You are on page 1of 1

‫‪11‬‬ ‫‪ALMADA CULTURE‬‬ ‫املدى الثقايف‬

‫العدد (‪)397‬السبت(‪ )28‬آيار ‪2005‬‬


‫‪NO (397)Sat. (28)May‬‬

‫رحيل مؤلف الزمن واحلكاية‬

‫بــــول ريـكــــور مـن الـيـتـم إىل األرس‬


‫ســــــيــــــــــــــــرة مــــــــــــــــوجــــــــــــــــزة لــلــفــلــــــــــــســفــــــــــــــــة‬
‫ال ــرغـم مـن أنه ــا أصـبحـت أكـثـ ــر األمكـن ــة‬
‫غلـي ــان ــا ب ــاحل ــرك ــة الــطالبـي ــة (بع ــد أي ــار‬
‫(مـايو) ‪ 1968‬تـعرض ريـكور ملـغامـرة أليـمة‬
‫أثــرت يف وج ــدانه ب ـشـكل قــاس وض ــاعفـت‬
‫الـتـي كـ ــانـت تـ ــوجه الــيه وت ــصف أعـمـ ــاله‬
‫بـكـ ـ ــونه ـ ــا اج ــته ـ ــادا دي ـنــيـ ـ ــا داخل احلـقل‬
‫بخـط اليـد علـى حـواشـي الكتـاب األصلي‬
‫بـقلم الـرصـاص لعـدم تـوفـره علـى الـورق‪.‬‬
‫ولـد بـول ريكــور يف السـابع والـعشــرين من‬
‫شــب ـ ـ ــاط الـع ـ ـ ــام ‪ 1913‬يف (ف ـ ـ ــاالن ـ ــس)‪ ،‬يف‬
‫اعداد ‪ /‬املدى الثقايف‬
‫‪ .)1986‬وهنـاك تعـرض لبعـض املضـايقـات‬ ‫مــن شـع ـ ـ ــوره ب ـ ـ ــالـغــنب وس ـ ـ ــوء الـفـهــم مـع‬ ‫الفلـسـفي بــرغـم أن ريكــور كــان دومــا يقــر‬ ‫ويحكـي أنه كان يعطي دروسـا يف الفلسفة‬ ‫مـنــطقــة (ال ــدروم)‪ .‬فق ــد ريك ــور أمه مـنــذ‬
‫اجلسـديـة الـتي شنهـا عليه طالب الـيسـار‬ ‫اآلخـرين‪ .‬فبـاعتبـاره عميـدا للجامعـة كان‬ ‫بـاسـتقالل الفلـسفــة عن الــدين‪ .‬واذا كـان‬ ‫واألدب للـمعتقلـني برفـقة صـديقه النـاقد‬ ‫نع ــوم ــة أظ ــاف ــره‪ ،‬أم ــا وال ــده ك ــان م ــدرس ــا‬
‫ال ــذيـن وضع ــوا علـ ــى رأسه سل ــة مهـمالت‬ ‫أيضــا عضـوا بــاللجنـة التـأديـبيـة الـتي مت‬ ‫ريكــور خـصــص يف سن ــوات اخلمــسيـنيــات‬ ‫الفني ميكيل دوفرين‪.‬‬ ‫ث ــان ــوي ــا‪ ،‬قـتل يف أثـن ــاء احل ــرب الع ــاملـي ــة‬
‫تيـمنا بـاجلملـة الشهيـرة (مزابل الـتاريخ)‬ ‫انشاؤها ملعاقبة زعماء الطالب املنتفضني‬ ‫معظم جهده قـراءة وكتابة للظاهراتية يف‬ ‫بعـد نهـايـة احلـرب عـاد ريكـور الـى بــاريس‬ ‫الـثانـية‪ .‬وتـربى بـول ريكـور يف كنف جـديه‬
‫يف هــذه الفتـرة تنـازعه أمـران‪ ،‬األول قـربه‬ ‫وعلـ ــى رأسهـم دانـيـ ــال كـ ــوهـني بـنـ ــديـكـت‪.‬‬ ‫الـسـتيـنيـات انـصب اهـتمــامه علــى العلـوم‬ ‫وانـضـم للفــور الــى كــوكـبــة مـن املـفكــريـن‬ ‫اللـذين كـانـا من املتـزمـتني البـروتـستـانت‪.‬‬
‫الثقـايف من الـتحركـات الطالبيـة‪ ،‬والثـاني‬ ‫وبـرغـم أن ريكـور كــان ينـظـر بـعني الـرضـا‬ ‫االنسـانيـة خـاصـة علم النـفس الفـرويـدي‬ ‫الفرنـسيني املبشرين باملـدرسة الظاهراتية‬ ‫اخ ــذ يف ب ــداي ــة تـعلـيـمه دروس ــا يف األدب‪،‬‬
‫هـمه يف االسـتمــرار بــاالضـطالع بــأعمــاله‬ ‫إلى االنتفاضة الطالبيـة ويعتبرها فرصة‬ ‫ممـا خـلق له بعـض املـشــاحنــات مع جـاك‬ ‫األملـانيـة املتـحلقني حـول مجلـة ‪Esprit‬‬ ‫ومن ثم يف بـاريس‪ ،‬حـاز (األغـريغـاسيـون)‬
‫اإلداريــة اجلــامعـيــة‪ ،‬ل ــذلك فــضل تقــدمي‬ ‫ت ـ ــاريخـي ـ ــة الصالح اجل ـ ــامع ـ ــة فقـ ــد كـ ــان‬ ‫الك ـ ـ ـ ــان وات ــب ـ ـ ـ ــاعـه‪ .‬ك ــم ـ ـ ـ ــا اه ــت ــم ريــك ـ ـ ـ ــور‬ ‫روح وكـ ــان مـن بـيــنهـم جـ ــون بـ ــول سـ ــارتـ ــر‬ ‫يف الفل ــسف ــة‪ ،‬وت ــابع يف م ــا بعـ ــد حلق ــات‬
‫استقالته العام ‪1970.‬‬ ‫ال ــطالب خـ ــاصـ ــة أولـئـك وراء الـ ــشعـ ــارات‬ ‫بـاالتنولوجيا وغاص يف اعمال كلود ليفي‬ ‫وامي ــان ــويل لـيفـيـن ــاس وم ــوريــس مـي ــرل ــو‬ ‫(السهر) عـند غابـرييل مارسيـل الذي كان‬
‫بع ــد ان ت ــابع دروس الك ــان ومح ــاض ــراته‪،‬‬ ‫الثـورية يعتبـرونه رجعيا وخـصما سيـاسيا‬ ‫شـتـ ــراوس األمـ ــر الـ ــذي أبعـ ــده عـن دوائـ ــر‬ ‫بونتي‪.‬‬ ‫مبثـابة الوجـه األبرز من وجوه (الـوجودية‬
‫نشـر كتابه (عـن التأويل)‪ ،‬بحـث فيه حول‬ ‫جتـب مح ــاربـتـه‪ .‬هك ــذا ع ــان ــى عـنـجهـي ــة‬ ‫الـبـنـي ــويـني املــتحـلقـني ح ــول ج ــون ل ــوي‬ ‫وطوال سـنني عديدة اكـتفى ريكور بـالنشر‬ ‫املسيحية)‪ ،‬و نشأت صداقة بني االثنني‪.‬‬
‫ف ـ ـ ــروي ـ ـ ــد ال ـ ـ ــذي جـل ــب لـه الـك ــث ــي ـ ـ ــر م ــن‬ ‫الــسلـط ــة الـتـي بعـثـت بفـي ــالق الــش ــرط ــة‬ ‫ألتـوسير‪ .‬ومن هنا ميـكن فهم اللغز الذي‬ ‫يف اجملالت الفكـريـة واألدبيـة وعُـرف بـنهم‬ ‫درّس بـول ريكور الفلـسفة يف (كـوملار) ومن‬
‫مضايقـات الفرويـديني‪ .‬درس فترة طـويلة‬ ‫القـتحــام احلــرم اجلــامـعي وقـمع الـطالب‬ ‫حتــدثنـا عـنه يف بـدايـة هــذه املقـالـة وسـر‬ ‫ثقــايف كـبيــر ملــدوامـته علــى الق ــراءة وهي‬ ‫ثم يف (لـوريان) قبل أن يقـع يف األسر عام‬
‫يف جـ ــامع ــة شــيك ــاغـ ــو‪ ،‬وبع ــد عـ ــودته إل ــى‬ ‫وع ـ ـ ــانــي ال ـ ـ ــوقــت نـفـ ـ ـسـه حت ـ ـ ــامـل بـعـ ــض‬ ‫التهـميـش الـذي تعـرض له بـول ريكـور يف‬ ‫سـمعــة الزمـته طــويال حـيث كــان يف نـظــر‬ ‫‪ 1939‬حــي ــث سجــن يف أملـ ـ ــانــيـ ـ ــا‪ .‬وهــنـ ـ ــاك‬
‫فــرنـســا تــسلـم إدارة (مجلــة املـيت ــافيــزيقــا‬ ‫الــطالب خـ ــاصـ ــة املـ ــاويـ ــون مــنهـم الـ ــذيـن‬ ‫ساحـة فكريـة فرنـسية كـان يسيـطر علـيها‬ ‫الـكثيـرين مجـرد قـارئ بـارع وليـس مبـدعـا‬ ‫اســت ــط ـ ـ ــاع أن يقـ ـ ــدم رشـ ـ ــوة حل ـ ـ ــارسه يف‬
‫واألخالق)‪ ،‬ونـشــر كتـاب (الــزمن والـسـرد)‬ ‫حـاصروه يف مكـتبه واندفع أحـدهم ليضع‬ ‫آنـذاك اما الـوجوديـون من أتـباع سـارتر أو‬ ‫ملفــاهـيـم جــديــدة‪ .‬عــام ‪ 1950‬نــش ــر ريكــور‬ ‫الـسـجن مقــابل أن يجلـب له الكـتب‪ .‬ويف‬
‫العـام ‪ 1983.‬وصفت فلـسفتـه بأنـها تـقوم‬ ‫عل ــى رأسه سلــة زبــال ــة امعــان ــا يف اذالله‪.‬‬ ‫احمللل ــون الـنفــس ــانـي ــون املــتكـتلـ ــون خلف‬ ‫أط ــروحــته اجلـ ــامعـيـ ــة االرادي والالارادي‬ ‫مــدة الـسـجن هــذه تــرجم إلــى الفــرنــسيــة‬
‫علــى ثالثــة أقــانيـم‪( :‬الفلـسفــة التــأمـليــة‬ ‫وق ــد ش ــاعـت ه ــذه الـ ــواقع ــة يف األوس ــاط‬ ‫جاك الكان أو دعاة املدرسة البنيوية‬ ‫وبعـد عشـر سنـوات سيـصدر اجلـزء الثـاني‬ ‫أعمــال ه ــوسي ــرل‪ ،‬كمــا كــانـت تلك األيــام‬
‫الفـرنـسيـة) و(املثـاليـة األملـانيـة) و(األنغلـو‬ ‫الــثق ـ ــافــي ـ ــة وص ـ ــارت ح ـ ــديــث امل ـتــن ـ ــدريــن‬ ‫بعـ ــد الــتحـ ــريـ ــر انـ ــدمج ريـكـ ــور يف خـ ــانـ ــة‬ ‫حتـت عنـوان االنـسـان املعـرض لـلخطـأ ثم‬ ‫حلظات تعرفه االولى على ياسبرز‪.‬‬
‫ساكسوني) يف إيجاد خطاب دقيق‪.‬‬ ‫واملـتشفـني وقيل الحقـا أنهـا كـانت الـسبب‬ ‫(مـدرسة الفينـومينولـوجيا) طبقـا لعنوان‬ ‫الثــالث حتـت عنـوان رمـزيـة الـشـر وتـشكل‬ ‫يف عـام ‪ 1939‬حني مت جتـنيـده يف صفـوف‬
‫مـن بـني أعـمـ ــالـه العـ ــديـ ــدة الـتـي وسـمـت‬ ‫وراء هج ـ ـ ــرته الـ ـ ــى الـ ـ ــواليـ ـ ــات امل ــتحـ ـ ــدة‬ ‫أحـد كـتبه‪ ،‬فـدرّس يف جـامعــة ستــراسبـور‪،‬‬ ‫هذه الكتب الثالثة الهـيكل النظري الذي‬ ‫اجليــش كمالزم بــاجلبهـة الـشــرقيـة‪ .‬وذاق‬
‫جـيال كـ ــامال مـن الفـالسفـ ــة الف ــرن ـسـيـني‬ ‫األم ـ ــريـكــي ـ ــة وه ـ ــو مـ ـ ــا نف ـ ــاه يف حـ ـ ــواراته‬ ‫وت ــابع رحلـته مـع الفلــسفــة األملــانـي ــة مع‬ ‫بنـى عليه ريكـور اجتهـاده الفـلسفـي وطور‬ ‫ريكــور ويالت احلــرب حتــى الـثمــالــة حني‬
‫وبخــاصــة دريــدا ولـيــوتــار كــانـت (فلــسفــة‬ ‫األخيـرة مـؤكـدا أن األمـر يتـعلق بنـوع من‬ ‫حتفظات رافقته على فكر هايدغر‪.‬‬ ‫قــراءة ظــاهــراتيــة وجــوديــة ملـســألــة االرادة‬ ‫أسَـرَتْهُ القـوات األملــانيـة يف احـدى املعـارك‬
‫االرادة) و(تـ ـ ـ ـ ــاريـخ احلـق ـ ـيـقـ ـ ـ ـ ــة) و(أزمـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫اخلـيـبــة الـفكــريــة وأن األم ــر ال عالق ــة له‬ ‫كان ريكور منذ العام ‪ 1947‬عضوا يف هيئة‬ ‫مـ ــن خـالل حتـل ـ ـيـل دق ـ ـيـق لـل ـ ـتـجـ ـ ـ ـ ــربـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫واحــتف ـظـت بـه يف معـ ـسـكـ ــرات االعــتقـ ــال‬
‫التــأويل) و(ال ــزمن والـســرد) و(أنــا نفــسي‬ ‫بـ ــواقعـ ــة سلـ ــة املهــمالت‪ .‬وكـ ــانـت مـ ــواقـفه‬ ‫حتـريـر مجلـة (إسبـري) ‪ ،‬وعـام ‪ 1956‬تبـوأ‬ ‫االنـس ــاني ــة الي ــوميــة املـتجـلي ــة يف التــردد‬ ‫ببــولنـدا ملـدة اربـع سنـوات كــاملـة‪ .‬وبــرغم‬
‫مبثـابــة شخص آخـر) و(الـذاكـرة‪ ،‬التـاريخ‪،‬‬ ‫الـ ـسـيـ ــاسـيـ ــة‪ ،‬يف الـ ـسـتـيـنـيـ ــات‪ ،‬لــص ـ ــالح‬ ‫ريكور كرسي الفلـسفة كأستـاذ محاضر يف‬ ‫م ــثال واالخ ـتــي ـ ـ ــار والع ـ ـ ــاطف ـ ـ ــة واجلهـ ـ ــد‪.‬‬ ‫ظروف االعتقال القـاسية ثابر ريكور على‬
‫النسيان) ‪.‬‬ ‫اسـتـقالل اجل ــزائ ــر‪ ،‬ال ـسـبـب يف ت ــوقـيـفه‪.‬‬ ‫جـامعـة الـسـوربـون وهـو منـصب سـيتخلـى‬ ‫واستـثمــر ريكــور آليــات التـحليـل النفــسي‬ ‫قـراءة أمات الكـتب الفلسـفية بلـغة احملتل‬
‫ح ــاز بـ ــول ريكـ ــور الع ــدي ــد مـن اجل ــوائ ــز‪،‬‬ ‫عني يف العـام ‪ 1956‬يف جـامعــة السـوربـون‪،‬‬ ‫عـنـه بعـ ــد ع ــشـ ــر سـنـ ــوات بـ ــرغـم أهـمـيــته‬ ‫الفــرويــدي يف حتـليـله األفعــال الالاراديــة‬ ‫األملـانيـة وقـرأ كل أعمـال الفيـلسـوف كـارل‬
‫أبرزهـا جائـزة هيغل وجـائزة كـارل ياسـبرز‬ ‫لكنه أحـس هناك بـالعزلـة‪ ،‬لذلـك استفاد‬ ‫ليساهم برفقة ثلة من كبار املفكرين مثل‬ ‫ورمزيتهـا األخالقية وقـدم مقاربة تـأويلية‬ ‫جـ ــاسـبـ ــرز أحـ ــد اقــطـ ــاب الـ ــوجـ ــوديـ ــة ذات‬
‫وجــائــزة األكــادميـي ــة الفــرن ـسـي ــة الكـبــرى‬ ‫من إنـشــاء جــامعــة (ن ــاتيــر) (الـســوربــون‬ ‫ج ــيل دولـ ـ ــوز وآالن تـ ـ ــوريــن يف تـ ـ ــأســي ـ ــس‬ ‫لـقضـيتـي االثم والـشـر‪ .‬لـكن اميـان ريكـور‬ ‫الـنزوع الـديني‪ .‬بـل أنه قام بـترجـمة كـتاب‬
‫للفـلسفـة‪ ،‬وجـائـزة مـدينـة بـاريـس الكبـرى‬ ‫اجلــديــدة) لـيــدرس فـيهــا بــدءا مـن العــام‬ ‫جامعة نانتير‪.‬‬ ‫الـديني كـان مثـار امتعـاض زمالئه خـاصة‬ ‫للفـيلــس ــوف األمل ــانـي ادم ــون ــد ه ــوسـي ــرل‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫‪ ،1966‬وليصـبح عميـدها العـام ‪ 1969‬على‬ ‫وأثنــاء ذروة االنتفـاضـة الـطالبيـة يف ايـار‬ ‫الــوجــوديــون مـنهـم ومـن هـنــا االنـتقــادات‬ ‫مــؤســس املــدرســة الـظــاهــراتـيــة األملــانـيــة‬

‫بـــــــول ريـكـــــــور يـــتحـــــــدث عــن الــــــشعـــــــر والـفلــــــسفـــــــة‬


‫تـتفــادى التـصــور الــرومــانــسي املـتعلق بــالتــواصل‬ ‫الكـتاب عن أنفـسهم‪ ،‬إذ تدفـعهم الى الـتركيـز على‬ ‫بـإحـداث قـطيعـة بني اللغـة واألشيـاء تـصبح اللغـة‬ ‫مـختلف‪ ،‬وذلك إذا ما أخـذنا يف اعتبـارنا مـا ذكرته‬ ‫العــاديــة ‪ordinary language‬تتــوسـط لغــة‬ ‫ترجمة سامح فكري‬
‫‪intersubjective‬وعـنـ ــدم ـ ــا تق ـ ــول أن العــمل‬ ‫أحـد طـريف العالقـة اجلـدليـة التـي تتحـدث عنهـا‪،‬‬ ‫وحدها هي موضوعه‪ ،،‬وهكـذا يجد الشعر نفسه ‪-‬‬ ‫عن ضـرورة وجـود الـشعـر ملـا يـضطـلع به من إثـراء‬ ‫الشعر من جهة واللغة العلمية من جهة أخرى‪.‬‬
‫الفـنـي أو القـصـيــدة تـطــرح عــاملــا‪ ،‬فــأنـت ال تعـنـي‬ ‫أي التــركيــز علــى الــسمــات غيــر االحــاليــة ‪non-‬‬ ‫كـمـ ــا أسـلفـت ‪ -‬م ــشـ ــدودا بـني هـ ــاتـني احلـ ــاجـتـني‬ ‫لتعددية الداللة واللغة ككل ؟‬ ‫* هـل تع ــتقـ ـ ــد أن الــن ـ ـ ــاس يخـ ــشـ ـ ــون ال ـ ــشعـ ـ ــر أو‬
‫"الـع ـ ـ ــالــم" ب ـ ـ ــاملـعــن ـ ـ ــى الـك ـ ـ ــوزم ـ ـ ــول ـ ـ ــوجــي وإمن ـ ـ ــا‬ ‫األس ــاسيـتني‪ :‬اسـتعــادة جتــربــة انـس ــانيــة مفقــودة‬ ‫‪ -‬ريكور‪ :‬لعل الـشعر يف حد ذاتـه ينطوي يف داخله‬ ‫يقاومونه ملا يختص به من مترد؟‬
‫‪referential‬أو الـ ـ ـســم ـ ـ ــات الــت ــي تق ـ ـ ــوم عل ـ ـ ــى‬ ‫علــى شكل مـن أشكـال الـصـراع املــرتبـط مبحـاولـة‬
‫االنطولوجي‪.‬‬ ‫ومـطـمــورة حتـت ركــام احلـي ــاة العــاديــة‪ ،‬أو الــسعـي‬ ‫‪ -‬ريك ــور‪ :‬نعـم إنهـم يقــاومــون ألسـب ــاب مخـتلفــة‪:‬‬
‫االحـ ـ ــالـ ـ ــة الـ ـ ــذاتــيـ ـ ــة ‪self-referential‬علـ ـ ــى‬ ‫نحو الكشف عن إمكانيات خرق للغة ال عالقة لها‬ ‫تـوصيل الـتعبيـر املنـاسب وهـو مـا يكـون بـالضـرورة‬
‫‪ -‬ريكـور‪ :‬نعم‪ ،‬فانا استخدم كلـمة العالم باملعنيني‬ ‫حساب السمات االحالية‪.‬‬ ‫بـعضهـا جيـد وبـعضهـا اآلخـر سيـىء‪ ،‬أمـا الـسيـىء‬ ‫حتـدث بـول ريكـور يف أكثــر من مقـابلـة عن الـشعـر‬
‫القادر والفلسفي‪ .‬فعلـى سبيل املثال عندما نقول‬ ‫بـالتجـربة االنـسانـية‪ ،‬وهـنا تـصبح مهـمة الـقاريء‬ ‫علـى حـســاب التجـربـة االنـســانيـة املـطمــورة حتت‬ ‫م ــنه ـ ــا ف ـيــت ـ ــركـ ـ ــز يف أنه ــم ال يع ـ ــرف ـ ــون م ـ ــاهــي ـ ــة‬
‫‪ -‬ريك ــور‪ :‬نعـم‪ ،‬نعـم‪ .‬هــذه امل ـشـكل ــة علـيـنــا الـنـظــر‬ ‫رك ــام احلـيـ ــاة الع ــاديـ ــة‪ .‬وعل ــى ج ــانـب آخ ــر جن ــد‬ ‫والفلـسفة‪ .‬يف هـذا احلوار مجـموعـة أسئلـة تتعلق‬
‫يف الفــرنــسيــة إن طفال ولــد نقــول ‪il vient au‬‬ ‫شــديــدة ال ــوطء ألنه يج ــد نفــسه مـضـطــرا لـيــس‬ ‫االستخـدام الشعري للغة‪ ،‬والـذي يبدو لهم مجرد‬ ‫به ــذه العالقــة وم ـسـتــوي ــاته ــا‪ ،‬ودور اللغــة يف هــذه‬
‫فـيه ــا‪ ،‬عـن ــدمـ ــا يقـ ــول بعــض الـنق ــاد إن الـلغ ــة يف‬ ‫فقــط ملق ــاوم ــة مح ــدودي ــة لغـتـه وتقلــصه ــا وإمن ــا‬ ‫محـاوالت أخــرى من جــانب الـشـاعــر للكـشـف عن‬
‫‪monde‬أي "أتى الى العالم"‪.‬‬ ‫الـشعر لـيست إحـالية يف ان نـظرتـهم ملا هـو إحالي‬ ‫اســتخـ ــدام لـلغـ ــة يف حـ ــد ذاته‪ ..‬ولـكــن يالحــظ أن‬ ‫الـعالقـ ــة‪ ،‬وهــي يف مجــمل األحـ ــوال آراء وم ـ ــواقف‬
‫يـضطــر أيضـا الــى مقـاومــة قنــاعته اخلـاصـة بـأن‬ ‫التجربـة ‪ /‬التجارب االنسانية التي تطمسها تلك‬ ‫الشعـر احلديـث أصبح صعبـا للغايـة ومرجع ذلك‬
‫كــذلك فــإننــا نـتحــدث عن عــالـم اليــونــان‪ ،‬وعــالم‬ ‫وم ــا ه ــو غـي ــر إح ــالـي قـ ــد تك ــون ضـيقـ ــة للغ ــاي ــة‪،‬‬ ‫اللغة العملية النفعية‪.‬‬ ‫مهمـة لهـذا الـفيلـسـوف جـاءت علــى شكل شـذرات‬
‫وظيفـة اللغـة هي اسـتدعـاء واستحـضار كل مـا هو‬ ‫أنه أصـبح ل ــزامـ ــا علـيه مـن ــاهــض ــة ك ــافـ ــة أشك ــال‬ ‫حتــدث فيهـا عن الـشعــر طبقـا لـنظـرته الـى اللغـة‬
‫الرومـان‪ ،‬وهنا فـإننا نـتحدث عن افق االحـتماالت‬ ‫فاالحـالي ‪ -‬كـما قـد يتـصورون ‪ -‬يـرتبـط باألشـياء‬ ‫مشترك بني الشاعر والقاريء‪.‬‬ ‫وهكـذا أوعـز الـشعــر اليـوم مـشــدودا بني حـاجـتني‬
‫واالمكـانــات التي تـشكـل بيت مـا يعيـش فيه انـاس‬ ‫احليـاتية‪ ،‬أو بكل مـا هو متـعلق بالتفكـير العلمي‪.‬‬ ‫ت ـسـطـيـح اللغ ــة‪ ،‬ومـن ثـم احلفـ ــر يف اللغ ــة حـت ــى‬ ‫والوجود والتجربة ‪.‬‬
‫* هل ميكن للفلسـفة يف هذا االطار أن جتور على‬ ‫أس ــاسـيـتـني‪ ،‬فه ــو مـن ن ــاحـي ــة ي ــسع ــى ال ــى إع ــادة‬ ‫أعماق سحـيقة بغـرض جتديـدها‪ .‬لـذا فإن الـشعر‬
‫معـيـن ــون‪ ..‬وميكـن الــسكـنــى فـيـه‪ ،‬ويعجـبـنـي جــدا‬ ‫ويتــرتب علـى هـذا الــزعم تعـزيــز مفهـوم خــاطيء‬ ‫تخليق صيغ تعبيرية جتسد جتارب انسانية متثل‬ ‫* كـثـيــرا مــا يــشغلـنــا ال ـســؤال املـتـعلق بــالـتــأثـيــر‬
‫الشعر‪ -‬رمبا على نحو مؤذ للشعر ذاته؟‬ ‫احلــديث كـان البـد مـن أن يكــون صعبــا علــى نحـو‬ ‫املـتبـادل بني الـشعـر والفلـسفـة‪ ،‬ولــذا فسـؤالي‪ :‬مـا‬
‫ذلك املفهـوم الـذي طـرحه هـايـدجـر والـذي يـربط‬ ‫مف ــاده أن ال ــواقع ه ــو فقـط مـ ــا ميكـن مالم ـسـته‪،‬‬ ‫وهنـا أشير الى البـنيوية التي وان كـانت تفتقر الى‬ ‫جـوهــر احليـاة االنـســانيــة وذلك مـن قبـيل احليـاة‬
‫فــيه بــني ه ـ ــذه امل ــصـ ـطـلح ـ ــات الــثالث ـ ــة‪ :‬ال ـبــن ـ ــاء‬ ‫ولـكن إذا حدسنا بأن هناك مستوى آخر للواقع ال‬ ‫جـ ــزئـي‪ ،‬وذلـك أن الـتـ ــزامـه يف الغـ ــالـب هـ ــو إعـ ــادة‬ ‫الـتـ ــأثـيـ ــر الـ ــذي ميـكــن أن يحـ ــدثـه كل مــنهـمـ ــا يف‬
‫كاهل سطوتها يف هذه اللحظة فإن حضورها قائم‬ ‫واملــوت‪ ،‬اإلحسـاس بـالــذنب‪ ،‬واحلب ومـا الـى ذلك‪.‬‬ ‫تـخلــيق الـتـ ــراكـيـب الـلغـ ــوي ـ ــة‪ ،‬بل وإعـ ــادة تـخلــيق‬
‫‪constructing‬والـ ـ ـ ـ ـ ــس ــكـ ـ ــن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ‪،dwelling‬‬ ‫ميـكــن إال للـ ــشعـ ـ ــر فقــط أن ي ــصلـه ويعــب ـ ــر عــنه‪،‬‬ ‫ولكـن مـن جه ــة أخ ــرى ف ــإنه ح ــامل ــا يـب ــدأ ال ــشع ــر‬ ‫اآلخــر؟ مــا الــذي ميـكن أن يـفيــده كـل منـهم ــا من‬
‫ذلك انـني أظـن أن البـنيـويـة قـد أثـرت علــى تصـور‬ ‫الـكلـمـ ــات أحـيـ ــانـ ــا‪ ،‬وذلـك العـ ــادة الـكلـمـ ــات الـ ــى‬ ‫اآلخـر؟ والـى أي مـدى يــذهب كل مـنهمـا يف اجتـاه‬
‫والـتفـكيــر ‪thinking‬فــالعــالـم ‪ -‬بهــذا املـعنــى ‪-‬‬ ‫عــنـ ـ ــدمـ ـ ــا ت ــص ــبح م ـ ــسـ ـ ــأل ـ ـ ــة تع ــط ــيل االحـ ـ ــالـ ـ ــة‬
‫أص ــوله ــا ال ــداللـي ــة األول ــى أو خلـلق سلــسل ــة مـن‬ ‫نقيض لآلخر؟‬
‫هو حيث نـسكن‪ .‬أيضا فـان مفهوم العـالم ينطوي‬ ‫‪suspension of referentiality‬خ ـ ــط ـ ـ ـ ـ ــوة‬ ‫الدالالت التخيلية‪.‬‬

‫شـهـــــــــــــادة‬
‫أولــى واجبــة نتـمكن مـن خاللهــا من قـطع الـصلـة‬ ‫‪ -‬ريكـور‪ :‬األمـر األول الــذي أود التــأكيـد علـيه هنـا‬
‫علـ ــى مـفه ـ ــوم األفق ‪horizon‬أي ذلـك الـ ـشـيء‬ ‫وهذا الذي يفعله الـشعر يساعـد الفيلسوف‪ ،‬ذلك‬ ‫هو أن الشعر تناط به حيازة أبعاد اللغة واحلفاظ‬
‫الــذي كلمــا اقتــربنــا منه ظـل بعيــدا عن حــوزتنـا‪،‬‬ ‫بـيـنـنـ ــا وبـني األشـي ـ ــاء العـ ــاديـ ــة حـتـ ــى نـتـمـكـن ‪-‬‬ ‫أن الفلـسفة فـضال عن اهتمـامها بـصياغـة خطاب‬
‫والفـضل هنـا يـرجع الـى فكـرة حتـريـر اللغـة ‪ -‬من‬ ‫علـى عمقـها واتـساعـها ورحـابتهـا‪ ،‬ذلك أن اخلـطر‬
‫ومــن ثــم ت ــبقـ ـ ــى طـ ـ ــاق ــته دائــمـ ـ ــا عـ ـصــي ـ ـ ــة علـ ـ ــى‬ ‫حـول اللغـة الـعلميـة إال أنهـا تهتـم أيضـا بـالـكشف‬ ‫األول احملــدق بـثقــافـتنــا احل ــاليــة يكـمن يف قـصــر‬
‫االسـتنفـاذ‪ ،‬فكل جتـربـة يطـرحهـا لنـا هـذا العـالم‬ ‫إعـادة تــوجيه االحـالـة ‪referentiality‬والـدفع‬ ‫عـن أغوار اللغة‪ ،‬والتوسل بهـا للتعبير عن العالقة‬ ‫اللغـة علـى التـواصل يف أدنـى مـستـويـاته أو مجـرد‬
‫تنـطــوي علــى شيء مــا هنــاك‪ ،‬ولـكن هــذا الــشيء‬
‫يبقـى مجــرد إمكـان ‪potential‬وكل االمكـانـات‬
‫بهـا يف اجتــاه أشكـال أخـرى لـلتجـربــة أكثــر عمقـا‬
‫وجتذرا‪.‬‬ ‫هذا ما فعله الكان‬ ‫بني االنـســان والع ــالم‪ ،‬واالنـســان وذاته‪ ،‬واالنـســان‬
‫واآلخــر‪ ..‬لــذا فــالفـيلـســوف أيـضــا يف حــاجــة الــى‬
‫تعـيـني األشـي ــاء واألشخــاص‪ .‬وهـنــا تـصـبـح اللغــة‬
‫أداتيـة فقط‪ ،‬هذه النـظرة األداتية للغـة هي أخطر‬
‫* حـسنـا ‪ -‬لقـد بـدأ عـدد مـن الشعـراء املعـاصـرين‬ ‫ما وقـع بيني وبـني الكان كـان أشبه بلعـبة القـط والفأر وقـد لعب دور القـط يف ذلك السجـال‪ .‬فقد‬ ‫كلمات اللغة‪.‬‬
‫التـي تنـطــوي علـيهــا جت ــاربنــا تــشكل مــا يــسمــى‬ ‫بدأت عـالقتنا يف بونـيفال عند احمللـل النفساني املـمتاز هنري آي الـذي قصدته خصـيصا ألعرض‬ ‫مـ ــا ميكـن أن يـ ــواجه ثق ــافـتـنـ ــا‪ ،‬ذلك أن الـنـم ــوذج‬
‫بالعالم‪.‬‬ ‫يـستـشعـرون أن عـنصــر السـرد قـد ضـاع علـى مـدار‬ ‫وهـنا أستعيـر ما قـاله هايـدجر إذ ذكـر أن العالقات‬ ‫ال ــوحـيـ ــد للغ ــة ال ــذي منلـكه اآلن ه ــو لغـ ــة العلـم‬
‫العــش ــر أو الع ـشــريـن سـنــة األخـيــرة‪ ،‬وأن ــا أعلـم أن‬ ‫عليه القراءة التي أجنزتها عـن فرويد‪ .‬ويف طريق العودة دار بيننـا نقاش حول فرويد حاول خالله‬ ‫السـابقـة تفتقـر الـى الكلمـات التي ميـكن أن تعبـر‬
‫* إذن فـ ــالعـمـل الفـنـي يعـ ــد مخ ــايـال مبعـنـ ــى أنه‬ ‫اقنـاعي بـتحفظـاته علـى التحلـيل النفـسي كمـا رسم معـامله فـرويـد ثم دعـاني إلـى حضـور سـلسلـة‬ ‫والتكنولوجيا‪.‬‬
‫يـطــرح عــاملــا ال تــدخل آفــاتـه حيــز الـتحــديــد‪ .‬هل‬ ‫الكـثيـريـن من هـؤالء بـدأوا يـسعـون نحــو استعـادة‬ ‫عنـها‪ ،‬إن الشـاعر هـو املنوط بـه إنقاذ كلمـات اللغة‬ ‫واليـوم تنـشغل الفلـسفـة يف أحـد اجتـاهـاتهـا بهـذا‬
‫هذا العنـصر للشعـر املعاصـر‪ ،‬فقد أصـبحت هناك‬ ‫محاضـراته التي حضـرتها بـالفعل من دون أن أفهم شـيئا ممـا كان يقـوله‪ .‬ويف تلك الفتـرة جمعت‬ ‫بل وتـ ــوسـيـع تخـ ــوم دالالتهـ ــا وبهـ ــذا املعـنـ ــى فـ ــإن‬
‫هذا هو ما تعنيه؟‬ ‫محاضـراتي يف السـوربون ونـشرتهـا يف كتاب حتـت عنوان‪( :‬عـن التأويل) ومـا ان صدر الكتـاب حتى‬ ‫النـوع مـن االستخـدام اللغـوي‪ ،‬وأحـسب أن احـدى‬
‫‪ -‬ريـكور‪ :‬نعـم‪ ..‬واحسب أن الـفيلسـوف األملانـي قد‬ ‫حــالــة مـن حــاالت الـضجــر إزاء الـنـب ــرة الغـنــائـيــة‬ ‫الفـيل ـســوف يـتكـئ علــى قــدرة الــشع ــر علــى زيــادة‬ ‫املهـام التـي يجب علـى الفلـسفـة أن تـشغل نفـسهـا‬
‫الـصرفـة‪ .‬ولكني مهـتم مبصـطلح استخـدمته أنت‬ ‫رفع الكـان عقيـرته وكـال لي الـتهم بطـريقـة فيهـا الكثـير مـن االستعالء واالحتـقار مـا دفعني لـلرد‬ ‫وتكثير طاقة املعنى التي تنطوي عليها لغتنا‪.‬‬
‫عـبــر عـن ذلك أفــضل تعـبـيــر عـنــدمــا قــال إنـنــا ال‬ ‫عليه بـالقسـوة نفسـها‪...‬لـقد كـانت أفكـاري شبه ممـنوعـة يف تلك الفـترة عـلى نـحو ظـالم وخـاطئ‬ ‫بهــا هـي احلفــاظ علــى االسـتخــدامــات املـتب ــاينــة‬
‫نحـ ــاول فقــط فهـم م ــا حت ــويـه الق ـصـي ــدة‪ ،‬وإمن ــا‬ ‫اآلن يف ح ــديــثك عـن القـص ــة‪ ،‬اال وه ــو مـصــطلح‬ ‫* هل تــذهـب يف كـالمك ال ــى ان الكــاتـب والقــارئ‬ ‫للغـة‪ ،‬واملـسـافـة القــائمــة بني هــذه األستخـدامـات‬
‫العالم ‪ ،world‬والـذي يعد علـى درجة كبـيرة من‬ ‫ووصلت األمـور حـد اتهـامي بـأنـني أسعـى جلعـل التحلـيل النفـسي مجـرد هـامـش ملحق بـنظـريـة‬ ‫سـيفـت ــرق ــان يف نه ــاي ــة املـط ــاف ويـنــتهج ــان دربـني‬
‫نحـاول أيضـا االمسـاك بهـذا العـالم الـذي تنـتمي‬ ‫التأويل‪ .‬والطريف حقا أنني ما كنت أسعى اليه هو العكس متاما يف اقل تقدير‪.‬‬ ‫الـتـي تـتـ ــراوح يف تـنـ ــوعهـ ــا بــني لغـ ــة الـعلـم مـ ــرورا‬
‫إليه‪ ،‬أو الـذي تطـرحه‪ ،‬كمـا أنه يتحـدث أيضـا عن‬ ‫األهمية يف كتـاباتك‪ ،‬فأنت عنـدما تقول إن العمل‬ ‫مخـتلـفني خـصـوصـا فـيمـا يـتعلق بـالـشعـراء ومـا‬ ‫باللغـة السـياسـية واللغـة العلمـية‪ ،‬والـلغة العـادية‬
‫النقطة التي تتداخل عندها اآلفاق‪.‬‬ ‫الفنـي يطـرح عـاملـا ‪projects a world‬فـإنك‬ ‫الذي ميكـن أن يستعيـد العالقة بيـنهما علـى نحو‬ ‫انـته ــاء بلغــة الــشعــر‪ ،‬ه ــذا علــى اعـتـب ــار أن اللغــة‬

‫فلسفة االرادة‬ ‫رصاع التأويالت‬ ‫حمارضات يف اآليديولوجيا واليوتوبيا‬ ‫الوجود والزمان والرسد‬ ‫نظرية التأويل‬
‫االنسان اخلطاء‬ ‫دراسات هريمنيوطيقية‬ ‫وعند قـراءة محاضـرات األيديـولوجـيا واليـوتوبيـا يكون‬ ‫مجمـوعـة دراسـات أعـدهــا مجمـوعـة من‬ ‫اخلطاب وفائض املعنى‬
‫مـن السهل االسـتغراق يف املـوضوع الـذي تصـدى له بول‬ ‫كبـار البحاثـة ركزوا اهتـمامهم فيهـا على‬
‫ريكور سواء كان الكـتابة الفرنسـية للتاريخ أو علم داللة ص ــراع الـت ــأويالت" عـن ــوان يخـتـص ــر محـت ــوى ه ــذا كـت ــابـه "فل ــسف ــة اإلرادة" ال ــذي نـقلـب صـفحـ ــاته‪ ،‬والـ ــذي يقـع يف أربع ــة فــص ــول‬
‫وخالصته‪ ،‬يـتناول مشكلة قـدمية جداً يف الفلسفـة‪ ،‬إذ كانت مسألـة اخلير والشر‬ ‫يف‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬‫ف‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـفل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫امل‬ ‫يف‬ ‫ـته‬ ‫ـ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬‫م‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬‫ك‬ ‫ـاب‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬‫ك‬ ‫ـ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫حتليل فلسفـة بول ريكـور بعامتهـا وعلى‬
‫الستينيات من القـرن العشرين‪ .‬فمؤلفه بول ريكور مـن امل ــسـ ــائل األولـ ــى الـتـي‬
‫الفعل أو األمنـوذج (الطوبولوجي) الـذي يقدمه فرويد‪.‬‬ ‫شرح أفـكاره التـي بثها كـما قلنـا يف كتابه‬
‫كان يعلّم يف تلك الفتـرة يف السوربون ويف شيكاغو‪ ،‬ش ــغ ــلـ ـ ـ ــت ال ــف ــالسـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫"الزمان والسرد"‪.‬‬
‫ويلقـي احمل ــاض ــرات يف الع ــدي ــد مـن اجل ــامع ــات يف واملفكــرين وكــذلك احلكـام‬ ‫ف ـ ـ ـ ــالـقـ ـ ـ ـ ــراء‬
‫يف ه ــذا الكـتــاب حت ــدث سعـي ــد الغــامنـي‬
‫الـعـ ـ ـ ــال ــم‪ ،‬وكـ ـ ـ ــان قـ ـ ـ ــد جـ ـ ـ ــاء أوالً م ــن مـ ـنـهـج ــيـ ـ ـ ــة واحلقـ ـ ــوقــي ــني علـ ـ ــى م ـ ـ ـرّ‬ ‫الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ـ ـ ـ ــن‬
‫الفـينــومـينــول ــوجيــا (الـظــاه ــراتيــة) الـتي كــان قــد العصور‪.‬‬ ‫يـ ـبـحـ ـثـ ـ ـ ـ ـ ــون‬ ‫عن الفـلسفـة التـأويليـة عنـد بول ريـكور‪،‬‬
‫تـبنــاهــا مع الــوجــوديـني الفــرنــسيـني وعلــى رأسـهم إذن يـأتي هـذا الكتـاب تتمـة‬ ‫ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬ ‫ومـن ثـم تـط ــور كـيفـن ف ــانه ــوزر مل ـس ــأل ــة‬
‫جـان بـول سـارتـر‪ .‬وهــذه املنـهجيـة تقـوم علــى فكـرة لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدراسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة اإلرادي‬ ‫حت ــلـ ـ ـ ــيـ ــالت‬ ‫أسـالف فـلـ ـ ـسـف ـ ـ ــة ريـك ـ ـ ــور يف "ال ـ ـ ــزم ـ ـ ــان‬
‫والالإرادي‪ .‬ويــشيــر املــؤلف‬ ‫ـطيع‬ ‫ت‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ـة‪،‬‬‫ف‬ ‫ـا‬‫ف‬ ‫ش‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬‫ل‬ ‫ـاع‬ ‫ـ‬‫ف‬ ‫ال‬ ‫ـذات‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫أن‬ ‫هي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ـاس‬ ‫ـ‬‫س‬ ‫أ‬
‫مـف ـ ـ ـصـل ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫واملكـان"‪ ،‬بعد هـذا توقـف ريتشـارد كيـرني‬
‫الــوعي أن يــسبـر غــور معنـاهـا‪ ،‬وأن احلـدس طــريق إل ــى عالق ــة بـني الكـت ــابـني‪،‬‬ ‫األيـديـولــوج‬ ‫عند مشكلـة التأويل النقـدي لألسطورة‪،‬‬
‫وي ـ ــأمـل أن يجـعل اخل ــط ـ ــأ‬ ‫ـد‬‫ق‬ ‫ـارتي‬ ‫ـ‬‫ك‬ ‫ـدي‬ ‫ـ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـو‬ ‫ت‬ ‫ـي‬ ‫ج‬ ‫ـو‬‫ك‬ ‫ال‬ ‫ـان‬ ‫ـ‬‫ك‬ ‫ـتي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـة‬ ‫ف‬ ‫ـر‬ ‫ع‬ ‫ـلم‬ ‫ل‬ ‫آمن‬
‫وجتربة الـشر عنـد اإلنسان‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫أن‬ ‫ـر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ـر‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ـع‬ ‫ب‬ ‫ـا‬‫س‬ ‫ال‬ ‫ـرن‬ ‫ـ‬‫ق‬ ‫ال‬ ‫ـذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ـا‬ ‫ه‬ ‫رسم‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات أو‬ ‫أمــا جــونــاثــان داي فـتحــدث عـن ال ـســرد‬
‫تغـي ــر مت ــام ـ ـاً مع ال ـسـتـيـنـي ــات وب ــدأت املـنـهجـي ــات خ ـ ـ ــارج إط ـ ـ ــار ال ــتج ـ ـ ــري ـ ـ ــد‬ ‫يـ ــوتـ ــوبـي ـ ــات‬ ‫والتجربـة الفلسفية لبـول ريكور‪ ،‬وتوقف‬
‫اجلـديـدة املـنكــرة ألي دور للكـوجـيتـو وللـذات تغـزو الـ ـ ــوصفــي‪ ،‬وذلـك بـ ـ ــإبـ ـ ــراز‬ ‫م ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــددة‬ ‫ج‪.‬م‪ .‬بيـرنـشتـايـن عنـد مـوضـوع املـرويـات‬
‫كل الفـضــاء الـثق ــايف األوروبي‪ ،‬وكــانـت علــى رأسهــا م ــسـ ــألـ ــة جـ ــديـ ــدة تــطـ ــرح‬ ‫سـيـص ــابـ ــون‬ ‫الـك ـبـ ـ ــرى أمـ ـ ــا دون لهـ ـ ــوة ف ــتحـ ـ ــدث عــن‬
‫البـنيـويـة الـتي جــاءت من ألـسـنيـة سـوسـور ثـم من افتـراضـات جـديـدة لـلعمل‬ ‫بـخ ـ ــيـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫م ــوض ــوع الـنـص والـت ــأويلـي ــة اجل ــدي ــدة‪،‬‬
‫أنتـروبولـوجيـا ليفي‪-‬سـتروس‪ ،‬تـؤكد علـى التنـظيم وم ـنـهجــي ـ ــة يف ال ــتع ـ ــاطــي‬ ‫األمـ ـ ــل‪ ،‬ألن‬
‫وعلـى النــسق‪ ،‬وأن املهم هـو متــازج العنـاصـر حـسب مـعه ــا‪ .‬وتـت ــرك ــز مـنـهجـي ــة‬ ‫ري ــك ـ ـ ـ ـ ـ ــور يف‬ ‫ولبحث موضوع السرد عند ريكور عقدت‬
‫املـ ـ ــؤلف يف األخـ ـ ــذ بفـك ـ ــرة‬ ‫ـيست‬ ‫ل‬ ‫ـية‬ ‫م‬ ‫األه‬ ‫ـإن‬ ‫ف‬ ‫ـالي‬ ‫ت‬ ‫ـال‬ ‫ب‬‫و‬ ‫ـية‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الب‬ ‫ـادئ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫بعض‬ ‫نـدوة مطـولة حتـدث فيهـا كل من ديفـيد‬
‫اجلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزء‬
‫لـل ـكـل ــمـ ـ ـ ــة يف ح ـ ـ ـ ـدّ ذاتـهـ ـ ـ ــا؛ ولــك ــن لـالخـ ـتـالفـ ـ ـ ــات الـكالنـيــة كـمهـمــة وكـفكــرة‬ ‫األكــب ـ ــر مــن‬ ‫كـاروتـشـارلـز تـايلـور‪ ،‬أمـا املقــاالت الثالث‬
‫مـوجهـة بـاملعنـى الكـانـطي‪،‬‬ ‫ـرى‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫األخ‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫ـم‬ ‫ل‬ ‫ـك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫مع‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ـيه‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ـي‬ ‫ت‬ ‫ـ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫ـارض‬ ‫ـ‬ ‫ـتع‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫املقــاالت األربع التـي يتكــون منهـا هــذا الكتـاب تقـوم‬
‫كــمـ ــطلــب ج ــمعــي‪ ،‬وجـعل‬ ‫ـيس‬ ‫ل‬ ‫واملهم‬ ‫به‪،‬‬ ‫ـوم‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫دور‬ ‫ـا‬‫ن‬ ‫ه‬ ‫ـة‬ ‫ل‬ ‫ـاع‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫ـذات‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ـيس‬ ‫ل‬ ‫الـكــت ـ ـ ــاب ال‬ ‫األخيــرة فكــانـت بقـلم بــول ريكــور نفـسه‬
‫يـ ــن ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ــش‬ ‫وج ـ ــاءت حتــت ع ـن ـ ــوان ريـك ـ ــور والـ ـس ـ ــرد‪،‬‬ ‫على احملـاضرات التي ألقـاها "بول ريكـور" يف جامعة‬
‫وجهـة الـنظــر التــاريخيـة والـتطــور‪ ،‬ولكـن املهم هـو هذا املطلب يعـمل باجتاه معـاكس للراديكـالية أو للخلـوصية التي حكـمت بداية‬ ‫تكـســاس املــسيـحيــة‪( 30-23 ،‬تـشــريـن الثــاني) ‪1973‬‬
‫األيديـولوجـيا واليـوتوبيـا كظـاهرتـني ولكن كمفـهومني‪ .‬وجهـ ــة الـنــظـ ــر اآلنـي ـ ــة‪ ،‬ووجهـ ــة نــظـ ــر الــتعـ ــاصـ ــر البحـث‪ .‬إن احلقيقـة اإلنـسـانيـة كـكالنيـة سـوف تبـدو كـديـالكـتيك غـني وكـامل‪.‬‬ ‫الهويـة السرديـة‪ ،‬من الوجود إلـى فلسفة‬ ‫كمحـاضــرات مئـويــة‪ .‬وهي ميـكن أن تقــرأ منفـصلـة‪،‬‬
‫وريكـور يقـرر مـراراً‪ ،‬علــى سبـيل املثـال‪ ،‬بــأنه غيـر مهـتم ‪Sychronic.‬الـتنـظيـم البـنيــوي يف فتـرة معـينـة وبـاالرتكـاز علـى مبـادئ املـنظـور واملعنـى املعـدّة علـى املـستـوى املتعـالي نحـاول أن‬ ‫اللغة‪.‬‬
‫نفهم كل أشكال القطبيـة األخرى والتوسطيـة اإلنسانية‪ .‬علـى أن فكرة الكالنية‬ ‫مب ــا إذا ك ــان م ــاركــس دقـيقـ ـاً مـن الـن ــاحـي ــة الـت ــاريخـي ــة هـ ـ ـ ـ ــو املـهـ ــم‪،‬‬ ‫ولـكنها ميكن أن تقرأ أيـضاً كمقتربـات تسلك خطوة‬
‫ليــست قـاعـدة الـتفـكيــر النـظـري وحـسـب‪ ،‬بل تـسـكن اإلرادة اإلنـســانيــة‪ ،‬وهكـذا‬ ‫بخـصــوص دور الـصـنــاعــة يف بــواكـيــر الــرأسـمــالـيــة‪ ،‬إن وه ــذا لـيــس‬ ‫فخطوة حلل مشكلة واحدة‪ ،‬وهي مشكلة لغة الفهم‬
‫تـصبح أساس "الالتـناسب" األقصـى‪ :‬ذلك الذي يـصنع الفعل اإلنسـاني ويفصل‬ ‫تركـيزه يـنصب علـى البنـية املعـرفيـة لعمل مـاركس‪ .‬كـما لـلك ــوجـيـتـ ـ ــو‬ ‫عل ــى صعـيــد نـتــاجــات مـثل القـصــائ ــد واحلكــايــات‬
‫بني تناهي الطبع وال تناهي السعادة‪.‬‬ ‫أن فيير ال يعالج أسـاساً سعياً وراء احملـتوى االجتماعي من مكان يف‬ ‫واملقاالت‪ ،‬سواء أكانت أدبية أم فلسفية‪.‬‬
‫يف كتــاب (يف الـتفــسيــر) يحــاول ب ــول ريكــور أن يق ــرأ الفكــر الفــرويــدي يف بعــده‬ ‫لـتـحلــيالتـه بق ــدر مـ ــا يعـ ــالج مــن أجل حت ــدي ــد إط ــاره داخـلـه‪ .‬م ــن‬ ‫بعـبـ ــارة أخـ ــرى‪ ،‬تـ ــراهـن ه ـ ــذه املقـ ــاالت األربـع علـ ــى‬
‫الفلـسـفي‪ ،‬فهــو ليــس محلالً نفــسيـاً وال عـاملـاً بــالنفـس ولكـنه مفكــر يبحـث عن‬ ‫هــن ـ ـ ــا فـق ـ ـ ــد‬ ‫مشكلة مركزية هي مشكلة األعمال‪ ،‬وال سيما اللغة‬
‫األبعــاد الفلــسفيـة يف املـنهج الـذي أوجـده فـرويـد خـاصـة أن فـرويــد يعـتبـر أحـد‬ ‫املفهومي ومع ذلك يجب أن ال يوحي وصف احملاضرات كـان الصـراع‬ ‫عـمالً‪ .‬ولن يـتحقق اإلمـسـاك الكـامل بهـذه املـشكلـة‬
‫أعمــدة الفكــر الغــربي والــذين قـدمـوا الـى اإلنـســانيــة تفــسيـراً جـديـداً لـلنفـس‬ ‫بالـفلسفـة إنهـا صعـبة أو عـسيـرة علـى الفهم‪ .‬إنهـا متتّ األول الـ ــذي‬ ‫حتــى املقــالــة الــرابعــة‪ ،‬التـي تهـتم مبــوقفـني ينــدلع‬
‫البشريـة‪ ،‬غيرت من منط حياتهم وفهمهم ألنفسهم وللعالم‪ ،‬وكان له تأثير كبير‬ ‫بـصلــة واضحــة ملــا يـعنـيه ب ــالنــسب ــة لنــا أن نكــون بـشــراً يــخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوضـ ــه‬
‫امل ـ ـ ــؤلـف مـع‬ ‫يعيشون يف عالم اجتماعي وسياسي‪.‬‬ ‫الـص ــراع بـيـنهـم ــا واضحـ ـاً هـم ــا الـتف ـسـيـ ــر والفهـم‪،‬‬
‫علـى اآلدب خاصـة والفن عمـوماً‪ .‬وهـو يف الكـتاب يعـرض عرضـاً دقيقـاً ومنـصفاً‬
‫الـفك ــر الفــروي ــدي‪ ،‬العــرض ه ــو تف ـسـيــر أو قــراءة الــوجــود اإلن ـســانـي عل ــى أنه‬ ‫وهكــذا رمب ــا يكــون مـن األفــضل وصف املـشــروع األوسع ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه‬ ‫تـتقدم نظـرية النـص‪ ،‬التي تنبـثق من هذه املنـاقشة‪،‬‬
‫مجمـوعة مـن الرمـوز تتـوضح من اللغـة واحلضـارة والعقـائد واحلـب واملوت مـعاً‬ ‫ال ــذي تـنـتـمـي إلـيه احل ــاضـ ــرات ال علـ ــى أنه بـبــس ــاط ــة ال ـب ـنــي ـ ــويـ ـ ـ ــة‬ ‫خـطــوة أخ ــرى نحــو ســؤال الـتع ــدد اللفـظـي‪ ،‬الــذي‬
‫أيضـاً‪ .‬وكـان هـدف بــول ريكــو النهــائي أن يهـيئ األفـق الثقـايف إلـى انـطالقــة فكـر‬ ‫مـشــروع فلـسـفي بـل أنتــروبــول ــوجيــا فلـسـفيــة‪ .‬ال متـثل الــط ـ ــاغـي ـ ـ ــة‪،‬‬ ‫يـنتمي إلى الكلمـات وحدها (التـرادف)‪ ،‬أو حتى إلى‬
‫جديـد‪ ،‬وأن يتجاوز فالسفـة الشبهـة (فرويـد نيتشـه وماركس) إلـى رؤية لـإلنسان‬ ‫األنتـربولـوجيـا الفلـسفيـة بالـنسـبة لـريكـور فرعـاً ألحد الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫اجلمل (الغموض)‪ ،‬بل إلـى أعمال اخلطـاب الكاملة‬
‫أكثـر إنسانيـة‪.‬والكتاب ينـصب على فرويـد ال على التحليـل النفسي‪ ،‬وذلك يعني‬ ‫أنـظمــة العـلم االجـتمــاعي‪ ،‬بـل هي دراســة األنثـروبـوس س ـتُغْ ـ ـرِق كل‬ ‫ك ــالقـصــائ ــد واحلكــاي ــات واملقــاالت‪ .‬ومتـثل م ـشـكلــة‬
‫أنه لم يتـطرأ كثـيراً للمـدارس بعد فـرويد وال لـلتجربـة التحلـيلية‪ .‬وإمنـا يحاول‬ ‫الـف ـ ـ ــضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء‬ ‫التعـدد اللفظي هذه التي نوقشت يف املقالة الثالثة‪،‬‬
‫أن يفـسـر كـيف أمكـن التـحليـل النفـسي أن يقــوم بتفـسيــر الثقـافــة ويتـسـاءل مـا‬ ‫‪Anthropos-‬اإلنـســانيــة‪-‬من مـنظـور فلــسفي‪ .‬وهـذا الـفـلـ ـ ـ ـسـف ـ ــي‬ ‫نقلــة حــاسمــة ملــشكلــة التــأويل الــذي يحكـمه حــول‬
‫من مكتبة بول ريكور‬
‫مـعنى التفسـير وكيف يتمفـصل تفسير عالمـات اإلنسان مع الشـرح االقتصادي‬ ‫املبحث كما يكـتب ريكور يهدف إلـى تعريف أكثر املالمح الفـرنسي يف‬ ‫التفـسيــر والفهم‪ ،‬الـذي أشـار املـؤلف إلـى أنه يـشكل‬
‫الذي يـزعم أنه يبلغ جـذر الرغـبة؟ ثم هـو مشكل مـن الفلسـفة التـأمليـة‪ ،‬أي فهم‬ ‫ثـب ــات ــا يف ح ــالـتـن ــا امل ــؤقـت ــة‪ ...‬أي تـلك الـتــي تك ــون أقل ت ـ ـ ـ ـ ـ ــل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك‬
‫الــفـ ـ ــتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة‪.‬‬ ‫عرضة للتأثر بتقلبات العصر احلديث‪.‬‬ ‫أفـق ه ـ ـ ــذه اجملــم ـ ـ ــوع ـ ـ ــة مــن املـق ـ ـ ــاالت ب ـ ـ ــأس ـ ـ ــره ـ ـ ــا‪.‬‬
‫للذات جديد ينجم عن هذا التفسير وأي ذات تقترب من أن تفهم؟‬

You might also like