You are on page 1of 89

‫موســوعـة كل أسرة تتحدث العربية‬ ‫‪Part two‬‬

‫*********************************‬ ‫===========‬
‫رجـــــــــال لـهـم تـاريــــخ في‬ ‫‪From: Ahmed Ibraheim‬‬
‫مــصـر والـعـالــــم الـــعـربــــي‬ ‫‪To: Ahmed Zaki Yamani‬‬
‫*******************************‬

‫الجزء الـثـانــــــى‬
‫===================‬
‫من ‪ :‬أحـمد‬
‫إبـراهـيـم‬
‫إلى ‪ :‬أحـمد زكى يـمانى‬

‫‪By‬‬
‫حـسـين حسنين‬
‫‪Hussein Hassanin‬‬

‫‪Encyclopedia of‬‬
‫********************‬ ‫موسـوعة كل أسرة تتحدث العربية‬
‫‪Men with‬‬ ‫***************************‬
‫‪Historical background‬‬
‫رجال لهم تاريخ في مصر والعالم العربي‬
‫‪In Egypt and Arab World‬‬
‫******************‬ ‫الجزء الثانى‬

‫‪1‬‬
‫*******************‬ ‫•الترقيم الدولى‪0-4293-17-977:‬‬

‫من ‪ :‬أحمد إبراهيم‬ ‫•للستعلم اتصل بـ ‪husseinaly@link.net:‬‬


‫•طباعة إلكترونية ‪ :‬محمد سعد‬
‫إلى ‪ :‬أحمد زكى يمانى‬
‫•حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬
‫•يحظر كافة أشكال النسخ أو إعادة الطبع بدون‬
‫تصريح من المؤلف ‪ ،‬كما يحظر القتباس بدون‬
‫الشارة إلى المصدر‪.‬‬

‫رقم اليداع‪2399/2007:‬‬
‫الترقيم الدولي‪0-4293-17-977:‬‬

‫حـسـين حسنين‬ ‫المقدمة‬


‫لم أكن أتوقع ذلك النجاح الذى حققه الجزء الول من موسوعة كل منزل‬
‫يتحدث العربية "رجال لهم تاريخ فى مصر والعالم العربى" ‪ .‬وأكثر ما‬
‫•حسين على محمد حسنين‬ ‫أسعدني تلك الرسائل الورقية واللكترونية التى تلقيتها ممن تناولوا‬
‫•موسوعة ‪ :‬رجال لهم تاريخ في مصر والعالم العربي‬ ‫الجزء الول بإهتمام ‪ ،‬ثم أبدى البعض إعجابه وأبدى الخر نقده ‪،‬‬
‫الجزء الثانى‪ :‬من ‪ :‬أحمد إبراهيم‬ ‫وأرسل جزء ثالث معلومات إضافية موثقة تتناول بعض الشخصيات ‪ .‬كل‬
‫إلى ‪ :‬أحمد زكى يمانى‬ ‫ذلك جعلني أهتم بشدة بما أقوم به ـ وأعطاني حافزا للمضي قدما فى‬
‫‪2399/2007‬‬ ‫•رقم اليداع‪:‬‬ ‫تلك الموسوعة المنزلية والتى آمل أن تجد مكانها بكل منزل يتحدث‬

‫‪2‬‬
‫العربية ‪ .‬والجزء الثانى الذى بين أيديكم الن يأتي إستكمال للجزء الول‬ ‫‪-68‬أحمد زكى أبو شادى(مصر)‪.‬‬ ‫‪-51‬أحمد بهاء الدين(مصر)‪.‬‬
‫‪ ،‬ويبدأ من‪ :‬أحمد إبراهيم وينتهى بوزير البترول السعودى السبق أحمد‬ ‫‪-69‬أحمد زكى عاكف(مصر)‪.‬‬ ‫‪-52‬أحمد بهجت(مصر)‪.‬‬
‫زكى يمانى ‪ .‬وحتى نلتقى فى الجزء الثالث بإنتظار رسائلكم ‪.‬‬ ‫‪-70‬أحمد زكى التشريفاتى(مصر)‪.‬‬ ‫‪-53‬أحمد بوكوس(المغرب)‪.‬‬
‫حسين حسنين‬ ‫‪-71‬أحمد زكى عبد ال(مصر)‪.‬‬ ‫‪-54‬أحمد تيمور باشا(مصر)‪.‬‬
‫عضو إتحاد كتاب مصر‬ ‫‪-72‬أحمد زكى بدر(مصر)‪.‬‬ ‫‪-55‬أحمد ثروت(مصر)‪.‬‬
‫‪-73‬أحمد زكى يمانى(السعودية)‪.‬‬ ‫‪-56‬أحمد الجار ال(الكويت)‪.‬‬
‫المراجع‪.‬‬ ‫‪-57‬أحمد جلل(مصر)‪.‬‬
‫صدر للمؤلف‪.‬‬ ‫‪-58‬أحمد حسن الباقورى(مصر)‪.‬‬
‫‪-59‬أحمد حسن الزيات(مصر)‪.‬‬

‫الفهرس‬ ‫أحمد إبراهيم‬


‫المقدمة‬ ‫ولد بحى الزهر بالقاهرة عام ‪ . 1874‬كان والده من علماء الزهر ‪،‬‬
‫‪-60‬أحمد حسين(مصر)‪.‬‬ ‫‪-43‬أحمد إبراهيم(مصر)‪.‬‬ ‫وقد نزح من مدينة بلبيس التابعة لمحافظة الشرقية الى القاهرة ‪ .‬تلقى‬
‫‪-61‬أحمد خورشيد(مصر)‪.‬‬ ‫‪-44‬أحمد القبانى(سوريا)‪.‬‬ ‫الفتى أحمد إبراهيم دراسته البتدائية بمدرسة العقادين الميرية ‪ ،‬ثم‬
‫‪-62‬أحمد الحضرى(مصر)‪.‬‬ ‫‪-45‬أحمد أبو الغيط(مصر)‪.‬‬ ‫إلتحق بمدرسة دار العلوم وتخرج منها عام ‪ ، 1897‬وعمل بالتدريس‬
‫‪-63‬أحمد خضر(مصر)‪.‬‬ ‫‪-46‬أحمد إسماعيل(مصر)‪.‬‬ ‫بمدرسة الناصرية ‪ ،‬وإنتقل للعمل بمدرسة رأس التين الثانوية‬
‫‪-64‬أحمد الخطيب(مصر)‪.‬‬ ‫‪-47‬أحمد أمين(مصر)‪.‬‬ ‫بالسكندرية ‪ .‬ثم قام بتدريس الشريعة السلمية بمدرسة الحقوق‬
‫‪-48‬أحمد أمين عبد ال(مصر)‪-65 .‬أحمد رائف(مصر)‪.‬‬ ‫الخديوية عام ‪ ، 1916‬وانتقل للعمل بعد ذلك بمدرسة القضاء الشرعى‬
‫‪-66‬أحمد رامى(مصر)‪.‬‬ ‫‪-49‬أحمد أويحيى(الجزائر)‪.‬‬ ‫عام ‪ . 1925‬أصبح عضوا فى لجان تعديل قوانين الحوال الشخصية ‪،‬‬
‫‪-67‬أحمد رياض تركى(مصر)‪.‬‬ ‫‪-50‬أحمد بدرخان(مصر)‪.‬‬ ‫وظل مشتركا بها خاصة وأن تلك اللجان كانت تمثل جميع مذاهب الفقه‬

‫‪3‬‬
‫السلمى حتى صدرت قوانين المواريث والوصية والوقف ‪ .‬فى عام‬ ‫النابة ‪.‬‬
‫‪ 1932‬دعى لحضور مؤتمر لهاى للقانون المقارن ‪ ،‬وأعد مذكرة فى‬ ‫• أحكام المرأة فى الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫الشريعة السلمية ترجمت الى اللغة الفرنسية وألقاها نيابة عنه الستاذ‬ ‫• طبيعة التقادم فى الشريعة والقانون وطرق الثبات الشرعية‪.‬‬
‫على بدوى ‪ .‬وفى عام ‪ 1933‬عين أستاذا للشريعة بكلية لبحقوق ‪ ،‬ثم‬ ‫• كما أسهم فى أبحاث وجوب تحديد النسل وحماية السرة ‪.‬‬
‫وكيل لها ‪ .‬كما قام بتدريس الشريعة بقسم الدراسات العليا بكلية الحقوق‬ ‫وتوفى الى رحمة ال فى ‪ 17‬أكتوبر عام ‪ 1945‬عن عمر بناهز الـ ‪71‬‬
‫عام ‪ . 1945‬وكان عضوا بمجلس جامعة فؤاد الول ( جامعة القاهرة‬ ‫عاما ‪.‬‬
‫حاليا) ‪ ،‬وعضوا بمجمع اللغة العربية ‪ ،‬وكذلك عضوا بمعهد الموسيقى‬ ‫أحمد أبو خليل القباني‬
‫لهتمامه الشديد بالموسيقى ‪.‬‬ ‫أحد رواد المسرح الغنائي العربى‬
‫تعددت مؤلفات أحمد إبراهيم خاصة فى الشريعة السلمية ومنها ‪:‬‬ ‫ولد أحمد أبو خليل محمد أقبيق بدمشق عام ‪ ، 1842‬وقد عرف بالقباني‬
‫• مرشد الحيران عام ‪. 1907‬‬ ‫لنه عمل بمهنة القبانة مع خاله أبو أسعد النشواتى فترة من الزمن فى‬
‫• المرافعات الشرعية ‪.‬‬ ‫دمشق ‪ .‬نشأ القباني فى أسرة متدينة حيث درس فى طفولته بـ " كتاب "‬
‫• الحوال الشخصية (جزءان) ‪.‬‬ ‫الحى لتحفيظ القرآن ‪ ،‬ثم إنتقل إلى المسجد الموي ودرس فيه علوم‬
‫• طرق القضاء (بحث مفارن)‪.‬‬ ‫اللغة والدين ‪ .‬وبالضافة إلى دراسته الدينية كان يميل إلى حضور‬
‫• نظام النفقات ‪.‬‬ ‫الليالى الفنية التى كانت تقام بمقاهى دمشق وملهيها‪ ،‬وكان يستمع إلى‬
‫أما البحاث التى قدمها للجامعة فهى ‪:‬‬ ‫حكايات أبى زيد الهللى والظاهر بيبرس وملحم عنترة إبن شداد‬
‫• الهلية وعوارضها ‪.‬‬ ‫والزناتى خليفة ‪ .‬وخلل تلك الفترة إهتم القبانى بالغناء والموسيقى‬
‫• العلقة بين الدين والقانون (تم ترجمته للفرنسية)‪.‬‬ ‫والتواشيح ‪ ،‬وقد سبب له ذلك توتر العلقة مع والده وأساتذته الذين‬
‫• المواريث(بحث مقارن فى جميع المذاهب)‪.‬‬ ‫حرموه من الدراسة مما أدى قيام والده بطرده من المنزل فلجأ إلى خاله‬
‫• الهبة والوصية والمواريث وأحكام التصرف عن الغير بطريق‬ ‫الذى شجعه على مزاولة هذا الفن والعمل معه فى مهنة القبانة بسوق‬

‫‪4‬‬
‫البذورية بدمشق ‪ .‬ومن هنا بدأ القبانى فى التردد على ليالي السمر‬ ‫مسرحا مستقل تكلف نحو ‪ 2000‬ليرة عثمانية وظل يلقى النجاحات حتى‬
‫والغناء ‪ ،‬وهكذا تعلم الموسيقى دون خوف أو ضغوط خارجية‪ ،‬كما تردد‬ ‫عام ‪ 1882‬عندما تم إغتيال مدحت باشا وتولى مكانه حمدى باشا وكان‬
‫على ملعب الراحوز وفرق التمثيل الصغيرة ‪ .‬وبتطور الحداث بدأ‬ ‫واليا ضعيفا غير محب للفن ‪ ،‬وفى تلك المرحلة أصدر السلطان عبد‬
‫القبانى فى تكوين أول فرقة مسرحية من بعض أصدقائه من الهواة فى‬ ‫الحميد الثانى أمرا بإغلق مسرح القبانى بعد أن وشى به عدد من‬
‫عام ‪ ، 1865‬ومع إصراره على العمل فى المسرح تعرف عليه جمهور‬ ‫خصوم الفن بسوريا مدعين أن ذلك الفن المسرحى الغنائي يفسد الشباب‬
‫عريض إلى أن شاهده والى دمشق صبحى باشا عام ‪ 1871‬الذى كان‬ ‫من الفتيان والفتيات ‪ ،‬وظل أولئك الخصوم يطاردونه فى كل مكان ‪.‬‬
‫محبا للفن ‪ ،‬لذلك قدم له المعونات الكثيرة ‪ .‬وقد ساعد تطور فن القبانى‬ ‫وترك القبانى الفن وإعتزل الحياة الجتماعية حتى زار المطرب المصري‬
‫قيامه بمشاهدة الفرق الفرنسية التى كانت تزور دمشق ‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫عبده الحامولى الشام ولما علم بما حدث للقباني قام بزيارته ودعاه إلى‬
‫إطلعه على الكتب والمجلت المتخصصة فى فن المسرح والغناء‬ ‫مصر التى كانت تشجع فن المسرح وترعى هواته بقوة فى ذلك الوقت ‪.‬‬
‫والموسيقى حتى تعلم بنفسه إعداد الديكورات والضاءة والماكياج ‪ ،‬كما‬ ‫ووصل القبانى إلى مصر ولكنه فى البداية فضل البقاء فى السكندرية‬
‫تعلم التأليف المسرحي والخراج توزيع الدوار وتلحين الوبريتات‬ ‫حيث كان يوجد بها صديق له يدعى سعد ال حلبر أحد تجار الشام وكان‬
‫والغانى الجماعية بمصاحبة الرقص الشعبى‪ .‬وإستمر القبانى فى‬ ‫يعيش بمدينة السكندرية وذلك فى أول يونيو ‪ .1884‬وفى ‪ 23‬يونيو‬
‫نجاحات مستمرة حتى عام ‪ 1878‬عندما ذاع صيته وشاهده الوالى‬ ‫‪ 1884‬نشرت جريدة الهرام إعلنا قالت فيه‪ :‬قدم لنا ثغرنا(أى‬
‫مدحت باشا وقرر مساعدته رسميا فى إنشاء مسرح خاص به وأمده‬ ‫السكندرية) من القطر السورى جوق من الممثلين للروايات الغربية يدير‬
‫بمعونة مادية تقدر بنحو ‪ 900‬ليرة عثمانية سنويا‪ .‬فى ذلك الوقت إنضم‬ ‫أعماله حضرة الفاضل الشيخ أبو خليل القبانى الدمشقي ‪ ،‬الكاتب‬
‫إليه الفنان المسرحى إسكندر فرح وقدما معا مسرحية الشاه محمود‬ ‫المشهور‪ ،‬والشاعر المفلق ‪ ،‬وقد إلتزم للعمل قهوة الدانوب المعروفة‬
‫بحضور الوالى وجمهور كبير من أعيان سوريا ‪.‬‬ ‫بقهوة سليمان بك رحمى فى جوار شادر البطيخ القديم والجوق مؤلف‬
‫وذاع صيت فرقته وضمت إليها أول عناصر نسائية وهما الممثلتان لبيبة‬ ‫من مهرة المتفننين فى ضروب التمثيل وأساليبه وبينهم زمرة المنشدين‬
‫مانللى ومريم سماط ‪ .‬وتفرغ القبانى للمسرح وباع كل أملكه وبنى‬ ‫والمطربين تروق لسماعهم الذان وتنشرح الصدور ‪ ،‬فنحث أبناء الجنس‬

‫‪5‬‬
‫العربى على أن يتقدموا إلى عضد المشروع بما تعودوا من الغيرة ‪،‬‬ ‫العربى والسلمى وحكايات ألف ليلة وليلة والبطولت الشعبية ‪ ،‬وفى‬
‫والتمثيل سيبدأ به هذه الليلة غرة رمضان المبارك عند الساعة الثامنة‬ ‫هذا الخصوص كان قبانى يحتفظ بسياق الحداث ول يغير فيه إل قليل‬
‫بعد الغروب (أى بعد الفطار بساعتين) وسيتتالى فى كل ليلة حتى نهاية‬ ‫وذلك فى حدود المتطلبات المسرحية مضيفا إليها ألحانه وأغانيه العربية‬
‫الشهر ‪ ،‬وأول رواية تشخص "أنس الجليس" وهى بديعة مسرة ‪ ،‬وأوراق‬ ‫‪ )2( .‬حرص على أن تكون اللغة المستخدمة فى أعماله خليطا من‬
‫الدخول تباع فى باب المحل بأثمانها المبينة وهى خمس فرنكات للدرجة‬ ‫الفصحى واللهجات العامية معتقدا أن ذلك يحظى بقبول شتى الطبقات‬
‫الولى ‪ ،‬وأثنين للدرجة الثانية ‪ ،‬وفرانك واحد للدرجة الثالثة ‪ ،‬وهى‬ ‫وكل ذوق‪ )3( .‬أدخل الرقص اليقاعى الجماعي فى بعض مشاهد‬
‫وهكذا لقي القبانى فى مدينة‬ ‫قيمة زهيدة فى جنب الفوائد المكتسبة‪.‬‬ ‫مسرحياته ومن أبرز الرقصات التى أدخلها رقصة السماح وهى رقصة‬
‫السكندرية إقبال كبيرا وهو ما شجعه على النتقال بعد ذلك إلى القاهرة‬ ‫أندلسية وقد صاحبها بالتواشيح ويرقصها الرجال والنساء وهى منتشرة‬
‫التى إستأجر فيها مسرح البوليتياما حيث عرض عليه مسرحياته الغنائية‬ ‫فى سوريا وقد أدخلها القبانى إلى مصر ولقت ترحيبا بالغا‪ )4( .‬تضمنت‬
‫التى كان يؤلفها ويلحنها ويمثلها ‪ ،‬وكان عبده الحامولى (‪)1901-1845‬‬ ‫مسرحيات القبانى الكثير من الغانى الجماعية والفردية من نوع‬
‫يشاركه أحيانا بالغناء ‪ ،‬وكذلك المطربة ألمظ ( زوجة الحامولى) ثم بعض‬ ‫الوبريت‪ ،‬وقد تعددت فيها اللحان ‪ ،‬ولكل لحن مقام يتفق مع نوع الكلم‬
‫مطربى فرقة سلمة حجازى ‪ .‬ولما إتسعت إمكانيات القبانى المسرحية‬ ‫الملحن ومناسبته فى المسرحية ‪ )5( .‬إلمامه بأنواع الديكور الذى‬
‫والفنية كثرت العناصر النسائية لديه وشاهد جمهوره عناصر كثيرة مثل‬ ‫يتمشى مع جو التمثيل ‪ ،‬وكان ديكوره بسيطا ومقنعا فكانت المناظر‬
‫ألمظ ولبيبة مانللى ومريم سماط وملكة سرور ‪ ،‬بالضافة إلى كبار‬ ‫تمثلها ستائر خضراء ترمز الى القصور والثراء ‪ ،‬والستائر الحمراء‬
‫الممثلين والمطربين مثل عبده الحمولى وإسكندر فرح ومحمود رحمى‬ ‫تمثل العرس والفراح والستائر الزرقاء تمثل البحر والسماء ‪ ،‬والستائر‬
‫وغيرهم ‪ .‬وظل أبو خليل القبانى يقدم فنه المسرحى فى مصر حتى‬ ‫السوداء تمثل السجن والتعذيب والحداث المؤلمة‪ .‬وكانت الضاءة تلعب‬
‫عام ‪ 1900‬حيث قدم خللها (أى خلل السنوات الست) نحو ثلثين‬ ‫دورا جوهريا مع تلك الرموز‪ )6( .‬كان يقوم بإدارة المسرح والخراج‬
‫مسرحية مؤلفة ومسرحية واحدة مترجمة عن راسين هى "متريدات" ‪.‬‬ ‫وتأليف الشعار والزجال ويقوم بتلحينها وغنائها أحيانا ‪ ،‬بالضافة إلى‬
‫وقد تميز مسرح قبانى بالتى‪ )1( :‬إستلهام موضوعاته من التاريخ‬ ‫التمثيل ‪ .‬كما كان يقوم بالتمثيل الصامت فى بداية العرض المسرحى ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أما العيوب التى كانت تؤخذ على مسرح القبانى(ضرورة مراعاة الزمن‬ ‫بعدما حصل على وعود بتكريمه ‪ ،‬وأثناء وجوده بدمشق إستدعاه‬
‫وان الحركة المسرحية كانت فى بدايتها) فقد تمثلت فى كثرة السجع‬ ‫صديقه أحمد عزت العابد رئيس كتاب الباب العالى إلى الستانة وتوسط‬
‫والزخارف اللفظية وركاكة السلوب أحيانا وحشد المسرحية بكثير من‬ ‫له لدى حكومتها حتى أفرجت عن أملكه وأجرت عليه راتبا شهريا يكفيه‬
‫اللوان الفنية كالرقص والغناء والشعر والنثر والفصحى والعامية فى‬ ‫هو وأسرته ولكنه توقف عن العمل بالمسرح حتى ووافته المنية فى ‪21‬‬
‫وقت واحد ‪ .‬تجول القبانى بفرقته فى أنحاء مصر وحظى بإعجاب‬ ‫يناير ‪. 1903‬‬
‫الجمهور المصرى ‪ ،‬كما زار بلده دمشق والشام وقدم عروضه هناك ‪،‬‬
‫أحمد أبو الغيط‬
‫وسافر إلى الوليات المتحدة وعرض مسرحياته فى شيكاغو عام ‪1892‬‬
‫‪ ،‬حسن الهندام وبطئ)‬ ‫‪72‬‬ ‫(وزير الخارجية المصري رقم‬
‫‪ .‬ومن المسرحيات التى قدمها‪ :‬عنترة العبسى على مسرح زيزينيا‬
‫فى الخارجية المصرية ‪ ،‬والوزير الخامس فى عهد‬ ‫‪72‬‬ ‫هو الوزير رقم‬
‫بالسكندرية فى ‪ 9‬أغسطس ‪ ، 1884‬ومسرحية أنس الجليس على‬
‫الرئيس المصري حسنى مبارك منذ تولى رئاسة البلد فى أكتوبر عام‬
‫مسرح دار الوبرا فى ‪ 9‬يناير عام ‪ . 1885‬كما قدم العديد من‬
‫بعد حادث اغتيال الرئيس أنور السادات‪.‬‬ ‫‪1981‬‬
‫المسرحيات منها ‪ - :‬ناكر الجميل ‪ - ،‬الشاه محمود ‪ - ،‬أسد الشرى‪- ،‬‬
‫‪ ،‬وبعد أن أنهى دراسته‬ ‫‪1942‬‬ ‫يونيو عام‬ ‫‪12‬‬ ‫ولد أحمد أبو الغيط فى‬
‫لوسيا ‪ - ،‬هارون الرشيد ‪ - ،‬أنس الجليس ‪ - ،‬عفيفة ‪ - ،‬ملتقى‬
‫الجامعية بكلية التجارة جامعة عين شمس عام ‪1964‬التحق بوزارة‬
‫الحبيبين ‪ - ،‬جميل وجميلة ‪ - ،‬عرابى باشا ‪ - ،‬السلطان حسين ‪- ،‬‬
‫‪ .‬وقد تدرج فى السلك الدبلوماسي حتى‬ ‫‪1965‬‬ ‫الخارجية فى فبراير عام‬
‫عنترة العبسى ‪- ،‬متريدات ‪ - ،‬الفريقية ‪ - ،‬ولدة ‪ ،‬وغيرها ‪ .‬وفى‬
‫وصل الى منصب مندوب مصر الدائم بالمم المتحدة ‪ .‬وهو متزوج وله‬
‫عام ‪ 1897‬وأثناء قيامه بجولة مسرحية فى أقاليم مصر جاءه خبر‬
‫وافق الرئيس المصري حسنى‬ ‫‪2004‬‬ ‫من الولد اثنان ‪ .‬وفى يوليو عام‬
‫إحتراق مسرحه الذى أقامه فى سوق الخضار بالعتبة الخضراء ‪ ،‬وحزن‬
‫مبارك على تعيين أحمد أبو الغيط وزيرا للخارجية ‪ ،‬وكان يبلغ من‬
‫حزنا شديدا عندما علم أن الفاعلين من أبناء بلده الذين رفضوا فنه‬
‫عاما أي انه تجاوز السن القانونية بعامين‪ .‬ومن‬ ‫‪62‬‬ ‫العمر فى ذلك الوقت‬
‫عندما كان بدمشق فى بداية حياته الفنية مما جعله يهجر سوريا الى‬
‫أهم سمات أبو الغيط انه شديد الهتمام بنفسه الى حد القلق فى بعض‬
‫مصر ‪ .‬ولفرط حزنه ساءت صحته فقررت زوجته العودة إلى دمشق‬

‫‪7‬‬
‫الحيان ‪ ،‬وعادة ما يبدى علمات الندهاش مع متحدثه خاصة فى‬ ‫بصورة تتماشى مع المعطيات المتسارعة في الخارج‪.‬‬
‫جلسات الصالونات مما يعطى انطباعا اقرب الى الواقع بأنه بطئ بعض‬ ‫ولكن على الصعيد الوربي والمريكي واجه أبو الغيط صعوبات وعقبات‬
‫الشيء عما يدور حوله ‪ ،‬ولكنه يقظ للغاية اذا ما اقتربت من الحديث نحو‬ ‫كثيرة تفوق قدراته‪ ،‬حيث وقع على عاتقه مهمات توضيح رؤية مصر في‬
‫شخصه‪ .‬جاء تعيين أبو الغيط وزيرا للخارجية المصرية فى وقت تراجع‬ ‫برامج الصلح السياسي والقتصادي الداخلي أمام عدد من المسؤولين‬
‫فيه الدور المصري عربيا ودوليا نتيجة لعدم التعاون المصري الكامل مع‬ ‫الغربيين‪ ،‬خاصة الميركيين‪ ،‬وقد فشل كثيرا في إقناعهم بأهمية التباطؤ‬
‫الوليات المتحدة المريكية التي أصبحت بعد وجودها بالعراق ذات نفوذ‬ ‫فى خطوات الصلح‪ .‬ففي لقاء له مع كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية‬
‫قوى بمنطقة الشرق الوسط ‪ ،‬لذلك كان المر يتطلب من أبو الغيط إعادة‬ ‫تعرض أحمد أبو الغيط لنتقادات حادة ولذعة من‬ ‫‪2005‬‬ ‫في واشنطن عام‬
‫قراءة خريطة العلقات الخارجية المصرية بدقة سواء على الصعيد‬ ‫جانب رايس بسبب التعمد الواضح فى بطء إجراءات الصلح السياسي‬
‫القليمي أو الدولي ‪ ،‬وذلك في مسعى لوضع قواعد متينة تكفل إصلح‬ ‫والقتصادي بمصر‪ ،‬إضافة الى تشديد واشنطن والتحاد الوربي على‬
‫أوجه الخلل الذي أصبح يؤثر على بعض المصالح الستراتيجية‪ .‬وإذا‬ ‫قضايا انتهاك حقوق النسان وعلى رأسها اعتقال وحبس أيمن نور‬
‫كان سبب التراجع المصري على الساحة المحلية يعود الى رفض النظام‬ ‫رئيس حزب الغد‪.‬‬
‫المصري أو على القل التردد فى تنفيذ برامج الصلح السياسي‬ ‫ويتهم بعض المحللين والخبراء السياسيين احمد أبو الغيط بأنه وزير‬
‫والقتصادي داخل مصر ‪ ،‬لذلك قرر النظام اتخاذ إجراءات نشطة تقوم‬ ‫بطيء خاصة فى رد فعله على السئلة الحرجة وانه ليس سريع‬
‫بها وزارة الخارجية لبناء علقات قوية مع بلدان متعددة‪ ،‬تتوافق مع‬ ‫البديهة ‪ ،‬كما أنه ليس خفيف الظل على الطلق‪ ،‬وأحيانا ما يبدى احمد‬
‫دور ومسؤولية مصر‪ .‬وهكذا اتجهت مصر الى الدائرة الفريقية‪،‬‬ ‫أبو الغيط علمات الندهاش والتردد مع بعض محاوريه ‪ ،‬ولكن يفسر‬
‫لتحاشي مزيد من النتكاسات والعقبات‪ ،‬وبدأت وزارة الخارجية في‬ ‫البعض ضعف أدائه الى عدم قدرته في الدفاع عن توجهات النظام‬
‫إرسال عدد من السفراء من ذوي الكفاءات الى البلدان الفريقية ‪ ،‬وجرى‬ ‫المصري نحو الصلح القتصادي والسياسي لسببين الول‪ :‬افتقاره‬
‫وضع جدول لعادة العتبار للدبلوماسية المصرية يكون نواة للنطلقات‬ ‫لوجود أدلة حقيقية تدحض التهامات المريكية وغيرها من دول أوربا ‪.‬‬
‫في دوائر أخرى بحاجة إلى إصلح هيكلي في التوجهات والحسابات‬ ‫والثاني‪ :‬ربما عدم اقتناعه التام بالخطوات التي جرت في مجال الصلح‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ومهما يكن التفسير فإن غالبية رؤاه لقضايا الصلح الداخلي تتسم‬ ‫فى العراق وما صاحب ذلك من خطأ أمنى دفع ايهاب حياته ثمنا لذلك‪.‬‬
‫بعبارات عامة ومطاطة ‪ ،‬ل يمكن استنتاج ملمح قاطعة ومحددة منها ‪،‬‬ ‫أما الخطأ الخر الذى يحاسب عليه الوزير فهو المتعلق بفضيحة الفاكس‬
‫وهو ما يشعر المتلقي بالقلق وعدم العتماد على تصريحاته كمصدر‬ ‫وذلك عندما نشرت إحدى‬ ‫‪2006‬‬ ‫التي حدثت فى منتصف شهر يناير عام‬
‫رئيسى والسعى الى مصادر أخرى اكثر شفافية ‪ .‬فهو على سبيل المثال‬ ‫الصحف السويسرية تحقيقا جاء فيه أن المخابرات المريكية أقامت‬
‫يرد بقلق على رئيس مجلس العلقات الخارجية الميركي ريتشارد هاس‬ ‫معسكرات تعذيب على الراضي الوربية سرا وبدون معرفة حكومات تلك‬
‫ويقول ‪ :‬أن التطوير والتحديث فى مصر يتم وفقا لولويات المجتمع‬ ‫الدول للتحقيق مع المتهمين بالرهاب فى رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا ‪،‬‬
‫واحتياجاته وبما يتوافق مع الخصوصيات الثقافية والجتماعية تبعا‬ ‫وأن المخابرات قامت بنقل بعض المعتقلين سرا من قاعدة أفغانية الى‬
‫ليقاع محدد يمكن من خلله تأمين الحفاظ على مسيرة نشطة وإيجابية‬ ‫بولندا ‪ ..‬وقد أكدت الصحيفة السويسرية أن هذه المعلومات حصلت‬
‫للتطوير السياسي والقتصادي للمجتمع ‪ .‬وفى الحقيقة أن مثل هذه‬ ‫عليها من فاكس مرسل من مكتب وزير الخارجية المصري أحمد أبو‬
‫الجابات تبعث على الضيق خاصة عندما يسمعها المصريون عامة‬ ‫الغيط الى السفارة المصرية بلندن وتمكنت المخابرات السويسرية من‬
‫والحزاب المعارضة للنظام الحاكم وأصدقاء المصريين بالخارج ‪.‬‬ ‫اعتراض الفاكس فى الجو بواسطة أجهزة التنصت الحديثة ‪ .‬ويذكر هنا‬
‫أما عن أدائه داخل وزارته ‪ :‬فيوجد عدد من الملحظات حول ذلك الداء‬ ‫أن أحمد أبو الغيط حاول أن يلقى المسئولية على عاتق سويسرا وأجهزة‬
‫عندما فشلت وزارة الخارجية‬ ‫‪2005‬‬ ‫ديسمبر‬ ‫‪30‬‬ ‫لعل أبرزها ما حدث فى‬ ‫مخابراتها ويحملها تبعات الفضيحة ‪ .‬وقد شددت وزارة أبو الغيط على‬
‫المصرية فى إيجاد مخرج لها أمام كارثة مقتل عدد من اللجئين‬ ‫أن اعتراض أو تجسس سويسرا على فاكس الخارجية المصرية أمر غير‬
‫السودانيين بحي المهندسين بقلب القاهرة حيث كان هؤلء اللجئين‬ ‫مقبول ‪ ،‬وعليه استدعت الخارجية المصرية السفير السويسري بالقاهرة‬
‫يطالبون باللجوء السياسي أمام مفوضية المم المتحدة للجئين بالقاهرة‬ ‫وطلبت منه تفسيرا حول هذا الموضوع‪ .‬ويذكر فى هذا الخصوص أن‬
‫والذين تم دفنهم بعد مقتلهم فى عملية الخلء الدامية التي قامت بها‬ ‫مديرة مكتب الوزير الذى خرج منه الفاكس هي سيدة تدعى وفاء بسيم‬
‫الشرطة المصرية أمام عدسات الفضائيات ‪.‬‬ ‫التي حاولت أن ترفع عن نفسها الحرج الذى سببه ذلك الفاكس وقد أدت‬
‫أيضا تحاسب وزارة أبو الغيط على حادث مقتل السفير ايهاب الشريف‬ ‫محاولت وفاء بسيم الى تدهور الموقف وانتشار الفضيحة فى كل‬

‫‪9‬‬
‫الوساط داخل مصر وخارجها‪ .‬ومن هذا المنطلق تكشف مدى نفوذ وفاء‬ ‫ثم إلتحق بالكلية الحربية لكنها رفضته ‪ ،‬فاضطر لللتحاق بكلية التجارة ‪،‬‬
‫بسيم مديرة مكتب الوزير احمد أبو الغيط داخل وزارة الخارجية ‪ ،‬كما‬ ‫ومع ذلك ظل يتقدم بأوراقه كل عام الى الكلية الحربية وهو مقيد بكلية‬
‫كشفت فضيحة الفاكس عن وجود منصب جديد تحت اسم رئيس المكتب‬ ‫التجارة ‪ .‬وبعد ثلثة مرات من الرفض قبلته الكلية الحربية وأصبح رفيقا‬
‫الصحفي وقد تولت رئاسته سفيرة تدعى فاطمة الزهراء التي تضاربت‬ ‫لجمال عبد الناصر فى نفس الدفعة التى قبل فيها ‪ ،‬وتخرج أحمد‬
‫تصريحاتها الصحفية مما أساء كثيرا للوزارة (ويذكر فى هذا الخصوص‬ ‫إسماعيل ومعه عبد الناصر عام ‪ ، 1938‬ثم التحق بكلية أركان حرب‬
‫أن وزير الخارجية احمد أبو الغيط أصدر قرارا بتولى فاطمة الزهراء‬ ‫ولكن عندما بدأت حرب فلسطين فى عام ‪ 1948‬توقفت الدراسة وإشترك‬
‫لرئاسة المكتب الصحفي رغم وجود إدارة للعلم منذ زمن بعيد ‪ ،‬ولم‬ ‫فى الحرب كقائد سرية على أرض فلسطين ‪ .‬بعد إنتهاء الحرب عاد الى‬
‫يمضى اسبوعا على توليها المهمة حتى جعلها الوزير المتحدثة الرسمية‬ ‫القاهرة وإستكمل دراسته حتى حصل على الماجستير فى العلوم العسكرية‬
‫باسم وزارة الخارجية ‪ .‬ويشدد البعض على أن فاطمة الزهراء تشكل قوة‬ ‫من كلية الركان عام ‪ . 1950‬كما حصل على أعلى الدراسات بأكاديمية‬
‫ل يستهان بها داخل الوزارة على الرغم من قلة إمكانياتها فقد قام الوزير‬ ‫ناصر عام ‪ ،1956‬وفى نفس العام ونتيجة لما قام به من أعمال بطولية‬
‫بتعيينها فى منصب نائب مساعد وزير الخارجية بمكتبه‪ ،‬وبعد أقل من‬ ‫ضد العدو فى سيناء كان له شرف تسلم مدينة بورسعيد بعد تحريرها‬
‫شهرين فى منصبها الجديد تم تعيينها مساعدا للوزير فى القطاع الوربي‬ ‫ورفع العلم المصرى عليها فى ‪ 23‬ديسمبر عام ‪ . 1956‬ثم أوفد فى‬
‫‪ ،‬بالضافة الى تعيينها رئيسا للمكتب الصحفي وذلك على الرغم من عدم‬ ‫بعثة الى أكاديمية العلوم العسكرية بكلية القادة والركان بالتحاد‬
‫خبرتها فى هذا القطاع مقارنة بوجود سفراء اكثر خبرة منها )‪.‬‬ ‫السوفيتى عام ‪. 1957‬‬
‫فى أوائل الستينات سافر الى الكونغو ليعمل مستشارا عسكريا للزعماء‬
‫أحمد إسماعيل‬ ‫الوطنيين هناك ‪ ،‬وعندما عاد الى القاهرة تدرج فى المناصب العسكرية ‪.‬‬
‫قائد الجيش المصرى فى حرب اكتوبر ‪1973‬‬ ‫وفى عام ‪ 1965‬تولى رئاسة القوات البرية ‪ .‬وبعد هزيمة يونيو ‪1967‬‬
‫ولد أحمد إسماعيل فى عام ‪ 1919‬بشارع الكحالة الشرقى بحى شبرا‬ ‫مباشرة قدم الفريق أول محمد فوزى قائمة الضباط الذين سيتم تسريحهم‬
‫التابع لمحافظة القاهرة ‪ .‬تلقى تعليمه الولى والثانوى بمدارس شبرا ‪،‬‬ ‫وخرجهم من الخدمة بالقوات المسلحة وكان من بينهم أحمد إسماعيل‬

‫‪10‬‬
‫ووقع عبد الناصر على القائمة دون أن ينظر جيدا للسماء ‪ .‬وبعد ‪24‬‬ ‫الزعفرانة " ‪ .‬ففى هذه الواقعة قام الفريق أول محمد فوزى بإخبار عبد‬
‫ساعة طلب عبد الناصر من محمد فوزى إستدعاء أحمد إسماعيل‬ ‫الناصر بأن أحمد إسماعيل قام بتحريك القوات بدون علمه(أى بدون علم‬
‫وأخباره أن عبد الناصر قرر إعادته ‪ .‬وعندما حاول أحمد إسماعيل‬ ‫محمد فوزى مما أوقع خسائر فى صفوف القوات المسلحة المصرية) ‪،‬‬
‫معرفة ذلك ‪ ،‬أخبره محمد فوزى بأن الظروف الحالية ل تحتمل ذلك ‪.‬‬ ‫ولكن عبد الناصر عرف من خلل رجاله من كان وراء تحريك القوات‬
‫وبدأ أحمد إسماعيل مهمته الصعبة حيث تم تعيينه فى أول يوليو ‪1967‬‬ ‫واتهام أحمد إسماعيل ظلما بذلك ‪.‬‬
‫قائدا للجبهة ‪ ،‬وكانت أمامه فى ذلك الوقت عدة مهام منها ‪ :‬إعادة بناء‬ ‫بعد رحيل عبد الناصر فى نهاية سبتمبر ‪ 1970‬وتولى السادات أمور‬
‫القوات المسلحة ‪ ،‬وإنشاء دفاعات على الجبهة ‪ ،‬وإعادة الثقة للجنود‬ ‫الحكم ‪ ،‬أصدر الخير قرارا جمهوريا بتعيين اللواء أحمد إسماعيل بإدارة‬
‫أنفسهم وفى قادتهم ‪ ،‬وإعادة تدريب القوات المسلحة ‪ ،‬وتنظيم الوحدات‬ ‫المخابرات العامة فى ‪ 14‬مايو ‪. 1971‬‬
‫‪ .‬فى ‪ 15‬يوليو ‪ 1967‬قام بأول معركة طيران جوى مع العدو بمصاحبة‬ ‫وفى ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1972‬أصدر الرئيس السادات قرارا بتعيين أحمد‬
‫المدفعية ‪ ،‬ثم كان تدمير إيلت فى أكتوبر ‪ ، 1967‬ثم إنشاء الجيشان‬ ‫إسماعيل وزيرا للحربية‪ .‬وفى ‪ 29‬يناير ‪ 1973‬قرر مجلس الدفاع‬
‫الثانى والثالث ‪ .‬بعد ذلك إنتقل للعمل رئيسا لهيئة العمليات فى القوات‬ ‫العربى المشترك تعيين أحمد إسماعيل قائدا عاما للجبهات الثلث "‬
‫المسلحة ‪ ،‬كما أشرف على نخطيط عمليات الستنزاف الرئيسية ‪.‬‬ ‫الشرقية أى الردن ‪ ،‬والشمالية أى سوريا ‪ ،‬والجنوبية أى مصر " ‪.‬‬
‫وفى ‪ 8‬مارس ‪ 1968‬فوجىء العدو السرائيلى بأول قصف عنيف‬ ‫وقام أحمد إسماعيل بدور كبير فى التحضير مع زملئه للمعركة خاصة‬
‫بالمدفعية على طول الجبهة إيذانا ببدء حرب الستزاف ‪ .‬ثم عين أحمد‬ ‫على الجبهة السورية ‪ .‬وفى مارس ‪ 1973‬خلص أحمد إسماعيل من‬
‫إسماعيل رئيسا لركان حرب القوات المسلحة فى ‪ 9‬مارس عام ‪1969‬‬ ‫عمليات التحضير وانتهى من دراسة التخطيط للضربة الجوية لسرائيل‬
‫بعد إستشهاد الفريق عبد المنعم رياض ‪ .‬وفى ‪ 12‬سبتمبر ‪1969‬‬ ‫وشل شبكة السيطرة والحرب اللكترونية المضادة ‪ ،‬ثم جاءت الحرب‬
‫أصدر الرئيس عبد الناصر قرارا بإعفائه من منصبه ‪ ،‬ولكن بعدها بفترة‬ ‫فى ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1973‬وكان أحمد إسماعيل على رأس القوات المسلحة ‪.‬‬
‫قصيرة أصدرا عبد الناصر قرارا آخر بتقرير معاش وزير له إحساسا‬ ‫وتوفى أحمد إسماعيل فى ‪ 25‬ديسمبر ‪ 1974‬بعد عام من النصر الذى‬
‫بخطئه ناحيته ‪ .‬ولقد تبين أن السبب وراء تلك الحادثة هو " واقعة‬ ‫كان يعتبره مهمته الولى فى حياته العسكرية ‪ .‬ويذكر أنه تزوج من‬

‫‪11‬‬
‫السيدة سماح الشلقانى كريمة الدكتور حسين الشلقانى فى عام ‪1943‬‬ ‫بمدرسة الحقوق ‪ .‬كما تولى تدريس مادة القانون الدولى العام ولذلك‬
‫وأنجبت له ولدان وثلث بنات ‪.‬‬ ‫إختير فى لجنة الثلثين التى وضعت الدستور عام ‪ ، 1923‬كما أختير‬

‫أحمد أمين‬ ‫أيضا فى مفاوضات عدلى يكن مع النجليز ‪.‬‬

‫القاضى السكندري‬ ‫وفى عام ‪ 1926‬أختير ليكون عميدا لكلية الحقوق ‪ ،‬وكان أول مصرى‬

‫ولد أحمد أمين فى السكندرية فى شهر ديسمبر عام ‪ . 1885‬وتدرج فى‬ ‫يلقب بعميد بعد كل من على ماهر وأبو هيف ‪ .‬وفى سنة ‪ 1928‬عين‬

‫مراحل التعليم البتدائى والثانوي بمدينة السكندرية ‪ ،‬ثم إلتحق بمدرسة‬ ‫مستشارا بمحكمة إستئناف القاهرة مع إستمرار ندبه للتدريس بالحقوق ‪.‬‬

‫الحقوق السلطانية عام ‪ 1903‬وتخرج منها عام ‪ 1907‬متبوئا المركز‬ ‫وفى عام ‪ 1931‬أختير مستشارا لمحكمة النقض ورأس الدائرة الجنائية‬

‫الول على زملئه‪.‬‬ ‫وظل بها حتى وفاته فى ‪ 23‬يونيو ‪. 1936‬‬

‫إختاره سعد زغلول فور تخرجه ليعمل سكرتيرا خاصا له عندما كان‬ ‫ولعل أهم مؤلفاته التى تركها " قانون العقوبات –القسم الخاص" والذى‬

‫وزيرا للمعارف ‪ ،‬ويرجع سبب إختياره إلى أنه أثناء جولت سعد باشا‬ ‫يعد مرجعا خالدا وأصيل ل غنى عنه لكل مشتغل بالقانون ‪.‬‬

‫التفتيشية على مدارس السكندرية إلتقى بأحمد أمين عندما كان طالبا‬
‫أحمد أمين‬
‫بمدرسة رأس التين الثانوية وأكتشف نبوغه وفطنته ووعده بالحصول‬
‫العالم والديب القاهري‬
‫على عمل جيد بعد النتهاء من دراسة الحقوق ‪.‬‬
‫إسمه الحقيقي أحمد أمين إبراهيم ‪ .‬تنحدر عائلته من قرية "سمخراط"‬
‫وفى سنة ‪ 1914‬وقع الختيار على أحمد أمين ليشغل وظيفة قاض‬
‫التابعة لمديرية البحيرة‪ ،‬ولكن والده هجر القرية مع شقيقه الكبر إلى‬
‫لمحكمة عابدين بالقاهرة‪ ،‬وندب لتدريس الشريعة السلمية بمدرسة‬
‫القاهرة بحثا عن العمل ‪ ،‬ونزل بحي المنشية ( التابع لقسم الخليفة) وهو‬
‫القضاء الشرعي التى كانت حديثة العهد فى ذلك الوقت وهو لم يتجاوز‬
‫أكثر أحياء القاهرة عددا وأقلها مالً وأسوؤها حالً‪ ،‬ويسكنها العمال‬
‫الثلثين من عمره ‪ .‬ثم ندب لتدريس مادة القانون الجنائي وكذلك القانون‬
‫والصناع والباعة والجوالون وكثير من الطبقة الوسطى وقليل من العليا‬
‫المدنى بمدرسة الحقوق الخديوية ‪ .‬بعد ذلك وقع عليه الختيار ليكون‬
‫وذلك فى منتصف القرن التاسع عشر‪ .‬كان والده يساعد أخيه الكبر فى‬
‫سكرتيرا عاما لوزارة المعارف العمومية مع إستمرار ندبه للتدريس‬

‫‪12‬‬
‫العمل بالضافة إلى الدراسة بالزهر ‪ .‬وخلل دراسته بالزهر تزوج‬ ‫نحو ثلثين بيتا‪ ،‬يغلق عليها في الليل باب ضخم كبير في وسطه باب‬
‫الوالد وأنجب عددا من الطفال منهم أحمد الذى ولد في الساعة الخامسة‬ ‫صغير وراءه بواب‪ ،‬وهذا الباب بقية من العهد القديم‪ ،‬يحميها من‬
‫صباحا من أول أكتوبر سنه ‪ ،1886‬وعندما تخرج الب من الزهر عمل‬ ‫اللصوص ومن ثورات الرعاع وهياج الجنود الجانب ‪ ،‬فإذا حدث شيء‬
‫مدرسا في الزهر ومدرسا في مسجد المام الشافعي وإمام مسجد ‪ .‬وفى‬ ‫من ذاك أغلق الباب وقام البواب بالحراسة ‪ ،‬فلما استقر المن بعد ذلك‬
‫هذا الخصوص يقول أحمد أمين ‪ :‬كان والدي يتقاضى من عمله نحو إثنى‬ ‫وسادت الطمأنينة استمر فتح الباب وتم الستغناء عن البواب ‪ ...‬وتمثل‬
‫عشر جنيها ذهبا‪ ،‬فلم نكن نعرف جنيهات الورق فى ذلك الوقت ‪ ،‬وكانت‬ ‫بيوت الحارة طبقات الشعب‪ ،‬فكان من هذه الثلثين بيتا بيت واحد من‬
‫العشر بيضات تباع بقرش‪ .‬ورطل اللحم بثلثة قروش أو أربعة ورطل‬ ‫الطبقة العليا‪ ،‬ونحو عشرة من الطبقة الوسطى وعشرين من الطبقة‬
‫السمن كذلك وهكذا‪ ،‬ويغمر البيت الشعور الديني‪ ،‬فأبي يؤدي الصلوات‬ ‫الدنيا‪ ...‬فالغني من الطبقة العليا كان شيخا معمما‪ ،‬يدل مظهره على أنه‬
‫لوقاتها ويكثر من قراءة القرآن صباحا ومساء‪ ،‬ويصحو مع الفجر‬ ‫من أصل تركي‪ ،‬وجهه أبيض مشرب بحمرة‪ ،‬طويل عريض وقور‪ ،‬ذو‬
‫ليصلي ويبتهل‪ ،‬ويكثر من قراءة التفسير والحديث‪ ،‬ويكثر من ذكر الموت‬ ‫لحية بيضاء‪ ،‬مهيب الطلعة‪ ،‬له عربة بجوادين‪ ،‬يدقان بأرجلهما فتدق‬
‫ويقلل من قيمة الدنيا وزخرفها ويحكي حكايات الصالحين وأعمالهم‬ ‫معها قلوب أهل الحارة‪ ،‬هو نائب المحكمة العليا الشرعية وسيد الحارة‪،‬‬
‫وعبادتهم ‪ .‬وكان مولعا بالكتب في مختلف العلوم‪ ،‬في الفقه والتفسير‬ ‫وعلى ألسنتنا نحن الطفال كنا نقول عنه ‪ :‬الشيخ جاء‪ ،‬الشيخ خرج‪،‬‬
‫والحديث واللغة والتاريخ والدب والنحو والصرف والبلغة ‪ .‬ويتذكر‬ ‫وكان بيته الواسع الكبير ل يشمل إل سيدة تركية‪ ،‬وخدما من الجواري‬
‫أحمد أمين طفولته والمكان الذى ولد فيه وعاش فيه طفولته فيقول‪:‬‬ ‫السود اللتي كن "قبل تحريم الرق" مملوكات وعبيدا سودا – فقد كان في‬
‫كانت حارتنا ليس فيها من يتكلم كلمة أجنبية‪ ،‬بل ليس فيها من يلبس‬ ‫القاهرة أسواق وبيوت لبيع الجواري البيض والسود ‪ ...‬وكان يشاع فيما‬
‫ل جدا من الموظفين‪ ،‬وليس فيها من يقرأ‬
‫البدلة والطربوش إل عددا قلي ً‬ ‫بيننا أن الشيخ يملك ذهبا كثيرا‪ ،‬وأنه يضعه في خزائن حديدية‪ ،‬وأنه‬
‫كتابا حديثا مترجما أو مكتوبا بالإسلوب الحديث‪ ...‬وإذا وجد من يقرأ‬ ‫يضع كل جملة من الجنيهات في صرة‪ ،‬وكثيرا ما يجتمع في منظرته أبي‬
‫منهم فإنما يقرأ القرآن والحديث والقصص القديمة كألف ليلة وعنترة‪ ،‬أو‬ ‫وبعض أهل العلم يتدارسون المسائل الفقهية‪ .‬وفي يوم المحمل أو‬
‫الكتب الدبية الخفيفة مثل كليلة ودمنة وغيرها‪ ...‬وكانت حارتنا تشمل‬ ‫الحتفال بالمولد النبوي يلبس الشيخ ملبس خاص يطلق عليه "فرجية"‬

‫‪13‬‬
‫مقصبة مذهبة ويركب بغلة ويذهب بها إلى مكان الحتفال‪ ،‬وعلى الجملة‬ ‫مراحله التعليمية فى الكتاب ‪ ،‬وهنا يصف الكتاب الذى تعلم فيه وهو شأن‬
‫فكان المستبد في حارتنا كاستبداد أبي في بيتنا‪ ،‬واستبداد الحكام في‬ ‫كافة الكتاتيب فى ذلك الوقت فيقول‪ :‬الكتَاب‪ ،‬كان حجرة متصلة بالمسجد‬
‫مصالح الحكومة ‪ ...‬أما الطبقة الوسطى‪ ،‬فكانت تتألف من موظفين في‬ ‫وبجانبها دورة مياهه‪ ،‬وأثاث هذه الحجرة حصير كبير بال ‪ ،‬قد انسلت‬
‫الدواوين ‪ ،‬فهذا كاتب في ديوان الوقاف‪ ،‬وذاك كاتب في الدفترخانة‪،‬‬ ‫منه بعض عيدانه‪ ،‬وزير فيه ماء يكاد يسود من الوسخ ‪ ،‬عليه غطاء من‬
‫وهذا يعيش من غلة أملكه وهكذا‪ ،‬ودخل كل منهم في الشهر ما بين‬ ‫الخشب‪ ،‬قد ثبت في الغطاء حبل طويل ربط فيه كوز ليستقي منه الشارب‬
‫سبعة جنيهات واثنى عشر‪ ،‬يعيشون عيشة وسطا ل ترف فيها ول بؤس‪،‬‬ ‫ويتناول الكوز ليشرب منه النظيف والقذر والمريض والصحيح‪ ...‬وشيخ‬
‫ويعلمون أولدهم في الكتاتيب ثم المدارس ‪ ...‬وبيوت الطبقة الدنيا‬ ‫الكتاب كان يلبس العمامة وقباء من غير جبة وبيده عصا طويلة‪،‬‬
‫يسكنها بناء أو مبيض أو خياط أو طباخ أو صاحب مقهى صغير أو بائع‬ ‫ومسمار كبير في الحائط علقت فيه "الفلقة" وهي عبارة عن عصا غليظة‬
‫جوال على عربة يدفعها بيديه‪ ،‬وهؤلء كثيرو الولد بؤساء ول يشعرون‬ ‫ل عن المتر‪ ،‬ثقب فيها ثقبان ثُبت فيهما حبل‪ ،‬فإذا أراد سيدنا‬
‫تزيد قلي ً‬
‫ببؤسهم‪ ،‬ويعيشون أغلب أيامهم على الطعمية والفول المدمس والبيسار‬ ‫الشيخ ضرب ولد أدخلت رجله في هذا الحبل ولويت عليهما الخشبة‪ ،‬فل‬
‫والسمك يشترى مقليا من الدكان‪ ،‬وقليلً ما يستطيعون أن يطبخوا ‪ ،‬كما‬ ‫تستطيع القدمان حركة‪ ،‬ونزل عليهما سيدنا بالعصا‪ ...‬ثم عود من الجريد‬
‫أن أولدهم ل يعلمون في كتَاب ول مدرسة‪ ،‬وإنما يتركون ليكبروا‬ ‫طويل يستطيع سيدنا أن يضرب به أقصى ولد في الحجرة ‪ .‬وكنا نذهب‬
‫فيعملوا عمل أبائهم ‪ ،‬ونساؤهم قد يجلسن سافرات على باب البيت‪،‬‬ ‫إلي الكتاب صباحا‪ ،‬ونجلس على هذا الحصير متربعين متلصقين‪ ،‬ويأخذ‬
‫وكثيرا ما تقوم بينهن الخصومات فيتبادلن السباب أشكالً وألوانا‪ ،‬وقد‬ ‫كل منا لوحة من الصندوق‪ ،‬وكان لسيدنا عريف يساعده في كتابة‬
‫يتحول السباب إلى ضرب‪ ،‬ويتحول تضارب النساء إلى تضارب الرجال ‪،‬‬ ‫اللواح للطفال ويقوم مقامه إذا غاب ‪ ..‬وإذا قرأنا القرآن وجب علينا أن‬
‫ولول الشيخ في حارتنا لكان من ذلك الشيء الكثير‪ ...‬أما نحن الطفال‬ ‫نهتز وأن نصيح ‪ ،‬فمن لم يهتز أو لم يصح لم يشعر إل والعصا تنزل‬
‫فكنا نلعب سواسية‪ ،‬ونتخاطب بلغة واحدة ليس فيها تكبر ول ضعة‪،‬‬ ‫عليه فيصرخ ويصيح بالقراءة والبكاء معا‪ ،‬ونبقي على هذه الحال إلى‬
‫وكان أحب أصدقائي إلي ابن كاتب في الدفترخانة وابن صاحب مقهى‬ ‫قرب العصر فنخرج إلى بيوتنا‪ ...‬وأذكر أننى تنقلت بين أربعة كتاتيب من‬
‫وابن فقيه كفيف يقرأ في البيوت كل يوم صباحا ‪ .‬بدأ أحمد أمين أولى‬ ‫هذا القبيل كلها على هذه الصورة‪ ،‬ل تختلف إل في أن الحجرة كانت‬

‫‪14‬‬
‫واسعة أو ضيقة ‪ ..‬ولبثت في هذه الكتاتيب الربعة نحو خمس سنوات‬ ‫تطورات للتعليم في مصر كما يقول أحمد أمين ‪ .‬الول كانت المدرسة‬
‫حفظت فيها القرآن وتعلمت القراءة والكتابة ‪ .‬وبعد مرحلة الكتاب إنتقل‬ ‫لتعليم القرآن وشيء من الحساب واللغة العربية والتركية‪ ،‬ثم انكمش هذا‬
‫أحمد أمين إلى مدرسة أم عباس البتدائية أو كما كانت تسمى رسميا‬ ‫ل واحدا بعد أن كان يعم المدرسة كلها‬
‫النوع من التعليم فأصبح فص ً‬
‫"مدرسة والدة عباس باشا الول" ‪ ،‬سميت بعد ذلك مدرسة " بنْبا قادن "‪.‬‬ ‫وسمى قسم الحُفاظ ‪ ،‬ثم أنشئ بجانب ذلك القسم فصول على النمط‬
‫ويقول أحمد أمين ‪ :‬كانت مدرسة نموذجية‪ ،‬بنيت على أفخم طراز‬ ‫الحديث‪ ،‬تعلم فيها التلميذ الجغرافيا والتاريخ والحساب مع اللغة‬
‫وأجمله فكان بها أبهاء فسيحة فرشت أرضها بالمرمر وحليت سقوفها‬ ‫الفرنسية‪ ،‬وقد نمت هذه الفصول حتى اكتسحت قسم الحُفاظ ‪ .‬أما التطور‬
‫بالنقوش المذهبة‪ ،‬وفي أعلى المدرسة من الخارج إطار كتبت عليه آيات‬ ‫الثالث بالمدرسة قد تمثل فى جمع الطلبة الضعاف في اللغة الفرنسية‬
‫قرآنية كتبها أشهر الخطاطين بأحسن خط ‪ .‬كانت المدرسة يصرف عليها‬ ‫لينشئوا بهم فصولً لتعليم اللغة النجليزية‪ ،‬ثم اكتسحت اللغة النجليزية‬
‫من أوقاف رصدتها عليها والدة عباس الول‪ ،‬فتلميذها يتعلمون‬ ‫اللغة الفرنسية بعد ذلك ‪ .‬وبخصوص أحمد أمين ‪ ،‬فقد درس أول بقسم‬
‫بالمجان‪ ،‬ولها بعض التقاليد الخاصة بها حيث يتم جمع بعض التلميذ‬ ‫الحُفاظ ‪ ،‬وبعد سنة تحول إلى قسم اللغة الفرنسية وتم قبوله بالسنة‬
‫مرتين في السنة‪ ،‬ويذهبون إلى قصر الوالدة لتوزع عليهم بدلتان" بدلة‬ ‫الثانية ‪ .‬فى نفس الوقت وضع والده برنامجا مرهقا له فكان يوقظه في‬
‫للشتاء وبدلة للصيف"‪ ،‬ثم يخرجون إلى الشارع بملبسهم الجديدة إعلنا‬ ‫الفجر ليصلي معه‪ ،‬ثم يقرأ جزءا من القرآن ويحفظ متنا من المتون‬
‫لما تسدي الواقفة من خير‪ ،‬وفي المواسم يذهب التلميذ إلى مدفن‬ ‫الزهرية كألفية ابن مالك في النحو‪ ،‬حتى إذا طلعت الشمس تناول فطوره‬
‫الواقفة‪ ،‬ويقرؤون على روحها الفاتحة‪ ،‬وما تيسر من الدعوات‪ ،‬ثم يوزع‬ ‫ولبس ملبسه وذهب إلى المدرسة ليحضر دروسها إلى الظهر‪ .‬وفي‬
‫عليهم الفطير والحلوى ‪ .‬وحول دخوله المدرسة البتدائية يقول أحمد‬ ‫فسحة الظهر يتناول غذائه بالمدرسة على عجل ‪ ،‬ثم يذهب إلى كُتاب‬
‫أمين‪ :‬وبمجرد دخولي المدرسة لبست بدلة بدل الجلباب‪ ،‬ولبستُ طربوشا‬ ‫بمسجد شيخون قريب من المدرسة حيث إتفق والده مع فقيه الكُتاب أن‬
‫بدل الطاقية ‪ ،‬وأحسست علوا في قدري‪ ،‬ورفعة في منزلتي‪ ،‬وخالطت‬ ‫يسمع من إبنه جزءا من القرآن حتى إذا ما أتممه وسمع جرس المدرسة‬
‫تلميذ الطبقة الوسطى أو العليا ل نسبة بينهم في نظافتهم وجمال شكلهم‬ ‫ذهب إلى الفصل كى يحضر حصص المدرسة بعد الظهر ‪ ،‬فإذا دق‬
‫وبين أبناء الكتاتيب وأبناء الحارة ‪ .‬وقد شهدت مدرسة أم عباس ثلثة‬ ‫الجرس النهائي خرج الطفل الذى ل يتعدى عمره الثانية عشر إلى البيت‬

‫‪15‬‬
‫وخلع ملبسه المدرسية ولبس جلبابا وذهب إلى المسجد الذي كان والده‬ ‫في مدرسة أم عباس ‪ ،‬فقد كان يظن أني مسخت مسخا وتبديت بعد‬
‫إمامه فمكث معه من قبيل المغرب حتى يصلي العشاء مستمعا لدرسه‬ ‫الحضارة‪ ،‬فنفروا مني مع حنيني إليهم‪ ،‬وسرعان ما انقطعت الصلة بيني‬
‫الذي يلقيه في المسجد بين المغرب والعشاء‪ ،‬ثم يعود معه إلى البيت‪،‬‬ ‫وبينهم‪ ،‬فانقبض صدري لني فقدت أصدقائي القدامى و لم أستعض عنهم‬
‫وفي أثناء الطريق يحفظه والده بيتا من الشعر أو بيتين ثم يسأله إعرابه‬ ‫أصدقاء جددا‪ ،‬فكنت كالفرع الذى قطع من شجرته أو الشاة عزلت عن‬
‫فيعربه‪ ،‬ويصحح له خطئه ‪ ،‬كل ذلك وهما سائران في الطريق‪ ،‬ثم يتناول‬ ‫قطيعها‪ ،‬أو الغريب في بلد غير بلده ‪ .‬وتضرعت إلى أبي أن يعيدني إلى‬
‫الفتى عشائه وينام بعد ذلك ‪ ،‬هكذا كانت حياة أحمد أمين وهو طفل‬ ‫مدرستي فلم يسمع‪ ،‬وأن يعفيني من العمة فلم يقبل‪ ،‬ومما ألمني أني‬
‫صغير بالمدرسة البتدائية ‪ .‬ولم يجد الفتى من الراحة إل عصر يوم‬ ‫أحسست العمامة تقيدني فل أستطيع أن أجري كما يجري الطفال ول‬
‫الخميس‪ ،‬وكثيرا ما كان يحرم من صباح يوم الجمعة لعمل واجبه‬ ‫أمرح كما يمرح الفتيان‪ ،‬فشخت قبل الوان‪ ،‬والطفل إذا تشايخ كالشيخ ثم‬
‫المدرسي‪ ،‬أو القراءة مع والده ‪ .‬ويعتقد أحمد أمين أن سبب ذلك‬ ‫عاد وتصابى فكل المنظرين ثقيل بغيض‪ ،‬كمن يضحك في مأتم أو يبكي‬
‫البرنامج الشاق يرجع إلى أن والده كان حائرا في مستقبله‪ ،‬هل يوجهه‬ ‫في عسر‪ ،‬ولم يكن أمامي إل أن أحتمل على مضض ‪ .‬ويذكر أحمد أمين‬
‫إلى الجهة الدينية من خلل الزهر أم يوجهه إلى الوجهة المدنية فيعلمه‬ ‫أول مرة يذهب فيها إلى الزهر للدراسة فيقول‪ :‬رأيت أبي يخلع نعليه‬
‫بالمدرسة البتدائية والثانوية ‪ .‬وبعد تردد طويل من قبل الوالد يستخير‬ ‫عند باب الزهر ويطويهما ويمسكهما بيده فعملت مثل عمله‪ ،‬وسرت‬
‫ال ويخرج إبنه من المدرسة البتدائية إلى الزهر بعد أن قضى بها عدة‬ ‫بجانبه قليلً في ممشى قصير دخلنا منه على إيوان كبير ل ترى العين‬
‫سنوات ‪ .‬ويلبس أحمد أمين لباس الزهر المكون من القباء والجبة و‬ ‫آخرة‪ ،‬فرش كله بالحصير وامتدت أعمدته صفوفا‪ ،‬كل عمود وضع‬
‫العمة والمركوب بدل البدلة والطربوش والجزمة ‪ .‬وهنا يقول أحمد أمين‪:‬‬ ‫بجانبه كرسي عال مجنح قد شد إلى العمود بسلسلة من حديد ‪ ،‬وجلس‬
‫كان منظري غريبا على كل من رآني في الحارة أو الشارع ‪ ...‬كانوا‬ ‫على كل كرسي شيخ معمم كأبي‪ ،‬بيده ملزم صفراء من كتاب‪ ،‬وأمامه‬
‫كثيرا ما يتضاحكون علي إذا رأوني بالعمة‪ ،‬وكثيرا ما أرى الولد في‬ ‫حلقة مفرغة وأحيانا غير مفرغة ‪ ،‬يلبس أكثرهم قباء أبيض أو جلبابا‬
‫الشارع يتغامزون علي فأحس ضيقا أو خجلً أو أتلمس الحارات الخالية‬ ‫أبيض عليه عباءة سوداء‪ ،‬وأمامه أو بجانبه مركوبه‪ ،‬ويمسك بيده‬
‫من الناس لمر بها ‪ ..‬والمصيبة الكبرى كانت حين يراني من كان معي‬ ‫ملزمة من كتاب كما يمسك الشيخ‪ ..‬والشيخ يقرأ أو يفسر والطلبة‬

‫‪16‬‬
‫ينصتون أو يجادلون ‪ ،‬وبين العمود والعمود بعض الطلبة يجتمعون‬ ‫والصوات هادئة‪ ،‬إل صوت الديك يؤذن‪ ،‬أو صوت الكلب ينبح‪ ،‬ويسير‬
‫فيأكلون أو يذاكرون ‪ ...‬ثم خرجنا من هذا اليوان إلى فناء الزهر أو‬ ‫طويلً من بيته إلى الزهر‪ ،‬فلم يكن ترام ول سيارات عامة فى ذلك‬
‫صحنه فرأيته سماويا غير مسقوف‪ ،‬ومبلطا غير مفروش‪ ،‬وهنا وهناك‬ ‫الوقت‪ .‬وتعرف أحمد أمين على صديق يكبره فى الدراسة بعام دعاه هذا‬
‫فرشت ملءة بيضاء أو عباءة سوداء صفف عليها خبز ريفي وعرض‬ ‫الصديق لحضور دروس الشيخ محمد عبده ‪ ،‬وهنا يقول أحمد أمين‪:‬‬
‫في الشمس ليجف‪ ،‬هذا هو الزهر كما رأيته أول مرة ‪.‬ويضيف أحمد‬ ‫ل ورأيت منه منظرا جليلً‪،‬‬
‫حضرت درسين اثنين‪ ،‬فسمعت صوتا جمي ً‬
‫أمين‪ :‬وقارنت بين حصير الزهر ومقاعد مدرسة أم عباس ‪ ،‬ومدرس‬ ‫وفهمت منه ما لم أفهم من شيوخي الزهريين‪ ،‬وندمت على ما فاتني من‬
‫الزهر ومدرس المدرسة‪ ،‬وفناء الزهر حيث يشمس الخبز وفناء‬ ‫التلمذة عليه‪ ،‬واعتزمت أن أتابع دروسه‪ ،‬ولكن كان هذان الدرسان هما‬
‫المدرسة حيث نلعب ونمرح‪ ،‬فكانت مقارنة حزينة ‪ .‬وأخذنى أبى إلى‬ ‫آخر دروسه ‘ذ توفى بعد ذلك ‪ .‬ويذكر أحمد أمين أن والده ساعده فى‬
‫رواق من أروقة الزهر‪ ،‬وخرجنا من باب آخر علمت فيما بعد أنه يسمى‬ ‫الدراسة الزهرية كثيرا ‪ ،‬وهنا يقول‪ :‬كان أبى يمتاز على كثير من‬
‫"باب المزينين" كما أن الباب الذي دخلت منه كان يسمى باب الصعايدة‪،‬‬ ‫شيوخ الزهر بأشياء كثيرة‪ ،‬فكان يرى في الحواشي والتقارير مضيعة‬
‫وقد سمي الول باب المزينين لن على رأسه حوانيت حلقين لمجاوري‬ ‫للوقت‪ ،‬وعليه رتب لي دروسا في النحو‪ ،‬واختار لي من كتبه طبعات‬
‫الزهر وشيوخهم‪ .‬ومع بداية دراسة احمد أمين بالزهر وضع له والده‬ ‫ليس عليها حواش حتى ل يتشتت ذهني فيها ‪ ،‬فقرأ لي شرح الجرومية‬
‫برنامجا تمثل فى حضوره درسا في الفقه الحنفي صباحا " وقد إختار له‬ ‫للشيخ خالد‪ ،‬ثم كتاب قطر الندى‪ ،‬وإلى جانب ذلك قرأ لي كتاب فقه اللغة‬
‫الفقه الحنفي لنه الفقه الذي يعد للقضاء ‪،‬إذ يشترط في القاضي‬ ‫للثعالبي‪ ،‬وشرح لي بعض مقامات الحريري في الدب‪ ،‬وترك لي دروس‬
‫الشرعي أن يكون على مذهب المام أبي حنيفة" ‪ ،‬ودرسا فى تجويد‬ ‫الفقه والجغرافيا والحساب‪ .‬ومع ذلك لم يكن أحمد أمين راضيا عن‬
‫القرآن ‪ ،‬وأن يحضر درسا في النحو ظهرا‪ ،‬وآخر في العلوم التي كانت‬ ‫دراسته بالزهر وظهر ذلك واضحا عندما رأى بعض زملئه يقدمون‬
‫تسمى العلوم العصرية(وهي الجغرافيا والحساب)عصرا‪ ،‬وبذا ينتهي اليوم‬ ‫طلبا للدراسة بمدرسة دار العلوم‪ ،‬فقدم مثلهم‪ ،‬ورأي المر سهلً عليه‪،‬‬
‫‪ .‬وكان يصحو عند آذان الفجر مهما كان الشتاء قارسا‪ ،‬ويصلي مع‬ ‫فهم يمتحنون في حفظ القرآن وهو يحفظه‪ ،‬ويمتحنون في حفظ اللفية‬
‫والده ثم يلبس ملبسه‪ ،‬ويخرج من بيته في الظلم‪ ،‬والدنيا نائمة‬ ‫وفهمها وهو يحفظها ويفهمها ‪ .‬فقد كان يحلم بالتعليم فى مدرسة‬

‫‪17‬‬
‫نظامية واضحة الحدود والمعالم‪ ،‬مفهومة الغاية‪ ،‬يدخل فيها الطالب‬ ‫وحول علقته بالسياسة ‪ ،‬فلم يكن أحمد أمين من هواة السياسة حتى أنه‬
‫فيقضي أربع سنوات يتعلم فيها على خير الساتذة ‪ ،‬ثم يخرج مدرسا في‬ ‫لم يقرأ الجرائد فى صباه خاصة أنها لم تدخل بيتهم ‪ ،‬ولم يجلس بمقهى‬
‫المدارس الميرية‪ .‬ولكن قبل إمتحانه بمدرسة دار العلوم كان لبد من‬ ‫ليقرأها أيضا حتى جاءت حادثة زواج الشيخ علي يوسف صاحب جريدة‬
‫الكشف الطبي وهو قصير النظر‪ .‬لذلك رسب فى المتحان الطبي ‪ ،‬وحز‬ ‫المؤيد بالست صفية بنت الشيخ السادات‪ ،‬ومنذ ذلك الحين بدأ يقرأ‬
‫ذلك في نفسه كثيرا بعد أن رأى زملئه ينجحون وهو ل ينجح‪ ،‬ويدخلون‬ ‫الجرائد ‪ ،‬ويقول حول تلك الحادثة‪ :‬هي حادثة تحدث كل يوم ول تحرك‬
‫دار العلوم ‪ ،‬ثم يعود هو إلى الزهر ‪ .‬ومرة ثانية يقرأ بإحدى الجرائد‬ ‫ساكنا‪ ،‬ولكن هذه الحادثة بنوع خاص أقامت مصر وأقعدتها‪ ،‬من‬
‫عن إعلن لوزارة المعارف تطلب فيه مدرسين للغة العربية‪ ،‬يقومون‬ ‫الخديوى إلى البائع الجوال‪ ،‬فرجل كهل تزوج بنتا بلغت سن الرشد‬
‫بالتدريس في مدارسها بأربعة جنيهات شهريا‪ ،‬ويدخل أحمد المتحان‬ ‫برضاها دون رضاء أبيها‪ ،‬واعترض أبوها على هذا الزواج؟ وهنا لعبت‬
‫وينجح هذه المرة ويعين بمدرسة تابعة لوقاف أهلية وخاضعة لتفتيش‬ ‫الخصومات السياسية دورها في هذا الموضوع‪ ،‬فقد رفع والد الفتاة‬
‫وزارة المعارف‪ ،‬هي مدرسة راتب باشا بالسكندرية وعمره لم يتجاوز‬ ‫قضية بطلب فسخ عقد الزواج لعدم كفاءة الزوج للزوجة‪ ،‬كاشفا أن الفتاة‬
‫بعد الثامنة عشرة ‪ ،‬وذهب إلى السكندرية للعمل مدرسا للغة العربية‬ ‫شريفة من نسل النبي‪ ،‬والزوج ليس بشريف‪ ،‬واشترك في هذه المعمعة‬
‫للصف الرابع البتدائى ‪ .‬وبالسكندرية يتعرف على صديق كان يعمل‬ ‫القضاء والسياسة والدب‪ ،‬فكانت جلسات المحاكم وما دار فيها من‬
‫أستاذا للغة العربية بمدرسة رأس التين الثانوية تخرج من دار العلوم هو‬ ‫مرافعات تنشر بالجرائد ‪ ،‬وكان الشعراء يصنعون المقطوعات الطريفة‬
‫الشيخ عبد الحكيم بن محمد ‪ ،‬وكان يلتقى به دائما بمحل عم أحمد‬ ‫في هذا الموضوع تنشرها الجرائد ‪ ،‬أما الجرائد الهزلية فكانت تنشر‬
‫الشربتلى الذى كان مجمعا للدباء والظرفاء ‪ ،‬ويقول أحمد أمين فى‬ ‫"النكت" اللذعة‪ .‬وهكذا اهتاجت عواطف الناس‪ ،‬وأخذوا يترقبون الجرائد‬
‫صديقه‪ :‬إذا كان أبي هو المعلم الول فقد كان عبد الحكيم محمد هو‬ ‫ويتلقفوها مطلع كل يوم جديد ‪ ،‬ومنذ ذلك الحين اتصلت بالجرائد ‪ .‬وبعد‬
‫المعلم الثاني‪ ،‬الذى انتقلت بفضله نقله جديدة وشعرت أني كنت خامدا‬ ‫سنتين من عمله بالسكندرية‪ ،‬سعى والده لتعيينه مدرسا بمدرسة والدة‬
‫فأيقظني‪ ،‬وأعمى فأبصرني‪ ،‬وعبدا للتقاليد فحررني‪ ،‬وضيق النفس‬ ‫عباس باشا الول في أكتوبر سنه ‪1906‬م‪ ،‬وهي المدرسة التي تعلم فيها‬
‫فوسعني ‪.‬‬ ‫صغيرا‪ ،‬والتي كان يحن إليها دائما ‪ ،‬ففرح بهذا التعيين فرح الغائب عاد‬

‫‪18‬‬
‫إلى وطنه ‪ ،‬وقام بالتدريس للسنة الولى والثانية ‪ .‬وفي هذا العام وأثناء‬ ‫والهم من كل ذلك أن فكرة مدرسة القضاء نبعت في فكر الشيخ محمد‬
‫الدراسة مرض أحمد أمين بحمى التيفود مرضا شديدا‪ ،‬حتى أشرف على‬ ‫عبده‪ ،‬واحتضنها صديقه سعد زغلول‪ ،‬وهو لم يكن على وفاق معهما‪.‬‬
‫الهلك‪ ،‬وكان والده يدخل عليه حجرته قبل خروجه إلى عمله ‪ ،‬ويقول‬ ‫ولكن دعي مجلس الوزراء للجتماع فى ‪ 25‬فبراير ‪1907‬م ورأسه‬
‫أحمد أمين فى هذا الخصوص‪ :‬كان والدي يجلس على رأسي ويضع يده‬ ‫الخديوي‪ ،‬الذى عارض في المجلس وأبدى اعتراضاته على المشروع‪،‬‬
‫على جبهتي‪ ،‬ويقرأ الفاتحة‪ ،‬وآية الكرسي‪ ،‬والمعوذتين‪ ،‬ويختم ذلك‬ ‫واقترح إرجاء النظر فيه ‪ ،‬ولكن سعد باشا أصر على تأييد المشروع‬
‫بقوله‪" :‬حصنتك بالحي القيوم الذي ل يموت أبدا‪ ،‬ودفعت عنك السوء‬ ‫بشدة‪ ،‬ودافع عن الفكرة‪ ،‬ثم أخذت الصوات فى النهاية ‪ ،‬فانضم جميع‬
‫بألف ألف ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم"‪ ...‬ثم ينفث في وجهي‪،‬‬ ‫الوزراء إلى سعد باشا‪ ،‬ما عدا وزير الشغال‪ ،‬فلم يسع الخديوي إل أن‬
‫وإذ عاد من عمله في المساء كرر هذا الدعاء‪ ...‬ونجوت منها بأعجوبة‪،‬‬ ‫وافق على رأيهم ومضي القانون ‪ .‬ويذكر فى هذا الخصوص أن تلك‬
‫بعد أن كاد الموت أقرب إلي من حبل الوريد‪ ،‬ومكثت بعد ذلك مدة طويلة‬ ‫الحادثة دلت على إحترام الخديوي للديمقراطية التى لم تعرف سابقة‬
‫في دور النقاهة ‪ .‬وفي سنه ‪1907‬م تقرر فتح مدرسة القضاء الشرعي‪،‬‬ ‫مثلها من قبل حيث يخالف فيها أكثر النظار(الوزراء) الخديوي‪ ،‬فينزل‬
‫وكان الغرض منها تخريج قضاة شرعيين مكان الذين عمت منهم‬ ‫عن رأيه لرأيهم ‪ .‬وهكذا أعلن عن طلبات اللتحاق بمدرسة القضاء‬
‫الشكوى من قلة الخبرة أو الفساد فى ذلك الوقت‪ .‬ويرجع ذلك إلى جهد‬ ‫وشرط القبول ومواعيد المتحان‪ ،‬فتقدم أحمد أمين ‪ ،‬وكانت خشيته من‬
‫شاق قام به الشيخ محمد عبده‪ ،‬على أثره فكرت نظارة الحقانية في‬ ‫الكشف الطبي على النظر أكبر من خشيته من المتحان‪ ،‬فسقطت في‬
‫إنشاء مدرسة‪ ،‬واحتضن فكرتها سعد باشا زغلول‪ ،‬إذ كان ناظرا للمعارف‬ ‫المتحان الطبى ‪ ،‬ولكن حدث ما ليس في الحسبان فقد رأى عاطف بك‬
‫فى ذلك الوقت ‪ ،‬وأمينا على أفكار الشيخ محمد عبده‪ .‬وكان الخديوى‬ ‫بركات ناظر المدرسة كثرة الساقطين في النظر‪ ،‬فأرجأ البت فيمن يقبل‬
‫عباس معارضاً لهذا المشروع أشد المعارضة لنه يسلب الزهر أعز‬ ‫ومن ل يقبل إلى ما بعد المتحان‪ ،‬وتقدم لهذا المتحان أكثر من مئتين‪.‬‬
‫شيء لديه‪ ،‬وهو العداد للقضاء الشرعي‪ ،‬ويأتي ذلك بعد أن سلب من‬ ‫وتركز المتحان في اللغة العربية نحوا وصرفا والفقه‪ ،‬والبلغة‪،‬‬
‫قبل إعداد مدرسي اللغة العربية عندما تم إنشاء دار العلوم خاصة وأن‬ ‫والحساب والهندسة‪ ،‬والجغرافيا والتاريخ‪ ،‬وكان امتحانا عسيرا رسب‬
‫الزهر وديوان الوقاف هما المصلحتان اللتان أطلقت فيهما يد الخديوي‪،‬‬ ‫فيه كل المتقدمين إل خمسة‪ ،‬وكان ترتيب أحمد أمين الثالث فشفع له ذلك‬

‫‪19‬‬
‫عند ناظر المدرسة في قصر نظره طبيا‪ ،‬ثم ضم إليهم تسعة من أحسن‬ ‫للتاريخ على أخر طراز تخرج في جامعات انجلترا وأستاذ للطبيعة تخرج‬
‫الراسبين‪ ،‬وبعض هؤلء التسعة اختبروا لنهم من أبناء كبار العلماء في‬ ‫من أشهر جامعات فرنسا‪ ،‬وعلى رأسهم ناظر تعلم في الزهر وفي دار‬
‫الزهر وذلك استرضاء للزهر وأهله‪ .‬وكانت الفكرة في مدرسة القضاء‬ ‫العلوم وفي انجلترا‪ ،‬وكل من هؤلء يلونون الطلبة بلونهم‪ ،‬ويصبغونهم‬
‫أن يثقف فيها الطالب ثقافة دينية‪ ،‬من تفسير وحديث وفقه وأصول فقه‬ ‫بصبغتهم‪ ،‬ويعلمونهم على منهجهم‪ ،‬فكنت إذا أصغيت إلى درس من‬
‫وتوحيد ونحو ذلك‪ ،‬وثقافة لغوية أدبية من نحو وصرف وأدب‪ ،‬وثقافة‬ ‫الدروس فكأنما تصغى إلى درس يلقيه مدرس من القرون الوسطى فيما‬
‫قانونية عصرية من مثل أصول القوانين الحديثة ونظام القضاء والدارة‬ ‫يقال وكيف يقال‪ ،‬ثم يليه درس تسمعه فكأنك تسمع درسا في أجنبية ل‬
‫ونحو ذلك ‪ ،‬وثقافة كما يسمونها عصرية من مثل الجغرافيا والتاريخ‬ ‫يفرق بينهما إل أنه يلقي بالعربية‪ ،‬ثم تنتقل من ذلك إلى درس له شبه‬
‫والطبيعة والكيمياء والحساب والجبر والهندسة فكان برنامجها مزيجا من‬ ‫من هذا وشبه من ذاك‪ ،‬فموضوعه من موضوعات القرون الوسطى‬
‫كل ذلك‪ .‬ويقول أحمد أمين فى هذا الصدد‪ :‬ومن أظرف ما حدث في‬ ‫ومنهجه منهج حديث‪ ،‬وكذلك المدرسون‪ ،‬كانت هناك عقلية قديمة لم‬
‫برنامج تدريس مدرسة القضاء أن خاف واضعو قانونها من أن يسموا‬ ‫تسمع عن شيء أسمه الجغرافيا ول تعرف أن الدنيا قارات خمس ‪ .‬كانت‬
‫الطبيعة بإسمها خشية أن يغضب الزهريون فاحتالوا على ذلك ووضعوا‬ ‫نظافة المدرسة بالغة أقصاها ‪ ،‬بها حديقة جميلة رسمت رسما بديعا‪،‬‬
‫الطبيعة والكيمياء في البرنامج تحت اسم "الخواص التي أودعها ال‬ ‫وملئت بالزهار الجميلة‪ ،‬وحركة مستمرة من الخدمة في تنظيف مستمر‬
‫تعالى في الجسام"‪ .‬وكانت المدرسة في حضانة سعد باشا زغلول‬ ‫‪ ،‬وفي هذا الجو كله وضع الطلبة‪ ،‬واشتهرت المدرسة في مصر يزورها‬
‫ويوليها عنايته وهو ناظر المعارف‪ .‬فاختار لها ناظرا من أكفأ الناس‬ ‫كبراؤها وفي العالم الشرقي يؤمها عظماء الوافدين المعنيين بشؤون‬
‫وأقربهم إليه هو عاطف بك بركات‪ ،‬وأختار سعد باشا والناظر معا خيرة‬ ‫التعليم والراغبين في الصلح‪ .‬ويقول أحمد أمين ‪ :‬بدأت الدراسة بالقسم‬
‫المدرسين من كل نوع من أنواع التعليم كما استعان بخيرة علماء‬ ‫العالي من هذه المدرسة‪ ،‬ومدتها أربع سنوات‪ ،‬وكان فصلنا يتكون من‬
‫الزهر‪ ،‬ليقوموا بتدريس العلوم الدينية‪ ،‬وهنا يقول أحمد أمين‪ :‬كنت ترى‬ ‫أربعة عشر طالبا‪ ،‬كثير منهم يناهز الثلثين وله لحية طويلة‪ ،‬ومنهم من‬
‫مزيجا عجيبا من الساتذة بمدرسة القضاء الشرعى ‪ ،‬فهذا شيخ أزهري‬ ‫هو متزوج وله أولد‪ ...‬وكان الطلبة كالساتذة‪ ،‬منهم الزهري القح الذي‬
‫تربى تربية أزهرية بحتة ودنياه كلها هي الزهر وما حوله‪ ،‬بجانبه أستاذ‬ ‫ل يعرف عن الدنيا شيئا‪ ،‬ومنهم ابن البلد المتمدن الذي عرك الدنيا‬

‫‪20‬‬
‫وعركته‪ ،‬ومنهم من هو بين ذلك‪ .‬ومن الساتذة الجلء وخير ما أخرجته‬ ‫مصطفى عبد الرازق وكان يزوره فى منزله ليلة الجمعة‪ ،‬وهنا يقول‪:‬‬
‫دار العلوم كالشيخ الخضري والشيخ المهدي‪ .‬وهم فئة اتصلوا بالشيخ‬ ‫كان منزل مصطفى عبد الرازق يحتفظ بالتقاليد القديمة لبيوت السر‬
‫محمد عبده‪ ،‬وكانوا من خاصة تلميذه‪ ،‬والشيخ محمد الخضري‬ ‫الكبيرة‪ ،‬يكثر زوارها وتمد موائدها غداء وعشاء‪ ،‬ويطيب فيها السمر‪،‬‬
‫المتخصص فى أصول الفقه ‪ ،‬الشيخ محمد مهدي لتدريس أدب اللغة‬ ‫ويطول فيها السهر‪ ،‬فكان أصدقاء الشيخ مصطفى عبد الرازق من الشبان‬
‫العربية‪ ،‬وكان هذا الدب حديث العهد في مصر‪ ،‬فالناس لم يكونوا‬ ‫ينفردون بحجرة في البيت يتلقى فيها شبان الزهر بشبان الحقوق‬
‫يعرفون الدب إل على النحو الذي جاء في مثل كتاب الغاني والعقد‬ ‫ببعض الشبان الذين يتعلمون في أوروبا‪ ،‬فتثار المسائل على اختلف‬
‫الفريد والمالي ونحو ذلك‪ .‬وقام بتدريس تاريخ الدب حسن توفيق الذى‬ ‫ألوانها دينية وفلسفية وسياسية واجتماعية حيثما اتفق‪ ،‬وكنا نتبادل فيها‬
‫تعلم بألمانيا وهذا العلم لم يكن معروفا فى مصر من قبل فأدخل هذا العلم‬ ‫الراء والفكار ‪ ،‬وترى إذ ذاك آراء المحافظين تناطح آراء الحرار‬
‫على هذا النمط في مدرسة دار العلوم إذ كان أستاذا فيها‪ ،‬مسترشدا بما‬ ‫المتمدنين‪ ،‬ومؤيدي السفور ينازعون مؤيدي الحجاب‪ ،‬والوطنيين‬
‫كتبه اللمان في تدريس أدبهم‪ ،‬والشيخ محمد زيد‪ ،‬وجمهرة ثالثة من‬ ‫يثورون على الرجعيين‪ ،‬وهكذا من سمر لذيذ يمتد إلى منتصف الليل‬
‫المدنيين منهم طائفة من كبار القضاء الهلي لتدريس مقدمة القوانين‪ ،‬أو‬ ‫فتكون من ذلك متعة عقلية وروحية لطيفة ‪ .‬فى نفس الفترة أيضا‬
‫المدخل إلى القانون‪ ،‬ونظام المحاكم واختصاصاتها وذلك للتقريب إلى‬ ‫كانت الجامعة المصرية الهلية قد ولدت في السنة التي ولدت فيها‬
‫القضاء الهلي‪ ،‬ومقاربة الفقه السلمي إلى القانون الوضعي‪ ،‬وأصول‬ ‫مدرسة القضاء عقب جدال عنيف في المجالس والصحف‪ ،‬فقد كان اللورد‬
‫الفقه إلى أصول القوانين ‪ .‬بالضافة إلى أحمد فهمي العمروسي بك الذي‬ ‫كرومر يؤيد التعليم الولي ويعارض في إنشاء الجامعة‪ ،‬لذلك أسرع‬
‫تعلم في مصر وفي سانكلو بفرنسا الذى قام بتدريس مادة الطبيعة‬ ‫مديرو المديريات ومأمورو المراكز والعمد وأعيان البلد إلى إنشاء‬
‫الحديثة العهد فى ذلك الوقت‪ .‬وعلى بك فوزي الذي درس بمدرسة‬ ‫الكتاتيب طوعا لشارة كبار النجليز‪ ،‬وأخيرا تقدم داع يدعو إلى إنشاء‬
‫المعلمين وتخرج من معاهد إنجلترا قام بتدريس مادة التاريخ وتحديدا‬ ‫الجامعة ويتبرع بخمسمائة جنيه بشرط أن يتبرع عدد كبير بمال كثير‪،‬‬
‫تاريخ اليونان والرومان وتاريخ أوروبا الحديث أحيانا‪ ،‬والتاريخ‬ ‫وتحمس بعض الكبراء وعقدوا اجتماعا حضره سعد زغلول وقاسم أمين‬
‫السلمي ‪ .‬وفى تلك المرحلة تعرف أحمد أمين على صديق جديد هو‬ ‫والشيخ عبد العزيز شاويش ومحمد بك فريد وغيرهم‪ ،‬واكتتبوا بمبلغ من‬

‫‪21‬‬
‫المال ل يزيد عن خمسة آلف جنيه‪ ،‬وأنشئوا الجامعة واختاروا رئيسها‬ ‫منه ‪ ،‬فكنت أذهب إلى بيته في كثير من اليام عند تحضير الدروس‪،‬‬
‫سعد زغلول‪ ،‬ولكن عندما عين سعد ناظرا للمعارف اختير لها المير‬ ‫وعادة ما كان يقوم بالتحضير من كتب الخلق النجليزية‪ ،‬فكان يقرأ‬
‫أحمد فؤاد (الملك فؤاد فيما بعد) ليكون رئيسا وكان شديد الهتمام‬ ‫بالنجليزية ويمليني بالعربية‪ ،‬وأحيانا ينفرد هو بالترجمة ويسمعني ما‬
‫والعناية بالجامعة‪ .‬ثم نمت الجامعة واستدعى لها بعض كبار‬ ‫تُرجم ‪ .‬واستمر أحمد أمين يعمل مدرسا بمدرسة القضاء لسنتين‪ ،‬ولكن‬
‫المستشرقين واختير لها بناء هو بناء الجامعة المريكية اليوم بميدان‬ ‫كانت هناك مشكلة وهي أنه لم ينجح في الكشف الطبي لقصر نظره ‪،‬‬
‫التحرير‪ .‬وكان أحمد أمين يحضر أحيانا محاضرات الجامعة المصرية‬ ‫لذلك تم تعيينه (ظهورات) حسب اصطلح المستخدمين‪ ،‬أى ليس له حق‬
‫الهلية خاصة فى تاريخ الفلك عند العرب والفلسفة السلمية والجغرافيا‬ ‫في المعاش عند بلوغه السن‪ .‬وليست له ضمانات في بقائه في الوظيفة‪،‬‬
‫العربية ‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول أحمد أمين‪ :‬رأيت فى الجامعة الهلية لونا‬ ‫إذ يكفي إشارة من الرئيس بالستغناء عنه فيستغني‪ .‬أما الموظف الثابت‬
‫من ألوان التعليم لم أعرفه من قبل مثل استقصاء في البحث‪ ،‬وعمق في‬ ‫أو (المُثبت) فله الحق في المعاش‪ ،‬ول يخرج من الخدمة إل بمجلس‬
‫الدرس‪ ،‬وصبر على الرجوع إلى المراجع المختلفة‪ ،‬ومقارنة بين ما‬ ‫تأديب يقرر فصله‪ ،‬وهي مميزات ل يستهان بها‪ .‬وللتحايل على ذلك‬
‫يقوله العرب ويقوله الفرنج‪ ،‬واستنتاج هادئ ورزين من كل ذلك ‪.‬‬ ‫النظام الظالم فكر عاطف بك حرصا على مصلحة أحمد أمين أن يعينه‬
‫أنهى أحمد أمين دراسته بمدرسة القضاء‪ ،‬وعلى الرغم من أن ترتيبه‬ ‫قاضيا لمدة قصيرة خاصة وأن القاضي يُعين برمسوم‪ ،‬ومن ثم فل يحتاج‬
‫كان السادس إل أن ناظر مدرسة القضاء لم يعبأ بالترتيب فعينه مع‬ ‫إلى كشف طبي‪ ،‬وإذا عين قاضيا أصبح مثبتا‪ ،‬فإذا انتقل إلى مدرسة‬
‫الثلثة الول مدرسا بالمدرسة بعد شهرين من تخرجه‪ ،‬وابتدع في‬ ‫القضاء نقل (مثبتا) أيضا وهو ما كان يسعى إليه وهو ما حدث‪ .‬وبعد‬
‫المدرسة نظاما جديدا لم يكن معروفا في مصر؛ وهو نظام المعيدين‪،‬‬ ‫تعيينه أحس أحمد أمين بحاجته الشديدة إلى دراسة لغة أجنبية خاصة‬
‫فأتبع كل معيد بأستاذ كبير يحضر معه موضوع المحاضرة ويدخل معه‬ ‫وأن دروسه في الخلق مصدرها مذكرات عاطف بك التي نقلها عن‬
‫في الدروس ‪ .‬ووزع المعيدين على الستاذة بحسب كفايتهم وميولهم‪،‬‬ ‫النجليزية خاصة وأنه أخفق في تعلم الفرنسية فقرر تعلم النجليزية ‪.‬‬
‫وتم إختيار أحمد أمين مع أستاذ الدب ليعمل معيدا معه في دروس‬ ‫وذات يوم قابل صديقه الذى يشبهه فى السم أحمد بك أمين المولود‬
‫الخلق‪،‬ويقول أحمد أمين‪ :‬كنت على اتصال مباشر بأستاذى والستفادة‬ ‫بالسكندرية وجلسا في مقهى‪ ،‬وذهب الحديث فنونا إلى أن وجده يقول‬

‫‪22‬‬
‫إنه عثر على كتاب إنجليزي قيم لمستشرق أمريكي اسمه مكدونالد قسم‬ ‫وفي المقارنة بين فرنسا ومصر ‪ .‬وكان أحد أعضاء هذه النخبة يصدر‬
‫كتابه إلى ثلثة أقسام ‪ :‬قسم يتعلق بنظام الحكم في السلم‪ ،‬وقسم في‬ ‫جريدة أسمها "السفور" يدافع فيها عن رأي قاسم أمين ويدعو إليه‪،‬‬
‫تاريخ الفقه السلمي‪ ،‬وقسم في المذاهب والعقائد السلمية ‪ ،‬فإستفز‬ ‫وطلب منهم المساهمة معه في إخراجها وتولى تحريرها فقبلت مجموعة‬
‫الموضوع أحمد أمين وقال له ‪ :‬هل تستطيع الن أن تذهب معي إلى‬ ‫منهم وتألفت لجنة من الجمعيتين‪ ،‬كان من بين هذه الجمعية المشرفة‬
‫مدرسة (برليتز) لرتب دروسا لي في النكليزية ؟ فقبل‪ .‬وذهب الثنان‬ ‫على تحرير السفور الساتذة مصطفى عبد الرازق ومحمود تيمور وكامل‬
‫إلى المدرسة ورتب دروسا ثلثة في السبوع بمئة وخمسين قرشا كل‬ ‫سليم والدكتور أحمد زكي ‪ ،‬وكان ذلك فى سنه ‪. 1918‬‬
‫وفيما يتعلق بأصدقاء أحمد أمين ‪ ،‬فقد كان له مجموعة‬ ‫شهر ‪.‬‬ ‫وبتطور الحداث قرر أحمد أمين الزواج ‪ ،‬فقد كان يرى فى نفسه أنه‬
‫من الصدقاء يطلقون على أنفسهم جمعية ذوي الثقافة النجليزية ‪،‬‬ ‫شاب ل بأس بشكله ول بأس بأسرته‪ ،‬فهو من عائلة متوسطة ويحمل‬
‫وجماعة أخرى تطلق على نفسها جمعية أصدقاء الثقافة الفرنسية وكان‬ ‫شهادة عالية‪ ،‬ومرتبه نحو ثلثة عشر جنيها وهو مرتب ل يستهان به‬
‫عميدها الشيخ مصطفى عبد الرازق الذي كان شيخا للزهر فيما بعد‪،‬‬ ‫في ذلك الوقت ‪ ،‬ومع ذلك كله وقفت العمامة حجر عثرة في طريق‬
‫ومن بينهم الدكتور منصور فهمي وعزيز مرهم ومحمد كامل البنداري‪،‬‬ ‫زواجه ‪ ،‬فقد كان ذو العمامة بنظر الناس فى ذلك الوقت رجل متدين‪،‬‬
‫والدكتور محمود عزمي وغيرهم وكان مكانها في منزل مصطفى عبد‬ ‫والتدين في نظرهم يوحي بالتزمت وقلة التمدن واللتصاق بالرجعية‬
‫الرازق‪ ،‬وأكثر أعضائها من خريجي الجامعات الفرنسية ‪،‬ومما ألف بينهم‬ ‫والحرص على المال ونحو ذلك من معان منفرة‪ ،‬والفتاة يسرها الشاب‬
‫إقامتهم في فرنسا وتعلمهم بها‪ .‬وإذا كان يكثر في جمعية الثقافة‬ ‫المتمدن اللبق المساير للدنيا اللهي الضاحك‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول أحمد‬
‫النجليزية ذكر شكسبير وديكنز وماكولي وبرناردشو وهـ‪.‬ج ولز ويغلب‬ ‫أمين‪ :‬فكم قيل لي عندما أتوجه لخطبة فتاة أن ليس عندهم مكان لعمامة‬
‫عليها المحافظة والعتدال‪ ،‬فقد كان يكثر في الجمعية الفرنسية ذكر جان‬ ‫‪ ...‬وهكذا لقيت العناء في الزواج ‪ ،‬وأخيرا دلني مدرس معي في مدرسة‬
‫جاك روسو وفولتير وراسين وموليير ودركهايهم ‪ ،‬ويغلب عليها التحرر‬ ‫القضاء على فتاة ‪ ،‬فأرسلت أمي وأختي وزوجة صديقى المدرس لرؤية‬
‫والثورة على القديم‪ ،‬ويكون الحديث مزيجا بين حرية فرنسية واعتدال‬ ‫الفتاة فرأينها ووافقن عليها‪ ،‬وثم عقد الزواج يوم ‪ 3‬أبريل سنه ‪1916‬م‪،‬‬
‫إنجليزي ومحافظة أزهرية‪ ،‬ويتحدث الجميع في السياسة وحرية المرأة‪،‬‬ ‫وقد أخذت يوم العقد مئة جنيه إنجليزي ذهبا في علبة جميلة قدمتها مهرا‬

‫‪23‬‬
‫للزوجة‪ ،‬وإنتظرت نحو أربعة أشهر حتى يتم أهل الزوجة الجهاز ‪...‬‬ ‫وهنا قرر أحمد أمين المساهمة فى الثورة فإتصل بعبد الرحمن فهمي‬
‫ورزقت بعشرة أولد مات منهم اثنان في طفولتهما‪ ،‬وبقي لي ثمانية‬ ‫سكرتير الوفد‪ ،‬وكان يضم إليه جماعة من الشبان يوزع عليهم العمال‪،‬‬
‫اسأل ال أن يمد في عمرهم ويسعدني بهم‪ ،‬ستة أبناء وبنتان‪.‬‬ ‫وفى هذا الخصوص يقول أحمد أمين‪ :‬إختارني عبد الرحمن فهمى‬
‫جاءت الحرب العالمية الولى ‪1914‬م‪ ،‬وكانت أحداثها وقودا للهاب‬ ‫للشراف على عملين‪ :‬الول إلقاء الخُطب السياسية في المساجد عقب‬
‫الشعور الوطني‪ ،‬فخلع الخديوي عباس وأعلنت بريطانيا الحماية على‬ ‫صلة الجمعة‪ ،‬فكنت أجتمع مع بعض الزملء وأنظم معهم إلقاء هذه‬
‫مصر‪ ،‬فحز ذلك في نفوس المصريين ‪ ،‬وولي المير حسين كامل سلطانا‬ ‫الخُطب وأوزعهم على المساجد وأعين معهم موضوع ما يقولون‪ .‬والمر‬
‫على مصر من قبل النجليز بواسطة خطاب وجهه إليه مسئول أعمال‬ ‫الثاني كتابة المنشورات نذكر فيها أهم الحداث ‪ ...‬وكنت شديد الصلة‬
‫الوكالة البريطانية‪ ،‬فأثر ذلك فى المصريين ضد النجليز ‪ ،‬فقد كان والي‬ ‫بسكرتير سعد باشا زغلول (كامل بك سليم)‪ ،‬فلما أطلق سراح سعد وذهب‬
‫مصر يعين من قبل سلطان الستانة بفرمان يحمله مندوب سام من قبل‬ ‫(كامل بك) مع الوفد إلى باريس كان علي أن أصف الحالة في مصر من‬
‫السلطان ‪.‬فى نفس الوقت كانت مصر تعانى ويلت الحرب من سوء‬ ‫حين لخر‪ ،‬وأرسل بذلك تقارير إلى سكرتير سعد ليطلعه عليها‪ ،‬وكانت‬
‫الحالة القتصادية ومن اعتداء النجليز على الهالي ‪ ،‬وتشغيل العمال‬ ‫هذه سببا في معرفة سعد باشا بي ‪ ،‬فكثر اتصالي به‪ ،‬بل كان يرسل إلي‬
‫المصريين رغم أنوفهم‪ ،‬وأخذ السلطة النجليزية الدواب والمحاصيل‬ ‫الشفرة الجديدة إذا غيرت لوصلها إلى بعض العضاء في مصر‪ ،‬إذ كنت‬
‫جبرا‪ ،‬وتحليق الطيران اللماني فوق سماء القاهرة وإصابتها بعض‬ ‫شيخا مدرسا في مدرسة القضاء ول يظن أحد أن أمرا خطيرا كهذا يأتي‬
‫الهالي‪ ،‬وتسفير العمال المصريين إلى فرنسا والعراق‪ ،‬ونزع السلح من‬ ‫إلي ‪ ...‬ولما أنقسم الوفد واتهم عدلي باشا وصحبه ببعض التهامات‬
‫المصريين ‪ .‬وهنا اتجهت أفكار بعض الزعماء المصريين إلى مطالبة‬ ‫كنت في صف سعد باشا ومن مؤيديه والداعين له ‪ .‬ويضيف أحمد أمين‪:‬‬
‫النجليز بوفاء ما وعدوا‪ ،‬وتألف الوفد المصري وعلى رأسه سعد باشا‬ ‫وانغمست في السياسة واشتركت في المظاهرات وبخاصة في المظاهرات‬
‫زغلول‪ ،‬ثم قبض عليه وعلى أصحابه‪ ،‬وقامت المظاهرات وكثر التخريب‬ ‫التي ترمي إلى التقريب بين القباط والمسلمين‪ ،‬وكنت أتلمس المظاهرة‪،‬‬
‫واشتعلت البلد نارا‪ .‬وعاقب النجليز الهالي عقابا شديدا بإطلق‬ ‫فأركب عربة وأنا بعمامتي وأصطحب فيها قسيسا بملبسه الكهنوتية‬
‫الرصاص على المتظاهرين والتنكيل ببعض القرى تنكيلً يذيب القلوب ‪.‬‬ ‫ونحمل علما فيه الصليب والهلل ونحو ذلك من أعمال ‪ .‬واشتدت‬

‫‪24‬‬
‫الحركة الوطنية في مدرسة القضاء وأفلت زمامها من يد عاطف بك بعد‬ ‫مزاج علمي ل سياسي‪ ،‬ولهذا كنت أختلف عن زملئي السياسيين ‪ .‬ظل‬
‫أن كان ل يسمح بمظاهرة ما ول إضراب‪ ،‬إلى أن جاء يوم أنعقد فيه‬ ‫أحمد أمين بالقضاء أربع سنين‪ ،‬سنة في قويسنا‪ ،‬وسنة في طوخ‪،‬‬
‫مجلس الدارة في المدرسة‪ ،‬وكانت وزارة نسيم باشا الولى ليست على‬ ‫وسنتين في محكمة الزبكية‪ ،‬ومع ذلك فلم يكن سعيدا بعمله فى القضاء ‪.‬‬
‫وفاق مع سعد‪ ،‬وكان وزير المعارف محمد توفيق رفعت باشا عضوا‬ ‫وفى عام ‪ 1926‬دق جرس التليفون بمنزله في مصر الجديدة وإذا المتكلم‬
‫فيها‪ ،‬فاجتمع بعض الطلبة في جزء من فناء المدرسة تحت شباك الحجرة‬ ‫صديقه الدكتور طه حسين يطلب إلي مقابلته ‪ .‬وذهب أحمد أمين لمقابلته‬
‫التي ينعقد فيها المجلس وهتفوا بحياة سعد وسقوط وزارة نسيم‪ ،‬فاتهم‬ ‫فإذا هو يعرض عليه العمل مدرسا بكلية الداب‪ ،‬فتردد أحمد أمين قليلً‬
‫رفعت باشا عاطف بك بأنه دبر هذه المؤامرة مع أنه بريء من ذلك فيما‬ ‫ثم قبل لنفوره من القضاء وحبه للتدريس‪ .‬وذهب إلى الكلية حيث قصر‬
‫أعتقد‪ ،‬ولم يأت المساء حتى أعلن قرار مجلس الوزراء بإحالة عاطف بك‬ ‫الزعفران الن مقر جامعة عين شمس‪ ،‬فوجد شيئا جديدا عليه‪ ،‬ل هو‬
‫على المعاش ‪ .‬وحزن أحمد أمين حزنا شديدا على إقالة عاطف بك ‪،‬‬ ‫كالزهر ول هو كمدرسة القضاء ‪ .‬وهنا يقول أحمد أمين‪ :‬وجدت‬
‫وتعيين ناظر جديد لم يكن على وفاق معه وهو ما أدى بالنهاية إلى قيام‬ ‫الأساتذة كأنهم عصبة أمم‪ ،‬فهذا إنجليزي وذاك فرنسي وآخر بلجيكي‬
‫الناظر الجديد بالحصول على أمر من رئيس الوزراء الجديد عدلى باشا‬ ‫وهذا ألماني وقليل من الساتذة المصريين‪ ،‬وليس فيهم معمم إل أنا ‪،‬‬
‫يكن بنقله إلى القضاء فعين قاضيا بمحكمة قويسنا الشرعية‪ ،‬وكان هذا‬ ‫وعميد الكلية بلجيكي‪ ،‬والطلبة أحرار‪ ،‬يحضرون الكلية أو ل يحضرون‪،‬‬
‫آخر عهده بالتدريس في المدرسة ‪.‬‬ ‫ويحضرون الدرس أو ل يحضرون‪ .‬وأقسام الكلية متشعبة بين قسم‬
‫وهنا يقول أحمد أمين‪ :‬مما آلمني أنني تركت التدريس وهو ما أحبه إلى‬ ‫للفلسفة يتزعمه الفرنسيون‪ ،‬وقسم للنجليزية يسيطر عليه النجليز ‪،‬‬
‫القضاء الذى ل أحبه‪ ،‬ولم أحب السياسة أيضا لسباب أهمها أني لم‬ ‫وقسم للغات القديمة‪ ،‬وقسم للجغرافيا‪ ،‬وآخر للتاريخ ‪ ...‬والطلبة‬
‫أتشجع شجاعة السياسيين ‪ ،‬فكنت أخاف السجن وأخاف العقوبة‪ ،‬ولعل‬ ‫موزعون على القسام‪ ،‬ومن الطلبة عدد كبير يقضي سنة في كلية الداب‬
‫من أهم أسباب خوفي يرجع إلى إشفاقي على والدي وقد أصبحت إبنهما‬ ‫إعدادا لكلية الحقوق‪ ...‬وقد قضيت زمنا حتى أفهم كل ذلك‪ ،‬وأحسست أن‬
‫الوحيد ‪ ،‬بالضافة إلى ما علمني أبي من إفراط في التفكير في العواقب ‪،‬‬ ‫الجو مبعثر‪ ،‬ليس هناك ارتباط وثيق بين الطلبة بعضهم وبعض ول‬
‫وبالطبع من فكر في العواقب يكون حذرا دائما ‪ .‬أما الهم فهو أن مزاجي‬ ‫الساتذة بعضهم وبعض‪ ،‬ل كالذي كنت أرى في مدرسة القضاء‪ ،‬وأن‬

‫‪25‬‬
‫الدراسة كالحرب المائعة؛ فتبعثر القسام في الدراسة وتبعثر الساتذة في‬ ‫الدكتور طه حسين والستاذ عبد الحميد العبادي وأنا‪ ،‬وخلصته أن‬
‫الجنسية جعل نسيج الكلية مهلهلً‪ ،‬وكان الطلبة كلهم ذكورا ليس فيهم‬ ‫ندرس الحياة السلمية من نواحيها الثلث في العصور المتعاقبة من أول‬
‫فتاة‪ .‬وشاهدت مرة ثلث بنات في قسم الفرنسية علمت أنهن نصف‬ ‫ظهور السلم‪ ،‬فيختص الدكتور طه بالحياة الدبية والستاذ العبادي‬
‫مصريات‪ ،‬أبوهن طبيب مصري كبير وأمهن ألمانية ‪ .‬وقبل بدء الدراسة‬ ‫بالحياة التاريخية وأختص أنا بالحياة العقلية‪ .‬فأخذت أحضر الجزء الول‬
‫في السنة التالية دارت مناقشة طويلة بين أحمد أمين وصديق له أستاذ‬ ‫الذي سمي بعد " فجر السلم "‪ ،‬وصرفت فيه ما يقرب من سنتين‬
‫بكلية الحقوق هو الدكتور السنهورى ‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول أحمد أمين‬ ‫فرسمت منهجه ورتبت موضوعاته‪ ،‬وكنت إذا وصلت إلى موضوع أجمع‬
‫‪ :‬فقال لى الدكتور السنهورى لماذا تصر على لبس العمامة ؟ والعمامة‬ ‫مظانه في الكتب‪ ،‬وأقرأ فيها ما كتب على الموضوع وأمعن النظر‪ ،‬ثم‬
‫رمز لرجل الدين ولست الن رجل دين‪ ...‬فأنت تعلم اللغة العربية والدب‬ ‫أكتبه مستدلً بالنصوص التي عثرت عليها حتى أفرغ منه‪ ،‬وأنتقل إلى‬
‫العربي ‪ ،‬كما يعلم الفرنسي اللغة الفرنسية والدب الفرنسي‪ ،‬وهذه أمور‬ ‫الموضوع الذي بعده وهكذا‪ ...‬وكانت أكثر الوقات فائدة فى إنجاز العمل‬
‫مدنية ل دينية‪ ،‬ثم إن لبسك العمامة في وسط كله برانيط وطرابيش‬ ‫هى الجازة الطويلة التي تبلغ أكثر من خمسة أشهر‪ ،‬إذ كنت أجمع الكتب‬
‫يجعلك غريبا في بيئتك ‪ .‬وقد فكرت في المر طويلً فهذا الذي قاله‬ ‫التي يظن أنها تبحث في الموضوع وأحملها على دفعتين أو ثلث إلى‬
‫السنهورى حق‪ ،‬فما زال يلح علي وما زلت أطيل التفكير حتى ملت إلى‬ ‫مائدة وضعتها في حديقتي خلف بيتي في مصر الجديدة‪ ،‬وأبدأ العمل في‬
‫رأيه ‪ .‬وتعلمت من هذا الوسط أن ميزة الجامعة عن المدرسة هي البحث‪.‬‬ ‫الساعة الثامنة صباحا وأجلس على كرسي أمام الكتب أقلبها وأستخرج‬
‫فالمدرسة تعلم ما في الكتب والجامعة تقرأ الكتب لتستخرج منها جديدا‪،‬‬ ‫نصوصها وأستخلص عن كل ذلك ما أكتبه إلى الساعة الواحدة‪ ،‬جلسة‬
‫والمدرسة تعلم آخر ما وصل إليه العلم والجامعة تحاول أن تكتشف‬ ‫واحدة أنسى فيها نفسي وأنسى كل شيء حولي‪ ،‬وهكذا أفعل في أيام‬
‫المجهول من العلم‪ ،‬فهي تنقد ما وصل إليه العلم وتعدله وتحل جديدا‬ ‫العمل التي ل يكون علي فيها دروس في الجامعة حتى ينتهي الجزء‪ .‬وقد‬
‫محل قديم‪ ،‬وتهدم رأيا وتبني مكانه رأيا آخر ‪ ،‬وهكذا إكتشفت أن هذه‬ ‫تم هذا الجزء الول من فجر السلم في آخر سنة ‪1928‬م‪ ،‬ولقد لقيت‬
‫وظيفتها الولى والخيرة‪ ،‬فإن لم تقم بها كانت مدرسة ول جامعة ‪.‬‬ ‫من حسن استقبال الناس لهذا الجزء وتقديرهم له واهتمامهم به نقدا‬
‫وكان ذلك تمهيدا لمشروع واسع في البحث وضعناه نحن الثلثة ‪:‬‬ ‫وتقريظا ما شجعني على المضي في هذه السلسلة ‪ .‬وحول دور طه‬

‫‪26‬‬
‫حسين وعبد الحميد العبادى قال أحمد أمين ‪ :‬وقد عاقت زميلي عوائق‬ ‫‪ ..‬كل هذا شوقني على رؤيتها ‪ .‬وقد مكثت في رحلتي هذه إلى الستانة‬
‫عن إخراج نصيبهما‪ ،‬فاستمررت أنا في إخراج ضحى السلم‪ ،‬في ثلثة‬ ‫أربعين يوما ‪ .‬ولم تتوقف رحلته الخارجية عند هذا الحد ففى ديسمبر‬
‫أجزاء وترقيت في منهج التأليف في ضحى السلم‪ ،‬فقد رتبت‬ ‫عام ‪ 1930‬سافر فى رحلة جماعية إلى الشام ‪ ،‬وهنا يقول‪ :‬في رهط من‬
‫موضوعاته التي تستغرق ثلثة أجزاء وأحضرت ملفات كتبتُ على كل‬ ‫الطلبة والساتذة‪ ،‬عهدت إلى الكلية الشراف على الرحلة ‪ ،‬فها نحن‬
‫ملف اسم الموضوع‪ ،‬ملف عليه اسم المعتزلة وآخر الخوارج‪ ،‬وثالث أثر‬ ‫نرحل من القاهرة إلى القنطرة ونعبر القنال‪ ،‬ونخترق صحراء سيناء‬
‫الجواري في الدب‪ ،‬ورابع الثقافة الهندية ‪ ..‬الخ‪ ، .‬وعلى هذا النمط‬ ‫بالقطار ونمر على غزة ثم بعض المستعمرات الصهيونية‪ ..‬ونستمع إلى‬
‫أخرجت الجزء الول والثاني والثالث من ضحى السلم في نحو سنتين‪.‬‬ ‫بعض الحاديث عن منشآتهم في مستعمراتهم‪ ،‬فنستشعر الخوف من‬
‫وهكذا في (السلميات) ‪.‬‬ ‫المستقبل‪ ،‬حتى نصل إلى محطة "اللد" فنستقل قطارا آخر إلى بيت‬
‫وفيما يتعلق بالسفر لخارج مصر فلم تتح الفرصة له إل سنة ‪1928‬م‪،‬‬ ‫المقدس‪ ،‬وبين اللد والمقدس نستمتع بالمناظر الطبيعية من جبال ووديان‬
‫وهو مدرس بكلية الداب‪ ،‬فذات يوم استدعاه أستاذه لطفي السيد مدير‬ ‫نشأت من ثورات أرضية عنيفة فعلت أفاعيلها القاسية فرفعت بعضها إلى‬
‫الجامعة‪ ،‬وقال له‪ :‬إن البرنس يوسف كمال يود البحث في مكاتب‬ ‫أعلى وسميناه جبلً‪ ،‬وخفضت جزءا آخر وسميناه وهدة أو واديا‪ ،‬وهي‬
‫الستانة عن كتب جغرافية قديمة وبخاصة كتاب بطليموس في الجغرافيا‪،‬‬ ‫مناظر تمل القلب روعة وهيبة‪ ،‬حتى نصل إلى المقدس فيستقبلنا بعض‬
‫وأنه طلب مني أن أختار له اثنين فوقع اختياري عليك وعلى الستاذ عبد‬ ‫علمائه وأدبائه‪ ،‬وعلى رأسهم المرحوم إسعاف بك النشاشيبي‪ ،‬ويبالغ في‬
‫الحميد العبادي ‪ ،‬وقبل أحمد أمين بعد تردد قليل ‪ .‬ويقول أحمد أمين فى‬ ‫إكرامنا‪ ،‬ونلتقي بالستاذ السيد الحسيني مفتي فلسطين فيوحي إلي‬
‫هذا الخصوص‪ :‬وشجعني على القبول أني منذ الصغر أسمع عن‬ ‫منظرة بقوة إرادة وتصميم وعزم ونفس ل تهدأ حتى تتسلط ‪ ...‬ونرحل‬
‫استانبول وعظمتها وأبهتها‪ ...‬ولها صورة عظيمة فخمة في نفسي‪،‬‬ ‫بعد ذلك إلى البحر الميت‪ ،‬ويقص علينا الدليل ما يحوي هذا البحر من‬
‫فالخديوي عباس دائما ما يذهب إلى استانبول‪ ،‬وشوقي في شعره يشيد‬ ‫ذخائر كيماوية سيستغلها العلم الحديث‪ ،‬ونسير إلى أريحا‪ ،‬ونهر‬
‫بذكرها‪ ...‬ناهيك عن الجمال الذى يحيط بالباب العالي والقصر الشاهاني‬ ‫الشريعة‪ ،‬ونرى الجسر الذي يفصل بين فلسطين وشرق الردن‪ ،‬ثم نمر‬
‫والبسفور وبحر مرمرة والسلطان عبد الحميد في قصر يلدرز ونحو ذلك‬ ‫على نابلس ونصل بعدها إلى الناصرة بلد المسيح عليه السلم‪ .‬ثم نصل‬

‫‪27‬‬
‫إلى طبريا ونشعر بالدفء الذي يطرد ما حزناه من برد‪ ،‬ونعجب بما‬ ‫كان معروفا من عمل الشيعة في القاهرة إلى عهد قريب ‪ ...‬ولما أخرجت‬
‫حولها من جبال عالية تتفجر منها مياه حارة أنشئت حولها حمامات‪ .‬ثم‬ ‫كتاب "فجر السلم" كان له أثر سيء في نفوس كثير من رجال الشيعة‪،‬‬
‫نسير بعدها إلى دمشق ‪ ...‬ونزور المسجد الموي بدمشق فنسحر‬ ‫وما كنت أقدر ذلك‪ ،‬لني كنت أظن أن البحث العلمي التاريخي شيء‬
‫بعظمته وجلله‪ ،‬وضريح شيخ الصوفية محيي الدين بن العربي‪ ،‬وقبر‬ ‫والحياة العملية الحاضرة شيء آخر‪ ،‬ولكن شيعة العراق والشام غضبوا‬
‫صلح الدين اليوبي وأستاذه نور الدين محمود زنكي‪ ،‬ثم نركب القطار‬ ‫منه وألفوا في الرد عليه كتبا ومقالت شديدة اللهجة لم أغضب منها‪.‬‬
‫إلى حلب‪ ،‬ونزورها ويستقبلنا رجال المعارف أيضا فنتجول معهم في‬ ‫ولما لقيت شيخ الشيعة في العراق الستاذ آل كاشف الغطاء عاتبني على‬
‫المدينة‪ ،‬ثم نقصد إلى زيارة أبي العلء المعري في معرة النعمان‪ ،‬ونمر‬ ‫ما كتبت عن الشيعة في فجر السلم‪ .‬وقال ‪ :‬إني استندت فيما كتبت على‬
‫بحماه ونخترقها ونسر بنواعيرها‪ ،‬ونصل إلى بيروت فنزور (كلية‬ ‫الخصوم‪ ،‬وكان الواجب أن أستند إلى كتب القوم أنفسهم‪ ،‬وقد يكون ذلك‬
‫المقاصد) السلمية والجامعة المريكية ومدرسة الباء اليسوعيين‪،‬‬ ‫صحيحا في بعض المواقف‪ ،‬ولكني لما استندت على كتبهم في "ضحى‬
‫ونعود على الباخرة إلى السكندرية ‪ .‬كل هذا في خمسة عشر يوما حتى‬ ‫السلم" ونقدت بعض آرائهم نقدا عقليا نزيها مستندا على كتبهم فغضبوا‬
‫لكأننا نرى هذه الماكن من طيارة‪ ،‬أو نستعرض فيلما سينمائيا سريعا ‪.‬‬ ‫أيضا‪ ،‬والحق أني ل أحمل تعصبا لسنية ول شيعة‪ ،‬ولقد نقدت من مذاهب‬
‫وفي السنة التي تليها رتبت كلية الداب رحلة إلى العراق في إجازة‬ ‫أهل السُنة ما ل يقل عن نقدي لمذهب الشيعة وأعليت من شأن المعتزلة‬
‫نصف السنة اشترك فيها بعض أساتذة الحقوق وكلية الداب وبعض‬ ‫بعد أن وضعهم السُنيون في الدرك السفل إحقاقا لما اعتقدت أنه الحق ‪.‬‬
‫الطلبة وعهد إلي أيضا الشراف عليها‪....‬ولمست في العراق النقسام‬ ‫وبالعودة إلى الجامعة ‪ ،‬فقد منع أحمد أمين من أن يكون أستاذا لعدم‬
‫بين الشيعة والسُنية‪ ،‬وقد زرت النجف وكربلء وغيرهما‪ ،‬وهي حصون‬ ‫حصوله على الدكتوراه ومعه عدد من الزملء ‪ ،‬وإن كان القانون يسمح‬
‫الشيعة‪ ،‬وصادف ذلك أيام العزاء وذكرى مقتل المام علي بن أبي طالب‪،‬‬ ‫أن يرقى الستاذ المساعد في اللغة العربية بكلية الداب والشريعة‬
‫ورأينا العامة في كربلء يضربون صدورهم ضربا شديدا حتى ليدموا‬ ‫السلمية وبكلية الحقوق إلى درجة أستاذ من غير حصوله على درجة‬
‫أجسامهم حزنا على المام‪ ،‬ومنهم من يضربون أنفسهم بالسيوف‪ ،‬ومنهم‬ ‫الدكتوراه ‪ .‬واجه أحمد أمين المسألة بروح رياضية‪ ،‬وقدم طلبا لنيل‬
‫من يضربون ظهورهم بسلسل من حديد‪ ،‬والنساء يولولن على نحو ما‬ ‫درجة الدكتوراة بالدخول في المتحان بنفس الطريقة المتبعة مع سائر‬

‫‪28‬‬
‫المتقدمين للحصول عليها‪ ،‬وقدم لذلك كتابه فجر السلم وضحى السلم‬ ‫أطلع عليها المؤلف لبنى عليها ولم يتعب نفسه في بحث أساسها ‪ ،‬ولكن‬
‫كرسالة للمناقشة ‪ ،‬ولكن مجلس الجامعة إعترض وبرر ذلك بأن الساتذة‬ ‫وزارة المعارف أخفت هذا التقرير ‪ ،‬وهنا طلب أحمد أمين من عميد‬
‫بالكلية قد يحابونه لنه واحد منهم ‪ ،‬فاقترح أحمد أمين عليهم أن يكون‬ ‫الكلية أن يطلب التقرير من الوزارة‪ ،‬فماطلت الوزارة أول ‪ ،‬ثم بعثته‬
‫أكثر الممتحنين من الساتذة الجانب المستشرقين‪ ،‬ولكن وزير المعارف‬ ‫وعطلت أثره في مجلس الجامعة‪ ،‬ولم يحصل أحمد أمين على الستاذية‬
‫فى ذلك الوقت صمم على رفض طلبه‪ ،‬وهو ما إعتبر تدخلً في شؤون‬ ‫إل بعد عناء ‪ ،‬وبعد أن هدأت النفوس ‪ ،‬وبعد أن قدم استقالته لنه لم‬
‫الجامعة ل مبرر له‪ .‬وعليه فلم يتم امتحانه ‪ ،‬وشعر بعض أساتذة‬ ‫يعامل معاملة زملئه ‪ .‬بعد ذلك وقع الختيار على أحمد أمين ليكون‬
‫الجامعة وأعضاء لجنة التأليف بعدم عدالة هذا التصرف‪ ،‬فأقاموا حفلة‬ ‫ممثلً لكلية الداب بمجلس الجامعة‪ ،‬واستمر فى منصبه نحو عشر‬
‫تكريم لأحمد أمين ‪ ،‬وكان ذلك سنة ‪1935‬م‪ ،‬وأقاموها في "سنت جيمس"‬ ‫سنين‪ .‬وفي أول أبريل سنه ‪1939‬م خل مركز العمادة بكلية الداب‬
‫وقسموها إلى موائد‪ ،‬وعلى كل مائدة رئيس من علية القوم‪ ،‬فمائدة‬ ‫بعد أن توله من المصريين الدكتور طه حسين والدكتور منصور فهمي‬
‫يرأسها مدير الجامعة أحمد لطفي السيد‪ ،‬وأخرى أحمد ماهر باشا ‪،‬‬ ‫والستاذ شفيق بك غربال‪ ،‬وكان نظام الجامعة يقضي بأن مجلس الكلية‬
‫وثالثة للدكتور على إبراهيم‪ ،‬ورابعة إبراهيم الهلباوي‪ ،‬وخامسة عبد‬ ‫يختار ثلثة من بين الساتذة‪ ،‬ثم يقوم وزير المعارف بتعيين أحدهم‬
‫العزيز باشا فهمي‪ ،‬وسادسة الشيخ محمد مصطفى المراغي ‪ ..‬إلخ‪،‬‬ ‫عميدا ‪ ،‬وكان أحمد أمين أكثرهم أصواتا ‪ ،‬فعينه الوزير محمود فهمي‬
‫وخطب في الحفل الشيخ محمد مصطفى المراغي‪ ،‬والستاذ أحمد لطفي‬ ‫النقراشي باشا عميدا(كان ذلك دليل قاطعا على إزدهار الديمقراطية داخل‬
‫السيد‪ ،‬والمستشرق الكبير نللينو ‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تم تأليف لجنة لبحث‬ ‫الجامعة الهلية)‪ .‬وفى هذا الخصوص يقول أحمد أمين‪ :‬لقد عجبت أنا‬
‫مؤلفات أحمد أمين‪ ،‬وإختارت اللجنة الستاذين المستشرقين الدكتور‬ ‫نفسي من هذا الختيار‪ ،‬فأنا رجل دخيل على الجامعة بحكم تربيتي‬
‫شاده والستاذ برجستراسر‪ ،‬فقرأ فجر السلم وضحاه‪ ،‬وقدما تقريرا‬ ‫الزهرية الولى وتربيتي شبه الزهرية في مدرسة القضاء‪ ،‬وأنا رجل لم‬
‫باستحقاق الستاذية لحمد أمين على هذين الكتابين‪ ،‬وقال فى تقريرهما‬ ‫أتعلم في جامعة مصرية ول أجنبية‪ ،‬وأنا رجل لم يتعلم لغة أجنبية إل ما‬
‫‪ :‬إن عيب أحمد أمين الوحيد في تأليف هذين الكتابين هو أن هناك بحوثا‬ ‫تعلمته من اللغة النجليزية بعناء وبقدر محدود‪ ،‬فكيف يتم إختيارى لهذا‬
‫في بعض موضوعات الكتابين عرض لها بعض الساتذة اللمان‪ ،‬ولو‬ ‫المنصب وأترأس الساتذة الجانب والساتذة المصريين ممن تعلموا في‬

‫‪29‬‬
‫الجامعات الوروبية ونحو ذلك ؟ ‪ .‬ويضيف أحمد أمين‪ :‬الحق أني أكبرت‬ ‫الدكتور عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬وإختار معه شابان يعملون معه في‬
‫هذا كله وشعرت بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقي‪ ،‬ولكني تذكرت‬ ‫الدارة الثقافية‪ ،‬وبعد القيام ببحث مفصل قام أحمد أمين ومن معه بوضع‬
‫قول المرحوم الشيخ محمد عبده ‪" :‬إن الرجل الصغير يستعبده المنصب‪،‬‬ ‫تقرير مفصل عن مشروعهما الجديد وأسماه " الجامعة الشعبية "‪ ،‬والتي‬
‫والرجل الكبير يستعبد المنصب" ‪ .‬ومكث أحمد أمين فى ذلك المنصب‬ ‫سميت فيما بعد "بمؤسسة الثقافة الشعبية"‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول أحمد‬
‫عامان والمعروف أن مدة العمادة ثلث سنوات حسب القانون ‪ ،‬وأصبح‬ ‫أمين‪ :‬كانت الجامعة الشعبية تشتمل على نوع الطلبة والطالبات الذين‬
‫ضيق الصدر بكثرة الطلبات والشكايات والعلوات والدرجات‪ .‬ولكن حدث‬ ‫تلقى عليهم المحاضرات من غير تقييد بسن ول رغبة في شهادة ول‬
‫بعد سنتين أن اختلفت وجهة نظري مع وجهة نظر وزير المعارف إذ ذاك‬ ‫امتحان عند الدخول‪ ،‬وكانت تتضمن دراسة مهنية ودراسة نظرية‬
‫حيث تصرف في عدة أمور من غير أخذ رأيه ‪ ،‬وفى النهاية قدم استقالته‬ ‫وبرنامج مائع لكل هذا‪ ،‬يمكن تحويله حسب الظروف والمناسبات‪ ،‬فإذا‬
‫من العمادة وصمم عليها فقبلت ‪ ،‬ورجع أستاذا كما كان‪ ،‬وبدأ يتمم‬ ‫جدت مسألة فلسطين مثلً ألقيت محاضرات عن فلسطين‪ ،‬وإذا جدت‬
‫سلسلة فجر السلم وضحى السلم على النحو الذي رسمه‪ ،‬فأخرج‬ ‫رغبة في تعلم اللة الكاتبة أنشأنا لها فرعا‪ ...‬ومن حيث المكان‪ ،‬فقد تم‬
‫الجزء الول من ظهر السلم ‪.‬‬ ‫إختيار مدارس وزارة المعارف والورش الصناعية والميكانيكية كأمكنة‬
‫وفي سنة (‪1933‬م) فكر الستاذ أحمد حسن الزيات أن يشترك مع بعض‬ ‫للجامعة الشعبية‪ ،‬وأيضا مدارس البنات أمكنة لتعليم البنات والسيدات‪...‬‬
‫أصدقائه من لجنة التأليف في إخراج مجلة الرسالة‪ ،‬وكان أحمد أمين‬ ‫ومن حيث مدرسوها ومدرساتها‪ ،‬فقد تم إختيار كل المدرسين والمدرسات‬
‫أحدهم‪ ،‬وظل يكتب كل إسبوع مقالة بها ‪ ،‬ولما توقفت الرسالة عن‬ ‫العاملين بوزارة المعارف‪ ...‬ومن حيث الزمان فقد كانت الدراسة‬
‫الصدور قامت لجنة التأليف بإصدار مجلة "الثقافة" وعهد إلي أحمد أمين‬ ‫مسائية تبدأ من الخامسة إلى الثامنة ‪ ...‬وعرض المشروع متكامل على‬
‫ليكون مديرها ‪ .‬ثم بدأ يكتب فى الهلل والمصور وغيرها‪ .‬ولما كثرت‬ ‫وزير المعارف فقبله وشجع الفكرة‪ ،‬ورصد لها نحو عشرة آلف جنيه‬
‫مقالته جمعها فى كتاب بعد أن أضاف إليها ثمانية أجزاء وسماها "فيض‬ ‫للبدء بها‪ ،‬وأعلن بالصحف عن الجامعة الشعبية ‪ ،‬فكثر القبال عليها‬
‫الخاطر" ‪ .‬وفى عام ‪ 1945‬تم إنتدابه وهو أستاذ بكلية الداب ليكون‬ ‫ونجحت نجاحا يدل على أن حاجة الناس كانت ماسة إليها‪ ،‬وبعد أن‬
‫مديرا للدارة الثقافية بوزارة المعارف وكان وزير المعارف إذ ذاك‬ ‫اقتصرت الفكرة أول أمرها على القاهرة عممت في سائر القاليم تقريبا‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫وأصبح موظفو السينما ينتقلون إلى العمال و الفلحين في القرى وإلى‬ ‫أعضاؤها‪ ،‬إذ تجاوزوا الثمانين من خيرة رجال مصر ‪ .‬ويقول أحمد‬
‫المصانع‪ ،‬يعرضون الفلم الثقافية ‪ ،‬وهذا ما قاله أحمد أمين ‪ .‬وظل‬ ‫أمين‪ :‬ولم ألبث إل قليلً حتى عرض علي أن أكون مديرا للدارة الثقافية‬
‫وفي صيف‬ ‫أحمد أمين محتفظا برئاسة مجلس إدارتها إلى اليوم‪.‬‬ ‫في الجامعة العربية‪ ،‬فقبلت بكل سرور‪ ،‬لنه عمل ثقافي من جنس عملي‪،‬‬
‫سنه ‪1946‬م وبينما احمد أمين كان ذاهبا دار الحكومة في "بولكلي"‬ ‫ومحقق لرغبتي في السعي للتعاون العلمي بين القطار العربية ‪ .‬وفى‬
‫بالسكندرية لزيارة صديق له هو سكرتير مجلس الوزراء محمد كامل‬ ‫الجامعة العربية قام أحمد أمين ومن معه من الزملء في الدارة الثقافية‬
‫سليم ‪ ،‬وعند خروجه إلى فناء الدار وجد سيارة وقفت ودعته إلى‬ ‫بإنشاء معهد للمخطوطات لتصوير كل المخطوطات القديمة في العالم على‬
‫الركوب‪ ،‬فإذا فيها أستاذه أحمد لطفي السيد وزير الخارجية إذ ذاك‪،‬‬ ‫أفلم صغيرة‪ ،‬وتصوير أهم المخطوطات في دار الكتب وفي الجامعة‬
‫فدعاه أن إلى مكتبه بوزارة الخارجية وعرض عليه السفر إلى لندن‬ ‫المصرية وفي بلدية السكندرية وفي سوهاج ‪ ،‬وإرسال بعثات لتصوير‬
‫عضوا مع ممثلي مصر في مؤتمر فلسطين ‪ ،‬فوافق أحمد أمين‪ .‬وأخذ‬ ‫المخطوطات في الشام ولبنان‪ ،‬والستانة لتصوير جزء كبير من‬
‫يبحث في المكاتب عن الكتب التي ألفت عن مشكلة العرب والصهيونية‬ ‫مخطوطاتها القديمة وهكذا ‪ .‬وفى تلك المرحلة وبعد خروجه إلى المعاش‬
‫في فلسطين‪ ،‬وقرأ التقارير التي كتبت وأودعت بوزارة الخارجية أو‬ ‫إنتقل أحمد أمين من مسكنه بمصر الجديدة الذي سكنه أكثر من عشرين‬
‫الجامعة العربية‪ ،‬والكتاب البيض وغيرها ‪ ...‬وركب الطائرة من مطار‬ ‫عاما إلى مسكنه في الجيزة ليكون أبنائه قريبين من الجامعة ‪ .‬ولكن فى‬
‫ألماظة إلى لندن‪ ،‬وكانت أول مرة فى حياته يركب الطائرة‪ .‬ونزل من‬ ‫تلك المرحلة أصيب بمرض إنفصال الشبكية ‪ ،‬وقال له الطبيب أن علجه‬
‫الطائرة فى لندن بعد سبع عشرة ساعة‪ ،‬ليجد نفسه في جو سياسي لم‬ ‫يحتاج إلى شهر ونصف أو شهرين وهو مغمض العينين ومتخذا وضعا‬
‫وببلوغه‬ ‫يعتده من قبل ‪ ،‬بين كبار الساسة من العرب والبريطانيين ‪.‬‬ ‫ويقول‬ ‫واحدا ‪ ،‬وبالفعل وافق على إجراء العملية ونجحت فى النهاية‪.‬‬
‫سن الستين تم إحالته إلى المعاش وفكر أن تكوين هيئة لنشر الكتب‬ ‫أحمد أمين بعد قضائه أكثر من أربعين يوما بالمستشفى‪ :‬إكتشفت أن‬
‫القديمة‪ ،‬كى يكون مستقل بالعمل فيها‪ ،‬ويكون له ربحه المادي والدبي‬ ‫بالمستشفيات نقص ل يلتفت إليه الطباء ‪ .‬فهم يعنون بقياس حرارة‬
‫أو خسارته‪ ،‬ولكن حال دون ذلك لجنة التأليف والترجمة التى يشرف‬ ‫الجسم وتحليل الدم وغيرها ‪ ،‬كما يعنون بنوع الغذاء الذي يلئم المريض‬
‫عليها منذ أكثر من ثلثين عاما ‪ .‬فقد نمت اللجنة نموا مطردا من حيث‬ ‫أو ل يلئمه‪ ،‬ولكن يفوتهم شيء هام جدا ربما كان أهم من ذلك كله‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫وهو معالجة النفس‪ ...‬فلماذا ل يكون في المستشفى ممرضات للنفس‬ ‫التاسع عشرة من جمادي الخرة لسنة ألف وثلثمانية وسبع وستين من‬
‫كممرضات الجسم؟‪ ،‬يؤنسن المريض بأحاديثهن أو يقرأن له المجلت‬ ‫هجرة خاتم المرسلين وفي السنة الثانية عشرة من حكمنا"‪ .‬كما سلمت‬
‫والصحف والكتب ويكون لهن من الثقافة ومن الحسن ما يكون بلسما‬ ‫في اليوم نفسه براءة الدكتوراه الفخرية ‪.‬‬
‫للنفوس والراحة لما ينتابها من ضيق وكآبة ‪ .‬ويضيف أحمد أمين‪ :‬وبعد‬ ‫وفي نفس العام (‪ )1948‬أيضا أنشئ بالجامعة نظام "الستاذ غير‬
‫خروحى من المستشفى وجدت نفسي مستعصية على الشفاء‪ ،‬فهي‬ ‫المتفرغ" وهو نظام وافق عليه الدكتور عبد الرزاق السنهوري أيام كان‬
‫متبرمة من كل شيء منقبضة أشد النقباض‪ ،‬ولم أستفق مما أصابني من‬ ‫وزيرا للمعارف‪ ،‬رأى واضعوه أن كثيرا من الممتازين في القانون‬
‫وفي سنة ‪1948‬م قرر‬ ‫تدهور حالتي النفسية إل بعد سنة تقريبا‪.‬‬ ‫والداب والعلوم يشغلون مناصب كبيرة في الدولة‪ ،‬وليس من السهل‬
‫مجلس كلية الداب ومجلس جامعة فؤاد الول منحى الدكتوراه الفخرية‬ ‫إخراجهم من مناصبهم وتخصيصهم بأستاذية الجامعة‪ ،‬فمن الممكن‬
‫فلقبت ‪ :‬الدكتور أحمد أمين‪ ،‬ومنحت جائزة فؤاد الول‪ ،‬وهي إحدى‬ ‫تعيينهم أساتذة غير متفرغين مع بقائهم في مناصبهم الخرى‪ ،‬فلما وافق‬
‫الجوائز التي تقدر بألف جنيه مصري وتمنح لمن ينتج أحسن عمل أو‬ ‫السنهورى على هذا المشروع عين أحمد أمين أستاذا غير متفرغ مع من‬
‫إنتاج في الداب والعلوم والقانون؛ وقد أقيم لى حفل في يوم ‪ 28‬فبراير‬ ‫عين بكلية الداب‪ ،‬ومن هؤلء الستاذ محمد شفيق غربال وكيل وزارة‬
‫‪1948‬م في قاعة الحتفالت الكبرى للجامعة سلمت فيها الجائزة‪ ،‬وكان‬ ‫المعارف والستاذ مصطفى عامر مدير جامعة فاروق إذ ذاك ‪.‬‬
‫نص البراءة الملكية ما يأتي‪ " :‬من فاروق ملك مصر بعناية ال تعالى‬ ‫وفي ‪ 5‬يوليو سنه ‪1950‬م ذهب أحمد أمين إلى السكندرية للإصطياف‬
‫إلى حضرة صاحب العزة الدكتور أحمد أمين إبراهيم بك العضو بمجمع‬ ‫ونزل في بيته في "سيدي بشر" وأخذ يستريح وعندما قام من نومه‬
‫فؤاد الول للغة العربية‪ :‬بناء على ما أقرته اللجنة الدائمة لجوائز فؤاد‬ ‫صباحا كالعادة‪ ،‬وذهب ليغتسل وقع‪ ،‬فعاود المشي ثانية فسقط ‪ .‬وهنا‬
‫الول وفاروق الول من استحقاقكم جائزة فؤاد الول للداب عن سنة‬ ‫يقول أحمد أمين‪ :‬وأحسست أن الجانب الشمالي كله من يد ورجل قد فقد‬
‫‪1948‬م لما امتاز به مؤلفكم "ظهر السلم" من دقة البحث‪ ،‬قد أمرنا‬ ‫حركته تماما ‪ ،‬واستدعيت الطبيب فقال إنها جلطة خفيفة وأنه يلزم‬
‫بإصدار براءتنا الملكية هذه من ديواننا بمنحكم تلك الجائزة‪ .‬وفقكم ال‬ ‫السكون تماما فسألته عن السبب ‪ :‬فقال إن الجلطة تحدث في المخ فإذا‬
‫لخدمة العلم والوطن؛ تحريرا بقصر القبة الملكي بالقاهرة في اليوم‬ ‫تحرك الجسم تحركت فعاثت الجلطة في المخ وسببت مضاعفات ‪ ،‬لذلك‬

‫‪32‬‬
‫بجب أن تبقى في مكانها حتى تصير كالسفنج‪ ...‬وكان ذلك على أثر‬
‫غلطات عملتها فقد أخذت حقنة من النسولين من " ‪ 2‬سم " والجسم ل‬ ‫أحمد أويحيى‬
‫يحتمل إل " واحد سنتيمتر " وقمت بعد ساعتين من النوم وقد احترق‬ ‫ولد أحمد أويحيى فى ‪ 2‬يوليو عام ‪ 1952‬بمنطقة بوعدنان ‪ ،‬وقد نشأ فى‬
‫السكر من دمي وطلبت ما عندهم من أكل فأكلت أكلً جما ‪ ،‬وكان يكفي‬ ‫جو منضبط ‪ ،‬وتخرج من المدرسة العليا للدارة ‪ ،‬ثم حصل على دبلوم‬
‫لهذه الحالة كوب من ماء بسكر‪ ،‬وغلطت غلطة ثالثة فنمت فورا بعد هذا‬ ‫الدراسات العليا فى العلوم السياسية ‪ .‬وهو على علقة جيدة بالرئيس‬
‫الكل فتحولت حركة الدم إلى المعدة لتهضم فمضت بضع ثوان لم تتغذ‬ ‫الجزائرى بوتفليقة ‪ .‬وقد طرح إسم أويحيى لمنصب رئيس الحكومة‬
‫فيها بعض خليا المخ فماتت وقام مقامها خليا أخرى لتحل محلها وهي‬ ‫ونائب الرئيس ‪ ،‬لكن ما حدث من تزوير فى إنتخابات ‪ 1997‬وإتهام‬
‫تحتاج إلى ستة أسابيع أو ثلثة أشهر على القل ليتم نموها‪ ،‬وهكذا‬ ‫حزب التجمع فى هذا السياق ‪ ،‬إضطر الرئيس بوتفليقة إلى إستبعاده من‬
‫مكثت أربعة أيام أشعر بنصفي اليسر كأنه وعاء فارغ ثم شعرت بأنه‬ ‫منصب نائب الرئيس وإختيار على بن فليس الذى كان مديرا لديوان‬
‫ممتلئ رملً ثم شعرت بالقوة تدب فيه وكانت رجلي أسبق إلى الحركة‬ ‫الرئاسة بتشكيل حكومة جديدة بعد إستقالة حكومة أحمد بن بيتور فى‬
‫من يدي ‪ ...‬ولما تقدمت في الصحة وزال من المرض نحو ‪ %95‬في‬ ‫أغسطس ‪ . 2000‬لم يتوقف المر عند هذا الحد فقد واجه أويحيى‬
‫نحو ستة أسابيع بطؤ الشفاء في اليام الخيرة ‪ ،‬فقال لى الطبيب أنى‬ ‫حياة عصيبة خلل مسلسل الحرائق وحالت النتحار الجماعى داخل‬
‫حتى أحتاج إلى شهر آخر‪ ،‬لن العمل على بناء الخليا كان من عمل‬ ‫السجون الجزائرية حيث إنتحر نحو ‪ 17‬شخصا ومحاولت التمرد التى‬
‫الشرايين ثم صار الن من عمل الشعيرات وهي بطبيعة الحال أبطأ عملً‬ ‫أسفرت عن مقتل عشرات السجناء وجرح المئات ‪ .‬وقد إعتبر أويحيى‬
‫‪ .‬أما مؤلفات أحمد أمين فهى ‪ -1 :‬فجر السلم ‪-2 ،‬ضحى السلم (‬ ‫تلك الحداث السابق الشارة إليها مؤامرة تستهدف تاريخه السياسى ‪،‬‬
‫‪ 3‬أجزاء)‪ -3 ،‬ظهر السلم (‪ 4‬أجزاء) ‪ -4،‬فيض الخاطر (‪ 10‬أجزاء)‬ ‫لذا أصر على عدم تقديم إستقالته من الحكومة مهما كانت النتائج ‪ .‬وفى‬
‫‪ -5 ،‬زعماء الصلح ‪ -6 ،‬الشرق والغرب ‪ -7 ،‬يوم السلم ‪-8 ،‬‬ ‫النتخابات البرلمانية التى حدثت فى ‪ 30‬مايو ‪ 2002‬قاد أويحيى حملة‬
‫مبادئ الفلسفة ‪ -9 ،‬الخلق ‪ -10 ،‬النقد الدبي (جزءان) ‪ -11 ،‬قصة‬ ‫شرسة ضد التيار السلمى وأحزابه المختلفة ‪ ،‬كما إنتقد سياسة الوئام‬
‫الفلسفة اليونانية ‪ -12 ،‬قصة الفلسفة الحديثة (جزءان)‪.‬‬ ‫الوطنى والمصالحة الوطنية التى تبناها الرئيس بوتفليقة ‪ ،‬ومع ذلك لم‬

‫‪33‬‬
‫يحصل حزبه إل على ‪ 47‬مقعدا فى البرلمان فى حين حصل حزب جبهة‬ ‫حصل على الشهادة البتدائية ألتحق بمدرسة الفرير الثانوية‬
‫التحرير على ‪199‬مقعدا ‪.‬‬ ‫بالحزنفـش‪ ،‬وبها التقي بفريد الطرش وجمال مدكور الذي كان يربطه‬
‫وفى ‪ 17‬يونيو ‪ 2002‬تم إستبعاده من منصب وزير العدل ‪ ،‬لكن تم‬ ‫بيوسف وهبي صله النسب ‪ .‬ومن هنا أخذ بدرخان وجمال يترددان على‬
‫الحتفاظ به كممثل لرئيس الجمهورية ‪ .‬ومما يثير علمات الستفهام أن‬ ‫مسرح رمسيس لمشاهدة بروفات الفرقة‪ .‬وخلل دراسته بالثانوية تقدم‬
‫المجلس الوطنى لحزب التجمع الوطنى سحب الثقة منه فى دورته العادية‬ ‫لللتحاق بمعهد التمثيل الهلي الذي كان يديره فى ذلك الوقت زكي‬
‫‪ ،‬ولكن ما حدث بعد ذلك غير مفهوم ‪ ،‬فقد قام المطالبون بسحب الثقة‬ ‫طليمات ويتولي الدراسة فيه كبار الممثلين‪ ،‬من بينهم جورج أبيض‪،‬‬
‫منه بالتنازل عن ذلك فى أقل من ‪ 24‬ساعة من أعمال المؤتمر وتم منع‬ ‫وأحمد علم‪ ،‬ولكن عند أداء المتحان رسب بدرخان وكانت صدمة كبيرة‬
‫بقية المعارضين له من حضور المؤتمر ‪ ،‬وعاد أويحيى من جديد زعيما‬ ‫له‪ .‬بعد حصوله على شهادة الكفاءة الفرنسية إلتحق بالجامعة‬
‫للتجمع ؟؟‪ .‬وتشير التقارير الى أن أحمد أويحيى زعيم حزب التجمع‬ ‫المريكية وشارك في نشاط فريق التمثيل بها وكان يشرف عليه جورج‬
‫الوطنى الديمقراطى هبطت شعبيته الى ادنى مستوياتها حتى فى منطقة‬ ‫أبيض‪ ،‬ثم كون بدرخان فريقا للتمثيل أطلق عليه (فريق الطليعة) وكان‬
‫القبائل التى ينتمى إليها منذ بداية عام ‪ . 2003‬وقد وصف أويحيى بأنه‬ ‫كما قام بتكوين جماعة‬ ‫من بين أعضائه المخرج إبراهيم عمارة‪.‬‬
‫صاحب المهمات القذرة ‪ .‬ومع ذلك ترأس الحكومة من مقاعد القلية‬ ‫المسرح الحر مع كل من جمال مدكور وإبراهيم حسين العقاد‪ ،‬وروحية‬
‫بالبرلمان فى مايو ‪. 2003‬‬ ‫العقاد‪ ،‬وروحية خالد‪ ،‬وعبد الفتاح حسن‪ ،‬وزكي سليمان‪.‬‬
‫التحق بدرخان بكلية الحقوق لدراسة القانون وإثناء دراسته الجامعية بدأ‬
‫أحمد بدرخان‬ ‫في مراسلة معهد السينما بباريس ‪ ،‬كما التحق بمجلة الصباح والكتابة‬
‫ولد أحمد بدرخان في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1909‬بحي القلعة‪ ،‬أحد أحياء القاهرة‬ ‫لها وظل بها حتى أسند إليه تحرير قسم السينما بالمجلة‪ .‬ثم تقدم أحمد‬
‫الشعبية العريقة ‪ ،‬وأسمه الحقيقي أحمد على شاكر بدر خان‪ ،‬وهو من‬ ‫بدرخان بمذكرة إلي القتصادي الكبير طلعت حرب واقترح عليه إنشاء‬
‫أصل تركي حيث كان جده خورشيد باشا طاهر أحد زعماء التراك‪.‬‬ ‫أستوديو مصر‪ .‬وافق طلعت حرب على اقتراح أحمد بدرخان ‪ ،‬وطلب منه‬
‫تلقي تعليمه البتدائي بمدرسة الفرير الفرنسية بباب اللوق ‪ ،‬وبعد أن‬ ‫اعداد دراسة حول تكاليف أنشاء أستوديو للفلم الناطقة‪ .‬وعليه استعان‬

‫‪34‬‬
‫أحمد بدرخان بكل مهتم بالسينما ومنهم نيازي مصطفي الذي كان يدرس‬ ‫إلي بدرخان أثناء وجوده في باريس لعداد السيناريو لها ولتكون باكورة‬
‫السينما بجامعة ميونيخ بألمانيا فى ذلك الوقت ‪ ،‬فأمده ببعض التفاصيل‬ ‫إنتاج الستوديو المصرى ‪ ،‬وقام بدرخان بإعداد السيناريو وأرسله إلي‬
‫الفنية للستديوهات ‪ ،‬ثم قدم بدرخان تقريرا مفصل لطلعت حرب باشا‬ ‫الستوديو‪ .‬بعد النتهاء بعثته الدراسية عاد إلي مصر في أول أكتوبر‬
‫متضمنا المعدات ومواصفات البناء والمعامل والورش اللزمة‪ .‬أخيرا حاز‬ ‫عام ‪ 1934‬والتحق بالعمل في ستوديو مصر كمخرج سينمائي‪ ،‬وصدر‬
‫التقرير على موافقة اللجنة المختصة بإنشاء الستديو ‪ ،‬وقرر طلعت‬ ‫وبدأ بدرخان العمل في‬ ‫قرار التعيين بمرتب قدره عشرون جنيها‪.‬‬
‫حرب إيفاد أحمد بدرخان في أول بعثـة لدراسة الخراج السينمائي‬ ‫أخراج أول أفلمه " وداد " بطولة أم كلثوم وأحمد علم وبعد أن قام‬
‫بباريس‪ ،‬وقامت شركة مصر للتمثيل والسينما بدفع تكاليف هذه البعثة‬ ‫بدرخان بإخراج اللقطات الخارجية للمعركة التي جرت في الصحراء بين‬
‫وقدرها ‪ 250‬جنيه ‪ ،‬وقد تم توقيع عقدا بين الشركة وبين أحمد بدرخان‬ ‫قوافل وقطاع الطرق وأجزاء أخرى من مشهد الحارة حدث خلف بين‬
‫بتاريخ ‪ 12/9/1932‬لدراسة فن الخراج السينمائي بجامعة السينما‬ ‫بدرخان وأحمد سالم مدير ستوديو مصر في ذلك الوقت‪ ،‬كان من نتيجته‬
‫بالشانزلزية بباريس والتي كان يديرها المخرج الفرنسي روجيه ليون‪.‬‬ ‫إسناد إخراج الفيلم الى المشرف الفني للستوديو وهو (فريتر كرامب)‪.‬‬
‫وفي نهاية دراسة أحمد بدرخان بهذه الجامعة حصل على شهادة الدبلوم‬ ‫ولكن القصة الحقيقية وراء إسناد إخراج الفيلم الى فريتر كرامب كما‬
‫في الفن السينمائي‪.‬‬ ‫رواها بدرخان بعد ذلك هي‪ :‬أن أحمد سالم كان على علقة بزوجة‬
‫أما عن أول أعمال بدرخان الفنية فقد تم أثناء وجوده في باريس وهو‬ ‫كرامب اللمانية الشابة الشقراء‪ ،‬ولم يكن كرامب اللماني سينمائيا ول‬
‫كتابة سيناريو فيلم قصير عن مصر يتكون من أربعة أجزاء هي‪ :‬الثار‬ ‫مخرجا فقد كان يعمل مهندسا ميكانيكيا في ورشة لصلح السيارات وقد‬
‫المصرية‪ ،‬مصر الحديثة‪ ،‬الزراعة في مصر‪ ،‬والصناعة في مصر‪.‬‬ ‫جاء إلي مصر عندما كان طلعت حرب في زيارة للمانيا واستعان ببعض‬
‫وفي باريس تقابل بدرخان مع نجيب الريحاني أثناء تصوير فيلم "ياقوت"‬ ‫زملئه اللمان لتدعيم ستوديو مصر في بداية عمل الستديو وكان ضمن‬
‫حيث عمل بدرخان مساعدا لمخرج الفيلم (إميل روزيه) ‪ ،‬ثم عمل بعد‬ ‫زملئه اللمان شار فنبرج وغيره من خبراء السينما وقد كان هدف أحمد‬
‫ذلك مساعدا للمخرج الفرنسي جوليان دي فيفيه في فيلم جبل زيتونه‬ ‫سالم واضحا وهو أن يشغل كرامب بالعمل كى يخلو الجو له‪.‬‬
‫(جولجوتا) في أستوديو توبيس‪ .‬ثم أرسل أستوديو مصر قصة وداد‬ ‫وعلى أثر قرار أحمد سالم أضطر بدرخان إلي رفع دعوي قضائية ضد‬

‫‪35‬‬
‫ستوديو مصر وكسبها‪ ،‬وبعد ذلك قدم بدرخان استقالته من الستوديو‬ ‫والتمثيلية والموسيقية)‪ .‬وفي عام ‪1945‬سافر بدرخان إلي العراق‬
‫احتجاجا على تصرف أحمد سالم‪ .‬وفي عام ‪ 1936‬تكونت شركة‬ ‫ليخرج أول فيلم عربي مشترك مع العراق وهو "القاهرة بغداد"‪ ،‬وهذا‬
‫سينمائية جديدة باسم شركة أفلم الشرق أسسها كل من عبد ال فكري‬ ‫الفيلم هو أول بداية السينما في العراق‪ .‬وفي عام ‪ 1959‬استعانت به‬
‫أباظة وعبد الحليم محمود على ومحمد شتا‪ .‬وبدأت الشركة باكورة‬ ‫الحكومة المصرية ليشغل منصب مدير عام شئون السينما بوزارة الثقافة‬
‫إنتاجها بفيلم " نشيد المل " عن قصة كتبها أدمون تويما‪ ،‬ووضع‬ ‫المصرية ‪ .‬ثم أصبح المستشار الفني لمؤسسة السينما واستمر يشغل‬
‫أغانيها وحوارها أحمد رامي‪ ،‬ثم وقع الختيار على المخرج أحمد‬ ‫هذا المنصب حتى وافته المنية في ‪ 23‬أغسطس ‪ .1969‬أيضا عمل‬
‫بدرخان لخراجها‪ ،‬وكان نشيد المل ثاني أفلم أم كلثوم بعد فيلم وداد ‪.‬‬ ‫عميدا للمعهد العالي للسينما عام ‪ .1963‬ثم عضوا للجنة السينما‬
‫وفي ليلة عرض فيلم نشيد المل حضر طلعت حرب باشا وشاهد الفيلم‬ ‫بالمجلس العلى للفنون ‪ .‬كما كان رئيسا للوفود السينمائية في كثير من‬
‫ورأي استقبال وحماس الجماهير للفيلم ثم نظر إلي أحمد سالم الذي كان‬ ‫المهرجانات الدولية‪ .‬في عام ‪ 1960‬اشترك في لجنة إدارة المهرجان‬
‫معه وقال له " يعني ياخويا بدرخان كويس آهه " ‪ ،‬ثم نظر طلعت حرب‬ ‫الفريقي السيوي الثاني للسينما الذي أقيم في مصر‪ ،‬كما اشترك في‬
‫إلي بدرخان وقال له ‪" :‬طيب يا بدرخان أنزل بكره الستوديو" ‪ .‬وعاد‬ ‫لجان تحكيمه ‪ .‬وحصل بدرخان على جائزة الدولة التقديرية في الخراج‬
‫أحمد بدرخان إلي ستوديو مصر مرة ثانية‪.‬‬ ‫كما كرمته الدولة فمنحته وسام‬ ‫عن فيلم (ليلة غرام) عام ‪. 1954‬‬
‫من أهم منجزات احمد بدرخان فى صناعة السينما المصرية ‪:‬‬ ‫الفنون في عام ‪ .1962‬أيضا في عام ‪ 1955‬اشترك بدرخان في اللجنة‬
‫بالضافة الى أن الفضل الول يرجع له فى إنشاء استديو مصر ‪ ،‬فانه‬ ‫التي شكلت برئاسة فتحي بركات وعضوية جمال مدكور وحسن رمزي‬
‫أول من طالب بإنشاء معهدا للسينما ‪ ،‬وبالفعل تحقق اقتراح بدرخان‪،‬‬ ‫للقيام بدراسة مشروعات قوانين السينما‪.‬‬
‫وأنشئ المعهد العالي للسينما ‪ .‬وفي عام ‪ 1944‬كون أحمد بدرخان مع‬ ‫حياته الشخصية‪ :‬كان بدرخان رجل صريحا وواضحا في علقاته‬
‫أمينة رزق وعبد الحليم نصر شركة اتحاد الفنانين ثم انضم إليهم حلمي‬ ‫النسائية‪ ،‬وقد تزوج في سن مبكرة من سيدة كريمة بعيدة عن الفن‬
‫رفله‪ ،‬وكان أول إنتاجهم هو فيلم‪ :‬قبلة في لبنان ‪ .‬ثم أصبح بدرخان بعد‬ ‫وأهله وأنجب منها ابنتين هما‪ :‬مشيرة ومنيرة‪ .‬لكن خلل عمله‬
‫ذلك نقيبا للسينمائيين ‪ .‬ثم أول رئيس لتحاد النقابات الفنية (السينمائية‬ ‫السينمائي تعرف على الفنانة روحية خالد وتزوجها ‪ ،‬لكنها كانت شديدة‬

‫‪36‬‬
‫الغيرة عليه مما أدي إلي إنهاء العلقة الزوجية بينهما‪ .‬يذكر أثناء العمل‬ ‫كالتالي‪ :‬نشيد المل عام ‪ ، 1937‬وشيء من ل شيء عام ‪. 1938‬‬
‫في فيلم انتصار الشباب استطاع بدرخان بهدوئه ورقته وخلقه الطيب‬ ‫وشهد عام ‪ 1940‬نشاطا كبيرا حيث أخرج حياة الظلم ودنانير ‪ .‬وإمتد‬
‫وحسن معاملته لجميع العاملين معه أن يثير اهتمام أسمهان بشخصيته ‪،‬‬ ‫نشاطه فى عام ‪ 1941‬رغم وجود الحرب العالمية الثانية وأثرها على‬
‫وقبل أن ينتهي تصوير الفيلم كان الثنان قد تفاهما على الزواج وذهبا‬ ‫القتصاد المصرى حيث أخرج فيلمان هما انتصار الشباب وعاصفة على‬
‫إلي المأذون لكتابة عقد الزواج فإذا بهما يصطدمان بعقبة قانون ‪1940‬‬ ‫الريف ‪ .‬وشهد عام ‪ 1942‬عملين له هما على مسرح الحياة وعايدة ‪.‬‬
‫الذى يمنع زواج المصريين من الجنبيات قبل الحصول على موافقة‬ ‫ولكن عام ‪ 1943‬شهد توقف نهائى له عن الخراج وذلك عندما إقتربت‬
‫وزارة الداخلية‪ .‬واتفق الثنان (بدرخان وأسمهان) على الزواج بعقد‬ ‫الحرب العالمية الثانية من مصر "حرب شمال أفريقيا بين رومل‬
‫عرفي حتى يتم لهما الحصول على موافقة وزارة الداخلية‪ .‬لكن وزارة‬ ‫ومونتجمرى" ‪ .‬ثم عام بفيلمين فى عام ‪ 1944‬هما من الجاني والبرياء‬
‫الداخلية رفضت إعطاء تصريح بالزواج ‪ ،‬وتبين بعد ذلك أن هذا المنع‬ ‫على الرغم من إستمرار الحرب ‪ .‬ومع إنتهاء الحرب فى عام ‪1945‬‬
‫كان ورائه أسرة أسمهان وأيضا أسرة أحمد بدرخان ‪ .‬وأمام هذه العقبات‬ ‫وصل نشاط أحمد بدرخان إلى قمته حيث أخرج أربعة أفلم خلل نفس‬
‫اتفق الثنان على النفصال بهدوء بعد أن مزقا عقد الزواج العرفي‪.‬‬ ‫العام وهم ‪ :‬قبلة فى لبنان ‪ ،‬الجيل الجديد ‪ ،‬تاكسي وحنطور ‪ ،‬وشهر‬
‫ولعل أهم شخصية نسائية في حياة بدرخان هي الفنانة سلوى علم وهى‬ ‫العسل ‪ .‬وأستمر نشاطه بقوة فى عام ‪ 1946‬حيث أخرج أربعة أفلم‬
‫آخر زوجاته‪ ،‬ففي عام ‪ 1944‬التقت سلوى به لول مرة فى أحد أفلمه‬ ‫أخرى هم‪ :‬ماأقدرش ‪ ،‬مجد ودموع ‪ ،‬النفخة الكدابة ثم عودة القافلة ‪.‬‬
‫(قامت بالتمثيل فى سبع أفلم من إخراجه)‪ ،‬وبعد زواجه منها أنجبت له‬ ‫وإنخفض إنتاجه فى عام ‪ 1947‬نتيجة للرهاق الذى بذله فى العامين‬
‫وفى‬ ‫طفلن هما على بدرخان (الذي أصبح مخرجا) وأخته رقيه ‪.‬‬ ‫السابقين حيث أخرج فيلمين هما القاهرة بغداد وفاطمة ‪ .‬ثم إلى فيلم‬
‫مجال العمل يذكر له عدم توجيه أي لوم أو نقد للممثلين والممثلت بشكل‬ ‫واحد فى عام ‪ 1948‬قبلنى يا أبى ‪ ،‬وفيلم آخر فى عام ‪ 1949‬أحبك إنت‬
‫ظاهر وملحوظ ‪ ،‬وإذا فرض وكانت هناك ملحوظة ما ‪ ،‬فإنه يلفت النظر‬ ‫‪ .‬ثم إستعاد نشاطه تدريجيا فى عام ‪ 1950‬ليخرج فيلمان هما أنا وأنت ‪،‬‬
‫إليها بطريقة لطيفة ورقيقة‪.‬‬ ‫وآخر كدبة ‪ ،‬ويستمر هذا النشاط فى عام ‪ 1951‬بفيلمين آخرين هما ‪:‬‬
‫وبخصوص الفلم التى أخرجها أحمد بدرخان والتي بلغت ‪ 41‬فليما فهى‬ ‫ليلة غرام والشرف الغالى ‪ .‬ويتعاظم نشاطه بثلثة أفلم فى عام ‪1952‬‬

‫‪37‬‬
‫هم اليمان ‪ ،‬عايزة أتجوز ‪ ،‬مصطفى كامل ‪ ،‬ثم يهبط نشاطه ليخرج‬ ‫الناتجة عن شعور زائف بالنخبة وورم الغطرسة والتعصب الذى كان‬
‫فيلما واحدا فى عام ‪ 1953‬هو لحن حبى ‪ .‬ويعود فى عام ‪ 1954‬بفيلمين‬ ‫يصيب السياسيين المتحزبين حيث كانوا يفرضونه بالقوة الحزبية على‬
‫‪ :‬عشان عيونك وفيلم وعد ‪ .‬ويستمر على نفس المستوى فى عام‬ ‫أشبالهم بدأ أحمد بها الدين يكتب فى مجلة فصول فى الدب والسياسة‬
‫‪ 1955‬ليخرج لجمهوره عهد الهوى وال معنا‪ .‬وكذلك فى عام ‪1956‬‬ ‫وذلك فى عام ‪. 1948‬‬
‫بفيلمين ‪ :‬إزاى أنساك والعروسة الصغيرة ‪ .‬ثم يتوقف عن العمل طوال‬ ‫كان هدف أحمد بهاء الدين واضحا من البداية وهو لكى يشق طريقه إلى‬
‫عام ‪ ، 1957‬ويأتى عام ‪ 1958‬بفيلم غريبة ‪ .‬ثم ولول مرة فى حياته‬ ‫ما يريد عليه تجنب اللتحاق بأي تيار سياسى وعدم النضمام لي حزب‬
‫الفنية يتوقف عن العمل لمدة ثمانية أعوام طوال ليعود فى عام ‪1966‬‬ ‫أو جماعة على الرغم من أن كل ما يحاط به بداية من الجامعة إلى أعلى‬
‫بفيلم سيد درويش ‪ ،‬وفى العام التالي ‪ 1967‬يخرج لجمهوره النصف‬ ‫المراتب كان يموج بتيارات سياسية ‪ ،‬وقد ساعده كثيرا فى ذلك قصر‬
‫الخر ‪ .‬وتنتهى حياته الفنية فى عام ‪ 1968‬بفيلمين هما أفراح ونادية‪.‬‬ ‫قامته وشكله العام الغير جذاب والذي ل يلفت إنتباه الجماهير‪.‬‬

‫أحمد بهاء الدين‬ ‫وحول عمله بمجلة روز اليوسف عام ‪ 1952‬يذكر أنه كان يذهب إلى‬

‫كان قصير القامة مدكوك الجسد وكبير الرأس بمنظار طبي سميك ‪ .‬ولد‬ ‫مبنى المجلة وبدل من تسليم مقالته الى سكرتارية التحرير(وهو المر‬

‫بالسكندرية عام ‪ 1927‬وكان والده موظف حكومي بسيط بقرية الدوير‬ ‫الطبيعى) كان يضعها فى ظرف خطاب معنونة بإسم رئيس التحرير‬

‫التابعة لمحافظة أسيوط ‪ .‬تخرج من كلية الحقوق عام ‪ ، 1946‬وكان‬ ‫إحسان عبد القدوس ويعطيها للبواب ويطلب منه تسليمها إليه شخصيا‬

‫يتعين عليه أن ينهض بمسئولية فى العناية بمصير أخوته إل أنه ترك‬ ‫ويشدد على ذلك ‪ ،‬وظل المر كذلك كل إسبوع الى أن فوجىء بالبواب‬

‫بلده ومن فيها ورحل إلى القاهرة باحثا عن حياة جديدة بعيدا عن الفقر‬ ‫يطلب منه النتظار قليل ليبلغ رئيس التحرير الذى قال للبواب أن يحضره‬

‫وشظف العيش فى أسيوط ‪ .‬حاول العمل بالمحاماة فى البداية إل أته فشل‬ ‫إلى مكتبه ‪ .‬وهكذا بدأ العمل بروز اليوسف وتدرج فيه حتى أصبح‬

‫فشل ذريعا لشكله العام الغير جذاب ولعدم قدرته فى الحصول على‬ ‫نائبا لحسان عبد القدوس رئيس تحرير روز اليوسف وصاحب المجلة ‪.‬‬

‫واسطة للعمل بأحد مكاتب المحاماة الذائعة الصيت فى ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وفى عام ‪ 1956‬إختاره الرئيس عبد الناصر بالتفاق مع أنور السادات‬

‫وعلى الرغم مما كانت تمر به مصر فى ذلك الوقت من عقد المثقفين‬ ‫ليؤسس مجلة صباح الخير ويصبح رئيس تحريرها لتصبح أحد أبواق‬

‫‪38‬‬
‫رجالت الثورة المباركة ‪ ،‬ولنجاحه بمجلة صباح الخير تم نقله إلى‬ ‫التحاد الشتراكى العربى وهى المرحلة التاريخية التالية فى عهد رجالت‬
‫جريدة الشعب وتعيينه رئيسا لتحريرها فى يونيو ‪ 1959‬ليعيد توازنها‬ ‫الثورة والتى كانت تتطلب وجود كوادر متجددة تحمى فكر السادات الجديد‬
‫لتصبح رافدا جديدا للتعبير الفكري عن الثورة ‪ .‬ثم إنضم إلى دار أخبار‬ ‫‪ ،‬وكان بهاء أحد تلك الكوادر الساداتية فى بداية عهد السادات ‪ .‬وفى ‪5‬‬
‫اليوم وأصبح أحد رؤساء تحرير جريدة الخبار ‪.‬‬ ‫يوليو ‪ 1971‬عين رئيسا لمجلس إدارة روز اليوسف ‪ ،‬وفى ‪ 23‬مايو‬
‫وفى ‪ 27‬أبريل ‪ 1962‬عين رئيسا لتحرير مجلة آخر ساعة ‪ ،‬وفى ‪17‬‬ ‫‪ 1974‬عين رئيسا لتحرير الهرام ‪ .‬ولكن السادات أراد التخلص من‬
‫أبريل ‪ 1964‬عين رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة دار الهلل ورئيسا‬ ‫الكوادر القديمة وإحللها بفكر براجماتي جديد يقبل الخر وتحديدا الغرب‬
‫وفى نوفمبر ‪ 1965‬عين مشرفا على‬ ‫لتحرير مجلة المصور ‪.‬‬ ‫الرأسمالي فقرر التخلص من بهاء ومن يؤمنون بالفكر القومجى أي‬
‫مؤسسة روز اليوسف وكان الهدف منه إحراق إحسان عبد القدوس فى‬ ‫أصحاب الفكر الممانع ‪ ،‬وهكذا خرج بهاء وسمح له بالسفر إلى الكويت‬
‫عقر داره على الرغم من تدخل أنور السادات لرفع رقابة أحمد بهاء عن‬ ‫بتسهيل من السادات نفسه فى عام ‪ 1976‬ليعمل رئيسا لتحرير مجلة‬
‫مقالت إحسان ولكن السادات فشل نظرا لدعم بهاء من قبل الرئيس عبد‬ ‫العربى وظل بها حتى عام ‪ . 1981‬وفى ‪ 11‬يناير ‪ 1982‬بدأ عموده‬
‫الناصر‪ .‬وفى ‪ 11‬أغسطس ‪ 1967‬إنتخب نقيبا للصحفيين بالتزكية ‪.‬‬ ‫اليومى " يوميات " بالهرام ‪.‬‬
‫وفى ‪ 14‬يوليو ‪ 1968‬إنتخب عضوا فى المؤتمر القومى للتحاد‬ ‫أشيع عن أحمد بهاء الدين أن رجال الثورة الفاعلين وعلى رأسهم جمال‬
‫الشتراكى عن محافظة القاهرة وذلك إثناء حرب الستنزاف التى تلت‬ ‫عبد الناصر كانوا كثيرا ما يضيقون بحيادية أحمد بهاء الدين ‪ .‬ولكن‬
‫هزيمة حرب يونيو ‪ 1967‬وما تلها من تدهور فى الجبهة الداخلية لذلك‬ ‫الحقيقة عكس ذلك تماما فقد كان أحمد بهاء الدين يعمل بتفان لرجالت‬
‫كان لبد من الحفاظ على نظام عبد الناصر داخل البلد عن طريق‬ ‫الثورة وخاصة عبد الناصر ‪ ،‬فكيف يمكن لبهاء الدين أن يكون محايدا‬
‫معاونيه ‪ .‬وفى عام ‪ 1968‬إنتخب رئيسا لتحاد الصحفيين العرب حتى‬ ‫وقد تم تعيينه فى تلك المناصب الهامة السابق الشارة إليها ومنها تعيينه‬
‫عام ‪ . 1976‬وفى ‪ 28‬يناير إنتخب فى المؤتمر الدولى للصحفيين فى‬ ‫فى ‪ 14‬يوليو ‪ 1968‬عضوا بالمؤتمر القومى للتحاد الشتراكى عن‬
‫هافانا نائبا لرئيس التحاد العالمى لمدة ‪ 4‬سنوات ‪.‬‬ ‫محافظة القاهرة ‪ .‬فمن البديهي أنه لن يسمح له بذلك المنصب إل لقربه‬
‫وفى ‪ 31‬مايو ‪ 1971‬عين عضوا فى لجنة الشراف على إعادة بناء‬ ‫الشديد من عبد الناصر الذى تحدى به إحسان عبد القدوس بعد تعيين‬

‫‪39‬‬
‫بهاء مشرفا عاما على روز اليوسف بعد تأميمها من إحسان ووالدته‬ ‫اللكتروني ‪ ،‬ثم أسس شركة لهذا الغرض بالوليات المتحدة عام ‪.1981‬‬
‫فاطمة اليوسف وكان مراقبا على كل كلمة يكتبها إحسان فى مجلته أو‬ ‫وقد حقق نجاحا ملحوظا ‪ ،‬فقد حصل على المليون دولر الولى فى عام‬
‫التى كانت مجلته " يا لبشاعة هذا الموقف" الذى أدى بالنهاية إلى‬ ‫‪ 1983‬مقابل إنتاج ساعة لمواقيت الصلة‪ ،‬وكان عمره وقتها حوالي‬
‫تعجيل قيام إحسان بترك المجلة التى كان يمتلكها والعمل بصحف أخرى ‪.‬‬ ‫‪32‬سنة (من مواليد عام ‪ ،)1951‬ثم قرر العودة إلى مصر في منتصف‬
‫أيضا تعيينه عضوا هاما بلجنة الشراف على إعادة بناء التحاد‬ ‫الثمانينات ‪ .‬وفي مطلع التسعينيات بدأ نجمه في الظهور وأخذت الصحف‬
‫الشتراكى العربى فى ‪ 31‬مايو عام ‪ 1971‬وذلك بعد التخلص من مراكز‬ ‫المصرية تكتب عنه ‪ ،‬فقد قيل عنه آنذاك أنه قريب من دوائر صنع‬
‫القوى التى كانت تهدد الرئيس الراحل أنور السادات ‪ ،‬ومن ثم جاء‬ ‫القرار فى مصر ‪ .‬في بداية التسعينيات من القرن الماضى سعى بهجت‬
‫برجاله المخلصين ومنهم أحمد بهاء الدين وهو ما يدحض ويفشل إشاعة‬ ‫للحصول على توكيل جولد ستار بمعاونة عبد الوهاب الحباك رئيس‬
‫أن بهاء كان شديد الختلف مع الرئيس السادات‪.‬‬ ‫الشركة القابضة للصناعات الهندسية آنذاك والذي ساعده أيضا على‬
‫وبعد وفاته فى أغسطس ‪ 1996‬ترك أحمد بهاء الدين وراءه تراثا صحفيا‬ ‫التعاقد على توريد مكونات أجهزة تليفزيونية لشركة النصر للتليفزيون‬
‫من المقالت عبر الصحف والمجلت ومنها فصول ‪ ،‬اللواء الجديد ‪ ،‬روز‬ ‫واللكترونيات بل وشجعه على منافستها أيضا ‪ .‬وبعد فترة من الوقت‬
‫اليوسف ‪ ،‬صباح الخير ‪ ،‬الشعب ‪ ،‬أخبار اليوم ‪ ،‬المصور ‪ ،‬العربى‬ ‫ألغى بهجت توكيل جولد ستار وبدأ يعمل منفصلً بإسم جولدي ‪ ،‬وكان‬
‫الكويتى ‪ ،‬المستقبل وغيرها ‪ .‬كما ترك بعض الكتب منها أيام لها تاريخ ‪،‬‬ ‫يردد فى ذلك الوقت أن معظم شركائه من زملئه بكلية الهندسة وهو ما‬
‫أفكار ومبادىء ‪ ،‬إسرائيليات ‪ ،‬أفكار معاصرة ‪ ،‬ثلث سنوات ‪ ،‬إقتراح‬ ‫أضاف إليه بعدا جماهيريا ‪ .‬انطلقت الشائعات حوله بعد أن سطع نجمه‬
‫دولة فلسطينية ‪ ،‬شرعية السلطة فى العالم العربى ‪ ،‬محاوراتى مع‬ ‫بأنه يتعامل مع شركة إسرائيلية تنتج نظم الليزر الجراحية وقيل أنها‬
‫السادات ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬ ‫فرع أمريكي مملوك بالكامل لشركة ليزر اند ستريس في تل أبيب ‪ ،‬ولم‬

‫أحمد بهجت‬ ‫يتوقف المر عند هذا الحد ‪ ،‬فقد قيل أنه وقع عقدا مع شركات إسرائيلية‬

‫حصل أحمد بهجت على درجة الدكتوراه عام ‪ 1978‬في اللكترونيات من‬ ‫لنتاج أجهزة التكييف ‪ ،‬ولكنه أنكر ذلك بشدة وقال أنه يعمل مع شركة‬

‫الوليات المتحدة ‪ .‬وأثناء دراسته هناك عمل بمراكز البحاث والتطوير‬ ‫إنجليزية مقرها الرئيسي في لندن وتملك مصانعا وفروعا في العالم كله‬

‫‪40‬‬
‫وليس إسرائيل فقط وأحيانا يرسل له هذا الفرع بعض الشياء المطلوبة‬ ‫وسلم‪ .‬ولكن ذكر فى تلك الفترة أن هناك مفاوضات تدور بين بهجت‬
‫فى صناعته ‪ .‬وأهم ما تردد فى هذا الخصوص أن أحد مستشاريه كان‬ ‫والبنوك الدائنة له من أجل وضع تسوية جديدة لمديونياته ‪ .‬كانت هناك‬
‫إسرائيليا يدعي صمويل ميلترز ‪.‬‬ ‫شائعات تقول أن حجم مديونياته يقدرها البعض بنحو ‪ 7‬مليارات جنيه‬
‫وفجأة منع أحمد بهجت من السفر على الرغم مما عرف عنه بأنه قريب‬ ‫وهى قيمة القروض والفوائد من بنكي الهلي والقاهرة‪ ...‬لكن أحمد‬
‫الصلة بالحكومة وكافة أجهزة الدولة‪ ..‬فقد فوجئ الرجل أثناء تواجده‬ ‫بهجت ذكر في أحد حواراته الصحفية عام ‪1999‬م‪ ،‬بأن هذه المديونيات‬
‫بالمطار بقرار منعه من السفر‪ ..‬ولم يشفع له إدارته لإمبراطورية‬ ‫ل تتجاوز المليار جنيه وأن أصول شركاته واستثماراته تغطي ثلثة‬
‫اقتصادية تتجاوز استثماراتها عدة مليارات من الجنيهات بالرغم من‬ ‫أضعاف هذه المديونية ‪ .‬ويرى البعض أن ذلك أمر يثير الدهشة إذا‬
‫إحاطته بعلمات إستفهامات عديدة منذ دخوله عالم المال والعمال في‬ ‫علمنا أن بهجت بدأ عمله في عام ‪1989‬وحتى عام ‪ 2004‬عندما بدأت‬
‫نهاية الثمانينات وبزوغ نجمه في عالم البيزنس خلل سنوات قليلة حتى‬ ‫البنوك تتفاوض معه بشأن مديونياته ‪ ،‬فقد كان يمتلك ‪ 49‬شركة تعمل‬
‫أصبح على قائمة رجال العمال الكبار في مصر ‪ .‬ولكن أحمد بهجت قدم‬ ‫في اللكترونيات بأنواعها المختلفة كما يمتلك مصانع للجهزة المنزلية‬
‫طعنا فى قرار منعه من السفر إلى محكمة القضاء الداري ‪ ،‬وقد نظر في‬ ‫والثاث والسياحة الترفيهية والمدن السكنية الفاخرة والدوية‬
‫‪ 13‬إبريل ‪ ، 2004‬وكان الطعن المقدم من أحمد بهجت ضد كل من‬ ‫والفضائيات وغيرها من النشطة التجارية والرياضية‪ .‬ومع كل ذلك فلم‬
‫المستشار النائب العام بصفته ووزير الداخلية بصفته ومدير مصلحة‬ ‫يعلن يوما أن أحمد بهجت مارس احتكارا أو إستغل أزمة إقتصادية داخل‬
‫وثائق السفر والهجرة والجنسية بصفته بسبب ‪ .‬وقال محاميه فى مذكرة‬ ‫مصر أو خارجها ‪.‬‬
‫الطعن فى ذلك الوقت أن بهجت لم يعلم ولم يعلن بهذا القرار وسببه‬ ‫وفى عام ‪ 2000‬سرت شائعة عن وفاة بهجت عندما تعرض لزمة‬
‫وتاريخه ‪ ،‬وفى النهاية سمح لحمد بهجت بالسفر وممارسة حياته‬ ‫صحية أثناء حضوره اجتماع للمجلس الرئاسي المصري المريكي‬
‫العادية ‪ .‬ويذكر أنه فى بداية شهر فبراير ‪ 2004‬انطلقت شائعة بين‬ ‫بواشنطن خلل زيارة الرئيس مبارك لمريكا وقتذاك ‪ ،‬وتم نفى ذلك‪.‬‬
‫رجال العمال بمدينة ‪ 6‬أكتوبر بهروب أحمد بهجت‪ ..‬ولكن تبين عدم‬ ‫وإذا كانت علقته بـ عبد الوهاب الحباك هى التى أدخلته سوق‬
‫صدقية تلك الشائعة وأنه كان موجودا بالقاهرة ويمارس حياته فى أمن‬ ‫اللكترونيات المصرية‪ ،‬فإن علقته بالسلطة قد أتاحت له فى أوائل‬

‫‪41‬‬
‫التسعينات من القرن الماضى الحصول على أراض بمدينة ‪ 6‬أكتوبر بلغت‬ ‫ذلك الى فرنسا لتمام دراساته العليا بباريس حيث تخصص في‬
‫مساحتها ‪ 7.5‬مليون متر مربع بسعر ‪ 50‬جنيها للمتر ولكي يحصل على‬ ‫اللسانيات وعلم الجناس‪ ،‬ثم حصل على دكتوراه الدولة في اللسانيات في‬
‫قروض من البنوك قام بتقييم سعر متر الرض بـ ‪ 225‬جنيها للمتر‪،‬‬ ‫باريس عام ‪ .1987‬عمل أحمد بوكوس أستاذا جامعيا بكلية الداب‬
‫وقد ذكر أنه لم يكن قد دفع كل قيمة الرض التي حصل عليها من هيئة‬ ‫و‪ ،2002‬وقد أشرف على‬ ‫‪1986‬‬ ‫بجامعة محمد الخامس بالرباط بين عامي‬
‫المجتمعات العمرانية والدليل على ذلك أن وزارة السكان قامت فى أوائل‬ ‫رسائل الدكتوراه حول اللغة المازيغية‪ ،‬التى درسها من قبل بالمعهد‬
‫عام ‪ 2004‬بسحب مساحات كبيرة من الرض التي سبق تخصيصها له‬ ‫و‪ .1994‬يرى‬ ‫‪1986‬‬ ‫العالي للركيولوجيا والتراث بالرباط بين عامي‬
‫لعدم التزامه بسداد أقساطها ‪ .‬ولكن يذكر أنه فى نهاية ‪ 2002‬أبدى‬ ‫نشطاء الحركة المازيغية ان أحمد بوكوس صاحب مكانة متقدمة داخل‬
‫أعضاء مجلس إدارة البنك الهلى سرورهم بقيام بهجت بالبدء فى سداد‬ ‫الحركة المازيغية نظرا لمساره السياسى والكاديمى النشط ومثله فى‬
‫ديونه على دفعات ‪ .‬ويذكر أن هذا البنك قام قبل ذلك برهن أحد أصول‬ ‫ذلك مثل ابراهيم أخياط ‪ ،‬وعبد ال بونفور والشاعر صدقى أزايكو ‪،‬‬
‫بهجت التى كانت تقدر فى ذلك الوقت بنحو ‪ 1.9‬مليار جنيه‪ ..‬وهى‬ ‫وعلى الجاوى وغيرهم من مؤسسى الجمعية المغربية للبحث والتبادل‬
‫مدينة دريم لند ‪ ،‬ولكن رفع ذلك فيما بعد ‪.‬‬ ‫الثقافى‪ .‬ونظرا لمكانته الهامة فقد تم اختيار بوكوس خلفا لمحمد شفيق‬
‫على رأس عمادة المعهد الملكي للثقافة المازيغية سنة ‪ .2003‬ولحمد‬
‫بوكوس عدد من المؤلفات منها‪ :‬اللغة والثقافة الشعبيتان بالمغرب ‪،‬‬
‫المازيغية والسياسة اللغوية والثقافية بالمغرب ‪ ،‬اللغات والثقافات في‬
‫أحمد بوكوس‬
‫المغرب‪ :‬رهانات رمزية ‪ ،‬الللسنية الجتماعية المغربية ‪ ،‬المية‬
‫(مغربى الجنسية وناشط بالحركة المازيغية)‬
‫والتنمية المستدامة بالمغرب‪.‬‬
‫بمنطقة تيزنيت بسوس جنوبي‬ ‫‪1946‬‬ ‫أكتوبر‬ ‫‪15‬‬ ‫ولد أحمد بوكوس فى‬
‫المغرب‪ ،‬ودرس علومه الولى بمدينة أغادير ثم بتارودانت‪ ،‬وأنتقل بعد‬
‫أحمد تيمور باشا‬
‫‪ .‬سافر بعد‬ ‫‪1967‬‬ ‫ذلك الى مراكش‪ ،‬وتخرج من كلية الداب بالرباط سنة‬ ‫راعى الدب العربى‬
‫ارستقراطى المنشأ ‪ ،‬فوالده إسماعيل تيمور الذى أنشأ المكتبة التيمورية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ولد أحمد تيمور فى ‪ 22‬شعبان عام ‪1288‬هجرية الموافق عام ‪1863‬‬ ‫شمس قبلة للمستشرقين من أوربا والوليات المتحدة المريكية وشرق‬
‫ميلدية ‪ .‬بدأ دراسته الولية على يد الفقيه " رضوان محمد " حيث‬ ‫آسيا ‪ ،‬وكان أكثر المترددين عليه من دول ألمانيا وفرنسا وروسيا‬
‫كانت المربية تأخذه لمنزله بمنطقة درب سعادة ‪ ،‬كما تلقى فى نفس‬ ‫وأنجلترا ‪ .‬وهكذا ذاع صيت أحمد تيمور وعرف للمستشرقين والعرب‬
‫الوقت تعاليم اللغات التركية والفرنسية ‪ ،‬بالضافة الى العربية‪ .‬ثم إلتحق‬ ‫بأنه راعى الدب العربى ‪ ،‬ولم يأتى ذلك من فراغ ‪ ،‬فقد وهب الكثير من‬
‫بإحدى المدارس البتدائية وتلقى فيها العلوم الحديثة ‪ ،‬وتوسع فى دراسة‬ ‫ماله ووقته وجهده فى سبيل المعرفة مما جعل مجلس الوزراء برئاسة‬
‫اللغة الفرنسية وأيضا النجليزية ‪ ،‬وقد كان لخته " عائشة التيمورية "‬ ‫السلطان فؤاد أن يمنحه فى ‪ 8‬أكتوبر عام ‪ 1919‬رتبة الباشوية تقديرا‬
‫التى كانت تكبره بنحو عشرين عاما الفضل الكبر فى توجيهه للمعرفة‬ ‫لفضله على الدب والمعرفة فى مصر والشرق ‪.‬‬
‫والدب والبحث العلمى ‪ .‬ومع ذلك فقد أعرض عن دراسته الجامعية فى‬ ‫وفى ‪ 23‬فبراير عام ‪ 1924‬صدر مرسوم ملكى بتعيينه عضوا بمجلس‬
‫فرنسا لعدم رغبة والدته فى ابتعاده عنها ‪ ،‬لكن فى الوقت نفسه كان‬ ‫الشيوخ ‪ ،‬لكنه إستقال بعد فترة قصيرة لعدم قدرته على الموائمة بين‬
‫متحمسا لستكمال ثقافته بالطلع والبحث والتنقيب فى أمهات الكتب‬ ‫المجلس وتفرغه للطلع والبحث فى مجالت نشاطه الفكرية المتعددة ‪.‬‬
‫بمكتبة والده التى كانت الشهر فى ذلك الوقت لما تحويه من أمهات‬ ‫فى ‪ 11‬مارس عام ‪ 1924‬قرر مجلس الوزراء برئاسة الملك فؤاد تعيينه‬
‫الكتب والمخطوطات النادرة ‪.‬‬ ‫عضوا بمجلس دار الكتب العلى ‪ ،‬فوافق أحمد تيمور باعتبار أن ذلك‬
‫عاش أحمد تيمور فى البحث والتنقيب والدراسة داخل مكتبته الضخمة ‪،‬‬ ‫المنصب يتصل بالعمال البحثية التى يقوم بها ‪.‬‬
‫وجعل من داره بمنطقة عين شمس بشرق القاهرة ملتقى أئمة الدب فى‬ ‫تزوج أحمد تيمور وأنجب ولدان هما محمد ومحمود ‪ .‬وقد إنغمس‬
‫مصر من أمثال المام محمد عبده ورافع الطهطاوى والسيد الببلوى‬ ‫الولدان فى العمل الدبى أيضا ‪ ،‬فقد أصبح محمد تيمور ذائع الصيت فى‬
‫وغيرهم ‪ .‬فى الوقت نفسه كان يسافر الى دول أوربا لجمع نفائس‬ ‫كتابة المسرحية والقصة القصيرة وترك آثارا خالدة فى حقل الدب على‬
‫الكتب فى شتى العلوم والفنون المطبوعة والمخطوطة باللغات الفرنسية‬ ‫الرغم من وفاته فى سن متقدمة جدا وهى التاسعة والعشرين عندما رحل‬
‫والنجليزية والروسية وأيضا العربية حتى بلغت عدتها عشرين ألف مجلد‬ ‫عن دنيانا ‪ .‬أما محمود تيمور فهو أستاذ مدرسة التيار التجديدى فى‬
‫ومخطوطة بلغات متعددة ‪ .‬وفى عام ‪ 1901‬أصبح داره بمنطقة عين‬ ‫فن كتابة القصة والفحل المتميز بالعمق والبحث والصالة ‪ ،‬وقد وصفه‬

‫‪43‬‬
‫عميد الدب العربى فى الشرق الدكتور طه حسين بأن محمود تيمور هو‬ ‫كان جميل الطلعة وحسن الهندام دائما ‪ ،‬أرستقراطى الحركة والمنهج‬
‫أديب عالمى ‪.‬‬ ‫والملبس ‪ ،‬وفوق ذلك شديد التواضع ‪ ،‬وأدب جم ‪ ،‬وحيوية ل مثيل لها ‪.‬‬
‫ومن أهم العمال التى أصدرها أحمد تيمور هى ‪:‬‬ ‫وبعد وفاته وصفه أحد المستشرقين الذين تعاملوا معه فقال‪ :‬لقد إختفت‬
‫• تصحيح لسان العرب ( القسمين الول والثانى) ‪.‬‬ ‫شخصية علمية جليلة لن يرى الشرق العربى مثلها قبل زمن طويل ‪.‬‬
‫• تصحيح القاموس المحيط ‪.‬‬
‫• نظرة تاريخية فى حدوث المذاهب الربعة وانتشارها ‪.‬‬ ‫أحمد ثروت‬
‫• رسالة فى الرتب واللقاب ‪.‬‬ ‫ولد احمد ثروت في ‪ 4‬أكتوبر عام ‪ ،1936‬وعمل مساعدا في حقل‬

‫• أبو العلء المعرى ‪.‬‬ ‫الخراج السينمائي للعديد من كبار المخرجين‪ ،‬وعندما بلغ الربعين من‬

‫• أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر ‪.‬‬ ‫العمر أخرج أول أعماله وهو فيلم "جواز على الورق" الذي عرض عام‬

‫• اليزيدية ومنشأ نحلتهم ‪.‬‬ ‫‪ . 1976‬يأتي ترتيب أحمد ثروت الـ ‪ 189‬بقائمة مخرجي السينما‬

‫• تاريخ العلم العثمانى‪.‬‬ ‫المصرية‪ ،‬وقد أخرج خلل مشواره الفني ‪ 19‬فيلما ‪ .‬وتتميز أعمال‬

‫• قبر المام السيوطى وتحقيق موضعه ‪.‬‬ ‫أحمد ثروت بالطابع الكوميدي‪ ،‬ويؤخذ عليه أنه من المخرجين الذين‬

‫• لعب العرب ‪.‬‬ ‫يؤمنون بالشللية الفنية فقد أرتبط بنجوم معينة خلل مرحلته الفنية على‬

‫• التصوير عند العرب ‪.‬‬ ‫رأسهم سعيد صالح‪ ،‬سمير غانم‪ ،‬يونس شلبي‪ ،‬محمد رضا‪ ،‬وأحمد‬

‫• إضافة الى أوهام شعراء العرب ‪ ،‬والكفايات العامة ‪.‬‬ ‫عدويه‪ .‬ومن المصورين أرتبط أيضا بعدد محدود منهم رمزي إبراهيم‬

‫• معجم الفوائد ‪ ،‬ونوادر المسائل ‪ ،‬والمثلة العامية‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬ ‫وعادل عبد العظيم‪ .‬أما الفلم التى أخرجها فقد بدأها بفيلم جواز على‬

‫وفى عام ‪ 1930‬توفى أحمد تيمور بعد أن أصبح وبحق علما فى علوم‬ ‫الورق عام ‪ ، 1976‬وتله بفيلم من أجل الحياة عام ‪ . 1977‬وتوقف عن‬

‫اللغة العربية والتاريخ السلمى ‪ ،‬وكذلك فى علوم الفنون والثار‬ ‫الخراج مدة أربع سنوات حتى أخرج فيلمه الثالث "بياضه" فى عام‬

‫السلمية ‪ .‬وهو أول من عمل على حفظ التراث السلمى من الضياع ‪.‬‬ ‫‪ ، 1981‬وتله بفيلمين عام ‪ 1982‬هما مخيمر دايما جاهز وخمسة فى‬

‫‪44‬‬
‫الجحيم ‪ ،‬بينما عام ‪ 1983‬شهد فيلما واحدا من إخراجه هو مسعود‬ ‫هناك حدث بالمجلس لذلك اتصل صاحب الجريدة عبد العزيز المساعيد‬
‫سعيد ليه ‪ .‬وارتفع نشاطه بشكل ملحوظ فى عام ‪ 1984‬حيث أخرج ثلثة‬ ‫بالجريدة من أجل تغطية ذلك الحدث ولكن فاجأه عامل التليفون بعدم‬
‫أفلم هم‪ :‬ألعاب متنوعة ‪ ،‬كله تمام ‪ ،‬والنتقام لرجب ‪ ،‬ولكن إنخفض هذا‬ ‫وجود صحفيين بالجريدة إل شخصا واحدا يعمل بالرشيف ويدعى الجار‬
‫النشاط فى عام ‪ 1985‬إلى فيلم واحد هو فتوة درب العسال ‪ .‬وتوقف‬ ‫ال ‪ ،‬فطلبه المساعيد وقال له‪ :‬إذهب الن إلى مجلس المة وحاول‬
‫أحمد ثروت عن الخراج لمدة عامين ليعود فى عام ‪ 1987‬بأربعة أفلم‬ ‫الستعانة بأحد من هناك لتعرف ما دار بالمجلس ثم عاود إلى الجريدة‬
‫دفعة واحدة وهى أعلى معدل لنشاطه الخراجي على الطلق طوال حياته‬ ‫على عجل ‪ ،‬فقال له الجار ال‪ :‬حاضر طال عمرك‪ .‬وذهب الجار ال إلى‬
‫الفنية وهم‪ :‬إمرأة من نار ‪ ،‬عبقرى على ورق دمغة ‪ ،‬التهام ‪ ،‬وصية‬ ‫مجلس المة بحماسة شديدة وعاد إلى المساعيد على عجل‪ ،‬وأحضر له‬
‫رجل مجنون ‪ .‬وشهد عام ‪ 1988‬فيلما واحدا هو رحلة المشاغبين ‪،‬‬ ‫ما دار في الجلسة‪ ..‬وهنا قال له المساعيد‪ :‬اترك الرشيف وأعمل لنا‬
‫وكذلك الحال فى عام ‪ " 1989‬الكداب وصاحبه " ‪ ،‬وتوقف عن الخراج‬ ‫مندوبا في مجلس المة ‪ .‬وهكذا تحولت حياته من عامل بالرشيف إلى‬
‫فى عام ‪ ، 1990‬ليعود بفيلم واحد فى عام ‪ . 1991‬أما عام ‪ 1992‬فقد‬ ‫صحفى ليعمل مندوبا لجريدة الرأى العام في مجلس المة ‪.‬‬
‫شهد فيلمان هما ذكريات وندم وليالى الصبر وهما آخر أعماله ‪.‬‬ ‫كانت جريدة السياسة تقع على بعد قريب من جريدة الرأي العام وشاع‬

‫أحمد الجار ال‬ ‫فى الوسط الصحفي الكويتى أن صاحب جريدة السياسة يريد بيعها بمبلغ‬

‫بدأت قصة صعود أحمد الجار ال من عامل بمحل لصلح كاوتش‬ ‫‪ 20‬ألف دينار‪ .‬وقرر الجار ال خوض الطريق إلى شراءها مستخدما‬

‫السيارات إلى بائع بمحل ملبس حريمي‪ ،‬ثم توسط له زوج زبونة كانت‬ ‫فى ذلك كل ما يمكنه من أسلحة من خلل ما تعرف عليهن من الثرياء‬

‫تتردد على محل بيع الملبس كى يعمل موظفا بالجوازات ‪ .‬ومن‬ ‫حين كان يعمل بائعا للملبس الحريمى ‪ .‬وتشاء الظروف بأن إحداهن‬

‫الجوازات قرر الجار ال العمل بالصحافة وتحديدا جريدة الرأي العام‬ ‫كانت تضع مولودا بأحد المستشفيات ‪ ،‬ويذهب إليها الجار ال مستغل‬

‫وكان صاحبها فى ذلك الوقت عبد العزيز المساعيد الذى وافق على‬ ‫المناسبة السعيدة ‪ ،‬وبعد مراسيم التهنئة على مولودها الجديد يخبرها‬

‫إلحاقه موظفا بالرشيف‪ ،‬وإستمر فى عمله بالرشيف إلى أن جاء يوم‬ ‫بحاجته الملحة إلى ‪ 20‬ألف دينار سلفة كي يشتري جريدة السياسة وأنه‬

‫كان مندوب الجريدة بمجلس المة الكويتى مريض ‪ ،‬فى نفس الوقت كان‬ ‫لن ينسى صنيعها طيلة حياته ‪ .‬وتلعب المناسبة السعيدة دورها وتوافق‬

‫‪45‬‬
‫السيدة الثرية وتكلم أحد معارفها من الشيوخ المهمين بالبلد في ذلك‬ ‫الفرصة كى ينقض ممسكا بها ‪ ،‬وعندما حانت ذهب على الفور إلى حمد‬
‫الوقت ‪ ،‬ويوافق الشيخ على مضض ! ويستلم الجار ال العشرين ألف‬ ‫الوزان مستغل إياه فى الحصول على سلفة من حصة وسبيكة أبل بمبلغ‬
‫دينار ‪ ،‬ويذهب على الفور إلى مالك جريدة السياسة ويدفع له المبلغ‬ ‫نصف مليون دينار على أن يقوم بردها بعد عام ‪ ،‬وإن لم يستطع فيمكن‬
‫ويستلم الجريدة التى كانت تصدر أسبوعيا فى ذلك الوقت ‪ .‬وكان معه فى‬ ‫مد أمدها بشيك وبفائدة جديدة ‪ .‬وبذلك إستطاع الجار ال دخول سوق‬
‫تلك الواقعة الخيرة كل من قاسم أينوني ومحمد زين وآخرين ‪ .‬وهكذا‬ ‫المناخ مستغل فى ذلك جريدة السياسة التى تخصصت بحكايات وأسرار‬
‫وبفضل الظروف حصل الجار ال على جريدة السياسة وأصبح مالكا لها‬ ‫سوق المناخ من خلل عدد من الصحفيين على رأسهم صبحى سكر‬
‫فى غفلة من الزمن ‪ .‬وبعلقته بالعديد من الصحفيين من داخل الكويت‬ ‫ومحمد زين اللذان كانا يتلقيان تعليماتهما من الجار ال فقط فيم يخص‬
‫وخارجها استطاع الجار ال أن يصل بها إلى جريدة يومية وهو ما‬ ‫سوق المناخ ‪ .‬وقد لعب الرجلن دورا جهنميا من خلل الجريدة فى‬
‫أصبحت عليه اليوم ‪ .‬وعن طريقها وبإستغلل مزايا العمل الصحفي‬ ‫إغراء الشعب الكويتى للندفاع وبقوة إلى دخول سوق المناخ أمل فى‬
‫إستقبله الملوك والرؤساء العرب بالحفاوة إل نفر قليل منهم كانت لديهم‬ ‫تحقيق الربح السريع ‪.‬‬
‫ويتصاعد نجمه ثانية ‪ ،‬ويظهر‬ ‫ول تزال بعض الشكوك فى مصداقيته ‪.‬‬ ‫سياسة اليهام وربط الدمغة‪ :‬منذ أن امتلك الجار ال جريدة السياسة‬
‫على الساحة الكويتية ما عرف بسوق المناخ آنذاك ‪ ،‬ويقرر الجار ال‬ ‫الكويتية‪ ،‬طبق معادلة بسيطة استطاع بها أن ينفذ إلى رءوس السلطة‬
‫إقتحامه ولكن بطرق غير مباشرة مستغل فى ذلك شخص يدعى عبد‬ ‫السياسية في بعض النظمة العربية ‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول عادل عفيفى‪:‬‬
‫الرازق الحى ‪ .‬ويقول فى هذا الخصوص عادل عفيفي أحد المقربين من‬ ‫تتركز معادلة الجار ال على عمل حوار صحفى مع رأس السلطة يمجده‬
‫الجار ال فى ذلك الوقت‪ :‬كان الجار ال يجلس داخل سيارته بعيدا عن‬ ‫فيه وبجانبه أخبار صغيرة تشير بطريقة ذكية إلى وجود صداقة قوية مع‬
‫النظار ويبعث بـ عبد الرازق الحى أو شخص آخر ليسجل كل صغيرة‬ ‫رأس السلطة يكتسب منها أهمية ويوهم بها الجهزة التنفيذية في ذلك‬
‫وكبيرة تدور داخل السوق من حيث البيع والشراء والتعاقدات والتحالفات‬ ‫النظام أنه مسموع الكلمة لدى رأس السلطة ‪ ،‬وبذلك تصبح كل طلباته‬
‫ومدى تحرك السهم صعودا وهبوطا وتدوين أسماء كل من بدخل ويخرج‬ ‫مستجابة وتنفتح أمامه كل البواب من عقد الصفقات وتحقيق المكاسب‬
‫ورصد دقائق تحركاتهم بدقة ‪ .‬وظل كذلك فترة من الوقت حتى تحين‬ ‫وأحيانا القيام بدور "المخلصاتي" مقابل سمسرة تفوق أيه توقعات‪ .‬ولعبة‬

‫‪46‬‬
‫الجار ال كانت بسيطة وميسرة ‪ ،‬تتمثل فى وعود باستثمارات ضخمة‬ ‫على صلة قوية برأس النظام ‪ ،‬وقبل أن يبدأ عمليات المضاربة بهذه‬
‫بطريقة شفهية لرأس السلطة التى يجرى معها حوارا صحفيا‪ ،‬فيعطى‬ ‫الراضي وبيعها بأسعار تفوق سعر الشراء بعدة أضعاف‪ ،‬هنا أثار عدد‬
‫رأس السلطة تعليماته بالتيسير له لمجرد الثقة فيه ‪ ،‬فيحصل بالتالي‬ ‫من رجال العمال والمال في المغرب قضية الرض التي حصل عليها‬
‫الجار ال على قروض حقيقية بفوائد تشجيعية مدعوما بتلك الثقة ‪ ،‬ثم‬ ‫أحمد الجار ال في قلب الدار البيضاء "ساحة محمد الخامس" حيث بيعت‬
‫شراء أراض بأسعار مخفضة وبتوصية من مسئولين كبار يعتقدون أنه‬ ‫له بسعر خمسة آلف درهم للمتر المربع‪ ،‬فى حين بلغ سعر المتر‬
‫على صلة قوية برأس النظام ‪ ...‬وبعد ذلك تبدأ عمليات المضاربة بهذه‬ ‫الحقيقى نحو ‪ 50‬ألف درهم‪ ..‬وكانت المصادقة النهائية على بيع هذه‬
‫الراضي وبيعها بأسعار تفوق سعر الشراء بعدة أضعاف ‪.‬‬ ‫الرض للجار ال ستصدر في الجريدة الرسمية‪ ،‬إل أن هناك توجيهات‬
‫الجار ال ودولة المغرب ‪ :‬لكن الجار ال لم ينجح كلية فى قنص فريسته‬ ‫عليا صدرت بتجميد قرار المصادقة النهائية على بيع هذه الرض بعد‬
‫بالمغرب ‪ ،‬فقد واجه هناك سلسلة من المتاعب‪ ،‬وهنا يقول عادل عفيفى‬ ‫الضجة التي أثيرت حول موضوع أرض الجار ال ‪ ،‬وهو المر الذي أدى‬
‫‪ :‬لم ينصره الحظ فى المغرب ‪ ،‬فقد واجه موجات من النتقادات داخل‬ ‫إلى عدم نشر هذه المصادقة بالجريدة الرسمية حتى الن‪ ...‬ويضيف‬
‫أوساط رجال المال والعمال المغاربة الذين اتهموه بتقديم الوعود‬ ‫عادل عفيفى‪ :‬كما أثارت الوساط القتصادية والمالية في المغرب قضية‬
‫ل خداعهم بما يخص المشاريع المالية والعقارية‬
‫المطاطية‪ ..‬فض ً‬ ‫الرض التي أعطيت للجار ال على شاطئ المحيط في الدار البيضاء ليقيم‬
‫والستثمارية التي التزم بتنفيذها الجار ال في المغرب ول تزال حبرا‬ ‫عليها شققا سكنية وفيلت وكان الجار ال قد وعد المسئولين المغاربة‬
‫على ورق‪ ...‬ويبدو أن الجار ال لم يستطع تنفيذ "اللعبة" ذاتها التي سبق‬ ‫بالبدء في بناء هذه الرض خلل ثلثة أشهر‪ ...‬غير أنه لم يبدأ عملية‬
‫وأن مارسها في الكويت والمملكة العربية السعودية مستغلً صداقاته‬ ‫المسح الرضي التي تسبق إجراءات البناء‪ ،‬وتسرب لدى الجهات‬
‫الصحفية التي عن طريقها يمكنه النفاذ إلى أكبر المناصب التنفيذية في‬ ‫المسئولة في المغرب أن الجار ال يستخدم هذه الرض وغيرها لتسقيعها‬
‫الدولة التى يريد اختراقها‪ ...‬فقد وعد الجار ال باستثمارات ضخمة‬ ‫ثم إاصطياد المستثمرين والتجار الخليجيين بغرض إدخال شركاء معه في‬
‫بطريقة شفهية ‪ ،‬فحصل على قروض حقيقية بفوائد تشجيعية ‪ ،‬ثم‬ ‫بناء هذه الراضي بعد مضاعفة سعر الشراء التشجيعي عشرات المرات‬
‫إشترى أراض بأسعار مخفضة وبتوصية من مسئولين كبار يعتقدون أنه‬ ‫‪ .‬ولم تتوقف مشاكل الجار ال عند هذا الحد‪ ،‬فيقول عادل عفيفى‪ :‬كان‬

‫‪47‬‬
‫الجار ال يذهب إلى المغرب بطائرته الخاصة التى يشاركه في ملكيتها‬ ‫الرئيس صدام حسين‪ ..‬وفي اليوم الثاني لوصولنا إلى بغداد كنت أسير‬
‫جاسم المطوع لكن الجار ال لم يسدد لـ جاسم المطوع قيمة ما دفعه‬ ‫مع الجار ال في بهو فندق الرشيد وشاهدنا موكبا من عشرين شخصا‬
‫من مال (يذكر أن الطائرة كانت تحصل على تخفيضات في رسوم الهبوط‬ ‫من الحراس الشداء ‪ ،‬ويتوسطهم شاب تبدو عليه ملمح الذكاء والقوة‬
‫والقلع والقامة وصلت إلى أكثر من ‪ % 70‬من الرسوم المقررة) ‪.‬‬ ‫والغرور وطلب مني الجار ال السؤال عمن يكون هذا ؟ وعلمت أنه ابن‬
‫وفى ذلك الوقت صدرت أوامر عليا في المغرب بمراقبة تصرفات الجار‬ ‫صدام حسين‪ ..‬وفور أن سمع ذلك تركنا الجار ال وتوجه إليه وقدم‬
‫ال وفضائحه المالية التي ظهرت خاصة بعد مشاركة الجار ال لـ حمد‬ ‫نفسه له في بهو الفندق ‪ ،‬وأشار إلى الجار ال أن أحضر الكاميرا‬
‫الوزان "الكويتي الجنسية" في مشروع كبير بالمغرب ‪ ،‬لكن الوزان قرر‬ ‫الخاصة بي للتقاط بعض الصور التي تجمعه مع ابن الرئيس‪ ...‬وطلب‬
‫إنهاء عملية المشاركة بعد علمه بتورط الجار ال في عدد من المشاكل‬ ‫الجار ال لقائه ووافق ابن صدام حسين على لقاء خاص وبدعوة خاصة‬
‫هناك ‪ .‬ويذكر أن الطبعة المغربية لجريدة السياسة الدولية التابعة للجار‬ ‫منه‪ ،‬وقال له‪ :‬أنت ومعك هذا الشاب المصري وكان يقصدني بالطبع بعد‬
‫ال واجهت مصاعب مادية وبدل من أن تصدر يوميا كما وعد الجار ال‬ ‫أن تبادلت معه الحديث ‪ .‬وقام الجار ال بالتصال بالجريدة بالكويت‬
‫كبار المسئولين بالمغرب ‪ ،‬فقد بدأت تصدر مرتين فى السبوع ‪،‬‬ ‫لينشر في الصفحة الولى خبر استقبال نجل الرئيس صدام حسين له‬
‫وإنخفض توزيعها كثيرا‪.‬‬ ‫وكان يعتقد أنه عدي ولكنه اكتشف بعد ذلك أنه قصي الخ الصغر لعدي‪.‬‬
‫وحول علقة أحمد الجار ال بصدام حسين ‪ ،‬فقد طلب الجار ال زيارة‬ ‫ويضيف عادل عفيفى‪ :‬وحان موعد تلبيه الدعوة التي وجهها قصي صدام‬
‫العراق لجراء حوار مع صدام حسين وتم الموافقة له ‪ ،‬وكان معه فى‬ ‫حسين لنا وسافرنا إلى العراق لنجده ينتظرنا في أرض المطار‪ .‬وبعد‬
‫تلك الزيارة عبد الرزاق الحي "سعودي الجنسية" وعادل عفيفى الذى قال‬ ‫لقاءنا به اتجهنا إلى فندق الرشيد وطلب منا الستئذان وكان معنا سعد‬
‫فى هذا الخصوص‪ :‬كان في استقبالنا بمطار صدام الدولي هاني وهيب‬ ‫البزاز " صاحب جريدة الزمان ومحطة تليفزيونية أسمها الشرقية بعد‬
‫السكرتير الصحفي للرئيس صدام حسين وسعد البزاز مدير مكتب جريدة‬ ‫القضاء على نظام صدام حسين" ‪،‬ولكن فى ذلك الوقت كان يقوم بكل‬
‫السياسة في بغداد وبعض العاملين في مراسم وزارة العلم العراقية‪،‬‬ ‫واجبات قصى اللزمة‪ .‬ويقول عادل عفيفى‪ :‬وتوالت علينا اليام والليالي‬
‫واتجهت بنا السيارات إلى فندق الرشيد فى إنتظار تحديد موعد مقابلة‬ ‫الملح‪ ،‬وذات ليلة قال لى سعد البزاز‪ :‬حاول أن تتفرغ لبعض الوقت‬

‫‪48‬‬
‫لن سيدي يريد التحدث معي " كان يقصد بسيده إبن الرئيس قصى" ‪...‬‬ ‫طريق أبو محمد الذى كان يلقب بالنقيب وهو وكيل قصي صدام حسين‬
‫وبالفعل جلست بجانبه لدقائق طويلة سألنى عن أحوالي ومنذ متى وأنا‬ ‫في سوق المناخ ‪.‬‬
‫أعمل مع الجار ال ‪ ،‬ومنذ متى وأنا أعيش على أرض الكويت‪ ...‬وتيقنت‬ ‫وفى المملكة العربية السعودية اجتمع الجار ال مع مجموعة من رجال‬
‫للحظة الولى أن وراء هذه المقابلة شيئا فقررت اللعب معه على‬ ‫العمال منهم الشيخ عبد العزيز النويصر وهو ابن لرجل في مركز كبير‬
‫المكشوف بعد أن بدأ يكشف لي ورقه على الطاولة‪ ..‬فأخبرته كل شىء‬ ‫بالديوان الملكي ‪ ،‬وإتفق الثنان على الدخول معا في عدة مشاريع‪ ،‬وكان‬
‫عن الجار ال ‪ ،‬وتبين لى أنه يريد معرفة أخبار الجار ال وحقيقة سوق‬ ‫الشيخ عبد العزيز يمتلك أرضا يستعد لبنائها وطلب الجار ال أن يدخل‬
‫المناخ وسبب إنهياره ‪ .‬وخلل تواجده فى ضيافة قصى تعرف أحمد‬ ‫شريكا بها‪ ..‬وحاول الجار ال إيهامه بأنه على علقة قوية بملك‬
‫الجار ال على أحد رجال العمال العراقيية فى مطعم بفندق الرشيد وعلم‬ ‫السعودية وقال له ‪ :‬إذا كنت تريد أي شيء من الملك فأنا مستعد ولكن‬
‫منه أنه يقوم ببيع المشروعات من الباطن مقابل حصوله على عمولته‬ ‫الشيخ عبد العزيز رفض ذلك‪ ،‬ودخل الجار ال شريكا معه ‪ ،‬وقام الشيخ‬
‫بالدولر‪ .‬وعرض الرجل على الجار ال عقدا لمشروع بمائتي مليون‬ ‫عبد العزيز ببناء الرض ولكن مع قرب نهايتها شعر الشيخ عبد العزيز‬
‫دينار‪ ،‬وآخر بخمسين مليون وثالث بخمسة مليين دينار‪ .‬وهنا يقول‬ ‫بالحبال التي تلف حوله فطلب الرجل فسخ الشراكة بينهما ووافق الجار‬
‫عادل عفيفى‪ :‬ولفت نظر الجار ال عقدا لمشروع توريد أسمنت للعراق‬ ‫ال بشرط أن يسترد المبلغ الذي دفعه فى بناء الشركة وحصوله على‬
‫خاصة وانه يعمل في تجارة السمنت مع شريكه محمد أحمد جمال وعقدا‬ ‫نصف قيمة الرض التي كانت ملك الشيخ عبد العزيز واضطر الرجل‬
‫آخر للتبضع العسكري ‪ ،‬واتفق الجار ال مع الرجل على شراء هذين‬ ‫للموافقة حتى يرتاح منه ‪.‬‬
‫العقدين مقابل عمولة له ‪ ...‬ولكن بعد مرور ثلثة أيام رأينا هذا الرجل‬ ‫أما عن علقته بـ عدنان خاشقجي‪ ،‬فقد علم الجار ال أن له وكيل في‬
‫"صاحب المشاريع" يتحدث في التليفزيون طالبا العفو من الرئيس صدام‬ ‫الكويت موجود بسوق المناخ ‪ ،‬وعلى الفور غادر الجار ال الكويت إلى‬
‫حسين المهيب الركن وبعدها ظهر المذيع ليقول ‪" :‬وقد تم إعدام الرجل‬ ‫أسبانيا حيث يقيم خاشقجي هناك وزوجته وأولده ونزل ضيفا على‬
‫لقيامه بأعمال مخالفة للنظام العراقى وشعب العراق" ‪ ...‬ومع كل ذلك فقد‬ ‫خاشقجي بعد أن كتب عنه ونشاطاته وحمل معه كل ما كتب بجريدته ‪.‬‬
‫خرج الجار ال بعدة صفقات من الرئيس صدام ومن إبنه قصى عن‬ ‫وبعد أن شاهد خاشقجي ما كتبه الجار ال عنه بالجريدة شكره الرجل‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ولكن الجار ال كانت عينه علي يخت ثمنه ‪ 11‬مليون دولر‪ ،‬وأراد‬ ‫سيارته وذهبنا إلى أرض كبيرة تطل على البحر ووجدنا محمد سليمان‬
‫شراءه ووافق خاشقجي على بيعه له مقابل الـ ‪ 11‬مليون دولر ‪ .‬ولكن‬ ‫هناك ‪ ،‬وأتضح لنا أن مساحة الرض هي ‪ 70000‬متر مربع‪ ..‬ونظر‬
‫الجار ال عرض ‪ 2‬مليون دولر فقط‪ ،‬ورفض خاشقجي‪.‬‬ ‫المحافظ إلى الجار ال قائلً‪ :‬أنا سأعطيك هذه الرض بـ ‪ 6‬جنيها للمتر‬
‫الجار ال ومصر ‪ :‬عندما يذهب الجار ال إلى مصر كان يقوم بحجز‬ ‫وحصل الجار ال على ‪ 70000‬متر مربع بسعر إجمالي ‪ 420‬ألف جنيه‪،‬‬
‫سويت ملكي بثلث غرف مع القامة الكاملة بإسم عادل عفيفي ليدفع‬ ‫لم يدفع منها غير (‪ )105000‬جنيه فقط وحصل على عقد الرض ‪..‬‬
‫بالجنيه المصري حتى ل يدفع بالدولر في مصر ‪ .‬ويقول عادل عفيفى‪:‬‬ ‫وطرنا بعد ذلك من شرم الشيخ إلى الكويت ثم عدنا إلى مصر مرة أخرى‬
‫وفي زيارة له كان الهدف منها إجراء حوار مع الرئيس مبارك ذهبنا بعد‬ ‫مع رجال سعوديين آخرين وباع لهم الجار ال الرض بعدة مليين من‬
‫ل في السويت الملكي على البحر الحمر وكنت أظن‬
‫أن قضينا أسبوعا كام ً‬ ‫الدولرات وقال لهم أن هذه الرض ستظل تحمل أسمي مقابل عمولة‬
‫أنه يريد الستمتاع بجو البحر الحمر في شرم الشيخ‪ ،‬ولكن ظهرت‬ ‫حتى يعتقد المسئولون فى مصر أنني صاحب تلك المشروعات التي‬
‫حقيقة ما كان يريد أن يفعله‪ ..‬وهو أن هناك رجال أعمال سعوديين‬ ‫تقيمونها عليها ‪.‬‬
‫أوصوه بشراء قطعة أرض كبيرة هناك بسعر رخيص جدا‪ ،‬وكانت مقابلته‬ ‫ولم ينجح الجار ال فى المارات أوقطر أوسلطنة عمان ‪ ،‬وكذلك فى‬
‫مع رئيس مصر نشرت في جريدة الخبار مع جريدة السياسة‪ ..‬وعندما‬ ‫الكويت فصاحب السمو الشيخ صباح الحمد الجابر الصباح كان يعلم‬
‫ذهبنا إلى هناك كان في استقبالنا محافظ البحر الحمر ورجل آخر يدعي‬ ‫كثيرا عنه ‪ ،‬وكان هناك من أبلغ الجار ال أن الشيخ صباح الحمد ل‬
‫محمد سليمان وبعد أن جلسنا في إحدى استراحات المحافظة سأل الجار‬ ‫يريده رئيسا لتحرير جريدة السياسة ‪ .‬وقد صدرت التعليمات بعدم حضور‬
‫ال المحافظ ‪ :‬هل قرأت المقابلة الصحفية مع الرئيس مبارك فقال له‬ ‫الجار ال أي مؤتمرات لمير البلد فرحل الجار ال عن الكويت وأصبح‬
‫المحافظ ‪ :‬نعم‪ ..‬فقال له الجار ال وال يا شيخ مع أن هذا الكلم ل يطلع‬ ‫ل يحضر إليها إل في زيارة ل تتعدى شهرين من كل سنة‪ ..‬وأناب عنه‬
‫مني ولكني أثق فيك‪ ..‬أن هذه المقابلة بناء على طلب عدة ملوك وأمراء‬ ‫أخيه سليمان الجار ال ‪ ..‬ويذكر فى أحد اللقاءات التى حضرها الرئيس‬
‫من دول الخليج ‪ ..‬ثم قال له مباشرة‪ :‬نريد قطعة أرض لقامة مشروع‬ ‫مبارك بالكويت كان من المتبع أن يقوم كل رئيس تحرير جريدة بإلقاء‬
‫عليها ‪ ..‬فقال له المحافظ‪ :‬حاضر وتحت أمرك‪ ...‬وأخذنا المحافظ في‬ ‫سؤاله على الرئيس وجاء دور السياسة‪ ..‬فوقف سليمان الجار ال وقال‬

‫‪50‬‬
‫‪ :‬سليمان الجار ال من جريدة السياسة فرد عليه الرئيس مبارك قائلً‪:‬‬ ‫كان على ثقافة واسعة فقد كان يجيد عدة لغات على رأسها الفرنسية‬
‫أمال أخوك فين؟ وضحك رؤساء التحرير الخرين على تلك القفشات‬ ‫والنجليزية والتركية بجانب إلمامه ببعض اللغات الخرى وإجادته للغة‬
‫والتى دلت على أن الرئيس المصرى كان يعلم كل شىء عن الجار ال‪.‬‬ ‫العربية فقد كان من أصحاب الساليب المميزة في الصحافة المصرية‪.‬‬

‫أحمد جلل‬ ‫بعد حصوله على البكالوريا التحق بوظيفة كتابية بقلم قضايا وزارة‬

‫أول من أخرج فيلما تاريخيا مصريا‬ ‫الوقاف بمأمورية المنصوره وقد ساعدته ثقافته الوربية والعربية على‬

‫كان صحفيا وناقدا فنيا وكذلك كاتبا قصصيا ومترجما وأيضا سيناريست‬ ‫الطلع على مختلف الداب العالمية والعربية ومتابعة الصحف المصرية‬

‫وممثل ومخرجا ‪ ،‬إضافة الى أنه كان صاحب مجلة أسبوعية ‪ ،‬وفوق كل‬ ‫أتجه أيضا إلي التأليف وترجمة‬ ‫التي كانت تصدر في ذلك الوقت‪.‬‬

‫ذلك صاحب أستوديو سينمائي كبير‪ .‬وعلوة على ما تقدم كان صاحب‬ ‫القصص بمجلة اللطائف المصورة التي أصدرها إسكندر مكاريوس عام‬

‫مدرسة في الخراج السينمائي تأثر بها كثير من الخرجين وفي مقدمتهم‬ ‫‪ 1915‬ومجلتي " الولد " و " الروايات المصورة " اللتين صدرتا عن دار‬

‫هنرى بركات وحسن المام وحسن حلمي وعاطف سالم ‪ ،‬كما تأثر به‬ ‫اللطائف المصورة في العشرينيات‪ .‬استقال أحمد جلل من وظيفته‬

‫أيضا شقيقاه " حسين فوزي وعباس كامل " اللذان ترسما خطاه في‬ ‫والتحق محررا بدار اللطائف ‪ ،‬ولكنه استقال منها أيضا والتحق محررا‬

‫الصحافة والسينما‪.‬‬ ‫بدار الهلل فى بداية عام ‪ 1928‬وإستمر بها حتى عام ‪ 1934‬وهو العام‬

‫اسمه بالكامل أحمد جلل محمد عبد الغني‪ ،‬وقد ولد بمدينة بورسعيد‬ ‫الذى أصدر فيه مجلة الباشكاتب وهي مجله سياسية أسبوعيه مصورة‬

‫في ‪ 27‬أغسطس عام ‪ 1897‬وهو الشقيق الكبر للمخرجين حسين فوزي‬ ‫بالكاريكاتير وكان سعرها آنذاك عشرة مليمات وتقع في ‪ 24‬صفحة في‬

‫وعباس كامل‪ .‬كان والده يعمل تاجرا بمدينة بورسعيد ‪ ،‬ثم أنتقل مع‬ ‫حجم مجلة آخر ساعة فى ذلك الوقت ‪ ،‬وقد صدر العدد الول منها في‬

‫أسرته إلي القاهرة وأقامت السرة في شارع محمد على (شارع القلعة‬ ‫‪ 28‬مارس من نفس العام (‪ )1934‬وكان رئيس تحريرها الناقد الفني‬

‫حاليا) الذي أشتهر بشارع الصحافة والفن والعوالم فى ذلك الوقت‪.‬‬ ‫السيد حسن جمعة ومدير التحرير الرسام الكاريكاتوري على رفقي‪.‬‬

‫وكان لنشأته في تلك المنطقة أثر كبير على اتجاهه للصحافة والفن‪ .‬أما‬ ‫وكان أحمد جلل ينشر في مجلته التعليقات السياسية والجتماعية والفنية‬

‫عن دراسته ‪ ،‬فقد حصل على البكالوريا عام ‪ 1917‬تقريبا‪ ،‬ويذكر أنه‬ ‫والقصص القصيرة ‪ .‬واشتهر جلل بكتابة باب أسبوعي فكاهي يتضمن‬

‫‪51‬‬
‫نقدا اجتماعيا بعنوان (حديث خالتي أم إبراهيم) بدأ بنشره في مجلة‬ ‫وفي عام ‪ 1939‬أخرج فيلم " فتاة‬ ‫التي أخرجها لشركة لوتس فيلم ‪.‬‬
‫الفكاهة عام ‪ 1928‬ثم نقله إلي مجلته الجديدة حيث كان ينشره أسبوعيا‬ ‫متمرده " وقدم فيه ماري كويني لول مرة في دور البطولة أمام وجه‬
‫وبانتظام‪.‬‬ ‫جديد اكتشفه في ذلك الوقت هو محسن سرحان وعرض الفيلم بدار‬
‫لم يقتصر نشاط جلل على السينما والصحافة فقط‪ ،‬بل أمتد إلي المسرح‬ ‫وفي ‪ 20‬مارس عام ‪1940‬‬ ‫سينما كوزمو في ‪ 29‬فبراير عام ‪.1942‬‬
‫فقد مثلت فاطمة رشدي مسرحيتين من ترجمته هما روكامبول والحب‬ ‫تزوج أحمد جلل من ماري كويني وكان يبلغ من العمر في ذلك الوقت‪43‬‬
‫وفي مجال السينما اشترك أحمد جلل مع استفان روستي في‬ ‫المحرم‪.‬‬ ‫عاما بينما ماري كويني لم تتعدي ‪ 23‬عاما فقط ‪ ،‬وقد أثمر زواج أحمد‬
‫تعديل سيناريو الفيلم الذي كتبه وداد عرفي وقام بمساعدته في إعادة‬ ‫جلل وماري كويني عن طفلهما نادر جلل الذي ولد في ‪ 29‬يناير عام‬
‫إخراجه بجانب اشتراكه في التمثيل وهو الفيلم الذي أخرجه وداد عرفي‬ ‫‪( 1941‬أصبح فيما بعد مخرجا سينمائيا ذائع الصيت)‪ .‬وقد أدي ذلك‬
‫تحت عنوان " نداء ال " ثم أطلق عليه بعد ذلك " ليلي " ‪ ،‬كما ساهم‬ ‫الزواج إلي انفصال أحمد جلل عن شركة لوتس فيلم والستقلل بذاته‬
‫أيضا مع المخرج اليطالي روكا في إخراج وكتابة سيناريو فيلم بنت‬ ‫وتأسيس شركة أفلم جلل وتفرغ لخراج أفلمه حيث كانت تقوم ماري‬
‫النيل ‪ .‬ثم توجه أحمد جلل بعد ذلك إلي الخراج السينمائي حيث قام‬ ‫كويني بادوار البطولة ‪ ،‬ومن تلك الفلم " فتاة متمردة" و " رباب " عام‬
‫بإخراج سلسة أفلم شركة " لوتس فيلم " وكان يقوم بتأليفها وتمثيلها‬ ‫‪ 1942‬و " ماجدة " عام ‪ ،1943‬و " أم السعد " عام ‪ 1946‬ثم " عودة‬
‫بالشتراك مع آسيا وماري كويني وذلك بدءا من فيلم " عندما تحب‬ ‫الغائب " ‪ .‬وفي عام ‪ 1945‬أخرج فيلما غنائيا للمطربة نور الهدي‬
‫المرأة " الذى عرض في ‪ 27‬مارس عام ‪ 1933‬وقد أخرج لها عشرة‬ ‫بعنوان " أميرة الحلم " عن قصة وسيناريو وحوار وأغاني شقيقه‬
‫أفلم كان آخرها فيلم العريس الخامس عام ‪ 1942‬الذى كتب قصته ‪ ،‬كما‬ ‫عباس كامل‪.‬‬
‫كتب سيناريو وحوار فيلم كوميدي "مراتي نمرة ‪ "2‬وقام بإخراجه‬ ‫في مارس عام ‪ 1944‬احتفل أحمد جلل وماري كويني بوضع حجر‬
‫المصور السينمائي اليطالي تيليو كباريني‪.‬‬ ‫الساس لمؤسستهما السينمائية " ستديو جلل " بحدائق القبة بمناسبة‬
‫ول يذكر اسم أحمد جلل إل ومعه أسم شريكة حياته ماري كويني التي‬ ‫عيد زواجهما الرابع ‪ .‬يذكر أن ستديو جلل كان مغامرة كبرى لنه شيد‬
‫بدأت حياتها الفنية مونتيرة وممثله للدوار الثانوية في أفلمه الولي‬ ‫خلل سنوات الحرب العالمية الثانية التي ارتفعت فيها أسعار مواد البناء‬

‫‪52‬‬
‫وقل استيراد الجهزة والمعدات الفنية من الخارج ‪ ،‬ومع ذلك إستطاع‬ ‫الحرية للمصور في تكوين الصورة مما يجعل الفضل للمصور وليس‬
‫أثناء تلك الفترة الحرجة أن يشيد الستديو ويخرج ثلثة أفلم في‬ ‫للمخرج ‪ .‬والحقيقة أن أحمد جلل كان صاحب إسلوب متميز في‬
‫الستديو قبل استكماله ‪ .‬بعد النتهاء من تشييد الستديو قام بتأجيره‬ ‫التأليف والخراج ‪ ،‬فكان يعتمد على التشويق الذي تأثر به تلميذه من‬
‫لبعض الشركات الخرى ‪ .‬ولكن المرض نال منه نتيجة للرهاق الشديد‬ ‫كبار المخرجين اليوم ‪ .‬كما كانت له طريقته المستقلة في التمثيل ‪ .‬وكان‬
‫في العمل واشتد عليه المرض في صيف عام ‪ 1947‬مما اضطر للسفر‬ ‫يسير في اتجاه سينما المخرج المؤلف وهو إتجاه ظهر منذ بدء الخراج‬
‫مع زوجته إلي لبنان للستشفاء ولكن وافته المنية هناك في ‪ 21‬يوليو‬ ‫في الثلثنيات فقد كانت أفلمه من تأليفه قصة وسيناريو وحوارا وإنتاجا‬
‫عام ‪ 1947‬وهو فى الخمسين من عمره‪.‬‬ ‫بالضافة الى الخراج ‪.‬‬
‫اشتهر أحمد جلل بالسرعة في كل شيء ‪ ،‬فقد كان يتكلم بسرعة ‪،‬‬ ‫على الرغم من السرعة في كل لحظات حياته فلم يفته في خضم أعمالة‬
‫ويمشي بسرعة ‪ ،‬ويكتب بسرعة‪ ،‬ويخرج أفلمه بسرعة ‪ ،‬ثم مات أيضا‬ ‫الضخمة أن يسعي مع بعض زملئه السينمائيين من أجل إنشاء ناد‬
‫وكانت أفلمه مزيجا من الميلودراما والكوميديا تقوم على‬ ‫بسرعة‪.‬‬ ‫للسينما يضم شمل العاملين في الحقل السينمائي للرتقاء بالفن السينمائي‬
‫العقدة والحبكة التقليدية التي تجذب اهتمام المتفرج بالصراع بين الخير‬ ‫‪ ،‬فقد كان عضوا بلجنة السينمائيين المصريين التي اقترحت أول قانون‬
‫والشر‪ ،‬ولعل أهم ما يذكر عنه أنه أول من أخرج فيلما تاريخيا في عام‬ ‫لتنظيم العمل السينمائي في أول أبريل عام ‪ 1943‬وكانت هذه اللجنة‬
‫‪ 1935‬وهو فيلم شجر الدر‪.‬‬ ‫مكونة من محمد عبد الوهاب ومحمد كريم وعبد الحليم محمود علي‬
‫كتب عنه المخرج أحمد كامل مرسى فى يوليو عام ‪ 1945‬بمجلة السينما‬ ‫وجبريل نحاس وعباس كامل ‪ .‬وعندما أنشئ النادي بعد ذلك وتحول إلي‬
‫التى كان يصدرها كامل حفناوى فقال‪ :‬إن أحمد جلل عرف كيف يجمع‬ ‫نقابة عمالية ثم نقابة للمهن السينمائية لم يتذكره أحد على الطلق سوى‬
‫بين التأليف والتمثيل والخراج والنتاج ‪ ،‬ولم يكن يهتم كثيرا في أفلمه‬ ‫مرة واحدة عندما إحتفل بذكراه الولي فى ‪ 21‬يوليو عام ‪.1948‬‬
‫بالميزانسين ‪ ،‬ولكنه كان يتقن تحديد اللقطات وفقا لصول السرد‬ ‫أما استديو جلل فقد بيع إلي شركة الستديوهات المصرية عام ‪1967‬‬
‫الفيلمي‪ ،‬وكانت لديه قدرة فائقة على التنويع بين اللقطات العامة‬ ‫بمبلغ ‪ 147‬ألف جنية وخمسمائة مليم وذلك في الوقت الذي بيع فيه‬
‫والمكبرة ويرى البعض أنها لمجرد التنويع فقط ‪ ،‬ويؤخذ عليه إطلق‬ ‫ستوديو مصر أكبر وأقدم ستديو سينمائي في الشرق العربي بمبلغ ‪162‬‬

‫‪53‬‬
‫ألف جنية وخمسمائة مليم ‪ ،‬ويلحظ أن القيمة التي تركها أحمد جلل ل‬ ‫‪1932‬‬ ‫‪ .‬وفى عام‬ ‫‪1922‬‬ ‫حياته الولى ‪ ،‬ثم التحق بمعهد أسيوط الديني عام‬
‫تتمثل في ستديو جلل فقط بل في قصة جهاده الفني كرائد في طليعة‬ ‫حصل على شهادة العالمية النظامية (الدكتوراه حاليا) من الزهر ‪ ،‬وفى‬
‫رواد السينما المصرية حيث جمع بين صفات الديب والفنان ورجل‬ ‫حصل على شهادة التخصص فى البلغة والدب وكان موضوع‬ ‫‪1935‬‬ ‫عام‬
‫القتصاد وكان يحمل القلم في يد والكاميرا في اليد الخرى‪.‬‬ ‫الرسالة التي اجتازها هي" أثر القرآن الكريم فى اللغة العربية " ‪ ،‬وعين‬
‫أما الفلم الـ ‪ 16‬التى أخرجها فهى ‪ :‬عندما تحب المرأة عام ‪، 1933‬‬ ‫بعد ذلك مدرسا للغة العربية وعلوم البلغة فى معهد القاهرة الزهري‬
‫وعيون ساحرة عام ‪ ، 1934‬وشجرة الدر عام ‪ 1935‬والذي يعد نقطة‬ ‫حصل‬ ‫‪1945‬‬ ‫ثم مراقب بكلية اللغة العربية ‪ .‬ويذكر أنه فى عام‬ ‫‪1936‬‬ ‫عام‬
‫تحول فى السينما المصرية ‪ .‬وشهد عام ‪ 1936‬فيلمان هما بنكنوت‬ ‫الباقورى وسام كسوة التشريف من الملك عبد العزيز آل سعود ‪ .‬وبعد‬
‫وزوجة بالنيابة ‪ .‬ومر عليه عام ‪ 1937‬دون إخراج ‪ ،‬بينما شهد عام‬ ‫ذلك عين وكيل لمعهد أسيوط العلمي الديني عام ‪ ،1947‬ثم وكيل لمعهد‬
‫‪ 1938‬فيلم بنت الباشا ‪ ،‬وإرتفع نشاطه الملحوظ الى فيلمين عام ‪1939‬‬ ‫عين شيخا للمعهد العلمي‬ ‫‪1950‬‬ ‫القاهرة الزهرى الديني ‪ .‬وفى عام‬
‫هما فتش عن المرأة وزليخة تحب عاشور ‪ .‬وشهد عام ‪ 1940‬فيلما‬ ‫تم اختياره وزيرا‬ ‫‪1952‬‬ ‫الديني بالمنيا ‪ .‬وبعد قيام ثورة يوليو عام‬
‫واحدا هو فتاة متمردة ‪ ،‬بينما عام ‪ 1941‬شهد فيلمان هما إمرأة خطرة‬ ‫حصل على وسام كسوة التشريف وجائزة‬ ‫‪1953‬‬ ‫للوقاف ‪ ،‬وفى عام‬
‫والعريس الخامس ‪ .‬وأخرج فيلم رباب فى عام ‪ ، 1942‬وفيلم ماجدة فى‬ ‫السيف الذهبي من الملك عبد العزيز آل سعود ‪ ،‬وفى نفس العام (‪)1953‬‬
‫عام ‪ . 1943‬وتوقف عن الخراج عام ‪ ، 1944‬وفى عام ‪ 1945‬أخرج‬ ‫حصل على وسام النهضة من الدرجة الولى من الملك حسين ملك الردن‬
‫فيلم أميرة الحلم ‪ ،‬وشهد عام ‪ 1946‬فيلم أم السعد ‪ ،‬أما آخر أفلمه‬ ‫حصل الباقورى على وشاح النيل من الطبقة الولى ‪،‬‬ ‫‪1955‬‬ ‫‪ .‬وفى عام‬
‫فقد جاء فى عام ‪ 1947‬وهو عودة الغائب ‪.‬‬ ‫كما حصل فى نفس العام (‪ )1955‬على نيشان الفتخار من المملكة‬
‫التونسية ‪ ،‬ثم وسام النهضة من الدرجة الولى من الملك حسين ‪،‬‬
‫احمد حسن الباقورى‬
‫وأيضا وسام ووشاح الجللة الشريفة من الملك محمد الخامس ملك‬
‫)‬ ‫‪1952‬‬ ‫(شيخ الزهر الذي ساند ضباط ثورة‬
‫‪ .‬وفى‬ ‫‪1956‬‬ ‫المغرب عام ‪ .1955‬واختير عضوا بمجمع اللغة العربية عام‬
‫فى‬ ‫‪1909‬‬ ‫مايو‬ ‫‪26‬‬ ‫هو ابن الشيخ حسن عبد القادر بدوي ‪ .‬وقد ولد فى‬
‫حصل الشيخ الباقورى على وسام أمية من الجمهورية السورية‬ ‫‪1957‬‬ ‫عام‬
‫قرية ( باقور ) بمركز أبو تيج بمديرية أسيوط ‪ .‬حفظ القرآن فى بداية‬

‫‪54‬‬
‫‪ ،‬ومرة ثانية‬ ‫‪1957‬‬ ‫‪ ،‬ثم وسام النجمة من جمهورية يوغوسلفيا عام‬ ‫الى تقديم استقالته من مكتب الرشاد )‪.‬‬
‫‪ .‬ثم عمل‬ ‫‪1958‬‬ ‫حصل على وسام أمية من الجمهورية السورية عام‬ ‫أما عن خلفه مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فيرجع الى المرحلة‬
‫بعد الوحدة مع سوريا وأستمر وزيرا‬ ‫‪1961‬‬ ‫وزيرا للوقاف فى بداية عام‬ ‫‪1963‬‬ ‫التي كان فيها الشيخ الباقورى وزيرا للوقاف المصرية فى عام‬
‫حيث قدم استقالته على اثر خلف حاد بينه والرئيس‬ ‫‪1963‬‬ ‫حتى عام‬ ‫(يذكر هنا أن الشيخ الباقورى كان صديقا شخصيا للرئيس عبد الناصر)‬
‫الراحل جمال عبد الناصر ‪ ،‬ثم اختير مديرا لجامعة الزهر فى الفترة من‬ ‫ولكن مدير مكتب الشيخ الباقورى وكان يدعى الشيخ محمود شاكر لم‬
‫وعمل أثناء تلك الفترة مستشارا لرئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫‪1968‬‬ ‫حتى‬ ‫‪1964‬‬ ‫يكن على علقة جيدة بالرئيس عبد الناصر ورجال الثورة فى ذلك الوقت‬
‫ومثل مصر فى عديد من المؤتمرات والمناسبات العربية والسلمية ‪.‬‬ ‫وكانت الجهزة المنية تعلم بذلك مما دفعها الى مراقبة شبكة التصالت‬
‫‪78‬‬ ‫عن عمر يناهز‬ ‫‪1985‬‬ ‫أغسطس عام‬ ‫‪27‬‬ ‫توفى الشيخ احمد الباقورى فى‬ ‫بمكتب الشيخ الباقورى ‪ .‬وفى محاولة لليقاع به اتصل الكاتب الروائي‬
‫عاما ‪.‬‬ ‫يحيى حقي بالشيخ محمود شاكر ودار حوار بينهما حول عبد الناصر مما‬
‫ويعد الشيخ احمد حسن الباقورى أحد رجال الزهر القلئل الذين ساندوا‬ ‫دفع الشيخ شاكر الى وصف والدة عبد الناصر بألفاظ غير لئقة على‬
‫‪ ،‬فقد تعاون الشيخ الباقورى مع‬ ‫‪1952‬‬ ‫يوليو‬ ‫‪23‬‬ ‫ثورة الضباط الحرار فى‬ ‫الطلق ‪ ،‬وكان الشيخ الباقورى منشغل بصلة المغرب فى ذلك التوقيت‬
‫‪7‬‬ ‫الضباط منذ الوزارة الولى للواء محمد نجيب أول رئيس مصري فى‬ ‫‪ .‬وقام عبد الناصر باستدعاء الشيخ الباقورى وفاجأه بتسجيل المكالمة ‪،‬‬
‫ديسمبر عام ‪ .1952‬ونظرا لن الشيخ الباقورى كان له تأثير ساحر على‬ ‫وحاول الباقورى الدفاع عن نفسه وعدم وجوده أثناء المكالمة إل أن عبد‬
‫الجماهير عندما يخطب فيهم فقد استعان به ضباط الثورة فترة طويلة‬ ‫الناصر كان شديد الحزن لما حدث فى مكتب الشيخ الباقورى وهو ما دفع‬
‫نظرا لنه كان احد الخطباء المعدودين فى العالم العربي وداعية كبير من‬ ‫الباقورى الى تقديم استقالته ‪ ،‬ثم تم القبض على الشيخ محمود شاكر‬
‫دعاة السلم والقومية العربية ‪ .‬ونظرا لهميته بالنسبة للضباط الحرار‬ ‫وتم إيداعه احد المعتقلت السياسية بتهمة السب والقذف ( يذكر هنا أن‬
‫فقد تم اختياره رئيسا للمركز العام لجمعيات الشبان المسلمين ‪ ،‬ثم عضوا‬ ‫يحيى حقي لم يتم استجوابه فى هذه القضية ولم يتم اتهامه بأي شئ ) ‪.‬‬
‫فى مجمع اللغة العربية ‪ ( .‬ولكن يذكر أن مكتب الرشاد رفض اشتراك‬ ‫أما عن أهم مؤلفات الشيخ الباقورى فهي تتمثل فى التي‪ :‬أثر القرآن فى‬
‫الباقورى فى الوزارة المصرية الولى بعد عهد الملكية مما دفع الباقورى‬ ‫اللغة العربية ‪ ،‬عروبة ودين ‪ ،‬خواطر وأحاديث ‪ ،‬دروس وكلمات‪ ،‬فى‬

‫‪55‬‬
‫عالم السعيد ‪ ،‬مع القرآن‪ ،‬معالم الشريعة ‪ ،‬الدين والتدين‪ ،‬مع القرآن‬ ‫طه حسين إصدار مجلة أدبية ‪ ،‬لكن طه حسين لم يتقبل الفكرة خاصة‬
‫حول جزء تبارك‪ ،‬السرة والسلم ‪ ،‬الشريعة والبيزرة‪ ،‬مجالس الشمائل‬ ‫وأنه لم يعد له عمل بعد ‪ ،‬وأكتفى طه بمساعدته فى الكتابة بالمجلة فى‬
‫المحمدية‪ ،‬تحت راية القرآن ‪ ،‬الزهر حجة السلم‪ ،‬العودة الى اليمان ‪،‬‬ ‫حال صدورها ‪.‬‬
‫على إمام الئمة ‪ ،‬صفوة السيرة المحمدية ‪ ،‬ذكريات فى كلمات‪ ،‬مع‬ ‫فى ‪ 15‬يناير عام ‪ 1933‬أصدر الزيات مجلته الدبية تحت أسم " الرسالة‬
‫الصائمين ‪ ،‬معالم العقيدة السلمية ‪ ،‬من دلئل النبوة ‪ ،‬الحاديث‬ ‫" التى أصبحت من أهم وأفضل المجلت الدبية على الطلق فى ذلك‬
‫الذاعية ‪ ،‬قطوف من أدب النبوة‪.‬‬ ‫الوقت ‪ ،‬وظلت تصدر إسبوعيا لكثر من عشرين عاما حتى توقفت عن‬

‫أحمد حسن الزيات‬ ‫الصدور فى ‪ 15‬فبراير عام ‪ . 1953‬وترجع أهمية تلك المجلة الى كتابها‬

‫ولد أحمد حسن الزيات بمحافظة الدقهلية عام ‪ 1895‬لسرة متواضعة ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فقد كتب فيها كل من أحمد أمين ومحمد عوض محمد وزيد أبو حديد‬

‫درس الزيات بالزهر ‪ ،‬وكان زميل لكل من طه حسين ومحمود زناتى ‪،‬‬ ‫وأحمد زكى باشا ‪ ،‬وتوفيق الحكيم ‪ ،‬وزكى مبارك ‪ ،‬إضافة الى مصطفى‬

‫وكان ثلثتهم من الطلب المشاغبين ‪ .‬ثم التحق بجامعة فؤاد الول‬ ‫صادق الرافعى وعباس العقاد ‪ ،‬ولكن الزيات كان حريصا على عدم‬

‫(القاهرة حاليا) وحصل على ليسانس الداب ‪ ،‬وسافر الى فرنسا‬ ‫الجمع بين الرافعى والعقاد حتى على صفحات المجلة ‪ .‬أتاحت مجلة‬

‫للدراسة بجامعة باريس وحصل منها على ليسانس الحقوق منها‪ .‬يذكر‬ ‫الرسالة فرصا ذهبية للدباء الجدد أمثال درينى خشبة ‪ ،‬محمد عبد عنان‬

‫أنه فى عام ‪ 1929‬ترك عمله بالجامعة المريكية كرئيس للقسم العربى‬ ‫‪ ،‬عبد الحميد يونس ‪ ،‬أنور المعداوى ‪ ،‬سهير القلماوى ‪ ،‬وعبد الرحمن‬

‫وسافر الزيات الى العراق ليقوم بالتدريس هناك واستمر كذلك حتى عام‬ ‫شكرى ‪ ،‬على محمود طه ‪ ،‬إبراهيم ناجى وغيرهم ‪ .‬أيضا أصدر الزيات‬

‫‪ . 1933‬وفى العراق تعرف على ساطع الحصرى الداعية الكبر للقومية‬ ‫مجلة الرواية التى كان ينشر فيها نجيب محفوظ قصصه القصيرة الولى‬

‫العربية ‪ ،‬كما تعرف على الدباء والشعراء ومنهم طه الراوى والزهاوى‬ ‫‪.‬وفى عام ‪ 1968‬توفى أحمد حسن الزيات تاركا ورائه جمع غفير من‬

‫والرصافى وغيرهم ‪ .‬ولما عاد الى القاهرة رفضت الجامعة المريكية‬ ‫رواد التنوير يتحدثون عنه وعن مجلته الدبية التى كان لها أثر كبير فى‬

‫بالقاهرة قبوله للعمل ثانية بالقسم العربى ‪ ،‬فى الوقت نفسه كان صديقه‬ ‫تطور الثقافة المصرية فى بدايات القرن العشرين وحتى منتصفه ‪.‬‬

‫طه حسين قد تم إبعاده من عمادة كلية الداب ‪ ،‬لذلك إقترح الزيات على‬ ‫احمد حسين‬

‫‪56‬‬
‫(رجل عبد الناصر بواشنطن الذي انقلب عليه)‬ ‫حسنين هيكل هو الذي قدمه الى جمال عبد الناصر) ‪ .‬وفى هذا‬
‫‪ .‬وبعد دراسته‬ ‫‪1902‬‬ ‫ولد احمد حسين بمدينة حلوان بالقاهرة في عام‬ ‫الخصوص طلب عبد الناصر من احمد حسين أن تكون رسائله سرية مع‬
‫الجامعية حصل على درجة الدكتوراه في القتصاد الزراعي من جامعة‬ ‫عبد الناصر دون الرجوع الى وزير الخارجية ‪ ،‬وقد زادت سرية‬
‫عمل مفتشا بالحكومة المصرية ‪ ،‬ثم‬ ‫‪1928‬‬ ‫برلين اللمانية ‪ .‬وفى عام‬ ‫التصالت عندما أخذت أزمة تمويل السد العالي في الظهور خاصة فيما‬
‫انتدب للتدريس بالجامعات المصرية ‪ .‬وقد مثل مصر في العديد من‬ ‫يتعلق بموقف البنك الدولي ‪ ،‬إضافة الى مباحثاته مع جون فوستر دالس‬
‫‪1943‬‬ ‫المؤتمرات الدولية منها الغذية والزراعة الدولية في عام‬ ‫وموقف عبد الناصر من تلك المباحثات ‪ ،‬أيضا موقف واشنطن من‬
‫‪،‬‬ ‫‪1947‬‬ ‫بالوليات المتحدة المريكية ومؤتمر اسطنبول الدولي عام‬ ‫الشيوعيين المصريين ‪ ،‬ثم ردود فعل واشنطن حول مباحثات عبد الناصر‬
‫‪1950‬‬ ‫ومؤتمر العمل الدولي الذي عقد بجنيف عام ‪ .1950‬وفى يناير عام‬ ‫مع دالس حول طلب واشنطن من القاهرة النضمام الى حلف بغداد ‪،‬‬
‫اختير وزيرا للشئون الجتماعية بحكومة الوفد‪ ،‬وفى نفس العام اختارته‬ ‫أيضا موقف مصر من الصين الشعبية وردود فعل واشنطن في حال‬
‫المم المتحدة كأول مدير عربي لحلقات الدراسات الجتماعية ‪ ،‬ثم أختير‬ ‫اعتراف مصر بالصين الشعبية ‪ ،‬وفوق كل ذلك مباحثات مصر حول طلب‬
‫‪ .‬وفى أول‬ ‫‪1951‬‬ ‫عضوا بمجلس الشيوخ المصري بالتعيين في عام‬ ‫القاهرة الحصول على أسلحة أمريكية ‪ .‬ومما يثير الدهشة أن احمد‬
‫استقال أحمد حسن من الحكومة نتيجة لضغوط‬ ‫‪1951‬‬ ‫أغسطس عام‬ ‫حسين علم من خلل مصادره البريطانية بواشنطن أن جمال سالم عضو‬
‫المعارضة ‪ ،‬وفى نفس العام أنشأ أحمد حسين جمعية الفلح للصلح‬ ‫مجلس قيادة الثورة كان على اتصال سرى شبه دائم بالسفير المريكي‬
‫الجتماعي بمصر ‪ ،‬ولكنها لم تحقق ما كان يصبو إليه بسبب ما أشيع‬ ‫بالقاهرة لبحث تلك المور السابق الشارة إليها والتي كانت تتم في سرية‬
‫عن ميوله المريكية ‪.‬‬ ‫تامة بين عبد الناصر واحمد حسين ‪ ،‬ولعل ذلك اغضب احمد حسين‬
‫طلب جمال عبد الناصر من احمد حسين‬ ‫‪1952‬‬ ‫وبعد قيام ثورة يوليو عام‬ ‫كثيرا عندما عاد الى القاهرة وقابل عبد الناصر وأخبره بموقف جمال‬
‫سبتمبر عام‬ ‫‪7‬‬ ‫المشاركة في حكومة اللواء محمد نجيب التي شكلت في‬ ‫سالم إل أن عبد الناصر أنكر علمه بذلك ‪ ،‬ولكن عبد الناصر لم يفعل‬
‫إل أن احمد حسين رفض ذلك بلباقة وطلب منه أن يعمل سفيرا‬ ‫‪1952‬‬ ‫شيئا مع جمال سالم ‪ ،‬وهو ما أعتبره احمد حسين محاولة لستبعاده من‬
‫لمصر بواشنطن فوافق عبد الناصر ( يذكر أن الكاتب الصحفي محمد‬ ‫الخارجية المصرية ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫احمد الحضرى‬ ‫الحضرى عن عمادة المعهد ‪ .‬عمل بعد ذلك مديرا لمركز الصور‬
‫المرئية وحاول تطويره علميا بما يتقارب ومعهد الفيلم البريطانى ال أن‬
‫مؤرخ السينما المصرية‬
‫مناهج التطوير التى وضعها لم تعجب البعض فتم ابعاده مرة ثانية من‬
‫من مواليد عام ‪ . 1926‬بعد تخرجه من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة‬
‫منصبه ولكن هذه المرة تم تعيينه مديرا للمركز القومى للسينما ‪.‬‬
‫عام ‪ 1948‬عمل مهندس تصميمات معمارية بوزارة الوقاف ‪ ،‬ومنها‬
‫تولى أيضا رئاسة صندوق دعم السينما ‪ ،‬وخلل فترة تواجده كرئيس له‬
‫انتقل الى هندسة القصور الملكية ‪ ،‬كما ساهم فى بناء العديد من‬
‫ساهم فى تطوير وتشجيع انتاج وعرض الفلم المصرية ‪ ،‬وقام بشراء‬
‫العمارات السكنية بوسط القاهرة ‪ .‬سافر الى انجلترا لستكمال دراسته‬
‫كاميرات تصوير لمعهد السينما ومعدات للنتاج والتشغيل والتدريب‬
‫العليا بجامعة لندن (تخصص مساحة ) ‪ ،‬لكنه قرر دراسة السينما بدل‬
‫لشركة الستديوهات ‪ ،‬كما دعم دور العرض الخاصة ‪ .‬لكن لم تستمر‬
‫من الهندسة وعمل مونتيرا ومخرجا أثناء تواجده بلندن فى بداية‬
‫رئاسته للصندوق كثيرا حيث بلغ السن القانونية وأحيل للتقاعد ‪.‬‬
‫الخمسينات من القرن الماضى ‪ .‬وفى انجلترا اخرج فيلم " معا " وقد‬
‫بعد احالته للتقاعد تفرغ للترجمة فى القطاع السينمائى ‪ ،‬وفى عام ‪1987‬‬
‫صوره بكاميرا ‪35‬مم وكان الفيلم من انتاج معهد الفيلم البريطانى ‪ .‬بعد‬
‫قام بكتابة تاريخ السينما المصرية وذلك فى الفترة من عام ‪ 1896‬الى‬
‫عودته الى مصر اتجه الى النقد السينمائى وكتب العديد من المقالت‬
‫‪ ، 1930‬وقد كان لهذا الكتاب أثر كبير فى الحياة السينمائية المصرية ‪.‬‬
‫النقدية نشرت معظمها بمجلة المجلة المصرية ‪ ،‬كما قام بترجمة العديد‬
‫كما قام بانشاء جمعية الفيلم ونادى سينما القاهرة الذى حوله الى جامعة‬
‫من الكتب السينمائية ومنها كتاب " صناعة الفلم من السيناريو الى‬
‫أهلية لدراسة السينما من خلل العروض المقدمة والدورات التثقيفية فى‬
‫الشاشة " ‪ ،‬وكتاب " رجال السينما " ‪ .‬وفى عام ‪ 1964‬حصل على‬
‫السينما وفنونها المختلفة ‪ .‬وساهم مع الراحل كمال الملخ فى تأسيس‬
‫الجائزة الولى فى النقد السينمائى عن فيلم صراع البطال ‪.‬‬
‫مهرجان القاهرة والسكندرية السينمائيين ‪ ،‬وقد ترأس مهرجان‬
‫عندما تم تعيينه عميدا لمعهد السينما قام أحمد الحضرى بوضع أسس‬
‫السكندرية لعدة سنوات بعد أن ضمن له مصادر تمويله ‪ .‬أيضا ترأس‬
‫أول مناهج علمية حقيقية للمعهد ‪ ،‬كما وضع نظام انضباطى للمعهد وهو‬
‫الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما منذ عام ‪ 1989‬وحتى عام ‪1996‬‬
‫ما أعتبر نقطة خلف جوهرية مع عدد من العاملين بحقل السينما الذين‬
‫‪.‬‬
‫ل يؤمنون بالنظام والنضباط وكان من نتيجة ذلك الخلف ابعاد‬

‫‪58‬‬
‫أحمد خضر‬ ‫فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وظل‬ ‫‪1965‬‬ ‫أغسطس عام‬

‫أحد مخرجي السينما المصرية المتواضعين ‪ .‬يأتي ترتيبه داخل قائمة‬ ‫‪1972‬‬ ‫بالسجن حتى بعد وفاة عبد الناصر عندما تم الفراج عنه فى عام‬

‫المخرجين المصريين الـ ‪ . 264‬لم يخرج سوي فيلما واحدا هو الهانم‬ ‫فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات ‪.‬‬

‫بالنيابة عن مين الذى عرض فى مايو عام ‪ .1988‬والفيلم قصة‬ ‫كان أحمد رائف يعمل بشركة القاهرة العامة للمقاولت ‪ ،‬ولكنه قدم‬

‫وسيناريو وحوار أحمد المحمدي ‪ .‬وقد قام بالتمثيل كل من فاروق‬ ‫استقالته من تلك الشركة لللتحاق بأخرى من أجل الحصول على راتب‬

‫الفيشاوي‪ ،‬الهام شاهين‪ ،‬برلنتي عبد الحميد‪ ،‬عبد المنعم إبراهيم‪ ،‬عزيزة‬ ‫أعلى ‪ ،‬وقبل ذهابه لللتحاق بالشركة الجديدة تم القاء القبض عليه فى‬

‫راشد‪ ،‬أحمد سليم‪.‬‬ ‫الثالثة صباحا من منزله وتم إيداعه معتقل القلعة بالقاهرة قبل استلم‬
‫وظيفته‪ .‬ويقول رائف فى هذا الصدد‪ :‬لقد أخذنى رائد بوليس يدعى محمد‬
‫أحمد الخطيب‬
‫عبد الغفار ترك وزج بى الى داخل عنبر ملىء بعدد كبير من البشر‬
‫تخرج من المعهد العالي للسينما وعمل مساعدا لعدد من كبار مخرجي‬
‫وجميعهم في حالة إعياء شديد‪ ,‬فقد كانت معالم وجوه هؤلء قد تغيرت‬
‫السينما المصرية ‪ .‬قام بإخراج فيلمين هما‪ :‬ابن تحية عزوز الذي كتب‬
‫من الضرب المبرح والتعذيب الشديد ‪ ,‬وكان مشهدا مخيفا ومرعبا ولم‬
‫قصته وأيضا السيناريو والحوار وعرض فى أغسطس عام ‪1986‬وقام‬
‫أكن أتصور أن أراه في يوم من اليام‪ .‬وفى هذا المكان المقيت جاء‬
‫بالتمثيل فيه كل من‪ :‬ماجدة الخطيب‪ ،‬مجدي وهبه‪ ،‬سعيد عبد الغني‪،‬‬
‫نحوى شاب صغير وقال لي ‪ :‬أنت أحمد رائف ؟ قلت له نعم ‪ .‬وفجأة‬
‫سعيد صالح‪ .‬والفيلم الثانى هو البيت الملعون ‪ ،‬وقد كتب القصة‬
‫وجدته يصفعنى على وجهي‪ ,‬كانت هذه أول مرة أصفع فيها على وجهى‬
‫والسيناريو والحوار أيضا أحمد الخطيب وعرض في نوفمبر عام ‪،1987‬‬
‫‪ .‬وهنا أمسكت به وضربته بقوة وقلت له‪ :‬أنت مجنون ‪ ،‬كيف‬
‫وقام بالتمثيل ماجدة الخطيب‪ ،‬كمال الشناوي‪ ،‬سمير صبري‪ ،‬نادية السبع‪.‬‬
‫تضربني؟ نحن فى دولة بها قانون ودستور يحمى الجميع ‪ ..‬ولكن لم‬
‫أحمد رائف‬ ‫استطع مقاومة العديد من المخبرين الذين كانوا معه ‪ .‬وبعد ذلك قاموا‬

‫(أحد المعتقلين السياسيين المصريين فى عهد عبد الناصر )‬ ‫بادخالى الى عنبر مجاور وكان به أيضا عدد كبير من الشخاص فى حالة‬

‫احمد رائف هو احد المعتقلين السياسيين المصريين الذى اعتقل فى شهر‬ ‫شديدة من العياء وجميعهم على الرض بعضهم بملبسه الداخلية‬

‫‪59‬‬
‫وآخرين عرايا وأجسادهم عليها علمات السياط وضرب العصى الغليظة‬ ‫والسلح ده ‪ .‬فقلت له ‪ :‬طيب ساعدني‪ .‬وعلى الفور قام فؤاد علم‬
‫وجميعهم في حالة يرثى لها ‪ .‬وهنا قال لى احد الضباط المحققين ‪ :‬أترى‬ ‫بالمساعدة ‪ .‬وهنا تم وضع سيناريو حول موضوع التنظيم السري‪ .‬ثم‬
‫هؤلء ؟ هل تعرفهم ؟ وعندما امعنت النظر فيهم اكتشفت أنهم أصدقاء‬ ‫سألته عن موضوع السلح ؟ ‪ .‬فقال لى ‪ :‬سوف نجد حل لمشكلة‬
‫لى ‪ ،‬وقد كنت معهم قبل أيام قليلة تقريبا ‪ .‬وكان المشرف على التحقيق‬ ‫السلح بعد شويه ‪ .‬ثم طلب منى فؤاد علم التركيز على التدريب ‪.‬‬
‫الضابط أحمد رشدي(أصبح بعد ذلك وزيرا للداخلية المصرية) ‪ ،‬أما الذى‬ ‫وهكذا وضع فؤاد علم هيكل لتنظيم سري رسمه بنفسه وأنا وافقته عليه‬
‫كان يقوم بالتحقيق فهو فؤاد علم ( الذى أصبح بعد ذلك أشهر لواء فى‬ ‫حتى انتهى من مرارة التعذيب ‪ .‬وقال لي فؤاد علم ‪ :‬بقى عشان نعمله‬
‫الداخلية المصرية فى تعامله بقسوة مع الحوان المسلمين ) ‪ .‬ويقول‬ ‫بشكل صحيح أنت هتكتبه بأيدك‪ ,‬يعنى أنا هأمليك وأنت تكتب بأيدك ‪.‬‬
‫رائف‪ :‬وفى هذا المكان المرعب قضينا نحو أسبوع‪ ,‬لم نذق فيه طعم‬ ‫ويضيف احمد رائف ‪ :‬وأذكر أننى ملت تسع صفحات بإملء اللواء‬
‫النوم لحظة واحدة‪ ,‬وعندما كثر العدد النزلء فى هذا المعتقل تم نقلنا‬ ‫فؤاد علم عن تنظيم سري وهمي وغير موجود على الرض وغير‬
‫إلى معتقل أبى زعبل السياسي‪ ,‬وذلك بعد ملحمة من العذاب الشديد‬ ‫دقيق‪ .‬وأن هذا التنظيم يسعى الى اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر‬
‫والقتل والتقتيل‪.‬‬ ‫والمشير عبد الحكيم عامر نائب الرئيس وعمل انقلب على النظام‬
‫وأذكر انه كان يتم ضربى بالهراوات‪ ,‬ثم تعليقى على الحديد ‪ ،‬وأذكر‬ ‫المصرى ‪ .‬ومع ذلك فقد استمر التعذيب ‪ ،‬ولكن نذكر ليلة مشئومة وهى‬
‫أننى ظللت معلقا ثلثة أيام دون نوم‪ ,‬وما أفظع هذه الذكرى ‪ .‬وبعد عدة‬ ‫أغسطس ‪1965‬الرهيبة عندما أعلن عبد الناصر بنادي الشباب‬ ‫‪31‬‬ ‫ليلة‬
‫أيام من التعذيب تم توصيلى إلى فؤاد علم وكان معه نقيبا يدعى عصام‬ ‫السوفيتي أثناء زيارته الى موسكو أنه تم اكتشاف مؤامرة للخوان‬
‫الشوكي وهنا قال لى فؤاد علم ‪ :‬أنا عايز أريحك وأريح نفسي ‪!! ..‬‬ ‫المسلمين وذلك على الرغم من أنه أعفى عنهم عام ‪ ،1954‬وأضاف عبد‬
‫فقلت له تفضل‪ ,‬فقال لي‪ :‬أنت عارف القصة اللى أنت مطلوب بسببها ؟‬ ‫الناصر‪ :‬أنه لن يرحمهم هذه المرة‪ .‬وبالفعل تحول المعتقل بعد هذا‬
‫هى عبارة عن قصة تنظيم سري وسلح وتدريب وخطة‪ .‬وأضاف قائل‪:‬‬ ‫التصريح إلى سلخانة بشرية‪ ,‬وفي أبي زعبل رأيت شقيقي الصغر مع‬
‫يعنى أي كلم هتقوله خارج ده يعتبر كلم مالوش معنى!! فاذا كنت‬ ‫عدد كبير من أصدقائه وهم يجلدون عراة من ملبسهم‪.‬‬
‫تريد أن ترحم نفسك ‪ ..‬فعليك أن تكلمنا في حدود التنظيم السرى‬ ‫وبالعودة الى اللواء احمد علم يقول أحمد رائف‪ :‬في يوم من اليام‬

‫‪60‬‬
‫استدعاني اللواء فؤاد علم وقال لي ‪ :‬أنت ماعندكش حاجة تقولها أكثر‬ ‫غرفة التصوير فوجئت بالستاذ حمدي قنديل ينهرني بشدة ويسبني ثم‬
‫من اللي أنت قلته ؟‪ .‬فقلت له‪ :‬ل ‪ ..‬لكن إحنا تحت المر‪ ..‬إذا كان‬ ‫يقوم بطردي وهو يقول للحرس‪ :‬ازاي تحضروا سجين مجروح لنقوم‬
‫عندك حاجة تحب أضيفها أنا مش متأخر هو أنا اللي بضيف؟ أنت اللي‬ ‫بتصويره ‪ ،‬وبالفعل لم يتم التصوير ‪.‬‬
‫بتضيف ‪ .‬فقال لي‪ :‬طيب أنت دلوقتي هتروح السجن الحربي‪ .‬وبالفعل‬ ‫وفيما يتعلق بالضغط والكراه على المتهمين للعتراف بأشياء لم‬
‫ذهبنا الى السجن الحربى الذى كان يعد أسوأ سجن في الشرق الوسط ‪.‬‬ ‫يفعلونها يقول احمد رائف ‪ :‬كان أعضاء النيابة يتواجدون فى خيام ‪.‬‬
‫وأذكر أنه أول ما دخلنا بوابة السجن الحربى التى كانت مدهونة بالقار‬ ‫وكان بكل خيمة يوجد رئيس نيابة وسكرتير النيابة ‪ ،‬وكان يتم استقبال‬
‫السود فوجئنا بمجموعة من جنود السجن يحملون فى ايديهم الكرابيج‬ ‫كل متهم من المتهمين للتحقيق معه‪ .‬ويضيف رائف‪ :‬ذات يوم تقابلت‬
‫التى اخذوا يضربوننا بها بقسوة منقطعة النظير ‪ ،‬وبعد أن استمر ذلك‬ ‫مصادفة مع أحد رؤساء النيابة وكان شابا ودودا ‪ ،‬وقد شجعني ذلك على‬
‫بعض الوقت ‪ ,‬قاموا بنقلنا الى السجن الكبير بطريقة بشعة ومهانة‬ ‫أن أقول له اننى أريد العتراف له بشيء ‪ ،‬ولكن قبل أن أكمل حديثي قال‬
‫رهيبة ‪ ،‬ثم وضعونا فيما يسمى بمخزن ستة وهو عبارة عن غرفة‬ ‫لي ‪ :‬قالي هتقولي أنك اعترفت تحت ضغط وكتبت اعترافك تحت التعذيب‬
‫موجودة في فناء السجن ‪ ،‬وكانت تلك الغرفة مكتظة بالبشر وكان الظلم‬ ‫‪ .‬فقلت له‪ :‬نعم‪ ،‬هذا ما حدث بالضبط ‪ .‬فقال لي‪ :‬لو فعلت ذلك فسوف‬
‫دامسا والحر شديد ‪ .‬ويقول رائف‪ :‬واذا قتل اى شخص من جراء‬ ‫يتم إعادة التحقيق معك مرة ثانية ‪ ،‬وسوف يتم تعذيبك مرة ثانية وثالثة‬
‫التعذيب فيتم لف جسده ببطانية ويدفن فى الصحراء ثم يكتب بجانب‬ ‫الى أن تقوم بالعتراف مرة ثانية ‪ ،‬وستكتب ان ذلك العتراف قمت‬
‫اسمه بدفاتر السجن انه هرب من مبنى السجن ‪.‬‬ ‫بكتابته بمحض إرادتك ‪ .‬لذلك أنصحك بعدم فعل ذلك حتى توفر على‬
‫غرفة التصوير ومشاركة الصحفى حمدى قنديل يقول أحمد رائف‪ :‬أذكر‬ ‫نفسك كل هذا العذاب وعليك أن تعترف بما يقال لك‪ .‬فقلت له بألم ‪ :‬نعم‬
‫ذات يوم أنه تم استدعائى الى غرفة التصوير التى كانت مشهورة بين‬ ‫‪.‬‬
‫المعتقلين حيث كان يتم فى هذه الحجرة اجراء مقابلت تليفزيونية مع‬ ‫محاكمات الديجوى الشهيرة ‪ :‬تم تشكيل عدة محاكم عسكرية لمحاكمة‬
‫المساجين وكان يقوم بها الصحفى المعروف حمدى قنديل حيث يقول أن‬ ‫المتهمين في قضية قلب نظام الحكم سنة ‪ ,1965‬وكانت أشهر دوائر‬
‫المساجين يعاملون أفضل معاملة وأشياء من هذا القبيل ‪ .‬وعندما دخلت‬ ‫المحاكم هى دائرة محمد فؤاد الديجوي(يطلق عليها دائرة الديجوى)‬

‫‪61‬‬
‫وكانت محكمته هزلية جدا حيث ل تراعى القانون أو الدستور أو أى‬ ‫وذهبوا إلى اللومان(يقصد السجون)‪ ,‬نعم كان كل واحد يتمنى لو يأخذ‬
‫شىء يمت للقانون بصلة ‪ .‬حتى أن الجراءات القانونية التى من‬ ‫حكما بالأشغال الشاقة المؤبدة حتى يغادر ذلك السجن الحربي اللعين‪ ,‬نعم‬
‫المفروض اتباعها في سير هذه المحاكمات لم يتم اللتزام بها‪ .‬ويذكر‬ ‫كانت أمنية كل معتقل في ذلك الوقت تتمثل في المغادرة بأي شكل من‬
‫أن الذين قدموا للمحاكمة سبعة وخمسين شخصا من أصل ثمانية‬ ‫الشكال ولو كان ذلك ليوم واحد خارج أسواره ‪ .‬ويقول رائف ‪ :‬أتذكر‬
‫وثلثين ألف معتقل بتهمة قلب نظام الحكم ‪ .‬أى انه تم اعتقال ثمانية‬ ‫أيام التعذيب اللعينة ‪ ،‬وأخص بالذكر هنا عندما كان يموت احد المتهمين‬
‫وثلثين ألف شخص وتم تعذيبهم لشهور طويلة وفى النهاية أسفر هذا‬ ‫من جراء التعذيب ‪ ..‬عندها كنا جميعا نشعر بالفرح له لنه تخلص نهائيا‬
‫الرقم الضخم عن سبعة وخمسين شخص فقط بتهمة النقلب على‬ ‫من بطش الجلدين ‪ ..‬نعم كنا جميعا نحسد المتوفى من آثار التعذيب ‪..‬‬
‫النظام الحاكم أى قتل رئيس الجمهورية ونائبه وتدمير المنشئات‬ ‫كانت الحياة مرة رهيبة والموت يحيط كل شىء حولنا ‪ ..‬كنا نقبله جميعا‬
‫ومحطات الكهرباء ‪ .‬وكان التساؤل فى الشارع المصرى هو ‪ :‬هل يعقل‬ ‫وكان شرطنا الوحيد هو السرعة حتى نتخلص من تعذيب الوحوش‬
‫أن سبعة وخمسين شخصا فقط سوف يقومون بذلك في مصر‪.‬‬ ‫الدمية التى كانت تزهق أرواحنا صباح مساء ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد يقول أحمد رائف ‪ :‬عندما يصبح القاضي سفاحًا قاتل‪,‬‬ ‫ويقول رائف ‪ :‬اخيرا جاء الفرج عندما انتقلنا الى معتقل أبى زعبل‬
‫وعندما ترى نفسك وقد اضطررت للوقوف أمام جلد ل تستطيع أن تفعل‬ ‫والذى به كانت المعاملة شبه آدمية مقارنة بالسجن الحربى ‪ ،‬ولكن فى‬
‫شيئا سوى أن ترتضي حكمه فيك لك أو عليك حسبما يرى أو حسبما ما‬ ‫هذا المعتقل كان يتم عمليات غسيل مخ تهدف الى التمجيد بعصر الرئيس‬
‫يكون عليه مزاجه‪ ,‬فالحسرة عند ذلك عظيمة وألم النفس بالغ وهوانها‬ ‫عبد الناصر وذلك بالقاء الخطب والحاديث والهتافات لحياة عبد الناصر‬
‫عليك وعليهم أبعد أثرًا وأكثر حدة‪ ,‬وهي لحظات تبحث الذات فيها عن‬ ‫وغيرها‪ .‬وبعد طول غياب فى هذا السجن سمحوا لنا بالسماع الى‬
‫اليمان في أعماقها وهو الملذ والمعين في عالم قد فقد شكله ومعناه‪,‬‬ ‫الذاعة المصرية داخل المعتقل ‪ ،‬وفى ذلك اليوم علمنا أن هناك أمر جلل‬
‫وغاية ما يفعله اليمان في لحظة من تلك اللحظات أن يحمي النفس من‬ ‫مايو ‪1967‬؟ وعلمنا أن الرئيس‬ ‫‪14‬‬ ‫قد حدث داخل البلد وكان ذلك فى يوم‬
‫الدمار والضياع والتمزق‪ .‬ويضيف رائف ‪ :‬كنا نود أن نخرج من هذا‬ ‫جمال عبد الناصر أغلق خليج العقبة ضد الملحة السرائيلية فيه‪.‬‬
‫المكان إلى أي مكان آخر ‪ ،‬والكثير منا كان يحسد الذي أخذوا أحكاما‬ ‫ويضيف احمد رائف ‪ :‬فى ذلك الظرف طلبت منا ادارة السجن أن نكتب‬

‫‪62‬‬
‫شخصا ‪،‬‬ ‫‪31‬‬ ‫خطابات تأييد لجمال عبد الناصر‪ ،‬وبالفعل كتب الجميع إل‬ ‫وكانت جنة من جنان الرض ‪ .‬كان والده محبا للفن والقراءة والموسيقى‬
‫وقد تم عزل هؤلء الرافضين في زنازين تقع شمال المعتقل تحت‬ ‫‪ ،‬فكان ذلك تشجيعا للفتى على حفظ الكثير من الغانى الشعبية بتلك‬
‫لعدامهم لعدم‬ ‫‪1967‬‬ ‫الرض وسمعنا أنه حدد لهم تاريخ خمسة يونيو‬ ‫الجزيرة الرائعة ‪ .‬عند العودة للقاهرة إلتحق أحمد بالمدرسة المحمدية‬
‫ولئهم للوطن ‪.‬‬ ‫البتدائية بحي السيوفية بالقاهرة‪ ،‬وحصل على شهادة البتدائية عام‬
‫ويقول أحمد رائف‪ :‬غادرت المعتقل بعد عدة شهور من موت عبد الناصر‬ ‫‪ ، 1907‬ثم الكفاءة فى عام ‪ ،1909‬وقد دفعته أسرته الى شعبة العلوم‬
‫‪ ,‬وأذكر هنا أننى سمعت قائد المعتقل يسب الزعيم عبد الناصر ويصفه‬ ‫بالمدرسة الثانوية حتى يجد مكانا بالطب مثل والده ‪ ،‬لكن الفتى أصر‬
‫بوضاعة الصل وأنه ضيع الوطن‪ ,‬ولكن ال يمهل ول يهمل‪ ,‬وتسير‬ ‫على دخول شعبة الداب خاصة وأنه فى تلك الفترة بدأ يكتب الشعر ‪،‬‬
‫المور بنا وبالناس من المجهول إلى المجهول‪ ,‬ورحى السلم دائرة‬ ‫وكان كتاب " مسامرة الحبيب فى الغزل والنسيب " قد لعب دورا هاما فى‬
‫وافترق الكتاب والسلطان‪ ,‬والعاقل من دار مع الكتاب حيث دار والدنيا‬ ‫حياة الشاب الصغير وجعله شديد الولع بالداب وفنونها خاصة الشعر‬
‫سوق كبير ينفض بالموت‪ ،‬والربح والخسارة ل رجعة فيهما بعده‪,‬‬ ‫حتى أنه حفظ مختارات شعر العشاق والغزليين بذلك الكتاب ‪ .‬وفى عام‬
‫والحمد ل من قبل ومن بعد‪.‬‬ ‫‪ 1910‬نشرت لـ رامى أول قصيدة له بمجلة " الروايات الجديدة " وكان‬

‫أحمد رامي‬ ‫مطلعها ‪ :‬أيها الطائر المغرد رحماك ‪ ...‬فإن التغريد قد أبكانى "" ‪.‬‬
‫حصل أحمد رامى على شهادة البكالوريا عام ‪ ، 1911‬لينتقل بعدها الى‬
‫وصف بعمر الخيام المصري وشاعر الشباب‬
‫مدرسة المعلمين العليا ‪ ،‬ويذكر أثناء دراسته بالمعلمين العليا أنه أتقن‬
‫إسمه الحقيقى أحمد محمد رامى حسن عثمان ‪ .‬ولد فى ‪ 9‬أغسطس عام‬
‫اللغة النجليزية وساعده ذلك على قراءة "رباعيات الخيام " باللغة‬
‫‪ ، 1892‬ووالده هو الدكتور محمد رامي إبن الميرالى حسن بك عثمان‬
‫النجليزية‪ .‬وفى عام ‪ 1914‬حصل أحمد رامى على إجازة التدريس من‬
‫الذى قتل أثناء فتح السودان ‪.‬‬
‫مدرسة المعلمين العليا ‪ ،‬وفى تلك الفترة كان على علقة وثيقة بالشاعر‬
‫عاش أحمد رامى بحى الناصرية الذى يقع بالقرب من حى السيدة زينب‬
‫العراقى المكفوف البصر عبد الرحمن الكاظمى وكان يزوره فى منزله‬
‫بالقاهرة ‪ ،‬وإنتقل والده بعدها ومعه أسرته الصغيرة الى جزيرة قولة‬
‫كثيرا وتعلم على يديه الكثير من فنون الشعر ‪ ،‬كما عمل على التصال‬
‫ليعمل بإحدى الجزر الصغيرة التابعة لها وأسمها " جزيرة طاشيوز "‬

‫‪63‬‬
‫بكبار الدباء والشعراء فى ذلك الوقت مثل أحمد شوقى وحافظ ومطران‬ ‫حتى أطلق عليه بعض أصدقائه هناك عمر الخيام المصرى ‪ .‬أثناء‬
‫ونسيم وغيرهم ‪ .‬بعد تخرجه من المعلمين العليا عمل أحمد رامى مدرسا‬ ‫تواجده فى باريس وصله خبر وفاة شقيقه الكبر فغرق فى حزن شديد‬
‫بمدرسة القاهرة الثانوية الهلية بالسيدة زينب ‪ ،‬وظل بها عامين يعلم‬ ‫وإنغمس كلية فى فلسفة عمر الخيام وآلمه وقرر ترجمة رباعياته من‬
‫تلميذه اللغة النجليزية والجغرافيا ‪ ،‬وكان من زملئه المدرسين بتلك‬ ‫الفارسية الى العربية ‪ ،‬وبعد النتهاء من الترجمة قام بإهدائها الى روح‬
‫المدرسة كل من الدكتور أحمد زكى ‪ ،‬والديب محمد فريد أبو حديد ‪.‬‬ ‫شقيقه الضابط محمود رامى الذى توفى ودفن فى وادى حلفا بالسودان‬
‫وفى عام ‪ 1919‬توفى والده وكان ذلك صدمة بالنسبة له ‪ ،‬ورثاه رامى‬ ‫فى أول أغسطس عام ‪ . 1923‬فى نفس العام وأثناء تواجده بباريس‬
‫(ربما كان يرثى حاله) فقال ‪ " :‬نشأت فى اليتم ولى والد ‪ ...‬فما اكتفى‬ ‫أيضا قام الشيخ "أبو العل" وهو وثيق الصلة بأم كلثوم بتلحين قصيدة "‬
‫الدهر بهذا العذاب "‪.‬‬ ‫الصب تفضحه عيونه " التى راقت لم كلثوم ‪ ،‬وذلك دون علم أحمد رامى‬
‫فى تلك الفترة توطدت علقاته أكثر بكل من أمير الشعراء أحمد شوقى‬ ‫‪ .‬وعندما عاد من باريس فى ‪ 21‬يوليو عام ‪ 1924‬أبلغه أحد أصدقائه‬
‫وحافظ إبراهيم ومطران ‪ ،‬وصدر أول ديوان لحمد رامى فى عام‬ ‫حكاية اللحن وأداء أم كلثوم له ‪ .‬وفى اليوم التالى ‪ 22‬يوليو ‪1924‬‬
‫‪ ، 1918‬وفى عام ‪ 1920‬صدر له الجزء الثانى من ديوانه الشعرى وقد‬ ‫صحبه هذا الصديق الى مسرح البوسفور ودخل رامى الى أم كلثوم فى‬
‫كتب مقدمته أحمد شوقى وأشار فيها على يسر وسلسة شعره ‪ ،‬ومن‬ ‫حجرتها التى نظرت اليه وقالت له " أهل سى رامى " على الرغم أنها لم‬
‫أبيات مقدمة شوقى لديوان احمد رامى قوله‪ :‬يا راميا غرض الكلم يعيبه‬ ‫تره من قبل ‪ ،‬ومن يومها توثقت العلقة بين أم كلثوم ورامى (ولم‬
‫‪ ...‬لك منزع فى السهل ليس برام " ‪ .‬فى ذلك الوقت كان رامى يعمل‬ ‫يفترقا حتى توفيت فى ‪ 3‬فبراير ‪ .)1975‬بعد عودته من باريس أختبر‬
‫بمدرسة القربية البتدائية التى ظل بها خمس سنوات طوال ‪ ،‬ثم أوفدته‬ ‫للعمل أمينا لمكتبة مدرسة دار المعلمين العليا‪ ،‬وهو ما أعتبره أحمد‬
‫دار الكتب أوائل عام ‪ 1922‬فى بعثة الى باريس لدراسة اللغات الشرقية‬ ‫رامى فرصة عظيمة لشباع نهمه بالقراءة وحب المعرفة‪ ،‬فى الوقت‬
‫ومنها اللغة الفارسية وفن الفهرسة والمكتبات ‪ ،‬وعندما أتقن اللغة‬ ‫نفسه صدرت أول طبعه لترجمة رباعيات الخيام عن الشعر الفارسى عام‬
‫الفارسية قرأ ثانية "رباعيات الخيام " كما كتبها بالفارسية ‪ ،‬وتأثر رامى‬ ‫‪( 1924‬ثم صدرت بعد ذلك ‪ 14‬طبعة وكان آخرها طبعة ‪ . )1972‬إنتقل‬
‫كثيرا بالخيام ونظرته الى الحياة وتعلم إسلوب إيمانه بكل ما يجيط حوله‬ ‫أحمد رامى بعد ذلك من مكتبة دار المعلمين العليا الى مكتبة دار الكتب‬

‫‪64‬‬
‫السلطانية ‪ ،‬وهناك أعد مشروعا عظيما لها وهو تحقيق ومراجعة‬ ‫نسى الناس إسم المجلة وظلوا يتذكرون شاعر الشباب ‪.‬‬
‫وإخراج قاموس البلد العربية مقسما القرى الى ثلثة أنواع هى ‪ :‬قرى‬ ‫لقد أحدثت مدرسة أحمد رامى تطورا واضحا فى الغنية العربية‬
‫مندرسة ‪ ،‬وقرى خالية بالوجه البحرى ‪ ،‬وقرى خالية بالوجه القبلى ‪.‬‬ ‫المعاصرة ‪ ،‬وقال عنه الشاعر صلح عبد الصبور‪ ":‬أحمد رامى شاعر‬
‫يذكر أنه طوال حياته العملية ظل أحمد رامى مغبونا أشد الغبن فى دار‬ ‫عريق فى صناعة القريض ‪ ،‬له فيها تجربة نصف قرن من الزمان ‪،‬‬
‫الكتب على الرغم من إجادته لعدد من اللغات واللهجات‪ .‬فقد ظل أحمد‬ ‫إرتبط إسمه بتجديد الغناء المصرى فى لغته وإسلوبه وأفكاره وعواطفه‬
‫رامى ‪ 19‬عاما قابعا فى الدرجة الخامسة لن وزارة المالية ل تريد أن‬ ‫منذ عودته من باريس وغنى له القطبان الكبيران‪ ..‬أم كلثوم ومحمد عبد‬
‫تنشىء درجة مالية جديدة ‪ ،‬فى الوقت نفسه كان يرى شخصا آخر يتقدم‬ ‫الوهاب "‪ .‬كتب أحمد رامى نحو ‪ 250‬قصيدة أغنية ‪ ،‬كما ترجم عن‬
‫عليه ول يحمل سوى البتدائية ‪ .‬وأخيرا يصل أحمد رامى الى سن‬ ‫الدب النجليزى الى اللغة العربية ‪ 15‬مسرحية ‪ ،‬وكتب ‪ 35‬قصة للسينما‬
‫التقاعد ‪ ،‬ويخرج الى المعاش ويتفرغ للدب والشعر حتى تختاره الذاعة‬ ‫المصرية ‪ ،‬وترجم عن الفارسية " رباعيات الخيام " ‪ ،‬وصدر له ‪6‬‬
‫المصرية عام ‪ 1954‬ليعمل لها مستشارا أدبيا ‪ ،‬وعضوا بلجنة النصوص‬ ‫دواوين ‪ ،‬الول منها صدر عام ‪ ، 1918‬وصدر له الديوان الخير عام‬
‫‪ ،‬وظل فى هذا العمل ‪ 12‬عاما أعطى فيها كل وقته لبث الفن الجميل حتى‬ ‫‪ . 1965‬كان يرى أن لم كلثوم دور هام فى النهضة بالغنية‬
‫بلغ السبعين من العمر ‪ ،‬ويترك الذاعة الى منزله ليواصل حياة الفكر‬ ‫المصرية ‪ ،‬وكان يعلل ذلك بأن الغانى المصرية أخذت بعد الحرب‬
‫والتأمل والستجمام ‪.‬‬ ‫العالمية الولى (‪ )1918-1914‬سبيل يتميز بالباحية فى التعبير حتى‬
‫فى عام ‪ 1957‬ذاع صيت أحمد رامى ولقب بشاعر الشباب وأسرفت‬ ‫وصلت فى بعض الغانى الى ما يسمى بالدب المكشوف ‪ ،‬لذلك كان لبد‬
‫الصحافة فى المديح له على الرغم من أنه قد بلغ الـ ‪ 65‬عاما فى ذلك‬ ‫من وقفة وهو ماحدث عندما أصرت أم كلثوم على إختيار كلمات أغانيها‬
‫الوقت وهو ما جعل البعض ينتقد تلك التسمية التى ل تتفق مع عمره ‪.‬‬ ‫بدقة وتبعها فى ذلك العديد من المطربين ‪ .‬وقد أختير أحمد رامى عضوا‬
‫وترجع هذه التسمية فى واقع المر إلى عام ‪ 1924‬عندما عاد رامى من‬ ‫باللجنة الدائمة لجمعية المؤلفين والملحنين فى باريس ‪ ،‬كما أختير‬
‫فرنسا وكان ينشر قصائده بمجلة أسمها " الشباب " وكان صاحب المجلة‬ ‫عضوا بلجنتى الشعر والفنون الشعبية بالمجلس العلى للفنون والداب‬
‫ينشر إسم أحمد رامى مقرونا بعبارة "شاعر الشباب " ‪ ،‬وبمرور السنين‬ ‫والعلوم الجتماعية ‪ .‬وحصل على وسام الرز اللبنانى ‪ ،‬وعلى وسام‬

‫‪65‬‬
‫الكفاءة الفكرية المغربى‪ .‬وأخيرا توفى شاعر الشباب فى ‪ 4‬يونيو عام‬ ‫على البكالوريوس ثم الدكتوراه فى الكيمياء غير العضوية عام ‪، 1928‬‬
‫‪. 1981‬‬ ‫وقرر العودة الى مصر ليبدأ حياته العملية بالجامعة المصرية على الرغم‬
‫من أنه قد تزوج من سيدة ألمانية‪ .‬لكن شرط التدريس بكلية العلوم‬
‫أحمد رياض تركى‬ ‫بالجامعة المصرية كان إتقان اللغة النجليزية وليست اللمانية ‪ ،‬فقرر‬
‫رائد الكيمياء الكهربية فى العالم العربى‬ ‫السفر الى بريطانيا لبضعة شهور لتقان اللغة ‪ .‬عاد ثانية للقاهرة وعمل‬
‫ولد أحمد رياض تركى فى عام ‪ 1902‬بقرية ميت غزال إحدى قرى‬ ‫بجامعة فؤاد الول (القاهرة حاليا) ‪ .‬ونظرا لن كلية العلوم كانت تحت‬
‫مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية ‪ ،‬وهو من أسرة متوسطة الحال‬ ‫سيطرة النجليز ‪ ،‬فقد وجد صعوبة فى الترقى لن الدكتوراه الحاصل‬
‫حيث كان والده مزارعا ‪ .‬وهو الطفل الثانى من الزوجة الثانية لوالده‬ ‫عليها كانت من ألمانيا وليست من إنجلترا ‪ .‬وعندما أصبحت الجامعة‬
‫التى أنجبت ثلثة صبيان وبنت ‪ .‬توفى والده وهو فى السادسة من‬ ‫المصرية فى أيدى المصريين عام ‪ 1948‬ترقى لدرجات أعلى ‪ ،‬ثم وقع‬
‫العمر‪ ،‬وتفرغت الم لتربية أولدها الربعة ‪ .‬وفى مرحلة تعليمه البتدائى‬ ‫الختيار عليه ليكون عميدا لكلية العلوم وذلك فى عام ‪ . 1953‬وفى عام‬
‫كان تلميذا عاديا ‪ ،‬بل أنه رسب فى إمتحان الشهادة البتدائية ‪ ،‬لكن فى‬ ‫‪ 1954‬أختير مديرا بالمركز القومى للبحوث ‪ ،‬ثم توالت عليه الوظائف‬
‫المرحلة الثانوية تحسن أدائه فى الدراسة‪ .‬عندما حصل على البكالوريا‬ ‫العامة التى شغلها ‪ ،‬لكنه منذ ذلك الحين كان دائما يعمل أستاذا غير‬
‫عام ‪ 1919‬التحق بكلية الطب ‪ ،‬ولكن تحمسه ودعمه للمانيا رغم‬ ‫متفرغ بكلية العلوم ‪ .‬أيضا عمل عميدا للدراسات العليا بجامعة‬
‫هزيمتها فى الحرب العظمى الولى(‪ )1918-1914‬وإعجابه الشديد بـ‬ ‫القاهرة(فؤاد الول سابقا) ‪ ،‬كما أختير ليكون أول وزيرا للبحث العلمى‬
‫هندنبرج دفعه الى إستخراج جواز سفر وقرر السفر مع صديق له الى‬ ‫فى مصر ‪ ،‬ثم رئيسا للمجلس العلى للبحث العلمى ‪.‬‬
‫ألمانيا لتكملة دراسته هناك ‪ .‬سافر بالبحر الى تريستا ‪ ،‬ثم ركب‬ ‫تخصص فى الكيمياء الكهربية ‪ ،‬وهو علم هام يلعب دورا كبيرا فى حياة‬
‫وصديقه القطار الى ألمانيا ‪ .‬وفى القطار تعرف على ممثلة ألمانية ووكيل‬ ‫الشعوب وتستخدمه الدول المتقدمة بذكاء ‪ ،‬وهو يتعلق بظواهر الصدأ‬
‫أعمالها ومدرس ألمانى ‪ ،‬وقام الخير بحل مشاكل السكن لهما كما‬ ‫والمعادن والفلزات ‪ .‬والكيمياء الكهربية لها مدرسة قوية على المستوى‬
‫عاونهما على اللتحاق بكلية العلوم بجامعة ميونيخ ‪ .‬حصل احمد رياض‬ ‫العالمى ‪ ،‬والدكتور أحمد رياض تركى هو رائد هذا العلم فى الوطن‬

‫‪66‬‬
‫العربى ‪.‬‬ ‫دورها العظيم فى نقل الشعر المصرى من السلفية الى آفاق جديدة من‬
‫التعبير الحي الملئم لزمانه ( توجد رسالة دكتوراه بجامعة عين شمس‬
‫احمد زكى أبو شادي‬
‫حول ابو شادى وحركة التجديد فى الشعر العربي الحديث ) ‪ ،‬وكان عيبه‬
‫(رائد حركة التجديد في الشعر العربي الحديث وجماعة أبولو)‬
‫انه يرتجل الشعر دون معاودة له حيث كان يكتبه فى القطار والمقهى‬
‫‪1892‬‬ ‫فبراير عام‬ ‫‪9‬‬ ‫ولد احمد زكى أبو شادى فى حى عابدين بالقاهرة فى‬
‫كان ابو شادى يجابه فى ذلك‬ ‫وعلى شاطئ البحر دون مراجعة له ‪.‬‬
‫‪ ،‬وكان والده محمد أبو شادى من أعلم المحاماة والصحافة وخطيبا‬
‫الوقت حروبا قاسية من الشعراء السلفيين‪ ،‬وقد قامت معارك أدبية بينه‬
‫وشاعرا ‪ .‬درس احمد زكى ابو شادى فى مصر وإنجلترا وتخصص فى‬
‫وبين عباس العقاد وتلميذه ‪ ،‬ولكن يبدو أن ابو شادى لم يفهم جيدا أن‬
‫سافر الى إنجلترا وعاش فيها عشر‬ ‫‪1912‬‬ ‫علم البكتريولوجى ‪ .‬وفى عام‬
‫شهرة الدباء لم تكن تأتى عن طريق الدب فقط وانما كانت تأتى فى‬
‫بعد أن تزوج من سيدة إنجليزية انجب‬ ‫‪1922‬‬ ‫سنوات ثم عاد للقاهرة عام‬
‫المقام الول ( ول زالت ) عن اشتغال أولئك بالسياسة كما كان يفعل‬
‫منها ولد وبنتان هم أمين وصفية وهدى ‪ ،‬وقد توفيت زوجته فى عام‬
‫لم‬ ‫‪1946‬‬ ‫العقاد وطه حسين ‪ .‬لذلك عندما توفيت زوجة ابو شادى فى عام‬
‫‪ .1946‬وكان احمد زكى ابو شادى يكتب الشعر بالعربية والنجليزية على‬
‫يستطع تحمل الحياة فى مصر نتيجة هجوم المقربين منه ‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫السواء ‪ ،‬وكان له صالونا يجتمع فيه بالصدقاء من الشعراء والدباء ‪.‬‬
‫من انه حاول واستمر بعض الوقت ال انه فى النهاية قرر الرحيل مع‬
‫ويرجع الفضل له فى إنشاء جماعة ( ابولو ) ومجلتها الشعرية التى‬
‫أولده الى الوليات المتحدة وتوفى هناك فى عام ‪1955‬ودفن فى مهجره‬
‫رأسها الشاعر الكبير احمد شوقى ‪ .‬وجماعة ابولو كانت تضم باقة لمعة‬
‫هناك ‪.‬‬
‫من الشعراء العظام الذين قادوا الحركة الشعرية فى مصر بعد ذلك ومنهم‬
‫على سبيل المثال ل الحصر ‪ :‬إبراهيم ناجى ‪ ،‬صالح جودت ‪ ،‬محمود‬ ‫أحمد زكى عاكف‬
‫حسن إسماعيل ‪ ،‬حسن كامل الصيرفي ‪ ،‬عبد اللطيف السحرتى ‪،‬‬ ‫إسمه بالكامل أحمد زكى محمد حسين عاكف ‪ .‬ولد أحمد زكي بمدينة‬
‫وغيرهم ‪ .‬وكانت مجلة ابوللو ميدانا لقلم كثيرة منها الشاعر ابو‬ ‫السويس فى ‪ 5‬أبريل عام ‪ ، 1894‬وذكر أن جدته لوالده من أصول‬
‫ويعد احمد زكى‬ ‫القاسم الشابى حيث قدمته المجلة للقارئ العربي‪.‬‬ ‫قوقازية ‪ ،‬وكان والده يعمل بالحكومة ‪ .‬التحق الفتى أحمد بأحد المدارس‬
‫ابو شادى أستاذ الحداثة الولى فى الشعر وأستاذ مدرسة شعرية كان لها‬ ‫البتدائية بالسويس ‪ ،‬لكن فى عام ‪ 1900‬تركت السرة مدينة السويس‬

‫‪67‬‬
‫إلى القاهرة‪ ،‬وتعرف والده بـ "الشيخ محمد عبده" وكان على صلة وثيقة‬ ‫وحدها وعلى الخص فيما تقضي به القوانين والعدالة"‪ .‬وفى عام ‪1920‬‬
‫به‪ .‬وفي القاهرة التحق بمدرسة أم عباس البتدائية (بنبا قادن) حتى‬ ‫قدم إستقالته لـ وهبى بك مالك مدرسة وادى النيل وسافر إلى إنجلترا ‪،‬‬
‫حصل على الشهادة البتدائية سنه ‪1907‬م‪ .‬ثم التحق بمدرسة التوفيقية‬ ‫وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة ليفربول عام ‪1922‬م ‪ ،‬ثم‬
‫الثانوية ‪ ،‬وبعدها إلتحق بمدرسة المعلمين الخديوية حتى حصل على‬ ‫حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء عام ‪1924‬م‪ ،‬وانتقل إلى جامعة‬
‫الدبلوم عام ‪1914‬م ‪ ،‬وعين مدرسا بالمدرسة السعيدية‪ .‬وذهب ليعمل‬ ‫مانشستر ليجرى عددا من البحوث أهلته للحصول على درجة الدكتوراه‬
‫مدرسا بمدرسة أهلية ثانوية(تدعى المدرسة العدادية) كانت تعد الطلب‬ ‫في العلوم ‪ .‬وخلل فترات الدراسة بإنجلترا زار كل من النمسا و ألمانيا‬
‫لللتحاق بالجامعة الهلية‪ ،‬وكانت هذه المدرسة في حي الظاهر‪ .‬وعمل‬ ‫للطلع على مناهج ا لبحث العلمي بهما ‪ ،‬وأثناء تواجده بإنجلترا توفيت‬
‫معه فى هذه المدرسة كل من عباس محمود العقاد‪ ،‬ومحمد فريد أبو‬ ‫والدته‪ .‬وعاد إلى مصر عام ‪1928‬م حيث عين أستاذا مساعدا في‬
‫حديد وعبد الحميد العبادي‪ ،‬وأحمد حسن الزيات‪ ،‬وإبراهيم عبد القادر‬ ‫"الكيمياء العضوية" بكلية العلوم بالجامعة الهلية المصرية ‪ .‬وأصبح‬
‫المازني‪ .‬ثم اختير ناظرا لمدرسة وادي النيل الثانوية‪ ،‬بباب اللوق التى‬ ‫عضوا في "لجنة التأليف والترجمة والنشر" وأسهم في إنشاء "المجمع‬
‫كانت ملكا للمهندس وهبي بك والد الفنان يوسف بك وهبي‪ ،‬ومقرها الن‬ ‫المصري" سنه ‪1929‬م وتولى رئاسته في أوائل الربعينات‪ ،‬كما أسهم‬
‫"المدرسة اللمانية بباب اللوق" ‪ .‬فى تلك الفترة إنفتح أحمد زكى على‬ ‫في إنشاء جمعية خريجي كليات العلوم ‪ .‬وفي عام ‪1930‬م أصبح أول‬
‫الصحافة الثقافية والدبية‪ ..‬فكتب أولى مقالته في "مجلة السفور" التي‬ ‫أستاذ مصري في "الكيمياء"‪ ،‬وأسهم أحمد زكي في تأسيس الجمعية‬
‫أصدرها "عبد الحميد حمدي" بعد أن أغلقت "الجريدة لصاحبها أحمد لطفي‬ ‫الكيميائية سنه ‪1931‬م وظل رئيسا لها لمدة ربع قرن‪ .‬وفى عام‬
‫السيد" أبوابها عام ‪1915‬م ‪.‬وكتب في "الرسالة والثقافة والصحف‬ ‫‪1936‬م أجريت النتخابات لختيار أول عميد مصري لكلية العلوم‪،‬‬
‫العلمية"‪ .‬ومع إرهاصات ثورة ‪1919‬م ‪ ..‬كان "أحمد زكي ومنصور فهمي‬ ‫وقدمت كلية العلوم الثلثة الوائل الحاصلين على أعلى الصوات إلى‬
‫ومصطفى عبد الرازق وأحمد أمين" من تلميذ فصل واحد من المناضلين‬ ‫وزير المعارف على زكى العرابى بحكومة مصطفى النحاس وهو عرف‬
‫مع كوادر الثورة ‪ .‬فقد كان أحمد زكى يرى أن "ثورة ‪1919‬م قفزت‬ ‫معمول به بالجامعة (وكان الثلثة الوائل هم على مصطفى مشرفة وأحمد‬
‫بالوعي السياسي للشعب المصري خمسين سنة إلى المام"‪ .‬وظل يؤمن‬ ‫زكي‪ ،‬وحسن أفلطون) وتم إختيار مشرفة فى ‪ 9‬مايو عام ‪1936‬‬
‫بالديمقراطية‪ ،‬وبالمساواة الصادقة في القانون وليس في الجراءات‬
‫‪68‬‬
‫وإستمر حتى ‪ 29‬يوليو ‪ 1937‬كأول عميد مصري لكلية العلوم تطبيقا‬ ‫المؤتمر الصيدلي الثالث – المؤتمر الصيدلي السابع – الحتفال بمرور‬
‫لقانون العمادة الذي يعطي للحكومة حق الختيار بين "الثلثة"‪ .‬فى نفس‬ ‫‪ 75‬عاما على المجمع البولوني للعلوم والداب" ‪ .‬وهو نفس العام (‬
‫الوقت قام وزير المعارف على زكى العرابى بتعيين أحمد زكى مديرا‬ ‫‪ )1946‬تم تعيينه مديرا لدارة مصلحة الصناعة ‪ .‬وعام ‪1947‬م تولى‬
‫لمصلحة الكيمياء لخلو المنصب من مديرها الجنبي كأول مدير مصرى‬ ‫"أحمد زكي" رئاسة تحرير مجلة "الهلل" الشهرية بالقاهرة‪ ،‬وفى عام‬
‫وذلك فى عام ‪ 1936‬وظل فى هذا المنصب حتى عام ‪ .1946‬وفى عام‬ ‫‪ 1947‬أصبح أحمد زكى أول أول مدير "لمجلس فؤاد الول للبحوث"‬
‫‪1943‬م توفى والده ‪ .‬فى عام ‪ 1945‬أختير أحمد زكى سكرتيرا عاما‬ ‫وإستمر فى منصبه حتى عام ‪ 1952‬وهو المجلس الذي تحول إلى‬
‫لمجلس فؤاد الول للبحوث إلى جانب عمله بمصلحة الكيمياء التى تركها‬ ‫"المجلس القومي للبحوث" ‪.‬ويذكر هنا انه إضطر إلى ترك رئاسة تحرير‬
‫فى عام ‪ .1946‬وفي ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1946‬صدر مرسوم باختيار عشر من‬ ‫الهلل فى عام ‪ . 1950‬وفي وزارة "حسين سري باشا" الخامسة من "‪2‬‬
‫الشخصيات المصرية المرموقة لدعم "مجمع اللغة العربية" وهم‪" :‬الدكتور‬ ‫يوليو إلى ‪ 22‬يوليو ‪1952‬م" أختير أحمد زكى ليكون وزيرا للشئون‬
‫أحمد زكي العالم الديب والدكتور إبراهيم بيومي مدكور والستاذ زكي‬ ‫الجتماعية ‪ ،‬وأعلن شعار "تحديد النسل" والذي أصبح فيما بعد "إصلح‬
‫المهندس والدكتور عبد الرزاق السنهوري أحد أعلم الفقه والقانون‬ ‫السرة"‪ .‬وبعد عشرين يوما ل غير عاد إلى "مجلس البحوث" ‪ .‬وفى‬
‫والشيخ عبد الوهاب خلف أحد الفقهاء المجددين في الشريعة السلمية‬ ‫منتصف عام ‪ 1953‬قام أحد رجال الثورة(صلح سالم) بزيارة المجلس‬
‫والستاذ مصطفى نظيف المدير السبق لجامعة عين شمس والدكتور‬ ‫وأساء خلل زيارته معاملة القائمين بالعمل به فأسرع "أحمد زكي" بتقديم‬
‫محمد شرف صاحب معجم المصطلحات الطبية والستاذ محمد فريد أبو‬ ‫استقالته إلى "اللواء محمد نجيب" في ‪ 12‬أغسطس ‪1953‬م‪ .‬وفي ‪17‬‬
‫حديد وكيل وزارة المعارف وأحد المؤسسين للجنة التأليف والترجمة‬ ‫أغسطس ‪1953‬م أختاره "اللواء محمد نجيب" ليكون مديرا لجامعة‬
‫والنشر والشيخ محمود شلتوت شيخ الزهر السبق والدكتور عبد‬ ‫القاهرة ‪ .‬ويذكر أن أحمد زكي لم يكن من رجالات "جمال عبد الناصر"‬
‫الوهاب عزام العميد السبق بكلية الداب ‪ .‬وفي المجمع اشترك "الدكتور‬ ‫وإنما كان يميل إلى "اللواء محمد نجيب" ‪ ،‬وفي أعقاب أزمة مارس‬
‫أحمد زكي" في لجان المصطلحات العلمية البحتة "الكيمياء – الطبيعة –‬ ‫‪1954‬م اقتحم البوليس جامعة القاهرة واعتدى على الطلب وأعلن أحمد‬
‫الجيولوجيا – علوم الزراعة" واختير لتمثيل المجمع لعدة مؤتمرات ‪:‬‬ ‫زكي إعتراضه الشديد على دخول البوليس إلى الحرم الجامعى‪ ،‬وذهب‬

‫‪69‬‬
‫إلى مستشفى قصر العيني لزيارة الطلب المصابين ‪ ،‬وبعد خروجه من‬ ‫أحمد زكى باشا التشريفاتى‬
‫المستشفى طالب بمنح الحرية للطلبة فى التعبير عن آرائهم وعدم منع‬ ‫كان وثيق الصلة بالستانة‪ ،‬ودائم التردد على الباب العالى ‪ .‬ظل ملزما‬
‫الطلبة من الشتغال بالسياسة ‪ ،‬ولكن هاجمه بشدة وهدده صلح سالم‬ ‫للخديوي عباس حلمى الثانى خاصة فى العديد من أسفاره خارج البلد ‪.‬‬
‫مما دفعه إلى تقديم إستقالته فى سبتمبر ‪ 1954‬من منصبه كمدير‬ ‫فقد كان محل ثقته فيما يتعلق بالشأن الداخلي وما يخص الباب العالى ‪.‬‬
‫لجامعة القاهرة ‪ .‬وفى عام ‪1958‬م دعته حكومة الكويت لينشئ لها‬ ‫وكان على صلة قوية بشباب التنوير فى ذلك الوقت ومن هؤلء قاسم‬
‫مجلة فأنشأ "العربي" ورأس تحريرها‪ .‬وصدر العدد الول فى "ديسمبر‬ ‫أمين وسعد زغلول والشيخ محمد عبده وأحمد لطفى السيد وغيرهم‪ .‬كما‬
‫‪1958‬م" لتكون مجلة ثقافية عربية ‪ .‬ولم تمنع "العربي" من دخول مصر‬ ‫كانت صلته قوية بأحمد زكى عبد ال الذى لقب بشيخ العروبة والذى كان‬
‫إل مرة واحدة في عهد "جمال عبد الناصر" وهو العدد التالي لهزيمة‬ ‫على علقة قوية بالخديوى عباس حلمى الثانى الذى دعمه فى مشروعه‬
‫حرب "‪ 5‬يونيه" الذى صدر عدد "يوليو ‪1967‬م" وكان الغلف مجللً‬ ‫النهضوى والعروبى ‪ .‬أما عن حياته الخاصة فهى غير متوفرة‪.‬‬
‫بالسواد ‪ ،‬وظل رئيسا لتحريرها حتى وفاته‪ .‬وفي صيف عام ‪1975‬م‬
‫أحمد زكي عبد ال باشا‬
‫أدركه مرض ضعف العضلت ودخل مستشفى المعادي واختاره ال إلى‬
‫شيخ العروبة‬
‫جواره ودفن بالقاهرة بعد أن أشرف على مجلة العربي ‪ 17‬سنة‪ .‬كان‬
‫ولد بالسكندرية أحمد زكي عبد ال بمدينة السكندرية فى عام ‪. 1866‬‬
‫"أحمد زكي" يقطن في "‪ 16‬شارع ‪ 4‬بالمعادي" حيث توجد فيلته الخاصة‬
‫وكان والده ينتمي إلى آل النجار بمدينة عكا الفلسطينية ‪ ،‬وهناك رواية‬
‫به وبزوجته وابنتها "لبيبة"‪ ،‬وكان من مناصرى المرأة ‪ .‬أما عن‬
‫أخرى ترى أن والده جاء من بلد المغرب بشمال أفريقيا وحط رحاله‬
‫هواياته ‪ ،‬فقد لعب كرة القدم وكان الظهير اليسر لفريق كرة القدم‬
‫أول بمدينة يافا الفلسطينية ثم جاء إلى مدينة رشيد المصرية وعاش فيها‬
‫بمدرسة التوفيقية‪ .‬وبخصوص حياته العلمية والثقافية فقد كان هدفه‬
‫وتزوج من فتاة رشيدية من عائلة سويدان أنجب منها عدد من الطفال ‪،‬‬
‫تقديم العلوم للناس بلغة مبسطة وسليمة ‪،‬فقدم ما عرف بـ"السلطة‬
‫ثم رحل مع أسرته الصغيرة إلى مدينة السكندرية وإستقر هناك ‪.‬‬
‫العلمية" ‪ .‬ومن مؤلفاته كتابه "مع ال في السماء" وقيه يقول باختصار‬
‫وعندما توفى والده وهو صغير السن كفله شقيقه "محمود رشاد" الذي‬
‫أن "العلم هو سبيل المعرفة بال"‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫كان يكبره بثلثة عشر عاما" الذى كان يعمل باحثا حقوقيا وصاحب‬ ‫وفاحصا ومصمما أسماء مدنها وأعلمها والخرافات المرتبطة بها ‪.‬‬
‫رحلت وأبحاث ‪ ،‬وبدأ حياته ضابطا في الجيش‪ ،‬ثم مفتشا في وزارة‬ ‫كما إتصل بالعديد من المستشرقين وشده اهتمامهم بالتراث العربي‬
‫المعارف‪ ،‬ثم قاضيا في المحاكم الهلية‪ ،‬وهو الجو الذي أتاح لأخيه‬ ‫والسلمي ‪ ،‬وقرأ ما قاموا بترجمته إلى لغاتهم وما طبعوه بمطابعهم‪،‬‬
‫الصغير أحمد نشأة فكرية مميزة ‪ .‬التحق الطفل أحمد زكى بمدارس‬ ‫وقد دفعه ذلك الهتمام الشديد والغيرة على وطنه إلى وضع مشروع‬
‫التعليم بالسكندرية إلى أن تخرج من مدرسة الدارة والحقوق‬ ‫متكامل أطلق عليه " مشروع إحياء الداب العربية " وبذل كل ما لديه‬
‫بالسكندرية‪ .‬عين أول مرة مترجما بمديرية السويس ثم انتقل إلى‬ ‫من أمكانات ووقت للدراسة من أجل بعث وتحقيق ذلك المشروع والدفاع‬
‫المدرسة الخديوية بالقاهرة مدرسا للترجمة‪ .‬كان متفوقا في اللغتين‬ ‫عنه والرد على كل من يحاول تحريفه أو تزويره ‪ .‬وقد تميز بحس‬
‫العربية والفرنسية ‪ ،‬ويجيد السبانية والنجليزية والتركية‪ ،‬وقد عمل‬ ‫وطني وعربي عال واشتهر بـ"شيخ العروبة"‪ .‬حافظ على عروبته‬
‫أستاذا للغة العربية في الرسالية العلمية الفرنسية‪ ،‬ثم مترجما لمحافظة‬ ‫ووطنيته ‪ ،‬واهتم بتصحيح أعلم الندلس وردها إلى أصولها العربية بعد‬
‫السماعيلية ‪ .‬وقد قام بترجمة كتاب "الرق في السلم" من الفرنسية إلى‬ ‫أن كانت قد لحقها التحريف‪ .‬وجعل من "دار العروبة" "مجمعا للفنون‬
‫اللغة العربية وإلى اللغة التركية أيضا ‪ ،‬لذلك أختير للعمل مترجما لمجلس‬ ‫العربية بهندستها ونقوشها وزين جدرانها بالصور والشعار العربية"‪.‬‬
‫النظار " أى الوزراء " ‪ ،‬فسكرتيرا ثانيا ثم سكرتيرا عاما وظل بهذا‬ ‫وعين عضوا في كثير من الجمعيات والمجامع ‪ .‬وإشترك فى إنشاء‬
‫المنصب إلى أن استقال في ‪ . 1918‬وفي تلك الثناء عمل مدرسا للغة‬ ‫الجامعة المصرية وعضوا بمجلس إدارتها وأمينا لها ‪ .‬واختير عضوا في‬
‫وكان على علقة وثيقة بالمجمع‬ ‫العربية للبعثة الفرنسية في مصر‪.‬‬ ‫الجمعية الجغرافية الخديوية وسكرتيرا لها‪ .‬كما اهتم بدراسة التراث‬
‫العلمي المصري وهو في العشرين من عمره (‪ ،)1886‬كما اتصل أيضا‬ ‫العربي وعاون اللجنة التي قامت بترجمة دائرة المعارف السلمية وقدم‬
‫بـالعالم "ماسبيرو" وعلماء الثار الخرين ‪ .‬وقد إهتم بالبحث في مجال‬ ‫لها المخطوطات والدراسات المطبوعة والوثائق والسانيد التي تعينها في‬
‫الثار كجزء من خطته الفكرية العامة وشجعه ماديا ومعنويا على ذلك‬ ‫أعمالها ‪ .‬أيضا اهتم بالحضارة العربية وكون " الرابطة الشرقية "‪ .‬وقام‬
‫الخديو عباس حلمى الثانى ‪ ،‬فقد سافر في مطلع حياته بلدانا كثيرة بحثا‬ ‫بدراسة موفقة عن قضية " البراق " في فلسطين ‪ .‬وقد أختير عضوا‬
‫عن القبور والمساجد والمسكوكات والمحاريب والواني والزخارف دارسا‬ ‫بالمجمع العالمي العربي بدمشق ‪ .‬وكان له نشاط سياسي ‪ ،‬وقد كتب‬

‫‪71‬‬
‫العديد من المقالت والبحاث باللغة العربية والفرنسية في الجرائد‬ ‫ال في عام "‪1353‬هـ ‪1934 -‬م" وترك خلفه مكتبته الخاصة المسماة‬
‫والمجلت والكتب‪ .‬إهتم به "الخديوي عباس حلمي الثاني" بدرجة كبيرة‬ ‫بالخزانة الذكية والتى إحتوت علىمؤلفات فريدة ليس لها نظير في مكتبة‬
‫لتمسكه الشديد بمصريته وعروبته ‪ .‬لذلك جعله الخديوى يمثل مصر في‬ ‫دار الكتب أو غيرها‪ ،‬وقد تم نقلها من مكان إلى آخر حتى استقرت في‬
‫مؤتمرات المستشرقين‪ ،‬كالمؤتمر التاسع في لندن "‪ ، "1893‬وفي أثينا‬ ‫مدرسة السلطان قنصوة الغوري بعد أن أوقفها أحمد زكي باشا وقدمها‬
‫سنة "‪ ."1910‬وطلب منه الخديوى أن يقوم بزيارات ألى أوروبا‬ ‫هدية للوقاف عام ‪1921‬م شرط أن تبقى بإسمه ول تضاف لدار الكتب‬
‫والستانة واليمن عدة مرات منقبا عن الكتب النادرة‪ .‬ويحسب له تاريخيا‬ ‫أو تخلط بها ‪ ،‬إل أن ذلك لم يحدث بعد وفاة زكي باشا عام ‪1934‬م إذ تم‬
‫إهتمامه المنقطع النظيربمشروعه الخاص إحياء الداب العربية " وبذل‬ ‫نقل المكتبة إلى دار الكتب عام ‪1930‬م بمجلداتها الـبالغ عددها تحديدا‬
‫كل ما لديه من أمكانات ووقت لتحقيقه دون المساعدة من أحد ‪ ،‬و دافعه‬ ‫"‪ "18700‬والتي تضمنت مجموعات كاملة من المصورات والخرائط‬
‫عن مشروعه بقوة‪ .‬إستمر الخديوى فى دعمه ماديا ومعنويا لتنفيذ‬ ‫والفرمانات الشديدة الندرة‪ ،‬إضافة للكتب النفيسة في الطب والفلسفة‬
‫مشروعه الخاص بإحياء الداب العربية وإستمراره فى بحوثه عن‬ ‫والعلوم والقانون الكيمياء والطبيعة وآلف المخطوطات المطبوعة أو‬
‫المخطوطات العربية في مكتبات الغرب والمكتبات العربية والسلمية‪ ،‬ثم‬ ‫المصورة ‪ .‬وما يقرب من ألف مقالة ‪ ،‬وقد ضم إلى مكتبته العديد من‬
‫نقلها بالتصوير ومراجعتها والتعليق عليها وطبعها ‪ .‬ويذكر فى هذا‬ ‫الكتب العربية والفرنجية ‪ .‬وقد كلفته هذه المكتبة أموالً طائلة لشراء‬
‫الصدد أن استخدامه للتصوير الشمسي في نقل المخطوطات كان عملً‬ ‫المكتبات النفيسة مثل مكتبة "البرنس محمد إبراهيم" و "محمد بك واصف"‬
‫جديدا فى ذلك الوقت لم يسبقه إليه أحد من العرب‪ ،‬فقد كان حريصا على‬ ‫و "علي باشا إبراهيم" و "حسن حسني باشا" وغيرها‪ ،‬وكان يتطلع إلى كل‬
‫أن يحصل العالم العربي على مخطوطات تراثه الأصلية التى سرقت منه‬ ‫ما يكتب عن السلم والعرب مؤمنا بأن هذا التراث هو البذرة الولى في‬
‫أو بيعت رغما عنه ‪ .‬وقد شجعه على ذلك وقوف الخديوى عباس حلمى‬ ‫يقظة الشرق وبعث وبناء المة‪ ،‬وهو أيضا ولع لم ينحصر بجمع وشراء‬
‫الثانى بجانبه على طول الخط ‪ .‬وبفضل الخديوى استطاع أحمد زكى أن‬ ‫الكتب بل بمراجعتها والتعليق على هوامشها‪ ،‬وتلخيصها في قصاصات‬
‫وفي أيامه الخيرة ضعف‬ ‫يحقق مشروعه القومى إلى حد كبير‪.‬‬ ‫بحيث يستطيع الباحث فيها أن يجد ضالته بأسرع وقت على حسب الباب‬
‫سمعه مما سبب له بعض المتاعب مع زواره ورواده ورحل إلى رحاب‬ ‫الذي يرجع إليه ‪ .‬ول شك أن هذه المكتبة العامرة بكل هذه الدرر‬

‫‪72‬‬
‫الفكرية كانت أحد أهم السباب في شهرة أحمد زكي باشا في العالمين‬ ‫"نهاية الدب في فنون الدب" و "مسالك البصار" إل أن المشروع توقف‬
‫العربي والسلمي‪ .‬وحول أهم منجزاته ‪ ،‬فقد ترجم أحمد زكي باشا ستة‬ ‫ومن أهم مؤلفاته‪-1 :‬‬ ‫بوفاته رغم عمله عليه لسنوات طويلة‪.‬‬
‫مؤلفات لقت تقديرا كبيرا من النقاد والباحثين كان أهمها كتاب "الرق في‬ ‫ألف مقالة ومقالة ‪ -2 .‬آثار العرب الخالدة في أوربا ‪ -3 .‬إحياء‬
‫السلم" الذى تميز بلغته العربية الدقيقة‪ ،‬كما ألف "‪ "31‬كتابا كانت عبارة‬ ‫الداب العربية ‪ -4 .‬السباب التي ارتقى بها السلم ‪ -5 .‬التجارة في‬
‫عن كتيبات أو أجزاء مختلفة من البحاث‪ ،‬غير أن مقالته التي نشرها‬ ‫السلم ‪ -6 .‬تحقيق أول سنة الهجرة ‪ -7 .‬تحقيق جغرافي تاريخي‬
‫في الصحف التي ل تتجاوز اللف مقال يمكن فيما لو جمعت أن تكون‬ ‫عن أهل الكهف ‪ -8 .‬تقرير عن الكتب التي خلفها العرب بالندلس ‪.‬‬
‫موسوعة ضخمة في تحقيقات التاريخ والجغرافيا واللغة‪ ،‬ولعل أهم كتبه‬ ‫‪ -9‬تسامح المسلمين مع أهل الديان الخرى ‪ -10 .‬الحضارة السلمية‬
‫هو كان كتاب "الترقيم في اللغة العربية" الذي صدر عام ‪1913‬م والذى‬ ‫‪ -11 .‬وقد كتب "شيخ العروبة" في مجلت‪" :‬المقتطف – الهلل –‬
‫يهدف إلى "إرشاد القارئ على مواقع الوقوف القليل والمستطيل‪ ،‬ومواقع‬ ‫والمقتبس" من الكتب المؤلفة ‪ -1 :‬ابن زيدون – القاهرة ‪1914‬م ‪-2 .‬‬
‫التعجب والحيرة والستفهام ونحو ذلك ‪ ،‬وهذه الشارات خير مرشد‬ ‫الترقيم في اللغة العربية القاهرة ‪1912‬م ‪ -3 .‬الحضارة السلمية‬
‫للقارىء في حسن التلوة وعدم خلط الجمل مع بعضها ‪ .‬ولم يقتصر في‬ ‫‪1911‬م ‪ -4 .‬الدنيا في باريس مصر ‪ -5 .‬عجائب السفار في أعماق‬
‫تأليفه للكتب على الكتابة بالعربية فقط‪ ،‬فله عشرة مؤلفات باللغة‬ ‫البحار "لم يطبع" ‪ -6 .‬قاموس العلم القديمة ‪ -7 .‬مفتاح القرآن ‪.‬‬
‫الفرنسية تناولت موضوعات تراثية وتاريخية ودينية‪ .‬وفي مجال تحقيق‬ ‫أما مؤلفاته باللغة الفرنسية فهى ‪ -1 :‬الطيران في السلم ‪-2 .‬‬
‫المخطوطات فيقال أته أول مصري عرف وكتب البحث والتحقيق العلمي‪،‬‬ ‫علقة المصريين مع الندلسيين ‪ -3 .‬العهدة النبوية الموجود صورتها‬
‫وأول مصري استطاع أن يتنافس مع المستشرقين في الجامعة ‪.‬‬ ‫والكتب التى قام بترجمتها ‪ -1 :‬تاريخ المشرق‬ ‫في دير الطور ‪.‬‬
‫وبخصوص كتبه المحققة فقد كانت من أوائل الكتب التي صدرت على‬ ‫في الزمان القديمة ‪ -2 .‬رسالة في المعارف العمومية ‪ -3 .‬الرق في‬
‫أحدث المناهج العلمية للتحقيق‪ ،‬مع استكمال المكملت الحديثة من تقديم‬ ‫السلم عن "أحمد شفيق باشا" ‪ -4 .‬غادة الكاميليا لجنة التأليف‬
‫النص للقراء‪ ،‬ووصف النسخ والرمز لها عند الختلف ومن إلحاق‬ ‫والترجمة والنشر ‪ -5 .‬مصر والجغرافيا ‪ -6 .‬تاريخ السلم في تقويم‬
‫الفهارس التحليلية ‪ .‬ويقال أنه قد شرع بالعمل على طبع موسوعتي‬ ‫العرب قبل السلم ‪ .‬أيضا قام بالعديد من التحقيقات التراثية ومنها ‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -1‬الدب الصغير لبن المقفع ‪ -2 .‬الدب الكبير ‪ -3 .‬أنساب الخيل في‬ ‫قول طلب تلك المرحلة (الكلية إتكهربت) ‪ ،‬وكان يطلق عليه بعض‬
‫الجاهلية والسلم ‪ -4 .‬التاج في أخلق الملوك للجاحظ ‪ -5 .‬تجارب‬ ‫الطلبة " الدكتور كهربة" فكان على إتصال دائم برجال المن من خلل‬
‫ويقال عنه أنه كان‬ ‫المم لبن مسكوية ‪ -6 .‬نهاية الرب للنويري ‪.‬‬ ‫هاتفه المحمول ‪ ،‬وكان يستدعى المن للقبض على الطلبة التى يرى أنها‬
‫محبا للحياة حتى الثمالة رغم إنفاقه عشرات اللوف على زخرفة مقبرته‬ ‫تخل بالمن والستقرار بالكلية ‪ ،‬لذلك لم يكن محبوبا أو على وفاق مع‬
‫التي بناها بجوار المسجد الذي يحمل اسمه على نيل جيزة وحوي روائع‬ ‫طلبة الكلية‪ .‬ويتذكره طلبة تلك الفترة بأن كل تحركاته داخل الكلية كانت‬
‫فن الزخرفة وطرائف الحجار من كل مكان في العالم العربي الذي أحبه‪،‬‬ ‫بصحبة رئيس حرس الكلية‪ ،‬وكان عنيفا مع الطلب والأساتذة ‪ ،‬وأنه‬
‫وسعى لنهضته‪ .‬ورحل "شيخ العروبة" إلى رحاب ال ودفن بالقاهرة في‬ ‫واصل وليس لديه خطوط حمراء في التعامل مع أحد ‪ ،‬بل كان رافضا‬
‫‪1253‬هـ "‪1934‬م" ‪.‬‬ ‫لمبدأ الحوار مع الخر معتبرا أن الجامعة للتعليم فقط ‪ .‬وفى كلية‬

‫أحمد زكى بدر‬ ‫الهندسة كانت أولى قراراته التعسفية من وجهة نظرهم والتى تمثلت فى‬

‫هو ابن وزير الداخلية السبق زكي بدر الذي أقيل من منصبه بعد أن‬ ‫شطب كل السر الموجودة بكلية الهندسة وتغيير أسم ما تبقى منها بحيث‬

‫اشتهر بلقب (الوزير الشتام) أثناء خدمته بحكومة الدكتور عاطف‬ ‫ل يكون لها مدلول سياسي ‪ .‬وقد تنبأ له الجميع بكلية الهندسة في ذلك‬

‫صدقي ‪ .‬وقد نشأ إبنه أحمد زكى بدر متأثرا بوالده أى بالحس المنى‬ ‫الوقت بأن سيكون أصغر رئيس جامعة فى مصر المحروسة ‪ .‬ولكنه فاجأ‬

‫الذي زرع بداخله ‪ .‬ويعتقد البعض أن ذلك الحساس بدا واضحا فى‬ ‫الجميع وسافر للخارج للحصول على الدكتوراه وبعد عودته تولى رئاسة‬

‫تعامله مع الخر وخاصة معالجته لبعض المور خلل تعامله مع الطلبة‬ ‫أكاديمية أخبار اليوم في ‪ 6‬أكتوبر‪ ،‬وهناك مارس نفس التوجه‬

‫داخل الحرم الجامعي ‪ .‬بعد تخرجه من كلية الهندسة عين معيدا بها ‪ ،‬ثم‬ ‫واستمرت رئاسته للكاديمية لمدة ثلث سنوات بعدها عين نائب رئيس‬

‫حصل على درجة الماجستير منها ‪ ،‬وسافر للخارج للحصول على درجة‬ ‫جامعة عين شمس ‪ .‬وفى تلك المرحلة وقعت حوادث عنف هي الولى‬

‫الدكتوراه ‪ .‬وبعد عودته من الخارج فى عام ‪ 1997‬وحصوله على‬ ‫من نوعها بعد دخول جماعة من البلطجية(قال الطلبة وقتها أن المن‬

‫الدكتوراه عين رائدا لتحاد طلب كلية الهندسة لثلث سنوات متصلة‬ ‫مسئول عنها) إلى حرم الجامعة لضرب الطلبة المتظاهرين ضد الحكومة‬

‫استطاع خللها السيطرة تماما على الكلية من الناحية الأمنية ‪ ،‬وعلى حد‬ ‫وحدث هياج شديد داخل الجامعة لكن الدكتور أحمد إستطاع السيطرة‬

‫‪74‬‬
‫بقوة وحزم شديدين أذهلت الجميع ‪ .‬وبعد أقل من ستة أشهر من تلك‬ ‫أحمد زكي يماني‬
‫الحداث عين رئيسا لجامعة عين شمس خلفا للدكتور علي العبد ‪..‬‬
‫وزير النفط السعودي السبق‬
‫ويذكر فى هذا الخصوص أنه صدر قرار جمهوري بتعيين الدكتور أحمد‬
‫تلقى علومه بالمملكة العربية السعودية ثم في القاهرة ثم بأعرق‬
‫زكي بدر رئيسا لجامعة عين شمس بالرغم من وجود من هم أقدم منه‬
‫الجامعات البريطانية والمريكية ‪ ،‬وهو من السعوديين القلئل الذي دخلوا‬
‫ويسبقونه في السلك الكاديمي ‪ .‬وفور توليه رئاسة الجامعة ‪ ،‬قام‬
‫السلطة السعودية من بابها الواسع رغم أنه ليس من أبناء العائلة المالكة‬
‫الدكتور أحمد بزيادة أعداد رجال المن الذين تم تزويدهم بأجهزة لسلكي‬
‫‪ .‬ويمانى من عائلة متوسطة الحال ‪ ،‬ترعرع فى المجتمع المكى ‪ ،‬فقد‬
‫لطلعه بكل صغيرة وكبيرة تدور داخل الحرم الجامعى ‪ ،‬وهو ما يقدره‬
‫كانت والدته ربة منزل‪ ،‬ووالده يعمل بالقضاء حتى بلغ رئيسا له وكان‬
‫البعض ويرفضه البعض الخر‪ .‬ولضمان سير المور لستقرار الجامعة‬
‫فقيها شافعيا وتولى الفتاء للمذهب الشافعي وفى القضاء أيضا ‪ ،‬وكان‬
‫بإعتبارها "من وجهة نظره" جامعة للعلم وليس لممارسة السياسة قام‬
‫والده من علماء المسجد الحرام‪.‬‬
‫الدكتور أحمد بحركة تنقلت واسعة بين العاملين في الشئون الدارية‬
‫وأحمد زكى هو آخر البناء لذلك كانت والدته تهتم به بشكل خاص‪.‬‬
‫على مستوى الجامعة طالت هذه التنقلت السعاة وحرس الجامعة من‬
‫مارس في بداية حياته التدريس بالمدارس السعودية ثم المحاماة قبل أن‬
‫أجل مزيد من الستقرار والحرص على المن داخل الحرم الجامعى‪.‬‬
‫يصل إلى وزارة النفط والثروة المعدنية ‪ .‬وحرص في الكثير من محطات‬
‫ويذكر فى هذا الخصوص أنه قبل بداية العام الجامعي ‪ 2007‬ثم‬
‫حياته على انتقاد التزمت والتطرف والصولية ‪ .‬وكان ينشد حرية التعبير‬
‫استدعاء بعض الطلبة لمقرات أمن الدولة لتحذيرهم بعدم تكرار ما حدث‬
‫والفكر والممارسة ‪ .‬وعلى الرغم من أن أحمد زكى يماني ل يعتبر نفسه‬
‫في العام الماضي(عام ‪ )2006‬والمقصود بذلك أحداث الشغب التى وقعت‬
‫جزءا من المعارضة السعودية لكنه في كل ما يقول ويكتب منذ ترك‬
‫بين إتحاد الطلب الحر وبين بعض العناصر التى إعتدت على الطلب ‪،‬‬
‫السلطة يشير الى ذلك ‪ ،‬فوزير النفط السعودي السابق يدعو لصلح‬
‫والتى قال عنها إتحاد الطلب أنهم بلطجية تم استئجارهم ‪.‬‬
‫الكثير من المور في المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫عرف أحمد زكى يماني كيف يجمع ثورة كبيرة ‪ .‬ويقول في هذا‬

‫‪75‬‬
‫الخصوص أنه جمع ثروته من بيع الراضي وليس من النفط الذي تربع‬ ‫والعقاد وغيرهم ‪ .‬كما كنت أحب أن أعرف التيارات السياسية لنه لم‬
‫على عرشه طويل ‪ .‬يمتلك قصرا صغيرا بإحدى ضواحي لندن‬ ‫تكن هناك تيارات سياسية في مكة‪ ،‬وفعل دخلت فيما بين الشيوعيين‬
‫المعروف بعراقته وتاريخه وهو منزل بناه أسقف كانتربري في عهد‬ ‫لتعرف عليهم ولكني لم انتمى الى الحزب الشيوعي نظرا لخلفيتي الدينية‬
‫الملك هنرى الثامن واستمرت الملكية من شخص لشخص حتى سمي هذا‬ ‫( يذكر أن تعرفه على التيار الشيوعي تم عن طريق صديق له ينتمي إلى‬
‫البيت ويندلشام هوم والمنطقة كلها سميت بـ ويندلشام‪ .‬والقصر واحد‬ ‫هذا التيار‪ ،‬وكان لهذا الصديق شقيقة تعرف عليها احمد زكى عندما كان‬
‫من منازل كثيرة يتنقل بينها يماني خلل ممارسته نشاطاته الفكرية‬ ‫يتردد على منزل صديقه ‪ ،‬ويذكر أنها كانت قصة حبه الول ) ‪ .‬ويقول‬
‫والثقافية المتعددة التي احتلت مكان نشاطاته النفطية والسياسة‪.‬‬ ‫يمانى‪ :‬كما تعرفت على الخوان المسلمين وعلى الشيخ حسن البنا‬
‫أما عن الجوانب الفنية في شخصيته فالشيخ أحمد زكي يماني يحب‬ ‫وغيره ولكني لم انتمى الى الخوان المسلمين أيضا ‪.‬‬
‫الموسيقى والوبرا ويكتب الغنية وله أصدقاء ملحنون وأن اثنتين من‬ ‫وحول نشاطه بالقاهرة يقول احمد زكى‪ :‬أذكر أنني استأجرت طربوشا كي‬
‫بناته تجيدان الموسيقى‪.‬‬ ‫أصلى بأحد المساجد التابعة للقصر الملكي ولكي استمع الى خطبة الشيخ‬
‫عاما لدراسة القانون والبحث‬ ‫‪19‬‬ ‫اليماني ومصر‪ :‬قصد القاهرة وعمره‬ ‫شلتوت ‪ ،‬كما استأجرت بدلة سموكن كي احضر حفلت أوبرا القاهرة‬
‫عن فكر جديد وتيارات سياسية وفكرية وثقافية وفنية‪ .‬كانت مصر آنذاك‬ ‫التي لم تكن تختلف أبدا عن أوبرا باريس ‪ ،‬وأذكر أنني بهرت بالوبرا‬
‫تغلي بالفكار السياسية والتيارات الدبية والفكرية المتعددة ‪ ،‬وهكذا ترنح‬ ‫وبالداء وبالناس والفخامة والبهاء والروعة ‪ .‬كل ذلك حدث وأنا طالب‬
‫طموح الشاب أحمد زكي يماني بين الشيوعية التي كانت في أوجها آنذاك‬ ‫بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الول (القاهرة حاليا) ‪ .‬ول تزال للشيخ‬
‫تارة والخوان المسلمين الذين راحوا ينتشرون بسرعة كبيرة في‬ ‫أحمد زكي يماني جذور كثيرة فى مصر وغالبا ما يقول الشيخ يماني إنه‬
‫المجتمع المصري بزعامة الشيخ حسن البنا تارة أخرى ‪ .‬ومن السياسة‬ ‫سعودي الجنسية مصري الهوى وهو ما أكد عليه خلل افتتاح قاعة‬
‫إلى الفن حيث كان يتنقل بين أم كلثوم مرة ودار الوبرا المصرية مرة‬ ‫سميت بإسمه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة حيث تم تكريمه في عام‬
‫ثانية‪ .‬ويقول احمد زكى فى هذا الخصوص‪ :‬جئت من مكة إلى مجتمع‬ ‫وكان الوحيد من غير المصريين الذي كرم بين كبار الدباء‬ ‫‪2005‬‬

‫منفتح يختلف عن مجتمع مكة‪ ،‬فكنت أسعى إلى محاضرات طه حسين‪،‬‬ ‫والمفكرين والشعراء المصريين وقد منحته الكلية شهادة الدكتوراه‬

‫‪76‬‬
‫الفخرية ‪ .‬وفى هذا الخصوص يقول احمد زكى‪ :‬منحت شهادات الدكتوراه‬ ‫يذكر أن أول ما قام به بعد عودته من القاهرة هو العمل على إنشاء‬
‫الفخرية من عدة جامعات بأميركا الشمالية والجنوبية ومن أوروبا وأسيا‬ ‫جمعية الخريجين الجامعيين ‪ ،‬وكان من أهدافها التدريس بالمدارس‬
‫والشرق الوسط ‪ ،‬وتقلدت أوسمة كثيرة من دول عظمى ودول صديقة‬ ‫المسائية‪ .‬وكان احمد زكى يقوم بتدريس نظم سياسية وأفكار قانونية ‪.‬‬
‫ولكني وال أُشهدكم وأُشهد ال أن تكريم جامعتي (جامعة القاهرة) هي‬ ‫موقفه من الممارسات الدينية‪ :‬لم يمانع أحمد زكي يماني من الحتفال‬
‫أكرم وأعظم على نفسي‪.‬‬ ‫بمولد الرسول ‪ ،‬أو الحتفال بغزوة بدر ‪ .‬ويقول فى هذا الصدد ‪ :‬إن تلك‬
‫تأثر أحمد زكى يماني الى حد بعيد بالدكتور طه حسين وبحمزة شحاتة‬ ‫الحتفالات تعني الحنين إلى الماضي والحتفال بالذكريات‪ ،‬كما يرى‬
‫وغيرهم ‪ ،‬وكان يعيش هذه التجربة بحذافيرها بمعني أنه كان يذهب الى‬ ‫يمانى أن الثار السلمية يجب أن تبقى حتى يرى المسلم آثار الدين‬
‫تلك اللقاءات الفكرية ‪ ،‬كما كان يحضر تلك الندوات‪(.‬يذكر أن حمزة‬ ‫على الطبيعة مثل السلم ‪ .‬ويؤكد يمانى أن أهم الثار السلمية هى‬
‫شحاتة كان من أهالي مكة ولكنه تركها وحضر الى القاهرة للعيش فيها)‪،‬‬ ‫البيت اللي عاش فيه الرسول مع زوجته السيدة خديجة رضي ال عنه‬
‫كما تأثر بالدكتور عبد الوهاب خلف أستاذ الشريعة السلمية بجامعة‬ ‫سنة من حياته) ‪ ،‬ولكن هذا الثر الهام من هذا البيت‬ ‫‪28‬‬ ‫(عاش فيه نحو‬
‫القاهرة ‪ .‬بعد انتهاء الدراسة بالقاهرة عاد احمد زكى يمانى الى‬ ‫قد أزيل ‪ .‬وقد قام يمانى بتصوير بيت رسول ال ‪ .‬يذكر أنه تم البحث‬
‫السعودية حامل داخله العديد من الفكار التغييرية بدءا من الشيوعية إلى‬ ‫فى آثار البيت وعثر على قطعة من الحوض الذى كان يوجد به الماء‬
‫أفكار طه حسين والخوان المسلمين وغيرها‪ .‬وكانت رغبته جادة في‬ ‫وكان الرسول يتوضأ منه ‪ ،‬كما تم العثور على نصف الرحى التي كانت‬
‫التثقيف والتعليم وأن يعمل معلما بأحد المدارس السعودية ‪ ،‬لكن‬ ‫السيدة فاطمة رضي ال عنها تطحن فيها القمح ‪ .‬يذكر أن المنزل الذى‬
‫مجموعة من المسئولين في مكة وعلى رأسهم الشيخ حسين جستانية‬ ‫يسكن فيه أحمد زكى يمانى حاليا ( تسعى الدولة الى هدمه على الرغم‬
‫الذى كان يعمل مديرا عاما لوزارة المالية فى ذلك الوقت استطاعوا‬ ‫من كونه منزل أثرى) كان يسكنه أخر ملوك الهاشميين بالحجاز‪ ،‬وفي‬
‫جميعا أن يجذبوه للعمل بوزارة المالية لكنه اشترط عليهم أن يقوم‬ ‫بداية العهد السعودي كان يسكن نفس المنزل المير فيصل الذى أصبح‬
‫بالتدريس صباحا ثم العمل بوزارة المالية مساء بمدرسة الفلح ‪ .‬فى‬ ‫ملك البلد بعد ذلك ‪ ،‬وقد ولد فى نفس المنزل بعض أولد الملك فيصل‬
‫الوقت نفسه كان يقوم بدراسة التفسير والحديث وتعلم اللغة الفرنسية ‪.‬‬ ‫ومنهم المير خالد الفيصل ‪ .‬عمل يمانى مستشارا قانونيا فى المديرية‬

‫‪77‬‬
‫العامة للزيت والمعادن ‪ ،‬وبعد ذلك عمل وزيرا للدولة ‪ ،‬وكانت من مهام‬ ‫وبالنسبة لشركة بترومين ‪ ،‬فقد كان هناك شخص من أصل مصرى‬
‫أعماله أمور النفط وذلك قبل أن يصبح المير فيصل ملكا ‪.‬‬ ‫يدعى أحمد زكى سعد محل احترام وتقدير من المير فيصل فى ذلك‬
‫علقة يمانى بالملك فيصل‪ :‬كانت علقة متميزة خاصة أن الملك فيصل‬ ‫الوقت نصح المير فيصل بعدم إنشاء الشركة الوطنية وكان منتدبا من‬
‫منح أحمد زكى يمانى ثقته‪ ،‬لذلك أعطاه اليمانى كل وقته وإخلصه‬ ‫صندوق النقد الدولي ‪ ،‬لكن المير فيصل أصر على إنشاء الشركة‪ .‬وأول‬
‫وولئه ‪ .‬ويقول اليمانى عن الملك فيصل‪ :‬لم يضع الملك فيصل خطوطا‬ ‫المور التي أزعجت الشركة المريكية أرامكو والوليات المتحدة هو قرار‬
‫حمر ‪ ،‬فقد كان رجل بكل المعانى ‪ ،‬واذا أقنعته بشىء وقف ودعم وساعد‬ ‫وزير النفط السعودي أحمد زكى يمانى بأل تكون الحكومة السعودية طرفا‬
‫فى المجال المراد ‪ .‬ومنذ أن عينه المير فيصل وزيرا للبترول قام يمانى‬ ‫في التحكيم ‪ ،‬ومَن يقرأ التفاقية الولى لمتياز أرامكو في نهاية‬
‫بالتشديد على البنية البشرية ثم الخبرة العملية ‪ ،‬كما طالب اليمانى‬ ‫الثلثينيات يدرك كم أن هذه الشركة كانت ذات سطوة كبيرة على المملكة‬
‫بإنشاء معهد البترول الذي أصبح فيما بعد جامعة البترول والمعادن ‪،‬‬ ‫السعودية ونفطها طالما أنها مصدر المال الرئيس فى النفط ‪ .‬كان للشركة‬
‫وطالب أيضا بإنشاء الشركة الوطنية للبترول التي أصبحت فيما بعد‬ ‫المريكية أجهزتها الفاعلة واستخباراتها ولديها قوة تمنع أي شخص من‬
‫بترومين أى المؤسسة العامة للبترول والمعادن ‪ .‬وقد كان هناك‬ ‫التدخل في شؤونها وكانت المعادلة معقدة بين الحصول على المال‬
‫إعتراضات على مقترحات اليمانى خاصة من قبل شركة أرامكو بالذات‬ ‫والتخلي عن بعض السيادة‪.‬‬
‫والشركات النفطية الكبيرة ‪ ،‬لكن المير فيصل (كان أميرا فى ذلك الوقت)‬ ‫وبخصوص إنشاء أول محكمة سعودية تخضع لها أرامكو‪ ،‬قال يماني ‪:‬‬
‫أعطي كل الدعم الممكن لليمانى خاصة تجاه الجامعة ‪ .‬وعندما إفتتح‬ ‫كانت شركة أرامكو دولة داخل الدولة ‪ ،‬ترفض الخضوع للقانون‬
‫معهد البترول طالب اليمانى أن يكون المعهد بإسم الملك فيصل ‪ ،‬لكن‬ ‫السعودي‪ ،‬لذلك حاولت إنشاء محكمة مختلطة تخضع لها شركة أرامكو‬
‫الملك رفض بشدة ‪ .‬يذكر أن المعهد بدأ بإسم كلية البترول والمعادن‪،‬‬ ‫في السعودية‪ ،‬لكن أرامكو إشترطت ان تضم المحكمة الجديدة رموزا من‬
‫وفي المرحلة الثانية تم إنشاء كلية هندسة وكلية هندسة تطبيقية وكلية‬ ‫رجال الفكر القانوني ‪ ،‬ولذلك ذهبت الى أستاذي السنهوري باشا‬
‫علوم ‪ ،‬وبذلك أصبح بمثابة جامعة ‪ .‬والغريب أنه بعد وفاة الملك فيصل‬ ‫المصري وشرحت له المر فاقتنع ووافق على أن يكون عضوا فى هذه‬
‫رفع إسم أحمد زكى يمانى من الجامعة ومن أشياء أخرى كثيرة‪.‬‬ ‫المحكمة ‪ ،‬كما ذهبت الى أستاذي دين جريسويل عميد كلية الحقوق‬

‫‪78‬‬
‫بجامعة هارفارد عندما كنت أدرس هناك وشرحت له المر فوافق ‪،‬‬ ‫الملك فيصل قائل ‪ :‬إذا استمر‪ .‬فقال له اليمانى ‪ :‬الن ‪ ...‬الستمرار‬
‫وعليه وافقت شركة أرامكو على السنهوري باشا ودين جريسويل ‪ ،‬لكن‬ ‫ليس له مغعول ‪ ،‬ولن يؤدي إلى النتيجة المرجوة يا مولى‪ .‬فسأله‬
‫موقف السلطات السعودية كان مختلفا تماما فقد رفضت السلطات‬ ‫الملك‪ :‬وما الذى تحتاجه الن يا يمانى؟ ‪ .‬أجاب اليمانى ‪ :‬نحتاج الى‬
‫السعودية تلك المحكمة واعتبرتها خروجا عن الشريعة السلمية‬ ‫إصدار دعم من جللتكم لموضوع المشاركة؟ فهز الملك فيصل رأسه‬
‫وتطبيقها ‪ ،‬ونظروا الى تلك المحكمة على أنها بداية إنشاء قضاء آخر‬ ‫وقال وهو يبتسم قليل ‪ :‬إذن اكتب هذا الدعم ؟‪ .‬وكتب يمانى الدعم‬
‫بالمملكة السعودية ‪ .‬وهكذا رفضت المحكمة ‪ ،‬ولو تمت الموافقة‬ ‫وتمثل فى أن المملكة العربية السعودية تحرص على أواصر الصداقة مع‬
‫لصبحت بداية انطلقة حقيقية نحو سيادة القضاء السعودي وإستقلله ‪.‬‬ ‫الوليات المتحدة ‪ ،‬وأن التعاون مع شركات البترول يعنى الحرص على‬
‫وعند طرح فكرة المشاركة فى النفط بين السعودية وأرامكو والحد من‬ ‫مصالحها ومصالحنا فى نفس الوقت ‪ ،‬وأنه لتحقيق مصالحنا الشرعية‬
‫صلحيات الشركة تدخل البيت البيض وأرسل رسالة شخصية الى الملك‬ ‫فإننا نسعى الى الشراكة مع الوليات المتحدة ‪ .‬وأخذ الملك فيصل ما كتبه‬
‫فيصل‪ .‬حمل السفير المريكى رسالة مكتوبة تلها على الملك فيصل‬ ‫اليمانى وقال لحد الحاضرين ‪ :‬أعطنى وزارة العلم ( كانت الذاعة فى‬
‫تقول‪ :‬إن أحمد زكي يماني يسعى إلى زعزعة العلقات بين الوليات‬ ‫ذلك الوقت) كى تبث الخبر ‪ ،‬ثم أخذ يمانى الرسالة وقام بترجمتها الى‬
‫المتحدة وبين المملكة العربية السعودية وضد فكرة الشراكة بين البلدين ‪،‬‬ ‫النجليزية ‪ ،‬وذهب بالرسالة إلى الجتماع مع ممثلى شركات أرامكو‬
‫وقد سجل أحمد يمانى هذه الرسالة لنها تليت بالنجليزي ثم ترجمت إلى‬ ‫الربعة ‪ .‬وبعد المفاوضات أعلن ممثلى تلك الشركات رفضهم للشراكة ‪.‬‬
‫العربية ‪ .‬وطلب الملك فيصل بسرعة إحضار يمانى إليه في صباح اليوم‬ ‫فقال لهم اليماني ‪ :‬إن هناك بيانا من الديوان الملكي سوف يصدر بعد‬
‫الذى ستبدأ فيه المفاوضات بمدينة جدة مع ملك شركة أرامكو لبحث‬ ‫ساعتين وأتمنى أل تفاجئوا به‪ .‬وترك يماني الجتماع وخرج ‪.‬‬
‫موضوع الشراكة‪ ،‬وقرأ الملك فيصل تلك الرسالة على يمانى ثم طلب‬ ‫وحول تحديد سعر النفط يقول يمانى ‪ :‬لقد مر بمراحل ثلثة الولى عندما‬
‫منه قراءتها ثانية ‪ .‬وبعد النتهاء من قراءتها قال له يمانى ‪ :‬ماذا‬ ‫كانت شركات البترول تقوم بمفردها بتخفيض السعار وهو ما يؤدى‬
‫سنفعل الن ؟ فقال له الملك فيصل ‪ :‬هل تعتقد أن هذه الشراكة مهمة‬ ‫بالتالي إلى نقص إيرادات الدولة ‪ .‬والمرحلة الثانية جاءت مع بداية‬
‫جدا لمصلحة المملكة؟ فقال له يمانى ‪ :‬نعم قطعا يا مولى ‪ .‬فرد عليه‬ ‫السبعينات عندما بدأت المملكة في تحديد سعر النفط فيما بيننا كمنتجين‬

‫‪79‬‬
‫وبين شركات البترول ‪ ،‬وتم ذلك فى اتفاقية طهران ثم اتفاقية طرابلس ‪.‬‬ ‫المحتلة ‪ .‬وفى الوليات المتحدة إلتقى يمانى بكل من وزير الخارجية‬
‫عندما إتخذت الجراءات‬ ‫‪1973‬‬ ‫أما المرحلة الثالثة فكانت فى عام‬ ‫روجرز ووزير الدفاع جيمس سلنجر ووزير الخزانة شولت ‪ ،‬ثم إجتمع‬
‫‪ ،‬وقد رفضت شركات البترول‬ ‫‪1973‬‬ ‫أكتوبر‬ ‫‪6‬‬ ‫البترولية عند نشوب حرب‬ ‫بمستشار المن القومى هنرى كيسنجر الذى طلب من يمانى عدم إخبار‬
‫المشاركة في تحديد السعر آنذاك ‪ ،‬وعليه قامت الدول المنتجة للبترول‬ ‫أحد بما جاء من أجله الى الوليات المتحدة ‪ .‬ومع ذلك قام يمانى‬
‫‪1973‬‬ ‫أكتوبر سنة ‪ .1973‬ولكن فى حرب عام‬ ‫‪16‬‬ ‫بتحديد سعر النفط يوم‬ ‫بتسريب أخبار إلى صديق له يعمل صحفيا بجريدة الواشنطن بوست التى‬
‫كان موقف الملك فيصل مغاير لمواقف أولئك الراغبين بقطع النفط أو‬ ‫نشرت ما قاله كيسنجر لليمانى ‪ .‬وعلى الفور نشر الخبر بصدر صفحاتها‬
‫رفع أسعاره أو معاقبة أميركا بسبب دعمها لسرائيل ‪ .‬ويقول أحمد زكي‬ ‫الولى ‪ ،‬وفيه قالت ‪ :‬أن يماني جاء الى الوليات المتحدة كي ينقل رسالة‬
‫يماني فى هذا الخصوص ‪ :‬أنا أجزم قطعا أن الملك فيصل كان يعلم‬ ‫من الحكومة السعودية مؤداها ‪ :‬إن لم تنشط الحكومة الميركية في العمل‬
‫بموعد حرب ‪ .1973‬والمور التى تؤكد ذلك ‪ ،‬أن الملك فيصل طلب منى‬ ‫على إزالة الحتلل عن الراضي المحتلة فهناك تصرفات غير ودية‬
‫حضور مؤتمر أوبك بسان فرانسيسكو على مضض ‪ ،‬وطلب منى أيضا‬ ‫سوف تتم ‪ .‬وعندما نشر الخبر قال الملك فيصل لليمانى ‪ :‬ليش أذعت‬
‫بعد إنتهاء اليوم الول العودة فورا الى الرياض ‪ .‬وعندما قلت له سوف‬ ‫هذا الخبر ‪ .‬فقال له اليمانى ‪ :‬لن كيسنجر كان يريد منى أن أخفى‬
‫أذهب الى فيينا برئاسة لجنة التفاوض على السعار مع شركات البترول‬ ‫الخبر عن الرئيس المريكى ‪ .‬فوافق الملك فيصل على ما فعل اليمانى ‪.‬‬
‫رد على قائل ‪ :‬ل تذهب الى فيينا ‪ .‬ولكن عندما شرحت له الموقف وقلت‬ ‫أما رد فعل كيسنجر والبيت البيض على نشر الخبر فيقول يمانى ‪:‬‬
‫له‪ :‬اذا لم أذهب الى فيينا فسوف يفسر ذلك بأننا ضد رفع السعار ‪.‬‬ ‫البيت البيض قرر أنهم سوف يحتلون المملكة العربية السعودية‬
‫وعليه سمح لى على مضض بالذهاب الى فيينا ‪ .‬ويضيف يمانى ‪ :‬لقد‬ ‫والكويت والمارات ‪ ،‬وبالفعل تألفت لجنة في أميركا وأنا أعرف أسماء‬
‫كى‬ ‫‪1973‬‬ ‫أرسلنى الملك فيصل الى الوليات المتحدة فى شهر أبريل عام‬ ‫اللجنة‪ ..‬أما تهديد كيسنجر ‪ ،‬فقد كان مجرد تهديد عادى دون الشارة‬
‫أقول للمريكان ‪ :‬ل تعتمدوا على تصرفات الصداقة خاصة اذا كنا‬ ‫الى تدخل عسكرى ‪ .‬ويضيف يمانى كان ردى على ذلك هو‪ :‬ل تلعبوا‬
‫نتحدث عن الشئون البترولية‪ .‬وأنه بمكننا فقط التحدث عن الصداقة فى‬ ‫بالنار‪ .‬أما عن موقف الدول العربية فيقول يمانى ‪ :‬طالبت بعض الدول‬
‫حال ما إذا حلت قضية الشرق الوسط وأزيح الإحتلل عن الراضي‬ ‫العربية بتأميم شركات البترول ‪ ،‬وكان هذا رأى العراق أو أننا نسحب كل‬

‫‪80‬‬
‫أرصدتنا من الغرب ونقاطعهم وكان هذا رأى ليبيا ‪ .‬أما الموقف‬ ‫وكان الرئيس السادات مع رفع السعار ‪ ،‬لكن الملك فيصل كان‬ ‫‪1974‬‬

‫السعودى فقد تمثل فى التى كما يقول يمانى‪ :‬لقد وضعت خطة سعودية‬ ‫رافضا لذلك ‪.‬‬
‫مع صديقين آخرين لى هما خضر حرز ال والخر صديق مصرى إسمه‬ ‫عملية إختطاف يمانى ومحاولة إغتياله‪ :‬إختطف أحمد يمانى في عام‬
‫نور الدين فراج وقد حملت هذه الخطة معى الى الملك فيصل والخطة‬ ‫من قبل إيليتش راميريز سانشيز المعروف بكارلوس الذي كان‬ ‫‪1975‬‬

‫هى‪ :‬تخفيض إنتاج البترول شهريا بنسبة ‪ %5‬وهكذا يعني أن الضغوط‬ ‫ملتحقا بالعمل الفدائي الفلسطيني فى ذلك الوقت ‪ ،‬وكاد يمانى أن يلقى‬
‫سوف تزداد تدريجيا على الدول الغربية مما يدفعها للموافقة على‬ ‫حتفه أثناء اجتماع وزراء أوبك الشهير في فيينا ‪ .‬ويقول أحمد زكي‬
‫الدخول فى حل المشكلة برمتها ‪ ،‬وكان الهدف منها استخدام البترول‬ ‫ساعة في ضيافة كارلوس الذى‬ ‫‪47‬‬ ‫يماني فى هذا الخصوص ‪ :‬قضينا‬
‫ليس كسلح ولكن كأداة سياسية لشعار الرأي العام في الغرب أن هناك‬ ‫أخبرني من اليوم الول أنه سوف يقتلنى في نهاية المطاف ‪ .‬وكان‬
‫مشكلة ما بين إسرائيل وبين العرب ‪ .‬ويضيف يمانى ‪ :‬لكن بعض‬ ‫وزراء أوبك مجتمعين في فيينا لتدارس شؤون النفط والسعار والنتاج‬
‫الخوة من الدول العربية رفضوا الخطة السعودية وقرروا النسحاب ‪.‬‬ ‫حين وقع الهجوم الذي هز العالم عندما إقتحم مسلحون مؤتمر وزراء‬
‫لذلك قرر الزعماء العرب الجتماع ثانية تحت مظلة أوابك (منظمة‬ ‫أوبك وبدؤوا بإطلق النار على الجميع فى غرفة الجتماعات وكان‬
‫القطار العربية المصدرة للبترول) لبحث الموقف العربى ‪ .‬ويؤكد يماني‬ ‫المؤتمر الوزاري منعقدا وطلبوا من الجميع النزول أسفل الطاولة ‪.‬‬
‫‪ :‬كان المريكان يعلمون جيدا أن الشارع العربي وحتى المثقفين العرب‬ ‫وبالفعل نزل الجميع أسفل الطاولة‪ .‬بعد ذلك تم تقسيم الحاضرين الى‬
‫يأملون فى إرتفاع أسعار البترول حتى يحصلوا على أموال أكثر من هذه‬ ‫ثلثة أقسام ‪ :‬الول يتكون من الوزير السعودى ونظيره اليرانى وقد‬
‫الدول المبريالية في الغرب ‪ ،‬وكان هؤلء يؤمنون أن من يرفض رفع‬ ‫وضع أسفل كرسيهما والمنضدة التى يجلسان عليها عدد من القنابل ‪،‬‬
‫السعر مثل يمانى يعد عميل للستعمار والمبريالية ‪ ،‬لذلك فشلت الخطة‬ ‫والثانى يتكون من أعضاء الوفدين السعودى واليرانى ‪ ،‬والثالث لبقية‬
‫السعودية ‪ .‬فى الوقت نفسه وافقت كل من الجزائر وليبيا وايران على‬ ‫العضاء الحاضرين من المحايدين ‪ .‬ويقول يمانى ‪ :‬أذكر جيدا أنه كان‬
‫رفع السعر وهو ما كانت تريده الشركات المريكية والدارة المريكية‬ ‫يوجد مع مجموعة كارلوس شاب فلسطيني عنده لوثة(شبه مختل عقليا)‬
‫أيضا ‪ ،‬وهكذا أعلنت الدول العربية رفع السعار البترولية إبتداء من عام‬ ‫وكان في يده سلكتان من الكهرباء ‪ ،‬واذا إلتقى هاتان السلكتان فسوف‬

‫‪81‬‬
‫تنفجر القنابل الموضوعة أسفل الكراسى التى نجلس عليها ‪ .‬ويضيف‬ ‫الورق وبدأت فى كتابة وصيتى وكان ينتابنى شعور عجيب ‪ ،‬فلم أفكر في‬
‫يمانى ‪ :‬لذلك قلت لـ كارلوس شوف هذا(يشير يمانى بيده الى ذلك‬ ‫الموت وإنما كنت أفكر في والدتي وفي زوجتي ‪ ،‬كما كنت أفكر في‬
‫الشاب الفلسطينى ) ‪ .‬فرد كارلوس على قائل ‪ :‬إيه خائف ؟‪ .‬فأجبته‬ ‫أولدي أيضا ‪ ...‬كنت ‪ ..‬كنت أفكر فى الشياء التي طالما كنت أتتمنى‬
‫بصوت مرتعش ‪ :‬ل أنا خايف عليك إنت لنه إذا انفجرت القنابل ‪ ..‬كل‬ ‫القيام بها ذات يوم ولكنى لم أقم بها ل سباب ما كان ينبغى أن أجعلها‬
‫اللي في الحجرة سينتهي إلى الموت بما فيهم أنت‪ .‬نظر كارلوس مليا الى‬ ‫توقفنى عما كان يجب القيام بها ‪ ،‬والن ضاع كل شىء ‪ ...‬كنت حزينا‬
‫يمانى وهو يضحك بصوت عال ‪ ،‬ثم ذهب الى الشاب الفلسطينى وأخذ‬ ‫للغاية ‪ ..‬أشياء كثيرة كانت تشغل بالي وأنا أكتب وصيتي وأنظر فى‬
‫منه السلك الكهربية وهو ينظر الى يمانى كى يطمأنه بأن الجميع لن‬ ‫ساعتى تارة واتحسس بيدى الخرى رأسى وجسدى ‪ ..‬لم أشعر بشىء‬
‫يموتون ‪ .‬ويستمر يمانى فى حديثه حول محاولة إختطافه قائل‪ :‬وفى‬ ‫حولى سوى ذاتى ‪ ..‬فها هى الساعة تقترب من الرابعة والربع ثم‬
‫الساعة الثالثة عصرا جاء لي كارلوس ومعه بعض الوراق وقلم وقال‬ ‫الرابعة والثلث ‪ ...‬أشعر بإختناق ‪ ..‬ل‪ ..‬ل‪ ..‬بل أشعر بالظمأ ‪ ..‬يا إلهى‬
‫لي‪ :‬أكتب مذكرة سياسية موجهة للحكومة النمساوية كى تذيعها ‪،‬‬ ‫لقد إقترب مؤشر الساعة من الرابعة والنصف إل خمس دقائق ‪ ...‬كل‬
‫وأخبرهم فيها أنه فى حال عدم إذاعة الخبر قبل الساعة الرابعة‬ ‫ذلك وأنا أنظر ناحية كارلوس متمنيا تناسيه لوعده أو للصفح عنى‬
‫والنصف فسوف نقوم بإعدامك ونرمي بجثتك الى الشارع‪ .‬وبالفعل كتبت‬ ‫وإختيار ضحية أخرى ‪ ...‬يا نهار أسود إنه قادم نحوى ‪ ..‬وجاء‬
‫الخبر الذى طلبه منى وأعطيته الورقة المكتوبة ‪ .‬ويضيف يمانى ‪:‬‬ ‫كارلوس وخبط علي فرفعت رأسى نحوه وقلت له وأنا أنظر فى ساعتى‪:‬‬
‫وعندما صارت الساعة الرابعة ولم تذع المذكرة جاء كارلوس وقال لي ‪:‬‬ ‫لسه شوية ‪ .‬لكنه قال لي‪ :‬ل‪ ..‬لك مدة أطول لن الذاعة النمساوية‬
‫أمامك نصف ساعة وستقتل ‪ ،‬فطلبت منه أن يمهلنى بعض الوقت كى‬ ‫أذاعت الخبر ‪ .‬تنفست الصعداء ‪ ..‬وبيدى اليمنى تحسست صدرى وقلبى‬
‫أكتب وصيتي ‪ .‬فقال لي وهو يبتسم ‪ :‬ل مانع ‪ ،‬ثم أعطاني مزيدا من‬ ‫الذى كان يدق بعنف ‪ ..‬وبيدى اليسرى مسحت العرق المتصبب من‬
‫الورق ‪ ،‬ونظرت حولى فوجدت صديقي خضر حرس ال الذى كان معى‬ ‫جبينى بغزارة ‪ ..‬وقلت فى نفسى‪ :‬لقد امتدت حياتك يابو حميد (كما يقول‬
‫بالجتماع ويجلس بجوارى يقول لى بتأثر ‪ :‬أوعدك بإننى سآخذ الوصية‬ ‫المصريون ) ربما لساعات أخرى أو ليوم آخر وربما أكثر ‪ .‬ومع تطور‬
‫وأعطيها لهلك ‪ .‬ويقول اليمانى ‪ :‬ونظرت الى صديقى ‪ ،‬ثم نظرت الى‬ ‫الحداث سريعا وبعد مقتل أحد الرهائن وبالتفاق مع الحكومة النمساوية‬

‫‪82‬‬
‫تم نقل المختطفين على متن طائرة خاصة ذهبت بهم الى شمال أفريقيا‬ ‫حاد بينهم جميعا داخل الطائرة ‪ .‬وهنا يقول يمانى ‪ :‬كنا نراهم يتحدثون‬
‫وتحديدا الراضى الليبية ‪ ،‬ولكن الحكومة الليبية رفضت هبوط الطائرة‬ ‫بجوار كابينة القيادة وكان صوتهم عال وعنيف ‪ ..‬ثم صاد صمت رهيب‬
‫بمطارها وكان كارلوس منزعجا جدا من رفض الليبيين فعاد كارلوس‬ ‫‪ ..‬وبعد لحظات شديدة اللم شاهدنا كارلوس يتجه ناحيتنا حامل رشاشه‬
‫بالرهائن إلى الجزائر‪ .‬وفي الجزائر قرر كارلوس ومن معه من‬ ‫وفوهته بإتجاهنا ‪ ..‬ثم تخطى الجميع حتى وصل ناحيتى وتوقف أمام‬
‫الفلسطينيين الخاطفين وهم يتحدثون بمدخل الطائرة بالقرب من باب‬ ‫الكرسى الذى أجلس عليه وصرخ في وجهي وقال لي ‪ :‬إنهض ‪ ..‬وبدأ‬
‫القيادة أنهم سيقومون بإعدام السعودي واليراني ويطلقوا سراح الخرين‬ ‫يهاجمني بطريقة عنيفة ‪ ...‬ويجذبنى للمام وهو يقسم بشرفه أنه‬
‫‪ .‬كانت هناك أجهزة تنصت وضعت بالطائرة بمعرفة الستخبارات‬ ‫سيقتلني في أسرع مما أتصور‪ ...‬كل ذلك يحدث بينما كانت نظراتي‬
‫الجزائرية فور وصولها الى أرض المطار قد رصدت تلك المحادثات ومن‬ ‫على فوهة الرشاش الموجهة ناحيتى وأنا فى حالة النزعاج ل أستطيع‬
‫خللها علمت الجهزة الجزائرية بخطة كارلوس ‪ .‬وهنا يقول يمانى‪:‬‬ ‫وصفها‪ ..‬ثم صرخ فى وجهى ثانية وهو يقول لي ‪ :‬ل تنظر الى الرشاش‬
‫سمعنا صوت أحمد هداية رئيس المن الخاص بالستخبارات الجزائرية‬ ‫فلن أقتلك الن ‪ ..‬ورفع سببابته اليسرى وهو يقول‪ ..‬لكن قريبا جدا‬
‫يطلب من كارلوس النزول من الطائرة للحديث معه ‪ ...‬وبالفعل نزل‬ ‫ستقتل‪ ...‬فى تلك الثناء وصلت الى باب الطائرة ‪ ..‬ثم أمرنى بالنزول ‪..‬‬
‫كارلوس وذهب إليه ‪ .‬تبين بعد ذلك أن هداية أخبر كارلوس بأن الرئيس‬ ‫فأطعت ‪ ..‬ثم قال لى توقف ‪ ..‬فأطعت ‪ ..‬ونظرت خلفى فوجدت كارلوس‬
‫بوميدين يبلغه بالتى ‪ :‬إذا قتلت أحمد يماني فسوف يقتلك بالمقابل مها‬ ‫يهبط خلفى أول وخلفه زملئه الخاطفين ‪ ،‬ومن بعدهم نزل جميع من كان‬
‫كانت النتائج ‪ .‬فقال كارلوس لـ هداية ‪ :‬هذا مستحيل ‪ ..‬أتقتلوا واحد‬ ‫معنا على متن الطائرة ‪ .‬وعلمنا ساعتها أنه أطلق سراحنا عندما وجدنا‬
‫ثوري مثلي مقابل إقطاعي مثل يماني‪ .‬فقال له هداية ‪ :‬هذا ما قاله لى‬ ‫الخ بوتفليقة قادم نحونا ونحن بأرض المطار‪ ..‬ثم أخذنا وذهبنا معه‬
‫الرئيس الجزائرى بالضبط ويمكنك أن تحدثه بنفسك الن ‪ .‬وبالفعل‬ ‫إلى قاعة كبيرة وجلس الرجل في الوسط وأنا على يمينه والوزير‬
‫اتصل هداية بالرئيس بوميدين وأعطى الهاتف لـ كارلوس الذى سمع‬ ‫اليراني على يساره ‪ .‬وبعد بضع دقائق جاء أنيس نقاش وكان اسمه‬
‫صوت أبو مدين وهو يؤكد له صدق ما قاله هداية له ‪ .‬ورجع كارلوس‬ ‫الحركي خالد ‪ ،‬وتناقش مع بوتفليقه‪ ،‬ولكن أثناء حديثه كان ينظر‬
‫الى الطائرة وأخبر مجموعة الخاطفين التى معه بما حدث ‪ .‬وصار نقاش‬ ‫ي ومنها إني مجرم وإني كذا وكذا وكانت‬
‫ناحيتى ويتفوه بألفاظ تسيء إل َ‬

‫‪83‬‬
‫يده تتحرك بعصبية بإتجاه ملبسه ‪ .‬وهنا أدرك بوتفليقه أن الرجل يريد‬ ‫زكي يماني هو الوسيط بين عرفات والملك فيصل ‪ .‬وتقدم عرفات آنذاك‬
‫إستخدام شيئا ما ضدى ‪ .‬لكن بوتفليقه وبذكاء كبير أعطى الرجل أحد‬ ‫ببعض المطالب التي يبدو أنها لقت تجاوبا سريعا من الملك فيصل بعد‬
‫أكواب العصير وقال له‪ :‬اشرب العصير يا خالد ‪ ..‬وأخذ خالد العصير ثم‬ ‫إجتماع دام نحو ثلث ساعات كان الملك فيصل ينصت بإهتمام الى‬
‫نظر فيه مليا ‪ ،‬ووضعه على الطاولة وتركنا ومشي وهو يتحدث بأشياء‬ ‫مشروع عرفات التحررى وعن منظمته ودورها المستقبلى ‪ .‬وفى نهاية‬
‫غير مفهومة ‪ ،‬ولما وصل خالد الى الطائرة وصعد سللمها شاهدت‬ ‫اللقاء أبدى الملك فيصل إعجابه بمشروع عرفات وقرر دعمه ومن معه‬
‫رجلين من الحرس الجزائري قاما بإيقافه وأخرجا من ملبسه مسدسا‬ ‫من الفلسطينيين المخلصين‪ ،‬ويرجع الفضل فى ذلك الى الدور الذى لعبه‬
‫فى تلك الثناء خرجت‬ ‫كان يريد استخدامه ضدى لول ذكاء بوتفليقه ‪.‬‬ ‫أحمد زكى يمانى دون مبالغة ‪ .‬وهكذا حصل عرفات على الدعم المالى‬
‫بعض التحليلت أثناء إختطاف وزراء أوبك تشير الى أن مَن كان وراء‬ ‫وعلى قطعة أرض فى منطقة تبوك بغرض تدريب الفلسطينيين عليها ‪،‬‬
‫الختطاف هو العقيد معمر القذافي ‪ ،‬بينما تحليلت أخرى قالت أن‬ ‫كما حصل على السلحة بأنواعها المختلفة ‪ ،‬إضافة الى مائة ألف ر‬
‫الرئيس العراقي صدام حسين كان وراء ذلك ‪ .‬ولكن أحمد زكى يمانى قال‬ ‫مساهمة من السعودية للمنظمة الفلسطينية‪ ،‬وقد أخذ هذا المبلغ الدكتور‬
‫أن مجلة الوسط ذكرت أن هناك دولتان عربيتان كانتا وراء العملية‬ ‫توفيق الشاوى وسافر به الى بيروت ليوصله الى عرفات عن طريق‬
‫وأن هناك رئيس دولة عربية انزعج كثيرا من محاولة قتل يمانى (يذكر‬ ‫صديق آخر حضر من الشام الى بيروت ليأخذ المبلغ ويسلمه الى عرفات‬
‫أن غسان شربل هو الذى كتب بالتفصيل حول عملية الختطاف)‪.‬‬ ‫‪ ،‬ويذكر أن هذا الشخص بعد أن سلم عرفات المبلغ قامت الجهزة‬
‫والمعروف أن الذي أنقذ حياة يماني في تلك العملية المعقدة كانت‬ ‫السورية بإلقاء القبض عليه فى دمشق ووضع الرجل بالسجن السورى‪.‬‬
‫الجزائر‪.‬‬ ‫أغتيل الملك فيصل على يد ابن أخيه ‪ ،‬أما أسباب‬ ‫‪1975‬‬ ‫وفى مارس عام‬
‫علقة يمانى بياسر عرفات‪:‬‬ ‫الغتيال فيبدو أن أحمد زكي يماني يشكك ببعضها خاصة وأن الملك‬
‫أحمد زكي يماني هو بالفعل أول من قدم ياسر عرفات إلى الملك فيصل ‪.‬‬ ‫فيصل كان يتخذ مواقف شجاعة حتى لو كانت ضد المصلحة الميركية ‪،‬‬
‫فى ذلك الوقت كان عرفات في مقتبل العمر وفي بواكير حركته النضالية‬ ‫وكان يجرؤ على المضي بها قدما طالما يرى أنها فى مصلحة بلده‪.‬‬
‫وكان بحاجة للمال والسلح ‪ ،‬لذلك قصد المملكة السعودية وكان أحمد‬ ‫وبعد مقتل الملك فيصل على يد ابن أخيه استمر وزير النفط والثروة‬

‫‪84‬‬
‫المعدنية السعودي أحمد زكي يماني في منصبه لكنه لم يستمر طويل‬ ‫• أحمد شفيق باشا‪ :‬مذكراتى فى نصف قرت‪ ،‬الجزء الول‪.‬‬
‫وأريد له أن يبتعد عن دائرة الضوء لسباب تتعلق بعلقته بالعائلة‬ ‫• أحمد أمين‪ :‬حياتى ‪ ،‬جريدة القاهرة‪ ،‬فبراير ‪.2004‬‬
‫خرج أحمد زكى يمانى من منصبه كوزير‬ ‫‪1986‬‬ ‫المالكة ‪ .‬وفى يناير عام‬ ‫• احمد رائف ‪ :‬مقابلة خاصة ‪ 27 ،‬يوليو ‪ ، 2005‬الجزيرة‪.‬‬
‫للبترول ‪ ،‬وقيل أن سبب ذلك هو إصرار يمانى على عدم رفع سعر برميل‬ ‫• أمير أباظة ‪ :‬احمد الحضرى ‪ ،‬جريدة القاهرة ‪ 17 ،‬أكتوبر ‪.2006‬‬
‫البترول ‪ ،‬بينما يرفض يمانى القول بأن سبب خروجه هو ذلك ‪ ،‬فقد‬ ‫• أنور حجازى‪ :‬أحمد أمين القاضى‪ ،‬عمالقة ورواد ‪ ،‬الدار القومية‬
‫أصبحت العلقة بين يمانى وبعض المراء غير جيدة كما كان عليه الحال‬ ‫للطباعة والنشر ‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫قبل وفاة الملك فيصل( والمعروف أن يمانى أثناء حياة الملك فيصل كان‬ ‫• أنور عبد الملك ‪ :‬نهضة مصر ‪.‬‬
‫ينتقد عبر الذاعة بعض الممارسات التي كانت تجرى بالمملكة ‪ ،‬وكان‬ ‫• أنور الجندى‪ :‬أحمد زكى باشا الملقب بشيخ العروبة‪.‬‬
‫يكتب بالصحف عامودا تحت إسم " فكرة اليوم" كل يوم جمعة ‪ ،‬وكان في‬ ‫• بولس باسيلى (القمص)‪ :‬الشيخ الباقورى كما عرفته‪ ،‬جريدة الهرام‪،‬‬
‫عاموده ينتقد الشياء الغير جيدة بالمملكة مثل التزمت والتنطع وتعدد‬ ‫‪ 8‬سبتمبر ‪.2001‬‬
‫الزوجات ‪ .‬ويتهم اليماني اليوم بأنه معارض تارة ‪ ،‬وتارة أخرى يتهم‬ ‫• الجزيرة ‪ :‬العرب واسرائيل‪ :‬نصف قرن من الصراع‪ 17،‬مايو ‪2006‬‬
‫بأنه يزعزع دعائم الفكر السلمي في السعودية ‪ ،‬وثالثة أنه صوفي‬ ‫‪.‬‬
‫علماني‪.‬‬ ‫• جميل عارف ‪ :‬حرب ‪ ، 1948‬مجلة المصور ‪ ،‬أغسطس ‪.1948‬‬
‫وحول علقته بالملك عبد ال يقول يمانى أنها علقة عميقة جدا ‪ ،‬وأنه‬ ‫• جوائز الدولة التقديرية‪ :‬أحمد حسن الباقورى‪.1989 ،‬‬
‫يكن له كل الحترام ويعرف انه يريد الصلح للبلد ولكن طبعا هناك‬ ‫• حبيب زحلوى ‪ :‬أدباء معاصرون ‪.‬‬
‫ظروف وقيود ومشاكل وال يكون في عونه‪.‬‬ ‫• حسن عز الدين ‪ :‬أحمد إبراهيم ‪ ،‬دائرة المعارف المريكية ‪.‬‬
‫• حسين حسنين ‪ :‬أحمد بدرخان ‪ ،‬موسوعة الجيب لمخرجى السينما‬
‫المراجع‬ ‫المصرية ‪.1996 ،‬‬
‫• ابراهيم البعثى ‪ :‬شخصيات عربية معاصرة ‪ ،‬كتاب اليوم ‪. 1970 ،‬‬ ‫• حسين حسنين‪ :‬أحمد الخطيب ‪ ،‬موسوعة الجيب لمخرجي السينما‬

‫‪85‬‬
‫المصرية ‪ ،‬عام ‪1996‬‬ ‫• عبد المنعم شميس‪ :‬شخصيات مصرية ‪.‬‬
‫• حسين عبد ربه‪ :‬أحمد بهجت‪ ،‬جريدة السبوع ‪ 5 ،‬أبريل ‪.2004‬‬ ‫• فايز سارة‪ :‬الحزاب والقوى السياسية فى المغرب ‪ ،‬منشورات‬
‫• حسين نصار‪ :‬أحمد زكى باشا‪-‬شيخ العروبة‪ ،‬ندوة مركز تحقيق‬ ‫رياض الرايس ‪ ،‬لندن‪.1990 ،‬‬
‫التراث ‪ ،‬يناير ‪. 2003‬‬ ‫• كمال مراد‪:‬أحمد زكى بدر‪..‬الجنرال الذى يحكم جامعة عين شمس ‪،‬‬
‫• رفعت السعيد ‪ :‬كلمات ‪ ،‬جريدة الهالي ‪ 5 ،‬مارس ‪.2003‬‬ ‫جريدة الفجر ‪ 29 ،‬أكتوبر ‪. 2007‬‬
‫• سعيد جودة السحار‪ :‬أعلم الفكر العربى ‪ ،‬الجزء الول‪.‬‬ ‫• كمال نشأت‪ :‬أحمد زكى أبو شادي ‪ ،‬جريدة القاهرة ‪ 9 ،‬سبتمبر‬
‫• سيد صديق عبد الفتاح‪ :‬ظرفاء وعظماء القرن العشرين‪.‬‬ ‫‪. 2003‬‬
‫• شعبان ناجى‪ :‬أحمد رامى ‪ ،‬جريدة القاهرة‪ 3 ،‬سبتمبر ‪2002‬‬ ‫• لجنة نشر المؤلفات التيمورية‪ :‬أحمد تيمور ‪. 1945 ،‬‬
‫• شكرى محمد عياد ‪ :‬الدب فى عالم متغير ‪.‬‬ ‫• لمعى المطيعى‪ :‬احمد زكى‪ ،‬جريدة الوفد ‪.‬‬
‫• صلح عبد الصبور‪ :‬أحمد رامى‪ ،‬جريدة الهرام‪ 27 ،‬ديسمبر ‪1962‬‬ ‫• لمعى المطيعى‪ :‬أحمد زكى التشريفاتى ‪ ،‬جريدة الوفد‪ 23 ،‬يناير‬
‫‪.‬‬ ‫‪.2003‬‬
‫• طاهر الطناحى‪ :‬حديقة الدباء ‪.‬‬ ‫• مجلة الهرام العربى ‪ :‬أحمد أويحيى ‪ 17 ،‬مايو ‪. 2003‬‬
‫• عادل عفيفى‪ :‬قصة صعود الجار ال ‪ ،‬جريدة صوت المة ‪ 25 ،‬مايو‬ ‫• محفوظ عبد الرحمن‪ :‬أحمد حسن الزيات ‪ ،‬جريدة الهرام ‪ 4 ،‬مارس‬
‫‪.2005‬‬ ‫عام ‪. 2005‬‬
‫• عبد الجواد أبو كب ‪ :‬المشير أحمد أبو إسماعيل ‪.‬‬ ‫• محمد أمين الحسينى‪ :‬الموسوعة الفلسطينية ‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬الطبعة‬
‫• عبد العزيز الدسوقى‪ :‬جماعة أبوللو وأثرها فى الشعر الحديث‪،‬‬ ‫الولى‪ ،‬عام ‪. 1984‬‬
‫الجزء الثانى ‪.‬‬ ‫• محمد الجوادى‪ :‬مصريون معاصرون‪ ،‬مكتبة السرة‪.2006 ،‬‬
‫• عبد المنعم جميعى‪ :‬العرب وأوربا عبر العصور‪ ،‬ندوة اتحاد‬ ‫• محمد حسنين هيكل ‪ :‬حرب ‪ ، 1948‬ايجيبسيان جازيت ‪ ،‬أغسطس‬
‫المؤرخين العرب‪ ،‬عام ‪. 1999‬‬ ‫‪. 1948‬‬

‫‪86‬‬
‫• محمد حسين هيكل ‪ :‬تراجم مصرية وغربية‪.‬‬ ‫‪. 2001‬‬
‫• محمد شلبى ‪ :‬مع رواد الفكر والفن ‪.‬‬
‫• محمد ضريف ‪ :‬الحزاب السياسية المغربية من سياق التوافق‪،‬‬
‫‪ ، 1999-1934‬المجلة المغربية لعلم الجتماع السياسي‪ ،‬دار‬
‫العتصام ‪. 2001 ،‬‬
‫صدر للمؤلف‬
‫• محفوظ عبد الرحمن ‪ :‬أحمد تيمور ‪ ،‬جريدة الهرام‪ 18 ،‬مارس‬
‫• موسوعة‪ :‬رجال لهم تاريخ في مصر والدول العربية ‪.‬‬
‫‪. 2005‬‬
‫*الجزء الول‪ :‬من‪ :‬أبا إيبان ‪.‬إلى‪ :‬إحسان عبد القدوس‪.‬‬
‫• محمد ضريف ‪ :‬الحزاب السياسية المغربية من سياق المواجهة الى‬
‫*الجزء الثانى‪ :‬من‪ :‬أحمد إبراهيم ‪.‬إلى ‪ :‬أحمد زكى يمانى‬
‫سياق التوافق(‪ ، )1999-1934‬المجلة المغربية لعلم الجتماع‬
‫• موسوعة الجيب لمخرجي السينما المصرية‪:‬‬
‫السياسي ‪ ،‬دار العتصام‪.2001 ،‬‬
‫*الجزء الول‪ :‬من ابراهيم بغدادى الى أحمد السبعاوى‪.‬‬
‫• محمد عبد الفتاح‪ :‬احمد الحضرى‪،‬المهرجان القومى السادس للسينما‬
‫*الجزء الثانى‪ :‬من أحمد صقر إلى السيد بدير ‪.‬‬
‫المصرية‪ ،‬عام ‪. 2000‬‬
‫‪ -‬حــــرف ( ح ) ‪.‬‬ ‫*حــــرف ( ب إلى ج ) ‪.‬‬
‫• محمد فتحى عبد الهادى‪ :‬الخزانة الذكية‪ ،‬ندوة مركز تحقيق التراث ‪،‬‬
‫• المسرح الوثائقي‪ :‬تطور فن كتابة القصة‪:‬‬
‫يناير ‪.2003‬‬
‫*الجزء الول‪ :‬محمد حسين هيكل ومحمد تيمور‪.‬‬
‫• محمد مهدى علم‪ :‬المجمعيون فى خمسين عاما‪.‬‬
‫*الجزء الثانى‪ :‬محمود تيمور وعيسى عبيد وطاهر لشين‪.‬‬
‫• نهلة عيسى‪ :‬أحمد زكى باشا ‪ ،‬جريدة القاهرة‪ 25 ،‬فبراير ‪.2003‬‬
‫*الجزء الثالث‪ :‬طه حسين‪.‬‬
‫• هيئة الستعلمات ‪ :‬الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة‬
‫*الجزء الرابع‪ :‬توفيق الحكيم‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫• المسرح التسجيلى‪ :‬فيصل بن عبد العزيز‪...‬الملك الذى أغتيل غدرا‪.‬‬
‫• ياسر ثابت‪:‬فى الحب والدبلوماسية ‪ ،‬جريدة صوت المة ‪ 23 ،‬مايو‬

‫‪87‬‬
‫• المسرح التسجيلى ‪ :‬تأريخ المسرح المصري عبر عصره الحديث‪.‬‬ ‫النجليزية‪.‬‬
‫• مسرح الطفل ‪ :‬ل للشر ‪ ..‬نعم للحب ‪.‬‬ ‫• النشطار ‪ :‬التطور التاريخي للنشطار النووي‪.‬‬
‫• المسرح السلمى‪ :‬مسرحية أصحاب الفيل‪.‬‬ ‫• لماذا تفوقت إسرائيل على العرب نوويا ؟‬
‫• الملك فيصل‪ :‬مؤسس المملكة السعودية الحديثة‪( .‬دراسة محايدة) ‪.‬‬ ‫• البرنامج النووي اليراني‪:‬‬
‫• رائعة نجيب محفوظ‪ :‬زقاق المدق بين الرواية والمسرح‬ ‫* الكتاب الول ‪ :‬هل ستصبح إيران دولة نووية تخشاها الدول‬
‫والسينما(دراسة نقدية)‪.‬‬ ‫المجاورة لها؟(‪)1‬‬
‫• أدب الطفل ‪ :‬قصة أصحاب الفيل ‪.‬‬ ‫* الكتاب الثاني‪ :‬رعب داخل دول الخليج وإسرائيل من بناء القنبلة‬
‫• أدب الطفل ‪ :‬قصة أصحاب الخدود ‪.‬‬ ‫النووية الشيعية‪)2(.‬‬
‫• سيطرة ومال ودماء ‪ :‬قصة وسيناريو وحوار‪.‬‬ ‫* الكتاب الثالث‪ :‬بداية التعاون الخليجي العلني مع دول الغرب‬
‫• بطل المدينة ‪ :‬قصة وسيناريو وحوار‪.‬‬ ‫وإسرائيل لوقف بناء القنبلة الشيعية ‪)3(.‬‬
‫• القتلة ومصيف جمصة الهادئ (رواية) ‪.‬‬ ‫* الكتاب الرابع‪ :‬المراحل التمهيدية للمواجهة الكارثية بين‬
‫• القاموس السلمي ‪ ( :‬أ ) ‪.‬‬ ‫الغرب‬
‫• مشاكل العلم التعاوني في العالم العربي ‪( .‬دراسة نقدية) ‪.‬‬ ‫ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى‪)4( .‬‬
‫• التاريخ القديم لشمال أفريقيا ( ليبيا‪،‬تونس‪،‬الجزائر‪،‬المغرب)‪.‬‬ ‫• ظاهرة الحتكار في السواق المصرية (دراسة نقدية)‪.‬‬
‫الكتاب الول‪ :‬بداية من السكان الصليين ثم الفينيقيين‬ ‫• تجاوب مصري ضعيف رغم الضغوط المريكية والوربية لتحرير‬
‫وإمبراطورية كراج‪(.‬باللغة النجليزية)‬ ‫‪2005‬‬ ‫إلى عام‬ ‫‪2000‬‬ ‫سياسة سعر الصرف خلل الفترة من عام‬
‫الكتاب الثاني‪:‬النفوذ الغريقي والروماني والبيزنطي‪( .‬باللغة‬ ‫(دراسة نقدية)‪.‬‬
‫الإنجليزية)‬ ‫• قضايا سورية بالغة التعقيد‪( :‬الكتاب الول‪ :‬مأساة أكراد سورية ‪.‬‬
‫• قضايا ديموجرافية فى كل من مصر وإسرائيل ‪(.‬دراسة نقدية)باللغة‬ ‫• سلسلة قضايا عربية استراتيجية مثيرة للجدل‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫مايو ‪ ، 2005‬يوليو ‪، 2005‬أغسطس ‪2005‬‬
‫• كيف تواجه النرويج تفاقم المشكلة السلمية على أراضيها‪.‬‬
‫• الصراع البريطاني الرجنتيني حول جزر الفولكلند‪.‬‬
‫الكتاب الول‪ :‬بداية الزمة ( باللغة النجليزية)‪.‬‬
‫الكتاب الثاني‪:‬الحتلل الرجنتينى للفولكلند (باللغة النجليزية) ‪.‬‬
‫الكتاب الثالث‪ :‬بريطانيا تستعيد جزر الفولكلند بالقوة العسكرية‬
‫(باللغة النجليزية)‪.‬‬

‫‪89‬‬

You might also like