييم معارضيية بعييض الثار بخصييوصها لعموم
الكتاب ،ولعموم قوله عليييه الصييلة والسييلم الثابييت "أمرت أن
أقاتيل الناس حتيى يقولوا ل إله الله إل الله" الحدييث ،وذلك فيي
قوله تعالى {فإذا انسيلخ الشهير الحرم فاقتلوا المشركيين حييث
وجدتموهيم} يقتضيي قتيل كيل مشرك راهبيا كان أو غيره ،وكذلك
قوله عليه الصلة والسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل
إله إل الله" .وأما الثار التي وردت باستبقاء هذه الصناف؛ فمنها
ميا رواه داود بين الحصيين عين عكرمية عين ابين عباس "أن النيبي
صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيوشه قال :ل تقتلوا أصحاب
الصوامع" ومنها أيضا ما روي عن أنس بن مالك عن النبي عليه
الصييلة والسييلم قال "ل تقتلوا شيخييا فانيييا ول طفل صييغيرا ول
امرأة ول تغلوا" خرجه أبو داود ،ومن ذلك أيضا ما رواه مالك عن
أبي بكر أنه قال :ستجدون قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله
فدعهم وما حبسوا أنفسهم له ،وفيه :ول تقتلن امرأة ول صبيا ول
كبيرا هرما".
ويشبيه أن يكون السيبب الملك فيي الختلف فيي هذه المسيألة
معارضية قوله تعالى {وقاتلوا فيي سيبيل الله الذيين يقاتلونكيم ول
تعتدوا إن الله ل يحييييب المعتدييييين} لقوله تعالى {فإذا انسييييلخ
الشهير الحرم فاقتلوا المشركيين حييث وجدتموهيم} اليية .فمين
رأى أن هذه ناسييخة لقوله تعالى {وقاتلوا فييي سييبيل الله الذييين
يقاتلونكيم} لن القتال أول إنميا أبييح لمين يقاتيل قال :اليية على
عمومهيا ،ومين رأى أن قوله تعالى {وقاتلوا فيي سيبيل الله الذيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يقاتلونكم} وهي محكمة وأنها تتناول (قوله تتناول الخ :هكذا هذه
العبارة ولينظير التناول بعيد قوله يقاتلونكيم تأميل ا هيي مصيححه).
هؤلء الصييناف الذييين ل يقاتلون اسييتثناها ميين عموم تلك ،وقييد
احتييج الشافعييي بحديييث سييمرة أن رسييول الله صييلى الله عليييه
وسييلم قال "اقتلوا شيوخ المشركييين واسييتحيوا شرخهييم" وكأن
العلة الموجبية للقتيل عنده إنميا هيي الكفير ،فوجيب أن تطرد هذه
العلة في جميع الكفار.
وأميا مين ذهيب إلى أنيه ل يقتيل الحراث ،فإنيه احتيج فيي ذلك بميا
روي عن زيد بن وهب قال :أتانا كتاب عمر رضي الله عنه وفيه:
ل تغلوا ول تغدروا ول تقتلوا وليدا واتقوا الله فييي الفلحييين .وجاء
في حديث رباح بن ربيعة النهي عن قتل العسيف المشرك وذلك
"أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها،
فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة
مقتولة ،فوقيف رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عليهيا ثيم قال:
ميا كانيت هذه لتقاتيل ،ثيم نظير فيي وجوه القوم فقال لحدهيم:
الحييق بخالد بيين الوليييد فل يقتلن ذرييية ول عسيييفا ول امرأة".
والسيبب الموجيب بالجملة لختلفهيم اختلفهيم فيي العلة الموجبية
للقتيل ،فمين زعيم أن العلة الموجبية لذلك هيي الكفير لم يسيتثن
أحدا مين المشركيين ،ومين زعيم أن العلة فيي ذلك إطاقية القتال
للنهي عن قتل النساء مع أنهن كفار استثنى من لم يطق القتال
ومين لم ينصيب نفسيه إلييه كالفلح والعسييف .وصيح النهيي عين
المثلة،
واتفيييق المسيييلمون على جواز قتلهيييم بالسيييلح ،واختلفوا فيييي
تحريقهيم بالنار ،فكره قوم تحريقهيم بالنار ورميهيم بهيا وهيو قول
عمر .ويروى عن مالك ،وأجاز ذلك سفيان الثوري ،وقال بعضهم:
إن ابتدأ العدو بذلك جاز وإل فل .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية
العموم للخصييوص .أمييا قوله تعالى {فاقتلوا المشركييين حيييث
وجدتموهم} ولم يستثن قتل من قتل .وأما الخصوص فما ثبت أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في رجل "إن قدرتم عليه
فاقتلوه ول تحرقوه بالنار فإنيه ل يعذب بالنار إل رب النار" واتفيق
عوام الفقهاء على جواز رمي الحصون بالمجانيق سواء كان فيها
نسياء وذريية أو لم يكين لميا جاء "أن النيبي علييه الصيلة والسيلم
نصييب المنجنيييق على أهييل الطائف"؛ وأمييا إذا كان الحصيين فيييه
أسيارى مين المسيلمين وأطفال مين المسيلمين ،فقالت طائفية:
يكيف عين رميهيم بالمنجنييق وبيه قال الوزاعيي .وقال اللييث :ذلك
جائز ومعتمييد ميين لم يجزه قوله تعالى {لو تزيلوا لعذبنييا الذييين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كفروا منهم عذابا أليما} الية .وأما من أجاز ذلك فكأنه نظر إلى
المصييلحة ،فهذا هييو مقدار النكاييية التييي يجوز أن تبلغ بهييم فييي
نفوسيهم ورقابهيم .وأميا النكايية التيي تجوز فيي أموالهيم وذلك فيي
المبانييي والحيوان والنبات فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فأجاز مالك
قطيع الشجير والثمار وتخرييب العامير ،ولم يجيز قتيل المواشيي ول
تحريييق النخييل ،وكره الوزاعييي قطييع الشجيير المثميير وتخريييب
العاميير كنيسيية كان أو غييير ذلك ،وقال الشافعييي :تحرق البيوت
والشجر إذا كانت لهم معاقل ،وكره تخريب البيوت وقطع الشجر
إذا لم يكن لهم معاقل.
والسبب في اختلفهم مخالفة فعل أبي بكر في ذلك لفعله عليه
الصيلة والسيلم ،وذلك أنيه ثبيت "أنيه علييه الصيلة والسيلم حرق
نخل بني النضير" وثبت عن أبي بكر أنه قال :ل تقطعن شجرا ول
تخربين عامرا ،فمين ظين أن فعيل أبيي بكير هذا إنميا كان لمكان
علميه بنسيخ ذلك الفعيل منيه صيلى الله علييه وسيلم ،إذ ل يجوز
على أبييي بكيير أن يخالفييه مييع علمييه بفعله ،أو رأى أن ذلك كان
خاصيا ببنيي النضيير لغزوهيم قال بقول أبيي بكير ،ومين اعتميد فعله
علييه الصيلة والسيلم ولم يير قول أحيد ول فعله حجية علييه قال:
بتحرييق الشجير .وإنميا فرق مالك بيين الحيوان والشجير لن قتيل
الحيوان مثلة وقييد نهييى عيين المثلة ،ولم يأت عنييه عليييه الصييلة
والسلم أنه قتل حيوانا ،فهذا هو معرفة النكاية التي يجوز أن تبلغ
من الكفار في نفوسهم وأموالهم.
**4الفصل الرابع في شرط الحرب.
@-فأميا شرط الحرب فهيو بلوغ الدعوة باتفاق ،أعنيي أنيه ل يجوز
حرابتهيم حتيى يكونوا قيد بلغتهيم الدعوة ،وذلك شييء مجميع علييه
من المسلمين لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسول}
وأما هل يجب تكرار الدعوة عند تكرار الحرب فإنهم اختلفوا في
ذلك ،فمنهم من أوجبها ،ومنهم من استحبها ومنهم من لم يوجبها
ول اسيتحبها .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية القول للفعيل ،وذلك
"أنييه ثبييت عنييه عليييه الصييلة والسييلم كان إذا بعييث سييرية قال
لميرها :إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلث خصال
أو خلل فأيتهين ميا أجابوك إليهيا فاقبيل منهيم وكيف عنهيم ،ادعهيم
إلى السيلم فإن أجابوك فاقبيل منهيم وكف عن هم ،ثيم ادعهيم إلى
التحول ميين دراهييم إلى دار المهاجرييين وأعلمهييم أنهييم إن فعلوا
ذلك أن لهيم ميا للمهاجريين وأن عليهيم ميا على المهاجريين ،فإن
أبوا واختاروا دارهييم فأعلمهييم أنهييم يكونون كأعراب المسييلمين
يجري عليهيم حكيم الله الذي يجري على المؤمنيين ،ول يكون لهيم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إل ميين ضرورة ،وميين رأى أن آييية الصييلح مخصييصة لتلك قال:
الصييلح جائز إذا رأى ذلك المام وعضييد تأويله بفعله ذلك صييلى
الله عليييه وسييلم ،وذلك أن صييلحه صييلى الله عليييه وسييلم عام
الحديبييية لم يكيين لموضييع الضرورة .وأمييا الشافعييي فلمييا كان
الصيل عنده المير بالقتال حتيى يسيلموا أو يعطوا الجزيية ،وكان
هذا مخصصا عنده بفعله عليه الصلة والسلم عام الحديبية لم ير
أن يزاد على المدة التيي صيالح عليهيا رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ،وقيد اختلف فيي هذه المدة ،فقيل كانيت أربع سينين وقييل
ثلثيا ،وقييل عشير سينين ،وبذلك قال الشافعيي .وأميا مين أجاز أن
يصيالح المسيلمون المشركيين بأن يعطوا لهيم المسيلمون شيئا إذا
دعيت إلى ذلك ضرورة فتنية أو غيرهيا فمصييرا إلى ميا روي "أنيه
كان علييه الصيلة والسيلم قيد هيم أن يعطيي بعيض ثمير المدينية
لبعض الكفار الذين كانوا في جملة الحزاب لتخبيبهم ،فلم يوافقه
على القدر الذي كان سيمح له بيه مين ثمير المدينية حتيى أفاء الله
بنصيييره" .وأميييا مييين لم يجيييز ذلك إل أن يخاف المسيييلمون أن
يصييييطلموا فقياسييييا على إجماعهييييم على جواز فداء أسييييارى
المسيلمين ،لن المسيلمين إذا صياروا فيي هذا الحيد فهيم بمنزلة
السارى.
**4الفصل السابع لماذا يحاربون؟
@-فأمييا لماذا يحاربون؟ فاتفييق المسييلمون على أن المقصييود
بالمحاربية لهيل الكتاب ميا عدا أهيل الكتاب مين قرييش ونصيارى
العرب هييو أحييد أمرييين :إمييا الدخول فييي السييلم ،وإمييا إعطاء
الجزية لقوله تعالى {قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر
ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين
أوتوا الكتاب حتيى يعطوا الجزيية عين ييد وهيم صياغرون} وكذلك
اتفييق عاميية الفقهاء على أخذهييا ميين المجوس لقوله صييلى الله
علييه وسيلم "سينوا بهيم سينة أهيل الكتاب" واختلفوا فيميا سيوى
أهيل الكتاب مين المشركيين هيل تقبيل منهيم الجزيية أم ل؟ فقال
قوم :تؤخيذ الجزيية من كيل مشرك ،وبيه قال مالك .وقوم اسيتثنوا
ميين ذلك مشركييي العرب .وقال الشافعييي وأبييو ثور وجماعيية :ل
تؤخييذ إل ميين أهييل الكتاب والمجوس .والسييبب فييي اختلفهييم
معارضية العموم للخصيوص .أميا العموم فقوله تعالى {وقاتلوهيم
حتييى ل تكون فتنيية ويكون الدييين كله لله} وقوله عليييه الصييلة
والسييلم "أمرت أن أقاتييل الناس حتييى يقولوا ل إله إل الله فإذا
قالوهيا عصيموا منيي دماءهيم وأموالهيم إل بحقهيا وحسيابهم على
الله" وأميا الخصيوص فقوله لمراء السيرايا الذيين كان يبعثهيم إلى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مشركييي العرب ،ومعلوم أنهييم كانوا ميين غييير أهييل كتاب "فإذا
لقييت عدوك فادعهيم إلى ثلث خصيال ،فذكير الجزيية فيهيا" وقيد
تقدم الحدييث .فمين رأى أن العموم إذا تأخير عين الخصيوص فهيو
ناسخ له قال :ل تقبل الجزية من مشرك ما عدا أهل الكتاب لن
اليية المرة بقتالهيم على العموم هيي متأخرة عين ذلك الحدييث
وذلك أن المير بقتال المشركيين عامية هيو فيي سيورة براءة ،ذلك
عام الفتيح ،وذلك الحدييث إنميا هيو قبيل الفتيح بدلييل دعائهيم فييه
للهجرة ،ومين رأى أن العموم يبنيي على الخصيوص تقدم أو تأخير
أو جهييل التقدم والتأخيير بينهمييا قال :تقبييل الجزييية ميين جميييع
المشركين وأما تخصيص أهل الكتاب من سائر المشركين فخرج
ميين ذلك العموم باتفاق بخصييوص قوله تعالى {ميين الذييين أوتوا
الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} وسيأتي القول
في الجزية وأحكامها في الجملة الثانية من هذا الكتاب ،فهذه هي
أركان الحرب .ومميا يتعلق بهذه الجملة مين المسيائل المشهورة:
النهييي عيين السييفر بالقرآن إلى أرض العدو ،وعاميية الفقهاء على
أن ذلك غييير جائز لثبوت ذلك عيين رسييول الله صييلى الله عليييه
وسلم .وقال أبو حنيفة :يجوز ذلك إذا كان في العساكر المأمونة.
والسبب في اختلفهم هل النهي عام أريد به العام أو عام أريد به
الخاص.
*(*3الجملة الثانيية) والقول المحييط بأصيول هذه الجملة ينحصير
أيضيا فيي سيبعة فصيول :الول :فيي حكيم الخميس .الثانيي :فيي
حكم الربعة الخماس .الثالث :في حكم النفال .الرابع :في حكم
ميا وجيد مين أموال المسيلمين عنيد الكفار .الخاميس :فيي حكيم
الرضيين .السيادس :فيي حكيم الفييء .السيابع :فيي أحكام الجزيية
والمال الي يؤخذ منهم على طريق الصلح.
**4الفصل الول في حكم خمس الغنيمة.
@-واتفق المسلمون على أن الغنيمة التي تؤخذ قسرا من أيدي
الروم ميا عدا الرضيين أن خمسيها للمام وأربعية أخماسيها للذيين
غنموهييا لقوله تعالى {واعلموا أنمييا غنمتييم ميين شيييء فأن لله
خمسه وللرسول} الية .واختلفوا في الخمس على أربعة مذاهب
مشهورة :أحدها أن الخمس يقسم على خمسة أقسام على نص
اليية ،وبيه قال الشافعيي .والقول الثانيي أنيه يقسيم على أربعية
أخماس ،وأن قوله تعالى {فأن لله خمسيييييه} هيييييو افتتاح كلم
ولييس هيو قسيما خامسيا .والقول الثالث أنيه يقسيم اليوم ثلثية
أقسيام ،وأن سيهم النيبي وذي القربيى سيقطا بموت النيبي صيلى
الله علييه وسيلم .والقول الرابيع أن الخميس بمنزلة الفييء يعطيى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
منيه الغنيي والفقيير ،وهيو قول مالك وعامية الفقهاء .والذيين قالوا
يقسيم أربعية أخماس أو خمسية اختلفوا فيميا يفعيل بسيهم رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم وسيهم القرابية بعيد موتيه .فقال قوم:
يرد على سيائر الصيناف الذيين لهيم الخميس .وقال قوم :بيل يرد
على باقيي الجييش .وقال قوم :بيل سيهم رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم للمام ،وسهم ذوي القربى لقرابة المام .وقال قوم:
بيل يجعلن فيي السيلح والعدة .واختلفوا فيي القرابية مين هيم؟
فقال قوم :بنيو هاشييم فقييط ،وقال قوم :بنيو عبييد المطلب وبنيو
هاشيم .وسيبب اختلفهيم فيي هيل الخميس يقصير على الصيناف
المذكوريين أم يعدي لغيرهيم هيو هيل ذكير تلك الصيناف فيي اليية
المقصود منها تعيين الخمس لهم أم قصد التنبيه بهم على غيرهم
فيكون ذلك من باب الخاص أريد به العام؟ فمن رأى أنه من باب
الخاص أريييد بييه الخاص قال :ل يتعدى بالخمييس تلك الصييناف
المنصيوص عليهيا وهيو الذي علييه الجمهور ،ومين رأى أنيه مين باب
الخاص أرييييد بيييه العام قال يجوز للمام أن يصيييرفها فيميييا يراه
صلحا للمسلمين ،واحتج من رأى أن سهم النبي صلى الله عليه
وسلم للمام بعده بما روي عنه عليه الصلة والسلم أنه قال "إذا
أطعيم الله نبييا طعمية فهيو للخليفية بعده" وأميا مين صيرفه على
الصييناف الباقييين أو على الغانمييين فتشبيهييا بالصيينف المحبييس
عليهم .وأما من قال القرابة هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب فإنه
احتيج بحدييث جيبير بين مطعيم قال "قسيم رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم سيهم ذوي القربيى لبنيي هاشيم وبنيي المطلب مين
الخميس" قال :وإنميا بنيو هاشيم وبنيو المطلب صينف واحيد ،ومين
قال بنيو هاشيم صينف فلنهيم الذيين ل يحيل لهيم الصيدقة .واختلف
العلماء في سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس؛ فقال
قوم :الخمس فقط ،ول خلف عندهم في وجوب الخمس له غاب
عين القسيمة أو حضرهيا .وقال قوم :بيل الخميس والصيفي وهيو
سيهم مشهور له صيلى الله علييه وسيلم ،وهيو شييء كان يصيطفيه
من رأس الغنيمة فرس أو أمة أو عبد .وروي أن صفية كانت من
الصيفي .وأجمعوا على أن الصيفي ليس لحيد من بعيد رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم إل أبيا ثور فإنيه قال :يجري مجرى سيهم
النبي صلى الله عليه وسلم.
**4الفصل الثاني في حكم الربعة الخماس.
@-وأجمع جمهور العلماء على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين
إذا خرجوا بإذن المام .واختلفوا فييي الخارجييين بغييير إذن المام
وفيمين يجيب له سيهمه مين الغنيمية ومتيى يجيب وكيم يجيب وفيميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفوا فيي التجار والجراء هيل يسيهم لهيم أم ل؟ فقال مالك :ل
يسهم لهم إل أن يقاتلوا ،وقال قوم :بل يسهم إذا شهدوا القتال.
وسييبب اختلفهييم هييو تخصيييص عموم قوله تعالى {واعلموا أنمييا
غنمتيم مين شييء فأن لله خمسيه} بالقياس الذي يوجيب الفرق
بيين هؤلء وسيائر الغانميين ،وذلك أن مين رأى أن التجار والجراء
حكمهييم حكييم خلف سييائر المجاهدييين لنهييم لم يقصييدوا القتال
وإنميا قصيدوا إميا التجارة وإميا الجارة اسيتثناهم مين ذلك العموم.
ومييين رأى أن العموم أقوى مييين هذا القياس أجرى العموم على
ظاهره ،ومين حجية مين اسيتثناهم ميا خرجيه عبيد الرزاق أن عبيد
الرحميين بيين عوف قال لرجييل ميين فقراء المهاجرييين أن يخرج
معهم ،فقال نعم فوعده ،فلما حضر الخروج دعاه فأبى أن يخرج
معه واعتذر له بأمر عياله وأهله ،فأعطاه عبد الرحمن ثلثة دنانير
على أن يخرج معيه ،فلميا هزموا العدو سيأل الرجيل عبيد الرحمين
نصييبه مين المغنيم فقال عبيد الرحمين :سيأذكر أمرك لرسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم ،فذكره له ،فقال رسييول الله صييلى الله
علييه وسيلم "تلك الثلثية دنانيير حظيه ونصييبه مين غزوه فيي أمير
دنياه وآخرته" وخرج مثله أبو داود عن يعلى بن منبه ومن أجاز له
القسيم شبهيه بالجعائل أيضيا وهيو أن يعيين أهيل الديوان بعضهيم
بعضا ،أعني أن يعين القاعد منهم الغازي .وقد اختلف العلماء في
الجعائل ،فأجازهييا مالك ومنعهييا غيره ،ومنهييم ميين أجاز ذلك ميين
السيييلطان فقيييط أو إذا كانيييت ضرورة ،وبيييه قال أبيييو حنيفييية
والشافعييي .وأمييا الشرط الذي يجييب بييه للمجاهييد السييهم ميين
الغنيمة ،فإن الكثر على أنه إذا شهد القتال وجب له السهم وإن
لم يقاتيل ،وأنيه إذا جاء بعيد القتال فلييس له سيهم فيي الغنيمية،
وبهذا قال الجمهور .وقال قوم :إذا لحقهيييم قبيييل أن يخرجوا إلى
دار السيلم وجيب له حظيه مين الغنيمية إن اشتغيل فيي شييء مين
أسيبابها ،وهيو قول أبيي حنيفية .والسيبب فيي اختلفهيم سيببان:
القياس والثر .أما القياس فهو هل يلحق تأثير الغازي في الحفظ
بتأثيره فيي الخيذ؟ وذلك أن الذي شهيد القتال له تأثيير فيي الخيذ:
أعنيي فيي أخيذ الغنيمية وبذلك استحق السهم ،والذي جاء قبيل أن
يصيلوا إلى بلد المسيلمين له تأثيير فيي الحفيظ ،فمين شبيه التأثيير
في الحفظ بالتأثير في الخذ قال :يجب له السهم وإن لم يحضر
القتال ،ومن رأى أن الحفظ أضعف لم يوجب له.
وأما الثر فإن في ذلك أثرين متعارضين :أحدهما ما روي عن أبي
هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبان بن سعيد
على سرية من المدينة قبل نجد ،فقدم أبان وأصحابه على النبي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما فتحوها فقال أبان :اقسم لنا
ييا رسيول الله ،فلم يقسيم له رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
من ها" والثير الثانيي ما روي أن رسيول الله صيلى الله عليه وسيلم
قال يوم بدر "إن عثمان انطلق فييي حاجيية الله وحاجيية رسييوله،
فضرب له رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم بسيهم ولم يضرب
لحيد غاب عنهيا" قالوا :فوجيب له السيهم لن اشتغاله كان بسيبب
المام .قال أبيو بكير بين المنذر :وثبيت أن عمير بين الخطاب رضيي
الله عنه قال :الغنيمة لمن شهد الوقيعة .وأما السرايا التي تخرج
مين العسياكر فتغنيم ،فالجمهور على أن أهيل العسيكر يشاركونهيم
فيمييا غنموا وإن لم يشهدوا الغنيميية ول القتال ،وذلك لقوله عليييه
الصيلة والسيلم "وترد سيراياهم على قعدتهيم" خرجيه أبيو داود،
ولن لهيم تأثيير أيضيا فيي أخيذ الغنيمية .وقال الحسين البصيري :إذا
خرجيت السيرية بإذن المام مين عسيكره خمسيها وميا بقيي فلهيل
السيرية ،وإن خرجوا بغيير إذنيه خمسيها ،وكان ميا بقيي بيين أهيل
الجييش كله .وقال النخعيي :المام بالخيار إن شاء خميس ميا ترد
السيرية وإن شاء نفله كله .والسيبب أيضيا فيي هذا الختلف هيو
تشبيه تأثير العسكر في غنيمة السرية بتأثير من حضر القتال بها
وهم أهل السرية ،فإذن الغنيمة إنما تجب عند الجمهور للمجاهد
بأحييد شرطييين :إمييا أن يكون مميين حضيير القتال ،وإمييا أن يكون
ردءا لمن حضر القتال ،وأما كم يجب للمقاتل فإنهم اختلفوا في
الفارس ،فقال الجمهور :للفارس ثلثية أسيهم :سيهم له ،وسيهمان
لفرسيه .وقال أبيو حنيفية :للفارس سيهمان :سيهم لفرسيه ،وسيهم
له.
والسييبب فييي اختلفهييم اختلف الثار ومعارضيية القياس للثيير،
وذلك أن أبيا داود خرج عين ابين عمير "أن النيبي صيلى الله علييه
وسيلم أسيهم لرجيل وفرسيه ثلثية أسيهم :سيهمان للفرس ،وسيهم
لراكبه" وخرج أيضا عن مجمع بن حارثة النصاري مثل قول أبي
حنيفية .وأميا القياس المعارض لظاهير حدييث ابين عمير فهيو أن
يكون سهم الفرس أكبر من سهم النسان ،هذا الذي اعتمده أبو
حنيفيية فييي ترجيييح الحديييث الموافييق لهذا القياس على الحديييث
المخالف له ،وهذا القياس ليييس بشيييء ،لن سييهم الفرس إنمييا
اسيتحقه النسيان الذي هيو الفارس بالفرس وغيير بعييد أن يكون
تأثيير الفارس بالفرس فيي الحرب ثلثية أضعاف تأثيير الراجيل بيل
لعله واجيب ميع أن حدييث ابين عمير أثبيت .وأميا ميا يجوز للمجاهيد
أن يأخييذ ميين الغنيميية قبييل القسييم فإن المسييلمون اتفقوا على
تحرييم الغول لميا ثبيت فيي ذلك عين رسيول الله صيلى الله علييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وسلم مثل قوله عليه الصلة والسلم "أد الخائط والمخيط ،فإن
الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامية" إلى غيير ذلك مين الثار
الواردة في هذا الباب .واختلفوا في إباحة الطعام للغزاة ما داموا
فييي أرض الغزو فأباح ذلك الجمهور ،ومنييع ميين ذلك قوم وهييو
مذهيب ابين شهاب .والسيبب فيي اختلفهيم معارضية الثار التيي
جاءت في تحريم الغلول للثار الواردة في إباحة أكل الطعام من
حديث ابن عمر وابن المغفل وحديث ابن أبي أوفى ،فمن خصص
أحادييث تحرييم الغلول بهذه أجاز أكيل الطعام للغزاة ،ومين رجيح
أحادييث تحرييم الغلول على هذا لم يجيز ذلك ،وحدييث ابين مغفيل
هييو قال" :أصييبت جراب شحييم يوم خيييبر ،فقلت ل أعطييي منييه
شيئا ،فالتفييت فإذا رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم يبتسييم"
خرجيه البخاري ومسيلم .وحدييث ابين أبيي أوفيى قال "كنيا نصييب
فييي مغازينييا العسييل والعنييب فنأكله ول ندفعييه" خرجييه أيضييا
البخاري .واختلفوا فييييي عقوبيييية الغال ،فقال قوم :يحرق رحله،
وقال بعضهيييم :لييييس له عقاب إل التعزيييير .وسيييبب اختلفهيييم
اختلفهم في تصحيح حديث صالح بن محمد بن زائدة عن سالم
عيين ابيين عميير أنييه قال :قال عليييه الصييلة والسييلم "ميين غييل
فأحرقوا متاعه".
**4الفصل الثالث في حكم النفال.
@-وأميا تنفييل المام مين الغنيمية لمين شاء ،أعنيي أن يزيده على
نصيبه ،فإن العلماء اتفقوا على جواز ذلك ،واختلفوا من أي شيء
يكون النفل وفي مقداره وهل يجوز الوعد به قبل الحرب؟ وهل
يجيب السيلب للقاتيل أم لييس يجيب إل أن ينفله له المام؟ فهذه
أربع مسائل هي قواعد هذا الفصل.
@(-أميييا المسيييألة الولى) فإن قوميييا قالوا :النفيييل يكون مييين
الخمس الواجب لبيت مال المسلمين ،وبه قال مالك :وقال قوم:
بيل النفيل إنميا يكون مين خميس الخميس وهيو حيظ المام فقيط،
وهييو الذي اختاره الشافعييي .وقال قوم :بييل النفييل ميين جملة
الغنيمية ،وبيه قال أحميد وأبيو عيبيدة ،ومين هؤلء مين أجاز تنفييل
جميع الغنيمة .والسبب في اختلفهم هو هل بين اليتين الواردتين
فييي المغانييم تعارض أم همييا على التخيييير؟ أعنييي قوله تعالى
{واعلموا أنميا غنمتيم مين شييء} اليية ،وقوله تعالى {يسيألونك
عن النفال} الية .فمن رأى أن قوله تعالى {واعلموا أنما غنمتم
مين شييء فأن لله خمسيه} ناسيخا لقوله تعالى {يسيألونك عين
النفال} قال :ل نفل إل من الخمس أو من خمس الخمس .ومن
رأى أن اليتيين ل معارضية بينهميا وأنهميا على التخييير ،أعنيي أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
للمام أن ينفييل ميين رأس الغنيميية ميين شاء ،وله أل ينفييل بأن
يعطيى جمييع أرباع الغنيمية للغانميين قال بجواز النفيل مين رأس
الغنيمية .ولختلفهيم أيضيا سيبب آخير وهيو اختلف الثار فيي هذا
الباب ،وفيي ذلك أثران :أحدهميا ميا روى مالك عين ابين عمير "أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم بعيث سيرية فيهيا عبيد الله ابين
عمر قبل نجد فغنموا إبل كثيرة ،فكان سهمانهم اثني عشر بعيرا
ونفلوا بعيرا بعيرا" وهذا يدل على أن النفل كان بعد القسمة من
الخميس .والثانيي حدييث حيبيب بين مسيلمة "أن رسيول الله صيلى
الله علييه وسيلم كان ينفيل الربيع مين السيرايا بعيد الخميس فيي
البداءة وينفلهيم الثلث بعيد الخميس فيي الرجعية" يعنيي فيي بداءة
غزوه عليه الصلة والسلم وفي انصرافه.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) وهيي ميا مقدار ميا للمام أن ينفيل مين
ذلك؟ عنيد الذيين أجازوا النفيل مين رأس الغنيمية فإن قوميا قالوا:
ل يجوز أن ينفيل أكثير مين الثلث أو الربيع على حدييث حيبيب بين
مسيلمة .وقال قوم :إن نفيل المام السيرية جمييع ميا غنميت جاز
مصييرا إلى أن آيية النفال غيير منسيوخة بيل محكمية ،وأنهيا على
عمومهيا غيير مخصيصة .ومين رأى أنهيا مخصيصة بهذا الثير قال :ل
يجوز أن ينفل أكثر من الربع أو الثلث.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) وهيي هيل يجوز الوعيد بالتنفييل قبيل
الحرب أم لييس يجوز ذلك؟ فإنهيم اختلفوا فيييه ،فكره ذلك مالك
وأجازه وجماعية .وسيبب اختلفهيم معارضية مفهوم مقصيد الغزو
لظاهيير الثيير ،وذلك أن الغزو إنمييا يقصييد بييه وجييه الله العظيييم،
ولتكون كلمية الله هيي العلييا ،فإذا وعيد المام بالنفيل قبيل الحرب
خيف أن يسفك دماءهم الغزاة في حق غير الله .وأما الثر الذي
يقتضيي ظاهره جواز الوعيد بالنفيل فهيو حدييث حيبيب بين مسيلمة
"أن النييبي عليييه الصييلة والسييلم كان ينفييل فييي الغزو السييرايا
الخارجيية ميين العسييكر الربييع وفييي القفول الثلث" ومعلوم أن
المقصود من هذا إنما هو التنشيط على الحرب.
@(-وأميا المسيألة الرابعية) وهيي هيل يجيب سيلب المقتول للقاتيل
أو ليس يجب إل إن نفله له المام؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ،فقال
مالك :ل يستحق القاتل سلب المقتول إل أن ينفله له المام على
جهة الجتهاد وذلك بعد الحرب ،وبه قال أبو حنيفة والثوري .وقال
الشافعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق وجماعة السلف :واجب للقاتل
قال ذلك المام أو لم يقله .ومين هؤلء مين جعيل السيلب له على
كل حال ولم يشترط في ذلك شرطا .ومنهم من قال ل يكون له
السلب إل إذا قتله مقبل غير مدبر ،وبه قال الشافعي .ومنهم من
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال :إنميا يكون السيلب للقاتيل إذا كان القتيل قبيل معمعية الحرب
أو بعدهيا .وأميا إن قتله فيي حيين المعمعية فلييس له سيلب ،وبيه
قال الوزاعيييي .وقال قوم :إن اسيييتكثر المام السيييلب جاز أن
يخمسيه .وسيبب اختلفهيم هيو احتمال قوله علييه الصيلة والسيلم
يوم حنيين بعيد ميا برد القتال "مين قتيل قتيل فله سيلبه" أن يكون
ذلك منييه عليييه الصييلة والسييلم على جهيية النفييل أو على جهيية
السييتحقاق للقاتييل ،ومالك رحمييه الله قوي عنده أنييه على جهيية
النفييل ميين قبييل أنييه لم يثبييت عنده أنييه قال ذلك عليييه الصييلة
والسيلم ول قضيى بيه إل أيام حنيين ،ولمعارضية آيية الغنيمية له إن
حمييل ذلك على السيييتحقاق :أعنييي قوله تعالى {واعلموا أنميييا
غنمتم من شيء} الية .فإنه لما نص في الية على أن الخمس
لله علم أن الربعة الخماس واجبة للغانمين كما أنه لما نص على
الثلث للم فييي المواريييث علم أن الثلثييين للب .قال أبييو عميير:
وهذا القول محفوظ عنيه صيلى الله علييه وسيلم فيي حنيين وفيي
بدر .وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال" :كنا ل نخمس السلب
على عهييد رسييول صييلى الله عليييه وسييلم" .وخرج أبييو داود عيين
عوف بين مالك الشجعيي وخالد بين الولييد "أن رسيول الله صيلى
الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل" وخرج ابن أبي شيبة عن
أنيس بين مالك أن البراء بين مالك حميل على مرزبان يوم الدارة
فطعنيه طعنية على قربوس سيرجه فقتله فبلغ سيلبه ثلثيين ألفيا،
فبلغ ذلك عمير بين الخطاب فقال لبيي طلحية :إنيا كنيا ل نخميس
السيلب وإن سيلب البراء قيد بلغ مال كثيرا ول أرانيي إل خمسيته
قال :قال ابيين سيييرين :فحدثنييي أنييس بيين مالك أنييه أول سييلب
خميس فيي السيلم ،وبهذا تمسيك مين فرق بيين السيلب القلييل
والكثير .واختلفوا في السلب الواجب ما هو؟ فقال قوم :له جميع
ما وجد على المقتول ،واستثنى قوم من ذلك الذهب والفضة.
**4الفصيل الرابيع فيي حكيم ميا وجيد مين أموال المسيلمين عنيد
الكفار.
@-وأمييا أموال المسييلمين التييي تسييترد ميين أيدي الكفار فإنهييم
اختلفوا فيي ذلك على أربعية أقوال مشهورة :أحدهيا أن ميا اسيترد
المسلمون من أيدي الكفار من أموال المسلمين فهو لربابها من
المسلمين وليس للغزاة المستردين لذلك منها شيء ،وممن قال
بهذا القول الشافعييي وأصييحابه وأبييو ثور ،والقول الثانييي أن مييا
اسيترد المسيلمون من ذلك ف هو غنيمة الجيش ليس ل صاحبه منه
شييء ،وهذا القول قاله الزهري وعمرو بين دينار ،وهيو مروي عين
علي بييين أبيييي طالب .والقول الثالث أن ميييا وجيييد مييين أموال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيلمين قبيل القسيم فصياحبه أحيق بيه بل ثمين ،وميا وجيد مين
ذلك بعييد القسييم فصيياحبه أحييق بييه بالقيميية ،وهؤلء انقسييموا
قسيمين :فبعضهيم رأى هذا الرأي فيي كيل ميا اسيترده المسيلمون
ميين أيدي الكفار بأي وجييه صييار ذلك إلى أيدي الكفار ،وفييي أي
موضيع صيار ،وممين قال بهذا القول مالك والثوري وجماعية ،وهيو
مروي عن عمر بن الخطاب .وبعضهم فرق بين ما صار من ذلك
إلى أيدي الكفار غلبية وحازوه حتيى أوصيلوه إلى دار المشركيين،
وبين ما اخذ منهم قبل أن يحوزوه ويبلغوا به دار الشرك ،فقالوا:
ميا حازوه فحكميه إن ألفاه صياحبه قبيل القسيم فهيو له ،وإن ألفاه
بعد القسم فهو أحق به بالثمن .قالوا :وأما ما لم يحزه العدو بأن
يبلغوا دارهيم بيه فصياحبه أحيق بيه قبيل القسيم وبعده ،وهذا هيو
القول الرابع.
واختلفهيييم راجيييع إلى اختلفهيييم فيييي هيييل يملك الكفار على
المسيلمين أموالهيم إذا غلبوهيم عليهيا أم لييس يملكونهيا؟ وسيبب
اختلفهيم فيي هذه المسيألة تعارض الثار فيي هذا الباب والقياس،
وذلك أن حدييث عمران بين حصيين يدل على أن المشركيين لييس
يملكون على المسيييلمين شيئا ،وهيييو قال :أغار المشركون على
سيرح المدينية وأخذوا العضباء ناقية رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم وامرأة مين المسيلمين ،فلميا كانيت ذات ليلة قاميت المرأة
وقييد ناموا ،فجعلت ل تضييع يدهييا على بعييير إل أرغييى حتييى أتييت
العضباء ،فأتت ناقة ذلول فركبتها ثم توجهت قبل المدينة ونذرت
لئن نجاهيا الله لتنحرهيا ،فلميا قدميت إلى المدينية عرفيت الناقية،
فأتوا بهييا رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ،فأخييبرته المرأة
بنذرهيا ،فقال" :بئس ميا جزيتهيا ،ل نذر فيميا ل يملك ابين آدم ،ول
نذر فيي معصيية" وكذلك يدل ظاهير حدييث ابين عمير على مثيل
هذا ،وهو أنه أغار له فرس فأخذها العدو فظهر عليه المسلمون،
فردت علييه فيي زمان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،وهميا
حديثان ثابتان .وأمييييييا الثيييييير الذي يدل على ملك الكفار على
المسيلمين فقوله علييه الصيلة والسيلم "وهيل ترك لنيا عقييل مين
منزل" يعنيي أنيه باع دوره التيي كانيت له بمكية بعيد هجرتيه منهيا
علييه الصيلة والسيلم إلى المدينية .وأميا القياس فإن مين شبيه
الموال بالرقاب قال الكفار كمييييا ل يملكون رقابهييييم ،فكذلك ل
يملكون أموالهم كحال الباغي مع العادل ،أعني أنه ل يملك عليهم
المرييين جميعييا ،وميين قال يملكون قال :ميين ليييس يملك فهييو
ضامين للشييء إن فاتيت عينيه ،وقيد أجمعوا على أن الكفار غيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رجيح حدييث معاذ لنيه مرفوع قال :دينار فقيط أو عدله معافرا ل
يزاد على ذلك ول ينقص منه.
@(-وأما المسألة الرابعة) وهي متى تجب الجزية؟ فإنهم اتفقوا
على أنهيا ل تجيب إل بعيد الحول ،وأنيه تسيقط عنيه إذا أسيلم قبيل
انقضاء الحول .واختلفوا إذا أسيلم بعيد ميا يحول علييه الحول هيل
تؤخيذ منيه جزيية للحول الماضيي بأسيره أو لميا مضيى منيه؟ فقال
قوم :إذا أسلم فل جزية عليه بعد انقضاء الحول كان بعد إسلمه
أو قبيييل انقضائه ،وبهذا القول قال الجمهور؛ وقالت طائفييية :إن
أسلم بعد الحول وجبت عليه الجزية ،وإن أسلم قبل حلول الحول
لم تجيب علييه ،وإنهيم اتفقوا على أنيه ل تجيب علييه قبيل انقضاء
الحول .لن الحول شرط فيي وجوبهيا ،فإذا وجيد الرافيع لهيا وهيو
السييلم قبييل تقرر الوجوب ،أعنييي قبييل وجود شرط الوجوب لم
تجب؛ وإن ما اختلفوا بعد انقضاء الحول لن ها قد وجبت؛ فمن رأى
أن السييلم يهدم هذا الواجييب فييي الكفيير كمييا يهدم كثيرا ميين
الواجبات قال :تسقط عنه وإن كان إسلمه بعد الحول؛ ومن رأى
أنييه ل يهدم السييلم هذا الواجييب كمييا ل يهدم كثيرا ميين الحقوق
المترتبة مثل الديون وغير ذلك قال :ل تسقط بعد انقضاء الحول.
فسييبب اختلفهييم هييو هييل السييلم يهدم الجزييية الواجبيية أو ل
يهدمها.
@(-وأمييا المسييألة الخامسيية) وهييي كييم أصييناف الجزييية؟ فإن
الجزيية عندهيم ثلثية أصيناف :جزيية عنويية ،وهيي هذه التيي تكلمنيا
فيها ،أعني التي تفرض على الحربيين بعد غلبتهم .وجزية صلحية،
وهي التي يتبرعون بها ليكف عنهم ،وهذه ليس فيها توقيت ل في
الواجب ،ول فيمن يجب عليه ول متى يجب عليه ،وإنما ذلك كله
راجيع إلى التفاق الواقيع فيي ذلك بيين المسيلمين وأهيل الصيلح إل
أن يقول قائل :إنييه إن كان قبول الجزييية الصييلحية واجبييا على
المسلمين فقد يجب أن يكون ههنا قدر ما إذا أعطاه من أنفسهم
الكفار وجيييب على المسيييلمين قبول ذلك منهيييم فيكون أقلهيييا
محدودا وأكثرهيا غيير محدود .وأميا الجزيية الثالثية فهيي العشريية،
وذلك أن جمهور العلماء على أنيه لييس على أهيل الذمية عشير ول
زكاة أصل في أموالهم إل ما روي عن طائفة منهم أنهم ضاعفوا
الصيدقة على نصيارى بنيي تغلب ،أعنيي أنهيم أوجبوا إعطاء ضعيف
ما على المسلمين من الصدقة في شيء شيء من الشياء التي
تلزم فيهيا المسيلمين الصيدقة ،وممين قال بهذا القول الشافعيي
وأبو حنيفة وأحمد والثوري ،وهو فعل عمر بن الخطاب رضي الله
عنيه بهيم ،ولييس يحفيظ عين مالك فيي ذلك نيص فيميا حكوا ،وقيد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هيل هيي يميين أو نذر ،فمين قال إنهيا يميين أوجيب فيهيا الكفارة
لدخولهيييييا تحيييييت عموم قوله تعالى {فكفارتيييييه إطعام عشرة
مسياكين} اليية .ومين قال إنهيا مين جنيس النذر :أي مين جنيس
الشياء التي نص عليها الشرع على أنه إذا ألتزمها النسان لزمته
قال :ل كفارة فيهيا لكين يعسير هذا على المالكيية لتسيميتهم إياهيا
إيمانا ،لكن لعلهم إنما سموها أيمانا على طريق التجوز والتوسع.
والحيق أنيه لييس يجيب أن تسيمى بحسيب الدللة اللغويية أيمانيا،
فإن اليمان في لغة العرب لها صيغ مخصوصة ،وإنما يقع اليمين
بالشياء التيي تعظيم وليسيت صييغة الشرط هيي صييغة اليميين،
فأمييا هييل تسييمى أيمانييا بالعرف الشرعييي وهييل حكمهييا حكييم
اليمان؟ ففييه نظير ،وذلك أنيه قيد ثبيت أنيه علييه الصيلة والسيلم
قال "كفارة النذر كفارة يمييين" وقال تعالى {لم تحرم مييا أحييل
الله لك} إلى قوله {قييد فرض الله لكييم تحلة أيمانكييم} فظاهيير
هذا أنيه قيد سيمي بالشرع القول الذي مخرجيه مخرج الشرط أو
مخرج اللزام دون شرط ول يمييين ،فيجييب أن تحمييل على ذلك
جميع القاويل التي تجري هذا المجرى إل ما خصصه الجماع من
ذلك مثيل الطلق ،فظاهير الحدييث يعطيي أن النذر لييس بيميين
وأن حكميه حكيم اليميين؛ وذهيب داود وأهيل الظاهير إلى أنيه لييس
يلزم مين مثيل هذه القاوييل ،أعنيي الخارجية مخرج الشرط إل ميا
ألزميه الجماع مين ذلك وذلك أنهيا ليسيت بنذور فيلزم فيهيا النذر،
ول بأيمان فترفعهييا الكفارة ،فلم يوجبوا على ميين قال :إن فعلت
كذا وكذا فعلي المشيي إلى بييت الله مشييا ول كفارة ،بخلف ميا
لو قال :علي المشيي إلى بييت الله لن هذا نذر باتفاق ،وقيد قال
عليه الصلة والسلم "من نذر أن يطيع الله فليطعه ،ومن نذر أن
يعصيييه فل يعصيييه" فسييبب هذا الخلف فييي هذه القاويييل التييي
تخرج مخرج الشرط هيو هيل هيي أيمان أو نذور؟ أو ليسيت أيمانيا
ول نذورا؟ فتأمل هذا فإنه بين إن شاء الله تعالى.
@(-المسألة الرابعة) اختلفوا في قول القائل :أقسم أو أشهد إن
كان كذا وكذا هييل هييو يمييين أم ل؟ على ثلثيية أقوال :فقيييل إنييه
ليس بيمين ،وهو أحد قولي الشافعي؛ وقيل إنها أيمان ضد القول
الول ،وبيه قال أبيو حنيفية؛ وقييل إن أراد الله بهيا فهيو يميين ،وإن
لم يرد الله بها فليست بيمين ،وهو مذهب مالك .وسبب اختلفهم
هيو هيل المراعيى اعتبار صييغة اللفيظ أو اعتبار مفهوميه بالعادة أو
اعتبار النيية؟ فمين اعتيبر صييغة اللفيظ قال :ليسيت بيميين إذ لم
يكين هنالك نطيق بمقسيوم بيه؛ ومين اعتيبر صييغة اللفيظ بالعادة
قال :هيي يميين وفيي اللفيظ محذوف ول بيد وهيو الله تعالى؛ ومين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لم يعتبر هذين المرين واعتبر النية إذ كان اللفظ صالحا للمرين
فرق في ذلك كما تقدم.
*(*3الجملة الثانييية) وهذه الجملة تنقسييم أول قسييمين :القسييم
الول :النظر في الستثناء .والثاني :النظر في الكفارات.
**4القسيم الول .وفيي هذا القسيم فصيلن :الفصيل الول :فيي
شروط السيتثناء المؤثير فيي اليميين .الفصيل الثانيي :فيي تعرييف
اليمان التي يؤثر فيها الستثناء من التي ل يؤثر.
**5الفصل الول في شروط الستثناء المؤثر في اليمين.
@-وأجمعوا على أن السييتثناء بالجملة له تأثييير فييي حييل اليمان
واختلفوا فيي شروط السيتثناء الذي يجيب له هذا الحكيم بعيد أن
أجمعوا على أنييه إذا اجتمييع فييي السييتثناء ثلثيية شروط أن يكون
متناسيقا ميع اليميين وملفوظيا بيه ومقصيودا مين أول اليميين أنيه ل
ينعقيد معيه اليميين؛ واختلفوا فيي هذه الثلثية مواضيع ،أعنييي إذا
فرق السيتثناء مين اليميين أو نواه ولم ينطيق بيه أو حدثيت له نيية
الستثناء بعد اليمين وإن أتى به متناسقا مع اليمين.
@(-فأما المسألة الولى) وهي اشتراط اتصاله بالقسم فإن قوما
اشترطوا ذلك فيييه ،وهييو مذهييب مالك؛ وقال الشافعييي :ل بأس
بينهمييا بالسييكتة الخفيفيية كسييكتة الرجييل للتذكيير أو للتنفييس أو
لنقطاع الصيوت .وقال قوم مين التابعيين يجوز للحالف السيتثناء
ما لم يقم من مجلسه؛ وكان ابن عباس يرى أن له الستثناء أبدا
على ما ذكر منه متى ما ذكر ،وإنما اتفق الجميع على أن استثناء
مشيئة الله فيييي المييير المحلوف على فعله إن كان فعل أو على
تركييه إن كان تركييا رافييع لليمييين ،لن السييتثناء هييو رفييع للزوم
اليميين .قال أبيو بكير بين المنذر :ثبيت أنيه رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم قال "مين حلف فقال إن شاء الله لم يحنيث" وإنميا
اختلفوا هييل يؤثيير فييي اليمييين إذا لم توصييل بهييا أو ل يؤثيير؟
لختلفهم هل الستثناء حال للنعقاد أم هو مانع له؟ فإذا قلنا إنه
مانيع للنعقاد ل حال له اشترط أن يكون متصيل باليميين ،وإذا قلنيا
إنييه حال لم يلزم فيييه ذلك .والذييين اتفقوا على أنييه حال اختلفوا
هيل هيو حال بالقرب أو بالبعيد على ميا حكينيا ،وقيد احتيج مين رأى
أنه حال بالقرب بما رواه سعد عن سماك ابن حرب عن عكرمة
قال :قال رسيييول الله صيييلى الله علييييه وسيييلم "والله لغزون
قريشيا ،قالهيا ثلث مرات ثيم سيكت ،ثيم قال :إن شاء الله" فدل
هذا على أن السيتثناء حال لليميين ل مانيع لهيا مين النعقاد .قالوا:
ومين الدلييل على أنيه حال بالقرب أنيه لو كان حال بالبعيد على ميا
رواه ابيين عباس لكان السييتثناء يغنييي عيين الكفارة والذي قالوه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بين .وأما اشتراط النطق باللسان فإنه اختلف فيه ،فقيل لبد فيه
من اشتراط اللفظ أي لفظ كان من ألفاظ الستثناء وسواء كان
بألفاظ السييتثناء أو بتخصيييص العموم أو بتقييييد المطلق هذا هييو
المشهور .وقيل إنما ينفع الستثناء بالنية بغير لفظ في حرف إل
فقط :أي بما يدل عليه لفظ إل ،وليس ينفع ذلك فيما سواه من
الحروف ،وهذه التفرقية ضعيفية .والسيبب فيي هذا الختلف هيو
هيل تلزم العقود اللزمية بالنيية فقيط دون اللفيظ أو باللفيظ والنيية
معا مثل الطلق والعتق واليمين وغير ذلك.
@(-وأمييا المسييألة الثانييية) وهييي هييل تنفييع النييية الحادثيية فييي
الستثناء بعد انقضاء اليمين؟ فقيل أيضا في المذهب إنها تنفع إذا
حدثيت متصيلة باليميين؛ وقييل بيل إذا حدثيت قبيل أن يتيم النطيق
باليمييين؛ وقيييل بييل السييتثناء على ضربييين :اسييتثناء ميين عدد،
واستثناء من عموم بتخصيص أو من مطلق بتقييد ،فالستثناء من
العدد ل ينفيع فييه إل حدوث النيية قبيل النطيق باليميين؛ والسيتثناء
مين العموم ينفيع فييه حدوث النيية بعيد اليميين إذا وصيل السيتثناء
نطقيا باليميين .وسيبب اختلفهيم هيل السيتثناء مانيع للعقيد أو حال
له؟ فإن قلنيا إنيه مانيع فل بيد مين اشتراط حدوث النيية فيي أول
اليمين؛ وإن قلنا إنه حال لم يلزم ذلك؛ وقد أنكر عبد الوهاب أن
يشترط حدوث النيييية فيييي أول اليميييين للتفاق وزعيييم على أن
الستثناء حال لليمين كالكفارة سواء.
**5الفصل الثاني من القسم الول في تعريف اليمان التي يؤثر
فيها الستثناء وغيرها.
@-وقد اختلفوا في اليمان التي يؤثر فيها استثناء مشيئة الله من
التيي ل يؤثير فيهيا .فقال مالك وأصيحابه :ل تؤثير المشيئة إل فيي
اليمان التي تكفر وهي اليمين بالله عندهم أو النذر المطلق على
ميا سييأتي .وأميا الطلق والعتاق فل يخلو أن يعلق السيتثناء فيي
ذلك بمجرد الطلق أو العتيق فقيط مثيل أن يقول :هيي طالق إن
شاء الله أو عتيق إن شاء الله ،وهذه ليست عندهم يمينا .وإما أن
يعلق الطلق بشرط مييين الشروط ،مثيييل أن يقول :إن كان كذا
فهييي طالق إن شاء الله ،أو إن كان كذا فهييو عتيييق إن شاء الله.
فأميا القسيم الول فل خلف فيي المذهيب أن المشيئة غيير مؤثرة
فييه .وأميا القسيم الثانيي وهيو اليميين بالطلق ففيي المذهيب فييه
قولن أصيحهما أنيه إذا صيرف السيتثناء إلى الشرط الذي علق بيه
الطلق صييح وإن صييرفه إلى نفييس الطلق لم يصييح .وقال أبييو
حنيفة والشافعي :الستثناء يؤثر في ذلك كله سواء قرنه بالقول
الذي مخرجيييييه مخرج الشرط ،أو بالقول الذي مخرجيييييه مخرج
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الخيبر .وسيبب الخلف ميا قلناه مين أن السيتثناء هيل هيو حال أو
مانع؟ فإذا قلنا مانع وقرن بلفظ مجرد الطلق فل تأثير له فيه إذ
قد وقع الطلق ،أعني إذا قال الرجل لزوجته :هي طالق إن شاء
الله ،لن المانع إنما يقوم لما لم يقع وهو المستقبل؛ وإن قلنا إنه
حال للعقود وجب أن يكون له تأثير في الطلق وإن كان قد وقع،
فتأمل هذا فإنه بين؛ ول معنى لقول المالكية إن الستثناء في هذا
مستحيل لن الطلق قد وقع ،إل أن يعتقدوا أن الستثناء هو مانع
ل حال ،فتأمل هذا فإنه ظاهر إن شاء الله.
**4القسم الثاني من الجملة الثانية.
@-وهذا القسييم فيييه فصييول ثلثيية قواعييد .الفصييل الول :فييي
موجييب الحنييث وشروطييه وأحكامييه .الفصييل الثانييي :فييي رافييع
الحنث وهي الكفارات .الفصل الثالث :متى ترفع وكم ترفع.
**5الفصل الول في موجب الحنث وشروطه وأحكامه.
@-واتفقوا على أن موجب الحنث هو المخالفة لما انعقدت عليه
اليميين ،وذلك إميا فعيل ميا حلف على أل يفعله وإميا ترك ميا حلف
على فعله إذا علم أنه قد تراخى عن فعل ما حلف على فعله إلى
وقت ليس يمكنه فيه فعله وذلك في اليمين بالترك المطلق ،مثل
أن يحلف لتأكلن هذا الرغييف فيأكله غيره؛ أو إلى وقيت هيو غيير
الوقييت الذي اشترط فييي وجود الفعييل عنييه ،وذلك فييي الفعييل
المشترط فعله فيييي زمان محدود ،مثيييل أن يقول :والله لفعلن
اليوم كذا وكذا ،فإنييه إذا انقضييى النهار ولم يفعييل حنييث ضرورة.
واختلفوا ميين ذلك فييي أربعيية مواضييع :أحدهييا إذا أتييى بالمخالف
ناسيا أو مكرها .والثاني هل يتعلق موجب اليمين بأقل ما ينطلق
عليييه السييم أو بجميعييه .والموضييع الثالث هييل يتعلق اليمييين
بالمعنيى المسياوي لصييغة اللفيظ أو بمفهوميه المخصيص للصييغة
والمعمييم لهييا .والموضييع الرابييع هييل اليمييين على نييية الحالف أو
المستحلف.
@(-فأميييا المسيييألة الولى) فإن مالكيييا يرى السييياهي والمكره
بمنزلة العاميد؛ والشافعيي يرى أن ل حنيث على السياهي ول على
المكره .وسييبب اختلفهييم معارضيية العموم قوله تعالى {ولكيين
يؤاخذكيم بميا عقدتيم اليمان} ولم يفرق بيين عاميد وناس لعموم
قوله علييه الصيلة والسيلم "رفيع عين أمتيي الخطيأ والنسييان وميا
استكرهوا عليه" فإن هذين العمومين يمكن أن يخصص كل واحد
منهما بصاحبه.
@(-وأميا الموضيع الثانيي) فمثيل أن يحلف أن ل يفعيل شيئا ففعيل
بعضييه أو أنييه يفعييل شيئا فلم يفعييل بعضييه؛ فعنييد مالك إذا حلف
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ليأكلن هذا الرغييف فأكيل بعضيه ل ييبرأ إل بأكله كله ،وإذا قال :ل
آكيل هذا الرغييف إنيه يحنيث إن أكيل بعضيه؛ وعنيد الشافعيي وأبيي
حنيفية أنيه ل يحنيث فيي الوجهيين جميعيا حمل على الخيذ بأكثير ميا
يدل علييه السيم .وأميا تفرييق مالك بيين الفعيل والترك فلم يجير
فيي ذلك على أصيل واحيد لنيه أخيذ فيي الترك بأقيل ميا يدل علييه
السيم وأخيذ فيي الفعيل بجمييع ميا يدل علييه السيم ،وكأنيه ذهيب
إلى الحتياط.
@(-وأ ما المسيألة الثالثة) فمثل أن يحلف على شييء بعينه يفهيم
منييه القصييد إلى معنييى أعييم ميين ذلك الشيييء الذي لفييظ بييه أو
أخييص ،أو يحلف على شيييء وينوي بييه معنييى أعييم أو أخييص ،أو
يكون للشيييء الذي حلف عليييه اسييمان أحدهمييا لغوي والخيير
عرفيي وأحدهميا أخيص مين الخير .وأميا إذا حلف على شييء بعينيه
فإنه ل يحنث عند الشافعي وأبي حنيفة إل بالمخالفة الواقعة في
ذلك الشييء بعينيه الذي وقيع علييه الحلف وإن كان المفهوم منيه
معنيى أعيم أو أخيص مين قبيل الدللة العرفيية .وكذلك أيضيا فيميا
أحسييب ل يعتييبرون النييية المخالفيية للفييظ ،وإنمييا يعتييبرون مجرد
اللفاظ فقط .وأما مالك فإن المشهور من مذهبه أن المعتبر أول
عنده فيي اليمان التيي ل يقضيي على حالفهيا بموجبهيا هيو النيية،
فإن عدمييت فقرينيية الحال فإن عدمييت فعرف اللفييظ ،فإن عدم
فدللة اللغيية؛ وقيييل ل يراعييي إل النييية أو ظاهيير اللفييظ اللغوي
فقيط؛ وقييل يراعيي النيية وبسياط الحال ول يراعيي العرف وأميا
اليمان التي يقضي بها على صاحبها فإنه إن جاء الحالف مستفتيا
كان حكمييه حكييم اليمييين التييي ل يقضييي بهييا على صيياحبها ميين
مراعاة هذه الشياء فيهيا على هذا الترتييب وإن كان مميا يقضيي
بهيا علييه لم يراع فيهيا إل اللفيظ إل أن يشهيد لميا يدعيي مين النيية
المخالفة لظاهر اللفظ قرينة الحال أو العرف.
@(-وأميا المسيألة الرابعية) فإنهيم اتفقوا على أن اليميين على نيية
المستحلف في الدعاوي واختلفوا في غير ذلك مثل اليمان على
المواعييييد ،فقال قوم :على نيييية الحالف .وقال قوم :على نيييية
المسييتحلف .وثبييت أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم قال
"اليمين على نية المستحلف" وقال عليه الصلة والسلم "يمينك
على ما يصدقك عليه صاحبك" خرج هذين الحديثين مسلم .ومن
قال :اليميين على نيية الحالف .فإنميا اعتيبر المعنيى القائم بالنفيس
من اليمين ل ظاهر اللفظ .وفي هذا الباب فروع كثيرة .لكن هذه
المسييائل الربييع هييي أصييول هذا الباب إذ يكاد أن يكون جميييع
الختلف الواقييع فييي هذا الباب راجعييا إلى الختلف فييي هذه.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وبين كفارة الذى؛ فمن شبهها بكفارة الفطر قال :مد واحد ،ومن
شبههييا بكفارة الذى قال :نصييف صيياع .واختلفوا هييل يكون مييع
الخبيز فيي ذلك إدام أم ل؟ وإن كان فميا هيو الوسيط فييه؟ فقييل
يجزي الخبيز قفارا؛ وقال ابين حيبيب :ل يجزي؛ وقييل الوسيط مين
الدام الزيت؛ وقيل اللبن والسمن والتمر .واختلف أصحاب مالك
من الهل الذين أضاف إليهم الوسط من الطعام في قوله تعالى
{مين أوسيط ميا تطعمون أهليكيم} فقييل أهيل المكفير وعلى هذا
إنما يخرج الوسط من الشيء الذي منه يعيش إن قطنية فقطنية
وإن حنطية فحنطية ،وقييل بيل هيم أهيل البلد الذي هيو فييه ،وعلى
هذا فالمعتبر في اللزم له هو الوسط من عيش أهل البلد ل من
عيشه :أعني الغالب ،وعلى هذين القولين يحمل قدر الوسط من
الطعام ،أعنيي الوسيط مين قدر ميا يطعيم أهله ،أو الوسيط مين
قدر ما يطعم أهل البلد أهليهم إل في المدينة خاصة.
@(-وأميا المسيألة الثانيية) وهيي المجزئ مين الكسيوة .فإن مالكيا
رأى أن الواجب في ذلك هو أن يكسي ما يجزئ فيه الصلة ،فإن
كسيا الرجيل كسيا ثوبيا وإن كسيا النسياء كسيا ثوبيين درعيا وخمارا.
وقال الشافعيي وأبيو حنيفية :يجزئ فيي ذلك أقيل ميا ينطلق علييه
السيم إزار أو قمييص أو سيراويل أو عمامية ،وقال أبيو يوسيف :ل
تجزئ العمامة ول السراويل .وسبب اختلفهيم هل الواجب الخذ
بأقل دللة السم اللغوي أو المعنى الشرعي.
@(-وأما المسألة الثالثة) وهيي اختلفهم في اشتراط تتابع اليام
الثلثيية فييي الصيييام فإن مالكييا والشافعييي لم يشترطييا فييي ذلك
وجوب التتابيع وإن كانيا اسيتحباه واشترط ذلك أبيو حنيفية .وسيبب
اختلفهيم فيي ذلك شيئان :أحدهميا هيل يجوز العميل بالقراءة التيي
ليسيت فيي المصيحف ،وذلك أن فيي قراءة عبيد الله بين مسيعود
{فصيييام ثلثيية أيام متتابعات} .والسييبب الثانييي اختلفهييم هييل
يحميل المير بمطلق الصيوم على التتابيع أم لييس يحميل إذا كان
الصل الواجب بالشرع إنما هو التتابع.
@(-وأميا المسيألة الرابعية) وهيي اشتراط العدد فيي المسياكين،
فإن مالكا والشافعي قال :ل يجزيه إل أن يطعم عشرة مساكين؛
وقال أبيييو حنيفييية :إن أطعيييم مسيييكينا واحدا عشرة أيام أجزأه.
والسيبب فيي اختلفهيم هيل الكفارة حيق واجيب للعدد المذكور أو
حيق واجيب على المكفير فقدر بالعدد المذكور ،فإن قلنيا إنيه حيق
واجييب للعدد كالوصييية ،فلبييد ميين اشتراط العدد ،وإن قلنييا حييق
واجب على المكفر لكنه قدر بالعدد أجزأ من ذلك إطعام مسكين
واحد على عدد المذكورين والمسألة محتملة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هييو خييير وليكفيير عيين يمينييه" فإن قومييا رووه هكذا ،وقوم رووه
"فليكفير عين يمينيه وليأت الذي هيو خيير" وظاهير هذه الروايية أن
الكفارة تجوز قبل الحنث ،وظاهر الثانية أنها بعد الحنث .والسبب
الثانيي اختلفهيم فيي هيل يجزئ تقدييم الحيق الواجيب قبيل وقيت
وجوبه ،لنه من الظاهر أن الكفارة إنما تجب بعد الحنث كالزكاة
بعييد الحول ولقائل أن يقول إن الكفارة إنمييا تجييب بإرادة الحنييث
والعزم عليه كالحال في كفارة الظهار فل يدخله الخلف من هذه
الجهية ،وكان سيبب الخلف مين طرييق المعنيى هيو هيل الكفارة
رافعية للحنيث إذا وقيع أو مانعية له؟ فمين قال مانعية أجاز تقديمهيا
على الحنث؛ ومن قال رافعة لم يجزها إل بعد وقوعه .وأ ما تعدد
الكفارات بتعدد اليمان فإنهييم اتفقوا فيمييا علمييت أن ميين حلف
على أمور شتييى بيمييين واحدة أن كفارتييه كفارة يمييين واحدة،
وكذلك فيما أحسب ل خلف بينهم أنه إذا حلف بأيمان شتى على
شييء واحيد أن الكفارات الواجبية فيي ذلك بعدد اليمان كالحالف
إذا حلف بأيمان شتيييى على أشياء شتيييى .اختلفوا إذا حلف على
شييء واحيد بعينيه مرار كثيرة ،فقال قوم :فيي ذلك كفارة يميين
واحدة ،وقال قوم :فيي كيل يميين كفارة إل أن يرييد التأكييد ،وهيو
قول مالك؛ وقال قوم :فيهييا كفارة واحدة ،إل أن يريييد التغليييظ.
وسيبب اختلفهيم هيل الموجيب للتعدد هيو تعدد اليمان بالجنيس أو
بالعدد ،فميين قال :اختلفهييا بالعدد قال لكييل يمييين كفارة إذا كرر
ومين قال اختلفهيا بالجنيس قال :فيي هذه المسيألة يميين واحدة.
واختلفوا إذا حلف فيي يميين واحدة بأكثير مين صيفتين مين صيفات
الله تعالى هل تعدد الكفارات بتعدد الصفات التي تضمنت اليمين
أم فييي ذلك كفارة واحدة؟ فقال مالك :الكفارة فييي هذه اليمييين
متعددة بتعدد الصفات.
فمين حلف بالسيميع العلييم الحكييم كان علييه ثلث كفارات عنده،
وقال قوم :إن أراد الكلم الول وجاء بذلك على أنيييه قول واحيييد
فكفارة واحدة إذا كانيت يمينيا واحدة .والسيبب فيي اختلفهيم :هيل
مراعاة الواحدة أو الكثرة فيي اليميين هيو راجيع إلى صييغة القول
أو إلى تعدد الشياء التي يشتمل عليها القول الذي مخرجه مخرج
يميين ،فمين اعتيبر الصييغة قال كفارة واحدة؛ ومين اعتيبر عدد ميا
تضمنته صيغة القول من الشياء التي يمكن أن يقسم بكل واحد
منهيا على انفراده قال :الكفارة متعددة بتعددهيا ،وهذا القدر كاف
فييي قواعييد هذا الكتاب وسييبب الختلف فييي ذلك ،والله المعييين
برحمته.
**2كتاب النذور
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لله علي كذا وكذا ولم يقل نذرا لم يلزمه شيء لنه إخبار بوجوب
شييء لم يوجبيه الله علييه إل أن يصيرح بجهية الوجوب؛ ومين قال
لييس مين شرطيه اللفيظ قال :ينعقيد النذر وإن لم يصيرح بلفظيه،
وهيو مذهيب مالك ،أعنيي أنيه إذا لم يصيرح بلفيظ النذر أنيه يلزم،
وإن كان مين مذهبيه أن النذر ل يلزم إل بالنيية واللفيظ لكين رأى
أن حذف لفيييظ النذر مييين القول غيييير معتيييبر إذ كان المقصيييود
بالقاويييل التييي مخرجهييا مخرج النذر النذر وإن لم يصييرح فيهييا
بلفييظ النذر ،وهذا مذهييب الجمهور ،والول مذهييب سييعيد بيين
المسيييب ،ويشبييه أن يكون ميين لم ييير لزوم النذر المطلق إنمييا
فعل ذلك من قبل أنه حمل المر بالوفاء على الندب؛ وكذلك من
اشترط فيه الرضا ،فإنما اشترطه لن القربة إنما تكون على جهة
الرضييا ل على جهيية اللجاج ،وهييو مذهييب الشافعييي .وأمييا مالك
فالنذر عنده لزم على أي جهية وقيع ،فهذا ميا اختلفوا فيي لزوميه
مين جهية اللفيظ .وأميا ميا اختلفوا فيي لزوميه مين جهية الشياء
المنذور بها فإن فيه من المسائل الصول اثنتين.
@(-المسيييألة الولى) اختلفوا فيمييين نذر معصيييية ،فقال مالك
والشافعي وجمهور العلماء :ليس يلزمه في ذلك شيء .وقال أبو
حنيفية وسيفيان والكوفيون :بيل هيو لزم ،واللزم عندهيم فييه هيو
كفارة يمييين ل فعييل المعصييية .وسييبب اختلفهييم تعارض ظواهيير
الثار في هذا الباب ،وذلك أنه روي في هذا الباب حديثان أحدهما
حدييث عائشية عين النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "مين نذر
أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فل يعصيه" فظاهر
هذا أنه ل يلزم النذر بالعصيان :والحديث الثاني حديث عمران بن
حصين وحديث أبي هريرة الثابت عن النبي عليه الصلة والسلم
أنيه قال "ل نذر فيي معصيية الله وكفارتيه كفارة يميين" وهذا نيص
فيي معنيى اللزوم؛ فمين جميع بينهميا فيي هذا قال :الحدييث الول
تضمييين العلم بأن المعصيييية ل تلزم وهذا الثانيييي تضميين لزوم
الكفارة؛ فمين رجيح ظاهير حدييث عائشية إذ لم يصيح عنده حدييث
عمران وأبيي هريرة قال :لييس يلزم فيي المعصيية شييء؛ ومين
ذهيب مذهيب الجميع بيين الحديثيين أوجيب فيي ذلك كفارة يميين.
قال أبيو عمير بين عبيد البر :ضعيف أهيل الحدييث حدييث عمران
وأبيي هريرة قالوا :لن حدييث أبيي هريرة يدور على سيليمان بين
أرقم وهو متروك الحديث .وحديث عمران بن الحصين يدور على
زهير بن محمد عن أبيه وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه ،وزهير
أيضا عنده مناكير ،ولكنه خرجه مسلم من طريق عقبة بن عامر،
وقيد جرت عادة المالكيية أن يحتجوا لمالك فيي هذا المسيألة بميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
روي "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم رأى رجل قائميا فيي
الشمييس ،فقال :مييا بال هذا؟ قالوا :نذر أن ل يتكلم ول يسييتظل
ول يجلس ويصوم ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :مروه
فليتكلم وليجلس وليتيييم صييييامه" قالوا :فأمره أن يتيييم ميييا كان
طاعية لله ويترك ميا كان معصيية ،ولييس بالظاهير أن ترك الكلم
معصييية ،وقييد أخييبر الله أنييه نذر مريييم ،وكذلك يشبييه أن يكون
القيام فيي الشميس لييس بمعصيية ،إل ميا يتعلق بذلك مين جهية
إتعاب النفيس .فإن قييل فييه معصيية فبالقياس ل بالنيص ،فالصيل
فيه أنه من المباحات.
@(-المسييألة الثانييية) واختلفوا فيميين حرم على نفسييه شيئا ميين
المباحات فقال مالك :ل يلزم ميا عدا الزوجية؛ وقال أهيل الظاهير:
ليييس فييي ذلك شيييء؛ وقال أبييو حنيفيية :فييي ذلك كفارة يمييين.
وسيبب اختلفهيم معارضية مفهوم النظير لظاهير قوله تعالى {ييا
أيهييا النييبي لم تحرم مييا أحييل الله لك تبتغييي مرضات أزواجييك}
وذلك أن النذر لييس هيو اعتقاد خلف الحكيم الشرعيي أعنيي مين
تحريم محلل أو تحليل محرم ،وذلك أن التصرف في هذا إنما هو
للشارع فوجيييب أن يكون لمكان هذا المفهوم أن مييين حرم على
نفسيه شيئا أباحيه الله له بالشرع أنيه ل يلزميه كميا ل يلزم إن نذر
تحلييل شييء حرميه الشرع ،وظاهير قوله تعالى {قيد فرض الله
لكييم تحلة أيمانكييم} أثيير العتييب على التحريييم يوجييب أن تكون
الكفارة تحيييل هذا العقيييد ،وإن كان ذلك كذلك فهيييو غيييير لزم،
والفرقية الولى تأولت التحرييم المذكور فيي اليية أنيه كان العقيد
بيميين .وقيد اختلف فيي الشييء الذي نزلت فييه هذه اليية .وفيي
كتاب مسيلم أن ذلك كان فيي شربية عسيل ،وفييه عين ابين عباس
أنيه قال :إذا حرم الرجيل علييه امرأتيه فهيو يميين يكفرهيا ،وقال
{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}
**3الفصل الثالث في معرفة الشيء الذي يلزم عنها وأحكامها.
@-وأميا اختلفهيم فيي ماذا يلزم فيي نذر نذر مين النذور وأحكام
ذلك ،فإن فييييه اختلفيييا كثيرا ،لكييين نشيييير نحييين مييين ذلك إلى
مشهورات المسائل في ذلك ،وهي التي تتعلق بأكثر ذلك بالنطق
الشرعي على عادتنا في هذا الكتاب ،وفي ذلك مسائل خمس:
@(-المسألة الولى) اختلفوا في الواجب في النذر المطلق الذي
ليييس يعييين فيييه الناذر شيئا سييوى أن يقول :لله علي نذر ،فقال
كثير من العلماء :في ذلك كفارة يمين ل غير؛ وقال قوم :بل فيه
كفارة الظهار؛ وقال قوم :أقيل ميا ينطلق علييه السيم مين القرب
صيييام يوم أو صييلة ركعتييين ،وإنمييا صييار الجمهور لوجوب كفارة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اليميين فييه للثابيت مين حدييث عقبية بين عامير أنيه علييه الصيلة
والسيلم قال "كفارة النذر كفارة يميين" خرجيه مسيلم .وأميا مين
قال صييام يوم أو صيلة ركعتيين فإنميا ذهيب مذهيب مين يرى أن
المجزئ أقيل ميا ينطلق علييه السيم ،وصيلة ركعتيين أو صييام يوم
أقيل ميا ينطلق علييه اسيم النذر .وأميا مين قال فييه كفارة الظهار
فخارج عن القياس والسماع.
@(-المسييألة الثانييية) اتفقوا على لزوم النذر بالمشييي إلى بيييت
الله ،أعنييي إذا نذر المشييي راجل .واختلفوا إذا عجييز فييي بعييض
الطريق فقال قوم :ل شيء عليه؛ وقال قوم :عليه .واختلفوا في
ماذا علييه على ثلثية أقوال :فذهيب أهيل المدينية إلى أن علييه أن
يمشيي مرة أخرى مين حييث عجيز ،وإن شاء ركيب وأجزأه وعلييه
دم ،وهذا مروي عين علي .وقال أهيل مكية :علييه هدي دون إعادة
مشيي .وقال مالك :علييه المران جميعيا ،يعنيي أنيه يرجيع فيمشيي
مين حييث وجيب وعلييه هدي ،والهدي عنده بدنية أو بقرة أو شاة
إن لم يجيد بقرة أو بدنية .وسيبب اختلفهيم منازعية الصيول لهذه
المسيألة ومخالفية الثير لهيا ،وذلك أن مين شبيه العاجيز إذا مشيى
مرة ثانية بالمتمتع والقارن من أجل أن القارن فعل ما كان عليه
فيي سيفرين فيي سيفر واحيد ،وهذا فعيل ميا كان علييه فيي سيفر
واحيد فيي سيفرين قال :يجيب علييه هدي القارن أو المتمتيع؛ ومين
شبهيه بسيائر الفعال التيي تنوب عنهيا فيي الحيج إراقية الدم قال:
فييه دم؛ ومين أخيذ بالثار الواردة فيي هذا الباب قال :إذا عجيز فل
شييء علييه .قال أبيو عمير :والسينن الواردة الثابتية فيي هذا الباب
دلييل على طرح المشقية وهيو كميا قال ،واحدهيا حدييث عقبية بين
عامر الجهني قال :نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله عز وجل
فأمرتنييي أن أسييتفتي لهييا رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم،
فاسييتفتيت لهييا النييبي صييلى الله عليييه وسييلم فقال "لتمييش
ولتركيب" خرجيه مسيلم .وحدييث أنيس بين مالك "أن رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم رأى رجل يهادي بييين ابنتيييه ،فسييأل عنييه
فقالوا :نذر أن يمشيي ،فقال علييه الصيلة والسيلم :إن الله لغنيي
عن تعذيب هذا نفسه ،وأمره أن يركب" وهذا أيضا ثابت.
@(-المسيألة الثالثية) اختلفوا بعيد اتفاقهيم على لزوم المشيي فيي
حيج أو عمرة فيمين نذر أن يمشيي إلى مسيجد النيبي صيلى الله
علييه وسيلم أو إلى بييت المقدس يرييد بذلك الصيلة فيهميا ،فقال
مالك والشافعيي :يلزمه المشي؛ وقال أبو حني فة :ل يلزمه شيء
وحيييث صييلى أجزأه ،وكذلك عنده إن نذر الصييلة فييي المسييجد
الحرام ،وإنمييا وجييب عنده المشييي بالنذر إلى المسييجد الحرام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لمكان الحج والعمرة .وقال أبو يوسف صاحبه :من نذر أن يصلي
في بيت المقدس أو في مسجد النبي عليه الصلة والسلم لزمه،
وإن صيلى فيي البييت الحرام أجزأه عين ذلك ،وأكثير الناس على
أن النذر لما سوى هذه المساجد الثلثة ل يلزم لقوله عليه الصلة
والسييلم "ل تسييرج المطييي إل لثلث ،فذكيير المسييجد الحرام
ومسيجده وبييت المقدس" وذهيب بعيض الناس إلى أن النذر إلى
المسيياجد التييي يرجييى فيهييا فضييل زائد واجييب ،واحتييج فييي ذلك
بفتوى ابين عباس لولد المرأة التيي نذرت أن تمشيي إلى مسيجد
قباء فماتيت أن يمشيي عنهيا .وسيبب اختلفهيم فيي النذر إلى ميا
عدا المسييجد الحرام اختلفهييم فييي المعنييى الذي إليييه تسييرج
المطيي إلى هذه الثلث مسياجد ،هيل ذلك لموضيع صيلة الفرض
فيما عدا البيت الحرام أو لموضع صلة النفل؟ فمن قال لموضع
صييييلة الفرض وكان الفرض عنده ل ينذر إذ كان واجبييييا بالشرع
قال :النذر بالمشييي إلى هذييين المسييجدين غييير لزم؛ وميين كان
عنده أن النذر قيد يكون فيي الواجيب أو أنيه أيضيا قيد يقصيد هذان
المسجدان لموضع صلة النفل لقوله عليه الصلة والسلم "صلة
فيي مسيجدي هذا أفضيل مين ألف صيلة فيميا سيواه إل المسيجد
الحرام" واسيم الصيلة يشميل الفرض والنفيل ،قال :هيو واجيب؛
لكن أبو حنيفة حمل هذا الحديث على الفرض مصيرا إلى الجمع
بينه وبين قوله عليه الصلة والسلم "صلة أحدكم في بيته أفضل
مين صيلته فيي مسيجدي هذا إل المكتوبية" وإل وقيع التضاد بيين
هذييين الحديثييين ،وهذه المسييألة هييي أن تكون ميين الباب الثانييي
أحق من أن تكون من هذا الباب.
@(-المسيألة الرابعية) واختلفوا فيي الواجيب على أن مين نذر أن
ينحيير ابنييه فييي مقام إبراهيييم ،فقال مالك :ينحيير جزورا فداء له؛
وقال أبو حنيفة :ينحر شاة ،وهو أيضا مروي عن ابن عباس؛ وقال
بعضهم :بل ينحر مائة من البل ،وقال بعضهم :يهدي ديته ،وروي
ذلك عين علي؛ وقال بعضهيم :بيل يحيج بيه؛ وبيه قال اللييث؛ وقال
أبيو يوسيف والشافعيي :ل شييء علييه لنيه نذر معصيية ول نذر فيي
معصيية .وسيبب اختلفهيم قصية إبراهييم علييه الصيلة والسيلم،
أعني هل ما تقرب به إبراهيم هو لزم للمسلمين أم ليس بلزم؟
فمن رأى أن ذلك شرع خص به إبراهييم قال :ل يلزم النذر؛ ومن
رأى أنيه لزم لنيا قال :النذر لزم .والخلف فيي هيل يلزمنيا شرع
ميين قبلنييا مشهور ،لكيين يتطرق إلى هذا خلف آخيير ،وهييو أن
الظاهير مين هذا الفعيل أنيه كان خاصيا بإبراهييم ولم يكين شرعيا
لهيل زمانيه ،وعلى هذا فلييس ينبغيي أن يختلف هيل هيو شرع لنيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أم لييس بشرع؟ والذيين قالوا إنيه شرع إنميا اختلفوا فيي الواجيب
في ذلك من قبل اختلفهم أيضا في هل يحمل الواجب في ذلك
على الواجيييب إبراهييييم ،أم يحميييل على غيييير ذلك مييين القرب
السيلمية ،وذلك إميا صيدقة بديتيه ،وإميا حيج بيه ،وإميا هدي بدنية.
وأما الذين قالوا مائة من البل ،فذهبوا إلى حديث عبد المطلب.
@(-المسييألة الخامسية) واتفقوا على أن مين نذر أن يجعييل ماله
كله فيي سيبيل الله أو فيي سيبيل مين سيبل البر أنيه يلزميه وأنيه
ليييس ترفعييه الكفارة وذلك إذا كان نذرا على جهيية الخييبر ل على
جهيية الشرط وهييو الذي يسييمونه يمينييا .واختلفوا فيميين نذر ذلك
على جهيية الشرط مثييل أن يقول :مالي للمسيياكين إن فعلت كذا
ففعله؛ فقال قوم :ذلك لزم كالنذر على جهة الخبر ول كفارة فيه
وهو مذهب مالك في النذور التي صيغها هذه الصيغة ،أعني أنه ل
كفارة فييه؛ وقال قوم :الواجيب فيي ذلك كفارة يميين فقيط ،وهيو
مذهييب الشافعييي فييي النذور التييي مخرجهييا مخرج الشرط لنييه
ألحقهيا بحكيم اليمان؛ وأميا مالك فألحقهيا بحكيم النذور على ميا
تقدم مين قولنيا فيي كتاب اليمان ،والذيين اعتقدوا وجوب إخراج
ماله فيي الموضيع الذي اعتقدوه اختلفوا فيي الواجيب علييه ،فقال
مالك :يخرج ثلث ماله فقييط؛ وقال قوم :بييل يجييب عليييه إخراج
جميع ماله ،وبه قال إبراهيم النخعي وزفر؛ وقال أبو حنيفة :يخرج
جميع الموال التي تجب الزكاة فيها ،وقال بعضهم :إن أخرج مثل
زكاة ماله أجزأه .وفيي المسيألة قول خاميس .وهيو إن كان المال
كثيرا أخرج خمسيه وإن كان وسيطا أخرج سيبعه وإن كان يسييرا
أخرج عشره ،وحيد هؤلء الكثيير بألفيين ،والوسيط بألف ،والقلييل
بخمسيمائة ،وذلك مروي عين قتادة .والسيبب فيي اختلفهيم فيي
هذه المسيألة ،أعنيي مين قال المال كله أو ثلثيه معارضية الصيل
في هذا الباب للثر ،وذلك أن ما جاء في حديث أبي لبابة بن عبد
المنذر حيييين تاب الله علييييه وأراد أن يتصيييدق بجييييع ماله ،فقال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "يجزييك مين ذلك الثلث" هيو
نيص فيي مذهيب مالك .وأميا الصيل فيوجيب أن اللزم له إنميا هيو
جمييع ماله حمل على سيائر النذر ،أعنيي أنيه يجيب الوفاء بيه على
الوجه الذي قصده لكن الواجب هو استثناء هذه المسألة من هذه
القاعدة ،إذ قييد اسييتثناها النييص ،إل أن مالكييا لم يلزم فييي هذه
المسيألة أصيله ،وذلك أنيه قال :إن حلف أو نذر شيئا معينيا لزميه
وإن كان كيل ماله ،وكذلك يلزم عنده إن عيين جزءا مين ماله وهيو
أكثير مين الثلث ،وهذا مخالف لنيص ميا رواه فيي حدييث أبيي لبابية
وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي جاء بمثل بيضة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
من ذهب فقال :أصبت هذا من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك
غيرهيا ،فأعرض عنيه رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،ثيم جاءه
عن يمينه ثم عن يساره ثم من خلفه ،فأخذها رسول الله صلى
الله علييه وسيلم فحذفيه بهيا ،فلو أصيابه بهيا لوجعيه ،وقال علييه
الصيلة والسيلم "يأتيي أحدكيم بميا يملك فيقول هذه صيدقة ثيم
يقعيد يتكفيف الناس ،خيير الصيدقة ميا كان عين ظهير غنيى" وهذا
نيص فيي أنيه ل يلزم المال المعيين إذا تصيدق به وكان جمييع ماله؛
ولعيل مالكيا لم تصيح عنده هذه الثار .وأميا سيائر القاوييل التيي
قيلت فيي هذه المسيألة فضعاف ،وبخاصية مين حيد فيي ذلك غيير
الثلث ،وهذا القدر كاف فيييي أصيييول هذا الكتاب ،والله الموفيييق
للصواب.
**2كتاب الضحايا
@-وهذا الكتاب فيي أصيوله أربعية أبواب :الباب الول :فيي حكيم
الضحايييا وميين المخاطييب بهييا .الباب الثانييي :فييي أنواع الضحايييا
وصيفاتها وأسينانها وعددهيا .الباب الثالث :فيي أحكام الذبيح .الباب
الرابع :في أحكام لحوم الضحايا.
**3الباب الول في حكم الضحايا ،ومن المخاطب بها
@-اختلف العلماء فييي الضحييية هييل هييي واجبيية أم هييي سيينة؟
فذهييب مالك والشافعييي إلى أنهييا ميين السيينن المؤكدة؛ ورخييص
مالك للحاج فيي تركهيا بمنيى؛ ولم يفرق الشافعيي فيي ذلك بيين
الحاج وغيره؛ وقال أبيو حنيفية :الضحيية واجبية على المقيميين فيي
المصيار الموسيرين ،ول تجيب على المسيافرين؛ وخالفيه صياحباه
أبو يوسف ومحمد فقال :إنها ليست بواجبة؛ وروي عن مالك مثل
قول أبيي حنيفية .وسيبب اختلفهيم شيئان :أحدهميا هيل فعله علييه
الصييلة والسييلم فييي ذلك محمول على الوجوب أو على الندب،
وذلك أنيه لم يترك صيلى الله علييه وسيلم الضحيية قيط فيميا روي
عنيه حتيى فيي السيفر على ميا جاء فيي حدييث ثوبان قال" :ذبيح
رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحيته ثم قال :يا ثوبان أصلح
لحم هذه الضحية ،قال :فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة".
والسبب الثاني اختلفهم في مفهوم الحاديث الواردة في أحكام
الضحاييا ،وذلك أنيه ثبيت عنيه علييه الصيلة والسيلم مين حدييث أم
سيلمة أنيه قال "إذا دخيل العشير فأراد أحدكيم أن يضحيي فل يأخيذ
ميين شعره شيئا ول ميين أظفاره" قالوا :فقوله" :إذا أراد أحدكييم
أن يضحيي" فييه دلييل على أن الضحيية ليسيت بواجبية .ولميا أمير
عليه الصلة والسلم لبي بردة بإعادة أضحيته إذ ذبح قبل الصلة
فهم قوم من ذلك الوجوب ،ومذهب ابن عباس أن ل وجوب .قال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عكرمية :بعثنيي ابين عباس بدرهميين أشتري بهميا لحميا وقال :مين
لقييت فقيل له هذه ضحيية ابين عباس وروي عين بلل أنيه ضحيى
بديييك ،وكييل حديييث ليييس بوارد فييي الغرض الذي يحتييج فيييه بييه
فالحتجاج به ضعيف .واختلفوا هل يلزم الذي يريد التضحية أن ل
يأخذ من العشر الول من شعره وأظفاره ،والحديث بذلك ثابت.
**3الباب الثاني في أنواع الضحايا وصفاتها وأسنانها وعددها.
@-وفييي هذا الباب أربييع مسييائل مشهورة :إحداهييا فييي تمييييز
الجنس .والثانية :في تمييز الصفات .والثالثة :في معرفة السن.
والرابعة :في العدد.
@(-المسيألة الولى) أجميع العلماء على جواز الضحاييا مين جمييع
بهيمة النعام ،واختلفوا في الفضل من ذلك ،فذهب مالك إلى أن
الفضيل فيي الضحاييا :الكباش ثيم البقير ثيم البيل ،بعكيس المير
عنده في الهدايا؛ وقد قيل عنه البل ثم البقر ثم الكباش؛ وذهب
الشافعيي إلى عكيس ميا ذهيب إلييه مالك فيي الضحاييا :البيل ثيم
البقير ثيم الكباش ،وبيه قال أشهيب وابين شعبان .وسيبب اختلفهيم
معارضة القياس لدليل الفعل ،وذلك أنه لم يرو عنه عليه الصلة
والسييلم أنييه ضحييى إل بكبييش ،فكان ذلك دليل على أن الكباش
فيي الضحاييا أفضيل ،وذلك فيميا ذكير بعيض الناس وفيي البخاري
عين ابين عمير ميا يدل ميا يدل على خلف ذلك وهيو أنيه قال "كان
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يذبيح وينحير بالمصيلى" وأميا
القياس فلن الضحاييا قربية بحيوان فوجيب أن يكون الفضيل فيهيا
الفضل في الهدايا ،وقد احتج الشافعي لمذهبه بعموم قوله عليه
الصيلة والسيلم "مين راح فيي السياعة الولى فكأنميا قرب بدنية
وميين راح فييي السيياعة الثانييية فكأنمييا قرب بقرة وميين راح فييي
السياعة الثالثية فكأنميا قرب كبشيا" الحدييث ،فكان الواجيب حميل
هذا على جميييع القرب بالحيوان .وأمييا مالك فحمله على الهدايييا
فقيط لئل يعارض الفعيل القول وهيو الولى .وقيد يمكين أن يكون
لختلفهم سبب آخر ،وهو هل الذبح العظيم الذي فدى به إبراهيم
سنة باقية إلى اليوم وإنها الضحية ،وإن ذلك معنى قوله {وتركنا
عليه في الخرين} فمن ذهب إلى هذا قال :الكباش أفضل؛ ومن
رأى أن ذلك ليسيييت سييينة باقيييية لم يكييين عنده دلييييل على أن
الكباش أفضيل ،ميع أنيه قيد ثبيت أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيييلم ضحيييى بالمريييين جميعيييا وإذا كان ذلك كذلك فالواجيييب
المصييير إلى قول الشافعييي ،وكلهييم مجمعون على أنييه ل تجوز
الضحيية بغيير بهيمية النعام إل ميا حكيى عين الحسين بين صيالح أنيه
قال :تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ،والظبي عن واحد.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
منهيا ،ول يلحيق بهيا ميا كان مسياويا لهيا فيي منيع الجزاء إل على
وجه الستحباب؛ ومن كان عنده أنه من باب التنبيه على المرين
جميعا أعني على ما هو أشد من المنطوق به أو مساويا له قال:
تمنع العيوب الشبيهة بالمنصوص عليها الجزاء كما يمنعه العيوب
التييي هييي أكييبر منهييا ،فهذا هييو أحييد أسييباب الخلف فييي هذه
المسيألة ،وهيو مين قبيل تردد اللفيظ بيين أن يفهيم منيه المعنيى
الخاص أو المعنى العام ،ثم إن من فهم منه العام ،فأي عام هو؟
هل الذي هو أكثر من ذلك؟ أو الذي هو أكثر والمساوي معا على
المشهور من مذهب مالك؟ وأما السبب الثاني فإنه ورد في هذا
الباب مين الحادييث الحسيان حديثان متعارضان ،فذكير النسيائي
عيين أبيي بردة أنيه قال" :ييا رسيول الله أكره النقييص يكون فييي
القرن والذن ،فقال له النيبي صيلى الله علييه وسيلم :ميا كرهتيه
فدعييه ول تحرمييه على غيرك" وذكيير علي بيين أبييي طالب قال
"أمرنيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أن نسيتشرف العيين
والذن ول يضحييييييييييييى بشرقاء ول خرقاء ول مدابرة ول بتراء"
والشرقاء :المشقوقيييييييية الذن .والخرقاء :المثقوبيييييييية الذن.
والمدابرة :التي قطع من جنبتي أذنها من خلف .فمن رجح حديث
أبي بردة قال :ل يتقي إل العيوب الربع أو ما هو أشد منها؛ ومن
جميع بيين الحديثيين بأن حميل حدييث أبيي بردة على اليسيير الذي
هيو غيير بيين وحدييث علي على الكثيير الذي هيو بيين ألحيق بحكيم
المنصييوص عليهييا مييا هييو مسيياو لهييا ،ولذلك جرى أصييحاب هذا
المذهييب إلى التحديييد فيمييا يمنييع الجزاء ممييا يذهييب ميين هذه
العضاء ،فاعتيبر بعضهيم ذهاب الثلث مين الذن والذنيب ،وبعضهيم
اعتيبر الكثير؛ وكذلك المير فيي ذهاب السينان وأطباء الثدي ،وأميا
القرن فإن مالكييا قال :ليييس ذهاب جزء منييه عيبييا إل أن يكون
يدمى فإنه عنده من باب المرض ،ول خلف في أن المرض البين
يمنع الجزاء .وخرج أبو داود "أن النبي عليه الصلة والسلم نهى
عن أعصب الذن والقرن" واختلفوا في الصكاء وهي التي خلقت
بل أذنييين ،فذهييب مالك والشافعييي إلى أنهييا ل تجوز؛ وذهييب أبييو
حنيفية إلى أنيه إذا كان خلقية جاز كالجيم ولم يختلف الجمهور أن
قطييع الذن كله أو أكثره عيييب ،وكييل هذا الختلف راجييع إلى مييا
قدمناه .واختلفوا فيي البتير؛ فقوم أجازوه لحدييث جابر الجعفيي
عين محميد بين قرظية عين أبيي سيعيد الخدري أنيه قال "اشترييت
كبشا لضحي به ،فأكل الذئب ذنبه ،فسألت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ،فقال :ضح به" وجابر عند أكثر المحدثين ل يحتج به
وقوم أيضا منعوه لحديث علي المتقدم.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان له شرك فيي ضحيية لييس ينطلق علييه اسيم مضيح إل إن قام
الدلييل الشرعيي على ذلك .وأميا الثير الذي انبنيى علييه القياس
المعارض لهذا الصييل فمييا روي عيين جابر أنييه قال "نحرنييا مييع
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عام الحديبيية البدنية عين سيبع"
وفييي بعييض روايات الحديييث "سيين رسييول الله صييلى الله عليييه
وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة" فقاس الشافعي وأبو
حنيفة الضحايا في ذلك على الهدايا؛ وأما مالك فرجح الصل على
القياس المبنييي على هذا الثيير لنييه اعتييل لحديييث جابر بأن ذلك
كان حيين صيد المشركون رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عين
البييت ،وهدي المحصير بعيد لييس هيو عنده واجبيا وإنميا هيو تطوع،
وهدي التطوع يجوز عنده فيييه الشتراك ،ول يجوز الشتراك فييي
الهدي الواجييب ،لكيين على القول بأن الضحايييا غييير واجبيية فقييد
يمكن قياسها على هذا الهدي؛ وروي عنه ابن القاسم أنه ل يجوز
الشتراك ل فييي هدي تطوع ول فييي هدي وجوب ،وهذا كأنييه رد
للحديييث لمكان مخالفتييه للصييل فييي ذلك ،وأجمعوا على أنييه ل
يجوز أن يشترك فيي النسيك أكثير مين سيبعة .وإن كان قيد روي
مين حدييث رافيع بين خدييج ومين طرييق ابين عباس وغيره "البدنية
عييين عشرة" .وقال الطحاوي :وإجماعهيييم على أنيييه ل يجوز أن
يشترك فيي النسيك أكثير مين سيبعة دلييل على أن الثار فيي ذلك
غير صحيحة ،وإنما صار مالك لجواز تشريك الرجل أهل بيته في
أضحيته أو هدية لما رواه عن ابن شهاب أنه قال "ما نحر رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم عين أهيل بيتيه إل بدنية واحدة أو بقرة
واحدة" وإنما خولف مالك في الضحايا في هذا المعنى ،أعني في
التشرييك لن الجماع انعقيد على منيع التشرييك فييه فيي الجانيب،
فوجب أن يكون القارب في ذلك في قياس الجانب ،وإنما فرق
مالك في ذلك بين الجانب والقارب لقياسه الضحايا على الهدايا
في الحديث الذي احتج به :أعني حديث ان شهاب ،فاختلفهم في
هذه المسيألة إذا رجيع إلى تعارض القيسية فيي هذا الباب :أعنيي
إما إلحاق القارب بالجانب ،وإما قياس الضحايا على الهدايا.
**3الباب الثالث في أحكام الذبح.
@-ويتعلق بالذبح المختص بالضحايا النظر في الوقت والذبح .أما
الوقييت فإنهييم اختلفوا فيييه فييي ثلثيية مواضييع :فييي ابتدائه وفييي
انتهائه وفييي الليالي المتخللة له .فأمييا فييي ابتدائه ،فإنهييم اتفقوا
على أن الذبييح قبييل الصييلة ل يجوز لثبوت قوله عليييه الصييلة
والسييلم "ميين ذبييح قبييل الصييلة فإنمييا هييي شاة لحييم" وأمره
بالعادة لمن ذبح قبل الصلة وقوله "أول ما نبدأ به في يومنا هذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هو أن نصلي ثم ننحر" إلى غير ذلك من الثار الثابتة التي في هذا
المعنيى .واختلفوا فيمين ذبيح قبيل ذبيح المام وبعيد الصيلة ،فذهيب
مالك إلى أنه ل يجوز لحد ذبح أضحيته قبل ذبح المام؛ وقال أبو
حنيفية والثوري :يجوز الذبيح بعيد الصيلة وقبيل ذبيح المام .وسيبب
اختلفهيم اختلف الثار فيي هذا الباب ،وذلك أنيه جاء فيي بعضهيا
"أن النبي عليه الصلة والسلم أمر لمن ذبح قبل الصلة أن يعيد
الذبح" ،وفي بعضها "أنه أمر لمن ذبح قبل ذبحه أن يعيد" وخرج
هذا الحديييث الذي فيييه هذا المعنييى مسييلم؛ فميين جعييل ذلك
موطنييين اشترط ذبييح المام فييي جواز الذبييح؛ وميين جعييل لذلك
موطنيا واحدا قال :إنميا يعتيبر فيي إجزاء الذبيح الصيلة فقيط .وقيد
اختلفت الرواية في حديث أبي بردة ابن نيار ،وذلك أن في بعض
رواياتيه "أنيه ذبيح قبيل الصيلة فأمره رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم أن يعييد الذبيح" وفيي بعضهيا "أنيه ذبيح قبيل ذبيح رسيول الله
صلى الله عليه وسلم فأمره بالعادة" وإذا كان ذلك كذلك فحمل
قول الراوي أنييه ذبييح قبييل رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم،
وقول الخير ذبيح قبيل الصيلة على موطين واحيد أولى ،وذلك أن
مين ذبيح قبيل الصيلة فقيد ذبيح قبيل رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ،فيجيب أن يكون المؤثير فيي عدم الجزاء إنميا هيو الذبيح
قبيل الصيلة كميا جاء فيي الثار الثابتية فيي ذلك مين حدييث أنيس
وغيره "أن ميين ذبييح قبييل الصييلة فليعييد" وذلك أن تأصيييل هذا
الحكييم منييه صييلى الله عليييه وسييلم يدل بمفهوم الخطاب دللة
قويية أن الذبيح بعيد الصيلة يجزئ ،لنيه لو كان هنالك شرط آخير
مميا يتعلق بيه إجزاء الذبيح لم يسيكت عنيه رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم مع أن فرضه التبيين ،ونص حديث أنس هذا قال :قال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم يوم النحير "مين كان ذبيح قبيل
الصيلة فليعيد" واختلفوا مين هذا الباب فيي فرع مسيكوت عنيه،
وهيو متيى يذبيح مين لييس له إمام مين أهيل القرى؟ فقال مالك:
يتحرون ذبييح أقرب الئميية إليهييم؛ وقال الشافعييي :يتحرون قدر
الصلة والخطبة ويذبحون؛ وقال أبو حنيفة :من ذبح من هؤلء بعد
الفجييير أجزأه؛ وقال قوم :بعيييد طلوع الشميييس؛ وكذلك اختلف
أصحاب مالك في فرع آخر ،وهو إذا لم يذبح المام في المصلى،
فقال قوم :يتحرى ذبحييه بعييد انصييرافه؛ وقال قوم :ليييس يجييب
ذلك .وأما آخر زمان الذبح فإن مالكا قال :آخره اليوم الثالث من
أيام النحيير وذلك مغيييب الشمييس .فالذبييح عنده هييو فييي اليام
المعلومات يوم النحيير ويومان بعده ،وبييه قال أبييو حنيفيية وأحمييد
وجماعية؛ وقال الشافعيي والوزاعيي :الضحيى أربعية يوم النحير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وثلثة أيام بعده .وروي عن جماعة أنهم قالوا :الضحى يوم واحد
وهو يوم النحر خاصة؛ وقد قيل الذبح إلى آخر يوم من ذي الحجة
وهيو شاذ ل دلييل علييه ،وكيل هذه القاوييل مرويية عين السيلف.
وسيبب اختلفهيم شيئان :أحدهميا اختلفهيم فيي اليام المعلومات
ميا هيي فيي قوله تعالى {ليشهدوا منافيع لهيم ويذكروا اسيم الله
فيي أيام معلومات على ميا رزقهيم مين بهيمية النعام} فقييل يوم
النحيير ويومان بعده وهييو المشهور؛ وقيييل العشيير الول ميين ذي
الحجيية .والسييبب الثانييي معارضيية دليييل الخطاب فييي هذه الييية
لحديييث جييبير بيين مطعييم ،وذلك أنييه ورد فيييه عنييه عليييه الصييلة
والسيلم أنيه قال "كيل فجاج مكية منحير وكيل أيام التشرييق ذبيح"
فمين قال فيي اليام المعلومات إنهيا يوم النحير ويومان بعده فيي
هذه الية ورجح دليل الخطاب فيها على الحديث المذكور قال "ل
نحر إل في هذه اليام" ومن رأى الجمع بين الحديث والية وقال
ل معارضة بينهما إذ الحديث اقتضى حكما زائدا على ما في الية،
مييع أن الييية ليييس المقصييود منهييا تحديييد أيام الذبييح ،والحديييث
المقصييود منييه ذلك قال :يجوز الذبييح فييي اليوم الرابييع إذ كان
باتفاق ميين أيام التشريييق ،ول خلف بينهييم أن اليام المعدودات
هي أيام التشريق وأنها ثلثة بعد يوم النحر ،إل ما روي عن سعيد
بن جبير أنه قال :يوم النحر من أيام التشريق .وإنما اختلفوا في
اليام المعلومات على القولييين المتقدمييين .وأمييا ميين قال يوم
النحير فقيط فبناء على أن المعلومات هيي العشير الول قال :وإذا
كان الجماع قد انعقد أنه ل يجوز الذبح منها إل في اليوم العاشر
وهي محل الذبح المنصوص عليها فواجب أن يكون الذبح إنما هو
يوم النحر فقط.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) وهيي اختلفهيم فيي الليالي التيي تتخلل
أيام النحير ،فذهيب مالك فيي المشهور عنيه إلى أنيه ل يجوز الذبيح
فيي ليالي أيام التشرييق ول النحير .وذهيب الشافعيي وجماعية إلى
جواز ذلك .وسبب اختلفهم الشتراك الذي في اسم اليوم ،وذلك
أنييييه مرة يطلقييييه العرب على النهار والليلة مثييييل قوله تعالى
{فتمتعوا فييي داركييم ثلثيية أيام} ومرة يطلقييه على اليام دون
الليالي مثيل قوله تعالى {سيخرها عليهيم سيبع ليال وثمانيية أيام
حسيوما} فمين جعيل اسيم اليوم يتناول اللييل ميع النهار فيي قوله
تعالى {ليذكروا اسييم الله فييي أيام معلومات} قال :يجوز الذبييح
باللييل والنهار فيي هذه اليام؛ ومين قال لييس يتناول اسيم اليوم
اللييل فيي هذه اليية قال :ل يجوز الذبيح ول النحير باللييل .والنظير
هل اسم اليوم أظهر في أحدهما من الثاني ،ويشبه أن يقال إنه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي معرفية اللة التيي بهيا يكون الذبيح والنحير .الباب الرابيع :فيي
معرفة شروط الذكاة .الباب الخامس :في معرفة الذابح والناحر
والصييول هييي الربعيية ،والشروط يمكيين أن تدخييل فييي الربعيية
البواب والسهل في التعليم أن يجعل بابا على حدته.
**3الباب الول في معرفة محل الذبح والنحر.
@-والحيوان في اشتراط الذكاة في أكله على قسمين :حيوان ل
يحيل إل بذكاة ،وحيوان يحيل بغيير ذكاة .ومين هذه ميا اتفقوا علييه
ومنهيا ميا اختلفوا فييه .واتفقوا على أن الحيوان الذي يعميل فييه
الذبيييح هيييو الحيوان البري ذو الدم الذي لييييس بمحرم ول منفوذ
المقاتيل ول ميئوس منيه بوقيذ أو نطيح أو ترد أو افتراس سيبع أو
مرض ،وأن الحيوان البحري ليييس يحتاج إلى ذكاة .واختلفوا فييي
الحيوان الذي لييس يدميي مميا يجوز أكله مثيل الجراد وغيره هيل
له ذكاة أم ل؟ وفيي الحيوان المدميي الذي يكون تارة فيي البحير
وتارة فيي البر مثيل السيلحفاة وغيره .واختلفوا فيي تأثيير الذكاة
فيي الصيناف التيي نيص عليهيا فيي آيية التحرييم وفيي تأثيير الذكاة
فيمييا ل يحييل أكله ،أعنييي فييي تحليييل النتفاع بجلودهييا وسييلب
النجاسية عنهيا ،ففيي هذا الباب إذا سيت مسيائل أصيول :المسيألة
الولى :في تأثير الذكاة في الصناف الخمسة التي نص عليها في
الية إذا أدركت حية .المسألة الثانية :في تأثير الذكاة في الحيوان
المحرم الكيل .المسيألة الثالثية :فيي تأثيير الذكاة فيي المريضية.
المسيألة الرابعية :فيي هيل ذكاة الجنيين ذكاة أميه أم ل؟ المسيألة
الخامسة :هل للجراد ذكاة أم ل؟ المسألة السادسة :هل للحيوان
الذي يأوي في البر تارة وفي البحر تارة ذكاة أم ل؟.
@(-المسألة الولى) أما المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة
وما أكل السبع فإنهم اتفقوا فيما أعلم أنه إذا لم يبلغ الخنق منها
أو الوقذ منها إلى حالة ل يرجى فيها أن الذكاة عاملة فيها ،أعني
أنه إذا غلب على الظن أنها تعيش ،وذلك بأن ل يصاب لها مقتل.
واختلفوا إذا غلب على الظين أنهيا تهلك مين ذلك بإصيابة مقتيل أو
غيره ،فقال قوم :تعمييل الذكاة فيهييا ،وهييو مذهييب أبييي حنيفيية
والمشهور ميين قول الشافعييي ،وهييو قول الزهري وابيين عباس؛
وقال قوم :ل تعمييل الذكاة فيهييا؛ وعيين مالك فييي ذلك الوجهان،
ولكين الشهير أنهيا ل تعميل فيي الميئوس منهيا :وبعضهيم تأول فيي
المذهيب أن الميئوس منهيا على ضربيين ميئوسية مشكوك فيهيا،
وميئوسيية مقطوع بموتهييا وهييي المنفوذة المقاتييل على اختلف
بينهم أيضا في المقاتل قال :فأما الميئوسة المشكوك فيها ففي
المذهيييب فيهيييا روايتان مشهورتان؛ وأميييا المنفوذة المقاتيييل فل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ضعيييف ،لن مييا وقييع الجماع على إجزائه ليييس يلزم أن يكون
شرطا في الصحة.
@(-وأميا المسيألة الثالثية) فيي موضيع القطيع وهيي إن لم يقطيع
الجوزة فييي نصييفها وخرجييت إلى جهيية البدن فاختلف فيييه فييي
المذهيب؛ فقال مالك وابين القاسيم :ل تؤكيل؛ وقال أشهيب وابين
عبيد الحكيم وابين وهيب تؤكيل .وسيبب الخلف هيل قطيع الحلقوم
شرط في الذكاة أو ليس بشرط؟ فمن قال إنه شرط قال :ل بد
أن تقطييع الجوزة ،لنييه إذا قطييع فوق الجوزة فقييد خرج الحلقوم
سييليما؛ وميين قال إنييه ليييس بشرط قال :إن قطييع فوق الجوزة
جاز.
@(-وأما المسألة الرابعة) وهي إن قطع أعضاء الذكاة من ناحية
العنيق ،فإن المذهيب ل يختلف أنيه ل يجوز وهيو مذهيب سيعيد بين
المسييب وابين شهاب وغيرهيم وأجاز ذلك الشافعيي وأبيو حنيفية
وإسيحاق وأبيو ثور ،وروي ذلك عين ابين عمير وعلي وعمران بين
الحصين .وسبب اختلفهم هل تعمل الذكاة في المنفوذة المقاتل
أم ل تعمييل ،وذلك أن القاطييع لعضاء الذكاة ميين القفييا ل يصييل
إليهيا بالقطيع إل بعيد قطيع النخاع وهيو مقتيل مين المقاتيل ،فترد
الذكاة على حيوان قيد أصييب مقتله ،وقيد تقدم سيبب الخلف فيي
هذه المسألة.
@(-وأميا المسيألة الخامسية) وهيي أن يتمادى الذابيح بالذبيح حتيى
يقطيع النخاع ،فإن مالكيا كره ذلك إذا تمادى فيي القطيع ولم ينيو
قطيع النخاع مين أول المير ،لنيه إن نوى ذلك فكأنيه نوى التذكيية
على غير الصفة الجائزة .وقال مطرف وابن الماجشون :ل تؤكل
إن قطعها متعمدا دون جهل ،وتؤكل إن قطعها ساهيا أو جاهل.
@(-وأما المسألة السادسة) وهي هل من شرط الذكاة أن تكون
فيي فور واحيد فإن المذهيب ل يختلف أن ذلك مين شرط الذكاة،
وأنيه إذا رفيع يده قبيل تمام الذبيح ثيم أعادهيا ،وقيد تباعيد ذلك أن
تلك الذكاة ل تجوز .واختلفوا إذا أعاد يده بفور ذلك وبالقرب،
فقال ابييين حيييبيب :إن أعاد يده بالفور أكلت؛ وقال سيييحنون :ل
تؤكييل؛ وقيييل إن رفعهييا لمكان الختبار هييل تمييت الذكاة أم ل
فأعادها على الفور إن تبين له أنها لم تتم أكلت وهو أحد ما تؤول
على سييحنون وقييد تؤول قوله على الكراهيية .قال أبييو الحسيين
اللخميي :ولو قييل عكيس هذا لكان أجود ،أعنيي أنيه إذا رفيع يده
وهو يظن أنه قد أتم الذكاة فتبين له غير ذلك فأعادها أنها تؤكل،
لن الول وقيع عين شيك وهذا عين اعتقاد ظنيه يقينيا وهذا مبنيي
على أن مين شرط الذكاة قطيع كيل أعضاء الذكاة ،فإذا رفيع يده
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قبيل أن تسيتتم كانيت منفوذة المقاتيل غيير مذكاة ،فل تؤثير فيهيا
العودة ،لنها بمنزلة ذكاة طرأت على المنفوذة المقاتل.
**3الباب الثالث فيما تكون به الذكاة.
@-أجمييع العلماء على أن كييل مييا أنهيير الدم وفرى الوداج ميين
حديييد أو صييخر أو عود أو قضيييب أن التذكييية بييه جائزة .واختلفوا
فييي ثلثيية :فييي السيين والظفيير والعظييم ،فميين الناس ميين أجاز
التذكيية بالعظيم ومنعهيا بالسين والظفير ،والذيين منعوهيا بالسين
والظفيير منهييم ميين فرق بييين أن يكونييا منزوعييين أو ل يكونييا
منزوعين ،فأجاز التذكية بهما إذا كانا منزوعين ولم يجزها إذا كانا
متصلين؛ ومنهم من قال :إن الذكاة بالسن والعظم مكروهة غير
ممنوعة ،ول خلف في المذهب أن الذكاة بالعظم جائزة إذا أنهر
الدم ،واختلف فيي السن والظفر فيه على القاويل الثلثة ،أعنيي
بالمنع مطلقا ،والفرق فيهما بين النفصال والتصال وبالكراهية ل
بالمنيع .وسيبب اختلفهيم اختلفهيم فيي مفهوم النهيي الوارد فيي
قوله علييه الصيلة والسيلم فيي حدييث رافيع بين خدييج ،وفييه قال
"يييا رسييول الله إنييا لقييو العدو غدا وليييس معنييا مدى فنذبييح
بالقصيب؟ فقال علييه الصيلة والسيلم :ميا أنهير الدم وذكير اسيم
الله علييه فكيل لييس السين والظفير وسيأحدثكم عنيه ،أميا السين
فعظم ،وأما الظفر فمدى الحبشة" فمن الناس من فهم منه أن
ذلك لمكان أن هذه الشياء لييس فيي طبعهيا أن تنهير الدم غالبيا؛
ومنهيم مين فهيم مين ذلك أنيه شرع غيير معلل ،والذيين فهموا منيه
أنه شرع غير معلل :منهم من اعتقد أن النهي في ذلك يدل على
فساد المنهي عنه؛ ومنهم من اعتقد أنه ل يدل على فساد المنهى
عنيه؛ ومنهيم مين اعتقيد أن النهيي فيي ذلك على وجيه الكراهية ل
على وجه الحظر ،فمن فهم أن المعنى في ذلك أنه ل ينهر الدم
غالبا قال :إذا وجد منهما ما ينهر الدم جاز ،ولذلك رأى بعضهم أن
يكونييا منفصييلين إذ كان إنهار الدم منهمييا إذا كانييا بهذه الصييفة
أمكين ،وهيو مذهيب أبيي حنيفية؛ ومين رأى أن النهيي عنهميا هيو
مشروع غير معلل وأنه يدل على فساد المنهى عنه قال :إن ذبح
بهمييا لم تقييع التذكييية ،وإن أنهيير الدم؛ وميين رأى أنييه ل يدل على
فسياد المنهيى عنيه قال :إن فعيل وأنهير الدم أثيم وحلت الذبيحية؛
ومين رأى أن النهيي على وجيه الكراهيية كره ذلك ولم يحرميه ،ول
معنييى لقول ميين فرق بييين العظييم والسيين ،فإنييه عليييه الصييلة
والسلم قد علل المنع في السن بأنه عظم ،ول يختلف المذهب
أنه يكره غير الحديد من المحدودات مع وجود الحديد لقوله عليه
الصلة والسلم "إن الله كتب الحسان على كل شيء فإذا قتلتم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قوله تعالى {وطعام الذيييين أوتوا الكتاب حيييل لكيييم} قال يجوز،
وكذلك من اعتقد أن نية المستنيب تجزئ وهو قول ابن وهب.
(وأميا المسيألة الثانيية) وهيي ذبائح نصيارى بنيي تغلب والمرتديين،
فإن الجمهور على أن ذبائح النصييارى ميين العرب حكمهييا حكييم
ذبائح أهييل الكتاب ،وهييو قول ابيين عباس؛ ومنهييم ميين لم يجييز
ذبائحهيم ،وهيو أحيد قولي الشافعيي ،وهيو مروى عين علي رضيي
الله عنييييه .وسييييبب الخلف هييييل يتناول العرب المتنصييييرين
والمتهوديييين اسيييم الذيييين أوتوا الكتاب كميييا يتناول ذلك الميييم
المختصيية بالكتاب وهييم بنييو اسييرائيل والروم .وأمييا المرتييد فإن
الجمهور على أن ذبيحتييه ل تؤكييل .وقال اسييحاق :ذبيحتييه جائزة؛
وقال الثوري :مكروهة .وسبب الخلف هل المر تد ل يتناوله اسم
أهل الكتاب إذ كان ليس له حرمة أهل الكتاب أو يتناوله؟
(وأما المسألة الثالثة) وهي إذا لم يعلم أن أهل الكتاب سموا الله
على الذبيحية فقال الجمهور :تؤكيل ،وهيو مروى عين علي ،ولسيت
أذكير فييه فيي هذا الوقيت خلفيا ،ويتطرق إلييه الحتمال بأن يقال
إن الصييل هييو أن ل يؤكييل ميين تذكيتهييم إل مييا كان على شروط
السيلم؛ فإذا قييل على هذا أن التسيمية مين شرط التذكيية وجيب
أن ل تؤكييل ذبائحهييم بالشييك فييي ذلك .وأمييا إذا علم أنهييم ذبحوا
ذلك لعيادهيم وكنائسيهم فإن مين العلماء مين كرهيه ،وهيو قول
مالك؛ ومنهم من أباحه ،وهو قول أشهب؛ ومنهم من حرمه ،وهو
الشافعييي .وسييبب اختلفهييم تعارض عمومييي الكتاب فييي هذا
الباب ،وذلك أن قوله تعالى {وطعام الذييييين أوتوا الكتاب حييييل
لكيم} يحتميل أن يكون مخصيصا لقوله تعالى {وميا أهيل بيه لغيير
الله} ويحتمييل أن يكون قوله تعالى {ومييا أهييل بييه لغييير الله}
مخصييصا لقوله تعالى {وطعام الذييين أوتوا الكتاب حييل لكييم} إذ
كان كل واحد منهما يصح أن يستثنى من الخر ،فمن جعل قوله
تعالى وميا أهيل بيه لغيير الله مخصيصا لقوله تعالى {وطعام الذيين
أوتوا الكتاب حل لكم} قال :ل يجوز ما أهل به للكنائس والعياد؛
ومين عكيس المير قال :يجوز .وأميا إذا كانيت الذبيحية مميا حرميت
عليهييم ،فقيييل يجوز؛ وقيييل ل يجوز ،وقيييل بالفرق بييين أن تكون
محرمة عليهم بالتوراة أو من قبل أنفسهم ،أعني بإباحة ما ذبحوا
مما حرموا على أنفسهم ومنع ما حرم الله عليهم؛ وقيل يكره ول
يمنييع .والقاويييل الربعيية موجودة فييي المذهييب :المنييع عيين ابيين
القاسيم ،والباحية عين ابين وهيب وابين عبيد الحكيم ،والتفرقية عين
أشهب .وأصل الختلف معارضة عموم الية لشتراط نية الذكاة:
أعنيي اعتقاد تحلييل الذبيحية بالتذكيية؛ فمين قال ذلك شرط فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشرع أو ميا كان قريبيا من المنطوق بيه .وأميا محيل الصييد فإنهيم
أجمعوا على أن محله من الحيوان البحري وهو السمك وأصنافه،
ومين الحيوان البري الحلل الكيل الغيير مسيتأنس .واختلفوا فيميا
اسيتوحش مين الحيوان المسيتأنس فلم يقدر على أخذه ول ذبحيه
أو نحره ،فقال مالك :ل يؤكييل إل أن ينحيير ،ميين ذلك مييا ذكاتييه
النحير ،ويذبيح ميا ذكاتيه الذبيح ،أو يفعيل بيه أحدهميا إن كان مميا
يجوز فييه المران جميعيا .وقال أبيو حنيفية والشافعيي :إذا لم يقدر
على ذكاة البعييير الشارد فإنييه يقتييل كالصيييد .وسييبب اختلفهييم
معارضة الصل في ذلك للخبر ،وذلك أن الصل في هذا الباب هو
أن الحيوان النسييي ل يؤكييل إل بالذبييح أو النحيير ،وأن الوحشييي
يؤكل بالعقر .وأما الخبر المعارض لهذه الصول ،فحديث رافع بن
خديييج وفيييه قال "فنييد منهييا بعييير وكان فييي القوم خيييل يسيييرة
فطلبوه فأعياهيم ،فأهوى إلييه رجيل بسيهم فحبسيه الله تعالى بيه،
فقال النيبي علييه الصيلة والسيلم" :إن لهذه البهائم أوابيد كأوابيد
الوحيش فميا نيد عليكيم فاصينعوا بيه هكذا" والقول بهذا الحدييث
أولى لصحته ،لنه ل ينبغي أن يكون هذا مستثنى من ذلك الصل
مع أن لقائل أن يقول إنه جار مجرى الصل في هذا الباب ،وذلك
أن العلة فيي كون العقير ذكاة فيي بعيض الحيوان لييس شيئا أكثير
من عدم القدرة عليه ،ل لنه وحشي فقط ،فإذا وجد هذا المعنى
ميين النسييي جاز أن تكون ذكاتييه ذكاة الوحشييي ،فيتفييق القياس
والسماع.
**3الباب الثاني فيما يكون به الصيد.
@-والصيل فيي هذا الباب آيتان وحديثان :اليية الولى قوله تعالى
{ييا أيهيا الذيين آمنوا ليبلونكيم الله بشييء مين الصييد تناله أيديكيم
ورماحكييم} .والثانييية قوله تعالى {قييل أحييل لكييم الطيبات ومييا
علمتم من الجوارح مكلبين} الية .وأما الحديثان :فأحدهما حديث
عدي بن حاتم ،وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له
"إذا أرسييلت كلبيك المعلمية وذكرت اسييم الله عليهييا فكييل مميا
أمسكن عليك ،وإن أكل الكلب فل تأكل فإني أخاف أن يكون إنما
أمسييك على نفسييه ،وإن خالطهييا كلب غيرهييا فل تأكييل فإنمييا
سييميت على كلبييك ولم تسييم على غيره" وسييأله عيين المعراض
فقال "إذا أصياب بعرضيه فل تأكيل فإنيه وقييذ" وهذا الحدييث هيو
أصيل فيي أكثير ميا فيي هذا الكتاب .والحدييث الثانيي حدييث أبيي
ثعلبية الخشنيي ،وفييه مين قوله علييه الصيلة والسيلم "ميا أصيبت
بقوسيك فسيم الله ثيم كيل ،وميا صيدت بكلبيك المعلم فاذكير اسيم
الله ثيم كيل ،وميا صيدت بكلبيك الذي لييس بمعلم وأدركيت ذكاتيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اصيطياد بجارح ميا عدا الكلب ول باز ول صيقر ول غيير ذلك إل ميا
أدركييت ذكاتييه ،وهييو قول مجاهييد؛ واسييتثنى بعضهييم ميين الطيور
الجارحة البازي فقط فقال :يجوز صيده وحده.
وسييبب اختلفهييم فييي هذا الباب شيئان :أحدهمييا قياس سييائر
الجوارح على الكلب ،وذلك أنيه قيد يظين أن النيص إنميا ورد فيي
الكلب ،أعنيي قوله تعالى {وميا علمتيم مين الجوارح مكلبيين} إل
أن يتأول أن لفظيه مكلبيين مشتقية مين كلب الجارح ل مين لفيظ
الكلب ،ويدل على هذا عموم اسيم الجوارح الذي فيي اليية ،فعلى
هذا يكون سييبب الختلف الشتراك الذي فيييي لفظيييه مكلبيييين.
والسبب الثاني هل من شرط المساك المساك على صاحبه أم
ل؟ وإن كان مين شرطيه فهيل يوجيد فيي غيير الكلب أو ل يوجيد؟
فمين قال ل يقاس سيائر الجوارح على الكلب وأن لفظيه مكلبيين
هي مشتقة من اسم الكلب ل من اسم غير الكلب أو أنه ل يوجد
المسياك إل فيي الكلب :أعنيي على صياحبه وأن ذلك شرط قال:
ل يصييياد بجارح سيييوى الكلب؛ ومييين قاس على الكلب سيييائر
الجوارح ولم يشترط فييي المسيياك المسيياك على صيياحبه قال:
يجوز صيد سائر الجوارح إذا قبلت التعليم.
وأميا مين اسيتثنى مين ذلك البازي فقيط فمصييرا إلى ميا روي عين
عدي بن حاتم أنه قال "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عين صييد البازي فقال :ميا أمسيك علييك فكيل" خرجيه الترمذي
فهذه هييي أسييباب اتفاقهييم واختلفهييم فييي أنواع الجوارح .وأمييا
الشروط المشترطية فيي الجوارح فإن منهيا ميا اتفقوا علييه وهيو
التعلييم بالجملة لقوله تعالى {وميا علمتيم مين الجوارح مكلبيين}
وقوله عليه الصلة والسلم "إذا أرسلت كلبك المعلم"
واختلفوا فييي صييفة التعليييم وشروطييه ،فقال قوم :التعليييم ثلثيية
أصيييناف :أحدهيييا أن تدعيييو الجارح فيجييييب .والثانيييي أن تشيله
فينشلى .والثالث أن تزجره فيزدجر .ول خلف بينهم في اشتراط
هذه الثلثيية فييي الكلب ،وإنمييا اختلفوا فييي اشتراط النزجار فييي
سييائر الجوارح ،فاختلفوا أيضييا فييي هييل ميين شرطييه أن ل يأكييل
الجارح؟ فمنهيم مين اشترطيه على الطلق؛ ومنهيم مين اشترطيه
في الكلب فقط؛ وقول مالك :إن هذه الشروط الثلثة شرط في
الكلب وغيرهييا؛ وقال ابيين حييبيب ميين أصييحابه :ليييس يشترط
النزجار فيميا لييس يقبيل ذلك مين الجوارح مثيل البزاة والصيقور،
وهيو مذهيب مالك ،أعنيي أنيه لييس مين شرط الجارح ل كلب ول
غيره أن ل يأكل ،واشترطه بعضهم في الكلب ولم يشترطه فيما
عداه من جوارح الطيور؛ ومنهم من اشترطه كما قلنا في الكل؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والجمهور على جواز أكيييل صييييد البازي والصيييقر وإن أكيييل ،لن
تضريتييه إنمييا تكون بالكييل .فالخلف فييي هذا الباب راجييع إلى
موضعييين :أحدهمييا هييل ميين شرط التعليييم أن ينزجيير إذا زجيير؟
والثانيي هيل مين شرطيه أل يأكيل؟ .وسيبب الخلف فيي اشتراط
الكل أو عدمه شيئان :أحدهما اختلف الثار في ذلك .والثاني هل
إذا أكل فهو ممسك أم ل؟ فأما الثار فمنها حديث عدي بن حاتم
المتقدم وفيييه "فإن أكييل فل تأكييل فإنييي أخاف أن يكون أمسييك
على نفسيه" والحدييث المعارض لهذا حدييث أبيي ثعلبية الخشنيي
قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "إذا أرسيلت كلبيك
المعلم وذكرت اسييم الله فكييل ،قلت :وإن أكييل منييه يييا رسييول
الله؟ قال :وإن أكل"
فمين جميع بيين الحديثيين بأن حميل حدييث عدي بين حاتيم على
الندب وهذا على الجواز قال :ليييس ميين شرطييه أل يأكييل؛ وميين
رجيح حدييث عدي بين حاتيم إذ هيو حدييث متفيق علييه وحدييث أبيي
ثعلبيية مختلف فيييه ،ولذلك لم يخرجييه الشيخان البخاري ومسييلم
وقال من شرط المساك أن ل يأكل بدليل الحديث المذكور قال:
إن أكيل الصييد لم يؤكيل ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية وأحميد
وإسحق والثوري ،وهو قول ابن عباس ،ورخص في أكل مما أكل
الكلب كمييا قلنييا مالك وسييعيد بيين مالك وابيين عميير وسييليمان.
وقالت المالكييية المتأخرة إنييه ليييس الكييل بدليييل على أنييه لم
يمسييك لسيييده ول المسيياك لسيييده بشرط فييي الذكاة ،لن نييية
الكلب غييير معلوميية ،وقييد يمسييك لسيييده ثييم يبدو له فيمسييك
لنفسيه ،وهذا الذي قالوه خلف النيص فيي الحدييث وخلف ظاهير
الكتاب ،وهيو قوله تعالى {فكلوا مميا أمسيكن عليكيم} وللمسياك
على سييد الكلب طرييق تعرف بيه ،وهيو العادة ،ولذلك قال علييه
الصييلة والسييلم "فإن أكييل فل تأكييل فإنييي أخاف أن يكون إنمييا
أمسك على نفسه".
وأما اختلفهم في الزدجار فليس له سبب إل اختلفهم في قياس
سيائر الجوارح فيي ذلك على الكلب ،لن الكلب الذي ل يزدجير ل
يسمى معلما باتفاق ،فأما سائر الجوارح إذا لم تنزجر هل تسمى
معلمة أم ل؟ ففيه التردد وهو سبب الخلف.
**3الباب الثالث في معرفة الذكاة المختصة بالصيد وشروطها.
@-واتفقوا على أن الذكاة المختصية بالصييد هيي العقير .واختلفوا
في شروطها اختلفا كثيرا ،وإذا اعتبرت أصولها التي هي أسباب
الختلف سوى الشروط المشترطة في اللة وفي الصائد وجدتها
ثمانيية شروط :اثنان يشتركان فيي الذكاتيين أعنيي ذكاة المصييد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القصييد فييي هذا يشوبييه شيييء ميين الجهييل .وأمييا الشرط الول
الخاص بذكاة الصييد مين الشروط السييتة التيي ذكرناهيا وهييو أن
عقييير الجارح له إذا لم ينفيييذ مقاتله ،إنميييا يكون إذا لم يدركيييه
المرسيل حييا ،فباشتراطيه قال جمهور العلماء لميا جاء فيي حدييث
عدي بين حاتيم فيي بعيض رواياتيه أنيه قال علييه الصيلة والسيلم
"وإن أدركته حيا فاذبحه" وكان النخعي يقول :إذا أدركته حيا ولم
يكيين معييك حديدة فأرسييل عليييه الكلب حتييى تقتله ،وبييه قال
الحسين البصيري مصييرا لعموم قوله تعالى {فكلوا مميا أمسيكن
عليكيم} ومن قبيل هذا الشرط قال مالك :ل يتوانى المرسل فيي
طلب الصيييد ،فإن توانييى فأدركييه ميتييا ،فإن كان منفوذ المقاتييل
بسهم حل أكله وإل لم يحل من أجل أنه لو لم يتوان لكان يمكن
أن يدركيه حييا غيير منفود المقاتيل .وأميا الشرط الثانيي وهيو أن
يكون الفعل مبدؤه من القانص ويكون متصل حتى يصيب الصيد،
فمين قبيل اختلفهيم فييه اختلفوا فيميا تصييبه الحبالة والشبكية إذا
أنقذت المقاتييييل بمحدد فيهييييا ،فمنييييع ذلك مالك والشافعييييي
والجمهور ،ورخص فيه الحسن البصري؛ ومن هذا الصل لم يجز
مالك الصيد الذي أرسل عليه الجارح فتشاغل بشيء آخر ثم عاد
إلييه مين قبيل نفسيه .وأميا الشرط الثالث وهيو أن ل يشاركيه فيي
العقر من ليس عقره ذكاة له ،فهو شرط مجمع عليه فيما أذكر،
لنيه ل يدري مين قتله .وأميا الشرط الرابيع وهيو أن ل يشيك فيي
عيين الصييد ول فيي قتيل جارحية له ،فمين قبيل ذلك اختلفوا فيي
أكل الصيد إذا غاب مصرعه ،فقال مالك مرة :ل بأس بأكل الصيد
إذا غاب عنييك مصييرعه إذا وجدت بييه أثرا ميين كلبييك أو كان بييه
سهمك ما لم يبت ،فإذا بات فإني أكرهه .وبالكراهية قال الثوري؛
وقال عبييد الوهاب :إذا بات الصيييد ميين الجارح لم يؤكييل ،وفييي
السيهم خلف؛ وقال ابين الماجشون :يؤكيل فيهميا جميعيا إذا وجيد
منفوذ المقاتل؛ وقال مالك في المدونة :ل يؤكل فيهما جميعا إذا
بات وإن وجد منفوذ المقاتل؛ وقال الشافعي :القياس أن ل تأكله
إذا غاب عنيك مصيرعه؛ وقال أبيو حنيفية :إذا توارى الصييد والكلب
فييي طلبييه فوجده المرسييل مقتول جاز أكله مييا لم يترك الكلب
الطلب ،فإن تركه كرهنا أكله.
وسيبب اختلفهيم شيئان اثنان :الشيك العارض فيي عيين الصييد أو
فييي زكاتييه .والسييبب الثانييي اختلف الثار فييي هذا الباب ،فروى
مسيلم والنسيائي والترمذي وأبيو داود عين أبيي ثعلبية عين النيبي
علييه الصيلة والسيلم فيي الذي يدرك صييده بعيد ثلث فقال "كيل
ميا لم ينتين" وروى مسيلم عين أبيي ثعلبية أيضيا عين النيبي علييه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصلة والسلم قال "إذا رميت سهمك فغاب عنك مصرعه فكل
ميا لم يبيت" وفييي حدييث عدي بين حاتيم أنييه قال علييه الصييلة
والسلم "إذا وجدت سهمك فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن
سيهمك قتله فكيل" .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي الصييد يصياد
بالسييهم أو يصيييبه الجارح فيسييقط فييي ماء أو يتردى ميين مكان
عال ،فقال مالك :ل يؤكيل لنيه ل يدري مين أي المريين مات ،إل
أن يكون السيهم قيد أنقيذ مقاتله ول يشيك أن منيه مات ،وبيه قال
الجمهور؛ وقال أبيييو حنيفييية :ل يؤكيييل إن وقيييع فيييي ماء منفوذ
المقاتيل ،ويؤكيل إن تردى .وقال عطاء :ل يؤكيل أصيل إذا أصييبت
المقاتيل وقيع فيي ماء أو تردى مين موضيع عال لمكان أن يكون
زهوق نفسيه مين قبيل التردي أو مين الماء قبيل زهوقهيا مين قبيل
إنقاذ المقاتيل .وأميا موتيه مين صيدم الجارح له ،فإن ابين القاسيم
منعيييه قياسيييا على المثقيييل ،وأجازه أشهيييب لعموم قوله تعالى
{فكلوا مما أمسكن عليكم} ولم يختلف المذهب أن ما مات من
خوف الجارح أنيه غيير مذكيي .وأميا كونيه فيي حيين الرسيال غيير
مقدور عليه ،فإنه اشترط فيما علمت متفق عليه .وذلك يوجد إذا
كان الصيييد مقدورا على أخذه باليييد دون خوف أو غرر .إمييا ميين
قبيل أنيه قيد نشيب فيي شييء أو تعلق بشييء أو رماه أحيد فكسير
جناحيه أو سياقه ،وفيي هذا الباب فروع كثيرة مين قبيل تردد بعيض
الحوال بين أن يرصف فيها الصيد بأنه مقدور عليه أو غير مقدور
عليه ،مثل أن تضطره الكلب فيقع في حفرة ،فقيل في المذهب
يؤكل ،وقيل ل يؤكل.
واختلفوا فيي صفة العقير إذا ضرب الصييد فأبيين منيه عضيو ،فقال
قوم :يؤكيل الصييد ميا بان منيه؛ وقال قوم :يؤكلن جميعيا؛ وفرق
قوم بين أن يكون ذلك العضو مقتل أو غير مقتل ،فقالوا :إن كان
مقتل أكل جميعا ،وإن كان غير مقتل أكل الصيد ولم يؤكل العضو،
وهييو معنييى قول مالك :وإلى هذا يرجييع خلفهييم فييي أن يكون
القطع بنصفين أو يكون أحدهما أكبر من الثاني .وسبب اختلفهم
معارضية قوله علييه الصيلة والسيلم "ميا قطيع مين البهيمية وهيي
حيية فهيو ميتية" لعموم قوله تعالى {فكلوا مميا أمسيكن عليكيم}
ولعموم قوله تعالى {تناله أيديكييم ورماحكييم} فميين غلب حكييم
الصيد وهو العقر مطلقا قال :يؤكل الصيد والعضو المقطوع من
الصييد ،وحميل الحدييث على النسيي؛ ومين حمله على الوحشيي
والنسي معا واستثنى من ذلك العموم بالحديث العضو المقطوع
فقال :يؤكل الصيد دون العضو البائن ،ومن اعتبر في ذلك الحياة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيتقرة ،أعنيي فيي قوله وهيي حيية فرق بيين أن يكون العضيو
مقتل أو غير مقتل.
**3الباب الرابع في شروط القانص.
@-وشروط القانص هي شروط الذابح نفسه ،وقد تقدم ذلك في
كتاب الذبائح المتفيق عليهيا والمختلف فيهيا ،ويخيص الصيطياد فيي
البر شرط زائد وهيو أن ل يكون محرميا ،ول خلف فيي ذلك لقوله
تعالى {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} فإن اصطاد محرم
فهييل يحييل ذلك الصيييد للحلل أم هييو ميتيية ل يحييل لحييد أصييل؟
اختلف فييه الفقهاء ،فذهيب مالك إلى أنيه ميتية ،وذهيب الشافعيي
وأبييو حنيفيية وأبييو ثور إلى أنييه يجوز لغييير المحرم أكله .وسييبب
اختلفهم هو الصل المشهور .وهو هل النهي يعود بفساد المنهي
أم ل؟ وذلك بمنزلة ذبييح السييارق والغاصييب .واختلفوا ميين هذا
الباب فيي كلب المجوس المعلم ،فقال مالك :الصيطياد بيه جائز،
فإن المعتييبر الصييائد ل اللة ،وبييه قال الشافعييي وأبييو حنيفيية
وغيرهييم؛ وكرهييه جابر بيين عبييد الله والحسيين وعطاء ومجاهييد
والثوري ،لن الخطاب فيي قوله تعالى {وميا علمتيم مين الجوارح
مكلبيين} متوجيه نحيو المؤمنيين ،وهذا كاف بحسيب المقصيود مين
هذا الكتاب ،والله الموفق للصواب.
**2كتاب العقيقة
@-والقول المحييط بأصيول هذا الكتاب ينحصير فيي سيتة أبواب:
الول :في معرفة حكمها .الثاني :في معرفة محل ها .الثالث :في
معرفية مين يعيق عنيه وكيم يعيق .الرابيع :فيي معرفية وقيت هذا
النسيك .الخاميس :فيي سين هذا النسيك وصيفته .السيادس :حكيم
لحمها وسائر آجزائها.
@-فأميا حكمهيا؛ فذهبيت طائفية منهيم الظاهريية إلى أنهيا واجبية،
وذهيب الجمهور إلى أنهيا سينة ،وذهيب أبيو حنيفية إلى أنهيا ليسيت
فرضييا ول سيينة؛ وقييد قيييل إن تحصيييل مذهبييه أنهييا عنده تطوع.
وسييبب اختلفهييم تعارض مفهوم الثار فييي هذا الباب ،وذلك أن
ظاهير حدييث سيمرة وهيو قول النيبي علييه الصيلة والسيلم "كيل
غلم مرتهيين بعقيقتييه تذبييح عنييه يوم سييابعه ويماط عنييه الذى"
يقتضي الوجوب ،وظاهر قوله عليه الصلة والسلم وقد سئل عن
العقيقية فقال "ل أحيب العقوق ومين ولد له ولد فأحيب أن ينسيك
عن ولده فليفعل" يقتضي الندب أو الباحة ،فمن فهم منه الندب
قال :العقيقة سنة؛ ومن فهم الباحة قال :ليست بسنة ول فرض
وخرج الحديثين أبو داود؛ ومن أخذ بحديث سمرة أوجبها.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأما محلها فإن جمهور العلماء على أنه ل يجوز في العقيقة إل ما
يجوز فييي الضحايييا ميين الزواج الثمانييية .وأمييا مالك فاختار فيهييا
الضأن على مذهبييه فييي الضحايييا ،واختلف قوله هييل يجزي فيهييا
البييل والبقيير أو ل يجزي؟ وسييائر الفقهاء على أصييلهم أن البييل
أفضل من البقر والبقر أفضل من الغنم .وسبب اختلفهم تعارض
الثار فيي هذا الباب والقياس .أميا الثير فحدييث ابين عباس "أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عيق عين الحسين والحسيين
كبشا كبشا" وقوله عن الجارية شاة وعن الغلم شاتان" خرجهما
أبو داود .وأما القياس فلنهما نسك ،فوجب أن يكون العظم فيها
أفضل قياسا على الهدايا.
وأما من يعق عنه ،فإن جمهورهم على أنه يعق عن الذكر والنثى
الصيغيرين فقيط؛ وشيذ الحسين فقال :ل يعيق عين الجاريية؛ وأجاز
بعضهيم أن يعيق عين الكيبير .ودلييل الجمهور على تعلقهيا بالصيغير
قوله علييه الصيلة والسيلم "يوم سيابعه" .ودلييل مين خالف ميا
روي عن أنس "أن النبي عليه الصلة والسلم عق عن نفسه بعد
مييا بعييث بالنبوة" ودليلهييم أيضييا على تعلقهييا بالنثييى قوله عليييه
الصلة والسلم "عن الجارية شاة وعن الغلم شاتان" .ودليل من
اقتصيير بهييا على الذكيير قوله عليييه الصييلة والسييلم "كييل غلم
مرتهين بعقيقتيه" .وأميا العدد فإن الفقهاء اختلفوا أيضيا فيي ذلك،
فقال مالك :يعيق عين الذكير والنثيى بشاة شاة؛ وقال الشافعيي
وأبييو ثور وأبييو داود وأحمييد :يعييق عيين الجارييية شاة وعيين الغلم
شاتان .وسيييبب اختلفهيييم اختلف الثار فيييي هذا الباب .فمنهيييا
حدييث أم كرز الكعبيية خرجيه أبيو داود قال :سيمعت رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم يقول فييي العقيقيية "عيين الغلم شاتان
مكافأتان ،وعيييين الجارييييية شاة" والمكافأتان :المتماثلتان .وهذا
يقتضي الفرق في ذلك بين الذكر والنثى ،وما روي "أنه عق عن
الحسن والحسين كبشا كبشا" يقتضي الستواء بينهما.
وأمييا وقييت هذا النسييك فإن جمهور العلماء على أنييه يوم سييابع
المولود ومالك ل يعييد فييي السييبوع اليوم الذي ولد فيييه إن ولد
نهارا ،وعبيد الملك بين الماجشون يحتسيب بيه .وقال ابين القاسيم
فييي العقيقيية :إن عييق ليل لم يجزه .واختلف أصييحاب مالك فييي
مبدأ وقيت الجزاء ،فقييل وقيت الضحاييا :أعنيي ضحيى؛ وقييل بعيد
الفجيير قياسييا على قول مالك فييي الهدايييا ،ولشييك أن ميين أجاز
الضحايييا ليل أجاز هذه ليل؛ وقييد قيييل يجوز فييي السييابع الثانييي
والثالث.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ومسيلم .وأميا مالك فميا رواه فيي هذا المعنيى مين طرييق أبيي
هريرة هو أبين في المعارضة وهو أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" وذلك أن الحديث
الول قيد يمكين الجميع بينيه وبيين اليية بأن يحميل النهيي المذكور
فييه على الكراهيية .وأميا حدييث أبيي هريرة فلييس يمكين الجميع
بينه وبين الية إل أن يعتقد أنه ناسخ للية عند من رأى أن الزيادة
نسيخ وأن القرآن ينسيخ بالسينة المتواترة .فمين جميع بيين حدييث
أبيي ثعلبية واليية حميل حدييث لحوم السيباع على الكراهيية .ومين
رأى أن حدييث أبيي هريرة يتضمين زيادة على ميا فيي اليية حرم
لحوم السييباع ،وميين اعتقييد أن الضبييع والثعلب محرمان فاسييتدل
بعموم لفيظ السيباع؛ ومين خصيص مين ذلك العاديية فمصييرا لميا
روى عبيد الرحمين ابين عمار قال :سيألت جابر بين عبيد الله عين
الضبيع آكلهيا؟ قال :نعيم ،قلت :أصييد هيي؟ قال :نعيم ،قلت :فأنيت
سيمعت ذلك مين رسيول صيلى الله علييه وسيلم؟ قال :نعيم .وهذا
الحديث وإن كان انفرد به عبد الرحمن فهو ثقة عند جماعة أئمة
الحدييث ،ولميا ثبيت مين إقراره علييه الصيلة والسيلم على أكيل
الضييب بييين يديييه .وأمييا سييباع الطييير ،فالجمهور على أنهييا حلل
لمكان الية المتكررة وحرمها قوم لما جاء في حديث ابن عباس
أنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي
ناب مين السيباع وكيل مخلب مين الطيير" إل أن هذا الحدييث لم
يخرجه الشيخان ،وإنما ذكره أبو داود.
@(-وأمييا المسييألة الثانييية) وهييي اختلفهييم فييي ذوات الحافيير
النسيي :أعنيي الخييل والبغال والحميير ،فإن جمهور العلماء على
تحرييم لحوم الحمير النسيية ،إل ميا روي عين ابين عباس وعائشية
أنهميا كانيا يبيحانهيا ،وعين مالك أنيه كان يكرههيا ،روايية ثانيية مثيل
قول الجمهور؛ وكذلك الجمهور على تحرييم البغال ،وقوم كرهوهيا
ولم يحرموها ،وهو مروي عن مالك .وأما الخيل فذهب مالك وأبو
حنيفية وجماعية إلى أنهيا محرمية؛ وذهيب الشافعيي وأبيو يوسيف
ومحميد وجماعية إلى إباحتهيا .والسيبب فيي اختلفهيم فيي الحمير
النسيية معارضية اليية المذكورة للحادييث الثابتية فيي ذلك مين
حدييث جابر وغيره قال "نهيى رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
يوم خييبر عين لحوم الحمير الهليية وأذن فيي لحوم الخييل" فمين
جمييع بييين الييية وهذا الحديييث حملهييا على الكراهييية؛ وميين رأى
النسييخ قال بتحريييم الحميير أو قال بالزيادة دون أن يوجييب عنده
نسيخا ،وقيد احتيج مين لم يير تحريمهيا بميا روي عين أبيي إسيحق
الشيبانيي عين ابين أبيي أوفيى قال "أصيبنا حمرا ميع رسيول الله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صيلى الله علييه وسيلم بخييبر وطبخناهيا ،فنادى منادي رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم أن أكفئوا القدور بمييا فيهييا" .قال ابيين
إسيحق :فذكرت ذلك لسيعيد بين جيبير فقال :إنميا نهيي عنهيا لنهيا
كانت تأكل الجلة .وأما اختلفهم في البغال ،فسببه معارضة دليل
الخطاب فيييي قوله تعالى {والخييييل والبغال والحميييير لتركبوهيييا
وزينييية} وقوله ميييع أن ذلك مييين النعام {لتركبوا منهيييا ومنهيييا
تأكلون} للية الحاصرة للمحرمات ،لنه يدل مفهوم الخطاب فيها
أن المباح فيي البغال إنميا هيو الركوب ميع قياس البغيل أيضيا على
الحمار .وأميا سيبب اختلفهيم فيي الخييل فمعارضية دلييل الخطاب
فيي هذه اليية لحدييث جابر ،ومعارضية قياس الفرس على البغيل
والحمار له ،لكن إباحة لحم الخيل نص في حديث جابر فل ينبغي
أن يعارض بقياس ول بدليل خطاب.
@(-وأمييا المسييألة الثالثيية) وهييي اختلفهييم فييي الحيوان المأمور
بقتله فيي الحرم وهيي الخميس المنصيوص عليهيا :الغراب والحدأة
والعقرب والفأرة والكلب العقور ،فإن قوميييا فهموا مييين المييير
بالقتيل لهيا ميع النهيي عين قتيل البهائم المباحية الكيل أن العلة فيي
ذلك هيو كونهيا محرمية ،وهيو مذهيب الشافعيي؛ وقوميا فهموا مين
ذلك معنى التعدي ل معنى التحريم ،وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وجمهور أصييحابهما .وأمييا الجنييس الرابييع ،وهييو الذي تسييتخبثه
النفوس كالحشرات والضفادع والسرطانات والسلحفات وما في
معناهيا ،فإن الشافعيي حرمهيا وأباحهيا الغيير؛ ومنهيم مين كرههيا
فقط .وسبب اختلفهم اختلفهم في مفهوم ما ينطلق عليه اسم
الخبائث فيي قوله تعالى {ويحرم عليهيم الخبائث} فمين رأى أنهيا
المحرمات بنييص الشرع لم يحرم ميين ذلك مييا تسييتخبثه النفوس
ممييا لم يرد فيييه نييص؛ وميين رأى أن الخبائث هييي مييا تسييتخبثه
النفوس قال :هيي محرمية .وأميا ميا حكاه أبيو حاميد عين الشافعيي
فييي تحريمييه الحيوان المنهييي عيين قتله كالخطاف والنحييل زعييم
فإنيي لسيت أدري أيين وقعيت الثار الواردة فيي ذلك ،ولعلهيا فيي
غيير الكتيب المشهورة عندنيا .وأميا الحيوان البحري ،فإن العلماء
أجمعوا على تحليل ما لم يكن منه موافقا بالسم لحيوان في البر
محرم ،فقال مالك :ل بأس بأكيل جمييع حيوان البحير ،إل أنيه كره
خنزيير الماء وقال :أنتيم تسيمونه خنزيرا ،وبيه قال ابين أبيي ليلى
والوزاعي ومجاهد وجمهور العلماء ،إل أن منهم من يشترط في
غيير السيمك التذكيية ،وقيد تقدم ذلك .وقال اللييث بين سيعد :أميا
إنسييان الماء وخنزييير الماء فل يؤكلن على شيييء ميين الحالت.
وسييبب اختلفهييم هييو هييل يتناول لغيية أو شرعييا اسييم الخنزييير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والن سان خنزير الماء وإنسانه ،وعلى هذا يجب أن يتطرق الكلم
إلى كل حيوان في البحر مشارك بالسم في اللغة أو في العرف
لحيوان محرم فيي البر مثل الكلب عند من يرى تحريميه ،والنظير
فييي هذه المسييألة يرجييع إلى أمرييين :أحدهمييا هييل هذه السييماء
لغوييية؟ والثانييي هييل للسييم المشترك عموم أم ليييس له؟ فإن
إنسييان الماء وخنزيره يقالن مييع خنزييير البر وإنسييانه باشتراك
السيييم ،فمييين سيييلم أن هذه السيييماء لغويييية ورأى أن للسيييم
المشترك عموما لزمه أن يقول بتحريمها ،ولذلك توقف مالك في
ذلك وقال :أنتم تسمونه خنزيرا.
فهذه حال الحيوان المحرم الكييييل فييييي الشرع والحيوان المباح
الكييل .وأمييا النبات الذي هييو غذاء فكله حلل إل الخميير وسييائر
النبذة المتخذة من العصارات التي تتخمر ومن العسل نفسه .أما
الخمير فإنهيم اتفقوا على تحرييم قليلهيا وكثيرهيا :أعنيي التيي هيي
من عصير العنب .وأما النبذة فإنهم اختلفوا في القليل منها الذي
ل يسيييكر ،وأجمعوا على أن المسيييكر منهيييا حرام ،فقال جمهور
فقهاء الحجاز وجمهور المحدثيين :قلييل النبذة وكثيرهيا المسيكرة
حرام .وقال العراقيون إبراهيييم النخعييي ميين التابعييين وسييفيان
الثوري وابين أبيي ليلى وشرييك وابين شبرمية وأبيو حنيفية وسيائر
فقهاء الكوفيييين وأكثيير علماء البصييرين :إن المحرم ميين سييائر
النبذة المسييكرة هييو السييكر نفسييه ل العييين .وسييبب اختلفهييم
تعارض الثار والقيسيية فييي هذا الباب ،فللحجازيييين فييي تثييبيت
مذهبهييييم طريقتان :الطريقيييية الولى الثار الواردة فييييي ذلك.
والطريقية الثانيية تسيمية النبذة بأجمعهيا خمرا .فمين أشهير الثار
التي تمسك بها أهل الحجاز ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أبي
سلمة عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت "سئل رسول الله صلى
الله علييه وسيلم عين البتيع وعين نيبيذ العسيل؟ فقال :كيل شراب
أسكر فهو حرام" خرجه البخاري .وقال يحيى بن معين :هذا أصح
حديث روي عن النيبي عليه الصلة والسلم فيي تحريم المسكر؛
ومنهيا أيضيا ميا خرجيه مسيلم عين ابين عمير أن النيبي علييه الصيلة
والسيلم قال "كيل مسيكر خمير ،وكيل خمير حرام" فهذان حديثان
صييحيحان .أمييا الول فاتفييق الكييل عليييه .وأمييا الثانييي فانفرد
بتصحيحه مسلم .وخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن جابر بن
عبييد الله صييلى الله عليييه وسييلم قال "مييا أسييكر كثيره فقليله
حرام" وهو نص في موضع الخلف .وأما الستدلل الثاني من أن
النبذة كلهيا تسيمى خمرا ،فلهيم فيي ذلك طريقتان :إحداهميا مين
جهية إثبات السيماء بطرييق الشتقاق ،والثانيي مين جهية السيماع.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فأما التي من جهة الشتقاق فإنهم قالوا إنه معلوم عند أهل اللغة
أن الخمير إنميا سيميت خمرا لمخامرتهيا العقيل ،فوجيب لذلك أن
ينطلق اسم الخمر لغة على كل ما خامر العقل.
وهذه هي الطريقة من إثبات السماء فيها اختلف بين الصوليين،
وهي غير مرضية عند الخراسانيين .وأما الطريقة الثانية التي من
جهية السيماع ،فإنهيم قالوا إنيه وإن لم يسيلم لنيا أن النبذة تسيمى
فييي اللغيية خمرا شرعييا ،واحتجوا فييي ذلك بحديييث ابيين عميير
المتقدم ،وبما روي أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
علييه وسيلم قال "الخمير مين هاتيين الشجرتيين :النخلة والعنبية"
وما روي أيضا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال "إن مين العنيب خمرا ،وإن مين العسيل خمرا ،ومين الزبييب
خمرا ،ومين الحنطية خمرا وأنيا أنهاكيم عين كيل مسيكر" فهذه هيي
عمدة الحجازيين في تحريم النبذة .وأما الكوفيون فإنهم تمسكوا
لمذهبهيم بظاهير قوله تعالى {ومين ثمير النخييل والعناب تتخذون
منيه سيكرا ورزقيا حسينا} وبآثار رووهيا فيي هذا الباب ،وبالقياس
المعنوي.
أمييا احتجاجهييم باليية فإنهييم قالوا :السييكر هييو المسييكر ولو كان
محرم العين لما سماه الله رزقا حسنا.
وأميا الثار التيي اعتمدوهيا فيي هذا الباب ،فمين أشهرهيا عندهيم
حدييث أبيي عون الثقفيي عين عبيد الله بين شداد عين ابين عباس
عن النبي عليه الصلة والسلم قال "حرمت عليكم الخمر لعينها"
والسكر من غيرها وقالوا :هذا نص ل يحتمل التأويل ،وضعفه أهل
الحجاز لن بعيض رواتيه روى "والمسيكر مين غيرهيا" ومنهيا حدييث
شرييك عين سيماك بين حرب بإسيناده عين أبيي بردة بين نيار قال:
قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "إنيي كنيت نهيتكيم عين
الشراب فيي الوعيية فاشربوا فيميا بدا لكيم ول تسيكروا" خرجهيا
الطحاوي .ورووا عين ابين مسيعود أنيه قال :شهدت تحرييم النيبيذ
كميا شهدتيم ،ثيم شهدت تحليله فحفظيت ونسييتم .ورووا عين أبيي
موسيى قال "بعثنيي رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أنيا ومعاذا
إلى اليمين ،فقلنيا :ييا رسيول الله إن بهيا شرابيين يصينعان مين البر
والشعييير :أحدهمييا يقال له المزر ،والخيير يقال له البتييع ،فمييا
نشرب؟ فقال علييه الصيلة والسيلم :اشربيا ول تسيكرا" خرجيه
الطحاوي أيضييا إلى غييير ذلك ميين الثار التييي ذكروهييا فييي هذا
الباب.
وأميا احتجاجهيم مين جهية النظير فإنهيم قالوا :قيد نيص القرآن أن
علة التحريييم فييي الخميير إنمييا هييي الصييد عيين ذكيير الله ووقوع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قوم :كييل خليطييين فهمييا حرام وإن لم يكونييا ممييا يقبلن النتباذ
فيميا أحسيب الن .والسيبب فيي اختلفهيم ترددهيم فيي هيل النهيي
الوارد فيي ذلك هيو على الكراهية أو على الحظيير؟ وإذا قلنيا إنيه
على الحظير ،فهيل يدل على فسياد المنهيى عنيه أم ل؟ وذلك أنيه
ثبيت عنيه علييه الصيلة والسيلم "أنيه نهيى عين أن يخلط التمير
والزبيب ،والزهو والرطب ،والبسر والزبيب" وفي بعضها أنه قال
علييه الصيلة والسيلم "ل تنتبذوا الزهيو والزبييب جميعيا ،ول التمير
والزبييب جميعيا ،وانتبذوا كيل واحيد منهميا على حدة" فيخرج فيي
ذلك بحسب التأويل القاويل الثلثة :قول بتحريمه ،وقول بتحليله
ميع الثيم فيي النتباذ ،وقول بكراهيية ذلك .وأميا مين قال إنيه مباح،
فلعله اعتميد فيي ذلك عموم الثير بالنتباذ فيي حدييث أبيي سيعيد
الخدري .وأميا مين منيع كيل خليطيين ،فإميا أن يكون ذهيب إلى أن
علة المنيع هيو الختلط ل ميا يحدث عين الختلط مين الشدة فيي
النييبيذ ،وإمييا أن يكون قييد تمسييك بعموم مييا ورد أنييه نهييى عيين
الخليطين؛ وأجمعوا على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها جاز أكلها.
واختلفوا إذا قصيد تخليلهيا على ثلثية أقوال :التحرييم ،والكراهيية،
والباحية .وسيبب اختلفهيم معارضية القياس للثير واختلفهيم فيي
مفهوم الثر ،وذلك أن أبا داود خرج من حديث أنس بن مالك أن
أبا طلحة "سأل النبي عليه الصلة والسلم عن أيتام ورثوا خمرا،
فقال :أهرقها ،قال :أفل أجعلها خل؟ قال :ل" فمن فهم من المنع
سيد ذريعية حميل ذلك على الكراهيية؛ ومين فهيم النهيي لغيير علة
قال بالتحريم؛ ويخرج على هذا أن ل تحريم أيضا على مذهب من
يرى أن النهيي ل يعود بفسياد المنهيي .والقياس المعارض لحميل
الخييل على التحريييم أنييه قييد علم ميين ضرورة الشرع أن الحكام
المختلفية إنميا هيي للذوات المختلفية ،وأن الخمير غيير ذات الخيل،
والخل بإجماع حلل ،فإذا انتقلت ذات الخمر إلى ذات الخل وجب
أن يكون حلل كيفما انتقل.
*(*3الجملة الثانية :في استعمال المحرمات في حال الضطرار)
@-والصيل فيي هذا الباب قوله تعالى {وقيد فصيل لكيم ميا حرم
عليكيم إل ميا اضطررتيم إلييه} والنظير فيي هذا الباب فيي السيبب
المحلل وفيي جنيس الشييء المحلل وفيي مقداره .فأميا السيبب،
فهو ضرورة التغذي :أعني إذا لم يجد شيئا حلل يتغذى به ،وهو ل
خلف فييه .وأميا السيبب الثانيي طلب البرء ،وهذا المختلف فييه؛
فمين أجازه احتيج بإباحية النيبي علييه الصيلة والسيلم الحريير لعبيد
الرحمن بن عوف لمكان حكة به؛ ومن منعه فلقوله عليه الصلة
والسيلم "إن الله لم يجعيل شفاء أمتيي فيميا حرم عليهيا" .وأميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الذي ليس له أصل معين يستند إليه ،وقد أنكره كثير من العلماء،
والظاهر من مذهب مالك القول به.
وأما خطبة النكاح المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال
الجمهور إنها ليست واجبة ،وقال داود هي واجبة .وسبب الخلف
هيل يحميل فعله فيي ذلك علييه الصيلة والسيلم على الوجوب أو
على الندب :فأما الخطبة على الخطبة ،فإن النهي في ذلك ثابت
عيين النييبي عليييه الصييلة والسييلم .واختلفوا هييل يدل ذلك على
فسيياد المنهييي عنييه أو ل يدل .وإن كان يدل ففييي أي حالة يدل؟
فقال داود يفسخ؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة ل يفسخ؛ وعن مالك
القولن جميعا ،وثالث وهو أن يفسخ قبل الدخول ول يفسخ بعده؛
وقال ابين القاسيم :إنميا معنيى النهيي إذا خطيب رجيل صيالح على
خطبية رجيل صيالح ،وأميا إن كان الول غيير صيالح والثانيي صيالح
جاز .وأما الوقت عند الكثر فهو إذا ركن بعضهم إلى بعض ل في
أول الخطبية بدلييل حدييث فاطمية بنيت قييس "حييث جاءت إلى
النيبي صيلى الله علييه وسيلم فذكرت له أن أبيا جهيم بين حذيفية
ومعاويية بين أبيي سيفيان خطباهيا ،فقال :أميا أبيو جهيم فرجيل ل
يرفيع عصياه عين النسياء ،وأميا معاويية فصيعلوك ل مال له ،ولكين
انكحيي أسيامة" .وأميا النظير إلى المرأة عنيد الخطبية ،فأجاز ذلك
مالك إلى الوجيه والكفيين فقيط؛ وأجاز ذلك غيره إلى جمييع البدن
عدا السييوأتين؛ ومنييع ذلك قوم على الطلق؛ وأجاز أبييو حنيفيية
النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين .والسبب في اختلفهم أنه
ورد المير بالنظير إليهين مطلقيا ،وورد بالمنيع مطلقيا ،وورد مقيدا:
أعنيي بالوجيه والكفيين على ميا قاله كثيير مين العلماء فيي قوله
تعالى {ول يبديين زينتهين إل ميا ظهير منهيا} إنيه الوجيه والكفان،
وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الكثر ،ومن منع تمسك
بالصل وهو تحريم النظر إلى النساء.
**3الباب الثاني في موجبات صحة النكاح.
@-وهذا الباب ينقسيم إلى ثلثية أركان :الركين الول :فيي معرفية
كيفييية هذا العقييد .الركيين الثانييي :فييي معرفيية محييل هذا العقييد.
الثالث :في معرفة شروط هذا العقد.
@(-الركن الول) في الكيفية .والنظر في هذا الركن في مواضع:
فيي كيفيية الذن المنعقيد بيه ،ومين المعتيبر رضاه فيي لزوم هذا
العقيد ،وهيل يجوز عقده على الخيار أم ل يجوز؟ وهيل إن تراخيى
القبول ميين أحييد المتعاقدييين لزم ذلك العقييد ،أم ميين شرط ذلك
الفور؟
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
@(-الموضيع الول) الذن فيي النكاح على ضربيين :فهيو واقيع فيي
حييق الرجال والثييب مين النسيياء باللفاظ ،وهييو فييي حييق البكار
المسيتأذنات واقيع بالسيكوت :أعنيي الرضيا .وأميا الرد فباللفيظ ول
خلف في هذه الجملة إل ما حكي عن أصحاب الشافعي أن أذن
البكر إذا كان المنكح غير أب ول جد بالنطق ،وإنما صار الجمهور
إلى أن إذنهيا بالصيمت للثابيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم "
الييم أحيق بنفسيها مين وليهيا ،والبكير تسيتأمر فيي نفسيها وإذنهيا
صييماتها" واتفقوا على أن انعقاد النكاح بلفييظ النكاح مميين إذنييه
اللفظ ،وكذلك بلفظ التزويج .واختلفوا في انعقاده بلفظ الهبة أو
بلفييظ البيييع أو بلفييظ الصييدقة ،فأجازه قوم ،وبييه قال مالك وأبييو
حنيفيية؛ وقال الشافعييي :ل ينعقييد إل بلفييظ النكاح أو التزويييج.
وسبب اختلفهم هل هو عقد يعتبر فيه مع النية اللفظ الخاص به؟
ام ليس من صحته اعتبار اللفظ؟ فمن ألحقه بالعقود التي يعتبر
فيها المران قال :ل نكاح منعقد إل بلفظ النكاح أو التزويج؛ ومن
قال :إن اللفيظ لييس مين شرطيه اعتبارا بميا لييس مين شرطيه
اللفيظ أجاز النكاح بأي لفيظ اتفيق إذا فهيم المعنيى الشرعيي مين
ذلك ،أعني أنه إذا كان بينه وبين المعنى الشرعي مشاركة.
@(-الموضع الثاني) وأما من المعتبر قبوله في صحة هذا العقد،
فإنييه يوجييد فييي الشرع على ضربييين :أحدهمييا يعتييبر فيييه رضييا
المتناكحيين أنفسيهما :أعنيي الزوج والزوجية ،إميا ميع الولي ،وإميا
دونيه على مذهيب مين ل يشترط الولي فيي رضيا المرأة المالكية
أمير نفسيها .والثانيي يعتيبر فييه رضيا الولياء فقيط ،وفيي كيل واحيد
مين هذيين الضربيين مسيائل اتفقوا عليهيا ،ومسيائل اختلفوا فيهيا،
ونحين نذكير منهيا قواعدهيا وأصيولها فنقول :أميا الرجال البالغون
الحرار المالكون لمر أنفسهم فإنهم اتفقوا على اشتراط رضاهم
وقبولهيم فيي صيحة النكاح .واختلفوا هيل يجيبر العبيد على النكاح
سييده والوصيي محجوره البالغ أم لييس يجيبره؟ فقال مالك :يجيبر
السييد عبده على النكاح ،وبيه قال أبيو حنيفية .وقال الشافعيي :ل
يجيبره .والسيبب فيي اختلفهيم هيل النكاح مين حقوق السييد أم
ليييس ميين حقوقييه؟ وكذلك اختلفوا فييي جييبر الوصييي محجوره،
والخلف فييي ذلك موجود فييي المذهييب .وسييبب اختلفهييم هييل
النكاح مصييلحة مين مصيالح المنظور له أم لييس بمصيلحة وإنميا
طريقه الملذ؟ وعلى القول بأن النكاح واجب ينبغي أن ل يتوقف
فيي ذلك .وأميا النسياء اللتيي يعتيبر رضاهين فيي النكاح ،فاتفقوا
على اعتبار رضا الثيب البالغ لقوله عليه الصلة والسلم "والثيب
تعرب عن نفسها" إل ما حكى عن الحسن البصري .واختلفوا في
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
البكر البالغ وفي الثيب الغير البالغ ما لم يكن ظهر منها الفساد.
فأما البكر البالغ فقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى :للب فقط
أن يجبرهيا على النكاح؛ وقال أبيو حنيفية والثوري والوزاعيي وأبيو
ثور وجماعية :ل بيد مين اعتبار رضاهيا؛ ووافقهيم مالك فيي البكير
المعنسية على أحيد القوليين عنيه .وسيبب اختلفهيم معارضية دلييل
الخطاب فييي هذا للعموم ،وذلك أن مييا روي عنييه عليييه الصييلة
والسييلم ميين قوله" :ل تنكييح اليتيميية إل بإذنهييا" وقوله "تسييتأمر
اليتيمة في نفسها" أخرجه أبو داود ،والمفهوم منه بدليل الخطاب
أن ذات الب بخلف اليتيميية ،وقوله عليييه الصييلة والسييلم فييي
حديييث ابيين عباس المشهور "والبكيير تسييتأمر" يوجييب بعمومييه
اسيتئمار كيل بكير .والعموم أقوى مين دلييل الخطاب ،ميع أنيه خرج
مسيلم فيي حدييث ابين عباس زيادة ،وهيو أنيه قال علييه الصيلة
والسيلم" :والبكير يسيتأذنها أبوهيا" وهيو نيص فيي موضيع الخلف.
وأميا الثييب الغيير البالغ ،فإن مالكيا وأبيا حنيفية قال :يجبرهيا الب
على النكاح؛ وقال الشافعيي :ل يجبرهيا ،وقال المتأخرون :إن فيي
المذهيب فيهيا ثلثية أقوال :قول إن الب يجبرهيا ميا لم تبلغ بعيد
الطلق ،وهو قول أشهب؛ وقول إنه يجبرها وإن بلغت ،وهو قول
سييحنون؛ وقوله إنييه ل يجبرهييا وإن لم تبلغ ،وهييو قول أبييي تمام؛
والذي حكيناه عين مالك هيو الذي حكاه أهيل مسيائل الخلف كابين
القصار وغيره عنه.
وسيبب اختلفهيم معارضية دلييل الخطاب للعموم ،وذلك أن قوله
عليه الصلة والسلم "تستأمر اليتيمة في نفسها ول تنكح اليتيمة
إل بإذنهييا" يفهييم منييه أن ذات الب ل تسييتأمر إل مييا أجمييع عليييه
الجمهور ميين اسييتئمار الثيييب البالغ ،وعموم قوله عليييه الصييلة
والسلم "الثيب أحق بنفسها من وليها" يتناول البالغ وغير البالغ،
وكذلك قوله "ل تنكيح الييم حتيى تسيتأمر ول تنكيح حتيى تسيتأذن"
يدل بعمومييه على مييا قاله الشافعييي .ولختلفهييم فييي هاتييين
المسيئلتين سيبب آخير ،وهيو اسيتنباط القياس مين موضيع الجماع،
وذلك أنهم لما أجمعوا على أن الب يجبر البكر غير البالغ ،وأنه ل
يجبر الثيب البالغ إل خلفا شاذا فيهما جميعا كما قلنا اختلفوا في
موجب الجبار هل هو البكارة أو الصغر؟ فمن قال الصغر قال :ل
تجييبر البكيير البالغ؛ وميين قال البكارة قال :تجييبر البكيير البالغ ول
تجبر الثيب الصغيرة؛ ومن قال كل واحد منهما يوجب الجبار إذا
انفرد قال :تجييبر البكيير البالغ والثيييب غييير البالغ ،والتعليييل الول
تعلييل أبيي حنيفية ،والثانيي تعلييل الشافعيي ،والثالث تعلييل مالك،
والصول أكثر شهادة لتعليل أبي حنيفة .واختلفوا في الثيوبة التي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا مين السينة فاحتجوا بحدييث ابين عباس المتفيق على صيحته،
وهيو قوله علييه الصيلة والسيلم "الييم أحيق بنفسيها مين وليهيا،
والبكير تسيتأمر فيي نفسيها وإذنهيا صيماتها" وبهذا الحدييث احتيج
داود فييي الفرق عنده بييين الثيييب والبكيير فييي هذا المعنييى ،فهذا
مشهور ما احتج به الفريقان من السماع .فأما قوله تعالى {فإذا
بلغن أجلهن فل تعضلوهن} فليس فيه أكثر من نهى قرابة المرأة
وعصيبتها مين أن يمنعوهيا النكاح ،ولييس نهيهيم عين العضيل مميا
يفهييم منيه اشتراط إذنهييم فييي صييحة العقييد ل حقيقيية ول مجازا،
أعنييي بوجييه ميين وجوه أدلة الخطاب الظاهرة أو النييص بييل قييد
يمكن أن يفهم منه ضد هذا ،وهو أن الولياء ليس لهم سبيل على
مييين يلونهيييم ،وكذلك قوله تعالى {ول تنكحوا المشركيييين حتيييى
يؤمنوا} هيو أن يكون خطابيا لولي المير مين المسيلمين أو لجمييع
المسييلمين أحرى منييه أن يكون خطابيييا للولياء ،وبالجملة فهييو
متردد بييين أن يكون خطابييا للولياء .أو لولي الميير ،فميين احتييج
بهذه الية فعليه البيان أنه أظهر في خطاب الولياء منه في أولي
الميير ،فإن قيييل إن هذا عام والعام يشمييل ذوي الميير والولياء
قيييل إن هذا الخطاب إنمييا هييو خطاب بالمنييع والمنييع بالشرع،
فيسيتوي فييه الولياء وغيرهيم ،وكون الولي مأمورا بالمنيع بالشرع
ل يوجيب له وليية خاصية فيي الذن أصيله الجنيبي ،ولو قلنيا أنيه
خطاب للولياء يوجيييب اشتراط إذنهيييم فيييي صيييحة النكاح لكان
مجمل ل يصيح بيه عميل ،لنيه لييس فييه ذكير أصيناف الولياء ول
صيفاتهم ومراتبهيم ،والبيان ل يجوز تأخيره عين وقيت الحاجية ،ولو
كان فيي هذا كله شرع معروف لنقيل تواترا أو قريبيا مين التواتير،
لن هذا مميا تعيم بيه البلوى ،ومعلوم أنيه كان فيي المدينية مين ل
ولي له ،ولم ينقييل عنييه صييلى الله عليييه وسييلم أنييه كان يعقييد
أنكحتهيم ول ينصيب لذلك مين يعقدهيا ،وأيضيا فإن المقصيود مين
الييية ليييس هييو حكييم الولييية وإنمييا المقصييود منهييا تحريييم نكاح
المشركييين والمشركات وهذا ظاهيير ،والله أعلم .وأمييا حديييث
عائشة فهو حديث مختلف في وجوب العمل به ،والظهر أن ما ل
يتفيق على صيحته أنيه لييس يجيب العميل بيه .وأيضيا فإن سيلمنا
صيحة الحدييث فلييس فييه إل اشتراط إذن الولي لمين لهيا ولي:
أعني المولى عليها ،وإن سلمنا أنه عام في كل امرأة فليس فيه
أن المرأة ل تعقييد على نفسييها ،أعنييي أن ل تكون هييي التييي تلى
العقييد بييل الظهيير منييه إنييه إذا أذن الولي لهييا جاز أن تعقييد على
نفسها دون أن تشترط في صحة النكاح إشهاد الولي معها.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا ميا احتيج بيه الفرييق الخير مين قوله تعالى {فل جناح عليكيم
فيميا فعلن بأنفسيهن مين معروف} فإن المفهوم منيه النهيي عين
التثرييب عليهين فيميا اسيتبددن بفعله دون أوليائهين ،ولييس ههنيا
شيييء يمكيين أن تسييتبد بييه المرأة دون الولي إل عقييد النكاح،
فظاهيير هذه الييية {والله أعلم} أن لهييا أن تعقييد النكاح وللولياء
الفسيخ إذا لم يكين بالمعروف وهيو الظاهير مين الشرع إل أن هذا
لم يقل به أحد ،وأن يحتج ببعض ظاهر الية على رأيهم ول يحتج
ببعضها فيه ضعف .وأما إضافة النكاح إليهن فليس فيه دليل على
اختصاصهن بالعقد ،لكن الصل هو الختصاص إل أن يقوم الدليل
على اختلف ذلك .وأميا حدييث ابين عباس فهيو لعمري ظاهير فيي
الفرق بيين الثييب والبكير ،لنيه إذا كان كيل واحيد منهميا يسيتأذن
ويتولى العقيد عليهميا الولي فبماذا لييت شعري تكون الييم أحيق
بنفسها من وليها؟
وحدييث الزهري هيو أن يكون موافقيا هذا الحدييث أحرى مين أن
يكون معارضيا له ،ويحتميل أن تكون التفرقية بينهميا فيي السيكوت
والنطيق فقيط ،ويكون السيكوت كافييا فيي العقيد والحتجاج بقوله
تعالى {فل جناح عليكيم فيميا فعلن فيي أنفسيهن بالمعروف} هيو
أظهيير فييي أن المرأة تلي العقييد ميين الحتجاج بقوله {ول تنحكوا
المشركيين حتيى يؤمنوا} على أن الولي هيو الذي يلي العقيد .وقيد
ضعفت الحنفية حديث عائشة ،وذلك أ نه حديث رواه جماعة عن
ابين جرييج عن الزهري ،وحكيى ابين علية عين ابن جريج أ نه سيأل
الزهري عنيه فلم يعرفيه ،قالوا :والدلييل على ذلك أن الزهري لم
يشترط الوليية ول الوليية مين مذهيب عائشية .وقيد احتجوا أيضيا
بحدييييث ابييين عباس أنيييه قال "ل نكاح إل بولي وشاهدي عدل"
ولكنيه مختلف فيي رفعيه .وكذلك اختلفوا أيضيا فيي صيحة الحدييث
الوارد "فييي نكاح النييبي عليييه الصييلة والسييلم أم سييلمة وأمره
لبنها أن ينكحها إياه".
وأما احتجاج الفريقين من جهة المعاني فمحتمل ،وذلك أنه يمكن
أن يقال إن الرشيد إذا وجيد فيي المرأة اكتفيى بيه فيي عقيد النكاح
كما يكتفي به في التصرف في المال ،ويشبه أن يقال إن المرأة
مائلة بالطبييع إلى الرجال أكثيير ميين ميلهييا إلى تبذييير الموال،
فاحتاط الشرع بأن جعلهيا محجورة فيي هذا المعنيى على التأبييد،
مع أن ما يلحقها من العار في إلقاء نفسها في غير موضع كفاءة
إلى أوليائهييا ،لكيين يكفييي فييي ذلك أن يكون للولياء الفسييخ أو
الحسبة ،والمسألة محتملة كما ترى ،لكن الذي يغلب على الظن
أنه لو قصد الشارع اشتراط الولية لبين جنس الولياء وأصنافهم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ومراتبهيم ،فإن تأخير البيان عين وقيت الحاجية ل يجوز ،فإذا كان ل
يجوز علييه ،علييه الصيلة والسيلم تأخيير البيان عين وقيت الحاجية
وكان عموم البلوى فييي هذه المسييألة يقتضييي أن تنقييل اشتراط
الولية عنه صلى الله عليه وسلم تواترا أو قريبا من التواتر ثم لم
ينقيل ،فقيد يجيب أن يعتقيد أحيد أمريين :إميا أنيه ليسيت الوليية
شرطيا فيي صيحة النكاح وإنميا للولياء الحسيبة فيي ذلك ،وأميا إن
كان شرطييا فليييس ميين صييحتها تمييييز صييفات الولي وأصيينافهم
ومراتبهيم ،ولذلك يضعيف قول مين يبطيل عقيد الولي البعيد ميع
وجوب القرب.
@(-الموضيع الثانيي) وأميا النظير فيي الصيفات الموجبية للوليية
والسييالبة لهييا ،فإنهييم اتفقوا على أن ميين شرط الولييية السييلم
والبلوغ والذكورة ،وأن سيوالبها أضداد هذه :أعنيي الكفير والصيغر
والنوثية؛ واختلفوا فيي ثلثية :فيي العبيد والفاسيق والسيفيه .فأميا
العبيد فالكثير على منيع وليتيه ،وجوزهيا أبيو حنيفية :وأميا الرشيد
فالمشهور فيي المذهيب :أعنيي عنيد أكثير أصيحاب مالك أن ذلك
ليييس ميين شرطهييا :أعنييي الولييية ،وبييه قال أبييو حنيفيية؛ وقال
الشافعييي :ذلك ميين شرطهييا؛ وقييد روى عيين مالك مثييل قول
الشافعييي ،وبقول الشافعييي قال أشهييب وأبييو مصييعب .وسييبب
الخلف تشيبيه هذه الوليية بوليية المال؛ فمين رأى أنيه قيد يوجيب
الرشد في هذه الولية مع عدمه في المال قال :ليس من شرطه
أن يكون رشيدا فيي المال؛ ومين رأى أن ذلك ممتنيع الوجود قال:
لبييد ميين الرشييد فييي المال ،وهمييا قسييمان كمييا ترى ،أعنييي أن
الرشد في المال غير الرشد في اختيار الكفاءة ل ها .وأما العدالة
فإنميا اختلفوا فيهيا مين جهية أنهيا نظير للمعنيى :أعنيي هذه الوليية،
فل يؤمين ميع عدم العدالة أن ل يختار لهيا الكفاءة .وقيد يمكين أن
يقال إن الحالة التيي بهيا يختار الولياء لمولياتهيم الكفيء غيير حالة
العدالة وهييي خوف لحوق العار بهييم ،وهذه هييي موجودة بالطبييع
وتلك العدالة الخرى مكتسيبة ،ولنقيص العبيد يدخيل الخلف فيي
وليته كما يدخل في عدالته.
@(-الموضيع الثالث) وأميا أصيناف الوليية عنيد القائليين بهيا فهيي
نسيب وسيلطان ومولى أعلى وأسيفل ،ومجرد السيلم عنيد مالك
صفة تقتضي الولية على الدنينة [هكذا في نسختنا ،فليصحح؟؟].
واختلفوا فيي الوصيي؛ فقال مالك :يكون الوصيي ولييا ،ومنيع ذلك
الشافعييي .وسييبب اختلفهييم هييل صييفة الولييية ممييا يمكيين أن
يسيتناب فيهيا ،أم لييس يمكين ذلك؟ .ولهذا السيبب بعينيه اختلفوا
فيي الوكالة فيي النكاح ،لكين الجمهور على جوازهيا إل أبيا ثور ،ول
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فرق بين الوكالة واليصاء ،لن الوصي وكيل بعد الموت ،والوكالة
تنقطيع بالموت .واختلفوا فييي ترتييب الوليية مين النسيب ،فعنيد
مالك أن الولييية معتييبرة بالتعصيييب إل البيين ،فميين كان أقرب
عصيبة كان أحيق بالوليية ،والبناء عنده أولى وإن سيفلوا ثيم الباء
ثيم الخوة للب والم ثيم للب ثيم بنيو الخوة للب والم ثيم للب
فقيط ثيم الجداد للب وإن علوا .وقال المغيرة :الجيد وأبوه أولى
مين الخ وابنيه لييس مين أصيل (هكذا بالصيل ،ولعيل صيوابه :لنيه
لييس بأصيل ،فليتأميل ،ا هيي مصيححه) .ثيم العمومية على ترتييب
الخوة وإن سيفلوا ثيم المولى ثيم السيلطان والمولى العلى عنده
أحيق مين السيفل ،والوصيي عنده أولى مين ولي النسيب :أعنيي
وصييي الب واختلف أصيحابه فيمين هيو أولى وصيي الب أو ولي
النسيب؟ فقال ابين القاسيم الوصيي أولى ،مثيل قول مالك؛ وقال
ابين الماجشون وابين عبيد الحكيم :الولي أولى؛ وخالف الشافعيي
مالكيا فيي وليية البنوة فلم يجزهيا أصيل ،وفيي تقدييم الخوة على
الجييد فقال :ل ولييية للبيين؛ وروى عيين مالك أن الب أولى ميين
البيين وهييو أحسيين؛ وقال أيضييا :الجييد أولى ميين الخ ،وبييه قال
المغيرة؛ والشافعييي اعتييبر التعصيييب ،أعنييي أن الولد ليييس ميين
عصيبتها لحدييث عمير "ل تنكيح المرأة إل بإذن وليهيا أو ذي الرأي
مين أهلهيا أو السيلطان" ولم يعتيبره مالك فيي البين لحدييث أم
سلمة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن ها أن ينكحها إياه"
ولنهيم اتفقوا :أعنيي مالكيا والشافعيي على أن البين يرث الولء
الواجيب للم ،والولء عندهيم للعصيبة .وسيبب اختلفهيم فيي الجيد
هيو اختلفهيم فيمين هيو أقرب هيل الجيد أو الخ؟ ويتعلق بالترتييب
ثلث مسيائل مشهورة :أحدهيا :إذا زوج البعيد ميع حضور القرب.
والثانييية :إذا غاب القرب هييل تنتقييل الولييية إلى البعييد أو إلى
السيلطان؟ .والثالثية :إذا غاب البين عين ابنتيه البكير هيل تنتقيل
الولية أو ل تنتقل؟.
@(-فأما المسألة الولى) فاختلف فيها قول مالك ،فمرة قال :إن
زوج البعيد ميع حضور القرب فالنكاح مفسيوخ ،ومرة قال :النكاح
جائز ،ومرة قال :للقرب أن يجييييز أو يفسيييخ ،وهذا الخلف كله
عنده فيميا عدا الب فيي ابنتيه البكير والوصيي فيي محجورتيه ،فإنيه
ل يختلف قوله إن النكاح فييي هذييين مفسييوخ ،أعنييي تزويييج غييير
الب البنيت البكير ميع حضور الب أو غيير الوصيي المحجورة ميع
حضور الوصييي؛ وقال الشافعييي :ل يعقييد أحييد مييع حضور الب ل
فيي بكير ول فيي ثييب .وسيبب هذا الختلف هيو هيل الترتييب حكيم
شرعيي :أعنيي ثابتيا بالشرع فيي الوليية ،أم لييس بحكيم شرعيي؟
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وإن كان حكميا فهيل ذلك حيق مين حقوق الولي القرب ،أم ذلك
حق من حقوق الله؟ فمن لم ير الترتيب حكما شرعيا قال :يجوز
نكاح البعيد ميع حضور القرب؛ ومين رأى أنيه حكيم شرعيي ورأى
أنيه حيق للولي قال :النكاح منعقيد ،فإن أجازه الولي جاز ،وإن لم
يجزه انفسيخ؛ ومين رأى أنيه حيق لله قال :النكاح غيير منعقيد ،وقيد
أنكر قوم هذا المعنى في المذهب أعنى أن يكون النكاح منفسخا
غير منعقد.
@(-وأما المسألة الثانية) فإن مالكا يقول :إذا غاب الولي القرب
انتقلت الوليية إلى البعيد؛ وقال الشافعيي :تنتقيل إلى السيلطان.
وسيبب اختلفهيم هيل الغيبية فيي ذلك بمنزلة الموت أم ل؟ وذلك
أنه ل خلف عندهم في انتقالها في الموت.
@(-وأما المسألة الثالثة) وهي غيبة الب عن ابنته البكر ،فإن في
المذهب فيها تفصيل واختلفا ،وذلك راجع إلى بعد المكان وطول
الغيبيية أو قربييه والجهييل بمكانييه أو العلم بييه .وحاجيية البنييت إلى
النكاح إميا لعدم النفقية ،وإميا لميا يخاف عليهيا مين عدم الصيون،
وإميا للمريين جميعيا؛ فاتفيق المذهيب على أنيه إذا كانيت الغيبية
بعيدة أو كان الب مجهول الموضييع أو أسيييرا وكانييت فييي صييون
وتحت نفقة أنها إن لم تدع إلى التزو يج ل تزوج وإن دعت فتزوج
عنييد السيير وعنييد الجهييل بمكانييه ،واختلفوا هييل تزوج مييع العلم
بمكانييه أم ل إذا كان بعيدا ،فقيييل تزوج وهييو قول مالك؛ وقيييل ل
تزوج ،وهو قول عبد الملك وابن وهب .وأما إن عدمت النفقة أو
كانيت فيي غيير صيون فإنهيا تزوج أيضيا فيي هذه الحوال الثلثية:
أعنيي فيي الغيبية البعيدة ،وفيي السير ،والجهيل بمكانيه؛ وكذلك إن
اجتمييع المران فإذا كانييت فييي غييير صييون تزوج وإن لم تدع إلى
ذلك؛ ولم يختلفوا فيمييا أحسييب أنهييا ل تزوج فييي الغيبيية القريبيية
المعلوميية لمكان إمكان مخاطبتييه ،وليييس يبعييد بحسييب النظيير
المصيلحي الذي انبنيى علييه هذا النظير أن يقال إن ضاق الوقيت
وخشيي السيلطان عليهيا الفسياد زوجيت وإن كان الموضيع قريبيا؛
وإذا قلنييا إنييه يجوز ولييية البعييد مييع حضور القرب؛ فإن جعلت
امرأة أمرهيا إلى ولييين فزوجهيا كيل واحيد منهميا ،فإنيه ل يخلو أن
تكون تقدم أحدهما في العقد على الخر أو يكونا عقدا معا ،ثم ل
يخلو ذلك من أن يعلمم المتقدم أو ل يعلم ،فأما إذا علم المتقدم
منهمييا فإجمعوا على أنهييا للول إذا لم يدخييل بهييا واحييد منهمييا.
واختلفوا إذا دخييل الثانييي؛ فقال قوم هييي للول؛ وقال قوم هييي
للثاني ،وهو قول مالك وابن القاسم ،وبالول قال الشافعي وابن
عبد الحكم؛ وأما إن أنكحاها معا فل خلف في فسخ النكاح فيما
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مميا يوجيب فسيخ إنكاح الب ابنتيه البكير ،أعنيي إذا كان فقيرا غيير
قادر على النفقة عليها فالمال عنده من الكفاءة ،ولم ير ذلك أبو
حنيفيية .أمييا الحرييية فلم يختلف المذهييب أنهييا ميين الكفاءة لكون
السينة الثابتية لتخييير المية إذا عتقيت .وأميا مهير المثيل فإن مالكيا
والشافعيي يريان أنيه لييس مين الكفاءة ،وأن للب أن ينكيح ابنتيه
بأقل من صداق المثل :أعني البكر وأن الثيب الرشيدة إذا رضيت
بييه لم يكيين للولياء مقال؛ وقال أبييو حنيفيية :مهيير المثييل ميين
الكفاءة .وسبب اختلفهم أما في الب فلختلفهم هل له أن يضع
من صداق ابنته البكر شيئا أم ل؟ وأما في الثيب فلختلفهم هل
ترتفع عنها الولية في مقدار الصداق إذا كانت رشيدة كما ترتفع
فييي سييائر تصييرفاتها المالييية أم ليييس ترتفييع الولييية عيين مقدار
الصداق إذ كانت ل ترتفع عنها في التصرف في النكاح ،والصداق
مين أسيبابه ،وقيد كان هذا القول أخلق بمين يشترط الوليية ممين
لم يشترطهييا ،لكيين أتييى الميير بالعكييس .ويتعلق بأحكام الولييية
مسيألة مشهورة ،وهيي هيل يجوز للولي أن ينكيح وليتيه مين نفسيه
أم ل يجوز ذلك؟ فمنييييع ذلك الشافعييييي قياسييييا على الحاكييييم
والشاهيد ،أعنيي أنيه ل يحكيم لنفسيه ول يشهيد لنفسيه ،وأجاز ذلك
مالك ول أعلم له حجية فيي ذلك إل ميا روى مين "أنيه علييه الصيلة
والسلم تزوج أم سلمة بغير ولي" لن ابنها كان صغيرا ،وما ثبت
"أنيه علييه الصيلة والسيلم أعتيق صيفية فجعيل صيداقها عتقهيا".
والصل عند الشافعي في أنكحة النبي عليه الصلة والسلم أنها
على الخصييوص حتييى يدل الدليييل على العموم لكثرة خصييوصيته
فييي هذا المعنييى صييلى الله عليييه وسييلم ،ولكيين تردد قوله فييي
المام العظم.
**4الفصل الثاني في الشهادة
@-واتفييق أبييو حنيفيية والشافعييي ومالك على أن الشهادة ميين
شرط النكاح ،واختلفوا هيل هيي شرط تمام يؤمير بيه عنيد الدخول
أو شرط صحة يؤمر به عند العقد ،واتفقوا على أ نه ل يجوز نكاح
السر .واختلفوا إذا أشهد شاهدين ووصيا بالكتمان هل هو سر أو
ليييس سيير؟ فقال مالك :هييو سيير ويفسييخ؛ وقال أبييو حنيفيية
والشافعيي :لييس بسير .وسيبب اختلفهيم هيل الشهادة فيي ذلك
حكييم شرعييي أم إنمييا المقصييود منهييا سييد ذريعيية الختلف أو
النكار؟ فميين قال حكييم شرعييي قال :هييي شرط ميين شروط
الصحة؛ ومن قال توثق قال :من شروط التمام .والصل في هذا
ميا روى عين ابين عباس "ل نكاح إل بشاهدي عدل وولي مرشيد"
ول مخالف له مين الصيحابة ،وكثيير مين الناس رأى هذا داخل فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
باب الجماع وهييو ضعيييف ،وهذا الحديييث قييد روى مرفوعييا ذكره
الدارقطني ،وذكر أن في سنده مجاهيل؛ وأبو حنيفة ينعقد النكاح
عنده بشهادة فاسييقين ،لن المقصييود عنده بالشهادة هييو العلن
فقط؛ والشافعي يرى أن الشهادة تتضمن المعنيين :أعني العلن
والقبول ،ولذلك اشترط فيهييا العدالة؛ وأمييا مالك فليييس تتضميين
عنده العلن إذا وصيى الشاهدان بالكتمان .وسيبب اختلفهيم هيل
ميا تقيع فييه الشهادة ينطلق علييه اسيم السير أم ل؟ والصيل فيي
اشتراط العلن قول النييبي عليييه الصييلة والسييلم "أعلنوا هذا
النكاح واضربوا علييه بالدفوف" خرجيه أبيو داود ،وقال عمير فييه:
هذا نكاح السير ولو تقدميت فييه لرجميت .وقال أبيو ثور وجماعية:
ليييس الشهود ميين شرط النكاح ،ل شرط صييحة ول شرط تمام،
وفعيل ذلك الحسين بين علي ،وروى عنيه أنيه تزوج بغيير شهادة ثيم
أعلن بالنكاح.
**4الفصل الثالث في الصداق
@-والنظيير فييي الصييداق فييي سييتة مواضييع :الول :فييي حكمييه
وأركانه .الموضع الثاني في تقرر جميعه للزوجة .الموضع الثالث:
فييي تشطيره .الموضييع الرابييع :فييي التفويييض وحكمييه .الموضييع
الخامييس :الصييدقة الفاسييدة وحكمهييا .الموضييع السييادس :فييي
اختلف الزوجين في الصداق.
@(-الموضيع الول) وهذا فييه أربيع مسيائل :الولى :فيي حكميه،
الثانية :في قدره ،الثالثة :في جنسه ووصفه .الرابعة :في تأجيله.
@(-المسيألة الولى) أميا حكميه فإنهيم اتفقوا على أنيه شرط مين
شروط الصيييحة وأنيييه ل يجوز التواطيييؤ على تركيييه لقوله تعالى
{وآتوا النسيياء صييدقاتهن نحلة} وقوله تعالى {فانكحوهيين بإذن
أهلهن وآتوهن أجورهن}
@(-المسألة الثانية) وأما قدره فإنهم اتفقوا على أنه ليس لكثره
حيد .واختلفوا فيي أقله؛ فقال الشافعيي وأحميد وإسيحاق وأبيو ثور
وفقهاء المدينيية ميين التابعييين :ليييس لقله حييد ،وكييل مييا جاز أن
يكون ثمنا وقي مة لشيء جاز أن يكون صداقا ،وبه قال ابن وهب
مييين أصيييحاب مالك؛ وقال طائفييية بوجوب تحدييييد أقله ،وهؤلء
اختلفوا ،فالمشهور فييييي ذلك مذهبان :أولهمييييا مذهييييب مالك
وأصيحابه ،والثانيي مذهيب أبيي حنيفية وأصيحابه؛ فأميا مالك فقال:
أقله ربيع دينار مين الذهيب أو ثلثية دراهيم كيل مين فضية ،أو ميا
سياوى الدراهيم الثلثية ،أعنيي دراهيم الكييل فقيط فيي المشهور؛
وقييل أو ما يساوي أحده ما؛ وقال أ بو حنيفية :عشرة دراهيم أقله؛
وقييل خمسية دراهيم؛ وقييل أربعون درهميا .وسيبب اختلفهيم فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختلفهيم سيببان :أحدهميا هيل شرع مين قبلنيا لزم لنيا حتيى يدل
الدلييل على ارتفاعيه أم المير بالعكيس؟ فمين قال هيو لزم أجازه
لقوله تعالى {إنييي أريييد أن أنكحييك إحدى ابنتييي هاتييين على أن
تأجرنيي ثمانيي حجيج} اليية؛ ومين قال لييس بلزم قال :ل يجوز
النكاح بالجارة .والسييبب الثانييي هييل يجوز أن يقاس النكاح فييي
ذلك على الجارة؟ وذلك أن الجارة هيي مسيتثناة مين بيوع الغرر
المجهول ،ولذلك خالف فيهييا الصييم وابيين علييية ،وذلك أن أصييل
التعاميل إنميا هيو على عيين معروفية ثابتية فيي عيين معروفية ثابتية،
والجارة هيي عيين ثابتة فيي مقابلت ها حركات وأفعال غير ثابتة ول
مقدرة بنفسيييها .ولذلك اختلف الفقهاء متيييى تجيييب الجرة على
المسيتأجر؛ وأميا كون العتيق صيداقا فإنيه منعيه فقهاء المصيار ميا
عدا داود وأحميد .وسيبب اختلفهيم معارضية الثير الوارد فيي ذلك
للصول ،أعني ما ثبت من "أنه عليه الصلة والسلم أعتق صفية
وجعيل عتقهيا صيداقها" ميع احتمال أن يكون هذا خاصيا بيه علييه
الصيلة والسيلم لكثرة اختصياصه فيي هذا الباب ،ووجيه مفارقتيه
للصيول أن العتيق إزالة ملك ،والزالة ل تتضمين اسيتباحة الشييء
بوجيه آخير لنهيا إذا أعتقيت ملكيت نفسيها فكييف يلزمهيا النكاح؟
ولذلك قال الشافعي :إنها إن كرهت زواجه غرمت له قيمتها ،لنه
رأى أنهييا قييد أتلفييت عليييه قيمتهييا إذ كان إنمييا أتلفهييا بشرط
السيتمتاع بهيا ،وهذا كله ل يعارض بيه فعله علييه الصيلة والسيلم،
ولو كان غيير جائز لغيره لبينيه علييه الصيلة والسيلم .والصيل أن
أفعاله لزمية لنيا ،إل ميا قام الدلييل على خصيوصيته .وأميا صيفة
الصيييداق فإنهيييم اتفقوا على انعقاد النكاح على العوض المعيييين
الموصيوف ،أعنيي المنضبيط جنسيه وقدره بالوصيف .واختلفوا فيي
العوض الغييير موصييوف ول معييين ،مثييل أن يقول أنكحتكهييا على
عبيد أو خادم ،مين غيير أن يصيف ذلك وصيفا يضبيط قيمتيه ،فقال
مالك وأبيو حنيفية يجوز؛ وقال الشافعيي ل يجوز؛ وإذا وقيع النكاح
على هذا الوصف عند مالك كان لها الوسط مما سمى؛ وقال أبو
حنيفية :يجيبر على القيمية .وسيبب اختلفهيم هيل يجري النكاح فيي
ذلك مجرى البييع من القصيد فيي التشاح ،أو ل يس يبلغ ذلك المبلغ
بيل القصيد منيه أكثير ذلك المكارمية؟ فمين قال يجري فيي التشاح
مجرى البيييع قال :كمييا ل يجوز البيييع على شيييء غييير موصييوف
كذلك ل يجوز النكاح؛ وميين قال ليييس يجري مجراه إذ المقصييود
منييه إنمييا هييو المكارميية قال :يجوز .وأمييا التأجيييل فإن قومييا لم
يجيزوه أصييل ،وقوم أجازوه واسييتحبوا أن يقدم شيئا منييه إذا أراد
الدخول وهيو مذهيب مالك؛ والذيين أجازوا التأجييل منهيم مين لم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجزه إل لزمين محدود وقدر هذا البعيد ،وهيو مذهيب مالك؛ ومنهيم
من أجازه لموت أو فراق ،وهو مذهب الوزاعي .وسبب اختلفهم
هل يشبه النكاح البيع في التأجيل أو ل يشبهه؟ فمن قال يشبهه
لم يجييز التأجيييل لموت أو فراق؛ وميين قال ل يشبهييه أجاز ذلك؛
ومن منع التأجيل فلكونه عبادة.
@(-الموضع الثاني :في النظر في التقرر) واتفق العلماء على أن
الصييداق يجييب كله بالدخول أو الموت .أمييا وجوبييه كله بالدخول
فلقوله تعالى {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن
قنطارا فل تأخذوا منيه شيئا} اليية .وأميا وجوبيه بالموت فل أعلم
الن فييه دليل مسيموعا إل انعقاد الجماع على ذلك .واختلفوا هيل
من شرط وجوبه مع الدخول المسيس أم ليس ذلك من شرطه،
بييل يجييب بالدخول والخلوة ،وهييو الذي يعنون بإرخاء السييتور؟
فقال مالك والشافعييي وداود :ل يجييب بإرخاء السييتور إل نصييف
المهر ما لم يكن المسيس؛ وقال أبو حنيفة؛ يجب المهر بالخلوة
نفسييها إل أن يكون محرمييا أو مريضييا أو صييائما فييي رمضان أو
كانت المرأة حائضا؛ وقال ابن أبي ليلى :يجب المهر كله بالدخول
ولم يشترط فييي ذلك شيئا .وسييبب اختلفهييم فييي ذلك معارضيية
حكييم الصييحابة فييي ذلك لظاهيير الكتاب ،وذلك أنييه نييص تبارك
وتعالى فيي المدخول بهيا المنكوحية أنيه لييس يجوز أن يؤخيذ مين
صييداقها شيييء فييي قوله تعالى {وكيييف تأخذونييه وقييد أفضييى
بعضكيم إلى بعيض} ونيص فيي المطلقية قبيل المسييس أن لهيا
نصيييف الصيييداق ،فقال تعالى {وإن طلقتموهييين مييين قبيييل أن
تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} وهذا نص
كميا ترى فيي حكيم كيل واحدة مين هاتيين الحالتيين :أعنيي قبيل
المسيييس وبعييد المسيييس ول وسييط بينهمييا ،فوجييب بهذا إيجابييا
ظاهرا أن الصداق ل يجب إل بالمسيس ،والمسيس ههنا الظاهر
مين أمره أنيه الجماع ،وقيد يحتميل أن يحميل على أصيله فيي اللغية
وهو المس ،ولعل هذا هو الذي تأولت الصحابة ،ولذلك قال مالك
في العنين المؤجل إنه قد وجب لها الصداق عليه إذا وقع الطلق
لطول مقاميييه معهيييا ،فجعيييل له دون الجماع تأثيرا فيييي إيجاب
الصيداق .وأميا الحكام الواردة فيي ذلك عين الصيحابة فهيو أن مين
أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب عليه الصداق لم يختلف عليهم
فيي ذلك فيميا حكموا .واختلفوا مين هذا الباب فيي فرع ،وهيو إذا
اختلفييا فييي المسيييس أعنييي القائلييين باشتراط المسيييس ،وذلك
مثيل أن تدعيي هيي المسييس وينكير هيو ،فالمشهور عين مالك أن
دّقت ،وإن كان دخول القول قولهييا؛ وقيييل إن كان دخول بناء صيي ِ
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شيء لنها أسقطت ما كان لها من جبره على دفع الثمن وقبض
السيلعة ،ومن قال إنهيا سينة غيير معقولة واتبيع ظاهير اللفيظ قال:
يلزم التشطيير فيي كيل طلق كان مين سيببه أو سيببها .فأميا حكيم
ميا يعرض للصيداق مين التغيرات قبيل الطلق فإن ذلك ل يخلو أن
يكون مين قبلهيا أو مين الله ،فميا كان مين قبيل الله فل يخلو مين
أربعة أوجه :إما أن يكون تلفا للكل ،وإما أن يكون نقصا ،وإما أن
يكون زيادة ،وأميا أن يكون زيادة ونقصيا معيا .وميا كان مين قبلهيا
فل يخلو أن يكون تصيرفها فييه بتفوييت مثيل البييع والعتيق والهبية،
أو يكون تصرفها فيه في منافعها الخاصة بها أو فيما تتجهز به إلى
زوجهيا؛ فعنيد مالك أنهميا فيي التلف وفيي الزيادة وفيي النقصيان
شريكان؛ وعنيد الشافعيي أنيه يرجيع فيي النقصيان والتلف عليهيا
بالنصييف ول يرجييع بنصييف الزيادة وسييبب اختلفهييم هييل تملك
المرأة الصداق قبل الدخول أو الموت ملكا مستقرا أو ل تملكه؟
فمن قال إنها ل تملكه ملكا مستقرا قال :هما فيه شريكان ما لم
تتعيييد فتدخله فيييي منافعهيييا؛ ومييين قال تملكيييه ملكيييا مسيييتقرا
والتشطييير حييق واجييب تعييين عليهييا عنييد الطلق وبعييد اسييتقرار
الملك أوجيب الرجوع عليهيا بجمييع ميا ذهيب عندهيا؛ ولم يختلفوا
أنهيا إذا صيرفته فيي منافعهيا ضامنية للنصيف .واختلفوا إذا اشترت
بيه ميا يصيلحها للجهاز مميا جرت بيه العادة هيل يرجيع عليهيا بنصيف
ميا اشترتيه أم بنصيف الصيداق الذي هيو الثمين؟ فقال مالك :يرجيع
عليهيا بنصيف ميا اشترتيه؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :يرجيع عليهيا
بنصيف الثمين الذي هيو الصيداق .واختلفوا مين هذا الباب فيي فرع
مشهور متعلق بالسماع وهو هل للب أن يعفو عن نصف الصداق
في ابنته البكر؟ أعني إذا طلقت ق بل الدخول وللسيد في أمته؟
فقال مالك :ذلك له؛ وقال أبييو حنيفيية والشافعييي :ليييس ذلك له.
وسبب اختلفهم هو الحتمال الذي في قوله تعالى {إل أن يعفون
أو يعفيو الذي بيده عقدة النكاح} وذلك فيي لفظية "يعفيو" فإنهيا
تقال في كلم العرب مرة بمعنى يسقط ومرة بمعنى يهب ،وفي
قوله "الذي بيده عقدة النكاح" على ميين يعود هذا الضمييير هييل
على الولي أو على الزوج؛ فميين قال على الزوج جعييل "يعفييو"
بمعنيى يهيب ومين قال على الولي جعيل "يعفيو" بمعنيى يسيقط.
وشيذ قوم فقالوا :لكيل ولي أن يعفيو عين نصيف الصيداق الواجيب
للمرأة ،ويشبييه أن يكون هذان الحتمالن اللذان فييي الييية على
السواء ،لكن من جعله الزوج فلم يوجب حكما زائدا في الية :أي
شرعا زائدا ،لن جواز ذلك معلوم من ضرورة الشرع .ومن جعله
الولي ،إميا الب وإميا غيره فقيد زاد شرعيا ،فلذلك يجيب علييه أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المقتير قدره} ول خلف أعلميه فيي أنيه إذا طلق ابتداء أنيه لييس
علييه شييء ،وقيد كان يجيب على مين أوجيب لهيا المتعية ميع شطير
الصداق إذا طلق قبل الدخول في نكاح غير التفويض وأوجب لها
مهر المثل في نكاح التفويض أن يوجب لها مع المتعة فيه شطر
مهير المثيل ،لن اليية لم تتعرض بمفهومهيا لسيقاط الصيداق فيي
نكاح التفويض ،وإنما تعرضت لباحة الطلق قبل الفرض فإن كان
يوجيب نكاح التفو يض م هر المثل إذا طلب فواجب أن يتشطير إذا
وقع الطلق ك ما يتشطر في الم سمى ،ولهذا قال مالك إ نه لييس
يلزم فيه مهر المثل مع خيار الزوج.
@(-وأمييا المسييألة الثانييية) وهييي إذا مات الزوج قبييل تسييمية
الصيداق وقبيل الدخول بهيا ،فإن مالكيا وأصيحابه والوزاعيي قالوا:
ليس لها صداق ولها المتعة والميراث .وقال أبو حنيفة :لها صداق
المثيل والميراث وبيه وقال أحميد وداود ،وعين الشافعيي القولن
جميعيا ،إل أن المنصيور عنيد أصيحابه وهيو مثيل قول مالك .وسيبب
اختلفهيم معارضية القياس للثير .أميا الثير فهيو ميا روي عين ابين
مسيعود أنيه سيئل عين هذه المسيألة فقال :أقول فيهيا برأييي فإن
كان صيوابا فمين الله وإن كان خطيأ فمنيي :أرى لهيا صيداق امرأة
من نسائها ول وكس ول شطط وعليها العدة ولها الميراث ،فقام
معقل بن يسار الشجعي فقال :أشهد لقضيت فيها بقضاء رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم فيي بروع بنيت واشيق ،خرجيه أبيو داود
والنسائي والترمذي وصححه .وأما القياس المعارض لهذا فهو أن
الصيداق عوض ،فلميا لم يقبيض المعوض لم يجيب العوض قياسيا
على البيع .وقال المزني عن الشافعي في هذه المسألة :إن ثبت
حدييث بروع فل حجيية فيي قول أحيد ميع السينة ،والذي قاله هيو
الصواب والله أعلم.
@(-الموضع الخامس :في الصدقة الفاسدة) والصداق يفسد إما
لعينيه وإميا لصيفة فييه مين جهيل أو عذر ،فالذي يفسيد لعينيه فمثيل
الخميير والخنزييير ومييا ل يجوز أن يتملك ،والذي يفسييد ميين قبييل
العذر والجهييل فالصييل فيييه بالبيوع ،وفييي ذلك خمييس مسييائل
مشهورة:
@(-المسيألة الولى) إذا كان الصيداق خمرا أو خنزيرا أو ثمرة لم
يبد صلحها أو بعيرا شاردا ،وقال أبو حنيفة :العقد صحيح إذا وقع
فيه مهر المثل؛ وعن مالك في ذلك روايتان :إحداهما فساد العقد
وفسيخه قبيل الدخول وبعده وهيو قول أبيي عبييد .والثانيية أنيه إن
دخل ثبت ولها صداق المثل .وسبب اختلفهم هل حكم النكاح في
ذلك حكيم البييع أم لييس كذلك؟ فمين قال حكميه حكيم البييع قال:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يفسيد النكاح بفسياد الصيداق كميا يفسيد البييع بفسياد الثمين ،ومين
قال لييس مين شرط صيحة عقيد النكاح صيحة الصيداق بدلييل أن
ذكير الصيداق لييس شرطيا فيي صيحة العقيد قال :يمضيي النكاح
ويصييحح بصييداق المثييل ،والفرق بييين الدخول وعدمييه ضعيييف،
والذي تقتضييه أصيول مالك أن يفرق بيين الصيداق المحرم العيين
وبيين المحرم لصيفة فييه قياسيا على البييع ،ولسيت أذكير الن فييه
نصا.
@(-المسيألة الثانيية) واختلفوا إذا اقترن بالمهير بييع مثيل أن تدفيع
إليييه عبدا ويدفييع ألف درهييم عيين الصييداق وعيين ثميين العبييد ول
يسمى الثمن من الصداق ،فمنعه مالك وابن القاسم ،وبه قال أبو
ثور ،وأجازه أشهيب ،وهيو قول أبيي حنيفية؛ وفرق عبيد الله فقال:
إن كان الباقي بعد البيع ربع دينار فصاعدا بأمر ل يشك فيه جاز.
واختلف فييييه قول الشافعيييي ،فمرة قال :ذلك جائز ،ومرة قال:
فيه مهر المثل .وسبب اختلفهم هل النكاح في ذلك شبيه بالبيع
أم لييس بشيبيه؟ فمين شبهيه فيي ذلك بالبييع منعيه ،ومين جوز فيي
النكاح من الجهل ما ل يجوز في البيع قال يجوز.
@(-المسيألة الثالثية) واختلف العلماء فيمين نكيح امرأة واشترط
علييه فيي صيداقها حباء يحابيي به الب على ثلثية أقوال :فقال أبو
حنيفية وأصيحابه :الشرط لزم والصيداق صيحيح؛ وقال الشافعيي:
المهير فاسيد ولهيا صيداق المثيل؛ وقال مالك :إذا كان الشرط عنيد
النكاح فهيو لبنتيه ،وإن كان بعيد النكاح فهيو له .وسيبب اختلفهيم
تشيبيه النكاح فيي ذلك بالبييع ،فمين شبهيه بالوكييل ييبيع السيلعة
ويشترط لنفسيه حباء قال :ل يجوز النكاح كميا ل يجوز البييع؛ ومين
جعيل النكاح فيي ذلك مخالفيا للبييع قال :يجوز .وأميا تفرييق مالك
فلنيه اتهميه إذا كان الشرط فيي عقيد النكاح أن يكون ذلك الذي
اشترطيه لنفسيه نقصيانا مين صيداق مثلهيا ،ولم يتهميه إذا كان بعيد
انعقاد النكاح والتفاق على الصييداق ،وقول مالك هييو قول عميير
ابيين عبييد العزيييز والثوري وأبييي عبيييد .وخرج أبييو داود والنسييائي
وعبيد الرزاق عين عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده قال :قال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "أيميا امرأة نكحيت على حباء
قبيل عصيمة النكاح فهيو لهيا ،وميا كان بعيد ع صمة النكاح فهيو لمن
أعطيه ،وأحق ما أُكرِم الرجل عليه ابنته وأخته" وحديث عمرو بن
شعييب مختلف فييه مين قبيل أنيه صيحفه ،ولكنيه نيص فيي قول
مالك .وقال أبيو عمير بين عبيد البر :إذا روتيه الثقات وجيب العميل
به.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الدخول فالقول قول الزوج؛ وقالت طائفية :القول قول الزوج ميع
يمينيه ،وبيه قال أبيو ثور وابين أبيي ليلى وابين شبرمية وجماعية؛
وقالت طائفيية :القول قول الزوجيية إلى مهيير مثلهييا ،وقول الزوج
فيميا زاد على مهير مثلهيا؛ وقالت طائفية :إذا اختلفيا تحالفيا ورجيع
إلى مهيير المثييل ولم تيير الفسييخ كمالك ،وهييو مذهييب الشافعييي
والثوري وجماعية ،وقيد قييل إنهيا ترد إلى صيداق المثيل دون يميين
ما لم يكن صداق المثل أكثر مما ادعت وأقل مما ادعى هو.
واختلفهييم مبنييي على اختلفهييم فييي مفهوم قوله عليييه الصييلة
والسيلم "البينية على مين ادعيى واليميين على مين أنكير" هيل ذلك
معلل أو غيييير معلل؟ فمييين قال معلل قال :يحلف أبدا أقواهميييا
شبهيية ،فإن اسييتويا تحالفييا وتفاسييخا ،وميين قال غييير معلل قال:
يحلف الزوج لنهييا تقيير له بالنكاح وجنييس الصييداق وتدعييي عليييه
قدرا زائدا فهييو مدعييى عليييه؛ وقيييل أيضيا يتحالفان أبدا ،لن كييل
واحد منهما مدعى عليه ،وذلك عند من لم يراع الشباه ،والخلف
فييي ذلك فييي المذهييب وميين قال القول قولهييا إلى مهيير المثييل،
والقول قوله فيميا زاد على مهير المثيل رأى أنهميا ل يسيتويان أبدا
فييي الدعوى ،بييل يكون أحدهمييا ولبييد أقوى شبهيية ،وذلك أنييه ل
يخلو دعواهييا ميين أن يكون فيمييا يعادل صييداق مثلهييا فمييا دونييه
فيكون القول قولهيا ،أو يكون فيميا فوق ذلك فيكون القول قوله.
وسيييبب اختلف مالك والشافعيييي فيييي التفاسيييخ بعيييد التحالف
والرجوع إلى صداق المثل ،هو هل يشبه النكاح بالبيع في ذلك أم
ليس يشبه؟ فمن قال يشبه به قال بالتفاسخ؛ ومن قال ل يشبه،
لن الصداق ليس من شرط صحة العقد قال :بصداق المثل بعد
التحالف وكذلك مين زعيم مين أصيحاب مالك أنيه ل يجوز لهميا بعيد
التحالف أن يتراضيييا على شيييء ول أن يرجييع أحدهمييا إلى قول
الخر ويرضى به فهو في غاية الضعف؛ ومن ذهب إلى هذا فإنما
يشبيه باللعان ،وهيو تشيبيه ضعييف ميع أن وجود هذا الحكيم للعان
مختلف فيه .وأما إذا اختلفا في القبض فقالت الزوجة لم أقبض،
وقال الزوج قييييييد قبضييييييت فقال الجمهور :القول قول المرأة
الشافعيي والثوري وأحميد وأ بو ثور؛ وقال مالك :القول قولهيا قبل
الدخول ،والقول قوله بعيد الدخول؛ وقال بعيض أصيحابه :إنميا قال
ذلك مالك لن العرف بالمدينييية كان عندهيييم أن ل يدخيييل الزوج
حتى يدفع الصداق ،فإن كان بلد ليس فيه هذا العرف كان القول
قولها أبدا؛ والقول بأن القول قولها أبدا أحسن لنها مدعى عليها،
ولكيين مالك راعييى قوة الشبهيية التييي له إذا دخييل بهييا الزوج؛
واختلف أصيييحاب مالك إذا طال الدخول هيييل يكون القول قوله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بيميين أو بغيير يميين أحسين .وأميا إذا اختلف فيي جنيس الصيداق
فقال هو مثل زوجتك على هذا العبد ،وقالت هي زوجتك على هذا
الثوب ،فالمشهور في المذهب أنهما يتحالفان ويتفاسخان إن كان
الختلف قبيل البناء وإن كان بعيد البناء ثبيت وكان لهيا صيداق مثيل
ميا لم يكين أكثير مميا ادعيت أو أقيل مميا اعترف بيه؛ وقال ابين
القصيار :يتحالفان قبيل الدخول ،والقول قول الزوج بعيد الدخول؛
وقال أصيبغ :القول قول الزوج إن كان يشبيه سيواء أشبيه قولهميا
أو لم يشبيه ،فإن لم يشبيه قول الزوج فإن كان قولهيا مشبهيا كان
القول قولهيا ،وإن لم يكين قولهيا مشبهيا تحالفيا وكان لهيا صيداق
المثيل؛ وقول الشافعيي فيي هذه المسيألة مثيل قوله عنيد اختلفهيا
في القدر :أعني يتحالفان ويتراجعان إلى مهر المثل .وسبب قول
الفقهاء بالتفاسييخ فييي البيييع سييتعرف أصييله فييي كتاب البيوع إن
شاء الله .وأمييا اختلفهييم فييي الوقييت فإنييه يتصييور فييي الكالئ.
والذي يجيييء على أصييل قول مالك فيييه فييي المشهور عنييه أن
القول في الجل قول الغارم قياسا على البيع وفيه خلف ويتصور
أيضييا متييى يجييب هييل قبييل الدخول أو بعده؟ فميين شبييه النكاح
بالبيوع قال :ل يجيب إل بعيد الدخول قياسيا على البييع إذ ل يجيب
الثمين على المشتري إل بعيد قبيض السيلعة ومين رأى أن الصيداق
عبادة يشترط فيي الحليية قال :يجيب قبيل الدخول لذلك اسيتحب
مالك أن يقدم الزوج قبل الدخول شيئا من الصداق.
*(*4الركن الثالث :في معرفة محل العقد)
@-وكل امرأة فإنها تحل في الشرع بوجهين :إما بنكاح ،أو بملك
يم ين .والموانيع الشرعيية بالجملة تنقسيم أول إلى قسيمين :موانيع
مؤبدة ،وموانييع غييير مؤبدة .والموانييع المؤبدة تنقسييم إلى متفييق
عليها ،ومختلف فيها .فالمتفق عليها ثلث :نسب ،وصهر ،ورضاع.
والمختلف فيهيا الزنيى ،واللعان والغيير مؤبدة تنقسيم إلى تسيعة:
أحدهييا مانييع العدد .والثانييي :مانييع الجمييع .والثالث :مانييع الرق
والرابيع :مانيع الكفير والخاميس :مانيع الحرام .والسيادس :مانيع
المرض .والسييييابع :مانييييع العدة على اختلف فييييي عدم تأييده.
والثاميين :مانييع التطليييق ثلثييا للمطلق .والتاسييع :مانييع الزوجييية.
فالموانييع الشرعييية بالجملة أربعيية عشيير مانعييا ،ففييي هذا الباب
أربعة عشر فصل.
**3الفصل الول في مانع النسب
@-واتفقوا على أن النسياء اللئي يحرمين مين قبيل النسيب السيبع
المذكورات فييييييييي القرآن :المهات والبنات والخوات والعمات
والخالت وبنات الخ وبنات الخيييت .واتفقوا على أن الم ههنيييا:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اسيم لكيل أنثيى لهيا علييك ولدة مين جهية الم أو مين جهية الب؛
والبنت :اسم لكل أنثى لك عليها ولدة من قبل البن أو من قبل
البنيت أو مباشرة؛ أميا الخيت :فهيي اسيم لكيل أنثيى شاركتيك فيي
أحيد أصيليك أو مجموعيهميا أعنيي الب أو الم أو كليهميا؛ والعمية:
اسيم لكيل أنثيى هيي أخيت لبييك أو لكيل ذكير له علييك ولدة؛ وأميا
الخالة :فهيي اسيم لخيت أميك أو أخيت كيل أنثيى لهيا علييك ولدة؛
وبنات الخ :اسم لكل أنثى لخيك عليها ولدة من قبل أمها أو من
قبيل أبيهيا أو مباشرة؛ وبنات الخيت :اسيم لكيل أنثيى لختيك عليهيا
ولدة مباشرة أو مين قبيل أمهيا أو مين قبيل أبيهيا .فهؤلء العيان
السيبع محرمات ،ول خلف أعلميه فيي هذه الجملة .والصيل فيهيا
قوله تعالى (حرمييت عليكييم) إلى آخيير الييية .وأجمعوا على أن
النسب الذي يحرم الوطء بنكاح يحرم الوطء بملك اليمين.
**4الفصل الثاني في المصاهرة
@-وأما المحرمات بالمصاهرة فإنهن أربع :زوجات الباء ،والصل
فييه قوله تعالى {ول تنكحوا ميا نكيح آباؤكيم مين النسياء} اليية،
وزوجات البناء .والصيييل فيييي ذلك أيضيييا قوله تعالى {وحلئل
أبنائكيم الذيين مين أصيلبكم} وأمهات النسياء أيضيا ،والصيل فيي
ذلك قوله تعالى {وأمهات نسييائكم} .وبنات الزوجات ،والصييل
فيه قوله تعالى {وربائبكم اللتي في جحوركم من نسائكم اللتي
دخلتييم بهين} فهؤلء الربيع اتفيق المسيلمون على تحرييم اثنيين
منهيين بنفييس العقييد ،وهييو تحريييم زوجات الباء والبناء ،وواحدة
بالدخول وهيي ابنية الزوجية .واختلفوا منهيا فيي موضعيين :أحدهميا
هييل ميين شرطهييا أن تكون فييي حجيير الزوج والثانييية هييل تحرم
بالمباشرة للم للذة أوبالوطييء؟ .وأمييا أم الزوجيية فإنهييم اختلفوا
هيل تحرم بالوطيء أو بالعقيد على البنيت فقيط؟ واختلفوا أيضيا مين
هذا الباب فييي مسييألة رابعيية ،وهييي هييل يوجييب الزنييا ميين هذا
التحرييم ميا يوجبيه النكاح الصيحيح أو النكاح بشبهية؛ فهنيا أربعية
مسائل.
@(-المسيألة الولى) وهيي هيل مين شرط تحرييم بنيت الزوجية أن
تكون فييي حجيير الزوج أم ليييس ذلك ميين شرطييه؟ فإن الجمهور
على أن ذلك لييييس مييين شرط التحرييييم؛ وقال داود ذلك مييين
شرطيه؛ ومبنيي الخلف هيل قوله تعالى {اللتيي فيي حجوركيم}
وصيف له تأثيير فيي الحرمية أو لييس له تأثيير ،وإنميا خرج مخرج
الموجود أكثير؟ فمين قال خرج مخرج الموجود الكثير ولييس هيو
شرطيا فيي الربائب ،إذ ل فرق فيي ذلك بيين التيي فيي حجره أو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
التييي ليسييت فييي حجره قال :تحرم الربيبيية بإطلق؛ وميين جعله
شرطا غير معقول المعنى قال :ل تحرم إل إذا كانت في حجره.
@(-المسيألة الثانيية) وأميا هيل تحرم البنيت بمباشرة الم فقيط أو
بالوطييء؟ فإنهييم اتفقوا على أن حرمتهييا بالوطييء .واختلفوا فيمييا
دون الوطيء مين اللميس والنظير إلى الفرج لشهوة أو لغيير شهوة
هيل ذلك يحرم أم ل؟ فقال مالك والثوري وأبيو حنيفية والوزاعيي
واللييث بين سيعد :إن اللميس لشهوة يحرم الم ،وهيو أحيد قولي
الشافعييي؛ وقال داود والمزنييي :ل يحرمهييا إل الوطييء وهييو أحييد
قولي الشافعي المختار عنده ،والنظر عند مالك كاللمس إذا كان
نظير تلذذ إلى أي عضيو كان ،وفييه عنيه خلف؛ ووافقيه أبيو حنيفية
فيي النظير إلى الفرج فقيط؛ وحميل الثوري النظير محميل اللميس
ولم يشترط اللذة؛ وخالفهم في ذلك ابن أبي ليلى والشافعي في
أحد قوليه فلم يوجب في النظر شيئا ،وأوجب في اللمس .ومبنى
الخلف هييييل المفهوم ميييين اشتراط الدخول فييييي قوله تعالى
{اللتيي دخلتيم بهين} الوطيء أو التلذذ بميا دون الوطيء؟ فإن كان
التلذذ فهل يدخل فيه النظر أم ل؟
@(-المسيألة الثالثية) وأميا الم فذهيب الجمهور مين كافية فقهاء
المصيار إلى أنهيا تحرم بالعقيد على البنيت دخيل بهيا أو لم يدخيل،
وذهييب قوم إلى أن الم ل تحرم إل بالدخول على البنييت كالحال
فيي البنيت :أعنيي أنهيا ل تحرم إل بالدخول على الم ،وهيو مروي
عين علي وابين عباس رضيي الله عنه ما مين طرق ضعيفية .ومبنيى
الخلف هييل الشرط فييي قوله تعالى {اللتييي دخلتييم بهيين} يعود
إلى أقرب مذكور وهيييم الربائب فقيييط أو إلى الربائب والمهات
المذكورات قبييييل الربائب فييييي قوله تعالى {وأمهات نسييييائكم
وربائبكم اللتي في حجوركم من نسائكم اللتي دخلتم بهن} فإنه
يحتمييل أن يكون قوله {اللتييي دخلتييم بهيين} يعود على المهات
والبنات ،ويحتمييل أن يعود إلى أقرب مذكور وهييم البنات .وميين
الحجية للجمهور ميا روى المثنيى بين الصيباح عين عمرو بين شعييب
عين أبيه عين جده أن النيبي عليه الصيلة والسيلم قال "أيميا رجيل
نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فل تحل له أمها".
@(-وأمييا المسييألة الرابعيية) فاختلفوا فييي الزنييا هييل يوجييب ميين
التحرييم فيي هؤلء ميا يوجيب الوطيء فيي نكاح صيحيح أو بشبهية؟
أعنيي الذي يدرأ فييه الحيد ،فقال الشافعيي :الزنيا بالمرأة ل يحرم
نكاح أمهيا ول ابنتهيا ول نكاح أبيي الزانيي لهيا ول ابنيه؛ وقال أبيي
حنيفة :والثوري والوزاعي :يحرم الزنا ما يحرم النكاح وأما مالك
ففييي المؤطييأ عنييه قول الشافعييي أنييه ل يحرم ،وروى عنييه ابيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القاسيم مثيل قول أبيي حنيفية أنيه يحرم؛ وقال سيحنون :أصيحاب
مالك يخالفون ابين القاسيم فيهيا ،ويذهبون إلى ميا فيي المؤطيأ؛
وقيد روى عين اللييث أن الوطيء بشبهية ل يحرم وهيو شاذ .وسيبب
الخلف الشتراك فيي اسيم النكاح :أعنيي فيي دللتيه على المعنيى
الشرعييي واللغوي ،فميين راعييى الدللة اللغوييية فييي قوله تعالى
{ول تنكحوا ما نكيح آباؤكيم} قال :يحرم الزنيا ،ومين راعيى الدللة
الشرعيية قال :ل يحرم الزنيا ،ومين علل هذا الحكيم بالحرمية التيي
بيين الم والبنيت وبيين الب والبين قال :يحرم الزنيا أيضيا ،ومين
شبهييه بالنسييب قال :ل يحرم لجماع الكثيير على أن النسييب ل
يلحيق بالزنيا .واتفقوا فيميا حكيى ابين المنذر على أن الوطيء بملك
اليمييين يحرم منييه مييا يحرم الوطييء بالنكاح .واختلفوا فييي تأثييير
المباشرة في ملك اليمين كما اختلفوا في النكاح.
**4الفصل الثالث في مانع الرضاع
@-واتفقوا على أن الرضاع بالجملة يحرم منيييه ميييا يحرم مييين
النسب :أعني أن المرضعة تنزل منزلة الم ،فتحرم على المرضع
هيي وكيل مين يحرم على البين مين قبيل أم النسيب .واختلفوا مين
ذلك فيي مسيائل كثيرة ،والقواعيد منهيا تسيع :إحداهيا :فيي مقدار
المحرم مين اللبين .والثانيية :فيي سين الرضاع .والثالثية :فيي حال
المرضيع فيي ذلك الوقيت عنيد مين يشترط للرضاع المحرم وقتيا
خاصيا .والرابعية :هيل يعتيبر فييه وصيوله برضاع والتقام الثدي أو ل
يعتبر .والخامسة :هل يعتبر فيه المخالطة أم ل يعتبر .والسادسة:
هيل يعتبر فييه الوصيول من الحلق أو ل يعتيبر والسابعة :هيل ينزل
صياحب اللبين :أعنيي الزوج مين المرضيع منزلة الب ،وهيو الذي
يسييمونه لبيين الفحييل أم ليييس ينزل منييه بمنزلة أب .والثامنيية:
الشهادة على الرضاع .والتاسعة :صفة المرضعة.
@(-المسألة الولى) أما مقدار المحرم من اللبن فإن قوما قالوا
فيييه بعدم التحديييد وهييو مذهييب مالك وأصييحابه؛ وروى عيين علي
وابيين مسييعود وهييو قول ابيين عميير وابيين عباس ،وهؤلء يحرم
عندهيييم أي قدر كان ،وبيييه قال أبيييو حنيفييية وأصيييحابه والثوري
والوزاعي؛ وقالت طائفة :بتحديد القدر المحرم ،وهؤلء انقسموا
إلى ثلث فرق ،فقالت طائفيييية :ل تحرم المصيييية ول المصييييتان
وتحرم الثلث رضعات فمييا فوقهييا ،وبييه قال أبييو عبيييد وأبييو ثور؛
وقالت طائفة :المحرم خمس رضعات ،وبه قال الشافعي؛ وقالت
طائفية :عشير رضعات .والسيبب فيي اختلفهيم فيي هذه المسيألة
معارضية عموم الكتاب للحادييث الواردة فيي التحدييد ومعارضية
الحادييث فيي ذلك بعضهيا بعضيا .فأميا عموم الكتاب فقوله تعالى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ذلك على المؤمنين} إلى الزنا أو إلى النكاح؟ وإنما صار الجمهور
لحميل اليية على الذم ل على التحرييم لميا جاء فيي الحدييث "أن
رجل قال للنيبي صيلى الله علييه وسيلم فيي زوجتيه إنهيا ل ترد ييد
لمس ،فقال له النبي عليه الصلة والسلم :طلقها ،فقال له :إني
أحبها .فقال له :فأمسكها" وقال قوم أيضا :إن الزنا يفسخ النكاح
بناء على هذا الصيل .وبيه قال الحسين .وأميا زواج الملعنية مين
زوجها الملعن فسنذكرها في كتاب اللعان.
**4الفصل الخامس في مانع العدد.
@-واتفق المسلمون على جواز نكاح أربعة من النساء معا ،وذلك
للحرار ميين الرجال .واختلفوا فييي موضعييين :فييي العبيييد ،وفيميا
فوق الربيع .وأميا العبييد فقال مالك فيي المشهور عنيه :يجوز أن
ينكيح أربعيا ،وبيه قال أهيل الظاهير .وقال أبيو حنيفية والشافعيي :ل
يجوز له الجمع إل بين اثنتين فقط .وسبب اختلفهم هل العبودية
لهيا تأثيير فيي إسيقاط هذا العدد كميا لهيا تأثيير فيي إسيقاط نصيف
الحيد الواجيب على الحير فيي الزنيا ،وكذلك فيي الطلق عنيد مين
رأى ذلك .وذلك أن المسلمين اتفقوا على تنصيف حده في الزنا:
أعنيي أن حده نصيف حيد الحير ،واختلفوا فيي غيير ذلك .وأميا ميا
فوق الربيع فإن الجمهور على أنيه ل تجوز الخامسية لقوله تعالى
{فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع} ولما روي
عنيه علييه الصيلة والسيلم أنيه قال لغيلن لميا أسيلم وتحتيه عشير
نسيوة "أمسيك أربعيا وفارق سيائرهن" وقالت فرقية :يجوز تسيع،
ويشبيه أن يكون مين أجاز التسيع ذهيب مذهيب الجميع فيي اليية
المذكورة ،أعنيييي جميييع العداد فيييي قوله تعالى {مثنيييى وثلث
ورباع} .
**4الفصل السادس في مانع الجمع.
@-واتفقوا على أنيه ل يجميع بيين الختيين بعقيد نكاح لقوله تعالى
{وأن تجمعوا بييين الختييين} واختلفوا فييي الجمييع بينهمييا بملك
اليمييين ،والفقهاء على منعييه ،وذهبييت طائفيية إلى إباحيية ذلك.
وسييبب اختلفهييم معارضيية عموم قوله تعالى {وأن تجمعوا بييين
الختيين} لعموم السيتثناء فيي آخير اليية ،وهيو قوله تعالى {إل ميا
ملكييت أيمانكييم} وذلك أن هذا السييتثناء يحتمييل أن يعود لقرب
مذكور ،ويحتمل أن يعود لجميع ما تضمنته الية من التحريم إل ما
وقييع الجماع على أنييه ل تأثييير له فيييه ،فيخرج ميين عموم قوله
تعالى {وأن تجمعوا بييين الختييين} ملك اليمييين ،ويحتمييل أن ل
يعود إل إلى أقرب مذكور ،فيبقييى قوله تعالى {وأن تجمعوا بييين
الختييين} على عمومييه ،ول سيييما إن عللنييا ذلك بعلة الخوة أو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بسيبب موجود فيهميا .واختلف الذيين قالوا بالمنيع فيي ملك اليميين
إذا كانيت إحداهميا بنكاح والخرى بملك يميين ،فمنعيه مالك وأبيو
حنيفيية وأجازه الشافعييي ،وكذلك اتفقوا فيمييا أعلم على تحريييم
الجميع بيين المرأة وعمتهيا وبيين المرأة وخالتهيا لثبوت ذلك عنيه
علييه الصيلة والسيلم مين حدييث أبيي هريرة وتواتره عنيه علييه
الصيلة والسيلم مين أنيه قال علييه الصيلة والسيلم "ل يجميع بيين
المرأة وعمتها ول بين المرأة وخالتها" واتفقوا على أن العمة ههنا
هيي كيل أنثيى هيي أخيت لذكير له علييك ولدة إميا بنفسيه وإميا
بواسطة ذكر آ خر ،وأن الخالة :هي كل أنثى هي أخت لكل أنثى
لها عليك ولدة إما بنفسها وإما بتوسط أنثى غيرها وهن الحرات
مين قبيل الم؛ واختلفوا هيل هذا مين باب الخاص أرييد بيه الخاص،
أم هيو مين باب الخاص أرييد بيه العام؟ والذيين قالوا هيو مين باب
الخاص أريد به العام اختلفوا أي عام هو المقصود به؟ فقال قوم
وهيم الكثير وعلييه الجمهور مين فقهاء المصيار :هيو خاص أرييد بيه
الخصيوص فقيط ،وأن التحرييم ل يتعدى إلى غيير مين نيص علييه؛
وقال قوم :هييو خاص والمراد بييه العموم ،وهييو الجمييع بييين كييل
امرأتيين بينهميا رحيم محرمية أو غيير محرمية ،فل يجوز الجميع عنيد
هؤلء بيين ابنتيي عيم أو عمية ،ول بيين ابنتيي خال أو خالة ،ول بيين
المرأة وبنت عمها أو بنت عمتها ،أو بينها وبين بنت خالتها؛ وقال
قوم :إنميا يحرم الجميع بيين كيل امرأتيين بينهميا قرابية محرمية،
أعنيي لو كان أحدهميا ذكرا والخير أنثيى لم يجيز لهميا أن يتناكحيا؛
ومييين هؤلء مييين اشترط فيييي هذا المعنيييى أن يعتيييبر هذا مييين
الطرفين جميعا ،أعني إذا جعل كل واحد منهما ذكرا والخر أنثى
فلم يجيز لهميا أن يتناكحيا ،فهؤلء ل يحيل الجميع بينهميا .وأميا إن
جعل في أحد الطرفين ذكر يحرم التزويج ولم يحرم من الطرف
الخر فإن الجمع يجوز كالحال في الجمع بين امرأة الرجل وابنته
مين غيرهيا ،فإنيه إن وضعنيا البنيت ذكرا لم يحيل نكاح المرأة منيه
لنهييا زوج أبيييه ،وإن جعلنييا المرأة ذكرا حييل لهييا نكاح ابنيية الزوج
لنهييا تكون ابنيية لجنييبي ،وهذا القانون هييو الذي اختاره أصييحاب
مالك ،وأولئك يمنعون الجمع بين زوج الرجل وابنته من غيرها.
**4الفصل السابع في موانع الرق.
@-واتفقوا على أنيه يجوز للعبيد أن ينكيح المية ،وللحرة أن تنكيح
العبييد إذا رضيييت بذلك هييي وأولياؤهييا .واختلفوا فييي نكاح الحيير
الميية ،فقال قوم :يجوز بإطلق ،وهييو المشهور ميين مذهييب ابيين
القاسيييم؛ وقال قوم :ل يجوز إل بشرطيييين :عدم الطول ،وخوف
العنيت ،وهيو المشهور مين مذهيب مالك ،وهيو مذهيب أبيي حنيفية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المتزوجية هيل يهدم السيبي نكاحهيا ،وإن هدم فمتيى يهدم؟ فقال
قوم :إن سيبيا معيا أعنيي الزوج والزوجية لم يفسيخ نكاحهميا ،وإن
سبى أحدهما قبل الخر انفسخ النكاح ،وبه قال أبو حنيفة؛ وقال
قوم :بيل السيبي يهدم سيبيا معيا أو سيبى أحدهميا قبيل الخير وبيه
قال الشافعييي؛ وعيين مالك قولن :أحدهمييا أن السييبي ل يهدم
النكاح أصيييل .والثانيييي أنيييه يهدم بإطلق مثيييل قول الشافعيييي.
والسيبب فيي اختلفهيم هيل يهدم أو ل يهدم هيو تردد المسيترقين
الذييين أمنوا ميين القتييل بييين النسيياء الذميييين أهييل العهييد وبييين
الكافرة التي ل زوج لها أو المستأجرة من كافر .وأما تفريق أبي
حنيفة بين أن يسبيا معا وبين أن يسبي أحدهما فلن المؤثر عنده
فيي الحلل هيو اختلف الدار بهميا ل الرق ،والمؤثير فيي الحلل
عنيد غيره هيو الرق ،وإنميا النظير هيل هيو الرق ميع الزوجيية أو ميع
عدم الزوجية؟ والش به أن ل يكون للزوجية ههنا حرمة لن محل
الرق وهيو الكفير سيبب الحلل .وأميا تشبيههيا بالذميية فبعييد لن
الذمييي إنمييا أعطييى الجزييية بشرط أن يقيير على دينييه فضل عيين
نكاحه.
**4الفصل التاسع في مانع الحرام.
@-واختلفوا فيييي نكاح المحرِم فقال مالك والشافعيييي واللييييث
والوزاعي وأحمد ل ينكح المحرم ول يُنكح ،فإن فعل ذلك فالنكاح
باطييل ،وهييو قول عميير بيين الخطاب وعلي وابيين عميير وزيييد بيين
ثابييت .وقال أبييو حنيفيية :ل بأس بذلك .وسييبب اختلفهييم تعارض
النقييل فييي هذا الباب ،فمنهييا حدييث ابين عباس "أن رسييول الله
صيلى الله علييه وسيلم نكيح ميمونة وهيو محرم" وهيو حدييث ثابيت
النقل خرجه أهل الصحيح وعارضه أحاديث كثيرة عن ميمونة "أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم تزوجهيا وهيو حلل" قال أبيو
عمير :روييت عنهيا مين طرق شتيى ،مين طرييق أبيي رافيع ،ومين
طريق سليمان بن يسار وهو مولها ،وعن يزيد بن الصم .وروى
مالك أيضييا ميين حديييث عثمان بيين عفان مييع هذا أنييه قال :قال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ل ينكيح المحرم ول يُنكيح ول
يخطيب" فمين رجيح هذه الحادييث على حدييث ابين عباس قال :ل
ينكيح المحرم ول يُنكيح؛ ومين رجيح حدييث ابين عباس أو جميع بينيه
وبين حديث عثمان بن عفان بأن حمل النهى الوارد في ذلك على
الكراهيية قال :ينكيح ويُنكيح ،وهذا راجيع إلى تعارض الفعيل والقول
والوجه الجمع أو تغليب القول.
**4الفصل العاشر في مانع المرض.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بينهما ،ثم اعتدت بقية عدتها من الول ،ثم كان الخر خاطبا من
الخطاب؛ وإن كان دخيل بهيا فرق بينهميا ،ثيم اعتدت بقيية عدتهيا
مين الول ،ثيم اعتدت مين الخير ،ثيم ل يجتمعان أبدا .قال سيعيد:
ولهيا مهرهيا بميا اسيتحل منهيا .وربميا عضدوا هذا القياس بقياس
شبيه ضعييف مختلف فيي أصيله ،وهيو أنيه أدخيل فيي النسيب شبهية
فأشبيه الملعين .وروي عين علي وابين مسيعود مخالفية عمير فيي
هذا .والصل أنها ل تحرم إل أن يقوم على ذلك دليل من كتاب أو
سنة أو إجماع من المة .وفي بعض الروايات أن عمر كان قضى
بتحريمهيا ،وكون المهير فيي بييت المال ،فلميا بلغ ذلك علييا أنكره
فرجييع عيين ذلك عميير ،وجعييل الصييداق على الزوج ولم يقييض
بتحريمهييا عليييه ،رواه الثوري عيين أشعييث عيين الشعييبي عيين
مسيروق .وأميا مين قال بتحريمهيا بالعقيد فهيو ضعييف .وأجمعوا
على أنه ل توطأ حامل مسبية حتى تضع ،لتواتر الخبار بذلك عن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم .واختلفوا إن وطييء هيل يعتيق
علييييه الولد أو ل يعتيييق ،والجمهور على أنيييه ل يعتيييق .وسيييبب
اختلفهيم هيل ماؤه مؤثير فيي خلقتيه أو غيير مؤثير؟ فإن قلنيا أنيه
مؤثر كان له ابنا بجهة ما ،وإن قلنا أنه ليس بمؤثر لم يكن ذلك.
وروي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "كييف يسيتعبده
وقد غذاه في سمعه وبصره" .وأما النظر في مانع التطليق ثلثا،
فسيأتي في كتاب الطلق.
**4الفصل الثاني عشر في مانع الزوجية.
@-وأميييا مانيييع الزوجيييية فإنهيييم اتفقوا على أن الزوجيييية بيييين
المسيلمين مانعية وبيين الذمييين .واختلفوا فيي المسيبية على ميا
تقدم؛ واختلفوا أيضيا فيي المية إذا بيعيت هيل يكون بيعهيا طلقيا؟
فالجمهور على أنه ليس بطلق؛ وقال قوم :هو طلق ،وهو مروي
عيين ابيين عباس وجابر وابيين مسييعود وأبييي بيين كعييب .وسييبب
اختلفهيم معارضية مفهوم حدييث بريرة لعموم قوله تعالى {إل ميا
ملكييت أيمانكييم} وذلك أن قوله تعالى {إل مييا ملكييت أيمانكييم}
يقتضي المسبيات وغيرهن ،وتخيير بريرة يوجب أن ل يكون بيعها
طلقيا ،لنيه لو كان بيعهيا طلقيا لميا خيرهيا رسيول الله صيلى الله
علييه وسيلم بعيد العتيق ،ولكان نفيس شراء عائشية لهيا طلقيا مين
زوجهيا؛ والحجية للجمهور ميا خرجيه ابين أبيي شيبية عين أبيي سيعيد
الخدري "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم بعيث يوم حنيين
سيرية فأصيابوا حييا مين العرب يوم أوطاس فهزموهيم وقتلوهيم
وأصييابوا نسيياء لهيين أزواج ،وكان ناس ميين أصييحاب رسييول الله
صيلى الله علييه وسيلم تأثموا مين غشيانهين مين أجيل أزواجهين،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بينهما ،وهيو مروي عين أبي هريرة وسعيد بن المسيب؛ وقال أبو
حنيفيية والثوري :ل يفرق بينهمييا ،وبييه قال أهييل الظاهيير .وسييبب
اختلفهيم تشيبيه الضرر الواقيع مين ذلك بالضرر الواقيع مين العنية،
لن الجمهور على القول بالتطلييق على العنيين حتيى لقيد قال ابين
المنذر إنه إجماع ،وربما قالوا النفقة في مقابلة الستمتاع ،بدليل
أن الناشيز ل نفقية لهيا عنيد الجمهور ،فإذا لم يجيد النفقية سيقط
السيتمتاع فوجيب الخيار .وأميا مين ل يرى القياس فإنهيم قالوا قيد
ثبتت العصمة بالجماع فل تنحل إل بإجماع أو بدليل من كتاب الله
أو سنة نبيه فسبب اختلفهم معارضة استصحاب الحال للقياس.
**4الفصل الثالث في خيار الفقد.
@-واختلفوا فييي المفقود الذي تجهييل حياتييه أو موتييه فييي أرض
السلم ،فقال مالك يضرب لمرأته أجل أربع سنين من يوم ترفع
أمرهيا إلى الحاكيم ،فإذا انتهيى الكشيف عين حياتيه أو موتيه فجهيل
ذلك ضرب لها الحاكم الجل ،فإذا انتهى اعتدت عدة الوفاة أربعة
أشهير وعشرا وحلت ،قال :وأميا ماله فل يورث حتيى يأتيي علييه
ميين الزمان مييا يعلم أن المفقود ل يعيييش إلى مثله غالبييا ،فقيييل
سبعون ،وقيل ثمانون ،وقيل تسعون ،وقيل مائة فيمن غاب وهو
دون هذه السينان ،وروي هذا القول عين عمير بين الخطاب ،وهيو
مروي أيضا عن عثمان وبه قال الليث؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة
والثوري :ل تحيل امرأة المفقود حتيى يصيح موتيه ،وقولهيم مروي
عييين علي وابييين مسيييعود .والسيييبب فيييي اختلفهيييم معارضييية
اسيتصحاب الحال للقياس ،وذلك أن اسيتصحاب الحال يوجيب أن
ل تنحل عصمة إل بموت أو طلق حتى يدل الدليل على غير ذلك.
وأمييا القياس فهييو تشييبيه الضرر اللحييق لهييا ميين غيبتييه باليلء
والعنية ،فيكون لهيا الخيار كميا يكون فيي هذيين .والمفقودون عنيد
المحصلين من أصحاب مالك أربعة مفقود في أرض السلم وقع
الخلف فيييييه ،ومفقود فييييي أرض الحرب ،ومفقود فييييي حروب
السييلم ،أعنييي فيمييا بينهييم ومفقود فييي حروب الكفار ،والخلف
عن مالك وعن أصحابه في الثلثة الصناف من المفقودين كثير؛
فأما المفقود في بلد الحرب فحكمه عندهم حكم السير ل تتزوج
امرأته ول يقسم ماله حتى يصح موته ،ما خل أشهب ،فإنه حكم
له بحكيم المفقود فيي أرض المسيلمين .وأميا المفقود فيي حروب
المسيلمين فقال :إن حكميه حكيم المقتول دون تلوم ،وقييل يتلوم
له بحسيب بعيد الموضيع الذي كانيت فييه المعركية وقربيه وأقصيى
الجيل فيي ذلك سينة .وأميا المفقود فيي حروب الكفار ففييه فيي
المذهب أربعة أقوال :قيل حكمه حكم السير؛ وقيل حكمه حكم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المقتول بعد تلوم سنة ،إل أن يكون بموضع ل يخفى أمره فيحكم
له بحكيم المفقود فيي حروب المسيلمين وفتنهيم؛ والقول الثالث
أن حكميه حكيم المفقود فيي بلد المسيلمين؛ والرابيع حكميه حكيم
المقتول في زوجته ،وحكم المفقود في أرض المسلمين في ماله
أعنيي يعمير وحينئذ يورث ،وهذه القاوييل كلهيا مبناهيا على تجوييز
النظيير بحسييب الصييلح فييي الشرع ،وهييو الذي يعرف بالقياس
المرسل ،وبين العلماء فيه اختلف :أعني بين القائلين بالقياس.
**4الفصل الرابع في خيار العتق.
@-واتفقوا على أن الميية إذا عتقييت تحييت عبييد أن لهييا الخيار؛
واختلفوا إذا عتقييت تحييت الحيير هييل لهييا خيار أم ل؟ فقال مالك
والشافعيي وأهيل المدينية والوزاعيي وأحميد واللييث ل خيار لهيا؛
وقال أبيييو حنيفييية والثوري لهيييا الخيار حرا كان أو عبدا .وسيييبب
اختلفهيم تعارض النقيل فيي حدييث بريرة ،واحتمال العلة الموجبية
للخيار أن يكون الجييبر الذي كان فييي إنكاحهييا بإطلق إذا كانييت
أمية ،أو الجيبر على تزويجهيا من عبيد؛ فمين قال :العلة الجيبر على
النكاح بإطلق قال :تخير تحت الحر والعبد؛ ومن قال الجبر على
تزويج العبد فقط قال :تخير تحت العبد فقط .وأما اختلف النقل
فإنييه روي عيين ابيين عباس أن زوج بريرة كان عبدا أسييود .وروي
عين عائشية أن زوجهيا كان حرا ،وكل النقليين ثابيت عنيد أصيحاب
الحديييث؛ واختلفوا أيضييا فييي الوقييت الذي يكون لهييا الخيار فيييه،
فقال مالك والشافعيي :يكون لهيا الخيار ميا لم يمسيها؛ وقال أبيو
حنيفة :خيارها على المجلس؛ وقال الوزاعي :إنما يسقط خيارها
بالمسيس إذا علمت أن المسيس يسقط خيارها.
**3الباب الرابع في حقوق الزوجية.
@-واتفقوا على أن ميييين حقوق الزوجيييية على الزوج النفقيييية
والكسيييوة لقوله تعالى {وعلى المولود له رزقهييين وكسيييوتهن
بالمعروف} الية .ولما ثبت من قوله عليه الصلة والسلم "ولهن
عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ولقوله لهند "خذي ما يكفيك
وولدك بالمعروف" .فأمييا النفقيية فاتفقوا على وجوبهييا ،واختلفوا
فيي أربعية مواضيع فيي وقيت وجوبهيا ،ومقدارهيا ،ولمين تجيب؟،
وعلى ميين تجييب؟ .فأمييا وقييت وجوبهييا فإن مالكييا قال :ل تجييب
النفقية على الزوج حتيى يدخيل بهيا أو يدعيى إلى الدخول بهيا وهيي
ممين توطيأ وهيو بالغ؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :يلزم غيير البالغ
النفقية إذا كانيت هييي بالغيا ،وأميا إذا هيو بالغيا والزوجية صيغيرة
فللشافعيي قولن :أحدهميا مثيل قول مالك ،والقول الثانيي أن لهيا
النفقية بإطلق .وسيبب اختلفهيم هيل النفقية لمكان السيتمتاع أو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عليها الرضاع إذ ل دليل هنا على الوجوب؛ ومن قال تتضمن المر
بالرضاع وإيجابييه وأنهييا ميين الخبار التييي مفهومهييا مفهوم الميير
قال :يجيب عليهيا الرضاع .وأميا مين فرق بيين الدنيئة والشريفية
فاعتبر في ذلك العرف والعادة .وأما المطلقة فل رضاع عليها إل
أن ل يقبيل ثدي غيرهيا فعليهيا الرضاع وعلى الزوج أجير الرضاع،
هذا إجماع لقوله سيييبحانه وتعالى {فإن أرضعييين لكيييم فآتوهييين
أجورهييين} (والجمهور على أن الحضانييية للم إذا طلقهيييا الزوج
وكان الولد صييغيرا لقوله عليييه الصييلة والسييلم "ميين فرق بييين
والدة وولدهيا فرق الله بينيه وبيين أحبتيه يوم القيامية" ولن المية
والمسييبية إذا لم يفرق بينهييا وبييين ولدهييا فأخييص بذلك الحرة.
واختلفوا إذا بلغ الولد حييييد التمييييييز فقال قوم يخييييير ،ومنهييييم
الشافعي ،واحتجوا بأثر ورد في ذلك؛ وبقي قوم على الصل لنه
لم يصييح عندهييم هذا الحديييث؛ والجمهور على أن تزويجهييا لغييير
الب يقطييع الحضانيية لمييا روي أن رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم قال "أنيت أحيق بيه ميا لم تنكحيي" ومين لم يصيح عنده هذا
الحدييث طرد الصيل .وأميا نقيل الحضانية مين الم إلى غيير الب
فليس في ذلك شيء يعتمد عليه)( .ما بين القوسين لم يوجد في
النسخة الفاسية ول المصرية ،وهو موجود بالنسخة الخطية تعلق
أحمد بك تيمور ا هي مصححه).
**3الباب الخاميس فييي النكحية المنهيى عنهيا بالشرع والنكحية
الفاسدة وحكمها.
@-والنكحيية التييي ورد النهييي عنهييا فيهييا مصييرحا أربعيية :نكاح
الشغار ،ونكاح المتعة ،والخطبة على خطبة أخيه ،ونكاح المحلل.
فأما نكاح الشغار فإنهم اتفقوا على أن صفته هو أن ينكح الرجل
وليتيه رجل آخير على أن ينكحيه الخير وليتيه ول صيداق بينهميا إل
بضييع هذه ببضييع الخرى ،واتفقوا على أنييه نكاح غييير جائز لثبوت
النهيي عنيه؛ واختلفوا إذا وقيع هيل يصيحح بمهير المثيل أم ل؟ فقال
مالك :ل يصييييحح ويفسييييخ أبدا قبييييل الدخول وبعده ،وبييييه قال
الشافعييي إل أنييه قال :إن سييمى لحدهمييا صييداقا أو لهمييا معييا
فالنكاح ثابيت بمهير المثيل ،والمهير الذي سيمياه فاسيد؛ وقال أبيو
حنيفية :نكاح الشغار يصيح بفرض صيداق المثيل ،وبيه قال اللييث
وأحميد وإسيحق وأبيو ثور والطيبري .وسيبب اختلفهيم هيل النهيي
المعلق بذلك معلل بعدم العوض أو غيييير معلل ،فإن قلنيييا غيييير
معلل لزم الفسخ على الطلق؛ وإن قلنا العلة عدم الصداق صح
بفرض صيداق المثيل مثيل العقيد على خمير أو على خنزيير؛ وقيد
أجمعوا على أن النكاح المنعقيد على الخمير والخنزيير ل يفسيخ إذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فات بالدخول ،ويكون فيه مهر المثل؛ وكأن مالكا رضي الله عنه
رأى أن الصداق وإن لم يكن من شرط صحة العقد ففساد العقد
ههنا من قبل فساد الصداق مخصوص لتعلق النهي به ،أو رأى أن
النهييي إنمييا يتعلق بنفييس تعيييين العقييد ،والنهييي يدل على فسيياد
المنهي.
وأميا نكاح المتعية .فإنيه وإن تواترت الخبار عين رسيول الله صيلى
الله عليه وسلم بتحريمه إل أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه
التحرييم ،ففيي بعيض الروايات أنيه حرمهيا يوم خييبر ،وفيي بعضهيا
يوم الفتيح ،وفيي بعضهيا فيي غزوة تبوك ،وفيي بعضهيا فيي حجية
الوداع ،وفييي بعضهييا فييي عمرة القضاء ،وفييي بعضهييا فييي عام
أوطاس ،وأكثيير الصييحابة وجميييع فقهاء المصييار على تحريمهييا،
واشتهير عين ابين عباس تحليلهيا ،وتبيع ابين عباس على القول بهيا
أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن ،ورووا أن ابن عباس كان يحتج
لذلك لقوله تعالى {فمييا اسييتمتعتم بييه منهيين فآتوهيين أجورهيين
فريضة ول جناح عليكم} وفي حرف عنه إلى أجل مسمى ،وروى
عنه أنه قال :ما كانت المتعة إل رحمة من الله عز وجل رحم بها
أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،ولول نهى عمر عنها ما اضطر
إلى الزنا إل شقيي .وهذا الذي روي عين ابين عباس رواه عنيه ابن
جرييج وعمرو بين دينار .وعين عطاء قال" :سيمعت جابر بين عبيد
الله يقول" :تمتعنيا على عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
وأبي بكر ونصفا من خلفة عمر" ثم نهى عنها عمر الناس.
وأما اختلفهم في النكاح الذي تقع فيه الخطبة على خطبه غيره،
فقيد تقدم أن فييه ثلثية أقوال :قول بالفسيخ ،وقول بعدم الفسيخ،
وفرق بيين أن ترد الخطبية على خطبية الغيير بعيد الركون والقرب
مين التمام أو ل ترد وهيو مذهيب مالك .وأميا نكاح المحلل :أعنيي
الذي يقصد بنكاحه تحليل المطلقة ثلثا ،فإن مالكا قال :هو نكاح
مفسيوخ؛ وقال أبيو حنيفيية والشافعييي :هيو نكاح صيحيح .وسيبب
اختلفهيم اختلفهيم فيي مفهوم قوله علييه الصيلة والسيلم "لعين
الله المحلل" الحديييث فميين فهييم ميين اللعيين التأثيييم فقييط قال:
النكاح صيحيح؛ ومين فهيم مين التأثييم فسياد العقيل تشبيهيا بالنهيي
الذي يدل على فسياد المنهيي عنيه وقال :النكاح فاسيد ،فهذه هيي
النكحية الفاسيدة بالنهيي .وأميا النكحية الفاسيدة بمفهوم الشرع
فإنها تفسد إما بإسقاط شرط من شروط صحة النكاح ،أو لتغيير
حكيم واجيب بالشرع من أحكاميه مميا هيو عين الله عيز وجيل ،وإميا
بزيادة تعود إلى إبطال شرط مين شروط الصيحة .وأميا الزيادات
التيي تعرض مين هذا المعنيى فإنهيا ل تفسيد النكاح باتفاق ،وإنميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ومرة اعتبر فيه الفسخ بعد الدخول أو عدمه ،وقد نرى أن نقطع
ههنييا القول فييي هذا الكتاب ،فإن مييا ذكرنييا منييه كفاييية بحسييب
غرضنا المقصود.
**2كتاب الطلق
@-والكلم فيي هذا الباب ينحصير فيي أربيع جميل :الجملة الولى:
فيييي أنواع الطلق .الجملة الثانيييية :فيييي أركان الطلق .الجملة
الثالثة :في الرجعة .الجملة الرابعة :في أحكام المطلقات.
*(*3الجملة الولى) وفي هذه الجملة خمسة أبواب
@-الباب الول :فييييي معرفيييية الطلق البائن والرجعييييي .الباب
الثاني :في معرفة الطلق السني من البدعي .الباب الثالث :في
الخلع .الباب الرابيييع :فيييي تميييييز الطلق مييين الفسيييخ .الباب
الخامس :في التخيير والتمليك.
**4الباب الول في معرفة الطلق البائن والرجعي.
@-واتفقوا على أن الطلق نوعان :بائن ورجعي .وأن الرجعي هو
الذي يملك فييه الزوج رجعتهيا مين غيير اختيارهيا وأن مين شرطيه
أن يكون فيي مدخول بهيا ،وإنميا اتفقوا على هذا لقوله تعالى {ييا
أيهيا النيبي إذا طلقتيم النسياء فطلقوهين لعدتهين وأحصيوا العدة}
إلى قوله تعالى {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} وللحديث الثابت
أيضيا مين حدييث ابين عمير أنيه صيلى الله علييه وسيلم أمره أن
يراجع زوجته لما طلقها حائضا ول خلف في هذا.
وأمييا الطلق البائن ،فإنهييم اتفقوا على أن البينونيية إنمييا توجييد
للطلق ميين قبييل عدم الدخول وميين قبييل عدم التطليقات وميين
قبييل العوض فييي الخلع على اختلف بينهييم هييل الخلع طلق أو
فسييخ على مييا سيييأتي بعييد؛ واتفقوا على أن العدد الذي يوجييب
البينونية فيي طلق الحير ثلث تطليقات إذا وقعيت مفترقات لقوله
تعالى {الطلق مرتان} اليية .واختلفوا إذا وقعيت ثلثيا فيي اللفيظ
دون الفعيييل ،وكذلك اتفيييق الجمهور على أن الرق مؤثييير فيييي
إسيقاط أعداد الطلق ،وأن الذي يوجيب البينونية فيي الرق اثنتان.
واختلفوا هييل هذا معتييبر برق الزوج أو برق الزوجيية أم برق ميين
رق منهما ،ففي هذا الباب إذن ثلث مسائل.
@(-المسييييألة الولى) جمهور الفقهاء المصييييار على أن الطلق
بلفييظ الثلث حكمييه حكييم الطلقيية الثالثيية؛ وقال أهييل الظاهيير
وجماعيية :حكمييه حكييم الواحدة ول تأثييير للفيظ فييي ذلك ،وحجيية
هؤلء ظاهيير قوله تعالى {الطلق مرتان} إلى قوله فييي الثالثيية
{فإن طلقها فل تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} والمطلق
بلفيييظ الثلث مطلق واحدة ل مطلق ثلث ،واحتجوا أيضيييا بميييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
خرجييه البخاري ومسييلم عيين ابيين عباس قال :كان الطلق على
عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وأبيي بكير وسينتين مين
خلفيية عميير طلق الثلث واحدة فأمضاه عليهييم عميير؛ واحتجوا
أيضا بما رواه ابن إسحق عن عكرمة عن ابن عباس قال "طلق
ركانيية زوجييه ثلثييا فييي مجلس واحييد ،فحزن عليهييا حزنييا شديدا،
فسيأله رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :كييف طلقتهيا؟ قال:
طلقتهييا ثلثييا فييي مجلس واحييد ،قال :إنمييا تلك طلقيية واحدة
فارتجعهيا" وقيد احتيج مين انتصير لقول الجمهور بأن حدييث ابين
عباس الواقيع فيي الصيحيحين إنميا رواه عنيه مين أصيحابه طاوس،
وأن جلة أصييحابه رووا عنييه لزوم الثلث منهييم سييعيد بيين جييبير
ومجاهيد وعطاء وعمرو بين دينار وجماعية غيرهيم ،وأن حدييث ابين
إسحق وهم ،وإنما روى الثقات أنه طلق ركانة زوجه البتة ل ثلثا.
وسبب الخلف هل الحكم الذي جعله الشرع من البينونة للطلقة
الثالثية يقيع بإلزام المكلف نفسيه هذا الحكيم فيي طلقية واحدة أم
ليييس يقييع؟ ول يلزم ميين ذلك إل مييا ألزم الشرع؟ فميين شبييه
الطلق بالفعال التييي يشترط فييي صييحة وقوعهييا كون الشروط
الشرعييية فيهييا كالنكاح والبيوع قال :ل يلزم؛ وميين شبهييه بالنذور
واليمان التيي ميا التزم العبيد منهيا لزميه على أي صيفة كان ألزم
الطلق كيفمييا ألزمييه المطلق نفسييه ،وكأن الجمهور غلبوا حكييم
التغليييظ فييي الطلق سييدا للذريعيية ولكيين تبطييل بذلك الرخصيية
الشرعيية والرفيق المقصيود فيي ذلك أعنيي فيي قوله تعالى {لعيل
الله يحدث بعد ذلك أمرا} .
@(-المسيألة الثانيية) وأميا اختلفهيم فيي اعتبار نقيص عدد الطلق
البائن بالرق فمنهيم مين قال المعتيبر فييه الرجال ،فإذا كان الزوج
عبدا كان طلقه البائن الطلقة الثانية ،سواء كانت الزوجة حرة أو
أمية ،وبهذا قال مالك والشافعيي ومين الصيحابة عثمان بين عفان
وزييد بين ثابيت وابين عباس ،وإن كان اختلف عنده فيي ذلك ،لكين
الشهير عنيه هيو هذا القول .ومنهيم مين قال إن العتبار فيي ذلك
هيو بالنسياء ،فإذا كانيت الزوجية أمية كان طلقهيا البائن الطلقية
الثانيية سيواء كان الزوج عبدا أو حرا ،وممين قال بهذا القول مين
الصحابة علي وابن مسعود ،ومن فقهاء المصار أبو حنيفة وغيره؛
وفي المسألة قول أشذ من هذين ،وهو أن الطلق يعتبر برق من
رق منهمييا ،قال ذلك عثمان البتييي وغيره وروي عيين ابيين عميير.
وسييبب هذا الختلف هييل المؤثيير فييي هذا هييو رق المرأة أو رق
الرجييل ،فميين قال التأثييير فييي هذا لميين بيده الطلق قال :يعتييبر
بالرجال ومن قال التأثير في هذا للذي يقع عليه الطلق قال :هو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حكيم مين أحكام المطلقية فشبهوهيا بالعدة .وقيد أجمعوا على أن
العدة بالنسياء :أي نقصيانها تابيع لرق النسياء؛ واحتيج الفرييق الول
بميا روي عين ابين عباس مرفوعيا إلى النيبي علييه الصيلة والسيلم
أنه قال "الطلق بالرجال ،والعدة بالنساء" إل أنه حديث لم يثبت
فيي الصحاح .وأ ما من اعتبر من رق منه ما فإنه جعل سبب ذلك
هيو الرق مطلقيا ولم يجعيل سيبب ذلك ل الذكوريية ول النوثيية ميع
الرق.
@(-المسييألة الثالثيية) وأمييا كون الرق مؤثرا فييي نقصييان عدد
الطلق فإنيه حكيى قوم أنيه إجماع؛ وأبيو محميد بين حزم وجماعية
مين أهيل الظاهير مخالفون فييه ،ويرون أن الحير والعبيد فيي هذا
سواء .وسبب الخلف معارضة الظاهر في هذا للقياس ،وذلك أن
الجمهور صيياروا إلى هذا المكان قياس طلق العبييد والميية على
حدودهميا؛ وقيد أجمعوا على كون الرق مؤثرا فيي نقصيان الحيد.
أمييا أهييل الظاهيير فلمييا كان الصييل عندهييم أن حكييم العبييد فييي
التكاليف حكم الحر إل ما أخرجه الدليل ،والدليل عندهم هو نص
أو ظاهيير ميين الكتاب أو السيينة ،ولم يكيين هناك دليييل مسييموع
صيحيح وجيب أن يبقيى العبيد على أصيله ،ويشبيه أن يكون قياس
الطلق على الحيد غيير سيديد ،لن المقصيود بنقصيان الحيد رخصية
للعبيد لمكان نقصيه ،وأن الفاحشية ليسيت تقبيح منيه قبحهيا مين
الحيير .وأمييا نقصييان الطلق فهييو ميين باب التغليييظ ،لن وقوع
التحريييم على النسييان بتطليقتييين أغلظ ميين وقوعييه بثلث لمييا
عسييى أن يقييع فييي ذلك ميين الندم والشرع إنمييا سييلك فييي ذلك
سييبيل الوسييط ،وذلك أنييه لو كانييت الرجعيية دائميية بييين الزوجيية
لعنتييت المرأة وشقيييت ،ولو كانييت البينونيية واقعيية فييي الطلقيية
الواحدة لعنييت الزوج ميين قبييل الندم ،وكان ذلك عسيييرا عليييه،
فجميع الله بهذه الشريعية بيين المصيلحتين ،ولذلك ميا نرى والله
أعلم أن ميين ألزم الطلق الثلث فييي واحدة ،فقييد رفييع الحكميية
الموجودة في هذه السنة المشروعة.
**4الباب الثاني في معرفة الطلق السني من البدعي.
@-أجمييع العلماء على أن المطلق للسيينة فييي المدخول بهييا هييو
الذي يطلق امرأتييه فييي طهيير لم يمسييها فيييه طلقيية واحدة ،وأن
المطلق في الحيض أو الطهر الذي مسها فيه غير مطلق للسنة،
وإنميا أجمعوا على هذا لميا ثبيت مين حدييث ابين عمير "أنيه طلق
امرأتيه وهيي حائض على عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم،
فقال عليه الصلة والسلم :مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض
ثيم تطهير ،ثيم إن شاء أمسيك وإن شاء طلق قبيل أن يميس فتلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" .واختلفوا من هذا الباب
فيي ثلثية مواضيع :الموضيع الول :هيل مين شرطيه أن ل يتبعهيا
طلقيا فيي العدة؟ .والثانيي :هيل المطلق ثلثيا :أعنيي بلفيظ الثلث
مطلق للسيينة أم ل؟ .والثالث :فييي حكييم ميين طلق فييي وقييت
الحيض.
@(-أميا الموضيع الول) فإنيه اختلف فييه مالك وأبيو حنيفية ومين
تبعهما ،فقال مالك :من شرطها أن ل يتبعها في العدة طلقا آخر.
وقال أبو حنيفة :إن طلقها عند كل طهر طلقة واحدة كان مطلقا
للسينة .وسيبب هذا الختلف هيل مين شرط هذا الطلق أن يكون
فيي حال الزوجيية بعيد رجعية أم لييس مين شرطيه؟ فمين قال هيو
من شرطيه قال :ل يتبعها فييه طلقيا ،ومن قال ليس من شرطه
أتبعها الطلق ول خلف بينهم في وقوع الطلق المتبع.
@(-وأميا الموضيع الثانيي) فإن مالكيا ذهيب إلى أن المطلق ثلثيا
بلفيظ واحيد مطلق لغيير سينة ،وذهيب الشافعيي إلى أنيه مطلق
للسيينة .وسييبب الخلف معارضيية إقراره عليييه الصييلة والسييلم
للمطلق بين يديه ثلثا في لفظة واحدة لمفهوم الكتاب في حكم
الطلقية الثالثة .والحديث الذي احتج به الشافعيي هيو ما ثبيت من
أن العجلني طلق زوجته ثلثا بحضرة رسول الله صلى الله عليه
وسييلم بعييد الفراغ ميين الملعنيية قال :فلو كان بدعيية لمييا أقره
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم .وأمييا مالك فلمييا رأى أن
المطلق بلفيظ الثلث رافيع للرخصية التييي جعلهيا الله فييي العدد
قال فيييه إنييه ليييس للسيينة ،واعتذر أصييحابه عيين الحديييث بأن
المتلعنين عنده قد وقعت الفرقة بينهما من قبل التلعن نفسه،
فوقييع الطلق على غييير محله ،فلم يتصييف ل بسيينة ول ببدعيية،
وقول مالك -والله أعلم -أظهر ههنا من قول الشافعي.
@(-وأميا الموضيع الثالث :فيي حكيم مين طلق فيي وقيت الحييض)
فإن الناس اختلفوا فيي ذلك فيي مواضيع :منهيا أن الجمهور قالوا
يمضيي طلقيه؛ وقالت فرقية :ل ينفيذ ول يقيع؛ والذيين قالوا ينفيذ
قالوا :يؤميير بالرجعيية وهؤلء افترقوا فرقتييين فقوم رأوا أن ذلك
واجب وأنه يجبر على ذلك ،وبه قال مالك وأصحابه .وقالت فرقة
بييل يندب إلى ذلك ول يجييبر ،وبييه قال الشافعييي وأبييو حنيفيية
والثوري وأحمييد والذييين أوجبوا الجبار اختلفوا فييي الزمان الذي
يقييع فيييه الجبار ،فقال مالك وأكثيير أصييحابه ابيين القاسييم وغيره
يجيبر ميا لم تنقيض عدتهيا؛ وقال أشهيب :ل يجيبر إل فيي الحيضية
الولى .والذين قالوا بالمر بالرجعة اختلفوا متى يوقع الطلق بعد
الرجعيية إن شاء ،فقوم اشترطوا فييي الرجعيية أن يمسييكها حتييى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييه الوطيء ،وعلى هذا التعلييل يكون مين شروط طلق السينة أن
يطلقهييا فييي طهيير لم يطلق فييي الحيضيية التييي قبله ،وهييو أحييد
الشروط المشترطية عنيد مالك فيي طلق السينة فيميا ذكره عنيد
الوهاب .وأميا الذيين لم يشترطوا ذلك ،فإنهيم صياروا إلى ميا روى
يونيس ابين جيبير وسيعيد ابين جيبير وابين سييرين ومين تابعهيم عين
ابن عمر في هذا الحديث أنه قال :يراجعها فإذا طهرت طلقها إن
شاء ،وقالوا :المعنى في ذلك أنه إنما أمر بالرجوع عقوبة له لنه
طلق فيي زمان كره له فييه الطلق ،فإذا ذهيب ذلك الزمان وقيع
منه الطلق على وجه غيير مكروه .فسبب اختلفهم تعارض الثار
في هذه المسألة وتعارض مفهوم العلة.
@(-وأميا المسيألة الرابعية) وهيي متيى يجيبر فإنميا ذهيب مالك إلى
أنيه يجيبر على رجعتهيا لطول زمان العدة لنيه الزمان الذي له فييه
ارتجاعها .وأما أشهب فإنه إنما صار في هذا إلى ظاهر الحديث،
لن فيه "مره فليراجعها حتى تطهر" فدل ذلك على أن المراجعة
كانت في الحيضة ،وأيضا فإنه قال :إنما أمر بمراجعتها لئل تطول
عليهيا العدة ،فإنيه إذا وقيع عليهيا الطلق فيي الحيضية لم تعتيد بهيا
بإجماع فإن قلنييا إنييه يراجعهييا فييي غييير الحيضيية كان ذلك عليهييا
أطول ،وعلى هذا التعلييييل فينبغيييي أن يجوز إيقاع الطلق فيييي
الطهر الذي بعد الحيضة .فسبب الختلف هو سبب اختلفهم في
علة المر بالرد.
**4الباب الثالث في الخلع.
@-واسيم الخلع والفديية والصيلح والمبارأة كلهيا تئول إلى معنيى
واحييد ،وهييو بذل المرأة العوض على طلقهييا ،إل أن اسييم الخلع
يختيص ببذلهيا له جمييع ميا أعطاهيا والصيلح ببعضيه والفديية بأكثره
والمبارأة بإسييقاطها عنييه حقييا لهييا عليييه على مييا زعييم الفقهاء،
والكلم ينحصر في أصول هذا النوع من الفراق في أربعة فصول:
فيي جواز وقوعيه أول ،ثيم ثانييا فيي شروط وقوعيه :أعنيي جواز
وقوعه ،ثم ثالثا في نوعه :أعني هل هو طلق أو فسخ؟ .ثم رابعا
فيما يلحقه من الحكام.
**5الفصل الول في جواز وقوعه.
@-فأما جواز وقوعه فعليه أكثر العلماء .والصل في ذلك الكتاب
والسيينة ،أمييا الكتاب فقوله تعالى {فل جناح عليهمييا فيمييا افتدت
بيه} .وأميا السينة فحدييث ابين عباس "أن امرأة ثابيت بين قييس
أتيت النيبي صيلى الله علييه وسيلم فقالت :ييا رسيول الله ثابيت بين
قيييس ل أعيييب عليييه فييي خلق ول دييين ،ولكيين أكره الكفيير بعييد
الدخول فيي السيلم ،فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أتردين عليه حديقته؟ قالت :نعم ،قال رسول الله صلى الله عليه
وسيلم :اقبيل الحديقية وطلقهيا طلقية واحدة" خرجيه بهذا اللفيظ
البخاري وأبو داود والنسائي ،وهو حديث متفق على صحته ،وشذ
أبيو بكير ابين عبيد الله المزينيي عين الجمهور فقال :ل يحيل للزوج
أن يأخيذ مين زوجتيه شيئا ،واسيتدل على ذلك بأنيه زعيم أن قوله
تعالى {فل جناح عليهمييا فيمييا افتدت بييه} منسييوخ بقوله تعالى
{وإن أردتيم اسيتبدال زوج مكان زوج وآتيتيم إحداهين قنطارا فل
تأخذوا منيييه شيئا} اليييية .والجمهور على أن معنيييى ذلك بغيييير
رضاها ،وأما برضاها فجائز .فسبب الخلف حمل هذا اللفظ على
عمومه أو على خصوصه.
**5الفصل الثاني في شروط وقوعه.
@-فإميا شروط جوازه فمنهيا ميا يرجيع إلى القدر الذي يجوز فييه؛
ومنهيا ميا يرجيع إلى صيفة الشييء الذي يجوز بيه؛ ومنهيا ميا يرجيع
إلى الحال التيي يجوز في ها؛ ومن ها ما يرجيع إلى صفة من يجوز له
الخلع مين النسياء أو مين أوليائهين ممين ل تملك أمرهيا ،ففيي هذا
الفصل أربع مسائل:
@(-المسييألة الولى) أمييا مقدار مييا يجوز لهييا أن تختلع بييه ،فإن
مالكيا والشافعيي وجماعية قالوا :جائز أن تختلع المرأة بأكثير مميا
يصير لها من الزوج في صداقها إذا كان النشوز من قبلها وبمثله
وبأقل منه؛ وقال قائلون :ليس له أن يأخذ أكثر مما أعطاها على
ظاهير حدييث ثابيت ،فمين شبهيه بسيائر العواض فيي المعاملت
رأى أن القدر فييه راجيع إلى الرضيا؛ ومين أخيذ بظاهير الحدييث لم
يجز أكثر من ذلك ،وكأنه رآه من باب أخذ المال بغير حق.
@(-المسألة الثانية) وأما صفة العوض ،فإن الشافعي وأبا حنيفة
يشترطان فييييه أن يكون معلوم الصيييفة ومعلوم الوجوب ،ومالك
يجييز فييه المجهول الوجود والقدر والمعدوم ،مثيل البيق والشارد
والثمرة التيي لم يبيد صيلحها والعبيد غيير الموصيوف .وحكيي عين
أبي حنيفة جواز الغرر ومنع المعدوم .وسبب الخلف تردد العوض
ههنيا بيين العوض فيي البيوع أو الشياء الموهوبية والموصيي بهيا؛
فمين شبههيا بالبيوع اشترط ميا يشترط فيي البيوع وفيي أعواض
البيوع؛ ومييين شبهيييه بالهبات لم يشترط ذلك .واختلفوا إذا وقيييع
الخلع بما لم يحل كالخمر والخنزير هل يجب لها عوض أم ل بعد
اتفاقهيم على أن الطلق يقيع؟ فقال مالك :ل تسيتحق عوضيا ،وبيه
قال أبو حنيفة؛ وقال الشافعي :يجب لها مهر المثل (هكذا جميع
النسييخ .ولعييل الصييواب يجييب عليهييا ،فإن العوض راجييع للزوج،
فليتأمل ا هي مصححه).
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
@(-المسييألة الثالثيية) وأمييا مييا يرجييع إلى الحال التييي يجوز فيهييا
الخلع مييين التيييي ل يجوز فإن الجمهور على أن الخلع جائز ميييع
التراضي إذا لم يكن سبب رضاها بما تعطيه إضراره بها ،والصل
في ذلك قوله تعالى {ول تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إل
أن يأتييين بفاحشيية مبينيية} وقوله تعالى {فإن خفتييم أن ل يقيمييا
حدود الله فل جناح عليهمييا فيمييا افتدت بييه} وشييذ أبييو قلبيية
والحسن البصري فقال :ل يحل للرجل الخلع عليها حتى يشاهدها
تزنيي ،وحملوا الفاحشية فيي اليية على الزنيا؛ وقال داود :ل يجوز
إل بشرط الخوف أن ل يقيمييا حدود الله على ظاهيير الييية؛ وشييذ
النعمان فقال :يجوز الخلع ميييع الضرار؛ والفقيييه أن الفداء إنميييا
جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من الطلق ،فإنه لما جعل
الطلق بييييد الرجيييل إذا فرك المرأة جعيييل الخلع بييييد المرأة إذا
فركت الرجل ،فيتحصل في الخلع خمسة أقوال :قول إنه ل يجوز
أصيل .وقوله إنيه يجوز على كيل حال :أي ميع الضرر .وقول إنيه ل
يجوز إل مع مشاهدة الزنا .وقول مع خوف أن ل يقيما حدود الله.
وقول إنه يجوز في كل حال إل مع الضرر ،وهو المشهور.
@(-المسألة الرابعة) وأما من يجوز له الخلع ممن ل يجوز فإنه ل
خلف عنييد الجمهور أن الرشيدة تخالع عيين نفسييها ،وأن الميية ل
تخالع عين نفسيها إل برضيا سييدها ،وكذلك السيفيه ميع وليهيا عنيد
مين يرى الحجير؛ وقال مالك :يخالع الب على ابنتيه الصيغيرة كميا
ينكحهيا وكذلك على ابنيه الصيغير لنيه عنده يطلق علييه ،والخلف
في البن الصغير قال الشافعي وأبو حنيفة :ل يجوز لنه ل يطلق
عليييه عندهييم والله أعلم وخلع المريضيية يجوز عنييد مالك إذا كان
بقدر ميراثه منها؛ وروى ابن نافع عن مالك أنه يجوز خلعها بالثلث
كله؛ وقال الشافعيي :لو اختلعيت بقدر مهير مثلهيا جاز ،وكان مين
رأس المال ،وإن زاد على ذلك كانيييت الزيادة مييين الثلث .وأميييا
المهملة التيي ل وصيي لهيا ول أب فقال ابين القاسيم :يجوز خلعهيا
إذا كان خلع مثلهيا ،والجمهور على أنيه يجوز خلع المالكية لنفسيها؛
وشذ الحسن وابن سيرين فقال :ل يجوز الخلع إل بإذن السلطان.
**5الفصل الثالث في نوعه.
@-وأميييا نوع الخلع فجمهور العلماء على أنيييه طلق ،وبيييه قال
مالك ،وأبو حنيفة سوى بين الطلق والفسخ؛ وقال الشافعي :هو
فسيخ ،وبيه قال أحميد وداود ومين الصيحابة ابين عباس .وقيد روي
عين الشافعيي أنيه كنايية ،فإن أراد بيه الطلق كان طلقيا وإل كان
فسخا ،وقد قيل عنه في قوله الجديد إنه طلق وفائدة الفرق هل
يعتيد بيه فيي التطليقات أم ل؟ وجمهور مين رأى أنيه طلق يجعله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بائنييا ،لنييه لو كان للزوج فييي العدة منييه الرجعيية عليهييا لم يكيين
لفتدائها معنى وقال أبو ثور :إن لم يكن بلفظ الطلق لم يكن له
عليهيا رجعية ،وإن كان بلفيظ الطلق كان له عليهيا الرجعية احتيج
من جعله طلقا بأن الفسوخ إنما هي التي تقتضي الفرقة الغالبة
للزوج فيي الفراق مميا لييس يرجيع إلى اختياره ،وهذا راجيع إلى
الختيار فليييس بفسييخ ،واحتييج ميين لم يره طلقييا بأن الله تبارك
وتعالى ذكيير فييي كتابييه الطلق فقال {الطلق مرتان} ثييم ذكيير
الفتداء ثم قال {فإن طلقها فل تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره} فلو كان الفتداء طلقييا لكان الطلق الذي ل تحييل له فيييه
إل بعييد زوج هييو الطلق الرابييع ،وعنييد هؤلء أن الفسييوخ تقييع
بالتراضيي قياسيا على فسيوخ البييع :أعنيي القالة ،وعنيد المخالف
أن اليية إنميا تضمنيت حكيم القتداء على أنيه شييء يلحيق جمييع
أنواع الطلق ل أنه شيء غير الطلق .فسبب الخلف هل اقتران
العوض بهذه الفرقييية يخرجهيييا مييين نوع فرقييية الطلق إلى نوع
الفسخ أم ليس يخرجها؟.
**5الفصل الرابع فيما يلحقه من الحكام.
@-وأما لواحقه ففروع كثيرة ،لكن نذكر منها ما شهر :فمنها هل
يرتدف على المختلعيييية طلق أم ل؟ فقال مالك :ل يرتدف إل إن
كان الكلم متصييييل؛ وقال الشافعييييي :ل يرتدف وإن كان الكلم
متصيل؛ وقال أبيو حنيفية :يرتدف ولم يفرق بيين الفور والتراخيي.
وسييبب الخلف أن العدة عنييد الفريييق الول ميين أحكام الطلق،
وعنيد أبيي حنيفية مين أحكام النكاح ،ولذلك ل يجوز عنده أن ينكيح
مييع المبتوتيية أختهييا ،فميين رآهييا مين أحكام النكاح ارتدف الطلق
عنده ،وميييين لم ييييير ذلك لم يرتدف؛ ومنهييييا أن جمهور العلماء
أجمعوا على أنيه ل رجعية للزوج على المختلعية فيي العدة ،إل ميا
روي عن سعيد بن المسيب وابن شهاب أنه ما قال :إن رد لها ما
أخيذ منهيا فيي العدة أشهيد على رجعتهيا ،والفرق الذي ذكرناه عين
أبي ثور بين أن يكون بلفظ الطلق أو ل يكون؛ ومنها أن الجمهور
أجمعوا على أن له أن يتزوجهيا برضاهيا فيي عدتهيا؛ وقالت فرقية
مييين المتأخريييين :ل يتزوجهيييا هيييو ول غيره فيييي العدة .وسيييبب
اختلفهم هل المنع من النكاح في العدة عبادة أو ليس بعبادة بل
معلل؟ .واختلفوا فييي عدة المختلعيية وسيييأتي بعييد .واختلفوا إذا
اختلف الزوج والزوجية فيي مقدار العدد الذي وقيع بيه الخلع فقال
مالك :القول قوله إن لم يكيييين هنالك بينيييية؛ وقال الشافعييييي:
يتحالفان ويكون عليهييا مهيير المثييل ،شبييه الشافعييي اختلفهمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيب ،وبه قال الزهري وعطاء ،وقد قيل إنه ليس للمرأة في
التملييك إل أن تطلق نفسيها تطليقية واحدة ،وذلك مروي عين ابين
عباس وعمير رضيي الله عنهميا ،روى أنيه جاء ابين مسيعود رجيل
فقال :كان بينيي وبيين امرأتيي بعيض ميا يكون بيين الناس ،فقالت:
لو أن الذي بيدك ميين أمري بيدي لعلمييت كيييف أصيينع ،قال :فإن
الذي بيدي مين أمرك بيدك ،قالت :فأنيت طالق ثلثيا ،قال :أراهيا
واحدة وأنت أحق بها ما دامت في عدتها ،وسألقى أمير المؤمنين
عمر ،ثم لقيه فقص عليه القصة فقال :صنع الله بالرجال وفعل:
يعمدون إلى ما جعل الله في أيديهم فيجعلونه بأيدي النساء بفيها
التراب ،ماذا قلت فيهييا؟ قال :قلت أراهييا واحدة وهييو أحييق بهييا
قال :وأنا أرى ذلك ،ولو رأيت غير ذلك علمت أنك لم تصب ،وقد
قييل لييس التملييك بشييء لن ميا جعيل الشرع بييد الرجيل لييس
يجوز أن يرجيع إلى ييد المرأة بجعيل جاعيل .وكذلك التخييير وهيو
قول أبيي محميد بين حزم وقول مالك فيي المملكية إن لهيا الخيار
فيي الطلق أو البقاء على العصيمة ميا داميت فيي المجلس وهيو
قول الشافعيي وأبيي حنيفية والوزاعيي وجماعية فقهاء المصيار؛
وعنييد الشافعييي أن التمليييك إذا أراد بييه الطلق كالوكالة ،وله أن
يرجيع فيي ذلك متيى أحيب ذلك ميا لم يوقيع الطلق ،وإنميا صيار
الجمهور للقضاء بالتمليك أو بالتخيير ،وجعل ذلك للنساء لما ثبت
من تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ،قالت عائشة
خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يكن طلقا،
لكين أهيل الظاهير يرون أن معنيى ذلك أنهين لو اخترن أنفسيهن
طلقهين رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ل أنهين كين يطلقين
بنفييس اختيار الطلق .وإنمييا صييار جمهور الفقهاء إلى أن التخيييير
والتمليك واحد في الحكم ،لن من عرف دللة اللغة أن من ملك
إنسانا أمرا من المور إن شاء أن يفعله أو ل يفعله فإنه قد خيره.
وأما مالك فيرى أن قوله لها اختاريني أو اختاري نفسك أنه ظاهر
بعرف الشرع فييي معنييى البينونيية بتخيييير رسييول الله صييلى الله
علييه وسيلم نسياءه لن المفهوم منيه إنميا كان البينونية وإنميا رأى
مالك أنيه ل يقبيل قول الزوج فيي التملييك أنيه لم يرد بيه طلقيا إذا
زعيم ذلك لنيه لفيظ ظاهير فيي معنيى جعيل الطلق بيدهيا ،وأميا
الشافعيي فلميا لم يكين اللفيظ عنده نصيا اعتيبر فييه النيية .فسيبب
الخلف هيل يغلب ظاهير اللفيظ أو دعوى النيية ،وكذلك فعيل فيي
التخييير ،وإنميا اتفقوا على أن له مناكرتهيا فيي العدد :أعنيي فيي
لفيظ التملييك ،لنيه ل يدل علييه دللة محتملة فضل عين ظاهره،
وإنميا رأى مالك والشافعيي أنيه إذا طلقيت نفسيها بتمليكيه إياهيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
طلقيية واحدة أنهييا تكون رجعييية ،لن الطلق إنمييا يحمييل على
العرف الشرعي وهو طلق السنة ،وإنما رأى أبو حنيفة أنها بائنة،
لنه إذا كان له عليها رجعية لم يكن لما طلبيت من التمل يك فائدة
ولما قصد هو من ذلك .وأما من رأى أن لها أن تطلق نفسها في
التمليييك ثلثييا وأنييه ليييس للزوج مناكرتهييا فييي ذلك ،فلن معنييى
التمليك عنده إنما هو تصيير جميع ما كان بيد الرجل من الطلق
بيد المرأة فهي مخيرة فيما توقعه من أعداد الطلق.
وأميا من جعل التملييك طلقية واحدة فقيط أو التخييير ،فإنما ذهيب
إلى أنه أقل ما ينطلق عليه السم واحتياطا للرجال لن العلة في
جعل الطلق بأيدي الرجال دون النساء هو لنقصان عقلهن وغلبة
الشهوة عليهييين ميييع سيييوء المعاشرة ،وجمهور العلماء على أن
المرأة إذا اختارت زوجهيا أنيه لييس بطلق لقول عائشية المتقدم.
وروي عين الحسين البصيري أنهيا إذا اختارت زوجهيا فواحدة ،وإذا
اختارت نفسييها فثلث ،فيتحصييل فييي هذه المسييألة الخلف فييي
ثلث مواضع :أحدها أنه ل يقع بواحد منهما طلق .والثاني أنه تقع
بينهميا فرقية .والثالث الفرق بيين التخييير والتملييك فيميا تملك بيه
المرأة ،أعنيييي أن تملك بالتخييييير البينونييية ،وبالتملييييك ميييا دون
البينونة ،وإذا قلنا بالبينونة فقيل تملك واحدة ،وقيل تملك الثلث؛
وإذا قلنيا إنهيا تملك واحدة فقييل رجعيية ،وقييل بائنية .وأميا حكيم
اللفاظ التيي تجييب بهيا المرأة فيي التخييير والتملييك فهيي ترجيع
إلى حكيم اللفاظ التيي يقيع بهيا الطلق فيي كونهيا صيريحة فيي
الطلق أو كنايية أو محتملة ،وسييأتي تفصييل ذلك عنيد التكلم فيي
ألفاظ الطلق.
*(*3الجملة الثانية) وفي هذه الجملة ثلثة أبواب
@-الباب الول :فيي ألفاظ الطلق وشروطيه .الباب الثانيي :فيي
تفصييل مين يجوز طلقيه ممين ل يجوز .الباب الثالث فيي تفصييل
من يقع عليها الطلق من النساء ممن ل يقع.
**4الباب الول في ألفاظ الطلق وشروطه.
@-وهذا الباب فيه فصلن :الفصل الول :في أنواع ألفاظ الطلق
المطلقة .الفصل الثاني :في أنواع ألفاظ الطلق المقيدة.
**5الفصل الول في أنواع ألفاظ الطلق المطلقة.
@-أجمييع المسييلمون على أن الطلق يقييع إذا كان بنييية وبلفييظ
صيريح .واختلفوا هيل يقيع بالنيية ميع اللفيظ الذي لييس بصيريح ،أو
بالنيية دون اللفيظ ،أو باللفيظ دون النيية؛ فمين اشترط فييه النيية
واللفيظ الصيريح فاتباعيا لظاهير الشرع ،وكذلك مين أقام الظاهير
مقام الصيريح ،ومين شبهيه بالعقيد فيي النذر وفيي اليميين أوقعيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيقول طلقية واحدة ،وهذا القول هيو المختار عنيد أصيحابه؛ وأميا
أبييو حنيفيية فقال :ل يقييع ثلثييا بلفييظ الطلق لن العدد ل يتضمنييه
لفظ الفراد ل كناية ول تصريحا .وسبب اختلفهم هل يقع الطلق
بالنيية دون اللفيظ أو بالنيية ميع اللفيظ المحتميل؟ فمين قال بالنيية
أوجيب الثلث ،وكذلك مين قال بالنيية واللفيظ المحتميل ورأى أن
لفظ الطلق يحتمل العدد؛ ومن رأى أنه ل يحتمل العدد وأنه لبد
مين اشتراط اللفيظ فيي الطلق ميع النيية قال :ل يجيب العدد وإن
نواه؛ وهذه المسألة اختلفوا فيها ،وهي من مسائل شروط ألفاظ
الطلق :أعنيييي اشتراط النيييية ميييع اللفيييظ ،أو بانفراد أحدهميييا،
فالمشهور عين مالك أن الطلق ل يقيع إل باللفيظ والنيية ،وبيه قال
أبييو حنيفيية ،وقييد روي عنييه أنييه يقييع باللفييظ دون النييية؛ وعنييد
الشافعيي أن لفيظ الطلق الصيريح ل يحتاج إلى نيية ،فمين اكتفيى
بالنيية احتيج بقوله صيلى الله علييه وسيلم "إنميا العمال بالنيات"
ومين لم يعتيبر النيية دون اللفيظ احتيج بقوله علييه الصيلة والسيلم
"رفيع عين أمتيي الخطيأ والنسييان وميا حدثيت بيه أنفسيها" والنيية
دون قول حدييث نفيس قال :ولييس يلزم مين اشترط النيية فيي
العمل في الحديث المتقدم أن تكون النية كافية بنفسها .واختلف
المذهيب هيل يقيع بلفيظ الطلق فيي المدخول بهيا طلق بائن إذا
قصييد ذلك المطلق ولم يكيين هنالك عوض؟ فقيييل يقييع ،وقيييل ل
يقيع ،وهذه المسيألة هيي مين مسيائل أحكام صيريح ألفاظ الطلق.
وأما ألفاظ الطلق التي ليست بصريح ،فمنها ما هي كناية ظاهرة
عند مالك ،ومنها ما هي كناية محتملة؛ ومذهب مالك أنه إذا ادعى
فيي الكنايية الظاهرة أنيه لم يرد طلقيا لم يقبيل قوله إل أن تكون
هنالك قرينيية تدل على ذلك كرأيييه فييي الصييريح ،وكذلك ل يقبييل
عنده ميا يدعييه مين دون الثلث فيي الكنايات الظاهرة وذلك فيي
المدخول بهيا إل أن يكون قال ذلك فيي الخلع .وأميا غيير المدخول
بها فيصدقه في الكناية الظاهرة فيما دون الثلث ،لن طلق غير
المدخول بهييا بائن ،وهذه هييي مثييل قولهييم :حبلك على غاربييك،
ومثل البتة ،ومثل قولهم :أنت خلية وبرية.
وأميا مذهيب الشافعيي فيي الكنايات الظاهرة فإنيه يرجيع فيي ذلك
إلى مييا نواه ،فإن كان نوى طلقييا كان طلقييا وإن كان نوى ثلثييا
كان ثلثيا أو واحدة كان واحدة ويصيدق فيي ذلك وقول أبيي حنيفية
فيي ذلك مثيل قول الشافعيي ،إل أنيه إذا نوى على أصيله واحدة أو
اثنتيين وقيع عنده طلقية واحدة بائنية ،وإن اقترنيت بيه قرينية تدل
على الطلق وزعم أنه لم ينوه لم يصدق ،وذلك إذا كان عنده في
ذاكرتيه الطلق؛ وأبيو حنيفية يطلق بالكنايات كلهيا إذا اقترنيت بهيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن مالكييا قال :يحمييل فييي المدخول بهييا على البييت :أي الثلث
وينوي فيي غيير المدخول بهيا ،وذلك على قياس قوله المتقدم فيي
الكنايات الظاهرة وهيو قول ابين أبيي ليلى وزييد بين ثابيت وعلي
ميين الصييحابة ،وبييه قال أصييحابه إل ابيين الماجشون فإنييه قال :ل
ينوي في غير المدخول بها وتكون ثلثا،
فهذا هو أحد القوال في هذه المسألة،
والقول الثانيي أنيه إن نوى بذلك ثلثيا فهيي ثلث وإن نوى واحدة
فهي واحدة بائنة ،وإن نوى يمينا فهو يمين يكفرها ،وإن لم ينو به
طلقا ول يمينا فليس بشيء ،هي كذبة ،وقال بهذا القول الثوري،
والقول الثالث أنه يكون أيضا ما نوى ب ها وإن نوى واحدة فواحدة
أو ثلثييا فثلث ،وإن لم ينييو شيئا فهييو يمييين يكفرهييا ،وهذا القول
قاله الوزاعي.
والقول الرابع أن ينوي فيها في الموضعين في إرادة الطلق وفي
عدده ،فما نوى كان ما نوى ،فإن نوى واحدة كان رجعيا ،وإن أراد
تحريمها بغير طلق فعليه كفارة يمين وهو قول الشافعي.
والقول الخاميس أنيه ينوي أيضيا فيي الطلق وفيي العدد ،فإن نوى
واحدة كانيت بائنيية ،فإن لم ينيو طلقييا كان يمينييا وهيو مول ،فإن
نوى الكذب فليس بشيء ،وهذا القول قاله أبو حنيفة وأصحابه.
والقول السيادس إنهيا يميين يكفرهيا ميا يكفير اليميين ،إل أن بعيض
هؤلء قال يمين مغلظة ،وهو قول عمر وابن مسعود وابن عباس
وجماعية مين التابعيين؛ وقال ابين عباس وقيد سيئل عنهيا :لقيد كان
لكيم فيي رسيول الله أسيوة حسينة ،خرجيه البخاري ومسيلم ذهيب
إلى الحتجاج بقوله تعالى {يييا أيهييا النييبي لم تحرم مييا أحييل الله
لك} الية.
والقول السيابع أن تحرييم المرأة كتحرييم الماء ،ولييس فييه كفارة
ول طلق لقوله تعالى {ل تحرموا طيبات ميا أحيل الله لكيم} وهيو
قول مسييروق والجدع وأبييي سييلمة بيين عبييد الرحميين والشعييبي
وغيرهييم .وميين قال فيهييا إنهييا غييير مغلظيية بعضهييم أوجييب فيهييا
الواجييب فييي الظهار ،وبعضهييم أوجييب فيهييا عتييق رقبيية .وسييبب
الختلف هيل هيو يميين أو كنايية؟ أو لييس بيميين ول كنايية؟ فهذه
أصول ما يقع من الختلف في ألفاظ الطلق.
**5الفصل الثاني في ألفاظ الطلق المقيدة.
@-والطلق المقيييد ل يخلو ميين قسييمين :إمييا تقييييد اشتراط ،أو
تقيييد اسيتثناء ،والتقيييد المشترط ل يخلو أن يعلق بمشيئة مين له
اختيار أو بوقوع فعييل ميين الفعال المسييتقبلة أو بخروج شيييء
مجهول العلم إلى الوجود على ما يدعيه المعلق للطلق به مما ل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يتوصل إلى علمه إل بعد خروجه إلى الحس ،أو إلى الوجود أو بما
ل سيبيل إلى الوقوف علييه مميا هيو ممكين أن يكون أو ل يكون.
فأما تعليق الطلق بالمشيئة فإنه ل يخلو أن يعلقه بمشيئة الله أو
بمشيئة مخلوق ،فإذا علقييه بمشيئة الله وسييواء علقييه على جهيية
الشرط مثيييل أن يقول أنيييت طالق إن شاء الله ،أو على جهييية
السييتثناء مثييل أن يقول أنييت طالق إل أن يشاء الله ،فإن مالكييا
قال :ل يؤثير السيتثناء فيي الطلق شيئا وهيو واقيع لبيد .وقال أبيو
حنيفة والشافعي :إذا استثنى المطلق مشيئة الله لم يقع الطلق.
وسييبب الخلف هييل يتعلق السييتثناء بالفعال الحاضرة الواقعيية
كتعلقه بالفعال المستقبلة أو ل يتعلق؟ وذلك أن الطلق هو فعل
حاضير؛ فمين قال ل يتعلق بيه قال :ل يؤثير السيتثناء ول اشتراط
المشيئة فيي الطلق؛ ومين قال يتعلق بيه قال :يؤثير فييه .وأميا إن
علق الطلق بمشيئة ميين تصييح مشيئتييه ويتوصييل إلى علمهييا فل
خلف فييي مذهييب مالك أن الطلق يقييف على اختيار الذي علق
الطلق بمشيئتييه .وأمييا تعليييق الطلق بمشيئة ميين ل مشيئة له،
ففيييه خلف فييي المذهييب ،قيييل يلزمييه الطلق ،وقيييل ل يلزمييه،
والصييبي والمجنون داخلن فييي هذا المعنييى؛ فميين شبهييه بطلق
الهزل وكان الطلق بالهزل عنده يقيع قال :يقيع هذا الطلق؛ ومين
اعتيبر وجود الشرط قال :ل يقيع لن الشرط قيد عدم ههنيا .وأميا
تعليييق الطلق بالفعال المسييتقبلة ،فإن الفعال التييي يعلق بهييا
توجيد على ثلثية أضرب :أحدهيا ميا يمكين أن يقيع أو ل يقيع على
السييواء كدخول الدار وقدوم زيييد ،فهذا يقييف وقوع الطلق فيييه
على وجود الشرط بل خلف .وأمييا مييا لبييد ميين وقوعييه كطلوع
الشمييس غدا ،فهذا يقييع ناجزا عنييد مالك ،ويقييف وقوعييه عنييد
الشافعيي وأبيي حنيفية على وجود الشرط؛ فمين شبهيه بالشرط
الممكن الوقوع قال :ل يقع إل بوقوع الشرط؛ ومن شبهه بالوطء
الواقع في الجل بنكاح المتعة لكونه وطئا مستباحا إلى أجل قال:
يقع الطلق؛ والثالث هو الغلب منه بحسب العادة وقوع الشرط،
وقد ل يقع كتعليق الطلق بوضع الحمل ومجيء الحيض والطهر،
ففي ذلك روايتان عن مالك :إحداهما وقوع الطلق ناجزا؛ والثانية
وقوعه على وجود شرطه ،وهو الذي يأتي على مذهب أبي حنيفة
والشافعييي ،والقول بإنجاز الطلق فييي هذا يضعييف لنييه مشبييه
عنده بمييا يقييع ولبييد ،والخلف فيييه قوي ،وأمييا تعليييق الطلق
بالشرط المجهول الوجود فإن كان ل سييبيل إلى علمييه مثييل أن
يقول :إن كان خلق الله اليوم فييي بحيير القلزم حوتييا بصييفة كذا
فأنيت طالق ،فل خلف أعلميه فيي المذهيب أن الطلق يقيع فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هذا ،وأما إن علقه بشيء يمكن أن يعلم بخروجه إلى الوجود مثل
أن يقول :إن ولدت أنثييى فأنييت طالق فإن الطلق يتوقييف على
خروج ذلك الشيييء إلى الوجود .وأمييا إن حلف بالطلق أنهييا تلد
أنثى ،فأن الطلق في الحين يقع عنده وإن ولدت إنثى ،وكان هذا
مين باب التغلييظ ،والقياس يوجيب أن يوقيف الطلق على خروج
ذلك الشييء أو ضده ومين قول مالك إنيه إذا أوجيب الطلق على
نفسيه بشرط أن يفعيل فعل مين الفعال أنيه ل يحنيث حتيى يفعيل
ذلك الفعيل ،وإذا أوجيب الطلق على نفسيه بشرط ترك فعيل مين
الفعال فإنييه على الحنييث حتييى يفعييل ويوقييف عنده عيين وطييء
زوجته ،فإن امتنع عن ذلك الفعل أكثر من مدة أجل اليلء ضرب
له أجيل اليلء ولكين ل يقيع عنده حتيى يفوت الفعيل إن كان مميا
يقيع فوتيه ،ومين العلماء مين يرى أنيه على بر حتيى يفوت الفعيل،
وإن كان مميا ل يفوت كان على البر حتيى يموت .ومين هذا الباب
اختلفهيم فيي تبعييض المطلقية ،أو تبعييض الطلق وإرداف الطلق
على الطلق .فأميا مسيألة تبعييض المطلقية ،فإن مالكيا قال :إذا
قال يدك أو رجلك أو شعرك طالق طلقت عليه؛ وقال أبو حنيفة:
ل تطلق إل بذكير عضيو يعيبر بيه عين جملة البدن كالرأس والقلب
والفرج ،وكذلك تطلق عنده إذا طلق الجزء منهييا ،مثييل الثلث أو
الربييع؛ وقال داود :ل تطلق؛ وكذلك إذا قال عنييد مالك :طلقتييك
نصف تطليقة طلقت ،لن هذا كله عنده ل يتبعض؛ وعند المخالف
إذا تبعض لم يقع ،وأما إذا قال لغير المدخول بها :أنت طالق أنت
طالق أنييت طالق نسييقا ،فإنييه يكون ثلثييا عنييد مالك؛ وقال أبييو
حنيفيية والشافعييي :يقييع واحدة؛ فميين شبييه تكرار اللفييظ بلفظييه
بالعدد ،أعنيي بقوله طلقتيك ثلثيا قال :يقيع الطلق ثلثيا؛ ومين رأى
أنييه باللفظيية الواحدة قييد بانييت منييه قال :ل يقييع عليهييا الثانييي
والثالث ،ول خلف بيييين المسيييلمين فيييي ارتدافيييه فيييي الطلق
الرجعي.
وأميا الطلق المقييد بالسيتثناء فإنميا يتصيور فيي العدد فقيط ،فإذا
طلق أعدادا من الطلق ،فل يخلو من ثلثة أحوال :إما أن يستثني
ذلك العدد بعينه ،مثل أن يقول :أنت طالق ثلثا إل ثلثا ،أو اثنتين
إل اثنتين؛ وإما أن يستثني ما هو أقل.
وإذا استثنى ما هو أقل ،فإما أن يستثني ما هو أقل مما هو أكثر،
وإميا أن يستثني ما هو أكثر م ما هو أقل ،فإذا اسيتثنى القيل من
الكثر فل خلف أعلمه أن الستثناء يصح ويسقط المستثنى :مثل
أن يقول :أنيت طالق ثلثيا إل واحدة .وأميا إن اسيتثنى الكثير مين
القل فيتوجه فيه قولن :أحدهما أن الستثناء ل يصح ،وهو مبني
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال عطاء :إذا بلغ اثنتي عشرة سنة جاز طلقه ،وروي عن عمر
بين الخطاب رضيي الله عنيه .وأميا طلق السيكران ،فالجمهور مين
الفقهاء على وقوعييه؛ وقال قوم :ل يقييع منهييم المزنييي وبعييض
أصييحاب أبييي حنيفيية .والسييبب فييي اختلفهييم هييل حكمييه حكييم
المجنون أم بينهمييا فرق؟ فميين قال هييو والمجنون سييواء إذ كان
كلهما فاقدا للعقل ،ومن شرط التكليف العقل قال :ل يقع؛ ومن
قال الفرق بينهميا أن السيكران أدخيل الفسياد على عقله بإرادتيه
والمجنون بخلف ذلك ألزم السييييكران الطلق ،وذلك ميييين باب
التغلييظ علييه .واختلف الفقهاء فيميا يلزم السيكران بالجملة مين
الحكام وميا ل يلزميه ،فقال مالك :يلزميه الطلق والعتيق والقود
من الجراح والقتل ،ولم يلزمه النكاح ول البيع ،وألزمه أبو حنيفة
كل شيء؛ وقال الليث :كل ما جاء من منطق السكران فموضوع
عنيه ،ول يلزميه طلق ول عتيق ول نكاح ول بييع ول حيد فيي قذف،
وكل ما جنته جوارحه فلزم له ،فيحد في الشرب والقتل والزنى
والسيرقة .وثبيت عين عثمان بين عفان رضيي الله عنيه أنيه كان ل
يرى طلق السكران .وزعم بعض أهل العلم أنه ل مخالف لعثمان
فييي ذلك ميين الصييحابة .وقول ميين قال :إن كييل طلق جائز إل
طلق المعتوه ليس نصا في إلزام السكران الطلق لن السكران
معتوه ميا ،وبيه قال داود وأبيو ثور وإسيحاق وجماعية مين التابعيين:
أعنييي أن طلقييه ليييس يلزم؛ وعيين الشافعييي القولن فييي ذلك،
واختار أكثير أصيحابه قوله الموافيق للجمهور ،واختار المزنيي مين
أصحابه أن طلقه غير واقع .وأما المريض الذي يطلق طلقا بائنا
ويموت ميين مرضييه ،فإن مالكييا وجماعيية يقول :ترثييه زوجتييه،
والشافعي وجماعة ل يورثها .والذين قالوا بتوريثها انقسموا ثلث
فرق :ففرقية قالت لهيا الميراث ميا داميت فيي العدة ،وممين قال
بذلك أبيو حنيفية وأصيحابه والثوري؛ وقال قوم :لهيا الميراث ميا لم
تتزوج ،وممن قال بهذا أحمد وابن أبي ليلى؛ وقال قوم :بل ترث
كانييت فييي العدة أو لم تكيين ،تزوجييت أم لم تتزوج ،وهييو مذهييب
مالك والليث.
وسبب الخلف اختلفهم في وجوب العمل بسد الذرائع؛ وذلك أنه
لميا كان المرييض يتهيم فيي أن يكون إنميا طلق فيي مرضيه زوجتيه
ليقطع حظها من الميراث؛ فمن قال بسد الذرائع أوجب ميراثها؛
وميين لم يقييل بسييد الذرائع ولحييظ وجوب الطلق لم يوجييب لهييا
ميراثييا ،وذلك أن هذه الطائفيية تقول :إن كان الطلق قييد وقييع
فيجيب أن يقيع بجمييع أحكاميه ،لنهيم قالوا :إنيه ل يرثهيا إن ماتيت
وإن كان لم يقيع فالزوجيية باقيية بجمييع أحكامهيا ،ولبيد لخصيومهم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين أحيد الجوابيين ،لنيه يعسير أن يقال إن فيي الشرع نوعيا مين
الطلق توجيييد له بعيييض أحكام الطلق وبعيييض أحكام الزوجيييية؛
وأعسير مين ذلك القول بالفرق بيين أن يصيح أو ل يصيح ،لن هذا
يكون طلقا موقوف الحكم إلى أن يصح أو ل يصح ،وهذا كله مما
يعسر القول به في الشرع ،ولكن إنما أنس القائلون به أنه فتوى
عثمان وعمر حتى زعمت المالكية أنه إجماع الصحابة ،ول معنى
لقولهم فإن الخلف فيه عن ابن الزبير مشهور .وأما من رأى أنها
ترث في العدة ،فلن العدة عنده من بعض أحكام الزوجية ،وكأنه
شبههيا بالمطلقية الرجعيية ،وروي هذا القول عين عمير وعائشية.
وأميا مين اشترط فيي توريثهيا ميا لم تتزوج فإنيه لحيظ فيي ذلك
إجماع المسيلمين على أن المرأة الواحدة ل ترث زوجيين ،ولكون
التهمة هي العلة عند الذين أوجبوا الميراث.
واختلفوا إذا طلبييت هييي الطلق أو ملكهييا أمرهييا الزوج فطلقييت
نفسييها ،فقال أبييو حنيفيية :ل ترث أصييل؛ وفرق الوزاعييي بييين
التملييك والطلق فقال :لييس لهيا ميراث فيي التملييك ولهيا فيي
الطلق وسوى مالك في ذلك كله حتى لقد قال :إن ماتت ل يرثها
وترثه هي إن مات ،وهذا مخالف للصول جدا.
**4الباب الثالث فيميين يتعلق بييه الطلق ميين النسيياء وميين ل
يتعلق.
@-وأما من يقع طلقه من النساء ،فإنهم اتفقوا على أن الطلق
يقيع على النسياء اللتيي فيي عصيمة أزواجهين ،أو قبيل أن تنقضيي
عددهين فيي الطلق الرجعيي ،وأنيه ل يقيع على الجنيبيات :أعنيي
الطلق المعلق .وأما تعليق الطلق على الجنبيات بشرط التزويج
مثيل أن يقول :إن نكحيت فلنية فهيي طالق ،فإن للعلماء فيي ذلك
ثلثية مذاهيب :قول إن الطلق ل يتعلق بأجنبيية أصيل عيم المطلق
أو خييص ،وهييو قول الشافعييي وأحمييد وداود وجماعيية؛ وقول إنييه
يتعلق بشرط التزويج عمم المطلق جميع النساء أو خصص ،وهو
قول أبي حنيفة وجماعة وقول إنه إن عم جميع النساء لم يلزمه،
وإن خصص لزمه ،وهو قول مالك وأصحابه ،أعني مثل أن يقول:
كييل امرأة أتزوجهييا ميين بنييي فلن أو ميين بلد كذا فهييي طالق،
وكذلك فييي وقييت كذا ،فإن هؤلء يطلقيين عنييد مالك إذا زوجيين.
وسيبب الخلف هيل مين شرط وقوع الطلق وجود الملك متقدميا
بالزمان على الطلق أم ليس ذلك من شرطه؟ فمن قال هو من
شرطيييه قال :ل يتعلق الطلق بالجنبيييية؛ ومييين قال ليييس ميين
شرطيه إل وجود الملك فقيط قال :يقيع بالجنبيية .وأميا الفرق بيين
التعمييم والتخصييص فاسيتحسان مبنيي على المصيلحة ،وذلك أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إذا عميم فأوجبنيا علييه التعمييم لم يجيد سيبيل إلى النكاح الحلل،
فكان ذلك عنتيا بيه وحرجيا ،وكأنيه مين باب نذر المعصيية؛ وأميا إذا
خصيص فلييس المير كذلك إذا ألزمناه الطلق؛ واحتيج الشافعيي
بحدييث عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده قال :قال رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم "ل طلق إل ميين بعييد نكاح" وفييي رواييية
أخرى "ل طلق فيمييا ل يملك ول عتييق فيمييا ل يملك" وثبييت ذلك
عين علي ومعاذ وجابر ابين عبيد الله وابين عباس وعائشية؛ وروي
مثل قول أبي حنيفة عن عمر وابن مسعود ،وضعف قوم الرواية
بذلك عن عمر رضي الله عنهم.
*(*3الجملة الثالثة :في الرجعة بعد الطلق)
@-ولميا كان الطلق على ضربييين :بائن ،ورجعيي ،وكانييت أحكام
الرجعة بعد الطلق البائن غير أحكام الرجعة بعد الطلق الرجعي
وجييب أن يكون فييي هذا الجنييس بابان :الباب الول :فييي أحكام
الرجعيية فييي الطلق الرجعييي .الباب الثانييي :فييي أحكام الرتجاع
في الطلق البائن.
**4الباب الول في أحكام الرجعة في الطلق الرجعي.
@-وأجمييع المسييلمون على أن الزوج يملك رجعيية الزوجيية فييي
الطلق الرجعيي ميا داميت فيي العدة مين غيير اعتبار رضاهيا لقوله
تعالى {وبعولتهيين أحييق بردهيين فييي ذلك} وأن ميين شرط هذا
الطلق تقدم المسيييييييس له ،واتفقوا على أنهييييييا تكون بالقول
والشهاد .واختلفوا هيييل الشهاد شرط فيييي صيييحتها أم لييييس
بشرط؟ وكذلك اختلفوا هيل تصيح الرجعية بالوطيء؟ فأميا الشهاد
فذهيب مالك إلى أنيه مسيتحب ،وذهيب الشافعيي إلى أنيه واجيب.
وسييبب الخلف معارضيية القياس للظاهيير ،وذلك أن ظاهيير قوله
تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكيم} يقتضيي الوجوب ،وتشيبيه هذا
الحيق بسيائر الحقوق التيي يقبضهيا النسيان يقتضيي أن ل يجيب
الشهاد ،فكان الجميع بيين القياس واليية حميل اليية على الندب.
وأمييا اختلفهييم فيمييا تكون بييه الرجعيية ،فإن قومييا قالوا :ل تكون
الرجعيية إل بالقول فقييط ،وبييه قال الشافعييي؛ وقوم قالوا :تكون
رجعتها بالوطء ،وهؤلء انقسموا إلى قسمين :فقال قوم :ل تصح
الرجعية بالوطيء إل إذا نوى بذلك الرجعية ،لن الفعيل عنده يتنزل
منزلة القول مييع النييية ،وهييو قول مالك؛ وأمييا أبييو حنيفيية فأجاز
الرجعية بالوطيء إذا نوى بذلك الرجعية ودون النيية؛ فأميا الشافعيي
فقاس الرجعية على النكاح وقال :قيد أمير الله بالشهاد ،ول يكون
الشهاد إل على القول .وأما سبب الختلف بين مالك وأبي حنيفة
فإن أبييا حنيفيية يرى أن الرجعييية محللة للوطييء عنده قياسييا على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال بعضهيم :النكاح جائز والشرط باطيل :أي لييس يحللهيا ،هيو
قول ابن أبي ليلى ،وروي عن الثوري؛ واستدل مالك وأصحابه بما
روي عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم مين حدييث علي بين أبيي
طالب وابين مسيعود وأبيي هريرة وعقبية بين عامير أنيه قال صيلى
الله علييه وسيلم "لعين الله المحلل والمحلل له" فلعنيه إياه كلعنيه
آكييل الربييا وشارب الخميير ،وذلك يدل على النهييي ،والنهييي يدل
على فسيياد المنهييى عنييه ،واسييم النكاح الشرعييي ل ينطلق على
النكاح المنهيي عنيه .وأميا الفرييق الخير فتعلق بعموم قوله تعالى
{حتيى تنكيح زوجيا غيره} وهذا ناكيح ،وقالوا :ولييس فيي تحرييم
قصد التحليل ما يدل على أن عدمه شرط في صحة النكاح ،كما
أنه ليس النهي عن الصلة في الدار المغصوبة ،مما يدل على أن
من شرط صحة الصلة صحة ملك البقعة أو الذن من مالكها في
ذلك ،قالوا :وإذا لم يدل النهيي على فسياد عقيد النكاح فأحرى أن
ل يدل على بطلن التحليل ،وإنما لم يعتبر مالك قصد المرأة لنه
إذا لم يوافقهيا على قصيدها لم يكين لقصيدها معنيى ميع أن الطلق
لييس بيدهيا .واختلفوا فيي هيل يهدم الزوج ميا دون الثلث؟ فقال
أ بو حنيفية يهدم ،وقال مالك والشافعيي ل يهدم :أعنيي إذا تزوجت
قبيل الطلقية الثالثية غيير الزوج الول ثيم راجعهيا هيل يعتيد بالطلق
الول أم ل؟ فمين رأى أن هذا شييء يخيص الثالثية بالشرع قال :ل
يهدم ما دون الثالثة عنده؛ ومن رأى أنه إذا هدم الثالثة فهو أحرى
أن يهدم ما دونها قال :يهدم ما دون الثلث ،والله أعلم.
*(*3الجملة الرابعيية) وهذه الجملة فيهييا بابان ،الول :فييي العدة.
والثاني :في المتعة.
**4الباب الول في العدة.
@-والنظيير فيي هذا الباب فيي فصيلين :الفصيل الول :فيي عدة
الزوجات :الفصل الثاني :في عدة ملك اليمين.
**5الفصيل الول فيي عدة الزوجات .والنظير فيي عدة الزوجات
ينقسم إلى نوعين :أحدهما في معرفة العدة .والثاني في معرفة
أحكام العدة.
@(-النوع الول) وكيل زوجية فهيي إميا حرة وإميا أمية ،وكيل واحدة
من هاتين إذا طلقت فل يخلو أن تكون مدخول بها أو غير مدخول
بهييا ،فأمييا غييير المدخول بهييا فل عدة عليهييا بإجماع لقوله تعالى
{فميا لكيم عليهين مين عدة تعتدونهيا} وأميا المدخول بهيا فل يخلو
أن تكون من ذوات الحيض أو من غير ذوات الحيض .وغير ذوات
الحييض إميا صيغار وإميا يائسيات ،وذوات الحييض إميا حواميل وإميا
جاريات على عاداتهين فيي الحييض ،وإميا مرتفعات الحييض ،وإميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الدم هيو زمان الطهير ،فهذا هيو أقوى ميا تمسيك بيه الفرييق الول
من ظاهر الية .وأما ما تمسك به الفريق الثاني من ظاهر الية
فإنهم قالوا :إن قوله تعالى {ثلثة قروء} ظاهر في تمام كل قرء
منهييا ،لنييه ليييس ينطلق اسييم القرء على بعضييه إل تجوزا ،وإذا
وصييفت القراء بأنهييا هييي الطهار أمكيين أن تكون العدة عندهييم
بقرءين وبعض قرء ،لنها عندهم تعتد بالطهر الذي تطلق فيه وإن
مضيى أكثره وإذا كان ذلك كذلك فل ينطلق عليهيا اسيم الثلثية إل
تجوزا ،واسم الثلثة ظاهر في كمال كل قرء منها ،وذلك ل يتفق
إل بأن تكون القراء هيي الحييض لن الجماع منعقيد على أنهيا إن
طلقيت فيي حيضية أنهيا ل تعتيد بهيا ،ولكيل واحيد مين الفريقيين
احتجاجات متساوية من جهة لفظ القرء ،والذي رضيه الحذاق أن
الييية مجملة فييي ذلك ،وأن الدليييل ينبغييي أن يطلب ميين جهيية
أخرى؛ فمين أقوى ميا تمسيك بيه مين رأى أن القراء هيي الطهار
حديييث ابيين عميير المتقدم ،وقوله صييلى الله عليييه وسييلم "مره
فليراجعهيا حتيى تحييض ثيم تطهير ثيم تحييض ثيم تطهير ،ثيم يطلقهيا
إن شاء قبيل أن يمسيها ،فتلك العدة التيي أمير الله أن يطلق لهيا
النسيياء" قالوا :وإجماعهييم على أن طلق السيينة ل يكون إل فييي
طهر لم تمس فيه ،وقوله عليه الصلة والسلم "فتلك العدة التي
أميير الله أن يطلق لهييا النسيياء" دليييل واضييح على أن العدة هييي
الطهار لكييي يكون الطلق متصييل بالعدة .ويمكيين أن يتأول قوله
{فتلك العدة} أي فتلك مدة اسييييتقبال العدة لئل يتبعييييض القرء
بالطلق في الحيض.
وأقوى ميا تمسيك بيه الفرييق الثانيي أن العدة إنميا شرعيت لبراءة
الرحيم ،وبراءتهيا إنميا تكون بالحييض ل بالطهار ،ولذلك كان عدة
مين ارتفيع الحييض عنهيا باليام ،والحييض هيو سيبب العدة بالقراء،
فوجيب أن تكون القراء هيي الحييض واحتيج مين قال القراء هيي
الطهار بأن المعتيبر فيي براءة الرحيم هيو النقلة مين الطهير إلى
الحييض ل انقضاء الحييض ،فل معنيى لعتبار الحيضية الخيرة ،وإذا
كان ذلك فالثلث المعتيييبر فيهييين التمام :أعنيييي المشترط هيييي
الطهار التييي بييين الحيضتييين ،ولكل الفريقييين احتجاجات طويلة.
ومذهييب الحنفييية أظهيير ميين جهيية المعنييى ،وحجتهييم ميين جهيية
المسيموع متسياوية أو قرييب مين متسياوية ،ولم يختلف القائلون
أن العدة هيي الطهار أنهيا تنقضيي بدخولهيا فيي الحيضية الثالثية.
واختلف الذيين قالوا إنهيا الحييض ،فقييل تنقضيي بانقطاع الدم مين
الحيضة الثالثة ،وبه قال الوزاعي؛ وقيل حين تغتسل من الحيضة
الثالثيية ،وبييه قال ميين الصييحابة عميير بيين الخطاب وعلي وابيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
تنتقيييل إلى عدة الحرة؛ وقال أبيييو حنيفييية :تنتقيييل فيييي الطلق
الرجعييي دون البائن؛ وقال الشافعييي :تنتقييل فييي الوجهييين معييا.
وسييبب الخلف هييل العدة ميين أحكام الزوجييية أم ميين أحكام
انفصالها؟ فمن قال من أحكام الزوجية قال :ل تنتقل عدتها؛ ومن
قال مين أحكام انفصيال الزوجيية قال :تنتقيل كميا لو أعتقيت وهيي
زوجة ثم طلقت؛ وأما من فرق بين البائن والرجعي فبين ،وذلك
أن الرجعي فيه شبه من أحكام العصمة ،ولذلك وقع فيه الميراث
باتفاق إذا مات وهيي فيي عدة مين طلق رجعيي ،وأنهيا تنتقيل إلى
عدة الموت ،فهذا هو القسم الول من قسمي النظر في العدة.
(يتبع)...
@(تابيع(- :)1 ...النوع الول) وكيل زوجية فهيي إميا حرة وإميا أمية،
وكل واحدة من هاتين إذا... ...
(القسيم الثانيي) وأميا النظير فيي أحكام العدد ،فإنهيم اتفقوا على
أن للمعتدة الرجعية النفقة والسكنى ،وكذلك الحامل لقوله تعالى
فيي الرجعيات {أسيكنوهن مين حييث سيكنتم مين وجدكيم} اليية،
ولقوله تعالى {وإن كين أولت حميل فأنفقوا عليهين حتيى يضعين
حملهن} .واختلفوا في سكنى المبتوتة ونفقتها إذا لم تكن حامل
على ثلثيية أقوال :أحدهييا أن لهييا السييكنى والنفقيية ،وهييو قول
الكوفيييين .والقول الثانييي أنييه ل سييكنى لهييا ول نفقيية ،وهييو قول
أحميد وداود وأبيي ثور وإسيحاق وجماعية .والثالث أن لهيا السيكنى
ول نفقة لها ،وهو قول مالك والشافعي وجماعة .وسبب اختلفهم
اختلف الروايية فيي حدييث فاطمية بنيت قييس ومعارضية ظاهير
الكتاب له ،فاسيتدل مين لم يوجيب لهيا نفقية ول سيكنى بميا روي
فيي حديث فاط مة بنت قيس أنها قالت "طلقني زوجي ثلثا فيي
عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،فأتييت النيبي صيلى الله
علييه وسيلم فلم يجعيل لي سيكنى ول نفقية" خرجيه مسيلم ،وفيي
بعيض الروايات أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال "إنميا
السيكنى والنفقية لمين لزوجهيا عليهيا الرجعية" وهذا القول مروي
عين علي وابين عباس وجابر ابين عبيد الله .وأميا الذيين أوجبوا لهيا
السكنى دون النفقة فإنهم احتجوا بما رواه مالك في موطئه من
حديث فاطمة المذكورة ،وفيه "فقال رسول الله صلى الله عليه
وسيلم "لييس لك علييه نفقية" وأمرهيا أن تعتيد فيي بييت ابين أم
مكتوم ولم يذكير فيهيا إسيقاط السيكنى ،فبقيي على عموميه فيي
قوله تعالى {أسييكنوهن ميين حيييث سييكنتم ميين وجدكييم} وعللوا
أمره علييه الصيلة والسيلم بأن تعتيد فيي بييت ابين أم مكتوم بأنيه
كان فييي لسييانها بذاء .وأمييا الذييين أوجبوا لهييا السييكنى والنفقيية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجليين ،يرييد أنهيا تعتيد بأبعيد الجليين ،إميا الحميل ،وإميا انقضاء
العدة عدة الموت ،وروى مثل ذلك عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه ،والحجة لهم أن ذلك هو الذي يقتضيه الجمع بين عموم
آيية الحواميل وآيية الوفاة .وأميا المية المتوفيي عنهيا مين تحيل له،
فإنهييا ل تخلو أن تكون زوجيية أو ملك يمييين أو أم ولد أو غييير أم
ولد ،فأمييا الزوجيية فقال الجمهور :إن عدتهييا نصييف عدة الحرة
قاسوا ذلك على العدة؛ وقال أهل الظاهر :بل عدتها عدة الحرة،
وكذلك عندهييم عدة الطلق مصيييرا إلى التعميييم .وأمييا أم الولد
فقال مالك والشافعيي وأحميد واللييث وأبيو ثور وجماعية :عدتهيا
حيضية ،وبيه قال ابين عمير .وقال مالك :وإن كانيت ممين ل تحييض
اعتدت ثلثيية أشهيير ،ولهييا السييكنى؛ وقال أبييو حنيفيية وأصييحابه
والثوري :عدتهيا ثلث حييض ،وهيو قول علي وابين مسيعود؛ وقال
قوم :عدتهيا نصيف عدة الحرة المتوفيي عنهيا زوجهيا؛ وقال قوم:
عدتهيا عدة الحرة أربعية أشهير وعشير؛ وحجية مالك أنهيا ليسيت
زوجة فتعتد عدة الوفاة ول مطلقة فتعتد ثلث حيض ،فلم يبق إل
اسييتبراء رحمهييا ،وذلك يكون بحيضيية تشبيهييا بالميية يموت عنهييا
سييدها ،وذلك ميا ل خلف فييه؛ وحجية أبيي حنيفية أن العدة إنميا
وجبت عليها وهي حرة وليست بزوجة فتعتد عدة الوفاة؛ ول بأمة
فتعتيد عدة المية ،فوجيب أن تسيتبرئ رحمهيا بعدة الحرار .وأميا
الذيين أوجبوا لهيا عدة الوفاة فاحتجوا بحدييث روي عين عمرو بين
العاص قال :ل تلبسييوا علينييا سيينة نبينييا ،عدة أم الولد إذا توفييي
عنهيا سييدها أربعية أشهير وعشير ،وضعيف أحميد هذا الحدييث ولم
يأخيذ بيه .وأميا مين أوجيب عليهيا ن صف عدة الحرة تشبيهيا بالزوجية
المة .فسبب الخلف أنها مسكوت عنها ،وهي مترددة الشبه بين
المية والحرة .وأميا مين شبههيا بالزوجية المية فضعييف ،وأضعيف
منه من شبهها بعدة الحرة المطلقة ،وهو مذهب أبي حنيفة.
**4الباب الثاني في المتعة.
@-والجمهور على أن المتعة ليست واجبة في كل مطلقة؛ وقال
قوم من أهل الظاهر :هي واجبة في كل مطلقة؛ وقال قوم :هي
مندوب إليهيا وليسيت واجبية وبيه قال مالك .والذيين قالوا بوجوبهيا
في بعض المطلقات اختلفوا في ذلك؛ فقال أبو حنيفة :هي واجبة
على من طلق قبل الدخول ،ولم يفرض لها صداقا مسمى؛ وقال
الشافعييي :هييي واجبيية لكييل مطلقيية إذا كان الفراق ميين قبله إل
التيي سيمى لهيا وطلقيت قبيل الدخول ،وعلى هذا جمهور العلماء.
واحتييج أبييو حنيفيية بقوله تعالى {يييا أيهييا الذييين آمنوا إذا نكحتييم
المؤمنات ثيم طلقتموهين مين قبيل أن تمسيوهن فميا لكيم عليهين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الحكيم إنميا لزميه باعتقاده ترك الوطيء ،وسيواء شيد ذلك العتقاد
بيمين أو بغير يمين ،لن الضرر يوجد في الحالتين جميعا.
@(-المسيألة الرابعية) وأميا اختلفهيم فيي مدة اليلء ،فإن مالكيا
ومن قال بقوله يرى أن مدة اليلء يجب أن تكون أكثر من أربعة
أشهير إذ كان الفييء عندهيم إنميا هيو بعيد الربعية الشهير؛ وأ ما أبيو
حنيفيية فإن مدة اليلء عنده هييي الربعيية الشهيير فقييط إذ كان
الفييء عنده إنميا هيو فيهيا؛ وذهيب الحسين وابين أبيي ليلى إلى أنيه
إذا حلف وقتا ما وإن كان أقل من أربعة أشهر كان موليا يضرب
له الجل إلى انقضاء الربعة الشهر من وقت اليمين .وروي عن
ابيين عباس أن المولي هييو ميين حلف أن ل يصيييب امرأتييه على
التأبييد .والسيبب فيي اختلفهيم فيي المدة إطلق اليية ،فاختلفهيم
في وقت الفيء ،وفي صفة اليمين ومدته هو كون الية عامة في
هذه المعانيييي أو مجملة ،وكذلك اختلفهيييم فيييي صيييفة المولي
والمولي منهيا ونوع الطلق على ميا سييأتي بعيد .وأميا ميا سيوى
ذلك فسيبب اختلفهيم فييه هيو سيبب السيكوت عنهيا ،وهذه هيي
أركان اليلء :أعنييي معرفيية نوع اليمييين ووقييت الفيييء والمدة
وصفة المولي والمولي منها ونوع الطلق الواقع فيه.
@(-المسيألة الخامسية) فأميا الطلق التيي يقيع باليلء فعنيد مالك
والشافعيي أنيه رجعيي ،لن الصيل أن كيل طلق وقيع بالشرع أنيه
يحمل على أنه رجعي إلى أن يدل الدليل على أنه بائن؛ وقال أبو
حنيفية وأبيو ثور :هيو بائن ،وذلك أنيه إن كان رجعييا لم يزل الضرر
عنهيا بذلك لنيه يجبرهيا على الرجعية .فسيبب الختلف معارضية
المصيلحة المقصيودة باليلء للصيل المعروف فيي الطلق ،فمين
غلب الصل قال :رجعي ،ومن غلب المصلحة قال :بائن.
@(-المسألة السادسة) وأما هل يطلق القاضي إذا أبى الفيء أو
الطلق أو يحبييس حتييى يطلق ،فإن مالكييا قال :يطلق القاضييي
علييه؛ وقال أهيل الظاهير :يحبيس حتيى يطلقهيا بنفسيه .وسيبب
الخلف معارضيية الصييل المعروف فييي الطلق للمصييلحة؛ فميين
راعييى الصييل المعروف فييي الطلق قال :ل يقييع الطلق إل ميين
الزوج؛ وميين راعييى الضرر الداخييل ميين ذلك على النسيياء قال:
يطلق السيلطان وهيو نظير إلى المصيلحة العامية ،وهذا هيو الذي
يعرف بالقياس المرسل والمنقول عن مالك العمل به ،وكثير من
الفقهاء يأبى ذلك.
@(-المسييألة السييابعة) وأمييا هييل يتكرر اليلء إذا طلقهييا ثييم
راجعها؟ فإن مالكا يقول :إذا راجعها فلم يطأها تكرر اليلء عليه،
وهذا عنده فيي الطلق الرجعيي والبائن .وقال أبيو حنيفية :الطلق
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
البائن يسييقط اليلء وهييو أحييد قولي الشافعييي ،وهذا القول هييو
الذي اختاره المزنيي وجماعية العلماء على أن اليلء ل يتكرر؛ بعيد
الطلق إل بإعادة اليميييين .والسيييبب فيييي اختلفهيييم معارضييية
المصييلحة لظاهيير شرط اليلء ،وذلك أنييه ل إيلء فييي الشرع إل
حييث يكون يميين فيي ذلك النكاح بنفسيه ل فيي نكاح آخير ،ولكين
إذا راعينييا هذا وجييد الضرر المقصييود إزالتييه بحكييم اليلء ،ولذلك
رأى مالك أنييه ل يحكييم بحكييم اليلء بغييير يمييين إذا وجييد معنييى
اليلء.
@(-المسيألة الثامنية) وأميا هيل تلزم الزوجية المولي منهيا عدة أو
لييس تلزمهيا؟ فإن الجمهور على أن العدة تلزمهيا؛ وقال جابر بين
زييد :ل تلزمهيا عدة إذا كانيت قيد حاضيت فيي مدة الربعية الشهير
ثلث حيييض ،وقال بقوله طائفيية :وهييو مروي عيين ابيين عباس.
وحجتيه أن العدة إنميا وضعيت لبراءة الرحيم ،وهذه قيد حصيلت لهيا
البراءة .وحجيية الجمهور أنهييا مطلقيية فوجييب أن تعتييد كسييائر
المطلقات .وسبب الخلف أن العدة جمعت عبادة ومصلحة؛ فمن
لحيظ جانيب المصيلحة لم يير عليهيا عدة ،ومين لحيظ جانيب العبادة
أوجب عليها العدة.
@(-المسألة التاسعة) وأما إيلء العبد ،فإن مالكا قال :إيلء العبد
شهران على النصيف مين إيلء الحير ،قياسيا على حدوده وطلقيه؛
وقال الشافعيي وأهيل الظاهير :إيلؤه مثيل إيلء الحير أربعية أشهير
تمسييكا بالعموم ،والظاهيير أن تعلق اليمان بالحيير والعبييد سييواء،
واليلء يمييين ،وقياسييا أيضييا على مدة العنييين؛ وقال أبييو حنيفيية:
النقيص الداخيل على اليلء معتيبر بالنسياء ل بالرجال كالعدة ،فإن
كانيت المرأة حرة كان اليلء إيلء الحير وإن كان الزوج عبدا ،وإن
كانت أمة فعلى النصف؛ وقياس اليلء على الحد غير جيد ،وذلك
أن العبيد إنميا كان حده أقيل مين حيد الحير ،لن الفاحشية منيه أقيل
قبحيا ،ومين الحير أعظيم قبحيا ،ومدة اليلء إنميا ضربيت جمعيا بيين
التوسيعة على الزوج وبيين إزالة الضرر عين الزوجية ،فإذا فرضنيا
مدة أقصيير ميين هذه كان أضيييق على الزوج وأنفييى للضرر عيين
الزوجة ،والحر أحق بالتوسعة ونفي الضرر عنه ،فلذلك كان يجب
على هذا القياس أن ل ينقيييص مييين اليلء إل إذا كان الزوج عبدا
والزوجيية حرة فقييط ،وهذا لم يقييل بيه أحييد ،فالواجييب التسيوية.
والذييين قالوا بتأثييير الرق فييي مدة اليلء اختلفوا فييي زوال الرق
بعد اليلء ،هل ينتقل إلى إيلء الحرار أم ل؟ فقال مالك :ل ينتقل
مين إيلء العبييد إلى إيلء الحرار؛ وقال أبيو حنيفية :ينتقيل؛ فعنده
أن المة إذا عتقت وقد آلى زوج ها منها انتقلت إلى إيلء الحرار؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال ابن القاسم :الصغيرة التي ل يجامع مثلها ل إيلء عليها ،فإن
وقع وتمادى حسبت الربعة الشهر من يوم بلغت ،وإنما قال ذلك
لنيييه ل ضرر عليهيييا فيييي ترك الجماع؛ وقال أيضيييا :ل إيلء على
خصي ول على من ل يقدر على الجماع.
@(-المسيألة العاشرة) وأميا هيل مين شرط رجعية المولي أن يطيأ
فييييي العدة أم ل؟ فإن الجمهور ذهبوا إلى أن ذلك ليييييس ميييين
شرطها؛ وأما مالك فإنه قال :إذا لم يطأ فيها من غير عذر مرض
أو ميا أشبيه ذلك فل رجعية عنده له عليهيا وتبقيى على عدتهيا ،ول
سيبيل له إليهيا إذا انقضيت العدة .وحجية الجمهور أنيه ل يخلو أن
يكون اليلء يعود برجعتييه إياهييا فييي العدة أو ل يعود ،فإن عاد لم
يعتبر واستؤنف اليلء من وقت الرجعة؛ أعني تحسب مدة اليلء
من وقت الرج عة ،وإن لم يعد إيلء لم يعتبر أصل إل على مذهب
من يرى أن اليلء يكون بغير يمين ،وكيفما كان فل بد من اعتبار
الربعة الشهر من وقت الرجعة؛ وأما مالك فإنه قال :كل رجعة
مين طلق كان لرفيع ضرر ،فإن صيحة الرجعية معتيبرة فييه بزوال
ذلك الضرر ،وأصله المعسر بالنفقة إذا طلق عليه ثم ارتجع ،فإن
رجعتيه تعتيبر صيحتها بيسياره .فسيبب الخلف قياس الشبيه ،وذلك
أن مين شبيه الرجعية بابتداء النكاح أوجيب فيهيا تجدد اليلء ،ومين
شبه هذه الرجعة برجعة المطلق لضرر لم يرتفع منه ذلك الضرر
قال :يبقى على الصل.
**2كتاب الظهار.
@-والصيل فيي الظهار الكتاب والسينة .فأميا الكتاب فقوله تعالى
{والذييين يظاهرون ميين نسييائهم ثييم يعودون لمييا قالوا فتحرييير
رقبية} اليية .وأميا السينة فحدييث خولة بنيت مالك بين ثعلبية قالت
"ظاهير منيي زوجيي أوييس ابين الصيامت ،فجئت إلى رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم أشكييو إليييه ،ورسييول الله يجادلنييي فيييه
ويقول :اتقي الله فإنه ابن عمك ،فما خرجت حتى أنزل الله {قد
سيمع الله قول التيي تجادلك فيي زوجهيا وتشتكيي إلى الله والله
يسيمع تحاوركميا} اليات ،فقال :ليعتيق رقبية ،قالت :ل يجيد ،قال:
فيصوم شهرين متتابعين ،قالت :يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به
من صيام ،قال :فليطعم ستين مسكينا ،قالت :ما عنده من شيء
يتصيدق بيه ،قال :فإنيي سيأعينه بعرق مين تمير ،قالت :وأنيا أعينيه
بعرق آخر ،قال :لقد أحسنت اذهبي فأطعمي عنه ستين مسكينا"
خرجه أبو داود .وحديث سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى
الله عليه وسلم.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والكلم فيي أصيول الظهار ينحصير فيي سيبعة فصيول :منهيا فيي
ألفاظ الظهار .ومنها في شروط وجوب الكفارة فيه .ومنها فيمن
يصييح فيييه الظهار .ومنهييا فيمييا يحرم على المظاهيير .ومنهييا هييل
يتكرر الظهار بتكرر النكاح؟ .ومنها هل يدخل اليلء عليه؟ .ومنها
القول في أحكام كفارة الظهار.
**3الفصل الول في ألفاظ الظهار.
@-واتفيييق العلماء على أن الرجيييل إذا قال لزوجتيييه :أنيييت علي
كظهر أمي أ نه ظهار ،واختلفوا إذا ذكير عضوا غير الظهر ،أو ذكر
ظهير مين تحرم علييه مين المحرمات النكاح على التأبييد غيير الم،
فقال مالك :هييو ظهار؛ وقال جماعيية ميين العلماء :ل يكون ظهارا
إل بلفيظ الظهير والم .وقال أبيو حنيفية :يكون بكيل عضيو يحرم
النظير إلييه .وسيبب اختلفهيم معارضية المعنيى للظاهير ،وذلك أن
معنيى التحرييم تسيتوي فييه الم وغيرهيا مين المحرمات والظهير
وغيره مين العضاء ،وأميا الظاهير مين الشرع ،فإنيه يقتضيي أن ل
يسمى ظهارا إل ما ذكر فيه لفظ الظهر والم .وأما إذا قال :هي
علي كأميي ولم يذكير الظهير ،فقال أبيو حنيفية والشافعيي :ينوي
في ذلك لنه قد يريد بذلك الجلل لها وعظم منزلتها عنده؛ وقال
مالك :هيو ظهار .وأميا مين شبيه زوجتيه بأجنبيية ل تحرم علييه على
التأبييد ،فإنيه ظهار عنيد مالك ،وعنيد ابين الماجشون لييس بظهار،
وسيبب الخلف هيل تشيبيه الزوجية بمحرمية غيير مؤبدة التحرييم
كتشبيهها بمؤبدة التحريم؟.
**3الفصل الثاني في شروط وجوب الكفارة فيه.
@-وأمييا شروط وجوب الكفارة ،فإن الجمهور على أنهييا ل تجييب
دون العود ،وشذ مجاهد وطاوس فقال :ل تجب دون العود ،ودليل
الجمهور قوله تعالى {والذيين يظاهرون مين نسيائهم ثيم يعودون
لما قالوا فتحرير رقبة} وهو نص في معنى وجوب تعلق الكفارة
بالعود ،وأيضا فمن طريق القياس ،فإن الظهار يشبه الكفارة في
اليميين ،فكميا أن الكفارة إنميا تلزم بالمخالفية أو بإرادة المخالفية،
كذلك المير فيي الظهار .وحجية مجاهيد وطاوس أنيه معنيى يوجيب
الكفارة العليييا فوجييب أن يوجبهييا بنفسييه ل بمعنييى زائد تشبيهييا
بكفارة القتل والفطر؛ وأيضا قالوا :إنه كان طلق الجاهلية فنسخ
تحريميه بالكفارة ،وهيو معنيى قوله تعالى {ثيم يعودون لميا قالوا}
والعود عندهييم هييو العود فييي السييلم .فأمييا القائلون باشتراط
العود فيي إيجاب الكفارة ،فإنهيم اختلفوا فييه ميا هيو؟ فعين مالك
فييييي ذلك ثلث روايات :إحداهيييين أن العود هييييو أن يعزم على
إمسياكها والوطيء معيا .والثانيية أن يعزم على وطئهيا فقيط ،وهيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال الثوري وأحميد وجماعية .ودلييل مالك قوله تعالى {مين قبيل
أن يتماسيا} وظاهير لفيظ التماس يقتضيي المباشرة فيميا فوقهيا،
ولنه أيضا لفظ حرمت به عليه فأشبه لفظ الطلق ،ودليل قول
الشافعي أن المباشرة كناية عن الجماع بدليل إجماعهم على أن
الوطييء محرم عليييه ،وإذا دلت على الجماع لم تدل على مييا فوق
الجماع ،لنهيا إميا أن تدل على ميا فوق الجماع ،وإميا أن تدل على
الجماع ،وهي الدللة المجازية ،لكن قد اتفقوا على أنها دالة على
الجماع فانتفييت الدللة المجازييية ،إذ ل يدل لفييظ واحييد دللتييين
حقيقة ومجازا .قلت :الذين يرون أن اللفظ المشترك له عموم ل
يبعد أن يكون اللفظ الواحد عندهم يتضمن المعنيين جميعا :أعني
الحقيقية والمجاز ،وإن كان لم تجير بيه عادة للعرب ،ولذلك القول
بيه فيي غايية مين الضعيف ،ولو علم أن للشرع فييه تصيرفا لجاز،
وأيضا فإن الظهار مشبه عندهم باليلء ،فوجب أن يختص عندهم
بالفرج.
**3الفصل الخامس هل يتكرر الظهار بتكرر النكاح.
@-وأما تكرر الظهار بعد الطلق :أعني إذا طلقها بعد الظهار قبل
أن يُك َفر ثم راجع ها هل يتكرر عليها الظهار فل يحل له المسيس
حتى يكفر فيه خلف .قال مالك :إن طلقها دون الثلث ثم راجعها
في العدة أو بعدها فعليه الكفارة ،وقال الشافعي :إن راجعها في
العدة فعلييه الكفارة ،وإن راجعهيا فيي غيير العدة فل كفارة علييه؛
وعنيه قول آخير مثيل قول مالك .وقال محميد بين الحسين :الظهار
راجع عليها نكحها بعد الثلث أو بعد واحدة ،وهذه المسألة شبيهة
بمن يحلف بالطلق ثم يطلق ثم يراجع هل تبقى تلك اليمين عليه
أم ل؟ .وسييبب الخلف هييل الطلق يرفييع جميييع أحكام الزوجييية
ويهدمهيا ،أو ل يهدمهيا؟ فمنهيم مين رأى أن البائن الذي هيو الثلث
يهدم ،وأن ميا دون الثلث ل يهدم؛ ومنهيم مين رأى أن الطلق كله
غير هادم ،وأحسب أن من الظاهرية من يرى أنه كله هادم.
**3الفصل السادس في دخول اليلء عليه.
@-وأما هل يدخل اليلء على الظهار إذا كان مضارا ،وذلك بأن ل
يُكَفِير ميع قدرتيه على الكفارة؟ فإن فييه أيضيا اختلفيا ،فأبيو حنيفية
والشافعييي يقولن :ل يتداخييل الحكمان لن حكييم الظهار خلف
حكييم اليلء ،وسييواء كان عندهييم مضارا أو لم يكيين ،وبييه قال
الوزاعيي وأحميد وجماعية .وقال مالك :يدخيل اليلء على الظهار
بشرط أن يكون مضارا .وقال الثوري :يدخييل اليلء على الظهار،
وتيبين منيه بانقضاء الربعية الشهير مين غيير اعتبار المضارة ،ففييه
ثلثية أقوال :قول إنيه يدخيل بإطلق ،وقول إنيه ل يدخيل بإطلق،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا حجية أبيي حنيفية فهيو ظاهير العموم ،ول معارضية عنده بيين
المطلق والمقييد ،فوجيب عنده أن يحميل كيل على لفظيه .ومنهيا
اختلفهيم هيل مين شرط الرقبية أن تكون سيالمة مين العيوب أم
ل؟ ثم إن كانت سليمة فمن أي العيوب تشترط سلمتها؟ فالذي
عليه الجمهور أن للعيوب تأثيرا في منع إجزاء العتق؛ وذهب قوم
إلى أنه ليس لها تأثير في ذلك .وحجة الجمهور تشبيهها بالضاحي
والهداييا لكون القربية تجمعهيا .وحجية الفرييق الثانيي إطلق اللفيظ
فيي اليية .فسيبب الخلف معارضية الظاهير لقياس الشبيه .والذيين
قالوا إن للعيوب تأثيرا فييي منييع الجزاء اختلفوا فييي عيييب عيييب
ممييا يعتييبر فييي الجزاء أو عدمييه .أمييا العمييى وقطييع اليدييين أو
الرجلييين فل خلف عندهييم فييي أنييه مانييع للجزاء ،واختلفوا فيمييا
دون ذلك؛ فمنهيا هيل يجوز قطيع الييد الواحدة؟ أجازه أبيو حنيفية،
ومنعيه مالك والشافعيي .وأميا العور فقال مالك :ل يجزي ،وقال
عبيد الملك :يجزي .وأميا قطيع الذنيين فقال مالك :ل يجزي ،وقال
أصيحاب الشافعيي :يجزي .وأميا الصيم فاختلف فييه فيي مذهيب
مالك ،فقييل يجزي ،وقييل ل يجزي .وأميا الخرس فل يجزي عنيد
مالك ،وعن الشافعي في ذلك قولن .أما المجنون فل يجزي ،أما
الخصييي فقال ابيين القاسييم :ل يعجبنييي الخصييي ،وقال غيره :ل
يجزي ،وقال الشافعيييي :يجزي .وإعتاق الصيييغير جائز فيييي قول
عامية فقهاء المصيار ،وحكيى عين بعيض المتقدميين منعيه ،والعرج
الخفييف فيي المذهيب يجزي ،أميا العرج البيين فل .والسيبب فيي
اختلفهيم :اختلفهم في قدر النقص المؤثر في القر بة ،وليس له
أصل في الشرع إل الضحايا .وكذلك ل يجزي في المذهب ما فيه
شركيية أو طرف حرييية كالكتابيية والتدبييير لقوله تعالى {فتحرييير
رقبية} والتحريير هيو إبداء العتاق ،وإذا كان فييه عقيد مين عقود
الحرييية كالكتابيية كان تنجيزا ل إعتاق ،وكذلك الشركيية لن بعييض
الرقبية لييس برقبية .وقال أبيو حنيفية :إن كان المكاتيب أدى شيئا
من مال الكتابة لم يجز ،وإن كان لم يؤد جاز .واختلفوا هل يجزيه
عتق مدبره؟ فقال مالك :ل يجزيه تشبيها بالكتابة لنه عقد ليس
له حله؛ وقال الشافعييي :يجزيييه؛ ول يجزي عنييد مالك إعتاق أم
ولده ول المعتيق إلى أجيل مسيمى .أميا عتيق أم الولد فلن عقدهيا
آكد من عقد الكتابة والتدبير ،بدليل أنهما قد يطرأ عليهما الفسخ.
أما في الكتابة فمن العجز عن أداء النجوم .وأما في التدبير فإذا
ضاق عنه الثلث .وأما العتق إلى أجل فإنه عقد عتق ل سبيل إلى
حله.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وإسيحاق؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :لكيل ظهار كفارة .وأميا إذا
كان ذلك في مجلس واحد فل خلف عند مالك أن في ذلك كفارة
واحدة وعنيد أبيي حنيفية أن ذلك راجيع إلى نيتيه ،فإن قصيد التأكييد
كانيييت الكفارة واحدة ،وإن أراد اسيييتئناف الظهار كان ميييا أراد
ولزمييه ميين الكفارات على عدد الظهار .وقال يحيييى بيين سييعيد:
تلزم الكفارة على عدد الظهار سواء كان في مجلس واحد أو في
مجالس شتى.
والسيبب فيي هذا الختلف أن الظهار الواحيد بالحقيقية هيو الذي
يكون بلفيظ واحيد مين امرأة واحدة فيي وقيت واحيد ،والمتعدد بل
خلف هيو الذي يكون بلفظتيين مين امرأتيين فيي وقتيين ،فإن كرر
اللفظ من امرأة واحدة ،فهل يوجب تعدد اللفظ تعدد الظهار ،أم
ل يوجيب ذلك فييه تعددا؟ وكذلك إن كان اللفيظ واحيد والمظاهير
منها أكثر من واحدة؟ وذلك أن هذه بمنزلة المتوسطات بين ذينك
الطرفيين؛ فمين غلب علييه شبيه الطرف الواحيد أوجيب له حكميه؛
ومين غلب علييه شبيه الطرف الثانيي أوجيب له حكميه .ومنهيا إذا
ظاهير مين امرأتيه ثيم مسيها قبيل أن يكفير هيل علييه كفارة واحدة
أم ل؟ فأكثر فقهاء المصار ومالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري
والوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري وأبو عبيد أن
فييي ذلك كفارة واحدة ،والحجيية لهييم حديييث سييلمة بيين صييخر
البياضيي "أنيه ظاهير مين امرأتيه فيي زمان رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم ثم وقع بامرأته قبل أن يكفر ،فأتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكر له ذلك فأمره أن يكفر تكفيرا واحدا" وقال
قوم :عليييه كفارتان :كفارة العزم على الوطييء ،وكفارة الوطييء،
لنه وطئ وطأ محرما ،وهو مروي عن عمرو ابن العاص وقبيصة
بين ذؤييب وسيعيد بين جيبير وابين شهاب؛ وقيد قييل :إنيه ل يلزميه
شييء ل عين العود ول عين الوطيء ،لن الله تعالى اشترط صيحة
الكفارة قبييل المسيييس ،فإذا مييس فقييد خرج وقتهييا فل تجييب إل
بأمر مجدد ،وذلك معلوم في مسئلتنا وفيه شذوذ .وقال أبو محمد
بين حزم :مين كان فرضيه الطعام فلييس يحرم علييه المسييس
قبل الطعام ،وإنما يحرم المسيس على من كان فرضه العتق أو
الصيام.
**2كتاب اللعان
@-والقول فييه يشتميل على خمسية فصيول بعيد القول بوجوبيه:
الفصيل الول :فيي أنواع الدعاوي الموجبية له وشروطهيا .الفصيل
الثانيي :فيي صيفات المتلعنيين .الثالث :فيي صيفة اللعان .الرابيع:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كذا فميا أراه إل قيد صيدق عليهيا" قالوا :وهذا يدل على أنهيا كانيت
حامل فيي وقيت اللعان .وحجية أبيي حنيفية أن الحميل قيد ينفيش
ويضمحيل ،فل وجيه للعان إل على يقيين .ومين حجية الجمهور أن
الشرع قد علق بظهور الحمل أحكاما كثيرة :كالنفقة والعدة ومنع
الوطء ،فوجب أن يكون قياس اللعان كذلك ،وعند أبي حنيفة أنه
يلعين وإن لم ينيف الحميل إل وقيت الولدة ،وكذلك ميا قرب مين
الولدة ولم يوقت في ذلك وقتا ،ووقتا صاحباه أبو يوسف ومحمد
فقال :له أن ينفييه ميا بيين أربعيين ليلة مين وقيت الولدة؛ والذيين
أوجبوا اللعان فيي وقيت الحميل اتفقوا على أنيه له نفييه فيي وقيت
العصيمة ،واختلفوا فيي نفييه بعيد الطلق ،فذهيب مالك إلى أنيه له
ذلك فيي جمييع المدة التيي يلحيق الولد فيهيا بالفراش ،وذلك هيو
أقصييى زمان الحمييل عنده وذلك نحييو ميين أربييع سيينين عنده أو
خمييس سيينين ،وكذلك عنده حكييم نفييي الولد بعييد الطلق إذا لم
يزل منكرا له ،وبقريب من هذا المعنى قال الشافعي وقال قوم:
لييس له أن ينفيي الحميل إل فيي العدة فقيط ،وإن نفاه فيي غيير
العدة حده وألحيق بيه الولد ،فالحكيم يجيب بيه عنيد الجمهور إلى
انقضاء أطول مدة الحميل على اختلفهيم فيي ذلك ،فإن الظاهريية
ترى أن أقصير مدة الحميل التيي يجيب بهيا الحكيم هيو المعتاد مين
ذلك ،وهي التسعة أشهر وما قاربها،
ول اختلف بينهيم أنيه يجيب الحكيم بيه فيي مدة العصيمة ،فميا زاد
على أقصر مدة الحمل وهي الستة أشهر :أعني أن يولد المولود
لستة أشهر من وقت الدخول أو بإمكانه ،لمن وقت العقد ،وشذ
أبيو حنيفية فقال مين وقيت العقيد وإن علم أن الدخول غيير ممكين
حتيى أنيه إن تزوج عنده رجيل بالمغرب القصيى امرأة بالمشرق
القصى فجاءت بولد لرأس ستة أشهر من وقت العقد أنه يلحق
بيه إل أن ينفييه بلعان ،وهيو فيي هذه المسيألة ظاهري محيض ،لنيه
إنمييا اعتمييد فييي ذلك عموم قوله عليييه الصييلة والسييلم "الولد
للفراش" وهذه المرأة قد صارت فراشا له بالعقد ،فكأنه رأى أن
هذه عبادة غير معللة ،وهذا شيء ضعيف .واختلف قول مالك من
هذا الباب فيي فرع ،وهيو أنيه إذا ادعيى أنهيا زنيت واعترف بالحميل
فعنيه فيي ذلك ثلث روايات :إحداهيا أنيه يحيد ويلحيق بيه الولد ول
يلعن .والثانية أنه يلعن وينفي الولد .والثالثة أنه يلحق به الولد
ويلعيين ليدرأ الحييد عيين نفسييه .وسييبب الخلف هييل يلتفييت إلى
إثباتيه ميع موجيب نفييه وهيو دعواه الزنيى؟ واختلفوا أيضيا مين هذا
الباب في فرع ،وهو إذا أقام الشهود على الزنى هل له يلعن أم
ل؟ فقال أبيو حنيفية وداود :ل يلعين ،لن اللعان إنميا جعيل عوض
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
باللعان ،إميا بنفسيه وإميا بحكيم حاكيم على ميا نقوله بعيد؛ فقال
مالك والشافعييي والثوري وداود وأحمييد وجمهور فقهاء المصييار
إنهميا ل يجتمعان أبدا وإن أكذب نفسيه؛ وقال أبيو حنيفية وجماعية:
إذا أكذب نفسييه جلد الحييد وكان خاطبييا ميين الخطاب؛ وقييد قال
قوم :ترد إليه امرأته .وحجة الفريق الول قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم "ل سبيل لك عليها" ولم يستثن فأطلق التحريم.
وحجية الفرييق الثانيي أنيه إذا أكذب نفسيه فقيد بطيل حكيم اللعان،
فكمييا يلحييق بييه الولد كذلك ترد المرأة عليييه ،وذلك أن السييبب
الموجب للتحريم إنما هو الجهل بتعيين صدق أحدهما مع القطع
بأن أحدهما كاذب ،فإذا انكشف ارتفع التحريم.
**3الفصل الخامس في الحكام اللزمة لتمام اللعان.
@-فأمييييا موجبات اللعان ،فإن العلماء اختلفوا ميييين ذلك فييييي
مسيائل :منهيا هيل تجيب الفرقية أم ل؟ وإن وجبيت فمتيى تجيب؟
وهيل تجيب بنفيس اللعان أم بحكيم حاكيم؟ وإذا وقعيت فهيل هيي
طلق أو فسيخ؟ فذهيب الجمهور إلى أن الفرقية تقيع باللعان لميا
اشتهر من ذلك في أحاديث اللعان "من أن رسول الله صلى الله
علييه وسيلم فرق بينهميا" وقال ابين شهاب فيميا رواه مالك عنيه:
فكانييت تلك سيينة المتلعنييين ،ولقوله صييلى الله عليييه وسييلم "ل
سيبيل لك عليهيا" وقال عثمان البتيي وطائفية مين أهيل البصيرة :ل
يعقب اللعان فرقة ،واحتجوا بأن ذلك حكم لم تتضمنه آية اللعان،
ول هو صريح في الحاديث ،لن في الحديث المشهور أنه طلقها
بحضرة النيبي صيلى الله علييه وسيلم فلم ينكير ذلك علييه .وأيضيا
فإن اللعان إنما شرع لدرء حد القذف ،فلم يوجب تحريما تشبيها
بالبينية .وحجية الجمهور أنيه قيد وقيع بينهميا مين التقاطيع والتباغيض
والتهاتيير وإبطال حدود الله مييا أوجييب أن ل يجتمعييا بعدهييا أبدا،
وذلك أن الزوجيية مبناهيا على المودة والرحمية وهؤلء قيد عدموا
ذلك كل العدم ،ول أقيل من أن تكون عقوبتهما الفرقية .وبالجملة
فالقبيح الذي بينهميا غايية القبيح .وأميا متيى تقيع الفرقية فقال مالك
والليييث وجماعيية :إنهييا تقييع إذا فرغييا جميعييا ميين اللعان .وقال
الشافعيي :إذا أكميل الزوج لعانيه وقعيت الفرقية .وقال أبيو حنيفية:
ل تقيع إل بحكيم حاكيم ،وبيه قال الثوري وأحميد .وحجية مالك على
الشافعيي حدييث ابين عمير قال "فرق رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم بيين المتلعنيين وقال :حسابكما على الله ،أحدكميا كاذب ل
سبيل لك عليها" وما روي أنه لم يفرق بينهما إل بعد تمام اللعان.
وحجية الشافعيي أن لعانهيا إنميا تدرء بيه الحيد عين نفسيها فقيط،
ولعان الرجيل هيو المؤثير فيي نفيي النسيب ،فوجيب إن كان للعان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الخروج ،فلميا سيقط ترك الخروج عين المية بتبذلهيا والحاجية إلى
اسيتخدامها سيقط عنهيا منيع الزينية .وأميا اختلفهيم فيي المكاتبية
فمين قبيل ترددهيا بيين الحرة والمية .وأميا المية بملك اليميين وأم
الولد ،فإنميا صيار الجمهور إلى إسيقاط الحداد عنهيا لقوله علييه
الصيلة والسيلم "ل يحيل لمرأة تؤمين بالله واليوم الخير أن تحيد
إل على زوج" فعلم بدليييييل الخطاب أن ميييين عدا ذات الزوج ل
يجييب عليهييا إحداد وميين أوجبييه على المتوفييي عنهييا زوجهييا دون
المطلقة فتعلق بالظاهر المنطوق به ،ومن ألحق المطلقات بهن
فميين طريييق المعنييى ،وذلك أنييه يظهيير ميين معنييى الحداد أن
المقصود به أن ل تتشوف إليها الرجال في العدة ول تتشوف هي
إليهم ،وذلك سدا للذريعة لمكان حفظ النساب ،والله أعلم .كمل
كتاب الطلق والحمييد لله على آلئه ،والشكيير على نعمييه؛ ويتلوه
كتاب البيوع إن شاء الله تعالى.
**2كتاب البيوع.
@-الكلم في البيوع ينحصر في خمس جمل :في معرفة أنواعها.
وفيي معرفية شروط الصيحة فيي واحيد واحيد منهيا .وفيي معرفية
شروط الفساد .وفي معرفة أحكام البيوع الصحيحة .وفي معرفة
أحكام البيوع الفاسدة .فنحن نذكر أنواع البيوع المطلقة ،ثم نذكر
شروط الفسيياد والصييحة فييي واحييد واحييد منهييا ،وأحكام بيوع
الصييحة ،وأحكام البيوع الفاسييدة .ولمييا كانييت أسييباب الفسيياد
والصحة في البيوع منها عامة لجميع أنواع البيوع أو لكثرها ومنها
خاصية ،وكذلك المير فيي أحكام الصيحة والفسياد اقتضيى النظير
الصييناعي أن نذكيير المشترك ميين هذه الصييناف الربعيية :أعنييي
العام مين أسيباب الفسياد وأسيباب الصيحة وأحكام الصيحة وأحكام
الفسيياد لجميييع البيوع ،ثييم نذكيير الخاص ميين هذه الربعيية بواحييد
واحيد مين البيوع ،فينقسيم هذا الكتاب باضطرار إلى سيتة أجزاء:
الجزء الول :تعرف فيه أنواع البيوع المطلقة .والثاني :تعرف فيه
أسباب الفساد العامة في البيوع المطلقة أيضا :أعني في كلها أو
أكثرهييا إذ كانييت أعرف ميين أسييباب الصييحة .الثالث :تعرف فيييه
أسباب الصحة في البيوع المطلقة أيضا .الرابع :نذكر فيه أحكام
البيوع الصحيحة ،أعني الحكام المشتركة لكل البيوع الصحيحة أو
لكثرهيا .الخاميس :نذكير فييه أحكام البيوع الفاسيدة المشتركية:
أعنيي إذا وقعيت .السيادس :نذكير فييه نوعيا نوعيا مين البيوع بميا
يخصه من الصحة والفساد وأحكامها.
@(-الجزء الول) إن كييل معاملة وجدت بييين اثنييين ،فل يخلو أن
تكون عينيا بعيين ،أو عينيا بشييء فيي الذمية ،أو ذمية بذمية ،وكيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحيد مين هذه الثلث إميا نسييئة وإميا ناجيز ،وكيل واحيد مين هذه
أيضا إما ناجز من الطرفين وإما نسيئة من الطرفين ،وإما ناجز
مين الطرف الواحيد نسييئة مين الطرف الخير ،فتكون كيل أنواع
البيوع تسيعة .فأميا النسييئة مين الطرفيين فل يجوز بإجماع ل فيي
العين ول في الذمة ،لنه الدين بالدين المنهى عنه .وأسماء هذه
البيوع منهيا ميا يكون مين قبيل صيفة العقيد وحال العقيد؛ ومنهيا ميا
يكون من قبل صفة العين المبيعة ،وذلك أنها إذا كانت عينا بعين
فل تخلو أن تكون ثمنا بمثمون أو ثمنا بثمن ،فإن كانت ثمنا بثمن
سيمى صيرفا ،وإن كانيت ثمنيا بمثمون سيمي بيعيا مطلقيا وكذلك
مثمونيا بمثمون على الشروط التيي تقال بعيد ،وإن كان عينيا بذمية
سيمي سيلما ،وإن كان على الخيار سيمي بييع خيار ،وإن كان على
المرابحية سيمي بييع مرابحية ،وإن كان على المزايدة سيمي بييع
مزايدة.
@(-الجزء الثاني) وإذا اعتبرت السباب التي من قبلها ورد النهي
الشرعيي فيي البيوع ،وهيي أسيباب الفسياد العامية وجدت أربعية:
أحدهيا تحرييم عيين الميبيع .والثانيي الربيا .والثالث الغرر .والرابيع
الشروط التيي تئول إلى أحيد هذيين أو لمجموعهميا .وهذه الربعية
هي بالحقيقة أصول الفساد ،وذلك أن النهي إنما تعلق فيها بالبيع
مين جهية ميا هيو بييع ل لمير مين خارج .وأميا التيي ورد النهيي فيهيا
لسييباب ميين خارج؛ فمنهييا الغييش؛ ومنهييا الضرر؛ ومنهييا لمكان
الوقت المستحق بما هو أهم منه؛ ومنها لنها محرمة البيع .ففي
هذا الجزء أبواب:
**3الباب الول في العيان المحرمة البيع.
@-وهذه على ضربيييين :نجاسيييات ،وغيييير نجاسيييات .فأميييا بييييع
النجاسات فالصل في تحريمها حديث جابر ،ثبت في الصحيحين
قال :قال رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم "إن الله ورسييوله
حرما بيع الخمر والميتة والخنزير والصنام ،فقيل :يا رسول الله
أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويستصبح بها؟ فقال:
لعين الله اليهود حرميت الشحوم عليهييم فباعوهيا وأكلوا أثمانهيا"
وقال فيي الخمير "إن الذي حرم شربهيا حرم بيعهيا" والنجاسيات
على ضربييين :ضرب اتفييق المسييلمون على تحريييم بيعهييا وهييي
الخمير وأنهيا نجسية ،إل خلفيا شاذا فيي الخمير :أعنيي فيي كونهيا
نجسية ،والميتية بجمييع أجزائهيا التيي تقبيل الحياة ،وكذلك الخنزيير
بجميييع أجزائه التييي تقبييل الحياة .واختلف فييي النتفاع بشعره،
فأجازه ابيين القاسييم ومنييه أصييبغ .وأمييا القسييم الثانييي وهييي
النجاسيات التيي تدعيو الضرورة إلى اسيتعمالها كالرجييع والزبيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الذي يتخيذ فيي البسياتين ،فاختلف فيي بيعهيا فيي المذهيب فقييل
بمنعهيا مطلقيا ،وقييل بإجازتهيا مطلقيا ،وقييل بالفرق بيين العذرة
والزبيل :أعنيي إباحية الزبيل ومنيع العذرة .واختلفوا فيميا يتخيذ مين
أنياب الفييل لختلفهيم هيل هيو نجيس أم ل؟ فمين رأى أنيه ناب
جعله ميتية ،ومين رأى أنيه قرن معكوس جعيل حكميه حكيم القرن،
والخلف فيه في المذهب .وأما ما حرم بيعه مما ليس بنجس أو
مختلف فيي نجاسيته ،فمنهيا الكلب والسينور .أميا الكلب فاختلفوا
فييي بيعييه ،فقال الشافعييي :ل يجوز بيييع الكلب أصييل .وقال أبييو
حنيفية :يجوز ذلك .وفرق أصيحاب مالك بيين كلب الماشيية والزرع
المأذون في اتخاذه وبين ما ل يجوز اتخاذه ،فاتفقوا على أن ما ل
يجوز اتخاذه ل يجوز بيعييه للنتفاع بييه وإمسيياكه .فأمييا ميين أراده
للكل فاختلفوا فيه ،فمن أجاز أكله أجاز بيعه ،ومن لم يجزه على
روايية ابين حيبيب لم يجيز بيعيه .واختلفوا أيضيا فيي المأذون فيي
اتخاذه ،فقيييل هييو حرام ،وقيييل مكروه .فأمييا الشافعييي فعمدتييه
شيئان :أحدهمييا ثبوت النهييي الوارد عيين ثميين الكلب عيين النييبي
صييلى الله عليييه وسييلم .والثانييي أن الكلب عنده نجييس العييين
كالخنزيير ،وقيد ذكرنيا دليله فيي ذلك فيي كتاب الطهارة .وأميا مين
أجاز فعمدتييه أنييه طاهيير العييين غييير محرم الكييل ،فجاز بيعييه
كالشياء الطاهرة العيييين ،وقيييد تقدم أيضيييا فيييي كتاب الطهارة
اسيتدلل مين رأى أنيه طاهير العيين ،وفيي كتاب الطعمية اسيتدلل
من رأى أنه حلل .ومن فرق أيضا فعمدته أنه غير مباح للكل ول
مباح النتفاع به ،إل ما استثناه الحديث من كلب الماشية أو كلب
الزرع وميا فيي معناه ،وروييت أحادييث غيير مشهورة اقترن فيهيا
بالنهي من ثمن الكلب استثناء أثمان الكلب المباحة التخاذ .وأما
النهيي عين ثمين السينور فثابيت ،ولكين الجمهور على إباحتيه لنيه
طاهير العيين مباح المنافيع .فسيبب اختلفهيم فيي الكلب تعارض
الدلة .وميين هذا الباب اختلفهييم فييي بيييع الزيييت النجييس ومييا
ضارعييه بعييد اتفاقهييم على تحريييم أكله ،فقال مالك :ل يجوز بيييع
الزيت النجس ،وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة :يجوز إذا بين،
وبيه قال ابين وهيب مين أصيحاب مالك .وحجية مين حرميه حدييث
جابر المتقدم "أنيه سيمع رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عام
الفتييح يقول :إن الله ورسييوله حرمييا الخميير والميتيية والخنزييير".
وعمدة من أجازه :أنه إذا كان في الشيء أكثر من منفعة واحدة
وحرم منيه واحدة مين تلك المنافيع أنيه لييس يلزميه أن يحرم منيه
سييائر المنافييع ،ول سيييما إذا كانييت الحاجيية إلى المنفعيية غييير
المحرمية كالحاجية إلى المحرمية ،فإذا كان الصيل هذا يخرج منيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الول :فيي معرفية الشياء التيي ل يجوز فيهيا التفاضيل ،ول يجوز
فيهيا الن َّيساء ،وتيبين علة ذلك .الثانيي :معرفية الشياء التيي يجوز
فيهيا التفاضيل ول يجوز فيهيا الن َّيساء .الثالث :فيي معرفية ميا يجوز
فيه المران جميعا .الرابع :فيي معرفية ما يعيد صنفا واحدا مما ل
يعد صنفا واحدا.
**4الفصيل الول .فيي معرفية الشياء التيي ل يجوز فيهيا التفاضيل
ول يجوز فيها النَّساء وتبيين علة ذلك .فنقول:
@-أجمييع العلماء على أن التفاضييل والن ّييَساء ممييا ل يجوز واحييد
منهما في الصنف الواحد من الصناف التي نص عليها في حديث
عبادة بن الصامت ،إل ما حكي عن ابن عباس ،وحديث عبادة هو
قال "سيمعت رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ينهيي عين بييع
الذهييب بالذهييب والفضيية بالفضيية والبر بالبر والشعييير بالشعييير
والتمير بالتمير والملح بالملح إل سيواء بسيواء عينيا بعيين ،فمين زاد
أو ازداد فقييد أربييى" فهذا الحديييث نييص فييي منييع التفاضييل فييي
الصنف الواحد من هذه العيان.
وأميا منيع الن َّيسيئة فيهيا فثابيت مين غيير ميا حدييث ،أشهرهيا حدييث
عميير بيين الخطاب قال :قال رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم
"الذهيب بالذهيب ربيا ،إل هاء وهاء ،والبر بالبر ربيا إل هاء وهاء
والتمر بالتمر ربا إل هاء وهاء ،والشعير بالشعير ربا إل هاء وهاء"
فتضمين حدييث عبادة منيع التفاضيل فيي الصينف الواحيد ،وتضمين
أيضييا حديييث عبادة منييع الن ّيَساء فييي الصيينفين ميين هذه ،وإباحيية
التفاضيل ،وذلك فيي بعيض الروايات الصيحيحة ،وذلك أن فيهيا بعيد
ذكره منيع التفاضيل فيي تلك السيتة "وبيعوا الذهيب بالورق كييف
شئتيم يدا بييد والبر بالشعيير كييف شئتيم يدا بييد" وهذا كله متفيق
عليه بين الفقهاء إل البر بالشعير.
واختلفوا فيما سوى هذه الستة المنصوص عليها ،فقال قوم منهم
أهييل الظاهيير :إنمييا يمتنييع التفاضييل فييي صيينف صيينف ميين هذه
الصناف الستة ف قط ،وأن ما عداها ل يمتنع الصنف الواحد منها
التفاضل ،وقال هؤلء أيضا :إن الن َّساء ممتنع في هذه الستة أيضا
فقيط اتفقيت الصيناف أو اختلفيت ،وهذا أمير متفيق علييه :أعنيي
امتناع الن َّساء فيها مع اختلف الصناف ،إل ما حكي عن ابن علية
أنه قال :إذا اختلف الصنفان جاز التفاضل والنسيئة ما عدا الذهب
والفضة.
فهؤلء جعلوا النهييي المتعلق بأعيان هذه السييتة ميين باب الخاص
أريد به الخاص.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا الجمهور مين فقهاء المصيار ،فإنهيم اتفقوا على أنيه مين باب
الخاص أريد به العام.
واختلفوا فيي المعنيى العام الذي وقيع التنيبيه علييه بهذه الصيناف:
أعني في مفهوم علة التفاضل ومنع النَّساء فيها.
فالذي استقر عليه حذاق المالكية أن سبب منع التفاضل أما في
الربعية ،فالصينف الواحيد مين المدخير المقتات ،وقيد قييل الصينف
الواحيد المدخير وإن لم يكين مقتاتيا ومين شرط الدخار عندهيم أن
يكون فيي الكثير ،وقال بعيض أصيحابه :الربيا فيي الصينف المدخير
وإن كان نادر الدخار.
وأميا العلة عندهيم فيي منيع التفاضيل فيي الذهيب والفضية فهيو
الصينف الواحيد أيضيا ميع كونهميا رءوسيا للثمان وقيميا للمتلفات،
وهذه العلة هيي التيي تعرف عندهيم بالقاصيرة ،لنهيا غيير موجودة
عندهم في غير الذهب والفضة.
وأميا علة منيع الن َّيساء عنيد المالكيية فيي الربعية المنصيوص عليهيا
فهيييو الطعيييم والدخار دون اتفاق الصييينف ،ولذلك إذا اختلفيييت
أصينافها جاز عندهيم التفاضيل دون النسييئة ،ولذلك يجوز التفاضيل
عندهيم فيي المطعومات التيي ليسيت مدخرة :أعنيي فيي الصينف
الواحد منها ،ول يجوز النَّساء.
أميا جواز التفاضيل ،فلكونهيا ليسيت مدخرة ،وقيد قييل إن الدخار
شرط في تحريم التفاضل في الصنف الواحد.
وأمييا منييع الن ّ يَساء فيهييا فلكونهييا مطعوميية مدخرة ،وقييد قلنييا إن
الطعم بإطلق علة لمنع النَّساء في المطعومات.
وأميا الشافعيية فعلة منيع التفاضيل عندهيم فيي هذه الربعية هيو
الطعم فقط مع اتفاق الصنف الواحد.
وأما علة النَّساء فالطعم دون اعتبار الصنف مثل قول مالك.
وأميا الحنفيية فعلة منيع التفاضيل عندهيم فيي السيتة واحدة وهيو
الكيييل أو الوزن مييع اتفاق الصيينف ،وعلة الن ّييَساء فيهييا اختلف
الصيينف مييا عدا النحاس والذهييب ،فإن الجماع انعقييد على أنييه
يجوز فيهيا الن َّيساء ،ووافيق الشافعيي مالكيا فيي علة منيع التفاضيل
والن ّيَساء فييي الذهييب والفضيية ،أعنييي أن كونهمييا رءوسييا للثمان
وقيميا للمتلفات هيو عندهيم علة منيع النسييئة إذا اختلف الصينف،
فإذا اتفقيا منيع التفاضيل ،والحنفيية تعتيبر فيي المكييل قدرا يتأتيى
فيه الكيل ،وسيأتي أحكام الدنانير والدراهم بما يخصها في كتاب
الصرف ،وأما هاهنا فالمقصود هو تبيين مذاهب الفقهاء في علل
الربا المطلق في هذه الشياء ،وذكر عمدة دليل كل فريق منهم،
فنقول :إن الذيين قصيروا صينف الربيا على هذه الصيناف السيتة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فهييم أحييد صيينفين :إمييا قوم نفوا القياس فييي الشرع :أعنييي
اسيتنباط العلل مين اللفاظ وهيم الظاهريية ،وإميا قوم نفوا قياس
الشبيه وذلك أن جمييع مين ألحيق المسيكوت ههنيا بالمنطوق بيه،
فإنميا ألحقيه بقياس الشبيه ل بقياس العلة ،إل ميا حكيي عين ابين
الماجشون أنيه اعتيبر فيي ذلك الماليية وقال :علة منيع الربيا إنميا
هي حياطة الموال ،يريد منع العين.
وأمييا القاضييي أبييو بكيير الباقلنييي فلمييا كان قياس الشبييه عنده
ضعيفيييا ،وكان قياس المعنيييى عنده أقوى منيييه اعتيييبر فيييي هذا
الموضيع قياس المعنيى ،إذ لم يتأت له قياس علة ،فألحيق الزبييب
فقط بهذه الصناف الربعة ،لنه زعم أنه في معنى التمر ،ولكل
واحيد مين هؤلء :أعنيي مين القائسيين دلييل فيي اسيتنباط الشبيه
الذي اعتييبره فييي إلحاق المسييكوت عنييه بالمنطوق بييه ميين هذه
الربعة.
وأميا الشافعيية فإنهيم قالوا فيي تثيبيت علتهيم الشبهيية :إن الحكيم
إذا علق باسيم مشتيق دل على أن ذلك المعنيى الذي اشتيق منيه
السييم هييو علة الحكييم مثييل قوله تعالى (والسييارق والسييارقة
فاقطعوا أيديهما) فلما علق الحكم بالسم المشتق وهو السارق
علم أن الحكم متعلق بنفس السرقة.
قالوا :وإذا كان هذا هكذا ،وكان قيد جاء مين حدييث سيعيد بين عبيد
الله أنه قال :كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"الطعام بالطعام مثل بمثل" فمن البين أن الطعم هو الذي علق
به الحكم.
وأما المالكية فإنها زادت على الطعم إما صفة واحدة وهو الدخار
على ميا فيي الموطيأ ،وإميا صيفتين وهيو الدخار والقتيات على ميا
اختاره البغداديون ،وتمسيكت فيي اسيتنباط هذه العلة بأنيه لو كان
المقصيود هيو الطعيم وحده لكتفيى بالتنيبيه على ذلك بالنيص على
واحد من تلك الربعة أصناف المذكورة ،فلما ذكر منها عددا علم
أنيه قصيد بكيل واحيد منهيا التنيبيه على مافيي معناه ،وهيي كلهيا
يجمعها القتيات والدخار.
أميا البر والشعيير فنبيه بهميا على أصيناف الحبوب المدخرة ،ونبيه
بالتمييير على جمييييع أنواع الحلوات المدخرة كالسيييكر والعسيييل
والزبيب ،ونبه بالملح على جميع التوابل المدخرة لصلح الطعام،
وأيضا فإنهم قالوا :لما كان معقول المعنى في الربا إنما هو أن ل
يغبين بعيض الناس بعضيا وأن تحفيظ أموالهيم ،فواجيب أن يكون
ذلك في أصول المعايش وهي القوات.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا الدينار والدرهيم فعلة المنيع فيهيا أظهير إذ كانيت هذه لييس
المقصيود منهيا الربيح ،وإنميا المقصيود بهيا تقديير الشياء التيي لهيا
منافع ضرورية.
روى مالك عن سعيد بن المسيب أنه كان يعتبر في علة الربا في
هذه الصييناف الكيييل والطعييم ،وهييو معنييى جيييد لكون الطعييم
ضروريييا فييي أقوات الناس ،فإنييه يشبييه أن يكون حفييظ العييين
وحفظ السرف فيما هو قوت أهم منه فيما ليس هو قوتا.
وقيد روي عين بعيض التابعيين أنيه اعتيبر فيي الربيا الجناس التيي
تجب فيها الزكاة ،وعن بعضهم النتفاع مطلقا????????
:أعني المالية ،وهو مذهب ابن الماجشون.
**4الفصيل الثانيي .فيي معرفية الشياء التيي يجوز فيهيا التفاضيل
ول يجوز فيها النَّساء.
@-فيجب من هذا أن تكون علة امتناع النسيئة في الربويات هي
الطعيم عنيد مالك والشافعيي .وأميا فيي غيير الربويات مميا لييس
بمطعوم ،فإن علة منيع النسييئة فييه عنيد مالك هيو الصينف الواحيد
المتفق المنافع مع التفاضل ،وليس عند الشافعي نسيئة في غير
الربويات .وأميا أبيو حنيفية فعلة منيع الن َّيساء عنده هيو الكييل فيي
الربويات وفيي غيير الربويات الصينف الواحيد متفاضل كان أو غيير
متفاضيل ،وقيد يظهير مين ابين القاسيم عين مالك أنيه يمنيع النسييئة
في هذه ،لنه عنده من باب السلف الذي يجر منفعة.
**4الفصل الثالث في معرفة ما يجوز فيه المران جميعا.
@-وأما ما يجوز فيه المران جميعا :أعني التفاضل والن َّساء ،فما
لم يكن ربويا عند الشافعي .وأما عند مالك فما لم يكن ربويا ول
كان صينفا واحدا متماثل أو صينفا واحدا بإطلق على مذهيب أبيي
حنيفيية ،ومالك يعتييبر فييي الصيينف المؤثيير فييي التفاضييل فييي
الربويات ،وفي الن َّساء في غير الربويات اتفاق المنافع واختلفها،
فإذا اختلفيت جعلهيا صينفين ،وإن كان السيم واحدا ،وأبيو حنيفية
يعتيبر السيم وكذلك الشافعيي ،وإن كان الشافعيي لييس الصينف
عنده مؤثرا إل فيي الربويات فقيط :أعنيي أنيه يمنيع التفاضيل فييه،
ولييس هيو عنده علة للن َّيساء أصيل ،فهذا هيو تحصييل مذاهيب هؤلء
الفقهاء الثلثة في هذه الفصول الثلث .فأما الشياء التي ل تجوز
فيهيا النسييئة فإنهيا قسيمان :منهيا ميا ل يجوز فيهيا التفاضيل وقيد
تقدم ذكرهيا ،ومنهيا ميا يجوز فيهيا التفاضيل .فأميا الشياء التيي ل
يجوز فيها التفاضل فعلة امتناع النسيئة فيها هو الطعم عند مالك
وعنيد الشافعيي الطعيم فقيط ،وعنيد أبيي حنيفية مطعومات الكييل
والوزن ،فإذا اقترن بالطعييم اتفاق الصيينف حرم التفاضييل عنييد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشافعي ،وإذا اقترن وصف ثالث وهو الدخار حرم التفاضل عند
مالك ،وإذا اختلف الصيينف جاز التفاضييل وحرمييت النسيييئة .وأمييا
الشياء التي ليس يحرم التفاضل فيها عند مالك فإنها صنفان :إما
مطعومية ،وإميا غيير مطعومية .فأميا المطعومية فالن َّيساء عنده ل
يجوز فيهيا ،وعلة المنيع الطعيم؛ وأميا غيير المطعومية فإنيه ل يجوز
فيها الن َّساء عنده فيما اتفقت منافعه مع التفاضل ،فل يجوز عنده
شاة واحدة بشاتين إلى أجل إل أن تكون إحداهما حلوبة والخرى
أكولة ،هذا هيو المشهور عنيه؛ وقيد قييل إنيه يعتيبر اتفاق المنافيع
دون التفاضييل فعلى هذا ل يجوز عنده شاة حلوبيية بشاة حلوبيية
إلى أجييل .فأمييا إذا اختلفييت المنافييع فالتفاضييل والنسيييئة عنده
جائزان وإن كان الصيينف واحدا؛ وقيييل يعتييبر اتفاق السييماء مييع
اتفاق المنافع ،والشهر أن ل يعتبر؛ وقد قيل يعتبر .وأما أبو حنيفة
فالمعتيبر عنده فيي منيع الن ّيَساء ميا عدا التيي ل يجوز عنده فيهيا
التفاضيل هيو اتفاق الصينف اتفقيت المنافيع أو اختلفيت ،فل يجوز
عنده شاة بشاة ول بشاتييين نسيييئة وإن اختلفييت منافعهييا .وأمييا
الشافعي فكل ما ل يجوز التفاضل عنده في الصنف الواحد يجوز
فييه الن َّيساء ،فيجييز شاة بشاتيين نسييئة ونقدا ،وكذلك شاة بشاة،
ودلييل الشافعيي حدييث عمرو بين العاص "أن رسيول الله صيلى
الله علييييه وسيييلم أمره أن يأخيييذ فيييي قلئص الصيييدقة البعيييير
بالبعيرين إلى الصدقة" قالوا فهذا التفاضل في الجنس الواحد مع
الن َّيساء .وأميا الحنفيية فاحتجيت بحدييث الحسين عين سيمرة "أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان"
قالوا :وهذا يدل على تأثير الجنس على النفراد في النسيئة .وأما
مالك فعمدتييه فييي مراعاة منييع الن ّيَساء عنييد اتفاق الغراض سييد
الذريعية ،وذلك أنيه ل فائدة فيي ذلك إل أن يكون مين باب سيلف
يجر نفعا وهو يحرم ،وقد قيل عنه إنه أصل بنفسه ،وقد قيل عن
الكوفييين إنيه ل يجوز بييع الحيوان بالحيوان نسييئة اختلف الجنيس
أو اتفيق على ظاهير حدييث سيمرة ،فكأن الشافعيي ذهيب مذهيب
الترجييح لحدييث عمرو بين العاص ،والحنفيية لحدييث سيمرة ميع
التأوييييييل له ،لن ظاهره يقتضيييييي أن ل يجوز الحيوان بالحيوان
نسييئة اتفيق الجنيس أو اختلف ،وكأن مالكيا ذهيب مذهيب الجميع،
فحمييل حديييث سييمرة على اتفاق الغراض ،وحديييث عمرو بيين
العاص على اختلفهيا ،وسيماع الحسين مين سيمرة مختلف فييه،
ولكين صيححه الترمذي ،ويشهيد لمالك ميا رواه الترمذي عين جابر
قال :قال رسيييول الله صيييلى الله علييييه وسيييلم "الحيوان اثنان
بواحد ،ل يصلح الن َّساء ول بأس به يدا بيد" وقال ابن المنذر :ثبت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
"أن رسيييول الله صيييلى الله علييييه وسيييلم اشترى عبدا بعبديييين
أسيودين ،واشترى جاريية بسيبعة أرؤس" وعلى هذا الحدييث يكون
بييع الحيوان بالحيوان يشبيه أن يكون أصيل بنفسيه ل مين قبيل سيد
ذريعة .واختلفوا فيما ل يجوز بيعه ن َّساء ،هل من شرطه التقابض
فييي المجلس قبييل الفتراق سييائر الربويات بعييد اتفاقهييم فييي
اشتراط ذلك في المصارفة لقوله عليه الصلة والسلم "ل تبيعوا
منهيا غائبيا بناجيز" فمين شرط فيهيا التقابيض فيي المجلس شبههيا
بالصرف ،ومن لم يشترط ذلك قال :إن القبض قبل التفرق ليس
شرطيا فيي البيوع إل ميا قام الدلييل علييه ،ولميا قام الدلييل على
الصرف فقط بقيت سائر الربويات على الصل.
**4الفصل الرابع في معرفة ما يعد صنفا واحدا ،وما ل يعد صنفا
واحدا.
@-واختلفوا مين هذا الباب فيميا يعيد صينفا واحدا وهيو المؤثير فيي
التفاضل مما ل يعد صنفا واحدا في مسائل كثيرة ،لكن نذكر منها
أشهرهيا ،وكذلك اختلفوا فيي صيفات الصينف الواحيد المؤثير فيي
التفاضييل ،هييل ميين شرطييه أن ل يختلف بالجودة والرداءة ،ول
باليبس والرطوبة؟ فأما اختلفهم فيما يعد صنفا واحدا مما ل يعد
صنفا واحدا ،فمن ذلك القمح والشعير ،صار قوتا إلى أنهما صنف
واحييييد ،وصييييار آخرون إلى أنهمييييا صيييينفان ،فبالول قال مالك
والوزاعييي ،وحكاه مالك فييي الموطييأ عيين سييعيد بيين المسيييب؛
وبالثانيي قال الشافعيي وأبيو حنيفية ،وعمدتهميا السيماع والقياس.
أمييا السييماع فقوله صييلى الله عليييه وسييلم "ل تييبيعوا البر بالبر
والشعيير بالشعير إل مثل بمثل" فجعله ما صنفين ،وأيضا فإن فيي
بعض طرق حديث عبادة بن الصامت "وبيعوا الذهب بالفضة كيف
شئتيم ،والبر بالشعيير كييف شئتيم ،والملح بالتمير كييف شئتيم يدا
بيييد" ذكره عبييد الرزاق ووكيييع عيين الثوري ،وصييحح هذه الزيادة
الترمذي .وأمييا القياس فلنهمييا اختلفييت أسييماؤهما ومنافعهمييا،
فوجييب أن يكونييا يكونييا صيينفين ،أصييله الفضيية والذهييب وسييائر
الشياء المختلفة في السم والمنفعة .وأما عمدة مالك فإنه عمل
سييلفه بالمدينيية .وأمييا أصييحابه فاعتمدوا فييي ذلك أيضييا السييماع
والقياس .أميا السيماع فميا روي أن النيبي علييه الصيلة والسيلم
قال "الطعام بالطعام مثل بمثيل" فقالوا :اسيم الطعام يتناول البر
والشعيير وهذا ضعييف ،فإن هذا عام يفسيره الحادييث الصيحيحة.
وأمييا ميين طريييق القياس فإنهييم عددوا كثيرا ميين اتفاقهمييا فييي
المنافيع ،والمتفقية المنافيع ل يجوز التفاضيل فيهيا باتفاق ،والسيلت
عنيد مالك والشعيير صينف واحيد ،وأميا القطيية فإنهيا عنده صينف
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحيد فيي الزكاة ،وعنيه فيي البيوع روايتان :إحداهميا أنهيا صينف
واحد ،والخرى أنها أصناف .وسبب الخلف تعارض اتفاق المنافع
فيهيا واختلفهيا ،فمين غلب التفاق قال :صينف واحيد ،ومين غلب
الختلف قال :صنفان أو أصناف ،والرز والدخن والجاورس عنده
صنف واحد.
@(-مسألة) واختلفوا من هذا الباب في الصنف الواحد من اللحم
الذي ل يجوز فيييه التفاضييل ،فقال مالك :اللحوم ثلثيية أصييناف:
فلحيم ذوات الربيع صينف ،ولحيم ذوات الماء صينف ،ولحيم الطيير
كله صينف واحيد أيضيا ،وهذه الثلثية الصيناف مختلفية يجوز فيهيا
التفاضيل .وقال أبيو حنيفية :كيل واحيد مين هذه هيو أنواع كثيرة،
والتفاضيل فييه جائز إل فيي النوع الواحيد بعينيه .وللشافعيي قولن:
أحدهما مثل قول أبي حنيفة ،والخر أن جميعها صنف واحد .وأبو
حنيفة يجيز لحم الغنم بالبقر متفاضل ،ومالك ل يجيزه ،والشافعي
ل يجيز بيع لحم الطير بلحم الغنم متفاضل ،ومالك يجيزه .وعمدة
الشافعي قوله عليه الصلة والسلم "الطعام بالطعام مثل بمثل"
ولنهييا إذا فارقتهييا الحياة زالت الصييفات التييي كانييت بهييا تختلف،
ويتناولهيييا اسيييم اللحيييم تناول واحدا .وعمدة المالكيييية أن هذه
الجناس مختلفية ،فوجيب أن يكون لحمهيا مختلفيا .والحنفيية تعتيبر
الختلف الذي فيي الجنيس الواحيد مين هذه وتقول :إن الختلف
الذي بين النواع التي في الحيوان ،أعني في الجنس الواحد منه
كأنيييك قلت الطائر هيييو وزان الختلف الذي بيييين التمييير والبر
والشعييير .وبالجملة فكييل طائفيية تدعييي أن وزان الختلف الذي
بين الشياء المنصوص عليها الذي تراه في اللحم ،والحنفية أقوى
من جهة المعنى ،لن تحريم التفاضل إنما هو عند اتفاق المنفعة.
@(-مسألة) واختلفوا من هذا الباب في بيع الحيوان بالميت على
ثلثة أقوال :قول إنه ل يجوز بإطلق ،وهو قول الشافعي والليث؛
وقول إنيه يجوز فيي الجناس المختلفية التيي يجوز فيهيا التفاضيل،
ول يجوز ذلك في المتفقة :أعني الربوية لمكان الجهل الذي فيها
مين طرييق التفاضيل ،وذلك فيي التيي المقصيود منهيا الكيل ،وهيو
قول مالك ،فل يجوز شاة مذبوحيية بشاة تراد للكييل ،وذلك عنده
فييي الحيوان المأكول ،حتييى أنييه ل يجيييز الحييي بالحييي إذا كان
المقصيود الكيل مين أحدهميا ،فهيي عنده مين هذا الباب ،أعنيي أن
امتناع ذلك عنده مين جهية الربيا والمزابنية؛ وقول ثالث إنيه يجوز
مطلقيا ،وبيه قال أبيو حنيفية .وسيبب الخلف معارضية الصيول فيي
هذا الباب لمرسيل سيعيد بين المسييب ،وذلك أن مالكيا روى عين
زييد بين أسيلم عين سيعيد بين المسييب "أن رسيول الله صيلى الله
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
علييه وسيلم نهيى عين بييع الحيوان باللحيم" فمين لم تنقدح عنده
معارضة هذا الحديث لصل من أصول البيوع التي توجب التحريم
قال به .ومن رأى أن الصول معارضة له وجب عليه أحد أمرين:
إمييا أن يغلب الحديييث فيجعله أصييل زائدا بنفسييه أو يرده لمكان
معارضية الصيول له .فالشافعيي غلب الحدييث وأبيو حنيفية غلب
الصيول ،ومالك رده إلى أصيوله فيي البيوع ،فجعيل البييع فييه مين
باب الربييا ،أعنييي بيييع الشيييء الربوي بأصييله ،مثييل بيييع الزيييت
بالزيتون وسييييأتي الكلم على هذا الصيييل ،فإنيييه الذي يعرفيييه
الفقهاء بالمزابنية ،وهيي داخلة فيي الربيا بجهية ،وفيي الغرر بجهية،
وذلك أنهيا ممنوعية فيي الربويات مين جهية الربيا والغرر ،وفيي غيير
الربويات ميين جهيية الغرر فقييط الذي سييببه الجهييل بالخارج عيين
الصل.
@(-مسيألة) ومين هذا الباب اختلفهيم فيي بييع الدقييق بالحنطية
مثل بمثل ،فالشهر عن مالك جوازه ،وهو قول مالك في موطئه،
وروي عنييه أنييه ل يجوز ،وهييو قول الشافعييي وأبييي حنيفيية وابيين
الماجشون من أصحاب مالك؛ وقال بعض أصحاب مالك :ليس هو
اختلفا من قوله ،وإنما رواية المنع إذا كان اعتبار المثلية بالكيل،
لن الطعام إذا صيييار دقيقيييا اختلف كيله ،وروايييية الجواز إذا كان
العتبار بالوزن .وأما أبو حنيفة فالمنع عنده في ذلك من قبل أن
أحدهميا مكييل والخير موزون .ومالك يعتيبر الكييل أو الوزن فيميا
جرت العادة أن يكال أو يوزن ،والعدد فيميييييييا ل يكال ول يوزن.
واختلفوا مين هذا الباب فيميا تدخله الصينعة مميا أصيله منيع الربيا
فيه مثل الخبز بالخبز ،فقال أبو حنيفة :ل بأس ببيع ذلك متفاضل
ومتماثل ،لنيه قيد خرج بالصينعة عين الجنيس الذي فييه الربيا ،وقال
الشافعييي :ل يجوز متماثل فضل عيين متفاضييل ،لنييه قييد غيرتييه
الصيينعة تغيرا جهلت بييه مقاديره التييي تعتييبر فيهييا المماثلة .وأمييا
مالك فالشهر في الخبز عنده أنه يجوز متماثل ،وقد قيل فيه أنه
يجوز فييه التفاضيل والتسياوي .وأميا العجيين بالعجيين فجائز عنده
مع المماثلة .وسبب الخلف هل الصنعة تنقله من جنس الربويات
أو ليس تنقله ،وإن لم تنقله فهل تمكن المماثلة فيه أو ل تمكن؟
فقال أبيو حنيفية :تنقله ،وقال مالك والشافعيي :ل تنقله .واختلفوا
فيي إمكان المماثلة فيهميا ،فكان مالك يجييز اعتبار المماثلة فيي
الخبيز واللحيم بالتقديير والحزر فضل عين الوزن .وأميا إذا كان أحيد
الربويين لم تدخله صنعة والخر قد دخلته الصنعة ،فإن مالكا يرى
فيي كثيير منهيا أن الصينعة تنقله مين الجنيس :أعنيي مين أن يكون
جنسيا واحدا فيجييز فيهيا التفاضيل ،وفيي بعضهيا لييس يرى ذلك،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
@-وههنيا شيء يعرض للمتبايعين إذا قال أحده ما للخير بزيادة أو
نقصيان ،وللمتبايعيين إذا اشترى أحدهميا مين صياحبه الشييء الذي
باعيه بزيادة أو نقصيان وهيو أن يتصيور بينهميا مين غيير قصيد إلى
ذلك تباييع ربوي ،مثيل أن ييبيع إنسيان مين إنسيان سيلعة بعشرة
دنانير نقدا ثم يشتريها منه بعشرين إلى أجل ،فإذا أضيفت البيعة
الثانية إلى الولى استقر المر على أن أحدهما دفع عشرة دنانير
فيي عشريين إلى أجيل ،وهذا هيو الذي يعرف بيبيوع الجال .فنذكير
مين ذلك مسيألة فيي القالة ،ومسيألة مين بيوع الجال إذ كان هذا
الكتاب لييس المقصيود بيه التفرييع ،وإنميا المقصيود فييه تحصييل
الصول.
@(-مسيألة) لم يختلفوا أن مين باع شيئا ميا كأنيك قلت عبدا بمائة
دينار مثل إلى أجيل ،ثيم ندم البائع فسيأل المبتاع أن يصيرف إلييه
مييبيعه ويدفييع إليييه عشرة دنانييير مثل نقدا أو إلى أجييل ،أن ذلك
يجوز وأنيييه ل بأس بذلك ،وأن القالة عندهيييم إذا دخلتهيييا الزيادة
والنقصان هي بيع مستأنف ،ول حرج في أن يبيع النسان الشيء
بثمين ثيم يشترييه بأكثير منيه ،لنيه فيي هذه المسيألة اشترى منيه
البائع الول العبييد الذي باعييه بالمائة التييي وجبييت له وبالعشرة
مثاقيل التي زادها نقدا أو إلى أجل ،وكذلك ل خلف بينهم لو كان
البيع بمائة دينار إلى أجل والعشرة مثاقيل نقدا أو إلى أجل .وأما
إن ندم المشتري فيي هذه المسيألة وسيأل القالة على أن يعطيي
البائع العشرة المثاقيييل نقدا أو إلى أجييل أبعييد ميين الجييل الذي
وجبييييت فيييييه المائة ،فهنييييا اختلفوا ،فقال مالك؛ ل يجوز ،وقال
الشافعيي :يجوز؛ ووجيه ماكره مين ذلك مالك أن ذلك ذريعية إلى
قصد بيع الذهب بالذهب إلى أجل وإلى بيع ذهب وعرض بذهب،
لن المشتري دفيع العشرة مثاقييل والعبيد فيي المائة دينار التيي
علييه ،وأيضيا يدخله بييع وسيلف كأن المشتري باعيه العبيد بتسيعين
وأسييلفه عشرة إلى الجييل الذي يجييب عليييه قبضهييا ميين نفسييه
لنفسيه .وأميا الشافعيي فهذا عنده كله جائز لنيه شراء مسيتأنف،
ول فرق عنده بيين هذه المسيألة وبيين أن تكون لرجيل على رجيل
مائة دينار مؤجلة ،فيشتري منيه غلميا بالتسيعين دينارا التيي علييه
ويتعجيل له عشرة دنانيير ،وذلك جائز بإجماع .قال :وحميل الناس
على التهييم ل يجوز .وأمييا إن كان البيييع الول نقدا فل خلف فييي
جواز ذلك ،لنيه لييس يدخله بييع ذهيب بذهيب نسييئة ،إل أن مالكيا
كره ذلك لمين هيو مين أهيل العينية :أعنيي الذي يدايين الناس ،لنيه
عنده ذريعة لسلف في أكثر منه يتوصلن إليه بما أظهرا من البيع
ميين غييير أن تكون له حقيقيية .وأمييا البيوع التييي يعرفوهييا بييبيوع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجال ،فهيي أن ييبيع الرجيل سيلعة بثمين إلى أجيل ثيم يشتريهيا
بثمن آخر إلى أجل آخر أو نقدا.
( وهنا تسع مسائل إذا لم تكن هناك زيادة عرض اختلف منها في
مسيئلتين واتفيق فيي الباقيي) وذلك أنيه مين باع شيئا إلى أجيل ثيم
اشتراه ،فإمييا أن يشتريييه إلى ذلك الجييل بعينييه أو قبله أو بعده،
وفيي كيل واحيد مين هذه الثلثية إميا أن يشترييه بمثيل الثمين الذي
باعيه بيه منيه ،وإميا بأقيل ،وإميا بأكثير يختلف مين ذلك فيي اثنتيين؛
وهو أن يشتريها قبل ال جل نقدا بأقل من الثمن أو إلى أبعد من
ذلك الجل بأكثر من ذلك الثمن .فعند مالك وجمهور أهل المدينة
أن ذلك ل يجوز .وقال الشافعيي وداود وأبيو ثور يجوز ،فمين منعيه
فوجيه منعيه اعتبار البييع الثانيي بالبييع الول ،فاتهميه أن يكون إنميا
قصد دفع الدنانير في أكثر منها إلى أجل ،وهو الربا المنهي عنه
فزور لذلك هذه الصييورة ليتصييل بهييا إلى الحرام مثييل أن يقول
قائل لخير :أسيلفني عشرة دنانيير إلى شهير وأرد إلييك عشريين
دينارا ،فيقول :هذا ل يجوز ،ولكين أبييع منيك هذا الحمار بعشريين
إلى شهير ،ثيم أشترييه منيك بعشرة نقدا .وأميا فيي الوجوه الباقيية
فليس يتهم فيها لنه إن أعطى أكثر من الثمن في أقل من ذلك
الجل لم يتهم ،وكذلك إن اشتراها بأقل من ذلك الثمن إلى أبعد
ميين ذلك الجييل ،وميين الحجيية لميين رأى هذا الرأي حديييث أبييي
العالية عن عائشة أنها سمعتها وقد قالت لها امرأة كانت أم ولد
لزيد بن أرقم :يا أم المؤمنين إني بعت من زيد عبدا إلى العطاء
بثمانمائة فاحتاج إلى ثمنييه فاشتريتيييه منييه قبيييل محييل الجييل
بسيتمائة ،فقالت عائشية :بئسيما شرييت ،وبئسيما اشترييت ،أبلغيي
زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
لم يتيب ،قالت :أرأييت إن تركيت وأخذت السيتمائة دينار؟ قالت:
نعيم {فمين جاءه موعظية مين ربيه فانتهيى فله ميا سيلف} وقال
الشافعيي وأصيحابه :ل يثبيت حدييث عائشية ،وأيضيا فإن زيدا قيد
خالفهيا ،وإذا اختلفيت الصيحابة فمذهبنيا القياس ،وروي مثيل قول
الشافعي عن ابن عمر .وأما إذا حدث بالمبيع نقص عند المشتري
الول ،فإن الثوري وجماعيية ميين الكوفيييين أجازوا لبائعييه بالنظرة
أن يشتريه نقدا بأقل من ذلك الثمن وعن مالك في ذلك روايتان،
والصييور التييي يعتبرهييا مالك فييي الذرائع فييي هذه البيوع هييي أن
يتذرع منهيا إلى :أنظرنيي أزدك ،أو إلى بييع ميا ل يجوز متفاضل ،أو
بييع ميا ل يجوز ن َيساء ،أو إلى بييع أو سيلف ،أو إلى ذهيب وعرض
بذهب أو إلى :ضع وتعجل ،أو بيع الطعام قبل أن يستوفي ،أو بيع
أو صيرف ،فإن هذه هيي أصيول الربيا .ومين هذا الباب اختلفهيم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيمين باع طعاميا بطعام قبيل أن يقبضيه ،فمنعيه مالك وأبيو حنيفية
وجماعية ،وأجازه الشافعيي والثوري والوزاعيي وجماعية .وحجية
من كرهه أنه شبيه ببيع الطعام بالطعام ن َساء ،ومن أجازه لم ير
ذلك فييه اعتبارا بترك القصيد إلى ذلك .ومين ذلك اختلفهيم فيمين
اشترى طعاما بثمن إلى أجل معلوم ،فلما حل الجل لم يكن عند
البائع طعام يدفعييه إليييه ،فاشترى ميين المشتري طعامييا بثميين
يدفعييه إليييه مكان طعامييه الذي وجييب له فأجاز ذلك الشافعييي
وقال :ل فرق بيييين أن يشتري الطعام مييين غيييير المشتري الذي
وجيب له علييه أو مين المشتري نفسيه؛ ومنيع مين ذلك مالك ورآه
من الذريعة إلى بيع الطعام قبل أن يستوفي ،لنه رد إليه الطعام
الذي كان ترتب في ذمته ،فيكون قد باعه منه قبل أن يستوفيه.
وصيورة الذريعية فيي ذلك أن يشتري رجيل مين آخير طعاميا إلى
أجيل معلوم ،فإذا حيل الجيل قال الذي علييه الطعام :لييس عندي
طعام ،ولكين أشتري منيك الطعام الذي وجيب لك علي ،فقال هذا
ل يصيح لنيه بييع الطعام قبيل أن يسيتوفي فيقول له :فبيع طعاميا
مني وأرده عليك ،فيعرض من ذلك ما ذكرناه ،أعني أن يرد عليه
ذلك الطعام الذي أخيذ منيه ويبقيى الثمين المدفوع إنميا هيو ثمين
الطعام الذي هو في ذمته.
وأميا الشافعيي فل يعتيبر التهيم كميا قلنيا وإنميا يراعيي فيميا يحيل
ويحرم من البيوع ما اشترطا وذكراه بألسنتهما وظهر من فعلهما
لجماع العلماء على أنيه إذا قال أبي عك هذه الدراهيم بدراهيم مثلهيا
وأنظرك بهيييا حول أو شهرا أنيييه ل يجوز ،ولو قال له :أسيييلفني
دراهييم وأمهلنييي بهيا حول أو شهرا جاز ،فليييس بينهمييا إل اختلف
لفيظ البييع وقصيده ولفيظ القصيد وقرضيه ،ولميا كانيت أصيول الربيا
كمييا قلنييا خمسيية :أنظرنييي أزدك ،والتفاضييل ،والنسيياء ،وضييع
وتعجيل ،وبييع الطعام قبيل قبضيه ،فإنيه يظين أنيه مين هذا الباب إذ
فاعيل ذلك يدفيع دنانيير ويأخيذ أكثير منهيا مين غيير تكلف فعيل ول
ضمان يتلق بذمته ،فينبغي أن نذكر ههنا هذين الصلين .أما :ضع
وتعجل فأجازه ابن عباس من الصحابة وزفر من فقهاء المصار،
ومنعيه جماعية منهيم ابين عمير مين الصيحابة ومالك وأبيو حنيفية
والثوري وجماعية مين فقهاء المصيار ،واختلف قول الشافعيي فيي
ذلك ،فأجاز مالك وجمهور ميين ينكيير :ضييع وتعجييل ،أن يتعجييل
الرجيل فيي دينيه المؤجيل عرضيا يأخذه وإن كانيت قيمتيه أقيل مين
دينييه .وعمدة ميين لم يجييز :ضييع وتعجييل أنييه شييبيه بالزيادة مييع
النظرة المجتميع على تحريمهيا ،ووجيه شبهيه بهيا أنيه جعيل للزمان
مقدارا من الثمن بدل منه في الموضعين جميعا ،وذلك أنه هنالك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لمييا زاد له فييي الزمان زاد له عرضييه ثمنييا ،وهنييا لمييا حييط عنييه
الزمان حط عنه في مقابلته ثمنا .وعمدة من أجازه ما روي عن
ابين عباس "أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم لميا أمير بإخراج بنيي
النضيير جاءه ناس منهيم فقالوا :ييا نيبي الله إنيك أمرت بإخراجنيا
ولنيا على الناس ديون لم تحيل ،فقال رسيول الله صيلى الله علييه
وسلم :ضعوا وتعجلوا" فسبب الخلف معارضة قياس الشبه لهذا
الحديث.
وأميا بييع الطعام قبيل قبضيه ،فإن العلماء مجمعون على منيع ذلك
إل مييا يحكييى عيين عثمان البتييي .وإنمييا أجمييع العلماء على ذلك
لثبوت النهييي عنييه عيين رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ميين
حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى
الله عليييه وسييلم قال "مين ابتاع طعامييا فل يبعييه حتييى يقبضييه".
واختلف مين هذه المسيألة فيي ثلثية مواضيع أحدهيا :فيميا يشترط
فييه القبيض من الميبيعات .والثانيي :فيي السيتفادات التيي يشترط
في بيعها القبض من التي ل يشترط .والثالث :في الفرق بين ما
يباع من الطعام مكيل وجزافا ،ففيه ثلثة فصول:
**4الفصل الول فيما يشترط فيه القبض من المبيعات.
@-وأميا بييع ميا سيوى الطعام قبيل القبيض فل خلف فيي مذهيب
مالك فييي إجازتييه وأمييا الطعام الربوي فل خلف فييي مذهبييه أن
القبيض شرط فيي بيعيه .وأميا غيير الربوي مين الطعام فعنيه فيي
ذلك روايتان :إحداهميا المنيع وهيي الشهير ،وبهيا قال أحميد وأبيو
ثور ،إل أنهميا اشترطيا ميع الطعيم الكييل والوزن .والروايية الخرى
الجواز .وأميا أبيو حنيفية فالقبيض عنده شرط فيي كيل ميبيع ميا عدا
الميييبيعات التيييي ل تنتقيييل ول تحول مييين الدور والعقار .وأميييا
الشافعي فإن القبض عنده شرط في كل مبيع ،وبه قال الثوري،
وهييو مروي عيين جابر بيين عبييد الله وابيين عباس .وقال أبييو عبيييد
وإسيحاق :كيل شييء ل يكال ول يوزن فل بأس بيبيعه قبيل قبضيه،
فاشترط هؤلء القبض في المكيل والموزون ،وبه قال ابن حبيب
وعبد العزيز ابن أبي سلمة وربيعة ،وزاد هؤلء مع الكيل والوزن
المعدود ،فيتحصيل فيي اشتراط القبيض سيبعة أقوال :الول :فيي
الطعام الربوي فقييط .والثانييي :فييي الطعام بإطلق .الثالث :فييي
الطعام المكيل والموزون .الرابع :في كل شيء ينقل .الخامس:
فيي كيل شييء .السيادس :فيي المكييل والموزون .السيابع :فيي
المكيييل والموزون والمعدود .أمييا عمدة مالك فييي منعييه مييا عدا
المنصوص عليه فدليل الخطاب في الحديث المتقدم .وأما عمدة
الشافعيي فيي تعمييم ذلك فيي كيل بييع فعموم قوله علييه الصيلة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ذكرنيا أنهيا غيير جائزة فييي المذهيب :أعنيي إذا تقارا على الثمين
الذي يأخيذ بيه السيلعة قبيل شرائهيا .وأميا الديين بالديين ،فأجميع
المسييلمون على منعييه .واختلفوا فييي مسييائل هييل هييي منييه أم
ليست منه؟ مثل ما كان ابن القاسم ل يجيز أن يأخذ الرجل من
غريميه فيي ديين له علييه تمرا قيد بدا صيلحه ول سيكنى دار ول
جاريية تتواضيع ،ويراه مين باب الديين بالديين .وكان أشهيب يجييز
ذلك ويقول :لييس هذا مين باب الديين بالديين ،وإنميا الديين بالديين
مييا لم يشرع فييي أخييذ شيييء منييه ،وهييو قياس عنييد كثييير ميين
المالكيين ،وهو قول الشافعي وأبي حنيفة .ومما أجازه مالك من
هذا الباب وخالفه فيه جمهور العلماء ما قاله في المدونة من أن
الناس كانوا ييييبيعون اللحيييم بسيييعر معلوم والثمييين إلى العطاء،
فيأخذ المبتاع كل يوم وزنا معلوما قال :ولم ير الناس بذلك بأسا،
وكذلك كل ما يبتع ( )1في السواق ،وروى ابن القاسم أن ذلك ل
يجوز إل فيما خشي عليه من الفساد من الفواكه إذا أخذ جميعه.
وأميا القميح وشبهيه فل ،فهذه هيي أصيول هذا الباب ،وهذا الباب
كله إنمييا حرم فييي الشرع لمكان الغبيين الذي يكون طوعييا وعيين
علم.
----------
("[ )1يبتع" :الصل غير واضح ،فليتنبه .دار الحديث]
----------
**3الباب الثالث[ .فيي البيوع المنهيي عنهيا مين قبيل الغبين الذي
سببه الغرر]
@-وهيي البيوع المنهيي عنهيا مين قبيل الغبين الذي سيببه الغرر،
والغرر يوجيد فيي الميبيعات مين جهية الجهيل على أوجيه :إميا مين
جهية الجهيل بتعييين المعقود علييه ،أو تعييين العقيد ،أو مين جهية
الجهيل بوصيف الثمين والمثمون الميبيع ،أو بقدره أو بأجله إن كان
هنالك أجيل ،وإميا مين جهية الجهيل بوجوده أو تعذر القدرة علييه،
وهذا راجع إلى تعذر التسليم ،وإما من جهة الجهل بسلمته :أعني
بقاءه ،وههنييا بيوع تجمييع أكثيير هذه أو بعضهييا ،وميين البيوع التييي
توجيييد فيهيييا هذه الضروب مييين الغرر بيوع منطوق بهيييا وبيوع
مسكوت عنها ،والمنطوق به أكثره متفق عليه ،وإنما يختلف في
شرح أسييمائها ،والمسييكوت عنييه مختلف فيييه .ونحيين نذكيير أول
المنطوق بيه فيي الشرع ،وميا يتعلق بيه مين الفقيه ،ثيم نذكير بعيد
ذلك مين المسيكوت عنيه ميا شهير الخلف فييه بيين فقهاء المصيار
ليكون كالقانون فيييي نفيييس الفقيييه :أعنيييي فيييي رد الفروع إلى
الصول .فأما المنطوق به في الشرع فمنه "نهيه صلى الله عليه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن تكون بعد أن تزهى أو قبل أن تزهى ،وقد قلنا إن ذلك ل يخلو
أن يكون بيعا مطلقا أو بيعا بشرط القطع أو بشرط التبقية .فأما
بيعهيا قبيل الزهيو بشرط القطيع فل خلف فيي جوازه إل ميا روي
عن الثوري وابن أبي ليلى من منع ذلك ،وهي رواية ضعيفة .وأما
بيعهيا قبيل الزهيو بشرط التبقيية فل خلف فيي أنيه ل يجوز إل ميا
ذكره اللخميي مين جوازه تخريجيا على المذهيب .وأميا بيعهيا قبيل
الزهيو مطلقيا ،فاختلف فيي ذلك فقهاء المصيار ،فجمهورهيم على
أنييه ل يجوز :مالك والشافعييي وأحمييد وإسييحاق والليييث والثوري
وغيرهيم .وقال أبيو حنيفية :يجوز ذلك إل أنيه يلزم المشتري عنده
فييه القطيع ل مين جهية ميا هيو بييع ميا لم يره بيل مين جهية أن ذلك
شرط عنده في بيع الثمر على ما سيأتي بعد.
أميا دلييل الجمهور على منيع بيعهيا مطلقيا قبيل الزهيو ،فالحدييث
الثابيت عين ابين عمير "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم نهيى
عن بيع الثمار حتى يبدو صلحها ،نهى البائع والمشتري" فعلم أن
ميا بعيد الغايية بخلف ميا قبيل الغايية ،وأن هذا النهيي يتناول البييع
المطلق بشرط التبقيية ،ولميا ظهير للجمهور أن المعنيى فيي هذا
خوف ميا يصييب الثمار الجائحية غالبيا قبيل أن تزهيى لقوله علييه
الصلة والسلم في حديث أنس بن مالك بعد نهيه عن بيع الثمرة
قبييل الزهييو "أرأيييت إن منييع الله الثمرة فبييم يأخييذ أحدكييم مال
أخيييه؟" لم يحمييل العلماء النهييي فييي هذا على الطلق :أعنييي
النهيي عين البييع قبيل الزهاء بيل رأى أن معنيى النهيي هيو بيعيه
بشرط التبقيييية إلى الزهاء ،فأجازوا بيعهيييا قبيييل الزهاء بشرط
القطيع .واختلفوا إذا ورد البييع مطلقيا فيي هذه الحال هيل يحميل
على القطيع وهيو الجائز ،أو على التبقيية الممنوعية؟ فمين حميل
الطلق على التبقيييية ،أو رأى أن النهيييي يتناوله بعموميييه قال :ل
يجوز؛ ومن حمله على القطع قال :يجوز ،والمشهور عن مالك أن
الطلق محمول على التبقييية ،وقييد قيييل عنييه إنييه محمول على
القطييع .وأمييا الكوفيون فحجتهييم فييي بيييع الثمار مطلقييا قبييل أن
تزهييى حديييث ابيين عميير الثابييت أن رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم قال "مين باع نخل قيد أبرت فثمرتهيا للبائع إل أن يشترطهيا
المبتاع" قالوا :فلميييا جاز أن يشترطيييه المبتاع جاز بيعيييه مفردا،
وحملوا الحدييث الوارد بالنهيي عين بييع الثمار قبيل أن تزهيى على
الندب ،واحتجوا لذلك بما روي عن زيد بن ثابت قال" :كان الناس
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار قبل أن
يبدو صيلحها ،فإذا جيد الناس وحضير تقاضيهيم قال المبتاع :أصياب
الثمير الزمان أصيابه ميا أضير بيه قشام ومراض لعاهات يذكرونهيا،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فلما كثرت خصومتهم عند النبي قال كالمشورة يشير بها عليهم:
ل تيبيعوا الثمير حتيى يبدو صيلحها" وربميا قالوا :إن المعنيى الذي
دل علييه الحدييث فيي قوله "حتيى يبدو صيلحه" هيو ظهور الثمرة
بدليل قوله علييه الصلة والسيلم "أرأييت إن منع الله الثمرة فبيم
يأخذ أحدكم مال أخيه؟"
وقيد كان يجيب على مين قال مين الكوفييين بهذا القول ولم يكين
يرى رأي أبو حنيفة في أن من ضرورة بيع الثمار القطع أن يجيز
بييع الثمير قبيل بدو صيلحها على شرط التبقيية ،فالجمهور يحملون
جواز بيع الثمار بالشرط قبل الزهاء على الخصوص :أعني إذا بيع
الثمير ميع الصيل .وأميا شراء الثمير مطلقيا بعيد الزهيو فل خلف
فيييه ،والطلق فيييه عنييد جمهور فقهاء المصييار يقتضييي التبقييية،
بدليييل قوله عليييه الصييلة والسييلم "أرأيييت إن منييع الله الثمرة"
الحدييث .ووجيه الدلييل منيه أن الجوائح إنميا تطرأ فيي الكثير على
الثمار قبيل بدو الصيلح ،وأميا بعيد بدو الصيلح فل تظهير إل قليل،
ولو لم يجييب فييي المييبيع بشرط التبقييية لم يكيين هنالك جائحيية
تتوقيع ،وكان هذا الشرط باطل .وأميا الحنفيية فل يجوز عندهيم بييع
الثميير بشرط التبقييية ،والطلق عندهييم كمييا قلنييا محمول على
القطع ،وهو خلف مفهوم الحديث ،وحجتهم أن نفس بيع الشيء
يقتضيي تسيليمه وإل لحقيه الغرر ،ولذلك لم يجيز أن تباع العيان
إلى أجيل .والجمهور على أن بييع الثمار مسيتثنى مين بييع العيان
إلى أجل لكون الث مر ليس يمكن أن ييبس كله دفعة ،فالكوفيون
خالفوا الجمهور فيي بييع الثمار فيي موضعيين :أحدهميا فيي جواز
بيعها قبل أن تزهى.
والثانييي فييي منييع تبقيتهييا بالشرط بعييد الزهاء أو بمطلق العقييد،
وخلفهم في الموضع الول أقوى من خلفهم في الموضع الثاني:
أعني في شرط القطع وإن أزهى ،وإنما كان خلفهم في الموضع
الول أقرب ،لنه من باب الجمع بين حديثي ابن عمر المتقدمين،
لن ذلك أيضيا مروي عين عمير بين الخطاب وابين الزبيير ،وأميا بدو
الصيلح الذي جوز رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم البييع بعده،
فهيو أن يصيفر فييه البسير ويسيود فييه العنيب إن كان مميا يسيود،
وبالجملة أن تظهير فيي الثمير صيفة الطييب ،هذا هيو قول جماعية
فقهاء المصار لما رواه مالك عن حميد عن أنس "أنه صلى الله
عليه وسلم سئل عن قوله حتى يزهى ،فقال :حتى يحمر" وروي
عنيه علييه الصيلة والسيلم "أنيه نهيى عين بييع العنيب حتيى يسيود،
والحب حتى يشتد" وكان زيد بن ثابت في رواية مالك عنه ل يبيع
ثماره حتييى تطلع الثريييا ،وذلك لثنتييي عشرة ليلة خلت ميين أيار
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وهيو ماييو ،وهيو قول ابين عمير أيضيا "سيئل عين قول رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم إنيه نهيى عين بييع الثمار حتيى تنجيو مين
العاهات ،فقال عبيد الله بين عمير :ذلك وقيت طلوع الثرييا" وروي
عين أبيي هريرة عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "إذا طلع
النجيم صيباحا رفعيت العاهات عين أهيل البلد" وروى ابين القاسيم
عيين مالك أنييه ل بأس أن يباع الحائط وإن لم يزه إذا أزهييى مييا
حوله ميين الحيطان إذا كان الزمان قييد أمنييت فيييه العاهيية ،يريييد
{والله أعلم} طلوع الثريا ،إل أن المشهور عنه أنه ل يباع حائط
حتى يبدو فيه الزهو ،وقد قيل إنه ل يعتبر مع الزهاء طلوع الثريا.
فالمحصيل فيي بدو الصيلح للعلماء ثلثية أقوال :قول إنيه الزهاء،
وهيو المشهور ،وقول إنيه طلوع الثرييا ،وإن لم يكين فيي الحائط
فيي حيين البييع إزهاء؛ وقول :المران جميعيا .وعلى المشهور مين
اعتبار الزهاء يقول مالك إنييه إذا كان فييي الحائط الواحييد بعينييه
أجناس من الثمر مختلفة الطيب لم يبع كل صنف منها إل بظهور
الطيب فيه ،وخالفه في ذلك الليث.
وأمييا النواع المتقاربيية الطيييب فيجوز عنده بيييع بعضهييا بطيييب
البعيض ،وبدو الصيلح المعتيبر عين مالك فيي الصينف الواحيد مين
الثميير هييو وجود الزهاء فييي بعضييه ل فييي كله إذا لك يكيين ذلك
الزهاء مبكرا فيي بعضيه تبكيرا يتراخيى عنيه البعيض بيل إذا كان
متتابعا ،لن الوقت الذي تنجو الثمرة فيه في الغالب من العاهات
هيو إذا بدا الطييب فيي الثمرة ابتداء متناسيقا غيير منقطيع .وعنيد
مالك أنيه إذا بدا الطييب فيي نخلة بسيتان جاز بيعيه وبييع البسياتين
المجاورة له إذا كان نخيييل البسييياتين مييين جنيييس واحيييد .وقال
الشافعيي :ل يجوز إل بييع نخيل البسيتان الذي يظهير فييه الطييب
ف قط .ومالك اعتبر الوقت الذي تؤمن فيه العاهة إذا كان الوقت
واحدا للنوع الواحيد .والشافعيي اعتيبر نقصيان خلقية الثمير ،وذلك
أنه إذا لم يطب كان من بيع ما لم يخلق ،وذلك أمن صفة الطيب
فيه وهيي مشتراة لم تخلق بعيد ،لكين هذا ك ما قال ل يشترط فيي
كيل الثمرة بيل فيي بعيض ثمرة جنية واحدة ،وهذا لم يقيل بيه أحيد،
فهذا هو مشهور ما اختلفوا فيه من بيع الثمار.
ومين المسيموع الذي اختلفوا فييه من هذا الباب ميا جاء عنيه علييه
الصيلة والسيلم مين النهيي عين بييع السينبل حتيى ييبيض والعنيب
حتيى يسيود ،وذلك أن العلماء اتفقوا على أنيه ل يجوز بييع الحنطية
فيي سينبلها دون السينبل ،لنيه بييع ميا لم تعلم صيفته ول كثرتيه.
واختلفوا فييي بيييع السيينبل نفسييه مييع الحييب ،فجوز ذلك جمهور
العلماء :مالك وأبييو حنيفيية وأهييل المدينيية وأهييل الكوفيية؛ وقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشافعييي :ل يجوز بيييع السيينبل نفسييه وإن اشتييد ،لنييه ميين باب
الغرر وقياسا على بيعه مخلوطا بتبنه بعد الدرس .وحجة الجمهور
شيئان :الثر والقياس :فأما الثر فما روي عن نافع عن ابن عمر
أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم نهيى عين بييع النخييل حتيى
تزهييى ،وعيين السيينبل حتييى تيبييض وتأميين العاهيية ،نهييي البائع
والمشتري" وهييي زيادة على مييا رواه مالك ميين هذا الحديييث،
والزيادة إذا كانيت مين الثقية مقبولة وروي عين الشافعيي أنيه لميا
وصيلته هذه الزيادة رجيع عين قوله ،وذلك أنيه ل يصيح عنده قياس
ميع وجود الحدييث .وأميا بييع السينبل إذا أفرك ولم يشتيد فل يجوز
عند مالك إل على القطع .وأما بيع السنبل غير محصود ،فقيل عن
مالك يجوز ،وقييل ل يجوز ،إل إذا كان فيي حزميه .وأميا بيعيه فيي
تبنييه بعييد الدرس فل يجوز بل خلف فيمييا أحسييب ،هذا إذا كان
جزافييا ،فأمييا إذا كان مكيل فجائز عنييد مالك ،ول أعرف فيييه قول
لغيره واختلف الذيين أجازوا بييع السينبل إذا طاب على مين يكون
حصييياده ودرسيييه؛ فقال الكوفيون :على البائع حتيييى يعمله حبيييا
للمشتري؛ وقال غيرهم :هو على المشتري.
ومين هذا الباب ميا ثبيت "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
نهى عن بيعتين في بيعة" وذلك من حديث ابن عمر وحديث ابن
مسعود وأبي هريرة ،قال أبو عمر :وكلها من نفل العدول ،فاتفق
الفقهاء على القول بموجييب هذا الحديييث عمومييا؛ واختلفوا فييي
التفصيل ،أعني في الصورة التي ينطلق عليها السم من التي ل
ينطلق عليهييا واتفقوا أيضييا على بعضهييا ،وذلك يتصييور على ثلثية
وجوه :أحدها إما في مثمونين بثمنين ،أو مثمون واحد بثمنين ،أو
مثمونييين بثميين واحييد على أن أحييد البيعييين قييد لزم .أمييا فييي
مثمونيين بثمنيين ،فإن ذلك يتصيور على وجهيين :أحدهميا أن يقول
له :أبيعيك هذه السيلعة بثمين كذا على أن تيبيعني هذه الدار بثمين
كذا؛ والثانييييي أن يقول له :أبيعييييك هذه السييييلعة بدينار أو هذه
الخرى بديناريين .وأميا بييع مثمون واحيد بثمنيين ،فإن ذلك يتصيور
أيضييا على وجهييين :أحدهمييا أن يكون أحييد الثمنييين نقدا والخيير
نسيئة ،مثل أن يقول له :أبيعك هذا الثوب نقدا بثمن كذا على أن
أشترييه منيك إلى أجيل كذا بثمين كذا ،وأميا مثمونان بثمين واحيد،
فمثل أن يقول له :أبيعك أحد هذين بثمن كذا ،فأ ما الوجه الول،
وهو أن يقول له :أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلم
بكذا ،فنييص الشافعييي على أنييه ل يجوز ،لن الثميين فييي كليهمييا
يكون مجهول ،لنه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما
على الثمن الذي اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(يتبع)...
@(تابييع- :)1 ...وهييي البيوع المنهييي عنهييا ميين قبييل الغبيين الذي
سببه الغرر ،والغرر يوجد في... ...
وأصيل الشافعيي فيي رد بيعتيين فيي بيعية إنميا هيو جهيل الثمين أو
المثمون .وأميا الوجيه الثانيي ،وهيو أن يقول :أبيعيك هذه السيلعة
بدينار أو هذه الخرى بديناريين على أن البييع قيد لزم فيي أحدهميا
فل يجوز عنيد الجمييع ،وسيواء كان النقيد واحدا أو مختلفيا؛ وخالف
عبد العزيز بن أبي سلمة في ذلك ،فأجازه إذا كان النقد زاحدا أو
مختلفيا ،وعلة منعيه عنيد الجمييع الجهيل؛ وعنيد مالك مين باب سيد
الذرائع لنه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين ،فيكون قد باع
ثوبيييا ودينارا بثوب ودينار ،وذلك ل يجوز على أصيييل مالك .وأميييا
الوجيييه الثالث ،وهيييو أن يقول له :أبيعيييك هذا الثوب نقدا بكذا أو
نسيييئة بكذا ،فهذا إذا كان البيييع فيييه واجبييا فل خلف فييي أنييه ل
يجوز ،وأمييا إذا لم يكيين البيييع لزمييا فييي إحدهمييا فأجازه مالك،
ومنعيه أبيو حنيفية والشافعيي ،لنهميا افترقيا على ثمين غيير معلوم؛
وجعله مالك مييين باب الخيار ،لنيييه إذا كان عنده على الخيار لم
يتصيور فييه ندم يوجيب تحوييل أحيد الثمنيين فيي الخير ،وهذا عنيد
مالك هو المانع ،فعلة امتناع هذا الوجه الثالث عند الشافعي وأبي
حنيفة من جهة جهل الثمن ،فهو عندهما من بيوع الغرر التي نهي
عنهيا؛ وعلة امتناعيه عنيد مالك سيد الذريعية الموجبية للربيا لمكان
أن يكون الذي له الخيار قييد اختار أول إنقاذ العقييد بأحييد الثمنييين
المؤجل أو المعجل ثم بدا له ولم يظهر ذلك ،فيكون قد ترك أحد
الثمنين للثمن الثاني ،فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني ،فيدخله ثمن
بثميين نسيييئة ،أو نسيييئة ومتفاضل ،وهذا كله إذا كان الثميين نقدا،
وإن كان الثميين غييير نقييد بييل طعامييا دخله وجييه آخيير ،وهييو بيييع
الطعام بالطعام متفاضل .وأميييا إذا قال :أشتري منيييك هذا الثوب
نقدا بكذا على أن تييبيعه منييي إلى أجييل ،فهييو عندهيييم ل يجوز
بإجماع ،لنه من باب العينة وهو بيع الرجل ما ليس عنده ،ويدخله
أيضيا علة جهيل الثمين .وأميا إذا قال له :أبيعيك أحدهذيين الثوبيين
بدينار وقد لزمه أحدهما أيهما اختار وافترقا قبل الخيار ،فإن كان
الثوبان مين صينفين وهميا مميا يجوز أن يسيلم أحدهميا فيي الثانيي
فإنييه ل خلف بييين مالك والشافعييي فييي أنييه ل يجوز؛ وقال عبييد
العزييز بين أبيي سيلمة :إنيه يجوز ،وعلة المنيع الجهيل والغرر .وأميا
إن كانا من صنف واحد فيجوز عند مالك ،ول يجوز عند أبي حنيفة
والشافعي؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأما مالك فإنه أجازه لنه يجيز الخيار بعد عقد البيع في الصناف
المسيتوية لقلة الغرر عنده فيي ذلك؛ وأميا مين ل يجيزه فتعتيبره
بالغرر الذي ل يجوز ،لنهميا افترقيا على بييع غيير معلوم .وبالجملة
فالفقهاء متفقون على أن الغرر الكثير في المبيعات ل يجوز ،وأن
القلييييل يجوز .ويختلفون فيييي أشياء مييين أنواع الغرر ،فبعضهيييم
بلحقهيييا بالغرر الكثيييير ،وبعضهيييم يلحقهيييا بالغرر القلييييل المباح
لترددهيا بيين القلييل والكثيير؛ فإذا قلنيا بالجواز على مذهيب مالك،
فقبيييض الثوبييين ميين المشتري على أن يختار فهلك أحدهمييا أو
أصيابه عييب فمين يصييبه ذلك؟ فقييل تكون المصييبة بينهميا ،وقييل
بييل يضمنييه كله المشتري ،إل أن تقوم البينيية على هلكييه؛ وقيييل
فرق فيي ذلك بيين الثياب وميا يغاب علييه وبيين ميا ل يغاب علييه
كالعبد فيضمن فيما يغاب عليه ول يضمن فيما ل يغاب عليه .وأما
هيل يلزميه أخيذ الباقيي؟ قييل يلزم ،وقييل ل يلزم ،وهذا يذكير فيي
أحكام البيوع .وينبغييييي أن نعلم أن المسييييائل الداخلة فييييي هذا
المعنيى هيي :أميا عنيد فقهاء المصيار فمين باب الغرر؛ وأميا عنيد
مالك فمنهيا ميا يكون عنده مين باب ذرائع الربيا ،ومنهيا ميا يكون
مين باب الغرر ،فهذه هيي المسيائل التيي تتعلق بالمنطوق بيه فيي
هذا الباب .وأما نهيه عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط ف هو وإن كان
سيببه الغرر فالشبيه أن نذكرهيا فيي الميبيعات الفاسيدة مين قبيل
الشروط.
@(-فصل) وأما المسائل المسكوت عنها في هذا الباب المختلف
فيهيا بيين فقهاء المصيار فكثيرة ،لكين نذكير منهيا أشهرهيا لتكون
كالقانون للمجتهد النظار.
@(-مسييألة) المييبيعات على نوعييين :مييبيع حاضيير مرئي ،فهذا ل
خلف في بيعه .ومبيع غائب أو متعذر الرؤية ،فهنا اختلف العلماء؛
فقال قوم :بييع الغائب ل يجوز بحال مين الحوال ل ميا وصيف ول
ميا لم يوصيف ،وهذا أشهير قولي الشافعيي وهيو المنصيوص عنيد
أصييحابه ،أعنييي أن بيييع الغائب على الصييفة ل يجوز؛ وقال مالك
وأكثير أهيل المدينية :يجوز بييع الغائب على الصيفة إذا كانيت غيبتيه
مما يؤمن أن تتغير فيه قبل القبض صفته؛ وقال أبو حنيفة :يجوز
بييع العيين الغائبية مين غيير صيفة ،ثيم له إذا رآهيا الخيار ،فإن شاء
أنفيذ البييع وإن شاء رده .وكذلك الميبيع على الصيفة مين شرطيه
عندهيم خيار الرؤيية وإن جاء على الصيفة؛ وعنيد مالك أنيه إذا جاء
على الصيفة فهيو لزم؛ وعنيد الشافعيي ل ينعقيد البييع أصيل فيي
الموضعين؛ وقد قيل في المذهب :يجوز بيع الغائب من غير صفة
على شرط الخيار خيار الرؤية ،وقع ذلك في المدونة ،وأنكره عبد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين الثمان يقوم مقام قبيض الواخير ،وهيو القياس عنيد كثيير مين
المالكيين ،وهو قول الشافعي وأبي حنيفة.
@(-مسيألة) أجميع فقهاء المصيار على بييع التمير الذي يثمير بطنيا
واحدا يطييب بعضيه وإن لم تطيب جملتيه معيا؛ واختلفوا فيميا يثمير
بطونيييا مختلفييية؛ وتحصييييل مذهيييب مالك فيييي ذلك أن البطون
المختل فة ل تخلو أن تتصل أو ل تتصل ،فإن لم تتصل لم يكن بيع
ميا لم يخلق منهيا داخل فيميا خلق كشجير التيين يوجيد فييه الباكور
والعصييير ،ثييم إن اتصييلت فل يخلو أن تتميييز البطون أو ل تتميييز،
فمثال المتمييز جيز القصييل الذي يجيز مدة بعيد مدة .ومثال غيير
المتمييز المباطيخ والمقاثيئ والباذنجان والقرع ،ففيي الذي يتمييز
عنيه وينفصيل روايتان :إحداهميا الجواز والخرى المنيع .وفيي الذي
يتصيل ول يتمييز قول واحيد وهيو الجواز ،وخالفيه الكوفيون وأحميد
وإسيحاق والشافعيي فيي هذا كله ،فقالوا :ل يجوز بييع بطين منهيا
بشرط بطين آخير .وحجية مالك فيميا ل يتمييز أنيه ل يمكين حبيس
أوله على آخره ،فجاز أن يباع ميا لم يخلق منهيا ميع ميا خلق وبدا
صيلحه ،أصيله جواز بييع ميا لم يطيب مين الثمير ميع ميا طاب ،لن
الغرر فيي الصيفة شبهيه بالغرر فيي عيين الشييء ،وكأنيه رأى أن
الرخصية ههنيا يجيب أن تقاس على الرخصية فيي بييع الثمار ،أعنيي
ميا طاب ميع ميا لم يطيب لموضيع الضرورة ،والصيل عنده أن مين
الغرر ما يجوز لموضع الضرورة ،ولذلك منع على إحدى الروايتين
عنده بيع القصيل بطنا أكثر من واحد لنه ل ضرورة هناك إذا كان
متميزا .وأما وجه الجواز في القصيل فتشبيها له بما ل يتميز وهو
ضعيف.
وأما الجمهور فإن هذا كله عندهم من بيع ما لم يخلق ،ومن باب
النهيي عين بييع الثمار معاومية .واللفيت والجزر والكرنيب جائز عنيد
مالك بيعيييه إذا بدا صيييلحه وهيييو اسيييتحقاقه للكيييل ،ولم يجزه
الشافعي إل مقلوعا ،لنه من باب بيع المغيب؛ ومن هذا الباب بيع
الجوز واللوز والباقل فييي قشره ،أجازه مالك ،ومنعييه الشافعييي.
والسيبب فيي اختلفهيم هيل هيو مين الغرر المؤثير فيي البيوع أم
ليييس ميين المؤثيير؟ وذلك أنهييم اتفقوا أن الغرر ينقسييم بهذييين
القسييمين ،وأن غييير المؤثيير هييو اليسييير أو الذي تدعييو إليييه
الضرورة ،أو ميا جميع المريين .ومين هذا الباب بييع السيمك فيي
الغديير أو البركة اختلفوا فيه أي ضا ،فقال أ بو حني فة :يجوز ،ومنعيه
مالك والشافعيي فيميا أحسيب ،وهيو الذي تقتضيي أصيوله .ومين
ذلك بييييع البيييق أجازه قوم بإطلق ،ومنعيييه قوم بإطلق ومنهيييم
الشافعيي؛ وقال مالك :إذا كان معلوم الصيفة معلوم الموضيع عنيد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القول ابيين أبييي شبرميية؛ وقال قوم :البيييع جائز والشرط باطييل،
وممين قال بهذا القول ابين أبيي ليلى؛ وقال أحميد :البييع جائز ميع
شرط واحد ،وأما مع شرطين فل ،فمن أبطل البيع والشرط أخذ
بعموم نهيه عن بيع وشرط ،ولعموم نهيه عن الثنيا؛ ومن أجازهما
جميعيا أخيذ بحدييث عمير الذي ذكير فييه البييع والشرط؛ ومين أجاز
البيييع وأبطييل الشرط أخييذ بعموم حديييث بريرة؛ وميين لم يجييز
الشرطيين وأجاز الواحيد احتيج بحدييث عمرو بين العاص خرجيه أبيو
داود قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ل يحيل سيلف
وبييع ،ول يجوز شرطان فيي بييع ،ول ربيح ميا لم تضمين ،ول بييع ميا
ليس هو عندك".
وأما مالك فالشروط عنده تنقسم ثلثة أقسام :شروط تبطل هي
والبييع معيا؛ وشروط تجوز هيي والبييع معيا؛ وشروط تبطيل ويثبيت
البيع؛ وقد يظن أن عنده قسما رابعا وهو أن من الشروط ما إن
تمسييك المشترط بشرطييه بطييل البيييع ،وإن تركييه جاز البيييع،
وإعطاء فروق بينية فيي مذهبيه بيين هذه الصيناف الربعية عسيير،
وقييد رام ذلك كثييير ميين الفقهاء ،وإنمييا هييي راجعيية إلى كثرة مييا
يتضمن الشروط من صنفي الفساد الذي يخل بصحة البيوع وهما
الربيا والغرر وإلى قلتيه وإلى التوسيط بيين ذلك ،أو إلى ميا يفييد
نقصيا فيي الملك فميا كان دخول هذه الشياء فييه كثيرا مين قبيل
الشرط أبطله وأبطل الشرط ،وما كان قليل أجازه وأجاز الشرط
فيهيا ،وميا كان متوسيطا أبطيل الشرط وأجاز البييع ،ويرى أصيحابه
أن مذهبيه هيو أولى المذاهيب ،إذ بمذهبيه تجتميع الحادييث كلهيا،
والجميع عندهيم أحسين مين الترجييح ،وللمتأخريين مين أصيحاب
مالك فيييي ذلك تفصييييلت متقاربييية ،وأحيييد مييين له ذلك جدي
والمازري والباجييي ،وتفصيييله فييي ذلك أنييه قال :إن الشرط فييي
الميبيع يقيع على ضربيين أوليين :أحدهميا أن يشترطيه بعيد انقضاء
الملك مثل من يبيع المة أو العبد ،ويشترط أنه متى عتق كان له
ولؤه دون المشتري ،فمثييل هذا قالوا :يصييح فيييه العقييد ويبطييل
الشرط لحديث بريرة.
والقسم الثاني أن يشترط عليه شرطا يقع في مدة الملك ،وهذا
قالوا :ينقسيم إلى ثلثية أقسيام :إميا أن يشترط فيي الميبيع منفعية
لنفسيه؛ وإميا أن يشترط على المشتري منعيا مين تصيرف عام أو
خاص؛ وإما أن يشترط إيقاع معنى في المبيع ،وهذا أيضا ينقسم
إلى قسيمين :أحدهميا أن يكون معنيى مين معانيي البر .والثانيي أن
يكون معنييى ليييس فيييه مين البر شيييء .فأميا إذا اشترط لنفسيه
منفعة يسيرة ل تعود بمنع التصرف في أصل المبيع ،مثل أن يبيع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيهيا مين الجهيل بصيفته وقلة الثقية بسيلمة خروجيه؛ ومين قال هيو
باق على ملك البائع أجاز ذلك؛ وتحصيييل مذهييب مالك فيميين باع
حيوانيا واسيتثنى بعضيه أن ذلك البعيض ل يخلو أن يكون شائعيا أو
معينيا أو مقدرا ،فإن كان شائعيا فل خلف فيي جوازه مثيل أن يبيع
عبدا إل ربعييه .وأمييا إن كان معينييا فل يخلو أن يكون مغيبييا مثييل
الجنييين ،أو يكون غييير مغيييب ،فإن كان مغيبييا فل يجوز ،وإن كان
غير مغيب كالرأس واليد والرجل ،فل يخلو الحيوان أن يكون مما
يستباح ذبحه أو ل يكون،
فإن كان مميا ل يسيتباح ذبحيه فإنيه ل يجوز ،لنيه ل يجوز أن ييبيع
أحيد غلميا ويسيتثني رجله ،لن حقيه غيير متمييز ول متبغيض وذلك
مميا ل خلف فييه ،وإن كان الحيوان مميا يسيتباح ذبحيه ،فإن باعيه
واسيتثنى منيه عضوا له قيمية بشرط الذبيح ،ففيي المذهيب فييه
قولن :أحدهما أنه ل يجوز وهو المشهور؛ والثاني يجوز ،وهو قول
ابن حبيب جوز بيع الشاة مع استثناء القوائم والرأس .وأما إذا لم
يكين للمسيتثنى قيمية فل خلف فيي جوازه فيي المذهيب ،ووجيه
قول مالك إنييه كان اسييتثناؤه بجلده فمييا تحييت الجلد مغيييب وإن
كان لم يسيتثنه بجلده فإنيه ل يدري بأي صيفة يخرج له بعيد كشيط
الجلد عنه .ووجه قول ابن حبيب أنه استثنى عضوا معينا معلوما،
فلم يضره ما عليه من الجلد أصله شراء الحب في سنبله والجوز
فيي قشره .وأميا إن كان المسيتثنى مين الحيوان بشرط الذبيح إميا
عرفيا وإميا ملفوطيا بيه جزءا مقدرا مثيل أرطال مين جزور ،فعين
مالك فيي ذلك روايتان :إحداهميا المنيع ،وهيي روايية ابين وهيب؛
والثانييية الجازة فييي الرطال اليسيييرة فقييط ،وهييي رواييية ابيين
القاسم .وأجمعوا من هذا الباب على جواز بيع الرجل ثمر حائطه
واسييتثناء نخلت معينات منييه قياسييا على جواز شرائهييا .واتفقوا
على أنه ل يجوز أن يستثنى من حائط له عدة نخلت غير معينات
إل بتعييين المشتري لهيا بعيد البييع ،لنيه بييع ميا لم يره المتبايعان.
واختلفوا فيي الرجيل ييبيع الحائط ويسيتثني منيه عدة نخلت بعيد
البيييع ،فمنعييه الجمهور لمكان اختلف صييفة النخيييل؛ وروي عيين
مالك إجازتييه؛ ومنييع ابيين القاسييم قوله فييي النخلت وأجازه فييي
اسيتثناء الغنيم .وكذلك اختلف قول مالك وابين القاسيم فيي شراء
نخلت معدودة مين حائطيه على أن يعينهيا بعيد الشراء المشتري
فأجازه مالك ومنعه ابن القاسم .وكذلك اختلفوا إذا استثنى البائع
مكيله ميين حائط؛ قال أبييو عميير بيين عبييد البر :فمنييع ذلك فقهاء
المصيار الذيين تدور الفتوى عليهيم ،وألفيت الكتاب على مذاهبهيم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الثنيا في البيع ،لنه استثناء مكيل
من جزاف؛
وأميا مالك وسيلفه مين أهيل المدينية فإنهيم أجازوا ذلك فيميا دون
الثلث ومنعوه فيميا فوقيه ،وحملوا النهيي على الثنييا على ميا فوق
الثلث ،وشبهوا بيييع مييا عدا المسييتثنى بييبيع الصييبرة التييي ل يعلم
مبلغ كيلهيا فتباع جزافيا ويسيتثنى منهيا كييل ميا ،وهذا الصيل أيضيا
مختلف فييه ،أعنيي إذا اسيتثنى منهيا كييل معلوم .واختلف العلماء
مين هذا الباب فيي بييع وإجارة معيا فيي عقيد واحيد ،فأجازه مالك
وأصيحابه ،ولم يجزه الكوفيون ول الشافعيي ،لن الثمين يرون أنيه
يكون حينئذ مجهول ،ومالك يقول :إذا كانيييت الجارة معلومييية لم
يكين الثمين مجهول ،وربميا رآه الذيين منعوه مين باب بيعتيين فيي
بيعة .وأجمعوا على أنه ل يجوز السلف أو البيع كما قلنا .واختلف
قول مالك فييي إجازة السييلف والشركيية ،فمرة أجاز ذلك ومرة
منعيه ،وهذه كلهيا اختلف العلماء فيهيا لختلفهيا بالقيل والكثير فيي
وجود علل المنييع فيهييا المنصييوص عليهييا ،فميين قويييت عنده علة
المنيع فيي مسيألة منهيا منعهيا ،ومين لم تقيو عنده أجازهيا ،وذلك
راجيع إلى ذوق المجتهيد ،لن هذه المواد يتجاذب القول فيهيا إلى
الضدين على السواء عند النظر فيها ،ولعل في أمثال هذه المواد
يكون القول بتصويب كل مجتهد صوابا ،ولهذا ذهب بعض العلماء
في أمثال هذه المسائل إلى التخيير.
**3الباب الخامييس فييي البيوع المنهييي عنهييا ميين أجييل الضرر
أوالغبن.
@-والمسيموع مين هذا الباب ميا يثبيت مين نهييه صيلى الله علييه
وسلم عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه ،وعن أن يسوم أحد على
سيوم أخييه ،ونهييه عين تلقيي الركبان ،ونهييه عين أن ييبيع حاضير
لباد ،ونهييه عين النجيش .وقيد اختلف العلماء فيي تفصييل معانيي
هذه الثار اختلفييا ليييس بمتباعييد ،فقال مالك :معنييى قوله عليييه
الصيلة والسيلم "ل يبيع بعضكيم على بييع بعيض" ومعنيى نهييه عين
أن يسيوم أحيد على سيوم أخييه واحيد ،وهيي فيي الحالة التيي إذا
ركين البائع فيهيا إلى السيائم ولم يبيق بينهميا إل شييء يسيير مثيل
اختيار الذهيب أو اشتراط العيوب أو البراءة منهيا ،وبمثيل تفسيير
مالك فسيير أبييو حنيفيية هذا الحديييث .وقال الثوري معنييى "ل يبييع
بعضكييم على بيييع بعييض" أن ل يطرأ رجييل آخيير على المتبايعييين
فيقول عندي خير من هذه السلعة ولم يحد وقت ركون ول غيره.
وقال الشافعي :معنى ذلك إذا تم البيع باللسان ولم يفترقا فأتى
أحيد يعرض علييه سيلعة له هيي خيير منهيا ،وهذا بناء على مذهبيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيييي أن البييييع إنميييا يلزم بالفتراق فهيييو ومالك متفقان على أن
النهيييي إنميييا يتناول حالة قرب لزوم البييييع ،ومختلفان فيييي هذه
الحالة ميا هيي لختلفهميا فيميا بيه يكون اللزوم فيي البييع على ميا
سينذكره بعيد ،وفقهاء المصيار على أن هذا البييع يكره ،وإن وقيع
مضيى لنيه سيوم على بييع لم يتيم؛ وقال داود وأصيحابه :إن وقيع
فسيخ فيي أي حالة وقيع تمسيكا بالعموم؛ وروي عين مالك وعين
بعيض أصيحابه فسيخه ميا لم يفيت؛ وأنكير ابين الماجشون ذلك فيي
البيييع فقال :وإنمييا قال بذلك مالك فييي النكاح ،وقييد تقدم ذلك.
واختلفوا فيي دخول الذميي فيي النهيي عين سيوم أحيد على سيوم
غيره ،فقال الجمهور :ل فرق فييي ذلك بييين الذمييي وغيره؛ وقال
الوزاعييي :لبأس بالسييوم على سييوم الذمييي لنييه ليييس بأخييي
المسلم ،وقد قال صلى الله عليه وسلم "ل يسم أحد على سوم
أخيييه" وميين ههنييا منييع قوم بيييع المزايدة وإن كان الجمهور على
جوازه .وسيبب الخلف بينهيم هيل يحميل هذا النهيي على الكراهية
أو على الحظير ،ثيم إذا حميل على الحظير فهيل يحميل على جمييع
الحوال ،أو في حالة دون حالة؟.
@(-فصل) وأما نهيه عن تلقي الركبان للبيع ،فاختلفوا في مفهوم
النهييي مييا هييو ،فرأى مالك أن المقصييود بذلك أهييل السييواق لئل
ينفرد المتلقيي برخيص السيلعة ،دون أهيل السيواق ،ورأى أنيه ل
يجوز أن يشتري أحييد سييلعة حتييى تدخييل السييوق ،هذا إذا كان
التلقي قريبا ،فإن كان بعيدا فل بأس به ،وحد القرب في المذهب
بنحيييو مييين سيييتة أميال ،ورأى أنيييه إذا وقيييع جاز ،ولكييين يشرك
المشتري أهل السواق في تلك السلعة التي من شأنها أن يكون
ذلك سيوقها .وأميا الشافعيي فقال إن المقصيود بالنهيي إنميا هيو
لجيل البائع لئل يغبنيه المتلقيي ،لن البائع يجهيل سيعر البلد ،وكان
يقول :إذا وقييع فرب السييلعة بالخيار إن شاء أنفييذ البيييع أو رده.
ومذهيب الشافعيي هيو نيص فيي حدييث أبيي هريرة الثابيت عين
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال علييه الصيلة والسيلم
"ل تتلقوا الجلب ،فمين تلقيى منيه شيئا فاشتراه فصياحبه بالخيار
إذا أتى السوق" خرجه مسلم وغيره.
@(-فصل) وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر للباد،
فاختلف العلماء فييي معنييى ذلك ،فقال قوم :ل يبييع أهييل الحضيير
لهل البادية قول واحدا .واختلف عنه في شراء الحضري للبدوي،
فمرة أجازه ،وبه قال ا بن حبيب؛ ومرة منعه ،وأهل الحضر عنده
هيم المصيار؛ وقيد قييل عنيه إنيه ل يجوز أن ييبيع أهيل القرى لهيل
العمود المنتقلييين ،وبمثييل قول مالك قال الشافعييي والوزاعييي؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أبيو حنيفية وأصيحابه :ل بأس أن ييبيع الحاضير للبادي ويخيبره
بالسييعر ،وكرهييه مالك ،أعنييي أن يخييبر الحضري البادي بالسييعر،
وأجازه الوزاعي .والذين منعوه اتفقوا على أن القصد بهذا النهي
هو إرفاق أهل الحضر ،لن الشياء عند أهل البادية أيسر من أهل
الحاضرة ،وهيي عندهيم أرخيص ،بيل أكثير ميا يكون مجانيا عندهيم:
أي بغيير ثمين ،فكأنهيم رأوا أنيه يكره أن ينصيح الحضري للبدوي،
وهذا مناقيض لقوله علييه الصيلة والسيلم "الديين النصييحة" وبهذا
تمسيك فيي جوازه أبيو حنيفية .وحجية الجمهور حدييث جابر خرجيه
مسيلم وأبيو داود قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ل
يييبيع حاضيير لباد ذروا الناس يرزق الله بعضهيم مين بعييض" وهذه
الزيادة انفرد بها أبو داود فيما أحسب ،والشبه أن يكون من باب
غبييين البدوي لنيييه يرد والسيييعر مجهول عنده ،إل أن تثبيييت هذه
الزيادة ،ويكون على هذا معنيى الحدييث معنيى النهيي عين تلقيي
الركبان على ميييا تأوله الشافعيييي وجاء فيييي الحدييييث الثابيييت.
واختلفوا إذا وقع فقال الشافعي :إذا وقع فقد تم وجاز البيع لقوله
علييه الصيلة والسيلم "دعوا الناس يرزق الله بعضهيم مين بعيض"
واختلف فييي هذا المعنييى أصييحاب مالك؛ فقال بعضهييم :يفسييخ؛
وقال بعضهم :ل يفسخ.
@(-فصيل) وأميا نهييه علييه الصيلة والسيلم عين النجيش ،فاتفيق
العلماء على منيع ذلك ،وأن النجيش هيو أن يزييد أحيد فيي سيلعة
وليييس فييي نفسييه شراؤهييا ،يريييد بذلك أن ينفييع البائع ويضيير
المشتري؛ واختلفوا إذا وقييع هذا البيييع ،فقال أهييل الظاهيير :هييو
فاسد؛ وقال مالك :هو كالعيب والمشتري بالخيار ،إن شاء أن يرد
رد ،وإن شاء أن يمسيك أمسيك؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :إن
وقييع أثييم وجاز البيييع .وسييبب الخلف هييل يتضميين النهييي فسيياد
المنهيي وإن كان النهيي لييس فيي نفيس الشييء بيل مين خارج؛
فمين قال يتضمين فسيخ البييع لم يجزه؛ ومين قال لييس يتضمين
أجازه .والجمهور على أن النهيي إذا ورد لمعنيى فيي المنهيي عنيه
أنيه يتضمين الفسياد مثيل النهيي عين الربيا والغرر ،وإذا ورد المير
من خارج لم يتضمن الفساد ،ويشبه أن يدخل في هذا الباب نهيه
علييه الصيلة والسيلم عين بييع الماء لقوله علييه الصيلة والسيلم
فيي بعيض ألفاظيه "إنيه نهيى عين بييع فضيل الماء ليمنيع بيه الكل"
وقال أبيو بكير بين المنذر :ثبيت "أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم نهيى عين بييع الماء ،ونهيى عين بييع فضيل الماء ليمنيع بيه
الكل" وقال :ل يمنييع وهييو بئر ول بيييع ماء .واختلف العلماء فييي
تأويل هذا النهي ،فحمله جماعة من العلماء على عمومه ،فقالوا:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ل يحييل بيييع الماء بحال كان ميين بئر أو غدييير أو عييين فييي أرض
مملكية أو غيير مملكية ،غيير أنيه إن كان متملكيا كان أحيق بمقدار
حاجتيه منيه ،وبيه قال يحييى بين يحييى قال :أربيع ل أرى أن يمنعين:
الماء ،والنار ،والحطييب ،والكل .وبعضهييم خصييص هذه الحاديييث
معارضة الصول لها ،وهو أنه ل يحل مال أحد إل بطيب نفس منه
كمييا قال عليييه الصييلة والسييلم وانعقييد عليييه الجماع ،والذييين
خصصوا هذا المعنى اختلفوا في جهة تخصيصه ،فقال قوم :معنى
ذلك أن البئر يكون بييين الشريكييين يسييقي هذا يومييا وهذا يومييا،
فيروي زرع أحدهمييا فييي بعييض يومييه ،ول يروي فييي اليوم الذي
لشريكه زرعه ،فيجب عليه أن ل يمنع شريكه من الماء بقية ذلك
اليوم .وقال بعضهييم :إنمييا تأويييل ذلك فييي الذي يزرع على مائه
فتنهار بئره ولجاره فضل ماء أنه ليس لجاره أن يمنعه فضل مائه
إلى أن ي صلح بئره ،والتأويلن قريبان ،ووجه التأويلين أنهم حملوا
المطلق فيي هذيين الحديثيين على المقييد وذلك أنيه نهيى عين بييع
الماء مطلقيا ،ثيم نهيى عين منيع فضيل الماء ،فحملوا المطلق فيي
هذا الحدييييث على المقييييد وقالوا :الفضيييل هيييو الممنوع فيييي
الحديثييين ،وأمييا مالك فأصييل مذهبييه أن الماء متييى كان متملكيية
منبعيه فهيو لصياحب الرض له بيعيه ومنعيه ،إل أن يرد علييه قوم ل
ثمييين معهيييم ويخاف عليهيييم الهلك ،وحميييل الحدييييث على آبار
الصحراء التي تتخذ في الرضين الغير متملكة ،فرأى أن صاحبها:
أعنييي الذي حفرهييا أولى بهييا ،فإذا روت ماشيتييه ترك الفضييل
للناس ،وكأنييييه رأى أن البئر ل تتملك بالحياء .وميييين هذا الباب
التفرقية بيين الوالدة وولدهيا ،وذلك أنهيم اتفقوا على منيع التفرقية
فيي الميبيع بيين الم وولدهيا ،لثبوت قوله علييه الصيلة والسيلم
"ميين فرق بييين والدة وولدهييا فرق الله بينييه وبييين أحبتييه يوم
القيامية" واختلفوا مين ذلك فيي موضعيين فيي وقيت جواز التفرقية
وفي حكم البيع إذا وقع .فأما حكم البيع فقال مالك :يفسخ ،وقال
الشافعييي وأبييو حنيفيية :ل يفسييخ وأثييم البائع والمشتري .وسييبب
الخلف هيل النهيي يقتضيي فسياد المنهيي إذا كان لعلة مين خارج.
وأميا الوقيت الذي ينتقيل فييه المنيع إلى الجواز؛ فقال مالك :حيد
ذلك الثغار؛ وقال الشافعيي :حيد ذلك سيبع سينين أو ثمان؛ وقال
الوزاعييي :حده فوق عشيير سيينين ،وذلك أنييه إذا نفييع نفسييه
واستغنى في حياته عن أمه .ويلحق بهذا الباب إذا وقع في البيع
غبين ل يتغابين الناس بمثله هيل يفسيخ البييع أم ل؟ فالمشهور فيي
المذهيب أن ل يفسيخ .وقال عبيد الوهاب :إذا كان فوق الثلث رد،
وحكاه عيين بعييض أصييحاب مالك؛ وجعله عليييه الصييلة والسييلم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الخيار لصيياحب الجلب إذا تلقييى خارج المصيير دليييل على اعتبار
الغبن ،وكذلك ما جعل لمنقذ بن حبان من الخيار ثلثا لما ذكر له
أنيه يغبين فيي البيوع ،ورأى قوم مين السيلف الول أن حكيم الوالد
في ذلك حكم الوالدة ،وقوم رأوا ذلك في الخوة.
**3الباب السادس في النهي من قبل وقت العبادات.
@-وذلك إنمييا ورد فييي الشرع فييي وقييت وجوب المشييي إلى
الجمعيية فقييط لقوله تعالى {إذا نودي للصييلة ميين يوم الجمعيية
فاسييعوا إلى ذكيير الله وذروا البيييع} وهذا أميير مجمييع عليييه فيمييا
أحسب ،أعني منع البيع عند الذان الذي يكون بعد الزوال والمام
على المنبر .واختلفوا في حكمه إذا وقع هل يفسخ أو ل يفسخ؟،
فإن فسيخ فعلى مين يفسيخ؟ وهيل يلحيق سيائر العقود فيي هذا
المعنيى بالبييع أم ل يلحيق؟ فالمشهور عين مالك أنيه يفسيخ ،وقيد
قيل ل يفسخ ،وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة .وسبب الخلف
كميا قلنيا غيير ميا مرة هيل النهيي الوارد لسيبب مين خارج يقتضيي
فساد المنهي عنه أو ل يقتضيه؟ وأما على من يفسخ؟ فعند مالك
على مين تجيب علييه الجمعية ل على مين ل تجيب علييه .وأميا أهيل
الظاهيير فتقتضييي أصييولهم أن يفسييخ على كييل بائع .وأمييا سييائر
العقود فيحتميل أن تلحيق بالبيوع ،لن فيهيا المعنيى الذي فيي البييع
مين الشغيل بيه عين السيعي إلى الجمعية ،ويحتميل أن ل يلحيق بيه
لنها تقع في هذا الوقت نادرا بخلف البيوع .وأما سائر الصلوات
فيمكين أن تلحيق بالجمعية على جهية الندب لمرتقيب الوقيت ،فإذا
فات فعلى جهة الحظر ،وإن كان لم يقل به أحد في مبلغ علمي،
ولذلك مدح الله تاركيي البيوع لمكان الصيلة ،فقال تعالى {رجال
ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر الله وإقام الصلة وإيتاء الزكاة} .
صْر إلى ذكيير وإذ قييد أثبتييت أسييباب الفسيياد العاميية للبيوع فَلْن َيي ِ
السيباب والشروط المصيححة له وهيو القسيم الثانيي مين النظير
العام في البيوع.
@(-القسييم الثانييي) والسييباب والشروط المصييححة للبيييع هييي
بالجملة ضييد السييباب المفسييدة له ،وهييي منحصييرة فييي ثلثيية
أجناس :النظيير الول :فييي العقييد .والثانييي :فييي المعقود عليييه.
والثالث :في العاقدين ،ففي هذا القسم ثلثة أبواب.
**3الباب الول في العقد.
@-والعقيد ل يصيح إل بألفاظ البييع والشراء التيي صييغتها ماضيية
مثل أن يقول البائع :قد بعت منك ،ويقول المشتري :قد اشتريت
منيك ،وإذا قال له بعنيي سيلعتك بكذا وكذا فقال قيد بعتهيا .فعنيد
مالك أن البييع قيد وقيع وقيد لزم المسيتفهم إل أن يأتيي فيي ذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ترك العميل بهذا الحدييث .وأميا أصيحاب مالك فاعتمدوا فيي ذلك
على ظواهر سمعية ،وعلى القياس ،فمن أظهر الظاهر في ذلك
قوله عييز وجييل {يييا أيهييا الذييين آمنوا أوفوا بالعقود} والعقييد هييو
اليجاب والقبول والميييير على الوجوب ،وخيار المجلس يوجييييب
ترك الوفاء بالعقيد ،لن له عندهيم أن يرجيع فيي البييع بعيد ميا أنعيم
ميا لم يفترقيا .وأميا القياس فإنهيم قالوا :عقيد معاوضية ،فلم يكين
لخيار المجلس فييه أثير أصيله سيائر العقود مثيل النكاح والكتابية
والخلع والرهون والصيييلح على دم العميييد ،فلميييا قييييل لهيييم إن
الظواهير التيي تحتجون بهيا يخصيصها الحدييث المذكور ،فلم يبيق
لكيم فيي مقابلة الحدييث إل القياس ،فيلزمكيم على هذا أن تكونوا
مميين يرى تغليييب القياس على الثيير ،وذلك مذهييب مهجور عنييد
المالكية ،وإن كان قد روي عن مالك تغليب القياس على السماع
مثيل قول أبيي حنيفية ،فأجابوا عين ذلك بأن هذا لييس مين باب رد
الحديث بالقياس ول تغليب ،وإنما هو من باب تأويله وصرفه عن
ظاهره .قالوا :وتأويل الظاهر بالقياس متفق عليه عند الصوليين.
قالوا :ولنييا فيييه تأويلن :أحدهمييا أن المتبايعييين فييي الحديييث
المذكور هميا المتسياومان اللذان لم ينفيذ بينهميا البييع ،فقييل لهيم
إنه يكون الحديث على هذا ل فائدة فيه لنه معلوم من دين المة
أنهمييا بالخيار إذ لم يقييع بينهميا عقييد بالقول .وأمييا التأويييل الخيير
فقالوا إن التفرق ههنييا إنمييا هييو كناييية عيين الفتراق بالقول ل
التفرق بالبدان كما قال الله تعالى {وإن يتفرقا يغن الله كل من
سعته} والعتراض على هذا أن هذا مجاز ل حقيقة ،والحقيقة هي
التفرق بالبدان ،ووجيه الترجييح أن يقاس بيين ظاهير هذا اللفيظ
والقياس فيغلب القوى ،والحكميية فييي ذلك هييي لموضييع الندم،
فهذه هي أصول الركن الول الذي هو العقد.
@(-وأما الركن الثانيي) الذي هو المعقود عليه ،فإ نه يشترط فيه
سلمته من الغرر والربا ،وقد تقدم المختلف في هذه من المتفق
عليه وأسباب الختلف في ذلك ،فل معنى لتكراره .والغرر ينتفي
عين الشييء بأن يكون معلوم الوجود معلوم الصيفة معلوم القدر
مقدورا على تسليمه ،وذلك في الطرفين الثمن والمثمون معلوم
الجل أيضا إن كان بيعا مؤجل.
@(-وأمييا الركيين الثالث) وهمييا العاقدان ،فإنييه يشترط فيهمييا أن
يكونييا مالكيين تامييي الملك أو وكيلييين تاميي الوكالة بالغييين ،وأن
يكونييا مييع هذا غييير محجور عليهمييا أو على أحدهمييا ،إمييا لحييق
أنفسهما كالسفيه عند من يرى التحجير عليه أو لحق الغير كالعبد
إل أن يكون العبد مأذونا له في التجارة .واختلفوا من هذا في بيع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وإعطاء صيياع ميين تميير فييي لبيين ليييس قيميية ول مثل ومنهييا بيييع
الطعام المجهول :أي الجزاف بالمكيييل المعلوم ،لن اللبيين الذي
دلس به البائع غير معلوم القدر ،وأيضا فإنه يقل ويكثر ،والعوض
ههنا محدود ،ولكن الواجب أن يستثني هذا من هذه الصول كلها
لموضيع صيحة الحدييث ،وهذا كأنيه لييس مين هذا الباب وإنميا هيو
حكيم خاص .ولكين اطرد إلييه القول فلنرجيع إلى حييث كنيا نقول:
إنيه ل خلف عندهيم فيي العور والعميى وقطيع الييد والرجيل أنهيا
عيوب مؤثرة ،وكذلك المرض فيييي أي عضيييو كان ،أو كان فيييي
جملة البدن ،والشيب في المذهب عيب في الرائعة ،وقيل لبأس
باليسير منه فيها ،وكذلك الستحاضة عيب في الرقيق والوخش،
وكذلك ارتفاع الحييض عييب فيي المشهور مين المذهيب ،والزعير
عيييب ،وأمراض الحواس والعضاء كلهييا عيييب باتفاق .وبالجملة
فأصيل المذهيب أن كيل ميا أثير فيي القيمية :أعنيي نقيص منهيا فهيو
عيييب ،والبول فييي الفراش عيييب ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال أبييو
حنيفيية :ترد الجارييية بييه ،ول يرد العبييد بييه ،والتأنيييث فييي الذكيير
والتذكيير فيي النثيى عييب هذا كله فيي المذهيب إل ميا ذكرنيا فييه
الختلف.
@(-النظير الثانيي) وأميا شرط العييب الموجيب للحكيم بيه فهيو أن
يكون حادثيا قبيل أميد التباييع باتفاق أو فيي العهدة عنيد مين يقول
بها ،فيجب ههنا أن نذكر اختلف الفقهاء في العهدة فنقول :انفرد
مالك بالقول بالعهدة دون سيائر فقهاء المصيار ،وسيلفه فيي ذلك
أهل المدينة الفقهاء السبعة وغيرهم ،ومعنى العهدة أن كل عيب
حدث فيهيا عنيد المشتري فهيو مين البائع ،وهيي عنيد القائليين بهيا
عهدتان :عهدة الثلثية اليام ،وذلك مين جميع العيوب الحادثية فيهيا
عنييد المشتري .وعهدة السيينة ،وهييي ميين العيوب الثلثية :الجذام
والبرص والجنون ،فميا حدث فيي السينة مين هذه الثلث بالميبيع
فهيو مين البائع ،وميا حدث مين غيرهيا مين العيوب كان مين ضمان
المشتري على الصل .وعهدة الثلث عند المالكية بالجملة بمنزلة
أيام الخيار وأيام السيتبراء والنفقية فيهيا والضمان مين البائع .وأميا
عهدة السينة فالنفقية فيهيا والضمان مين المشتري إل مين الدواء
الثلثة ،وهذه العهدة عند مالك في الرقيق ،وهي أيضا واقعة في
أصيناف البيوع فيي كيل ما القصيد منه المماكسية والمحاكرة وكان
بيعيا ل فيي الذمية ،هذا ميا ل خلف فييه فيي المذهيب ،واختلف فيي
غير ذلك .وعهدة السنة تحسب عنده بعد عهدة الثلث في الشهر
مين المذهيب ،وزمان المواضعية يتداخيل ميع عهدة الثلث إن كان
زمان المواضعية أطول مين عهدة الثلث .وعهدة السينة ل تتداخيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميع عهدة السيتبراء ،هذا هيو الظاهير مين المذهيب ،وفييه اختلف.
وقال الفقهاء السييبعة :ل يتداخييل منهييا عهدة مييع ثانييية ،فعهدة
السييتبراء أول ،ثييم عهدة الثلث ،ثييم عهدة السيينة .واختلف أيضييا
عين مالك هيل تلزم العهدة فيي كيل البلد مين غيير أن يحميل أهلهيا
عليها؟ فروي عنه الوجهان ،فإذا قيل ل يلزم أهل هذه البلد إل أن
يكونوا قد حملوا على ذلك فهل يجب أن يحمل عليها أهل كل بلد
أم ل؟ فييه قولن فيي المذهيب ،ول يلزم النقيد فيي عهدة الثلث
وإن اشترط ،ويلزم فيييي عهدة السييينة؛ والعلة فيييي ذلك أنيييه لم
يكميل تسيليم البييع فيهيا للبائع قياسيا على بييع الخيار لتردد النقيد
فيهيا بيين السيلف والبييع ،فهذه كلهيا مشهورات أحكام العهدة فيي
مذهيب مالك وهيي كلهيا فروع مبنيية على صيحة العهدة ،فلنرجيع
إلى تقريير حجيج المثبتيين لهيا والمبطليين .وأميا عمدة مالك رحميه
الله في العهدة وحجته التي عول عليها ،فهي عمل أهل المدينة.
وأما أصحابه المتأخرون فإنهم احتجوا بما رواه الحسن عن عقبة
ابين عامير عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "عهدة الرقييق
ثلثة أيام" وروي أيضا "ل عهدة بعد أربع" وروى هذا الحديث أيضا
الحسيين عيين سييمرة بيين جندب الفزاري رضييي الله عنييه ،وكل
الحديثين عند أهل العلم معلول ،فإنهم اختلفوا في سماع الحسن
عيين سييمرة ،وإن كان الترمذي قييد صييححه وأمييا سييائر فقهاء
المصيار فلم يصيح عندهيم فيي العهدة أثير ،ورأوا أنهيا لو صيحت
مخالفييية للصيييول ،وذلك أن المسيييلمين مجمعون على أن كيييل
مصييبة تنزل بالميبيع قبيل قبضيه فهيي مين المشتري ،فالتخصييص
لمثيل هذا الصيل المتقرر إنميا يكون بسيماع ثابيت ،ولهذا ضعيف
عند مالك في أحد الروايتين عنه أن يقضي بها في كل بلد إل أن
يكون ذلك عرفيا فيي البلد أو يشترط وبخاصية عهدة السينة ،فإنيه
لم يأت فيي ذلك أثير .وروي عين الشافعيي عين ابين جرييح قال:
سألت ابن شهاب عن عهدة السنة والثلث فقال :ما علمت فيها
أمرا سييالفا .وإذ قييد تقرر القول فييي تمييييز العيوب التييي توجييب
حكميا مين التيي ل توجبيه وتقرر الشرط فيي ذلك ،وهيو أن يكون
العيب حادثا قبل البيع أو في العهدة عند من يرى العهدة ،فلنصر
إلى ما بقي.
**4الفصييل الثالث .فييي معرفيية حكييم العيييب الموجييب إذا كان
المبيع لم يتغير.
@-وإذا وجدت العيوب ،فإن لم يتغييير المييبيع بشيييء ميين العيوب
عنيييد المشتري فل يخلو أن يكون فيييي عقار أو عروض أو فيييي
حيوان ،فإن كان فيي حيوان فل خلف أن المشتري مخيير بيين أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يرد الميبيع ويأخيذ ثمنيه أو يمسيك ول شييء له .وأميا إن كان عقار
فمالك يفرق فيي ذلك بيين العييب اليسيير والكثيير فيقول :إن كان
العيب يسيرا لم يجب الرد ،ووجبت قيمة العيب وهو الرش ،وإن
كان كثيرا وجيييب الرد ،هذا هيييو الموجود المشهور فيييي كتيييب
أصيييحابه ،ولم يفصيييل البغداديون هذا التفصييييل .وأميييا العروض
فالمشهور فييي المذهييب أنهييا ليسييت فييي هذا الحكييم بمنزلة
الصيول ،وقيد قييل إنهيا بمنزلة الصيول فيي المذهيب ،وهذا الذي
كان يختاره الفقيه أبو بكر بن رزق شيخ جدي رحمة الله عليهما،
وكان يقول :إنيه ل فرق فيي هذا المعنيى بيين الصيول والعروض،
وهذا الذي قاله يلزم ميين يفرق بييين العيييب الكثييير والقليييل فييي
الصيول :أعنيي أن يفرق فيي ذلك أيضيا فيي العروض ،والصيل أن
كييل مييا حييط القيميية أنييه يجييب بييه الرد ،وهييو الذي عليييه فقهاء
المصييار ،ولذلك لم يعول البغداديون فيمييا أحسييب على التفرقيية
التي قلت في الصول ،ولم يختلف قولهم في الحيوان إنه ل فرق
فيه بين العيب القليل والكثير.
@(-فصيل) وإذ قلنيا إن المشتري يخيير بيين أن يرد الميبيع ويأخيذ
ثمنيه أو يمسيك ول شييء له ،فإن اتفقيا على أن يمسيك المشتري
سيلعته ويعطييه البائع قيمية العييب ،فعامية فقهاء المصيار يجيزون
ذلك ،إل ابين سيريج مين أصيحاب الشافعيي فإنيه قال :لييس لهميا
ذلك لنيييه خيار فيييي مال ،فلم يكييين له إسيييقاطه بعوض كخيار
الشفعيية .قال القاضييي عبييد الوهاب :وهذا غلط ،لن ذلك حييق
للمشتري فله أن يسيتوفيه :أعنيي أن يرد ويرجيع بالثمين ،وله أن
يعاوض على تركيه ،وميا ذكره مين خيار الشفعية فإنيه شاهيد لنيا،
فإن له عندنا تركه إلى عوض يأخذه ،وهذا ل خلف فيه .وفي هذا
الباب فرعان مشهوران من قبل التبعيض :أحدهما هل إذا اشترى
المشتري أنواعييا ميين المييبيعات فييي صييفقة واحدة فوجييد أحدهييا
معيبيا ،فهيل يرجيع بالجمييع ،أو بالذي وجيد فييه العييب؟ فقال قوم:
ليس له إل أن يرد الجميع أو يمسك ،وبه قال أبو ثور والوزاعي،
إل أن يكون قيد سيمى ميا لكيل واحيد مين تلك النواع مين القيمية،
فإن هذا مما ل خلف فيه أنه يرد المبيع بعينه فقط ،وإنما الخلف
إذا لم يسييم .وقال قوم :يرد المعيييب بحصييته ميين الثميين وذلك
بالتقدير ،وممن قال بهذا القول سفيان الثوري وغيره .وروي عن
الشافعي القولن معا .وفرق مالك فقال :ينظر في المعيب ،فإن
كان ذلك وجه الصفقة والمقصود بالشراء رد الجميع ،وإن لم يكن
وجيه الصيفقة رده بقيمتيه .وفرق أبيو حنيفية تفريقيا آخير وقال :إن
وجييد العيييب قبييل القبييض رد الجميييع ،وإن وجده بعييد القبييض رد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الثمين فل رجوع له بالعييب .وإن باعيه منيه بأقيل مين الثمين رجيع
عليه بقيمة العيب ،وإن باعه بأكثر من الثمن نظر ،فإن كان البائع
الول مدلسا :أي عالما بالعيب لم يرجع الول على الثاني بشيء،
وإن لم يكن مدلسا رجع الول على الثاني في الثمن والثاني على
الول أيضييا ،وينفسييخ البيعان ويعود المييبيع إلى ملك الول ،فإن
باعيه مين عنيد بائعيه منيه ،فقال ابين القاسيم :ل رجوع له بقيمية
العيب ،مثل قول أبي حنيفة والشافعي؛ وقال ابن عبد الحكم :له
الرجوع بقيمة العيب؛ وقال أشهب :يرجع بالقل من قيمة العيب
أو بقيمة الثمن ،هذا إذا باعه بأقل مما اشتراه ،وعلى هذا ل يرجع
إذا باعيه بمثيل الثمين أو أكثير ،وبيه قال عثمان البتيي .ووجيه قول
ابين القاسيم والشافعيي وأبيي حنيفية أنيه إذا فات بالبييع فقيد أخيذ
عوضيا مين غيير أن يعتيبر تأثيير بالعييب فيي ذلك العوض الذي هيو
الثمن ،ولذلك متى قام عليه المشتري منه بعيب رجع على البائع
الول بل خلف .ووجيه القول الثانيي تشيبيهه البييع بالعتيق .ووجيه
قول عثمان وأشهيييب أنيييه لو كان عنده الميييبيع لم يكييين له إل
المسياك أو الرد للجمييع ،فإذا باعيه فقيد أخيذ عوض ذلك الثمين،
فلييس له إل ميا نقيص إل أن يكون أكثير مين قيمية العييب .وقال
مالك :إن وهيب أو تصيدق رجيع بقيمية العييب؛ وقال أبيو حنيفية ل
يرجيع ،لن هبتيه أو صيدقته تفوييت للملك بغيير عوض ورضيي منيه
بذلك طلبيا للجير ،فيكون رضاه بإسيقاط حيق العييب أولى وأحرى
بذلك .وأميا مالك فقاس الهبية على العتيق ،وقيد كان القياس أن ل
يرجيع فيي شييء مين ذلك إذا فات ولم يمكنيه الرد ،لن إجماعهيم
على أنييه إذا كان فييي يده فليييس يجييب له إل الرد أو المسيياك،
دلييل على أنيه لييس للعييب تأثيير فيي إسيقاط شييء مين الثمين،
وإنميا له تأثيير فيي فسيخ البييع فقيط .وأميا العقود التيي يتعاقبهيا
السييترجاع كالرهيين والجازة فاختلف فييي ذلك أصييحاب مالك،
فقال ابيين القاسييم :ل يمنييع ذلك ميين الرد بالعيييب إذا رجييع إليييه
المبيع؛ وقال أشهب :إذا لم يكن زمان خروجه عن يده زمانا بعيدا
كان له الرد بالعييب ،وقول ابين القاسيم أولى ،والهبية للثواب عنيد
مالك كالبيييع فييي أنهييا فوت ،فهذه هييي الحوال التييي تطرأ على
المبيع من العقود الحادثة فيها وأحكامها.
**3باب في طرو النقصان.
@-وأميا إن طرأ على الميبيع نقيص فل يخلو أن يكون النقيص فيي
قيمتيه أو فيي البدن أو فيي النفيس .فأميا نقصيان القيمية لختلف
السييواق ،فغييير مؤثيير فييي الرد بالعيييب بإجماع .وأمييا النقصييان
الحادث في البدن ،فإن كان يسيرا غير مؤثر في القيمة فل تأثير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
له فييي الرد بالعيييب ،وحكمييه حكييم الذي لم يحدث ،وهذا نييص
مذهب مالك وغيره.
وأمييا النقييص الحادث فييي البدن المؤثيير فييي القيميية ،فاختلف
الفقهاء فيه على ثلثة أقوال:
أحدهيا أنيه لييس له أن يرجيع إل بقيمية العييب فقيط ولييس له غيير
ذلك إذا أبيى البائع مين الرد ،وبيه قال الشافعيي فيي قوله الجدييد
وأبو حنيفة.
وقال الثوري :ليييس له إل أن يرد ،ويرد مقدار العيييب الذي حدث
عنده ،وهو قول الشافعي الول.
والقول الثالث قول مالك :إن المشتري بالخيار بيييين أن يمسيييك
ويضع عنه البائع من الثمن قدر العيب أو يرده على البائع ويعطيه
ثميين العيييب الذي حدث عنده ،وأنييه إذا اختلف البائع والمشتري،
فقال البائع للمشتري :أنيا أقبيض الميبيع وتعطيي أنيت قيمية العييب
الذي حدث عندك ،وقال المشتري :بيل أنيا أمسيك الميبيع ،وتعطيي
أنييييت قيميييية العيييييب الذي حدث عندك ،فالقول قول المشتري
والخيار له ،وقييد قيييل فييي المذهييب القول قول البائع ،وهذا إنمييا
يصيح على قول مين يرى أنيه لييس للمشتري إل أن يمسيك أو يرد
ومييا نقييص عنده .وشييذ أبييو محمييد بيين حزم فقال :له أن يرد ول
شيء عليه.
وأمييا حجيية ميين قال :إنييه ليييس للمشتري إل أن يرد ويرد قيميية
العييب ،أو يمسيك ،فلنيه قيد أجمعوا على أنيه إذا لم يحدث بالميبيع
عييب عنيد المشتري فلييس إل الرد ،فوجيب اسيتصحاب حال هذا
الحكيم ،وإن حدث عنيد المشتري عييب ميع إعطائه قيمية العييب
الذي حدث عنده.
وأميا مين رأى أنيه ل يرد الميبيع بشييء وإنميا له قيمية العييب الذي
كان عند البائع ،فقياسا على العتق والموت لكون هذا الصل غير
مجمع عليه ،وقد خالف فيه عطاء.
وأمييا مالك فلمييا تعارض عنده حييق البائع وحييق المشتري غلب
المشتري وجعيل له الخيار ،لن البائع ل يخلو مين أحيد أمريين :إميا
أن يكون مفرطا في أنه لم يستعلم العيب ويعلم به المشتري ،أو
يكون علميه فدلس به على المشتري .وعنيد مالك أنيه إذا صيح أنيه
دلس بالعييب وجيب علييه الرد مين غيير أن يدفيع إلييه المشتري
قيميية العيييب الذي حدث عنده ،فإن مات ميين ذلك العيييب كان
ضمانه على البائع بخلف الذي لم يثبت أنه دلس فيه.
وأميا حجية أبيي محميد ،فلنيه أمير حدث مين عنيد الله كميا لو حدث
فيي ملك البائع ،فإن الرد بالعييب دال على أن البييع لم ينعقيد فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قول أشهب تشبيه الجزء بالكل ،وفي هذا الباب مسائل مسكوت
عنهيا كثيرة ليسيت مميا قصيدناه .ومين مشهور مسيائلهم فيي هذا
الباب الزيادة والنق صان اللذان يقعان فيي الث من الذي انعقيد علييه
البييع بعيد البييع بميا يرضيى بيه المتبايعان ،أعنيي أن يزييد المشتري
البائع بعيد البييع على الثمين الذي انعقيد علييه البييع أو يحيط منيه
البائع ،هيل يتبيع حكيم الثمين أم ل؟ وفائدة الفرق أن مين قال هيي
من الثمن أوجب ردها في الستحقاق وفي الرد بالعيب وما أشبه
ذلك ،وأيضيا مين جعلهيا فيي حكيم الثمين الول إن كانيت فاسيدة
البيع ،ومن لم يجعلها من الثمن :أعني الزيادة لم يوجب شيئا من
هذا ،فذهييب أبييو حنيفيية إلى أنهييا ميين الثميين إل أنييه قال ل تثبييت
الزيادة فيي حيق الشفييع ول فيي بييع المرابحية ،بيل الحكيم للثمين
الول ،وبيه قال مالك؛ وقال الشافعيي :ل تلحيق الزيادة والنقصيان
بالثميين أصييل وهييو فييي حكييم الهبيية ،واسييتدل ميين ألحييق الزيادة
بالثمن بقوله عز وجل {ول جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد
الفريضة} قالوا :وإذا لحقت الزيادة في الصداق بالصداق لحقت
في البيع بالثمن .واحتج الفريق الثاني باتفاقهم على أنها ل تلحق
فييي الشفعيية وبالجملة ميين رأى أن العقييد الول قييد تقرر قال:
الزيادة هبة؛ ومن رأى أنها فسخ للعقد الول وعقد ثان عدها من
الثمن.
*(*3الجملة الرابعية) وإذا اتفيق المتبايعان على البييع واختلفيا فيي
مقدار الثميين ولم تكيين هناك بينيية ففقهاء المصييار متفقون على
أنهما يتحالفان ويتفاسخان بالجملة ومختلفون في التفصيل ،أعني
فيي الوقيت الذي يحكيم فييه باليمان والتفاسيخ ،فقال أبيو حنيفية
وجماعة :إنهما يتحالفان ويتفاسخان ما لم تفت عين السلعة ،فإن
فاتت فالقول قول المشتري مع يمينه .وقال الشافعي ومحمد بن
الحسين صياحب أبيي حنيفية وأشهيب صياحب مالك :يتحالفان فيي
كييل وقييت .وأمييا مالك فعنييه روايتان :إحداهمييا أنهمييا يتحالفان
ويتفاسييخان قبييل القبييض وبعييد القبييض القول قول المشتري.
والروايية الثانيية مثيل قول أبيي حنيفية ،وهيي روايية ابين القاسيم،
والثانية رواية أشهب ،والفوت عنده يكون بتغيير السواق وبزيادة
المييبيع ونقصييانه .وقال داود وأبييو ثور :القول قول المشتري على
كيل حال ،وكذلك قال زفير ،إل أن يكونيا اختلفيا فيي جنيس الثمين،
فحينئذ يكون التفاسييييخ عندهييييم والتحالف ،ول خلف أنهييييم إذا
اختلفوا فييي جنييس الثميين أو المثمون أن الواجييب هييو التحالف
والتفاسيييخ ،وإنميييا صيييار فقهاء المصيييار إلى القول على الجملة
بالتحالف والتفاسييخ عنييد الختلف فييي عدد الثميين لحديييث ابيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مسيعود أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال "أيميا بيعيين
تبايعا فالقول قول البائع أو يترادان" فمن حمل هذا الحديث على
وجوب التفاسخ وعمومه قال :يتحالفان في كل حال ويتفاسخان،
والعلة في ذلك عنده أن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه .وأما
مين رأى أن الحدييث إنميا يجيب أن يحميل على الحالة التيي يجيب
أن يتساوى فيها دعوى البائع والمشتري قال :إذا قبض السلعة أو
فاتيت فقيد صيار القبيض شاهدا للمشتري وشبهيه لصيدقه ،واليميين
إنميا يجيب على أقوى المتداعييين شبهية ،وهذا هيو أصيل مالك فيي
اليمان ،ولذلك يوجييب فييي مواضييع اليمييين على المدعييي ،وفييي
مواضع على المدعى عليه ،وذلك أنه لم يجب اليمين بالنص على
المدعيى علييه مين حييث هيو مدعيى علييه ،وإنميا وجبيت علييه مين
حييث هيو فيي الكثير أقوى شبهية ،فإذا كان المدعيي فيي مواطين
أقوى شبهة وجب أن يكون اليمين في حيزه .وأما من رأى القول
قول المشتري ،فإنييه رأى أن البائع مقيير للمشتري بالشراء ومدع
علييه عددا ميا فيي الثمين .وأميا داود ومين قال بقوله فردوا حدييث
ابيين مسييعود لنييه منقطييع ولذلك لم يخرجييه الشيخان البخاري
ومسيلم ،وإنميا خرجيه مالك .وعين مالك :إذا نكيل المتبايعان عين
اليمان روايتان :إحداهمييا الفسييخ ،والثانييية أن القول قول البائع.
وكذلك مين يبدأ باليميين فيي المذهيب فييه خلف ،فالشهير البائع
على ميا فيي الحدييث ،وهيل إذا وقيع التفاسيخ يجوز لحدهميا أن
يختار قول صاحبه؟ فيه خلف في المذهب.
@(-القسم الرابع من النظر المشترك في البيوع) وهو النظر في
حكيم البييع الفاسيد إذا وقيع ،فنقول :اتفيق العلماء على أن البيوع
الفاسدة إذا وقعت ولم ت فت بإحداث عقد في ها أو نماء أو نقصان
أو حوالة سييييوق أن حكمهييييا الرد أعنييييي أن يرد البائع الثميييين
والمشتري المثمون .واختلفوا إذا قبضييت وتصييرف فيهييا بعتييق أو
هبة أو بيع أو رهن أو غير ذلك من سائر التصرفات هل ذلك فوت
يوجيب القيمية ،وكذلك إذا نميت أو نقصيت فقال الشافعيي :لييس
ذلك كله فوتيا ول شبهية ملك فيي البييع الفاسيد وأن الواجيب الرد،
وقال مالك :كييل ذلك فوت يوجييب القيميية إل مييا روى عنييه ابيين
وهب في الربا أنه ليس بفوت ،ومثل ذلك قال أبو حنيفة .والبيوع
الفاسييدة عنييد مالك تنقسييم إلى محرميية وإلى مكروهيية .فأمييا
المحرمية فإنهيا إذا فاتيت مضيت بالقيمية .وأميا المكروهية فإنهيا إذا
فاتت صحت عنده ،وربما صح عنده بعض البيوع الفاسدة بالقبض
لخفية الكراهيية عنده فييي ذلك ،فالشافعيية تشبيه الميبيع الفاسييد
لمكان الربييا والغرر بالفاسييد لمكان تحريييم عينييه كييبيع الخميير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والخنزيير فلييس عندهيم فييه فوت ،ومالك يرى أن النهيي فيي هذه
المور إنميا هيو لمكان عدم العدل فيهيا ،أعنيي بيوع الربيا والغرر،
فإذا فاتت السلعة فالعدل فيها هو الرجوع بالقيمة ،لنه قد تقبض
السييلعة وهييي تسيياوي ألفييا وترد وهييي تسيياوي خمسييمائة أو
بالعكيييس ،ولذلك يرى مالك حوالة السيييواق فوتيييا فيييي الميييبيع
الفاسد ،ومالك يرى في البيع والسلف أنه إذا فات وكان البائع هو
المسييلف رد المشتري القيميية مييا لم تكيين أزيييد ميين الثميين ،لن
المشتري قيد رفيع له فيي الثمين لمكان السيلف فلييس مين العدل
أن يرد أكثيير ميين ذلك ،وإن كان المشتري هييو الذي أسييلف البائع
فقيد حيط البائع عنيه مين الثمين لمكان السيلف ،فإذا وجبيت على
المشتري القيمة ردها ما لم تكن أقل من الثمن ،لن هذه البيوع
إنمييا وقييع المنييع فيهييا لمكان مييا جعييل فيهييا ميين العوض مقابييل
السيلف الذي هيو موضوع لعون الناس بعضهيم لبعيض ،ومالك فيي
هذه المسييألة أفقييه ميين الجميييع .واختلفوا إذا ترك الشرط قبييل
القبييض :أعنييي شرط السييلف ،هييل يصييح البيييع أم ل؟ فقال أبييو
حنيفيية والشافعييي وسييائر العلماء :البيييع مفسييوخ؛ وقال مالك
وأصييحابه :البيييع غييير مفسييوخ إل ابيين عبييد الحكييم قال :البيييع
مفسيوخ .وقيد روي عين مالك مثيل قول الجمهور .وحجية الجمهور
أن النهي يتضمن فساد المنهي فإذا انعقد البيع فاسدا لم يصححه
بعد رفع الشرط الذي من قبله وقع الفساد ،كما أن رفع السبب
المفسد فيي المحسوسات بعد فسياد الشيء ليس يقتضيي عودة
الشييء إلى ميا كان علييه قبيل الفسياد مين الوجود فاعلميه .وروي
أن محميد بين أحميد بين سيهل البرمكيي سيأل عين هذه المسيألة
إسيماعيل بين إسيحاق المالكيي فقال له :ميا الفرق بيين السيلف
والبيع وبين رجل باع غلما بمائة دينار وزق خمر ،فلما انعقد البيع
بينه ما قال :أنا أدع الزق ،وهذا البييع مفسيوخ عند العلماء بإجماع،
فوجييب أن يكون بيييع السييلف كذلك ،فجاوب عيين ذلك بجواب ل
تقوم بيه حجية ،وقيد تقدم القول فيي ذلك .وإذ قيد انقضيى القول
فيي أصيول البيوع الفاسيدة وأصيول البيوع الصيحيحة ،وفيي أصيول
أحكام البيوع الصيييحيحة ،وأصيييول الحكام الفاسيييدة المشتركييية
العاميية لجميييع البيوع أو لكثييير منهييا فلنصيير إلى مييا يخييص واحدا
واحدا ميين هذه الربعيية الجناس ،وذلك بأن نذكيير منهييا مييا يجري
مجرى الصول.
**2كتاب الصرف.
@-ولميا كان يخيص هذا البييع شرطان :أحدهميا عدم النسييئة وهيو
الفور ،والخير عدم التفاضيل وهيو اشتراط المثليية كان النظير فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هذا الباب ينحصير فيي خمسية أجناس :الول :فيي معرفية ميا هيو
نسييئة مميا لييس بنسييئة .الثانيي :فيي معرفية ميا هيو مماثيل مميا
ليس بمماثل ،إذ هذان القسمان ينقسمان بفصول كثيرة فيعرض
هنالك الخلف .الثالث :فيمييا وقييع أيضييا ميين هذا البيييع بصييورة
مختلف فيهيا هيل هيو ذريعية إلى أحيد هذ ين أعنيي الزيادة والنسييئة
أو كليهميا عنيد مين قال بالذرائع وهيو مالك وأصيحابه ،وهذا ينقسيم
أيضيا إلى نوعيين كانقسيام أصيله .الخاميس :فيي خصيائص أحكام
هذا البيييع ميين جهيية مييا يعتييبر فيييه هذان الشرطان :أعنييي عدم
الن ّييَساء والتفاضييل أو كليهمييا ،وذلك أنييه يخالف هذا البيييع البيوع
لمكان هذييين الشرطييين فيييه فييي أحكام كثيرة .وأنييت إذا تأملت
الكتيييب الموضوعييية فيييي فروع الكتاب الذي يرسيييمونه بكتاب
الصرف وجدتها كلها راجعة إلى هذه الجناس الخمسة ،أو إلى ما
تركب منها ما عدا المسائل التي يدخلون في الكتاب الواحد بعينه
مميا لييس هيو مين ذلك الكتاب مثيل إدخال الملكيية فيي الصيرف
مسيائل كثيرة هيي مين باب القتضاء فيي السيلف ،لكين لميا كان
الفاسييد منهييا يئول إلى أحييد هذييين الصييلين ،أعنييي إلى صييرف
بنسييئة أو بتفاضيل أدخلوهيا فيي هذا الكتاب مثيل مسيائلهم فيي
اقتضاء القائمية والمجموعية والفرادى بعضهيا مين بعيض ،لكين لميا
كان قصدنا إنما هو ذكر المسائل التي هي منطوق بها في الشرع
أو قرييب مين المنطوق بهيا رأينيا أن نذكير فيي هذا الكتاب سيبع
مسييائل مشهورة تجري مجرى الصييول لمييا يطرأ على المجتهييد
مييين مسيييائل هذا الباب ،فإن هذا الكتاب إنميييا وضعناه ليبلغ بيييه
المجتهيد فيي هذه الصيناعة رتبية الجتهاد إذا حصيل ميا يجيب له أن
يحصيل قبله مين القدر الكافيي له فيي علم النحيو واللغية وصيناعة
أصيول الفقيه ،ويكفيي مين ذلك ميا هيو مسياو لجرم هذا الكتاب أو
أقل ،وبهذه الرتبة يسمى فقيها ل بحفظ مسائل الفقه ولو بلغت
فيي العدد أقصيى ميا يمكين أن يحفظيه إنسيان كميا نجيد متفقهية
زماننييا يظنون أن الفقييه هييو الذي حفييظ مسييائل أكثيير ،وهؤلء
عرض لهيم شيبيه ميا يعرض لمين ظين أن الخفاف هيو الذي عنده
خفاف كثيرة ل الذي يقدر على عملهييا ،وهييو بييين أن الذي عنده
خفاف كثيرة سيييأتيه إنسييان بقدم ل يجييد فييي خفافييه مييا يصييلح
لقدميه ،فيلجيأ إلى صيانع الخفاف ضرورة ،وهيو الذي يصينع لكيل
قدم خفا يوافقه ،فهذا هو مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت وإذ
قد خرجنا عما كنا بسبيله فلنرجع إلى حيث كنا من ذكر المسائل
التي وعدنا بها.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قيمية ميا فييه مين الذهيب أو الفضية الثلث فأقيل جاز بيعيه ،أعنيي
بالفضة إن كانت حليته فضة ،أو بالذهب إن كانت حليته ذهبا وإل
لم يجيز ،وكأنيه رأى أنيه إذا كانيت الفضية قليلة لم تكين مقصيودة
في البيع وصارت كأنها هبة؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه :لبأس ببيع
السيف المحلى بالفضة إذا كانت الفضة أكثر من الفضة التي في
السيف ،وكذلك المر في بيع السيف المحلى بالذهب ،لنهم رأوا
أن الفضية التيي فييه أو الذهيب يقابيل مثله مين الذهيب أو الفضية
المشتراة به ،ويبقى الفضل قيمة السيف .وحجة الشافعي عموم
الحادييث والنيص الوارد فيي ذلك مين حدييث فضالة بين عبيد الله
النصياري أنيه قال "أتيى رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وهيو
بخيبر بقلدة فيها ذهب وخرز وهي من المغانم تباع ،فأمر رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم بالذهيب الذي فيي القلدة ينزع وحده،
ثيم قال لهيم رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :الذهيب بالذهيب
وزنيا بوزن" خرجيه مسيلم .وأميا معاويية كميا قلنيا فأجاز ذلك على
الطلق ،وقد أنكره عليه أبو سعيد وقال :ل أسكن في أرض أنت
فيها لما رواه من الحديث.
@(-المسألة الثالثة) اتفق العلماء على أن من شرط الصرف أن
يقيع ناجزا .واختلفوا فيي الزمان الذي يحيد هذا المعنيى ،فقال أبيو
حنيفية والشافعيي :الصيرف يقيع ناجزا ميا لم يفترق المتصيارفان
تعجيل أو تأخير القبيض؛ وقال مالك :إن تأخير القبيض فيي المجلس
بطييل الصييرف وإن لم يفترقييا حتييى كره المواعدة فيييه .وسييبب
الخلف ترددهيم فيي مفهوم قوله علييه الصيلة والسيلم "إل هاء
وهاء" وذلك أن هذا يختلف بالقيييل والكثييير؛ فمييين رأى أن هذا
اللفيظ صيالح لمين لم يفترق مين المجلس ،أعنيي أنيه يطلق علييه
أنييه باع هاء وهاء قال :يجوز التأخييير فييي المجلس؛ وميين رأى أن
اللفظ ل يصح إل إذا وقع القبض من المتصارفين على الفور قال:
إن تأخير القبيض عين العقيد فيي المجلس بطيل الصيرف لتفاقهيم
على هذا المعنيى لم يجز عندهيم فيي الصرف حوالة ول حمالة ول
خيار ،إل ميا حكيي عين أبيي ثور أنيه أجاز فييه الخيار .واختلف فيي
المذهييب فييي التأخييير الذي يغلب عليييه المتصييارفان أو أحدهمييا،
فمرة قييل فييه إنيه مثيل الذي يقيع بالختيار ،ومرة قييل إنيه لييس
كذلك فييي تفاصيييل لهييم فييي ذلك ليييس قصييدنا ذكرهييا فييي هذا
الكتاب.
@(-المسييألة الرابعيية) اختلف العلماء فيميين اصييطرف دراهييم
بدنانيير ثيم وجيد فيهيا درهميا زائفيا ،فأراد رده ،فقال مالك :ينتقيض
الصيرف ،وإن كانيت دنانيير كثيرة انتقيض منهيا دينار للدرهيم فميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فوقييه إلى صييرف الدينار ،فإن زاد درهييم على دينار انتقييض منهيا
دينار آخير ،وهكذا ميا بينيه وبيين أن ينتهيي إلى صيرف دينار .قال:
وإن رضي بالدرهم الزائف لم يبطل من الصرف شيء .وقال أبو
حنيفيية :ل يبطييل الصييرف بالدرهييم الزائف ،ويجوز تبديله إل أن
تكون الزيوف نصف الدراهم أو أكثر ،فإن ردها بطل الصرف في
المردود .وقال الثوري :إذا رد الزيوف كان مخيرا إن شاء أبدلهيييا
أو يكون شريكا له بقدر ذلك في الدنانير :أعني لصاحب الدنانير.
وقال أحمد :ل يبطل الصرف بالرد قليل كان أو كثيرا .وابن وهب
مين أصيحاب مالك يجييز البدل فيي الصيرف ،وهيو مبنيي على أن
الغلبيية على النظرة فييي الصييرف ليييس لهييا تأثييير ول سيييما فييي
البعيض وهيو أحسين .وعين الشافعيي فيي بطلن الصيرف بالزيوف
قولن ،فيتحصيل لفقهاء المصيار فيي هذه المسيألة أربعية أقوال:
قول بإبطال الصيييرف مطلقيييا عنيييد الرد؛ وقول بإثبات الصيييرف
ووجوب البدل؛ وقول بالفرق بيين القلييل والكثيير؛ وقول بالتخييير
بيين بدل الزائف أو يكون شريكيا له .وسيبب الخلف فيي هذا كله:
هيل الغلبية على التأخيير فيي الصيرف مؤثرة فييه أو غيير مؤثرة؟
وإن كا نت مؤثرة فهل هي مؤثرة فيي القليل أو فيي الكثير؟ وأما
وجود النقصيان فإن المذهيب اضطرب فييه ،فمرة قال فييه إنيه إن
رضييي بالنقصييان جاز الصييرف ،وإن طلب البدل انتقييض الصييرف
قياسا على الزيوف ،ومرة قال :يبطل الصرف وإن رضي به ،وهو
ضعيف .واختلفوا أيضا إذا قبض بعض الصرف وتأخر بعضه ،أعني
الصرف المنعقد على التناجز ،فقيل يبطل الصرف كله ،وبه قال
الشافعيي؛ وقييل يبطيل منيه المتأخير فقيط ،وبيه قال أبيو حنيفية
ومحمييد وأبييو يوسييف ،والقولن فييي المذهييب؛ ومبنييي الخلف
الخلف فييي الصييفقة الواحدة يخالطهييا حرام وحلل هييل تبطييل
الصفقة كلها ،أو الحرام منها فقط؟.
@(-المسييألة الخامسيية) أجمييع العلماء على أن المراطلة جائزة
في الذهب بالذهب وفي الفضة بالفضة ،وإن اختلف العدد لتفاق
الوزن ،وذلك إذا كانيييت صيييفة الذهيييبين واحدة .واختلفوا فيييي
المراطلة في موضعين :أحدهما أن تختلف صفة الذهبين .والثاني
أن ينقييص أحييد الذهييبين عيين الخيير ،فيريييد الخيير أن يزيييد بذلك
عرضييا أو دراهييم إن كانييت المراطلة بذهييب ،أو ذهبييا إن كانييت
المراطلة بدراهيم ،فذهيب مالك ،أميا فيي الموضيع الول ،وهيو أن
يختلف جنيس المراطيل بهميا فيي الجودة والرداءة أ نه متيى راطيل
بأحدهميا بصينف مين الذهيب الواحيد وأخرج الخير ذهيبين ،أحدهميا
أجود من ذلك الصنف الواحد والخر أردأ ،فإن ذلك عنده ل يجوز،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وإن كان الصينف الواحيد مين الذهيبين ،أعنيي الذي أخرجيه وحده
أجود من الذهبين المختلفين اللذين أخرجهما الخر أو أردأ منهما
معييا ،أو مثييل أحدهمييا وأجود ميين الثانييي جازت المراطلة عنده.
وقال الشافعي :إذا اختلف الذهبان فل يجوز ذلك .وقال أبو حنيفة
وجميع الكوفيين والبصريين يجوز جميع ذلك .وعمدة مذهب مالك
فيي منعيه ذلك التهام ،وهيو مصيير إلى القول بسيد الذرائع ،وذلك
أنه يتهم أن يكون المراطل إنما قصد بذلك بيع الذهبين متفاضل،
فكأنه أعطى جزءا من الوسط بأكثر منه من الردأ ،أو بأقل منه
ميين العلى ،فيتذرع ميين ذلك إلى بيييع الذهييب بالذهييب متفاضل،
مثال ذلك أن إنسيانا قال لخير :خيذ منيي خمسية وعشريين مثقال
وسطا بعشرين من العلى ،فقال :ل يجوز هذا لنا ،ولكن أعطيك
عشرين من العلى وعشرة أدنى من ذهبك ،وتعطيني أنت ثلثين
مين الوسيط ،فتكون العشرة الدنيى يقابلهيا خمسية مين ذهبيك،
ويقابيل العشريين مين ذهيب الوسيط العشريين مين ذهبيك العلى.
وعمدة الشافعي اعتبار التفاضل الموجود في القيمة .وعمدة أبي
حنيفيية اعتبار وجود الوزن ميين الذهييبين ورد القول بسييد الذرائع.
وكمثل اختلفهم في المصارفة التي تكون بالمراطلة اختلفوا في
هذا الموضيع فيي المصيارفة التيي تكون بالعدد ،أعنيي إذا اختلفيت
جودة الذهييبين أو الذهاب .وأمييا اختلفهييم إذا نقصييت المراطلة،
فأراد أحدهميا أن يزييد شيئا آخير مميا فييه الربيا ،أو مميا ل ربيا فييه،
فقرييب مين هذا الختلف ،مثيل أن يراطيل أحدهميا صياحبه ذهيب
بذهب ،فينقص أحد الذهبين عن الخر ،فيريد الذي نقص ذهبه أن
يعطييي عوض الناقييص دراهييم أو عرضييا ،فقال مالك والشافعييي
والليييث :إن ذلك ل يجوز والمراطلة فاسييدة؛ وأجاز ذلك كله أبييو
حنيفييية والكوفيون .وعمدة الحنفيييية تقديييير وجود المماثلة مييين
الذهبين وبقاء الفضل مقابل العرض .وعمدة مالك التهمة في أن
يقصيد بذلك بييع الذهيب بالذهيب متفاضل .وعمدة الشافعيي عدم
المماثلة بالكيييييل أو الوزن أو العدد الذي بالفضييييل ،ومثييييل هذا
يختلفون إذا كانت المصارفة بالعدد.
@(-المسألة السادسة) واختلفوا في الرجلين يكون لحدهما على
صياحبه دنانيير وللخير علييه دراهيم ،هيل يجوز أن يتصيارفاها وهيي
فيي الذمية؟ فقال مالك :ذلك جائز إذا كانيا قيد حل معيا؛ وقال أبيو
حنيفة يجوز في الحال وفي غير الحال؛ وقال الشافعي والليث :ل
يجوز ذلك حل أو لم يحل .وحجيية ميين لم يجزه أنييه غائب بغائب،
وإذا لم يجيز غائب بناجيز كان أحرى أن ل يجوز غائب بغائب .وأميا
مالك فأقام حلول الجلييين فييي ذلك مقام الناجييز بالناجييز ،وإنمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اشترط أن يكونا حالين معا ،لئل يكون ذلك من بيع الدين بالدين.
وبقول الشافعيي قال ابين وهيب وابين كنانية مين أصيحاب مالك؛
وقريب من هذا اختلفهم في جواز الصرف على ما ليس عندهما
إذا دفعه أحدهما إلى صاحبه قبل الفتراق مثل أن يستقرضاه في
المجلس فتقابضاه قبيل الفتراق فأجاز ذلك الشافعيي وأبيو حنيفية
وكرهيه ابين القاسيم مين الطرفيين واسيتخفه مين الطرف الواحيد،
أعنيي إذا كان أحدهميا هيو المسيتقرض فقيط .وقال زفير :ل يجوز
ذلك إل أن يكون مين طرف واحيد .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي
الرجل يكون له على الرجل دراهم إلى أجل هل يأخذ فيها إذا حل
الجيييل ذهبيييا أو بالعكيييس؟ فذهيييب مالك إلى جواز ذلك إذا كان
القبيض قبيل الفتراق ،وبه قال أ بو حنيفية إل أنيه أجاز ذلك وإن لم
يحيل الجيل ولم يجيز ذلك جماعية مين العلماء ،سيواء كان الجيل
حال أو لم يكين ،وهيو قول ابين عباس وابين مسيعود .وحجية مين
أجاز ذلك حديييث ابيين عميير قال "كنييت أبيييع البييل بالبقيييع ،أبيييع
بالدنانير وآخذ الدراهم ،وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير ،فسألت عن
ذلك رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فقال" :ل بأس بذلك إذا
كان بسعر يومه" خرجه أبو داود .وحجة من لم يجزه ما جاء في
حديث أبي سعيد وغيره "ول تبيعوا منها غائبا بناجز".
@(-المسألة السابعة) اختلف في البيع والصرف في مذهب مالك
فقال :إنيه ل يجوز إل أن يكون أحدهميا الكثير والخير تبيع لصياحبه،
وسيواء كان الصيرف فيي دينار واحيد أو فيي دنانيير؛ وقييل إن كان
الصيرف فيي دينار واحيد جاز كيفميا وقيع ،وإن كان فيي أكثير اعتيبر
كون أحدهميا تابعيا للخير فيي الجواز ،فإن كانيا معيا مقصيودين لم
يجيز ،وأجاز أشهيب الصيرف والبييع وهيو أجود ،لنيه لييس فيي ذلك
ما يؤدي إلى ربا ول إلى غرر.
**2كتاب السلم
@-وفيييييي هذا الكتاب ثلثييييية أبواب :الباب الول :فيييييي محله
وشروطيه .الباب الثانيي :فيميا يجوز أن يقتضيي مين المسيلم إلييه
بدل مييا انعقييد عليييه السييلم ،ومييا يعرض فييي ذلك ميين القالة
والتعجيل والتأخير .الباب الثالث :في اختلفهم في السلم.
**3الباب الول في محله وشروطه.
@-أ ما محله ،فإنهم اجمعوا على جوازه فيي كل ما يكال أو يوزن
لميا ثبيت مين حدييث ابين عباس المشهور قال "قدم النيبي صيلى
الله عليه وسلم المدينة وهم يسلمون في التمر السنتين والثلث،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من أسلف فليسلف في
ثمين معلوم ووزن معلوم إلى أجيل معلوم" واتفقوا على امتناعيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيميا ل يثبيت فيي الذمية ،وهيي الدور والعقار .وأميا سيائر ذلك مين
العروض والحيوان فاختلفوا فيها ،فمنع ذلك داود وطائفة من أهل
الظاهير مصييرا إلى ظاهير هذا الحدييث .والجمهور على أنيه جائز
فيي العروض التي تنضبط بالصفة والعدد .واختلفوا من ذلك فيما
ينضبط مما ل ينضبط بالصفة ،فمن ذلك الحيوان والرقيق ،فذهب
مالك والشافعييي والوزاعييي والليييث إلى أن السييلم فيهمييا جائز،
وهيو قول ابين عمير مين الصيحابة .وقال أبيو حنيفية والثوري وأهيل
العراق :ل يجوز السلم في الحيوان ،وهو قول ابن مسعود .وعن
عمير فيي ذلك قولن .وعمدة أهيل العراق فيي ذلك ميا روي عين
ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلف في
الحيوان" وهذا الحدييث ضعييف عنيد الفرييق الول .وربميا احتجوا
أيضا بنهيه عليه الصلة والسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
وعمدة مين أجاز السيلم فيي الحيوان ميا روي عين ابين عمير "أن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أمره أن يجهيز جيشيا ،فنفذت
البيل ،فأمره أن يأخيذ على قلص الصيدقة ،فأخيذ البعيير بالبعيريين
إلى إبيل الصيدقة" وحدييث أبيي رافيع أيضيا "أن النيبي صيلى الله
علييه وسيلم اسيتسلف بكرا" قالوا :وهذا كله يدل على ثبوتيه فيي
الذميية .فسييبب اختلفهييم شيئان :أحدهمييا تعارض الثار فييي هذا
المعنى .والثاني تردد الحيوان بين أن يضبط بالصفة أو ل يضبط،
فمن نظر إلى تباين الحيوان في الخلق والصفات وبخاصة صفات
النفييس قال :ل تنضبييط؛ وميين نظيير إلى تشابههييا قال :تنضبييط.
ومنهيا اختلفهيم فيي البييض والدر وغيير ذلك ،فلم يجيز أبيو حنيفية
السيلم فيي البييض وأجازه مالك بالعدد ،وكذلك فيي اللحيم أجازه
مالك والشافعيي ،ومنعيه أبيو حنيفية؛ وكذلك السيلم فيي الرءوس
والكارع ،أجازه مالك ،ومنعييه أبييو حنيفيية .واختلف فييي ذلك قول
أبيي حنيفية والشافعيي؛ وكذلك السيلم فيي الدر والفصيوص ،أجازه
مالك ،ومنعييه الشافعييي ،وقصييدنا ميين هذه المسييائل إنمييا هييو
الصيييول الضابطييية للشريعييية ل إحصييياء الفروع ،لن ذلك غيييير
منحصر.
(وأمييا شروطييه) فمنهييا مجمييع عليهييا ومنهييا مختلف فيهييا ،فأمييا
المجمع عليها فهي ستة :منها أن يكون الثمن والمثمون مما يجوز
فييه الن َّيساء ،وامتناعيه فيميا ل يجوز فييه الن َّيساء ،وذلك إميا اتفاق
المنافع على ما يراه مالك رحمه الله ،وإما اتفاق الجنس على ما
يراه أبييو حنيفيية ،وإمييا اعتبار الطعييم مييع الجنييس على مييا يراه
الشافعيي فيي علة الن َّيساء .ومنهيا أن يكون مقدرا إميا بالكييل أو
بالوزن أو بالعدد إن كان مميا شأنيه أن يلحقيه التقديير ،أو منضبطيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وهيب عين مالك أنيه يجوز اليوميين والثلثية؛ وقال ابين عبيد الحكيم:
ل بأس به إلى اليوم الواحد .وأما ما يقتضي ببلد آخر ،فإن الجل
عندهيم فييه هيو قطيع المسيافة التيي بيين البلديين قلت أم كثرت،
وقال أبيو حنيفية :ل يكون أقيل مين ثلثية أيام؛ فمين جعيل الجيل
شرطيا غيير معلل اشترط منيه أقيل ميا ينطلق علييه السيم؛ ومين
جعله شرطيا معلل باختلف السيواق اشترط مين اليام ميا تختلف
فيه السواق غالبا .وأما الجل إلى الجذاذ والحصاد وما أشبه ذلك
فأجازه مالك ومنعيه أبيو حنيفية والشافعيي؛ فمين رأى أن الختلف
الذي يكون فيييييي أمثال هذه الجال يسيييييير أجاز ذلك ،إذ الغرر
اليسيير معفيو عنيه فيي الشرع ،وشبهيه بالختلف الذي يكون فيي
الشهور من قبل الزيادة والنقصان؛ ومن رأى أنه كثير ،وأنه أكثر
ميين الختلف الذي يكون ميين قبييل نقصييان الشهور وكمالهييا لم
يجزه .وأميا اختلفهيم فيي هيل مين شرط السيلم أن يكون جنيس
المسيلم فييه موجودا فيي حيين عقيد السيلم ،فإن مالكيا والشافعيي
وأحمييد وإسييحاق وأبييا ثور لم يشترطوا ذلك وقالوا :يجوز السييلم
في غير وقت إبانه .وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والوزاعي:
ل يجوز السيلم إل فيي إبان الشييء المسيلم فييه .فحجية مين لم
يشترط البان ميييا ورد فيييي حدييييث ابييين عباس أن الناس كانوا
يسيلمون فيي التمير السينتين والثلث فأقروا على ذلك ولم ينهوا
عنه .وعمدة الحنفية ما روي من حديث ابن عمر أن النبي صلى
الله علييه وسيلم قال "ل تسيلموا فيي النخيل حتيى يبدو صيلحها"
وكأنهم رأوا أن الغرر يكون فيه أكثر إذا لم يكن موجودا في حال
العقد ،وكأنه يشبه بيع ما لم يخلق أكثر ،وإن كان ذلك معينا وهذا
في الذمة ،وبهذا فارق السلم بيع ما لم يخلق.
(وأميا الشرط الثالث) وهيو مكان القبيض ،فإن أبيا حنيفية اشترطيه
تشبيها بالزمان ولم يشترطه غيره وهم الكثر .وقال القاضي أبو
محمد :الفضل اشتراطه .وقال ابن المواز :ليس يحتاج إلى ذلك.
(وأميا الشرط الرابيع) وهيو أن يكون الثمين مقدرا مكيل أو موزونيا
أو معدودا أو مذروعييا ل جزافييا ،فاشترط ذلك أبييو حنيفيية ،ولم
يشترطه الشافعي ول صاحبا أبي حنيفة أبو يوسف ومحمد ،قالوا:
وليييس يحفييظ عيين مالك فييي ذلك نييص ،إل أنييه يجوز عنده بيييع
الجزاف ،إل فيمييا يعظييم الغرر فيييه على مييا تقدم ميين مذهبييه.
وينبغيي أن تعلم أن التقديير فيي السيلم يكون بالوزن فيميا يمكين
فيه الوزن ،وبالكيل فيما يمكن فيه الكيل ،وبالذرع فيما يمكن فيه
الذرع ،وبالعدد فيميا يمكين فييه العدد .وإن لم يكين فييه أحيد هذه
التقديرات انضبييط بالصييفات المقصييودة ميين الجنييس مييع ذكيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجنيس إن كان أنواعيا مختلفية ،أو ميع تركيه إن كان نوعيا واحدا،
ولم يختلفوا أن السييلم ل يكون إل فييي الذميية وأنييه ل يكون فييي
معين؛ وأجاز مالك السلم في قرية معينة إذا كانت مأمونة ،وكأنه
رآها مثل الذمة.
**3الباب الثانيي .فيميا يجوز أن يقتضيي مين المسيلم إلييه بدل ميا
انعقييد عليييه السييلم ،ومييا يعرض فييي ذلك ميين القالة والتعجيييل
والتأخير.
@-وفي هذا الباب فروع كثيرة ،لكن نذكر منها المشهور:
@(-مسألة) اختلف العلماء فيمن أسلم في شيء من الثمر ،فلما
حل الجل تعذر تسليمه حتى عدم ذلك المسلم فيه وخرج زمانه،
فقال الجمهور :إذا وقييع ذلك كان المسييلم بالخيار بييين أن يأخييذ
الثمين أو يصيير إلى العام القابيل ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية
وابين القاسيم؛ وحجتهيم أن العقيد وقيع على موصيوف فيي الذمية
فهيو باق على أصيله ،ولييس مين شرط جوازه أن يكون مين ثمار
هذه السنة ،وإنما هو شيء شرطه المسلم فهو في ذلك بالخيار.
وقال أشهيب مين أصيحاب مالك :ينفسيخ السيلم ضرورة ول يجوز
التأخيير ،وكأنيه رآه مين باب الكالئ بالكالئ .وقال سيحنون :لييس
له أخذ الثمن ،وإنما له أن يصبر إلى القابل ،واضطرب قول مالك
فييي هذا والمعتمييد عليييه فييي هذه المسييألة مييا رآه أبييو حنيفيية
والشافعيي وا بن القاسم ،وهيو الذي اختاره أبيو بكير الطرطوشيي،
والكالئ بالكالئ المنهييى عنييه إنمييا هييو المقصييود ،ل الذي يدخييل
اضطرارا.
@(-مسيألة) اختلف العلماء فيي بييع المسيلم فييه إذا حان الجيل
من المسلم إليه قبل قبضه؛ فمن العلماء من لم يجز ذلك أصل،
وهم القائلون بأن كل شيء ل يجوز بيعه قبل قبضه ،وبه قال أبو
حنيفيية وأحمييد وإسييحاق .وتمسييك أحمييد وإسييحاق فييي منييع هذا
بحدييث عطيية العوفيي عين أبيي سيعيد الخدري قال :قال رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم "مين أسيلم فيي شييء فل يصيرفه فيي
غيره" .وأميا مالك فإنيه منيع شراء المسيلم فييه قبيل قبضيه فيي
موضعييين :أحدهمييا إذا كان المسييلم فيييه طعامييا ،وذلك بناء على
مذهبه في أن الذي يشترطه في بيعه القبض هو الطعام على ما
جاء علييه النيص فيي الحدييث .والثانيي إذا لم يكين المسيلم فييه
طعاميا فأخيذ عوضيه المسيلم ميا ل يجوز أن يسيلم فييه رأس ماله
مثل أن يكون المسلم فيه عرضا والثمن عرضا مخالفا له فيأخذ
المسييلم ميين المسييلم إليييه إذا حان الجييل شيئا ميين جنييس ذلك
العرض الذي هيو الثمين ،وذلك أن هذا يدخله إميا سيلف وزيادة إن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان العرض المأخوذ أكثييير مييين رأس مال السيييلم ،وإميييا ضمان
وسيييلف إن كان مثله أو أقيييل .وكذلك إن كان رأس مال السييلم
طعاما لم يجز أن يأخذ فيه طعاما آخر أكثر ،ل من جنسه ول من
غير جنسه ،فإن كان مثل طعامه في الجنس والكيل والصفة فيما
حكاه عبيييد الوهاب جاز ،لنيييه يحمله على العروض ،وكذلك يجوز
عنده أن يأخذ من الطعام المسلم فيه طعاما من صفته وإن كان
أقل جودة ،لنه عنده من باب البدل في الدنانير .والحسان مثل
أن يكون له عليه قمح فيأخذ بمكيلته شعيرا ،وهذا كله من شرطه
عنيد مالك أن ل يتأخير القبيض لنيه يدخله الديين بالديين .وإن كان
رأس مال السيلم عينيا وأخيذ المسيلم فييه عينيا مين جنسيه جاز ميا
لم يكن أكثر منه ،ولم يتهمه على بيع العين بالعين نسيئة إذا كان
مثله أو أقيل ،وإن أخيذ دراهيم فيي دنانيير لم يتهميه على الصيرف
المتأخير ،وكذلك إن أخيذ فييه دنانيير مين غيير صينف الدنانيير التيي
هيي رأس مال السيلم .وأميا بييع السيلم مين غيير المسيلم إلييه،
فيجوز بكل شيء يجوز التبايع به ما لم يكن طعاما ،لنه ل يدخله
بيع الطعام قبل قبضه .وأما القالة فمن شرطها عند مالك أن ل
يدخلها زيادة ول نقصان ،فإن دخلها زيادة أو نقصان كان بيعا من
البيوع ودخلهيا ميا يدخيل البيوع ،أعنيي أنهيا تفسيد عنده بميا يفسيد
بيوع الجال مثيل أن يتذرع إلى بييع وسيلف ،أو إلى :ضيع وتعجيل،
أو إلى بيييع السييلم بمييا ل يجوز بيعييه .مثال ذلك فييي دخول بيييع
وسيلف بيه إذا حيل الجيل ،فأقاله على أن أخيذ البعيض وأقال مين
البعييض فإنييه ل يجوز عنده فإنييه يدخله التذرع إلى بيييع وسييلف،
وذلك جائز عنيد الشافعيي وأبيي حنيفية ،لنهميا ل يقولن بتحرييم
بيوع الذرائع.
@(-مسييألة) اختلف العلماء فييي الشراء برأس مال السييلم ميين
المسييلم إليييه شيئا بعييد القالة بمييا ل يجوز قبييل القالة؛ فميين
العلماء ميين لم يجزه أصييل ،ورأى أن القالة ذريعيية إلى أن يجوز
من ذلك ما ل يجوز ،وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأصحابه،
إل أن عنيد أبيي حنيفية ل يجوز على الطلق ،إذ كان ل يجوز عنده
بييع المسيلم فييه قبيل القبيض على الطلق؛ ومالك يمنيع ذلك فيي
المواضيع التيي يمنيع بييع المسيلم فييه قبيل القبيض على ميا فصيلناه
قبيل هذا مين مذهبيه؛ ومين العلماء مين أجازه ،وبيه قال الشافعيي
والثوري .وحجتهيم أن بالقالة قيد ملك رأس ماله ،فإذا ملكيه جاز
له أن يشتري بيه ميا أحيب ،والظين الردييء بالمسيلمين غيير جائز.
قال :وأما حديث أبي سعيد فإنه إنما وقع النهي فيه قبل القالة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شرط البيع الكيل فكذلك القبض واحتجوا بما جاء في الحديث أنه
عليييه الصييلة والسييلم نهييى عيين بيييع الطعام حتييى يجري فيييه
الصياعان :صياع البائع ،وصياع المشتري .واختلفوا إذا هلك الطعام
في يد المشتري قبل الكيل ،فاختلفا في الكيل ،فقال الشافعي:
القول قول المشتري ،وبييه قال أبييو ثور؛ وقال مالك :القول قول
البائع لنيه قيد صيدقه المشتري عنيد قبضيه إياه ،وهذا مبنيي عنده
على أن البيع يجوز بنفس تصديقه.
**3الباب الثالث في اختلف المتبايعين في السلم.
@-والمتبايعان فييي السييلم إمييا أن يختلفييا فييي قدر الثميين أو
المثمون ،وإما في جنسهما ،وإما في الجل ،وإما في مكان قبض
السيلم .فأميا اختلفهيم فيي قدر المسيلم فييه ،فالقول فييه قول
المسلم إليه إن أتى بما يشبه ،وإل فالقول أيضا قول المسلم إن
أتيى أيضيا بميا يشبيه ،فإن أتييا بميا ل يشبيه فالقياس أن يتحالفيا
ويتفاسخا .وأما اختلفهم في جنس المسلم فيه ،فالحكم في ذلك
التحالف والتفاسييخ ،مثييل أن يقول أحدهمييا :أسييلمت فييي تميير،
ويقول الخير :فيي قميح .وأميا اختلفهيم فيي الجيل فإن كان فيي
حلوله فالقول قول المسلم إليه ،وإن كان في قدره فالقول أيضا
قول المسلم إليه إل أن يأتي بما ل يشبه ،مثل أن يدعي المسلم
وقيت إبان المسيلم فييه ،ويدعيي المسيلم إلييه غيير ذلك الوقيت،
فالقول قول المسيييلم .وأميييا اختلفهيييم فيييي موضيييع القبيييض،
فالمشهور أن من ادعى موضع عقد السلم فالقول قوله ،وإن لم
يدعه واحد منه ما فالقول قول المسلم إليه .وخالف سحنون في
الوجه الول فقال :القول قول المسلم إليه وإن ادعى القبض في
موضيع العقيد وخالف أبيو الفرج فيي الموضيع الثانيي فقال :إذا لم
يدع واحد منهما موضع العقد تحالفا وتفاسخا .وأما اختلفهم في
الثمين فحكميه حكيم اختلف المتبايعيين قبيل القبيض ،وقيد تقدم
ذلك.
**2كتاب بيع الخيار.
@-والنظير فيي أصيول هذا الباب ،أميا أول فهيل يجوز أم ل؟ وإن
جاز ،فكييم مدة الخيار؟ وهييل يشترط النقدييية فيييه أم ل؟ ومميين
ضمان المبيع في مدة الخيار؟ وهل يورث الخيار أم ل؟ ومن يصح
خياره ممين ل يصيح؟ وميا يكون مين الفعال خيارا كالقول؟ .أميا
جواز الخيار فعلييه الجمهور ،إل الثوري وابين أبيي شبرمية وطائفية
مين أهييل الظاهير .وعمدة الجمهور حديييث حبان بين منقييذ وفيييه
"ولك الخيار ثلثيا" وميا روي فيي حدييث ابين عمير "البيعان بالخيار
ما لم يفترقا إل بيع الخيار" .وعمدة من منعه أنه غرر وأن الصل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هو اللزوم في البيع إل أن يقوم دليل على جواز البيع على الخيار
من كتاب الله أو سنة ثابتة أو إجماع .قالوا :وحديث حبان إما أنه
ليس بصحيح ،وإما أنه خاص لما شكي إليه صلى الله عليه وسلم
أنيه يخدع فيي البيوع .قالوا :وأميا حدييث ابين عمير وقوله فييه "إل
بيع الخيار" فقد فسر المعنى المراد بهذا اللفظ ،وهو ما ورد فيه
مين لفيظ آخير وهيو "أن يقول أحدهميا لصياحبه اختير" وأميا مدة
الخيار عنييد الذييين قالوا بجوازه فرأى مالك أن ذلك ليييس له قدر
محدود فييي نفسييه وأنييه إنمييا يتقدر بتقدييير الحاجيية إلى اختلف
المييييبيعات ،وذلك يتفاوت بتفاوت المييييبيعات فقال :مثييييل اليوم
واليومييين فييي اختيار الثوب ،والجمعيية والخمسيية أيام فييي اختيار
الجاريية ،والشهير ونحوه فيي اختيار الدار .وبالجملة فل يجوز عنده
الجيل الطوييل الذي فييه فضيل عين اختيار الميبيع .وقال الشافعيي
وأبييو حنيفيية :أجييل الخيار ثلثيية أيام ل يجوز أكثيير ميين ذلك .وقال
أحمييد وأبييو يوسييف ومحمييد بيين الحسيين يجوز الخيار لي مدة
اشترطت ،وبه قال داود .واختلفوا في الخيار المطلق دون المقيد
بمدة معلوميية ،فقال الثوري والحسيين ابيين جنييي وجماعيية بجواز
اشتراط الخيار مطلقيييييا ويكون له الخيار أبدا ،وقال مالك :يجوز
الخيار المطلق ولكين السيلطان يضرب فييه أجيل مثله .وقال أبيو
حنيفييية والشافعيييي ل يجوز بحال الخيار المطلق ويفسيييد البييييع.
واختلف أبو حنيفة والشافعي إن وقع الخيار في الثلثة اليام زمن
الخيار المطلق ،فقال أبيو حنيفية :إن وقيع فيي الثلثية اليام جاز،
وإن مضت الثلثة فسد البييع؛ وقال الشافعي :بل هو فاسيد على
كيل حال ،فهذه هيي أقاوييل فقهاء المصيار فيي مدة الخيار ،وهيي
هيل يجوز مطلقيا أو مقيدا؟ وإن جاز مقيدا فكيم مقداره؟ وإن لم
يجز مطلقا فهل من شرط ذلك أن ل يقع الخيار في الثلث أم ل
يجوز بحال؟ وإن وقع في الثلث.
فأما أدلتهم فإن عمدة من لم يجز الخيار هو ما قلناه .وأما عمدة
من لم يجز الخيار إل ثلثا فهو أن الصل هو أن ل يجوز الخيار فل
يجوز منه إل ما ورد فيه النص في حديث منقذ بن حبان أو حبان
بيين منقييذ ،وذلك كسييائر الرخييص المسييتثناة ميين الصييول مثييل
اسييتثناء العرايييا ميين المزابنيية وغييير ذلك .قالوا :وقييد جاء تحديييد
الخيار بالثلث في حديث المصراة وهو قوله "من اشترى مصراة
فهو بالخيار ثلثة أيام" وأما حديث منقذ ،فأشبه طرقه المتصلة ما
رواه محميد ابين إسيحاق عين نافيع عين ابين عمير أن رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم قال لمنقيذ وكان يخدع فيي البييع "إذا بعيت
فقيل ل خلبية وأنيت بالخيار ثلثيا" .وأميا عمدة أصيحاب مالك ،فهيو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن المفهوم مييين الخيار هيييو اختيار الميييبيع ،وإذا كان ذلك كذلك
وجيييب أن يكون ذلك محدودا بزمان إمكان اختيار الميييبيع ،وذلك
يختلف بحسب مبيع مبيع ،فكأن النص إنما ورد عندهم تنبيها على
هذا المعنيى ،وهيو عندهيم مين باب الخاص أرييد بيه العام ،وعنيد
الطائفة الولى من باب الخاص أريد به الخاص.
وأميا اشتراط النقيد فإنيه ل يجوز عنيد مالك وجمييع أصيحابه لتردده
عندهيم بيين السيلف والبييع ،وفييه ضعيف .وأميا ممين ضمان الميبيع
فييي مدة الخيار فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فقال مالك وأصييحابه
واللييث والوزاعيي :مصييبته مين البائع والمشتري أميين ،وسيواء
كان الخيار لهميا أو لحدهميا؛ وقيد قييل فيي المذهيب إنيه إن كان
هلك بييييد البائع فل خلف فيييي ضمانيييه إياه ،وإن كان هلك بييييد
المشتري فالحكيم كالحكيم فيي الرهين والعاريية إن كان مميا يغاب
عليه فضمانه منه ،وإن كان مما ل يغاب عليه فضمانه من البائع.
وقال أبيييو حنيفييية :إن كان شرط الخيار لكليهميييا أو للبائع وحده
فضمانييه ميين البائع والمييبيع على ملكييه ،وأمييا إن كان شرطييه
المشتري وحده فقيد خرج الميبيع عين ملك البائع ولم يدخيل فيي
ملك المشتري ،وبقي معلقا حتى ينقضي الخيار ،وقد قيل عنه إن
على المشتري الثميين ،وهذا يدل على أنييه دخييل عنده فييي ملك
المشتري.
وللشافعي قولن :أشهرهما أن الضمان من المشتري ليهما كان
الخيار .فعمدة ميين رأى أن الضمان ميين البائع على كييل حال أنييه
عقيد غيير لزم ،فلم ينتقيل الملك عين البائع كميا لو قال بعتيك ولم
يقيل المشتري قبلت .وعمدة مين رأى أنيه مين المشتري تشيبيهه
بالبيييع اللزم وهييو ضعيييف لقياسييه موضييع الخلف على موضييع
التفاق .وأميييا مييين جعيييل الضمان لمشترط الخيار إذا شرطيييه
أحدهمييا ولم يشترطييه الثانييي فلنييه إن كان البائع هييو المشترط
فالخيار له إبقاء للمييييبيع على ملكييييه ،وإن كان المشتري هييييو
المشترط له فقيط فقيد صيرفه البائع مين ملكيه وأبانيه فوجيب أن
يدخل في ملك المشتري إذا كان المشتري هو الذي شرطه فقط
قال :قيد خرج عين ملك البائع لنيه لم يشترط خيارا ولم يلزم أن
يدخل في ملك المشتري لنه شرط الخيار في رد الخر له ،ولكن
هذا القول يمانيع الحكيم ،فإنيه لبيد أن تكون مصييبته مين أحدهميا،
والخلف آييل إلى هيل الخيار مشترط ليقاع الفسيخ فيي البييع أو
لتتميم البيع ،فإذا قلنا لفسخ البيع فقد خرج من ضمان البائع ،وإن
قلنا لتتميمه فهو في ضمانه.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فأخيبره أنيه اشتراه بأكثير مميا اشترى السيلعة بيه ،أو وهيم فأخيبر
بأقيل مما اشترى به السيلعة ثيم ظهير له أنيه اشتراهيا بأكثير ،ففيي
هذا الكتاب بحسيييب اختلف فقهاء المصيييار بابان :الباب الول:
فيميا يعيد مين رأس مال مميا ل يعيد ،وفيي صيفة رأس المال الذي
يجوز أن يبني عليه الربح .الثاني :في حكم ما وقع من الزيادة أو
النقصان في خبر البائع بالثمن.
**3الباب الول .في ما يعد من رأس المال م ما ل يعد ،وفي صفة
رأس المال الذي يجوز أن يبني عليه الربح.
@-فأميا ميا يعيد فيي الثمين مميا ل يعيد ،فإن تحصييل مذهيب مالك
فيي ذلك أن ميا ينوب البائع على السيلعة زائدا على الثمين ينقسيم
ثلثة أقسام :قسم يعد في أصل الثمن ويكون له حظ من الربح.
وقسم ل يعد في أصل الثمن ول يكون له حظ من الربح .وقسم
ل يعيد فيي أصيل الثمين ول يكون له حيظ مين الربيح .فأميا الذي
يحسيبه فيي رأس المال ويجعيل له حظيا مين الربيح فهيو ميا كان
مؤثرا فيي عيين السيلعة مثيل الخياطية والصيبغ .وأميا الذي يحسيبه
في رأس المال ول يجعل له حظا من الربح فما ل يؤثر في عين
السلعة مما ل يمكن البائع أن يتوله بنفسه كحمل المتاع من بلد
إلى بلد وكراء البيوت التيي توضيع فيهيا .وأميا ميا ل يحتسيب فييه
المرين جميعا ،فما ليس له تأثير في عين السلعة مما يمكن أن
يتوله صاحب السلعة بنفسه كالسمسرة والطي والشد .وقال أبو
حنيفية :بيل يحميل على ثمين السيلعة كيل ميا نابيه عليهيا .وقال أبيو
ثور :ل يجوز المرابحة إل بالثمن الذي اشترى به السلعة فقط إل
أن يفصل ويفسخ عنده إن وقع قال لنه كذب ،لنه يقول له :ثمن
سيلعتي كذا وكذا ولييس المير كذلك ،وهيو عنده مين باب الغيش.
وأميا صيفة رأس الثمين الذي يجوز أن يخيبر بيه فإن مالكيا واللييث
قال فيميين اشترى سييلعة بدنانييير والصييرف يوم اشتراهييا صييرف
معلوم ثيم باعهيا بدراهيم والصيرف قيد تغيير إلى زيادة أنيه لييس له
أن يعلم يوم باعهييا بالدنانييير التييي اشتراهييا لنييه ميين باب الكذب
والخيانية ،وكذلك إن اشتراهيا بدراهيم ثيم باعهيا بدنانيير وقيد تغيير
الصيرف .واختلف أصيحاب مالك مين هذا الباب فيمين ابتاع سيلعة
بعروض هيييل يجوز له أن يبيعهيييا مرابحييية أم ل يجوز؟ فإذا قلنيييا
بالجواز فهييل يجوز بقيميية العرض أو بالعرض نفسييه؟ فقال ابيين
القاسيم :يجوز له بيعهيا على ميا اشتراه بيه مين العروض ول يجوز
على القيمة .وقال أشهب :ل يجوز لمن اشترى سلعة بشيء من
العروض أن يبيعها مرابحة لنه يطالبه بعروض على صفة عرضه،
وفيي الغالب لييس يكون عنده فهيو مين باب بييع ميا لييس عنده.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلف مالك وأبيو حنيفية فيمين اشترى سيلعة بدنانيير فأخيذ فيي
الدنانير عروضا أو دراهيم هل يجوز له بيع ها مراب حة دون أن يعلم
بما نقد أم ل يجوز؟ فقال مالك :ل يجوز إل أن يعلم ما نقد؛ وقال
أبو حنيفة :يجوز أن يبيعها منه مرابحة على الدنانير التي ابتاع بها
السييلعة دون العروض التييي أعطييى فيهييا أو الدراهييم؛ قال مالك
أيضيا فيمين اشترى سيلعة بأجيل فباعهيا مرابحية أنيه ل يجوز حتيى
يعلم بالجييل .وقال الشافعييي إن وقييع كان للمشتري مثييل أجله؛
وقال أبييو ثور :هييو كالعيييب وله الرد بييه ،وفييي هذا الباب فييي
المذهب فروع كثيرة ليست مما قصدناه.
**3الباب الثانيي .فيي حكيم ميا وقيع مين الزيادة أو النقصيان فيي
خبر البائع بالثمن.
@-واختلفوا فيمين ابتاع سيلعة مرابحية على ثمين ذكره ،ثيم ظهير
بعد ذلك إما بإقراره وإما ببينة أن الثمن كان أقل والسلعة قائمة؛
فقال مالك وجماعية :المشتري بالخيار ،إميا أن يأخيذ بالثمين الذي
صييح أو يترك إذا لم يلزمييه البائع أخذهييا بالثميين الذي صييح وإن
ألزمييه لزمييه؛ وقال أبييو حنيفيية وزفيير :بييل المشتري بالخيار على
الطلق ،ول يلزمه الخذ بالثمن الذي إن ألزمه البائع لزمه؛ وقال
الثوري وابين أبيي ليلى وأحميد وجماعية :بيل يبقيى البييع لزميا لهميا
بعيد حيط الزيادة؛ وعين الشافعيي القولن :القول بالخيار مطلقيا،
والقول باللزوم بعيد الحيط .فحجية مين أوجيب البييع بعيد الحيط أن
المشتري إنميا أربحيه على ميا ابتاع بيه السيلعة ل غيير ذلك ،فلميا
ظهير خلف ميا قال وجيب أن يرجيع إلى الذي ظهير ،كميا لو أخذه
بكييل معلوم فخرج بغيير ذلك الكييل أنيه يلزميه توفيية ذلك الكييل.
وحجية مين رأى أن الخيار مطلقيا تشيبيه الكذب فيي هذه المسيألة
بالعييب ،أعنيي أنيه كميا يوجيب العييب الخيار كذلك يوجيب الكذب.
وأميا إذا فاتيت السيلعة فقال الشافعيي :يحيط مقدار ميا زاد مين
الثمين وميا وجيب له مين الربيح؛ وقال مالك :إن كانيت قيمتهيا يوم
القبض أو يوم البيع على خلف عنه في ذلك مثل ما وزن المبتاع
أو أقيل فل يرجيع علييه المشتري بشييء ،وإن كانيت القيمية أقيل
خييير البائع بييين رده للمشتري القيميية أو رده الثميين أو إمضائه
السيلعة بالثمين الذي صيح .وأميا إذا باع الرجيل سيلعته مرابحية ثيم
أقام البينيية أن ثمنهييا أكثيير ممييا ذكره وأنييه وهييم فييي ذلك وهييي
قائمية ،فقال الشافعيي :ل يسيمع مين تلك البينية لنيه كذبهيا؛ وقال
مالك :يسيمع منهيا ويجيبر المبتاع على ذلك الثمين ،وهذا بعييد لنيه
بيييع آخيير .وقال مالك فييي هذه المسييألة :إذا فاتييت السييلعة أن
المبتاع مخير بين أن يعطي قيمة السلعة يوم قبضها أو أن يأخذها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بالثمين الذي صيح ،فهذه هيي مشهورات مسيائلهم فيي هذا الباب.
ومعرفيية أحكام هذا البيييع تنبنييي فييي مذهييب مالك على معرفيية
أحكام ثلثية مسيائل وميا تركيب منهيا ،حكيم مسيألة الكذب ،وحكيم
مسألة الغش ،وحكم مسألة وجود العيب .فأما حكم الكذب فقد
تقدم .وأميا حكيم الرد بالعييب فهيو حكميه فيي البييع المطلق .وأميا
حكم الغش عنده ف هو تخيير البائع مطلقا ،وليس للبائع أن يلزمه
البييع وإن حيط عنيه مقدار الغيش كميا له ذلك فيي مسيألة الكذب،
هذا عنيد ابين القاسيم .وأميا عنيد أشهيب ،فإن الغيش عنده ينقسيم
قسمين :قسم مؤثر في الثمن ،وقسم غير مؤثر .فأما غير المؤثر
فل حكيم عنده فييه .وأميا المؤثير فحكميه عنده حكيم الكذب .وأميا
التييي تتركييب فهييي أربييع مسييائل :كذب وغييش ،وكذب وتدليييس،
وغش وتدليس بعيب ،وكذب وغش وتدليس بعيب؛ وأصل مذهب
ابين القاسيم فيهيا أنيه يأخيذ بالذي بقيي حكميه إن كان فات بحكيم
أحدهميا أو بالذي هيو أرجيح له إن لم يفيت حكيم أحدهميا ،إميا على
التخيير حيث يمكن التخيير ،أو الجمع حيث يمكن الجمع ،وتفصيل
هذا لئق بكتب الفروع ،أعني مذهب ابن القاسم وغيره.
**2كتاب بيع العرية.
@-اختلف الفقهاء في معنى العرية والرخصة التي أتت فيها في
السنة ،فحكى القاضي أبو محمد عبد الوهاب المالكي أن العرية
فيي مذهيب مالك هيي أن يهيب الرجيل ثمرة نخلة أو نخلت مين
حائطييه لرجييل بعينييه ،فيجوز للمعرى شراؤهييا ميين المعري له
بخرصيها تمرا على شروط أربعية :أحدهيا :أن تزهيي .والثانيي أن
تكون خمسيية أوسييق فمييا دون ،فإن زادت فل يجوز .والثالث أن
يعطيييه التميير الذي يشتريهييا بييه عنييد الجذاذ ،فإن أعطاه نقدا لم
يجز .والرابع أن يكون التمر من صنف تمر العرية ونوعها ،فعلى
مذهب مالك الرخصة في العرية إنما هي في حق المعري فقط،
والرخصة فيها إنما هي استثناؤها من المزابنة ،وهي بيع الرطب
بالتمر الجاف الذي ورد النهي عنه ،ومن صنفي الربا أيضا :أعني
التفاضييل والن ّ يَساء ،وذلك أن بيييع ثميير معلوم الكيييل بثميير معلوم
بالتخميين وهيو الخرص ،فيدخله بييع الجنيس الواحيد متفاضل ،وهيو
أيضيا ثمير بثمير إلى أجيل ،فهذا هيو مذهيب مالك فيميا هيي العريية،
وماهي الرخصة فيها ،ولمن الرخصة فيها؟ .وأما الشافعي فمعنى
الرخصة الواردة عنده فيها ليست للمعري خاصة ،وإنما هي لكل
أحيييد مييين الناس أراد أن يشتري هذا القدر مييين التمييير :أعنيييي
الخمسة أوسق أو ما دون ذلك بتمر مثلها؛ وروي أن الرخصة فيها
إنمييا هييي معلقيية بهذا القدر ميين التميير لضرورة الناس أن يأكلوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رطبيا وذلك لمين لييس عنده رطيب ول تمير (هكذا بالنسيخ ،ولعله:
وعنده تميير يشتري ،إذ هييي فسييحة لميين عنده تميير وليييس عنده
رطيب أن يشتري الرطيب بالتمير ،ولذلك اشتراط الشافعيي دفيع
التمر نقدا ،فتأمل ا هي مصححه) يشتري به الرطب.
والشافعييي يشترط فييي إعطاء التميير الذي تباع فييي العرييية أن
يكون نقدا ،ويقول :إن تفرقييا قبييل القبييض فسييد البيييع .والعرييية
جائزة عند مالك في كل ما ييبس ويدخر ،وهي عند الشافعي في
التميير والعنييب فقييط ول خلف فييي جوازهييا فيمييا دون الخمسيية
الوسيق عنيد مالك والشافعيي ،وعنهميا الخلف إذا كانيت خمسية
أوسيق ،فروي الجواز عنهميا والمنيع ،والشهير عنيد مالك الجواز.
فالشافعي يخالف مالكا في العرية في أربعة مواضع :أحدها في
سبب الرخصة كما قلنا .والثاني أن العرية التي رخص فيها ليست
هبية ،وإنميا سيميت هبية على التجوز .والثالث فيي اشتراط النقيد
عنيد البييع .والرابيع فيي محلهيا .فهيي عنده كميا قلنيا فيي التمير
والعنب فقط ،وعند مالك في كل ما يدخر وييبس .وأما أحمد بن
حنبيل فيوافيق مالكيا فيي أن العريية عنده هيي الهبية ،ويخالفيه فيي
أن الرخصية إنميا هيي عنده فيهيا للموهوب له أعنيي المعرى له ل
المعري ،وذلك أنيه يرى أن له أن يبيعهيا ممين شاء بهذه الصيفة ل
من المعري خاصة كما ذهب إليه مالك.
وأميا أبيو حنيفية فيوافيق مالكيا فيي أن العريية هيي الهبية ،ويخالفيه
فيي صيفة الرخصية ،وذلك أن الرخصية عنده فيهيا ليسيت هيي مين
باب اسيتثنائها مين المزابنية ول هيي فيي الجملة فيي البييع ،وإنميا
الرخصيية فيهييا عنده ميين باب رجوع الواهييب فييي هبتييه إذ كان
الموهوب له لم يقبضهيا وليسيت عنده بيبيع ،وإنميا هيي رجوع فيي
الهبية على صيفة مخصيوصة ،وهيو أن يعطيي بدلهيا تمرا بخرصيها.
وعمدة مذهييب مالك فييي العرييية أنهييا بالصييفة التييي ذكيير سيينتها
المشهورة عندهم بالمدينة ،قالوا :وأصل هذا أن الرجل كان يهب
النخلت مين حائطيه فيشيق علييه دخول الموهوب له علييه ،فأبييح
له أن يشتريهيا بخرصيها تمرا عنيد الجذاذ .ومين الحجية له فيي أن
الرخصة إنما هي للمعري حديث سهل بن أبي حثمة "أن رسول
الله صيلى الله علييه وسيلم نهيى عين بييع التمير بالرطيب إل أنيه
رخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا" قالوا :فقوله
يأكلها رطبا دليل على أن ذلك خاص بمعريها ،لنهم في ظاهر هذا
القول أهلها.
ويمكين أن يقال إن أهلهيا هيم الذيين اشتروهيا كائنيا مين كان ،لكين
قوله رطبيا هيو تعلييل ل يناسيب المعري ،وعلى مذهيب الشافعيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
هو مناسب ،وهم الذين ليس عندهم رطب ول تمر يشترونها به،
ولذلك كانيت الحجية للشافعيي .وأميا أن العريية عنده هيي الهبية
فالدلييل على ذلك مين اللغية ،فإن أهيل اللغية قالوا :العريية هيي
الهبية ،واختلف فيي تسيميتها بذلك ،فقييل لنهيا عرييت مين الثمين،
وقيل إنها مأخوذة من عروت الرجل أعروه إذا سألته ،ومنه قوله
تعالى {وأطعموا القانيع والمعتير} وإنميا اشترط مالك نقيد الثمين
عنييد الجذاذ أعنييي تأخيره إلى ذلك الوقييت ،لنييه تميير ورد الشرع
بخرصه ،فكان من سنته أن يتأجل إلى الجذاذ أصله الزكاة ،وفيه
ضعيف ،لنيه مصيادمة بالقياس لصيل السينة .وعنده أنيه إذا تطوع
بعيد تمام العقيد بتعجييل التمير جاز ،وأميا اشتراطيه جوازهيا فيي
الخمسية الوسيق أو فيميا دونهيا ،فلميا رواه عين أبيي هريرة "أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها
فيميا دون خمسية أوسيق ،أو فيي خمسية أوسيق" وإنميا كان عين
مالك في الخمسة الوسق روايتان الشك الواقع في هذا الحديث
مين الراوي .وأميا اشتراطيه أن يكون مين ذلك الصينف بعينيه إذا
يبس ،فلما روي عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه
وسييلم "رخييص لصيياحب العريية أن يبيعهييا بخرصييها تمرا" خرجييه
مسيلم .وأميا الشافعيي فعمدتيه حدييث رافيع بين خدييج وسيهل بين
أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن المزابنة
التمير بالتمير إل أصيحاب العراييا ،فإنيه أذن لهيم فييه وقوله "فيهيا
يأكلهيا أهلهيا رطبيا" .والعريية عندهيم هيي اسيم لميا دون الخمسية
الوسييق ميين التميير ،وذلك أنييه لمييا كان العرف عندهييم أن يهييب
الرجل في الغالب من نخلته هذا القدر فما دونه ،خص هذا القدر
الذي جاءت فييه الرخصية باسيم الهبية لموافقتيه فيي القدر للهبية،
وقد احتج لمذهبه بما رواه بإسناد منقطع عن محمود بن لبيد أنه
قال لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إما زيد
بييين ثابيييت وإميييا غيره :ميييا عراياكيييم هذه؟ قال :فسيييمى رجال
محتاجين من النصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن الرطيب أتيى ولييس بأيديهيم نقيد يبتاعون بيه الرطيب فيأكلونيه
ميع الناس ،وعندهيم فضيل مين قوتهيم مين التمير ،فرخيص لهيم أن
يبتاعوا العرايييا بخرصييها ميين التميير الذي بأيديهييم يأكلونهييا رطبييا،
وإنما لم يجز تأخير نقد التمر لنه بيع الطعام بالطعام نسيئة.
وأما أحمد فحجته ظاهر الحاديث المتقدمة أنه رخص في العرايا
ولم يخيص المعري مين غيره .وأميا أبيو حنيفية فلميا لم يجيز عنده
المزابنة وكانت إن جعلت بيعا نوعا من المزابنة رأى أن انصرافها
إلى المعري ليييس هييو ميين باب البيييع وإنمييا هييو ميين باب رجوع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الواهب فيما وهب باعطاء خرصها تمرا ،أو تسميته إياها بيعا عنده
مجازا ،وقد التفت إلى هذا المعنى مالك في بعض الروايات عنه،
فلم يجز بيعها بالدراهم ول بشيء من الشياء سوى الخرص ،وإن
كان المشهور عنه جواز ذلك .وقد قيل إن قول أبي حنيفة هذا هو
مين باب تغلييب القياس على الحدييث ،وذلك أنيه خالف الحادييث
فييي مواضييع منهييا أنييه لم يسييمها بيعييا ،وقييد نييص الشارع على
تسيميتها بيعيا .ومنهيا أنيه جاء فيي الحدييث أنيه نهيى عين المزابنية
ورخييص فييي العرايييا ،وعلى مذهبييه ل تكون العرييية اسييتثناء ميين
المزابنة ،لن المزابنة هي في البيع .والعجب منه أنه سهل عليه
أن يسيتثنيها مين النهيي عين الرجوع فيي الهبية التيي لم يقيع فيهيا
السيتثناء بنيص الشرع ،وعسير علييه أن يسيتثنيها مميا اسيتثنى منيه
الشارع ،وهي المزابنة ،والله أعلم.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الجارات.
@-والنظير في هذا الكتاب شيبيه بالنظير فيي البيوع :أعني أ صوله
تنحصر بالنظر في أنواعها وفي شروط الصحة فيها والفساد وفي
أحكامهيا ،وذلك فيي نوع نوع منهيا ،أعنيي فيميا يخيص نوعيا نوعيا
منها ،وفيما يعم أكثر من واحد من ها فهذا الكتاب ينقسم أول إلى
قسييمين :القسييم الول :فييي أنواعهييا وشروط الصييحة والفسيياد.
والثانيي :فيي معرفية أحكام الجارات ،وهذا كله بعيد قيام الدلييل
على جوازهيا .فلنذكير أول ميا فيي ذلك مين الخلف ثيم نصيير إلى
ذكيير مييا فييي ذينييك القسييمين ميين المسييائل المشهورة ،إذ كان
قصيدنا إنميا هيو ذكير المسيائل التيي تجري مين هذه الشياء مجرى
المهات ،وهييي التييي اشتهيير فيهييا الخلف بييين فقهاء المصييار.
فنقول :إن الجارة جائزة عند جميع فقهاء المصار والصدر الول.
وحكيي عين الصيم وابين عليية منعهيا .ودلييل الجمهور قوله تعالى
{إنييي أريييد أن أنكحييك إحدى ابنتييي هاتييين} الييية ،وقوله {فإن
أرضعين لكيم فآتوهين أجورهين} .ومين السينة الثابتية ميا خرجيه
البخاري عين عائشية قالت "اسيتأجر رسيول الله صيلى الله علييه
خّريتيا [أي دليل حاذقيا
وسيلم وأبيو بكير رجل مين بنيي الدييل هادييا ِ
عالميا بالطرق .دار الحدييث] وهيو على ديين كفار قرييش ،فدفعيا
إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلث ليال براحلتيهما" وحديث
جابر "أنه باع من النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا وشرط ظهره
إلى المدينيية" ومييا جاز اسييتيفاؤه بالشرط جاز اسييتيفاؤه بالجيير،
وشبهيية ميين منييع ذلك أن المعاوضات إنمييا يسييتحق فيهييا تسييليم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فسيألت رافيع بين خدييج عين كرائهيا بالذهيب والورق فقال :ل بأس
بيه .وروي هذا عين رافيع ابين عمير وأخيذ بعموميه ،وكان ابين عمير
قبيل يكري أرضيه فترك ذلك ،وهذا بناء على رأي مين يرى أنيه ل
يخصص العموم بقول الراوي .وروي عن رافع ابن خديج عن أبيه
قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إجارة الرضين"
قال أبو عمر بن عبد البر.
واحتجوا أيضييا بحديييث ضمرة عيين ابيين شوذب عيين مطرف عيين
عطاء عين جابر قال :خطبنيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
فقال "من كانت له أرض فليزرعها أو ليُزرعها ول يؤاجرها" فهذه
هييي جملة الحاديييث التييي تمسييك بهييا ميين لم يجييز كراء الرض.
وقالوا أيضا من جهة المعنى :إنه لم يجز كراؤها لما في ذلك من
الغرر ،لنييه ممكيين أن يصيييب الزرع جائحيية ميين نار أو قحييط أو
غرق ،فيكون قيد لزميه كراؤهيا مين غيير أن ينتفيع مين ذلك بشييء.
قال القاضيي :ويشبيه أن يقال فيي هذا إن المعنيى فيي ذلك قصيد
الرفيق بالناس لكثرة وجود الرض كميا نهيى عين بييع الماء ،ووجيه
الشبه بينهما أنهما أصل الخلقة .وأما عمدة من لم يجز كراءها إل
بالدراهيم والدنانيير فحدييث طارق بين عبيد الرحمين عين سيعيد بين
المسيب عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال "إنميا يزرع ثلثية ،رجيل له أرض فيزرعهيا ،ورجيل منيح أرضيا
فهيو يزرع ميا منيح ،ورجيل اكترى بذهيب أو فضية" قالوا :فل يجوز
أن يتعدى ما في هذا الحديث والحاديث الخر مطلقة وهذا مقيد،
ومن الواجب حمل المطلق على المقيد .وعمدة من أجاز كراءها
بكيل شييء ميا عدا الطعام ،وسيواء كان الطعام مدخرا أو لم يكين
حدييث يعلى بين حكييم عين سيليمان بين يسيار عين رافيع بين خدييج
قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "مين كانيت له أرض
فليزرعهييا أو ليُزرعهييا أخاه بثلث ول ربييع ول بطعام معييين" قالوا:
وهذا هيو معنيى المحاقلة التيي نهيى رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم عنهيا ،وذكروا حدييث سيعيد بين المسييب مرفوعيا ،وفييه:
والمحاقلة اسيتكراء الرض بالحنطية .قالوا :وأيضيا فإنيه مين باب
بيع الطعام بالطعام نسيئة.
وعمدة من لم يجز كراءها بالطعام ول بشيء مما يخرج منها ،أما
بالطعام فحجته حجة من لم يجز كراءها بالطعام .وأما حجته على
منع كرائها مما تنبت فهو ما ورد من نهيه صلى الله عليه وسلم
عيين المخابرة ،قالوا :وهييي كراء الرض بمييا يخرج منهييا وهذا هييو
قول مالك وكيل أصيحابه .وعمدة مين أجاز كراءهيا بجمييع العروض
والطعام وغير ذلك مما يخرج منها أنه كراء منفعة معلومة بشيء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
معلوم ،فجاز قياسيا على إجارة سيائر المنافيع ،وكأن هؤلء ضعفوا
أحاديث رافع .روي عن سالم ابن عبد الله وغيره في حديث رافع
أنهيم قالوا :اكترى رافيع .قالوا :وقيد جاء فيي بعيض الروايات عنيه
ما يجب أن يحمل عليها سائرها قال "كنا أكثر أهل المدينة حقل،
قال :وكان أحدنيا يكري أرضيه ويقول :هذه القطعية لي وهذه لك،
وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه ،فنهاهيم النبي صلى الله عليه
وسيلم "خرجيه البخاري .وأميا مين لم يجيز كراءهيا بميا يخرج منهيا،
فعمدته النظر والثر .وأما الثر فما ورد من النهي عن المخابرة،
وميا ورد مين حدييث ابين خدييج عين ظهيير بين رافيع قال "نهانيا
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان رفقا بنا ،فقلت ما
قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فهيو حيق قال" :دعانيي
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فقال :ميا تصينعون بمحاقلكيم؟
قلنا :نؤاجرها على الربع وعلى الوسق من التمر والشعير ،فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :ل تفعلوا ،ازرعوها أو زارعوها
أو أمسيكوها" وهذا الحدييث اتفيق على تصيحيحه المامان البخاري
ومسلم .وأ ما من أجاز كراءهيا ب ما يخرج منهيا فعمد ته حديث ابن
عمير الثا بت "أن رسيول الله صلى الله علييه وسلم دفيع إلى يهود
خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم على نصف
ما تخرجه الرض والثمرة" قالوا :وهذا الحديث أولى من أحاديث
رافيع لنهيا مضطربية المتون ،وإن صيحت أحادييث رافيع حملناهيا
على الكراهيية ل على الحظير ،بدلييل ميا خرجيه البخاري ومسيلم
عين ابين عباس أنيه قال "إن النيبي صيلى الله علييه وسيلم لم ينيه
عنهيا ولكين قال :إن يمنيح أحدكيم أخاه يكين خيرا له مين أن يأخيذ
منيه شيئا" قالوا :وقيد قدم معاذ بين جبيل اليمين حيين بعثيه رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم وهيم يخابرون فأقرهيم( .وأميا إجارة
المؤذن) فإن قومييا لم يروا فييي ذلم بأسييا؛ وقومييا كرهوا ذلك.
والذيين كرهوا ذلك وحرموه احتجوا بميا روي عين عثمان بين أبيي
العاص قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اتخذ مؤذنا ل
يأخييذ على أذانييه أجرا" والذييين أباحوه قاسييوه على الفعال غييير
الواجبية ،وهذا هيو سيبب الختلف ،أعنيي هيل هيو واجيب أم لييس
بواجب؟.
وأميا السيتئجار على تعلييم القرآن فقيد اختلفوا فييه أيضيا ،وكرهيه
قوم ،وأجازه آخرون .والذييين أباحوه قاسييوه على سييائر الفعال،
واحتجوا بميا روي عين خارجية بين الصيامت عين عميه قال" :أقبلنيا
مين عنيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ،فأتينيا على حيي مين
أحياء العرب فقالوا :إنكيم جئتيم مين عنيد هذا الرجيل فهيل عندكيم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
دواء أو رقييية ،فإن عندنييا معتوهييا فييي القيود ،فقلنييا لهييم نعييم،
فجاءوا بيييه ،فجعلت أقرأ علييييه بفاتحييية الكتاب ثلثييية أيام غدوة
وعشيية أجميع بريقيي ثيم أتفيل علييه ،فكأنميا أنشيط مين عقال،
فأعطونيي جعل ،فقلت ل حتيى أسيأل رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ،فسيألته فقال" :كيل فلعمري لمين أكيل برقيية باطل فلقيد
أكلت برقيية حقيا" وبميا روي عين أبيي سيعيد الخدري "أن أصيحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في غزاة ،فمروا بحي من
أحياء العرب ،فقالوا :هل عندكم من راق ،فإن سيد الحي قد لدغ
أو قيد عرض له ،قال :فرقيي رجيل بفاتحية الكتاب فيبرئ ،فأعطيى
قطيعيا مين الغنيم ،فأبيى أن يقبلهيا ،فسيأل عين ذلك رسيول الله
صلى الله عليه وسلم فقال :بم رقيته؟ قال :بفاتحة الكتاب ،قال:
وميا يدرييك أنهيا رقيية؟ قال :ثيم قال رسيول الله صيلى الله علييه
وسلم :خذو ها واضربوا لي معكم في ها ب سهم" .وأما الذين كرهوا
الجعيل على تعلييم القرآن فقالوا :هيو مين باب الجعيل على تعلييم
الصيلة .قالوا :ولم يكين الجعيل المذكور فيي الجارة على تعلييم
القرآن وإنمييا كان على الرقييي ،وسييواء كان الرقييي بالقرآن أو
غيره السيتئجار علييه عندنيا جائز كالعلجات .قالوا :ولييس واجبيا
على الناس ،وأمييا تعليييم القرآن فهييو واجييب على الناس .وأمييا
إجارة الفحول ميين البييل والبقيير والدواب ،فأجاز مالك أن يكري
الرجل فحله على أن ينزو أكواما معلومة ،ولم يجز ذلك أبو حنيفة
ول الشافعي.
وحجة من لم يجز ذلك ما جاء من النهي عن عسيب الفحل؛ ومن
أجازه شبهه بسائر المنافع ،وهذا ضعيف لنه تغليب القياس على
السيماع .واسيتئجار الكلب أيضيا هيو مين هذا الباب ،وهيو ل يجوز
عنيييد الشافعيييي ول عنيييد مالك .والشافعيييي يشترط فيييي جواز
اسيييتئجار المنفعييية أن تكون متقومييية على انفرادهيييا ،فل يجوز
اسيتئجار تفاحية للشيم ،ول طعام لتزيين الحانوت ،إذ هذه المنافيع
ليييس لهييا قيييم على انفرادهييا ،فهييو ل يجوز عنييد مالك ول عنييد
الشافعييي .وميين هذا الباب اختلف المذهييب فييي إجارة الدراهييم
والدنانييير ،بالجملة كييل مييا ل يعرف بعينييه ،فقال ابيين القاسييم :ل
يصيح إجارة هذا الجنيس وهيو قرض ،وكان أبيو بكير البهري وغيره
أن ذلك يصيح وتلزم الجرة فييه ،وإنميا منيع مين منيع إجارتهيا ،لنيه
لم يتصيور فيهيا منفعية إل بإتلف عينهيا؛ ومين أجاز إجارتهيا تصيور
فيها منفعة ،مثل أن يتحمل بها أو يتكثر أو غير ذلك مما يمكن أن
يتصيييور فيييي هذا الباب ،فهذه هيييي مشهورات مسيييائل الخلف
المتعلقية بجنيس المنفعية .وأميا مسيائل الخلف المتعلقية بجنيس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الثمين فهيي مسيائل الخلف المتعلقية بميا يجوز أن يكون ثمنيا فيي
المبيعات وما ل يجوز.
ومميا ورد النهيي فييه مين هذا الباب ميا روي "أنيه صيلى الله علييه
وسيلم نهيى عين عسييب الفحيل وعين كسيب الحجام وعين قفييز
الطحان" قال الطحاوي :ومعنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم
عين قفييز الطحان هيو ميا كانوا يفعلونيه فيي الجاهليية مين دفيع
القميح إلى الطحان بجزء مين الدقييق الذي يطحنيه ،قالوا :وهذا ل
يجوز عندنا ،وهو استئجار من المستأجر بعين ليس عنده ،ول هي
مين الشياء التيي تكون ديونيا على الذميم ،ووافقيه الشافعيي على
هذا .وقال أصحابه :لو استأجر السلخ بالجلد والطحان بالنخالة أو
بصياع مين الدقييق فسيد لنهييه صيلى الله علييه وسيلم عين قفييز
الطحان ،وهذا على مذهييب مالك جائز ،لنييه اسييتأجره على جزء
مين الطعام؛ معلوم ،وأجرة الطحان ذلك الجزء وهيو معلوم أيضيا.
وأميا كسيب الحجام؛ فذهيب قوم إلى تحريميه ،وخالفهيم فيي ذلك
آخرون فقالوا :كسيبه ردييء يكره للرجيل؛ وقال آخرون :بيل هيو
مباح .والسيبب فيي اختلفهيم تعارض الثار فيي هذا الباب؛ فمين
رأى أنه حرام احتج بما روي عن أبي هريرة قال :قال رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم "مين السيحت كسيب الحجام" ،وبميا روي
عين أنيس بين مالك قال "حرم رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
كسيب الحجام" وروي عين عون بين أبيي جحيفية قال :اشترى أبيي
حجاميا فكسير محاجميه ،فقلت له ييا أبيت لم كسيرتها؟ فقال" :إن
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم نهيى عين ثمين الدم" .وأميا مين
رأى إباحيية ذلك ،فاحتييج بمييا روي عيين ابيين عباس قال "احتجييم
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وأعطيى الحجام أجره" قالوا:
ولو كان حراما لم يعطه ،وحديث جابر "أن رسول الله صلى الله
علييه وسيلم دعيا أبيا طيبية فحجميه ،فسيأله كيم ضريبتيك؟ فقال:
ثلثية آصيع ،فوضيع عنيه صياعا" وعنيه أيضيا "أنيه أمير للحجام بصياع
من طعام" وأمر موالية أن يخففوا عنه"
(يتبع)...
@(تا بع(- :)1 ...القسم الول) وهذا القسم النظر فيه إلى جنس
الثمن وجنس المنفعة التي... ...
وأما الذين قالوا بكراهيته فاحتجوا بما روي أن رفاعة بن رافع أو
رافيع بين رفاعية جاء إلى مجلس النصيار فقال "نهيى رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم عيين كسييب الحجام وأمرنييا أن نطعمييه
ناضحنا" وبما روي "عن رجل من بني حارثة كان له حجام ،فسأل
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم عين ذلك فنهاه ،ثيم عاد فنهاه،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ثم عاد فنهاه ،فلم يزل يراجعه حتى قال له رسول الله صلى الله
علييه وسيلم :اعلف كسيبه ناضحيك وأطعميه رقيقيك" .ومين هذا
الباب أيضا اختلفهيم فيي إجارة دار بسيكنى دار أخرى ،فأجار ذلك
مالك ومنعيه أبيو حنيفية ،ولعله رآهيا مين باب الديين بالديين ،وهذا
ضعيييف ،فهذه مشهورات مسييائلهم فيمييا يتعلق بجنييس الثميين
وبجنيس المنفعية .وأميا ميا يتعلق بأوصيافها فنذكير أيضيا المشهور
منهيييا؛ فمييين ذلك أن جمهور فقهاء المصيييار مالك وأبيييو حنيفييية
والشافعييي اتفقوا بالجملة أن ميين شرط الجارة أن يكون الثميين
معلومييا والمنفعيية معلوميية القدر ،وذلك إمييا بغايتهييا مثييل خياطيية
الثوب وعميل الباب ،وإميا بضرب الجيل إذا لم تكين لهيا غايية مثيل
خدميية الجييير ،وذلك إمييا بالزمان إن كان عمل واسييتيفاء منفعيية
متصيلة الوجود مثيل كراء الدور والحوانييت ،وإميا بالمكان إن كان
مشيا مثل كراء الرواحل .وذهب أهل الظاهر وطائفة من السلف
إلى جواز إجارات المجهولت مثيل أن يعطيي الرجيل حماره لمين
يسييقي عليييه أو يحتطييب عليييه بنصييف مييا يعود عليييه .وعمدة
الجمهور أن الجارة بيع فامتنع فيها من الجهل {لمكان الغبن} ما
امتنييع فييي المييبيعات .واحتييج الفريييق الثانييي بقياس الجارة على
القراض والمسييييياقاة؛ والجمهور على أن القراض والمسييييياقاة
مستثنيان بالسنة فل يقاس عليهما لخروجهما عن الصول؛ واتفق
مالك والشافعي على أنهما إذا ضربا للمنفعة التي لبس ل ها غاية
أمدا مين الزمان محدودا ،وحددوا أيضيا أول ذلك الميد ،وكان أوله
عقييب العقييد أن ذلك جائز .واختلفوا إذا لم يحددوا أول الزمان أو
حددوه ولم يكيين عقييب العقييد ،فقال مالك :يجوز إذا حدد الزمان
ولم يحدد أوله ،مثيل أن يقول له :اسيتأجرت منيك هذه الدار سينة
بكذا أو شهرا بكذا ،ول يذكير أول ذلك الشهير ول أول تلك السينة؛
وقال الشافعيي ل يجوز ،ويكون أول الوقيت عنيد مالك وقيت عقيد
الجارة ،فمنعيييه الشافعيييي لنيييه غرر ،وأجازه مالك لنيييه معلوم
بالعادة ،وكذلك لم يجيز الشافعيي إذا كان أول العقيد متراخييا عين
العقييد ،وأجازه مالك .واختلف قول أصييحابه فييي اسييتئجار الرض
غيير المأمو نة ،والتغييير فيميا بعيد من الزمان؛ وكذلك اختلف مالك
والشافعيي فيي مقدار الزمان الذي تقدر بيه هذه المنافيع؛ فمالك
يجيييز ذلك السيينين الكثيرة ،مثييل أن يكري الدار لعشرة أعوام أو
أكثير ،مميا ل تتغيير الدار فيي مثله؛ وقال الشافعيي :ل يجوز ذلك
لكثير مين عام واحيد .واختلف قول ابين القاسيم وابين الماجشون
فييي أرض المطيير وأرض السييقي بالعيون وأرض السييقي بالبار
والنهار؛ فأجاز ابن القاسم فيها الكراء بالسنين الكثيرة؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وفصيل ابين الماجشون فقال :ل يجوز الكراء فيي أرض المطير إل
لعام واحيد ،وأميا أرض السيقي بالعيون فل يجوز كراؤهيا إل لثلثية
أعوام وأربعية؛ وأميا أرض البار والنهار فل يجوز إل لعشرة أعوام
فقيط .فالختلف ههنيا فيي ثلثية مواضيع :فيي تحدييد أول المدة،
وفيي طولهيا ،وفيي بعدهيا عين وقيت العقيد .وكذلك اختلف مالك
والشافعيي إذا لم يحدد المدة وحدد القدر الذي يجيب لقيل المدة
مثيييل أن يقول :أكتري منيييك هذه الدار الشهييير بكذا ،ول يضربان
لذلك أمدا معلوما ،فقال الشافعي :ل يجوز؛ وقال مالك وأصحابه:
يجوز على قياس :أبيعك من هذه الصبرة بحساب القفيز بدرهيم،
وهذا ل يجوز غيره .وسيبب الخلف اعتبار الجهيل الواقيع فيي هذه
الشياء هيل هيو مين الغرر المعفيو عنيه أو المنهيي عنيه؟ ومين هذا
الباب اختلفهيم فيي البييع والجارة ،أجازه مالك ،ومنعيه الشافعيي
وأبو حنيفة ،ولم يجز مالك أن يقترن بالبيع إل الجارة فقط .ومن
هذا الباب اختلفهييم فييي إجارة المشاع؛ فقال مالك والشافعييي:
هيي جائزة؛ وقال أ بو حني فة :ل تجوز ،لن عنده أن النتفاع ب ها مع
الشاعية متعذر؛ وعنيد مالك والشافعيي أن النتفاع بهيا ممكين ميع
شريكيه كانتفاع المكري بهيا ميع شريكيه :أعنيى رب المال .ومين
هذا الباب اسيتئجار الجيير بطعاميه وكسيوته ،وكذلك الظئر ،فمنيع
الشافعييييييييي ذلك على الطلق ،وأجاز ذلك مالك على الطلق:
أعني في كل أجير؛ وأجاز ذلك أبو حنيفة في الظئر فقط .وسبب
الخلف هييل هييي إجارة مجهولة ،أم ليسييت مجهولة؟ فهذه هييي
شرائط الجارة الراجعية إلى الثمين والمثمون .وأميا أنواع الجارة
فإن العلماء على أن الجارة على ضربييييين :إجارة منافييييع أعيان
محسيوسة ،وإجارة منافيع فيي الذمية قياسيا على البييع .والذي فيي
الذمة من شرطه الوصف .والذي في العين من شرطه الرؤية أو
الصيفة عنده كالحال فيي الميبيعات ،ومين شرط الصيفة عنده ذكير
الجنيس والنوع ،وذلك فيي الشييء الذي تسيتوفي منافعيه ،وفيي
الشييء الذي تسيتوفي بيه منافعيه فلبيد مين وصيف المركوب مثل،
والحميييل الذي تسيييتوفي بيييه منفعييية المركوب .وعنيييد مالك أن
الراكيب ل يحتاج أن يوصيف ،وعنيد الشافعيي يحتاج إلى الوصيف،
وعند ابن القاسم أنه إذا استأجر الراعي على غنم بأعيانها أن من
شرط صيحة العقيد اشتراط الخلف ،وعنيد غيره تلزم الجملة بغيير
شرط .ومين شرط إجارة الذمية أن يعجيل النقيد عنيد مالك ليخرج
مين الديين بالديين؛ كميا أن مين شرط إجارة الرض غيير المأمونية
السيقي عنده أن ل يشترط فيهيا النقيد إل بعيد الري .واختلفوا فيي
الكراء هيييل يدخيييل فيييي أنواعيييه الخيار أم ل؟ فقال مالك :يجوز
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اكترى دابييية إلى موضيييع ميييا فتعدى بهيييا إلى موضيييع زائد على
الموضيع الذي انعقيد علييه الكراء ،فقال الشافعيي وأحميد :علييه
الكراء الذي التزمه إلى المسافة المشترطة ،ومثل كراء المسافة
التي تعدى فيها؛ وقال مالك :رب الدابة بالخيار في أن يأخذ كراء
دابته في المسافة التي تعدى فيها أو يضمن له قيمة الدابة؛ وقال
أبيو حنيفية :ل كراء علييه فيي المسيافة المتعداة ،ول خلف أنهيا إذا
تلفيت فيي المسيافة المتعداة أنيه ضامين لهيا .فعمدة الشافعيي أنيه
تعدى على المنفعية فلزميه أجرة المثيل أصيله التعدي على سيائر
المنافيع .وأميا مالك فكأنيه لميا حبيس الدابية عين أسيواقها رأى أنيه
قيد تعدى عليهيا فيهيا نفسيها فشبهيه بالغاصيب ،وفييه ضعيف .وأميا
مذهييب أبييي حنيفيية فبعيييد جدا عمييا تقتضيييه الصييول الشرعييية،
والقرب إلى الصيول فيي هذه المسيألة هيو قول الشافعيي .وعنيد
مالك أن عثار الدابية لو كانيت عثور تعيد مين صياحب الدابية يضمين
بهييا الحمييل ،وكذلك إن كانييت الحبال رثيية ،ومسييائل هذا الباب
كثيرة .وأميا الذيين اختلفوا فيي ضمانهيم مين غيير تعيد إل مين جهية
المصيلحة فهيم الصيناع ،ول خلف عندهيم أن الجيير لييس بضامين
لمييا هلك عنده ممييا اسييتؤجر عليييه إل أن يتعدى مييا عدا حامييل
الطعام والطحان ،فإن مالكيا ضمنيه ميا هلك عنده ،إل أن تقوم له
بينة على هلكه من غير سببه .وأما تضمين الصناع ما ادعوا هلكه
مين المصينوعات المدفوعية إليهيم ،فإنهيم اختلفوا فيي ذلك ،فقال
مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف :يضمنون ما هلك عندهم ،وقال
أبييو حنيفيية :ل يضميين ميين عمييل بغييير أجيير ول الخاص ،ويضميين
المشترك وميين عمييل بأجيير .وللشافعييي قولن فييي المشترك.
والخاص عندهيم هيو الذي يعميل فيي منزل المسيتأجر ،وقييل هيو
الذي لم ينت صب للناس ،وهو مذهب مالك في الخاص ،وهو عنده
غيير ضامين ،وتحصييل مذهيب مالك على هذا أن الصيانع المشترك
يضمن ،وسواء عمل بأجر أو بغير أجر ،وبتضمين الصناع قال علي
وعمير ،وإن كان قيد اختلف عين علي فيي ذلك .وعمدة مين لم يير
الضمان عليهيم أنيه شبيه الصيانع بالمودع عنده والشرييك والوكييل
وأجير الغنم ومن ضمنه فل دليل له إل النظر إلى المصلحة وسد
الذريعيية .وأمييا ميين فرق بييين أن يعملوا بأجيير أو ل يعملوا بأجيير،
فلن العاميل بغيير أجير إنميا قبيض المعمول لمنفعية صياحبه فقيط
فأشبيه المودع ،وإذا قبض ها بأجير فالمنفعية لكليهميا ،فغلبيت منفعية
القابيض ،أصيله القرض والعاريية عنيد الشافعيي ،وكذلك أيضيا مين
لم ينصيب نفسيه لم يكين فيي تضمينيه سيد ذريعية ،والجيير عنيد
مالك كما قلنا ل يضمن إل أنه استحسن تضمين حامل القوت وما
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الصيانع ورب المتاع فيي دفيع الجرة ،فالمشهور فيي المذهيب أن
القول قول الصيييانع ميييع يمينيييه إن قام يحدثان ذلك ،وإن تطاول
فالقول قول رب المصينوع ،وكذلك إذا اختلف المكري والمكتري،
وقييييل بيييل القول قول الصيييانع وقول المكري وإن طال ،وهيييو
الصيل .وإذا اختلف المكري والمكتري أو الجيير والمسيتأجر فيي
مدة الزمان الذي وقييع فيييه اسييتيفاء المنفعيية إذا اتفقييا على أن
المنفعييية لم تسيييتوف فيييي جمييييع الزمان المضروب فيييي ذلك،
فالمشهور فيي المذهيب أن القول قول المكتري والمسيتأجر لنيه
الغارم ،والصييييييييول على أن القول قول الغارم؛ وقال ابيييييييين
الماجشون :القول قول المكتري له والمسييتأجر إذا كانييت العييين
المسيتوفاة منهيا المنافيع فيي قبضهميا مثيل الدار وميا أشبيه ذلك.
وأميا ميا لم يكين فيي قبضيه مثيل الجيير فالقول قول الجيير .ومين
مسائل المذهب المشهورة في هذا الباب اختلف المتكاريين في
الدواب وفيي الرواحيل ،وذلك أن اختلفهميا ل يخلو أن يكون فيي
قدر المسافة أو نوعها ،أو قدر الكراء أو نوعه ،فإن كان اختلفهما
فيييي نوع المسيييافة ،أو فيييي نوع الكراء ،فالتحالف والتفاسيييخ
كاختلف المتبايعين في نوع الثمن ،قال ابن القاسم :انعقد أو لم
ينعقد ،وقال غيره :القول قول رب الدابة إذا انعقد وكان يشبه ما
قال .وإن كان اختلفهما في قدر المسافة ،فإن كان قبل الركوب
أو بعييد ركوب يسييير ،فالتحالف والتفاسييخ ،وإن كان بعييد ركوب
كثيير ،أو بلوغ المسيافة التيي يدعيهيا رب الدابية فالقول قول رب
الدابية فيي المسيافة إن انتقيد وكان يشبيه ميا قال ،وإن لم ينتقيد
وأشبيه قوله تحالفيا ويفسيخ الكراء على أعظيم المسيافتين ،فميا
جعييل منييه للمسييافة التييي ادعاهييا رب الدابيية أعطيييه ،وكذلك إن
انتقيد ولم يشبيه قوله وإن اختلفيا فيي الثمين واتفقيا على المسيافة
فالقول قول المكتري نقد أو لم ينقد لنه مدعى عليه .وإن اختلفا
في المرين جميعا في المسافة والثمن مثل أن يقول رب الدابة
بقرطبية :اكترييت منيك إلى قرمونية بديناريين ويقول المكتري بيل
بدينار إلى إشبيلييية ،فإن كان أيضييا قبييل الركوب أو بعييد ركوب ل
ضرر عليهما في الرجوع تحالفا وتفاسخا ،وإن كان بعد سير كثير
أو بلوغ المسيييافة التيييي يدعيهيييا رب الدابييية ،فإن كان لم ينقيييد
المكتري شيئا كان القول قول رب الدابيية فييي المسييافة ،والقول
قول المكتري في الثمن ،ويغرم من الثمن ما يجب له من قرطبة
إلى قرمونيية ،على أنييه لو كان الكراء بييه إلى إشبيلييية وذلك أنييه
أشبيه قول المكتري ،وإن لم يشبيه ميا قال وأشبيه رب الدابية غرم
ديناريين وإن كان المكتري نقيد الثمين الذي يدعيى أنيه للمسيافة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
جعيل أو إجارة مثيل مسيألة السيفينة المتقدمية هيل هيي مميا يجوز
فيهييا الجعييل أول يجوز مثييل اختلفهييم فييي المجاعلة على حفيير
البار ،وقالوا في المغارسة إن ها تشبه الجعل من جهة والبيع من
جهيية ،وهييي عنييد مالك أن يعطييي الرجييل أرضييه لرجييل على أن
يغرس فيييه عددا ميين الثمار معلومييا ،فإذا اسييتحق الثميير كان
للغارس جزء من الرض متفق عليه.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وعلى
آله وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب القراض.
@-ول خلف بين المسلمين في جواز القراض ،وأنه مما كان في
الجاهلية فأقره السلم .وأجمعوا على أن صفته أن يعطي الرجل
الرجل المال على أن يتجر به على جزء معلوم يأخذه العامل من
ربيح المال ،أي جزء كان مميا يتفقان علييه ثلثيا أو ربعيا أو نصيفا،
وأن هذا مسييتثنى ميين الجارة المجهولة ،وأن الرخصيية فييي ذلك
إنميا هيي لموضيع الرفيق بالناس ،وأنيه ل ضمان على العاميل فيميا
تلف مين رأس المال إذا لم يتعيد ،وإن كان اختلفوا فيميا هيو تعيد
ممييا ليييس بتعييد .وكذلك أجمعوا بالجملة على أنييه ل يقترن بييه
شرط يزيييد فييي مجهلة الربييح أو فييي الغرر الذي فيييه وإن كان
اختلفوا فيمييا يقتضييي ذلك ميين الشروط ممييا ل يقتضييي .وكذلك
اتفقوا على أنيه يجوز بالدنانيير والدراهيم ،واختلفوا فيي غيير ذلك.
وبالجملة فالنظير فييه :فيي صيفته وفيي محله وفيي شروطيه وفيي
أحكاميييه ،ونحيين نذكيير فييي باب باب ميين هذه الثلثيية البواب
مشهورات مسائلهم.
**3الباب الول في محله.
@-أميا صيفته فقيد تقدميت وأنهيم أجمعوا عليهيا .وأميا محله فإنهيم
أجمعوا على أنيه جائز بالدنانيير والدراهيم ،واختلفوا فيي العروض
فجمهور فقهاء المصيييييار على أنيييييه ل يجوز القراض بالعروض،
وجوزه ابييين أبيييي ليلى .وحجييية الجمهور أن رأس المال إذا كان
عروضا كان غررا لنه يقبض العرض وهو يساوي قيمة ما ،ويرده
وهو يساوي قيمة غيرها ،فيكون رأس المال والربح مجهول .وأما
إن كان رأس المال مييييا بييييه يباع العروض ،فإن مالكييييا منعييييه
والشافعي أيضا ،وأجازه أبو حنيفة .وعمدة مالك أنه قارضه على
مييا بيعييت بييه السييلعة وعلى بيييع السييلعة نفسييها ،فكأنييه قراض
ومنفعة ،مع أن ما يبيع به السلعة مجهول ،فكأنه إنما قارضه على
رأس مال مجهول ،ويشبه أن يكون أيضا إنما منع المقارضة على
قيييم العروض لمكان مييا يتكلف المقارض فييي ذلك ميين البيييع،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بشرط أن يكونيا قيد تبايعيا بميا ل يتغابين الناس بمثله .ووجهية ميا
كره مين ذلك مالك أن يكون يرخيص له فيي السيلعة مين أجيل ميا
قارضه ،فكأن رب المال أخذ من العامل منفعة سوى الربح الذي
اشترط علييه .ول أعرف خلفيا بيين فقهاء المصيار أنيه إن تكارى
العاميل على السيلع إلى بلد فاسيتغرق الكراء قييم السيلع وفضيل
عليييه فضلة أنهييا على العامييل ل على رب المال ،لن رب المال
إنميا دفيع ماله إلييه ليتجير بيه ،فميا كان مين خسيران فيي المال
فعليه ،وكذلك ما زاد على المال واستغرقه .واختلفوا في العامل
يستدين مال فيتجر به مع مال القراض ،فقال مالك :ذلك ل يجوز؛
وقال الشافعيي وأبيو حنيفية :ذلك جائز ،ويكون الربيح بينهميا على
شرطهميييا .وحجييية مالك أنيييه كميييا ل يجوز أن يسيييتدين على
المقارضية ،كذلك ل يجوز أن يأخيذ دينيا فيهيا .واختلفوا هيل للعاميل
أن ييبيع بالديين إذا لم يأمره بيه رب المال؟ فقال مالك :لييس له
ذلك ،فإن فعييل ضميين ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال أبييو حنيفيية :له
ذلك .والجمييع متفقون على أن العاميل إنميا يجيب له أن يتصيرف
فيي عقيد القراض ميا يتصيرف فييه الناس غالبيا فيي أكثير الحوال؛
فمين رأى أن التصيرف بالديين خارج عميا يتصيرف فييه الناس فيي
الغلب لم يجزه؛ وميين رأى أنييه ممييا يتصييرف فيييه الناس أجازه.
واختلف مالك والشافعيي وأبيو حنيفية واللييث فيي العاميل يخلط
ماله بمال القراض مين غيير إذن رب المال ،فقال هؤلء كلهيم ميا
عدا مالكيا :هيو تعيد ويضمين؛ وقال مالك :لييس بتعيد .ولم يختلف
هؤلء المشاهيير مين فقهاء المصيار أنيه إن دفيع العاميل رأس مال
القراض إلى مقارض آخيير أنييه ضاميين إن كان خسييران ،وإن كان
ربيح فذلك على شرطيه ،ثيم يكون للذي عميل شرطيه على الذي
دفيع إلييه ،فيوفييه حظيه مميا بقيي مين المال .وقال المزنيي عين
الشافعي :ليس له إل أجرة مثله ،لنه عمل على فساد.
**4القول في حكم القراض الفاسد.
@-واتفقوا على أن حكيم القراض الفاسيد فسيخه ورد المال إلى
صيياحبه مييا لم يفييت بالعمييل .واختلفوا إذا فات بالعمييل مييا يكون
للعاميل فييه فيي واجيب عمله على أقوال :أحدهيا أنيه يرد جميعيه
إلى قراض مثله ،وهي رواية ابن الماجشون عن مالك ،وهو قوله
وقول أشهييب .والثانييي أنييه يرد جميعييه إلى إجارة مثله ،وبييه قال
الشافعيي وأبيو حنيفية وعبيد العزييز بين أبيي سيلمة مين أصيحاب
مالك ،وحكيى عبيد الوهاب أنهيا روايية عين مالك .والثالث أنيه يرد
إلى قراض مثله ميا لم يكين أكثير مميا سيماه ،وإنميا له القيل مميا
سيمي أو مين قراض مثله إن كان رب المال هيو مشترط الشرط
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
على المقارض ،أو الكثييير مييين قراض مثله ،أو مييين الجزء الذي
سيييمى له إن كان المقارض هيييو مشترط الشرط الذي يقتضيييي
الزيادة التييي ميين قبلهييا فسييد القراض ،وهذا القول يتخرج رواييية
عيين مالك .والرابييع أنييه يرد إلى قراض مثله فييي كييل منفعيية
اشترطها أحد المتقارضين على صاحبه في المال مما ليس ينفرد
أحدهما بها عن صاحبه ،وإلى إجارة مثله في كل منفعة اشترطها
أحيد المتقارضيين خالصية لمشترطهيا مميا ليسيت فيي المال وفيي
كيل قراض فاسيد مين قبيل الغرر والجهيل ،وهيو قول مطرف وابين
نافع وابن عبد الحكم وأصبغ ،واختاره ابن حبيب؛ وأما ابن القاسم
فاختلف قوله فيي القراضات الفاسيدة ،فبعضهيا وهيو الكثير قال:
إن فيها أجرة المثل ،وفي بعضها قال :فيها قراض المثل .فاختلف
الناس فيي تأوييل قوله؛ فمنهيم مين حميل اختلف قوله فيهيا على
الفرق الذي ذهيب إلييه ابين عبيد الحكيم ومطرف ،وهيو اختيار ابين
حييبيب واختيار جدي رحميية الله عليييه .ومنهييم ميين لم يعلل قوله
وقال :إن مذهبيه أن كيل قراض فاسيد ففييه أجرة المثيل إل تلك
التييي نييص فيهييا قراض المثييل وهييي سييبعة :القراض بالعروض،
والقراض بالضمان ،والقراض إلى أجيييل ،والقراض المبهيييم ،وإذا
قال له اعميييييل على أن لك فيييييي المال شركيييييا ،وإذا اختلف
المتقارضان وأتييا بميا ل يشبيه فحلفيا على دعواهميا ،وإذا دفيع إلييه
المال على أن ل يشتري بيه إل بالديين فاشترى بالنقيد ،أو على أن
ل يشتري إل سيلعة كذا وكذا والسيلعة غيير موجودة فاشترى غيير
ميا أمير بيه .وهذه المسيائل يجيب أن ترد إلى علة واحدة ،وإل فهيو
اختلف من قول ابن القاسم ،وحكى عبد الوهاب عن ابن القاسم
أنيه فصييل فقال :إن كان الفسياد مين جهية العقيد رد إلى قراض
المثل ،وإن كان من جهة زيادة ازدادها أحدهما على الخر رد إلى
أجرة المثييل ،والشبييه أن يكون المير فييي هذا بالعكييس .والفرق
بين الجرة وقراض المثل أن الجرة تتعلق بذمة رب المال سواء
كان فييي المال ربييح أو لم يكيين ،وقراض المثييل هييو على سيينة
القراض إن كان فيه ربح كان للعامل منه ،وإل فل شيء له.
**4القول في اختلف المتقارضين.
@-واختلف الفقهاء إذا اختلف العاميييل ورب المال فيييي تسيييمية
الجزء الذي تقارضييا عليييه ،فقال مالك :القول قول العامييل لنييه
عنده مؤتمين ،وكذلك المير عنده فيي جمييع دعاوييه إذا أتيى بميا
يشبييه ،وقال الليييث :يحمييل على قراض مثله ،وبييه قال مالك إذا
أتييى بمييا ل يشبييه؛ وقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :القول قول رب
المال ،وبييه قال الثوري؛ وقال الشافعييي :يتحالفان ويتفاسييخان،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وربمييا قالوا إن النهييي الوارد عيين المخابرة هييو مييا كان ميين هذا
الفعل بخيبر .والجمهور يرون أن المخابرة هي كراء الرض ببعض
مييا يخرج منهييا ،قالوا :وممييا يدل على نسييخ هذا الحديييث ،أو أنييه
خاص باليهود ميا ورد مين حدييث رافيع وغيره مين النهيي عين كراء
الرض بمييا يخرج منهييا ،لن المسيياقاة تقتضييي جواز ذلك ،وهييو
خاص أيضا في بعض روايات أحاديث المساقاة ،ولهذا المعنى لم
يقل بهذه الزيادة مالك ول الشافعي ،أعني بما جاء من "أنه صلى
الله علييه وسيلم سياقاهم على نصيف ميا تخرجيه الرض والثمرة"
وهي زيادة صحيحة وقال بها أهل الظاهر.
**4القول في صحة المساقاة.
@-والنظير فيي الصيحة راجيع إلى النظير فيي أركانهيا ،وفيي وقتهيا،
وفيي شروطهيا المشترطية فيي أركانهيا .وأركانهيا أربعية :المحيل
المخصييوص بهييا .والجزء الذي تنعقييد عليييه .وصييفة العمييل الذي
تنعقد عليه .والمدة التي تجوز فيها وتنعقد عليها.
@(-الركيين الول :فييي محييل المسيياقاة) واختلفوا فييي محييل
المسيياقاة ،فقال داود :ل تكون المسيياقاة إل فييي النخيييل فقييط؛
وقال الشافعيي :فيي النخيل والكرم فقيط؛ وقال مالك :تجوز فيي
كيل أصيل ثابيت كالرمان والتيين والزيتون وميا أشبيه ذلك مين غيير
ضرورة ،وتكون فيي الصيول غيير الثابتية كالمقاثيئ والبطييخ ميع
عجيز صياحبها عنهيا ،وكذلك الزرع ،ول تجوز فيي شييء مين البقول
عنييد الجميييع إل ابيين دينار ،فإنييه أجازهييا فيييه إذا نبتييت قبييل أن
تسيتغل؛ فعمدة مين قصيره على النخيل أنهيا رخصية ،فوجيب أن ل
يتعدى بهييا محلهييا الذي جاءت فيييه السيينة .وأمييا مالك فرأى أنهييا
رخصية ينقدح فيهيا سيبب عام ،فوجيب تعديية ذلك إلى الغيير .وقيد
يقاس على الرخييص عنييد قوم إذا فهييم هنالك أسييباب أعييم ميين
الشياء التيي علقيت الرخيص بالنيص بهيا؛ وقوم منعوا القياس على
الرخييص؛ وأمييا داود فهييو يمنييع القياس على الجملة ،فالمسيياقاة
على أصيوله مطردة؛ وأميا الشافعيي فإنميا أجازهيا فيي الكرم مين
قبيل أن الحكيم فيي المسياقاة هيو بالخرص ،وقيد جاء فيي حدييث
عتاب بين أسييد الحكيم بالخرص فيي النخيل والكرم وإن كان ذلك
في الزكاة ،فكأنه قاس المساقاة في ذلك على الزكاة ،والحديث
الذي ورد عن عتاب بن أسيد هو "أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعثه وأمره أن يخرص العنب وتؤدى زكاته زبيبا ،كما تؤدى
زكاة النخيل تمرا" ودفيع داود حدييث عتاب ابين أسييد لنيه مرسيل،
ولنيه انفرد بيه عبيد الرحمين بين إسيحاق ولييس بالقوي .واختلفوا
إذا كان ميع النخيل أرض بيضاء أو ميع الثمار ،هيل يجوز أن تسياقى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الرض ميع النخيل بجزء مين النخيل أو بجزء مين النخيل وبجزء مميا
يخرج مين الرض؟ فذهيب إلى جواز ذلك طائفية ،وبيه قال صياحبا
أبيي حنيفية واللييث وأحميد والثوري وابين أبيي ليلى وجماعية؛ وقال
الشافعيي وأهيل الظاهير :ل تجوز المسياقاة إل فيي التمير فقيط؛
وأما مالك فقال :إذا كانت الرض تبعا للثمر وكان الثمر أكثر ذلك
فل بأس بدخولهيا فيي المسياقاة اشترط جزءا خارجيا منهيا أو لم
يشترطييه ،وحييد ذلك الجزء بأن يكون الثلث فمييا دونييه ،أعنييي أن
يكون مقدار كراء الرض الثلث مين الثمير فميا دونيه ،ولم يجيز أن
يشترط رب الرض أن يزرع البياض لنفسييه ،لنهييا زيادة ازدادهييا
عليييه؛ وقال الشافعييي :ذلك جائز (هكذا بالنسييخ ،ولعله متناقييض
فيي النقيل عين الشافعيي ،فإنيه نقيل عنيه أول أنيه ل يجوز إل فيي
الثمرة وهنيا أنيه تجوز المسياقاة فيي الرض والنخيل معيا فلعيل له
قوليين ،تأميل ا هيي مصيححه) .وحجية مين أجاز المسياقاة عليهميا
جميعيا ،أعنيي على الرض بجزء مميا يخرج منهيا حدييث ابين عمير
المتقدم .وحجيية ميين لم يجييز ذلك مييا روي ميين النهييي عيين كراء
الرض ب ما يخرج منهيا فيي حدييث رافيع بن خدييج ،وقيد تقدم ذلك؛
وقال أحمد بن حنبل :أحاديث رافع مضطربة اللفاظ ،وحديث ابن
عمر أصح .وأما تحديد مالك ذلك بالثلث فضعيف ،وهو استحسان
مبنييي على غييير الصييول ،لن الصييول تقتضييي أنييه ل يفرق بييين
الجائز مين غيير الجائز بالقلييل والكثيير مين الجنيس الواحيد .ومنهيا
اختلفهييم فييي المسيياقاة فييي البقييل؛ فأجازهييا مالك والشافعييي
وأصيحابه ومحميد بين الحسين؛ وقال اللييث :ل تجوز المسياقاة فيي
البقل ،وإنما أجازها الجمهور لن العامل وإن كان ليس عليه فيها
سيقي فيبقيى علييه أعمال أخير ،مثيل البار وغيير ذلك؛ وأميا اللييث
فيرى السييقي بالماء هييو الفعييل الذي تنعقييد عليييه المسيياقاة،
ولمكانه وردت الرخصة فيه.
@(-الركيين الثانييي) وأمييا الركيين الذي هييو العمييل ،فإن العلماء
بالجملة أجمعوا على أن الذي يجيييب على العاميييل هيييو السيييقي
والبار .واختلفوا فييي الجذاذ على ميين هييو؟ وفييي سييد الحظار
وتنقيية العيين والسيانية .أميا مالك فقال فيي الموطيأ :السينة فيي
المسياقاة التيي يجوز لرب الحائط أن يشترطيه سيد الحظار وخيم
العيين وشرب الشراب وإبار النخيل وقطيع الجرييد وجيذ الثمير ،هذا
وأشباهه هو على العامل ،وهذا الكلم يحتمل أن يفهم منه دخول
هذه فيي المسياقاة بالشرط ،ويمكين أن يفهيم منيه دخولهيا فيهيا
بنفيس العقيد .وقال الشافعيي :لييس علييه سيد الحظار لنيه لييس
مين جنيس ميا يؤثير فيي زيادة الثمرة مثيل البار والسيقي .وقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في بعضها :ترد إلى مساقاة مثلها ،وفي بعضها :إلى إجارة المثل.
واختلف التأويل عنه في ذلك ،فقيل في مذهبه إنها ترد إلى إجارة
المثيل إل فيي أربيع مسيائل فإنهيا ترد إلى مسياقاة مثلهيا :إحداهيا
المسيياقاة فييي حائط فيييه تميير قييد أطعييم .والثانييية إذا اشترط
المسياقي على رب المال أن يعميل معيه .والثالثية المسياقاة ميع
البييع فيي صيفقة واحدة .والرابعية إذا سياقاه فيي حائط سينة على
الثلث وسيينة على النصييف؛ وقيييل إن الصييل عنده فييي ذلك أن
المسيياقاة إذا لحقهييا الفسيياد ميين قبييل مييا دخلهييا ميين الجارة
الفاسيدة أو مين بييع الثمير مين قبيل أن يبدو صيلحه ،وذلك مميا
يشترطه أحدهما على صاحبه من زيادة رد فيها إلى أجرة المثل،
مثيل أن يسياقيه على أن يزييد أحدهميا صياحبه دنانيير أو دراهيم،
وذلك أن هذه الزيادة إن كانيييت مييين رب الحائط كانيييت إجارة
فاسدة ،وإن كانت من العامل كانت بيع الثمر قبل أن يخلق .وأما
فسياده مين قبيل الغرر مثيل المسياقاة على حوائط مختلفية فيرد
إلى مسيياقاة المثييل ،وهذا كله اسييتحسان جار على غييير قياس.
وفي المسألة قول رابع ،وهو أنه يرد إلى مساقاة مثله ما لم يكن
أكثير مين الجزء الذي شرط علييه إن كان للمسياقي ،أو أقيل إن
كان الشرط للمساقي ،وهذا كاف بحسب غرضنا.
(بسيم الله الرحمين الرحييم وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الشركة.
@-والنظر في الشركة ،في أنواعها ،وفي أركانها الموجبة للصحة
فييي الحكام ونحيين نذكيير ميين هذه البواب مييا اتفقوا عليييه ،ومييا
اشتهيير الخلف فيييه بينهييم على مييا قصييدناه فييي هذا الكتاب.
والشركيية بالجملة عنييد فقهاء المصييار على أربعيية أنواع :شركيية
العنان :وشركييية البدان .وشركييية المفاوضييية .وشركييية الوجوه.
واحدة منها متفق عليها ،وهي شر كة العنان ،وإن كان بعضهم لم
يعرف هذا اللفيظ ،وإن كانوا اختلفوا فيي بعيض شروطهيا على ميا
سييأتي بعيد .والثلثية مختلف فيهيا ،ومختلف فيي بعيض شروطهيا
عند من اتفق منهم عليها.
**3القول في شركة العنان.
@-وأركان هذه الشركة ثلثة :الول :محلها من الموال .والثاني:
فيي معرفية قدر الربيح مين قدر المال المشترك فييه .والثالث فيي
معرفة قدر العمل من الشريكين من قدر المال.
@(-الركن الول) فأما محل الشركة ،فمنه ما اتفقوا عليه ،ومنه
مييا اختلفوا فيييه؛ فاتفييق المسييلمون على أن الشركيية تجوز فييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميين يرى الشفعيية للجار .واختلفوا فيميين انتقييل إليييه الملك بغييير
شراء ،فالمشهور عند مالك .أن الشفعة إنما تجب إذا كان انتقال
الملك بعوض كالبيييع والصييلح والمهيير وأرش الجنايات وغييير ذلك،
وبيه قال الشافعيي؛ وعنيه روايية ثانيية أنهيا تجيب بكيل ملك انتقيل
بعوض أو بغييير عوض ،كالهبيية لغييير الثواب والصييدقة ،مييا عدا
الميراث فإنييه ل شفعيية عنييد الجميييع فيييه باتفاق .وأمييا الحنفييية
فالشفعيية عندهييم فييي المييبيع فقييط ،وعمدة الحنفييية ظاهيير
الحادييث ،وذلك أن مفهومهيا يقتضيي أنهيا فيي الميبيعات بيل ذلك
نص فيها ل في بعضها فل يبع حتى يستأذن شريكه .وأما المالكية
فرأت أن كل ما انتقل بعوض فهو في معنى البيع ،ووجه الرواية
الثانية أنها اعتبرت الضرر فقط .وأما الهبة للثواب فل شفعة فيها
عنيد أبيي حنيفية ول الشافعيي؛ وأميا أبيو حنيفية فلن الشفعية عنده
فييي المييبيع ،وأمييا الشافعييي فلن هبيية الثواب عنده باطلة ،وأمييا
مالك فل خلف عنده وعنيد أصيحابه فيي أن الشفعية فيهيا واجبية.
واتفيق العلماء على أن الميبيع الذي بالخيار أنيه إذا كان الخيار فييه
للبائع أن الشفعة ل تجب حتى يجب البيع .واختلفوا إذا كان الخيار
للمشتري؟ فقال الشافعيي والكوفيون :الشفعية واجبية علييه لن
شق ِيص: شق ص وال َّالبائع قد صرم الشقص [قال في النهاية ... :ال ّ ِ
ُ
شتركية مين كيل شييء .دار الحدييث] عين م ْ
ب فيي العيين ال ُ
النصيي ُ
ملكه وأبانه منه ،وقيل إن الشفعة غير واجبة عليه لنه غير ضامن
وبييه قال جماعيية ميين أصييحاب مالك .واختلف فييي الشفعيية فييي
المسيياقاة ،وهييي تبديييل أرض بأرض ،فعيين مالك فييي ذلك ثلث
روايات :الجواز ،والمنييع ،والثالث أن تكون المناقلة بييين الشراك
والجانب فلم يرها في الشراك ورآها في الجانب.
*(*4الركين الرابيع فيي الخيذ بالشفعية) والنظير فيي هذا الركين
بماذا يأخذ الشفيع ،وكم يأخذ ،ومتى يأخذ؟ فإنهم اتفقوا على أنه
يأخييذ فييي البيييع بالثميين إذا كان حال؛ واختلفوا إذا كان البيييع إلى
أجيل هيل يأخذه الشفييع بالثمين إلى ذلك الجيل ،أو يأخيذ الميبيع
بالثمين حال ،وهيو مخيير؟ فقال مالك :يأخذه بذلك الجيل إذا كان
ملييا أو يأتيي بضامين ملييء ،وقال الشافعيي :الشفييع مخيير ،فإن
عجيل تعجلت الشفعية وإل تتأخير إلى وقيت الجيل ،وهيو نحيو قول
الكوفيييين؛ وقال الثوري ل يأخذهييا إل بالنقييد لنهييا قييد دخلت فييي
ضمان الول ،قال :ومنيا مين يقول تبقيى فيي ييد الذي باعهيا ،فإن
بلغ الجيييل أخذهيييا الشفييييع .والذيييين رأوا الشفعييية فيييي سيييائر
المعاوضات ممييا ليييس بييبيع ،فالمعلوم عنهييم أنييه يأخييذ الشفعيية
بقيميية الشقييص إن كان العوض ممييا ليييس يتقدر ،مثييل أن يكون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
معطيى فيي خلع .وإميا أن يكون معطيى فيي شييء يتقدر ولم يكين
دنانيير ول دراهيم ول بالجملة مكيل ول موزونيا ،فإنيه يأخذه بقيمية
ذلك الشيء الذي دفع الشقص فيه؛ وإن كان ذلك الشيء محدود
القدر بالشرع أخيييذ ذلك الشقيييص بذلك القدر ،مثيييل أن يدفيييع
الشقييص فييي موضحيية وجبييت عليييه أو منقلة ،فإنييه يأخذه بدييية
الموضحة أو المنقلة .وأما كم يأخذ؟ فإن الشفيع ل يخلو أن يكون
واحدا أو أكثيير ،والمشفوع عليييه أيضييا ل يخلو أن يكون واحدا أو
أكثير .فأميا أن الشفييع واحيد والمشفوع علييه واحدا فل خلف فيي
أن الواجييب على الشفيييع أن يأخييذ الكييل أو يدع ،وأمييا إذا كان
المشفوع علييه واحدا والشفعاء أكثير مين واحيد فإنهيم اختلفوا مين
ذلك في موضعين :أحدهما في كيفية قسمة المشفوع فيه بينهم.
والثاني إذا اختلفت أسباب شركتهم هل يحجب بعضهم بعضا عن
الشفعيية أم ل؟ مثييل أن يكون بعضهييم شركاء فييي المال الذي
ورثوه ،لنهم أهل سهم واحد ،وبعضهم لنهم عصبة.
@(-فأميا المسيألة الولى) وهيي كيفيية توزييع المشفوع فييه ،فإن
مالكيا والشافعيي وجمهور أهيل المدينية يقولون :إن المشفوع فييه
يقتسيمونه بينهيم على قدر حصيصهم ،فمين كان نصييبه مين أصيل
المال الثلث مثل أخيذ مين الشقيص بثلث الثمين ،ومين كان نصييبه
الربييع أخييذ الربييع .وقال الكوفيون :هييي على عدد الرؤوس على
السييواء ،وسييواء فييي ذلك الشريييك ذو الحييظ الكييبر وذو الحييظ
الصيغر .وعمدة المدنييين أن الشفعية حيق يسيتفاد وجوبيه بالملك
المتقدم ،فوجيب أن يتوزع على مقدار الصيل ،أصيله الكريية فيي
المسيتأجرات المشتركية والربيح فيي شركية الموال؛ وأيضيا فإن
الشفعة إنما هي لزالة الضرر ،والضرر داخل على كل واحد منهم
على غيير اسيتواء ،لنيه إنميا يدخيل على كيل واحيد منهيم بحسيب
حصييته ،فوجييب أن يكون اسييتحقاقهم لدفعييه على تلك النسييبة.
وعمدة الحنفيييية أن وجوب الشفعييية إنميييا يلزم بنفيييس الملك
فيسييتوفي ذلك أهييل الحظوظ المختلفيية لسييتوائهم فييي نفييس
الملك ،وربميا شبهوا ذلك بالشركاء فيي العبيد يعتيق بعضهيم نصييبه
أنه يقوم على المعتقين على السوية :أعني حظ من لم يعتق.
@(-وأما المسألة الثانية) فإن الفقهاء اختلفوا في دخول الشراك
الذين هم عصبة في الشفعة مع الشراك الذين شركتهم من قبل
السيهم الواحيد فقال مالك :أهيل السيهم الواحيد أحيق بالشفعية إذا
باع أحدهم من الشراك معهم في المال من قبل التعصيب ،وأنه
ل يدخييل ذو العصييبة فييي الشفعيية على أهييل السييهام المقدرة
ويدخييل ذوو السييهام على ذوي التعصيييب ،مثييل أن يموت ميييت
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيترك عقارا ترثييه عنييه بنتان وابنييا عييم ثييم تييبيع البنييت الواحدة
حظها ،فإن البنت الثانية عند مالك هي التي تشفع في ذلك الحظ
الذي باعتيه أختهيا فقيط دون ابنيي العيم ،وإن باع أحيد ابنيي العيم
نصييبه يشفيع فييه البنات وابين العيم الثانيي ،وبهذا القول قال ابين
القاسيم ،وقال أهيل الكوفية :ل يدخيل ذوو السيهام على العصيبات
ول العصبات على ذوي السهام ،ويتشافع أهل السهم الواحد فيما
بينهيم خاصية ،وبيه قال أشهيب ،وقال الشافعيي فيي أحيد قولييه:
يدخيل ذوو السيهام على العصيبات والعصيبات على ذوي السيهام،
وهييو الذي اختاره المزنييي ،وبييه قال المغيرة ميين أصييحاب مالك.
وعمدة مذهييب الشافعييي عموم قضائه صييلى الله عليييه وسييلم
بالشفعية بيين الشركاء ،ولم يفصيل ذوي سيهم مين عصيبة .ومين
خصيص ذوي السيهام من العصيبات فلنيه رأى أن الشركية مختلفية
السيباب :أعني بين ذوي السهام وبين العصبات فشبه الشركات
المختلفية السيباب بالشركات المختلفية مين قبيل محالهيا الذي هيو
المال بالقسيمة بالموال .ومين أدخيل ذوي السيهام على العصيبة
ولم يدخيل العصيبة على ذوي السيهام فهيو اسييتحسان على غيير
قياس ،ووجييه السييتحسان أنييه رأى أن ذوي السييهام أقعييد ميين
العصيبة .وأميا إذا كان المشفوع عليهميا اثنيين فأكثير فأراد الشفييع
أن يشفييع على أحدهمييا دون الثانييي ،فقال ابيين القاسييم :إمييا أن
يأخيذ الكيل أو يدع؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه والشافعيي :له أن
يشفييع على أيهمييا أحييب ،وبييه قال أشهييب .فأمييا إذا باع رجلن
شقصييا ميين رجييل ،فأراد الشفيييع أن يشفييع على أحدهمييا دون
الثانيي ،فإن أبيا حنيفية منيع ذلك ،وجوزه الشافعيي .وأميا إذا كان
الشافعون أكثر من واحد :أعني الشراك ،فأراد بعضهم أن يشفع
وسيييلم له الباقيييي فيييي البيوع ،فالجمهور على أن للمشتري أن
يقول للشريك إما أن تشفع في الجميع أو تترك ،وأنه ليس له أن
يشفع بحسب حظه إل أن يوافقه المشتري على ذلك ،وأنه ليس
له أن يبعيض الشفعية على المشتري إن لم يرض بتبعيضهيا .وقال
أصبغ من أصحاب مالك :إن كان ترك بعضهم الخذ بالشفعة رفقا
بالمشتري لم يكن للشفيع إل أن يأخذ حصته فقط .ول خلف في
مذهييب مالك أنييه إذا كان بعييض الشفعاء غائبييا وبعضهييم حاضرا،
فأراد الحاضير أن يأخيذ حصيته فقيط أنيه لييس له ذلك ،إل أن يأخيذ
الكيييييل أو يدع ،فإذا قدم الغائب فإن شاء أخيييييذ وإن شاء ترك.
واتفقوا على أن مييين شرط الخيييذ بالشفعييية أن تكون الشركييية
متقدمية على البييع .واختلفوا هيل مين شرطهيا أن تكون موجودة
في حال البيع ،وأن تكون ثابتة قبل البيع؟.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مكييل أو موزون .ففيي هذا الباب ثلثية فصيول :الول :فيي الرباع.
والثاني :في العروض .والثالث :في المكيل والموزون.
**4الفصل الول في الرباع.
@-فأما الرباع والصول ،فيجوز أن تقسم بالتراضي وبالسهمة إذا
عدلت بالقيمة ،اتفق أهل العلم على ذلك اتفاقا مجمل ،وإن كانوا
اختلفوا فيي محيل ذلك وشروطيه .والقسيمة ل تخلو أن تكون فيي
محييل واحيد أو فييي محال كثيرة ،فإذا كانييت فييي محيل واحيد فل
خلف فيي جوازهيا إذا انقسيمت إلى أجزاء متسياوية بالصيفة ولم
تنقص منفعة الجزاء بالنقسام ويجبر الشركاء على ذلك .وأما إذا
انقسيمت إلى ميا ل منفعية فييه ،فاختلف فيي ذلك مالك وأصيحابه،
فقال مالك :إنها تقسم بينهم إذا دعا أحدهم إلى ذلك ولو لم يصر
لواحد منهم إل ما ل منفعة فيه مثل قدر القدم ،وبه قال ابن كنانة
من أصحابه فقط ،وهو قول أبي حنيفة والشافعي ،وعمدتهم في
ذلك قوله تعالى {مميا قيل منيه أو كثير نصييبا مفروضيا} وقال ابين
القاسم :ل يقسم إل أن يصير لكل واحد في حظه ما ينتفع به من
غيير مضرة داخلة علييه فيي النتفاع مين قبيل القسيمة ،وإن كان ل
يراعيي فيي ذلك نقصيان الثمين .وقال ابين الماجشون :يقسيم إذا
صار لكل واحد منهم ما ينتفع به ،وإن كان من غير جنس المنفعة
التييي كانييت فييي الشتراك أو كانييت أقييل .وقال مطرف ميين
أصحابه :إن لم يصر في حظ كل واحد ما ينتفع به لم يقسم وإن
صار في حظ بعضهم ما ينتفع به ،وفي حظ بعضهم ما ل ينتفع به
قسييم وجييبروا على ذلك سييواء دعييا إلى ذلك صيياحب النصيييب
القلييل أو الكثيير ،وقييل يجيبر إن دعيا صياحب النصييب القلييل ،ول
يجييبر إن دعييا صيياحب النصيييب الكثييير ،وقيييل بعكييس هذا وهييو
ضعيف .واختلفوا من هذا الباب فيما إذا قسم انتقلت منفعته إلى
منفعية أخرى مثيل الحمام ،فقال مالك :يقسيم إذا طلب ذلك أحيد
الشريكيين ،وبيه قال أشهيب؛ وقال ابين القاسيم :ل يقسيم ،وهيو
قول الشافعييي .فعمدة ميين منييع القسييمة قوله صييلى الله عليييه
وسييلم "ل ضرر ول ضرار" وعمدة ميين رأى القسييمة قوله تعالى
{مميا قيل منيه أو كثير نصييبا مفروضيا} ومين الحجية لمين لم يير
القسيمة حدييث جابر عين أبييه "ل تعضيية على أهيل الميراث إل ما
حمل القسم" والتعضية :التفرقة ،يقول :ل قسمة بينهم .وأما إذا
كانيت الرباع أكثير مين واحيد فإنهيا ل تخلو أيضيا أن تكون مين نوع
واحيييد أو مختلفييية النواع ،فإذا كانيييت متفقييية النواع فإن فقهاء
المصيار فيي ذلك مختلفون؛ فقال مالك :إذا كانيت متفقية النواع
قسمت بالتقويم والتعديل والسهيمة ،وقال أبو حنيفة والشافعي:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بييل يقسييم كييل عقار على حدتييه؛ فعمدة مالك أنييه أقييل للضرر
الداخيل على الشركاء من القسمة .وعمدة الفريق الثانيي أن كل
عقار تعينيه بنفسيه لنيه تتعلق بيه الشفعية .واختلف أصيحاب مالك
إذا اختلفت النواع المتفقة في النفاق وإن تباعدت مواضعها على
ثلثية أقوال؛ وأميا إذا كانيت الرباع مختلفية مثيل أن يكون منهيا دور
ومنهييا حوائط ومنهييا أرض ،فل خلف أنييه ل يجمييع فييي القسييمة
بالسيهمة .ومين شرط قسييمة الحوائط المثمرة أن ل تقسييم مييع
الثمرة إذا بدا صيلحها باتفاق فيي المذهيب ،لنيه يكون بييع الطعام
بالطعام على رؤوس الثمير وذلك مزابنية .وأميا قسيمتها قبيل بدو
الصلح ففيه اختلف بين أصحاب مالك :أما ابن القاسم فل يجيز
ذلك قبيل البار بحال مين الحوال ،ويعتيل لذلك لنيه يؤدي إلى بييع
طعام بطعام متفاضل ،ولذلك زعيم أنيه لم يجيز مالك شراء الثمير
الذي لم يطيب بالطعام ل نسييئة ول نقدا؛ وأميا إن كان بعيد البار،
فإنه ل يجوز عنده إل بشرط أن يشترط أحدهما على الخر أن ما
وقيع مين الثمير فيي نصييبه فهيو داخيل فيي القسيمة ،وميا لم يدخيل
في نصيبه فهم فيه على الشركة ،والعلة في ذلك عنده أنه يجوز
اشتراط المشتري الثمييير بعيييد البار ول يجوز قبيييل البار ،فكأن
أحدهما اشترى حظ صاحبه من جميع الثمرات التي وقعت له في
القسيمة بحظيه مين الثمرات التيي وقعيت لشريكيه واشترط الثمير
وصيفة القسيم بالقرعية أن تقسيم الفريضية وتحقييق وتضرب إن
كان فيي سيهامها كسير إلى أن تصيح السيهام ،ثيم يقوم كيل موضيع
منها وكل نوع من غراساتها ،ثم يعدل على أقل السهام بالقيمة،
فربما عدل جزء من موضع ثلثة أجزاء من موضيع آخر على قييم
الرضين ومواضعها ،فإذا قسمت على هذه الصفات وعدلت كتبت
في بطائق أسماء الشراك وأسماء الجهات ،فمن خرج اسمه في
جهية أخيذ منهيا ،وقييل يرميي بالسيماء فيي الجهات ،فمين خرج
اسمه في جهة أخذ منها ،فإن كان أكثر من ذلك السهم ضوعف
له حتييى يتييم حظييه ،فهذه هييي حال قرعيية السييهم فييي الرقاب.
والسيييهمة إنميييا جعلهيييا الفقهاء فيييي القسيييمة تطييبيييا لنفوس
المتقاسيمين ،وهيي موجودة فيي الشرع فيي مواضيع :منهيا قوله
تعالى {فساهم فكان من المدحضين} وقوله {وما كنت لديهم إذ
يلقون أقلمهم أيهم يكفل مريم} ومن ذلك الثر الثابت الذي جاء
فييه " أن رجل أعتيق سيتة أعبيد عنيد موتيه ،فأسيهم رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم بينهييم ،فأعتييق ثلث ذلك الرقيييق" .وأمييا
الق سمة بالتراضيي سواء كانيت بعيد تعديل وتقوييم ،أو بغير تقوييم
وتعديييل ،فتجوز فييي الرقاب المتفقيية والمختلفيية لنهييا بيييع ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجوز فييي المكيييل ويجوز فييي الموزون ،ويدخييل فييي ذلك ميين
الخلف ميا يدخيل فيي جواز بيعيه تحرييا .وأميا إن لم يكين ذلك مين
صيييبرة واحدة وكانيييا صييينفين ،فإن كان ذلك مميييا ل يجوز فييييه
التفاضييل فل تجوز قسييمتها على جهيية الجمييع إل بالكيييل المعلوم
فيميا يكال ،وبالوزن بالصينجة المعروفية فيميا يوزن ،لنيه إذا كان
بمكيال مجهول لم يدر كم يحصل فيه من الصنف الواحد إذا كانا
مختلفييين ميين الكيييل المعلوم ،وهذا كله على مذهييب مالك ،لن
أصل مذهبه أنه يحرم التفاضل في الصنفين إذا تقاربت منافعهما
مثييل القمييح والشعييير ،وأمييا إن كان ممييا ل يجوز فيييه التفاضييل
فيجوز قسيمته على العتدال والتفاضيل البيين المعروف بالمكيال
المعروف أو الصينجة المعروفية :أعنيي على جهية الجميع وإن كانيا
صنفين ،وهذا الجواز كله في المذهب على جهة الرضا .وأما فيي
واجب الحكم فل تنقسم كل صبرة إل على حدة وإذا قسمت كل
صييييبرة على حدة جازت قسييييمتها بالمكيال المعلوم والمجهول،
فهذا كله هو حكم القسمة التي تكون في الرقاب.
**4القول في القسم الثاني وهو قسمة المنافع.
@-فأميا قسيمة المنافيع ،فإنهيا ل تجوز بالسيهمة على مذهيب ابين
القاسيم ،ول يجيبر عليهيا مين أباهيا ،ول تكون القرعية على قسيمة
المنافيع .وذهيب أبيو حنيفية وأصيحابه إلى أنيه يجيبر على قسيمة
المنافييع ،وقسييمة المنافييع هييي عنييد الجميييع بالمهايأة ،وذلك إمييا
بالزمان وإما بالعيان .وأما قسمة المنافع بالزمان فهو أن ينتفع
كيل واحيد منهميا بالعيين مدة متسياوية لمدة انتفاع صياحبه .وأميا
قسيم العيان بأن يقسيما الرقاب على أن ينتفيع كيل واحيد منهميا
بمييا حصييل له مدة محدودة والرقاب باقييية على أصييل الشركيية.
وفييي المذهييب فييي قسييمة المنافييع بالزمان اختلف فييي تحديييد
المدة التيي تجوز فيهيا القسيمة لبعيض المنافيع دون بعيض للغتلل
أو النتفاع مثييل اسييتخدام العبييد وركوب الدابيية وزراعيية الرض،
وذلك أيضا فيما ينقل ويحول ،أو ل ينقل ول يحول .فأما فيما ينقل
ويحول فل يجوز عند مالك وأصحابه في المدة الكثيرة ويجوز في
المدة اليسييرة ،وذلك فيي الغتلل والنتفاع وأميا فيميا ل ينقيل ول
يحول ،فيجوز في المدة البعيدة والجل البعيد ،وذلك في الغتلل
والنتفاع واختلفوا فييي المدة اليسيييرة فيمييا ينقييل ويحول فييي
الغتلل فقييل اليوم الواحيد ونحوه ،وقييل ل يجوز ذلك فيي الدابية
والعبد .وأما الستخدام فقيل يجوز في مثل الخمسة اليام ،وقيل
فيي الشهير وأكثير مين الشهير قليل .وأميا التهاييؤ فيي العيان بأن
يسييتعمل هذا دارا مدة ميين الزمان ،وهذا دارا تلك المدة بعينهييا،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقييل يجوز فيي سيكنى الدار وزراعية الرضيين ،ول يجوز ذلك فيي
الغلة والكراء إل فيييي الزمان اليسيييير ،وقييييل يجوز على قياس
التهايؤ بالزمان ،وكذلك القول في استخدام العبد والدواب يجري
القول فيييه على الختلف فييي قسييمتها بالزمان .فهذا هييو القول
فييي أنواع القسييمة فييي الرقاب ،وفييي المنافييع وفييي الشروط
المصححة والمفسدة .وبقي من هذا الكتاب القول في الحكام.
**4القول في الحكام.
@-والقسيمة مين العقود اللزمية ل يجوز للمتقاسيمين نقضهيا ول
الرجوع فيهييا إل بالطوارئ عليهييا .والطوارئ ثلثيية غبيين؛ أو وجود
عييب ،أو اسيتحقاق .فأميا الغبين فل يوجيب الفسيخ إل فيي قسيمة
القرعية باتفاق فيي المذهيب إل على قياس مين يرى له تأثيير فيي
البييع ،فيلزم على مذهبيه أن يؤثير فيي القسيمة .وأميا الرد بالعييب،
فإنه ل يخلو عن مذهب ابن القاسم أن يجد العيب في جل نصيبه
أو فييي أقله ،فإن وجده فييي جييل نصيييبه ،فإنييه ل يخلو أن يكون
النصييب الذي حصيل لشريكيه قيد فات أو لم يفيت ،فإن كان قيد
فات رد الواجييد للعيييب نصيييبه على الشركيية وأخييذ ميين شريكييه
نصف قيمة نصيبه يوم قبضه ،وإن كان لم يفت انفسخت القسمة
وعادت الشركة إلى أصلها ،وإن كان العيب في أقل ذلك رد ذلك
القيل على أصيل الشركية فقيط ،سيواء فات نصييب صياحبه أو لم
يفت ،ورجع على شريكه بنصف قيمة الزيادة ول يرجع في شيء
مميا فيي يده وإن كان قائميا بالعييب .وقال أشهيب :والذي يفييت
الرد قيد تقدم فيي كتاب البيوع .وقال عبيد العزييز بين الماجشون:
وجود العيييب يفسييخ القسييمة التييي بالقرعيية ول يفسييخ التييي
بالتراضيي ،لن التيي بالتراضيي هيي بييع ،وأميا التيي بالقرعية فهيي
تمييييز حييق ،وإذا فسييخت بالغبيين وجييب أن تفسييخ بالرد بالعيييب.
وحكييم السييتحقاق عنييد ابيين القاسييم حكييم وجود العيييب إن كان
المستحق كثيرا وحظ الشريك لم يفت رجع معه شريكا فيما في
يدييه ،وإن كان قيد فات رجيع علييه بنصيف قيمية ميا فيي يدييه ،وإن
كان يسييرا رجيع علييه بنصيف قيمية ذلك الشييء .وقال محميد :إذا
استحق ما في يد أحدهما بطلت القسمة في قسمة القرعة ،لنه
قيد تيبين أن القسيمة لم تقيع على عدل كقول ابين الماجشون فيي
العييب وأميا إذا طرأ على المال حيق فييه مثيل طوارئ الديين على
التركية بعيد القسيمة أو طرو الوصيية أو طرو وارث ،فإن أصيحاب
مالك اختلفوا في ذلك .فأما إن طرأ الدين قيل في المشهور في
المذهيب وهيو قول ابين القاسيم :إن القسيمة تنتقيض إل أن يتفيق
الورثة على أن يعطوا الد ين من عندهيم ،وسواء كانت حظوظهم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عنيد مالك أن يرتهين ميا ل يحيل بيعيه فيي وقيت الرتهان كالزرع
والثميير لم يبييد صييلحه ول يباع عنده فييي أداء الدييين إل إذا بدا
صلحه وإن حل أجل الدين؛ وعند الشافعي قولن في رهن الثمر
الذي لم يبييد صييلحه ،ويباع عنده عنييد حلول الدييين على شرط
القطيع؛ قال أبيو حاميد :والصيح جوازه؛ ويجوز عنيد مالك رهين ميا
لم يتعييين كالدنانييير والدراهييم إذا طبييع عليهييا ،وليييس ميين شرط
الرهين أن يكون ملكيا للراهين ل عنيد مالك ول عنيد الشافعيي ،بيل
قيد يجوز عندهميا أن يكون مسيتعارا .واتفقوا على أن مين شرطيه
أن يكون إقراره فيي ييد المرتهين مين قبيل الراهين .واختلفوا إذا
كان قبيض المرتهين له بغصيب ثيم أقره المغصيوب منيه فيي يده
رهنيا ،فقال مالك :يصيح أن ينقيل الشييء المغصيوب مين ضمان
الغصييب إلى ضمان الرهيين ،فيجعييل المغصييوب منييه الشيييء
المغصوب رهنا في يد الغاصيب قبيل قبضيه منه؛ وقال الشافعيي:
ل يجوز بيل يبقيى على ضمان الغصيب إل أن يقبضيه .واختلفوا فيي
رهن المشاع ،فمنعه أبو حنيفة وأجازه مالك والشافعي .والسبب
في الخلف هل تمكن حيازة المشاع أم ل تمكن.
@(-الركن الثالث) وهو الشيء المرهون فيه ،وأصل مذهب مالك
فيي هذا أنيه يجوز أن يؤخيذ الرهين فيي جمييع الثمان الواقعية فيي
جمييييع البيوعات إل الصيييرف ورأس المال فيييي السيييلم المتعلق
بالذميية ،وذلك لن الصييرف ميين شركييه التقابييض ،فل يجوز فيييه
عقدة الرهييييين ،وكذلك رأس مال السيييييلم وإن كان عنده دون
الصرف في هذا المعنى .وقال قوم من أهل الظاهر :ل يجوز أخذ
الرهين إل فيي السيلم خاصية :أعنيي فيي السيلم فييه ،وهؤلء ذهبوا
إلى ذلك لكون آييية الرهيين واردة فييي الدييين فييي المييبيعات وهييو
السلم عندهم ،فكأنهم جعلوا هذا شرطا من شروط صحة الرهن،
لنيه قال فيي أول اليية {ييا أيهيا الذيين آمنوا إذا تداينتيم بديين إلى
أجيل مسيمى فاكتبوه} ثيم قال {وإن كنتيم على سيفر ولم تجدوا
كاتبيا فرهان مقبوضية} فعلى مذهيب مالك يجوز أخيذ الرهين فيي
السلم وفي القرض وفي الغصب وفي قيم المتلفات وفي أروش
الجنايات فييييي الموال ،وفييييي جراح العمييييد الذي ل قود فيييييه
كالمأموميية والجائفيية .وأمييا قتييل العمييد والجراح التييي يقاد منهييا
فيتخرج في جواز أخذ الرهن في الدية فيها إذا عفا الولي قولن:
أحدهميييا أن ذلك يجوز ،وذلك على القول بأن الولي مخيييير فيييي
العمييد بييين الدييية والقود .والقول الثانييي أن ذلك ل يجوز ،وذلك
أيضا مبني على أن ليس للولي إل القود فقط إذا أبى الجاني من
إعطاء الديية ،ويجوز فيي قتيل الخطيأ أخيذ الرهين ممين يتعيين مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
العاقلة وذلك بعد الحول ،ويجوز في العارية التي تضمن ،ول يجوز
فيميا ل يضمين ،ويجوز أخذه فيي الجارات ،ويجوز فيي الجعيل بعيد
العمييل ،ول يجوز قبله ،ويجوز الرهيين فييي المهيير ،ول يجوز فييي
الحدود ول فيي القصياص ول فيي الكتابية ،وبالجملة فيميا ل تصيح
فييييه الكفالة .وقالت الشافعيييية :المرهون فييييه له شرائط ثلث:
أحدهيا أن يكون دينيا ،فإنيه ل يرهين فيي عيين .والثانيي أن يكون
واجبيييا ،فإنيييه ل يرهييين قبيييل الوجوب ،مثيييل أن يسيييترهنه بميييا
يسيييتقرضه ،ويجوز ذلك عنيييد مالك .والثالث أن ل يكون لزوميييه
متوقعيا أن يجيب ،وأن ل يجيب كالرهين فيي الكتابية ،وهذا المذهيب
قريب من مذهب مالك.
**3القول في الشروط.
@-وأميييا شروط الرهييين ،فالشروط المنطوق بهيييا فيييي الشرع
ضربان :شروط صيييحة ،وشروط فسييياد .فأميييا شروط الصيييحة
المنطوق بها في الرهن :أعني في كونه رهنا فشرطان :أحدهما
متفيق علييه بالجملة ومختلف فيي الجهية التيي هيو بهيا شرط وهيو
القبييض .والثانييي مختلف فييي اشتراطييه ،فأمييا القبييض فاتفقوا
بالجملة على أنيييييه شرط فيييييي الرهييييين لقوله تعالى {فرهان
مقبوضيية} واختلفوا هييل هييو شرط تمام أو شرط صييحة؟ وفائدة
الفرق أن مين قال شرط صيحة قال :ميا لم يقيع القبيض لم يلزم
الرهيين الراهيين؛ وميين قال شرط تمام قال :يلزم بالعقييد ويجييبر
الراهين على القباض إل أن يتراخيى المرتهين عين المطالبية حتيى
يفلس الراهييين أو يمرض أو يموت ،فذهيييب مالك إلى أنيييه مييين
شروط التمام ،وذهب أبو حنيفة والشافعي وأهل الظاهر إلى أنه
من شروط ال صحة .وعمدة مالك قياس الرهن على سائر العقود
اللزمييية بالقول .وعمدة الغيييير قوله تعالى {فرهان مقبوضييية}
وقال بعيض أهيل الظاهير :ل يجوز الرهين إل أن يكون هنالك كاتيب
لقوله تعالى {ولم تجدوا كاتبييا فرهان مقبوضيية} ول يجوز أهييل
الظاهر أن يوضع الرهن على يدي عدل ،وعند مالك أن من شرط
صيحة الرهين اسيتدامة القبيض ،وأنيه متيى عاد إلى ييد الراهين بإذن
المرتهين بعاريية أو وديعية أو غيير ذلك ،فقيد خرج مين اللزوم وقال
الشافعيي :لييس اسيتدامة القبيض مين شرط الصيحة ،فمالك عميم
الشرط على ظاهره ،فألزم ميين قوله تعالى {فرهان مقبوضيية}
وجود القبيض واسيتدامته .والشافعيي يقول :إذا وجيد القبيض فقيد
صح الرهن وانعقد ،فل يحل ذلك إعارته ول غير ذلك من التصرف
فييه كالحال فيي البييع ،وقيد كان الولى بمين يشترط القبيض فيي
صيحة العقيد أن يشترط السيتدامة ،ومين لم يشترط فيي الصيحة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حنيفييية والثوري؛ وفرق مالك فقال :ميييا كان مييين نماء الرهييين
المنفصييل على خلقتييه وصييورته ،فإنييه داخييل فييي الرهيين كولد
الجارية مع الجارية وأما ما لم يكن على خلقته فإنه ل يدخل في
الرهيين كان متولدا عنييه كثميير النخييل أو غييير متولد ككراء الدار
وخراج الغلم .وعمدة من رأى أن نماء الرهن وغلته للراهن قوله
عليييه الصييلة والسييلم "الرهيين محلوب ومركوب" قالوا :ووجييه
الدليييل ميين ذلك أنييه لم يرد بقوله "مركوب ومحلوب" أي يركبييه
الراهين ويحلبيه ،لنيه كان يكون غيير مقبوض ،وذلك مناقيض لكونيه
رهنيا ،فإن الراهين مين شرطيه القبيض ،قالوا :ول يصيح أيضيا أن
يكون معناه أن المرتهييين يحلبيييه ويركبيييه ،فلم يبيييق إل أن يكون
المعنى في ذلك أن أجرة ظهرة لربه ونفقته عليه .واستدلوا أيضا
بعموم قوله علييه الصيلة والسيلم "الرهين ممين رهنيه له غنميه
وعليه غرمه" قالوا :ولنه نماء زائد على مارضيه رهنا ،فوجب أن
ل يكون له إل بشرط زائد .وعمدة أبييي حنيفيية أن الفروع تابعيية
للصول فوجب لها حكم الصل ،ولذلك حكم الولد تابع لحكم أمه
فيي التدبيير والكتابية .وأميا مالك فاحتيج بأن الولد حكميه حكيم أميه
في البيع :أي هو تابع لها ،وفرق بين الثمر والولد في ذلك بالسنة
المفرقية فيي ذلك ،وذلك أن الثمير ل يتبيع بييع الصيل إل بالشرط
وولد الجاريية يتبيع بغيير شرط .والجمهور على أن لييس للمرتهين
أن ينتفييع بشيييء ميين الرهيين؛ وقال قوم :إذا كان الرهيين حيوانييا
فللمرت هن أن يحلبيه ويرك به بقدر ما يعل فه وينفيق علييه ،وهو قول
أحمد وإسحق ،واحتجوا بما رواه أبو هريرة عن النبي عليه الصلة
والسيييلم أنيييه قال "الرهييين محلوب ومركوب" ومييين هذا الباب
اختلفهم في الرهن يهلك عند المرتهن ممن ضمانه؟ فقال قوم:
الرهن أمانة وهو من الراهن ،والقول قول المرتهن مع يمينه أنه
مييا فرط فيييه ومييا جنييى عليييه ،ومميين قال بهذا القول الشافعييي
وأحمييد وأبييو ثور وجمهور أهييل الحديييث؛ وقال قوم :الرهيين ميين
المرتهين ومصييبته منيه ،وممين قال بهذا القول أبيو حنيفية وجمهور
الكوفيين.
والذييين قالوا بالضمان انقسييموا قسييمين :فمنهييم ميين رأى أن
الرهين مضمون بالقيل مين قيمتيه أو قيمية الديين ،وبيه قال أبيو
حنيفة وسفيان وجماعة .ومنهم من قال :هو مضمون بقيمته قلت
أو كثرت ،وإنييه إن فضييل للراهيين شيييء فوق دينييه أخذه ميين
المرتهيين ،وبييه قال علي ابيين أبييي طالب وعطاء وإسييحق .وفرق
قوم بييين مييا ل يغاب عليييه مثييل الحيوان والعقار ممييا ل يخفييى
هلكيه ،وبيين ميا يغاب علييه مين العروض ،فقالوا :هيو ضامين فيميا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يغاب عليييه ومؤتميين فيمييا ل يغاب عليييه ،ومميين قال بهذا القول
مالك والوزاعيييي وعثمان البتيييي ،إل أن مالكيييا يقول :إذا شهيييد
الشهود بهلك ميا يغاب علييه مين غيير تضيييع ول تفرييط ،فإنيه ل
يضمين وقال الوزاعيي وعثمان البتيي :بيل يضمين على كيل حال
قامييت بينيية أو لم تقييم ،وبقول مالك قال ابيين القاسييم ،وبقول
عثمان والوزاعيييي قال أشهيييب .وعمدة مييين جعله أمانييية غيييير
مضمون حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى
الله علييه وسيلم قال "ل يغلق الرهين وهيو ممين رهنيه له غنميه
وعلييه غرميه" :أي له غلتيه وخراجيه ،وعلييه افتكاكيه مصييبته منيه.
قالوا :وقد رضي الراهن أمانته فأشبه المودع عنده .وقال المزني
ميين أصييحاب الشافعييي محتجييا له :قييد قال مالك ومين تابعييه إن
الحيوان وميا ظهير هلكيه أمانية ،فوجيب أن يكون كله كذلك .وقيد
قال أبيو حنيفية :إن ميا زاد مين قيمية الرهين على قيمية الديين فهيو
أمانيية فوجييب أن يكون كله أمانيية ،ومعنييى قوله عليييه الصييلة
والسييلم عنييد مالك وميين قال بقوله "وعليييه غرمييه" أي نفقتييه.
قالوا :ومعنييى ذلك قوله عليييه الصييلة والسييلم "الرهيين مركوب
ومحلوب" أي أجرة ظهره لربه ،ونفقته عليه،
وأميا أبيو حنيفية وأصيحابه فتأولوا قوله علييه الصيلة والسيلم "له
غنمه وعليه غرمه" أن غنمه ما فضل منه على الدين ،وغرمه ما
نقص .وعمدة من رأى أنه مضمون من المرتهن أنه عين تعلق بها
حيق السيتيفاء ابتداء فوجيب أن يسيقط بتلفيه ،أصيله تلف الميبيع
عنيد البائع إذا أمسيكه حتيى يسيتوفي الثمين ،وهذا متفيق علييه مين
الجمهور ،وإن كان عند مالك كالرهين؛ وربميا احتجوا بما روي عن
النيبي صيلى الله علييه وسيلم "أن رجل ارتهين فرسيا مين رجيل،
فنفق في يده ،فقال عليه الصلة والسلم للمرتهن :ذهب حقك"
وأميا تفرييق مالك بيين ميا يغاب علييه وبيين ميا ل يغاب علييه فهيو
اسييتحسان ،ومعنييى ذلك أن التهميية تلحييق فيمييا يغاب عليييه ،ول
تلحق فيما ل يغاب عليه .وقد اختلفوا في معنى الستحسان الذي
يذهيب إلييه مالك كثيرا ،فضعفيه قوم وقالوا :إنيه مثيل اسيتحسان
أبييي حنيفيية ،وحدوا السييتحسان بأنييه قول بغييير دليييل .ومعنييى
السيتحسان عنيد مالك هيو جميع بيين الدلة المتعارضية ،وإذا كان
ذلك كذلك فلييس هيو قول بغيير دلييل .والجمهور على أنيه ل يجوز
للراهين بييع الرهين ول هبتيه ،وأنيه إن باعيه فللمرتهين الجارة أو
الفسيخ .قال مالك :وإن زعيم أن إجارتيه ليتعجيل حقيه حلف على
ذلك وكان له .وقال قوم :يجوز بيعه .وإن كان للرهن غلما أو أمة
فأعتقهيا الراهين فعنيد مالك أنيه إن كان الراهين موسيرا جاز عتقيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وعجيل للمرتهين حقيه ،وإن كان معسيرا بيعيت وقضيي الحيق مين
ثمنهييا وعنييد الشافعييي ثلثيية أقوال :الرد ،والجازة ،والثالث مثييل
قول مالك وأمييا اختلف الراهيين والمرتهيين فييي قدر الحييق الذي
وجب به الرهن ،فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك ،فقال مالك :القول
قول المرتهين فيميا ذكره مين قدر الحيق ميا لم تكين قيمية الرهين
أقييل ميين ذلك ،فمييا زاد على قيميية الرهيين فالقول قول الراهيين.
وقال الشافعيييي وأبيييو حنيفييية والثوري وجمهور فقهاء المصيييار:
القول في قدر الحق قول الراهن
وعمدة الجمهور أن الراهين مدعيى علييه ،والمرتهين مدع ،فوجيب
أن تكون اليميييين على الراهييين على ظاهييير السييينة المشهورة.
وعمدة مالك ههنييا أن المرتهيين وإن كان مدعيييا فله ههنييا شبهيية
بنقيل اليميين إلى حيزه ،وهيو كون الرهين شاهدا له ،ومين أصيوله
أن يحلف أقوى المتداعيين شبهة ،وهذا ل يلزم عند الجمهور ،لنه
قيد يرهن الراهين الشيء وقيمتيه أكثير من المرهون فييه .وأما إذا
تلف الرهيين واختلفوا فييي صييفته ،فالقول ههنييا عنييد مالك قول
المرتهين لنيه مدعيى علييه ،وهيو مقير ببعيض ميا ادعيى علييه وهذا
على أصوله ،فإن المرتهن أيضا هو الضامن فيما يغاب عليه .وأما
على أصول الشافعي ،فل يتصور على المرتهن يمين إل أن يناكره
الراهن في إتلفه .وأما عند أبي حنيفة فالقول قول المرتهن في
قيمة الرهن ،وليس يحتاج إلى صفة ،لن مالك يحلف على الصفة
وتقوييم تلك الصيفة .وإذا اختلفوا فيي المريين جميعيا ،أعنيي فيي
صفة الرهن وفي نقدار الرهن كان القول قول المرتهن في صفة
الرهن ،وفي الحق ما كنت قيمة الصفة التي حلف عليها شاهدة
له ،وفييه ضعيف ،وهيل يشهيد الحيق لقيمية الرهين إذا اتفقيا فيي
الحق واختلفا في قيمة الرهن؟ في المذهب فيه قولن ،والقيس
الشهادة ،لنه إذا شهد الرهن للدين شهد الدين للمرهون .وفروع
هذا الباب كثيرة ،وفيما ذكرناه كفاية في غرضنا.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحجر
@-والنظيير فييي هذا الكتاب فييي ثلثيية أبواب :الباب الول :فييي
أصييناف المحجورييين .الثانييي :متييى يخرجون ميين الحجيير ،ومتييى
يحجيير عليهييم ،وبأي شروط يخرجون .الثالث :فييي معرفيية أحكام
أفعالهم في الرد والجازة.
**3الباب الول في أصناف المحجورين.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أفعاله كلهيا مردودة وإن ظهير رشده حتيى يخرج مين الوليية ،وهيو
قول ضعيف ،فإن المؤثر هو الرشد ل حكم الحاكم .وأما اختلفهم
فييي الرشيد ميا هيو؟ فإن مالكيا يرى أن الرشيد هيو تثميير المال
وإصيلحه فقيط ،والشافعيي يشترط ميع هذا صيلح الديين .وسيبب
اختلفهيم هل ينطلق اسم الرشد على غير صالح الدين؟ ؟ وحال
البكير ميع الوصيي كحال الذكير ل يخرج مين الوليية إل بالخراج ميا
لم تعنيس على اختلف فيي ذلك ،وقييل حالهيا ميع الوصيي كحالهيا
مع الب وهو قول ابن الماجشون .ولم يختلف قولهم إنه ل يعتبر
فيهيا الرشيد كاختلفهيم فيي اليتييم .وأميا المهميل مين الذكور فإن
المشهور أن أفعاله جائزة إذا بلغ الحلم كان سيفيها متصيل السيفه
أو غيير متصيل السيفه ،معلنيا بيه أو غيير معلن .وأميا ابين القاسيم
فيعتييبر نفييس فعله إذا وقييع ،فإن كان رشدا جاز وإل رده .فأمييا
اليتيمية التيي ل أب لهيا ول وصيي فإن فيهيا فيي المذهيب قوليين:
أحدهميا أن أفعالهيا جائزة إذا بلغيت المحييض .والثانيي أن أفعالهيا
مردودة ما لم تعنس وهو المشهور.
الباب الثالث في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والجازة.
والنظير فيي هذا الباب فيي شيئيين :أحدهميا ميا يجوز لصينف صينف
مين المحجوريين مين الفعال ،وإذا فعلوا فكييف حكيم أفعالهيم فيي
الرد والجازة ،وكذلك أفعال المهملين وهم الذين بلغوا الحلم من
غيير أب ول وصيي ،وهؤلء كميا قلنيا إميا صيغار وإميا كبار متصيلو
الحجر من الصغر وإما مبتدأ حجرهم .فأما الصغار الذين لم يبلغوا
الحلم من الرجال ول المحيض من النساء فل خلف في المذهب
في أنه ل يجوز له في ماله معروف من هبة ول صدقة ول عطية
ول عتيق وإن أذن له الب فيي ذلك أو الوصيي ،فإن أخرج مين يده
شيئا بغير عوض كان موقوفا على نظر وليه إن كان له ولي ،فإن
رآه رشدا أجازه وإل أبطله ،وإن لم يكييييييين له ولي قدم له ولي
ينظر في ذلك ،وإن عمل في ذلك حتى يلي أمره كان النظر إليه
فيي الجازة أو الرد .واختلف إذا كان فعله سيدادا ونظرا فيميا كان
يلزم الولي أن يفعله هييل له أن ينقضييه إذا آل الميير إلى خلف
بحوالة السيييواق أو نماء فيميييا باعيييه أو نقصيييان فيميييا ابتاعيييه،
فالمشهور أن ذلك له ،وقييل إن ذلك لييس له ،ويلزم الصيغير ميا
أفسيد فيي ماله مميا لم يؤتمين علييه .واختلف فيميا أفسيد وكسير
مما اؤتمن عليه ،ول يلزمه بعد بلوغه رشده عتق ما حلف بحريته
في صغره وحنث به في صغره .واختلف فيما حنث فيه في كبره
وحلف بيه فيي صيغره ،فالمشهور أنيه ل يلزميه .وقال ابين كنانية:
يلزمه ول يلزمه فيما ادعى عليه يمين .واختلف إذا كان له شاهد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واحيد هيل يحلف معيه؟ فالمشهور أنيه ل يحلف ،وروي عين مالك
واللييث أنيه يحلف .وحال البكير ذات الب والوصيي كالذكير ميا لم
تعنس على مذهب من يعتبر تعنيسها .أما السفيه البالغ ،فجمهور
العلماء على أن المحجور إذا طلق زوجتيه أو خالعهيا مضيى طلقيه
وخلعيه ،إل ابين أبيي ليلى وأبيا يوسيف ،وخالف ابين أبيي ليلى فيي
العتق فقال :إنه ينفذ ،وقال الجمهور :إنه ل ينفذ .وأما وصيته فل
أعلم خلفيا فيي نفوذهيا ،ول تلزميه هبية ول صيدقة ول عطيية ول
عتيق ولشييء مين المعروف إل أن يعتيق أم ولده ،فيلزميه عتقهيا،
وهذا كله فيي المذهيب ،وهيل يتبعهيا مالهيا؟ فييه خلف ،قييل يتبيع،
وقييل ل يتبيع ،وقييل بالفرق بيين القلييل والكثيير .وأميا ميا يفعله
بعوض ،فهو أيضا موقوف على نظر وليه إن كان له ولي ،فإن لم
يكييين له ولي قدم له ولي ،فإن رد بيعيييه الولي وكان قيييد أتلف
الثمن لم يتبع من ذلك بشيء ،وكذلك إن أتلف عين المبيع.
وأمييا أحكام أفعال المحجورييين أو المهملييين على مذهييب مالك
فإنهييا تنقسييم إلى أربعيية أحوال :فمنهييم ميين تكون أفعاله كلهييا
مردودة ،وإن كان فيها ما هو رشد .ومنهم ضد هذا ،وهو أن تكون
أفعاله كلهييا محمولة على الرشييد وإن ظهيير فيهييا مييا هييو سييفه.
ومنهييم ميين تكون أفعاله كلهييا محمولة على السييفه مييا لم يتييبين
رشده .وعكيس هذا أيضيا وهيو أن تكون أفعاله كلهيا محمولة على
الرشيد حتيى يتيبين سيفهه .فأميا الذي يحكيم له بالسيفه وإن ظهير
رشده فهيو الصيغير الذي لم يبلغ ،والبكير ذات الب ،والوصيي ميا
لم تعنييس على مذهييب ميين يعتييبر التعنيييس .واختلف فييي حده
اختلفا كثيرا من دون الثلثين إلى الستين ،والذي يحكم له بحكم
الرشد وإن علم سفهه ،فمنها السفيه إذا لم تثبت عليه ولية من
قبل أبيه ،ول من قبل السلطان على مشهور مذهب مالك ،خلفا
لبين القاسيم الذي يعتيبر نفيس الرشيد ل نفيس الوليية ،والبكير
اليتيميية المهملة على مذهييب سييحنون .وأمييا الذي يحكييم عليييه
بالسفه بحكم ما لم يظهر رشده :فالبن بعد بلوغه في حياة أبيه
على المشهور فيي المذهيب ،وحال البكير ذات الب التيي ل وصيي
لها إذا تزوجت ودخل بها زوجها ما لم يظهر رشدها ،وما لم تبلغ
الحيد المعتيبر فيي ذلك مين السينين عنيد مين يعتيبر ذلك ،وكذلك
اليتيمة التي ل وصي لها على مذهب من يرى أن أفعالها مردودة.
وأما الحال التي يحكم فيها بحكم الرشد حتى يتبين السفه :فمنها
حال البكير المعنيس عنيد مين يعتيبر التعنييس ،أو التيي دخيل بهيا
زوجهيا ومضيى لدخوله الحيد المعتيبر مين السينين عنيد مين يعتيبر
الحيد ،وكذلك حال البين ذي الب إذا بلغ وجهلت حاله على إحدى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الروايتين ،والبنة البكر بعد بلوغها على الرواية التي ل تعتبر فيها
دخولها مع زوجها .فهذه هي جمل ما في الكتاب والفروع كثيرة.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب التفليس.
@-والنظر في هذا الكتاب فيما هو الفلس ،وفي أحكام المفلس،
فنقول :إن الفلس فييي الشرع يطلق على معنيييين :أحدهمييا أن
يسييتغرق الدييين مال المدييين ،فل يكون فييي ماله وفاء بديونييه.
والثانييي أن ل يكون له مال معلوم أصييل ،وفييي كل الفلسييين قييد
اختلف العلماء فيي أحكامهميا .فأميا الحالة الولى وهيي إذا ظهير
عنيد الحاكيم مين فلسيه ميا ذكرنيا ،فاختلف العلماء فيي ذلك هيل
للحاكم أن يحجر عليه التصرف في ماله حتى يبيعه عليه ويقسمه
على الغرماء على نسبة ديونهم ،أم ليس له ذلك؟ بل يحبس حتى
يدفيع إليهيم جمييع ماله على أي نسيبة اتفقيت أو لمين اتفيق منهيم،
وهذا الخلف بعينيه يتصيور فيمين كان له مال يفيي بدينيه ،فأبيى أن
ينصف غرماءه ،هل يبيع عليه الحاكم فيقسمه عليهم ،أم يحبسه
حتيى يعطيهيم بيده ميا علييه؟ فالجمهور يقولون :ييبيع الحاكيم ماله
علييه ،فينصيف منيه غرماءه أو غريميه إن كان ملييا ،أو يحكيم علييه
بالفلس إن لم ييف ماله بديونيه ويحجير علييه التصيرف فييه ،وبيه
قال مالك والشافعيي ،وبالقول الخير قال أبيو حنيفية وجماعية مين
أهل العراق .وحجة مالك والشافعي حديث معاذ بن جبل "أنه كثر
دينيه فيي عهيد رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم فلم يزد غرماءه
على أن جعله لهم من ماله ،وحديث أبي سعيد الخدري" أن رجل
أصيييب على عهييد رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فييي ثميير
ابتاعهييا فكثيير دينييه فقال رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم:
تصدقوا عليه ،فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء بدينه ،فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :خذوا ما وجدتم وليس لكم إل
ذلك" وحدييث عمير فيي القضاء على الرجيل المفلس فيي حبسيه
وقوله فييه :أميا بعيد ،فإن السييفع "أسييفع جهينية" رضيي مين دينيه
وأمانتيه بأن يقال سيبق الحاج ،وأنيه ادان معرضيا فأصيبح قدريين
علييه ،فمين كان له علييه ديين فليأتينيا .وأيضيا مين طرييق المعنيى
فإنييه إذا كان المريييض محجورا عليييه لمكان ورثتييه ،فأحرى أن
يكون المدييييين محجورا عليييييه لمكان الغرماء ،وهذا القول هييييو
الظهير ،لنيه أعدل والله أعلم .وأميا حجيج الفرييق الثانيي الذيين
قالوا بالحبييس حتييى يعطييي مييا عليييه أو يموت محبوسييا ،فيييبيع
القاضيي حينئذ ماله ويقسيمه على الغرماء ،فمنهيا حدييث جابر بين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عبد الله حين استشهد أبوه بأحد وعليه دين ،فلما طالبه الغرماء
قال جابر "فأتييت النيبي صيلى الله علييه وسيلم فكلمتيه ،فسيألهم
أن يقبلوا منييي حائطييي ،ويحللوا أبييي ،فأبوا ،فلم يعطهييم رسييول
الله صلى الله عليه وسلم حائطي قال :ولكن سأغدو عليك ،قال:
فغدا علينا حين أصبح فطاف بالنخل فدعا في ثمرها بالبركة قال:
فجذذتها فقضيت منها حقوقهم ،وبقي من ثمرها بقية" وبما روي
أيضيا أنيه مات أسييد بين الحضيير وعلييه عشرة آلف درهيم ،فدعيا
عمير بين الخطاب غرماءه ،فقبلهيم أرضيه أربيع سينين مميا لهيم
علييه .قالوا :فهذه الثار كلهيا لييس فيهيا أنيه بييع أصيل فيي ديين
ي الواجيدقالوا :يدل على حبسيه قوله صيلى الله علييه وسيلم "ل ُّي
يحيل عرضيه وعقوبتيه" قالوا :العقوبية هيي حبسيه .وربميا شبهوا
اسييتحقاق أصييول العقار عليييه باسييتحقاق إجازتييه ،وإذا قلنييا إن
المفلس محجور علييه ،فالنظير فيي ماذا يحجير علييه ،وبأي ديون
تكون المحاصة في ماله وفي أي شيء من ماله تكون المحاصة؟
وكيييف تكون؟ .فأمييا المفلس فله حالن :حال فييي وقييت الفلس
قبيل الحجير علييه ،وحال بعيد الحجير .فأميا قبيل الحجير فل يجوز له
إتلف شييء مين ماله عنيد مالك بغيير عوض إذا كان مميا ل يلزميه
ومميا ل تجري العادة بفعله ،وإنميا اشترط إذا كان مميا ل يلزميه،
لن له أن يفعيل ميا يلزم بالشرع وإن لم يكين بعوض كنفقتيه على
الباء المعسيرين أو البناء ،وإنميا قييل مميا لم تجير العادة بفعله،
لن له إتلف اليسيير مين ماله بغيير عوض كالضحيية والنفقية فيي
العييد والصيدقة اليسييرة ،وكذلك تراعيي العادة فيي إنفاقيه فيي
عوض كالتزوج والنفقية على الزوجية ،ويجوز بيعيه وابتياعيه ميا لم
تكين فييه محاباة ،وكذلك يجوز إقراره بالديين لمين ل يتهيم علييه.
واختلف قول مالك في قضاء بعض غرمائه دون بعض وفي رهنه.
وأما جمهور من قال بالحجر على المفلس فقالوا :هو قبل الحكم
كسييائر الناس ،وإنمييا ذهييب الجمهور لهذا لن الصييل هييو جواز
الفعال حتيى يقيع الحجير ،ومالك كأنيه اعتيبر المعنيى نفسيه ،وهيو
إحاطية الديين بماله لكين لم يعتيبره فيي كيل حال ،لنيه يجوز بيعيه
وشراؤه إذا لم يكين فييه محاباة ،ول يجوزه للمحجور علييه .وأميا
حاله بعييد التفليييس فل يجوز له فيهييا عنييد مالك بيييع ول شراء ول
أخييذ ول عطاء ،ل يجوز إقراره بدييين فييي ذمتييه لقريييب ول بعيييد،
قيل إل أن يكون لواحد منهم بينة ،وقيل يجوز لمن يعلم منه إليه
تقاض .واختلف فييي إقراره بمال معييين مثييل القراض والوديعيية
على ثلثيية أقوال فييي المذهييب :بالجواز ،والمنييع ،والثالث بالفرق
بييين أن يكون على أصييل القراض أو الوديعيية ببينيية أو ل تكون،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
خرجت من يده ولم يمت فيقولون :هو أحق بها في الفلس دون
الموت ،ومرة يشبهون ذلك بالموت الذي فاتيت فييه فيقولون :هيو
أسييوة الغرماء ومثال ذلك اختلفهييم فيميين اسييتؤجر على سييقي
حائط فسيقاه حتيى أثمير الحائط ثيم أفلس المسيتأجر فإنهيم قالوا
فيه الثلثة القوال .وتشبيه بيع المنافع في هذا الباب ببيع الرقاب
هو شيء -فيما أحسب -انفرد به مالك دون فقهاء المصار ،وهو
ضعييف لن قياس الشبيه المأخوذ مين الموضيع المفارق للصيول
يضعييف ،ولذلك ضعييف عنييد قوم القياس على موضييع الرخييص،
ولكين انقدح هنالك قياس علة ،فهيو أقوى؛ ولعيل المالكيية تدعيى
وجود هذا المعنييى فييي القياس ،ولكيين هذا كله ليييس يليييق بهذا
المختصر .ومن هذا الباب اختلفهم في العبد المفلس المأذون له
فيي التجارة هيل يتبيع بالديين فيي رقبتيه أم ل؟ فذهيب مالك وأهيل
الحجاز إلى أنه إنما يتبع بما في يده ل في رقبته ،ثم إن أعتق بما
بقيي علييه ورأى قوم أنيه يباع ،ورأى قوم أن الغرماء يخيرون بيين
بيعيه وبيين أن يسيعى فيميا بقيي علييه مين الديين ،وبيه قال شرييح،
وقالت طائفية :بيل يلزم سييده ميا علييه وإن لم يشترطيه ،فالذيين
لم يروا بيع رقبته قالوا :إنما عامل الناس على ما في يده فأشبه
الحيير ،والذييين رأوا بيعييه شبهوا ذلك بالجنايات التييي يجنييي ،وأمييا
الذيين رأوا الرجوع على السييد بميا علييه مين الديين فإنهيم شبهوا
ماله بمال السيد إذ كان له انتزاعه.
فسيبب الخلف هيو تعارض أقيسية الشبيه فيي هذه المسيألة ،ومين
هذا المعنى إذا أفلس العبد والمولى معا بأي يبدأ ،هل بدين العبد،
أم بديين المولى؟ فالجمهور يقولون :بديين العبيد ،لن الذيين داينوا
العبيد إنميا فعلوا ذلك ثقية بميا رأوا عنيد العبيد مين المال ،والذيين
داينوا المولى لم يعتدوا بمال العبيد ،ومين رأى البدء بالمولى قال:
لن مال العبيد هيو فيي الحقيقية للمولى .فسيبب الخلف تردد مال
العبيد بيين أن يكون حكميه حكيم مال الجنيبي أو حكيم مال السييد.
وأميا قدر ما يترك للمفلس من ماله فقيل في المذهيب :يترك له
ميا يعييش بيه هيو وأهله وولده الصيغار اليام؛ وقال فيي الواضحية
والعتبيية :الشهير ونحوه ،ويترك له كسيوة مثله؛ وتوقيف مالك فيي
كسيوة زوجتيه لكونهيا هيل تجيب لهيا بعوض مقبوض ،وهيو النتفاع
بهيا أو بغيير عوض؛ وقال سيحنون ل يترك له كسيوة زوجتيه؛ وروى
ابن نافع عن مالك أنه ل يترك له إل ما يواريه ،وبه قال ابن كنانة.
واختلفوا فيي بييع كتيب العلم علييه على قوليين :وهذا مبنيي على
كراهية بيع الكتب الفقه أو ل كراهية ذلك.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا معرفية الديون التيي يحاص بهيا مين الديون التيي ل يحاص بهيا
على مذهييب مالك فإنهييا تنقسييم أول إلى قسييمين :أحدهمييا أن
تكون واجبية عين عوض .والثانيي أن تكون واجبية مين غيير عوض.
فأميا الواجبية عين عوض ،فإنهيا تنقسيم إلى عوض مقبوض وإلى
عوض غييير مقبوض ،فأمييا مييا كانييت عيين عوض مقبوض ،وسييواء
كانييت مال أو أرش جناييية ،فل خلف فييي المذهييب أن محاصيية
الغرماء بها واجبة .وأما ما كان عن عوض غير مقبوض ،فإن ذلك
ينقسييم خمسيية أقسييام :أحدهييا أن ل يمكنييه دفييع العوض بحال
كنفقيية الزوجات لمييا يأتييي ميين المدة ،والثانييي أن ل يمكنييه دفييع
العوض ،ولكن يمكنه دفع ما يستوفي فيه ،مثل أن يكتري الرجل
الدار بالنقيد ،أو يكون العرف فييه النقيد ،ففلس المكتري قبيل أن
يسييكن أو بعييد مييا سييكن بعييض السييكنى وقبييل أن يدفييع الكراء.
والثالث أن يكون دفيع العوض يمكنيه وطرحيه كرأس مال السيلم
إذا أفلس المسيلم إلييه قبيل دفيع رأس المال .والرابيع أن يمكنيه
دفيع العوض ول يلزميه مثيل السيلعة إذا باعهيا ففلس المبتاع قبيل
أن يدفعهييا إليييه البائع .والخامييس أن ل يكون إليييه تعجيييل دفييع
العوض ،مثيل أن يسيلم الرجيل إلى الرجيل دنانيير فيي عروض إلى
أجييل فيفلس المسييلم قبييل أن يدفييع رأس المال وقبييل أن يحييل
أجل السلم .فأما الذي ل يمكنه دفع العوض بحال فل محاصة في
ذلك إل فيييي مهور الزوجات إذا فلس الزوج قبيييل الدخول .وأمييا
الذي ل يمكنيه دفيع العوض ويمكنيه دفيع ميا يسيتوفي منيه ،مثيل
المكتري يفلس قبيل دفيع الكراء ،فقييل للمكري المحاصية بجمييع
الثمن وإسلم الدار للغرماء ،وقيل ليس له إل المحاصة بما سكن
ويأخيذ داره ،وإن كان لم يسيكن فلييس له إل أخيذ داره .وأميا ميا
يمكنه دفع العوض ويلزمه وهو إذا كان العوض عينا ،فقيل يحاص
بيه الغرماء فيي الواجيب له بالعوض ويدفعيه ،فقييل هيو أحيق بيه
وعلى هذا ل يلزميه دفيع العوض .وأميا ميا يمكنيه دفيع العوض ول
يلزمييه فهييو بالخيار بييين المحاصيية والمسيياك ،وذلك هييو إذا كان
العوض عينيا .وأميا إذا لم يكين إلييه تعجييل العوض مثيل أن يفلس
المسيلم قبيل أن يدفيع رأس المال ،وقبيل أن يحيل أجيل السيلم،
فإن رضييي المسييلم إليييه أن يعجييل العروض ويحاصييص الغرماء
برأس مال السييلم فذلك جائز إن رضييي بذلك الغرماء ،فإن أبييى
ذلك أحد الغرماء حاص الغرماء برأس المال الواجب له فيما وجد
للغرييم مين مال وفيى العروض التيي علييه إذا حلت لنهيا مين مال
المفلس ،وإن شاءوا أن يبيعوهييا بالنقييد ويتحاصييوا فيهييا كان ذلك
لهم .وأما ما كان من الحقوق الواجبة عن غير عوض فإن ما كان
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
**2كتاب الصلح.
@-والصيل فيي هذا الكتاب قوله تعالى {والصيلح خيير} وميا روي
عيين النييبي عليييه الصييلة والسييلم مرفوعييا وموقوفييا على عميير
"إمضاء الصيلح جائز بيين المسيلمين إل صيلحا أحيل حراميا أو حرم
حلل" واتفييق المسييلمون على جوازه على القرار ،واختلفوا فييي
جوازه على النكار ،فقال مالك وأبيييو حنيفييية :يجوز على النكار؛
وقال الشافعيي :ل يجوز على النكار لنيه مين أكيل المال بالباطيل
من غير عوض؛ والمالكية تقول فيه عوض ،وهو سقوط الخصومة
واندفاع اليميين عنيه ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن الصيلح الذي
يقيع على القرار يراعيي فيي صيحته ميا يراعيي فيي البيوع ،فيفسيد
بمييا تفسييد بييه البيوع ميين أنواع الفسيياد الخاص بالبيوع ويصييح
بصحته ،وهذا هو مثل أن يدعي إنسان على آخر دراهم فيصالحه
عليها بعد القرار بدنانير نسيئة ،وما أشبه هذا من البيوع الفاسدة
من قبل الربا والغرر .وأما الصلح على النكار فالمشهور فيه عن
مالك وأصيحابه أنيه يراعيي فييه مين الصيحة ميا يراعيي فيي البيوع،
مثيل أن يدعيي إنسيان على آخير دراهيم فينكير ثيم يصيالحه عليهيا
بدنانيير مؤجلة ،فهذا ل يجوز عنيد مالك وأصيحابه؛ وقال أصيبغ :هيو
جائز ،لن المكروه فيه من الطرف الواحد ،وهو من جهة الطالب
لنه يعترف أنه أخذ دنانير نسيئة في دراهم حلت له .وأما الدافع
فيقول :هي هبة مني .وأما إن ارتفع المكروه من الطرفين ،مثل
أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه دنانير أو دراهم فينكر كل
واحد منهما صاحبه ،ثم يصطلحان على أن يؤخر كل واحد منهما
صياحبه فيميا يدعييه قبله إلى أجيل ،فهذا عندهيم هيو مكروه ،أميا
كراهيتييه فمخافيية أن يكون كييل واحييد منهمييا صييادقا ،فيكون كييل
واحيد منهميا قيد أنظير صياحبه لنظار الخير إياه فيدخله أسيلفني
وأسيلفك .وأميا وجيه جوازه فلن كيل واحيد منهميا إنميا يقول ميا
فعلت إنميا هيو تيبرع منيي ،وميا كان يجيب علي شييء ،وهذا النحيو
مين البيوع قييل إنيه يجوز إذا وقيع ،وقال ابين الماجشون يفسيخ إذا
وقيع علييه أثير عقده ،فإن طال مضيى ،فالصيلح الذي يقيع فييه مميا
ل يجوز فيي البيوع هيو فيي مذهيب مالك على ثلثية أقسيام :صيلح
يفسيخ باتفاق ،وصيلح يفسيخ باختلف ،وصيلح ل يفسيخ باتفاق إن
طال وإن لم يطل فيه اختلف.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الكفالة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الله صيلى الله علييه وسيلم ثيم أدى المال إلييه" قالوا :فهذا غرم
فيي الحمالة المطلقية .وأميا أهيل العراق فقالوا :إنميا يجيب علييه
إحضار ميا تحميل بيه وهيو النفيس ،فلييس يجيب أن يعدى ذلك إلى
المال إل لو شرطيه على نفسيه ،وقيد قال علييه الصيلة والسيلم
"المؤمنون عند شروطهم" فإنما عليه أن يحضره أو يحبس فيه،
فكميا أنيه إذا ضمين المال فإنميا علييه أن يحضير المال أو يحبيس
فيه ،كذلك المر في ضمان الوجه .وعمدة الفريق الثالث أنه إنما
يلزميه إحضاره إذا كان إحضاره له مميا يمكين ،وحينئذ يحبيس إذا
لم يحضره ،وأميا إذا علم أن إحضاره له غيير ممكين فلييس يجيب
علييه إحضاره كميا أنيه إذا مات لييس علييه إحضاره .قالوا :ومين
ضميين الوجييه فأغرم المال فهييو أحرى أن يكون مغرورا ميين أن
يكون غارا .فأمييا إذا اشترط الوجييه دون المال وصييرح بالشرط
فقيييد قال مالك :إن المال ل يلزميييه ،ول خلف فيييي هذا فيميييا
أحسيب ،لنيه كان يكون قيد ألزم ضيد ميا اشترط ،فهذا هيو حكيم
ضمان الوجيه .وأميا حكيم ضمان المال فإن الفقهاء متفقون على
أنييييه إذا عدم المضمون أو غاب أن الضاميييين غارم .واختلفوا إذا
حضير الضامين والمضمون وكلهميا موسير ،فقال الشافعيي وأبيو
حنيفة وأصحابهما والثوري والوزاعي وأحمد وإسحق :للطالب أن
يؤاخييذ ميين شاء ميين الكفيييل أو المكفول؛ وقال مالك فييي أحييد
قوليه :ليس له أن يأخذ الكفيل مع وجود المتكفل عنه .وله قول
آخيير مثييل قول الجمهور .وقال أبييو ثور :الحمالة والكفالة واحدة،
وميين ضميين عيين رجييل مال لزمييه وبرئ المضمون ،ول يجوز أن
يكون مال واحيد على اثنيين ،وبيه قال ابين أبيي ليلى وابين شبرمية.
وميين الحجيية لمييا رأى أن الطالب يجوز له مطالبيية الضاميين كان
المضمون عنيه غائبيا أو حاضرا ،غنييا أو عديميا حدييث قبيصية بين
المخارقي قال "تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فسيألته عنهيا ،فقال :تخرجهيا عنيك مين إبيل الصيدقة ييا قبيصية إن
المسيألة ل تحيل إل فيي ثلث ،وذكير رجل تحميل حمالة رجيل حتيى
يؤديها"
ووجيه الدلييل مين هذا النيبي صيلى الله علييه وسيلم أباح المسيألة
للمتحميل دون اعتبار حال المتحميل عنيه .وأميا محيل الكفالة فهيي
الموال عنيييد جمهور أهيييل العلم لقوله علييييه الصيييلة والسيييلم
"الزعييم غارم" أعنيي كفالة المال وكفالة الوجيه ،وسيواء تعلقيت
الموال من قبل أموال أو من قبل حدود مثل المال الواجب في
قتل الخطأ أو الصلح في قتل العمد أو السرقة التي ليس يتعلق
بهيا قطيع وهيي ميا دون النصياب أو مين غيير ذلك .وروي عين أبيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حنيفية إجازة الكفالة فيي الحدود القصياص ،أو فيي القصياص دون
الحدود وهيو قول عثمان البتيي :أعنيي كفالة النفيس .وأميا وقيت
وجوب الكفالة بالمال أعني مطالبته بالكفيل ،فأجمع العلماء على
أن ذلك بعد ثبوت الحق على المكفول إما بإقرار وإما ببينة .وأما
وقيت وجوب الكفالة بالوجيه ،فاختلفوا هيل تلزم قبيل إثبات الحيق
أم ل؟ فقال قوم :إنها ل تلزم قبل إثبات الحق بوجه من الوجوه،
وهو قول شريح القاضي والشعبي ،وبه قال سحنون من أصحاب
مالك .وقال قوم :بيل يجيب أخيذ الكفييل بالوجيه على إثبات الحيق،
وهؤلء اختلفوا متيى يلزم ذلك؟ ،وإلى كيم مين المدة يلزم؟ فقال
قوم :إن أتى بشبهة قوية مثل شاهد واحد لزمه أن يعطي ضامنا
بوجهييه حتييى يلوح حقييه وإل لم يلزمييه الكفيييل إل أن يذكيير بينيية
حاضرة في المصر فيعطيه حميل من الخمسة اليام إلى الجمعة،
وهيو قول ابين القاسيم مين أصيحاب مالك ،وقال أهيل العراق :ل
يؤخذ عليهم حميل قبل ثبوت الحق إل أن يدعي بينة حاضرة في
المصيير نحييو قول ابيين القاسييم ،إل أنهييم حدوا ذلك بالثلثيية اليام
يقولون إنه أن أتى بشبهة لزمه أن يعطيه حميل حتى يثبت دعواه
أو تبطييل ،وقييد أنكروا الفرق فييي ذلك والفرق بييين الذي يدعييي
البينة الحاضرة والغائبة ،وقالوا :ل يؤخذ حميل على أحد إل ببينة،
وذلك إلى بيان صدق دعواه أو إبطالها.
وسيبب هذا الختلف تعارض وجيه العدل بيين الخصيمين فيي ذلك،
فإنيه إذا لم يؤخيذ علييه ضامين بمجرد الدعوى لم يؤمين أن يغييب
بوجهيه فيعنيت طالبيه ،وإذا أخيذ علييه لم يؤمين أن تكون الدعوى
باطلة فيعنييت المطلوب ،ولهذا فرق ميين فرق بييين دعوى البينيية
الحاضرة والغائبية .وروي عين عراك بين مالك قال "أقبيل نفير مين
العراب معهيم ظهير فصيحبهم رجلن فباتيا معهيم ،فأصيبح القوم
وقيد فقدوا كذا وكذا مين إبلهيم ،فقال رسيول الله صيلى الله علييه
وسلم لحد الرجلين :اذهب واطلب وحبس الخر ،فجاء بما ذهب،
فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم لحيد الرجليين :اسيتغفر
لي ،فقال :غفيير الله لك ،قال :وأنييت فعفيير الله لك وقتلك فييي
سيبيله" خرج هذا الحدييث أبيو عبييد فيي كتابيه بالفقيه قال :وحمله
بعييض العلماء على أن ذلك كان ميين رسييول الله حبسييا قال :ول
يعجبني ذلك ،لنه ل يجب الحبس بمجرد الدعوى ،وإنما هو عندي
ميين باب الكفالة بالحييق الذي لم يجييب إذا كانييت هنالك شبهيية
لمكان صيحبتهما لهيم .فأميا أصيناف المضمونيين فلييس يلحيق مين
قبييل ذلك اختلف مشهور لختلفهييم فييي ضمان الميييت إذا كان
عليييه دييين ولم يترك وفاء بدينييه ،فأجازه مالك والشافعييي ،وقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أبيو حنيفية :ل يجوز .واسيتدل أبيو حنيفية مين قبيل أن الضمان ل
يتعللق بمعلوم قطعا ،وليس كذلك المفلس .واستدل من رأى أن
الضمان يلزميه بميا روي أن النيبي علييه الصيلة والسيلم كان فيي
صدر السلم ل يصلي على من مات وعليه دين حتى يضمن عنه.
والجمهور يصييح عندهييم كفالة المحبوس والغائب ،ول يصييح عنييد
أبيييي حنيفييية .وأميييا شروط الكفالة فإن أبيييا حنيفييية والشافعيييي
يشترطان فيي وجوب رجوع الضا من على المضمون بما أدى عنه
أن يكون الضمان بإذنييييه ،ومالك ل يشترط ذلك ،ول تجوز عنييييد
الشافعيي كفالة المجهول ول الحيق الذي لم يجيب بعيد ،وكيل ذلك
لزم وجائز عنيد مالك وأصيحابه .وأميا ميا تجوز فييه الحمالة بالمال
مما ل تجوز ،فإنها ل تجوز عند مالك بكل مال ثابت في الذمة إل
الكتابيية ومييا ل يجوز فيييه التأخييير ،ومييا يسييتحق شيئا فشيئا مثييل
النفقات على الزواج ،وما شاكلها.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحوالة.
@-والحوالة معاملة صييحيحة مسييتثناة ميين الدييين بالدييين ،لقوله
علييه الصيلة والسيلم "مطيل الغنيي ظلم وإذا أحييل أحدكيم على
غني فليستحل" والنظر في شروطها وفي حكمها ،فمن الشروط
اختلفهيم فيي اعتبار رضيا المحال والمحال علييه ،فمين الناس مين
اعتيبر رضيا المحال ولم يعتيبر رضيا المحال علييه ،وهيو مالك؛ ومين
الناس ميين اعتييبر رضاهمييا معييا؛ ميين الناس ميين لم يعتييبر رضييا
المحال واعتيبر رضيا المحال علييه ،وهيو نقييض مذهيب مالك ،وبيه
قال داود ،فمين رأى أنهيا معاملة اعتيبر رضيا الصينفين ،ومين أنزل
المحال علييه مين المحال منزلتيه مين المحييل لم يعتيبر رضاه معيه
ك ما ل يعتبره مع المحيل إذا طلب منه ح قه ولم يحل علييه أحدا.
وأمييا داود فحجتييه ظاهيير قوله عليييه الصييلة والسييلم "إذا أحيييل
أحدكييم على ملئ فليتبييع" والميير على الوجوب ،وبقييي المحال
علييه مين الصيل ،وهيو اشتراط اعتبار رضاه .ومين الشروط التيي
اتفيق عليهيا فيي الجملة كون ميا على المحال علييه مجانسيا لميا
على المحييل قدرا ووصيفا ،إل أن منهيم مين أجازهيا فيي الذهيب
والدراهيم فقيط ومنعهيا فيي الطعام ،والذيين منعوهيا فيي ذلك رأوا
أنهيا مين باب بييع الطعام قبيل أن يسيتوفي ،لنيه باع الطعام الذي
كان له على غريمييييه بالطعام الذي كان عليييييه ،وذلك قبييييل أن
يسييتوفيه مين غريمييه؛ وأجاز ذلك مالك إذا كان الطعامان كلهمييا
ميين قرض إذا كان دييين المحال حال .وأمييا إن كان أحدهمييا ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أبييو حنيفيية :يرجييع صيياحب الدييين على المحيييل إذا مات
المحال عليه مفلسا أو جحد الحوالة وإن لم تكن له بينة ،وبه قال
شرييح وعثمان البتيي وجماعية .وسيبب اختلفهيم مشابهية الحوالة
للحمالة.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الوكالة
@-وفيهيا ثلثية أبواب :الباب الول :فيي أركانهيا ،وهيي النظير فيميا
فييه التوكييل ،وفيي الموكيل .والثانيي فيي أحكام الوكالة .والثالث:
في مخالفة الموكل للوكيل.
**3الباب الول فيي أركانهيا ،وهيي النظير فيميا فييه التوكييل ،وفيي
الموكِل ،وفي الموَكل.
@(-الركيييين الول :فييييي الموكييييل) واتفقوا على وكالة الغائب
والمريييض والمرأة المالكييين لمور أنفسييهم ،واختلفوا فييي وكالة
الحاضير الذكير الصيحيح ،فقال مالك :تجوز وكالة الحاضير الصيحيح
الذكر ،وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة :ل تجوز وكالة الصحيح
الحاضر ول المرأة إل أن تكون برزة .فمن رأى أن الصل ل ينوب
فعييل الغييير عيين فعييل الغييير إل مييا دعييت إليييه الضرورة وانعقييد
الجماع علييه قال :ل تجوز نيابية مين اختلف فيي نيابتيه؛ ومين رأى
أن الصيل هيو الجواز قال :الوكالة فيي كيل شييء جائزة إل فيميا
أجمع على أنه ل تصح فيه من العبادات وما جرى مجراها.
@(-الركيين الثانييي :فييي الوكيييل) وشروط الوكيييل أن ل يكون
ممنوعيا بالشرع من تصيرفه فيي الشييء الذي وكيل فييه ،فل يصيح
توكييل الصيبي ول المجنون ول المرأة عنيد مالك والشافعيي على
عقيد النكاح .أميا عنيد الشافعيي فل بمباشرة ول بواسيطة :أي بأن
توكل هي من يلي عقد النكاح ،ويجوز عند مالك بالواسطة الذكر.
@(-الركين الثالث :فيميا فييه التوكييل) وشرط محيل التوكييل أن
يكون قابل للنيابيية مثييل البيييع والحوالة والضمان وسييائر العقود
والفسييوخ والشركيية والوكالة والمصييارفة والمجاعلة والمسيياقاة
والطلق والنكاح والخلع والصييلح .ول تجوز فييي العبادات البدنييية،
وتجوز في المالية كالصدقة والزكاة والحج ،وتجوز عند مالك في
الخصومة على القرار والنكار؛ وقال الشافعي في أحد قوليه :ل
تجوز على القرار ،وشبيييه ذلك بالشهادة واليمان ،وتجوز الوكالة
على اسييتيفاء العقوبات عنييد مالك وعنييد الشافعييي مييع الحضور
قولن :والذيييين قالوا إن الوكالة تجوز على القرار اختلفوا فيييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييي الشراء؛ وفرق أبييو حنيفيية بييين البيييع والشراء لمعييين فقال:
يجوز في البيع أن يبيع بغير ثمن المثل ،وأن يبيع نسيئة ،ولم يجز
إذا وكله فييي شراء عبييد بعينييه أن يشتريييه إل بثميين المثييل نقدا،
ويشبه أن يكون أبو حنيفة إنما فرق بين الوكالة على شراء شيء
بعينه ،لن من حجته أنه كما أن الرجل قد يبيع الشيء بأقل من
ثمن مثله ونساء لمصلحة يراها في ذلك كله ،كذلك حكم الوكيل
إذ قييد أنزله منزلتييه ،وقول الجمهور أبييين ،وكييل مييا يعتدي فيييه
الوكييل ضمين عنيد مين يرى أنيه تعدى ،وإذا اشترى الوكييل شيئا
وأعلم أن الشراء للموكييل فالملك ينتقييل إلى الموكييل؛ وقال أبييو
حنيفة :إلى الوكيل أول ثم إلى الموكل ،وإذا دفع الوكيل دينا عن
الموكل ولم يشهد فأنكر الذي له الدين القبض ضمن الوكيل.
**3الباب الثالث في مخالفة الموكل للوكيل.
@-وأميا اختلف الوكييل ميع الموكيل ،فقيد يكون فيي ضياع المال
الذي اسيتقر عنيد الوكييل ،وقيد يكون فيي دفعيه إلى الموكيل ،وقيد
يكون فييي مقدار الثميين الذي باع بييه أو اشترى إذا أمره بثميين
محدود ،وقيد يكون فيي المثمون ،وقيد يكون فيي تعييين مين أمره
بالدفيع إلييه ،وقيد يكون فيي دعوى التعدي .فإذا اختلفيا فيي ضياع
المال فقال الوكيييل ضاع منييي ،وقال الموكييل لم يضييع ،فالقول
قول الوكيييل إن كان لم يقبضييه ببينيية ،فإن كان المال قييد قبضييه
الوكييل مين غرييم الموكيل لم يشهيد الغرييم على الدفيع لم ييبرأ
الغرييم بإقرار الوكييل عنيد مالك وغرم ثانيية ،وهيل يرجيع الغرييم
على الوكييل؟ فييه خلف ،وإن كان قيد قبضيه ببينية برئ ولم يلزم
الوكيل شيء .وأما إذا اختلفا في الدفع فقال الوكيل دفعته إليك،
وقال الموكييل :ل ،فقيييل القول قول الوكيييل .وقيييل القول قول
الموكل .وقيل إن تباعد ذلك فالقول قول الوكيل .وأمر اختلفهم
في مقدار الثمن الذي به أمره بالشراء؛ فقال ابن القاسم :إن لم
تفيييت السيييلعة فالقول قول المشتري ،وإن فاتيييت فالقول قول
الوكييييل ،وقييييل يتحالفان وينفسيييخ البييييع ويتراجعان وإن فاتيييت
بالقيمية وإن كان اختلفهييم فييي مقدار الثمين الذي أمره بيه فيي
البيع ،فعند ابن القاسم أن القول فيه قول الموكل ،لنه جعل دفع
الثميين بمنزلة فوات السييلعة فييي الشراء .وأمييا إذا اختلفييا فيميين
أمره بالدفييع ففييي المذهييب فيييه قولن :المشهور أن القول قول
المأمور ،وقييل القول قول المير .وأميا إذا فعيل الوكييل فعل هيو
تعيد وزعيم أن الموكيل أمره ،فالمشهور أن القول قول الموكيل،
وقد قيل إن القول قول الوكيل إنه أمره قد ائتمنه على الفعل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب اللقطة
@-والنظير فيي اللقطية فيي جملتيين :الجملة الولى :فيي أركانهيا.
والثانية :في أحكامها.
*(*3الجملة الولى) والركان ثلثة :اللتقاط ،والملتقط ،واللقطة.
فأميا اللتقاط فاختلف العلماء هيل هيو فضيل أم الترك؟ فقال أبيو
حنيفة :الفضل اللتقاط ،لنه من الواجب على المسلم أن يحفظ
مال أخيييه المسييلم ،وبييه قال الشافعييي؛ وقال مالك وجماعيية
بكراهييية اللتقاط ،وروي عيين ابيين عميير وابيين عباس ،وبييه قال
أحميد ،وذلك لمريين :أحدهميا ميا روي أنيه صيلى الله علييه وسيلم
قال "ضالة المؤمن حرق النار" ولما يخاف أيضا من التقصير في
القيام بما يجب لها من التعريف وترك التعدي عليها ،وتأول الذين
رأوا اللتقاط أول الحدييث وقالوا :أراد بذلك النتفاع بهيا ل أخذهيا
للتعريف؛ وقال قوم :بل لقطها واجب .وقد قيل إن هذا الختلف
إذا كانييت اللقطيية بييين قوم مأمونييين والمام عادل .قالوا :وإن
كانييت اللقطيية بييين قوم غييير مأمونييين والمام عادل فواجييب
التقاطهيا .وإن كانيت بيين قوم مأمونيين والمام جائر فالفضيل أن
ل يلتقطهيا .وإن كانيت بيين قوم غيير مأمونيين والمام غيير عادل
فهيو مخيير بحسيب ميا يغلب على ظنيه مين سيلمتها أكثير مين أحيد
الطرفين ،وهذا كله ما عدا لقطة الحاج ،فإن العلماء أجمعوا على
أنه ل يجوز التقاطها لنهيه عليه الصلة والسلم عن ذلك ،ولقطة
مكيية أيضييا ل يجوز التقاطهييا إل لمنشييد لورود النييص فييي ذلك،
والمروي فيي ذلك لفظان :أحدهميا أنيه ل ترفيع لقطتهيا إل لمنشيد.
الثانيي ل يرفيع لقطتهيا إل منشيد ،فالمعنيى الواحيد أنهيا ل ترفيع إل
لمين ينشدهيا ،والمعنيى الثانيي ل يلتقطهيا إل لمين ينشدهيا ليعرف
الناس .وقال مالك :تعرف هاتان اللقتطان أبدا ،فأميييا الملتقيييط
فهيو كيل حير مسيلم بالغ لنهيا وليية ،واختلف عين الشافعيي فيي
جواز التقاط الكافيير .قال أبييو حامييد :والصييح جواز ذلك فييي دار
السيلم .قال :وفيي أهليية العبيد والفاسيق له قولن :فوجيه المنيع
عدم أهلييية الولييية ،ووجييه الجواز عموم أحاديييث اللقطيية .وأمييا
اللقطيية بالجملة فإنهييا كييل مال لمسييلم معرض للضياع كان ذلك
فيي عامير الرض أو غامرهيا ،والجماد والحيوان فيي ذلك سيواء إل
البيل باتفاق .والصيل فيي اللقطية حدييث يزييد بين خالد الجهنيي،
وهيو متفيق على صيحته أنيه قال "جاء رجيل إلى رسيول الله صيلى
الله عليييه وسييلم فسييأله عيين اللقطيية ،فقال :اعرف عفاصييها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ووكاءهيا ثيم عرفهيا سينة ،فإن جاء صياحبها وإل فشأنيك بهيا ،قال:
فضالة الغنييم يييا رسييول الله؟ قال :هييي لك أو لخيييك أو للذئب،
قال :فضالة البييل ،قال :مالك ولهييا معهييا سييقاؤها وحذاؤهييا ترد
الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها" وهذا الحديث يتضمن معرفة
ميا يلتقيط مميا ل يلتقيط ،ومعرفية حكيم ميا يلتقيط كييف يكون فيي
العام وبعده وبماذا يسيتحقها مدعيهيا .فأميا البيل فاتفقوا على أنهيا
ل تلتقييط ،واتفقوا على الغنييم أنهييا تلتقييط ،وترددوا فييي البقيير،
والنيص عين الشافعيي أنهيا كالبيل ،وعين مالك أنهيا كالغنيم ،وعنيه
خلف.
*(*3الجملة الثانية)
@-وأما حكم التعريف ،فاتفق العلماء على تعريف ما كان منها له
بال سينة ميا لم تكين مين الغنيم .واختلفوا فيي حكمهيا بعيد السينة،
فاتفيييق فقهاء المصيييار مالك والثوري والوزاعيييي وأبيييو حنيفييية
والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور إذا انقضت كان له أن يأكلها
إن كان فقيرا ،أو يتصيدق بهيا إن كان غنييا ،فإن جاء صياحبها كان
مخيرا بيين أن يجيييز الصييدقة فينزل على ثوابهيا أو يضمنيه إياهيا.
واختلفوا فيي الغنيي هيل له أن يأكلهيا أو ينفقهيا بعيد الحول؟ فقال
مالك والشافعيي :له ذلك؛ وقال أبيو حنيفية :لييس له أن يأكلهيا أو
يتصيدق بهيا؛ وروي مثيل قوله عين علي وابين عباس وجماعية مين
التابعيين؛ وقال الوزاعيي :إن كان مال كثيرا جعله فيي بييت المال؛
وروي مثيل قول مالك والشافعيي عين عمير وابين مسيعود وابين
عمير وعائشية .وكلهيم متفقون على أنيه إن أكلهيا ضمنهيا لصياحبها
إل أهييل الظاهيير .واسييتدل مالك والشافعييي بقوله عليييه الصييلة
والسيلم "فشأنيك بهيا" ولم يفرق بيين غنيي وفقيير .ومين الحجية
لهميا ميا رواه البخاري والترمذي عين سيويد بين غفلة قال "لقييت
أوييس بين كعيب فقال :وجدت صيرة فيهيا مائة دينار ،فأتييت النيبي
صيلى الله علييه وسيلم فقال :عرفهيا حول ،فعرفتهيا فلم أجيد ،ثيم
أتيتييه ثلثييا فقال :احفييظ وعاءهييا ووكاءهييا فإن جاء صيياحبها وإل
فاسييتمتع بهييا" وخرج الترمذي وأبييو داود "فاسييتنفقها" .فسييبب
الخلف معارضة ظاهر لفظ حديث اللقطة لصل الشرع ،وهو أنه
ل يحيل مال امرئ مسيلم إل عين طييب نفيس منيه ،فمين غلب هذا
الصل على ظاهر الحديث ،وهو قوله بعد التعريف "فشأنك بها"
قال :ل يجوز فيها تصرف إل بالصدقة فقط على أن يضمن إن لم
يجيز صياحب اللقطية الصيدقة؛ ومين غلب ظاهير الحدييث على هذا
الصيل ورأى أنيه مسيتثنى منيه قال :تحيل له بعيد العام وهيي مال
من ماله ل يضمنها إن جاء صاحبها ،ومن توسط قال :يتصرف بعد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
العام فيهييا وإن كانييت عينييا على جهيية الضمان .وأمييا حكييم دفييع
اللقطية لمين ادعاهيا ،فاتفقوا على أنهيا ل تدفيع إلييه إذا لم يعرف
العفاص ول الوكاء،
واختلفوا إذا عرف ذلك هييل يحتاج مييع ذلك إلى بينيية أم ل؟ فقال
مالك :يسيييتحق بالعلمييية ول يحتاج إلى بينييية؛ وقال أبيييو حنيفييية
والشافعيي :ل يسيتحق إل ببينية .وسيبب الخلف معارضية الصيل
في اشتراط الشهادة في صحة الدعوى لظاهر هذا الحديث؛ فمن
غلب الصل قال :ل بد من البينة؛ ومن غلب ظاهر الحديث قال:
ل يحتاج إلى بينية .وإنميا اشترط الشهادة فيي ذلك الشافعيي وأبيو
حنيفية لن قوله علييه الصيلة والسيلم "اعرف عفاصيها ووكاءهيا
فإن جاء صيياحبها وإل فشأنييك بهييا" يحتمييل أن يكون إنمييا أمره
بمعرفييية العفاص والوكاء لئل تختلط عنده بغيرهيييا ،ويحتميييل أن
يكون إنمييا أمره بذلك ليدفعهييا لصيياحبها بالعفاص والوكاء ،فلمييا
وقييع الحتمال وجييب الرجوع إلى الصييل ،فإن الصييول ل تعارض
بالحتمالت المخالفيية لهيا إل أن تصيح الزيادة التيي نذكرهيا بعيد؛
وعنييد مالك وأصييحابه أن على صيياحب اللقطيية أن يصييف مييع
العفاص والوكاء صييفة الدنانييير والعدد ،قالوا :وذلك موجود فييي
بعيض روايات الحدييث ولفظيه "فإن جاء صياحبها ووصيف عفاصيها
ووكاءها وعددها فادفعها إليه" قالوا :ولكن ل يضره الجهل بالعدد
إذا عرف العفاص والوكاء ،وكذلك إن زاد فييه .واختلفوا إن نقيص
مييين العدد على قوليييين ،وكذلك اختلفوا إذا جهيييل الصيييفة وجاء
بالعفاص والوكاء .وأميا إذا غلط فيهيا فل شييء له .وأميا إذا عرف
إحدى العلمتين اللتين وقع النص عليهما وجهل الخرى فقيل إنه
ل شييء له إل بمعرفتهميا جميعيا ،وقييل يدفيع إلييه بعيد السيتبراء،
وقييل إن ادعيى الجهالة اسيتبرئ ،وإن غلط لم تدفيع إلييه .واختلف
المذهيب إذا أتيى بالعلمية المسيتحقة هيل يدفيع إلييه بيميين أو بغيير
يميين؟ فقال ابين القاسيم بغيير يميين :وقال أشهيب :بيميين .وأميا
ضالة الغنييم ،فإن العلماء اتفقوا على أن لواجييد ضالة الغنييم فييي
المكان القفيير البعيييد ميين العمران أن يأكلهييا لقوله عليييه الصييلة
والسلم في الشاة "هي لك أو لخيك أو للذئب"
واختلفوا هيل يضمين قيمتهيا لصياحبها أم ل؟ فقال جمهور العلماء
إنييه يضميين قيمتهييا؛ وقال مالك فييي أشهيير القاويييل عنييه :إنييه ل
يضمين .وسيبب الخلف معارضية الظاهير كميا قلنيا للصيل المعلوم
ميين الشريعيية ،إل أن مالكييا هنييا غلب الظاهيير فجرى على حكييم
الظاهير ،ولم يجيز كذلك التصيرف فيميا وجيب تعريفيه بعيد العام
لقوة اللفظ ههنا؛ وعنه رواية أخرى أنه يضمن ،وكذلك كل طعام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ل يبقى إذا خشي عليه التلف إن تركه .وتحصيل مذهب مالك عند
أصييحابه فييي ذلك أنهييا على ثلثيية أقسييام :قسييم يبقييى فييي يييد
ملتقطييه ويخشييى عليييه ميين التلف إن تركييه ،كالعييين والعروض.
وقسيم ل يبقيى فيي ييد ملتقطيه ويخشيى علييه مين التلف إن ترك
كالشاة فيي القفير ،والطعام الذي يسيرع إلييه الفسياد .وقسيم ل
يخشيى علييه مين التلف .فأميا القسيم الول ،وهيو ميا يبقيى فيي ييد
ملتقطيه ويخشيى علييه التلف فإنيه ينقسيم ثل ثة أقسيام :أحدهيا أن
يكون يسيييرا ل بال له ول قدر لقيمتييه ويعلم أن صيياحبه ل يطلبييه
لتفاهته ،فهذا ل يعرف عنده وهو لمن وجده .والصل في ذلك ما
روي "أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ميير بتمرة فييي
الطرييق فقال :لول أن تكون مين الصيدقة لكلتهيا" ولم يذكير فيهيا
تعري فا ،وهذا مثيل العصيا وال سوط ،وإن كان أشهيب قيد اسيتحسن
تعرييف ذلك .والثانيي أن يكون يسييرا إل أن له قدر ومنفعية ،فهذا
ل اختلف فيي المذهيب فيي تعريفيه .واختلفوا فيي قدر ميا يعرف،
فقيل سنة ،وقيل أياما .وأما الثالث فهو أن يكون كثيرا أو له قدر،
فهذا ل اختلف فيي وجوب تعريفيه حول .وأميا القسيم الثانيي وهيو
ميا ل يبقيى بييد ملتقطيه ويخشيى علييه التلف ،فإن هذا يأكله كان
غنييا أو فقيرا ،وهيل يضمين؟ فييه روايتان كميا قلنيا الشهير أن ل
ضمان .واختلفوا إن وجييد مييا يسييرع إليييه الفسيياد فييي الحاضرة
فقييل ل ضمان علييه ،وقييل علييه الضمان ،وقييل بالفرق بيين أن
يتصدق به فل يضمن ،أو يأكله فيضمن.
وأما القسم الثالث فهو كالبل ،أعني أن الختيار عنده فيه الترك
للنيص الوارد فيي ذلك ،فإن أخذهيا وجيب تعريفهيا ،والختيار تركهيا؛
وقييل فيي المذهيب هيو عام فيي جمييع الزمنية؛ وقييل إنميا هيو فيي
زمان العدل ،وأن الفضييل فييي زمان غييير العدل التقاطهييا .وأمييا
ضمانهييا فييي الذي تعرف فيييه ،فإن العلماء اتفقوا على أن ميين
التقطهييا وأشهييد على التقاطهييا فهلكييت عنده أنييه غييير ضاميين،
واختلفوا إذا لم يشهد ،فقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد
بين الحسين :ل ضمان علييه إن لم يضييع وإن لم يشهيد؛ وقال أبيو
حنيفييية وزفييير :يضمنهيييا إن هلكيييت ولم يشهيييد .اسيييتدل مالك
والشافعيي بأن اللقطية وديعية فل ينقلهيا ترك الشهاد مين المانية
إلى الضمان ،قالوا :وهيي وديعية بميا جاء مين حدييث سيليمان بين
بلل وغيره أنييه قال :إن جاء صيياحبها وإل فلتكيين وديعيية عندك.
واسيتدل أبيو حنيفية وزفير بحدييث مطرف بين الشخيير عين عياض
بن حمار قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من التقط
لقطيية فليشهييد ذوي عدل عليهييا ول يكتييم ول يعنييت ،فإن جاء
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صاحبها فهو أحق بها ،وإل فهو مال الله يؤتيه من يشاء" .وتحصيل
المذهيب فيي ذلك أن واجيد اللقطية عنيد مالك ل يخلو التقاطيه لهيا
مين ثلثية أوجيه :أحدهيا أن يأخذهيا على جهية الغتيال لهيا .والثانيي
أن يأخذهييا على جهيية اللتقاط .والثالث أن يأخذهييا ل على جهيية
اللتقاط ول على جهييية الغتيال ،فإن أخذهيييا على جهييية اللتقاط
فهي أمانة عنده عليه حفظها وتعريفها ،فإن ردها بعد أن التقطها
فقال ابين القاسيم :يضمين؛ وقال أشهيب :ل يضمين إذا ردهيا فيي
موضعها ،فإن ردها في غير موضعها ضمن كالوديعة ،والقول قوله
فيي تلفهيا دون يميين إل أن يتهيم .وأميا إذا قبضهيا مغتال لهيا فهيو
ضامين لهيا ،ولكين ل يعرف هذا الوجيه إل مين قبله .وأميا الوجيه
الثالث فهيو مثيل أن يجيد ثوبيا فيأخذه ،وهيو يظنيه لقوم بيين يدييه
ليسيألهم عنيه ،فهذا إن لم يعرفوه ول ادعوه كان له أن يرد حييث
وجده ول ضمان علييييه باتفاق عنيييد أصيييحاب مالك .وتتعلق بهذا
الباب مسييألة اختلف العلماء فيهييا ،وهييو العبييد يسييتهلك اللقطيية،
فقال مالك :إنهيا فيي رقبتيه إميا أن يسيلمه سييده فيهيا ،وإميا أن
يفدييه بقيمتهيا ،هذا إذا كان اسيتهلكه قبيل الحول ،فإن اسيتهلكها
بعيد الحول كانيت دينيا علييه ولم تكين فيي رقبتيه؛ وقال الشافعيي:
إن علم بذلك السييد فهيو الضامين ،وإن لم يعلم بهيا السييد كانيت
في رقبة العبد .واختلفوا هل يرجع الملتقط بما أنفق على اللقطة
على صيييياحبها أم ل؟ فقال الجمهور :ملتقييييط اللقطيييية متطوع
بحفظهييا فل يرجييع بشيييء ميين ذلك على صيياحب اللقطيية .وقال
الكوفيون :ل يرجيع بميا أنفيق إل أن تكون النفقية عين إذن الحاكيم،
وهذه المسيألة هيي مين أحكام اللتقاط ،وهذا القدر كاف بحسيب
غرضنا في هذا الباب.
**3باب في اللقيط.
@-والنظيير فييي أحكام اللتقاط وفييي الملتقييط واللقيييط وفييي
أحكامه.
وقال الشافعيي كيل شييء ضائع ل كافيل له فالتقاطيه مين فروض
الكفايات ،وفييي وجوب الشهاد عليييه خيفيية السييترقاق خلف،
والخلف فييييه مبنيييي على الختلف فيييي الشهاد على اللقطييية.
واللقيط :هو الصبي الصغير غير البالغ ،وإن كان مميزا ،ففيه في
مذهب الشافعي تردد ،والملتقط :هو كل حر عدل رشيد ،وليس
العبد والمكاتب بملتقط ،والكافر يلتقط الكافر دون المسلم ،لنه
ل وليية له علييه ،ويلتقيط المسيلم الكافير ،وينزع مين ييد الفاسيق
والمبذر ،وليس من شرط الملتقط الغنى ،ول تلزم نفقة الملتقط
على مين التقطيه ،وإن أنفيق لم يرجيع علييه بشييء .وأميا أحكاميه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الدفييع أو يأتييي القابييض بالمال .وأمييا إن دفييع إلى ذميية ،مثييل أن
يقول رجييل للذي عنده الوديعيية ادفعهييا إلي سييلفا أو تسييلفا فييي
سيلعة أو ميا أشبيه ذلك ،فإن كانيت الذمية قائمية برئ الدافيع فيي
المذهب من غير خلف ،وإن كانت الذمة خربة فقولن.
والسيبب فيي هذا اختلفهيم كله أن المانية تقوي دعوى المدعيي
حتييى يكون القول قوله مييع يمينييه؛ فميين شبييه أمانيية الذي أمره
المودع أن يدفعهييا إليييه ،أعنييي الوكيييل بأمانيية المودع عنده قال:
يكون القول قوله في دعواه التلف كدعوى المستودع عنده؛ ومن
رأى أن تلك المانة أضعف قال :ل يبرأ الدافع بتصديق القابض مع
دعوى التلف؛ ومييين رأى المأمور بمنزلة المييير قال :القول قول
الدافيع للمأمور كميا كان القول قوله ميع المير ،وهيو مذهيب أبيي
حنيفة؛ ومن رأى أنه أضعف منه قال :الدافع ضامن إل أن يحضر
القابيض المال ،وإذا أودعهيا بشرط الضمان فالجمهور على أنيه ل
يضمن ،وقال الغير :يضمن .وبالجملة فالفقهاء يرون بأجمعهم أنه
ل ضمان على صياحب الوديعية إل أن يتعدى ويختلفون فيي أشياء
هيل هيي تعيد أم لييس بتعيد؟ فمين مسيائلهم المشهورة فيي هذا
الباب إذا أنفيق الوديعية ثيم رد مثلهيا أو أخرجهيا لنفقتيه ثيم ردهيا،
فقال مالك :يسيقط عنييه الضمان بحالة مثييل إذا ردهييا؛ وقال أبيو
حنيفية :إن ردهيا بعينهيا قبيل أن ينفقهيا لم يضمين ،وإن رد مثلهيا
ضمين؛ وقال عبيد الملك والشافعيي :يضمين فيي الوجهيين جميعيا؛
فمن غلظ المر ضمنه إياها بتحريكها ونية استنفاقها؛ ومن رخص
لم يضمنهيا إذا أعاد مثلهيا .ومنهيا اختلفهيم فيي السيفر بهيا ،فقال
مالك لييس له أن يسيافر بهيا إل أن تعطيى له فيي سيفر؛ وقال أبيو
حنيفية :له أن يسيافر بهيا إذا كان الطرييق آمنيا ولم ينهيه صياحب
الوديعية .ومنهيا أنيه لييس للمودع عنده أن يودع الوديعية غيره مين
غيير عذر ،فإن فعيل ضمين؛ وقال أبيو حنيفية :إن أودعهيا عنيد مين
تلزمه نفقته لم يضمن ،لنه شبهه بأهل بيته.
وعنيد مالك له أن يسيتودع ميا أودع عنيد عياله الذيين يأمنهيم وهيم
تحت غلقه من زوج أو ولد أو أمة أو من أشبههم .وبالجملة فعند
الجمييع أنيه يجيب علييه أن يحفظهيا مميا جرت بيه عادة الناس أن
تحفيظ أموالهيم ،فميا كان بينيا مين ذلك أنيه حفيظ اتفيق علييه ،وميا
كان غيير بيين أنيه حفيظ اختلف فييه ،مثيل اختلفهيم فيي المذهيب
فيمن جعل وديعة في جيبه فذهبت ،والشهر أنه يضمن .وعند ابن
وهيب أن مين أودع وديعية فيي المسيجد فجعلهيا على نعله فذهبيت
أنيه ل ضمان علييه ،ويختلف فيي المذهيب فيي ضمانهيا بالنسييان،
مثل أن ينساها في موضع أو أن ينسى من دفعها إليه ،أو يدعيها
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
رجلن ،فقييل يحلفان وتقسيم بينهميا ،وقييل إنيه يضمين لكيل واحيد
منهما ،وإذا أراد السفر فله عند مالك أن يودعها عند ثقة من أهل
البلد ول ضمان علييييه قدر على دفعهيييا إلى الحاكيييم أو لم يقدر.
واختلف في ذلك أصحاب الشافعي ،فمنهم من يقول :إن أودعها
لغيير الحاكيم ضمين .وقبول الوديعية عنيد مالك ل يجيب فيي حال،
ومين العلماء مين يرى أنيه واجيب إذا لم يجيد المودع مين يودعهيا
عنده ،ول أجير للمودع عنده على حفيظ الوديعية ،وميا تحتاج إلييه
مين مسيكن أو نفقية فعلى ربهيا .واختلفوا مين هذا الباب فيي فرع
مشهور ،وهو فيمن أودع مال فتعدى فيه واتجر به فربح فيه ،هل
ذلك الربيييح حلل له أم ل؟ فقال مالك واللييييث وأبيييو يوسيييف
وجماعية :إذا رد المال طاب له الربيح وإن كان غاصيبا للمال فضل
عين أن يكون مسيتودعا عنده؛ وقال أبيو حنيفية وزفير ومحميد بين
الحسين :يؤدي الصيل ويتصيدق بالربيح؛ وقال قوم :لرب الوديعية
الصييل والربييح؛ وقال قوم :هييو مخييير بييين الصييل والربييح؛ وقال
قوم :البيع الواقع في تلك التجارة فاسد ،وهؤلء هم الذين أوجبوا
التصيييدق بالربيييح إذا مات .فمييين اعتيييبر التصيييرف قال :الربيييح
للمتصيرف؛ ومين اعتيبر الصيل قال :الربيح لصياحب المال .ولذلك
لميا أمير عمير رضيي الله عنيه ابنييه عبيد الله وعبييد الله أن يصيرفا
المال الذي أسلفهما أبو موسى الشعري من بيت المال ،فتجروا
فييه فربحيا ،قييل له :لو جعلتيه قراضيا ،فأجاب إلى ذلك ،لنيه قيد
روي أنييه قييد حصييل للعامييل جزء ولصيياحب المال جزء ،وأن ذلك
عدل.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب العارية.
@-والنظير فيي العاريية فيي أركانهيا وأحكامهيا .وأركانهيا خمسية:
العارة ،والمعير ،والمستعير ،والمعار ،والصيغة .أما العارة فهي
فعيل محيير ومندوب إلييه ،وقيد شدد فيهيا قوم مين السيلف الول.
روي عن عبد الله بن عباس وعبد الله ابن مسعود أنهما قال في
قوله تعالى {ويمنعون الماعون} أنيييه متاع البييييت الذي يتعاطاه
الناس بينهييم ميين الفأس والدلو والحبييل والقدر ومييا أشبييه ذلك.
وأما المعير فل يعتبر فيه إل لكونه مالكا للعارية إما لرقبتها وإما
لمنفعتها ،والظهر أنها ل تصح من المستعير أعني أن يعيرها .وأما
العاريية فتكون فييي الدور والرضيين والحيوان ،وجميييع ميا يعرف
بعينييه إذا كانييت منفعتييه مباحيية السييتعمال ،ولذلك ل تجوز إباحيية
الجوار للسييتمتاع .ويكره للسييتخدام إل أن تكون ذا محرم .وأمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
صيغة العارة ،فهي كل لفظ يدل على الذن ،وهي عقد جائز عند
الشافعي وأبي حنيفة :أي للمعير أن يسترد عاريته إذا شاء؛ وقال
مالك فيي المشهور :لييس له اسيترجاعها قبيل النتفاع ،وإن شرط
مدة ميا لزمتيه تلك المدة ،وإن لم يشترط مدة لزمتيه مين المدة
ما يرى الناس أنه مدة لمثل تلك العارية .وسبب الخلف ما يوجد
فيهيا مين شبيه العقود اللزمية وغيير اللزمية .وأميا الحكام فكثيرة،
وأشهرهييا هييل هييي مضمونيية أو أمانيية؟ فمنهييم ميين قال :إنهييا
مضمونييية وإن قاميييت البينييية على تلفهيييا ،وهيييو قول أشهيييب
والشافعيي ،وأحيد قولي مالك؛ ومنهيم مين قال نقييض هذا ،وهيو
أنها ليست مضمونة أصل ،وهو قول أبي حنيفة؛ ومنهم من قال:
يضمين فيميا يغاب علييه إذا لم يكين على التلف بينية ،ول يضمين
فيميا ل يغاب علييه ،ول فيميا قاميت البينية على تلفيه ،وهيو مذهيب
مالك المشهور وابيين القاسييم وأكثيير أصييحابه .وسييبب الخلف
تعارض الثار فيي ذلك ،وذلك أنيه ورد فيي الحدييث الثابيت أنيه قال
عليييه الصييلة والسييلم لصييفوان بيين أمييية "بييل عارييية مضمونيية
مؤداة" وفيي بعضهيا "بيل عاريية مؤداة" وروي عنيه أنيه قال "لييس
على المستعير ضمان" فمن رجح وأخذ بهذا أسقط الضمان عنه،
ومين أخيذ بحدييث صيفوان ابين أميية ألزميه الضمان؛ ومين ذهيب
مذهييب الجمييع فرق بييين مييا يغاب عليييه وبييين مييا ل يغاب عليييه،
فحمل هذا الضمان على ما يغاب عليه ،والحديث الخر على ما ل
يغاب علييه ،إل أن الحد يث الذي فيه لييس على المستعير ضمان،
غيير مشهور ،وحدييث صيفوان صيحيح ،ومين لم يير الضمان شبههيا
بالوديعيية؛ وميين فرق قال :الوديعيية مقبوضيية لمنفعيية الدافييع،
والعارية لمنفعة القابض.
واتفقوا فيي الجارة على أنهيا غيير مضمونية :أعنيي الشافعيي وأبيا
حنيفية ومالكيا ،ويلزم الشافعيي إذا سيلم أنيه ل ضمان علييه فيي
الجارة أن ل يكون ضمان فيي العاريية إن سيلم أن سيبب الضمان
هو النتفاع ،لنه إذا لم يضمن حيث قبض لمنفعتهما فأحرى أن ل
يضمين حييث قبيض لمنفعتيه إذا كانيت منفعية الدافيع مؤثرة فيي
إسيقاط الضمان .واختلفوا إذا شرط الضمان ،فقال قوم :يضمين؛
وقال قوم :ل يضمين ،والشرط باطيل؛ ويجيئ على قول مالك إذا
اشترط الضمان فيي الموضيع الذي ل يجيب فييه علييه الضمان أن
يلزم إجارة المثل في استعماله العارية لن الشرط يخرج العارية
عيين حكييم العارييية إلى باب الجارة الفاسييدة إذا كان صيياحبها لم
يرض أن يعيرهيا إل بأن يخرجهيا فيي ضمانيه ،فهيو عوض مجهول
فيجب أن يرد إلى معلوم .واختلف عن مالك والشافعي إذا غرس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
المسيتعير وبنيى ثيم انقضيت المدة التيي اسيتعار إليهيا ،فقال مالك:
المالك بالخيار إن شاء أخييذ المسييتعير بقلع غراسييته وبنائه ،وإن
شاء أعطاه قيمته مقلوعا إذا كان مما له قيمة بعد القلع ،وسواء
عنيد مالك انقضيت المدة المحدودة بالشرط أو بالعرف أو العادة؛
وقال الشافعييي :إذا لم يشترط عليييه القلع فليييس له مطالبتييه
بالقلع ،بل يخير المعير بأن يبقيه بأجر يعطاه ،أو ينقض بأرش ،أو
يتملك ببدل ،فأيهميا أراد المعيير أجيبر عليييه المسييتعير ،فإن أبييى
كلف تفريييغ الملك .وفييي جواز بيعتييه للنقييض عنده خلف ،لنييه
معرض للنقييض ،فرأى الشافعييي أن آخذه المسييتعير بالقلع دون
أرش هو ظلم؛ ورأى مالك أن عليه إخلء المحل ،وأن العرف في
ذلك يتنزل منزلة الشروط ،وعنييد مالك أنييه إن اسييتعمل العارييية
اسيتعمال ينقصيها عين السيتعمال المأذون فييه ضمين ميا نقصيها
بالسيتعمال .واختلفوا مين هذا الباب فيي الرجيل يسيأل جاره أن
يعيره جداره ليغرز فيييه خشبيية لمنفعيية ول تضيير صيياحب الجدار
وبالجملة في كل ما ينتفع به المستعير ول ضرر على المعير فيه،
فقال مالك وأبو حنيفة :ل يقضي عليه به إذ العارية ل يقضى بها،
وقال الشافعييي وأحمييد وأبييو ثور وداود وجماعيية أهييل الحديييث:
يقضى بذلك ،وحجتهم ما خرجه مالك عن ابن شهاب عن العرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ل يمنع
أحدكييم جاره أن يغرز خشبيية فييي جداره" ثييم يقول أبييي هريرة:
مالي أراكم عنها معرضين ،والله لرمين بها بين أكتافكم.
واحتجوا أيضا بما رواه مالك عن عمر بن الخطاب أن الضحاك بن
قييس سياق خليجيا له مين العرييض ،فأرادوا أن يمير بيه فيي أرض
محميد بين مسيلمة ،فأبيى محميد ،فقال له الضحاك :أنيت تمنعنيي
وهيو لك منفعية ،تسيقي منيه أول وآخرا ول يضرك؟ فأبيى محميد،
فكلم فيييه الضحاك عميير بيين الخطاب ،فدعييا عميير محمييد بيين
مسييلمة ،فأمره أن يخلي سييبيله ،قال محمييد :ل ،فقال عميير :ل
تمنع أخاك ما ينفعه ول يضرك ،فقال محمد :ل ،فقال عمر :والله
ليمرن به ولو على بطنك ،فأمره عمر أن يمر به ،ففعل الضحاك.
وكذلك حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال :كان في
حائط جدي ربيييع لعبييد الرحميين بيين عوف ،فأراد أن يحوله إلى
ناحية من الحائط ،فمنعه صاحب الحائط ،فكلم عمر بن الخطاب،
فقضيى لعبيد الرحمين بين عوف بتحويله وقيد عذل الشافعيي مالكيا
لدخاله هذه الحادييث فيي موطئه ،وتركيه الخيذ بهيا .وعمدة مالك
وأبي حنيفة قوله عليه الصلة والسلم "ل يحل مال امرئ مسلم
إل عين طييب نفيس منيه" وعنيد الغيير أن عموم هذا مخصيص بهذه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يضمين .وسيبب اختلفهيم هيل كون ييد الغاصيب على العقار مثيل
كون يده على ميا ينقيل ويحول؟ فمين جعيل حكيم ذلك واحدا قال
بالضمان؛ ومن لم يجعل حكم ذلك واحدا قال :ل ضمان.
@(-الركيين الثالث) وهييو الواجييب فييي الغصييب ،والواجييب على
الغاصييييب إن كان المال قائمييييا عنده بعينييييه لم تدخله زيادة ول
نقصيان أن يرده بعينيه ،وهذا ل خلف فييه ،فإذا ذهبيت عينيه فإنهيم
اتفقوا على أنيه إذا كان مكيل أو موزونيا أن على الغاصيب المثيل،
أعنيي مثيل ميا اسيتهلك صيفة ووزنيا واختلفوا فيي العروض فقال
مالك :ل يقضيى فيي العروض مين الحيوان وغيره إل بالقيمية يوم
استهلك؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة وداود :الواجب في ذلك مثل
ول تلزم القيميية إل عنييد عدم المثييل .وعمدة مالك حديييث أبييي
هريرة المشهور عيين النييبي صييلى الله عليييه وسييلم "ميين أعتييق
شقصا له في عبد قوم عليه الباقي قيمة العدل" الحديث .ووجه
الدلييل منيه أنيه لم يلزميه المثيل وألزميه القيمية .وعمدة الطائفية
الثانيية قوله تعالى {فجزاء مثيل ميا قتيل مين النعيم} ولن منفعية
الشييء قيد تكون هيي المقصيودة عنيد المتعدى علييه .ومين الحجية
لهيم ميا خرجيه أبيو داود مين حدييث أنيس وغيره "أن رسيول الله
صييلى الله عليييه وسييلم كان عنييد بعييض نسييائه ،فأرسييلت إحدى
أمهات المؤمنين جارية بقصعة لها فيها طعام ،قال :فضربت بيدها
فكسيرت القصيعة ،فأخيذ النيبي صيلى الله علييه وسيلم الكسيرتين
فضييم إحداهمييا إلى الخرى وجعييل فيهييا جميييع الطعام ويقول:
غارت أمكم كلوا كلوا ،حتى جاءت قصعتها التي في بيتها ،وحبس
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم القصييعة حتييى فرغوا ،فدفييع
الصيحفة الصيحيحة إلى الرسيول ،وحبيس المكسيورة فيي بيتيه"
وفي حديث آخر "أن عائشة كانت هي التي غارت وكسرت الناء،
وأنهييا قالت لرسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم :مييا كفارة مييا
صنعت؟ قال :إناء مثل إناء ،وطعام مثل طعام".
**3الباب الثاني في الطوارئ.
@-والطوارئ على المغصوب إما بزيادة وإما بنقصان ،وهذان إما
ميين قبييل المخلوق ،وإمييا ميين قبييل الخالق .فأمييا النقصييان الذي
يكون بأميير ميين السييماء فإنييه ليييس له إل أن يأخذه ناقصييا ،أو
يضمنه قيمته يوم الغصب؛ وقيل إن له أن يأخذ ويضمن الغاصب
قيمية العييب .وأميا إن كان النقيص بجنايية الغاصيب فالمغصيوب
مخيير فيي المذهيب بيين أن يضمنيه القيمية يوم الغصيب أو يأخذه،
وما نقصته الجناية يوم الجناية عند ابن القاسم وعند سحنون ما
نقصيته الجنايية يوم الغصيب؛ وذهيب أشهيب إلى أنيه مخيير بيين أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إل فيميا كان بوجيه شبهية جليية .وقول الشافعيي فيي الصيبغ مثيل
قول ابين القاسيم إل أنيه يجييز الشركية بينهميا ويقول :إنيه يؤمير
الغاصيييب بقلب الصيييبغ إن أمكنيييه وإن نقيييص الثوب ،ويضمييين
للمغصيوب مقدار النقصيان ،وأصيول الشرع تقتضيي أن ل يسيتحل
ماله الغاصيب مين أجيل غصيبه ،وسيواء كان منفعية أو عينيا ،إل أن
يحتيج محتيج بقوله علييه الصيلة والسيلم "لييس لعرق ظالم حيق"
لكين هذا مجميل ،ومفهوميه الول أنيه لييس له منفعية متولدة بيين
ماله وبيين الشييء الذي غصيبه ،أعنيي ماله المتعلق بالمغصيوب،
فهذا هو حكم الواجب في عين المغصوب تغير أو لم يتغير .وأما
حكم غلته ،فاختلف في ذلك في المذهب على قولين :أحدهما أن
حكيم الغلة حكيم الشييء المغصيوب ،والثانيي أن حكمهميا بخلف
الشيييء المغصييوب؛ فميين ذهييب إلى أن حكمهمييا حكييم الشيييء
المغصيوب وبيه قال أشهيب مين أصيحاب مالك يقول :إنميا تلزميه
الغلة يوم قبضهيا أو أكثير مميا انتهيت إلييه بقيمتهيا على قول مين
يرى أن الغاصب يلزمه أرفع القيم من يوم غصبها ل قيمة الشيء
المغصوب يوم الغصب.
----------
("[ )1الرفولة" :الصل غير واضح ،فليتنبه .دار الحديث].
----------
وأميييا الذيييين ذهبوا إلى أن حكيييم الغلة بخلف حكيييم الشييييء
المغصيوب ،فاختلفوا فيي حكمهيا اختلفيا كثيرا بعيد اتفاقهيم على
أنهييا إن تلفييت ببينيية أنييه ل ضمان على الغاصييب ،وأنييه إن ادعييى
تلفها لم يصدق وإن كان مما ل يغاب عليه .وتحصيل مذهب هؤلء
في حكم الغلة هو أن الغلل تنقسم إلى ثلثة أقسام :أحدها غلة
متولدة عن الشيء المغصوب على نوعه وخلقته وهو الولد ،وغلة
متولدة عن الشيء ل على صورته ،وهو مثل الثمر ولبن الماشية
وجبنهيا وصيوفها ،وغلل غيير متولدة بيل هيي منافيع ،وهيي الكريية
والخراجات وميا أشبيه ذلك .فأميا ميا كان على خلقتيه وصيورته فل
خلف أعلمه أن الغا صب يرده كالولد مع الم المغصوبة وإن كان
ولد الغاصيب .وإنميا اختلفوا فيي ذلك إذا ماتيت الم ،فقال مالك:
هييو مخييير بييين الولد وقيميية الم؛ وقال الشافعييي :بييل يرد الولد
وقيميية الم وهييو القياس .وأمييا إن كان متولدا على غييير خلقيية
الصييل وصييورته ففيييه قولن :أحدهمييا أن للغاصييب ذلك المتولد.
والثانييي أنييه يلزمييه رده مييع الشيييء المغصييوب إن كان قائمييا أو
قيمتهييا إن ادعييى تلفهييا ولم يعرف ذلك إل ميين قوله ،فإن تلف
الشييء المغصيوب كان مخيرا بيين أن يضمنيه بقيمتيه ول شييء له
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وأميا مين المعنيى كميا تقدم مين قولنيا فالقياس أن تجري المنافيع
والعيان المتولدة مجرى واحدا ،وأن يعتييبر التضميين أو ل يعتييبر.
وأمييا سييائر القاويييل التييي بييين هذييين فهييي اسييتحسان .وأجمييع
العلماء على أن مين اغترس نخل أو ثمرا بالجملة ونباتيا فيي غيير
أرضيه أنيه يؤمير بالقلع لميا ثبيت مين حدييث مالك عين هشام بين
عروة عين أبييه أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم قال "مين
أحييا أرضيا ميتية فهيي له ولييس لعرق ظالم حيق" والعرق الظالم
عندهيم هيو ميا اغترس فيي أرض الغيير .وروى أبيو داود فيي هذا
الحدييث زيادة عين عروة :ولقيد حدثنيي الذي حدثنيي هذا الحدييث
"أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس
أحدهما نخل في أرض الخر ،فقضى لصاحب الرض بأرضه ،وأمر
صاحب النخل أن يخرج نخلة منها" قال :فلقد رأيتها وإنما لتضرب
أصيولها بالفؤوس وإنهيا لنخيل عيم حتيى أخرجيت منهيا ،إل ميا روي
فيي المشهور عين مالك "أن مين زرع زرعيا فيي أرض غيره وفات
أوان زراعتييه لم يكيين لصيياحب الرض أن يقلع زرعييه ،وكان على
الزراع كراء الرض .وقيد روي عنيه ميا يشبيه قياس قول الجمهور،
وعلى قوله :إن كيل ميا ل ينتفيع الغاصيب بيه إذا قلعيه وأزاله أنيه
للمغصيييوب يكون الزرع على هذا للزارع .وفرق قوم بيييين الزرع
والثمار فقالوا :الزارع في أرض غيره له نفقته وزريعته ،وهو قول
كثير من أهل المدينة ،وبه قال أبو عبيد وروي عن رافع بن خديج
أنه قال عليه الصلة والسلم "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم
فله نفقتييه وليييس له ميين الزرع شيييء" .واختلف العلماء فييي
القضاء فيما أفسدته المواشي والدواب على أربعة أقوال :أحدها
أن كيل دابية مرسيلة فصياحبها ضامين لميا أفسيدته .والثانيي أن ل
ضمان علييييه .والثالث أن الضمان على أرباب البهائم باللييييل ،ول
ضمان عليهم فيما أفسدته بالنهار.
والرابع وجوب الضمان في غير المنفلت ول ضمان في المنفلت،
ومميين قال :يضميين بالليييل ول يضميين بالنهار مالك والشافعييي؛
وبأن ل ضمان عليهييم أصييل قال أبييو حنيفيية وأصييحابه؛ وبالضمان
بإطلق قال الليييث ،إل أن الليييث قال :ل يضميين أكثيير ميين قيميية
الماشيية ،والقول الرابيع مروي عين عمير رضيي الله عنيه .فعمدة
مالك والشافعييييي فييييي هذا الباب شيئان :أحدهمييييا قوله تعالى
{وداود وسييليمان إذ يحكمان فييي الحرث إذ نفشييت فيييه غنييم
القوم} والنفيش عنيد أهيل اللغية ل يكون إل باللييل ،وهذا الحتجاج
على مذهييب ميين يرى أنييا مخاطبون بشرع ميين قبلنييا .والثانييي
مرسييله عيين ابيين شهاب "أن ناقيية للبراء بيين عازب دخلت حائط
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قوم فأفسدت فيه ،فقضى ر سول الله صلى الله عليه وسلم أن
على أهييل الحوائط بالنهار حفظهييا ،وإن مييا أفسييدته المواشييي
باللييل ضامين على أهلهيا" أي مضمون .وعمدة أبيي حنيفية قوله
عليييه الصييلة والسييلم "العجماء جرحهييا جبار" وقال الطحاوي:
وتحقيق مذهب أبي حنيفة أنه ل يضمن إذا أرسلها محفوظة ،فأما
إذا لم يرسييلها محفوظيية فيضميين؛ والمالكييية تقول :ميين شرط
قولنا أن تكون الغنم في المسرح وأما إذا كانت في أرض مزرعة
ل مسيرح فيهيا فهيم يضمنون ليل ونهارا وعمدة مين رأى الضمان
فيمييا أفسييدت ليل ونهارا شهادة الصييول له ،وذلك أنييه تعييد ميين
المرسييل ،والصييول على أن على المتعدي الضمان ،ووجييه ميين
فرق بيييين المنفلت وغيييير المنفلت بيييين ،فإن المنفلت ل يملك.
فسيبب الخلف فيي هذا الباب معارضية الصيل للسيمع ،ومعارضية
السييماع بعضييه لبعييض ،أعنييي أن الصييل يعارض "جرح العجماء
جبار" ويعارض أيضييا التفرقيية التييي فييي حديييث البراء ،وكذلك
التفرقية التيي فيي حدييث البراء تعارض أيضيا قوله "جرح العجماء
جبار".
(يتبع)...
@(تابيييع- :)1 ...والطوارئ على المغصيييوب إميييا بزيادة وإميييا
بنقصان ،وهذان إما من قبل... ...
ومين مسيائل هذا الباب المشهورة اختلفهيم فيي حكيم ميا يصياب
مين أعضاء الحيوان ،فروي عين عمير بين الخطاب أنيه قضيى فيي
عيين الدابية بربيع ثمنهيا ،وكتيب إلى شرييح فأمره بذلك ،وبيه قال
الكوفيون ،وقضى به عمر بن عبد العزيز؛ وقال الشافعي ومالك:
يلزم فيمييا أصيييب ميين البهيميية مييا نقييص فييي ثمنهييا قياسييا على
التعدي فيي الموال؛ والكوفيون اعتمدوا فيي ذلك على قول عمير
رضييي الله عنييه وقالوا :إذا قال الصيياحب قول ول مخالف له ميين
الصيحابة وقوله ميع هذا مخالف للقياس وجيب العميل بيه لنيه يعلم
أنه إن ما صار إلى القول به من جهة التوقيف ،فسبب الخلف إذا
معارضيية القياس لقول الصيياحب .وميين هذا الباب اختلفهييم فييي
الجميل الصيئول وميا أشبهيه يخاف الرجيل على نفسيه فيقتله ،هيل
يجيب علييه غرميه أم ل؟ فقال مالك والشافعيي :ل غرم علييه إذا
بان أنه خافه على نفسه؛ وقال أبو حنيفة والثوري :يضمن قيمته
على كيل حال .وعمدة مين لم يير الضمان القياس على مين قصيد
رجل فأراد قتله ،فدافيع المقصيود عين نفسيه فقتيل فيي المدافعية
القاصيد المتعدي أنيه لييس علييه قود ،وإذا كان ذلك فيي النفيس
كان في المال أحرى ،لن النفس أعظم حرمة من المال ،وقياسا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيا على إهدار دم الصييد الحرميي إذا صيال وتمسيك بيه حذاق
أصيييحاب الشافعيييي .وعمدة أبيييي حنيفييية أن الموال تضمييين
بالضرورة إليهيا ،أصيله المضطير إلى طعام الغيير ول حرمية للبعيير
مين جهية ميا هيو ذو نفيس .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي المكرهية
على الزنيى ،هيل على مكرههيا ميع الحيد صيداق أم ل؟ فقال مالك
والشافعيي واللييث :علييه الصيداق والحيد جميعيا؛ وقال أبيو حنيفية
والثوري :عليييه الحييد ول صييداق عليييه ،وهييو قول ابيين شبرميية.
وعمدة مالك أنيه وجيب علييه حقان :حيق لله وحيق للدميي ،فلم
يسيقط أحدهميا الخير ،أصيله السيرقة التيي يجيب بهيا عندهيم غرم
المال والقطييع .وأمييا ميين لم يوجييب الصييداق ،فتعلق فييي ذلك
بمعنيييين :أحدهمييا أنييه إذا اجتمييع حقان :حييق لله وحييق للمخلوق
سقط حق المخلوق لحق الله ،وهذا على رأي الكوفيين في أنه ل
يجمع على السارق غرم وقطع .والمعنى الثاني أن الصداق ليس
مقابل البضع ،وإنما هو عبادة إذ كان النكاح شرعيا ،وإذا كان ذلك
كذلك فل صداق في النكاح الذي على غير الشرع .ومن مسائلهم
المشهورة فييي هذا الباب ميين غصييب أسييطوانة فبنييى عليهييا بناء
يسياوي قائميا أضعاف قيمية السيطوانة ،فقال مالك والشافعيي:
يحكم على الغاصب بالهدم ويأخذ المغصوب منه أسطونته؛ وقال
أبييو حنيفيية :تفوت بالقيميية كقول مالك فيميين غييير المغصييوب
بصناعة لها قيمة كثيرة؛ وعند الشافعي ل يفوت المغصوب بشيء
من الزيادة .وهنا انقضى هذا الكتاب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الستحقاق.
@-وجييل النظيير فييي هذا الكتاب هييو فييي أحكام السييتحقاق،
وتحصييل أصيول هذا الكتاب أن الشييء المسيتحق مين ييد إنسيان
بمييا تثبييت بييه الشياء فييي الشرع لمسييتحقها إذا صييار إلى ذلك
النسييان الذي اسييتحق ميين يده الشيييء المسييتحق بشراء أنييه ل
يخلو مين أن يسيتحق مين ذلك الشييء أقله أو كله أو جله ،ثيم إذا
اسيتحق منيه كله أو جله فل يخلو أن يكون قيد تغيير عنيد الذي هيو
بيده بزيادة أو نقصان أو يكون لم يتغير ،ثم ل يخلو أيضا أن يكون
المسيتحق منيه قيد اشتراه بثمين أو مثمون .فأميا إن كان اسيتحق
منيه أقله ،فإنيه إنميا يرجيع عنيد مالك على الذي اشتراه منيه بقيمية
مييا اسييتحق ميين يده ،وليييس له أن يرجييع بالجميييع .وأمييا إن كان
اسييتحق كله أو جله ،فإن كان لم يتغييير أخذه المسييتحق ورجييع
المستحق من يده على الذي اشتراه منه بثمن ما اشتراه منه إن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان اشتراه بثمن ،وإن كان اشتراه بالمثمون رجع بالمثمون بعينه
إن كان لم يتغير ،فإن تغير تغيرا يوجب اختلف قيمته رجع بقيمته
يوم الشراء ،وإن كان المال المستحق قد بيع ،فإن للمستحق أن
يمضي البيع ويأخذ الثمن أو يأخذه بعينه ،فهذا هو حكم المستحق
والمسييتحق ميين يده مييا لم يتغييير الشيييء المسييتحق ،فإن تغييير
الشيييء المسييتحق فل يخلو أن يتغييير بزيادة أو نقصييان .فأمييا إن
كان تغيير بزيادة فل يخلو أن يتغيير بزيادة مين قبيل الذي اسيتحق
من يده الشيء ،أو بزيادة من ذات الشيء .فأما الزيادة من ذات
الشيء فيأخذها المستحق ،مثل أن تسمن الجارية أو يكبر الغلم.
وأما الزيادة من قبل المستحق منه ،فمثل أن يشتري الدار فبنى
فيهييا فتسييتحق ميين يده ،فإنييه مخييير بييين أن يدفييع قيميية الزيادة
ويأخيذ ميا اسيتحقه وبيين أن يدفيع إلييه المسيتحق مين يده قيمية ميا
اسيتحق أو يكونيا شريكيين ،هذا بقدر قيمية ميا اسيتحق مين يده،
وهذا بقدر قيمية ميا بنيى أو غرس ،وهيو قضاء عمير بين الخطاب.
وأمييا إن كانييت الزيادة ولدة ميين قبييل المسييتحق منييه ،مثييل أن
يشتري أميية فيولدهييا ثييم تسييتحق منييه أو يزوجهييا على أنهييا حرة
فتخرج أميية ،فإنهييم اتفقوا على أن المسييتحق ليييس له أن يأخييذ
أعيان الولد ،واختلفوا فييي أخييذ قيمتهييم .وأمييا الم فقيييل يأخذهييا
بعينهييا ،وقيييل يأخييذ قيمتهييا .وأمييا إن كان الولد بنكاح فاسييتحقت
بعبوديية فل خلف أن لسييدها أن يأخذهيا ويرجيع الزوج بالصيداق
على ميين غره ،وإذا ألزمناه قيميية الولد لم يرجييع بذلك على ميين
غره ،لن الغرر لم يتعلق بالولد .وأما غلة الشيء المستحق ،فإنه
إذا كان ضامنييا بشبهيية ملك فل خلف أن الغلة للمسييتحق منييه،
وأعنيي بالضمان أنهيا تكون مين خسيارته إذا هلكيت عنده .وأميا إذا
كان غييير ضاميين ،مثييل أن يكون وارثييا فيطرأ عليييه وارث آخيير
فيستحق بعض ما في يده فإنه يرد الغلة .وأما إن كان غير ضامن
إل أنيه ادعيى فيي ذلك ثمنيا مثيل العبيد يسيتحق بحريية ،فإنيه وإن
هلك عنده يرجع بالثمن ففيه قولن :أنه ل يضمن إذا لم يجد على
مين يرجيع ،ويضمين إذا وجيد على مين يرجيع .وأميا مين أي وقيت
تصييح الغلة للمسييتحق؟ فقيييل يوم الحكييم ،وقيييل ميين يوم ثبوت
الحيق ،وقييل مين يوم توقيفيه .وإذا قلنيا إن الغلة تجيب للمسيتحق
فيي أحيد هذه الوقات الثلثية فإذا كانيت أصيول فيهيا ثمرة فأدرك
هذا الوقيت الثمير ولم يقطيف بعده ،فقييل إنهيا للمسيتحق ميا لم
تقطيف ،وقييل ميا لم تيبيس ،وقييل ميا لم يطيب ويرجيع علييه بميا
سييقى وعالج المسيتحق مين يدييه ،وهذا إن كان اشترى الصيول
قبل البار .وأما إن كان اشتراها بعد البار فالثمرة للمستحق عند
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ينحلون أبناءهييم نحل ثييم يمسييكونها ،فإن مات ابيين أحدهييم قال:
مالي بيدي لم أعطييه أحدا ،وإن مات قال هييو لبنييي قييد كنييت
أعطيتيه إياه فمين نحيل نحلة فلم يحزهيا الذي نحلهيا للمنحول له
وأبقاهيا حتيى تكون إن مات لورثتيه فهيي باطلة ،وهيو قول علي،
قالوا :وهييو إجماع ميين الصييحابة ،لنييه لم ينقييل عنهييم فييي ذلك
خلف .وأ ما مالك فاعتمد المر ين جميعا :أعني القياس وما روي
عين الصيحابة ،وجميع بينهميا ،فمين حييث هيي عقيد مين العقود لم
يكن عنده شرطا من شروط صحتها القبض ،ومن حيث شرطت
الصيحابة فييه القبيض لسيد الذريعية التيي ذكرهيا عمير جعيل القبيض
فيهيا مين شرط التمام ،ومين حيق الموهوب له ،وأنيه إن تراخيى
حتييى يفوت القبييض بمرض أو إفلس على الواهييب سييقط حقييه.
وجمهور فقهاء المصار على أن الب يجوز لبنه الصغير الذي في
ولية نظره وللكبير السفيه الذي ما وهبه كما يجوز لهما ما وهبه
غيره لهييم ،وأنييه يكفييي فييي الحيازة له إشهاده بالهبيية والعلن
بذلك ،وذلك كله فيما عدا الذهب والفضة وفيما ل يتعين.
والصل في ذلك عندهم ما رواه مالك عن ابن شهاب عن سعيد
بين المسييب أن عثمان بين عفان قال :مين نحيل ابنيا له صيغيرا لم
يبلغ أن يحوز نحلتيييه فأعلن ذلك وأشهيييد علييييه فهيييي حيازة وإن
وليهييا؛ وقال مالك وأصييحابه :لبييد ميين الحيازة فييي المسييكون
والملبوس ،فإن كانت دارا سكن فيها خرج منها ،وكذلك الملبوس
إن لبسييه بطلت الهبيية ،وقالوا فييي سييائر العروض بمثييل قول
الفقهاء ،أعنيي أنيه يكفيي فيي ذلك إعلنيه وإشهاده .وأميا الذهيب
والورق فاختلفت الرواية فيه عن مالك ،فروي عنه أنه ل يجوز إل
أن يخرجييه الب عيين يده إلى يييد غيره ،وروي عنييه أنييه يجوز إذا
جعلهييا فييي ظرف أو إناء وختييم عليهييا بخاتييم وأشهييد على ذلك
الشهود .ول خلف بييين أصييحاب مالك أن الوصييي يقوم فييي ذلك
مقام الب .واختلفوا فييي الم؛ فقال ابيين القاسييم :ل تقوم مقام
الب ،ورواه عيين مالك؛ وقال غيره ميين أصييحابه :تقوم ،وبييه قال
أبيو حنيفية؛ وقال الشافعيي :الجيد بمنزلة الب ،والجدة عنيد ابين
وهب أم الم تقوم مقام الم ،والم عنده تقوم مقام الب.
**3القول في أنواع الهبات.
@-والهبية منهيا ميا هيي هبية عيين ،ومنهيا ميا هيي هبية منفعية .وهبية
العيين منهيا ميا يقصيد بهيا الثواب ،ومنهيا ميا ل يقصيد بهيا الثواب.
والتيي يقصيد بهيا الثواب منهيا ميا يقصيد بهيا وجيه الله ،ومنهيا ميا
يقصيد بيه وجيه المخلوق .فأميا الهبية لغيير الثواب فل خلف فيي
جوازهييا ،وإنمييا اختلفوا فييي أحكامهييا .وأمييا هبيية الثواب فاختلفوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيهيا؛ فأجازهيا مالك وأبيو حنيفية؛ ومنعهيا الشافعيي ،وبيه قال داود
وأبيو ثور .وسيبب الخلف هيل هيي بييع مجهول الثمين أو لييس بيعيا
مجهول الثمن؟ فمن رآه بيعا مجهول الثمن قال هو من نوع بيوع
الغرر التيي ل تجوز ،ومين لم يير أنهيا بييع مجهول قال :يجوز وكأن
مالكيا جعيل العرف فيهيا بمنزلة الشرط وهيو ثواب مثلهيا ،ولذلك
اختلف القول عندهييم إذا لم يرض الواهييب بالثواب مييا الحكييم؟
فقييل تلزميه الهبية إذا أعطاه الموهوب القيمية ،وقييل ل تلزميه إل
أن يرضييه ،وهيو قول عمير على ميا سييأتي بعيد ،فإذا اشترط فييه
الرضييا فليييس هنالك بيييع انعقييد ،والول هييو المشهور عيين مالك.
وأميا إذا ألزم القيمية فهنالك بييع انعقيد ،وإنميا يحميل مالك الهبية
على الثواب إذا اختلفوا فيي ذلك ،وخصيوصا إذا دلت قرينية الحال
على ذلك مثيل أن يهيب الفقيير للغنيي ،أو لمين يرى أنيه إنميا قصيد
بذلك الثواب .وأمييا هبات المنافييع فمنهييا مييا هييي مؤجلة ،وهذه
تسيمى عاريية ومنحية وميا أشبيه ذلك ،ومنهيا ميا يشترط فيهيا ميا
بقيت حياة الموهوب له ،وهذه تسمى العمري ،مثل أن يهب رجل
رجل سكنى دار حياته ،وهذه اختلف العلماء فيها على ثلثة أقوال:
أحدهيا أنهيا هبية مبتوتية :أي هبية للرقبية ،وبيه قال الشافعيي وأبيو
حنيفية والثوري وأحميد وجماعية .والقول الثانيي أنيه لييس للمعمير
مر أو إلى ورثته ،وبه فيها إل المنفعة ،فإذا مات عادت الرقبة للمع ِ
قال مالك وأصيحابه ،وعنده أنيه إن ذكير العقيب عادت إذا انقطيع
مر أو إلى ورثتيه .والقول الثالث أنيه إذا قال :هييالعقيب إلى المع ِي
عمري لك ولعقبييك كانييت الرقبيية ملكييا للمعميير ،فإذا لم يذكيير
مر أو لورثته ،وبه قال العقب عادت الرقبة بعد موت المعمر للمع ِ
داود وأبيييييو ثور وسيييييبب الخلف فيييييي هذا الباب اختلف الثار
ومعارضيية الشرط والعمييل للثيير .أمييا الثيير ففييي ذلك حديثان:
أحدهما متفق على صحته ،وهو ما رواه مالك عن جابر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه
فإنهييا للذي يعطاهييا ل ترجييع إلى الذي أعطاهييا أبدا" لنييه أعطييى
عطاء وقعيت فييه الموارييث .والحدييث الثانيي حدييث أبيي الزبيير
عين جابر قال :قال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "ييا معشير
النصييار أمسييكوا عليكييم أموالكييم ول تعمروهييا فميين أعميير شيئا
حياتيه فهيو له حياتيه ومماتيه" وقيد روي عين جابر بلفيظ آخير "ل
تعمروا ول ترقبوا فمين أعمير شيئا أو أرقبيه فهيو لورثتيه" فحدييث
أبيي الزبيير عين جابر مخالف لشرط المعمير .وحدييث مالك عنيه
مخالف أيضيا لشرط المعمير إل أنيه يخييل أنيه أقيل فيي المخالفية،
وذلك أن ذكر العقب يوهم تبتيت العطية ،فمن غلب الحديث على
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقال أهيل الظاهير والمزنيي :ل تجوز .وسيبب الخلف هيل المنيع
لعلة الورثيية أو عبادة؟ فميين قال عبادة قال :ل تجوز وإن أجازهييا
الورثية؛ ومين قال بالمنيع لحيق الورثية أجازهيا الورثية؛ وتردد هذا
الخلف راجيع إلى تردد المفهوم مين قوله علييه الصيلة والسيلم
"ل وصييية لوارث" هييل هييو معقول المعنييى أم ليييس بمعقول؟
واختلفوا فيي الوصيية للمييت ،فقال قوم :تبطيل بموت الموصيى
له ،وهيم الجمهور؛ وقال قوم :ل تبطيل وفيي الوصيية للقاتيل خطيأ
وعمدا وفييي هذا الباب فرع مشهور ،وهييو إذا أذن الورثيية للميييت
هيل لهيم أن يرجعوا فيي ذلك بعيد موتيه؟ فقييل لهيم ،وقييل لييس
لهييم ،وقيييل بالفرق بييين أن يكون الورثيية فييي عيال الميييت أو ل
يكونوا ،أعنيي إنهيم إن كانوا فيي عياله كان لهيم الرجوع ،والثلثية
القوال في المذهب.
**3القول في الموصى به والنظر في جنسه وقدره.
@-أميييا جنسيييه فإنهيييم اتفقوا على جواز الوصيييية فيييي الرقاب،
واختلفوا فيييي المنافيييع فقال جمهور فقهاء المصيييار :ذلك جائز؛
وقال ابين أبيي ليلى وابين شبرمية وأهيل الظاهير :الوصيية بالمنافيع
باطلة .وعمدة الجمهور أن المنافييع فييي معنييى الموال .وعمدة
الطائفية الثانيية أن المنافيع متنقلة إلى ملك الوارث ،لن المييت ل
ملك له فل تصييح له وصييية بمييا يوجييد فييي ملك غيره ،وإلى هذا
القول ذهيب أبيو عمير بين عبيد البر .وأميا القدر فإن العلماء اتفقوا
على أنييه ل تجوز الوصييية فييي أكثيير ميين الثلث لميين ترك ورثيية.
واختلفوا فيمن لم يترك ورثة وفي القدر المستحب منها ،هل هو
الثلث أو دونه؟ وإنما صار الجميع إلى أن الوصية ل تجوز في أكثر
من الثلث لمن له وارث بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم "أنه
عاد سييعد بيين أبييي وقاص فقال له يييا رسييول الله :قييد بلغ منييي
الوجيع ميا ترى وأنيا ذو مال ول يرثنيي إل ابنية لي ،أفأتصيدق بثلثيي
مالي؟ فقال له رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :ل ،فقال له
سييعد :فالشطيير؟ قال :ل ،ثييم قال رسييول الله صييلى الله عليييه
وسيلم :الثلث والثلث كثيير إنيك أن تذر ورثتيك أغنياء خيير مين أن
تذرهييم عالة يتكففون الناس" فصييار الناس لمكان هذا الحديييث
إلى أن الوصيية ل تجوز بأكثير مين الثلث ،واختلفوا فيي المسيتحب
مين ذلك ،فذهيب قوم إلى أنيه ميا دون الثلث ،لقوله علييه الصيلة
والسييلم فييي هذا الحديييث "والثلث كثييير" وقال بهذا كثييير ميين
السلف .قال قتادة :أوصى أبو بكر بالخمس ،وأوصى عمر بالربع،
والخميس أحيب إلي .وأميا مين ذهيب إلى أن المسيتحب هيو الثلث
فإنهيم اعتمدوا على ميا روي عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قال "إن الله جعييل لكييم فييي الوصييية ثلث أموالكييم زيادة فييي
أعمالكم" وهذا الحديث ضعيف عند أهل الحديث .وثبت عن ابن
عباس أنيه قال :لوغيض الناس فيي الوصيية مين الثلث إلى الربيع
لكان أحييب إلي ،لن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم قال
"الثلث والثلث كثيير" .وأميا اختلفهيم فيي جواز الوصيية بأكثير مين
الثلث لمييين ل وارث له ،فإن مالكيييا ل يجييييز ذلك والوزاعيييي،
واختلف فييه قول أحميد ،وأجاز ذلك أبيو حنيفية وإسيحق ،وهيو قول
ابيين مسييعود .وسييبب الخلف هييل هذا الحكييم خاص بالعلة التييي
علله بهييا الشارع أم ليييس بخاص ،وهييو أن ل يترك ورثتييه عالة
يتكففون الناس .كمييا قال عليييه الصييلة والسييلم "إنييك أن تذر
ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" فمن جعل
هذا السبب خاصا و جب أن يرتفع الحكيم بارتفاع هذه العلة؛ ومن
جعيييل الحكيييم عبادة وإن كان قيييد علل بعلة ،أو جعيييل جمييييع
المسييلمين فييي هذا المعنييى بمنزلة الورثيية قال :ل تجوز الوصييية
بإطلق بأكثر من الثلث.
**3القول في المعنى الذي يدل عليه لفظ الوصية.
@-والوصيييية بالجملة هيييي هبييية الرجيييل ماله لشخيييص آخييير أو
لشخاص بعد موته أو عتق غلمه سواء صرح بلفظ الوصية أو لم
يصرح به ،وهذا العقد عندهم هو من العقود الجائزة باتفاق ،أعني
أن للموصي أن يرجع فيما أوصى به ،إل المدبر فإنهم اختلفوا فيه
على مييا سيييأتي فييي كتاب التدبييير ،وأجمعوا على أنييه ل يجييب
للموصيى له إل بعيد موت الموصيي .واختلفوا فيي قبول الموصيى
له هل هو شرط في صحتها أم ل؟ فقال مالك :قبول الموصى له
إياهييا شرط فييي صييحة الوصييية؛ وروي عيين الشافعييي أنييه ليييس
القبول شرطا في صحتها ،ومالك شبهها بالهبة.
**3القول في الحكام.
@-وهذه الحكام منها لفظية ،ومنها حسابية ،ومنها حكمية .فمن
مسائلهم المشهورة الحكمية اختلفهم في حكم من أوصى بثلث
ماله لرجيل وعيين ميا أوصيى له بيه فيي ماله مميا هيو الثلث ،فقال
الورثييية :ذلك الذي عيييين أكثييير مييين الثلث ،فقال مالك :الورثييية
مخيرون بيين أن يعطوه ذلك الذي عينيه الموصيي أو يعطوه الثلث
من جميع مال الميت؛ وخالفه في ذلك أبو حنيفة والشافعي وأبو
ثور وأحمييد وداود .وعمدتهييم أن للوصييية قييد وجبييت للموصييى له
بموت الموصيي وقبوله إياهيا باتفاق ،فكييف ينقيل عين ملكيه ميا
وجب له بغير طيب نفس منه وتغير الوصية .وعمدة مالك إمكان
صدق الورثة فيما ادعوه ،وما أحسن ما رأى أبو عمر بن عبد البر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في هذه المسألة ،وذلك أنه قال :إذا ادعى الورثة ذلك كلفوا بيان
ميا ادعوا ،فإن ثبيت ذلك أخيذ منيه الموصيى له قدر الثلث مين ذلك
الشييء الموصيى بيه وكان شريكيا للورثية ،وإن كان الثلث فأقيل
جبروا على إخراجه ،وإذا لم يختلفوا في أن ذلك الشيء الموصى
بيه هيو فرق الثلث ،فعنيد مالك أن الورثية مخيرون بيين أن يدفعوا
إليه ما وصى له به ،أو يفرجوا له عن جميع ثلث مال الميت ،إما
في ذلك الشيء بعينه ،وإما في جميع المال على اختلف الرواية
عن مالك في ذلك؛ وقال أبو حنيفة والشافعي :له ثلث تلك العين
ويكون بباقيييه شريكييا للورثيية فييي جميييع مييا ترك الميييت حتييى
يسيتوفي تمام الثلث .وسيبب الخلف أن المييت لميا تعدى فيي أن
جعيل وصييته فيي شييء بعينيه ،فهيل العدل فيي حيق الورثية أن
يخيروا بيين إمضاء الوصيية أو يفرجوا له إلى غايية ميا يجوز للمييت
أن يخرج عنهيييم مييين ماله أو يبطيييل التعدي ويعود ذلك الحيييق
مشتركا ،وهذا هو الولى إذا قلنا إن التعدي هو في التعيين لكونه
أكثير مين الثلث ،أعنييي أن الواجيب أن يسيقط التعييين .وإميا أن
يكلف الورثيية أن يمضوا التعيييين أو يتخلوا عيين جميييع الثلث فهييو
حميل عليهيم .ومين هذا الباب اختلفهيم فيمين وجبيت علييه زكاة
فمات ولم يوص بهيا وإذا وصيى بهيا فهيل هيي مين الثلث ،أو مين
رأس المال؟ فقال مالك :إذا لم يوص بهييييا لم يلزمييييه الورثيييية
إخراجهيا ،وقال الشافعيي :يلزم الورثية إخراجهيا مين رأس المال،
وإذا وصيى بهيا ،فعنيد مالك يلزم الورثية إخراجهيا وهيي عنده مين
الثلث ،وهيي عنيد الشافعيي فيي الوجهيين مين رأس المال شبههيا
بالديين لقول رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم "فديين الله أحيق
أن يقضى" وكذلك الكفارات الواجبة والحج الواجب عنده ،ومالك
يجعلهييا ميين جنييس الوصييايا بالتوصييية بإخراجهييا بعييد الموت ،ول
خلف أنه لو أخرجها في الحياة أنها من رأس المال ولو كان في
السيياق ،وكأن مالكيا اتهميه هنيا على الورثية ،أعنيي فيي توصييته
بإخراجهيا ،قال :ولو أجييز هذا لجاز للنسيان أن يؤخير جمييع زكاتيه
طول عمره إذا دنييا ميين الموت وصييى بهييا فإذا زاحمييت الوصييايا
الزكاة قدمت عند مالك على ما هو أضعف منها؛ وقال أبو حنيفة:
هي وسائر الوصايا سواء ،يريد في المحاصة .واتفق مالك وجميع
أصحابه على أن الوصايا التي يضيق عنها الثلث إذا كانت مستوية
أنها تتحاص في الثلث ،وإذا كان بعضها أهم من بعض قدم الهم.
واختلفوا فييي الترتيييب على مييا هييو مسييطور فييي كتبهييم .وميين
مسييائلهم الحسييابية المشهورة فييي هذا الباب إذا أوصييى لرجييل
بنصف ماله ولخر بثلثيه ورد للورثة الزائد ،فعند مالك والشافعي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سيفل والعيم وابين العيم وإن سيفل والزوج ومولى النعمية .وأميا
النسيياء :فالبنيية وابنيية البيين وإن سييفلت والم والجدة وإن علت
والخت والزوجة والمولة .وأما المختلف فيهم فهم ذوو الرحام،
وهم من ل فرض لهم في كتاب الله ول هم عصبة ،وهم بالجملة
بنيو البنات وبنات الخوة وبنيو الخوات وبنات العمام والعيم أخيو
الب للم فقييييط وبنييييو الخوة للم والعمات والخالت والخوال؛
فذهيب مالك والشافعيي وأكثير فقهاء المصيار وزييد بين ثابيت مين
الصييحابة إلى أنييه ل ميراث لهييم؛ وذهييب سييائر الصييحابة وفقهاء
العراق والكوفية والبصيرة وجماعية العلماء مين سيائر الفاق إلى
توريثهم .والذين قالوا بتوريثهم اختلفوا في صفة توريثهم؛ فذهب
أبيو حنيفية وأصيحابه إلى توريثهيم على ترتييب العصيبات ،وذهيب
سيائر مين ورثهيم إلى التنزييل ،وهيو أن ينزل كيل مين أدلى منهيم
بذي سييهم أو عصييبة بمنزلة السييبب الذي أدلى بييه .وعمدة مالك
ومين قال بقوله أن الفرائض لميا كانيت ل مجال للقياس فيهيا كان
الصيل أن ل يثبيت فيهيا شييء إل بكتاب أو سينة ثابتية أو إجماع،
وجميع ذلك معدوم في هذه المسألة .وأما الفرقة الثانية ،فزعموا
أن دليلهييم على ذلك ميين الكتاب والسيينة والقياس .أمييا الكتاب
فقوله تعالى {وأولوا الرحام بعضهييم أولى ببعييض} وقوله تعالى
{للرجال نصيييب ممييا ترك الوالدان والقربون} واسييم القرابيية
ينطلق على ذوي الحارم ،ويرى المخالف أن هذه مخصييييييييوصة
بآيات المواريث .وأما السنة فاحتجوا بما خرجه الترمذي عن عمر
بين الخطاب أنيه كتيب إلى أبيي عيبيدة أن رسيول الله صيلى الله
عليييه وسييلم قال "الله ورسييوله مولى ميين ل مولى له ،والخال
وارث مين ل وارث له" .وأميا مين طرييق المعنيى فإن القدماء مين
أصيحاب أبيي حنيفية قالوا :إن ذوي الرحام أولى مين المسيلمين
لنهم قد اجتمع لهم سببان :القرابة والسلم ،فأشبهوا تقديم الخ
الشقيق على الخ للب ،أعني أن من اجتمع له سببان أولى ممن
له سييبب واحييد .وأمييا أبييو زيييد ومتأخرو أصييحابه فشبهوا الرث
بالوليية وقالوا :لميا كانيت وليية التجهييز والصيلة والدفين للمييت
عنييد فقييد أصييحاب الفروض والعصييبات لذوي الرحام وجييب أن
يكون لهيييم وليييية الرث ،وللفرييييق الول اعتراضات فيييي هذه
المقايييس فيهيا ضعيف .وإذ قيد تقرر هذا فلنشرع فيي ذكير جنيس
جنييس ميين أجناس الوارثييين ،ونذكيير ميين ذلك مييا يجري مجرى
الصول من المسائل المشهورة المتفق عليها والمختلف فيها.
@(-ميراث الصيلب) وأجميع المسيلمون على أن ميراث الولد مين
والدهم ووالدتهم إن كانوا ذكورا وإناثا معا هو أن للذكر منهم مثل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حييظ النثيييين ،وأن البيين الواحييد إذا انفرد فله جميييع المال ،وأن
البنات إذا انفردن فكانت واحدة أن لها النصف ،وإن كن ثلثا فما
فوق ذلك فلهن الثلثان .واختلفوا في الثنتين فذهب الجمهور إلى
أن لهميا الثلثيين ،وروي عين ابين عباس أنيه قال :للبنتيين النصيف.
والسيبب فيي اختلفهيم تردد المفهوم فيي قوله تعالى {فإن كين
نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} هل حكم الثنتين المسكوت
عنه يلحق بحكم الثلثة أو بحكم الواحدة؟ والظهر من باب دليل
الخطاب أنهميا لحقان بحكيم الواحدة؛ وقيد قييل إن المشهور عين
ابيين عباس مثييل قول الجمهور وقييد روي عيين ابيين عبييد الله بيين
محمد بن عقيل عن حاتم بن عبد الله وعن جابر "أن النبي صلى
الله عليه وسلم أعطى البنتين الثلثين" قال فيما أحسب أبو عمر
ابين عبد البر وعبيد الله بن عقييل :قد قبيل جماعية من أهل العلم
حديثييه وخالفهييم آخرون .وسييبب التفاق فييي هذه الجملة قوله
تعالى {يوصييكم الله فيي أولدكيم للذكير مثيل حيظ النثييين} إلى
قوله {وإن كانييت واحدة فلهييا النصييف} وأجمعوا ميين هذا الباب
على أن بنيي البنيين يقومون مقام البنيين عنيد فقيد البنيين يرثون
كميا يرثون ويحجبون كميا يحجبون ،إل شييء روي عين مجاهيد أنيه
قال :ولد البن ل يحجبون الزوج من النصف إلى الربع كما يحجب
الولد نفسيه ول الزوجية مين الربيع إلى الثمين ،ول الم مين الثلث
إلى السدس .وأجمعوا على أنه ليس لبنات البن ميراث مع بنات
الصيلب إذا اسيتكمل بنات المتوفيي الثلثيين .واختلفوا إذا كان ميع
بنات البن ذكر ابن ا بن في مرتبتهن أو أبعد منهن ،فقال جمهور
فقهاء المصار :إنه يعصب بنات البن فيما فضل عن بنات الصلب
فيقسيمون المال للذكير مثيل حيظ النثييين ،وبيه قال علي رضيي
الله عنه وزيد بن ثابت من الصحابة .وذهب أبو ثور وداود أنه إذا
اسيتكمل البنات الثلثيين أن الباقيي لبين البين دون بنات البين كين
فيي مرتبية واحدة ميع الذكير أو فوقيه أو دونيه .وكان ابين مسيعود
يقول فيي هذه {للذكير مثيل حيظ النثييين} إل أن يكون الحاصيل
للنساء أكثر من السدس فل تعطي إل السدس .وعمدة الجمهور
عموم قوله تعالى {يوصيييكم الله فييي أولدكييم للذكيير مثييل حييظ
النثييين} وأن ولد الولد ولد مين طرييق المعنيى ،وأيضيا لميا كان
ابيين البيين يعصييب ميين فييي درجتييه فييي جملة المال فواجييب أن
يعصيب فيي الفاضيل مين المال .وعمدة داود وأبيي ثور حدييث ابين
عباس أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "اقسيموا المال بيين
أهييل الفرائض على كتاب الله عييز وجييل ،فمييا أبقييت الفرائض
فلولى رجل ذكر" ومن طريق المعنى أيضا أن بنت البن لما لم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ترث مفردة ميين الفاضييل عيين الثلثييين كان أحرى أن ل ترث مييع
غيرها ،وسبب اختلفهم تعارض القياس والنظر في الترجيح .وأما
قول ابين مسيعود فمبنيي على أصيله فيي أن بنات البين لميا كين ل
يرثن مع عدم البن أكثر من السدس لم يجب لهن مع الغير أكثر
مميا وجيب لهين ميع النفراد ،وهيي حجية قريبية مين حجية داود،
والجمهور على أن ذكيير ولد البيين يعصييبهن كان فييي درجتهيين أو
أطرف من هن .و شذ بعض المتأخر ين فقال :ل يعصيبهن إل إذا كان
فييي مرتبتهيين .وجمهور العلماء على أنييه إذا ترك المتوفييي بنتييا
لصيلب وبنيت ابين أو بنات ابين لييس معهين ذكير أن لبنات البين
السيدس تكملة الثلثيين ،وخالفيت الشيعية فيي ذلك فقالت :ل ترث
بنييت البيين مييع البنييت شيئا كالحال فييي ابيين البيين مييع البيين،
فالختلف في بنات البن في موضعين :مع بني البن ،ومع البنات
فيما دون الثلثين وفوق النصف .فالمتحصل فيهن إذا كن مع بني
البين أنيه قييل يرثين ،وقييل ل يرثين؛ وإذا قييل يرثين فقييل يرثين
تعصيبا مطلقا ،وقيل يرثن تعصيبا إل أن يكون أكثر من السدس؛
وإذا قييل يرثين فقييل أيضيا إذا كان ابين البين فيي درجتهين وقييل
كيفما كان ،والمتحصل في وراثتهن مع عدم ابن البن فيما فضل
عن النصف إلى تكملة الثلثين قيل يرثن ،وقيل ل يرثن.
@(-ميراث الزوجات) وأجميع العلماء على أن ميراث الرجيل مين
امرأتييه إذا لم تترك ولدا ول ولد ابيين النصييف ذكرا كان الولد أو
أنثى ،إل ما ذكرنا عن مجاهد ،وأنها إن تركت ولدا فله الربع ،وأن
ميراث المرأة مييين زوجهيييا إذا لم يترك الزوج ولد ول ولد ابييين
الربيع ،فإن ترك ولدا أو ولد ابين فالثمين ،وأنيه لييس يحجبهين أحيد
عيين الميراث ول ينقصييهن إل الولد ،وهذا لورود النييص فييي قوله
تعالى {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد} الية.
@(-ميراث الب والم) وأجمييييييع العلماء على أن الب إذا انفرد
كان له جميييع المال ،وأنييه إذا انفرد البوان كان للم الثلث وللب
الباقيي لقوله تعالى {وورثيه أبواه فلميه الثلث} وأجمعوا على أن
فرض البوييين ميين ميراث ابنهمييا إذا كان للبيين ولد أو ولد ابيين
السييدسان ،أعنييي أن لكييل واحييد منهمييا السييدس لقوله تعالى
{ولبويييه لكييل واحييد منهمييا السييدس ممييا ترك إن كان له ولد}
والجمهور على أن الولد هيو الذكير دون النثيى وخالفهيم فيي ذلك
مين شيذ؛ وأجمعوا على أن الب ل ينقيص ميع ذوي الفرائض مين
السيدس وله ميا زاد؛ وأجمعوا مين هذا الباب على أن الم يحجبهيا
الخوة مييين الثلث إلى السيييدس لقوله تعالى {فإن كان له أخوة
فلمه السدس} .واختلفوا في أقل ما يحجب الم من الثلث إلى
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السدس من الخوة ،فذهب علي رضي الله عنه وابن مسعود إلى
أن الخوة الحاجبين هما اثنان فصاعدا ،وبه قال مالك وذهب ابن
عباس إلى أنهييم ثلثيية فصيياعدا ،وأن الثنييين ل يحجبان الم ميين
الثلث إلى السيدس ،والخلف آييل إلى أقيل ميا ينطلق علييه اسيم
الجمييع؛ فميين قال أقييل مييا ينطلق عليييه اسييم الجمييع ثلثيية قال:
الخوة الحاجبون ثلثية فميا فوق؛ ومين قال أقيل ميا ينطلق علييه
اسم الجمع اثنان قال :الخوة الحاجبون هما اثنان أعني في قوله
تعالى {فإن كان له أخوة} ول خلف أن الذكييير والنثيييى يدخلن
تحييت اسييم الخوة فييي الييية وذلك عنييد الجمهور .وقال بعييض
المتأخرييييين ل أنقييييل الم ميييين الثلث إلى السييييدس بالخوات
المنفردات ،لنيه زعيم أنيه لييس ينطلق عليهين اسيم الخوة إل أن
يكون معهيين أخ لموضييع تغليييب المذكيير على المؤنييث ،إذ اسييم
الخوة هييو جمييع أخ ،والخ مذكيير .واختلفوا ميين هذا الباب فيميين
يرث السييييدس الذي تحجييييب عنييييه الم بالخوة ،وذلك إذا ترك
المتوفييي أبوييين وأخوة ،فقال الجمهور :ذلك السييدس للب مييع
الربعية السيداس .وروي عين ابين عباس أن ذلك السيدس للخوة
الذ ين حجبوا ،وللب الثلثان لنه ليس في الصول من يحجب ول
يأخذ ما حجب إل الخوة مع الباء ،وضعف قوم السناد بذلك عن
ابين عباس ،وقول ابين عباس هيو القياس .واختلفوا مين هذا الباب
في التي تعرف بالغراوين ،وهي فيمن ترك زوجة وأبوين ،أو زوجا
وأبويين؛ فقال الجمهور :فيي الولى للزوجية الربيع ،وللم ثلث ميا
بقيي ،وهيو الربيع مين رأس المال ،وللب ميا بقيي وهيو النصيف،
وقالوا في الثانية :للزوج النصف وللم ثلث ما بقي وهو السدس
مين رأس المال ،وللب ميا بقيي وهيو السيدسان ،وهيو قول زييد
والمشهور ميين قول علي رضييي الله عنييه .وقال ابيين عباس فييي
الولى :للزوجة الربع من رأس المال ،وللم الثلث منه أيضا لنها
ذات فرض ،وللب ميا بقيي لنيه عاصيب؛ وقال أيضيا فيي الثانيية:
للزوج النصييف ،وللم الثلث لنهييا ذات فرض مسييمى ،وللب مييا
بقي ،وبه قال شريح القاضي وداود وابن سيرين وجماعة .وعمدة
الجمهور أن الب والم لمييا كانييا إذا انفردا بالمال كان للم الثلث
وللب الباقيي ،وجيب أن يكون الحال كذلك فيميا بقيي مين المال،
كأنهم رأوا أن يكون ميراث الم أكثر من ميراث الب خروجا عن
الصيول .وعمدة الفرييق الخير أن الم ذات فرض مسيمى والب
عاصييب ،والعاصييب ليييس له فرض محدود مييع ذي الفروض ،بييل
يقل ويكثر ،وما عليه الجمهور من طريق التعليل أظهر ،وما عليه
الفرييق الثانيي ميع عدم التعلييل أظهير ،وأعنيي بالتعلييل ههنيا أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عين علي رضيي الله عنيه قال "قضيى رسيول الله صيلى الله علييه
وسيييلم أن أعيان بنيييي الم يتوارثون دون بنيييي العلت" وأجميييع
العلماء على أن الخوات للب والم إذا اسييتكملن الثلثييين فإنييه
لييس للخوات للب معهين شييء كالحال فيي بنات البين ميع بنات
الصيلب ،وأنيه إن كانيت الخيت للب والم واحدة فللخوات للب
ميا كين بقيية الثلثيين وهيو السيدس .واختلفوا إذا كان ميع الخوات
للب ذكير ،فقال الجمهور :يعصيبهن ويقتسيمون المال للذكير مثيل
حيظ النثييين ،كالحال فيي بنات البين ميع بنات الصيلب؛ واشترط
مالك أن يكون فييي درجتهيين؛ وقال ابيين مسييعود :إذا اسييتكمل
الخوات الشقائق الثلثييين فالباقييي للذكور ميين الخوة للب دون
الناث ،وبييه قال أبييو ثور؛ وخالفييه داود فييي هذه المسييألة ،مييع
موافقتيييه له فيييي مسيييألة بنات الصيييلب وبنيييي البنيييين ،فإن لم
يسيتكملن الثلثيين ،فللذكير عنده مين بنيي الب مثيل حيظ النثييين،
إل أن يكون الحاصيل للنسياء أكثير مين السيدس كالحال فيي بنيت
الصيلب ميع بنيي البين .وأدلة الفريقيين فيي هذه المسيألة هيي تلك
الدلة بأعيانهييييييييييا .وأجمعوا على أن الخوة للب يقومون مقام
الخوة للب والم عند فقدهم ،كالحال في بني البنين مع البنين،
وأنيه إذا كان معهين ذكير عصيبهن ،بأن يبدأ بمين له فرض مسيمى،
ثم يرثون الباقي للذكر مثل حظ النثيين كالحال في البنين إل في
موضيع واحيد وهيي الفريضية التيي تعرف بالمشركية ،فإن العلماء
اختلفوا فيهيا ،وهيي امرأة توفييت وتركيت زوجهيا وأمهيا وإخوتهيا
لمهييا وإخوتهييا لبيهييا وأمهييا ،فكان عميير وعثمان وزيييد بيين ثابييت
يعطون للزوج النصييييييف وللم السييييييدس وللخوة للم الثلث،
فيسيييتغرقون المال فيبقيييى الخوة للب والم بل شييييء ،فكانوا
يشركون الخوة للب والم فيي الثلث ميع الخوة للم يقتسيمونه
بينهم للذكر مثل حظ النثيين .وبالتشريك قال من فقهاء المصار
مالك والشافعييي والثوري .وكان علي رضييي الله عنييه وأبييي بيين
كعيييب وأبييو موسييى الشعري ل يشركون إخوة الب والم فيييي
الثلث مع إخوة الم في هذه الفريضة ،ول يوجبون لهم شيئا فيها،
وقال به من فقهاء المصار :أبو حنيفة وابن أبي ليلى وأحمد وأبو
ثور وداود وجماعييية .وحجييية الفرييييق الول أن الخوة للب والم
يشاركون الخوة للم في السبب الذي به يستوجبون الرث وهي
الم فوجيب أن ل ينفردوا بيه دونهيم ،لنيه إذا اشتركوا فيي السيبب
الذي بيه يورثون وجيب أن يشتركوا فيي الميراث .وحجية الفرييق
الثانييي أن الخوة الشقائق عصييبة ،فلشيييء لهييم إذا أحاطييت
فرائض ذوي السيهام بالميراث .وعمدتهيم باتفاق الجمييع على أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين ترك زوجيا وأميا وأخيا واحدا لم وإخوة شقائق عشرة أو أكثير
أن الخ للم يسيتحق ههنيا السيدس كامل ،والسيدس الباقيي بيين
الباقين مع أنهم مشاركون له في الم .فسبب الختلف في أكثر
مسائل الفرائض هو تعارض المقاييس واشتراك اللفاظ فيما فيه
نص.
@(-ميراث الجيد) وأجميع العلماء على أن الب يحجيب الجيد وأنيه
يقوم مقام الب عنيد عدم الب ميع البنيين وأنيه عاصيب ميع ذوي
الفرائض .واختلفوا هييييل يقوم مقام الب فييييي حجييييب الخوة
الشقائق ،أو حجييب الخوة للب؟ فذهييب ابيين عباس وأبييو بكيير
رضيي الله عنهميا وجماعية إلى أنيه يحجبهيم ،وبيه قال أبيو حنيفية
وأبييو ثور والمزنييي وابيين سييريج ميين أصييحاب الشافعييي وداود
وجماعة .واتفق علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن ثابت
وابين مسيعود على تورييث الخوة ميع الجيد ،إل أنهيم اختلفوا فيي
كيفية ذلك على ما أقوله بعد .وعمدة من جعل الجد بمنزلة الب
اتفاقهميا فيي المعنيى ،أعنيي مين قبيل أن كليهميا أب للمييت ،ومين
اتفاقهميا فيي كثيير مين الحكام التيي أجمعوا على اتفاقهميا فيهيا
حتى إنه قد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال :أما يتقي
الله زيد ابن ثابت يجعل ابن البن ابنا ،ول يجعل أب الب أبا .وقد
أجمعوا على أنييه مثله فييي أحكام أخيير سييوى الفروض ،منهييا أن
شهادتييه لحفيده كشهادة الب وأن الجييد يعتييق على حفيده كمييا
يعتيق الب على البين ،وأنيه ل يقتيص له مين جيد كميا ل يقتيص له
من أب .وعمدة من ورث الخ مع الجد أن الخ أقرب إلى الميت
من الجيد ،لن الجيد أبو أبي المييت ،والخ ابين أبيي الميت ،والبين
أقرب مين الب .وأيضيا فميا أجمعوا علييه مين أن ابين الخ يقدم
على العم ،وهو يدلي بالب ،والعم يدلي بالجد.
فسيييبب الخلف تعارض القياس فيييي هذا الباب .فإن قييييل :فأي
القياسيين أرجيح بحسيب النظير الشرعيي؟ قلنيا :قياس مين سياوى
بيين الب والجيد ،فإن الجيد أب فيي المرتبية الثانيية أو الثالثية ،كميا
أن البين ابين فيي المرتبية الثانيية أو الثالثية ،وإذا لم يحجيب البين
الجد وهو يحجب الخوة فالجد يجب أن يحجب من يحجب البن،
والخ ليييس بأصييل للميييت ول فرع ،وإنمييا هييو مشارك له فييي
الصل ،والصل أحق بالشيء من المشارك له في الصل ،والجد
ليس هو أصل للميت من قبل الب بل هو أصل أصله ،والخ يرث
مين قبيل أنيه فرع لصيل المييت ،فالذي هيو أصيل لصيله أولى مين
الذي هيو فرع لصيله ،ولذلك ل معنيى لقول مين قال إن الخ يدلي
بالبنوة ،والجيد يدلي بالبوة ،فإن الخ لييس ابنيا للمييت وإنميا هيو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ابين أبييه ،والجيد أبيو المييت ،والبنوة إنميا هيي أقوى فيي الميراث
مين البوة فيي الشخيص الواحيد بعينيه أعنيي الموروث .وأميا البنوة
التيي تكون لب موروث ،فلييس يلزم أن تكون فيي حيق الموروث
أقوى ميين البوة التييي تكون لب الموروث ،لن البوة التييي لب
الموروث هيي أبوة ميا للموروث :أعنيي بعيدة ،ولييس البنوة التيي
لب الموروث بنوة ما للموروث ل قريبة ول بعيدة ،فمن قال الخ
أحيييق مييين الجيييد ،لن الخ يدلي بالشييييء الذي مييين قبله كان
الميراث بالبنوة وهيييو الب والجيييد يدلي بالبوة هيييو قول غالط
مخييل ،لن الجيد أب ميا ،ولييس الخ ابنيا ميا .وبالجملة الخ لحيق
مين لواحيق المييت ،وكأنيه أمير عارض والجيد سيبب مين أسيبابه،
والسيبب أملك للشييء مين لحقيه .واختلف الذيين ورثوا الجيد ميع
الخوة فيي كيفيية ذلك .فتحصييل مذهيب زييد فيي ذلك أنيه ل يخلو
أن يكون معيه سيوى الخوة ذو فرض مسيمى أو ل يكون ،فإن لم
يكن معه ذو فرض مسمى أعطى الفضل له من اثنين ،إما ثلث
المال ،وإميييا أن يكون كواحيييد مييين الخوة الذكور ،وسيييواء كان
الخوة ذكرانييا أو إناثييا أو المرييين جميعييا فهييو مييع الخ الواحييد
يقاسمه المال ،وكذلك مع الثنين ومع الثلثة والربعة يأخذ الثلث،
وهييو ميع الخييت الواحدة إلى الربيع يقاسيمهن للذكير مثييل حيظ
النثيييين ،ومييع الخمييس أخوات له الثلث ،لنييه أفضييل له ميين
المقاسمة ،فهذه هي حاله مع الخوة فقط دون غيرهم.
وأمييا إن كان معهييم ذو فرض مسييمى فإنييه يبدأ بأهييل الفروض
فيأخذون فروضهم ،فما بقي أعطى الفضل له من ثلث :إما ثلث
ما بقي بعد حظوظ ذوي الفرائض ،وإما أن يكون بمنزلة ذكر من
الخوة ،وإما أن يعطي السدس من رأس المال ل ينقص منه ،ثم
ما بقي يكون للخوة للذكر مثل حظ النثيين في الكدرية على ما
سنذكر مذهبه فيها مع سائر مذاهب العلماء .وأما علي رضي الله
عنيه فكان يعطيي الجيد الحظيى له مين السيدس أو المقاسيمة،
وسييواء كان مييع الجييد والخوة غيرهييم ميين ذوي الفرائض أو لم
يكين ،وإنميا لم ينقصيه مين السيدس شيئا ،لنهيم لميا أجمعوا أن
البناء ل ينقصييييونه منييييه شيئا كان أحرى أن ل ينقصييييه الخوة.
وعمدة قول زييد أنيه لميا كان يحجيب الخوة للم فلم يحجيب عميا
يجيب لهيم وهيو الثلث ،وبقول زييد قال مالك والشافعيي والثوري
وجماعييية ،وبقول علي رضيييي الله عنيييه قال أبيييو حنيفييية .وأمييا
الفريضية التيي تعرف بالكدريية وهيي امرأة توفييت وتركيت زوجيا
وأمييا وأختييا شقيقيية وجدا فإن العلماء اختلفوا فيهييا ،فكان عميير
رضي الله عنه وابن مسعود يعطيان للزوج النصف وللم السدس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
على جد .وذهب زيد إلى أن للم الثلث وما بقي بين الجد والخت
للذكر مثل حظ النثيين.
@(-ميراث الجدات) وأجمعوا على أن للجدة أم الم السيدس ميع
عدم الم ،وأن للجدة أيضيا أم الب عنيد فقيد الب السيدس ،فإن
اجتمعا كان السدس بينهما .واختلفوا فيما سوى ذلك؛ فذهب زيد
وأهيل المدينية إلى أن الجدة أم الم يفرض لهيا السيدس فريضية،
فإذا اجتمعت الجدتان كان السدس بينهما إذا كان قعددهما سواء،
أو كانييت أم الب أقعييد ،فإن كانييت أم الم أقعييد :أي أقرب إلى
الميت كان لها السدس ،ولم يكن للجدة أم الب شيء ،وقد روي
عنيه أيهميا أقعيد كان لهيا السيدس ،وبيه قال علي رضيي الله عنيه،
وميين فقهاء المصييار أبييو حنيفيية والثوري وأبييو ثور ،وهؤلء ليييس
يورثون إل هاتين الجدتين المجتمع على توريثهما ،وكان الوزاعيي
وأحميد يورثان ثلث جدات واحدة مين قبيل الم واثنتان مين قبيل
الب أم الب وأم أبيي الب :أعنيي الجيد ،وكان ابين مسيعود يورث
أربيع جدات :أم الم وأم الب وأم أبيي الب :أعنيي الجيد وأم أبيي
الم :أعني الجد ،وبه قال الحسن وابن سيرين .وكان ابن مسعود
يشرك بيين الجدات فيي السيدس دنياهين وقصيواهن ميا لم تكين
تحجبها بنتها أو بنت بنتها .وقد روي عنه أنه كان يسقط القصوى
بالدنييا إذا كانتيا مين جهية واحدة .وروي عين ابين عباس أن الجدة
كالم إذا لم تكين أم ،وهيو شاذ عنيد الجمهور ،ولكين له حيظ مين
القياس .فعمدة زييد وأهيل المدينية والشافعيي ،ومين قال بمذهيب
زييد ميا رواه مالك أنيه قال "جاءت الجدة إلى أبيي بكير رضيي الله
عنيه تسيأله عين ميراثهيا ،فقال أبيو بكير :مالك فيي كتاب الله عيز
وجيل شييء وميا علميت لك فيي سينة رسيول الله صيلى الله علييه
وسييلم شيئا فارجعييي حتييى أسييأل الناس ،فقال له المغيرة بيين
شعبييية :حضرت رسيييول الله صييلى الله علييييه وسييلم أعطاهييا
السييدس ،فقال أبييو بكيير :هييل معييك غيرك؟ فقال :محمييد بيين
مسلمة ،فقال مثل ما قال المغيرة ،فأنفذه أبو بكر لها ،ثم جاءت
الجدة الخرى إلى عمير ابين الخطاب تسيأله ميراثهيا ،فقال لهييا:
مالك فيي كتاب الله عز وجل شييء ،و ما كان القضاء الذي قضيى
به إل لغيرك ،وما أنا بزائد في الفرائض ،ولكنه ذلك السدس ،فإن
اجتمعتما فيه فهو لكما ،وأيتكما انفردت به فهو لها" وروى مالك
أيضا أنه أتت الجدتان إلى أبي بكر ،فأراد أن يجعل السدس للتي
من قبل الم ،فقال له رجل :أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي
كان إياهيا يرث ،فجعيل أبيو بكير السيدس بينهميا .قالوا :فواجيب أن
ل يتعدى فييي هذا هذه السيينة وإجماع الصييحابة .وأمييا عمدة ميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ورث الثلث جدات فحدييث ابين عيينية عين منصيور عين إبراهييم "
أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث ثلث جدات :اثنتين من قبل
الب ،وواحدة من قبل الم" وأما ابن مسعود فعمدته القياس في
تشبيههيا بالجدة للب لكين الحدييث يعارضيه .واختلفوا هيل يحجيب
الجدة للب ابنهيا وهيو الب؛ فذهيب زييد إلى أنيه يحجيب ،وبيه قال
مالك والشافعيي وأبيو حنيفية وداود؛ وقال آخرون :ترث الجدة ميع
ابنهيا ،وهيو مروي عين عمير وابين مسيعود وجماعية مين الصيحابة،
وبييه قال شريييح وعطاء وابيين سيييرين وأحمييد ،وهييو قول الفقهاء
المصييريين .وعمدة ميين حجييب الجدة بابنهييا أن الجييد لمييا كان
محجوبا بالب وجب أن تكون الجدة أولى بذلك .وأيضا فلما كانت
أم الم ل ترث بإجماع مييع الم شيئا كان كذلك أم الب مييع الب.
وعمدة الفريق الثاني ما روى الشعبي عن مسروق عن عبد الله
قال :أول جدة أعطاهيا رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم سيدسا
جدة ميع ابنهيا وابنهيا حيي قالوا :ومين طرييق النظير لميا كانيت الم
وأم الم ل يحجبن بالذكور كان كذلك حكم جميع الجدات ،وينبغي
أن يعلم أن مالكا ل يخالف زيدا إل في فريضة واحدة ،وهي امرأة
هلكيت وتركيت زوجيا وأميا وإخوة لم وإخوة لب وأم وجدا ،فقال
مالك :للزوج النصيف ،وللم السيدس وللجيد ميا بقيي وهيو الثلث،
وليييس للخوة الشقائق شيييء؛ وقال زيييد :للزوج النصييف ،وللم
السدس ،وللجد السدس ،وما بقي للخوة الشقائق ،فخالف مالك
في هذه المسألة أصله من أن الجد ل يحجب الخوة الشقائق ول
الخوات للب .وحجتيه أنيه لميا حجيب الخوة للم عين الثلث الذي
كانوا يسيتحقونه دون الشقائق كان هيو أولى بيه .وأميا زييد فعلى
أصله في أنه ل يحجبهم.
**3باب في الحجب.
@-وأجمييع العلماء على أن الخ الشقيييق يحجييب الخ للب ،وأن
الخ للب يحجيييب بنيييي الخ الشقييييق ،وأن بنيييي الخ الشقييييق
يحجبون أبناء الخ للب ،وبنييو الخ للب أولى ميين بنييي ابيين الخ
للب والم ،وبنيو الخ للب أولى مين العيم أخيي الب ،وإبين العيم
أخي الب الشقيق أولى من ابن العم أخي الب للب ،وكل واحد
من هؤلء يحجبون بنيهم ،ومن حجب منهم صنفا فهو يحجب من
يحجبيه ذلك الصينف .وبالجملة ،أميا الخوة فالقرب منهيم يحجيب
البعيد ،فإذا اسيتووا حجيب منهيم مين أدلى بسيببين أم وأب مين
أدلى بسييبب واحييد وهييو الب فقييط؛ وكذلك العمام القرب منييه
يحجب البعد ،فإن استووا حجب منهم من يدلي منهم إلى الميت
بسيببين مين يدلي بسيبب واحيد ،أعنيي أنيه يحجيب العيم أخيو الب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لب وابيين العييم الذي هييو أخييو الب لب فقييط .وأجمعوا على أن
الخوة الشقائق والخوة للب يحجبون العمام ،لن الخوة بنيييييو
أب المتوفييي ،والعمام بنييو جده ،والبناء يحجبون بنيهييم ،والباء
أجدادهم ،والبنون وبنوهم يحجبون الخوة ،والجد يحجب من فوقه
ميين الجداد بإجماع ،والب يحجييب الخوة ويحجييب ميين تحجبييه
الخوة ،والجييد يحجييب العمام بإجماع والخوة للم ،ويحجييب بنييو
الخوة الشقائق وبنيي الخوة للب ،والبنات وبنات البنيين يحجبين
الخوة للم .واختلف العلماء فيمن ترك ابني عم أحدهما أخ للم،
فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري :للخ للم السدس من
جهة ما هو أخ لم وهو في باقي المال مع ابن العم الخر عصبة
يقتسمونه بينهم على السواء ،وهو قول علي رضي الله عنه وزيد
وابن عباس؛ وقال قوم :المال كله لبن العم الذي هو أخ لم يأخذ
سيدسه بالخوة وبقيتيه بالتعصييب ،لنيه قيد أدلى بسيببين .وممين
قال بهذا القول من الصحابة ابن مسعود ،ومن الفقهاء داود وأبو
ثور والطبري ،وهو قول الحسن وعطاء.
واختلف العلماء فيييي رد ميييا بقيييي مييين مال الورثييية على ذوي
الفرائض إذا بقييييت مييين المال فضلة لم تسيييتوفها الفرائض ولم
يكين هناك مين يعصيب ،فكان زييد ل يقول بالرد ويجعيل الفاضيل
فييي بيييت المال ،وبييه قال مالك والشافعييي؛ وقال جييل الصييحابة
بالرد على ذوي الفرائض ما عدا الزوج والزوجة وإن كانوا اختلفوا
فيي كيفيية ذلك ،وبيه قال فقهاء العراق مين الكوفييين والبصيريين.
وأجمع هؤلء الفقهاء على أن الرد يكون لهم بقدر سهامهم ،فمن
كان له نصييف أخييذ النصييف ممييا بقييي ،وهكذا فييي جزء جزء.
وعمدتهيم أن قرابية الديين والنسيب أولى مين قرابية الديين فقيط:
أي أن هؤلء اجتميع لهيم سيببان وللمسيلمين سيبب واحيد .وهناك
مسييائل مشهورة الخلف بيييين أهيييل العلم فيهيييا تعلق بأسيييباب
الموارييث يجيب أن نذكرهيا هنيا ،فمنهيا أنيه أجميع المسيلمون على
أن الكافر ل يرث المسلم لقوله تعالى {ولن يجعل الله للكافرين
على المؤمنيين سيبيل} ولميا ثبيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم
"ل يرث المسلم الكافر ،ول الكافر المسلم" واختلفوا في ميراث
المسييلم الكافيير ،وفييي ميراث المسييلم المرتييد ،فذهييب جمهور
العلماء ميين الصييحابة والتابعييين وفقهاء المصييار إلى أنييه ل يرث
المسيلم الكافير بهذا الثير الثابيت؛ وذهيب معاذ بين جبيل ومعاويية
من الصحابة وسعيد ابن المسيب ومسروق من التابعين وجماعة
إلى أن المسيلم يرث الكافير ،وشبهوا ذلك بنسيائهم ،فقالوا :كميا
يجوز لنيا أن ننكيح نسياءهم ول يجوز لنيا أن ننكحهيم نسياءنا كذلك
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الرث ،ورووا في ذلك حديثا مسندا ،قال أبو عمر :وليس بالقوى
عنيد الجمهور ،وشبهوه أيضيا بالقصياص فيي الدماء التيي ل تتكافيأ.
وأميا مال المرتيد إذا قتيل أو مات ،فقال جمهور فقهاء الحجاز هيو
لجماعة المسلمين ول يرثه قرابته ،وبه قال مالك والشافعي وهو
قول زيد من الصحابة.
وقال أبيو حنيفية والثوري وجمهور الكوفييين وكثيير مين البصيريين
يرثيه ورثتيه مين المسيلمين وهيو قول ابين مسيعود مين الصيحابة
وعلي رضييي الله عنهمييا .وعمدة الفريييق الول عموم الحديييث،
وعمدة الحنفيية تخصييص العموم بالقياس ،وقياسيهم فيي ذلك هيو
أن قرابتييه أولى ميين المسييلمين لنهييم يدلون بسييببين :بالسييلم
والقرابة ،والمسلمون بسبب واحد ،وهو السلم ،وربما أكدوا بما
يبقيى لميا له مين حكيم السيلم بدلييل أنيه ل يؤخيذ فيي الحال حتيى
يموت فكانييت حياتييه معتييبرة فييي بقاء ماله على ملكييه ،وذلك ل
يكون إل بأن يكون لماله حرميية إسييلمية ،ولذلك لم يجييز أن يقيير
على الرتداد ،بخلف الكافير ،وقال الشافعيي وغيره يؤخيذ بقضاء
الصيلة إذا تاب من الردة فيي أيام الردة ،والطائفية الخرى تقول:
يوقيف ماله لن له حرمية إسيلمية ،وإنميا وقيف رجاء أن يعود إلى
السيلم ،وأن اسيتيجاب المسيلمين لماله لييس على طرييق الرث
وشذت طائفيية فقالت :ماله للمسييلمين عندمييا يرتييد ،وأظيين أن
أشهب ممن يقول بذلك .وأجمعوا على توريث أهل الملة الواحدة
بعضهيم بعضيا .واختلفوا فيي تورييث الملل المختلفية ،فذهيب مالك
وجماعييييية إلى أن أهيييييل الملل المختلفييييية ل يتوارثون كاليهود
والنصارى ،وبه قال أحمد وجماعة؛
وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية وأبييو ثور والثوري وداود وغيرهييم:
الكفار كلهيييم يتوارثون ،وكان شريييح وابيين أبييي ليلى وجماعيية
يجعلون الملل التييي ل تتوارث ثلثييا :النصييارى واليهود والصييابئين
ملة ،والمجوس ومن ل كتاب له ملة ،والسلم ملة .وقد روي عن
ابين أبيي ليلى مثيل قول مالك .وعمدة مالك ومين قال بقوله ميا
روى الثقات عين عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده أن النيبي
صييلى الله عليييه وسييلم قال "ل يتوارث أهييل ملتييين" .وعمدة
الشافعيية والحنفيية قوله علييه الصيلة والسيلم "ل يرث المسيلم
الكافيير ول الكافيير المسييلم" وذلك أن المفهوم ميين هذا بدليييل
الخطاب أن المسيلم يرث المسيلم والكافير يرث الكافير .والقول
بدليييل الخطاب فيييه ضعييف وخاصيية هنييا .واختلفوا فييي توريييث
الحملء ،والحملء هييم الذييين يتحملون بأولدهييم ميين بلد الشرك
إلى بلد السيلم ،أعنيي أنهيم يولدون فيي بلد الشرك ثيم يخرجون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
إلى بلد السيلم وهيم يدعون تلك الولدة الموجبية للنسيب ،وذلك
على ثلثة أقوال :قول إنهم يتوارثون بما يدعون من النسب ،وهو
قول جماعيية ميين التابعييين وإليييه ذهييب إسييحاق .وقول إنهييم ل
يتوارثون إل ببينية تشهيد على أنسيابهم ،وبيه قال شرييح والحسين
وجماعيية .وقول إنهييم ل يتوارثون أصييل وروي عيين عميير الثلثيية
القوال ،إل أن الشهير عنيه أنيه كان ل يورث إل مين ولد فيي بلد
العرب وهو قول عثمان وعمر بن عبد العزيز .وأما مالك وأصحابه
فاختلف فيي ذلك قولهيم ،فمنهيم مين رأى أن ل يورثون إل ببينية،
وهييو قول ابيين القاسييم :ومنهييم ميين رأى أن ل يورثون أصييل ول
بالبينيية العادلة؛ ومميين قال بهذا القول ميين أصييحاب مالك عبييد
الملك بيين الماجشون ،وروى ابيين القاسييم عيين مالك فييي أهييل
حصيين نزلوا على حكييم السييلم ،فشهييد بعضهييم لبعييض أنهييم
يتوارثون ،وهذا يتخرج منييه أنهييم يتوارثون بل بينيية ،لن مالكييا ل
يجوز شهادة الكفار بعضهييم على بعييض قال :فأمييا إن سييبوا فل
يقبيييل قولهيييم فيييي ذلك وبنحيييو هذا التفصييييل قال الكوفيون
والشافعيي وأحميد وأبيو ثور ،وذلك أنهيم قالوا :إن خرجوا إلى بلد
السلم وليس لحد عليهم يد قبلت دعواهم في أنسابهم ،وأما إن
أدركهيم السيبي والرق فل يقبيل قولهيم إل ببينية .ففيي المسيألة
أربعة أقوال :اثنان طرفان ،واثنان مفرقان.
وجمهور العلماء ميين فقهاء المصييار وميين الصييحابة علي وزيييد
وعميير أن ميين ل يرث ل يحجييب مثييل الكافيير والمملوك والقاتييل
عمدا ،وكان ابيين مسييعود يحجييب بهؤلء الثلثيية دون أن يورثهييم
أعنيي بأهيل الكتاب وبالعبييد وبالقاتليين عمدا ،وبيه قال داود وأبيو
ثور .وعمدة الجمهور أن الحجييييب فييييي معنييييى الرث وأنهمييييا
متلزمان .وحجية الطائفية الثانيية أن الحجيب ل يرتفيع إل بالموت.
واختلف العلماء فيي الذيين يفقدون فيي حرب أو غرق أو هدم ول
يدري ميين مات منهييم قبييل صيياحبه كيييف يتوارثون إذا كانوا أهييل
ميراث؟ فذهب مالك وأهل المدينة إلى أنهم ل يورث بعضهم من
بعض ،وأن ميراثهم جميعا لمن بقي من قرابتهم الوارثين أو لبيت
المال إن لم تكين لهيم قرابية ترث ،وبيه قال الشافعيي وأبيو حنيفية
وأصيحابه في ما حكى عنه الطحاوي .وذهيب علي وعمر رضي الله
عنهمييا وأهييل الكوفيية وأبييو حنيفيية فيمييا ذكيير غييير الطحاوي عنييه
وجمهور البصييريين إلى أنهييم يتوارثون ،وصييفة تواريثهييم عندهييم
أنهيم يورثون كيل واحيد مين صياحبه فيي أصيل ماله دون ميا ورث
بعضهم من بعض ،أعني أنه ل يضم إلى مال المورث ما ورث من
غيره ،فيتوارثون الكل على أنه مال وا حد كالحال في الذ ين يعلم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميين تقدم بعضهييم على بعييض ،مثال ذلك زوج وزوجيية توفيييا فييي
حرب أو غرق أو هدم ولكل واحد منهما ألف درهم ،فيورث الزوج
من المرأة خم سمائة درهيم ،وتورث المرأة من اللف التيي كانت
بيييد الزوج دون الخمسييمائة التييي ورث منهييا ربعهييا وذلك مائتان
وخمسون .ومن مسائل هذا الباب اختلف العلماء في ميراث ولد
الملعنية وولد الزنيى .فذهيب أهيل المدينية وزييد بين ثابيت إلى أن
ولد الملعنة كما يورث غير ولد الملعنة ،وأنه ليس لمه إل الثلث
والباقيي لبييت المال ،إل أن يكون له إخوة لم ،فيكون لهيم الثلث
أو تكون أمه مولة فيكون باقي مالها لمواليها ،وإل فالباقي لبيت
مال المسيلمين ،وبيه قال مالك والشافعيي وأبيو حنيفية وأصيحابه،
إل أن أبيا حنيفية على مذهبيه يجعيل ذوي الرحام أولى مين جماعية
المسيلمين .وأيضيا على قياس مين يقول بالرد يرد على الم بقيية
المال؛ وذهب علي وعمر وابن مسعود إلى أن عصبته عصبة أمه
أعني الذي يرثونها .وروي عن علي وابن مسعود أنهم ل يجعلونه
عصيبته عصيبة أ مه إل ميع فقد الم وكانوا ينزلون الم بمنزلة الب
وبه قال الحسن وابن سيرين والثوري وابن حنبل وجماعة.
وعمدة الفريييييق الول عموم قوله تعالى {فإن لم يكيييين له ولد
وورثييه أبواه فلمييه الثلث} فقالوا :هذه أم وكييل أم لهييا الثلث،
فهذه لهيا الثلث .وعمدة الفرييق الثانيي ميا روي مين حدييث ابين
عمير عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم "أنيه ألحيق ولد الملعنية
بأميه" وحدييث عمرو بين شعييب عين أبييه عين جده قال "جعيل
النيبي صيلى الله علييه وسيلم ميراث ابين الملعنية لميه ولورثتيه"
وحدييث واثلة بين السيقع عين النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال
"المرأة تحوز ثلثية أموال :عتيقهيا ،ولقيطهيا وولدهيا الذي لعنيت
عليه" وحديث مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك
خرج جمييع ذلك أبيو داود وغيره .قال القاضيي :هذه الثار المصيير
إليهيا واجيب لنهيا قيد خصيصت عموم الكتاب .والجمهور على أن
السيينة يخصييص بهييا الكتاب ،ولعييل الفريييق الول لم تبلغهييم هذه
الحادييث أو لم تصيح عندهيم ،وهذا القول مروي عين ابين عباس
وعثمان ،وهيو مشهور فيي الصيدر الول ،واشتهاره فيي الصيحابة
دليل على صحة هذه الثار ،فإن هذا ليس يستنبط بالقياس ،والله
أعلم.
ومن مسائل ثبوت النسب الموجب للميراث اختلفهم فيمن ترك
ابنين وأقر أحدهم بأخ ثالث وأنكر الثاني؛ فقال مالك وأبو حنيفة:
يجيب علييه أن يعطييه حقيه مين الميراث يعنون المقير ،ول يثبيت
بقوله نسبه ،وقال الشافعي :ل يثبت النسب ول يجب على المقر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وجيل ،فقضيى رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم لعبيد بين زمعية
بأخيه وأثبت نسبه بإقراره إذا لم يكن هنالك وارث منازع له" وأما
أكثر الفقهاء فقد أشكل عليهم معنى هذا الحديث لخروجه عندهم
عيين الصييل المجمييع عليييه فييي إثبات النسييب ،ولهييم فييي ذلك
تأويلت ،وذلك أن ظاهير هذا الحدييث أنيه أثبيت نسيبه بإقرار أخييه
بيييه ،والصيييل أن ل يثبيييت نسيييب إل بشاهدي عدل ،ولذلك تأول
الناس فيي ذلك تأويلت ،فقالت طائفية :إنيه إنميا أثبيت نسيبه علييه
الصلة والسلم بقول أخيه ،لنه يمكن أن يكون قد علم تلك المة
كان يطؤهيا زمعية بين قييس ،وأنهيا كانيت فراشيا له ،قالوا :ومميا
يؤكيد ذلك أنيه كان صيهره ،وسيودة بنيت زمعية كانيت زوجتيه علييه
الصلة والسلم ،فيمكن أن ل يخفى عليه أمرها ،وهذا على القول
بأن للقاضي أن يقضي بعلمه ،ول يليق هذا التأويل بمذهب مالك،
لنه ل يقضي القاضي عنده بعلمه ،ويليق بمذهب الشافعي على
قوله الخيير ،أعنييي الذي ل يثبييت فيييه النسييب .والذييين قالوا بهذا
التأويل قالوا :إنما أمر سودة بالحجبة احتياطا لشبهة الشبه ،ل أن
ذلك كان واجبييا ،وقال لمكان هذا بعييض الشافعييية :إن للزوج أن
يحجيب الخيت عين أخيهيا؛ وقالت طائفية :أمره بالحتجاب لسيودة
دليل على أنه لم يلحق نسبه بقول عتبة ول بعلمه بالفراش.
وافترق هؤلء فييي تأويييل قوله عليييه الصييلة والسييلم "هييو لك"
فقالت طائفة :إنما أراد هو عبدك إذا كان ابن أمة أبيك ،وهذا غير
ظاهير لتعلييل رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم حكميه فيي ذلك
بقوله "الولد للفراش وللعاهيير الحجيير" وقال الطحاوي :إنمييا أراد
بقوله علييه الصيلة والسيلم "هيو لك ييا عبيد بين زمعية" أي يدك
عليه بمنزلة ما هو يد اللقط على اللقطة ،وهذه التأويلت تضعف
لتعليله علييييه الصيييلة والسيييلم حكميييه بأن قال "الولد للفراش
وللعاهيير الحجيير" .وأمييا المعنييى الذي يعتمده الشافعييية فييي هذا
المذهييب ،فهييو أن إقرار ميين يحوز الميراث هييو إقرار خلفيية :أي
إقرار من حاز خلفة الميت ،وعند الغير أنه إقرار شهادة ل إقرار
خلفية ،يرييد أن القرار الذي كان للمييت انتقيل إلى هذا الذي حاز
ميراثيه .واتفيق الجمهور على أن أولد الزنيى ل يلحقون بآبائهيم إل
في الجاهلية على ما روي عن عمر بن الخطاب على اختلف في
ذلك بييين الصييحابة؛ وشييذ قوم فقالوا :يلتحييق ولد الزنييى فييي
السيلم ،أعنيي الذي كان عين زنيى فيي السيلم .واتفقوا على أن
الولد ل يلحيق بالفراش فيي أقيل مين سيتة أشهير ،إميا مين وقيت
العقيد ،وإميا مين وقيت الدخول ،وأنيه يلحيق مين وقيت الدخول إلى
أقصير زمان الحميل ،أو إن كان قيد فارقهيا واعتزلهيا .واختلفوا فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أطول زمان الحميييل الذي يلحيييق بيييه الوالد الولد ،فقال مالك:
خميس سينين؛ وقال بعيض أصيحابه :سيبع؛ وقال الشافعيي :أربيع
سيينين؛ وقال الكوفيون :سيينتان :وقال محمييد بيين الحكييم :سيينة؛
وقال داود :سييتة أشهيير ،وهذه المسييألة مرجوع فيهييا إلى العادة
والتجربة .وقول ابن عبد الحكم والظاهرية هو أقرب إلى المعتاد،
والحكيييم إنميييا يجيييب أن يكون بالمعتاد ل بالنادر ،ولعله أن يكون
مستحيل.
وذهيب مالك والشافعيي إلى أن مين تزوج امرأة ولم يدخيل بهيا أو
دخل بها بعد الوقت وأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ل من
وقت الدخول أنه ل يلحق به إل إذا أتت به لستة أشهر فأكثر من
ذلك مين وقيت الدخول .وقال أبيو حنيفية :هيي فراش له ويلحقيه
الولد .وعمدة مالك أنهيا ليسيت بفراش إل بإمكان الوطيء وهيو ميع
الدخول .وعمدة أبييي حنيفيية عموم قوله عليييه الصييلة والسييلم
"الولد للفراش" وكأنيه يرى أن هذا تعبيد بمنزلة تغلييب الوطيء
الحلل على الوطييييء الحرام فييييي إلحاق الولد بالوطييييء الحلل.
واختلفوا مين هذا الباب فيي إثبات النسيب بالقافية ،وذلك عندميا
يطييأ رجلن فييي طهيير واحييد بملك يمييين أو بنكاح ،ويتصييور أيضييا
الحكيم بالقافية فيي اللقييط الذي يدعييه رجلن أو ثلثية .والقافية
عند العرب :هم قوم كانت عندهم معرفة بفصول تشابه أشخاص
الناس ،فقال بالقافية مين فقهاء المصيار مالك والشافعيي وأحميد
وأبيو ثور والوزاعيي وأبيي الحكيم بالقافية ،الكوفيون وأكثير أهيل
العراق ،والحكييم عنييد هؤلء أنييه إذا ادعييى رجلن ولدا كان الولد
بينهما ،وذلك إذا لم يكن لحدهما فراش ،مثل أن يكون لقيطا ،أو
كانت المرأة الواحدة لكل واحد منهما فراشا مثل المة أو الحرة
يطؤهيا رجلن فيي طهير واحيد؛ وعنيد الجمهور مين القائليين بهذا
القول أنيه يجوز أن يكون عندهيم للبين الواحيد أبوان فقيط؛ وقال
محمييد صيياحب أبييي حنيفيية :يجوز أن يكون ابنييا لثلثيية إن ادعوه،
وهذا كله تخليط وإبطال للمعقول والمنقول .وعمدة استدلل من
قال بالقافية ميا رواه مالك عين سيليمان بين يسيار أن عمير ابين
الخطاب كان يليط أولد الجاهلية بمن استلطهم :أي بمن ادعاهم
فييي السييلم فأتييى رجلن كلهمييا يدعييي ولد امرأة ،فدعييا قائفييا
فنظر إليه فقال القائف :لقد اشتركا فيه ،فضربه عمر بالدرة ،ثم
دعا المرأة فقال :أخبرني ب خبرك ،فقالت :كان هذا لحد الرجلين
يأتي في إبل لهلها فل يفارقها حتى يظن ونظن أنه قد استمر بها
حميل ،ثيم انصيرف عنهيا فأهريقيت علييه دميا ،ثيم خلف هذا عليهيا:
تعنيي الخير ،فل أدري أيهميا هيو ،فكيبر القائف ،فقال عمير للغلم:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن يكون مين له إقامية الحدود ،وبالجملة بيين أن يكون ممين يتهيم
أو ل يتهيم .وسيبب الخلف معارضية أصيل الشرع فيي هذا المعنيى
للنظير المصيلحي ،وذلك أن النظير المصيلحي يقتضيي أن ل يرث
لئل يتذرع الناس مين الموارييث إلى القتيل واتباع الظاهير ،والتعبيد
يوجيب أن ل يلتفيت إلى ذلك ،فإنيه لو كان ذلك مميا قصيد للتفيت
إلييه الشارع {وميا كان ربيك نسييا} كميا تقول الظاهريية .واختلفوا
فييي الوارث الذي ليييس بمسييلم يسييلم بعييد موت مورثييه السييلم
وقبيييل قسيييم الميراث ،وكذلك إن كان مورثيييه على غيييير ديييين
السييلم ،فقال الجمهور :إنمييا يعتييبر فييي ذلك وقييت الموت ،فإن
كان اليوم الذي مات فيييه المسييلم وارثييه ليييس بمسييلم لم يرثييه
أصييل سييواء أسييلم قبييل الميراث أو بعده ،وكذلك إن كان مورثييه
على غيير ديين السيلم وكان الوارث يوم مات غيير مسيلم ورثيه
ضرورة سييواء كان إسييلمه قبييل القسييم أو بعده .وقالت طائفيية
منهييم الحسيين وقتادة وجماعيية :المعتييبر فييي ذلك يوم القسييم،
وروي ذلك عن عمر بن الخطاب .وعمدة كل الفريقين قوله صلى
الله عليه وسلم "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على
قسم الجاهلية ،وأيما دار أو أرض أدركها السلم ولم تقسم فهي
على قسم السلم" فمن اعتبر وقت القسمة حكم للمقسوم في
ذلك الوقيت بحكيم السيلم ،ومين اعتيبر وجوب القسيمة حكيم فيي
وقيت الموت للمقسيوم بحكيم السيلم .وروي مين حدييث عطاء
"أن رجل أسلم على ميراث على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبل أن يقسم ،فأعطاه ر سول الله صلى الله عليه وسلم
نصييبه ،وكذلك الحكيم عندهيم فيمين أعتيق مين الورثية بعيد الموت
وقبييل القسييم .فهذه هييي المسييائل المشهورة التييي تتعلق بهذا
الكتاب .قال القاضييي :ولمييا كان الميراث إنمييا يكون بأحييد ثلثيية
أسييباب :إمييا بنسييب ،أو صييهر ،أو ولء ،وكان قييد قيييل فييي الذي
يكون بالنسيب والصيهر ،فيجيب أن نذكير ههنيا الولء ،ولمين يجيب،
ومن يجب فيه ممن ل يجب ،وما أحكامه؟.
**3باب في الولء.
@-فأميا مين يجيب له الولء ،ففييه مسيائل مشهورة تجري مجرى
الصول لهذا الباب.
@(-المسيألة الولى) أجميع العلماء على أن مين أعتيق عبده عين
نفسه فإن ولءه له وأنه يرثه إذا لم يكن له وارث ،وأنه عصبة له
إذا كان هنالك ورثيية ل يحيطون بالمال .فأمييا كون الولء للمعتييق
عين نفسيه ،فلميا ثبيت مين قوله علييه الصيلة والسيلم فيي حدييث
بريرة "إنميا الولء لمين أعتيق" واختلفوا إذا أعتيق عبيد عين غيره؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقال مالك الولء للمعتييق عنييه ل الذي باشيير العتييق ،وقال أبييو
حنيفة والشافعي :إن أعتقه عن علم المعتق عنه ،فالولء للمعتق
عنيه ،وإن أعتقيه عين غيير علميه ،فالولء للمباشير للعتيق .وعمدة
الحنفيية والشافعيية ظاهير قوله علييه الصيلة والسيلم "الولء لمين
أعتق" وقوله عليه الصلة والسلم "الولء لحمة كلحمة النسب"
قالوا :فلما لم يجز أن يلحق نسب بالحر بغير إذنه ،فكذلك الولء،
ومين طرييق المعنيى فلن عتقيه حريية وقعيت فيي ملك المعتيق،
فوجييب أن يكون الولء له ،أصييله إذا أعتقييه ميين نفسييه .وعمدة
مالك أنيه إذا أعتقيه عنيه فقيد ملكيه إياه ،فأشبيه الوكييل؛ ولذلك
اتفقوا على أنيه إذا أذن له المعتيق عنيه كان ولءه له ل للمباشير.
وعند مالك أنه من قال لعبده :أنت حر لوجه الله وللمسلمين أن
الولء يكون للمسلمين ،وعندهم يكون للمعتق.
@(-المسيألة الثانيية) اختلف العلماء فيمين أسيلم على يدييه رجيل
هييييييل يكون ولءه له؟ فقال مالك والشافعييييييي والثوري وداود
وجماعية :ل ولء له؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه :له ولءه إذا واله،
وذلك أن مذهبهم أن للرجل أن يوالي رجل آخر فيرثه ويعقل عنه،
وأن له أن ينصييرف ميين ولءه إلى ولء غيره مييا لم يعقييل عنييه؛
وقال غيره :بنفيييس السيييلم على يدييييه يكون له ولءه .فعمدة
الطائفيية الولى قوله صييلى الله عليييه وسييلم "إنمييا الولء لميين
أعتييق" وإنمييا هذه هييي التييي يسييمونها الحاصييرة ،وكذلك اللف
واللم هيي عندهيم للحصير ،ومعنيى الحصير هيو أن يكون الحكيم
خاصيا بالمحكوم علييه ل يشاركيه فييه غيره :أعنيي أن ل يكون ولء
بحسيييب مفهوم هذا القول إل للمعتيييق فقيييط المباشييير .وعمدة
الحنفية في إثبات الولء بالموالة قوله تعالى {ولكل جعلنا موالي
ممييييا ترك الوالدان والقربون} وقوله تعالى {والذييييين عاقدت
أيمانكيم فآتوهيم نصييبهم} .وحجية مين قال :الولء يكون بنفيس
السيلم فقيط حدييث تمييم الداري قال "سيألت رسيول الله صيلى
الله علييه وسيلم عين المشرك يسيلم على ييد مسيلم؟ فقال هيو
أحييق الناس وأولهييم بحياتييه ومماتييه" وقضييى بييه عميير بيين عبييد
العزييييز .وعمدة الفرييييق الول أن قوله تعالى {والذيييين عاقدت
أيمانكييم} منسييوخة بآييية المواريييث ،وأن ذلك كان فييي صييدر
السيلم ،وأجمعوا على أنيه ل يجوز بييع الولء ول هبتيه لثبوت نهييه
عليه الصلة والسلم عن ذلك إل ولء السائبة.
@(-المسييألة الثالثيية) اختلف العلماء إذا قال السيييد لعبده أنييت
سييائبة ،فقال مالك :ولءه وعقله للمسييلمين وجعله بمنزلة ميين
أعتيق عين المسيلمين إل أن يرييد بيه معنيى العتيق فقيط ،فيكون
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ولءه له؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة :ولءه للمعتق على كل حال،
وبيه قال أحميد وداود وأبيو ثور؛ وقالت طائفية :له أن يجعيل ولءه
حييييث شاء ،وإن لم يوال أحدا كان ولءه للمسيييلمين ،وبيييه قال
الليييث والوزاعييي؛ وكان إبراهيييم والشعييبي يقولن :ل بأس بييبيع
ولء السييائبة وهبتييه ،وحجتييه هؤلء هييي الحجييج المتقدميية فييي
المسألة التي قبلها .وأما من أجاز بيعه فل أعرف له حجة في هذا
الوقت.
@(-المسيألة الرابعية) اختلف العلماء فيي ولء العبيد المسيلم إذا
أعتقيه النصيراني قبيل أن يباع لمين يكون؟ فقال مالك وأصيحابه:
ولؤه للمسيلمين ،فإن أسيلم موله بعيد ذلك لم يعيد إلييه ولؤه ول
ميراثيه؛ وقال الجمهور :ولؤه لسييده ،فإن أسيلم كان له ميراثيه.
وعمدة الجمهور أن الولء كالنسيييب ،وأنيييه إذا أسيييلم الب بعيييد
إسلم البن أنه يرثه ،فكذلك العبد .وأما عمدة مالك فعموم قوله
تعالى {ولن يجعييل الله للكافرييين على المؤمنييين سييبيل} فهييو
يقول :أنيه لميا لم يجيب له الولء يوم العتيق لم يجيب له فيميا بعيد.
وأميا إذا وجيب له يوم العتيق ثيم طرأ علييه مانيع مين وجوبيه فلم
يختلفوا أنيه إذا ارتفيع ذلك المانيع أنيه يعود الولء له .ولذلك اتفقوا
أنييه إذا أعتييق النصييراني الذمييي عبده النصييراني قبييل أن يسييلم
أحدهميا ثيم أسيلم العبيد أن الولء يرتفيع ،فإن أسيلم المولى عاد
إليه .وإن كانوا اختلفوا في الحربي يعتق عبده وهو على دينه ،ثم
يخرجان إلينييا مسييلمين ،فقال مالك :هييو موله يرثييه؛ وقال أبييو
حنيفية :ل ولء بينهميا ،وللعبيد أن يوالي مين شاء على مذهبيه فيي
الولء والتحالف؛ وخالف أشهيب مالكيا فقال :إذا أسيلم العبيد قبيل
المولى لم يعييد إلى المولى ولءه أبدا؛ وقال ابيين القاسييم :يعود،
وهيييو معنيييى قول مالك ،لن مالكيييا يعتيييبر وقيييت العتيييق ،وهذه
المسائل كلها هي مفروضة في القول ل تقع بعد ،فإنه ليس من
ديين النصيارى أن يسيترق بعضهيم بعضيا ،ول مين ديين اليهود فيميا
يعتقدونه في هذا الوقت ويزعمون أنه من مللهم.
@(-المسييألة الخامسيية) أجمييع جمهور العلماء على أن النسيياء
ليس لهن مدخل في رواثة الولء إل من باشرن عتقه بأنفسهن أو
ميا جير إليهين مين باشرن عتقيه ،إميا بولء أو بنسيب ،مثيل معتيق
معتقها أو ابن معتقها ،وأنهن ل يرثن معتق من يرثنه إل ما حكي
عين شرييح .وعمدتيه أنيه لميا كان لهيا ولء ميا أعتقيت بنفسيها كان
لهييا ولء مييا أعتقييه مورثهييا قياسييا على الرجييل ،وهذا هييو الذي
يعرفونيه بقياس المعنيى ،وهيو أرفيع مراتيب القياس ،وإنميا الذي
يوهنيه الشذوذ .وعمدة الجمهور أن الولء إنميا وجيب للنعمية التيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كانيت للمعت َيق على المعت ِيق ،وهذه النعمية إنميا توجيد فيمين باشير
العتييق ،أو كان ميين سييبب قوي ميين أسييبابه ،وهييم العصييبة .قال
القاضي :وإذ قد تقرر من له ولء ممن ليس له ولء ،فبقي النظر
فيي ترتييب أهيل الولء فيي الولء .فمين أشهير مسيائلهم فيي هذا
الباب المسألة التي يعرفونها بالولء للكبر ،مثال ذلك :رجل أعتق
عبدا ثييم مات ذلك الرجييل وترك أخوييين أو ابنييين ،ثييم مات أحييد
الخوييين وترك ابنييا ،أو أحييد البنييين ،فقال الجمهور :فييي هذه
المسألة أن حظ الخ الميت من الولء ل يرثه عنه ابنه ،وهو راجع
إلى أخييه لنيه أحيق بيه مين ابنيه بخلف الميراث ،لن الحجيب فيي
الميراث يعتييبر بالقرب ميين الميييت ،وهنييا بالقرب ميين المباشيير
العتييق ،وهييو مروي عيين عميير ابيين الخطاب وعلي وعثمان وابيين
مسعود وزيد بن ثابت من الصحابة .وقال شريح وطائفة من أهل
البصيرة :حيق الخ المييت فيي هذه المسيألة لبنييه .وعمدة هؤلء
تشيييبيه الولء بالميراث .وعمدة الفرييييق الول أن الولء نسيييب
مبدؤه ميين المباشيير .وميين مسييائلهم المشهورة فييي هذا الباب
المسيألة التيي تعرف بجير الولء ،وصيورتها أن يكون عبيد له بنون
ميين أمية ،فأعتقييت الميية ثييم أعتييق العبييد بعييد ذلك ،فإن العلماء
اختلفوا لميين يكون ولء البنييين إذا أعتييق الب ،وذلك أنهييم اتفقوا
على أن ولءهم بعد عتق الم إذا لم يمس المولود الرق في بطن
أميه ،وذلك يكون إذا تزوجهيا العبيد بعيد العتيق وقبيل عتيق الب هيو
لموالي الم .واختلفوا إذا أعتيق الب هيل يجير ولءه بنييه لموالييه
أم ل يجييير؟ فذهيييب الجمهور ومالك وأبيييو حنيفييية والشافعيييي
وأصييحابهم إلى أنييه يجيير ،وبييه قال علي رضييي الله عنييه وابيين
مسييعود والزبييير وعثمان ابيين عفان .وقال عطاء وعكرميية وابيين
شهاب وجماعية :ل يجير ولءه .وروي عين عمير ،وقضيى بيه عبيد
الملك بين مروان لميا حدثيه بيه قبيضية بين ذؤييب عين عمير بين
الخطاب ،وإن كان قيد روي عين عمير مثيل قول الجمهور .وعمدة
الجمهور أن الولء مشبييييه بالنسييييب ،والنسييييب للب دون الم.
وعمدة الفريق الثاني أن البنين لما كانوا في الحرية تابعين لمهم
كانوا فيي موجيب الحريية تابعيين لهيا ،وهيو الولء ،وذهيب مالك إلى
أن الجيد يجير ولء حفدتيه إذا كان أبوهيم عبدا ،إل أن يعتيق الب،
وبيه قال الشافعيي وخالفيه فيي ذلك الكوفيون واعتمدوا فيي ذلك
على أن ولء الجيد إنميا يثبيت لمعتيق الجيد على البنيين مين جهية
الب ،وإذا لم يكييين للب ولء فأحرى أن ل يكون للجيييد .وعمدة
الفريق الثاني أن عبودية الب هي كموته فوجب أن ينتقل الولء
إلى أبييي الب ،ول خلف بييين ميين يقول بأن الولء للعصييبة فيمييا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أعلم أن البناء أحق من الباء ،وأنه ل ينتقل إلى العمود العلى إل
إذا فقيد العمود السيفل بخلف الميراث ،لن البنوة عندهيم أقوى
تعصيبا من البوة ،والب أضعف تعصيبا ،والخوة وبنوهم أقعد عند
مالك مين الجيد ،وعنيد الشافعيي وأبيي حنيفية الجيد أقعيد منهيم.
وسبب الخلف من أقرب نسبا وأقوى تعصيبا وليس يورث بالولء
جزء مفروض وإنميا يورث تعصييبا ،فإذا مات المولى السيفل ولم
يكييين له ورثييية أصيييل ،أو كان له ورثييية ل يحيطون بالميراث كان
عاصييبه المولى العلى ،وكذلك يعصييب المولى العلى كييل ميين
للمولى العلى عليييه ولدة نسييب :أعنييي بناتيه وبنيييه وبنييي بنيييه.
وفيي هذا الباب مسيألة مشهورة وهيي :إذا ماتيت امرأة ولهيا ولء
وولد وعصييبة لميين ينتقييل الولء؟ فقالت طائفيية :لعصييبتها لنهييم
الذييين يعقلون عنهييا ،والولء للعصييبة ،وهييو قول علي ابيين أبييي
طالب؛ وقال قوم :لبنهييا ،وهييو قول عميير بيين الخطاب ،وعليييه
فقهاء المصييار ،وهييو مخالف لهييل هذا السييلف ،لن ابيين المرأة
ليس من عصبتها.
تم كتاب الفرائض والولء والحمد لله حق حمده.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب العتق.
@-والنظير فيي هذا الكتاب فيمين يصيح عتقيه ومين ل يصيح ،ومين
يلزمييه وميين ل يلزمييه :أعنييي بالشرع ،وفييي ألفاظ العتييق ،وفييي
اليمان به ،وفي أحكامه وفي الشروط الواقعة ف يه .ونحن فإنما
نذكر من هذه البواب ما فيها من المسائل المشهورة التي يتعلق
أكثرهيا بالمسيموع .فأميا مين يصيح عتقيه ،فإنهيم أجمعوا على أنيه
يصييح عتييق المالك التام الملك الصييحيح الرشيييد القوي الجسييم
الغني غير العديم .واختلفوا في عتق من أحاط الدين بماله وفي
عتيق المرييض وحكميه .فأميا مين أحاط الديين بماله ،فإن العلماء
اختلفوا فيي جواز عتقيه ،فقال أكثير أهيل المدينية :مالك وغيره :ل
يجوز ذلك ،وبيه قال الوزاعيي واللييث؛ وقال فقهاء العراق :وذلك
جائز حتى يحجر عليه الحاكم ،وذلك عند من يرى التحجير منهم،
وقد يتخرج عن مالك في ذلك الجواز قياسا على ما روي عنه في
الرهن أ نه يجوز ،وإن أحاط الدين بمال الراهن ما لم يحجر عليه
الحاكيم .وعمدة مين منيع عتقيه أن ماله فيي تلك الحال مسيتحق
للغرماء ،فليييس له أن يخرج منييه شيئا بغييير عوض ،وهييي العلة
التي بها يحجر الحاكم عليه التصرف والحكام يجب أن توجد مع
وجود عللها ،وتحجير الحاكم ليس بعلة وإنما هو حكم واجب من
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
روي فيهييا خلف شاذ ،فقيييل عيين ابيين سيييرين إنييه جعييل حصيية
الشريك في بيت المال؛ وقيل عن ربيعة فيمن أعتق نصيبا له في
عبييد أن العتييق باطييل؛ وقال قوم :ل يقوم على المعسيير الكييل،
وينفيذ العتيق فيميا أعتيق؛ وقال قوم بوجوب التقوييم على المعتيق
موسييرا أو معسييرا ويتبعييه شريكييه ،وسييقط العسيير فييي بعييض
الروايات فيي حدييث ابين عمير ،وهذا كله خلف الحادييث ،ولعلهيم
لم تبلغهم الحاديث .واختلف قول مالك من هذا في فرع وهو إذا
كان معسرا فأخر الحكم عليه بإسقاط التقويم حتى أيسر ،فقيل
يقوم ،وقيل ل يقوم .وات فق القائلون بهذه الثار على أن من ملك
باختياره شقصا يعتق عليه من عبد :أنه يعتق عليه الباقي إن كان
موسرا إل إذا ملكه بوجيه ل اختيار له فيه ،وهيو أن يملكيه بميراث
-فقال قوم :يعتيق علييه فيي حال اليسير -وقال قوم :ل يعتيق
عليييه؛ وقال قوم :فييي حال اليسيير بالسييعاية؛ وقال قوم :ل .وإذا
ملك السيييد جميييع العبييد فأعتييق بعضييه؛ فجمهور علماء الحجاز
والعراق مالك والشافعييي والثوري والوزاعييي وأحمييد وابيين أبييي
ليلى ومحميد بين الحسين وأبيو يوسيف يقولون :يعتيق علييه كله،
وقال أبيو حنيفية وأهيل الظاهير :يعتيق منيه ذلك القدر الذي عتيق
ويسييعى العبييد فييي الباقييي ،وهييو قول طاوس وحماد .وعمدة
استدلل الجمهور أنه لما ثبتت السنة في إعتاق نصيب الغير على
الغير لحرمة العتق كان أحرى أن يجب ذلك عليه في ملكه.
وعمدة أبي حنيفة أن سبب وجوب العتق على المبعض للعتق هو
الضرر الداخييل على شريكييه ،فإذا كان ذلك كله ملكييا له لم يكيين
هنالك ضرر .فسييبب الخلف ميين طريييق المعنييى هييل علة هذا
الحكييم حرميية العتييق ،أعنييي أنييه ل يقييع فيييه تبعيييض ،أو مضرة
الشريك؟ .واحتجيت الحنفية بما رواه إسماعيل بن أمية عين أبيه
عين جده أنيه أعتيق نصيف عبده ،فلم ينكير رسيول الله صيلى الله
عليه وسلم عتقه .ومن عمدة الجمهور ما رواه النسائي وأبو داود
عين أبي الملييح عين أبيه "أن رجل من هذيل أعتيق شقصا له من
مملوك فتميم النيبي علييه الصيلة والسيلم عتقيه وقال :لييس لله
شر يك" وعلى هذا فقيد نص على العلة التي تمسك ب ها الجمهور،
وصيييارت علتهيييم أولى ،لن العلة المنصيييوص عليهيييا أولى مييين
المستنبطة .فسبب اختلفهم تعارض الثار في هذا الباب وتعارض
القياس .وأمييييييا العتاق الذي يكون بالمثلة ،فإن العلماء اختلفوا
فييه ،فقال مالك واللييث والوزاعيي :مين مثيل بعبده أعتيق علييه؛
وقال أبيو حنيفية والشافعيي :ل يعتيق علييه؛ وشيذ الوزاعيي فقال:
من مثل بعبد غيره أعتق عليه والجمهور على أنه يضمن ما نقص
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مين قيمية العبيد ،فمالك ومين قال بقوله اعتميد حدييث عمرو بين
شعييب عين أبييه عين جده "أن زنباعيا وجيد غلميا له ميع جاريية،
فقطيع ذكره وجدع أن فه ،فأتيى النيبي صلى الله علييه وسيلم فذكير
ذلك له ،فقال له النيبي صيلى الله علييه وسيلم :ميا حملك على ميا
فعلت؟ فقال :فعيل كذا وكذا ،فقال النيبي صيلى الله علييه وسيلم:
اذهييب فأنييت حيير .وعمدة الفريييق الثانييي قوله صييلى الله عليييه
وسيلم فيي حدييث ابين عمير "مين لطيم مملوكيه أو ضربيه فكفارتيه
عتقيه" قالوا :فلم يلزم العتيق فيي ذلك وإنميا ندب إلييه .ولهيم مين
طرييق المعنيى أن الصيل فيي الشرع هيو أنيه ل يكره السييد على
عتييق عبده إل مييا خصييصه الدليييل .وأحاديييث عمرو بيين شعيييب
مختلف فيي صيحتها ،فلم تبلغ مين القوة أن يخصيص بهيا مثيل هذه
القاعدة.
وأمييا هيل يعتييق على النسيان أحييد مين قرابتيه ،وإن عتييق فمين
يعتييق؟ فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فجمهور العلماء على أنييه يعتييق
على الرجييل بالقرابيية إل داود وأصييحابه ،فإنهييم لم يروا أن يعتييق
أحيد على أحيد مين قبيل قربيى ،والذيين قالوا بالعتيق اختلفوا فيمين
يعتيق ممين ل يعتيق بعيد اتفافهيم على أنيه يعتيق على الرجيل أبوه
وولده؛ فقال مالك :يعتيق على الرجيل ثلثية :أحدهيا أصيوله :وهيم
الباء والجداد والجدات والمهات وآباؤهم وأمهاتهم ،وبالجملة كل
ميين كان له على النسييان ولدة .والثانييي فروعييه ،وهييم :البناء
والبنات وولدهييم مييا سييفلوا ،وسييواء فييي ذلك ولد البنييين وولد
البنات ،وبالجملة كييل ميين للرجييل عليييه ولدة بغييير توسييط أو
بتوسييط ،ذكيير أو أنثييى .والثالث الفروع المشاركيية له فييي أصييله
القرييب وهيم الخوة ،وسيواء كانوا لب وأم ،أو لب فقيط ،أو لم
فقييط؛ واقتصيير ميين هذا العمود على القريييب فقييط ،فلم يوجييب
عتييق بنييي الخوة .وأمييا الشافعييي فقال مثييل قول مالك فييي
العمودين العلى والسفل ،وخالفه في الخوة فلم يوجب عتقهم.
وأميا أبيو حنيفية فأوجيب عتيق كيل ذي رحيم محرم بالنسيب كالعيم
والعمية والخال والخالة وبنات الخ ،ومين أشبههيم ممين هيو مين
النسييان ذو محرم .وسييبب اختلف أهييل الظاهيير مييع الجمهور
اختلفهييم فييي مفهوم الحديييث الثابييت ،وهييو قوله عليييه الصييلة
والسييلم "ل يجزي ولد عيين والده إل أن يجده مملوكييا فيشتريييه
فيعتقيييه" خرجيييه مسيييلم والترمذي وأبيييو داود وغيرهيييم ،فقال
الجمهور :يفهيم مين هذا أنيه إذا اشتراه وجييب علييه عتقيه ،وأنيه
لييس يجيب علييه شراؤه .وقالت الظاهريية :المفهوم مين الحدييث
أنه ليس يجب عليه شراؤه ول عتقه إذا اشتراه ،قالوا :لن إضافة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عتقه إليه دليل على صحة ملكه له ،ولو كان ما قالوا صوابا ،لكان
اللفيظ إل أن يشترييه فيعتيق علييه .وعمدة الحنفيية ميا رواه قتادة
عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من
ملك ذا رحييم محرم فهييو حيير" وكأن هذا الحديييث لم يصييح عنييد
مالك والشافعيييييييي؛ وقاس مالك الخوة على البناء والباء ،ولم
يلحقهييم بهييم الشافعييي واعتمييد الحديييث المتقدم فقييط ،وقاس
البناء على الباء.
وقيد راميت المالكيية أن تحتيج لمذهبهيا بأن البنوة صيفة هيي ضيد
العبودية ،وأنه ليس تجتمع معها لقوله تعالى {وما ينبغي للرحمن
أن يتخيذ ولدا .إن كيل مين فيي السيموات والرض إل آتيي الرحمين
عبدا} وهذه العبوديية هيي معنيى غيير العبوديية التيي يحتجون بهيا،
فإن هذه العبودييية معقولة وبنوة معقولة .والعبودييية التييي بييين
المخلوقين والموليية هي عبودية بالشرع ل بالطبع أعني بالوضع
ل مجال للعقييل كمييا يقولون فيهييا عندهييم ،وهييو احتجاج ضعيييف.
وإنما أراد الله تعالى أن البنوة تساوي البوة في جنس الوجود أو
في نوعه ،أعني أن الموجودين اللذين أحدهما أب والخر ابن هما
متقاربان جدا ،حتيى أنهميا إميا أن يكونيا مين نوع واحيد أو جنيس
واحيد ،وميا دون الله مين الموجودات فلييس يجتميع معيه سيبحانه
فيي جنيس قرييب ول بعييد ،بيل التفاوت بينهميا غايية التفاوت ،فلم
يصيح أن يكون فيي الموجودات التيي ههنيا شييء نسيبته إلييه نسيبة
الب إلى البن ،بل إن كان نسبة الموجودات إليه نسبة العبد إلى
السييد كان أقرب إلى حقيقية المير مين نسيبة البين إلى الب لن
التباعد الذي بين السيد والعبد في المرتبة أشد من التباعد الذي
بيين الب والبين ،وعلى الحقيقية فل شبيه بيين النسيبتين؛ لكين لميا
لم يكين فيي الموجودات نسيبة أشيد تباعدا من هذه النسيبة ،أعنيي
تباعييد طرفيهمييا فييي الشرف والخسيية ضرب المثال بهييا ،أعنييي
نسييبة العبييد للسيييد ،وميين لحييظ المحبيية التييي بييين الب والبيين
والرحمة والرأفة الشفقة أجاز أن يقول في الناس إنهم أبناء الله
على ظاهير شريعية عيسيى .فهذه جملة المسيائل المشهورة التيي
تتعلق بالعتق الذي يدخل على النسان بغير اختياره.
(يتبع)...
@(تابيع- :)1 ...والنظير فيي هذا الكتاب فيمين يصيح عتقيه ومين ل
يصح ،ومن يلزمه ومن ل... ...
وقيييد اختلفوا مييين أحكام العتيييق فيييي مسيييألة مشهورة تتعلق
بالسييماع ،وذلك أن الفقهاء اختلفوا فيميين أعتييق عييبيدا له فييي
مرضييه أو بعييد موتييه ول مال له غيرهييم ،فقال مالك والشافعييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
باعيه لم يملك عتقيه ،وقال :إن باعيه يعتيق علييه ،أعنيي مين مال
البائع إذا باعيه ،وبيه قال مالك والشافعيي ،وبالول قال أبيو حنيفية
وأصحابه والثوري .وفروع هذا الباب كثيرة ،وفي هذا كفاية.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الكتابة
@-والنظيير الكلي فييي الكتابيية ينحصيير فييي أركانهييا وشروطهييا
وأحكامهيا .أميا الركان فثلثية :العقيد وشروطيه وصيفته ،والعاقيد،
والمقعود علييه وصيفاتهما ونحين نذكير المسيائل المشهورة لهيل
المصار في جنس جنس من هذه الجناس.
القول في مسائل العقد.
@-فمن مسائل هذا الجنس المشهورة اختلفهم في عقد الكتابة:
هيل هيو واجيب أو مندوب إلييه؟ فقال فقهاء المصيار :إنيه مندوب؛
وقال أهيييل الظاهييير :هيييو واجيييب ،واحتجوا بظاهييير قوله تعالى
{فكاتبوهييم إن علمتييم فيهييم خيرا} والميير على الوجوب .وأمييا
الجمهور فإنهيم لميا رأوا أن الصيل هيو أن ل يجيبر أحيد على عتيق
مملوكيييه حملوا هذه اليييية على الندب لئل تكون معارضييية لهذا
الصيل ،وأيضيا فإنيه لميا لم يكين للعبيد أن يحكيم له على سييده
بالبييع له وهيو خروج رقبتيه عين ملكيه بعوض ،فأحرى أن ل يحكيم
له عليه بخروجه عن غير عوض هو مال كه ،وذلك أن كسب العبد
هيو للسييد ،وهذه المسيألة هيي أقرب أن تكون مين أحكام العقيد
من أن تكون من أركانه ،وهذا العقد بالجملة هو أن يشتري العبد
نفسييه وماله ميين سيييده بمال يكتسييبه العبييد .فأركان هذا العقييد
الثميين والمثمون والجييل واللفاظ الدالة على هذا العقييد .فأمييا
الثميين ،فإنهييم اتفقوا على أنييه يجوز إذا كان معلومييا بالعلم الذي
يشترط في البيوع .واختلفوا إذا كان في لفظه إبهام ما ،فقال أبو
حنيفية ومالك :يجوز أن يكاتيب عبده على جاريية أو عبيد مين غيير
أن يصفهما ويكون له الوسط من العبيد؛ وقال الشافعي :ل يجوز
حتى يصفه؛ فمن اعتبر في هذا طلب المعاينة شبهه بالبيوع؛ ومن
رأى أن هذا العقييد مقصييوده المكارميية وعدم التشاح جوز فيييه
الغرر اليسير كحال اختلفهيم فيي الصيداق؛ ومالك يجييز بين العبد
وسيده من جنس الربا ما ل يجوز بين الجنبي والجنبي من مثل
بييع الطعام قبيل قبضيه ،وفسيخ الديين فيي الديين ،وضيع وتعجيل؛
ومنييع ذلك الشافعييي وأحمييد وعيين أبييي حنيفيية القولن جميعييا.
وعمدة مين أجازه أنيه لييس بيين السييد وعبده ربيا ،لنيه وماله له،
وإنميا الكتابية سينة على حدتهيا .وأميا الجيل فإنهيم اتفقوا على أنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يجوز أن تكون مؤجلة ،واختلفوا فييي هييل تجوز حالة ،وذلك أيضييا
بعييد اتفاقهييم على أنهييا تجوز حالة على مال موجود عنييد العبييد،
وهييي التييي يسييمونها قطاعييه ل كتابيية .وأمييا الكتابيية فهييي التييي
يشتري العبيد فيهيا ماله ونفسيه مين سييده بمال يكتسيبه .فموضيع
الخلف إنميا هيو هيل يجوز أن يشتري نفسيه مين سييده بمال حال
ليس هو بيده؟ فقال الشافعي :هذا الكلم لغو ،وليس يلزم السيد
شيء منه؛ وقال متأخروا أصحاب مالك :قد لزمت الكتابة للسيد
ويرفعيه العبيد إلى الحاكيم فينجيم علييه المال بحسيب حال العبيد.
وعمدة المالكية أن السيد قد أوجب لعبده الكتابة ،إل أنه اشترط
فيهييا شرطييا يتعذر غالبييا ،فصييح العقييد وبطييل الشرط .وعمدة
الشافعيية أن الشرط الفاسيد يعود ببطلن أصيل العقيد كمين باع
جاريتيه واشترط أن ل يطأهيا ،وذلك أنيه إذا لم يكين له مال حاضير
أدى إلى عجزه ،وذلك ضد مقصود الكتابة .وحاصل قول المالكية
يرجع إلى أن الكتابة من أركانها أن تكون منجمة ،وأنه إذا اشترط
فيهيا ضيد هذا الركين بطيل الشرط وصيح العقيد .واتفقوا على أنيه
إذا قال السيد لعبده :لقد كاتبتك على ألف درهم فإذا أديتها فأنت
حر أنه إذا أداها حر.
واختلفوا إذا قال له :قد كاتبتك على ألف درهم وسكت هل يكون
حرا دون أن يقول له :فإذا أديتهييا فأنييت حيير؟ فقال مالك وأبييو
حنيفة :هو حر ،لن اسم الكتابة لفظ شرعي ،فهو يتضمن جميع
أحكامه؛ وقال قوم :ل يكون حرا حتى يصرح بلفظ الداء .واختلف
في ذلك قول الشافعي .ومن هذا الباب اختلف قول ابن القاسم
ومالك فيمييين قال لعبده :أنيييت حييير وعلييييك ألف دينار ،فاختلف
المذهب في ذلك؛ فقال مالك :يلزمه وهو حر؛ وقال ابن القاسم:
هو حر ول يلزمه .وأما إن قال :أنت حر على أن عليك ألف دينار،
فاختلف المذهب في ذلك فقال مالك :هو حر والمال عليه كغريم
مين الغرماء؛ وقييل العبيد بالخيار ،فإن اختار الحريية لزمييه المال
ونفذت الحريية وإل بقيي عبدا؛ وقييل إن قبيل كانيت كتابية يعتيق إذا
أدى ،والقولن لبين القاسيم؛ وتجوز الكتابية عنيد مالك على عميل
محدود ،وتجوز عنده الكتابيية المطلقيية ،ويرد إلى أن كتابيية مثله
كالحال فييي النكاح ،وتجوز الكتابيية عنده على قيميية العبييد ،أعنييي
كتابيية مثله فييي الزمان والثميين ،وميين هنييا قيييل إنييه تجوز عنده
الكتابية الحالة .واختلف هيل مين شرط هذا العقيد أن يضيع السييد
مين آخير أنجيم الكتابية شيئا عين المكاتيب لختلفهيم فيي مفهوم
قوله تعالى {وآتوهيم مين مال الله الذي آتاكيم} وذلك أن بعضهيم
رأى أن السييادة هييم المخاطبون بهذه الييية؛ ورأى بعضهييم أنهييم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
لنيه يخرج حرا مين ل يقدر مين نفسيه أن يسيعى حتيى يخرج حرا
فهو كما يعود برق من يقدر على السعي ،كذلك يعود بحرية من ل
يقدر على السعي.
وأميا أبيو حنيفية فشبههيا بحمالة الجنيبي ميع الجنيبي فيي الحقوق
التيي تجوز فيهيا الحمالة فألزمهيا بالشرط ولم يلزمهيا بغيير شرط،
وهو مع هذا أيضا ل يجير حمالة الكتابة .وأما العبد بين الشريكين
فإن العلماء اختلفوا هيييل لحدهميييا أن يكاتيييب نصييييبه دون إذن
صاحبه ،فقال بعضهم :ليس له ذلك والكتابة مفسوخة ،وما قبض
منهييا هييي بينهييم على قدر حصييصهم؛ وقالت طائفيية :ل يجوز أن
يكاتب الرجل نصيبه من عبده دون نصيب شريكه؛ وفرقت فرقة
فقالت :يجوز بإذن شريكييه ول يجوز بغييير إذن شريكييه ،وبالقول
الول قال مالك ،وبالثاني قال ابن أبي ليلى وأحمد ،وبالثالث قال
أبيو حنيفيية والشافعييي فييي أحييد قولييه ،وله قول آخيير مثييل قول
مالك .وعمدة مالك أنيه لو جاز ذلك لدى إلى أن يعتيق العبيد كله
بالتقوييم على الذي كاتيب حظيه منيه ،وذلك ل يجوز إل فيي تبعييض
العتيق؛ ومين رأى أن له أن يكاتبيه رأى أن علييه أن يتيم عتقيه إذا
أدى الكتابية إذا كان موسيرا ،فاحتجاج مالك هنيا هيو احتجاج بأصيل
ل يوافقيه علييه الخصيم ،لكين لييس يمنيع مين صيحة الصيل أن ل
يوافقيه علييه الخصيم .وأميا اشتراط الذن فضعييف ،وأبيو حنيفية
يرى فييي كيفييية أداء المال للمكاتييب إذا كانييت الكتابيية عيين إذن
شريكيه أن كيل ميا أدى للشرييك الذي كاتبيه يأخيذ منيه الشرييك
الثاني نصيبه ،ويرجع بالباقي على العبد فيسعى له فيه حتى يتم
له ميا كان كاتبيه علييه ،وهذا فييه بعيد عين الصيول .وأميا هيل تجوز
مكاتبيية ميين ل يقدر على السييعي فل خلف فيمييا أعلم بينهييم أن
شرط المكاتيييب أن يكون قوييييا على السيييعي لقوله تعالى {إن
علمتيم فيهيم خيرا} وقيد اختلف العلماء ميا الخيير الذي اشترطيه
الله فيييي المكاتيييبين فيييي قوله {إن علمتيييم فيهيييم خيرا} فقال
الشافعي :الكتساب والمانة؛ وقال بعضهم :المال والمانة؛ وقال
آخرون :الصييلح والدييين .وأنكيير بعييض العلماء أن يكاتييب ميين ل
حرفية له مخافية السيؤال ،وأجاز ذلك بعضهيم لحدييث بريرة "أنهيا
كوتبيت أن تسيأل الناس" وكره أن تكاتيب المية التيي ل اكتسياب
لهييا بصييناعة مخافيية أن يكون ذلك ذريعيية إلى الزنييا؛ وأجاز مالك
كتابية المدبرة وكيل مين فييه بقيية رق إل أم الولد إذ لييس له عنيد
مالك أن يستخدمها.
**3القول في المكاتب.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عباس أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم قال "يؤدي المكاتيب بقدر
مييا أدى دييية حيير وبقدر مييا رق منييه دييية عبييد" خرجييه النسييائي،
والخلف فيه من قبل عكرمة ،كما أن الخلف في أحاديث عمرو
بين شعييب مين قبيل أنيه روى مين صيحيفة ،وبهذا القول قال علي،
أعني بحديث ابن عباس .وروي عن عمر بن الخطاب أنه إذا أدى
الشطيير عتييق .وكان ابيين مسييعود يقول :إذا أدى الثلث .وأقوال
الصحابة وإن لم تكن حجة ،فالظاهر أن التقدير إذا صدر منهم أنه
محمول على أن فيييي ذلك سييينة بلغتهيييم .وفيييي المسيييألة قول
خامس :إذا أدى الثلثة الرباع عتق ،وبقي عديما في باقي المال.
وقيد قييل إن أدى القيمية فهيو غرييم ،وهيو قول عائشية وابين عمير
وزيييد بيين ثابييت .والشهيير عيين عميير وأم سييلمة هييو مثييل قول
الجمهور ،وقول هؤلء هيو الذي اعتمده فقهاء المصيار ،وذلك أنيه
صيحت الروايية فيي ذلك عنهيم صيحة ل شيك فيهيا ،روى ذلك مالك
فيييي موطئه .وأيضيييا فهيييو أحوط لموال السيييادات ،ولن فيييي
المبيعات يرجع في عين المبيع له إذا أفلس المشتري.
@-الجنس الثاني.
وأميا متيى يرق ،فإنهيم اتفقوا على أنيه إنميا يرق إذا عجيز إميا عين
البعيض وإميا عين الكيل بحسيب ميا قدمنيا اختلفهيم .واختلفوا هيل
للعبيد أن يعجيز نفسيه إذا شاء مين غيير سيبب ،أم لييس له ذلك إل
بسبب؟ فقال الشافعي :الكتابة عقد لزم في حق العبد وهي في
حيق السييد غيير لزمية؛ وقال مالك وأبيو حنيفية :الكتابية عقيد لزم
مين الطرفيين :أي بيين العبيد والسييد .وتحصييل مذهيب مالك فيي
ذلك أن العبد والسيد ل يخلو أن يتفقا على التعجييز أو يختل فا ،ثم
إذا اختلفيا فإميا أن يرييد السييد التعجييز ويأباه العبيد ،أو بالعكيس،
أعنيي أن يرييد بيه السييد البقاء على الكتابية ،ويرييد العبيد التعجييز.
فأما إذا اتفقا على التعجيز فل يخلو المر من قسمين :أحدهما أن
يكون دخييل فييي الكتابيية ولد أو ل يكون ،فإن كان دخييل ولد فييي
الكتابيية فل خلف عنده أنييه ل يجوز التعجيييز .وإن لم يكيين له ولد
ففيي ذلك روايتان :إحداهميا أنيه ل يجوز إذا كان له مال ،وبيه قال
أبو حنيفة؛ والخرى أنه يجوز له ذلك .فأما إن طلب العبد التعجيز
وأبيى السييد لم يكين ذلك للعبيد إن كان معيه مال أو كانيت له قوة
على السييعي .وأمييا إن أراد السيييد التعجيييز وأباه العبييد ،فإنييه ل
يعجزه عنده إل بحكم حاكم ،وذلك بعد أن يثبت السيد عند الحاكم
أنه ل مال له ول قدرة على الداء.
ونرجيع إلى عمدة أدلتهيم فيي أصيل الخلف فيي المسيألة ،فعمدة
الشافعييي مييا روي أن بريرة جاءت إلى عائشيية تقول لهييا" :إنييي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أريد أن تشتريني تعتقيني فقالت لها :إن أراد أهلك ،فجاءت أهلها
فباعوهيا وهيي مكاتبية" خرجيه البخاري .وعمدة المالكيية تشيبيههم
الكتابة بالعقود اللزمة ،ولن حكم العبد في هذا المعنى يجب أن
يكون كحكييم السيييد وذلك أن العقود ميين شأنهييا أن يكون اللزوم
فيهييا أو الخيار مسييتويا فييي الطرفييين ،وأمييا أن يكون لزمييا ميين
طرف وغيير لزم مين الطرف الثانيي فخارج عين الصيول ،وعللوا
حدييث بريرة بأن الذي باع أهلهيا كانيت كتابتهيا ل رقبتهيا .والحنفيية
تقول :لمييا كان المغلب فييي الكتابيية حييق العبييد ،وجييب أن يكون
العقد لزما في حق الخر المغلب عليه وهو السيد أصله النكاح،
لنيه غيير لزم فيي حيق الزوج لمكان الطلق الذي بيده وهيو لزم
فيي حيق الزوجية ،والمالكيية تعترض هذا بأن تقول إنيه عقيد لزم
فيما وقع به العوض ،إذ كان ليس له أن يسترجع الصداق.
@-الجنس الثالث.
وأمييا حكمييه إذا مات قبييل أن يؤدي الكتابيية ،فاتفقوا على أنييه إذا
مات دون ولد قبييل أن يؤدي مين الكتابيية شيئا أنييه يرق .واختلفوا
إذا مات عيين ولد فقال مالك :حكييم ولده كحكمييه ،فإن ترك مال
فييه وفاء للكتابية أدوه وعتقوا ،وإن لم يترك مال وكانيت لهيم قوة
على السعي بقوا على نجوم أبيهم حتى يعجزوا أو يعتقوا ،وإن لم
يكن عندهم ل مال ول قدرة على السعي رقوا ،وأنه إن فضل عن
الكتابة شيء من ماله ورثوه على حكم ميراث الحرار ،وأنه ليس
يرثيه إل ولده الذيين هيم فيي الكتابية معيه دون سيواهم مين وارثييه
إن كان له وارث غييير الولد الذي معييه فييي الكتابيية .وقال أبييو
حنيفية :إنيه يرثيه بعيد أداء كتابتيه مين المال الذي ترك جمييع أولده
الذييين كاتييب عليهييم أو ولدوا فييي الكتابيية وأولده الحرار وسييائر
ورثته .وقال الشافعي :ل يرثه بنوه الحرار ول الذين كاتب عليهم
أو ولدوا فييي الكتابيية ،وماله لسيييده وعلى أولده الذييين كاتييب
عليهيم أن يسيعوا مين الكتابية فيي مقدار حظوظهيم منهيا ،وتسيقط
حصيية الب عنهييم ،وبسييقوط حصيية الب عنهييم قال أبييو حنيفيية
وسييائر الكوفيييين .والذييين قالوا بسييقوطها قال بعضهييم :تعتييبر
القيميية ،وهييو قول الشافعييي؛ وقيييل بالثميين؛ وقيييل حصييته على
مقدار الرءوس .وإنميا قال هؤلء بسيقوط حصية الب عين البناء
الذين كاتب عليهم ل الذين ولدوا في الكتابة ،لن من ولد له أولد
فييي الكتابيية فهييم تبييع لبيهييم .وعمدة مالك أن المكاتييبين كتابيية
واحدة بعضهم حملء عن بعض ،ولذلك من عتق منهم أو مات لم
تسيقط حصييته عين الباقيي .وعمدة الفريييق الثانيي أن الكتابية ل
تضمين .وروى مالك عين عبيد الملك بين مروان فيي موطئه مثيل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك :يدخييل ماله فييي الكتابيية؛ وقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :ل
يدخيييل؛ وقال الوزاعيييي :يدخيييل بالشرط ،أعنيييي إذا اشترطيييه
المكاتيب ،وهذه المسيألة مبنيية على :هيل يملك العبيد أم ل يملك،
وعلى هل يتبعه ماله في العتق أم ل؟ وقد تقدم ذلك.
@-الجنس الخامس.
وهيو النظير فيميا يحجير فييه على المكاتيب مميا ل يحجير ،وميا بقيي
من أحكام العبد فيه.
فنقول :إنييه قييد أجمييع العلماء ميين هذا الباب على أنييه ليييس
للمكاتيب أن يهيب مين ماله شيئا له قدر ول يعتيق ول يتصيدق بغيير
إذن سيده ،فإنه محجور عليه في هذه المور وأشباهها ،أعني أنه
لييس له أن يخرج مين يده شيئا مين غيير عوض .واختلفوا مين هذا
الباب في فروع منها أنه إذا لم يعلم السيد بهبته أو بعتقه إل بعد
أداء كتابتيه ،فقال مالك وجماعية مين العلماء إن ذلك نافيذ ومنعيه
بعضهيم .وعمدة مين منعيه أن ذلك وقيع فيي حالة ل يجوز وقوعيه
فيهيا فكان فاسيدا .وعمدة مين أجازه أن السيبب المانيع مين ذلك
قيد ارتفيع وهيو مخافية أن يعجيز العبيد .وسيبب اختلفهيم هيل إذن
السيد من شرط لزوم العقد أو من شرط صحته؟ ف من قال من
شرط الصحة لم يجزه وإن عتق؛ ومن قال من شرط لزومه قال
يجوز إذا عتيق لنيه وقيع عقدا صيحيحا ،فلميا ارتفيع الذن المرتقيب
فييه صيح العقيد كميا لو أذن هذا كله عنيد مين أجاز عتقيه إذا أذن
السييد ،فإن الناس اختلفوا أيضيا فيي ذلك بعيد اتفاقهيم على أنيه ل
يجوز عتقييه إذا لم يأذن السيييد ،فقال قوم :ذلك جائز؛ وقال قوم:
ل يجوز ،وبيه قال أبيو حنيفية ،وبالجواز قال مالك؛ وعين الشافعيي
فيييي ذلك القولن جميعييا .والذييين أجازوا ذلك اختلفوا فييي ولء
المعتيق لمين يكون ،فقال مالك :إن مات المكاتيب قبيل أن يعتيق
كان ولء عبده لسييده ،وإن مات وقيد عتيق المكاتيب كان له ولؤه
له؛ وقال قوم مين هؤلء :بيل ولؤه على كيل حال لسييده .وعمدة
مين لم يجيز عتيق المكاتيب أن الولء يكون للمعتيق ،لقوله علييه
الصيلة والسيلم "إنميا الولء لمين أعتيق" ول ولء للمكاتيب فيي
حيين كتابتيه فلم يصيح عتقيه .وعمدة مين رأى أن الولء للسييد أن
عبد عبده بمنزلة عبده؛ ومن فرق بين ذلك فهو استحسان .ومن
هذا الباب اختلفهم في هل للمكاتب أن ينكح أو يسافر بغير إذن
سييده؟ فقال جمهورهيم :لييس له أن ينكيح إل بإذن سييده؛ وأباح
بعضهم النكاح له .وأما السفر فأباحه له جمهورهم ومنعه بعضهم،
وبه قال مالك وأباحه سحنون من أصحاب مالك ،ولم يجز للسيد
أن يشترطييه على المكاتييب ،وأجازه ابيين القاسييم فييي السييفر
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القريب .والعلة في منع النكاح أنه يخاف أن يكون ذلك ذريعة إلى
عجزه .والعلة فييي جواز السييفر أن بييه يقوى على التكسييب فييي
أداء كتابتييه .وبالجملة فللعلماء فييي هذه المسييألة ثلثيية أقوال:
أحدها أن للمكاتب أن يسافر بإذن سيده وبغير إذنه ،ول يجوز أن
يشترط عليه أن ل يسافر ،وبه قال أبو حنيفة والشافعي .والقول
الثانييي إنييه ليييس له أن يسييافر إل بإذن سيييده ،وبييه قال مالك.
والثالث أن بمطلق عقيد الكتابية له أن يسيافر إل أن يشترط علييه
سييده أن ل يسيافر ،وبيه قال أحميد والثوري وغيرهميا .ومين هذا
الباب اختلفهيم فيي هيل للمكاتيب أن يكاتيب عبدا له؟ فأجاز ذلك
مالك ميييا لم يرد بيييه المحاباة ،وبيييه قال أبيييو حنيفييية والثوري.
وللشافعيي قولن :أحدهميا إثبات الكتابية ،والخير إبطالهيا .وعمدة
الجماعة أنها عقد معاوضة المقصود منه طلب الربح فأشبه سائر
العقود المباحيية ميين البيييع والشراء .وعمدة الشافعييية أن الولء
لمين أعتيق ول ولء للمكاتيب ،لنيه لييس بحير .واتفقوا على أنيه ل
يجوز للسييييد انتزاع شييييء مييين ماله ول النتفاع منيييه بشييييء.
واختلفوا فيي وطيء السييد أمتيه المكاتبية ،فصيار الجمهور إلى منيع
ذلك؛ وقال أحمد وداود وسعيد بن المسيب من التابعين ذلك جائز
إذا اشترطه عليها .وعمدة الجمهور أنه وطء تقع الفرقة فيه إلى
أجيل آت فأشبيه النكاح إلى أجيل .وعمدة الفرييق الثانيي تشبيههيا
بالمدبرة .وأجمعوا على أنهيييا إن عجزت حيييل وطؤهيييا .واختلف
الذيين منعوا ذلك إذا وطئهيا هيل علييه حيد أم ل؟ فقال جمهورهيم:
ل حيد علييه لنيه وطيء بشبهية؛ وقال بعضهيم :علييه الحيد .واختلفوا
فيي إيجاب الصيداق لهيا ،والعلماء فيميا أعلم على أنيه فيي أحكاميه
الشرعية على حكم العبد مثل الطلق والشهادة والحد وغير ذلك
مميا يختيص بيه العبييد .ومين هذا الباب اختلفهيم فيي بيعيه؛ فقال
الجمهور :ل يباع المكاتييب إل بشرط أن يبقييى على كتابتييه عنييد
مشترييه؛ وقال بعضهيم :بيعيه جائز ميا لم يؤد شيئا مين كتابتيه ،لن
بريرة بيعييت ولم تكيين أدت ميين كتابتهييا شيئا؛ وقال بعضهييم :إذا
رضيي المكاتيب بالبييع جاز ،وهيو قول الشافعيي ،لن الكتابية عنده
ليسيت بعقيد لزم فيي حيق العبيد ،واحتيج بحدييث بريرة إذ بيعيت
وهيي مكاتبية .وعمدة مين لم يجيز بييع المكاتيب ميا فيي ذلك مين
نقيض العهيد ،وقيد أمير الله تعالى بالوفاء بيه ،وهذه المسيألة مبنيية
على هيل الكتابية عقيد لزم أم ل؟ وكذلك اختلفوا فيي بييع الكتابية،
فقال الشافعييي وأبييو حنيفيية :ل يجوز ذلك ،وأجازهييا مالك ورأى
الشفعة فيها للمكاتب ،ومن أجاز ذلك شبه بيعها ببيع الدين ،ومن
لم يجيز ذلك رآه مين باب الغرر؛ وكذلك شبيه مالك الشفعية فيهيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بالشفعية فيي الديين ،وفيي ذلك أثير عين النيبي صيلى الله علييه
وسلم ،أعني في الشفعة في الدين؛ ومذهب مالك في بيع الكتابة
أنهيا إن كانيت بذهيب أنهيا تجوز بعرض معجيل ل مؤجيل لميا يدخيل
في ذلك من الدين بالدين .وإن كانت الكتابة بعرض كان شراؤها
بذهيييب أو فضييية معجليييين أو بعرض مخالف ،وإذا أعتيييق فولؤه
للمكاتييب ل للمشتري .وميين هذا الباب اختلفهييم هييل للسيييد أن
يجبر العبد على الكتابة أم ل؟.
وأميا شروط الكتابية فمنهيا شرعيية هيي مين شروط صيحة العقيد،
وقييد تقدمييت عنييد ذكيير أركان الكتابيية .ومنهييا شروط بحسييب
التراضييي ،وهذه الشروط منهييا مييا يفسييد العقييد ،ومنهييا مييا إذا
تمسيك بيه أفسيدت العقيد وإذا تركيت صيح العقيد ،ومنهيا شروط
جائزة غيير لزمية ،ومنهيا شروط لزمية ،وهذه كلهيا هيي مبسيوطة
فيي كتيب الفروع ،ولييس كتابنيا هذا كتاب فروع ،وإنميا هيو كتاب
أصيول .والشروط التيي تفسيد العقيد بالجملة هيي الشروط التيي
هي ضد شروط الصحة المشروعة في العقد .والشروط الجائزة
هيييي التيييي ل تؤدي إلى إخلل بالشروط المصيييححة للعقيييد ول
تلزمهييا ،فهذه الجملة ليييس يختلف الفقهاء فيهييا ،وإنمييا يختلفون
في الشروط لختلفهم فيما هو منها شرط من شروط الصحة أو
ليس منها ،وهذا يختلف بحسب القرب والبعد من إخللها بشروط
الصييحة ،ولذلك جعييل مالكييا جنسييا ثالثييا ميين الشروط ،وهييي
الشروط التييي إن تمسييك بهييا المشترط فسييد العقييد ،وإن لم
يتمسك بها جاز ،وهذا ينبغي أن تفهمه في سائر العقود الشرعية.
فمين مسيائلهم المشهورة فيي هذا الباب إذا اشترط فيي الكتابية
شرطيا مين خدمية أو سيفر أو نحوه وقوي على أداء نجوميه قبيل
محييل أجييل الكتابيية هييل يعتييق أم ل؟ فقال مالك وجماعيية :ذلك
الشرط باطل ،ويعتق إذا أدى جميع المال؛ وقالت طائفة :ل يعتق
حتى يؤدي جميع المال ،ويأتي بذلك الشرط وهو مروي عن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه أنه أعتق رقيق المارة وشرط عليهم
أن يخدموا الخليفيية بعييد ثلث سيينين .ولم يختلفوا أن العبييد إذا
أعتقه سيده على أن يخدمه سنين أنه ل يتم عتقه إل بخدمة تلك
السييينين ،ولذلك القياس قول مييين قال :إن الشرط لزم .فهذه
المسائل الواقعة المشهورة في أصول هذا الكتاب.
وههنيا مسيائل تذكير فيي هذا الكتاب وهيي مين كتيب أخرى ،وذلك
أنهيييا إذا ذكرت فيييي هذا الكتاب ذكرت على أنهيييا فروع تابعييية
للصول فيه ،وإذا ذكرت في غيره ذكرت على أنها أصول ،ولذلك
كان الولى ذكرهييا فييي هذا الكتاب .فميين ذلك اختلفهييم إذا زوج
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السييد بنتيه مين مكاتبيه ،ثيم مات السييد وورثتيه البنيت ،فقال مالك
والشافعييي :ينفسييخ النكاح لنهييا ملكييت جزءا منييه ،وملك يمييين
المرأة محرم عليهييا بإجماع؛ وقال أبييو حنيفيية :يصييح النكاح ،لن
الذي ورثت إنما هو مال في ذمة المكاتب ل رقبة المكاتب ،وهذه
المسييألة هييي أحييق بكتاب النكاح .وميين هذا الباب اختلفهييم إذا
مات المكاتب وعليه دين وبعض الكتابة هل يحاص سيده الغرماء
أم ل؟ فقال الجمهور :ل يحاص الغرماء؛ وقال شريييح وابيين أبييي
ليلى وجماعييية :يضرب السييييد ميييع الغرماء .وكذلك اختلفوا إذا
أفلس وعليييه دييين يغترق مييا بيده ،هييل يتعدى ذلك إلى رقبتييه؟
فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة :ل سبيل لهم إلى رقبته؛ وقال
الثوري وأحميد :يأخذونيه إل أن يفتكيه السييد .واتفقوا على أنيه إذا
عجيز عين عقيل الجنايات أنيه يسيلم فيهيا إل أن يعقيل عنيه سييده،
والقول فيي هيل يحاص سييده الغرماء أو ل يحاص هيو مين كتاب
التفلييس ،والقول فيي جنايتيه هيو مين باب الجنايات .ومين مسيائل
القضيية التيي هيي فروع فيي هذا الباب وأصيل فيي باب القضيية
اختلفهييم فييي الحكييم عنييد اختلف السيييد والمكاتييب فييي مال
الكتابييية؛ فقال مالك وأبيييو حنيفييية :القول قول المكاتيييب؛ وقال
الشافعيي ومحميد وأبيو يوسيف يتحالفان ويتفاسيخان قياسيا على
المتبايعييين ،وفروع هذا الباب كثيرة ،لكيين الذي حضيير منهييا الن
فيي الذكير هيو ميا ذكرناه ،ومين وقعيت له مين هذا الباب مسيائل
مشهورة الخلف بيين فقهاء المصيار وهيي قريبية مين المسيموع،
فينبغيي أن تثبيت فيي هذا الموضيع إذ كان القصيد إنميا هيو إثبات
المسائل المشهورة التي وقع الخلف فيها بين فقهاء المصار مع
المسييائل المنطوق بهيييا فيييي الشرع وذلك أن قصيييدنا فيييي هذا
الكتاب كما قلنا غير مرة :إنما هو أن نثبت المسائل المنطوق بها
فيي الشرع المتفيق عليهيا والمختلف فيهيا ،ونذكير مين المسيائل
المسيكوت عنهيا التيي شهير الخلف فيهيا بيين فقهاء المصيار ،فإن
معرفية هذيين الصينفين مين المسيائل هيي التيي تجري للمجتهيد
مجرى الصيول فيي المسيكوت عنهيا وفيي النوازل التيي لم يشتهير
الخلف فيها بين فقهاء المصار سواء نقل فيها مذهب عن واحد
منهيم أو لم ينقيل ،ويشبيه أن يكون مين تدرب فيي هذه المسيائل
وفهم أصول السباب التي أوجبت خلف الفقهاء فيها أن يقول ما
يجييب فييي نازلة نازلة ميين النوازل ،أعنييي أن يكون الجواب فيهييا
على مذهيب فقييه فقييه مين فقهاء المصيار ،أعنيي فيي المسيألة
الواحدة بعينهييا ،ويعلم حيييث خالف ذلك الفقيييه أصييله وحيييث لم
يخالف ،وذلك إذا نقيل عنيه فيي ذلك فتوى .فأميا إذا لم ينقيل عنيه
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في ذلك فتوى أو لم يبلغ ذلك الناظر في هذه الصول فيمكنه أن
يأتييي بالجواب بحسييب أصييول الفقيييه الذي يفتييي على مذهبييه،
وبحسيب الحيق الذي يؤدييه إلييه اجتهاده ،ونحين نروم إن شاء الله
بعيد فراغنيا مين هذا الكتاب أن نضيع فيي مذهيب مالك كتابيا جامعيا
لصيول مذهبيه ومسيائله المشهورة التيي تجري فيي مذهبيه مجرى
الصييول للتفريييع عليهييا ،وهذا هييو الذي عمله ابيين القاسييم فييي
المدونيية ،فإنييه جاوب فيمييا لم يكيين عنده فيهييا قول مالك على
قياس ميا كان عنده فيي ذلك الجنيس مين مسيائل مالك التيي هيي
فيهييا جارييية مجرى الصييول لمييا جبييل عليييه الناس ميين التباع
والتقليد في الحكام والفتوى ،بيد أن في قوة هذا الكتاب أن يبلغ
به النسان كما قلنا رتبة الجتهاد إذا تقدم ،فعلم من اللغة العربية
وعلم مين أصيول الفقيه ميا يكفييه فيي ذلك ،ولذلك رأينيا أن أخيص
السماء بهذا الكتاب أن نسميه كتاب:
[بداية المجتهد وكفاية المقتصد]
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب التدبير
@-والنظر في التدبير :في أركانه ،وفي أحكامه .أما الركان فهي
أربعة :المعنى ،واللفظ ،والمدبِر ،والمدبَر .وأما الحكام فصنفان:
أحكام العقد ،وأحكام المدبر.
@(-الركيين الول) فنقول :أجمييع المسييلمون على جواز التدبييير،
وهييو أن يقول السيييد لعبده :أنييت حيير عيين دبر منييي ،أو يطلق
فيقول :أنيييت مدبر ،وهذان هميييا عندهيييم لفظيييا التدبيييير باتفاق.
والناس فييي التدبييير والوصييية على صيينفين :منهييم ميين لم يفرق
بينهميا ،ومنهيم مين فرق بيين التدبيير والوصيية بأن جعيل التدبيير
لزما والوصية غير لزمة .والذين فرقوا بينهما اختلفوا في مطلق
لفييظ الحرييية بعييد الموت هييل يتضميين معنييى الوصييية؟ أو حكييم
التدبيير؟ أعنيي إذا قال :أنيت حير بعيد موتيي ،فقال مالك :إذا قال
وهو صحيح :أنت حر بعد موتي فالظاهر أنه وصية ،والقول قوله
في ذلك؛ ويجوز رجوعه فيها إل أن يريد التدبير .وقال أبو حنيفة:
الظاهيير ميين هذا القول التدبييير وليييس له أن يرجييع فيييه ،وبقول
مالك قال ابين القاسيم ،وبقول أبيي حنيفة قال أشهب قال :إل أن
يكون هنالك قرينية تدل على الوصيية ،مثيل أن يكون على سيفر أو
يكون مريضييا ،ومييا أشبييه ذلك ميين الحوال التييي جرت العادة أن
يكتيب الناس فيهيا وصياياهم ،فعلى قول مين ل يفرق بيين الوصيية
والتدبيير ،وهيو قول الشافعيي ومين قال بقوله هذا اللفيظ هيو مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ألفاظ صيريح التدبيير .وأميا على مذهيب مين يفرق فهيو إميا مين
كنايات التدبير ،وإما ليس من كناياته ول من صريحه ،وذلك أن ما
يحمله على الوصيية فلييس هيو عنده مين كناياتيه ول مين صيريحه،
ومن يحمله على التدبير وينويه في الوصية فهو عنده من كناياته.
وأميا المدبر فإنهيم اتفقوا على أن الذي يقبيل هذا العقيد هيو كيل
عبييد صييحيح العبودييية ليييس يعتييق على سيييده سييواء ملك كله أو
بعضييه .واختلفوا فييي حكييم ميين ملك بعضييا فدبره ،فقال مالك:
يجوز ذلك ،وللذي لم يدبر حظييييه خياران :أحدهمييييا أن يتقاوماه،
فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله ،وإن لم يشتره انتقيييييييض
التدبيير والخيار الثانيي أن يقوميه علييه الشرييك؛ وقال أبيو حنيفية:
للشريييك الذي لم يدبر ثلث خيارات :إن شاء اسييتمسك بحصييته،
وإن شاء اسيتسعى العبيد فيي قيمية الحصية التيي له فييه وإن شاء
قومهيا على شريكيه إن كان موسيرا ،وإن كان معسيرا اسيتسعى
العبيد؛ وقال الشافعيي :يجوز التدبيير ول يلزم شييء مين هذا كله،
ويبقييى العبييد المدبر نصييفه أو ثلثييه على مييا هييو عليييه ،فإذا مات
مدبره عتييق منييه ذلك الجزء ولم يقوم الجزء الباقييي منييه على
السييد على ميا يفعيل فيي سينة العتيق ،لن المال قيد صيار لغيره
وهم الورثة ،وهذه المسألة هي من الحكام ل من الركان ،أعني
أحكام المدبر فلتثبييت فييي الحكام .وأمييا المدبر فاتفقوا على أن
مين شروطيه أن يكون مالكيا تام الملك غيير محجور علييه سيواء
كان صيحيحا أو مريضيا ،وإن مين شرطيه أن ل يكون ممين أحاط
الديين بماله ،لنهيم اتفقوا على أن الديين يبطيل التدبيير .واختلفوا
فييي تدبييير السييفيه .فهذه هييي أركان هذا الباب .وأمييا أحكامييه
فأصولها راجعة إلى أجناس خمسة :أحدها :مما يخرج المدبر ،هل
من رأس المال أو الثلث؟ .والثاني :ما يبقى فيه من أحكام الرق
مميا لييس يبقيى فييه ،أعنيي ميا دام مدبرا .والثالث :ميا يتبعيه فيي
الحريية مميا لييس يتبعيه .والرابيع :مبطلت التدبيير الطارئة علييه.
والخامس :في أحكام تبعيض التدبير.
@-الجنس الول.
فأميا مماذا يخرج المدبر إذا مات المدبر ،فإن العلماء اختلفوا فيي
ذلك؟ فذهب الجمهور إلى أنه يخرج من الثلث؛ وقالت طائفة :هو
مين رأس المال معظمهيم أهيل الظاهير؛ فمين رأى أنيه مين الثلث
شبهيه بالوصيية ،لنيه حكيم يقيع بعيد الموت .وقيد روي حدييث عين
النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "المدبر مين الثلث" إل أنيه
أثير ضعييف عنيد أهيل الحدييث ،لنيه رواه علي بين طيبان عين نافيع
عن عبد الله بن عمر ،وعلي بن طيبان متروك الحديث عند أهل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الشأن ،وربميا قالوا أيضيا مين طرييق المعنيى أنهيا قيد وجبيت لهيا
حرمية وهيو اتصيال الولد بهيا وكونيه بعضيا منهيا ،وحكيو هذا التعلييل
عيين عميير رضييي الله عنييه حييين رأى أن ل يبعيين فقال :خالطييت
لحومنا لحومهن ،ودماؤنا دماؤهن .وأ ما متى تكون أم ولد ،فإنهم
اتفقوا على أنهيا تكون أم ولد إذا ملكهيا قبيل حملهيا منيه .واختلفوا
إذا ملكهيا وهيي حاميل منيه أو بعيد أن ولدت منيه ،فقال مالك :ل
تكون أم ولد إذا ولدت منه قبل أن يملكها ثم ملكها وولدها؛ وقال
أبيييو حنيفييية :تكون أم ولد .واختلف قول مالك إذا ملكهيييا وهيييي
حاميل ،والقياس أن تكون أم ولد فيي جمييع الحوال إذ كان لييس
مين مكارم الخلق أن ييبيع المرء أم ولده ،وقيد قال علييه الصيلة
والسييلم "بعثييت لتمييم مكارم الخلق" وأمييا بماذا تكون أم ولد؟
فإن مالكيا قال :كيل ميا وضعيت مميا يعلم أنيه ولد كانيت مضغية أو
علقية؛ وقال الشافعيي :لبيد أن يؤثير فيي ذلك شييء مثيل الخلقية
والتخطييط .واختلفهيم راجيع إلى ميا ينطلق علييه اسيم الولدة أو
ما يتحقق أنه مولود .وأما ما يبقى فيها من أحكام العبودية ،فإنهم
اتفقوا على أنهييا فييي شهادتهييا وحدودهييا وديتهييا وأرش جراحهييا
كالمية .وجمهور مين منيع بيعهيا لييس يرون ههنيا سيببا طارئا عليهيا
يوجب بيعها إل ما روي عن عمر بن الخطاب أنها إذا زنت رقت.
واختلف قول مالك والشافعي هل لسيدها استخدامها طول حياته
واغتلله إياهييا؟ فقال مالك :ليييس له ذلك ،وإنمييا له فيهييا الوطييء
فقييط؛ وقال الشافعييي :له ذلك وعمدة مالك أنييه لمييا لم يملك
رقبتها بالبيع لم يملك إجارتها ،إل أنه يرى أن إجارة بنيها من غيره
جائزة ،لن حرمتهييييم عنده أضعييييف .وعمدة الشافعييييي انعقاد
الجماع على أنييه يجوز له وطؤهييا .فسييبب الخلف تردد إجارتهييا
بين أصلين :أحدهما وطؤها .والثاني بيعها .فيجب أن يرجح أقوى
الصيلين شبهيا .وأميا متيى تكون حرة ،فإنيه ل خلف بينهيم أن آن
ذلك الوقيت هيو إذا مات السييد ،ول أعلم الن أحدا قال تعتيق مين
الثلث ،وقياسيييها على المدبر ضعييييف على قول مييين يقول :إن
المدبر يعتق من الثلث.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الجنايات.
@-والجنايات التيي لهيا حدود مشروعية أربيع جنايات على البدان
والنفوس والعضاء وهيييو المسيييمى قتل وجرحيييا ،وجنايات على
الفروج وهيو الم سمى زنيى وسيفاحا ،وجنايات على الموال ،وهذه
ميا كان منهيا مأخوذا بحرب سيمى حرابية إذا كان بغيير تأوييل ،وإن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
كان بتأويييل سييمى بغيييا مأخوذا على وجييه المغافصيية [قال فييي
خذ َيييه ُ على ِغَّرة .وقال (فيييي باب َييي
ه :فاجأ هُ ،وأ َ القاموس :غافَييي َ
ص ُ
"هزؤ") ... :غافيييص الرجيييل مغافصييية وغفاصيييا :أخذه على غرة
بمساءة .دار الحديث] من حرز يسمى سرقة ،وما كان منها بعلو
مرتبية وقوة سيلطان سيمى غصيبا؛ وجنايات على العراض ،وهيو
المسيمى قذفيا؛ وجنايات بالتعدي على اسيتباحة ميا حرميه الشرع
ميين المأكول والمشروب ،وهذه إنمييا يوجييد فيهييا حييد فييي هذه
الشريعة في الخمر فقط ،وهو حد متفق عليه بعد صاحب الشرع
صيلوات الله علييه ،فلنبتدئ منهيا بالحدود التيي فيي الدماء فنقول:
إن الواجب في إتلف النفوس والجوارح هو إما قصاص وإما مال،
وهيو الذي يسيمى الديية ،فإذا النظير أول فيي هذا الكتاب ينقسيم
إلى قسمين :النظر في القصاص ،والنظر في الدية .والنظر في
القصياص ينقسيم إلى القصياص فيي النفوس ،وإلى القصياص فيي
الجوارح .والنظير أيضيا فيي الديات ينقسيم إلى النظير فيي ديات
النفوس ،وإلى النظير فيي ديات قطيع الجوارح والجراح .فينقسيم
أول هذا الكتاب إلى كتابيين :أولهميا يرسيم علييه كتاب القصياص.
والثاني يرسم عليه كتاب الديات.
**2كتاب القصاص
@-وهذا الكتاب ينقسيم إلى قسيمين :الول :النظير فيي القصياص
فيي النفوس .والثانيي :النظير فيي القصياص فيي الجوارح ،فلنبدأ
من القصاص في النفوس.
**3كتاب القصاص في النفوس.
@-والنظير أول فيي هذا الكتاب ينقسيم إلى قسيمين :إلى النظير
في الموجب ،أعني الموجب للقصاص .وإلى النظر في الواجب،
أعني القصاص وفي إبداله إن كان له بدل .فلنبدأ أول بالنظر في
الموجيب ،والنظير فيي الموجيب يرجيع إلى النظير فيي صيفة القتيل
والقاتيل التيي يجيب بمجموعهيا والمقتول القصياص ،فإنيه لييس أي
قاتل اتفق يقتص منه ،ول بأي قتل اتفق ،ول من أي مقتول اتفق،
بيييل مييين قاتيييل محدود بقتيييل محدود ومقتول محدود ،فإذ كان
المطلوب فييي هذا الباب إنمييا هييو العدل .فلنبدأ ميين النظيير فييي
القاتل ،ثم في القتل ،ثم في المقتول.
**4القول في شروط القاتل.
@-فنقول :إنهم اتفقوا على أن القاتل الذي يقاد منه يشترط فيه
باتفاق أن يكون عاقل بالغيا مختارا للقتيل مباشرا غيير مشارك له
فييييييه غيره واختلفوا فيييييي المكَره والمكرِه ،وبالجملة المييييير
والمباشييير ،فقال مالك والشافعيييي والثوري وأحميييد وأبيييو ثور
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
حكيم نفسيه ،وفييه ضعيف فيي القياس .وأميا صيفة الذي يجيب بيه
القصيياص ،فاتفقوا على أنييه العمييد ،وذلك أنهييم أجمعوا على أن
القتل صنفان :عمد ،وخطأ .واختلفوا في هل بينهما وسط أم ل؟
وهيو الذي يسيمونه شبيه العميد ،فقال بيه جمهور فقهاء المصيار.
والمشهور عين مالك نفييه إل فيي البين ميع أبييه؛ وقيد قييل أنيه
يتخرج عنيه فيي ذلك روايية أخرى ،وبإثباتيه قال عمير ابين الخطاب
وعلي وعثمان وزييد بين ثابيت وأبيو موسيى الشعري والمغيرة ،ول
مخالف لهيم مين الصيحابة؛ والذيين قالوا بيه فرقوا فيميا هيو شبيه
العمد مما ليس بعمد ،وذلك راجع في الغلب إلى اللت التي يقع
بهيا القتيل ،وإلى الحوال التيي كان مين أجلهيا الضرب؛ فقال أبيو
حنيفة :كل ما عدا الحديد من القضب أو النار وما يشبه ذلك فهو
شبه العمد؛ وقال أبو يوسف ومحمد :شبه العمد ما ل يقتل مثله؛
وقال الشافعيي :شبيه العميد ميا كان عمدا فيي الضرب خطيأ فيي
القتييل :أي مييا كان ضربييا لم يقصييد بييه القتييل فتولد عنييه القتييل.
والخطيأ ميا كان خطيأ فيهميا جميعيا .والعميد ميا كان عمدا فيهميا
جميعا ،وهو حسن .فعمدة من نفى شبه العمد أنه ل واسطة بين
الخطأ والعمد ،أعني بين أن يقصد القتل أو ل يقصده .وعمدة من
أثبيت الوسيط أن النيات ل يطلع عليهيا إل الله تبارك وتعالى وإنميا
الحكيم بميا ظهير .فمين قصيد ضرب آخير بآلة ل تقتيل غالبيا كان
حكمه كحكم الغالب ،أعني حكم من قصد القتل فقتل بل خلف.
ومين قصيد ضرب رجيل بعينيه بآلة ل تقتيل غالبيا كان حكميه مترددا
بيين العميد والخطيأ هذا فيي حقنيا ل فيي حيق المير نفسيه عنيد الله
تعالى .أميا شبهية العميد فمين جهية ميا قصيد ضربيه .وأميا شبهيه
للخطأ فمن جهة أنه ضرب بما ل يقصد به القتل .وقد روي حديث
مرفوع إلى النييبي صييلى الله عليييه وسييلم أنييه قال "أل إن قتييل
الخطيأ شبيه العميد ميا كان بالسيوط والعصيا والحجير ديتيه مغلظية
مائة مين البيل منهيا أربعون فيي بطونهيا أولدهيا" إل أنيه حدييث
مضطرب عنيد أهيل الحدييث ل يثبيت مين جهية السيناد فيميا ذكره
أبيو عمير بين عبيد البر ،وإن كان أبيو داود وغيره قيد خرجيه ،فهذا
النحو من القتل عند من ل يثبته يجب به القصاص ،وعند من أثبته
تجيب بيه الديية ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن الضرب يكون على
وجه الغضب والنائرة يجب به القصاص.
واختلف فييي الذي يكون عمدا على جهيية اللعييب ،أو على جهيية
الدب لمين أبييح له الدب .وأميا الشرط الذي يجيب بيه القصياص
فيي المقتول ،فهيو أن يكون مكافئا لدم القاتيل .والذي بيه تختلف
النفوس هو السلم والكفر والحرية والعبودية والذكورية والنوثية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
قالوا :وهذا مخصيص لعموم قوله علييه الصيلة والسيلم "ل يقتيل
مؤمن بكافر" أي أنه أريد به الكافر الحربي دون الكافر المعاهد،
وضعف أهل الحديث حديث عبد الرحمن السلماني وما رووا من
ذلك عن عمر .وأما من طريق القياس فإنهم اعتمدوا على إجماع
المسيلمين فيي أن ييد المسيلم تقطيع إذا سيرق مين مال الذميي،
قالوا :فإذا كانييت حرمية ماله كحرمية مال المسيلم فحرمية دميه
كحرميية دمييه ،فسييبب الخلف تعارض الثار والقياس .وأمييا قتييل
الجماعية بالواحيد ،فإن جمهور فقهاء المصيار قالوا تقتيل الجماعية
بالواحيد ،منهيم مالك وأبيو حنيفية والشافعيي والثوري وأحميد وأبيو
ثور وغيرهيم ،سيواء كثرت الجماعية أو قلت ،وبيه قال عمير حتيى
روي أنه قال :لو تمال عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا .وقال داود
وأهل الظاهر ل تقتل الجماعة بالواحد ،وهو قول ابن الزبير ،وبه
قال الزهري ،وروي عين جابر .وكذلك عنيد هذه الطائفية ل تقطيع
أييد بييد ،أعنيي إذا اشترك اثنان فميا فوق ذلك فيي قطيع ييد؛ وقال
مالك والشافعي :تقطع اليدي باليد؛ وفرقت الحنفية بين النفس
والطراف فقالوا :تقتييل النفييس بالنفييس ،ول يقطييع بالطرف إل
طرف واحيد ،وسييأتي هذا فيي باب القصياص مين العضاء .فعمدة
مين قتيل بالواحيد الجماعية النظير إلى المصيلحة ،فإنيه مفهوم أن
القتل إنما شرع لنفي القتل كما نبه عليه الكتاب في قوله تعالى
{ولكيم فيي القصياص حياة ييا أولي اللباب} وإذا كان ذلك كذلك
فلو لم تقتل الجماعة بالواحد لتذرع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا
قتيل الواحيد بالجماعية ،لكين للمعترض أن يقول :إن هذا إنميا كان
يلزم لو لم يقتل من الجماعة أحد ،فأما إن قتيل منهم واحد وهيو
الذي مين قتله يظين إتلف النفيس غالبيا على الظين ،فلييس يلزم
أن يبطل الحد حتى يكون سببا للتسليط على إذهاب النفوس.
وعمدة من قتل الواحد بالواحد قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن
النفس بالنفس والعين بالعين} وأما قتل الذكر بالنثى ،فإن ابن
المنذر وغيره ممن ذكر الخلف حكى أنه إجماع ،إل ما حكي عن
علي مين الصيحابة ،وعين عثمان البتيي أنيه إذا قتيل الرجيل بالمرأة
كان على أولياء المرأة نصييف الدييية .وحكييى القاضييي أبييو الوليييد
الباجييي فييي المنتقييى عيين الحسيين البصييري ،أنييه ل يقتييل الذكيير
بالنثى ،وحكاه الخطابي في معالم السنن ،وهو شاذ ،ولكن دليله
قوي لقوله تعالى {والنثييييى بالنثييييى} وإن كان يعارض دليييييل
الخطاب ههنا للعموم الذي في قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن
النفييس بالنفييس} لكيين يدخله أن هذا الخطاب وارد فييي غييير
شريعتنيا ،وهيي مسيألة مختلف فيهيا ،أعنيي هيل شرع مين قبلنيا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
شرع لنيا أم ل؟ والعتماد فيي قتيل الرجيل بالمرأة هيو النظير إلى
المصيلحة العامية .واختلفوا مين هذا الباب فيي الب والبين ،فقال
مالك :ل يقاد الب بالبين إل أن يضجعييه فيذبحييه ،فأمييا إن حذفييه
بسيييف أو عصييا فقتله لم يقتييل ،وكذلك الجييد عنده مييع حفيده.
وقال أبيو حنيفية والشافعيي والثوري :ل يقاد الوالد بولده ول الجيد
بحفيده إذا قتله بأي وجيه كان مين أوجيه العميد ،وبيه قال جمهور
العلماء .وعمدتهييم حديييث ابيين عباس أن النييبي عليييه الصييلة
والسلم قال "ل تقام الحدود في المساجد ول يقاد بالولد الوالد".
وعمدة مالك عموم القصاص بين المسلمين.
وسييبب اختلفهييم مييا رووه عيين يحيييى بيين سييعيد عيين عمرو بيين
شعيب أن رجل من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنا له بالسيف
فأصاب ساقه ،فنزى جرحه فمات ،فقدم سراقة بن جعشم على
عميير ابيين الخطاب فذكيير ذلك له ،فقال له عميير :اعدد على ماء
قدييد عشريين ومائة بعيير حتيى أقدم علييك ،فلميا قدم علييه عمير
أخيذ مين تلك البيل ثلثيين حقية وثلثيين جذعية وأربعيين خلفية ،ثيم
قال :أيين أخيو المقتول ،فقال :هيا أنيا ذا ،قال :خذهيا ،فإن رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم قال "لييس لقاتيل شييء" فإن مالكيا
حمل هذا الحديث على أنه لم يكن عمدا محضا ،وأثبت منه شبه
العميد فيميا بيين البين والب .وأميا الجمهور فحملوه على ظاهره
من أنه عمد لجماعهم أن من حذف آخر بسيف فقتله فهو عمد.
وأمييا مالك فرأى مييا للب ميين التسييلط على تأديييب ابنييه وميين
المحبة له أن حمل القتل الذي يكون في أمثال هذه الحوال على
أنيه لييس بعميد ،ولم يتهميه إذ كان لييس بقتيل غيلة ،فإنميا يحميل
فاعله على أنيه قصيد القتيل مين جهية غلبية الظين وقوة التهمية ،إذ
كانييت النيات ل يطلع عليهييا إل الله تعالى ،فمالك لم يتهييم الب
حيث اتهم الجنبي ،لقوة المحبة التي بين الب والبن .والجمهور
إنمييا عللوا درء الحييد عيين الب لمكان حقييه على البيين ،والذي
يجيييء على أصييول أهييل الظاهيير أن يقاد ،فهذا هييو القول فييي
الموجب.
**4وأما القول في الموجب.
@-فاتفقوا على أن لولي الدم أحد شيئين :القصاص ،أو العفو إما
على الدييية وإميييا على غيييير الديييية .واختلفوا هيييل النتقال مييين
القصاص إلى العفو على أخذ الدية هو حق واجب لولي الدم دون
أن يكون في ذلك خيار للمقتص منه ،أم ل تثبت الدية إل بتراضي
الفريقيين ،أعنيي الولي والقاتيل ،وأنيه إذا لم يرد المقتيص منيه أن
يؤدي الدية لم يكن لولي الدم إل القصاص مطلقا أو العفو ،فقال
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك :ل يجييب للولي إل أن يقتييص أو يعفييو عيين غييير دييية إل أن
يرضى بإعطاء الدية للقاتل ،وهي رواية ابن القاسم عنه ،وبه قال
أبيو حنيفية والثوري والوزاعيي وجماعية؛ وقال الشافعيي وأحميد
وأبو ثور وداود وأكثر فقهاء المدينة من أصحاب مالك وغيره :ولي
الدم بالخيار إن شاء اقتيص وإن شاء أخيذ الديية ،رضيي القاتيل أو
لم يرض ،وروى ذلك أشهيب عين مالك ،إل أن المشهور عنيه هيي
الروايية الولى .فعمدة مالك فيي الروايية المشهورة حدييث أنيس
ابين مالك فيي قصية سين الربييع أن رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم قال "كتاب الله القصياص" فعلم بدلييل الخطاب أنيه لييس
له إل القصياص .وعمدة الفرييق الثانيي حدييث أبيي هريرة الثابيت
"من قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يأخذ الدية وبين أن
يعفو" هما حديثان متفق على صحتهما ،لكن الول ضعيف الدللة
فييي أنييه ليييس له إل القصيياص .والثانييي نييص فييي أن له الخيار
والجميع بينهميا يمكين إذا رفيع دلييل الخطاب مين ذلك ،فإن كان
الجمييع واجبييا وممكنييا فالمصييير إلى الحديييث الثانييي واجييب؛
والجمهور على أن الجمع واجب إذا أمكن وأنه أولى من الترجيح،
وأيضيا فإن الله عيز وجيل يقول {ول تقتلوا أنفسيكم} وإذا عرض
على المكلف فداء نفسيه بمال فواجيب علييه أن يفديهيا ،أصيله إذا
وجد الطعام في مخمصة بقيمة مثله وعنده ما يشتريه ،أعني أنه
يقضى عليه بشرائه فكيف بشراء نفسه؟ ويلزم على هذه الرواية
إذا كان للمقتول أولياء صيغار وكبار أن يؤخير القتيل إلى أن يكيبر
الصييغار فيكون لهييم الخيار ،ول سيييما إذا كان الصييغار يحجبون
الكبار مثيل البنيين ميع الخوة .وقال القاضيي :وقيد كانيت وقعيت
هذه المسيألة بقرطبية حياة جدي رحميه الله ،فأفتيى أهيل زمانيه
بالروايية المشهورة ،وهيو أن ل ينتظير الصيغير ،فأفتيى هيو رحميه
الله بانتظاره على القياس ،فشنيع أهيل زمانيه ذلك علييه لميا كانوا
علييه مين شدة التقلييد حتيى اضطير أن يضيع فيي ذلك قول ينتصير
فيه لهذا المذهب وهو موجود بأيدي الناس،
والنظير فيي هذا الباب هيو فيي قسيمين :فيي العفيو والقصياص.
والنظر في العفو في شيئين :أحدهما فيمن له العفو ممن ليس
له ،وترتيب أهل الدم في ذلك ،وهل يكون له العفو على الدية أم
ل؟ وقد تكلمنا في :هل له العفو على الدية .وأما من لهم العفو
بالجملة فهم الذين لهم القيام بالدم ،والذين لهم القيام بالدم هم
العصيبة عنيد مالك وعنيد غيره :كيل مين يرث ،وذلك أنهيم أجمعوا
على أن المقتول عمدا إذا كان له بنون بالغون فعفيييا أحدهيييم أن
القصياص قيد بطيل ووجبيت الديية .واختلفوا فيي اختلف البنات ميع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مطلقيا ،وهؤلء اختلفوا ،فمنهيم مين قال :تلزم الجارح الديية كلهيا،
واختاره المزنيي مين أقوال الشافعيي؛ ومنهيم مين قال :يلزم مين
الدية ما بقي منها بعد إسقاط دية الجرح الذي عفا عنه ،وهو قول
الثوري .وأميا مين يرى أنيه ل يعفيو عين الدم فلييس يتصيور معيه
خلف في أنه ل يسقط ذلك طلب الولي الدية ،لنه إذا كان عفوه
عيين الدم ل يسييقط حييق الولي ،فأحرى أن ل يسييقط عفوه عيين
الجرح .واختلفوا في القاتل عمدا يعفى عنه ،هل يبقى للسلطان
فييه حيق أم ل؟ فقال مالك واللييث :إنيه يجلد مائة ويسيجن سينة،
وبييه قال أهييل المدينيية ،وروي ذلك عيين عميير؛ وقالت طائفيية:
الشافعيي وأحميد وإسيحاق وأبيو ثور :ل يجيب علييه ذلك؛ وقال أبيو
ثور :إل أن يكون يعرف بالشيير فيؤدبييه المام على قدر مييا يرى.
ول عمدة للطائفية الولى إل أثير ضعييف .وعمدة الطائفية الثانيية
ظاهر الشرع وأن التحديد في ذلك ل يكون إل بتوقيف ،ول توقيف
ثابت في ذلك.
**4القول في القصاص.
@-والنظير فيي القصياص هيو فيي صيفة القصياص ،وممين يكون؟
ومتييى يكون؟ فأمييا صييفة القصيياص فييي النفييس ،فإن العلماء
اختلفوا فيي ذلك ،فمنهيم مين قال :يقتيص مين القاتيل على الصيفة
التيي قتيل ،فمين قتيل تغريقيا قتيل تغريقيا ،ومين قتيل بضرب بحجير
قتييل بمثييل ذلك ،وبييه قال مالك والشافعييي ،قالوا :إل أن يطول
تعذيبه بذلك فيكون السيف له أروح .واختلف أصحاب مالك فيمن
حرق آخيير ،هييل يحرق مييع موافقتهييم لمالك فييي احتذاء صييورة
القتل؟ وكذلك فيمن قتل بالسهم؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه :بأي
وجيه قتله لم يقتيل إل بالسييف .وعمدتهيم ميا روى الحسين عين
النيبي صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "لقود إل بحديدة" .وعمدة
الفرييق الول حدييث أنيس "أن يهودييا رضيخ رأس امرأة بحجير،
فرضيخ النيبي صيلى الله علييه وسيلم رأسيه بحجير ،أو قال :بيين
حجريين" وقوله {كتيب عليكيم القصياص فيي القتلى} والقصياص
يقتضيي المماثلة وأميا ممين يكون القصياص فالظاهير أنيه مين ولي
الدم ،وقيد قييل إنيه ل يمكين منيه لمكان العداوة مخافية أن يجور
فييه .وأميا متيى يكون القصياص فبعيد ثبوت موجباتيه ،والعذار إلى
القاتيييل فيييي ذلك إن لم يكييين مقرا .واختلفوا هيييل مييين شرط
القصاص أن ل يكون الموضع الحرم .وأجمعوا على أن الحامل إذا
قَتَلت عمدا أنه ل يقاد منها حتى تضع حملها .واختلفوا في القاتل
بالسييييف والجمهور على وجوب القصييياص؛ وقال بعيييض أهيييل
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الظاهر :ل يقتص منه من أجل أنه عليه الصلة والسلم سم هو
وأصحابه ،فلم يتعرض لمن سمه.
كمل كتاب القصاص في النفس.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**3كتاب الجراح.
@-والجراح صنفان :منها ما فيه القصاص أو الدية أو العفو .ومنها
ما فيه الدية أو العفو .ولنبدأ بما فيه القصاص ،والنظر أيضا ها هنا
فييي شروط الجارح والجرح الذي بييه يحييق القصيياص والمجروح،
وفييي الحكييم الواجييب الذي هييو القصيياص ،وفييي بدله إن كان له
بدل.
**4القول في الجارح.
@-ويشترط فييي الجارح أن يكون مكلفييا كمييا يشترط ذلك فييي
القاتيل ،وهيو أن يكون بالغيا عاقل ،والبلوغ يكون بالحتلم والسين
بل خلف ،وإن كان الخلف فييي مقداره ،فأقصيياه ثمانييية عشيير
سينة ،وأقله خمسية عشير سينة ،وبيه قال الشافعيي ،ول خلف أن
الواحيد إذا قطيع عضيو إنسيان واحيد اقتيص منيه إذا كان مميا فييه
القصيياص .واختلفوا إذا قطعييت جماعيية عضوا واحدا ،فقال أهييل
الظاهيير :ل تقطييع يدان فييي يييد؛ وقال مالك والشافعييي :تقطييع
اليدي بالييد الواحدة ،كميا تقتيل عندهيم النفيس بالنفيس الواحدة؛
وفرقيت الحنفيية بيين النفيس والطراف ،فقالوا :ل تقطيع أعضاء
بعضو ،وتقتل أنفس بنفس ،وعندهم أن الطراف تتبعض ،وإزهاق
النفيس ل يتبعيض .واختلف فيي النبات ،فقال الشافعيي :هيو بلوغ
بإطلق .واختلف المذهيب فييه فيي الحدود ،هيل هيو بلوغ فيهيا أم
ل؟ والصيل فيي هذا كله حدييث بنيي قريظية "أنيه صيلى الله علييه
وسلم قتل منهم من أنبت وجرت عليه المواسي" كما أن الصل
فيي السين حدييث ابين عمير أنيه عرضيه يوم الخندق وهيو ابين أربيع
عشرة سيينة فلم يقبله وقبله يوم أحييد وهييو ابيين خمييس عشرة
سنة.
**4القول في المجروح.
@-وأمييا المجروح فإنييه يشترط فيييه أن يكون دمييه مكافئا لدم
الجارح والذي يؤثير فيي التكافيؤ العبوديية والكفير .أميا العبيد والحير
فإنهم اختلفوا في وقوع القصاص بينهما في الجرح كاختلفهم في
النفس؛ فمنهم من رأى أنه ل يقتص من الحر للعبد ،ويقتص للحر
من العبد كالحال في النفس؛ ومنهم من رأى أنه يقتص لكل واحد
منهميا مين كيل واحيد ،ولم يفرق بيين الجرح والنفيس؛ ومنهيم مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وجوب القصاص ،والثاني نفيه .وما يجب على هذين القولين ففيه
القولن قبل الدية مغلظة ،وقيل دية الخطأ ،أعني فيما فيه دية،
وكذلك إذا كان على وجيه الدب ففييه الخلف .وأميا ميا يجيب فيي
جراح العميد إذا وقعيت على الشروط التيي ذكرناهيا فهيو القصياص
لقوله تعالى {والجروح قصياص} وذلك فيميا أمكين القصياص فييه
منها ،وفيما وجد منه محل القصاص ولم يخش منه تلف النفس،
وإنما صاروا لهذا لما روي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفع القود في المأمومة والمنقلة والجائفة" فرأى مالك ومن قال
بقوله أن هذا حكيم ميا كان فيي معنيى هذه مين الجراح التيي هيي
متالف ،مثل كسر عظم الرقبة والصلب والصدر والفخذ وما أشبه
ذلك .وقييد اختلف قول مالك فييي المنقلة ،فمرة قال بالقصيياص،
ومرة قال بالدييية؛ وكذلك الميير عنييد مالك فيمييا ل يمكيين فيييه
التسياوي فيي القصياص مثيل القتصياص مين ذهاب بعيض النظير أو
بعض السمع ،ويمنع القصاص أيضا عند مالك عدم المثل مثل أن
يفقيأ أعميى عيين بصيير .واختلفوا مين هذا فيي العور يفقيأ عيين
الصيحيح عمدا ،فقال الجمهور :إن أحيب الصيحيح أن يسيتقيد منيه
فله القود ،واختلفوا إذا عفييا عيين القود ،فقال قوم :إن أحييب فله
الدية كاملة ألف دينار ،وهو مذهب مالك ،وقيل ليس له إل نصف
الدييية ،وبييه قال الشافعييي ،وهييو أيضييا منقول عيين مالك ،ويقول
الشافعييي قال ابيين القاسييم ،وبالقول الخيير قال المغيرة ميين
أصييحابه وابيين دينار .وقال الكوفيون :ليييس للصييحيح الذي فقئت
عينه إل القود أو ما اصطلحا عليه؛ وقد قيل ل يستقيد من العور
وعليييه الدييية كاملة ،روي هذا عيين ابيين المسيييب وعيين عثمان.
وعمدة صيياحب هذا القول أن عييين العور بمنزلة عينييين ،فميين
فقأها في واحدة فكأنه اقتص من اثنين في واحدة ،وإلى نحو هذا
ذهيب مين رأى أنيه إذا ترك القود أنيه له ديية كاملة ،ويلزم حاميل
هذا القول أن ل يسييتقيد ضرورة؛ وميين قال بالقود وجعييل الدييية
نصف الدية فهو أحرز لصله ،فتأمله فإنه بين بنفسه والله أعلم.
وأما هل المجروح مخير بين القصاص وأخذ الدية ،أم ليس له إل
القصياص فقيط إل أن يصيطلحا على أخيذ الديية ففييه القولن عين
مالك مثل القولين في القتل ،وكذلك أحد قولي مالك في العور
يفقيأ عيين الصيحيح :أن الصيحيح يخيير بيين أن يفقيأ عيين العور أو
يأخذ الدية ألف دينار أو خمسمائة على الختلف في ذلك.
وأميا متيى يسيتقاد مين الجرح؟ فعنيد مالك أنيه ل يسيتقاد مين جرح
إل بعييد اندماله ،وعنييد الشافعييي على الفور؛ فالشافعييي تمسييك
بالظاهير ،ومالك رأى أن يعتيبر ميا يئول إلييه أمير الجرح مخافية أن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي العميد ،وإنميا الواجيب عنده فيي العميد ميا اصيطلحا علييه وهيو
حال عليه غير مؤجل ،وهو معنى قول مالك المشهور ،لنه إذا لم
تلزمه الد ية عنده إل باصطلح فل معنى لتسميتها دية إل ما روي
عنيه أنهيا تكون مؤجلة كديية الخطيأ فههنيا يخرج حكمهيا عين حكيم
المال المصيطلح علييه ،وديية العميد عنده أرباع :خميس وعشرون
بنييت مخاض ،وخمييس وعشرون بنييت لبون ،وخمييس وعشرون
حقيية ،وخمييس وعشرون جذعيية ،وهييو قول ابيين شهاب وربيعيية،
والديية المغلظية عنده أثلثيا :ثلثون حقية ،وثلثون جذعية ،وأربعون
خلفيية وهييي الحوامييل ،ول تكون المغلظيية عنده فييي المشهور إل
في مثل فعل المدلجي بابنه؛ وعند الشافعي أنها تكون في شبه
العميد أثلثيا أيضيا ،وروى ذلك أيضا عين عمير وزييد بين ثابيت؛ وقال
أبيو ثور :الديية فيي العميد إذا عفيا ولي الدم أخماسيا كديية الخطيأ.
واختلفوا في أسنان البل في دية الخطأ ،فقال مالك والشافعي:
هيييييي أخماس :عشرون ابنييييية مخاض ،وعشرون ابنييييية لبون،
وعشرون ابين لبون ذكرا ،وعشرون حقية ،وعشرون جذعية ،وهيو
مروي عن ابن شهاب وربيعة ،وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ،أعني
التخمييس ،إل أنهيم جعلوا مكان ابين لبون ذكير ابين مخاض ذكرا،
وروي عن ابن مسعود الوجهان جميعا؛ وروي عن سيدنا علي أنه
جعلهيا أرباعيا ،أسيقط منهيا الخميس والعشريين بنيي لبون .وإلييه
ذهيب عمير بين عبيد العزييز ،ول حدييث فيي ذلك مسيند ،فدل على
الباحيية -والله أعلم -كمييا قال أبييو عميير بيين عبييد البر .وخرج
البخاري والترمذي عين ابيين مسيعود عيين النييبي صييلى الله علييه
وسيلم أنيه قال "فيي ديية الخطيأ عشرون بنيت مخاض وعشرون
ابين مخاض ذكور وعشرون بنات لبون وعشرون جذعية وعشرون
حقة"
واعتيل لهذا الحدييث أبيو عمير بأنيه روى عين حنييف ابين مالك عين
ابين مسيعود وهيو مجهول قال :وأحيب إلي فيي ذلك الروايية عين
علي ،ل نه لم يختلف في ذلك عليه كما اختلف على ا بن مسعود.
وخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من
البيييل :ثلثون بنيييت مخاض ،وثلثون بنيييت لبون ،وثلثون حقييية،
وعشرة بني لبون ذكر" قال أبو سليمان الخطابي هذا الحديث ل
أعرف أحدا ميين الفقهاء المشهورييين قال بييه وإنمييا قال أكثيير
العلماء إن دييية الخطييأ أخماس ،وإن كانوا اختلفوا فييي الصييناف؛
وقيد روي أن ديية الخطيأ مربعية عين بعيض العلماء وهيم الشعيبي
والنخعييي والحسيين البصييري ،وهؤلء جعلوهييا :خمسييا وعشرييين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مال الصبي؛ وقال مالك :على العاقلة؛ وأما أبو حنيفة فيرى أن ل
قصاص بينهما .وأ ما متى تجب؟ فإنهم اتفقوا على أن دية الخطأ
مؤجلة في ثلث سنين ،وأما دية العمد فحالة إل أن يصطلحا على
التأجيل .وأما من هم العاقلة ،فإن جمهور العلماء من أهل الحجاز
اتفقوا على أن العاقلة هيي بالقرابية مين قبيل الب ،وهيم العصيبة
دون أهييل الديوان ،وتحمييل الموالي العقييل عنييد جمهورهييم إذا
عجزت عنيه العصيبة ،إل داود فإنيه لم يير الموالي عصيبة ،ولييس
فيميا يجيب على واحيد واحيد منهيم حيد عنيد مالك؛ وقال الشافعيي:
على الغنيي دينار وعلى الفقيير نصيف دينار ،وهيي عنيد الشافعيي
مرتبة على القرابة بحسب قربهم ،فالقرب من بني أبيه ،ثم من
بني جده ،ثم من بني أبية؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه :العاقلة هم
أهل ديوانه إن كان من أهل ديوان .وعمدة أهل الحجاز أنه تعاقل
الناس فيي زمان رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم وفيي زمان
أبيي بكير ولم يكين هناك ديوان؛ وإنميا كان الديوان فيي زمين عمير
بين الخطاب .واعتميد الكوفيون حدييث جيبير بين مطعيم عين النيبي
صيلى الله علييه وسيلم أنيه قال "ل حلف فيي السيلم ،وأيميا حلف
كان فيي الجاهليية فل يزيده السيلم إل قوة" .وبالجملة فتمسيكوا
في ذلك بنحو تمسكهم في وجوب الولء للحلفاء.
واختلفوا فيي جنايية مين ل عصيبة له ول موالي وهيم السيائبة إذا
جنوا خطأ هل يكون عليه عقل أم ل؟ ،وإن كان فعلى من يكون؟
فقال مين لم يجعيل لهيم موالي :لييس على السيائبة عقيل ،وكذلك
من لم يجعل العقل على الموالي ،وهو داود وأصحابه .وقال :من
جعيييل ولءه لمييين أعتقيييه علييييه عقله ،وقال :مييين جعيييل ولءه
للمسيلمين عقله فيي بييت المال ،ومين قال إن للسيائبة أن يوالي
مين شاء جعيل عقله لمين وله ،وكيل هذه القاوييل قيد حكييت عين
السلف .والديات تختلف بحسب اختلف المودى فيه ،والمؤثر في
نقصيان الديية هيي النوثية والكفير والعبوديية .أميا ديية المرأة فإنهيم
اتفقوا على أنهيا على النصيف مين ديية الرجيل فيي النفيس فقيط.
واختلفوا فيميا دون النفيس مين الشجاج والعضاء على ميا سييأتي
القول فييه فيي ديات الجروح والعضاء .وأميا ديية أهيل الذمية إذا
قتلوا خطيأ ،فإن للعلماء فيي ذلك ثلثية أقوال :أحدهيا ديتهيم على
النصييف ميين دييية المسييلم ذكرانهييم على النصييف ميين ذكران
المسيلمين ،ونسياؤهم على النصيف مين نسيائهم ،وبيه قال مالك
وعمر بن عبيد العزيز ،وعلى هذا تكون ديية جراحهم على النصيف
من دية المسلمين .والقول الثاني أن ديتهم ثلث دية المسلم ،وبه
قال الشافعييي ،وهييو مروي عيين عميير بيين الخطاب وعثمان ابيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
عفان ،وقال بييه جماعيية ميين التابعييين .والقول الثالث :أن ديتهييم
مثيل ديية المسيلمين ،وبيه قال أبيو حنيفية والثوري وجماعية ،وهيو
مروي عيين ابين مسييعود ،وقييد روي عيين عميير وعثمان ،وقال بيه
جماعية مين التابعيين .فعمدة الفرييق الول ميا روي عين عمرو بين
شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
"دية الكافر على النصف من دية المسلم" وعمدة الحنفية عموم
قوله تعالى {وإن كان مين قوم بينكيم وبينهيم ميثاق فديية مسيلمة
إلى أهله وتحريير رقبية مؤمنية} .ومين السينة ميا رواه معمير عين
الزهري قال :ديييية اليهودي والنصيييراني وكيييل ذميييي مثيييل ديييية
المسلم .قال :وكانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي حتى كان معاوية ،فجعل في بيت
المال نصفها ،وأعطى أهل المقتول نصفها ،ثم قضى عمر بن عبد
العزيز بنصف الد ية ألغى الذي جعله معاو ية في بيت المال ،قال
الزهري :فلم يقض لي أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز فأخبره
أن الدية كانت تامة لهل الذمة.
(يتبع)...
@(تابييع- :)1 ...والصييل فييي هذا الباب قوله تعالى {وميين قتييل
مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة... ...
وأميا إذا قتيل العبيد خطيأ أو عمدا على مين ل يرى القصياص فييه،
فقال قوم :علييه قيمتيه بالغية ميا بلغيت وإن زادت على ديية الحير،
وبييه قال مالك والشافعييي وأبييو يوسييف ،وهييو قول سييعيد ابيين
المسيب وعمر بن عبد العزيز .وقال أبو حنيفة ومحمد :ل يتجاوز
بقيمية العبيد الديية؛ وقالت طائفية مين فقهاء الكوفية :فييه الديية،
ولكين ل يبلغ بيه ديية الحير ينقيص منهيا شيئا .وعمدة الحنفيية أن
الرق حال نقيص ،فوجيب أن ل تزييد قيمتيه على ديية الحير .وعمدة
من أوجب فيه الدية ولكن ناقصة عن دية الحر أنه مكلف ناقص،
فوجيب أن يكون الحكيم ناقصيا عين الحير لكين واحدا بالنوع أصيله
الحد في الزنى والقذف والخمر والطلق ،ولو قيل فيه إنها تكون
على النصييف ميين دييية الحيير لكان قول له وجييه :أعنييي فييي دييية
الخطييأ ،لكيين لم يقييل بييه أحييد .وعمدة مالك أنييه مال قييد أتلف
فوجب فيه القيمة ،أصله سائر الموال .واختلف في الواجب في
العبد على من يجب؟ فقال أبو حنيفة :هو على عاقلة القاتل ،وهو
الشهر عن الشافعي؛ وقال مالك :هو على القاتل نفسه .وعمدة
مالك تشيبيه العبيد بالعروض .وعمدة الشافعيي قياسيه على الحير.
ومما يدخل في هذا الباب من أنواع الخطأ دية الجنين ،وذلك لن
سقوط الجنين عن الضرب ليس هو عمدا محضا ،وإنما هو عمد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في أمه خطأ فيه .والنظر في هذا الباب هو أيضا في الواجب في
ضروب الجنية وفيي صيفة الجنيين الذي يجيب فييه الواجيب ،وعلى
مين تجيب ،ولمين يجيب ،وفيي شروط الوجوب .فأميا الجنية فإنهيم
اتفقوا على أن الواجيب فيي جنيين الحرة وجنيين المية مين سييدها
هو غرة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة
وغيره "أن امرأتييين ميين هذيييل رمييت إحداهمييا الخرى فطرحييت
جنينها" فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو
وليدة" واتفقوا على أن قيمة الغرة الواجبة في ذلك عند من رأى
أن الغرة فييي ذلك محدودة بالقيميية وهييو مذهييب الجمهور هييي
نصيف عشير ديية أميه؛ إل أن مين رأى أن الديية الكاملة على أهيل
الدراهم هي عشرة آلف درهم قال :دية الجنين خمسمائة درهم؛
ومن رأى أنها اثنا عشر ألف درهم قال :ستمائة درهم؛
والذييين لم يحدوا فييي ذلك حدا أو لم يحدوهييا ميين جهيية القيميية
وأجازوا إخراج قيمتهييا عنهييا قالوا :الواجييب فييي ذلك قيميية الغرة
بالغية ميا بلغيت؛ وقال داود وأهيل الظاهير :كيل ميا وقيع علييه اسيم
غرة أجزأ ،ول يجزئ عنده القيمية فيي ذلك فيميا أحسيب .واختلفوا
فيي الواجيب فيي جنيين المية وفيي جنيين الكتابيية؛ فذهيب مالك
والشافعيي إلى أن جنيين المية عشير قيمية أميه ذكرا كان أو أنثيى
يوم يجنييى عليييه؛ وفرق قوم بييين الذكيير والنثييى ،فقال قوم :إن
كان أنثى فيه عشر قيمة أمه ،وإن كان ذكرا فعشر قيمته لو كان
حيييا ،وبييه قال أبييو حنيفيية ،ول خلف عندهييم أن جنييين الميية إذا
سيقط حييا أن فييه قيمتيه؛ وقال أبيو يوسيف :فيي جنيين المية إذا
سقط ميتا من ها ما نقص من قيمة أمه .وأما جنين الذمية ،فقال
مالك والشافعيي وأبيو حنيفية :فييه عشير ديية أميه ،لكين أبيو حنيفية
على أصله في أن دية الذمي دية المسلم ،والشافعي على أصله
في أن دية الذمي ثلث دية المسلم ،ومالك على أصله في أن دية
الذمي نصف دية المسلم .وأما صفة الجنين الذي تجب فيه فإنهم
اتفقوا على أن مين شروطيه أن يخرج الجنيين ميتيا ول تموت أميه
من الضرب .واختلفوا إذا ماتت أمه من الضرب ثم سقط الجنين
ميتييا ،فقال مالك والشافعييي :ل شيييء فيييه؛ وقال أشهييب :فيييه
الغرة ،وبييه قال الليييث وربيعيية والزهري .واختلفوا ميين هذا الباب
فييي فروع ،وهييي العلميية التييي تدل على سييقوطه حيييا أو ميتييا.
فذهيب مالك وأصيحابه إلى أن علمية الحياة السيتهلل بالصيياح أو
البكاء؛ وقال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري وأكثير الفقهاء :كيل ميا
علمييت بييه الحياة فييي العادة ميين حركيية أو عطاس أو تنفييس
فأحكاميه أحكام الحيي ،وهيو الظهير .واختلفوا مين هذا الباب فيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
برجلها أو بغيير رجل ها ،وبه قال أ بو حنيفية ،إل أنيه اسيتثنى الرمحية
بالرجل أو بالذنب ،وربما احتج من لم يضمن رجل الدابة بما روي
عنيه صيلى الله علييه وسيلم "الرجيل جبار" ولم يصيح هذا الحدييث
عنيد الشافعيي ورده .وأقاوييل العلماء فيمين حفير بئرا فوقيع فييه
إنسان متقاربة؛ قال مالك :إن حفر في موضع جرت العادة الحفر
فيي مثله لم يضمين وإن تعدى فيي الحفير ضمين؛ وقال اللييث :إن
حفير فيي أرض يملكهيا لم يضمين وإن حفير فيميا ل يملك ضمين،
فمين ضمين عنده فهيو مين نوع الخطيأ .وكذلك اختلفوا فيي الدابية
الموقوفية ،فقال بعضهيم :إن أوقفهيا بحييث يجيب له أن يوقفهيا لم
يضمن ،وإن لم يفعل ضمن ،وبه قال الشافعي؛ وقال أبو حنيفة:
يضمن على كل حال ،وليس يبرئه أن يربطها بموضع يجوز له أن
يربطهيا فييه ،كميا ل ييبرئه ركوبهيا مين ضمان ميا أصيابته وإن كان
الركوب مباحييا .واختلفوا فييي الفارسييين يصييطدمان فيموت كييل
واحد منهما؛ فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة :على كل واحد منهما
دية الخر وذلك على العاقلة؛ وقال الشافعي وعثمان البتي :على
كيل واحيد منهميا نصيف ديية صياحبه ،لن كيل واحيد منهميا مات مين
فعييل نفسييه وفعييل صيياحبه .وأجمعوا على أن الطييبيب إذا أخطييأ
لزمتيه الديية ،مثيل أن يقطيع الحشفية فيي الختان ،وميا أشبيه ذلك،
لنيه فيي معنيى الجانيي خطيأ؛ وعين مالك روايية :أنيه لييس علييه
شييء ،وذلك عنده إذا كان مين أهيل الطيب ،ول خلف أنيه إذا لم
يكين مين أهيل الطيب أنيه يضمين لنيه متعيد ،وقيد ورد فيي ذلك ميع
الجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم قال "مين تطبيب ولم يعلم منيه قبيل ذلك
الطب فهو ضامن" والدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على
العاقلة ،ومن أهل العلم من جعله في مال الطبيب ،ول خلف أنه
إذا لم يكن من أهل الطب أنها في ماله على ظاهر حديث عمرو
بن شعيب.
ول خلف بينهيم أن الكفارة التيي نيص الله عليهيا فيي قتيل الحير
خطيأ واجبية .واختلفوا فيي قتيل العميد هيل فييه كفارة؟ وفيي قتيل
العبيد خطيأ ،فأوجبهيا مالك فيي قتيل الحير فقيط فيي الخطيأ دون
العميد وأوجبهيا الشافعيي فيي العميد مين طرييق الولى والحرى؛
وعنيد مالك أن العميد فيي هذا حكميه حكيم الخطيأ .واختلفوا فيي
تغليييظ الدييية فييي الشهيير الحرام وفييي البلد الحرام؛ فقال مالك
وأبيو حنيفية وابين أبيي ليلى :ل تغلظ الديية فيهميا؛ وقال الشافعيي:
تغلظ فيهما في النفس وفي الجراح .وروي عن القاسم بن محمد
وابن شهاب وغيرهم أنه يزاد فيها مثل ثلثها ،وروي ذلك عن عمر،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وكذلك عين الشافعيي مين قتيل ذا رحيم محرم .وعمدة مالك وأبيي
حنيفية عموم الظاهير فيي توقييت الديات ،فمين ادعيى فيي ذلك
تخصيييصا فعليييه الدليييل مييع أنهييم قييد أجمعوا على أنييه ل تغلظ
الكفارة فيمين قتيل فيهميا .وعمدة الشافعيي أن ذلك مروي عين
عمير وعثمان وابين عباس ،وإذا روي عين الصيحابة شييء مخالف
للقياس وجييب حمله على التوقيييف ،ووجييه مخالفتييه للقياس أن
التغلييظ فيميا وقيع خطيأ بعييد عين أصيوال الشرع ،وللفرييق الثانيي
أن يقول إنيه قيد ينقدح فيي ذلك قياس لميا ثبيت فيي الشرع مين
تعظيم الحرم واختصاصه بضمان الصيود فيه.
**2كتاب الديات فيما دون النفس.
@-والشياء التيي تجيب فيهيا الديية فيميا دون النفيس هيي شجاج
وأعضاء ،فلنبدأ بالقول فييي الشجاج ،والنظيير فييي هذا الباب فييي
محيل الوجوب وشرطيه وقدره الواجيب ،وعلى مين تجيب؟ ومتيى
تجيب؟ ولمين تجيب؟ فأميا محيل الوجوب فهيي الشجاج أو قطيع
العضاء ،والشجاج عشرة فيي اللغية والفقيه :أولهيا الداميية وهيي
التي تدمي الجلد ،ثم الخارصة وهي التي تشق الجلد ،ثم الباضعة
وهي التي تبضع اللحم :أي تشقه ،ثم المتلحمة وهي التي أخذت
فيي اللحيم ،ثيم السيمحاق وهيي التيي تبلغ السيمحاق وهيو الغشاء
الرقيق بين اللحم والعظم ويقال لها :الملطاء بالمد والقصر ،ثم
الموضحة وهي التي توضح العظم :أي تكشفه ،ثم الهاشمة وهي
التيي تهشيم العظيم ،ثيم المنقلة وهيي التيي يطيير العظيم منهيا ،ثيم
المأمومة وهي التي تصل أم الدماغ ،ثم الجائفة وهي التي تصل
إلى الجوف ،وأسيماء هذه الشجاج مختصية بميا وقيع بالوجيه منهيا
والرأس دون سييائر البدن ،واسييم الجرح يختييص بمييا وقييع فييي
البدن ،فهذه أسييماء هذه الشجاج .فأمييا أحكامهييا أعنييي الواجييب
فيهيا ،فاتفيق العلماء على أن العقيل واقيع فيي عميد الموضحية وميا
دون الموضحية خطيأ .واتفقوا على أنيه لييس فيميا دون الموضحية
خطأ عقل ،وإنما فيها حكومة ،قال بعضهم :أجرة الطبيب ،إل ما
روي عيين عميير وعثمان أنهمييا قضيييا فييي السييمحاق بنصييف دييية
الموضحية ،وروي عين علي أنيه قضيى فيهيا بأربيع مين البيل ،وروي
عن زيد بن ثابت أنه قال :في الدامية بعير ،وفي الباضعة بعيران،
وفيي المتلحمية ثل ثة أبعرة ،وفيي السيمحاق أربعية ،والجمهور من
فقهاء المصيييار على ميييا ذكرنيييا؛ وذلك أن الصيييل فيييي الجراح
الحكوميية إل مييا وقتييت فيييه السيينة حدا؛ ومالك يعتييبر فييي إلزام
الحكومة فيما دون الموضحة أن تبرأ على شين ،والغير من فقهاء
المصار يلزم فيها الحكومة برئت على شين أو لم تبرأ فهذه هي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أحكام ميا دون الموضحية .فأميا الموضحية فجمييع الفقهاء على أن
فيهيا إذا كانيت خطيأ خمسيا مين البيل ،وثبيت ذلك عين رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم فيي كتابيه لعمرو بين حزم ،ومين حدييث
عمرو بيين شعيييب عيين أبيييه عيين جده أن النييبي صييلى الله عليييه
وسييلم قال "فييي الموضحيية خمييس" يعنييي ميين البييل .واختلف
العلماء في موضع الموضحة من الجسد بعد اتفاقهم على ما قلنا،
أعنيي على وجوب القصياص فيي العميد ووجوب الديية فيي الخطيأ
منهيا ،فقال مالك :ل تكون الموضحية إل فيي جهية الرأس والجبهية
والخديين واللحيى العلى ،ول تكون فيي اللحيى السيفل لنيه فيي
حكيم العنيق ول فيي النيف؛ وأميا الشافعيي وأبيو حنيفية فالموضحية
عندهما في جميع الوجه والرأس؛ والجمهور على أنها ل تكون في
الجسيد وقال اللييث وطائفية :تكون فيي الجنيب؛ وقال الوزاعيي:
إذا كانيت فيي الجسيد كانيت مين دينهيا فيي الوجيه والرأس .وروي
عين عمير أنيه قال :فييي موضحية الجسيد نصيف عشير ديية ذلك
العضيو .وغلظ بعيض العلماء فيي موضحية الوجيه تيبرأ على شيين،
فرأى فيهيا مثيل نصيف عقلهيا زائدا على عقلهيا ،وروى ذلك مالك
عين سيليمان بين يسيار ،واضطرب قول مالك فيي ذلك ،فمرة قال
بقول سييليمان بيين يسييار ،ومرة قال :ل يزاد فيهييا على عقلهييا
شييء ،وبيه قال الجمهور؛ وقيد قييل عين مالك إنيه قال :إذا شانيت
الوجيه كان فيهيا حكومية مين غيير توقييف ،ومعنيى الحكومية عنيد
مالك ميا نقيص مين قيمتيه أن لو كان عمدا .وأميا الهاشمية ففيهيا
عنييد الجمهور عشيير الدييية ،وروي ذلك عيين زيييد بيين ثابييت ،ول
مخالف له من الصحابة ؛وقال بعض العلماء :الهاشمة هي المنقلة
وشيذ .وأميا المنقلة فل خلف أن فيهيا عشير الديية ونصيف العشير
إذا كانييت خطييأ ،فأمييا إذا كانييت عمدا ،فجمهور العلماء على أن
ليس فيها قود لمكان الخوف .وحكي عن ابن الزبير أنه أقاد منها
ومن المأمومة .وأ ما الهاشمة فيي العمد .فروى ابن القاسم عن
مالك أنيه لييس فيهيا قود .ومين أجاز القود مين المنقلة كان أحرى
أن يجييز ذلك مين الهاشمية .وأميا المأمومية فل خلف أنيه ل يقاد
منها وأن فيها ثلث الدية إل ما حكي عن ابن الزبير .وأما الجائفة
فاتفقوا على أنهييا مين جراح الجسييد ل مين جراح الرأس وأنهيا ل
يقاد منهيا وأن فيهيا ثلث الديية وأنهيا جائفية متيى وقعيت فيي الظهير
والبطيين .واختلفوا إذا وقعييت فييي غييير ذلك ميين العضاء فنفذت
إلى تجويفيه ،فحكيى مالك عين سيعيد بين المسييب أن فيي كيل
جراحة نافذة إلى تجويف عضو من العضاء -أي عضو كان -ثلث
دية ذلك العضو .وحكى ابن شهاب أنه كان ل يرى ذلك وهو الذي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
اختاره مالك لن القياس عنده فيي هذا ل يسيوغ؛ وإنميا سينده فيي
ذلك الجتهاد ميين غييير توقيييف وأمييا سييعيد فإنييه قاس ذلك على
الجائفية على نحيو ميا روي عين عمير فيي موضحية الجسيد .وأميا
الجراحات التيي تقيع فيي سيائر الجسيد فلييس فيي الخطيأ منهيا إل
الحكومة.
**3القول في ديات العضاء.
@-والصل فيما فيه من العضاء إذا قطع خطأ مال محدود ،وهو
الذي يسييمى دييية ،وكذلك ميين الجراحات والنفوس حديييث عمرو
بن حزم عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول "إن في النفس مائة من
البييل ،وفييي النييف إذا اسييتوعب جدعييا مائة ميين البييل ،وفييي
المأمومية ثلث الديية ،وفيي الجائفية مثلهيا وفيي العيين خمسيون،
وفيي الييد خمسيون ،وفيي الرجيل خمسيون ،وفيي كيل أصيبع مميا
هناك عشير مين البيل ،وفيي السين والموضحية خميس" وكيل هذا
مجمييع عليييه إل السيين والبهام ،فإنهييم اختلفوا فيهييا على مييا
سينذكره ،ومنهيا ميا اتفقوا علييه مميا لم يذكير ههنيا قياسيا على ميا
نذكييير فنقول :إن العلماء أجمعوا على أن فيييي الشفتيييين الديييية
كاملة ،والجمهور على أن فييي كييل واحدة منهمييا نصييف الدييية؛
وروي عيين قوم ميين التابعييين أن فييي السييفلى ثلثييي الدييية لنهييا
تحبييس الطعام والشراب ،وبالجملة فإن حركتهييا والمنفعيية بهييا
أعظم من حركة الشفة العليا ،وهو مذهب زيد بن ثابت .وبالجملة
فجماعية العلماء وأئمية الفتوي متفقون على أن فيي كيل زوج مين
النسان الدية ما خل الحاجبين وثديي الرجل .واختلفوا في الذنين
متييى تكون فيهمييا الدييية؟ فقال الشافعييي وأبييو حنيفيية والثوري
واللييييث :إذا اصيييطلمتا كان فيهميييا الديييية ،ولم يشترطوا إذهاب
السييمع ،بييل جعلوا فييي ذهاب السييمع الدييية مفردة .وأمييا مالك
فالمشهور عنده أنيييه ل تجيييب فيييي الذنيييين الديييية إل إذا ذهيييب
سيمعهما ،فإن لم يذهيب ففييه حكومية .وروي عين أبيي بكير أنيه
قضى في الذنين بخمس عشرة من البل وقال :إنهما ل يضران
السمع ويسترهما الشعر أو العمامة .وروي عن عمر وعلي وزيد
أنهم قضوا في الذن إذا اصطلمت نصف الدية .وأما الجمهور من
العلماء فل خلف عندهيييم أن فيييي ذهاب السيييمع الديييية .وأميييا
الحاجبان ففيهميا عنيد مالك والشافعيي حكومية؛ وقال أبيو حنيفية:
فيهميا الديية ،وكذلك فيي أشفار العيين؛ ولييس عنيد مالك فيي ذلك
إل حكومة .وعمدة الحنفية ما روي عن ابن مسعود أنه قال :في
كيل اثنيين مين النسيان الديية وتشبيههميا بميا أجمعوا علييه مين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أيضيا على إجماعهيم أنيه لييس على مين قطيع ييد مين له ييد واحدة
إل نصييف الدييية .فسييبب اختلفهييم فييي هذا معارضيية العموم
للقياس ،ومعارضة القياس للقياس
ومن أحسن ما قيل فيمن ضرب عين رجل فأذهب بعض بصرها
ميا روي مين ذلك عين علي رضيي الله عنيه أنيه أمير بالذي أصييب
بصره بأن عصبت عينه الصحيحة ،وأعطى رجل بيضة فانطلق بها
وهيو ينظير إليهيا حتيى لم يبصيرها ،فخيط عنيد أول ذلك خطيا فيي
الرض ثم أمر بعينه المصابة فعصبت وفتحت الصحيحة ،وأعطى
رجل البيضية بعينهيا فانطلق بهيا وهيو ينظير إليهيا حتيى خفييت عنيه،
فخيط أيضيا عنيد أول ميا خفييت عنيه فيي الرض خطيا ،ثيم علم ميا
بييين الخطييين ميين المسييافة ،وعلم مقدار ذلك ميين منتهييى رؤييية
العيين الصيحيحة ،فأعطاه قدر ذلك مين الديية .ويختيبر صيدقه فيي
مسيافة إدراك العيين العليلة والصيحيحة بأن يختيبر ذلك منيه مرارا
شتى في مواضع مختلفة ،فإن خرجت مسافة تلك المواضع التي
ذكر واحدة علمنا أنه صادق.
واختلف العلماء في الجناية على العين القائمة الشكل التي ذهب
بصرها؛ فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة :فيها حكومة؛ وقال زيد
بين ثابيت :فيهيا عشير الديية مائة دينار؛ وحميل ذلك الشافعيي على
أنه كان ذلك من زيد تقويما ل تقويتا .وروي عن عمر بن الخطاب
وعبيد الله بين عباس أنهميا قضييا فيي العيين القائمية الشكيل والييد
الشلء والسين السيوداء فيي كيل واحدة منهميا ثلث الديية .وقال
مالك :تتم ديية السين باسودادها ثم فيي قلع ها بعد اسودادها ديية.
واختلف العلماء فيييي العور يفقيييأ عيييين الصيييحيح عمدا؛ فقال
الجمهور :فله القود ،وإن عفيا فله الديية ،وقال قوم :كاملة؛ وقال
قوم :ن صفها ،وبيه قال الشافعيي وابين القاسيم ،وبكل القوليين قال
مالك ،وبالدييية كاملة قال المغيرة ميين أصييحابه وابيين دينار .وقال
الكوفيون :ليييييس للصييييحيح الذي فقئت عينييييه إل القود أو مييييا
اصيطلحوا علييه .وعمدة مين رأى جمييع الديية علييه إذا عفيا عين
القود أنه يجب عليه دية ما ترك له وهي العين العوراء ،وهي دية
كاملة عنيد كثيير مين أهيل العلم .ومذهيب عمير وعثمان وابين عمير
أن عين العور إذا فقئت وجب فيها ألف دينار ،لنها في حقه في
معنى العينين كليتهما إل العين الواحدة ،فإذا تركها له وجبت عليه
ديتهييا .وعمدة أولئك البقاء على الصييل؛ أعنييي أن فييي العييين
الواحدة نصيف الديية .وعمدة أبيي حنيفية أن العميد لييس فييه ديية
محدودة ،وهذه المسألة قد ذكرت في باب القود في الجراح.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييه تفاضيل الديات لتفاضيل العضاء ميع أنيه يشبيه أن يكون مين
صار إلى ذلك من الصدر الول إنما صار إليه عن توقيف ،وجميع
هذه العضاء التيي تثبيت الديية فيهيا خطيأ فيهيا القود فيي قطيع ميا
قطع وقلع ما قلع.
واختلفوا في كسر ما كسر منها مثل الساق والذراع هل فيه قود
أم ل؟ فذهب مالك وأصحابه إلى أن القود في كسر جميع العظام
إل الفخيذ والصيلب ،وقال الشافعيي واللييث :ل قصياص فيي عظيم
من العظام يكسر ،وبه قال أبو حنيفة إل أنه استثنى السن .وروي
عن ابن عباس أنه ل قصاص في عظم ،وكذلك عن عمر .قال أبو
عمير بين عبيد البر :ثبيت أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم أقاد فيي
السن المكسورة من حديث أنس قال :وقد روي من حديث آخر
أن النيبي علييه الصيلة والسيلم لم يقدر مين العظيم المقطوع فيي
غيير المفصيل إل أ نه لييس بالقوي .وروي عن مالك أن أ با بكر بن
محميد بين عمرو بين حزم أقاد مين كسير الفخيذ .واتفقوا على أن
دييية المرأة نصييف دييية الرجييل فييي النفييس .واختلفوا فييي ديات
الشجاج وأعضائهييا؛ فقال جمهور فقهاء المدينيية :تسيياوي المرأة
الرجيل فيي عقلهيا مين الشجاج والعضاء إلى أن تبلغ ثلث الديية،
فإذا بلغيت ثلث الديية عادت ديتهيا إلى النصيف مين ديية الرجيل،
أعنيي ديية أعضائهيا مين أعضائه ،مثال ذلك أن فيي كيل أصيبع مين
أصيابعها عشرا مين البيل ،وفيي اثنيين منهيا عشرون ،وفيي ثلثية
ثلثون ،وفيي أربعية عشرون ،وبيه قال مالك وأصيحابه واللييث بين
سيعد ،ورواه مالك عين سيعيد بين المسييب وعين عروة بين الزبيير،
وهييو قول زيييد بيين ثابييت ومذهييب عميير بيين عبييد العزيييز؛ وقالت
طائفيية :بييل دييية جراحيية المرأة مثييل دييية جراحيية الرجييل إلى
الموضحة ،ثم تكون ديتها على النصف من دية الرجل وهو الشهر
مين قولي ابين مسيعود ،وهيو مروي عين عثمان ،وبيه قال شرييح
وجماعية؛ وقال قوم :بيل ديية المرأة فيي جراحهيا وأطرافهيا على
النصييف ميين دييية الرجييل فييي قليييل ذلك وكثيره ،وهييو قول علي
رضي الله عنه ،وروي ذلك عن ابن مسعود ،إل أن الشهر عنه ما
ذكرناه أول ،وبهذا القول قال أبيييو حنيفييية والشافعيييي والثوري.
وعمدة قائل هذا القول أن الصييل هييو أن دييية المرأة نصييف دييية
الرجيل فواجيب التمسيك بهذا الصيل حتيى يأتيي دلييل مين السيماع
الثابييييت ،إذ القياس فييييي الديات ل يجوز وبخاصيييية لكون القول
بالفرق بييين القليييل والكثييير مخالفييا للقياس ولذلك قال ربيعيية
لسعيد ما يأتي ذكره عنه ،ول اعتماد للطائفة الولى إل مراسيل،
وميا روي عين سيعيد بين المسييب حيين سيأله ربيعية بين أبيي عبيد
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
السينة .قال :وإذا كانيت هذه الثار غيير نيص فيي القضاء بالقسيامة
والتأوييل يتطرق إليهيا فصيرفها بالتأوييل إلى الصيول أولى .وأميا
القائلون بهيا وبخاصية مالك فرأى أن سينة القسيامة سينة منفردة
بنفسيها مخصيصة للصيول كسيائر السينن المخصيصة ،وزعيم أن
العلة فيي ذلك حوطية الدماء ،وذلك أن القتيل لميا كان يكثير وكان
يقيل قيام الشهادة علييه لكون القاتيل إنميا يتحرى بالقتيل مواضيع
الخلوات جعلت هذه السينة حفظيا للدماء ،لكين هذه العلة تدخيل
عليييه فييي قطاع الطريييق والسييراق ،ذلك أن السييارق تعسيير
الشهادة عليييه ،وكذلك قاطييع الطريييق ،فلهذا أجاز مالك شهادة
المسييلوبين على السييالبين مييع مخالفيية ذلك للصييول ،وذلك أن
المسلوبين مدعون على سلبهم والله أعلم.
@(-المسألة الثانية) اختلف العلماء القائلون بالقسامة فيما يجب
بهيا ،فقال مالك وأحميد يسيتحق بهيا الدم فيي العميد والديية فيي
الخطأ؛ وقال الشافعي والثوري وجماعة :تستحق بها الدية فقط؛
وقال بعيض الكوفييين :ل يسيتحق بهيا إل دفيع الدعوى على الصيل
فيي أن اليميين إنميا تجيب على المدعيى علييه؛ وقال بعضهيم :بيل
يحلف المدعى عليه ويغرم الدية ،فعلى هذا إنما يستحق منها دفع
القود فقط ،فيكون فيها يستحق المقسمون أربعة أقوال .فعمدة
مالك ومن قال بقوله ما رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سهل
بين أبيي حثمية وفييه فقال لهيم رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
"تحلفون وتسييتحقون دم صيياحبكم" وكذلك مييا رواه ميين مرسييل
بشيير بين بشار وفييه :فقال رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم
"أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم" .وأما
عمدة مين أوجيب بهيا الديية فقيط ،فهيو أن اليمان يوجيد لهيا تأثيير
فيي اسيتحقاق الموال أعنيي فيي الشرع مثيل ميا ثبيت مين الحكيم
فييي الموال باليمييين والشاهييد ،ومثييل مييا يجييب المال بنكول
المدعى عليه أو بالنكول وقلبها على المدعي عند من يقول بقلب
اليميين ميع النكول ميع أن حدييث مالك عين ابين أبيي ليلى ضعييف
لنيه رجيل مجهول لم يروا عنيه غيير مالك .وقييل فييه أيضيا أنيه لم
يسمع من سهل .وحديث بشير ابن بشار قد اختلف في إسناده،
فأرسييله مالك وأسيينده غيره .قال القاضييي :يشبييه أن تكون هذه
العلة هييي السييبب فييي أن لم يخرج البخاري هذيييين الحديثييين،
واعتضيد عندهيم القياس فيي ذلك بميا روي عين عمير رضيي الله
عنه أنه قال :ل قود بالقسامة ،ولكن يستحق بها الدية .وأما الذين
قالوا إنما يستحق بها دفع الدعوى ف قط ،فعمدتهم أن الصل هو
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أن اليمان على المدعيى علييه ،والحادييث التيي نذكرهيا فيميا بعيد
إن شاء الله.
@(-المسييألة الثالثيية) واختلف القائلون بالقسييامة ،أعنييي الذييين
قالوا إنهيا يسيتوجب بهيا مال أو دم فيمين يبدأ باليمان الخمسيين
على مييا ورد فييي الثار؛ فقال الشافعييي وأحمييد وداود بيين علي
وغيرهيم :يبدأ المدعون؛ وقال فقهاء الكوفية والبصيرة وكثيير مين
أهييل المدينيية :بييل يبدأ المدعييى عليهييم باليمان وعمدة ميين بدأ
بالمدعين حديث مالك عن ابن أبي ليلى عن سهل بن أبي حثمة
ومرسيله عين بشيير بين يسيار .وعمدة مين رأى التبدئة بالمدعيى
عليهم ما خرجه البخاري عن سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن
يسيار أن رجل مين النصيار يقال له سيهل بين حثمية وفييه "فقال
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم :تأتون بالبينية على مين قتله"
قالوا :مييا لنييا بينيية ،قال :فيحلفون لكييم ،قالوا :مييا نرضييى بأيمان
يهود ،وكره رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم أن يبطييل دمييه،
فواداه بمائة بعيير مين إبيل الصيدقة" قال القاضيي :وهذا نيص فيي
أنه ل يستوجب باليمان الخمسين إل دفع الدعوى فقط .واحتجوا
أيضا بما خرجه أبو داود أيضا عن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن
وسيليمان بين يسيار عين رجال مين كيبراء النصيار "أن رسيول الله
صلى الله عليه وسلم قال ليهود وبدأ بهم :أيحلف منكم خمسون
رجل خمسيين يمينيا؟ فأبوا ،فقال للنصيار :احلفوا ،فقالوا :أنحلف
على الغييب ييا رسيول الله؟ فجعلهيا رسيول الله صيلى الله علييه
وسيلم ديية على يهود" لنيه وجيد بيين أظهرهيم ،وبهذا تمسيك مين
جعل اليمين في حق المدعى عليه وألزمهم الغرم مع ذلك ،وهو
حديييث صييحيح السييناد ،لنييه رواه الثقات عيين الزهري عيين أبييي
سييلمة ،وروى الكوفيون ذلك عيين عميير ،أعنييي أنييه قضييى على
المدعيى عليهيم باليميين والديية .وخرج مثله أيضيا مين تبدئة اليهود
باليمان عين رافيع بين خدييج ،واحتيج هؤلء القوم على مالك بميا
روي عين ابين شهاب الزهري عين سيليمان بين يسيار وعراك بين
مالك أن عمير بين الخطاب قال للجهنيي الذي ادعيى دم ولييه على
رجل من بني سعد وكان أجرى فرسه فوطئ على أصبع الجهني
فترى فيهييا فمات ،فقال عميير للذي ادعييى عليهييم :أتحلفون بالله
خمسييين يمينييا مييا مات منهييا؟ فأبوا أن يحلفوا وتحرجوا ،فقال
للمدعيييين :احلفوا ،فأبوا فقضيييى عليهيييم بشطييير الديييية .قالوا:
وأحاديثنيا هذه أولى مين التيي روي فيهيا تبدئة المدعيين باليمان،
لن الصل شاهد لحاديثنا من أن اليمين على المدعى عليه .قال
أبو عمر :والحاديث المتعارضة في ذلك مشهورة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي مالهيا بدلييل قوله علييه الصيلة والسيلم :تنكيح المرأة لثلث،
فذكيير مالهييا" ويقوى هذا المعنييى على أصييل ميين يرى أن المرأة
محجور عليها من زوجها فيما فوق الثلث ،أو في الثلث فما فوقه،
وهيو مذهيب مالك .ومنهيا ميا يراه أبيو حنيفية مين درء الحيد عين
واطييئ المسييتأجرة ،والجمهور على خلف ذلك ،وقوله فييي ذلك
ضعييف ومرغوب عنيه ،وكأنيه رأى أن هذه المنفعية أشبهيت سيائر
المنافع التي استأجرها عليها ،فدخلت الشبهة وأشبه نكاح المتعة.
ومنهيا درء الحيد عمين امتنيع اختلف فييه أيضيا .وبالجملة فالنكحية
الفاسدة داخلة في هذا الباب ،وأكثرها عند مالك تدرأ بالحد إل ما
انعقد منها على شخص مؤبد التحريم بالقرابة مثل الم وما أشبه
ذلك ،مما ل يعذر فيه بالجهل.
**3الباب الثاني في أصناف الزناة وعقوباتهم.
@-والزناة الذيييين تختلف العقوبييية باختلفهيييم أربعييية أصيييناف:
محصيييينون ثيييييب وأبكار وأحرار وعبيييييد وذكور وإناث .والحدود
السيييلمية ثلثييية :رجيييم ،وجلد ،وتغرييييب .فأميييا الثييييب الحرار
المحصيينون ،فإن المسييلمين أجمعوا على أن حدهييم الرجييم إل
فرقة من أهل الهواء فإنهم رأوا أن حد كل زان الجلد ،وإنما صار
الجمهور للرجيم لثبوت أحادييث الرجيم ،فخصيصوا الكتاب بالسينة
أعني قوله تعالى {الزانية والزاني} الية .واختلفوا في موضعين:
أحدهما هل يجلدون مع الرجم أم ل؟ والموضع الثاني في شروط
الحصان.
@(-أميا المسيألة الولى) فإن العلماء اختلفوا هيل يجلد مين وجيب
عليييه الرجييم قبييل الرجييم أم ل؟ فقال الجمهور :ل جلد على ميين
وجب عليه الرجم؛ وقال الحسن البصري وإسحاق وأحمد وداود:
الزانيي المحصين يجلد ثيم يرجيم .عمدة الجمهور "أن رسيول الله
صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ،ورجم امرأة من جهينة ،ورجم
يهودييين وامرأة مين عامير مين الزد ،كيل ذلك مخرج فيي الصيحاح
ولم يروا أنيه جلد واحدا منهيم .ومين جهية المعنيى أن الحيد الصيغر
ينطوي فيي الحيد الكيبر ،وذلك أن الحيد إنميا وضيع للزجير فل تأثيير
للزجيير بالضرب مييع الرجييم .وعمدة الفريييق الثانييي عموم قوله
تعالى {الزانيية والزانيي فاجلدوا كيل واحيد منهميا مائة جلدة} فلم
يخيص محصين مين غيير محصين .واحتجوا أيضيا بحدييث علي رضيي
الله عنه ،خرجه مسلم وغيره أن عليا رضي الله عنه جلد شراحة
الهمذانيي يوم الخمييس ورجمهيا يوم الجمعية وقال :جلدتهيا بكتاب
الله ،ورجمتها بسنة رسوله .وحديث عبادة بن الصامت ،وفيه أن
النيبي علييه الصيلة والسيلم قال "خذوا عنيي قيد جعيل الله لهين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
سبيل البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ،والثيب بالثيب جلد مائة
والرجم بالحجارة" وأما الحصان فإنهم اتفقوا على أنه من شرط
الرجيييم .واختلفوا فيييي شروطيييه فقال مالك :البلوغ والسيييلم
والحرييية والوطييء فييي عقييد صييحيح ،وحالة جائز فيهييا الوطييء،
والوطء المحظور عنده هو الوطء في الحيض أو في الصيام ،فإذا
زنيى بعيد الوطيء الذي بهذه الصيفة وهيو بهذه الصيفات فحده عنده
الرجيم ،ووافيق أبيو حنيفية مالكيا فيي هذه الشروط إل فيي الوطيء
المحظور؛ واشترط فيي الحريية أن تكون مين الطرفيين ،أعنيي أن
يكون الزانييي والزانييية حرييين ،ولم يشترط السييلم الشافعييي.
وعمدة الشافعييي مييا رواه مالك عيين نافييع عيين ابيين عميير ،وهييو
حديث متفق عليه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية
واليهودي اللذييين زنيييا" إذ رفييع إليييه أمرهمييا اليهود ،والله تعالى
يقول {وإن حكميت فاحكيم بينهميا بالقسيط} .وعمدة مالك مين
طرييييق المعنيييى أن الحصيييان عنده فضيلة ول فضيلة ميييع عدم
السيلم ،وهذا مبناه على أن الوطيء فيي نكاح صيحيح هيو مندوب
إليييه ،فهذا هييو حكييم الثيييب .وأمييا البكار فإن المسييلمين أجمعوا
على أن حييد البكيير فييي الزنييى الجلد مائة لقوله تعالى {الزانييية
والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
واختلفوا فييي التغريييب مييع الجلد؛ فقال أبييو حنيفيية وأصييحابه :ل
تغرييب أصيل؛ وقال الشافعيي :ل بيد مين التغرييب ميع الجلد لكيل
زان ذكرا كان أو أنثيييييييييى ،حرا كان أو عبدا؛ وقال مالك :يغرب
الرجل ول تغرب المرأة ،وبه قال الوزاعي؛ ول تغريب عند مالك
على العبيد .فعمدة من أوجب التغريب على الطلق حديث عبادة
بين الصيامت المتقدم وفييه "البكير بالبكير جلد مائة وتغرييب عام"
وكذلك مييا خرج أهييل الصييحاح عيين أبييي هريرة وزيييد بيين خالد
الجهنيي أنهميا قال "إن رجل مين العراب أتيى النيبي علييه الصيلة
والسييلم قال :يييا رسييول الله أنشدك الله إل قضيييت لي بكتاب
الله ،فقال الخصييم وهييو أفقييه منييه :نعييم اقييض بيننييا بكتاب الله
وائذن لي أن أتكلم ،فقال له النيبي صيلى الله علييه وسيلم :قيل،
قال :إن ابنيي كان عسييفا على هذا فزنيى بامرأتيه ،وإنيي أخيبرت
أن على ابنييي الرجييم فافتديتييه بمائة شاة ووليدة ،فسييألت أهييل
العلم فأخيبروني أنميا على ابنيي جلد مائة وتغرييب عام ،وأن على
امرأة هذا الرجم ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :والذي
نفسييي بيده لقضييين بينكمييا بكتاب الله :أمييا الوليدة والغنييم فرد
عليييك ،وعلى ابنييك جلد مائة وتغريييب عام ،واغييد يييا أنيييس على
امرأة هذا فإن اعترفييت فارجمهييا ،فغدا عليهييا أنيييس فاعترفييت،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
منيه إقرار فأول مين يرجيم المام ثيم الناس؛ وميا كان ببينية فأول
مين يرجيم البينية ثيم المام ثيم الناس .وقال مالك وأبيو حنيفية :ل
يحفر للمرجوم ،وخير في ذلك الشافعي؛ وقيل عنه :يحفر للمرأة
فقط.
وعمدتهيم ميا خرج البخاري ومسيلم مين حدييث جابر ،قال جابر:
ه الحجارة فيير ،فأدركناه بالحرة فرجمناه بالمصييلى ،فلمييا أذ ْلَقَت ْيي ُ
فرضخناه .وقيد روى مسيلم أنيه حفير له فيي اليوم الرابيع حفير.
وبالجملة فالحادييث فيي ذلك مختلفية .قال أحميد :أكثير الحادييث
على أن ل حفييير؛ وقال مالك :يضرب فيييي الحدود الظهييير وميييا
يقاربيه؛ وقال أبيو حنيفية والشافعيي :يضرب سيائر العضاء ويتقيى
الفرج والوجيه؛ وزاد أبيو حنيفية الرأس؛ ويجرد الرجيل عنيد مالك
في ضرب الحدود كلها ،وعند الشافعي وأبي حنيفة ما عدا القذف
على ميا سييأتي بعيد؛ ويضرب عنيد الجمهور قاعدا ول يقام قائميا
لمين قال :إنيه يقام لظاهير اليية ،ويسيتحب عنيد الجمييع أن يحضير
المام عند إقامة الحدود طائفة من الناس لقوله تعالى {وليشهد
عذابهميا طائفية مين المؤمنيين} .واختلفوا فيميا يدل علييه اسيم
الطائفة ،فقال مالك :أربعة ،وقيل ثلثة ،وقيل اثنان ،وقيل سبعة،
وقييل ميا فوقهيا .أميا الوقيت ،فإن الجمهور على أنيه ل يقام فيي
الحيير الشديييد ول فييي البرد ،ول يقام على المريييض؛ وقال قوم:
يقام ،وبه قال أحمد وإسحاق ،واحتجا بحديث عمر أنه أقام الحد
على قدامية وهيو مرييض .وسيبب الخلف معارضية أهيل الظواهير
للمفهوم مين الحيد ،وهيو أن يقام حييث ل يغلب على ظين المقييم
له فوات نفييس المحدود؛ فميين نظيير إلى الميير بإقاميية الحدود
مطلقييا ميين غييير اسييتثناء قال :يحييد المريييض؛ وميين نظيير إلى
المفهوم مين الحيد قال :ل يحيد المرييض حتيى ييبرأ ،وكذلك المير
في شدة الحر والبرد.
**3الباب الثالث وهو معرفة ما تثبت به هذه الفاحشة.
@-وأجمييييع العلماء على أن الزنييييى يثبييييت بالقرار وبالشهادة.
واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء الغير المتزوجات إذا
ادعييين السييتكراه .وكذلك اختلفوا فييي شروط القرار وشروط
الشهادة .فأميا القرار فإنهيم اختلفوا فييه فيي موضعيين :أحدهميا
عدد مرات القرار الذي يلزم بيه الحيد .والموضيع الثانيي هيل مين
شرطيه أن ل يرجيع عين القرار حتيى يقام علييه الحيد؟ أميا عدد
القرار الذي يجيب بيه الحيد ،فإن مالكيا والشافعيي يقولن :يكفيي
فيي وجوب الحيد علييه اعترافيه بيه مرة واحدة ،وبيه قال أبيو داود
وأبيو ثور والطيبري وجماعية؛ وقال أبيو حنيفية وأصيحابه وابين أبيي
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ليلى :ل يجب الحد إل بأقارير أربعة مرة بعد مرة ،وبه قال أحمد
وإسيحاق ،وزاد أبيو حنيفية وأصيحابه :فيي مجالس متفرقية .وعمدة
مالك والشافعيي ما جاء فيي حدييث أبي هريرة وزيد بن خالد من
قوله عليييه الصييلة والسييلم "اغييد يييا أنيييس على امرأة هذا ،فإن
اعترفييت فارجمهييا ،فاعترفييت فرجمهييا" ولم يذكيير عددا .وعمدة
الكوفييين ميا ورد مين حدييث سيعيد بين جيبير عين ابين عباس عين
النبي عليه الصلة والسلم "أنه رد ماعزا حتى أقر أربع مرات ثم
أمير برجميه" وفيي غيره مين الحادييث قالوا :وميا ورد فيي بعيض
الروايات أنيه أقير مرة ومرتيين وثلثيا تقصيير ،ومين قصير فلييس
بحجة على من حفظ.
@(-وأما المسلة الثانية) وهيي من اعترف بالزنى ثم رجع ،فقال
جمهور العلماء يقبييل رجوعييه ،إل ابيين أبييي ليلى وعثمان البتييي؛
وفصل مالك فقال :إن رجع إلى شبهة قبل رجوعه .وأما إن رجع
إلى غير شبهة فعنه في ذلك روايتان :إحداهما يقبل وهي الرواية
المشهورة .والثانية ل يقبل رجوعه ،وإنما صار الجمهور إلى تأثير
الرجوع فيي القرار لميا ثبيت مين تقريره صيلى الله علييه وسيلم
ماعزا وغيره مرة بعييد مرة لعله يرجييع ،ولذلك ل يجييب على ميين
أوجب سقوط الحد بالرجوع أن يكون التمادي على القرار شرطا
ميين شروط الحييد .وقييد روي ميين طريييق "أن ماعزا لمييا رجييم
ومسته الحجارة هرب فاتبعوه ،فقال لهم :ردوني إلى رسول الله
علييه الصيلة والسيلم ،فقتلوه رجميا وذكروا ذلك إلى النيبي علييه
الصيلة والسيلم فقال :هل تركتموه لعله يتوب فيتوب الله علييه"
ومن هنا تعلق الشافعي بأن التوبة تسقط الحدود ،والجمهور على
خلفيه ،وعلى هذا يكون عدم التوبية شرطيا ثالثيا فيي وجوب الحيد.
وأما ثبوت الزنى بالشهود فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنى
بالشهود ،وأن العدد المشترط فييي الشهود أربعيية بخلف سييائر
الحقوق لقوله تعالى {ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} وأن من صفتهم
أن يكونوا عدول ،وأن ميين شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينيية
فرجيه فيي فرجهيا ،وأنهيا تكون بالتصيريح ل بالكنايية ،وجمهورهيم
على أن من شرط هذه الشهادة أن ل تختلف ل في زمان ول في
مكان إل ميا حكيي عين أبيي حنيفية مين مسيألة الزواييا المشهورة،
وهيو أن يشهيد كيل واحيد من الربعية أنيه رآهيا فيي ركين مين البييت
يطؤهيا غيير الركين الذي رآه فييه الخير .وسيبب الخلف هيل تلفيق
الشهادة المختلفيييية بالمكان أم ل تلفييييق كالشهادة المختلفيييية
بالزمان؟ فإنهيم أجمعوا على أنهيا ل تلفيق ،والمكان أشبيه شييء
بالزمان .والظاهيير ميين الشرع قصييده إلى التوثييق فييي ثبوت هذا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلفوا إن كانيت كافرة أو أمية ،فقال مالك :سواء كانيت حرة أو
أمة أو مسلمة أو كافرة يجب الحد .وقال إبراهيم النخعي :ل حد
علييييه إذا كانيييت أم المقذوف أمييية أو كتابيييية ،وهيييو قياس قول
الشافعي وأبي حني فة .واتفقوا أن القذف إذا كان بهذين المعنيين
أنيه إذا كان بلفيظ صيريح وجيب الحيد ،واختلفوا إن كان بتعرييض،
فقال الشافعيي وأبيو حنيفية والثوري وابين أبيي ليلى :ل حيد فيي
التعرييض ،إل أن أبيا حنيفية والشافعيي يريان فييه التعزيير ،وممين
قال بقولهيم مين الصيحابة ابين مسيعود؛ وقال مالك وأصيحابه :فيي
التعرييض الحيد ،وهيي مسيألة وقعيت فيي زمان عمير ،فشاور عمير
فيهيا الصيحابة ،فاختلفوا فيهيا علييه ،فرأى عمير فيهيا الحيد .وعمدة
مالك أن الكنايية قيد تقوم بعرف العادة ،والسيتعمال مقام النيص
الصيريح ،وإن كان اللفيظ فيهيا مسيتعمل فيي غيير موضعيه أعنيي
مقول بالسييتعارة .وعمدة الجمهور أن الحتمال الذي فييي السييم
المسيتعار شبهية ،والحدود تدرأ بالشبهات ،والحيق أن الكنايية قيد
تقوم فيي مواضع مقام النص ،وقيد تضعف فيي مواضيع ،وذلك أنيه
إذا لم يكثير السيتعمال لهيا والذي يندرئ بيه الحيد عين القاذف أن
يثبيت زنيى المقذوف بأربعية شهود باجماع ،والشهود عنيد مالك إذا
كانوا أقيل من أربعية قذفية وعنيد غيره ليسوا بقذفية ،وإن ما اختلف
المذهب في الشهود الذين يشهدون على شهود الصل .والسبب
فيي اختلفهيم هيل يشترط فيي نقيل شهادة كيل واحيد منهيم عدد
شهود الصيل أم يكفيي فيي ذلك اثنان على الصيل المعتيبر فيميا
سيوى القذف إذ كانوا ممين ل يسيتقل بهيم نقيل الشهادة مين قبيل
العدد.
وأميا الحيد فالنظير فييه فيي جنسيه وتوقيتيه ومسيقطه أميا جنسيه،
فإنهيييم اتفقوا على أنيييه ثمانون جلدة للقاذف الحييير لقوله تعالى
{ثمانين جلدة} .واختلفوا في العبد يقذف الحر :كم حده؟ فقال
الجمهور مين فقهاء المصيار حده نصيف حيد الحير ،وذلك أربعون
جلدة ،وروي ذلك عيين الخلفاء الربعيية ،وعيين ابيين عباس :وقالت
طائفة :حده حد الحر ،وبه قال ابن مسعود من الصحابة وعمر بن
عبيد العزييز وجماعية مين فقهاء المصيار :أبيو ثور والوزاعيي وداود
وأصيييحابه ميين أهييل الظاهيير .فعمدة الجمهور قياس حده فييي
القذف على حده في الزنى .وأما أهل الظاهر فتمسكوا في ذلك
بالعموم ولمييا أجمعوا أيضييا أن حييد الكتابييي ثمانون ،فكان العبييد
أحرى بذلك .وأما التوقيت فإنهم اتفقوا على أنه إذا قذف شخصا
واحدا مرار كثيرة ،فعليه حد واحد إذا لم يحد بواحد منها ،وأنه إذ
قذف فحيد ثيم قذفيه ثانيية حيد حدا ثانييا واختلفوا إذا قذف جماعية،
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فقالت طائفيية :ليييس عليييه إل حييد واحييد جمعهييم فييي القذف أو
فرقهيم ،وبيه قال مالك وأبيو حنيفية والثوري وأحميد وجماعية وقال
قوم :بل عليه لكل واحد حد ،وبه قال الشافعي والليث وجماعة
حتى روي عن الحسن بن حيى أنه قال :إن قال إنسان :من دخل
هذه الدار فهيو زان جلد الحيد لكيل مين دخلهيا؛ وقالت طائفية إن
جمعهم في كلمة واحدة مثل أن يقول لهم يا زناة فحد واحد ،وإن
قال لكل واحد منهم يا زاني فعليه لكل إنسان منهم حد .فعمدة
ميين لم يوجييب على قاذف الجماعيية إل حدا واحدا حديييث أنييس
وغيره أن هلل بين أميية قذف امرأتيه بشرييك بين سيحماء ،فرفيع
ذلك إلى النييبي عليييه الصييلة والسييلم فلعيين بينهمييا ولم يحده
لشرييك ،وذلك إجماع مين أهيل العلم فيمين قذف زوجتيه برجيل.
وعمدة مين رأى أن الحيد لكيل واحيد منهيم أنيه حيق للدمييين ،وأنيه
لو عفا بعضهم ولم يعف الكل لم يسقط الحد .وأما من فرق بين
قذفهييم فييي كلميية واحدة أو كلمات أو فييي مجلس واحييد أو فييي
مجالس ،فلنيه رأى أنيه واجيب أن يتعدد الحيد بتعدد القذف ،لنيه
إذا اجتمع تعدد المقذوف وتعدد القذف كان أوجب أن يتعدد الحد،
وأميا سيقوطه فإنهيم اختلفوا فيي سيقوطه بعفيو القاذف ،فقال أبيو
حنيفيية والثوري والوزاعييي :ل يصييح العفييو :أي ل يسييقط الحييد؛
وقال الشافعي :يصح العفو أي يسقط الحد بلغ المام أو لم يبلغ؛
وقال قوم :إن بلغ المام لم يجيز العفيو ،وإن لم يبلغيه جاز العفيو.
واختلف قول مالك فيييي ذلك ،فمرة قال بقول الشافعيييي ،ومرة
قال :يجوز إذا لم يبلغ المام ،وإن بلغ لم يجيييز إل أن يرييييد بذلك
المقذوف الستر على نفسه ،وهو المشهور عنه.
والسيبب فيي اختلفهيم هيل هيو حيق لله؟ أو حيق للدمييين ،أو حيق
لكليهميا؟ فمين قال حيق لله لم يجيز العفيو كالزنيى؛ ومين قال حيق
للدميين أجاز العفو؛ ومن قال لكليهما وغلب حق المام إذا وصل
إليه قال بالفرق بين أن يصل المام أو ل يصل ،وقياسا على الثر
الوارد في السرقة .وعمدة من رأى أنه حق للدميين وهو الظهر
أن المقذوف إذا صيدقه فيميا قذفيه بيه سيقط عنيه الحيد .وأميا مين
يقيم الحد فل خلف أن المام يقيمه في القذف .واتفقوا على أنه
يجيب على القاذف ميع الحيد سيقوط شهادتيه ميا لم يتيب .واختلفوا
إذا تاب؛ فقال مالك :تجوز شهادتيه ،وبيه قال الشافعيي؛ وقال أبيو
حنيفية :ل تجوز شهادتيه أبدا .والسيبب فيي اختلفهيم هيل السيتثناء
يعود إلى الجملة المتقدميية أو يعود إلى أقرب مذكور ،وذلك فييي
قوله تعالى {ول تقبلوا لهيم شهادة أبدا وأولئك هيم الفاسيقون إل
الذيين تابوا} فمين قال يعود إلى أقرب مذكور قال :التوبية ترفيع
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
غير محدود ،وأن أبا بكر رضي الله عنه شاور أصحاب رسول الله
صيلى الله علييه وسيلم :كيم بلغ ضرب رسيول الله صيلى الله علييه
شراب الخميير؟ فقدروه بأربعييين .وروي عيين أبييي سييعيد وسييلم ل ُ
الخدري "أن رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم ضرب فيي الخمير
بنعليين أربعيين" فجعيل عمير مكان كيل نعيل سيوطا .وروي مين
طريق آخر عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا ،وهو "أن
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم ضرب فييي الخميير أربعييين"
وروي هذا عين علي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم مين طرييق
أثبت ،وبه قال الشافعي وأما من يقيم هذا الحد فاتفقوا على أن
المام يقيميه ،وكذلك المير فيي سيائر الحدود واختلفوا فيي إقامية
السييادات الحدود على عييبيدهم ،فقال مالك :يقيييم السيييد على
عبده حد الزنى وحد القذف إذا شهد عنده الشهود ،ول يفعل ذلك
بعلم نفسييه ،ول يقطييع فييي السييرقة إل المام ،وبييه قال الليييث،
وقال أبيييو حنيفييية :ل يقييييم الحدود على العبييييد إل المام؛ وقال
الشافعيي :يقييم السييد على عبده جمييع الحدود ،وهيو قول أحميد
وإسييحاق وأبييي ثور .فعمدة مالك الحديييث المشهور "أن رسييول
الله صيلى الله علييه وسيلم سيئل عين المية إذا زنيت ولم تحصين
فقال :إن زنييت فاجلدوهييا ،ثييم إن زنييت فاجلدوهييا ،ثييم إن زنييت
فاجلدوها ،ثم بيعوها ولو بضفير" وقوله عليه الصلة والسلم "إذا
زنييت أميية أحدكييم فليجلدهييا" .وأمييا الشافعييي فاعتمييد مييع هذه
الحادييث ميا روي عنيه صيلى الله علييه وسيلم مين حدييث عنيه أنيه
قال "أقيموا الحدود على مييا ملكييت أيمانكييم" ولنييه أيضييا مروي
عين جماعية مين الصيحابة ول مخالف لهيم ،منهيم ابين عمير وابين
مسيعود وأنيس .وعمدة أبيي حنيفية الجماع على أن الصيل فيي
إقامية الحدود هيو السيلطان .وروي عين الحسين وعمير بين عبيد
العزييز وغيرهيم أنهيم قالوا :الجمعية والزكاة والفيئ والحكيم إلى
السلطان.
@(-فصييل) وأمييا بماذا يثبييت هذا الحييد ،فاتفييق العلماء على أنييه
يثبت بالقرار وبشهادة عدلين .واختلفوا في ثبوته بالرائحة ،فقال
مالك وأصحابه وجمهور أهل الحجاز :يجب الحد بالرائحة إذا شهد
بهيا عنيد الحاكيم شاهدان عدلن؛ وخالفيه فيي ذلك الشافعيي وأبيو
حنيفيية وجمهور أهييل العراق وطائفيية ميين أهييل الحجاز وجمهور
علماء البصييرة فقالوا :ل يثبييت الحييد بالرائحيية .فعمدة ميين أجاز
الشهادة على الرائحيية تشبيههييا بالشهادة على الصييوت والخييط.
وعمدة من لم يثبتها اشتباه الروائح ،والحد يدرأ بالشبهة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب السرقة.
@-والنظييير فيييي هذا الكتاب فيييي حيييد السيييرقة ،وفيييي شروط
المسيروق الذي يجيب بيه الحيد ،وفيي صيفات السيارق الذي يجيب
عليييه الحييد ،وفييي العقوبيية ،وفيمييا تثبييت بييه هذه الجناييية .فأمييا
السيرقة ،فهيي أخيذ مال الغيير مسيتترا مين غيير أن يؤتمين علييه،
وإنما قلنا هذا لنهم أجمعوا أنه ليس في الخيانة ول في الختلس
قطيع إل إياس بين معاويية ،فإنيه أوجيب فيي الخلسية القطيع ،وذلك
مروي عين النيبي علييه الصيلة والسيلم .وأوجيب أيضيا قوم القطيع
على ميين اسييتعار حليييا أو متاعييا ثييم جحده لمكان حديييث المرأة
المخزوميية المشهور "أنهيا كانيت تسيتعير الحلى ،وأن رسيول الله
صيلى الله علييه وسيلم قطعهيا لموضيع جحودهيا" وبيه قال أحميد
وإسيحاق والحدييث حدييث عائشية قالت "كانيت امرأة مخزوميية
تسيتعير المتاع وتجحده ،فأمير النيبي علييه الصيلة والسيلم بقطيع
يدها ،فأتى أسامة أهلها فكلموه ،فكلم أسامة النبي عليه الصلة
والسييلم ،فقال النييبي عليييه الصييلة والسييلم :يييا أسييامة ل أراك
تتكلم فيي حيد مين حدود الله ،ثيم قام النيبي علييه الصيلة والسيلم
خطيبييا فقال" :وإنمييا أهلك ميين كان قبلكييم أنييه إذا سييرق فيهييم
الشرييف تركوه ،وإذا سيرق الضعييف قطعوه ،والذي نفسيي بيده
لو كانيت فاطمية بنيت محميد لقطعتهيا" ورد الجمهور هذا الحدييث
لنيه مخالف للصيول ،وذلك أن المعار مأمون وأنيه لم يأخيذ بغيير
إذن فضل أن يأخيذ مين حرز ،قالوا :وفيي الحدييث حذف ،وهيو أنهيا
سيييرقت ميييع أنهيييا جحدت ،ويدل على ذلك قوله علييييه الصيييلة
والسيلم "إنميا أهلك مين كان قبلكيم أنيه إذا سيرق فيهيم الشرييف
تركوه" قالوا :وروى هذا الحديييث الليييث بيين سييعد عيين الزهري
بإسناده ،فقال فييه :إن المخزوميية سرقت ،قالوا :وهذا يدل على
أنهيا فعلت المريين جميعيا الجحيد والسيرقة .وكذلك أجمعوا على
أنييه ليييس على الغاصييب ول على المكابر المغالب قطييع إل أن
يكون قاطع طريق شاهرا للسلح على المسلمين مخيفا للسبيل،
فحكميه حكيم المحارب على ميا سييأتي فيي حيد المحارب .وأميا
السيارق الذي يجيب علييه حيد السيرقة ،فإنهيم اتفقوا على أن مين
شرطه أن يكون مكلفا ،وسواء كان حرا أو عبدا ،ذكرا أو أنثى ،أو
مسيلما ،أو ذميييا ،إل ميا روي فييي الصييدر الول مين الخلف فييي
قطع يد العبد البق إذا سرق ،وروي ذلك عن ابن عباس وعثمان
ومروان وعميير ابيين عبييد العزيييز ،ولم يختلف فيييه بعييد العصيير
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
في مجن قيمته ثلثة دراهم "وحديث عائشة أوقفه مالك وأسنده
البخاري ومسيلم إلى النيبي علييه الصيلة والسيلم أنيه قال "تقطيع
اليد في ربع دينار فصاعدا" وأما عمدة فقهاء العراق فحديث ابن
عمير المذكور ،قالوا :ولكين قيمية المجين هيو عشرة دراهيم وروي
ذلك في أحاديث.
وقد خالف ابن عمر في قيمة المجن من الصحابة كثير ممن رأى
القطع في المجن كابن عباس وغيره .وقد روى محمد بن إسحاق
عين أيوب بين موسيى عين عطاء عين ابين عباس قال :كان ثمين
المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم.
قالوا :وإذا وجد الخلف في ثمن المجن وجب أن ل تقطع اليد إل
بيقيين ،وهذا الذي قالوه هيو كلم حسين لول حدييث عائشية ،وهيو
الذي اعتمده الشافعيي فيي هذه المسيألة وجعيل الصيل هيو الربيع
دينار .وأميا مالك فاعتضيد عنده حدييث ابين عمير بحدييث عثمان
الذي رواه ،وهييو أنييه قطييع فييي أترجيية قومييت بثلثيية دراهييم،
والشافعييي يعتذر عيين حديييث عثمان ميين قبييل أن الصييرف كان
عندهييم فييي ذلك الوقييت اثنييا عشرة درهمييا (هكذا هذه العبارة
بجميع الصول ،ولينظر ما معناها ا هي مصححه) والقطع في ثلثة
دراهيم أحفيظ للموال ،والقطيع فيي عشرة دراهيم أدخيل فيي باب
التجاوز والصييفح عيين يسييير المال وشرف العضييو ،والجمييع بييين
حديث ابن عمر وحديث عائشة وفعل عثمان ممكن على مذهب
الشافعيي وغيير ممكين على مذهيب غيره ،فإن كان الجميع أولى
ميين الترجيييح فمذهييب الشافعييي أولى المذاهييب ،فهذا هييو أحييد
الشروط المشترطيية بالقطييع .واختلفوا ميين هذا الباب فييي فرع
مشهور وهو إذا سرقت الجماعة ما يجب فيه القطع ،أعني نصابا
دون أن يكون حيييظ كيييل واحيييد منهيييم نصيييابا ،وذلك أن يخرجوا
النصياب مين الحرز معيا ،مثيل أن يكون عدل أو صيندوقا يسياوي
النصياب؛ فقال مالك :يقطعون جميعيا ،وبيه قال الشافعيي وأحميد
وأبو ثور؛ وقال أبو حنيفة :ل قطع عليهم حتى يكون ما أخذه كل
واحد منهم نصابا؛ فمن قطع الجميع رأى العقوبة إنما تتعلق بقدر
مال المسييروق :أي أن هذا القدر ميين المال المسييروق هييو الذي
يوجيب القطيع لحفيظ المال؛ ومين رأى أن القطيع إنميا علق بهذا
القدر ل بميا دونيه لمكان حرمية الييد قال :ل تقطيع أييد كثيرة فيميا
أوجب فيه الشرع قطع يد واحدة.
واختلفوا متييى يقدر المسييروق؛ فقال مالك :يوم السييرقة؛ وقال
أبييو حنيفيية :يوم الحكييم عليييه بالقطييع .وأمييا الشرط الثانييي فييي
وجوب هذا الحيد فهيو الحرز ،وذلك أن جمييع فقهاء المصيار الذيين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلي أو غيره إل
أن يكون معييه حافييظ يحفظييه؛ وميين سييرق ميين الكعبيية شيئا لم
يقطيع عنده ،وكذلك مين المسياجد؛ وقيد قييل فيي المذهيب إنيه أن
سيرق منهيا ليل قطيع .وفروع هذا الباب كثيرة فيميا هيو حرز وميا
ليس بحرز .واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمي مخرجا
للشيء من حرزه وجب عليه القطع ،وسواء كان داخل الحرز أو
خارجيه .وإذا ترددت التسيمية وقيع الخلف ،مثيل اختلف المذهيب
إذا كان سييارقان :أحدهمييا داخييل البيييت ،والخيير خارجييه ،فقرب
أحدهما المتاع المسروق إلى ثقب في البيت فتناوله الخر ،فقيل
القطيع على الخارج المتناول له؛ وقييل :ل قطيع على واحيد منهميا؛
وقييل القطيع على المقرب للمتاع مين الثقيب .والخلف فيي هذا
كله آييل إلى انطلق اسييم المخرج مين الحرز علييه أو لنطلقييه.
فهذا هييو القول فييي الحرز واشتراطييه فييي وجوب القطييع ،وميين
رمى بالمسروق من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع ،وقد توقف
مالك فييه إذا أخيذ بعيد رمييه وقبيل أن يخرج؛ وقال ابين القاسيم:
يقطع.
@(-فصل) وأما جنس المسروق ،فإن العلماء اتفقوا على أن كل
متملك غيير ناطيق يجوز بيعيه وأخيذ العوض منيه ،فإنيه يجيب فيي
سييرقته القطييع مييا عدا الشياء الرطبيية المأكولة ،والشياء التييي
أصييلها مباحيية فإنهييم اختلفوا فييي ذلك ،فذهييب الجمهور إلى أن
القطييع فييي كييل متموَّل يجوز بيعييه وأخييذ العوض فيييه؛ وقال أبييو
حنيفية :ل قطيع فيي الطعام ول فيميا أصيله مباح كالصييد والحطيب
والحشييش .فعمدة الجمهور عموم اليية الموجبية للقطيع وعموم
الثار الواردة فيي اشتراط النصياب .وعمدة أبيي حنيفية فيي منعيه
القطيع فيي الطعام الرطيب قوله علييه الصيلة والسيلم "ل قطيع
في ثمر ول كُث ْر" وذلك أن هذا الحديث روي هكذا مطلقا من غير
زيادة .وعمدته أيضا في منع القطع فيما أصله مباح الشبهة التي
فييه لكيل مالك ،وذلك أنهيم اتفقوا على أن مين شرط المسيروق
الذي يجييب فيييه القطييع أن ل يكون للسييارق فيييه شبهيية ملك.
واختلفوا فيما هو شبهة تدرأ الحد مما ليس بشبهة ،وهذا هو أيضا
أحد الشروط المشترطة في المسروق هو في ثلثة مواضع :في
جنسييه ،وقدره ،وشروطييه ،وسييتأتي هذه المسييألة فيمييا بعييد.
واختلفوا من هذا الباب أعني من النظر في جنس المسروق في
المصحف فقال مالك والشافعي :يقطع سارقه؛ وقال أبو حنيفة:
ل يقطيع ،ولعيل هذا مين أبيي حنيفية بناء على أنيه ل يجوز بيعيه ،أو
أن لكل أحد فيه حقا إذ ليس بمال .واختلفوا من هذا الباب فيمن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
القطع فيما حكى عنه ابن القاسم .فعمدة من جمع بين المرين
أنه اجتمع في السرقة حقان :حق لله ،وحق للدمي ،فاقتضى كل
حق موجبه ،وأيضا فإنهم لما أجمعوا على أخذه منه إذا وجد بعينه
لزم إذا لم يوجييد بعينييه عنده أن يكون فييي ضمانييه قياسييا على
سيائر الموال الواجبية .وعمدة الكوفييين حدييث عبيد الرحمين بين
عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ل يغرم السارق
إذا أقيم عليه الحد" وهذا الحديث مضعف عند أهل الحديث .قال
أبيو عمير :لنيه عندهيم مقطوع ،قال :وقيد وصيله بعضهيم وخرجيه
النسييائي .والكوفيون يقولون :إن اجتماع حقييين فييي حييق واحييد
مخالف للصول ،ويقولون إن القطع هو بدل من الغرم ،ومن هنا
يرون أنه إذا سرق شيئا ما فقطع فيه ثم سرقه ثانيا أنه ل يقطع
فييه .وأميا تفرقية مالك فاسيتحسان على غيير قياس .وأميا القطيع
فالنظر في محله وفيمن سرق وقد عدم المحل .أما محل القطع
فهو اليد اليمنى باتفاق من الكوع ،وهو الذي عليه الجمهور؛ وقال
قوم :الصابع فقط .فأما إذا سرق من قد قطعت يده اليمنى في
السيييرقة ،فإنهيييم اختلفوا فيييي ذلك فقال أهيييل الحجاز والعراق:
تقطيع رجله اليسيرى بعيد الييد اليمنيى؛ وقال بعيض أهيل الظاهير
وبعض التابعين :تقطع اليد اليسرى بعد اليمنى ،ول يقطع منه غير
ذلك .واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة بعد اتفاقهم على قطع
الرجيل اليسيرى بعيد الييد اليمنيى ،هيل يقيف القطيع إن سيرق ثالثية
أم ل؟ فقال سيفيان وأبيو حنيفية :يقيف القطيع فيي الرجيل ،وإنميا
علييه فيي الثالثية الغرم فقيط؛ وقال مالك والشافعيي :إن سيرق
ثالثيية قطعييت يده اليسييرى ،ثييم إن سييرق رابعيية قطعييت رجله
اليمنى ،وكل القولين مروي عن عمر وأبي بكر ،أعني قول مالك
وأبي حنيفة .فعمدة من لم ير إل قطع اليد قوله تعالى {والسارق
والسيارقة فاقطعوا أيديهميا} ولم يذكير الرجيل إل فيي المحاربيين
فقيط .وعمدة مين قطيع الرجيل بعيد الييد ميا روي "أن النيبي صيلى
الله علييه وسيلم أتيى بعبيد سيرق فقطيع يده اليمنيى ،ثيم الثانيية
فقطع رجله ،ثم أتى به في الثالثة فقطع يده اليسرى ،ثم أتى به
في الرابعة فقطع رجله" وروي هذا من حديث جابر بن عبد الله،
وفييه "ثيم أخذه الخامسية فقتله" إل أنيه منكير عنيد أهيل الحدييث،
ويرده قوله علييه الصيلة والسيلم "هين فواحيش وفيهين عقوبية"
ولم يذكر قتل .وحديث ابن عباس "أن النبي عليه الصلة والسلم
قطيع الرجيل بعيد الييد" وعنيد مالك أنيه يؤدب فيي الخامسية ،فإذا
ذهب محل القطع من غير سرقة بأن كانت اليد شلء ،فقيل في
المذهييب ينتقييل القطييع إلى اليييد اليسييرى ،وقيييل إلى الرجييل.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
واختلف فيي موضيع القطيع مين القدم ،فقييل يقطيع مين المفصيل
الذي فيي أصيل السياق ،وقييل يدخيل الكعبان فيي القطيع ،وقييل ل
يدخلن ،وقييل إنهيا تقطيع مين المفصيل الذي فيي وسيط القدم.
واتفقوا على أن لصيياحب السييرقة أن يعفييو عيين السييارق مييا لم
ير فع ذلك إلى المام لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم قال "تعافوا الحدود
بينكم فما بلغني من حد فقد وجب" وقوله عليه الصلة والسلم
"لو كانيت فاطمية بنيت محميد لقميت عليهيا الحيد" وقوله لصيفوان
"هل كان ذلك قبيل أن تأتينيي بيه؟" .واختلفوا فيي السيارق يسيرق
ميا يجيب فييه القطيع فيرفيع إلى المام وقيد وهبيه صياحب السيرقة
مييا سييرقه ،أو يهبييه له بعييد الرفييع وقبييل القطييع؛ فقال مالك
والشافعيي :علييه الحيد ،لنيه قيد رفيع إلى المام وقال أبيو حنيفية
وطائفة :ل حد عليه .فعمدة الجمهور حديث مالك عن ابن شهاب
عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له "إن من
لم يهاجيير هلك ،فقدم صييفوان بيين أمييية إلى المدينيية ،فنام فييي
المسيجد وتوسيد رداءه فجاء سيارق فأخييذ رداءه ،فأخييذ صيفوان
السارق فجاء به إلى ر سول الله صلى الله عليه وسلم ،فأمر به
رسيول الله صيلى الله علييه وسيلم أن تقطيع يده ،فقال صيفوان:
لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة ،فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :فهل قبل أن تأتيني به".
**3القول فيما تثبت به السرقة.
@-واتفقوا على أن السييرقة تثبييت بشاهدييين عدلييين ،وعلى أنهييا
تثبيت بإقرار الحير .واختلفوا فيي إقرار العبيد؛ فقال جمهور فقهاء
المصييار :إقراره على نفسييه موجييب لحده ،وليييس يوجييب عليييه
غرميا؛ وقال زفير :ل يجيب إقرار العبيد على نفسيه بميا يوجيب قتله
ول قطع يده لكونه مال لموله ،وبه قال شريح والشافعي وقتادة
وجماعية ،وإن رجيع عين القرار إلى شبهية قبيل رجوعيه .وإن رجيع
إلى غير شبهة فعن مالك في ذلك روايتان ،هكذا حكى البغداديون
عيين المذهييب ،وللمتأخرييين فييي ذلك تفصيييل ليييس يليييق بهذا
الغرض ،وإنما هو لئق بتفريع المذهب.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب الحرابة.
@-والصل في هذا الكتاب قوله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون
الله ورسييوله} الييية .وذلك أن هذه الييية عنييد الجمهور هييي فييي
المحاربيين .وقال بعيض الناس :إنهيا نزلت فيي النفير الذيين ارتدوا
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي زمان النيبي علييه الصيلة والسيلم واسيتاقوا البيل ،فأمير بهيم
رسييول الله صييلى الله عليييه وسييلم فقطعييت أيديهييم وأرجلهييم
وسيملت أعينهيم ،والصيحيح أنهيا فيي المحاربيين لقوله تعالى {إل
الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} وليس عدم القدرة عليهم
مشترطية فيي توبية الكفار فبقيي أنهيا فيي المحاربيين .والنظير فيي
أصيول هذا الكتاب ينحصير فيي خمسية أبواب :أحدهيا :النظير فيي
الحرابية .والثانيي :النظير فيي المحارب .والثالث :فيميا يجيب على
المحارب .والرابييع :فييي مسييقط الواجييب عنييه وهييي التوبيية.
والخامس :بماذا تثبت هذه الجناية.
**3الباب الول في النظر في الحرابة.
@-فأميا الحرابية ،فاتفقوا على أنهيا إشهار السيلح وقطيع السيبيل
خارج المصيير ،واختلفوا فيميين حارب داخييل المصيير ،فقال مالك:
داخييل المصيير وخارجييه سييواء؛ واشترط الشافعييي الشوكيية ،وإن
كان لم يشترط العدد ،وإنمييا معنييى الشوكيية عنده قوة المغالبيية،
ولذلك يشترط فيهيا البعيد عين العمران ،لن المغالبية إنميا تتأتيى
بالبعيييد عييين العمران؛ وكذلك يقول الشافعيييي :أنيييه إذا ضعيييف
السيلطان ووجدت المغالبية فيي المصير كانيت محاربية ،وأميا غيير
ذلك فهيو عنده اختلس؛ وقال أبيو حنيفية :ل تكون المحاربية فيي
المصر.
**3الباب الثاني في النظر في المحارب.
@-فأميا المحارب :فهيو كيل مين كان دميه محقونيا قبيل الحرابية،
وهو المسلم والذمي.
**3الباب الثالث فيما يجب على المحارب.
@-وأما ما يجب على المحارب ،فاتفقوا على أنه يجب عليه حق
لله وحيق للدمييين واتفقوا على أن حيق الله هيو القتيل والصيلب
وقطيع اليدي وقطيع الرجيل مين خلف ،والنفيي على ميا نيص الله
تعالى فيي آيية الحرابية .واختلفوا فيي هذه العقوبات هيل هيي على
التخييير أو مرتبية على قدر جنايية المحارب؛ فقال مالك :إن قتيل
فل بد من قتله ،وليس للمام تخيير في قطعه ول في نفيه ،وإنما
التخييير فيي قتله أو صيلبه .وأميا إن أخيذ المال ولم يقتيل فل تخييير
فيي نفييه ،وإنميا التخييير فيي قتله أو صيلبه أو قطعيه مين خلف.
وأما إذا أخاف السبيل فقط فالمام عنده مخير في قتله أو صلبه
أو قطعيه أو نفييه .ومعنيى التخييير عنده أن المير راجيع فيي ذلك
إلى اجتهاد المام ،فإن كان المحارب مميييين له الرأي والتدبييييير،
فوجيه الجتهاد قتله أو صيلبه ،لن القطيع ل يرفيع ضرره .وإن كان
ل رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلف .وإن كان ليس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فييه شييء مين هاتيين الصيفتين أخيذ بأيسير ذلك فييه وهيو الضرب
والنفي .وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى أن
هذه العقوبة هي مرتبة على الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها
علييه ،فل يقتيل مين المحاربيين إل مين قتيل ،ول يقطيع إل مين أخيذ
المال ،ول ينفييي إل ميين لم يأخييذ المال ول قتييل؛ وقال قوم :بييل
المام مخييير فيهييم على الطلق ،وسييواء قتييل أم لم يقتييل ،أخييذ
المال أو لم يأخذه .وسيييبب الخلف هيييل حرف "أو" فيييي اليييية
للتخييير أو للتفصييل على حسيب جناياتهيم؟ ومالك حميل البعيض
مين المحاربيين على التفصييل والبعيض على التخييير .واختلفوا فيي
معنى قوله {أو يصلبوا} فقال قوم :إنه يصلب حتى يموت جوعا؛
وقال قوم :بل معنى ذلك أنه يقتل ويصلب معا ،وهؤلء منهم من
قال :يقتل أول ثم يصلب ،وهو قول أشهب ،وقيل إنه يصلب حيا
ثيم يقتيل فيي الخشبية ،وهيو قول ابين القاسيم وابين الماجشون؛
ومين رأى أنيه يقتيل أول ثيم يصيلب صيلى علييه عنده قبيل الصيلب؛
ومن رأى أنه يقتل في الخشبة فقال بعضهم :ل يصلى عليه تنكيل
له ،وقيل يقف خلف الخشبة ويصلى عليه؛ وقال سحنون :إذا قتل
فيي الخشبية أنزل منهيا وصيلى علييه .وهيل يعاد إلى الخشبية بعيد
الصيلة؟ فييه قولن عنيه؛ وذهيب أبيو حنيفية وأصيحابه أنيه ل يبقيى
على الخشبيية أكثيير ميين ثلثيية أيام .وأمييا قوله {أو تقطييع أيديهييم
وأرجلهييييم ميييين خلف} فمعناه أن تقطييييع يده اليمنييييى ورجله
اليسيرى ،ثيم إن عاد قطعيت يده اليسيرى ورجله اليمنيى .واختلف
إذا لم تكيين له اليمنييى؛ فقال ابيين القاسييم :تقطييع يده اليسييرى
ورجله اليمنيى؛ وقال أشهيب :تقطيع يده اليسيرى ورجله اليسيرى.
واختلف أيضيا فيي قوله أو ينفوا مين الرض ،فقييل إن النفيي هيو
السجن ،وقيل إن النفي هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيسجن فيه
إلى أن تظهر توبته ،وهو قول ابن القاسم عن مالك ،ويكون بين
البلديين أقيل ميا تقصير فييه الصيلة ،والقولن عين مالك ،وبالول
قال أبو حنيفة؛ وقال ابن الماجشون :معنى النفي هو فرارهم من
المام لقامية الحيد عليهيم ،فأميا أن ينفيى بعيد أن يقدر علييه فل؛
وقال الشافعيييي :أميييا النفيييي فغيييير مقصيييود ،ولكييين إن هربوا
شردناهيم فيي البلد بالتباع ،وقييل هيي عقوبية مقصيودة ،فقييل
على هذا ينفى ويسجن دائما ،وكلها عن الشافعي؛ وقيل معنى أو
ينفوا :أي من أرض السلم إلى أرض الحرب .والذي يظهر هو أن
النفيي تغريبهيم عين وطنهيم لقوله تعالى {ولو أنيا كتبنيا عليهيم أن
اقتلوا أنفسيكم أو اخرجوا مين دياركيم} اليية .فسيوى بيين النفيي
والقتييل ،وهييي عقوبيية معروفيية بالعادة ميين العقوبات كالضرب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
والقتيل ،وكيل ميا يقال فييه سيوى هذا فلييس معروفيا ل بالعادة ول
بالعرف.
**3الباب الرابع في مسقط الواجب عنه من التوبة.
@-وأمييا ميا يسيقط الحييق الواجييب عليييه ،فإن الصييل فيييه قوله
تعالى {إل الذييين تابوا ميين قبييل أن تقدروا عليهييم} واختلف ميين
ذلك في أربعة مواضع :أحدها :هل تقبل توبته؟ .والثاني :إن قبلت
فميا صيفة المحارب الذي تقبيل توبتيه؟ فإن لهيل العلم فيي ذلك
قوليين :قول إنيه تقبيل توبتيه وهيو أشهير لقوله تعالى {إل الذيين
تابوا مين قبيل أن تقدروا عليهيم} وقول :إنيه ل تقبيل توبتيه ،قال
ذلك مين قال إن اليية لم تنزل فيي المحاربيين .وأميا صيفة التوبية
التي تسقط الحكم فإنهم اختلفوا فيها على ثلثة أقوال :أحدها أن
توبتيه تكون بوجهيين :أحدهميا أن يترك ميا هيو علييه وإن لم يأت
المام؛ والثانيي أن يلقيي سيلحه ويأتيي المام طائعيا ،وهيو مذهيب
ابين القاسيم .والقول الثانيي أن توبتيه إنميا تكون بأن يترك ميا هيو
عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه ،وإن أتى المام قبل أن
تظهيير توبتييه أقام عليييه الحييد ،وهذا هييو قول ابيين الماجشون.
والقول الثالث إن توبتييه إنمييا تكون بالمجييئ إلى المام ،وإن ترك
ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الحكام إن أخذ قبل أن
يأتيي المام ،وتحصييل ذلك هيو أن توبتيه قييل إنهيا تكون بأن يأتيي
المام قبيل أن يقدر علييه ،وقييل إنهيا إنميا تكون إذا ظهرت توبتيه
قبييل القدرة فقييط ،وقيييل تكون بالمرييين جميعييا .وأمييا صييفة
المحارب الذي تقبييل توبتييه ،فإنهييم اختلفوا فيهييا أيضييا على ثلثيية
أقوال :أحدهيييا أن يلحيييق بدار الحرب .والثانيييي أن تكون له فئة.
والثالث كيفمييا كانييت له فئة أو لم تكيين لحييق بدار الحرب أو لم
يلحق .واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه المام على أن ينزل،
فقييل له المان ويسيقط عنيه حيد الحرابية ،وقييل :ل أمان له لنيه
إنما يؤمن المشرك .وأما ما تسقط عنه التوبة ،فاختلفوا في ذلك
على أربعية أقوال :أحدهيا أن التوبية إنميا تسيقط عنيه حيد الحرابية
فقط ،ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الدميين ،وهو
قول مالك .والقول الثانييي إن التوبيية تسييقط عنييه حييد الحرابيية
وجميييع حقوق الله ميين الزنييى والشراب والقطييع فييي السييرقة،
ويتبييييع بحقوق الناس ميييين الموال والدماء إل أن يعفييييو أولياء
المقتول .والثالث أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ،ويؤخذ بالدماء
وفيي الموال بميا وجيد بعينيه فيي أيديهيم ول تتبيع ذممهيم .والقول
الرابيع إن التوبية تسيقط جمييع حقوق الله وحقوق الدمييين مين
مال ودم إل ما كان من الموال قائم العين بيده.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
يسقط إسلمه عنه حكم الحرابة خاصة ،وحكمه فيما جنى حكم
المرتيد إذا جنيى فيي ردتيه فيي دار السيلم ثيم أسيلم؛ وقيد اختلف
أصييحاب مالك فيييه فقال :حكمييه حكييم المرتييد ميين اعتييبر يوم
الجنايية؛ وقال :حكميه حكيم المسيلم مين اعتيبر يوم الحكيم .وقيد
اختلف فيي هذا الباب فيي حكيم السياحر؛ فقال مالك :يقتيل كفرا؛
وقال قوم :ل يقتل ،والصل أن ل يقتل إل مع الكفر.
(بسيم الله الرحمين الرحييم ،وصيلى الله على سييدنا محميد وآله
وصحبه وسلم تسليما).
**2كتاب القضية
@-وأصول هذا الكتاب تنحصر في ستة أبواب :أحدها :في معرفة
مين يجوز قضاؤه .والثانيي :فيي معرفية ميا يقضيي بيه .والثالث فيي
معرفة ما يقضي فيه .والرابع :في معرفة من يقضي عليه أو له.
والخامس :في كيفية القضاء .والسادس :في وقت القضاء.
**3الباب الول في معرفة من يجوز قضاؤه.
@-والنظيير فييي هذا الباب فيميين يجوز قضاؤه ،وفيمييا يكون بييه
أفضييل .فأمييا الصييفات المشترطيية فييي الجواز :فأن يكون حرا
مسيلما بالغيا ذكرا عاقل عدل .وقيد قييل فيي المذهيب إن الفسيق
يوجيب العزل ويمضيي ميا حكيم بيه .واختلفوا فيي كونيه مين أهيل
الجتهاد؛ فقال الشافعيي :يجيب أن يكون مين أهيل الجتهاد ومثله
حكييى عبييد الوهاب عيين المذهييب؛ وقال أبييو حنيفيية :يجوز حكييم
العاميي .قال القاضيي :وهيو ظاهير ميا حكاه جدي رحمية الله علييه
فييي المقدمات عيين المذهييب لنييه جعييل كون الجتهاد فيييه ميين
الصييفات المسييتحبة .وكذلك اختلفوا فييي اشتراط الذكورة؛ فقال
الجمهور :هيي شرط فيي صيحة الحكيم؛ وقال أبيو حنيفية :يجوز أن
تكون المرأة قاضييييا فيييي الموال؛ قال الطيييبري :يجوز أن تكون
المرأة حاكميا على الطلق فيي كيل شييء؛ قال عبيد الوهاب :ول
أعلم بينهييم اختلفييا فييي اشتراط الحرييية؛ فميين رد قضاء المرأة
شبهيه بقضاء المامية الكيبرى ،وقاسيها أيضيا على العبيد لنقصيان
حرمتها؛ ومن أجاز حكمها في الموال فتشبيها بجواز شهادتها في
الموال؛ ومن رأى حكمها نافذا في كل شيء قال :إن الصل هو
أن كييل ميين يتأتييى منييه الفصييل بييين الناس فحكمييه جائز إل مييا
خصييصه الجماع ميين الماميية الكييبرى .وأمييا اشتراط الحرييية فل
خلف فييه ،ول خلف فيي مذهيب مالك أن السمع والبصير والكلم
مشترطة في استمرار وليته وليس شرطا في جواز وليته ،وذلك
أن مين صيفات القاضيي فيي المذهيب ميا هيي شرط فيي الجواز،
فهذا إذا ولي عزل وفسيخ جمييع ميا حكيم بيه ومنهيا ميا هيي شرط
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
فيي السيتمرار وليسيت شرطيا فيي الجواز ،فهذا إذا ولى القضاء
عزل ونفذ ما حكم به إل أن يكون جورا .ومن هذا الجنس عندهم
هذه الثلث صفات .ومن شرط القضاء عند مالك أن يكون واحدا.
والشافعي يجيز أن يكون في المصر قاضيان اثنان إذا رسم لكل
واحيد منهميا ميا يحكيم فييه ،وإن شرط اتفاقهميا فيي كيل حكيم لم
يجييز ،وإن شرط السييتقلل لكييل واحييد منهمييا فوجهان :الجواز
والمنييع ،قال :وإذا تنازع الخصييمان فييي اختيار أحدهمييا وجييب أن
يقترعيا عنده .وأميا فضائل القضاء فكثيرة ،وقيد ذكرهيا الناس فيي
كتبهيم .وقد اختلفوا في المي هل يجوز أن يكون قاضيا؟ والبين
جوازه لكونه عليه الصلة والسلم أميا؛ وقال قوم :ل يجوز؛ وعن
الشافعييي القولن جميعييا ،لنييه يحتمييل أن يكون ذلك خاصييا بييه
لموضيع العجيز ،ول خلف فيي جواز حكيم المام العظيم وتوليتيه
للقاضي شرط في صحة قضائه ل خلف أعرف فيه .واختلفوا من
هذا الباب فيي نفوذ حكيم مين رضييه المتداعيان ممين لييس بوال
على الحكام ،فقال مالك :يجوز؛ وقال الشافعيي :فيي أحيد قولييه
ل يجوز؛ وقال أبو حنيفة :يجوز إذا وافق حكمه حكم قاضي البلد.
**3الباب الثاني في معرفة ما يقضي به.
@-وأما فيما يحكم ،فاتفقوا أن القاضي يحكم في كل شيء من
الحقوق كان حقييا لله أو حقييا للدميييين ،وأنييه نائب عيين المام
العظيم في هذا المعنى وأنه يعقد النكحة ويقدم الوصياء ،وهيل
يقدم الئميية فييي المسيياجد الجامعيية؟ فيييه خلف ،وكذلك هييل
يسيتخلف فييه خلف فيي المرض والسيفر إل أن يؤذن له ،ولييس
ينظير فيي الجباة ول فيي غيير ذلك مين الولة ،وينظير فيي التحجيير
على السفهاء عند من يرى التحجير عليهم .ومن فروع هذا الباب
هيل ميا يحكيم فييه الحاكيم تحلة للمحكوم له بيه ،وإن لم يكين فيي
نفسييه حلل ،وذلك أنهييم أجمعوا على أن حكييم الحاكييم الظاهيير
الذي يعترييييه ل يحيييل حراميييا ول يحرم حلل ،وذلك فيييي الموال
خاصة لقوله عليه الصلة والسلم "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون
إلي فلعيل بعضكيم أن يكون ألحين بحجتيه مين بعيض فأقضيي له
على نحو ما أسمع منه ،فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فل
يأخذ منه شيئا ،فإنما أقطع له قطعة من النار" .واختلفوا في حل
عصمة النكاح أو عقده بالظاهر الذي يظن الحاكم أنه حق وليس
بحيق ،إذ ل تحيل حرام ،ول يحرم حلل بظاهير حكيم الحاكيم دون
أن يكون الباطييين كذلك هيييل يحيييل ذلك أم ل؟ فقال الجمهور:
الموال والفروج في ذلك سواء ،ل يحل حكم الحاكم منها حراما
ول يحرم حلل ،وذلك مثل أن يشهد شاهدا زورا في امرأة أجنبية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
أنهيا زوجية لرجيل أجنيبي ليسيت له بزوجية؛ فقال الجمهور :ل تحيل
له وإن أحلهييا الحاكييم بظاهيير الحكييم؛ وقال أبييو حنيفيية وجمهور
أصحابه :تحل له .فعمدة الجمهور عموم الحديث المتقدم ،وشبهة
أبييو حنيفيية أن الحكييم باللعان ثابييت بالشرع ،وقييد علم أن أحييد
المتلعنيييين كاذب ،واللعان يوجيييب الفرقييية ،ويحرم المرأة على
زوجهيا الملعين لهيا ويحلهيا لغيره ،فإن كان هيو الكاذب فلم تحرم
علييه إل بحكيم الحاكيم ،وكذلك إن كانيت هيي الكاذبية ،لن زناهيا ل
يوجب فرقتها على قول أكثر الفقهاء؛ والجمهور أن الفرقة ها هنا
إنما وقعت عقوبة للعلم بأن أحدهما كاذب.
**3الباب الثالث فيما يكون به القضاء.
@-والقضاء يكون بأربع :بالشهادة ،وباليمين ،وبالنكول ،وبالقرار،
أو بما تركب من هذه ففي هذا الباب أربعة فصول.
**4الفصل الول في الشهادة.
@-والنظير فيي الشهود فيي ثلثية أشياء :فيي الصيفة ،والجنيس،
والعدد .فأمييا عدد الصييفات المعتييبرة فييي قبول الشاهييد بالجملة
فهيي خمسية :العدالة ،والبلوغ ،والسيلم ،والحريية ،ونفيي التهمية.
وهذه منهييا متفييق عليهييا ،ومنهييا مختلف فيهييا .أمييا العدالة ،فإن
المسيلمين اتفقوا على اشتراطهيا فيي قبول شهادة الشاهيد لقوله
تعالى {ممن ترضون من الشهداء} ولقوله تعالى {وأشهدوا ذوي
عدل منكم} واختلفوا فيما هي العدالة؛ فقال الجمهور :هي صفة
زائدة على السييييلم ،وهييييو أن يكون ملتزمييييا لواجبات الشرع
ومسييتحباته ،مجنبييا للمحرمات والمكروهات؛ وقال أبييو حنيفيية:
يكفيي فيي العدالة ظاهير السيلم ،وأن ل تعلم منيه جرحية .وسيبب
الخلف كميييا قلنيييا ترددهيييم فيييي مفهوم اسيييم العدالة المقابلة
للفسيق ،وذلك أنهيم اتفقوا على أن شهادة الفاسيق ل تقبيل لقوله
تعالى {يييا أيهييا الذييين آمنوا إن جاءكييم فاسييق بنبييأ} الييية .ولم
يختلفوا أن الفاسيق تقبيل شهادتيه إذا عرفيت توبتيه ،إل مين كان
فسقه من قبل القذف .فإن أبا حنيفة يقول :ل تقبل شهادته وإن
تاب .والجمهور يقولون :تقبيل .وسيبب الخلف هيل يعود السيتثناء
فييييييي قوله تعالى {ول تقبلوا لهييييييم شهادة أبدا وأولئك هييييييم
الفاسيقون .إل الذيين تابوا مين بعيد ذلك} إلى أقرب مذكور إلييه،
أو على الجملة إل ميا خصيصه الجماع ،وهيو أن التوبية ل تسيقط
عنييه الحييد ،وقييد تقدم هذا .وأمييا البلوغ فإنهييم اتفقوا على أنييه
يشترط حييييث تشترط العدالة .واختلفوا فيييي شهادة الصيييبيان
بعضهيم على بعيض فيي الجراح وفيي القتيل ،فردهيا جمهور فقهاء
المصيار لميا قلناه مين وقوع الجماع على أن مين شرط الشهادة
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الجمهور فيهيا على أن القول فيهيا قول المدعيي ميع يمينيه ،مثيل
دعوى التلف فيي الوديعية وغيير ذلك إن وجيد شييء بهذه الصيفة،
ولولئك أن يقولوا :الصيل ميا ذكرنيا إل ميا خصيصه التفاق ،وكلهيم
مجتمعون على أن اليمييين التييي تسييقط الدعوى أو تثبتهييا هييي
اليمين بالله ،الذي ل إله إل هو ،وأقاويل فقهاء المصار في صفتها
متقاربية؛ وهيي عنيد مالك :بالله الذي ل إله إل هيو ،ل يزييد عليهيا،
ويزييد الشافعيي الذي يعلم مين السير ميا يعلم مين العلنيية .وأميا
هل تغلظ بالمكان؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ،فذهب مالك إلى أنها
تغلظ بالمكان وذلك فييييي قدر مخصييييوص ،وكذلك الشافعييييي.
واختلفوا فيي القدر ،فقال مالك :إن مين ادعيى علييه بثلثية دراهيم
فصاعدا وجبت عليه اليمين في المسجد الجامع ،فإن كان مسجد
النبي عليه الصلة والسلم ،فل خلف أنه يحلف على المنبر ،وإن
كان فييي غيره ميين المسيياجد ففييي ذلك روايتان :إحداهمييا حيييث
اتفيق مين المسيجد ،والخرى عنيد المنيبر .وروى عنيه ابين القاسيم
أنييه يحلف فيمييا له بال فييي الجامييع ولم يحدد؛ وقال الشافعييي:
يحلف فيي المدينية عنيد المنيبر ،وفيي مكية بيين الركين والمقام،
وكذلك عنده فيي كيل بلد يحلف عنيد المنيبر ،والنصياب عنده فيي
ذلك عشرون دينارا؛ وقال داود :يحلف على المنييبر فييي القليييل
والكثير؛ وقال أبو حنيفة :ل تغلظ اليمين بالمكان.
وسيبب الخلف هيل التغلييظ الوارد فيي الحلف على منيبر النيبي
صلى الله عليه وسلم يفهم منه وجوب الحلف على المنبر أم ل؟
فمين قال إنيه يفهيم منيه ذلك قال :لنيه لو لم يفهيم منيه ذلك لم
يكن للتغليظ في ذلك معنى؛ ومن قال للتغليظ معنى غير الحكم
بوجوب اليمييين على المنييبر قال :ل يجييب الحلف على المنييبر.
والحديث الوارد في التغليظ هو حديث جابر بن عبد الله النصاري
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حلف على منبري
آثميا تبوأ مقعده مين النار" واحتيج هؤلء بالعميل فقالوا :هيو عميل
الخلفاء ،قال الشافعييي :لم يزل عليييه العمييل بالمدينيية وبمكيية.
قالوا :ولو كان التغلييظ ل يفهيم منيه إيجاب اليميين فيي الموضيع
المغلظ لم يكيين له فائدة إل تجنييب اليمييين فييي ذلك الموضييع.
قالوا :وكميا أن التغلييظ الوارد فيي اليميين مجردا مثيل قوله علييه
الصيلة والسيلم "مين اقتطيع حيق امرئ مسيلم بيمينيه حرم الله
علييه الجنية وأوجيب له النار" يفهيم منيه وجوب القضاء باليميين،
وكذلك التغلييظ الوارد فيي المكان .وقال الفرييق الخير :ل يفهيم
ميين التغليييظ باليمييين وجوب الحكييم باليمييين ،وإذ لم يفهييم ميين
تغلييظ اليميين وجوب الحكيم باليميين لم يفهيم مين تغلييظ اليميين
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
مالك هيييو أجرى على نيييص الحادييييث ،وقول الغيييير أجرى على
الصيول .ومميا اختلفوا فييه مين هذا الباب قضاء القاضيي بعلميه،
وذلك أن العلماء أجمعوا على أن القاضيييي يقضيييي بعلميييه فيييي
التعدييل والتجرييح ،وأنيه إذا شهيد الشهود بضيد علميه لم يقيض بيه،
وأنيه يقضيي بعلميه فيي إقرار الخصيم وإنكاره ،إل مالكيا فإنيه رأى
أن يحضر القاضي شاهدين لقرار الخصم وإنكاره ،وكذلك أجمعوا
على أنيه يقضيي بعلميه فيي تغلييب حجية أحيد الخصيمين على حجية
الخير إذا لم يكين فيي ذلك خلف .واختلفوا إذا كان فيي المسيألة
خلف ،فقال قوم :ل يرد حكميييه إذا لم يخرق الجماع؛ وقال قوم
إذا كان شاذا؛ وقال قوم :يرد إذا كان حكميييييييييا بقياس ،وهنالك
سيماع مين كتاب أو سينة تخالف القياس وهيو العدل ،إل أن يكون
القياس تشهيد له الصيول والكتاب محتميل والسينة غيير متواترة،
وهذا هيو الوجيه الذي ينبغيي أن يحميل علييه مين غلب القياس مين
الفقهاء في موضع من المواضع على الثر مثل ما ينسب إلى أبي
حنيفيية باتفاق ،وإلى مالك باختلف .واختلفوا هييل يقضييي بعلمييه
على أحييد دون بينيية أو إقرار ،أو ل يقضييي إل بالدليييل والقرار؟
فقال مالك وأكثيير أصييحابه :ل يقضييي إل بالبينات أو القرار ،وبييه
قال أحميد وشرييح؛ وقال الشافعيي والكوفيي وأبيو ثور وجماعية:
للقاضيي أن يقضيي بعلميه ،ولكل الطائفتيين سيلف مين الصيحابة
والتابعيين ،وكيل واحيد منهميا اعتميد فيي قوله السيماع والنظير .أما
عمدة الطائفيية التييي منعييت ميين ذلك ،فمنهييا حديييث معميير عيين
الزهري عين عروة عين عائشية "أن النيبي صيلى الله علييه وسيلم
بعيث أبيا جهيم على صيدقة فلحاه رجيل فيي فريضية ،فوقيع بينهميا
شجاج ،فأتوا النييبي صييلى الله عليييه وسييلم فأخييبروه ،فأعطاهييم
الرش ،ثيييم قال علييييه الصيييلة والسيييلم "إنيييي خاطيييب الناس
ومخيبرهم أنكيم قيد رضيتيم ،أرضيتيم؟ قالوا :نعيم ،فصيعد رسيول
الله صيلى الله علييه وسيلم المنيبر ،فخطيب الناس وذكير القصية،
وقال :أرضيتيم؟ قالوا :ل ،فهيم بهيم المهاجرون ،فنزل رسيول الله
صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ،ثم صعد المنبر فخطب ،ثم قال:
أرضيتم؟ قالوا :نعم ،قال :فهذا بين في أنه لم يحكم عليهم بعلمه
صلى الله عليه وسلم .وأما من جهة المعنى فللتهمة اللحقة في
ذلك للقاضي.
وقيد أجمعوا أن للتهمية تأثيرا فيي الشرع :منهيا أن ل يرث القاتيل
عمدا عند الجمهور من قتله .ومنها ردهم شهادة الب لبنه ،وغير
ذلك مما هو معلوم من جمهور الفقهاء .وأما عمدة من أجاز ذلك،
أميا مين طرييق السيماع فحدييث عائشية فيي قصية هنيد بنيت عتبية
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ابين ربيعية ميع زوجهيا أبيي سيفيان بين حرب حيين قال لهيا علييه
الصيلة والسيلم وقيد شكيت أبيا سيفيان "خذي ميا يكفييك وولدك
بالمعروف" دون أن يسمع قول خصمها.
وأميا مين طرييق المعنيى فإنيه إذا كان له أن يحكيم بقول الشاهيد
الذي هيو مظنون فيي حقيه فأحرى أن يحكيم بميا هيو عنده يقيين.
وخصص أبو حنيفة وأصحابه ما يحكم فيه الحاكم بعلمه فقالوا :ل
يقضي بعلمه في الحدود ويقضي في غير ذلك؛ وخصص أيضا أبو
حنيفية العلم الذي يقضيي بيه فقال :يقضيي بعلميه الذي علميه فيي
القضاء ،ول يقضيي بميا علميه قبيل القضاء .وروي عين عمير أنيه
قضى بعلمه على أبي سفيان لرجل من بني مخزوم .وقال بعض
أصحاب مالك :يقضي بعلمه في المجلس أعني بما يسمع وإن لم
يشهيد عنده بذلك ،وهيو قول الجمهور كميا قلنيا ،وقول المغيرة هيو
أجرى على الصييول ،لن الصييل فييي هذه الشريعيية ل يقضييي إل
بدلييل وإن كانيت غلبية الظين الواقعية بيه أقوى مين الظين الواقيع
بصدق الشاهدين.
**4الفصل الرابع في القرار.
@-وأما القرار إذا كان بينا فل خلف في وجوب الحكم به ،وإنما
النظيير فيميين يجوز إقراره مميين ل يجوز ،وإذا كان القرار محتمل
رفيع الخلف .أميا مين يجوز إقراره ممين ل يجوز فقيد تقدم .وأميا
عدد القرارات الموجبييية فقيييد تقدم فيييي باب الحدود ،ول خلف
بينهم أن القرار مرة واحدة عامل في المال .وأما المسائل التي
اختلفوا فيهييا ميين ذلك فهييو ميين قبييل احتمال اللفييظ ،وأنييت إن
أحببت أن تقف عليه فمن كتاب الفروع.
**3الباب الرابع[ .على من يقضي ،ولمن يقضي]
@-وأما على من يقضي؟ ولمن يقضي؟ فإن الفقهاء اتفقوا على
أنيه يقضيي لمين لييس يتهيم علييه .واختلفوا فيي قضائه لمين يتهيم
عل يه؛ فقال مالك :ل يجوز قضاؤه على من ل تجوز عليه شهاد ته؛
وقال قوم :يجوز لن القضاء يكون بأسيباب معلومية ولييس كذلك
الشهادة .وأمييا على ميين يقضييي؟ فإنهييم اتفقوا على أنييه يقضييي
على المسييلم الحاضيير .واختلفوا فييي الغائب وفييي القضاء على
أهيل الكتاب فأميا القضاء على الغائب ،فإن مالكيا والشافعيي قال:
يقضيي على الغائب البعييد الغيبية؛ وقال أبيو حنيفية :ل يقضيي على
الغائب أصييل ،وبييه قال ابيين الماجشون؛ وقييد قيييل عيين مالك ل
يقضيي فيي الرباع المسيتحقة .فعمدة مين رأى القضاء حدييث هنيد
المتقدم ول حجية فييه ،لنيه لم يكين غائبيا عين المصير .وعمدة مين
لم ير القضاء قوله عليه الصلة والسلم "فإنما أقضي له بحسب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
ميا أسيمع" وميا رواه أبيو داود وغيره عين علي أن النيبي صيلى الله
عليييه وسييلم قال له حييين أرسييله إلى اليميين "ل تقييض لحييد
الخصيمين حتيى تسيمع مين الخير" وأميا الحكيم على الذميي ،فإن
فييي ذلك ثلثيية أقوال :أحدهييا أنييه يقضييي بينهييم إذا ترافعوا إليييه
بحكيم المسيلمين ،وهيو مذهيب أبيي حنيفية؛ والثانيي أنيه مخيير ،وبيه
قال مالك ،وعن الشافعي القولن؛ والثالث أنه واجب على المام
أن يحكم بينهم وإن لم يتحاكموا إليه .فعمدة من اشترط مجيئهم
للحاكييم قوله تعالى {فإن جاؤك فاحكييم بينهييم أو اعرض عنهييم}
وبهذا تمسك من رأى الخيار ،ومن أوجبه اعتمد قوله تعالى {وأن
احكييم بينهييم} ورأى أن هذا ناسييخ لييية التخيييير .وأمييا ميين رأى
وجوب الحكيم عليهيم وإن لم يترافعوا ،فإنيه احتيج بإجماعهيم على
أن الذمي إذا سرق قطعت يده.
**3الباب الخامس[ .كيف يقضي القاضي]
@-وأما كيف يقضي القاضي ،فإنهم أجمعوا على أنه واجب عليه
أن يسوي بين الخصمين في المجلس وأل يسمع من أحدهما دون
الخير ،وأن يبدأ بالمدعيي فيسيأله البينية إن أنكير المدعيى علييه.
وإن لم يكن له بينة فإن كان في مال وجبت اليمين على المدعى
عليييه باتفاق ،وإن كانييت فييي طلق أو نكاح أو قتييل وجبييت عنييد
الشافعيي بمجرد الدعوى؛ وقال مالك :ل تجيب إل ميع شاهيد؛ وإذا
كان فييي المال فهييل يحلفييه المدعييى عليييه بنفييس الدعوى أو ل
يحلفييه حتييى يثبييت المدعييي الخلطيية؟ اختلفوا فييي ذلك ،فقال
جمهور فقهاء المصيار :اليميين تلزم المدعيى علييه بنفيس الدعوى
لعموم قوله علييه الصيلة والسيلم مين حدييث ابين عباس "البينية
على المدعيي واليميين على المدعيى علييه" وقال مالك :ل تجيب
اليمين إل بالمخالطة؛ وقال بها السبعة من فقهاء المدينة .وعمدة
ميين قال بهييا النظيير إلى المصييلحة لكيل يتطرق الناس بالدعاوي
إلى تعنييت بعضهيم بعضيا ،وإذايية بعضهيم بعضيا ،ومين هنيا لم يير
مالك إحلف المرأة زوجهييا إذا ادعييت عليييه الطلق إل أن يكون
معهيا شاهيد ،وكذلك إحلف العبيد سييده فيي دعوى العتيق علييه،
والدعوى ل تخلو أن تكون فييي شيييء فييي الذميية أو فييي شيييء
بعينييه ،فإن كانييت الذميية فادعييى المدعييى عليييه البراءة ميين تلك
الدعوى وأن له بينيية سييمعت منييه بينتييه باتفاق .وكذلك إن كان
اختلف في عقد وقع في عين مثل بيع أو غير ذلك .وأما إن كانت
الدعوى فيي عيين وهيو الذي يسيمى اسيتحقاقا ،فإنهيم اختلفوا هيل
تسمع بينة المدعى عليه؟ فقال أبو حنيفة :ل تسمع بينة المدعى
علييه إل فيي النكاح وميا ل يتكرر؛ وقال غيره :ل تسيمع فيي شييء؛
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
وقت توقيف المدعى فيه وإزالة اليد عنه إذا كان عينا .فأما متى
يقضيي القاضيي؟ فإذا لم يكين مشغول النفيس لقوله علييه الصيلة
والسيلم "ل يقضيي القاضيي حيين يقضيي وهيو غضبان" ومثيل هذا
عنييد مالك أن يكون عطشانييا أو جائعييا أو خائفييا أو غييير ذلك ميين
العوارض التي تعوقه عن الفهم ،لكن إذا قضى في حال من هذه
الحوال بالصيييواب ،فاتفقوا فيميييا أعلم على أنيييه ينفيييذ حكميييه،
ويحتمل أن يقال :ل ينفذ فيما وقع عليه النص وهو الغضبان ،لن
النهيي يدل على فسياد المنهيى عنيه .وأميا متيى ينفيذ الحكيم علييه
فبعيد ضرب الجيل والعذار إلييه ،ومعنيى نفوذ هذا ،هيو أن يحيق
حجة المدعي أو يدحضها وهل له أن يسمع حجة بعد الحكم؟ فيه
اختلف من قول مالك ،والشهر أنه يسمع فيما كان حقا لله مثل
الحباس والعتق ول يسمع في غير ذلك .وقيل ل يسمع بعد نفوذ
الحكم وهو الذي يسمى التعجيز قيل ل يسمع منهما جميعا ،وقيل
بالفرق بين المدعي والمدعى عليه ،وهو ما إذا أقر بالعجز .وأما
وقت التوقيف فهو عند الثبوت وقبل العذار ،وهو إذا لم يرد الذي
اسييتحق الشيييء ميين يده أن يخاصييم فله أن يرجييع بثمنييه على
البائع ،وإن كان يحتاج فيي رجوعيه بيه على البائع أن يوافقيه علييه
فيثبت شراءه منه إن أنكره ،أو يعترف له به إن أقره فللمستحق
ميين يده أن يأخييذ الشيييء ميين المسييتحق ويترك قيمتييه بيييد
المسييتحق؛ وقال الشافعييي :يشتريييه منييه ،فإن عطييب فييي يييد
المسييتحق فهييو ضاميين له ،وإن عطييب فييي أثناء الحكييم :مميين
ضمانه؟ اختلف في ذلك ،فقيل إن عطب بعد الثبات فضمانه من
المستحق وقيل إنما يضمن المستحق بعد الحكم؛ وأما بعد الثبات
وقبل الحكم فهو من المستحق منه .قال القاضي رضي الله عنه:
وينبغييي أن تعلم أن الحكام الشرعييية تنقسييم قسييمين :قسييم
يقضيي بيه الحكام وجيل ميا ذكرناه فيي هذا الكتاب هيو داخيل فيي
هذا القسم ،وقسم ل يقضي به الحكام ،وهذا أكثره هو داخل في
المندوب إليييه .وهذا الجنييس ميين الحكام هييو مثييل رد السييلم
وتشميت العاطس وغير ذلك مما يذكره الفقهاء في أواخر كتبهم
التيي يعرفونهيا بالجواميع .ونحين فقيد رأينيا أن نذكير أيضيا مين هذا
الجنيس المشهور منيه إن شاء الله تعالى .وميا ينبغيي قبيل هذا أن
تعلم أن السينن المشروعية العمليية المقصيود منهيا هيو الفضائل
النفسيانية ،فمنهيا ميا يرجيع إلى تعظييم مين يجيب تعظيميه وشكير
ميين يجييب شكره ،وفييي هذا الجنييس تدخييل العبادات ،وهذه هييي
السينن الكراميية .ومنهيا ميا يرجيع إلى الفضيلة التيي تسيمى عفية
وهذه صينفان :السينن الواردة فيي المطعيم والمشرب ،والسينن
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
الطييب كمييا يفزع إلى فتياه فييي الفقييه مييع الحييظ الوافيير ميين
العراب والداب والحكميية .حكييي عنييه أنييه كان يحفييظ شعيير
المتنييبي وحييبيب .وله تآليييف جليلة الفائدة ،منهييا كتاب "بداييية
المجتهيد ،ونهايية المقتصيد" فيي الفقيه (هيو هذا الكتاب الذي أبان
عين مقدار معرفية الرجيل بالشريعية ،فإنيه ذكير فييه أقوال فقهاء
المية مين الصيحابة فمين بعدهيم ،ميع بيان مسيتند كيل مين الكتاب
والسينة ،والقياس ميع الترجييح ،وبيان الصيحيح ،فخاض فيي بحير
عجاج ملتطيم المواج ،واهتدى فييه للسيلوك ،ونظيم جواهره فيي
صحائف تلك السلوك ،فرحمه الله رحمة واسعة) ذكر فيه أسباب
الخلف وعلل وجهيه ،فأفاد وأمتيع بيه ،ول يعلم فيي وقتيه أنفيع منيه
ول أحسيييين سييييياقا ،وكتاب الكليات فييييي الطييييب ،ومختصيييير
المسييتصفى فييي الصييول ،وكتابييه فييي العربيييه الذي وسييمه
بالضروري ،وغير ذلك تنيف على ستين تأليفا ،وحمدت سيرته في
القضاء بقرطبييية ،وتأثلت له عنيييد الملوك وجاهييية عظيمييية ،ولم
يصيرفها فيي ترفييع حال ول جميع مال ،إنميا قصيرها على مصيالح
أهل بلده خاصة ومنافع أهل الندلس .وحدث وسمع منه أبو بكر
بين جهور وأبيو محميد بين حوط الله وأبيو الحسين بين سيهل ابين
مالك وغيرهيم .وتوفيي سينة خميس وتسيعين وخمسيمائة ،ومولده
سينة عشريين وخمسيمائة ،قبيل وفاة القاضيي جده أبيي الولييد بين
رشد بشهر.
تقريظ
وعنييد تمام طبعتييه الولى قرظييه حضرة الديييب السييتاذ الشيييخ
محمييد أحمييد عرفيية بهذه الكلميية ،فأحببنييا إثباتهييا حرصييا على
محاسنها ونشرا لعلو مكانتها ،وهي:
إلى الحكييم الراقيد فيي جد ته ،الها نئ بمضجعيه ،تحفه مسيحة من
النور اللهي ،وعليه حارس من المهابة وسياج من الجلل ،أهدي
غاديات مين الدعوات واسيتمطر له وابل مين صييب الرحمات .لله
أنيت أيتهيا الروح الخالدة العائدة إلى محلهيا الرفيع ،فقيد هبطيت
علينيا مين عالميك العالي ،وطلعيت علينيا طلوع القمير على خابيط
لييل ضيل السيبيل وخانيه الدلييل ،طلعيت والهدى ،فكنيت كالغييث
أصاب أرضا قابلة فأنبتت الكل والعشب وأصاب منها الكثير أقمت
فينا ما شاء الله لك أن تقومي ،وخلفت لك آثارا جعلت لك مقعد
صيدق فيي كيل نفيس ،ثيم عدت سييرتك الولى .بسيم الله مجراك
ومرسيياك وطلوعتييك ومأواك وتأويبييك ومسييراك ،أي جييو حواك،
وأي آمال وسعتك ،وأي جسم تحمل ما ترومين.
وإذا كانت النفوس كبارا * تعبت في مرادها الجسام
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
ابن رشد
بينيا نراك بيين يدي فيثاغورس وأرسيطو قيد حنيت علييك الحكمية،
وأرضعتيك أفاويقهيا ،وأعلتيك درهيا ،وأنهلتيك خيرهيا ،فل يظين أنيك
تعلمين غيرها ،إذا أنت وقد وضعتك الشريعة بين الحشا والفؤاد،
وسييهلت لك حنونهييا ،ووردت منهل عذبييا زاخرا عبابييه ،وسييائغا
شرابيه .وهذا كتابيك قيد خالط أجزاء النفيس وهيش إلييه الحيس،
فهو الحق إل أنه حكم قد ضمن الدر إل أنه كلم.
أنزه في رياض العلم نفسي * وأغدو في مسارحها وأمسي
أمتع ناظري فيما حوته * وأقطف زهرة من كل غرس
وأحسن من كئوس الراح عندي * ومن خد الظبا خدود طرس
وقد ردت الرياض فشمت روضا * به قد غبت عن نفسي وحسي
كأن خلل أسطره بحارا * تدفق بالمعارف بعد رمسي
كتاب حاكه فكر (ابن رشد) * وأخرج آية في كل درس
ومزق من ظلم الشك ثوبا * كما طرد الدجنة ضوء شمس.