لعل أهم مفاجئات وفتوحات العلم والتكنولوجيا في هذا القرن
هو توليد أشعة ليزر واستخدامها في شتى فنون الصناعة والحرب والطب ،وهذه الطاقة الناجمة عن إطلق إشعاعات بواسطة التضخيم الضوئي موجهة بأطوال منتظمة تتراوح بين تلك المواج القصيرة التي ل يتعدي طولها ( ) 200نانوميتر ( واحد من ألف مليون من المتر ) والتي تدخل في حقل الشعة فوق البنفسجية غير المرئية ،ثم تلك التي تستخدم أطوال أمواج شعاعيه متوسطة الطول تدخل في دائرة الشعة المنظورة ،وبين المواج الطويلة الل منظورة التي تندرج في قائمة الشعة تحت الحمراء .
إنه تسخير الشعاع واطلقة بقوة هائلة وقدرات عظيمة ليؤدي
أغراضً طبية رائعة من حرق وتخثير وقطع وتحوير وتبخير واندثار ،إضافة إلى القدرة الفاعلة الهائلة التي يمكن أن تسخر في التشخيص والتهديف .
لقد استحوذت معظم الختصاصات الطبية وبخاصة طب العيون
على كثير من ميادين الطاقة التي وظفت في إعداد أجيال هائلة من الجهزة الطبية ،استخدم جزء في بعضها حجر الياقوت ، وبعضها استخدم ثاني أكسيد الكربون ،وبعضها يسمى الليزر الصباغي ،وبعضها يستعمل غاز الرجون والكربتون أو الهيليوم أو الثنائي الكهربائي ،وآخرها استعمل فيه الرجون والفلورين .
ل يكاد يصنع جهاز باهظ التكاليف إل ويخلفه جهاز آخر أكثر
تقانة ودقة وأوسع مجالً وأدق هندسة ،والمسألة تتراوح بين العلماء المبدعين والبحاثة الذين يعملون ليل نهار في تسخير الشعاع والمكائن والوسائل واحتساب الطاقة والمال الذي تصرفه الشركات الصانعة والوسيطة في أمريكا وأوروبا واليابان ،وبين تلك المستقبلة والمتلقية والشارية والتي يندرج تحت لوائها بلدنا العربية و السلمية ،لنها سوق كبير و كثيرا ًما تكون هذه البلدان سوقاً أعمى يستقبل دون تعقل أو تدبير .لقد استحوذ طب وجراحة العيون على كثير من اهتمام الشركات المصنعة لليزر ،وكذلك الطباء وجراحي العيون البحاثة الذين يسعون نحو وضع أفضل لرضاهم ،وقد اثبت الليزر جدارته في علج كثير من المراض التي تصيب الشبكية مثل تمزق ونزوف ونتحات وتنشؤات في العروق الدموية التي تحدث نتيجة السكري وارتفاع ضغط العين ،وأمراض الوعية الشبكية والمشيمة واستئصال بعض الورام ،فأصبحت المعالجة بالشعة ركن ًا مهماً في معالجة العمى الذي قد ينجم عن تلك المراض ،وكان لليزر دور في علج داء الزرق الحاد والمزمن وبخاصة في الحالة التي تتعارض فيها صحة
المريض وظروفه مع إجراء العملية الجراحية وهذا هو الليزر
الكاوي والمقرئ للنزف ،وتتراوح أطوال الشعة المسخرة فيه بين الطويلة تحت الحمراء ،والمتناهية في القصر فوق البنفسجية ،وتستعمل بعض أجهزة الليزر في قطع اللياف وعمليات اللصق في القسم المامي من العين ،وبخاصة بعد عملية زرع العدسات في البيت الخلفي والمقصود هنا ليزر ( الياغ ) الذي يستعمل فيه النيوديميوم مع مزيج من ذرات اللومنيوم واليتيريوم والسيليكا التي تطلق أشعة فوق البنفسجية بطول 193نانوميتر .
ومنذ بضع سنوات ظهر الليزر المبدد والمجتث الذي يستعمل
في تصحيح قصر البصر ،وهو أحدث ما توصلت إليه الصناعة المسخرة لشعة الليزر باستحداث أجهزة تطلق أشعة الليزر بقدرات كبيرة هائلة تستطيع في ثوان معدودة تبخير النسجة وإفناءها ،ويستخدم فيه مزيج من غاز الرغون و الفلور .وهذا هو حال الليزر المبخر و المبدد الذي يفيد في تصحيح قصر البصر وطول موجته المشعة 193نانوميتر ،فالشعة المسخرة هي فوق البنفسجية ل تنفذ إل لمسافات قصيرة جداً في القرنية وتبلغ القدرة النسيابية أثناء استعماله 180ملي جول ،وبموجة يبلغ ترددها 10هيرتز وبقدرة تبديدية تبخر من القرنية مقدار .22 _ .25من الميكرون في كل نبضة ،حيث ل تزيد المساحة المعرضة للشعاع في القرنية أكثر من 4.5 – 5ملم .
وهكذا ،يستطيع الليزر اجتثاث وتبديد ما يشبه العدسة المحدبة
من العين فتصبح العين الحسيرة البصر سوية ،وقد يحدث تصحيح مفرط فتصبح مديدة البصر ،ففي الحالة الولى يستغنى المريض عن نظارته أو عدساته اللصقة ،وفي الحالة الثانية يصبح بحاجة إلى نظارات للقراءة ،وبعد أن كان يستطيع القراءة من دون نظارات عندما كان حسير البصر لرؤية المسافات البعيدة أصبحت واجبة الستعمال لرؤية الشياء القريبة .إذن ل تنتهي مشكلة النظارة عند بعض الشخاص الذين تجرى لهم عملية الليزر ،تماما كما هو المر بالنسبة لعملية قطع القرنية الشعاعي ،فقد تتبقى بعض درجات من مشكلة النكسار ،وقد تحدث بعض المضاعفات من تليف و تكثف اللياف الكولجينية في القرنية .
ومع ذلك فالليزر المجتث المبخر هو ثورة كبرى في عالم
صناعة الليزر تنطلق في نهاية هذا القرن تريح بعض مستخدمي النظارات والعدسات من وسائلهم المستعملة في تصحيح قصر البصر وحرج البصر .إنه شيء رائع وعظيم لو كان كل الحقيقة ،ولكن هناك حقائق وخبايا ل بد من كشفها للناس ، وبخاصة بعد أن أخذت تتدفق أجهزة الليزر المجتث المبخر على بلدنا الصغير الفتي بأثمان هائلة تلتهم مئات اللوف من الدنانير التي ل بد من استعادتها مع أرباحها .وغالب ًا ما تسحر كلمة الليزر وتقنياته الحديثة المذهلة رجل الشارع ومستخدمي النظارة ولكن الموضوع اعقد وأكبر من أن ينتهي ببضعة ثوان ومجرد الضغط على زر الجهاز وتعريض عين المريض للشعة .
وكما هو الحال في موضوع تصحيح البصر بقطع القرنية
الشعاعي ،هناك حدود ل يستطيع أن يتخطاها الجهاز القدير ول الطبيب الخبير ،فقصر البصر العالي وحرج البصر العالي ( استغمتزم ) وندوب القرنية المفرطة وعتامتها العميقة كلها ل مجال لمعالجتها بوساطة هذه الجهزة ،بالرغم من أن نسبة عالية من النجاح قد تحققت كما ورد في كثير من التقارير الطبية العلجية في العالم .ولكن ،هناك حالت ذات نسبة نجاح ضئيلة ،وهي حالت قد تفشل إذا لم يتخير الجراح العين المناسبة لتلك المعالجة .وقد وجد أن أكثر الحالت استجابة لتصحيح البصر هي التي ل يتعدى قصر البصر فيها بضع كسيرات على أن تكون العين سليمة معافاة من أي أذية ،وأل يتعدى حرج البصر أو الستغمتزم درجتين وأل يكون هناك تمخرط في القرنية ول جفاف أو نقص في إفراز دمع العين وأل تكون القرنية قليلة السمك ،مفرطة الرقة لن التبخير و التبديد المفرط للقرنية ل يخلو من الختلطات والمشكلت البصرية .
إن مستقبل الليزر واعد ،حيث ل يتوقف التطوير والتحسين
وتلفي العيوب واستكمال النقائص التي تظهر مع الزمن وتعمل على تحقيق الفوائد المأمولة منه وتخفف من خيبة أمل الطبيب المعالج و المريض ولكن الشيء المؤكد هو أن هذا القرن ل معه مشعل الليزر ليدخل الخير بكل ثقة وجدارة سينتهي حام ً وانسياب من بوابة القرن الواحد والعشرين ،وسيجد الليزر طريقة إلى عيون ما يزال عاجزاً عن إيفائها البرء .....ومنحها الشفاء .