You are on page 1of 140

‫الدّاروينية في الزّمن القديم‬

‫مدخـل‬

‫حاول البشر بملحظاتهم و مشاهداتهم طوال فترات التاريخ المختلفة أن يسبروا أغوار‬
‫الكون الذي يعيشون فيه‪ .‬و حاول كثير من رجال العلم لسنوات طويلة أن يجدوا إجابة للسئلة‬
‫عض العلماء على الكتشافات و‬
‫عز بعع‬
‫عل بال الناس‪ .‬و يركع‬
‫عم و مازالت تشغع‬
‫عي حيرتهع‬
‫التع‬
‫الختراعات العظي مة ال تي ترت بط بظروف الع صر الذي يعيشون ف يه و ير كز الب عض ال خر‬
‫على الخطاء العلمية التي كانت تلقى اهتماما كبيرا في عصرها و أثبت العلم عدم صحتها بعد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫كان بطلميوس واحدا من العلماء و المفكرين الذين عاشوا في القرن الثاني بعد الميلد‬
‫في السكندرية التي كانت مركز العلم في ذلك الوقت‪ .‬لقد قام بطلميوس الذي أراد أن يتعرف‬
‫على الكون الذي يوجد هو بداخلة و يكتشف موقع الرض من هذا الكون فقام بعمل مشاهدات‬
‫و دوّن ملحظاته مدة طويلة عن السماء‪ .‬و أعمل فكره في مواضيع مختلفة مثل حركة‬
‫الشمس و القمر و النجوم‪ .‬و في النهاية توصل إلى نتيجة مفادها‪ :‬إن الرض تقع في مركز‬
‫الكون‪ .‬و هو يرى أن الرض تقف مستقرة بل حراك؛ أما الشمس و القمر و الكواكب و كل‬
‫النجوم فهي التي تتحرك وتدور حول الرض‪ .‬و قد تُرجمت آراء بطلميوس التي لقت اهتماما‬
‫كبيرا إلى اللغات المختلفة و كان لها تأثير و صدى كبير و بخاصة على الثقافة الوروبية‪.‬‬
‫وسعت الكنيسة الكاثوليكية إلى إيجاد انسجام بين نموذج الكون الخاص ببطلميوس الذي‬
‫يفترض أن الرض تقع في مركزه و بين الدّين المسيحي‪ .‬و على الرغم من وجود بعض‬
‫الشخاص الذين أدركوا وجود تناقض في نموذج بطلميوس‪ ،‬إل أنهم اضطروا إلى التزام‬
‫الصمت أمام الدعم الكبير الذي حصل عليه بطلميوس‪ .‬و لم يكن من السهل ترك هذا الفكر‬
‫الذي ظهر تناقضه في وقت قصير‪ .‬ومع حلول القرن الخامس بدأت تحدث بعض التطورات‪.‬‬
‫و كانت البداية عندما اتضح وجود أخطاء كبيرة في أفكار كوبرنيك و بطلميوس‪ .‬لقد وقف‬
‫كوبرنيك في اتجاه مضاد تماما لفكرة الكون الذي تقع الرض في مركزه و عبر عن تلك‬
‫الحقيقة بقوله‪” :‬الرض ل تقع في موقع المركز من الكون“‪ .‬و ظهر في القرون التي تلت ذلك‬
‫الزمان أن الرض عبارة عن كوكب يدور حول الشمس; و أن الشمس ما هي إل نجم بين‬
‫مليارات النجوم في مجرة درب التبانة‪ ،‬و أن مجرة درب التبانة أيضا هي مجرد نموذج لتجمع‬

‫‪1‬‬
‫كبير من النجوم التي ل يمكن حصر أعدادها‪.‬‬
‫و مع نهايات القرن السابع عشر شهد تاريخ العلم خطا آخر‪ .‬فقد لفتت النار و ما ينبعث منها‬
‫من لهب انتباه النسان في كل عصر من العصور‪ .‬و كان العالم اللمانى جى‪.‬إي‪ .‬ستاهلْ‬
‫‪ Stahl‬واحدا ممن فكروا في مصدر النار التي لم يكن قد اكتشف بعد في ذلك العصر‪ .‬ونتيجة‬
‫لبحاثه زعم ستاهل أن السبب في وجود النار هو مادة ل ترى بالعين المجردة يطلق عليها‬
‫اسم ”فلوجيستون“‪ .‬و في الوقت الذي يشتعل فيه وبسرعة أي شيء يحتوي على هذه المادة‬
‫نجد أنه و على النقيض من ذلك ل يشتعل تماما أي شيء ل يحتوي على هذه المادة‪ .‬و فُسّر‬
‫تصاعد الدخان من المواد المحترقة و انكماش هذه المواد و خفوتها بأنه مغادرة العفلوجيستون‬
‫وتركه لهذه المواد‪ .‬و كان يُعتقد في هذه البحاث أنه إطفاء المواد المشتعلة بوضع غطاء‬
‫عليها أو إلقاء الغبار و التراب يمنع تصاعد الفلوجيستون و بهذا يتم إطفاء النار‪ .‬إل أنه و مع‬
‫مرور الوقت تولدت بعض الشكوك فيما يتعلق بحقيقة الفلوجيستون و كان السبب وراء هذه‬
‫الشكوك هو أن المعادن عندما تحترق ل تنكمش أو تنقص في حجمها كما أنها ل تخف في‬
‫الوزن‪ .‬وأُكتشف في السنوات الخيرة من القرن الثامن عشر أن الهواء يتكون من مزيج من‬
‫الغازات المختلفة‪ .‬وبينما يحاول العلماء تفسير احتراق هذه الغازات المختلفة بأشكال مختلفة‬
‫تتوافق مع نظرية الفلوجيستون وضع أحد البحاث التي أجريت على غاز الوكسجين النهاية‬
‫لتلك النظرية‪ .‬فقد راقب عالم يدعى أنتوني لفوسير عملية احتراق أحد المعادن في ظل وجود‬
‫غاز الوكسجين‪ ،‬و ل حظ في نهاية ملحظاته تلك ازدياد كتلة المعدن المحترق و لحظ في‬
‫الوقت نفسه تناقص كمية الوكسجين الموجودة‪ .‬و بذلك أوضحت تلك التجربة مصدر النار‪.‬‬
‫فالمواد كانت تشتعل لنها حصلت على الوكسجين‪ .‬أما المادة النظرية المسماه بفلوجيستون‬
‫فلم يكن لها وجود من الصل‪.‬‬
‫وهناك مثال آخر على الخطاء العلمية التي وقعت فيما مضى‪ ،‬و هو الطرح الخاص‬
‫بمصدر الكهرباء‪ .‬فبينما كان الدكتور لوجي جلفاني يقوم في الثمانينات من القرن الثامن‬
‫عشر بعمل بحث يتعلق بالحيوانات ظن أنه وجد مصدرا جديدا للكهرباء‪ .‬فقد رأى في خلل‬
‫أبحاثة التي أجراها على الضفادع أن عضلت ساق الضفدعة المربوطة بشريحة من المعدن‬
‫تتحرك‪ .‬و في نهاية بعض البحاث التي أجراها على هذا الكائن الحي توصل إلى النتيجة‬
‫التالية‪ :‬إن شريحة من المعدن تضمن خروج التيار الكهربائي النابع من عضلت و أعصاب‬
‫الحيوانات‪.‬‬
‫قام جلفاني بهذه التجربة على ساق واحدة و باستخدام شريحة معدنية واحدة‪ .‬فبدأ‬

‫‪2‬‬
‫عالم يدعى اليسندرو فولتا (‪ )Alessandro Volta‬بالقيام ببعض البحاث على هذا الموضوع‬
‫بعد أن ساوره الشك في منطق هذه التجربة‪ .‬فقام فولتا بإيصال طرفي السلك المختلفين إلى‬
‫ساق الضفدعة و رأى أن العضلت الموجودة في الساق ل تتحرك‪ .‬و بيّن فولتا الذي استمر‬
‫في أبحاثة بعد هذه التجربة أن زعم خروج الكهرباء من الضفادع أو من الحيوانات الخرى‬
‫كان خاطئا و عاريا من الصحة تماما‪ .‬فالكهرباء هي تيار ينبع من اللكترونات و أن‬
‫الكترونات المعادن تعمل على هذا النقل بشكل اكثر سهولة‪ .‬لقد كانت نظرية الكهرباء‬
‫ي أدهش الناس في مرحلة ما‪.‬‬
‫الحيوانية مجرد خطأ علم ّ‬
‫كما يلحظ بوضوح في هذه المثلة فإن الحقائق المعروفة بدرجة كبيرة جدا لنا اليوم‬
‫كانت مجرد ادعاءات خاطئة للغاية في الماضي‪ .‬لقد انغلق كثير من رجال العلم على كثير جدا‬
‫من الخطاء العلمية سواء أكان ذلك بسبب المستوى العلمي المتدني للعصر الذي كانوا‬
‫يعيشون فيه أو بسبب بعض الحكام المسبقة الخاصة بهم‪ .‬و لعل أكبر مثال يمكن أن نضربه‬
‫على مثل هذه الخطاء العلمية هو الدعاءات التي طرحت عن أصل الحياة لن تأثيرات هذا‬
‫الزعم و عدم منطقيته تفوق بشكل كبير الخطاء العلمية التي تناولناها سابقا‪ .‬و قد عُرف هذا‬
‫الخطأ العلمي باسم " الداروينية" التي توحد فيها العالم المادي مع اعتقاد التطور‪.‬‬
‫قبل البعض في الزمنة الماضية بالداروينية كنظرية علمية‪ ،‬و كان السبب وراء ذلك‬
‫هو عدم توافر دليل علمي كاف بين أيديهم‪ .‬و على الرغم من التناقضات التي حملها كتاب‬
‫تشارلز داروين حتى في ذلك العصر و الذي حمل اسم ”أصل النواع“ و نشر في عام ‪1859‬‬
‫إل أنه أحدث دويا هائل في بعض النحاء‪ .‬لقد رأت الفتراضات التي قام بها داروين و هو‬
‫غافل و غير مطلع على علم الجينات و الكيمياء الحيوية و كذلك الدعاءات الخاطئة التي زعم‬
‫بها مستفيدا من عدم كفاية طبعات الحفريات رأت قبول و استحسانا من جانب الشخاص الذين‬
‫لديهم استعداد لسباب فلسفية لقبول هذه النظرية‪ .‬وهذا السبب الفلسفي‪ ،‬كان هو العلقة‬
‫الموجودة بين نظرية داروين و الفلسفة المادية‪ .‬و بسبب أن داروين حاول تفسير أصل جميع‬
‫الكائنات الحية بالعوامل المادية والمصادفة فقد استدل على ذلك بنظرية ترفض فكرة وجود‬
‫إله‪ .‬إن إثبات خطأ هذه النظرية التي ل تتفق تماما من الناحية العلمية مع العقل و المنطق كان‬
‫سيوجب وجود سلسة من الستنتاجات العلمية في القرن العشرين‪.‬‬
‫وتلقى الدارونية اليوم و حتى الن قبول لدى بعض الجهات العلمية التي استحوذت عليها‬
‫فكرة النظرية؛ و هذا ل يمنعنا من أن نقبل نحن أيضا أن الداروينية قد انتهت‪ .‬و لعل السبب‬
‫الوحيد الذي جعل لهذه النظرية وجودًا حتى الن هو دفاع الفلسفة المادية عنها بشغف و هوس‬

‫‪3‬‬
‫كبيرين في بعض النحاء العلمية‪ .‬و يتشابه عالم الداروينية مع التحاد السوفيتي الذي كان له‬
‫وجود في النصف الثاني من عام ‪ .1980‬فكما في ذلك الوقت ظهر إفلس الشيوعية‬
‫كإيديولوجية و لم تعد فرضيات هذه النظرية صالحة أيضا‪ .‬إل أن مؤسسات النظام الشيوعي‬
‫كانت تحتفظ بوجودها حتى الن‪ .‬فهناك جيل غُسل عقله بإيديولوجية الشيوعية‪ ،‬وكان يتم‬
‫الدفاع عن هذه اليديولوجية بشكل ل يقبل النقاش‪ .‬و بسبب هذا المذهب العتقادي استطاع‬
‫النظام الشيوعي الذي انهار من الناحية الفعلية أن يعيش مدةً أطول‪ .‬فقد تم إصلحه بتطبيق‬
‫صيغ عرفت بع " الشفافية " و " إعادة البناء " و أُريد لها أن تعيش‪ .‬إل أنه فيالنهاية حدث‬
‫النهيار الحتمي‪.‬‬
‫و قبل هذا النهيار ‪ ،‬كان هناك من شخّص تلشي الشيوعية و تحدث عن ذلك‪ .‬و قد‬
‫أدرك عدد كبير جدا من المراقبين في الغرب أن هذا السقوط كان أمرا قَ َدرِيا ل مفر منه و‬
‫أدركوا كذلك أن وضع السوفييت الراهن يمكن أن يرجىء ذل السقوط و لكن لفترة فقط‪.‬‬
‫نحن أيضا سوف نتحدث في هذا الكتاب عن سقوط الداروينية و لكن بشكل علمي‪ .‬لقد‬
‫رأى بعضهم في فترة من الزمن أن هذه النظرية التي لم يكن لها أي سند علمي واقعي على‬
‫الطلق رأو ها "مقن عة" و كان ال سبب وراء ذلك القتناع بعدم كفا ية الم ستوى العل مي في تلك‬
‫الفترة‪ ،‬إل أنعه اتضعح فيمعا بععد أن هذا القتناع لم يتععد كونعه مجرد خدععة‪ .‬لقعد تعم دحعض‬
‫الدعاءات التي استدل بها داروين منذ ‪ 150‬عاما الخيرة للدفاع عن نظرية التطور الخاصة‬
‫به‪ ،‬فانهارت دلئل التطور كل ها واحدة تلو الخرى‪ .‬و كم سيندهش أولئك الذ ين آمنوا بوجود‬
‫هذا الخ طأ في دن يا العلم‪ ،‬كم ستأخذهم الده شة في القر يب العا جل عند ما يتفكرون في ك يف‬
‫انغمسعوا فعي نظريعة خاطئة كتلك‪ .‬أو كمعا يقول العالم السعويدي صعورين لوفتروب ‪Soren‬‬
‫‪" Lovtrup‬يوما ما ستوصف السطورة الداروينية بأنها أكبر خدعة في تاريخ العلم "‪.‬‬
‫لقعد ظهرت كعل المعطيات العلميعة اللزمعة لصعياغة هذا التوصعيف و لم يتبعق سعوى‬
‫اعتراف بعض البيئات العلمية فقط بهذه الحقيقة‪ .‬وسوف نبحث في الصفحات القادمة المعطيات‬
‫العلمية الخاصة بهذا الموضوع و التي تفند نظرية التطور و نرى كيف أن الداروينية لم تكن‬
‫سوى خطأ كبير استفادت من عدم كفاية المستوى العلمي في القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أساطير الدارونية المنهارة و التعريف الصحيح للعلم‬
‫‪DARWINİZM'İN YIKILAN EFSANELERİ VE BİLİMİN DOĞRU TA-‬‬
‫‪NIMI‬‬
‫لو أن نا أجري نا ا ستطلعا للرأي وشارك ف يه المدافعون عن نظر ية التطور في يوم نا الحا ضر‬
‫من ال صحفيين و ال ُكتّاب و المفكرين و رجال العلم و الكاديمي ين و سألناهم جميعا‪" :‬ما الدافع‬
‫الذي يجعل كم تعتقدون في صحة نظر ية التطور‪ ،‬و ما هي الدلئل على صحة هذه النظر ية؟"‬
‫لكا نت إجابات أغلب هم عبارة عن "أ ساطير" خاطئة تب عد كل واحدة من ها كل الب عد عن العلم‪.‬‬
‫وسوف نعدد فيما يلي أكثر هذه الساطير شُهر ًة و أسباب بعدها عن الحقيقة‪.‬‬
‫‪)1‬يزععم مؤيدو التطور أن "التجارب التعي قام بهعا رجال العلم قعد أظهرت أن الحياة‬
‫يمكنها أن تخلق نفسها بنفسها عن طريق بعض التفاعلت الكيميائية "‪ .‬بيد أنه ل‬
‫يو جد ح تى تجر بة واحدة تظ هر صحة ما يذهبون إل يه علوة على ذلك ف قد ظ هر‬
‫أنه ليس من الممكن أن يحدث هذا حتى على المستوى النظري‪.‬‬
‫‪)2‬يزعمون أن الحفريات تدل على حدوث وتيرة تطور على الرض‪ ،‬إل أنعه و على‬
‫الع كس من ذلك تما ما ف قد أظهرت الحفريات "تار يخ الطبي عة" بشكل مخالف تماما‬
‫لراء نظرية التطور و بينت أنها خُلقت جميعا في لحظة واحدة‪.‬‬
‫‪ )3‬هم يظنون أن حفر ية الطائر الولى الشهيرة حفر ية الطائر الولي المج نح (طائر‬
‫بدائي منقرض شبيه بالزوا حف) تع تبر دليل يث بت الز عم القائل بأن الزوا حف قد‬
‫تطورت إلى طيور‪ .‬إل أنه فهم من هذه الحفرية أنها لطائر هوائي حقيقي كما أنه‬
‫لم يوجد أي من الزواحف يمكن أن يُشار إليها على أنها جد لهذا الكائن الحي‪ .‬و‬
‫بتوض يح هذه الحقي قة‪ ،‬لم ي بق ث مة دل يل وا حد يم كن أن يد عم رأي أن صار نظر ية‬
‫التطور القائل بأن الطيور تطورت تدريجيا من الزواحف‪.‬‬
‫‪)4‬يزعمون أن الحفريات المعروف أنهعا معن سعلسل الخيول تشيعر إلى أن الحصعان‬
‫فعي وقتنعا الحالي قعد تطور معن ثدييات ذات أبعاد أكثعر صعغرا‪ .‬بيعد أن موضوع‬
‫سلسل الخيول لم يسفر عن شيء سوى الفشل التام‪ .‬حتى أن بعض الكائنات التي‬
‫أشاروا إليهعا باعتبارهعا جدا أو سعلفا للحصعان كانعت أكعبر سعنا و شيخوخعة معن‬
‫الجداد فعي الحقيقعة‪ ،‬أي أنعه ل يمكعن أن يكون انتقال كمعا ادععى أنصعار نظريعة‬
‫التطور فيما بينهم‪ .‬وبذلك يُلقى زعم كلسيكي آخر لنصار نظرية التطور في سلة‬
‫المهملت‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪)5‬يزعمون أن " فراشات الثورة الصعناعية " الشهيرة فعي انجلترا تشكعل دليلً على‬
‫التطور عن طر يق ال صطفاء أو النتخاب ال طبيعي‪ .‬غ ير أ نه ات ضح ب ما ل يدع‬
‫مجال لي شععك أن التغيععر الذي حدث فععي ألوان الفراشات فععي أثناء الثورة‬
‫ال صناعية ل يم كن أن يكون تطورا تم بوا سطة ال صطفاء أو الختيار ال طبيعي‪.‬‬
‫فألوان تلك الفراشات لم تتغيعر‪ ،‬وكعل معا حدث أن أعداد الفراشات البيضاء التعي‬
‫كانعت موجودة قعد تناقصعت بفععل الظروف البيئيعة المحيطعة‪ ،‬و فعي مقابعل ذلك‬
‫تزايدت الفراشات ذات اللوان الداك نة‪ .‬لذلك بطلت هذه الفكرة ال تي كان يح تج ب ها‬
‫أن صار نظر ية التطور بو صفها أ حد أدلت هم المزعو مة ب عد أن ات ضح ز يف هذه‬
‫الحكاية من الناحية العلمية‪.‬‬
‫‪)6‬يزعمون وجود آثار و بقا يا لحفر ية خا صة "بالر جل القرد" و ال تي تش ير إلى أن‬
‫النسان و القرود قد انحدروا من جد واحد مشترك‪ .‬بيد أن كل الدعاءات المتعلقة‬
‫بهذا الموضوع ل تستند إلى أي دليل غير الحكم المسبق‪ ،‬حتى أن أنصار التطور‬
‫اضطروا إلى القول أنه "ل يوجد دليل في موضوع تطور النسان "‪ .‬و نسوق في‬
‫هذا الطار مثال و هو ما قاله ريتشارد ليكاي ‪ Richard Leakey‬و هو أحد‬
‫علماء الباليوأنثروبولوجيا (علم يب حث في أ صول الن سان القد يم) على هذا الن حو‪:‬‬
‫يتحدث ديف يد بيبام با ستياء قائلً‪" :‬لو أن كم جئ تم بر جل علم ذ كي ما هر من فرع‬
‫مختلف من فروع العلم و أطلعتموه على ما لدينا من دلئل غير كافية فإنه سيقول‬
‫لكم و بكل تأكيد انسوا هذا الموضوع فليس لديكم دعامة أو سند كاف للستمرار‬
‫فيعه‪ ".‬و ممعا ل شعك فيعه أنعه ل ديفيعد و ل غيره ممعن يبحثون فعي موضوع جعد‬
‫النسان سوف ينصاع ويأخذ بهذه النصيحة‪ ،‬غير أننا ندرك جميعا و بشكل تام كم‬
‫هو خطيعر أن ت ستخرج نتي جة ا ستنادا إلى دلئل غيعر كافيعة إلى هذا الحعد‪)2(.‬‬
‫أمعا ديفيعد بيبام و هعو معن علماء الباليوأنثروبولوجيعا المناصعرين لفكرة التطور و‬
‫الذي ذكره ليكاي في حديثه فقد أدلى باعترافه التالي في هذا الموضوع‪:‬‬
‫”لم يشمعل مجال ترددي هذا الكتاب فحسعب ( كتاب ريتشارد ليكاي الذي يحمعل اسعم‬
‫الصول) بل شمل أيضا كل المجالت المتعلقة بعلم الباليوأنثروبولوجيا أيضا‪ .‬و تحجم‬
‫الكتعب المنشورة ععن الخوض فعي ذلك لدرجعة ان الذيعن يبحثون فعي موضوع تطور‬
‫النسعان طوال الجيال التعي أنعا منهعا أيضا يتخبطون فعي الظلمات‪ .‬فمعا لدينعا معن‬
‫معلومات غير كافية و ل يمكن أن نثق فيها إلى ما ل نهاية‪.)3( .‬‬

‫‪6‬‬
‫و يتضح أن الحفريات التي يقولون إنها تعود إلى الجد المزعوم للنسان إنما تعود إما‬
‫إلى نوع من القرود التي انقرضت أو إلى عرق أو نسل إنساني مختلف‪ .‬نتيجة لذلك‪،‬‬
‫لم يتم كن أن صار نظر ية التطور من إيجاد دل يل وا حد يؤكدون به ادعاءات هم الخا صة‬
‫بتطور النسان والقرد من جد واحد مشترك‪.‬‬
‫‪)7‬يزعمون أن الكائنات الحية بما فيها النسان قد مرت بنفس بع"مرحلة التطور"‪ ،‬و‬
‫هي أج نة في ر حم أمهات ها (أو في البي ضة)‪ ،‬ح تى أن الجن ين البشري يكون له‬
‫خياش يم و لك نه يفقد ها ب عد فترة‪ .‬ل قد ظ هر و بالدلة أن هذا الز عم لم ي كن له أي‬
‫أصل و أنه استند فقط إلى تزييف كبير للعلم‪ .‬لقد قام العالم هايكل ‪ Haeckel‬و‬
‫هو صاحب هذا الزعم بعمل تغييرات مقصودة و متعمدة في رسم الجنة‪ ،‬و عمل‬
‫جاهدا على إظهار وجود تشا به في ما ب ين بعض ها الب عض‪ .‬و يج مع أن صار نظر ية‬
‫التطور أنفسهم على أن هذا الزعم ليس إل تزييفا بعيدا كل البعد عن العلم‪.‬‬
‫‪)8‬يزعمون ان العضاء التي ل تستخدم‪ ،‬أي ل يكون لها وظيفة "تضمر" مع الوقت‬
‫سواء أكان ذلك ع ند الن سان أو لدى الكائنات الح ية الخرى‪ .‬ح تى إن هم يزعمون‬
‫أن جزء كبيرا من الحامض النووي ‪ DNA‬ليس له وظيفة لذا فهو على حد قولهم‬
‫"‪ُ DNA‬‬
‫خرْدة "‪ .‬ب يد أن كل هذه الدعاءات تمخ ضت عن الج هل بالعلم في هذه‬
‫الفترة‪ ،‬فكلما مر الزمن تقدم العلم‪ ،‬و قد أثبت العلم أن العضاء و كل الجينات لها‬
‫وظائفهعا التعي تقوم بهعا‪ .‬و تشيعر هذه الحقيقعة إلى أن الكائنات الحيعة لم يكعن لهعا‬
‫أعضاء ضمرت ب سبب عدم ا ستخدامها خلل وتيرة التطور‪ ،‬و أن ها خُل قت بكا مل‬
‫أعضائهعا و بنائهعا دون أن يكون هناك نقعص أو خلل‪ ،‬و لن يوجعد ثمعة أثعر‬
‫للمصادفات‪.‬‬
‫‪)9‬يزعمون أن هناك دليعل تطور قوي بحدوث "تغيعر" (تنوع) داخعل النوع الواحعد‬
‫عافير الدوري‬
‫عر عصع‬
‫عبيل المثال البناء المختلف لمناقيع‬
‫عي – على سع‬
‫للكائن الحع‬
‫( الحَسعّون ) الموجودة فعي جزر جالباجوس‪ .‬غيعر أنعه معن المعلوم أن هذا لن‬
‫عتوى "المجهري أو‬
‫عم على المسع‬
‫عي تتع‬
‫يكون دليل على التطور‪ .‬إن التغيرات التع‬
‫الدق يق" ك ما هو الحال بالن سبة للختلفات الموجودة في ب نى المناق ير ل يم كن أن‬
‫تو جد معلو مة إحيائ ية جديدة‪ ،‬أي لن تخلق أعضاء جديدة‪ ،‬و لهذا ال سبب ل يم كن‬
‫أن تضمن حدوث التطور‪ .‬و نتيجة لذلك يُسلّم الداروينيون الجدد أيضا بأن حدوث‬
‫ب عض التغيرات والتنوعات داخل النوع الواحد ل يم كن أن تكون سببا في حدوث‬

‫‪7‬‬
‫التطور المزعوم‪.‬‬
‫‪ )10‬هم يزعمون أ نه من المم كن تخل يق أنواع جديدة من الكائنات الح ية مع الطفرات‬
‫الحيائيعة التعي تحدث فعي التجارب التعي أُجريعت على ذباب الفاكهعة‪ .‬غيعر أن هذه‬
‫التجارب التي أجريت على ذباب الفاكهة لم تسفر إل عن ذباب مشلول غير مكتمل‬
‫العضاء‪ ،‬و لم يُل حظ حدوث أ ية طفرة احيائ ية مفيدة ً‪ .‬إن عدم القدرة على ا ستنباط‬
‫أنواع جديدة فععي الطفرات الحيائيععة التععي تمععت تحععت إشراف رجال العلم‬
‫المتخ صصين من أ صحاب الع قل و العلم ل يس دليل على التطور‪ ،‬ول يس تطورا‪ .‬و‬
‫لهذا السبب فليس من الممكن الشارة إلى الطفرات الحيائية على اعتبار أنها تمثل‬
‫دليل على التطور‪.‬‬
‫و في مواجهة سؤال " لماذا تؤيدون نظرية التطور ؟" فسوف نجد أن معرفة عدد كبير‬
‫من المشارك ين في ا ستطلع الرأي لم ت كن سوى معر فة سطحية‪ ،‬و سيجيبون بعدد‬
‫قليل من الدلة المزعومة التي استعرضناها‪ .‬فقد أقنعتهم الساطير التي قرأوها لمرة‬
‫واحدة يو ما ما في ر كن من جريدة أو مجلة أو ا ستمعوا الي ها من مدر سي الثانوي أو‬
‫رأوهعا فعي المصعادر الخاصعة بفكرة التطور‪ ،‬وبالتالي لم يجدوا ضرورة لسعتيضاح‬
‫ال مر أك ثر أو لل سؤال بش كل أ كبر‪ .‬غ ير أن الحقي قة هي أن كل دل يل من الدلة ال تي‬
‫ساقوها ل تتعدى كونها أدلة فاسدة‪.‬‬
‫و هذا ليس مجرد زعم أو ادعاء‪ ،‬فهو عين الحقيقة فقد استطاع العلماء الذين ينتقدون‬
‫نظرية التطور إثبات هذه الحقائق بالقرائن المادية‪ .‬و سوف نعرض في صفحات قادمة‬
‫عها‪ .‬ويقول عالم الحياء المريكععي جونسععان ويلز‬
‫عة نفسع‬
‫عن هذا الكتاب للحقيقع‬
‫مع‬
‫‪ )Jonathan Wells )4‬و هو أحد السماء المهمة التي تنتقد الداروينية إنه يحفظ عن‬
‫ظ هر قلب كثيرا من مؤيدي التطور إل أ نه يعرف أ ساطير التطور ال تى نتحدث عن ها‬
‫والتي تعتمد كل واحدة منها على معتقدات باطلة يعرفها على أنها " أيقونات التطور" ‪.‬‬
‫واليقونعة هعي اسعم احتعل مكانعا فعي بععض الديان و المعتقدات الباطلة‪ ،‬وتطلق على‬
‫الرموز التعي ُت َذكّرع ب من ينتسعبون‪ .‬أمعا اليقونات التعي اسعتخدمها المرتبطون بنظريعة‬
‫التطور (‪ )5‬التي هي دين إلحادي حتى يحافظوا على استمرار معتقداتهم مثل الشكال‬
‫ال تي ل تتعدى كون ها تزيي فا للعلم و الحقي قة م ثل ر سم "الن سان القرد " و " الخياش يم‬
‫الموجودة في الجنين البشري " بالضافة إلى الشكال التي عرضناها في السابق كلها‬
‫كانت عبارة عن أساطير ل أصل لي منها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ويحصي ويلز في كتابة الذي يحمل عنوان "أيقونات التطور‪ :‬هل هي علم أم أسطورة؟‬
‫لماذا أن معظم ما تعلمناه عن التطور كان خطئا ؟" يحصي عشرة من أيقونات التطور‬
‫متواز ية مع ال ساطير ال تي أح صيناها ه نا‪ ،‬ويتحدث بالتف صيل عن أ سباب ف ساد هذه‬
‫الساطير وعدم صحتها‪.‬‬
‫كل هذه ال ساطير في وضع المنهار اليوم‪ .‬و ل يوجد أيضا لدى أنصار فكرة التطور‬
‫أي دليعل جديعد يمكعن أن يعرضوه بديل ععن هذه السعاطير‪ .‬و معع هذه السعباب فان‬
‫الداروينية هي نظرية قديمة فاسدة‪ ،‬وهي تبدو مقنعة بالنسبة إلى بعض الشخاص "في‬
‫الزم نة المنقض ية "‪ ،‬و في م ستوى عل مي غ ير كاف ساد القرن التا سع ع شر‪ ،‬إل أن‬
‫ذلك القناع الذي بدت عليه قد أُسقط تماما في القرن الواحد و العشرين‪.‬‬
‫فل تعارض على الطلق بين الدين و العلم‪.‬‬
‫سوف نتناول بالبحث في الصفحات القادمة أساطير الداروينية المنهارة‪ ،‬إل أنه‬
‫ي جب علي نا ق بل هذا أن نفنّ د الدا فع الذي ير بط الكث ير من مؤيدي فكرة التطور بهذه‬
‫النظرية‪.‬‬
‫وهذا الدافعع هعو القالب المزيعف الذي يطلق عليعه اسعم "الصعدام بيعن الديعن و‬
‫العلم"‪ .‬و خارج هذه الحقيقعة يزععم المدافعون ععن هذا القالب أن نظريعة التطور قعد‬
‫أصبحت حقيقة لها ما يؤيدها من القرائن و الدلة العلمية التي يسلم بها "رجال العلم"‬
‫بقناععة مشتركعة‪ .‬و هعم يزعمون أن حقيقعة الخلق هعي ضرورة للعتقاد فقعط‪ ،‬وهعي‬
‫تختلف عن العلم‪ .‬غ ير أن هذه الدعاءات بعيدة كل الب عد عن الحقي قة‪ .‬و كمثال على‬
‫ذلك يمكن أن نعرض المناقشة التي تمت في موضوع ضرورة تدريس نظرية التطور‬
‫في المدارس في الوليات المتحدة المريكية‪ .‬فعلى الرغم من أن هذه المناقشة قد تمت‬
‫على م ستوى علمي تماما‪ ،‬إل أ نه وُجد من يحاول أن يظهره بش كل "عدم التوا فق ب ين‬
‫الكنيسعة و رجال العلم "‪ .‬و فعي تركيعا أيضعا عندمعا نتأمعل فعي الخبار التعي تتناقلهعا‬
‫وسعائل العلم فعي هذا الموضوع‪ ،‬أو عندمعا ننظعر إلى المقالت الخاصعة بهذا‬
‫الموضوع و التي يكتبها ال ُكتّاب في الجرائد نرى أنهم جميعا قد استخدموا نفس القالب‬
‫السطحي الخاطئ‪.‬‬
‫و هذا القالب خاطىء تماما للسباب التي سوقها فيما يلي‪:‬‬
‫في البدا ية ي تم الدفاع عن الخلق بالدلة العلم ية‪ .‬إن نقاش الخلق ‪ -‬التطور الدائر في‬
‫العالم اليوم لم يكعن بيعن " الكنيسعة و رجال العلم " و إنمعا هعو يجري بيعن رجال العلم‬

‫‪9‬‬
‫الذيعن يرون عدم صعلحية نظريعة التطور و رجال العلم الذيعن يصعرون على تأييعد‬
‫النظريعة نفسعها‪ .‬إن كعل الدلئل العلميعة الموجودة تقعف ضعد التطور‪ .‬و بفضعل هذه‬
‫الدلئل و القرائن تعرضعت نظريعة التطور للسعقوط فعي الوليات المتحدة المريكيعة‬
‫اعتبارا من الن صف الثا نى من الت سعينات‪ ،‬بل و اتخذت عدد من الوليات هناك م ثل‬
‫كنساس و جورجيا و أوهايو القرار بضرورة تدريس هذه القرائن التي تشير إلى عدم‬
‫صلوحية تدريس نظرية التطور في مدار سها‪ .‬ويوجد في الوليات المتحدة المريك ية‬
‫معار ضة قو ية إلى حد ما لنظر ية التطور‪ .‬و جم يع أعضاء هذه الحر كة من رجال‬
‫العلم الذ ين ل هم ر صيد مه ني في أ كبر جامعات الوليات المتحدة المريك ية‪ .‬ح تى إن‬
‫البروفيسعور كينيون – وهعو كان واحدا معن أشهعر المدافعيعن ععن نظريعة التطور‬
‫بأطروح ته ال تي قدم ها في ال سبعينات في ما يتعلق بأ صل الحياة و التطور الكيميائي ‪-‬‬
‫تحول هو أي ضا إلى وا حد من ممثلي الحر كة المضادة لنظر ية التطور‪ ،‬و تحدث عن‬
‫أن أصل الحياة ل يمكن أن يفسر بالتطور و إنما بالخلق‪.‬‬

‫المذهب العتقادي الذي ورثته الداروينية عن أبيقور‬


‫يحكي بنجامين ولكر و هو مدرس العلوم و التكنولوجيا في جامعة فران سيسكان‬
‫في كتابه الذي يحمل اسم ‪Moral Darwinism: How We Become Hedonists‬‬
‫? ( الداروينيعة الخلقيعة‪ :‬لماذا تحولنعا إلى أشخاص منغمسعين فعي الملذات الحسعية‬
‫الماد ية؟ ) يح كي بالتف صيل ك يف أن المفكر ين المادي ين من المؤيد ين لنظر ية التطور‬
‫الداروينيعة فعي اليونان القديمعة و رومعا قعد أصعبحوا نسعخة معدلة لفلسعفة أبيقور و‬
‫لوكريتيوس‪ .‬و قد تحدث هذان المفكران عما جاء به داروين فيما بعد من حيث‪:‬‬
‫‪)1‬أن الطبيعة "هي ذلك النظام الذي يعمل من تلقاء نفسه"‪.‬‬
‫‪)2‬أن ما بين الكائنات الحية من منافسات و معارك حياتية إنما يحدثه التطور‬
‫الذي يتم بدوره بواسطة الصطفاء أو الختيار الطبيعي الفطري‪.‬‬
‫‪)3‬و كتبا بالتفصيل في معرض حديثيهما عن الطبيعة و الكائنات الحية عن‬
‫الفكار البعيدة عن الحقي قة م ثل عدم إعطاء تف سير غائي للشياء ( أي أل‬
‫تتوصعل إلى تفسعير لشيعء معا بواسعطة الفكعر الغائي الذي يقول بأن كعل‬
‫شيء في الطبيعة مقصود منه تحقيق غاية معينة)‪.‬‬
‫أما ما يلفت النتباه حقا‪ ،‬هو أن هذه الراء لم تكن مستندة على أساس علمي‪ .‬فلم يقم‬

‫‪10‬‬
‫ل أبيقور و ل لوكريتيوس بتجارب و ل ملحظات علمية‪ ،‬و كان كل ما قاموا به هو‬
‫أنهم وجّهوا المر كله بشكل يتوافق و رغباتهم هم فقط‪ .‬بل و الكثر من ذلك أن نشأة‬
‫هذا المنطق كان غريبا للغاية‪ .‬فقد أوضح أبيقور أنه ل يريد أن يقبل بفكرة وجود إله‬
‫و أن هذه الحقي قة تقترن بالعتقاد بوجود آخرة‪ ،‬لهذا ف هو يش عر بأ نه مق يد و محا صر‪.‬‬
‫وأوضح أنه طوّر فلسفته كلها حتى يتخلص من هذا الموقف الذي ل يرغب في التسليم‬
‫بعه‪ .‬أو بقول آخعر إن أبيقور اختار لنفسعه المذهعب اللحادي لنعه هعو الذي سعيحقق‬
‫الراحة النفسية له‪ .‬و اندفع بعد ذلك لتكوين وجهة نظر دنيوية تستند في الساس على‬
‫اختياره هذا أيضا‪ .‬و مع هذا ع مل على إيجاد تف سير إلحادي ل ي مت إلى الد ين ب صلة‬
‫لمواض يع م ثل النظام الموجود في الكون و أ صل الكائنات الح ية‪ ،‬و انطل قا من هذا‬
‫الهدف تبنى الفكار الرئيسية للتطور‪.‬‬
‫ويعلق بنجاميعن ولكعر الذي شرح بشكعل مفصعل العلقعة بيعن أبيقور و دارويعن التعي‬
‫تناولناها نحن بشكل مقتضب‪:‬‬
‫أن الدارويني الول لم يكن داروين بل كان أبيقور ذلك اليوناني صاحب السمعة السيئة‬
‫الذي ولد في عام ‪ 341‬قبل الميلد في جزيرة صاموص‪ .‬فهو من أقام السس الفلسفية‬
‫للدارون ية ل نه هو من أقام علم الكونيات (الكوزمولوج يا) المادي اللحادي البع يد عن‬
‫الد ين‪ .‬و وف قا لعلم الكونيات هذا‪ ،‬فإن التأث ير و التأ ثر العشوائي للمواد الجامدة ال تي ل‬
‫حياة في ها لم يكوّن الرض ف قط بل ت سبب أي ضا في وجود كل ما علي ها من أشكال‬
‫الحياة ال تي ل ت عد و تح صي‪ ،‬و كان ذلك نتي جة ل سلسلة من الحوادث ال تي جرت عن‬
‫طر يق الم صادفة في الز من البدي غ ير المتنا هي‪ .‬لم ي ستند أبيقور إلى أي دل يل أو‬
‫قري نة و هو ي صيغ علم الكونيات‪ ،‬بل صاغه معتمدا على فكرة تجر يد العالم من فكرة‬
‫الخالق‪...‬‬
‫إن النفور الذي شعر به أبيقور نحو الدين ربطه بالحديث‪ ،‬لن الداروينيين العصريين‬
‫هم ورثة أبيقور أيضا‪ .‬و في نهاية طريق طويل و متعرج تحول أحد الشكال المعدّلة‬
‫للماد ية البيقور ية ال ساس الذي قا مت عل يه الماد ية العلم ية في يوم نا الحا ضر‪ .‬فكان‬
‫علم الكونيات الذي افتر ضه دارو ين في أ صل النواع و شكلت ح تى يوم نا الحا ضر‬
‫الساس الفكري لولئك الذين يغفلون التصاميم الموجودة في الطبيعة‪)6(.‬‬
‫وليعس منطلق الدفاع بإصعرار ععن نظريعة التطور فعي يومنعا الحالي بسعبب أنهعم‬
‫"متحيز ين للعلم" و إن ما كون هم "متحيز ين للمذ هب اللحادي"‪ .‬أ ما ارتباط هم بالمذ هب‬

‫‪11‬‬
‫اللحادي فينبع كما هو الحال عن أبيقور‪ ،‬و هم أصحاب الفكرة الصليين في موضوع‬
‫الصدام بين التسليم بوجود ال و بين ميولهم النانية‪.‬‬
‫ويجب أن نوضح هنا أن ال سبحانه وتعالى قد بين في القرآن الكريم موقف المنكرين‬
‫و الملحد ين‪ ،‬فال ية ر قم ‪ 14‬من سورة الن مل تو ضح مو قف هؤلء الشخاص تماما‬
‫"وجحدوا بهـا و اسـتيقنتها أنفسـهم ظلما و عُلُوا فان ظر كيـف كان عاقبـة المفسـدين"‬
‫(النمل‪ .)14 :‬و في آية أخرى "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلً"‬
‫(الفرقان‪.)43:‬‬
‫وتدخعل الجماععة البيقوريعة – الداروينيعة التعى تنكعر وجود ال تعالى ضمعن أولئك‬
‫الشخاص الذين تحدثت عنهم الية و عرّفت بهم‪ .‬والسبب في ذلك أن اعتبار النقاش‬
‫حول التطور والخلق "صدام بين العلم و الدين" خديعة كبيرة‪.‬‬
‫إن الخلق و التطور فيعه توضيعح و تفسعير لصعل الكون والكائنات الحيعة‪ ،‬وهمعا‬
‫موجودان منذ عصور التاريخ السحيقة‪ .‬إل أنه يجب النظر إلى الستنتاجات العلمية‬
‫والطلع علي ها ح تى نتم كن من ف هم أي من هذ ين التف سيرين صحيح من الناح ية‬
‫العلم ية‪ .‬و قد اثب تت جم يع ال ستنتاجات العلم ية سواء ال تي سقناها في هذا الكتاب أو‬
‫تلك الموجودة في كتب نا الخرى خ طأ نظر ية التطور‪ ،‬أ ما حقي قة الخلق فأ نا أؤ كد مرة‬
‫أخرى على أنها صحيحة‪.‬‬

‫الخطأ الذي أُضطر معه العلم إلى أن يكون إلحاديا‬


‫ل توجعد ضرورة لعلم إلحادي‪ ،‬أي العتقاد فعي أن الكون هعو المادة فقعط ول يوجعد‬
‫عل‬
‫عو يقبع‬
‫عتنتاجات‪ ،‬وهع‬
‫عي السع‬
‫عث فع‬
‫شعور أو إدراك خلف هذه المادة‪ .‬إن العلم يبحع‬
‫بالستنتاجات القاطعة و الصحيحة تماما مهما كان المكان الذي سيقودنا إليه‪.‬‬
‫و تشير و بوضوح فروع العلم المختلفة اليوم مثل الفيزياء الفلكية و الفيزياء و الحياء‬
‫أن التفسير الذي يتم في الكون و الطبيعة عن طريق المصادفة هي عبارة عن نماذج‬
‫مسعتحيلة للخلق‪ ،‬و تعبرهن الدلة على وجود خالق‪ .‬و هذا الخالق هعو ال الذي خلق‬
‫السماوات و الرض و كل شيء بينهما سواء أكان من الحياء أو من الجمادات‪ ،‬وهو‬
‫وحدة صاحب القوة و العقل البديين‪.‬‬
‫أما العتقاد الذي ل يوجد دليل يبرهن على صحته فهو المذهب اللحادي‪.‬‬
‫أ ما الدارون ية ال تي تع تبر أ هم دعا مة للمذ هب اللحادي ف قد أ صبحت في ح كم المنهار‬

‫‪12‬‬
‫كما سنوضح في الصفحات التالية‪.‬‬
‫العتقاد قديما بأن الحياة بسيطة و غير معقدة‬
‫الدارون ية هي ز عم يرى أن كل أنواع الحياة الموجودة على سطح الرض قد تكو نت‬
‫نتيجعة للمصعادفة وحدهعا دون أن يكون ذلك مخططعا له أو أن يكون هناك هدف معن‬
‫وراء ذلك‪ .‬و يح تل ظهور أول كائن حي دا خل المادة الجامدة مكا نه في الحل قة الولى‬
‫من هذا الزعم‪ .‬و يجب الشارة إلى أنه سيصبح ممكنا أن يتشكل هذا الكائن الول من‬
‫المادة الجامدة عن طر يق الم صادفة‪ ،‬بل ث مة نقاش حول هل ستصبح "وتيرة التطور"‬
‫طبيعية أم ستكون عكس ذلك‪.‬‬
‫حسنا إذن ماذا سيظهر لو أننا قسنا الحلقة الولى تلك بالمعطيات العلمية؟ أي هل من‬
‫الممكن أن يخرج كائن حي من داخل المادة الجامدة بفضل هذه المصادفات؟‬
‫ف قد كان يُعت قد قديما أن الملح ظة و التجارب قد أجا بت بش كل إيجا بي على ال سؤال‬
‫الوارد سابقا‪ ،‬أي أنهم كانوا يعتقدون أن الكائنات الح ية يم كن أن تنشأ من تلقاء نف سها‬
‫من دخل المواد الجامدة‪ ،‬لن "الملحظات و التجارب" التي نتحدث عنها بدائية للغاية‪.‬‬
‫و قعد كان المصعريون القدماء أول معن قام بهذه الملحظات و تلك التجارب‪ .‬فقعد كان‬
‫هذا الشعب الذي عاش حول نهر النيل يظن أن الضفادع التي يزداد عددها حول النيل‬
‫فعي موسعم المطعر و الفيضان قعد ظهرت معن الطيعن و بتأثيعر معن النيعل‪ .‬ولم تكعن‬
‫الضفادع وحدها فقد كانوا يعتقدون أيضا أن الخراطين "دود الرض" و الفئران تظهر‬
‫أيضعل معن الطيعن على ضفتعي النهعر الذي يفيعض معع اندفاع المياه‪ .‬إن "الملحظات"‬
‫السطحية التي قاموا بها هي التي جرتهم إلى اعتقاد باطل كهذا‪.‬‬
‫ولم يكن هذا في مصر القديمة فقط‪ ،‬فقد انتشر في كثير جدا من المجتمعات الوثنية في‬
‫الع صور القدي مة ذلك العتقاد لذي يمكن أن يتخطى ب سهولة الحد الموجود ب ين الكائن‬
‫الحي و الجمادات ‪ .‬فترى الفلسفة الهندوسية‪ ،‬أن الكون كان قد تكون من مادة ضخمة‬
‫م ستديرة يطلق علي ها ا سم "براق ري تي"‪ ،‬و أن كل الكائنات الح ية و الجمادات نشأت‬
‫معن تلك المادة الولى و تطورت عنهعا و أنهعا آخذة فعي التحول مرة أخرى إلى براق‬
‫ريتععي‪ .‬وفععي قصععيدة له حملت عنوان "الطبيعععة" كتععب أناكسععيمنديريس (‬
‫‪ - )Anaksimenderes‬أ حد تلمذة طال يس الفيل سوف اليونا ني القد يم‪ -‬أن الحيوانات‬
‫قد جاءت إلى الوجود من الصلصال الذي تبخر بفعل أشعة الشمس‪.‬‬
‫من هنا يتضح أن ال ساس في كل هذه العتقادات الباطلة قد اعتمد على بنية بسيطة‬

‫‪13‬‬
‫بدائيعة للحياة‪ .‬وقعد حمعت أوروبعا التعي ولد بهعا العلم الحديعث هذه العتقادات لفترة‬
‫طويلة‪ .‬لقد بدأ العلم الحديث يأخذ طريقة نحو التطور ابتدا ًء من القرن السادس عشر‪،‬‬
‫إل أ نه ونظرا لعدم وجود المكانيات الكاف ية لدى رجال العلم في ذلك الو قت من أ جل‬
‫دراسة تفاصيل الحياة و دراسة الجزيئات التي ل تُرى بالعين المجردة ظل بعض منهم‬
‫طيلة ثلثة قرون على القل مقتنع ببدائية الحياة‪ .‬وقد اعتمدت قناعتهم تلك على بعض‬
‫التجارب و الملحظات السعطحية‪ .‬ومثال على ذلك التجربعة التعي قام بهعا الكيميائي‬
‫البلجي كي جان بابتي ستا فون هيلمو نت – ‪Jan Baptista Von Helmont ) 1580‬‬
‫‪ ) 1644‬عندما قام بنثر بعض من حبوب القمح على قميص متسخ‪ ،‬وعندما شاهد بعد‬
‫مدة انتظار محددة وجود الفئران حوله ظعن أن الفئران فعد نشأت و تكونعت نتيجعة‬
‫الختلط و التمازج بين القميص و القمح‪ .‬وهناك تجربة أخرى مشابهة قام بها العالم‬
‫اللمانى ‪ .) Athanasius Kircher ) 1680 – 1601‬فقد صب العسل على الذباب‬
‫الم يت‪ ،‬و ب عد مدة من النتظار ل حظ وجود ذباب يط ير فوق الع سل‪ ،‬ف ظن أن الذباب‬
‫الم يت متحدا مع الع سل أن تج الذباب ال حي‪ .‬ال أن العلماء الك ثر وع يا كانوا يتمكنون‬
‫معن إدراك خطعأ كعل واحدة معن تلك التجارب‪ .‬فقام العالم اليطالي فرانسعيسكو ريدي‬
‫( ‪ )1626 – 1697‬لول مرة بتجربعة أكثعر إحكاما فعي هذا الموضوع‪ .‬فأوضعح‬
‫م ستعينا بطري قة العزل أن الديدان الموجودة في اللحوم لم تتكون من تلقاء نف سها ك ما‬
‫أن مجيء الذباب يكون بخروجه من اليرقات التي يضعها‪ .‬و أوضح أن الكائنات الحية‬
‫ل يم كن أن تأ تي من الجمادات مداف عا عن إمكان ية انحدار الكائنات الح ية من كائنات‬
‫حيعة أخرى‪ .‬وعُرفعت آراؤه تلك بعع"نظريعة النشوء الحيائي " ‪ .biogenez‬أمعا‬
‫وجهة النظر التي تقول بأن الكائنات الحية يمكن أن تتكون من تلقاء نفسها فقد عرفت‬
‫باسم "نظرية التولّد التلقائي " ‪ .abiogenez‬و قد واصل اثنان من رجال العلم في‬
‫القرن الثا من ع شر ه ما جون نييدهام ‪ ) John Needham ) 1781 – 1713‬و‬
‫لظّارو سبالسنزاني ‪ )Lazzaro Spallanzani )1799 – 1729‬ا ستمرّا في‬
‫المناق شة العلم ية ب ين مؤيدي "نظر ية النشوء الحيائي" ومؤيدي "نظر ية التولّد التلقائي‬
‫أو الذاتي"‪ .‬فقام كل منهما بعزل قطعة من اللحم بعد غليها‪ .‬و لحظ نييدهام أن الديدان‬
‫قد تكو نت مرة أخرى في الل حم فعدّ ذلك دليل على صحة نظر ية التولّد الذا تي‪ .‬أ ما‬
‫سبالسنزانى فقام هو الخر بتكرار التجربة نفسها‪ ،‬إل أنه قام بغلي اللحم مدة أطول‪.‬‬
‫وبذلك يكون قعد قتعل كافعة الصعور و الشكال العضويعة الموجودة فيهعا‪ .‬و وجعد فعي‬

‫‪14‬‬
‫النهاية أن اللحم قد دوّد ( أصبح به دود)‪ .‬و بذلك يكون سبالسنزاني قد نجح في إثبات‬
‫عدم صحة نظرية التولّد الذاتى‪ .‬إل أن رأيه هذا قوبل بالرفض مرة أخرى ولم يصدقه‬
‫كثير من الناس‪ .‬و قالوا إن سبالسنزاني "قام بغلي اللحم بشكل مبالغ فيه‪ ،‬ومن ثم قتل‬
‫طاقة الحياة الموجودة داخله"‪.‬‬
‫وبين ما يع مل تشارلز دارو ين على تطو ير نظري ته‪ ،‬كان موضوع أ صل الحياة يشو به‬
‫الغموض بسععبب مناقشات كتلك‪ .‬وكان هناك كثيععر ممععن يعتقدون أن البكتريععا‬
‫والميكروبات الخرى و إن لم ت ُر بالعيعن المجردة مثعل الديدان تتكون و تُشتعق معن‬
‫المواد الجامدة‪ .‬و فعي عام ‪ 1860‬جاء عالم الحياء الفرنسعي الشهيعر لويعس باسعتور‬
‫‪ Louis Pasteur‬و فند بتجاربه ادعاءات نظرية التولد الذاتي التي استمرت لعصور‪.‬‬
‫ومعع ذلك ظلت الفكار الخاصعة بنظريعة التولد الذاتعي راسعخة فعي أذهان كثيعر معن‬
‫الناس‪ .‬لهذا السعبب قلمعا فكعر دارويعن فعي موضوع الكيفيعة التعي ظهرت بهعا الخليعة‬
‫ي ت صريح بخ صوص موضوع أ صل الترك الذي نُ شر عام ‪.1859‬‬
‫الولى‪ .‬ولم ي بد أ ّ‬
‫كمعا أنعه لم يمعل إلى هذه المسعألة حتعى بععد أن أظهرت تجارب باسعتور أن هذا‬
‫الموضوع أصعبح يمثعل مشكلةً كعبيرة بالنسعبة للدارونيعة‪ .‬فقعد كان التفسعير الوحيعد‬
‫المعروف بخصوص أ صل الحياة في اتجاه أن ها يم كن أن تكون قد تكو نت " في بحيرة‬
‫صغيرة حارة"‪ .‬و في خطاب كت به إلى جوز يف هو كر في عام ‪ 1871‬تحدث دارو ين‬
‫قائلً‪:‬‬
‫”بصفة عامة يُقال إن الظروف الملئمة لنتاج أول كتلة عضوية للكائن الحي يجب أن‬
‫تكون متواجدة في كل وقت‪ .‬ولكن لو أنها تكونت كيميائيا بالتحاد بين بروتينات في‬
‫بحيرة صغيرة حارة ‪ /‬ساخنة يو جد ب ها الضوء و الحرارة و الكهرباء‪...‬الخ و يو جد‬
‫بهعا أيضا الغبار الفسعفوري و ملح النشادر‪ ،‬و لو أصعبحت جاهزةً كعي تمعر بتغيّرات‬
‫أخرى معقدة لكانت هذه المادة قد امتصت في يومنا الحاضر‪ ،‬و لكن من المستحيل أن‬
‫يوجد وضع كهذا قبل وجود المخلوقات الحية“‪***7.‬‬
‫باخت صار ل قد كان دارو ين يدا فع عن الطرح القائل بأ نه من المم كن في حال وجود‬
‫عل بحيرة حارة أن تتكون‬
‫عا المادة الخام للحياة داخع‬
‫عي يعتبرهع‬
‫عض الكيماويات التع‬
‫بعع‬
‫البروتينات و أن تتزايد أعدادها‪ ،‬و يحدث نوع من التحاد فيما بينها ثم ينتج عن تلك‬
‫العمليات الخلية الحية‪ .‬بل و الكثر من ذلك أنه زعم أن تكوينا كهذا ل يمكن و أن يتم‬
‫تحت شروط الحياة الموجودة في يومنا‪ ،‬و أن امكانية حدوثه كانت قائمةً في العصور‬

‫‪15‬‬
‫القديمة‪.‬‬
‫لقد كان زعم داروين عبارة عن مضاربة ل تعتمد على أيّ أساس علمي‪ .‬غير أن هذه‬
‫المضاربات سعتصبح مصعدر إلهام لنصعار التطور الذيعن سعيأتون بعده‪ ،‬و سعتبتديء‬
‫جهدا يائسا يستمر قرابة قرن‪.‬‬
‫وقد اعتمد هذا الجهد اليائس على خطإ علمي استطاع أن يحمي وجوده طيلة عصور‪.‬‬
‫وبقيت الحياة تفسر على أنها تكوّنت بمحض المصادفة‪...‬‬
‫و مر منذ ذلك الوقت زمن طويل على هذا الجانب و كأنه قرن‪.‬‬
‫بذل آلف العلماء جهدهعم حتعى يأتوا بتفسعير لصعل الحياة يتوافعق و نظريعة التطور‪.‬‬
‫وكان ألك سندر أوبار ين ‪ Alexander Oparin‬و جي‪ .‬بي‪ .‬إس هالدان ‪J. B .‬‬
‫‪ S‬همعا أول معن عبّدع الطريعق لذلك‪ .‬اقترح هذان العالمان اللذان‬ ‫‪Haldane‬‬
‫يشتركان فعي أن كليهمعا ماركسعي الهوى ‪ -‬و إن كان أحدهمعا روسعي و الخعر‬
‫إنجليزي‪ -‬نظريعة عُرفعت فيمعا بععد باسعم "التطور الكيميائي"‪ .‬وقعد ادعيعا كمعا تخيعل‬
‫دارو ين أن الجزيئات ال تي هي المادة الخام للحياة قد تطورت من تلقاء نف سها بف ضل‬
‫مساهمة الطاقة‪ ،‬وتمكنت من تكوين خلية حية‪.‬‬
‫لقد اكتسبت الطروحة التي قدمها كل من أوبارين و هالدان طابع السرعة في منتصف‬
‫أيع مدى كون الحياة معقدة‪ ،‬كمعا أن‬
‫القرن العشريعن‪ ،‬لنعه لم يكعن معروفا بععد إلى ّ‬
‫التجربعة التعى قام بهعا الكيميائي الشاب سعتانلي ميللر ‪ Stanly Miller‬قعد وفرت‬
‫الدعم العلمي لنموذج "التطور الكيميائي"‪.‬‬

‫تجربة ميللر قديما‬


‫إذا نظرتم إلى المصادر التي تتحدث اليوم عن أصل الحياة اليوم‪ ،‬فهناك احتمال كبير‬
‫أنكعم سعوف ترون أنهعا أشارت إلى "تجربعة ميللر" باعتبارهعا أكعبر دليعل على‬
‫الطروحات التي يدافعون عنها‪ .‬تروي كتب الدراسة المتعلقة بالحياء في عدد كبير‬
‫جدا من الدول للطلب إلى أي مدى كا نت هذه التجر بة بمثا بة ا ستنتاج م هم للغا ية‪،‬‬
‫وك يف أن ها هي ال تي " ف سّرت و أنارت قض ية أ صل الحياة " المزعو مة‪ .‬و قد أُهملت‬
‫تفاصيل التجربة في كثير من الحيان‪ .‬فيتم إهمال ما أسفرت عنه التجربة و إمكانية‬
‫أن تكون هذه النتيجة قد "سلطت الضوء" على مسألة أصل الحياة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وحتى يم كن أن ن سلط الضوء على هذه التجر بة دعو نا أول نل خص باخت صار الحقائق‬
‫التي أفردنا لها مكانا بشكل مفصل في ثنايا دراستنا‪.‬‬
‫قام ستانلي ميللر الطالب في قسم الكيمياء بجامعة شيكاغو تحت إشراف استاذه هارولد‬
‫أوري أي ضا بتجرب ته في عام ‪ ،1953‬ح يث ه يأ خلل ها جوا مكو نا من مز يج من‬
‫ج َد فعي العالم البدائي‪ .‬بععد ذلك قام‬
‫الغازات افترض أنعه أشبعه معا يكون بذلك الذي ُو ِ‬
‫بتوصيل تيار كهربي إلى داخل هذا المزيج لمدة استمرت أسبوعا تقريبا‪ ،‬و في نهاية‬
‫هذه الفترة لحظ أن بعض الحماض المينية – المستخدم منها و غير المستخدم – في‬
‫الكائنات الحية قد تركبت و تمازجت مع بعضها البعض‪.‬‬
‫والواقع أن الحماض المينية هي َل ِبنَات البناء الخاصة بالبروتينات التي تعتبر بدورها‬
‫السس الكثر أهمية التي يحتاج إليها الجسم‪ .‬فتتحد مئات من تلك الحماض المينية‬
‫معع بعضهعا البععض بشكعل مرتعب داخعل الخليعة‪ ،‬وبذلك تتكون البروتينات‪ .‬كمعا أن‬
‫الخليعا تأتعي معن البروتيعن فعي عدة آلف معن النواع المختلفعة‪ .‬أي أن الحماض‬
‫المينية هي أكثر الجزاء صغرا في الكائنات الحية‪.‬‬
‫ولهذا السعبب أيقظعت العمليعة التعي قام بهعا ميللر حماسعا كعبيرا بيعن أنصعار التطور‪.‬‬
‫وولدت " أسطورة تجربة ميللر " التي ستستمر عشرات السنوات‪.‬‬
‫بيد أن هذه السطورة كانت فاشلة وغير صالحة‪.‬‬
‫و قعد بدأت هذه الحقيقعة فعي الظهور بشكعل تدريجعي وببطعء‪ .‬فثبعت أن الجعو فعي‬
‫السعبعينات معن القرن العشريعن لم يكعن يحتوي على غازي الميثان و النشادر‪ ،‬و بدل‬
‫من ذلك كان يتر كز و بش كل رئي سي غازا النيتروج ين و ثا نى أك سيد الكربون‪ .‬و هذا‬
‫ما ج عل سيناريو ميللر أيضا ل يف ضي إلى ش يء لن هذه الغازات ال تي نتحدث عن ها‬
‫لي ست ملئ مة على الطلق لتكوّن الحا مض المي ني‪ .‬و قد لُخ صت هذه الحقي قة في‬
‫مقالة نشرت بتاريخ ‪ 1998‬في مجلة الجيولوجيا على النحو التالي‪:‬‬
‫“اليوم أ صبح ال سيناريو الذي افتر ضه ميللر يوا جه بالشكوك‪ .‬و أ حد أ سباب ذلك كان‬
‫ت سليم علماء الجيولوج يا أن ال جو في المرحلة البدائ ية كان يتكون بش كل رئي سي من‬
‫ثانعى اكسعيد الكربون و النيتروجيعن‪ .‬أمعا هذه الغازات فكانعت نشطعة و فعالة و لكعن‬
‫بش كل ضئ يل أك ثر م ما هو م ستخدم في التجر بة (تجر بة ميللر) ال تي أجريت في عام‬
‫‪****8 .”1953‬‬
‫و قعد تعم إفراد مكان للظروف المتعلقعة بهذا الموضوع أيضا فعي إحدى المقالت التعي‬

‫‪17‬‬
‫نشرت في العام نف سه في مجلة ‪ ،National Geographic‬و هي من المجلت‬
‫الشهيرة المتخصصة‪:‬‬
‫جدَت فيعه الحياة البدائيعة كان‬
‫يعتقعد عدد كعبير جدا معن العلماء اليوم أن الجوّ الذي ُو ِ‬
‫مغايرا لذلك الذي ز عم به ميللر‪ .‬و هم يرون أن الهواء في البيئة البدائ ية كان يتكون‬
‫ثاني أكسيد الكربون بشكل أكبر من الهيدروجين و الميثان و النشادر‪ .‬وكان هذا بمثابة‬
‫الخعبر السعيّء بالنسعبة إلى الكيميائييعن! وقعد كانعت مقاديعر المركبات العضويعة التعي‬
‫حصلوا عليها عندما أدخلوا ثاني أكسيد الكربون والنّيتروجين في التفاعل كانت عديمة‬
‫القيمة‪9 .‬‬
‫يع تبر التّعل يق الذي حواه المقال الذي نشره جون كوه ين ‪ John Cohen‬في مجلة‬
‫العلم في عام ‪ 1995‬بمثابة المفسر لهذا الموضوع أيضا‪ .‬فقد بيّن كوهين أن العلماء‬
‫الذيعن بحثوا فعي أصعل الحياة لم يأخذوا تجربعة ميللر بعيعن العتبار‪ ،‬ولخّص السعّبب‬
‫ن الغلف الجوي أو الهواء في الحياة المبكرة لم يكن يتشابه مع‬
‫وراء ذلك كما يلي‪" :‬ل ّ‬
‫ادعاءات ميللر – أوري"‪10 .‬‬
‫و هناك نق طة أخرى أثب تت عدم صلحية تجر بة ميللر أل و هي العلن عن احتواء‬
‫الهواء في المراحل المبكرة من الحياة على كمية وفيرة من غاز الوكسجين‪ .‬كل ذلك‬
‫أد خل سواء تجر بة ميللر أو سيناريوهات الكيميائي ين الخر ين في طر يق م سدود لن‬
‫الوك سجين له خا صية أك سدة كا فة الجزيئات العضو ية‪ .‬وقيام أنظ مة أنزيم ية خا صة‬
‫للغاية موجودة في الجسم بمنع هذا الخطر‪ .‬لذا فإ نّ عدم أكسدة أو عدم احتراق جزيء‬
‫عضوي يتحرك بطل قه في الطبي عة نتي جة اتحاده بالوك سجين هو في حقي قة ال مر‬
‫ضرب من ضروب المستحيل‪.‬‬
‫وعلى الرّغم من كل تلك الحقائق ظل يُشار إلى تجربة ميللر طيلة عشرة سنوات كما‬
‫أوضحنعا فعي السعابق على أنّهعا اكتشاف علمعي مهعم للغايعة فعي تفسعير أصعل الحياة‪.‬‬
‫و ُقدّ مت إلى الطلب في ك تب الحياء الدرا سية على الن حو نف سه‪ .‬و خلل هذا التقد يم‬
‫لتجر بة ميللر كا نت تُختار العبارات ال ُم َوجّ هة م ثل‪ " :‬ل قد أشار ميللر إلى الكيف ية ال تي‬
‫تتألف بها المركبات العضوية مع بعضها البعض" أو " لقد أشار ميللر إلى الكيفية التي‬
‫تكونت بها الخليا الحية الولى"‪.‬‬
‫غرّر بهعم و تعم خداعهعم فعي هذا‬
‫وبذلك يكون هناك عدد كعبير جدا معن المتعلميعن قعد ُ‬
‫الموضوع‪ .‬فعلى سبيل المثال من الممكن أن تصادفنا في بعض المقالت التي تتحدث‬

‫‪18‬‬
‫ععن نظريعة التطور عبارات مثعل "تنشعأ الحياة عندمعا تمتزج المواد العضويعة مثعل‬
‫الحا مض المي ني و البروت ين مع بعض ها الب عض وتغلي‪ ،‬و من ثم تبدأ الحيو ية ويد بّ‬
‫النشاط "‪ .‬و هذا هو واحد من المعتقدات الباطلة التي خلفتها أسطورة تجربة ميللر في‬
‫الذهان‪ .‬والحقيقة هي أن أحدا لم ير في أي وقت من الوقات "أن الحياة تنشأ وتتكون‬
‫عندما تختلط المواد العضوية مثل الحامض الميني و البروتين و تُغلّى معا"‪ .‬فتجربة‬
‫ميللر التي حاولت تفسير الحياة بتكون الحماض المينية هي كما أوضحنا في السابق‬
‫تجر بة قدي مة ل يعترف العلم بأي صلحية ل ها‪ .‬تما ما م ثل "تجارب" جان باتي ستا فون‬
‫هيلمونت أو ‪ Athanasius Kircher‬التي افترضت أن اللحم الذي يوجد به دود يعد‬
‫دليلً على التولد التلقائي‪ .‬و يق يم جيري مي ريف كن ن فس التشا به في كتا به الذي يح مل‬
‫عنوان ”سعقوط دارويعن“ و ترجعم إلى اللغعة التركيعة‪ .‬فلو أن العلماء قعد تحملوا مشقعة‬
‫الحساس بمقدار ضئيل من الشك و الريبة فإنهم كانوا قادرين على أن يروا و يميزوا‬
‫في لمح البصر أن هذه التجربة (تجربة ميللر) ل تتعدى كونها حكاية نظرية تخمينية‪،‬‬
‫تماما مثل ما ف عل رجال العلم في ال سنوات ال سابقة لذلك عند ما زعموا أن الحياة تخرج‬
‫من المادة الجامدة بعد أن لحظوا يرقات الذباب التي خرجت من الزّبالة‪***11 .‬‬
‫و هناك نقطة مهمة للغاية لم يستطع أولئك الذين يعتقدون أن تجربة ميللر هي اكتشاف‬
‫علمعي مهعم‪ :‬وهذه النقطعة هعي أن ميللر قعد قام بتجربتعه مُهيئا شروطعا اصعطناعية‬
‫وضعها هو‪ ،‬أي ليس لها أدنى علقة بالهواء أو الغلف الجوي في تلك الرحلة البدائية‬
‫من الحياة بمعنى أن ظروف التجربة لم تكن صحيحة‪ .‬و الهم من ذلك كله أنه تمكن‬
‫من ترك يب الحا مض المي ني ف قط دون أن يقدم دليل قاطعا على أ نّ تكوّن الحا مض‬
‫الميني يعني تكون الحياة‪.‬‬
‫لو أننا شبّهنا خلية الكائن الحي بمصنع عملق‪ ،‬فإن كل واحد من الحماض المينية‬
‫جرّ " التي يبنى بها " هذا المصنع‪ .‬و هي الكيفية التي تُرتب و تُصمم بها هذه‬
‫لُ‬‫هي ا َ‬
‫الجُ ّر المه مة‪ .‬فلم ت شر أ ية تجر بة أجر يت ح تى الن إلى أن الحماض المين ية تُنظّ م‬
‫عن طريق المصادفة أو من تلقاء نفسها‪ ،‬كما أنها لم تكون بروتينا وظيفيا‪ .‬ولكي توجد‬
‫الحياة فل بدّ من فل بد من أن تتكون شفرات ال ع ‪" DNA‬الحا مض النووي الر يبي‬
‫منقوص الوكسعجين" و كذلك النزيمات التعي تفسعر هذه الشفرات‪ ،‬و يجعب أن يتكون‬
‫أيضا غشاء خل ية نفّاذ (ي سمح بالنفاذ) إلى غ ير ذلك من عمليات أخرى‪ .‬أي أ نه ي جب‬
‫أن تتكون أنظمة معقدة للغاية‪ .‬و لم يُشر في أي وقت من الوقات إلى إمكانية حدوث‬

‫‪19‬‬
‫"تطور كيميائي" م ثل هذا‪ .‬بل و الك ثر من ذلك أن العتقاد في ش يء كهذا هو على‬
‫وجه الدقة اعتقاد بالمستحيل‪ .‬و كان لع"بول دافيس" ‪ - Paul davies‬وهو فيزيائي له‬
‫شهرة عالمية و له كتابات علمية ‪ -‬تعليقه الخاص أيضا بخصوص هذا الموضوع‪:‬‬
‫يعتقد بعض من العلماء أن"الحياة" تتكون من تلقاء نفسها بمجرد إضافة قدر من الطاقة‬
‫جرّ‪،‬‬
‫ف قط‪ .‬و هذا يتشابه بالضبط مع قولنا‪ :‬لنضع ديناميت ت حت كومات من لبنات ال ُ‬
‫ثم لتنف جر هذه الكومات‪ ،‬و جرّاء هذا النفجار سوف يتش كل ب يت! و م ما ل شك ف يه‬
‫أن هذا النفجار لن يسعفر إل ععن وجود حالة معن الفوضعى والتشوّش‪ ،‬و لن يتكون‬
‫البيت بحال من الحوال‪ .‬وتكمن الصعوبة في تفسير أصل الحياة في السؤال‪ :‬كيف‬
‫يم كن أن يُفَ سّر ذلك البناء المن ظم و المع قد الذي تتدا خل ف يه الجزيئات بأن هناك طا قة‬
‫دخلت إل يه عن طر يق الم صادفة‪ .‬و ك يف أ تت الجزيئات المعقدة تعقيدا نوع يا للغا ية‬
‫بنفسها في مكان واحد و بهذا الشكل و ذلك الترتيب الدقيق‪*** 12.‬‬
‫و الواقع أن المثال الذي ساقه باول دافيس يجعل الحل الواقعي الصحيح لقضية أصل‬
‫الحياة يكمعن فعي داخعل القضيعة نفسعها‪ .‬فلو كان هناك منزل فعي مكان معا‪ ،‬فهعل معن‬
‫المنط قي أن نفترض أن هذا المنزل قد تكون "نتي جة تفج ير اللبنات ال تي يب ني ب ها هذا‬
‫المنزل بالديناميت"‪ ،‬وهل من الممكن أيضا أن نختلق نظريات عن موضوع كهذا؟ أم‬
‫أن المنطقي بالفعل هو أن نقبل بأن هذا المنزل لم يتكون نتيجة انفجار الديناميت‪ ،‬وإنما‬
‫جاء نتيج ًة لترتيب و بناء هندسي متقن؟ أعتقد أن الجابة واضحة للغاية‪.‬‬
‫َحع فعي العشريعن سعن ًة الخيرة‪ ،‬وبشكعل أكثعر تفصعيل‬
‫وسعبب هذا أيضعا أنعه قعد َوض َ‬
‫التعقيدات الموجودة فعي موضوع الحياة هذا‪ ،‬معن أجعل هذا هجعر العلماء خرافعة‬
‫"التطور الكيميائي" و بدأوا يبحثون عن جوابٍ جديد شافٍ لموضوع أصل الحياة‪ :‬وهذا‬
‫الجواب هو حقيقة الخلق‪.‬‬

‫إن المنشعأ الهعم الذي يمكعن أن يكون سعببا لدراك واضعح لحقيقعة الخلق هعو ذلك‬
‫التعق يد الذي لم ي كن ل حد ح تى أن يتخيله في ز من دارو ين‪ .‬يتحدث البروفي سور في‬
‫الكيمياء الحيو ية ميش يل‪ .‬جي بي هي ‪ Michael J. Behe‬من جام عة ‪ Lehigh‬في‬
‫كتابه "صندوق داروين السود" الذي نشر في عام ‪ 1996‬عن كشف التعقيد الموجود‬
‫في الحياة و النشوء بقوله‪:‬‬

‫“يعمعل علم الكيمياء الحيويعة معن منتصعف عام ‪ 1950‬على إيصعال كافعة العمال‬

‫‪20‬‬
‫الخاصة بالحياة على مستوى الجزيئات إلى مرحلة الوضوح و إزالة الغموض‪ .‬لم يكن‬
‫العلم ‪ -‬مع در جة التطور ال تي وصل إليها في القرن التا سع عشر – ليكت شف أنظ مة‬
‫عمل أجهزة الجسم المختلفة مثل جهاز البصار و جهاز المناعة أو آليات الحركة‪ .‬أما‬
‫علم الكيمياء الحيوية الحديث فقد فتح الطريق لتحديد الجزيئات التي تؤدي هذه الوظيفة‬
‫و ما شابهها من وظائف أخرى‪ .‬بيد أن هذا النتظار قد تلشي تماما‪ .‬فقد تمكن العلم‬
‫من إثبات أن عميلة الرؤ ية و آليات الحر كة و الوظائف الحيائ ية الخرى أ قل تعقيدا‬
‫معن الكاميرات التلفزيونيعة و السعيارة‪ .‬وقعد بذلت محاولت كعبيرة إلى حعد معا كان‬
‫الغرض من ها محاولة ف هم الكيف ية ال تي تشكلت ب ها كيمياء الحياة‪ .‬إل أن النظام الدق يق‬
‫والحساس على مستوى الجزيئات في الجهزة الحيائية و ما بها من تعقيدات أصاب‬
‫العلم فيما يخص بموضوع تفسير أصلها بحالة من الشلل‪ ...‬لقد زعم كثير من رجال‬
‫العلم معتمد ين على ثقت هم في أنف سهم أن التفسير في أيدي هم‪ .‬أو قالوا إنهم سيتوصلون‬
‫في القر يب العا جل إلى هذه التف سيرات‪ ،‬إل أن هم لم يتمكنوا من إيجاد دل يل وا حد ف قط‬
‫يدعمهم في المدونات العلمية المتخصصة‪ .‬و الهم من هذا‪ ،‬أنه تبين عندما تم بحث‬
‫البناء الخاص بالجهزة أ نه ل يم كن تف سير آليات الحياة و فق ما ورد في افتراضات‬
‫داروين على الطلق“‪****** 13.‬‬
‫حسنا إذن ما هي الشياء المعقدة إلى هذا الحد و التي توجد داخل الخلية؟ يلخص بيهي‬
‫الجابة عن هذا السؤال كما يلي‪:‬‬
‫“تو صل العلم في الفترة الق صيرة ب عد عام ‪ 1950‬إلى نق طة يم كن عن طريق ها تحد يد‬
‫خصعائص و اشكال جزء معن الجزيئات فعي الكائنات الحيعة‪ .‬و نتيجعة لبحاث طويلة‬
‫اكتشفت بالتدريج البنية الحيائية الخاصة في الجزيء‪ ،‬و تم كذلك عن طريق عدد ل‬
‫يحصعي معن التجارب التوصعل إلى تفسعير طرق عملهعا وآلياتهعا‪ .‬و أشارت النتائج‬
‫مجتمعة إلى أن الحياة مبنية في الساس على ماكينات‪ .‬و أن هذه الماكينات تتكون هي‬
‫أي ضا من الجزيئات! و تح مل الجزيئات أحمال الماكينات من مكان دا خل الخل ية إلى‬
‫آ خر دا خل الخل ية أيضا‪ ،‬و تح مل من جد يد بوا سطة " الطرق الرئي سية " ال تي ت سببها‬
‫الجزيئات الخرى‪ .‬و في تلك الثناء تتحرك الخرى و تقوم بوظي فة ال سلك و الح بل‬
‫و البكرة حتى يمكن الحتفاظ بشكل واحد للخلية‪ .‬وتقوم الماكينات بفتح و غلق المفاتيح‬
‫الخا صة بالخل ية‪ ،‬و هي تق تل الخل ية في ب عض الحيان و تت سبب في أحيان أخرى في‬
‫ضمان تطورهعا‪ .‬و تحصعل الماكينات التعي تعمعل بطاقعة الشمعس على طاقعة الفوتون‬

‫‪21‬‬
‫وتقوم بإخفائها داخل المواد الكيميائية‪ .‬و تضمن الماكينات الكهربية عملية مرور التيار‬
‫معن العصعاب‪ .‬و تعمعل الماكينات التعي تقوم بالنتاج على إنشاء ماكينات الجزيئات‬
‫الخرى المثيلة ل ها‪ ،‬و ت سبح الخل ية م ستخدمة الماكينات و تقوم بن سخ نف سها و تتغذى‬
‫بواسطة الماكينات أيضا‪ .‬باختصار إن الماكينات و الجزيئات المعقدة إلى حد ما تتحكم‬
‫في أية عملية خلوية "خاصة بالخلية"‪ .‬و قد تم ضبط تفاصيل الحياة بدقة و في النهاية‬
‫أصبحت ماكينات الحياة على درجة من التعقيد‪**** 14.‬‬
‫ل قد ل فت الفيزيائي ال سرائيلي و عالم الحياء جيرالد سكرودر ‪Gerald Schroeder‬‬
‫النتباه إلى التعقيد الفائق الموجود داخل الخلية‪:‬‬
‫“‪ ...‬تعمل كل خلية موجودة في أجسادكم على تكوين حوالي ‪ 2000‬بروتين في الثانية‬
‫الواحدة‪ .‬و ل مكان للراحة و لو لثان ية واحدة داخل الخل ية‪ .‬و الخليا تقوم بهذا بشكل‬
‫متواضعع لدرجعة أننعا ل نشععر على الطلق بهذا القدر معن النشاط‪ .‬والبروتيعن هعو‬
‫سعلسلة تتكون معن مئات معن الحماض المينيعة فهعو يختار معا يربعو على خمسعمائة‬
‫حا مض أمي ني تتكون من حوالي عشرة ملي ين ذرة‪ ،‬وب عد ذلك يأ تي ب ها جمي عا في‬
‫مكان واحد و يرتبها في سلسل تم اختيارها من قبل‪ ،‬و هو يتحكم في تعرج أو عدم‬
‫تعرج كل سلسلة من هذه السلسل بشكل نوعي‪ ،‬و يقوم بعد ذلك بإرسال كل بروتين‬
‫إلى أما كن محددة بعض ها خارج الخل ية و الب عض ال خر داخل ها و هي الم سئولة عن‬
‫إعطاء الشارة ع ند الحا جة إلى هذا البروت ين الخاص‪ .‬و تتكرر هذه العمل ية في كل‬
‫خلية في كل ثانية‪ .‬إن بدننا هو بحق معجزة حية“‪****** 15 .‬‬
‫و ك ما أو ضح باول داف يس فهذا الز عم القائل بأن هذا البناء المع قد الخارق للعادة هو‬
‫نتاج لل صدفة و لقوان ين الطبي عة يتشا به و إمكان ية إنشاء منزل بو ضع دينام يت ت حت‬
‫اللبنات التعي يصعنع منهعا هذا المنزل‪ .‬لهذا السعبب وقعف الداروينيون عاجزيعن أمام‬
‫تعقيدات الحياة‪ .‬و يتحدث بي هي ايضا عن عدم وجود أي تف سير تطوري يتعلق بأ صل‬
‫الحياة في أي من المنشورات العلمية و يقول‪:‬‬
‫“لو أنكم دققتم في المنشورات العلمية التي تناولت موضوع التطور و ركزتم في خلل‬
‫ذلك على الماكينات الجزيئيعه أي على أصعل الحياة; فلن يقابلكعم إل خوف و صعمت‬
‫يشوبعه الشعك و الريبعة‪ .‬لقعد أصعابت تعقيدات الحياة المحاولت العلميعة التعي اجريعت‬
‫لحساب ذلك بحالة من الشلل‪ ،‬و شكلت الماكينات الجزيئية عائقا أمام داروين ل يمكن‬
‫اجتيازه“‪*** 16 .‬‬

‫‪22‬‬
‫خلصعة القول أن أصعل الحياة أصعبح واحدا معن الحقائق المهمعة التعي أودت بنظريعة‬
‫التطور إلى النهيار‪ .‬حسعنا إذن لماذا يصعر أنصعار نظريعة التطور على الدفاع ععن‬
‫نظرية داروين حتى الن؟‬
‫و فعي اعتراف له تحدث هارولد أوري ‪ Harold Urey‬و هعو أحعد معماريّ تجربعة‬
‫ميللر على النحو التالي‪:‬‬
‫“ك نا ن حن من ب حث في موضوع أ صل الحياة‪ ،‬و مه ما بذل نا من ج هد و أجري نا من‬
‫أبحاث فلن نصل إل إلى نتيجة واحدة هي أن الحياة معقد إلى درجة يستحيل معها أن‬
‫تكون قد تطورت في أي مكان‪ ( .‬إل أننا) نؤمن جميعا وبتعبير عقائدي بأن الحياة قد‬
‫تطورت معن مادة ميتعة جامدة موجودة على سعطح كوكعب الرض‪ ...‬إن الحياة معقدة‬
‫إلى درجة يصعب معها علينا أن نتخيل الكيفية التي تطورت بها“‪*** 17 .‬‬
‫ل قد أعلن أوري و بيّ ن أنه و عدد كبير جدا من زملئه "يؤمنون" بأن أصل الحياة قد‬
‫جاء ععن طريعق المصعادفة‪ .‬و الحقيقعة أن هذه النظريعة ل تنطوي على وجهات نظعر‬
‫علمية بقدر اعتمادها على اعتقادات باطلة‪ .‬و يطلق على هذا العتقاد الذي ل يوجد به‬
‫ش يء غ ير المادة ‪ -‬و ي جب أن يأ تي م عه تف سير أي ش يء أيضا بالمؤثرات الماد ية‪-‬‬
‫اسم الفلسفة المادية‪.‬‬
‫وب سبب هذه الفل سفة يو جد من يدا فع عن الدارون ية ‪ -‬ال تي انهارت من وج هة الن ظر‬
‫العلمية ‪ -‬بشكل آلي أعمى‪ .‬و لكن هذا أيضا لن يُكسب النظرية عمرا أطول‪.‬‬

‫العتقاد الذي كان سائدا بأن الحفريات هي الدليل على صحة نظرية التطور‬
‫ظهر علم الحفريات و تطور قبل داروين بكثير‪ .‬و مؤسس هذا العلم أي علم الحفريات‬
‫هو عالم الحيوان الفرنسي بارون جورج كوفْير ‪Paron Georges Cuvier )1769-‬‬
‫‪ .)1832‬فكما تقول موسوعة بريطانيكا فقد كان كوفْيير "هو من أدخل الحفريات للمرة‬
‫الولى إلى تصعنيف حيوانعي‪ ،‬و أشار إلى العلقعة بيعن طبقات الصعخور و بقايعا‬
‫الحفريات‪ .‬كما أشار إلى العلقات الوظيفية و التشريحية بالدراسات و البحاث الخاصة‬
‫بعلم التشريح التي قام بها مع إعادة بناء الحفرية أيضا"‪18 .‬‬
‫أما الخاصية المهمة التي يتميز بها كوفيير فهي وقوفه ضد نظرية التطور التي تحدث‬
‫عن ها لمارك ‪ Lamarck‬في ع صره و ت صريحاته ال تي جاء في ها أن الكائنات الح ية‬
‫خُلقت واحدا واحدا‪ .‬وكان كوفْيير الذي لفت النتباه إلى الخصائص المفصلة والحساسة‬

‫‪23‬‬
‫في علوم تشريح الحيوان كان قد أوضح أن هذه الخصائص لن تسمح بحدوث تغيرات‬
‫قد تتم عن طريق المصادفة‪ .‬و وفقا لذلك " فالنواع كانت متناسقة بشكل كبير سواء‬
‫من ناحية البناء أو من ناحية الوظيفة إلى درجة أنها لم تكن قادرة من البقاء في الحياة‬
‫ع ند التغيرات ال كبيرة‪ ...‬فكان كل نوع قعد خُلق من أ جل هد فه الخاص و من أ جل‬
‫الوظيفة الخاصة به‪**** 19 ".‬‬
‫أ ما تشارلز دارو ين ف قد جاء بتأو يل مختلف للحفريات‪ .‬ف هو يرى أن هناك وتيرة من‬
‫التطور قعد حدثعت على الرض فعي الماضعي اُشتقعت على إثرهعا و تفرععت النواع‬
‫بش كل تدري جي من جد أو سلف وا حد مشترك و أن الحفريات هي الدل يل على ذلك‪.‬‬
‫فجاء دارو ين بذلك التأو يل‪ ،‬و ل كن هذا التأو يل لم ي كن ي ستند في حقي قة ال مر أيضا‬
‫على أي سند عل مي‪ .‬بل و على العكس من ذلك‪ ،‬لم ت كن الحفريات التي تم الح صول‬
‫عليها في زمن داروين تشير إلى وجودٍ لي تطور‪ .‬و كانت توجد بقايا خاصة بأنواع‬
‫مختل فة من الكائنات الح ية ال تي انقر ضت‪ ،‬و لم ت كن هناك أ ية راب طة قرا بة ب ين هذه‬
‫البقا يا بعض ها الب عض م ثل الذي أوج بت نظر ية دارو ين وجوده‪ .‬فأي حفر ية معرو فة‬
‫تتشا به تماما و أي كائن حي معروف‪ ،‬أي أن ل ها ن فس الخ صائص الموجود في هذا‬
‫الكائن ال حي‪ .‬انق سم تار يخ لطبي عة إلى مجموعات مختل فة عن بعض ها الب عض وبين ها‬
‫فروق بنائية كبيرة‪ ،‬و ليس كما هو حال الطبيعة اليوم إلى أنواع متقاربة يشبه بعضها‬
‫بعضا‪.‬‬
‫لهذا ال سبب‪ ،‬لم يتم كن دارو ين من ا ستخدام الحفريات كدل يل على صحة نظري ته‪ .‬بل‬
‫وعلى الع كس‪ ،‬حاول " تأو يل " هذه الم سألة المه مة في كتا به وال تي أ صبحت ح جر‬
‫عثرة في طر يق نظري ته (أي حاول أن يتخلص من تلك الم سألة باح ثا عن الذرائع)‪.‬‬
‫فأفرد مكانعا لهذا الموضوع فعي قسعم معن كتابعه حمعل اسعم " ‪Difficulties On‬‬
‫‪( "Theory‬صععوبات النظريعة)‪ .‬وعمعد إضافعة إلى هذا أيضعا إلى إلحاق جزء آخعر‬
‫لكتا به بعنوان " ‪ ( On the Imperfection Of The Geological Record‬عدم‬
‫كفا ية ال سجلت الجيولوج ية " تناول ف يه موضوع عدم وجود حفريات معرو فة صور‬
‫فاصلة‪.‬‬
‫إل أن مشكلة دارو ين كا نت واض حة للغا ية في كل الجزأ ين‪ .‬إن نظر ية دارو ين تقوم‬
‫في الساس على زعم أن النواع الحية ظهرت نتيجة حدوث تغيرات تدريجية صغيرة‬
‫للغا ية وبعيدة ال جل‪ .‬و لو كان هذا صحيحا‪ ،‬إذن في جب أن تكون هناك صور فا صلة‬

‫‪24‬‬
‫رب طت ب ين كل نوع بال خر وعا شت في فترة معي نة‪ .‬و من المح تم أي ضا أن تو جد‬
‫عة "مرحلة‬
‫عر إلى وجود أيع‬
‫عا‪ .‬و لكعن الحفريات لم تشع‬
‫حفريات تدل على أي آثار لهع‬
‫فاصلة"‪.‬‬
‫وفعي النهايعة اضطعر دارويعن إلى إحالة هذه القضيعة الكعبيرة إلى المسعتقبل‪ .‬كمعا أن‬
‫عنوان الق سم الذي ضم نه كتا به و ح مل عنوان "عدم كفا ية ال سجلت الجيولوج ية" كان‬
‫يشيعر بوضوح إلى هذا‪ .‬فدارويعن يرى أن المشكلة تكمعن فعي عدم كفايعة الحفريات‪.‬‬
‫وكان كلما اكتشفت حفريات جديدة كان ينظر إلى المستقبل الذي سيكتشف فيه حفريات‬
‫تدعم نظريته‪ .‬وقد كتب عن ذلك الموضوع على هذا الشكل‪:‬‬
‫“وكما تحدثت‪ ،‬فهناك سلسلة عضوية تدريجية لم يكشفها علم الجيولوجيا؛ و ربما يكون‬
‫هذا هو أكبر و أوضح اعتراض يمكن أن يدعيه البعض ضد نظريتي‪ .‬و أنا أؤمن بأن‬
‫التفسير الحقيقي يكمن في عدم كفاية السجلت الجيولوجية“‪**** 20 .‬‬
‫ل قد رأى ب عض الناس من التكهنات ال تي جاء ب ها دارو ين أمرا مقنعا‪ .‬و مع ازدياد‬
‫عدد مؤيدي نظريعة دارويعن عملوا على حفعر الرض و بدأوا فعي عمليات البحعث‬
‫والتنقيعب ععن الشكال البينيعة التعي يعتقدون أنهعا "مفقودة" لتوسعيع دائرة ال ُمدَوّنات‬
‫الحفرية‪ .‬و ظهرت بعض الكتشافات العلمية التي ألهبت حماسهم‪ ...‬إل أنه تبين مع‬
‫الزمن أن حماسهم هذا كان عبثا‪.‬‬
‫وكانت حفرية أحد الطيور ‪ -‬وهي لطائر بدائي منقرض شبيه بالزواحف‪ -‬الذي اطلق‬
‫عليه اسم حفرية الطائر البدائي المجنح‪ ،‬هي واحدة من الكتشافات التي أشعلت حماس‬
‫ان صار نظر ية التطور‪ .‬فعلى الر غم من أن هذه الحفر ية ال تى تم الح صول علي ها عام‬
‫‪ 1860‬في مدينة سولنهوفن ‪ ، Solnhofen‬تعود لطائر إل انها حملت بعض الصفات‬
‫الصيلة‪ .‬فوجود أسنان في فمه و أظافر تشبه المخالب في جناحيها و ذيلها الطويل كل‬
‫ذلك جعلها أشبة بالزواحف من الطيور‪ .‬و كانت هذه الحفرية بمثا بة الفرصة التي ل‬
‫تعوض بالنسعبة إلى أنصعار دارويعن‪ .‬فأعلن توماس هوكسعلي ‪Thomas Huxley‬‬
‫المعروف بأنعه أكعبر المدافعيعن ععن دارويعن أن هذه الحفريعة حفريعة الطائر البدائي‬
‫المج نح تعود إلى كائن حي ن صفه طائر و الن صف ال خر من الزوا حف‪ .‬وعلق بأن‬
‫جناحيعة ل يصعلحان للطيران‪ ،‬ولهذا السعبب فهذا الكائن اعتعبر "طائرا بدائيعا"‪ ،‬وحاز‬
‫الكتشاف على رواج كبير ب ين الناس‪ ،‬و ولد أ سطورة حفر ية الطائر البدائي المج نح‬
‫التعي اسعتمرت طيلة القرن العشريعن‪ .‬إل أنعه اتضعح معع الزمعن مدى سعطحية هذه‬

‫‪25‬‬
‫ال سطورة‪ ،‬فهذا الكائن الحي لم ي كن "طائرا بدائ يا"‪ ،‬بل على العكس من ذلك ف قد كان‬
‫هيكله العظمي و ما على جسمه من ريش يؤهلنه بدرجة كبيرة للقدرة على الطيران‪،‬‬
‫كما أن التاريخ يشهد بوجود خصائص و صفات تتشابه و مثيلتها عند الزواحف بل‬
‫و ما زالت توجد اليوم طيور تتشابه و الزواحف‪.‬‬
‫ونتيجعة لهذه الكتشافات التعي تحدثنعا عنهعا سعكنت المضاربات التطوريعة التعى تتعلق‬
‫بحفرية الطائر البدائي المجنح التي كانت ستعد "المرشح الكثر شهرة للشكل الفاصل‬
‫للتطور في كل الزمنة"‪ .‬و كما أوضح البروفيسور في قسم الحياء في جامعة شمال‬
‫كارولينعا و المتخصعص فعي علم الطيور‪" :‬أشار معظعم الباحثيعن الجدد الذيعن تناولوا‬
‫بالبحعث الخصعائص التشريحيعة المختلفعة لحفريعة الطائر البدائي المجنعح إلى أن هذا‬
‫الكائن الحي أشبه ما يكون بشبيه الطائر أكثر مما تخيله البعض فيما سبق"‪ .‬أما لوحة‬
‫"الكائن الحي الذي يشبه نصفه الزواحف" و التي تم رسمها بهذا الخصوص فقد ظهر‬
‫خطأها‪ .‬و يري فيدوسيا ‪ Feduccia‬بالقول‪" :‬لقد بالغوا كثيرا عندما رسموا شبها بين‬
‫حفرية الطائر البدائي المجنح و الديناصور"‪*** 21 .‬‬
‫يُف هم من هذا باخت صار أ نه ل يو جد فرق ب ين حفر ية الطائر البدائي المج نح والطيور‬
‫في يومنا الحالي‪ .‬ويمكننا أن نقول بوضوح إنه ل يوجد أي شكل بيني فاصل في فترة‬
‫القرن و نصعف القرن التعي مرت منعذ دارويعن ييمكعن ان تدخعل فيهعا حفريعة الطائر‬
‫البدائي المجنح‪ .‬و قد تحولت هذه الحقيقة ‪ -‬و خاصة ابتدا ًء من السبعينات ‪ -‬إلى أمر‬
‫مسلم به ل يق بل الجدل‪ ،‬وقبل بها بعض علماء الحفريات الذين كانوا يؤمنون بنظرية‬
‫التطور‪ .‬ويعتعبر سعتيفن جاي جولد ‪ Stehpen Jay Gould‬و نيلز ايلدريدج‬
‫‪ Niles eldredge‬من أش هر علماء الحفريات هؤلء‪ .‬ف قد ذ كر هذا الثنائي الذي‬
‫زععم بوجود نموذج مختلف للتطور تحعت اسعم "التطور الفجائي" بكلّ إصعرار أن‬
‫سجلت الحفريات الخا صة بالدارون ية "فكرة التدرج في التطور" هي ال تي أف سدت ما‬
‫ذهبعا اليعه‪ .‬وكمعا أوضعح جولد و أيلدريدج بالتفصعيل فإن مجموعات الكائنات الحيعة‬
‫تظ هر بش كل فجائي في سجلت الحفريات وب عد ذلك ت ظل دون أن ي صيبها أي تغ ير‬
‫لمئات المليين من السنين"‪***** .‬‬
‫و في كتاب له كت به مع عالم حفريات منا صر للدارون ية آ خر يد عى "لن تاتتر صال"‬
‫‪ Lan Tattersall‬أكد ايلدريدج على النقطة المهمة التالية‪:‬‬
‫“إن مسعألة عدم حدوث أي تغيعر فعي الحفريات المتعلقعة بالنواع المختلفعة طوال فترة‬

‫‪26‬‬
‫وجودها في مدونات الحفرية هي في الواقع حقيقة يعرفها علماء الحفريات حتى ق بل‬
‫انتشار فكرة أ صل النواع الخا صة بدارو ين‪ .‬أ ما دارو ين فيتك هن بأن الجيال القاد مة‬
‫هي ال تي ستكتشف الحفريات الجديدة ال تي ستمل هذه الفراغات‪ ...‬و قد أكدت نتائج‬
‫البحاث التعى أجريعت على الحفريات طيلة العع ‪ 120‬عامعا الماضيعة أن تكهنات‬
‫داروين الخاصة بمدونات الحفريات ل يمكن أن تكون صحيحة‪.‬‬
‫كمعا أن هذا ليعس مشكلة تنبعع معن عدم كفايعة مدونات الحفريات‪ ،‬فمدونات الحفريات‬
‫تشير و بوضوح إلى أن هذه التكهنات خاطئة‪ .‬إن التجربة التي تقول بأن النواع ظلت‬
‫ثابتعة و سعاكنة طوال فترات التاريعخ الطويلة تحوي كافعة الوصعاف والتفاصعيل‬
‫الموجودة في حكاية "الملك العاري"‪ :‬وهذا ما رآه كل فرد و أدركه‪ ،‬و لكنهم فضلوا أن‬
‫يتجاهلوا ما رأوه‪ .‬ل قد أدار علماء الحفريات ‪ -‬الذ ين ظلوا في مواج هة مع ما حمل ته‬
‫لهم حفر ية مشاك سة رفضت و بإصرار اللو حة التي رسمها داروين ‪ -‬وجوههم عن‬
‫هذه الحقيقة“‪**** 22 .‬‬
‫مرةً أخرى أتعت هذه الحقيقعة فعي كتاب لثلثعة معن علماء الحياء حمعل اسعم‬
‫‪ ( Integrated‬المبادئ المتكاملة لعلم‬ ‫‪Principles‬‬ ‫‪Of‬‬ ‫‪Zoology‬‬
‫الحيوان )‪:‬‬
‫ل قد ظلت أنواع كثيرة جدا لملي ين السنين كما هي دون أن يحدث لها أي تغ ير‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك فن يت بش كل فجائي وجاءت بديل عن ها أنواع أخرى مختل فة للغا ية‪ .‬والك ثر من‬
‫ذلك هعو أن كثيرا معن مجموعات الحيوانات ظهرت بشكعل فجائي هعي أيضعا فعي‬
‫مدونات الحفريات‪ ،‬ولم يتمكعن أي شخعص معن ايجاد حفريات يمكعن اعتبارهعا شكل‬
‫لفترة بينية يمكن اعتبارها جدا لهم“‪***** 23 .‬‬
‫ولم تحوّل الكتشافات الجديدة الوضع لصالح الدارونية‪ .‬ويوضح هذا الوضع أيضا توم‬
‫كِ مب ‪ - Tom Kemp‬و هو رئ يس ق سم الحيوان في جام عة أوك سفورد في كتا به‬
‫المنشور فعي عام ‪ 1999‬و الذي حمعل عنوان " الحفريات و التطور " ‪ -‬على النحعو‬
‫التالي‪:‬‬
‫“إن أصعناف الكائنات الحيعة حديثا تظهعر دون أن يكون لهعا مجموععة أجداد معلومعة‪،‬‬
‫ح ّددَة موجودة فعي طبقات الحفريعة فعي كعل‬
‫وعلى اعتبار أن صعفاتها ال ُم َميّزة و ال ُم َ‬
‫الحالت تقريبا“ً‪**** 24 .‬‬
‫وبذلك تحولت مدونات الحفريات التي اُعتبرت قديما كدليل على صحة نظرية داروين‬

‫‪27‬‬
‫إلى دليل ضد نظريته‪ .‬يلخص هذا المر عالم الرياضيات و المناهض لنظرية التطور‬
‫ديف يد بيرلين سكي ‪ David Berlinski‬في جام عة برين سيتون ‪ Princeton‬على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫“م قبرة الحفريات مليئة بالفراغات و التجاو يف‪ .‬و ل يو جد عالم وا حد متخ صص في‬
‫عام الحفريات ينكر هذا لنه حقيقة واضحة للعيان‪ .‬و هذا المر في حد ذاته يتناقض‬
‫مع ما تذهب إليه نظرية داروين“‪***** 25 .‬‬
‫أمعا أكثعر النماذج إثارة للنتباه فعي هذا التناقعض‪ ،‬فكان سعقوط "شجرة الحياة" التعي‬
‫افترضها الداروينيون‪.‬‬

‫العتقاد قديما في وجود "شجرة التطور"***‬


‫لععل أكثعر الضّربات التعي تلقتهعا الدّاروينيعة إيلمعا معن مدونات الحفريات كانعت تلك‬
‫اللوحة التي أظهرتها الحفريات المكتشفة و التي تعود إلى فترة العصر ال َكمْبري‪.‬‬
‫ل قد كان دارو ين على قنا عة تا مة بأن الحياة الموجودة على سطح الرض قد ظهرت‬
‫أول معا ظهرت معن أصعل واحعد‪ ،‬و أخذت بععد ذلك تتفرع تدريجيا إلى فروع تشبعه‬
‫فروع الشجرة‪ .‬و كأن هناك رسعما بيانيعا يعكعس هذه النظرة فعي أصعل النواع‪ .‬ومعع‬
‫الز من تحول مفهوم "شجرة التطور" ال تي ر سخت في الذهان مع هذا الرّ سم البيا ني‬
‫إلى واحدة من أهم أساطير مذهب الداروينية‪ .‬وقد قامت آلف الكتب الدّراسية والكتب‬
‫العلم ية و الجرائد و المجلت بن شر صور مختل فة ل ع"شجرة التطور"‪ .‬ل قد فُرض على‬
‫الناس أن يُصعدقوا الرسعوم البيانيعة الخاصعة بعع"شجرة التطور" والفكعر القائل بأن‬
‫الكائنات الحية خرجت جميعها من أصل واحد ولعبت المصادفة الدور الكبر في هذا‬
‫المر‪.‬‬
‫بيعد أنعّ الحقيقعة جاءت على النّقيعض معن ذلك تماما‪ .‬لقعد تعم إدراك هذه الحقيقعة معع‬
‫اكتشاف "النفجار الكمبري" بأوضح صورة‪ .‬وحتّى نعرف حكاية هذا الكتشاف يجب‬
‫علينا أن نعود إلى بدايات القرن العشر ين وإلى عام ‪ 1909‬على و جه التحد يد‪ .‬ف في‬
‫ذلك العام قام أحعد علماء الحفريّات و يدععى تشارلز د‪ .‬ولكوت بإجراء أبحاث فعي‬
‫منطقة الجبال الصخرية الموجودة في كندا‪ .‬وفي منطقة تسمى بُورجيس باص صادف‬
‫ولكوت طبقات معن الصعخور محميعة بدرجعة كعبيرة للغايعة‪ ،‬أو كمعا يطلقون عليهعا‬
‫بالنجليزيعة اسعم ( ‪ .) shale‬و لحعظ وجود عدد كعبير معن الحفريات فعي مرتفعع‬

‫‪28‬‬
‫منط قة بورج يس‪ ،‬ولم ي كن من ال صعب عل يه معر فة أن ها تعود إلى الع صر الك مبري‪.‬‬
‫ب عد ذلك قام بالهتمام طوال ‪ 4‬سنوات بج مع ما ب ين ‪ 60‬إلى ‪ 80‬ألف حفر ية من‬
‫منطقة ‪ shale‬و دون جميع تفاصيل عمله هذا‪.‬‬
‫وتميزت الحفريات التي قام "ولكوت" بجمعها بخاصية مدهشة للغاية‪ :‬فقد تناول بالبحث‬
‫بقايا الكائنات الحية المتعلقة بكل السللت التي تعيش اليوم‪( .‬العائلة هي أكبر تصنيف‬
‫اُ ستخدم لت صنيف الكائنات الح ية في عالم الحيوان‪ .‬و تنق سم الحيوانات إلى أك ثر من‬
‫‪ 50‬عائلة‪ ،‬و توجعد خطعط جسعدية خاصعة بهذه الشععب أو العائلت جميعا‪ .‬ويمكعن‬
‫اعتبار "قورداتععا" ‪ kordata‬التععى تضععم سععلسلة الفقاريات و "أرتروبودا"‬
‫‪ artropoda‬التعي تضعم كافعة الحشرات‪ ،‬و"موللوصعقا" ‪ molluska‬التعي تضعم‬
‫حيوانات الرّخويات القشرية جميعها من بين ال سّللت و الشعب المألوفة بشكل كبير‬
‫بالنسبة إلينا)‪.‬‬
‫لقد شعر "ولكوت" بدهشة عارمة عندما فهم العائلت التي تنتمي إليها الحفريات التي‬
‫قام بجمعها لن طبقة الحفرية التي وجدها كانت قديمة للغاية‪ ،‬كما أن أحدا لم يصادف‬
‫وجود حياة جديرة بالت سجيل و التدو ين في الطبقات القدم من تلك ال تي وجد ها هو‪.‬‬
‫وقد وجد في هذه الطبقة كائنات حية تعود إلى كل الشعب و العائلت المعروفة بالنسبة‬
‫إلينعا تقريبا‪ .‬و الكثعر معن ذلك أنعه وجدت حفريات تعود إلى عائلت ل نعرف عنهعا‬
‫شيئا على الطلق‪ .‬وكان هذا يشيعر إلى ظهور كعل الخصعائص الجسعمانية الموجودة‬
‫في عالم الحيوان في نفس العصر الجيولوجي‪.‬‬
‫وهذا ما كان يم ثل ضر بة هدّا مة لنظر ية التطور الخا صة بدارو ين لن دارو ين كان‬
‫يزععم أن الكائنات الحيعة قعد تتطور و تنمعو مثعل فروع شجرة تمتعد بشكعل تدريجعي‪.‬‬
‫ووفقا لشجرة التطور التي تصورها داروين يجب أن تكون هناك شعبة أو عائلة واحدة‬
‫على سطح الرض في البداية‪ ،‬و ل بد أن تكون العائلت المختلفة قد ظهرت بالتدريج‬
‫خلل الفترات الزمنية الطويلة التي أعقبت ذلك‪ .‬بيد أن "ولكوت" كان في مواجهة مع‬
‫الدلئل التي تشير إلى ظهور جميع العائلت و السللت في اللحظة نفسها‪ .‬وكان هذا‬
‫يعني أن يتم قلب "شجرة التطور" رأسا على عقب‪.‬‬
‫إل أنعه كان يجعب النتظار لمدة ‪ 70‬عاما أخرى حتعى تظهعر هذه الضربعة الكعبيرة‬
‫الموجهعة إلى النظريعة‪ .‬و السعبب فعي هذا أن "ولكوت" اتخعذ القرار بأن يخفعي نتيجعة‬
‫الدراسعة التعي قام بهعا بدقعة شديدة طوال ‪ 4‬سعنوات بدل معن يعرض الحفريات التعي‬

‫‪29‬‬
‫تناول ها بالب حث على دن يا العلم‪ .‬ل قد كان "ولكوت" يع مل مديرا لمت حف سميثسونيان (‬
‫‪ )Smithsonian‬الشه ير الموجود في واشن طن‪ ،‬وكان داروينيا متحم سا‪ .‬ل ما رأى‬
‫أن الحفريات التعي تناولهعا بالبحعث قعد تمثعل مشكلة كعبيرة بالنسعبة إلة نظريعة التطور‬
‫فضل أن يضع تلك الحفريات في الرشيف بدل من إظهارها و إظهار ما توصل إليه‬
‫بشأنهعا‪ .‬ويرجعع الفضعل فعي ظهور تلك الحفريات إلى النور إلى إعادة تحقيعق وبحعث‬
‫أرشيعف المتحعف فعي عام ‪ .1985‬و يعلق العالم السعرائيلي جيرالد سعكرويدر‬
‫‪ Gerald Schroeder‬على هذا الموضوع قائلً‪:‬‬
‫“لو أراد ولكوت ذلك لجاء بجيعش معن الطلب معن أجعل بحعث الحفريات ودراسعتها‪،‬‬
‫لك نه ف ضل أل يت سبب في إغراق سفينة التطور‪ .‬أ ما اليوم ف قد اكتش فت حفريات تعود‬
‫إلى العصر الكمبري في الصين و أفريقيا و الجزر النجليزية و السويد بالضافة إلى‬
‫جرين لند‪ .‬وصار النفجار (الذي حدث في العصر الكمبري) قضية مُعاشة في العالم‬
‫بأ سره‪ .‬ول كن المعلومات تم لخفاؤ ها ق بل أن يكون ممكنا مناق شة طبي عة هذا النفجار‬
‫الخارق للعادة“‪**** 26 .‬‬
‫وطوال فترة ‪ 70‬عامعا تقريبعا لم يصعل إلى هذه الحفريات الموجودة خلف البواب‬
‫المغلقعة و يحللهعا سعوى عدد محدود معن علماء الحفريات هعم "هاري ويتنجتون"‬
‫‪ Harry Whittington‬و "ديرِك بريجس" ‪" Derek Brigs‬وسيمون كونواي‬
‫موريعس" ‪ .Simon Conway Morris‬و قعد أعلن هؤلء العلماء ععن أن هذه‬
‫الحفريات التي وجدها "ولكوت" إنما تعود إلى واحد من أقدم العصور الجيولوجية وهو‬
‫العصعر الكمعبري‪ .‬و هعم معن أطلق مسعمى "النفجار الكمعبري" على ظهور هذا الكعم‬
‫الهائل معن الكائنات الحيعة فعي لحظعة واحدة فعي هذا العصعر‪ .‬كمعا أصعبحت فترة‬
‫الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬وكما أعلن "سكرويدر" هي الفترة التي تم فيها اكتشاف‬
‫منطقت ين جديدت ين يو جد ب ها حفريات تتشا به ومنط قة بورج يس "‪ :" shale‬وهاتان‬
‫عج"‬
‫عج جيانع‬
‫عد و"تشينع‬
‫عن لنع‬ ‫عيرياسٍٍ" ٍ ‪Sırıus‬فع‬
‫عي شمال جريع‬ ‫عا "سع‬
‫المنطقتان همع‬
‫‪ Chengjiang‬في جنوب ال صين‪ .‬فتو جد حفريات الكائنات الح ية المختل فة وال تي‬
‫ظهرت في العصر الكمبري في هذه المناطق كلها‪ .‬وكانت الحفريات التى تم اكتشافها‬
‫في منطقة "تشينج جيانج" هي القدم و أكثر الحفريات التي تم حمايتها بشكل أفضل من‬
‫تلك الموجودة في المنا طق الخرى‪ ،‬و هي ت ضم أيضا سلسلة الفقاريات الولي‪ .‬و قد‬

‫‪30‬‬
‫بيّنعت الدّراسعات التعي أجريعت أن النفجار الكمعبري قعد حدث خلل فترة تقدر بعشرة‬
‫ملي ين عام‪ ،‬وهي فترة زمنية قصيرة للغاية من وجهة النظر الجيولوجية‪ .‬كما أعلن‬
‫أن الجهزة و العضاء في كل الكائنات الحية التي ظهرت دفعة واحدة في تلك الفترة‬
‫تتمتع بقدر عال من التعقيد‪ ،‬وهو المر الذي تفتقده تماما الكائنات الحية أحادية الخلية‬
‫وكثير من الكائنات كثيرة الخليا‪ .‬وقد أُعلنت هذه المعلومات في إحدى المقالت التي‬
‫نُشرت في مجلة العلم بتاريخ ‪:2002‬‬
‫"ويم كن القول بالنظر إلى ما تسجله الحفريات أن الحياة قد بدأت على سطح الرض‬
‫قبعل ‪ 3‚5‬مليار سعنة‪ ،‬وكانعت هذه الحياة عبارة ععن البكتيريعا التخليقيعة الضوئيعة‬
‫"الفوتوسعتاتيك"‪ .‬و خلل فترة ‪ 3‬مليار عام لم يكعن على الرض بجانعب البكتيريعا‬
‫كائنات حيعة أكثعر معن العوالق والنباتات البحريعة المجهريعة‪ .‬إل أنعه ظهعر بععد ذلك‬
‫بشكل فجائي‪ ،‬وبالتحديد قبل ‪ 540‬مليار عام مجتمع به أعداد كبيرة من الحيوانات في‬
‫أعماق المحيعط‪ .‬وقعد غيّرت هذه الكائنات مثعل المخلوقات خماسعية العيعن التعى لهعا‬
‫كلبات تقبض بها على الشياء والتى تنتمي أيضا لفصيلة الخراطين (ديدان الرض)‬
‫الطويلة ذات الشوك غيرت فعي فترة لم تتجاوز ‪ 10‬ملييعن عاما – هذه الفترة تماما‬
‫مثعل طرفعة العيعن معن ناحيعة مسعيرة التطور الزّمنعي ‪ -‬أرض المحيعط تماما‪ .‬و هذه‬
‫الكائنات كانعت بمثابعة أول ممثعل لجماعات الحيوانات الكعبيرة المعروفعة لنعا حتعى إن‬
‫بعض ها كان ال صل أي ضا لجماعات أخرى من الحيوانات ال تى ستنقرض في مرحلة‬
‫قادة من الزمن“‪***** 27 .‬‬
‫يحاول أنصعار نظريعة التطور أن يقدموا تفسعيرات متنوععة مضادة لفكرة النفجار‬
‫الكمعبري‪ ،‬ال ان كعل معا قدموه معن تفسعيرات لم تكعن مقنععة على الطلق‪ .‬و كمعا‬
‫اوضحنا في كتابنا الذي حمل عنوان "مأزق الصور الفاصلة الخاصة بمذهب الدارونية‬
‫" ‪ ،‬فإن كل الطروحات ال تي قدم ها ان صار التطور و قدموا في ها زعم هم ضد م سألة‬
‫الع صر الك مبري هي ادعاءات باطلة تك شف في الو قت نف سه عن النقاشات ال تى في‬
‫داخل أنصار التطور أنفسهم‪.‬‬
‫و قد تحد ثت مجلة ‪ )Trends in Genetics (TIG‬العلم ية الشهيرة في عدد ها‬
‫الصعادر فعي شهعر شباط عام ‪ 1999‬ععن اسعتحالة تفسعير الكتشافات الحفريعة فعي‬
‫"بورجيس" وفقا لراء نظرية التطور وأن الطروحات المزعومة في هذا الموضوع لم‬
‫ت كن مقن عة بأي حال من الحوال‪ " :‬من الغر يب بالف عل أن هذه الحفريات ال تي وجدت‬

‫‪31‬‬
‫في رقعة صغيرة قد استحوذت على مساحة كبيرة من المناقشات الساخنة التي دارت‬
‫أنع الشيعء الذي كان‬
‫بخصعوص هذه المسعألة الكعبيرة فعي علم الحياء التطوري‪ .‬إل ّ‬
‫وراء هذه المناقشات هو أن هذه الحفريات حددت فجأة الحيوانات التي كانت تعيش في‬
‫العصعر الكمعبري‪ .‬وقعد عملت الكتشافات الحفريعة الجديدة والنتائج القاطععة لتحديعد‬
‫التوار يخ الراد يو متر ية (تح يد التوار يخ عن طر يق مقياس قوة الشعاع) على تعم يق‬
‫وتأكيد آنية ومجال هذه الثورة الحيائية فقط‪ .‬ويجب أن يكون هناك تفسير لهذا التغيّر‬
‫ال كبير الذي حدث في بوت قة الحياة على سطح الرض‪ ،‬وبالر غم من أن هناك الكث ير‬
‫من الطروحات التي قدمت زعمها الخاص في هذا الموضوع إل أن أيّا منها لم يكن‬
‫مقنعا"ً‪**** 28 .‬‬
‫و في كتابة "أيقونة التّطور" شرح عالم الحياء المريكي "جوناثان ويلز" ‪Jonathan‬‬
‫‪ Wells‬الوضع على النحو التالي‪:‬‬
‫ن شجرة الحياة هي الأقونة الشهر بين كل أيقونات التّطور‪ ،‬والسبب في هذا أن‬
‫"إل أ ّ‬
‫عملية الشتقاق من جد واحد مشترك كانت الساس الذي بنى علية داروين نظريته‪...‬‬
‫ن داروين كان على علم – و هو المر الذي قبل به العلماء و سلموا به قبل وقت‬
‫إل أ ّ‬
‫قريعب – أن معا حملتعه سعجلت الحفريات فعي الزمعن المبكعر سعيقلب شجرة التطور‬
‫الخا صة به رأ سا على ع قب‪ .‬و ق بل عشرة أعوام كان هناك من يأ مل أن تن قذ الح جج‬
‫الجزيئية هذه الشجرة‪ ،‬إل ّن الكتشافات العلمية الجديدة جاءت لتقضي على هذا المل‬
‫تماما‪ .‬وربما أنكم لم تقرأوا عن هذا في الكتب الدراسية‪ ،‬إل أن الحقيقة هي أن شجرة‬
‫التطور الخاصة بداروين أصبحت بالفعل في وضع المنهار"‪**** 29 .‬‬
‫و بناءا على ذلك يمكننعا القول إنعه قديما كان هناك مذهعب يطلق عليعه اسعم مذهعب‬
‫الداروينية‪ .‬و كان هناك من يعتقد أن هناك حفريات قد جاءت بما يدعم هذه النظرية‪.‬‬
‫غ ير أن ما حمل ته هذه الحفريات جاء ليث بت الع كس تماما‪ .‬أ ما الن ف قد انهارت هذه‬
‫النظر ية تماما‪ .‬و أ صبح الكثيرون على قنا عة بأن الحفريات لم ت شر أن الحياة ظهرت‬
‫على سطح الرض عن طريق التطور بل ظهرت بشكل مفاجئ‪ .‬ومعنى ظهور الحياة‬
‫بشكعل مفاجعئ هعو "الخلق"‪ .‬فال هعو الذي خلق كعل الكائنات معن العدم بل نقعص أو‬

‫ض وَ إذَا قَضَى أمْرا‬ ‫ع يب‪ .‬و هو خالق ال سّماوات و الرض‪  .‬بَدِي عُ ال ّ‬


‫سمَاوَاتِ وَالَرْ ِ‬
‫فَإِ ّنمَا َيقُولُ َلهُ كُنْ فَ َيكُون‪( .‬سورة البقرة‪)117 :‬‬

‫‪32‬‬
‫البحث عن الحلقة المفقودة‬
‫تناولنعا بالبحعث فعي جزء سعابق كيعف أن مدونات الحفريات لم تقدم الدّععم الذي كان‬
‫ينتظره مذهعب التطور‪ .‬أمعا الجزئيعة المهمعة التعى لم نتطرق إليهعا بالبحعث بععد‪ ،‬فهعي‬
‫الحفريات الخاصة بالنسان‪ .‬فقد تناول داروين موضوع أصل النسان في كتابه الذي‬
‫حمعل عنوان "نشأة النسعان" (‪ ،)The Descent Of Man‬وليعس فعي كتاب أصعل‬
‫النواع الذي سبق ذلك بع ‪ 12‬عاما‪ .‬و يرى داروين أن النسان يحتل المرتبة العلى‬
‫بين مراتب التطور المزعومة‪ ،‬وأن الجدّ أو السلف الول له هو من فصيلة الرئيسيات‬
‫التي تشبه القرود في وقتنا الحاضر‪.‬‬
‫و لم يكن عند داروين أيضاً أي دليل يدعم به وجهة نظرة تلك‪ .‬و كان الشيء الوحيد‬
‫الذي فعله هو أنه تخيل وجود علقة قرابة بين النسان و القرود‪ ،‬تلك الكائنات الحية‬
‫النسب في عالم الحيوان لنها الشبه بالنسان من الناحية الفيزيائية‪ .‬و زعم في كتابه‬
‫أن بععض "الجناس البدائيعة" التعي تعيعش على سعطح الرض قعد شكلت دليل على‬
‫صعحة نظريعة التطور‪( .‬بيعد أن البحاث الجينيعة التعي جرت فعي يومنعا الحاضعر‬
‫أوضحت جليا للعيان أن النظرة العنصرية التى ذهب إليها داروين وغيره من أنصار‬
‫نظرية التطور لم تكن صحيحة)‪.‬‬
‫لقد فك ّر داروين في أن يقوم بالبحث عن الحفريات التي تثبت للمؤيدين لنظريته هذه‬
‫التطور المزعوم‪ ،‬و ذلك فقا لما زعمه من حيث أن النسان و القرود قد انحدروا من‬
‫جد وا حد‪ .‬و اعتبارا من الرّ بع الخ ير من القرن التا سع ع شر تو جه كل اهتمام علم‬
‫الحفريات معن أجعل هذا الهدف‪ .‬وبدأ أنصعار مذهعب التّطور معن علماء الحفريات‬
‫عمليات الحفر أمل في العصور على "الحلقة المفقودة" التي زعم داروين أنها موجودة‬
‫بين القرد و النسان‪.‬‬
‫وفعي عام ‪ 1910‬ظهعر فعي أنجلترا الكتشاف الكعبير الذي طالمعا تمنوا ظهوره‪ .‬وكان‬
‫عبارة عن جمج مة " إن سان بلتداون" ال تى قد مت ب عد ذلك وطوال ‪ 43‬عا ما إلى العالم‬

‫‪33‬‬
‫على أنها دليل مهم للغاية على صحة نظرية التطور‪ .‬وقد استخرجت الحفرية من قبل‬
‫أحعد علماء الحفريات غيعر المحترفيعن ويُدععى تشارلز داوسعون‪ ،‬ولهذا السعّبب أطلق‬
‫عم ‪ .Eoanthropus dawsoni‬والحقعّ يُقال فحفريّعة ‪Eoanthropus‬‬
‫عا اسع‬
‫عليهع‬
‫‪ dawsoni‬تلك هي بالفعل حفرية غريبة‪ :‬ففي الوقت الذي نرى فيه أن الجزء العلوي‬
‫من الجمج مة يش به تما ما مثيله ع ند الن سان‪ ،‬ن جد أن منط قة الذّ قن لدى شبي هة بتلك‬
‫الموجودة عنعد القرود‪ .‬لهذا نال هذا الكتشاف شهرة واسععة فعي فترة وجيزة‪ .‬وفعي‬
‫الوقت نفسه ادعى النجليز بكل فخر و اعتزاز كبيرين أن الحفرية التي تم الحصول‬
‫عليها في انجلترا إنما تعود إلى الجدّ العلى لجناسهم‪ .‬وكان يُنظر إلى التكوين الكبير‬
‫للجمج مة إلى أ نه مؤ شر على تطور "الذكاء النجليزي" لل سّابقين‪ .‬و في ال سّنوات ال تي‬
‫عة‬
‫عوص حفريع‬
‫عت بخصع‬
‫عا كانع‬
‫عة كلهع‬
‫عائل العلميع‬
‫عن الرّسع‬
‫عت مئات مع‬
‫تلت ذلك كُتبع‬
‫‪ Eoanthropus dawsoni‬واقتنعع مئات اللف معن زوار المتحعف البريطانعى الذي‬
‫كانت تعرض فيه الحفرية بموضوع "تطور النسان"‪.‬‬
‫غير أ نه كان هناك شيء وحيد جهلوا به‪ :‬هذا الشيء هو أن هذه الحفرية كانت نتاجا‬
‫من الخيال و التزي يف‪ .‬ف قد ظ هر نتيج ًة للبحاث ال تي أجر يت في عام ‪ 1953‬على‬
‫الجمج مة ذات ها أن حفر ية إن سان بلتداون عبارة عن حفر ية مزي فة تكو نت نتي جة اتحاد‬
‫سعْلة‪ .‬ووسط دهشة الرأي العام العارمة تم إخراج أكبر دلئل‬
‫عظام بشرية و عظام ِ‬
‫التطور المزعومعة معن المتحعف البريطانعي الذي عُرضعت فيعه بعنايعة شديدة لعشرات‬
‫السنوات‪.‬‬
‫وفعي العشرينات معن القرن العشريعن حدثعت فضيحعة أخرى وإن كانعت أصعغر معن‬
‫بلتداون‪ .‬ففي عام ‪ 1922‬تم تقييم السنان التي وجدت في ولية نيبراسكا في الوليات‬
‫المتحدة المريكيعة على أنهعا تخعص حفريعة تمثعل شكلً وسعيطا بيعن النسعان والقرد‪،‬‬
‫وتجاوز ال مر موضوع ال سنان ون سجت خيالت جديدة‪ ،‬و في هذه المرّة عن "إن سان‬
‫نيبرا سكا"‪ ،‬إلّ أ نه ظ هر في ما ب عد أن هذه ال سنان لم ت كن ت خص أياّ من الن سان ول‬
‫القرود‪ ،‬بل كانت بعض من أسنان خنزير بري‪ .‬وعلى الرّغم من هذا الخفاق الكبير‬
‫فلم ييئس أنصار التّطور واستمروا في البحث عن الحفرية التي تثبت صحة آرائهم في‬
‫موضوع أصعل النسعان‪ .‬ومعع الوقعت انتشرت وجهعة نظعر أخرى مفادهعا أن القردة‬
‫المنقر ضة ال تي أطلق علي ها ا سم سعلة الجنوب هي أقدم جدّ للن سان‪ .‬ور سخت في‬
‫الذهان صورة التطور على أن ها عبارة عن ت سلسل لنوع سعلة الجنوب بدءا من‬

‫‪34‬‬
‫الن سان اللّقِن (‪ )Homo habilis‬والن سان رودولفان سيس (‪)Homo rudolfensis‬‬
‫والنسان منتصب القامة (‪ )Homo erectus‬وصول إلى النسان الحالي أ ّ‬
‫ي النسان‬
‫الموجود الن‪ .‬فتبنعت الكتعب الدراسعية و المجلت العلميعة و المنشورات والصعحف‬
‫اليومية والفلم و حتى الفلم الدّعائية نفسها تبنت صورة "سلسلة القردة التي اختفت‬
‫تدريجيا"‪ ،‬بعل وتداولت ها لعشرات السعنوات دون أن يكون أي تسعاؤل أو غرا بة يبديهعا‬
‫أحد‪.‬‬
‫باختصعار‪ ،‬لقعد لقيعت الفكرة التعي فسعرت أصعل النسعان وفقا لنظريعة التّطور قبول‬
‫وانتشارا خلل فترة طويلة من القرن العشرين‪.‬‬
‫غ ير أن الحقائق كا نت مغايرة لذلك تماما‪ ،‬فل يو جد ث مة حفر ية واحدة تتوا فق مع ما‬
‫ذه بت إل يه نظر ية التطور‪ .‬والك ثر من ذلك أن هم كل ما اكتشفوا حفريات جديدة كل ما‬
‫تعقدت المسعألة و تعذر ايجاد حعل لهعا‪ .‬وفعي النهايعة بدأت بععض الجهات معن ذوي‬
‫الصعلحيات العتراف بالحقيقعة‪ .‬وقعد تحدث فعي هذا الموضوع العديعد معن علماء‬
‫الحفريات ويأ تي على رأس العلماء المريكان "نيلز ايلدريدج" ‪ Niles Eldredge‬من‬
‫جامعة هارفارد و "لن تاترصال" ‪ Lan Tattersal‬من متحف تاريخ الشرق المريكي‬
‫ولهما تصريحات مهمة في هذا الخصوص‪:‬‬
‫"ل قد أ صبحت الفكرة ال تي تقول بأن تار يخ تطور الكائنات الحياة عبارة عن م سألة أو‬
‫قض ية استكشافية أ صبحت مجرد خرا فة‪ .‬فلو كان بهذا الش كل و وجد نا حفريات كثيرة‬
‫لكائنات شبيهة بالنسان لكان من الضروري أن تتحول حكاية التطور إلى شكل أكثر‬
‫وضوحا‪ .‬غير أ نّ الحقيقة هي أنه عندما كان يحدث شيء كان يحدث شيء آخر على‬
‫النقيض تماما من الول"‪**** 30 .‬‬
‫عبر ريتشارد ليونتِعن ‪Richard Lewontin‬‬
‫عر عام ‪ 1995‬عع‬
‫عي مقال له نُشع‬
‫وفع‬
‫البروفي سور في جام عة هارفارد و هو وا حد من أ هم ال سماء في نظر ية التطور عبر‬
‫عن حالة اليأس التي وقع فيها مذهب التطور و قال‪:‬‬
‫"عند ما نف كر في الما ضي ال سّحيق و صول إلى ما ق بل نوع الن سان العا قل "الن سان‬
‫المُعاصر صاحب أكبر سعة عقلية ابتكارية" تقابلنا مدونات حفرية مشوشة غير كاملة‪.‬‬
‫وعلى الرّغعم معن الدعاءات المتفائلة والمفعمعة بالحماس معن جانعب بععض علماء‬
‫الحفريات‪ ،‬إل أننعا لم نتمكعن حتعى الن معن إيجاد نوع شعبيه بالنسعان على الطلق‬
‫والتسليم بشكل مباشر بأن هذا النوع هو جدنا المباشر"‪*** 31 .‬‬

‫‪35‬‬
‫وقعد صعرّح فعي السعّنوات الخيرة عدد كعبير جدّا معن أنصعار نظريعة التطور‬
‫المتخصعصين فعي الموضوع بأنعه لم يععد لديهعم سعوى أفكار متشائمعة لبععد الحدود‬
‫بخ صوص النظر ية ال تي دافعوا عن ها في ال ساس‪ .‬مثال هؤلء هنري جي ‪Henery‬‬
‫‪ Gee‬المحرر العلمعي فعي مجلة "الطبيععة" ‪ Nature‬الشهيرة الذي تحدث ععن هذا‬
‫الموضوع قائلً‪:‬‬
‫إنع الرّسعم البيانعي لتطور النسعان و المعتمعد على علقات الج ّد بالحفيعد أو السعلف‬
‫" ّ‬
‫بالخلف هعو فعي حقيقعة المعر مجرد اختراع و ابتكار إنسعاني بنعى على آراء مسعبقة‬
‫صعاغها الناس‪ ...‬إنّع عمل ية أخعذ مجموععة معن الحفريات والقول بأنهعا تعكعس وجود‬
‫سلسلة قرابة هي في الواقع ليست فرضية علمية يمكن إخضاعها للختبار‪ ،‬وكل ما‬
‫في المر انها مجرد حكاية أو حدوته من احاجي منتصف الليل المسلية التي قد تكون‬
‫شدَ ًة للنسان في كثير من الحيان إل أنها ومع ذلك ل تستند ل يّ أساس‬
‫جهَ ًة أو ُمرْ ِ‬
‫مُ َو ّ‬
‫علمي"‪**** 32 .‬‬
‫وتجري فعي يومنعا الحاضعر التسعاؤلت ولكعن بشكعل جدي ععن قالب "شجرة أصعل‬
‫النسان" التقليدية‪ .‬و نتيجة لذلك أعلن العلماء الذين قاموا ببحث القرائن والدلة بمنأى‬
‫عن أ يّ أحكام مسبقة أن الخط الذي وضعه أنصار التطور ليصل بين سعلة الجنوب‬
‫والن سان العا قل لم ي كن سوى خط متكلّف تما ما‪ .‬أ ما النواع المختل فة م ثل الن سان‬
‫اللّقِن والنسان منتصب القامة فلم تتعد كونها مجرد نسج من الخيال‪ .‬وفي مقالة لهما‬
‫نشرت لهمعا فعي عام ‪ 1999‬فعي مجلة العلم دافعع كعل معن برنارد وود ‪Bernard‬‬
‫‪ ،Wood‬وهو من علماء الحفريّات التطوريين و مارك كولرد ‪ Mark Collard‬عن‬
‫كون تصعنيفات النسعان اللّق ِن و ‪ Homo rudolfensis‬مجرد خيال وأنعه لبدّ وأن‬
‫تكون الحفريات ال تي اُدم جت في هذه الت صنيفات قد انتقلت إلى نوع سعلة الجنوب‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫أ ما ميلفورد ولبوف من جام عة ميتشجان و آلن ثورن من جام عة كا نبيرا فيرون أن‬
‫النسان منتصب القامة ليس إل تصنيفا خياليا ل وجود له و أن الحفريات التي أدمجت‬
‫في هذا التصنيف هي عبارة عن النسان العاقل‪**** 34 .‬‬
‫وهذا يع نى أ نه ل يو جد " شبيه بالن سان" غ ير نوع الن سان العا قل ف قط‪ ،‬أي الن سان‬
‫المعاصر الذي يضم النسان في يومنا الحاضر و الختلفات العرقية فيه إلى جانب‬
‫سعلة الجنوب ال تي هي أ حد أنواع القردة المنقر ضة‪ .‬أي أ نه ل يو جد أ صل تطوري‬

‫‪36‬‬
‫للن سان‪ .‬و يرى ب عض من المتخ صصين الذ ين أدركوا هذه الحقي قة أن حكا ية "تطور‬
‫النسان" ليست إلّ عمل كتابيا اجتهد فيه أولئك الذين يعتقدون في الفلسفة المادية لكتابة‬
‫تاريخ الطبيعة وفقا لهوائهم وآرائهم العقائدية‪ .‬وفي هذا الموضوع أيضا تحدث جون‬
‫دورا نت المؤرخ في جام عة أك سفورد وذلك في إحدى الجتماعات الخا صة بجمع ية‬
‫التطور العلمي النجليزية (( ‪British Association for the Advancement of‬‬
‫‪ ، ) Science‬وكان تعليقعه على النحعو التتالي‪ " :‬تُرى‪ ،‬هعل معن الممكعن أن تعمعل‬
‫نظريات تطور الن سان على تقو ية النظ مة القيميّة للّذ ين يخلقون أنف سهم و هو ال مر‬
‫الذي يش به تما ما ما يحدث في ال ساطير القدي مة‪ ،‬و هي تقوم في الو قت ذا ته بع كس‬
‫معتقداتهم التي تتعلق بهم أنفسهم و بالمجتمع حول الماضي؟ " ‪*** 35‬‬
‫وفعي كتابعة أخرى له تحدث "دورانعت" ععن هذا الموضوع مرة أخرى على النّحعو‬
‫ن الفكار الخا صة بتطور الن سان هي في وا قع ال مر موضوع يد عو إلى‬
‫التالي‪" :‬إ ّ‬
‫الت ساؤل بش يء من الري بة و ال شك ع ما اذا كا نت هذه الفكار قد اضطل عت بدور أو‬
‫أدت وظي فة في المجتمعات ق بل ظهور العلم أو في المجتمعات العلم ية‪ ...‬و إذا بحث نا‬
‫الموضوع عن كثب يتضح لنا في كل مرة أن الفكار التي تتعلق بأصل النسان هي‬
‫انعكاس للحاضر أيضا تماما مثل الماضي‪ ،‬وأنها انعكاس لخبراتنا مثلما هي انعكاس‬
‫لخبرة أجدادنا في الماضي‪ ...‬نحن في حاجة ماسة و عاجلة إلى عدم الدفع بالعلم إلى‬
‫دائرة الخرافة"‪****36 .‬‬
‫باخت صار‪ ،‬إن نظريات التطور الخا صة بأ صل الن سان و نشوئه‪ ،‬ل تؤدي أي وظي فة‬
‫أخرى غير كونها انعكاسا لبعض الحكام المسبقة و المعتقدات الفلسفية الخاصة بمن‬
‫ابتدعوا هذه النظريات فقعط‪ .‬و"جيفري كلرك" ‪ Geoffrey Clark‬هعو أحعد علماء‬
‫النثروبولوجيا في جامعة أريزونا ستيت ِ‪ ،Arizona State‬وهو من أنصار نظرية‬
‫التطور المؤيديعن لهذه الحقيقعة‪ .‬ويتحدث كلرك فعي إحدى كتاباتعه التعي نشأت عام‬
‫‪ 1997‬على هذا النحو‪" :‬نحن نختار واحدة من نتائج بحث جماعي موجود أمامنا وفق‬
‫افتراضاتنا الخاصة وأحكامنا المسبقة – وهي عملية سياسية وذاتية أي غير موضوعية‬
‫في الوقت ذاته ‪ ... -‬إنّ علم الباليوأنثروبولوجيا (العلم الذي يبحث في أصول النسان‬
‫القدي مة) له ال صفة العلم ية من النّاح ية الشكل ية ف قط ول يس من ناح ية المضمون"‪37.‬‬
‫***‬

‫‪37‬‬
‫الو جه الخ في للدعا ية العلم ية ‪Medya Propagandasının İç-‬‬
‫‪yüzü‬‬
‫وكما رأينا فقد أصبح الزّعم القائل بتطور النسان بل دعم أو سند وخاصة من جانب‬
‫أولئك الذيعن لعبوا دورا فعي تجسعيم ذلك الزععم‪ .‬والحقيقعة أن هذا الزّععم ل يسعتند إلى‬
‫العلم بقدر اعتماده على الحكام المسعبقة والعتقادات التعي كانعت السعّبب فعي وجود‬
‫أنع هذه‬
‫نظريعة مثعل نظريعة التّطور‪ ،‬إل أن النقطعة التعي تثيعر الهتمام بالفععل هعي ّ‬
‫العترافات في عالم الباليوأنثروبولوج يا لم تنع كس في العلم‪ .‬وعلى الع كس من ذلك‬
‫وجدنا أن هناك جزء من العلم الموالي لمذهب التطور قد عمل بعناية على إخفاء هذا‬
‫المأزق الذي وقعت فيه نظرية التطور‪ .‬ليس هذا فحسب بل وأخذت تنشر بين الشعب‬
‫ععن طريعق الخداع "أن كعل يوم يمعر يشهعد اكتشافا لدليعل جديعد يثبعت أركان نظريعة‬
‫التطور"‪ .‬وفعي كتابعه الذي نُشعر عام ‪ 2000‬و حمعل عنوان ‪Icons Of Evolution:‬‬
‫‪Science Or Myth Why Much Of What We Teach About Evolution Is‬‬
‫‪ ( ?wrong‬أيقونات التّطور‪ :‬العلم أم الخرافعة‪ ،‬لماذا توجعد أشياء خاطئة كثيرة فيمعا‬
‫ُن َدرّ سه بخ صوص التطور؟ " يتحدث عالم الحياء المري كي جوناثان ويللز ‪Jonathan‬‬
‫‪ Wells‬الذي أن هى الدّرا سات العل يا و الدكتوراه في جامع تي يالي وكاليفورن يا يتحدث‬
‫ويللز ملخصا الوضع على النحو التالي‪:‬‬
‫"معن النّادر للغايعة أن يتعم اطلع المجتمعع كله بمعا يقوم بعه العلماء المتخصعصون معن‬
‫تفسيرات علمية تتعلق بالبهام و الغموض العميقين بخصوص أصل النسان‪ .‬و بديل‬
‫عن ذلك نتلقى مجرد خبر عن آخر نظرية لهذا الشخص أو ذاك و ل ينقلون لنا الحقيقة‬
‫التي لم ي ستطيعوا هم ايضا فهمها بخصوص هذا الموضوع‪ .‬فيتم الترويج للنظر ية و‬
‫تزين ها بش كل دق يق و بال ستعانة بب عض الر سوم و ال صور المتخيلة لن سان الك هف أو‬
‫لجد النسان " بوضع كثير من الماكياج عليها "‪ ...‬و الواضح أن احدا من قبل لم ينسج‬
‫خيالً وا سعا إلى هذا ال حد بخ صوص جزئ ية ب سيطة إلى هذا القدر في أى فرع من‬
‫فروع العلم المختلفة"‪**** 38.‬‬
‫ح سنا إذن من هم هؤلء العلماء الذ ين ي ستحوذون على و سائل العلم بادعاءات م ثل‬

‫‪38‬‬
‫"إنع تطوّر النسعان أصعبح حقيقعة مدعومعة بالدلة ول تقبعل الجدل" و التعي أصعبحت‬
‫ّ‬
‫عناويعن كعبيرة لبععض وسعائل العلم المدافععة ععن فكرة التّطور؟ لماذا يفكعر هؤلء‬
‫بشكل مختلف تماما عن باقي العلماء الذين لم يجدوا ما يدعموا به الباليوأنثروبولوجيا؟‬
‫و فعي كلمتعه أمام اجتماع اتحاد مدرسعي علم الحياء عبّر جريعج كيربعي المؤيعد لفكرة‬
‫التطور عن هذه السيكولوجيا على النحو التالي‪:‬‬
‫"لو أنكم قضيتم حياتكم كلها في جمع العظام و القطع الصغيرة من الجمجمة و الذقن‪،‬‬
‫فإن كم ستشعرون برغ بة مل حة في أن تبالغوا في أهم ية هذا الق طع ال صغيرة ال تي قم تم‬
‫بجمعها"‪***** 39.‬‬
‫و هذه هي بعض المؤثرات التي تضمن استمرار فكرة تطور النسان على الرغم من‬
‫عدم وجود سند علمي واحد يدعمها‪ .‬غير أن كل حفرية يتم اكتشافها حديثا تزج أكثر‬
‫بالطروحات التطورية الخاصة بتطور النسان إلى طريق مسدود‪.‬‬

‫العتراف بعدم وجود الحلقة المفقودة‬


‫عا‬
‫عت فيهع‬ ‫عيف ‪ 2002‬اكتشاف النموذج الخيع‬
‫عر للمأزق الحرج الذي وقعع‬ ‫عد صع‬
‫شهع‬
‫الطروحات التطورية عندما اكتشفت حفرية جمجمة حديثة في وسط أفريقيا وبالتحديد‬
‫فعي دولة تشاد‪ .‬و أطلق "ميشيعل برونيعه" ‪ Michel Brunet‬وهعو العالم الفرنسعي‬
‫الذي اكتشعععف تلك الحفريعععة أطلق عليهعععا اسعععم "‪Sahelanthropus‬‬
‫‪."tchadensis‬‬
‫لقد قلبت هذه الحفرية العالم الخاص بمذهب الدّارونية رأسا على عقب‪ .‬ونشرت مجلة‬
‫"الطبيعة" الشهيرة في هذا الصدد مقال جاء فيه‪" :‬قد تَعمل الجُمجمة المكتشفة حديثا على‬
‫تفنيد كل أفكارنا بخصوص تطور النسان"‪***** 40 .‬‬
‫وعن هذا الموضوع أيضا صرح دانيال ليبرمان من جامعة هارفارد قائلً‪" :‬سوف‬
‫يحدث هذا الكتشاف الجديد تأثيرًا يُعادل في قوته تأثير القنبلة النووية"‪*** 41.‬‬
‫ويرجع السّبب وراء ذلك أنه وعلى الرّغم من أن عمر الحفرية التي نتحدث عنها قد‬
‫بلغ ‪ 7‬مليين عام‪ ،‬إل أنها تميزت ببنيتها "الشبيهه بالنسان" أكثر من ِ‬
‫سعْلة الجنوب‬
‫وهو جنس من الرئيسيات له جمجمة القرد و وجهه و أسنانه شبيهة بالنسان‪( :‬وفقا‬
‫للمعايير التى اعتمد عليها أنصار فكرة التطور حتى يومنا الحاضر) ويُزعم بأنها "أقدم‬

‫‪39‬‬
‫جدّ للنسان"‪ .‬وهو المر الذي كان يضع سيناريو "تطور النسان" المعقد منذ البداية‬
‫في موقف متضارب مرة أخرى‪.‬‬
‫وفي إطار الحديث عن هذه الحفرية الجديدة أيضا كان لع"برنارد وود" عالم‬
‫النثروبولوجيا المناصر لنظرية التّطور في جامعة جورج واشنطن تصريح مهم في‬
‫هذا الطار‪ .‬فقد كان وود يقول بأن "حكاية" سلم التطور "التي طالما فُرضت على‬
‫الناس طوال القرن العشرين لم تعد صالحة‪ ،‬و أنه يمكن تشبيه التطور بالدغال‪" :‬لقد‬
‫كانوا ينظرون في عام ‪ 1963‬و هو العام الذي بدأت فيه عملي في الجامعة إلى‬
‫نظرية التطور على أنها تشبه السّلم‪ .‬وتتدرج درجات هذا السلم بدءً من درجة القرود‬
‫وحتى درجة النسان‪ ،‬ومع التقدم كانت كل مرحلة يقل فيها التشابه بين النسان و القرد‬
‫عن المرحلة التي قبلها‪ ...‬إل أن تطوّر النسان يشبه في الوقت الحاضر دغل "متشابك‬
‫الفرع "‪ ...‬لذا يجب التّعرض بالدراسة إلى ماهية العلقة بين الحفريات مع بعضها‬
‫البعض و هل هناك حفرية هي بالفعل جدّ النسان أم ل"‪*** 42 .‬‬
‫ومن التعليقات التي تحمل أهمية كبيرة للغاية في موضوع درجة حفرية القرد المكتشفة‬
‫حديثا تلك التي أدلى بها "هنري جي" ‪ Henry Gee‬المحرّر في مجلة "الطبيعة"‬
‫وأحد علماء الحفريّات ‪ .‬فقد تعرض "جي" في إحدي كتاباته في جريدة الجارديان‬
‫‪ The Guardian‬إلى النقاشات الدائرة بخصوص الحفرية على هذا النحو‪" :‬ليكن‬
‫ما يكن في النهاية‪ ،‬إنني أوضح مرة أخرى وبشكل قاطع أن هذه الجمجمة التي تمثل‬
‫فكرة "الحلقة المفقودة" (الموجودة بين القرد و النسان) والتي زعم أنصار التّطور منذ‬
‫القديم أنها موجودة ما هي إل خرافة ل وجود لها في الحقيقة‪ ...‬و قد أصبح الن و‬
‫أكثر من أيّ وقت مضى أن فكرة الحلقة المفقودة تلك والتي ظلت مشوشة و مهتزة في‬
‫أذهاننا في كل وقت قد انتهت تماما و تمزقت"‪*** 43 .‬‬
‫و في كتا به الم هم الذي ن شر عام ‪ 1999‬وح مل عنوان ‪In Search of Deep‬‬
‫‪( Time‬ونحعن نبحعث ععن أغوار الماضعي) أوضعح "هنري جعي" على النّحعو التالي‬
‫كيف أنه لم تعد هناك أية قيمة علمية لحكاية "كيف تطوّر النسان" التي تداولتها وسائل‬
‫العلم والمصادر والكتب المؤيدة للفكرة ذاتها‪:‬‬
‫"‪ ...‬فيُقال على سبيل المثال أ نّ تطور النسان قد ارتبط بالتطور في التنسيق في العمل‬
‫ب ين الع ين و ال يد مع ح جم ال مخ و و ضع الج سم و الذي أدى بدوره إلى ظهور الل غة‬
‫وإحراز نجاحات تكنولوجية مثل استخدام النّار و اللت‪ ،‬إلّ أن مثل هذه السيناريوهات‬

‫‪40‬‬
‫ل تتعدى كونها سيناريوهات ذاتية‪ .‬فل و لن يمكنهم إخضاعها للتّجربة على الطلق‪،‬‬
‫ك ما أن ها لي ست علم ية ول ت ستند إلى أ ية أ سس علم ية‪ .‬ف في ح ين أنّ ها ل ت ستند إلى‬
‫اختبارات علم ية نجد ها ت ستند إلى ب عض الدّعاءات و وجهات النّ ظر‪ .‬وعند ما تناول نا‬
‫الثّرثرة التي صال و جال بها الصحفيون و ُكتّاب المانشيتات في كل مكان والتي تناولت‬
‫جميعها أبحاثا حول أجدادنا واكتشاف الرابطة المفقودة جاءت النتيجة بما يشبه المفاجأة‪،‬‬
‫وخا صة عند ما علم نا أن كثيرًا جدّا من علماء الحفريات المتخ صصين قد هجروا م نذ‬
‫أكثر من ثلثين عاما العتماد على سيناريوهات وحكايات تاريخ الحياة‪ ،‬وشكل حكايات‬
‫التاريعخ التطوري و أن السعبب وراء ذلك يعود إلى بعدهعا ععن السعس العلميعة‬
‫الصحيحة"‪*** 44.‬‬
‫يؤكد "جي" أن مدونات الحفرية لم تُشر إلى وجود "مخطط أو رسم بياني للتّطور" وأن‬
‫ما لدينا ل يتعدى كونه مجموعة من الحفريات ليست في علقة "تسبح و تتوقّف في‬
‫بحر من الفراغ‪" :‬يجري العمل على التوفيق بين هذه الكتشافات الحفرية الجديدة و بين‬
‫الحكاية الموجودة من قبل‪ .‬و نحن نطلق اسم "الحلقة المفقودة" على هذه الكتشافات‬
‫الجديد كأن سلسلة الجيال‪ /‬الجداد كانت بالفعل إحدى الهداف التي يجب علينا أن‬
‫نفكر فيها‪ .‬غير أن الحقيقة كانت مغايرة لهذا منذ البداية‪ ،‬فهي كلها أشياء تم تأويلها‬
‫بعيدًا عن الحقيقة بطريقة معينة بحيث تتوافق مع الحكام المسبقة‪ .‬و تمثل كل حفرية‬
‫نقطة منفصلة بذاتها و ل توجد رابطة معروفة تربطها بأية حفرية أخرى‪ ،‬وكل هذه‬
‫الحفريات تسبح و تتوقف في بحر من الفراغ"‪**** 45 .‬‬
‫ن نظر ية التطور ال تي‬
‫والوا قع أن هذه اعترافات مه مة للغا ية‪ .‬و هي تدلّ أيضا على أ ّ‬
‫ظلت طيلة ‪150‬عاما تُ َقدّم على أنها الجابة العلمية على سؤال "كيف أصبح لنا وجود‬
‫في العالم"‪ ،‬وهي إجابة لع"مذهب معين في الحياة " تم فرضه على العلم‪ .‬و يعبر "جي"‬
‫عن ذلك قائلً‪" :‬نحن نحاول تعديل الحفريات بشكل يعكس ما نراه و ما نحب أن نراه‬
‫نحن‪ .‬و ل نبحث عن الحقيقة‪ ،‬و حتى يحدث التوافق مع آرائنا المسبقة فإننا نخلق ما‬
‫نريد من وراء الحقيقة وبعيدا عنها‪ .‬وفي النّهاية وصل أتباع داروين إلى نقطة القتناع‬
‫و التسعليم بأن "شجرة تطور السعللت البشريعة" التعي فُرضعت على الناس منعذ ‪150‬‬
‫عاما باعتبارها حقيقة علمية هي حكاية "اختراع النسان"‪ .‬وكما قال عالم الحياء المؤيد‬
‫لفكرة التطور والذي يعمعل فعي جامععة كاليفورنيعا ف‪ .‬كلرك هويعل ‪F. Clark‬‬
‫عوص تطور‬
‫عة واحدة شاملة بخصع‬
‫عد نظريع‬
‫عه‪" :‬ل توجع‬ ‫‪ Howell‬فع‬
‫عي إحدى كتاباتع‬

‫‪41‬‬
‫الن سان‪ ...‬و الوا قع أ نه لم ي كن هناك أي وجود لم ثل هذه النظر ية في أي و قت من‬
‫الوقات‪*** 46 ".‬‬
‫لقد ظهر جليا و من خلل أنصار فكرة التطور أنفسهم أن "الحلقة المفقودة" المحبّبة عند‬
‫مانشيتات ال صحف ستظل مفقودة إلى ل بد‪ ،‬ل نه ل وجود لش يء م ثل هذا م نذ البدا ية‪.‬‬
‫ولهذا السعّبب‪ ،‬وصعلت حكايعة تطور النسعان مثلهعا مثعل أسعاطير مذهعب الدّاروينيعة‬
‫الخرى إلى طريق م سدود‪ .‬و بديل عن ذلك توصل العلم وكما سنرى في جزء قادم‬
‫من هذا الكتاب إلى فكرة "خلق النسان"‪.‬‬

‫قديما كان هناك جهل بعلم الحياء***‬


‫م ما ل شك ف يه أن كل من شا هد‬
‫فيلم ‪ ،Matrix Reloaded‬وهعو الجزء الثانعي معن سعلسلة أجزاء فيلم ماتريكعس‬
‫‪ Matrix‬والذي ي عد واحدا من أك ثر صناعات ال سينما شعب ية على الطلق سيتذكر‬
‫المشهد الذي تم فيه إظهار كل واحد من الممثلين الثانويين في الفيلم على أنهم "برنامج‬
‫حا سوب" ( ‪ .)Software‬ل قد ُ‬
‫عرِض كل جسم في هذا المشهد من فيلم "ماتريكس"‬
‫على أ نه برنا مج حا سوب‪ .‬وح تى يت مّ توض يح ذلك ال مر ب صورة أ كبر للمشاهد ين في‬
‫مشهد إعطاء الدّواء لسيّدة و أن كل من السيدة و الدواء قد ظهر كبرنامج حاسوب‪ ،‬تم‬
‫إظهار كل من ج سد المرأه و العلج ك صورة ظل ية رقم ية تتكون من أرقام وحروف‬
‫خضراء اللون‪ .‬وهذه الرّ سوم ال تي تكررت في مشا هد متعددة من فيلم "ذي ماتري كس‬
‫ريلووديعد" عبارة ععن سعرد مرئي مؤثعر‪ ،‬الغرض منعه محاولة إقناع المشاهديعن بأن‬
‫الشخاص الذين يرونهم ليسوا سوى برامج حاسوبية‪.‬‬
‫أمّا الحقي قة ال تي لم يدرك ها سواء من شا هد هذا الفيلم و من لم يشاهده على حدٍ سواء‬
‫فهي أن الجسام في الحياة الواقعية أيضا ما هي إل "برامج" وإن اختلف الشكل‪***.‬‬
‫فأجسامكم هي أيضا عبارة عن برنامج معقد للغاية‪ .‬فلو أنكم أردتم أن تُ َفرّغوا محتويات‬
‫هذا البرنا مج و تكتبوه في ك تب فإن هذا ي ستلزم أن تقيموا مكتب ًة كبيرةً تغ طي جدران‬
‫غرفعة كعبير ًة جدا‪ .‬ولو أنّكعم قارنتعم بيعن هذا البرنامعج وغيره معن البرامعج الخرى‬
‫المعروفة – مثل برامج التشغيل في حاسبكم اللي مثل برنامج الويندوز أو ماك أو إس‬
‫‪ Mac OS‬أو معع غيرهعا معن البرامعج الخرى – فسعوف تدركون كعم هعو متطور‬
‫ومعقد ذلك البرنامج الموجود في أجسامكم بدرجة ل يمكن قياسها أو مقارنتها ببرنامج‬

‫‪42‬‬
‫آ خر‪ .‬والك ثر من ذلك أن نظام التشغ يل في الحا سوب الخاص ب كم كثيرا ما ي صيبها‬
‫الشلل والب طء م ما يقت ضي ال مر إعادة تشغ يل الحا سب اللي من جد يد‪ ،‬ح تى أن ها قد‬
‫تفسد في بعض الحيان مما يترتب عليه تدمير كل المعلومات الخاصة بكم والمخزنة‬
‫ن البرنا مج الموجود في أج سامكم ي ظل صالحا و ل ي صيبه أذى‬
‫على الحا سب‪ .‬غ ير أ ّ‬
‫طوال فترة بقائكعم فعي الحياة‪ .‬و إذا حدث ثمعة خطعأ فعي هذا البرنامعج‪ ،‬فهناك برامعج‬
‫أخري تقوم بإصلح هذا الخلل و ازالة آثاره‪ .‬حسنا ما هي ماهية البرنامج الموجود في‬
‫أجسعادكم؟ هعل هعو حروف و أرقام خضراء مثعل ذلك الذي رأيناه فعي فيلم ماتريكعس‬
‫ريلووديد؟**‬
‫ن البرنامج الموجود في أجسامكم مكتوب بالجزيئات وليس بالرقام والحرف الرقمية‪.‬‬
‫إّ‬
‫وهذه الجزيئات هي عبارة عن أجزاء من سلسلة عملقة من الجزيئات يطلق عليها اسم‬
‫“‪ “ DNA‬موجودة في نواة كل خل ية من تريليونات الخل يا ال تي ُتكَوّن الج سم‪ .‬وال ع‬
‫‪ DNA‬هي ب نك معلومات يحتوي على كل التف صيلت الخا صة بج سمكم‪ .‬ويتكون هذا‬
‫الجُزيء العملق من سلسلة متتابعة تتكون من أربعة جزيئات مختلفة يُطلق عليها اسم‬
‫"الحا مض النووي"‪ .‬وتع مل هذه الجزيئات الرب عة ال تي تش به أبجد ية تتكون من أرب عة‬
‫أحرف على إخفاء المعلو مة الخا صة ب كل الجزيئات العضو ية ال تي تتكون في الج سم‪.‬‬
‫أي أنّ هذه الجزيئات لم تُرتّب اعتباطا أو عن طريق المصادفة و إنما جاء ترتيبها وفق‬
‫معلومعة محددة‪ .‬وتنقسعم هذه المعلومعة إلى جمعل وفقرات‪ .‬ويطلق العلماء على هذه‬
‫الجزاء اسم "الجين"‪ .‬ويعمل كل جين على إعطاء تعريف التفاصيل المختلفة الموجودة‬
‫فعي أجسعامكم (فمثل عندمعا تأكلون السعكر فإنهعا تقوم بتحديعد قاعدة هرمون النسعولين‬
‫الذي سيأخذه إلى دا خل الخل يا وكذلك تحد يد بناء خل يا القرن ية الشفا فة الموجودة في‬
‫العين)‪************** .‬‬
‫يعترف الجميع بان اكتشاف ال ‪ DNA‬كان واحدا من أهم الكتشافات في تاريخ العلم‪.‬‬
‫و قد جاء تحديد وجود و بنية هذا الجزيء في عام ‪ 1953‬على يد العالمين الرائعين‬
‫فرانسيس كريك ‪ Francis Crick‬وجيمس واطسون ‪ . James Watson‬و منذ‬
‫ذلك الوقت و حتى نصف قرن مضت و هناك جهود مهمة تبذل من أجل فهم و قراءة‬
‫و حعل شفرة ال ‪ DNA‬و اسعتخدامه‪ .‬أمعا اهعم نقطعة على الطلق بيعن هذه الجهود‬
‫الكبيرة فكانت " مشروع الجينوم ΄ صبغيات المشيج΄ النسانية " التي كانت قد‬
‫بدات في الت سعينات و ح تى عام ‪ .2001‬ل قد تم كن العلماء الذ ين تولوا هذا المشروع‬

‫‪43‬‬
‫معن قراءة " الجينوم البشري " ( اى قراءة المعلومات الو راثيعة التعي تحملهعا الكعر‬
‫وموسومات مجتمعة ) و استخراج " تفريغ " كامل لها‪.‬‬
‫و معا ل شعك فيعه أن مشروع الجينوم البشري سعوف يعود بالنفعع على النسعانية فعي‬
‫مجالت مختلفة يأتى على رأسها الطب و الهندسة الو راثية أو الجينية‪ .‬و هناك نتيجة‬
‫اخري على ن فس الدر جة من الهم ية بل و تفوق ها أيضا هي أ نه يمد نا بر سالة تتعلق‬
‫بأصل ال ‪ . DNA‬و يوضح اهمية هذه الرسالة العالم جيني مايرز ‪Gene Myers‬‬
‫و هعو احعد العلماء الذيعن اكتشفوا الجينوم البشري " المعلومات الوراثيعة " أى أنعه كان‬
‫أحد الذين عملوا في شركة ‪ Celera‬التي أدارت المشروع‪.‬‬
‫و تحدث مايرز مفردا تعليقا له فععي إحدى الخبار التععى نُشرت فععي جريدة سععان‬
‫فرنسيسكو كرونيكِل ‪ San Francisco Chronicle‬تحت عنوان ( ‪Human‬‬
‫‪) Genome Map Has Scientists Talking About the Divine‬‬
‫" علماء خريطة الجينات البشرية يتحدثون عن الخالق " على النحو التالي‪:‬‬
‫تتواجد الجزيئات في شكل متكامل و على درجة عالية من التعقيد في الوقت نفسه‪...‬‬
‫إننا لم نتمكن حتى الن من أن نفهم حتى انفسنا بدرجة تثير الدهشة بشكل كبير‪ .‬من‬
‫الوا ضح أن هناك عن صر ميتافيزي قي " غ يبي " في الموضوع‪...‬ا ما الش يء الذي يث ير‬
‫دهشتى بشكل رئيسي فهو فن العمارة الخاص بالحياة ‪ ...‬انه نظام معقد للغاية‪ .‬و كأنه‬
‫قد خضع لتصميم دقيق‪ ...‬يوجد عقل معظم هنا ( في الجينوم )‪47 .‬‬
‫لقعد فنّدت هذه المعلومعة الموجودة فعي ال ‪ DNA‬مذهعب الدارونيعة الذي يعتعبر الحياة‬
‫وليدة المصادفة و أثبتت عدم صحة هذه النظرية‪ .‬لن هذه المعلومة‪ ،‬لن هذه المعلومة‬
‫تهدم اساس مذهب الدارونية و هو " الختزال أو التحويل " المادي‪.‬‬

‫نهاية الختزال او التحول ‪İndirgemeciliğin Sonu‬‬


‫كما هو معروف أن الفلسفة المادية ل تؤمن بشيء سوي المادة فقط فكل ش يء عبارة‬
‫جدّت و سعتظل موجودة حتعى إلى‬
‫ععن مادة‪ .‬و فعي تري هذه الفلسعفة أن المادة و ِ‬
‫اللنهاية و لن يكون هناك وجود لي شيء آخر سواها‪ .‬و يستخدم الماديون من انصار‬
‫هذه الفلسعفة منطقا يطلقون عليعة اسعم " الختزال " ليدعموا بعه آراء هذه الفلسعفة‪ .‬و‬
‫الختزال او التحو يل هو ف كر يم كن عن طري قة تف سير أي ش يء ل يُري م ثل المادة‬
‫بواسطة العوامل المادية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫و حتى نوضح تلك النقطة دعونا نسوق مثال الذهن‪ .‬فكما هو معروف أن ذهن أو عقل‬
‫الن سان ل يس شيئا " يُم سك بال يد و يُري بالع ين "‪ .‬إضا فة إلى ذلك ف هو ل يو جد أيضا‬
‫في مخ الن سان " مركزا خا صا بالذ هن "‪ .‬و ينقل نا هذا الو ضع سواء أأرد نا أم لم نُرد‬
‫إلى نتي جة وجود معنا للذ هن خلف – المادة‪ .‬أى أن " ا نا " ال تي نقول ها تع نى وجودا‬
‫لكائن يف كر و ي حب و يغ ضب و يحزن و يًع جب بش يء و يتألم و ل تع نى ذلك الوجود‬
‫المادي مثل الكرسي أو المنضدة أو الحجر‪.‬‬
‫أما الماديون‪ ،‬فيزعمون أنه " من الممكن تحويل الذهن إلى مادة "‪ .‬فيري أصحاب هذا‬
‫الزعم ان تفكيرنا و حبنا و حزننا و كافة انشطتنا العقلية عبارة عن تفاعلت كيميائية‬
‫تحدث ب ين الذرات الموجودة في امخاخ نا‪ .‬فحب نا و ولع نا بش خص ما ل يتعدى كو نه‬
‫تفاعل كيميائيا حدث فعي بععض الخليعا فعي أمخاخنعا و بنفعس الطريقعة فإن شعورنعا‬
‫بالخوف في مواج هة قض ية أو م سالة ما هي أيضا عبارة عن تفا عل كيميائي آ خر‪.‬‬
‫ويعبر الفيلسوف كارل فوجت ‪ Karl Vogt‬و هو من المؤيدين للفلسفة المادية عن هذا‬
‫المن طق قائلً " إن ال مخ يفرز أفكارا بن فس الكيف ية ال تي تفرز ب ها الحوي صلة المرار ية‬
‫في الكبد للسائل المراري "‪ 48 .‬غير أن السائل المراري هو بالفعل عبارة عن مادة و‬
‫لكن ل يوجد أي دليل يمكن ان يشير إلى أن الفكار هي الخري عبارة عن مادة‪.‬‬
‫إن الختزال او التحويل هو تنفيذ أو ادارة منطقي‪ .‬ال ان هذا التنفيذ المنطقي يمكن ان‬
‫يسعتند على السعس الصعحيحة و على السعس الخاطئة أيضا‪ .‬و العلم هعو واحعد معن‬
‫الطرق المهمة لتمييز الصحيح من الخاطيء‪ .‬و لهذا السبب يجب أن نسأل هذا السؤال‪:‬‬
‫هل من الممكن أن يستقيم المر إذا نحن قسنا " الختزال او التحويل " الذي يعتمد على‬
‫المادية بشكل أساسي بالمعطيات العلمي ؟‬
‫لقعد أظهرت كافعة البحاث العلميعة و نتائج التجارب و الملحظات التعي أجريعت فعي‬
‫القرن العشرين أنه يجب الجابة على هذا السؤال ب " ل "‪.‬‬
‫و تحدث في هذا الموضوع أي ضا ال ستاذ الدكتور وير نر ج يت ‪ Werner Gitt‬و هو‬
‫مدير معهد الفيزياء و التكنولوجيا بألمانيا على النحو التالي‪:‬‬
‫" إن أى نظام ترميز هو نتاج لسلسلة من العمليات الذهنية في كل زمان‪ .‬و يجب علينا‬
‫النتباه إلى نقطعة واحدة فعي هذا الموضوع; أن المادة ل يمكنهعا أن تصعنع كودا لى‬
‫معلومة‪ .‬و تسبر كافة التجارب إلى ضرورة وجود عقل سليم يستخدم الرادة الحرة و‬
‫الحكم و موهبة البتكار من اجل ظهور المعلومة‪ ...‬و ل يوجد اى قانون في الطبيعة‬

‫‪45‬‬
‫أو عمل ية فيزيائ ية أو م سألة ماد ية يم كن أن تض من قيام المادة با ستخلص و ا ستنتاج‬
‫المعلو مة‪ ...‬ك ما ل يو جد أى قانون في الطبي عة او عمل ية فيزيائ ية يم كن ان تض من‬
‫ظهور المعلومة من تلقاء نفسها داخل المادة‪49" .‬‬
‫إن كلمات ويرنر جيت هي في الوقت نفسه النتائج التي توصلت اليها " نظرية المعرفة‬
‫أو العلم" ال تي تطورت خلل ‪ 30-20‬عا ما الخيرة و يُن ظر الي ها باعتبار ها جزء من‬
‫الديناميكا الحرارية‪ .‬و تبحث نظرية المعرفة تلك في بنية و أصل العلم و المعرفة في‬
‫الكون‪ .‬أ ما النتي جة ال تي تم التو صل الي ها بف ضل البحاث ال ُمطَوّلة لقادة الف كر و العلم‬
‫فهي كالتى‪ " :‬إن العلم هو شيء مختلف و منفصل عن المادة‪ .‬و ل يمكن ان يتحول‬
‫العلم إلى مادة بأى حال معن الحوال‪ .‬و يجعب ان يتعم بحعث العلم و المادة كعل منهمعا‬
‫بمعزل عن الخر‪" .‬‬
‫تماما كمعا ذكرنعا فعي مثال ال ‪ DNA‬الذي تناولناه قبعل قليعل‪ ...‬يوجعد فعي ال ‪DNA‬‬
‫على حد قول العلماء الذ ين بحثوا هذا البناء " معلومة عظيمة "‪ .‬و اذا كان من المتعذر‬
‫تحويل او اختزال هذا العلم إلى مادة فل بد و انها تأتى من مصدر وراء‪ -‬المادة‪.‬‬
‫لقد قبل جورج سي ويليمز ‪ George C. Williams‬و هو احد أشهر المدافعين عن‬
‫نظر ية التطور بهذه الحقي قة ال تي لم ير غب مع ظم الماديون و أن صار فكرة التطور ان‬
‫يرونها‪ .‬لقد دافع ويليمز لسنوات طوال عن و بشكل متعصب عن مذهب المادية‪ ،‬ال‬
‫أ نه اعترف في احدي كتابا ته بتار يخ ‪ 1995‬أن الطرح القائل بان كل ش يء يا تى من‬
‫المادة انما يعبر عن خطأ وجهة النظر المادية " الختزال و التحول "‪:‬‬
‫لم يستطع علماء الحياء من المؤيد ين لفكرة التطور ح تى الن ان يدركوا أنهم يعملون‬
‫في مجالين مختلفين عن بعضه ما; و هذان المجالن ه ما المادة و العلم‪ ...‬كما ا نه ل‬
‫يمكن جمع هذين المجالين في مكان واحد مع القاعدة التي نعرفها باسم " الختزال أو‬
‫التحويل "‪ ...‬و كل واحد من الجينات عبارة عن رزمة صغيرة من المعلومات أكثر من‬
‫كون ها ج سم أو ش يء مادي‪ ...‬و عد ما تتحدثون عن ف يم معي نة م ثل الجينات في علم‬
‫الحياء و النماط الوراثية و الحواض الجينية فإنكم تكونوا قد تحدثتم فيما يتعلق بالعلم‬
‫و ليس بخصوص الجسام المادية‪ ...‬و يشير هذا الوضع إلى وجود مجالين مختلفين‬
‫للمادة و العلم و يجب أن يتم دراسة أصل هذين المجالين المختلفين بشكل منفصل كل‬
‫عن الخر‪50 .‬‬
‫يُعتبر الختزال أو التحويل أحد حاصلت المستوي العلمي المتدنى في القرنين الثامن‬

‫‪46‬‬
‫عشر و التاسع عشر‪ .‬لقد اعتمدت هذه الخدعة التي اتخذها مذهب الدارونية أساسا لها‬
‫على افتراض مفاده ان الحياة بسيطة و ان الصدفة هي المسبب لصل هذه الحياة‪ .‬إما‬
‫س لذلك تماما‪ .‬يو ضح البروفي سور‬
‫علم الحياء في القرن العشر ين فجاء ب ما هو عك ٌ‬
‫المتقاعد فيليب جونسون ‪ Philip Johnson‬من جامعة كاليفورنيا بيركيلي و المعروف‬
‫بأنه واحد من أهم نُقاد مذهب الدارونية في الوقت الحالي كيف ان الدارونية قد أغفلت "‬
‫العلم " الذي هو أساس الحياة و كيف انها فتحت الطريق امام خطأ على هذا الشكل‪:‬‬
‫ل قد كان خضوع علم الحياء الذي جاء ب عد دارو ين ل سيطرة و هيم نة الفل سفة الماد ية‬
‫السبب وراء افتراض علماء الحياء أن الكائنات الحية باعتبارها كتلة عضوية لها شكل‬
‫بسيط للغاية أكثر مما هو موجود فعل في الواقع‪ ( .‬و في رأيهم ) أن الحياة كانت يجب‬
‫ان تكون عبارة ععن الكيمياء فقعط‪ .‬أى أحضروا المواد الكيميائيعة إلى جانعب بعضهعا‬
‫الب عض لتو جد الحياة ب عد ذلك‪ .‬و بالش كل نف سه كان ي جب أن تكون نتا جا للكيمياء ف قط‬
‫فعي ال ‪ .DNA‬و قعد ععبر ععن هذا أحعد المعارض التعي أقيمعت فعي متحعف تاريعخ‬
‫الطبيعة في مكسيكو سيتي على النحو التالي‪:‬‬
‫" غازات بركان ية ‪ +‬صواعق = الحياة "‪ .‬و عند ما كان يتو جه أى ش خص ب سؤال‬
‫بخصوص هذه الحكاية‪ ،‬كان المسئول عن المتحف يزعم بأنها حكاية مبسطة و لكنها‬
‫صحيحة في أساسها‪51 .‬‬
‫بيد أن هذه الفتراضات البدائية و السطحية لم تفضي لشيء‪ .‬لقد اتفقنا في الجزء الول‬
‫من الكتاب أن الخلية و هي أبسط شكل للحياة معقدة لدرجة كبيرة لم يكن ليتخيلها أحد‬
‫من قبل و لهذا السبب فقد كانت " معرفة و علم " عظيمين‪ .‬لقد ثبت ان مسألة تحويل‬
‫المعر فة إلى مادة – م ثل القول بأن غازات بركان ية ‪ +‬صواعق = ‪ = DNA‬الحياة –‬
‫كانت مجرد ج هل كبير‪ .‬و يو ضح جون سون رأى العلماء " المؤيد ين لفكرة التحو يل أو‬
‫الختزال " موضوع حديثنا الذين يحاولون تحويل العلم و المعرفة إلى مادة على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫ل ينظعر العلماء المؤيدون لفكرة الختزال و التحويعل إلى الحقيقعة‪ ،‬و هعم يوجهون‬
‫اهتمامهعم بديل ععن ذلك إلى الحياة فعي ظعل برنامعج يكعن ان يصعل بأهداف فكرة‬
‫التحويل و الختزال إلى النجاح‪ .‬و هذا المر يتشابه تماما و حكاية انسان غير واعي‬
‫يفقد مفاتيحه وسط الدغال و لكنه يبحث عنها تحت ضوء مصباح موجود في الشارع‬
‫و عندمعا يسعأله سعائل ععن تصعرفه هذا يجيعب قائلً " حتعى أري المفاتيعح فهناك فعي‬

‫‪47‬‬
‫الدغال ل يوجد ضوء "‪52 .‬‬
‫و يف ضل عدد متزا يد من العلماء اليوم الذهاب إلى العنوان ال صحيح بدل من الب حث‬
‫عن المفتاح في المكان الخاطيء‪ .‬و هم يقبلون بالحقيقة الواضحة بدل من النخراط في‬
‫جهد يائس لن يؤدي إلى نتيجة في قوانين الطبيعة و المصادفة للبحث عن أصل العلم‬
‫العظ يم الذي أقام الحياة‪ :‬إن الحياة هي نتي جة لعمل ية خلق عبقر ية‪ .‬و يح تل العلم مكا نة‬
‫كبيرة للغاية في حياتنا سواء في الحاسبات و النترنت و أو الحياة نفسها‪ ،‬و أصبحت‬
‫هذه الحقيقة اكثر وضوحا في القرن الواحد و العشرين عما مضيى‪ .‬أما مذهب التطور‬
‫" الدارونيعة " التعي تعتقعد أن الحيعة بسعيطة و لم تسعتطع أن تلحعظ وجود " المعلومعة و‬
‫حكِ مَ عليها ان تُدفن في التاريخ مثلها مثل أى من أفكار القرن‬
‫المعرفة الحيائية " فقد ُ‬
‫التاسع عشر العتيقة‪.‬‬
‫أما الحقيقة فهي كالتى‪ :‬إن ال هو الخالق لكل أشكال الحياة على سطح الرض و من‬
‫نظمها بشكل دقيق ل ليس به نقص‪ .‬و الخلق هو صِنعة ال التي ل توازيها صِنعة‪ .‬لقد‬
‫خلق ال سبحانه و تعالي الن سان منزه عن كل ن قص أو ع يب‪ ،‬ب عد ذلك ن فخ ف يه من‬
‫روحعه‪ .‬أمعا الحواس التعي يمتلكهعا النسعان مثعل حاسعتى الرؤيعة و السعمع و المعانعى‬
‫المجردة مثعل التفكيعر و الحسعاس و الحعس فهعي معن خصعائص و قدرات " الروح "‬
‫التعي اعطاهعا ال للنسعان " و ليسعت نتيجعة للتفاععل اللشعوري بيعن الذرات "‪ .‬و ال‬
‫سبحانه و تعالي ُي َذكّر النسان في القرآن الكريم بما انعم عليه من قدرات‪:‬‬
‫ل ما تشكرون (‪ )23‬‬
‫‪ ‬قل هو الذي أنشأكم و جعل لكم السمع و البصار و الفئدة قلي ً‬
‫( سورة المُلك )‪.‬‬
‫و يح مل كل ان سان بداخلة الروح ال تي منح ها اياه ال و هو م سئول أمام ال الذي خلق‬
‫كل شيء من العدم‪ .‬و يخبرنا ال سبحانه و تعالي في القرآن الكريم عن خلق و موت‬
‫سيُترك هكذا حرا طليقا بل ضابط و ل رادع ‪:‬‬
‫ثم بعث كل من يتوهم انه َ‬
‫ك نُطفةً من م ني يُم ني (‪ )37‬ثم كان‬
‫ن ان يُتْرك سُدي (‪ )36‬ألم ي ُ‬
‫‪ ‬أيح سب الن سا ُ‬
‫سوّي (‪ )38‬فجعل منه الزوجين الذكر و النثى (‪ )39‬أليس ذلك بقادرٍ‬
‫علقةً َفخَلَ قَ فَ َ‬
‫على أن يُحي الموتى ‪ ( ‬سورة القيامة )‪.‬‬

‫ساد العتقاد قديما بوجود " دليل من علم الجنة " على التطور‬
‫”‪BİR ZAMANLAR EVRİME “EMBRİYOLOJİK KANIT VAR‬‬

‫‪48‬‬
‫‪SANILIYORDU‬‬
‫شرح تشارلز دارويعن فعي كتابعة الذي حمعل عنوان ‪The Descent of Man‬‬
‫( الظهور " المفاجيء " للنسان ) نظريته الخاصة بأصل النسان و الدلة التي يزعم‬
‫انه حصل عليها بخصوص هذا الموضوع‪ .‬و لم يحتوي كتابه ال على صورتين اثنتين‬
‫في الجزء الول منه أحدهما لنسان أما الخري فهي لجنة الكلب‪ " .‬و في أحد اجزاء‬
‫الكتاب التعي حملت عنوان " الدلة على تطور النسعان ععن صعورة متدنيعة " تحدث‬
‫داروين قائلً‪:‬‬
‫التطور الجنيني‪ :‬ينشأ النسان من بويضة واحدة ل يتعدى حجمها واحد على ‪ 125‬من‬
‫البوصة و ل تحمل هذه البويضة اية اختلفات تفرقها عن تلك التي في سائر الحيوانات‬
‫الخرى‪ .‬يم كن التمي يز ب صعوبة كبيرة ب ين الجن ين في مراحله المبكرة و ب ين سائر‬
‫الفقاريات الخري‪ .‬فيسعتمر فعي هذه المرحلة وجود الشقوق على جنعبي الرقبعة ( فعي‬
‫الجنين البشري )‪53 " .‬‬
‫يتحدث دارويعن بععد ذلك ععن وجود شبعة بيعن الجنيعن البشري و بيعن أجنعة الفقاريات‬
‫الخرى مثل القرد و الكلب‪ ،‬إل انه و مع تقدم مراحل " الحمل " يبدأ في الختلف عن‬
‫أج نة الفقاريات الخرى‪ ،‬و يز عم دارو ين أن آراءه تلك قد ا ستندت إلى الملح ظة‪ .‬و‬
‫قد عرّف داروين علم الجنة في خطاب ارسل به إلى صديق أصا جراي على انه "‬
‫واحد من أهم الحقائق التي تدعم نظريته " المزعومة‪54 .‬‬
‫إل أن داروين لم يكن في أى يوم من اليام واحد من علماء الجنة‪ .‬كما انه لم يقم في‬
‫اى يوم من اليام بوضع الجنة تحت عدسة المجهر لفحصها بشكل شامل دقيق‪ .‬لهذا‬
‫السبب فقد عمد داروين و هم يقيم حججه إلى القتباس من الشخاص الذين لهم باعا‬
‫في هذا المجال‪ .‬و قد لفت نظرنا اسم واحد على وجه الخصوص وضعه داروين في‬
‫الحاش ية‪ :‬هذا ال سم هو للعالم اللما نى ‪ Ernst Haeckel‬اِرنست هيكِل الذي زوّد‬
‫‪Natürliche‬‬ ‫كتابععة الذي حمععل عنوان ‪Schöpfungsgeschichte‬‬
‫( تاريخ الخلق الطبيعي ) بصور اجنة مختلفة و كتب تعليقه على هذه الصور‪.‬‬
‫و بذلك كان التار يخ سيذكر هيكِل ب عد مدة ق صيرة من الحقي قة باعتباره هو من علّق‬
‫على الجنة بشكل يتوافق و نظرية التطور‪.‬‬
‫لقد قرا هيكل بحماس شديد كتاب أصل النواع لداروين الذي نُشر عام ‪ 1859‬و تبني‬
‫كل ما جاء في هذا الكتاب لرجة انه اصبح اكثر تعصبا لفكرة التطور ربما اكثر من‬

‫‪49‬‬
‫دارو ين نف سه‪ .‬و قام ب سلسلة من البحاث و ألّف كتابا رغب ًة م نه في ان يشارك با سمه‬
‫فعي نظريعة التطور‪ .‬أمعا فعي كتابعه ( تاريعخ الخلق الطعبيعي ) الذي نُشعر عام ‪1868‬‬
‫فطرح نظر ية علم الجنة الذي سيكسبه الشهره الحقيقية‪ .‬و زعم هيكل في هذا الكتاب‬
‫أن بويضات النسعان و الحيوانات الخري كانعت على شكعل واحعد تماما فعي بدايعة‬
‫مرا حل التطور‪ .‬و دلّل على هذا ب صور أج نة الن سان و القرد و الكلب ال تي وضع ها‬
‫في الصفحة رقم ‪ 242‬من الكتاب‪ .‬و يري هيكل أن هذه الصور التي تبدوا متشابهة مع‬
‫بعضها تماما هي الدليل القاطع على أن هذه الكائنات الحية قد انحدرت من أصل واحد‬
‫مشترك‪.‬‬
‫و الحقيقة هي ان الكائنات الحية التي نتحدث عنها ليست هي التي انحدرت من اصل‬
‫وا حد و ان ما صور هذه الكائنات‪ :‬ل قد قام هي كل بر سم صورة لجن ين وا حد‪ ،‬ثم اجري‬
‫عليها تغيرات بسيطة للغاية و وضعها جنبا إلى جنب على انها صور لجنة النسان و‬
‫القرد و الكلب! و عندما طبع نفس الصورة جنبا إلى جنب مع النسخة الخري بدت و‬
‫كل صورة من هذه النسخ و كأنها صور طبيعية‪55.‬‬
‫و ها هو دارو ين ي ستعين بهذه " الدرا سة " في كتا به الظهور " المفاج يء " للن سان‬
‫كواحد من المصادر‪ .‬بيد ان داروين لحظ قبل ان يكتب كتابة هذا وجود تحريف كبير‬
‫في " درا سة " هي كل "‪ .‬ك ما جاء في مقالة حملت توق يع روتيم ير ‪ L. Rutimeyer‬و‬
‫نشرت فعي مجلة ‪ " Archiv für Anthropologie‬أرشيعف النثروبولوجيعا "‬
‫العلمية اللمانية في خلل عام ‪ 1868‬و هو نفس العام الذي نشر فيه هيكل كتابه أن ما‬
‫قام هيكعل ل يتعدى كونعه تزييفعا للحقيقعة‪ .‬و أعلن روتيميعر و هعو اسعتاذ الحيوان و‬
‫التشريح المقارن في جامعة باسيل ‪ Basel‬أنه قرء الكتابان اللذان قام هيكل بنشر صور‬
‫الجنعة فيهمعا و همعا ‪ ( Naturliche Schöpfungsgeschichte‬تاريعخ‬
‫الخلق ال طبيعي ) و ‪Über die Entstehung und den Stammba-‬‬
‫‪ ( um des‬حول شجرة الجنع‬
‫عس البشري و‬ ‫‪Menschengeschlechts‬‬
‫مرا حل تكوي نه ) و انتهي من بحثه لما جاء فيهما إلى أن صور الج نة التي أورد ها‬
‫هيكل ل علقة لها بالواقع تماما‪ .‬علّق روتيمير على هذا الموضع على انحو التالي‪:‬‬
‫" يز عم هي كل هذه الدرا سة من ال سهولة ال تي يم كن مع ها سواء لغ ير المتخ صصين أو‬
‫للباحث ين و الكاديمي ين على حد سواء فهم ها ب سهولة‪ .‬و أن احدا لن ي قف ضد الكا تب‬

‫‪50‬‬
‫م نذ اللح ظة الولي في كل ما جاء به‪ ،‬غ ير أن ما جاء به لم بالش يء الذي يم كن أن‬
‫ندافعع عنعه و نؤيده‪ .‬وهعي أمور مغلفعة بإجراءات شكليعة خاصعة بالعصعر الوسعيط‪ .‬و‬
‫أصبح من الواضح و الصريح الدلئل العلمية قد اُنتجت من العدم‪ .‬و لكن الكاتب عمد‬
‫إلى التصرف بشكل دقيق محكم حتى ل يُميّز ال ُقرّاء هذه الحقيقة‪56 " .‬‬
‫و على الر غم من هذا ا ستمر دارو ين مع علماء الحياء الخر ين الذ ين يدعمو نه في‬
‫شمّر عن ساعديه‬
‫قبول ما جاء به هيكل‪ .‬و هو المر الذي جعل هيكل أكثر نشاطا‪َ .‬ف َ‬
‫حتعى يجععل من علم الجنعة الدعامعة القويعة التعي تسعتند عليهعا الدارونيعة‪ .‬و لك ت كن‬
‫الملحظات التي قام بها تصلح لن تكون دعامة كتلك‪ ،‬و لكن كثير منها كانت تكسب‬
‫هذه ال صور و الر سوم اهميةً‪ .‬و قام في ال سنوات التال ية لذلك بع مل سلسلة من ر سوم‬
‫س َمنْدر و الرنب‬
‫الجنة المقارنة‪ .‬فأعد رسوما تخطيطية وضع فيها أجنة السماك و ال َ‬
‫و النسان إلى جانب بعضها البعض‪ .‬وما يلفت النظر في هذه المخططات أن التشابه‬
‫الكعبير بيعن أجنعة هذه الكائنات الحيعة المختلفعة ععن بعضهعا فعي المراحعل الولي كان‬
‫يختفي تدريجيا في مراحل التطور التالية ليختلف كل منها عن الخر‪ .‬و كان أكثر ما‬
‫لفت النتباه حقا هو ذلك التشابه الموجود بين أجنة السماك و أجنة البشر‪ .‬و وصلت‬
‫درجة التشابه بينهما لدرجة انه كان يُلحظ وجود خياشيم عند أجنة البشر شبيه ًة لما هو‬
‫موجود ع ند ال سماك‪ ،‬و أقام هي كل " نظري ته " المزعو مة ال تي أض في علي ها ال صبغة‬
‫العلمية بهذه الرسوم التي قدمها‪ :‬و هي تكرار لتاريخ نشاة و تطور الفرد و لتاريخ نشأة‬
‫و تطور ال سللت ( أي تكرار نشأة و تطور الفرد م نذ أن كان خل ية و ح تى البلوغ و‬
‫ضيَات ) "‪ .‬و تعنعى هذه‬
‫نشاة السعللت أى التاريعخ التطوري لمجموععة معن ال ُم َت َع ِ‬
‫الشعارات كالتالي‪ :‬فكمعا يري هيكعل أن كعل نوع معن النواع الحيعة يعيعش فعي أثناء‬
‫مرا حل التطور ال تي ي مر ب ها في البي ضة ال تي يق بع داخل ها أو في ر حم ا مة يع يش "‬
‫التار يخ التطوري " الخاص بنو عه م نذ البدا ية‪ .‬فمثلً الج نة البشر ية تتشا به في بدا ية‬
‫وجود ها في الب طن مع ال سماك‪ ،‬و ب عد ذلك و مع تقدم أ سابيع الح مل ت مر بمرا حل "‬
‫ل إلى مرحلة‬
‫تطوريعة " عدة مثعل مرحلة السعمندر و الزواحعف و الثدييات وصعو ً‬
‫النسان او البشر‪.‬‬
‫و قعد تحولت هذه الحكايعة التعي عرفعت باسعم " نظريعة التكرار " انطلقعا معن مفهوم‬
‫التكرار أو العادة ( ‪ ) recaputilation‬الموجودة فععي شعار " تكرار نشاة و تطور‬
‫الفرد و تكرار نشاة ال سللت " تحولت إلى وا حد من ا هم " القرائن و الدلئل " ال تي‬

‫‪51‬‬
‫دعمت التطور المزعوم على مر الزمنة‪ .‬و طوال القرن العشرين و مات المليين من‬
‫الطلب يرون في كتبهم الدراسية مخطط السمك – السمندر – السلحفاة ‪ -‬الدجاجة –‬
‫الرنب ‪ -‬النسان و نشؤ على حكاية " أن الجنة البشرية تحتوي على خياشيم "‪ .‬و‬
‫إذا سعألنا كثيعر جدا معن الشخاص الذيعن مازالوا يؤمنون حتعى الوقعت الحالي بنظريعة‬
‫التطور‪ ،‬ف ستكون نظر ية هي كل وحدة من ب ين عدة " دلئل على التطور " ستتوارد إلى‬
‫أذهانهم‪.‬‬
‫غير ان الحقيقة هى ان هذه الحكاية لم تتعد منذ البداية كونها مجرد تزييف جائر‪.‬‬
‫فالحقيقة ان الجنة ل يربطها مع بعضها علقة تشابه‪ .‬و أن ما قام به هيكل كان مجرد‬
‫خرافات ل ا ساس ل ها‪ .‬ل قد أضاف هي كل هكذا و من تلقاء نف سه أعضاءً تخيل ية لب عض‬
‫الجنة‪ ،‬و نزع اعضا ًء أخري من البعض الخر‪ ،‬و أظهر الجنة المختلفة عن بعضها‬
‫بشكل كبير من ناحية الحجم اظهرها جميعا في حجمٍ واحد‪.‬‬
‫فالشَق الذي رآه هيكل في الجنة البشر ية و اعتبره " خياشيم " ل علقة له في حقي قة‬
‫المر بالخياشيم‪ :‬فهذا الشق عبارة عن بداية تكوين الغدة الجنبدرقية " احدي أربع غدد‬
‫صعماء مجاورة للغدة الدرقيعة " و الغدة الصععتريّة " غدة صعغيرة موجودة بالقرب معن‬
‫قاعدة العنعق "‪ ( .‬و قعد اتضعح ايضا ان كافعة تشعبيهات هيكعل الخري لم تكون سعوي‬
‫خداع‪ :‬فقد اتضح أن الجزء الذي شبّهة ب " كيس صفار البيضة " لم يكن سوي الكيس‬
‫الذي ين تج الدم من ا جل الجن ين‪ .‬أ ما الجزء الذي عرّ فة هي كل و اتبا عه بأ نه " الذ يل "‬
‫ف هي عظام العمود الفقري في الن سان و قد ظ هر بش كل يش به الذ يل لن هذه العظام‬
‫تظهر مبكرا قبل ظهور عظام الساق‪) .‬‬
‫لم يظ هر الز يف الذي قام به هي كل في هذه الر سوم ال في بدايات القرن العشر ين و "‬
‫اعترف " هو نفسه أيضا و بشكل صريح بما قام به‪ .‬فنجده يقول‪:‬‬
‫كان ل بد ان أ قف في و قف المُدان و المُعاب عل يه ب عد أن اعتر فت ب ما ق مت به من‬
‫تزي يف و تشو يه للحقي قة‪ .‬إل ان عزائي الوح يد في هذا ال مر هو ان هناك مئات من‬
‫الصدقاء ممن يوثق فيهم من المراقبين علماء الحياء المشهورين قد وقفوا بجانبي و‬
‫شاركونعى رأيعى هذا ليعس هذا فحسعب بعل و ارتكبوا تزييفا يعادل معا ارتكبتعه انعا بمعا‬
‫نشروه في كتب علم الحياء التي ألّفوها و في رسائلهم و مجلتهم العلمية و التي حوت‬
‫معلومات غير مؤكدة قاموا بإعادة تنظيمها من جديد‪57 .‬‬
‫و مع هذا فقد استفاد النظام الدار وني للغاية من هذه الدعايا و لم يتوانى عن استخدام‬

‫‪52‬‬
‫هذه الدوات الدعائية لصالحة‪ .‬و تم غض الطرف هذا التزييف العلمي للرسومات‪ .‬و‬
‫ظلوا طيلة عشرات السنوات يعرضون كثير جدا من هذه الرسوم التطورية على الناس‬
‫و في الكتب الدراسية على انها حقائق علمية‪.‬‬
‫إل انه و مع النصف الثانى من التسعينات ظهر هناك من بدا يتحدث بصوت عالي عن‬
‫تزييعف هيكعل لهذه الرسعومات‪ .‬فنُشعر مقال فعي عدد مجلة العلم الشهيرة الصعادر فعي‬
‫تار يخ ‪ 5‬أيلول عام ‪ 1997‬او ضح أن ر سومات الج نة ال تي وضع ها هي كل ل تتعدي‬
‫كونهما نتاجا لعملية تزييف تمت‪ .‬وتحدث اليزابيث بينيسي ‪ Elizabeth Pennisi‬في‬
‫مقالة له بعنوان " لقد تم اكتشاف تزييف أجنة هيكل من جديد " على النحو التالي‪:‬‬
‫يقول عالم الج نة ميش يل ريتشارد سون من مدر سة سانت جورج الطب ية في لندن " إن‬
‫النطباع الذي ترك ته ( ر سوم هي كل ) أي انطباع وجود تشا به ب ين الج نة و بعض ها‬
‫البععض كان انطباعا خاطئا "‪ ...‬لقعد بحعث ميشيعل ريتشاردسعون و أصعدقائه أجنعة‬
‫الكائنات الحية من نفس نوع و عمر الجنة التي رسمها هيكل و التقط لها صورا قارن‬
‫بينهعا و بيعن تلك عرضهعا هيكعل‪ .‬و فعي مقالة له كتبهعا فعي مجلة علم التشريعح و علم‬
‫الج نة ر صد ريتشارد سون ملحظا ته قائلً " تبدوا الج نة مختل فة عن بعض ها الب عض‬
‫في معظم الوقات بشكل يثير الدهشة "‪58 .‬‬
‫و كا نت مجلة العلم قد تحد ثت عن قيام هي كل إ ما بتع مد ا ستنتاج ب عض العضاء من‬
‫ال صور اوا نه أضاف أعضاءً خيال ية ل وجود ل ها رغب ًة م نه في ايجاد عل قة التما ثل‬
‫المزعومة بين الجنة و اوردت المعلومات التالية أيضا ً بهذا الخصوص‪:‬‬
‫يري ريتشارد سعون و فريقعه ان هيكعل لم يكتعف بإضافعة العضاء أو او اسعتنتاج‬
‫وجود ها بش كل خاط يء ف قط بل قام في الو قت نف سه بالل عب في أمور أ كبر من ذلك‬
‫رغبة منه في اظهار تشابه بين النواع المختلفة‪ ،‬فقد عرض بعض الجنة في صور‬
‫أ كبر عشرة أضعاف من حجم ها الحقي قي‪ .‬و ح تى يتم كن من اخفاء الختلفات تهرّب‬
‫من تسمية هذه النواع و قام بعرض نوع واحد و كأنه الممثل عن الفصيلة الحيوانية‪.‬‬
‫و يري ريتشارد سون و فري قه أ نه ح تى في أج نة النواع ال سمكية القري بة للغا ية من‬
‫بعضها البعض توجد فروق كبير ٌة جدا سواء من ناحية شكلها أو من ناحية مراحل و‬
‫وتيرة تطورها‪ .‬و يقول ريتشارد سون أيضا " لقد تحولت ( صور هيكل ) إلى واحدة‬
‫من أكبر الزيف في علم الحياء "‪59 .‬‬
‫و قعد تناولت احدي المقالت التعي نشرت فعي مجلة العلم موضوع التكتعم الذي فرض‬

‫‪53‬‬
‫على اعترافات هيكل اعتبارا من بدايات هذا القرن و بدأ تدريس هذه الصور في الكتب‬
‫الدراسعية على اعتبار انهعا حقيقعة علميعة مسعلم بهعا على النحعو التالي‪ " :‬لقعد ضاععت‬
‫اعترافات " هي كل " تما ما ب عد صدور كتاب في عام ‪ 1901‬بعنوان “ ‪Darwin and‬‬
‫‪ ( “ After Darwin‬دارو ين و ما بعد دارو ين ) احتواء هذا الكتاب على صور ال تي‬
‫اوردهعا هيكعل‪ .‬و انتشرت هذه الصعور بشكعل موسعع للغايعة فعي كتعب علم الحياء‬
‫النجليزية‪60 " .‬‬
‫و في ‪ 16‬تشرين الول ‪ 1999‬نُشرت مقالة في ‪ New Scientist‬تحدثت عن زيف‬
‫حكاية علم الجنة الخاص بهيكل و بعدها عن الحقيقة على النحو التالي‪:‬‬
‫عُرفت نظرية هيكل باعتبارها " قانون النشوء الحيوي " و في خلل مدة زمنية قصيرة‬
‫أصعبحت هذه الفكرة اكثعر رواجا بيعن الناس باعتبارهعا " خلصعة الموضوع "‪ .‬أمعا‬
‫الحقي قة ف قد ظهرت ب عد ذلك بمدة ق صيرة عند ما و ضح بش كل قا طع عدم صحة قانون‬
‫هيكل‪ .‬فعلي سبيل المثال اتضح ان ألجنة البشرية في مراحل النمو المبكرة لم يكن لها‬
‫أيعة خياشيعم مثعل التعي فعي السعماك كمعا انهعا لم تمعر بأى مرحلة مشابهعة لى معن‬
‫الزواحف الناضجة أو للقرد ايضا‪61 .‬‬
‫و بذلك تكون نظرية " الخلصة " التي يمكن اعتبارها أكثر " أدلة التطور " رواجا في‬
‫كل الزمنة قد انهارت بالفعل‪.‬‬
‫و بهذا الشكعل يكون تزييعف هيكعل قعد انكشعف أيضا ‪ .‬و على الرغعم معن هذا فهناك‬
‫تزييفات أخري قريبة لما قام به هيكل و ما زالت مستمرة حتى الن‪.‬‬
‫هذه التزييفات هي تزييفات دارو ين‪ .‬فدارو ين و ك ما اوضح نا في البدا ية‪،‬أ خذ صور‬
‫هي كل و تعليقا ته و الراء المختل فة للعلماء الخر ين و ا ستفاد من كل هذه الشياء في‬
‫تدعيم نظريته‪ .‬و مع هذا فلم تكن هذه النقطة وحدها هي التي ابتعد فيها داروين عن‬
‫الصعدق‪ .‬فهناك نقطعة أخري أكثعر اثارة معن النقطعة السعابقة و هعي أن دارويعن وقعف‬
‫معارضا و بشدة لراء كارل انر ست فون ب ير ‪ Karl Ernest Von Baer‬الذي كان‬
‫ألمع علماء الجنة في هذا الوقت‪ .‬و حقيقة هذا الموضوع التي اوضحها جوناثان ويللز‬
‫في كتا به ‪ " Icons of Evolution‬أيقونات التطور " هي أن فون ب ير لم ي كن يؤ من‬
‫بنظر ية دارو ين ل يس هذا فح سب و كان م من وقفوا ضد ها بشدة‪ .‬و عارض فون ب ير‬
‫أيضا و بشكل قاطع التأويلت التطورية التي تم الزج بها إلى علم الجنة; و كتب في‬
‫هذا الموضوع قائلً " ل يمكعن لجنعة الحيوانات العليعا ان تتشابعه فعي أى وقعت معن‬

‫‪54‬‬
‫الوقات مع شكل آخر مختلف عنها‪ ،‬فليس لها من شبيه ال الجنة التي من نفس نوعها‬
‫فقط "‪ 62 .‬و اشار إلى ان أنصار داروين من المنتسبين إلى العقيدة( الدوغماتية ) "‬
‫فهم يؤيدون فرضية التطور الدارونية تأييدا أعمي قبل أن يدرسوا الجنة نفسها " ‪63‬‬
‫إل ان داروين اصطدم بداية من الطبعة الثالثة لكتابة أصل النواع مع آراء فون بير و‬
‫تعليقا ته و ما تو صل ال يه من نتائج ل يس هذا فح سب بل و اعتبر ها دليلً على صحة‬
‫نظريته‪ .‬يشير جوناثان ويلز إلى هذا الموضوع على النحو التالي‪:‬‬
‫ل قد اقت بس دارو ين عن ب ير فون باعتباره م صدر أدل ته في علم الج نة‪ ،‬ال ان النق طة‬
‫المه مة في هذا هي ا نه حرّف و شَوّه هذه الدلة ح تى تتوا فق مع نظري ته‪ .‬إل ان فون‬
‫ب ير و قف ضد ا ستخدام دارو ين بش كل جائر لملحظا ته و تجار به ال تي قام ب ها و ظل‬
‫على موقفة كواحدٍ من أقوي المعارضين لفكرة التطور الدارونية حتى وافته المنية في‬
‫عام ‪ .1876‬و معع هذا اسعتمر دارويعن فعي اظهار بيعر كمرجعع أخعذ منعه و انعه معن‬
‫المؤيدين له و لنظريته على الرغم من معارضة بير الواضحة له‪64 .‬‬
‫باختصار‪ ،‬لقد استغل داروين الظروف البدائية للفترة التي عاش فيها ل ليستنبط آراء و‬
‫أفكارا علم ية خاطئ ًة تعت مد على الحكام الم سبقة ف قط بل و ليحرف أيضا نتائج أبحاث‬
‫قام بها علماء آخرين مستفيدا من عدم كفاية وسائل العلم‪.‬‬
‫و إن كان ظهور هذه الحقي قة و جلء ها قد جاء متاخرا إل ا نه كان ضر بة قا سية بأى‬
‫حال من الحوال للدار ونية‪ .‬لقد وجد داروين نفسه بسبب تزييفات هيكل اكثر قوة لهذا‬
‫كان ين ظر إلى علم الج نة على حد قوله أ نه " أقوي درجات الحقي قة ال تي تم ثل دليل‬
‫على صحة "‪65 .‬‬
‫لقد انخدع كثير جدا من الناس بهذه الحكاية‪ ،‬و اقتنعوا نظرية التطور مصدقين بجهل و‬
‫سطحية بوجود خياشيم عند النسان في فترة من الفترات‪.‬‬
‫و لكن كان هذا في فترة من الفترات‪...‬‬
‫و لم يععد يخفعي على أحعد أن علم الجنعة ليعس دليل او قرينعة تؤيعد الدارونيعة‪ .‬و معن‬
‫الضروري تكرار نفس الشعار في علم الجنة أيضا‪:‬‬
‫يوما ما كان هناك شيء اسمه الدارونية! ‪...‬‬

‫‪55‬‬
‫يوما ما كان هناك ما يسمي بحكاية السمات ال ُم َميّزة الخاطئة‬
‫‪BIR ZAMANLAR HATALI ÖZELLIKLER HIKAYESI VARDI‬‬
‫ريتشارد داوكينعز ‪ Richard Dawkins‬هعو واحعد معن علماء الحياء الذيعن‬
‫عُرفوا على مستوي العالم بتاييدهم لنظر ية التطور‪ .‬و لك تكن ابحاث داوكينز في علم‬
‫الحيوان بوصفه بروفيسور علم الحيوان في جامعة اوكسفورد هو السبب وراء نجاحه‬
‫و شهرته بل كان الحاحه الدائم في الظهور في موقف المدافع عن الدارونية و المذهب‬
‫اللحادي هو السبب وراء هذه الشهرة‪.‬‬
‫‪The‬‬ ‫و فعععي عام ‪ 1986‬نشعععر داوكينعععز كتاب له بعنوان ‪Blind‬‬
‫‪ .Watchmaker‬و تحعت هذا العنوان الذي يعنعى " صعانع السعاعات العمعى "‪،‬‬
‫يحاول داوكي نز اقناع قرّائه ان ال سمات المعقدة الموجودة فعي الكائنات الح ية ان ما هي‬
‫احدي نواتج آلية الصطفاء الطبيعي التي تتم بل شعور‪ .‬و تستند هذه المحاولة للقناع‬
‫على المضاربات في كث ير من الما كن و على الت شبيهات و الح سابات الخاطئة و قد‬
‫فسر العلماء ذلك بشكل مفصل في يومنا الحالي‪66 .‬‬
‫تعتعبر فكرة " السعمات المميزة الخاطئة الموجودة فعي الكائنات الحيعة " واحدة معن‬
‫الدعاءات التي نادي بها داوكينز‪ .‬يدافع داوكينز عن ان هناك بعض البنية الموجودة‬
‫في الكائنات الحية لها خصائص و سمات غير منت جة و من ثم ف هي سمات خاطئة و‬
‫من ه نا ف هو يحاول أن يم حو حقي قة وجود خلق كا مل بل نوا قص‪ .‬و من أك ثر المثلة‬
‫التي يسوقها داوكينز على ذلك مثال " الشبكية المقلوبة " الموجودة في كل الفقاريات بما‬
‫فيها النسان‪.‬‬
‫يُعنى بمفهوم الشبكية المقلوبة أن خليا " ادراك الضوء " تستقر في الطرف الخلفي من‬
‫العيعن أى أن اتجاههعا إلى الجزء الخلفعي من العيعن و ليعس باتجاه الضوء مباشرة‪ .‬و‬
‫تو جد ال سطح ال تي تدرك الضوء في هذه الخل يا باتجاه الخلف‪ ،‬أ ما الع صاب ال تي‬
‫تخرج معن هذه الخليعا فتشكعل طبقةً تفصعل بيعن الخليعا و الضوء‪ .‬و تتجمعع هذه‬
‫الع صاب في مكان معلوم من الع ين و تخرج جميع ها إلى الخارج من قناة موجودة‬
‫في هذا المكان‪ .‬و لن هذه القناة ل تحوي فوقها خلية من خليا ادراك الضوء‪ ،‬فإنه ل‬
‫يتم في هذه النقطة ايضا أى ادراك للضوء‪ .‬من أجل هذا السبب يطلق على هذه النقطة‬
‫اسم " النقطة العمياء "‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ل قد ا ستغل ان صار نظر ية التطور الو ضع " المقلوب " للشبك ية و النق طة العمياء ال تي‬
‫يكونها هذا الوضع‪ ،‬و زعموا بوجود خطأ و قصور في خلق العين‪ ،‬لهذا السبب تمادوا‬
‫في ادعاءات هم قائل ين بأن الع ين قد وجدت اول ما وجدت بوا سطة طري قة ال صطفاء‬
‫الطبيعي و أنه من الضروري و الطبيعي أن نتوقع حدوث مثل هذا الشيء الغريب‪ .‬إن‬
‫ريتشارد داوكينز و كما اوضحنا من قبل هو الشخص الذي عرفة الجميع بأنه هو من‬
‫أوجعد هذا الجدل‪ .‬لقعد كتعب داوكينعز مقالة له فعي ‪The Blindwatchmaker‬‬
‫تحدث فيها عن هذا الموضوع على النحو التالي‪:‬‬
‫من الشياء الم سلة ل كل مهندس أن عمل ية توج ية خل يا ادراك الضوء صوب الضوء‬
‫تقتضي أن نمد الكابلت الخاصة بها نحو الخلف اى جهة المخ‪ .‬لهذا سيجد أن وجود و‬
‫اتجاه الخليا الدراكية بعيدا عن الضوء و وجود الكابلت الخاصة بها في أقرب مكان‬
‫للضوء انمعا هعو تصعميم خاطيعء للعيعن‪ .‬و معع هذا فهذا الوضعع موجود فعي كعل‬
‫الفقاريات‪67 .‬‬
‫لقد اخطأ كل من داوكينز الذي فجر هذه الدعاءات و من آمنوا بفكره أيضا‪ .‬و السبب‬
‫في الخطأ الذي وقعوا فيه انما يرجع إلى جهل داوكينز بتشريح و فسيولوجية العين‪.‬‬
‫عل دينتون ‪ Mıchael Denton‬البروفيسع‬
‫عور‬ ‫عيل ميشيع‬
‫عع بالتفصع‬
‫تناول هذا الوضع‬
‫المتخصص في الحياء الجزيئيه في جامعة اوتاجو و المعروف بأنه من أشد المنتقدين‬
‫في يومنا الحاضر لمذهب الدارونية‪ .‬يحكي دينتون في مقالته العلمية التي نشرت في‬
‫‪The‬‬ ‫‪Iverted‬‬ ‫‪ Origins‬و حملت عنوان ” ‪Retina:‬‬ ‫&‬ ‫مجلة ‪Design‬‬
‫‪ ( ”?Maladaptation or Ore-adaptation‬الشبكيعة المقلوبعة‪ :‬هعل هعو َت َكيّفع‬
‫خاطيء أم أنه تكيف كان مقصود و مُخطط له منذ البداية؟ )‪ ،‬يحكي كيف أن " الشبكية‬
‫المقلو بة " التي اعتبرها داوكي نز " سمة خاطئة " قد خُل قت في أفضل مكان و وضع ية‬
‫يمكن ان تكون عليها من اجل عين الفقاريات‪ .‬و يلخص لنا دينتون ما توصل اليه كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫إذا فكرنعا فعي مدي احتياج خليعا ادراك الضوء الموجودة فعي شبكيعة الفقاريات إلى‬
‫الطا قة‪ ،‬فإن نا ندرك عند ها أن الت صميم المقلوب و المد هش لع ين الفقاريات لم ي كن في‬
‫يوم معن اليام تحديا موجها للغائيعة " العتقاد بأن كعل شيعء فعي الطبيععة مقصعود بعه‬
‫تحقيعق غايعة معينعه " بعل و على العكعس لقعد كان هذا الوضعع بمثابعة الحعل الخاص و‬
‫المثل الذي يمكن عن طريقة امداد خليا ادراك الضوء في الفقاريات العليا بالكسجين‬

‫‪57‬‬
‫و الغذاء اللزم لها‪68 .‬‬
‫و ح تى ي مك ان نف هم الحقي قة ال تى و قف علي ها دينتون و لم ي ستطع داوكي نز ادراك ها‪،‬‬
‫فإن ها ي جب علي نا ان نحدد أول مدي حا جة خل يا ادراك الضوء في الشبك ية للطا قة و‬
‫الوك سجين بكميات كبيرة‪ .‬تكون هذه الخل يا ال تي ن حن ب صدد الحد يث عن ها م سرحا‬
‫لتفاعلت كيميائ ية معقدة تحدث كل ثان ية او كل جزء من ها طال ما ن حن أعين نا معر ضة‬
‫للضوء‪ .‬تقود هذه الخل يا بإدراك الفوتونات و هي أ صغر أجزاء الضوء‪ .‬و يحدث هذا‬
‫الدراك نتيجعة لتفاعلت كيميائيعة مفصعلة إلى حعد معا يبتدئهعا الفوتون‪ .‬و تحدث هذه‬
‫العملية بشكل مفصل و سريع لدرجة أن أنها و على حد قول دينتون نفسه " طبقة خليا‬
‫ادراك الضوء يكون لها في اثناء ذلك أكبر سرعات أيضية داخل كل النسجة المعروفة‬
‫‪69 ".‬‬
‫م ما ل شك ف يه ان خل يا الشبك ية تحتاج في أثناء ذلك إلى كميات كبيرة من الطا قة‬
‫ح تى يمكن ها الحتفاظ بعمل ية ال يض تلك م ستمرة‪ .‬و تبلغ ن سبة احتياج خل يا الشبك ية‬
‫البشر ية لكميات من الك سجين ض عف ما تحتاج ال يه الكُلْ ية‪ ،‬و ثل ثة أضعاف حا جة‬
‫الخل يا طب قة القشرة المخ يه في ال مخ و ستة اضعاف حا جة الخل يا ال تي تكوّن غشاء‬
‫القلب‪ .‬و الكثر من هذا كل هذه المقارنات قد تمت آخذين طبقة كل طبقة الشبكية في‬
‫الساس; أما حاجة خليا ادراك الضوء و التي تشكل أقل من نصف هذه الطبقة فهي‬
‫أعلي معن عموم الطبقعة‪ .‬و قعد تحدث جعي‪ .‬ل‪ .‬وولز ‪ G. L. Walls‬فعي كتابعه‬
‫الموسعوعي ‪ ( The Vertebrate Eye‬العيعن عنعد الفقاريات ) ععن مدي حاجعة هذه‬
‫الخليا " بشغف " للغذاء و الوكسجين‪70 .‬‬
‫إذن فكيعف يمكعن تلبيعة هذه الحتياجات الخارقعة للعادة لتلك الخليعا التعي تمكننعا معن‬
‫البصار؟‬
‫م ما ل شك ف يه ان هذا الش يء ي تم عن طرق الدم مثله في ذلك م ثل ما يحدث في كل‬
‫أجزاء الجسم الخري‪...‬‬
‫حسنا من اين يأتى الدم إذن؟‬
‫و نخرج بذلك من هذه النقطة بحقيقة أن وضع " الشبكية المقلوبة " هو دللة على خلق‬
‫عظيم ل تشوبه شائبة‪ .‬و هناك نسيج شريانى خاص للغاية يقع خلف طبقة شبكية العين‬
‫مباشرة يلف هذه الطبقعة و يحيعط بهعا تمامعا مثعل الشبكعة‪ .‬و قعد كتعب دينتون فعي هذا‬
‫الموضوع على النحو التالي‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫تعمل مجموعة من الشعيرات الدموية الخاصة يطلق عليها اسم "‪choriocapilla-‬‬
‫‪ "ris‬بتلبيعة حاجات خليعا الدراك المهولة معن الوكسعجين و الغذاء‪ .‬و تتحعد هذه‬
‫الشعيرات الدموية في مكان خلف خليا الدراك مباشرة مكون ًة طب قة غن ية واسعة من‬
‫الشعيرات الدموية‪ .‬و ل يوجد بين هذه الطبقة و خليا ادراك الضوء سوي حوائط من‬
‫الخليا و غشاء يطلق عليه اسم " غشاء ‪ ; " Bruch‬و تشكل هذه الحوائط مع الجدار‬
‫حدا دقيقا لب عد الحدود بح يث ل ي سمح ال بمرور الغذاء الذي تحتاج ال يه خل يا ادراك‬
‫الضوء‪ .‬و يتراوح ق طر الشعيرات الدمو ية ب ين ‪ 18‬و ‪ 50‬مِكرون " وحدة قيا سية "‪،‬‬
‫و هو ح جم أك ثر ات ساعا من الشراي ين العاد ية‪ .‬و تش ير كل المؤشرات إلى ان شب كة‬
‫القنوات الشريانية تلك قد تكيّفت كي تقوم بوظيفتها في تغذية طبقة خليا ادراك الضوء‬
‫بمقدار وفير من الدماء‪71 .‬‬
‫تحدث في هذا الموضوع أيضا البروفيسور جيمس ت‪ .‬ميكواين ‪James T. McIl-‬‬
‫‪ wain‬فعي كتابعة ‪An Introduction to the Biology of Vision‬‬
‫( مدخعل إلى البصعار فعي الكائنات الحيعة ) حيعث قال " بسعبب حاجعة خليعا ادراك‬
‫الضوء الما سة إلى الغذاء " فهناك في الع ين تو جد ا ستراتيجية تهدف إلى اغراق ΄‬
‫غلف العين المشيمى΄ بالدماء‪ ،‬و بذلك ل يمكن ان تحدث اية مشكلة في مسألة توفير‬
‫الطاقة اللزمة‪72 " .‬‬
‫لهذا ال سبب تو جد خل يا إدراك الضوء في و ضع " مقلوب "‪ .‬أى ان هناك ا ستراتيجية‬
‫من وراء ذلك‪ .‬فبناء الشبكية المقلوب ليس " خطأً " كما كان يظنه داوكينز بل هو دليل‬
‫على خلق قُصِد به تحقيق هدف بعينه‪.‬‬
‫لقعد بحعث دينتون فعي مقالتعه المذكور إمكانيعة وجود أو عدم وجود تصعور آخعر لعمعل‬
‫الشبكيعة خلف ذلك الذي ذكره‪ .‬و كانعت النتيجعة عدم وجود امكانيعة أخري لعمعل‬
‫الشبكية‪ .‬فلو كانت شبكية العين" مستوية " كما اقترح داوكينز أى أن تكون خليا ادراك‬
‫الضوء في وضع مواجه تماما للضوء فسوف تبتعد هذه الخليا بذلك عن الشرايين التي‬
‫تقوم بوظيفعة إمدادهعا بالغذاء اللزم و سعتظل محرومعة بشكعل كعبير معن الغذاء و‬
‫الوكسجين الذي تحتاج اليه كثيرا‪ .‬فامتداد الشرايين إلى داخل طبقة الشبكية ليس حلً‬
‫أيضا‪ ،‬لن الع ين ستفقد مع ذلك قدرا كبيرا من قدرت ها على الب صار و ستتكون كث ير‬
‫من النقط العمياء داخلها‪.‬‬
‫يعلق دينتون على ذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫لو دقق نا في مدي ع مق ت صميم شبك ية الع ين ع ند الفقاريات‪ ،‬ف سوف يت ضح ل نا أن أى‬
‫سعمة أو خاصعية موجودة فيهعا ل بعد و أن يكون لهعا فائدة‪ .‬و لو أننعا أردنعا أن نقوم‬
‫بتصعميم عينا تكون على أعلي درجعة ممكنعه معن الحسعاسية و الدقعة و الوضوح فعي‬
‫الرؤية فسنجد انفسنا من جديد أمام تصميم العين في الفقاريات بشبكيتها المقلوبة‪73...‬‬
‫باختصار إن الجدل الذي أثاره داوكينز و غيره من انصار التطور الخرين بخصوص‬
‫" الخطأ الموجود في العين " انما مصدره الجهل وحده‪ .‬و قد أثبتت البحاث التي تمت‬
‫بإدراك و علم كعبيرين ععن تفاصعيل الحياة مدي خطعأ هذه النظريعة‪ .‬و هذا أمعر ليعس‬
‫بالغريب فتاريخ الدارونية قد شهد كثير جدا من " الجدل القائم على الجهل "‪ .‬و هذه هي‬
‫حكاية العضاء الضامرة كاملة‪.‬‬

‫‪Körelmiş Organlar Hika-‬‬ ‫حكاية العضاء الضامرة‬


‫‪yesi‬‬
‫هل سمعتم من قبل عن حكاية " العضاء الضامرة " التي فقدت وظائفها بمرور الزمن‬
‫على الر غم ان ها كا نت تؤدي وظائف مه مة ع ند " ال سلف التطوري ين " الخيالي ين من‬
‫قبل؟‬
‫من المحتمل ان تكونوا قد سمعتم بهذه الحكاية‪ .‬فقد سمع بها عدد كبير جدا من الناس‪.‬‬
‫لن حكايعة " العضاء الضامرة " التعي نتحدث عنهعا‪ ،‬كانعت احدي مسعتلزمات الدعايعا‬
‫الخاصة بداروين و غيرة من انصار نظرية التطور‪.‬‬
‫بدات هذه الحكاية مع داروين‪ .‬فقد تحدث داروين في حديثة عن أصل النواع عن أن‬
‫هناك اعضاء " ضعفعت أو فقدت وظيفتهعا تماما "‪ .‬و شبّهع هذه العضاء التعي عرّفهعا‬
‫روديمنتري "‪ "Rudimentary‬بأنهعا " بكل مة ( بدائ ية ) بأنهعا م ثل الحروف ال تي‬
‫نكتبها داخل كلمة ما و لكننا ل نستطيع قراءتها لذا فهي حروف ليس لها تأثير‪74 .‬‬
‫و لكن ها كا نت مثل ها م ثل با قي ادعاءات الدارون ية الخري مجرد خرا فة وجدت قوت ها‬
‫من المستوي العلمي البدائي في ذلك العصر‪ .‬و تقدم العلم‪ ،‬أخذت المور تتضح رويدا‬
‫رويدا فهذه العضاء التي اعتبرها داروين " اعضاءا ضامرة " لها في الحقيقة وظائف‬
‫مهمعة للغايعة‪ .‬أمعا العضاء التعي يقولون عنهعا " ل تؤدي وظيفعة " فهعي اعضاء " لم‬
‫ي ستطع أ حد ح تى الن تحد يد وظيفت ها بد قة "‪ .‬و كل ما تم كن العلم و العلماء من تحد يد‬
‫وظائف بععض هذه العضاء كلمعا تناقصعت و تضاءلت قائمعة " العضاء الضامرة "‬

‫‪60‬‬
‫الطويلة ال تي يعدد ها أن صار التطور‪ .‬ف قد ض مت قائ مة العضاء الضامرة ال تي اعلن ها‬
‫عالم التشريح اللمانى ‪ R. Wiedersheim‬ما يربو من ‪ 100‬عضو مثل عظام‬
‫الذ يل المضغو طة و الزائدة الدود ية‪ ( .‬والزائدة الدود ية ‪ apandis‬هي ع ضو عر فة‬
‫المجتمعع خطا على انعه كلمعة '‪ 'apandisit‬أى" التهاب الزائدة الدوديعة "‪ .‬فكلمعة '‬
‫‪ " 'apandisit‬التهاب الزائدة الدودية " هي اسم يطلق على تعرض هذا العضو لنوع‬
‫من العدوي و ليس كما يتم تعريفه بشكل خاطيء في لغتنا‪ 75) .‬و كلما تقدم العلم كلما‬
‫َت َكشّف بشكل أكبر ان كل عضو من العضاء التي ضمتها قائمة ‪Wiedersheim‬‬
‫له وظائف كثيرة مهمعة داخعل الجسعم‪ .‬فمثل تعم العلن ععن ان الزائدة الدوديعة التعي‬
‫اُع ُتبِرت أحعد " العضاء الضامرة " هعي فعي حقيقعة المعر جزء معن الجهاز الليمفاوي‬
‫الذي يت صدى للميكروبات ال تي تد خل إلى الج سم‪ .‬و قعد تم ايضاح هذه الحقي قة على‬
‫النحو التالي في احدي المقالت بعنوان "‪Examples of Bad Design Go-‬‬
‫‪ ( "ne Bad‬انهيار نماذج التصعميم السعيئ ) معع لشارة إلى م صادر علم التشر يح‬
‫الساسية المتنوعة‪:‬‬
‫ل قد أشارت نتائج ف حص الزائدة الدود ية ت حت الميكرو سكوب إلى احتوائ ها على ن سيج‬
‫ليمفاوي بنسب كبيرة إلى حد ما‪ .‬و يتشابه هذا النسيج و تراكمات نسيجية أخري يمكن‬
‫رؤيتها في اجزاء أخري من جهاز المناعة ( و يطلق على هذه النسجة اسم ‪GALT‬‬
‫أى النسجة الليمفاوية الخاصة بنظام المتصاص )‪ .‬و تتمتع هذه النسجة بالقدرة على‬
‫التعرف على الجينات المضادة الموجودة في المواد التي تدخل الجسم عن طريق البلع‪.‬‬
‫و لقد توسعت في دراستي تلك على دراسة الوظائف المناعية للمعاء‪.‬‬
‫فقد أثبتت التجارب التي اجريت على الرانب ان الفراد حديثي الولدة الذين خضعوا‬
‫لعملية استئصال الزائدة الدودية قد أصيبوا بخلل في التطور المناعي للغشاء المخاطي‪.‬‬
‫كمعا أظهرت نتائج الدراسعات المورفولوجيعة و الوظيفيعة التعي أجريعت على الزائدة‬
‫الدودية عند الرانب أن الزائدة الدودية لها دور معادل للكياس الهوائية " الحويصلت‬
‫الهوائ ية " الموجودة في الثدييات‪ .‬و من المعروف أن هذه الحوي صلت الهوائ ية تل عب‬
‫دورا أساسيا في تطور المناعة السائلة عند الطيور‪.‬‬
‫لقعد أظهرت أوجعه التشابعه المجهريعه و المناعيعة بيعن الزائدة الدوديعة عنعد الرنعب و‬
‫النسعان أن الوظيفعة التعي تؤديهعا الزائدة الدوديعة فعي النسعان مشابهعة لوظيفتهعا فعي‬
‫الر نب‪ .‬تتم تع للزائدة الدود ية ع ند الن سان و خا صة في فترات الحياة الولي أهم ية‬

‫‪61‬‬
‫كبيرة للغا ية‪ ،‬و يعود ال سبب وراء ذلك إلى أن ها تتعرض لتغيرات كبيرة ب عد الميلد‬
‫بفترة قصيرة‪ ،‬و مع تقدم العمر تتراجع هذه التغيرات تماما مثلما يحدث مع الجزاء و‬
‫العضاء الخري مثل أجزاء الجهاز الهضمي ورقع و تجمعات بيير ‪peyer patches‬‬
‫في المعاء الدقيقة‪ .‬كما أشارت الدراسات الحديثة إلى ان الزائدة الدودية عند النسان‬
‫ليست كما كان يُزعم قديما مجرد عضو انكمش حجمه مع مرور الزمن و فقد أى فائدة‬
‫له‪76 .‬‬
‫يرجعع السعبب باختصعار وراء اعتبار الزائدة الدوديعة عنعد النسعان أشهعر " العضاء‬
‫الضامرة " إلى الجدل الذي قاده كعل معن دارويعن و مؤيديعه معتمديعن على المسعتوي‬
‫العلمي المتدنى في العصر الذي عاشوا فيه‪ .‬فلم يظهر النسيج الليمفاوي للزائدة الدودية‬
‫تحعت الميكروسعكوبات البدائيعة فعي هذا العصعر; لقعد اعتعبروا أن هذا النسعيج الذي لم‬
‫يتمكنوا من ف هم بنائه هو ن سيج " بل فائدة " و بذلك يتما شى مع نظريت هم و من ثم‬
‫أدرجوا الزائدة الدوديعة على قائمعة العضاء الضامرة‪ .‬و بذلك تكون الدارونيعة قعد‬
‫اسعتمدت قوتهعا مرة أخري معن المسعتوي العلمعي المتدنعى الذي سعاد العالم فعي القرن‬
‫التاسع عشر‪.‬‬
‫و ل يخعص هذا الوضعع الزائدة الدوديعة فقعط بعل يمكعن تطعبيقه على كعل العضاء‬
‫الضامرة الخري المزعومة‪ .‬فقد اُكتشف أن اللوزتان و هما من العضاء التي أدرجها‬
‫‪ Wiedersheim‬على قائمة " العضاء الضامرة " لهما دور مهم للغاية في حماية‬
‫الحلق من العدوي و خاصة عند سن البلوغ‪ .‬و على نفس المنوال فقد ثبت أن الفقرات‬
‫العجزيعة الموجودة فعي نهايعة العمود الفقري تعمعل على دععم العظام المحيطعة بعظام‬
‫الحوض‪ ،‬و لهذا السعبب لم يكعن النسعان ليسعتطيع الجلوس بسعهولة دون وجود هذه‬
‫العظام‪ .‬إضافة إلى ذلك فهذه العظام تشكل نقطة التقاء العضاء المختلفة الموجودة في‬
‫منطقة الحوض و العضلت المتنوعة في المنطقة ذاتها‪.‬‬
‫أُكت شف ب عد ذلك ب سنوات أن خل يا الغدة ال صّعترية " غدة صغيرة صماء ت قع بالقرب‬
‫من قاعدة العنق " التي اعتبروها من " العضاء الضامرة " لها دورا ايجابيا للغاية في‬
‫تنشيط نظام الدفاع عن الجسم‪ ،‬كما اكتشف أن الغدة الصنوبرية هي المسئولة عن انتاج‬
‫ب عض الهرمونات المه مة م ثل هرمون الميلتون ين‪ .‬ك ما ث بت أن الغدة الدرق ية تحا فظ‬
‫على التطور الجسدي المتوازن عند الرضع و الطفال بالضافه إلى الدور المهم الذي‬
‫تلع به في تنظ يم عمل ية ال يض و النشاط الج سدي‪ .‬ك ما ظ هر أن غدة ‪ Pitüiter‬هي‬

‫‪62‬‬
‫التى تقوم بضبط و مراقبة و تنظيم عمل الغدد المختلفة الخري مثل الغدة الدرقية و‬
‫الغدة فوق الكلوية و الغدد التناسلية ‪.‬‬
‫حدّب الموجود في العين و الذي يأخذ شكل نصف قمر و وصفه داروين على انه‬
‫أما الت َ‬
‫" عضو ضامر " فقد ثبت أن لها فائدة كبيرة في تنظيف و ترطيب العين‪.‬‬
‫ل قد ث بت في يوم نا الحا ضر أن كل " العضاء الضامرة " ال تي زعمو ها خلل العشرة‬
‫أعوام الماضيعة ثبعت أنهعا تقوم بوظائف معروفعة و محددة‪ .‬و فعي دراسعة لهمعا حملت‬
‫عنوان '‪ ΄( Vestigial Organs' Are Fully Functional‬العضاء‬
‫الضامرة ΄ كله ا ذات وظيف ة تؤديه ا ) تناول هذه الحقي قة بالتف صيل كعل معن د‪.‬‬
‫جيري بيرجمان ‪ Jerry Bergman‬و د‪ .‬جورج هاوي ‪. George Howe‬‬
‫و بنفس الطريقة يوجد عدد كبير من أنصار نظرية التطور ممن يؤمنون بأن حكاية "‬
‫العضاء الضامرة " عبارة عن جدل م صدره الج هل‪ .‬ف قد تحدث عن هذه الحقي قة عالم‬
‫الحياء المؤيعد لنظريعة التطور س‪ .‬ر‪ .‬سعكادينج ‪ S. R. Scadding‬و ذلك فعي‬
‫مقالته التي كتبها في مجلة ‪ ( Evolutionary Theory‬النظرية التطورية ) تحت‬
‫عنوان " هل يمكن أن تمثل العضاء الضامرة دليلً على التطور؟ " حيث قال‪:‬‬
‫كلما تزايدت معلوماتنا ( بخصوص علم الحياء ) كلما تناقصت معها أيضا أعداد قائمة‬
‫العضاء الضامرة‪ ...‬لذلك فإننى انطلقا من النظر إلى استحالة ايجاد عضو واحد ل‬
‫وظيفعة له و كذلك عدم اعتماد فكرة العضاء الضامرة على اى دليعل علمعي يمكننعى‬
‫الوصول إلى نتيجة مفادها أن " العضاء الضامرة " ل يمكن ان تشكل دليل أو قرينة‬
‫تدعم نظرية التطور‪77 .‬‬
‫و إن كان تو صل أن صار نظر ية التطور قد ا ستغرق قرنا و ن صف فإن النتي جة جاءت‬
‫في النهاية لتضع احدي خرافات الدارونية بين طيات التاريخ‪.‬‬

‫‪anda'nın Baş Parmağı‬‬ ‫إصبع البهام عند ال َبنْدا‬


‫بحث نا في الجزء الول عدم صحة ادعاء ريتشارد داوكينعز القائل بوجود " خا صية أو‬
‫سمة خاطئة في العين‪ .‬في هذا الجزء نتناول آراء واحد آخر من انصار نظرية التطور‬
‫الذ ين ل هم ن فس الفكار ال سابقة‪ .‬ل قد كان جولد و هو ا حد علماء البليونتولو جي " علم‬
‫يبحعث فعي اشكال الحياة فعي العصعور الجيولوجيعة السعالفة كمعا تمثلهعا المتحجرات او‬
‫الم ستحاثات الحيوان ية و النبات ية " في جام عة هارفارد كان واحدا من أن صار نظر ية‬

‫‪63‬‬
‫التطور الوائل فعي الوليات المتحدة المريكيعة و ظعل كذلك حتعى توفعي فعي عام‬
‫‪.2002‬‬
‫لجولد أيضا زعم بوجود " سمة خاطئة " شبيهة بنموذج الشبكية الذي جاء به داوكي نز‪:‬‬
‫و هذا النموذج هو إصبع البهام عند البندا‪.‬‬
‫ل يوجد عند البندا اصبع البهام الذي يظهر بشكل منفصل عن باقي الصابع الربعة‬
‫الخري كما هو موجود عند النسان و من شأنه تسهيل عملية القبض على الجسام‪.‬‬
‫فالصبع الخامس في يد البندا يمتد جنبا إلى جنب مع باقي الصابع الخري‪ .‬و يوجد‬
‫بخلف هذه الصعابع الخمسعة المتوازيعة بروز عظمعي اضافعي يعرف باسعم ‪radial‬‬
‫‪ ( sesamoid bone‬العظام ال سمسميه " شبيهه بال سمسم " الن صف قطر ية )‪ .‬و‬
‫لن ها ت ستخدمها في ب عض الحيان ك ما لو كا نت ا صبع فيو جد من العلماء من يطلق‬
‫عليها اسم " اصبع البندا الخامس "‪.‬‬
‫و يتلخص ادعاء جولد بأن يد البندا ببنائها العظمي هذا ليست ذات فائدة لها‪ .‬و قد اهتم‬
‫جولد برأيعه هذا لدرجعة أنعه جعله عنوان كتابعة الذي نشعر فعي عام ‪The :1980‬‬
‫‪ ( Panda's Thumb‬اصبع البهام عند البندا )‬
‫بيد أنه ثبت أن زعم " السمة الخاطئة " الخاص بجولد كان زعما خاطئا مثل الذي جاء‬
‫به داوكينز تماما‪ .‬و الخطأ الذي وقع فيه جولد هو انه اعتقد أن اصبع البهام عند البندا‬
‫يتشا به م ثل الموجود في يد الن سان و من ثم قارن ب ين بين ها و ب ين يد الن سان من‬
‫الناحيعة الوظيفيعة‪ .‬و قعد علق باول نيلسعون ‪ Paul Nelson .‬على هذا الموضوع‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫إن لم يكعن أبهام البندا قادرا على القيام ببععض العمال التعي يقوم بهعا النسعان مثعل‬
‫استخدام لوحة المفاتيح في الحاسب اللي فإنه يلحظ أنها ملئمة لقصي درجة من أجل‬
‫القيام ببعض الوظائف مثل تقشير الخيزُران ( القصب الهندي )‪78 .‬‬
‫و علّق على هذا الموضوع أيضا مؤلفو الكتاب العلمي ‪The Giant Pandas of‬‬
‫‪ ( Wolong‬بندا وولونج العملقة ) على النحو التالي‪:‬‬
‫تسعتخدم البندا الجزء الخالي معن الشععر و الذي يخرج منعه الصعبع الول معع اصعبع‬
‫البهام المزيف تماما مثل الماشة " ملقط النار " و بذلك تستطيع تقشير القصب الهندي‬
‫بح ساسية و د قة كبيرة‪ ...‬ل قد تأثر نا جمي عا من قدرة البندا على الم ساك بالشياء‪...‬‬

‫‪64‬‬
‫خاصة و نحن نشاهدها تمسك بالوراق و تلتهمها‪ .‬و تعمل الجل المامية مع الف في‬
‫تناسق كبير و تكسبها اقتصادية في الحركة‪79 .‬‬
‫أوضحعت احدي الدراسعات التعي نشرت عام ‪ 1999‬فعي مجلة طبيععة ‪ Nature‬أن‬
‫اصبع ابهام البندا له أهمية كبيرة للغاية قياسا بالمناخ الطبيعي الخاص بالحيوان‪ .‬و جاء‬
‫في درا سة أعد ها أرب عة باحث ين ياباني ين ا ستخدموا خلل ها تقن ية " الت صوير الطب قي‬
‫باستخدام اشعة اكس " و " التصوير بالرنين المغناطيسي " أن إصبع البهام عند البندا‬
‫هو " واحدا من التقنيات الخارقة للعادة بين الثدييات "‪ 80.‬و انتهت احدي المقالت لتى‬
‫حملت عنوان " ‪'Role of the giant panda's 'pseudo-thumb‬‬
‫( " دور اصبع البهام المزيف " عند البندا العملقة ) إلى التعليق التالي‪:‬‬
‫كا نت يد البندا العمل قة قد أظهرت آل ية الق بض المتكرر على الشياء بش كل ا كبر من‬
‫مما زعمه البعض عن النماذج المورفولوجية السابقة‪81.‬‬
‫باختصار لقد اسفرت نتائج البحاث التي اجريت عن قرب اكثر على البنى البيولوجية‬
‫للنواع المختلفعة إلى أن كافعة ادعاءات " العضاء الضامرة " أو " سعمات خاطئة "‬
‫التي نادي بها أنصار نظرية التطور خلل ‪ 150‬عاما لم يكن لها اساس من الصحة‪.‬‬
‫و في لو قت الذي لم ي ستطع ف يه ان صار نظر ية التطور تف سير أ صل أي بناء عضوي‬
‫موجود في الطبي عة‪ ،‬نجد هم يفندون و يعترضون على حقي قة الخلق ال تي هى التف سير‬
‫الحقيقي لكل هذه البني‪.‬‬
‫لهذا السبب يمكننا القول أن; يوما ما كان هناك شيء يقال له مذهب الدارون ية‪ .‬و أن‬
‫هذه النظرية كانت تدعي أن الكائنات الحية ممتلئة بالعضاء " الضامرة " أو " الخاطئة‬
‫"‪.‬‬
‫أما اليوم فقد أدحضت الدلة العلمية هذه النظرية و أثبتت عدم صحتها‪.‬‬

‫قديما كانت هناك حكاية باسم " ال ‪ DNA‬الخردة "‬


‫‪BİR ZAMANLAR “HURDA DNA” MASALI‬‬
‫‪VARDI‬‬
‫يعتبر مفهوم ال ‪ DNA‬الخردة (‪)Junk DNA‬هو الدعامة و السند الخير الذي اعتمد عليه‬

‫‪65‬‬
‫زعم البني " الخاطئة " أو " الضامرة "‪ .‬أعتقد أنه من المفيد لو أننا بحثنا هذا المفهوم في قسم‬
‫خاص منفصل نظرا لنه موضوع جديد و لنه قد انهار قبل مدة قصيرة للغاية‪.‬‬
‫بدأت أسطورة العضاء الضامرة في النهيار كما درسنا في قسم سابق اعتبارا من النصف‬
‫الثانعى معن القرن العشريعن‪ .‬و كلمعا أكتشعف وظائف للعضاء التعي كانوا يزعمون انهعا بل‬
‫وظيفة كلما قل أعداد المدافعين عن تلك الخرافة‪ .‬و مع هذا فقد كان هناك فريق أراد أن يأخذ‬
‫نصيبه في خضم الدعايا التي اثارتها هذه الخرافة فتبنوا إصدار آخر جديد لهذه الخرافة‪ .‬و لم‬
‫ي كن هذا ال صدار الجد يد ي خص العضاء الموجودة في الج سم هذه المرة بل كان في ش كل‬
‫الجزء " الضامعر " معن الجينات التعي تضعم الشفرة الو راثيعة للعضاء‪ .‬أمعا المصعطلح الذي‬
‫استخدموه في هذه المرة فكان " التحول إلى خردة " و ليس " الضمور "‪.‬‬
‫اُ ستخدم و صف (‪ ")junk‬الخردة " من ا جل ب عض اجزاء جز يء ‪ DNA‬العملق الذي يقوم‬
‫بتشفير المعلومات الو راثية الخاصة بكل الكائنات الحية‪ .‬يري أنصار التطور ان جزءا كبيرا‬
‫إلى حد ما من ‪ DNA‬ليس له وظيفة يؤديها ‪.‬‬
‫‪ .‬وهعم يزعمون أيضا أن هذه الجزاء التعي ل وظيفعة لهعا كانعت تؤدي وظيفعة بعينهعا خلل‬
‫مراحل التطور المزعومة قديما و لكنها تحولت مع الزمن إلى خردة ل قيمة لها‪ .‬و كان هناك‬
‫توازنا واضحا ب ين هذا الز عم و ب ين مذ هب الدارون ية و لهذا ال سبب ايضا تحول مفهوم " ال‬
‫‪ DNA‬الخردة " إلى واحعد معن مصعطلحات المدونات العلميعة التعي تكررت بكثرة فعي مدة‬
‫قصيرة‪ .‬و مع هذا فلم يطل عمر هذا الصدار الجديد من حكاية العضاء الضامرة‪ .‬فقد بدات‬
‫الصوات تتعالي في دنيا العلم و خاصة مع مشروع الجينوم البشري التي ظهرت نتائجها في‬
‫عام ‪ 2001‬معلن ًة عدم صععععععحة مفهوم " ال ‪ DNA‬الخردة "‪ .‬و اعترف ايفان ايتشلر‬
‫‪ Evan Eichler‬و هو من علماء جامعة ‪ Cleveland‬المؤيدين لفكرة التطور بخطأ هذا‬
‫المفهوم قائلً " إن م صطلح ال ‪ DNA‬الخردة ل ي نم على أي ش يء سوي عن جهل نا و عدم‬
‫معرفتنا "‪82 .‬‬
‫و يرجعع السعبب وراء هذا إلى أن الدراك و الفهعم التدريجعي لوظائف الجزاء التعي لطلقوا‬
‫عليها اسم ال ‪ DNA‬الخردة‪ .‬و الن‪ ،‬دعونا نبحث في كيفية نشاة خرافة ال ‪ DNA‬الخردة و‬
‫انهيارها‪.‬‬

‫العتقاد بأن جزء ال ‪ DNA‬الخردة ليس له مدلول رمزي‬

‫‪66‬‬
‫‪Kodlamayan DNA'nın Hurda Sanılışı‬‬
‫أعتقد انه من الضروري أن نعطي بعض المعلومات الخاصة ببناء ‪ DNA‬أولً حتى يتثنى لنا‬
‫أن نفهم ذلك الخطأ الذي وقع فيه أنصار التطور‪.‬‬
‫في كثير من الحيان ُي َذكّرنا جزيء ‪ DNA‬الذي يأخذ شكل سلسلة عملقة داخل كل الخليا‬
‫الحية بما يحويه من معلومات جينية وراثية " ببنك المعلومات "‪ .‬و يمتلك الجزيء في الوقت‬
‫نف سه كودا أو شفرة جينية هي التي تنظم استخدام هذه المعلومات في النشطة البدنيه‪ .‬و كما‬
‫قل نا من ق بل فلم تفلح اى من المحاولت ال تي قام ب ها ان صار نظر ية التطور من أ جل تف سير‬
‫أصعل جزيعء ‪ DNA‬و ثبعت أن المعلومات التعي يحويهعا هذا الجزيعء ل يمكعن و أن تكون‬
‫الصدفة هي التي اوجدتها‪ .‬إن جزيء ‪ DNA‬هو بحق نموذج جيد و واضح على الخلق‪.‬‬
‫يطلق مسمي " الجينات " على الجزاء المحددة ال تي تقوم بتشف ير المعلومات الخا صة بأنشطت نا‬
‫الفيزيق ية و الف سيولوجية الموجودة على ‪ .DNA‬و تع مل هذه الجينات على تشف ير البروتينات‬
‫بحيث تختلف شفرة كل بروتين عن الخر و يضمن استمرار حياتنا‪ .‬إل أن جيناتنا مجتمعة ل‬
‫تمثل سوي ‪ %10‬من حجم ال ‪ .DNA‬و يوجد قسم كبير آخر من ال ‪ DNA‬يطلق عليه اسم‬
‫" ‪ DNA‬غير ُمشَ ّفرَة " لنها ل تشفر أو تضع كودا للبروتينات‪.‬‬
‫يم كن تق سيم جزيئات ال ‪ DNA‬غ ير ال ُمشَفّرة تلك إلى ب عض الت صنيفات‪ .‬يحدث في ب عض‬
‫الحيان أن تتزاحم هذه الجزيئات غير المشفرة بين بعض الجينات و يطلق عليها حينئذِ اسم "‬
‫‪ . "intron‬و يتسعبب ال ‪ DNA‬غيعر المشفعر فعي احداث سعلسل طويلة تتكون بترتيعب‬
‫متدرج لن فس سلسلة ال ُنكْليُوتيعد " موحدات احاد ية القُ سيمة تب ني من ها الحماض النوو ية" ‪ .‬و‬
‫يطلق علي ها ا سم " ال ‪ DNA‬المتكرر "‪ .‬و لو أن ال ُنكْليُوتيدات الموجودة فوق ال ‪ DNA‬غ ير‬
‫المشفرة ترا صت بن فس الش كل المع قد الموجود في الجينات بدل من ال صفوف المتكررة‪ ،‬فإ نه‬
‫يطلق عليها هذه الحالة اسم " جين مزيف "‪.‬‬
‫لقد جمع أنصار التطور هذه الجزاء غير المشفرة للبروتين تحت اسم " ال ‪ DNA‬الخردة " و‬
‫زعموا ان أنها تجمعات ل فائدة منها تم نقلها من وتيرة التطور المزعومة‪ .‬بيد أن الحقيقة هي‬
‫ان ما ذهبوا اليه ل يتعدى من الناحية المنطقية كونه وجهة نظر خاطئة‪ .‬و السبب في هذا أن‬
‫عدم قيام بُني ال ‪ DNA‬تلك بتشفير البروتين ل يعنى بالضرورة انها ل تقوم بوظيفة‪ .‬و أري‬
‫أن نا في حا جة إلى انتظار نتائج البحاث ال تي اجر يت علي ها ح تى يتث نى ل نا أن نتعرف على‬
‫الوظائف التعي تقوم بهعا‪ .‬و هذا امعر تفرضعه وجهعة النظعر العلميعة‪ .‬إل ان الحكام المسعبقة‬

‫‪67‬‬
‫المؤيدة لفكرة التطور منعت من تقبل هذا المنطق‪ ،‬و فتحت الطريق إلى الخبار التي ستضلل‬
‫المجتمع مع ادعاءات ال ‪ DNA‬الخردة لسنوات‪ .‬إل أن البحاث و الدراسات التي اجريت في‬
‫السنوات العشر الخيرة على وجه الخصوص قد كذّبت أنصار التطور و أظهرت أن مثل هذه‬
‫الدعاءات ل تتعدي كون ها خيال ل ا ساس له من ال صحة‪ .‬لن ها أثب تت أن أجزاء ال ‪DNA‬‬
‫غير المشفرة ليست " خردة " كما كان يدعي انصار التطور بل هي و على العكس تماما تعتبر‬
‫بمثابة " خزينة جينية "‪83.‬‬
‫و فعي مقالة له حملت عنوان (‪The Junk Dealer Ain't Selling That No‬‬
‫‪ " )More‬بائع الخردة لم ي عد يبيع خردة " شرح د‪ .‬باول نيل سون ‪ Paul Nelson‬الذي‬
‫ح صل على الدكتوراه من جام عة شيكا غو و يع تبر أ حد رواد حر كة معادة التطور شرح في‬
‫الجمل التالية انهيار ادعاءات أنصار التطور الخاصة بال ‪:DNA‬‬
‫" كان كارل صاجان ‪ [ Carl Sagan‬من المدافع ين عن المذ هب اللحادي ] قد ز عم في‬
‫كتاب له بعنوان ‪ " Shadows of Forgotten Ancestors‬ظلل السلف المنسية "‬
‫أنه أقام الدليل و البرهان على وجود قصور و عيوب في أصل الحياة و من أمثال هذه العيوب‬
‫" وجود جينات خردة " و احتواء ال ‪ DNA‬علي" زيادات و تكرارات ل فائدة منهع‬
‫ععا "‪ .‬و‬
‫الحقيقة أنه يندر أن ما نصادف مثل هذه التعليقات في مدونات علم الحياء‪ .‬و لكن ما السبب‬
‫من وراء ذلك؟ يرجع السبب إلى أن علماء الجينات يكتشفون وظائف الجزاء المعروفة على‬
‫انها انقاض جينية‪84 " .‬‬
‫الن دعو نا ندرس موضوع ك يف اُكتُ شف ان " ال ‪ DNA‬الخردة " لم ي كن في يوم من اليام‬
‫خردة‪...‬‬
‫‪ .1‬وُجد مقياس ترميزي يتعلق بالقدرة على الحديث في السلسلة ال ُنكْليُوتيدية الخاصة ب‬
‫‪ DNA‬غير ال ُمشَفِرة‪.‬‬
‫و في عام ‪ 1994‬تو صل فر يق ع مل مشترك مكون علماء الحياء الجزيئ ية في كل ية ال طب‬
‫بجام عة هارفارد و علماء الفيزياء في جام عة بو سطن إلى نتي جة لف ته للن ظر بخ صوص ال‬
‫‪ DNA‬غيعر المُشفرة‪ .‬فقعد قام هؤلء الباحثون بدراسعة ‪ 37‬معن ال ‪ DNA‬تحتوي على‬
‫‪ 50000‬زوج قلوي أخذت جميعا معن كائنات حيعة مختلفعة و بحثوا أيضا أن كانعت هناك‬
‫قواععد محددة فعي تسعلسل ال ُنكْليُوتيدات أم ل‪ .‬و اتضعح فعي نهايعة هذه الدراسعة أن ال ‪DNA‬‬
‫الخردة المزعوم الذي يحتل نسبة ‪ %90‬من ال ‪ DNA‬البشري لها خاصية تتعلق باللغة عند‬

‫‪68‬‬
‫الن سان‪ 85 .‬و لحظوا أي ضا أن ال ُنكْليُوتيدات المترا صة في ال ‪ DNA‬البشري تحتوي على‬
‫مقاييس ترميزيه مشتركة في كل اللغات التي يتحدث بها الناس في الرض‪ .‬و مما ل شك فيه‬
‫أن هذا الكتشاف سيمثل سندا و دعام ًة لحقي قة وجود خلق دق يق للحياة ال تي نحيا ها‪ ،‬و ل يس‬
‫للطرح القائل بأن الحياة قد تكو نت عن طر يق ترا كم حدث عن طر يق الم صادفة للمعلومات‬
‫الموجودة في ال ‪ DNA‬الخردة المزعوم‪.‬‬
‫‪ .2‬أظهرت هذه التغييرات المتكررة وظيف ية مده شة‪ :‬تقوم النُكليوتيدات ال تي تبدوا تاف هة ل يس‬
‫لهعا معنعى بوظيفتهعا كمعا يجعب و تلععب دورهعا المنوط بهعا فعي الجزء الميتوزي‪ .‬و تعتعبر‬
‫الكروماتيدات المختلفعة واحدة معن سعلسل ال ‪DNA‬التعى كان العلماء يظنون حتعى الماضعي‬
‫القريعب أنهعا ‪ DNA‬خردة ليكتشفوا وظائفهعا حديثا‪.‬و هعو كود أو رمعز يتكرر بكثرة فعي ال‬
‫‪ .DNA‬و بسبب عدم تمكن العلماء قديما من تحديد أنها هى المسئولة عن انتاج أى نوع من‬
‫البروتينات فقد ظلوا لمدة طويلة يطلقون عليها اسم " ‪ DNA‬خردة "‪.‬‬
‫رينولد و جرا سر ( المعهعد التجر يبي لبحاث السعرطان فعي ال سويد ) من ب ين العلماء الذيعن‬
‫علقوا على موضوع الكروماتيدات المختلفة على النحو التالي‪:‬‬
‫علي الرغم من أن الكروماتيدات تمثل نسبة بشكل لفت للنظر في الجينوم ( تمثل ‪ %15‬من‬
‫الخليعا البشريعة و حوالي ‪ %30‬معن خليعا الذباب ) ‪ ،‬إل انهعم كانوا ينظرون الي ها فعي كل‬
‫وقت على انها " ‪ DNA‬خردة " اى ليس لها أية فائدة أو وظيفة تؤديها‪86 .‬‬
‫بيد أن الدراسات الخيرة جاءت لتث بت أن للكروماتيدات المختل فة ادوار وظيف ية مهمة تؤدي ها‪.‬‬
‫تحدث في هذا الموضوع ايضا ايم يل زوكرل ند ‪ Emile Zuckerland‬من مع هد العلوم‬
‫الطبية الجزيئية‪:‬‬
‫عندما تقومون بتجميع النُكليوتيدات غير الوظيفية في مكان واحد وحدها‪ ،‬فبإمكانكم حينئذٍ تناول‬
‫أو دراسة تجمع من النُكليوتيدات التي تحولت إلى شكل وظيفي‪ .‬و تعتبر النُكليوتيدات الخاصة‬
‫بالكروماتيدات مثالً على هذا‪ .‬و على الرغم من وجهات النظر التي كانت تزعم في الماضي‬
‫بأن الكروماتيدات المختلفعة مجرد خردة‪ ،‬إل أنعه يوجعد فعي وقتنعا الحالي كثيعر من الشخاص‬
‫النشيطين في هذا المجال‪ ،‬و هم جميعا ل يساورهم ادنى شك في الدوار الوظيفية المهمة التي‬
‫يقوم بهعا هذا الجزء معن ال ‪ ...DNA‬فمعن المحتمعل ان تكون النُكليوتيدات خردة وحدهعا‪ ،‬و‬
‫لكنها تتحول إلى ذهبا إذا تجمعت جميعها في مكان واحد‪87 .‬‬
‫ل قد تم تحد يد واحدة من تلك الوظائف " الجماع ية " ال تي تقوم ب ها الكروماتيدات المختل فة في‬

‫‪69‬‬
‫الجزء الميتوزي‪ .‬و أظهرت الدراسعات الخاصعة بالكعر وموسعوم الصعطناعي أيضا أن هذا‬
‫الجزء من ال ‪ DNA‬له وظائف مختلفة‪88.‬‬
‫‪ .3‬اكتشعف الباحثون ان هناك علقعة بيعن ال ‪ DNA‬غيعر ال ُمشَفّرة و بيعن نواة الخليعة‪ .‬و‬
‫صعرحوا بأن هذا التطورات معن شأنهعا دحعض زععم " ال ‪ DNA‬الخردة "أيضا‪ .‬و توصعلت‬
‫درا سة اجر يت عام ‪ 1999‬إلى أن ال ‪ DNA‬غ ير المُشفّ ر للبروت ين و المعرو فة أي ضا بال‬
‫‪ DNA‬الثانوي الموجود داخعل خليعا ‪ökaryot‬عبارة ععن بناء وظيفعي داخعل النواه ( أو‬
‫بمعنعى آخعر ‪ DNA‬ثانوي )‪ .‬و بحثعت هذه الدراسعة الكائنات أحاديعة الخليعة المعروفعة باسعم‬
‫‪ Crytomonad‬و تقوم بالتخليق أو التركيب الضوئي‪.‬‬
‫و تتميز هذه الكائنات بأنها تبدي تنوعا واسعا من ناحية البعد‪ .‬فحتى لو كانت الخليا في أبعاد‬
‫مختلفة‪ ،‬فطبيعي ان يوجد تناسب دائم بين حجم النواة و حجم الخلية ( الكائن الحي )‪.‬‬
‫لقد رأى الباحثون ان هناك تناسب بين مقدار ال ‪ DNA‬غير المشفر و بين حجم النواة و بناءا‬
‫عليه توصلوا إلى نتيجة مفادها ان ال ‪ DNA‬غير المش فر هي مؤشر على وجود نواة اكبر‬
‫حجما‪ .‬و قد شكلت هذه البحاث الجديدة ضر بة مه مة للغا ية لب عض المفاه يم م ثل مفهوم ال‬
‫‪ DNA‬الخردة ‪ " -‬ال ‪ DNA‬النف عي " الذي نادي به داوكي نز – الذي ير فض حقي قة الخلق‪.‬‬
‫‪ 89‬و ينهي الباحثون كتابتهم عن هذا الموضوع على النحو التالي‪:‬‬
‫" إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الشكل النووي لل ‪ DNA‬الثانوي [ غير المش فر ] ‪ ...‬قد اد حض هو‬
‫الخعر الراء التعي قيلت بشأن ال ‪ " DNA‬النفععي و عديعم القيمعة " المتعلقعة ب ال ‪DNA‬‬
‫الثانوى‪90" .‬‬
‫‪ .4‬ثبت أهمية و حتمية وجود ال ‪ DNA‬غير المشفر من أجل بناء الكر وموسوم‪.‬‬
‫اكتشف في السنوات الخيرة ايضا أن هناك دور آخر مختلف لل ‪ DNA‬غير المشفر أو الذي‬
‫ل يحمل صفات وراثية حيث يلعب دورا " مهما للغاية " في بناء و وظيفة الكر وموسوم‪ .‬و‬
‫اشارت الدرا سات ال تي اجر يت في هذا الموضوع إلى أن ال ‪ DNA‬غ ير المش فر هو الذي‬
‫يضمن تنفيذ كثير من وظائف ال ‪ DNA‬كما ينبغي‪ .‬و بذلك ل يمكن أن تتحقق هذه الوظائف‬
‫دون ان يكون هناك بناء له وجود‪ .‬و عندما قام العلماء بعزل التلومير ‪ telomerler‬في كل‬
‫واحدة من كر وموسومات خميرة البيرة رأوا أن عملية تقسيم الخلية قد تعرضت لعملية قطع‬
‫أو فصعل‪ 91 .‬و تكون خليعا ‪ telomerler‬قعد سعاعدت فعي هذه الحالة على فصعل الكعر‬
‫موسعومات السعليمة ععن ال ‪ DNA‬الذي تعرض للتلف‪ .‬و فعي النهايعة يفقعد الكعر وموسعوم‬

‫‪70‬‬
‫الموجود في الخليا التي نجت من هذا القطع او الفصل‪ .‬و قد لوحظ أيضا مدي أهمية ال ‪te-‬‬
‫‪ lomerler‬الخاصة بال ‪ DNA‬غير المشفر في حماية ثبات الخلية الكروموسومي‪.‬‬
‫‪ .5‬ثبت أن ال ‪ DNA‬غير المشفر يلعب أدوارا في تطور الجنين‪.‬‬
‫و ضع العلماء أيدي هم على ادلة بخ صوص الدور الم هم الذي يلع به ال ‪ DNA‬غ ير المش فر في‬
‫عملية تنظيم سرد الجين ( يقصد بها تنظيم عملية صناعة و انتاج البروتين و قراءة المعلومات‬
‫الوراث ية الموجودة ف يه ) أثناء مرا حل التطور‪ 92.‬و قد ظ هر من خلل درا سات مختل فة أن‬
‫هناك أدوار مهمعة للغايعة يلعبهعا ال ‪ DNA‬غيعر المشفعر فعي تطور خليعا البصعار ‪ 93‬و‬
‫المنطقة التناسلية ‪ 94‬و في تطور الجهاز العصبي المركزي ‪ .95‬و تشير كل هذه النقاط إلى‬
‫مدي أهميعة الدوار الحياتيعة التعي يلعبهعا ال ‪ DNA‬غيعر المشفعر أثناء عمليعة تطور و نمعو‬
‫الجنين‪.‬‬
‫‪ .6‬ظهر أيضا ان لها أدوارا مهمة للغاية في النشطة الخلوية للقناة الهضمية التي يصنفونها‬
‫ضمن ال ‪ DNA‬الخردة‪.‬‬
‫و القنوات الهضم ية هي أ حد العضاء ال تي اعت قد أن صار التطور ل سنوات طويلة ان ها تد خل‬
‫ضمن ال ‪ DNA‬الخردة و اكتشف فيما بعد أن لها ادوار و وظائف مهمة للغاية تؤديها‪ .‬تتميز‬
‫القنوات الهضمية بأنها تتزاحم داخل الجينات الوظيفية‪ .‬و يتم غربلتها وسط انتاج البروتين و‬
‫وظيفته‪.‬‬
‫ل قد انخدع أن صار نظر ية التطور في البدا ية و ظنوا ان القنوات الهضم ية ل تل عب دورا في‬
‫انتاج البروتيعن‪ ،‬لهذا قاموا بتصعنيفها ضمعن ال ‪ DNA‬الخردة‪ .‬إل انعه ثبعت معن الدراسعات‬
‫اجريت بعد ذلك أن القنوات الهضمية تلعب دورا مهما للغاية في النشطة الحيوية بالجسم‪ .‬فقد‬
‫تواضع العلماء في يومنا الحاضر على ان القنوات الهضمية عبارة عن مزيج معقد يتكون عدد‬
‫من ال ‪ DNA‬مختلف و أنها تلعب دورا مهما للغاية في استمرار حياة الخلية‪96.‬‬
‫نشرت مجلة نيويورك تايمز في الركن العلمي بها مقال لفت النتباه إلى الخطاء العلمية التي‬
‫وقع فيها انصار التطور فيما يتعلق بالقنوات الهضمية‪ .‬و يمكن تلخيص نتائج الدراسات التي‬
‫اجر يت على القنوات الهضم ية و نشرت في المقال الذي اعده س‪ .‬كليبورن راي ‪C. Cla-‬‬
‫‪ iborne Ray‬تحعت عنوان " ال ‪ : DNA‬هعل هعو خردة ؟ أم ل؟ " كمعا يلي‪ " :‬أثبتعت‬
‫الدراسات التي اجريت على القنوات الهضمية و استمرت لسنوات أن القنوات الهضمية ليست‬
‫خردة و أنها هي التي تؤثر على شكل دراسة الجينات‪ ...‬فالقنوات الهضمية تلعب بما ل يدع‬

‫‪71‬‬
‫مجال للشك أدورا ايجابية للغاية‪97 ".‬‬
‫و أكعد هذا المقال الذي نشرتعه النيويورك تايمعز فعي ضوء آخعر التطورات العلميعة على مدي‬
‫أهمية " ال ‪ DNA‬عديم القيمة المزعوم"الذي يدخل ضمنه القنوات الهضمية للكائن الحي‪.‬‬
‫و بذلك تكون هذه التطورات ال تي تناولنا ها في ش كل مواد قد كش فت عن حقي قة مه مة للغا ية‬
‫بجانعب المعلومات الجديدة الخاصعة بال ‪ DNA‬التعي ظهرت‪ .‬لقعد ثبعت أن منبعع مفهوم ال‬
‫‪ DNA‬الخردة الذي جاء بعه انصعار التطور لم يكعن سعوي الجهعل و التلفيعق‪ .‬و فعي مقالة له‬
‫نشرت عام ‪ 2001‬في مجلة العلم لخّ ص ايفان ايتشلر ‪ Evan Eichler‬من جام عة ‪Ca-‬‬
‫‪ se Western Reserve‬الو ضع في الكلمات الت ية‪ " :‬أن ت عبير ال ‪ DNA‬الخردة لم‬
‫يعكس أى شيء سوي جهلنا‪98 ".‬‬

‫انهيار الدعامـة الخيرة لخرافـة ال ‪ DNA‬الخردة‪ :‬اثبات وجود وظيفـة " للجيـن‬
‫المزيف "‬
‫‪Hurda DNA Efsanesinin Son Dayanağı da Çöktü: Bir "Sah-‬‬
‫‪te Gen"in Fonksiyonel Olduğu Ortaya Çıktı‬‬
‫ل قد أثب تت كل هذه التطورات العلم ية المه مة ال تي حد ثت اعتبارا من الت سعينات أن ز عم ال‬
‫‪DNA‬الخردة لم يكن سوي خطأ علمي مصدره الجهل وقع فين أنصار نظرية التطور‪ .‬فثبت‬
‫عط الجينات و ال‬
‫عة وسع‬
‫عة المتزاحمع‬
‫عل القنوات الهضميع‬
‫ع " مثع‬ ‫ان " ‪ DNA‬غيع‬
‫عر ال ُمشَفّرع‬
‫‪DNA‬المتكررة ال تي تتج مع في مكان وا حد في ش كل صفوف طويلة هي أجزاء في ال صل‬
‫اجزاء لها وظيفة تؤديها و ليس كما كان يظم من انها عديمة القيمة‪ .‬و مع هذا فقد ظل هناك‬
‫نوعا واحدا ف قط من " ال ‪ DNA‬غ ير المشفرة " لم يُعرف ع ما ان كان ل ها وظي فة تؤدي ها من‬
‫عم (‪ )pseudogenes‬أو " الجينات المزيفع‬
‫عة "‪ .‬و‬ ‫عه‪ :‬و يطلق على هذا النوع اسع‬
‫عدمع‬
‫الظا هر ان هذه الجينات المزي فة قد ظهرت ب عد تعرض الجينات الوظيف ية لطفرة أحيائ ية فقدت‬
‫خللها وظائفها‪ .‬تستخدم كلمة "‪ "Pseudo‬في النجليزية بمعنى " المزيف و المخادع " ‪ .‬و‬
‫يم كن القول أن الجينات المزي فة تلك تح مل أهم ية كبيرة بالن سبة لن صار فكرة التطور‪ .‬لن هم‬
‫اعترفوا معن داخلهعم ببطلن زععم أن الطفرات الحيائيعة هعى المسعبب لحدوث التطور‪ ،‬و‬
‫احتضنوا و دعموا زعم الجينات المزيفة باعتبارها الوسيلة التي ستخدع العقول على الرغم من‬

‫‪72‬‬
‫زيفها‪.‬‬
‫باختصعار لو نتذكعر انهعم قالوا أن الطفرات الحيائيعة فعي التجارب الكثيرة التعي اجريعت على‬
‫الكائنات الحية قد أصبحت السبب وراء فقدان و ضياع المعلومات الوراثية الدائمة في الكائنات‬
‫الحية في الوقات التي تكون فيها مؤثرة‪ .‬و كما أن ضربات المطرقة العشوائية على ساعة لن‬
‫تغير او تطور منها‪ ،‬فإن الطفرات الحيائية ايضا لم ُتطّور من الكائنات الحية‪ ،‬أو بتعبير آخر‬
‫لم تتقدّم ب ها إلى ش كل جد يد‪ .‬و على الر غم من أن نظر ية التطور تفترض وجود زيادة في‬
‫المعلومة الوراثية‪ ،‬ال أن الطفرات الحيائية تقلل من هذه المعلومة الوراثية و تخربها‪.‬‬
‫لقد افترض أنصار نظرية التطور الذين ل يتورعون عن اتخاذ كائن واحد فقط كدليل على‬
‫صحة ما يذهبون اليه افترض أن الجينات المزيفة هي الدليل على حدوث وتيرة التطور‬
‫الخيالية الخاصة بهم ‪ .‬فادعوا ان أجزاء هذا ال ‪ DNA‬غير المشفره هي الحفريات الجزيئية‬
‫للتطور المزعوم‪ .‬و سندهم الوحيد في هذا‪ ،‬هو الجهل بوجود اى وظيفة لهذه الجينات‪.‬‬
‫و ظل المر على هذا النحو حتى شهر أيار عام ‪.2003‬‬
‫فقد نشرت دراسة في عدد مجلة الطبيعة الشهيرة الصادر في ‪ 1‬أيار عام ‪ 2003‬أظهرت‬
‫ان هناك وظيفة تضلع بقيامها الجينات المزيفة‪ .‬أخبرنا الباحثون في كتاباتهم التي حملت عنوان‬
‫‪An expressed pseudogene regulates the messenger-RNA‬‬
‫‪ " stability of its homologous coding gene‬جين مزيف واضح ينظم‬
‫ثبات الحامض النووي الرّيبي الحامل لرسالة الجين غير المشفر المتناظر " بالوضع الذي‬
‫لحظوه على الفئران في احدي التجارب التي قاموا بها‪ 99 .‬فقد اتضح أن عددا من الفئران‬
‫التي خضعت لهذه التجربة قد تعرضت لطفرات احيائية مميتة نتيجةً إحداث تغييرات جينية‬
‫للجينات المزيفة أو الخادعة التي اطلق عليها اسم ‪ . Makorin1-p1‬و قد لوحظ وجود‬
‫تحور و تغير في شكل الكلي و العظام في الفئران‪.‬‬
‫أما عن تفسير التأثير الذي حدث في تناسق و ترتيب الجينات المزيفة و أثّر على أعضاء‬
‫الفئران فهو امر واضح للغاية‪ :‬إن الجينات المزيفة ليست كما يدعون من أنها ل تقوم بوظيفة‪،‬‬
‫فهى على العكس من ذلك تماما ضرورية‪.‬‬
‫و جاء في مقال ٍة نُشرت في مجلة الطبيعة تعليقا على هذه الدراسة بأنها تعتبر تحديا للراء التى‬
‫انتشرت بخصوص الجينات الزائفة التي كان انصار التطور ينظرون اليها على اعتبار انها "‬
‫حفريات جزيئية " دالة على صحة التطور‪ 100.‬و بذلك تنهار خرافة أخري من خرافات‬
‫التطور‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫و لم يكد يمر ثلثة أسابيع فقط على اكتشاف وجود وظيفة للجينات الزائفة إل و نشرت مجلة‬
‫العلم الشهيرة دراسة شكلت هي الخري ضربة من العيار الثقيل لمفهوم " ال ‪ DNA‬الخردة‬
‫"‪ 101.‬فقد اكتشفت احدي الدراسات التي نشرت في عدد المجلة الصادر يوم ‪ 23‬أيار‬
‫‪ 2003‬وجود وظيفة جديدة تتعلق بال ‪ DNA‬غير المشفرة‪ .‬و بذلك لم يبق أمام انصار‬
‫نظرية التطور الذين اطلعوا على التطورات التي نقلناها في السابق سوي التسليم بغير معقولية‬
‫مفهوم " ال ‪ DNA‬عديم القيمة " الذي تمسكوا به لفترة طويلة‪ .‬لقد حان الوقت الذي سيُلقي فيه‬
‫مفهوم ال ‪ DNA‬عديم القيمة إلى سلة المهملت‪ .‬و في احدي كتاباته وصف ‪Wojciech‬‬
‫‪ Makalowski‬من جامعة ولية بنسلفانيا هذا التغير‪ " :‬لقد لخص ‪Wojciech Maka-‬‬
‫‪ lowski‬هذا الوضع في مقالته " "‪ (Not Junk After All‬لم يعد خردة إذن ) على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫" لقد بدأ في التسعينات من القرن العشرين تغيير وجهة النظر الخاصة بال ‪ DNA‬الخردة‬
‫المتعلقة بالعناصر المتكررة‪...‬و بدأ عدد أكبر من علماء الحياء من الن فصاعد النظر إلى‬
‫العناصر المتكررة على اعتبار انها كنز جينى‪ .‬و يشير هذا التقرير إلى أن هذه الجينات هي‬
‫رابط مهم و انها " ليست ‪ DNA‬خردة " ‪ .‬لهذا السبب ل يجب اطلق اسم " ‪ DNA‬خردة "‬
‫على ال ‪ DNA‬المتكررة‪102 " ....‬‬
‫و الن يمكننا القول انه قديما كنا نسمع كثيرا عن مفهوم ال ‪ DNA‬الخردة و عن المضاربات‬
‫التطورية المستندة على ذلك المفهوم‪.‬‬
‫و كما لخصنا في هذا المقام‪ ،‬فلم يعد هناك وجود لمفهوم ال ‪ DNA‬الخردة الذي يعنى "‬
‫الضمور " الذي جاء به الدارونيون إل ان يذكره التاريخ كشيء مضي و انتهي‪ .‬فلم يفضي‬
‫تخبط مذهب الدارونية الخير أيضا عن شيء‪.‬‬

‫قديما ساد اعتقاد بأن " التنوع " هو أصل النواع‬


‫‪BİR ZAMANLAR TÜRLERİN KÖKENİ‬‬
‫‪“TÜRLEŞME” SANILIYORDU‬‬
‫نشرت مجلة ‪ New Scientist‬المعروفة بتعصبها لمذهب الدارونية مقالة علمية في عددها‬
‫الصادر يوم ‪ 14‬حزيران عام ‪ 2003‬تحت عنوان (‪How Are New Species‬‬
‫‪ " )?Formed‬كيف تتكون النواع الجديدة ؟ " ‪ .‬و في ثنايا هذا المقال ادلي كاتبهُ جورج‬

‫‪74‬‬
‫تورنر ‪ George Turner‬بهذا العتراف المهم‪:‬‬
‫كنا نظن حتى وقت ليس ببعيد أننا نعلم عن حق الكيفية التي تكونت بها النواع‪ .‬و كنا نعتقد‬
‫أيضا أن العملية تتم في كل وقت بمعزل عن السكان تماما‪ .‬و أنها تحدث بصفة عامة بعد أن‬
‫يمر السكان من " فجوة أو ممر جيني" هام; مثال ذلك ما يحدث عند حدوث الحمل للنثي بعد‬
‫ان تنساق خلف مرشح تختاره فيحدث الحمل و بنفس الطريقة عندما يتناسل أولدها بعد ذلك‪.‬‬
‫و الحقيقة هي التي لم يستطع أحد ان يمسك بها تماما‪ .‬فعلي الرغم من كل الجهود التي يبذلها‬
‫علماء الحياء‪ ،‬فلم يستطع أحد حتى الن من مجرد القتراب من خلق نوع جديد من عضو‬
‫أساسي‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإنه بقدر علمنا لم تسفر عملية تسريح البشر لعدد قليل من الكائنات‬
‫الحية في بيئات غريبة عن تكوين أى نوع جديد‪103 .‬‬
‫و الواقع أن هذا ليس اعترافا جديدا‪ .‬فلم يستطع أحد في أى وقت طوال قرن و نصف منذ‬
‫عصر داروين أن يلحظ " التنوع " الذي ادعاه داروين‪ ،‬كما لم يستطع أحد ايضا ان يعطي‬
‫تفسيرا نطمئن اليه بخصوص " أصل النواع "‪.‬‬
‫و أرى أنه من المفيد لو تحدثنا اول عن رؤية داروين المسبقة بخصوص " التنوع " حتى‬
‫يمكننا تفسير هذا الموضوع‪ .‬لم تتعدي" الملحظات " التي اعتمدت عليها نظرية داروين‬
‫بعض التغيرات التي رصدها في مجتمع الحيوان‪ .‬و اعتمدت بعض هذه الملحظات على آراء‬
‫بعض مربيّ الحيوانات‪ .‬فقد قام هؤلء الشخاص الذين يربون أجناس الحيوانات المختلفة مثل‬
‫الكلب و البقر و الحمام باختيار أنواع منها لها صفات سائدة مسيطرة بين باقي انواعها‬
‫( على سبيل المثال الكلب التي تركض بشكل أفضل و البقر الذي يدر لبنا وفيرا و الحمام‬
‫الذكي ) و قاموا بعد ذلك بتهيئة الجو لهما للتصال الجنسي فكانت النتيجة ظهور بعد العداد‬
‫الناتجة عن هذا التصال و قد امتلكت بنسب عالية الصفات التي اختارها هؤلء المربون من‬
‫قبل في الباء‪ .‬و كانت هناك أبقارا تدر لبنا وفيرا جدا من النواع العادية‪.‬‬
‫و قد جعل هذا " التغير المحدود " داروين يعتقد بوجود تغير دائم مثل هذا في الطبيعة و أن‬
‫هذا التغير ( أى التطور ) سوف ينتشر بشكل ل محدود في خلل فترة زمنية طويلة‪.‬‬
‫إمعا ملحظعة دارويعن الثانيعة‪ ،‬فكانعت حول عصعفور دوريّ " الحسعّون " الموجود فعي جزر‬
‫جالباجوس‪ .‬فقد حدد داروين وجود اختلف في شكل مناقيرها عن تلك الموجودة في اليابسة‬
‫الرئيسعية‪ .‬أى أن عصعفور دوري طويعل المنقار و قصعير المنقار و ذو المنقار المعقوف و‬
‫الم ستوي قد نشأت جمي عا دا خل مجت مع وا حد و أن ها تحولت إلى انواع مختل فة لن ها تنا سلت‬
‫فيما بينها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫من ه نا اعت قد دارو ين ان الطبي عة قد شهدت تغيرات " ل محدودة " و ان ال مر ل ي ستدعي "‬
‫فترة زمنية طويلة " حتى تظهر انواع أنواع و فصائل و جماعات جديدة تماما‪ .‬ال ان الحقيقة‬
‫هي أن داروين قد جانبه الصواب فيما ذهب اليه‪.‬‬
‫إن قيا مه باختيار الكائنات الح ية ال تي ل ها صفة مميزه و احداث تزاوج بين ها لم سوي انتاج و‬
‫تربية لكائنات حية أفضل و اكثر قوة بين أقرنها من نفس النوع‪ .‬في حين انه من المستحيل‬
‫انتاج او تكوين كائن حي مختلف تماما بإتباع نفس السلوب‪ .‬فعلي سبيل المثال ل يمكن تكوين‬
‫حصان من قطة او زرافة من غزالة أو حتى برقوقة من كمثري‪ .‬فالبطيخ هو نفسه في كل‬
‫الزمان‪ ،‬و يسعتحيل أيضا تحويعل الخوخ إلى موز أو القرنفعل إلى ورد‪ .‬باختصعار ل يمكعن‬
‫لى نوع معن النواع ان يتحول إلى نوع آخعر تحعت أى شرط معن الشروط‪ .‬أمعا كيعف وقعع‬
‫داروين في هذا الخطأ فهذا ما سنبحثه في الصفحات القادمة‪.‬‬

‫" الحدود الطبيعية للتغير البيولوجي "‬


‫"‪"Biyolojik Değişimin Doğal Sınırları‬‬
‫ل قد افترض دارو ين ان هناك وجود ل محدود للتغيرات ال تي ر صدها في الطبي عة‪ .‬و لو أن‬
‫البقار أو الكلب أو الحمام قد اظهرت تغيرا و لو في بعض فقط من أجيالها‪ ،‬فإنها بالفعل قد‬
‫تتغ ير إلى أى ش يء شري طة أن يُع طي الو قت الكا في لحدوث ذلك‪ .‬إل ا نه ث بت عن طر يق‬
‫آلف التجارب و الملحظات التي جرت من دون توقف خلل ‪ 140‬خطأ هذا الطرح تماما و‬
‫بعده عن الدقة‪.‬‬
‫لقد أظهرت كل أبحاث التولّد و التربية التي اجريت على كل من النباتات و الحيوانات طوال‬
‫القرن العشرين‪ ،‬أنه ل مكان لحدود يمكن ان تجتازها النواع على تنوعها خلل وتيرة "‬
‫التنوع "‪ .‬و في الموضوع ذاته اشار لوثر بوربنك ‪ Luther Burbank‬و هو من‬
‫السماء الشهيرة في هذا الموضوع إلى وجود قانون غير مرئي يحكم التغير الذي يحدث في‬
‫النواع‪:‬‬
‫أعلم معن خلل تجاربنعا اننعى اسعتطيع أن اسعتنبط برقوقعة بيعن واحعد و نصعف إلى اثنيعن‬
‫سنتيمترا‪ .‬و لكن على أن اعترف في الوقت ذاته أننى لو بذلت جهدي حتى أحصل على ثمرة‬
‫برقوق فعي حجعم البازلّء أو كعبيرة فعي حجعم الليمون الهندي فمعن المؤكعد ان جهودي تلك لن‬
‫تكلل بالنجاح فعي النهايعة‪ ...‬لذلك يمكعن تلخيعص الموضوع فعي انعه توجعد حدود للتطور الذي‬
‫يعت قد أ نه محت مل و هذه الحدود تكون تاب عة بالط بع لقانون ما ‪ ...‬و هذا هو قانون التحول ال‬

‫‪76‬‬
‫ب عد ( الو سط ) أى إلى الحالة الولي‪ ...‬و قد أظهرت التجارب وا سعة النطاق ال تي اجر يت‬
‫في هذا الخصوص الدلئل العلمية التي صدّقت على النتائج التي خمنّاها عن طريق الملحظة‬
‫من ق بل‪ .‬أى أن النباتات و الحيوانات تم يل أك ثر إلى العودة مرة أخري إلى البعاد و البُ ني‬
‫الو سيطة في الجيال التال ية‪ ...‬و اخت صار ذلك أن هناك وجود لقوة جذب ت جبر كل الكائنات‬
‫على التواجد في درجة و حد بعينة ل تتعداه أو تتأخر عنه‪104 .‬‬
‫لقد تمكن العلماء في يومنا الحاضر من عمل بعض التغيرات في البُني الجينية للحيوانات و‬
‫المنتجات الزراعية عن طريق اجراء بعض التعديلت الجينية الصناعية‪ .‬فتمكنوا من الحصول‬
‫على كائنات معدلة مثل حصان مفتول العضلت أكثر قوة أو كرنب أكبر حجما‪ .‬ولكن داروين‬
‫انحرف في استنتاجاته تلك عن هذا الطريق و ظهر بجلء وعلي الملء عدم صحة استنتاجاته‬
‫تلك‪ .‬يشرح لنا هذا الموضع لورين ايسلي ‪ Loren Eisley‬و هو من أشهر علماء‬
‫النثروبولُجيا على مستوي العالم‪:‬‬
‫إن شكل النتاج الذي نتبعه و نحن نعمل على الرتقاء بجودة الجياد و الكرنب ليس هو نفس‬
‫الطر يق الذي يؤدي إلى تغ ير بيولو جي ل حدود له اى إلى التطور‪ .‬و إ نه لمو قف غر يب‬
‫بالفعل أن يُستخدم هذا النوع من النتاج الصناعي كدليل على التطور‪105 .‬‬
‫يشرح ادجوارد س‪ .‬دييفي ‪ Edward S. Deevy‬عالم الحيوان في جامعة فلوريدا كيف‬
‫أ نه يو جد حدود ل بد و ان ي قف عند ها التغ ير الذي يحدث في الطبي عة‪ " :‬إن الق مح لن ين تج‬
‫سعوي القمعح‪ ،‬و الليمون الهندي لن ينتعج سعوي ليمون هندي ايضا; فنحعن ل نقدر أن نركعب‬
‫جناحا للخنزير أو أن نجعل الدجاجة تبيض بيضة اسطوانية الشكل‪106 " .‬‬
‫لقد اصطدمت التجارب التي اجريت على ذباب الفاكهة من جديد بجدار " الحد الجيني "‪ .‬فقد‬
‫لوحظ أن كل ذباب الفاكهة الذي خضع لهذه التجارب قد مر بنسب معلومة من التحول‪ ،‬غير‬
‫أن هذه نسب التغير تلك لم تتعد الحد المعلوم‪ .‬يحدثنا عن الموضوع نفسه ارنست ماير و هو‬
‫احد أسماء الدارونية الجديدة المعروفين على هذا النحو‪:‬‬
‫كانت التجربة الولي تهدف إلى تقليل عدد شعر الذبابة أما الثانية فكانت تهدف إلى زيادته‪.‬‬
‫و قد رأينا بعد ‪ 30‬جيل أن عدد الشعر قد قلّ من ‪ 30‬شعرة تقريبا إلى ‪ 25‬شعرة‪ .‬إل ان ما‬
‫حدث بعد ذلك هو أن هذا الذباب اصيب بالعقم و لم يعد بإمكانه انتاج اجيال و نسل جديد‪ .‬أما‬
‫في التجر بة الثان ية ف قد زاد عدد الش عر من ‪ 36‬إلى ‪ ;56‬و مرة أخري ي صاب الذباب بالع قم‬
‫كما حدث في المرة الولي‪107 .‬‬
‫و يستنبط ماير من هذه التجارب النتيجة التالية‪:‬‬

‫‪77‬‬
‫طبِقَت بالختيار‪ ،‬تع مل على انضاب و انهاء أ صل‬
‫من الوا ضح أن ال صلحات القهر ية ال تي ُ‬
‫التنوع الجيني‪ ...‬إن الختيار الذي يأتى من طرف واحد يصيح سببا للسقوط في التوافق العام‬
‫( في التوافق و التأقلم مع البيئة )‪ .‬و هذا هو ايضا رأس البلء في كل تجربة انتاج‪108 .‬‬
‫يعتبر كتاب ‪ ( Natural Limits to Biological Change‬الحدود الطبيعية للتغير‬
‫البيولوجي ) الذي كتبه كل من لن ب‪ .‬ليستر ‪ Lane P. Lester'ın‬بروفيسور علم‬
‫الحياء و ريموند ج‪ .‬بوهلين ‪ Raymond G. Bohlin‬عالم الحياء الجزيئية يعتبر‬
‫واحدا من أهم المصادر التي تناولت هذا الموضوع‪ .‬و يذكر ليستر و بوهلين في مقدمة الكتاب‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫ان قضية حدوث تغيرات تطرأ على الكائنات الحية خلل شريحة زمنية محددة في النواحي‬
‫التشريحية و الفسيولوجية و البنية الجينية ‪..‬الخ هي حقيقة ل تقبل مجال للنقاش‪ .‬أما المسألة‬
‫الصعبة المتبقية فهي الجابة عن ذلك السؤال‪:‬‬
‫ما هو مقدار التغيرات المتاحة و بأى آلية يمكن أن تتكون هذه التغيرات؟ يمكن لمربيّ‬
‫الحيوانات و النباتات ان يجمعوا النماذج المؤثرة في موضوع امكانية تغيّر الكائنات الحية‪ .‬و‬
‫لكن اذا بدأ احد المربيين عملة بالكلب فإنه لن يحصل في النتيجة ال على كلب أيضاُ‪ ،‬و حتى‬
‫ان كان لهذا الكلب شكل أو مظهر مختلف أو غريب فهو في النهاية كلب‪ .‬و بنفس الطريقة‬
‫فذبابة الفاكهة ستظل دائما و ابدا ذبابة الفاكهة‪ ،‬و الورود ستظل هي الخري ورود‪109 .‬‬
‫يبحث ال ُكتّاب هذا الموضوع في كتبهم استنادا إلى الملحظات و التجارب العلمية‪ .‬و قد‬
‫توصل في هذا الموضوع إلى نتيجتين رئيسيتين‪:‬‬
‫‪)1‬طالما ل نتدخل سنيا في جينات الكائنات الحية فليس ممكنا الحصول على معلومة‬
‫جينية جديدة‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬فإن عدم حدوث اى تدخل في الجينات‪ ،‬فلن يظهر أى‬
‫معلومة بيولوجية جديدة في الطبيعة‪ .‬أى أنه لن تولد تصنيفات أو أعضاء أو بُني‬
‫جديدة‪ .‬و لن يحدث شيء بالطرق الطبيعية سوي " تغيرات جينية " في نوع معين‬
‫فقط‪ .‬و الواقع ان ظهور أجناس مختلفة من الكلب سواء أكانت طويلة القامة أو‬
‫قصيرتها او كثيفة الشعر أو قليلته فإن مثل هذه التغيرات ل تتعدي كونها مجرد "‬
‫تغيرات محدودة "‪ .‬و حتى لو مر مليارات السنين‪ ،‬فلن تعمل هذه التغيرات على‬
‫تكوين أنواع حية جديدة أو تصنيفات ارقي ( فصائل و عائلت و مجموعات و‬
‫شُعب "‪.‬‬
‫‪)2‬تحدث التدخلت السنية في الكائنات الحية في الطبيعة عن طريق الطفرات‬

‫‪78‬‬
‫الحيائية فقط‪ .‬و هذه الطفرات الحيائية ل يمكنها في أى وقت من الوقات ان‬
‫تحقق تأثيرا " بنّاءا "‪ .‬و ل يمكنها ان تكوَِن معلومة جينية وراثية جديدة; و‬
‫تنحصر تأثيراتها في تخريب و تدمير المعلومة الجينية فقط‪ .‬لهذا السبب;‬
‫ل يمكن تفسير " اصل النواع " عن طريق الصطفاء او النتخاب الطبيعي كما ظن‬
‫داروين‪ .‬لنتمسك كما يحلو لنا بفكرة " الصطفاء " ولكن الكلب سوف تظل على‬
‫حالها و بناءا على هذا فليس من المنطقي على الطلق أن ندعي انها كانت في‬
‫الماضي سمكا أو بكتريا‪.‬‬
‫حسنا و ماذا اذا أخذنا في العتبار خيار " التدخل السنى للجينات " أى الطفرات‬
‫الحيائية؟‬
‫لقد اعتمدت النظرية الدارونية في هذا الجانب على هذا الخيار اعتبارا من عام ‪1930‬‬
‫و لهذا السبب أيضا تغير اسم النظرية إلى الدارونية الجديدة‪ .‬و ما حدث هو ان‬
‫الطفرات الحيائية لم تستطع هي الخري ان تقدم يدي العون إلى النظرية‪ .‬و سوف‬
‫نتناول هذا الموضوع المهم في جزء منفصل خاص به‪.‬‬

‫الكائنات الحية التي في جالباجوس ترفض التطور‬


‫‪Galapagos'taki Canlılar Evrimi Reddediyor‬‬
‫تمثل النواع المختلفة من عصفور دوري " الحسُّون " التي رآها في جزر جالباجوس‬
‫نموذج على التغيير و هي ل تمثل في الوقت نفسه دليلً قطعيا على حدوث تطور كما‬
‫حدث في النواع الخري‪ .‬لقد أثبتت الملحظات و التجارب التي أجريت في السنوات‬
‫الخيرة عدم حدوث أي تغير غير محدود في عصافير دوري كما كانت تفترض نظرية‬
‫داروين‪ .‬يُضاف إلى هذا أن معظم النماذج الربعة عشر المختلفة التي حددها داروين‬
‫من أنواع عصفور دوري كانت عبارة عن أنواع تزاوجت من بعضها البعض أي أن‬
‫الختلف الموجود بينها عبارة عن تغيرات حدثت داخل النوع نفسه‪ .‬لقد أثبتت‬
‫الملحظات العلمية إن مثال " مناقير عصفور دوري " الذي ذُُكر في كل المراجع المؤيدة‬
‫لنظرية التطور تقريبا كان نموذجا يشير إلى حدوث " تغير " أي أنه ل يمثل دليلً على‬
‫صحة نظرية التطور‪ .‬كما لم تسفر الدراسة الشهير ة التي قام بها كل من بيتر ‪ Peter‬و‬
‫روز ماري جرانت ‪ Rosemary Grant‬اللذان توجها إلى جزر جالباجوس من أجل "‬
‫إيجاد دلئل التطور الدارونية " وأخضعا أنواع عصفور دوري للملحظة خلل فترة‬

‫‪79‬‬
‫تواجدهما هناك لم تسفر عن اى نتيجة سوي أن هذه الجزر لم تشهد أى نوع من "‬
‫التطور "‪110 .‬‬

‫?‪Mutasyonlar Ne İşe Yarar‬‬


‫ـ في أي عمل تفيد الطفرات الحيائية؟‬
‫ل جرم أن البيانات والمعلومات الو راثية بمثابة شيء شديد التعقيد‪ .‬ناهيكم عن ذلك‬
‫التعقيد الذي يكتنف الجينات الوراثية‪ ،‬وكذلك ما من تعقيد شديد بتلك الماكينات الجزئية التي‬
‫تُشفر هذه المعلومات والبيانات‪ ،‬وتقرئها‪ ،‬وتنتج إنتاجها وتفرزه وفق هذا‪ ...‬وإن أي تأثير‬
‫تصادفي أو عرضي أي أيُ حادثة ما ستصيب هذا النظام‪ ،‬فإنه لن يحرز أي زيادة في هذه‬
‫المعلومات الوراثية على الطلق‪.‬‬
‫إن الطفرات الحيائية بمثابة شيء يشبه سقوط كتاب بشكل تصادفي على لوحة مفاتيح‬
‫ُم ِعدِ برامج مشغول بأحد البرامج على الحاسب اللي‪ ،‬وأدي هذا السقوط إلى ارتطام الكتاب‬
‫ببعض الحرف الموجودة بلوحة المفاتيح‪ ،‬فنتج عن ذلك أن هذا الكتاب قد أضاف بعض‬
‫الحرف‪ ،‬والرقام التصادفية على ذلك البرنامج‪ .‬فهكذا المر يكون مع الطفرات الحيائية‪،‬‬
‫فكما أن هذه الحادثة من شأنها أل تتطور برنامج الحاسب اللي‪ ،‬بل على العكس من ذلك‬
‫تفسده‪ ،‬فهكذا الطفرات الحيائية تُفسد الشفرة الوراثية للنسان‪ .‬وإن الطفرات الحيائية كما‬
‫بينها كل من (ليستر ‪ ،)Lester‬و(بوهلين ‪ )Bohlin‬في كتابهما الموسوم بع(الحدود الطبيعية‬
‫للتغيرات البيولوجية)‪ " ،‬بمثابة أخطاء تظهر في اللية الحساسة لعادة تجارب واختبارات‬
‫(البصمة الوراثية للنسان ‪ ")DNA‬ومن ثم " فإن الطفرات الحيائية ل يمكنها أن تأتي بتغير‬
‫تطوري كبير مثلها في ذلك تماما مثل التغير الو راثي‪ ،‬و ‪rekombinasyon." 111‬‬
‫وإن هذه النتيجة التي كانت متوقعة ومنتظرة كشيء منطقي‪ ،‬قد تأكدت صحتها من خلل‬

‫‪80‬‬
‫تلك التجارب‪ ،‬والملحظات التي أُجريت طوال القرن العشرين‪ .‬حيث لم تُرصد على أي كائن‬
‫حي على الطلق أي طفرات أحيائية تؤدي إلى تغير جذري من خلل تطوير المعلومات‬
‫الوراثية لهذا الكائن الحي‪.‬‬
‫ولهذا السبب فإن البروفيسور (بيري باول جريس ‪ )Pierre-Paul Grassé‬الرئيس السابق‬
‫لكاديمية العلوم الفرنسية بالرغم من قبوله بنظرية التطور يقول عن الطفرات الحيائية " إنها‬
‫تغيرات وراثية فحسب‪ ،‬وإن دورها ل يختلف عن وضع بندول الساعة الذي يتحرك يمينا‬
‫ويسارا لكنه مربوطا بالمركز‪ ،‬ومن ثم فإن هذه الطفرات الحيائية ل تكون في أي وقت من‬
‫الوقات ناتجة عن تأثير تطوري‪ ...‬فهي تغير إلى حد ما شيئا كان موجودا من ذي قبل‪".‬‬
‫‪112‬‬
‫ويقول البروفيسور(جريس ‪ )Grassé‬أيضا أن المشكلة الموجودة في مسالة التطور" قد‬
‫نجمت عن شروع طائفة من علم البيولوجيا المعاصرين للحديث عن التطور بمجرد مشاهدتهم‬
‫الطفرات الحيائية"‪ .‬وعلي هذا فإن هذا الرأي " ل يمكن له أن يتوافق مع الحقائق؛ حيث إن‬
‫الطفرات الحيائية مهما كان عددها كثيرا ل يمكن لها أن تأتي بأي تطور على الطلق‪".‬‬
‫‪113‬‬
‫وإن أفضل نموذج يمكن تقديمه بشأن مسألة أن النواع ل يمكنها أن تكتسب بيانات‬
‫وراثية جديدة من خلل الطفرات الحيائية‪ ،‬هو نموذج له علقة بذبابات الفاكهة‪ .‬فالطفرات‬
‫الحيائية التي تُمارس على ذبابات الفاكهة‪ ،‬أوضحت أن التوازن هو الذي يسيطر على‬
‫الكائنات الحية بالطبيعة‪ ،‬وليس التغير‪ .‬ولما كانت فترة حمل ذباب الفاكهة قصيرة جدا(‬
‫‪12‬يوما)‪ ،‬فإنها أصبحت أفضل حقل تجارب لتلك التجارب الخاصة بالطفرات الحيائية منذ‬
‫سنوات طويلة‪ .‬ولقد تم استخدام في هذه التجارب الشعة السينية(أشعة أكس) من أجل تكثير‬
‫نسبة الطفرات الحيائية ‪ 15‬ألف مرة‪ .‬واستطاع رجال العلم في غضون فترة وجيزة ملحظة‬
‫وتحقيق عددا من الطفرات الحيائية التي سيتعرض لها ذباب الفاكهة بالمليين في العام تحت‬
‫ظروف طبيعية‪ .‬لكن لم يكن هناك نوع جديد قد تم الحصول عليه من خلل هذا الكم الهائل‬
‫والسريع من الطفرات الحيائية‪ .‬أي أن رجالت العلم لم يتمكنوا من الحصول على أي شيء‬
‫أخر سوي ذبابة الفاكهة‪.‬‬
‫إن تلك الواقعة الكلسيكية التي قُدمت كنموذج علي(الطفرات الحيائية المفيدة) في ذبابات‬
‫الفاكهة‪ ،‬إنما هي ذبابة تُسمي (‪ )mutant‬ذات الربعة أجنحة‪ .‬في الطبيعي تكون ذبابات‬
‫الفاكهة ذات جناحين‪ ،‬لكن لوحظ أن بعض ذبابات الع(‪ )Mutant‬تمتلك أربعة أجنحة‪ .‬فقدمت‬

‫‪81‬‬
‫المدونات الدارونية هذا النموذج على أنه (نمو)‪ .‬لكن هذا كان تفسير خاطئا‪ ،‬وذلك كما وضح‬
‫هذا بشكل مفصل البروفيسور(جونهان ويلز ‪ )Jonathan Wells‬في كتابه الموسوم بع(أيقونات‬
‫التطور)‪ .‬لكن تلك الجنحة الزائدة مثار الجدل ليست بها عضلت للطيران‪ ،‬ومن ثم فإنهم‬
‫بذلك يكونون قد أتوا لذبابات(‪ )mutant‬شيئا غير ملئما‪ ،‬وليست ميزة‪ .‬إذ أنه لم تعش أي‬
‫ذبابة من ذبابات(‪ )mutant‬خارج المختبرات‪114 .‬‬
‫وعلي الرغم من كل هذا فإن التطوريين من أنصار نظرية التطور يدعون ويزعمون أن‬
‫ثمة (طفرات أحيائية) قد وقعت ولو بشكل نادر‪ ،‬وأنها قد اُختيرت بواسطة الصطفاء الطبيعي‪،‬‬
‫وأن هناك أبنية بيولوجية جديدة ظهرت‪ .‬وهذا بمثابة ادعاء‪ ،‬وذلك لن هناك خطئا كبيرا هنا‪.‬‬
‫وهو أن الطفرة الحيائية ل يمكن لها بأي حال من الحوال أن تأتي بع(زيادة في البيانات‬
‫الوراثية)‪ ،‬ومن ثم ل يمكن لها أن تحدث أي شكل من أشكال التطور‪ .‬وإن كل من (ليستر)‪،‬‬
‫و(بوهلين) يوضحان هذا الموضوع على النحو التي ذكره‪:‬‬
‫ل جرم أن (الطفرات الحيائية)‪ ...‬تغير وتبدل ما هو موجود‪ ،‬وذلك في الغالب بشكل‬
‫متلف‪ ،‬وغير مفهوم‪ .‬وهذا ل يعني بأي حال من الحوال أنه ل توجد هنالك طفرات أحيائية‬
‫مفيدة‪ ،‬فهناك أيضا طفرات أحيائية مفيدة حتى ولو كان هذا غير محتمل كثيرا‪ .‬فالطفرة‬
‫الحيائية المفيدة هي تلك التي تؤمن لتلك الكائنات التي تمتلك تلك الطفرة الحيائية نقل نسبها‬
‫وسللتها للسللت التي ستأتي من بعدها‪ ،‬وذلك بشكل أكبر من تلك التي ل تمتلك لمثل هذه‬
‫الطفرة الحيائية‪ ...‬لكن ل توجد لتلك الطفرات الحيائية أي علقة على الطلق بمسألة‬
‫تحويل أي كتلة عضوية إلى أخرى‪...‬‬
‫ومن هذه الناحية فإن(دارون) قد لفت النتباه إلى الحشرات التي ليس لها أجنحة والتي‬
‫تعيش في(‪ .)Maderia‬من المؤكد أن الجنحة ل تكون بالشيء الملئم للحشرات التي تعيش‬
‫في جزيرة ذات رياح‪ .‬لكنها ستكون مفيدة بالتأكيد إذا كانت الطفرات الحيائية تتسبب في فقد‬
‫الطيران‪ .‬وإن نفس الحالة سارية على أسماك المغارة التي ليست لديها قدرة على الرؤية‪.‬‬
‫فالعين مفتوحة للستفادة‪ ،‬وإن الكائنات الحية التي تعيش في مناخ مظلم تماما‪ ،‬ستستفيد من‬
‫الطفرات الحيائية التي تتلف أعينها‪ ،‬وتنزل احتمالت الستفادة من تلك العين إلى الصفر‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه الطفرات الحيائية مؤثرة ومفيدة‪ ،‬فإن هناك نقطة مهمة أل وهي أنها(أي‬
‫الطفرات الحيائية) تؤدي إلى خسارة في كل وقت‪ ،‬وليس ربحا أو مكسبا‪ .‬فنحن لم نلحظ‬
‫على الطلق أن تلك النواع التي لم تكن لديها أعين أو أجنحة من ذي قبل قد بُنيت وأُنتجت‬
‫فيها هذه الشياء‪115.‬‬

‫‪82‬‬
‫ومن ثم فإن النتيجة التي توصل إليها الكتاب هي‪ ":‬إن الطفرات الحيائية بشكل إجمالي‬
‫تقوم بوظيفة تتمثل في أنها تحدث خلل وراثيا مستديما‪ ،‬وتتسبب في تدهور وانحطاط النوع‪".‬‬
‫أما العتقاد بأن هذه الطفرات الحيائية التي ل يكون تأثيرها إل "فقد بيانات وراثية"‪،‬‬
‫يمكن لها أن تنتج شفرات وراثية معقدة غير عادية لمليين الكائنات الحية التي تخلف عن‬
‫بعضها البعض والموجودة بالطبيعة‪ ،‬فهو مثل العتقاد بأن تلك الكتب التي وقعت مصادفة‬
‫على لوحات المفاتيح من الممكن أن تكتب مليين الموسوعات‪ .‬أي أن هذا المر هراء ول‬
‫يقبل به عقل‪ .‬وإن البروفيسور(ميرل دي أوبيجن ‪ )Merle d'Aubigne‬الذي كان رئيسا لحد‬
‫القسام بكلية الطب بجامعة باريس‪ ،‬والذي استحق نيشان (‪ ) Croix de Guerre‬الشرفي‪،‬‬
‫وميدالية النجمة البرونزية لما قدمه من إسهامات علمية‪ ،‬يذكر لنا في هذا الموضوع تفسيرا‬
‫وتوضيحا مهما على النحو التي ذكره‪:‬‬
‫أنا بصفة شخصية ل أجد أن الطفرات الحيائية المرتبطة بالتغيرات الكائنة في الظروف‬
‫الحياتية‪ ،‬تمثل فكرا مطمئنا يمكنه أن يوضح ذلك النظام المنطقي والمعقد للمخ‪ ،‬والرئات‪،‬‬
‫والقلب‪ ،‬والكليتين‪ ،‬حتى للمفاصل‪ ،‬والعضلت‪ .‬فكيف يمكن التخلص حينئذ من فكرة أنها قوة‬
‫ظمّة؟‬
‫صاحبة عقل أو ُم َن ِ‬
‫ومختصر الكلم أن الطفرات الحيائية ل يمكن لها أن تأتي بتوضيح شاف للمسألة‬
‫الدارونية‪ ،‬أي لمسألة "أصل النواع"‪ .‬وإن عالم الحياء النمساوي الداروني(جراند مولر‬
‫‪ )Grand Müller‬عبر عن تلك الحالة المعقدة بقوله‪ " :‬إن اصل السمات المورفولوجية‬
‫الحديثة‪ ،‬لم تتضح بعد من خلل النظرية الدارونية المصطنعة المعاصرة"‪.‬‬
‫وإن هاتين الليتين اللتين تزعمهما النظرية الدارونية أي الصطفاء الطبيعي‪ ،‬والطفرات‬
‫الحيائية‪ ،‬ل قبل لهما بتوضيح اصل الكائنات الحية‪ .‬وذلك لنه ل يمكن إنتاج معلومات‬
‫وراثية عن طريق الصطفاء الطبيعي‪ ،‬فما يتم هو أنه يتم اختيار معلومة وراثية موجودة عن‬
‫طريقه‪ .‬كما أن الطفرات الحيائية ل تنتج هي الخرى معلومات وراثية‪ ،‬فعلي أفضل‬
‫الحتمالت فإنها ل تؤثر في هذه المعلومات‪ ،‬بل في الغالب أنها تخربها‪ ،‬وتفسدها‪ .‬فمن‬
‫الواضح بمكان أن أصل المعلومات الوراثية ليس هذه الليات الطبيعية الغير شعورية‪.‬‬
‫ظمَة " وذلك على حد قول البروفيسور‬
‫فهذا الصل هو " قوة صاحبة عقل أو ُم َن ِ‬
‫النمساوي(ميرل دي أوبيجن ‪ .)Merle d'Aubigne‬فهذه القوة تتمثل في ال سبحانه وتعالي‬
‫صاحب عقل‪ ،‬وعلم‪ ،‬وقدرة بشكل ل متناهي‪ .‬وقد أخبرنا ال تعالي في القرآن الكريم بما يلي‪:‬‬
‫" وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده‪ ،‬وهو أهون عليه‪ .‬وله المثل العلى في السماوات‬

‫‪83‬‬
‫والرض وهو العزيز الحكيم " (الية رقم ‪ 27‬من سورة الروم)‪.‬‬
‫وإن النظرية الدارونية قد سعت‪ ،‬وحاولت إنكار هذه الحقيقة‪ ،‬لكنها لم تنجح في ذلك‪،‬‬
‫وستنتقل إلى التاريخ كنظرية قديمة وبالية‪.‬‬
‫‪"İşte Öylesine Hikayeler"in Sonu‬‬

‫ـ فها هي ذا نهاية (الحكايات المختلقة)‪:‬‬


‫لقد درسنا وتناولنا حتى الن أن مساعي النظرية الدارونية لثبات أصل النواع قد‬
‫وصلت لطريق مسدود وأصبحت في مأزق‪ .‬ولقد اعترف أنصار النظرية الدارونية في‬
‫السنوات الخيرة بهذا المأزق‪ .‬فعلماء الحياء التطوريين أمثال كل من(جيلبرت ‪،)Gilbert‬‬
‫و(أوبتيز ‪ ،)Optiz‬و(رآف ‪ ،)Raff‬قد لخصوا بإيجاز هذا الموقف في مقالتهم التي نُشرت في‬
‫مجلة(‪ ) Developmental Biology‬في عام ‪1996‬م حيث قالوا فيها " إن مسالة أصل النواع‬
‫وهي القضية التي تبنتها النظرية الدارونية‪ ،‬تستمر لتبقي معقدة وبدون حل" ‪117 .‬‬
‫لكن الرأي العام لم يكن على دراية بذلك‪ .‬حيث إن النظام الذي اتبعته النظرية الدارونية‬
‫كان ل يرجح أن يعرف الرجل العادي بالشارع " أن أصل النواع أصبح معقد ول حل له من‬
‫حيث النظرية الدارونية"‪ .‬وعوضا عن هذا كانت الساطير الخاصة بنظرية التطور تبلغ للناس‬
‫عن طريق العديد من القنوات مثل العلم‪ ،‬والكتب الدراسية‪ .‬فهذه الحكايات والساطير التي‬
‫تُعرف في الوساط العلمية بع( الحكايات المختلقة)‪ ،‬تُعد المصدر الساسي المحفز لطائفة من‬
‫الناس ممن يؤمنون بنظرية التطور‪.‬‬
‫ولزام علينا الن أن نحكي باختصار حكاية من أشهر (الحكايات المختلقة) هذه‪ .‬فهذه‬
‫الحكاية التي يمكنكم أن تصادفوها في كل مصادر التطور لكن باختلفات بسيطة‪ ،‬لها علقة‬
‫بكيفية تكون النسان‪ ،‬وكيف تسنى له الوقوف على قدميه‪:‬‬
‫إن تلك القرود الشبيهة بالنسان التي تُعد جدودا للبشر‪ ،‬كانت تعيش على الشجار في‬
‫الغابات الفريقية‪ .‬ولقد كانت هياكلها العظمية مائلة‪ ،‬وأيديها وأقدامها مناسبة وملئمة لمسك‬
‫الشجار‪ .‬وبعد فترة من الزمن تضاءلت وتقلصت المساحات المزروعة غابات في أفريقيا‪،‬‬
‫فرحلت تلك القرود الشبيهة بالنسان صوب مناطق السافانا‪ .‬وكان لبد في مناطق السافانا هذه‬
‫النتصاب والوقوف على القدمين حتى يتسنى كافة النحاء من بين ثنايا العشاب العالية في‬
‫تلك المنطقة‪ .‬وهكذا وقف أجدادنا على أقدامهم‪ ،‬وبدءوا السير بشكل منتصب‪ .‬وكلما استخدموا‬
‫أيديهم في عمل اللت فإن ذكائهم كان ينمو ويتطور‪ .‬وهكذا أصبحوا بشرا‪.‬‬
‫وإنه لمن الممكن لكم أن تصادفوا الكثير من مثل هذه الحكايات في المجلت والصحف‬

‫‪84‬‬
‫التي تنحاز لنظرية التطور‪ .‬حيث إن المراسلين الذين يؤمنون بنظرية التطور‪ ،‬ول يمتلكون‬
‫أي معلومات ولو سطحية بشأن هذا الموضوع‪ ،‬قد اتخذوا مهنة لهم من قص هذه الحكايات‬
‫على القراء وكأن كل حكاية من هذه الحكايات حقيقة علمية‪ .‬بيد أن معظم رجال العلم مع‬
‫مرور الوقت قد أعلنوا واعترفوا أن هذه الحكايات ل تحمل أي قيمة علمية على الطلق‪.‬‬
‫فإنه لمن السهل بمكان كتابة الحكايات المتعلقة بكيفية تحول شكل ما إلى أخر‪ ،‬وإنه لمن‬
‫السهل كذلك العثور على السباب المتعلقة بكيفية اختيار مراحل هذا التحول من خلل‬
‫الصطفاء الطبيعي‪ .‬لكن هذه الحكايات ليست جزء من العلم‪ ،‬حيث إنه ل يوجد أي منهج على‬
‫الطلق لختبارها‪ ،‬وتجربتها‪118 .‬‬
‫أما عالم الحفريات التطوري(تي‪ .‬إس‪ .‬كامب ‪ ،) T. S. Kemp‬قد ذكر في كتابه الموسوم‬
‫بع(الحفريات والتطور) طبعة ‪1999‬م‪ ،‬إن هذه الحكايات الموسومة بع(الحكايات المختلقة) ل‬
‫تحمل أي قيمة على الطلق‪ ،‬وتناول كل ما كُتب في موضوع(تطور الطيور) وأخذ يوضح ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫هناك أحد السيناريوهات بشأن أصل الطيور‪ ،‬وهو عن ديناصورات ذات قدمين صغيرتين‬
‫وخفيفتين كانت في العصر(الجو راسي) المتأخر على شاكلة اصطفاء يفضل التكيف الشجري‬
‫بشكل أكبر تدريجيا‪ .‬فالعيش على الشجار كان يزود لديهم القدرة على الهرب من الحيوانات‬
‫المفترسة‪ ،‬ويؤمن لهم سبل العثور على مصادر أخرى للتغذية‪ .‬وإن وطأة الصطفاء التكميلي‬
‫قد أرغمتهم واضطرتهم إلى على عدة أمور وهي بالترتيب‪ :‬القفز‪ ،‬والخفقان‪ ،‬ثم في النهاية‬
‫الطيران بشكل قوي من فرع إلى أخر‪ ،‬ومن شجرة إلى أخرى‪ .‬وإنه ل يمكن بأي حال من‬
‫الحوال إجراء اختبارات علمية على أي فرضية من الفرضيات المتعلقة بهذه الشكال‬
‫الوسيطة‪ ،‬وبالظروف البيئية التي تعيشها‪ ،‬وبالقوي الختيارية التي تتعرض لها‪ .‬والنتيجة هي‬
‫أن السيناريو التطوري إذا أردنا أن نعبر عنه بشكل ساخر فما هو إل (حكايات مختلقة)‪119.‬‬
‫وإن الشأن الذي تحدث فيه (باتيرسون ‪ )Patterson‬أو (كامب ‪ ،)Kemp‬هو جانب واحد‬
‫فقط من هذه المسالة أل وهو أن (الحكايات المختلقة) ل يمكن اختبارها وتجربتها علميا‪ ،‬ومن‬
‫ثم فهي ل تحمل قيمة علمية‪ .‬أما بالنسبة للجانب الثاني بل وربما الجوانب الخرى‪ ،‬فإنما‬
‫تتمثل في أن تحقق هذه الحكايات في نفس الوقت يعد مثل تكون أباطيل غير ممكنة ول‬
‫يستوعبها العقل أي أن هذه الحكايات فضل عن كونها غير علمية‪ ،‬فإنها أيضا ل تُعد ممكنة‬
‫بأي حال من الحوال‪.‬‬
‫وحتى يتسنى لنا أن نوضح هذا‪ ،‬لزام علينا أن نتناول ثانية حكاية(القرود شبيهة النسان‬

‫‪85‬‬
‫التي تقف على قدميها) والتي نقلناها قبل قليل بشأن موضوع تطور النسان‪.‬‬
‫إن (جين بابتيست لمارق ‪ )Jean Baptiste Lamarck‬كان قد ادعي بالمستوي العلمي‬
‫المتدني والمتأخر للفترة التي كان يعيش فيها‪ ،‬حكاية كهذه قبل ‪150‬عاما من الن‪ .‬بيد أن علم‬
‫الوراثة الحديث قد أظهر أن السمات التي يتم اكتسابها حال الحياة ل يمكن بأي حال من‬
‫الحوال نقلها للجيال التية‪ .‬وهذا المر له علقة بالحكاية التي ذكرها‪ :‬الفرضية المسيطرة‬
‫على تلك الحكاية إنما هي فرضية تقول بأن النسان قد تطور بتلك السمات والخصائص التي‬
‫اكتسبها أجداده أثناء الحياة‪ ،‬وهناك ادعاء في تلك الحكاية مؤداه أن البشر قد وقفوا على‬
‫أقدامهم حتى يتسنى لهم رؤية الطراف من حولهم من بين ثنايا العشاب‪ ،‬وأنهم قد استخدموا‬
‫أيديهم لما كانت في الفراغ‪ ،‬وأن ذكائهم قد نما وتطور بهذا الشكل‪ .‬ول جرم أن هذا الدعاء‬
‫ادعاء واهي ل يقبل به علم ول عقل‪ .‬حيث إن حادث هكذا لم يقع على الطلق‪ .‬ناهيكم عن‬
‫أن الكائن الحي ل يكون بمقدوره اكتساب بعض المهارات الخاصة ليحاول الوقوف منتصبا‬
‫على قدميه‪ ،‬ولستعمال يديه‪ .‬حتى ولو افترضنا أنه قد اكتسب هذه المهارات ع مع أن هذا‬
‫أمر غير معقول علميا ع فإنه ليس من الممكن نقله لهذا السمات والخصائص إلى الجيال‬
‫التالية‪ .‬ومن ثم فإنه إذا ما تحقق هذا المر المستحيل‪ ،‬واستطاع القرد أن يضغط على نفسه‬
‫وينصب هيكله العظمي‪ ،‬فإن هذه السمة والخاصية ل يمكن لها أن تنتقل إلى جيل تالي‪ .‬وهذا‬
‫يعني أنه ل يكون هناك " تطور "‪.‬‬
‫حسنا‪ ،‬كيف يكون المر‪ ،‬وكيف تظل تُفرض منطقيات (لمارق ‪ )Lamark‬الفاسدة على‬
‫المجتمع طوال هذه المدة التي تزيد على القرن من الزمان؟‬
‫إن أنصار نظرية التطور كانوا يقولون إن (الحكايات المختلقة) بمثابة ملخص وإيجاز‬
‫لمرحلة التطور البيولوجي الرئيسية التي حدثت‪ .‬وهم يرون أن " الحتياجات ل تلد تطورا "‪،‬‬
‫لكن " الحتياجات توجه الصطفاء الطبيعي في اتجاه معلوم ومحدد‪ ،‬وهذا أيضا يؤدي إلى‬
‫اختيار الطفرات الحيائية التي تأتي بنتائج في هذا لتجاه"‪ .‬أي هم حينما يقولون بأن " القرود‬
‫شبيهة النسان قد قامت على قدميها "‪ ،‬فإنه في الواقع " سيكون قيام أشباه النسان على أقدامهم‬
‫مفيدا"‪ ،‬وها هي الطفرات الحيائية التي أصابتهم في هذه الفترة بعينها‪ ،‬قد نصبت هياكلهم‬
‫العظمية‪ ،‬وأن التي انتصب هيكلها العظمي قد اُختيرت من خلل الصطفاء الطبيعي"‪.‬‬
‫وبقول أخر يمكن القول إنه يوجد في (الحكايات المختلقة) غض تام للطرف عن‬
‫التوضيح والتفسير العلمي لذلك الجزء من الحكاية المتعلق بالطفرات الحيائية‪ .‬وذلك لنه لو‬
‫تم تناول هذا القسم بالدراسة فإنه سيظهر أن هذا بمثابة رأي أو اعتقاد باطل بعيد كل البعد عن‬

‫‪86‬‬
‫الصبغة العلمية‪.‬‬
‫وإذا كان هنا إحساس بالحاجة إلى كائن حي في (الحكايات المختلقة) التي لها علقة‬
‫بالطفرات الحيائية‪ ،‬والتي يذكرها التطوريون(أنصار نظرية التطور)‪ ،‬وإذا كانت أي مسألة‬
‫هي التي تجعل هذا في حالة أكثر فائدة‪ ،‬فإنه يُفترض أن هناك طفرة أحيائية ستظهر بالتأكيد‬
‫هذه الطفرة الحيائية من شأنها أن تسد هذه الحاجة‪ ،‬وتؤمن هذه المسألة‪.‬‬
‫هذا في حين أنه حتى اليوم لم يلحظ ولو حتى طفرة أحيائية واحدة تتطور وتُنمي‬
‫البيانات والمعلومات الوراثية‪...‬‬
‫فالوثوق والعتقاد في هذا السيناريو‪ ،‬يعد شيئا مماثل للعتقاد بالكائنات الحية‪ ،‬وبوجود‬
‫عصا سحرية ستؤمن هذا الشيء الذي تحتاج إلى هذه الكائنات الحية دائما‪ .‬فما هذا إل اعتقاد‬
‫باطل وزائف‪.‬‬
‫وإن عَالِم الحيوان الشهير البروفيسور (بيري باول جريس ‪ )Pierre-Paul Grassé‬الرئيس‬
‫السابق لكاديمية العلوم الفرنسية‪ ،‬هو أحد من شخصوا هذه الحقيقة المهمة جدا‪ ،‬وعارض‬
‫بشدة النظرية الدارونية على الرغم من أنه يؤمن بها من حيث المبدأ‪ .‬ويعرف(جريس) على‬
‫النحو التي ذكره اعتقاد النظرية الدارونية بشأن الطفرات الحيائية‪:‬‬
‫إنه لمن الصعب والعسير العتقاد بأن الطفرات الحيائية يمكنها أن تسد حاجات ولوازم‬
‫الحيوانات والنباتات‪ .‬لكن النظرية الدارونية تريد الكثر من هذا‪ .‬حيث يجب أن تتعرض نبتة‬
‫واحدة‪ ،‬وحيوان واحد لمئات اللف من المصادفات المفيدة بالشكل اللزم‪ .‬أي أنه يجب أن‬
‫تُصبح المعجزات بمثابة القاعدة العادية‪ ،‬وأن تتحقق الحداث القليلة الحتمالت بكل سهولة‬
‫ويسر‪ .‬فل يوجد قانون ما يفرض حظرا على نسج الخيالت‪ ،‬لكن العلم ل ينبغي له أن يتدخل‬
‫في هذا المر‪120.‬‬
‫وخلصة القول فإن النظرية الدارونية بمثابة نسج للخيال‪ ،‬ول علقة لها على الطلق‬
‫بالعلم‪ .‬فع(الحكايات المختلقة) التي تُقص على العالم بأسره مثل الحقائق العلمية‪ ،‬ل توجد بها‬
‫ولو حتى مستند علمي صغير‪.‬‬
‫وإن السمة المشتركة التي تجمع بين كل تلك الحكايات هي تشخيص حاجة معروفة من‬
‫احتياجات الكائنات الحية‪ ،‬ثم افتراض أن الطفرات الحيائية يمكنها أن تسد هذه الحاجة‪ .‬وإن‬
‫هذه الحاجة مثار الجدل يصفها أنصار نظرية التطور بع( الوطأة التطورية أو الضغط‬
‫التطوري)‪ ( .‬فعلي سبيل المثال فإن الحاجة إلى الوقوف على القدم بين ثنايا السفناء ع‬
‫مصطلح جغرافي معناه بطحاء أو سهل ل شجر فيه‪ ،‬أرض معشوبة في منطقة استوائية‬

‫‪87‬‬
‫تشتمل على أشجار متناثرة ع يعد " وطأة تطورية ع أو ضرورة من ضروريات التطور" )‪.‬‬
‫وبالنسبة لفتراض أن الطفرات الحيائية اللزمة تكون على أُهبة الستعداد للستخدام‪،‬‬
‫فهذا أمر ل يمكن حدوثه إل من خلل اليمان المطلق والعمى بالنظرية الدارونية ليس إل‪.‬‬
‫وإن أي شخص ل يتسم بهذه الدرجة من التكبر والغطرسة‪ ،‬يمكنه أن يري أن "الحكايات‬
‫المختلقة" ل علقة لها بالعلم على الطلق‪.‬‬
‫وهكذا فإن رجال العلم من أنصار نظرية التطور كانوا وحدهم هم الذين بدءوا سرد‬
‫الوجه الداخلي لع" الحكايات المختلقة" بصوت مرتفع‪ .‬والنموذج الحديث والجديد على هذا‪،‬‬
‫هو ذلك التفسير والتوضيح الذي قام به (لن تاتيريسال ‪ )Lan Tattersall‬رئيس قسم‬
‫النثروبولوجيا بمتحف التاريخ الشرقي بأمريكا‪ ،‬وهذا البيان أو التوضيح قد قام به عن‬
‫"الحكايات المختلقة" التي تم نشرها في مجلة (نيورك تايمز ‪ .)New York Times‬ففي ذلك‬
‫الخبر الذي ورد في مجلة(نيورك تايمز) كان هناك سؤال مطروح يقولون فيه‪ :‬لماذا يفقد البشر‬
‫ريشهم في مرحلة التطور؟‪ ،‬ولقد أخذت العديد من سيناريوهات النفعية والفضلية المتنوعة‬
‫تُقص وتُحكي حول هذا الموضوع‪ .‬لكن (لن تاتيريسال ‪ )Lan Tattersall‬كان يقول‪ " :‬كل‬
‫ريشة توحي بفكرة أو رأي حول مزايا فقد الريش‪ ،‬لكن (الحكايات المختلقة) هي كل هذه‬
‫المور والفكار‪121".‬‬
‫وإن (هنرى جي ‪ )Henry Gee‬المحرر العلمي بمجلة( الطبيعة ‪ )Nature‬الشهيرة‪،‬‬
‫والذي كتب كثيرا من المقالت والكتب بشأن نظرية التطور‪ ،‬على الرغم من أنه تطوري(أي‬
‫من أتباع نظرية التطور) إل إنه يوضح في كتابه المطبوع في عام ‪ 1999‬فداحة الخطأ الذي‬
‫يُرتكب في السعي إلى توضيح وتفسير أصل عضو ما والحديث عن فوائد ذلك‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو التي ذكره‪:‬‬
‫إن أُنوفنا جُعلت كي تحمل النظارة‪ ،‬ومن ثم فإن لدينا نظارات‪ .‬نعم‪ ،‬فإن علماء الحياء‬
‫التطوريين يستخدمون هذا المنطق وهم يحاولون توضيح بعض المور كالحديث عن أي‬
‫بُنية(خِلقة) ما‪ ،‬وعن الفائدة في وجودها‪ .‬حيث إن هذه الفائدة الموجودة مثار الحديث‪ ،‬ل قبل‬
‫لها بأن تأتي لنا بأي شيء على الطلق بشأن كيفية تطور هذا البنية‪ ،‬وهل تاريخ تطور هذه‬
‫البنية أثر أم لم يؤثر في شكلها وسماتها وخصائصها‪122 .‬‬
‫إن هذه اليضاحات شديدة الهمية‪ .‬وذلك لنه من المحتمل أنه يكون بمقدوركم بعد هذا‬
‫مصادفة ومشاهدة (الحكايات المختلقة) في المصادر الخاصة بالتطوريين وبالطبع في مقدمتها‬
‫العلم‪ .‬ولبد من جذب النتباه إلى أن هذه الحكايات بمثابة أساطير جوفاء ل يوجد لي‬

‫‪88‬‬
‫واحدة منها أي دليل على الطلق‪ .‬وإن نفس المنهج يتم إتباعه في تأليف وخلق هذه‬
‫الحكايات‪ .‬فهذا المنهج يبدأ أول ما يبدأ إلى وصف أحد الجوانب أو الجوانب التي لها مزية‬
‫والتي تعود إلى أي كائن حي‪ ،‬ثم بعد ذلك يختلق سيناريو حول كيف تمكنت هذه المزية من‬
‫التطور‪ .‬ومن المؤكد أن الطروحات الخاصة بالتطوريين التي يتم عملها بهذه الشكل‪ ،‬ل‬
‫تعرف حدا من الجهة التطبيقية‪ .‬فهي بصفة عامة تؤمن " بعصا التطور السحرية " التي تسد‬
‫احتياجات الكائنات الحية في الطبيعة‪ ...‬مثل قولهم " إن خرطوم الفيل يعطي الفيلة مزية‬
‫للتقاط الطعمة من على الرض‪ ،‬ومن ثم فإن خرطوم الفيل قد تطور من أجل أن يلتقط‬
‫الطعام من على الرض " و " إن قامة الزرافة تجعلها تستطيع الوصول إلى الغصان‬
‫المرتفعة‪ ،‬ومن ثم فإن قامة الزرافة قد تطورت من أجل أن تمتد إلى الوراق والعشاب‬
‫الكائنة بأماكن شاهقة ومرتفعة "‪ .‬فهذا اليمان أشبه ما يكون باليمان بالخرافات والعتقاد‬
‫فيها‪.‬‬
‫وإن الوجه الخفي لتلك الخرافة يزداد وضوحا في كل يوم يمر‪.‬‬
‫وبالنظر إلى كل ما درسناه منذ بداية هذا القسم وحتى الن يمكننا القول‪ " :‬إن الدعاء‬
‫الذي يقول إن أصل النواع يعد بمثابة مرحلة تطورية تصادفية‪ ،‬إنما هو نتيجة الستنتاجات‬
‫المضللة والخاطئة التي توصلت إليها النظرية الدارونية إبان المستوي العلمي البدائي للقرن‬
‫التاسع عشر الميلدي‪ .‬فكل التجارب والملحظات التي أُجريت في القرن العشرين أثبتت أنه‬
‫ل توجد أنواع جديدة في الطبيعة‪ ،‬وأنه ل توجد ثمة آلية تنتج تلك الصنوف السابق ذكرها أنفا‪.‬‬
‫لقد تمكن العلم من تقويض وهدم أُكذوبة ووهم النظرية الدارونية‪ ،‬كما أنه أثبت حقيقة‬
‫أخرى تتمثل في أن الخلق هو الصل الحقيقي للنواع‪ ،‬وأن ال سبحانه وتعالي العلى‬
‫العليم هو الذي خلق كافة الكائنات الحية‪.‬‬

‫سيناريو فصيلة الحصان الذي ساد في الزمنة القديمة‬


‫‪BİR ZAMANLAR AT SERİLERİ SENARYOSU VARDI‬‬
‫لحعظ دارويعن‪ ،‬و كمعا عرفنعا فيمعا سعبق‪ ،‬وجود نقعص فعي وثائق الحفريات و فعي الصعور‬
‫ال ستثنائية ال تي يم كن ان يُعت مد علي ها في نظري ته و ذلك من خلل المرحلة ال تي و ضع في ها‬
‫نظريته‪ ،‬لكنه كان يأمل في أن يجده هذه الوثائق مستقبلً علماء الحفريات الذين آمنوا بداروين‪،‬‬
‫على البحث يهمه كي يزيلوا هذا العجز المهم‪ .‬أحدي نتائج هذا ‪ ،‬كانت ترتيب بعض الحفريات‬

‫‪89‬‬
‫التعي وجدت فعي قارة امريكعا الشماليعة بشكعل يكون سعلسلة معا‪ .‬و يبدو أن مؤيدي دارويعن‪،‬‬
‫اعتقدوا أنهعم حققوا نصعر اسعتثنائي على رغعم معن نقعص الشكعل الوسعيط الموجود فعي وثائق‬
‫الحفريات‪ .‬وهذا الكائن الحي الذي صاغوا له فصيلة و سلسله كان حصانا‪.‬‬
‫تم اكتشاف احدي ا هم الجزاء في هذه ال سلسلة‪ ،‬ق بل ظهور نظر ية دارو ين ا صلً‪ .‬كان عالم‬
‫الحفريات النجليزي الشهير سير ريتشارد أووين ‪ Richard owen‬قد وجد في عام ‪1841‬‬
‫حفريعة خاصعة بحيوان صعغير معن الثدييات و اطلق عليهعا حينئ ٍذ اسعم ‪، Hyracotherium‬‬
‫مستوحيا اياه من التشابه بينها و بين كائن حي آخر يطلق عليه اسم ال َوبْر يعيش في افريقيا‪.‬‬
‫و الوبر هو كائن حي صغير يشبه الثعلب و يتشابه هيكله العظمى و جمجمته و شكل ذيله مع‬
‫جمجمة الحيوان الموجود في حفرية اووين‪.‬‬
‫أمعا علماء الحفريات المؤيديعن لحفريعة دارويعن‪ ،‬فبدأوا يقيّمون ‪ Hyracotherium‬بنظرتهعم‬
‫التطوريعة مثلهعا مثعل كعل الحفريات الخري‪ .‬فحاول عالم الحفريات الروسعي فلديميعر‬
‫عن جياد‬
‫عة بيع‬ ‫عي عام ‪ 1874‬ان يقيع‬
‫عم رابطع‬ ‫‪ Vladimir‬فع‬ ‫عكي ‪Kovalevsky‬‬
‫كوفالفسع‬
‫‪ . Hyracotherium‬أ ما في عام ‪ 1879‬فا ستطاع شخ صان من مؤيدي دارو ين المشهور ين‬
‫في تلك الفترة بذل مجهود ا كبر في تلك المحاولة‪ ،‬و تمك نا من صياغة سلسلة الح صان ال تي‬
‫احتلت مكانعة مهمعة لسعنوات طويلة بيعن نظريات دارويعن‪ .‬هدم باحثعا الحفريات المريكييعن‬
‫أوثنيعل تشارلز مارش ‪ Othniel Charles Marsh‬و توماس هكسعلي ‪Thomas Huxley‬‬
‫( المعروف بأنعه معن أتباع دارويعن ) و قعد شكل رسعما بيانيا بترتيعب بععض الحفريات ذات‬
‫الحوافر‪ ،‬وفقا لشكل بناء اسنانها و عدد الحوافر الموجودة في اقدامها المامية و الخلفية‪ .‬و قد‬
‫أطلقا اسم جديد على ‪ Hyracotherium‬بشكل يتوافق مع التطور فغي هذه المرحلة و أعطياه‬
‫اسم ‪ Eohippus‬الذي يعنى " حصان الشفق "‪ .‬لقد كانت ادعاءاتهم و رسوما تهم قد وضعت‬
‫أسس السلسة التي ظهرت كدليل على التطور كما يزعمون ‪ -‬و التي رتبت من ‪Eohippus‬‬
‫حتى الجياد الموجودة في عصرنا الحالي و هي موجودة في الكتب الدراسية و في المتحف منذ‬
‫مائة عام‪،‬و قد نشرت مرتين في مجلة امريكية اسمها الجريدة العلمية‪ 123 .‬إما النواع المهمة‬
‫التعي ظهرت كمراحعل فعي هذه السعلسلة فهعي ‪Eohippus , Orohippus, Miohippus,‬‬
‫‪ Hipparion, Equus‬وصول في النهاية إلى الحصان الموجود في عصرنا الحالي‪.‬‬
‫ظهرت هذه ال سلسلة‪ ،‬طوال القرن التالي كدل يل على تطور الح صان‪ .‬كان النخفاض في عدد‬
‫الحوافر و الزيادة المرتبة من الصغير إلى الكبير في الحجم دليل يكفي لقناع مؤيدي التطور‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫تمنعى مؤيدو التطور لو امكن هم تكو ين سلسل لحفريات با قي الكائنات الح ية على منوال تلك‬
‫ال سلسلة‪ .‬ا ستمر هذا الو ضع لب ضع عشرات من ال سنين‪ ،‬ال ان هم لم يحققوا ما تمنوه‪ .‬و يبدوا‬
‫أنهم لم يستطيعوا تشكيل سلسل لباقي الكائنات الحية على منوال سلسلة الحصان‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن المتناقضات الموجودة داخل سلسلة الحصان قد بدات فعل في الظهور‪ .‬و‬
‫قعد ف جر المشكلة تلك الحفريات الجديدة ال تي ظهرت خلل التنقيبات ال تي جرت حديثا و ال تي‬
‫حاولوا توطيدهعا داخعل سعلسلة الحصعان‪ .‬لن مكان الحفريات‪ ،‬بدأ يُفسعد السعلسة بخلق موقعف‬
‫يناقعض خصعائص الحفريات الفعليعة مثعل العمعر و عدد الحوافعر‪ .‬و نتيجعة لهذه الكتشافات‬
‫الجديدة تحولت سلسلة الحصان إلى ركام من الحفريات غير المتطابقة التي ل معنى لها‪.‬‬
‫ععبر جور دون راتّراي تايلور ‪ Gordon Ratray Taylor‬المحرر العلمعي المحنعك فعي‬
‫تليفزيون ‪ ( BBC‬هيئة الذاعة البريطانية ) عن هذا الموقف على النحو التالي‪:‬‬
‫" رب ما يكون اخ طر مو ضع ض عف في نظر ية دارو ين‪ ،‬هو ف شل علماء الحفريات‪ ،‬في أن‬
‫يظهروا التطورات النوع ية أو أن يرتبو ها بش كل يف سر التغيرات الكون ية ال كبيرة ال تي يقنعون‬
‫بهعا الناس‪ ...‬نذكعر الحصعان على اعتبار انعه المثال الوحيعد الذي شكلوه بصعفة عامعة‪ .‬ال ان‬
‫الخعط الوصعل معن ‪ Eohippus‬حتعى ‪ Equus‬مشوش تماما فعي الحقيقعة‪ .‬و تعتعبر الزيادة‬
‫المسعتمرة فعي الحجام مجرد ادعاء ل صعحة له و الحقيقعة هعي أن بععض الشكال المختلفعة‬
‫أصغر من ‪ ،Eohippus‬وليست اكبر‪.‬و يبدوا أنهم تمكنوا من جمع نماذج من مصادر مختلفة‬
‫بشكل كوّن سلسلة مقنعة و لكن بمرور الوقت اتضح عدم وجود اى دليل على أن ترتيبها هذا‬
‫كان بالشكل الصحيح "‪124 .‬‬
‫اعترف تايلور صراحة بأن سلسل الح صان ل تعت مد على أى دل يل عل مي‪ .‬و كان هير يبرت‬
‫نيلسون ‪ Heribert Nilsson‬واحدا من الباحثين الذين صرحوا بذلك‪ .‬حيث كتب نيلسون أن‬
‫هذه السلسلة " مصطنعة جدا ً "‪:‬‬
‫ل مكان لوجود شجرة سللة الجياد الجميلة سوي في الك تب الدرا سية فح سب‪ .‬و يمكن نا القول‬
‫في الحقي قة ان الثل ثة اجزاء ال تي تتكون من ها هذه ال سللت ت ضم الجياد الخيرة فح سب‪ .‬و‬
‫صعور الجزء الول عبارة ععن جياد صعغيرة مثعل الزّلَم المعاصعر ( كائن حعي يشبعه زبزب‬
‫الصخور )‪ .‬و الصور الحديثة للجياد هي صور مصطنعة تماما لنها تكونت من أجزاء غير‬
‫متماثلة و لهذا السبب ل يمكنها أن تشكل سلسلة أو مرحلة انتقالية مستمرة‪125 .‬‬
‫يتفعق الكثيعر معن مؤيدي التطور الن على أن الطروحعة التعي اظهرت الحصعان بتطوره‬
‫التدريجي هي اطروحة باطلة‪ .‬و قد عُقد اجتماع استمر اربعة ايام‪ ،‬في متحف تاريخ الطبيعة‬

‫‪91‬‬
‫بشيكاغو في تشرين الثاني ‪ 1980‬و شارك فيه هذا الجتماع ‪ 180‬من مؤيدي نظرية التطور‬
‫و تعم فعي هذا الجتماع بحعث قضايعا نظريعة التطور التدريجعي‪ .‬تحدث بويعس رانسعبيرجر‬
‫‪ Boyce Ransberger‬و هو من مؤيدي التطور‪ ،‬و تناول في معرض حديثة هذا أن سيناريو‬
‫تطور الح صان ل يعت مد قط على وثائق و او ضح على الن حو التالي أن الح صان لم ي مر قط‬
‫بمرحلة مثل مراحل التطور التدريجي المزعومة‪:‬‬
‫نعرف م نذ أ مد بع يد ببطلن نموذج تطور الح صان الشه ير الذي أ كد على وجود سلسلة من‬
‫التطور التدري جي بدءا من الكائنات الح ية الكبيرة ذات الذ يل‪ ،‬و الحوا فر الرب عة ال تي عا شت‬
‫قبعل ‪ 50‬مليون عام تقريباُ وصعو ً‬
‫ل إلى الحصعان الموجود فعي عصعرنا الحاضعر ذو الحافعر‬
‫الواحد‪ .‬و ظهرت كل انواع الحفريات باعتبارها مختلفة عن بعضها البعض‪ ،‬بدل من التطور‬
‫التدريجي‪ ،‬فهي ظلت بل تغير‪ ،‬و فيما بعد تلشت السللة‪ .‬و لم يتم التعرف على الصور او‬
‫الشكال الوسطية‪126.‬‬
‫و ك ما فهم نا من كلمات تايلور نيل سون و رن سبرجر أن هذه ال سلسلة التي ظهرت معتمدة على‬
‫تطور الحصان عبارة عن نماذج مليئة بالمتناقضات‪ ،‬و تفتقد إلى الدليل العلمي‪ .‬حسنا و لكن‬
‫إذا لم تعتمعد سعلسلة الحصعان على دليعل على ماذا تعتمعد اذن؟ أن جواب هذا التسعاؤل بالفععل‬
‫واضعح‪ .‬يعتمعد سعيناريو تطور الحصعان مثعل كعل سعيناريوهات دارويعن الخري‪ ،‬على قوة‬
‫الخيال‪ ،‬فقد رتب مؤيدو التطور بعض الحفريات التي وجدوها بشكل يتوافق مع رغباتهم هم‪،‬‬
‫و أعطوا انطباع للمجتمع بأنها كانت كائنات حية تطورت عن بعضها البعض‪.‬‬
‫لن ننكعر الدور الذي لعبعه مارش ‪ March‬و هعو الشخعص الذي يمكننعا ان نطلق عليعه اسعم‬
‫المهندس المعماري لسعلسلة الحصعان‪ ،‬فعي خلق هذا النطباع‪ .‬أبرز روبرت ميلنعر ‪Robert‬‬
‫‪ milner‬المعروف بتأييده للتطور بععد قرن تقريبا معن الزمان " تقنيعة " مارش خلل الكلمات‬
‫الت ية‪ .. " :‬تت بع مارش حفريا ته بش كل يو صل لنوع الح صان المعا صر‪ .‬و حين ما ف عل ذلك‬
‫غض الطرف نظرا لحساسه بذاته عن الدلة المتناقضة و المتعارضة الكثيرة العدد "‪127‬‬
‫باختصعار لقعد شكعل مارش السعيناريو فعي ذهنعه ثعم قام بععد ذلك بترتيعب الحفريات طبقا لهذا‬
‫السيناريو‪ ،‬كما لو كان ذلك مثل ترتيب اطول المفكات في حقيبة الدوات الخاصة بعامل‪ .‬بيد‬
‫أن الحفريات الجديدة‪ ،‬و على ع كس المتو قع اقح مت بش كل منا قض تما ما سيناريو مارش‪ ,‬أو‬
‫بتعبير جاريت ها ردين ‪ " : Garret Hardin‬كانت هناك فترة أوحت خللها حفريات الجياد‬
‫الموجودة م نذ أ مد بع يد‪ ،‬بوجود خط تطور طولي‪ ،‬يم تد من ال صغير إلى ال كبير‪ ...‬و كل ما‬

‫‪92‬‬
‫ظهرت حفريات اكثر‪ ...‬ظهر كذلك و بوضوح عدم وجود تطور في خط طولي "‪128‬‬
‫لم يكن ممكنا ترتيب الحفريات بشكل يظهر التطور التدريجي الذي زعمه داروين‪ .‬و قد عبر‬
‫ا حد مؤيدي التطور و يد عي فرن سيس هيتشي نج ‪ Francis Hitching‬عن هذا المو قف على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫" حتى إذا كانت كل الحفريات المحتملة داخلة‪ ،‬فإننا نري أن الجياد مرت خلل مراحل نموها‬
‫جيل بعد جيل بقفزات كبيرة‪ ،‬بحيث يستحيل وجود أى صور وسيطة او انتقالية "‪129‬‬
‫يمكننا القول أن مؤيدي التطور قد فقدوا المل تماما اليوم ً في سلسلة الحصان تلك‪ .‬و السبب‬
‫وراء هذا هعو انعه اتضعح ان الجياد المتطورة قعد عاشعت جنبا إلى جنعب‪ ،‬و كذلك فعي نفعس‬
‫الفترة‪ ،‬و بذلك أ صبح من الم ستحيل الحد يث عن تف سير الح صان بوا سطة سللة الن سب أو‬
‫العرق الخط ية‪ .‬بالضا فة إلى ظهور بض عة خ صائص في بن ية عظام و ا سنان الجياد جعلت‬
‫هذه السلسلة باطلة ايضا‪ .‬و بظهور كل هذه الشياء أصبحت الحقيقة واضحة للعيان‪.‬فل توجد‬
‫ث مة عل قة تطور ب ين الكائنات الح ية ال تي تم توطيد ها في سلسلة الح صان‪ .‬و هذه النواع‬
‫ظهرت فجأة من طبقات الحفريات‪ ،‬ك ما هو الحال في كل الكائنات الح ية الخري‪ .‬بناءا على‬
‫ذلك و على الرغم من كل مساعي مؤيدو التطور لم تظهر خصائص انتقالية بين هذه النواع‪.‬‬
‫و الحقي قة المؤكدة هي أن سلسلة الح صان كا نت عبارة عن خرا فة و ل تتعدي هذا‪ .‬و ي جب‬
‫علينا أن نلقي نظرة أقرب و اعمق على التناقضات الخاصة بسلسلة الحصان و التي أكد عليها‬
‫بإصرار في مرحلة ما مؤيدو نظرية التطور‪.‬‬

‫التناقضات الموجودة في سلسلة الحصان و اعترافات مؤيدي التطور‬


‫‪At serilerindeki Tutarsizliklar ve Evrimcilerin Itiraflari‬‬
‫إن سلسلة الحصان و على عكس الصورة التي اظهرها بها مؤيدو التطور في المتحف و في‬
‫الك تب الدرا سية‪ ،‬هي سلسلة باطلة لعدة اعتبارات‪ .‬ف قد ع جز ان صار التطور ‪ ،‬أن يقيموا أى‬
‫رابطععة بيععن ‪ ( Eohippus‬أو باســمه ‪) Hyracotherium‬و بيــن ‪Kandilart‬‬
‫‪ ) ( Conylarth‬التي تعنى الحصان ذو الحوافر‪130 .‬‬
‫و قد ظهرت في ما ب عد ب عض المتناقضات الموجودة دا خل سلسل أو ف صائل الح صان‪ .‬ح يث‬
‫اتضح ان بعض الكائنات الحية الداخلة في هذه السلسلة‪ ،‬قد عاشت معا جنبا إلى جنب‪ .‬و كان‬
‫هذا ال خبر ال فت للنتباه قد ن شر في عدد ينا ير ‪ 1981‬من مجلة الجغراف يا القوم ية‪ .‬و ب قي‬
‫الباحثون طبقعا لهذا الخعبر فعي وليعة نبراسعكا فعي الوليات المتحدة المريكيعة أسعفل الحمعم‬

‫‪93‬‬
‫البركان ية الفجائ ية النات جة عن انفجار بركا نى و قد احا طت هياكل هم العظم ية بحفريات آلف‬
‫الكائنات الحيعة التعي ل زالت محفوظعة حتعى يومنعا الحاضعر‪ .‬و قعد كان عمعر الحفريات ‪10‬‬
‫مليون عام‪ .‬كان هذا الخعبر الذي نشعر فعي الجغرافيعا القوميعة الخاصعة بسعيناريوهات تطور‬
‫الح صان عبارة عن معلو مة لف ته للنتباه بالف عل ‪ .‬ل نه من ب ين الكائنات الح ية ال تي نشرت‬
‫صعورها ظهعر ان الحصعان ذو الثلثعة حوافعر و الحصعان ذو الثلثعة حوافعر و الحصعان ذو‬
‫الحا فر الوا حد و ان هم كانوا يعيشون م عا في ن فس الو قت‪ 131 .‬أظ هر هذا الكتشاف بطلن‬
‫ادعاء تطور الجياد الموجودة في سلسلة الح صان عن بعض ها الب عض‪ .‬لم تظ هر هذه الكائنات‬
‫الحية التى عاشت في نفس المنطقة الجغرافية و في نفس الفترة أي انتقال يمكن أن يعد دليل‬
‫على التطور‪ ،‬كما ظهر ان الكائنات الحية التي بدت في التطور كأنها جد أو حفيد عاشت في‬
‫الحقيقعة خلل نفعس الفترة‪ .‬كان هذا الكتشاف‪ ،‬مؤشرا جديعد على أن سعلسلة الحصعان التعي‬
‫احتفي بها مؤيدو التطور لعدة سنوات في المتاحف و الكتب الدراسية تم صياغتها وفقا للهواء‬
‫والتخيلت الخاصة‪.‬‬
‫التناقض الكبر المنسوب لنظرية داروين كان ذلك الموجود بين الحصان و ‪.Mesohippus‬‬
‫كتعب جوناثان ويلز ‪ Jonathan Wells‬المعروف بالنتقادات التعي وجههعا لنظريعة دارويعن‬
‫بوا سطة كتا به الم سمي ( ايقونات التطور ) الذ ين شر في عام ‪ ،1999‬أن ‪ Miohippus‬بين ما‬
‫ظهر قبل ‪ Mesohippus‬كحقيقة في وثائق الحفريات فإنه قد استمر كنوع بعده‪132.‬‬
‫تحدث و‪ .‬جعي‪ .‬مارش ‪ O. C. Marsh‬بشكعل غريعب ععن وجود جياد معن ذوات الحوافعر‬
‫الثلثة في جنوب غرب امريكا في تلك الفترة و قد كتب أن هذا الكائن يشبه من هذه الزاوية‬
‫الحصان البدائي الذي اختفت سللته‪133.‬‬
‫إن الخطاء الموجودة في سلسلة الح صان لي ست قا صرة على وجود النواع ال تي في التطور‬
‫ك سللة للح صان‪ ،‬في مكان و زمان وا حد‪ .‬فل تو جد في العالم منط قة واحدة يم كن أن تبرز‬
‫منفردة و قد ظهرت في ها الجياد الموجودة في سلسلة التطور‪ .‬ل قد ج مع أن صار التطور أجزاء‬
‫الحفريات من قارات مختلفة بشكل يتوافق مع رغباتهم هم ‪ ،‬و استخدموها فيما بعد في تدعيم‬
‫ادعاءاتهم‪ .‬بيد أن تصرف كهذا ل يتلءم و موضوعية العلم بأي حال من الحوال‪.‬‬
‫اعتمد انصار التطور اثناء تشكيلهم لسلسة الحصان على بناء و شكل السنان بجانب الحجم و‬
‫عدد الظافر‪ ،‬لكنها تحولت إلى ما يناقض هذه الحجة‪ :‬فقد ادعوا خلل الترتيب الموجود في‬
‫سعلسلة الحصعان‪ ،‬ان الجياد المتطورة قعد انتقلت معن التغذيعة فعي الدغال إلى التغذيعة على‬
‫العشب‪ ،‬و أن اسنانها تطورت ايضا بشكل يتوافق مع هذا التغير‪ .‬بيد أن البحاث التي اجراها‬

‫‪94‬‬
‫عالم الحفريات بروس مكفادّن ‪ Bruce Mcfaddan‬المعروف بتأييده لفكرة التطور معتمدا في‬
‫تلك البحاث على ا سنان ير جع عمر ها إلى خم سة ملي ين عام‪ ،‬و ال تي ت خص ‪ 6‬انواع من‬
‫الجياد‪ ،‬اظهرت أن اسنان الكائنات الحية الموجودة في سلسلة الحصان لم تمر بأى من مراحل‬
‫التطور الخاطئة‪134 .‬‬
‫علي جانب آخر اتضح ان الوضع المتأزم الخاص بعدد العظام الموجودة في فقرات الخصر و‬
‫القفعص الصعدري للجياد قعد ارتفعع عدد عظام القفعص الصعدري معن ‪ 15‬إلى ‪ 19‬ثعم عاد‬
‫لينخفععض مرة أخري إلى ‪ .6‬نحععن نعرف اليوم ان هناك اختلفات حول عظام القفععص‬
‫الصدري للجياد‪ .‬لكن هذا الوضع الذي نراه في الجياد المعاصرة و كذلك في الجياد المتطورة‬
‫ل يم كن و ان يح قق ال ستقرار ل سلسلة التطور‪ .‬لن البن ية مو ضع الحد يث ابن ية معقدة يم كن‬
‫أن تؤثر على حركات الكائن الحي‪ ،‬و حتى على حياته‪ .‬و يبدو من الناحية المنطقية‪ ،‬ان نوع‬
‫يعيش حياته بوتيرة تزيد فيها البنية أو تنقص عن طريق قفزات تصادفيه‪ ،‬ل يمكن ان تستمر‬
‫سللته‪.‬‬
‫التناقض الخير الخاص بسلسلة الحصان‪ ،‬كان تفسير الزيادة الملحوظة في الحجم من الصغير‬
‫إلى الكبير باعتبارها مكسب ناتج عن التطور‪ .‬و حينما ندقق النظر اليوم في حجم الحصان‬
‫بشكل عام فسوف نفهم بسهولة ان هذا التفسير التطوري هو في حقيقة المر تفسير مضلل‪ .‬إن‬
‫اكعبر الجياد المعروفعة اليوم هعي تلك المعروفعة باسعم ‪ ، Clydesdale‬و أصعغرها هعو‬
‫‪ .Fallabella‬فيبلغ ارتفاع ‪ Fallabella‬ععن الرض ‪ 43‬سعنتيمتر فقعط‪ 135.‬و رغعم هذا‬
‫التفاوت الكعبير الموجود بيعن أحجام الجياد التعي تعيعش اليوم‪ ،‬فل شعك أن انصعار التطور قعد‬
‫فضلوا القيام بترتيب التطور طبقا لحجام الجياد التي كانت تعيش قديما فحسب‪.‬‬
‫باختصار اتضح تماما ان سلسلة الحصان كانت عبارة عن اسطورة من اساطير التطور التى‬
‫اعتمدت على ادعاءات باطلة‪ .‬ال انه قد ظهر جليا و بما ل يدع مجال للشك أن انهيار نظرية‬
‫دارويعن قعد هوي على رؤوس علماء الحفريات المؤيديعن للتطور أى على رؤوس المتحيزيعن‬
‫ل ها‪ .‬و هؤلء كانوا يعلمون جيدا م نذ ع صر دارو ين أ نه ل تو جد في طبقات الحفريات صور‬
‫أو اشكال انتقالية تؤيد نظرية التطور‪ .‬و بينما كان ارنست ماير ‪ Ernest Mayr‬يتحدث في‬
‫عام ‪ " ،2001‬عن عدم وجود ش يء قط يم كن أن يؤ ثر على علماء الحفريات ح تى الفراغات‬
‫الموجودة في وثائق الحفريات "‪ 136 .‬ف قد أعلن ان هناك الكث ير من علماء الحفريات قد فقدوا‬
‫المل في العثور على صور او أشكال انتقالية تؤيد و تدعم ما ذكره داروين سلفا‪ .‬ربما و لهذا‬

‫‪95‬‬
‫السبب أيضا بدأ علماء الحفريات يتحدثون منذ عشرات السنوات عن بطلن هذه السلسلة أيضا‬
‫رغم أن هناك مؤيدين آخرين للتطور يدافعون بحماسة عن سلسلة الحصان‪ .‬على سبيل المثال‬
‫توضعح الكلمات التاليعه لديفيعد راوب ‪ David Raup‬و التعي قالهعا عام ‪ 1979‬أن سعلسلة‬
‫الحصان باطلة و ل تحمل اى معنى على الطلق‪:‬‬
‫ل زالت وثائق التطور مليئة بالقفزات ال تي تج سد الفراغات بش كل مح ير و غر يب‪ ،‬أن نا نعت مد‬
‫على نماذج لصور انتقالية عددها أقل بكثير من تلك التي كانت موجودة في عصر داروين‪ .‬و‬
‫أريعد ان أؤكعد هنعا ان النماذج الكلسعيكية للتطور طبقعا نظريعة دارويعن فعي وثائق و مدونات‬
‫الحفريات‪ ،‬مثل تطور الحصان الموجود في امريكا الشمالية‪ ،‬قد تغيرت او اصبحنا مضطرين‬
‫لن نتجاهلها و ذلك كلما ازدادت المعلومات الموجودة بين ايدينا‪ .‬كما ان الشيء الذي يبدوا و‬
‫كأ نه تطور جم يل في المرا حل ال تي تكون في ها المعلومات ال تي ب ين ايدي نا قليلة ن سبيا ن جد ان‬
‫التطور خلله يكون معقعد جدا و بطيعء للغايعة‪ .‬و هذا يعنعى ان مشكلة دارويعن كانعت مشكلة‬
‫بسيطة‪137 .‬‬
‫أعلن د‪ .‬نيلس ايلدريدج ‪ Dr. Niles Eldridge‬و هو عالم حفريات من انصار نظرية التطور‬
‫يع مل في مت حف تار يخ الطبي عة المري كي الذي ي عد واحدا من أش هر المتا حف على م ستوي‬
‫العالم‪ ،‬أعلن م نذ ما يقرب من عشر ين عاما أن ادعاءات التطور الخا صة ب سلسل الح صان‬
‫المعروضعة فعي نفعس المتحعف تعتمعد فعي السعاس على نسعج معن الخيال فحسعب‪ .‬و انتقعد‬
‫ايلدريدج‪ ،‬عرض هذه ال سلسلة الزائ فة في الك تب الدرا سية و القبول ب ها و كأن ها حقي قة علم ية‬
‫مسلم بها‪:‬‬
‫اعترفُ أنهم زجوا بها في الكتب الدراسية بمقادير كبيرة و كأنها حقيقة علمية مؤكدة‪ .‬و أشهر‬
‫نموذج على هذا هو عرض هم لمرا حل تطور الح صان الذي ل زل نا نراه في الطا بق العلوي و‬
‫الذي تم اعداده منذ ‪ 50‬عاما‪ .‬و قد تجلي ذلك واضحا في الكثير من الكتب الدراسية و كأنه‬
‫حقي قة غ ير قابلة للنقاش‪ .‬و يحزن نى هذا الو ضع كثيرا الن‪ ،‬لن الشخاص الذ ين ن سجوا هذا‬
‫النوع من الحكايات‪ ،‬قعد اعتقدوا أن جزء من هذه الحفريات مصعدره طبي عة زائ فة‪ ،‬و بصعفة‬
‫خاصة ما اعلنوه عنه بأنفسهم‪138 .‬‬
‫تُظ هر كلمات كل هؤلء ال خبراء بطلن الدعاءات الخا صة ب سلسلة الح صان‪ .‬ب يد ان سلسلة‬
‫الحصان ل زلت تعرض حتى الن على الشخاص في المتاحف الموجودة على مستوي العالم‬
‫و تعرض عليهعم أيضعا خرافعة أن الحصعان هعو نوع ظهعر بععد مراحعل تطور مختلفعة‪ .‬لكعن‬
‫الغريب بالفعل أن الشياء المعروضة في هذه البنايات التى شيدت بهدف تعريف الشعب بالعلم‬

‫‪96‬‬
‫و دفعه لحبه‪ ،‬يعد في الحقيقة واحدا من أكبر الكاذيب على مر التاريخ العالمي‪ .‬فالشيء الذي‬
‫يراه هؤلء الشخاص أصلً ما هو ال رمز لخرافة نظرية داروين التي تحطمت منذ عشرات‬
‫السنين‪.‬‬

‫الدعاءات الخاصة بوجود ضمور في سيقان الحصان و حقيقة ذلك‬


‫‪Atin Bacaklariyla Ilgili Korelme Iddialari ve Gercekler‬‬
‫يعرض مؤيدو نظريعة التطور الذيعن ادعوا أن حوافعر الحصعان تضاءلت معع مرور الوقعت‪،‬‬
‫عظامه المفلوقة التي تراها اليوم على انها دعامة يستدلون بها على صحة آرائهم‪ .‬و طبقا لهذا‬
‫تكون الحوافعر التعي كان عددهعا ثلثعة فعي مرحلة التطور‪ ،‬قعد تراجععت و تحولت الن إلى‬
‫عظام مفلوقة في ساق الحصان‪ .‬بيد ان العظام المفلوقة‪ ،‬ليست في حقيقة المر عضو ضامر‬
‫كما يدعي أنصار التطور‪ .‬فمن المعروف أن العظام المفلوقة تقوم بوظيفة دعم عظم الساق كما‬
‫انها تلعب دورا مهما في تقليل الضغط أثناء حركته السريعة‪ .‬و على جانب آخر‪ ،‬تتحول أثناء‬
‫سير الح صان إلى قناة‪ ،‬تعادل ث قل وز نه‪ ،‬و تح مي الراب طة التشريح ية الموجودة في ش كل‬
‫حزام قابل للتمدد و التي لها اهمية كبيرة في حياته‪193 .‬‬
‫إن ساق الح صان أبلغ دل يل على كو نه مخلوق متكا مل‪ .‬أعلن الرئ يس القد يم لكاديم ية العلوم‬
‫الفرنسعية بييعر – باول جراسعيه ‪ Pierre – Paul Grasse‬بععد ان شرح بلغعة مبسعطة‬
‫الخصعائص العل يا لحوا فر الح صان أعلن أ نه من الوا ضح ان هذه الحوافعر لم تتكون نتي جة‬
‫سلسلة من المصادفات‪ .‬و بناءا على ذلك لفت النظار للبناء الدقيق الموجود في تكوين مفاصل‬
‫ساق الحصان‪ ،‬و في الوسائل التي من شانها تقليل الضغط‪ ،‬و في الشحوم التي تسهل الحركة‬
‫و في الروابط التشريحية و في بناء العظم أيضا‪.‬‬
‫يو جد ( حا فر الح صان ) في مو ضع يض من تحق يق د عم لل ساق بش كل يح مي ع ظم ال صبع‬
‫الثالث و احيانعا يمكنعه أن يقلل الضغوط الناتجعة ععن ثقعل الوزن دون ان يكون ذو طبيععة‬
‫مطاطيعة او متحرك‪ .‬و اعتقعد ان نظام بهذه الدقعة يسعتحيل أن تكون الصعدفة فقعط هعي التعي‬
‫اوجدته‪ :‬و عندما نبحث و ندقق في هذا الحافر عن كثب فسوف ندرك أنه يحافظ أيضا على‬
‫تجدد و انسعجام الكثيعر معن العضاء‪ .‬يتحعد السعطح المكون معن مادة شبيهعة بالقرون‪ ،‬معع‬
‫الصعفيحة القريتينيعة‪ ،‬أى معع صعفيحة ‪ Poclofil‬فعي الطبقعة القريتينيعة و نري أن اسعتمرارية‬
‫عل‪ ،‬و اللتواءات و أشكال‬
‫عل يكون المفاصع‬
‫عا بشكع‬
‫عة للعظام‪ ،‬و تجمعهع‬
‫تكون الطوال المرتبع‬

‫‪97‬‬
‫السعطح المفصعلية‪ ،‬و بنيعة العظام ( ترتيعب و اتجاه الطبقات العظميعة ) و وجود الروابعط‬
‫التشريح ية‪ ،‬و الوتار الزل جه و المحفو ظة‪ ،‬و و سائد الم صدات‪ ،‬و ع ظم ال صندل‪ ،‬و الغش ية‬
‫المتعرجعة التعي يوجعد بهعا سعوائل مصعلية دهنيعة‪ ...‬ل يمكعن ان يبقعي و يتولد نتيجعة احداث‬
‫تصادفيه قاصرة و فوضوية‪ .‬ادخل من هذا التعريف أيضا إلى تفاصيل البناء العام الذي يعد‬
‫ان سجامه اك ثر تأثيرا ‪ ،‬و بذلك ت حل المشا كل ال تي تظ هر خلل ميكانيك ية الحر كة ال سريعة و‬
‫الخاصة بالسيقان ذات الحافر الواحد‪140 .‬‬
‫تُظهر عبارات جراسيه تلك مدي دقة هذا البناء المتكامل الذي تكونت به ساق الحصان‪ .‬ال ان‬
‫المعلومات المعروفة عن تخطيط ساق الحصان لم تعد مقتصرة على تلك المعلومات التي كانت‬
‫معروفة في عصر جراسيه‪ .‬و نوجه النظار بصفة خاصة لحدى البحاث التي اجريت في‬
‫الفترة الخيرة عن ساق الح صان‪ .‬ح يث اكت شف الباحثون في جام عة فلوريدا‪ ،‬خلل البحاث‬
‫ال تي اجرو ها في عام ‪ 2002‬ان الع ظم الموجود في ساق الجياد له بناء خاص للغا ية ( ع ظم‬
‫سِنعي ثالث )‪ .‬و طبقا لتلك البحاث فقد وجد الباحثون أن هناك فتحة تبلغ ‪ 25‬سم و في حجم‬
‫ح بة الفا صوليا موجودة على عظام الع نق و هى ت سمح بمرور الوردة‪ .‬ك ما اكت شف العلماء‬
‫الذين حاولوا عدة مرات كسر العظم بطرق صناعية في ابحاثهم المختبرتيه‪ ،‬ان تلك العظام لم‬
‫تنكسر و ل حتى من ناحية الفجوة الموجودة في العظم في أي من تلك التجارب التي اجروها‬
‫ك ما ي جب أن يحدق في الحوال العاد ية‪ .‬فالع ظم الموجود بجوار الف تق أو الفت حة يع يد ترت يب‬
‫نفسه بشكل يوزع فيه الفتحة على السطح الواسع‪ ،‬و يمنع كسر ساق الحصان من تلك النقطة‪.‬‬
‫و قد حاز هذا التحليل على استحسان كبير لدرجة أن مهندس الطائرات الستاذ الدكتور اندرو‬
‫رابوف ‪ Doc. Dr. Andrew Rapoff‬حصل على تمويل مالي من وكالة ناسا بهدف امكانية‬
‫تقليد هذه الثقوب التي تظهر اثناء حركة الكابلت في اجزاء الطائرة‪141 .‬‬
‫إن سعاق الحصعان و كمعا رأينعا‪ ،‬لهعا خصعائص لم تكعن لتخطعر على أى معن العقول البشريعة‬
‫للمهند سين الذ ين يملكون أحدث تكنولوج يا على م ستوي العالم‪ ،‬لدر جة ان هم حاولوا تقليد ها في‬
‫صناعة الطائرات‪ .‬و ك ما اعلن جرا سيه فإ نه ل يم كن تف سير بُ ني ل ها خ صائص مميزة كتلك‬
‫بالعتماد على المصادفة وحدها‪ .‬فالحقيقة الواضحة‪ ،‬هي أن الخصائص الرائعة الموجودة في‬
‫ساق الحصان ل يمكن تُحدثها المصادفة‪ ،‬فكل واحدة منها تعتبر معجزة أبدعها ال سبحانه و‬
‫تعالي‪ .‬و فعي النهايعة‪ ،‬تحطمعت اليوم اسعطورة " سعلسل الحصعان " التعي بدت طوال القرن‬
‫العشر ين و كأن ها دل يل م هم جدا و كم صدر يد عم نظر ية التطور‪ .‬فالجياد ببنائ ها التشري حي‬
‫المعقعد‪ ،‬لم تمعر بأى مرحلة معن مراحعل التطور المزعومعة‪ ،‬و الحقيقعة هعي انهعا ابداع معن‬

‫‪98‬‬
‫ابداعات الخالق سبحانه و تعالي‪ .‬ل قد تحط مت ا سطورة " تطور الح صان " لدارو ين مثل ها في‬
‫ذلك مثل مزاعم انصار التطور الخري و التي نالت نفس النهاية‪.‬‬

‫قديما كان هناك حكاية أطلقوا عليها اسم " الفراشات المفلفلة "‬
‫‪BIR ZAMANLAR “ BIBERLI KELEBEKLER “ HIKAYESI VARDI‬‬
‫يعتعبر بيسعتون بيتولريعا ‪ Biston Betularia‬واحدا معن اشهعر النواع ربمعا فعي كعل عالم‬
‫الحيوان‪ .‬و تر جع شهرة هذا النوع من الفراشات المرتب طة بعائلة الرف ية‪ ،‬إلى كو نه من ا هم‬
‫النماذج المزعومة التي ساقتها نظرية داروين " و لم يخضع للمراقبة " ‪.‬‬
‫و هناك شكلن مختلفان لهذا النوع‪ .‬فمنععه النوع الملون الذي يطلق عليععه اسععم ‪Biston‬‬
‫‪ Betularia Typica‬و له لون كري مي تغط ية ب قع صغيرة غام قة اللون‪ .‬و يعرف هذا النوع‬
‫من الفراشات بين الناس باسم " الفراشة المفلفلة "‪ .‬ال انه و مع اواسط القرن التاسع عشر بدا‬
‫يظهر و ينتشر نوع آخر من الفراشات و يلفت النظار اليه‪ .‬و هذا النوع له لون غامق يغطي‬
‫و بسعبب هذا اللون الذي يقترب إلى اللون السعود اطلق عليهعا اسعم ‪Biston Betularia‬‬
‫الفح مي ن سبة إلى الف حم‪ .‬و يش ير ال يه الب عض بكل مة " ال سود " ال تي ت عبر عن لو نه الغا مق‬
‫تماما‪ .‬ل قد بدأ هذا اللون الغا مق ينت شر تدريج يا في انجلترا في القرن التا سع ع شر‪ .‬و اطلق‬
‫على هذا اللون ا سم " ال سفع "‪ .‬و بناءا على هذا ك تب ان صار نظر ية التطور ق صة ظلوا يتداو‬
‫لونها فيما بينهم بحماس كبير طيلة ذلك القرن‪ .‬لقد سجلت هذه القصة على اعتبار انها اشهر "‬
‫دل يل على التطور " في كل الع صور‪ .‬و اخذت كل ك تب الحياء المختل فة تقريبا و المرا جع‬
‫الموسعوعية و وسعائل العلم الخاصعة بنظريعة دارويعن و المتاحعف و الفلم الوثائقيعة أيضا‬
‫أخذت جميعها تتناقل هذه القصة و ترويها‪.‬‬
‫و تُروي هذه القصة باختصار على النحو التالي‪ :‬مع بدايات عصر النهضة في انجلترا‪ ،‬كانت‬
‫الفراشات الموجودة على الشجار في المنا طق المتاخ مة للتجمعات ال صناعية م ثل مانش ستر و‬
‫غيرها لها لون فاتح‪ .‬و لهذا السبب كان من السهل للغاية تمييز الفراشات " قاتمة اللون " ذات‬
‫اللوان الغامقة التي تقف على الشجار‪ ،‬عن العصافير التي تأكل معها و هو ما جعل الماكن‬
‫التي تعيش فيها قليلة جدا‪ .‬ال انه و بعد مرور خمسين عاما و بموت حزاز الصخر ( نوع من‬
‫الطحالب ) ذات اللون الفاتععععح و الذي كان موجود على الشجار و بتلون الشجار باللون‬
‫السود نتيجة للتلوث الصناعي استطاعوا ان يصطادوا العصافير فاتحة اللون بسهولة من على‬

‫‪99‬‬
‫عح تتضاءل‪ ،‬أخذت‬
‫عا اخذت أعداد الفراشات ذات اللون الفاتع‬
‫عة بينمع‬
‫عي النهايع‬
‫الشجار ‪ .‬و فع‬
‫الفراشات القاتمعة اللون تتزايعد فعي الوقعت لنهعم لم يسعتطيعوا تميزهعا و اصعطيادها معن على‬
‫الشجار التي تحولت هي الخري إلى لون قاتم‪.‬‬
‫أ ما ان صار التطور‪ ،‬فأخذوا يتوهمون من خلل هذه ال سلسلة من الحداث ال تي أ صبحت دل يل‬
‫مهعم على نظرياتهعم‪ ،‬أن الفراشات ذات اللوان الفاتحعة تطورت و تحولت بمرور الوقعت إلى‬
‫فراشات ذات الوان غامقة‪ .‬و بناءا على القصة الكلسيكية التي تروي في المصادر الدارونية‬
‫فإن هذه القصة تأتى في مقدمة " حكايات التطور " جمعاء‪.‬‬
‫ب يد أن هذه الق صة الدارون ية الكل سيكية ‪ ،‬تحط مت اليوم‪ ،‬مثل ها في ذلك م ثل با قي الحكايات‬
‫المزعومة الخري التي انهارت و تهاوت هي الخري‪.‬‬
‫و لكي نري هذا بشكل أكثر وضوحا فإنه من الضروري ان نتطلع إلى تطور الحكاية كلها‪.‬‬

‫صور فراشات(كيتليويل ‪ )Kettlewell‬اللصقة‪:‬‬


‫‪Kettlewell'in "Yapıştırma" Kelebekleri‬‬
‫إن تلك الطروحة التي كثرت‪ ،‬وظهرت فيها بسبب الثورة الصناعية الموجودة في إنجلترا تلك‬
‫الصور ذات اللون الداكن التي تخص الفراشات المفلفلة‪ ،‬كان قد بدأ الحديث عنها و(دارون)‬
‫كان ل يزال على قيد الحياة‪ .‬فهذه الحكاية قد ظلت في جدول العمال وظهرت على سطح‬
‫الحداث كتعليق وتأويل ليس إل وكان ذلك في النصف الثاني من القرن العشرين‪ .‬وذلك لنه‬
‫لم يكن هناك على الساحة أي تجارب أو ملحظات علمية من شأنها تصويب وتصحيح هذه‬
‫الحكاية البادية على السطح‪ .‬ومن ثم فإن(‪H.B.D‬كيتليويل) عالم الحياء المحترف‪ ،‬وأحد‬
‫الطباء ممن يتبعون(دارون)‪ ،‬قد عقد العزم على إجراء سلسلة من التجارب في عام‬
‫‪1953‬حتى يتسنى له أن يذهب بهذا الفراغ‪ .‬فخرج إلى سهوب إنجلترا‪ ،‬وأجري تجاربه‪،‬‬
‫وملحظاته في تلك البيئات التي تعيش فيها تلك الفراشات المفلفلة‪ .‬فلحظ(كيتليويل) أن كل‬
‫من الفراشات ذات اللون الفاتح‪ ،‬والخرى ذات اللون الداكن تهجم بأعداد متساوية على‬
‫المناطق كثيفة الشجار‪ ،‬ول حظ كذلك أيا منهما يتم اصطياده من قبل الطيور بشكل أكبر‪.‬‬
‫وأثبت أن ذوات اللون الداكن من تلك الفراشات يتم اصطيادها بشكل أكبر وهي على تلك‬
‫لشُن ‪ Liken‬ذات اللون الفاتح‪.‬‬
‫الشجار التي توجد عليها ا ُ‬
‫ولقد أعلن (كيتليويل) هذه الحكاية لكل العالم بإحدى المقالت التي تحمل عنوان(دليل دارون‬

‫‪100‬‬
‫المفقود)‪ ،‬والتي نُشرت في عام ‪1959‬م في المجلة المريكية المتطرفة للعلوم الدارونية‪ .‬وكان‬
‫لتلك المقالة الثر الكبر في خلق حالة من الهياج والنفعال‪ ،‬ورد فعل كبير في العالم‬
‫الداروني‪ .‬وقام علماء الحياء أتباع (دارون) بمباركة (كيتليويل) وتهنئته لنه يزعم أنه أثبت‬
‫صحة نظرية التطور التي تأتي في مقدمة العمال‪ .‬ونُشرت في شتي النحاء تلك الصور التي‬
‫تعرض فراشات(كيتليويل) وهي على جذوع الشجار‪ .‬وفي فترة الستينيات احتلت‬
‫حكاية(كيتليويل) هذه مكانا لها في كل الكتب الدراسية‪ ،‬وستظل طوال أربعة عشر عاما ذا‬
‫تأثير على أذهان الطلب الذين يدرسون الحياء‪142.‬‬
‫وإن ملحظة أول تلك الغرائب التي تكتنف تلك الحكاية الشهيرة إنما كانت في عام‬
‫‪1985‬م‪ .‬حيث إن هناك مدرس أحياء أمريكي شاب يدعي (كراج هولدرجه) قد قرر أن يدرس‬
‫بعض الشيء حكاية الفراشات المفلفلة التي كان يعلمها لطلبه منذ سنوات‪ .‬وأثناء دراسته‬
‫وأبحاثه صادف تعبيرا مثيرا في ملحظات(سير سيريل كلرك) الذي يعد من الصدقاء‬
‫المقربين لع(كيتليويل)‪ ،‬ومن المشاركين في تجاربه‪ .‬حيث كان (كلرك) يقول ما يلي‪:‬‬
‫" إن الشيء الوحيد الذي راقبناه وشاهدناه إنما هو أين تقضي الفراشات يومها‪ .‬فاستطعنا أن‬
‫نجد اثنين من (‪ )Betularia‬على جذوع الشجار‪ ،‬وفي المصايد والشراك التي نصبناها‪".‬‬
‫‪143‬‬
‫فلقد كان هذا اعتراف ملفت للنظر بحق‪ .‬وإن الصحفي المريكي(جوديث هوبير) الذي‬
‫يكتب في العديد من المجلت مثل ‪Atlantic Monthly, New York Times Book‬‬
‫‪ ) Review‬قد أخذ يميط اللثام على النحو التالي عن رد فعل(هولدرجه) في كتابه الموسوم‬
‫بع(الفراشات والبشر‪ :‬الحكاية التي لم تُحكي للفراشات المفلفلة والعلم ‪Moths and Men: The‬‬

‫‪ )Untold Story of Science and The Peppered Moth‬طبعة عام ‪ 2002‬وهو الكتاب الذي‬
‫اتخذ من أسطورة الفراشات المفلفلة موضوعا له‪ ،‬ورد الفعل هذا كان على النحو التي‪:‬‬
‫لقد سأل (هولدرجه) نفسه قائل " ماذا يدور من أشياء هنا"‪ .‬وكان يحكي أنه منذ سنوات‬
‫وهو يعرض على أنظار طلبه تلك الصور التي تعرض الفراشات التي تحط على جذوع‬
‫الشجار‪ ،‬وأن الطيور تختار الوضح من تلك الفراشات لتصطاده‪ "....‬لكن الن إذا بنا نجد‬
‫أحد هؤلء الذين درسوا هذه الفراشة لمدة خمسة وعشرين عاما يخبر بأنه قد رأي اثنين فقط‬
‫لشُن‪ ،‬والطيور‪ ،‬والتمويه؟‬
‫من تلك الفراشات وهي تحط على جذع الشجرة‪ ".‬فماذا حدث ل ُ‬
‫وماذا حدث للحكاية الكبيرة لسّفع الصناعة ؟ فهل كانت هذه الحكاية تقوم على أساس حكي أن‬
‫الفراشات تحط على جذوع كافة الشجار؟‪144‬‬

‫‪101‬‬
‫فهذه الغرابة التي كان (هولدرجه) أول من لحظها‪ ،‬وأماط اللثام عنها‪ ،‬قد أظهرت في‬
‫غضون فترة وجيزة الوجه الخفي لتلك الفراشات المفلفلة‪ .‬وعلي حد قول (جوديث هوبير) "فإن‬
‫(هولدرجه) لم يكن هو الشخص الوحيد الذي ظهر ولحظ الصدوع والشقوق الكائنة بحكاية‬
‫الفراشات الصناعية‪ .‬فلم يمضي الكثير حتى أشعلت هذه الفراشات المفلفلة المناقشات العلمية‬
‫الحارة‪".‬‬
‫حسنا‪ ،‬ما هي هذه الحقائق التي كانت تظهر في تلك المناقشات العلمية؟‬
‫فهناك كاتب أمريكي أخر قد أماط اللثام عن هذا الموضوع بشكل مفصل‪ ،‬وهذا الكاتب إنما‬
‫هو عالم الحياء(جوناتهان ويلز)‪ .‬فلقد خصص مكانا لتلك الحكاية في كتابه الموسوم بع(‬
‫‪ Icons of Evolution‬أو أيقونات التطور)‪ .‬وفي هذا الكتاب وصف ذلك العمل الذي عُرف‬
‫بأنه دليل عملي على هذه الحكاية‪ ،‬والذي قام به (برنارد كيتليويل)‪ ،‬بأنه في حقيقة المر‬
‫فضيحة علمية‪ .‬وأستطاع أن يرتب على النحو التي عناصر هذه الفضيحة‪:‬‬
‫إن العديد من الدراسات والبحاث التي أُجريت بعد تجارب (كيتليويل) أثبتت أن نوعا واحدا‬
‫فقط من تلك الفراشات مثار الجدل هو الذي يحط على جذوع الشجار‪ ،‬بينما تفضل كافة‬
‫النواع الخرى الجزاء السفلية من الفرع الفقية‪ .‬وإن الجميع يقرون بأن الفراشات بدء من‬
‫الثمانينيات قد بدأت تحط على جذوع الشجار لكن بشكل نادر جدا‪ .‬وإن العديد من رجالت‬
‫العلم ممن قاموا بأعمال في هذا الموضوع بلغ عمرها خمسة وعشرين عاما أمثال سيريل‬
‫كلرك‪ ،‬وروري هوليت‪ ،‬وميشيل ماجروس‪ ،‬وتوني ليبرت‪ ،‬وباول براك فيلد‪ ،‬قد أفادوا‪" :‬‬
‫بأن عالم الحياء(كيتليويل) قد أجبر الفراشات في تجاربه على التصرف على غير تصرفاتها‬
‫وإن رجال‬ ‫الطبيعية‪ ،‬ومن ثم فإنه لن يكون من الممكن علميا قبول نتائج هذه التجربة"‬
‫البحث الذين قاموا بدراسة تجربة(كيتليويل) قد واجهوا نتيجة أكثر إثارة ولفتا للنتباه وهي‬
‫تتمثل في أن نسبة ذوات اللون الداكن من تلك الفراشات كانت تمثل أربعة أضعاف ذوات‬
‫اللون الفاتح منها‪ ،‬في حين أنه من المنتظر أن تكون الفراشات ذات اللون الفاتح أكثر من ذلك‬
‫في مناطق إنجلترا التي لم تتدنس وتلوث‪ .‬أي أنه ل توجد ثمة علقة بين قشور الشجار‪،‬‬
‫وبين النسبة في أعداد الفراشات وذلك مثلما يدعي(كيتليويل)‪ ،‬ومثلما يكرر كل واحد من أتباع‬
‫نظرية التطور في كل مصدر من المصادر تقريبا‪.‬‬
‫وإنه كلما بُحث أصل هذا العمل‪ ،‬كلما كبرت أبعاد الفضيحة‪ :‬ففراشات العثة الكائنة على‬
‫قشور الشجار والتي التقط(كيتليويل) صورا لها‪ ،‬كانت في حقيقة المر فراشات ميتة‪ .‬فلقد‬
‫ألصق (كيتليويل) هذه الحياء الميتة بالشجرة بواسطة إبر‪ ،‬وغراء‪ ،‬والتقط لها صورا وهي‬

‫‪102‬‬
‫على هذا الشكل‪ .‬ولما كانوا قد وضعوا في حقيقة المر الفراشات على الجزاء السفلية من‬
‫الفرع‪ ،‬وليس على الجذوع‪ ،‬فإنه لم يكن من قبيل المكان على الطلق الحصول على صورة‬
‫هكذا‪145.‬‬
‫ولقد تمكن لدنيا العلم من معرفة وإدراك هذه الحقائق في نهاية التسعينات‪ .‬وإن انهيار‬
‫أسطورة الفراشات الصناعية بهذا الشكل قد خلق شعورا كبيرا بخيبة المل بين ظهراني‬
‫أصحاب نظرية التطور‪ ،‬وذلك لن هذه الفراشات كانت تعد من أكبر أدوات نظرية التطور‬
‫التي كان يتم استخدامها لعشر سنوات في دروس الحياء‪ .‬ومن هؤلء(جيري كويون) الذي‬
‫أعرب عن أنه شعر بحزن كبير جدا لما علم بذلك الزيف الذي يكتنف مسألة الفراشات‬
‫المنقطة‪146 .‬‬

‫‪- Masalın Yükselişi ve Çöküşü‬‬


‫ع ارتفاع السطورة وانهيارها‪:‬‬
‫حسنا‪ ،‬كيف تم تلفيق هذه الحكاية؟ إن(جوديث هوبير) يوضح على النحو التالي كيف‬
‫أن(كيتليويل) وغيره من أنصار(دارون) الذين ألفوا معه حكاية الفراشات المفلفلة التطورية‪ ،‬قد‬
‫شوهوا الدلة من أجل البحث عن دليل لتلك النظرية الدارونية‪ ،‬وأن يُصبحوا من المشاهير‪،‬‬
‫ووضح كذلك كيف أنهم أخذوا يخدعون أنفسهم بأنفسهم‪:‬‬
‫لقد تخيلوا الدلة التي من الممكن أن تكون مثار جدال ونقاش فكري وعلمي‪ ،‬لكن كانت‬
‫تتمركز في كل هذه الشياء فكرة العلم الملفق‪ ،‬والصولية الغير موثوق بها‪ ،‬والحكام المسبقة‬
‫التي تتسم بالنحياز‪ .‬وتجمعت حول تلك الفراشات كومة مليئة بالميول النسانية لشهر علماء‬
‫أحياء عصرنا التطوريين(أي من أتباع وأنصار نظرية التطور)‪ ،‬وبغشهم وخداعهم لنفسهم‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫ومن أهم العوامل التي ساعدت على انهيار الحكاية هو تلك التجارب التي أجراها العديد من‬
‫العلماء الخرين على نفس الموضوع بعد أن أُدرك أن (كيتليويل) قد شوه التجارب وحرفها‪.‬‬
‫وكان(بروس جرانت) من جامعة(‪ )College of William and Mary‬واحدا من علماء الحياء‬
‫التطوريين الذين درسوا حكاية الفراشات المفلفلة‪ ،‬وأقروا بعدم صلحيتها‪ .‬وينقل لنا(جوديث‬
‫هوبير) على النحو التالي تحليله بشأن تلك النتيجة التي توصل إليها رجال العلم الذين أعادوا‬
‫تجارب كل من (جرانت)‪ ،‬و(كيتليويل)‪:‬‬
‫وكان(بروس جرانت) يقول بشأن أعمال(كيتليويل) السائدة (أي بحق الفراشات)‪ ":‬لم يتحقق‬

‫‪103‬‬
‫أي شيء هكذا على الطلق‪ " .‬فلقد أجريت التجربة من قبل كل من (ديفيد ويست)‪ ،‬و(سيريل‬
‫كلرك)‪ ،‬وأنا أيضا أجريت تلك التجربة‪ .‬وأجراها أيضا الجميع‪ .‬ولم يحصل في النهاية أي‬
‫شخص على أي نتيجة على الطلق‪ ".‬أما بشأن توافق الخلفية التي علي(جذوع الشجار)‪،‬‬
‫فإنهم أعادو تجارب كل من (ميقول)‪ ،‬و(جرانت)‪ ،‬و(سارجينت كيتليويل)‪ ،‬ووصلوا إلى نتائج‬
‫مغايرة تماما لما وصلت إليه نتائجهم‪ .‬وكان (بروس جرانت) يقول " إنني أتوخى الحذر من أن‬
‫أصف(كيتليويل) بأنه رجل غشاش أو مزيف" " لكنه كان بمثابة رجل علم غير دقيق على‬
‫الطلق" ‪148‬‬
‫أما الدليل الخر الذي أثبت خطأ حكاية التطور تماما تلك الحكاية التي بشأن الفراشات‬
‫المفلفلة‪ ،‬إنما هو (‪ )Biston Betularia‬بأمريكا الشمالية‪ .‬فإن الطروحة التطورية كانت من‬
‫أجل أن توضح أن تلوث الهواء الناجم عن الثورة الصناعية هو الذي كثف تلوث الفراشات‪.‬‬
‫وإن تجارب(كيتليويل) وملحظاته بانجلترا قد تم تحليلها وكأنها دليل على هذا‪ .‬حيث إن نفس‬
‫الفراشات تعيش في أمريكا الشمالية وبالرغم من أن تلوث الهواء موجود هنالك أيضا فإنه لم‬
‫يُشاهد هنالك أي سّفع على الطلق‪ .‬ويوضح لنا(جوديث هوبير) فيما يلي هذا المر منوها‬
‫بالستنتاجات العلمية للعالم المريكي(سيدور ديفيد)‪:‬‬
‫إن التطوريين قد أغمضوا أعينهم‪ ،‬وضربوا صفحا عن أمور ومسائل قارة أمريكا الشمالية‬
‫التي تكون وتشكل مشكلت حرية بالتسجيل والتدوين ضد تلك الحكاية الكلسيكية التي قيلت‬
‫بشأن جذوع الشجار ذات اللون الداكن‪ ،‬وتلوث الهواء‪ ،‬وغيرها من الموضوعات الخرى‪.‬‬
‫وإن هذه الصور الداكنة المنتشرة في كل من ولية(مين ‪ ،)Maie‬وفي جنوب كندا‪،‬‬
‫وفي(بيتيسبرج ‪ ،)Pittsburgh‬وفي ضواحي نيويورك‪ ...‬وعلي حد رأي(سارجينت) فإن هذه‬
‫الحالة الموجودة بأمريكا الشمالية من شأنها أن تفند فرضية سّفع الصناعة الكلسيكية‪ .‬فهذه‬
‫الفرضية تفترض أن هناك علقة مباشرة وقوية بين الصناعة(تلوث الهواء‪ ،‬والمساحات التي‬
‫صارت داكنة) وبين كثرة السّفع‪ .‬لكن(سارجينت) يقول"إن هذا بغير صحيح"‪ " ،‬ل يتسنى‬
‫لع(دانيس أوين) في دراساته الصيلة‪ ،‬ول لغيره منذ زمن وحتى الن أن يجد علقة كهذه‬
‫على الطلق‪149".‬‬
‫وإنه مع ظهور كل هذه الحقائق‪ ،‬يتضح لنا أن حكاية الفراشات المفلفلة التي كان يتم النظر‬
‫إليها على أنها " دليل دارون المفقود "‪ ،‬بمثابة عمل تمويهي ومخادع عملق‪ .‬فمنذ عشر‬
‫سنوات وكان مئات المليين من الناس في شتي أنحاء المعمورة يُزودون بمعلومات خاطئة‬
‫مضللة بتلك الحكاية العتيقة القديمة التي كانت تُكرر باستمرار‪ ،‬وكذلك بتلك الصور التي‬

‫‪104‬‬
‫تعرض على أنظارهم عددا من الفراشات الميتة التي قد ثُبتت بإبر على قشور ولحاء الشجار‪.‬‬
‫ول جرم أن الدلة التي تحتاج إليها النظرية الدارونية ل تزال مفقودة‪ ،‬وذلك لنه ل يوجد دليل‬
‫هكذا‪.‬‬
‫وإن إحدى المقالت التي نُشرت في عام ‪1999‬م في جريدة(‪)The Daily Telegraph‬‬
‫التي تصدر في لندن توضح على النحو التالي كيف كانت نهاية أسطورة الفراشات المفلفلة‪:‬‬
‫إن خبراء نظرية التطور يعترفون في صمت مطبق بأن نماذجهم بشأن نظرية (شارل‬
‫دارون)‪ ،‬وارتفاع وانهيار أسطورة الفراشات المفلفلة كلها أمور تعتمد على سلسة متتالية من‬
‫الكاذيب المضللة‪ .‬وإنه يتم التفكير في أن تلك التجارب التي أُجريت على تلك الفراشات في‬
‫الخمسينات والتي كان يُهدف بها منذ زمن إثبات حقيقة الصطفاء الطبيعي‪ ،‬قد أصبحت شيئا‬
‫ل قيمة له إذن‪ ،‬وذلك لنه كان هناك اعتقاد بأن هذه التجارب لم يُخطط لها وتصمم إل من‬
‫أجل أن تأتي بالجواب (المطلوب) أل وهو جواب " صح "‪ .‬وإن العلماء يعترفون بأنهم ل‬
‫يعرفون على القل الن الشرح الحقيقي لنبذة (‪ )Biston Betularia‬المذكورة في الكتب‬
‫الدراسية بشأن نظرية التطور‪150 .‬‬
‫وحمادي القول أن أسطورة(سّفع الصناعة) التي طالما دافع عنها التطوريون بحرارة‪ ،‬أو‬
‫بقول أخر ما كان يعتقدون فيها أنها أدلة نظرية التطور‪ ،‬قد أصبحت فاسدة ول قيمة لها‪.‬‬
‫في بعض الوقات كان من الممكن أن تنخدع دنيا العلم بالساطير مثل أسطورة تطور‬
‫الفراشات المفلفلة‪ ،‬وذلك بالطبع ناتج عن النقص العلمي‪ ،‬والعصبية‪.‬‬
‫لكن الن انهارت كل الساطير الدارونية التي على شاكلة هذه السطورة‪.‬‬

‫‪-YAKIN ZAMANA KADAR DİNOKUŞ MASALLARI VARDI‬‬ ‫‪:‬‬


‫ع حتى أزمان قريبة كانت توجد أساطير الطائر الديناصور‪:‬‬
‫إن الديناصورات التي كانت تمتلك ريشا مثل ريش الطير‪ ،‬أو التي كانت تُعرف‬
‫باسم(الطيور الديناصورات) الخيالية‪ ،‬كانت تمثل خلل العشر سنوات التي تجاوزناها أحد أهم‬
‫الدوات التي كان يستخدمها أتباع(دارون) في الدعاية‪ .‬وإن الخبار الرئيسية بالصحف‬
‫المتعلقة بع(الطائر الديناصور)‪ ،‬والرسومات التي كان يتم رسمها‪ ،‬والتصريحات المزعومة‬
‫التي كان يدلي بها خبراء نظرية التطور‪ ،‬كل هذه الشياء كان من شأنها إقناع طائفة من‬
‫الناس بأنه كانت توجد في فترة من الفترات الكائنات الحية(الطيور الديناصورات) وهي التي‬
‫نصفها طائر والنصف الخر منها ديناصور‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫وإن أكثر الدفاعات عن تلك النظرية تفصيل‪ ،‬وأخرها ظهورا‪ ،‬إنما هي تلك التي ظهرت‬
‫في إحدى المقالت التي تحمل عنوان(هل هو ريش طائر أم هو طائر؟ وأيهما ظهر أول؟)‬
‫والذي كتبه كل من(ريتشارد أو بروم)‪ ،‬و(آلن بروش) وهما من علماء الطيور المشاهير‪ ،‬ولقد‬
‫نُشرت هذه المقالة في عدد مارس من عام ‪ 2003‬من مجلة(‪ .)Scientific American‬فكل‬
‫العالمين أي(بروم)‪ ،‬و(بروش) كانا يفكران بأنه قد أن الوان بعد لنهاء ذلك الجدل الذي طال‬
‫كثيرا بين التطوريين بشأن أصل الطيور‪ ،‬ويزعمان أيضا أن الستنتاجات العلمية قد خرجت‬
‫بنتيجة مذهلة وملفتة للنتباه‪ .‬ووفق هذا "فإن ريش الطير‪ ،‬قد تطور في (الطائر الديناصور)‬
‫قبل ظهور الطيور‪ .‬ويزعمان أيضا أن ريش الطير ليس من أجل الطيران‪ ،‬وأن هذا الريش قد‬
‫تطور من أجل عدة أهداف مثل" العزل‪ ،‬ومنع وصول الماء‪ ،‬وجذب الجنس الخر‪ ،‬والتمويه‪،‬‬
‫والدفاع"‪ ،‬ويزعمان كذلك أن ذلك الريش يُستخدم للطيران كأخر شيء‪.‬‬
‫إل أن هذه الطروحة بمثابة فرضية تفتقر إلى الدلة العلمية‪ .‬وإن الطروحة الجديدة التي‬
‫تم توسيعها من قبل كل من(بروم)‪ ،‬و(بروش)‪ ،‬والتي تبنتها مجلة(‪)Scientific American‬‬
‫ليست بشيء سوي إصدار جديد أجوف لنظرية(الطائر الديناصور) التي تم الدفاع عنها بشكل‬
‫متعصب ومبالغ فيه في غضون أخر عدة سنوات والتي تقدر بالعشر سنوات‪ .‬فل جرم أن هذه‬
‫الطروحة كانت هي الخرى غير صحيحة مثلها في ذلك مثل أيقونات التطور الخرى‪.‬‬
‫ويعد عالم الحياء البروفسور(آلن فيدوكسيا ‪ )Alan Feduccia‬من قسم الحياء‬
‫بجامعة(كارولينا) الشمالية هو أحد من يمكن الرجوع إلى أرائهم في هذا الموضوع‪.‬‬
‫فالبروفسور(آلن فيدوكسيا) هذا هو أحد المتبحرين ممن لهم شهرة عالمية في موضوع أصل‬
‫الطيور‪ .‬والبروفسور(فيدوكسيا) يقبل بنظرية التطور‪ ،‬ويؤمن بأن الطيور قد ظهرت من خلل‬
‫التطور‪ .‬لكن الجانب الذي يجعله مختلفا عن مؤيدي نظرية(الطائر الديناصور) أمثال كل‬
‫من(بروم)‪ ،‬و(بوش)‪ ،‬إنما هو إقراره بالغموض الذي يكتنف موضوع نظرية التطور‪ ،‬وعدم‬
‫اكتراثه واهتمامه بذلك التوجه المبالغ فيه الخاص بمسألة(الطائر الديناصور) التي يتم ادعائها‬
‫عن تعمد وهي في حقيقة المر ل تستند على أي شيء على الطلق‪.‬‬
‫ولقد قُدمت معلومات شديدة الهمية في تلك المقالة التي تحمل عنوان(الطيور ديناصورات‪،‬‬
‫جواب سهل لمشكلة معقدة) والتي تحمل تاريخ أكتوبر من عام ‪2002‬م‪ ،‬والتي كتبها‬
‫البروفسور(ألن فيدوكسيا) من أجل مجلة(‪ )The Auk‬التي ينشرها اتحاد علماء الطيور‪ ،‬والتي‬
‫تعد أيضا المكان الذي يشهد أدق المناقشات العلمية الخاصة بعلم الطيور‪ .‬وفي السبعينات من‬
‫القرن الماضي أتي كل من البروفسور(فيدوكسيا)‪ ،‬و(جون أوستروم) بنظرية تطور الطيور‬

‫‪106‬‬
‫من الديناصورات إلى جدول العمال‪ ،‬تلك النظرية التي طالما تم الدفاع عنها ومناصرتها‬
‫بشدة منذ ذلك الوقت وحتى الن‪ ،‬وأوضحا بالتفصيل أنه ل يمكن للطيور أن تتطور من‬
‫الديناصورات‪ ،‬وأن هذه النظرية تفتقر إلى الدلة العلمية التي تثبتها‪ ،‬وقال كذلك إنه ل يمكن‬
‫بأي شكل من الشكال أن يكون هناك تطور بهذا الشكل‪.‬‬
‫ولقد أوضح البروفسور(فيدوكسيا) حقيقة مهمة جدا بشأن(الطيور الديناصورات) التي يُزعم‬
‫أنها موجودة في الصين‪ .‬إن الريش الموجود على الحفريات الزاحفة التي يُزعم أنها ديناصور‬
‫ذو ريش‪ ،‬من غير الواضح كونه ريش طائر حتى ولو كانت بدائية‪ .‬بل على العكس من ذلك‪،‬‬
‫هناك طائفة من الدلة التي توضح بأن أثار هذا الكتشاف الحفري الذي يُسمي(‪)dino- fuzz‬‬
‫ل توجد لها أي علقة على الطلق بريش الطيور‪ .‬ولقد كتب(فيدوكسيا) على النحو التالي‪:‬‬
‫لقد اشتغلت أنا‪ ،‬والعديد من الخبراء الخرين على معظم الحفريات المزعوم أنها تمتلك‬
‫ريش طيور بدائية‪ ،‬ونحن لم نشاهد دليل مقنعا على أن هذا الشياء ريش طيور بدائية‪ .‬وإن‬
‫كل واحد من معظم الكتشافات الحفرية الصينية يكون صاحب هالة غريبة تُسمي باستمرار(‬
‫‪ ،)dinofuzz‬لكننا إذا اعتبرنا هذه الشياء ريش طيور أو ما شابهه‪ ،‬فإن النقاش والجدل في‬
‫هذا التجاه لبعيد كل البعد عن القناع‪151 .‬‬
‫ويوضح((فيدوكسيا) فيما يلي أن (بروم) كاتب المقالة التي نُشرت في(‪Scientific‬‬
‫‪ )American‬قد تصرف في هذا الموضوع بتحيز‪ ،‬وأطلق أحكاما مسبقة‪:‬‬
‫إن وجهة نظر(بروم) قد شاركه فيها العديد من الحفريين‪ .‬فالطيور ديناصورات‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن أي بُنية شبيهة بالخيط حُفظت على الديناصورات الع((‪ theropod‬فهي بالتأكيد ريش طير‬
‫بدائي‪152.‬‬
‫ويري (فيدوكسيا) أن مصادفة ومشاهدة أثار(‪ )dino – fuzz‬مثار الجدل على تلك‬
‫الحفريات التي ليست لها أي علقة بالطيور‪ ،‬ليعد أحد تلك السباب التي تفند هذا الحكم‬
‫المسبق المتحيز وتدحضه‪ .‬ويقول (فيدوكسيا) في نفس المقالة ما يأتي‪:‬‬
‫الهم في ذلك هو أن(‪ )dino-fuzz‬ل يزال يُكتشف في العديد من التصنيفات‪ .‬البعض منها‬
‫لم يُنشر بعد‪ .‬لكن أكثر شيء يبعث على الحيرة والدهشة‪ ،‬هو وجود الرقائق الليفية للجلد التي‬
‫تشبه كثيرا(‪ )dino-fuzz‬على الكصورات(جمع إكصور وهي زحافة بحرية منقرضة سميكة‬
‫الشكل) التي تعود إلى العصر الجوراسي‪ ،‬وتعريفها بشكل مفصل‪ .‬والكصورات هي‬
‫زواحف بحرية انقرض نوعها‪ .‬وإن بعض الرقائق الليفية المتشعبة على هذه الكائنات الحية‬

‫‪107‬‬
‫مثار الحديث‪ ،‬تشبه كثيرا من حيث علم الشكل الخارجي تلك المواد التي تُعرف بع(‬
‫‪" )protofeather‬ريش طيور بدائية"‪ ،‬والتي حددها عالم الحفريات الصيني(‪ .)Xu‬وكأن‬
‫امتلك ريش الطيور البدائية لنتشار واسع هكذا على الزواحف التي تعود إلى العصر‬
‫اليوسيطي‪ ،‬يعد دليل يوضح بمفرده أنه ل توجد أي علقة لهذه الشياء بريش الطيور على‬
‫الطلق‪153.‬‬
‫ونبه(فيدوكسيا) إلى أنه قد وجدت بعض المواد حول الحفريات في الماضي‪ ،‬وأُعلن فيما بعد‬
‫أن هذه المواد التي كان يُعتقد أنها تخص الحفريات ليست مواد عضوية‪:‬‬
‫يتبادر إلى ذهن النسان تلك الثار الشبيهة بالعيدان التي وجدت على حفريات(‬
‫‪ ،)Solnhofen‬والتي تُعرف باسم الشجرانية (صورة متشعبة شجرية الشكل منطبعة على‬
‫الصخر) فعلي الرغم من أشكالها التي تشبه النبات إل أنه من المعروف أن تلك المواد في‬
‫واقع المر مواد غير عضوية تكونت في مراقد تلك الحفريات بتأثير محلول المنجنيز الذي‬
‫تسرب متأكسدا منكل من الفلوق والشقوق‪ ،‬وعظام تلك الحفريات‪154.‬‬
‫أما النقطة المثيرة والملفتة للنتباه في هذا الموضوع‪ ،‬إنما هي ما قيل من أن كل الحفريات‬
‫التي ظهرت على سطح الحداث كديناصور ذي ريش‪ ،‬قد ظهرت ووجدت في الصين فحسب‪.‬‬
‫رحماك يا ربي ! فيا تري لماذا ظهرت هذه الحفريات في الصين فقط ولم تظهر في أي مكان‬
‫أخر في العالم؟ كما أن مهود حفريات الموجود بالصين تمتلك بناء يمكنه أن يقوم وبشكل جيد‬
‫بمواراة وتخبئة ريش الطيور‪ ،‬وليس بناء غير معروف مثل(‪ .)dino-fuzz‬وإن (فيدوكسيا)‬
‫يشير إلى نفس الغرابة‪:‬‬
‫وفي نفس الوقت فإنه لبد من توضيح مسألة أل وهي لماذا ل تمتلك الع(‪)Teropodlar‬‬
‫الخرى الموجودة في مجاري ومهود أخرى يمكن أن يختبئ فيها السطح الخارجي للجسم‪،‬‬
‫والديناصورات الخرى أي(‪ )dino-fuzz‬على الطلق‪ ،‬ولماذا تمتلك جلد زواحف حقيقية‬
‫يفتقر تماما إلى بنية تشبه أي ريش طيور‪ .‬ولماذا ل تقوم حفريات(‪ )dromaeosaur‬الصينية‬
‫التي تمتلك(‪ )dino-fuzz‬بعرض ساق ريش الطيور بالشكل الطبيعي المنتظر – فلو كانت هذه‬
‫الشياء موجودة حقيقة‪ ،‬فإنه كان من الممكن بمكان حمايتها؟ ‪155‬‬
‫حسنا‪ ،‬ما هي كل (الديناصورات ذوات الريش) الموجودة بالصين؟ وما هي الهوية الحقيقية‬
‫لهذه الحياء التي تُعرض وكأنها صور انتقالية بين كل من الزواحف‪ ،‬والطيور؟‬
‫ويوضح لنا (فيدوكسيا) فيما يأتي أن جزء من الحياء التي تُعرض كديناصورات‪ ،‬ما هو‬

‫‪108‬‬
‫إل زواحف قد انقرض نوعها تمتلك(‪ ،)dino-fuzz‬وأن البعض الخر منها بمثابة طيور‬
‫حقيقية‪.‬‬
‫من الواضح أن هناك ظاهرتين حفريتين مختلفتين في مجاري البحيرة التي تعود إلى العصر‬
‫الطباشيري‪ ،‬والموجودة بمنطقتي(‪ ،)Yixian‬و(‪ )Jiufotang‬الصينيتين؛ إحداهما مجموعة‬
‫تعرض بقايا(‪ ،)dino-fuzz‬أما الخرى فهي تلك التي تمتلك ريش طيور حقيقية‪ .‬وإن ما‬
‫عُرض على غلف مجلة(الطبيعة‪ ،)Nature-‬وقُدم على أنه ديناصورات ذوات ريش‪ ،‬إنما هو‬
‫مثل تلك الحفريات التي اتضح أنها طيور عادية تافهة ل أطراف لها‪156 .‬‬
‫أي أن الحفريات التي عُرضت على العالم بأسره على أنها (ديناصورات ذوات ريش)‬
‫أو(الطائر‪ -‬الديناصور)‪ ،‬إما أنها تخص بعض الطيور التي ل تطير مثل الدجاج‪ ،‬وإما أنها‬
‫تخص زواحف ذات بناء عضوي يُسمى(‪ ،)dino-fuzz‬ول توجد له أية علقة على الطلق‬
‫بريش الطيور‪ .‬وإنه ل توجد حتى ولو حفرية واحدة يمكنها أن تشكل (صورة بينية) بين كل‬
‫من الطيور المعروفة‪ ،‬والزواحف‪.‬‬
‫ومن ثم فإن ذلك الدعاء الذي استدلت عليه بتلك الحفريات أطروحة( الطيور ديناصورات)‪،‬‬
‫والذي زعمه كل من (ريتشارد أو‪ .‬بروم)‪ ،‬و(ألن بروش) في مقالتهم المنشورة في مجلة(‬
‫‪ ،)Scientific American‬إنما هو ادعاء يتنافى تماما ونهائيا مع كل الحقائق‪.‬‬
‫وهناك أمران يريد التطوريون اخفائهما أل وهما مسألة العمر‪ ،‬ووهم(‪.)Cladistics‬‬
‫وثمة حقيقة مستورة‪ ،‬ويُغض عنها الطرف بإصرار شديد سواء في مقالت كل من (ريتشارد‬
‫أو‪ .‬بروم)‪ ،‬و(ألن بروش) المنشورة في مجلة(‪ ،)Scientific American‬وفي مصادر كل‬
‫تطوري (مناصر لنظرية التطور) يزود من ذلك التوجه المبالغ فيه بشأن مسألة(الطائر‪-‬‬
‫الديناصور)‪:‬‬
‫وإن أعمار تلك الحفريات التي قالوا عنها بشكل مضلل إنها (طيور ديناصورات)‬
‫أو(ديناصورات ذوات ريش)‪ ،‬ل ترجع إلى ما قبل ‪ 130‬مليون عاما‪ .‬ول جرم أن هناك طائر‬
‫حقيقي أكثر عمرا بعشرين مليون عاما على القل من هذه الكائنات الحية التي يريدون‬
‫إظهارها كأنصاف طيور‪ :‬أل وهو الطائر الولي(طائر بدائي منقرض شبيه بالزحفات)‪ .‬فطائر‬
‫الولي هذا طائر حقيقي يمتلك عضلت طيران ل يشوبها أي نقص‪ ،‬ويمتلك كذلك ريش‬
‫للطيران‪ ،‬ناهيكم عن أنه يمتلك في ذات الوقت هيكل عظميا لطائر حقيقي‪ .‬وكان يطير قبل‬
‫مائة وخمسين مليون عاما في سماوات الدنيا بشكل ناجح وموفق‪ .‬وعلي حين المر هكذا فإنه‬

‫‪109‬‬
‫يكون من قبيل الهراء‪ ،‬والباطيل عرض وكائنات حية عاشت في التاريخ بعد الطائر الولي‬
‫بكثير‪ ،‬على أنها جدود بدائية للطيور‪.‬‬
‫حسنا‪ ،‬كيف يمكن للتطوريين أن يدافعوا عن مثل هذه السفسطة والجدل؟‬
‫لقد اتخذ هؤلء التطوريين منهجا لهم حتى يتسنى لهم الدفاع عن هذا‪ .‬واسم هذا المنهج هو(‬
‫‪ .)Cladistics‬وإن هذا المصطلح يُعد بمثابة منهاج لتأويل حفرية جديدة اُستُخدمت بشكل مكثف‬
‫في عالم الحفريات منذ أخر عشرين أو ثلثين عاما‪ .‬وإن من يدافعون عن منهج(‪)Cladistics‬‬
‫هذا‪ ،‬يدعون إلى غض الطرف تماما ونهائيا عن أعمار هذه الحفريات الموجودة‪ ،‬ويدعون‬
‫كذلك إلى مقارنة السمات المميزة لهذه الحفريات ببعضها البعض‪ ،‬ثم وضع سلسل النساب‬
‫التطورية وفقا لوجه الشبه التي ستتمخض عن عملية المقارنة هذه‪.‬‬
‫وإن عَالِم التطور الذي دافع عن وجهة النظر هذه أخذ يوضح فيما يأتي في أحد المواقع على‬
‫شبكة النترنت لماذا يعد من المنطق بمكان اعتبار (‪ )Velociraptor‬الذي هو أكثر شبابا من‬
‫الطائر الولي جدا له أي لطائر الولي‬
‫والن يمكننا أن نسأل ما يلي‪ :‬كيف يكون لع(‪ )Velociraptor‬أن يصبح جدا لطائر الولي‬
‫بالرغم من أنه جاء من بعده بكثير جدا؟‬
‫وذلك لنه بسبب الفراغات الموجودة في تسجيلت الحفرية‪ ،‬فإن الحفريات ل يمكن لها أن‬
‫تخرج في وقتها بالضبط‪ .‬فعلي سبيل المثال هناك حفرية جديدة تُسمي(‪ )Rahonavis‬ترجع إلى‬
‫عصر(‪ )Kratase‬المتأخر والتي عُثر عليها حديثا في مدغشقر‪ ،‬هذه الحفرية تقف كمرحلة‬
‫وسيطة بين كل من الطيور‪ ،‬و(‪ ،)Velociraptor‬لكنها متأخرة بستين مليون عاما‪ .‬لكن ل يوجد‬
‫أي أحد على الطلق يقول إن هذا يشكل عائقا يحول دون أن يكون هذا بمثابة الحلقة المفقودة‬
‫لظهوره المتأخر‪ ،‬وذلك لنه من الممكن أن يكون قد عاش مدة طويلة جدا‪ .‬فإن مثل هذه‬
‫النماذج يمكن تسميتها بع(الوصلت الخيالية)؛ فنحن نفترض أن هذه الحيوانات كانت موجودة‬
‫من ذي قبل‪ ،‬وذلك في حال امتلكنا لجدود محتملين لهم‪ ،‬ولحفاد محتملين لهم أيضا‪157 .‬‬
‫وإن هذا التوضيح الذي يُعد مُلخصا لمنهج (‪ ،)Cladistics‬يوضح مدي فداحة التحريف الذي‬
‫يكتنف هذا المنهج‪ .‬وقبل كل شيء لزام علينا أن نقوم بتوضيح ما يأتي‪ :‬إن(‪)Velociraptor‬‬
‫الذي ذُكر في القتباس السابق‪ ،‬هو أحد الحفريات التي قُدمت كأشكال وصور انتقالية وذلك في‬
‫أسطورة الطيور التي تطورت من الديناصورات‪ .‬إل أن هذه الحفرية ليست إل أحد التأويلت‬
‫الغير منصفة لصحاب نظرية التطور‪ ،‬مثلها في ذلك مثل كافة الحفريات الخرى‪ .‬وإن‬
‫الريش الذي يبدو في أشكال‪ ،‬ورسومات(‪ )Velociraptor‬الخيالية‪ ،‬يعكس تماما خيال أصحاب‬

‫‪110‬‬
‫نظرية التطور(التطوريين)‪ ،‬ول جرم أنه ل يوجد أي دليل على الطلق حول كون هذا‬
‫الريش ريشا لكائن حي‪ .‬وكما شاهدتم في القتباس السالف ذكره أنفا‪ ،‬فإن التطوريين(أصحاب‬
‫نظرية التطور) يحرفون في تسجيلت الحفرية بكل وضوح‪ ،‬وذلك حسب مقتضيات نظرياتهم‬
‫هم‪ .‬ومن ثم فإن افتراض كون أحد النواع الذي يمتلك حفرية يبلغ عمرها سبعون مليون‬
‫عاما‪ ،‬قد عاش قبل مائة وسبعين عاما‪ ،‬ما هو إل أشياء مشابهة لمثل هذه المور التي يتبناها‬
‫التطوريون‪.‬‬
‫ول يوجد هناك داع‪ ،‬ومعني لقامة علقة بينهما سوي تحريف الحقائق وتزييفها‪ .‬ول جرم أن‬
‫منهج(‪ )Cladistics‬بمثابة اعتراف خفي لهزيمة نظرية التطور النكراء أمام التسجيلت‬
‫الحفرية‪ ،‬وبُعد جديد لها كذلك‪ .‬وهذا ما يمكن إيجازه على النحو التي ذكره‪:‬‬
‫‪1‬ع إن(دارون) لما درس وفحص تسجيلت الحفرية بشكل مفصل‪ ،‬قد ادعي وزعم أنه‬
‫ستكون هنالك أشكال وسيطة ستسد المسافة بين كل النواع التي عرفناها‪ .‬فهذا هو كل‬
‫تطلعات‪ ،‬وطموحات نظرية التطور‪.‬‬
‫‪2‬ع إن مساعي ومجهودات علم الحفريات التي يبلغ عمرها ‪150‬عاما لم تأتي بالشكال‬
‫والصور النتقالية‪ ،‬ولم تستطع أن تقتفي أثر تلك الكائنات الحية‪ ،‬وهذا يعد بحق هزيمة نكراء‬
‫بحق نظرية التطور‪.‬‬
‫‪3‬ع وكما أنه كان من المتعذر العثور على الشكال الوسيطة‪ ،‬فإن تلك الكائنات الحية التي‬
‫سيتمكن التطوريون من إعلن أنها بمثابة جدود لبعضها البعض وذلك بسبب أوجه الشبه فيما‬
‫بينها‪ ،‬وتطابقها‪ ،‬كانت أعمارها متضاربة‪ .‬فلقد كان هناك كائن حي يبدو وكأنه بدائي جدا‬
‫يظهر متأخرا بكثير عن كائن حي أخر كان يبدو مكتمل النضوج‪.‬‬
‫وها هي ذا النقطة الخيرة هي التي قد اضطرت التطوريين إلى تطوير هذا المنهج المتناقض‬
‫الذي يسمي(‪.)cladistics‬‬
‫ومن خلل منهج(‪ )Cladisticsle‬هذا فقد فقدت نظرية التطور بكل وضوح ميزة " كونها نظرية‬
‫تعتمد على الستنتاجات العلمية‪ ،‬وتنطلق من هذا المنطلق"‪ ،‬وأصبحت على العكس من ذلك‬
‫تماما‪ ،‬حيث أصبحت بمثابة مذهب يحرف ويشوه الستنتاجات العلمية‪ ،‬ويغير هذه الستنتاجات‬
‫إلى أشياء تتوافق مع فرضياته هو فحسب‪ .‬مثلها في ذلك مثل نظرية(‪ )Lysenkoizm‬تلك‬
‫النظرية التي تعد بمثابة سفسطة ومغالطة وكان معمول بها لفترة من الفترات في التحاد‬
‫السوفيتي‪ ،‬والتي طورها (‪ )Trofim Lysenko‬الذي لم يعترف بالقوانين الوراثية‪ ،‬وقد بقت‬
‫كمبدأ علمي للع( ‪ )SSCB‬في عهد (ستالين ‪ .)Stalin‬وبذلك يتضح لنا أن النظرية الدارونية‬

‫‪111‬‬
‫بعيدة كل البعد عن المبادئ العلمية مثلها في ذلك مثل نظرية(‪.)Lysenkoizm‬‬
‫‪- Kuşlar ile Dinozorlar Arasındaki Aşılmaz Farklar:‬‬

‫ع فروق ل يمكن إغفالها بين الطيور والديناصورات‪:‬‬


‫ليست أُطروحة كل من (بروم)‪ ،‬و(بروش) وحدها هي الشيء الداحض الفاسد‪ ،‬وإنما كذلك‬
‫كل فرضية من فرضيات نظرية(الطيور ديناصورات) ل بد وأن تُعامل بنفس الشيء‪ .‬وذلك‬
‫لوجود "فرق تصميمي" أو "فرق في التصميم" بين كل من الطيور والديناصورات‪ ،‬وهذا الفرق‬
‫ل يمكن إغفاله بأي شكل من الشكال بوتيرة نظرية التطور‪ .‬ولزام علينا أن نلخص بشكل‬
‫مقتضب بعضا من هذه الفروق التي بحثناها بشكل مفصل في بعض كتبنا‪:‬‬
‫‪1‬ع إن بناء رئة الطيور‪ ،‬على هيئة يختلف بها عن الزواحف‪ ،‬وعن كل الحيوانات الفقرية‬
‫السوداء الخرى‪ .‬فعند الطيور نجد أن الهواء يتحرك في اتجاه واحد فقط داخل الرئة‪ ،‬وذلك‬
‫على عكس الحيوانات الفقرية السوداء‪ .‬وهكذا نري أن الطائر يمكنه أن يستنشق باستمرار‬
‫الكسجين‪ ،‬ويطرد ثاني أوكسيد الكربون‪ .‬وليس من الممكن بمكان أن يكون هذا البناء الخاص‬
‫بالطيور قد تطور عن رئة الحيوانات الفقرية السوداء النمطية؛ وذلك لنه من المتعذر على‬
‫كائن حي في بناء وسطي أن يتنفس‪ ،‬ويبقي على حياته‪158.‬‬
‫‪2‬ع إن المقارنات التي قام بها كل من(ألن فيدوكسيا)‪ ،‬و(جولي نوويكي ‪)Julie Nowicki‬‬
‫في عام ‪ 2002‬الذي مضي‪ ،‬بين مُضغ الطيور‪ ،‬والزواحف‪ ،‬دللت على أن بنية القدام لدي كل‬
‫المجموعتين يُظهر فروقا كبيرة‪ ،‬وأنه ليس من الممكن إنشاء علقة تطورية فيما بينهما‪159.‬‬
‫‪3‬ع وإن أخر مقارنات عُقدت بين جماجم المجموعتين أظهرت نفس النتائج أيضا‪.‬‬
‫وإن(أندريه إلزانويسكي ‪ )Andre Elzanowski‬قد توصل في تلك الدراسة التي قام بها في‬
‫عام ‪1999‬إلي نتيجة مؤداها" أنه ل يوجد على الطلق أي وجه شبه للطيور النوعية في‬
‫فكوك الع(‪ ،)dromaeosaurid‬وفي فكوكها العلوية‪160.‬‬
‫‪4‬ع وتُعتبر السنان أحد الفروق والختلفات التي تميز الطيور والزواحف عن بعضهم‬
‫البعض‪ .‬من المعروف أنه كانت هناك أسنان في مناقير الطيور التي عاشت في الماضي‪ .‬لكن‬
‫هذا المر الذي ظل يُعرض مدة طويلة من الزمن على أنه دليل لنظرية التطور‪ ،‬لم يكن هكذا‬
‫أيضا؛ وذلك لنه اتضح مع الوقت أن أسنان الطيور أصلية‪ .‬ولقد كتب(فيدوكسيا) في هذا‬
‫الموضوع على النحو التي‪:‬‬
‫ربما أن أكثر وجوه الشبه لفتا للنتباه بين الع(‪ ،)theropodlar‬وبين الطيور‪ ،‬وهو بناء‬

‫‪112‬‬
‫السنان‪ ،‬وطبيعية ظهورها‪ .‬وإنه لمن المحير والمدهش إلى حد ما عدم النتباه إلى‬
‫الختلفات الدرامية الكائنة بين الطيور‪،‬و(‪)theropodlar‬؛ لسيما إذا ما تذكرنا أن علم حفريات‬
‫الثدييات له علقة بعلم تشكيل السنان بشكل كبير‪ .‬ومن الممكن القول باختصار‪ :‬إن أسنان‬
‫الطيور تشبه بعضها البعض بشكل ملفت للنتباه(وذلك كما شوهد في الطيور من عصور‬
‫مختلفة مثل عصر الكثور‪ ،‬وعصر طائر الولي(طائر بدائي منقرض شبيه‬
‫بالزاحفات)‪،‬والعصر الذي يسمي بعصر(‪ ،)Mesozoic‬وكذلك عصر(‪،)Cathayornis‬‬
‫وعصر(‪ ،)Parahesperornis‬وعصر(‪ ،)Hesperornis‬وغيرها من العصور الخرى‪ ،‬وإنها‬
‫لتختلف بشكل واضح عن تلك السنان الموجودة لدي(‪ ...)theropodlar‬فإنه ل يوجد على‬
‫الطلق أي وجه شبه أو عامل مشترك بين أسنان الطيور‪ ،‬و(‪ )theropodlar‬من حيث الشكل‪،‬‬
‫والنمو‪ ،‬والتجدد‪161 .‬‬
‫‪5‬ع إن الطيور كائنات حية وليفة مستأنسه‪ ،‬أم الزواحف فكائنات حية باردة‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫هناك ضربان من التغيرات الكيميائية المتباينة‪ ،‬وليس من الممكن أن يتم التحول بتغيرات‬
‫فجائية‪ .‬أما الطروحة التي تقول بأن الديناصورات حيوانات أليفة ومستأنسة‪ ،‬لم تأتي إل من‬
‫أجل أن تذهب بهذه المشكلة‪ .‬غير أنه هناك العديد من الدلة التي توضح وتبين عدم صلحية‬
‫هذه الطروحة التي ل تعتمد على أية أدلة على الطلق‪162.‬‬
‫وإن كل هذه المور لتوضح وتبين بما ل يدع مجال للشك أن أطروحة علماء التطور المتعلقة‬
‫بأصل الطيور‪ ،‬ليس لها أي سند علمي على الطلق‪ .‬وإن العلم المناصر لنظرية(دارون)‬
‫من الممكن له أن يبقي بعض الشيء على ادعاء(الطائر الديناصور) المبالغ فيه‪ ،‬لكن قد اتضح‬
‫بجلء أن كل هذا عبارة عن حملة دعائية ل علقة لها بالعلم على الطلق‪ .‬وإن كل من ينظر‬
‫بعين بعيدة كل البعد عن عقيدة المادية إلى أصل كل من الطيور‪ ،‬وكل الكائنات الحية‬
‫الموجودة في الطبيعة‪ ،‬فإنه سيري حقيقة واحدة واضحة وضوح الشمس‪ ،‬أل وهي‪ :‬أن‬
‫الكائنات الحية تمتلك خصائص معقدة لقصي درجة حتى إنه ل يمكن فك شفرتها‪ ،‬وتوضيحها‬
‫ل في ظل العوامل الطبيعية‪ ،‬ول في ظل المصادفات‪ .‬وإن التوضيح‪ ،‬والبيان الوحيد لذلك إنما‬
‫هو حقيقة الخلق‪ .‬فال سبحانه وتعالي الذي يعرف كافة أشكال الخلق‪ ،‬والذي لديه علم قدير‪،‬‬
‫هو الذي خلق كافة المخلوقات والكائنات الحية في لحظة واحدة بشكل ل يشوبه أي نقص‪.‬‬
‫وهذا ما أخبرنا به المولي عز وجل في كتابه العزيز القرآن الكريم‪:‬‬
‫" أولم ير النسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين‪ .‬وضرب لنا مثل ونسي خلقه قال‬
‫من يحي العظام وهي رميم‪ .‬قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم‪ ".‬اليات(‬

‫‪113‬‬
‫‪ 79-77‬من سورة يس)‪.‬‬
‫‪- SONSÖZ:‬‬
‫ع خاتمة القول‪:‬‬
‫إن (توماس كوهن ‪ )Thomas Kuhn‬فيلسوف العلم الشهير‪ ،‬وقف على مفهوم(‪)Paradigma‬‬
‫في مؤلفه الموسوم بع(بناء الثورة العلمية)‪ .‬وإن مفهوم(‪ )Paradigma‬ما هو إل " رأي العالم‬
‫المجرد" الذي قبلت به الوساط العلمية في فترة محددة‪ .‬ورجال العلم كانوا أحيانا ما يرتبطون‬
‫بمفهوم(‪ )Paradigma‬هذا‪ ،‬لكن اتضح مع الوقت ومن خلل الستنتاجات العلمية الحديثة أن‬
‫هذا كان خطأ‪ .‬فعلي سبيل المثال نجد أن نموذج الكون البطلميوسي ذا الثقل العالمي الذي كان‬
‫رأيا مشتركا لفترات لدي الوساط العلمية‪ ،‬قد انهار نتيجة الستنتاجات العلمية لع(‪)Kopernik‬‬
‫بالرغم من كونه يتمتع بشيء كبير من الع(‪ ،)Paradigma‬و ُقبِل مكانه نوعا مختلفا من الع(‬
‫‪ .)Paradigma‬وعلي حد قول(توماس كوهن ‪ )Thomas Kuhn‬فإن الوساط العلمية أحيانا‬
‫ما كانت تشهد العديد من التغيرات الخاصة بع(‪ ،)Paradigma‬وإن هذا هو ما يُسمي‬
‫بع(الثورة العلمية)‪.‬‬
‫ولقد لفت(توماس كوهن ‪ )Thomas Kuhn‬النتباه إلى المساعي الحثيثة او بقول أخر‬
‫التصرفات المتعصبة لجزء كبير من رجال العلم الذين قاموا بها من أجل الحفاظ على الع(‬
‫‪ )Paradigma‬الموجودة‪ .‬ولهذا السبب فإن(توماس كوهن ‪ )Thomas Kuhn‬يري أن من‬
‫يحققون الثورات العلمية ليسوا أولئك الشخاص المشهود لهم "بالتمكن والتفوق العلمي"‪ ،‬وإنما‬
‫العقول الشابة التي دخلت الوساط العلمية حديثا هي التي يمكنها تحقيق هذا المر‪ .‬ولقد‬
‫أشار(توماس كوهن ‪ )Thomas Kuhn‬إلى ما قاله العالم الشهير(ماكس بلنك)‪ :‬يري (ماكس‬
‫بلنك) " إن الحقيقة العلمية ل يمكن أن تحرز النتصار من خلل إقناع الخصوم والمنافسين‪،‬‬
‫وجعلهم يشاهدون النور؛ بل على العكس من ذلك فهؤلء المنافسين يموتون‪ ،‬وإن الجيال التي‬
‫ستحل محلهم سيدركون ويألفون الحقيقة العلمية الحديثة‪".‬‬
‫وثمة ثورة موجودة في الوساط العلمية الحاضرة‪ .‬فنظرية(دارون) قد انهارت علميا وثبت‬
‫فشلها‪ ،‬لكن معظم من يُشاهدون على أنهم " أفذاذ‪ ،‬ودهاة الوساط العلمية" يقاومون حتى ل‬
‫يقبلوا بهذا المر‪ ،‬وحتى ل يشاهدوا الضوء كذلك‪ .‬فهذه مقاومة عقائدية إيديولوجية بتمامها‪.‬‬
‫لكن مقاومتهم هذه تضعف بالتدريج حتى إن الرأي العام يتسنى له مشاهدة هذا وملحظته‪.‬‬
‫وبالنسبة لسم الضوء الذي بُسط أمام الوساط العلمية فإنما هو(حقيقة الخلق)‪ .‬فرجال العلم‬

‫‪114‬‬
‫الذين بحثوا في هذا الموضوع‪ ،‬قد نادوا وأقروا بأن هذه الحياة لم تكن نتاج قوي طبيعية‬
‫تصادفية كما تدعى النظرية الدارونية‪ ،‬وإنما هي من صنع الخالق ذي العلم العظيم‪ .‬فهذا‬
‫الخالق العظيم إنما هو ال تعالي رب كل العالمين‪ .‬وإن هذه الحقيقة يؤكدها العلماء في كل يوم‬
‫يمر على البشرية‪ ،‬كما أن سقوط وانهيار النظرية الدارونية يتأكد في كل يوم يمر أيضا‪.‬‬
‫وإن البروفيسور(فيليب إي‪ .‬جونسون) بجامعة(‪ )California Berkeley‬والتي تعد أحد أهم‬
‫أسماء الحركات المناهضة لنظرية التطور بالوليات المتحدة المريكية‪ ،‬واثق من أنه عما‬
‫قريب سيُلقي بالنظرية الدارونية في مزبلة التاريخ‪ .‬فهذا العالم (جونسون) تحدث عن‬
‫التعديلت القانونية التي تسمح بتدوين الدلة العلمية التي تعارض النظرية الدارونية في الكتب‬
‫الدراسية بالوليات المريكية المختلفة‪ ،‬ثم بعد ذلك قام بعمل التوضيح والبيان التي ذكره‪:‬‬
‫ها هي قد جاءت نقطة التحول التي ستقلب الحداث رأسا على عقب‪ ،‬وتحققت نقطة التحول‬
‫هذه ليس فقط في البرامج الدراسية‪ ،‬وإنما كذلك في كتابات‪ ،‬وأفكار الناس الذين يعرفون‬
‫الدلة‪ ،‬ويمتلكون عقول وأذهانا مستقلة بعض الشيء‪ .‬فأنصار النظرية الدارونية يعرفون أنهم‬
‫أنفسهم يفتقرون إلى الدلة‪ ،‬وأنهم لن ينتصروا‪ ،‬ول حظوا كذلك أنهم قد فقدوا مساندة الرأي‬
‫العام لهم‪ .‬وهو يحاولون بشكل كله بؤس ويأس تأخير العتراف بهزيمتهم‪ ،‬وسقوطهم‪،‬‬
‫والعتراف كذلك بأن الفراشات المفلفلة على سبيل المثال لم تحط على جذوع الشجار‪ ،‬وأن‬
‫عملية الصطفاء لم تأتي بإضافة حقيقية إلى علم الوراثة‪ .‬وهم من ناحية أخرى أيضا‬
‫يكتسبون الخبرات في مواراة هزيمتهم‪163.‬‬
‫ومن ثم يتعين على أنصار النظرية الدارونية الموجودين بتركيا أن يفكروا في كيفية وأسباب‬
‫نقد وتفنيد تلك النظرية التي يؤمنون بها‪ .‬فزملئهم في العمل في الغرب قد نجحوا في إدراك‬
‫كافة الدلة التي بحثناها في هذا الكتاب إل أن العض منهم قد ضرب صفحا عن هذا‪ ،‬وبالرغم‬
‫من كل هذا بدءوا يبذلوا مساعيهم من أجل‪ ،‬وقصارى جهدهم من أجل يقيموا للنظرية‬
‫الدارونية قائمتها‪ .‬وإن بعض الشخاص الذين يحاولون في عالم الخمسينيات العيش في برج‬
‫عاجي على ذكري اليام الجميلة القديمة الخيالية للنظرية الدارونية بعيدا عن التطورات‬
‫العلمية‪ ،‬إذا ما سئلوا عن دليل لنظرية التطور‪ ،‬فإنه يكون بمقدورهم أن يتحدثوا بشكل كله‬
‫حرارة كعادتهم عن تجربة(‪ )Miller‬التي ثبت عدم صلحيتها‪ ،‬وعن الخياشيم الموجودة في‬
‫الجنة البشرية‪ ،‬وعن حكاية الفراشات المفلفلة‪ ،‬وعن سلسلة الخيول الخيالية‪ .‬ويبذلون مساعيهم‬
‫لغض الطرف عن العديد من المور والحقائق مثل انفلق العصر الكمبري‪ ،‬والعقدة الغير‬
‫مختزلة‪ ،‬وأصل العلم الوراثى‪ .‬وإنه لم نكن هناك أي فائدة بعد للتصرف بإصرار شديد في‬

‫‪115‬‬
‫اليمان بهذه النظرية الواهية؛ وذلك بسبب كُتب(كوهنه ‪ )Kohne‬التي قُرأت في الخمسينات‬
‫والستينات‪ ،‬وبسبب الشياء المادية التي استخدمها في الدعاية الدارونية‪ .‬وه نحن ندعو أنصار‬
‫النظرية الدارونية الموجودين بتركيا إلى تحاشي الوقوع في مثل هذا الموقف‪ ،‬رؤية‬
‫الصواب‪ ،‬والتخلص من الحكام المسبقة‪ ،‬لكن دون غض الطرف عن الدلة العلمية‪.‬‬
‫وإن ما يتعين على أتباع النظرية الدارونية فعله إنما هو العراض عن اليمان العمى بهذه‬
‫النظرية‪ .‬ناهيكم عن أنه يتعين عليهم كذلك دراسة وفحص النتائج العلمية‪ ،‬وتقيمها بشكل ليس‬
‫فيه أي نوع من التحيز على الطلق‪ .‬فإذا ما كانت هنالك أدلة ضد نظرية التطور فعليهم أن‬
‫يُكشفوا النقاب عنها ول يخفوها‪ .‬وإذا ما ثبت بطلن وعدم صحة ما يذكرونه‪ ،‬فعندئذ لبد وأل‬
‫ينقادوا لهذه النظرية هذا النقياد العمى‪ ،‬وأن يعطوا أنفسهم الفرصة لمشاهدة الحقيقة‪.‬‬
‫فلو كان أكثر المدافعين عن النظرية الدارونية‪ ،‬ومن يزودون عنها مخلصين في أبحاثهم هذه‪،‬‬
‫فإنهم كانوا سيرون أن هذه النظرية ليست بشيء سوى غش وخداع كبير‪ .‬وهذه حقيقة ظهرت‬
‫بشكل علمي‪.‬‬
‫ول جرم أن انهيار نظرية التطور ما هو إل إحدى تجليات ال سبحانه وتعالي التي أخبرنا بها‬
‫في القرآن الكريم‪ .‬فلقد أخبرنا ال سبحانه وتعالي في القرآن الكريم أن الباطل( أي الكذب‬
‫والغش) سيزول وتنتهي دولته بمجرد مجيء الحق(أي الحقيقة)‪ :‬فلقد قال سبحانه وتعالي في‬
‫الية رقم ‪ 81‬من سورة السراء‪ ":‬وقل جاء الحق‪ ،‬وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"‪.‬‬
‫وما النظرية الدارونية إل مبدأ وتعاليم باطلة‪ ،‬ومضللة‪ ،‬ول تعرف للحق سبيل‪ .‬فلقد استطاعت‬
‫في كثير من الحيان التأثير مستغلة في ذلك نقص العلم‪ ،‬وضعف المستوي العلمي‪ ،‬ومن ثم‬
‫تمكنت من خداع وتضليل بعض الناس‪ .‬لكن هذا الباطل سرعان ما خبأت جذوته بمجرد أن‬
‫ظهرت الحقيقة‪ ،‬والستنتاجات العلمية الحقيقية التي تولي فحصها ودراستها أناس منصفين‪،‬‬
‫وغير متحيزين‪.‬‬
‫وإن الشيء الذي يحاول أنصار هذه النظرية الدارونية فعله إنما هو رفض الحق‪ ،‬وستره‪ ،‬بل‬
‫وغض الطرف عنه‪ ،‬هذا كله من أجل أن يعيدوا لهذا الباطل قوة كي يقف على قدميه من‬
‫جديد‪ .‬لكن هذا طريق‪ ،‬ومسلك غير صحيح‪ ،‬فهم بذلك ل يخدعون إل أنفسهم‪ ،‬ويحقرونها‬
‫كذلك‪ .‬وينبغي على أنصار النظرية الدارونية أن يأخذوا لهم درسا وعبرة من الية القرآنية‬
‫التي يقول فيها المولي عز وجل‪:‬‬
‫" ول تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "‪ (.‬الية رقم ‪ 42‬سورة البقرة)‪.‬‬
‫فل جرم أن عدم المقاومة والعناد بعد مشاهدة الحقيقة ومعرفتها‪ ،‬والتوجه صوب ما هو حق‬

‫‪116‬‬
‫ فمن الممكن بمكان أن ينخدع النسان بأكذوبة‬.‫ لمن التصرفات الصحيحة والسليمة‬،‫وصائب‬
‫ لكن هذا النسان إذا كان‬.‫ أو بسبب ما يُلقن به‬،‫نظرية التطور بسبب نقص علمه حتى الن‬
‫ والصواب‬،‫ وأن يبحث عن الحق‬،‫إنسانا مخلصا صادقا فإن عليه أل يقتفي أثر الخداع والغش‬
،‫ ويجب أل ننسي أن الصدق‬.‫ويتبعه حتى ل يكون حقيرا في كل من الدنيا والخرة‬
******** .‫والخلص لهما جزاء جميل جدا في كل من الدنيا والخرة على حد سواء‬

REFERENCES:

1- Søren Løvtrup , Darwinism: The Refutation of A Myth, Croom Helm, New


York, 1987, s.422
2- Robert D. Martin, Primatların Orijini ve Evrim, Princetown Üniversitesi
Yayınları, 1990, s.82
3- David Pilbeam, American Scientist, Sayı 66, Mayıs-Haziran, 1978, s.379
4- Jonathan Wells, California Berkeley Üniversitesi'nde biyoloji lisansı ve
moleküler biyoloji doktorası yapmış bir bilim adamıdır. Ayrıca Yale Üniversi-
tesi'nde 19. yüzyıldaki Darwinizm tartışmalarının tarihi Halen Seattle'daki
Discovery Institute'da çalışmalarını sürdürmektedir.
5- Evrimin bir din olarak tanımlanması bazı okuyuculara garip gelebilir,
ama son derece yerindedir. Din, bir insanın inandığı ve hayata bakışını be-
lirleyen temel prensipleri ifade eder. İnsana materyalist bir bakış veren
ve bilime değil inanca dayanan evrim teorisi de bir dindir. Bu teoriyi din
olarak tanımlayanlar arasında Julian Huxley veya Pierre Teilhard de Char-
din gibi bazı evrimcilerin de yer aldığını belirtmek gerekir.
6- Benjamin D. Wiker, "Does Science Point to God? Part II: The Christian
Critics", The Crisis Magazine, Temmuz-Ağustos 2003, http://www.crisisma-
gazine.com/julaug2003/feature1.htm
7- CHARLES DARWIN TO J.D. HOOKER, Down [March 29, 1863]. http://ibib-
lio.org/gutenberg/etext00/2llcd10.txt
8- "The Crucible of Life", Earth, Şubat 1998
9- "Origin of Life on Earth", National Geographic, Mart 1998
10- Jonathan Wells, Icons of Evolution, Science or Myth, Why Much of What
We Teach About Evolution is Wrong, Washington, DC, Regnery Publishing,
2000, p.21

117
11- Jeremy Rifkin, Darwin'in Çöküşü, Ufuk Kitapları, İstanbul 2001, s.133
12- Paul Davies, C.W. [renouned physicist] & Adams Phillip [journalist],
"More Big Questions," ABC Books: Sydney, Australia, 1998, ss.53-54, 47-
48, 48
13- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, "Evrim Teorisi"ne Karşı Biyo-
kimyasal Zafer, Aksoy Yayıncılık, 1998, s.8
14- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, s.14
15- Gerald L. Schroeder, Tanrı'nın Saklı Yüzü, Gelenek Yayıncılık, Nisan
2003, İstanbul, ss.67-68
16- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, s.15
17- W. R. Bird, The Origin of Species Revisited, Nashville: Thomas Nelson
Co., 1991, p.325
18- Encyclopedia Britannica 2002, Expanded Edition DVD-ROM, "Cuvier,
Georges, Baron"
19- Encyclopedia Britannica 2002, Expanded Edition DVD-ROM, "Cuvier,
Georges, Baron"
20- Charles Darwin, The Origin of Species by Means of Natural Selection,
The Modern Library, New York, p.234
21- Alan Feduccia, The Origin and Evolution of Birds, Yale University Press,
1999, p.81
22- N. Eldredge, and I. Tattersall, The Myths of Human Evolution, Columbia
University Press, 1982, p.45-46
23- Hickman, C.P. [Professor Emeritus of Biology at Washington and Lee
University in Lexington], L.P.Roberts [Professor Emeritus of Biology at Te-
xas Tech University], and F.M. Hickman. 1988. Integrated Principles of Zo-
ology. Times Mirror/Moseby College Publishing, St. Louis, MO. 939; (p.866)
24- Fossils and Evolution, Dr TS Kemp - Curator of Zoological Collections,
Oxford University, Oxford Uni Press, s.246, 1999
25- David Berlinksi, Commentary , Sept. 1996 p.28
26- Gerald Schroeder, "Evolution: Rationality vs. Randomness",
http://www.geraldschroeder.com/evolution.html
27- Richard A. Kerr, "A Trigger for the Cambrian Explosion?", Science, 298,
Nov 22 2002: 1547
28- Gregory A. Wray, "The Grand Scheme of Life", Review of The Crucible
Creation: The Burgess Shale and the Rise of Animals by Simon Conway
Morris, Trends in Genetics, February 1999, vol. 15, no. 2

118
29- Jonathan Wells, Icons of Evolution, p.31
30- Niles Eldredge, Ian Tattersall, The Myths of Human Evolution, ss.126-
127
31- Lewontin, Richard C., Human Diversity, Scientific American Library:
New York NY, 1995, s.163
32- Henry Gee, In Search of Deep Time, New York, The Free Press, 1999,
p.116-117
33- Bernard Wood, Mark Collard, "The Human Genus", Science, vol. 284,
No 5411, 2 April 1999, pp. 65-71
34- Pat Shipman, "Doubting Dmanisi", American Scientist, November- De-
cember 2000, s.491
35- Roger Lewin, Bones of Contention, s.312
36- John R. Durant, "The Myth of Human Evolution", New Universities Quar-
terly 35 (1981), pp. 425-438
37- G. A. Clark, C. M. Willermet, Conceptual Issues in Modern Human Ori-
gins Research, New York, Aldine de Gruyter, 1997, p.76
38- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth, Why Much of What
We Teach About Evolution is Wrong, p.225
39- Paul S. Taylor, Origins Answer Book, 5. baskı, 1995, p.35
40- John Whitfield, "Oldest member of human family found", Nature, 11
July 2002
41- D.L. Parsell, "Skull Fossil From Chad Forces Rethinking of Human Ori-
gins", National Geographic News, 10 Temmuz 2002
42- John Whitfield, "Oldest member of human family found", Nature, 11
Temmuz 2002
43- "Face of Yesterday: Henry Gee on the dramatic discovery of a seven-
million-year-old hominid", The Guardian, 11 Temmuz 2002
44- Henry Gee, In Search Of Deep Time, Beyond the Fossil Record to a New
Hıstory of Life, p.5
45- Henry Gee, In Search Of Deep Time, s.32
46- F. Clark Howell, "Thoughts on the Study and Interpretation of the Hu-
man Fossil Record," ss.1-39 in W. Eric Meikle, F. Clark Howell & Nina G. Jab-
lonski (editors), Contemporary Issues in Human Evolution , Memoir 21
(San Francisco: California Academy of Sciences, 1996), pp. 3, 31
47- Tom Abate, San Francisco Chronicle, 19, Şubat 2001. http://www.sfga-
te.com/cgi-bin/article.cgi?file=/chronicle/archi-

119
ve/2001/02/19/BU141026.DTL
48- Encyclopædia Britannica. "Modern Materialism"
49- Werner Gitt. In the Beginning Was Information. CLV, Bielefeld, Ger-
many, pp. 107, 141
50- George C. Williams. The Third Culture: Beyond the Scientific Revoluti-
on. (ed. John Brockman). New York, Simon & Schuster, 1995. pp. 42-43
51- Phillip Johnson's Weekly Wedge Update, "DNA Demoted" April 30,
2001, http://www.arn.org/docs/pjweekly/pj_weekly_010430.htm
52- Phillip Johnson's Weekly Wedge Update, "DNA Demoted" April 30, 2001
, http://www.arn.org/docs/pjweekly/pj_weekly_010430.htm
53- Charles Darwin, The Origin of Species & The Descent of Man, The Mo-
dern Library, New York, p.398
54- Charles Darwin, Letter to Asa Gray, Sept. 10, 1860, in Francis Darwin
(editor), The Life and Letters of Charles Darwin , Vol. II (New York: D. App-
leton and Company, 1896), s.131
55- "HAECKEL'S FRAUDULENT CHARTS"; http://www.path-
lights.com/ce_encyclopedia/17rec03.htm
56- L. Rutimeyer, "Referate," Archiv fur Anthropologie, 1868
57- Francis Hitching, The Neck of the Giraffe: Where Darwin Went Wrong,
New York: Ticknor and Fields 1982, p.204
58- Science, 5 Eylül 1997
59- Science, 5 Eylül 1997
60- Elizabeth Pennisi, "Haeckel's Embryos: Fraud Rediscovered", Science, 5
Eylül 1997
61- Ken McNamara, "Embryos and Evolution", New Scientist, 16 Ekim 1999
62- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth?, p.84
63- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth?, p.85
64- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth?, p.86
65- Charles Darwin, Letter to Asa Gray, Sept. 10, 1860, in Francis Darwin
(editor), The Life and Letters of Charles Darwin , Vol. II (New York: D. App-
leton and Company, 1896), s.131
66- Dawkins'in "kör saatçi" tezinin çürülmesi için bkz. Lee Spetner, Not By
Chance: Shattering the Modern Theory of Evolution, Judaica Press, 1997;
Michael J. Behe, Darwin's Black Box: The Biochemical Challange to Evoluti-
on, The Free Press, 1996; Phillip E. Johson, Darwin on Trial, 199, 2nd.ed.,
InterVarsity Press, 1993

120
67- Richard Dawkins, The Blind Watchmaker, London: Penguin Books,1986;
s.93-94
68- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptati-
on?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
69- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptati-
on?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
70- Walls, G.L. (1963). The Vertebrate Eye . New York: Hafner Publishing
Company; s.652
71- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptati-
on?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
72- McIlwain, T.J. (1996). An Introduction to the Biology of Vision. Cambrid-
ge: Cambridge University Press; p.14
73- Michael Denton, “The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptati-
on?”, Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
74- Charles Darwin, The Origin of Species, III. ed. Chapter 13: Mutual Affi-
nities of Organic Beings: Morphology: Embryology: Rudimentary Organs
75- http://www.cerrah.net/apandist.htm
76- www.geocities.com/CapeCanaveral/Lab/6562/evolution/designgone-
bad.html
77- S. R. Scadding, "Do 'Vestigial Organs' Provide Evidence for Evolution?",
Evolutionary Theory, Cilt 5, Mayıs 1981, p.173
78- Paul A. Nelson, "Jettison the Arguments, or the Rule? The Place of Dar-
winian Theological Themata in Evolutionary Reasoning", Access Research
Network, 1988, http://www.arn.org/docs/nelson/pn_jettison.htm
79- George Schaller, H. Jinchu, P. Wenshi, and Z. Jing, The Giant Pandas of
Wolong , Chicago: University of Chicago Press, 1986, s.4, 58
80- Endo, H., Yamagiwa, D., Hayashi, Y. H., Koie, H., Yamaya, Y, and Kimu-
ra, J., Nature, vol. 397, 1999, pp. 309-310
81- Endo, H., Yamagiwa, D., Hayashi, Y. H., Koie, H., Yamaya, Y., and Kimu-
ra, J., Nature, vol. 397, 1999, pp. 309-310
82- Gretchen Vogel, "Objection #2: Why Sequence the Junk?", Science, 16
Şubat 2001
83- Wojciech Makalowski, "Not Junk After All", Science, Volume 300, Num-
ber 5623, 23 Mayıs 2003,
84- http://www.arn.org/docs/odesign/od182/ls182.htm#anchor569108
85- "Does nonsense DNA speak it's own dialect?", Science News, Vol. 164 ,

121
24 Aralık,1994
86- Hubert Renauld and Susan M. Gasser, "Heterochromatin: a meiotic
matchmaker," Trends in Cell Biology 7 (May 1997): pp. 201-205
87- Emile Zuckerkandl, "Neutral and Nonneutral Mutations: The Creative
Mix-Evolution of Complexity in Gene Interaction Systems,' Journal of Mole-
cular Evolution 44 (1997): S2-8.
88- Hubert Renauld and Susan M. Gasser, "Heterochromatin: a meiotic
matchmaker," Trends in Cell Biology 7 (May 1997): 201-205.
89- Bencil DNA tezi: Evrimcilerin, kodlamayan DNA'nın sözde evrimsel olu-
şumunu açıklamada başvurduğu bir tez. Bu tez, canlıların işlevini yitirmiş
DNA parçaları arasında bir tür rekabet olduğunu savunan hayali iddiadır.
Bu yazıda da gösterildiği gibi, Crytomonad'lar üzerinde yapılan bu çalış-
mayla çürütülmüştür.
90- Beaton, M.J. and T. Cavalier-Smith. 1999. Eukaryotic non-coding DNA is
functional: evidence from the differential scaling of cryptomonal genomes.
Proc. R. Soc. Lond. B. 266:2053-2059
91- Sandell LL, Zakian VA. 1994. Loss of a yeast telomere: arrest, recovery,
and chromosome loss. Cell 75: 729-739.
92- Ting SJ. 1995. A binary model of repetitive DNA sequence in Caenor-
habditis elegans. DNA Cell Biol. 14: 83-85.
93- Vandendries ER, Johnson D, Reinke R. 1996. Orthodenticle is required
for photoreceptor cell development in the Drosophila eye. Dev Biol 173:
243-255.
94- Keplinger BL, Rabetoy AL, Cavener DR. 1996. A somatic reproductive
organ enhancer complex activates expression in both the developing and
the mature Drosophila reproductive tract. Dev Biol 180: 311-323.
95- Kohler J, Schafer-Preuss S, Buttgereit D. 1996. Related enhancers in
the intron of the beta1 tubulin gene of Drosophila melanogaster are essen-
tial for maternal and CNS-specific expression during embryogenesis. Nuc-
leic Acids Res 24: 2543-2550.
96- R. Nowak, "Mining Treasures from 'junk DNA ", Science 263 (1994):
608.
97- "DNA; Junk or Not", The New York Times, 4 Mart 2003
98- Gretchen Vogel, "Objection #2: Why Sequence the Junk?", Science, 16
Şubat 2001
99- Hirotsune, S., Yoshida, N., Chen, A., Garrett, L., Sugiyama, F., Takahas-

122
hi, S., Yagami, K., Wynshaw-Boris, A., and Yoshiki, A. 2003. An expressed
pseudogene regulates the messenger-RNA stability of its homologous co-
ding gene. Nature 423: 91-96.
100- Lee, J. T. 2003. Molecular biology: Complicity of gene and pseudogene
[News and Views]/78 Emile Zuckerkandl, "Neutral and Nonneutral Mutati-
ons: The Creative Mix-Evolution of Complexity in Gene Interaction
Systems,' Journal of Molecular Evolution 44 (1997): S2-S8.ature 423: 26-
28.
101- "The Birth of an Alternatively Spliced Exon: 3' Splice-Site Selection in
Alu Exons ", Galit Lev-Maor, et al. Science, Volume 300, Number 5623, Is-
sue of 23 May 2003, pp. 1288-1291
102- Science, 23 Mayıs 2003
103- George Turner, "How Are New Species Formed?", New Scientist, June
14, 2003, s.36
104- Norman Macbeth, Darwin Retried, Boston, Gambit INC., 1971, s.36.
105- Norman Macbeth, Darwin Retried, ss.35-36
106- Edward S. Deevy, "The Reply: Letter from Birnam Wood", Yale Review,
56 (1967), s.636
107- Ernst Mayr, Animal Species and Evolution, Cambridge, Harvard Uni-
versity Pres, 1963, ss.285-286.
108- Ernst Mayr, Animal Species and Evolution, ss.290.
109- Lane P. Lester, Raymond G. Bohlin, Natural Limits to Biological Chan-
ge, s.13-14
110- Jonathan Wells, Icons of Evolution, ss.159-175
111- Lane Lester, Raymond G. Bohlin, Natural Limits to Biological Change,
2nd ed, Probe Books, 1989, ss.67,70
112- Garry E. Parker, Creation: The Facts of Life, San Diego, Creation of Li-
fe Publishers, 1980, s.76
113- Pierre-Paul Grassé, Evolution of Living Organisms, Academic Press,
New York, 1977, p. 88
114- Jonathan Wells, Icons of Evolution (Regnery, 2000), p.178
115- Lane Lester, Raymon G. Bohlin, Natural Limits to Biological Change,
Probe Books, 1989, p.170-171
116- Henry Morgenau & Roy Abraham Varghese, Kosmos Bios Teos, Gele-
nek Yayıncılık, Ekim 2002, İstanbul, s.161.
117- Scott Gilbert, John Opitz, and Rudolf Raff, "Resynthesizing Evoluti-

123
onary and Developmental Biology", Developmental Biology 173, Article
No. 0032, 1996, p.361
118- Personal letter (written 10 April 1979) from Dr. Collin Patterson, Seni-
or Paleontologist at the British Museum of Natural History in London, to
Luther D. Sunderland; as quoted in Darwin's Enigma by Luther D. Sunder-
land, Master Books, San Diego, USA, 1984, p.89
119- T. S. Kemp, Fossils and Evolution, Oxford University Press, 1999, p.19
120- Pierre-P Grassé, Evolution of Living Organisms, New York: Academic
Press, 1977, s.103
121- Nicholas Wade, "Why Humans and Their Fur Parted Ways", The New
York Times, 19 Ağustos 2003
122- Henry Gee, In Search Of Deep Time: Beyond The Fossil Record To A
New Hıstory Of Life, The Free Press, A Division of Simon & Schuster, Inc.,
1999, s. 103
123- 0. C. Marsh, "Recent Polydactyle Horses", American Journal of Science
43, 1892, pp. 339-354
124- Gordon Rattray Taylor, "The Great Evolution Mystery" New York, Har-
per & Row, 1983, sf. 230
125- Heribert Nilsson, Synthetische Artbildung Lund, Sweden: Vertag CWE
Gleenrup, 1954, pp. 551-552
126- Boyce Rensberger, Houston Chronicle, 5 Kasım 1980, Bölüm 4, p.15.
127- Milner, The Encyclopedia of Evolution, 1993, p.222
128- Garret Hardin, Nature and Man's Fate, (New York, Mentor, 1961), pp.
225-226.
129- Francis Hitching, The Neck of the Giraffe-Where Darwin Went Wrong,
NY: Ticknor and Fields, 1982, pp. 16-17, 19, 28-30
130- Kofahl, R.E., Handy Dandy Evolution Refuter, Beta Books, San Diego,
California, 1997, s.159
131- Voorhies M.R., "Ancient Ashfall Creates a Pompei of Prehistoric Ani-
mals," National Geographic, Vol. 159, No. 1, January 1981, ss.67-68,74 ;
"Horse Find Defies Evolution" Creation Ex Nihilo 5(3):15, January 1983,
http://www.answersingenesis.org/docs/3723.asp
132- Jonathan Wells, "Icons of Evolution: Science or Myth? Why much of
what we teach about evolution is wrong", s.199; Royal Truman, "A review
of Icons of Evolution" www.answersingenesis.org/home/area/magazi-
nes/tj/docs/tj_v15n2_icons_review.asp

124
133- O.C. Marsh, 'Recent polydactyle horses,' American Journal of Science,
43:339–354, 1892.
134- Bruce J. MacFadden et al., Ancient diets, ecology, and extinction of 5-
million-year-old horses from Florida, Science 283(5403):824–827, 5 Febru-
ary 1999.
135- Horse and horsemanship,' Encyclopædia Britannica, 20:646655, 15th
ed. 1992
136- Ernst Mayr, What Evolution Is, New York: Basic Books, p.163
137- D.M. Raup, 'Conflicts between Darwin and paleontology,' Field Muse-
um of Natural History Bulletin 50:22, 1979
138- Sunderland L.D., Darwin's Enigma, 1988, s.78
139- J. Bergman and G. Howe, 'Vestigial Organs' Are Fully Functional Cre-
ation Research Society Books, Kansas City, s.77, 1990;
140- Paul-Pierre Grasse., Evolution of Living Organisms, p.51-52
141- Florida Üniversitesi: "From the Bone of a Horse, a New Idea for Airc-
raft Structures, 2 Aralık 2002, http://www.napa.ufl.edu/2002news/horsebo-
ne.htm ; "Uzay ve Havacılık Mühendisleri Atın Kemik Tasarımını Taklit Edi-
yor" http://www.harunyahya.net/V2/Lang/tr/Pg/WorkDetail/Number/969
142-Judith Hooper, Of Moths and Men, W.W. Norton & Company, Inc., New
York, 2002, s.xvii
143- Judith Hooper, Of Moths and Men, s.xviii
144- Judith Hooper, Of Moths and Men, p.xviii
145- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth? Why Much of
What We Teach About Evolution is Wrong, pp. 141-151
146- Jerry Coyne, "Not Black and White", a review of Michael Majerus's Me-
lanism: Evolution in Action, Nature, 396 (1988), pp. 35-36
147- Judith Hooper, Of Moths and Men, p.xviii
148- Judith Hooper, Of Moths and Men, s.296
149- Judith Hooper, Of Moths and Men, s.293
150- Robert Matthews, "Scientists Pick Holes in Darwin's Moth Theory",
The Daily Telegraph, London, 18 Mart 1999
151- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
152- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
153- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex

125
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
154- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
155- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
156- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
157- http://www.geocities.com/CapeCanaveral/Hall/2099/DinoKabin.html
158- Michael J. Denton, Nature's Destiny, Free Press, New York, 1998,
p.361
159- David Williamson, "Scientist Says Ostrich Study Confirms Bird 'Hands'
Unlike Those Of Dinosaurs", EurekAlert, 14-Aug-2002, http://www.eureka-
lert.org/pub_releases/2002-08/uonc-sso081402.php
160- A Elzanowski 1999. "A comparison of the jaw skeleton in theropods
and birds, with a description of the palate in the Oviraptoridae". Smithsoni-
an Contributions to Paleobiology 89:311–323
161- Alan Feduccia, "Birds are Dinosaurs: Simple Answer to a Complex
Problem", The Auk, Ekim 2002, vol. 119 (4), p.1187–1201
162- MORELL, V.."A Cold, Hard Look at Dinosaurs", Discover, 1996,
17(12):98–108.++
163- Phillip Johnson, “A Step Forward in Ohio”, Touchstone, Volume 16, Is-
sue 1,Ocak-Şubat 2003, sf. 11;http://www.touchstonemag.com/docs/issu-
es/16.1docs/16-1pg11.html

452
Batlamyus ‫بطليموس‬
454
‫ نموذج أن الكون مركعز العالم الذي كان قعد وضععه بطلميوس و‬Kopernik ‫هدم كوبرنيعك‬
‫ أن العالم جزء معن‬،‫ و اظهعر النموذج الجديعد الذي أعلنعه‬.‫آمنعت بعه الكنيسعة الكاثوليكيعة‬
.‫المجموعة الشمسية‬
.‫كما أصبحت الضفادع موضع خطا علمي آمن به مؤيدو نظرية التطور منذ القدم‬
Luigi Galvani ‫لويجي جالفانى‬

126
‫‪455‬‬
‫اعتقد العلماء في نهاية القرن السادس عشر أن هناك مادة ل تري بالعين المجردة أطلقوا عليها‬
‫اسم ” ‪ “ Flojistan‬تتسبب في اشتعال النيران‪ .‬لكنهم اكتشفوا بعد مدة طويلة‪ ،‬ان ‪Flojistan‬‬
‫ليست المادة المتسببة في اشتعال النيران‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫ظهرت نظر ية التطور لدارو ين‪ ،‬في فترة كان العلم و التكنولوج يا في ها متاخرة لب عد حد‪ .‬و‬
‫كان الج هل ال سائد في القرن التا سع ع شر هو ال سبب الحقي قي وراء النتشار ال سريع لنظر ية‬
‫التطور ال تي جاء ب ها دارو ين‪ .‬و انعك ست التكنولوج يا ال تي أخذت تتطور بمرور الو قت على‬
‫مجال العلم‪ .‬و ظ هر تطور كبير فعي الجهزة و الو سائل الم ستخدمة في البحاث العلم ية‪ .‬و‬
‫حدثعت اكتشافات كثيرة جدا‪ .‬لقعد أظهرت التطورات التعي حدثعت فعي المجال العلمعي الوجعه‬
‫الحقيقي للنظريات القديمة مثل نظرية داروين‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫لقعد كان كعل شيعء متأخعر خلل تلك المرحلة التعي ظهرت فيهعا نظريعة دارويعن‪ .‬و كان هذا‬
‫التأخر السبب الرئيسي وراء سهولة اقتناع الشخاص بسهولة بهراءات نظرية داروين‪ .‬و لكن‬
‫و مع حلول القرن الحادي و العشر ين سقط قناع نظر ية دارو ين تما ما‪ ،‬و ظهرت ادلة جعلت‬
‫فكرة التطور نظرية باطلة ل قيمة لها‪.‬‬
‫تركت تليفزيونات البيض و السود التي قوبلت قديما بنشوة الختراع مكانها للتليفزيونات‬
‫الملونه التي تتميز بنقاء صورتها‪.‬‬
‫ترك الجرامافون الذي كان يعتبر أصغر جهاز انصات موسيقي قديما ترك مكانه لشرطة‬
‫الموسيقي الحديثة و لمعزوفات القراص المدمجة " السي دي "‪.‬‬

‫‪459‬‬
‫انعكست التطورات التي حدثت في التكنولوجيا على العلم‪ ،‬و اظهر التقدم العلمي مدي الزيف‬
‫الذي اتت به نظرية التطور‪.‬‬
‫ماكينة التصوير التاريخية و صورتها الحالية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫بدايات التليفزيون و شكله الحالي‪.‬‬
‫بينما كانت تكنولوجيا الحاسب اللي غير منتشرة قديما‪ ،‬فإننا اليوم نستخدم أجهزة الكمبيوتر‬
‫متطورة للغاية كما أن تكنولوجيا النترنت تتطور باستمرار‪.‬‬

‫‪460‬‬
‫إن نظرية داروين هي نظرية خاطئة و باطلة من الناحية العلمية‪ .‬و كان هناك بعض المؤيدين‬
‫في فترة ما لهذه النظرية‪ ،‬التي لم تستند في أى وقت من الوقات على حقيقة علمية‪ ،‬و يرجع‬
‫ذلك إلى أن تدنى مستوي العلم‪ ،‬لكن العلم اخذ يتطور مع مرور الوقت المر الذي وضع كل‬
‫من أيد هذه النظرية في موقف المخدوع‪.‬‬

‫‪462‬‬
‫ل تختلف السرطانات التي تعيش الن عن حفرية السرطان التي يرجع عمرها إلى ‪55 – 35‬‬
‫عام‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫أظهر نموذج الكائن الحي و حفرية الكوكب البحري التي يقدر عمرها ب ‪ 135‬مليون سنه‬
‫تقريبا‪ ،‬ان الكائنات الحية موضع البحث ل تختلف اطلقا عن مثيلتها ذات ال ‪ 135‬مليون‬
‫عام‪.‬‬
‫حفر ية العقرب المائي ال تي تعود إلى الع صر الكربو ني الذي يقدر ب ‪ 300‬مليون عام تقريبا‬
‫و مثيلتها التي تعيش الن‪.‬‬
‫و كذلك حفريعة الحشرة المجنحعة التعي يتراوح عمرهعا بيعن ‪ 11 – 1‚8‬مليون عام و التعي ل‬
‫تختلف قط عن مثيلتها التي تعيش الن‪ ،‬تعد من الدلة على ان كل المخلوقات الموجودة على‬
‫سطح الرض من صنع ال سبحانه و تعالي‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫عالم الحياء المريكععي جوناثان ويللز و كتابععة " ايقونات التطور ‪ :‬علم أم خرافععة؟ لماذا‬
‫اصبحت كل الشياء التي نعرفها بخصوص التطور خاطئة؟ "‬
‫س ْرخَس التي تعود إلى العصر الكربوني ( ‪ 354 – 290‬مليون عام ) و مثيلتها‬
‫حفرية ال َ‬

‫‪128‬‬
‫التى تعيش الن‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫دخلت نظرية التطور إلى مناهج التعليمية في الدول الغربية اعتبارا من القرن التاسع عشر و‬
‫تم تدريسها للجيال الشابة على اعتبار انها حقيقة علمية‪ .‬و كانت النتيجة ان كل من درس هذه‬
‫النظرية أصبح في الحقيقة من " المؤيدين " تماما لتلك النظرية المناقضة للعلم ‪.‬‬
‫و يتم في يومنا الحاضر أيضا تدريس هذه النظرية للشباب‪ ،‬في المدارس و الجامعات‪ ،‬كما يتم‬
‫تلق ين ماد ية نظر ية دارو ين لذ هن الشخاص من خلل التليفزيونات و ال صحف‪ .‬و قد تحول‬
‫هؤلء الشباب اللذين آمنوا منذ الصغر بفكرة ان الحياة انما وجدت بالمصادفة‪ ،‬و أن النسان‬
‫حر ل مسئولية عليه من أى نوع ‪ ،‬و انها أي الحياة ما هي ال مكان للصراعات و الحروب و‬
‫ان القوي فيها هو المحق‪ ،‬تحولوا في كثير من المجتمعات إلى مشكلة حقيقية‪ .‬و يعتبر تدريس‬
‫ماديعة نظريعة دارويعن‪ ،‬هعو المسعئول الحقيقعي ععن العديعد معن المشاكعل مثعل العنعف‪ ،‬تناول‬
‫الكحوليات و المخدرات و هي المشاكل التي يعانى منها جيل الشباب الن‪ .‬لذلك أري انه من‬
‫الضروري أن يتم التوقف عن تدريس نظرية داروين حتى ينثني لنا تربية جيل من شباب مفيد‬
‫للمجتمع يتحلى بالخلق الحسنة‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫لقعد حعث الديعن السعلمي على البحعث و التنقيعب فعي كعل فروع العلم المختلفعة‪ .‬لذلك فمعن‬
‫المستحيل ان نفصل بين الدين السلمي و بين العلم‪ .‬إما نظرية داروين فل تعد فكرة علمية‬
‫على الطلق‪ ،‬إنما هي معتنق خاطيء بكل ما تحمله الكلمة من معنى‪ .‬لذلك ل يمكن التوفيق‬
‫بين السلم و بين نظرية داروين‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫‪Benjamin Wiker‬‬ ‫كتاب لبنيامين ويكر‬

‫لزارو سبالنزانى ‪Lazzaro Spallanzxani‬‬


‫دحض لويس باستور ‪ ،Louis Pasteur‬بالتجارب العلمية فكرة ان الحياة يمكن تتولد من تلقاء‬

‫‪129‬‬
‫نفسها من داخل المادة غير الحية‪ .‬و بناءا على هذه النتيجة تم تحجيم خيالت نظرية " التطور‬
‫" لصاحبها داروين‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫‪J. B. S. Haldane‬‬ ‫ج‪ .‬ب‪ .‬س‪ .‬هولداين‬
‫‪Alexander Oparin‬‬ ‫الكسندر اوبارين‬
‫‪Stanley Miller‬‬ ‫ستانلي ميللر‬

‫‪ 474‬يستحيل أن تكون الجزيئات العضوية الغلف الول‪ ،‬على عكس فروض ميللر‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫ستانلي ميللر‬
‫‪Termy Rifkin‬‬ ‫جرمي ريفكين‬

‫‪476‬‬
‫الفيزيائي و عالم الحياء السرائيلي‬
‫‪Gerald Schroder‬‬ ‫و عالم الجزيئات جرالد ستشرودر‬

‫‪477‬‬
‫ساد العتقاد في ع صر دارو ين أن الخل ية ما هي ال ك يس يملئه سائل‪ .‬ال ان البحاث ال تي‬
‫اجريت في السنوات الخيرة أثبتت أن الخلية عبارة بناء معقد للغاية يتكون من مواد عضوية‬
‫كثيرة للغاية‪.‬‬

‫‪479 – 478‬‬
‫أظهر علم الحياء الجزيئي في عصر داروين ‪ ،‬أن الحياة معقدة لدرجة ل يمكن للخيال حتى‬
‫أن يتقبلها‪ .‬نعرف اليوم أن الخلية الحية‪ ،‬هي بناء أرقي من كل الثار التي صنعها النسان‪ .‬و‬
‫هذه الحقيقة‪ ،‬تدحض نظرية داروين التي تدعي أن الحياة نتاج للمصادفات فقط‪.‬‬
‫يعتبر الحامض النووي منقوص الوكسجين ‪ DNA‬الذي يُظهر البناء الجيني للخلية‪ ،‬أكثر‬

‫‪130‬‬
‫الجزاء شمولً في بناء الخلية المعقد‪.‬‬
‫تو صل العلماء إلى معلومات مه مة و قي مة للغا ية‪ ،‬عن شفرة و بناء ال ‪ ،DNA‬و كان ذلك‬
‫فعي مقابعل ثروات انفقوهعا‪ ،‬و ابحاث امتدت لسعنوات طويلة‪ .‬و معع ذلك فل زال التكامعل‬
‫الموجود في البناء الجيني للخلية محتفظ بسره الكبر حتى الن‪ .‬و يأتى البناء المعقد ‪ DNA‬و‬
‫الحياة التي يحويها و المعلومات التي يضمها بناءه العظيم‪ ،‬في مقدمة الموضوعات التي ظلت‬
‫لغز يحير الذين يريدون تفسير ظهور الحياة باعتباره امرا ناتج عن المصادفات وحدها‪.‬‬
‫دافع كوفييه ‪ Cuvier‬مؤسس علم الحفريات‪ ،‬عن كون الخلق حقيقة علمية و اعلن في الوقت‬
‫نفسه استحالة حدوث التطور‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫منعم المعروف اليوم ان الطائر الولي لم يكعن " طائرا " بدائيا كمعا كان يدععي مؤيدو نظريعة‬
‫التطور‪ ،‬و انما هو طائر مثل غيرة من الطيور يمتلك قدرة فائقة على الطيران‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫يعرف توماس َه ْكسْلي ‪ Thomas Hukley‬بأنه أشد المتحمسين لنظرية داروين‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫حفرية الطائر الولي ‪Archaeopteryx‬‬
‫صورة حديثة أخري خاصة بالطائر الولي‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫حفرية معدنية ‪ Metaldetes‬تشبه السفنجيات الموجودة في عصرنا الحاضر‪.‬‬
‫حفرية ‪ Wiwaxia‬صادفنا الكثير منها في العصر الكمبري‪.‬‬
‫‪Mobergella‬‬
‫حفرية من القشريات ترجع إلى العصر الكمبري‬
‫تظهر الحفريات الخاصة بالعصر الكمبري ( قبل ‪ 495 – 450‬مليون عام ) أن الكائنات الحية‬
‫ظهرت‪ ،‬أى عاشعت على طبقات سعطح الرض بخصعائصها المعقدة دون أن تمعر بمراحعل‬
‫التطور المزعومة‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪Marella‬‬
‫حيوان مفصلي يمكنه السباحة و السير‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫تشارلز د‪ .‬ولكوت ‪Charles D. Walcott‬‬
‫‪:Xystridura‬‬
‫يمتلك هذا النوع الذي ينتمي إلى ثلثيات الفصوص عيونا معقدة بها عدد كبير من العدسات‪.‬‬
‫‪ Pikaia‬البيكة‪:‬‬
‫عرفت هذه الحفرية على انها اقدم حفرية من فصيلة الرانب ‪kordota‬‬
‫شعب كل الكائنات في العصر الكمبري جنبا إلى جنب تدحض تماما شجرة السللة التي‬
‫وضعها داروين‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫الكائنات الحية التي عاشت في العصر الكمبري‪ ،‬لها خصائص من شأنها تفنيد كل الدعاءات‬
‫التعي نادي بهعا مؤيدوا نظريعة التطور‪ .‬و كمعا توضعح وثائق و مدونات الحفريات‪ ،‬فإن هذه‬
‫الكائنات الحية ذات البناء المعقد للغاية قد ظهرت او عاشت في عصر و وقت واحد‪.‬‬
‫صور ايضاحية تُظهر الكائنات الحية المعقدة التي ظهرت فجأ ًة في العصر الكمبري‪.‬‬

‫‪489 – 488‬‬
‫تف ند الحفريات الخا صة بالكائنات الح ية المعقدة ال تي عا شت ق بل مئات الملي ين من ال سنين‪،‬‬
‫ادعاءات التطور!‬
‫حفرية زهرة الربيع التي ترجع إلى عصر الميوسين ( ‪ 23 – 5‬مليون سنة )‬
‫زهر الربيع الموجود في عصرنا‬
‫حفريعة قنفعذ البحعر الذي نصعادفه كثيرا على طبقات الرض و التعي تعود إلى العصعر‬
‫الردفيشي ( قبل ‪ 490 – 443‬مليون عام ) و مثيلتها الخاصة بعصرنا‪.‬‬
‫نري حفرية نوع من القريدس ‪ Karides‬الخاص بالعصر الجو راسي ( ‪ 206 – 144‬مليون‬
‫عام ) و لها نفس تكوين القريدس الموجود الن‪.‬‬
‫يعتبر الثبات نتيجة مهمة اظهرتها وثائق الحفريات‪ .‬حيث ل توجد أى فروق قط بين الحفريات‬

‫‪132‬‬
‫ال تي يقدر عمر ها بمئات الملي ين من ال سنين و مثيلت ها ال تي تع يش الن‪ .‬ف هي لم ت مر بأى "‬
‫تطور " قط‪.‬‬
‫أظهرت القمريعة التعي كانعت موضعع بحعث خاص أجراه علماء على تقنيات الطيران فعي‬
‫ع صرنا‪ ،‬أن حفريت ها ال تي يقدر عمر ها ب ‪ 140‬مليون سنه ل ها خ صائص و مظ هر متكا مل‬
‫مقارنة بعصرنا‪.‬‬
‫ل تختلف حفريعة الورقعة الخاصعة بشجرة الحور التعي يقدر عمرهعا ب ‪ 25‬مليون سعنة‪ ،‬ععن‬
‫أوراق شجرة الحور الحالية‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫صور تعرض التنقيب الذي تم في بلتداون مكان مولد فضيحة انسان بلتداون‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫فه مت ماه ية ان سان بلتداون في عام ‪ :1953‬ف قد و جد ال خبراء الذ ين فح صوا جمجم ته‪ ،‬ان ها‬
‫حفرية مزيفة‪.‬‬

‫‪ 492‬عرض ان سان بلتداون في المتا حف طوال أربع ين عام‪ ،‬ح تى اكتشفوا أ نه مز يف‪ ،‬ك ما‬
‫زين اغلفه المنشورات " العلمية "‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫ليس هناك " خط تطور " حقيقي يمتد من القردة إلى النسان كما انه ل يمكن حتى ان يكون‬
‫قد استند على أي مستوي نظري‪.‬‬
‫نيلس الدر جي ‪ Niles Eldredge‬و ستيفن جاي جولد ‪ .Stephen Jay Gould‬ه ما عال مي‬
‫التطور الشهيران اللذان اعترفا بالتناقض القائم بين وثائق الحفريات و نظرية داروين ‪.‬‬

‫‪494‬‬
‫قبلت جمجمعة ‪ ، Sahelanthropus‬الرسعم البيانعى للتطور‪ ،‬لنهعا اظهرت خصعائص أكثعر "‬
‫انسانية " على الرغم من كونها اقدم من ألوبائي السترالي‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪495‬‬
‫تم تفسير ‪ Sahelanthropus‬باعتباره اكتشاف يدحض مزاعم نظرية داروين الخاصة بأصل‬
‫النسعان‪ ،‬و الموجودة فعي مؤسعسات الدعايعة التابععة لمؤيدي التطور و حتعى فعي المجلت‬
‫العلمية‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫ألوبائي السترالي ‪Sahelanthropus‬‬

‫‪498‬‬
‫إن اظهار النسان في فيلم ‪ Matrix‬على انه كتابة رقمية أو برنامج حاسوب هو امر ل يبعد‬
‫كثيرا عن الحقيقة‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫أفنى واطسون ‪ Watson‬و كريك ‪ Crick‬عمرهما في البحاث الخاصة بأصل ال ‪ . DNA‬و‬
‫توصل كريك‪ ،‬إلى ان أصل الحياة كان " معجزة بكل المقاييس‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫يعد قبول ادعاء مثل أن أحداث الطبيعة تولد معرفة جينية‪ ،‬معتقد خاطيء تماما‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫يع تبر عالم الحياء اللما نى هي كل هو اول من أ سس علم الج نة بش كل يتوا فق مع نظر ية‬
‫داروين‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫كان كتاب أصل النواع‪ ،‬سبب في ارتكاب هيكل أخطاء فادحة‪.‬‬
‫الر سومات و ال صور الخاطئة ال تي أعد ها هي كل ليخلق انطباع يو حي بوجود تشا به ب ين أج نة‬
‫الكائنات الحية المختلفة‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪505‬‬
‫أرنست هيكل ‪Ernest Haeckel‬‬

‫‪506‬‬
‫أثبتت صور الجنة التي التقطها عالم الحياء النجليزي ريتشارد سون ‪ Richardson‬في عام‬
‫‪ ،1999‬أن رسعومات هيكعل مزيفعة و ل تمعت للحقيقعة بأى صعلة‪ .‬يظهعر فعي الجانعب العلوي‬
‫رسومات هيكل المتخيلة‪ ،‬و قد وُضعت أسفلها الصور الحقيقية‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫تحدث ريتشادر داوكي نز ‪ Richard dawkins‬المل حد‪ ،‬في كتا بة " ال ساعاتى الع مي " الذي‬
‫ن شر في عام ‪ 1986‬في معرض حدي ثة عن الطبي عة تحدث عن " ال سمات الخاطئة "‪ .‬و قد‬
‫ظهر فيما بعد أن داوكينز اعتمد في حديثة هذا على رؤى خيالية أيضا باطلة‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫استاذ علم الحياء ميشيل دينتون ‪ Michael Denton‬و كتابه‪.‬‬

‫‪510‬‬
‫تحول شبكية العين‪ ،‬الصورة إلى اشارت اشارات عصبية‪.‬‬
‫تغذي الوردة الموجودة في تجويف العين الشبكية‪.‬‬
‫تساعد قرنية العين على تركيز الضوء‪.‬‬
‫ترتبط الشارات البصرية بوضوح الرؤية‪.‬‬
‫العدسة‪ ،‬تركز الصورة‪.‬‬
‫الصّلبة‪ ،‬هي عبارة عن بناء أبيض صلب يغلف غشاء العين الخارجي‪.‬‬
‫يدخل الضوء من الفتحة المظلمة في حبة العين‪.‬‬
‫تضبط عضلت القزحية‪ ،‬مقدار ما ينفذ من الضوء‪.‬‬
‫خلق ال سعبحانه و تعالي العيعن التعي تععد معن أعلي تجليات ابداععه سعبحانه و تعالي‪ ،‬بشكعل‬
‫يمكنها من العمل بطريقة دقيقة و فعالة للغاية‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪512‬‬
‫كانت الزائدة الدودية في ظل مستوي العلم المتدنى الذي ساد القرن التاسع عشر‪ ،‬كانت عضوا‬
‫ل وظيفة له يؤديها من أجل هذا ظنوا انها عضو " ضامر "‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫ستيفن جاي جولد ‪Stephen Jay Gould‬‬

‫‪514‬‬
‫ادعي جولد في كتابه المسمي " ابهام البندا " الذي نشر عام ‪ 1980‬ان بناء يد هذا الكائن الحي‬
‫له " تصعميم خاطيعء "‪ .‬و لكعن البحاث العلميعة الحديثعة جاءت لتثبعت بطلن هذا الدعاء و‬
‫أظهرت أيضا مدي اهمية هذه السمة عند البندا إلى حد كبير‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫اصبع البندا عملي جدا‬
‫يبحث أنصار نظرية التطور عن القصور و عدم التوافق الموجود في الطبيعة‪ .‬و ينبع ذلك من‬
‫كونهم منكرون لحقيقة الخلق‪.‬و يعتبر ادعاء ستيفن جاي جولد الخاص بإصبع البهام عند البندا‬
‫مثال على هذا‪ .‬بيد أن جولد كان مخطئا في تصوره هذا‪ .‬لن هذا الصبع العظمي ليس عيب‬
‫ك ما اد عي‪ .‬بل هو و على الع كس من ذلك تماما ي سهل الحر كة و له دوره و تأثيره في م نع‬
‫تمزق الوتار‪.‬‬
‫أظهر بحث نُشر في مجلة الطبيعة عام ‪ ،1999‬أن اصبع البهام في البندا عملي للغاية عند‬
‫النظر إلى طبيعة البيئة التي يعيش فيها هذا الحيوان‪ .‬أجري أربعة باحثين يابانيين بحثا‬
‫مشتركا استعانوا فيه بتقنيات " الرسم الطبقي بالكمبيوتر " و " رسومات الرنين المغناطيسي "‬
‫و توصلوا في النهاية إلى أن اصبع البهام في البندا يعد " احدي التقنيات التي وظّفت ببراعة‬
‫بين سائر الثدييات الخري "‪ ( .‬اندو ‪ ،Endo‬ه‪ .‬ياماجيو ‪ ،H. Yamagiwa‬د‪ .‬هاياشي ‪D.‬‬
‫‪ ،Hayashi‬ى‪ .‬ه‪ .‬كوي ‪ ،Y. H. Koie‬ه‪ .‬ياما ‪ .‬س ‪ ، H. Yamaya .Y‬كيمورا‪ .‬ج‬
‫‪ Kımura. J‬الطبيعة ‪ 1999‬ص ‪ ) 397 : 310 – 309‬يظهر أعلي رسم الكمبيوتر الذي قام‬
‫به الخبراء الذين أداروا البحث الخاص ببناء يد البندا‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫‪252‬‬
‫لورين ايسلي ‪Loren Eisley‬‬
‫ارنست ماير ‪Ernest mayr‬‬

‫‪527‬‬
‫الجن حة الزائدة في ذبابات الفاك هة البدي عة ذات الرب عة أجن حة‪ ،‬محرومة من وجود عضلت‬
‫تسعاعدها على الطيران‪ ،‬لهذا السعبب فهعي ليسعت نماذج على التطور بقدر كونهعا نماذج على‬
‫حدوث شلل اصابها‪.‬‬
‫تف سد كل انواع المعلومات الخا صة بسمات و ابن ية الكائنات الح ية نتي جة للجينات‪ ،‬و الطفرات‬
‫الحيائ ية الموجودة خف ية و كأن ها مشفرة‪ .‬بناءا على ذلك لم ي عد ج سد الكائنات الح ية مو ضع‬
‫للحديث عن اى نوع من الضافات‪.‬‬
‫نري بوضوح فعي الصعور الموجودة فعي الجانعب‪ ،‬التدميعر و التخريعب الذي احدثتعه الطفرة‬
‫الحيائية‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫علي الرغعم معن أن دارويعن حاول ان يبحعث " أصعل النواع "‪ ،‬إل انعه لم يسعتطع تفسعيرها‪.‬‬
‫فأصل النواع لم يُفسر طبقا للنظرية الدارونية‪.‬‬

‫‪530‬‬
‫عاشعت القردة على معر التاريعخ على اعتبار انهعا قردة ل أكثعر معن ذلك و ل اقعل‪ ،‬و عاش‬
‫النسان كذلك باعتباره انسان‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫ث بت من الناح ية العلم ية خ طأ ب حث لمارك ‪ ، Lamarck‬ال ا نه و على الر غم من هذا فل‬
‫زالت هناك بعض الجماعات التي تشغل اذهانها بهذه البحاث‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫اليدي المشلولة هي احدي نواتج الطفرات الحيائية‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫‪534‬‬
‫‪ Richard‬المعروف بعدائه للدار ونيعععة إلى‬ ‫توصعععل ريتشارد أوويعععن ‪Owen‬‬
‫‪ Hyracotherium‬و هو يوجد في بداية فصائل الحصان‪ .‬ال ان علماء الحفريات حاولوا فيما‬
‫بعد‪ ،‬توطيد صلة هذا الكائن الحي بنظرية التطور‪.‬‬

‫‪535‬‬
‫كان َهكْسـْلي ‪ Huxley‬المعروف ب" تبعيتعه لدارويعن "‪ ،‬أول مؤسعس لمعا عرف بسعلسل أو‬
‫فصائل الحصان‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫وُضعت فصيلة الحصان تلك مثل مثيلتها في أحد المتاحف و تم ترتيبها بشكل اعتمد بشكل‬
‫ا ساسي على الهواء و وجهات الن ظر المتحيزة للحيوانات المختل فة ال تي عا شت في أما كن و‬
‫ع صور مختلف و في أجواء جغراف ية مختل فة أيضا‪ .‬و ل ي ستند سيناريو تطور الح صان هذا‬
‫على أى وثائق حفائرية‪.‬‬

‫‪538‬‬
‫أظهرت البحاث العلميعة‪ ،‬أن ادعاءات تطور الجياد عبارة ععن اسعطورة و خرافعة ل تمعت‬
‫للحقي قة بأى صلة‪ .‬فالح صان مثله م ثل كل الكائنات الح ية الخري عاش بهيئ ته ح صانا و لم‬
‫يحدث أى تغير لها على مر التاريخ‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫بونيلري ‪ Ponileri‬منطقعة جبليعة موجودة فعي جزر اسعكتلندا الغربيعة‪ .‬تمتلك الجياد الموجودة‬
‫في هذه المنطقة قدر ًة كبيرةً على التغير لذلك تعيش اجناس الحصان اليوم بشكل مختلف تماما‬
‫من ح يث الطبي عة و الح جم‪ ,.‬و قد حاول مؤيدو نظر ية التطور الذي شكلوا سلسل الح صان‬
‫الخاطئة‪ ،‬ان يظهروا حفريات هذه الجناس المختلفة على اعتبار انها ترتيب لعملية التطور‪.‬‬
‫يعتبر حصان شتلند القزم‪ ،‬أصغر الجياد المعروفة‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪541‬‬
‫جياد اسيا المتوحشة ذات اصل منغولي‪.‬‬
‫حصان تيمور ذو أصل استرالي‪.‬‬
‫الحصان الجبلي و هو من الجناس البريطانية يعيش في بريطانيا‪.‬‬
‫جياد بيرشيرون ‪ Percheron‬ذات أصل يرجع لمنطقة نورمندي‪.‬‬
‫نوع من أردننايس ‪ Ardennais‬يعيش في شرق فرنسا‪.‬‬
‫ه‪ .‬ب‪ .‬د‪ .‬كيتّلويل ‪H. B. D. Kettlewell‬‬

‫‪545‬‬
‫كتاب ‪ Judith Hooper‬الشهير‬
‫صعور الفراشات المفلفلة الموجودة على قشور الشجار و التعي نشرت فعي كتعب علم الحياء‬
‫الدرا سية لعشرات ال سنوات هي صور لفراشات مي تة أل صقها كتلو يل بال صمغ أو شبك ها بأى‬
‫شيء على هذه الشجار‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫تقو ضت تما ما أركان أ سطورة الفراش ال تي قا مت على الكاذ يب‪ .‬و الوا قع ان ها عبارة عن‬
‫دعاية و لم يكن هناك أية قيمة علمية للمنشورات التي حاولت ان تخفي الحقيقة عن الشعب‪.‬‬

‫‪548‬‬
‫ل زال الفراش الزائف‪ ،‬موجود في متحف تاريخ الطبية‪.‬‬
‫علي الر غم من اكتشاف ان ق صة كتلو يل الخا صة ب" تطور الفراش المفل فل " ل يس ل ها أد ني‬
‫صلة بالحقي قة‪ ،‬فل زال هناك أشخاص يؤمنون بهذه الكذو بة الم ستمدة من نظر ية دارو ين و‬
‫كأنها حقيقة علمية مسلم بها‪ .‬و ل زالت تلك الصور التي تم رفعها من متحف تاريخ الطبيعة‬
‫الموجود في لندن في اكتوبر عام ‪ ،2003‬ل زالت تعرض ق صة " الفراش المفل فل في " قا عة‬
‫داروين " الموجودة في المتحف‪.‬‬
‫لندن‪ ،‬متحف تاريخ الطبيعة‬

‫‪550‬‬

‫‪139‬‬
‫أكذوبة " طائر الدينو " التي تداولتها وسائل العلم ليس لها أى اساس علمي‪.‬‬
‫( امريكا العلمية‪ ،‬آذار ‪) 2003‬‬
‫عارض عالم الطيور الشهير فيدوكيا ‪ Feduccia‬أسطورة " طائر الدينو "‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫يعت مد سيناريو مؤيدي نظر ية التطور المنا قض تماما للحقي قة و الخاص بطائر الدي نو على ان‬
‫ديناصعور ثروبود ‪ Theropod‬الذي أعتعبر حصعانا طائرا‪ ،‬أحدث عهدا بكثيعر معن الطائر‬
‫الولي الذي عرف باعتباره أقدم طائر معروف‪ .‬و بعبارة أخري‪ ،‬حينمعا ظهرت دينصعورات‬
‫ثروبود التي يزعمون انها كانت جياد طائرة‪ ،‬كانت الطيور موجودة بالفعل‪ .‬يظهر في الصور‬
‫حفرية الطائر الولي و شكله الجديد‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫حفريعة ‪ Velociraptor‬التعي يقدر عمرهعا بثمانيعن مليون عام و على الجانعب الخعر صعورة‬
‫‪ Velociraptor‬المتخيلة‪ .‬يععد ‪ Velociraptor‬احدي الحفريات التعي تقدم باعتبارهعا صعورة‬
‫انتقالية على حسب زعمهم هم في اسطورة تطور الديناصورات‪ .‬ال انه اتضح ان الراء التي‬
‫اثيرت بخ صوص هذه الحفر ية لم ت كن سوي آراء متحيزة أل قي ب ها مؤيدو نظر ية التطور‪ .‬و‬
‫يع كس الر يش الذي الظا هر في ال صورة الخيال الوا ضح لمؤيدي تلك النظر ية‪ .‬فل يو جد في‬
‫الحقيقة أى دليل يشير إلى وجود لى ريش عند هذا الكائن الحي‪.‬‬

‫‪554‬‬
‫ين ظر العلماء إلى الر يش الذي يغ طي اج سام الطيور على ا نه أ حد العضاء ال تي ت ضع حدا‬
‫فا صلً ب ين الزوا حف و ب ين هذه الكائنات‪ .‬فل يم كن أن يظ هر من ب ين الحراش يف الزوا حف‬
‫ريش الطيور المختلف تماما في بناءه عن تلك الحراشيف‪.‬‬

‫‪140‬‬

You might also like