You are on page 1of 100

‫‪Part three‬‬ ‫موســوعـة كل أسرة تتحدث العربية‬

‫===========‬ ‫*********************************‬
‫‪From: Ahmed Salem‬‬ ‫رجـــــــــال لـهـم تـاريــــخ في‬
‫‪To: Ahmed Orabi‬‬ ‫مــصـر والـعـالــــم الـــعـربــــي‬
‫*******************************‬

‫الجزء الـثـالــــث‬
‫**************‬
‫من ‪ :‬أحـمد‬
‫‪This Encyclopedia can’t‬‬ ‫هذه الموسوعة تخضع للمراجعة‬ ‫ســــــالم‬
‫‪subdue for add in or remove‬‬ ‫عـــــــرابــــــى‬ ‫إلى ‪ :‬أحـمد‬
‫بالحذف أو الضافة طبقا لوجود‬
‫‪data without real documents‬‬
‫الوثائق فقط‬

‫‪By‬‬
‫حـسـين حسنين‬
‫‪Hussein Hassanin‬‬

‫‪Encyclopedia of‬‬
‫موسـوعة كل أسرة تتحدث العربية‬ ‫********************‬
‫***************************‬
‫‪Men with‬‬
‫‪Historical background‬‬
‫رجال لهم تاريخ في مصر والعالم العربي‬
‫‪In Egypt and Arab World‬‬
‫الجزء الثالث‬ ‫******************‬

‫‪1‬‬
‫الترقيم الدولى‪0-4293-17-977:‬‬ ‫‪•3‬‬ ‫*******************‬
‫للستعلم اتصل بـ ‪husseinaly@link.net:‬‬ ‫‪•4‬‬ ‫من ‪ :‬أحمد سالم‬
‫طباعة إلكترونية ‪ :‬محمد سعد‬ ‫‪•5‬‬
‫إلى ‪ :‬أحمد عرابى‬
‫حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬ ‫•‬
‫يحظر كافة أشكال النسخ أو إعادة الطبع بدون‬ ‫•‬
‫تصريح من المؤلف ‪ ،‬كما يحظر القتباس بدون‬
‫الشارة إلى المصدر‪.‬‬

‫رقم اليداع‪2399/2007:‬‬
‫الترقيم الدولي‪0-4293-17-977:‬‬

‫المقدمة‬ ‫حـسـين حسنين‬


‫شعرت بسعادة غامرة من تعليقات الصدقاء وغيرهم من النقاد حول‬
‫الجزء الثانى من موسوعة "رجال لهم تاريخ فى مصر والعالم العربى" ‪.‬‬
‫وكانت أهم التعليقات النقدية التى وجهت إلى الجزء الول والثاني من‬ ‫حسين على محمد حسنين‬ ‫‪•0‬‬
‫هذه الموسوعة هى ضرورة التوسع فى كشف المزيد من الحقائق خاصة‬ ‫موسوعة ‪ :‬رجال لهم تاريخ في مصر والعالم العربي‬ ‫‪•1‬‬
‫حول الشخصيات العامة سواء تلك التى رحلت أم التى مازالت على قيد‬ ‫الجزء الثالث‪ :‬من ‪ :‬أحمد سالم‬
‫الحياة ‪ .‬كل ذلك جعلني أهتم أكثر فأكثر بتلك الموسوعة والتى آمل أن‬ ‫إلى ‪ :‬أحمد عرابى‬
‫تجد مكانها بكل منزل يتحدث العربية ‪.‬‬ ‫‪2399/2007‬‬ ‫رقم اليداع‪:‬‬ ‫‪•2‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-81‬أحمد شفيق باشا(مصر)‪.‬‬ ‫والجزء الثالث الذى بين أيديكم الن يأتي إستكمال للجزء الول والثانى‪،‬‬
‫‪-82‬أحمد شفيق(مصر)‪.‬‬ ‫وهو يبدأ من‪ :‬أحمد سالم وينتهى بزعيم الوطنيين المصريين ومؤسس‬
‫‪-83‬أحمد الشقيرى(فلسطين)‪.‬‬ ‫الحزب الوطنى أحمد عرابى ‪ .‬وحتى نلتقى فى الجزء الرابع بإنتظار‬
‫‪-84‬أحمد شوقى(مصر)‪.‬‬ ‫رسائلكم ‪.‬‬
‫‪-85‬أحمد الصاوى محمد(مصر)‪.‬‬ ‫حسين حسنين‬
‫‪-86‬أحمد صدقى الموسيقى(مصر)‪.‬‬ ‫عضو إتحاد كتاب مصر‬
‫‪-87‬أحمد صدقى الدجانى(فلسطين)‪.‬‬
‫‪-88‬أحمد طه(مصر)‪.‬‬
‫‪-89‬أحمد عبد القادر الصاوى(مصر)‪.‬‬

‫أحمد سالم‬
‫الفهرس‬
‫ولد أحمد علي سالم الشهير بأحمد سالم في ‪ 20‬فبراير عام ‪ ،1910‬وهو‬
‫المقدمة‬
‫من أسرة عريقة وثرية من مركز أبو كبير شرقية ‪ .‬كان والده "علي‬
‫‪-90‬أحمد عبد العزيز(مصر)‪.‬‬ ‫‪-74‬أحمد سالم (مصر)‪.‬‬
‫سالم" من رجال التعليم ‪ ،‬وعمه النجدي سالم من أعضاء مجلس الشيوخ‬
‫‪-91‬أحمد عبد الكريم (سوريا)‪.‬‬ ‫‪-75‬أحمد السبعاوى(مصر)‪.‬‬
‫في برلمان عام ‪ ،1924‬أم عمه الثاني عبد العزيز عبد ال سالم فقد كان‬
‫‪-92‬أحمد عثمان (مصر)‪.‬‬ ‫‪-76‬أحمد سلمة(مصر)‪.‬‬
‫وزيرا للزراعة في بداية الثورة‪.‬‬
‫‪-93‬أحمد عرابى (مصر)‪.‬‬ ‫‪-77‬أحمد سعدات(فلسطين)‪.‬‬
‫حصل أحمد سالم على البكالوريا من مدرسة الجيزة الثانوية وهو في‬
‫المراجع ‪.‬‬ ‫‪-78‬أحمد سلطان(مصر)‪.‬‬
‫السادسة عشر من عمره وذلك في عام ‪ ،1926‬وكانت هوايته في ذلك‬
‫صدر للمؤلف‪.‬‬ ‫‪-79‬أحمد شاه مسعود(أفغانستان)‪.‬‬
‫الوقت كرة القدم وقيادة السيارات‪ ،‬وعندما التحق بجامعة كامبريدج‬
‫‪-80‬أحمد الشربتلى(مصر)‪.‬‬
‫بإنجلترا تملكته هواية التخديف‪ ،‬ثم اجتذبته هواية الطيران ‪ ،‬وبعد أن‬

‫‪3‬‬
‫عاما لقسم الدعاية السينمائية لبنك مصر‪ ،‬وقد وصل راتبه الشهري من‬ ‫أنهى دراسته بإنجلترا عاد إلي مصر طائرا بعد حصلوله على درجة‬
‫تلك المناصب نحو مائتي جنيه (وهو مبلغ كبير للغاية فى ذلك الوقت) ‪.‬‬ ‫أستاذ في الهندسة عام ‪ . 1931‬عمل مهندسا في شركات عبود باشا‪،‬‬
‫ومن أشهر الفلم التي أنتجها ستديو مصر في عهد أحمد سالم ‪:‬‬ ‫لكنه تركها بعد عام ونصف إلي وظيفة مساعد مدير القسم العربي‬
‫" وداد " و " العزيمة " و " الحل الخير " و " سلمة في خير " ثم "‬ ‫بالذاعة المصرية في أوائل عام ‪ . 1934‬ثم رقي بعد ذلك إلي منصب‬
‫في عام ‪ 1938‬قدم أحمد سالم استقالته بسبب بعض‬ ‫لشين "‪.‬‬ ‫مدير القسم العربي إلي أن جاءته الفرصة ليتجه إلي السينما ‪ .‬يذكر في‬
‫الخلفات بينه وبين طلعت حرب ‪ .‬وبعد تقديم استقالته قام أحمد سالم‬ ‫هذا الصدد أنه عندما احتفل بنك مصر بالعيد الخامس عشر لتأسيسه في‬
‫باستئجار ستديو وهبي بالجيزة للنتاج السينمائي لمدة خمسة سنوات‬ ‫‪ 20‬مايو عام ‪ 1935‬بمسرح حديقة الزبكية قام أحمد سالم بحكم منصبه‬
‫بدأها بفيلمه الول " أجنحة الصحراء " من أخراجه وتمثيل حسين صدقي‬ ‫الذاعي بالشراف على نقل إذاعة هذا الحفل ‪ ،‬فلفت إليه نظر طلعت‬
‫وأنور وجدي وراقية إبراهيم‪ ،‬لكنه توقف عن النتاج السينمائي بعد هذا‬ ‫حرب الذي دعاه لزيارته في مكتبه وعرض عليه منصب مدير عام شركة‬
‫الفيلم ‪ .‬وبعد عدة سنوات قام بإخراج فيلمه الثاني " الماضى المجهول "‬ ‫مصر للتمثيل والسينما (ستديو مصر)‪ ،‬وكان يشغل ذلك المنصب آنذاك "‬
‫وقام بالتمثيل أمام ليلي مراد ‪ .‬ويقال أنه خلل تلك الفترة اتهم في‬ ‫ليتو باروخ " صاحب شركة " اسطوانات أديون " حين كان مقر الشركة‬
‫قضية الخوذات المقلدة التي دخل بسببها السجن ‪ ،‬ويذكر أن أحمد سالم‬ ‫فوق مطبعة مصر التي كانت موجودة بشارع نوبار‪ .‬الجدير بالذكر أن "‬
‫قال في هذا الصدد ‪ :‬لقد كنت الول دائما في كل شيء ‪ ،‬فكنت الول في‬ ‫ليتو باروخ " هو الذي اختار قطعة الرض التي شيد عليها ستوديو مصر‬
‫الطيران‪ ،‬والول في الذاعة‪ ،‬والول في السينما‪ ،‬ولما قدمت إلي‬ ‫بالهرم ‪ ،‬ثم تولي أحمد سالم من بعده استكمال تأسيس الستديو وذلك‬
‫المحاكمة كنت كذلك المتهم الول لن المحكمة طلبت الحكم على‬ ‫عن طريق استقدام الفنيين من أوربا بجانب الستعانة بالفنانين والفنيين‬
‫بالعدام‪ .‬بعد خروجه من السجن عاد إلي السينما ليقوم بدور البطولة‬ ‫المصريون مثل‪ :‬أحمد بدرخان‪ ،‬كمال سليم‪ ،‬أحمد خورشيد‪ ،‬ولي الدين‬
‫أمام راقية إبراهيم في فيلم من إنتاجها هو " دنيا " من أخراج محمد‬ ‫سامح‪ ،‬ومصطفي والي‪ ،‬وعزيز فاضل‪.‬‬
‫كانت حياة أحمد سالم مشحونة بالمغامرات والمشاكل ‪،‬‬ ‫كريم‪.‬‬ ‫بالضافة إلي هذا المنصب عمل أحمد سالم في نفس التوقبت مديرا عاما‬
‫فكان يحلق في السماء أحيانا ‪ ،‬وأحيانا أخرى يهبط إلي الحضيض ‪.‬‬ ‫للقسم الهندسي لشركات بنك مصر‪ ،‬ومديرا عاما لمطبعة مصر‪ ،‬ومديرا‬

‫‪4‬‬
‫ذلك الحين وهو يخرج لنا أفلما مصرية بغزارة غير عادية حتى قيل‬ ‫تزوج أربع مرات ‪ ،‬الولي كانت من السيدة خيرية البكري وهي أم أبنته‬
‫عنه داخل الوسط السينمائي أن " السبعاوي أينما يكون فهو يسهل‬ ‫الوحيدة " نانا " والثانية من السيدة " أمينة البارودي " والثالثة من "‬
‫أفلما" ‪ ،‬ولك أن تتخيل أنه في الربع الخير من عام ‪ 1978‬أخرج‬ ‫أسمهان " والرابعة من الفنانة مديحه يسري‪ .‬وحول زواجه من‬
‫السبعاوي ثلثة أفلم وهذا شيء غير عادي وهم‪ :‬بدون زواج أفضل في‬ ‫أسمهان ‪ ،‬يذكر أنه تقابل معها فى القدس وعرض عليها الزواج وذلك‬
‫سبتمبر ‪ ، 1978‬وحساب السنين في نوفمبر ‪ ، 1978‬وكلهم في النار‬ ‫فى عام ‪ 1944‬ووافقت أسمهان ‪ ،‬وفى فندق الملك داود بالقدس تم‬
‫في ديسمبر من نفس العام ‪ .‬أما في عام ‪ 1983‬فقد أخرج أربعه أفلم‬ ‫زواجه بها ‪ ،‬وبعد معاناة طويلة مع الحكومة المصرية التى رفضت‬
‫وذلك في النصف الثاني من العام وهم عنتر شايل سيفه في يوليو ‪1983‬‬ ‫الزواج فى أول المر ورفضت إعطائها الجنسية المصرية (لتورطها مع‬
‫‪ ،‬وسجين بل قضبان في سبتمبر ‪ ، 1983‬وبرج المدابغ في أكتوبر‬ ‫المخابرات البريطانية واللمانية) إل أن أسمهان حصلت بإصرارها على‬
‫‪ 1983‬والمتسول في نوفمبر من نفس العام‪.‬‬ ‫الزواج من أحمد سالم فى الحصول على الجنسية المصرية ‪ ،‬ولكن بعد‬
‫تخصص السبعاوى فقط في الخراج السينمائي ولم يقدم على كتابة‬ ‫فترة توترت العلقة بين أسمهان وأحمد سالم بسبب تصرفاتها ورفضها‬
‫القصة أو الحوار أو السيناريو‪ ،‬ومن ثم فقد كان أكثر وعيا في هذه‬ ‫قيود الزواج ‪ ،‬وأخيرا طلبت أسمهان الطلق من أحمد سالم أكثر من مرة‬
‫الناحية ‪ .‬ويلحظ على السبعاوي أنه لم يرتبط بمصور واحد بل تعدد‬ ‫حتى أنه أقدم على النتحار لعدم رغبته فى طلقها ‪ ،‬ولكن أخيرا تم‬
‫عدد العاملين معه في حقل التصوير ‪،‬ومع ذلك فقد كان أكثرهم تعاقدا‬ ‫النفصال( قيل ان الهدف من من زواجها بأحمد سالم هو الحصول على‬
‫معه إبراهيم صالح ثم غنيم بهنسي ويليه وحيد فريد ويأتي بعد ذلك‬ ‫الجنسية لممارسة نشاطها بمصر) ‪ .‬هذا وقد وافته المنية في ‪ 10‬سبتمبر‬
‫سمير فرج وعادل عبد العظيم وعبد المنعم بهنسي وغيرهم‪.‬‬ ‫عام ‪ 1949‬عندما كان يخرج فيلمه " دموع الفرح " وقام باستكمال‬
‫ويؤخذ علي السبعاوي أنه لم يؤمن بالوجوه الجديدة كما يفعل يوسف‬ ‫أخراجه مساعده في ذلك الوقت فطين عبد الوهاب‪.‬‬
‫شاهين ‪ ،‬وقد احتفظ طوال حياته الفنية بالنجوم التقليدين وهم في‬ ‫أحمد السبعاوي‬
‫غالبيتهم نجوم شباك مثل ‪ :‬فريد شوقي‪ ،‬نور الشريف‪ ،‬محمود يس‪،‬‬ ‫عمل أحمد مساعدا للعديد من مخرجي السينما المصرية ‪ ،‬وقد بدأ إخراج‬
‫حسين فهمي‪ ،‬سمير صبري‪ ،‬عادل إمام‪ ،‬سمير صبر‪ ،‬عادل أدهم‪ ،‬سعيد‬ ‫أول إعماله في سبتمبر عام ‪ 1978‬بفيلم " بدون زواج أفضل " ‪ ،‬ومنذ‬

‫‪5‬‬
‫خميسي‪ )6( .‬الخرس وعرض فى ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1980‬عن قصة‬ ‫صالح‪ ،‬يونس شلبي‪ ،‬وفاروق الفيشاوي‪ .‬ويأتي ترتيب أحمد السبعاوي‬
‫وسيناريو وحوار‪ :‬أحمد صالح ‪ ،‬وتمثيل محمود ياسين‪ ،‬مديحه كامل‪،‬‬ ‫الـ ‪ 198‬في قائمة مخرجي السينما المصرية وهو من أكثر المخرجين‬
‫إيمان‪ ،‬صلح نظمي‪ ،‬إحسان شريف‪ ،‬ناهد سمير‪ )7( .‬وتمضي اليام‬ ‫السينمائيين غزارة في الخراج ‪.‬‬
‫وعرض فى عام ‪ 1980‬عن قصة وسيناريو وحوار فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل‬ ‫الفلم التي أخرجها‪ )1( :‬بدون زواج أفضل وعرض فى ‪ 3‬سبتمبر عام‬
‫فريد شوقي‪ ،‬ناهد سمير‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬كريمة مختار‪ ،‬فردوس عبد‬ ‫‪ 1978‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل نور الشريف‪،‬‬
‫الحميد‪ ,‬هناء ثروت‪ )8( .‬انهيار وعرض عام ‪ 1982‬عن قصة رياض‬ ‫ناهد شريف‪ ،‬سمير صبري‪ ،‬بوسي‪ ،‬صلح السعدني‪ ،‬سيد زيان‪)2( .‬‬
‫العريان وسيناريو وحوار مصطفي كامل ‪ ،‬وتمثيل حسين فهمي‪ ،‬سهير‬ ‫حساب السنين وعرض فى ‪ 27‬نوفمبر عام ‪ 1978‬عن قصة وسيناريو‬
‫رمزي‪ ،‬كمال الشناوي‪ ،‬رجاء الجداوي‪ ،‬محمد خيري‪ ،‬نادية أرسلن‪( .‬‬ ‫رفيق الصبان(يلحظ أن القصة مأخوذة عن الفيلم المريكي رأس الماسة)‬
‫‪ )9‬السلخانة وعرض فى ‪ 21‬يوليو ‪ 1982‬عن قصة إسماعيل ولي الدين‬ ‫وحوار رؤوف حلمي ‪ ،‬وتمثيل فريد شوقي‪ ،‬ميرفت أمين‪ ،‬محمود عبد‬
‫وسيناريو وحوار بشير الديك ‪ ،‬وتمثيل سمير صبري‪ ،‬مديحه كامل‪،‬‬ ‫العزيز‪ ،‬زهرة العل‪ ،‬صفية العمري‪ ،‬سمير حسن‪ )3( .‬كلهم في النار‬
‫عادل أدهم‪ ،‬سعيد عبد الغني‪ ،‬يوسف وهبي‪ ،‬أحمد عدويه‪ )10( .‬عنتر‬ ‫وعرض فى ‪ 4‬ديسمبر ‪ 1978‬عن قصة‪ :‬حسين مؤنس وسيناريو‬
‫شايل سيفه وعرض فى ‪ 10‬يوليو ‪ 1983‬عن قصة سعد شنب‬ ‫وحوار صبري عزت وتمثيل فريد شوقي‪ ،‬سهير رمزي‪ ،‬مصطفي فهمي‪،‬‬
‫وسيناريو وحوار رؤوف حلمي ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬عادل إمام‪ ،‬نورا‪ ،‬حاتم ذو‬ ‫محمود كامل‪ ،‬مريم فخر الدين‪ ،‬حسين الشربيني‪ )4( .‬لعنة الزمن الذى‬
‫الفقار‪ ،‬أحمد بدير‪ ،‬مصطفي متولي نسرين ونرمين‪ )11( .‬سجن بل‬ ‫عرض فى ‪ 19‬مارس ‪ ، 1979‬والسيناريو والحوار لفيصل ندا ‪ ،‬بينما‬
‫قضبان وعرض فى ‪ 12‬سبتمبر عام ‪ 1983‬عن قصة وسيناريو وحوار‬ ‫القصة مقتبسة من مسرحية بائع متجول لـ آرثر ميلر ‪ ،‬والتمثيل لكل‬
‫فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬محمود ياسين‪ ،‬هالة فؤاد‪ ،‬سمير صبري‪ ،‬توفيق‬ ‫من فريد شوقي‪ ،‬بوسي‪ ،‬عادل أدهم‪ ،‬خالد زكي‪ ،‬صلح السعدني‪ ،‬أجلل‬
‫الدقن‪ ،‬مريم فخر الدين‪ ،‬سميرة صدقي‪)12( .‬برج المدابغ وعرض فى‬ ‫زكي‪ )5( .‬تحدي القوياء وعرض فى ‪ 11‬أغسطس ‪ 1980‬عن قصة‬
‫‪ 31‬أكتوبر عام ‪ 1983‬عن قصة‪ :‬عن مسرحية نعمان عاشور وسيناريو‬ ‫حمدي البدوي ‪ ،‬وسيناريو وحوار بهجت قمر‪ ،‬وتمثيل نور الشريف‪،‬‬
‫وحوار‪ :‬أحمد صالح ‪ ،‬وتمثيل عادل أدهم‪ ،‬يسرا‪ ،‬يونس شلبي‪ ،‬نجوي‬ ‫سهير رمزي‪ ،‬حسين فهمي‪ ،‬إبراهيم عبد الرازق‪ ،‬أمال رمزي‪ ،‬أحمد‬

‫‪6‬‬
‫وسيناريو وحوار أحمد صالح ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬فاروق الفيشاوي‪ ،‬نجوى فؤاد‪،‬‬ ‫فؤاد‪ ،‬فاروق الفيشاوي‪ ،‬رغده‪ )13( .‬المتسول وعرض فى ‪ 7‬نوفمبر‬
‫ميرفت أمين‪ ،‬سعيد صالح‪ ،‬عبد المنعم مدبولي‪ ،‬ليلي علوي‪ )20( .‬أنا‬ ‫عام ‪ 1983‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬سمير عبد العظيم ‪ ،‬وتمثيل عادل‬
‫اللي قتلت الحنش وعرض فى ‪ 11‬مارس ‪ 1985‬عن قصة وسيناريو‬ ‫أمام‪ ،‬إسعاد يونس‪ ،‬أحمد عدويه‪ ،‬سيد زيان‪ ،‬هياتم‪ ،‬وحيد سيف‪)14( .‬‬
‫وحوار عبد الحي أديب ‪ ،‬وتمثيل عادل إمام‪ ،‬معالي زايد‪ ،‬صفية العمري‪،‬‬ ‫نعيمة فاكهة محرمه وعرض فى ‪ 2‬أبريل عام ‪ 1984‬عن قصة‬
‫سعيد صالح‪ ،‬يوسف شعبان‪ ،‬أحمد راتب‪ )21( .‬أنا وعرض فى ‪19‬‬ ‫وسيناريو وحوار محمد مصطفي سامي‪ ،‬رؤوف حلمي ‪ ،‬وتمثيل سعيد‬
‫أغسطس عام ‪ 1985‬عن قصة وسيناريو وحوار عابد الرباط ‪ ،‬وتمثيل‬ ‫صالح‪ ،‬مديحه كامل‪ ،‬يونس شلبي‪ ،‬فاروق الفيشاوي‪ ،‬فريدة سيف‬
‫فريد شوقي‪ ،‬مديحه كامل‪ ،‬ليلي علوي‪ ،‬ممدوح عبد العليم‪ ،‬سيد زيان‪،‬‬ ‫النصر‪ ،‬ناهد رشدي‪ )15( .‬الطيب أفندي وعرض فى ‪ 30‬يونيو عام‬
‫حسين الشربيني‪ )22( .‬الستاذ يعرف أكثر وعرض فى ‪ 23‬سبتمبر‬ ‫‪ 1984‬عن قصة وسيناريو وحوار حمدى البدوى ‪ ،‬وتمثيل صفية‬
‫‪ 1985‬عن قصة فتحي أبو الفضل ‪ ،‬وسيناريو وحوار أحمد صالح ‪،‬‬ ‫العمري‪ ،‬يونس شلبي‪ ،‬حاتم ذو الفقار‪ ،‬صلح نظمي‪ ،‬شويكار‪ ،‬حافظ‬
‫وتمثيل فريد شوقي‪ ،‬بوسي‪ ،‬فاروق الفيشاوي‪ ،‬عماد رشاد‪ ،‬راوية‬ ‫أمين‪ )16( .‬الشقياء وعرض فى ‪ 23‬يوليو عام ‪ 1984‬عن قصة‬
‫صالح‪ ،‬عزت عبد الجواد‪ )23( .‬رمضان فوق البركان وعرض فى ‪4‬‬ ‫وسيناريو وحوار رفعت فريد حسن ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬مديحه يسري‪ ،‬يونس‬
‫نوفمبر ‪ 1985‬عن قصة وسيناريو وحوار سمير عبد العظيم ‪ ،‬وتمثيل‬ ‫شلبي‪ ،‬حسن عابدين‪ ،‬أبو بكر عزت‪ ،‬إيمان‪ ،‬سيد زيان‪ )17( .‬بيت‬
‫عادل إمام‪ ،‬يسرا‪ ،‬عزت العليللي‪ ،‬أمينة رزق‪ ،‬السيد راضي‪ ،‬ناهد جبر‪.‬‬ ‫القاضي وعرض فى ‪ 24‬سبتمبر ‪ 1984‬عن قصة إسماعيل ولي الدين‪،‬‬
‫(‪ )24‬بلغ ضد امرأة وعرض فى ‪ 7‬يونيو ‪ 1986‬عن قصة محمد‬ ‫وسيناريو وحوار عبد الحي أديب ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬نور الشريف‪ ،‬معالي زايد‪،‬‬
‫رجب ‪ ،‬وسيناريو وحوار أحمد صالح وتمثيل محمود ياسين‪ ،‬بوسي‪،‬‬ ‫فاروق الفيشاوي‪ ،‬شويكار‪ ،‬محمد رضا‪ ،‬حاتم ذو الفقار‪ )18( .‬الحلل‬
‫محمد صبحي‪ ،‬صبري عبد العزيز‪ ،‬ممدوح موافي‪ ،‬سلوى عثمان‪)25(.‬‬ ‫يكسب وعرض فى ‪ 14‬يناير ‪ 1985‬عن قصة وسيناريو وحوار‪" :‬فاروق‬
‫الورثة وعرض فى أول ديسمبر عام ‪ 1986‬عن قصة عمر الدكروري‪،‬‬ ‫سعيد‪ ،‬مسعود مسعود" ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬حسين فهمي‪ ،‬آثار الحكيم‪ ،‬يونس‬
‫وسيناريو وحوار عمر الدكروي‪ ،‬فاروق سعيد ‪ ،‬وتمثيل عزت العليلي‪،‬‬ ‫شلبي‪ ،‬معالي زايد‪ ،‬صلح السعدني‪ ،‬صلح نظمي‪ )19(.‬العايقة‬
‫مديحه كامل‪ ،‬حسين فهمي‪ ،‬صبري عبد المنعم‪ ،‬محمد السبع‪ ،‬أحمد‬ ‫والدريسه وعرض فى ‪ 4‬مارس ‪ 1985‬عن قصة إسماعيل ولي الدين‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫راتب‪ ،‬صلح نظمي‪ ،‬منال السبعاوي‪ )33( .‬المشاغبات في خطر‬ ‫خميس‪ )26( .‬الخرتيت وعرض فى ‪ 9‬فبراير ‪ 1987‬عن قصة وسيناريو‬
‫وعرض فى ‪ 10‬يوليو ‪ 1989‬عن قصة وسيناريو وحوار محمد الحموي‬ ‫وحوار محمد الباسوسي‪ ،‬أحمد عبد السلم ‪ ،‬وتمثيل فريد شوقي‪ ،‬سهير‬
‫‪ ،‬وتمثيل فاروق الفيشاوي‪ ،‬سماح أنور‪ ،‬دلل عبد العزيز‪ ،‬حسين‬ ‫رمزي‪ ،‬حاتم ذو الفقار‪ ،‬سناء جميل‪ ،‬إبراهيم الشرقاوي‪ ،‬شفيق جلل‪( .‬‬
‫الشربيني‪ ،‬لوسي‪ ،‬سلوى خطاب‪ )34( .‬بلغ للرأي العام وعرض فى‬ ‫‪ )27‬المواجهة وعرض فى ‪ 9‬مارس ‪ 1987‬عن قصة وسيناريو وحوار‪:‬‬
‫‪ 26‬فبراير ‪1990‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬محيي حسن ‪ ،‬وتمثيل‬ ‫عبد الحي أديب ‪ ،‬وتمثيل فريد شوقي‪ ،‬صفية العمري‪ ،‬محمود ياسين‪،‬‬
‫عزت العليلي‪ ،‬بوسي‪ ،‬مصطفي متولي‪ ،‬هالة فاخر‪ ،‬عماد محرم‪ ،‬عبد‬ ‫منال السبعاوي‪ ،‬عبد ال محمود‪ ،‬أحمد سلمة‪ )28(.‬العملق وعرض‬
‫السلم محمد‪ )35( .‬الهطل وعرض فى ‪ 3‬سبتمبر ‪ 1990‬عن قصة‬ ‫فى ‪ 3‬أغسطس ‪ 1987‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬فاروق سعيد ‪،‬‬
‫وسيناريو وحوار محمد خليل الزهار ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬سمير غانم‪ ،‬بوسي‪،‬‬ ‫وتمثيل‪ :‬عادل أدهم‪ ،‬سوسن بدر‪ ،‬رغده‪ ،‬صلح السعدني‪ ،‬حسين‬
‫عماد محرم‪ ،‬حسين الشربيني‪ ،‬صبري عبد المنعم‪ ،‬علء ولي الدين‪( .‬‬ ‫الشربيني‪ ،‬عبد السلم محمد‪ )29( .‬العبقري والحب وعرض فى ‪21‬‬
‫‪ )36‬زوجه محرمة وعرض فى ‪ 3‬يونيو ‪ 1991‬عن قصة وسيناريو‬ ‫سبتمبر ‪ 1987‬عن قصة وسيناريو وحوار فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬فاروق‬
‫وحوار ماجدة خير ال ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬فاروق الفيشاوي‪ ،‬سهير رمزي‪ ،‬صلح‬ ‫الفيشاوي‪ ،‬الهام شاهين‪ ،‬هدي رمزي‪ ،‬محمود الجندي‪ ،‬سلوى عثمان‪،‬‬
‫قابيل‪ )37( .‬بنت مشاغبه جدا وعرض فى ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1991‬عن قصة‬ ‫عايدة رياض‪ )30( .‬شباب في الجحيم وعرض فى ‪ 7‬مارس ‪ 1988‬عن‬
‫وسيناريو وحوار محمد الحموي ‪ ،‬وتمثيل سمير صبري‪ ،‬سماح أنور‪،‬‬ ‫قصة وسيناريو وحوار فاروق سعيد‪ ،‬وتمثيل ممدوح عبد العليم‪ ،‬ميرفت‬
‫حسين الشربيني‪ ،‬شوقي شامخ‪ ،‬ولء فريد‪ ،‬صبري عبد المنعم‪)38( .‬‬ ‫أمين‪ ،‬حسين الشربيني‪ ،‬منال السبعاوي‪ ،‬عبد ال محمود‪ ،‬مجدي إمام‪( .‬‬
‫الخطوة الدامية وعرض فى ‪ 4‬أبريل ‪ ، 1992‬عن قصة وسيناريو‬ ‫‪ )31‬الفلوس والوحوش وعرض فى ‪ 16‬مايو ‪ ،1988‬عن قصة‬
‫وحوار يوسف بهنسي ‪ ،‬وتمثيل كمال الشناوي‪ ،‬سهير رمزي‪ ،‬حسن‬ ‫وسيناريو وحوار أبو أسامة إسماعيل ‪ ،‬وتمثيل محمد صبحي‪ ،‬مديحه‬
‫الشربيني‪ ،‬أحمد ندا‪ ،‬عبده الوزير‪ ،‬عزيزة حلمي‪ )39( .‬هارب من‬ ‫كامل‪ ،‬نجوى فؤاد‪ ،‬أبو بكر عزت‪ ،‬أحمد راتب‪ ،‬إجلل زكي‪ )32( .‬الدينا‬
‫التجنيد وعرض فى ‪ 18‬مايو ‪ 1992‬عن قصة جابر عبد السلم ‪،‬‬ ‫جري فيها أيه وعرض فى ‪ 5‬سبتمبر ‪ 1988‬عن قصة وسيناريو وحوار‬
‫وسيناريو وحوار رؤوف حلمي ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬يونس شلبي‪ ،‬إيمان‪ ،‬منال‬ ‫فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل فاروق الفيشاوي‪ ،‬ميرفت أمين‪ ،‬سناء جميل‪ ،‬أحمد‬

‫‪8‬‬
‫بمدينة البيرة ‪ ،‬لكن مسقط رأس أسرته‬ ‫‪1953‬‬ ‫ولد احمد سعدات فى عام‬ ‫السبعاوي‪ ،‬عماد محرم‪ ،‬أحمد أدم‪ ،‬أحمد أبو عبيه‪ )40( .‬زوجتي والذئب‬
‫كان في قرية دير طريف ‪ .‬وقد بدأ سعدات فى النضال ضد الحتلل‬ ‫وعرض فى ‪ 13‬يوليو ‪ 1992‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬ماجدة خري‬
‫انضم لصفوف الجبهة‬ ‫‪1969‬‬ ‫مبكرا وهو طالب بالعدادي ‪ .‬وفى عام‬ ‫ال ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬حسين فهمي‪ ،‬رغده‪ ،‬كمال الشناوي‪ ،‬دينا‪ ،‬نادية توفيق‪،‬‬
‫الشعبية لتحرير فلسطين ‪ ،‬واستمر نضاله حتى تخرج من معهد المعلمين‬ ‫عثمان الحمامصي‪ )41( .‬بنات في ورطه وعرض فى ‪ 7‬سبتمبر ‪1992‬‬
‫بمدينة رام ال تخصص رياضيات(يذكر أن الجبهة الشعبية لتحرير‬ ‫عن قصة وسيناريو وحوار فيصل ندا ‪ ،‬وتمثيل‪ :‬صلح السعدني‪ ،‬جال‬
‫فلسطين هي حركة ماركسية لينينية قومية تعود جذورها إلى حركة‬ ‫فهمي‪ ،‬سلوي خطاب‪ ،‬مني عبد الغني‪ ،‬عطية عويس‪ ،‬إبراهيم يسري‪( .‬‬
‫‪ ،‬ثم تحولت بعد‬ ‫‪1948‬‬ ‫القوميين العرب التى تشكلت اثر هزيمة حرب عام‬ ‫‪ )42‬أقوي الرجال وعرض فى ‪ 24‬مارس ‪ 1993‬عن قصة وسيناريو‬
‫إلى تنظيمات قطرية كان منها تنظيم الجبهة الشعبية‬ ‫‪1967‬‬ ‫هزيمة حرب‬ ‫وحوار بسيوني عثمان ‪ ،‬وتمثيل نور الشريف‪ ،‬سهير رمزي‪ ،‬جمال‬
‫لتحرير فلسطين وكان هدفها ليس تدمير إسرائيل فحسب بل الثورة‬ ‫إسماعيل‪ ،‬عماد محرم‪ ،‬محمد ناجي‪ ،‬خليل مرسي‪ )43( .‬التعالب وعرض‬
‫الشاملة ضد الستعمار الغربي ‪ ،‬ولكن تعرضت الجبهة لنشقاقات داخلية‬ ‫فى ‪ 31‬مايو ‪ 1993‬عن قصة وسيناريو وحوار‪ :‬مني الصاوي ‪ ،‬وتمثيل‪:‬‬
‫حيث انشق عنها تيار بزعامة نايف حواتمة والذى أطلق على تياره‬ ‫كمال الشناوي‪ ،‬فيفي عبده‪ ،‬محمود حميده‪ ،‬إبراهيم نصر‪ ،‬نهلة سلمة‪،‬‬
‫الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين‪ ،‬ثم تيار آخر بزعامة أحمد جبريل‬ ‫حاتم ذو الفقار‪ )44( .‬أبو زيد زمانه وعرض فى ‪ 11‬ديسمبر عام ‪1995‬‬
‫واطلق عليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة" ‪ ،‬والجبهة‬ ‫عن قصة وسيناريو وحوار محمد الحموي ‪ ،‬وتمثيل محمود حميدة‪،‬‬
‫ليفسح المجال‬ ‫‪2000‬‬ ‫الشعبية بقيادة جورج حبش والذى قدم استقالته عام‬ ‫الهام شاهين‪ ،‬ممدوح وافي‪ ،‬هندية‪ ،‬محمد شرف‪ )45( .‬الصاغه وعرض‬
‫لنائبه أبو على مصطفى وبعد اغتياله تولى سعدات مهام الجبهة) ‪.‬‬ ‫فى ‪ 28‬أبريل عام ‪ 1996‬عن قصة وسيناريو وحوار محسن الجلد ‪،‬‬
‫ويذكـر أن أحمـد سـعدات تـم اعتقاله كثيرا طوال مراحـل نضاله ضـد‬ ‫وتمثيل‪ :‬كمال الشناوي‪ ،‬فيفي عبده‪ ،‬جمال عبد الحميد‪ ،‬صلح عبد ال‪،‬‬
‫عند ما‬ ‫‪1969‬‬ ‫الحتلل ال سرائيلي‪ ،‬و قد كا نت المرة الولى في فبراير عام‬ ‫فؤاد خليل‪ ،‬إيناس مكي‪.‬‬
‫وامضى فى‬ ‫‪1970‬‬ ‫اعتقل لمدة ثلثة شهور ‪ ،‬والمرة الثانية في أبريل عام‬ ‫احمد سعدات‬
‫عند ما‬ ‫شهرا ‪ ،‬أ ما المرة الثال ثة فكا نت فى عام‬ ‫العتقال ن حو‬
‫(أحد أبرز رموز الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فرع جورج حبش)‬
‫‪1973‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪9‬‬
‫الراضي المحتلة وفى سوريا أيضا ‪ ،‬كما أن جناحها العسكري يتمثل فى‬ ‫حيث اعتقل نحو شهر‬ ‫‪1975‬‬ ‫سجن عشرة أشهر ‪ ،‬والمرة الرابعة فى عام‬
‫كتائب أبو على مصطفى ‪.‬‬ ‫حك مت عل يه إحدى المحا كم ال سرائيلية‬ ‫‪1976‬‬ ‫ون صف تقري با ‪ ،‬و فى عام‬

‫أحمد سلطان‬ ‫انتخـب عضوا باللجنـة‬ ‫‪1981‬‬ ‫بالسـجن لمدة أربـع سـنوات ‪ .‬وفـى عام‬
‫المركزية العامة للجبهة الشعبية فى المؤتمر الرابع ‪ ،‬ثم اعتقل فى عام‬
‫وزير الكهرباء السبق‬
‫‪13‬‬ ‫لمدة‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪ ،‬وب عد ذلك اعت قل فى عام‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪ ،‬وأي ضا فى عام‬ ‫‪1985‬‬
‫ولد أحمد سلطان فى عام ‪ 1923‬بمدينة بورسعيد ‪ .‬تخرج من كلية‬
‫شهرا ‪ .‬وفى أثناء انعقاد المؤتمر الوطني الخامس للجبهة الشعبية عام‬
‫الهندسة بجامعة القاهرة عام ‪ ، 1944‬وإشترك فى إنشاء محطات‬
‫أع يد انتخا به لعضو ية اللج نة المركز ية العا مة للجب هة ‪ .‬و فى عام‬ ‫‪1993‬‬
‫الكهرباء بشمال وجنوب وغرب القاهرة فى الفترة من ‪ 1950‬وحتى‬
‫ا صبح مسئول الجبهة عن فرع الضفة الغرب ية‪ .‬ثم أختير كمسئول‬ ‫‪1994‬‬
‫‪ . 1957‬ثم عين رئيسا لقطاع الصناعة والكهرباء بلجنة التخطيط ‪ .‬وفى‬
‫‪ .‬وبعد قيام‬ ‫‪2000‬‬ ‫عن المكتب السياسي للجبهة فى المؤتمر السادس عام‬
‫عام ‪ 1962‬تم تعيينه مساعدا لمدير هيئة بناء السد العالى لشئون‬
‫القوات السـرائيلية باغتيال أبـو على مصـطفى ردا على اغتيال وزيـر‬
‫الكهرباء والمرافق ‪ ،‬وأشرف على تركيب محطة كهرباء السد العالى ‪.‬‬
‫السياحة رحبعام تم اختيار سعدات أمينا للجبهة الشعبية فى عام ‪.2001‬‬
‫فى عام ‪ 1968‬عين رئيسا لقطاع التشغيل بمؤسسة الكهرباء ‪ ،‬وفى عام‬
‫وفـى نفـس العام اعتقلتـه السـلطات الفلسـطينية (المخابرات العامـة‬
‫‪ 1968‬عين محافظا للمنوفية ‪ ،‬ثم عين وزيرا للكهرباء فى عهد الرئيس‬
‫الفلسـطينية)بعـد ضغوط شديدة مـن قبـل الحكومـة السـرائيلية والوليات‬
‫أنور السادات ‪.‬‬
‫المتحدة وذلك بعـد قيام الجبهـة الشعبيـة باغتيال رحبعام زئيفـى فـى عام‬
‫فى ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1978‬طلب الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء آنذاك‬
‫نقل أحمد سعدات الى سجن أريحا تحت وصاية‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪ .‬وفى مايو‬ ‫‪2000‬‬
‫إتخاذ الجراءات اللزمة للتحقيق مع المهندس أحمد سلطان نائب رئيس‬
‫ـي جرت‬
‫ـة الخيرة التـ‬
‫ـى النتخابات التشريعيـ‬
‫ـة‪ .‬وفـ‬
‫ـة بريطانيـ‬
‫أمريكيـ‬
‫الوزراء ووزير الكهرباء السابق فيما نسب إليه من تفاضى رشوة من‬
‫تصدر احمد سعدات قائمة الجبهة ونجح‬ ‫‪2006‬‬ ‫بالراضي المحتلة فى يناير‬
‫شركة وستنجهاوس المريكية حيث كانت حكومة الوليات المتحدة‬
‫ـي‬
‫ـبح عضوا بالمجلس التشريعـ‬
‫ـجن واصـ‬
‫ـو بالسـ‬
‫ـى النتخابات وهـ‬
‫فـ‬
‫المريكية قد أخطرت الدكتور مصطفى خليل بأن وزارة العدل فى أمريكا‬
‫الفل سطيني ‪ .‬ويذ كر أن جب هة سعدات ل ها كوادر سياسية وتنفيذ ية دا خل‬
‫قد أقامت دعوى على شركة وستنجهاوس للكهرباء طبقا للقانون‬

‫‪10‬‬
‫عدة أسباب للطعن فى قرار المحكمة (ولكن حتى الن لم يعلن عن نتائج‬ ‫المريكى بتهمة رشوة فى عقدين أبرمتهما مع وزير الكهرباء المصرى‬
‫الطعن) ‪.‬‬ ‫أحمد سلطان ‪ .‬وقد بادر الدكتور مصطفى خليل بالتصال بسفير أمريكا‬

‫أحمد سلمة‬ ‫بالقاهرة وطلب منه موافاته رسميا بالتفاصيل ‪ .‬ولما كان قد نما الى علم‬
‫مصطفى خليل أن نائب رئيس الوزراء ووزير الكهرباء السبق أحمد‬
‫وزير الحكم المحلى السبق‬
‫سلطان هو المعنى بهذا التهام فقد إتصل الدكتور خليل بالمدعى العام‬
‫عين وزيرا الحكم المحلى بوزارة الدكتور عاطف صدقى فى نوفمبر‬
‫الشتراكى والنائب العام وأحاطهما علما بذلك طالبا إتخاذ الجراءات‬
‫عام ‪ . 1986‬كما شغل منصب نائب رئيس جامعة عين شمس ‪ ،‬وأمينا‬
‫اللزمة ‪ .‬وبتاريخ ‪ 26‬أكتوبر عام ‪ 1978‬أذاع المستشار أنور أبو‬
‫مساعدا للحزب الوطنى الديمقراطى الذى كان يرأسه الرئيس المصرى‬
‫سحلى النائب العام السبق بيانا فى مؤتمر صحفى أكد خلله اللتزام‬
‫محمد حسنى مبارك ‪ .‬وهو من مواليد ‪ 18‬يوليو عام ‪ 1928‬بمدينة‬
‫بإنهاء التحقيق مع توافر الضمانات اللزمة لنزاهة التحقيق خلل ثلثة‬
‫الواسطى بجنوب مصر (الصعيد) ‪ .‬وقد حصل على ليسانس الحقوق عام‬
‫شهور مشيرا الى أن التهم المنسوبة لحمد سلطان هى تهمة الرشوة‬
‫‪ 1951‬من كلية الحقوق بجامعة القاهرة بتقدير عام إمتياز ‪ ،‬كما حصل‬
‫وعقوبتها طبقا للمواد ‪ 103‬و ‪ 110‬من قانون العقوبات المصرى الشغال‬
‫على دبلوم فى القانون العام عام ‪ . 1952‬وحصل على دبلوم فى القانون‬
‫الشاقة المؤبدة وغرامة تصل الى قيمة مبلغ الرشوة المحددة بـ ‪400‬‬
‫الخاص عام ‪ ، 1953‬ثم دبلوما ثالثا فى تاريخ القانون والقانون‬
‫ألف دوىر أمريكى ومصادرة مبلغ الرشوة ‪ .‬ورغم أن محكمة أمن‬
‫الرومانى عام ‪ ، 1956‬واخيرا حصل على الدكتوراه عام ‪ . 1957‬عين‬
‫الدولة العليا قد أصدرت بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ 1981‬حكمها ببراءة أحمد‬
‫معيدا بكلية الحقوق جامعة عين شمس ‪ ،‬ثم مدرسا للقانون المدنى ‪ .‬وله‬
‫سلطان وزير الكهرباء السبق إل أن النيابة العامة قررت الطعن بالنقض‬
‫‪ 35‬مؤلفا علميا أكاديميا فى القانون المدنى ‪ .‬ثم عمل مدرسا بجامعة‬
‫فى الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا ببراءة أحمد سلطان نائب‬
‫حصل على عدة جوائز للدولة منها‬ ‫المنيا فى أكتوبر عام ‪. 1964‬‬
‫رئيس الوزراء ووزير الكهرباء السبق وأخرين ‪ ،‬وقد وافق المستشار‬
‫جائزة الدولة عن كتاب (الحوال الشخصية لغير المسلمين ) ‪ .‬أيضا‬
‫صلح الرشيدى النائب العام على أسباب الطعن بالنقض ‪ ،‬وتضمنت‬
‫حصل على وسام الستحقاق من الطبقة الولى عن كتاب (القانون‬
‫مذكرة الطعن التى أعدها ماهر الجندى رئيس نيابة الموال العامة آنذاك‬

‫‪11‬‬
‫مجموعات رئيسية من المجاهدين ‪ ،‬وكانت مجموعة شاه مسعود تحتل‬ ‫الزراعى الجديد فى عام ‪ . ) 1970‬وأخيرا عمل مستشار قانونيا‬
‫المرتبة القل من المعونات التى كانت تقدم من الدول السلمية وغير‬ ‫للحزب الوطنى الحاكم ‪.‬‬
‫السلمية وذلك بسبب إنتمائه الى القلية الطاجيكية ‪ ،‬بينما بقية‬ ‫أحمد شاه مسعود‬
‫المجاهدين ينتمون الى الغلبية الباشتونية ‪ .‬وعندما غزت طالبان‬ ‫كان أنصاره يسمونه أسد وادى بانجشير(أى أسد السود) ‪ ،‬وأحيانا‬
‫الراضى الفغانية ‪ ،‬أتحد أحمد شاه مسعود مع سائر الجماعات المجاهدة‬ ‫يطلقون عليه روبين هود أفغانستان تشبيها بالبطل النجليزى السطورى‬
‫ضد غزوها خاصة وأنها قدمت من باكستان ‪ .‬وقد أختير أحمد مسعود‬ ‫الذى كان يعيش فى العصور الوسطى ‪ ،‬وكان يقود الفلحين فى ثورتهم‬
‫وزيرا للدفاع فى حكومة برهان الدين ربانى ‪ ،‬وقد وقع عليه الختيار‬ ‫ضد القطاع ‪ .‬أما إسم مسعود فهو الذى أطلقه على نفسه‪.‬‬
‫ليكون قائدا لتحالف قوات المعارضة المناوئة لحكومة طالبان‬ ‫من مواليد عام ‪ . 1952‬وله أربعة أشقاء ‪ ،‬وهو إبن ضابط سابق فى‬
‫توفى فى سبتمبر عام ‪ 2001‬عن عمر يقارب التاسعة والربعين ‪ ،‬وقد‬ ‫الجيش النظامى للملك السابق محمد ظاهر شاه ‪ .‬تلقى تعليمه الثانوى‬
‫قضى حياته كلها فى النضال ضد المحتل الجنبى ‪ ،‬ولم يتزوج إل بعد أن‬ ‫فى مدرسة ليسيه الستقلل بالعاصمة كابول ‪ ،‬وبعد حصوله على‬
‫تجاوز الربعين من العمر وترك وراءه طفل صغيرا إسمه عبد ال‬ ‫الشهادة الثانوية التحق بكلية الهندسة بجامعة كابول ‪ .‬فى تلك الفترة‬
‫أحمد شفيق باشا‬ ‫سقطت الملكية الفغانية ولجأ الملك ظاهر شاه الى أوربا ‪ ،‬وتحولت‬
‫رئيس ديوان الخديوي عباس حلمى الثانى‬ ‫أفغانستان الى نظام جمهورى ‪ .‬وفى عام ‪ 1978‬تحولت أفغانستان الى‬
‫هو المؤرخ ورئيس ديوان الخديوي عباس حلمى الثانى ووكيل الجامعة‬ ‫النظام الشيوعى الذى طلب من التحاد السوفيتى مساندته مما أدى الى‬
‫المصرية الهلية ‪ .‬ولد فى عام ‪ ، 1860‬وتوفى عام ‪ 1940‬عن عمر‬ ‫تدخل القوات السوفيتية وسيطرتها على أفغانستان ولم تغادرها ال فى‬
‫يناهز ثمانين عاما ‪ .‬وقد تخرج من مدرسة العلوم السياسية وكلية‬ ‫عام ‪ 1989‬عندما إنهار التحاد السوفيتى ‪.‬‬
‫الحقوق بباريس ‪ .‬ومنذ عودته من فرنسا عقد العزم على أن يرد ببحث‬ ‫تعلم أحمد مسعود اللغة الفرنسية وأتقنها ‪ ،‬وأصبح يتكلمها بطلقة مع‬
‫مطول باللغة الفرنسية على المزاعم التى ظهرت فى أوربا حول الرق فى‬ ‫الدبلوماسيين والصحفيين والمراسلين الجانب‪ .‬يذكر أنه قبل دخول‬
‫السلم ‪ ،‬ولما أتم بحثه قام بعرضه على الخديوي عباس حلمى الثانى‬ ‫جماعة طالبان الى أفغانستان ‪ ،‬كانت تتنازع السلطة داخل أفغانستان سبع‬

‫‪12‬‬
‫عامة ‪ .‬وكان يصادق العديد من الدباء والشعراء فى ذلك الزمان‬ ‫الذى قرأه بإهتمام شديد وأبدى ملحظاته على بعض النقاط التى قام أحمد‬
‫ويتصيد من يجلس عنده من الشعراء ليسمعهم شعره ‪ ،‬وإذا حار في‬ ‫شفيق بتداركها ووافق الخديوي على نشره وتوزيعه فى العالم الغربى‬
‫قافية انتظر من يتوسم فيه المنزلة العالية فى الشعر فيسأله إكمال‬ ‫بعد أن شكره وقدره حق تقدير على ذلك المجهود الرائع للتوضيح‬
‫القافية‪ ،‬ويقرأ في الجرائد كل يوم ما فيها من شعر‪ .‬فإذا لم يفهم بيتا‬ ‫الصحيح للسلم وتعاليمه ‪ .‬كما شجعه الخديوى على إلقاء عدد من‬
‫انتظر العصر حتى يأتي بعض زبائنه الدباء والشعراء فيسألهم‬ ‫المحاضرات حول موضوع البحث فى الجاليات المتحدثة غير العربية من‬
‫ويناقشهم في معناه‪ ،‬وهو ذو ذوق حساس‪ ،‬إذا استثقل أحدا لم يمكنه من‬ ‫أجل فهم أفضل وأوسع للدين السلمى الحنيف ‪ .‬وكان حريصا على أن‬
‫الجلوس في حانوته‪ ،‬وأقصى ما يستطيع أن يمكنه من شرب ليمونه‪،‬‬ ‫يكون إسمه الحاج أحمد شفيق ‪ .‬ومن أهم مؤلفاته " الحوليات العشر " ‪،‬‬
‫ولذلك كان محله مجمعا للظرفاء والدباء والشعراء ‪ ،‬ومن هؤلء قاسم‬ ‫و" مذكراتى فى نصف قرن "‪ .‬وقد ساهم أحمد شفيق بقدر كبير فى تأريخ‬
‫أمين وأحمد أمين والشيخ محمد عبده أحيانا ‪ ،‬وكان يمر على محله‬ ‫الدراسات السلمية والفهم التنويرى الذى أضاء تلك المرحلة ‪ ،‬كما قام‬
‫أحمد لطفى السيد فى بداية حياته وسعد زغلول فى المرحلة الولى‬ ‫بترجمة العديد من العمال الفرنسية الجادة إلى العربية فى شتى‬
‫وآخرين من الدباء والشعراء فى ذلك الوقت ‪.‬‬ ‫المجالت السياسية والقتصادية والثقافية والقانونية‪.‬‬

‫أحمد شفيق‬ ‫أحمد الشربتلى‬


‫وزير الطيران المدنى‬ ‫صاحب محل ملتقى الدباء بالسكندرية‬
‫إسمه بالكامل أحمد محمد شفيق زكى ‪ ،‬وهو من مواليد عام ‪. 1941‬‬ ‫عرف بـ عم أحمد الشربتلى بمدينة السكندرية فى الفترة من عام‬
‫بعد حصوله على الثانوية العامة التحق بكلية الطيران‪ ،‬وبعد تخرجه منها‬ ‫‪ 1900‬إلى عام ‪،1930‬وهو صاحب محل لصنع شراب الليمون كأحسن‬
‫تولى عددا من المناصب القيادية بالقوات الجوية كان آخرها رئيسا‬ ‫ما يصنع بمدينة السكندرية والقاهرة تقريبا ‪ .‬كان الرجل يعتني بنظافته‬
‫لركان القوات الجوية ‪ .‬ويذكر أنه حصل على زمالة كلية الحرب العليا‬ ‫ونظافة محله ما أمكن‪ ،‬فكان مضرب المثل في النظافة والتقان ‪ .‬وكان‬
‫من أكاديمية ناصر العسكرية العليا ‪ ،‬كما حصل على زمالة كلية الحرب‬ ‫حانوته صغير‪ ،‬ل يتسع لكثر من خمسة عشر شخصا ‪ ،‬فإذا كثروا‬
‫العليا للسلحة المشتركة بباريس ‪ ،‬وبعدها درجة دكتوراه الفلسفة فى‬ ‫جلسوا أمام المحل ‪ .‬وهو مع ذلك يدعي الدب والشعر والثقافة بصفة‬

‫‪13‬‬
‫يمارس ضغوطا شديدة على أبناؤكم الطيارين مما ينعكس مباشرة على‬ ‫الستراتيجية القومية للفضاء الخارجى ‪ .‬وفى عام ‪ 1996‬أصدر الرئيس‬
‫تأمين سلمة الطيران ويتسبب في وقوع الحوادث‪ .‬وقد فند الخطاب‬ ‫مبارك قرارا جمهوريا بتعيين اللواء طيار أركان حرب أحمد محمد شفيق‬
‫الموجه لرئيس الجمهورية ست وقائع منها التى‪ -1 :‬اعتياد‬ ‫زكى قائدا للقوات الجوية‪ .‬وفى أوائل عام ‪ 2002‬تم تعيينه وزيرا‬
‫سيادته(يقصد به وزير الطيران أحمد شفيق) التعدي بالقول على طياري‬ ‫للطيران وظل كذلك حتى كتابة هذه السطور فى أول يناير عام ‪. 2008‬‬
‫الشركة بألفاظ نابية ومهينة في اجتماعات عامة‪ -2 .‬رفع بعض‬ ‫وهو متزوج وله ثلثة بنات ‪ .‬وحول أدائه بوزارة الطيران فيذكر أنه‬
‫الطيارين من جداول الرحلت دون سبب معلن ولمدد طويلة ‪-3 .‬‬ ‫أضاف بعدا جديدا للعمل بالوزارة أثنى عليه الكثير ‪ ،‬ولكن هناك بعض‬
‫التلويح بإيقاف أي طيار من الكشف الطبي إذا ما ناقش الدارة في أي‬ ‫المآخذ على أدائه أو تحديدا على أداء من يعملون معه ‪ ،‬وفى هذا‬
‫أمر‪ -4 .‬وقف تعيين أكثر من ‪ 45‬طيارا من شباب الطيارين بعد‬ ‫الخصوص قال أحمد شفيق في مؤتمر صحفي نشر فى منتصف شهر‬
‫اجتيازهم جميع الختبارات وتوقيعهم عقودا مع الشركة وتركهم أكثر من‬ ‫مايو عام ‪ 2004‬جاء فيه ‪ :‬هناك أخطاء ارتكبت في الفترة السابقة سواء‬
‫ثلث سنوات ونصف السنة دون تعيين ‪ -5 .‬الشروع في التعاقد مع‬ ‫في التعاقدات التي تمت وفي عمليات تشغيل الطائرات واختيار أنواعها‬
‫طيارين من خارج الشركة دون إعلن مسبق ‪ .‬واختتمت الرسالة بالتي‬ ‫وأننا نحاول أن نتداركها ونرتفع عنها ‪ ،‬وأن تكبدنا لخسائر من جراء‬
‫‪" :‬ول يخفى على سيادتكم أهمية الستقرار الوظيفي والنفسي للطيار‬ ‫هذه الخطاء أرحم بكثير من تعاقدنا مع شركات أجنبية تخطط لنا فى‬
‫حتى يقوم بتأدية واجباته الوظيفية على الوجه الكمل وهو المر الذي‬ ‫إدارة هذه المشروعات ‪ .‬وفى نهاية المؤتمر الصحفى قال الوزير بالنص‬
‫نفتقده للسباب السالف بيانها لسيادتكم ‪ .‬مقدمه‪ :‬طيار هشام الديب‬ ‫‪ :‬أنا ل أخشى من معاقبة من يخطئ وأن من يملك مستندات أو لديه‬
‫رئيس مجلس إدارة رابطة طياري الخطوط الجوية المصرية" ‪ .‬وهناك‬ ‫معلومات عن وجود تجاوزات فعليه التوجه للجهات المسئولة وليس إلى‬
‫مستند آخر قيد برقم قيد ‪ 532‬وهو عبارة عن أربع ورقات تحوي‬ ‫نشر الأكاذيب ‪ .‬ولكن فى ‪ 16‬مايو ‪ 2004‬نشرت جريدة العربى مستندا‬
‫قرارات وتوصيات مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوي فى الجلسة‬ ‫جاء فيه ‪ :‬السيد الرئيس ‪ /‬محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية‪ ،‬بكل‬
‫رقم ‪ 22‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل عام ‪2004‬م مكتب رئيس مجلس الدارة‬ ‫اليمان بمصرنا الحبيبة وبقيادتكم الواعية الرشيدة يتقدم أبناؤكم طيارو‬
‫ومذيلة بتوقيع طيار حسن محمد حسن وموجه لكل من رئيس القطاع‬ ‫مصر للطيران "ممثلين في رابطة طياري الخطوط الجوية المصرية عضو‬
‫التحاد الدولي للطيارين" بالتظلم من السيد وزير الطيران المدني حيث‬
‫‪14‬‬
‫بالنسبة للمقاولت‪ .‬ويبقى التساؤل المحير للبعض ‪ :‬هل تم تحرير‬ ‫التجاري والقتصادي ورئيس القطاع المالي‪ .‬البند الول‪ :‬موافقة مجلس‬
‫الشركة من رقابة الدولة لتصبح فى يد رئيس مجلس إدارتها مطلقة‬ ‫الدارة بالتمرير‪ .‬البند الثاني‪ :‬موافقة مجلس الدارة على قبول الهدية‬
‫بالشراء بالمر المباشر ‪ ،‬خاصة وأن هناك حالة تجاوز فيها مجلس‬ ‫المقدمة من شركة ليفنج أن انتريورز بمبلغ قدره "‪ "147480‬جنيها‪ ..‬أما‬
‫الدارة هذه النسب وهى المتعلقة بالمر المباشر لشركة البحر المتوسط‬ ‫الشق الثاني من البند رقم "‪ "5‬فنص على تفويض عام من مجلس الدارة‬
‫بمبلغ " ‪ " 76774950‬مليون جنيه وهي العملية الخاصة بتطوير صالة "‬ ‫حسن محمد حسن في فتح الحسابات واعتماد التوقيعات لدى البنوك على‬
‫‪ " 3‬مبنى " ‪. " 1‬‬ ‫أن يتم صدور قرار داخلي من سيادته بتفويض من يراه في هذا الشأن ‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالمنحة السماوية التي يتمتع بها وزير الطيران المدني على‬ ‫البند السادس‪ :‬موافقة مجلس الدارة على بيع ونقل ملكية السيارات‬
‫حد قول محمد عبد المنعم رئيس تحرير روز اليوسف فى مايو ‪2004‬‬ ‫المستعملة الخاصة بشركة ميناء القاهرة الجوي إلى وزارة الطيران‬
‫فقد تم إنشاء بوابة خاصة بدل من البوابة الرئيسية ل تبعد أكثر من‬ ‫المدني‪ .‬وهناك تساؤل حول الوضع القانوني لوجود هذه السيارات لدى‬
‫ستة أمتار عن مكتب وزير الطيران وإنشاء أسانسير خاص ماركة‬ ‫الوزارة منذ ‪ .202‬ويذكر أن هناك كتاب دوري رقم ‪ 2‬لسنه ‪2004‬‬
‫ميتسوبيشي بتكلفة ‪ 3‬مليين جنيه على الرغم من وجود ‪ 2‬أسانسير‬ ‫بشأن حظر شراء جميع أنواع السيارات وقد تم العمل به اعتبارا من ‪25‬‬
‫لخدمته وذلك فى أوائل عام ‪ . 2004‬وقد أشارت جريدة العربى فى ‪16‬‬ ‫مارس ‪ 2004‬ومؤشرا عليه من حسن محمد حسن‪ .‬وفى هذا الخصوص‬
‫مايو ‪ 2004‬إلى شراء وزارة الطيران لعمارة سكنية من شركة مدينة‬ ‫أثيرت تساؤلت حول كيف تم البيع والشراء لهذه السيارات ؟‪ .‬يذكر هنا‬
‫نصر للسكان بـمبلغ ‪ 8‬مليين و ‪ 440‬ألفا و ‪ 450‬جنيها وصلت كلفتها‬ ‫أن سلطات مجلس الدارة المعين بالقرار تفوق بكثير سلطات وزير‬
‫بعد التشطيب إلى ‪ 15‬مليونا ‪ ،‬وتم تحويل العمارة من سكنية إلى مبنى‬ ‫الطيران ‪ ،‬فالمعروف أن سلطة الوزير في التفاق المباشر ‪ 100‬ألف‬
‫إداري ‪ ،‬وقد طرح تساؤل حول تسوية ثمن المبنى الداري الذى يوجد‬ ‫جنيه للتوريدات و ‪ 300‬ألف للعمال والمقاولت ‪ ،‬أما في لئحة شركة‬
‫به الوزير فى ذلك الوقت ؟ ‪ .‬أيضا طرحت تساؤلت حول إيرادات شركة‬ ‫ميناء القاهرة الجوي الموضوعة بمعرفة مجلس الدارة والصادر به‬
‫ميناء القاهرة ‪ ،‬ومنها هل ترجع الزيادة فى إيرادات الشركة إلى زيادة‬ ‫قرار من المفوض حسن محمد حسن تضع في سلطة حسن محمد حسن‬
‫الرسوم المفروضة في غيبة المجلس العلى لتسعير الخدمات؟ خاصة أن‬ ‫إمكانية صرف مليوني جنيه منفردا بالمر المباشر مما يجعل سلطته‬
‫تعادل ‪ 20‬ضعف الوزير في حالة التوريدات وما يزيد على ستة أضعاف‬
‫‪15‬‬
‫ولكن ما حدث بعد تعيين حسن محمد حسن مفوضا للشركة بالقرار رقم‬ ‫إيجار الباركات عل سبيل المثال بـ ‪ 30‬مليونا سنويا وأنه يتم تحميل‬
‫‪ 226‬الصادر فى ‪ 20‬يونيو ‪ 2002‬وفي ظل تشكيل مجلس إدارة بقرار‬ ‫المواطن الزائر أو المودع أو المستقبل ثمن هذه الزيادة‪ .‬وهل هناك‬
‫من رئيس الشركة القابضة للمطارات فقد تبين أنه تم صرف مكافآت لكل‬ ‫مقارنة بين مقابل الخدمات بمطار القاهرة الجوي المرتفعة جدا ودخل‬
‫أعضاء المجلس (باعتبارهم معينين) بلغت قيمة المكافأة ‪ 63‬ألف جنيه‬ ‫المواطن المصري المحدود ؟‪ .‬فى نفس الوقت ذكرت الصحف ومنها‬
‫صاف للعضو بينما ل يزيد مجموع الجور السنوية الساسية لي منهم‬ ‫جريدة العربى فى ‪ 16‬مايو ‪ 2004‬أنه فى تصريح للطيار حسن محمد‬
‫على خمسة ألف جنيه فقط ‪ .‬وهذا يعنى أنه تم صرف ‪ 58‬ألف جنيه‬ ‫حسن قال فيه‪ :‬أن للوصول للعالمية يتطلب جهدا كبيرا وإنفاقا أكبر ‪ .‬وقد‬
‫بالزيادة لعدد ‪ 4‬أعضاء يفترض أنهم منتخبون(لكنهم معينون كما أشرنا)‬ ‫تسائل البعض ‪ :‬هل هذا مبرر للنفاق بالمر المباشر بمبالغ طائلة‬
‫‪ ،‬أي أنه تم إهدار مبلغ ‪ 232‬ألف جنيه صرفت بغير وجه حق للعضاء‬ ‫وشراء مستلزمات شائعة النفع من الخارج دون العتماد على الصناعة‬
‫الربعة‪( .‬يذكر أنه صرف أيضا ‪ 36‬ألف جنيه لرئيس اللجنة النقابية‬ ‫المصرية مثل الصالون الفرنسي والكراسي الباهظة التكاليف؟ ‪ .‬وهل هذا‬
‫وهو عضو ليس له صوت معدود وليس له الحق فى صرف مكافأة ولكن‬ ‫النفاق يتطلب توريد مباشر رقم ‪ 49‬لشراء ‪ 2‬سيارة كرايسلر ‪ 6‬سلندر‬
‫الدارة صرفت له ‪ 63‬ألف جنيه بما رفع مبلغ الهدار إلى ‪ 295‬ألف‬ ‫بقيمة ‪ 61‬ألف دولر‪ ،‬على الرغم أن هناك حظرا على شراء سيارات‬
‫جنيه) ‪.‬‬ ‫ركوب "الصالون" أو شروكي خاصة أنه صدر القرار رقم ‪ 1199‬لسنه‬
‫وفى ‪ 10‬مايو ‪ 2004‬ذكرت جريدة صوت المة برئاسة عادل حمودة أن‬ ‫‪ 2002‬بترشيد النفاق الحكومي بل وحظر شراء السيارات إل بعد موافقة‬
‫لديها وثائق عمولت الكبار فى وزارة الطيران ‪ .‬وأشارت الجريدة أن‬ ‫وزارة التخطيط على السيارات التى يصل عدد سلندراتها إلى أربعة ‪ ،‬ثم‬
‫لديها وثيقة من شركة سيتا تشرح فيها لقسامها الداخلية حقيقة العقد‬ ‫موافقة مجلس الوزراء بالنسبة للسيارات التي تزيد عدد سلندراتها على‬
‫مع وزارة الطيران المدني والشركة القابضة للمطارات والملحة الجوية‬ ‫أربعة ‪.‬‬
‫‪ ،‬وأن الوثيقة مكونة من ‪ 8‬ورقات‪ ،‬وفي الورقة الرابعة تشير الوثيقة‬ ‫أما القضية الخرى فتأتى في ظل اللتزام بأحكام القانون ‪ 203‬لسنة‬
‫إلى الفقرة التالية ‪ :‬أن عمولة جالبي العملية من القيادات الكبار دفعت‬ ‫‪ 1991‬بشأن تشكيل مجالس الدارات والتى تؤكد أن العضاء المنتخبين‬
‫فورا مع توقيع عقد المرحلة الولى دون تحصيل أي مبالغ من شركات‬ ‫يتقاضون مكافأة مجلس إدارة بما ل يجاوز مجموع الجر السنوي ‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫للطائرات‪ ،‬إل أن مشروع التعاقد تضمن بعض النقاط لم تكن متضمنة في‬ ‫الطيران (لحساب شركة سيتا) والعمولة (في المرحلة الثانية) هي ‪10.95‬‬
‫مشروع العقد السابق يمكن تلخيصها فيما يلي ‪ -1 :‬أن نسبة التعاب‬ ‫في المائة من جملة العقد تدفع لجالبي الصفقة من القيادات خلل ‪12‬‬
‫المقررة تستحق أيضا على قيمة رسوم هيئات ضمان الصادرات سواء تم‬ ‫شهر التالية لتوقيع المرحلة الثانية مع وزارة الطيران المدني المصرية‬
‫تمويلها أو لم يتم‪ ،‬مما يترتب عليه زيادة في قيمة التعاب في حدود‬ ‫وهي تساوي ‪ 8.5‬مليون دولر‪ .‬وتشير الجريدة إلى أن وصول الوثيقة‬
‫مبلغ ‪ 33600‬دولر أمريكي ‪ -2 .‬أن الحد الدنى للتعاب هو‬ ‫السابقة إلى وزير الطيران المدني الجديد أحمد شفيق جعله يكون لجانا‬
‫‪ 580.000.00‬دولر أمريكي في حالة تمويل السبع طائرات‪ -3 .‬أن‬ ‫فنية انتهت إلى خفض قيمة العقد إلى ‪ 54‬مليون دولر‪ ،‬ولكن بالمر‬
‫هناك شرطا جزائيا في حالة إنهاء العقد من جانب مصر للطيران يقدر‬ ‫المباشر‪ ،‬وكانت الحجة أنها شركة متخصصة‪ .‬والحقيقة كما تقول‬
‫بمبلغ مليون دولر ‪ .‬ويلحظ أن كل هذا بالمر المباشر طبقا للمادة ‪11‬‬ ‫الجريدة أنها غير متخصصة في أعمال المرحلة الثانية التي هي في‬
‫من لئحة الشراء والبيع الخاصة بالشركة ‪ .‬ويذكر أن هذه المذكرة تم‬ ‫غالبيتها أعمال أمن ومراقبة‪ ،‬وهو ما جعل الوزارة تبعدها عن‬
‫إعدادها يوم ‪ 24‬أبريل ‪ 2004‬بين كل من شركة إير ريانتا انترناشيونال‬ ‫التجهيزات المنية لتكتفي بتجهيزات التصالت‪ .‬وهكذا انخفض عقد‬
‫"الشرق الوسط" وعنوانها الدور الرابع مبنى برج فالكون بالمنطقة‬ ‫المرحلة الثانية إلى ‪ 14.5‬مليون دولر بعد كشف وثيقة العمولت ‪.‬‬
‫الدبلوماسية – المنامة – مملكة البحرين طرف أول وشركة مصر‬ ‫بالضافة إلى ما سبق توجد مذكرة تحمل رقم "‪ "55‬بشأن تعيين بنك أوف‬
‫للطيران للسياحة والسواق الحرة طرف ثان‪ .‬ويعتقد بعض الخبراء‬ ‫نيويورك كمستشار مالي لمصر للطيران لتقديم خدماته الستشارية‬
‫المصريين أن وزارة الطيران المدني أصبحت تعتمد على الخبرات‬ ‫لتغطية عملية تمويل الطائرات الجديدة "‪ . " A330 – 200‬هذه المذكرة‬
‫الجنبية بدل من المصرية ‪ ،‬ومن ثم أطلق هؤلء على الوزارة المصرية‬ ‫أوضحت التعاب والعمولت السابقة بنسبة ‪ %0.2‬حيث بلغ إجمالي قيمة‬
‫بأنها وزارة متعددة الجنسيات حيث أن المريكان يديرون المطار نظير‬ ‫التعاب والمصروفات في صفقة الـ ""‪ A 320‬مبلغ ‪ 369175‬دولرا‬
‫القرض "يوردي كنترول" حيث يتم تحصيل الرسوم الخدمات الملحية‬ ‫أمريكيا تم سدادها بالفعل ‪ .‬جاء في المذكرة ‪ :‬بناء على طلب إعادة‬
‫نيابة عن الشركة الوطنية للملحة الجوية‪ ،‬إضافة إلى أن "شلهوب"‬ ‫النظر في العرض المقدم منهم وتخفيض نسبة التعاب نظرا لكبر قيمة‬
‫اللبنانى يدير السواق الحرة ‪ ،‬وفوق ذلك نجد أن الشركة البحرانية تقوم‬ ‫الصفقة ورد إلينا بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ 2004‬من البنك مشروع تعاقد جديد‬
‫تضمن تخفيض نسبة أتعابه لتكون ‪ %0.12‬من قيمة المبلغ الممول‬
‫‪17‬‬
‫الذاتي ل يمكن أن يخرج إل عن مصادر ثلثة هي‪ :‬الرباح المرحلة‬ ‫بعمل استشاري في السواق الحرة ‪ .‬وبالضافة إلى ما تقدم توجد أيضا‬
‫والحتياطيات التي يمكن استخدامها في التمويل والمخصصات القابلة‬ ‫دراسة القتصادية تحت عنوان " ‪ " NRW + TB3‬وهى عبارة عن‬
‫للستثمار‪ ،‬وهنا يخرج التساؤل الهام للمتابعين للشركة وهو ‪ :‬هل كان‬ ‫ملف كامل يتضح منه‪ :‬أن جملة النفاق الستثماري لمشروع تطوير‬
‫هناك إمكانية في زيادة اليرادات الستثمارية بهذا القدر منذ أول يوليو‬ ‫ميناء القاهرة ‪ 3‬مليارات و ‪ 353‬مليونا و ‪ 968‬ألفا و ‪ 155‬جنيها‬
‫‪ 2003‬في ظل ما تم استثماره في المشروعات التى كانت قائمة‬ ‫موزعة على فترة إنشاء تبدأ من أول يوليو ‪ 2003‬وتنتهي فى ‪31‬‬
‫وتحديدا " صالة ‪ 4‬والترانزيت" )‪ .‬والمعروف أن تحقيق فائض للشركة‬ ‫أكتوبر ‪ . 2007‬وتوضح الدراسة التى‪ -1 :‬أن السنة الولى تحتاج إلى‬
‫لن يتم إل بزيادة غير طبيعية فى الرسوم ‪ ،‬إضافة إلى المعاش المبكر‬ ‫جملة إنفاق ‪ 317‬مليونا و ‪ 879‬ألفا و ‪ 579‬جنيها يمولها قرض دولري‬
‫بدعوى ضغط النفقات ‪ ،‬ومعنى ذلك أن هناك اعترافا ضمنيا يوضح أن‬ ‫من وزارة المالية المصرية بما يعادل ‪ 174‬مليون جنيه ‪ ،‬وقرض من‬
‫مصادر التمويل الذاتي ل تعتمد على إيرادات شركة ميناء القاهرة الجوي‬ ‫بنك الستثمار القومي بـ ‪ 80‬مليون جنيه ‪ ،‬وتتكفل شركة ميناء القاهرة‬
‫‪ .‬لذلك جاءت الزيادة على رسم المغادرة ‪ ،‬فبعد أن كانت رسم المغادرة‬ ‫بتمويل ذاتي قدره ‪ 63‬مليونا و ‪ 879‬ألفا و ‪ 579‬جنيها ‪ -2 .‬والسنة‬
‫للراكب الدولي يصل إلى ‪ 90‬جنيها والراكب المحلي "‪ 18‬جنيهاً" ‪ ،‬فإن‬ ‫الثانية والتي تبدأ من فى أول يوليو ‪ 2004‬وحتى ‪ 30‬يونيو ‪2005‬‬
‫مجلس الشعب وافق على مشروع تنمية موارد الدولة بفرض رسم تنمية‬ ‫تحتاج إلى تمويل قدره مليار و ‪ 81‬مليونا و ‪ 24‬ألفا و ‪ 814‬جنيها يغطيه‬
‫على المغادرين بمبلغ "‪ "50‬جنيها مما يزيد العبء على الراكب ليصل إلى‬ ‫قرض دولري من البنك الدولي بما يعادل ‪ 492‬مليون جنيه وقرض من‬
‫"‪ "140‬جنيها بالنسبة لرسم المغادرة علما بأن هذا الرسم يفترض أن‬ ‫بنك الستثمار القومي يعادل ‪ 400‬مليون جنيه وتتكفل شركة ميناء‬
‫ل للخدمات طبقا للقانون ‪ 93‬لسنه ‪ 2003‬وأنها مدفوعة‬
‫يكون مقاب ً‬ ‫القاهرة بتمويل ذاتي قدره ‪ 189‬مليونا و ‪ 24‬ألفا و ‪ 814‬جنيها( وحول‬
‫لشركة ميناء القاهرة ‪ .‬يذكر أن رسم التنمية يفرض كرسم إضافي على‬ ‫مشكلة التمويل الذاتي لشركة ميناء القاهرة يرى خبراء القتصاد ‪ :‬أن‬
‫رسوم أخرى وقد سبق أن حدد رسم تنمية المغادرة كإضافة على رسوم‬ ‫هذا التمويل سوف يتصاعد من ‪ 63‬مليونا و ‪ 879‬ألفا و ‪ 579‬جنيها إلى‬
‫المغادرة المحددة بالقانون ‪ 119‬لسنه ‪ 1983‬بموجب القانون ‪ 147‬لسنه‬ ‫‪ 189‬مليونا و ‪ 24‬ألفا و ‪ 814‬جنيها‪ ،‬وهو ما يعنى أن شركة ميناء‬
‫‪ 84‬والخاص بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة‪ .‬فما هو الحال‬ ‫القاهرة الجوي سوف تحتاج إلى دعم لتمويلتها الذاتية بمبلغ إضافي‬
‫قدره ‪ 125‬مليونا و ‪ 145‬ألفا و ‪ 235‬جنيها ومن المعروف أن التمويل‬
‫‪18‬‬
‫كبيرة من ذلك الفارق ‪ ،‬وأن قيمة العقد الثاني لم تكن خالصة كلها‬ ‫إذن بعد أن أصبحت المغادرة ليست رسوما بل مقابل خدمات ‪ ..‬وما هي‬
‫لشركة سيتا حيث حصلت على ‪ 11‬مليون دولر فقط خاصة بتجهيزات‬ ‫قانونية ودستورية رسم التنمية المطروح في ظل التفرقة ما بين‬
‫التصالت بينما الربعة مليين ونصف المليون دولر المتبقية ذهبت‬ ‫المواطنين المغادرين وبين القادمين‪ .‬وهنا يعتقد بعض المحللين‬
‫للصيانة لمصر للطيران‪ ،‬وهو ما لم يحدث في المرحلة الولى من العقد‪.‬‬ ‫القتصاديين أن المر فى هذه الحالة ما هو إل مجرد جباية أطلقت فيها‬
‫وفيما يتعلق بالعمولت ‪ ،‬فقد تبين أنهم لم يعرفوا شيئا عنها ‪ ،‬وقالوا ‪:‬‬ ‫يد السادة القائمين على وزارة الطيران المدني في تحصيل ما يشاءون‬
‫إن هذا مجرد إدعاء ول دليل عليه ‪ .‬وقال اللواء ماجد المصري فى هذا‬ ‫ممن يشاءون دون رقيب عن مدى مطابقة تصرفاتهم لما جاء في القانون‬
‫الخصوص‪ :‬قد تكون تلك الوثيقة داخلية وتم تداولها داخل شركة سيتا ‪.‬‬ ‫‪ 93‬لسنه ‪.2003‬‬
‫ثم إقترح اللواء إبراهيم مناع تحويل المر من إلى النائب العام ليبدأ‬ ‫رد وزير الطيران على تلك التهامات‪ :‬فى ‪ 24‬مايو ‪ 2004‬رد وزير‬
‫التحقيق فورا فى واقعة العمولت ‪ ،‬ولكن الوزير أحمد شفيق قال له ‪:‬‬ ‫الطيران على التهامات التى وجهت إلى وزارته وكان معه من مسئولى‬
‫لبد أن تكون لدينا معلومات كافية قبل أن نذهب إلى النائب العام ‪ .‬فى‬ ‫الوزارة كل من اللواءات إبراهيم مناع وماجد المصري وحسن محمد‬
‫نفس الوقت أكد اللواء حسن محمد حسن أن الهدف من كل عقود مصر‬ ‫حسن وقد كانت ردودهم موجهة إلى فريق جريدة صوت المة التى‬
‫للطيران هو المصلحة العامة ‪ ،‬وقد كسبت مصر للطيران من عقد سيتا‬ ‫يرأس تحريرها عادل حمودة ومعه عدد من المحررين‪ .‬وفى هذا‬
‫في المرحلة الثانية كثيرا ‪ ،‬وتم هذا بجهود أبناء الشركة التى تفخر بما‬ ‫الجتماع أكد وزير الطيران أحمد شفيق أنه لن يتردد في تحويل المذنب‬
‫بذلوه من جهد ‪ .‬وحول مشاكل الطيارين بشركة مصر للطيران قال‬ ‫إلى جهات التحقيق المختصة‪ .‬وقد تبين من تلك الحلقة النقاشية أن‬
‫الوزير أحمد شفيق ‪ :‬لول مرة في تاريخ مصر للطيران أن يقوم بإدارة‬ ‫قيادات وزارة الطيران التى حضرت المناقشة لم تكن متواجدة فى العمل‬
‫طائراتها طيار من داخلها وهو ما قمت به منذ أن توليت الوزارة ‪.‬‬ ‫بالوزارة حلل المرحلة الولى من عقد شركة سيتا ‪ .‬ولكنهم عندما تولوا‬
‫وأضاف أحمد شفيق ‪ :‬إن الذي يتولى أمور الطيارين يجب أن يكون‬ ‫المسئولية في المرحلة الثانية والتى فيها تم التفاوض إستطاعوا أن‬
‫شخصية قوية للغاية‪ ..‬لبد أن يشعر الطيارون بأن الذي يشرف عليهم‬ ‫يخفضوا قيمة العقد من ‪ 54‬مليون دولر في المرحلة الولى إلى ‪14.5‬‬
‫قوي ‪ ..‬لنهم إن أحسوا أن قائدهم ضعيف فلن يعملوا ‪ ..‬لن مهنة‬ ‫مليون دولر في المرحلة الثانية‪ ..‬وقد استفادت مصر للطيران استفادة‬

‫‪19‬‬
‫المريكية لم يدم طويلً‪ ،‬فقد طردته الجامعة في العام التالي (‬ ‫الطيارين فيها لعب كتير للغاية ‪ ..‬واللعب سهل وبسيط ‪ ..‬لكن كان مهما‬
‫‪)1927‬بسبب قيادته مظاهرة ضخمة بالجامعة احتجاجا على الوجود‬ ‫للغاية أن يسير العمل من أجل المصلحة العامة وليس من أجل الهواء‬
‫بإبعاده عن‬ ‫‪1927‬‬ ‫الفرنسي بلبنان‪ ،‬واتخذت السلطات الفرنسية قرارا عام‬ ‫الشخصية ‪.‬هكذا تحدث الوزير عن الطيارين ‪ .‬وحول صالة ‪ 4‬التى‬
‫لبنان‪ .‬بعد ذلك عاد الشقيري إلى القدس والتحق بمعهد الحقوق‪ ،‬وعمل‬ ‫خصصت لصحاب الطائرات الخاصة‪ ،‬قال الوزير‪ :‬هذه الصالة نموذج‬
‫في الوقت نفسه محررا بصحيفة مرآة الشرق‪ .‬وبعد تخرجه من معهد‬ ‫اقتصادي ‪ ،‬كان الهدف من ورائها الربح وزيادة العائد ‪ ..‬وبعدين سوف‬
‫الحقوق أتيحت له الفرصة ليتمرن في مكتب المحامي عوني عبد الهادي‬ ‫تغطي تكلفتها وستصبح مصدرا للكسب ‪ ..‬وهذا ليس فيه تمييزا لحد عن‬
‫أحد مؤسسي حزب الستقلل بفلسطين‪ ،‬وفي ذلك المكتب تعرف على‬ ‫أحد ‪ ..‬ولكن قوانين السوق الحر هي التي تفرض ذلك ‪ .‬وبخصوص‬
‫شارك‬ ‫رموز الثورة السورية الذين لجئوا إلى فلسطين وتأثر بهم‪.‬‬ ‫فرض ضرائب جديدة قال الوزير‪ :‬مؤكد أن هذه الضرائب ستؤثر علينا‬
‫–‬ ‫(‪1936‬‬ ‫الشقيري في أحداث الثورة الفلسطينية الكبرى فى الفترة من‬ ‫فى مصر للطيران ‪ ،‬ولكن لبد أن ننفذها لن عائدها سيذهب إلى الزيت‬
‫‪ ،)1939‬ونشط في الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين أمام المحاكم‬ ‫والعيش والفول وضرورات الحياة‪ ،‬وهذه ضريبة دولة لبد أن ندفعها ‪.‬‬
‫البريطانية‪ ،‬وكانت لكتاباته أثر في تأجيج المشاعر الوطنية‪ .‬وشارك في‬ ‫احمد الشقيري‬
‫مؤتمر بلودان (سبتمبر ‪ )1937‬المر الذي جعل السلطات البريطانية‬ ‫( مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية )‬
‫تلحقه‪ ،‬وهو ما دفعه الى مغادرة فلسطين والستقرار بمصر لبعض‬ ‫ولد أحمد الشقيري في بلدة تبنين جنوبي لبنان عام ‪ ،1908‬حيث كان والده‬
‫الوقت ‪ .‬وفي أوائل الحرب العالمية الثانية (‪ )1940‬توفي والده فعاد مرة‬ ‫الشيخ أسعد الشقيري منفيا هناك لمعارضته سياسة الدولة العثمانية فى‬
‫أخرى إلى فلسطين وافتتح بها مكتبا للمحاماة‪.‬‬ ‫ذلك الوقت ‪ .‬ثم انتقل أحمد مع أمه للعيش في طولكرم‪ ،‬ومن بعدها إلى‬
‫وبعد أن تقرر تأسيس المكاتب العربية في عدد من العواصم الجنبية‬ ‫والتي تلقى فيها تعليمه الولي‪،‬‬ ‫‪1916‬‬ ‫عكا للدراسة بالمدرسة الميرية عام‬
‫عين أحمد الشقيري مديرا لمكتب العلم العربي في واشنطن‪ ،‬ثم انتقل‬ ‫ثم انتقل إلى القدس التي أتم فيها دراسته الثانوية عام ‪ .1926‬التحق بعد‬
‫بعد ذلك مديرا لمكتب العلم العربي المركزي في القدس‪ ،‬وظل يرأس‬ ‫ذلك بالجامعة الميركية في بيروت‪ ،‬وهناك توثقت صلته بحركة القوميين‬
‫ل بنادي العروة الوثقى‪ .‬لكن بقاءه بالجامعة‬
‫العرب ‪ ،‬وكان عضوا فاع ً‬

‫‪20‬‬
‫(‪28‬‬ ‫بدورها قوائم بأسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني الول‬ ‫حيث اضطر إلى الهجرة بعدها إلى لبنان‬ ‫‪1948‬‬ ‫هذا المكتب حتى عام‬
‫مارس – ‪ 2‬يونيو ‪ )1964‬الذي أطلق عليه اسم المجلس الوطني‬ ‫والستقرار في بيروت‪.‬‬
‫الفلسطيني الول لمنظمة التحرير الفلسطينية‪ .‬وقد انتخب هذا المؤتمر‬ ‫–‬ ‫(‪1949‬‬ ‫اختارته الحكومة السورية عضوا في بعثتها لدى المم المتحدة‬
‫أحمد الشقيري رئيسا له‪ ،‬وبذلك أعلن عن قيام منظمة التحرير‬ ‫‪ )1950‬لكونه يحمل الجنسية السورية وللستفادة من خبراته‪ ،‬ثم عاد إلى‬
‫الفلسطينية‪ ،‬وتم المصادقة على الميثاق القومي والنظام الساسي‬ ‫القاهرة وشغل منصب المين العام المساعد لجامعة الدول العربية‪ ،‬وبقي‬
‫للمنظمة‪ ،‬وانتخب الشقيري رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير‬ ‫في ذلك المنصب حتى عام ‪.1957‬‬
‫الفلسطينية ‪ ،‬وكلف المؤتمر الشقيري باختيار أعضاء اللجنة الدائمة‬ ‫أيضا اختارته المملكة العربية السعودية ليعمل لها وزير دولة لشؤون‬
‫وكان عددهم خمسة عشر عضوا ‪ ،‬كما قرر المؤتمر إعداد الشعب‬ ‫المم المتحدة في حكومتها‪ ،‬ثم عينته سفيرا دائما لها في المم المتحدة‪.‬‬
‫الفلسطيني عسكريا لخوض معركة التحرير وإنشاء الصندوق القومي‬ ‫واهتم الشقيري أثناء فترة عمله بالمم المتحدة بالدفاع عن القضية‬
‫سبتمبر ‪)1964‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وفي مؤتمر القمة العربي التالى فى (‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫الفلسطينية وقضايا المغرب العربي‪.‬‬
‫قدم الشقيري تقريرا عن إنشاء الكيان الفلسطيني وأكد فيه على‬ ‫بعد وفاة أحمد حلمي عبد الباقي ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية‪،‬‬
‫الناحيتين العسكرية والتنظيمية من أجل تحقيق هدفي التعبئة والتحرير‪،‬‬ ‫اختاره الملوك والرؤساء العرب ليشغل ذلك المنصب‪ .‬وعندما عقد مؤتمر‬
‫وقد وافق المؤتمر على ما قام به الشقيري وعلى تقديم الدعم المالي‬ ‫أتخذت القمة العربية قرارا بتكليف‬ ‫‪1964‬‬ ‫القمة العربي فى يناير عام‬
‫للمنظمة‪ .‬ويذكر أن مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة كان في القدس‪ ،‬وقد‬ ‫ل للشعب الفلسطيني بإجراء اتصالت مع أبناء‬
‫أحمد الشقيري بوصفه ممث ً‬
‫تفرغ لها الشقيري وراح ينشغل بوضع أسس العمل والنظمة في‬ ‫الشعب الفلسطيني وكتابة تقرير عن ذلك يقدم لمؤتمر القمة العربي‬
‫المنظمة وإنشاء الدوائر الخاصة بها ومكاتبها في الدول العربية‬ ‫التالي‪ ،‬وبالفعل قام الشقيري بجولة في الدول العربية التي يقيم بها أبناء‬
‫والجنبية وبناء الجهاز العسكري تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني‪.‬‬ ‫الشعب الفلسطيني من أجل وضع تلك التقارير ‪ .‬كما قام الشقيري بوضع‬
‫وفي الدورة الثانية للمجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت بالقاهرة في‬ ‫مشروع الميثاق القومي والنظام الساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية‪،‬‬
‫قدم الشقيري تقريرا حول إنجازات اللجنة‬ ‫‪1965‬‬ ‫مايو – ‪ 4‬يونيو‬ ‫‪31‬‬ ‫كما ساهم بشكل أساسي فى اختيار اللجان التحضيرية التي وضعت‬

‫‪21‬‬
‫الفتوحات السلمية في غور الردن على بعد ثلثة كيلومترات من حدود‬ ‫التنفيذية والتى كان من أهمها تكوين قوات مسلحة منظمة‪ ،‬وصندوق‬
‫فلسطين المحتلة‪ ،‬بناء على وصيته قبل موته‪ .‬ترك أحمد الشقيري عددا‬ ‫قومي ‪ ،‬وتأسيس دوائر المنظمة وفروعها ومقرها العام في القدس‪ .‬ثم‬
‫من المؤلفات تدور حول القضايا العربية والقضية الفلسطينية تحديدا ‪.‬‬ ‫قدم استقالته فقبلها المجلس‪ ،‬وجدد رئاسته للجنة التنفيذية ومنحته حق‬

‫أحمد شوقي‬ ‫اختيار أعضائها‪.‬‬

‫أمير الشعراء (‪)1932-1868‬‬ ‫آثار سلبية كبيرة على منظمة‬ ‫‪1967‬‬ ‫كانت لهزيمة العرب في حرب يونيو‬

‫أسمه بالكامل أحمد علي شوقي ‪ ،‬وقد ولد في حي الحنفي بالقاهرة عام‬ ‫التحرير الفلسطينية‪ ،‬وانعكس ذلك في خلفات ظهرت بين أعضاء اللجنة‬

‫‪1868‬م‪ ،‬وكان جده كرديا جاء إلى مصر وهو صبى ليعمل بقصر محمد‬ ‫التنفيذية للمنظمة‪ ،‬فتقدم الشقيري باستقالته في ديسمبر ‪ ،1967‬وقبلت‬

‫علي الكبير‪ .‬أما أبوه فكان يجري فيه الدم الشركسي المصرى والكردي‪،‬‬ ‫اللجنة التنفيذية الستقالة‪ ،‬وانتخب يحيى حموده رئيسا بالوكالة ‪،‬‬

‫بينما والدته فكان يجري فيها دماء مصرية ويونانية حيث كانت أمها‬ ‫وأصدرت المنظمة بيانا أعلنت فيه أنها ستعمل على قيام مجلس وطني‬

‫يونانية من المورة وكان أبوها جندى مصرى من أصل تركي فى جيش‬ ‫جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية يركز على تصعيد النضال المسلح‬

‫إبراهيم باشا‪ ،‬وذلك مثل كافة المصريين الذين يجرى فى عروقهم الدم‬ ‫وتوحيده وتحقيق الوحدة الوطنية وتعبئة الجهود القومية وتطوير أجهزة‬

‫الفريقي والوربي والسيوى‪ .‬وبعد ولدة أحمد شوقى تعهد الب " على‬ ‫المنظمة‪ .‬رفض الشقيري بعد استقالته أي عمل أو منصب رسمي‬

‫شوقي " الذى كان محبا للدب عامة والشعر خاصة بتربية إبنه تربية‬ ‫وتفرغ للكتابة‪ ،‬فكان يقيم في منزله بالقاهرة معظم أيام السنة‪ ،‬ويعقد‬

‫أدبية وعلمية فادخله كتاب الشيخ صالح لحفظ القرآن كى يلم بآداب اللغة‬ ‫فيه ندوات فكرية ‪ .‬ولكنه غادر القاهرة إلى تونس احتجاجا على توقيع‬

‫العربية وقواعدها حتى أتم الرابعة من عمره ‪ ،‬ثم ألحقه بمدرسة‬ ‫الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات معاهدة السلم المصرية‬

‫الخديوية الثانوية بالقاهرة ليكمل مشواره التعليمى ‪ .‬وفى تلك المرحلة‬ ‫‪ .‬وبعد مضي عدة أشهر في تونس أصابه‬ ‫‪1979‬‬ ‫السرائيلية فى عام‬

‫وبفضل والده المحب للدب أظهر الفتى أحمد شوقى حبه الجارف‬ ‫المرض‪ ،‬ونقل إلى مدينة الحسين الطبية في العاصمة الردنية عمّان‪،‬‬

‫للشعر ‪ ،‬فحفظ أشعار العرب‪ ،‬وتتلمذ على يد أستاذه بالمدرسة الشيخ‬ ‫عاما‪ ،‬ودفن في‬ ‫الـ ‪72‬‬ ‫عن عمر يناهز‬ ‫‪1980‬‬ ‫وتوفي في ‪25‬فبراير عام‬

‫محمد البسيوني شاعر الخديوي آنذاك ‪ ،‬وقد ساعده ذلك على نشر بعض‬ ‫مقبرة الصحابي أبي عبيدة عامر بن الجراح التي تضم عددا من قادة‬

‫‪22‬‬
‫العام ( ‪ ) 1887‬أهدى الزعيم مصطفى كامل مسرحيته " فتح الندلس "‬ ‫قصائده بالصحف ‪ ،‬كما ألقى بعض قصائد المدح في الخديوي "توفيق"‬
‫للستاذ على شوقي والد أحمد شوقى حيث كان والده معروفا فى‬ ‫في المناسبات العامة مما استرعى نظر الخديوى ‪ ،‬الذى سأل عنه ‪،‬‬
‫الوساط الدبية بإهتماماته الشعرية ‪ .‬فى ذلك الوقت فقد والده "على‬ ‫فأجابه الشيخ "محمد البسيوني" بأن الفتى أحمد شوقى هو حفيد إحدى‬
‫شوقي" جزءا كبيرا من تجارته وثروته ‪ .‬وعندما علم الخديوي بتخرج‬ ‫وصيفاته ‪ .‬ويذكر أن شوقي فى ذلك الوقت كان كثير التردد على مجالس‬
‫"أحمد شوقي" وحصوله على الشهادة النهائية من مدرسة الحقوق‬ ‫على مبارك وغيرها من الصالونات الدبية‪.‬‬
‫والترجمة عن طريق جدته التى تعمل بالقصر‪ ،‬بعث رسولً يطلبه ‪ ،‬ولما‬ ‫وفى عام ‪ 1883‬تخرج أحمد شوقى من الخديوية الثانوية بنجاح كبير ‪،‬‬
‫حضر إليه أحمد شوقى أخبره الخديوى بأنه سيلحقه بالعمل في القصر‬ ‫فألحقه والده مباشرة بمدرسة الحقوق ليدرس القانون ولكن ناظر‬
‫وسيلحق والده في عمل مناسب للتعويض عن خسارته ‪ .‬وهكذا عين‬ ‫الحقوق رفض قبوله لصغر سنه ‪ ،‬ولما توسطت جدته التى تعمل وصيفه‬
‫أحمد شوقى في وظيفة بالخاصة الخديوية ‪ ،‬لكنه لم يستمر طويل بها‬ ‫بالقصر الملكى تدخل الخديوى توفيق ‪ ،‬وتم إلحاق الفتى بمدرسة الحقوق‬
‫فقد أمر الخديوي توفيق بإرساله فى بعثه إلى فرنسا لدراسة الدب‬ ‫وهو فى الخامسة عشر من عمره ‪ .‬ويذكر أثناء دراسته بالحقوق تعرف‬
‫الفرنسي والحقوق على نفقة الخديوى الخاصة لمدة أربعة أعوام ‪ ،‬وكتب‬ ‫عليه زميل الدراسة أحمد زكي الذى أصبح بعد ذلك الدكتور والديب‬
‫الخديوي إلى مدير البعثة المصرية في فرنسا طالبا منه الهتمام بأحمد‬ ‫والباحث ‪ ،‬وقد وصفه زكى قائل ‪ " :‬كان أحمد شوقى في جملة الوافدين‬
‫شوقى‪ .‬ولما وصل شوقي إلى مرسيليا وجد المدير في استقباله وأخبره‬ ‫فتي نحيف هزيل ‪ ،‬ضئيل القامة ‪ ،‬وسيم الطلعة ‪ ،‬فتي بعيون متألقة‬
‫بأنه سيقضي عامين في موبيليه وآخرين في باريس ‪ .‬فالتحق شوقي‬ ‫ولكنها متنقلة ‪ ،‬فإذا نظر إلى الرض دقيقة واحدة فللسماء منه دقائق‬
‫بمدرسة الحقوق في مونبيليه‪ ،‬وبعد أن قضى عامه الول هناك رفض‬ ‫متمادية‪ ،‬ما كان يلبسنا فيما نأخذ فيه من اللهو والمزاح ‪ ،‬ول يتهافت‬
‫الخديوي توفيق أن يعود شوقي إلى مصر لقضاء العطلة الصيفية‬ ‫معنا على تلقف الكرة بعد الفراغ من تناول الغداء "‪ .‬ونظرا لتفوق أحمد‬
‫بالقاهرة وطلب منه البقاء في باريس لدراسة المزيد من الثقافة والدب‬ ‫شوقى‪ ،‬فقد قضى بمدرسة الحقوق عامين‪ ،‬وفى عام ‪ 1885‬إلتحق‬
‫الفرنسى‪ ،‬فدرس أدب هيجو وراسين ولمرتين ‪ .‬وبعد انتهاء السنة‬ ‫بقسم الترجمة حيث درس الفرنسية والنجليزية وتخرج منه عام ‪1887‬م‬
‫الثانية فى مونبيليه صحبه مدير البعثة المصرية في رحلة إلى إنجلترا‬ ‫أي بعد عامين فقط وهو ما يدل على نبوغه المبكر ‪ ،‬يذكر أنه فى نفس‬

‫‪23‬‬
‫وإسماعيل صبري وحافظ إبراهيم وسعد زغلول والمطربين عبده‬ ‫حيث قضيا زهاء الشهر هناك ‪ .‬ثم ذهب إلى باريس للدراسة ‪ ،‬وبعد‬
‫الحامولي وعبد الحي حلمي‪ .‬وفي داره الجديدة بالمطرية التى كانت‬ ‫إنتهاء الدراسة بالسنة الثالثة أصيب بمرض شديد كان فيه بين الحياة‬
‫تحوى حديقة كبيرة فاخرة جاءت قريحة " شوقي" بأروع أشعاره الخالدة‬ ‫والموت فلما تماثل للشفاء أشار عليه الأطباء بضرورة قضاء بضعة أيام‬
‫مثل " نهج البردة " وغيرها الكثير في المدح والغزل وما إلى ذلك من‬ ‫تحت سماء أفريقيا ‪ ،‬فاختار أحمد شوقى الجزائر ومكث بها أربعين يوما‬
‫القصيد الخاص والعام ‪ .‬كانت داره الجميلة بالمطرية ملتقى الشعراء‬ ‫‪ ،‬عاد بعدها إلى باريس مستأنفا دروسه حتى حصل على إجازته النهائية‬
‫والدباء مثل "خليل مطران" و "حافظ إبراهيم" و "إسماعيل باشا صبري"‬ ‫‪ ،‬ثم مكث فى باريس ستة شهور زار خللها المسارح والمتاحف وغيرها‬
‫و "وداد بركات" وكانت بحق مدرسة الشعر والدب في مصر آنذاك وقد‬ ‫من الماكن الثقافية‪.‬‬
‫أطلق عليها " كرمة ابن هاني"‪ .‬ويذكر أن أهم صداقتين لحمد شوقى فى‬ ‫وما أن عاد شوقي إلى وطنه عام ‪ 1891‬حتى علم بوفاة الخديوي‬
‫تلك المرحلة كانت صداقته لمصطفى كامل وكذلك لحافظ إبراهيم رغم‬ ‫توفيق وجلس على عرش مصر من بعده إبنه الشاب الخديوي عباس‬
‫التنافس بينهما ‪ .‬فقد عاش شوقي وحافظ يغمر كل منهما الخر بحبه‬ ‫حلمي الثاني الذي كان في الثامنة عشرة من عمره آنذاك ‪ .‬فقرب الملك‬
‫وتقديره وقامت بينهما قفشات وممازحات سجلها بعض الدباء‪ .‬وفى تلك‬ ‫الجديد أحمد شوقي إليه وعينه رئيسا للقسم الفرنجي بالقصر‪ ،‬وجعله‬
‫المرحلة تأثر شوقي بـقصيدة فيكتور هيجو " أسطورة القرون " فنظم‬ ‫يسكن في حي المطرية بالقرب من قصر القبة ‪ ،‬ويرجع ذلك التقارب بين‬
‫سنة ‪1894‬م قصيدة على منوالها هى "كبار الحوادث في وادي النيل"‬ ‫الخديوى الشاب وأحمد شوقى إلى أن الخديوى كان يكمل تعليمه فى‬
‫التي ألقاها في المؤتمر الشرقي الدولي المنعقد في مدينة جنيف حيث‬ ‫العاصمة النمساوية " فيينا " قبل وفاة والده مباشرة وأن شوقى أكمل‬
‫كان شوقي مندوبا للحكومة المصرية فيه‪ .‬وقد ظهر في تلك القصيدة‬ ‫تعليمه فى فرنسا وهو ما جعل كلهما أكثر تفهما وإنفتاحا على الداخل‬
‫إطلعه على تاريخ مصر وإهتمامه الشديد بتاريخ الفراعنة وكان يعتبر‬ ‫المصرى بهمومه ورغبة الملك الشاب فى تطوير البلد وإعتقادا منه أن‬
‫رمسيس أهم فرعون حكم مصر‪.‬‬ ‫مصر بشبابها المستنير العائد من بعثات علمية وثقافية من أوربا سوف‬
‫وفى تلك المرحلة كان أحمد شوقى يصحب الخديوي "عباس حلمى‬ ‫ينقل مصر نقلة حضارية إذا ما أحسنوا العمل من أجل تطويرها ‪ .‬وفي‬
‫الثاني" في رحلته السنوية إلى تركيا‪ ،‬فاقتنى شوقى على ضفاف‬ ‫نفس السنة تعرف شوقي على مصطفى كامل ومحمد فريد وجرجي زيدان‬

‫‪24‬‬
‫ولكن ليس للحقد جذور‪ ،‬وإستطاع شوقى تخطى ذلك ‪ ،‬فلم يعبأ كثيرا‬ ‫"البوسفور" دارا جميلة رائعة التنسيق أوحت إليه كذلك بفيض من الشعر‬
‫بنقده وإستمر فى كتابته ‪.‬‬ ‫الجزل القوي مع ما كانت توحي به من قصائد المديح لسلطان تركيا "عبد‬
‫لقد أكدت الدراسات النقدية والبحثية أن شوقي بما تعلم من دراسات‬ ‫الحميد" الذي منحه رتبة "بك" مع لقب "صاحب السعادة" ‪.‬‬
‫أدبية فى فرنسا جعلته يتميز عن معاصريه من أمثال حافظ إبراهيم‬ ‫وفى تلك الفترة تزوج أحمد شوقي من سيدة ثرية طيبة سنه ‪1897‬م ‪،‬‬
‫ومحمود سامي البارودي الذين لم يخرجوا عن نطاق الفكر الشرقي‬ ‫وقد حضر حفل الزواج الخديوي عباس حلمى الثاني ورياض باشا رئيس‬
‫السلمي‪ .‬نعم ‪ ،‬لقد أضاف شوقى الكثير للدب العربى بتأثره بأعلم‬ ‫الوزراء ومصطفى كامل ومحمد فريد‪ ،‬وقد أنجبت له زوجته ثلثة من‬
‫الشعر الرومانسي الفرنسي من أمثال هوجو وموسيه ولمارتين‪ ،‬أما‬ ‫الذرية وهم على شوقي وحسين شوقي وأمينة‪ .‬ويذكر أنه فى نهاية عام‬
‫إرتياده لمسارح باريس أضاف له بعدا تجديديا لفن كتابة المسرح‬ ‫‪ 1897‬توفى والد شوقي ‪ ،‬وقد رثاه بقصيدة رائعة ‪.‬‬
‫لقد اتجه شوقى بشعره الذي أجمع العالم العربي على قوته‬ ‫الغنائى‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1898‬م أخرج شوقى الجزء الول من ديوانه " الشوقيات " ‪،‬‬
‫إلى مؤازره الحركة الوطنية بكل أبعادها أيام " مصطفى كامل " الذى كان‬ ‫وكتب مقدمته التى أوضح فيها تصوره للشعر وعما ينبغي أن يكون عليه‬
‫يؤمن به شوقى كثيرا ‪ ،‬كما هاجم "رياض باشا" الذى قيل عنه آنذاك أنه‬ ‫‪ ،‬وبحكم معرفته بعدد من اللغات الجنبية قال شوقي في مقدمة " شوقياته‬
‫صنيعة النجليز ورئيس وزراء مصر ‪ ،‬وقد نحى عليه شوقى باللئمة ‪.‬‬ ‫" أنا عربي تركي يوناني شركسي ‪ ،‬وعلى الرغم من إجادته التامة‬
‫وفى عام ‪ 1900‬أصدر مصطفى كامل ومحمد فريد صحيفة اللواء ‪،‬‬ ‫باللغتين النجليزية والفرنسية فلم يقل أنه فرنسى أو إنجليزى‪ .‬ولكن بدا‬
‫فكانت متنفسا أدبيا لكل من شوقي وحافظ ‪ ،‬ووطدت علقتهما بمصطفى‬ ‫واضحا تأثره بما قرأ في الدب الفرنسي لفكتور هيجو ول مرتين ول‬
‫كامل ومحمد فريد‪ .‬ويذكر عندما عاد أحمد عرابى من منفاه واجه سيل‬ ‫فونتين ‪ ،‬فكان ذلك سببا لصطدامه بالنقاد من أحادى اللغة والفكر‬
‫من الهجوم ‪ ،‬وكان على رأس المهاجمين لسياسة عرابى كل من‬ ‫الحاقدين على كل تطور وتجديد ‪ ،‬فقد كتب محمد المويلحي في صحيفة‬
‫مصطفى كامل ومحمد فريد وكل أعضاء الحزب الوطنى وجريدة اللواء ‪،‬‬ ‫مصباح الشرق عدة مقالت متفرقة إنتقد فيها اتجاه التجديد عند شوقي‬
‫وقد إنضم إلي جموع المهاجمين أحمد شوقى الذى هاجم أحمد عرابى‬ ‫زاعما أن الشعر العربي ليس في حاجة إلى تجديد ‪ ،‬وأخذ يندد بعثرات‬
‫بثلث قصائد‪ ،‬قال فى الولى‪:‬‬ ‫لغوية وجدها عند شوقي ‪ ،‬وحاول المويلحي أن يهدم شوقى هدما ‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫المشرقان عليم ينتحبان‪ ...‬قاصيهما في مأتم والداني‬ ‫صغار فى الذهاب والياب ‪ ...‬أهذا كل شأنك يا عرابى‬
‫وعندما شبت الحرب العظمى الولى عام ‪1914‬م كان الخديوي عباس‬ ‫عفا عنك الباعد والدانى‪ ...‬فمن يعفو عن الوطن المصاب‬
‫حلمي الثانى في زيارة لتركيا وعندما قرر العودة منعه النجليز من‬ ‫وفى مرحلة متأخرة لم بعض المفكرين أحمد شوقى لمهاجمته أحمد‬
‫دخول مصر‪ ،‬وقاموا بتنصيب حسين كامل سلطانا لمصر بدل من‬ ‫عرابى ومن هؤلء المفكر محمود الخفيف فى كتابه " أحمد عرابى‬
‫الخديوى عباس حلمى ‪ .‬وأخذ النجليز فى إبعاد كل المقربين من‬ ‫المفترى عليه " الذى صدر عام ‪ . 1947‬وفيما يخص حادثة دنشواى ‪،‬‬
‫الخديوى عباس عن القصر‪ .‬وتحرك الوطنيون فى كل مكان ‪ ،‬وقام‬ ‫فقد صدم شوقى صدمة شديدة عندما علم بإشتراك بعض المصريين فى‬
‫شوقي بنظم قصيدة هاجم فيها الحماية النجليزية ‪ ,‬وفرضت الحماية‬ ‫الحكم على ضحايا دنشواى لصالح النجليز ‪ ،‬ولعل ذلك جعله يشعر بخيبة‬
‫على مصر ‪ ،‬كما فرضت الحكام العرفية على البلد وقام النجليز بنفي‬ ‫أمل ويأس ولم يخرج من تأثره ذلك إل بعد عام عندما كتب يقول‪:‬‬
‫أحمد شوقى إلى خارج مصر مع أسرته عام ‪1915‬م واختاروا له مدينة‬ ‫نيرون‪ ..‬لو أدركت عهد كرومر ‪ ....‬لعرفت كيف تنفذ الحكام‬
‫"برشلونة" الواقعة على شاطئ أسبانيا ‪ ،‬ويذكر أن والدته توفيت حال‬ ‫نوحي‪ ..‬حمائم دنشواي وروعى ‪ ....‬شعبا بوادي ليس ينام‬
‫منفاه ‪ ،‬فحزن عليها حزنا شديدا ورثاها بقصيدة عظيمة ‪.‬‬ ‫كما هاجم اللورد "كرومر" ومن احتفوا به ‪ ،‬وكان ذلك بعد نقل كرومر‬
‫وإذا تحدثنا عن المرحلة الدبية الولى من حياة شوقى ‪ ،‬فقد إعتقد كثير‬ ‫من مصر ورحيله إلى بريطانيا ‪ ،‬ونشر قصيدة قوية خالدة في هذا المعنى‬
‫من النقاد أن أمير الشعراء أهدر طاقاته البداعية في شعر زائف مدح‬ ‫‪،‬وفيها قال ‪:‬‬
‫فيه القصر ‪ .‬ولكن هذا النقد خرج من أشخاص غير منفتحين ول‬ ‫ل‬
‫لما رحلت عن البلد تشهدت ‪ ....‬فكأنك الداء العياء رحي ً‬
‫يملكون إل فكرا ولغة أحادية فقط ‪ ،‬فلم يعرفوا لغة أخرى غير العربية‬ ‫في ملعب للمضحكات شديد ‪ ....‬مثلت فيه المبكيات فصولً‬
‫مما جعل عالمهم محدود وبطيء وغير متطور وغير منظور‪ .‬نعم كان‬ ‫شهد الحسين عليه لعن أصوله‪ ....‬وتصدر العمى به تطفيلً‬
‫شوقى يعمل فى القصر ‪ ،‬فقد كان مسئول عن رئاسة القلم الفرنجي ‪،‬‬ ‫ويذكر أن مصطفى كامل كان يصف شعر شوقي بأنه " القرير الصافي في‬
‫وكان مستشارا سياسيا وهو ما فتح له المجال واسعا للتصال بالناس‬ ‫الفاف الغاب" وكان يخصص لقصائد شوقي أفضل مكان في جريدة اللواء‪.‬‬
‫على مختلف المستويات داخل مصر ‪ ،‬بالضافة إلى إنفتاحه خارجيا من‬ ‫ولما توفى مصطفى كامل عام ‪ 1908‬بكاه شوقى كثيرا وقال فى رثائه ‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫هيئوها لما يليق بمنف‪ ...‬وكريم الثار والطلل‬ ‫خلل الطلع على علقات القصر بأوروبا والستانة وهو ما إعتبر‬
‫وإلى ال من يمشي بصليب في يديه‪ ...‬ومن يمشي بهلل"‪.‬‬ ‫إضافة تطورية لحركة النقد الدبى من خلله ومن معه من المصريين‬
‫وفي قصيدته "الهلل والصليب" نظم شوقى‪:‬‬ ‫المستنيرين فى ذلك الوقت من أمثال قاسم أمين والشيخ محمد عبده‬
‫جبريل أنت هدى السماء‪ ...‬وأنت برهان العناية‬ ‫وأحمد لطفى السيد وسعد زغلول وغيرهم‪ .‬وإذا كان البعض يتهم شوقى‬
‫أبسط جناحيك اللذين‪ ...‬هما الطهارة والهداية‬ ‫بأنه كان يمدح السرة المالكة ‪ ،‬فكان يجب على هؤلء كتابة الحقيقة‬
‫وزد الهلل من الكرامة‪ ...‬والصليب من الرعاية" ‪.‬‬ ‫كاملة ‪ ،‬فالقصر أو عدد كبير من العائلة المالكة لم يكونوا بهذا السوء ‪،‬‬
‫لم تتوقف عبقرية شوقى عند هذا الحد من التجديد ‪ ،‬فقد أدخل فنونا‬ ‫فقد قاموا بإرسال العديد من البعثات على نفقاتهم الخاصة فى مجالت‬
‫جديدة فى هذه المرحلة كما هو في شعر الطفال وحكايات الشعر‬ ‫العلوم السياسية والقتصادية والثقافة والعلوم والفنون وغيرها ‪ ،‬ومنهم‬
‫السياسي والشعر الوطني‪ .‬كما إتجه إلى الكتابة النثرية ‪ ،‬فكتب متوالية‬ ‫من إحتضن زعماء الحركة الوطنية فى مراحل متعددة ‪ .‬وإذا كانت‬
‫فرعونية بين عامي ‪ 1897‬و ‪1902‬م تتألف من أربعة أعمال هي‬ ‫المسألة تتعلق بالمدح ‪ ،‬فهناك شعراء كبار درجوا على المدح من أمثال‬
‫"عذراء الهند " و " الدايس " و " دل وثيمان " و " شيطان بنتاءور"‪.‬‬ ‫أبو نواس وأبو تمام والمتنبي ‪ .‬ولكن شوقى كان أكثر تطورا من‬
‫وكتب رواية عربية هي "ورقة الس" وذلك فى عام ‪. 1905‬‬ ‫هؤلء ‪ ،‬فقد كان وطنيا حتى النخاع حيث كان قريبا جدا من مصطفى‬
‫وفى منفاه بأسبانيا قضى شوقى خمسة أعوام مبعدا عن مصر ‪ ،‬وقد‬ ‫كامل وظل يلزمه ويؤيده حتى اللحظات الخيرة من حياته فى عام‬
‫إستثمر تلك العوام فى الطواف بجميع بلد الندلس ليقرأ ويتفهم طبيعة‬ ‫‪ ، 1908‬كما كان قريبا جدا من سعد زغلول ورفاقه ‪ ،‬ولعل أهم دليل‬
‫تلك المناطق ‪ .‬وقدم خلل تلك المرحلة شعرا مجيدا في حب الوطن‬ ‫على وطنيته اللنهائية هو نظرته الثاقبة لمفهوم الوحدة الوطنية التى‬
‫والحنين إليه ولعل أشهر أبيات قصائده هو‪ ( :‬وطني لو شغلت بالخلد‬ ‫جسدها في قصيدته "يا شباب الديار" وهو يخاطب المصريين قائلً‪:‬‬
‫عنه ‪ ...‬نازعتني في الخُلد نفسي ) ‪ .‬كما سجل أمجاد العرب وآثارهم‬ ‫يا بني مصر لم أقل أمة القبط ‪ ...‬فهذا تشبث بمحال‬
‫في بلد الندلس التي حكموها ثمانية قرون (منذ عام ‪ 138‬هجرية) ‪.‬‬ ‫إنما نحن مسلمين وقبطا‪ ...‬أمة وحدت على الجيال‬
‫ويأتي إنفتاحه على الندلس كدليل قاطع على أن شوقى لم يصب بالكآبة‬ ‫سبق النيل بالبوة فينا‪ ...‬فهو أصل وآدم الجد التالي‬

‫‪27‬‬
‫سجل أحداث ثورة برمهات مارس ‪1919‬م التى قام بها سعد زغلول‬ ‫والنغلق على الذات كما إدعى البعض من هواة التهويل والتقليل من‬
‫ورفاقه ‪ ،‬واهتم شوقى فى تسجيله بتأجج الوحدة الوطنية في قصائد‬ ‫الخر وتحديدا من قيمة شوقى الشامخة ‪ .‬فكما إنفتح شوقى أثناء إقامته‬
‫عصماء ‪ ،‬وكتب فى رثاء صديقه "عثمان غالب باشا" ‪ .‬ومن الدلئل التى‬ ‫في فرنسا على الداب والفنون الفرنسية والوروبية‪ ،‬إنفتح أيضا على‬
‫تشدد على انتمائه الشديد لثورة ‪ 1919‬ولمصر وأرض مصر ووطنيته‬ ‫أسبانيا وحاول التمسك بكل معلومة تصل إليه لتضيف بعدا جديدا على‬
‫المتدفقة هو ما نظمه فى" دعاء لسعد" الذى حظي بشهرة واسعة النطاق‬ ‫خبراته المتجددة والمتطورة وغير المنغلقة كما إدعى البعض ‪ .‬فقد إطلع‬
‫بين المسلمين والمسيحيين فى مصر ‪ ،‬فقد كان دعائه يتلى في المساجد‬ ‫شوقى على الدب السبانى وعلى بعض التيارات الدبية المعاصرة‬
‫والكنائس يوم ‪ 4‬يونيو ‪1920‬م ليكلل ال جهود سعد زغلول ورفاقه في‬ ‫هناك ‪ ،‬ونظم يشكر بلد الندلس التي آوته وأسرته‪ ،‬وذلك برغم تلحق‬
‫مفاوضات لندن‪ ،‬وقد جاء في هذا الدعاء‪:‬‬ ‫الحداث في العالم العربي والسلمي مثل إلغاء الخلفة والسلطنة ‪.‬‬
‫" اللهم قاهر القياصرة ‪ ،‬مذل الجبابرة ‪ ،‬وناصر من ل ناصر له ‪ ،‬هذه‬ ‫ونذكر هنا أنه عندما سافر إلى أسبانيا كان وراءه عشرون سنة من‬
‫كنانتك فزع إليك بنوها ‪ ،‬وهرع إليك ساكنوها هللً وصليبا ‪ ،‬بعيدا‬ ‫العطاء الشعري النثري المتميز‪ ،‬وكانت شخصيته الدبية قد اكتملت وهو‬
‫وقريبا ‪ ،‬مستقبلين كنائسك المكرمة التي رفعتها لقدسك أعتابا ‪ ،‬ميممين‬ ‫ما يعنى أنه كان قادرا على التحمل والعطاء أيضا ‪ .‬وعندما عاد أمير‬
‫مساجدك المعظمة التي شرعتها لكرمك أبوابا ‪ ....‬نسألك فيها روح‬ ‫الشعراء إلى القاهرة من أسبانيا لم يفكر فى العودة إلى القصر الذي‬
‫الحق ‪ ،‬ومحمد نبي الصدق ‪ ،‬بهذه الصلة العامة من أقباط الوادي‬ ‫أصبح في يد الملك فؤاد بن إسماعيل ‪ .‬فقد أصبح شخصا آخر‪ ،‬فقد وجد‬
‫ومسلميه‪،‬اللهم إن المل منا ومنهم قد تداعوا إلى الحملة الفاضلة ‪،‬‬ ‫المقربين منه وجميع من كانوا يعرفونه قبل المنفى أنه أصبح متحررا‬
‫والكلمة الفاصلة ‪ ،‬في قضيتنا العادلة فأتنا اللهم حقوقنا كاملة ‪ ،‬وكن‬ ‫من كل شىء ‪ ،‬فأبدع كثيرا في إنتاجه الدبي ونظم يناجي وطنه الذي‬
‫أنت الوكيل عنا توكيلً " ‪.‬‬ ‫استقبل فيه استقبال الفاتحين وأخذوا يهتفون له مرحبين ‪ .‬فكان شوقى‬
‫وحول إرتباطه الشديد بالحركة الوطنية وصداقته لسعد زغلول‪ ،‬نذكر أنه‬ ‫جديدا ومتجددا فقد رحب بنصر مصطفى كمال أتاتورك فى تركيا ‪ ،‬وبدأ‬
‫فى اليوم الذي جرت فيه محاولة اغتيال سعد زغلول‪ ،‬وهو نفس اليوم‬ ‫صوته يعلو الجميع فى الدعوة للقومية العربية حتى أطلق عليه الجميع‬
‫الذى توفى فيه مصطفى لطفي المنفلوطي‪ .‬قال شوقي في سعد ‪:‬‬ ‫شاعر العرب والعروبة‪ .‬واستجاب شوقى سريعا لكافة التطورات‬
‫السياسية في مصر بعد ثورة ‪1919‬م‪ ،‬فكان قريبا من روح الشعب‪ .‬فقد‬
‫‪28‬‬
‫معرفة جيدة بها ‪ ،‬ولعل الدليل على ذلك أن شوقى درس عامين كاملين‬ ‫نجا وتماثل ربانها‪ ....‬ودق البشاير ركبانها‬
‫بقسم الترجمة بمدرسة الحقوق ‪ ،‬وبعد تخرجه عمل بالقصر الملكى‬ ‫أرى مصر يلهو بحد السلح ‪ ...‬ويلعب بالنار ولدانها‬
‫مسئول عن القسم الخارجى وهو ما يتطلب المعرفة التامة باللغة التركية‬ ‫ويا سعد أنت أمين البلد ‪ ...‬قد امتلت منك إيمانها‬
‫والفرنسية والنجليزية ‪ ،‬بالضافة إلى العربية ‪ ،‬بالضافة إلى معرفته‬ ‫وقال في رثائه للمنفلوطي ‪:‬‬
‫اليونانية بحكم جذوره العائلية ‪ .‬ويذكر عندما كان يدرس فى فرنسا كان‬ ‫اخترت يوم الهول يوم وداع‪ ..‬ونعاك في عصف الرياح الناعي ‪.‬‬
‫يذهب فى كل عطلة صيفية إلى إنجلترا ليمضى بها شهران يزور خللها‬ ‫ومع ذلك واجه شوقي بعد عودته من أسبانيا عام ‪1920‬م أشد موجه‬
‫المكتبات ويرتاد مسارحها والسينما هناك ‪ ،‬وهو ما يعنى أنه كان يقرأ‬ ‫نقد تعرض لها في حياته‪ ،‬ومن هؤلء النقاد عباس محمود العقاد الذى‬
‫ويكتب النجليزية بطلقة حيث كانت له صداقات هناك ‪ ،‬لذلك فإن من‬ ‫كان متأثرا بالدب النجليزي‪ ،‬وطه حسين وكان متأثرا بالدب الفرنسي‪،‬‬
‫إدعى عدم إجادته للنجليزية وعدم معرفته بالدب النجليزى فهو إما‬ ‫وميخائيل نعيمه وكان يمثل التيار الروسي‪ .‬وكان هؤلء الثلثة نقادا‬
‫جاهل أو حاقد أو مضلل ‪ .‬لذلك جاءت مسرحيته الولى " على بك الكبير"‬ ‫وأدباء في أن معا‪ ،‬وكانوا يتمتعون بمكانه مرموقه في الوساط الفكرية‪.‬‬
‫لتدلل على مدى تأثر شوقى بالكاتب النجليزى " شكسبير " ‪ ،‬ونشير هنا‬ ‫ومع ذلك إستمر شوقى وبكل قوة فى طريقه للمام متحديا ما إعترضه ‪،‬‬
‫أن شوقى كان صديقا للشاعر خليل مطران الذى كان متخصصا فى الدب‬ ‫ويذكر أن تلك المرحلة كانت من أفضل فترات حياته ‪ ،‬فقد تفرغ فيها‬
‫النجليزى ومترجما فى نفس الوقت حيث ترجم إلى العربية مسرحيات "‬ ‫للمسرح الشعري الذى احتل المكانة الولى من اهتمام شوقي في محاولته‬
‫تاجر البندقية " و "عطيل " و " هاملت " و " ماكبث " ‪ ،‬وكانا (شوقى‬ ‫لتجديد وتطوير الدب العربى ‪ .‬وقد كتب شوقي ثماني مسرحيات منها‬
‫وخليل مطران) يتناقشان فى أشياء كثيرة حول الدب النجليزى‬ ‫ست مسرحيات تراجيدية واثنتان كوميديتان ‪ ،‬ومن تلك المسرحيات ست‬
‫ويتبادلن الكتب ويطلعان على آخر ما أصدرته دور النشر فى لندن ‪.‬‬ ‫تاريخيه واثنتان من الحياة المصرية الحديثة‪ .‬وحول مسرحية "على بك‬
‫وفى تلك المرحلة من بداية العشرينات انتقل أحمد شوقى بداره التي خلع‬ ‫الكبير" والتى تأثر فيها بشكسبير نذكر هنا لبعض النقاد المضللين أن‬
‫عليها اسم " كرمة ابن هاني" بحى المطرية إلى ضفاف النيل في الجيزة‪،‬‬ ‫شوقى كان يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة ‪ ،‬كما كان يجيد اللغة‬
‫وجعلها كذلك كعبة الشعر الرصين المتميز بالصقل وقوة التأثير‪ ،‬وفيها‬ ‫النجليزية أيضا وذلك على عكس ما إدعاه البعض من أنه لم يكن على‬

‫‪29‬‬
‫وكذلك دفاعه عن الحضارة الفرعونية التى جعلت السلميين المتشددين‬ ‫قدم للعربية فيضا عظيما من الشعر الذي سجل به آثار مصر وأهرامها‬
‫يكفرونه عن قصيدته أبو الهول التى يقول فيها‪:‬‬ ‫ونيلها الخالد وغيرها من القصائد الدينية في مدح الرسول ‪ .‬ونذكر فى‬
‫أبا الهول لو لم تكن أية ‪ ...‬لكان وفاؤك إحدى العبر‬ ‫هذا الخصوص موقف شوقى من المتشددين السلميين ‪ ،‬فقد كان شوقى‬
‫وفي قصيدته "النيل" يخاطبه قائلً‪:‬‬ ‫مسلما معتدل ووسطيا ومفكرا تنويريا ليبراليا يؤمن بأن الدين ل‬
‫أصل الحضارة في صعيدك ثابت‪ ...‬ونباتها حسن عليك مخلق‬ ‫والوطن للجميع ‪ ،‬ولعل ذلك هو ما جعل الصوليين السلميين على عداء‬
‫ملت ديارك حكمة‪ ،‬مأثورها‪ ...‬في الصخر والبردي الكريم منبق‬ ‫مع قصائده ومعه أيضا ‪ ،‬على الرغم من أنه نظم قصائد فى مدح الرسول‬
‫ويبدوا أن منهج الصوليون المتشددون قد بنى من مكونات ثقافة منغلقة‬ ‫محمد "صلعم" ‪ ،‬ومنها قصيدة " إلى عرفات " وكذلك قصيدة " الزهر " ‪،‬‬
‫أحادية لم تقدر الدب شعرا ورواية وما بها من فنون أخرى ‪.‬‬ ‫ثم " نهج البردة " الشهيرة والتى قال فيها‪:‬‬
‫وفى تلك الفترة كتب رائعته "مجنون ليلى" التى صدرت فى عام ‪1924‬م‬ ‫محمد صفوة الباري ورحمته ‪....‬وبغية ال من خلق ومن نسم‬
‫ونالت إستحسانا منقطع النظير من القراء نظرا لما بها من طرب‬ ‫أسرى بك ال ليلً إذ ملئكة‪ ...‬والرسل في المسجد القصى على قدم ‪.‬‬
‫رومانسي‪ ،‬وقد اختار شوقي بداية الدولة الموية زمنا للمسرحية وبادية‬ ‫أما القصائد التى هاجمه عليها الصوليون ‪ ،‬فقد قال فيها‪:‬‬
‫نجد مكانا لها‪ .‬أما أشخاص المسرحية فهم قيس بن الملوح والمهدي‬ ‫يا وطني لقيتك بعد يأس ‪ ...‬كأني قد لقيت بك الشبابا‬
‫والدليلي وليلى ‪ .‬ولكن نقاد المسرح رغم اعترافهم بعذوبة الشعر‬ ‫ولو أني دعيت لكنت دين ‪ ...‬عليه اقابل الحتم المجابا‬
‫الغنائي قالوا ظلما وحقدا عليه أن بالمسرحية قليل من الحركة الدرامية ‪،‬‬ ‫أدير إليك قبل البيت وجهي ‪ ...‬إذ فهمت الشهادة والمتابا ‪.‬‬
‫وهذا الكلم باطل وحاقد ‪ ،‬لن مسرح شوقي حافل بالحركة الدرامية‬ ‫وله قصيدته أخرى يرسخ فيها النظرة الصحيحة للدين ويقول فيها ‪:‬‬
‫وفيه قطع شعرية رائعة كما في مسرح شكسبير الذي حافظ عليه النقاد‬ ‫ل تجعلوا الدين باب الشر بينكم ول محل مباهاة وإدلل‬
‫النجليز بينما نحن فى مصر والعالم العربى ضيعنا مسرح شوقي ‪ ،‬ولم‬ ‫ما الدين إل تراث الناس قبلكم ‪ ...‬كل امرئ لبيه تابع تالي‬
‫نعد نتحدث عنه كما يتحدث النجليز عن مسرح شكسبير ‪ .‬ومع ذلك لم‬ ‫ليس الغلو أمينا في مشورته ‪ ...‬مناهج الرشد قد تخفي على الغالي‬
‫يعبأ شوقى بما قاله النقاد وتوالت مسرحياته مثل "عنترة بن شداد" و‬

‫‪30‬‬
‫مجلوة بالفلك يحدو ركبها ‪ ..‬بالشاطئين مزغرد ومصفق‬ ‫"مصرع كليوباترة" و "قمبيز" التي هاجمها العقاد في كتاب سماه "‬
‫أما عن علقته بالمطرب محمد عبد الوهاب ‪ ،‬فقد بدأت في عام ‪1918‬‬ ‫قمبيز‪ ...‬في الميزان " ‪ .‬وبخصوص مسرحية " مصرع كليوباترة " فإن‬
‫عندما كانت فرقة عبد الرحمن رشدي المحامى تقدم مسرحية بعنوان‬ ‫الدافع الرئيسى وراء طرح شوقى لهذه المسرحية هو رده ككاتب مصرى‬
‫"الشمس المشرقة" وخرج الصبي محمد عبد الوهاب في أثناء الستراحة‬ ‫صميم على ما كتب سلبا حول شخصية كليوباترا من قبل الشعراء‬
‫ليلقي بعض المقطوعات الغنائية فاستمع إليه أحمد شوقي لول مرة‪،‬‬ ‫والدباء الوربيين لتشويه صورتها ‪ .‬فالمعروف أنه تم كتابة خمس‬
‫وأعجب بصوته‪ ،‬لكنه رأى فيه صبيا حديث السن‪ ،‬نحيل الجسم‪ ،‬فرق له‬ ‫عشرة مسرحية فرنسية حول كليوباترا وست مسرحيات إنجليزية‬
‫قلبه وأشفق عليه لحداثة سنه وضعف صحته‪ ،‬وطلب من صاحب الفرقة‬ ‫حولها ‪ ،‬وكذلك أبع مسرحيات إيطالية ‪ .‬وكل تلك المسرحيات الوربية‬
‫منعه من الغناء نظرا لصغر سنه ‪ ،‬ولم يتوقف شوقى عند هذا الحد ‪،‬‬ ‫كانت تضع كليوباترا فى صورة إمرأة شهوانية خائنة ومخادعة ‪ ،‬وقد‬
‫فقد اتصل بحكمدار القاهرة النجليزي وقتئذ وهو " رسل باشا " ليمنع‬ ‫جعلوا أولئك الكتاب الغربيون من صورة كليوباترا دليل على الشخصية‬
‫الصبى البالغ من العمر ‪ 13‬عاما من الغناء ‪ .‬وعلم الصبي بما فعله‬ ‫الشرقية عموما ‪ .‬لذلك كله جاء شوقى فى أول محاولة مصرية صميمة‬
‫شوقى ليحول بينه وبين الغناء‪ ،‬فكرهه كثيرا لنه أراد حرمانه من‬ ‫لينصف كليوباترا المصرية خاصة والمرأة الشرقية عموما‪ .‬ومع ذلك لم‬
‫الغناء‪ ،‬بالرغم من أن رسل "باشا" لم يستطع منعه من الغناء‪ ،‬لعدم‬ ‫يتوقف النقد الهدام عند ذلك الحد ‪ ،‬فقد قال نقاد مدرسة الديوان أن‬
‫وجود تشريع يحرم على القاصرين مزاولة العمل الفني في تلك اليام ‪0‬‬ ‫الصور الشعرية عند شوقي جامدة وغير متحركة ‪ ،‬ولكن هذا القول‬
‫وفى صيف عام ‪ 1925‬أقام نادى الموسيقى الشرقى حفلة موسيقية‬ ‫يجافى الحقيقة ‪ ،‬فالصور المتحركة والحيوية عند شوقى واضحة تماما‬
‫بفندق سان إستفانو بالسكندرية غنى فيها عبد الوهاب قصيدة من‬ ‫لكل من يقرأ أعماله ومنها ما قاله عن نزول الوحي ‪:‬‬
‫التراث القديم الذى كان يغنيه عبده الحامولى وكان مطلعها‪ " :‬جددى يا‬ ‫والن تترى والخوارق جمة ‪ ...‬جبريل رواح بها غداء‬
‫نفس حظك " ‪ .‬وتصادف فى تلك الليلة أن إستمع إليه شوقى للمرة‬ ‫ويقول عن " آثار قصر أنس الوجود " ‪:‬‬
‫الثانية ‪ ،‬فأعجب به كثيرا بعد أن دخل صوته فى مرحلة من التطور‬ ‫قف بتلك القصور في اليم غرقى ‪ ...‬ممسك بعضها من الذعر بعضا‬
‫والنضوج الفنى ‪ ،‬وطلب شوقى أن يرى ذلك المطرب الشاب ليهنئه على‬ ‫ويقول في قصيدة " النيل " ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫وبالضافة إلى ما سبق قدم للغناء الشرقي فيضا من شعره الجزل الجميل‬ ‫أدائه لهذه القصيدة التى أعادت إليه ذكريات الشباب عندما كان يسمعها‬
‫ل فغنت وأطربت‪،‬‬
‫فوجدت فيه "أم كلثوم" مطربة الشرق مُعينا سلسبي ً‬ ‫من عبده الحامولى‪ .‬وهكذا تعرف شوقى على المطرب الشاب عبد‬
‫ومنها غنت نهج البردة والنيل وقصائد مدح الرسول‪ ،‬وكذلك فعل من‬ ‫الوهاب بعد أن أصبح فى الحادى والعشرين من العمر‪ .‬ومنذ تلك الفترة‬
‫قبلها المطرب "محمد عبد الوهاب" في مجال الغزل والغرام ‪ .‬لقد وهب‬ ‫بدا إهتمامه بالمطرب الشاب حتى وفاته فى عام ‪ ، 1932‬ويذكر فى هذا‬
‫أحمد شوقى حياته للشعر ‪ ،‬فكان شعر عميق جاد‪ ،‬رصين مصقول‪،‬‬ ‫الخصوص أن محمد عبد الوهاب سافر مع أحمد شوقي إلى باريس ثلث‬
‫منسق قريب من الحس والوجدان‪ ،‬يبلغ بالقارئين تحليقا في علو السماء‬ ‫مرات ‪ .‬وفى تلك الفترة طبقت شهرة أحمد شوقى الفاق ‪ ،‬فزاره عام‬
‫سعادة وطربا وانسجاما ‪ .‬وقد بلغت بعض قصائده مائه بيت أو أكثر‪،‬‬ ‫‪1926‬م شاعر الهند طاغور ‪ ،‬كما زاره أيضا أعلم السياسة والفكر فى‬
‫وخاض بهذا الشعر الرائع كل مجالت الحياة في وطن متدفق بالحماس‬ ‫البلدان العربية والسلمية والوربية خاصة فرنسا وبريطانيا ‪ .‬وفى عام‬
‫إلى الذود عنه ومحاربة المستعمرين‪ ،‬إلى ديني متعمق مفعم بالتقوى‬ ‫‪ 1927‬أختير شوقى عضوا بمجلس الشيوخ المصرى ‪ ،‬وهو نفس العام‬
‫واليمان ‪ ،‬إلى مدح الرسول والخلفاء‪ ،‬ثم إلى غزل وحب ومدح‬ ‫الذى صدرت فيه الطبعة الثانية من الشوقيات ‪ ،‬وتقرر أن تقيم له‬
‫الحاكمين‪ ،‬ثم تسجيل آثار مصر ونيلها الخالد ‪ ،‬وبلد العالم في تركيا‬ ‫الهيئات والدباء حفل تكريم كبيرة بدار الوبرا بالقاهرة فى الفترة من‬
‫والندلس ‪ ،‬إلى كل ذلك وإلى غيره مما تعجز القدرة البشرية على إيفائه‬ ‫‪ 29‬من إبريل إلى ‪ 6‬من مايو سنه ‪1927‬م اشتركت فيها الدول العربية‬
‫حق قدره ‪ .‬أيضا قدم للمسرح العربي ما افتقر إليه من الشعر المسرحي‬ ‫بمندوبيها فكان من الشام محمد كرد على ومن لبنان شكيب أرسلن ومن‬
‫في روايات " مصرع كليوباترا " و " مجنون ليلى " و " عنترة "‪ ،‬و "‬ ‫فلسطين أمين الحسيني ومن بلجيكا فندنبرج وعدد من أصدقائه‬
‫على بك الكبير" و " قمبيز " ‪.‬‬ ‫الفرنسيين ومن مصر حافظ إبراهيم ومحمد حسين هيكل ‪ .‬ولقب في هذا‬
‫وحول حياته الخاصة ‪ ،‬يقال أنه عندما ولد كان يرفع نظره إلى السماء‬ ‫الحفل بأمير الشعراء ‪ ،‬وقام بإعلن ذلك بالنيابة عنهم جميعا الشاعر‬
‫دائما ول يستطيع أن يحول عينيه إلى أسفل بسبب مرض أو ضعف في‬ ‫حافظ إبراهيم الذي ألقى قصيدة منها‪:‬‬
‫عضلت العين‪ .‬وفى صغره كان ضئيل القد ‪ ..‬قصيرا ‪ ،‬وكانت عيونه‬ ‫( أمير القوافي قد اتيت مبايعا ‪ ...‬وهذى وفود الشرق قد بايعت معي ) ‪.‬‬
‫دائما قلقة ‪ .‬وكان مهتما بالسينما عند ظهورها وكان كثيرا ما يرتادها ‪،‬‬

‫‪32‬‬
‫يعكف على قراءة القرآن الكريم وكتب الحديث ‪ .‬وفي الساعة الثانية من‬ ‫وكان من عادته أن يشاهد حفلت السينما في صفوف الترسو (الصفوف‬
‫ليلة ‪ 14‬أكتوبر عام ‪1932‬م أحس شاعرنا بألم في صدره فتقاطر أهل‬ ‫الولى) لن نظره ل يعينه على الرؤية من بعيد‪.‬‬
‫منزله نحوه ‪ ،‬فما وصلوا إليه حتى أسلم الروح إلى بارئها ‪ .‬وكان وقع‬ ‫ووصفه البعض وهو يكتب فى محرابه بأنه كان يتلقى إلهامه بهمهمة‬
‫وفاته فاجعا على نفوس عارفيه وعشاق فنه‪ .‬وفقدت قيثارة الدب بفقده‬ ‫وغمغمة ‪ ،‬وهو في هذه الحالة يرفع يده إلى جبهته ويمسح هذا الجبين‬
‫الشاعر المبدع‪ .‬ويا ليت وزارة الثقافة ووزارة العلم تعيدان مسرح‬ ‫بحذر ‪ ،‬وإذا حدثه أحد لم يرد فكأنه غائب عن الوجود ‪ ...‬وإذا ألح‬
‫شوقي إلى مسارحنا وقنواتنا الذاعية والتليفزيونية ففيه أعمال فنية‬ ‫المحيطون في الكلم إليه ‪ ،‬أجابهم بما ليس له علقة بكلمهم‪ ..‬وإذا‬
‫مشرفة تسهم مساهمة فعالة في الحركة الثقافية لن إهمالها خطأ سوف‬ ‫استعصت عليه لفظة شعرية أو راوغه معنى‪ ،‬هام على وجهه كأنه يطارد‬
‫تسأل عنه أمام الجيال القادمة ‪.‬‬ ‫فريسة ‪ ..‬حتى إذا ما فاض الشعر عاد إلى بيته‪ ..‬وكان يحب السهر‪ ،‬فل‬

‫أحمد الصاوى محمد‬ ‫ينام قبل الرابعة‪ .‬وقيل أنه كان محبا للطعام وإن كان قليل الكل ‪ ،‬وكان‬

‫ولد أحمد الصاوى محمد فى ‪ 20‬يناير عام ‪ 1902‬بجنوب مصر ‪.‬‬ ‫يعشق الفاكهة ويشتريها من محلت "لباس"‪ .‬وذكر أنه كان يتناول‬

‫وعاش بصعيد مصر فترة من طفولته ‪ ،‬إنتقل بعدها مع أسرته إلى‬ ‫غذاءه كل جمعة خارج البيت داعيا عبد العزيز البشري أو حافظ إبراهيم‬

‫القاهرة وحصل على الشهادة البتدائية ‪ ،‬ثم إلتحق بالمدرسة السعيدية‬ ‫‪ ،‬وقد اشترى لغذاء أيام الجمع كرسي بحر من القماش ليتمدد عليه بعد‬

‫الواقعة في سراي جناكليس (الجامعة المريكية حاليا)‪ .‬وبعد حصوله‬ ‫الغذاء‪ .‬ويذكر أنه كان يدخن سجائر " ديمترينو " في مبسم يطهره‬

‫على الشهادة المتوسطة عمل بوظيفة كاتب سجن بوزارة الداخلية ‪ ،‬وبعد‬ ‫بالكحول خوفا من المراض ‪ ،‬فقد كان "موسوسا" ل يسمح لحد من‬

‫تركه العمل بوزارة الداخلية التحق بمصلحة المناجم والمحاجر عام‬ ‫أولده أن يزور مريضا إل إذا غسل يديه بـ " الكولونيا "‪ ..‬وقد تمتد‬

‫‪ 1921‬وظل بها حتى نهاية عام ‪ .1926‬فى ذلك الوقت كانت زعيمة‬ ‫وسوسته إلى تناول دواء بغير مرض ‪ ،‬وشرب الماء مخلوطا باليود‬

‫النهضة النسائية هدى شعراوى ترعى عددا من الفتيات والشبان من‬ ‫( وهو ما اخذه عنه المطرب محمد عبد الوهاب ) ‪.‬‬

‫حيث التعليم والناحية الجتماعية ‪ ،‬وعندما طلب احمد الصاوى محمد‬ ‫ويقول أحمد عبد الوهاب فى كتابه (إثنى عشر عاما فى صحبة أمير‬

‫منها رغبته فى دراسة الصحافة بجامعة السوربون بباريس وافقت هدى‬ ‫الشعراء ‪ )1932 – 1920‬أن أحمد شوقي في السنتين الخيرتين كان‬

‫‪33‬‬
‫الخير كان يسترضي رئيسه الجديد ويذكره في ( مجلتي ) وينشر صوره‬ ‫شعراوى دون تردد وأرسلته الى فرنسا فى أوائل عام ‪ 1927‬ليتلقى العلم‬
‫بها إل أن أنطون ظل يبغضه ويسعى للتخلص منه حتى ترك الصاوي‬ ‫هناك على نفقتها الخاصة ‪ ،‬كما فتحت له طريقا للعمل كمراسل لجريدة‬
‫الهرام وعمل بجريدة المصري ‪.‬‬ ‫السياسة ولكنها لم تعجبه ‪ .‬وفى باريس إلتحق الصاوى بمدرسة العلوم‬
‫وفي عام ‪1935‬م أعلن الصاوى عن مسابقة ملكات جمال العالم وكانت‬ ‫الجتماعية كما كان يحضر فى السربون والكوليج دى فرانس ‪ ،‬وفى تلك‬
‫درية شفيق (‪ ) 1975 – 1908‬ممن تقدمن إلى المسابقة ووصلت إلى‬ ‫الفترة توسطت له هدى شعراوى لدى جبرائيل تقل صاحب جريدة الهرام‬
‫المراكز الولى وحققت شهرة كبيرة فى أرجاء المعمورة ‪ .‬وعلى إثر ذلك‬ ‫للعمل بجريدته ‪ ،‬ووافق تقل وأرسل له خطابا فى عام ‪ 1930‬بالموافقة‬
‫تقدم أحمد الصاوي لخطبتها ‪ ،‬وهنا تقول درية عن الصاوى فى كتابها‬ ‫‪ ،‬ثم قابله في باريس ‪ ،‬وحدد له مرتبا كبيرا‪ .‬بعد حصوله على دبلوم‬
‫"امرأة مختلفة " ‪ :‬كان "شديد الدمامة شديد الجاذبية" وتم حفل عقد‬ ‫في الصحافة من السربون وآخر في العلوم الجتماعية عاد إلى القاهرة‬
‫القران في قصر هدى شعراوي وبمباركتها‪ .‬ونشرت صورة العروسين‬ ‫واستلم عمله بالهرام ‪ ،‬وبدأ عموده الشهير (ما قل ودل) ‪ .‬ويذكر أن‬
‫في صدر جريدة الهرام ولم يدم الصفاء بين العروسين طويل ‪ ،‬فقد تم‬ ‫داود بركات كان رئيس تحرير الهرام آنذاك وكان يحب الصاوى ويكن‬
‫الطلق قبل ليلة الزفاف ‪ .‬وحول ذلك الطلق السريع قال مصطفى أمين‬ ‫تقديرا لعمله الصحفى الجيد ‪ .‬وبالضافة الى عمله بالصحافة نشط احمد‬
‫‪ :‬كان الصاوي " صعيديا " في غلف أوروبي ‪ ...‬فقد كان متحررا فيما‬ ‫الصاوى فى كتابة القصة والترجمة والعداد المسرحى‪ ،‬كما أصدر كتبا‬
‫يكتب ومتزمتا في بيته ‪ ،‬أما درية شفيق فكانت متحررة وهذا ما أدى‬ ‫فى التاريخ والفن ‪ ،‬وأبدى تعاطفا كبيرا مع قضايا المرأة كرد لجميل هدى‬
‫إلى النفصال ‪ .‬بينما تقول درية شفيق فى كتابها " إمرأة مختلفة " أن‬ ‫شعراوى مناصرة المرأة المصرية والعربية آنذاك ‪ .‬بعد ذلك سافر الى‬
‫سبب الطلق هو محاولة الصاوي لبتزازها ‪.‬‬ ‫أوربا ليمكث بها بعض الوقت ثم عاد الى مصر ليصدر مجلة خاصة به‬
‫وبالعودة إلى " مجلتى " التى أصدرها الصاوى فى أول ديسمبر عام‬ ‫باسم (مجلتى) وكان ذلك فى عام ‪ 1934‬وكان قطعها ‪ 23 × 15‬ومقرها‬
‫‪ . 1934‬كانت مجلتى أكثر شهرة من منافسيها آنذاك مثل‪ " :‬الجامعة "‬ ‫في ‪ 174‬شارع الخديوى إسماعيل " قرب ميدان التحرير الن " ‪.‬‬
‫والـ "‪ 10‬قصص " لمحمود كامل و "الرسالة" و " الرواية " للزيات و "‬ ‫وفى ‪ 4‬نوفمبر ‪ 1934‬توفى داود بركات رئيس تحرير الهرام وحل مكانه‬
‫روايات الجيب " لعمر عبد العزيز أمين و " الثقافة" التابعة للجنة التأليف‬ ‫أنطون الجميل الذى لم يكن على علقة جيدة بالصاوي‪ ،‬وبالرغم من أن‬

‫‪34‬‬
‫أنيس منصور سكرتارية التحرير وتولى حسن فؤاد الشراف الفنى‬ ‫والترجمة والنشر وغيرها من الدوريات المهمة ‪ ،‬وذلك على الرغم من‬
‫للمجلة ولكنها لم تستمر كثيرا‪ .‬فى الوقت نفسه ظلت "مجلتي" تواصل‬ ‫أنها كانت نصف شهرية ‪ ،‬وفيها خاطب الصاوى القراء بأنها تشتمل على‬
‫الصدور نصف شهرية تحت إشراف الصاوي‪ .‬ولكن في شهر مايو‬ ‫خلصة أدب العالم وقصصه ومسرحياته وروائع الدب المصري ‪ .‬وكان‬
‫‪ 1938‬اتسعت مساحة صفحتها طولً وعرضا وانتقل مقرها إلى عمارة‬ ‫الصاوي يتفنن في جذب القارئ إلى مجلته بتقديم هدايا للقراء المشتركين‬
‫الصباح ‪ 4‬شارع الداخلية بجوار ضريح سعد زغلول وصارت أسبوعية‬ ‫عبارة عن كتب من مؤلفاته مثل "ما قل ودل" أو ببعض مؤلفات توفيق‬
‫وأطلق عليها "مجلتي للمحاضرة والمناظرة" وتغير طابعها العام من مجلة‬ ‫الحكيم وطه حسين وغيره أو بتلخيص بعض المسرحيات المقررة على‬
‫أدبية إلى مجلة تعني بالمناظرات وتنشر المحاضرات العلمية المطولة ‪.‬‬ ‫طلبة المدارس ‪ .‬وقد حفلت " مجلتي " بكتابات كثيرة لكتاب كبار مثل طه‬
‫وقال الصاوى في عددها بتاريخ ‪ 15‬مايو ‪ : 1938‬إن ذلك التطور‬ ‫حسين الذي أطلق عليه الصاوي لقب عميد الدب العربي ‪ ،‬وتوفيق‬
‫الجديد لـ مجلتى جاء ليشمل جميع أنحاء المعمورة وذلك بعد أن قضينا‬ ‫الحكيم ومحمود تيمور والمازني وحسين فوزي ‪ ،‬وسهير القلماوي‬
‫الشهور في الدراسة والتصال حتى تم لنا الن التعاون الفكري مع أعظم‬ ‫وحسن الشريف ‪ ،‬وإبراهيم رمزي ومصطفى عبد الرازق وإسماعيل‬
‫جامعات العالم لنشر أرقى المحاضرات في جميع العلوم والداب‬ ‫مظهر ‪ ،‬وعلى مصطفى مشرفة وبعض الشعراء مثل خليل مطران‬
‫والفنون في مصر والعالم ‪ ،‬كما أشار الصاوى إلى التعاون مع الجامعة‬ ‫وإبراهيم ناجي وغيرهم ‪.‬‬
‫المريكية وبقسمها الخاص بالمحاضرات والمناظرات ‪ ،‬ومع ذلك لم‬ ‫وفى عام ‪ 1936‬أنشأ أحمد الصاوى دارا للنشر باسم (دار النشر الحديث)‬
‫تستمر هكذا إل فترة قصيرة ‪ ،‬ثم عادت إلى سيرتها الولى‪ .‬لكن بداية‬ ‫نشر بها عدد من المطبوعات والقصص لكل طه حسين وتوفيق الحكيم‬
‫الحرب العالمية الثانية وسقوط باريس فى يد اللمان جعلها تقفل‬ ‫وغيرهما من الدباء ‪ .‬وفى عام ‪ 1937‬قام احمد الصاوى بإصدار مجلة‬
‫صفحاتها ‪ .‬وفي يونيه عام ‪ 1940‬قام الصاوى بتعيين محمد نجيب ذهني‬ ‫أخرى هى (المحاضرة) ولكنها لم تلق النور لسباب فنية وإدارية ‪ .‬وفى‬
‫مديرا لها وممسكا بكافة شئونها ‪ ،‬ومع ذلك كان الصاوي كان حاضرا‬ ‫عام ‪ 1938‬أصدر الصاوي مجلة أخرى دعاها "كليوباترا" وهي مجلة‬
‫فيها بمقالته ‪ .‬وفى عام ‪ 1942‬عاد الصاوي للسيطرة عليها من جديد‬ ‫نسوية مصورة لكنها توقفت في عام صدورها ‪ .‬ثم عاد وأصدار مجلة‬
‫وكاد يحررها بمفرده وانخفض عدد صفحاتها إلى إثنتى عشرة صفحة ‪.‬‬ ‫أخرى باسم (الشهر) وتولى احمد الصاوى رئاسة تحريرها كما تولى‬

‫‪35‬‬
‫وفى أغسطس عام ‪ 1959‬عاد الصاوى مرة أخرى للعمل بجريدة (أخبار‬ ‫وفي ‪ 16‬أبريل ‪ 1944‬رفع الصاوى اسم محمد نجيب ذهني من‬
‫اليوم) كرئيس للتحرير بها ‪ .‬وفى ‪ 8‬سبتمبر من نفس العام ‪ 1959‬رأس‬ ‫المجلة ‪ ،‬وانتقلت إلى ‪ 20‬شارع عدلي بوسط القاهرة ‪ .‬ومع بداية عام‬
‫تحرير مجلة آخر ساعة‪ .‬وعندما تولى على أمين رئاسة تحرير مجلة‬ ‫‪ 1945‬توقفت مجلتى عن الصدور ومعها عدد من المطبوعات الخرى‬
‫الهلل عام ‪ 1962‬شارك الصاوي بمقالته وقصصه الملخصة فيها إلى‬ ‫منها الـ ‪ 20‬قصة والروايات الحديثة ‪ ،‬لذلك أضطر أحمد الصاوى محمد‬
‫جانب عمله في الخبار التي تواصل معها إلى آخر حياته ‪.‬‬ ‫الى النضمام لجريدة (أخبار اليوم) ‪ .‬وبعد وفاة أنطون الجميل فى نهاية‬
‫وبالضافة الى مقالته المتعددة ‪ ،‬فقد قام بتأليف عدد من الروايات منها‪:‬‬ ‫عام ‪ 1948‬طلب العودة إلى الهرام ‪ ،‬وبالفعل عاد إليها فى ‪ 31‬مارس‬
‫عذراء الندلس ‪ ،‬وكفاح الشباب ‪ ،‬والغيرة من الماضى ‪ ،‬وزواج الشباب‬ ‫عام ‪ ، 1949‬وكانت الهرام آنذاك مستعمرة لبنانية ل يتولى رئاسة‬
‫‪ ،‬والفتى المجنون‪ .‬أيضا ترجم عدد من العمال عن الفرنسية منها‪:‬‬ ‫تحريرها إلا لبناني ‪ .‬وفى أغسطس عام ‪ 1952‬عين الصاوى رئيسا‬
‫تاييس والزئبقة الحمراء لـ أناتول فرانس ‪ ،‬وترجم طرطوف وعدو‬ ‫لتحرير الهرام ‪ ،‬فكسر بذلك هذه القاعدة بإعتباره أول مصري يتولى‬
‫المجتمع والبخيل لـ موليير وذلك بطلب من وزارة المعارف وقررتهما‬ ‫رئاسة تحريرها ‪ ،‬وظل في هذه الوظيفة إلى عام ‪ 1957‬عندما ترك‬
‫الوزارة على طلبة المدارس ‪ ،‬وترجم أفروديت القديمة وأفروديت‬ ‫رئاسة الهرام لـ محمد حسنين هيكل ‪ .‬ويذكر قبل خروجه من الهرام‬
‫الحديثة عن بيير لويس‪ ،‬أيضا ترجم أعمال علمية مثل كتاب "إيف‬ ‫قاد حملة لتمصير الجريدة من النفوذ الغير مصرى بها مما أدى الى‬
‫كورى" الذي وضعته عن أمها "مدام كوري"‪ .‬وبصفة عامة قدم للمكتبة‬ ‫استبعاده عن العمل الصحفى بها ‪ ،‬وهو ما دفعه الى رفع دعوى قضائية‬
‫العربية ‪ 40‬مؤلفا ومترجما بين قصص ومسرحيات وتراجم وغالبيتها‬ ‫فى أغسطس عام ‪ 1958‬طالب فيها من مجلس إدارة الهرام بتعويض‬
‫تناسب الشباب من الجنسين لنها تدور حول الحب والبغض ‪ ،‬والمرح‬ ‫قدره ‪ 400‬ألف جنيه نظير إضطهاده لنه طالب بتمصير الجريدة (الجدير‬
‫والشجون والبهجة والغيرة والنتقام والحقيقة وخداع الوهام‪.‬‬ ‫بالذكر ان الصاوى كان يمتلك اكثر من مطبوعة ولكن عندما فشلت تلك‬
‫وبالنسبة لتراجم الصاوى‪ :‬فقد إهتم بترجمة أعمال الوروبيين مثل‪:‬‬ ‫المطبوعات فى الستمرار والمنافسة تحول الى ثورى يطالب بالتأميم‬
‫شلي وبيرون وهايني‪ ،‬وبلزاك وغيرهم ‪ .‬وقد راعى في هذه التراجم‬ ‫وهو ما دفع الكثيرين فى ذلك الوقت الى التندر بذلك التحول المفاجىء!!)‬
‫طريقة السيرة التي تعتمد التسلسل الزمني ‪ ،‬وسار على الطريقة‬ ‫‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫العمل الثرى ل يقوم به الجانب فقط (كما هو الحال الن) بل أيضا‬ ‫القصصية الفنية وكأنه يقص علينا قصة بما فيها من سرد وحوار وهي‬
‫المصريون ومن هؤلء شفيق فريد وعبد الحفيظ عبد العال واحمد‬ ‫طريقة أندريه موروا وقد إستخدم نفس طريقة ميخائيل نعيمة وقام‬
‫الصاوي خاصة وانهم تخصصوا فى اعمال الحفائر ‪ ،‬ويذكر ان مصلحة‬ ‫بترجمة أعمال جبران خليل جبران ‪ .‬واتبعت أمينة السعيد نفس السلوب‬
‫الثار كان بها أقسام تساعد العمل الثري مثل أقسام الرفع المعماري‬ ‫عندما ترجمت بيرون‪ .‬ولكن يؤخذ على هذه الطريقة أنها غير علمية‬
‫والرسم الثرى والتصوير والمعمل الكيماوي ( ولكن للسف الشديد‬ ‫وغير أمينة للمؤلف الصلى لنها دائما تختلف عن النص الجنبى ‪،‬‬
‫عندما أصبح على قمة العمل الثرى بعض الشخاص الذين ليس لهم‬ ‫والخطورة فى هذا النوع من الترجمة أنها تكون إنطباعا خاصا بالمترجم‬
‫دراية بأعمال الثار وتحديدا الحفائر تم القضاء نهائيا على تلك القسام‬ ‫وليس المؤلف الصلى للعمل وهو ما يجعلها بعيدة عن روح المؤلف ‪.‬‬
‫وترك العمل فيها للجانب الذين يقومون بالكتشاف والتسجيل بينما‬ ‫وفى يونيو عام ‪ 1989‬توفى أحمد الصاوى محمد عن عمر يناهز الـ‬
‫وفى‬ ‫المصريون يصفقون لهم " هكذا يقول الدكتور زاهى حواس" )‪.‬‬ ‫‪ 87‬عاما ‪.‬‬
‫عام ‪ 1978‬حصل الدكتور الصاوي على درجة الدكتوراه من جامعة براج‬ ‫(احمد عبد القادرالصاوي)‬
‫(تشيكوسلوفاكيا) ‪ ،‬وعندما عاد الى مصر للعمل تعرض لحملة ضارية‬ ‫ولد احمد عبد القادر الصاوي بحي وراق الحضر بمركز إمبابة التابع‬
‫من جماعة أصدقاء الله ست فى محاولة لقصائه ‪ ،‬ومن ثم لم يكن‬ ‫لمحافظة الجيزة المصرية ‪ ،‬والتحق بقسم الثار بجامعة عين شمس عام‬
‫قادرا على العمل وسط تلك الضغوط الشديدة ‪ .‬وعندما جاء فاروق‬ ‫‪ . 1957‬وتخصص الصاوي فى الحفر الثري ‪ ،‬وبدا حياته كمفتش للثار‬
‫حسنى وزيرا للثقافة اعتقد الدكتور الصاوي أن المناخ الثرى سوف‬ ‫‪ ،‬ثم كبير مفتشين ‪ ،‬ومديرا للمكتب الفني ‪ ،‬ومدير للرشيف العلمي ‪ ،‬ثم‬
‫يتحسن خاصة وانه كان مؤهل لرئاسة هيئة الثار فى ذلك الوقت‬ ‫أصبح مديرا لدارة الحفائر ‪ ،‬ومدير إدارة التفتيش والحفائر‪ ،‬ثم وكيل‬
‫وتحديدا بعد حصوله على الدكتوراه ‪ ،‬ولكن لم يتم اختياره للمنصب ‪،‬‬ ‫لقطاع الثار المصرية ‪ ،‬ثم أخيرا رئيسا للدارة المركزية للثار المصرية‬
‫لذلك ترك الدكتور الصاوي العمل بالثار ليعمل مدرسا بكلية الداب‬ ‫‪ .‬وقد قام الصاوي بأعمال الحفائر وتسجيل وتوصيف الثار والشراف‬
‫وفى السلك الجامعي تدرج الدكتور احمد الصاوي‬ ‫بجامعة سوهاج ‪.‬‬ ‫على بعثات الحفائر المصرية والجنبية ‪ ،‬كما أشرف على إنقاذ آثار بلد‬
‫حتى وصل الى درجة الستاذية عام ‪ ، 1988‬وأصبح بعد ذلك رئيسا‬ ‫النوبة وإعادة بناء معبدي أبى سمبل خاصة وانه فى ذلك الوقت كان‬

‫‪37‬‬
‫) ‪ .‬وبعد تخرجه عمل بالتدريس باللذقية‬ ‫‪195 8‬‬ ‫الى‬ ‫‪19 54‬‬ ‫سنوات (‬ ‫لقسم الثار المصرية ‪ ،‬وعميدا للكلية فى عام ‪ ، 1990‬وبعد ذلك عين‬
‫( ومن زملء الدراسة عبد الحليم خدام نائب رئيس سوريا ) ‪ .‬ومن‬ ‫أستاذا متفرغا للثار ورئيسا للقسم أيضا ‪ ،‬وانتدب بعد ذلك للعمل عميدا‬
‫سوريا اتجه الدجانى الى القاهرة حيث حصل على الماجستير من جامعة‬ ‫بمعهد القاهرة العالي للسياحة والفنادق بالمقطم ‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫وكانت رسالته عن تاريخ ليبيا فى القرنين الـ‬ ‫‪19 63‬‬ ‫القاهرة فى عام‬ ‫وفى المجال العلمي ‪ :‬فقد أصدر الدكتور الصاوي العديد من البحاث‬
‫‪.‬‬ ‫‪197 0‬‬ ‫‪ ،‬ثم حصل على الدكتوراه من نفس الجامعة فى عام‬ ‫‪19‬‬ ‫والـ‬ ‫والمؤلفات منها كتاب عن حفائر تل بسطة بالزقازيق حيث كشف عن‬
‫حياته السياسية ‪ :‬يعد الدجانى أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫جبانات للقطة " باستت " التي عبدها المصري القديم نظرا لما هو موجود‬
‫‪28‬‬ ‫عن طريق عضويته فى المؤتمر الوطني الفلسطيني الذى عقد فى (‬ ‫بها من ميزة وهى الستمرارية والبقاء ‪ ،‬كما نشر كتاب باللمانية عن‬
‫) واصبح بعد ذلك المجلس الوطنى الفلسطيني‬ ‫‪19 64‬‬ ‫يونيو‬ ‫‪20‬‬ ‫مايو الى‬ ‫مقبرة الوزير " بانحسى " التي تم اكتشافها بحى المطرية بالقاهرة وقد‬
‫ثم منظمة التحرير الفلسطينية التى تولى فيها احمد صدقى الدجانى‬ ‫بانحسى وزيرا للوجه البحري فى عهد الملك بسماتيك الول ‪ ،‬كما كتب‬
‫اصبح أحمد صدقي‬ ‫‪19 66‬‬ ‫مهمة ترتيب التنظيم الشعبي‪ .‬وفى عام‬ ‫العديد من المقالت العلمية حول حفائر كوم أبوبللو خاصة جبانة اللهة‬
‫الدجانى عضوا فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ‪ ،‬ولكنه لم يكمل‬ ‫أفروديت المعروفة بالهة الحب والجمال عند الغريق ‪.‬‬
‫الطريق حيث قدم استقالته مع رفيقيه شفيق الحوت واحمد الحمدى ‪.‬‬
‫أحمد صدقي الدجانى‬
‫اختاره الرئيس المصرى جمال عبد الناصر كأحد‬ ‫‪19 64‬‬ ‫يذكر أنه فى عام‬
‫لسرة فلسطينية‬ ‫‪19 36‬‬ ‫ولد الدكتور احمد صدقى الدجانى فى يافا عام‬
‫رموز قيادة الطليعة العربية ( الطليعة هي تنظيم مواز للتنظيم الطليعي‬
‫بعد أن قضى سبع سنوات‬ ‫‪194 8‬‬ ‫ولكنه غادر مسقط رأسه فى إبريل عام‬
‫المصرى الذى أشتهر بالتنظيم السري للرئيس عبد الناصر‪ ،‬ولكن‬
‫فى المدرسة البتدائية ( مدرسة الشريعة السلمية ) ‪ ،‬أما السنة الثامنة‬
‫الطليعة العربية كانت تعمل خارج مصر )‪ ،‬وقد نجح احمد الدجانى فى‬
‫فقد قضاها فى مدرسة العامرية الثانوية فى يافا ‪ .‬ثم قضى أربع سنوات‬
‫كسب أغلبية الصوات للطليعة العربية فى انتخابات اتحاد طلبة فلسطين‬
‫دراسية فى ثانوية البنين بمدينة اللذفية بشمال غرب سوريا ‪ ،‬والتحق‬
‫التى جرت بعد سنة واحدة من تأسيس الطليعة العربية ‪.‬‬
‫بعد ذلك بكلية الداب بجامعة دمشق قسم التاريخ ليقضى بها أيضا أربع‬

‫‪38‬‬
‫لسباب تتعلق بالفساد الداخلى ‪ .‬بعد ذلك انتقل الدجانى الى جانب‬ ‫وبعد استقالة الشقيرى من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير‬
‫سبتمبر عام ‪.199 3‬‬ ‫‪13‬‬ ‫المعارضة المعلنة منذ توقيع اتفاق أوسلو فى‬ ‫جاء مكانه يحيى حمودة ‪ ،‬ولكن‬ ‫‪19 67‬‬ ‫ديسمبر عام‬ ‫‪24‬‬ ‫الفلسطينية فى‬
‫ساهم الدجانى بقدر كبير فى تأسيس المؤتمر القومى العربى ‪ ،‬ومن بعده‬ ‫منظمة فتح بدأت تسعى للسيطرة على اللجنة التنفيذية ورئاستها ‪ ،‬فى‬
‫ديسمبر‬ ‫‪29‬‬ ‫المؤتمر القومى السلمى الذى اصبح أمينا عاما له ‪ .‬وفى‬ ‫نفس الوقت كانت هناك فصائل اخرى تسعى ايضا للسيطرة على اللجنة‬
‫عاما ‪.‬‬ ‫‪67‬‬ ‫توفى الدكتور احمد صدقى الدجانى عن عمر يناهز‬ ‫‪20 03‬‬ ‫التنفيذية ومنها جبهة التحرير الفلسطينية حيث كان احمد صدقى الدجانى‬

‫أحمد صدقى الموسيقى‬ ‫من ابرز قادتها ومعه شفيق الحوت ‪ ،‬وأيضا جبهة تحرير فلسطين التى‬

‫ولد أحمد صدقى فى ‪ 4‬أكتوبر عام ‪ 1916‬لب كان يعمل مأمورا فى‬ ‫كان يرأسها احمد السعدى ‪ ،‬ولكن عبد الناصر رشح ياسر عرفات لرئاسة‬

‫شرطة بلقاس وأم ربة منزل ‪ .‬وكان والده كثير التنقل بين المحافظات‬ ‫المنظمة وقد كان ‪ .‬بعد ذلك اشترك الدجانى فى لجنة المتابعة‬

‫بحكم عمله فى وزارة الداخلية ‪.‬‬ ‫الجماهيرية التى اتخذت من القاهرة مقرا لها وقد اهتمت هذه اللجنة‬

‫حصل أحمد صدقى على شهادة البتدائية من مدرسة طلخا بمحافظة‬ ‫بمتابعة أنشطة منظمة التحرير الفلسطينية وانتقاد سلبياتها ‪ ،‬وقد ضمت‬

‫الدقهلية ‪ ،‬وعندما انتقل والده الى محافظة الجيزة التحق أحمد بمدرسة‬ ‫هذه اللجنة عددا من الرموز الفلسطينية منهم الدجانى ‪ ،‬وبطرس عودة‬

‫السعيدية العدادية وحصل منها على شهادة العدادية ‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫وسعيد السقا ‪ ،‬ومجدي أبو رمضان ‪ ،‬وفاضل رشدي ‪ ،‬وقصى العبادلة ‪.‬‬

‫من حبه الشديد للموسيقى ال ان والده الحقه بمدرسة الفنون التطبيقية‬ ‫بين الجيش الردني والفدائيين‬ ‫‪19 71‬‬ ‫بعد أحداث وصراعات يوليو عام‬

‫بالقاهرة عام ‪ ، 1932‬قسم النحت ‪ ،‬وتخرج منها عام ‪. 1935‬‬ ‫الفلسطينيين بالردن ثم خروج الفدائيين من الردن قرر الدجانى السفر‬

‫عمل احمد صدقى رساما فى حفائر الجامعة ‪ ،‬ثم انتقل الى المتحف‬ ‫الى ليبيا ليعمل مستشارا هناك ‪ ،‬ولكنه انسحب من ليبيا الى القاهرة فى‬

‫المصرى ‪ ،‬وأخذ يتدرج فى وظائف المتحف حتى أصبح كبير رسامى‬ ‫حيث تم اختياره عضوا بالمجلس الوطني الفلسطيني فى دورته‬ ‫‪197 6‬‬ ‫عام‬

‫المتحف وواحدا من أشهر رسامى العالم ‪ .‬كانت لديه قدرات فائقة فى‬ ‫واصبح بذلك عضوا فى اللجنة التنفيذية‬ ‫‪19 77‬‬ ‫فى مارس عام‬ ‫‪13‬‬ ‫الـ‬

‫نقل اللوحات الثرية بدقة عالية تقترب من الصل ‪ .‬كما أكتشف حرفا‬ ‫‪17‬‬ ‫لمنظمة التحرير الفلسطينية وظل يعمل بها حتى أعمال الدورة الـ‬

‫من الحروف الهيروغليفية ‪ .‬وقد رسم أحمد صدقى اللوحات الثرية فى‬ ‫حيث تركها‬ ‫‪198 4‬‬ ‫التى عقدت بالعاصمة الردنية عمان فى نوفمبر عام‬

‫‪39‬‬
‫العروض السينمائية تنهال عليه ‪ .‬ويبلغ عدد الفلم التى تحوى أغانى‬ ‫أكثر من أربعين كتابا على مدار حياته ‪ ،‬ويذكر أنه فى عام ‪ 1936‬عرض‬
‫قام بتلحينها طوال حياته نحو ‪ 120‬فيلما ‪.‬‬ ‫مجموعة من منحوتاته فى صالون القاهرة الذى كان يشارك فيه فنانون‬
‫وفى مجال المسرح الغنائى ‪ ،‬كلفه زكى طليمات بتلحين أغنيتين‬ ‫عرب وأجانب ويحضره النقاد العالميين ‪ .‬ويذكر أن الملك فؤاد اشترى‬
‫لمسرحية "حواء الخالدة" لـ محمد تيمور وقام بغنائها كارم محمود عام‬ ‫تمثاله رأس النوبى محمدين ‪ .‬فى نفس العام (‪ )1936‬حصل على جائزة‬
‫‪ ، 1949‬وقام بتلحين العديد من الغانى المسرحية الخرى ‪ .‬كما‬ ‫مختار للنحت عن تمثال المل للرائدة المصرية هدى شعراوى محررة‬
‫اشترك بوضع العديد من الحان الوبريتات الغنائية ومنها أوبريت " ليلة‬ ‫المرأة ‪ .‬وفى عام ‪ 1933‬التحق بمعهد فؤاد الول للموسيقى الشرقية‬
‫من ألف ليلة " لـ بيرم التونسى قدمتها الفرقة المصرية عام ‪ 1949‬و "‬ ‫(قسم أصوات) وتخرج منه عام ‪ . 1937‬فى تلك الفترة قام بتلحين‬
‫ياليل يا عين" وهى مسرحية غنائية استعراضية من انتاج مصلحة‬ ‫أناشيد فرعونية للذاعة المصرية فى احتفالت وفاء النيل ‪ .‬ومع بداية‬
‫الفنون عام ‪ ، 1955‬وأوبريت "البيرق النبوى" تأليف عبد الفتاح‬ ‫عام ‪ 1941‬بدأ أحمد صدقى مشواره مع الذاعة المصرية كمطرب‬
‫مصطفى عام ‪ ، 1958‬كما اشترك بوضع سبعة ألحان فى الوبريت‬ ‫وملحن فى " ركن الريف " ‪ ،‬وكان أول أعماله أغنية " الصباح النادى "‬
‫الستعراضى "القاهرة فى ألف عام " عام ‪ 1968‬تأليف صلح جاهين ‪،‬‬ ‫من ألحانه وغنائه وكلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى الذى ظل يعمل‬
‫كذلك وضع ألحان أوبريت "موال من مصر"‪ ،‬ولحن استعراض "الناى‬ ‫معه خمس سنوات قدم خللها ‪ 60‬لحنا ريفيا ‪ .‬وفى عام ‪ 1946‬قرر‬
‫السحرى" لفرقة رضا ‪ ،‬وغيره ‪ .‬ويذكر أن أحمد صدقى قال فى أحد‬ ‫أحمد صدقى التوقف عن العناء والتفرغ للتلحين ‪ .‬فى نفس الفترة قام‬
‫حواراته الصحفية أن الوبريت هو الشىء الوحيد الذى ينقذ حضارتنا‬ ‫بتلحين الصور الغنائية واستمر فيها حتى بلغ عددها نحو ‪ 240‬صورة‬
‫الفنية ‪ .‬وقد رأس أحمد صدقى لجنة الستماع فى عام ‪ 1976‬واستمر‬ ‫غنائية ومن أشهرها " رواية ‪ ،‬قطر الندى ‪ ،‬الشاطر حسن ‪ ،‬عوف‬
‫كذلك حتى عام ‪ .1982‬وخلل مشوار حياته لحن للعديد من المطربين‬ ‫الصيل ‪ ،‬العين والعافية ‪ ،‬أم شناف ‪ ،‬السوق ‪ ،‬قيس ولبنى " وغيرها ‪.‬‬
‫والمطربات منهم كارم محمود ‪ ،‬عباس البليدى ‪ ،‬اسماعيل شبانة ‪،‬‬ ‫كما قام بتلحين أغنيات الفلم وكانت أول تجربة له مع المنتجة آسيا‬
‫سمير السكندرانى ‪ ،‬فتحية أحمد ‪ ،‬سعاد محمد ‪ ،‬نازك ‪ ،‬شهر زاد ‪،‬‬ ‫حيث قام بتلحين أغنيات فيلم " ليت الشباب " للمطربة رجاء عبده عام‬
‫حورية حسن ‪ ،‬فايزة أحمد ‪ ،‬فاطمة على وغيرهم ‪ .‬ومن أشهر الغانى‬ ‫‪ ، 1949‬كما عمل مع المخرج بركات لتلحين أغنيات فيلم "شاطىْ الغرام"‬
‫لـ ليلى مراد ‪ ،‬وقد حقق هذا الفيلم نجاحا منقطع النظير مما جعل‬
‫‪40‬‬
‫كان دقيقا فيما يقول وموضوعيا فيما يعرض وذكيا فى كل ما يقترح ‪.‬‬ ‫التى لحنها ‪ " :‬فاكراك ومش هنساك " ‪" ،‬يا مسافر وناسى هواك " ‪،‬‬
‫كانت الطبقة العاملة شغله الشاغل ‪ ،‬فهو يتحرك ويناضل ويعمل ويقرأ‬ ‫"شفت منام " ‪ " ،‬الميه والهوا" ‪ " ،‬الشمس بانت من جديد " ‪ " ،‬سماح يا‬
‫ويكتب والطبقة العاملة أمام عينيه ‪ .‬كان همه الساس تكوين إتحاد‬ ‫أهل السماح " ‪ " ،‬ع الدوار " ‪ ،‬لمهندس جاى " ‪ " ،‬طاير يا حمام "‬
‫نقابات العمال ‪ ،‬وظل إيمانه كذلك حتى الهوس ‪ ،‬فقد كان يرى أن‬ ‫وتتميز الحان محمد صدقى بالهتمام بالتحولت النغمية‬ ‫وغيرها ‪.‬‬
‫تأسيس التحاد العام للعمال خطوة هائلة ونقلة نوعية فى مسيرة الحركة‬ ‫واشباع الجملة الموسيقية بطابع المقام المستخدم ‪ ،‬أيضا الهتمام بابتكار‬
‫النقابية وفى الحركة الوطنية على السواء ‪.‬‬ ‫ايقاعات وضروب جديدة من خلل ألحانه ‪ .‬كما اهتم بالزخرفة اللحنية‬
‫فى أوائل عام ‪ 1957‬ألقى القبض على أحمد طه ومعه عدد كبير بتهمة‬ ‫سواء الغنائية منها أو المعـزوفة من خلل اللت الموسيقية ‪ ،‬وأتسمت‬
‫قلب نظام الحكم ‪ ،‬وتم ترحيله الى سجن الواحات الخارجة ‪ .‬كان أحمد‬ ‫معظم الجمل اللحنية عنده بالطالة لعطاء فرصة للمؤدى لبراز مواهبه‬
‫طه يجلس على سريره بركن خيمة السجن منكمشا معظم الوقت يقرأ أو‬ ‫من الزخرفة ‪ .‬أيضا استخدم عدة مقامات نادرة التداول فى الموسيقى‬
‫يكتب ‪ .‬وفى ذلك السجن كتب معظم دراساته عن تاريخ الحركة العمالية‬ ‫مثل مقام " الثركرد " فى أغنية " يا مسافر وناسى هواك " ‪ ،‬ومقام‬
‫المصرية ‪ .‬وفى ذلك المكان أيضا كان يلقى على زملئه من المساجين‬ ‫الزنجران فى أغنية " يجعل صباحك نادى " ‪ .‬كما تميز بقدرة عالية فى‬
‫المحاضرات فى المور العمالية ‪.‬‬ ‫التعبير عن الجملة التصويرية مما جعله ملكا للصور الغنائية فى الذاعة‬
‫تمتع أحمد طه بجماهيرية واسعة ‪ ،‬وكانت لديه قدرة هائلة على كسب‬ ‫والوبريتات المسرحية ‪ .‬وقد راعت ألحانه التطابق بين ايقاع الكلمة‬
‫ود الخرين ‪ ،‬والقدرة أيضا على إحتواء الخصوم ‪ .‬لم يكن جارحا فى‬ ‫واللحن ‪ ،‬واهتم فى غنائه بمخارج الحروف واللفاظ وتوظيف حروف‬
‫معاملته ‪ ،‬ولم يكن شخصى أيضا عند إثارة بعض القضايا ‪ .‬كان يريد‬ ‫المد فى خدمة الزخرفة الغنائية والتطريب‪.‬‬
‫لتحركاته مساحة واسعة حيث كانت لديه قدرة عجيبة على المناورة‬ ‫وتوفى أحمد صدقى فى ‪ 14‬يناير عام ‪ 1987‬عن عمر يناهز ‪ 71‬عاما‬
‫وكسب الخرين ‪ .‬فى انتخابات مجلس الشعب فى الثمانينات وما بعدها‬ ‫أحمد طه‬
‫كان دائما محط أنظار أبناء دائرته بساحل روض الفرج ‪ ،‬ولكن الحكومة‬
‫العامل المثقف المدافع عن حقوق العمال‬
‫فى عهد الرئيس السادات كان لها رأى آخر عندما صدر أمر بإعتقاله ‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫لنقاذ فلسطين من أيدى اليهود ‪ .‬ومع فرقته من الفدائيين اقتحم العريش‬ ‫وأفرجوا عنه بعد أن أسقطوه ‪ ،‬وقام أحمد طه بعد الفراج عنه بفحص‬
‫ومنها الى خان يونس التى وقع بها قتال ضارى مع اليهود ‪ ،‬وفى هذه‬ ‫أوراق التصويت ليكتشف أنه فاز فى النتخابات وهو فى المعتقل ‪.‬‬
‫الواقعة رفض المسئولين المصريين امداده بالسلحة المتطورة ‪ ،‬ثم‬ ‫وعلى الرغم أنه يسارى الفكر والمنهج ال أنه لم يتردد بالتوقيع‬
‫جاءت احداث السلحة الفاسدة التى أثرت كثيرا على فرقته من الفدائيين‬ ‫إستكمال للجراءات اللزمة لعلن قيام الحزاب ‪ ،‬ومن تلك الحزاب‬
‫‪.‬‬ ‫كان حزب الوفد ‪ .‬وعلى صفحات حزب الوفد كان يكتب عن قضايا العمال‬
‫عندما قررت الحكومة المصرية دخول حرب ‪ 1948‬عارض احمد عبد‬ ‫والدفاع عنهم ‪.‬‬
‫العزيز ذلك القرار بشدة ‪ ،‬وشرح موقفه للقيادة المصرية بأن الحرب مع‬
‫اليهود ل تتطلب سوى كتائب خاصة لنها تقوم على أساس حرب‬ ‫أحمد عبد العزيز‬
‫عصابات ومن ثم فهى ل تتطلب جيش نظامى لن الغلبة سوف تكون فى‬ ‫قائد الكوماندوس المصرى فى حرب ‪1948‬‬
‫أيدى من ينفذ حرب العصابات على الرض ‪ .‬وعلى الرغم من رفضه‬ ‫ولد احمد محمد عبد العزيز فى ‪ 29‬يوليو عام ‪ 1907‬بمدينة الخرطوم‬
‫دخول الجيش المصرى النظامى الى ساحة حرب العصابات‪ ،‬قام أحمد‬ ‫حيث كان والده الميرالى محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة مشاه فى‬
‫عبد العزيز وفرقته من الفدائيين بعمليات تطهير لمدخل غزة لتأمين‬ ‫مهمة عسكرية مصرية بالسودان‪ .‬قضى أحمد عبد العزيز مراحل تعليمه‬
‫دخول القوات المصرية النظامية ‪ ،‬وقد استعان فى عمليات التطهير تلك‬ ‫الولى بالسودان وعاد مع أسرته الى القاهرة فى عام ‪ 1919‬وهو فى‬
‫بسلح المدفعية الذى ساعده فى السيطرة على قطاع غزة والمسالك‬ ‫المرحلة الثانوية ‪ .‬يذكر أنه شارك فى مظاهرات ثورة ‪ 1919‬وعمره لم‬
‫المؤدية اليها ‪ .‬وقد واصل أحمد عبد العزيز زحفه وسيطرته على‬ ‫يتعد بعد الثانية عشر ‪ .‬فى عام ‪ 1923‬دخل أحمد عبد العزيز السجن‬
‫الرض حتى مستعمرة " بيرون اسحاق " التى استولى عليها فى ‪15‬‬ ‫بتهمة قتل أحد الضباط النجليز وأفرج عنه وتم ابعاده من القاهرة الى‬
‫مايو ‪ . 1948‬فى الوقت نفسه كانت الطائرات المصرية تقوم بضرب‬ ‫المنصورة ‪ .‬عندما حصل على شهادة البكالوريا التحق بالمدرسة الحربية‬
‫مواقع العصابات الصهيونية فى ( بيت حانون ) ‪ ،‬فى الوقت الذى كانت‬ ‫‪ ،‬وتخرج ضابطا بسلح الفرسان ‪ ،‬ثم التحق بسلح الطيران ‪ .‬بعد ذلك‬
‫تتقدم فيه المشاه المصرية ‪.‬‬ ‫طلب احالته الى الستيداع ليقوم بتشكيل فرقة من المتطوعين الفدائيين‬

‫‪42‬‬
‫أحمد عبد العزيز والقائد الردنى حكمت مهيار ‪ ،‬لكن بعد معركة‬ ‫وفى ليلة ‪ 18‬مايو ‪ 1948‬ذهب أحمد عبد العزيز الى قيادة القوات‬
‫المستعمرة اتجه القائد حكمت مهيار وجنوده الى السلب والنهب وانتزاع‬ ‫المصرية التى كانت ترابط فى غزة وطلب منهم الحصول على مدفعين‬
‫الغنائم دون الهتمام بتعقب العدو وتطهير أرض المعركة من ذيول وأثار‬ ‫فقط كى يقوم بالستيلء على بئر السبع الذى يعد موقع استراتيجى هام‬
‫العدو ‪ ،‬فى الوقت نفسه صدرت أوامر القيادة الردنية العليا لحمد عبد‬ ‫وعقدة المواصلت فى فلسطين والمفتاح الى النقب ‪ ،‬لكن القيادة‬
‫العزيز بترك المستعمرة تحت تصرف حكمت مهيار(يذكر أن قيادة الردن‬ ‫المصرية رفضت تزويده بالمدافع بسبب نقص فى العداد وربما أسباب‬
‫كانت مسئولة عن ذلك القطاع وكان أحمد عبد العزيز يخضع لوامرها) ‪،‬‬ ‫اخرى ‪ .‬ومع ذلك ذهب احمد عبد العزيز ورفاقه من الفدائيين الى بئر‬
‫وتقدم أحمد عبد العزيز وجنوده للقامة فى معسكر بمدرسة " صور باهر‬ ‫السبع معتمدا على عنصر المفاجأة‪ ،‬وبالفعل وصل أحمد عبد العزيز الى‬
‫" ‪ .‬لكن فى مساء نفس اليوم صدرت أوامر القيادة العامة الردنية الى‬ ‫بئر السبع وأستقبله الهالى هناك بحفاوة بالغة ‪ .‬وفى هذا الخصوص‬
‫حكمت مهيار بالنسحاب من المستعمرة ‪ ،‬وهو ما أثار العديد من‬ ‫يقول الصاغ(رتبة الرائد حاليا) صلح سالم فى مجلة التحرير‪ :‬ان القتال‬
‫التساؤلت خاصة وأن ذلك أدى الى عودة اليهود الى المستعمرة ثانية‬ ‫بيننا وبين العداء اشتد ‪ ،‬وكثيرا ما كانت قوافل اليهود تقع فى كمائن‬
‫وأحكموا قبضتهم عليها ‪.‬‬ ‫القوات المصرية‪ ( .‬يذكر أن صلح سالم أصبح فيما بعد من أعضاء‬
‫أما أحمد عبد العزيز فقد تقدم الى منطقة الخليل ومنها الى الراضى‬ ‫مجلس قيادة ثورة ‪ 23‬يوليو ‪ . )1952‬فى نفس السياق قال‬
‫المقدسة ‪ ،‬وفى ‪ 29‬مايو ‪ 1948‬صرح أحمد عبد العزيز للصحفى محمد‬ ‫اليوزباشى(رتبة نقيب حاليا) حسن التهامى(أصبح فيما بعد عضو قيادة‬
‫حسنين هيكل الذى كان يعمل لليجبسيان جازيت فقال ‪ :‬اننا الن على‬ ‫ثورة ‪ : )1952‬بعد أن عقد القائد أحمد عبد العزيز اجتماعا لوضع خطة‬
‫أبواب القدس ‪ ،‬والجيش المصرى يدك حصون مستعمرتى " راماتن‬ ‫السيطرة على بئر السبع والتى اتفق على أن يتم البدء بالسيطرة على‬
‫راحيل " و " تل بيوت " وسوف نقتحم الطريق الجنوبى الى القدس ‪.‬‬ ‫مستعمرة ( بيت ايشل ) وهى أقرب المستعمرات الى بئر السبع ‪ ،‬وبالفعل‬
‫فى هذا الخصوص يقول حسن التهامى‪ " :‬لقد نفذنا بقيادة أحمد عبد‬ ‫تمت الغارة على المستعمرة ‪ ،‬وقد اسنشهد فى تلك الغارة البطل أنور‬
‫العزيز هجمات عنيفة على العصابات اليهودية وأستمر ذلك الصراع نحو‬ ‫الصبحى ‪ .‬وبعد صراع دام ثلثة أيام تم السيطرة على المستعمرة ‪ ،‬لكن‬
‫‪ 13‬يوما بعدها سقطت القدس القديمة فى أيدى المصريين" ‪ .‬فى الوقت‬ ‫حدث ما لم يكن متوقعا ‪ ،‬فقد كان من المفترض أن يتم التنسيق بين‬

‫‪43‬‬
‫وكان هدفنا احكام السيطرة الكاملة على كافة الراضى الفلسطينية وطرد‬ ‫نفسه كانت القوات المصرية النظامية قد انطلقت من شمال غزة الى دير‬
‫اليهود منها ‪ ،‬وكنا قاب قوسين أو أدنى من عودة فلسطين للعرب ‪ ،‬لكن‬ ‫سنيد ثم الى المجدل وأسدود ‪ ،‬واتجهت شرقا فاحتلت الفالوجا و" بيت‬
‫التدخل البريطاتنى كان واضحا وسافرا وكان هدفهم واضح للعيان وهو‬ ‫جبرين" ‪ ،‬ثم " نجية " ‪ ،‬و" أسرمد" ‪ ،‬وفى طريقها الى تل أبيب كانت‬
‫عدم سيطرة العرب على فلسطين ‪ .‬وطبقا لرواية المراسل الحربى‬ ‫الطائرات المصرية تضرب " تل أبيب " و" بتاح " و " راجابوت " ‪ .‬فى‬
‫لجريدة الساس ومجلة المصور جميل عارف الذى قال ‪ :‬عند تنفيذ‬ ‫الوقت نفسه اتخذت القوات المصرية النظامية طريقها الى القدس ‪ ،‬كما‬
‫الهدنة كانت القوات المصرية تشطر فلسطين الى شطرين من جنوب‬ ‫أخذ أحمد عبد العزيز طريقه الى مركز قيادة الجيش العربى فى القدس‬
‫القدس مباشرة الى الساحل بشمال أسدود ‪ ،‬وكان اليهود فى جزع شديد‬ ‫وكان معظمه مع الردنيين ‪ ،‬لكن التفاهم معهم كان صعبا للغاية ‪ ،‬فلم‬
‫على مصير نحو ثلثين مستعمرة يهودية فى جنوب فلسطين قد عزلتها‬ ‫يحصل منهم على المعلومات الكافية عن سير المعركة أو خرائط الوضع‬
‫القوات المصرية تماما عن الوجود ‪ .‬وحاولت قوات اليهود أن تكسر‬ ‫الميدانى وغيرها من التسهيلت الميدانية ‪.‬‬
‫الحلقة المصرية لكن دون جدوى ‪ .‬لذلك أخذ اليهود فى تموين‬ ‫وفى صباح الخميس ‪ 4‬يونيو ‪ 1948‬وصلت القوات النظامية المصرية‬
‫المستعمرات تارة بواسطة الطائرات البريطانية وأخرى بتهريب القوافل‬ ‫الى" بيت لحم " قادمة من " بيت جبرين " بعد انتصار ساحق على القوات‬
‫ليل ولكن كثيرا ما كانت هذه القوافل تقع فى كمائن القوات المصرية‬ ‫اليهودية ‪ ،‬وأقيم لذلك النصر الميدانى حفل كبير وتم رفع العلمين‬
‫التى كان يصنعها أحمد عبد العزيز ومن معه من الفدائيين وعلى رأسهم‬ ‫المصرى والفلسطينى على بيت لحم فى احتفال عسكرى مهيب ‪ .‬فى‬
‫كمال الدين حسين قائد المدفعية ‪.‬‬ ‫الوقت نفسه قام أحمد عبد العزيز بتشديد حصاره على اليهود الموجودين‬
‫المؤسف هنا أن اليهود استفادوا كثيرا من تلك الهدنة ‪ .‬وفى هذا الصدد‬ ‫فى القدس الجديدة (القدس الغربية ) ‪ .‬لكن ما حدث بعد ذلك كان غير‬
‫يقول حسن التهامى‪ " :‬عندما انتهت الهدنة الولى فى ‪ 9‬يوليو ‪1948‬‬ ‫متوقع ‪ ،‬فقد أعلنت الهدنة الولى لمدة أربعة أسابيع ‪ ،‬وبدأ تنفيذها فى‬
‫كان معى قائد الوحدة الردنية اليوزباشى قاسم الناصر فى منطقة‬ ‫‪ 11‬يونيو عام ‪ ، 1948‬وتلك كانت مفاجأة مذهلة للقوات المصرية لنها‬
‫( عطوف ) وهى أقرب المناطق الى القدس‪ ،‬سمعت قاسم الناصر‬ ‫كانت نقطة التحول الكبرى فى تاريخ الصراع العربى السرائيلى ‪ .‬فى‬
‫يتحدث على جهاز اللسلكى مع القيادة العامة الردنية ‪ ،‬وكانت القيادة‬ ‫هذا الصدد قال احمد عبد العزيز‪ :‬لم نكن نريد الهدنة على الطلق ‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫الى الضغوط الشديدة التى فرضتها القيادة البريطانية على النظامين‬ ‫تأمره بالنسحاب من مناطق ( اللد والرملة ) وهما أقرب المناطق الى‬
‫المصرى والردتى وطالبتهما بانسحاب قواتهما وال ستتدخل بريطانيا‬ ‫القدس من جهة الغرب ‪ ،‬وقد رفض القائد الردنى النسحاب ‪ ،‬وعندما‬
‫عسكريا لحسم الموقف على الرض لصالح اليهود ‪ .‬كان الهدف واضحا‬ ‫أصر قاسم على الستمرار مع القوات المصرية‪ ،‬هددته القيادة العامة‬
‫وهو انسحاب القوات العربية لتمكين القوات اليهودية من الستيلء على‬ ‫الردنية بأنه سوف يتحمل وحده نتيجة عصيانه تنفيذ الوامر‬
‫الرض دون أدنى خسائر فى القوات اليهودية التى فقدت الكثير فى‬ ‫العسكرية ‪ ،‬ولن يتم ارسال عتاد وذخيرة له بعد اليوم ‪ .‬ويضيف التهامى‬
‫المعارك الولى ‪ .‬فى ذلك الوقت كان أحمد عبد العزيز قد أقام نقاط‬ ‫‪ :‬وفى اليوم التالى فوجئت بانسحاب الجيش الردنى من اللد والرملة ‪،‬‬
‫دفاعية حصينة مع قواته من الفدائيين فى منطقة ( صور باه ) واستطاع‬ ‫وتم تركها لليهود ‪ .‬تلك كانت نقطة تحول فارقة فى تاريخ المعركة ‪ .‬فقد‬
‫بذلك أن يسيطر على المستعمرات المحيطة بالقدس الغربية التى كانت‬ ‫قامت القوات اليهودية بانشاء طريق جديد الى القدس الغربية بعد أن قام‬
‫تهدد الطريق المؤدى الى القدس من الجنوب ‪.‬‬ ‫أحمد عبد العزيز وقواته باغلق الطريق الصلى المؤدى الى القدس ‪.‬‬
‫فى منتصف أغسطس ‪ 1948‬انتهت القوات المصرية من وضع تخطيط‬ ‫وهنا حضر اللواء أركان حرب محمد نجيب ليستطلع المر بنفسه "‪.‬‬
‫لخطوط الهدنة وتحديد القطاعات على طول الجبهة تحت اشراف مراقبى‬ ‫فى الوقت الذى كان يقوم فيه حسن التهامى بمطاردة اليهود فى طريق‬
‫الهدنة ‪ .‬لكن بعد ذلك مباشرة توالت اعتداءات اليهود ‪ .‬ففى ‪19‬‬ ‫( جرعة ) عبر الجبال ‪ ،‬جاء زكريا محيى الدين الى منطقة عطوف التى‬
‫أغسطس ‪ 1948‬شن اليهود هجوما عنيفا على قوات أحمد عبد العزيز‬ ‫انسحب منها الردنيون ومكث بها حتى عودة حسن التهامى وقواته‬
‫وتصدى لهم بقوة وأوقف تحركهم ‪ ،‬واستمرت اعتداءاتهم مما أدى الى‬ ‫وطلب منهم زكريا النسحاب الفورى من عطوف بناء على تعليمات‬
‫تحوبل خرق الهدنة على مجلس المن ‪ .‬وبالفعل أصدر مجلس المن‬ ‫القيادة العسكرية المصرية ‪ ،‬وعندما رفضت قوات الفدائيين النسحاب‬
‫قرارا بوقف العتداء لكن اسرائيل لم تنفذه وتعللت بأن القوات المصرية‬ ‫هددها زكريا محيى الدين بأنه لن يتم امدادهم بالذخائر وأن رفضهم‬
‫احتلت جبل المكبر وأن اليهود لن يتركوا المناطق التى احتلوها ال اذا‬ ‫سوف يعرضهم للمحاكمة اتلعسكرية ‪ .‬وبالفعل انسحبت قوات حسن‬
‫انسحبت القوات المصرية من ذلك الموقع الحيوى‪ .‬وفى النهاية تمت‬ ‫التهامى الى ( بيت جبريل ) التى كانت آخر معاقل الخط المصرى فى هذا‬
‫الموافقة على عقد مؤتمر تحضره الطراف المتنازعة للعمل على ايجاد‬ ‫التجاه ‪ .‬لقد تبين أن سبب انسحاب القوات المصرية والردنية راجع‬

‫‪45‬‬
‫بالمؤتمر وذلك على الرغم من مناشدة رجال أحمد عبد العزيز بعدم‬ ‫منطقة محايدة تمس جبل المكبر بحيث تؤدى الى انسحاب قوات الفدائيين‬
‫السفر ليل وتأجيل ذلك للصباح الباكر ال أنه أصر على ذلك واصطحب‬ ‫بقيادة القائد السنغالى الشجاع عبد ال الفريقى الذى كان يرفض تماما‬
‫معه الصاغ صلح سالم الذى قاد سيارته بدل من السائق الذى جلس‬ ‫النسحاب من منطقة جبل المكبر الستراتيجية ‪.‬‬
‫بخلف السيارة وكان معهما الضابط الوردانى أحد رجال احمد عبد العزيز‬ ‫فى ‪ 20‬أغسطس ‪ 1948‬تسلم أحمد عبد العزيز مذكرة من مندوب الهدنة‬
‫المقربين ‪ ،‬وكان صلح سالم يعرف كلمة السر التى كانت فى تلك الليلة‬ ‫المريكى تشير الى عقد اجتماع مع القائد اليهودى ورئيس المراقبين‬
‫(غزة) ‪ .‬ويقول صلح سالم ‪ :‬عندما اقتربت السيارة من بلدة ( عراف‬ ‫الدوليين ومندوب الصليب الحمر للنظر فى المشاكل التى نتجت عن‬
‫المنشية ) التى تبعد عن الفالوجا نحو ‪ 2‬كيلومتر سمع صوت طلق نارى‬ ‫احتلل اليهود للمنطقة المحرمة الخاضعة للصليب الحمر‪ ،‬وعندما حان‬
‫خارجا من أحد خنادق البلدة وسمع فى الوقت نفسه أنين أحمد عبد‬ ‫موعد الجتماع قصد أحمد عبد العزيز تجاه القدس ولكن فى أثناء‬
‫العزيز الذى ارتمى على صلح سالم ممسكا بذراعه (حسب رواية صلح‬ ‫الطريق اليهم تعرض لطلق الرصاص على سيارته من قبل اليهود ‪،‬‬
‫سالم فيما بعد) ‪ .‬وحاول صلح سالم ومن معه بالسيارة حمله الى‬ ‫فأضطر احمد عبد العزيز الى العودة‪ ،‬وبعث احتجاجا لمندوب الهدنة‬
‫مستشفى ميدانى بالفالوجا ولكن قبل وصوله الى المستشفى كان أحمد‬ ‫المريكى الجنرال زايلى ‪ .‬وفى يوم الحد ‪ 23‬أغسطس دعى احمد عبد‬
‫عبد العزيز قد فارق الحياة فى ليلة ‪ 23‬أغسطس ‪ 1948‬عن عمر ل‬ ‫العزيز لحضور المؤتمر مرة أخرى بعد تقديم العتذار له ‪ .‬وفى المؤتمر‬
‫يزيد عن ‪ 41‬عاما ‪.‬‬ ‫أصر احمد على تسجيل العدوان اليهودى على أموال وأرواح العرب ‪،‬‬

‫أحمد عبد الكريم‬ ‫وكان يمثل اليهود فى ذلك المؤتمر موشى ديان ‪ .‬وبعد مباحثات مطولة‬

‫تخرج أحمد عبد الكريم من مدرسته البتدائية الواقعة بقرية موتبينا‬ ‫انتهى الجتماع بقرارات تقضى بسحب القوات اليهودية خلل ‪ 24‬ساعة‬

‫السورية النائية ‪ ،‬ثم التحق بالمدرسة الثانوية بدمشق والتي كان يطلق‬ ‫من المناطق التى احتلتها ووقف اطلق النار على طول الجبهة فورا‬

‫عليها في ذلك الوقت ثانوية الحركة الوطنية ‪ ،‬وهناك تعرف على عدد‬ ‫ومطالبة حكومات الدول بالنظر فى موضوع خلق منطقة حرام ‪ .‬وبعد‬

‫من الشخصيات التي أصبحت فيما بعد ذات نفوذ ‪ ،‬ومن هؤلء ميشيل‬ ‫الجتماع عاد أحمد عبد العزيز الى موقعه وتناول غذائه ‪ ،‬وأصر على‬

‫عفلق وصلح البيطار وجميل صليبة ‪ ،‬والشاعر محمد البزى والديب‬ ‫التوجه مباشرة الى مقر القيادة العامة فى غزة لبلغهم بما حدث‬

‫‪46‬‬
‫وبالفعل قبلها أحمد عبد الكريم ‪ .‬ويذكر فى هذا الخصوص أن مشكلة‬ ‫محمد جميل سلطان ومحمد مبارك أحد كبار الدباء وغيرهم ‪ .‬التحق‬
‫شكري القوتلى كانت تتمثل على حد قول احمد عبد الكريم فى التي ‪:‬‬ ‫بعد ذلك بالكلية الحربية ليصبح ضابطا بأول جيش سورى بعد‬
‫حيث كان‬ ‫‪1955‬‬ ‫كانت هناك منافسة على مقعد الرئاسة فى سوريا عام‬ ‫الستقلل ‪،‬ثم ترقى إلى أرفع المناصب العسكرية‪ .‬وبعد تقاعده من‬
‫هناك مرشحان هما ناظم القدسي الذى كان ينادى بالوحدة مع العراق‬ ‫الجيش عمل بالحكومة وحصل على مناصب وزارية ‪.‬‬
‫وكان يرشحه حزب الشعب صاحب الكثرية البرلمانية ‪ ،‬وخالد العظم‬ ‫تولي أحمد‬ ‫‪1954‬‬ ‫أحمد عبد الكريم والملك سعود بن عبد العزيز‪ :‬في عام‬
‫الذى كان مدعوما من قبل الكتلة الديمقراطية ‪ ،‬ونظرا لن خالد العظم‬ ‫عبد الكريم قيادة سارية البادية وكان هدفها مراقبة الحدود السورية‬
‫كان مرفوضا من قبل البرلمان ‪ ،‬فكان لبد من البحث عن مرشح آخر‬ ‫والعمل على توجيه القبائل السورية باتجاهات سياسية داخلية‪ .‬وخلل‬
‫يصل الى الحكم خوفا من وصول ناظم القدسي الذى كان ينادى بالتحاد‬ ‫عمله مع شيوخ تلك القبائل وصلته رسالة ومعها حقيبة مليئة بالنقود من‬
‫مع العراق والدخول فى حلف بغداد ‪ .‬وعليه وقع الختيار على شكري‬ ‫قبل الملك سعود بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية حملها إليه‬
‫القوتلى ‪ .‬ونظرا لن كل من مصر والسعودية تدعمان شكري القوتلى ‪،‬‬ ‫المير فواز الشعلن زعيم عشائر الرولة بسوريا ‪ ،‬وكانت الرسالة‬
‫وفى نفس الوقت كان موقف كل من مصر والسعودية ضد حلف بغداد‬ ‫تتضمن دعم الجيش السوري فى التصدى لحلف بغداد ‪ .‬وفى هذا الصدد‬
‫(أي أنهما كانا ضد الخط السياسي العراقي الغربي) ‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫يقول أحمد عبد الكريم‪ :‬وعندما إلتقيت بالمير فواز الشعلن قال لي ‪ :‬لقد‬
‫أن الجيش كان يؤيد خالد العظم ‪ ،‬إل أنه عندما أدرك أن البرلمان سيؤيد‬ ‫أحضرت لك هدية من جللة الملك سعود ‪ .‬قلت له‪ :‬وال هدية جللة‬
‫شكري القوتلى رحب الجيش بعودة القوتلى من مصر ليعتلى كرسى‬ ‫الملك مقبولة ‪ ،‬ولكن أفضل أن تذهب الى من يستحق هذه الهدية بدل‬
‫الرئاسة ‪ ،‬وهكذا نجح شكري القوتلى فى النتخابات بنسبة ‪ %80‬وقد‬ ‫منى‪ .‬والفعل قام المير بإعطاء الهدية لحد الشخاص المسئولين ‪.‬‬
‫رحبت المملكة العربية السعودية كثيرا بنجاح شكري القوتلى ‪.‬‬ ‫وهكذا توصل فواز الشعلن الى ما يريده وتم التفاق على المخطط الذى‬
‫فى تلك الفترة كان الرئيس المصرى منشغل ببناء وحدة عربية تكون‬ ‫جاء من أجله ‪ ،‬ثم عاد مرة ثانية بعد نحو شهر على المقابلة الولى‬
‫نواتها مصر وسوريا ثم تضم إليها سائر البلدان العربية ‪ ،‬وهو الحلم‬ ‫وكنت فى اجتماع مع بعض نواب العشائر فى ذلك اليوم ‪ .‬وبالفعل إلتقيت‬
‫الذى راود إبراهيم باشا " القائد المصرى السطورة " فى الفترة من عام‬ ‫به وقدم لي ولعة ذهبية وراديو صغير وقال لي ‪ :‬ما تقبلها يا شيخ ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الرئيس عبد الناصر ‪ .‬ويضيف ‪ :‬أذكر هنا أنه جاء مبعوث من قبل الملك‬ ‫والذى سعى إلى قيام قومية عربية ضمت بلد الشام‬ ‫‪18 40‬‬ ‫الى عام‬ ‫‪18 21‬‬

‫عبد العزيز يدعى (عزيز عباد) الذى تقابل مع أحد الضباط السوريين‬ ‫والجزيرة العربية والخليج العربى بما فيها مكة والمدينة التى كانت تحت‬
‫وسأله عن مكان وجود عبد الحميد السراج ‪ .‬وبالفعل وصل عزيز عباد‬ ‫وكذلك السودان التى كانت‬ ‫‪182 0‬‬ ‫سيطرة أخيه طوسون باشا منذ عام‬
‫الى عبد الحميد السراج وتحدث معه على انفراد حول تقديم المملكة‬ ‫وكذلك اليونان وأجزاء‬ ‫‪18 21‬‬ ‫تحت سيطرة أخيه إسماعيل باشا منذ عام‬
‫العربية السعودية مبلغ مليون جنيه إسترليني مقابل قيام الجيش السوري‬ ‫من صربيا وألبانيا وجزيرة كريت ‪ .‬وسعى إبراهيم باشا خلل تلك‬
‫بانقلب يهدف الى القضاء على الوحدة بين القاهرة ودمشق وخروج‬ ‫المرحلة الى دعم اللغة العربية وإعادة كتابة تاريخ المة العربية بما يليق‬
‫مصر من سوريا‪ .‬ويضيف احمد عبد الكريم‪ :‬وبعد انتهاء اللقاء بين‬ ‫تآمرت كل‬ ‫‪184 0‬‬ ‫ووضعها التاريخي فى عالم ذلك اليوم ‪ .‬ولكن فى عام‬
‫السراج وعزيز عباد ‪ ،‬طلب عبد الحميد السراج عقد اجتماع عاجل‬ ‫من الدولة العثمانية وفرنسا والنمسا وبريطانيا ضد المصريين وهاجم‬
‫للجنة قيادة الجيش السورى وقد كنت واحدا من هؤلء ‪ ،‬وتم التفاق‬ ‫السطول البريطانى السواحل المصرية ‪ ،‬وتم التوصل الى معاهدة لندن‬
‫فيما بيننا على ضرورة رفع هذا المبلغ الى مليوني جنيه إسترليني‬ ‫التى جردت مصر من مشروعها الضخم ‪.‬‬
‫وخاصة وان الجيش السورى فى ذلك الوقت كان منقسما الى كتلتين‬ ‫المملكة العربية السعودية والوحدة المصرية السورية‪ :‬كانت الوحدة بين‬
‫بحيث يصبح نصيب كل كتلة مليون جنيه إسترليني ‪ .‬وبعد انتهاء تلك‬ ‫مصر وسوريا تقلق الملك سعود بن عبد العزيز ‪ ،‬لذلك كانت هناك‬
‫المشاورات تم استدعاء المبعوث السعودي وابلغه بما تم التوصل إليه ‪،‬‬ ‫محاولت لسقاط الوحدة بين مصر وسوريا والتشكيك فى سياسة جمال‬
‫وبالفعل تمت الموافقة على المليونين من الجنيهات السترلينية ‪...‬‬ ‫عبد الناصر بالمنطقة‪ .‬وهنا يقول أحمد عبد الكريم فى هذا الخصوص ‪:‬‬
‫ويقول عبد الكريم ‪ :‬وذهب المبعوث السعودي ‪ ،‬ثم عاد بعد وقت قصير‬ ‫لقد اكتشفت قيادة الجيش والمخابرات السورية أن هناك محاولة من‬
‫حامل معه شيكا بالمبلغ على المصرف المركزي السورى ‪ ،‬وهنا كلفتني‬ ‫المملكة العربية السعودية لحداث انقلب عسكري سورى ضد الوحدة‬
‫لجنة قيادة الجيش السورى بأن أحمل هذا الشيك واذهب به الى الرئيس‬ ‫بين القاهرة ودمشق ‪ ،‬وتبين لنا أن الخطة السعودية تتمثل فى التدخل‬
‫المصري عبد الناصر ‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل حيث سلمت عبد الناصر‬ ‫عن طريق رشوة قادة الجيش السوري لحداث انقلب عسكري يكون‬
‫ذلك الشيك‪ ،‬واذكر فى هذا الخصوص أن عبد الناصر لم يكن مصدقا بما‬ ‫هدفه القضاء على الوحدة بين القاهرة ودمشق ومحاولة زعزعة موقف‬

‫‪48‬‬
‫بها أكثر من عشرين ضابطا وسياسيا ‪ ،‬وقد نشرت تلك القائمة بالصحف‬ ‫حدث ‪ .‬ويؤكد احمد عبد الكريم أن معظم ضباط الجيش والجنود كانوا‬
‫وذكر أن هؤلء متهمون بقلب نظام الحكم‪( .‬وأن الذين تم اتهامهم هم‪:‬‬ ‫الى جانب الوحدة مع مصر خاصة وان سوريا فى ذلك الوقت كانت تتلقى‬
‫خليل الكلس ‪ ،‬حيدر الكسيرى ‪ ،‬فؤاد العادل ‪ ،‬مصطفى البارودى ‪ ،‬احمد‬ ‫تهديدات من تركيا ‪ ،‬فى نفس الوقت كانت لبنان تمر بمرحلة عدم‬
‫عبد الكريم ‪ ،‬صبرى العسلى ‪ ،‬مؤمن الكسيرى ‪ ،‬معروف الدواليبى ‪،‬‬ ‫استقرار خاصة علقة كميل شمعون وإسرائيل ‪ ،‬وكان الوضع العراقي‬
‫عدنان القوتلى ‪ ،‬محمد عابدين ‪ ،‬نزار العربى ‪ ،‬هانى سباعى ‪ ،‬مطلع‬ ‫مضطربا ‪ ،‬والردن كذلك ‪ .‬يذكر أن احمد عبد الكريم فى ذلك الوقت كان‬
‫شريف الرأس ‪ ،‬نهاد الغادرى ‪ ،‬عفيف البذرى ‪ ،‬وأمين النفورى ) ‪.‬‬ ‫رائدا بالجيش السوري‪ ،‬وقد شارك فى اتفاقية القيادة المشتركة المصرية‬
‫وقد أكد أحمد عبد الكريم ان سبب اتهامه فى قضية قلب نظام الحكم تعود‬ ‫السورية كما كان من أوائل الذين قاموا بزيارة عبد الناصر ومن‬
‫الى أنه تم تعيينه فى فترة النفصال ‪ ،‬ثم رشح نفسه عن منطقة درعه‬ ‫المعجبين بشخص عبد الناصر ‪ ،‬إل أن ذلك العجاب قد تغير شيئا فشيئا‬
‫‪ ،‬ولذلك اعتبر احمد عبد الكريم‬ ‫‪1962‬‬ ‫فى أيام النفصال ونجح فى عام‬ ‫نتيجة سلوك بعض المصريين فى سوريا وما قاموا به من مشاكل هناك ‪،‬‬
‫ومن نجح معه فى النتخابات من النفصاليين ‪.‬‬ ‫إضافة الى تسلط المخابرات المصرية ‪ ،‬علوة على تعيين عبد الحكيم‬
‫عامر حاكما على سوريا مما جعل الحزاب السورية تتسائل حول ما إذا‬
‫أحمد عثمان‬ ‫كان هناك شخصا فى سوريا يمكنه القيام بتلك المهمة بدل من عبد الحكيم‬
‫رائد فن النحت المصرى‬ ‫عامر المصري ‪ .‬فى نفس الوقت تم تهميش جميع الحزاب السورية بعد‬
‫ولد أحمد عثمان عام ‪1907‬م‪ ،‬ببلدة عنيبة بمديرية أسوان ‪ .‬التحق عام‬ ‫أن كان لها دورا كبيرا داخل سوريا ‪ .‬لكن الضابط أحمد عبد الكريم‬
‫‪1923‬م بمدرسة الفنون الزخرفية المصرية إذ كانت هذه المدرسة في‬ ‫الذي أنقلب على الرئيس عبد الناصر بعد أن كان شديد العجاب به‬
‫ذلك الوقت متخصصة في بعض جوانب الفن التطبيقي وما كان يلزمها‬ ‫أصبح ضحية تحالف حزب البعث السورى مع الناصريين بعد ذلك ‪ ،‬ومن‬
‫من دراسات في الرسم والتكنولوجيا ‪ ،‬وتخرج منها بعد أربع سنوات‬ ‫ثم فرضت عليه القامة الجبرية بتهمة التعامل والحصول على أموال من‬
‫اكتسب خللها العديد من التعاليم الفنية‪ ،‬وظهر حبه وعشقه للدراسة‬ ‫العراق (قيل أنه حصل على مائة ألف ليرة سورية) بغرض قلب نظام‬
‫الفنية متأثرا بأساتذته وخاصة جان بونتيل الروماني الجنسية الذى كان‬ ‫الحكم بسوريا ‪ .‬ويذكر أن اسم احمد عبد الكريم كان ضمن قائمة سوداء‬

‫‪49‬‬
‫نحت الحجار ليصنعوا منها التماثيل الصغيرة والشكال الفنية الجميلة‪،‬‬ ‫يدرس مواد الطبيعة الصامتة والحية بالمتحف السلمي ‪ .‬وحصل على‬
‫فى نفس الوقت كان يقوم بالتدريس بمدرسة الفنون التطبيقية وظل بها‬ ‫دبلوم الفنون والزخارف المصرية بدرجة "امتياز" عام ‪1927‬م ‪ .‬ثم‬
‫حتى عام ‪ 1937‬عندما تركها ليعمل مدرسا بكلية الفنون الجميلة‬ ‫سافر إلى إيطاليا والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما عام ‪1927‬م‪،‬‬
‫بالزمالك بالقاهرة وترقى حتى رأس قسم النحت بها بعد أن كان يشغل‬ ‫وتخصص في فن النحت على يد النحات " لوبي " فاثبت تفوقا فى دراسته‬
‫رئاسته النحات كلوزيل الفرنسى الجنسية ‪ .‬ظل أحمد عثمان رئيسا‬ ‫‪ ،‬ول شك أن ما تعلمه في مرحلة "مدرسة الفنون والزخارف المصرية"‬
‫لقسم النحت بكلية الزمالك لمدة عشرين عاما كان لها الثر البالغ على‬ ‫كان بداية مهمة لما درسه في إيطاليا وقد ساعده كل ذلك على فهم أعمق‬
‫فن النحت‪ ،‬فقد تخرج على يديه العديد من النحاتين الذين أصبحوا فيما‬ ‫لفنون النحت الفرعوني ومالها من قوة ورصانة فنية ‪ ،‬وحول دراسته‬
‫بعد رواد فن النحت فى مصر والعالم العربى‪ .‬وعام ‪1957‬م أسس أحمد‬ ‫فى روما يقول أحمد عثمان‪ :‬عندما أوفدت في بعثة لدراسة فن النحت‬
‫عثمان كلية الفنون الجميلة بالسكندرية وتضمنت أقسام النحت‬ ‫ليطاليا استيقظت روحي وتفتحت بصيرتي فازددت إيمانا بعظمه وطني‬
‫والتصوير والزخرفة والعمارة‪ ،‬وتولى أحمد عثمان بنفسه رئاسة قسم‬ ‫الذي أملى تعاليم حضارته على الشعوب القديمة والمعاصرة‪ ،‬ول شك أن‬
‫النحت الذي أنشأة على أسس وقواعد جديدة تختلف عن القواعد التي‬ ‫إيماني بالفن المصري القديم وليد إحساس كامل بما في المنحوتات‬
‫يسير عليها قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالزمالك بالقاهرة ‪ ،‬وبدأت‬ ‫المصرية من جمال وعظمة وبما تضمنته من قيم فنية أدركها في‬
‫الدراسة بها فى نفس العام وكلفته وزارة التعليم بتولى منصب العميد ‪.‬‬ ‫العصور الحديثة معظم فناني العالم‪ ...‬ولست أغالي إذا اعتبرنا‬
‫ويذكر دراسة النحت بكلية الفنون الجميلة بالسكندرية قامت على‬ ‫المنحوتات المصرية القديمة المثل العلى الذي يحتوي كل قيم النحت‬
‫تطبيقات بالخامات المختلفة كالخشب والحجر والخزف والحديد ‪ .‬كما‬ ‫كفن مستقل الشخصية ‪ .‬وفى عام ‪ 1930‬حصل على الدكتوراه في النحت‬
‫شمل قسم الزخرفة تطبيقات مختلف كفن الزجاج المؤلف بالزجاج‬ ‫من أكاديمية الفنون الجميلة بروما ‪ ،‬ثم سافر إلى فلورنسا ومكث بها‬
‫والموزايكو‪ ،‬وجهزت المعامل التابعة لقسم الزخرفة بكافة إحتياجاتها ‪.‬‬ ‫لمدة عام ثم عاد إلى مصر عام ‪1931‬م ليعمل مدرسا بمدرسة الفنون‬
‫كما قام أحمد عثمان بإنشاء متحف الفنون بكلية الفنون الجميلة‬ ‫التطبيقية ‪ .‬ولعل أصول نشأته ومولده وانتماءه إلى أقصى صعيد مصر‬
‫بالسكندرية ‪ ،‬وإستطاع أن يجمع فى ذلك المتحف مئات اللوحات لكبار‬ ‫له الثر الفعال في تكوين شخصيته وطابع فنه ‪ .‬ومنذ عام ‪ 1934‬وحتى‬
‫عام ‪1956‬م تعايش أحمد عثمان مع نزلء ليمان طره يدربهم على فنون‬
‫‪50‬‬
‫ويذكر أنه أعد قناع توت عنخ آمون الذهبي‪ ،‬كما أنه ساهم بقدر كبير‬ ‫المصورين من الرعيل الول عن طريق أصحابها الذين رحبوا وتطوعوا‬
‫فى إنقاذ معبد أبي سنبل وذلك بإستخدام طريقة النشر والقطع إلى أجزاء‬ ‫بإهدائها للمتحف لتكون ضمن مقتنيات المتحف بالسكندرية ‪ ،‬كما يحتوي‬
‫ثم إعادتها كما كانت بأعلى هضبة الجبل‪ ،‬وذلك فى ‪ 18‬يناير عام ‪1959‬‬ ‫المتحف أيضا على مجموعة كبيرة من إنتاج الفنانين الجانب الذين كانوا‬
‫وهو ما عرف بمشروع الفنان أحمد عثمان الذى دعمه ووقف خلفه‬ ‫يعيشون في السكندرية‪ .‬وهكذا أصبحت كلية الفنون الجميلة‬
‫الدكتور ثروت عكاشة آنذاك ‪ .‬ومن أهم العمال التى قام بنحتها أحمد‬ ‫بالسكندرية بفضل أحمد عثمان رمزا للفن والثقافة في السكندرية‬
‫عثمان على سبيل المثال وليس الحصر‪-1 :‬النحت البارز للمدخل‬ ‫وأصبح لها ثلثة مبان متكاملة في حي محرم بك ‪.‬‬
‫الرئيسي لحدائق الحيوان بالجيزة عام ‪1936‬م‪-2 .‬النحت البارز في‬ ‫كما قام أحمد عثمان بالتعاون مع زملئه العائدين من بعثاتهم ومنهم‬
‫حوائط محطة سراء القبة ‪1937‬م ‪-3 .‬النحت البارز على قاعدة تمثال‬ ‫حسن محمد يوسف‪ ،‬عزت مصطفى‪ ،‬إبراهيم جابر‪ ،‬عبد العزيز فهيم‬
‫إبراهيم باشا بميدان الوبرا ‪-4 .‬النحت البارز بنادي ضباط الجيش‬ ‫وسعيد الصدر بإنشاء جمعية فنية مصرية تحت اسم "رابطة الفنانين‬
‫بالزمالك ‪-5 .‬النحت البارز بدار الوبرا لنجيب الريحاني ‪-6 .‬واجهة‬ ‫المصريين"‪ ،‬وقامت هذه الرابطة بمهام فنية كبيرة ‪ .‬وقد إستطاعت تلك‬
‫مبنى الكونسرفتوار سنه ‪1967‬م ‪-7 .‬تمثال الشاعر أحمد شوقي‬ ‫الرابطة أن تواجه الحركة الستعمارية في مجال الفن ‪ ،‬كما اتجهت أيضا‬
‫‪1960‬م ‪-8 .‬النصب التذكاري لميدان الجمهورية بمحطة السكندرية‬ ‫إلى الكتابة والنشر في الصحف وإقامة المعارض‪ ،‬وفتح المراسم الخاصة‬
‫‪1996‬م ‪-9 .‬تجميل مدخل برج القاهرة السياحي ‪-10 .‬تمثال الثري‬ ‫بتعليم الفن للراغبين‪ ،‬ودفع الفنانين المصريين إلى شغل المراكز الفنية‬
‫محمد زكريا غنيم ‪1960‬م ‪-11 .‬النحت البارز على واجهة مصلحة‬ ‫الحكومية ‪ .‬وبصفة عامة يعد أحمد عثمان أحد عمالقة النحت في تاريخ‬
‫المساحة العسكرية بالقاهرة ‪1965‬م‪-12 .‬تمثال يمثل العلم والصحة‬ ‫الفن المصري الحديث‪ ،‬فقد مثل مدرسة تقوم على استلهام الفن القديم‬
‫والرفاهية بسرس الليان ‪.‬‬ ‫باعتباره المنهل الوحيد الذي يجب على كل فنان أن يزود طاقاته الفنية‬
‫ويذكر أن أحمد عثمان أصيب بمرض "الملريا" الذي لزمة طوال حياته‪،‬‬ ‫به‪ ،‬تجاوز حدودنا القليمية حتى عرف بفنان القارة الفريقية ‪ .‬وقد‬
‫والتى كانت سببا في متاعب صحية له إلى أن انتهت حياته في نوفمبر‬ ‫شارك في كثير من المعارض المحلية والدولية ومنها معرض باريس‬
‫من عام ‪1970‬م في حادث القطارين الشهير فى ذلك الوقت ‪.‬‬ ‫الدولي‪ ،‬ومعرض بروكسل الدولي‪ ،‬ومعرض فينسيا‪ ،‬وبينالي السكندرية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫بتربيته تحت رعاية أخيه الكبر ‪ .‬وفى ‪ 14‬شوال عام ‪ 1270‬هجرية‬
‫تولى سعيد باشا حكم البلد ‪ ،‬وأصدر أمرا بضرورة إنتظام أولد عمد‬
‫القرى والنجوع والكفور وأولد المشايخ فى سلك العسكرية ‪ .‬وتقدم‬
‫أحمد عرابى لللتحاق بالعسكرية فى ‪ 15‬ربيع الول عام ‪ 1271‬الموافق‬
‫أحمد عرابى‬
‫‪ 6‬ديسمبر عام ‪ 1854‬ميلدية أى وهو فى الرابعة عشر من عمره‬
‫حامي البلد المصرية‬
‫تقريبا ‪ .‬ويقول أحمد عرابى فى هذا الخصوص ‪ " :‬كان سعيد باشا محبا‬
‫ومؤسس الحزب الوطنى‬
‫لتقدم وتطور المصريين " ‪ .‬وتخرج أحمد عرابى من المدرسة العسكرية‬
‫إسمه بالكامل أحمد محمد عرابى وافي غنيم إبراهيم عبد ال حسن إبن‬
‫برتبة ملزم ثان فى ‪ 15‬ربيع أول عام ‪ 1275‬هجرية الموافق ‪25‬‬
‫المام الحسين إبن على أبي طالب كرم ال وجهه ‪ .‬ووالدته هى السيدة‬
‫نوفمبر ‪ 1858‬ميلدية ‪ ،‬ثم رقى إلى رتبة ملزم أول في ‪17‬جماد الثاني‬
‫فاطمة بنت سليمان زيد إبراهيم مقلد ‪ .‬كان والده محمد عرابي شيخا‬
‫سنة ‪ 1275‬هجرية ‪ 23‬فبراير عام ‪ ، 1859‬وإلى رتبة نقيب في ‪13‬‬
‫جليلً رئيسا على عشيرته عالما ورعا ‪ .‬ولد أحمد عرابى في ‪ 7‬صفر‬
‫شعبان من نفس العام ‪ 18‬أبريل ‪ ، 1859‬وإلى رتبة رائد في ‪ 15‬شعبان‬
‫سنة ‪1257‬هـجرية الموافق ‪ 31‬مارس عام ‪ 1841‬ميلدية بقرية "هرية‬
‫من نفس العام أيضا الموافق ‪ 17‬ديسمبر ‪ ، 1859‬وإلى رتبة مقدم فى‬
‫رزنة" التابعة لمدينة " بو بسط " والمعروفة حاليا بـ " تل بسط "‬
‫عام ‪ 1860‬ميلدية ‪ ،‬ورقى إلى رتبة عقيد في ‪ 24‬صفر سنة ‪1277‬‬
‫بمحافظة الشرقية ‪ .‬بدأ أحمد عرابى تعليمه بحفظ القرآن الكريم وبعض‬
‫هجرية الموافق ‪ 1861‬ميلدية وهي المرة الولى التى يصل إليها‬
‫العلوم الدينية في المكتب الذي أنشأه والده خصيصا لتعليم الطفال الذى‬
‫مصرى وهو ما إعتبر إنجازا غير عادى لـ أحمد عرابى آنذاك ‪ .‬ثم‬
‫كان تابعا للجامع الزهر‪ .‬وبعد ذلك أمر والده بتدريس الفقه في ذلك‬
‫ترقى بعد ذلك في عهد الخديوى توفيق باشا إلى رتبة أمير آلي(عميد)‬
‫المكتب ‪ ،‬وكانت دروس الفقه تتم بعد عصر كل يوم ‪ ،‬وبعد صلة العشاء‬
‫في رجب سنه ‪ 1296‬هجرية الموافق يونيو عام ‪ ،1879‬وأخيرا رقى‬
‫أيضا ‪ .‬توفى والده في ‪ 21‬شعبان سنة ‪ 1264‬هـ بمرض الكوليرا عن‬
‫إلى رتبة اللواء في ربيع آخر سنة ‪ 1299‬هجرية الموافق عام ‪1882‬‬
‫عمر يناهز ‪ 63‬عاما ‪ ،‬وكان أحمد فى الثامنة من عمره ‪ .‬قامت والدته‬
‫ميلدية ‪ .‬ويقول عرابى فى مذكراته أن مدة خدمته بالجيش المصرى فى‬

‫‪52‬‬
‫(المويلح) ثم إلى قلعة (ظبا) ثم إلى قلعة (الوجه) ونظم عرابى في كل‬ ‫عهد سعيد باشا كانت كلها أسفار ومشاريع حربية من السكندرية إلى‬
‫من هذه القلع ما يلزمهم من العساكر من أبناء المناطق الحجازية‬ ‫مريوط ‪ ،‬ومنها إلى دمنهور‪ ،‬ثم إلى القاهرة‪ ،‬ومدينة الخانكة ‪،‬‬
‫المحيطة بها للمحافظة علي تلك القلع وتأمينها بكل ما يلزمها ‪ ،‬وقد‬ ‫والعباسية‪ ،‬وكذلك طره ‪ ،‬ثم إلى بني سويف‪ ،‬وأيضا جبل الطور‬
‫أنشأ في كل المناطق الحجازية المجاورة لتلك القلع مكاتب لتعليم‬ ‫بمديرية المنيا‪ ،‬إلى قنا‪ ،‬وكذلك سهل وادى الملوك بمدينة إسنا ‪ .‬وذهب‬
‫الطفال والكبار وجعل تلك المكاتب التعليمية تحت مراقبة وكلء القلع‬ ‫عرابى مع سعيد باشا إلى المدينة المنورة لزيارة النبي صلى ال عليه‬
‫المذكورة ثم أرسل جميع العساكر المصرية الذين تم إحللهم بعساكر جدد‬ ‫وسلم ‪ .‬وفي عهد الخديوى إسماعيل انتدب أحمد عرابى لختيار‬
‫إلى مصر بطريق البحر الحمر‪ .‬وبعد النتهاء من مهمته عاد إلى مصر‬ ‫وتدريب عساكر من أهالي المناطق الحجازية بالجزيرة العربية التى‬
‫بحرا حيث عرج على مدينة القصير‪ ،‬ثم برا إلى مدينة قنا ثم بحرا إلى‬ ‫كانت تحت إدارة الحكومة المصرية وذلك للمحافظة علي القلع‬
‫مدينة أسيوط وبعد ذلك أخذ طريق السكة الحديدية إلى الجيزة ‪ ،‬فالقاهرة‬ ‫والحصون الحجازية التابعة للتاج المصرى هناك ‪ ،‬ويذكر أنه سافر من‬
‫‪ .‬وقد إستغرق إنجاز هذه المأمورية نحو خمسة وأربعين يوما ‪ .‬وبعد‬ ‫القاهرة إلى مدينة السويس فى طريقه إلى الحجاز ‪ .‬ولما وصل عرابى‬
‫وصوله إلى القاهرة بعشرة أيام ‪ ،‬طلب منه التوجه مباشرة إلى ميناء‬ ‫إلى الجزيرة العربية في أول رمضان عام ‪ 1292‬هجرية توجه وجنوده‬
‫مصوع بإفريقيا بإعتباره ضابط الشئون الدارية المسئول عن حملة‬ ‫على ظهر الجمال إلى قلعة (نخل) بكسر النون والخاء ‪ .‬وفى (نخل) قام‬
‫الحبشة حيث كان مكلفا بنقل السلحة والذخيرة والمؤن إلى الجيش أينما‬ ‫عرابى بإختيار عدد من الشباب الشداء من نفس المنطقة لتجنيدهم‬
‫كان ‪ .‬ومكث عرابى هناك حتى إنتهاء تلك الحملة التي بسببها بيعت‬ ‫وتدريبهم على الدفاع عن قلعة نخل وإحللهم محل العساكر المصرية‬
‫حصص الحكومة المصرية فى قناة السويس سرا بدون إشهار مزاد‬ ‫الذين تقرر عودتهم إلى القاهرة بطريق البحر الحمر ‪ .‬كما قام عرابى‬
‫عنها للحكومة النجليزية بمبلغ زهيد ل يزيد عن أربعة مليين من‬ ‫بإنشاء عدة مكاتب لتعليم الطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم‬
‫الليرات النجليزية‪ .‬وهنا يقول عرابى عن سعيد باشا‪ " :‬لقد قضيت‬ ‫فى المنطقة المحيطة بالقلعة وعهد بمباشرة تعليمهم إلى وكيل القلعة‬
‫بخدمتى العسكرية فى عهد سعيد باشا ستة أعوام إل عشرين يوما هي‬ ‫وفقيه بلدة نخل ‪ .‬ثم توجه عرابى إلى خليج العقبة لمباشرة إعماله هناك‬
‫أسعد أيام خدمتى بالجيش ‪ ،‬فقد كنت خالى من الكدار الدنيوية ‪ ،‬وكنت‬ ‫بقلعة العقبة وما تتطلبه من إحتياجات أمنية ‪ .‬وبعد ذلك توجه إلى قلعة‬

‫‪53‬‬
‫صالحا لن يخدم بلده خدمة صحيحة نافعة ويستغني بنفسه عن الجانب‬ ‫فيها عزيزا مكرما عند حضرة محمد سعيد باشا ‪ ،‬وكثيرا ما كان يشركني‬
‫فى بلدنا ‪ ...‬وقد عاهدت نفسي على إبراز ذلك وترجمته من الفكر إلى‬ ‫معه في مشاريع المناورات الحربية وينيبني عنه في تلقينها إلى أكابر‬
‫العمل على أرض الواقع " ‪ .‬ويضيف عرابى‪ " :‬ولما انتهت الخطبة خرج‬ ‫الضباط بحضرته‪ ...‬ولشدة إعجابه بي أهداني كتاب تاريخ نابليون‬
‫المدعوون من المراء والعظماء غاضبين حانقين مدهوشين مما‬ ‫بونابرت باللغة العربية طبعة بيروت ‪ ،‬وأذكر أنه كان شديد الغضب‬
‫سمعوا‪ ...‬وأما المصريون فخرجوا ووجوههم تتهلل فرحا واستبشارا‪....‬‬ ‫والحنق على الفرنسيين بعد تغلبهم على مصر‪ ،‬وجعلها مطمعا للجانب‪..‬‬
‫وأما أنا فقد إعتبرت هذه الخطبة أول حجر في أساس نظام "مصر‬ ‫" ‪ .‬ويضيف عرابى‪ " :‬ولما قرأت كتاب نابليون شعرت بحاجة مصر إلى‬
‫للمصريين" ‪ .‬وفي سنة ‪1278‬هـ رأى المير محمد سعيد باشا أن‬ ‫حكومة دستورية ‪ ،‬وإزداد هذا الشعور عندما سمعت خطبة ألقاها‬
‫الحكومة مَدينة لمعامل ألمانيا وفرنسا بنحو ثلثة مليين من الجنيهات‬ ‫المرحوم سعيد باشا في مأدبة بقصر النيل حضرها عدد من العلماء‬
‫ثمن بناء حوض للسفن بالسويس ومدافع كروب من ألمانيا‪ ،‬وملبس‬ ‫والرؤساء الروحانيين وأعضاء العائلة الحاكمة وأعاظم رجال الحكومة‬
‫ومهمات حربية وأسلحة جديدة من فرنسا ‪ .‬ونتيجة لذلك إضطر سعيد‬ ‫من الملكيين والعسكريين بعد تناول الطعام في سرادق كبير ‪ ...‬وقال‬
‫باشا إلى إصدار أمر بتسريح عساكر الجيش وبيع ما في المخازن‬ ‫ل ‪ " :‬أيها الخوان ‪ ..‬أني نظرت في أحوال هذا الشعب‬
‫رحمه ال مرتج ً‬
‫الميرية من المتعة الثمينة‪ ...‬وكذلك بيعت جميع المعامل والورش‬ ‫المصري من حيث التاريخ فوجدته مستعبدا لغيره من أمم الرض‪ ...‬فقد‬
‫القديمة الموجودة بالقاهرة وسائر المحافظات والمديريات حتى يمكن‬ ‫توالت عليه دول ظالمة كثيرة كالغرب من الرعاة (الهكسوس)‬
‫سداد ذلك الدين‪ .‬كما أمر سعيد باشا بإعطاء كل من يرغب في التقاعد‬ ‫والشوريين والفرس حتى أهل ليبيا والسودان واليونان والرومان‪ ،‬وهذا‬
‫مبكرا من خدمة الحكومة أرضا معاشا له ولولده من بعده وبإحالة‬ ‫قبل السلم ‪ ...‬وبعد تلك المرحلة تغلب على مصر كثير من الدول‬
‫الضباط إلى المديريات والمحافظات للعمل بنصف مرتباتهم ‪ .‬وعندما‬ ‫كالمويين والعباسيين والفاطميين من العرب‪ ،‬وكذلك من الترك‪ ،‬والكراد‬
‫تحسنت الحوال بعد سداد الدين تم إستدعاء العساكر والضباط ثانية‬ ‫والشركس‪ ...‬وكثيرا ما أغارت فرنسا علي بلدنا مصر حتى احتلتها في‬
‫وألغيت الضريبة المؤقتة ‪ .‬وفي أوائل سنة ‪ 1279‬هـ سافر سعيد باشا‬ ‫أوائل هذا القرن في زمن (بونابرت) ‪ ...‬وحيث إني اعتبر نفسي مصريا‬
‫إلى أوربا لمعالجة نفسه من مرض السرطان‪ ،‬وهناك كتب وصيته إلى‬ ‫فوجب علي أن أعمل على تعليم أبناء شعبي وأهذبه تهذيبا حتى أجعله‬

‫‪54‬‬
‫منطقة(طره) بسفح جبل المقطم أقيمت التدريبات الحربية التى حضرها‬ ‫إبنه في مصر (وهو إسماعيل باشا) قال فيها ‪ " :‬بما أن الضباط قد‬
‫الخديوى إسماعيل وجميع قادة الجيش‪ ،‬وبعد النتهاء منها قام الخديوى‬ ‫اشتغلوا بملزمة نسائهم‪ ،‬وتركوا دروسهم العسكرية‪ ...‬ولو تركناهم على‬
‫بدعوة جميع الضباط الكبار من رتبة البكباشي(مقدم) فما فوقها إلى‬ ‫هذه الحال التي ل تعود عليهم إل بالوبال لفقدوا العافية والنظر وصاروا‬
‫مأدبة طعام فخمة فوق ظهر سفينته البخارية ‪ ،‬وكان بها كل أنواع‬ ‫عبرة لمن أعتبر‪ ...‬وبما أننا نحن الذين ربيناهم على القوة والجلد‪ ،‬فل‬
‫المأكولت والمشروبات الكحولية وغيرها‪ ،‬وقد تناول عرابى الطعام فقط‬ ‫يصح لنا تركهم في هذه الحال التي ذكرناها ‪ ،‬لذلك وجب إستدعائهم فورا‬
‫‪ .‬وبعد النتهاء من تناول الطعام والشراب أعلن الخديوى شكره لضباط‬ ‫وعدم تمكينهم من نسائهم حتى ول بالنظر اليهن والتشديد عليهم‬
‫الجيش على ما أبدوه من جهوزية للقتال ‪ ،‬وأمر حكومته بإعطاء لكل‬ ‫بمداومة بالتدريب وتدريس القوانين ليلً ونهارا في قصر النيل " ‪ .‬وفى‬
‫ضابط من الحاصلين على رتبة الباشاوية خمسمائة فدان‪ ،‬ولكل من قادة‬ ‫صباح ‪ 27‬رجب عام ‪ 1279‬هجرية توفى سعيد باشا ‪.‬‬
‫الكتائب مائتي فدان‪ ،‬وكل ضابط من القائم مقامات مائة وخمسين فدانا‬ ‫وفى مساء ذلك اليوم ‪ 27‬رجب ‪ 1279‬هـ‪ ،‬تولى إسماعيل (باشا) حكم‬
‫من الراضى الزراعية التى تملكها الدولة في مديريتي الغربية والمنوفية‬ ‫البلد ‪ ،‬وعلى الفور أمر بجمع العساكر والضباط وأمر بإعادة تنظيم‬
‫‪ .‬وخرجت الوامر من المعية الخديوية إلى مسئولى المديريتين‬ ‫الجيش وتجهيزه بالجنود والعتاد لستكمال ضم المناطق الفريقية للتاج‬
‫المذكورتين بتسليم الراضي المذكورة إلى أصحاب الرتب التى أعلن‬ ‫المصرى ‪ .‬فى ذلك الوقت كان أحمد عرابى برتبة قائمقاما (مقدم) وقائدا‬
‫عنها الخديوى ‪ .‬ولكن عند الشروع في استلم تلك الطيان ظهر الظلم‬ ‫للكتبة السادسة مشاة ‪ ،‬ويذكر أنه لم يحظى برتبة المقدم من المصريين‬
‫وتجسم بأكمل معانيه ‪ .‬فقد توجه كل ضابط من المنعم عليهم بالرض‬ ‫فى ذلك الوقت سوى أحمد عرابى ‪ .‬ولسوء حظ عرابى قام الخديوى‬
‫وحصل على أمر بتسلم عدد الفدنة من مسئول المديرية وبدل من تسلم‬ ‫إسماعيل بترقية خسرو باشا (جركسى الصل) إلى رتبة أميرآلى(عميد)‬
‫الرض التى أشار إليها الخديوى قام كبار الضباط بوضع أيديهم بالقوة‬ ‫وتولى الرجل رئاسة اللواء الثالث المكون من الكتيبتين الخامسة‬
‫على أفضل الأراضى تربة وخصوبة التى يملكها الفلحين وساعده فى‬ ‫والسادسة على الرغم من أحقية عرابى فى الترقية بإعتباره القدم‬
‫ذلك مسئولى المديريات الذين قاموا بطرد الفلحين من أراضيهم‬ ‫والفضل عسكريا ‪ .‬وهكذا أصبح خسرو باشا القائد العلى لحمد عرابى‬
‫وإعطائهم بدل منها أراض أخرى فى أماكن أقل خصوبة وأقل جودة ‪.‬‬ ‫‪ .‬وعندما إكتمل حشد العساكر وكتائب المشاة والسواري في ميدان‬

‫‪55‬‬
‫وذلك عندما عقد إمتحان ترقية الضباط الصغار بحضور لجنة كان‬ ‫وكانت تلك أول مظلمة من المظالم التي وقعت في عهد إسماعيل باشا‬
‫يرأسها خسرو باشا وبحضور عرابى كعضو في تلك اللجنة أيضا‪...‬‬ ‫‪.‬أما عرابى ‪ ،‬فقد واجه مشاكل من نوع آخر مع خسرو باشا ‪ ،‬وهنا‬
‫وبعد النتهاء من المتحان وظهور النتيجة تطلب المر إعتمادها من‬ ‫ل جاهلً متعصبا لبنى جنسه ‪ ،‬ولكي‬
‫يقول عرابى‪ " :‬كان خسروا باشا رج ً‬
‫أعضاء اللجنة التى أشرفت على المتحان ‪ ...‬وبالفعل إعتمدها غالبية‬ ‫يتخلص منى فقد أخبر وزير الحربية إسماعيل باشا سليم (رومي الصل)‬
‫العضاء أمام خسروا باشا وعندما طلب من أحمد عرابى التوقيع عليها‬ ‫بأننى صلب الرأي شرس الخلق ل أنقاد لوامره ول أحفل بما يصدر‬
‫لقرار الترقية رفض عرابى التوقيع ‪ .‬ولم يتوقف المر عند حد الرفض‬ ‫منها عن ديوان الحربية " ‪ .‬وبناء على تلك الوشاية طلب وزير الحربية‬
‫فقط ‪ ،‬بل أعلن عرابى أمام الجميع أنه برفض التوقيع على الراسبين ‪،‬‬ ‫من خسرو باشا وقف تسليم عرابى تلك الطيان التى أقرها الخديوى على‬
‫وأصر على عدم ترقية ملزم ثاني يدعى حسين أفندي لنه راسب فى‬ ‫الضباط لحين التحقيق فيما قاله خسروا باشا حول أحمد عرابى ‪ .‬وعليه‬
‫المتحان ولن خسرو باشا يريد نجاحه وترقيته بسب المحسوبية وصلة‬ ‫عرض وزير الحربية المر على الخديوى شفاهة‪ ،‬وصدر بناء على ذلك‬
‫القرابة بدل من ضابط آخر نجح فى المتحان ولكن خسرو باشا شطب‬ ‫أمر من الخديوى إسماعيل إلى مديرية الغربية بعدم تسليم أحمد عرابى‬
‫إسمه ووضع حسين أفندى بدل منه ‪ .‬ولعل ذلك هو ما جعل خسرو‬ ‫تلك الطيان حتى إشعار آخر ‪ .‬ثم أمر وزير الحربية بإجراء تحقيق‬
‫يأخذ موقفا معاديا من عرابى ‪ .‬وبالعودة إلى نتائج تحقيق المجلس‬ ‫فورى مع عرابى ‪ ،‬وبالفعل شكل لذلك مجلس عسكري برئاسة حسين‬
‫العسكرى مع عرابى ‪ ،‬فقد ثبت براءته من هذه المكيدة‪ ،‬ومع ذلك حكم‬ ‫باشا الطوبجي وعضوية العميد محمد بك أمين قائد الكتيبة الخامسة‬
‫المجلس العسكرى بحبسه ‪ 21‬يوما محاباة لخسرو باشا ووزير الحربية‬ ‫ونائبه المقدم رشيد بك راقب وغيرهم من الجركس والترك ‪ .‬وهنا يقول‬
‫إسماعيل باشا سليم ‪ .‬ولكن عرابى إستأنف الحكم وطلب إحالته إلى‬ ‫عرابى‪ " :‬كان خسروا باشا يهدف من وراء تلك المكيدة العمل على‬
‫المجلس العسكري العلى للبت فى الستئناف ‪ ،‬وعليه جاء حكم‬ ‫إقصائي من مركزي حتى يتسنى له ترقية أحد معارفه ويدعى مصطفى‬
‫الستئناف بإلغاء الحبس وحفظ الوراق لفساد التهمة وثبوت تزويرها ‪.‬‬ ‫سليم أحد بكباشيه السرايا التي كانت تحت إدارتي إلى رتبة القائمقام‬
‫وقد ترتب على حكم البراءة وقوع خلف بين وزير الحربية إسماعيل‬ ‫(مقدم) ومن ثم يمكنه التخلص منى نظرا لكون مصطفى سليم جركسيا‬
‫باشا سليم " أصله مملوكا رومي" وبين رئيس المجلس العسكري العلى‬ ‫مثله ‪ ،‬ولكونه أيضا صهر جاهين كنج باشا قومندان اللواء الول " ‪.‬‬
‫ويرجع سبب ذلك العداء إلى موقف سابق وقع بين عرابى وخسرو باشا‬
‫‪56‬‬
‫في تلك المكيدة ضدي أصيب بمصيبة عظيمة ( أطلق على عرابى بعد‬ ‫علي باشا سري " وهو أرناؤطي الصل " بسبب إلغاء حكم المجلس‬
‫ذلك بالشيخ عرابى خاصة بين أصدقائه‪ ،‬وظهر وقتها قول مأثور‪ :‬اللى‬ ‫البتدائي ‪ .‬فقد كان وزير الحربية يريد تأييد الحكم البتدائي تصديقا لما‬
‫يجيى علي عرابى ما يكسبش) " ‪ .‬وبعد موت وزير الحربية مسموما‬ ‫أخبر به الخديوى سابقا ‪ ،‬وليؤكد وجهة نظره إضطر للذهاب ثانية إلى‬
‫بالفريك فى جزيرة كريت ‪ ،‬تقدم عرابى يشكو حاله إلى الخديوى‬ ‫الخديوى وطلب منه ضرورة رفت رئيس المجلس العسكرى ورفت أحمد‬
‫إسماعيل باشا وإلتمس فى شكواه فحص أوراق قضيتة الموجودة بديوان‬ ‫عرابى أيضا لعدم النصياع لوامره ‪ .‬وبالفعل تحقق له ما أراد ‪ ،‬لكن في‬
‫المعية الخديوية وإنصافه ‪ ،‬وطلب عرابى من راغب باشا باشمعاون‬ ‫نفس السبوع الذي رفت فيه عرابى من الجيش أصدر الخديوى أمرا‬
‫الخديوى بالنظر في مظلمته‪ ،‬خاصة وأن راغب باشا كان له نفوذ كبير‬ ‫بإلغاء سرايا اللواء الثالث الذي كان تحت إمرة خسرو باشا وتم توزيع‬
‫في جميع المصالح الميرية ‪ .‬وفي الحال كتب راغب باشا لديوان‬ ‫تلك السرايا على الكتائب الخرى ‪" .‬وتظهر بركات أحمد عرابى" ويتم‬
‫وزارة الحربية يطلب جميع الوراق المتعلقة بقضية عرابى ‪ ،‬وبناء على‬ ‫رفت البكباشي مصطفى سليم مدة عشر سنوات من الجيش ‪ ،‬ثم يصاب‬
‫ذلك أرسلت جميع الوراق الخاصة بها إلى ديوان المعية الخديوية ‪.‬‬ ‫حسين باشا الطوبجي بشلل يودى بحياته ‪ ،‬كما أصيب محمد بك أمين‬
‫وقام بفحصها إبراهيم باشا خليل رئيس قلم العرضحالت‪ ،‬وكتب عنها‬ ‫الذي وافق على محاباة خسرو باشا بشلل أيضا ‪ .‬أما أمين بك‬
‫نتيجة الفحص الذى توصل إليه‪ ،‬وأوضح فيه أنه تم تلفيق القضية لحمد‬ ‫القبرصي(رومى الصل) ناظر القسم التركي بديوان الحربية فقد أصيب‬
‫عرابى‪ .‬ثم عرض إبراهيم باشا النتيجة على الخديوى إسماعيل ‪ ،‬ولكن‬ ‫بكارثة قبل موته بسبب قيامه بتزوير أمرا خديويا ماليا‪ ،‬وعندما كشف‬
‫الخديوى لم يبد رأيه فيها متحديا فى ذلك بركات الشيخ أحمد عرابى كما‬ ‫التزوير تم سجنه وحاول النتحار وهو فى السجن بضرب نفسه بسكين ‪،‬‬
‫أشيع فى ذلك الوقت ‪ .‬وعليه مكث أحمد عرابى عاطل عن العمل مدة‬ ‫ولكن تم معالجته ‪ ،‬ثم أرسل إلى السودان ولكنه مات قبل وصوله إلى‬
‫ثلث سنوات ‪ ،‬وخللها كان يتردد على المعية الخديوية أمل فى عودته‬ ‫الخرطوم ‪ .‬وبخصوص وزير الحربية إسماعيل باشا سليم فقد توفى بعد‬
‫للعمل لكن دون جدوى ‪ .‬وفي ربيع أول سنة ‪1283‬هـ كتب عرابى‬ ‫ذلك بكثير عندما أكل فريكا مسموما أثناء تواجده في كريت لمتابعة‬
‫عريضة استرحام ثانية للخديوى إسماعيل ‪ ،‬وجاء الرد عليه وبه أن‬ ‫الحرب المصرية هناك ‪ ،‬وأرسلت جثته إلى مصر ودفن في قرافة‬
‫العرضحال المقدم من أحمد عرابى تم عرضه على الخديوى الذى عفا‬ ‫(مدافن) المام الشافعي ‪ .‬أما عدو عرابى وخصمه اللدود خسرو باشا فقد‬
‫أرسل إلى السودان‪ .‬ويقول عرابى فى هذا الخصوص‪ " :‬كل من اشترك‬
‫‪57‬‬
‫العظيم على خط السكة الحديدية بمنطقة الواسطى بالوجه القبلى وطوله‬ ‫عنه ‪ .‬وبناء على ذلك صدر أمر الخديوى باستخدام أحمد عرابى عند‬
‫‪ 514‬متر ‪ ،‬وكذلك بناء كوبري الرقة بحري الواسطة وكوبري أطواب‬ ‫ظهور عمل مناسب له ‪ .‬لكن تبين لحمد عرابى أن الهدف من ذلك العفو‬
‫على فرع الفيوم ‪ ،‬ثم إنشاء خط السكك الحديدية من المنيا إلى بندر‬ ‫هو إضاعة حقوقه المالية من رواتب شهرية وخلفه طوال مدة رفته‬
‫ملوي‪ .‬وبعد إتمام تلك المهام كلها مع السرعة فى إنجاز البناء‬ ‫وعدم مطالبته بحقوقه خلل تلك الفترة‪ .‬ومع ذلك أخذ أحمد عرابى أمر‬
‫والتركيب وإحكام العمال على أحسن ما يرام تم مكافئة ناظر الدائرة‬ ‫العفو الصادر من الخديوى وتوجه به إلى وزير الحربية إسماعيل باشا‬
‫الخاصة قاسم باشا رسمي (رومى الصل) بخمسة آلف جنيه على الرغم‬ ‫سليم ‪ ،‬ولما ناوله إياه قرأه الوزير وقال لعرابى ‪ " :‬الحمد ل على ذلك‪،‬‬
‫من أنه لم يقم إل بالمخاطبات الورقية فقط بين عرابى وبين مصلحة‬ ‫لقد خدعت وصدقت قول خسرو باشا‪ ،‬وتسرعت في المر وعرضته على‬
‫السكة الحديدية‪ .‬أما عرابى فقد كوفئ على جميع تلك العمال الشاقة‬ ‫الخديوى ‪ ،‬ولم أستطع بعد ذلك تكذيب نفسي عند الخديوى ‪ ،‬وأنا آسف‬
‫بإحالته للتقاعد عن العمل بدون صرف معاش له لحين ظهور عمل أخر‬ ‫على ما حصل ‪ ،‬وأرجو منك يا ولدي قبول اعتذاري " ‪ .‬فرد عليه‬
‫له ‪ .‬وفي أوائل عام ‪1287‬هـ ‪ ،‬عين قاسم باشا وزيرا للحربية وكان‬ ‫عرابى‪" :‬عفا ال عما سلف ‪ ،‬والذي أرجوه منك الن هو إحالتي للعمل‬
‫رجل بارع في الشغال الحربية والملكية ونشيط في كل أعماله‪ .‬وكان‬ ‫فى تفتيش القاليم "‪ .‬فوافق إسماعيل باشا سليم على طلبه ‪ ،‬وتم تعيينه‬
‫يعرف قدرة أحمد عرابى فى العمل بالمنشآت المدنية وغيرها من‬ ‫للعمل في مأمورية مؤقتة وتمثل عمله الجديد فى المحافظة على عدم‬
‫العمال ‪ ،‬لذلك طلب إستدعاء عرابى وكلفه بالرجوع إلى خدمة الجيش‬ ‫فيضان النيل بمديرية الشرقية‪ .‬وفى عمله الجديد عمل عرابى على حفظ‬
‫بالسكندرية ‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل ‪ .‬وفي عام ‪1288‬هـ انتقل عرابى‬ ‫البلد من غرق فيضان النيل ‪ ،‬ثم قام بانجاز بناء قنطرة فم السماعيلية‬
‫إلى رئاسة الكتيبة الثانية مشاة من دون ترقى ‪ .‬وفي أوائل عام ‪1290‬‬ ‫بحري قصر النيل وتشييد القنطرة البولقية ‪ ،‬وكذلك بناء سد فم رياح‬
‫هـ أحيل ديوان وزارة الحربية إلى عهدة المير حسين كامل باشا بن‬ ‫الترعة السماعيلية بالقرب من شبرا‪ ،‬وإنجاز قطع الحجار لرصف‬
‫الخديوى إسماعيل باشا ‪ .‬وفي أواخر نفس العام توجه عرابى بالكتيبة‬ ‫جهات العباسية والبساتين وطره والمعصرة وشحن الحجار اللزمة لتلك‬
‫الثانية مشاة إلى رشيد بطريق البر على شاطئ البحر البيض المتوسط ‪،‬‬ ‫المناطق وللقناطر الخيرية أيضا‪ ،‬بل ولجميع مديريات الوجه البحري ‪.‬‬
‫فى الوقت نفسه تقرر زيادة تعداد الجيش المصرى وتجهيزه ‪ ،‬وبالفعل‬ ‫وفي سنة ‪1284‬هـ عهد إلي عرابى أيضا بإنجاز بناء كوبري قشيشه‬

‫‪58‬‬
‫عرابى نتيجة إصرار السردار راتب باشا على رفض ترقية عرابى‪.‬‬ ‫أنشئت الفرقة الثانية والثالثة وتم تسليحها بأسلحة من المشاة والخيالة‬
‫ومن الغريب أن الكتيبة التي كانت تحت إدارة عرابى ظلت خالية من‬ ‫والمدفعية ‪ ،‬وفتح باب ترقى الضباط وذلك استعدادا للحملة المصرية‬
‫ضابط برتبة الميرآلي (عميد) لمدة ثمانية أعوام ‪ ،‬وكان عرابى هو‬ ‫على الحبشة‪ .‬وبالفعل تم ترقى ضباط الفرقة الثانية ‪ ،‬ولم يتم ترقى‬
‫القائم بوظيفة الميرالي على أحسن نظام وأكمل ترتيب وأدق تعليم‬ ‫الضباط المتأخرين من الفرق الخرى ومنهم أحمد عرابى الذى تأخر‬
‫وأحسن هيئة عسكرية ‪.‬‬ ‫كثيرا عن الترقية وكان معه ممن لم يترقى حسين مظهر أفندي‬
‫حملة الحبشة‪ :‬كان الهدف من الحملة المصرية على الحبشة هو إعادة‬ ‫البكباشي وعلي فهيم البكباشي ‪ ،‬ومتولي حافظ البكباشي‪ ،‬ومحمد أفندي‬
‫إحياء المجد المصرى الذى أرساه القائد المصرى السطورة إبراهيم باشا‬ ‫البكباشي‪ ،‬ومحمد الدري أفندي البكباشي‪ ،‬وسعيد ناصف أفندي البكباشي‪.‬‬
‫بداية من عام ‪ 1821‬والذى عمل بقوة جيشه المصرى على أنشاء‬ ‫ويذكر فى هذا الخصوص أن المير حسين كامل باشا نظر إلى عرابى‬
‫المبراطورية المصرية القوية التى كانت تمتد من جنوب السودان مرورا‬ ‫وقال له‪ " :‬لقد طلبت من أفندينا ترقيتك إلى رتبة الأميرآلي(عميد) فقال‬
‫بكافة أنحاء الجزيرة العربية وبلد الشام والعراق وشمال أفريقيا حتى‬ ‫أنك من بتوع سعيد باشا " ‪ .‬وهنا قاطعه أحمد عرابى وقال له ‪ " :‬أنا‬
‫جزيرة كريت بالجنوب الوربى ‪ .‬ولكن جاءت هزيمة السرايا المصرية‬ ‫لست بتاع أحد ‪ ،‬بل أنا خادم الحكومة والوطن وبلدي هرية رزنة بمديرية‬
‫الثلث فى الحبشة مخيبة لمال الخديوي إسماعيل‪ .‬ويذكر أن قائد تلك‬ ‫الشرقية‪ ...‬ولكن بتاع سعيد باشا هو راتب باشا لنه ملكه "‪ .‬فرد عليه‬
‫السرايا كان أراكيل بك (أرمني الصل) الذى عينه التاج المصرى محافظا‬ ‫المير حسين كامل ‪ " :‬ل تفتر همتك في تأدية واجباتك‪ ،‬وأعدك أني‬
‫لمدينة مصوع بالشرق الفريقي (لمزيد من التفاصيل أنظر أحمد عرابى‬ ‫سأبذل جهدي في ترقيتك عند ترتيب الفرقة الثالثة " ‪ .‬وهنا يقول احمد‬
‫لنفس المؤلف) ‪ .‬وبصفة عامة لم تكن حملة الحبشة موفقة تحديدا بعد‬ ‫عرابى فى أسى‪ " :‬نظرت إلى المير وشكرته وخرجت وأنا شاعر بأني‬
‫هروب كبار قادة الجيش المصرى الذين كانوا فى مجملهم من المريكيين‬ ‫لن أنال خيرا في عهد والده ‪ ..‬لني متأكد من أن خسرو باشا وراتب‬
‫والوربيين ‪ .‬وعادت الحملة المصرية إلى القاهرة ومعها أحمد عرابى‬ ‫باشا ورؤساء الجراكسة يعارضون ترقيتي ويبذلون كل جهدهم من أجل‬
‫بعد أن عقد الطرفان المصرى والحبشي إتفاقية صلح وقع عليها ملك‬ ‫إبعادى عن الجيش " ‪ .‬وعندما تم تنظيم الفرقة الثالثة وتم ترقية ضباطها‬
‫الحبشة يوحنا ووقع عن الجانب المصرى المقدم على أفندي الروبي‬ ‫لم يستطع وزير الحربية المير حسين كامل الوفاء بوعده فى ترقية‬

‫‪59‬‬
‫المختلطة التي يرأسها نوبار باشا وعضوية رياض وعلى مبارك والسير‬ ‫الذي رجع إلى مصر وترقى إلى رتبة عميد ‪ .‬وقرر الخديوى محاكمة‬
‫ولسن النجليزي ودي بولونيير الفرنساوي ‪ ،‬ولما أراد الخديوى أن‬ ‫القائد العام راتب باشا ومن معه من الباشوات وقادة اللوية ‪ ،‬ولكن بعد‬
‫يتخلص من تلك الوزارة ويسقطها أوعز إلى جاهين باشا كنج (أحد‬ ‫فترة وجيزة تراجع عن فكرة المحاكمة ‪ ،‬ثم وضع بيده النياشين فوق‬
‫رجال الخديوى) بخلق ذلك التوتر المنضبط ‪ ،‬وهذا دفع صهره لطيف‬ ‫صدورهم ‪ .‬وعلى الفور طلب قائد الجيش من أحمد عرابى الذهاب إلى‬
‫بك سليم الضابط بالمدرسة الحربية على أخذ التلميذ والذهاب إلى وزارة‬ ‫رشيد للقيام بمهام عسكرية هناك‪.‬‬
‫المالية وسمح بمن ينضم إليهم من الغوغاء لتوسيع دائرة التظاهر‬ ‫عرابى والوزارة المختلطة‪ :‬بعد أربعة أعوام من حملة الحبشة ‪ ،‬وتحديدا‬
‫بالتظلم وعدم صرف مرتباتهم المتأخرة عن عشرة أشهر سابقة ‪،‬‬ ‫فى أوائل عام ‪ 1296‬هجرية أصدرت قيادة الجيش أمرا بحضور أحمد‬
‫ونسبوا ذلك إلى المتظاهرين أمام الوزارة الذين أخذوا يهتفون‬ ‫عرابى وبعض رفاقه من رشيد إلى العاصمة كى يقوموا بتسليم أسلحتهم‬
‫بسقوطها والتخلص من الوربيين والتقليل من استخدامهم في مصالح‬ ‫ومهماتهم وصرف العساكر إلى بلدهم ‪ .‬فحضر عرابى ومعه ثلثة‬
‫الحكومة الهامة حفاظا على خصوصية البلد وكذلك منع تشغيلهم فى‬ ‫كتائب مشاة ‪ ،‬وقام الجميع بتسليم مهماته في يوم وصوله إلى القاهرة‪.‬‬
‫الوظائف ذات اليراد الكبير كالجمارك وميناء السكندرية والسكة‬ ‫وفي صباح اليوم الثالي ذهب عرابى إلى منزل محمد بك النادي الذي‬
‫الحديدية والتلغرافات والدائرة السنية ومصلحة الدومين وصندوق الدين‬ ‫حضر مع عرابى أيضا من رشيد‪ .‬وبينما هما جالسين بمنزل محمد النادى‬
‫ومصلحة المساحة وغيرها " ‪( .‬فى ذلك الوقت‪ ،‬كانت كل مصلحة من‬ ‫حتى جاء أحد الضباط العاملين بكتيبة النادى وهو برتبة نقيب ويدعى‬
‫هذه المصالح كانت تعتبر نفسها حكومة مستقلة بل ودولة داخل‬ ‫أحمد أفندي نجم ‪ ،‬وأخبر قائده (محمد النادى) بأن تلميذ الحربية وبعض‬
‫الدولة)‪ .‬ويذكر فى هذا الخصوص أنه من الذين حضروا تلك المظاهرة‬ ‫الضباط أحاطوا بوزارة المالية فى شكل تظاهرة وطالبوا برواتبهم ‪.‬‬
‫لطيف بك وعدد من الضباط الذين لم يحصلوا على رواتبهم لعدة شهور‪.‬‬ ‫وأضاف النقيب‪ " :‬وأثناء ذلك جاءت بعض العساكر وأطلقت النار عليهم‬
‫وفى تلك المظاهرة قام بعض المتظاهرين بصفع ولسن ونوبار على‬ ‫دون مبرر يذكر " ‪ .‬وهنا يقول عرابى ‪ " :‬لقد شغلنا ذلك الحدث ‪ ،‬فأرسلنا‬
‫وجهيهما فى منظر هيستيرى مضحك ‪ ،‬كما حقر بعض المتظاهرين من‬ ‫أحد الضباط ليأتينا بحقيقة المر ‪ ...‬ولما عاد الضابط أخبرنا بأن‬
‫شأن رياض باشا وعلي مبارك ‪ .‬ولكن عندما تطورت أحداث المظاهرة‬ ‫الخديوى إسماعيل كان يشعر بإضطرب وقلقً شديدين من ضغط الوزارة‬

‫‪60‬‬
‫قاموا بإثارة وتهييج تلميذ المدرسة الحربية والضباط ضد الحكومة‬ ‫وخرجت عن النطاق الذى كان متوقعا لها وتعاظم خطرها على أمن البلد‬
‫المختلطة ومحاولة حصار وزارة المالية والهتاف بإسقاط الحكومة ‪،‬‬ ‫تدخل الخديوى وحضر بنفسه إلى وزارة المالية ومعه عميد حرس‬
‫وهددهم عبد القادر باشا حلمى بأنه ستجري تحقيقات فى هذا الشأن ‪،‬‬ ‫الخديوى علي بك فهمي الشهير (بالذئب المصري) ومعه إحدى كتائب‬
‫وإذا ثبت إدانتهم فسوف يتم معاقبتهم ‪ .‬وهنا أجابه عرابى ومن معه‬ ‫الحرس المتخصصة فى فض الشتباكات ‪ .‬وأمر الخديوى بإطلق‬
‫بأنهم جميعا حضروا إلى القاهرة أمس من رشيد وكانوا جميعا‬ ‫الرصاص على المتظاهرين لكن عبد القادر باشا حلمي رئيس معاونيه‬
‫مشغولين بتسليم السلحة والمهمات إلى مخازن الحربية وصرف‬ ‫أمر بإطلق الرصاص فى الهواء لتفرقة المتظاهرين على الرغم من أن‬
‫العساكر إلى بلدهم حسب الوامر الصادر إليهم ‪ ،‬وانه ل علم لهم بتدبير‬ ‫أحد الضباط المتظاهرين ضربه بسيفه فى يده ‪ .‬وأنصرف المتجمهرون‬
‫تلك الحركة ‪ .‬ولم يتوقف المر عند هذا الحد ‪ ،‬فقد قام مأمور الضبطية‬ ‫حانقين وهاج الضباط في جميع ثكناتهم العسكرية واتفقوا على ضرورة‬
‫محمود سامي باشا البارودي بإستدعاء عرابى والضباط الذين معه‬ ‫عزل هذا الخديوى ‪ ،‬وإعتلء ولي عهده توفيق باشا حكم البلد ‪ .‬ولما‬
‫للتحقيق معهم ‪ .‬وهنا يقول عرابى‪ " :‬عندما حقق معنا محمود سامى‬ ‫علم الخديوى بذلك ذهب إلى مركز كل وحدة عسكرية على حده وطيب‬
‫باشا البارودى فى تلك الواقعة آنست فيه تأففا من الظلم والستبداد‬ ‫خواطر الضباط ووعدهم بصرف مستحقاتهم المتأخرة وعزل الوزارة‬
‫ل إلى العدل والدستور" ‪ .‬وبعد كل ذلك عُقد مجلس عسكري فوق‬
‫ومي ً‬ ‫المختلطة ‪ ،‬وعهد برئاسة الوزارة الحديدة إلى إسماعيل باشا راغب‪.‬‬
‫العادة للتحقيق مع عرابى ومن معه ‪ ،‬وكان برئاسة الجنرال ستون‬ ‫وخوفا من الضغوط الوربية عليه بعد عزل الوزارة‪ ،‬قام رجالت‬
‫رئيس أركان حرب الجيش المصرى (وهو أمريكي الجنسية) وعضوية‬ ‫الخديوى إسماعيل بحيلة ماكرة وهى إلصاق ما حدث من مظاهرات ضد‬
‫حسن أفلطون باشا ومحمد باشا المرعشلي رئيس هندسة‬ ‫الحكومة المختلطة وإلى عدد من ضباط الجيش وتحديدا محمد بك النادي‬
‫الستحكامات ‪ ،‬وكانوا جميعا يعرفون الحقيقة ومدى تورط الخديوى فيها‬ ‫وعلى بك الروبي ‪.‬‬
‫‪ .‬وفى النهاية انتهى التحقيق وأسدل عليه الستار وكأن شيئا لم يكن‪.‬‬ ‫محاولة تورط الضباط المصريين‪ :‬ولحبك المؤامرة ضد الضباط‬
‫بعد أسبوع من ذلك الحادث أصدرت وزارة الحربية قرارا بتعيين على‬ ‫المصريين قام رئيس التشريفات عبد القادر باشا حلمي بإستدعاء كبار‬
‫الروبي بك رئيسا لمجلس مديرية الدقهلية وتعيين محمد النادي بك قائدا‬ ‫الضباط ومعهم أحمد عرابى وأخبرهم بأن الخديوى إسماعيل علم بأنهم‬

‫‪61‬‬
‫بين من طرد ظلما ومن طرد عدلً ‪ ...‬لقد انتهت فترة حكم إسماعيل‬ ‫للكتيبة الثانية لمشاة المستجدين ‪ ،‬ونقل أحمد عرابى بكتيبته إلى‬
‫باشا لمصر وهي سبع عشرة سنة كانت وبالً على المصريين لسوء‬ ‫السكندرية ‪ ،‬ثم صدر قرارا بتعيين عرابى قائدا للكتيبة الرابعة‬
‫تصرفه وعدم إنصافه ‪ ....‬لم أر فيها خيرا ول ترقيت رتبة في عهده ‪،‬‬ ‫للمستجدين ولكن بنفس رتبته وهى مقدم أى دون ترقية ‪ .‬ثم قام وزير‬
‫وقد تحملت مدة ولية إسماعيل الجائرة من ظلم وإستبداد بكل صبر‬ ‫الحربية بإستدعاء عرابى وأمره بالذهاب إلى راغب باشا‪ .‬ولما توجه‬
‫وثبات ‪ ...‬ومكثت برتبة القائمقام (مقدم) مدة تسعة عشر سنة أنظر إلى‬ ‫عرابى إليه قال له راغب باشا ‪ :‬إن أهالي مديرية جرجا وأسيوط‬
‫صغار الضباط الذين كانوا تحت إدراتي في عهدي سعيد باشا وإسماعيل‬ ‫انتخبوك نائبا عنهم في تسليم سبعمائة ألف أردب قمح وفول وشعير إلى‬
‫باشا وهم يترقون دوني ‪ ،‬فقد ترقى بعضهم إلى رتبة الميرالي(عميد)‬ ‫بنك (منشا وقطاوي وبنك ايجيون وإبراهيم بيجه) بالسكندرية‪ .‬وقد فهم‬
‫وبعضهم إلى رتبة أمير اللواء(لواء) ‪ ،‬وبعضهم إلى رتبة الفريق ‪ ،‬ل‬ ‫عرابى من كلمه هذا أن الخديوى يرغب فى إبعاده عن مركز الكتيبة ‪،‬‬
‫بعلم تعلموه من دوني ول بفهم خارق للعادة ول بشجاعة أبرزوها في‬ ‫ونفس الشىء حدث مع على الروبى حيث تم إبعاده إلى المنصورة ‪،‬‬
‫ميادين القتال ‪ ،‬ولكن لكونهم من مماليك أو أبناء مماليك العائلة‬ ‫وكذلك إبعاد النادي إلى السكندرية‪ .‬وتوجه عرابى إلى السكندرية وأنجز‬
‫الخديوية ‪ ،‬فاصطفاهم الخديوى بالرتب والنياشين والجواري الحسان‬ ‫المطلوب منه بكل أمانة واستقامة ‪.‬‬
‫والراضي الواسعة الخصبة والبيوت الرحبة وحباهم بالموال الكثيرة‬ ‫عزل الخديوى إسماعيل ‪ :‬في ‪ 7‬رجب سنة ‪ 1296‬هـ الموافق ‪30‬‬
‫والحلي الثمينة من دم المصريين المساكين وعرق جبينهم ‪. " ..‬‬ ‫يونيو ‪ 1879‬سمعت مدينة السكندرية أصوات دوى المدافع إعلنا بعزل‬
‫وبالعودة إلى نشاط الجيش السياسى ‪ :‬فيذكر أنه فى عام ‪ 1876‬قام‬ ‫الخديوى إسماعيل وولية إبنه توفيق باشا عرش البلد ‪.‬‬
‫الضابط على الروبى بتكوين جمعية سرية وأختير أحمد عرابى رئيسا‬ ‫وفى هذا الخصوص يقول عرابى‪ " :‬شاهدت خروج الخديوى من مصر‬
‫لها ‪ ،‬فى الوقت نفسه كانت هناك جمعية حلوان التى كانت تنادى‬ ‫منفيا ونزوله من منزل الفحوصات وأدوات السكة الحديدة الذي نزل منه‬
‫بالدستور والصلحات السياسية وكانت تضم الصفوة من كبار الملك‬ ‫من قبل حليم باشا منفيا (ابن محمد علي رأس العائلة الحاكمة)‪ ..‬فقد‬
‫بزعامة شريف باشا ومحمد سلطان باشا وعضوية الباشوات شاهين‬ ‫سافر إسماعيل إلى نابولي بإيطاليا مطرودا " ‪ .‬ويضيف عرابى‪ " :‬وعلى‬
‫الرغم من أن حليم باشا سافر إلى دار السعادة مطرودا ‪ ...‬لكن شتان‬

‫‪62‬‬
‫وذلك بناء على وعده للمصريين في ‪ 14‬رجب سنة ‪ ، 1296‬ولكن‬ ‫وعمر لطفي وإسماعيل راغب وحسن الشريعي وعدد آخر من العظماء‬
‫الخديوى لم ينفذ وعده ‪ ،‬وهو ما دفع حكومة شريف باشا إلى تقديم‬ ‫والكبراء والعلماء والنبهاء‪.‬‬
‫إستقالتها ‪ .‬والمثير هنا أن الخديوى قبل الستقالة فورا ‪ ،‬وشكل‬ ‫عرابى والخديو توفيق ‪ :‬فى نهاية عهد الخديوى إسماعيل كانت مصر‬
‫وزارة جديدة برئاسته ‪ .‬ثم أصدر الخديوى أمرا تلغرافيا إلى رياض‬ ‫تمر بظروف اقتصادية وإجتماعية وسياسية صعبة للغاية ‪ .‬ولعل تدخل‬
‫باشا بالعودة من الخارج إلى القطر المصري على أول باخرة ترد إليه ‪.‬‬ ‫الجانب فى شئون مصر خاصة عن طريق الوزارة المختلطة(مكونة من‬
‫وفي ‪ 17‬رمضان سنة ‪ 1296‬هـ الموافق ‪ 3‬سبتمبر سنة ‪ 1879‬وصل‬ ‫الوربيين والمصريين) وما قامت به من الستخفاف بحقوق المصريين‬
‫رياض باشا إلى السكندرية ومنها إلى القاهرة ‪ ،‬ثم توجه مباشرة‬ ‫والعراض عن مصالحهم قد تسبب فى حدوث إرباك شديد لنظام الحكم‬
‫لمقابلة الخديوى وبحث معه العلقات المصرية الوربية‪ .‬وفي يوم‬ ‫فى مصر خاصة بعد أن هاجمت الوزارة المختلطة قادة الجيش من‬
‫الخميس ‪ 4‬سبتمبر سنة ‪1879‬م الموافق ‪ 18‬رمضان سنة ‪1296‬هـ‬ ‫المصريين وتوقفت عن صرف مرتباتهم الشهرية‪ .‬وقد أدى ذلك فى‬
‫أصدر الخديوى أمرا بإعادة تعيين المستر بارنج والمسيو دي بلنيير‬ ‫النهاية إلى اتفاق نبهاء المة ورجال الجيش المصريين على إنقاذ البلد‬
‫بصفة مفتشين وهو ما يعنى أن رياض باشا حمل خطة إعتماد مصر‬ ‫من تدخل الوربيين فى شئونهم الداخلية وحفظ حقوقهم واستقللهم في‬
‫على بريطانيا وفرنسا فى مرحلة عهد توفيق ‪ .‬وفي ‪ 5‬شوال سنة ‪1296‬‬ ‫العمل ‪ ،‬وإدارة أمور بلدهم بأنفسهم ‪ .‬في ‪ 7‬رجب سنة ‪ 1296‬هـ‬
‫هـ الموافق ‪ 21‬سبتمبر سنة ‪ 1879‬قام رياض باشا بتشكيل وزارة‬ ‫الموافق ‪ 26‬يونيه سنه ‪1879‬م تولى محمد توفيق باشا حكم البلد بدل‬
‫جديدة بعد أن قدم الوزراء إستقالتهم ‪ .‬وعلى الفور بدأ رئيس الوزراء‬ ‫من والده إسماعيل باشا ‪ .‬وفور إعتلء الخديوى توفيق عرش البلد‬
‫رياض باشا بحملة واسعة النطاق هدفها تضييق الخناق على النشاط‬ ‫قدمت وزارة راغب باشا استقالتها فقبلها الخديوى ‪ ،‬وتشكلت الوزارة‬
‫السياسى لضباط الجيش‪ ،‬وكذلك جمعية حلوان التى أكتشف نشاطها ‪،‬‬ ‫الجديدة برئاسة شريف باشا ‪ .‬وأول عمل اهتم به مجلس الوزراء‬
‫وهنا قررت جمعية حلوان أن تتحالف مع جمعية الضباط السرية وتم‬ ‫الجديد هو تعيين رواتب الخديوى وأهل بيته ‪ .‬وبعد أن استقرت وزارة‬
‫تشكيل الحزب الوطني الذى بدأ فى العلن عن نفسه ‪ .‬وكانت‬ ‫شريف باشا‪ ،‬شرعت في توجيه عنايتها إلى تسوية الدين العام ‪ ،‬كما‬
‫الجتماعات تعقد فى البداية بمنزل عرابى ‪ .‬ومع تطور الحداث وزيادة‬ ‫تقدمت إلى الخديوى الجديد بمشروع تأسيس حكومة دستورية عصرية‬

‫‪63‬‬
‫سولت له نفسه أن يمنع ترقي المصريين العاملين بالقوات المسلحة‬ ‫التدخل الجنبى فى الشئون الداخلية للبلد أصدر "الحزب الوطني " فى‬
‫جميعها‪ ...‬وشرع في سن قانون يقيد الحكم بترقي الضباط المصريين‬ ‫نهاية عام ‪ 1879‬بيانا إصلحيا وقام بتوزيع عشرين ألف نسخة منه‪،‬‬
‫وأصدر أوامره بذلك وعممه على كافة وحدات الجيش نكاية بأبناء‬ ‫وقد إحتوى البيان على برنامج محدد يهدف إلى تخليص مصر من‬
‫الوطن وحرمانهم من الرتب وجعلهم أنفارا تحت تسلط الترك والجركس‬ ‫ويلتها ‪ .‬فى الوقت نفسه أصدر "اتحاد الشبيبة المصرية" مشروعا‬
‫ليكون لهم الحظ الوفر والنصيب الكمل من الترقى إلى الدرجات السامية‬ ‫إصلحيا موجها إلى الخديوى توفيق ‪ ،‬كما نشرت جماعة "مصر الفتاة"‬
‫والرتب الشريفة"‪ .‬وفي ليلة ‪ 14‬صفر سنة ‪ 1298‬هـ الموافق ‪15‬‬ ‫كتيبا خاصا تطالب فيه بحرية الصحافة ‪ .‬وفيما يتعلق بتلك البيانات التى‬
‫يناير ‪ 1881‬دعي أحمد عرابى على وليمة بمنزل نجم الدين باشا‬ ‫شكلت خطورة حقيقية على نظام الخديوى توفيق ‪ ،‬حاول رئيس الوزراء‬
‫بمناسبة عودته من أداء فريضة الحج ‪ ،‬ولما وصل عرابى إلى منزله‬ ‫رياض باشا إستنفار أجهزة المن الداخلية لمعرفة من وراء تلك البيانات‬
‫وجده غاصا بقادة الجيش وغيرهم من السياسيين ‪ ،‬فجلس عرابى بجوار‬ ‫‪ :‬فشدد الرقابة على كل من إشتبه فيهم ‪ ،‬وأمعن في السجن والنفي‬
‫محمد بك نجيب الجريدلي وكان بجانبه إسماعيل باشا كامل (وهو‬ ‫والمصادرة ‪ ،‬دون إدراك حقيقي لمصادر السخط العام الذى أخذ فى‬
‫جركسي الصل لكنه يتظاهر بحب العدل والنصاف) فأفضى إسماعيل‬ ‫التزايد يوما بعد يوم حتى داهمته حركة الجيش التي قامت استجابة‬
‫باشا إلى نجيب بك بما فعله وزير الحربية رفقى باشا من أخطاء ومنها‬ ‫لمطالب الجماهير وضباط الجيش الذين ضاقوا ذرعا بالمحسوبية‬
‫ما أصدره مؤخرا بإحالة عبد العال بك حلمي أميرالي(عميد) الكتيبة‬ ‫المفروضة في صفوف الجيش لصالح التراك والجراكسة ‪.‬‬
‫السودانية إلى ديوان وزارة الحربية ليكون معاونا فيه على الرغم من أن‬ ‫وبخصوص ضباط الجيش‪ ،‬نذكر هنا لما إعتلى توفيق باشا عرش البلد ‪،‬‬
‫عمره ل يتعدى الربعين عاما وتعيين خورشيد بك نعمان بد ًل منه رغم‬ ‫وسافر إلى السكندرية تم ترقية عدد من ضباط الجيش ومنهم عرابى‬
‫بلوغه الخامسة والستين من العمر وهو ضعيف ل قدرة له على‬ ‫الذى رقى إلى رتبة (عميد) وعين ياورا خديويا ضمن ياورانه وقائدا‬
‫الحركات العسكرية ‪ ،‬كما أصدر أمرا آخر برفت أحمد بك عبد الغفار‬ ‫على كتيبة المشاة الرابعة ومركزها العباسية بمدينة القاهرة ‪ .‬فى ذلك‬
‫مقدم الخيالة الذى لم يتعد الربعين من عمره وعين بدل منه ضابطا‬ ‫الوقت كان عثمان باشا رفقي وزيرا للحربية‪ ،‬وهنا يقول عرابى‪ " :‬كان‬
‫آخر جركسيا ‪ ،‬وأضاف إسماعيل باشا قائل‪ :‬لقد نصحت رفقى باشا‬ ‫وزير الحربية رفقى باشا رجلا جاهلا متعصب لجنسه(جركسى الصل)‪،‬‬

‫‪64‬‬
‫رأوني أفضوا إلي بما سمعته من نجيب بك وإسماعيل باشا كامل منذ‬ ‫بعدم ظلم الضباط المصريين ‪ ،‬ولكنه لم يصغ إلي " ‪ .‬وفى أثناء الجلسة‬
‫قليل " ‪ .‬فقلت لهم ‪ " :‬لقد سمعت هذا من غيركم فى الحفل ‪ ...‬فماذا‬ ‫وبينما هم جالسون إلتفت محمد بك نجيب إلى أحمد عرابى وهمس فى‬
‫تريدون؟ ‪ .‬قالوا ‪ " :‬ليس المر كذلك فقط ‪ ...‬بل أنه قد كثر اجتماع‬ ‫أذنه بما سمعه من إسماعيل باشا حتى ل يسمعه أحدا من الحاضرين ‪.‬‬
‫العنصر الجركسي في منزل خسرو باشا الفريق وهم يتحدثون في تاريخ‬ ‫وقد تبين لحمد عرابى أن كل من خورشيد بك نعمان والضابط الخر‬
‫دولة المماليك كل ليلة بحضور عثمان باشا رفقي ويلعنون خيري بك‬ ‫البديل لحمد بك عبد الغفار من الجراكسة‪ .‬وفى الحال نظر عرابى إلى‬
‫لتسليمه وإذعانه للسلطان سليم ‪ ...‬ويقولون أنه قد حان الوقت لرد‬ ‫إسماعيل باشا وقال له ‪ " :‬أحق ما قلته ؟ " ‪ .‬فرد عليه إسماعيل باشا ‪" :‬‬
‫بضاعتهم إليهم ‪ ...‬وأنهم ل يغلبون من قلة ‪ ...‬وظنوا أنهم يملكون‬ ‫نعم وقد قمت بتسليم هذه الوامر بنفسى إلى قلم الكتاب لتخاذ الجراءات‬
‫مصر ويستبدون بها كما فعل أولئك المماليك من قبلهم " ‪ .‬وأضاف‬ ‫الخاصة بتنفيذها ‪ .‬فرد عرابى ‪ " :‬إن هذه لقمة كبيرة ل يقوى عثمان‬
‫الضباط ‪ " :‬لقد تحققنا من صدق تلك النباء ممن يوثق بخبره " ‪ .‬فرد‬ ‫رفقي على هضمها "‪ .‬ويقول عرابى فى هذا الصدد ‪ :‬وبينما نحن حالسين‬
‫عليهم عرابى ‪ " :‬وماذا تريدون إذن ؟! " ‪ .‬فقالوا ‪ " :‬إنما جئناك لنرى‬ ‫فى الحفل وبعد تناولنا الطعام جاءني ضابط مصرى وأخبرني بأن كثيرا‬
‫رأيك " ‪ .‬فقال عرابى ‪ " :‬رأيي أن تتريثوا وتهدئوا روعكم وتعتمدوا على‬ ‫من الضباط ينتظرونني بمنزلي ‪ .‬وعلى الفور تركت الحفل وتوجهت‬
‫رؤسائكم وتفوضوا إليهم النظر في مصالحكم ‪ ...‬وهم يتخذون من بينهم‬ ‫إليهم ‪ ،‬فوجدت عددا كبيرا فى إنتظارى ومنهم الميرالي(عميد) عبد‬
‫رئيسا لهم يثقون به كل الوثوق ويسمعون قوله ويطيعون أمره‬ ‫العال بك حلمي حكمدار اللواء السوداني الموجود في طره ‪،‬‬
‫ويحفظونه بمعاضدتكم إذا أرادت الحكومة به شرا " ‪ .‬فقالوا ‪ " :‬إنا‬ ‫والبكباشي(رائد) خضر أفندي من اللواء السوداني أيضا ‪ ،‬وعلى بك‬
‫فوضنا إليك هذا المر ‪ ،‬فليس فينا من هو أحق به وأقدر عليه منك " ‪.‬‬ ‫فهمي أميرالي(عميد) لواء الحرس الخديوي بقشلق عابدين ‪ ،‬والرائد‬
‫فقال ‪ " :‬كل بل أنظروا غيري ‪ ،‬وأنا معكم وسأبذل كل جهدي ونصحي"‪.‬‬ ‫محمد أفندي عبيد من لواء الحرس الخديوى أيضا ‪ .‬والرائد ألفي أفندي‬
‫فقالوا ‪ " :‬إنا ل نبغي غيرك ول نثق إل بك " ‪ .‬لكن عرابى قال لهم أن‬ ‫يوسف من اللواء الرابع مشاة ‪ ،‬والمقدم أحمد بك عبد الغفار من لواء‬
‫المر عصيب ول يسع الحكومة إل قتل من يتصدى له‪ .‬فقالوا له ‪" :‬‬ ‫الخيالة وغيرهم من الضباط ‪ .‬ويضيف عرابى‪ " :‬كانوا جميعا في هياج‬
‫نحن نفديك ونفدي الوطن العزيز بأرواحنا " ‪ .‬فرد عرابى ‪ " :‬إذن ‪..‬‬ ‫عظيم ‪ ،‬إذ بلغهم صدور أوامر وزير الحربية قبل إرسالها إليهم‪ ...‬فلما‬

‫‪65‬‬
‫اليقاع بقادة الجيش والعساكر‪ ،‬وكذلك رفض كافة الجتماعات مع رئيس‬ ‫إقسموا لي على ذلك "‪ .‬وبالفعل أقسم الجميع على تولى عرابى زمام‬
‫الحكومة إل بعد التشاور وأخذ الموافقة ‪ .‬وهنا يقول عرابى‪ " :‬كان هدفنا‬ ‫المور ‪ .‬وفي الحال كتبت عريضة إلى رئيس الوزراء رياض باشا‬
‫إنشاء مجلس النواب كى يكون لسان حال المة لدى الحكومة ليرشدها‬ ‫تتضمن الشكوى من تعصب رفقي باشا لجنسه الحركسى وإجحافه بحقوق‬
‫إلى سبل حفظ الرواح الطاهرة والعراض الكريمة والموال العزيزة من‬ ‫الوطنيين المصريين ‪ ،‬وتمثلت بنودها فى التى‪:‬‬
‫العبث بها "‪ .‬وفي ‪ 15‬صفر ‪ 1298‬هـ الموافق ‪ 16‬يناير ‪ 1881‬ذهب‬ ‫أولً ‪ :‬عزل وزير الحربية رفقى باشا ‪ ،‬وتعيين غيره من أبناء الوطن‬
‫عرابى إلى وزارة الداخلية ومعه رفيقاه على بك فهمي وعبد العال بك‬ ‫عملً بالقوانين التي بأيدينا ‪.‬‬
‫حلمي ‪ ،‬وقدموا العريضة المذكورة إلى وكيل الداخلية خليل باشا يكن‬ ‫ثانيا ‪ :‬تأليف مجلس نواب من نبهاء المة تنفيذا للمر الخديوي الصادر‬
‫وطلبوا منه عرضها على رئيس الوزراء رياض باشا ‪ .‬فذهب خليل باشا‬ ‫عقيب ارتقائه الريكة الخديوية ‪.‬‬
‫يكن إليه ثم عاد بعد دقائق وأخبرهم بأن رئيس الوزراء يريد التحدث‬ ‫ثالثا ‪ :‬زيادة عدد الجيش العامل إلى ‪ 183‬ألف جندى طبقا للفرمان‬
‫معهم ‪ .‬وبالفعل قابل عرابى ورفيقاه رئيس الوزراء الذى طيب خاطرهم‬ ‫السلطاني ‪.‬‬
‫وقال لهم ‪ " :‬سأنظر في المر" ‪ .‬وإنصرف عرابى ومن معه ‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫رابعا ‪ :‬تعديل القوانين العسكرية بحيث تكون كافلة للعدل والمساواة بين‬
‫أسبوع ذهب عرابى ومعه رفيقاه إلى بيت رئيس الوزراء رياض باشا ‪.‬‬ ‫جميع الموظفين بصرف النظر عن اختلف الجناس والمذاهب ‪.‬‬
‫وحول هذه الزيارة يقول عرابى‪ " :‬ولما دخلنا عليه سألناه عما تم في‬ ‫ثم قرأت العريضة المذكورة على مسامع الحاضرين ‪ ،‬فوافق عليها جميع‬
‫أمر عريضتنا فأجابنا بقوله ‪ " :‬إن أمر هذه العريضة مهلك لكم ‪...‬‬ ‫الحاضرين ‪ .‬ووقع عليها عرابى ‪ ،‬كما وقع عليها علي بك فهمي وعبد‬
‫وهي أشد خطرا من عريضة أحمد فنى الذي أرسل إلى السودان ‪ (.‬يذكر‬ ‫العال بك حلمي ‪ .‬وبعد ذلك تم أخذ الترتيبات العسكرية لحفظ الخديوى‬
‫أن فنى كان كاتبا بديوان المالية طلب المساواة مع غيره من خدم‬ ‫والعائلة الخديوية والوزراء فى حال وقوع هجوم أو محاولة إغتيال من‬
‫الديوان ‪ ،‬ولكنه عوقب على طلبه وتم إرساله إلى السودان حيث توفى‬ ‫قبل الضباط الجراكسة ‪ .‬كما تم أخذ التدابير العسكرية لحفظ البنوك‬
‫هناك !)‪ .‬فأجابه عرابى ‪ " :‬إننا لم نطلب إل حقا وعدلً ‪ ...‬وليس في‬ ‫ومحال وبيوت التجار الجانب والمواطنين من مطامع الرعاع والبلطجية‬
‫طلب الحق من خطر ‪ ...‬وإنا لنعتبرك أبا للمصريين ‪ ،‬فما هذا التلويح‬ ‫‪ .‬وكذلك حفظ القوات العسكرية الوطنية من بطش الحكومة إذا أرادت‬

‫‪66‬‬
‫وهو ينظر إلى رفقى باشا ‪ " :‬إن ناظر الجهادية يضمن حفظ النظام " ‪.‬‬ ‫والتخويف ؟ " ‪ .‬فرد عليه رياض باشا‪ " :‬ليس في البلد من هو أهل لن‬
‫وعلى الفور رد وزير الحربية ‪ :‬أنا مستعد لحفظ النظام يا مولى‬ ‫يكون عضوا في مجلس النواب " ‪ .‬فقال له عرابى ‪ " :‬إنك مصري وباقي‬
‫والقبض علي الضباط الثلثة بسهولة ‪ .‬ثم قدم رفقى باشا محضر‬ ‫الوزراء مصريون مثلك ومثل الخديوى أيضا ‪ ....‬أتظن أن مصر ولدتكم‬
‫الجلسة إلـى أحمد خيري باشا رئيس الديوان الخديوى ليقرأه أمام‬ ‫ثم عقمت ؟ ‪ ...‬كل فإن فيها العلماء والحكماء والنبهاء ‪ ....‬وعلى فرض‬
‫الحاضرين بعد أن وافق عليه الخديوى ‪ ،‬وقد جاء فيه التى‪ " :‬إن‬ ‫أن ليس فيها من يليق لن يكون عضوا في مجلس النواب أفل يمكن‬
‫الضباط الثلثة أحمد عرابي وعلى فهمي وعبد العال حلمي مفسدون ‪،‬‬ ‫إنشاء مجلس يستمد من معارفكم ويكون كمدرسة ابتدائية تخرج لنا بعد‬
‫ولذلك يقتضي إيقافهم من الخدمة ومحاكمتهم على فسادهم ومجازاتهم‬ ‫خمسة أعوام رجا ًل يخدمون الوطن بصائب فكرهم ‪ ،‬ويعضدون الحكومة‬
‫بالعقاب الصارم في مجلس عسكري فوق العادة برئاسة وزير الحربية‪،‬‬ ‫في مشروعاتها الوطنية ؟"‪ .‬ويضيف عرابى ‪ " :‬وعندما سمع رياض باشا‬
‫ويكون من أعضائه إستون باشا رئيس أركان حرب ( أمريكي الجنسية)‬ ‫كلمي هذا بانت عليه الدهشة ‪ ...‬وكأنما كبر لديه ما سمعه منا ‪ ...‬ثم‬
‫ولرمى باشا ناظر المدارس الحربية (فرنسي الجنسية) وغيرهما من‬ ‫قال لنا ‪ " :‬سننظر بدقة في طلباتكم هذه " ‪ .‬وعليه إنصرف عرابى ومن‬
‫الباشاوات الجركس " ‪ .‬وبعد النتهاء من قراءة محضر الجلسة وقع‬ ‫معه وهم جميعا فى إنتظار رد رئيس الوزراء رياض باشا‪ .‬وفي غرة‬
‫عليه الخديوى توفيق وسلمه إلى عثمان باشا رفقي ليقوم بتنفيذه ‪ ،‬ثم‬ ‫ربيع أول سنة ‪1298‬هـ الموافق ‪ 31‬يناير ‪ 1881‬انعقد بعابدين مجلس‬
‫إنفض المجلس ‪ .‬وفي مساء ذلك اليوم (‪ 31‬يناير ‪ )1881‬أرسل وزير‬ ‫برئاسة الخديوى توفيق وحضره جميع الباشوات العاملون والمتقاعدون‬
‫الحربية رفقى باشا تذاكر خاصة إلى الضباط الثلثة يدعوهم فيها‬ ‫من الترك والجركس‪ ،‬وقرروا جميعا في ذلك الجتماع إيقاف الضباط‬
‫للحضور إلى ديوان الجهادية (الحربية) بقصر النيل في صباح يوم ‪2‬‬ ‫الثلثة الذين وقعوا على العريضة عن العمل ‪ ،‬على أن يتم التحقيق‬
‫ربيع أول سنة ‪1298‬هـ الموافق أول فبراير ‪ 1881‬للحتفال بزفاف‬ ‫معهم أمام مجلس فوق العادة ‪ .‬لكن رئيس الوزراء رياض باشا أعلن‬
‫جميلة هانم شقيقة الحضرة الخديوية ‪ .‬وهنا يقول عرابى ‪ " :‬لما وصلتنا‬ ‫عن تحفظه على قرارهم وقال لهم‪ :‬إذا قررتم إيقاف الضباط الثلثة فلبد‬
‫الدعاوى أدركنا أن رفقى باشا يريد أن يخدعنا ‪ ،‬ويبطش بنا كما فعل‬ ‫من إيقاف وزير الحربية رفقى باشا أيضا‪ ،‬وإل تفاقم الخطر وإضطرب‬
‫محمد علي باشا بأمراء المماليك حينما دعاهم إلى وليمة بالقلعة وبطش‬ ‫النظام فى البلد ‪ .‬لكن الخديوى لم يوافق على ما قاله رياض باشا وقال‬

‫‪67‬‬
‫بسوء إلى أحد من الجراكسة ول إلى غيرهم من الضباط لنهم إخواننا‬ ‫بهم عن آخرهم كما هو واضح بالتاريخ ‪ ،‬خاصة وأن ميعاد الزفاف‬
‫‪ ...‬فإننا ل نريد إل الإنصاف والمساواة ‪ .‬ونظر عرابى حوله فوجد‬ ‫الملكي لم يكن قد حان بعد ‪ ...‬لذلك كانت تلك الحيلة سابقة لوانها ‪.‬‬
‫بجانبه إسماعيل باشا كامل فعانقه أمام العساكر ‪ .‬ثم قال للضباط‬ ‫وعليه إتخذنا حذرنا وهيأنا ما يلزم لنجاتنا بالتفاق مع إخواننا الضباط ‪،‬‬
‫والعساكر وهو يشير إلى إسماعيل باشا ‪" :‬أن هذا الباشا جركسي ‪،‬‬ ‫ثم ذهبنا في الوقت المعين بالدعوة بعد أخذ كافة الحتياطات الممكنة فى‬
‫ولكنه أخي وحرام علينا دمه وماله وعرضه ‪ ،‬وكذلك غيره من‬ ‫طريقنا إلى ديوان الجهادية بقصر النيل ‪ .‬ولما وصلنا وجدناه غاصا‬
‫الجراكسة" ‪ .‬وهنا فقط انصرف جميع الضباط والعساكر إلى مراكزهم‬ ‫بجميع الجراكسة من رتبة الملزم فما فوقها إلى رتبة الفريق ‪ ...‬وكانت‬
‫وبالعودة إلى عرابى ‪ ،‬فيذكر أنه بمجرد خروجه من السجن‬ ‫طائعين ‪.‬‬ ‫في أيدي شبانهم الطبنجات وكلهم في فرح ومرح " ‪ .‬ويضيف عرابى‪" :‬‬
‫أمر الملزم يوسف أفندي فهمي بالذهاب مع عساكر لواء الحرس‬ ‫وبمجرد وصولنا إنعقد المجلس المؤلف من الباشاوات ‪ ...‬وتلى علينا‬
‫الخديوي إلى قشلق عابدين ‪ ،‬فى الوقت نفسه توجه عرابى إلى مركز‬ ‫المر الخديوي الخاص بإيقافنا ومحاكمتنا ‪ ...‬ثم نزعت عنا سيوفنا‬
‫لواء الحرس الخديوى وجمع الضباط والصف ضباط وألقي عليهم كلمة‬ ‫وساقونا إلى السجن في قاعة بقصر النيل ‪ ...‬وكان مرورنا بين صفين‬
‫أوصاهم فيها بملزمة الهدوء والسكينة وقال لهم ‪ " :‬إننا ل نطلب إل‬ ‫من الضباط الجركس المسلحين بالطبنجات‪ ...‬وما أن وصلنا إلى غرفة‬
‫العدل والمساواة مع أخواتنا الجراكسة والتراك ‪ ،‬وأن ل يكون المصري‬ ‫السجن حتى مر علينا خسرو باشا كبير الجراكسة بباب السجن وصار‬
‫محتقرا في نظر الجناس الخرى ‪ ...‬ونريد كذلك مجلسا نيابيا لحفظ‬ ‫يهزأ بنا ويسخر منا بقوله‪( :‬أية زمبللي هرف لر) وهى تعني فلحين‬
‫حقوق آبائنا وأخواتنا وأبنائنا من ظلم المستبدين الظالمين ‪ ...‬وأن تنقح‬ ‫شغالين بالمقاطف وهو تشبيه باحتقار المصرين "‪ .‬ولكن بعد دقائق‬
‫القوانين العسكرية حتى تكون كافلة للمساواة في الترقيات والمكافآت‬ ‫معدودة جاءت كتيبتان من لواء الحرس الخديوي ودخل رجالهم ديوان‬
‫وزيادة المرتبات والماهيات التي مضى عليها ثمانون عاما وخاصة‬ ‫الحربية ‪ ،‬وأسرع عدد من الضباط والعساكر بإخراج عرابى ورفاقه من‬
‫مرتب النفر العسكري الذين فيهم من له زوجة وأولد ووالدة يتضورون‬ ‫السجن ‪ ،‬ولما رأى وزير الحربية ذلك الهجوم الكاسح فر هاربا ومعه‬
‫جوعا لسوء حظ عائلهم " ‪ .‬ثم كتب عرابى إلى وكيل دولة فرنسا‬ ‫رجال المجلس الذى كان منعقدا منذ قليل إلى سراي عابدين ‪ .‬وبمجرد‬
‫السياسي البارون (دورنج) راجيا منه أن يخبر عنه جميع وكلء الدول‬ ‫الفرج عن عرابى قال لضباطه وجنوده ‪ " :‬أرجوكم أل تمدوا أيديكم‬

‫‪68‬‬
‫والبارودي عريضة المطالب وذهبا ليخبرا الخديوى‪ ،‬ثم عادا ثانية وقال‬ ‫المتحابة مع مصر وخصوصا قنصل جنرال دولة انجلترا بأنه قد حصل‬
‫لعرابى ورفاقه بأن الخديوى قبل طلباتكم ‪ ،‬وقبل أيضا عزل وزير‬ ‫خلف المصريين وبين حكومتهم ‪ ،‬وأن المصريين يأملون منهم التوسط‬
‫الحربية ‪ ،‬وعليكم الن أن تختاروا وزيرا غيره ‪ .‬فقال عرابى بعد أن‬ ‫في إصلح ذات البين ‪ .‬وأمضي عرابى ورفاقه وزملئهم من الضباط‬
‫تشاور مع رفاقه من قادة الضباط‪ " :‬ل خيرة لنا ‪ ...‬وإنما نريد وزيرا‬ ‫والجنود ليلتهم في القشلق وكانوا جميعا على أعلى درجات الحيطة‬
‫وطنيا يعينه الخديوى " ‪ .‬فرد خيري باشا ‪ " :‬إن الخديو فوض إليكم‬ ‫والحذر ‪ .‬أما قناصل الدول الوربية فقد ذهبوا إلى عابدين وأشاروا على‬
‫اختيار الوزير حتى ل تشكوا فيما بعد " ‪ .‬وبعد مشاورات سريعة بين‬ ‫الخديوى توفيق بإجابة طلبات عرابى ورفاقه حسما للنزاع ومنعا للخطر‬
‫عرابى ورفاقه قال عرابى‪ " :‬إنا نرضى بتعيين محمود سامي باشا‬ ‫‪ .‬وفي صباح ‪ 3‬ربيع الول سنة ‪1298‬هـ‪ .‬الموافق ‪ 2‬فبراير ‪1881‬م‬
‫وزيرا للحربية " ‪ .‬فذهب خيرى باشا وأبلغ الخديوى بإختيارهم ‪ .‬وبناء‬ ‫ذهب جميع الباشوات إلى الخديوى وتشاوروا في أمر تلك الزمة ‪ ،‬فقال‬
‫عليه صدرت الوامر بتعيين محمود سامي باشا البارودي وزيرا للحربية‬ ‫لهم وزير الوقاف محمود باشا سامي الشهير (بالبارودي) ‪ " :‬أني أرى‬
‫مع بقاء وزارة الوقاف في عهدته أيضا كما كانت ‪ .‬وعلى الفور تم‬ ‫العساكر على الطاعة بدليل هتافهم باسم الخديوى ‪ ،‬وأن الموسيقى‬
‫عودة الضباط الثلثة (عرابى ورفاقه) إلى عملهم شريطة اللتزام بنبذ‬ ‫العسكرية ل زالت تعزف بالسلم الخديوى ‪ ،‬فلو أجيبت مطالبهم فسوف‬
‫الفوارق العصبية والتمسك بعروة الخاء والمساواة ‪ .‬وبعد ذلك تم سن‬ ‫تنتهي هذه الزمة بسلم" ‪ .‬وبناء على ذلك وافق الخديوى على تعيين‬
‫القوانين العسكرية وتعديلها وتنقيحها ‪ .‬وعلى الرغم من إستقرار‬ ‫محمود سامي باشا وخيري باشا رئيس الديوان الخديوي للمفاوضات مع‬
‫الوضاع داخل الجيش إل ان الدسائس ظلت قائمة فى محاولة للوقيعة‬ ‫عرابى فيما يخص مطالبهم الصلحية ‪ .‬وبالفعل ذهب كل من البارودى‬
‫بعرابى وزملئه ‪ ،‬وقد نجح الجيش فى كشفها والعلن عنها‪ .‬وعندما‬ ‫وخيرى باشا إلى الضباط وسألا عرابى ورفاقه عما يريدوه ‪ .‬فقال لهما‬
‫علم محمود باشا سامى البارودى بتلك الدسائس قرر التصدي لها علنا‬ ‫عرابى‪ :‬إننا على الطاعة ‪ ...‬ول نريد إل الصلح ‪ .‬فسألهم خيري باشا‬
‫وهو ما أغضب المحيطين بالخديوى توفيق الذى قرر عزله واستبدل به‬ ‫‪ " :‬وما هو الصلح ؟ " فسلمه عرابى ورقة وهو يقول له ‪ " :‬هو ما‬
‫صهره داود باشا يكن ‪ ،‬كما عزل أيضا مأمور ضبطية المحروسة أحمد‬ ‫أوضحناه بعريضتنا هذه وهى رغبتنا فى البدء أول بعزل وزير الحربية‬
‫باشا الدرمللي الذى وافق على مطالب الجيش الوطنية وعين بدل منه‬ ‫عثمان رفقي باشا ثم بعد ذلك تنفيذ باقي الطلبات " ‪ .‬واخذ خيرى باشا‬

‫‪69‬‬
‫‪ .‬فقال لهم أن المخرج الوحيد هو قيامهم بجمع العساكر وتسليحهم ثم‬ ‫عبد القادر باشا حلمي ‪ .‬ولما استقر داود باشا في وزارة الحربية توجه‬
‫إرسال مجموعة إنتحارية منهم لقتل الخديوى ‪ ،‬وأظهر لهم حماسه‬ ‫عرابى وعدد من كبار الضباط المصريين إليه لتهنئته بالمنصب الجديد‬
‫وإستعداده لقيادة ذلك النقلب ‪ .‬وهنا يقول عرابى‪ " :‬ولما قال لنا ذلك‬ ‫وطلبوا منه حث الخديوى للتصديق على بقية قوانين الصلحات‬
‫‪ ..‬نظرنا إلى بعضنا البعض ‪ ..‬ثم نظرنا إليه ‪ ...‬وفهمنا ما يرمى إليه أل‬ ‫العسكرية التي إتفق عليها ‪ ،‬ووعدهم داود باشا خيرا ‪ .‬ولكن ما حدث‬
‫وهو الوقيعة بنا ‪ ...‬واستعذنا بال من شر رأيه ‪ ،‬لننا لم نرِد إل‬ ‫بعد ذلك كان مخيبا لمال الضباط ‪ ،‬فقد أصدر داود باشا منشورا تم‬
‫الصلح بالتي هي أحسن ‪ ،‬خاصة وأن ذلك العمل الفظيع كان ضد‬ ‫توزيعه على قادة الجيش وضباطه أمر فيه بأل يجتمع الضباط مع بعضهم‬
‫مبادئنا على خط مستقيم" ‪ .‬وفى الحال قرر عرابى ورفاقه تشديد‬ ‫في المنازل أو في أحياء المدينة ‪ ،‬وأل يتركوا مراكز ثكناتهم العسكرية‬
‫المراقبة حول ثكناتهم وحول كل ما يحيط بهم من أجل إحباط تلك‬ ‫ليلً أو نهارا ‪ ،‬وشدد على أنه إذا إجتمع اثنان منهم فأكثر مع بعضهم في‬
‫الدسائس ‪ .‬فى الوقت نفسه لحظ عرابى ورفاقه كثرة تردد السير مالت‬ ‫المدينة فسيتم ضبطهم بمعرفة رجال الضبطية وسجنهم فورا ‪ .‬وأخذ‬
‫ل ونهارا دون غيره من‬
‫(قنصل انجلترا بمصر) على مقر الخديوى لي ً‬ ‫ل على مراكز الوحدات العسكرية‬
‫وزير الحربية داود باشا يمر بنفسه لي ً‬
‫وكلء الدول الوربية وتبينوا أنه كان وراء تلك المؤامرات ‪ ،‬وهنا قرر‬ ‫ليرى هل تنفذ أوامره أم ل؟ ‪ .‬أما مأمور الضبطية عبد القادر باشا‬
‫عرابى ورفاقه عرض تفاصيل مخاوفهم على جللة أمير المؤمنين بالباب‬ ‫حلمي فقد أرخى العنان لجواسيسه حول منازل كبار وصغار الضباط وفي‬
‫العالى بالستانة ليحاط علما بما يجري في مصر حتى ل يتورط فيما قد‬ ‫الطرقات فى محاولت للقبض عليهم وسجنهم‪ .‬ولما كانت أوامر وزير‬
‫يصل إليه من دسائس أعداء البلد ‪ .‬وعلى الفور ذيل عرابى ورفاقه‬ ‫الحربية مخالفة للقوانين العسكرية ومهينة للشرف العسكري فقد قرر‬
‫العريضة المذكورة بإمضائه وإمضاءات إخوانه علي بك فهمي وعبد‬ ‫عرابى ورفاقه من الضباط وضع حد لتلك الدسائس التي يقوم بها‬
‫العال بك حلمي وأحمد عبد الغفار بالنيابة عن الجيش ‪ ،‬وكذلك أحمد بك‬ ‫الوزير ومأمور الضبطية القضائية عبد القادر حلمى‪ .‬وقام عرابى وعدد‬
‫أبو مصطفى وأحمد بك الصباحي وعثمان باشا فوزي وغيرهم من‬ ‫من كبار الضباط بالذهاب إلى راغب باشا فى محاولة لنهاء تلك‬
‫وجهاء المة بالنيابة عن جميع المصريين ‪.‬‬ ‫الجراءات التعسفية ضد حرية تحرك الضباط ‪ .‬ولكن الوزير أكد لهم أن‬
‫الخديوى هو ما أمره بذلك ‪ ،‬فسأله عرابى ورفاقه عن إيجاد مخرج لذلك‬

‫‪70‬‬
‫برفض تحرك قواته إلى السكندرية‪ .‬وتعاطف مع ذلك الجراء الذى‬ ‫وبعد فترة وجيزة من حادثة قصر النيل ومرورها بسلم ‪ ،‬طلب الخديوى‬
‫إتخذه ضباط اللواء الثالث مشاة جميع وحدات الجيش بالقاهرة ‪ .‬ويرجع‬ ‫توفيق كل من أحمد عرابى ورفاقه قبل سفره إلى مصيفه بالسكندرية ‪،‬‬
‫سبب ذلك العصيان بالجيش إلى تراجع الحكومة والخديوى عن تنفيذ‬ ‫وتحدث معهم حول ضرورة الحفاظ على المن العام داخل البلد ‪ ،‬كما‬
‫وثيقة الصلح السياسى المتعلقة بإنشاء مجلس نواب عصرى وعدم‬ ‫أمرهم بالذهاب إلى جميع قناصل الدول لطمأنتهم على رعاياهم وإعطائهم‬
‫تصديق الخديوى على وثيقة الصلح السياسى وعلى رأسها إصلح‬ ‫كلمة الشرف بحفظ أرواحهم وأموالهم ‪ .‬وقد فعل عرابى ورفاقه ذلك ‪ ،‬ثم‬
‫القوانين العسكرية التى وافق عليها الخديوى عقب أحداث قصر النيل فى‬ ‫بعثوا بذلك التعهد الرسمى بحفظ أمن البلد إلى جميع كتائب المشاة‬
‫فبراير ‪.1881‬‬ ‫والخيالة والمدفعية وفروع الحربية والبحرية وطلبوا منهم أن يخلدوا‬
‫واقعة ساحة قصر عابدين‪ :‬وبناء علي أمر وزير الحربية الخاص‬ ‫إلى الهدوء والسكينة ‪.‬‬
‫بإستبدال بعض وحدات الجيش بين القاهرة والسكندرية تم عقد إجتماع‬ ‫الخديوى توفيق يتراجع عن تعهداته‪ :‬بعد عودة الخديوى إلى القاهرة من‬
‫عاجل لكبار ضباط الجيش وكبار الساسة بالحزب الوطني بمنزل عرابى‬ ‫مصيفه بالسكندرية أمر وزير الحربية الجديد داود باشا يكن بأن يصدر‬
‫وتم التفاق على القيام بمظاهرة وطنية ثانية تضم هذه المرة الجيش‬ ‫أمرا إلى اللواء الثالث مشاة بقيادة إبراهيم بك حيدر بالتوجه إلى‬
‫والشعب معا ‪ .‬وكلف عرابى بعض الضباط بسرعة التصال بجميع ضباط‬ ‫السكندرية ‪ ،‬على أن يحل محله لواء السكندرية بقيادة حسين بك مظهر‬
‫الجيش وكافة الوحدات العسكرية من مشاة وخيالة ومدفعية الموجودين‬ ‫فى القاهرة ‪ .‬وهنا تكهرب الوضع داخل قيادة قوات الجيش بالقاهرة‪،‬‬
‫بالقاهرة مستخدمين فى ذلك سلح الشارة وإعلمهم بالحضور جميعا‬ ‫وأخذت الشكوك تدور برؤوس كبار الضباط ‪ ،‬وسرت شائعة تقول بأن‬
‫إلى ميدان عابدين فى الساعة العاشرة من صباح يوم ‪ 9‬سبتمبر ‪1881‬‬ ‫الحكومة تسعى للتخلص من قادة الجيش وذلك بإغراقهم في كوبري كفر‬
‫لعرض مطالب الجيش والشعب العادلة على الحضرة الخديوية ‪ .‬فى‬ ‫الزيات كما حدث مع المير حليم باشا والمير أحمد إبن إبراهيم باشا في‬
‫الوقت نفسه قام عرابى ورفاقه من كبار القادة بإبلغ وزير الحربية‬ ‫عهد الخديوى سعيد باشا ‪ .‬وعندما إجتمع إبراهيم بك حيدر مع ضباطه‬
‫كتابيا ليخبر الخديوى توفيق بأن جميع وحدات الجيش ستحضر إلى‬ ‫وأخبرهم بالأمر الذى أصدره وزير الحربية رفض جميع ضباطه تنفيذ‬
‫ساحة عابدين في الساعة فى الساعة العاشرة صباح ‪ 9‬سبتمبر ‪1881‬‬ ‫المر ‪ .‬وعليه كتب إبراهيم حيدر إلى وزارة الحربية ليحيطها علما‬

‫‪71‬‬
‫الخديوى ‪ ..‬وهى مطالب لبد منها لضمان حرية المة وإستقللها ‪ .‬فرد‬ ‫لعرض مطالب الشعب الخاصة بالإصلح السياسى والعسكرى للبلد من‬
‫الرجل عليهم ‪ " :‬سوف أخبر مولنا بذلك " ‪ .‬وفى تلك السويعات توجه‬ ‫أجل ضمان مستقبلها ‪ .‬كما كتب أيضا إلى قناصل الدول مؤكدا لهم أنه ل‬
‫الخديوى توفيق إلى القلعة ومعه رياض باشا وخيري باشا وذلك فى‬ ‫خوف مطلقا من تلك المظاهرة على رعاياهم لنها تتعلق فقط بأحوال‬
‫محاولة لمنع اللواء الثالث من الذهاب إلى ساحة عابدين ‪ .‬وعند وصول‬ ‫البلد الداخلية ‪ .‬فى الوقت نفسه قام عرابى بالتنسيق مع أعضاء الحزر‬
‫الخديوى إلى القلعة وجد اللواء الثالث فى حالة إستعداد للتحرك وحامل‬ ‫الوطنى وقادة الحركات الوطنية الخرى داخل البلد بخصوص مطالب‬
‫سلحه فى إنتظار أمر قائده بالتحرك‪ .‬وهنا طلب الخديوى بمثول جميع‬ ‫الصلح السياسى وعلى رأسها البند المتعلق بمجلس شورى النواب فى‬
‫ضباط اللواء أمامه ‪ ،‬وعندما إمتثلوا قام بتوبيخهم ‪ ،‬ثم إقترب من الرائد‬ ‫صورته العصرية ‪ .‬وفى هذا الصدد يقول عرابى‪ " :‬ولما وصل كتابي‬
‫فوده أفندي حسن وأمسكه من سترته العسكرية بطريقة غير لئقة وقال‬ ‫إلى وزير الحربية داود باشا يكن أسرع الخير بعرضه على الخديوى‬
‫له ‪ " :‬أمثالك يعارض أوامرى ويسعى إلى وقف إجراءاتها ؟ " ‪ .‬وهنا‬ ‫الذي استدعى رياض باشا رئيس النظار(الوزراء) في الحال وفاوضه في‬
‫هاج العساكر عندما رأوا الخديوى يوبخ قائدهم ويمسكه من سترة‬ ‫المر ‪ ...‬ثم أرسل إلينا طه باشا لطفي لنعيد النظر فى القيام بالمظاهرة"‬
‫ملبسه العسكرية بطريقة مهينة ‪ .‬وعلى الفور أمر النقيب محمد أفندي‬ ‫‪ .‬ولكن فى تلك الثناء ذهب الخديوى ومعه رياض باشا وخيري باشا‬
‫السيد البروجية بضرب نوبة " سونكي ديك" إستعدادا للقتال بالسلح‬ ‫رئيس ديوانه إلى رئاسة لواء الحرس بقشلق عابدين وجمع الضباط‬
‫البيض ‪ ،‬فأسرع العساكر إلى تركيب السونكى في رؤوس بنادقهم‬ ‫والعساكر وخطب فيهم قائل‪ " :‬أنتم أولدي وحرسي الخصوصي فل‬
‫وأحاطوا بالخديوى ومن معه صارخين بقولهم (أترك الرائد فوده) ‪.‬‬ ‫تتبعوا التعصب الذميم ول تقتدوا بأعمال الليات الخرى" ‪ .‬فأجابوه‬
‫فتركه الخديوى فى الحال وقال لـ فوده ‪ " :‬مر عساكرك بأن يبتعدوا عنا‬ ‫بالسمع والطاعة ‪ .‬ثم توجه الخديوى إلى علي بك فهمي قائد لواء‬
‫يا بكباشي " ‪ .‬فأمر الرائد فوده العساكر بالرجوع إلى حالتهم الولى ‪.‬‬ ‫الحرس وأمره بأن يقوم بتوزيع عساكره على نوافذ السراي وأبوابها من‬
‫وإنصرف الخديوى ومن معه سالكين طريق الجبل قاصدين العباسية‬ ‫الداخل ليتخذوها متاريس لهم عند الضرورة ‪ .‬وقام على فهمى بتنفيذ‬
‫ليمنعوا عرابى ورفاقه من القيام بما عزموا عليه ‪ .‬ولما وصل الخديوى‬ ‫ذلك فى الحال ‪ .‬أما طه باشا فقد ذهب لمقابلة عرابى ورفاقه وسألهم ‪:‬‬
‫إلى مركز قيادة اللواء الذى يرأسه عرابى وبحث عنه فلم يجده ‪ ،‬لكن‬ ‫ماذا تريدون ؟ ‪ .‬فأجابه عرابى ‪ :‬نريد عرض مطالبنا العادله على‬

‫‪72‬‬
‫وذخائره بقيادة علي بك فهمي داخل السراي بحيث يكون على أهبة‬ ‫النقيب النوباتجى أبلغه بأن عرابى توجه بعدد من كتائب اللواء ومعه‬
‫الستعداد للدفاع عنها إذا إقتضى المر ذلك ‪ .‬لكن عرابى طلب من على‬ ‫كتيبة المدفعية بقيادة إسماعيل بك صبري بمدافعها المجهزة بالذخيرة إلى‬
‫بك فهمى إعادة إنتشار لوائه في الميدان بدل من داخل السراى ‪ ،‬فأمر‬ ‫ساحة قصر عابدين منذ ساعة ‪ .‬فقفل الخديوى راجعا إلى السراي ‪ .‬فى‬
‫على فهمى لوائه بأخذ المحل المعين له في الدائرة ‪ .‬ثم صار ترتيب‬ ‫نفس التوقيت كان عبد العال بك حلمي قائد اللواء السوداني فى طريقه‬
‫ألوية المدفعية والخيالة والمشاة على شكل مربع ‪ .‬وحضر بعد ذلك‬ ‫إلى سراى عابدين ‪ ،‬ولما وصل إلى ساحة المنشية أمر العساكر‬
‫اللواء الثاني من قصر النيل يقوده العقيد أحمد أفندي صادق ومعه أحمد‬ ‫بالستراحة وتنظيف ملبسهم من التربة ‪ ،‬وهناك بلغه خبر ذهاب‬
‫أفندي عبد السلم وذلك بعد امتناع العميد محمد بك شوقي وبعض ضباط‬ ‫الخديوى إلى القلعة فأخذ عبد العال حلمى وحدتين من العساكر وصعد‬
‫اللواء عن مرافقتهم ‪ .‬وجاء اللواء الثالث من القلعة بقيادة فوده أفندي‬ ‫بهما إلى القلعة ليستكشف المر الذي أوجب حضور الخديوى ‪ .‬وعندما‬
‫حسن ‪ ،‬وكذلك اللواء السوداني بقيادة عبد العال بك حلمي ‪ ،‬وتبعهم‬ ‫وصل عبد العال بك حلمى إلى مركز اللواء الثالث واستعلم عن سبب‬
‫كتائب الشئون الدارية والحملة والشارة يقودها المقدم إبراهيم بك‬ ‫مجيء الخديوى فأحيط علما بما حدث ‪ ،‬وعليه نزل على الفور من القلعة‬
‫فوزي ‪.‬‬ ‫وخلفه وحدات اللواء الثالث يقودها الرائد فوده حسن لن العميد إبراهيم‬
‫عرابى والخديوى ‪ :‬إكتمل اجتماع الجيش في عابدين وأصبح الميدان‬ ‫بك حيدر قد ترك اللواء الثالث وذهب إلى بيته حتى ل يشترك في تلك‬
‫غاصا بجماهير الشعب من الوطنيين والجانب وكانت نوافذ البيوت‬ ‫المظاهرة هلعا وجبنا ونذالة ‪.‬‬
‫المجاورة للسراي وأسطح المنازل مزدحمة بالناس من كافة العمار‪.‬‬ ‫وفى ساحة قصر عابدين كان المشهد كالتالى‪ :‬كان أول من حضر إلى‬
‫ولما عاد الخديوى من العباسية دخل السراي من الباب الشرقي المسمى‬ ‫ميدان عابدين لواء السواري بقيادة أحمد بك عبد الغفار ‪ ،‬ثم حضر‬
‫(بباب باريز) وصعد إلى اليوان ثم نزل منه ومشى في الميدان وحواليه‬ ‫عرابى بلواء العباسية ومعه كتيبة المدفعية بقيادة إسماعيل بك صبري ‪،‬‬
‫المستر كوكسن (قنصل انجلترا في السكندرية) والجنرال جولد سميث‬ ‫وكانت بطاريات المدافع تتخلل كتائب المشاة أثناء المسير‪ ،‬وكان ذلك في‬
‫(مراقب الدائرة السنيه) ونفر من رجال المن ‪ ،‬ولما بلغ وسط الساحة‬ ‫يوم الجمعة الموافق ‪ 15‬شوال سنة ‪1298‬هـ و ‪ 9‬سبتمبر سنة ‪1881‬م‬
‫طلب حضور أحمد عرابى إليه ‪ .‬وتوجه إليه عرابى ليعرض مطالب‬ ‫‪ .‬فى الوقت نفسه تم توزيع لواء الحرس الخديوي بكافة أسلحته‬

‫‪73‬‬
‫ولم يخلقنا تراثا وعقارا ‪ ،‬فوال الذي ل إله إل هو إننا سوف ل نورث ‪،‬‬ ‫المة وكان راكبا جواده وسيفه في يده ومن خلفه نحو ثلثين ضابطا ‪.‬‬
‫ول نستعبد بعد اليوم ! " ‪ .‬وأثناء ذلك الحوار النارى أشار المستر‬ ‫فلما إقترب منه عرابى صاح به الخديوى أن يترجل وأن يغمد سيفه ‪..‬‬
‫كوكسن على الخديوى توفيق بالرجوع إلى السراى خشية إصابته بسوء‬ ‫ففعل عرابى ‪ ،‬ثم إقترب منه أكثر وفي تلك اللحظة أشار المستر كوكسن‬
‫إذا تطور الحديث مع عرابى ولكن الخديوى لم يفعل ‪ .‬وبعد إنتهاء‬ ‫على الخديوى بأن يطلق غدارته على أحمد عرابى ليقتله ‪ .‬وهنا إلتفت‬
‫الحديث عاد الخديوى ومن معه إلى داخل السراي ‪ .‬ثم بعد فترة وجيزة‬ ‫عرابى سريعا نحو كوكسن وقال بصوت جهورى تملئه الثقة وهو يشير‬
‫عاد المستر كوكسن ومعه المستر كلفن المراقب المالي النجليزي ‪،‬‬ ‫بيده إلى ما حوله‪ " :‬أفل تنظر إلى من حولنا من العساكر" ‪ .‬وهنا يقول‬
‫وتحدث كوكسن مع عرابى بالنيابة عن الخديوى كرسول من طرفه ‪،‬‬ ‫عرابى‪ " :‬ثم صاح الخديوى فيمن خلفي من الضباط أن اغمدوا سيوفكم‬
‫وقال له ‪ " :‬إن طلب إسقاط الوزارة وطلب تأليف مجلس النواب من حق‬ ‫وعودوا إلى بلكاتكم ‪ ...‬فلم يفعلوا وظلوا وقوفا خلفي ودم الوطنية يغلي‬
‫المة وليس من حقوق الجيش ‪ ،‬ول لزوم لطلب زيادة الجيش لن‬ ‫في مراجل قلوبهم والغضب ملء جوارحهم " ‪ .‬ويضيف عرابى‪ " :‬ولما‬
‫المالية ل تسمح بذلك " ‪ .‬فرد عليه عرابى ‪ " :‬أعلم يا حضرة القنصل‬ ‫وقفت أمامه مباشرة مؤديا التحية العسكرية خاطبني الخديوى بقوله ‪" :‬‬
‫أن هذه المطالب ‪ ،‬ما هى إل مطالب الشعب كله ‪ ،‬وأنا هنا الن نائبا‬ ‫ما هي أسباب حضورك بالجيش إلى هنا ؟ " ‪ ..‬فأجبته بقولي ‪ " :‬جئنا يا‬
‫عنهم في تنفيذها بوساطة هؤلء العساكر الذين هم إخوانهم وأولدهم‬ ‫مولي لنعرض عليك مطالب الجيش والمة ‪ ،‬وكلها طلبات عادلة" ‪..‬‬
‫‪ ...‬وهذا الجيش هو القوة التي ينفذ بها كل ما يعود على الوطن بالخير‬ ‫فقال ‪ " :‬وما هي هذه الطلبات ؟ " ‪ ...‬فقلت ‪ " :‬هي إسقاط الوزارة‬
‫والمنفعة " ‪ .‬ثم رفع عرابى يده وأشار بها إلى جماهير الشعب‬ ‫المستبدة ‪ ،‬وتأليف مجلس نواب على النسق الوربي ‪ ،‬وزيادة عدد‬
‫المحتشدة حول السراى وعلى الرض وفوق المنازل وعلى أسوار‬ ‫الجيش طبقا لما هو موثق في الفرمانات السلطانية ‪ ،‬والتصديق على‬
‫القصر وهو يقول لـ كوكسن ‪ " :‬انظر إلى هؤلء المحتشدين خلف‬ ‫قوانين الصلح العسكري التي أمرتم بوضعها " ‪ ...‬فقال ‪ " :‬كل هذه‬
‫العساكر وفى كل مكان حولنا‪ ..‬إنهم الشعب ‪ ..‬إنهم أهالينا الذين أنابونا‬ ‫الطلبات ل حق لكم فيها ‪ ،‬وأنا ورثت ملك هذه البلد عن آبائي وأجدادي‪،‬‬
‫عنهم في طلب حقوقهم ‪ ...‬وعليك أن تعلم علم اليقين أننا لن نتنازل عن‬ ‫وما أنتم إل عبيد إحساناتنا " ‪ .‬وهنا رد عليه عرابى والدم يغلى فى‬
‫مطالبنا ولن نبرح هذا المكان ما لم تنفذ هذه المطالب " ‪ .‬فرد عليه‬ ‫عروقه قائل بصوت جهورى يملئه الغضب ‪ " :‬لقد خلقنا ال أحرارا ‪...‬‬

‫‪74‬‬
‫من السكندرية بالتلغراف ‪ .‬وفور الموافقة توجه عرابى ورفاقه إلى‬ ‫القنصل وهو ينظر حواليه وإلى الحموع الغفيرة بقلق متزايد ‪ " :‬أهذا‬
‫الخديوى وشكروه على موافقته لمطالب المة ‪ ،‬وأقسم الخديوى لهم بأنه‬ ‫يعنى أنك ترغب في تنفيذ اقتراحاتك بالقوة ؟ ‪ ..‬وإذا كان ذلك هو ما‬
‫مرتاح لما فعل وأنه وافق على تلك الطلبات بنية صافية ‪ .‬فكرر عرابى‬ ‫تصبوا إليه ‪ ..‬فاعلم أن هذا أمر سوف ينشأ عنه ضياع بلدكم وتلشيها‬
‫شكره والدعاء له ‪ .‬وعلى الفور أمر عرابى بإنصراف الوحدات‬ ‫" ‪ .‬فرد عليه عرابى وهو يبتسم من كلماته الماكرة ‪ " :‬كيف يكون ذلك‬
‫العسكرية إلى مراكزها ما عدا لواء السودان الذى قرر قضاء ليلته في‬ ‫؟ ‪ ،‬ومن ذا الذي يعارضنا في أحوال داخليتنا ‪ ...‬فاعلم أننا سنقاوم من‬
‫ضيافة لواء الحرس الخديوى بقشلق عابدين ‪ .‬وفي يوم ‪ 10‬سبتمبر‬ ‫يتصدى لمعارضتنا أشد المقاومة إلى أن نفنى عن آخرنا " ‪ .‬فرد القنصل‬
‫‪ 1881‬توجه عرابى إلى سراي شريف باشا وهنأه برئاسة الوزارة‬ ‫وهو يبتسم ببعض الخوف ‪ " :‬وأين هي قوتكم التي ستدافع بها ؟ " ‪.‬‬
‫الجديدة ‪ ،‬وطلب منه أن يهتم كثيرا بانتخاب من يؤازرونه وأن يسرع‬ ‫فصرخ عرابى فى وجهه وهو يقول ‪ " :‬عند القتضاء سوف نحشد مليونا‬
‫أيضا في مشروع مجلس النواب ‪ ،‬والعمل على نشر الحرية في البلد ‪،‬‬ ‫من العساكر يدافعون بإستماتة عن بلدهم‪ ...‬إنهم يسمعون قولي ويلبون‬
‫كما أشار إلى رغبته في تعيين محمود سامي باشا البارودى وزيرا‬ ‫إشارتي إذا تطلب المر ذلك " ‪ .‬فرد القنصل ‪ " :‬وماذا ستفعل إذا لم تتم‬
‫للحربية ‪ ،‬وكذلك إهتمامه بـ مصطفى فهمي باشا وأمله فى أن يكون‬ ‫الستجابة إلى ما تطلب ؟ " ‪ .‬قال عرابى وهو ينظر إلى من حوله من‬
‫وزيرا للخارجية ‪ .‬ولكن شريف باشا رفض ذلك كلية وقال لعرابى ‪" :‬‬ ‫قادة الجيش ‪ " :‬أقول كلمة أخرى " ‪ .‬فقال كوكسن مستفسرا ‪ " :‬وما هي‬
‫إني ل أقبل أن يكون في وزارتي محمود سامي ول مصطفى فهمي‬ ‫؟ " ‪ .‬إبتسم عرابى وهو يتقدم نحوه حتى أصبح قريبا جدا من وجهه‬
‫لنهما لم يوفيا بالعهد الذي تعاهدنا عليه من قبل ‪ ،‬فقد إتفقنا على إنه‬ ‫وصرخ قائل‪ " :‬ل أقولها إل عند اليأس والقنوط "‪ .‬فتراجع كوكسن إلى‬
‫إذا رفض الخديوى الموافقة على تأليف مجلس نواب فسوف تستقيل‬ ‫الخلف مرتجفا وقفل راجعا ومعه رفيقه إلى داخل السراى‪ .‬وبعد مرور‬
‫الحكومة ولن يشترك منها أحدا بعد ذلك في الوزارة الجديدة ‪ ،‬ولكنهما‬ ‫ساعة من الزمن وافق الخديوى على مطالب الجيش ‪ ،‬ولكن الخديو‬
‫نكثا بالعهد وقبل الدخول في وزارة رياض باشا التي قامت بعد وزارتنا‬ ‫إقترح تعيين حيدر يكن رئيسا للوزارة الجديدة ‪ .‬لكن عرابى ورفاقه‬
‫والتي سقطت بالمس ‪ ...‬ولذلك ل أستطيع أن أعمل معهما " ‪ .‬فرد عليه‬ ‫رفضوا ذلك لنه من المقربين من الخديوى والنجليز‪ ،‬وهنا إقترح عرابى‬
‫عرابى قائل‪ " :‬إن لكل وقت حكما وأني أثق بحبهما للحرية والعدل‬ ‫تعيين محمد شريف باشا ‪ .‬ووافق الخديوى وتم إستدعاء شريف باشا‬

‫‪75‬‬
‫أن الباشا قبل ما عرضته عليه وأنه يريد مقابلتكم ‪ .‬وذهب عرابى إليه‬ ‫والمساواة ‪ ...‬وفضلً عن ذلك فإن الجيش ل يطمئن لغير محمود سامي‬
‫ومعه محمود سامي باشا البارودى وأعلن فى وجودهما تأليف الوزارة‬ ‫باشا خاصة فى هذا الوقت العصيب جدا الذى ل يحتمل التأخير خاصة‬
‫على الوجه التي ‪ :‬شريف باشا ‪ :‬رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية ‪،‬‬ ‫وأن الجميع يتربص بنا "‪ .‬فقال شريف باشا ‪ " :‬أفل ترضون أن أكون‬
‫محمود سامي باشا ‪ :‬وزيرا للحربية والبحرية ‪ ،‬حيدر باشا ‪ :‬وزيراً‬ ‫وزيرا للحربية ‪ ،‬فأني قد تربيت معكم في العسكرية " ‪ .‬فرد عليه عرابى‬
‫للمالية ‪ ،‬إسماعيل أيوب باشا ‪ :‬وزيرا للشغال ‪ ،‬مصطفى فهمي باشا ‪:‬‬ ‫وهو يبتسم ‪ " :‬لقد اخترناك رئيسا للوزارة ولبد من مراعاة ميول رجال‬
‫للخارجية ‪ ،‬زكي باشا ‪ :‬وزيرا للوقاف والمعارف ‪ ،‬قدري باشا ‪:‬‬ ‫الجيش " ‪ .‬ولكن شريف باشا أصر على عدم قبولهما في وزارته ‪ .‬وهنا‬
‫وزيرا للحقانية ‪ .‬ثم رفع إلى الخديوى تقريرا تضمن برنامج الحكومة‬ ‫تركه عرابى وإنصرف وهو غاضب نتيجة لصرار شريف باشا ‪ ،‬إضافة‬
‫السياسى والذى ستقوم عليه حكومته والعمال التي ستباشرها ‪ .‬فأجاب‬ ‫إلى تخوف عرابى من أن يستغل الخديوى توفيق ذلك الخلف ويعمل‬
‫عليه الخديوى بالموافقة ‪ .‬وفي يوم الجمعة ‪ 22‬شوال سنة ‪ 1298‬ذهب‬ ‫على تصعيد المقربين منه لتشكيل الحكومة ‪.‬‬
‫عرابى مع عدد من كبارالضباط بالنيابة عن الجيش لمقابلة شريف باشا‬ ‫وزارة شريف باشا ‪ :‬وفي يوم ‪ 14‬سبتمبر سنة ‪ 1881‬إلتقى أحمد‬
‫وتهنئته برئاسة الحكومة‪ ،‬وطلب منه العمل من أجل حصول الجيش على‬ ‫عرابى وعدد من رفاقه بشريف باشا فى منزله وقال له عرابى بلهجة‬
‫حقوقه ‪ .‬وإستجاب شريف باشا لحديث عرابى وسط جو تفاؤلى ‪ .‬وفي‬ ‫صارمة أنه ل يمكن ترك البلد بل حكومة ‪ .‬ومع ذلك أصر شريف باشا‬
‫‪ 28‬شوال سنة ‪ 1298‬الموافق ‪ 22‬سبتمبر سنة ‪ 1881‬قدم شريف باشا‬ ‫على رفض محمود سامى ومصطفى فهمى ‪ .‬لكن عرابى قال له بغضب ‪:‬‬
‫إلى الخديوى تقريرا تضمن قوانين الصلحات العسكرية التي تم العلن‬ ‫" نحن فى وضع حرج للغاية ‪ ..‬وإن لم تؤلف الوزارة اليوم فسنطلب‬
‫عنها يوم حادثة عابدين الشهيرة ‪.‬‬ ‫غيرك ‪ ...‬ول تظن أنه ليس بمصر سواك ‪ ...‬ففيها بحمد ال العلماء‬
‫فى ‪ 3‬أكتوبر ‪ 1881‬ورد من الستانة تلغراف يفيد بزيارة الوفد‬ ‫والحكماء ولم يكن اختيارك لعدم وجود غيرك لهذا المركز الخطير " ‪.‬‬
‫الشاهانى لمصر برئاسة على نظامى للتشاور مع الحكومة فى الشأن‬ ‫وهنا يقول عرابى‪ " :‬وبعد أن قلت له ذلك ‪ ..‬أغرورقت عيناه بالدموع‬
‫الداخلى ‪ ،‬وبالفعل وصل الوفد وإستمر بمصر حتى ‪ 18‬أكتوبر سنة‬ ‫ولم يحر جوابا ‪ ...‬وشعرت بالضيق لما قلته له ‪ ...‬ثم خرجنا من عنده ‪.‬‬
‫‪ 1881‬وكان سبب زيارة الوفد الشاهاني هو التحقيق فى التمرد‬ ‫ولكن بعد قليل جاءنا الشيخ بدراوي عاشور (وكيل زراعته) وقال لنا ‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫وبعد زيارة الوفد الشاهانى لمصر نقل عرابى ثانية إلى العاصمة بعد‬ ‫العسكري الذي أشاعته أوربا ضد مصر لتجعله وسيلة للتدخل في شأنها‬
‫ترقيته لمنصب وكيل وزارة الحربية وحصوله على رتبة اللواء ولقب‬ ‫بهدف القضاء على ما تم من إصلحات داخلية ‪ .‬ولقد توجس الخديوى‬
‫الباشا ‪ .‬وبالفعل أجاب عرابى طلبها وقبل رتبة وكيل الوزارة واللواء ‪،‬‬ ‫من جراء ذلك شرا ‪ ،‬لذلك إتفق مع شريف باشا رئيس الحكومة الجديدة‬
‫ولكنه رفض رتبة الباشا حتى ل تثار حوله القاويل ‪ .‬وفى تلك القترة‬ ‫على إبعاد رجال الوفد الشاهانى ما أمكن عن مقابلة قادة الجيش ‪،‬‬
‫قدم عرابى إلتماسا إلى الخديوى توفيق عن طريق وزير الحربية ترجاه‬ ‫وطلب منه أيضا إعطاء صورة وردية حول علقة الشعب بالسلطة ‪،‬‬
‫فيه بالفراج عن المسجونين ظُلما خلل فترة الستبداد التى وقعت على‬ ‫وعلى الفور تم التفاق مع وزير الحربية وقادة الجيش على السراع‬
‫يد رئيس الحكومة السابق ‪ .‬ووافق الخديوى وتم الفراج عن جميع‬ ‫بإخلء القاهرة من التواجد العسكرى وذلك بإرسال اللواء السوداني إلى‬
‫المسجونين ‪ ،‬ومنهم أحمد بك أبو ستيت من مديرية سوهاج وحسن‬ ‫دمياط ‪ ،‬واللواء الرابع برئاسة عرابى إلى رأس الوادي ‪ ،‬وفى المقابل‬
‫موسى العقاد من أعيان القاهرة ‪ .‬وفي أوائل شهر يناير سنة ‪1882‬‬ ‫وافق الخديوى على إصدار أمر بانتخاب مجلس النواب قبل سفر اللوائين‬
‫إلتقى عرابى بوزير الحربية محمود باشا سامي ‪ ،‬وأثنى الخير على دور‬ ‫إلى خارج القاهرة ‪ .‬وقد نفذ التفاق بعد أن صدر المر العالي بانتخاب‬
‫عرابى فى قيامه بنشر راية الحرية في مصر وملحقاتها من الدول التى‬ ‫النواب فى اليوم التالى الموافق ‪ 4‬أكتوبر ‪ . 1881‬وهنا يذكر التى‪ :‬أنه‬
‫تعمل تحت التاج المصرى ‪ .‬في ‪ 4‬أكتوبر سنة ‪ 1881‬الموافق ‪ 11‬ذي‬ ‫في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1881‬أرسل نوبار باشا إلى أحمد عرابى مندوبا من‬
‫القعدة سنة ‪ 1298‬رفع رئيس الوزراء شريف باشا تقريرا إلى الجناب‬ ‫طرفه يدعى أحمد قبودان البكري من موظفي بوغاز السكندرية ليشكره‬
‫الخديوي بشأن إنشاء مجلس نواب وانتخاب أعضائه‪ ،‬وذلك بناء على‬ ‫ورفاقه على إنقاذ الوطن من ظلم الظالمين وجور المستبدين ‪ ،‬ويعرض‬
‫الطلب المقدم من عرابى ورفاقه والمذيل بتوقيعات (‪ )1600‬مصري‬ ‫عليه أنه مستعد لقيادة حركتهم الوطنية إذا نصبوه رئيسا للحكومة بدل‬
‫بطلب إنشاء مجلس نيابي ‪ .‬وعليه صدر المر العالي بالموافقة‪ .‬وبعد‬ ‫من شريف باشا ‪ .‬فعجب عرابى ورفاقه من ذلك العرض الغريب ‪ ،‬وبعث‬
‫انتخاب النواب في الوجهين القبلي والبحري أختير يوم الثنين ‪ 5‬صفر‬ ‫عرابى برسالة شفهية مع مندوب نوبار باشا قال فيها ‪ " :‬أخبر نوبار‬
‫سنة ‪ 1299‬و ‪ 26‬ديسمبر سنة ‪ 1881‬لفتتاح المجلس الجديد ‪ .‬لكن بعد‬ ‫باشا بأن مبدأنا هو أن تكون مصر للمصريين ‪ ،‬وأن النزلء عندنا لهم‬
‫ذلك حدث خلف بين الحكومة ومجلس النواب حول الميزانية ‪ ،‬وعلى‬ ‫حُسن الضيافة ومزيد من الكرام وليس حكم البلد " ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫رجال الدولة العلية بأن الحركة الوطنية المصرية تسعى إلى إنشاء خلفة‬ ‫أثر ذلك تدخلت انجلترا وفرنسا لتوسيع الخلف بينهما ‪ ،‬فقد ورد تلغراف‬
‫عربية تضم تحت لوائها جميع الدول العربية التى كانت من قبل تحت‬ ‫يفيد بأن انجلترا وفرنسا متفقتان على أن ترسل إلى الحكومة الخديوية‬
‫التاج المصرى بدء من السودان وبلد الحجاز واليمن والعراق ومصر‬ ‫مذكرة تعلنان فيه أنهما ستتدخلن لدعمها إذا استمر الضطراب في‬
‫والشام إلى طرابلس الغرب وغيرها وذلك لحياء المبراطورية المصرية‬ ‫القُطر المصري أو فى حالة تعرض السلطة الخديوية لى خطر ‪ .‬وعندما‬
‫التى أقامها محمد على الكبير والقائد المصرى إبراهيم باشا ‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫علم المصريون بشأن تلك المذكرة حدث هرج وإضطراب فى أنحاء القطر‬
‫لم يلق صدى داخل الستانة ‪.‬‬ ‫المصرى خاصة بين قادة الجيش ومجلس شورى النواب ومأمورو‬
‫صندوق إدخار لضباط الجيش ‪ :‬في تلك المرحلة أيضا قررت وزارة‬ ‫الحكومة ‪ .‬وقد إرتاب الجميع من تلك المذكرة وأيقنوا أن المراد منها هو‬
‫الحربية برئاسة عرابى زعيم الحزب الوطنى إنشاء صندوق إدخار‬ ‫مزيد من التدخل الجنبى وجعل البلد تحت وصاية انجلترا وفرنسا ‪،‬‬
‫للضباط جميعا على اختلف رتبهم بحيث يضع الضباط ‪ %5‬من راتبهم‬ ‫وعلى الفور توجه وزير الحربية محمود باشا سامي إلى مجلس الوزراء‬
‫الشهرى على أن يتم بتلك الموال شراء سندات مالية مصرية ثم تضم‬ ‫وبحث معهم تطورات الموقف على ضوء المذكرة وأبلغهم ردود أفعال‬
‫الفائدة إلى الصل في نهاية كل عام ‪.‬‬ ‫الجيش الغاضبة من تلك المذكرة ‪ .‬وعليه قررت الحكومة التوجه فورا‬
‫سقوط وزارة شريف باشا ‪ :‬فى يوم الثلثاء الموافق ‪ 11‬ربيع أول سنة‬ ‫إلى مقر الخديوى توفيق لعرض المر عليه ‪ .‬فى الوقت نفسه إعترض‬
‫‪ 1299‬أعلن مجلس الوزراء برئاسة شريف باشا أن وكيل دولة كل من‬ ‫الباب العالي على هذه المذكرة بمذكرة مثلها بعثت بها وزارة الخارجية‬
‫فرنسا وانجلترا يريان أنه ل حق لمجلس النواب في تقرير الميزانية ‪.‬‬ ‫العثمانية إلى الدولتين (النجليزية والفرنسية) ‪.‬‬
‫وعلى ضوء ذلك إجتمع مجلس النواب لبحث المقترح الحكومى في منزل‬ ‫محاولة الوقيعة بين الحركة الوطنية والستانة ‪ :‬في منصف شهر نوفمبر‬
‫محمد سلطان باشا رئيس المجلس ‪ ،‬وبعد مشاورات دامت عدة ساعات‬ ‫سنة ‪ 1881‬عمل المحيطون بالخديوى توفيق على تصعيد حدة الخلف‬
‫قرر أعضاء المجلس عدم قبول تعديلت الحكومة ‪ .‬وفى ‪ 13‬ربيع الول‬ ‫بين الستانة وضباط الجيش ‪ ،‬وقد سرت شائعة بأن الضباط المصريون‬
‫‪ 1299‬ه عندما إجتمع شريف باشا وقنصل بريطانيا وفرنسا بالخديوى ‪،‬‬ ‫المنتمون إلى الحزب الوطنى يسعون إلى إحياء مجد مصر الذى أرساه‬
‫قائدهم السطورة إبراهيم باشا ‪ ،‬وذهب ثابت باشا إلى الستانة ليخبر‬

‫‪78‬‬
‫‪ ،‬وكان ضمن هؤلء عدد كبير من شيوخ التُرك والجركس فأحيلوا جميعا‬ ‫وأصر شريف باشا على عدم موافقته على لئحة النواب‪ .‬وفى النهاية‬
‫على المعاش ‪.‬‬ ‫قبلت إستقالته‪.‬‬
‫مؤامرة الضباط الجراكسة لغتيال عرابى ورفاقه ‪ :‬في ‪ 10‬جمادى‬ ‫وزارة محمود سامي ‪ :‬وفي صباح يوم الجمعة الموافق ‪ 14‬ربيع الول‬
‫الولى سنة ‪ 1299‬إتصل طلبه باشا عصمت حكمدار اللواء الول وأخبر‬ ‫سنة ‪ 1299‬إجتمع الخديوي مع أعضاء اللجنة البرلمانية وتم التوصل‬
‫عرابى بأن راشد أفندي أنور قال له أن بعض ضباط الجراكسة تحالفوا‬ ‫إلى إختيار حكومة إنقاذ وطني برئاسة محمود سامى باشا ‪ ،‬وفى هذه‬
‫على اغتيال وزير الحربية ورؤساء الضباط الوطنيين وجميع وزراء‬ ‫الحكومة تم تكليف عرابى بوزارة الحربيةً ‪ .‬وقد اجتمع عقب ذلك عدد‬
‫الحكومة ‪ ،‬ثم ذكر له أسماء بعض المتآمرين ‪ .‬وعلى الفور إتصل‬ ‫من ضباط الجيش في سراي قصر النيل ‪ ،‬واحتفل الجميع بالوزارة‬
‫عرابى برئيس الوزراء وعقد إجتماع عاجل للحكومة عرض فيه عرابى‬ ‫الجديدة ‪ ،‬وشكروا الخديوى على ذلك ‪ .‬وهنأ الجميع محمود سامي باشا‬
‫المر عليهم ‪ ،‬وإتفق على عرض المر بكامله على الخديوى الذى قرر‬ ‫برئاسة الحكومة التى وافقت على لئحة مجلس النواب‪.‬‬
‫إجراء تحقيق فورى حول ملبسات تلك المؤامرة في مجلس حربي ‪.‬‬ ‫رعاية ضحايا الحرب ‪ :‬بعد تولى أحمد عرابى وزارة الحربية والبحرية‬
‫وبناء عليه تم تشكيل مجلس حربي مكون من عشرين عضوا ‪ .‬ثم‬ ‫بدأ في تنفيذ القوانين والصلحات العسكرية الجديدة التي إعتمدها‬
‫شرع المجلس في التحقيق ‪ ،‬وصدر الحكم في ‪ 30‬أبريل سنة ‪1882‬‬ ‫الخديوى ومنها صرف مستحقات ورثة المتوفين في الحروب السابقة‬
‫على الضباط وعددهم ‪ 40‬ضابطا ومنهم عثمان باشا رفقي بالنفي المؤبد‬ ‫وغيرها الذين لم يلتفت إلى شكواهم منذ زمن بعيد تنفيذا لقانون‬
‫إلى أقاصي السودان مع التجريد من الرتب العسكرية والإمتيازات‬ ‫المعاشات الجديد ‪ .‬كما أصدر عرابى أمرا بتأليف لجنة عسكرية مكونة‬
‫ونياشين الفتخار‪.‬‬ ‫من قاسم بك فتحي وغيره من الطباء لفرز الضباط العاملين والذين تم‬
‫عرابي يتدخل لتخفيف الحكام ‪ :‬بعد صدور الحكم على المتآمرين تدخل‬ ‫إستدعائهم لمعاملتهم طبقا لقانون المعاشات ‪ .‬وقد أتمت اللجنة عملها‬
‫عرابى وتوسل لدى الخديوى كى يخفض من تلك الحكام بحيث يتم‬ ‫وقدمت الكشوف الخاصة بذلك إلى ديوان الحربية ‪ ،‬وقد بلغ عدد هؤلء‬
‫إرسالهم أول إلى الستانة العلية ثم بعد فترة وجيزة يصدر عفو الخديوى‬ ‫نحو ثلثمائة ضابط تجاوزوا السن المحدد لكل رتبة طبقا للقانون المذكور‬
‫عنهم ‪ ،‬ويعودوا إلى أولدهم ووطنهم مصر ‪ .‬ولقد تعجب الخديوى‬

‫‪79‬‬
‫المصرية خاصة وأن الدول الوربية تعترف لفرنسا وإنجلترا بأفضلية‬ ‫توفيق والوزراء من تلك الشفقة المتناهية ‪ .‬وبالفعل وافق الخديوى على‬
‫المصالح في ذلك القُطر لذلك سيكون من الواجب علي لندن وباريس أن‬ ‫ما طلب عرابى وأصدر أمره بنفي المحكوم عليهم من القُطر المصري مع‬
‫يديرا سياستهما بحزم وثبات ‪ .‬وعلى الفور إنتشرت الشائعات بأنه‬ ‫الترخيص لهم بالتوجه إلى أى مكان يشاءون برتبهم ونياشينهم ‪ .‬وبسبب‬
‫سيأتي إلى السكندرية أسطول فرنسي وآخر إنجليزي ‪ ،‬وأن الباب العالي‬ ‫هذه الحادثة حملت الجرائد النجليزية على مصر حملة عنيفة وخاصة‬
‫سيرسل إلى مصر وفدا مؤلفا من بعض رجال الدولة ‪ ،‬وأن دول العالم‬ ‫جريدة التيمس ونسبت إلي الحكومة المصرية أنها كانت تقوم بتعذيب‬
‫وفي مقدمتها الدولة العلية ستتدخل بالفعل في أحوال مصر‪ .‬وبناء على‬ ‫المطرودين بل رحمة ول شفقة ‪ .‬وهنا أرسل عرابى إلى صديق له‬
‫ما تقدم توجس الشعب المصرى خيفة ‪ ،‬وأيقنوا بقرب الحرب على‬ ‫بإنجلترا رسالة وهو المستر بلنت لنشرها في الصحف البريطانية‬
‫مصر ‪ .‬وبتسارع الحداث ورد تلغراف من باريس يؤكد أن السطول‬ ‫لإظهارا للحقيقة ‪ ،‬وكان عنوان رسالته " إماطة الباطل عن وجه الحق‬
‫الفرنسي شق طريقه من ميناء " بيريه " باليونان وهو على مقربه من‬ ‫المبين " وذلك بتاريخ ‪ 26‬مايو سنة ‪. 1884‬‬
‫جزيرة كريت (التى كانت حتى وقت قريب تحت التاج المصرى) ‪،‬‬ ‫مؤامرة إنجلترا وفرنسا ضد الحركة الوطنية‪ :‬لما رأت إنجلترا نجاح‬
‫وسوف يلتقى بعرض البحر بالسطول النجليزي القادم من كورفو ثم‬ ‫الحزب الوطني في تحقيق برامجه وعلمت بتأليف وزارة وطنية حُرة ‪،‬‬
‫يسير الثنان فى طريقهما إلى مدينة السكندرية المصرية‪ .‬وفي ‪15‬‬ ‫وأن تلك الوزارة صادقت على قانون مجلس النواب الساسي ولئحة‬
‫مايو ‪ 1882‬قام السير إدوارد مالت والمسيو سنكوفيش قنصل إنجلترا‬ ‫انتخاب أعضائه ‪ ،‬ثم صدور المر الخديوي بالتصديق عليهما‪ ،‬هنا قررت‬
‫وفرنسا بزيارة الخديوى توفيق وأخبراه بصفة رسمية بقدوم كل من‬ ‫لندن التدخل ‪ ،‬فعملت على استمالت الحكومة الفرنسية إلى جانبها أمل‬
‫السطول البريطانى والفرنسى ‪ ،‬وأنهما سيصلان إلى السكندرية في‬ ‫فى القضاء على الحركة الوطنية المصرية‪ .‬ونظرا لوجود تحالف سرى‬
‫صباح ‪ 17‬مايو ‪ ، 1882‬وأن قدومهما إلى مصر بصفة ودية ‪ .‬وفي‬ ‫بين لندن والخديوى توفيق قبيل عزل إسماعيل باشا ‪ ،‬فقد صرح من‬
‫‪ 19‬مايو ‪ 1882‬وصلت إلى ميناء السكندرية بارجة إنجليزية ‪ ،‬وفي‬ ‫باريس المسيو " دي فريسينيه " رئيس وزراء فرنسا آنذاك بأن فرنسا‬
‫اليوم التالى وصلت بارجتان إنجليزيتان أخرتان ‪ .‬وفي ‪ 21‬مايو دخلت‬ ‫تود حفظ استقلل القطر المصري طبقا للفرمانات الدولية ‪ ،‬وقال أن‬
‫مياه السكندرية سفينتان حربيتان تاليتان ‪ ،‬وعلم في ذلك اليوم أن جميع‬ ‫الحوادث ربما تستلزم اتفاق جميع الدول الوربية لتسوية المسألة‬

‫‪80‬‬
‫المصري مع مراعاة عدم المساس باستقلل مصر‪ ،‬ويفضل أن تكون تلك‬ ‫الدول الوربية (ما عدا إنجلترا وفرنسا) سترسل كل واحدة منهم سفينة‬
‫القوات عثمانية ‪ .‬وإذا تمرد المصريون عليها أصبحت مصر عاصية‬ ‫حربية أو إثنتان إلى المياه المصرية دون أن تنضم إلى السطولين‬
‫على الدولة ‪ ،‬ويترتب على ذلك قيام دول العالم بإعادة النظر فى الشأن‬ ‫الفرنسي والنجليزي ‪.‬‬
‫الداخلى المصرى " ‪ .‬وعلى الفور تناقلت الجرائد المصرية ذلك المقال‬ ‫سقوط وزارة محمود سامي ‪ :‬وبعد وصول السفن الحربية البريطانية‬
‫وعلقت عليه بالشرح والملحظات ‪ ،‬وكان لذلك وقع شديد التأثير في‬ ‫والفرنسية إلى المياه القليمية المصرية ‪ ،‬جاء قنصل فرنسا الى منزل‬
‫نفوس المصريين ‪ .‬وخلل ذلك طلب الباب العالي من فرنسا وإنجلترا أن‬ ‫رئيس الوزراء وأطلعه على طلب الدولتين ‪ .‬فما كان من رئيس الوزراء‬
‫تسحبا أسطوليهما ‪ ،‬لكن الدولتين أجابتا أنهما لن ينسحبا إل بعد أن‬ ‫سوى استدعاء الوزراء والتشاور معهم في المر ‪ ،‬وبعد المداولة اتفق‬
‫يستتب المن والنظام فى مصر‪ .‬وفي ‪ 25‬مايو ‪ 1882‬تقدمت الدولتان‬ ‫الجميع على أخذ رأي الخديوي توفيق في هذا الحادث الجلل‪ .‬وبالفعل‬
‫النجليزية والفرنسية بالنذار الخير للحكومة المصرية بطريقة رسمية‪.‬‬ ‫توجه رئيس الوزراء محمود باشا سامي ووزير الخارجية مصطفى باشا‬
‫وقد تضمن ذلك النذار إقالة الوزارة ونفى أحمد عرابي باشا من القُطر‬ ‫فهمي وأخبراه بما حدث ‪ ،‬فأجاب الخديوى أنه ينتظر في هذا الشأن‬
‫المصري على أن تضمن له بريطانيا وفرنسا حفظ رتبه وراتبه الشهرى‬ ‫تعليمات سوف ترد إليه بعد يوم أو يومان ‪ .‬وأخذت الإتصالت بعد ذلك‬
‫ونياشينه ‪ ،‬وإبعاد كل من عبد العال باشا حلمي وعلي باشا فهمي إلى‬ ‫تجري بين القنصلين الفرنسى والنجليزى من جهة ورئيس الوزارة من‬
‫خارج القاهرة بحيث يقيمان في الرياف على أن تضمن لهما لندن‬ ‫جهة أخرى ‪ ،‬فى نفس الوقت كتبت جريد التيمس مقال قالت فيه ‪ " :‬إن‬
‫وباريس رتبهما ونياشينهما وراتبهما الشهرى ‪ ،‬وفوق كل ذلك تسريح‬ ‫إرسال البوارج العسكرية إلى مياه مصر القليمية لم يقصد به إل تعزيز‬
‫الجيش المصرى بحيث ل يبقى منه إل القدر اللزم لحفظ الحدود‬ ‫سلطة الخديوي وتأييده ‪ ،‬وأن أول شيء يجب إجراؤه هو حمل عرابي‬
‫الجنوبية ‪ .‬فلما تلقت الحكومة المصرية هذا النذار قامت بعقد اجتماع‬ ‫باشا على التنحي عن الدارة والسياسة والتخلص من الحكومة ‪ ،‬وإذا لم‬
‫طارىء في منزل رئيس الوزراء محمود باشا سامي وقرروا جميعا أن‬ ‫يكف إرسال القطع العسكرية البحرية لبلوغ تلك الغاية ‪ ،‬فسوف يترتب‬
‫هذا النذار يعتبر تدخلً مباشرا فى الشأن الداخلى وهو ما يعد مخالفا‬ ‫على ذلك استخدام القوة العسكرية لكراه عرابي باشا وأعوانه على تنفيذ‬
‫للمواثيق الدولية وضد الحقوق الوطنية ‪ ،‬وإتفقوا جميعا على ضرورة‬ ‫مطالب بريطانيا وفرنسا وذلك بإرسال قوات من الجيش إلى القُطر‬

‫‪81‬‬
‫للحربية ‪ ،‬وفى حال عدم عودته إلى منصبه خلل ‪ 12‬ساعة فقط ‪ ،‬فإنهم‬ ‫عرض المر على الخديوى توفيق لخذ رأيه ‪ .‬وتوجه إليه رئيس‬
‫غير مسئولين عما سيحدث داخل البلد من إضطرابات ‪ .‬وبالفعل بلغ‬ ‫الوزراء ووزير الخارجية وعرضا عليه قرار الحكومة برفض النذار‬
‫الضطراب جميع أنحاء القُطر مبلغا عظيما ‪ ،‬ثم حضر إلى العاصمة‬ ‫البريطانى الفرنسى رفضا باتا ‪ ،‬فأجابهما الخديوى بأنه حصل على نسخة‬
‫جميع أعيان البلد ومستخدمي الحكومة وقدموا لعرابى وزملئه مئات‬ ‫من ذلك النذار وأنه إضطر إلى الموافقة عليه حقنا للدماء ‪ .‬لكن رئيس‬
‫العرائض بواسطة مديريهم ‪ ،‬وأظهروا فيها إحتجاجهم على قبول‬ ‫الوزراء ووزير الخارجية أكدا له أن هذا سبحدث خلفا عظيما بين‬
‫الخديوي إقالة الحكومة ‪ .‬وقد طالب المحتجون بأحد أمرين ‪ :‬إما رفض‬ ‫الوزارة والقصر وسيتطلب استدعاء مجلس النواب للنظر في مصلحة‬
‫اللئحة التى تقدم بها النجليز والفرنسيين ‪ ،‬وأما عزل الخديوي الذي‬ ‫البلد ‪ ،‬وطلبا من الخديوى إصدار أمره بعقد إجتماع عاجل لمجلس‬
‫قبل تدخل الجانب في أحوال البلد الداخلية‪ .‬فلما أحس الخديوى بذلك‬ ‫النواب ‪ ،‬لكن الخديوى رفض ذلك ‪ .‬وفى النهاية إنصرف رئيس الوزراء‬
‫بعث تلغراف إلى الحضرة السلطانية يخبرها أن الوزراء أعلنوا‬ ‫ووزير خارجيته ‪ ،‬وعادا إلى بقية أعضاء الوزارة وأخبروهم بما حدث ‪،‬‬
‫إستقالتهم إحتجاجا على قبول اللئحة التى قدمتها فرنسا وإنجلترا وأن‬ ‫فقرروا بالجماع استدعاء مجلس النواب وعرض الموقف العام عليه ‪.‬‬
‫الجيش غير راض على حدث ‪ .‬فى تلك الثناء جاء تلغراف من الباب‬ ‫وبالفعل عقد مجلس النواب وعرض عليه ذلك الخِلف وبعد مباحثات‬
‫العالي بفيد بأن الحضرة السلطانية أمرت بتأليف لجنة عثمانية ستأتي‬ ‫مطولة إمتدت لساعات طوال توصل الفرقاء إلى إقالة الحكومة وذلك في‬
‫إلى مصر بعد ثلثة أيام للنظر في الحالة الراهنة بالقاهرة‪ .‬ومع تطور‬ ‫يوم ‪ 26‬مايو سنة ‪ ، 1882‬وكان سبب القالة هو الحتجاج على إنذار‬
‫الحداث وزيادة المخاوف حضر إلى منزل عرابى جميع قناصل الدول ما‬ ‫فرنسا وإنجلترا‪ .‬وقبل الخديوى الستقالة بكل سرور ‪.‬‬
‫عدا قنصلي إنجلترا وفرنسا يطلبون منه التأمين على رعاياهم ‪ .‬فأجابهم‬ ‫ل نرضى بغير عرابي ‪ :‬وبعد إقالة الحكومة أصدر الخديوى بيانا تم‬
‫عرابى بأنه تم إقالته من الحكومة ولم يعد يمتلك السلطة التى تخوله‬ ‫توزيعه على جميع الجهات يشير فيه إلى إقالة الحكومة ‪ .‬وفي ‪ 27‬مايو‬
‫تحمل هذه المسئولية العظيمة‪ .‬فقالوا له أن الجيش ل يخالف إرادته‬ ‫سنة ‪ 1882‬أقام الخديوى توفيق احتفالا حضره النواب والعيان والعلماء‬
‫وأنه رئيس الحركة الوطنية داخل البلد ‪ ،‬وأن الرعايا الجانب لن‬ ‫‪ .‬وبعد إنتهاء الحفل جاء للمعية الخديوية تلغراف من ضباط ألوية‬
‫يكونوا فى أمن وسلم إل بإعطائك لنا كلمة شرف بحفظ الرعايا من أى‬ ‫الجيش بالإسكندرية يفيد بأنهم ل يرضون البتة غير عرابي باشا وزيرا‬

‫‪82‬‬
‫القوم) فى منزله يتحدثون فى الشأن الداخلى‪ .‬وهناك قابل عرابى ورفاقه‬ ‫خطر‪ .‬وبالفعل أعطى عرابى قناصل الدول الجنبية كلمة شرف بحفظ‬
‫عبد ال باشا فكري الذي كان استاذا ومُربيا للخديوى في صغره والذى‬ ‫أمن الجانب داخل البلد ‪ ،‬ثم أرسل تلغرافا إلى جميع المراكز العسكرية‬
‫قال لهم وهو يبتسم ‪ - :‬هل قتلتموه ؟! فقال له عرابى ‪ " :‬من تعني؟ "‬ ‫بصفة أنه رئيس الحزب الوطني ‪ ،‬وانه يريد منهم أن يلتزموا بالهدوء‬
‫‪ .‬فقال ‪ " :‬أعني الخديوى ‪ ..‬ألم يقتل ؟ " ‪ .‬فرد عرابى متجهما‪ " :‬إننا ل‬ ‫وأن يحافظوا على راحة الجميع ‪ ،‬وخصوصا رعايا الدول الجنبية ‪ ،‬وأن‬
‫نقتل أحدا بغير حكم شرعي ‪ ،‬فل يليق بك أن تتكلم بهذا الكلم" ‪ .‬ثم‬ ‫يعاملوهم بحُسن المعاملة وكمال المجاملة ‪.‬‬
‫تحدث عرابى مع البارودى وعدد من علية القوم ‪ ،‬وبعد ذلك إنصرف‬ ‫المطالبة بعزل الخديوى توفيق ‪ :‬في مساء السبت الموافق ‪ 27‬مايو سنة‬
‫عرابى ومن معه وقد توجه كل منهم إلى منزله ‪ .‬وفي صباح يوم السبت‬ ‫‪ 1882‬تم دعوة عرابى إلى منزل محمد سلطان باشا رئيس مجلس‬
‫‪ 27‬مايو سنة ‪ 1882‬زار عرابى فى منزله رئيس مجلس النواب سلطان‬ ‫النواب ‪ ،‬فذهب إليه ومعه كل من علي باشا فهمي وعبد العال باشا حلمي‬
‫باشا وحسن باشا الشريعي وسليمان باشا أباظة وسلموه أمر الخديوى‬ ‫ومحمد عبيد بك وغيرهم من الضباط ‪ .‬ولما وصلوا إلى منزله وجدوه‬
‫القاضي برجوع عرابى إلى وزارة الحربية والبحرية ‪ ،‬وأخبروه بأنهم‬ ‫غاصا بأعضاء مجلس النواب ‪ ،‬وكان بينهم قاضي قضاة مصر الشيخ‬
‫لما ذهبوا إلى الخديوى وجدوا عنده جميع قناصل الدول الجنبية في‬ ‫عبد الرحمن أفندي نافذ والشيخ عبد الهادي البياري إمام المعية‬
‫حضرته ما عدا قنصلي فرنسا وإنجلترا ‪ ،‬وأن هؤلء القناصل طلبوا من‬ ‫الخديوية ‪ .‬وقد تباحث الجميع فى عدد من القضايا وتم التفاق على‬
‫الخديوى صدور أمره برجوع عرابى إلى وزارة الحربية والبحرية حتى‬ ‫إستتباب المن والراحة والسكون ‪ ،‬كما توافقوا على أن يطلب من‬
‫يطمأن الجميع داخل مصر ‪ ،‬وكان القناصل وأعضاء مجلس النواب على‬ ‫الخديوى رفض النذار البريطانى الفرنسى وإصدار أوامره بعودة الوزراء‬
‫رأي واحد ‪ .‬ولما عاد عرابى إلى وزارة الحربية فرح الضباط والجنود‬ ‫إلى عملهم وعودة عرابى إلى رئاسة وزارة الحربية ‪ .‬ولكن أثناء ذلك‬
‫وجميع الوطنيين‪ ،‬وبعد ذلك توالى اجتماع قنصلي فرنسا وإنجلترا‬ ‫حضر بحديقة المنزل جماعة من الضباط والنبهاء من الملكية وغيرهم ‪،‬‬
‫بالخديوى ليلً ونهارا فى محاولة لقصاء عرابى أو لحداث فتنة من أجل‬ ‫وصاحوا بقولهم ‪ " :‬أعزلوا الخديوى الذي دعا الجانب للتدخل في أمرنا‬
‫تدخلهم المباشر فى الشأن الداخلى المصرى ‪ .‬وبمجرد عودة عرابى‬ ‫وتهديدنا بأساطيلهم " ‪ .‬وهنا خرج عرابى ومن معه من الضباط وتوجهوا‬
‫لستلم مهام عمله أصدر منشورا إلى قناصل الدول تكفل لهم فيه‬ ‫إلى منزل محمود باشا سامي فوجدوا لديه عدد كبير من الذوات (علية‬

‫‪83‬‬
‫وحده يتكفل بحل المشاكل المصرية على وجه سلمي بدون أن تنشأ‬ ‫بإستقرار المن والراحة لجميع سكان القُطر المصري وطنيين وأجانب‬
‫المصاعب في مصر ‪ ،‬كما أوضح المستر جلدستون رئيس وزراء‬ ‫مسلمين وغير مسلمين ‪ ،‬وطلب من الخديوى عودة جميع العساكر إلى‬
‫إنجلترا في مجلس العموم أن إنجلترا ترى من الواجب عليها دعم‬ ‫الجيش الذين تم تسريحهم لستكمال الوحدات العسكرية وذلك فى الحدود‬
‫ومساندة الخديوي توفيق باشا في منصبه طبقا للتفاق المبرم بينه‬ ‫المسموح بها طبقا للفرمانات السُلطانية ‪ .‬ووافق الخديوى على مطلبه ‪،‬‬
‫والحكومة البريطانية ‪ ،‬ولما أظهره الخديوى من صدق وإخلص‬ ‫ثم صدر أمر قيادة الجيش بجمع عساكر مكافحة الجريمة نمرة ‪ 2‬ونمرة‬
‫للنجليز‪ .‬وهنا كتب عرابى إلى الحضرة السُلطانية يخبرها بما تنوى‬ ‫‪ 3‬استعدادا لما عسى أن يطرأ من الحوادث ‪.‬‬
‫عليه إنجلترا من تدخل فى الشأن المصرى ‪ .‬ونظرا لن عرابى لم يكن‬ ‫تدخل إنجلترا وفرنسا ‪ :‬فى تلك الفترة أرسلت كل من فرنسا وإنجلترا إلى‬
‫لديه قنوات إتصال مباشرة مع الستانة ‪ ،‬لذلك قرر عرابى ورفاقه اتخاذ‬ ‫الباب العالي مذكرة مشتركة تطلبان فيها أن يؤمر عرابي باشا وسائر‬
‫رجلهم الوحيد علي راغب قبودان أحد شُباب البحرية المصرية كرسول‬ ‫زعماء الحزب العسكري أمرا قطعيا بالنفى إلى الستانة ‪ .‬وطبقا لقواعد‬
‫لهم وكلفوه بإبلغ عريضتهم إلى الحضرة السُلطانية عن طريق الشيخ‬ ‫تبادل الكراسى السياسية ‪ ،‬عرضت فرنسا أن يعقد مؤتمر في الستانة‬
‫محمد ظافر شيخ السادة الشاذلية وشيخ الحضرة السُلطانية ‪ ،‬ووافق‬ ‫يكون أساس أعماله بحث الوضع المتوتر داخل مصر ‪ ،‬فوافقتها إنجلترا‬
‫الشيخ ظافر على القيام بتلك المهمة‪ .‬كما إستخدم عرابى قنوات أخرى‬ ‫على ذلك ‪ .‬كما طلبت ألمانيا والنمسا وروسيا وأيطاليا من الباب العالي‬
‫للتصال بالستانة منها أحمد راتب باشا وأحمد أسعد وكيل الفراشة‬ ‫أيضا أن يوافق على لئحة فرنسا وإنجلترا ‪ .‬وحتى يتم تورط الستانة‬
‫النبوية عن الحضرة السلطانية الذى حضر مؤخرا بصحبة الوفد القادم‬ ‫فى الشأن الداخلى المصرى وتحديدا ضد الحركة الوطنية أبلغت حكومة‬
‫من الستانة برئاسة درويش باشا‪ .‬وعلى ضوء ذلك قررت الستانة في‬ ‫إنجلترا الباب العالي أن ما تريده هو نشر العلم العثماني في القُطر‬
‫‪ 2‬يونيو ‪ 1882‬تعيين درويش باشا معتمدا عثمانيا من الستانة للذهاب‬ ‫المصري وإرسال المعتمد السلطاني على مدرعة حربية عثمانية وليست‬
‫إلى القُطر المصري للتحقق من التقارير المنية البريطانية‪.‬‬ ‫أوربية ‪ .‬ولدعم الخطة البريطانية فى توريط الستانة أعلن فريسينيه‬
‫النجليز يوقدون الفتنة ‪ :‬ومع تعاظم الحركة الوطنية فى شتى أنحاء‬ ‫رئيس وزارة فرنسا في مجلس النواب الفرنسي أن ل شيء يدعو إلى‬
‫البلد قرر البريطانيون التدخل لجهاض تلك الحركة والسعى لتشويه‬ ‫تدخُل الجنود الفرنسيين في القُطر المصري لن اتفاق الدول الوربية‬

‫‪84‬‬
‫لمحاربة المصريين ‪ .‬وحدث لقاء بين قنصل السويد والنرويج وعدد من‬ ‫صورتها أمام الوربيون ليشكلوا بذلك ذريعة لتدخلهم المباشر فى الشأن‬
‫المسئولين المصريين ولكن قنصل السويد كان مؤيدا للقنصل البريطانى‬ ‫الداخلى المصرى ‪ .‬وعليه دعا المستر كوكسن قنصل إنجلترا‬
‫فى تسليح الوربيين إستعدادا لمواجهة المصريين فى حال وقوعها‪.‬‬ ‫بالسكندرية جميع قناصل الدول الجنبية وأخذ يعدد لهم تمرد المصريين‬
‫فى الوقت نفسه إستمر الجانب فى إشعال نار الفتنة بين الوربيين‬ ‫على النظام القائم ورفضهم وجود الساطيل الحربية الوربية في‬
‫والمصريين الذين كانوا يمرون بمرحلة هرج وخوف شديد من أى حادث‬ ‫السكندرية ‪ ،‬وشدد على خشيته من هجوم الرعاع المصريين على‬
‫قد يطرأ ‪ ،‬وإستمر الحال كذلك حتى كان اليوم الحادي عشر من شهر‬ ‫المواطنين الوربيين بمصر وأخذهم على غرة ‪ ،‬وأكد لهم أن الحزم‬
‫يونيو سنة ‪ 1882‬عندما وقعت مذبحة السكندرية حيث قام رجل مالطيا‬ ‫يقتضى التدويل من اجل أخذ التدابير والوسائل الللزمة لحفظ أرواح‬
‫بطعن مصرى بالسكين ‪ ،‬وعلى الفور سار القتال بين المصريين‬ ‫الجانب بمصر وتأمين أموالهم ‪ .‬وبعد عقد عدة اجتماعات فى هذا‬
‫والوربيين حتى وقع عشرات الفراد بين قتلى وجرحى‪ .‬ولما بلغت‬ ‫الخصوص تم التوصل إلى قرار بالجماع يفيد بسرعة حشد عدد كبير من‬
‫القاهرة أخبار تلك الحادثة حدث هياج شديد خاصة بين النخبة‬ ‫الأوربيين وتزويدهم بالسلح وجعلهم فى حالة إستعداد تام تحسبا لية‬
‫والوطنيين وسائر التيارات الحزبية والجمعيات السرية المناهضة للتدخل‬ ‫هجمات مصرية عليهم ‪ .‬كما طلب منهم القنصل النجليزى كوكسن‬
‫البريطانى والفرنسى فى مصر ‪ ،‬وعلى الفور أرسل عرابى وكيل وزارة‬ ‫ضرورة التصال الفورى بقادة السطولين البريطانى والفرنسى‬
‫الحربية يعقوب باشا سامي ومعه لواء المشاة الثانى بقيادة خليل بك‬ ‫والستعلم منهما عن كيفية التسلح لدرء أى خطر قد يحدث من قبل‬
‫كامل وكذلك اللواء الرابع بقيادة عيد بك محمد ومعهما كتيبتان من‬ ‫المصريين ‪ .‬وبالفعل إستجاب قادة السطولين وتم إمداد الجالية الجنبية‬
‫المدفعية ولواء الخيالة بقيادة أحمد بك عبد الغفار ‪ .‬وتحرك الجميع ليلً‬ ‫بالسكندرية بالسلحة لمقاومة المصريين‪ .‬ويذكر فى هذا الخصوص أن‬
‫إلى السكندرية تحت قيادة طُلبة باشا عصمت ‪ ،‬وطلب عرابى من وكيل‬ ‫دار القنصلية البريطانية أصبحت مخزنا للسلح والذخيرة وقد تم تعيين‬
‫وزارة الحربية بإعادة المن إلى ما كان عليه وذلك بالتعاون مع محافظ‬ ‫مجموعة من العساكر النجليز لمداد الجانب بالسلح لستخدامه ضد‬
‫السكندرية ‪ .‬وعلى أثر ذلك شكلت لجنة للتحقيق فى هذه الحادثة من‬ ‫الشعب المصرى عندما يتم العلن عن ذلك ‪ .‬وعلى الفور إنتشر خبر‬
‫وكيل وزارة الحربية يعقوب باشا سامي وبطرس باشا غالي وياور‬ ‫قيام القنصل النجليزى بتسليح الجانب من الوربيين بالسلح والذخيرة‬

‫‪85‬‬
‫العثمانيين ‪ .‬لكن أوكلن كولفن خرج للعلن وأشاع عكس ذلك بين‬ ‫الجناب الخديوي وياور درويش باشا ومندوب قناصل الدول الجنبية ‪،‬‬
‫الوساط المصرية وقال أن القصر يريد إستقدام قوات بريطانية بدل من‬ ‫وجميعهم تحت رئاسة مُحافظ السكندرية عُمر باشا لطفي ‪ .‬وهكذا تم‬
‫العثمانية لفرض الستقرار داخل البلد بعد مذبحة السكندرية‪ .‬وقد ادت‬ ‫رأب الصدع وإلتأمت الجراح بالسكندرية‪ ،‬وعادت الحياة إلى طبيعتها‬
‫تلك الشاعة إلى إنتشار القلق بين المصريين خاصة بعد أن علموا من‬ ‫مع عودة الطمأنينة والسكينة على ربوع السكندرية ‪.‬‬
‫بعض قناصل الدول الوربية الكبرى أن الخطر لزال قائم عند البواب ‪.‬‬ ‫سفر الخديو للصطياف ‪ :‬في يوم الثلثاء ‪ 13‬يونيو سنة ‪ 1882‬ترك‬
‫وعلى أثر ذلك زاد الخوف وكثر عدد المهاجرين النازحين ‪ .‬ولما رأى‬ ‫الخديوى توفيق القاهرة متوجها إلى السكندرية للصطياف هناك كالعادة‬
‫عرابى ورفاقه ذلك الفزع العارم وهجرة العديد من الناس قام رجالت‬ ‫‪ ،‬وكان معه أحمد عرابى الذى ركب على يساره من سراي السماعيلية‬
‫الحزب الوطني بتكليف من عرابى في يوم الخميس الموافق ‪ 15‬يونيو‬ ‫إلى محطة مصر ‪ .‬وفي الساعة الثانية بعد الظهر وصل الخديوي إلى‬
‫سنة ‪ 1882‬بلصق منشورات في شوارع القاهرة والسكندرية وسائر‬ ‫السكندرية ‪ ،‬وفي مساء ذلك اليوم زار قناصل الدول الجنبية ما عدا‬
‫المحافظات والمديريات تهدف إلى إشاعة الطمأنينة والسكينة والهدوء‬ ‫قنصلي فرنسا وإنجلترا الذين بقيا بالقاهرة خلفا لسائر القناصل الخرين‪،‬‬
‫إلى قلوب المواطنين والجانب فى مصر‪ .‬ويذكر أنه بعد مذبحة‬ ‫وخلل زيارته للقناصل أبدى الخديوى أسفه الشديد على ما حدث‬
‫السكندرية بدأت علمات الخلفات تظهر على السطح بين الدول‬ ‫بالسكندرية ووعدهم بإضفاء المن والطمأنينة على سائر البلد ‪.‬‬
‫الوربية التى إنقسمت إلى قسمين ‪ ،‬الول تتزعمه بريطانيا وفرنسا ‪،‬‬ ‫مزيد من الدسائس ضد عرابى والوطنيين الحرار‪ :‬بعد أن هدأت القلوب‬
‫والثانى تتزعمه دول ألمانيا والنمسا وإيطاليا وروسيا التى إنحازت إلى‬ ‫واطمأنت بفضل سهر قوات الجيش على إعادة المن والراحة في أرجاء‬
‫الباب العالي ‪ .‬ثم خرجت إشاعة إنجليزية أخرى تشير إلى وجود بعض‬ ‫السكندرية ‪ .‬إلتقى السير أوكلن كولفن المراقب العمومي النجليزي‬
‫الفتور فى العلقات النجليزية الفرنسية وذلك على أثر تدخل قنصلي‬ ‫بالخديوى توفيق ودار بينهما حديث طويل ‪ ،‬إستطاع كولفن بطريقته‬
‫ألمانيا والنمسا لمساعدة درويش باشا رئيس الوزراء وسعت الدولتين‬ ‫الماكرة أن يقنع الخديوى بأن مهمة درويش باشا لم تنجح فى إرساء‬
‫لدى الخديوي إلى تأليف وزارة جديدة يكون عرابي باشا من أعضائها‬ ‫المن وسوف تستمر المشاكل ‪ ،‬وأنه يرى لوقف الضطرابات الداخلية‬
‫ويبقى فيها وزيرا للحربية والبحرية‪ ،‬وقد نصحت الدولتين اللمانية‬ ‫لبد من وجود قوات إنجليزية لعادة الراحة والطمأنينة بدل من الجنود‬

‫‪86‬‬
‫العالى ‪ .‬كما أشيع فى مصر أن فرنسا والباب العالى من جهة على‬ ‫والنمساوية الخديوى بأن إستقرار البلد لن يتم إل بوجود عرابى‪ .‬وفي‬
‫خلف مع بريطانيا التى تدعم الخديوى توفيق من جهة أخرى ‪ .‬وفي‬ ‫‪ 16‬يونيو سنة ‪ 1882‬وافق الخديوى وتم تشكيل الحكومة في ‪ 20‬يونيه‬
‫يوم ‪ 25‬يونيو سنة ‪ 1882‬ذهب المستر كارتريت البريطانى إلى مكتب‬ ‫‪ 1882‬وكانت تتكون من التى‪ :‬إسماعيل راغب باشا " رئيس الوزراء‬
‫رئيس الوزراء راغب باشا وبحث معه مٍسألة تدهور الوضاع وحشد‬ ‫ووزير الخارجية " ‪ ،‬أحمد رشيد باشا " الداخلية "‪ ،‬عبد الرحمن بك رشيد‬
‫القوات البريطانية في مياه السكندرية ‪ ،‬وطلب من رئيس الوزراء‬ ‫"المالية" ‪ ،‬أحمد عرابي باشا "الحربية والبحرية" ‪ ،‬علي إبراهيم باشا‬
‫ضرورة الهتمام بأمن وسلمة المستر كورتس وجماعته من البريطانيين‬ ‫"الحقانية" ‪ ،‬سليمان أباظة باشا "المعارف" ‪ ،‬محمود الفلكي باشا "الشغال"‬
‫العاملين بشركة المياه وصيانتها بالسكندرية ‪ ،‬وقال له إن لم تؤمنوا‬ ‫‪ ،‬حسن الشريعي باشا "الوقاف" ‪.‬‬
‫حياتهم بقوات أمن خاصة فسوف يتركون العمل ويهاجرون تاركين‬ ‫مؤتمر الدول بالستانة ‪ :‬عقدت الدول الوربية مؤتمرها بالستانة في‬
‫مدينة السكندرية من غير ماء ‪ .‬فأجابه راغب باشا بأنه ل يستطيع‬ ‫‪ 24‬يونيو عام ‪ 1882‬دون أن يكون للدولة العلية معتمد لها فى هذا‬
‫اتخاذ مثل هذه الوسائل الخصوصية لوقاية شخص واحد لمجرد أنه‬ ‫المؤتمر ‪ .‬وفي الجلسة الولى وقع المعتمدون على بروتوكول عدم‬
‫بريطانى ‪ .‬وشدد راغب باشا على أن الحكومة المصرية متعهدة بوقاية‬ ‫السيطرة على أرض مصر أو الحصول على إمتيازات بأراضيها ‪ .‬ومن‬
‫جميع الوربيين على إختلف جنسياتهم ‪ .‬وخرج كارترايت من مكتب‬ ‫القضايا الخرى التى أثيرت فى ذلك المؤتمر مسألة برزخ السويس‬
‫رئيس الوزراء متجها إلى مكتبه فى حالة غضب وهو يهدد ويتوعد ‪.‬‬ ‫وصيانته ومسألة بقاء أو إستبدال الخديوي توفيق بآخر من السرة‬
‫وفي ‪ 26‬يونيو ‪ 1882‬أرسل كارترايت برقية إلى اللورد جرنفيل مليئة‬ ‫الحاكمة‪ .‬كل ذلك والمصريون ل يعلمون شيئا عما يدور من مناقشات‬
‫بالخبار الكاذبة ومجسما حالتى الخوف والضطراب داخل مصر‪.‬‬ ‫بين وزراء أوربا لعدم وجود من يمثلهم ‪ .‬ومن الشائعات التى خرجت فى‬
‫ضرب السكندرية ‪ :‬في تلك الثناء كانت إنجلترا تبذل كافة جهودها في‬ ‫ذلك الوقت ما قيل حول وقوع خِلف بين فرنسا وإنجلترا ‪ ،‬جيث ترى‬
‫استمالة الدول الوربية لموافقتها على طلبها المتعلق بضرب الحركة‬ ‫فرنسا ضرورة أستبدال الخديوى توفيق بإبن عمه حليم ياشا الكثر ثقافة‬
‫الوطنية الداخلية المصرية فى محلولة للنفراد بمصر ‪ .‬وكانت لندن‬ ‫ووعيا خاصة وأن الحضرة السلطانية تفضل حليم باشا الذى على علقة‬
‫تتأهب للقتال بحشد قواتها البحرية من جنود ومدافع وذخائر وكانت‬ ‫جيدة بالستانة بعكس توفيق الذى إرتبط بإنجلترا وإبتعد كثيرا عن الباب‬

‫‪87‬‬
‫وافق وكلء الدول الوربية الست على ذلك وتم إعلم دولهم بذلك فى ‪6‬‬ ‫مخابراتها داخل مصر ترصد تحركات القوات المسلحة المصرية وأعمالهم‬
‫يوليو ‪. 1882‬‬ ‫وتسجل أخبارهم ويستطلعون أسرارهم ‪ .‬وكان المستر جورج فيس‬
‫إنجلترا تختلق أسبابا للتدخل ‪ :‬على الرغم من موافقة الدول الوربية‬ ‫قنصل انجلترا بالقاهرة شديد الهتمام بتعداد الجيش جنودا وضباطا‬
‫على ذلك إل أن الباب العالي أعلن رفضه شارحا أن ذلك مخالفا للحقوق‬ ‫وجنسيات الجانب داخل الجيش ومدى كفائتهم التدريبية والسلحة التى‬
‫الدولية ‪ .‬وعليه إتخذت إنجلترا الرفض العثمانى حجة وذريعة للتدخل‬ ‫فى حوزتهم ونوعية الذخائر والحتياطى منها وفرق المداد والتموين‬
‫بالقوة ‪ ،‬وعليه أوعزت المخابرات البريطانية سرا إلى عملئها داخل‬ ‫إلى غير ذلك ‪ ،‬وكان يجمع معلومات عن آخر الحروب التى خاضوها فى‬
‫مصر بخلق إضطرابات وأعمال إرهابية لتكون سببا مباشرا للتدخل‬ ‫أفريقيا والتوسعات المصرية بها ‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬
‫البريطانى ‪ .‬فى الوقت نفسه زعم الدميرال سيمور أن الجيش المصرى‬ ‫الدول الوربية تقرر تدخل تركيا ولكن الخيرة ترفض ‪ :‬بعد أن اعترفت‬
‫قام بتحصين القلع في مدينة السكندرية ‪ ،‬وقال أن ذلك التحصين‬ ‫الدول الوربية بضرورة سرعة معالجة التوتر فى المسألة المصرية ‪،‬‬
‫خصص لضرب السطول البريطانى ‪ .‬فى الوقت نفسه جاء تلغراف من‬ ‫بحث وكلء الدول الوربية مسألة تدخل الستانة فى الشأن المصرى ‪،‬‬
‫الصدر العظم إلى الخديوى توفيق يشير فيه إلى التى‪ " :‬أن باشكاتب‬ ‫وقد تم التوصل إلى ضرورة دعم الخديوى توفيق بإرسال قوة عسكرية‬
‫السفارة النجليزية حضر إلى الباب العالي‪ ،‬وأخبرهم أن الجيش المصري‬ ‫عثمانية لعادة المن والنظام إلى البلد وإنقاذ مصر من الفوضى وإعادة‬
‫آخذ فى تهديد الساطيل النجليزية والفرنسية وغيرها في مياه‬ ‫النظر فى تعداد الجيش وتسليحه وتعيين قادته وفقا لتفاق أوربى عثمانى‬
‫السكندرية ‪ ،‬كما يقوم ببناء الحصون والقِلع ‪ ..‬وإن لم يكف الجيش‬ ‫شريطة أل يكون التدخل العثمانى سلبيا على النظام المصرى المدني‬
‫عن تقوية إستحكاماته والتوقف عن تعزيز حصونه فى أسرع وقت‬ ‫والداري والقضائي وذلك وفقا للفرمانات الدولية‪ .‬وأل يزيد بقاء تلك‬
‫ممكن ‪ ،‬فسوف يضطر الدميرال سيمور إلى إطلق مدافعه على‬ ‫القوات العثمانية بمصر عن ثلثة أشهر إل إذا طلب الخديوى مد تلك‬
‫السكندرية فيدكها دكا ويهدمها عن آخرها"‪ .‬بعد إطلع الخديوى توفيق‬ ‫الفترة بشرط موافقة الدول الوربية الست(إنجلترا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬المانيا‪،‬‬
‫على ذلك التلغراف التهديدى من قبل النجليز ‪ ،‬قام بإرساله على الفور‬ ‫روسيا ‪ ،‬النمسا‪ ،‬إيطاليا)والدولة العلية وحكومة مصر على ذلك ‪ ،‬وقد‬
‫إلى عرابى للطلع عليه وإتخاذ ما يلزم بشأنه ‪ .‬وبعد إطلع عرابى‬

‫‪88‬‬
‫السُلطانية ‪ .‬وبعد أن قرأ الخديوى على الجميع رسالة التحذير التى‬ ‫ورفاقه على التلغراف ‪ ،‬قام بإرسال الرد التالى إلى الخديوى توفيق ‪" :‬إن‬
‫أرسلها الدميرال سيمور إلى طلبة باشا قومندان السكندرية ‪ ،‬قرر‬ ‫مصر دولة مسالمة ولم تعتد على أراض النجليز ولم تهدد أساطيلها‬
‫المجلس المذكور بأنه ل يمكن إجابة طلب الدميرال سيمور حفاظا على‬ ‫الحربية‪ ،‬بل أن بريطانيا هي التي تهددنا بمراكبها الحربية ‪ ..‬وكل ما‬
‫كرامة المصريين ‪ .‬لكن حتى ل تتدهور الوضاع من جراء الحرب رأى‬ ‫في المر أن الجاري حاليا في الستحكامات إنما هو ترميم المتهدم منها ‪،‬‬
‫أعضاء المجلس إرسال وفد عالى المستوى لبحث الموقف مع قائد‬ ‫وهى ترميمات عادية تجرى كل عام تحت بند صيانة الثكنات ‪ ،‬وإذا كانت‬
‫البحرية البريطانى ‪ ،‬وقد تكون الوفد من عبد الرحمن بك رشدي ناظر‬ ‫القوات البحرية النجليزية متخوفة من استحكاماتنا ولم ترد شرا بنا‬
‫المالية وقاسم باشا وكيل البحرية السابق ومحمد كامل باشا وكيل‬ ‫فلتقلع من مينائنا ومياهنا القليمية وتعود إلى بلدها بسلم ‪ ،‬وأني‬
‫البحرية حينذاك وتكران بك باشكاتب مجلس الوزراء ‪ ،‬وطلب من الوفد‬ ‫ليدهشني إحجام الباب العالي عن إجابة السفارة النجليزية بذلك " ‪.‬‬
‫أن يوضحوا له بأن المصريين ليسوا أعدء للنجليز ‪ ،‬وأن الجيش ل‬ ‫إتفاق النجليز مع الخديوى ‪ :‬ولما شاع خبر توقع ضرب مدينة‬
‫يفكر فى سد بوغاز الميناء بالحجار كما قيل ‪ ،‬ولم يفكر فى إحتجاز‬ ‫السكندرية أيقن الناس بقرب وقوع القتال ‪ ،‬وطالب كل من قنصلي فرنسا‬
‫السفن التجارية البريطانية داخل ميناء السكندرية ‪ ،‬كما أنه فى الوقت‬ ‫وإنجلترا من رعايا دولته ترك مصر فورا ‪ ،‬وعليه تسابق الوربيون إلى‬
‫نفسه ل يمكن قبول إنزال المدافع من الحصون والقلع لما فيه من‬ ‫الرحيل ‪ ،‬ولم يبق في المدينة منهم إل القليل ‪ ،‬حتى أن الخديوى استدعى‬
‫مخالفة قوانين البحرية ولما يتبع ذلك من الهانة للمصريين ‪ ،‬وإنما‬ ‫المستر كولفن مراقب المالية النجليزي ‪ ،‬وأتفق معه على ترك سراي‬
‫يمكن إجابة لطلبه وفضا للشكال تنزيل ثلثة مدافع من ثلث طوابي‬ ‫رأس التين والتوجه بعائلته إلى سراي الرمل في يوم ‪ 10‬يوليو سنة‬
‫إحداها طابية المكس والثانية طابية صالح والثالثة طابية برج السلسلة‬ ‫‪ 1882‬لن ضرب السكندرية ربما يكون في صباح يوم ‪ 11‬منه ‪ ،‬وهو‬
‫وأن يكتفي بذلك ردا لشرف البحرية البريطانية ‪ .‬وذهب الوفد إلى‬ ‫ما حدث بالفعل ‪ .‬وفي صباح يوم ‪ 10‬يوليو سنة ‪ 1882‬انعقد مجلس‬
‫سيمور وأبلغه بذلك‪ ،‬ثم عاد وأخبر الخديوى توفيق ومن معه من‬ ‫فوق العادة من وزراء الحكومة وغيرهم من علية القوم وكبار‬
‫أعضاء المجلس بأن الدميرال سيمور لم يقبل بما عرض عليه ‪،‬‬ ‫المسئولين برئاسة توفيق باشا وبحضور المندوب السُلطاني درويش باشا‬
‫وصمم على وجوب إنزال جميع المدافع كما طلب فى إنذاره ‪ .‬بل وطلب‬ ‫وقدري بك سكرتيره وأحمد أسعد وكيل الفراشة النبوية عن الحضرة‬

‫‪89‬‬
‫صرخات وإستنجاد الطفال والشيوخ والنساء تحت النقاد ‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫من الحكومة المصرية أمرا صريحا بإعطائه طابية المكس وما وراءها‬
‫ظلت مدافع النجليز تدمر كل حى بالمدينة الثرية العريقة الضارب‬ ‫من الراضي ‪ ،‬وطابية العجمي وطابية باب العرب لتخاذها معسكرا‬
‫جذورها فى عمق التاريخ القديم ‪ .‬ولم تجاوبها مدافع القِلع‬ ‫للعساكر النجليزية ‪ ،‬وإذا لم تستجب الحكومة المصرية إلى طلباته‬
‫والتحصينات بالسكندرية إل بعد أن أطلق السطول نحو ‪ 20‬طلقة من‬ ‫المذكورة فسوف يبدأ بتدمير المدينة عند طلوع شمس صباح يوم غد ‪.‬‬
‫مدافعة الحديثة الرهينة ‪ ،‬واستمر القتال بين الساطيل النجليزية وقِلع‬ ‫ونظرا لن طلبات سيمور غير قانونية ول يمكن قبولها بوجه من الوجوه‬
‫وحصون السكندرية بعد ذلك حتى منتصف النهار ‪ ،‬ثم أخذت نيران‬ ‫خصوصا وأن الفرمان السلطاني يمنع الخديوى من التصرف في إعطاء‬
‫الستحكامات المصرية في التناقص التدريجى حتى تم تدميرها قبيل‬ ‫قيد شبر من الراضي المصرية وملحقاتها إلى أى دولة أجنبية ‪ .‬لذلك‬
‫غروب الشمس ‪ ،‬فقد كانت استحكامات السكندرية قديمة وجميعها مبني‬ ‫تقرر رفض طلبات الدميرال ‪ ،‬وهو ما أعلنته حكومة الباب العالي حيث‬
‫بالحجار منذ نحو ‪ 70‬سنة ‪ .‬وقد باغت النجليز بالعدوان قى حين لم‬ ‫أنها صاحبة الولية على البلد المصرية ‪ .‬وبعد أن رفض المجلس‬
‫يكن المصريين مستعدين لذلك ‪ ،‬وكان تأثير شظايا الحجار المتناثرة‬ ‫مطالب سيمور انتقل الخديوى توفيق ودرويش باشا ومن معهما من‬
‫وضررها أكثر من تأثير مقذوفات العدو نفسه على الشعب السكندرى ‪.‬‬ ‫رأس التين إلى سراي الرمل في ظهر ذلك اليوم المذكور عملً برأي‬
‫وفيما يتعلق بحصر القتلى والجرحى ‪ ،‬فقد إستشهد في نهاية اليوم‬ ‫المستر كارترايت ‪ .‬بعد توقيع الباب العالى على قرار دخول الحرب ضد‬
‫الول للقتال من جميع القلع والحصون نحو مائه رجل وامرأتان من‬ ‫بريطانيا صدرت أوامر قيادة الجيش إلى رؤساء الستحكامات وقادة‬
‫المتطوعات اللواتي كن يضمدن جراح الجرحى ‪ .‬وفى مساء نفس اليوم‬ ‫اللوية وباقى فروع الوحدات العسكرية بسرعة الستعداد للحرب والدفاع‬
‫توجه أحمد عرابى مع عدد من الوزراء إلى سراي الرمل ‪ ،‬وقام عرابى‬ ‫عن البلد ‪ ،‬وسهر الجيش طول الليل في ترتيب ما يلزم إجراؤه للقتال‪.‬‬
‫بعرض الموقف على الخديوى توفيق ودرويش باشا ورئيس مجلس‬ ‫ضرب السكندرية ‪ :‬وفى صباح الثلثاء الموافق ‪ 11‬يوليو سنة ‪1882‬‬
‫النواب ‪ ،‬وبعد مناقشة مطولة فى هذا الشان قرر الخديوى ودرويش‬ ‫قامت المدافع النحليزية بضرب القلع والحصون والترسانة البحرية‬
‫باشا أنه فى حال عودة السطول النجليزي الى ضرب السكندرية في‬ ‫وسراى رأس التين ‪ ،‬ثم زحفت دانات المدافع النجليزية إلى جميع أرجاء‬
‫صباح ‪ 12‬يوليو ‪ 1882‬فل تجاوبها القلع والحصون المصرية بل ترفع‬ ‫المدينة فضربتها بكل الغل والحقد وما لديها من قوة غير إنسانية وسط‬

‫‪90‬‬
‫الخط الول من الستحكامات عند عزبة خورشيد خلف الملحة ‪ .‬وفى‬ ‫الراية البيضاء علمة للتفاوض مع الدميرال سيمور بشأن وقف القتال‬
‫‪ 26‬يوليو ‪ 1882‬لقى النجليز أول هزيمة لهم فى أبى قير ‪ ،‬وقد إستمر‬ ‫واللجوء للمفاوضات خاصة بعد أن حقق سيمور هدفه فى تدمير تلك‬
‫القتال نحو ثلث ساعات ونصف أبلى خللها الجيش المصرى بلء حسنا‬ ‫القلع والحصون ‪ .‬بعد ذلك توجه عرابى ومعه راغب باشا رئيس‬
‫ولم تعرف خسائر العدو لرفعها من الميدان أولً بأول ‪ .‬وفى ‪ 27‬يوليو‬ ‫الوزراء إلى بيته الكائن بترعة المحمودية وأرسل عرابى أوامره إلى‬
‫‪ 1882‬تم هزيمة القوات البريطانية فى معركة عزبة خورشيد ‪ ،‬ويذكر‬ ‫رؤساء القلع والحصون الخاصة برفع الراية البيضاء لوقف القتال‪.‬‬
‫أن القتال إستمر نحو إحدى عشر ساعة ونصف ‪ ،‬وقد بلغت خسائر‬ ‫سيمور يرفض الهدنة ‪ :‬وفي صباح ‪ 12‬يوليو ‪ 1882‬أطلقت البوارج‬
‫المصريين إستشهاد ‪ 29‬جنديا وصف ضباط واستشهد الملزم أحمد‬ ‫النجليزية مدافعها على القلع والحصون المصرية فرفعت جميعها الراية‬
‫أفندي علي ‪ ،‬أما خسائر العدو البريطانى فقد قتل وترك بميدان القتال‬ ‫البيضاء علمة التفاوض‪ .‬وتقرر إرسال طلبه باشا عصمت إلى‬
‫‪ 17‬جثة منها الملزم ديز وقد تم دفنه في جسر المحمودية ‪ ،‬وقد شوهد‬ ‫الدميرال سيمور لبلغه بوقف القتال والكتفاء بما حدث من تدمير‬
‫الكثير من عساكر النجليز يحملون قتلهم وجرحاهم ‪ ،‬وفي اليوم الثاني‬ ‫للقلع والحصون ‪ .‬وبعد لقائه بمندوب الدميرال في الترسانة البحرية‬
‫كانت ساحة القتال مشوهة بالدماء وآثار جر الموتى ‪.‬‬ ‫وإخباره بما طلب منه ذكره ‪ ،‬توجه مندوب سيمور الذى كان يركب‬
‫وفي ‪ 17‬يوليو سنة ‪ 1882‬ورد تلغراف من رأس التين من قبل‬ ‫رفاصا بحريا صغيرا إلى الدميرال وأخبره بما سمعه من طلبه باشا ‪.‬‬
‫الخديوى توفيق الذى كان برفقته الدميرال سيمور إلي وزير الحربية‬ ‫لكن سيمور لم يقبل ‪ ،‬بل ولم يرجع المندوب ثانية بالرد إل بعد العشاء‬
‫عرابى الموجود بكفر الدوار ‪ ،‬وفيه أخبر عرابى بأنه المسئول عن ذلك‬ ‫( أى بعد ‪ 12‬ساعة) ‪ ،‬وعليه ذهب طلبه باشا إلى الخديوى وكان مغه‬
‫الخراب وتلك الهزيمة ‪ ،‬لذلك فإن سيمور لم يعد يعترف بوزير الحربية‬ ‫عرابى وعدد من الوزراء وأخبرهم برفض سيمور لوقف إطلق النار‪.‬‬
‫عرابى وأنه سوف يسلم مدينة السكندرية للخديوى‪ .‬ولكن عرابى رفض‬ ‫الخديو يلجأ للنجليز ‪ :‬وفي صباح ‪ 13‬يوليو سنة ‪ 1882‬توجه عرابى‬
‫ذلك يشدة وكتب للخديوى يؤكد له أن جنابه وافق من البداية على‬ ‫ومعه عدد كبير من العساكر إلى عزبة خورشيد ‪ ،‬ثم إلى كفر الدوار‬
‫الدخول فى الحرب ضد القوات البريطانية وأنه مسئول أيضا عما حدث‪.‬‬ ‫التى اتخذها مركزا حربيا ‪ .‬وفى الحال قام عرابى ومن تبقى من جيشه‬
‫كما أرسل عرابى رسالة أخرى إلى وكيل الجهادية يعقوب سامي باشا‬ ‫في إنشاء استحكامات خفيفة وتحصين التلل القديمة ‪ ،‬وإنتهى من تجهيز‬

‫‪91‬‬
‫الدين مروق السهم من الرمية لخيانته لدينه ووطنه وانحيازه لعدو بلده‬ ‫في ‪ 17‬يوليو سنة ‪ ، 1882‬وطلب فيها سرعة عقد مجلس من الذوات‬
‫‪ ،‬وبناء عليه صدر قرار المجلس بما يأتي ‪ :‬وجوب توقيف أوامر‬ ‫والعلماء والنواب والعيان ليطرح فيه ما طرأ مؤخرا بالبلد والبت فيه ‪،‬‬
‫الخديوى وما يصدر من وزراءه الموجودين معه في السكندرية كيفما‬ ‫والعمل على وضع خطة تقرر فيها صالح البلد‪ ،‬ويحدد فيها أيضا موقف‬
‫كانت ولي جهة من الجهات وعدم تنفيذها حيث أن الخديوى خرج عن‬ ‫الخديوى من تحيزه إلى العدو البريطانى الذى دمر بلدنا ‪.‬‬
‫قواعد الشرع الشريف والقانون المنيف ويلزم عرض قرارنا هذا على‬ ‫اجتماع الداخلية ‪ :‬بناء على الرسالة التي أرسلها عرابى إلى وكيل وزارة‬
‫العتاب الشاهانية بواسطة وكلء النظارات ‪ .‬وبعد إمضاء هذا القرار ‪،‬‬ ‫الحربية يعقوب باشا سامي ‪ ،‬قام الخير بدعوة عدد كبير من الذوات‬
‫تم عرض مضمونه بواسطة التلغراف على الحضرة السُلطانية بالستانة‬ ‫والعيان والساسة ‪ ،‬وكان عدد الذين لبوا الدعوة نحو ‪ 70‬شخصا وعقد‬
‫‪ ،‬وعلم بوصوله إلى الستانة رسميا ‪ .‬وهكذا تم إلزام عرابى بالدفاع‬ ‫الجتماع بديوان وزارة الداخلية ‪ .‬وبعد مناقشة ما ورد برسالة عرابى‬
‫عن مصر وإعطائه لقب (حامي البلد المصرية) ‪ .‬وفي ‪ 23‬رمضان‬ ‫وتطور الحداث قرر الحاضرون وجوب الستمرار في إعداد التجهيزات‬
‫سنة ‪ 1299‬الموافق ‪ 8‬أغسطس سنة ‪ 1882‬صدر منشور من الخديوى‬ ‫الحربية واستدعاء وزراء الحكومة من السكندرية ‪ .‬وعلى أثر ذلك جاء‬
‫توفيق إلى جميع المصريين جاء فيه‪ " :‬نحن خديوى مصر نعلن لجميع‬ ‫رد الخديوى توفيق بعزل عرابى من وزارة الحربية ‪ ،‬وقد أرفق مع هذا‬
‫المصريين أن عرابي باشا قد ارتكب آثاما فظيعة جلبت خسائر ل وصف‬ ‫المر الخديوى أمر آخر تم تعليقه فى شوارع مدينة السكندرية وكتب‬
‫لها على مصر وأهلها وجعلت الدول الوربية ناقمة عليها‪ .‬فقد أعلن‬ ‫فيه السباب التي دعت الخديوى إلى عزل أحمد عرابى ‪ .‬وقد أرسلت تلك‬
‫عرابى جهرا عصيانه لوامرنا معلل ذلك بأكاذيب واهية‪ ..‬ولذلك يعتبر‬ ‫المنشورات إلى رؤساء المراكز العسكرية وعُمد البلد ومشايخ العربان ‪.‬‬
‫عرابى عاصيا ومستحقا لشد أنواع العقوبات بمقتضى الشرع الشريف ‪،‬‬ ‫المؤتمر يعزل الخديو ‪ :‬انعقد المؤتمر العام في ديوان وزارة الداخلية في‬
‫بالرغم من أوامرنا السابقة بوقف وعزل عرابى إل أننا أصدرنا هذا‬ ‫‪ 22‬يوليو سنة ‪ 1882‬الموافق ‪ 6‬رمضان سنة ‪ ، 1299‬وبعد الطلع‬
‫المنشور لنؤكد فيه أن كل شخص على علقة بعرابى أو حتى يعمل على‬ ‫على الوراق الخاصة بذلك ومناقشة ما فيها صدرت فتوى شرعية من‬
‫نشر فكره فسوف يصبح عاصيا مثله ويستحق أقصى أنواع العقاب ‪.‬‬ ‫شيخ السلم والمسلمين محمد عليش والشيخ حسن العدوي والشيخ‬
‫وعليه فسوف نجرد هؤلء من ولده وذويه ومن جميع الرتب العسكرية‬ ‫الخلفاوي وغيرهم من العلماء بأن الخديوى توفيق باشا أصبح مارقا من‬

‫‪92‬‬
‫فرنسا سوف تكون صادقة معه وستطبق تلك التفاقيات الدولية التى‬ ‫وأيضا تجريده من الرواتب وتعيينات التقاعد والمعاش وسائر المتيازات‬
‫وقعت عليها وتحافظ على حُرية الملحة فى القنال وتمنع السفن الحربية‬ ‫التي كان يتمتع بها‪ .‬وليعلم المصريون أننا نحن أميرهم ومولهم ‪،‬‬
‫البريطانية‪ .‬ولكن لما أخذ النجليز ينزلون على أراضى السويس احتج‬ ‫وعليهم أل يرتكبوا عصيانا علينا ‪ ،‬وليعلم كل منهم أيضا عدم دفع أموال‬
‫المسيو دى لسبس على ذلك ‪ ،‬فأصدر الخديوى توفيق أمرا يسمح‬ ‫الضرائب لعرابى أو لتباعه ‪ ،‬واذا حصل على أموال فسوف نطالبه بها‬
‫بموجبه مرور السفن الحربية البريطانية بالقناة دون إعتراض من أحد‬ ‫يوم تنقشع عن سماء مصر غيوم النكبات العرابية" ‪ .‬وفي ‪ 28‬رمضان‬
‫لأن السطول الحربى البريطانى جاء إلى مصر بأمر من الخديوى لإعادة‬ ‫سنة ‪ 1299‬الموافق ‪ 13‬أغسطس سنة ‪ 1882‬أصدر عرابى منشورا إلى‬
‫الأمن والنظام وفرض المن في جميع النقط التي يرى قائد السطول‬ ‫قادة الجيش في المراكز الحربية وإلى رؤساء المديريات وجميع فروع‬
‫أنها تستحق الردع بقصد قمع العصاة من الوطنيين المصريين ‪ .‬وقد‬ ‫الحكومة حثهم فيه على مواصلة القتال ضد العدو البريطانى ‪.‬‬
‫توعد الخديوى كل من يخالف أمره بالقصاص الصارم ‪ .‬وهكذا إحتل‬ ‫احتلل النجليز لقناة السويس‪ :‬في ‪ 14‬يوليو سنة ‪ 1882‬ورد إلى‬
‫النجليز قناة السويس بدعم من الخديوى توفيق ‪ .‬وفي ‪ 23‬أغسطس‬ ‫عرابى تلغراف من المسيو فكتور دي لسبس مدير شركة القنال يستعلم‬
‫‪ 1882‬سلك النجليز طريق القاهرة سائرين على خط ترعة القنال‬ ‫عن رأي عرابى في القنال بالنسبة للتحركات الحربية بمياهها ‪ .‬فأجابه‬
‫(الحلوة) وخط السكك الحديدية ‪ .‬وفي ‪ 24‬أغسطس ‪ 1882‬عاد سير‬ ‫عرابى فى نفس اليوم تلغرافيا أن مصر تعتبر القنال من المنافع العامة‬
‫الحوال في مياه القنال إلى عهده السابق ‪ .‬وفي الختام‪ ...‬لم يلحق‬ ‫الدولية ‪ ،‬ولذلك فإن الجيش المصرى لن يعترض على إدارة القنال طالما‬
‫بأحد من رجال الشركة سوء أو أذى طوال فترة هذه الحرب وهو ما‬ ‫تنفذ المواثيق الدولية المتمثلة فى منع السفن الحربية النجليزية من‬
‫يضع العديد من علمات الستفهام حول الموقف الفرنسى ‪ .‬كان عرابي‬ ‫المرور فى القنال نظرا لن بريطانيا فى حالة حرب مع مصر وهو ما‬
‫يدرك أن ديليسبس يخادعه ‪..‬ولكنه لم يكن يتصور أن إنجلترا في زحفها‬ ‫تؤكده التفاقيات الدولية السابقة الخاصة بحرية المرور فى القنال ‪.‬‬
‫الستعماري نحو القنال ستدوس على المعاهدات والمواثيق والأعراف‬ ‫وعندما وصل الرد إلى فكتور دى لسيبس قام على الفور بالرد إلى‬
‫الدولية إلى مثل هذا الحد ‪ .‬وقد يعتقد البعض أن عرابي كان صاحب‬ ‫عرابى وأكد فى رده على أنه ضامن ومتكفل بمنع النجليز من المرور‬
‫نظرة متحضرة في رفضه القيام بسد القنال ‪ ..‬ولكنه بإحجامه عن سدها‬ ‫فى القنال ما دام فيه عرق ينبض ‪ .‬وهنا إعتقد أحمد عرابى ورفاقه أن‬

‫‪93‬‬
‫ولعل قصة اضطهاد عرابي ومهزلة محاكمته ثم نفيه من أ سوأ ما عرفه‬ ‫سهل على النجليز احتلل البلد ومهد للجنرال ولسلي نصرا من أسهل‬
‫تاريـخ زع يم ب طل فى م ثل مكا نة عرا بى ‪ ..‬ف قد كان عرا بي في ن ظر‬ ‫ما عرف تاريخ الحروب‪ .‬والحق يقال أن إحتلل القنال بهذه السهولة‬
‫الخديوى ومـن حوله عبارة عـن جندي متمرد على عرشـه وسـلطانه ‪.‬‬ ‫جعل معظم المؤرخين يشوهون صورة عرابي كبطل قومى وطنى ‪ ،‬فقد‬
‫و هو في ن ظر بريطان يا متع صب دي ني ومتمرد سياسي قام باغت صاب ما‬ ‫قال الكثير منهم أنه كان رجل درويشا ومجذوبا يستعين بحلقات الذكر في‬
‫لهـم مـن ديون على مصـر ‪ .‬وهذا هـو التفسـير الذي رسـمه السـتعمار‬ ‫أحلك لحظات المعركة ‪ ..‬وهذه فرية روجها الحتلل وأعوانه للتهوين‬
‫للثورة العرابيـة ‪ ،‬وهـو تفسـير ظالم يرتكـز على خدعـة كـبرى قوامهـا‬ ‫من شأن الحركة الوطنية العرابية بأسرها ‪ .‬لقد كانت بحق حركة وطنية‬
‫الطعن في شخصية عرابي نفسه وتصويره على أنه كان جاهلً ومتأخرا‬ ‫ناضجة متفتحة لها كل مقوماتها العصرية ‪ .‬يقول نينيه أحد المؤرخين‬
‫في فكره بقدر ما كان درويشا وغافلً وأسيرا للوهم والخرافة‪ .‬ويقول‬ ‫للثورة العرابية وهو سويسرى الصل وكان يعيش فى مصر‪ " :‬كنت‬
‫مؤرخ الحركة العرابية النجليزى بلنت ‪ :‬الحق يقال أنه ليس هناك ريب‬ ‫بجانب عرابي لما أوشك النجليز أن يطبقوا عليه في التل الكبير ‪ ..‬لقد‬
‫في أن حركة عرابي كانت في كثير من الوجوه ‪ ..‬حركة قومية خالصة "‬ ‫كان ثابت الجنان لم تخنه شجاعته وكان يدرك مدى ما تعرض له جيشه‬
‫‪ ..‬أ ما المؤرخ لن فس الفترة برودلي فيش هد بأ نه "ل شك في أن عرا بي‬ ‫من خيانات متتابعة آخرها مفاجأة النجليز له وهو في معسكره وحيدا‬
‫وأ صحابه كا نت لدي هم القدرة على أن ينهضوا بح كم أمت هم حكما ش عبيا‬ ‫عند بزوغ الفجر‪ ..‬واستعد الرجل للموت والستشهاد " ‪ .‬وفى النهاية‬
‫وأن ينفذوا بجدارة كل التغييرات والصلحات التي نادوا بها " ‪.‬‬ ‫تمت هزيمة الثورة العرابية بدخول الخديوى توفيق إلى القاهرة في‬
‫وبالعودة إلى عرابـى ‪ ،‬فنجـد أنـه بعـد تسـعة عشـر عاما مـن النفـي فـي‬ ‫حماية جيش الحتلل البريطانى ‪ ..‬وذهب عرابي وزعماء الثورة إلى‬
‫سيلن ‪ ..‬عاد عرا بي إلى م صر عام ‪ 1901‬وو ضع ت حت الحرا سة في‬ ‫المحاكمة ‪ ..‬وبدأ في تاريخ مصر عهد من اسود العهود كان قوام فلسفة‬
‫بيتـه العتيـق بالمنيرة ل يغادره ول يـبرحه ‪ ..‬وعاش منسـيا مـن جميـع‬ ‫الحكم فيه ‪ ..‬إلى جانب التحكم والستبداد والستغلل ‪ ..‬بث هيبة‬
‫المصريين تقريبا ‪ .‬وفي مساء ‪ 21‬سبتمبر سنة ‪ 1911‬خيم الصمت على‬ ‫الحتلل بالطعن في الثورة العرابية واتهامها بالفشل والطاحة بكل ما‬
‫البيـت العتيـق الذى كان يعيـش فيـه ‪ ..‬وجاء الليـل فتقدم بائع الزبادي‬ ‫كانت له صلة بها ‪.‬‬
‫يطرق بابه ‪ ..‬وبعد لحظة فتح له الباب ‪ ..‬وأطل من الداخل شبح وتمتم‬

‫‪94‬‬
‫فـي جنازتـه غيرهـم ‪ ..‬ولكـن القاهرة كلهـا كانـت تئن لوفاتـه ‪ :‬مات‬ ‫بب ضع كلمات خافتة فان صرف البائع في سكون ‪ ..‬كان الش يخ العجوز قد‬
‫عرابـي ! ‪ ...‬مات عرابـي ! ‪ ...‬وتجمـع الناس مـن حول النعـش فـي‬ ‫ف قد وع يه م نذ ذلك ال صباح ولم ي عد يتكلم ‪ ..‬بل ل قد أط بق عين يه وغرق‬
‫ــم ‪...‬‬
‫ــم بائع الزبادي ‪ ...‬كانوا يتدافعون لحمله فوق مناكبهـ‬
‫مقدمتهـ‬ ‫في غيبو بة تا مة ‪ ..‬وجلس حوله ال هل ف قط ‪ ..‬فلم ي كن ي سمح له بأي‬
‫والقاهرة الحزينة الصامتة تودعه في صمت كئيب ‪ ..‬حزين ‪ ،‬هذا الذي‬ ‫زيارة غ ير زيارتهم ‪ ..‬جلسوا خاشع ين‪ ...‬كا نت تلك الليلة هى الخيرة ‪.‬‬
‫كان في يوم من اليام ‪ ..‬حامي حمى الديار المصرية ‪.‬‬ ‫و فى خارج المنزل سار بائع الزبادى يجول في ال حي ويحوم حول الب يت‬
‫‪ ..‬فلمـا بعـد عنـه ‪ ..‬عرج على الحارة المجاورة فإذا الهمـس مـن حوله‬
‫على لسان الجالسين أمام البواب ‪ ..‬مات عرابي ! نعم مات عرابي ! ‪...‬‬
‫المراجع‬ ‫مات عرابي ! كانت غيبوبة الشيخ قد انتهت وأصبح في عداد الموتى ‪..‬‬

‫أحمد التاجى‪ :‬أبطال مصر‪ ،‬أحمد شوقى‪.‬‬ ‫‪•0‬‬ ‫واسـتطال الهمـس إلى بعيـد ‪ ..‬خرج مـن حـي المنيرة على لسـان بائع‬

‫أحمد حسين الطماوى‪ :‬أحمد الصاوى صاحب مجلتى‪ ،‬جريدة‬ ‫‪•1‬‬ ‫الزبادي ليسـتقر فـي أسـماع أهـل السـيدة زينـب ‪ ..‬وراح يسـري تتناقله‬

‫القاهرة‪ 27 ،‬نوفمبر ‪2007‬‬ ‫القلوب الراجفـة ‪ ..‬حتـى إذا أصـبح الصـباح كان الناس فـي كافـة أحياء‬

‫أحمد السيد عوضين‪ :‬ذكرى رحيل أمير الشعراء أحمد‬ ‫‪•2‬‬ ‫القاهرة الخرى يسـألون بعضهـم البعـض ‪ ..‬عرابـي ! ‪ ..‬عرابـي ! وأيـن‬

‫شوقى‪ ،‬جريدة الهرام‪.‬‬ ‫كان عرابـي ؟ ‪ ...‬ومـن يوم بطوله ‪ ..‬يوم حار رطـب مـن أيام سـبتمبر‬

‫أحمد شفيق‪ :‬مذكراتى فى نصف قرت‪ ،‬الجزء الول ‪1873‬‬ ‫‪•3‬‬ ‫الحالكة ‪ ..‬وتجمع العديد من الناس ينتظرون خروج النعش ‪ ..‬لكن النهار‬

‫إلى ‪ 8‬يناير ‪ ، 1892‬القاهرة ‪. 1931 ،‬‬ ‫كان قـد انصـرم والشيـخ ل يزال مسـجي على فراش الموت ‪ ..‬إذ لم يكـن‬

‫احمد الشقيري‪ :‬موقع احمد الشقيري على النترنت‪.‬‬ ‫‪•4‬‬ ‫في الب يت ما يك في لتجهيزه ودف نه ‪ .‬و في اليوم التالي ‪ 23‬سبتمبر سنة‬

‫الموسوعة الفلسطينية ‪ :‬المجلد الول‪،‬‬ ‫‪ 1911‬وقبـل عيـد الفطـر مباشرة ‪ ..‬صـرفت وزارة الماليـة المرتبات‬

‫احمد عبد الكريم‪ :‬مقابلة خاصة‪ 5 ،‬نوفمبر ‪، 2004‬‬ ‫‪•5‬‬ ‫والمعاشات مبكرة لربابها وأمكن أن يتم تجهيز نعشه ‪ .‬وخرجت الجنازة‬

‫الجزيرة‪.‬‬ ‫في صمت ومن خلفها أولده وأهله ‪ ..‬ذلك أنه لم يكن مسموحا أن يسير‬

‫‪95‬‬
‫جريدة الهرام‪ :‬وزراء الحكومة الجديدة‪،‬أحمد جمال الدين‬ ‫‪•16‬‬ ‫أحمد عرابى‪ :‬مذكرات عرابى‪ ،‬كتاب الهلل ‪،‬فبراير ‪.1953‬‬ ‫‪•6‬‬
‫موسى ‪ 12 ،‬يوليو ‪.2004‬‬ ‫أحمد فؤاد أنور‪ :‬أحمد سعدات ‪ ،‬جريدة القاهرة ‪ 21 ،‬مارس‬ ‫‪•7‬‬
‫جريدة الهرام‪ :‬روح العصر‪ ،‬أحمد شوقى‪ ،‬جريدة الهرام ‪،‬‬ ‫‪•17‬‬ ‫‪2006‬‬
‫الكسندر شولش ‪ :‬مصر للمصريين‪ ،‬تعريب دكتور رءوف‬ ‫‪•8‬‬
‫‪ 11‬نوفمبر ‪.2003‬‬
‫عباس‪ ،‬دار الثقافة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪.1983 ،‬‬
‫جريدة اليام ‪:‬أحمد شوقى ظاهرة أدبية فذة لم ينصفها‬ ‫‪•18‬‬
‫أنور حجازى‪ :‬عمالقة ورواد‪ ،‬أحمد شوقى‪ ،‬الدار القومية‬ ‫‪•9‬‬
‫المؤرخون‪ ،‬جريدة اليام‪ 15 ،‬يناير ‪.2002‬‬
‫للطباعة والنشر‪.‬‬
‫الجزيرة ‪ :‬العرب واسرائيل‪ :‬نصف قرن من الصراع‪17،‬‬ ‫‪•19‬‬
‫أنور عبد الملك ‪ :‬نهضة مصر ‪.‬‬ ‫‪•10‬‬
‫مايو ‪. 2006‬‬
‫إيناس نور‪ :‬احمد ماهر و‪ 43‬عاما فى خدمة الدبلوماسية‬ ‫‪•11‬‬
‫حبيب زحلوى ‪ :‬أدباء معاصرون ‪.‬‬ ‫‪•20‬‬
‫المصرية ‪ ،‬جريدة الهرام‪ 16 ،‬مايو ‪. 2001‬‬
‫حسن فؤاد ‪ :‬أحمد شاه مسعود ‪ ،‬الهرام العربى ‪22 ،‬‬ ‫‪•21‬‬
‫جاكوب‪ ،‬لندو ‪ :‬الحياة النيابية والحزاب فى مصر‪،‬‬ ‫‪•12‬‬
‫سبتمبر ‪. 2001‬‬
‫‪ ،1952-1866‬القاهرة‪.‬‬
‫حسين حسنين ‪ :‬أحمد سالم ‪ ،‬موسوعة الجيب لمخرجى‬ ‫‪•22‬‬
‫جريدة صوت المة‪ :‬وثائق عمولت الكبار فى وزارة‬ ‫‪•13‬‬
‫السينما المصرية ‪.1996 ،‬‬
‫الطيران‪ 10 ،‬مايو ‪.2004‬‬
‫حسين حسنين‪ :‬أحمد السبعاوى‪ ،‬موسوعة الجيب لمخرجى‬ ‫‪•23‬‬
‫جريدة صوت المة‪:‬الفريق أحمد شفيق يتحدث عن أسرار‬ ‫‪•14‬‬
‫السينما المصرية ‪ ،‬عام ‪. 1996‬‬
‫عسكرة وزارة الطيران‪ 24 ،‬مايو ‪.2004‬‬
‫خالد محمد على ‪ :‬سعدات رهين المحبسين‪ ،‬جريدة السبوع‬ ‫‪•24‬‬
‫جريدة الهرام‪ :‬وزراء الحكومة الجديدة‪،‬أحمد شفيق‪12 ،‬‬ ‫‪•15‬‬
‫‪ 13 ،‬مايو ‪. 2002‬‬
‫يوليو ‪.2004‬‬
‫دار الوثائق القومية‪ :‬مذكرات عرابى فى الفترة من ‪1881‬‬ ‫‪•25‬‬
‫إلى ‪.1882‬‬

‫‪96‬‬
‫شهدى عطية الشافعى‪ :‬تطور الحركة الوطنية المصرية‬ ‫‪•37‬‬ ‫رفعت السعيد ‪ :‬الساس الجتماعى للثورة العرابية ‪،‬‬ ‫‪•26‬‬
‫‪ ، 1956 – 1882‬القاهرة ‪.1957 ،‬‬ ‫القاهرة‪.1966 ،‬‬
‫صالح جودت‪ :‬أحمد فتحى شاعر الكرنك ‪.‬‬ ‫‪•38‬‬ ‫رويترز ‪ :‬لبنان يكرم الشاعر احمد فؤاد نجم‪ 1 ،‬فبراير‬ ‫‪•27‬‬
‫طاهر الطناحى‪ :‬حديقة الدباء ‪.‬‬ ‫‪•39‬‬ ‫‪ ،2002‬رويترز ‪.‬‬
‫طاهر تونسى‪ 70 :‬عاما على رحيل أمير الشعراء أحمد‬ ‫‪•40‬‬ ‫زاهى حواس‪ :‬احمد الصاوي‪ 17 ،..‬مارس ‪، 2007‬‬ ‫‪•28‬‬
‫شوقى‪ ،‬جريدة الهرام‪ 26 ،‬فبراير ‪. 2002‬‬ ‫الهرام‪.‬‬
‫طلعت رضوان‪ :‬أحمد شوقى لم يكن محرضا ضد الحضارة‬ ‫‪•41‬‬ ‫زكى مصطفى ‪ :‬احمد فراج العلمى المستنير ‪ ،‬جريدة‬ ‫‪•29‬‬
‫السلمية ‪ ،‬جريدة القاهرة‪ 7 ،‬نوفمبر ‪.2006‬‬ ‫القاهرة‪ 23 ،‬مايو ‪. 2006‬‬
‫عائشة عبد الغفار‪ :‬احمد ماهر و‪ 43‬عاما فى خدمة‬ ‫‪•42‬‬ ‫سامى عزيز‪ :‬الصحافة المصرية وموقعها من الحتلل‬ ‫‪•30‬‬
‫الدبلوماسية المصرية‪ ،‬جريدة الهرام‪ 16 ،‬مايو ‪. 2001‬‬ ‫النجليزى‪ ،‬القاهرة‪.1968 ،‬‬
‫عبد الرحمن الرافعى‪ :‬الزعيم أحمد عرابى‪ ،‬كتاب الهلل ‪،‬‬ ‫‪•43‬‬ ‫سحر طلعت‪ :‬تقرير اللجنة القتصادية بمجلس الشعب‪ ،‬أحمد‬ ‫‪•31‬‬
‫مارس ‪.1952‬‬ ‫عز‪ ،‬جريدة صوت المة‪ 42 ،‬يوليو ‪. 2006‬‬
‫عبد العزيز بدر‪ :‬مصر الحديثة قبيل الحتلل‬ ‫‪•44‬‬ ‫سعيد جودة السحار‪ :‬أعلم الفكر العربى ‪ ،‬الجزء الول‪.‬‬ ‫‪•32‬‬
‫البريطانىوبعده‪ ،‬القاهرة‪.1923 ،‬‬ ‫سعيد حامد الصدر‪ :‬أحمد عثمان‪ ..‬حياته وأعماله‪.‬‬ ‫‪•33‬‬
‫عبد العزيز عرابى‪ :‬الثورة العرابية ‪ ،‬لورد كرومر‪ (.‬ترجمة‬ ‫‪•45‬‬ ‫سليم حسن‪ :‬تاريخ مصر من الفتح العثمانى إلى قبيل الوقت‬ ‫‪•34‬‬
‫عبد العزيز عرابى)‪.‬‬ ‫الحاضر‪ ،‬القاهرة‪.1924 ،‬‬
‫عبد المقصود السعيد عبد المقصود‪ :‬الضيف أحمد ‪ ،‬مجلة‬ ‫‪•46‬‬ ‫سليم خليل النقاش‪ :‬مصر للمصريين‪ ،‬محاكمة‬ ‫‪•35‬‬
‫القاهرة‪ 17 ،‬يونيو ‪. 2003‬‬ ‫العرابيين‪،‬مطبعة جريدة المحروسة بالسكندرية‪.1884 ،‬‬
‫عبد المنعم شميس‪ :‬شخصيات مصرية ‪.‬‬ ‫‪•47‬‬ ‫شكرى القاضى‪ :‬مائة شخصية مصرية‪.‬‬ ‫‪•36‬‬

‫‪97‬‬
‫محمد الجوادى‪ :‬مصريون معاصرون‪ ،‬مكتبة السرة‪،‬‬ ‫‪•59‬‬ ‫عصام ضياء الدين ‪ :‬الحزب الوطنى والنضال السرى‪،‬‬ ‫‪•48‬‬
‫‪.2006‬‬ ‫‪ ،1915-1907‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الداب ‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫محمد الجوادى‪ :‬أحمد عز الدين هلل‪ ،‬مصريون‬ ‫‪•60‬‬ ‫‪.1972‬‬
‫معاصرون‪ ،‬مكتبة السرة ‪. 2006 ،‬‬ ‫الفرنسية ‪ :‬احمد فؤاد نجم ينتقل من الشعر الى السينما‪،‬‬ ‫‪•49‬‬
‫محمد حسين هيكل ‪ :‬تراجم مصرية وغربية‪.‬‬ ‫‪•61‬‬ ‫‪ 10‬أبريل ‪ ، 2001‬الوكالة الفرنسية ‪.‬‬
‫محمد رفعت ‪ :‬تاريخ حوض البحر المتوسط وتياراته‬ ‫‪•62‬‬ ‫فريدة النقاش ‪ :‬احمد فؤاد نجم ‪ ،‬الجزيرة‪.‬‬ ‫‪•50‬‬
‫السياسية‪ ،‬القاهرة‪.1959 ،‬‬ ‫فهمى عمر ‪ :‬أحمد فراج ‪ ،‬جريدة القاهرة ‪ 23 ،‬مايو‬ ‫‪•51‬‬
‫محمد السيد إسماعيل‪ :‬أحمد شوقى ومصرع كليوباترا‪،‬‬ ‫‪•63‬‬ ‫‪.2006‬‬
‫جريدة مسرحنا‪ 24 ،‬ديسمبر ‪.2007‬‬ ‫كتاب الهلل ‪ ،‬يوليو ‪. 1971‬‬ ‫‪•52‬‬
‫محمد شلبى ‪ :‬مع رواد الفكر والفن ‪.‬‬ ‫‪•64‬‬ ‫لمعى المطيعى‪ :‬موسوعة هذا الرجل من مصر‪.‬‬ ‫‪•53‬‬
‫محمد ضريف ‪ :‬الحزاب السياسية المغربية من سياق‬ ‫‪•65‬‬ ‫ماجد البسيونى‪ :‬إمبراطورية وزير الطيران‪،‬جريدة العربى‪،‬‬ ‫‪•54‬‬
‫التوافق‪ ، 1999-1934 ،‬المجلة المغربية لعلم الجتماع السياسي‪،‬‬ ‫‪ 16‬مايو ‪. 2004‬‬
‫دار العتصام ‪. 2001 ،‬‬ ‫ماجد البسيونى‪ :‬المليين المنهوبة فى مطار القاهرة‪ ،‬جريدة‬ ‫‪•55‬‬
‫محمد عبد العباسى ‪ :‬أحمد فتحى ‪ ..‬شاعر الكرنك‪ ،‬جريدة‬ ‫‪•66‬‬ ‫العربى‪ ،‬مايو ‪.2004‬‬
‫القاهرة ‪ 5 ،‬أغسطس ‪. 2005‬‬ ‫مجدي الحسيني‪ :‬احمد ماهر و‪ 43‬عاما فى خدمة‬ ‫‪•56‬‬
‫محمد مطر ‪ :‬احمد عبد العزيز ‪ ،‬مجلة نصف الدنيا ‪6 ،‬‬ ‫‪•67‬‬ ‫الدبلوماسية المصرية‪ ،‬جريدة الهرام ‪ 16 ،‬مايو ‪. 2001‬‬
‫مايو ‪. 2001‬‬ ‫محمد أمين الحسينى‪ :‬الموسوعة الفلسطينية ‪ ،‬المجلد‬ ‫‪•57‬‬
‫محمود الخفيف‪ :‬أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه ‪ ،‬كتاب‬ ‫‪•68‬‬ ‫الرابع‪،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪. 1984‬‬
‫الهلل ‪ ،‬يوليو ‪. 1971‬‬ ‫محمد التهامى‪ :‬أمير الشعراء الذى أضعناه‪.‬‬ ‫‪•58‬‬

‫‪98‬‬
‫*الجزء الثالث‪ :‬من‪ :‬أحمد سالم‪ .‬إلى ‪ :‬أحمد عرابى‪.‬‬ ‫محمد ضريف ‪ :‬الحزاب السياسية المغربية من سياق‬ ‫‪•69‬‬
‫•موسوعة الجيب لمخرجي السينما المصرية‪:‬‬ ‫المواجهة الى سياق التوافق(‪ ، )1999-1934‬المجلة المغربية لعلم‬
‫*الجزء الول‪ :‬من ابراهيم بغدادى الى أحمد السبعاوى‪.‬‬ ‫الجتماع السياسي ‪ ،‬دار العتصام‪.2001 ،‬‬
‫*الجزء الثانى‪ :‬من أحمد صقر إلى السيد بدير ‪.‬‬ ‫نبيل زكى ‪ :‬أحمد طه ‪ ،‬جريدة الهالي ‪ 5 ،‬مارس ‪. 2003‬‬ ‫‪•70‬‬
‫‪ -‬حــــرف ( ح ) ‪.‬‬ ‫*حــــرف ( ب إلى ج ) ‪.‬‬ ‫نعمان عاشور‪ :‬بطولت مصرية‪ ،‬أحمد عرابى ‪ ،‬روز‬ ‫‪•71‬‬
‫•المسرح الوثائقي‪ :‬تطور فن كتابة القصة‪:‬‬ ‫اليوسف‪.1973 ،‬‬
‫*الجزء الول‪ :‬محمد حسين هيكل ومحمد تيمور‪.‬‬ ‫وائل عبد الفتاح ‪ :‬احمد فؤاد نجم(فتوة من يتامى السادات)‪،‬‬ ‫‪•72‬‬
‫*الجزء الثانى‪ :‬محمود تيمور وعيسى عبيد وطاهر لشين‪.‬‬ ‫‪ 18‬فبراير ‪ ، 2002‬صوت المة ‪.‬‬
‫*الجزء الثالث‪ :‬طه حسين‪.‬‬ ‫ياسر ثابت‪:‬فى الحب والدبلوماسية ‪ ،‬جريدة صوت المة ‪،‬‬ ‫‪•73‬‬
‫*الجزء الرابع‪ :‬توفيق الحكيم‪.‬‬ ‫‪ 23‬مايو ‪. 2001‬‬
‫•المسرح الوثائقى‪ :‬فيصل بن عبد العزيز‪...‬الملك الذى أغتيل غدرا‪.‬‬ ‫ياسمين فراج ‪ :‬احمد صدقى الموسيقى الرسام ‪ ،‬جريدة‬ ‫‪•74‬‬
‫•المسرح الوثائقى‪ :‬تأريخ المسرح المصري عبر عصره الحديث‪.‬‬ ‫القاهرة‪ 16 ،‬يناير ‪. 2007‬‬
‫•مسرح الطفل ‪ :‬ل للشر ‪ ..‬نعم للحب ‪.‬‬
‫•المسرح السلمى‪ :‬مسرحية أصحاب الفيل‪.‬‬
‫•الملك فيصل‪ :‬مؤسس المملكة السعودية الحديثة‪( .‬دراسة محايدة) ‪.‬‬
‫•رائعة نجيب محفوظ‪ :‬زقاق المدق بين الرواية والمسرح‬ ‫صدر للمؤلف‬
‫والسينما(دراسة نقدية)‪.‬‬ ‫•موسوعة‪ :‬رجال لهم تاريخ في مصر والدول العربية ‪.‬‬
‫•أدب الطفل ‪ :‬قصة أصحاب الفيل ‪.‬‬ ‫*الجزء الول‪ :‬من‪ :‬أبا إيبان ‪.‬إلى‪ :‬إحسان عبد القدوس‪.‬‬
‫•أدب الطفل ‪ :‬قصة أصحاب الخدود ‪.‬‬ ‫*الجزء الثانى‪ :‬من‪ :‬أحمد إبراهيم ‪.‬إلى ‪ :‬أحمد زكى يمانى‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫وإسرائيل لوقف بناء القنبلة الشيعية ‪)3(.‬‬ ‫•سيطرة ومال ودماء ‪ :‬قصة وسيناريو وحوار‪.‬‬
‫* الكتاب الرابع‪ :‬المراحل التمهيدية للمواجهة الكارثية بين الغرب‬ ‫•بطل المدينة ‪ :‬قصة وسيناريو وحوار‪.‬‬
‫ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى‪)4( .‬‬ ‫•القتلة ومصيف جمصة الهادئ (رواية) ‪.‬‬
‫•ظاهرة الحتكار في السواق المصرية (دراسة نقدية)‪.‬‬ ‫•القاموس السلمي ‪ ( :‬أ ) ‪.‬‬
‫•تجاوب مصري ضعيف رغم الضغوط المريكية والوربية لتحرير‬ ‫•مشاكل العلم التعاوني في العالم العربي ‪( .‬دراسة نقدية) ‪.‬‬
‫‪2005‬‬ ‫إلى عام‬ ‫‪2000‬‬ ‫سياسة سعر الصرف خلل الفترة من عام‬ ‫•التاريخ القديم لشمال أفريقيا ( ليبيا‪،‬تونس‪،‬الجزائر‪،‬المغرب)‪.‬‬
‫(دراسة نقدية)‪.‬‬ ‫الكتاب الول‪ :‬السكان الصليين ثم الفينيقيين وإمبراطورية‬
‫•قضايا سورية بالغة التعقيد‪( :‬الكتاب الول‪ :‬مأساة أكراد سورية ‪.‬‬ ‫كرطاج‪(.‬باللغة النجليزية)‬
‫•سلسلة قضايا عربية استراتيجية مثيرة للجدل‪:‬‬ ‫الكتاب الثاني‪:‬النفوذ الغريقي والروماني والبيزنطي‪( .‬باللغة الإنجليزية)‬
‫‪2005‬‬ ‫‪،‬أغسطس‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪ ،‬يوليو‬ ‫‪2005‬‬ ‫مايو‬ ‫•قضايا ديموجرافية فى كل من مصر وإسرائيل ‪(.‬دراسة نقدية)باللغة‬
‫•كيف تواجه النرويج تفاقم المشكلة السلمية على أراضيها‪.‬‬ ‫النجليزية‪.‬‬
‫•الصراع البريطاني الرجنتيني حول جزر الفولكلند‪.‬‬ ‫•النشطار ‪ :‬التطور التاريخي للنشطار النووي‪.‬‬
‫الكتاب الول‪ :‬بداية الزمة ( باللغة النجليزية)‪.‬‬ ‫•لماذا تفوقت إسرائيل على العرب نوويا ؟‬
‫الكتاب الثاني‪:‬الحتلل الرجنتينى للفولكلند (باللغة النجليزية) ‪.‬‬ ‫•البرنامج النووي اليراني‪:‬‬
‫الكتاب الثالث‪ :‬بريطانيا تستعيد جزر الفولكلند بالقوة العسكرية‬ ‫* الكتاب الول ‪ :‬هل ستصبح إيران دولة نووية تخشاها الدول‬
‫(باللغة النجليزية)‪.‬‬ ‫المجاورة لها؟(‪)1‬‬
‫* الكتاب الثاني‪ :‬رعب داخل دول الخليج وإسرائيل من بناء القنبلة‬
‫النووية الشيعية‪)2(.‬‬
‫* الكتاب الثالث‪ :‬بداية التعاون الخليجي العلني مع دول الغرب‬

‫‪100‬‬

You might also like