Professional Documents
Culture Documents
1
بسم الله الرحمن الرحيم
المد ل الذي امَتنّ على عباده الؤمني ببعثة الرسول الصادق المي ،فأخرجهم به من
ظلمات الكفر والهل إل نور اليان والعلم واليقي ،وأخبهم على لسانه با كان وما يكون
إل يوم الدين ،وأنبأهم عن الدار الخرة بأكمل إيضاح وأعظم تبيي ،فمن آمن به وبا جاء به
فهو من الفلحي ،ومن كان ف ريب ما صحّ عنه فهو من الاسرين ،أحده سبحانه حدَ أوليائه
الُتّقي ،وأشكره شكر عباده الؤمني ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له اللك الق
البي ،وأشهد أن ممدًا عبده ورسوله الذي ترك أمته على النهج الواضح الستبي ،صلى ال
وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين . . .أما بعد :
فكل ما صحّ عن النب صلى ال عليه وسلم أنه أخب بوقوعه ،فاليان به واجب على كل
مسلم ،وذلك من تقيق الشهادة بأنه رسول ال ،وقد قال ال تعال َ { :ومَا يَن ِطقُ َع ِن اْلهَوَى *
إِ ْن ُهوَ ِإلّا َو ْحيٌ يُوحَى } [ النجم . ] 4 ، 3قال المام أحد رحه ال تعال " :كلما جاء عن
النب صلى ال عليه وسلم إسناد جيد ،أقررنا به ،وإذا ل نقر با جاء به الرسول صلى ال عليه
خذُوهُ
وسلم ودفعناه ورددناه ،رددنا على ال أمره ،قال ال تعال { :وَما آتا ُك ُم الرّسو ُل فَ ُ
وَما نَها ُكمْ عَ ْنهُ فَانَْتهُوا } [ الشر ، ] 7فيجب اليان بكل ما أخب به الرسول صلى ال عليه
وسلم ،وصحّ به النقل سواء أدركته عقولنا أو ل تُدركه ،فعن حذيفة رضي ال عنه قال " :
لقد خطبنا النب صلى ال عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا إل قيام الساعة إل ذكره ،عَ ِل َمهُ
َمنْ عَلِمَه َو َجهِلَ ُه َمنْ َجهِ َلهُ ،إن كنت لرى الشيء قد نسيته فأعرفه كما يعرف الرج ُل الرجلَ
إذا غاب عنه فَرآه فعرفه " [ متفق عليه ] ،وعن عمر رضي ال عنه قال " :قام فينا النب
صلى ال عليه وسلم مقاما ،فأخبنا عن بدء اللق حت دخل أهل النة منازلم وأهل النار
ظ ذلك َمنْ حَفِ َظ ُه ،وََنسَِيهُ مَ ْن َنسَِيهُ " [ أخرجه البخاري ].
منازلم َ ،حفِ َ
ونن نذكر علمات الساعة الصغرى والكبى وما يب علينا أن نعرفه عنها ،ول نقول هذا
الكلم لكي يزع الناس ،وتوقف عجلة الياة ،ويترك العمل ،ويلس الناس لينتظروا تلك
الحداث الكونية الرهيبة ،بل نقوله للعتبار والتعاظ به ،فإن ف القصص عب ،وطوب لن
اتعظ وانزجر ،واتعظ بالواعظ واعتب ،فإن فيها ذكرى لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو
شهيد .
2
إذ أنه يب على السلم أن يعمل حت قيام الساعة ،ول يلس وينتظر الرزق من السماء ،فإن
السماء ل تطر ذهبا ،وما يدل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال :قال
ت السّا َع ُة َوبِيَ ِد َأحَدِ ُك ْم َفسِيْ َلةٌ _ نلة صغية _ فإنِ
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إنْ قامَ ِ
اسْتَطَاعَ أ ْن ل َيقُو َم حَتّى َيغْ ِرسَها فَلَْي ْفعَ ْل " [ أخرجه أحد والبخاري ف الدب الفرد وصححه
اللبان ] .
وليس القصود من ذكر هذه العلمات تويف الناس ،وأن يتوقفوا عن العمل وينتظرون
حدوث القيامة ،بل القصود تنبيه الغافلي وإيقاظ النائمي لكي ل يفاجئوا بذه المور وهم
عنها غافلي .
ش ّق الْقَ َم ُر } [ القمر
ت السّا َعةُ وَان َ
واعلموا أن الساعة آتية ل ريب فيها ،قال تعال { :اقَْترَبَ ِ
ب لِلنّاسِ ِحسَاُب ُهمْ َو ُهمْ فِي َغفْ َلةٍ مّ ْعرِضُونَ * { مَا َي ْأتِيهِم مّن ذِ ْكرٍ
، ] 1وقال ال تعال { :اقَْترَ َ
ح َدثٍ ِإلّا اسْتَ َمعُوهُ َو ُهمْ يَ ْلعَبُونَ * { لَاهَِيةً قُلُوُبهُ ْم } [ النبياء . } 3-1
مّن ّرّبهِم مّ ْ
إن الساعة قريبة ،لذا ينبغي التنبه إل أن الباقي من الدنيا قليل ،بالنسبة إل ما مضى منها ،
أخرج البخاري ف صحيحه عن عبداللّه بنَ عمر رضي اللّه عنهما قال :سعت رسو َل اللّهِ صلى
ال عليه وسلم وهو قائمٌ على النب يقول " :إنا بقاؤكم فيما سلف قبلكم من المم ،كما بي
صل ِة العصر إل غروب الشمس ،أُعط َي أهلُ التورا ِة التوراةَ ،فعملوا با حت انتصف النهارُ ،
ث عجزوا ،فأعطوا قياطا قياطا ،ث أُع ِطيَ أهلُ الِنيلِ الِنيلَ ،فعملوا به حت صلة
العصر ،ث عجزوا ،فأعطوا قياطا قياطا ،ث أُعطيتم القرآنَ ،فعملتم به حت غروب
ل وأكثر أجرا ،
الشمس ،فأُعطيتم قياطي قياطي ،قال أهل التورا ِة :ربنا هؤلء أ َقلّ عم ً
وقال :هل ظلمتكم من أجرِكم من شيءٍ ؟ قالوا :ل ،فقال :فذلكَ فضلي أوتيه من أشاء " .
الكفار والفساق والفجار ،يتمتعون بذه الياة الدنيا ،وهي بالنسبة لم دار مقر ،دار حبور ،
لكنها للمسلم دار مر ،ودار عبور َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ رضي ال عنه قَالَ :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صلى
ج ُن الْ ُمؤْ ِمنِ ،وَجَّنةُ اْلكَا ِفرِ " [ أخرجه مسلم ] َ ،ع ْن خَاِلدِ ْبنِ
ال عليه وسلم " :ال ّدنْيَا سِ ْ
ي ،قَا َل :خَطَبَنَا عُتَْب ُة ْبنُ َغ ْزوَا َن ،فَحَ ِم َد ال ّلهَ َوَأثْنَىٰ عَلَ ْي ِه ُث ّم قَا َل :أَمّا َبعْ ُد َ :فإِنّ
عُمَ ْي ٍر الْ َع َدوِ ّ
صرْ ٍم َو َولّتْ حَذّا َء َ ،ولَ ْم يَ ْبقَ مِ ْنهَا إِلّ صُبَاَبةٌ كَصُبَابَ ِة الِنَا ِء ،يَتَصَابّهَا صَاحِبُهَا ،
ت بِ ُ
الدّنْيَا َقدْ آ َذنَ ْ
ض َرِتكُ ْم َ ،فإِّن ُه َقدْ ذُ ِك َر لَنَا أَنّ
َوِإنّ ُكمْ مُنَْتقِلُو َن مِ ْنهَا ِإلَ ٰى دَا ٍر لَ َزوَالَ َلهَا ،فَانَْتقِلُوا بِخَ ْي ِر مَا بِحَ ْ
3
ج َر يُ ْل َقىٰ ِم ْن شَ َف ِة جَهَّن َم ،فََيهْوِي فِيهَا سَ ْبعِيَ عَاما َل ُيدْرِ ُك َلهَا َقعْرا َ ،ووَال ّلهِ لَتُ ْملَنّ ،
الْحَ َ
ي سَنَ ًة َ ،ولََيأْتَِينّ
ي ُة أَ ْرَبعِ َ
صرَاعَ ْينِ ِم ْن مَصَارِيعِ الْجَّن ِة َمسِ َ
َأ َفعَجِبُْتمْ ؟ َوَلقَ ْد ذُ ِكرَ لَنَا أَ ّن مَا بَ ْي َن مِ ْ
ظ ِمنَ ال ّزحَا ِم َ ،وَلقَدْ َرَأيْتُنِي سَابِعَ سَبْ َعةٍ مَعَ َرسُولِ ال ّلهِ صلى ال عليه
عَلَيْه َيوْ ٌم َوهُوَ كَظِي ٌ
ش َققُْتهَا بَيْنِي َوبَ ْينَ
ت ُب ْر َدةً َف َ
ت أَ ْشدَاقُنَا ،فَالَْتقَطْ ُ
ج ِر ،حَّتىٰ َق ِرحَ ْ
ق الشّ َ
وسلم ،مَا لَنَا َطعَا ٌم ِإ ّل وَرَ ُ
ح الَْيوْمَ مِنّا َأحَ ٌد ِإلّ أَصَْبحَ
صبَ َ
صفِهَا ،فَمَا أَ ْ
ص ِفهَا ،وَاّتزَ َر سَ ْع ٌد بِنِ ْ
ت بِنِ ْ
َس ْعدِ ْب ِن مَاِلكٍ ،فَاّتزَرْ ُ
صغِيا ،
صرٍ ِمنَ ا َلمْصَارِ َ ،وِإنّي أَعُوذُ بِال ّلهِ أَ ْن أَكُو َن فِي َن ْفسِي عَظِيما وَعِ ْندَ ال ّلهِ َ
َأمِيا عَ َلىٰ مِ ْ
ج ّربُونَ
ت ،حَتّ ٰى يَكُونَ آ ِخرُ عَاقِبَِتهَا مُلْكا َ ،فسَتَخُْبرُو َن وَتُ َ
خ ْ
ط إِ ّل تَنَاسَ َ
َوِإنّهَا لَ ْم َتكُ ْن نُُب ّوةٌ َق ّ
ا ُلمَرَا َء َبعْ َدنَا " [ أخرجه مسلم ] ،قال تعال ِ { :إّنهُ ْم َيرَ ْوَنهُ َبعِيدًا * َوَنرَاهُ َقرِيبًا } [ العارج
. ] 7-6
هذه هي الدنيا أخوة اليان ،ل تدوم لحد ،فهي مرتلة ،وكل يوم تفجع الناس بوت قريب
أو حبب أو صديق ،فلبد من التعاظ ،وأخذ العبة واليطة ،فهي غدارة ماكرة ،ل تترك
لذي لب لبه ،ول لذي عقل عقله ،من تبعها هلك وغوى ،ومن تركها ،فاز ونا ،وما هي
إل أيام وسويعات ث يغادر كل من عليها إل حساب رب جبار شديد العقاب ،قال تعال :
ض مِمّا َيأْ ُكلُ النّاسُ
ط ِبهِ نَبَاتُ الَرْ ِ
{ ِإنّمَا مََث ُل الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َكمَاء أَن َزلْنَاهُ ِم َن السّمَا ِء فَاخْتَلَ َ
ت وَ َظ ّن َأهْلُهَا َأنّ ُهمْ قَادِرُونَ عَلَ ْيهَا َأتَاهَا َأ ْمرُنَا لَيْلً
وَا َلْنعَا ُم حَّت َى ِإذَا أَ َخ َذتِ الَرْضُ ُز ْخ ُرفَهَا وَا ّزيّنَ ْ
صلُ اليَاتِ ِل َقوْ ٍم يََتفَ ّكرُونَ } [ يونس
جعَلْنَاهَا حَصِيدا َكأَن ّلمْ َت ْغنَ بِالَمْسِ َك َذِلكَ ُنفَ ّ
َأوْ نَهَارا فَ َ
ض ِربْ َلهُم مَّثلَ الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َكمَاء أَن َزلْنَاهُ ِم َن السّمَاءِ
، ] 24وقال سبحانه وتعال { :وَا ْ
ح َهشِيما َتذْرُو ُه ال ّريَاحُ وَكَا َن ال ّلهُ عَلَى ُك ّل َشيْ ٍء ّمقْتَدِرا }
ض َفأَصْبَ َ
ط ِبهِ نَبَاتُ اْلأَرْ ِ
فَاخْتَلَ َ
[ الكهف . ] 45
وكم من الناس من لزم الدنيا وخطب ودها ،ورام حطامها ،ورغب ف زخرفها ،وجع مالا ،
ث مات وتركها ،فهو ياسب على ما جن منها ،عن أَب ُه َريْ َرةَ رضي ال عنه قالَ :قالَ َرسُولُ
ف َيوْ ٍم َ ،وهُوَ
ال صلى ال عليه وسلم َ " :يدْ ُخلُ ُف َقرَا ِء الُسْلِ ِم َن الْجَّن َة قَ ْبلَ ْالَغْنَِياَ ِء بِنِصْ ِ
ح ،وأخرجه غيه ] .
خَ ْمسُمَاَئةِ عَا ٍم " [ أخرجه الترمذي وقال :حديثٌ حسنٌ صحي ٌ
4
فوائد تعلم أشراط الساعة :
-1تديد اليان بال ورسوله ،وذلك من اعتبارنا بدلئل النبوة الدالة على ربوبية ال من جهة
،وصدق نبوة ممد صلى ال عليه وسلم من جهة أخرى .
-2السارعة إل التوبة والنابة إل ال تعال ,حيث أن الوت والساعة ل تأتى إل بغتة ،قال
تعال َ { :يسَْألُوَنكَ َعنْ السّا َعةِ أَيّا َن ُمرْسَاهَا ُقلْ ِإنّمَا عِلْ ُمهَا عِ ْندَ َربّي لَا يُجَلّيهَا لِ َوقِْتهَا ِإلّا ُهوَ
ض لَا َتأْتِي ُكمْ ِإلّا َبغَْتةً } [ العراف . ] 187
ت فِي السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ
َثقُلَ ْ
-3البادرة باليان والعمل الصال لنا ستكون فت كقطع الليل الظلم ،كإمارة السفاء ،
وكثرة الشُرط ،والستخفاف بالدم ،وكثرة الرج ،وفشو الزنا والعياذ بال تعال ،وهى فت
تتاج إل الصب واللم والعلم ،والعتصام ببل ال التي .
-4القامة والصابرة على اليان والعلم والتعلم والعمل الصال ,والتزود بالتقوى مافة
النكوص على العقبي بعد الداية ،وحت ل نكون من يصبح مؤمنا ويسى كافرا _ والعياذ بال
_.
-5عدم الركون إل الدنيا ،لسيما وقد حان الرحيل ،ودنت الجال ،وقد كثر موت الفجأة
بسبب الوادث ،والسرعة الفرطة ،والتهور القيادي الواضح ،والمراض الهلكة
الستعصية ،نظرا للبعد عن ال تعال ،وعن منهجه القوي ،وصراطه الستقيم ،وعدم اتباع
جعَلُوا دُعَاء الرّسُو ِل بَيَْنكُمْ َكدُعَاء
سنة الصطفى صلى ال عليه وسلم ،قال تعال { :لَا تَ ْ
حذَرِ اّلذِينَ يُخَاِلفُونَ َع ْن َأ ْم ِرهِ أَن
ضكُم َبعْضا َقدْ يَعْ َل ُم اللّ ُه الّذِينَ يََتسَلّلُو َن مِنكُ ْم ِلوَاذا فَلَْي ْ
َبعْ ِ
تُصِيَب ُه ْم فِتَْنةٌ َأ ْو يُصِيَبهُمْ َعذَابٌ َألِيمٌ } [ النور . ] 63
-6العلم القطعي اليقين بأن الدنيا فانية ،ول يبق منها إل القليل ،وليس ف العمر إل أقل ما
مضى ،فأعمار الناس ف تناقص ،عَن أَب ُه َريْ َرةَ رضي ال عنه قَالَ :قالَ َرسُولُ ال صلى ال
ي َ ،وَأقَّلهُ ْم َمنْ َيجُوزُ َذِلكَ " [ أخرجه
ي إل السَبْعِ َ
عليه وسلم " :أَ ْعمَا ُر أُمّتِي مَا بَ ْينَ السّتّ َ
الترمذي وابن ماجة وابن حبان وغيهم ] .
5
لا سبق ذكره من أسباب وغيها ،فنحن نتعلم علمات الساعة ،وندرسها ،ونعلمها للناس ،
حت يكونوا على استعداد للقاء ال تعال ،والتصديق الازم بأن يوم القيامة تسبقه أمارات
وعلمات ،وأنه قادم ل مالة ،فنسال ال السلمة .
6
بعثة النب صلى ال عليه وسلم ،عن سهل بن سَعد السا ِعدِي رضي ال عنه قال :قال رسولُ
ال صلى ال عليه وسلم " :بُعثتُ أنا والساعة كَهاتي ،وقرَ َن بي السبّاب ِة والوُسطَى " [ متفق
عليه ] .
سمِ السّا َعةِ " [ أخرجه الاكم ،وصححه
ت فِي َن َ
وقا َل النّبِيّ صلى ال عليه وسلم ُ " :بعِثْ ُ
اللبان ف صحيح الامع ] ،ونسم الساعة هو :من النسم ،أي أول هبوب الريح الضعيفة ،
فل نب بعده صلى ال عليه وسلم وإنا بعده القيامة .
ي وَكَا َن اللّهُ
ح ّمدٌ أَبَا أَ َحدٍ مّن ّرجَالِ ُكمْ َوَلكِن ّرسُو َل اللّ ِه وَخَاتَ َم النّبِيّ َ
قال ال تعال { :مّا كَا َن مُ َ
ِب ُكلّ َشيْءٍ عَلِيمًا} [ الحزاب . ] 40
إذن بعثة النب صلى ال عليه وسلم دليل على قرب وقوع القيامة ،وهي شرط من أشراط
الساعة الصغرى ،وقد ظهرت هذه العلمة وانتهت .
وبعثة النب صلى ال عليه وسلم كانت رحة للعالي ،بعد أن كانت المم تغط ف جهل
سحيق ،يتخللها الوف والضيق ،ل تدين بدين ،إل بقايا من أهل الكتاب ،وإل فكل
الشعوب تسيطر عليها الوثنية واليهودية والنصرانية الزيفة الحرفة ،انتشرت عبادة الوثان
والصنام ،والنار واللئكة والن ،وغي ذلك من أنواع الكفر بال تعال .
فرحم ال البشرية ،حيث أرسل لا أفضل البية ،برسالة سامية ،عادلة ،واضحة ل لبس فيها
،لتنسخ ما قبلها من الرسائل السماوية الحرفة ،فجاء السلم دينا قيما ،دينا رضيه ال
لعباده ،ول يقبل منهم دينا غيه ،قال تعال َ { :ومَن يَبْتَغِ غَ ْيرَ ا ِلسْلَ ِم دِينا فَلَن ُيقَْبلَ مِنْ ُه َوهُوَ
فِي الخِ َر ِة ِمنَ الْخَا ِسرِينَ } [ آل عمران . ] 85
سرُو َن } [ البقرة ، ] 121وقال تعال :
ـِـِكَ ُه ُم ٱلْخَ ٰ
وقال تعال { :وَمن َي ْك ُفرْ ِبهِ فَأُؤلَـٰۤﯩ ٕ
ب فَٱلنّا ُر َموْ ِع ُدهُ ۥ ۚ } [ هود . ] 17
{ َومَن َيكْ ُف ْر ِبهِ ۦ ِمنَ ٱل ْحزَا ِ
و َع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ رضي ال عنه َ ،عنْ َرسُو ِل ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ " :وَاّلذِي َنفْسُ
صرَاِنيّ ،ثُ ّم يَمُوتُ َوَلمْ ُي ْؤمِنْ
ي َولَ نَ ْ
ح ّمدٍ بَِي ِد ِه ،لَ َيسْ َم ُع بِي َأحَ ٌد ِمنْ ٰه ِذهِ ا ُل ّمةِ َ ،يهُودِ ّ
مُ َ
ت بِ ِه ِ ،إلّ كَا َن ِم ْن أَصْحَابِ النّا ِر " [ أخرجه مسلم ] .
بِالّذِي أُ ْرسِلْ ُ
7
وعن جابر بن عبد ال رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ُ . . . " :بعِثْتُ
ت إِل النّاسِ عَا ّمةً . . .
ص ًة َ ،وبُعِثْ ُ
ث إلَى َقوْ ِم ِه خَا ّ
إِل أَلحْ َمرِ َوأَل ْس َودِ ،وَكا َن النّبِ ّي إنّما يُ ْبعَ ُ
" [ أخرجه أحد بإسناد صحيح على شرط الشيخي . 22/165 ،الرسالة ،وأخرجه غيه ] .
وهذا الدين العظيم ،دين السلم ،جاء به النب _ صلى ال عليه وسلم _ من عند ربه ،وأُمر
بتبليغه للعالي كافة ،إنسهم وجنهم ،ممد بن عبد ال _ صلوات رب وسلمه عليه _ وهو
آخر النبياء وخاتهم ،إذ ل نب بعده ،قال تعال { :مّا كَا َن مُحَ ّم ٌد َأبَا َأ َحدٍ مّن ّرجَاِلكُمْ
ي وَكَا َن اللّ ُه ِبكُ ّل شَيْءٍ عَلِيما } [ الحزاب . ] 40
َولَكِن ّرسُولَ ال ّل ِه وَخَاتَ َم النّبِيّ َ
فأخرج ال بذا النب الكري ،جيع الناس من الظلمات إل النور ،ومن الهل إل العلم ،
وأخرج الناس من عبادة العباد ،إل عبادة رب العباد ،فكانت بعثته بق نورا أضاء قلوب
البشرية جعاء ،أنقذتم من النار ،وسلكت لم طرقا إل النة ،فاللهم صل وسلم وزد وبارك
على حبيبنا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا ممد النب الاشي القرشي ،فلقد كانت بعثته بق نعمة
مسداة ،ورحة مهداة للنس والن كافة ،إل من رضي بالنار قرارا ومكانا ،عن أب هريرة
رضي ال عنه ،أن رسولَ اللّه صلى ال عليه وسلم قال " :ك ّل أمت يَدخلونَ النة إل من أب
" قالوا :يا رسو َل اللّه ومن يأب ؟ قال " :من أطاعن دخ َل النة ،ومن عصان فقد أب
" [ أخرجه البخاري ] .
8
وعندما حانت ساعة وفاة البيب صلى ال عليه وسلم ،دخل عليه جبيل عليه السلم وقال :
" ملك الوت بالباب ،ويستأذن أن يدخل عليك ،وما استأذن من أحد قبلك " ،فقال له " :
إذن له يا جبيل " ،ودخل ملك الوت وقال " :السلم عليك يا رسول ال ،أرسلن ال
أخيك بي البقاء ف الدنيا ،وبي أن تلحق بال " فقال النب " :بل الرفيق العلى ،بل الرفيق
العلى ،فوقف ملك الوت عند رأس النب صلى ال عليه وسلم _ كما سيقف عند رأس كل
واحد منا _ فتقول عائشة رضي ال عنها " :فسقطت يد النب وثقل رأسه على صدري فقد
علمت أنه قد مات " ،وتقول " :ما أدري ما أفعل فما كان من إل أن خرجت من حجرت إل
السجد حيث الصحابة وقلت :مات رسول ال ،مات رسول ال ،مات رسول ال ،فأنفجر
السجد بالبكاء ،فهذا علي بن أب طالب أُقعد من هول الب ،وهذا عثمان بن عفان كالصب
يأخذ بيده يينا ويسارا ،وهذا عمر بن الطاب رضي ال عنه قال " :إن قال أحد أنه قد مات
سأقطع رأسه بسيفي ،إنا ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه " .
وكان أثبت الناس وأربطهم جأشا ،فهو الليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي ال عنه ،عن
عائشة رضي ال عنها قالت " :أن أبا بكر دخل على النبّ صلى ال عليه وسلم بعد وفاته ،
فوضع فمه بي عينيه ،ووضع يديه على صدغيه وقال :وانبياه ،واخليله ،واصفيّاه "
[ أخرجه أحد ] .
وقالت رضي ال عنها :ث جاء أَبو بكر فرفعت الـحجاب ،فنظر إلـيه ،فقال :إنا ل وإنا
إلـيه راجعون ،مات رسول ال صلى ال عليه وسلم .ث أتاه من قبل رأسه فحدر فـاه فقبّل
جبهته ،ث قال :وانبـياه ،ث رفع رأسه فحدر فـاه وقبّل جبهته ث قال :واصفـياه ث رفع
رأسه وحدر فـاه وقبّل جبهته وقال :واخـلـيله ،مات رسول ال صلى ال عليه وسلم
وخرج إِلـى الـمسجد وعمر يطب الناس ويتكلّـم ويقول :إن رسول ال ل يـموت
حتـى يُفنـي ال الـمنافقـي .فتكلّـم أَبو بكر ،فحمد ال وأثن علـيه ،ث قال :إن ال
يقول { إنك ميت وإنم ميتون } [ الزمر ] 30حتـى فرغ من الية ،ث قرأ { :وما
ت أَو قُتل انْقلبتـمُ علـى أعقابِكم
ت من قبله الرس ُل أَفـإ ْن ما َ
مـحمّد إِل رسول قد خـل ْ
و َمنْ ينقلبُ علـى عقبـيه } [ آل عمران ] 144حتـى فرغ من الية ،ث قال :فمن
كان يعبد ال فإن ال حيّ ل يـموت ،ومن كان يعبد مـحمّدا فإن مـحمّدا قد مات ،فقال
9
عمر :أَو إنا فـي كتاب ال ؟ ما شعرت أنا فـي كتاب ال ،ث قال عمر :يا أيها الناس هذا
أَبو بكر ،وهو ذو أسبقـية الـمسلـمي فبـايعوه ،فبـايعوه [ أخرجه الترمذي ] .
وعن عائشةَ رضي ال عنها قالت :كان رسولُ ال صلى ال عليه وسلم يقول وهو صحيحٌ :
إنه ل يُقبضْ نبّ قط حت يرى مَقعدَه من النّة ث يُخي ،فلما َنزَل به ورأسه على فخذي ،غُشيَ
ت :إِذا ل
ف ث قال " :اللهم الرفيقَ العلىٰ " قل ُ
ص بَصرَه إل السّق ِ
عليه ساع ًة ث أفاق ،فأشخَ َ
يَختارُنا ،وعرَفتُ أنه الديثُ الذي كان يدّثنا به ،قالت :فكانت تلك آخرَ كلم ٍة تكلمَ با
النبّ صلى ال عليه وسلم قوله :اللهم الرفي َق العلى " [ متفق عليه ] .
إن موت النب صلى ال عليه وسلم علمة من علمات قرب الساعة ،لقد كان موت النب
صلى ال عليه وسلم قاصمة الظهر ،ومن أعظم الصائب الت وقعت على السلمي ،فقد
أظلمت الدنيا ف عيون الصحابة رضي ال عنهم ،عندما مات عليه الصلة والسلم ،عَن َأنَسِ
ب ِن مَاِلكٍ رضي ال عنه قال " :لَمّا كانَ الَيوْ ُم اّلذِي َد َخلَ فِيهِ َرسُولُ ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم
ا َلدِيَن َة ،أَضَا َء مِ ْنهَا ُك ّل َشيْ ٍء ،فَلَمّا كَا َن اليَوْ ُم اّلذِي مَاتَ فِي ِه ،أَظْ َل َم مِ ْنهَا ُك ّل شَيْ ٍء ،ومَا
َنفَضْنَا عَن َرسُولِ ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم الَْيدِي ،وَإنّا َلفِي َدفِْنهِ حَتّى أْن َكرْنَا قُلُوبَنَا "
[ أخرجه أحد والترمذي وابن ماجة ،وقال أبو عيسى :هَذَا حَدِيثٌ صحيحٌ غَريب " .
قال ابن حجر رحه ال " :يريد أنم وجدوها _ قلوبم _ تغيّرت عمّا عهدوه ف حياته من
اللفة والصفاء والرقة ،لفقدان ما كان يدهم به من التعليم والتأديب " .
بوت النب صلى ال عليه وسلم انقطع الوحي من السماء ،وكما قال القرطب رحه ال " :
أول أمر دهم السلم ،وفاة النبوة ،وكان أول ظهور الشر ،بارتداد العرب ،وكان موته
أول انقطاع الي وأول نقصانه " .
10
الصفرِ فيَغدِرون ،فيأتونَكم تت ثانيَ غايةً ،تت كلّ غاي ٍة اثنا عشر ألفا " [ أخرجه
البخاري ] ،وهذا الشرط قد حدث ف عهد عمر بن الطاب رضي ال عنه سنة 36هـ .
لا أدرك السلمون الوائل أهية بيت القدس ،وأنه أول القبلتي ،وثالث الساجد الت تُشد
إليها الرحال ،ولا أيقنوا بأهية بيت القدس ،وأنه أسري بالنب صلى ال عليه وسلم إليه ،
ومنه عُرج به إل السماء ،وفيه أمّ النب عليه الصلة والسلم النبياء عليهم أفضل الصلة
والسلم ،ولا يتميز به بيت القدس من موقع جغراف هام ،لا أدركوا ذلك عزموا على تطهيه
من قوى الشرك الت سيطرت عليه إبان ذاك ،فتم فتح بيت القدس ف عهد الليفة الراشد
عمر بن الطاب رضي ال عنه ،وت الفتح بدون قتال ،حيث قبل الصليبيون بالصلح على أن
يضر الليفة عمر هذا الصلح ،فسار حت وصل بيت القدس ،فصال النصارى على إخراج
الروم خلل ثلثة أيام ث دخل السجد من حيث دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم
السراء ،وصلى فيه مع السلمي .
وهكذا بقي بيت القدس تت الكم السلمي إل العهد العباسي ،فلما دب الضعف ف تلك
الدولة بسبب التفكك والفت السياسية ،ما جعل الفاطميي يثنون رقابم للصليبي ،وتعاونوا
معهم للقضاء على السلجقة والدولة العباسية ،لنم كانوا يعتبونم أعدا ًء لم ،ولكن غدر
بم الصليبيون ،فسيطروا على القدس ،وقاموا بعمليات ومذابح ومازر بشعة ف كل الدن الت
فتحوها ،ول يفرقوا بي أحد ،وقد بلغت تلك الجازر أوجها وذروتا ف القدس نفسها ،حيث
قتلوا السلمي وقطعوا أطرافهم ،وألقوهم على السوار ،وت سقوط القدس ف يد الصليبي
عام 492هـ وبقي حت عام 583هـ .
واستمر الصليبيون على عزل مصر والشام حت ل تتمع قوى السلم ضدها ،حت هيأ ال
ل مغوارا عمل على توحيد اليوش السلمية تت راية واحدة ،أل وهو البطل
للمة رجلً بط ً
صلح الدين اليوب رحه ال ،حيث انطلق لعملية الفتح السلمي ،وبعد معركة حطي توجه
نو عسقلن ،ومنها إل القدس وفرض عليها حصارا قويا ،اضطر معه الصليبيون إل
الستسلم وذلك ف عام 853هـ ،فتم فتح بيت القدس على يد ذلك البطل الشجاع ،
ولكن بعد موته دب اللف والفرقة بي السلمي حت سلمت القدس للصليبي مرتي دون
قتال ،دامت الرة الول عشر سنوات ،ودامت الرة الثانية سنة واحدة .
11
ث وقعت القدس تت طائلة الكم البيطان عقب الرب العالية الول ،وهكذا وقعت
فلسطي تت الكم اليهودي منذ عام 1367هـ ،وحت يومنا هذا ،فنسأل ال تعال أن يهيأ
ل يقودها لستعادة مدها التليد ،وعزها الجيد ،وليس ذلك على ال ببعيد .
للمة رج ً
12
يزع ،لن المر كله ل ،فال قضى على لسان رسوله صلى ال عليه وسلم ،بأن ل يرج
أحد من أرض أصابا الوباء خوفا منه ،والوباء والرض يدخل فيه الطاعون وغيه من
المراض ،لن الطاعون كان معروفا آنذاك ،وهو مرض خطي ومعد ،يقتل آلف البشر
ويفتك بم ،فمن أيقن أن ذلك قضاء من ال ،وجب عليه الصب والحتساب ف ذلك ،وله
ت َ :سأَلْتُ
شةَ َرضِي اللّه عَ ْنهَا حيث قَالَ ْ
أجر شهيد كما جاء ذلك مصرحا به ف حديث عَاِئ َ
ب يَ ْبعَُثهُ ال ّلهُ عَلَى َمنْ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ َع ِن الطّاعُونِ ؟ فََأخَْبرَنِي " :أَّنهُ َعذَا ٌ
ث فِي بَ َل ِدهِ صَاِبرًا
س ِم ْن أَ َح ٍد َيقَعُ الطّاعُو ُن فَيَ ْمكُ ُ
ي ،لَيْ َ
َيشَا ُء َ ،وأَنّ ال ّلهَ جَعَ َلهُ َرحْ َمةً لِلْ ُم ْؤمِنِ َ
ب ال ّل ُه لَ ُه ِ ،إلّا كَا َن َل ُه مِ ْثلُ َأ ْجرِ َشهِيدٍ " [ أخرجه
مُحَْتسِبًا َيعْ َلمُ َأّنهُ لَا يُصِيُبهُ ِإلّا مَا كَتَ َ
البخاري ] .
ولا أراد عمر بن الطاب رضي ال عنه دخول الشام وعلم أن با الطاعون ،توقف فلم يدخلها
س أَنّ عُ َم َر ْبنَ
،لنه أذعن لمر النب صلى ال عليه وسلم ف ذلك ،ف َعنْ عَ ْبدِاللّ ِه ْبنِ عَبّا ٍ
سرْغَ ـ مكان بقرب تبوك يبعد عن
شأْمِ حَتّى ِإذَا كَا َن ِب َ
الْخَطّابِ رَضِي اللّه عَنْه َخرَجَ ِإلَى ال ّ
الدينة ثلث عشرة مرحلة وهي مسية ستة أيام بلياليها على البل ـ َلقَِيهُ ُأ َمرَا ُء اْلأَجْنَادِ :أَبُو
س َ :فقَالَ
شأْ ِم ،قَا َل ابْنُ عَبّا ٍ
جرّاحِ َوأَصْحَاُبهُ َ ،فَأخَْبرُو ُه أَنّ اْل َوبَا َء َق ْد َوقَ َع ِبأَرْضِ ال ّ
عُبَ ْي َدةَ ْب ُن الْ َ
ع لِي الْ ُمهَا ِجرِي َن الَْأوّلِيَ ،فَدَعَا ُهمْ ،فَاسَْتشَا َر ُهمْ َوَأخْبَ َر ُهمْ أَ ّن اْلوَبَا َء َقدْ َوقَ َع بِالشّأْمِ ،
عُ َم ُر :ادْ ُ
ك بَقِّيةُ
ضهُ ْم َ :قدْ َخ َرجْتَ ِلَأ ْمرٍ َولَا َنرَى أَ ْن َترْجِعَ عَ ْن ُه َ ،وقَا َل َبعْضُ ُه ْم َ :معَ َ
فَاخْتَلَفُوا َ ،فقَا َل َبعْ ُ
النّاسِ َ ،وأَصْحَابُ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َ ،ولَا َنرَى أَ ْن ُت ْقدِ َم ُهمْ عَلَى َهذَا اْلوَبَاءِ ،
ع لِي اْلَأنْصَارَ َ ،فدَ َع ْوُتهُ ْم ،فَاسَْتشَا َرهُ ْم َ ،فسَلَكُوا سَبِيلَ
َفقَالَ :ا ْرَتفِعُوا عَنّي ُ ،ثمّ قَالَ :ادْ ُ
الْ ُمهَا ِجرِي َن ،وَاخْتَ َلفُوا كَاخْتِلَا ِف ِهمْ َ ،فقَالَ :ا ْرَتفِعُوا عَنّي ُ ،ث ّم قَا َل :ادْعُ لِي َمنْ كَا َن هَاهُنَا ِمنْ
ف مِ ْن ُهمْ عَلَ ْيهِ َرجُلَانِ َ ،فقَالُوا َ :نرَى
ح َ ،فدَ َعوُْت ُهمْ ،فَ َل ْم يَخْتَلِ ْ
خ ِة ُق َريْشٍ ِ ،م ْن ُمهَا ِج َرةِ اْلفَتْ ِ
َمشْيَ َ
أَ ْن َت ْرجِعَ بِالنّاسِ َ ،ولَا ُت ْقدِ َم ُهمْ عَلَى َهذَا اْل َوبَا ِء ،فَنَادَى عُ َم ُر فِي النّاسِ ِ :إنّي مُصَبّحٌ عَلَى َظ ْهرٍ ،
ح َ :أ ِفرَارًا ِمنْ َقدَ ِر ال ّلهِ َ ،فقَالَ ُع َمرُ َ :لوْ غَ ْيرُ َك قَاَلهَا يَا
جرّا ِ
َفأَصْبِحُوا عَلَ ْي ِه ،قَا َل َأبُو عَُب ْي َدةَ ْب ُن الْ َ
ت وَا ِديًا َلهُ
ت َلوْ كَا َن َلكَ ِإِب ٌل هَبَطَ ْ
َأبَا عُبَ ْي َدةَ ؟ َنعَ ْم َ ,ن ِفرّ ِم ْن َقدَرِ ال ّلهِ ،إِلَى َقدَ ِر ال ّلهِ ،أَ َرَأيْ َ
ت الْخَصَْبةَ رَعَيَْتهَا ِبقَدَ ِر ال ّلهِ َ ،وإِنْ
س إِنْ رَ َعيْ َ
ُعدْ َوتَانِ ِ ،إ ْحدَاهُمَا خَصِبَ ٌة ،وَاْلُأخْرَى جَ ْدَبةٌ َ ،ألَيْ َ
ج ْدبَةَ رَ َعيَْتهَا ِب َقدَرِ ال ّلهِ ،قَالَ :فَجَاءَ عَ ْبدُالرّحْ َم ِن ْبنُ َعوْفٍ ،وَكَا َن مَُتغَيّبًا فِي َبعْضِ
ت الْ َ
َرعَيْ َ
13
حَاجَِت ِه َ ،فقَالَ :إِنّ عِ ْندِي فِي هَذَا عِلْمًا سَ ِمعْتُ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َيقُو ُل ِ " :إذَا
خرُجُوا ِفرَارًا مِ ْن ُه " ،قَالَ :
ض َوأَنُْت ْم ِبهَا فَلَا تَ ْ
ض فَلَا َت ْق َدمُوا عَلَ ْي ِه ،وَِإذَا َوقَ َع ِبأَرْ ٍ
سَ ِمعُْتمْ بِ ِه ِبأَرْ ٍ
ف " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .ول يدخل رضي ال عنه على
صرَ َ
ح ِمدَ ال ّلهَ عُ َم ُر ُثمّ انْ َ
فَ َ
أرض الوباء خوفا من فتكه بالسلمي ،وهكذا يب على كل مسلم إذا عرف بوجود مرض
خطي ف بلد ما ،أل يقدم عليها لئل يلقي بنفسه ومن معه إل التهلكة .
قال ابن حجر رحه ال " :وليس ذاك من باب الطية أو التشاؤم ،بل من باب عدم إلقاء
النفس إل التهلكة " [ الفتح . ] 230 / 10
وقد جاء عن عمر رضي ال عنه أنه ندم على عودته من أرض الشام إل الدينة ،وكان يقول :
" اللهم اغفر ل رجوعي من َسرْغ " [ أخرجه ابن أب شيبة بسند جيد ] ،وقد أجاب العلماء
عن قول عمر هذا بأقوال :
الول :أن النهي ف الديث عن القدوم على أرض الوباء ني تنيه ،وأن القدوم جائزا لن
غلب عليه التوكل ،كما حكاه البغوي ف شرح السنة ،لكن يُجاب عن ذلك بأن النهي ف
الديث للتحري ول صارف له عنه .
الثان :أن سبب ندمه أنه خرج بالسلمي وحصلت لم الشقة ،فلو عسكر بم خارج أرض
ل فقد ارتفع الطاعون من أرض الشام بعد مدة قصية ،فندم
الوباء ،فلما ارتفع دخلها ،وفع ً
ل لكان أول من رجوعه إل الدينة
عمر رضي ال عنه لجل ذلك ،فكأنه رأى لو أنه انتظر قلي ً
باليش ،خصوصا وأن الديث ورد بالنهي عن القدوم على أرض الطاعون ،وليس
بالرجوع ،وقد ورد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال :قال عمر " :اللهم إن الناس قد نلون
ثلثا ،أنا أبرأ إليك منهن :زعموا أن فررت من الطاعون ،وأنا أبرأ إليك من ذلك "
[ أخرجه الطحاوي وصحح سنده الافظ بن حجر ف الفتح . ] 231 / 10
وقد جاء الوعيد لن خرج من أرض الطاعون بعد علمه بذلك ،ففي حديث لعائشة رضي ال
عنها وفيه . . . " :قلت :يا رسول ال ! فما الطاعون ؟ قال " :غدة كغدة البل ،القيم فيها
كالشهيد ،والفار منها كالفار من الزحف " [ أخرجه أحد بسند حسن .الفتح / 10
. ] 231
وينقسم الروج من أرض الرض والوباء إل ثلثة أقسام :
14
القسم الول /الروج لقصد الفرار منه :وهذا منهي عنه للحديث السابق .
القسم الثان /الروج بدون علم وجود الرض :كمن كان على أهبة النتقال من بلد إل بلد
آخر ،ول يسمع بوجود الرض ،فلما سع به استمر على النتقال ل فرارا منه ،فهذا يوز له
أن ينتقل .
القسم الثالث /من كان له حاجة وهو يعلم بوجود الطاعون :فخرج من أجل الاجة وفرارا
من الطاعون ،فهذا فيه خلف بي العلماء ،والصحيح :أنه ل يرج .
واتفق العلماء على جواز الروج بشغل وغرض غي الفرار [ الوسوعة الفقهية 332 / 28
].
وقد ذكر النووي رحه ال تعال أن الطاعون قد أصاب السلمي ف أزمنة متعددة ،منها :
-1طاعون شيويه بالدائن ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم سنة ست من الجرة .
-2طاعون عمواس بالشام ف عهد عمر بن الطاب رضي ال عنه ومات فيه أبو عبيدة عامر
بن الراح رضي ال عنه ،وخلق كثي من الصحابة رضوان ال عليهم أجعي ،وكان عدد
الوتى خسة وعشرين ألفا .
-3الطاعون الذي وقع ف زمن ابن الزبي ف شوال سنة تسع وستي ،ومات ف خلل ثلثة
أيام ف كل يوم منها سبعون ألفا ،ومات فيه لنس بن مالك رضي ال عنه ثلثة وثانون ابنا ،
ومات لعبد الرحن بن أب بكرة أربعون ابنا .
-4طاعون الفتيات ،وسي بذلك لنه بدأ بالعذارى ،ويقال له :طاعون الشراف :لكثرة
من مات فيه من الشراف ،وكان ذلك الطاعون سنة سبع وثاني ،ووقع بالبصرة والكوفة
والشام وواسط ،ومات فيه خلق كثي .
-5طاعون الكوفة ،سنة خسي للهجرة ،ومات فيه الغية بن شعبة رضي ال عنه .
-6طاعون سنة مائة وإحدى وثلثي ،وبدأ ف رجب واشتد ف رمضان ،وكان يصى ف
سكك الَ ْربَد كل يوم ألف جنازة ،ث خف ف شوال [ .الذكار . ] 224
وهناك بشرى لسكان مدينة رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه ل يدخلها مرض خطي ،فهي
مروسة بلئكة الرحن جل وعل ،ولن النب صلى ال عليه وسلم قد دعاء ال أن ينقل حُمّاها
إل الحفة ،فنقلها ال تعال إل الحفة َ ،عنْ عَاِئشَةَ رضي ال عنها قَالَتْ َ :ق ِدمْنَا الْ َمدِيَنةَ َوهِيَ
15
ل ٌل ،فَلَمّا َرأَىٰ َرسُولُ ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم َشكْوَىٰ
َوبِيَئةٌ ،فَاشْتَ َكىٰ َأبُو َب ْكرٍ ،وَاشْتَ َكىٰ بِ َ
حهَا ،وَبَارِكْ
صحّ ْ
ت إلينا َمكّ َة َأوْ َأ َشدّ ،وَ َ
صحَاِب ِه قَا َل " :اللّ ُه ّم حَبّبْ إِلَيْنَا الْ َمدِيَنةَ ،كَمَا حَبّبْ َ
أَ ْ
ح َفةِ " [ متفق عليه ] .
لَنَا فِي صَا ِعهَا َومُ ّدهَا َ ،وحَ ّولُ حُمّاهَا ِإَلىٰ الْجُ ْ
وقد بي النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح أن الطاعون ل يدخل الدينة النبوية ،
ج ُد الْمَلَاِئ َكةَ
س ْبنِ مَالِكٍ َع ِن النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَالَ " :الْ َمدِيَنةُ َي ْأتِيهَا الدّجّا ُل فَيَ ِ
َعنْ َأنَ ِ
ح ُرسُوَنهَا فَلَا َيقْ َرُبهَا الدّجّا ُل َ ،ولَا الطّاعُو ُن إِ ْن شَا َء اللّ ُه " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
يَ ْ
وربا سأل سائل :هل مكة مثل الدينة أم ل ؟
والواب :هناك حديث لب هريرة رضي ال عنه أخرجه المام أحد ف مسنده ،ورجاله رجال
الصحيح ،كما قال ابن حجر رحه ال ،عن أب هريرةَ رضي ال عنه قال :قال رسول ال
ب مِ ْنهَا مَ َلكٌ ،ل
لِئ َكةِ ،على ُك ّل َنقْ ٍ
حفُوفَتَا ِن بال َ
صلى ال عليه وسلّم " :ا َلدِيَنةُ ومَ ّك ُة مَ ْ
َي ْدخُلُها ال ّدجّالُ ول الطّاعُو ُن " [ أخرجه أحد ورجاله ثقات " [ الفتح ، ] 235 / 10ولو
ل يصح الثر ،فمكة أفضل البقاع إل ال تعال ،وهي من باب أول أن ل يدخلها الدجال ول
الطاعون .
القصود أن طاعون عمواس من أشراط الساعة ،وقد وقع هذا الشرط وانقضى ،فهو دليل
على قرب وقوع الساعة .
16
فقد أخب النب صلى ال عليه وسلم أن ال تعال سيعطي هذه المة ،ويفتح عليها من كنوز
الرض ،وأن مُلك أمته سيبلغ مشارق الرض ومغاربا َ ،ع ْن َثوْبَانَ رضي ال عنه قَالَ :قَالَ
ض َف َرَأيْتُ َمشَا ِر َقهَا
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :إِنّ ال ّلهَ َزوَى ِليَ ـ جع وطوى ـ الْأَرْ َ
ت اْلكَ ْنزَْينِ اْلَأحْ َمرَ وَالَْأبْيَضَ ـ
ي لِي مِ ْنهَا َ ،وأُعْطِي ُ
َو َمغَا ِرَبهَا َ ،وإِ ّن أُمّتِي سَيَبْلُ ُغ مُ ْلكُهَا مَا ُزوِ َ
الذهب والفضة ـ وَِإنّي َسَألْتُ َربّي ِلأُمّتِي أَ ْن لَا ُيهْلِ َكهَا ِبسََنةٍ عَامّ ٍة َ ،وأَنْ لَا ُيسَلّطَ َعلَ ْي ِهمْ َع ُدوّا
ت قَضَا ًء َ ،فإِّن ُه لَا
ح ّمدُ ِ :إنّي ِإذَا قَضَيْ ُ
س ِهمْ ،فََيسْتَبِيحَ بَيْضََتهُ ْم َ ،وإِنّ َربّي قَا َل يَا مُ َ
ِم ْن سِوَى َأنْ ُف ِ
ك ِلأُمِّتكَ ،أَنْ لَا ُأهْلِ َك ُهمْ ِبسََنةٍ عَامّ ٍة َ ،وأَنْ لَا ُأسَلّطَ عَلَ ْي ِهمْ َع ُدوّا ِمنْ سِوَى
ُي َردّ َ ،وِإنّي أَعْطَيُْت َ
ح بَيْضََت ُهمْ َ ،وَلوِ اجْتَمَعَ عَلَ ْي ِهمْ َم ْن ِبأَقْطَا ِرهَا َ ،أوْ قَالَ َم ْن بَ ْينَ أَقْطَا ِرهَا ،حَتّى
َأْن ُفسِ ِهمْ َيسْتَبِي ُ
ضهُ ْم َبعْضًا " [ أخرجه مسلم ] .
ض ُهمْ ُيهْ ِلكُ َبعْضًا َ ،وَيسْبِي َبعْ ُ
َيكُو َن َبعْ ُ
شكَا ِإلَ ْيهِ اْلفَا َقةَ
ي ْبنِ حَاتِ ٍم قَا َل :بَيْنَا أَنَا عِ ْن َد النّبِيّ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ ِإ ْذ َأتَاهُ َر ُجلٌ َف َ
و َعنْ َعدِ ّ
ت َ :ل ْم أَ َرهَا
ي َة " ،قُلْ ُ
ت الْحِ َ
ي َ " :هلْ َرأَيْ َ
شكَا ِإلَ ْيهِ قَ ْط َع السّبِي ِل َ ،فقَا َل يَا َعدِ ّ
ُ ،ث ّم أَتَاهُ آ َخرُ َف َ
ي ِة حَتّى تَطُوفَ
ح ُل ِمنَ الْحِ َ
ك حَيَاةٌ لََت َرَينّ ال ّظعِيَنةَ َت ْرتَ ِ
ت بِ َ
َو َقدْ ُأنْبِئْتُ َع ْنهَا ،قَا َل َ " :فإِنْ طَالَ ْ
ت فِيمَا بَيْنِي َوبَ ْينَ َن ْفسِي َ :فَأيْ َن دُعّارُ طَّي ٍئ الّذِينَ َق ْد َسعّرُوا
ف أَ َحدًا ِإلّا ال ّلهَ " قُلْ ُ
بِالْ َكعَْبةِ لَا تَخَا ُ
سرَى
سرَى " قُلْتُ ِ :ك ْ
حنّ ُكنُوزُ ِك ْ
ت ِبكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَ َ
الْبِلَادَ ـ يعن قطاع الطرق ـ ؟ " َولَئِنْ طَالَ ْ
ج ِملْءَ َك ّف ِه ِمنْ
خرِ ُ
ك حَيَا ٌة لََت َريَ ّن ال ّر ُجلَ يُ ْ
سرَى ْبنِ ُه ْر ُمزَ َ ،ولَِئنْ طَالَتْ ِب َ
ْب ِن ُهرْ ُمزَ ؟ قَالَ ِ " :ك ْ
ج ُد أَ َحدًا َيقْبَ ُلهُ مِنْ ُه َ ،ولَيَ ْلقَيَ ّن ال ّلهَ َأ َحدُكُ ْم َيوْ َم يَ ْلقَاهُ
ب َمنْ يَقْبَ ُل ُه مِ ْنهُ فَلَا يَ ِ
ض ٍة يَطْلُ ُ
ب َأوْ فِ ّ
َذهَ ٍ
س بَيَْنهُ َوبَيَْنهُ تَ ْرجُمَا ٌن يَُترْ ِجمُ َل ُه ،فَلََيقُوَل ّن لَ ُه َ :ألَ ْم َأْبعَثْ ِإلَ ْيكَ َرسُولًا فَيُبَ ّل َغكَ ؟ فََيقُولُ :بَلَى
َولَيْ َ
ضلْ عَلَ ْيكَ ؟ فََيقُو ُل :بَلَى ،فَيَنْ ُظرُ َع ْن يَمِيِن ِه فَلَا يَرَى ِإلّا َجهَّنمَ ،
ك مَالًا َوُأفْ ِ
،فََيقُو ُل َ :ألَ ْم أُعْ ِط َ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ َيقُولُ " :
ت النِّبيّ َ
َويَنْ ُظرُ َع ْن َيسَا ِر ِه فَلَا َيرَى ِإلّا َجهَّنمَ " قَالَ َعدِيّ سَ ِمعْ ُ
ت ال ّظعِيَنةَ
ي َ :ف َرأَيْ ُ
ج ْد شِ ّقةَ تَ ْم َرةٍ فَِبكَلِ َمةٍ طَيَّب ٍة " ،قَالَ َعدِ ّ
اّتقُوا النّا َر َولَ ْو ِبشِ ّق ِة تَ ْم َرةٍ َف َمنْ َل ْم يَ ِ
سرَى ْبنِ
ت فِي َم ِن افْتَتَحَ كُنُوزَ ِك ْ
ف ِإلّا ال ّل َه ،وَكُنْ ُ
ف بِاْل َكعْبَ ِة لَا تَخَا ُ
ي ِة حَتّى تَطُو َ
حلُ مِ َن الْحِ َ
َت ْرتَ ِ
خرِجُ
ت ِب ُكمْ حَيَاةٌ لََت َروُ ّن مَا قَالَ النِّبيّ َأبُو اْلقَا ِسمِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ ،يُ ْ
ُه ْرمُ َز َ ،ولَِئنْ طَالَ ْ
ِملْءَ َك ّفهِ " [ أخرجه البخاري ] .
ولقد تقق كثي ما أخبنا به رسول ال صلى ال عليه وسلم فكثر الال ف عهد الصحابة رضي
ال عنهم بسبب الفتوحات السلمية ،وبسبب الهاد ف سبيل ال ،واقتسموا أموال الفرس
17
والروم ،ث فاض الال ف عهد عمر بن عبدالعزيز ،رحه ال ،بسبب بركة عدله ،فكان الرجل
يعرض الال للصدقة فل يد من يقبله ،لن عمرا قد أغن الناس عن السؤال .
وسيكثر الال ف آخر الزمان حت يعرض الرجل ماله فيقول الذي يعرض عليه :ل حاجة ل
به ،وهذا وال أعلم سيكون ف زمن الهدي وعيسى عليه السلم ،حيث ستخرج الرض
كنوزها فيكثر الال ،وينتشر المن ،ويعم الي .
وربا تلل بي هذه الفترات ،بعض فترات يسود الفقر والجاعة بعض المة ،كما هو حاصل
الن ،من وجود شعوب ومتمعات من هذه المة توت فقرا وجوعا ،ول يكاد يسلم بلد ،
من وجود فقراء ومساكي ،ل يعلم بالم إل ال ،ولو أن السلمي أخرجوا زكاة أموالم ،
وتصدقوا با زاد عن حاجتهم ،ورفقوا بالفقراء من أمتهم ،ولو أدت المعيات والؤسسات
اليية دورها بكل صدق وأمانة لا بقي فقي على وجه الرض ،بل ربا استفاض الال حت ل
يوجد من يقبله ،لكن لا ل يصل ذلك وبل أهل الموال بأموالم ،وشح التجار بتجاراتم ،
ومنع بعض الناس زكواتم ،واقتصر دور أهل الي ف أماكنهم ،حصلت فاقة وحاجة كبية ف
أماكن أخرى ل تطلها اليدي لعدم معرفة أهلها ،والحتاجي فيها .
القصود أن من علمات الساعة استفاضة الال ،ولربا كان ذلك ف علمات الساعة الصغرى
والكبى ،كما سيأت معنا ف شرطي الساعة الكبى :الهدي ،ونزول عيسى عليه السلم .
ففي زمنهما سيستفيض الال ،ويكثر ويزداد ،حت ل تد من يقبل منك صدقتك وزكاة مالك
.
18
وقد حدث كثي من الفت من عهد الصحابة رضي ال عنهم حت الن وأعظم الفت جاءت من
الشرق كما ف حديث عبد ال اْبنِ ُع َمرَ رضي ال عنهما َ ،أّنهُ سَمِعَ َرسُولَ ال ّلهِ صلى ال عليه
ث يَطْ ُلعُ
ق َيقُولُ َ " :أ َل إِنّ اْلفِتَْنةَ ٰههُنَا ،أَ َل إِ ّن الْفِتَْن َة ٰههُنَا ِ ،منْ حَيْ ُ
شرِ ِ
وسلم َوهُ َو ُمسَْتقِْبلُ الْ َم ْ
َقرْ ُن الشّيْطَانِ " [ متفق عليه ] .
استحباب العزلة عند الفت وخوف السلم على دينه :
روى البخاري ف عدة مواضع من صحيحه منها ( كتاب الفت ) ،عن أب سعيد الدري رضي
ال عنه قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى ال ّلهُ عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم " :يُو ِشكُ أَ ْن َيكُو َن خَ ْيرَ مَالِ الْ ُمسْ ِلمِ غََن ٌم يَتْبَعُ
ِبهَا َشعَفَ الْجِبَا ِل وَ َموَاقِ َع اْلقَ ْطرِ َي ِف ّر بِدِيِنهِ ِم ْن الْفِتَن " .وروى مسلم ف صحيحه نوه ،عن أب
سعيد الدري أيضا رضي ال عنه ال عنه أَنّ َرجُل َأتَى النِّبيّ صَلّى ال ّلهُ عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ فَقَالَ :أَيّ
ضلُ ؟ َفقَالَ َ :ر ُجلٌ يُجَا ِهدُ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ بِمَاِلهِ َوَن ْفسِهِ .قَا َل ُ :ثمّ َمنْ ؟ قَالَ ُ :م ْؤمِ ٌن فِي
النّاسِ َأفْ َ
س ِمنْ َش ّرهِ " .
شعَابِ َيعُْبدُ ال ّلهَ َرّبهُ َوَيدَعُ النّا َ
ب ِمنْ ال ّ
ِشعْ ٍ
شعْب ) َ :فهُ َو مَا اْنفَرج بَيْن جَبَلَ ْينِ .
قوله َ ( :شعَفَ الْجِبَالِ ) أي :رؤوس البال َ .وأَمّا ( ال ّ
شعْب خُصُوصًا
س الْ ُمرَاد َنفْس ال ّ
قال النووي رحه ال ف شرح صحيح مسلم ( َ : )13/34ولَيْ َ
شعْب مِثَال لَّن ُه خَالٍ َعنْ النّاس غَالِبًا اهـ.
; َبلْ الْ ُمرَاد النْ ِفرَاد وَالعِْتزَال َ ,وذَ َكرَ ال ّ
والديث يدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الختلط بم ،ف حال خوف السلم على
دينه لكثرة الفت ،بيث إنه لو خالط الناس ل يأمن على دينه من أن يرتد عنه ،أو يزيغ عن
الق ،أو يقع ف الشرك ،أو يترك مبان السلم وأركانه ،ونو ذلك .
قال الافظ ابن حجر ف الفتح ( : )13/42وَالْخَبَر دَالّ عَلَى فَضِيلَة اْلعُ ْزلَة لِ َم ْن خَافَ عَلَى
دِينه .اهـ .
وقال السندي ف حاشيته على النسائي ( : )8/124فِيهِ َأّنهُ يَجُوز اْل ُعزْلَة َب ْل ِهيَ َأفْضلُ َأيّام
اْلفِتَن اهـ .
وف الديث الثان الذكور آنفا جعل النب صلى ال عليه وسلم عليه وسلم الؤمنَ العتز َل يتلو
الجاهد ف سبيل ال ف الفضيلة ،قال الافظ ف الفتح َ " :وِإنّمَا كَا َن الْ ُم ْؤمِن الْ ُمعَْتزِل يَتْلُوهُ فِي
اْلفَضِيلَة لَ ّن الّذِي يُخَالِط النّاس ل َيسْلَم ِمنْ ا ْرِتكَاب الثَام َ ،وقَدْ تكون هذه الثام أكثر من
19
السنات الت يصلها بسبب اختلطه بالناس .ولكن تفضيل العتزال خاص بالة وقوع الفت
" اهـ بعناه .
وأما العزلة ف غي وقت الفت وخوف السلم على دينه فاختلف العلماء ف حكمها ،وذهب
المهور إل أن الختلط بالناس أفضل من العزلة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ،منها :
-1أن ذلك هو حال النب صلى ال عليه وسلم عليه وسلم ،والنبياء من قبله صلوات ال
وسلمه عليهم ،وجاهي الصحابة رضي ال عنهم .شرح مسلم للنووي ( . )13/34
-2ما رواه الترمذي وابن ماجة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :الْ ُمؤْ ِمنُ اّلذِي يُخَالِطُ
ط النّاسَ وَل يَصِْبرُ عَلَى َأذَا ُهمْ
النّاسَ َويَصِْبرُ عَلَى أَذَاهُ ْم أَعْ َظ ُم َأجْرًا مِ ْن الْ ُمؤْ ِم ِن الّذِي ل يُخَالِ ُ
" [ صححه اللبان ف صحيح الترمذي . ] 2035
حدِيث َي ُدلّ َعلَى أَ ّن الْمُخَالِطَ
قال السندي ف حاشيته على ابن ماجة ( " : ) 493 / 2الْ َ
الصّاِب َر خَ ْيرٌ ِم ْن الْ ُمعْتَزِل " اهـ .
وقال الصنعان ف سبل السلم ( " : ) 4/416فيه أفضلية من يالط الناس ،مالطة يأمرهم
فيها بالعروف ،وينهاهم عن النكر ،ويسن معاملتهم ،فإنه أفضل من الذي يعتزلم ،ول
يصب على الخالطة " اهـ .
صحَابِ َرسُولِ
-3ما أخرجه الترمذي من حديث َأبِي هُ َرْي َرةَ رضي ال عنه قَا َل َ :مرّ َر ُج ٌل ِمنْ أَ ْ
ب فِيهِ عُيَيَْن ٌة ِم ْن مَاءٍ َع ْذبَ ٌة َفأَعْجَبَ ْت ُه لِطِيِبهَا َ .فقَالَ َ :لوْ ا ْعَتزَلْتُ
ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم ِبشِعْ ٍ
ب ،وََل ْن َأفْ َع َل حَتّى أَسَْت ْأذِنَ َرسُولَ ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم .
شعْ ِ
ت فِي َهذَا ال ّ
النّاسَ َفَأقَمْ ُ
ك ِلرَسُو ِل اللّهِ صلى ال عليه وسلم َفقَا َل " :ل َت ْف َعلْ َ ،فإِ ّن ُمقَا َم َأ َحدِ ُكمْ فِي سَبِيلِ
َفذَ َك َر َذلِ َ
ض ُل ِمنْ صَلِتهِ فِي بَيِْتهِ سَ ْبعِيَ عَامًا ،أَل تُحِبّو َن أَ ْن َيغْ ِفرَ ال ّل ُه لَ ُك ْم وَُي ْدخِلَ ُكمْ الْجَّنةَ ؟
ال ّلهِ َأفْ َ
ت َلهُ الْجَّن ُة " [ وحسنه اللبان ف
ا ْغزُو فِي سَبِيلِ ال ّل ِه َ .منْ قَاتَ َل فِي سَبِي ِل اللّ ِه َفوَاقَ نَا َقةٍ َوجَبَ ْ
صحيح الترمذي . ]1348
-4ما يصله السلم ف الخالطة ،من الصال الشرعية ،من مَنَافِع الخْتِلط بالناس ،كَاْلقِيَامِ
ي َ ،وإِيصَال أَْنوَاع الْخَيْر ِإلَ ْي ِهمْ ِ ،م ْن إِعَانَة َوإِغَاثَة ونَحْو
شعَائِر ا ِلسْلم َ ،وتَكْثِي َسوَاد الْ ُمسْلِمِ َ
ِب َ
جمَاعَة وَالْجَنَائِز ،وَعِيَادَة الْ َمرْضَى ،وَحِلَق الذّكْر . . .وَغَيْر ذَِلكَ
ج ُمعَة وَالْ َ
َذِلكَ ،و ُشهُودِ الْ ُ
[ فتح الباري ، 13/43شرح مسلم للنووي . ] 13/34
20
ولقد اقتضت حكمة ال تعال أن يبتلي المم والفراد بالفت والحن ،والصائب ،حت يتبي
الصابر والزع ،وحت ييز ال البيث من الطيب ،كي يعود الناس إل دينهم ويراجعوا
أنفسهم ،فالفت :إما اختبار من أجل الصب والحتساب ،وبيان الصادق من الكاذب ،قال
س أَن يُ ْترَكُوا أَن َيقُولُوا آ َمنّا َو ُهمْ لَا يُفْتَنُو َن * َوَلقَ ْد فَتَنّا اّلذِي َن مِن
تعال { :أل * َأ َحسِبَ النّا ُ
ي } [ العنكبوت . ] 3-1
ص َدقُوا َولََيعْلَ َمنّ اْلكَا ِذبِ َ
قَبْ ِل ِه ْم فَلََيعْلَ َمنّ ال ّلهُ اّلذِينَ َ
وقد تكون الفت نذير من أجل العودة لدين ال تعال ،قال تعال { :وَاّتقُوْا فِتَْنةً ّل تُصِيَب ّن الّذِينَ
ص ًة وَاعْ َلمُوْا أَ ّن اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ } [ النفال . ] 25
ظَلَمُواْ مِن ُكمْ خَآ ّ
وما يصل ف هذه الزمنة من الفت ما هو إل بيان لكمة ال تعال ف خلقه ،فهو يبتلي الميع
بصنوف البليا ،ويتبهم بأنواع الفت ،فهذه الروب اليوم ،وما تلفه من دمار ،وإزهاق
للنفس ،وتطيم لقدرات الدول ،واستيلء على ثرواتا ،وتلك العمال الوجائية من إرهاب
للمني من مسلمي وغيهم ،لي أعظم دليل على أن هناك خلل يب أن يُسد ،وخرق يب
أن يرقع ،وجحر ل بد أن يدفن ،فعلى المة أن تراجع نفسها ،وتقف صفا واحدا ضد
أعدائها ،فالعداء قد كشروا عن أنيابم ،وأبانوا عن مططاتم ،فمنهم من عرفناه ،ومنهم
من يلبس لباسنا ،ويرتدي زينا ،ويتكلم بلساننا ،من أبناء جلدتنا ،لكنه ل يدين بديننا ،ول
يعترف بعقيدتنا ،ول يرضى بواقعنا ،فواجبنا التمسك بكتاب ربنا وسنة نبينا صلى ال عليه
وسلم ،ويسوءهم ذلك ،فليموتوا بغيظهم ل ينالوا خيا ،والعاقل الصيف يدرك مدى
خطورة أولئك الفافيش الت تعمل ليلً ،وتتبئ نارا ،فاللهم أصلهم نا ًر ،لنم ما رجوا لك
وقارا ،فبسبب تلك الفئة الباغية الظالة الثة حصلت النكبات واللمات والدلمات .
وهناك عنصر آخر من عناصر هذه الفت الت تعصف بالمة وتريد إغراقها ،وخرق وحدتا ،
أل وهي الفئة الت نكبت عن الطريق القوي ،الت َكفّرت ودمرت وأزهقت ،فهذه الخرى
عليها أن تعود إل ربا ،وتلتزم بكتابه سبحانه ،وتعيد المور إل نصابا ،فترد اللف إل
كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،فاللف شر ،والفرقة مر ،ول أعظم ول أجل
من يلتئم صف المة ،وتتمع كلمتها ،وتوحد صفوفها ،حت تسي سفينتها إل بر المان ،
بمد من ال النان .
21
وقد ذكر الصطفى صلى ال عليه وسلم الكثي من الفت الت ستمر با هذه المة الحمدية ،
ليعدوا لا العدة ،ويأخذوا لا الهبة ،ويستعدوا لا ولو طالت الدة ،فهي قادمة ل مالة ،
وواقعة ل ريب فيها ،وهذه بعض الحاديث الصحيحة الت تدل على وقوع الفت والبتلءات
ف هذه المة :
َعنْ َأبِي ُه َرْيرَةَ رضي ال عنه ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :بَادِرُوا بِالْأَ ْعمَا ِل فِتَنًا
ح الرّ ُجلُ ُم ْؤمِنًا َويُ ْمسِي كَا ِفرًا َ ،أ ْو يُ ْمسِي ُمؤْمِنًا َويُصْبِحُ كَا ِفرًا ،يَبِيعُ
َكقِ َط ِع اللّيْ ِل الْمُظْ ِل ِم ،يُصْبِ ُ
ض ِمنَ ال ّدنْيَا " [ أخرجه مسلم ] .
دِيَنهُ ِب َعرَ ٍ
و َع ْن َأبِي مُوسَى اْلأَ ْش َعرِيّ رضي ال عنه قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم " :إِ ّن بَ ْينَ
ح الرّ ُجلُ فِيهَا مُ ْؤمِنًا َويُ ْمسِي كَافِرًا وَيُ ْمسِي مُ ْؤمِنًا
َيدَيِ السّا َعةِ فِتَنًا َكقِ َطعِ اللّ ْي ِل الْمُظْ ِل ِم يُصْبِ ُ
سرُوا ِقسِّي ُكمْ
َويُصْبِحُ كَا ِفرًا اْلقَا ِع ُد فِيهَا خَ ْي ٌر ِمنَ اْلقَاِئمِ وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْ ٌر ِمنَ السّاعِي َف َك ّ
حجَا َرةِ فَإِ ْن ُد ِخلَ َيعْنِي عَلَى َأ َحدٍ مِ ْن ُكمْ فَلَْي ُكنْ كَخَ ْي ِر ابْنَيْ
ض ِربُوا سُيُو َفكُ ْم بِالْ ِ
َوقَ ّطعُوا أَ ْوتَارَ ُكمْ وَا ْ
آ َد َم " [ أخرجه أبو داود وأحد ] ،يعن ليكن مقتو ًل ل قاتلً .
سأَلُونَ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ َع ِن الْخَ ْيرِ
س َي ْ
وعن ُحذَْي َفةَ ْب َن الْيَمَانِ َيقُولُ :كَا َن النّا ُ
ت :يَا َرسُولَ ال ّلهِ ! إِنّا كُنّا فِي جَاهِلِّي ٍة وَ َشرّ
ش ّر مَخَافَ َة أَ ْن ُيدْرِكَنِي َفقُلْ ُ
ت َأ ْسأَُلهُ َع ِن ال ّ
وَكُنْ ُ
ت َ :و َهلْ َب ْعدَ َذِلكَ
فَجَا َءنَا اللّ ُه ِب َهذَا الْخَ ْيرِ َ ،فهَ ْل َبعْ َد َهذَا الْخَ ْي ِر ِمنْ َشرّ ؟ قَا َل َ " :نعَ ْم " قُلْ ُ
ت َ :ومَا َدخَُنهُ ؟ قَا َل َ " :قوْمٌ يَ ْهدُونَ ِبغَ ْي ِر هَ ْديِي ،
شرّ ِم ْن خَ ْيرٍ ؟ قَا َل " :نَ َع ْم َوفِي ِه َدخَ ٌن " قُلْ ُ
ال ّ
ت َ :فهَ ْل َب ْعدَ َذِلكَ الْخَ ْي ِر ِمنْ َشرّ ؟ قَالَ َ " :ن َعمْ دُعَاةٌ علَى َأبْوَابِ
ف مِ ْنهُ ْم َوتُنْ ِكرُ " ،قُلْ ُ
َت ْعرِ ُ
ص ْفهُ ْم لَنَا ؟ َفقَالَ " :هُ ْم ِمنْ جِ ْل َدتِنَا
ت يَا َرسُولَ ال ّلهِ ِ
َجهَّنمَ َم ْن أَجَاَبهُ ْم ِإلَيْهَا َقذَفُوهُ فِيهَا " ،قُلْ ُ
ت :فَمَا َت ْأمُ ُرنِي إِ ْن َأدْرَكَنِي َذِلكَ ؟ قَا َل " :تَ ْلزَ ُم جَمَا َعةَ الْ ُمسْلِ ِميَ
َويََتكَلّمُونَ ِبَأْلسِنَتِنَا " قُلْ ُ
ت َ :فإِ ْن َلمْ َي ُكنْ َل ُهمْ جَمَا َع ٌة َولَا ِإمَامٌ ؟ قَا َل " :فَاعَْت ِزلْ تِ ْلكَ اْل ِفرَقَ كُ ّلهَا َوَلوْ
َوِإمَا َمهُ ْم " ،قُلْ ُ
ت َوأَنْتَ عَلَى َذِلكَ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ،
ج َر ٍة حَتّى ُيدْرِ َككَ الْ َموْ ُ
ص ِل شَ َ
ض بِأَ ْ
أَ ْن َتعَ ّ
شرّ ،فَجَاءَ
ت يَا َرسُولَ ال ّل ِه ِ " :إنّا كُنّا ِب َ
وعند مسلم ف صحيحه ،قَا َل حُ َذْيفَ ُة ْبنُ الْيَمَا ِن :قُلْ ُ
ك الشّرّ
حنُ فِي ِه َف َهلْ ِم ْن وَرَا ِء َهذَا الْخَ ْيرِ َشرّ ؟ قَالَ َ :ن َعمْ " ،قُلْتُ :هَ ْل وَرَا َء َذلِ َ
خ ْيرٍ ،فََن ْ
ال ّلهُ بِ َ
ت َ :ف َه ْل وَرَا َء َذلِكَ الْخَ ْي ِر َشرّ ؟ قَالَ َ " :ن َعمْ " ،قُلْتُ :كَيْفَ ؟ قَالَ
خَ ْيرٌ ؟ قَالَ َ " :ن َعمْ " ،قُلْ ُ
ي َ ،ولَا َيسْتَنّونَ ِبسُنّتِي ،وَسََيقُو ُم فِي ِهمْ ِرجَا ٌل قُلُوُب ُهمْ
َ " :يكُو ُن َب ْعدِي َأئِ ّم ٌة لَا َيهَْتدُو َن ِب ُهدَا َ
22
ت َذِلكَ ؟
ف أَصَْن ُع يَا َرسُولَ ال ّلهِ إِ ْن َأدْرَكْ ُ
س ،قَا َل :قُلْتُ :كَيْ َ
ي فِي جُثْمَا ِن ِإنْ ٍ
قُلُوبُ الشّيَاطِ ِ
ض ِربَ َظ ْهرُكَ َوُأخِ َذ مَاُلكَ فَاسْمَ ْع َوأَطِعْ " .
ي َوإِنْ ُ
قَالَ َ " :تسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلَْأمِ ِ
ج َد َ ،فِإذَا عَ ْب ُد ال ّلهِ ْبنُ عَ ْمرِو ْبنِ
ت الْ َمسْ ِ
و َعنْ عَ ْب ِد الرّحْ َم ِن ْبنِ عَ ْبدِ َربّ اْلكَعَْب ِة قَا َل :دَخَلْ ُ
ت ِإلَيْ ِه َ ،فقَالَ :كُنّا مَعَ
ج َلسْ ُ
س فِي ِظ ّل اْلكَعَْب ِة ،وَالنّاسُ مُجَْت ِمعُونَ عَلَ ْيهِ ،فََأتَيُْت ُهمْ فَ َ
ص جَالِ ٌ
اْلعَا ِ
ضلُ
ح خِبَا َء ُه َ ،ومِنّا َم ْن يَنْتَ ِ
َرسُو ِل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ فِي َسفَ ٍر فََن َزلْنَا مَ ْن ِزلًا ،فَمِنّا َمنْ يُصْ ِل ُ
ش ِرهِ ِ ،إ ْذ نَادَى مُنَادِي َرسُو ِل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ الصّلَا َة جَا ِمعَةً ،
َ ،ومِنّا َم ْن هُ َو فِي َج َ
فَاجْتَ َمعْنَا ِإلَى َرسُو ِل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َفقَا َل ِ " :إنّ ُه َلمْ َي ُكنْ نَِب ّي قَبْلِي ِ ،إلّا كَانَ َحقّا
عَلَ ْيهِ أَ ْن َي ُدلّ ُأمَّتهُ عَلَى خَ ْي ِر مَا َيعْلَ ُم ُه َلهُ ْم َ ،ويُنْذِ َر ُهمْ َش ّر مَا َيعْلَ ُم ُه َلهُ ْم َ ،وإِنّ ُأمَّتكُ ْم َه ِذهِ ُج ِعلَ
ضهَا َبعْضًا ،
عَافِيَُتهَا فِي َأوِّلهَا َ ،وسَيُصِيبُ آ ِخ َرهَا بَلَا ٌء َوأُمُو ٌر تُنْ ِكرُوَنهَا َ ،وتَجِي ُء فِتَْن ٌة فَُي َرقّ ُق َبعْ ُ
ف وَتَجِي ُء اْلفِتَْنةُ فََيقُو ُل الْ ُمؤْ ِم ُن :هَ ِذهِ ،
َوتَجِي ُء الْفِتَْن ُة فََيقُولُ الْ ُم ْؤ ِمنُ َ :ه ِذهِ ُمهْ ِلكَتِي ُ ،ث ّم تَنْ َكشِ ُ
ب أَ ْن ُيزَ ْحزَحَ َع ِن النّا ِر َ ،وُيدْ َخلَ الْجَّن َة ،فَلَْت ْأتِ ِه مَنِيُّت ُه وَ ُهوَ يُ ْؤ ِمنُ بِال ّلهِ وَالْيَوْمِ
َه ِذهِ َ ،ف َمنْ َأحَ ّ
ص ْف َقةَ َي ِدهِ َ ،وثَ َم َرةَ
الْآ ِخرِ ،وَلَْي ْأتِ ِإلَى النّاسِ اّلذِي يُحِبّ أَنْ ُي ْؤتَى ِإلَ ْيهِ َ ،و َمنْ بَايَ َع ِإمَامًا َفأَعْطَاهُ َ
ت َلهُ :
ت مِ ْنهُ َفقُلْ ُ
ضرِبُوا ُعُنقَ الْآ َخ ِر َ ،فدََنوْ ُ
ع َ ،فإِنْ جَاءَ آ َخ ُر يُنَازِ ُع ُه فَا ْ
قَلِْب ِه ،فَلْيُ ِط ْعهُ إِ ِن اسْتَطَا َ
ت َهذَا ِمنْ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّهم عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َ ،فَأهْوَى ِإلَى ُأذُنَ ْي ِه َوقَلْبِهِ
ت سَ ِمعْ َ
شدُكَ ال ّلهَ ،آنْ َ
َأْن ُ
ك ُمعَا ِويَ ُة َي ْأمُ ُرنَا أَ ْن َنأْ ُكلَ
ت َل ُه :هَذَا اْبنُ عَ ّم َ
ي ،وَوَعَا ُه قَلْبِي َ ،فقُلْ ُ
بَِي َديْ ِه َ ،وقَا َل :سَ ِمعَتْ ُه ُأ ُذنَا َ
َأ ْموَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَا ِط ِل َ ،ونَقُْت َل َأنْ ُفسَنَا ،وَال ّلهُ َيقُولُ { :يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا لَا َتأْكُلُوا َأ ْموَالَ ُكمْ
ض مِ ْنكُ ْم َولَا َتقْتُلُوا أَْن ُفسَ ُك ْم إِنّ ال ّلهَ كَا َن ِبكُمْ
بَيَْن ُكمْ بِالْبَا ِطلِ ِإلّا أَ ْن َتكُونَ تِجَا َرةً َعنْ َترَا ٍ
صهِ فِي َمعْصَِيةِ ال ّلهِ "
ت سَا َعةً ثُ ّم قَا َل :أَ ِط ْعهُ فِي طَا َع ِة ال ّلهِ ،وَاعْ ِ
َرحِيمًا } ،قَا َل َ :فسَكَ َ
[ أخرجه مسلم ] .
فهذه الدلة وغيها تبي وقوع الفت ،وتذر منها ،وعلى السلم حيال ذلك أن يلزم جاعة
السلمي ويلتف حول علمائها وحكامها ،ويذر الفرقة ،لن من شذ شذ ف النار عياذا بال
من ذلك ،وعلى السلم أن يبتعد عن الهواء والشبهات والشهوات الت يلقيها كثي من
الاقدين ف كل زمان ومكان ،وهانن ف زمن قد أظلتنا فيه الفت ،فعلينا بماعة السلمي ف
بلدنا ،وأن نلتف حول علمائنا الخلصي ،وحكامنا الجتهدين ،وأل نسمح لكائن من كان ،
أن يرم جدار اللفة والحبة ،الذي يمع أفراد متمعنا السلم ف بلد الرمي الشريفي ،وأن
23
ل نكن ضعاف الدين والنفوس من أن يرقوا سفينة الياة ،فهي تسي على هدى من ال بإذن
ال .
وقد وقعت عدة فت ذكرتا كتب السي عب التأريخ ،تبي صدق رسالة ممد صلى ال عليه
وسلم ،ولو كره الجرمون ،وزمر الغرضون ،ونق الناهقون ،ونبح النابون ،لن ال تعال
أيده باليات البينات ،والعجزات الواضحات ،فمن تلك الفت :
-1ظهور الفتن من المشرق َ :ع ِن اْبنِ ُع َم َر أَّن ُه سَمِعَ َرسُو َل اللّهِ صَلّى
ق َيقُو ُل َ " :ألَا إِ ّن الْفِتَْن َة هَاهُنَا َألَا إِ ّن اْلفِتَْنةَ هَاهُنَا ِمنْ حَيْثُ
شرِ ِ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ وَ ُهوَ ُمسَْتقِْبلُ الْ َم ْ
يَطْ ُل ُع َقرْنُ الشّيْطَانِ " [ أخرجه مسلم ] ،وقرن الشيطان :قيل قوة الشيطان وأتباعه ،وقيل :
أنه على حقيقته فللشيطان قرن ،وقيل :إن الشيطان يقرن رأسه بالشمس حال طلوعها
فيسجد له عبدتا ،وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال :دعا النب صلى ال عليه وسلم " :
اللهم بارك لنا ف صاعنا ،ومدنا ،وبارك لنا ف شامنا ويننا " فقال رجل من القوم :يا نب ال
وف عراقنا ؟ قال " :إن با قرن الشيطان ،وتيج الفت ،وإن الفاء بالشرق " [ أخرجه
الطبان ] .فبداية الفت ومنشؤها من العراق ،فمنها ظهر الوارج ،والشيعة الروافض ،
والباطنية ،والقدرية ،والهمية ،والعتزلة ،وغيها من فرق الضللة .
وظهر التتار ف القرن السابع الجري من الشرق ،وحدث على أيديهم من الدمار والقتل
والشر العظيم الشيء الكثي .
فكل البدع والرافات والفت واللاد منبعها من الشرق ،فالشيوعية اللحدة مقرها روسيا
والصي الشيوعية ،وها ف الشرق ،وسيكون ظهور الدجال ،ويأجوج ومأجوج من جهة
الشرق .
-2مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه َ :عنْ ُح َذيْ َفةَ رَضِي اللّه
ظ َحدِيثَ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ َعنِ
حفَ ُ
عَنْه قَالَ :قَالَ عُ َمرُ رَضِي اللّه َعنْه َ :أّيكُ ْم يَ ْ
ت :فِتَْنةُ
جرِي ٌء َ ،فكَيْفَ ؟ قَا َل قُلْ ُ
ت َ :أنَا َأحْفَ ُظهُ كَمَا قَالَ ؟ قَالَ ِ :إّنكَ عَلَ ْيهِ لَ َ
اْلفِتَْنةِ ؟ قَا َل قُلْ ُ
صدَ َق ُة وَاْلأَ ْم ُر بِالْ َم ْعرُوفِ وَالّنهْيُ َع ِن الْمُ ْنكَرِ ،
الرّ ُج ِل فِي َأهْلِ ِه َووََل ِدهِ وَجَا ِرهِ ُت َك ّفرُهَا الصّلَاةُ وَال ّ
ك ِبهَا يَا
ت :لَيْسَ عَلَ ْي َ
حرِ ؟ قَا َل قُلْ ُ
س َه ِذهِ أُرِي ُد ،وََلكِنّي أُرِيدُ الّتِي تَمُوجُ َك َموْجِ الْبَ ْ
قَالَ :لَيْ َ
ت :لَا ،
ح ،قَالَ :قُلْ ُ
ب َأوْ ُيفْتَ ُ
سرُ الْبَا ُ
ب ُمغْ َلقٌ ،قَالَ :فَُي ْك َ
س ،بَيَْنكَ َوبَيَْنهَا بَا ٌ
ي َبأْ ٌ
ي الْ ُمؤْمِنِ َ
َأمِ َ
24
سَألَ ُه َمنِ الْبَابُ ،
ت َ :أجَ ْل َ ،فهِبْنَا أَ ْن َن ْ
سرَ َل ْم ُيغْلَ ْق َأَبدًا ،قَا َل :قُلْ ُ
سرُ ،قَالَ :فَِإّنهُ ِإذَا ُك ِ
َب ْل يُ ْك َ
ق :سَ ْلهُ ،قَالَ َ :فسََأَلهُ َ ،فقَالَ ُع َمرُ رَضِي اللّه عَنْه ،قَا َل :قُلْنَا َ :فعَ ِلمَ عُ َم ُر َمنْ
سرُو ٍ
َفقُلْنَا لِ َم ْ
ط " [ متفق
س بِالْأَغَالِي ِ
ك َأنّي حَ ّدثُْتهُ َحدِيثًا لَيْ َ
َتعْنِي ؟ قَا َل َ :نعَمْ ،كَمَا أَ ّن دُونَ َغ ٍد لَيْ َلةً َ ،و َذلِ َ
عليه واللفظ للبخاري ] .
فالديث يدل على أن الفت خامدة نائمة ف عهد عمر رضي ال عنه ،وبعد قتله ،تبدأ الفت ،
وإذا بدأت ل توت حت قيام الساعة ،فالمة تعيش ف الفت وتوج فيها ،فأول فتنة وقعت بعد
موت عمر رضي ال عنه ،مقتل عثمان بن عفان رضي ال عنه ،حيث تسلط عليه القوم من
العراق ومصر وتكالبوا عليه ،يريدونه أن ينخلع من اللفة ،بسبب ما نسبوه إليه من الظلم
والور وهو منه براء ،ولكنها دسيسة ومكيدة ،وقع ضحيتها ذو النورين رضي ال عنه ،وقد
أخب النب صلى ال عليه وسلم بفتنة عثمان رضي ال عنه ف حديث أب موسى الشعريّ رضي
ط من حَوائط الدينةِ لاجتِ ِه وخرجتُ
ال عنه قال " :خرجَ النبّ صلى ال عليه وسلم إل حائ ٍ
ت :لكون ّن اليومَ بَوّابَ النبّ صلى ال عليه
ت على باِبهِ وقل ُ
ط ،جَلَس ُ
ف إثره ،فلما دَ َخ َل الائ َ
ف البئر
وسلم ول يأمرْن ،فذهبَ النبّ صلى ال عليه وسلم وقَضىَ حاجته ،وجلسَ على قُ ّ
فكشفَ عن ساقَيه ودلّها ف البئر ،فجاءَ أبو بكر يستأذِنُ عليه لِيدْ ُخلَ فقلتُ :كما أنتَ حت
ب ! أبو بكر يستأذِنُ
ت :يا ن ّ
ت إل النبّ صلى ال عليه وسلم فقل ُ
أستأذِ َن لك ،فوقفَ ،فجئ ُ
عليك ،قال :ائذَن له َوَبشّرْه بالنّة ،فدخلَ عن يي النبّ صلى ال عليه وسلم فكشفَ عن
ساقَي ِه ودَلها ف البئر ،فجاء عمرُ فقلتُ :كما أنتَ حت أستأذِنَ لك ،فقال النبّ صلى ال
عليه وسلم :ائذَن له وبَشرْه بالنة ،فجاء عن يَسار النب صلى ال عليه وسلم ف َكشَفَ عن
ف فلم يَكنْ فيه ملسٌ ،ثّ جاء عثمانُ فقلت :كما أنتَ حت
ساقيه فدلّها ف البئر ،فامتَل القُ ّ
ش ْر ُه بالنة معها بَل ٌء يُصِيبه " ،
أستأذِ َن لك ،فقال النبّ صلى ال عليه وسلم " :ائذَنْ له َوبَ ّ
ف َدخَ َل فلم يدَ معهم ملِسا ،فتح ّولَ حت جاء مقابلَهم على شَف ِة البئرِ ،فكشفَ عن ساقَيهِ ثّ
ت ذلك
ت أتن أخا ل ،وأَدُعُو ال ّلهَ أن يأتَ " قال ابنُ السيّب :فتأوّل ُ
َدلّها ف البئرِ ،فجعل ُ
قُبورَهمْ ،اجتَ َمعَتْ ها هنا ،وانف َردَ عثمانُ " [ أخرجه البخاري ] ،ووقع ما أخب به الصادق
صلى ال عليه وسلم ،فكان مقتل عثمان رضي ال عنه ف 18من ذي الجة عام 35هـ .
وبعد موته توالت الفت بي السلمي ،وكانت بدايتها بوقعة المل ،وسبب قتله رضي ال عنه
25
،أن مروان بن الكم كتب كتابا على لسان عثمان وهو بريء منه ،بقتل بعض أهل مصر
والشام نظرا لؤامرتم على عثمان ،فلما علم القوم بالب أخذوا العدة لقتله ،وقد زوروا كتبا
على علي رضي ال عنه بأنه يأمر بقتال عثمان ،وكذلك زوروا كُتبا على طلحة والزبي بتأليب
الوارج على عثمان ،فلما حصلت تلك اليانات والدسائس والتزوير ،قدم القوم على عثمان
فقتلوه وهو يقرأ القرآن ،ول يكن هناك تدخل من أحد من أبناء الصحابة لن عثمان رضي ال
عنه أمرهم بأن ل يتدخلوا ف هذا المر حت ل تقع فتنة بي السلمي ،فتحامل عليه الوارج
حت قتلوه ولطخوا جسده بالدماء ،فوقع رأسه على الصحف ملطخا بدمائه بريئا جريا ميتا
مظلوما ،فألقت زوجته نائلة بن الفرافصة الكلبية نفسها على عثمان ،وقالت :أيقتل أمي
الؤمني وأخذت السيف ،فقطع رجل أصابع يدها ،وانتهبوا كل ما ف الدار ،ول يبقوا فيه
شيئا ،وهكذا قُتل رضي ال عنه مظلوما ،بسبب خيانات الشيعة واليهود ،عليهم من ال ما
يستحقون " [ البداية والنهاية . ] 423-401 / 5
-3موقعة الجمل :أخب النب صلى ال عليه وسلم بذه الواقعة ،والت حصلت
بي فئتي من السلمي بل قصد ،ول عمد ،ولكن قدر ال وما شاء فعل َ ،عنْ أَبِي رَافِعٍ أَنّ
ب ِ " :إّنهُ سََيكُو ُن بَيَْنكَ َوبَ ْينَ عَاِئشَ َة َأمْرٌ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ لِعَ ِل ّي بْ ِن َأبِي طَالِ ٍ
" ،قَالَ َ :أنَا يَا َرسُولَ ال ّلهِ ؟ قَالَ َ " :ن َعمْ " ،قَالَ َ :أنَا ؟ قَا َل َ " :نعَ ْم " ،قَا َل َ :فَأنَا أَ ْشقَا ُه ْم يَا
َرسُو َل ال ّلهِ ،قَالَ " :لَا وََل ِكنْ ِإذَا كَانَ َذِلكَ فَا ْر ُد ْدهَا ِإلَى َمأْمَِنهَا " [ أخرجه أحد وغيه وحسنه
ابن حجر رحه ال ] .
فبعد مقتل عثمان رضي ال عنه ،امتنع علي رضي ال عنه أن يقبل باللفة ،ولكن نتيجة
للضغط التزايد عليه من قبل الصحابة رضوان عليهم ،ولا لشعثهم ،وإطفا ًء لنار الفتنة ،قبل
بذلك ،ث اجتمع طلحة والزبي وعائشة رضي ال عنهم وهم ف خروج لم إل مكة لداء
العمرة ،اجتمعوا بشأن مقتل عثمان بن عفان رضي ال عنه ،وتسليم القتلة للقصاص منهم ،
فذهبوا إل أمي الؤمني علي رضي ال عنه ف البصرة ،وطلبوا منه أن يُسلمهم من قتلوا عثمان
رضي ال عنه ،فلم يبهم إل طلبهم ذاك ،لنه كان ينتظر من أولياء عثمان أن يتقدموا بطلب
التحاكم إليه ،وتقدي جناة معيني ،فإن ثبت عليهم القتل أخذ بق عثمان ـ ول شك أن
ذلك كان من العدل والنصاف ،أن ل يُؤخذ أحد بريرة غيه ،حت يثبت عليه الد ،قال
26
تعال َ { :ولَا َتزِرُ وَازِ َر ٌة وِزْ َر ُأخْرَى } [ فاطر ، ] 18فعندما أيقن قتلة عثمان رضي ال عنه ،
أنه قد يُقتص منهم ،ويُقام عليهم الد ،أنشبوا فتنة الرب بي الفئتي السلمتي ،فلما خافوا
من توحيد الكلمة بي علي من جهة ،وعائشة وطلحة والزبي من جهة أخرى ،حل الظلمة
السلح على عسكر طلحة والزبي ،فظنوا أن عليا حل عليهم السلح ،وحلوا على عسكر
علي فظن أن طلحة والزبي قد حلوا عليه ،فحصلت القتلة بي الفئتي الؤمنتي بسبب خيانة
من خرجوا على عثمان رضي ال عنه وإشعالم لفتيل الرب ،ول تكن هذه الوقعة مقصودة ،
بل كانت بغي اختيار الصحابة رضوان ال عليهم ،وهكذا ند أن حصول القتال حصل بغي
اختيارهم ،فوقعت تلك الفتنة العظيمة ،ومات فيها خلق من الصحابة رضي ال عنهم أجعي ،
وقد أشار النب صلى ال عليه وسلم إل وقوعها ،قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ " :لَا
َتقُومُ السّا َعةُ حَتّى َتقْتَتِ َل فِئَتَانِ عَظِيمَتَا ِن َ ،وتَكُونُ بَيَْنهُمَا َمقْتَ َلةٌ عَظِي َم ٌة َ ،ودَ ْعوَاهُمَا وَاحِ َدةٌ
" [ متفق عليه ] ،فكانت تلك الوقعة فاجعة أليمة ذهب ضحيتها عدد كبي من السلمي بل
قصد لم ول اختيار ف القتال ،ولكنه النفاق والروج على ولة المر ،الذي بسببه تراق
الدماء البيئة ،وتصل الفرقة بي السلمي ،بل بي الخوة ف البيت الواحد .
ول بد أن نقف عند هذه الوقعة عدة مواقف :
الول :المساك عما حصل بينهم ،فالقتال حصل بغي رغبة منهم ،وكل منهم يرى أن
الق معه ،فل نطّئ فئة عن فئة ،بل نسك عن ذلك ،لن دعواها واحدة ،وهي الخذ بثأر
عثمان رضي ال عنه .
الثاني :ل يكن لعلي رضي ال عنه يد ف مقتل عثمان رضي ال عنه ،وقد قال ذلك
بلسانه حالفا بال ،وهو الصادق البار ،فقد قال " :وال ما قتلت عثمان ،ول مالت على
قتله " .
الثالث :أن عائشة رضي ال عنها ،ل تأت لقتال ،بل أتت للصلح مع علي والخذ بثأر
عثمان رضي ال عنه ،فقد قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف منهاج السنة " :فوقعت
الفتنة بغي اختيارهم ،وعائشة راكبة ،ل قاتلت ،ول أمرت بقتال " ،وذكر أهل العرفة
والخبار ،وتناقلت كتب السنة أن عائشة رضي ال عنها أتت للصلح فقط ،ول تأت للقتال ،
وما يدل على ذلك حديث قيس ابن أب حازم قال " :لا بلغت عائشة رضي ال عنها بعض
27
ديار بن عامر ،نبحت عليها الكلب ،فقالت :أي ماء هذا ؟ قالوا :الوأب ـ موضع قريب
من البصرة ـ قالت :ما أظنن إل راجعة ،فقال لا الزبي :ل بعد ،تقدّمي فياك الناس ،
فيصلح ال ذات بينهم .فقالت :ما أظنن إل راجعة ،سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم
يقول " :كيف بإحداكن إذا نبحتها كلب الوأب " [ أخرجه الاكم والبزار وأبو يعلى وأحد
،وقال ابن حجر :سنده على شرط الصحيح ] ،وف رواية البزار " :أيتكن صاحبة المل
الدبب ـ كثي وبر الوجه ـ ترج حت تنبحها كلب الوأب ،يُقتل عن يينها وعن شالا
قتلى كثية ،وتنجو من بعد أن كادت " [ صححه اللبان ف الصحيحة برقم . ] 475
فخرجت رضي ال عنها بقصد الصلح ،لنا ظنت أن خروجها فيه مصلحة للمسلمي من
حيث توحيد الكلمة والصلح فيما بينهم ،ث تبي لا فيما بعد أن ترك الروج كان أول ،
فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حت تبل خارها .
الرابع :ندم كل من قاتل ف ذلك القتال ،فندم طلحة والزبي وعلي رضي ال عنهم ،
ولكن كما قلت :فالقتال ل يكن باختيارهم ،بل كان مكيدة ومصيدة لم .
الخامس :اللتفاف حول العلماء الصادقي ،والثبات على الدين ولو كلف ذلك الغال
والنفيس ،والذر من الروج على ولة المر ولو صدر منهم ما صدر ،ما ل يكن كفرا بواحا
عندنا فيه من ال برهان ظاهر ،وإل فالروج عليهم سبب لزعزعة المن ،وعدم الستقرار ،
وسبب للقتال الدامي بي السلمي ،ف البلد الواحد ،فل فائدة منه ،ول رجاء من ورائه ،
فيجب الوقوف مع ولة المر فأبوابم مفتوحة ،وقلوبم قبل ذلك ،خصوصا ونن ف بلد
القرآن ،بلد الرمي الشريفي ،بلد تطبق كتاب ال تعال ،وتكم سنة نبيه صلى ال عليه
وسلم ،ف زمن قل فيه من يعرف بعض أحكام الكتاب والسنة من الدول والشعوب والمم ،
فبلدنا مهبط الوحي ،ومنبع الرسالة ،فيها عرفات ومن ومزدلفة ،وفيها بيت ال الرام ،
ومسجد رسوله صلى ال عليه وسلم ،وفيها مسجد قباء ،وفيها زمزم والطيم ،وفيها آثار
ومشاعر مقدسة ،فهي بلد المن والمان ،ول يوز لحد أن يرعب الساكني فيها ،أو ييف
المني با .
السادس :أن نذر من تلك القلم السمومة ف الصحف والجلت ،والت ل تريد
تطبيق شريعة ال تعال ف أرضه ،فتراهم يكيدون للعلماء والدعاة والخلصي من أبناء هذا
28
الوطن الغال ،يريدون الوقيعة بي أهل العلم النبلء ،والكام الفضلء ،فتارة ينعقون ،
وأخرى ينهقون ،وثالثة يكتبون ،ورابعة يلوحون ،فأخرس ال ألسنتهم ،وكسر أقلمهم ،
وأفسد عقولم ،وأيبس أركانم ،فل خي يريدون ،ول لصلح يسعون ،بل الفساد يبغون ،
والرية يدعون ،والضارة يزعمون ،والقيقة يفون ،وأنم يقولون ما ل يفعلون ،فأولئك
هم الغاوون ،فعليهم من ربم ما يستحقون ،ولربا اندع بم من ل حظ له بالعلم وكشف
القائق ،ومعرفة دوافع القوم ،فانغر بدعوى ترير الرأة ،وتغريب الدين ،وما إل ذلك من
دعواهم الباطلة ،فأظهر حبه وولءه لم ،وهم أعداء ال واللة والدين ،والنبياء والصالي ،
فل نامت أعي البناء { :هَاأَنُتمْ ُأوْلء تُحِبّوَن ُهمْ َو َل يُحِبّونَ ُكمْ َوُتؤْمِنُو َن بِاْلكِتَابِ كُ ّلهِ وَِإذَا
ظ ُقلْ مُوتُواْ بِغَيْ ِظ ُكمْ إِ ّن ال ّلهَ عَلِيمٌ
َلقُوكُ ْم قَالُواْ آمَنّا َوِإذَا خَ َلوْاْ عَضّواْ عَلَ ْي ُكمُ ا َلنَا ِملَ مِ َن اْلغَيْ ِ
ت الصّدُورِ } [ آل عمران ، ] 119فعلينا أن نذر من النافقي العلمانيي ،وأهل البدع
ِبذَا ِ
والهواء ،النتسبي للسلم وهو منهم براء ،الذين ل هم لم إل الصول على مآربم
الدنيئة ،وأغراضهم الدامة ،من بث للفرقة بي الؤمني ،واليقاع بم ،والتربص بم
الدوائر ،والدخول من الثغرات لثارة النعرات ،فلهم رب البيات ،وعال الفيات ،قال
خ ِرجُوكَ َويَ ْم ُكرُو َن َويَ ْمكُ ُر ال ّلهُ
ك الّذِينَ َك َفرُواْ لِيُثْبِتُو َك َأوْ َيقْتُلُو َك َأوْ يُ ْ
سبحانه َ { :وِإذْ يَ ْم ُكرُ بِ َ
وَاللّ ُه خَ ْيرُ الْمَا ِكرِينَ } [ النفال . ] 30
-4موقعة صفين :كان معاوية بن أب سفيان واليا على الشام ،ول يبايع لعلي
باللفة ،فأرسل إليه علي للبيعة فتأخر ول يقدم على ذلك ،فلما رأى علي ذلك عبأ اليش
وتقدم نو الشام لخذ البيعة ،وقبل ذلك قام بعزل معاوية ،واستبدله بسهل بن حنيف ،
ولكنه ل يستطع دخول الشام ،فتقدم جيش علي رضي ال عنه ،وجهز معاوية جيش الشام ،
والتقى الفريقان ف موقع يسمى ( صفي ) وهو موضع قريب من شاطئ الفرات آخر أرض
العراق وأول أرض الشام ،ول يكن يدر بلد علي ول معاوية قتال البتة ،لن المر ل يستدعي
ذلك ،فالطلوب الذعان للخليفة فقط ،وقد كانت هناك دسائس بي الفريقي ،فمعاوية تأخر
بالبيعة لنه ظن أن المر ل يستقر لعلي بعد ،خصوصا بعد موقعة المل ،ما أغضب الليفة ،
فلما التقى المعان كانت هناك مناوشات بسيطة ،حت بدأت العركة بسبب الوارج والنافقي
الذين ل يريدون عليا ول معاوية ،بل يريدون إثارة الفت ،وقتل ف تلك العركة نوا من
29
سبعي ألفا من الفريقي ،واستمر القتال ثلثة أيام ،فظهرت بوادر النصر لعلي ومن معه ،
فرفع أهل الشام الصاحف ،فتوقف القتال ،لعله يكون هناك صلح بي الفئتي التقاتلتي ،ول
يتفق الميع على شيء وافترقوا بدون قتال .
-5ظهور الخوارج :وهذه من الفت الت ظهرت ف عهد علي رضي ال عنه ،
حيث كان الوارج ضمن جيش علي رضي ال عنه ،وبعد انتهاء معركة صفي ،ونزول
الفريقي على التحاكم إل كتاب ال ،وأثناء رجوع علي رضي ال عنه إل الكوفة فارقه
الوارج ونزلوا مكانا يسمى ( حروراء ) وكان عددهم ستة عشر ألفا ،فأرسل علي إليهم عبد
ال بن عباس رضي ال عنهم أجعي ليناظرهم ،فناظرهم مناظرة قوية حكيمة عقلية ،فرجع معه
بعضهم .
وخروجهم على علي لنه حكم كتاب ال تعال فأبرد نار الفتنة وأخد جذوتا ،وهم يريدون
القتال ،فلما رأوا ذلك اتموا عليا رضي ال عنه بأنه أشرك لنه حكّم الرجال بدل القرآن ،
وكذبوا ف ذلك ،بل لم مآرب أخرى ،فقالوا :ل حكم إل ل ،فقال علي :كلمة حق أريد
با باطل ،ث خطبهم ف مسجد الكوفة وقال لم :لكم علينا ثلث :أن ل ننعكم من
الساجد ،ول من رزقكم من الفيء ،ول نبدؤكم بقتال ما ل تُحدثوا فسادا .ولم أفكار
كفرية ضالة ،فمن أبرز أفكارهم :
قولم بانراف عثمان رضي ال عنه ،ووجوب قتله ،وتكفي مرتكب الكبية ما ل يتب منها ،
واستباحوا دماء السلمي وأعراضهم وأموالم ،وتركوا أهل الذمة وأموالم ول يتعرضوا لم
مطلقا ،ولووا أعناق النصوص ورموا با السلمي بدل الكافرين ،فكل آية يُراد با الكفار
قالوا هذه ف الؤمني ،وأبطلوا رجم الحصن ،وقطعوا يد السارق من البط ،وأوجبوا الصلة
على الائض ،فأحدثوا دمارا ف السلم وبلءً عظيما ،ومع ذلك فهم يدعون العلم ،
ويتهدون ف العبادة ،ولذا جاء الديث بالتحذير من خطرهم على المة والفراد ،حيث قَالَ
عَ ِليّ َرضِي اللّه عَنْه سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َيقُولُ َ " :ي ْأتِي فِي آ ِخ ِر الزّمَا ِن قَوْمٌ
ُح َدثَا ُء اْلأَسْنَا ِن ،سُ َفهَا ُء الَْأحْلَامِ ،يَقُولُو َن ِمنْ خَ ْي ِر َقوْ ِل الْبَ ِرّيةِ ،يَ ْم ُرقُو َن ِمنَ اْلإِسْلَامِ كَمَا يَ ْمرُقُ
سهْ ُم ِمنَ ال ّرمِيّ ِة ،لَا يُجَاوِ ُز إِيَانُ ُه ْم حَنَا ِجرَ ُهمْ َ ،فَأيْنَمَا َلقِيتُمُو ُهمْ فَاقْتُلُو ُه ْم َ ،فإِنّ قَتْ َل ُه ْم أَ ْج ٌر لِ َمنْ
ال ّ
خوَارِجِ
قَتَ َل ُه ْم يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ " [ أخرجه البخاري ] ،قال البخاري رحه ال :بَاب قَ ْت ِل الْ َ
30
ضلّ َق ْومًا َب ْعدَ ِإذْ
جةِ عَلَ ْي ِه ْم وَ َق ْولِ ال ّلهِ َتعَالَى َ { :ومَا كَانَ ال ّل ُه لِيُ ِ
حدِينَ َب ْعدَ ِإقَا َم ِة الْحُ ّ
وَالْمُلْ ِ
َهدَا ُهمْ حَتّى يُبَّينَ َل ُهمْ مَا يَّتقُو َن } ،وَكَانَ اْبنُ عُ َم َر َيرَا ُه ْم شِرَا َر خَ ْلقِ ال ّلهِ َ ،وقَا َل ِ " :إّنهُمُ
جعَلُوهَا عَلَى الْ ُمؤْمِِنيَ " .
ت َن َزلَتْ فِي الْ ُكفّا ِر فَ َ
انْطَ َلقُوا ِإلَى آيَا ٍ
ومن ضلل الوارج أنم كانوا يقتلون من مر بم من السلمي ،بينما يتركون الكفرة
والشركي ،فمر بم الصحاب الليل عبد ال بن خباب بن الرت رضي ال عنه وزوجته ،
فقتلوه وبقروا بطن زوجته عن ولدها ،ولا علم أمي الؤمني علي بذلك سألم عمن قتله ،
فقالوا :كلنا قتله ،فتجهز لقتالم ،والتقى بم ف موقعة النهروان ،فهزمهم شر هزية ول ينج
منهم إل القليل .
ول يزال الوارج يظهرون حت يدرك آخرهم الدجال َ ،ع ِن اْبنِ عُ َمرَ رضي ال عنهما ،أَنّ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :يَ ْنشَُأ نَشْ ٌء َي ْقرَءُونَ اْل ُقرْآ َن ،لَا يُجَاوِ ُز َترَاقَِي ُهمْ ،كُلّمَا
ج َقرْنٌ قُ ِط َع " ،قَا َل ابْنُ ُع َمرَ سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َيقُولُ " :كُلّمَا
َخرَ َ
ض ِهمُ الدّجّالُ " [ أخرجه ابن
خرُجَ فِي ِعرَا ِ
شرِي َن َم ّرةً ـ حَتّى َي ْ
ج َقرْنٌ قُ ِطعَ ـ أَكَْث َر ِمنْ ِع ْ
َخرَ َ
ماجة وصححه اللبان ف صحيح الامع برقم . ] 8027
وإنه لن الؤسف أن ند اليوم من جاء ليجدد أفكار تلك الفئة الضالة الندثرة ،ويعيد مأساة
التكفي ،ويقوم بأعمال التخريب والتفجي ف بلد السلمي ،ول شك أن ذلك العمل مرمٌ
ل ،لن السلم معصوم الدم والال والعرض ،ويرم التعرض
ع عرفا ،مقوتٌ عق ً
شرعا ،منو ٌ
للمسلم بأي نوع من أنواع الذى ،ما ل يكن مستحقا لذلك ،وإن كان مستحقا للعقوبة
جراء ظلم أو تعد وقع منه ،فول أمر السلمي هو من يقوم بإقامة الد عليه ،وليس عامة
الناس ،حت ل تصبح الياة ،حياة غابة وبراري َ ،عنْ عَ ْبدِال ّلهِ بن مسعود رضي ال عنه قَالَ :
ح ّل دَ ُم ا ْمرِئٍ ُمسْ ِلمٍ َيشْ َهدُ أَنْ لَا ِإلَ َه ِإلّا ال ّلهُ َوَأنّي
قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :لَا يَ ِ
ق ِمنَ الدّينِ التّارِكُ
س ،وَالثّيّبُ الزّانِي ،وَالْمَارِ ُ
س بِالنّفْ ِ
ث :النّفْ ُ
َرسُو ُل ال ّلهِ ِإلّا ِبِإحْدَى ثَلَا ٍ
جمَا َعةِ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ،و َع ْن َأبِي هُ َرْي َرةَ رضي ال عنه قَا َل :قَالَ َرسُولُ
لِلْ َ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :لَا تَحَا َسدُوا َ ،ولَا تَنَا َجشُوا َ ،ولَا تَبَاغَضُوا ،وَلَا تَدَاَبرُوا َ ،ولَا يَِبعْ
ض ،وَكُونُوا عِبَا َد اللّ ِه ِإخْوَانًا ،الْ ُمسْ ِلمُ َأخُو الْ ُمسْ ِلمِ ،لَا يَظْلِ ُم ُه َ ،ولَا
ضكُمْ عَلَى بَيْ ِع َبعْ ٍ
َبعْ ُ
ئ ِمنَ
ب ا ْمرِ ٍ
حسْ ِ
ث َمرّاتٍ ـ بِ َ
صدْ ِر ِه ثَلَا َ
ي ِإلَى َ
ح ِق ُر ُه ،التّ ْقوَى هَاهُنَا ـ َوُيشِ ُ
خ ُذُلهُ َ ،ولَا يَ ْ
يَ ْ
31
ضهُ "
ح ِق َر أَخَاهُ الْ ُمسْ ِلمَ ُ ،ك ّل الْ ُمسْ ِلمِ عَلَى الْ ُمسْ ِلمِ حَرَا ٌم َ ،د ُمهُ َ ،ومَاُلهُ ،وَ ِعرْ ُ
شرّ أَ ْن يَ ْ
ال ّ
[ أخرجه مسلم وغيه ] ،فكل السلم على السلم حرام ،حرام قتل مسلم بل ذنب اقترفه ،
حرام أكل ماله بغي رضاه ،حرام انتهاك عرضه ،حرام إخافته َ ،ع ْن أَبِي بَ ْك َرةَ قَالَ خَطَبَ
ج َع َل يََتكَلّ ُم هَاهُنَا َمرّ ًة َوهَاهُنَا
حرِ عَلَى نَاقَ ٍة َلهُ قَالَ " :فَ َ
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ يَوْ َم النّ ْ
سكَتْنَا حَتّى ظَنَنّا َأنّ ُه سَُيسَمّيهِ غَ ْي َر اسْ ِمهِ قَالَ
ي يَوْ ٍم َهذَا قَالَ َف َ
َم ّرةً عِ ْندَ ُك ّل َقوْ ٍم ثُ ّم قَا َل " :أَ ّ
سكَتْنَا حَتّى ظَنَنّا َأنّ ُه سَُيسَمّيهِ
ي َشهْ ٍر َهذَا ؟ قَالَ َف َ
حرِ ؟ قَا َل قُلْنَا :بَلَى ُثمّ قَالَ :أَ ّ
س َيوْمَ النّ ْ
َألَيْ َ
سكَتْنَا
جةِ ؟ قَالَ قُلْنَا :بَلَى ُ ،ث ّم قَا َل " :أَيّ بَ َل ٍد َهذَا ؟ قَالَ َف َ
غَ ْيرَ اسْ ِم ِه ،قَا َل َ :ألَيْسَ ذَا الْحِ ّ
حرَا َم " قَالَ قُلْنَا :بَلَى ،قَالَ َ " :فإِنّ
حَتّى ظَنَنّا َأنّ ُه سَُيسَمّيهِ غَ ْيرَ اسْ ِم ِه ،قَا َل َ " :ألَيْسَ الْبَ ْل َد َة الْ َ
ح ْر َمةِ َي ْومِ ُكمْ َهذَا ،
ض ُكمْ َحرَامٌ عَلَ ْي ُكمْ ِإلَى أَ ْن تَ ْل َقوْا َرّب ُكمْ َتعَالَى ،كَ ُ
ِدمَاءَ ُك ْم وََأ ْموَالَ ُك ْم وَأَ ْعرَا َ
ب أَنْ
ب ،فَ َل َعلّ اْلغَائِ َ
فِي شَ ْهرِ ُكمْ َهذَا ،فِي بَ َلدِ ُكمْ َهذَا " ُث ّم قَالَ " :لِيُبَلّ ِغ الشّا ِهدُ مِ ْن ُكمُ اْلغَائِ َ
َيكُو َن َأوْعَى َل ُه ِمنَ الشّا ِهدِ " [ أخرجه مسلم واحد واللفظ له ،ورواه غيها ] ،وكذلك
حرام رفع السلح على السلم ،فكيف بن يقتله بريئا ،ف َعنْ عَ ْبدِاللّ ِه ْبنِ عُ َمرَ َرضِي اللّه
س مِنّا " [ متفق
ح فَلَيْ َ
عَنْهمَا َ ،عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم قَا َل َ " :منْ حَ َملَ عَلَيْنَا السّلَا َ
عليه ] ،وَ َعنِ أَب ُهرَْي َرةَ رضي ال عنه قال :قَالَ َأبُو اْلقَاسِمِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َ " :م ْن َأشَارَ
حدِي َدةٍ َفإِ ّن الْمَلَاِئ َكةَ تَ ْلعَُنهُ حَتّى يَدَ َعهَا َ ،وإِنْ كَا َن َأخَاهُ ِلَأبِي ِه َوأُ ّمهِ " [ أخرجه مسلم
ِإلَى َأخِيهِ بِ َ
وغيه ] ،وهذا ِلعِظَم حرمة السلم عند ال تعال وخطورة سفك دمه ،وكذلك يرم التحريض
ي وََأبَا ُه َرْيرَ َة َيذْ ُكرَانِ
خدْرِ ّ
ت َأبَا َسعِي ٍد الْ ُ
ج ِليّ قَال سَ ِمعْ ُ
ح َكمِ الْبَ َ
على السلم ليقتل ،قال أَبُو الْ َ
ض اشْتَرَكُوا فِي دَمِ
َعنْ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :لَ ْو أَ ّن َأهْ َل السّمَا ِء وََأ ْهلَ اْلأَرْ ِ
ُم ْؤمِ ٍن َلأَكَّبهُ ُم ال ّلهُ فِي النّا ِر " [ أخرجه أحد والترمذي ] ،و َعنِ الَْبرَا ِء ْبنِ عَا ِزبٍ أَنّ َرسُو َل ال ّلهِ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :لَ َزوَا ُل ال ّدنْيَا َأ ْهوَنُ عند ال ّل ِه ِمنْ قَ ْت ِل رجل مسلم " [ أخرجه
الترمذي وابن ماجة والنسائي واللفظ له ،وصححه اللبان رحه ال ] ،وقال تعال { :وَمَن
ب ال ّلهُ عَلَ ْي ِه وََلعََنهُ َوأَ َع ّد َلهُ َعذَابًا عَظِيمًا } [
جزَآ ُؤهُ َجهَّنمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِ َ
َيقُْتلْ ُم ْؤمِنًا مَّتعَ ّمدًا َف َ
ل بنِ عمرو رضيَ الُ عنهما عنِ النبّ صلى ال عليه وسلم قال" :
النساء ، ] 93وعن عبدِ ا ِ
مَن قَتلَ مُعاهِدا ل يرحْ رائحةَ النة ،وإِنّ ريَها تو َجدُ من مَسيةِ أربعي عاما " [ أخرجه
البخاري ] ،فهذه الدلة القاطعة الامعة الانعة تدل على تري إخافة المني والستأمني ف بلد
32
السلمي ،ومن أراد شق عصا الطاعة ،وزعزعة المن ف ربوع البلد ،ونشر الذعر بي الناس
،فيجب الخذ على يده لنه سفيه طائش ،ضل عن ركب العلماء والصالي ،وغوى عن
طريق الق ،ونأى بنفسه بعيدا عن سلوك درب الذين انعم ال عليهم من النبيي والصديقي
والشهداء والصالي ،فوجب تأديبه وزجره حت يكون عبة للمعتبين ،ونكاية للمتآمرين ،
وال ل يب الظالي .
قال الشيخ /صال الفوزان وفقه ال " :فلشك أن توفي المن مطلب ضروري ،والنسانية
أحوج إليه من حاجتها إل الطعام والشراب ،ولذا قدمه إبراهيم عليه الصلة والسلم ف دعائه
على الرزق فقال{رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات لعلهم يشكرون}
لن الناس ل يهناون بالطعام والشراب مع وجود الوف ،ولن الوف تنقطع معه السبل ؛ الت
بواسطتها تنقل الرزاق من بلد لخر ،ولذلك رتب ال على قطاع الطرق اشد العقوبات فقال
{ إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع
أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ذلك لم خزي ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب
عظيم}
وجاء السلم بفظ الضروريات المس ،وهي الدين,والنفس ،والعقل ،والعرض ،والال ،
ورتب حدودا صارمة ف حق من يعتدي على هذه الضرورات ،سواء كانت هذه الضرورات
لسلمي أو معاهدين ،فالكافر العاهد له ما للمسلم ،وعليه ما على السلم؛قال النب صلى ال
عليه وسلم (( من قتل معاهدا ل يرح رائحة النة)) وقال تعال{ وان احد من الشركي
استجارك فأجره حت يسمع كلم ال ث ابلغه مأمنه }
وإذا خاف السلمون من العاهدين خيانة للعهد ،ل يز لم أن يقاتلوهم حت يعلموهم بإناء
العهد الذي بينهم ،ول يفاجئوهم بالقتال بدون إعلم ،قال تعال {وإما تافن من قوم خيانة
فانبذ إليهم على سواء إن ال ل يب الائني}
والذين يدخلون تت عهد السلمي من الكفار ثلثة أنواع:
الستأمن :وهو الذي يدخل بلد السلمي بأمن منهم؛لداء مهمة ث يرجع إل بلدة بعد إنائها.
والعاهد :الذي يدخل تت صلح بي السلمي والكفار,وهذا يؤمن حت ينتهي العهد الذي بي
الفئتي,ول يوز ل حد أن يعتدي عليه,كما ل يوز له أن يعتدي على احد من السلمي.
33
والذمي :الذي يدفع الزية للمسلمي ويدخل تت حكمهم.
والسلم يكفل لؤلء النواع من الكفار المن على دمائهم وأموالم وأعراضهم ،ومن اعتدى
عليهم فقد خان السلم ،واستحق العقوبة الرادعة.
والعدل واجب مع السلمي ومع الكفار ،حت لو ل يكونوا معاهدين أو مستأمني أو أهل ذمة ،
قال تعال { ول يرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن السجد الرام أن تعتدوا}
وقال تعال {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي ل شهداء بالقسط ول يرمنكم شنان قوم على
إل تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى}
والذين يعتدون على المن :إما أن يكونوا خوارج ،أو قطاع طرق ،أو بغاة ،وكل من هذه
الصناف الثلثة يتخذ معه الجراء الصارم ،الذي يوقفه عند حده ،ويكف شره عن السلمي
والستأمني والعاهدين وأهل الذمة ،فهؤلء الذين يقومون بالتفجي ف أي مكان ،ويتلفون
النفس العصومة ،والموال الحترمة – لسلمي أو معاهدين ، -ويرملون النساء ،وييتمون
الطفال ؛ هم من الذين قال ال فيهم { ومن الناس من يعجبك قوله ف الياة الدنيا ويشهد ال
على ما ف قلبه وهو ألد الصام *وإذا تول سعى ف الرض ليفسد فيها ويهلك الرث والنسل
وال ل يب الفساد *وإذا قيل له اتق ال أخذته العزة بالث فحسبه جهنم ولبئس الهاد}
ومن العجيب أن هؤلء العتدين الارجي على حكم السلم يسمون عملهم هذا جهادا ف
سبيل ال ،وهذا من أعظم الكذب على ال ؛ فان ال جعل هذا فسادا ول يعله جهادا ،ولكن
ل نعجب حينما نعلم أن سلف هؤلء من الوارج كفروا الصحابة ،وقتلوا عثمان وعليا –
رضي ال عنهما -وها من اللفاء الراشدين ومن العشرة البشرين بالنة ،قتلوها؛ وسم وا هذا
جهادا ف سبيل ال ،وإنا هو جهاد ف سبيل الشيطان ،قال تعال{ الذين آمنوا يقاتلون ف
سبيل ال والذين كفروا يقاتلون ف سبيل الطاغوت}
ول يمل السلم فعلهم هذا كما يقول أعداء السلم –من الكفار والنافقي :-إن دين
السلم دين إرهاب,ويتجون بفعل هؤلء الجرمي ،فان فعلهم هذا ليس من السلم ،ول
يقره إسلم ول دين ،إنا هو فكر خارجي قد حث النب صلى ال عليه وسلم على قتل أصحابه
،وقال (( أينما لقيتموهم فاقتلوهم))
34
ووعد بالجر الزيل لن قتلهم ،وإنا يقاتلهم ول أمر السلمي؛ كما قاتلهم الصحابة بقيادة
أمي الؤمني علي بن أب طالب-رضي ال عنه.-وبعض النافقي أو الهال يزعم أن مدارس
السلمي هي الت علمتهم هذا الفكر ،وان مناهج التدريس تتضمن هذا الفكر النحرف ،
ويطالبون بتغيي مناهج التعليم.
ونقول :إن أصحاب هذا الفكر ل يتخرجوا من مدارس السلمي ،ول يأخذوا العلم عن علماء
السلمي ؛ لنم يرمون الدراسة ف الدارس والعاهد والكليات ،ويتقرون علماء السلمي ،
ويهلونم ،ويصفونم بالعمالة للسلطي ،ويتعلمون عند أصحاب الفكر النحرف ،وعند
حدثاء السنان سفهاء الحلم من أمثالم ،كما جهل أسلفهم علماء الصحابة وكفروهم.
والذي نرجوه بعد اليوم أن يلتفت الباء لبنائهم ،فل يتركوهم لصحاب الفكار الدامة
يوجهونم إل الفكار الضالة ،والناهج النحرفة,ول يتركوهم للتجمعات الشبوهة ،
والرحلت الجهولة,والستراحات الت هي مراتع لصحاب التضليل ،ومصائد للذئاب
الفترسة ،ول يتركوهم يسافرون إل خارج الملكة وهم صغار السن ،وعلى العلماء أن
يقوموا بالتوجيه السليم ،وتعليم العقائد الصحيحة ف الدارس والساجد ووسائل العلم؛حت
ل يدعوا فرصة لصحاب الضلل الذين يرجون ف الظلم وعند غفلة الصلحي " .
-6موقعة الحرة :وقعت ف زمن يزيد بن معاوية ،واستبيحت فيها مدينة رسول
ال صلى ال عليه وسلم ،وقُتل فيها كثي من الصحابة رضي ال عنهم ،وسببها :أن أهل
الدينة خلعوا يزيد من البيعة ،فأرسل إليهم جيشا بقيادة مسلم بن عقبة الري ،فاستباح
الدينة ،وقتل نو سبعمائة من الصحابة ،وقتل عشرة آلف من غيهم ،وقد أخذه ال وهو ف
طريقه من مكة إل الدينة .
وهكذا تتابعت الفت ف بلد السلمي حت تفرقوا وأصبحوا أحزابا وشيعا ،كل فرقة تدّعي أنا
على الق ،وأن غيها على الباطل َ ،ع ْن َأبِي ُه َريْ َر َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ
ت النّصَارَى عَلَى ِإ ْحدَى َأوْ
ي ِف ْر َقةً َ ،وَت َفرّقَ ِ
َوسَ ّلمَ " :افَْت َرقَتِ الَْيهُودُ عَلَى ِإحْدَى َأوْ ثِنْتَ ْي ِن َوسَبْعِ َ
ي ِف ْرقَ ًة " [ أخرجه أهل السنن إل النسائي ،
ث وَسَ ْبعِ َ
ق أُمّتِي عَلَى ثَلَا ٍ
ي ِف ْر َقةً َ ،وَتفَْترِ ُ
ثِنْتَ ْي ِن َوسَبْعِ َ
وصححه اللبان رحه ال ف صحيح الامع برقم ، 1094والصحيحة برقم ، ] 203ول
ينجو من هذه الفرق الثلث والسبعون إل من كان على ما كان عليه النب صلى ال عليه وسلم
35
س ْبنِ مَالِكٍ رضي ال عنه
وأصحابه ،وهذا ما جاء ف سنن ابن ماجة رحه ال من حديث َأنَ ِ
قَالَ :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :إِنّ بَنِي إِ ْسرَائِي َل افَْترَقَتْ عَلَى ِإ ْحدَى َوسَبْعِيَ
ي ِف ْر َقةً كُ ّلهَا فِي النّا ِر ِإلّا وَا ِح َدةً َو ِهيَ الْجَمَا َعةُ "
ِف ْر َقةً َ ،وإِ ّن ُأمّتِي سَتَفَْترِقُ عَلَى ثِنْتَ ْي ِن َوسَبْعِ َ
[ أخرجه ابن ماجة وغيه ] ،وهانن نرى الفت تتلطم بالسلمي كأمواج البحار ،وسيل
النار ،ول سلمة منها إل بالتمسك بالكتاب العزيز ،وسنة النب صلى ال عليه وسلم ،
ولزوم جاعة السلمي .
المساك عما شجر بي الصحابة رضوان ال عليهم أجعي :
واجبنا حول ما حدث بي الصحابة من قتال ،أن ل نبحث فيما شجر بينهم ،لن ذلك ل
يقرب العبد إل ال زلفى ،فهم قد لقوا ربم و هو أعلم با شجر بينهم ،فإن كان المر ل
يقربك إل ال زلفى ،وإنا قد يقودك إل النار وأنت ل تعلم ،فتجنبه أول ؛ إل ف حالة واحدة
وسيأت بيان هذه الالة .
و معن المساك عما شجر بي الصحابة ،هو عدم الوض فيما وقع بينهم من الروب
واللفات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلت ،ونشر ذلك بي العامة ،أو التعرض لم ،
بالتنقص لفئة والنتصار لخرى .
قال شيخ السلم ف مموع الفتاوى ( : )3/406وكذلك نؤمن بالمساك عما شجر بينهم ،
ونعلم أن بعض النقول ف ذلك كذب ،وهم كانوا متهدين ،إما مصيبي لم أجران ،أو مثابي
على عملهم الصال مغفور لم خطؤهم ،وما كان لم من السيئات ،وقد سبق لم من ال
السن ،فإن ال يغفر لم إما بتوبة أو بسنات ماحية أو مصائب مكفرة .
وما شجر بينهم من خلف فقد كانوا رضي ال عنهم يطلبون فيه الق ويدافعون فيه عن الق ،
فاختلفت فيه اجتهاداتم ،ولكنهم عند ال عز وجل من العدول الرضي عنهم ،ومن هنا كان
منهج أهل السنة والماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم ،فل نقول عنهم إل خيا ،
ونتأول وناول أن ند العذار للمخطئ منهم ،ول نطعن ف نيّاتم فهي عند ال ،وقد أفضوا
إل ما قدموا ،فنترضى عنهم جيعا ،ونترحم عليهم ونرص على أن تكون القلوب سليمة
تاههم .
36
وقال ابن قدامة القدسي ف اللمعة (ص : )175و من السنة تول أصحاب رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،ومبتهم وذكر ماسنهم والترحم عليهم والستغفار لم ،والكف عن ذكر
مساوئهم وما شجر بينهم ،واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم ،قال ال تعال { :وَاّلذِينَ جَاؤُوا
ج َعلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّا لّ ّلذِينَ
مِن َبعْ ِدهِ ْم َيقُولُونَ َربّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا َوِلإِ ْخوَانِنَا اّلذِي َن سََبقُونَا بِالْإِيَا ِن َولَا تَ ْ
ح ّمدٌ ّرسُولُ ال ّلهِ وَالّذِينَ َم َعهُ
آمَنُوا َربّنَا ِإّنكَ َرؤُوفٌ ّرحِيمٌ } [ الشر ، ]10وقال تعال { :مّ َ
َأ ِشدّاء عَلَى اْلكُفّارِ ُرحَمَاء بَيَْن ُهمْ } [الفتح َ ، ]29ع ْن َأبِي هُ َرْي َرةَ رضي ال عنه قَا َل :قَالَ
َرسُو ُل ال ّلهِ صلى ال عليه وسلم " :لَ َتسُبّوا أَصْحَابِي َ ،ل َتسُبّوا أَصْحَابِي َ ،فوَاّلذِي نَ ْفسِي
بَِي ِد ِه ،لَ ْو أَ ّن َأحَدَ ُك ْم أَْن َفقَ مِ ْث َل ُأحُ ٍد َذهَبا ،مَا أَدْرَ َك ُم ّد َأحَ ِدهِ ْم َ ،ولَ نَصِي َفهُ " [ أخرجه
البخاري من حديث عن أب سعيد الُدريّ رضيَ ال ّلهُ عنه ،وأخرجه مسلم واللفظ له ] .
والذي يظهر من كلم هؤلء الئمة التأكيد على هذا الضابط الهم و هو :عدم الوض فيما
شجر بي الصحابة رضي ال عنهم ،على سبيل التسلية و تأليف الشرطة والحاضرات
وعرضها بي الناس بختلف مستوياتم ،وهو خطأ وقع فيه بعض الدعاة والكتاب غفر ال لنا
ولم .
غي أن بعضهم أجاز الوض ف ذلك ف حالة واحدة فقط ؛ وهي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح
فيهم بالباطل ،فيجب الدفاع عنهم بق وعدل مع التنبيه إل أنه ل يدافع عن بعضهم فيقع ف
سب آخرين منهم ،إنا يكون الدفاع عنهم رضي ال عنهم جيعا ،وإل فيجب الصمت وترك
الوض فيما شجر بينهم .
ول يسعنا ف هذا القام إل أن نتمسك بقوله تعال { :والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا
ل للذين آمنوا ربنا إنك رؤف
اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليان ول تعل ف قلوبنا غ ً
رحيم }[ الشر . ] 10
37
ح ّدثُ َعنِ
ي َ ،فسَ ِمعُْت ُه يُ َ
س سِنِ َ
ت َأبَا ُهرَْي َرةَ _ رضي ال عنه _ خَمْ َ
و َع ْن َأبِي حَازِ ٍم قَا َل :قَا َعدْ ُ
ك نَِبيّ خَ َل َفهُ
النِّبيّ صلى ال عليه وسلم قَالَ " :كَانَتْ بَنُو إسْرَائِي َل َتسُو ُس ُهمُ الَنْبِيَاءُ ُ ،كلّمَا هَلَ َ
نَِبيّ ،وَإّنهُ َل نَِبيّ َب ْعدِي َ ،وسَتَكُو ُن خُلَفَا ُء فََتكُْثرُ " ،قَالُوا :فَمَا تَ ْأ ُمرُنَا ؟ قَالَ " :فُوا بِبَ ْي َعةِ
الَ ّولِ فَا َلوّ ِل ،وَأَعْطُو ُهمْ َح ّقهُ ْم ،فَإنّ ال ّل َه سَائِ ُل ُهمْ عَمّا اسَْترْعَاهُمْ " [ متفق عليه ] .
ومن ظهر من هؤلء الدجالي الثلثون :
-1مسيلمة الكذاب :الذي ادعى النبوة ف آخر زمن النب صلى ال عليه وسلم ،وقد كثر
أتباعه ،وعظم شره على السلمي ،حت قضى عليه الصحابة ف عهد أب بكر الصديق رضي
ال عنه ف معركة اليمامة .
-2ث ظهر السود العنسي ف اليمن :وادعى النبوة ،فقتله الصحابة قبل موت النب صلى ال
عليه وسلم .
-3ث ظهرت سجاح :فادعت النبوة ،وتزوجها مسيلمة الكذاب ،وبعد موته رجعت إل
السلم .
-4ث ظهر طليحة بن خويلد السدي :ث رجع إل السلم وحسن إسلمه .
-5ث ظهر الختار بن أب عبيد الثقفي :وأظهر مبة أهل البيت ،وطالب بدم السي ،وكثر
أتباعه ،فتغلب على الكوفة ف أول خلفة ابن الزبي ،ث أغواه الشيطان فادعى النبوة ،وأن
جبيل نزل عليه بالوحي .
-6ومنهم الارث الكذاب :ظهر ف خلفة عبد اللك بن مروان فقتل .
-7وخرج ف خلفة بن العباس جاعة من الدجالي .
-8وظهر ف العصر الديث ،ميزا أحد القاديان بالند .
-9وظهر ف عام 1233هـ اليزا عباس ف إيران :وادعى النبوة ،ومات بفلسطي عام
1309هـ .
-10ث ظهر ممود ممد طه ف السودان :وقد أضل كثيا من اللق ،وأعدم عام 1985م .
-11وظهر رشاد عبد الليم خليفة :بائي ،ادعى النبوة ،ولد بكفر الزيات بصر سنة
1354هـ ،والده شيخ الطريقة الشاذلية الصوفية بدينة طنطا ،كان معروفا بسوء اللق
والعناد منذ صغره ،وييل إل الكذب والراوغة ،ترج بتقدير مقبول من كلية الزراعة ،فلم
38
يستطع إكمال دراسته ،أكمل دراسته ف أمريكا ،عن طريق الكنيسة والؤسسات التنصيية ،
فنال خلل أربعة أعوام درجة الدكتوراه ف الكيمياء اليوية ،ث عاد لصر ،أنكر السنة ،
وافترى على النب صلى ال عليه وسلم ،أصدر الجمع الفقهي سنة 1409هـ فتوى
بتكفيه ،ادعى النبوة ف شهر رمضان 1409هـ ،إل أن دخل عليه ماهد مسلم ،فطعنه
عدة طعنات ف بيته ،ف /31يناير1990 /م ،فقتله ف مدينة توسان بأمريكا .
ومن هؤلء الكذابون أربع نسوة ،عن حذيفة رضي ال عنه :أن النب ال صلى ال عليه وسلّم
س َوةٍ َ ،وِإنّي خَاِتمُ النّبِيّ ْي َن ،لَ
شرُو َن ،مِ ْن ُهمْ أَ ْربَ ُع ِن ْ
قال " :ف ُأمّتِي َكذّابُو َن َودَجّالُو َن سَبْ َع ٌة وَ ِع ْ
نَِب ّي بَ ْعدِي " [ أخرجه أحد وصححه اللبان ف الصحيحة برقم . ] 1999
ول يزال يظهر هؤلء الكذابون حت يظهر آخرهم العور الدجال ،كما قال صلى ال عليه
ج ثلثونَ كذابا آ ِخ ُر ُهمُ العورُ ال ّدجّالُ
خرُ َ
وسلم " :وإنّ ُه وال ل تقومُ الساعةُ حتّـى يَ ْ
" [ أخرجه أحد وابن خزية ] .
فكل من ادعى النبوة ،وقويت شوكته ،وأصبح له متبعي ،فهو من الدجالي الكذابي ،
الذين ورد ذكرهم ف الحاديث ،أما من ل يكن كذلك ،فليس بداخل ف الحاديث ،فليس
ل ،أو من
كل من ادعى النبوة أصبح من وردوا ف الحاديث ،فربا كان هناك من به جنون مث ً
استمع لحاضرة مثلً فتقمص شخصية أحد البارزين با ،أو ما شابه ذلك ،ث ادعى ما ادعى
من الرافات .
39
والصحيح أن القحطان يرج من قحطان ،ويكم الناس بالعدل ،وهو رجل صال ،تدين له
الناس بالطاعة ،وتتمع عليه ،ويكون ذلك عند تغيّر الزمان ،ولذا ذكر البخاري رحه ال
حديث القحطان ف باب تغي الزمان.
والقحطان ليس هو الهدي الذي سيخرج أيضا لكن ف آخر الزمان ،وخروجه من علمات
الساعة الكبى ،فإن خروج الهدي يكون من علمات الساعة الكبى ،وسيكون خروجه بعد
القحطان بزمن ،وليس القحطان هو الهجاه الذي ذكره النب صلى ال عليه وسلم وأنه
سيحكم أيضا ،ويكون له اللك ف آخر الزمان ،لن الهجاه رجل من الوال ،أما القحطان
فهو من الحرار نسبة إل قحطان ،الذي تنتهي أنساب أهل اليمن من حي وهدان وغيهم إليه
.
وليس القحطان هو السفيان ،فإن أحاديث خروج السفيان أحاديث ل تصح ول تثبت البتة .
ومن قال أن صدام حسي هو السفيان ،فقد افترى كذبا عظيما ،وقال على ال ما ل علم له
به .
أما أحاديث خروج القحطان فكثية َ ،ع ْن َأبِي هُ َرْي َرةَ رضي ال عنه ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صلى ال
ق النّاسَ ِبعَصَاهُ
خرُجَ َرجُ ٌل ِمنْ قَحْطَا َن َ ،يسُو ُ
عليه وسلم قَالَ َ " :ل َتقُو ُم السّا َعةُ حَّتىٰ َي ْ
" [ أخرجه البخاري ومسلم ] ،ومعن يسوق الناس بعصاه :كناية عن استقامة الناس ،
وانقيادهم له ،واتفاقهم عليه ،وفيه إشارة أيضا إل القسوة على أهل العصية ،لنه رجل صال
،يكم بالعدل ،ول يرضى بانتشار العاصي والنكرات تت وليته [ التذكرة للقرطب ] 348
،ويدل لذلك ما أخرجه نعيم بن حاد بسند جيد عن ابن عباس رضي ال عنهما قال فيه " :
ورجل من قحطان ،كلهم صال " .
أما الهجاه فقد ورد ذكره ف كتب السنة وهو من علمات الساعة وأشراطها َ ،عنْ ُع َم َر ْبنِ
ت َأبَا ُه َريْ َرةَ رضي ال عنه َيقُو ُل :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ " :لَا
ح َكمِ قَال سَ ِمعْ ُ
الْ َ
َي ْذهَبُ اللّ ْي ُل وَالّنهَارُ حَتّى يَمْ ِلكَ َر ُج ٌل ِمنَ الْ َموَالِي ُيقَا ُل َلهُ َجهْجَا ُه " [ أخرجه الترمذي وأحد ،
وصحح إسناده أحد شاكر برقم . ] 8346
ولّا حدّث عبدال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما بذا الديث ،غضب معاوية رضي ال
عنه ،فقام وتكلم وقال :فإن سعتُ رسولَ ال صلى ال عليه وسلم يقول " :إنّ هذا المرَ ف
40
ش _ الكم _ ل يُعاديهم أحدٌ ،إل كّبهُ ال على وجهِه ،ما أقاموا الدّين " [ أخرجه
قري ٍ
البخاري ] .
ومعاوية رضي ال عنه ل ينكر حديث خروج القحطان ،ولكنه كان يريد رضي ال عنه ،
التأكيد على أن اللفة ل توز ف غي قريش ،لكن بشرط ،كما ف حديث معاوية _ ما أقاموا
الدين _ فإذا ل يقيموا الدين ،خرج المر من أيديهم ،وقد حصل هذا ،فإن الناس ل يزالوا
ف طاعة قريش إل أن ضعف تسكهم بالدين ،فضعف أمرهم ،وتلشى ملكهم ،وانتقل
الكم إل غيهم .
وهذه سنة ربانية ماضية إل يوم القيامة ،فكلما بدّل الناس ،بُدّل عليهم ،مصداقا لقول الق
س ِهمْ َوِإذَا أَرَادَ ال ّلهُ ِب َقوْ ٍم سُوءا فَلَ
تبارك وتعال { :إِ ّن ال ّلهَ َل ُيغَّيرُ مَا بِ َقوْ ٍم حَتّى ُيغَّيرُوْا مَا ِبَأنْ ُف ِ
َم َردّ َل ُه َومَا َلهُم مّن دُوِنهِ مِن وَالٍ } [ الرعد . ] 11
وواقع هذه الية نشاهده اليوم بكل وضوح ،فكم كانت المة تعيش حياة هادئة هانئة ،ل
منغص لا ،وذلك بتمسك أفرادها بدينها الذي ل يقبل أية مساومة أو تبديل أو تغيي ،حت
وصل الال اليوم إل ابتعدا الناس عن دينهم شيئا فشيئا ،فنشأت أجيال تنكرت لدينها ،
وتلت عن وطنيتها ،بل زاد الطي بلة ،عندما حاربنا أبناؤنا ف ديننا وف معتقدنا الصحيح ،
فأصبحوا يدعون إل تغريب الدين ،وأنه لبد من فصله عن جيع مناحي الياة ،ويدّعون زورا
وبتانا ،دعاوىً ربا أخرجت الرء عن دينه _ والعياذ بال _ كتحرير الرأة من قيود الشريعة ،
واختلط الرجال بالنساء ف العمال ،وقيادة الرأة للسيارة ،وفشو كثي من الكبائر
والنكرات ،وهجران بيوت ال تعال ،وترك الصلوات إما جزئيا أو كليا ،فالمة اليوم تعيش
حالة من الفوضى وعدم الستقرار ،بسبب البعد عن الدين ،بل يُحارب الدين من كل حدب
وصوب ،والمة عمياء صماء بكماء إل ما رحم رب وعصم ،قرآننا يُدنس ،ونبينا _ صلى
ال عليه وسلم _ يُسب ،ليس من قبل العداء فقط ،بل حت من بعض السلمي ،فنجد من
يسب الدين ،ويتعرض ل تبارك وتعال بأنواع من العتاب أو اللعن _ والعياذ بال _ فكان
حتما أن يصل لنا ما نن فيه من ضيق ونكد ،وتعب ونصب ،وتكالب العداء علينا ،
ل َقرَْيةً كَانَتْ آ ِمَنةً مّطْ َمئِّنةً
ض َربَ ال ّلهُ مََث ً
لنتهاب الثروات ،وتطيم القدرات ،قال تعال { :وَ َ
خوْفِ بِمَا كَانُواْ
ع وَالْ َ
َي ْأتِيهَا رِ ْز ُقهَا رَغَدا مّن ُك ّل مَكَا ٍن َفكَ َف َرتْ ِبَأنْ ُعمِ ال ّل ِه َفأَذَا َقهَا اللّ ُه لِبَاسَ الْجُو ِ
41
شأْنَا َبعْ َدهَا
يَصَْنعُونَ } [ النحل ، ] 112وقال تعال { :وَ َك ْم قَصَمْنَا مِن َق ْرَيةٍ كَانَتْ ظَالِ َم ًة َوأَن َ
َقوْما آ َخرِينَ } [ النبياء . ] 11
ففي ضل هذه الظروف القاسية ،والتكدسات اللأخلقية ،والتدفقات اللدينية ،كان لبد من
انتشار الظلم ،وسيطرة القهر والرية ،بشكل مريع فظيع ،حت بات السلم ل يأمن على
نفسه وأهله ،جراء فقدان زمام المن ،وضياع الابل بالنابل ،والتنصل من السؤولية على
مستوى أفراد الجتمع الواحد ،بدءا بالنل ،ث الدرسة ،والسجد ،إل أكب من ذلك .
فكان لبد مع تفشي هذه النكرات ،وخوفا من وقوع العقوبات من ال عز وجل ،كان لبد
من وجود رجل يدد للناس إيانم ويذكرهم بال تعال ،ليعودوا إل دينهم ،ويكموا عقولم ،
فكان خروج القحطان لجل ذلك ،فهو رجل صال ،يدين له الناس ،ويتبعونه ويطيعونه .
42
ويصف أبو شامة القدسي هذه النار فيقول " :لا كانت ليلة الربعاء ثالث جادى الخرة سنة
أربع وخسي وستمائة ،ظهر بالدينة النبوية دوي عظيم ،ث زلزلة عظيمة ،رجت منها الرض
واليطان والسقوف والخشاب والبواب ،ساعة بعد ساعة ،إل يوم المعة الامس من
الشهر الذكور ،ث ظهرت نار عظيمة ف الرة قريبة من بن قريظة ،نبصرها من دورنا من
داخل الدينة كأنا عندنا ،وهي نار عظيمة إشعالا أكثر من ثلث منارات ،وقد سالت أودية
بالنار إل وادي شظا مسيل الاء ،فلم يسيل ،وال لقد طلعنا جاعةً نبصرها فإذا البال تسي
نيانا ،وقد سدت الرة طريق الاج العراقي ،فسارت إل أن وصلت إل الرة ،فوقفت
بعدما أشفقنا أن تئ إلينا ،ورجعت تسيل ف الشرق ،فخرج من وسطها سهود وجبال نيان
تأكل الجارة [ " . .البداية والنهاية ] .
وقال ابن حجر رحه ال " :فانتهت النار إل قرب الدينة ،ومع ذلك فكان يأت الدينة نسيم
بارد ،وشوهد لذه النار غليان كغليان البحر ،وقيل :أنا رئيت من مكة ومن جبال بصرى
" [ الفتح ] .
وقال النووي رحه ال وهو من عاصر خروجها " :تواتر العلم بروج هذه النار عند جيع أهل
الشام " [ شرح النووي على مسلم ] .
قال أبو شامة " :وقد تاب جيع أهل الدينة ،ول بقي يُسمع فيها رباب ،ول دف ،ول شرب
،وبات الناس تلك الليلة بي مصل وتال للقرآن ،وراكع وساجد ،وداع إل ال عز وجل ،
ومتنصل من ذنوبه ،ومستغفر وتائب [ " . . .البداية والنهاية ] ،فكان لتلك النار العظيمة
أثر ف النفوس ف ذلك الوقت فرجعوا إل ال تعال ،وأنابوا إليه ،وأقبلوا على طاعته سبحانه ،
وتركوا معصيته ،وانزجروا عنها ،فهل لنا ف تلك اليات العظام ،والفت السام عب نعتب
با ،وقلوبا نعي با ،فكم نشاهد اليوم من آيات ال تعال ف خلقه من معجزات بينات
ظاهرات واضحات ،وتويف من ال تعال لعباده ليعودوا إليه ويصححوا السار ،ويقلعوا عن
الذنوب والعاصي ،ومن تلك اليات الت يرسلها ال لعباده ليخوفهم با ،ما نراه من كسوف
وخسوف للشمس والقمر ،وما نراه من قحط للمطر ،وحدوث الزلزل الدمرة ،والباكي
الحرقة ،والفيضانات الغرقة ،والعواصف الهلكة ،وما نشاهده من فت وحروب وقتل
واستيلء وهدم وانتهاك وغي ذلك كثي ،فهذه فت وآيات ليقلع العاصي ،ويتوب الذنب ،
43
فهل ينتظر الناس إل الدجال فهو شر غائب ينتظر ،نعوذ بال منه ومن فتنته ،فهي أعظم فتنة
تر بالبشرية ،فلبد من إعلن التوبة الصادقة ،والذر من الخادعة ل ،فال أعظم وأجل أن
خدَعُو َن ِإلّ أَن ُفسَهُم
يادعه بشر ضعيف فقي ،قال تعال { :يُخَادِعُونَ ال ّلهَ وَاّلذِينَ آمَنُوا َومَا يَ ْ
ي يُخَادِعُو َن اللّ َه َوهُ َو خَادِ ُع ُهمْ وَِإذَا
ش ُعرُو َن } [ البقرة ، ] 9وقال تعال { :إِ ّن الْمُنَا ِفقِ َ
َومَا َي ْ
س َولَ َيذْ ُكرُونَ ال ّلهَ ِإ ّل قَلِيلً } [ النساء ] 142
ل ِة قَامُواْ ُكسَالَى ُيرَآؤُو َن النّا َ
قَامُوْا إِلَى الصّ َ
.
44
جلود الذئاب ،وكلب الاء ،وهي ذات شعر كما هو معروف [ .التذكرة للقرطب
. ] 306
وقد قاتل السلمون الترك من عصر الصحابة رضي ال عنهم وذلك ف أول خلفة بن أميه ف
عهد معاوية رضي ال عنه ،وكذلك بعد السنة الستمائة لا أسعرت الدنيا نارا خصوصا الشرق
بأسره ،حت ل يبق بلد منه إل دخله شرهم ،ث كان خراب بغداد وقتل الليفة العتصم ،
يقول النووي رحه ال " :قد وجد قتال هؤلء الترك بميع صفاتم الت ذكرها النب صلى ال
عليه وسلم ،صغار العي ،حر الوجوه ،ذلف النوف ،عراض الوجوه ،كأن وجوههم
الجان الطرقة ،ينتعلون الشعر ،فوجدوا بذه الصفات كلها ف زماننا ،وقاتلهم السلمون
مرات " .
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ " :إِ ّن ُأمّتِي َيسُوقُهَا َقوْمٌ
وقد حدثت تلك العارك حت قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ َ
ث ِمرَارٍ ـ
صغَا ُر اْلأَعُْينِ َ ،كأَ ّن وُجُو َه ُهمُ الْحَجَفُ ( يعن :الترس ) ـ ثَلَا َ
ض اَلوْجُوهِ ِ ،
ِعرَا ُ
ب مِ ْن ُهمْ َ ،وَأمّا الثّانَِيةُ فََيهْ ِلكُ
ب َ ،أمّا السّابِ َق ُة الْأُولَى فَيَنْجُو مَ ْن َهرَ َ
جزِي َرةِ اْل َعرَ ِ
حقُو ُهمْ بِ َ
حَتّى يُ ْل ِ
ض ،وََأمّا الثّالِثَ ُة فَيُصْطَلمُونَ كُ ّل ُه ْم َمنْ َب ِقيَ مِ ْن ُه ْم " قَالُوا يَا نَِب ّي اللّ ِه َمنْ ُهمْ ؟
ض وَيَنْجُو َبعْ ٌ
َبعْ ٌ
قَالَ ُ " :همُ الّترْ ُك " قَا َل َ " :أمَا وَالّذِي َنفْسِي بَِي ِد ِه لََي ْربِطُ ّن خُيُوَل ُهمْ ِإلَى َسوَارِي َمسَا ِجدِ
ك ،لِ ْلهَ َربِ مِمّا
سفَ ِر وَاْلَأسْقَِي ُة بَ ْع َد َذلِ َ
ع ال ّ
ي " وَكَانَ ُب َرْي َدةُ لَا يُفَا ِر ُقهُ َبعِيَا ِن أَ ْو ثَلَاثَ ٌة َومَتَا ُ
الْ ُمسْلِ ِم َ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ ِ ،م َن الْبَلَا ِء ِمنْ ُأ َمرَا ِء الّترْ ِك " [ أخرجه أحد بإسناد
سَمِعَ مِ َن النِّبيّ َ
صحيح ] ،ومعن يصطلمون :يعن الستئصال ،أي يصدون السلمي .
وكان مشهورا ف زمن الصحابة رضي ال عنهم حديث " :اتركوا الترك ما تركوكم "
[ أخرجه أبو داود واختلف العلماء ف صحته من عدمها ،ولكن أقل ما يقال فيه إنه حسن
وال أعلم كما قاله بعض الحدثي ] .
فاشتد بأس الترك على السلمي ،فوقع قتالم ف أول خلفة بن أمية ،ووقع قتالم ف عصر ابن
تيمية رحه ال تعال ،ففي سنة خسمائة خرج الغزّ من التتار ،فخربوا البلد ،وفتكوا بالعباد ،
ث كان خروج جنكز خان بعد الائة السادسة ،فكانت فتنته عظيمة ،خصوصا بالشرق ،حت
ل يبق بلد إل دخله ،وخربت بغداد وقُتل الستعصم وكان ذلك ف سنة ستمائة وست وخسي
للهجرة ،وظهر هولكو ،فعاث ف الرض الفساد ،وقتل السلمي والعلماء والفضلء ف
45
بغداد حت سالت ميازيب النازل بدماء الشهداء ،وظهر اللنك ومعناه العرج وسامه تَمّر ،
وعاث ف بلد الشام الفساد حت حرق دمشق وصارت على عروشها ،ودخل الروم والند
وما بي ذلك ،وطالت مدته حت أخذه ال تعال .
إل أن خرج إليهم القائد البطل اللك الظفر اللقب بقطز ،فخرج بميع عساكره ،حت التقى
بالترك ف عي جالوت ،فهزمهم شر هزية .
ث دخل كثي من الترك ف السلم ،نتيجة احتكاكهم بالسلمي ،وتأثرهم بسلوكهم وأخلقهم
النبيلة ،فحسن إسلمهم ،وقد ظهر على أيديهم خي كثي للسلم والسلمي ،وحصل ف
عهدهم كثي من الفتوحات العظيمة ،ومنها :فتح القسطنطينية عاصمة الروم ،وذاك الفتح
تهيدا للفتح العظيم الذي سيكون آخر الزمان قبل ظهور الدجال .
لكن تركيا اليوم تتلف كثيا عنها قديا ،فاليوم هي بلد الباحية الطلقة ،والكفر البواح ،بل
هي الدولة العلمانية الول على مستوى الكرة الرضية ،فعاقبهم ال عقابا أليما ،فهذه
الصورة تثل جزءا من عدل ال وسطوته بعباده إذا طغوا وبغوا ،وعاثوا ف الرض الفساد .
46
زلزال رهيب يضرب منطقة من الناطق التركية الت تقام فيها الباحية ،وياربون ال فيها عيانا
بيانا ،كيف دك ال القصور العالية الشامة ،فأصبحت مساوية للرض ف مستواها وانفاضها
.
إنا آية من آيات ال ف هذا العصر ،ولو تدبرناها لرعنا إل ال خاشعي متضرعي تائبي ،
انظروا كيف تدك القرية بأسرها فيسوي ال العمائر بالرض ،وخاصة حول السجد ،فل مبن
يستقر إل السجد ،وعمارة بانب السجد مقابلة له ل يسها سوء ،ومؤخرة العمارة وجانبيها
تساقطت ،لن العمارة هذه لو وقعت لدكت التوسعة خلف السجد ،ولو تأمل التبصر ،
وأمعن النظر ،لرأى النارة الت هي انل وانف وأقل أساسا من أي مبن آخر ،وهي ثابتة
شامة ،فلو توقع التوقعون وخن الخمنون لتوقعوا وظنوا إن حل زلزال أن تكون مأذنة السجد
أول شيء يسقط ،ولكن ل ف تدمي قرية وإبقاء شعار القرية الدين السلمي حكمة بالغة .
47
قال تعال َ { :ولَ ْو أَ ّن أَ ْه َل الْ ُقرَى آمَنُوْا وَاّتقَوْا َلفَتَحْنَا عَلَ ْيهِم بَرَكَاتٍ ّم َن السّمَاءِ وَالَرْضِ
َولَـكِن َك ّذبُوْا َفأَ َخذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَ ْكسِبُونَ * َأفََأ ِمنَ َأ ْهلُ اْل ُقرَى أَن َي ْأتِيَ ُه ْم بَ ْأسُنَا بَيَاتا َوهُمْ
ضحًى َو ُهمْ يَ ْلعَبُونَ * َأ َفأَمِنُواْ َم ْكرَ ال ّلهِ فَلَ يَ ْأ َمنُ
نَآئِمُونَ * أَ َو َأ ِمنَ َأ ْهلُ اْلقُرَى أَن َيأْتَِي ُهمْ َب ْأسُنَا ُ
َم ْكرَ ال ّلهِ ِإلّ اْل َقوْ ُم الْخَا ِسرُونَ } [ العراف . ] 99-97
فهذه الصورة والت قبلها ،تبي مدى الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب تركيا عندما ترد
أحفاد من حفظوا دولة السلم قرونا من الزمن ،فأعلنوا الرب على ال ،أعلنوها صرية
مدوية ،وتباهوا بوالة أعداء ال من اليهود والنصارى ،متهكمي بذلك ،فرحي به
مستبشرين ،بل ومستسخرين بدين ال ،وله ماربي ،مارقي من الدين خارجي عن حوزته .
عن أب موسى رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ال ليملي للظال
حت إذا أخذه ل يفلته " قال :ث قرأ " :وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالة إن أخذه
أليم شديد ( هود [ " ) 102متفق عليه ] .
لقد أعلن التراك الرب على ال يوم ظهرت امرأة جلسة البلان الت فازت با بجابا وبل
نقاب فمنعت ،وفصلت ،وأوذيت ،ث أبعدت إل تكساس بأمريكا حيث والدها إمام لسجد
فيها .
لقد أعلن التراك الرب على ال ،يوم أن أيدوا حكومتهم الكافرة ف إبادة وتصفية ومنع
الزب السلمي من العمل على ما فيه من التساهل واللي لتعاليم الدين النيفة ،لقد أعلنوا
الرب على ال يوم أن أيدوا حكومتهم ف سلسلة من القواني الائرة والت منها :فصل أي
48
موظف حكومي أو جندي يؤدي الصلة علنا وتعريضه للسجن حسب وظيفته أو رتبته ،فأداء
الصلة عندهم جرية ،ولربا صح الب ،فالعهدة على الراوي وال أعلم .
ولقد أعلنوا الرب على ال يوم أن منعوا الجاب ،فأي موظف حكومي تتحجب زوجته فإنه
يفصل ويسجن ،نعم هذه هي الكومة الت ابتعدت عن ال تعال ،وأصبحت ف غابة يأكل
فيها القوي الضعيف ،أصبحت تلك الدولة العلمانية الحاربة ل ولرسوله وللمؤمني بوقا
للدولة الصهيونية الغتصبة ،ومكبا للفعال الوجاء ،والراء الرقاء الت تنتهجها الدولة
الصليبية العتدية ،فل غرابة أن يكون النتقام من البار سبحانه بذه الثابة ،وما ربك بظلم
للعبيد ،يقول ال تعال " :إن ال ل يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون " [ يونس
. ] 44
ث أصدرت الكومة التركية قرارا بنع تدريس الادة الدينية ف الدارس والعاهد تلبية لرغبة
أسيادها الدولة اليهودية الدللة ،ومدمرة البشرية أمريكا .
ولقد صدرت القرارات بنع حلقات تفيظ القرآن من مساجد تركيا بأسرها .
فكيف تريد دولة تارب ال ورسوله العز والرفعة ف الدنيا والخرة ،بل هو الذل والوان ،
وتغي الوضاع ،وانتكاس الطباع ،فكم تعرضت هذه الدولة للزلزل والحن ،قال تعال :
ك ِإذَا َأ َخذَ اْلقُرَى َوهِيَ ظَالِ َمةٌ إِ ّن َأ ْخ َذهُ َألِيمٌ َشدِي ٌد } [ هود ، ] 102
ك أَ ْخذُ َربّ َ
{ وَ َك َذلِ َ
ي بَِبعِيدٍ } [ هود . ] 83
ك وَمَا هِ َي ِمنَ الظّالِمِ َ
ويقول سبحانه وتعال ّ { :مسَ ّومَةً عِندَ َرّب َ
واليوم نرى الدول السلمية تسقط الدولة تلو الخرى ،ف خضم البعد عن دين ال تعال ،
والتنصل منه ،والتبء من بعض أحكامه ،وتكيم القواني الوضعية ،والدساتي الكفرية ،ف
مقابل إزاحة ما يكن إزاحته من أحكام الكتاب العزيز ،والسنة النبوية الطهرة ،نسأل ال
السلمة والعافية ،المة اليوم تعان ويلت وتبعات البعد عن ال تعال ،وعن تعاليم دينه ،ونبذ
سنة نبيه صلى ال عليه وسلم ،الت علليها العول ف استنباط الحكام الشرعية ،بعد كتاب
جدُواْ
جرَ بَيَْنهُ ْم ُثمّ َل يَ ِ
حكّمُو َك فِيمَا شَ َ
ل وَ َرّبكَ َل ُيؤْمِنُو َن حَتّ َى يُ َ
ال العزيز ،قال تعال { :فَ َ
ت َوُيسَلّمُواْ َتسْلِيما } [ النساء . ] 65
سهِ ْم َحرَجا مّمّا قَضَيْ َ
فِي أَن ُف ِ
49
قتال العجم ،والعجم غي الترك الذين ذكرناهم قبل قليل َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ رَضِي اللّه عَنْه :أَنّ
النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :لَا َتقُو ُم السّا َعةُ حَتّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَ َكرْمَا َن ِمنَ اْلأَعَا ِجمِ ،
صغَارَ اْلأَعُْينِ ،كأن وُجُوهَ َهمُ الْ َمجَانّ الْمُ ْط َر َق ُة ِ ،نعَاُلهُ ُم الشّ َعرُ "
س اْلأُنُوفِ ِ ،
حُ ْم َر الْ ُوجُو ِه ،فُطْ َ
[ أخرجه البخاري ] ،خُوز :بلد خوزستان ،وكَرمان :وهي بلد واسعة ،ذات قرى ومدن
،يدها من الغرب بلد فارس ،ومن الشمال خراسان ،وجنوبا بر فارس ،وأهلها أهل سنة
وجاعة ،وخي وصلح ،وذلك بعد فتح السلمي لا .
وورد قتالم ف قول النب صلى ال عليه وسلم " :يوشك أن يكثر فيكم من العجم أسدا ل
يفرون ،فيقتلون مقاتلتكم ،ويأكلون فيئكم " [ أخرجه الطبان ورجاله رجال الصحيح ] .
فقتالم من أشراط الساعة .
50
ت ُأبَايِ ُع ِإلّا فُلَانًا َوفُلَانًا " [ أخرجه البخاري ومسلم
صرَانِيّا َر ّدهُ عَ َل ّي سَاعِي ِه َ ،فَأمّا الْيَوْ َم َفمَا ُكنْ ُ
نَ ْ
].
الديث يدل على أن المانة سترفع من القلوب ،حت يصي الرجل خائنا بعد أن كان أمينا ،
وهذا إنا يقع ،إذا ذهبت خشية ال من القلوب ،وضعف اليان ف النفوس ،وخالطة اليانة
شغاف الفئدة ،إرضا ًء للهوى والشيطان ،وتذللً للسلطان .
فبذلك تضيع حقوق الناس ،وتصل العداوة والبغضاء ،وتقع الكراهية والشحناء ،وتل
القلوب حقدا وحسدا ،وتثار الفت ،وتصل الحن ،وتتغي الحوال ،وتضيع الموال ،
وتنتكس الطباع ،وتتبدل الوضاع .
أل وإن إسناد المر لغي أهله لو دليل على عدم اكتراث الناس بدينهم ،وعدم طاعتهم لربم ،
ومعصيتهم لنبيهم ،وخروجهم على علمائهم ،وكل ذلك يصب ف قالب وقوع أشراط الساعة
واقترابا .
فالمانة فضيلة عظيمة ،وخلق كري ،وسجية طيبة ،ل يعرفها إل الرجال الكفاء ،والنخبة
الصفياء ،فهي عملة نادرة ،ل سيما ف عصر طغت عليه الشكليات والظاهر الباقة ،
والشكال الباقة ،ولقد أمر ال بأداء المانة وحذر من التفريط فيها ،قال تعال " :يا أيها
الذين آمنوا ل تونوا ال والرسول وتونوا أماناتكم وانتم تعلمون " ،وقال تعال " :إنا عرضنا
المانة على السموات والرض والبال فأبي أن يملنها وأشفقن منها وحلها النسان إنه كان
ظلوما جهولً " ،وقال صلى ال عليه وسلم " :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته [ " . .
متفق عليه ] ،وقال صلى ال عليه وسلم " :ل إيان لن ل أمانة له ،ول دين لن ل عهد له
" [ أخرجه أحد بإسناد جيد ،وهو حديث صحيح برقم . ] 135
ل عن بعض الفسرين أن المانة ف القرآن الكري على ثلثة أوجه :أحدها
ذكر أبن الوزي نق ً
:الفرائض ،ومنه قوله تعال " :يا أيها الذين أمنوا ل تونوا ال والرسول وتونوا أماناتكم " .
الثان :الوديعة ،ومنه قوله تعال " :إن ال يأمركم أن تؤدوا المانات إل أهلها " .
الثالث :العفة والصيانة ومنه قوله تعال " :إن خي من استأجرت القوي المي " .
قال صلى ال عليه وسلم " :السلم من سلم السلمون من لسانه ويده ،والؤمن من أمنه الناس
على دمائهم وأموالم " ،وقال صلى ال عليه وسلم " :من استعملناه منكم على عمل ،
51
فكتمنا ميطا من فوقة ،كان غلولً يأت به يوم القيامة " [ رواه مسلم ] وهذا حديث عظيم
يدل على عظم المانة وتري التفريط فيها .
إذا من معان المانة أن يرص النسان على أداء واجبه كاملً ف العمل الذي يوجه له وأن
يستنفد جهده ف تكميله وتسينة وأن يفي بميع ما أسند إليه من عمل .
ومن المانة أن ل يستغل النسان منصبه الذي عي فيه لر منفعة له أو إل قريبه أو تناول
رشوة باسم الدية أو الجاملة فكل ذلك حرام .
قال صلى ال عليه وسلم " :من ول من أمر السلمي شيئا فأمّر عليه أحدا ماباة فعلية لعنة ال
ل يقبل ال منه صرفا ول عدلً حت يدخله جهنم " [ رواه الاكم ] ،وقال صلى ال عليه
وسلم " :أيا رجل استعمل رجلً على عشرة أنفس علم أن ف العشرة أفضل من استعمل فقد
غش ال ورسوله وغش جاعة السلمي " ،وقال صلى ال عليه وسلم " :ما من إمام يغلق بابه
دون ذوي الاجة والَلّة والسكنة إل أغلق ال أبواب السماء دونه خلته وحاجته ومسكنته " ،
ويشهد له قوله صلى ال عليه وسلم " :من وله ال عز وجل شيئا من أمر السلمي ،
فاحتجب دونه حاجتهم وخلتهم وفقرهم ،احتجب ال عنه دون حاجته وخلته وفقره "
[ السلسة الصحيحة ]629
ومن مظاهر تضييع المانة :
التفريط ف تربية البناء ،حت يرج منهم السارق ،وقاطع الطريق ،وشارب الدخان ،ومتعاط
الخدرات ،والمثل ،والطرب ،ومرتكب الكبية ،وفاعل الريرة ،وتارك الصلة ،والفرط
ف حق ربه وحق نبيه صلى ال عليه وسلم ،والعاق لوالديه ،كل ذلك بسبب التفريط ف أمانة
الرعاية الصحيحة السليمة ف التربية السلمية ،والتنشئة الدينية .
الهال ف القوامة على النساء ،فمن الرجال من يترك نساءه ومارمه على أي حال كنّ ،بل
تأديب ول زجر ،ول تعنيف إذا احتاج المر لذلك ،فكم من النساء اللت يرجن من بيوتن
متبجات متزينات متعطرات ،يفت السلمي ،ويسئن للدين ،والزوج والول كالشاة الت
تنقاد مع الراعي .
والعلم ف مدرسته ،ل يؤدي عمله كما يب ،بل هناك من العلمي من ل يدخل الصة إل
بعد خس دقائق أو أكثر من بدايتها ،وهناك من يرج قبل ناية الوقت بثل ذلك أيضا ،وهناك
52
من ل يؤدي حصته كما ينبغي ،فتراه مشغو ًل باتفه الوال تارة ،وبمازحة زميله تارة ،
وبالروج من الصة دون سبب تارة أخرى ،وهناك من ل يشرح الدرس بأمانة وخوف من ال
،ولكن إذا جاءه زائر من مشرف أو مدير رأيته يستنفد جيع الطاقات والمم ،ويستخدم
الوسائل ،والطباشي اللونة ،وتنتهي الصة وقد ينقل إل الوحدة الصحية ،وهناك من ييز بي
طالب وآخر ،إما لقرابة ،أو ماباة من أجل مصلحة يرجوها عند ول أمر الطالب ،وإما للق
الطالب وشكله ومظهره ،فيقم هذا ويؤخر ذاك ،ويتغاضى عن أخطاء طالب ،ويشدد على
آخر ،فينجح من ل يستحق النجاح ،ويرسب من هو أهل له ،أليس ذلك تفريط ف المانة ،
ويكون الال من حرام .
والعامل ف عمله تراه يسرق وينهب ويغش السلمي ،ويتآمر مع آخرين للغدر بصاحب العمل
.
والوظف ف وظيفته تراه يؤخر معاملت السلمي من أجل أن يشرب كأسا من الشاي ،أو
يتحدث مع زميل ف هاتف أو جوال أو عب شباك ،ومنهم من ل يؤدي وظيفته على الوجه
الطلوب ،فيتأخر ويغيب بدون عذر ول سبب .
وهكذا فمظاهر التفريط ف المانة ل يكن حصره ،وفيما ذكرت ذكرى للذاكرين ،وعبة
للمعتبين .
وهنا ثة أمر مهم جدا أل وهو إسناد المور لهلها ،فل يوز إسناد عمل إل لن هو أهل
لمل أمانة عمله ،ول يُعطى منصب إل لن هو جدير به ،فل بد من وضع المور ف نصابا ،
فل يوضع إنسان ف مكان هناك من هو أحق به منه ،إما ماباة لقريب ،أو من أجل تصيل
مصلحة دنيوية دنيئة ،أو من أجل ماملت كاذبة ،فكل ذلك حرام ل يوز ،وهذا من صميم
التفريط ف المانة .
53
ج ْهلُ َوُيرْفَ ُع فِيهَا الْعِ ْلمُ وََيكُْثرُ فِيهَا
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :إِنّ بَ ْي َن َيدَيِ السّا َعةِ َلَأيّامًا يَ ْن ِزلُ فِيهَا الْ َ
ج الْقَ ْت ُل " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ،وقبض العلم بقبض العلماء ،قال الذهب
اْل َهرْجُ وَالْ َهرْ ُ
ل ،وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إل القليل ،ف
رحه ال " :وما أوتوا من العلم إل قلي ً
أناس قليل ،ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل فحسبنا ال ونعم الوكيل" .
وهذا ف زمان الذهب رحه ال فما بالك بزماننا هذا ؟ فإنه كلما بعد الزمان من عهد النبوة قل
العلم وكثر الهل ول يزال يقبض العلم حت ل يعرف من السلم إل اسه .وكما قال
العلماء ،فإن قبض العلم ل يكون بقبضه من صدور العلماء ،وإنا بقبض العلماء َ ،عنْ عَ ْبدِال ّلهِ
ص قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َيقُولُ " :إِ ّن ال ّلهَ لَا َيقْبِضُ
ْبنِ عَ ْمرِو ْبنِ اْلعَا ِ
خذَ
ض الْعِ ْل َم ِبقَبْضِ اْلعُلَمَا ِء حَتّى ِإذَا َل ْم يُ ْبقِ عَالِمًا اتّ َ
اْلعِلْ َم انِْتزَاعًا يَنَْتزِ ُع ُه ِمنَ اْلعِبَا ِد وََل ِكنْ َيقْبِ ُ
النّاسُ ُرءُوسًا جُهّالًا َفسُئِلُوا َفَأفْتَوْا ِبغَيْرِ عِ ْل ٍم فَضَلّوا َوأَضَلّوا " [ متفق عليه اللفظ للبخاري ] .
قال النووي رحه ال " :هذا الديث يبي أن الراد بقبض العلم ف الحاديث السابقة الطلقة
ليس هو موه من صدور حفاظه ولكن معناه أن يوت حلته ويتخذ الناس جها ًل يكمون
بهالتهم فيضلون ويضلون" ،والراد بالعلم ف هذه الحاديث هو علم الكتاب والسنة ،العلم
الشرعي الوروث عن النبياء عليهم الصلة والسلم ،لن العلماء ورثة النبياء ،فبذهاب
العلماء يذهب العلم ،وتوت السنن ،وتندرس أهم شعائر الدين ،وتنتشر البدعة ،وتقوى
شوكة الهل ،أما علوم الدنيا فإنا من فروض الكفاية ،وليست مقصودة من الحاديث وال
أعلم .
فعلى السلم أن يسعى جاهدا من أجل تصيل العلم الشرعي الذي يرفعه ال به يوم القيام
درجات ،بل حت ف الدنيا ،فصاحب العلم يتسنم مكانة رفيعة بي الناس ،قال تعال " :يرفع
ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وال با تعملون خبي " ،فعلينا معاشر
السلمي أن نتسابق ف هذا اليدان الكبي ،ميدان طلب العلم على أيدي العلماء قبل أن يقبض
العلم بقبضهم ،وإننا ف هذا الزمان ند تقيق الحاديث قد وقع ،فهاهم العلماء ف كل سنة
يتناقصون ويُقبضون ،فكم شيع العال السلمي من علماء فضلء دأبوا على تعليم الناس العلم
الشرعي ،وأقاموا الجة على أهل الضللة ،ودمغوا أهل الكفر بالج والباهي ،وأبانوا الق
بألسنتهم وأقلمهم ،فرحهم ال تعال رحة واسعة .
54
ووجب علينا أن ننهل من علمهم الذي خلفوه ،ونستقي من معينه الذي تركوه ،وعلينا أن
ند بطلب العلم على أيدي الباقي منهم ،حت نعبد ال على بصية ،دون إفراط ول تفريط .
يقول عبد ال بن مسعود " :عليكم بالعلم قبل أن يقبض ،وقبضه :ذهاب أهله ،وعليكم
بالعمل ،فإن أحدكم ل يدري مت يفتقر إليه ،وعليكم بالعلم وإياكم والتنطع والتعمق ،
وعليكم بالعتيق " .
ول يزال العلم ينقص ،والهل يكثر ،حت ل يعرف الناس فرائض السلم ،فيصبح العلم
شيئا نادرا َ ،ع ْن ُحذَْي َفةَ ْبنِ الْيَمَا ِن قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :يَدْرُسُ
صدَ َقةٌ ،
سكٌ َ ،ولَا َ
ب ،حَتّى لَا يُدْرَى مَا صِيَا ٌم َ ،ولَا صَلَا ٌة َ ،ولَا ُن ُ
س وَ ْشيُ الّثوْ ِ
اْلإِسْلَامُ كَمَا َيدْرُ ُ
ض مِ ْنهُ آَيةٌ ،وَتَ ْبقَى َطوَائِفُ مِنَ
سرَى َعلَى كِتَابِ ال ّلهِ َع ّز َوجَ ّل فِي لَيْ َل ٍة فَلَا يَ ْبقَى فِي الْأَرْ ِ
َولَُي ْ
حنُ
ي وَالْعَجُو ُز َيقُولُونَ :أَدْرَكْنَا آبَا َءنَا عَلَى هَ ِذ ِه الْكَلِ َم ِة ( لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّل ُه ) فَنَ ْ
خ الْكَبِ ُ
النّاسِ الشّيْ ُ
َنقُوُلهَا " َ ،فقَا َل َلهُ صِ َلةُ ـ صلة بن زفر العبسي الكوف تابعي كبي ثقة ـ مَا ُتغْنِي عَ ْن ُه ْم لَا ِإَلهَ
ص َدقَةٌ ؟ َفأَ ْعرَضَ َع ْنهُ ُح َذيْ َفةُ ،ثُمّ َر ّدهَا
سكٌ َولَا َ
ِإلّا ال ّلهُ َو ُهمْ لَا َيدْرُو َن مَا صَلَا ٌة وَلَا صِيَا ٌم َولَا ُن ُ
ص َلةُ تُنْجِيهِ ْم ِمنَ النّارِ
عَلَ ْيهِ ثَلَاثًا ُك ّل َذِلكَ ُي ْعرِضُ عَ ْن ُه ُحذَْي َفةُ ُث ّم أَقَْبلَ عَلَ ْي ِه فِي الثّالِثَ ِة َفقَا َل يَا ِ
ثَلَاثًا " [ أخرجه ابن ماجة وصححه اللبان رحه ال ف صحيح الامع برقم . ] 7933
قال ابن تيمية رحه ال " :يُسرى به ـ القرآن ـ ف آخر الزمان من الصاحف والصدور ،فل
يبقى ف الصدور منه كلمة ،ول ف الصاحف منه حرف " [ مموع الفتاوى . ] 198 / 3
والدهى من ذلك ،والعظم مصيبة ،والنكى خطورة أن ل يقال ف الرض ال ،وهي أرضه
سبحانه ،ولكن لذهاب العلم ل يعد أحد يعرف شيئا عن الدين ،ول عن الرب سبحانه
وتعال ،ويشهد لذلك قول النب صلى ال عليه وسلم " :ل تقوم الساعة حت ل يقال ف
الرض ال ال " [ أخرجه مسلم ] ،وهذا الديث يدل على هلك الناس آخر الزمان ،لنم
ل يعلمون من العلم شيئا ،فإذا ساد الهل غلب حب الدنيا ،ومن غلب عليه حبها فقد هلك
وأهلك ،قال ابن مسعود رضي ال عنه " :ل يزال الناس صالي متماسكي ،ما آتاهم العلم
من أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم ،ومن أكابرهم ،فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا " ،
وقيل لسعيد بن جبي رحه ال :ما علمة هلك الناس ؟ قال " :إذا هلك علماؤهم " .
55
فالهل أشد عدو للنسان ،بل الاهل عدو نفسه ،لنه قد يوقعها ف الهالك بسبب جهله
وضلله ،وكم فتك الهل بالمم ،وكم دمر من شعوب ،وخرب من بلد ،يقول سفيان بن
عيينه رحه ال " :تعوذوا بال من فتنة العابد الاهل ،والعال الفاجر ،فإن فتنتهما فتنة لكل
مفتون " .
فوجب على كل مسلم ومسلمة تعلم العلم الشرعي الذي به قوام الياة ،العلم البن على
الكتاب والسنة الصحيحة ،لن العلم سبب لرقي المم ،وبه معرفة اللل والرام ،وبه
يطاع ال تعال ،وبه يتبع النب صلى ال عليه وسلم ،وبه يكون دخول النة والبعد عن النار ،
وبه ترتفع الدرجات ،ويترقى فيها العلماء ،فالعلم نور كله ،وقد أثن ال على العلماء وأنم
أخشى الناس ل لعرفتهم به سبحانه ،قال تعال " :إنا يشى ال من عباده العلماء إن ال عزيز
غفور " .
وكم من الناس من هجر العلم الشرعي الوروث عن الكتاب والسنة واتهوا إل الجلت
والصحف يقرؤونا ويعكفون عليها ،وما شاكلها من الكتب الغثة الت ل تسمن ول تغن من
جوع ،بل الكثي منها يمل بي طياته سا زعافا ،وغالب تلك الصحف والجلت مشتمل
على جهل صرف ،لن تغذيته ل تأت إل عن رويبضة هذا العصر ،أو علمانيته ،أو تأت من
الغرب والشرق الكافر الذي ل يدين بدين ،فأن ل لسلم أن يتعلم منها علما شرعيا ،بل
يسمون ذلك العلم الناجم عنها ثقافة وتقدم ،ومن يقدم عليه هو الثقف والهذب ،وقد بلغ
المق ذروته ،والغباء أوجه عند بعض السفهاء والغرورين عندما أطلقوا على العتني بالعلم
الشرعي وكتبه اسم رجعيي ،وسوا كتب العلم الشرعي بالكتب الصفراء ،تقيا لا ،وتنفيا
منها ،وهذا مصداق ما قاله الشعب رحه ال " :ل تقوم الساعة حت يصي العلم جهلً ،
والهل علما " [ أخرجه ابن أب شيبة ] .
القصود من ذلك كله أن فقد العلماء ف هذه الزمنة ،وانفراط عقدهم دليل على قرب وقوع
الساعة ،فعلينا أن نعد العدة لذلك ،بأن نعود إل ال تعال ونتوب إليه ،ونطلب العلم
الشرعي حت نواكب العلماء ف سيهم الثيث نو ذلك ،وأن نذر غارات العداء ،
وجولت الكذابي النافقي ،وأن نلص أعمالنا ل تعال .
56
الشرط الرابع عشر :
كثرة الشرط وأعوان الظلمة ،وجاء ف حديث أب أمَا َم َة :أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
خرُجُ ِرجَالٌ ِم ْن هَ ِذ ِه الُْأ ّمةِ فِي آ ِخرِ
قَالَ َ " :يكُو ُن فِي هَ ِذ ِه الُْأ ّمةِ فِي آ ِخرِ ال ّزمَانِ ِرجَا ٌل َأوْ قَالَ يَ ْ
ب الَْبقَ ِر َيغْدُو َن فِي سَخَطِ ال ّل ِه وََيرُوحُو َن فِي غَضَِبهِ " [ أخرجه
الزّمَا ِن َمعَ ُه ْم أَسْيَاطٌ َكَأنّهَا َأذْنَا ُ
أحد وهو حديث صحيح ] ،وعند الطبان " :سيكون ف آخر الزمان شرطة ،يغدون ف
غضب ال ،ويروحون ف سخط ال ،فإياك أن تكون من بطانتهم " [ وصححه اللبان ف
صحيح الامع برقم ، ] 3560ول يشك إنسان حصيف بوجود تلك الفئة الذكورة اليوم
ف كثي من بلد السلمي ،فتراهم يأخذون الرجل بل جرم ول ذنب ،وهو مدان حت تثبت
براءته ،مع أن الصحيح أن كل متهم بريء حت تثبت إدانته ،ولكن لا حصل الظلم من تلك
الفئة من الناس ،وقع العباد ف ظلمهم وجورهم ،ل سيما وأناس منهم ل يدينون بدين السلم
،ول يكمون أحكامه ،ويرعون لسلم حق ول صيانة ،ول للعقول حصانة ،فتراهم يتخبطون
ف أعراض السلمي ،وف أجسادهم ،يسجنون ويضربون ويعذبون ويضطهدون بل مبر ول
سبب ،فأولئك هم الذين يصبحون ف سخط ال ،ويسون ف عذابه .قال تعال " :والذين
يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا " [ الحزاب ، ] 58
وقال تعال " :إن الذين فتنوا الؤمني والؤمنات ث ل يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولم عذاب
الريق " [ البوج ، ] 10فكم سفكوا من دماء للبرياء الذين يأمرون بالعروف ويدعون إل
ال تعال ،ويذرون من معصيته ،وينهون عن النكر ،حت أذاقوهم سوء العذاب ،ونكلوا بم
،وقتلوهم ظلما وعدوانا وال شهيد على ما يفعلون ،كل ذلك حصل من أعوان الظلمة ،من
انتسبوا لعمالم الغاشة ،وأفعالم الشينة ،فحورب أهل الدين ف دينهم ،وأبعدوا من ديارهم
،ومزقت أسرهم ،وانتهكت أعراضهم ،ومن يلحقون الجاهدين ف سبيل ال ،للنكاية بم
وإرضاء العدو فيهم ،وتعذيبهم وسجنهم عند كل حادث أو حديث ،وما حصل للصالي من
أمة السلم اليوم إل بسبب اعتداءات الظلمة من أهل الشرط وأعوانم وال يقت على ذلك ،
ويعذب عليه أشد العذاب ،قال تعال " :إن الذين يكفرون بآيات ال ويقتلون النبيي بغي حق
ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * أولئك الذين حبطت أعمالم
ف الدنيا والخرة وما لم من ناصرين " [ آل عمران َ ، ] 22-21ع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ :
57
قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :صِ ْنفَانِ مِ ْن َأ ْهلِ النّارِ َل ْم أَ َرهُمَا َقوْ ٌم َم َعهُ ْم سِيَاطٌ
ت مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ ،رُءُو ُسهُنّ
س َ ،ونِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَا ِريَا ٌ
ضرِبُو َن ِبهَا النّا َ
ب الْبَ َق ِر يَ ْ
َكَأ ْذنَا ِ
يةِ َكذَا
جدْنَ رِ َيهَا َ ،وإِنّ رِ َيهَا لَيُو َجدُ ِم ْن َمسِ َ
ت الْمَائِ َل ِة ،لَا َيدْخُ ْل َن الْجَّنةَ َ ،ولَا َي ِ
َكَأسْنِ َم ِة الْبُخْ ِ
وَ َكذَا " [ أخرجه مسلم ] ،وهذا الديث يدل على أن ال تعال قد توعد أهل الشرط وأعوان
الظلمة الذين يضربون الناس بسياطهم وعصيهم ورصاصهم وشت أسلحتهم وعدهم ال النار
وبئس الصي ،لنم حاربوا ال تعال ،لربم أهل ال وخاصته ،الذين يعدون الناس إل العدل
والقسط ،الذين يدعون إل الي ويرهبون من الشر ،يدعون إل التوبة والتمسك ببل ال
التي الذي ل يزيغ عنه إل هالك ،فمن حاربم ف دعوتم ،فقد ضاد ال ف حكمه ،ومن نازع
ال ف أحكامه أدخله النار ول يبال به سبحانه وتعال ،لنه سبحانه جل شأنه قال ف كتابه " :
إن ال يدافع عن الذين آمنوا إن ال ل يب كل خوان كفور " [ الج . ] 38قال ابن
عباس رضي ال عنهما :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :يكون عليكم أمراء هم شر
من الجوس " [ أخرجه الطبان ف الوسط ،وقال اليثمي ف الجمع رجاله رجال الصحيح
خل مؤمل بن إهاب وهو ثقة ] .
فكم نرى اليوم من فرقة بي رجال الدين وأهل الي والصلح ،والتمسكي بدينهم ،وطلب
العلماء والعلماء ،وبي رجال المن والشرطة ،وأحدثت هذه الفجوة بسبب دخول طبقة
فاسدة ،وشرية سيئة من شرائح الجتمع بي الفئتي ،فئة العلماء ،وفئة الكام ،وأخص منهم
الظلمة ،أو الذين ل يتبينون حقائق المور ،بل يصدقون كل ما يقال لم ،وكل ما يذاع
لديهم ،وتلك الفئة الباغية الت تريد الصطياد ف الياه العكرة ،قد ألقمت حجارة خصوصا ف
أيام ظهر فيها الق ،وزهق الباطل ،يريدون القضاء على أهل السبة من رجال اليئة الخلصي
،يريدون القضاء على الؤسسات اليية الت تدعم مشاريع الي ف كل بقاع السلمي ،كل
ذلك خوفا منهم وذعرا من أن تنتشر الفضيلة بي الناس ،فهم يريدونا فسادا وحرية
زعموها ،فأولئك الذين ارتضعوا عادات الغرب الزائفة ،وتقاليده الفاضحة سببوا هوة كبية
بي العلماء وأهل الي وبي الكام ،فحصل أن وجد أعوان الظلمة ،وأصحاب السياط
وأذناب البقر .
58
الشرط الامس عشر:
انتشار الزنا :فقد أخب النب صلى ال عليه وسلم بأن فشو الزنا وكثرته بي الناس أن ذلك من
أشراط الساعة ،ثبت ف الصحيحي عن أنس رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :إن من أشراط الساعة . .فذكر منها :ويظهر الزنا " .
وعند الاكم ف مستدركه بسند صحيح عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :سيأت على الناس سنوات خدّاعات " .فذكر الديث وفيه " :وتشيع
فيها الفاحشة " .
الزنا من أفحش الفواحش ،وأحط القاذورات ،وقد قرنه ال بالشرك فقال :الزان ل ينكح إل
زانية أو مشركة والزانية ل ينكحها إل زا ٍن أو مشرك وحرم ذلك على الؤمني ومع ما
سينتشر بل انتشر تقيقا لا أخب النب صلى ال عليه وسلم أن فعل جرية الزنا يبدد الموال،
وينتهك العراض ،ويقتل الذرية ويهلك الرث والنسل ،عاره يهدم البيوت ،ويطأطئ
الرؤوس ،يسوّد الوجوه ،ويرس اللسنة ،ويهبط بالرجل العزيز إل هاوية من الذل والقارة
والزدراء ،هاوية ما لا من قرار ،ينع ثوب الاه مهما اتسع ،ويفض عال الذكر مهما ارتفع،
إن الزنا يمع خصال الشر كلها ،من الغدر والكذب واليانة ،إنه ينع الياء ويذهب الورع
ويزيل الروءة ،ويطمس نور القلب ،ويلب غضب الرب ،إنه إذا انتشر أفسد نظام العال ف
حفظ النساب ،وحاية البضاع ،وصيانة الرمات ،والفاظ على روابط السر ،وتاسك
الجتمعات ،لقد أخب النب صلى ال عليه وسلم بأن الجتمع كله يصيبه المراض والوجاع
بسبب انتشار الزنا ،يقول ابن عمر رضي ال عنهما ،أقبل علينا رسول ال صلى ال عليه وسلم
فقال " :يا معشر الهاجرين خس إذا ابتليتم بن ،أعوذ بال أن تدركوهن ،وذكر منها -ول
تظهر الفاحشة ف قوم قط حت يعلنوا با إل فشا فيهم الطاعون والوجاع الت ل تكن مضت ف
أسلفهم " .
سؤال يرد؟! ما ذنب الجتمع ف أن ينتشر فيه المراض؟
ذنبه :أنه ل يقاوم تيار الفساد ،ول يقاوم السباب الت تؤدي إل انشار الزنا ف البلد.
ذنبه :أنه ل يأمر بالعروف ول ينهى عن النكر.
ذنبه :أنه يساعد تيار الفساد ف التمدد ،ويقاوم تيار الي من أن ينتشر.
59
فكان ذنب هذا الجتمع ،أن يذوق مرارة الوجع مع الزناة والزوان الذين أصابم الزهري
والسيلن واليدز.
إذا أردنا حاية أنفسنا من أوجاع الزنا ،وأردنا حاية أولدنا وبناتنا من الوقوع ف هذه الرذيلة،
فعلينا بذل كل سبب ف الوقوع أمام هذا التيار من خلل:
أولً :ما يصل ف السواق وبالخص ف الجمعات التجارية من التبج والسفور واليوعة سواءً
من الجنبيات أو من بنات البلد فإن هذا يزيد ارتفاع نسبة الزنا.
ثانيا :ما يعرض ف وسائل العلم ،من أغا ٍن ماجنة ،وصور فاضحة ،وقصص ساقطة ،وأفلم
هابطة ،ما يرك ويثي شهوة الكبي التزوج فكيف بالشاب الراهق ،والبنت الراهقة ،فكل من
يتساهل ف أن يعرض أو يسمع شيء من هذا ف بيته ،ث يقع أحد أولده ف النراف ،فإنه
يتحمل وزره يوم القيامة أمام ال عز وجل.
ثالثا :إسكات هذه البواق العلمانية الضللة الت تسعى ف نشر هذا السقوط الجتماعي إما
بكتابة مقالت ف جرائد وملت ،أو نظم قصائد غرامية ،وكلمات عشق وغرام ونشرها هنا
وهناك ،أو بأية طريقة أخرى ياولون من خلله نشر سومهم وأفكارهم ،هذا التيار يسعى
جاهدا بكل ما أُت من حيلة ووسيلة إل تغريب حياة الناس ،وجعل الواقع يشابه الواقع الغرب
النحل ف كل شيء ،إنه ل بد علينا جيعا من فضح هؤلء ومقاومة شرهم ،بنشر الي ،ورد
أفكارهم بالجة والبهان والحاضرات ،وإل لو ترك لم الجال ونشروا نتنهم ،أصابنا جيعا
ذلك الوجع(( ،أنلك وفينا الصالون ،قال :نعم ،إذا كثر البث)).
والبث وال قد كثر ،وبوادر النلل قد لح ،ول داعي أن نشابه النعام ونضع رؤوسنا ف
التراب ،فلنكن صرحاء ،هذه الشاكل ،وهذه القضايا الت نسمعها كلنا ،كل يوم عشرات
القضايا ،وعشرات الرائم ،ف السواق ،وحول الدارس ،والعاهد والكليات ،والشقق
الفروشة ،وشواطئ البحر ،بكل صراحة ،هؤلء أولد من؟ هل هم أولد الن .أم أنم أولدنا
وبناتنا ،هذه القصص الت تصل لراكز اليئات يوميا بالرطال من الجمعات التجارية من الذي
يارسها ،أولد كوكب آخر ،فلماذا التغافل ،ولاذا دس الرؤوس ،ولاذا الثقة الفرطة
والطمئنان الزائد ،وكأن أولدنا أولد الصحابة .كلنا يعرف بأن الشهوة لو تركت فإنا ل
تعرف التوسط والعتدال ،حت ترج ف سبيلها.
60
فاتقوا ال يا أولياء المور ف الولد والبنات ،فإن عذاب الدنيا ل يقارن بعذاب الخرة قال ال
تعال :ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلً .
ولقد أخب النب صلى ال عليه وسلم عن أمور ستقع بانتشار الزنا ،فوال إن ل ننتبه سيدركنا
قوله عليه الصلة والسلم كما ف حديث أب هريرة عند أب يعلى قال " :والذي نفسي بيده ل
تفن هذه المة ،حت يقوم الرجل إل الرأة ،فيفترشها ف الطريق ،فيكون خيارهم يومئذٍ من
يقول :لو واريتها وراء هذا الائط " .
قال القرطب رحه ال " :ف هذا الديث علم من أعلم النبوة ،إذ أخب عن أمور ستقع فوقعت
خصوصا ف هذه الزمان " .
وقد ظهرت بوادر هذا الديث ومصداقيته ،فوجد اليوم ف بعض الدول الغربية رجال ونساء
يفعلون الفاحشة تت ظل الشجر ،أو ظل السيارات ،أو ف الماكن العامة ،برضا من
الطرفي ،والعجيب أن من ينكر عليهم يعاقب ،فقد أوجدوا قانونا يعاقب النكر ،من سجن
وغرامة مالية ،وكثي من اليوانات ل ينو الذكر على النثى وحوله أناس يشاهدون ،فحياة
أولئك الناس أشد قذارة من حياة البهائم ،فهم كما قال ال تعال " :أم تسب أن أكثرهم
ل " [ الفرقان . ] 44
يسمعون أو يعقلون إن هم إل كالنعام بل هم أضل سبي ً
فرحم ال القرطب وأسكنه فسيح جناته ،إذا كان هذا وقع ف زمنه ،وقد توف ف القرن السابع ،
فكيف لو رأى زماننا هذا ،الذي قد اختلط فيه الابل بالنابل ،وأصبحت قلة الياء شعار أسر
كاملة ،وعوائل معروفة ،كانت معروفة إل سنوات قريبة بالستر والعفاف .
فإن واقعنا ينذر بشر عظيم ،وباب سينكسر ،نسأله العفو والعافية ،إنه سيع الدعاء .
61
إن الربا ومع كل أسف قد ضرب بأطنابه وغرس قوائمه ف ديار السلمي ،الذي دينهم يرم
عليهم الربا أشد تري ،يكفيك ف ذلك قول ال تعال :فأذنوا برب من ال ورسوله .عن
أب هريرة رضي ال عنه ،عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :اجتنبوا السبع الوبقات قالوا:
يا رسول ال وما هن؟ قال :الشرك بال ،والسحر ،وقتل النفس الت حرم ال إل بالق ،وأكل
الربا ،وأكل مال اليتيم ،والتول يوم الزحف ،وقذف الحصنات الؤمنات الغافلت " [ متفق
عليه ] .
إن الربا الذي قد انتشر ف متمعات السلمي اليوم لو أحد السباب الذي أدى إل فساد
الصلت ،وإفساد الكاسب والطاعم والشارب ،وكل هذا سيؤدي إل عدم نفع العمال
وقبول الدعاء ،والتأييد بالنصر على العداء ،وبذا عُلل وجود آية الربا يا أيها الذين آمنوا ل
تأكلوا الربا أضعاف مضاعفة بي عدد كثي من آيات الهاد الت نزلت ف غزوة أحد ف
سورة آل عمران ،إيا ًء إل أن من أسباب قبول العمال وحصول النصر ،تطهي الموال الت
تنفق ف العبادات الت من أفضلها الهاد ف سبيل ال.
فإذا أرادت المة قبول أعمالا ،وحصول النصر على أعدائها ،فعليها تطهي أموالا ،وماربة
الربا ف بلدها ،ل أن تكون هي جالب ًة للذل والزي بنفسها بسبب تعاملتا الربوية خصوصا
عن طريق ما يسمى بالديون الارجية.
لقد عصم السلمون زمانا طويلً ف الاضي من وباء الربا ،وحفظت أموال المة الت جعلها ال
قياما للمسلمي من أن يسيطر عليها الرابون الذين يأكلون ثروات الشعوب ،ويدمرون
اقتصادها ،ووجد أولئك أن اعتصام السلمي بدينهم وابتعادهم عن التعامل بالربا جدار صلب
يقف ف وجه مطامعهم البيثة إل أن وجّه عباد الصليب تلك الجمة الفكرية الشرسة على ديار
السلمي ،وزرعوا ألغام بشرية ف أرضها من جلدتا ويتكلمون بلغتها إل أنم ياربون دينها،
فكان من جلة ما فعلوا إقصاء الشريعة عن الكم ،وإبعاد الدين عن اليمنة على حياة الناس،
وإفساد مناهج التعليم ،وتربية رجال من هذه المة وفق مناهج الكفر ،فقام أولئك الذين
رضعوا فكر الغرب ،وتغذوا بُسمّه الزعاف ،ينادون بأخذ كل ما عند الغرب ،ول شك بأنا
دعوة صرية للضلل والنسلخ من القيم ،فعمل الذين أضلهم ال على علم والذين اتبعوهم
على إقرار النظمة الربوية وإقامة الؤسسات والبنوك الربوية ف ديار السلمي وظن بعض هؤلء
62
أنم هدوا للطريق الت ترقى با أمتهم ،وها نن اليوم نشاهد بأعيننا انتشار الربا ف ديار
السلمي انتشار السرطان ف السد ،ول زلنا نعان من التخلف والقهر والستبعاد ،ول يزال
أباطرة الربا يربضون على قلب المة السلمية ف كل شب من أراضيها ،وكل هذا تقيق لا
أخب به النب صلى ال عليه وسلم.
63
أمة صاحبة رسالة ،تكالب علينا العداء من كل جانب ،نبت أموالنا ،اغتصبت أراضينا،
سرقت خيات المة ،ومازلنا نرقص ونغن ،تعجب أحيانا من رجل كبي ف السن يتمايل مع
أصوات العازف ،فكيف بالشاب الراهق.
إن ما عوّد الناس على ساع الغناء ،وجعلها عادية ف حياتم وسائل العلم السموعة والرئية،
وزاد الطي بِلةً ،دخول الدشوش ف البيوت ،وهذا شر عظيم ،وجرم كبي ،يرتكبه رب السرة
ف حق أولده لنا دعوة صرية إل الفواحش ،مطات كاملة ،تبث وعلى مدى 24ساعة،
برامج فقط رقص وغناء ،بشكل فاضح ساقط ،والبنت تنظر وتسمع ،والولد ،والزوجة،
والبيت كله يترب على هذا ،أل تظنون أننا ل ناسب حسابا عسيا على هذا ،وال سنحاسب .
وانظر إل السلمي بالبطاقة اليوم ف النتزهات ،وحول الشواطئ ،وحت ف الباري ،وف
النازل ،يؤذون جيانم من أهل الي والصلح من ل يرضون بذا العمل الحرم شرعا ،وهذه
علمة من علمات الساعة الت ظهرت منذ زمن قدي ول زال ظهورها يتواصل ول حول ول
قوة إل بال ،فهل يعقل السلمون ف بقاع الرض حرمة الغان والوسيقى ؟
64
ولقد ابتلي عدد غي قليل من السلمي بشرب المر والعياذ بال ،وابتلي به أكثر أصحاب
الموال والترف ،وأصحاب الوجهات ،لسباب :
منها :أن الصول عليه يتاج إل ميزانية ،لرتفاع سعره ،وهذا ما ل يتمكن منه الفقي الفاسق
.
ومنها :أن هذه الطبقة من الجتمع ،تقليدا لشباههم الكفار الغربيي ،يعتبونه من مكملت
الوجاهة ومن تتمات البوتوكولت – زعموا – لكن مع ذلك الفرق كبي بي الُق ِل ّد وا ُلقَلّد،
فالكفار مع كفرهم ،لكنهم أعقل من قلدوهم من السلمي ف تناول المر ،يذهبون عقولم
لكن بعقل ،وف أوقات مددة ،وبعضهم تت إشراف طبيب ،أما أصحاب الترف ،وأصحاب
اللذات واللعب من هذه المة ،مع كونم مسلمي ،ومع أنم يعلمون حرمته ،لكنهم يذهبون
عقولم بغي عقل ،نسمع عن بعضهم أنم ل يشربون المر بالكأس بل بالسطل ،حيوانية
وبيمية متناهية ،وبعضهم يبقى بالربع والمس أيام فاقدا للوعي ،ل يترك لنفسه فرصة ول
دقيقة واحدة ليعود إليه عقله ،فتفوته الصلة تلو الخرى ،وهو متعمد ف ذلك ،فقد أذهب
عقله بيده ،ومن ترك صلة فرض واحدة متعمدا فهو كافر مرتد ،كما ذكر ذلك ابن حزم
رحه ال عن عدد من الصحابة ،وكما نقل شقيق بن عبد ال البجلي رحه ال أنه قال :ل يكن
أصاب ممد صلى ال عليه وسلم يرون شيئا من العمال تركه كفر إل الصلة ،وجاءت
الدلة من الكتاب والسنة متضافرة ف كفر تارك الصلة ،قال صلى ال عليه وسلم " :من
ترك الصلة سُكرا مرة واحدة ،فكأنا كانت له الدنيا وما عليها فسُلبها " [ أخرجه أحد
والاكم وهو حسن لغيه ،صحيح الترغيب والترهيب َ ، ] 608 / 2ع ْن َأبِي الدّ ْردَا ِء قَالَ :
ت َ ،ولَا تَ ْترُكْ
ت َوحُ ّرقْ َ
َأوْصَانِي خَلِيلِي صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ " :أَ ْن لَا ُتشْرِ ْك بِال ّلهِ شَيْئًا وَإِ ْن قُ ّطعْ َ
ش َربِ الْخَ ْم َر َفِإنّهَا ِمفْتَاحُ
صَلَاةً َمكْتُوَبةً مُتَعَ ّمدًا فَ َم ْن َترَكَهَا مَُتعَ ّمدًا َفقَ ْد َب ِرئَتْ مِ ْن ُه ال ّذ ّمةُ َ ،ولَا َت ْ
ُك ّل َشرّ " [ أخرجه ابن ماجة والبيهقي وهو حسن لغيه ،صحيح الترغيب والترهيب / 2
. ] 601
ولقد كثر المارين ف أوساط الناس ،وكثرت أيضا المارات ،وكل هذا تقيقا لا أخب به النب
صلى ال عليه وسلم ،أما كثرة المارين ،فإن الواقع يشهد لذلك ،قبيل سنوات ،كان البتلى
بالمر ،ل أحد يعرف عنه ،يتستر حت من أهل بيته ،أما الن ،فلكثرة البلوى به ،أصبح عند
65
الناس تبلد إحساس وعدم اكتراث بذا المر ،فل يبال إذا عرف الناس عنه أنه يتعاطى
السكرات ذهب الياء حت من الناس ،أصبحنا نسمع ف واقعنا وكأن المر عادي جدا فلن
أتانا وهو سكران ،فلن يشرب ف بيته ،فلن ..وهكذا وكأن المر ل شيء ،أما كثرة
المارات ،فلو اتيحت لك فرصة أن تلس لبضع دقائق مع أحد أعضاء اليئات ،ليعطيك بعض
أخبار المارات ،فأظنك ل تصدق العدد ف البلد الواحد ،ليست بالحاد ،بل بالعشرات وربا
أكثر ،مصانع داخلية ف الشقق والبيوت ،وأكثر البلوى والصائب كما بلغنا من العمالة
الجنبية ،فهم سبب لكثي من الفاسد ف البلد ،يتمع العشرة وربا أكثر ف الشقة الواحدة،
وليس بينهم متزوج ،ومع غياب متابعة الكفيل ،يفعلون كل شيء ،فيفتحون لم مصنعا،
وأحيانا يكون السبب هو الكفيل نفسه إذا أخرّ رواتبهم ،وهم باجة إل الال ،ماذا يفعلون؟
فيغريهم الشيطان إل مثل هذه الطرق ،لكن الصيبة على من يبيعون؟ تتم البيعة على أولد
البلد ،من يتوفر ف أيديهم الال ،فاتقوا ال عباد ال ،الب يتابع ولده ،والكفيل يتابع مكفوله
وكلنا نكون رجال هيئة ،نتعاون مع العضاء الرسيي ،لنخفف الشر النتشر ف كل مكان.
ولقد تققت نبوءة النب صلى ال عليه وسلم ف انتشار المر ،وليس أعظم انتشارا من أن تباع
جهارا ونارا ،وتشرب علنية ف بعض البلدان السلمية ،وتت غطاء رسي يمي ذلك كله،
فل حول ول قوة إل بال.
من كان يتصور أن يصل الال بالسلمي ،أن يرضوا ببيع المر ف بلدهم ،الكفار حكوماتم
كافرة ،وليس بعد الكفر ذنب ،ولكن العجب فيمن يدعي السلم ،ث يرضى ببيع المر بي
السلمي ،إن كان استحللً ،فإن من استحل المر كافر ،يستتاب ،فإن تاب وإل قُتل كافرا
مرتدا ،تضرب عنقه ،ث ل يغسل ول يكفن ول يصلى عليه ،ول يدفن ف مقابر السلمي ،وإنا
يرمس بثيابه ف حفرة بعيدة ،لئل يتأذى السلمون برائحته ،وأقاربه بشاهدته ،ول يرث أقاربه
من ماله ،وإنا يصرف ماله ف مصال السلمي ،ول يدعى له بالرحة ،ول النجاة من النار ،لنه
كافر ملد ف نار جهنم إن ال لعن الكافرين وأعد لم سعيا خالدين فيها أبدا ل يدون
وليا ول نصيا يوم تقلب وجوههم ف النار يقولون يا ليتنا أطعنا ال وأطعنا الرسول .هذا
الستحل ،أما غي الستحل فهو عاصي ل فاسق خارج عن طاعته ،مستحق للعقوبة ،وعقوبته ف
الدنيا اللد ،وقد كان يفت شيخ السلم ابن تيمية رحه ال أن من تكرر منه شرب المر فإنه
66
يقتل ف الرابعة ،عند الاجة إليه ،إذا ل ينته الناس بدون القتل .وهذا وال عي الفقه ،فإن
الصائل على الموال إذا ل يندفع إل بالقتل قتل ،فما بالكم بالصائل على أخلق الجتمع،
وصلحه وفلحه ،لن ضرر المر ل يقتصر على صاحبه ،بل يتعداه إل نسله ومتمعه ،ولعل
هذه الفتوى أنسب فيمن يسمحون ببيع المور ف ديار السلمي.
وزاد الطي بلة ظهور الخدرات بأنواعها الختلفة ،فهي باكورة لنتشار المور والسكرات ،
حت ظهرت الخدرات وأودت بياة الكثي من شباب السلمي ورجاله ،وضيعت جا غفيا من
السر ،وفتكت بالعراض بسبب الصول عليها ،فكم من السلمي من باع عرض زوجته
وبناته وأخواته ف سبيل الصول على قيمة تلك الخدرات والعياذ بال ،فهذا هو الآل الذي
آلت إليه المة اليوم ،ووال لول نشاط رجال اليئة لدمرت المة تاما ،ث ند هناك من ينادي
بل هذا الهاز الذي أمر ال به من فوق سبع ساوات ،ث تأت أفواه تتشدق مدعومة بأبواق
غربية وشرقية بل ومن أبناء جلدتنا يريدون ماربة ال تعال ف أرضه ،فسبحان ال العظيم
كيف تفلح المة إذا فقد المن فيها وتزعزع ،ول يفقده ويزعزعه إل ترك المر بالعروف
والنهي عن النكر ،ويكرون ويكر ال وال خي الاكرين .
ومعلوم بالضرورة تري المر شربا وبيعها والتجارة فيها ،بل لعن ال ف المر عشرة ،عن
خ ْمرَ َوشَا ِربَهَا وَسَاقِيَهَا
اْبنَ عُ َم َر قال :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ َ " :ل َعنَ ال ّلهُ الْ َ
ص َرهَا َوحَامِ َلهَا وَالْ َمحْمُولَ َة ِإلَ ْيهِ وآكل ثنها " [ أخرجه أبو داود
ص َرهَا َومُعْتَ ِ
َوبَاِئ َعهَا َومُبْتَا َعهَا وَعَا ِ
والترمذي وأحد وابن ماجة ،وصححه اللبان ف صحيح الامع برقم . ] 5091ولقد نفى
النب صلى ال عليه وسلم كمال اليان عمن يتعاطى المر والسكرات والخدرات َ ،ع ْن أَبِي
ي َي ْزنِي َوهُ َو ُمؤْ ِم ٌن ،وَلَا َيسْرِقُ
ُه َريْ َر َة أَ ّن النّبِيّ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَا َيزْنِي الزّانِي حِ َ
ضةٌ َب ْعدُ
ش َرُبهَا َوهُ َو مُ ْؤ ِمنٌ ،وَالّتوَْبةُ َم ْعرُو َ
ي َي ْ
خ ْمرَ حِ َ
ق َوهُ َو ُمؤْ ِم ٌن ،وَلَا َيشْ َربُ الْ َ
سرِ ُ
ي َي ْ
حِ َ
" [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] .
وقد حذر النب صلى ال عليه وسلم من المر وشربا أو التار فيها أو كل ما من شأنه أن
يكون سببا ف انتشارها ،وحذر تذيرا بليغا لتعاطيها حت عده كمن يعبد صنما ،ومعلوم أن
س قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى
من عبد صنما من دون ال فقد كفر والعياذ بال َ ،عنِ اْبنِ عَبّا ٍ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :مُ ْد ِمنُ الْخَ ْم ِر إِ ْن مَاتَ َلقِ َي ال ّلهَ َكعَاِبدِ َوَثنٍ " [ أخرجه أحد واللفظ له ،
67
وابن ماجة وابن حبان ،وقال اللبان رحه ال :صحيح لغيه .صحيح الترغيب والترهيب 2
، ] 600 /فشارب المر الصر على سربا كمن أشرك بال ،حت عده الصحابة من ذلك ،
فعن ابن عباس رضي ال عنهما قال :لا حُرمت المر مشى أصحاب رسول ال صلى ال عليه
وسلم بعضهم إل بعض ،وقالوا :حُرمت المر ،وجُعلت ِع ْدلً للشرك " [ أخرجه الطبان
وصححه اللبان .صحيح الترغيب والترهيب . ] 602 / 2
وشدد النب صلى ال عليه وسلم ف تري شرب المر حرم على شاربا دخول النة ،فشارب
المر ل يكن أن يعلم حرمتها ف الكتاب والسنة واتفاق جيع أئمة السلمي ،ث يقوم بشربا ،
إل طاعة للشيطان ومعصية للرحن ،فإن كان مقرا بلها فقد حرم ال عليه دخول النة والعياذ
بال ،عن عَ ْبدُ ال ّلهِ بْنُ ُع َمرَ :أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :ثَلَاَث ٌة َقدْ َحرّ َم اللّهُ
ث الّذِي ُيقِ ّر فِي َأهْ ِلهِ الْخَبَثَ " [ أخرجه أحد
ق ،وَال ّديّو ُ
خ ْمرِ ،وَاْلعَا ّ
عَلَ ْي ِهمُ الْجَّن َة ُ :مدْ ِمنُ الْ َ
وغيه واللفظ له وهو حديث حسن لغيه .صحيح الترغيب والترهيب ، ] 600 / 2فل
يكن لعاقل أبدا أن يتعدى حدود ال ،ويدعي اليان ،بل اليان منه براء ،لن العصية تر
العصية حت تطبق على النسان فل يعود يعرف معروفا أو ينكر منكرا ،ث يوت على خاتة
سيئة عياذا بال من ذلك ،ومنهم من يوت وهو يقول كلمة الكفر ،لنه ل يتب من ذنوبه
وآثامه فترب عليه وعاش عليه وأدمنها وألفها ث مات عليها ،فمثل أولئك الذين يشربون
المور والسكرات ،ويتعاطون الخدرات الهلكات قد ثبت لدينا با ل يدع ما ًل للشك أن
أكثرهم مات وهو يشربا ،أو مات وهو يطلبها ،بل أن يوت على شهادة التوحيد ( ل إله إل
ال ممد رسول ال ) ،فأي ناية مؤلة لولئك الناس ،فالمر أم البائث وتر معها الكثي من
الكبائر ،عن ابن عباس رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :اجتنبوا
المر ،فإنا مفتاح كل شر " [ أخرجه الاكم وهو حديث حسن لغيه ،صحيح الترغيب
والترهيب ، ] 601 / 2وقد ثبت لدى الناس اليوم مصداقية هذا الديث ،فكم هم الذين
يشربون المور أو يتعاطون الخدرات ،ث يصبحوا ف مصاف البهائم ،فل يعرفون الرام ،
ول ييزون اللل ،فمن شرب المر ،وغاب عقله ،وفقد أهليته البشرية ،ل يتوان عن
ارتكاب أي منكر أو فاحشة دون شعور ،لنه أذهب عقله بنفسه ،وأي عاقل يفعل بنفسه مثل
هذه الفاعيل والباطيل ،فسبحان ال الذي وهب العقول وميز با أناسا عن آخرين ،قال
68
تعال " :إنا هديناه النجدين " والنجدان :الطريقان ،أي طريق الي وطريق الشر ،فكيف
يُقبل من عاقل أن يتار طريق الشر الذي يؤدي إل النار دون طريق الي الذي يوصل إل
ل أبدا ،وهذه قصة تؤيد مصداقية حديث النب
النة ،ل يكن أن يصدُق عليه أن يكون عاق ً
صلى ال عليه وسلم ف أن المر سبب لكل شر ،ومفتاح لكل سوء ،فهذا رجل صال أرادت
أحد النساء أن تفتنه وتراوده عن نفسه ،فعملت له حيلة ،فأرسلت جارية لا إليه وهو يشي
فدعته وقالت :سيدي يريدك ،فلما دخل البيت ،أغلقت الباب ،فلما دخل إذا هو بامرأة
وليس برجل ،فأراد أن يرج ،فقالت :إن خرجت صحت وقلت أراد أن يفعل ب ،فخاف
الرجل من الناس ،فقال :وما تريدين ؟ قالت :إما أن تزن ،وإما أن تقتل هذا الطفل ،وإما
أن تشرب المر ،فنظر ،فإذا كل واحدة أدهى من أختها ،وأحلها مر ،فقال :أشرب
المر ،فشرب المر ،فسكر ،وغاب عقله ،فوقع على الرأة ،وقتل الطفل ،فانظروا عاقبة
شرب المر ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ملكا من ملوك بن إسرائيل أخذ
رجلً فخيه بي أن يشرب المر ،أو يقتل نفسا ،أو يزن ،أو يأكل لم خنير ،أو يقتلوه إن
أب ،فاختار المر ،وإنه لا شرب المر ،ل يتنع من شيء أرادوه منه " [ أخرجه الطبان
بإسناد صحيح ،وصححه اللبان ف الصحيحة برقم . ] 2695
وقد جاء ف التحذير من شرب المر قوله صلى ال عليه وسلم " :ما من أحد يشربا فتقبل له
صلة أربعي ليلة ،ول يوت وف مثانيه منه شيء إل حُرمت عليه النة ،فإن مات ف أربعي
ليلة ،مات ميتة جاهلية " [أخرجه الطبان بإسناد صحيح وصححه اللبان ف الصحيحة برقم
. ] 2695
َعنْ عَ ْبدُ ال ّل ِه ْبنُ عُ َم َر قال :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َ " :منْ شَ ِربَ الْخَ ْم َر َل ْم َيقْبَلِ
ال ّلهُ َلهُ صَلَا ًة أَ ْرَبعِيَ صَبَاحًا َ ،فإِ ْن تَابَ تَابَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه َ ،فإِنْ عَادَ َل ْم َيقْبَ ِل ال ّلهُ َلهُ صَلَا ًة أَ ْربَعِيَ
ب تَابَ
ب ال ّلهُ عَلَ ْيهِ َ ،فإِنْ عَا َد َلمْ َيقَْبلِ ال ّل ُه َلهُ صَلَاةً أَ ْرَبعِيَ صَبَاحًا َ ،فإِ ْن تَا َ
صَبَاحًا ،فَإِ ْن تَابَ تَا َ
ب ال ّلهُ عَلَ ْيهِ ،
ب َلمْ يَتُ ِ
ال ّلهُ عَلَ ْي ِه َ ،فإِنْ عَادَ الرّاِبعَ َة َلمْ َيقَْبلِ ال ّل ُه َلهُ صَلَاةً أَ ْرَبعِيَ صَبَاحًا َ ،فإِ ْن تَا َ
صدِي ِد َأ ْهلِ النّارِ
َوسَقَا ُه ِمنْ َن ْهرِ الْخَبَالِ قِي َل يَا أَبَا عَ ْب ِد ال ّرحْ َمنِ وَمَا نَ ْه ُر الْخَبَا ِل قَا َل َن ْهرٌ ِمنْ َ
سنٌ ،وقال اللبان :صحيح لغيه ،صحيح الترغيب
ث َح َ
" [ أخرجه الترمذي ،وقَا َل :حَدِي ٌ
والترهيب ، ] 606 / 2لن توبته ليست صادقة بدليل نقضه لا كل تلك الرات ،ونظي
69
ذلك قوله تعال " :إن الذين كفروا بعد إيانم ث ازدادوا كفروا لن تقبل توبتهم " ،وقد جاء
إقامة الد على شارب المر ومتعاط الخدرات ،ف حديث جَاِبرِ ْبنِ عَ ْب ِد اللّهِ َع ِن النِّبيّ صَلّى
ب الْخَ ْم َر فَاجْ ِلدُو ُه َ ،فإِنْ عَادَ فِي الرّابِ َع ِة فَاقْتُلُوهُ " قَالَ :ثُمّ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :إِنّ َم ْن َشرِ َ
ض َربَ ُه َولَ ْم َيقْتُلْهُ ،
ب الْخَ ْم َر فِي الرّاِبعَ ِة فَ َ
ك ِبرَ ُجلٍ َق ْد َشرِ َ
ُأِتيَ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ بَ ْع َد َذلِ َ
ح َو َهذَا قَالَ
ص َة ْبنِ ُذ َؤيْبٍ َع ِن النّبِيّ صَلّى اللّهم عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ نَ ْ
وَ َك َذلِكَ َروَى ال ّز ْهرِيّ َع ْن قَبِي َ
حدِيثِ عِ ْندَ عَا ّمةِ أَ ْهلِ اْلعِ ْلمِ لَا َنعْلَ ُم بَيَْن ُهمُ اخْتِلَافًا
ص ًة وَاْلعَ َملُ عَلَى هَذَا الْ َ
َف ُرفِ َع الْقَ ْت ُل وَكَانَتْ ُرخْ َ
ث َومِمّا ُي َقوّي َهذَا مَا ُروِيَ َعنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم ِمنْ َأ ْوجُهٍ
حدِي ِ
فِي ذَِلكَ فِي الْ َقدِ ِي وَالْ َ
شهَ ُد أَ ْن لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّلهُ َوَأنّي َرسُو ُل اللّ ِه ِإلّا ِبإِ ْحدَى ثَلَاثٍ
ح ّل دَ ُم ا ْمرِئٍ ُمسْ ِل ٍم َي ْ
ي ٍة َأنّ ُه قَا َل لَا يَ ِ
كَِث َ
ب الزّانِي وَالتّارِ ُك ِلدِينِهِ " [ صحيح الترمذي ] .
الّنفْسُ بِالّنفْسِ وَالثّيّ ُ
وقد فسر بعض أهل العلم القتل ف الديث :بشديد العقاب ،وقوة اللد ،وقالوا :أن القتل
منسوخ بفعل النب صلى ال عليه وسلم ،كما ف الديث هذا ،فعندما أت بالرجل ف الرابعة ل
يقتله وإنا اكتفى بلده [ مرقاة الفاتيح . ] 190 / 7
لكن قد يرى المام مصلحة ف قتل شار بالمر ،حت يكون عبة لغيه ،أو لكف أذاه عن
السلمي إذا ثبت أذاه ،أو لي مصلحة يراها ول المر ،وإن كان قتل الشارب منسوخا كما
ذكره جع غفي من أهل العلم ،لكن يوز قتله إذا خضعت الصلحة لذلك ،قال شيخ السلم
ابن تيمية رحه ال " :نسخ الوجوب ل ينع الواز ،فيجوز أن يقال :يوز قتله إذا رأى المام
الصلحة ف ذلك ،فإن ما بي الربعي إل الثماني ليس حدا مقدرا ف أصح قول العلماء ،كما
هو مذهب الشافعي وأحد ف إحدى الروايتي ،بل الزيادة على الربعي ترجع إل اجتهاد
المام فيفعلها عند الصلحة ،كغيها من أنواع التعزير ،وكذلك صفة الضرب فإنه يوز جلد
الشارب بالريد والنعال وأطراف الثياب بلف الزان والقاذف .فيجوز أن يقال :قتله ف
الرابعة من هذا الباب " [ مموع الفتاوى . ] 483 / 7
وقال اللبان رحه ال " :ل دليل ينهض على النسخ ،وكل ما استدلوا به إنا هي روايات من
فعله صلى ال عليه وسلم أنه ل يقتل ،ومع أنه ليس فيه ما يصح ،ولو كان فيه شيء يصح معه
النسخ ،فهي ل تنسخ أصل مشروعية القتل ،وإنا تنسخ الوجوب " [ الروضة الندية / 3
. ] 315
70
وقال القاضي عياض رحه ال " :أجع السلمون على وجوب الد ف المر ،وأجعوا أن ل
يُقتل إذا تكرر منه ذلك ،إل طائفة شاذة قالوا :يقتل بعد حده أربع مرات ،والديث الوارد
ف ذلك وهو عند الكافة منسوخ بقوله عليه الصلة والسلم " :ل يل دم امرئ مسلم إل
بثلث :النفس بالنفس ،والثيب الزان ،والتارك لدينه الفارق " ،وحديث النعمان أن النب
صلى ال عليه وسلم حده ثلث مرات ول يقتله ،ونى عن لعنه ،ودل على نسخه إجاع
الصحابة على ترك العمل به " [ إكمال الُعلم . ] 540 / 5
فالمر أم البائث وسبب لكل شر ،وقد كان شربا معروفا قبل السلم وبعده ،ولكن لا
حرمت المر ونزلت اليات بتحريها كف الصحابة رضوان ال عليهم عن شربا فورا ،وقالوا
:انتهينا انتهينا ،فشرب المر أمارة من أمارات الساعة ،وإذن بقرب وقوعها ،وقد انتشرت
اليوم بشكل ملفت للنظر ،ما يدل على اقتراب شر مستطي قد يقع بذه المة ،أجارنا ال من
عذابه وعقابه .
71
ولقد كان مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم مبنيا من اللب ،وأعمدته من خشب النخل ،
وسقفه مظلل بالريد ،ولا نُخرت ف خلفة أب بكر رضي ال عنه ،جدده بثل ما كان ف عهد
النب صلى ال عليه وسلم ،ث نُخرت ف خلفة عمر رضي ال عنه ،فوسع السجد ول يغي ما
بُن سابقا ،بل بناه باللب والريد وخشب النخل ،ول يزخرفه ول بنقشه ،مع كثرة الفتوحات
السلمية ف عهده رضي ال عنه ،واتساع رقعة الديار السلمية ،وكثرة الموال بسبب
الفتوحات ،ومع ذلك أبقاه كما كان عليه صاحبيه ،ولكن ليس معن هذا أن يبقى السجد من
اللب والريد فقط ،وكلما نرته السوس أُعيد بناؤه ،بل يب العناية بالساجد فهي بيوت ال
تعال ،يب على السلمي العناية با أكثر ما يعتنون ببيوتم ،وليس معن ذلك أن نقوم
بزخرفتها والتكلف ف بنائها وصرف الموال العظيمة الطائلة ف ذلك ،ونترك الفقراء
والساكي والحتاجي ،بل هذا الفعل هو النهي عنه ف الديث ،فالنهي عنه أن النقوش
والتصاوير والزخارف وخصوصا إذا كانت بالذهب [ .أحكام الساجد ف السلم . ] 51
فرحم ال الفاروق عمر ،فإن من أتوا بعده ،ل يأخذوا بوصيته ،ول يقتصروا على التحمي
والتصفي ،بل وتعدوا ذلك إل النقش كما ينقش الثوب .
والتباهي ف بناء الساجد ،صار أمرا ظاهرا لكل أحد ،ومنذ القدي ،والسلطي واللوك
واللفاء ،يتباهون ف بناء الساجد وتزويقها وزخرفتها ،حت أتوا وعلى مر التاريخ بالعجب ،ول
زالت بعض هذه الساجد قائمة حت الن ف الشام ومصر وتركيا ،وبلد الغرب والندلس
والند ،وغيها .ول تزال هذه العادة مستمرة إل يومنا هذا ،التباهي ،والزخرفة ،الول يبن
مسجدا يتباهى بأنه صاحب أطول مئذنة ف العال ،والثان أكب قبة ،والثالث أوسع ،والرابع
أجل ،والامس أحسن ،الهم أنه على وزن أفعل – ما ف العال ،ويكن أن يلحق ما هو على
وزن أفعل :أسوء ،وأقبح ،إذا كان مالفا لدي النب صلى ال عليه وسلم.
إن عمارة بيوت ال جل وتعال إنا تكون ،بالطاعة والذكر والصلة ،وتقيق ما وجدت الساجد
ف هذا الدين من أجله ،يكفي ف السجد أن يقي الناس الر والبد والطر.
إن مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم كان ف وقته من جريد النخل لكنه كان مكانا
للصلة والذكر ،وكان مقرا لجتماع ملس الشورى ،وكانت قاعدة عسكرية ،ينطلق منها
72
جحافل اليان إل أصقاع العمورة ،يفتحون البلد وينشرون دين ال ،وكانت جامعة ترج
منها الفقهاء والحدثي والفسرين ،وكانت مأوى للفقراء والساكي ،كأهل الصفة وغيهم.
إل غي ذلك ما وجد السجد ف السلم لجله ،أما اليوم فصحيح أن مساجدنا ،أطول ،وأكب،
وأوسع ،و ..و ..لكن القاصد الشرعية الخرى للمساجد عطلت ،فأصبح أسوأ ،وأبشع،
وأبعد من السنة.
لقد جاء الوعيد من نبيكم بالب الصحيح بالدمار إذا زخرفت الساجد وحليت الصاحف ،عن
أب الدرداء رضي ال عنه قال " :إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم
" [ أخرجه الترمذي وحسنه اللبان ف الصحيحة برقم ، ] 1351والديث وإن كان موقوفا
على أب الدرداء ،فإنه ف حكم الرفوع لن مثل هذا المر ل يُقال بالرأي .
والذي عليه الشافعية كما نقله الناوي رحه ال " :أن تزويق الساجد ولو الكعبة بذهب أو
فضة حرام مطلقا ،وبغيها مكروه " [ فيض القدير . ] 714 / 2
فكم من الساجد اليوم يتباهى با أهلها ،من زخرفة وكتابات بطوط متلفة ،وأشكال
ورسوم ،ورخام وأشياء عجيبة ل تُرى قبل ذلك ،يأتون با من أقصى الدنيا وأدناها ،حت
يدخل الصلي إل السجد ويرج وهو منذهل متعجب من تلك المور ،بل إن البعض يدخل
الصلة ويرج منها ول يذكر إل تلك الزخرفة ،ولو سئل عما قرأ المام لا عرف ،والكثي
من الناس إذا أتوا من الج أو زيارة السجد النبوي ،ل يدثونك عن حلقات تفيظ القرآن ،
ول يدثونك عن الحاضرات والدروس العلمية القامة هناك ،بل يتحدثون عما رأوا من
زخارف ومصاعد كهربائية ومياه باردة ،وسلل متلفة ،فأصبحت الساجد أماكن للفرجة
والنهة ،ول أقول ذلك من باب العتراض على ما هو حاصل اليوم من توسعة للمساجد ف
بلد السلمي ،ل بل القصود أن ل تصل المور بالسلمي حت يتباهوا بالساجد وزخرفتها
وترك الوهر والصل وهو عمارتا بذكر ال ،وأن تكون مكانا للتعليم ،ومنطلقا للفتوحات
السلمية ،كما كانت ف الصدر الول للسلم .
واليوم أصبحت الساجد تئن من فقد الصلي ،وتشتكي من كثرة التسولي ،ول يرك أكثر
السلمي ساكنا تاه هذه الحداث الؤلة الؤثرة على العقيدة ،والقادحة ف الدين ،فهناك من
الناس من يؤيد التسول ف بيوت ال ،وهي ل تب لذلك ،قال تعال " :ف بيوت أذن ال أن
73
ترفع ويذكر فيها اسه يسبخ له فيها بالغدو والصال " ،فالواجب على الميع احترام بيوت
ال تعال من كل ما يدنسها ،أو يثي الدل والكلم الغي لئق با ،فليست بأماكن كسب
وسبل ارتزاق ،لمع حطام الدنيا ،لذلك فهي ل تصلح مكانا للتسول ،ورفع الصوت ولغط
الكلم ،كمن يتسول ويسأل الناس من أموالم .ويرم أن تكون بيوت ال تعال مكانا لكسب
حطام الدنيا ،والتمول من أموال الناس .وأقرب ما تقاس عليه مسألة التسول ،مسألة نشدان
الضالة ،والامع بينهما البحث والطالبة بأمر مادي دنيوي ،فناشد الضالة يبحث عن ماله دون
شبهة ،ومع ذلك أمر الشارع الكري كل من ف السجد بأن يدعو عليه بأن ل يد ضالته ،عن
ل ينشد
أب هريرة رضي ال عنه ،أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من سع رج ً
ضالة ف السجد ،فليقل :ل ردها ال عليك ،فإن الساجد ل تب لذا " [ أخرجه مسلم أبو
ل بل إنه يسأل
داود ] .أما التسول فهو يطلب مال غيه ،والشبهة قائمة أل يكون متاجا أص ً
الناس تكثرا والعياذ بال .فكان أجدر أل يُعطى نكا ًل له .فمسألة التسول مسألة أرقت المة
اليوم ،وأيقظت الغية عند الغيورين ،وكثر فيها الدل عند الكثيين ،فل تكاد تصلي ف
مسجد إل ويداهك متسول وشحاذ ،ويطاردك سائل ومتاج ،وليس العجب ف هذا ،ولكن
ل أو شابا يافعا وهو يردد كلمات لطالا سعناها ،ولطالا سئمناها ،
العجب عندما ترى رج ً
فيقف أحدهم ويردد كلمات عكف على حفظها أياما طوالً ،وساعات عديدة ،مدفوعا من
قبل فئة مبتزة ،أو جهة عاطلة ،تريد الساس بأمن هذا البلد واستقراره ،وتشويه صورته أما
الجتمعات ،إن تلك الناظر الخجلة الت نراها ف بيوت ال تعال ،لي دليل على عدم احترام
الساجد ،وعدم معرفة السبب الذي من أجله بنيت ،ودليل على نزع الياء ،وعدم توقي
لبيوت ال تعال ،ووضاعة ف أخلق أولئك التسولي والشحاذين والبتزين لموال الناس
والكلي لا بالباطل ،وكم تطالعنا الصحف اليومية بتحقيقات صحفية مع أولئك البتزين من
رجال ونساء ،ولسان حالم جيعا يقول :نريد مالً بل عمل ،لقد فسخوا الياء من وجوههم
،ولذا قال صلى ال عليه وسلم " :إن ل تستح فاصنع ما شئت " .
إننا ف هذا الوقت من الزمان ،الذي تفشى فيه الهل ،وانتشرت فيه البطالة ،اعتدنا كل يوم
وبعد كل صلة تقريبا على مناظر مؤذية ،ومشاهد مؤلة ،يقوم بتمثيلها فئة من الشباب
الدربي على إتقان صناعة النصب والحتيال بمارسة مهنة الشحاذة ،وأكل أموال الناس
74
بالباطل ،ولم ف ذلك أحوال وأشكال ،فمنهم من يقوم بتجبيس يده أو رجله أو أي جزء من
جسده ،ومنهم من يتصنع البلهة والنون ،ومنهم من يدعي الصابة بادث أو موت والد أو
أم ،أو حصول مرض ،أو ترك ديون ،وتُرك له أخوة وأخوات ،ويقوم برعايتهم ،والنفاق
عليهم ،والدين أثقل كاهله ول يستطيع السداد ،ومنهم من يفتعل البكاء وقد يلب معه ابن
اليان أو ابنتهم ليمارس الشحاذة با ،لستعطاف القلوب ،وقد يقسم بال كاذبا أنه لول
تلك الديون ،وعظم السؤولية لا وقف أمام الناس ،وغي ذلك من العذار والكاذيب الت ل
تعد تنطلي على أحد من العقلء .وكل يوم يقومون بتطوير أساليب الشحاذة ونب أموال
الناس ،بل لقد وصل المر إل بشاعة عظيمة ،وأمر ل يقره دين ول عقل ،وذلك بوجود فئة
من إماء ال من النساء اللت يأتي إل بيوت ال تعال لمارسة الشحاذة والتسول ،وهذا أمر
خطي .
وهذه بعض الدلة الت ترم التسول ،وسؤال الناس من غي حاجة :
فقد ثبت ف الصحيحي من حديث عبدال بن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وسلم " :ما يزال الرجل يسأل الناس حت يأت يوم القيامة ليس ف وجهه مزعة لم "
.وف صحيح مسلم عن أب هريرة رضى ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
" من سأل الناس أموالم تكثرا فإنا يسأل جرا فليستقل أو ليستكثر " .
وف الصحيحي عن أب هريرة رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
والذي نفسي بيده لن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره فيتصدق به على الناس :خي له
من أن يأت رجل فيسأله أعطاه أو منعه " .
وف صحيح مسلم عنه أيضا قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :لن يغدو أحدكم
فيحتطب على ظهره فيتصدق به ويستغن به عن الناس :خي له من أن يسأل رجل أعطاه أو
منعه ،ذلك بأن اليد العليا خي من اليد السفلى ،وابدأ بن تعول " ،زاد المام أحد " :ولن
يأخذ ترابا فيجعله ف فيه :خي له من أن يعل ف فيه ما حرم ال عليه " .وف صحيح البخاري
عن الزبي بن العوام رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :لن يأخذ أحدكم
حبله فيأت بزمة من الطب على ظهره فيبيعها فيكف ال با وجهه :خي له من أن يسأل
الناس أعطوه أو منعوه " .
75
وعن سرة بن جندب رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن السألة
كد يكد با الرجل وجهه إل أن يسأل الرجل سلطانا أو ف أمر ل بد منه " [ رواه الترمذى
وقال :حديث حسن صحيح ] .
قال ابن القيم رحه ال :السألة ف الصل حرام ،وإنا أبيحت للحاجة والضرورة لنا ظلم ف
حق الربوبية ،وظلم ف حق السئول ،وظلم ف حق السائل :
أما الول :فلنه بذل سؤاله وفقره وذله واستعطاءه لغي ال وذلك نوع عبودية فوضع السألة
ف غي موضعها ،وأنزلا بغي أهلها ،وظلم توحيده وإخلصه وفقره إل ال وتوكله عليه
ورضاه بقسمه ،واستغن بسؤال الناس عن مسألة رب الناس ،وذلك كله يهضم من حق
التوحيد ،ويطفئ نوره ويضعف قوته .
وأما ظلمه للمسئول :فلنه سأله ما ليس عنده فأوجب له بسؤاله عليه حقا ل يكن له عليه ،
وعرضه لشقة البذل ،أو لوم النع ،فإن أعطاه ،أعطاه على كراهة ،وإن منعه ،منعه على
استحياء وإمضاض ،هذا إذا سأله ما ليس عليه وأما إذا سأله حقا هو له عنده :فلم يدخل ف
ذلك ول يظلمه بسؤاله .
وأما ظلمه لنفسه :فإنه أراق ماء وجهه وذل لغي خالقه وأنزل نفسه أدن النلتي ،ورضي لا
بأبس الالتي ،ورضي بإسقاط شرف نفسه ،وعزة تعففه ،وراحة قناعته ،وباع صبه
ورضاه وتوكله وقناعته با قسم له ،واستغناءه عن الناس بسؤالم ،وهذا عي ظلمه لنفسه ،إذ
وضعها ف غي موضعها ،وأخل شرفها ،ووضع قدرها ،وأذهب عزها وصغرها وحقرها ،
ورضي أن تكون نفسه تت نفس السئول ويده تت يده .
وقال البغوي رحه ال :وقد كره بعض السلف السألة ف السجد ،وكان بعضهم ل يرى أن
يتصدق على السائل التعرض ف السجد [ .شرح السنة . ] 375 / 2
وقال أبو حامد الغزال :الصل ف السؤال التحري لثلثة أسباب :
الول :شكوى ال على اللق :إذ إن السؤال إظهار للفقر ،وإن نعمة ال قصرت عنه ،
وذلك عي الشكوى .
الثان :أن السائل يذل نفسه لغي ال تعال ،وليس للمسلم أن يذل نفسه إل ل ،وف السؤال
ذل للسائل ،بالضافة إل إيذاء السؤول .
76
الثالث :ف السؤال إحراج للمسؤول وإيذاء له ،فهو إما أن يعطيه حياءً أو ريا ًء ،وبذا يرم
على الخذ والعطي [ .إحياء علوم الدين . ] 278 / 4
وقال النابلة رحهم ال :يكره سؤال الصدقة ف السجد ،ويكره إعطاء السائل فيه .
وقال الشافعية رحهم ال :يكره السؤال ف السجد ،وإذا كان فيه تويش ورفع صوت فيحرم
.
وقال الالكية رحهم ال :ينهى عن السؤال ف السجد ،ويكره إعطاء السائل فيه .
وقال الحناف رحهم ال :يرم السؤال ف السجد ،ويكره إعطاء السائل فيه [ .الفقه على
الذاهب الربعة . ] 283 / 1
وقال الشيخ إبراهيم بن ممد الضبيعي :اتفق علماء السلم على أن التسول حرام لغي
ضرورة ،ول يوز إعطاء التسولي ف الساجد ،لن فيه تشجيع لستمرارهم ف هذا السلك
القبيح ،وفيه تعطيل للطاقات البشرية عن الكسب الشروع ،ويعتمد التحري على دللة
النصوص الشرعية من الكتاب والسنة [ .جريدة الزيرة – 14/6/1420هـ ] .
ى للفاشلي ،
فانظروا أيها الخوة كيف أصبحت الساجد اليوم دورا للمتسولي ،ومأو ً
ومرتزقا للشحاذين ،لقد أخذت الساجد اليوم سة غريبة ،ابتعدت با عن مقصدها القيقي
وهو أنا مقر للطاعات وكسب السنات ،وأداء الصلوات .
أضف إل ذلك هذه الزخرفة والنقوش الت أصبحت من الساسيات ف بناء الساجد اليوم ،
وهذه ظاهرة خطية تدل على قرب قيام الساعة ،فنسأل ال الثبات على الدين ،والعزية على
الرشد .
العشرون :
التطاول ف البنيان ،وهي من العلمات الت ظهرت قريبا من عصر النبوة ،وبدأت بالنتشار
بعد ذلك ،حت تباهى الناس ف العمران ،وزخرفة البيوت ،فكانت البيوت من جريد النخل
ومن الطي ،والن من السنت السلح ،واليوم نرى عجبا ،فقد كثر التباهي بالبيوت ،حت
أصبح المر ميا للعقول ،مدلما لبعض الناس ،وخطرا على آخرين ،فبسبب التقدم
الضاري والتكنولوجي والتقن ،وجدت أعمال عمرانية تكلف الليي من الريالت ،وهي
77
من الكماليات الت ل داعي لا ،فقد كان الفراش من الوكيت ،أما الن أصبح الفراش من
السياميك ،مكلفا مبالغ مالية طائلة ،وأصبحت الواجهات من الرخام ،أو الجر الذي
يُستقدم من بلد أخرى ،فتباهى الناس فيما بينهم ،حت أثقلت كواهل الكثي من الرجال
بسبب غية النساء بعضهن من بعض ف التقليد ،وهناك منازل زُخرفت من الداخل والارج ،
بل سبب مقنع لذلك َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َر َة قَالَ :كَا َن النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ بَارِزًا يَ ْومًا لِلنّاسِ
َفَأتَا ُه جِ ْبرِي ُل َفقَالَ :مَا الْإِيَانُ ؟ قَالَ " :اْلإِيَانُ أَنْ ُت ْؤ ِمنَ بِاللّ ِه َومَلَاِئكَتِ ِه وَكُتُِب ِه وَبِ ِلقَائِ ِه وَ ُرسُلِهِ
شرِ َك ِبهِ شَيْئًا وَُتقِيمَ
ث " ،قَا َل :مَا اْلإِسْلَامُ ؟ قَالَ " :اْلإِسْلَا ُم أَ ْن َتعُْبدَ ال ّلهَ َولَا ُت ْ
َوُتؤْ ِمنَ بِالَْبعْ ِ
ض َة وَتَصُومَ َرمَضَا َن " ،قَا َل :مَا اْلإِ ْحسَانُ ؟ قَا َل " :أَ ْن َتعُْبدَ ال ّلهَ
ي الزّكَا َة الْ َمفْرُو َ
الصّلَاةَ َوُتؤَدّ َ
َكَأّنكَ َترَاهُ َفإِ ْن َلمْ َت ُكنْ َترَاهُ فَِإّنهُ َيرَا َك " ،قَا َل :مَتَى السّا َعةُ ؟ قَالَ " :مَا الْ َمسْئُولُ عَ ْنهَا بِأَعْ َلمَ
ت الَْأ َمةُ َرّبهَا ،وَِإذَا تَطَاوَلَ رُعَا ُة اْلإِِبلِ الُْب ْهمُ
ِم َن السّائِ ِل َ ،وسَُأخِْبرُكَ َع ْن أَ ْشرَا ِطهَا ِ " :إذَا َوَلدَ ِ
س لَا َيعْلَ ُم ُهنّ ِإلّا ال ّلهُ ُث ّم تَلَا النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم ( إِ ّن اللّهَ عِ ْن َدهُ عِ ْلمُ
فِي الْبُنْيَا ِن ،فِي خَمْ ٍ
السّا َعةِ ) الْآَيةَ ثُ ّم َأ ْدبَ َر َفقَالَ ُردّو ُه فَ َل ْم َيرَوْا شَيْئًا َ ،فقَالَ َ " :هذَا جِ ْبرِيلُ جَا َء ُيعَ ّلمُ النّاسَ دِيَن ُهمْ "
[ متفق عليه ] ،وقد ظهر هذا ف زماننا جليا فتطاول الناس ف البنيان وتفاخروا ف ذلك
تفاخرا عجيبا ،ولو أنفقت تلك الموال للفقراء والساكي لكان خيا لم ،وأنفع لغيهم ،
وأعظم ف درجاتم .
فبعد أن كان أولئك البدو الرحل الذين ل يقر لم مستقر بثا عن الكل والعشب والاء لرعي
مواشيهم وبائمهم ،أصبحوا اليوم يتطاولون ف البنية ،وكثرة الدوار ،والفلل والعمارات
الشاهقة الرتفاع .
قال ابن رجب النبلي رحه ال " :فإذا صار الفاة العراة رعاء الشاة وهم أهل الهل والفاء
رؤوس الناس وأصحاب الثروة والموال حت يتطاولوا ف البنيان ،فإنه يفسد بذلك نظام الدين
والدنيا " [ جامع العلوم والكم ] .
قال صلى ال عليه وسلم " :ل تقوم الساعة حت يبن الناس بيوتا يوشونا وشي الراحيل "
[ أخرجه البخاري ف الدب الفرد ورجاله كلهم ثقات ،ما عدا عبد ال بن ممد بن أب يي
وهو ثقة وثقه ابن حجر ف التقريب ] ،والراحيل :الثياب الخططة ،ومعن ذلك :أنه ف آخر
الزمان سيكون هناك أناس يبنون بيوتا يزخرفونا ويططونا مثل تطيط اللبس وزركشتها .
78
وقال ابن حجر رحه ال " :ومعن التطاول ف البنيان :أن كلً من كان يبن بيتا يريد أن يكون
ارتفاعه أعلى من ارتفاع الخر ،ويتمل أن يكون الراد الباهاة به ف الزينة والزخرفة ،أو أعم
من ذلك ،وقد وُجد الكثي من ذلك ،وهو ف ازدياد " [ الفتح /باب الفت ] ،وكما قال
رحه ال فقد ظهر ف عصرنا هذا ناطحات السحاب ،والعمارات الشاهقة الرتفاع ،وغي
ذلك من أمور التطاول ف البنيان ،وهذا دليل اقتراب الساعة .
79
القول الامس :أن تبيع السادة أمهات الولد ويكثر ذلك فيتداول اللك الستولدة حت
يشتريها ولدها وهو ل يشعر بذلك ،وقد يكون ذلك ناشئا عن غلبة الهل بتحري بيع
المهات ،أو الستهانة بالحكام الشرعية .
وهكذا نرى انعكاس المور ،بيث يصبح الُرب مُربيا ،والسافل عاليا ،فعند ذلك ينتظر
الناس وقوع العلمات الكبى ومن ث قيام الساعة .
80
تقوم حروب دون أن يعرف لا سبب ،وإن ما حصل ف القرون الخية من الروب الدمرة بي
المم والت ذهب ضحيتها اللوف بل الليي .وانتشرت الفت بي الناس بسبب ذلك ،وكلما
تسلم زعيم حكم دولة فأول ما يبدأ به هو تصفية كل القربي من الوزراء والمراء والعوان
للذي قبله .
وكذلك ،فإن انتشار السلحة الفتاكة الت تدمر الشعوب والمم ،لا دور كبي ف كثرة القتل
حت صار النسان ل قيمة له ،يذبح كما تذبح الشاة ،وذلك بسبب النلل ،وطيش العقول،
وعدم احترام النسان ،فعند وقوع الفت ،يُقتل القتول ول يدري لاذا قُتِل وفيم قُتل ،بل أننا
نرى بعض الناس يقتل غيه لسباب تافهة ،وذلك عند اضطراب الناس ويصدق على ذلك قوله
صلى ال عليه وسلم " :إنه ليُنع عقول أكثر أهل ذلك الزمان " نسأل ال العافية ،ونعوذ به
من الفت ما ظهر منها وما بطن.
والتأمل بعي البصي ،والعاقل الصيف ،والناظر لواقع الياة اليوم ،وما يري على مسرح
الحداث يد أمرين :
الول :إن جيع الروب الت تقع ضد السلمي ف هذا الوقت ،سوا ًء كانت موجهة مباشرةً
ضدهم أو كانت بالتحريش بينهم ،فينبغي أن نعلم أن ورائها الغرب الاقد على السلم،
متمثلة ف دولة عاد الكبى – وهي حروب دينية صليبية بتة – يراد منها القضاء على أكب
عدد من السلمي بالقتل ،وإن كانت ف الظاهر قد تأخذ أسبابا تروج ف العلم أنا غي دينية،
ل شك أنم يققون مكاسب مادية من وراء ذلك ،لكن قضية الدين ف القدمة ،ولقد كثر القتل
ف السلمي ف هذه الزمان ،بسبب هذا الخطط الصليب الاقد.
فمرة :يعطون الضوء الخضر لدولة تغزو جارتا ،ومرة يتسببون ف فت بي جارتي فيقع بينهم
حروب لسنوات ،تستنف فيها أموال ،وتزهق أنفس ،ومرة يكونون وراء حرب طائفية داخل
الدولة الواحدة ،ومرة يكون الطرف الخر هم أنفسهم مباشرة كما حصل ف البوسنة،
ويترعون لا أي سبب.
ما مصلة هذا كله :الحصلة كثرة القتل ف السلمي.
المر الثان :إن هذا القتل الذريع ف السلمي ،والغالب أنم أبرياء ل ذنب لم إل أنم شعوب
تلك الدولة أو رعايا الدولة الخرى ،أنم والعلم عند ال تعال أن هذا القتل لم بدون سبب
81
يفف عنهم عذاب الخرة ،فقد روى الاكم ف الستدرك بسند صحيح عن صدقة بن الثن
قال :حدثنا رباح بن الارث عن أب بردة قال :بينا أنا واقف ف السوق ف إمارة زياد إذا
ضربت بأحدى يدي على الخرى تعجبا ،فقال رجل من النصار قد كانت لوالده صحبة مع
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ما تعجب يا أبا بردة؟ قلت أعجب من قوم دينهم واحد،
ونبيهم واحد ،ودعوتم واحدة ،وحجهم واحد ،وغزوهم واحد ،يستحل بعضهم قتل بعض،
قال فل تعجب فإن سعت والدي أخبن أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :إن
أمت أمة مرحومة ،ليس عليها ف الخرة حساب ول عذاب ،إنا عذابا ف القتل والزلزل
والفت " [ السلسلة الصحيحة ، ] 686-684 / 2وف رواية أب موسى ف مسند المام أحد
بسند صحيح " :إن أمت أمة مرحومة ،ليس عليها ف الخرة عذاب ،إنا عذابا ف الدنيا :القتل
والبلبل والزلزل " [ صحيح الامع برقم ، 1734والسلسلة الصحيحة برقم . ] 959
فظهر ف هذه الونة صدق هذه الحاديث الت على كثرة القتل ،وخصوصا ف جانب السلمي
،لنه ليس لم من ينصر قضاياهم إل ال تعال ،أما هم فقد خذلوا أنفسهم بابتعاد قلوبم ،
وشتات رأيهم ،وتباعد أقطارهم ،حت أصبحوا فريسة سهلة ف أيدي العداء من المريكان
واليهود ،فما حصل ف فلسطي إل أكب دليل على خبث نوايا القوم ،ولو أعظم دليل على
شتات أمر المة ،وتفرق كلمتها ،وانطاط رأيها ،وذهاب هيبتها بي المم والشعوب ،وما
حصل ف العراق من قتل للبرياء وانتهاب للخيات ،وتطيم للمقدرات ،وذهاب النفس
ل تقق ما كانت تدعيه أمريكا وبريطانيا من انقاذ
البيئة ،ما الدافع لذه الرب ؟ وهل فع ً
شعب العراق من طاغيته ،وتغيي الكم ،والقضاء على أسلحة الدمار الشامل ؟
إن الواقع بعد أن انتهت الرب يدل على أن هناك أطماعا دولية كانت ترسم لا تلك الدول ،
وتطط لتحقيق مآربا ف ذلك ،وفعلً تت الطة وإن كانت مكشوفة واضحة للبيان والعيان ،
لكن تقق لم ما أرادوا من القضاء على دولة إسلمية عريقة ،لنا تثل عقبة ف وجه العدو
الصهيون ،وتعيق تركات الدول الكافرة إذا أرادت ان تتحرش بأي دولة عربية أو إسلمية
أخرى ،كذلك لن العراق تعتب ثان أكب دولة ف العال من إنتاج البترول ،فأرادت تلك
ل ،ول تقبض على صدام حسي طاغية
الدول تقيق مقاصدها ،لكن لك تد أسلحة دمار شام ً
العراق ،فماذا عساها كانت أسباب تلك الرب ؟ والواب القضاء على السلم .
82
كذلك القتال الذي حصل ضد دولة مسلمة ل سلح لا ،ول قوة عندها ،لكن كان القتال
بجة القضاء على الرهاب ،وأي إرهاب أعظم من الذي تنتهجه أمريكا ضد دول العال أجع ،
فهي ل ترعى للنسانية حقا ،ول تترم قانونا ،بل اخترقت جيع القواني والنظمة الدولية ،
فكلما لحت لا براقة فائدة ف قتال دولة ما ،سارعت إل ذلك بتذرع أي حجة حت تدخل
معها ف قتال ،ويتدم القتال ف تلك الدولة ،حت تتحقق مآربا الدنيئة ،ومطامعها السيسة .
ووال لو اجتمعت كلمة السلمي ف مشارق الرض ومغاربا لسُحقت الدولة الصليبية الت
أعلن رئيسها أنه سيشن حربا ضد السلم والسلمي ،والعجيب أننا ف غفلة وتباعد وخوف
شديد ،ول شك أن دولة واحدة من دول السلم قد ل تكون جديرة ومهيأة لوض حرب مع
دولة متقدمة تقنيا وعسكريا كأمريكا ،لكن أقول :لو اجتمعت دول السلم ،ووقف جيع
السلمي يدا واحدة ،بقدراتم الالية والعسكرية والتكنولوجية والسدية ،لرأت أمريكا شيئا
مذهلً ،فلقد حصلت النتصارات ف بدر وحطي ،وفتحت فلسطي ،ومُزق التاد السوفيت
،ودخل الوف واللع قلوب اليهود وغيهم اليوم ،بسبب تاسك بعض الهات السلمية ،
فبال قل ل :كيف لو اتدت أمة كاملة تربوا عن اللف وثلثائة مليون مسلم ،حتما
ستسحق العال بأسره ،وستستول عليه بأكمله .
فنسأل ال أن يقق لسلمي نصرا عزيزا على أعدائهم ،وأن يرد كيد العداء ف نورهم ،إنه
سيع قريب ميب .
83
الطغيان ،كل إن النسان ليطغى أن رآه استغن وكذلك الرأة ،الصل أنه ل بأس من
مشاركتها ف التجارة ،والدخول فيها ،لكن البأس ما هو حاصل من واقعنا ف هذا الزمان،
التمرد ،والستغناء عن الزوج ،بل والتسلط عليه ،وصار السكي موقفه ضعيفا ،فالال بيدها،
أضف إل ذلك نقصان العقل والدين ،فماذا تتوقع بعد ذلك ،ل غرابة إذا سعنا ،بل أصبح هذا
أمرا عاديا عند بعض السر ،أن تسافر بعض النساء لوحدهن ،ول أتكلم هنا عن بعض السفار
الداخلية ،ول عن ما ذكره الفقهاء ف كتبهم من سفر الرأة مع مموعة إل الج ،بل أعن سفر
عدد من النساء ،وف الغالب أخوات للسياحة والتنه والصطياف ف الارج ،وهذا حاصل
وواقع ..وصل قلة الياء والستهانة بأوامر ال وعدم الجل حت من الناس أن يقال ويعرف
أن بنات فلن قضي شهرا من عطلة الصيف ف أوربا ،أو أمريكا ،أو أحد بلدان الشام ،بل
وصار الناس يستقبلون مثل هذه الخبار دون نكارة ،ول حرج ،لو سألت وبثت عن بعض
أسباب ذلك ،لوجدت أن وفرة الال ،وكثرته ف يد الرأة ،قد يؤدي إل مثل ذلك ،بل وأشد
من ذلك ..لقد أخب النب صلى ال عليه وسلم أنه ل يشى على هذه المة الفقر ،إنا يشى
عليها أن تبسط عليها الدنيا ،فيكثر الال ،وتفشو التجارة ،فيقع بي الناس التنافس ،الذي يؤدي
إل اللك ،ففي الديث أنه قال عليه الصلة والسلم(( :وال ما الفقر أخشى عليكم ،ولكن
أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ،فتنافسوها كما
تنافسوها ،وتلككم كما أهلكتهم)) رواه البخاري ومسلم ..وف صحيح مسلم قال صلى ال
عليه وسلم(( :إذا فتحت عليكم فارس والروم ،أي قوم أنتم؟ قال عبدالرحن بن عوف :نقول
كما أمرنا ال ،قال رسول صلى ال عليه وسلم :أو غي ذلك :تتنافسون ،ث تتحاسدون ،ث
تتدابرون ،ث تتباغضون)) .فالنافسة على الدنيا ،تر إل ضعف الدين ،وهلك المة ،وتفريق
الكلمة ،كما وقع ف الاضي ،وكما هو واقع الن.
تد أخوين ،خرجا من بطن واحد ،ومن صلب رجل واحد ،يصل بينهم مشاكل ومنازعات
وخصومات ،بل ويصل المر إل الحاكم ،من أجل خلف على مزرعة ،أو أرض ،أو كانا
شريكي ف تارة ،وال الستعان.
وتصديق ما أخب به النب صلى ال عليه وسلم من فشو التجارة ،أصبحت ترى مدينة صغية،
كالت نن فيها الن ،كان سوقها قبيل سنوات مصور ف شارع واحد ،والن أصبحت الدينة
84
كلها سوق ،وتولت معظمها إل ممعات تارية ،أضعاف أضعاف حاجة البلد ،والعجيب أن
التجار يشتكون من كساد السوق ،وف القابل هناك ازدياد متضاعف على فتح ملت أخرى
وجديدة ،باذا نفسر هذا؟ إن تفسيه أنه أحد علمات الساعة.
85
الزائر ف شهر ربيع الول لعام 1424هـ ،والذي راح ضحيته آلف الموات ،
وعشرات اللف من الصابي ،وما هذا إل دليل على قرب وقوع الساعة .
قَالَ عَ ْبدُ ال ّلهِ بْ ُن َحوَاَلةَ اْلأَ ْزدِيّ وَضَعَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َي َدهُ عَلَى َرْأسِي َأوْ قَالَ
ت الَرْضَ الْ ُم َق ّدسَ ِة َفقَ ْد َدنَتِ
ت الْخِلَافَ َة َقدْ َن َزلَ ْ
عَلَى هَامَتِي ُثمّ قَالَ " :يَا اْب َن حَوَالَ َة ِإذَا َرَأيْ َ
س ِمنْ َيدِي َه ِذ ِه ِمنْ َرْأ ِسكَ "
ب ِمنَ النّا ِ
الزّلَا ِزلُ وَالْبَلَاِب ُل وَاْلأُمُو ُر الْعِظَا ُم وَالسّا َعةُ يَ ْومَِئذٍ َأ ْقرَ ُ
[ أخرجه أبو داود واحد وصححه اللبان ف صحيح الامع برقم . ] 7715
86
أو ًل /شرب المور وساع الغان :فهي من أسباب وقوع تلك الفت بالمة ،فقد جاء الوعيد
بن شرب المر أو سع العازف والغان بالسف والقذف والسخ إل قردة وخنازير والعياذ
بال َ ،عنْ عِ ْمرَانَ بْ ِن حُصَ ْينٍ أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :فِي َه ِذهِ اْلُأمّ ِة َخسْفٌ
ت اْلقَيْنَاتُ
ي يَا َرسُولَ ال ّل ِه وَمَتَى ذَاكَ قَالَ ِإذَا َظ َهرَ ِ
ف َفقَالَ َر ُجلٌ ِم َن الْ ُمسْلِمِ َ
خ َوقَذْ ٌ
َو َمسْ ٌ
ت الْخُمُو ُر " [ أخرجه الترمذي وصححه اللبان ف صحيح الامع برقم
ف َو ُشرِبَ ِ
وَالْ َمعَازِ ُ
ي قَا َل :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ " :
ك الَْأ ْشعَرِ ّ
، ] 4119و َعنْ َأبِي مَالِ ٍ
ف وَالْ ُمغَنّيَاتِ
ش َربَ ّن نَاسٌ ِم ْن ُأمّتِي الْخَ ْم َر ُيسَمّوَنهَا ِبغَ ْيرِ اسْ ِمهَا يُ ْعزَفُ عَلَى ُرءُو ِس ِهمْ بِالْ َمعَازِ ِ
لََي ْ
ج َعلُ مِ ْن ُهمُ اْل ِقرَ َد َة وَالْخَنَازِيرَ " [ أخرجه ابن ماجة وصححه اللبان
ض َويَ ْ
ف ال ّلهُ ِب ِهمُ اْلأَرْ َ
خسِ ُ
يَ ْ
ف صحيح الامع برقم . ] 5330
ثانيا /أهل القدر :وهم القدرية وهي فرقة ضلت عن سواء السبيل وظهرت ف أواخر عهد
الصحابة رضي ال عنهم ،وأنكرها عبد ال بن عمر ،وعبد ال بن عباس رضي ال عنهما
وغيها من الصحابة والتابعي ،والئمة الهديي إل يومنا هذا ،لنا فرقة كفرت بال تعال
فطغت وغلت حت خرجت من اللة والعياذ بال ،قال الشافعي رحه ال " :القدري :الذي
يقول :إن ال ل يلق الشر حت عُمل به " ،وقال المام أحد رحه ال " :القدرية :هم الذين
يزعمون أن الستطاعة والشيئة والقدرة إليهم ،وأنم يلكون لنفسهم الي والشر ،والضر
والنفع ،والطاعة العصية ،والدى والضللة ،بدءا من أنفسهم من غي أن يكون سبق لم
ذلك من ال أو ف علم ال ،وقولم يضارع قول الجوسية والنصرانية " [ اتاف الماعة / 1
. ] 313
ك فِي َه ُؤلَاءِ
ي مَعَ عُ َم َر ْبنِ عَ ْبدِ اْل َعزِي ِز َفقَالَ مَا َرْأيُ َ
ت أَسِ ُ
و َع ْن َأبِي ُسهَيْ ِل ْبنِ مَاِلكٍ َأّنهُ قَالَ كُ ْن ُ
ف َفقَالَ عُ َم ُر ْبنُ عَ ْبدِ اْل َعزِيزِ
اْلقَدَ ِرّيةِ َفقُلْتُ َرْأيِي أَ ْن َتسْتَتِيَب ُه ْم َفإِنْ تَابُوا وَِإلّا َعرَضَْت ُهمْ عَلَى السّيْ ِ
َو َذلِكَ َرْأيِي قَا َل مَالِك َو َذلِكَ َرْأيِي " [ الوطأ ] .
فهي فرقة مارقة من الدين ،ولذلك استحقوا العقوبة من ال تعال على أقوالم تلك قَالَ َرسُولَ
خ َأوْ
ف َأوْ َمسْ ٌ
شكّ مِ ْن ُه خَسْ ٌ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :يَكُو ُن فِي َه ِذهِ اْلأُ ّم ِة أَ ْو فِي ُأمّتِي ال ّ
ف فِي َأ ْهلِ اْل َقدَرِ " [ أخرجه الترمذي وصححه اللبان ف صحيح الامع برقم ] 4150
َقذْ ٌ
87
ف وَ ُه َو فِي
خ َو َقذْ ٌ
،وقَالَ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ ِ " :إّنهُ سََيكُو ُن فِي ُأمّتِي َمسْ ٌ
الزّْندِيقِّي ِة وَاْل َقدَرِّيةِ " [ أخرجه أحد ،وصححه أحد شاكر ف تقيق السند برقم . ] 6208
وقد اختلف العلماء ف السخ هل هو حقيقي أم معنوي ؟ على قولي :
القول الول /أنه مسخ حقيقي :ورجح هذا القول ،ابن عباس ،وابن كثي ،وبن العرب ،
وغيهم من أئمة التفسي .
القول الثان /أنه مسخ معنوي :وأن السخ كان لقلوبم ،ول يسخوا قردة .
ولعل القول الراجح ف ذلك وال أعلم بالصواب :هو القول الول ،لن السخ وقع حقيقة ف
بن إسرائيل وتشهد بذلك الحاديث ،وأن السخ ل يستمر أكثر من ثلثة أيام ث يوت ،قال
ابن مسعود رضي ال عنه ،سئل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن القردة والنازير أهي ما
مسخ ؟ فقال " :إن ال عز وجل ل يهلك قوما ،أو يسخ قوما ،فيجعل لم نسلً ول عاقبة
" [ ،منة النعم ، ] 3/314وأصل حديث ابن مسعود ف مسلم ف باب القدر (. )16/431
السف بقبائل العرب :
صحَارٍ اْلعَ ْبدِيّ َعنْ َأبِيهِ قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم " :لَا
َعنْ عَ ْبدِ ال ّرحْ َمنِ ْبنِ ُ
ي قَالَ قَبَاِئلَ
ت حِ َ
ف ِبقَبَاِئلَ فَُيقَا ُل َمنْ بَ ِقيَ ِم ْن بَنِي فُلَا ٍن " ،قَا َل َ :ف َعرَفْ ُ
خسَ َ
َتقُومُ السّا َعةُ حَتّى يُ ْ
ب ِإلَى ُقرَاهَا " [ أخرجه أحد والطبان وأبو يعلى والبزار ،وضعفه
ج َم تُ ْنسَ ُ
َأّنهَا اْلعَ َربُ ِلأَ ّن الْعَ َ
شعيب الرنؤوط ف تقيق السند برقم . ] 20340
وبا أن الديث ضعيف فل تقوم به حجة ،فليس ما ذُكر فيه صحيح .
السف بالبصرة :
صرُونَ
س يُمَ ّ
س إِنّ النّا َ
ك :أَنّ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ َل ُه " :يَا َأنَ ُ
س ْبنِ مَالِ ٍ
َعنْ َأنَ ِ
ت ِبهَا َأوْ َدخَلَْتهَا َفِإيّاكَ
ص َرةُ َأ ِو الْبُصَ ْي َرةُ َفإِ ْن َأنْتَ َمرَ ْر َ
صرًا مِ ْنهَا ُيقَا ُل َلهُ الْبَ ْ
َأمْصَارًا َوإِ ّن مِ ْ
ف َوقَذْفٌ
ضوَاحِيهَا َفِإّنهُ َيكُو ُن ِبهَا َخسْ ٌ
ب ُأمَرَائِهَا وَعَلَ ْيكَ بِ َ
َوسِبَا َخهَا وَكِلَا َءهَا َوسُو َقهَا َوبَا َ
وَ َرجْفٌ وَ َقوْ ٌم يَبِيتُو َن يُصْبِحُو َن ِق َردَ ًة َوخَنَازِيرَ " [ أخرجه أبو داود والطبان ف الوسط ] .
السف باليش الذي يغزو الكعبة :
88
ش الْ َكعَْبةَ
ت :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :يَ ْغزُو جَيْ ٌ
شةُ رَضِي اللّه عَ ْنهَا قَالَ ْ
َعنْ عَائِ َ
ت :يَا َرسُولَ ال ّلهِ ! َكيْفَ
ت قُلْ ُ
ف بَِأ ّولِ ِه ْم وَآخِ ِر ِهمْ " ،قَالَ ْ
خسَ ُ
ض يُ ْ
َفِإذَا كَانُوا بِبَ ْيدَا َء ِمنَ اْلأَرْ ِ
ف ِبَأوِّل ِهمْ
خسَ ُ
ف ِبَأوِّل ِهمْ وَآ ِخ ِرهِ ْم َ ،وفِيهِ ْم أَ ْسوَا ُق ُهمْ َ ،و َمنْ لَيْسَ مِ ْنهُمْ ؟ قَالَ " :يُ ْ
خسَ ُ
يُ ْ
وَآ ِخ ِرهِ ْم ُثمّ يُ ْبعَثُونَ عَلَى نِيّاِت ِهمْ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ،وسيحدث هذا السف
ليش ف آخر الزمان ف زمن الهدي ،وسيأت الديث عنه ف أشراط الساعة الكبى إن شاء
ال تعال .
لكن السف الذي يصل لبعض البعوث جاء مصرحا به ف حديث َأبِي ُهرَْي َرةَ َع ِن النّبِيّ صَلّى
ش مِ ْنهُمْ
ف بِجَ ْي ٍ
خسَ َ
ت حَتّى يُ ْ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :لَا تَنَْتهِي الُْبعُوثُ َعنْ َغ ْزوِ َهذَا الْبَيْ ِ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ
ت :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ َ
ي قَالَ ْ
صفِّي َة أُ ّم الْ ُم ْؤمِنِ َ
" [ أخرجه النسائي وغيه ] ،و َعنْ َ
ش حَتّى ِإذَا كَانُوا بِبَ ْيدَا َء ِمنَ
َوسَ ّلمَ " :لَا يَنَْتهِي النّاسُ َعنْ َغ ْز ِو هَذَا الْبَيْتِ حَتّى َيغْ ُز َوهُ جَيْ ٌ
ت :يَا َرسُولَ ال ّلهِ ! أَ َرَأيْتَ
ت قُلْ ُ
ج َأوْسَ ُط ُهمْ " ،قَالَ ْ
ض ُخسِفَ ِبَأوِّل ِهمْ وَآ ِخ ِرهِ ْم َولَ ْم يَنْ ُ
اْلأَرْ ِ
س ِهمْ " [ أخرجه أحد وغيه ] .
الْ ُم ْك َرهَ مِ ْن ُهمْ ؟ قَا َل " :يَ ْبعَُثهُ ُم اللّهُ عَلَى مَا فِي َأنْ ُف ِ
فالبعوث ستتواصل لدم البيت الرام ،ولكن ال يمي بيته ،ولقد تبجح أهل الكفر اليوم ،
بأنم سيقومون بدم الكعبة الشرفة إذا تواصلت حلت العنف ضد العداء من قبل السلمي ،
وأن لم ذلك ،وأمة الليار مسلم على أهبة الستعداد للدفاع عن بيت ال الرام قبلة السلمي
ومهوى أفئدتم ،ولم ف أبرهة مثالً وقدوة يقتدون با ،وعبة يعتبون با .
ومن اليات العظام الت يكون ظهورها آخر الزمان ثلثة خسوفات ،وسيأت ذكرها مستوفً
بإذن ال تعال ف أشراط الساعة الكبى .
89
غوغاء الناس وأراذلم ومن ل خي فيهم ،وتأمل أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد ربط
القضية بالمر بالعروف والنهي عن النكر ..وروى المام أحد أيضا بسند صحيح عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده ،عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال(( :يأت على الناس زمان،
يُغربلون فيه غربلةً ،يبقى منهم حثالة – (والثالة الردئ من كل شيء) – قد مرِجت – (أي
اختلطت) – عهودهم وأماناتم واختلفوا ،فكانوا هكذا ،وشبك بي أصابعه)) .
مت يكون ذهاب الصالي؟ ومت يقل الخيار ويكثر الفجار؟ يكون ذهاب الصالي ،عند
كثرة العاصي ،وعند ترك المر بالعروف ،والنهي عن النكر ((أنلك وفينا الصالون؟ قال:
نعم .إذا كثر البث)).
والبث وال قد كثر ،وطفح على السطح ،ول يعد البث مستورا ،بل أصبح ظاهرا ويعلن
عنه ،دخل البث معظم البيوت ،أصبحت ترى البث ف شوارع السلمي وأسواقهم ،بل لقد
تلل البث إل سلوكيات المة وأخلقها ،كان ف الاضي يستحي الناس من ظهور وبروز شيء
من خبثهم وفجورهم ومعاصيهم ،أما اليوم وصل المر إل الجاهرة بالبث.
أصبح الرجل الصال الذي ل يريد أن يتلوث ببث الجتمع غريبا ،بل حت عوام الناس صاروا
يطلقون عليه بقولم – فلن ملتزم – إذا كان هو ملتزما فأنت ماذا تكون؟ هذا اعتراف منك
بأنك غي ملتزم ،أي غي ملتزم بأوامر ال ،غي ملتزم بأحكام الشرع ،وهذه هي النتكاسة أيها
الحبة.
أرجع إل البث(( ،أنلك وفينا الصالون؟ قال نعم إذا كثر البث)).
إن كثرة البث ف الجتمع ،سبب لذهاب النعم ،وحلول النقم ،البث سلّب للنعم جلّب
للنقم ،خبث الناس وفجورهم ومعاصيهم يسبب تسلط الصوم ،وتسيطر الشرار والفجار،
ل أخذنا
وارتفاع السعار ،وشح الوظائف ،وكثرة الرائم وقلة المطار ،وانتشار الوبئة فك ً
بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الرض
ومنهم من أغرقنا وما كان ال ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
ما نزل بالمة من ذل وهوان وآلم ،وعقوبات ومن وفت إل بسبب كثرة البث وقلة
الصالي ،فحرمت المة من خيهم وبركتهم ودعوتم ،وما يصيب المة ف واقعها ما هي إل
نذر لكي يعودوا ويرجعوا ويكفوا من نشر البث وتقليص تدد الصالي .وما كنا مهلكي
90
القرى إل وأهلها ظالون وقال جل شأنه :فاعلم أنا يريد ال أن يصيبهم ببعض ذنوبم .
ولعلك تسألن وتقول ما هو البث؟ وماذا تعن بالبث؟ فأقول لك إن البث صوره ل تعد ول
تصى لكن خذ بعض النماذج:
إن من البث ،إقامة الربا ،وانتشار الفواحش ،وكثرة الزنا ومن البث :إكرام الكفار والفجار،
وإهانة الصالي والخيار ،ونبذ أحكام شريعة البار ،ومن البث :تضيع الصلوات ومنع
الزكوات ،واتباع الشهوات ،وارتكاب النكرات ،ومعاداة أولياء من بيده الرض والسماوات.
من البث :انتشار الغش والظلم ،كثرة أكل الرام ،ارتفاع أصوات العازف ،تساهل الناس ف
ساع الغناء ،عدم الكتراث بشاهدة التبج والسفور.
من البث :فشو رذائل الخلق ،ومستقبح العادات ف البني والبنات ،وتسكع النساء ف
السواق ،وكثرة مشاكل الغازلت والعاكسات ،هذه ناذج وغيها أضعاف مضاعفة ..ولعله
ثار ف ذهنك ،لاذا ل يذكر الطيب خبث العلم وما يبثه من سوم ،والبث الوجود ف
التلفاز؟
الواب :فإن هذا ل يكفيه إشارة عابرة ،وإنا يتاج إل كلم مفصل ،وسيكون بإذن ال تعال،
خصوصا البث الكب ،وشيطان البائث ،ما يسمونه :الدش.
والشكلة أن الناس نيام ،والجتمع غافلٌ له ،ل يعلم بأن البث ،يهدم الركان ،ويقوض
الساس ،ويزيل النعم ،وينقص الال ،وترتفع السعار ،وتغلو العيشة ،وتل الزائم الربية
والعنوية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تت أرجلكم أو
يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف اليات لعلهم يفقهون وكذب به
قومك وهو الق قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون .
قال ال تعال :أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن
يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر ال فل يأمن مكر ال إل القوم الاسرون أو ل
يهد للذين يرثون الرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبم ونطبع على قلوبم فهم ل
يسمعون
91
ارتفاع السافل من الناس على خيارهم ،واستئثارهم بالمور دونم ،فيكون أمر الناس بيد
سفهالم وأراذلم ومن ل خي فيهم ،وهذا أيها الحبة من انعكاس القائق وتغيّر الحوال،
وهذا أمر مشاهد جدا ف هذا الزمان ،فترى أن كثيا من رؤوس الناس وأهل العقد والل هم
أقل الناس صلحا وعلما ،إل من رحم ال مع أن الواجب أن يكون أهل الدين والتقى هم
القدمون على غيهم ف تول أمور الناس ،لن أفضل الناس وأكرمهم هم أهل الدين والتقوى،
قال تعال :إن أكرمكم عند ال أتقاكم .
ولذلك ل يكن النب صلى ال عليه وسلم يول الوليات وأمر الناس إل من هم أصلح الناس
وأعلمهم ،وكذلك خلفاؤه من بعده ،والمثلة على ذلك كثية ،ومنها ما رواه البخاري عن
ل أمينا
حذيفة رضي ال عنه ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال لهل نران(( :لبعثن إليكم رج ً
حَق أمي)) فاستشرف لا أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ،فبعث أبا عبيدة.
اسع أخي السلم إل هذه الحاديث ف أن من أشراط الساعة إرتفاع أسافل الناس ،روى المام
أحد عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم(( :إنا ستأت على
الناس سنون خدّاعة ،يصدق فيها الكاذب ،ويكذب فيها الصادق ،ويؤتن فيها الائن ،ويون
فيها المي ،وينطق فيها الرويبضة ،قيل وما الرويبضة؟ قال :السفيه يتكلم ف أمر العامة)) وف
حديث جبيل الطويل قوله(( :ولكن سأحدثك عن أشراطها ،إذا كانت العراة الفاة رؤوس
الناس ،فذاك من أشراطها)) رواه مسلم.
وف الصحيح(( :إذا أسند المر إل غي أهله فانتظر الساعة)) .وعن أب هريرة رضي ال عنه
قال(( :من أشراط الساعة ،أن يعلو التحوت الوعول ،قال :أكذلك يا عبدال بن مسعود سعته
من حِب؟ قال :نعم ورب الكعبة ،قلنا وما التحوت؟ قال :سفول الرجال ،وأهل البيوت
الغامضة يرفعون فوق صاليهم ،والوعول :أهل البيوت الصالة)) رواه الطبان ف الوسط.
وف الصحيحي ،عن حذيفة رضي ال عنه ،فيما رواه عن النب صلى ال عليه وسلم ف قبض
المانة ،قال(( :حت يقال للرجل :ما أجلده ما أظرفه ما أعقله ،وما ف قلبه مثقال حبة من
خردل من إيان)).
وهذا هو الواقع بي السلمي ف هذا العصر ،يقولون للرجل :ما أعقله ،ما أحسن خلقه،
ويصفونه بأبلغ الوصاف السنة ،ربا ل يوصف با بعض الصحابة ،وهو من أفسق الناس،
92
وأقلهم دينا وأمانة ،بل قد يكون عدوا للسلم والسلمي ،ويعمل على هدم الدين ليل نار،
ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
ول داعي لكي تتيقن أن إرتفاع أسافل الناس على خيارهم ،وتقلد المور دونم ،أن تنظر إل
بعيد ،لو نظرت إل أقرب الؤسسات حولك أو الشركات ،أو الصال والكاتب ،لرأيت أنه
يتول أمر هذه الصلحة ،أو ذلك الكتب ،أو ذلك القسم أو الدارة ،أقلهم علما وخبة بل
وشهادة ،وربا ل يمل شهادة ،ول يفقه شيء ف العمل ،وإذا نظرت إل خلقه وسلوكياته،
لرأيته أفسق من ف الدارة ،أو الؤسسة ،وأنزلم خلقا ومعاملة ،بل ربا لو فتشت ف أوراقه
وملفاته ،لوجدت عليه قضايا وطامات ،سرقات ،اختلسات ،ناهيك عن القضايا الخلقية،
وربا ل يسلم من جره للهيئة عدة مرات .فلو سألت ،كيف تقلد هذا هذا النصب ،وكيف
ارتفع هذا التحوت ،لاءك الواب ،بأنه هذا هو الذي أخب به النب صلى ال عليه وسلم أنه
سيكون من أشراط الساعة .
93
تَحَابّوا َ ،أوَلَا َأدُّلكُمْ عَلَى شَيْ ٍء ِإذَا َفعَلْتُمُوهُ تَحَابَبُْتمْ َ ،أ ْفشُوا السّلَا َم بَيَْن ُكمْ " [ أخرجه مسلم
وغيه ] .
لقد أصبح الناس وكأنم غرباء ،ير هذا بانب هذا ول يُلقي له با ًل ،بل الار بانب جاره ،
وداره تلتصق بداره ،ومع ذلك لو مات أحدها لا عرف الخر با جرى له ،لن التحية
والودة ل تعد كما ينبغي ،بل أصبحت التحية وإلقاء السلم للمعرفة فقط ،فمن تعرفه تُلقي
عليه السلم ،ومن لك عنده مصلحة تربا ،أو حاجة تريدها تُلقي عليه السلم ف الطالعة
والنازلة ،وهذا ل يتوافق مع سنة النب صلى ال عليه وسلم ،بل هذا خلف السنة ،ومن شذ
عن السنة وقع ف الحذور ،والصيبة أنك ترى بعض التمسكي واللتزمي وقد اقتفوا أثر العامة
من جهلء القوم وهم ل يُسلمون ول يردون السلم ،فوقعوا ف أشد ما وقع فيه عامة الناس ،
لن إلقاء السلم سنة ،ورده واجب ،قال تعال " :وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو
ردوها إن ال كان على كل شيء حسيبا " [ النساء . ] 86
وما هو تابع لوضوع السلم ،استبدال اللعن أو السباب بدل السلم َ ،عنْ أنس َعنْ َرسُولِ
ث :مَا َل ْم يُقْبَضِ
شرِي َعةِ مَا لَ ْم يَ ْظ َهرْ فِيهَا ثَلَا ٌ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :لَا َتزَا ُل الُْأ ّمةُ عَلَى ال ّ
اْلعِلْ ُم مِ ْن ُهمْ َ ،وَيكْثُ ْر فِي ِهمْ َوَلدُ الْحِنْثِ ـ ولد العصية وهم أولد الزنا ـ َ ،ويَظْ َه ْر فِي ِهمُ
صقْلَاوُو َن يَا َرسُو َل ال ّلهِ ؟ قَا َل َ " :بشَ ٌر َيكُو ُن فِي آ ِخرِ
صقّارُو َن َأوِ ال ّ
صقّارُونَ ؟ " قَالَ َ :ومَا ال ّ
ال ّ
الزّمَا ِن تَحِيُّت ُه ْم بَيَْنهُ ُم التّلَا ُعنُ " [ أخرجه أحد وغيه ] .
فمعن الديث قد ظهر ف هذه الزمنة ،فهناك البعض من الناس وخصوصا طبقة الشباب
هداهم ال ،إذا تقابلوا كانت تيتهم غي تية السلم ،بل استبدلوها بتحية أهل الكفر
والفساد ،فيتلعنون ،ويطلقون الكفر فيما بينهم ،ويتسابون عند اللقاء ،وقد يرمي بعضهم
بعضا باليهودية والنصرانية ،وغي ذلك من كلمات الفجور ،واللفاظ القبيحة ،وهذه العلمة
واقعة اليوم ل يكاد ينكرها أحد من العباد ،فل حول ول قوة إل بال .
94
الرحال ينلون على أبواب الساجد ،نساؤهم كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت
العجاف ،العنوهن فإنن ملعونات) [رواه أحد ،وقال أحد شاكر :إسناده صحيح] ومعن
كاسيات عاريات أي :كاسية جسدها ولكنها تشد خارها وتضيق ثيابا حت تظهر تفاصيل
جسمها ،أو تكشف بعض جسدها ،وهذا حادث .
والراد بذا خروج النساء عن الداب الشرعية ،وذلك بلبس الثياب الت ل تستر عوراتن،
وإظهارهن للزينة وما يب عليهن ستره ،من أبدانن .روى المام أحد بسند صحيح عن عبدال
بن عمرو رضي ال عنهما قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول(( :سيكون ف آخر
أمت رجا ٌل يركبون سروج كأشباه الرجال ينلون على أبواب الساجد ،نساؤهم كاسيات
عاريات ،على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف ،إلعنوهن فإنن ملعونات)) .وعن أب هريرة
رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم(( :صنفان من أهل النار ل أرها :قوم
معهم سياط كأذناب البقر ،يضربون با الناس ،ونسا ٌء كاسيات عاريات ،ميلت مائلت
رؤوسهن كأسنمة البخت الائلة ،ل يدخلن النة ،ول يدن ريها ،وإن ريها ليوجد من مسية
كذا وكذا)) رواه مسلم.
ب يلبسها نسا ٌء كاسيات
وعن أب هريرة رضي ال عنه قال( :من أشراط الساعة ،أن تظهر ثيا ٌ
عاريات).
إن هذه الحاديث وأمثالا يعد من معجزات النبوة ،فإنه ل ير عليه الصلة والسلم ما أخب به،
ولكنه وقع كما أخب ،وذكر بأن هذا من أشراط وعلمات الساعة :من ذلك ظهور الكاسيات
العاريات.
ترج النساء كما نشاهد ف عصرنا هذا ،يلبسن ثياب ،لكنه ل يستر ،الستر مطلوب شرعا،
فتكون الرأة كأنا عارية ،إما لرِقة هذه الثياب وشفافيتها ،وإما لقصره بيث أنا ل تؤدي وظيفة
الستر الطلوبة ،وإما لنا ثياب ضيقة ،تُظهر تفاصيل جسمها ،فتبز صدرها ،وعجيزتا ،فتكون
كأنا عارية ،وكل هذا واقع ومشاهد.
إن الجتمع قفز قفزات سريعة ف وقت قصي من الزمن ،وصار هناك تول ملحوظ ف ملبس
النساء عندنا ،وشياطي مصممي الزياء عرفوا من أين تؤكل الكتف.
95
إن الديث عن اللحظات الشرعية على ما تلبسه نساءنا ،حديث قد يطول ،وليس هذا مال
تفصيله ،ولكن سأنبه إل ظاهرتي ،انتشرتا انتشارا سريعا وملحوظا ف الونة الخية ،وكل
الظاهرتي ،أفت عدد من علمائنا برمتها فعليك أيها الب أو الزوج ،أو ول المر ،بعد هذا أن
ل يكون النع والتنبيه لكي ل تقع أنت أيضا ف الث،
تتبع ما أقوله ف أهل بيتك ،فإن كان حاص ً
وتشارك ف الحرم لرضاك بذا ،بل ربا يكون الث العظم عليك لنك ول المر وبإمكانك
النع ،أما الرأة ،فهي ناقصة عقل ودين.
الظاهرة الول :وضع العباءة على الكتف .وتظن الرأة أنا قد سترت نفسها بذه الطريقة ،وهي
قد سترت بعض الستر ،لكن ليس هذا ما أمرها ال به ،إن العباءة إذا وضعت على الكتف،
وقعت الرأة أولً ف مذور التشبه بالرجال ،لن وضع العباءة على الكتف من خصائص
الرجال ،وقد لعن النب صلى ال عليه وسلم التشبهات من النساء بالرجال ،وتقع أيضا ف
الحذور الثان وهو إبراز السد وهيئته وحجمه ،وهو حرام أيضا ول يوز ،فعلى الرأة ،أن
تضع عباءتا على رأسها ،لينل إل قدميها وتكون بذلك قد سترت نفسها كما أمر ال.
الظاهرة الثانية :لبس النساء للبنطال .وهذه الظاهرة انتشرت ف متمعنا مؤخرا انتشار النار ف
الشيم ،وهي ظاهرة غربية جاءتنا من ديار الكفر ،ل تتناسب مع عاداتنا ول أعرافنا ،ول
يناسب هذا متمعنا ،كيف رضيت به الرأة؟ ل أدري .بل كيف رضي الب أن ترج بناته وهن
لبسات للبنطال ،وكيف رضي الزوج أن ترج زوجته؟ ل أدري؟ حجتهم أنا ساترة لنفسها
بالعباءة ،وهذه حجة ضعيفة ،فالعباءة قد يركها الواء ،وكثرة الركة ،وقد تقع الرأة ،أقول
وإن ل يصل هذا فإن ظهورها أمام النساء بذا الشكل فيه مذور شرعي ،وهي تسيد عورتا
وإبرازه ،فتكون من النساء الكاسيات العاريات اللت ل يدخلن النة ،ول يدن ريها .فلبسه
حرام ول يوز ،فتنبه أيها الب ،وأنت أيها الزوج.
الثلثون :
صدق رؤيا الؤمن .فكلما اقترب الزمان ،وكلما قربت الساعة كثرت هذه العلمة ،وهي أن
الؤمن يرى الرؤية ف النام ،فتقع الرؤيا ف الواقع كما رآها ،وكلما كان الرء صادقا ف إيانه،
كانت رؤياه صادقة ،روى البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال
96
صلى ال عليه وسلم(( :إذا اقترب الزمان ،ل تكد رؤيا السلم تكذب ،وأصدقكم رؤيا،
أصدقكم حديثا ،ورؤيا السلم جزء من خس وأربعي جزء من النبوة)).
لعلك تسأل :ما الكمة أنه كلما اقترب الزمان صدقت رؤيا الؤمن؟ ولاذا كانت من علمات
الساعة صدق رؤيا الؤمن؟
الواب والعلم عند ال تعال :أنه كلما اقترب الزمان ،زادت غربة السلم كما ف حديث
مسلم – ((بدأ السلم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ)) – إذا زادت غربة السلم ،قبض أكثر
العلم ،ودرست معال الشريعة ،وازداد الفت ،وأصبح الناس على مثل الفترة ،ويقل عندها أنيس
الؤمن ومعينه ،فالناس عندها يكونون متاجون إل مدد ،ومذكر ،لا دَرَس من الدين ،كما
كانت المم تذكر بالنبياء ،لكن لا كان نبينا آخر النبياء وتعذّرت النبوة ف هذه المة ،فإنم
يعوضون بالرؤيا الصادقة ،الت هي جزء من خس وأربعي جزء من النبوة.
وإذا ازدادت غربة السلم ،وذلك بقلة عدد الخيار الصالي ،وكثرة عدد الفسقة الوجودين،
وأصبح الغلبة للة الكفر ،وأصبحت الترأس لهل الهل والفسق ،وعندها يشعر الؤمن فعلً
بالغربة ،فيقل العي ،وينعدم النيس ،ويزداد الوحشة ،ويأخذ أمر الدين بالضمحلل ،عندها،
تأت هذه العلمة رحة من ال تعال ،وأنسا للمؤمن ،وإكراما له ،وتسلية لقلبه ،فتكون رؤياه
صادقة ،نسأل ال جل وتعال العانة.
97
داود الطيالسي والنسائي ،وصحح إسناده الشيخ /حود التويري ف اتاف الماعة / 2
، ] 109وقد ظهرت وسائل العلم ف هذا الزمان ظهورا باهرا ،فانتشرت دور الطباعة ،
وآلت التصوير والتجليد ،ووسائل الطباعة ،فانتشرت الكتب ،وزادت رقعة العلم ف كل
مكان ،وكل ذلك كما قلت بسبب وسائل انتشار العلم من مطابع وغيها ،وكثرة أهل الي
الذين يدون تلك الدور بالموال من أجل خدمة كتاب ال تعال ،وخدمة سنة نبيه صلى ال
عليه وسلم ،حت أصبح الكُتاب ف كل مكان ،فكل يدلو بدلوه ،ويعرض بضاعته ،ما بي
مزجاة ،وجيدة ،ومقلدة وجديدة ،وركيكة وقوية ،وهكذا أصبح هناك كم هائل من الكتاب
،وأصبحت الكتب ف متناول أيدي الميع .
ولكن ومع كثر تلك الكتب العلمية ،إل أن هناك كثرة كاثرة من الناس تركتها واتهت نو
الجلت والصحف ( الرائد ) ،والكتب القصصية الغي نافعة ،وكذلك الكتب التافهة ،
والت تتم بقضايا سخيفة بعيدة عن الدين ،أما العلم الشرعي الذي به قوام الياة ،فقلما تد
بيتا يهتم به مع كثر ظهور التعلمي ،وقد أشار إل ذلك الضحاك رحه ال بقوله " :يأت على
الناس زمان ،تكثر فيه الحاديث حت يبقى الصحف عليه الغبار ل يُنظر فيه " [ والثر فيه
ضعيف ،وقيل أن مثله ل يُقال بالرأي ،بل هو ف حكم الرفوع ] لكن عموما معناه حقيقي
حي يراه كل أحد ،فكم من الناس الذين ل يعرفون القرآن إل ف رمضان ،وكم من الناس
الذين ل يعرفون القرآن إل ف الناسبات كالتعازي والحزان ،ومن الناس والعياذ بال من ل
يعرف القرآن أبدا ،فقد هجروا كتاب ال تعال ،ومعلوم أنه ل يُنل القرآن إل ليُقرأ ،
ولتُستنبط منه الحكام ،قال تعال " :وقال الرسول يارب إن قومي اتذوا هذا القرآن
مهجورا " [ الفرقان ، ] 30فقد كثرت الصحف والجلت ف زماننا هذا ،وكثرت وسائل
العلم الختلفة من إذاعات وتلفزيونات وقنوات فضائية وإنترنت وافتت با كثي من الناس ،
فأصبحوا يأخذون العلم عن طريقها وتركوا طريق الق الطريق الصحيح الذي يُخذ منه العلم
أل وهو العلماء وكتب أهل العلم قديا وحديثا ،فأعرض أغلب الناس اليوم عن كتاب ال ،
وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ،وأدبروا عن مالسة العلماء وأئمة الدى ،فلم ينتفعوا بعلم
العلماء الجلء ،وظهر فيهم الهل ،وقل فيهم العلم النافع ،فلم تغن عنهم كثرة الكتب شيئا
،وكم أثرت وسائل العلم اليوم على السلمي سلبا ،فقد تقمصوا عادات الغرب والشرق ،
98
وارتضعوا تعاليمه ،واشرأبت نفوسهم ذلك ،حت خرج لدينا جيل ل يعرف صلة ول برا ول
زكاة ول طاعة ول معروفا ،ول ينكر منكرا ،بل إذا رأيتهم حسبتهم يهود أو نصارى ،
فكلمهم مثلهم ،وأشكالم تاكيهم ،ولبسهم كأنم هم ،فانرفوا عن الروءات ،وتركوا
الشيم العربية والخلق الفاضلة ،وتلقوا بأخلق العجم الفرنج أعداء ال تعال ،واتبعوا
سننهم حذو القذة بالقذة ،فتشبهوا بأعداء اللة والدين ،فل حول ول قوة إل بال .
99
فشى ف هذه المة ،فكم هي التصريات الكاذبة الت صدرت من التحدثي الرسيي ،وكل
يُكذب الخر ،وكل يُنفي مقالة العدو وحت الصديق ،فأصبحت الرب ل مصادقية أبدا ،
وكذلك التصريات ف الصحف الحلية وغي الحلية ،وعب الشاشات فهي تكاد تلو تاما من
الصدق ،والكذب واضح يدركه ويعرفه كل أحد ،فأصبح الكذب فعلً سة يُعرف با هذا
العصر .
والخطر من هذا كله إذا دخل عنصر الكذب ف البيت ،كأن يصدر من أب ويعرف البن ،أو
يدخل الدرسة ،فيصدر من مدرس ويكتشف الطالب ،عندها قل على التربية السلم.
وما يؤسف له ،أنك أصبحت تشم رائحة الكذب على بعض الفئات العاملة للسلم ،ويُدخل
تت باب التورية ،من أجل مصلحة الدعوة ،وهو ف القيقة كذب.
إنك تستطيع أن تتعامل ف دائرة السوق ،أو ف دائرة العمل ،أو غيها من قطاعات الياة،
تستطيع أن تتعامل مع فاسق ،أو مع شارب خر ،أو مع آكل ربا ،لكنك ل تستطيع أن تتعامل
مع كذّاب ،لن الكذاب قد يوقعك ف اللك والدمار وأنت تُحسن الظن به .
واسعوا لذا الديث َ ،عنْ عَا ِم ِر ْبنِ عََب َدةَ قَالَ :قَالَ عَ ْبدُ ال ّل ِه بن مسعود " :إِنّ الشّيْطَا َن لِيَتَمَّثلُ
ب فَيََتفَ ّرقُونَ فََيقُولُ الرّ ُج ُل مِ ْنهُمْ
ث ِمنَ اْل َكذِ ِ
حدِي ِ
ح ّدُثهُ ْم بِالْ َ
فِي صُو َرةِ ال ّرجُ ِل فََي ْأتِي الْ َقوْ َم فَيُ َ
ث " [ أخرجه مسلم ] ،ولقد أصبح
حدّ ُ
ف وَ ْج َههُ َولَا َأدْرِي مَا اسْ ُمهُ ُي َ
سَ ِمعْتُ َرجُلًا أَ ْعرِ ُ
الكذب اليوم فاكهة الجالس ،فكل يأت بفكاهة ملفقة يكذب با على الناس من أجل أن
يضحكهم ،وهذا الفعل مرم شرعا َ ،ع ْن َب ْهزِ ْب ِن حَكِيمٍ عن َأبِيه َع ْن جدهِ قَالَ :قال سَ ِمعْتُ
حكَ ِب ِه الْ َقوْ َم َويْ ٌل َلهُ
ضِث فََيكْ ِذبُ لِيُ ْ
حدّ ُ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ يَقُو ُل َ " :وْيلٌ لِ ّلذِي يُ َ
َوْيلٌ َلهُ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وغيهم وحسنه اللبان ف صحيح الامع برقم
، ] 7136فهذا تذير من النب صلى ال عليه وسلم لن يكذب ويتلق النوادر والفكاهات
من أجل أن يُضحك الناس با ،فالزاح ل يكون إل حقا كما ثبت ذلك عن النب صلى ال
ط فيه ،أما اليوم
عليه وسلم ،أنه كان يزح لكن ل يقول إل حقا ،ول يؤذي قلبا ،ول ُي ْفرِ ُ
فالناس يزحون بالكذب ،وبا يؤذي قلوب الاضرين ،بيث يستلم اللوس أحدهم ويبدؤون
بالزاح عليه وتلفيق الفكاهات الكاذبة أو حت الصادقة ،فهذا ل يوز ،ل يوز أن تؤذي
أخوك السلم بثل تلك التفاهات ،فيمتل قلبه حقدا وغيظا عليك ،فالكذب من الصفات
100
الذميمة ،صفات أهل النفاق ،والت توعد ال عليها بالنار والويل يوم القيامة ،لن النسان
إذا اعتاد قول الكذب استمرأه فأصبح سة يُعرف با والعياذ بال ،وإنه لن الؤسف أن ترى
بعض الشباب التمسك بدينه وعقيدته ،وتراه يكذب ف الصغية والكبية ،يكذب ف الاجة
وغي الاجة ،بل أصبح بعضهم يكذب ف يومه وليلته ول تثق بكلمة واحدة يقولا ،فهو
يستخدم العاريض ف كل شؤون حياته ،وهذا ل شك انه على خطر عظيم ،فالعاريض أبيحت
للحاجة والضرورة الت ل بد منها ،أما أن تُتخذ دينا يُعَبدُ ال با ،فهذا ل يقله أحد من الناس
على الطلق ،واسعوا لذا الديث الصحيح الذي يذم الكذب وأهله َ ،عنْ عَ ْبدِاللّ ِه بن
ق َي ْهدِي ِإلَى الِْب ّر وَإِنّ
مسعود رَضِي اللّه عَنْه َ :عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :إِ ّن الصّدْ َ
ب َيهْدِي ِإلَى الْفُجُورِ
صدّيقًا َ ،وإِ ّن الْ َكذِ َ
ق حَتّى َيكُونَ ِ
صدُ ُ
الِْبرّ َي ْهدِي إِلَى الْجَّن ِة َوإِنّ ال ّرجُ َل لَيَ ْ
ب حَتّى ُيكْتَبَ عِ ْندَ ال ّلهِ َكذّابًا " [ متفق عليه ] .
َوإِ ّن الْفُجُو َر َي ْهدِي ِإلَى النّارِ َوإِ ّن ال ّر ُجلَ لََي ْكذِ ُ
لكن من حدث بديث صدق ليضحك الناس فل بأس ،بشرط أن ل يتخذ ذلك حرفة يتكسب
من ورائها ،أو يكون هكذا حاله طول يومه وليلته ،فهذا خطأ فادح ،وف الدين قادح ،لن
الؤمن صادق دائما ،قوي أبدا ،نقي قلبا ،طاهر ظاهرا وباطنا ،يعل مافة ال بي عينيه ،
فل يعتمد على الكذب والزاح وإن كان حقا وصدقا ،الؤمن يترك الباح خوفا من الوقوع ف
الكروه والرام ،حياته جد ل هزل .
فأصبح الكثي من الناس اليوم ل يتورع من قول الكذب ،أو نقل الخبار الكاذبة ،فكم نسمع
من الحاديث الغريبة ف هذا الزمان ،ونقل القوال بدون تثبت من صحتها ،وف هذا إضلل
للناس عن القيقة ،وفتنة لم .
وأعظم الكذب الكذب على ال ورسوله ،قال تعال " :ول تقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب
هذا حلل وهذا حرام لتفتروا على الكذب إن الذين يفترون على ال الكذب ل يفلحون
" [ النحل َ ، ] 116ع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ َ :عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم قَا َل َ " :تسَ ّموْا بِاسْمِي ،
َولَا َتكْتَنُوا ِبكُنْيَتِي َ ،ومَنْ رَآنِي فِي الْمَنَا ِم َف َقدْ رَآنِي َفإِ ّن الشّيْطَا َن لَا يََتمَّثلُ فِي صُو َرتِي َ ،و َمنْ
َك َذبَ عَ َل ّي مَُتعَ ّمدًا فَلْيَتََب ّوأْ َم ْقعَ َد ُه ِمنَ النّارِ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ،ولفظ مسلم :
ي ِة ْبنِ ُشعَْبةَ قَالَ :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم يَقُولُ " :إِنّ َك ِذبًا عَ َليّ
َعنِ الْ ُمغِ َ
لَيْسَ َك َك ِذبٍ َعلَى َأحَ ٍد ،فَ َمنْ َك َذبَ عَ َليّ مَُتعَ ّمدًا فَلْيَتََبوّْأ َمقْ َع َد ُه ِمنَ النّارِ " .
101
القصود أن الكذب وانتشاره وشيوعه بي الناس من علمات الساعة ،وقد وجدت هذه
العلمة بكثرة اليوم ،فنسأل ال السلمة والعافية [.شرح الطيب ، 3122 / 10مرقاة
الفاتيح . ] 71 / 9
102
" :ول تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آث قلبه وال با تعملون عليم " [ البقرة ، ] 283
َعنْ عَ ْبدِال ّلهِ رَضِي اللّه عَنْه قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َ " :م ِن اقْتَطَ َع مَا َل ا ْمرِئٍ
ُمسْ ِلمٍ بِيَمِيٍ كَا ِذَبةٍ َ ،ل ِقيَ ال ّلهَ َو ُهوَ َعلَ ْيهِ غَضْبَا ُن " ،قَالَ عَ ْبدُاللّ ِه ُ :ثمّ َق َرأَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه
ب ال ّلهِ َجلّ ذِ ْك ُر ُه " :إِ ّن اّلذِينَ َيشْتَرُو َن ِبعَ ْهدِ ال ّل ِه وََأيْمَاِنهِ ْم ثَمَنًا
صدَاقَ ُه ِمنْ كِتَا ِ
عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ مِ ْ
ق َلهُ ْم فِي الْآ ِخ َرةِ َولَا ُيكَلّ ُم ُهمُ ال ّل ُه . . .الْآَيةَ " [ أخرجه البخاري ] ،و َعنْ
قَلِيلًا أُولَِئكَ لَا خَلَا َ
ئ ُمسْ ِلمٍ بِيَمِيِنهِ ،
َأبِي ُأمَا َمةَ :أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل َ " :منِ اقْتَطَ َع َح ّق امْرِ ٍ
َف َقدْ َأ ْوجَبَ ال ّل ُه لَ ُه النّارَ َ ،و َحرّمَ عَلَ ْي ِه الْجَّنةَ " ،فَقَالَ َلهُ َر ُجلٌ َ :وإِنْ كَا َن شَيْئًا َيسِيًا يَا َرسُولَ
ال ّلهِ ؟ قَا َل َ " :وإِنْ قَضِيبًا ِم ْن أَرَاكٍ " [ أخرجه مسلم ] َ ،ع ْن سَعِي ِد ْبنِ َزْي ِد ْبنِ عَ ْمرِو ْب ِن ُنفَ ْيلٍ :
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ قَالَ َ " :م ِن اقْتَطَ َع شِ ْبرًا ِم َن الْأَرْضِ ظُلْمًا َط ّو َقهُ ال ّلهُ ِإيّاهُ َيوْمَ
أَنّ َرسُو َل ال ّلهِ َ
ضيَ " [ أخرجه مسلم ] ،فشهادة الزور سبب للحرمان من دخول النان ،
اْلقِيَا َمةِ ِم ْن سَبْ ِع أَرَ ِ
وطريق لدخول النيان ،فمن شهد شهادة زور طوقه ال يوم القيامة با شهد به زورا وكذبا ،
وأن لبشر أن يمل ف عنقه دجاجة حت يمل بعيا أو بقرة أو سيارة أو أرضا أو بيتا يبقى
معلقا ف عنقه أمام اللئق حت يُعرف أنه شهد بذلك المر زورا وكذبا ،وع كل تلك
التحذيرات ف الكتاب والسنة ،إل أننا نلحظ وبشكل ملموس تفشي شهادة الزور ف
الجتمعات اليوم دون خوف من ال تعال ،وقد يكون لا دوافع :
فقد يكون الدافع لشهادة الزور النتقام من الشهود عليه .
وقد يكون الدافع نفع الشهود له .
وقد يكون الدافع النفع الادي من وراء الشهادة زورا وكذبا .
وكم من الناس من ل يتورع عن شهادة الزور ،فتراه سباقا إليها ،مقداما عليها ،ولقد
شاهدنا الكثي منهم على أبواب الحاكم كل يريد أن يتكسب بلسانه كذبا وزورا على عباد ال
تعال ،لغرض دنيوي دنء ،يأكل به حفنة من وسخ الدنيا الفانية ،ث ما يلبث أن يلقى ال
تعال برمه وكبيته والعياذ بال ،فكم جرت شهادة الزور من ضياع حق ،واغتصاب ملك ،
وإزهاق نفس ،فيجب على العبد السلم الؤمن بلقاء ربه ،الوقن بتحري الزور شهادة وقولً
وحضورا ،أن يذر من تلك الشهادة الثة ،وأن يقول الق ولو على نفسه أو قريبه ،ولو
كان أقرب قريب ،فال يب الق ويأمر به ول يستحيي من قوله ،قال تعال " :وال ل
103
يستحيي من الق " [ الحزاب ، ] 53وأل تأخذه ف قول الق لومة لئم ،وعموما فشهادة
الزور دليل على ضعف اليان ،وقلة الروءة ،وسوء اللق ،ودليل على قرب وقوع الساعة .
104
لوجدت أن الناس أقنعهم بذلك العلم ،هذه الفلم الت تعرض على الناس ،وهذه
السلسلت الت يشاهدها الناس ،تعرض الزواج الثان بأنه يفرق الولد ويظلم الرأة ويلب
الشاكل ،مسلسل بعد آخر ،وفيلم بعد آخر ،يتأثر الناس وتتغي قناعتهم ،ولو بثت خلف
الستار ،من هم القائمون على هذه الفلم ومن النتجون لذه السلسلت ،هل هم أناس
ملصون ،ههم حاية الشعوب السلمة ،ونشر الفضيلة ،أم أن القائمي عليها مرمون ،بل ولم
علقات مشبوهة بنظمات سرية ،ولقد كشف الزمان أوراق عدد من كبار المثلي – زعموا –
ومن أبطال الشاشة ،ومن مثلت قديرات ،كما يعبون ،اتضح أنم أعضاء ف منظمات
ماسونية ،يعملون ليل نار ويططون لدم الدين ،فيصورون أحكام الشرع وأوامر ال أنا ظلم
ومشاكل ،ومع السف ،نن مغفلون نصدق ونتأثر بكل ما يبث وينشر.
ل ..وهل من تأمل وتبصر.
فهل نرتقي بعقولنا قلي ً
نغيّر قناعتنا حول أحكام شرعها ال جل جلله بسبب فيلم أو مسلسل ،ونقتنع بأن التعدد
خطأ ،ث بعدها لتنتشر الرذيلة والفاحشة ف البلد بسبب كثرة العوانس ،والطلقات ،ومن مات
أزواجهن.
ونن اليوم نشاهد كثرة النساء وقلة الرجال ،فأكثر الواليد بنات ،وأكثر الوادث يذهب
ضحيتها شباب ورجال ،فل بد أن نعلم أن شرع ال فوق كل شيء ،والعجيب أن الناس
ينظرون إل الزواج بالثانية من منظار الزوجة الول ،وأنا مظلومة ،وقد خانا الزوج وما إل
ذلك من الرافات والزعبلت ،ولاذا ل ينظرون من زاوية الزوجة الثانية ،وأن هذه فرصتها
فلو ضاعت فقد ل تتكرر ،ولا أيضا حق ف أن يكون لا زوج وأطفال ،ولنا ف رسول ال
صلى ال عليه وسلم أسوة حسنة ،فلقد تزوج بأحد عشرة امرأة من غي السراري ،فما دام
أن هناك عدل من الزوج فل مانع من الزواج بأربع أو أقل ،الهم أن يكون هناك عدل ،أما ما
يُعرض عب الشاشات وما تبثه بعض الصحف من إنكار لمر وأصل بينه ال ف كتابه ،فيجب
ل ،فهي أقلم مدسوسة ،تدس السم ف الدسم ،
أن ل يُرغى لا سعا ،ول يرضى با عاق ً
يريدون با الكيدة من السلم وأهله ،وأن يقل النسل فينقضوا على السلمي انقضاضة رجل
واحد ،فهم يافون الكثرة ،والتعدد ف الزواج ،فعلينا أن نرغم تلك النوف ،ونلصقها
105
بالتراب ،وأن نصم الذان ،عن تلك الترهات والحلم ،فكم أزكمت النوف تلك
الكتابات برائحتها اللوثة والوبوءة .
وف الديث :يكون لمسي امرأة قيم واحد :يعن وال أعلم ،أن القائم على المسي امرأة
رجل واحد لقلة الرجال ،فهو الذي يرعاهن وينفق عليهن ،وقيل :أن الراد بذلك ،أن ذلك
المر يكو ف آخر الزمان ،حيث ل يبقى أحد على الرض يقول :ال ال ،فعند ذلك يوت
العلم ،ويقتل الدين ف النفوس ،فل يعرف الناس معروفا ،ول ينكرون منكرا ،عند ذاك قد
يتزوج الواحد بغي عدد أي أكثر ما حدده الشرع ،فيتجاوز الربع ،جهلً بالكم الشرعي ،
وكما قال الافظ بن حجر رحه ال :وقد وجد من بعض أمراء التركمان وغيهم من فعل
ذلك مع دعواه السلم [ الفتح . ] 236 / 1
106
وموله َ ،ع ِن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِي اللّه عَنْهمَا قَالَ :قَالَ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم ِ " :نعْمَتَانِ
ح ُة وَاْل َفرَاغُ " [ أخرجه البخاري ] .
ي ِمنَ النّاسِ :الصّ ّ
َمغْبُونٌ فِيهِمَا كَِث ٌ
وكم هي أوقات الناس اليوم الت تذهب سدى ،وتضيع هبا ًء منثورا ،فيقضونا ف اللعب ،
ومشاهدة الباريات والصراخ والغضب على كومة من اللد ،وكم هي الوقات الت تُهدر ف
سبيل مشاهدة مسلسل أو حفلة غنائية تيت القلوب ،وتدفن السنات وتزيد السيئات ،ول
حول ول قوة إل بال ،فأوقات السلمي اليوم أصبحت فراغا تُمل بل شيء ،فل علما شرعيا
يتعلمونه ،ول درسا يضرونه ،ول قرآنا يفظونه ،ول سنة يتبعونا ،فما هذه الياة ؟
ل ،وأكثر خيا ،فمن كانت تلك حياته كثرت سيئاته ،ولقي ال
للموت أعظم منها فض ً
بطوفان من الذنوب تنوء بملها البال الراسيات .
يقول البخاري رحه ال :
اغتنم ف الفراغ فضل ركوع
فعسى أن يكون موتك بغته
كم من صحيح رأيت من غي سُقم
ذهبت نفسه الصحيحة فلته .
107
النسان ف بوتقة الهواء والشهوات ،وتقيق الرغبات ،فل تكون هناك قيم أخلقية ،وليس
هناك أخوة إيانية ،فل حب ف ال ،ول تعاون على الب والتقوى ،بل يصبح الناس وكأنم ف
غاب يأكل فيها القوي الضعيف ،ويريد كل أن يستأثر بالي لنفسه ،دون أحد سواه ،وقد
جاء عن الصطفي صلى ال عليه وسلم أن ذلك ليس من اليان ف شيء ،فمن أحب نفسه ،
ورضي لا ما ل يرض لغيها فهو ناقص اليان َ ،ع ْن َأنَسٍ رَضِي اللّه عَنْه َ :ع ِن النّبِيّ صَلّى اللّه
سهِ " [ متفق عليه ] ،فأين
ب لَِن ْف ِ
ب ِلأَخِيهِ مَا يُحِ ّ
عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَا ُيؤْ ِمنُ أَ َحدُ ُكمْ حَتّى ُيحِ ّ
تقيق هذا الديث اليوم ،وعندما تشاهد أحوال الناس ف هذا الزمان لتجد عجبا وغرابة ف
تطبيق الكتاب والسنة ،فقد هجروا كتاب ال ،ورغبوا عن سنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،
فوقع التناكر والختلف بي القلوب ،وحصل الصراع واحتدم الناع بي الناس من أجل
الدنيا ودرجاتا ومناصبها ،وتركوا النعيم القيم الذي ل يول ول يزول ،قال تعال " :قل
متاع الدنيا قليل والخرة خي لن اتقى ول تظلمون فتيلً " [ النساء . ] 77
ولو أدرك الناس معن تلك الية وآيات أخرى كثية لا رغب أحد ف دنيا زائلة ،واشترى با
حياة باقية ،ولكن لا ذُهلت النفوس ف خضم الاديات وحب الشكليات ،والتنازع من أجل
الراكز ،والتصارع بسبب الراتب ،ابتعد الناس عن دين ال أفواجا ،فكانت النتيجة التمية
الت تصب ف قالب التناكر والتنافر بي القلوب والجساد .
وظهر ف هذا الزمان مصداقية الديث حيث حصل التناكر بي الناس ف البيت الواحد ،وف
الي الواحد ،وف العمل ،فكم هي الصومات بي الزملء ف مقر عملهم ،وكذلك
الصدقاء ف أماكن تواجدهم ،لقد تناكرت القلوب ،واختلفت الفئدة ،وحصلت الناعات
بي الناس لتفه السباب ،ول حول ول قوة إل بال ،وهذا دليل على قرب وقوع الساعة .
108
كثرة الطر وقلة النبات ،عن أنس رضي ال عنه قَا َل :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ :
ض شَيْئًا " [ أخرجه أحد ،وصحح
ت اْلأَرْ ُ
" لَا تَقُو ُم السّا َع ُة حَتّى يُمْ َط َر النّاسُ مَ َطرًا عَامّا َولَا تُنْبِ ُ
إسناده شعيب الرنؤوط ف تقيق السند . ] 438 / 21
العروف أنه إذا كان هناك مطر ،فل شك أن الرض ستُنبت الزرع ،ولكن ف آخر الزمان ،
يكثر الطر ،ول تنبت الرض شيئا ،فال تعال يُوجد ما ينع خروج النبات من الرض ،فهو
سبحانه القادر على كل شيء ،الذي يقول للشيء كن فيكون ،ونن اليوم ف زمن توقف فيه
هطول الطر ،وأمسكت السماء نزول الغيث ،حت اجدبت الرض ،لكثرة العاصي وماهرة
الناس با عيانا بيانا جهارا نارا ،فعاقبهم ال بإمساك رحته ،ولكن نشاهد اليوم هطول زخات
بسيطة من الطر على الصحاري والتلل لتسقي الزرع والبهائم ،فل ذنب لا ف آثار ذنوب
بن آدم ،ولول البهائم ل يُمطر الناس ،وخصوصا ف هذا الزمان الذي ل يكترث فيه أغلب
الناس باقتراف الكبائر والثام العظام ،ث يريدون الطر والرحة من ال تعال ،إنه تناقض
عجيب ،فالعصية سبب لقلة الرزق ،وسبب لظهور العذاب وتفشي الفت ،ولن ترتفع إل
بالتوبة النصوح والقبال على ال عز وجل ،والتضرع إليه ،وترك النكرات ،والذر من
الذنوب فلها آثار سيئة بالشعوب .
فال عز وجل ل يعجزه شيء ف الرض ول ف السماء ،فكما يُعصى ،فهو ينع ،وقد تظهر
المطار ولكن ل بركة فيها ،جزا ًء وفاقا َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َر َة :أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
ت السّنَ ُة ـ القحط والدب ـ بِأَ ْن لَا تُمْ َطرُوا َولَ ِكنِ السَّنةُ أَ ْن تُمْ َطرُوا
َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَ ْيسَ ِ
ض شَيْئًا " [ أخرجه مسلم ] .
ت اْلأَرْ ُ
َوتُمْ َطرُوا َولَا تُنْبِ ُ
الربعون :
حسر الفرات عن جبل من ذهب ،روى البخاري ف صحيحه ف كتاب الفت ( ) 100 / 8
باب خروج النار ،و مسلم ف كتاب الفت ( برقم ) 2894باب ل تقوم الساعة حت يسر
الفرات عن جبل من ذهب ،عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
حسَر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه ،فيقتل من
وسلم " :ل تقوم الساعة حت يُ ْ
كل مائة تسعة وتسعون ،فيقول كل رجل منهم :لعلي أكون أنا أنو " ،و ف رواية قال :قال
109
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :يوشك الفرات أن يسر عن كن من ذهب فمن حضره فل
يأخذ منه شيئا " ،ورواه أيضا أبو داود ،والترمذي و عن عبد ال بن الارث بن نوفل رضي
ال عنه قال :كنت واقفا مع أب بن كعب ،فقال :ل يزال الناس متلفة أعناقهم ف طلب
الدنيا ؟ قلت :أجل ،قال :فإن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :يوشك
الفرات أن ينحسر عن جبل من ذهب ،فإذا سع به الناس ساروا إليه ،فيقول من عنده :لئن
تركنا الناس يأخذون منه ليذهب به كله ،قال :فيقتتلون عليه ،فيقتل من كل مائة تسعة و
تسعون " [ أخرجه مسلم ] ،وعن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :ل تذهب الدنيا حت ينجلي فراتكم عن جزيرة من ذهب ،فيقتتلون عليه ،
فيقتل من كل مائة تسعة و تسعون " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ،فالديث يدل على دللت
كثية منها :
أو ًل :تعريف نر الفرات :هو بالضم ث التخفيف ،و آخره تاء مثناة من فوق ،والفرات ف
أصل كلم العرب أعذب الياه ،و مرج الفرات فيما زعموا من أرمينية ث من قاليقل قرب
خلط و يدور بتلك البال حت يدخل أرض الروم إل ملطية ،ويصب فيها أنارا صغار ،ث ير
بال ّرقّة ث يصي أنارا لتسقي زروع السواد بالعراق ،و يلتقي بدجلة قرب واسط ،فيصيان
نرا واحدا عظيما يصب ف بر الند [ .معجم البلدان . ] 242 ، 241 / 4
ك قَا َل :قَالَ
س ْبنِ مَالِ ٍ
وقد ذُكر الفرات ف السنة ف أكثر من حديث لا له من فضائل َ ،ع ْن َأنَ ِ
سدْ َرةِ َ ،فِإذَا أَ ْرَب َعةُ َأْنهَا ٍر َ :ن َهرَانِ ظَا ِهرَانِ ،
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ ُ " :ر ِفعْتُ ِإلَى ال ّ
ت بِثَلَاَثةِ
ت َ ،وأَمّا الْبَاطِنَا ِن فََن َهرَا ِن فِي الْجَّن ِة َ ،فُأتِي ُ
َوَنهَرَا ِن بَاطِنَا ِن َ ،فأَمّا الظّاهِرَا ِن :النّيلُ وَالْ ُفرَا ُ
ت َ ،فقِيلَ لِي
ش ِربْ ُ
ح فِي ِه خَ ْمرٌ َفَأخَ ْذتُ اّلذِي فِيهِ اللَّبنُ َف َ
س ٌل َوقَدَ ٌ
ح فِيهِ لََب ٌن َو َقدَحٌ فِيهِ َع َ
ح َقدَ ٌ
َأ ْقدَا ٍ
ت َوُأمّتُكَ " [ متفق عليه ] ،و َع ْن َأبِي هُ َرْي َرةَ قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى
:أَصَ ْبتَ اْلفِ ْط َرةَ أَنْ َ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :سَيْحَانُ َوجَيْحَا ُن وَاْل ُفرَاتُ وَالنّيلُ ُ ،كلّ ِم ْن َأْنهَا ِر الْجَّنةِ " [ أخرجه مسلم ]
.
وقال علي بن أب طالب رضي ال عنه " :يا أهل الكوفة إن نركم هذا يصب إليه ميزابان من
النة " ،وقال عبد اللك بن عمي " :إن الفرات من أنار النة ،ولول ما يالطه من الذى ما
تداوى به مريض إل أبرأه ال تعال ،وأن عليه ملكا يذود عنه الدواء " ،وقال جعفر بن ممد
110
الصادق " :نر ما أعظم بركته ،ولو علم الناس ما فيه من البكة لضربوا على حافتيه القباب ،
ولول ما يدخله من الطائي ،ما اغتمس فيه ذو عاهة إل برئ " [ معجم البلدان / 4
، ] 242كل تلك الحاديث الثار تدل على فضيلة نر الفرات ،وأنه من أنار النة ،
وسينحسر يوما من اليام عن جبل من ذهب ،وسيقتتل الناس عليه ،فمن حضره فيحرم عليه
أن يأخذ منه شيئا .
ثانيا :الكلم على العن الجال للحديث :
يقول المام النووي رحه ال -ف معن انسار الفرات :ومعن انساره ،انكشافه لذهاب مائه
،وقد يكون بسبب تول مراه ،فإن هذا الكن أو هذا البل مطمور بالتراب ،و هو غي
معروف ،فإذا ما تول مرى النهر لسبب من السباب ،و مر قريبا من هذا البل كشفه ،و
ال أعلم بالصواب .أهـ .شرح صحيح مسلم ( . ) 98 / 18
يقول الافظ ابن حجر عن سبب تسميته بالكن :باعتبار حاله قبل أن ينكشف ،وعن سبب
تسميته ببل من ذهب للشارة إل كثرته [ .الفتح . ] 101 / 13
أما معن أن يقتتل عليه الناس فيقتل من كل مائة تسعة و تسعون و ل ينجو إل واحد ،الظاهر
من معن هذا الديث أن القتال يقع بي السلمي أنفسهم ،لن قتال السلمي مع أعدائهم من
يهود ونصارى وغيهم يسمى ملحم .
ثالثا :بيان زمن حدوث ذلك :
وقد اختلف الئمة ف تديد زمن حدوث ذلك ،فذهب المام البخاري إل أنه يقع مع خروج
النار ،و يظهر ذلك من صنيعه أي من صنيع المام البخاري ، -إذ أدخل حديث حسر
الفرات تت باب خروج النار ،و أورد حديث أب هريرة و حارثة بن وهب و لفظ حديث
حارثة هو :تصدقوا ،فسيأت عليكم زمان يشي الرجل بصدقته ،فيقول الذي يأتيه با :لو
جئت با بالمس ؛ لقبلتها فأما الن فل حاجة ل با فل يد من يقبلها عقب الباب الذكور
مباشرة تت باب ل يترجم له بشيء ،ما يدل على أنه متعلق به ،فهو كالفصل منه ،و من ث
يؤخذ السبب ف عدم قبول الناس ما يعرض عليهم من الموال ،و كذلك سبب النهي عن أخذ
شيء ما يسر عنه الفرات ،و هو انشغالم بأمر الشر ،بيث ل يلتفت أحد منهم إل الال بل
يقصد أن يتخفف منه ما استطاع [ .الفتح 101 / 13وما بعدها ] .
111
وذهب الليمي ف النهاج ف شعب اليان إل أنه يقع ف زمن عيسى بن مري عليهما السلم ،
فإنه ذكر حديث حسر الفرات ث قال :فيشبه أن يكون هذا الزمان الذي أخب النب صلى ال
عليه وسلم أن الال يفيض فيه فل يقبله أحد ،و ذلك ف زمان عيسى عليه السلم ،و لعل
سبب هذا الفيض العظيم ذلك البل مع ما يغنمه السلمون من أموال الشركي ،وال أعلم .
النهاج ( . ) 430 / 1
وذكر القرطب نفس كلم الليمي و أقره على ذلك ،أنظر التذكرة ( ص . ) 750
وهناك حديث يؤيد هذا القول ،روى البخاري ف صحيحه من حديث أب هريرة مرفوعا ،و
فيه " :والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينل فيكم ابن مري حكما عدلً .. ..إل أن قال :و
يفيض الال حت ل يقبله أحد " .
أما ابن حجر فإنه ل يدد لديث حسر الفرات عن جبل من ذهب زمن معي ،لكنه ذكر ما
ذهب إليه البخاري من أنه يقع عند الشر ،و ذلك أثناء تعرضه لبيان الكمة الت لجلها نى
النب صلى ال عليه وسلم عن الخذ منه ،و قد عد ذلك أي حسر الفرات عن جبل من ذهب
صاحب الشاعة ،من المارات الت تدل على قرب خروج الهدي .الشاعة ( ص ، ) 91و
الذي دفعه إل القول بذلك ما رواه ابن ماجة من حديث ثوبان مرفوعا " :يقتتل عند كنكم
ثلثة ،كلهم ابن خليفة .ث ذكر الديث ف الهدي ،فإن كان الراد بالكن الذي ف حديث
أب هريرة ،دل على أنه إنا يقع عند ظهور الهدي قبل نزول عيسى و خروج النار ،و لكن
ليس هناك ما يعي ذلك [ .الفتح . ] 101 / 13
و يبدو وال أعلم أن النسب حل هذه الحاديث على ممل واحد و هو أن ذلك يقع قبل
أشراط الساعة الكبى .
رابعا :سبب النهي عن أخذ شيء منه :
أما الكمة الت لجلها ورد النهي عن الخذ من ذلك البل الذي يسر عنه الفرات ،فقد
ذكر العلماء ف بيان الكمة من ذلك عدة أسباب -:
-1أن النهي لتقارب المر و ظهور أشراطه ،فإن الركون إل الدنيا والستكثار منها مع ذلك
جهل واغترار .
-2أن النهي عن أخذه لا ينشا عنه من الفتنة والقتتال عليه .
112
-3لنه ل يري به مرى العدن ،فإذا أخذه أحدهم ث ل يد من يرج حق ال إليه ل يوفق
بالبكة من ال تعال فيه ،فكان النقباض عنه أول .ذكره الليمي احتمالً ف النهاج ( /1
) 430
-4إنا نى عن الخذ منه أنه للمسلمي فل يؤخذ إل بقه ،ذكره ابن التي ،وقال كما حكى
عنه الافظ ابن حجر :و من أخذه و كثر الال ندم لخذه ما ل ينفعه ،و إذا ظهر جبل من
سدَ الذهب ،و يبدو أن المام البخاري ذهب إل اختيار القول الول ،إذ أورد هذا
ذهب َ ،ك َ
الديث تت باب خروج النار ما يوحي بأنه يرى أن النهي عن الخذ ورد لنه عند الشر و
مع خروج النار ،وهو وقت انشغال الناس بأمر الشر ،فإذا أخذ منه أحد ل يستفيد منه سوى
الندم .
و ذهب القرطب إل اختيار القول الثان ،و قال :و هو الذي يدل عليه الديث .التذكرة
( ص . ) 750كذلك ذهب إل اختياره الافظ ابن حجر واستدل بديث أب بن كعب
مرفوعا :يوشك أن يسر الفرات عن جبل من ذهب ، ...و ذكر الديث .و بذا الديث
أبطل ما ذهب إليه ابن التي ،و قال :إنا يتم ما زعم من الكساد لو اقتسمه الناس بينهم
بالتسوية و وسعهم كلهم ،فاستغنوا أجعي ،فحينئذ تبطل الرغبة فيه ،و أما إذا حواه قوم
ب على القول بأن النهي ورد
دون قوم ،فحال من ل يصل له منه شيء باق على حاله ،و َعقّ َ
لكونه يقع مع خروج النار ،فقال :ول مانع أن يكون عند خروج النار للحشر ،لكن ليس
ذلك السبب ف النهي عن الخذ منه وال أعلم [ .الفتح . ] 101 / 13
خامسا :شبهة والرد عليها :
وذهب بعض التأخرين ،ف حسر الفرات عن جبل من ذهب ،إل أن معناه حسره عن الذهب
البترول السود .
والواب :ليس القصود بذا البل من ذهب هو النفط أو البترول السود ،و ذلك من وجوه
-:
-1أن النص جاء فيه جبل من ذهب نصا ل يتمل التأويل ،والبترول ليس بذهب على
القيقة فإن الذهب هو العدن العروف
113
-2أن النب صلى ال عليه وسلم أخب أن ماء النهر ينحسر عن جبل من ذهب ،فياه الناس ،
والنفط أو البترول يستخرج من باطن الرض باللت من مسافات بعيدة .
-3أن النب صلى ال عليه وسلم خص الفرات بذا دون غيه من البحار والنار ،والنفط
نراه يستخرج من البحار كما يستخرج من الرض ،و ف أماكن كثية متعددة من العال .
-4أن النب صلى ال عليه وسلم أخب أن الناس سيقتتلون عند هذا الكن ،و ل يصل أنم
اقتتلوا عند خروج النفط من الفرات أو غيه ،بل إن النب صلى ال عليه وسلم نى من حضر
هذا الكن أن يأخذ منه شيئا ؛ كما هي الرواية الخرى عن أب بن كعب رضي ال عنه ،ومن
حله على النفط ،فإنه يلزمه على قوله هذا النهي عن الخذ من النفط ،ول يقل به أحد .
[ أنظر :إتاف الماعة ، 186 ،185 / 2فقد ذكر الشيخ حود التويري وجوها كثية
للرد على هذه الشبهة ] .
وسبب انسار نر الفرات عن الذهب ،أنه قد يتحول مراه ،ويكون جبل الذهب الذكور
مطمور بالتراب ،وغي معروف مكانه ،فإذا تول مرى الاء ظهر البل ،فيكشفه ال تعال ،
لكن على كل من حضره أن ل يأخذ منه شيئا تنفيذا لمر النب صلى ال عليه وسلم ،وذلك
خشية الفتنة وسفك الدماء ،وإن كانت هذه العلمة ل تظهر بعد [ شرح النووي على مسلم ]
.
لكن بوادرها تدل على ذلك فلقد كشفت صور القمار الصناعية عن وجود ذرات من الذهب
متلطة بتراب هذا البل ،وعموما صحت تلك الخبار أم ل فل نستبق الحداث ،فهي علمة
من علمات الساعة أخب با الصادق ممد صلى ال عليه وسلم ،ول ريب أنا كائنة وحادثة
وواقعة ول شك .
114
َفَأقَْبلَ الرّاعِي َيسُوقُ غَنَ َم ُه ،حَتّى َد َخلَ الْ َمدِيَنةَ َ ،ف َزوَاهَا ِإلَى زَا ِويَ ٍة ِمنْ َزوَايَاهَا ،ثُ ّم َأتَى َرسُولَ
ي الصّلَا ُة جَا ِم َعةٌ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َفأَخَْب َرهُ َ ،فَأ َمرَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم فَنُودِ َ
ج َ ،فقَا َل لِلرّاعِي َ " :أخْبِ ْر ُهمْ " َ ،فَأخْبَ َر ُهمْ َ ،فقَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ :
ُ ،ث ّم خَرَ َ
س ،وَُيكَ ّلمَ الرّ ُجلَ َع َذَبةُ
ع الِْإنْ َ
ق وَاّلذِي َن ْفسِي بَِي ِدهِ ،لَا َتقُو ُم السّا َعةُ حَتّى ُيكَ ّلمَ السّبَا ُ
صدَ َ
" َ
ث َأهْلُ ُه َب ْعدَ ُه " [ أخرجه أحد بسند صحيح ،
خ ُذ ُه بِمَا أَ ْحدَ َ
َسوْ ِطهِ َ ،و ِشرَا ُك َنعْ ِلهِ َ ،ويُخِْب َر ُه فَ ِ
السلسلة الصحيحة حديث رقم ، ] 122و َعنْ َأبِي ُه َرْيرَةَ َرضِي اللّه عَنْه قَالَ صَلّى َرسُولُ
ق َب َقرَةً ،
س َفقَالَ " :بَيْنَا َر ُجلٌ َيسُو ُ
ح ُثمّ َأقَْبلَ عَلَى النّا ِ
ال ّلهِ ،صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ صَلَا َة الصّبْ ِ
س سُبْحَا َن ال ّلهِ :
ح ْرثِ ؟ َفقَا َل النّا ُ
ضرََبهَا َ ،فقَالَتْ ِ :إنّا لَ ْم نُخْ َل ْق ِل َهذَا ِ ،إنّمَا خُ ِلقْنَا لِلْ َ
ِإذْ رَكَِبهَا فَ َ
َب َق َرةٌ تَتكَ ّلمُ ؟ َفقَالَ :فَِإنّي أُومِ ُن ِب َهذَا َأنَا َوأَبُو َب ْكرٍ وَ ُع َمرُ وَمَا هُمَا َث ّم ،وَبَيْنَمَا َر ُج ٌل فِي غََن ِمهِ ِإذْ
ب يا َهذَا اسْتَ ْن َقذَْتهَا
ب حَتّى َكَأّنهُ اسْتَ ْن َقذَهَا مِ ْن ُه َ ،فقَا َل لَ ُه الذّئْ ُ
ب مِ ْنهَا ِبشَا ٍة فَطَلَ َ
ب َفذَهَ َ
َعدَا ال ّذئْ ُ
ب يََتكَلّ ُم ،قَالَ :
مِنّي فَ َمنْ َلهَا يَوْ َم السّبُ ِع َيوْ َم لَا رَا ِع َي َلهَا غَ ْيرِي َ ،فقَا َل النّاسُ :سُبْحَا َن ال ّلهِ ِذئْ ٌ
َفِإنّي أُو ِم ُن ِبهَذَا َأنَا وََأبُو َب ْكرٍ وَعُ َم ُر َومَا هُمَا َثمّ " [ متفق عليه ] .
ففي الديثي معجزة عظيمة ،وخب غيب يب به النب صلى ال عليه وسلم ،بأن اليوانات
وأجزاء السد ،والمادات ستكلم النسان ،وتبه با حدث ف غيابه ،وبا فعل أهله من
بعده ،فتكليم السباع حصل ف عهد النب صلى ال عليه وسلم ،كما ف الديثي السابقي ،
وقد يتكرر ثانية ،أما باقي العلمات ،فإنا ل تظهر بعد ،ولكنها واقعة ول بد ،فسبحان ال
العظيم القادر على كل شيء .
وقد ثبت ف كتاب ال تعال ،أن جيع أعضاء السم ستشهد على النسان يوم القيامة با
أحدث ،وبا فعل ف هذه الدنيا ،فهي شهادات من نفسه ،تشهد عليه يوم القيامة ،قال تعال
" :ويوم يُحشر أعداء ال إل النار فهم يوزعون * حت إذا ما جاءوها شهد عليهم سعهم
وأبصارهم وجلودهم با كانوا يعملون * وقالوا للودهم ل شهدت علينا قالوا أنطقنا ال الذي
أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون * وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم
سعكم ول أبصاركم ول جلودكم ولكن ظننتم أن ال ل يعلم كثيا ما تعملون " [ فصلت
، ] 22-19وقال تعال " :يوم تشهد عليهم أسنتهم وأيديهم وأرجلهم با كانوا يعملون
حكَ
" [ النور ، ] 24و َع ْن َأنَسِ ْب ِن مَاِلكٍ قَالَ :كُنّا عِ ْندَ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم فَضَ ِ
115
حكُ ؟ قَالَ قُلْنَا :ال ّلهُ وَ َرسُوُل ُه أَعْ َلمُ ،قَالَ ِ " :م ْن مُخَاطََب ِة الْعَ ْبدِ َرّبهُ
َ ،فقَا َل َ :هلْ َتدْرُو َن مِ ّم أَضْ َ
ج ْرنِي ِمنَ الظّ ْلمِ ؟ قَالَ َيقُو ُل :بَلَى ،قَالَ فََيقُو ُل َ :فإِنّي لَا ُأجِيزُ عَلَى
ب َألَ ْم تُ ِ
َ ،يقُو ُل :يَا َر ّ
ك َشهِيدًا َ ،وبِالْ ِكرَا ِم الْكَاتِِبيَ
سكَ الَْيوْمَ عَلَ ْي َ
َن ْفسِي ِإلّا شَا ِهدًا مِنّي ،قَالَ فََيقُولُ َ :كفَى بَِنفْ ِ
ُشهُودًا ،قَالَ :فَيُخَْتمُ عَلَى فِيهِ فَُيقَا ُل ِلأَرْكَاِن ِه انْطِقِي ،قَالَ :فَتَ ْن ِطقُ ِبأَعْمَاِلهِ ،قَالَ ُ :ث ّم يُخَلّى
ض ُل " [ أخرجه مسلم ] ،
ت ُأنَا ِ
حقًا َ ،فعَ ْن ُكنّ كُ ْن ُ
بَيَْن ُه َوبَيْ َن الْكَلَا ِم ،قَا َل فََيقُو ُل ُ :بعْدًا َل ُكنّ َوسُ ْ
الاصل أن كلم العضاء والمادات واليوانات حاصل ،وهذه معجزة تدل على قدرة الالق
جل جلله الذي إذا أراد شيئا فإنا يقول له كن فيكون ،فسبحانه من خالق عظيم .
116
خرَجَ
س َ ،ف َ
ح ،حَتّى ِك ْدنَا نََترَاءَى عَ ْي َن الشّمْ ِ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ ذَاتَ َغدَاةٍ َعنْ صَلَاةِ الصّبْ ِ
جوّ َز فِي صَلَاِتهِ ،فَلَمّا
َسرِيعًا ،فَثُ ّوبَ بِالصّلَاةِ ،فَصَلّى َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ َ ،وتَ َ
ص ْوِتهِ َفقَا َل لَنَا " :عَلَى مَصَافّ ُكمْ كَمَا َأنُْتمْ " ُ ،ثمّ اْنفََتلَ ِإلَيْنَا ُثمّ قَالَ َ " :أمَا ِإنّي
سَ ّلمَ دَعَا بِ َ
ض ْأتُ وَصَلّيْتُ مَا ُقدّ َر لِي ،فََن َعسْتُ
ت ِم َن اللّ ْيلِ فََتوَ ّ
َسأُ َح ّدثُ ُكمْ مَا حََبسَنِي عَ ْن ُكمُ اْل َغدَا َة َ ،أنّي قُمْ ُ
سنِ صُو َر ٍة َ ،فقَالَ يَا مُحَ ّم ُد :قُلْتُ
ت َ ،فِإذَا َأنَا ِب َربّي تَبَارَ َك وََتعَالَى فِي أَ ْح َ
فِي صَلَاتِي فَاسْتَ ْثقَلْ ُ
ضعَ َك ّفهُ
ت لَا َأدْرِي َربّ قَاَلهَا ثَلَاثًا قَا َل َفرََأيُْتهُ وَ َ
ص ُم الْمَ َلأُ اْلأَعْلَى قُ ْل ُ
لَبّ ْيكَ َربّ ،قَالَ :فِي َم يَخْتَ ِ
ح ّمدُ قُلْتُ
ت َفقَا َل يَا مُ َ
ت َبرْ َد َأنَامِ ِلهِ بَ ْينَ َث ْديَ ّي فَتَجَلّى لِي ُك ّل شَيْ ٍء وَ َع َرفْ ُ
بَ ْينَ كَِت َفيّ حَتّى َو َجدْ ُ
ت فِي الْ َكفّارَاتِ قَالَ مَا ُهنّ قُلْتُ َمشْيُ اْلَأ ْقدَا ِم ِإلَى
ص ُم الْمَ َلأُ اْلأَعْلَى قُ ْل ُ
لَبّ ْيكَ َربّ قَالَ فِي َم يَخْتَ ِ
ت قَا َل ُثمّ فِيمَ
غ الْوُضُو ِء فِي الْ َم ْكرُوهَا ِ
ت وَِإسْبَا ُ
الْجَمَاعَاتِ وَالْجُلُوسُ فِي الْ َمسَا ِجدِ َب ْعدَ الصّ َلوَا ِ
ك ِفعْلَ
س نِيَا ٌم قَا َل َسلْ ُق ِل اللّ ُه ّم ِإنّي أَ ْسَألُ َ
ي اْلكَلَامِ وَالصّلَاةُ بِاللّ ْيلِ وَالنّا ُ
ت إِ ْطعَا ُم ال ّطعَا ِم وَلِ ُ
قُلْ ُ
ي َوأَنْ َت ْغ ِفرَ لِي وََت ْرحَمَنِي َوِإذَا أَ َر ْدتَ فِتَْن َة َقوْ ٍم فََتوَفّنِي
ب الْ َمسَاكِ ِ
ت وَحُ ّ
ت َوَترْكَ الْمُ ْن َكرَا ِ
الْخَ ْيرَا ِ
ك وَحُبّ َع َم ٍل يُ َق ّربُ ِإلَى حُّبكَ قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى
ك َوحُبّ َم ْن يُحِّب َ
ك حُبّ َ
غَ ْيرَ َمفْتُونٍ أَ ْسَألُ َ
اللّهم َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ ِإّنهَا َحقّ فَادْ ُرسُوهَا ُث ّم تَعَلّمُوهَا " [ أخرجه الترمذي وأحد ،وهو حديث
صحيح ] .فالشاهد من الديث قوله صلى ال عليه وسلم َ " :وِإذَا أَ َر ْدتَ فِتَْن َة َقوْ ٍم فََتوَفّنِي غَ ْيرَ
َمفْتُونٍ " .
قال ابن عبد الب رحه ال " :ظن بعضهم أن هذا الديث معارض للنهي عن تن الوت ،
وليس كذلك ،وإنا ف هذا أن هذا القدر سيكون لشدة تنل بالناس من فساد الال ف الدين
أو ضعفه أو خوف ذهابه ،ل لضرر ينل بالسم " [ ذكره عنه الافظ بن حجر ف الفتح 13
. ] 94 /
وقال النووي رحه ال " :ل كراهة ف ذلك بل فعله خلئق من السلف ،منهم :عمر بن
الطاب ،وعيسى الغفاري ،وعمر بن عبد العزيز وغيهم " [ الفتح . ] 94 / 13
وتن الوت يكون عند كثرة الفت وتغيّر الحوال وتبديل أحكام الشريعة والت يف منها الرء
على دينه أن يذهب ،قال ابن مسعود رضي ال عنه :سيأت عليكم زمان لو وَجَد أحدكم الوت
يُباع لشتراه .وكما قيل:
أل موتٌ يباع فأشتريه وهذا العيش مال خي فيه
117
والمر كما قال الافظ العراقي رحه ال :إن هذه الالة ،ل يلزم كونه ف كل بلد ول ف كل
زمن ،ول ف جيع الناس ،بل يصدق اتفاقه للبعض ف بعض القطار ف بعض الزمان.
فنحن ول المد نعيش ف عافية وأمن وارف ،وخي وسعة رزق ،أسأل ال جل وعز ،أن نبقى
ف عافية ،وأن ينبنا الفت ،وإل فاليام حبلى ،فإن هذا العصر الذي نن فيه الن ،ف الوقت
ل يتمن
الذي نعيش فيه نن بأمان ،فإن غينا من السلمي ،وف بلد كثية ،يرون بأحوال ،فع ً
الواحد منهم الوت من شدة البلء.
لقد مرت أيام وما تزال تصلنا أخبار إخواننا السلمي ف فلسطي وأفغانستان ،ومسلمي العراق
من الكراد وغيهم ،وناهيك عن مسلمي البوسنة والرسك أو الشيشان أو غيها ،أو ما
يصل للمسلمي ف الفلبي ،وف أندونيسيا وف إفريقيا وغيها من بقاع الرض ،فلقد مرت
أحوال على ضعاف السلمي هناك يتمن الواحد أن يكون ف بطن الرض ،ول يرى أو يعيش
ما يصل له على ظهرها .
فتخيل أنم دخلوا عليك ف بيتك وأنت جالس أو نائم مع أهلك وأولدك ث أمسكوا بأبيك
الشيخ الكبي ،وذبوه أمامك ذبح الشاة ،وأمسكوا بأمك العجوز وبقروا بطنها وأنت تنظر ،ث
انتزعوا منك زوجتك ،وانتهكوا عرضها ،أمام عينيك ،أما أولدك الصغار ،فيأخذ الواحد تلو
الخر ،ويغمس ف بركة حت يوت غرقا وأنت تشاهد ،أليس الوت خي لك من هذا ،أل تتمن
الوت قبل أن تعيش هذه الالة ،حت ل تفت ف دينك ،أسأل ال تعال أن ل نرى مثل هذه
الحوال.
إذن فاعلم يا أخي ،بأن لك إخوانا مستضعفي ف بلدان كثية ف العال السلمي وغيه،
يعيشون ف مثل هذه الالت وأشد ،وتر بم أحوال أصعب من هذا ،مذابح وحشية ،ويارس
مع السلمي ،القتل بأقسى صوره وأشكاله ..تأت أخبار من طاجاكستان وغيها أنه يؤتى
بأعداد من السلمي ،ث يؤخذ الواحد تلو الخر ،ويرر على منشار كهربائي ،تيل ينتظر دوره
ف الطابور ،وهو يرى أمام عينيه القتل بذه الصورة ،يقطع بالنشار.
ويؤخذ الطفال والولد ،ويوضعون ف أنابيب ،ث يغلق طرف النبوب لساعات حت يوت
الطفل ..أل يكفي ف قتل هؤلء أن يقتلوا مباشرة بالرصاص ،أو بالقنابل والرشاشات إبادة
جاعية .بلى وال يكفي .
118
لكن هؤلء النصارى يتلذذون ف قتل السلمي بأبشع الصور .وما ذكرت فقط ناذج سريعة،
وإل ما يُرى ويُسمع أشد من هذا .فإنا ل وإنا إليه راجعون .ونن هنا منشغلون ف متابعة
الدوري ،وجولت الصارعة الرة ،ورجالنا ول أقول الشباب أو النساء ،بل الرجال ما يزال
أحدهم يغن ويرقص وكأن المر ل يعنيه .هل تظنون أن ال ل يسألنا ،ول ياسبنا عن هذا
التقصي والهال تاه السلمي ،أم أن ال ل ياسبنا عن حياة الغفلة واللهو والعبث الت
نعيشها ،وال الذي ل إله إل هو سيسأل كل واحد منا ،بنفسه عن واقعه ،وعن أحوال أمته،
فماذا أنت ميب؟ وقد نعاقب نن عقوبة دنيوية عاجلة ،ونبتلى بثل ما ابتُلي به غينا نتيجة
تقصينا وغفلتنا عنهم ،والال كما تعرفون من أنفسكم ،وال ل نسن حت الرب ،ل نعرف
ل عن الواجهة والبذل والصب.
كيف نرب ،كما حصل ف أزمة الليج قبل سنوات ،فض ً
وال جل وتعال ل ياب أحدا ،لنك من قبيلة كذا ،أو لن نسبك إل فلن أو فلن .الخالفة
الربانية ،وعصيان أمر ال ،يوجب العقوبة ،إما ف الدنيا أو ف الخرة ،أو ف الدنيا والخرة.
فلنتقي ال أيها السلمون ،ولننتبه ،كفانا غفلة وكفانا عدم مبالة ،فالمر جد خطي ،ولنبدأ
ببعض الطوات العملية ،وكل بإمكانه أن يقدم لمته ..خذ هذا الثال ،لاذا ل تقتطع شيئا
يسيا من مرتبك ودخلك تعلها ل ،لنكبات السلمي هنا أو هناك ،وهكذا لو تركنا بثل هذه
الشاريع البسيطة السهلة ،والت ل تكلفنا كثيا ،لقدمنا كثيا لمتنا ،وهذه فقط فكرة خطرت
بالبال ،وأنا متأكد بأن العقلء والذكياء أمثالكم ،لو فكروا ،لرجوا بعشرات الفكار
الناسبة ،فل تبخلوا على أمتكم وإخوانكم بثل هذه الفكار الت تدعم السلمي ف كل
مكان ،فالسلم أخو السلم .
119
سعُو ٍد قَا َل :إِ ّن السّا َع َة لَا َتقُومُ
وجاء ف وصف هذا القتال أنه عظيم شديد َعنْ عَ ْبدَ ال ّل ِه ْبنَ َم ْ
شأْ ِم َ ،فقَالَ :
حوَ ال ّ
ح ِبغَنِي َم ٍة ُ ،ثمّ قَالَ بَِي ِد ِه هَ َكذَا َ :ونَحّاهَا نَ ْ
ث َ ،ولَا ُيفْرَ َ
س َم مِيَا ٌ
حَتّى لَا ُيقْ َ
ت :الرّو َم َتعْنِي ؟ قَا َل :نَ َعمْ ،
َعدُ ّو يَجْ َمعُو َن ِلأَ ْهلِ اْلِإسْلَا ِم َ ،ويَجْ َم ُع َلهُ ْم َأهْ ُل اْلإِسْلَا ِم ،قُلْ ُ
ت لَا َت ْرجِ ُع ِإلّا غَالَِبةً ،
َوتَكُونُ عِ ْن َد ذَا ُكمُ اْلقِتَالِ َ ،ر ّدةٌ شَدِيدَ ٌة ،فََيشَْترِطُ الْ ُمسْلِمُو َن ُشرْ َط ًة لِلْ َموْ ِ
ب َ ،وَتفْنَى الشّرْ َط ُة ُ ،ثمّ
ج َز بَيَْن ُهمُ اللّ ْي ُل ،فََيفِي ُء َه ُؤلَا ِء َو َهؤُلَاءِ ُ ،كلّ غَ ْيرُ غَالِ ٍ
فََيقْتَتِلُو َن حَتّى يَحْ ُ
جزَ بَيَْن ُه ُم اللّ ْيلُ ،فََيفِيءُ
حُت لَا َت ْرجِ ُع ِإلّا غَالَِبةً ،فََيقْتَتِلُو َن حَتّى يَ ْ
َيشَْترِطُ الْ ُمسْلِمُو َن ُشرْ َط ًة لِلْ َموْ ِ
ت لَا َت ْرجِعُ
شرْ َط ُة ُ ،ثمّ َيشَْترِطُ الْ ُمسْلِمُو َن ُشرْ َط ًة لِلْ َموْ ِ
ب َ ،وتَفْنَى ال ّ
َه ُؤلَا ِء َوهَ ُؤلَاءِ ُ ،كلّ غَ ْيرُ غَالِ ٍ
شرْ َط ُة َ ،فإِذَا
ب َ ،وتَفْنَى ال ّ
ِإلّا غَالَِب ًة ،فََيقْتَتِلُونَ حَتّى يُ ْمسُوا ،فََيفِي ُء َه ُؤلَا ِء َوهَ ُؤلَاءِ ُكلّ غَ ْيرُ غَالِ ٍ
ج َع ُل اللّ ُه ال ّدْب َرةَ عَلَ ْي ِهمْ ،فََيقْتُلُو َن َمقْتَ َلةً ِ ،إمّا
كَا َن َيوْ ُم الرّابِ ِع َن َهدَ ِإلَ ْيهِ ْم َبقِّيةُ َأ ْهلِ اْلإِسْلَا ِم ،فَيَ ْ
قَالَ :لَا ُيرَى مِثْ ُلهَا َ ،وِإمّا قَا َل َ :لمْ ُي َر مِثْ ُلهَا ،حَتّى إِ ّن الطّائِ َر لَيَ ُم ّر بِجَنَبَاِتهِ ْم فَمَا يُخَ ّل ُف ُهمْ حَتّى
جدُوَن ُه َبقِ َي مِ ْنهُ ْم ِإلّا الرّ ُجلُ اْلوَا ِحدُ ،فَِبأَيّ غَنِي َمةٍ
خ ّر مَيْتًا ،فَيََتعَا ّد بَنُو اْلأَبِ كَانُوا مِاَئةً ،فَلَا يَ ِ
يَ ِ
ك ،فَجَا َء ُهمُ
ث ُيقَاسَ ُم ،فَبَيْنَمَا ُهمْ َكذَِلكَ ِإ ْذ سَ ِمعُوا بَِبأْسٍ ُهوَ أَكَْب ُر ِم ْن َذلِ َ
ي مِيَا ٍ
ُي ْفرَحُ ،أَ ْو أَ ّ
صرِيخُ :إِنّ الدّجّالَ َق ْد خَلَ َف ُهمْ فِي ذَرَا ِريّ ِه ْم ،فََي ْرفُضُو َن مَا فِي َأيْدِيهِ ْم َ ،ويُقْبِلُو َن فَيَ ْبعَثُونَ
ال ّ
ف َأسْمَا َء ُهمْ َ ،وأَسْمَاءَ
ش َرةَ َفوَارِسَ طَلِي َعةً ،قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :إِنّي لَأَ ْعرِ ُ
َع َ
ض َي ْومَئِ ٍذ َ ،أوْ ِم ْن خَ ْيرِ َفوَارِسَ عَلَى
آبَاِئ ِهمْ َ ،وَألْوَانَ خُيُوِلهِ ْم ُ ،همْ خَ ْي ُر فَوَارِسَ عَلَى َظ ْه ِر الْأَرْ ِ
ض يَ ْومَِئذٍ " [ أخرجه مسلم ] .وعن عوف بن مالك الشجعي رضي ال عنه قال:
َظ ْهرِ اْلأَرْ ِ
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :اعدد ستا بي يدي الساعة – فذكر منها – ث هدنة
تكون بينكم وبي بن الصفر – وبنو الصفر هم الروم النصارى – فيغدرون فيأتونكم تت
ثاني غاية – أي راية – تت كل غاية اثنا عشر ألفا " .
وهذا يعن بأن عدد النصارى ف هذه العركة يقارب الليون لنم سيأتون تت 80راية وتت
كل راية اثنا عشر ألفا ،وبالساب 960000ألفا ،وهذا القتال يقع ف الشام ف آخر
الزمان ،قبل ظهور الدجال ،كما دلت على ذلك الحاديث ويكون انتصار السلمي على الروم
تيئة لفتح القسطنطينية ،والت هي فتحها أيضا من أشراط الساعة ..فعن جابر بن سرة عن
نافع بن عتبة قال :كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فحفظت منه أربع كلمات أعدّهن
ف يدي ،قال(( :تغزون جزيرة العرب فيفتحها ال ،ث فارس فيفتحها ال ،ث تغزون الروم
120
فيفتحها ال ،ث تغزون الدجال فيفتحه ال ،قال :فقال نافع :يا جابر ل نرى الدجال يرج حت
تفتح الروم)) [ أخرجه مسلم ] .
وجاء تديد أرض العركة مع النصارى أنا ف الشام ف حديث أب الدرداء ف سنن أب داود ،أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال(( :إن فسطاط السلمي يوم اللحمة ف أرض بالغوطة ف
مدينة يقال لا دمشق من خي مدائن الشام)).
قال ابن النيّر رحه ال – وهو الافظ زين الدين عبداللطيف من أعيان القرن التاسع الجري –
قال :أما قصة الروم – يقصد العركة الكبى بي السلمي والنصارى – فلم تتمع إل الن،
ول بلغنا أنم غزوا ف الب ف هذا العدد ،فهي من المور الت ل تقع بعد ،وفيه بشارة ونذارة،
وذلك أنه دّل على أن العاقبة للمؤمني ،مع كثرة ذلك اليش ،وفيه بشارة إل أن عدد جيوش
السلمي سيكون أضعاف ما هو عليه.
إن صراع السلمي مع النصارى صراع قدي بدأ هذا الصراع مع غزوة مؤته ،وكان هذا أول
التقاء للمسلمي مع النصرانية ،ف جاد الول سنة ثان من الجرة ،وانتهت العركة الذي كان
عدد السلمي فيه ثلثة آلف وعدد النصارى مائة ألف ،انتهت بانسحاب اليش السلم بدون
هزية ،لكن قذف ال الرعب ف قلوب النصارى ،وبدأ الوف من هذه القوة الديدة الت
ظهرت ف جزيرة العرب وقبل هذه الغزوة بعث الرسول صلى ال عليه وسلم بالرسائل إل
ملوك عصره يدعوهم للسلم ،فكان من جلة ما بعث رسالة إل قيصر ملك الروم – وهم
النصارى ف ذلك الوقت ((بسم ال الرحن الرحيم من ممد بن عبدال إل هرقل عظيم الروم،
سلم على من اتبع الدى أما بعد :فإن أدعوك بدعاية السلم ،أسلم تسلم ،وأسلم يؤتك ال
أجرك مرتي ،فإن توليت فإن عليك إث الريسيي)).
إن هذا الكتاب الذي بعثه الرسول صلى ال عليه وسلم للنصارى يثل العلن الدائم والستمر
على أن الصراع بي السلم والنصرانية سيبقى ،لن الشرط الذي ف هذا الكتاب هو قبول
السلم ،والروج من النصرانية ،بل والتخلي عن الزعامة ،ونن نشاهد أن زعامة العال اليوم
ف أيديهم ،أما نن السلمون فواجب علينا تقيق هذا الكتاب ،والسعي لتنفيذه وبذل كل غالٍ
ورخيص ف سبيل الوصول إليه.
121
فينبغي أن نعلم بأن من سنن ال الثابتة ف هذا الكون هو ديومة الصراع مع النصارى ،وإنه
سيستمر إل ناية العال ،وقد ورد ما يشي إل بقاء هذا الصراع ف كتاب النب صلى ال عليه
وسلم بطريق غي مباشر حيث قال :فإن توليت فإن عليك إث الريسيي ،والصرح منه قول ال
تبارك وتعال :ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا ما ذكروا به فأغرينا
بينهم العداوة والبغضاء إل يوم القيامة وسوف ينبئهم ال با كانوا يصنعون .
إذن صراع السلم مع النصرانية ،سيستمر إل قيام الساعة ،وهو فتنة ابتلى ال با السلمون،
وهذا قدرهم وما عليهم إل الصب و حتمية الواجهة ،وسيكون هذا الصراع بي مد وجزر،
تنتهي بالعركة الفاصلة ،وباللحمة الكبى الت يشد لا النصارى قرابة مليون شخص تنتهي
بالزية النهائية حيث ل يقف اليش السلمي إل بعد أن يفتح روما ،العاصمة الروحية
للنصرانية ،وعند هذا الفتح تنتهي معركة الروم ،ويتحقق ما أخب به النب صلى ال عليه وسلم
بأنه يتم فتح الروم ،ويتبع ذلك مباشرة العارك مع الدجال الذي ينتهي المر بقتله ،وعندئذٍ
تضع الرب أوزارها ويقرب العال من نايته ،ويتحقق وعد ال بتبديل الرض غي الرض،
ويعود اللق جيعهم إل موجدهم لنبدأ بعد ذلك الياة السرمدية الخروية.
َعنْ جُبَ ْي ِر ْبنِ ُنفَ ْيرٍ َ ،ع ِن الْ ُه ْدنَ ِة قَا َل :قَا َل جُبَ ْيرٌ :انْطَ ِل ْق بِنَا ِإلَى ذِي مِخَْبرٍ َر ُجلٍ مِ ْن أَصْحَابِ
النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َ ،فأَتَيْنَاهُ َ ،فسََأَلهُ جُبَ ْيرٌ َع ِن الْ ُه ْدنَةِ ؟ فَقَالَ سَ ِمعْتُ َرسُو َل اللّهِ صَلّى
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ يَقُو ُل " :سَتُصَالِحُونَ الرّومَ صُلْحًا آمِنًا ،فََت ْغزُو َن َأنُْتمْ َو ُهمْ َع ُدوّا ِم ْن وَرَائِ ُكمْ ،
ج ذِي تُلُولٍ ،فََي ْرفَعُ َر ُج ٌل ِمنْ َأ ْهلِ
صرُو َن َوتَغْنَمُو َن َوَتسْلَمُونَ ُ ،ث ّم َترْ ِجعُو َن حَتّى تَ ْن ِزلُوا بِ َمرْ ٍ
فَتُنْ َ
ي ،فََي ُدقّ ُه َ ،فعِنْ َد َذلِكَ
ب الصّلِيبُ ؟ فََيغْضَبُ َر ُج ٌل ِمنَ الْ ُمسْلِ ِم َ
صرَانِّيةِ الصّلِيبَ ،فََيقُولُ :غَلَ َ
النّ ْ
جمَ ُع لِلْمَ ْلحَ َمةِ " ،وف لفظ وَزَا َد فِي ِه " :وَيَثُو ُر الْ ُمسْلِمُونَ إِلَى َأسْلِحَِت ِهمْ
َت ْغدِرُ الرّو ُم ،وَتَ ْ
شهَادَ ِة " [ أخرجه أبو داود ،وابن ماجة ] .
ك الْعِصَابَ َة بِال ّ
فََيقْتَتِلُو َن فَُيكْرِ ُم ال ّلهُ تِلْ َ
ف هذا الديث العظيم يتضح بعض القائق ،الت تبي مستقبل الصراع مع النصارى:
الول :أن هذه اليمنة من قبل النصارى اليوم على العال ستزول ،وأن هذه القوة الادية وهذه
التقنية لن تستمر حت ناية العال .قال ال تعال :حت إذا أخذت الرض زخرفها وازينت
ل أو نارا فجعلناها حصيدا كأن ل تغن بالمس
وظن أهلها أنم قادرون عليها أتاها أمرنا لي ً
كذلك نفصل اليات لقوم يتفكرون .إذن فهذه العقلية الت يعيشها الغرب اليوم ،ويرون
122
أنم قادرون على فعل كل شيء ،وهذا التباهي بالقوة العقلية والادية والعسكرية والتقنية،
ستزول بقوة الواحد الحد.
ثانيا :يشي الديث إل خفض اليمنة العالية العاصرة للنصارى ،وفك ارتباط الكومات العربية
العاصرة مع العدو الصليب اليهودي ،وابتعاد النفوذ الصليب عن النطقة ما يتيح للمسلمي
تسلم زمام المور وتكوين دولة إسلمية تثل قوة جديدة ف العال ،يلتجئ إليها النصارى،
ويطلبون الصلح للحصول على مساعدة لحاربة عدوها الشيوعي الذي سينل با الدمار.
ثالثا :إن هذا الصلح الذي سيتم مع النصارى ف آخر الزمان يتم بناءً على رغبة من النصارى،
فهم الذين يطلبون الصلح بقصد الستعانة بالسلمي ،وهذا يؤكد أنه سيكون للمسلمي دولة
قوية ،وهو مؤشر إل أنه قبل اللحمة ستقوم للمسلمي دولة قوية ،يشاها النصارى ،ولعرفتهم
بقوة السلمي يشدون لم ما يقارب من مليون شخص – ثاني غاية تت كل غاية اثنا عشر
ألف –.
رابعا :يفهم من هذا الديث أن الفكر العلمان العاصر الت تتبناه الدول النصرانية ،سوف يل
مله الفكر الدين الصليب ،وأن الدول النصرانية ستعود إل دينها ،بعد أن قضت ردحا من
الزمن وهي غارقة ف شهواتا وعلمنتها ،وأن الدين سيكون هو الحرك لذه الدول ،وهذا يؤخذ
من الديث من قيام رجل منهم برفع الصليب بقصد إظهار القوة النصرانية ،فيغضب السلمون
لذلك ،فيعمدون إل الصليب فيكسرونه ما يثي غضب النصارى ،فيقومون بقتل اليش الذي
كان معهم ،وبذا ينقضون الصلح مع الدولة السلمية.
خامسا :إن هذا الديث وأمثاله من علم الغيب الذي أخب به الرسول صلى ال عليه وسلم
الذين يؤمنون ذلك الكتاب ل ريب فيه هدى للمتقي أل ونن أمة تؤمن بالغيب
بالغيب ويقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون .
فانطلقا من إياننا بالغيب ،وثقة با أخب به الرسول صلى ال عليه وسلم فنحن على موعد مع
الروم وسيتحقق كل ما أخب به الرسول صلى ال عليه وسلم وسترفرف رايات الجاهدين فوق
دول النصارى ،وسيطأ السلمون بأقدامهم عاصمة الفاتيكان الالية – روما – وستلتحم هذه
المة مع أعدائها ويكون الغلبة لا ،وستقع العركة الفاصلة مع الروم ،وسيكسر الصليب فوق
رؤوس أصحابا ،وستكون معركة شديدة قوية ،وسيكون قتلها عدد كبي من الطرفي .
123
روى مسلم ف صحيحه حديث أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال(( :ل تقوم الساعة حت ينل الروم بالعماق أو بدابق – ودابق قرية قرب حلب – فيخرج
إليهم جيش من الدينة ،من خيار أهل الرض يومئذٍ ،فإذا تصافوا قالت الروم :خلو بيننا وبي
الذين سبقوا منا نقاتلهم ،فيقول السلمون :ل وال ل نلي بينكم وبي إخواننا فيقاتلونم فينهزم
ثلث ل يتوب ال عليهم أبدا ،ويقتل ثلث أفضل الشهداء عند ال ،ويفتح الثلث ل يفتنون
أبدا ،فيفتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم
الشيطان :إن السيح قد خلفكم ف أهليكم فيخرجون وذلك باطل ،فإذا جاءوا الشام خرج،
فينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلة ،فيتنل عيسى بن مري صلى ال
عليه وسلم ،فأمهم ،فإذا رآه عدو ال ذاب كما يذوب اللح ف الاء ،فلو تركه لذاب حت
يهلك ،ولكنه يقتله ال بيده ،فييهم دمه ف حربته)).
ولقد أخب الصطفى صلى ال عليه وسلم بأن الروم عند قيام الساعة يكونون من أكثر الناس ،
قَالَ الْ ُمسَْتوْ ِردُ اْل ُقرَ ِشيّ عِ ْندَ عَ ْمرِو ْب ِن الْعَاصِ رضي ال عنهما سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
َوسَ ّلمَ َيقُو ُل " :تَقُو ُم السّا َع ُة وَالرّو ُم أَكَْثرُ النّاسِ " ،فَقَالَ َلهُ عَ ْمرٌو َ :أبْصِ ْر مَا َتقُولُ ؟ قَالَ :
ك إِ ّن فِيهِ ْم لَخِصَالًا
ت َذلِ َ
ت ِمنْ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم ،قَا َل :لَِئنْ قُلْ َ
َأقُو ُل مَا سَ ِمعْ ُ
أَ ْرَبعًا ِ :إّنهُ ْم َلأَحْ َلمُ النّاسِ عِ ْن َد فِتَْنةٍ ،وََأ ْسرَ ُعهُ ْم ِإفَا َقةً َب ْعدَ مُصِيَبةٍ َ ،وَأوْ َشكُ ُهمْ َك ّرةً َب ْعدَ َفرّةٍ ،
سةٌ َحسََنةٌ جَمِي َل ٌة َوَأمْنَ ُع ُهمْ ِمنْ ظُ ْل ِم الْمُلُو ِك " [ أخرجه
ضعِيفٍ َ ،وخَا ِم َ
ي َويَتِيمٍ وَ َ
سكِ ٍ
َوخَ ْيرُ ُهمْ لِ ِم ْ
مسلم ] .
فالديث يدل على أن الروم ف آخر الزمان سيكونون أكثر الناس عددا ،كما أن ف الديث
إشارة مهمة ،وهي أن الروم لم فضيلة ،لا يتحلون به من صفات طيبة وحيدة ،ولا يتمتعون
به من خلق كري ،وسلوك قوي ،وتلك السباب الت ذُكرت عنهم ف الديث من السباب
الرئيسة الت ساهت ف بقائهم ،وحافظت على وجودهم ،وبالتال كثرتم عند قيام الساعة .
ونأت لشرح الديث السابق :
فمعن أحلم الناس عند فتنة :أي أعقلهم وأفطنهم بعالة الفتنة بروية للخروج منها ،فل
تطيش عقولم ،بل يعالون المور بروية ليخرجوا منها بسلم .
124
ومعن أسرعهم إفاقة بعد مصيبة :أي سرعتهم ف العودة إل حالتهم الطبيعية قبل وقوع الصيبة
بم .
ومعن أوشكهم كرة بعد فرة :أي أنم أسرع الناس إقداما ف الرب وإكرارا على العدو إن
حصل لم ف بعض الواقع فرارا .
ومعن خيهم لسكي ويتيم وضعيف :أي أنم خي الناس وأفضلهم ف معاملة الساكي واليتام
والضعفاء والقيام على مصالهم ورعاية شؤونم .
القصود أن رجا ًل منهم سيسلمون ف آخر الزمان ،ويقاتلون مع السلمي حت يفتحوا
القسطنطينية بإذن ال تعال .
125
الروم فوجه مسلمة معه فسارا إل القسطنطينية فلما دنا منها أمر كل فارس أن يمل معه مدين
من طعام على ع جز فر سه إل الق سطنطينية ففعلوا فل ما أتا ها أ مر بالطعام فأل قي أمثال البال
وقال للم سلمي ل تأكلوا منه شيئا وأغيوا ف أرضهم وازرعوا وع مل بيوتا من خ شب فش ت
فيها وصاف وزرع الناس وبقي الطعام ف الصحراء والناس يأكلون ما أصابوا من الغارات ومن
الزرع وأقام مسلمة قاهرا للروم معه أعيان الناس خالد بن معدان وماهد بن جب وعبد ال بن
أ ب زكر يا الزا عي وغي هم فأر سل الروم إل م سلمة يعطو نه عن كل رأس دينارا فلم يق بل
فقالت الروم لليون إن صرفت ع نا ال سلمي ملكناك فا ستوثق من هم فأ تى م سلمة فقال له أن
الروم قد علموا أ نك ل ت صدقهم القتال وأ نك تطاول م ما دام الطعام عندك فلو أحرق ته أعطوا
الطا عة بأيدي هم فأ مر به فأحرق فقوي الروم وأ صابوا ال سلمي ح ت كادوا يهلكون وبقوا على
ذلك حت مات سليمان ،وقيل إنا خدع اليون مسلمة بأن سأله أن يدخل من الطعام إل الروم
بقدار ما يعيشون به ليلة واحدة ليصدقوا أن أمره وأمر مسلمة واحد وأنم ف أمان من السب
والروج من بلدهم فأذن له وكان اليون قد أعد السفن والرجال فنقلوا تلك الليلة الطعام فلم
يتركوا ف تلك الظائر إل ما ل يذكر وأصبح أليون ماربا وقد خدع مسلمة خديعة لو كانت
لمرأة لعي بت ب ا ول قي ال ند ما ل يل قه ج يش آ خر ح ت أن كان الر جل ليخاف أن يرج من
الع سكر وحده وأكلوا الدواب واللود وأ صول الش جر ،ث ل ي كن هناك ف تح [ .الكا مل ف
التأريخ . ] / 4
وهكذا نرى أن الحاولت كانت جدية لفتح القسطنطينية للحديث الذي ذكره النب صلى ال
عليه وسلم ،فكل قائد يريد أن يظى بأفضلية ذلك الديث .
ولقد فتحت القسطنطينية على عهد التراك ،وذلك عندما قامت الدولة العثمانية ،وكانوا أشد
الناس حاسا للسلم ،وهذا هو حال كل من أسلم ،فإنه يد ف نفسه راحة وطمأنينة
وسكينة ،وأمنا وأمانا ،ل يكن ليجدها وهو على غي السلم ،فلما أسلم التراك شعروا
بتلك الصفات الميدة ،والصال الطيبة ،فتجاوز نفوذهم أسيا الصغرى ،وعب بر مرمرة ،
وأرسوا حكمهم شرقي أوروبا ،فقد ألفوا الهاد ف سبيل ال تعال ،والوت ابتغاء النة ،
والرغبة ف الشهادة ،فتطلعوا آنذاك إل القسطنطينية ( وهي معقل النصرانية ) ،فقرروا فتح
تلك الدينة العظيمة ،إعزازا لدين ال عز وجل ،فمضوا قُدما لتحقيق هدفهم ،بقيادة البطل
126
السلم ( ممد الفاتح ) السلطان العثمان الذي نظم جيوشه ،وأحكم خطته وحاصر أسوار
القسطنطينية برا وبرا ،وهي ترمي بممها ومنجنيقها ليل نار ،واستمر الصار واحدا
وخسي يوما ،إل أن أعانم ال على فتحها ،ففتحوها وصدع فيها الذان بشهادة التوحيد ،
لول مرة ف الكنيسة العظيمة ذات التأريخ العريق ( سالت صوفيا ) ،وحولت الكنيسة إل
جامع للمسلمي يؤدون فيه شعائر دينهم ،وهذا الامع معروف اليوم باسم ( أيا صوفيا ) ،
وكان ذلك الفتح العظيم للقسطنطينية ف 857 / 5 / 20هـ ،وأصبحت القسطنطينية
عاصمة للدولة السلمية ،وأصبح اسها ( إسلم بول ) يعن :عاصمة السلم ،وتول هذا
السم ف اللغة التركية اليوم إل :استانبول .
وبذلك كان الفتح الول للقسطنطينية على يد البطل الجاهد السلم ( ممد الفاتح ) ،ولقد
نال ذلك الفاتح السلم البشارة هو وجنوده البواسل ،حازوا البشارة من النب صلى ال عليه
وسلم بأنم أفضل أمي ،وأفضل جيش ،كما سبق ف الديث الذي مضى .
ولا ضعف السلمون ،وابتعدوا عن مصدر عزهم وقوتم ،هانوا على ال تعال ،لن العاصي
سبب للفت والزية ،والطاعة سبب للطمأنينة والنصر ،فلما دب الضعف ف نفوس السلمي
آنذاك ،سيطر عليهم حب الدنيا ،فاشتروها وتركوا الخرة ،فهانوا على ربم تبارك وتعال ،
سقطت اللفة السلمية ،وبذلك أضاعت المة جهود البطل ممد الفاتح ،وألغت جهاده ،
ل يقودها لتستعيد أمادها وعزها وقوتا ورخاءها ،
فنسأل ال تعال أن يهيئ للمة رجلً بط ً
فليس ذلك على ال بعزيز ،ولكن ل يكون ذلك إل بشرط شرطه ال على المة فقال " :يا
أيها الذين آمنوا إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم " [ ممد ] 7فمت تسكنا بعقيدتنا
ومنهجنا وثوابتنا فحتما وبإذن ال سيكون النصر لنا ،لكن ما دمنا ف ضياع وتفكك ،كما هو
الال اليوم ،فل عز ول نصر ،بل ذل وهوان ،وضعف وهزية ،وهذا هو واقع السلمي
اليوم ول حول ول قوة إل بال .
وستفتح القسطنطينية مرة أخرى كما جاء بذلك الديث الصحيح ،وسيكون فتحها ف آخر
الزمان على يد أبطال مسلمون بل قتال ول سلح ،بل سلحهم التكبي والتهليل َ ،ع ْن َأبِي
ب مِ ْنهَا فِي الَْب ّر ،وَجَانِبٌ مِ ْنهَا
ُه َريْ َر َة أَ ّن النّبِيّ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :سَ ِمعُْت ْم بِ َمدِيَن ٍة جَانِ ٌ
ح ِر " ،قَالُوا :نَ َع ْم يَا َرسُو َل ال ّلهِ .قَالَ " :لَا تَقُو ُم السّا َع ُة حَتّى َي ْغزُ َوهَا سَ ْبعُو َن َأْلفًا ِمنْ
فِي الْبَ ْ
127
س ْهمٍ ،قَالُوا :لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّلهُ
ح َ ،ولَ ْم َي ْرمُوا ِب َ
ح َق َ ،فِإذَا جَاءُوهَا َن َزلُوا فَ َلمْ ُيقَاتِلُوا ِبسِلَا ٍ
بَنِي إِسْ َ
ح ِر ُ ،ث ّم يَقُولُوا
ط أَ َحدُ جَانِبَ ْيهَا " ،قَا َل َثوْرٌ :لَا أَعْلَ ُم ُه ِإلّا قَالَ اّلذِي فِي الْبَ ْ
سقُ ُ
وَاللّ ُه أَكَْب ُر ،فََي ْ
ط جَانُِبهَا الْآ َخ ُر ُ ،ثمّ َيقُولُوا الثّالَِث َة :لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّلهُ وَال ّلهُ
سقُ ُ
الثّانَِي َة :لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّلهُ وَال ّلهُ أَكَْب ُر ،فََي ْ
خ َفقَالَ :
صرِي ُ
أَكَْب ُر فَُي َفرّجُ َل ُه ْم فََيدْخُلُوهَا ،فََيغْنَمُوا ،فَبَيْنَمَا ُهمْ َيقَْتسِمُو َن الْ َمغَاِنمَ ِإ ْذ جَا َء ُهمُ ال ّ
ج ،فَيَ ْترُكُونَ ُك ّل شَيْ ٍء َ ،وَيرْ ِجعُو َن " [ أخرجه مسلم ] .
إِ ّن الدّجّا َل َقدْ َخرَ َ
وقد أشكل قول النب صلى ال عليه وسلم " :من بن إسحاق " ،ومعلوم أن بن إسحاق هم
الروم ،لنم من سللة العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه الصلة والسلم ،أما بن إساعيل
فهم من سللة إساعيل عليه السلم ،والذي من ذريته النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه
ومن جاء من ذريتهم حت يومنا هذا ،فكيف سيفتح الروم مدينة القسطنطينية ف آخر الزمان
مع أنه ستكون هناك مقتلة عظيمة بي السلمي والروم وهي الت ذكرناها ف أشراط الساعة
الاضية ؟
والواب :
قال القاضي عياض رحه ال " :هكذا هو ف جيع أصول مسلم :من بن إسحاق ،وقال
بعضهم :العروف الحفوظ :من بن إساعيل ،وهو الذي يدل عليه الديث وسياقه ،لنه إنا
أراد العرب " [ إكمال العلم . ] 464 / 8
وقال ابن كثي رحه ال " :وهذا يدل على أن الروم يُسلمون ف آخر الزمان ،ولعل فتح
القسطنطينية على يد طائفة منهم ،كما نطق به الديث التقدم ،أنه يغزوها سبعون ألفا من بن
إسحاق . . .فالروم يكونون ف آخر الزمان خي من بن إسرائيل . . . .وهؤلء الروم قد
مُدحوا ف هذا الديث ،فلعلهم يُسلمون على يدي السيح بن مري وال أعلم " [ النهاية ف
الفت واللحم . ] 74 / 1
قلت :لكن ل ينع أن يكون الفتح بأفراد من العرب ومن أسلم من النصارى يومذاك ،فليس
ذلك بستبعد أبدا ،فكم أسلم من النصارى ومن اليهود ومن غيهم ف عصر النبوة وما بعده
وقاتلوا مع السلمي فكانوا يدا واحدة ضد أعدائهم ،فل ينع أن يكون الفتح العظم
للقسطنطينية على أيدي بن إساعيل ،وبن إسحاق ،يعن العرب والعجم السلمي .
128
وقال الشيخ أحد شاكر رحه ال " :فتح القسطنطينية البشر به ف الديث سيكون ف مستقبل
قريب أو بعيد يعلمه ال عز وجل ،وهو الفتح الصحيح لا حي يعود السلمون إل دينهم الذي
أعرضوا عنه ،وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا ،فإنه كان تهيدا للفتح العظم ،ث
هي قد خرجت بعد ذلك من أيدي السلمي ،منذ أعلنت حكومتهم هناك أنا حكومة غي
إسلمية وغي دينية ،وعاهدت الكفار أعداء السلم ،وحكمت أمتها وشعبها بأحكام القواني
الوثنية الكافرة ،وسيعود الفتح السلمي لا إن شاء ال كما بشر به رسول ال صلى ال وعليه
وسلم " [ عمدة التفسي ] .
وقال اللبان رحه ال " :وقد تقق الفتح الول على يد ممد الفاتح العثمان ،كما هو
معروف ،وذلك بعد أكثر من ثانائة سنة من إخبار النب صلى ال عليه وسلم بالفتح ،
وسيتحقق الفتح الثان بإذن ال تعال ول بد ،ولتعلمن نبأه بعد حي " [ السلسلة الصحيحة 1
. ] 33 /
فإذا فتح القسطنطينية فتحان :الول حصل ف عام 857هـ ،والثان سيكون ف آخر
الزمان ،عند خروج الدجال ،ومن قال إنه فتح واحد فقد أخطأ وتكلف ما ل علم له به وال
أعلم [ إتاف الماعة . ] 404 / 1
القصود أن الفتح الثان للقسطنطينية سيكون قبل خروج الدجال كما ف الديث ،وبعد قتال
الروم ف اللحمة الكبى ،وانتصار السلمي عليهم ،فعندئ ٍذ يتوجهون إل مدينة القسطنطينية،
فيفتحها ال للمسلمي بدون قتال ،وسلحهم التكبي والتهليل .
والقسطنطينية فتحت أيام الترك ،ولكن بقتال ث رجعت ف أيدي الكفار العلمانيي ،وستفتح
فتحا أخيا بب من الصادق الصدوق وبدون قتال َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َرةَ ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه
ق َأوْ ِبدَابِ ٍق ـ موضعان بالشام
عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَا َتقُو ُم السّا َعةُ حَتّى يَ ْن ِزلَ الرّومُ بِاْلأَعْمَا ِ
ض َي ْومَئِ ٍذ َفِإذَا تَصَافّوا
ش ِم َن الْ َمدِيَنةِ مِ ْن خِيَارِ أَ ْهلِ اْلأَرْ ِ
ج ِإلَ ْي ِهمْ جَيْ ٌ
خرُ ُ
قرب مدينة حلب ـ فَيَ ْ
قَالَتِ الرّو ُم خَلّوا بَيْنَنَا َوبَ ْينَ اّلذِي َن سََبوْا مِنّا ُنقَاتِلْ ُه ْم فََيقُولُ الْ ُمسْلِمُو َن لَا وَال ّلهِ لَا نُخَلّي بَيَْن ُكمْ
ش َهدَاءِ عِ ْندَ
ض ُل ال ّ
ث لَا يَتُوبُ ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ َأَبدًا َ ،وُيقْتَ ُل ثُلُُث ُهمْ َأفْ َ
َوبَ ْينَ ِإ ْخوَانِنَا فَُيقَاتِلُوَنهُ ْم فَيَ ْن َهزِ ُم ثُلُ ٌ
ث ،لَا ُيفْتَنُونَ أََبدًا ،فََيفْتَتِحُو َن ُقسْطَنْطِينِّيةَ [ " . . . .أخرجه مسلم ] .
ح الثّلُ ُ
ال ّلهِ َ ،وَيفْتَتِ ُ
129
وهانن ننتظر الفتح العظم لا ،بإذن ال عز وجل ،وسيسبق ذلك أمور وأحوال ،منها عودة
ورجوع السلمي إل دينهم الذي أعرضوا عنه .
وستفتح كذلك روما ،وهي معقل الصليبية والسيحية اليوم ،وفتحها يكون بعد القسطنطينية ،
ح َأوّلًا ،
ي الْ َمدِينَتَ ْي ِن ُتفْتَ ُ
فعن َأبُي قَبِي ٍل قَالَ :كُنّا ِع ْندَ عَ ْبدِ ال ّل ِه ْبنِ َع ْمرِو ْب ِن الْعَاصِ َ ،وسُِئلَ :أَ ّ
ج مِ ْنهُ كِتَابًا َ ،فقَالَ عَ ْبدُ
ق َل ُه حَ َلقٌ ،قَالَ َفَأخْرَ َ
اْل ُقسْطَنْطِينِّيةُ َأوْ رُومِيّ ُة َ ،فدَعَا عَ ْب ُد اللّ ِه بِصُ ْندُو ٍ
ب ِإذْ سُِئلَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه
ح ُن َحوْلَ َرسُو ِل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ َ ،نكْتُ ُ
ال ّلهِ :بَيَْنمَا نَ ْ
ح َأوّلًا ُقسْطَنْطِينِّي ُة أَوْ رُومِّيةُ ؟ َفقَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
ي الْ َمدِينَتَ ْينِ ُتفْتَ ُ
عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ :أَ ّ
ح َأوّلًا " َيعْنِي ُقسْطَنْطِينِّيةَ " [ أخرجه أحد والدارمي بإسناد صحيح ]
َوسَ ّلمَ َ " :مدِينَ ُة ِه َرقْ َل ُتفْتَ ُ
.
فمدينة روما اليطالية ستفتح بإذن ال أيضا وتبلغها دعوة التوحيد ،ويرتفع فيها صوت الق ،
ويصدع فيها الذان إن شاء ال تعال .
130
دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) ،ماذا جنت المة ،وماذا استفادت ،عندما تركنت ( أصبحت
أمريكية ،وتفرسنت (أصبحت فرنسية) ،وتغرّبت ( أصبحت غربية ) ،ماذا جنينا سوى الذل
والوان ،ونب للخيات ،وضرب فوق الرؤوس ،والعيش كالعبيد ،وبعد هذا كله ،خسران
الدين ،وقبله كان خسران الدنيا ،كم نتمن من أولئك الذين يستوردون للمة من الغرب
مساحيق التجميل ،والخلق السيئة والعادات الرذيلة ،أن يستوردوا النظم الدارية اليدة ،
وتنظيم العمال التقنية الديثة ،ونظم العلومات ،واختراع الصواريخ والطائرات ،للدفاع
عن مقدسات السلمي ،والذود عن حوزتم ،وأن يرتقوا بشعوبم ف هذه النواحي ،تديث
ف نظم الستشفيات ،الؤسسات ،القاولت ،التحديث ف رصف الشوارع ،ف بناء العاهد،
الامعات ،الدارس.
وكم هو مزن ،عندما تول العال من أقصاه إل أقصاه ،فترى التخلف ف هذه النواحي
والقصور ،ث ف القابل تشاهد أنصاف رجال يتسكعون كالنساء ،مفتخرين أنم تفرنوا،
وأصبحت حياتم غربية ،ويدعون للتغريب ،إنا فت أيها الحبة ،نسأل ال جل وعل أن يلص
منها هذه المة .
لقد خذلنا كثي من أبناء جلدتنا ،عندما أنفقت عليهم دولتهم وأسرهم الموال الطائلة ،
ليعودوا بعلم وفي تستفيد منه المة جعاء ،وإذا بم يعودون بلباس الكفار ،ولجتهم ظاهرا
وباطنا ،وأصبحوا يتحرجون من والديهم ،وأهليهم ،وذويهم ،ول غرابة ،ل سيما وقد
رضعوا حضارة الغرب الزائفة ،واستقوا من معينها الكاذب ،فجاءوا إلينا بدين غي ديننا ،
وبوجه غي الذي ذهبوا به ،فأنكروا الدين ،وأبطلوا كثيا من تعاليمه ،وهربوا من أحكامه ،
وترءوا على مقام الالق جل وعل ،فحرموا اللل ،وأحلوا الرام ،وأصبحوا ينادون
بالتقدم والدنية والضارة ،ويعن ذلك عندهم :أن ترج الرأة بل مرم ،وأن تتلط
بالرجال ،وأن تتخذ صديقا لا غي زوجها ،وأن تنبذ الجاب الذي أمرها ال به ،وأن
تُشرب المور والسكرات والخدرات ،ومن أراد أن يصلي فليصل ،ومن ل يرد فل حرج
عليه ،ويريدون تعطيل جهاز المر بالعروف والنهي عن النكر ،ل سيما ف وقت حاربتنا فيه
كثي من الدول وحسدتنا عليه كثي من الشعوب ،وينادون بالختلط بي النسي ف الدارس
والعاهد والامعات والستشفيات ،وما هم إل كلب مسعورة ،وأذناب مقلوبة للغرب الكافر
131
،فمت يدرك السلمون أنم على خطر ،وأنم مقصودون لذاتم ،لتدمي قوتم ،ونزع فتيل
شبابم ،وال الستعان على ما يصفون .
وكم نرى اليوم بل ف كل زمان ومكان ذلك العداء السافر من قبل أعداء الدين للسلم وأهله
،والستهزاء بم ،والعداون عليهم ،من قتل وتشريد وتدمي للمنشآت والبان السكنية
والبنية التحتية ،وتطيم مقدرات الدول السلمية ،والستيلء على ثرواتا ،وقتل أهلها ،
واستعباد أطفالم ،واستحياء نسائهم ،ث تأت ثلة من شباب السلم يقتفون أثر العداء
فيكونون معاول هدم للدين والعقيدة ،بل أن يكونوا دعاة إل نبذ عادات الكفار ،وسلحا
شهرا ف وجوههم ،يدافعون عن مقدساتم وحرماتم وأوطانم ،يروون أرضهم بدمائهم ،
يثبتون للعال أجع أنه ل دين إل السلم ،ول عز إل للسلم ،فكل منهم عزيز بدينه ،أب
بعقيدته ،قال تعال " :ول العزة ولرسوله وللمؤمني ولكن النافقي ل يعلمون " [ النافقون 8
].
132
" [ أخرجه البخاري ومسلم ] ،و َعنْ َأبِي ُه َرْيرَةَ َرضِي اللّه عَنْه َ ،عنْ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه
ي يَا
ج ُر وَرَا َءهُ الَْيهُودِ ّ
حَعَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَا َتقُو ُم السّا َعةُ حَتّى ُتقَاتِلُوا الَْيهُو َد حَتّى َيقُولَ الْ َ
ُمسْ ِلمُ هَذَا يَهُودِيّ وَرَائِي فَاقْتُلْ ُه " أخرجه البخاري ] ،و َع ِن اْبنِ ُع َمرَ َ ،ع ِن النّبِيّ صَلّى اللّه
ج ُر يَا ُمسْ ِلمُ َهذَا َيهُودِيّ فََتعَالَ
حَعَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :لَُتقَاتِلُ ّن الَْيهُو َد فَلََتقْتُلُّنهُ ْم حَتّى َيقُولَ الْ َ
فَاقْتُ ْلهُ " [ أخرجه مسلم ] .
إن ما ينبغي علمه من كليات وأصول الدين أن اليهود من أعظم أعداء السلم وأهله :قال ال
جدَ ّن َأ َشدّ النّاسِ َعدَا َو ًة لِ ّلذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالّذِينَ َأ ْشرَكُوا ([{ )82سورة
سبحانه عنهم }:لَتَ ِ
الائدة] .
وقد وصفهم ال سبحانه ف كتابه :بأنم يقتلون النبياء ،والذين يأمرون بالقسط من الناس،
وأنم سّاعون للكذب ،أكالون للسحت ،يأخذون الربا وقد نوا عنه ،ينقضون الواثيق،
ويكمون بالطواغيت ،ويصفون ال تعال بالنقائص ،ويقولون على ال الكذب وهم يعلمون،
ي هذا ما هو مشهور عنهم .
وغ ِ
وتاريخ اليهود مليء بالؤامرات والدسائس :فقد أرادوا قتل السيح عيسى بن مري عليه السلم
فشُبه لم ورفعه ال إليه حت يرج ف آخر الزمان فيقتلهم ،ويقتل مسيحهم مسيح الضللة
آنذاك السيح الدجال أعاذنا ال من فتنته ،وأرادوا قتل النب صلى ال عليه وسلم مرارا؛ فأناه
ال منهم ،وأرادوا أن يوقعوا الفتنة بي الصحابة فسلمهم ال ،وأول فتنة فرّقت بي السلمي
كانت فتنة ابن سبأ اليهودي ،واستمر كيدهم طوال التاريخ ،فأثاروا فتنا ،وأسقطوا دولً ،حت
تكنوا أخيا من اغتصاب أراضي السلمي .
وأرض إسرائيل الكبى :الت يلمون با والت وضعوا رايتهم على أساسها من النيل غربا حت
الفرات شرقا ،ومن شال الزيرة جنوبا حت جنوب تركيا شالً ،وقد علموا جيدا أنه ل بقاء
لم ما دام للعقيدة السلمية القائمة على الولء والباء ،والهاد ف سبيل ال وجود بي
الشعوب ،حت لو طال مقامهم ،فإن قاعدة الدين ،وملة إبراهيم ،وأصل دين السلم ،ومقتضى
شهادة التوحيد؛ موالة السلم وأهله ومبتهم ،والباءة من الكفر وأهله ومعاداتم ،كما قال
ت َلكُ ْم ُأسْ َو ٌة َحسَنَ ٌة فِي ِإْبرَاهِيمَ وَاّلذِينَ مَ َع ُه ِإذْ قَالُوا لِ َق ْومِ ِه ْم إِنّا ُبرَآ ُء مِ ْنكُ ْم َومِمّا
تعالَ }:قدْ كَانَ ْ
133
َتعُْبدُو َن ِم ْن دُو ِن ال ّلهِ َكفَ ْرنَا ِب ُكمْ َوَبدَا بَيْنَنَا وَبَيَْن ُكمُ اْلعَدَا َوةُ وَالْبَغْضَا ُء َأَبدًا حَتّى ُتؤْمِنُوا بِال ّلهِ
َوحْ َدهُ ([ {)4سورة المتحنة].
فإياك وساع الدعوات الت تقول :إنه ل عداء بيننا وبي اليهود ،أو غيهم من الكفار ،أو أننا ل
نبغضهم من أجل دينهم؛ فإن أصل الصول الباءة من الكفر وأهله ،ومعاداتُهم وبغضهم ..من
أجل هذا اخترع اليهود ما يسمى بشروع السلم ،وأطلقوا عليه السلم الدائم والشامل،
والذي يريدون من خلله اختراق صفوف الشعوب السلمة ،وماولة كسر الاجز النفسي بي
السلمي واليهود ،وإذابة عقيدة الباء ومعاداة الكافرين من خلل الذوبان الثقاف ،والتعليمي،
والعلمي ،ونشر ما يسمى بوار الضارات ،وحوار الديان ف سبيل السلم ونوها ،بالضافة
إل إفساد أخلقيات السلمي .
ويهدف اليهود من خلل هذه العملية بالضافة إل تغيي عقلية السلمي إل تأمي بلدهم من
ضربات الجاهدين ،وتعزيز اقتصادهم النهار ،وتجي بقية اليهود إل فلسطي ،وإكمال بناء
الستوطنات تهيدا لكمال اليمنة على النطقة بأسرها .لذلك فالتصور الصحيح لذا السلم
ف ف معرفة حكمه الشرعي ،إذ هو مشتمل على منكرات كثية مرمة بإجاع
الزعوم كا ٍ
السلمي منها:التحاكم إل الطواغيت ،وهدم أصل الباء ف السلم ،وإلغاء شريعة الهاد ف
سبيل ال ،وتسليط اليهود على السلمي ،وغيها من العظائم .
لذا فإن ما يسمى بساعي السلم ومؤتراته؛ ستفشل ،ولو نحت فنجاحها سيكون مؤقتا ،وأن
السلمي سيقاتلون اليهود فيقتلونم حت يتبئ اليهودي خلف الشجر والجر ،فيقول الشجر
والجر :يا مسلم يا عبد ال هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ،ويومئذٍ يفرح الؤمنون بنصر ال
ينصر من يشاء .
إن مشروع السلم الذي أطلقوا عليه السلم الدائم له آثارٌ سيئة على السلمي وعلى بلدهم :
ولو ت -ونسأل ال أن ل يكون -فسيقضي على عقيدة الولء والباء عند السلمي ،أو على
القل يضعفها عن طريق شعار :حوار الضارات والسلم دين السلم ونبذ التطرف ،وكراهية
الخر ،وسيقضي على روح الهاد بينهم ،وسيُضرَب الجاهدون بسلح السلم كما سيحصل
تغيي وتشويه للتاريخ السلمي ،وستستنـزف ثروات السلمي ،وتبن عندهم أوكار
الاسوسية ،وتصدر لم الفات والمراض ،وغي ذلك .
134
وللمسلمي عبة وعظة ف من خطى خطوات عملية ف عملية السلم مع اليهود :ماذا حصل
لم ولبلدهم؟ فبعد سنوات عجاف من السلم بي مصر وإسرائيل ظهرت بعض الثار اليهودية
على أرض الكنانة ،ومن ذلك:
إفساد الدين :فقد أنشئ الركز الكاديي اليهودي ف مصر ،وهو يقوم بدور رائد ف مال
إفساد الدين ،وقتل روح الولء والباء عند السلمي ،ويقوم بالتعاون مع الكثي من الراكز
الميكية النتشرة ف مصر بأساء ووظائف متلفة ،وقد ركّز الركز ف أباثه على :ضرورة فتح
البواب أمام حركة الناس ،وتبادل العلومات ،والثقافة والعلوم ،وضرورة مراجعة البامج
الدراسية من الانبي ،وفحص ما يُدرَس وتديد ما يب حذفه ،ودراسة البامج التبادلة ف
وسائل العلم ،وأن يسمح كل طرف للخر بإذاعة برامج ثقافية عن وثائقه وتاريه ،وضرورة
إزالة الفاهيم السلبية عند السلمي تاه اليهود .وقد تقق لم الكثي ما أرادوا فبامج التعليم
تّت مراجعتها ،وحُذف منها كل ما يتعلق باليهود من آيات قرآنية وأحاديث نبوية ووقائع
تاريية .
وأيضا من الثار :أنه ف أوائل أيلول 1985م كشفت الخابرات الصرية عن شبكة تسس
إسرائيلية ف القاهرة يقودها الستشار العسكري بالسفارة ،واكتشفت السلطات الصرية أن
الركز الكاديي السرائيلي توّل منذ تأسيسه عام 1402هـ ف القاهرة إل واحد من أخطر
بؤر التجسس ،وأبرز مظاهر الختراق الثقاف ف مصر ،ث كشف بعد ذلك عن عصابات
التجسس السرائيلي الواحدة تلو الخرى .
وما تبيّن أيضا :أن هناك خطة لغراق السوق الصرية بليي الدولرات الزيفة وقد ضُبطت
على سبيل الثال فقط 80قضية لتهريب وترويج عملت مزيفة من فئة الائة دولر مهربة من
تل أبيب إل القاهرة ،وف عام 1410هـ ضبطت شبكة مكونة من 11يهوديا كان بوزتم
مليون دولر مزيفة ،وف التحقيقات اعترف الميع أنم يعملون ضمن شبكة دولية مركزها تل
أبيب .
وأيضا :ففي عام 1409هـ ت القبض على 5أشخاص من العاملي ف الركز الكاديي
السرائيلي بالقاهرة خلل تريب اليويي ف معجون أسنان ،وقبلها بعامي ضُبط صهيون يقوم
بترويج اليويي ف مدينة العريش ،وقبل ذلك بعام أي ف عام 1406هـ أكدت تقارير وزارة
135
الداخلية الصرية أن مموع القضايا الت ضُبط فيها الصهاينة بلغ 4457قضيةُ ،هرّب فيها 5
طن من الشيش ،و 30كيلو أفيون .
وأيضا من آثار السلم الت تضررت با مصر إفساد الزورعات :فقد اتفقت مصر مع إسرائيل
التعاون ف الجال الزراعي ،ولهية هذا الجال دخلت أميكا طرفا ثالثا لرعاية هذا التعاون
وكان ما يسمى" :الشروع الثلثي" يكون فيه التمويل أميكيا والباء صهاينة بالشتراك مع
بعض الصريي أحيانا ،أما أرض البحث فهي مصرية ،وبعد سنوات قليلة من بداية التوسع ف
الشروع بدأت نتائجه تظهر ف زراعات مصر الت أصابا اللك مثل :الضروات ،والقطن،
والقمح ،والذّرة ،بل إن الرض نطقت هي الخرى با أصابا من السلم ،وذلك بعد إصابة
تربتها بالدب نتيجة البذور اللوّثة عمدا ،وكذلك السدة والبيدات الفاسدة ،والطي أن
البذور اللوّثة ،والت تؤدي إل تدمي الزراعات هي مثل قنابل موقوتة تُحدث آثارها بعد
سنوات من استخدامها وهذا ما حصل عندما فوجئ الزارعون بتدهور النتاج عاما بعد عام إل
أن تأكد أن الميع جلبوا الدمار لنفسهم؛ لنه بتحليل البذور كانت الفاجأة أنا تمل نسبة
كبية من أمراض تصيب النسان بالفشل الكلوي ،وأنا مصابة بفيوسات تصيب التربة
بأمراض تصيبها بالبوار لعدة سنوات .وعُرف فيما بعد وبعد فوات الوان أنا كانت عملية
مدبرة من اليهود لفساد الراضي الزراعية الصرية .
وأما عن تلويث الشواطئ الصرية :فقد تدثت الصحف وقتها عن القبض على قبطان صهيون
كان متهما بتسريب البترول من باخرته الت يقودها ف البحر الحر ما أدى إل تلويث مياه
النطقة ،وتكررت حوادث تدمي الشعاب ا ِلرْجانية النادرة وتلويث الشواطئ الصرية بصورة
ملحوظة مّا أدى إل تلويث %40من الشاطئ .
والخطر ما سبق :أن اكتشفت السلطات الصرية شبكة يهودية تضم العشرات من بائعات
الوى السرائيليات الصابات برض اليدز يعملن بتوجيه من الخابرات السرائيلية الوساد
لنشر هذا الرض ف صفوف الشعب الصري عن طريق استدراج الشباب النحرف لمارسة
الرذيلة معهن ف أماكن اللهو ،والشقق الفروشة ،وذكرت الصحف الصرية :أن رجال الوساد
أقنعوهن بأن ما يقمن به هو لصال إسرائيل الكبى.
136
هذه بعض الثار الت ظهرت ونشرت من جراء التقارب مع إسرائيل ،وما ل يظهر إل الن أو ل
ينشر إل الن فال أعلم به .
فماذا نتوقع أن يصل من الضرر والفاسد والشرور لو أن معظم دول الوار لسرائيل دخلت
مع اليهود ف اتفاقات سلم دائم أو شامل :ستدفع هذه الدول الثمن باهضا ،واليهود تاريهم
أسود ومعروف ،أفل نأخذ عبة من التاريخ الاضي ،وعبة من التاريخ العاصر لا حصل لصر،
وقبل ذلك نأخذ العبة العظمى والكبى من كتاب ال ف آيات كثية فيها التحذير من يهود .
إن اتفاقيات السلم مع اليهود ،وإقامة للعلقات الدائمة معهم؛ يعد إقرارا لم ف ديار السلم،
وتكينهم من الدخول والعبث بعقول السلمي ،وإمدادهم با يزيد من قوتم وجبوتم ،وهذا
كله ف الشرع من باب الوالة لليهود ،وإلقاء الودة لم ،والركون إليهم وقد دلت نصوص
ل َو بِالَيوْ ِم ال ِخرِ ُيوَادّوْ َن َمنْ
كثية على النهي عن ذلك قال ال تعال}:ل َتِ ُد َقوْمَا ُي ْؤمِنُونَ بِا ِ
ل وَ َر ُسوْلَه وََلوْ كَانُوا آبَا َءهُ ْم َأوْ َأبْنَا َءهُ ْم َأوْ ِإ ْخوَاَنهُ ْم َأوْ َعشِ ْيرََتهُمْ([ {)22سورة
حَادّ ا َ
ض ُهمْ َأ ْولِيَاءُ
خذُوا الْيَهُودَ وَالنّصَارَى َأ ْولِيَا َء َبعْ ُ
المتحنة] .وقال تعال }:يَا َأّيهَا اّلذِينَ آمَنُوا ل تَتّ ِ
ض وَ َم ْن يََتوَّل ُهمْ مِ ْن ُكمْ َفِإّنهُ مِ ْن ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ ل َي ْهدِي اْلقَوْ َم الظّالِمِيَ([ {)51سورة الائدة] .وقال
َبعْ ٍ
خذُونَ اْلكَا ِفرِي َن َأوْلِيَا َء ِمنْ دُونِ
ي ِبأَ ّن َل ُهمْ َعذَابا َألِيما( )138اّلذِي َن يَتّ ِ
تعالَ}:بشّ ِر الْمُنَافِقِ َ
ي َأيَبْتَغُونَ عِ ْن َد ُهمُ اْلعِ ّز َة َفإِنّ اْل ِع ّزةَ لِ ّل ِه جَمِيعا([ {)139سورة النساء] .والنصوص ف
الْ ُم ْؤمِنِ َ
النهي عن موالة الكفار ،والركون إليهم ،ومودتم ،ووجوب بغضهم ومعاداتم كثية جدا.
وفرق كبي بي ترك قتالم والدنة معهم لوجود الضعف للعداد لم :وبي العتراف بم،
وإقرارهم على أراضي السلم ،فالول :جائز بالجاع ،والثان :مرم بالجاع ،إضافة إل أن
السلم الدائم والشامل مع اليهود مضاد لشرع ال سبحانه ولقدره .
أما مضاداته للشرع؛ فلنه يلغي شعية الهاد ف سبيل ال ،وقد قال ال تعالَ } :وقَاتِلُوا
شرِكِيَ كَا ّفةً كَمَا ُيقَاتِلُوَنكُمْ كَا ّفةً([ { )36سورة التوبة] .وقال سبحانهَ }:فقَاتِلُوا َأئِ ّمةَ
الْ ُم ْ
اْلكُ ْفرِ إِّن ُهمْ ل َأيْمَانَ لَ ُه ْم َلعَلّ ُه ْم يَنَْتهُونَ ([ {)12سورة التوبة] .وقال عز وجلَ }:وأَ ِعدّوا َلهُمْ
ط الْخَ ْي ِل ُترْهِبُونَ بِهِ َع ُدوّ ال ّل ِه وَ َعدُوّ ُك ْم وَءَاخَرِينَ ِم ْن دُوِن ِهمْ لَا
مَا اسْتَ َطعُْتمْ مِ ْن ُق ّوةٍ َو ِمنْ ِربَا ِ
ف ِإلَ ْيكُ ْم َوأَنُْتمْ لَا تُظْلَمُونَ({)60
َتعْلَمُونَ ُه ُم اللّ ُه َيعْلَ ُم ُهمْ َومَا تُ ْن ِفقُوا مِ ْن َشيْءٍ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ يُوَ ّ
[سورة النفال].
137
ي ِبأَ ْموَاِلكُ ْم َوأَْن ُفسِ ُكمْ
وف السند وغيه :أَ ّن النِّبيّ صَلّى ال ّلهُ عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَالَ [:جَا ِهدُوا الْ ُمشْرِ ِك َ
َوَألْسِنَِت ُكمْ] .وف السند أيضا َع ِن اْبنِ عُ َم َر قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّهُ عَلَ ْي ِه َوسَلّمَُ [:بعِثْتُ
حتَ ِظلّ ُرمْحِي. ]...
ك لَ ُه َوجُ ِعلَ رِ ْزقِي تَ ْ
بِالسّيْفِ حَتّى ُيعَْبدَ ال ّل ُه لَا َشرِي َ
وأما مضاداة السلم للقدر :فقد أخب الرسول صلى ال عليه وسلم وخبه حق أن الهاد ماضٍ
إل يوم القيامة ،ومن ذلك :ما ف الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم " :الْخَ ْي ُل َم ْعقُودٌ فِي
َنوَاصِيهَا الْخَ ْي ُر ِإلَى يَوْ ِم اْلقِيَا َمةِ اْلَأجْ ُر وَالْ َمغَْنمُ " [ رواه البخاري ومسلم ] .
وقد تواتر عنه صلى ال عليه وسلم ف الصحاح وغيها أنه قال [:لَا َتزَالُ طَائِ َفةٌ ِم ْن ُأمّتِي
ض ّرهُ ْم َمنْ خَالَ َف ُهمْ ِإلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ] .والقصود من هذا كله أن ما يسمى
ح ّق لَا يَ ُ
ظَا ِهرِينَ َعلَى الْ َ
بالسلم الدائم أو الشامل لن يتحقق وسيقاتل الجاهدون اليهود ويهزمونم بول ال وقوته،
وهذا وعد ال سبحانه لنا ولكن ال سبحانه أعلم بن يستحق أن يكون هذا الفتح على يديه .
لقد فجر ال لم العيون ،وأنزل عليهم الطيبات ،وساق لم الغمام ليظلهم ف الصحراء ،فلم
يشكروا ال على تلك النعم ،بل جحدوا ربم ،وقالوا لوسى { :اجعل إلا كما لم آلة }
فأجابم موسى { إنكم قوم تهلون ،إن هؤلء متب ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون } ولا
ل جسدا له خوار ،يعبدونه من دون ال ،ول
ذهب موسى ليقات ربه ،اتذوا من حليهم عج ً
يكتفوا بذلك ،بل طلبوا رؤية ال جهرة ،فأرسل ال عليهم صاعقة من السماء ؛ تأديبا لم ،ث
شاء ال أن تنتهي حياة موسى وهارون بعد تكذيب لم طويل من بن إسرائيل ،واستمر حال
اليهود وتكذيبهم بل وتريفهم لكتاب ال التوراة ،فأرسل ال عيسى على جيع رسل ال
الصلة والسلم ،فآمن بعضهم وهم الواريون ،وكذب بعضهم وهم بقية اليهود .
ث حاولوا قتل عيسى فرفعه ال إليه ،واستمر عداء اليهود _ لعنهم ال _ للنبياء والرسالت ،
وكان عند بعضهم بقية من علم ،فعلموا بقدم رسول الدى عليه الصلة والسلم ،من خلل
وصفه ف النيل والتوراة .
فلقد سافر أبو طالب _ عم النب صلى ال عليه وسلم _ إل الشام متاجرا ،ومعه رسول ال
وعمره اثنتا عشرة سنة ،وف الطريق قابل راهبا يقال له بيا ،فلما خرج الركب خرج إليهم
وأكرمهم ،وكان ل يرج لحد قبل ذلك ،وعرف رسول ال صلى ال عليه وسلم بصفته ،
فقال الراهب وهو يأخذ بيد رسول ال صلى اله عليه وسلم :هذا سيد العالي ،يبعثه ال رحة
138
للعالي ،فقال أبو طالب :ومن علمك هذا ؟ فقال :إنكم حي أشرفتم ،ل يبق حجر ول
شجر إلّ خر ساجدا ،ول تسجد إلّ لنب ،وإن أعرفه بات النبوة ف ظهره ،وإنا نده ف كتبنا
،ث سأل أباطالب أن يرده ول يدخله الشام خوفا عليه من اليهود ففعل .
وعداء اليهود يكمن ف أنم كانوا يتوقعون أن يرج رسول ال منهم ،فلما خرج من العرب
كذبوه ،وشوهوا صورته ،وألبوا عليه الرجال ،وحاولوا قتله ،ومن ذلك أنه عليه الصلة
والسلم خرج ف نفر من أصحابه إل يهود بن النضي لمع بعض الديات ،فقال اليهود
لرسول ال :اجلس هاهنا حت نقضي حاجتك ،فجلس إل جنب جدار من بيوتم ،ينتظر
وفائهم با وعدوا ،ولكن اليهود أهل مكر وخبث حيثما حلوا وارتلوا ،فأعطوا أحدهم رحىً
ليميها على رسول ال صلى ال عليه وسلم فيقضي عليه ،وبينما هم يططون ،إذ نزل الوحي
يفضحهم ،فهب رسول ال وهب أصحابه معه ،وخرجوا وأخبهم با أراد اليهود ،فكانت
غزوة بن النضي الت أعلى ال فيها كلمته .
ويواصل اليهود عداوتم للسلم وأهله ،بل عداوتم ل سبحانه وتعال ،حت وصل الال
والكب بم إل سب ال تبارك وتعال ،فلما أنزل ال قوله { :من ذا الذي يقرض ال قرضا
حسنا فيضاعفه أضعافا كثية } ..قالوا :يا ممد افتقر ربك ،فسأل عباده القرض !! فأنزل
ال { وقالت اليهود يد ال مغلولة غلت أيديهم ولعنوا با قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف
يشاء } ..هم أهل البخل والتقتي ...هم أهل الشح الكبي ...لعائن ال تترى عليهم إل يوم
القيامة .
هل يليق بعاقل أن يقول أن يد ال مغلولة !!! وهو يتقلب بي أنعم ال صباح مساء بل من أكب
طيشهم ،أنم نسبوا البن إل ال ،ومن جعلوا البن ؟؟!! قالوا عزير ابن ال !! وقالوا أنم
أبناء ال وأحباؤه !! ،فعن ابن عباس رضي ال عنهما قال :أتى رسول ال صلى ال عليه
وسلم نعمان ابن آصا ،وبري ابن عمرو ،وشاس ابن عدي ،فكلموه وكلمهم ،ودعاهم إل
ال ،وحذرهم نقمته ،فقالوا :يا ممد نن وال أبناء ال وأحباؤه ،قال تعال " :وقال اليهود
والنصارى نن أبناء ال وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر من خلق يغفر لن يشاء
ويعذب من يشاء ول ملك السماوات والرض وما بينهما وإليه الصي " .
139
ول تزال سلسلة فضائحهم تتوال وستتوال إل يوم القيامة " :ل يرقبون ف مؤمن إلّ ول ذمة
وأولئك هم العتدون " .
ولو استعرضنا كل فضائحهم لطال بنا القام ،ولكننا نقتصر على بعض الوقائع فقط ،لنعرف
أعدائنا ،كيف يكرهون السلم وأهله وشرائعه .
حسد اليهود رسول ال صلى ال عليه وسلم ،حي سعوا الذان ،وقالوا :ابتدعت شيئا ل
يكن للنبياء ،فمن أين لك الصياح كصياح العي ؟؟ فما أقبحه من صوت !! فأنزل ال " :
وإذا ناديتم إل الصلة اتذوها هزوا ولعبا ذلك بأنم قوم ل يعقلون " بل إنم سخروا من
القرآن وكذبوا به ،فقد جاءوا إل النب صلى ال عليه وسلم ،فقالوا :ألست تؤمن أن التوراة
حق من عند ال ؟! قال :بلى ،فقالوا :فإنا نؤمن با ،ول نؤمن با عداها .فأنزل ال { :قل
يا أهل الكتاب لستم على شيء حت تقيموا التوراة والنيل وما أنزل إليكم من ربكم ، } ...
وما أرسل إليهم من نب مع كثرة أنبيائهم إ ّل سبوه أو شتموه ،فآذوا موسى ،واتموا سليمان
بالسحر وأنه ساحر ،واتموا إبراهيم بأنه يهودي ،وكذبوا بعيسى وحاولوا قتله ،وكذبوا
ممدا _ على أنبياء ال الصلة والسلم _ وحاولوا اغتياله ...فلعن ال اليهود ما أسخفهم ،
وأحقرهم .
وكان من أعظم ما فرح به السلمون هو إنزال قوله تعال " :قل أؤنبؤكم بشر من ذلك مثوبة
عند ال من لعنه ال وغضب عليه وجعل منهم القردة والنازير وعبد الطاغوت " ،فكان
السلمون يعيون اليهود بأنم أبناء القردة والنازير وهم كذلك .
إن اليهود أهل شر وخبث ،وإن تبسموا وصالوا وعاهدوا ،وقد روي ف بعض الحاديث
عند ابن مردويه " :ما خل يهودي بسلم إ ّل هم بقتله " .
ومن قبائح اليهود ف زماننا هذا ما يفعلونه الن من كتابة لفظ الللة على الحذية ،وما
شابها ،وقيامهم بدهس الصاحف ،ونشر الصور الشوهة للسلم ولنب السلم عليه الصلة
والسلم ،ومع كل ذلك ،فالؤمنون غافلون أو متغافلون ،كأن ل ترك لديهم ساكنا _ وما
لرح بيت إيلم _ وتد الكثي من السلمي قد مسحوا اسم السجد القصى من ذاكرتم ،
وما فكر أحدهم يوما أن يرفع يديه إل العزيز القدير ،ويرسل على اليهود سهاما وصواريخ من
سهام " يا رب " تترق الدنيا لتمطر على اليهود النكبات والصائب ،ومع كل هذا ،فإن وعد
140
ال لنا بالنصر والتمكي لبد حاصل ،فقد وعدنا ال بالنصر على أبناء القردة والنازير " ،
حت ل يبقى حجر ول شجر إ ّل ويقول للمسلم :يا مسلم يا عبد ال هذا يهودي ورائي فاقتله
".
ولقد أخب ال تعال ف كتابه بأن يهود سيعلون ف الرض القدسة ،ويصبح لم فيها قوة
وسلطة ،فيفسدون فيها ،فيبعث ال عليهم عبادا أول بطش وقوة فيذيقونم ويلت القهر
والذل ،ث تعود الكرة ويعلو يهود من جديد ،ويتكرر الفساد منهم ،فتتكرر سنة ال الت ل
تتغي ،فيسلط عليهم من يشردهم ف الرض ثانية ويدمر متلكاتم ،وقد حدث هذا كما ذكر
ذلك ابن كثي وغيه من الفسرين .
فكلما عاد اليهود للفساد والفساد بعث ال عليهم من يسومهم سوء العذاب ،لنم عرفوا
الق وتركوه ،علموا العلم فلم يعملوا به فغضب ال عليهم ،وما أكثر غدر يهود على مر
الدهور والعصور ،فعندما أفسدوا ف الزيرة العربية أخرجهم السلمون ،من الزيرة كلها ،
ولبثهم ومكرهم وإفسادهم أمر النب صلى ال عليه وسلم بإخراجهم من الزيرة وعدم
عودتم إليها إل أن يرث ال الرض ومن عليها َ ،عنْ عُ َم َر ْبنَ الْخَطّابِ رضي ال عنه َأّنهُ سَمِعَ
ب حَتّى لَا َأذَرَ
النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم يَقُولُ َ " :لأُ ْخ ِرجَ ّن الَْيهُو َد وَالنّصَارَى مِ ْن َجزِي َر ِة الْ َعرَ ِ
س ،اشَْتدّ
س َ ،ومَا َيوْ ُم الْخَمِي ِ
س َيوْ ُم الْخَمِي ِ
فِيهَا إِلّا ُمسْلِمًا " [ أخرجه أحد ] ،وقَا َل ابْنُ عَبّا ٍ
ب َل ُكمْ كِتَابًا َلنْ تَضِلّوا َب ْع َدهُ َأَبدًا
ِب َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم وَ َج ُعهُ َ ،فقَا َل " :ائْتُونِي أَكْتُ ْ
ج َر ؟ اسَْت ْفهِمُو ُه َفذَهَبُوا َي ُردّونَ
ع َ ،فقَالُوا :مَا شَ ْأُنهُ َأهَ َ
" ،فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنَْبغِي عِ ْن َد نَِبيّ تَنَازُ ٌ
عَلَ ْيهِ َ ،فقَالَ " :دَعُونِي فَالّذِي َأنَا فِيهِ خَ ْي ٌر مِمّا تَدْعُونِي ِإلَ ْيهِ " َ ،وَأوْصَا ُهمْ بِثَلَاثٍ قَالَ " :
ت أُجِي ُزهُ ْم َ ،وسَكَتَ َعنِ
ح ِو مَا كُ ْن ُ
ي ِمنْ َجزِي َرةِ اْلعَ َربِ َ ،وَأجِيزُوا اْل َوفْ َد بِنَ ْ
شرِكِ َ
َأ ْخرِجُوا الْ ُم ْ
الثّالَِث ِة َأوْ قَالَ فََنسِيُتهَا " [ متفق عليه ] .
وهكذا نرى أن من خسة يهود ودناءتم وغدرهم ومكرهم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
سهِم وخَبَِثهِم .
أمر بإخراجهم من جزيرة العرب ،لئل يدنسوها ِب ِرجْ ِ
ث عاد اليهود للفساد ف الرض ف العال ،فسلط ال عليهم عبادا آخرين أنزلوا بم أنواعا من
الضطهادات والقتل الماعي ،وهكذا فكلما أفسد اليهود ف الرض سلط ال عليهم من
يردعهم ويذيقهم الوان .
141
وهاهم يعودون للفساد ف أرض العروبة ،مصلى النبياء ومسرى رسول الدى ،وأول القبلتي
وثالث الساجد الت تشد إليها الرحال ،فهاهم يهود إسرائيل يقتلون ويغتصبون ويهدمون
ويعيثون ف أرض فلسطي البيبة أنواع الظلم والعداء ،ف حق السلمي البرياء هناك ،وما
حصل لم ذلك التمكي إل بضعف السلمي ،وابتعادهم عن دينهم ،وتليهم عن نصرة سنة
نبيهم صلى ال عليه وسلم ،ومت عدنا إل ديننا فسوف نرج اليهود من بلدنا العرب
والسلمي بإذن ال تعال ،فقتالنا معهم بدأ ول زال ،حت تأت اللحمة الكبى ،والعركة
العظمى بي السلمي واليهود ،فيقتلونم قتل عاد وثود ،أل نصر ال قريب ،ولتعلمن نبأه
بعد حي ،فنسأل ال أن نكون من يتشرف بالتقرب إل ال بقتل إخوان القردة والنازير ،
أحفاد بن قريظة والنضي وقينقاع ،ونسأله سبحانه أن يُقر أعيننا بعودة السجد القصى لوزة
السلمي ،وأن نرى أولئك الرتزقة يرجون من بلد السلم أذلة صاغرين ،بعز عزيز وذل
ذليل ،وليس ذلك على ال ببعيد .
وهاك أخي الكري بعض فضائح القوم وفظائعهم ومططاتم وبروتوكولتم :
ت َأْيدِي ِه ْم وَُلعِنُوا
ت الَْيهُو ُد َيدُ ال ّلهِ َمغْلُوَلةٌ غُلّ ْ
هم الذين أخبنا ال عنهم ف كتابه بقوله َ " :وقَالَ ِ
ف َيشَاءُ ..الية " [ الائدة ، ] 64وهم الذين قالوا " :
بِمَا قَالُوا َب ْل َيدَا ُه مَ ْبسُوطَتَانِ يُ ْن ِفقُ كَيْ َ
حرِيقِ
ب مَا قَالُوا َوقَتْ َل ُهمُ اْلأَنْبِيَا َء ِبغَ ْيرِ َح ّق َونَقُو ُل ذُوقُوا َعذَابَ الْ َ
حنُ أَغْنِيَا ُء سَنَكْتُ ُ
ي َونَ ْ
إِ ّن ال ّلهَ َفقِ ٌ
" [ آل عمران . ] 181
وهم الذين ادّعوا الولد ل " :وَقَالَتِ الَْيهُودُ ُع َزْي ٌر ابْ ُن اللّ ِه " [ التوبة ، ] 30تعال ال عن
ك فِي الْمُ ْلكِ وَخَ َلقَ ُكلّ
خذْ َوَلدًا َولَ ْم َيكُ ْن َلهُ َشرِي ٌ
ض َوَلمْ يَتّ ِ
ك السّ َموَاتِ وَالَرْ ِ
قولم َ " :لهُ مُ ْل ُ
َشيْ ٍء َفقَدّ َر ُه َتقْدِيرًا " [ الفرقان . ] 2
هؤلء أنفسهم الذين قالوا ف تلمودهم الزعوم :ليس ال -نستغفره سبحانه -معصوما من
الطيش والغضب والكذب .
وف تلمودهم أيضا :للحاخامات السيادة على ال ,وعليه أجْراء ما يرغبون فيه .
ويقولون :يقضي ال ثلث ساعات من النهار يلعب مع ملك الساك .
142
ض َومَا بَيَْنهُمَا لعِبِيَ * لَ ْو أَ َر ْدنَا أَنْ
تعال ال عن قولم علوا كبيا َ " :ومَا خَ َلقْنَا السّمَا َء وَالَرْ َ
حقّ عَلَى الْبَا ِط ِل فََيدْ َم ُغهُ َفِإذَا ُهوَ
ف بِالْ َ
خذْنَاهُ ِم ْن َلدُنّا إِنْ كُنّا فَاعِلِي َ * َب ْل َنقْذِ ُ
خ َذ َل ْهوًا لتّ َ
نَتّ ِ
صفُونَ " [ النبياء ] 18-16
زَا ِهقٌ َوَلكُ ُم الْ َوْيلُ مِمّا تَ ِ
وف تلمودهم :اليهودي أحب إل ال من اللئكة ,فالذي يصفع اليهودي كمن يصفع العزة
اللية .
حنُ َأبْنَا ُء ال ّلهِ َوأَحِبّا ُؤهُ ُق ْل فَ ِلمَ ُي َع ّذبُ ُكمْ
ت الَْيهُودُ وَالنّصَارَى َن ْ
وقد أكذبم ال فقال َ " :وقَالَ ِ
ك السّ َموَاتِ وَالَرْضِ
ش ٌر مِ ّمنْ خَلَ َق َيغْ ِف ُر لِ َم ْن َيشَا ُء َوُيعَ ّذبُ َم ْن َيشَا ُء وَلِ ّل ِه مُلْ ُ
ِب ُذنُوبِ ُك ْم َبلْ َأنُْتمْ َب َ
صيُ " [ الائدة . ] 18
َومَا بَيَْنهُمَا َوإِلَ ْيهِ الْمَ ِ
وما قالوه ف تلمودهم أيضا :إن ال يستشي الاخامات على الرض حي توجد معضلة ل
يستطيع حلها ف السماء .تعال ال عما يقولون علوا كبيا .
وهل يوجد شيء ل يقدر عليه الربّ ؟ سبحانه وتعال وهو على كل شيء قدير ِ " :إنّمَا أَ ْم ُرهُ
ِإذَا أَرَا َد شَيْئًا أَ ْن َيقُولَ لَهُ ُك ْن فََيكُونُ " [ يس . ] 82
وقالوا ف التلمود بوقاحة فاجرة :أن تعاليم الاخامات ل يكن نقضها أو تغييها ولو بأمر ال .
خذُوا أَحْبَا َر ُهمْ وَ ُرهْبَاَن ُهمْ أَ ْربَابًا ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ " [ التوبة
سبحان ال وهو القائل عن اليهود " :اتّ َ
، ] 31وهؤلء الذين قال ال عنهم " :يَا َأّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا إِنّ كَثِيًا ِمنَ ا َلحْبَا ِر وَال ّرهْبَانِ
س بِالْبَا ِط ِل َويَصُدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّل ِه " [ التوبة . ] 34
لََيأْكُلُو َن َأمْوَا َل النّا ِ
هؤلء اليهود الذين يرون أنفسهم كل شيئا ول يعدّون غيهم شيئا ،ومن أقوالم ف غي اليهود
كما جاء ف تلمودهم :
-1نطفة غي اليهودي كنطفة باقي اليوانات .
-2يب على كل يهودي أن يبذل جهده لنع استملك باقي المم ف الرض لتبقى السلطة
لليهود وحدهم .
-3لو ل يلق ال اليهود لنعدمت البكة ف الرض .
-4الارجون عن دين اليهود خنازير نسة .
-5أرواح اليهود عزيزة عند ال ,وبالنسبة لباقي الرواح فالرواح غي اليهودية أرواح
شيطانية تشبه أرواح اليوانات .
143
-6اليهودي ل يطئ إذا اعتدى على عرض غي اليهودية ,لن كل عقد زواج عند غي
اليهود باطل ,فالرأة غي اليهودية تعتب بيمة ,والعقد ل يقوم بي البهائم .
-7لليهود الق ف اغتصاب النساء غي اليهوديات .
-8الزنا بغي اليهود ذكورا كانوا أو إناثا ل عقاب عليه لنم من نسل اليوانات .
-9ليس للمرأة اليهودية أن تشكوا إذا زن زوجها بأجنبية ف بيت الزوجية .
ك ِبأَّن ُهمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا
وليس بستبعد أن يقولوا هذا الكلم وهم الذين قال ال فيهم َ " :ذلِ َ
ب وَ ُه ْم َيعْلَمُونَ " [ آل عمران . ] 75
ي سَبِيلٌ وََيقُولُونَ عَلَى ال ّل ِه الْ َكذِ َ
فِي ا ُلمّيّ َ
ومن اعتقادهم ف مصي غي اليهود ف الخرة ما نصّوا عليه ف تلمودهم :
-1النعيم مأوى أرواح اليهود ول يدخل النة إل اليهود .
وهذا موافق لا ذكره ال عنهم بقوله َ " :وقَالُوا َلنْ َي ْدخُ َل الْجَّن َة إِل َمنْ كَانَ هُودًا َأوْ نَصَارَى
تِ ْلكَ أَمَانِّيهُ ْم ُقلْ هَاتُوا ُبرْهَاَن ُكمْ إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ " [ البقرة . ] 111
-2هؤلء اليهود هم الذين قتلوا أنبياء ال وسبوهم وشتموهم وقالوا عن عيسى عليه السلم
ف تلمودهم :إنه ابن زنا وإن أمه حلت به خلل فترة اليض وأنه مشعوذ ومضلل وأحق
وغشاش بن إسرائيل وأنّه صلب ومات ودفن ف جهنم وأنه يعذّب فيها ف أتون ماء منت
ض ِهمْ مِيثَا َقهُمْ
يغلي ،وقد قال ال تعال ف فريتهم على السيح عليه السلم وأمه " :فَبِمَا َنقْ ِ
ف َبلْ طََب َع اللّهُ عَ َل ْيهَا ِبكُ ْف ِرهِمْ
ت ال ّلهِ َوقَتْ ِل ِهمُ الَنْبِيَا َء ِبغَ ْيرِ حَ ّق َوقَ ْوِلهِ ْم قُلُوبُنَا غُلْ ٌ
وَ ُك ْفرِ ِه ْم بِآيَا ِ
ل * َوبِ ُك ْفرِ ِه ْم َوقَ ْوِلهِمْ عَلَى َمرَْي َم ُبهْتَانًا عَظِيمًا * َو َقوِْل ِهمْ ِإنّا قَتَلْنَا الْ َمسِيحَ
فَل ُي ْؤمِنُونَ إِل قَلِي ً
عِيسَى اْبنَ َم ْريَمَ َرسُو َل اللّ ِه َومَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُو ُه وََل ِكنْ شُّبهَ لَ ُه ْم وَإِ ّن اّلذِينَ اخْتَ َلفُوا فِي ِه لَفِي
ع ال ّظ ّن وَمَا قَتَلُوهُ َيقِينًا " [ النساء . ] 157 – 155
َشكّ مِ ْن ُه مَا َل ُهمْ ِب ِه ِمنْ عِ ْلمٍ إِل اتّبَا َ
-3وهم الذين قالوا ف تلمودهم ف عداوة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم :حيث أن السيح
كذاب وحيث أن ممدا اعترف به والعترف بالكذاب كذاب مثله ،يب أن نقاتل الكذاب
الثان كما قاتلنا الكذاب الول .
( لبقية أقوالم ف التلمود ينظر :فضائح التلمود :آي براناتيس ص 57 :وما بعدها وكتاب
دفائن النفس اليهودية :ممد الزعب )
144
وهاهم اليوم يقولون إن ال ندم على خلق الفلسطينيي ،ويلفّون رأس خنير ف أوراق مصحف
مكتوب عليها " ممد " للقائها ف السجد القصى إغاظة للمسلمي ،ورسوا خنيرا على
جدار وكتبوا عليه اسم نبينا ووقّعوا تت ذلك بنجمة داود .
فعداوتنا لم إذا عداوة عقدية وليست سياسية ،إننا ل نبغضهم فقط لنم متلي بل لمر قبل
ذلك هو أكب بكثي كما تقدّم ،ث نن نبغضهم أيضا لرائمهم ف حقّ بيت ال السجد القصى
وقيامهم بإحراقه وماولت هدمه وحفر النفاق الكثية تته ث قتلهم إخواننا واستعمال
السلحة الفتاكة الت تفر رصاصاتا ف رؤوس السلمي ث تنفجر داخلها :
10شظايا وجدت ف دماغ طفل مسلم ،ورصاص يُطلق من أسلحة كاتة للصوت حت ل
ينتبه السلمون أ ّن أحدا من إخوانم سقط جريا فيسارعون إل إسعافه ،وصواريخ تنفجر ف
أجساد السلمي العزّل حت ل تعرف عائلة أحدهم ملمه ول يستطيعون التعرّف عليه ،
وغازات سامة يُزعم أنا لتفريق الظاهرات وهي ف القيقة تصيب بالختناق القاتل ،وإطلق
الرصاص على سيارات السعاف ،وقتلوا بعض رجال السعاف ،وجرحوا آخرين ،ومنعوا
سيارة تق ّل امرأة مسلمة على وشك الوضع من إكمال طريقها إل الستشفى حت وضعت
جنينها ف السيارة ،وأطلقوا رصاص 500و ، 800ورصاص الدمدم ففجّروا رؤوس الضحايا
السلمي :مائة وستون قتيل وخسة آلف جريح ومئات العوقي وأصحاب العاهات الذين
باتوا ل يستطيعون النفاق على أسرهم .ومواد كيماوية ف خزانات مياه الشرب ف فلسطي
لتعقيم النساء السلمات وإصابتهن بعدم القدرة على الناب وتغيي الناهج الدراسية للمسلمي
ف فلسطي حذفا وإضافة با يوافق أهواءهم [ .النجد ] .
ث يأت بعد ذلك من يقول بالسلم مع ألد أعداء ال تعال ،وخنازير الناس وقردتم ،ودنسة
بيوت ال عز وجل ،وخُراب الرض ،وأصحاب الدمار الشامل على مستوى البشرية ،
وخونة العهود ،ونقضة الواثيق ،وسفكة الدماء ،وقتلة النبياء ،فأي سلم معهم ،وأي أمن
يرجى منهم ،إنم ل حل لم إل السيف والقتال ،فهم أجب من أن يوضوا حربا مع
السلمي ،أل يقل ال تعال " :لنتم أشد رهبة ف صدورهم من ال ذلك بأنم قوم ل يفقهون *
ل يقاتلونكم جيعا إل ف قرىً مصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تسبهم جيعا
وقلوبم شت ذلك بأنم قوم ل يعقلون " [ الشر . ] 14 ، 13
145
السابع والربعون :
نفي الدينة لشرارها وخرابا َ ،ع ْن أَب هُ َرْي َرةَ رضي ال عنه قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه
ت ،لَا َي ْغشَاهَا ِإلّا اْل َعوَافِي ُيرِيدُ َعوَافِيَ
عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َيقُو ُل " :يَ ْترُكُونَ الْ َمدِيَنةَ عَلَى خَ ْي ِر مَا كَانَ ْ
خرُجُ رَاعِيَا ِن ِم ْن ُمزَيَْن َة ُيرِيدَانِ الْ َمدِيَنةَ ،يَ ْن ِعقَا ِن ِبغَنَ ِمهِمَا ـ يصيحان با ـ
ع وَالطّ ْي ِر ثُ ّم يَ ْ
السّبَا ِ
ع َخرّا عَلَى ُوجُو ِههِمَا " [ أخرجه
جدَاِنهَا َوحْشًا ـ ف أرض خالية ـ حَتّى ِإذَا بَ َلغَا ثَنِّيةَ اْل َودَا ِ
فَيَ ِ
البخاري ] .
سيأت زمان تكثر فيه الفتوحات ويعم الرخاء معظم أرجاء العمورة ،ويقدر ال تعال أن يبقى ف
مدينة رسول ال صلى ال عليه وسلم شدة وقحط وخوف ،وذلك ابتل ًء وامتحانا ،فيتسابق
ضعاف اليان ،وأصحاب الشر والترف إل أماكن الرخاء حيث الفتوحات ،ول يبقى ف
الدينة إل التقياء والصالون الصابرون ،الوقنون بوعد ال عز وجل ،ويكون ذلك إيذانا
بقرب وقوع الساعة .
وقد خرج عدد كبي من الصحابة من الرعيل الول من الدينة واستقر بعضهم ف الشام ،
وبعضهم ف العراق ،وبعضهم ف مصر ،وغيها من البلدان ،ول يكن خروجهم طلبا للدنيا ،
بل كان الي وفيا ف الدينة أيام عز السلم ورفعة ذروة سنامه ،ولكن دفعهم طلب العلم
تعلما وتعليما إل الترحال من مكان إل آخر حت استقر ببعضهم القام ف تلك البلدان ومنهم
من مات با كما هو الثابت ف السي عنهم رضي ال عنهم أجعي .
أما ما يكون من خروج الناس من الدينة النبوية ف آخر الزمان ،فهو القصود من الحاديث
الدالة على قرب وقوع الساعة ،ول يرج منها آنذاك إل شرارها وحثالتها ،ومن ل دين لم
ول عقيدة ،ولقد حث النب صلى ال عليه وسلم على سكن الدينة ،ورغب ف ذلك ،وأخب
أنه ل يرج منها أحد رغبة عنها إل أخلف ال فيها من هو خي منه ،وأخب عليه الصلة
والسلم أن من علمات الساعة نفي الدينة لبثها ،وهم شرار الناس َ ،ع ْن َأبِي ُهرَْي َر َة ،أَنّ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :يَ ْأتِي َعلَى النّاسِ َزمَا ٌن َ ،يدْعُو الرّ ُج ُل ابْنَ َع ّمهِ َو َقرِيبَهُ
هَ ُل ّم إِلَى ال ّرخَا ِء ،هَ ُل ّم ِإلَى ال ّرخَا ِء ،وَالْ َمدِيَن ُة خَ ْيرٌ َل ُهمْ َلوْ كَانُوا يَعْلَمُو َن ،وَالّذِي َنفْسِي بَِي ِد ِه لَا
خرِجُ
ف ال ّلهُ فِيهَا خَيْرًا مِ ْنهُ َ ،ألَا إِ ّن الْ َمدِينَةَ كَاْلكِيِ ،تُ ْ
ج مِ ْن ُهمْ أَ َحدٌ رَغَْبةً عَ ْنهَا ِ ،إلّا أَخْلَ َ
خرُ ُ
يَ ْ
146
حدِيدِ "
ث الْ َ
ي خَبَ َ
ث ،لَا َتقُو ُم السّا َعةُ حَتّى تَ ْن ِفيَ الْ َمدِيَنةُ ِشرَارَهَا ،كَمَا يَ ْنفِي الْكِ ُ
الْخَبِي َ
[ أخرجه مسلم وأحد ] .
و َع ْن ُسفْيَا َن ْب ِن أَبِي ُزهَ ْيرٍ َرضِي اللّه عَنْه أَّن ُه قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
حمّلُونَ
َيقُو ُل ُ " :تفْتَحُ الْيَ َم ُن فََي ْأتِي َقوْ ٌم يُِبسّو َن ـ يزينون للناس الروج من الدينة ـ فَيَتَ َ
شأْ ُم فََي ْأتِي َقوْمٌ يُِبسّونَ
ِبَأهْلِ ِه ْم وَ َم ْن أَطَا َع ُهمْ وَالْ َمدِيَن ُة خَ ْيرٌ َل ُهمْ َلوْ كَانُوا يَعْلَمُو َن َ ،وُتفْتَحُ ال ّ
ق فََي ْأتِي َقوْمٌ
ح اْل ِعرَا ُ
فَيََتحَمّلُو َن ِبأَهْلِي ِهمْ َو َمنْ َأطَا َعهُ ْم وَالْ َمدِيَنةُ خَ ْي ٌر َلهُ ْم َلوْ كَانُوا َيعْلَمُو َن َ ،وتُفْتَ ُ
يُِبسّو َن فَيَتَحَمّلُو َن ِبَأهْلِيهِ ْم َومَ ْن أَطَا َع ُهمْ وَالْ َمدِينَ ُة خَ ْيرٌ َل ُهمْ َلوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [ متفق عليه ] .
وهناك خلف بي العلماء ف الزمن الذي تنفي فيه الدينة شرارها :
فقال بعضهم :أنه ف زمن النب صلى ال عليه وسلم ،فإنه كان ل يصب على الجرة والقام
معه ،إل من ثبت إيانه ،وأما النافقون وجهلة العراب ،ومن آمن بلسانه ول يؤمن بقلبه ،
فل يصبون على شدة الدينة ول يتسبون أجرهم ف ذلك ،أولئك شرار الناس وخبثاؤهم ،
كما جرى للعراب الذي بايع النب صلى ال عليه وسلم على السلم والجرة إل الدينة ،فلما
أصابته المى أراد أن يرج من السلم ويترك الدينة فأب عليه النب صلى ال عليه وسلم ،
وهذا نص الديث َ :ع ْن جَاِبرٍ رَضِي اللّه عَنْه :جَاءَ أَ ْعرَاِبيّ إل النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
حمُومًا َ ،فقَالَ َ :أقِلْنِي َ ،فَأبَى ـ ثَلَاثَ ِمرَارٍ ـ َفقَالَ " :
فَبَاَيعَهُ عَلَى الِْإسْلَامِ ،فَجَا َء ِمنَ اْل َغدِ مَ ْ
الْ َمدِينَةُ كَاْلكِيِ تَ ْنفِي خَبََثهَا وَيَنْصَعُ طَيُّبهَا " [ أخرجه البخاري ] ،وف رواية لسلم َعنْ جَاِبرِ ْبنِ
ك بِالْ َمدِيَنةِ ،
عَ ْبدِ ال ّلهِ أَنّ أَ ْعرَابِيّا بَايَعَ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ َ ،فأَصَابَ اْلأَ ْعرَاِبيّ وَ ْع ٌ
ح ّمدُ أَقِلْنِي بَ ْيعَتِي َ ،فأَبَى َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
َفَأتَى النّبِيّ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َفقَا َل :يَا مُ َ
خرَجَ
َوسَ ّلمَ ُ ،ث ّم جَا َء ُه َفقَا َل َ :أقِلْنِي بَ ْيعَتِي َ ،فَأبَى ُ ،ثمّ جَا َء ُه َ ،فقَالَ َ :أقِلْنِي بَيْعَتِي َ ،فأَبَى ،فَ َ
ي تَ ْنفِي خَبََثهَا َويَنْصَعُ
اْلأَ ْعرَاِبيّ َ ،فقَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ ِ " :إنّمَا الْ َمدِيَنةُ كَاْلكِ ِ
طَيُّبهَا " [ أخرجه مسلم ] .
فأراد العراب أن يستقيل بيعته ،فأب النب صلى ال عليه وسلم أن يفعل ذلك ،ول زال يكرر
ذلك الطلب ويلح فيه على رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وف كل مرة يأب عليه النب صلى
ال عليه ،لن من دخل السلم ل يوز له أن يرج منه إل الكفر ،ومن فعل ذلك وجب قتله
مرتدا ،وكذلك ل يوز لن هاجر إل بلد السلم أن يرج منها إل بلد الكفر ،وهذا
147
العراب قد بايع النب صلى ال عليه وسلم على القام معه ف الدينة ،ول يوز للمهاجر أن
يترك هجرته ويرفض بيعته ،وقد ارتد أعراب بعد هجرته كما ف حديث مسلم حيث خرج
العراب من الدينة تاركا هجرته ،وخالعا بيعته ،وخارجا من دينه والعياذ بال .
وقيل أن قصة العراب بعد الفتح وسقوط الجرة ،وإنا استقال ذلك العراب من السلم ،
ولذا ل يُقله النب صلى ال عليه وسلم ،وف قصة خروج العراب من الدينة بدون إذن من
النب صلى ال عليه وسلم دليل على ضعف الدين ،وقلة اليان ،وخبث طوية الرجل .
إذن القول الول :أن زمن نفي الدينة لشرارها ف عهد النب صلى ال عليه وسلم ،وقد
استبعد النووي هذا القول ،وهذا القول هو القول القاضي عياض رحه ال .
وقال بعض العلماء :أن زمن نفي الدينة لشرارها زمن الدجال ،وهو قول النووي رحه ال ،
س ْب ُن مَاِلكٍ قال
حيث قال " :يكون ذلك زمن الدجال كما جاء ف الديث الصحيح َ ،عنْ أَنَ ُ
:قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :لَيْسَ مِ ْن بَ َلدٍ إِلّا سَيَطَ ُؤ ُه ال ّدجّا ُل ِ ،إلّا مَ ّكةَ
خةِ فََت ْرجُفُ
ح ُر ُسهَا ،فَيَ ْن ِزلُ بِالسّبْ َ
ي تَ ْ
ب ِمنْ َأْنقَاِبهَا ِإلّا عَلَ ْيهِ الْمَلَاِئكَةُ صَافّ َ
س َنقْ ٌ
وَالْ َمدِيَن َة ،وَلَيْ َ
ج ِإلَيْ ِه مِ ْنهَا ُكلّ كَا ِفرٍ وَمُنَا ِفقٍ " [ متفق عليه واللفظ لسلم ] ،
خرُ ُ
ت يَ ْ
الْ َمدِينَ ُة ثَلَاثَ َر َجفَا ٍ
فيحتمل أنه متص بزمن الدجال ،ويتمل أنه ف أزمان متفرقة وال أعلم " .
وقد ذهب الافظ ابن حجر رحه ال إل احتمال القولي .
أما بي ذلك من الزمان فل ،وكذلك من خرج لاجة أو تارة أو جهاد أو نو ذلك ،فليس
بداخل ف الديث السابق .
[ إكمال العلم ، 500 / 4فتح الباري ، 125 ، 117 / 4شرح النووي . ] 156 / 9
ويكون خروج الناس من الدينة بالكلية ف آخر الزمان ،قرب قيام الساعة ،ويشهد لذلك ما
جاء عن َأبَي ُهرَْي َرةَ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ :سَ ِمعْتُ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َيقُولُ " :
ع وَالطّ ْي ِر وَآخِ ُر َمنْ
ت لَا يَ ْغشَاهَا ِإلّا الْ َعوَافِ ُيرِيدُ َعوَا ِفيَ السّبَا ِ
يَ ْترُكُو َن الْ َمدِيَنةَ عَلَى خَيْ ِر مَا كَانَ ْ
جدَاِنهَا َو ْحشًا حَتّى ِإذَا بَ َلغَا ثَنِّيةَ
شرُ رَاعِيَا ِن ِم ْن ُمزَيَْنةَ يُرِيدَا ِن الْ َمدِينَ َة يَ ْن ِعقَا ِن ِبغَنَ ِمهِمَا فَيَ ِ
حَيُ ْ
ع َخرّا عَلَى ُوجُو ِههِمَا " [ متفق عليه ] ،فالدينة ستخرب ول يبقى با إل عواف الطي
اْلوَدَا ِ
والسباع ،ول يكون ذلك إل ف آخر الزمان ،فستبقى الدينة عامرة بساكنيها أيام الدجال ،
وأيام عيسى بن مري عليه السلم حت يوت با ،ويدفن أيضا فيها ،ث بعد ذلك يرج منها
148
أهلها نائيا ،خروجا ل رجعة معه ،وذلك عند خروج النار الت تشر الناس على مشرهم ،
وأرض الحشر هي الشام ،وف ذاك الزمن تصبح الدينة غي ممية ول متنعة ،فتنتابا السباع
والوحوش والطي ،للوها من الساكني ،وسيأت مزيد بث عن النار الت تشر الناس إل
مشرهم ف أشراط الساعة الكبى بإذن ال تعال .
وعموما فخروج الناس من الدينة بالكلية هو آخر علمات الساعة ،والت ل يبقى بعدها إل
قيام الساعة والشر إل أرض الحشر بالشام .
149
وإن التأمل بعي الق والبصية ليى مصداقية هذا الديث ،فهو علم من أعلم النبوة الحمدية
،حيث تقق هذا الب ،وأصبح ف دنيا الواقع من المور الظاهرة ،وذلك أن رأس الكفر
العالي ،وحاملة لواء الرهاب والعنف ،أمريكا فرضت الصار على الشعب العراقي السلم
البيء ،ول غرابة ف ذلك فأمريكا تعشق الظلم والبغي والعدوان ،وقد شل ظلمها كل نوع
وجنس وهوية وملة ،فعلى أمريكا تدور رحى المجية والتطرف ،وهي حاملة كأس الوت ،
وهي السابقة ف كل اليادين الجرامية ،وهي رائدة الكب والطغيان والتمرد والجرام ،
فأمريكا ل ترعى لشيخ حرمة ،ول لطفل رحة ،ول لرآة عاطفة .
كم قتلت أمريكا ف العراق .
وكم قتلت ف فلسطي .
وكم قتلت ف أفغانستان .
وكم قتلت ف حرب فيتنام .
وكم قتلت ف اليابان .
وكم قتلت ....وكم دمرت ....وكم أجرمت ...؟ !!
تعجز القلم عن تسويدها ،ول يسع الصحف عرضها ،ول تستطيع الذاكرة استيعابا .
أمريكا عدوة النسانية ،ليس السلمي فحسب بل من كل ملة ،اسألوا أفريقيا السوداء
واليابان ،واسألوا أمريكا النوبية ،الذين يزرون بعشرات الليي ،أرقام خيالية ،وأعداد
رنانة ،ووفيات فوق حسابات البشر " ،قَاتَ َلهُ ْم اللّ ُه َأنّى ُيؤْ َفكُونَ " [ التوبة . ] 30
وطريقة القتل عندهم طريقة وحشية وليست إنسانية ،فهم يصبون وابلً من الطنان على
البرياء وكأنم يصبون على جبال صماء ،وصدق ال حيث يقول ِ " :إّن ُهمْ إِ ْن يَ ْظ َهرُوا عَلَ ْي ُكمْ
َي ْرجُمُوكُ ْم " [ الكهف . ] 20
ق دِ ْرهَ َمهَا
ت اْل ِعرَا ُ
َعنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ " :إذا مَنَعَ ِ
ص ُر إِ ْردَّبهَا َودِينَارَهَا ،وَ ُعدُْت ْم ِمنْ حَيْثُ
ت مِ ْ
شأْ ُم ُم ْديَهَا وَدِينَا َرهَا َ ،ومَنَعَ ْ
ت ال ّ
َو َقفِيزَهَا َ ،ومََنعَ ِ
ح ُم َأبِي ُه َريْ َرةَ
ث َبدَْأُتمْ " َ ،ش ِهدَ عَلَى َذِلكَ لَ ْ
ث َب َدأُْتمْ ،وَ ُع ْدُتمْ ِم ْن حَيْ ُ
َب َدأُْت ْم ،وَ ُعدُْت ْم ِمنْ حَيْ ُ
َو َدمُ ُه " [ أخرجه مسلم وغيه ] .
فالديثي يدلن على معنيي :
150
الول :إسلم تلد البلدان وبالتال تنع الزية الت كانت تؤديها ،وقد حصل ذلك فعلً .
الثان :وقيل لن أهل تلك البلد يرتدون ف آخر الزمان ،فيمنعون ما لزمهم من الزكاة ،
ولكن ياب عن ذلك ،بان منع الزكاة واقع اليوم ف جيع دول السلم بل استثناء ،ول أقول
من كل الغنياء أو من وجبت عليهم الزكاة ،كل ،ولكن هناك فئة كثية من السلمي من
وجبت عليهم زكاة أموالم ،ومع ذلك ل يؤدوها ،فغضب ال عليهم ،فمنع البلد من القطر
والي والرحة ،وهذا أمر مشاهد وملموس اليوم ،فكم هي الراضي الدباء ،ولول البهائم
والزرع لا مُطرت الرض ،ولكنها رحة أرحم الراحي .
ثالثا :أن الكفار الذين عليهم الزية ،تقوى شوكتهم فل يؤدون الزكاة .
الرابع :أن العجم والروم يستولون على بلد السلمي ،ويتمتعون بياتا ،وينعون ذلك عن
السلمي ،ويكون ذلك ف آخر الزمان ،والناظر اليوم ف مريات الحداث على الساحة
العالية والسلمية بشكل خاص يرى وقوع ما أخب به النب صلى ال عليه وسلم ،فأمريكا
وغيها من دول التحالف قد سيطرت تاما على بعض الدول السلمية ،وأحكمت عليها
قبضتها ،وتكنت من المساك بزمام أمورها ،وبالتال منعت السلمون من الستمتاع بيات
أراضيهم الت حباهم ال با ،ول أدل على ذلك من الواقع ف العراق اليوم ،ففي مرم من عام
1424هـ ،تكنت القوات المريكية بيانة من الشيعة وغيهم من الستيلء على العراق
شعبا وأرضا ول حول ول قوة إل بال ،وبالتال تكنت من الستيلء على بترولا ،وثرواتا
القتصادية والزراعية والتجارية ،وأسلحتها القتالية ،ومنعت ذلك عن السلمي .ولعل هذا
القول هو القول الصواب ف تفسي ما جاء ف الديثي السابقي .لن مريات الحداث تؤيده
وتدل عليه [ .شرح النووي على مسلم . ] 229 / 18
وقد حدث هذا الصار القتصادي قديا على العراق والشام أيام السيطرة البيطانية على بلد
السلمي ،فحاصرت العراق والشام ومنعت عن هذين البلدين السلمي الال والغذاء إل أن
انلت تلك الحنة ول المد والنة .
وهاهو التأريخ يعيد نفسه ،ونرى الحداث قد عادت لتجد ظلم الغرب الكافر ،وتدد أحزان
السلمي ،وجراحهم الت ل تلتئم بعد ،فهاهو الصار المريكي بتغطية من ملس المن الدول
للعراق السلمة وشعبها الب ،يتجدد بجة واهية أضعف من بيت العنكبوت ،فوقع ضحية
151
ذلك الصار الظال الذي ل يقره عاقل على مستوى العال بأسره ،بل إن هناك الكثي من
الضباط وكبار السؤولي من دول عظمى قدموا استقالتم لذلك العدوان الصارخ ضد البرياء
من السلمي ف العراق وخصوصا الطفال والرضع والشيوخ وكبار السن والنساء ،الذين
يوتون كل يوم بسبب الفقر والوع ونقص الغذاء والدواء .
يقول هوج ستيفتر من معهد الدراسات الستقلة ،عن حصار العراق ،هو أكثر الرائم ،
وحشية ف القرن العشرين ،وتقول منظمة المم التحدة للغذاء والزراعة – برنامج الغذاء
العالي – ف التحذير الاص رقم 237ف يوليو 1993م ،إنه بلد اقتصاده مدمر ،بسبب
استمرار العقوبات الت شلت فعليا القتصاد كله ،وأدت إل عوز مستمر وجوع مزمن ،
ونقص ف التغذية ،وبطالة متفشية ،ومعاناة واسعة النتشار ....ويتناول عدد كبي من
العراقيي حاليا كمية من الغذاء تقل عما يتناوله السكان ف القطار الفريقية الت تل با
الكوارث) .
وقد قتل أكثر من مليون طفل عراقي ،بسبب قصف الطائرات المريكية للعراق وحصارها
الظال له خلل أكثر من عشر سنوات ،وأصيب اللف من الطفال الرضع ف العراق بالعمى
لقلة النسولي ،وهبط عمر العراقيي 20سنة للرجال و 11سنة للنساء ،بسبب الصار
والقصف المريكي ،وأكثر من نصف مليون حالة وفاة بالقتل الشعاعي وأوضح بيان لوزارة
الصحة العراقية أن مموع الذين توفوا من الصغار والكبار بسبب الصار الفروض على العراق
منذ مرم – 1411هـ وحت صفر – 1422هـ بلغ مليونا و 489,959شخصا ،كما
أعلنت وزارت الصحة العراقية أن أكثر من 184ألف عراقي توفوا عام 1421هـ بسبب
انعكاسات الظر الفروض على العراق ،وأن من بينهم أكثر من 84ألف طفل دون سن
الامسة ،كما أشار البيان الذكور إل أن عدد العراقيي الذين توفوا منذ فرض الظر ف
أغسطس 1990م ،وحت ناية عام 2001م بلغ مليونا 639,629شخصا ،بينهم
ل دون سن الامسة ،وف نفس الوقت فأمريكا مستفيدة اقتصاديا من هذا
674,780طف ً
الصار ،فقد أكد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي أن الوليات التحدة ربت جراء
الصار على العراق واستمراره 300مليار دولر ،بينما خسرت روسيا حوال 70مليار
دولر ،وتركيا 35مليار.
152
وقد رفع أحد الحامي النصارى المريكيي دعوى على الرئيس المريكي جورج بوش – الب
– يطالب فيها بحاكمته على أنه مرم حرب ،بسبب ما أحدثه ف العراق من قتل وتدمي !!! .
وقتل اللف من الشيوخ والنساء والطفال الفلسطينيي بالسلح المريكي .
وأخيا ت النقضاض على الفريسة الرية الثخنة براحاتا جراء حصار دام أكثر من عشر
سنوات متواصلة ،فتمت السيطرة على العراق السلم .
يقول أحد الباء حول حرب العراق الخية :
إن السبب الذي تتستر وراءه أمريكا من زعمها إزالة صدام يتلط بالصال المريكية الحضة
الادفة إل فرض هيمنتها وسيطرتا العسكرية والمنية والسياسية والثقافية والقتصادية على
النطقة كلها تبعا لططها الستراتيجية الت حددت مفهومها للنظام العالي الديد والعولة ذات
القطب الواحد ومن التأمل البسيط للهداف المريكية يعل الدف القيقي من الرب
مفضوحا فإن إزالة الرئيس العراقي ل تستدعي حربا ول يبق عنده شيء من سلح دمار شامل
وإنا هو النفط الذي يغري فان دراسات الباء تشي أن الحتياطي النفطي العراقي هو اكب
احتياطي ف العال خلفا لا يعلن من أن احتياطي أرامكوا هو الكب وكادت فرنسا والانيا أن
تصل على امتياز حقل منون العملق ف أواخر الثمانينات ففوتت أمريكا الفرصة عند اقتحام
صدام للكويت ث النقضاض عليه وبدلت حرب الليج الثانية جيع الوارط والتراتيب القدية
وفرضت أمريكا نفسها عاليا كقطب أوحد ل معارض له وأرخصت أسعار النفط با يفظ
مصال ميزانيتها حت قال بعض خباء النفط العرب إن ما فقدته البلد العربية عب الثمن النازل
عن القدار الواجب اللئق يقدر بأكثر من ألف وخسمائة مليار دولر خلل هذه السنوات
الخية بعد ترير الكويت ،ث هاهي أمريكا تندفع اليوم لكمال سيطرتا على نفط العال بعامة
ونفط العراق والليج باصة وتعل ذلك ركنا ف خطتها الستراتيجية القدمة إل الرئيس بوش
البن قبل انتخابه بستة أشهر إذ إن العال بعد سبع سنوات من الن سيستورد من العراق فقط
ربع كمية الستهلك اليومي ومن الليج نصف الكمية فإذا أخذنا ف العتبار أن نفط إيران
معن من قبل أمريكا أيضا ونفط الزائر وليبيا والسودان فإن اعتماد العال ف الستقبل سيكون
بصورة تامة على النفط العرب إل قليل من السرار الت ل يعلمها إل قليل من الناس .
153
إن أمريكا قد اكتشفت من قبل أن السودان كله يطفو فوق بية من النفط لكنها ل تستخرجه
وتركته ليكون الحتياطي الرئيسي إذا اضطربت أحوال الليج وأغلقت قناة السويس وف
خطتها أن تستخرجه وتبن أنبوبا يوصله إل سواحل غرب إفريقيا ليشحن إليها برية عب
الحيط بعيدا عن الضايق فجاءت حكومة النقاذ السلمي ف السودان وتدت الدارة
المريكية واستخرجته قبل أوانه الذي حددته الستراتيجية المريكية ومن ث كان الغضب
المريكي على السودان وبعد إناز حربا واحتلل العراق سيكون أول بلد تصب عليه غضبها
هو السودان لوقف عمليات الستخراج والحتفاظ بنفط السودان كاحتياطي مستقبلي فقط
يوفر لا الطاقة .
كذلك تشي دراسات الباء إل أن أمريكا ل تريد احتكار نفط العراق فحسب بل واستخدامه
كسلح سياسي فاعل ليس تاه دول العال الثالث فقط بل وتاه دول أوروبا الكبى أيضا
برمانا من شرائه إذا كانت تشاكس أمريكا وتتمرد وهذا هو بعض سر الوقف الفرنسي اللان
الرافض للحرب ،ث تؤكد الخبار أن أقطاب الدارة المريكية :بوش ومن قبله أبيه وجده
وديك تشين ،ورامسفيلد ،وكونداليزا رايس ،كلهم لم شركات نفطية ستذهب لا بعض
حصص نفط العراق ،والليج ،وافصح سقوط الطائرة الغاثية ف باكستان قبل أيام عن عمل
خفي لوضع هندسة مرور أنابيب النفط والغاز من أسيا الوسطى عب أفغانستان وصو ًل إل
الليج ما يعتب الدف الرئيسي من غزو أمريكا لفغانستان واستترت من اجله بستار مكافحة
الرهاب ث عادت تولول وتطبق خططها الستعمارية تت غطاء مقاومة الرهاب وحري أن
ننظر إل ما ف ثنايا قصة الطائرة من امتلك جعية إغاثية غربية لا فقد اصبح جزءا من العمليات
الستخبارية التجسسية يطبق ف بلدنا تت مظلة الغاثة كالذي كان ويكون من إغاثة حركة
ترد جنوب السودان باسم الغاثة النسانية وتوزيع السلح هناك بطائرات الغاثة .
وقد صرح بوش بأن آبار النفط العراقي ستكون وديعة عند أمريكا لساب الشعب العراقي
فأعاد إل ذاكرتنا مثل إيداع الشاة لدى الذئب ،والشحم لدى القط .
وف القصص أن السد استعان بالذئب والثعلب ف يوم صيد فصادوا جلً وغزالً وأرنبا
فضحك الثعلب وقال بفضول :قد جاءت النسبة قدرية واضحة التناسب فالمل لولنا اللك ،
والغزال للذئب ،والرنب ل ،فلطمه السد وأسال دمه على وجهه والتفت إل الذئب
154
يستشيه ،فقال الذئب :بل المل تأكله الن أيها اللك وأحب لك أن تتلهى عصرا بي
الوقتي بالرنب ث يكون عشاؤك الغزال فإنه أخف على العدة عند النوم فابتسم السد وقال
هذه هي الكمة بعينها من أين تعلمتها ؟ قال :رأيتها ف الكتاب الذي كتب بالداد الحر يعن
وجه الثعلب الدامي .
فوديعتنا لدى اللك لن تقسم إل كذلك ودروس أمريكا لشعوب الرض هي الكتاب البليغ
الفصيح الحر ،وستسيطر على العراقيي أحزان والم نتيجة سعة التدمي وكثرة القتلى
وجريان الدماء ،والمريكي النتصر سيتصرف بزهو وخيلء وتكب ،ويتبجح علنية وستدون
مكتبة واسعة من كتب سطرت بالداد الحر التهديدي لكل البشرية وليس كتابا واحدا .
وهذه بريطانيا حاربت ف «فوكلند» قبل عشرين سنة تت شعار تصدير الديقراطية إل
الرجنتي ،وهي الن تستنبط النفط من تلك الزيرة النائية الت عجب السذج من اهتمام
بريطانيا با ذلك اليوم ،وصار الثل الفوكلندي واضحا ف قيادة حروب النفط بشعارات
التباكي على الديقراطية .
لكن التأمل يدلنا على أن هذه الهداف النفطية والسياسية الت تريد أمريكا الوصول إليها عب
الرب تعتب ثانوية بالنسبة إل الدف الرئيس الهم التمثل ف ماولة تطيم العراق وجيشه
وتدمي البنية الصحية والنفسية العنوية للشعب العراقي بيث يعجز عن دخول حرب مع
إسرائيل فأمريكا تقوم بذه الهمة نيابة عن إسرائيل إذ اليهود يدون ف التلمود أن خراب
دولتهم الثانية هذه سيكون على أياد جند أول باس شديد يرجون من أرض بابل كما خرج
بتنصر الذي خرب دولتهم الول قبل آلف السني وساقهم أسرى وإنا صممت أمريكا
مواصلة حصار العراق وامتداد وقته بيث تصل سوء تغذية ف عموم الشعب طويلة المد
تؤدي إل وهن عام ،وإحداث طفرة وراثية تنتج الرض النغول وأنواع العاقة والتخلف إل
درجة يضمر معها الذكاء وعموم مستلزمات الداء الرب لشعب العراق وتصل حالة انكفاء
عام واهتمام باللم فينام اليهود عندئذ بأمان ولكن ال سلم وشاءت حكمته أن يكون التمر
الكثي ف العراق أفضل غذاء غن بأنواع العادن والفيتامينات فاند أهل العراق وأنقذهم رب
العزة واللل ،وفشل الصار ف تقيق هدفه وصار تطيم هذا الشعب السور من مهمات
الرب الستعمارية المريكية الديدة بيث صممت لنشر الوت الذريع ف هذا الشعب الب
155
أو العاقة الدائمة عب استعمال آلف الصواريخ والقنابل الذكية الليزرية وقنابل أخرى تسمى
قنابل الايكروويف تعطل جيع الجهزة اللكترونية وترق جلود الناس وربا استعملت أمريكا
السلحة النووية والقنابل النيوترونية كما صرح رامسفيلد وزير دفاعها لنشر العاقة فيمن تناله
إشعاعاتا ـ وقد ت استخدام جيع السلحة الحرمة الدولية بالفعل ف مطار بغداد وغيه ـ ما
أيد الشكوك ف أن الرب إنا تراد لتحطيم الشعب والبنية الصحية والطاقات الصناعية
والزراعية وحرق النخيل الذي يتحدى التجويع ث تتول خطة افتقار العراق على الدى
الطويل ،وإتام الهمة الشريرة وتول مياه أناره إل إسرائيل فتيبس القول وتول أثان نفطه
إل إطفاء الديون وسداد العقوبات وكلفة الرب فتكون الكارثة الصحية ويصل النيار
العنوي مع العلم أن مدير برنامج الغذاء العالي قد صرح بأن التوقع أن الرب ستصيب ما بي
خسة إل عشرة مليي عراقي بنقص الغذاء وان جعيته ل تستطيع إل مساعدة تسعمائة ألف
فقط .
فأمريكا تسعى جاهدة مع الدول السلمية والعربية إل العتراف الرسي بإسرائيل وعقد
معاهدة على غرار معاهدات السلم الت وقعها السادات وغيه والقبول بالتطبيع السياسي
والقتصادي والجتماعي مع اليهود وبذلك تتوفر حاية دائمة لسرائيل وفق القانون الدول
وأنظمة المم التحدة وحلف الناتو تنع العراق من شن حرب ف الستقبل على إسرائيل أو
إلاق أي نوع من الذى با مهما صغر ،وذلك يعن تعطيل فريضة الهاد ويتضمن هذا الال
نزع الوية السلمية للشعب العراقي عب الناهج الدراسية والتلقي العلمي الكثيف وغرس
تربية غربية بديلة أمريكية الناط والذواق وفض هزية معنوية وفرض شعور يأس واستسلم
للعدو ،والدير بالذكر أن رسائل كونداليزا رايس مستشارة المن القومي المريكي إل أقطاب
العارضة العراقية اشترطت عليهم صراحة وجوب العتراف بإسرائيل وقبلت العارضة ذلك .
وهذا ما حصل فعلً ف اجتماع شرم الشيخ الذي عقد ف جهورية مصر العربية ،عندما كانت
طلبات الدولة المريكية العتراف بإسرائيل كدولة ،ومنحها المن التام والكامل ،وضمان
عدم إزعاجها من قبل جيانا العرب كما يزعمون ،وحقيقة ل يكن لسرائيل أن تنام قريرة
العي مادام القصى قابعا ف قبضتهم ،ولن تنعم دولة صهيون بالقرار حت تنسحب كليا من
دولة فلسطي السلمة الرة الغتصبة بالقوة .
156
وبعد الحداث الثة الت حصلت ف الرياض من تفجيات غي شرعية ،بل مرمة شرعا ،نرى
أمريكا تسعى لتتدخل ف الوضوع والتحقيق فيما جرى ،ث تلقي باللئمة على مناهج التعليم ،
سبحان ال مليي الشباب والرجال قد ترجوا من تلك الدارس الت تدرس تلك الناهج فهل
فكر أحدهم يوما ما أن يقوم بعمل تريب ف بلده ،ل ولن يفكر عاقل حصيف ف مثل تلك
العمال الوجاء الت ل تت للدين بصلة ،بل سارع الميع علماء وطلب علم وعامة الناس
من السلمي إل إنكار ذلك الفعل القبيح ،والعمل الشائن ،ولكن لمريكا بعد سياسي ورؤية
اقتصادية تريد تقيقها من وراء تغيي الناهج التعليمية ف الدول السلمية ،حت تضمن منع
الهاد نائيا وتعطيله إل البد ،ومنح الماية الكاملة لدللتها الدولة العبية الصهيونية ،وبإذن
ال لن يتحقق لا مرادها مادام أبناء اللك الوحد والجاهد البطل عبد العزيز بن عبد الرحن
رحه ال يكمون هذه البلد ،بشريعة ال تعال ،ومكمي فيها سنة النب صلى ال عليه
وسلم ،ول يأخذهم ف ذلك لومة لئم ،لعلمهم أن شعبهم ووطنهم معهم ف الشدة والرخاء ،
فالمد ل على قضائه والشكر له على نعمائه .
فالحاديث تدل على أن الشام ومصر على نو العراق ،فما حصل للعراق ليس ببعيد عن
الشام ومصر ،واليوم نسمع هجمات كلمية شرسة ضد سوريا البلد السلم السال ،وال أعلم
با سيحصل للبلد السلمية ف الزمن القادم .
157
الصحيح ف صحيح مسلم عن منطقة تبوك ،والت بدأنا نشاهد شيئا من خيات أرضها ،ما ل
تكن من قبل .
َعنْ ُمعَاذَ ْب َن جََبلٍ قَالَ َ :خرَجْنَا مَعَ َرسُو ِل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ عَامَ َغ ْز َوةِ تَبُو َك َفكَانَ
ب وَاْل ِعشَاءَ جَمِيعًا ،حَتّى ِإذَا كَا َن َي ْومًا
صرَ جَمِيعًا ،وَالْ َم ْغرِ َ
جمَ ُع الصّلَاةَ ،فَصَلّى ال ّظهْ َر وَاْلعَ ْ
يَ ْ
ج َب ْعدَ َذِلكَ فَصَلّى
صرَ جَمِيعًا ُ ،ثمّ َد َخلَ ُث ّم خَرَ َ
َأ ّخرَ الصّلَاةَ ُ ،ث ّم َخرَجَ فَصَلّى ال ّظهْ َر وَاْلعَ ْ
ب وَاْل ِعشَا َء جَمِيعًا ُ ،ثمّ قَالَ ِ " :إّنكُ ْم سََتأْتُونَ َغدًا إِ ْن شَا َء اللّهُ عَ ْي َن تَبُو َك َ ،وإِّن ُكمْ َلنْ
الْ َم ْغرِ َ
س ِمنْ مَاِئهَا شَيْئًا حَتّى آِت َي " ،فَجِئْنَاهَا
ح َي الّنهَا ُر ،فَ َم ْن جَا َءهَا مِ ْنكُ ْم ،فَلَا يَمَ ّ
َت ْأتُوهَا حَتّى يُضْ ِ
سأََلهُمَا
ض ِبشَيْ ٍء ِم ْن مَاءٍ ـ يعن ماؤها قليل ـ َف َ
َو َقدْ سََبقَنَا ِإلَ ْيهَا َرجُلَا ِن وَاْلعَ ْينُ مِ ْث ُل الشّرَا ِك تَبِ ّ
سسْتُمَا ِم ْن مَاِئهَا شَيْئًا ؟ " قَالَا َ :ن َعمْ َ ،فسَّبهُمَا النّبِيّ
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :هَ ْل َم َ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ ،وَقَالَ َلهُمَا مَا شَا َء اللّ ُه أَ ْن َيقُولَ ،قَالَ ُثمّ َغ َرفُوا ِبأَْيدِي ِه ْم ِمنَ اْلعَ ْينِ قَلِيلًا
سلَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم فِيهِ يَ َدْيهِ َووَ ْج َههُ ُ ،ثمّ
قَلِيلًا حَتّى اجْتَمَ َع فِي شَيْ ٍء ،قَا َل وَ َغ َ
ك يَا
س ُثمّ قَالَ " :يُوشِ ُ
ج َرتِ اْلعَ ْينُ بِمَاءٍ مُ ْنهَ ِمرٍ َ ،أوْ قَالَ َغزِيرٍ حَتّى اسَْتقَى النّا ُ
أَعَا َد ُه فِيهَا فَ َ
ت ِبكَ حَيَاةٌ أَنْ َترَى مَا هَاهُنَا َقدْ مُ ِل َئ جِنَانًا " [ أخرجه مسلم وأحد ومالك
ُمعَا ُذ إِنْ طَالَ ْ
وغيهم ] ،وهانن نرى الن أرض تبوك قد ملئت جنانا ،فالزارع والبساتي والدائق ف كل
مكان ،بل أصبحت تبوك تصدر الكثي من الفواكه والضراوات والزهور والبوب ولوم
الطي واليوان إل بعض البلدان الجاورة ،بسبب الهتمام التزايد من أهال النطقة بالزراعة ،
وحفر البار الرتوازية الت ينبع منها الاء بكثرة ووفرة ،كما اتهت الكومة الرشيدة أيدها
ال بتأييده ،ووفقها بتوفيقه ،إل إنشاء السدود الت تبس الياه ،حت أصبحت وكأنا أنارا
تري لري الراضي الزراعية ف تلك النطقة ،حت أصبحت مروجا ومزارع وخضرة يانعة ،
وهاهي اليوم بعد أن كانت أرضا قاحلة ل حياة فيها ،إذ با خضراء يانعة تزخر بأنواع الزروع
والثمار ،والدواب والطيور ،وتري الياه فيها كأنا أنارا فسبحان ال العظيم القادر على
إحياء الوتى ،وإعمار الرض ،قال تعال " :ومن آياته يريكم البق خوفا وطمعا وينل من
السماء ماءً فيحيي به الرض بعد موتا إن ف ذلك ليات لقوم يعقلون " [ الروم ، ] 24وقال
تعال " :وهو الذي أرسل الرياح بشرا بي يدي رحته وأنزلنا من السماء ماءً طهورا * لنحيي
به بلدة ميتا ونسقيه ما خلقنا أنعاما وأناسيا كثيا " [ الفرقان . ] 49 ، 48
158
غزوة تبوك :
ولنا وقفة مع غزوة تبوك الت كانت فيها معجزة من معجزات النبوة ،حيث أخب فيها النب
صلى ال عليه وسلم ،بأن هذه الرض بعد أن كانت قاحلة ل سكن فيها ول مورد للحياة ،
أصبحت بعد ذلك مدينة عريقة تزدحم بالسكان ،وتكثر فيها موراد العيش ،وتزخر بأنواع
مقومات الياة البشرية واليوانية ،ولنا وقفة قصية مع تلك الغزوة الت كانت ف هذه
النطقة ،فغزوة تبوك كانت ف السنة التاسعة من الجرة النبوية ،وكانت آخر غزوات النب
صلى ال عليه وسلم .
فلما عاد رسول ال أقام بالدينة بعد عوده من الطائف ما بي ذي الجة إل رجب أم أمر الناس
بالتجهز لغزو الروم وأعلم الناس مقصدهم لبعد الطريق وشدة الر وقوة العدو .
وكان سببها أن ال نب بل غه أن هر قل ملك الروم و من عنده من متن صرة العرب قد عزموا على
قصده وحربه فتجهز هو والسلمون وساروا إل الروم وكان الر شديدا والبلد مدبة والناس
ف عسرة وكانت الثمار قد طابت فأحب الناس القام ف ثارهم فتجهزوا على كره فكان ذلك
اليش يسمى جيش العسرة فقال رسول ال للجد بن قيس وكان من رؤساء النافقي هل لك يا
جد العام ف جلد بن الصفر فقال وال لقد عرف قومي حب للنساء وأخشى أن ل أصب على
نساء بن الصفر فإن رأيت أن تأذن ل ول تفتن فقال رسول ال قد أذنت لك فأنزل ال تعال
" :ومنهم من يقول ائذن ل ول تفتن " الية وقال قائل من النافقي ل تنفروا ف الر زهادة ف
الهاد وش كا ف ال ق وإرجا فا بالر سول فنل قوله تعال " :وقالوا ل تنفروا ف ال ر قل نار
جهنم أشد حرا " الية ،ث إن النب تهز وأمر بالنفقة ف سبيل ال وأنفق أهل الغن وانفق أبو
بكر جيع ما بقي عنده من ماله وانفق عثمان نفقة عظيمة ل ينفق أحد أعظم منها قيل كانت
ثلثائة بعي وألف دينار ث إن رجال من السلمي أتوا النب وهم البكاؤون وكانوا سبعة نفر من
الن صار وغي هم وكانوا أ هل حا جة فا ستحملوه فقال ل أ جد ما أحل كم عل يه فتولوا يبكون
فلقي هم يام ي بن عم ي بن ك عب النضري ف سألم ع ما يبكي هم فأعلموه فأع طى أ با ليلى ع بد
الرحن بن كعب وعبد ال بن مغفل الزن بعيا فكانا يعتقبانه مع رسول ال وجاء العذرون من
العراب فاعتذروا إل رسول ال فلم يعذرهم ال وكان عدة من السلمي تلفوا من غي شك
منهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلل بن أمية وأبو خيثمة وكانوا نفر صدق ل يتهمون
159
فــــــــــــــــــ إســــــــــــــــــلمهم
فل ما سار ر سول ال تلف ع نه ع بد ال بن أ ب النا فق في من تب عه من أ هل النفاق وا ستخلف
ر سول ال على الدي نة سباع بن عرف طة وعلى أهله علي بن أ ب طالب فأر جف به النافقون
وقالوا ما استخلفه إل استثقال له فلما سع علي ذلك أخذ سلحه ولق برسول ال فأخبه ما
قال النافقون فقال كذبوا وإنا خلفتك لا ورائي فارجع فاخلفن ف أهلي واهلك أما ترضى يا
علي أن تكون م ن بنلة هارون من مو سى إل أ نه ل نب بعدي فر جع علي إل الدي نة ،ف سار
رسول ال ث إن أبا خيثمة أقام أياما فجاء يوما إل أهله وكانت له امرأتان وقد رشت كل امرأة
منه ما عريش ها وبردت له ماء و صنعت طعا ما فل ما رآه قال يكون ر سول ال ف ال ر والر يح
وأ بو خيث مة ف ال ظل البارد والاء البارد والطعام اله يء والرأة ال سناء ف ماله مق يم ما هذا
بالنصف وال ما أحل عريشا منهما حت ألق برسول ال فهيأ زاده وخرج إل ناضحه فركبه
وطلب رسول ال فأدركه بتبوك فقال الناس يا رسول ال هذا راكب مقبل فقال رسول ال كن
أبـا خيثمـة فقالوا هـو وال أبـو خيثمـة وأتـى رسـول ال فأخـبه ببـه فدعـا له
وكان رسول ال حي مر بالجر وهو بطريقه وهو منل ثود قال لصحابه ل تشربوا من هذا
الاء شيئا ول تتوضأوا منـه ومـا كان مـن عجيـ فألقوه واعلفوه البـل ول تأكلوا منـه شيئا ول
يرج الليلة أ حد إل مع صاحب له فف عل ذلك الناس ول يرج أ حد إل رجل ي من ب ن ساعدة
خرج أحدها لاجته فأصابه جنون وأما الذي طلب بعيه فاحتمله الريح إل جبلي طيء فأخب
بذلك ر سول ال فقال أل أن كم أن ل يرج أ حد إل مع صاحب له فأ ما الذي خ نق فد عا له
فش في وأ ما الذي حل ته الر يح فأهد ته طيء إل ر سول ال ب عد عوده إل الدي نة وأ صبح الناس
بالجر ول ماء معهم فشكوا ذلك إل النب فدعا ال فأرسل سحابة فأمطرت حت روي الناس
واحتملوا حاجتهم من الاء وكان بعض النافقي يسي مع رسول ال فلما جاء الطر قال له بعض
السلمي هل بعد هذا شيء قال سحابة مارة ،وضلت ناقة رسول ال ف الطريق فقال لصحابه
وفيهم عمارة بن حزم وهو عقب بدري إن رجل قال إن ممدا يبكم الب من السماء وهو ل
يدري أين ناقته وإن وال ل أعلم إل ما علمن ال عز وجل وقد دلن ال عليها وهي ف الوادي
ف شعب كذا قد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا فأتوه با فرجع عمارة إل أصحابه فخبهم با
قال ر سول ال عن النا قة تعج با م ا رأى وكان ز يد بن ل صيب القينقا عي مناف قا و هو ف ر حل
160
عمارة قد قال هذه القالة فأ خب عمارة بأن زيدا قد قال ا فقام عمارة ي طأ عن قه و هو يقول ف
رحلي داهية ول أدري اخرج عن يا عدو ال من رحلي ول تصحبن فزعم بعض الناس أن زيدا
تاب بعد ذلك وحسن إسلمه وقيل ل يزل متهما حت هلك ،ووقف بأب ذر جله فتخلف عليه
فقيل يا رسول ال تلف أبو ذر فقال ذروه فإن يك فيه خي فسيلحقه ال بكم فكان يقولا لكل
من تلف عنه فوقف أبو ذر على جله فلما أبطأ عليه أخذ رحله عنه وحله على ظهره وتبع النب
ماشيا فنظر الناس فقالوا يا رسول ال هذا رجل على الطريق وحده فقال رسول ال كن أبا ذر
فل ما تأمله الناس قالوا هو أ بو ذر فقال ر سول ال ير حم ال أ با ذر ي شي وحده ويوت وحده
ويبعث وحده ويشهده عصابة من الؤمني فلما نفى عثمان أبا ذر إل الربذة فأصابه با أجله ول
يكن معه إل امرأته وغلمه فأوصاها أن يغسله ويكفناه ث يضعاه على الطريق فأول ركب ير
بما يستعينان بم على دفنه ففعل ذلك فاجتاز بما عبد ال بن مسعود ف رهط من أهل العراق
فأعلمته امرأة أب ذر بوته فبكى ابن مسعود وقال صدق رسول ال تشي وحدك وتوت وحدك
وتبعث وحدك ث واروه ،وانتهى رسول ال إل تبوك فأتى يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة فصاله
على الزية وكتب له كتابا فبلغت جزيتهم ثلثائة دينار ث زاد فيها اللفاء من ب ن أمية فلما
كان ع مر بن ع بد العز يز ل يأ خذ من هم غ ي ثلثائة و صال أ هل أذرح على مائة دينار ف كل
ر جب و صال أ هل جرباء على الز ية و صال أ هل مق نا على ر بع ثار هم ،وأر سل ر سول ال
خالد بن الول يد إل أكيدر بن ع بد اللك صاحب دو مة الندل وكان ن صرانيا من كندة فقال
لالد إ نك تده ي صيد الب قر فخرج خالد بن الول يد ح ت إذا كان من ح صنه على من ظر الع ي
وأكيدر على سطح داره فبا تت البقرة ت ك بقرون ا باب ال صن فقالت امرأ ته هل رأ يت م ثل
هذا قط قال ل وال قالت فمن يترك هذا قال ل أحد ث نزل وركب فرسه ومعه نفر من أهل
بيته ث خرج يطلب البقر فتلقت هم خ يل رسول ال وأخذته وقتلوا أخاه ح سانا وأخذ خالد من
أكيدر قباء ديباج موص بالذ هب فأر سله إل ر سول ال ق بل قدو مه فج عل ال سلمون يلم سونه
ويتعجبون منه فقال رسول ال أتعجبون من هذا لناديل سعد بن معاذ ف النة أحسن من هذا
وقدم خالد بأكيدر على رسـول ال فحقـن دمـه وصـاله على الزيـة وخلى سـبيله فرجـع إل
قريتـه ،وأقام رسـول ال بتبوك بضـع عشرة ليلة ول ياوزهـا ول يقدم عليـه الروم والعرب
التن صرة فعاد إل الدي نة وكان ف الطر يق ماء يرج من و شل ل يروي إل الرا كب والرا كبي
161
بواد يقال له وادي الشقق فقال رسول ال من سبقنا فل يستقي منه شيئا حت نأتيه فسبقه نفر
من النافق ي فا ستقوا ما ف يه فل ما جاء ر سول ال أ خبوه بفعل هم فلعن هم ود عا علي هم ث نزل
رسول ال إليه فوضع يده تته وجعل يصب إليها يسيا من الاء فدعا فيه ونضحه ف الوشل
فانرق الاء جر يا شديدا فشرب الناس وا ستقوا و سار ر سول ال ح ت قارب الدي نة فاتاه خب
مسجد الضرار فأرسل مالك بن الدخشم فحرقه وهدمه وأنزل ال فيه والذين اتذوا مسجدا
ضرارا وكفرا وتفريقا بي الؤمني اليات وكان الذين بنوه اثن عشر رجل وكان قد أخرج
من دار خذام بن خالد من بن عمرو بن عوف ،وقدم رسول ال وكان قد تلف عنه رهط من
النافقيـ فأتوه يلفون له ويعتذرون فصـفح عنهـم رسـول ال ول يعذرهـم ال ورسـوله وتلف
أولئك النفر الثلثة وهم كعب بن مالك وهلل بن أمية ومرارة بن الربيع تلفوا من غي شك
ول نفاق فنهـى رسـول ال عـن كلمهـم فاعتزلمـ الناس فبقوا كذلك خسـي ليلة ثـ انزل ال
توبت هم وعلى الثل ثة الذ ين خلفوا ح ت إذا ضا قت علي هم الرض ب ا رح بت وضا قت علي هم
أنفسـهم اليات إل قولمـ صـادقي وكان قدوم رسـول ال الدينـة مـن تبوك فـ رمضان .
[ الكامل ف التأريخ . ] 251 / 2
ملحظة :قبل عرض الوضوع ينبغي مراجعته على الرحيق الختوم
فهانن نرى أرض تبوك وقد عادت مروجا وأنارا ول المد والنة .
المسون :
162
إذن لنعلم أن المن مرتبط بالسلم والعدل ،فإذا رأيت المن قد عمّ البلد فأعلم بأن راية
ي ْبنِ حَاِت ٍم قَا َل :بَيْنَا َأنَا عِ ْندَ النِّبيّ
السلم مرفوعة والعدل قائم ،وهذا يؤيده الديث َعنْ َعدِ ّ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ إِ ْذ َأتَاهُ َر ُجلٌ َ ،فشَكَا ِإلَ ْيهِ اْلفَا َق َة ُ ،ثمّ َأتَاهُ آ َخ ُر َفشَكَا ِإلَيْ ِه قَطْ َع السّبِيلِ ،
ت َ :ل ْم أَ َرهَا َ ،وقَ ْد ُأنْبِئْتُ عَ ْنهَا ،قَا َل َ " :فإِنْ طَالَتْ ِبكَ
يةَ ؟ قُلْ ُ
حََفقَا َل يَا َعدِيّ َ :هلْ َرَأيْتَ الْ ِ
ف أَ َحدًا ِإلّا ال ّلهَ ـ قُلْتُ
ف بِالْ َكعَْبةِ ،لَا تَخَا ُ
ي ِة ،حَتّى تَطُو َ
ح ُل ِمنَ الْحِ َ
حَيَاةٌ ،لََت َرَينّ ال ّظعِيَنةَ تَ ْرتَ ِ
ت ِبكَ حَيَاةٌ
فِيمَا بَيْنِي وَبَ ْي َن َنفْسِي َ :فَأْينَ دُعّارُ طَّيئٍ ،اّلذِي َن َقدْ َس ّعرُوا الْبِلَا َد ـ َولَئِنْ طَالَ ْ
سرَى ْبنِ ُه ْر ُمزَ َ ،ولَِئنْ طَالَتْ بِكَ
سرَى ْبنِ ُه ْر ُمزَ ،قَالَ ِ :ك ْ
سرَى ـ قُلْتُ ِ :ك ْ
حنّ كُنُوزُ ِك ْ
لَُتفْتَ َ
جدُ َأ َحدًا َيقْبَ ُلهُ
ب َمنْ َيقْبَ ُلهُ مِنْ ُه فَلَا يَ ِ
ضةٍ يَطْلُ ُ
ب أَ ْو فِ ّ
ج ِملْءَ َك ّفهِ ِم ْن َذهَ ٍ
خرِ ُ
حَيَاةٌ لََت َرَينّ ال ّرجُ َل يُ ْ
س بَيَْن ُه وَبَيَْن ُه َترْجُمَا ٌن يَُترْ ِج ُم َلهُ ،فَلََيقُوَل ّن َلهُ َ :أَلمْ َأْبعَثْ
مِ ْن ُه ،وَلَيَ ْلقََي ّن اللّ َه َأحَدُ ُك ْم يَوْ َم يَ ْلقَاهُ َولَيْ َ
ضلْ عَلَ ْيكَ ؟ فََيقُو ُل :بَلَى ،
ِإلَ ْيكَ َرسُولًا فَيُبَ ّل َغكَ ؟ فََيقُولُ :بَلَى ،فََيقُولُ َ :أَلمْ أُ ْع ِطكَ مَالًا َوأُفْ ِ
فَيَنْ ُظرُ َع ْن يَمِيِن ِه فَلَا َيرَى ِإلّا َجهَّنمَ َ ،ويَنْ ُظرُ َع ْن َيسَا ِرهِ فَلَا َيرَى ِإلّا َجهَّنمَ " قَالَ َعدِيّ :سَ ِمعْتُ
جدْ شِ ّقةَ تَ ْم َر ٍة فَِبكَلِ َمةٍ
النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم يَقُولُ " :اّتقُوا النّا َر َولَ ْو ِبشِ ّق ِة تَ ْم َرةٍ فَ َم ْن َل ْم يَ ِ
ف ِإلّا ال ّلهَ ،
ي ِة حَتّى تَطُوفَ بِاْلكَعَْبةِ ،لَا تَخَا ُ
حَح ُل ِمنَ الْ ِ
ت الظّعِيَن َة َترْتَ ِ
طَيَّبةٍ " قَالَ َعدِيّ َ :فرََأيْ ُ
ت ِبكُ ْم حَيَا ٌة لََت َروُنّ مَا قَا َل النّبِ ّي َأبُو
سرَى ْب ِن ُهرْ ُم َز ،وَلَِئنْ طَالَ ْ
ت فِي َمنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ ِك ْ
وَكُنْ ُ
خرِجُ مِلْءَ َكفّ ِه " [ أخرجه البخاري ] .
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ ُ ،ي ْ
اْلقَا ِسمِ َ
وسيتحقق هذا المن ،وسينتشر ف زمن الهدي ف آخر الزمان ،وف زمن عيسى بن مري عليه
السلم بعدما ينل ،لن زمنهما سيعم العدل مكان الور والظلم ،وسيملن الدنيا قسطا
وعدلً ،كما ملئت ظلما وجورا.
وف زماننا هذا بل وف كل الزمنة الاضية ،تنقل لنا كتب التأريخ الظلم والعدوان الذي حصل
ف فترات هناك ،فتزعزع المن وأصبح الفرد ياف حت من جاره ،ول يأمن أحدا بوائقه ،
وف وقتنا الاضر ينقل لنا كل من عاش ف بلد الكفر وغيها من البلد الت ل تطبق الشريعة
السلمية ،نقلوا لنا انفراط عقد المن هناك ،فكثي من الناس ل يستطيعون الروج من
منازلم ليلً خوفا من اللصوص وقطاع الطرق ،بل إذا طُرق الباب أصاب أهل النل اللع ،
وتلكهم الوف الشديد خوفا من أن يكون الطارق لصا يريد السرقة أو الوقيعة بأهل البيت ،
وهذا تناسب طردي فكلما كان العدل موجودا كان المن سائدا ،وكلما فُقد العدل ،فقد
163
المن وسادت الفوضى والضطرابات أرجاء البلد ،وهذا هو الشاهد اليوم ف كثي من تلك
الدول الت ل تقيم شرع ال تعال ،ول تكم سنة نبيه صلى ال عليه وسلم .
أما نن ف هذه البلد فننعم بأمن وراف ،وأمان جارف ،والفضل ف ذلك أو ًل وآخرا ل
سبحانه وتعال الذي أنعم على هذه البلد بشت النعم ،فل ياف الرجل على نفسه ول على
أهل بيته ،لن المن أساس العدل ،والعدل أساس الكم ،فمت طبقنا شريعة ربنا ،ومت
حكمنا سنة نبينا ،ظفرنا بطلوبنا من المن والمان ،والعدل والقسط ،فنسأل ال تعال أن
ين علينا بالعدل والمان ف الوطان ،والصحة ف البدان ،إنه ول ذلك والقادر عليه .
صحيح أنه قد تدث فترات تعصف بالمة بعض الفت والحن ،وقد يعتريها بعض الشوائب ،
والنتكاسات ،وهذا أمر طبيعي ،وحدوثه شيء فطري ،فكلما ابتعد عن الناس عن دينهم
شيئا عوقبوا با يكون زاجرا لم ورادعا ليعودوا إل دينهم ،ويراجعوا أنفسهم ،فل شك أن
هناك خلل ما قد حصل ،فربا راجع كل إنسان نفسه ،وحاسبها وأنبها ،فتعود سفينة المان
كما كانت عليه ،وهكذا هي الياة تعب ونكد ،وراحة واطمئنان ،فل استقرار لال ،
فسبحان ال العظيم ،الكيم العليم .
164
القول الول /وهو قول ابن حجر والقاضي عياض ،أن الراد بذلك قلة البكة ف الزمان :
قال ابن حجر رحه ال تعال " :قد وجد ف زماننا هذا ،فإنا ند من سرعة مر اليام ما ل نكن
نده ف العصر الذي قبل عصرنا هذا [ " . . .الفتح ، ] 22 / 13ومال إل ذلك الافظ ابن
كثي رحه ال ،حيث عقدا عنوانا أوسه بعنوان :إشارة نبوية إل نزع البكة من الوقت قبل
قيام الساعة ،وذكر الديث [ .النهاية ف الفت واللحم . ] 182 / 1
القول الثان /وهو قول الطاب رحه ال ،أن الراد بذلك ما يكون ف زمن الهدي وعيسى
عليه السلم :
لن الناس يستلذون بالعيش ،وتوفر المن ،وانتشار العدل ،فيستقصر الناس مدة أيام الرخاء
وإن طالت ،وتطول عليهم مدة الشدة والبؤس وإن قصرت " [ الفتح . ] 22 / 13وياب
عن ذلك :بأن الرخاء موجود على فترات من الزمن ،ولذة العيش موجودة أيضا ،فكم هم
الذين ينعمون اليوم برغد العيش ،ووفرة الال ،ولكن ل يدون للحياة طعما ول راحة ،
فاليوم مثل البارحة مثل الغد ،ل يقدرون الوقت ،فالوقت لديهم قاتل ،لكثرته ووفرته ،حت
أن أكثرهم يلجأ للسفر هنا وهناك ،أو إحضار من يضيع معه الوقت أو ما شابه ذلك ،فهذا
دليل على أن هذا القول مرجوح .
القول الثالث /وهو قول الداودي :أن الراد بذلك تقارب ساعات الليل والنهار :
فتقصر ساعات النهار ،قرب قيام الساعة ،ويقرب النهار من الليل [ .الفتح . ] 22 / 13
وياب عن ذلك :بأننا ف هذا الزمان ند ضيق الوقت وقلة البكة فيه ،مهما كان طول الليل
أو النهار ،ول شك أن النهار والليل يأخذ أحدها من الخر على مدار العام حت يستويا ،ث
يبدأ النقص ف أحدها والزيادة ف الخر ،وهذا أمر معلوم مشهور ،فل مال للقول بأن
تقارب الزمان يُقصد به تقارب ساعات الليل والنهار .
القول الرابع /وهو قول الشيخ حود التويري ،والشيخ عبد العزيز بن باز رحه ال وغيها :
أن الراد بذلك تقارب أهل الزمان بسبب وفرة وسائل الواصلت والتصالت :
فهذه الوسائل الديثة تقرب البعيد ،وهذا القول له وجهه من الصواب ،وله حظه من النظر ،
فنعم باستخدام التقنية الديثة من وسائل الواصلت ،أصبح النسان يقطع مسافة اليام
الطويلة ف السفر ف عدة ساعات ،بل ف أقل من ساعة ،كذلك تصل الرسالة مبة بالنباء ف
165
خلل ثوان من الزمن ،بعد أن كانت تُحمل بواسطة رجل البيد أو غيه من كان يوصل
الرسائل إل أهلها ،فيقطع أحدهم تلك السافات الشاسعة ،ويقطع الفياف والقفار ف أيام بل
أسابيع ،ويكن أن تكون أشهر ،لكن اليوم ومع التطور التقن الديث ،كالاتف والوال ،
والفاكس والتلكس والبقيات ،أصبح العال وكأنه مدينة واحدة ،فهذا القول قول قوي جدا ،
وقد يكون هو الراد بتقارب الزمان [ .إتاف الماعة . ] 195 / 2
القول الامس /وهو قول أب جرة رحه ال :أن الراد بذلك إما حسيا وإما معنويا :
يتمل أن يكون الراد بتقارب الزمان :قصره ،على ما وقع ف حديث " :ل تقوم الساعة حت
تكون السنة كالشهر " [ سبق تريه قبل قليل ] ،وعلى هذا فالقصر يتمل أن يكون حسيا
ويتمل أن يكون معنويا :
أما السي :فلم يظهر بعد ،ولعله من المور الت تكون قرب قيام الساعة .
وأما العنوي :فله مدة منذ ظهر ،يعرف ذلك أهل العلم الدين ومن له فطنة من أهل السبب
الدنيوي ،فإنم يدون أنفسهم ل يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل
ذلك ،ويشكون ذلك ،ول يدرون العلة فيه ،ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف اليان ،
لظهور المور الخالفة للشرع من عدة أوجه ،وأشد ذلك القوات ،ففيها من الرام الحض
ومن الشبه ما ل يفى ،حت إن كثيا من الناس ل يتوقف ف شيء ،ومهما قدر على تصيل
شيء ـ من الرام ـ هجم عليه ول يبال ،والواقع أن البكة ف الزمان وف الرزق وف النبت
إنا يكون من طريق قوة اليان ،واتباع المر ،واجتناب النهي ،والشاهد لذلك قوله تعال :
" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والرض ولكن كذبوا
فأخذناهم بغتة وهم ل يشعرون " [ العراف [ ] 96الفتح . ] 22 / 13
القول السادس /وهو قول الطحاوي رحه ال :أن الراد بذلك تساوي الناس ف الهل :
قد يكون معناه ف ترك طلب العلم والرضا بالهل ،وذلك لن الناس ل يتساوون ،لن العلم
درجات ،وهي متفاوتة بقدر ما أوت النسان من علم ،قال تعال " :وفوق كل ذي علم عليم
" [ يوسف ، ] 76وإنا يتساوى الناس ف الهل ،لنه درجة واحدة " [ الفتح 21 / 13
بتصرف ] .
166
القول السابع /وهو قول القرطب رحه ال :أن الراد بذلك تقارب أهل ذلك الزمان ف قلة
الدين :
حت ل يكون فيهم من يأمر بالعروف وينهى عن النكر ،كما هو اليوم لغلبة الفسق ،وظهور
أهله [ .التذكرة . ] 344 / 2
وأقرب القوال للصواب ،أن معن تقارب الزمان ؟ قلة بركة الزمان ،كما ف الديث تكون
السنة كالشهر ،تضي عليك السنة ول تفعل شيئا ،ول تنجز عملً يذكر ،كأنه شهر ،والشهر
يقل بركته ،فيصي كالسبوع ،والسبوع كاليوم ،واليوم كالساعة ،والساعة كاحتراق السعفة،
كم يستغرق وقت احتراق السعفة ،بضع دقائق ،الساعة بركتها كالدقائق وال الستعان .
وهذا يشعر به العقلء من الناس ،وأهل العلم ،والفطنة ،وأصحاب العقول الراجحة ،والذهان
الصافية ،أما فسقة الناس وجهالم ،وأصحاب المم الدنيئة ،وأصحاب الشهوات العاجلة،
فهؤلء ل يشعرون بشيء ،إن هم إل كالنعام ،همّ الواحد أن يل بطنه من الطعام والشراب
ويستمتع ويقف عند ذلك .يتمتعون ويأكلون كما تأكل النعام والنار مثوى لم .
ما السبب ف تقارب الزمان ؟ وما هو السبب ف قلة بركة الوقت ؟ وأظن أن الكثيين فعلً
يشتكي كل منهم من هذه القضية ،ير عليك اليوم ،واليومان والشهر والسنة ،والناز
قليل ،والعطاء ضعيف ،والسبب كما ذكره أهل العلم ،هو ظهور المور الخالفة للشرع ف
حياة الناس الاصة ،وف متمعاتم ،إنه من الغلط ربط قلة البكة ونزعها من حياة الناس بغي
القضايا الشرعية ،إن علقتها الباشرة بالمور الشرعية ول غي ،يشتكي الناس من قلة البكة
ف الوقات ،كما يشتكي الناس من قلة البكة ف الال ،يستلم الوظف عشرة آلف أو أكثر
أو أقل بقليل ،ول يدري أين ذهب الراتب ،ولو دققنا النظر لوجدنا أن التعاملت الحرمة
سبب رئيس من أسباب مق بركة الال ،قال تعال " :يحق ال الربا ويرب الصدقات "
[ البقرة ] ،وكذلك التعامل بالرشوة ،وأكل مال اليتيم ظلما ،وأكل أموال العمال والدم
ظلما وعدوانا ،القصود أنه لا كثر التعامل بالربا وغيه من التعاملت الحرمة قلت بركة
الال ،لنه ل يعد من حلل ،والشاهد اليوم أن الكثرة الكاثرة من السلمي إن ل نقل جيعهم
رواتبهم ناتة من تعاملت مرمة مع البنوك الربوية وصدق فيهم الديث الذي جاء َع ْن َأبِي
ُه َريْ َر َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َ " :ي ْأتِي عَلَى النّاسِ َزمَا ٌن َيأْكُلُو َن الرّبَا ،
167
فَ َم ْن َلمْ يَأْكُ ْل ُه أَصَابَ ُه ِمنْ غُبَا ِرهِ " [ أخرجه النسائي ،وضعفه اللبان ص ، 147وأخرجه أبو
داود وابن ماجة ،وأحد بإسناد ضعيف ، 258 / 16والديث فيه عباد بن راشد وهو ضعيف
لكنه متابع ] ،والديث وإن كان فيه ضعفا إل أنه يصدقه ،فقلما تلو معاملة تارية من حرام
أو ربا ظاهرا بينا ،أو باطنا متخفيا ،وما أكثر التعاملت الربوية الحرمة ،وغي الربوية أيضا
من التبايع بالرام ،كبيع السيارة ف معرضها الذي اشتراها منه وهي ف مكانا بدون أن
يقبضها ويولا باسه وينقلها من مكانا ،وكذلك البيع بالجل النتهي بالتمليك ،وكذلك
الساهات الحرمة مع جيع البنوك ،أو بعض الؤسسات الت تستخدم ف تعاملتا أمورا مرمة ،
كل ذلك وغيه كان سببا ف مق الموال وضياع بركتها ،بينما كان ف الاضي يأخذ الوظف
نصف راتبه الن ،ويد ما يوفر بل ويتصدق ،ويشتكي الناس قلة البكة ف الولد ،نعم
لديك سبعة أو ثانية من الولد ،لكن أين هم ؟ ما وجودهم ،ما قيمتهم بي الناس ؟ السبب قد
يكون عائدا للعقوق من الب فعاقبه ال تعال بعقوق أبنائه له ،لن العقوق دين ،ولقد حذر
يةِ ْب ِن شُعَْب َة قَا َل :قَا َل النّبِيّ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ
ال تعال من العقوق وعده من الكبائر َ ،ع ِن الْ ُمغِ َ
ت َومَنَ َع وَهَاتِ وَ َك ِر َه لَ ُكمْ قِيلَ َوقَالَ
ق الُْأ ّمهَاتِ َو َوْأدَ الْبَنَا ِ
َوسَ ّلمَ " :إِ ّن ال ّلهَ َحرّمَ عَلَ ْي ُكمْ ُعقُو َ
سؤَا ِل َوإِضَا َعةَ الْمَالِ " [ متفق عليه ] ،و َع ْن َأنَسٍ رَضِي اللّه عَنْه قَا َل :سُِئلَ النِّبيّ
وَكَ ْث َر َة ال ّ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ َع ِن الْكَبَاِئ ِر قَا َل " :الِْإ ْشرَا ُك بِاللّ ِه وَ ُعقُوقُ اْلوَاِل َديْ ِن َوقَ ْتلُ الّنفْسِ وَ َشهَا َدةُ
الزّورِ " [ متفق عليه ] ،ومن أسباب ضياع بركة الولد تركهم ف الشوارع وحول
الفضائيات يسرحون ويرحون بل حسيب ول رقيب ،ومن أسباب قلة البكة ف الولد
الدعاء عليهم ،فدعاء الوالدين مستجاب ول شك ،ومادام أنه من الدعوات الستجابات
فيجب على الباء والمهات تسخي هذا الدعاء لصلحة البناء وليس ضدهم ،فيجب على
الب والم الدعاء للبناء بالصلح والتوفيق والداية لعل ال تعال أن يتقبل منهم دعاءهم ،
ت لَا
َعنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ " :ثَلَاثُ دَ َعوَاتٍ ُمسْتَجَابَا ٌ
َشكّ فِي ِه ّن :دَ ْع َوةُ الْمَظْلُو ِم َ ،ودَ ْع َوةُ الْ ُمسَا ِفرِ َ ،ودَ ْع َوةُ اْلوَاِلدِ عَلَى وََل ِدهِ " [ أخرجه الترمذي
وأبو داود وأحد ] ،وهكذا يشتكي الناس اليوم من نزع البكة من كثي من أمور حياتم ،
وإذا راجعنا أنفسنا وجدنا أن السبب نن ،ضعف إياننا ،وكثرة معاصينا ،وجرأتنا على
الرام ،وكثرة فشو النكرات ف متمعاتنا ،وقلة النكرين كل هذا وغيه ،عاقبنا ال جل
168
وعل ،وهذه تعد عقوبة يسية ،فنع البكة من حياتنا بسبب ذنوبنا وتقصينا وتفريطنا ف
جنب ال لي عقوبة سهلة ويسية ،أمام جبال الثام والعاصي الت ترتكب ليل نار ،وكلم
أب جرة الندلسي الذي سبق قبل قليل لو دليل على الال الذي آلت إليها كثي من متمعات
السلمي اليوم .
169
ماجة ،وصححه اللبان ف صحيح الامع حديث رقم ، 828إهداء الديباجة . ] 295 / 5
ح َق قَبَاِئلُ ِم ْن ُأمّتِي
فالشاهد من الديث قوله صلى ال عليه وسلم " :وَلَا َتقُو ُم السّا َع ُة حَتّى تَلْ َ
ي وَحَتّى تَعُْب َد قَبَاِئ ُل ِمنْ ُأمّتِي اْلأَ ْوثَانَ " ،هذه بعض صور الشرك ما كان ف الاضي ول
شرِكِ َ
بِالْ ُم ْ
يزال ،أما اليوم فقد ظهرت صور أخرى ،تتعدى عبادة الجر والشجر ،فصار ف متمعاتنا
الطواغيت أندادا من دون ال ،وصار الشرك ف تشريع الناس لنفسهم ما يالف شرع ال عز
وجل ،وصار الشرك بإلزام البشر بالتحاكم إل غي شريعة ال ،وصار الشرك بتنصيب
أشخاص ف جهة أو لنة أو ملس ،اتذوا أنفسهم آلة مع ال ف التحليل والتحري ،وصار
الشرك ف اعتناق البعض الذاهب العلمانية واللادية والشتراكية والقومية والوطنية وغيها ،
ث قبل ذلك كله وبعده ،يزعمون أنم مسلمون .
ولا انبى لنكار تلك العمال الشركية ،والفعال الكفرية ،أهل العلم العاملي الذين علموا
الق من كتاب ال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ،لا قام أولئك العلماء بالنكار ،ورد الناس
إل الصواب ،وتذيرهم من الشر والكفر ،قابلتهم أيد خسيسة ودنيئة أحبت مناصبها
وكراسيها ،وأرغمت أنفها للشيطان ،واستسلمت للوهام ،ورضيت بالياة الدنيا مقرا لا
بدلً عن الخرة ،تلك الفئة الباغية الطاغية من الكام والرؤساء قابلوا أهل العلم بالذى
والسجن والتشريد والقتل ،سبحان ال العظيم أي إسلم يدعونه وهم ياربونه ،قال تعال " :
ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه وهو ف الخرة من الاسرين " [ آل عمران ] ،الدين
هو السلم ،ولن يقبل ال من أحد دينا سواه ،السلم هو آخر الديان وهو الهيمن عليها
والناسخ لا ،فل دين إل السلم ،ول نب ف هذا الزمان إل ممد صلى ال عليه وسلم ،ومن
ل يكم شريعته فليس بؤمن ،قال تعال " :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم
ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما " [ النساء ] ،فكيف تقوم بعض
الدول الت تدعي أنا إسلمية ،وتلغي الكثي من أحكام القرآن والسنة بجة أنا ل تنفع ف
زمن التقدم التقن والصناعي والجتماعي وغي ذلك من الرافات وترهات الحلم .
ولقد صدق ف هذه الزمنة حديث النب صلى ال عليه وسلم بعبادة الوثان والطواغيت من
دون ال عز وجل ،إما عبادة حقيقية كمن يدعو القبور وأهلها ،ومن يذبح لا وينذر لا ،
ويتبك بأهلها ،وال تعال يقول " :قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي * ل
170
شرك له وبذلك أمرت وأنا أول السلمي " [ العراف ] ،وقال تعال " :إن الذين تدعون من
دون ال عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقي " [ العراف ] ،وقال تعال
" :فصل لربك وانر " [ الكوثر ] .
وهناك عبادة أخرى من غي ال ،كاتباع علماء الضللة من الصوفية والزنادقة وغيهم من
زاغوا عن الق ،واتبعوا الوى ،فضلوا وأضلوا كثيا وضلوا عن سواء السبيل ،طاعة
للحكام ،ورغبة ف زخرف الدنيا وبرجتها ،ورضا با يقدمه لم رؤساء الضللة من القذار
الوسخة من وسخ الدنيا ،فقادوا الناس للحكم بغي شريعة ال ،فحرموا اللل ،وأحلوا
الرام .
وكم هي الدول الت تكم القواني الوضعية الت هي من وضع البشر ،وإن كانوا مسلمي
بالسم ،أو القواني الفرنسية واللانية أو البيطانية أو غيها الت وضعها كفار الناس اليوم
وعصاتم ،وتركوا كتاب ال التي الذي من تسك به عُصم ،ومن تركه قُصم ،ونبذوا سنة
رسول ال صلى ال عليه وسلم ابتاعا لرأي أحق وأخرق ،فكيف لمة أن تتقدم وتنتصر وهي
متخلفة ف دينها ،ومتقوقعة حول شرذمتها ،أل فليعلم كل مسلم أنه ل فوز ول ناة من القوم
الظالي ،ول خروج من هذه الفت إل بالتمسك بالكتاب والسنة ،وتكيمهما ف جيع أمور
الياة ،ول يُفرق ف شيء أبدا ،فالدين تتد جذوره ،وتُعمق أساساته ف كل صغية وكبية
من مناحي الياة ،فل تفصل الياة عن الدين ،ول يفصل العمل عن الدين ،ول تفصل
السياسة عن الدين ،بل الدين متغلغل ف كل أمر من أمور السلم ف بيته وعمله وتارته
وتعاملته ،وذهابه وعودته ،فالدين حصن للمسلم من الزيغ والفساد ،ونن نرى اليوم أن
هناك الكثي من الرايات الت تدعو إل فصل الدين عن بعض مالت الياة لسبب أو لخر ،
وتلك الفئة الفاشية الت تظهر ليلً وتتبئ نارا قد نبأنا ال من أخبارها ،فعرفناها وعرفنا
مقاصدها ومراميها ،وما تدعو إليه ،ولكننا لم بالرصاد ما بقي ف عرق مسلمٍ دما ،وما بقي
قلبا متحركا .
وقد جاء أن الساعة ل تقوم حت تعبد نساء من دوس صنم ذو اللصة ،وذو اللصة صنم كان
يعبده أهل دوس ف الاهلية ،ويوجد ببلد زهران ف جنوب الملكة العربية السعودية ،وقد
هدم واندرس أثره تاما ،ويشهد لذلك الديث الذي جاء َع ْن َجرِير قَا َل :قَا َل لِي َرسُو ُل اللّهِ
171
ص ِة ،وَ ُه َو نُصُبٌ كَانُوا يَعُْبدُوَن ُه ُيسَمّى الْ َكعَْبةَ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :أَلَا ُترِيُنِي ِمنْ ذِي الْخَلَ َ
صدْرِي َفقَالَ " :
صكّ فِي َ
ت يَا َرسُولَ ال ّل ِه ِ :إنّي َر ُجلٌ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَ ْي ِل ،فَ َ
الْيَمَانَِيةَ " قُلْ ُ
س ِم ْن َقوْمِي ،
ي فَا ِرسًا ِمنْ أَحْمَ َ
ت فِي خَ ْمسِ َ
خ َرجْ ُ
ال ّل ُهمّ ثَبّ ْت ُه وَا ْجعَلْ ُه هَا ِديًا َم ْه ِديّا " قَا َل :فَ َ
ت فِي عُصَْب ٍة ِمنْ َق ْومِي َفأَتَيُْتهَا َفَأ ْحرَقُْتهَا ُث ّم َأتَيْتُ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
وَ ُربّمَا قَا َل :فَانْطَ َلقْ ُ
س َوخَيْ ِلهَا
ج َملِ اْلَأجْ َربِ َفدَعَا ِلأَحْمَ َ
ك حَتّى َترَكُْتهَا مِ ْثلَ الْ َ
ت يَا َرسُولَ ال ّلهِ :وَال ّلهِ مَا أَتَيُْت َ
َفقُلْ ُ
" [ أخرجه البخاري ] ،وقد كان هذا التمثال موجود قديا ،وعبد من دون ال .
وذو اللصة :اسم لصنمي كل منهما يُدعى ذا اللصة ،أحدها لدوس ،والثان لثعم
وغيهم من العرب .
فأما صنم دوس فهو الراد من علمات الساعة ،ول يزال مكانه معروفا إل الن ف بلد زهران
،ف مكان يقال له ( ثروق ) قريبا من قرية تسمى ( رمس ) ،ويقع ذو اللصة فوق تل
صخري مرتفع .
وأما صنم خثعم فهو بيت بنته قبيلتان من العرب ها :خثعم وبيلة ،يضاهئون به الكعبة وقد
هدمه جرير بن عبد ال البجلي رضي ال عنه ،وهذا الصنم أزيل وبن مكانه مسجد جامع ف
بلدة يقال لا ( العبلت ) من أرض خثعم .
عن َأبِي ُه َرْيرَةَ َرضِي اللّه عَنْه :أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :لَا َتقُومُ السّا َعةُ
س الّتِي كَانُوا
صةِ طَاغَِي ُة دَوْ ٍ
ص ِة َ ،وذُو الْخَلَ َ
ب أَلَيَاتُ ِنسَا ِء َدوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَ َ
حَتّى تَضْ َط ِر َ
َيعُْبدُو َن فِي الْجَاهِلِّيةِ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وقد حدث هذا الشرك كما أخب به النب صلى ال عليه وسلم ف قبيلة دوس وما حولا من
بلد العرب ،وذلك عندما عاد الهل إل تلك الناطق ،فافتتنوا بذي اللصة وعاد الهل ،
فعبدوا ذلك الصنم من دون ال عز وجل ،حت قام الشيخ ممد بن عبد الوهاب رحه ال
بالدعوة إل تديد التوحيد ،وتصحيح العقيدة ،فدعاء إل التوحيد الالص ل تعال ،وجدد ما
اندرس من معال الدين ،وسعى ف مو الشرك من جزيرة العرب ،فبعث إمام السلمي ف ذلك
الزمان وهو المام /عبد العزيز بن ممد بن سعود رحه ال ،حيث بعث جاعة من الدعاة إل
ذي اللصة ،فخربوها ،وهدموا بعض بنائها ،وكان بنا ًء قويا ومكما ،حت أن الجر الواحد
172
ل يستطيع زحزحته أقل من أربعي رجلً ،فهدموا جزءا من البناء ،وأقاموا الدين ف تلك
البقاع ،وأقاموا شرع ال تعال .
ولا انتهى حكم آل سعود على الجاز ف تلك الفترة ،عاد الهال إل عبادة ذي اللصة مرة
أخرى ،حت استول اللك عبد العزيز بن عبد الرحن آل سعود رحه ال على الجاز ،أمر
عامله عليها بدم البناء بأكمله ،فأرسل جاعة من جيشه فهدموها ،وأزالوا أثرها ،ورموا
بأنقاضها ف الوادي ،فانقطع أثرها إل يومنا هذا ول المد والنة ،وكان ذلك ف عام ألف
وثلثائة وأربع وأربعي للهجرة .
فهذا الديث قد وقع وانتهى ولن يعود بإذن ال تعال شرك إل تلك الناطق مادام السلم قائما
،وما كان هناك دعاة وعلماء وحكاما يتبعون كلم ال ،ويكمون شرعه وسنة نبيه صلى ال
عليه وسلم .
ب َألَيَاتُ ِنسَا ِء َدوْسٍ
ونأت لبقية شرح الديث ،فقوله صلى ال عليه وسلم " :حَتّى تَضْ َطرِ َ
صةِ " ،الليات :جع أليه ،وهي العجيزة ،ومعن ذلك :أن نسا ًء من دوس
عَلَى ذِي الْخَلَ َ
سيكب الدواب إل ذي اللصة فتتحرك أعجازهن من أثر ركوب الدواب لقطع السافة إل
ذلك الصنم ،وقيل :أن أعجازهن تتحرك عندما يطفن بذلك الصنم نتيجة لزدحامهن بيث
تضرب عجيزة أحدهن الخرى ،وقيل :أنن يضطربن من الكفر بال وعبادة ذلك الصنم ،
الاصل أن تلك العلمة من علمات الساعة قد وقعت كما سبق وقلت ،ول رجعة لا بإذن ال
تعال [ .عمدة القاري ، 374 / 16فتح الباري ، 96 / 13شرح النووي على مسلم
. ] 240 / 18
لكن مظاهر الشرك ف بلد السلم كثية اليوم ،وليست مصورة ف دولة واحدة فقط ،بل
الكثي منها ل تلو من مظهر من مظاهر الشرك بال تعال ،مصداقا لقول ال تبارك وتعال " :
وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون " [ يوسف ، ] 106قال ابن عباس رضي ال
عنهما :من إيانم :أنم إذا قيل لم :من خلق السموات ؟ ومن خلق الرض ؟ ومن خلق
البال ؟ قالوا :ال ،وهم مشركون به ،وكذا قال الجاهد والشعب وقتادة ،وجاء ف
الصحيحي َعنْ عَ ْبدِ ال ّل ِه بن مسعود رضي ال عنه قَالَ َ :سأَلْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
جعَ َل لِ ّلهِ نِدّا وَ ُهوَ خَ َل َقكَ ، " . . .فهذا هو
ب أَعْ َظمُ عِ ْن َد اللّهِ ؟ قَالَ " :أَنْ َت ْ
ي ال ّذنْ ِ
َوسَ ّلمَ :أَ ّ
173
الشرك العظيم الذي ل يغفره ال تعال ،أن تعبد مع ال غيه [.عمدة التفسي ] 309 / 2
.
ول تزال هناك صور للشرك ف بعض البلد السلمية ،مصداقا لديث عَاِئشَ َة قَالَتْ :سَ ِمعْتُ
ت وَاْل ُعزّى "
ب اللّيْ ُل وَالّنهَا ُر ،حَتّى ُتعْبَ َد اللّا ُ
َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ يَقُو ُل " :لَا َي ْذهَ ُ
ي أَْن َزلَ ال ّلهُ ُ { :هوَ اّلذِي أَرْ َسلَ َرسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِينِ
ت َلأَ ُظ ّن حِ َ
ت يَا َرسُولَ ال ّلهِ :إِنْ كُنْ ُ
َفقُلْ ُ
شرِكُو َن } أَ ّن ذَِلكَ تَامّا ،قَالَ ِ " :إّنهُ سََيكُونُ ِمنْ
ح ّق لِيُ ْظ ِه َرهُ عَلَى الدّينِ كُ ّل ِه وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ
الْ َ
َذِلكَ مَا شَا َء ال ّلهُ ُ ،ث ّم يَ ْبعَثُ ال ّلهُ رِيًا طَيَّب ًة فََت َوفّى ُك ّل َمنْ فِي قَلِْبهِ مِ ْثقَالُ حَّبةِ َخ ْردَ ٍل ِمنْ إِيَانٍ ،
فَيَ ْبقَى َم ْن لَا خَ ْي َر فِيهِ ،فََي ْر ِجعُو َن ِإلَى دِينِ آبَاِئهِ ْم " [ أخرجه مسلم ] .
وقد افتت الناس ف قرون مضت بقب ابن عباس رضي ال عنهما بالطائف ،فكانوا يدعونه من
دون ال ،ويطلبون منه قضاء حوائجهم ،وتفريج كرباتم ،ويستغيثون به ويستعينون به من
دون ال ،وقد أزيلت آثار الوثنية من قب ابن عباس رضي ال عنهما مرتي الول ف سنة ألف
ومائتي وعشرين تقريبا ،والثانية ف أواخر سنة ألف وثلثائة واثني وأربعي .
هذا ف الزيرة ،وما حول الزيرة ل يزال باقيا إل يومنا هذا ،فالشرك قلما يلو منه بيت من
بيوت السلمي خصوصا ف بلد الغرب العرب وما جاورها ول حول ول قوة إل بال ،ولعل
ذلك الشرك قد تفشى ونشأ وظهر وبقي ،بسبب العلماء الضلل الذين أرضوا الكام بسخط
ال عز وجل ،وأطاعوهم ف معصية ال تعال ،فالناس تبع للعلماء وما دام أن العلماء قد ضلوا
،فل بد أن يضل القوم ،وقال سفيان بن عيينه ف مثل أولئك العلماء الضُلّل " :احذروا فتنة
العال الفاجر ،والعابد الاهل ،فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون " ،وقيل ف المثال " :إذا زل
العالِم زل بزلته عالَم " ،وهذا هو الشاهد اليوم من كثرة ظهور الشرك ف هذه المة ،وهو
أمر يتحسر عليه السلم ،ويبقي دما بدل الدمع ،فكم هي الشاهد والقبور والوثان ،وكم
هم الذين يلفون بغي ال وهو شرك ،قَا َل اْبنُ عُ َم َر :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
ف ِبغَ ْيرِ ال ّلهِ َف َقدْ َك َفرَ َأوْ َأ ْشرَكَ " [ أخرجه الترمذي وصححه اللبان / 2
َيقُو ُل َ " :منْ حَلَ َ
حدِيثُ
سرَ َهذَا الْ َ
، 175وهو ف الصحيحة برقم ] 2042قَالَ أَبو عِيسَى رحه ال ُ " :ف ّ
ث ابْنِ
ج ُة فِي ذَِلكَ حَدِي ُ
ظ وَالْحُ ّ
ض َأهْ ِل الْعِ ْل ِم أَ ّن َقوَْلهُ َ :ف َقدْ َك َفرَ َأ ْو أَ ْشرَكَ ،عَلَى التّغْلِي ِ
عِ ْندَ َبعْ ِ
عُ َم َر أَنّ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم سَمِعَ عُ َم َر َيقُولُ َ :وَأبِي َوأَبِي َ ،فقَا َل َ :ألَا إِ ّن ال ّلهَ يَ ْنهَا ُكمْ
174
ث أَبِي هُ َرْي َرةَ َعنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َأنّ ُه قَا َل َ " :منْ قَالَ
أَ ْن تَحْ ِلفُوا بِآبَاِئكُ ْم " ،وَ َحدِي ُ
ت وَاْل ُعزّى ،فَلَْي ُقلْ :لَا ِإلَ َه ِإلّا ال ّلهُ " ،وسع ابن عمر رجلً يلف بالكعبة ،فقال
فِي حَلِ ِفهِ وَاللّا ِ
" :ويك ل تفعل ،فإن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من حلف بغي ال
فقد أشرك " [ هو قطعة من الديث السابق ،وهو صحيح السناد على شرط مسلم ] ،قال
الطحاوي رحه ال " :ل يرد به الشرك الذي يرج من السلم حت يكون به صاحبه خراجا
من السلم ،ولكنه أراد أنه ل ينبغي أن يلف بغي ال تعال ،لن من حلف بغي ال تعال فقد
جعل ما حلف به ملوفا به ،كما جعل ال تعال ملوفا به ،وبذلك جعله شريكا ل تعال ،
وهذا من الشرك الصغر وهو خطر على دين السلم " [ السلسلة الصحيحة 70 / 5
بتصرف ] .
ومن وسائل الشرك الوجودة اليوم ،الطواف حول القبور والضرحة ودعاء أهلها من دون ال
وهذا شرك أكب مرج من ملة السلم والعياذ بال ،ومن وسائل ومظاهره الحتفال بالولد
النبوي واعتقاد أن النب صلى ال عليه وسلم يضر هذه الوالد والحتفالت الرافية الكاذبة
الت ل دليل عليها ل من كتاب ال ول من سنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،وليس عليها أمر
السلمي ل قديا ول حديثا ،ول يدع إليها أي عال من العلماء من يُعتد بعلمه إل من زاغ منهم
ت :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ
شةَ رَضِي اللّه عَ ْنهَا قَالَ ْ
وضل عن سبيل الؤمني َ ،عنْ عَاِئ َ
س فِي ِه ( مِ ْنهُ ) َف ُهوَ َردّ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري
ث فِي َأ ْم ِرنَا َهذَا مَا لَيْ َ
َوسَ ّلمَ َ " :م ْن أَ ْحدَ َ
ولفظ مسلم ما بي القوسي ] ،وهناك الكثي والكثي من مظاهر الشرك ف بلد السلم .
وأحذر العلماء ف بلد السلم من اغتروا بالسلطان إما خوفا ،وإما ماملة ،وإما درا للمال
واستزادة ف حب الدنيا والبقاء فيها ،أحذرهم بأن ال قد أخذ عليهم اليثاق بأن يقولوا الق
ول يكتمونه ولو كان ف ذلك ذهاب أرواحهم وأجسادهم وأموالم وأولدهم فما عند ال خي
وأبقى ،وأعظم أجرا ،قال تعال " :وإذ أخذ ال ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول
تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثنا قليلً فبئس ما يشترون " [ آل عمران ] 187
،وقد حذر النب صلى ال عليه وسلم العلماء من اتباع المراء الضلي ف حديث عظيم َ ،عنْ
سةٌ َوأَ ْرَبعَةٌ
سعَ ٌة ،خَ ْم َ
ح ُن ِت ْ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ َونَ ْ
ج ِإلَيْنَا َرسُو ُل ال ّلهِ َ
ج َرةَ قَالَ َ :خرَ َ
ب ْبنِ ُع ْ
َكعْ ِ
جمِ َفقَالَ " :اسْ َمعُوا ! هَ ْل سَ ِمعُْتمْ َأّنهُ سََتكُونُ َب ْعدِي
ب وَالْآ َخ ُر ِمنَ اْلعَ َ
َأ َحدُ اْلعَ َد َديْ ِن ِمنَ اْل َعرَ ِ
175
س مِنّي َوَلسْتُ مِ ْن ُه َولَيْسَ
ص ّد َقهُ ْم بِ َك ِذِبهِ ْم َوأَعَاَن ُهمْ عَلَى ظُلْ ِم ِهمْ فَلَيْ َ
ُأ َمرَا ُء َ ،م ْن َدخَلَ عَ َل ْيهِ ْم فَ َ
ص ّد ْقهُ ْم ِبكَ ِذِبهِ ْم َولَ ْم ُيعِ ْنهُمْ عَلَى ظُ ْل ِم ِهمْ َف ُهوَ
ض َ ،و َمنْ َل ْم يَ ْد ُخلْ عَلَ ْي ِهمْ َوَلمْ يُ َ
حوْ َ
َي ِردُ عَ َليّ الْ َ
ض " [ أخرجه النسائي والترمذي وأحد ،وصححه اللبان ف
حوْ َ
مِنّي وََأنَا مِ ْن ُه وَسََي ِردُ عَ َليّ الْ َ
صحيح النسائي ، ] 135 / 3وقال صلى ال عليه وسلم " :ليأتي عليكم أمراء ،يقربون
شرار الناس ،ويؤخرون الصلة عن وقتها ،فمن أدرك ذلك منهم ،فل يكونن عريفا ،ول
شرطيا ،ول جابيا ،ول خازنا " [ أخرجه ابن حبان وحسن إسناده اللبان ف الصحيحة / 1
، 701حديث رقم ، ] 360فهنا نرى ان النب صلى ال عليه وسلم يذر العلماء من
الوقوف على أبواب المراء والئتمار بأمرهم إذا فيه معصية ل تعال ،وإضللً لعباد ال ،وقد
توعد من فعل ذلك بأنه ل يرد على النب صلى ال عليه وسلم الوض يوم القيامة ،فهذا وعيد
شديد لن أعان أميا على الظلم ،وخصوصا إذا كان عالا من العلماء يريد بذلك الدنيا وزينتها
،وقد بوب النسائي رحه ال بابا وساه ( ذكر الوعيد لن أعان أميا على الظلم ) [ سنن
النسائي بشرح السيوطي ،وحاشية السندي ، ] 180 / 7فإذا كان من عمل معهم
كشرطي أو واليا لم ،أو جابيا للمال من الناس أو غي ذلك أمره النب صلى ال عليه وسلم
بأن ل يعمل معهم ف مثل تلك العمال الت يكون فيها ظلمٌ للمسلمي من أخذ أموال بغي حق
أو ما شابه ذلك من الظلم والعدوان ،فمن باب أول وأحرى أن يكون التشديد فيمن يأمر
بالنكر وينهى عن العروف طاعة للرؤساء والكام والمراء ،فيُضل الناس عن طاعة ربم إل
طاعة رؤسائهم ،وهذا من أكب العداون على الناس ،ومن أعظم الظلم للنفس البشرية ،إذ
كيف ين ال على أحدهم بالعلم النافع ث يستخدم علمه ف زيغ الناس وإفساد عقيدتم ،
وتدمي دينهم ،وأفت بفتاوى تيز عبادة القبور أو التبك بأهلها أو الجتماع للعياد غي أعياد
السلمي الثلثة العروفة منذ صدر السلم حت يومنا هذا وهي :عيدا الفطر والضحى ويوم
المعة ،فمن أحدث عيدا غي ذلك فقد ابتدع ف الدين ال ما ل يأذن به ال ،ومن أفت بطاعة
الكام ولو كانوا حكمهم مبنيا على معصية ل تعال ،ومالفة أمر نبيه صلى ال عليه وسلم ،
فل ريب أن ذلك العال الفاجر ل يرد على النب صلى ال عليه وسلم الوض يوم القيامة ،
وهذا كما قلت تشديد ووعيد وتديد وتويف للعلماء الضلل ،وما أكثرهم اليوم ،فل
كثرهم ال .
176
نسأل ال تعال أن يقينا الشرور والفت والحن ما ظهر منها وما بطن ،وأن يعيد المة السلمية
إل عزها وشوخها ،وتسكها بعبادة ربا ،ونبذ عبادة الوثان والولياء والشاهد والقبور ،
ونسأله سبحانه أن يهيئ للمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ،ويذل فيه أهل العصية ،ويؤمر
فيه بالعروف ،وينهى فيه عن النكر ،ونسأله سبحانه أن يصلح العلماء والكام ف بلد
ل ويرزقنا اجتنابه ،إنه
السلم ،وأن يرينا جيعا الق حقا ويرزقنا اتباعه ،ويرينا الباطل باط ً
جواد كري ،وهو على كل شيء قدير .
177
الرء ف معصية أو خطأ أو جرية أو فاحشة ،وقد بات يستره ال ،ث يصبح ويكشف ستر ال
عنه بأن يتحدث بي زملئه وأقرانه با فعل ،بل البعض يفتخر بفعل الزنا واللواط مثلً ،أو
معاكسة النساء ،أو ما شابه ذلك ،فمن فعل ذلك فقد باء بالث والسران ،ول شك أنه
سفيه عدي الياء ،ميت الروءة ،ول شك أيضا أن ذلك من الدناءة بكان ،فكيف بعبد حقي
ذليل مثقل بالذنوب يعصي موله ،وهو مطلع عليه فيستره لعله يتوب ويرجع إل ربه ويكم
عقله ،وإذا به يزيد المر سوءا فيفضح ستر ال عليه ،وياهر بعصيته والعياذ بال أمام
الناس ،وقد حذر الشارع الكري من ذلك تذيرا بليغا َ ،ف َعنْ َأبِي ُه َريْ َرةَ رضي ال عنه قَالَ :
سَ ِمعْتُ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َيقُولُ ُ " :ك ّل ُأمّتِي ُمعَافًى ِإلّا الْمُجَا ِهرِي َن َ ،وإِنّ ِمنَ
ح َوقَ ْد سََت َرهُ ال ّلهُ عَلَ ْيهِ ،فََيقُولَ يَا
الْمُجَا َه َرةِ ( الجهار ) أَنْ يَعْ َم َل الرّ ُجلُ بِاللّ ْيلِ عَمَلًا ُثمّ يُصِْب َ
ح َي ْكشِفُ سِ ْترَ ال ّلهِ عَ ْنهُ " [ متفق
ت الْبَارِ َحةَ َكذَا وَ َكذَا َ ،و َقدْ بَاتَ َيسُْت ُرهُ َرّبهُ َويُصْبِ ُ
فُلَانُ َعمِلْ ُ
عليه واللفظ للبخاري ولفظ مسلم ما بي القوسي ] .
وكم نرى اليوم ونسمع من الجاهرة بالعصية والعياذ بال ،ومن أعظم الجاهرة بالعاصي
والكبائر الهلكة ،الجاهرة بسماع الغان ورفع الصوت با ف الشوارع والطرقات ف
السيارات والحلت التجارية ،والبيوت وغي ذلك ،وكذل الجاهرة بإسبال الثياب وحلق
اللحى ،وتبج الناس بالزينة والروج متعطرات ف مامع الناس وأماكن طرقهم ،ومن
الجاهرة بالعصية والت ل يُعاف صاحبها بل قد يأخذه ال على عي غفلة منه ،الجاهرة
بارتكاب الربا وأكله سحتا حراما ،والتعامل بالرشوة ،وشرب الدخان والسكرات والمور
والخدرات ،وتقليد الكفار ،وهذا غيض من فيض ،وقليل من كثر من ظهور الفحش ف
الجتمعات بل والتباهي با وهتك سرها ،نسأل ال السلمة والعافية ،وأن نلقاه وهو راض عنا
غي غضبان .
ثانيا /قطيعة الرحم :
وهذه هي الالقة الت تلق الدين والعياذ بال ،فال الستعان وإليه الشتكى ،وصلنا إل مرحلة
غريبة عجيبة ف قطيعة الرحم ،وصلنا إل أن القريب ل يصل قريبه ،بل يصل بينهم التقاطع
والتدابر إل درجة أن الشهور تر وهم ف بلد واحد ،وربا ف حارة واحدة ،فل يتزاورون ول
يتواصلون ،بل يتباغضون ويتلعنون ،هذا هو واقعنا اليوم ،إن رسول ال صلى ال عليه
178
وسلم حث على صلة الرحم وحذّر من قطيعتها َ ،عنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى
ت َ :هذَا َمقَامُ
ت ال ّرحِ ُم َفقَالَ ْ
غ مِ ْن ُهمْ ،قَامَ ِ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :إِنّ ال ّل َه خَلَ َق الْخَ ْل َق حَتّى ِإذَا َفرَ َ
ص َل َمنْ وَصَ َلكِ َ ،وَأقْطَ َع َمنْ قَ َط َعكِ ؟ قَالَتْ :
اْلعَاِئذِ ِم َن الْقَطِي َعةِ ،قَالَ َ :ن َعمْ ،أَمَا َترْضَ ْينَ أَ ْن أَ ِ
بَلَى ،قَالَ " :فَذَا ِك َلكِ " ُ ،ث ّم قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم " :ا ْقرَءُوا إِ ْن شِئُْتمْ
ك الّذِينَ َلعََن ُهمُ ال ّلهُ
ض َوُتقَ ّطعُوا أَ ْرحَامَ ُكمْ أُولَئِ َ
سدُوا فِي الْأَرْ ِ
( َف َهلْ َعسَيُْت ْم إِنْ تَ َولّيُْتمْ أَ ْن ُت ْف ِ
َفأَصَ ّم ُه ْم َوأَعْمَى َأبْصَا َرهُ ْم َأفَلَا يََت َدبّرُو َن الْ ُقرْآ َن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ َأ ْقفَاُلهَا ) [ أخرجه البخاري
ومسلم واللفظ له ] .
صلة الرحم سبب لدخول النة ،قال رجل يا رسول ال أخبن بعمل يدخلن النة فقال النب
صلى ال عليه وسلم " :تـعُْب ِد ال ول تشرك به شيئا ،وتقيم الصلة ،وتؤت الزكاة ،وتصل
الرحم " [ متفق عليه ] .وطرق القيام بق القارب والرحام واسعة ،ووسائله عديدة ،
وسبله كثية ،فمنها فشّو الودة واتساع الصدور وسلمة القلوب .
إن صلة الرحم بركة ف الرزاق وتوفيق ف الياة ،يكتب ال با العزة والنعة وتتلئ القلوب با
إجللً وهيبة .بصلة الرحام تقوى الودة ،وتزيد الحبة ،وتتوثق عُرى القرابة .إنا أقوال
وأفعال ل تكلف السلم شيئا ما إن يقوم با إل وتصافت القلوب ،وتسامى اللقاء بي الرحام
والقارب ،ما إن تفعل إل وزالت الشحناء وذهبت البغضاء ،واستبدلت القطيعة مبة وصلة ،
فبشاشة عند اللقاء ولي ف العاملة وطيب ف القول وطلقة ف الوجه ،وزيارات وصِلت ،
وتفقد واستفسارات ،مكالات ومراسلت ،إحسان إل الحتاج وبذل للمعروف وتبادل ف
الدايا ،وغضّ عن الفوات وعف ٌو عن الزلّت وإقالةٌ للعثرات ،عدلُ وإنصاف واجتهاد ف
الدعاء بالتوفيق والصلح ،تن الحبة ويصل الفلح ،وأصدق من ذلك وأعظم مداومة
الصلة ولو قطعوا والبادرة بالغفرة إذا أخطأوا والحسان إليهم ولو أساءوا .قال صلى ال عليه
وسلم " :ليس الواصل بالكافء ،ولكن الواصل من إذا قطعت رحه وصلها " [ أخرجه
البخاري ] .وجاء رج ُل إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول ال عن ل قرابة أصلهم
ويقطعون ،وأُحسن إليهم ويسيئون إلّ وأحلم عليهم ويهلون عليّ فقال عليه الصلة والسلم
" لئن كان كما تقول فكأنا تُسفّهم اللّ ( أي تطعمهم الرماد الار ف أفواههم ) ول يزال معك
ي ما دمت على ذلك " ] أخرجه مسلم [ .
من ال ظه ٌ
179
ب للعنة وعمى البصر والبصية ،إن تقطيع الرحام من
إن قطيعة الرحم شؤ ٌم وخراب ،وسب ٌ
أعظم كبائر الذنوب وعقوبتها معجلةٌ ف الدنيا قبل الخرة ،أخرج أبو داود والترمذي
وصححه الاكم عن أب بكرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ما من ذنبٍ
أجدر أن يُعجل ال لصاحبه العقوبة ف الدنيا مع ما يدخره له ف الخرة من البغي وقطيعة الرحم
" ،وروى المام أحد والبخاري ف الدب الفرد _ ورواة أحد ثقات _ عن أب هريرة رضي
ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن أعمال بن آدم تُعرض كل عشية
خيس ليلة المعة فل يُقبل عمل قاطع رحم " ،ونقل عن ابن مسعود رضي ال عنه أنه كان
جالسا بعد الصبح ف حلقة فقال " :انشد ال قاطع الرحم لا قام عنّا ،فإنّا نريد أن ندعوا ربنا
وإن أبواب السماء مُرتّة _ أي مغلقة _ دون قاطع الرحم " ] رواه الطبان ورجاله رجال
الصحيح إلّ أن العمش ل يدرك ابن مسعود [ ،ويصدق ذلك قوله تعال " :والذين ينقضون
عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل ويفسدون ف الرض أولئك لم اللعنة
ولم سوء الدار " ،ولقد أوصى عل ّي بن السي ابنه رضي ال عنهم أجعي فقال " :ل
تصاحب قاطع رحمٍ ،فإن وجدته ملعونا ف كتاب ال ف ثلثة مواضع " ،وإن أسرع الي
ثوابا الب وصلة الرحم ،وأسرع الشر عقوبةً البغي وقطيعة الرحم ،ومع هذا ترى ف بعض من
ق ّل نصيبهم من الي يُسارع ف قطع صلته بأقاربه لدن سب ،غمّا لكلمةٍ سعها ،أو شيئا
ج ّر إل نفسه وأهله العداوة والفاء ،فيستحقون اللعنة
صغيا رآه ،وما درى أنه بذا قد يُ َ
وزوال النعمة وسوء العاقبة " والذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن
يوصل ويفسدون ف الرض أولئك لم اللعنة ولم سوء الدار " [ الرعد . ] 25
فعلينا أن نتق ال ف صلة الرحام فهي طريق مؤد إل النة ،وقطعها سبيل موصل للنار والعياذ
بال .
ثالثا /سوء الوار :
وحدث عن ذلك ول حرج ،فكم من جار ل يعرف جاره ،ول يتفقد أحواله ليمد له يد العون
إن احتاج ،بل ول يكف شره عنه ،يقول بعض اليان ،ل نريد من جياننا خيا ،نريد أن
يكفوا شرهم عنا .
180
واسعوا هذه الحاديث الت أخب با النب صلى ال عليه وسلم وصحابته رضي ال عنهم عن
حق الار ،وعقوبة إيذائه :
ب ِلأَخِيهِ
س ْبنِ مَالِكٍ َ ،ع ِن النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل " :لَا ُيؤْ ِم ُن أَ َحدُ ُكمْ حَتّى يُحِ ّ
َعنْ َأنَ ِ
سهِ " [ أخرجه مسلم ] ،و َع ْن َأبِي ُه َريْ َرةَ َ ،عنْ َرسُو ِل اللّهِ صَلّى
ب لَِن ْف ِ
َأوْ قَالَ لِجَا ِرهِ مَا يُحِ ّ
ت َ ،و َمنْ كَانَ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :مَنْ كَا َن ُي ْؤمِ ُن بِال ّل ِه وَالَْيوْ ِم الْآ ِخرِ فَلَْي ُقلْ خَيْرًا أَ ْو لِيَصْمُ ْ
ُي ْؤمِ ُن بِال ّل ِه وَالَْيوْ ِم الْآ ِخرِ فَلُْي ْكرِ ْم جَا َرهُ َ ،و َمنْ كَا َن ُي ْؤ ِمنُ بِاللّ ِه وَالَْيوْ ِم الْآ ِخرِ فَلُْي ْكرِمْ ضَ ْي َفهُ " ،
وعَ ْنهُ رضي ال عنه قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َ " :منْ كَا َن ُي ْؤمِ ُن بِاللّ ِه وَالَْيوْمِ
الْآ ِخرِ فَلَا ُي ْؤذِي جَا َرهُ َ ،و َمنْ كَا َن يُ ْؤ ِمنُ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم الْآ ِخ ِر فَلُْيكْرِمْ ضَ ْي َفهُ َ ،و َمنْ كَا َن ُي ْؤمِ ُن بِاللّهِ
خزَاعِ ّي ـ وهو صحاب جليل ـ أَنّ
ح الْ ُ
سكُتْ " ،و َع ْن أَبِي شُ َريْ ٍ
وَالْيَوْ ِم الْآ ِخ ِر فَلَْيقُ ْل خَ ْيرًا َأوْ لَِي ْ
سنْ ِإلَى جَا ِرهِ َ ،و َمنْ
حِالنِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل َ " :منْ كَا َن ُي ْؤمِ ُن بِال ّل ِه وَالَْيوْ ِم الْآ ِخرِ فَلُْي ْ
كَا َن ُي ْؤمِ ُن بِاللّ ِه وَالَْيوْ ِم الْآ ِخرِ فَلُْي ْكرِمْ ضَ ْي َف ُه َ ،ومَنْ كَا َن ُيؤْ ِم ُن بِال ّلهِ وَالَْيوْمِ الْآخِ ِر فَلَْي ُقلْ خَ ْيرًا َأوْ
سكُتْ " [ أخرجها البخاري ومسلم ] ،و َعنْ أَبِي ُه َرْي َرةَ قَالَ :كَا َن النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
لَِي ْ
ح ِقرَ ّن جَا َرةٌ لِجَا َرِتهَا َوَلوْ ِف ْر ِسنَ شَاةٍ " [ متفق عليه ] ،
ت لَا تَ ْ
َوسَ ّلمَ َيقُو ُل " :يَا ِنسَا َء الْ ُمسْلِمَا ِ
و َع ْن َأبِي ُهرَْي َر َة ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم قَا َل " :لَا َي ْدخُ ُل الْجَّنةَ مَ ْن لَا َي ْأ َمنُ جَا ُرهُ
ح أَ ّن النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
َبوَاِئ َقهُ ـ شروره ومصائبه ـ " [ أخرجه مسلم ] ،و َع ْن َأبِي ُشرَيْ ٍ
َوسَ ّلمَ قَالَ " :وَاللّ ِه لَا ُي ْؤمِ ُن ،وَال ّل ِه لَا ُي ْؤمِ ُن ،وَال ّل ِه لَا ُي ْؤمِ ُن " قِيلَ :وَ َم ْن يَا َرسُو َل اللّهِ ؟ قَالَ :
" اّلذِي لَا يَ ْأ َمنُ جَا ُر ُه َبوَاِيقَهُ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ،و َع ْن َأبِي ذَ ّر قَا َل :قَالَ َرسُولُ
ت َمرَ َقةً فَأَكِْث ْر مَا َءهَا َ ،وَتعَاهَ ْد جِيَانَكَ "
خ َ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم " :يَا َأبَا ذَ ّر ِإذَا طَبَ ْ
[ أخرجه مسلم ] ،و َعنْ ُع َمرَ رَضِي اللّه عَنْه قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ
َيقُو ُل " :لَا َيشْبَ ُع الرّ ُج ُل دُو َن جَا ِرهِ " [ أخرجه أحد ورجاله ثقات ، ] 448 / 1وورد
الديث بألفاظ متعددة " :ليس الؤمن الذي يشبع وجاره جائع " [ أخرجه الطبان وأبو يعلى
وهو صحيح لغيه ] ،وعند الطبان والبزار بإسناد حسن " :ما آمن ب من بات شبعانا وجاره
جائع إل جنبه وهو يعلم " [ أنظرها جيعا ف صحيح الترغيب والترهيب ، ] 683 / 2
و َعنْ عَ ْب ِد ال ّلهِ ْبنِ عَ ْمرٍو قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ " :خَ ْيرُ اْلأَصْحَابِ عِ ْندَ
ال ّلهِ خَ ْي ُرهُ ْم لِصَاحِِب ِه وَخَ ْي ُر الْجِيَانِ عِ ْن َد اللّ ِه خَ ْيرُ ُه ْم لِجَا ِرهِ " [ أخرجه الترمذي وأحد والدارمي
181
شةَ :أَنّ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
،وابن حبان بإسناد صحيح ، ] 276 / 2و َعنْ عَاِئ َ
َوسَ ّلمَ قَالَ " :مَا زَا َل جِ ْبرِي ُل يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتّى ظَنَنْتُ أَّن ُه سَيُوَ ّرُثهُ " [ متفق عليه ] ،و َعنْ
َأبِي ُه َريْ َر َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ " :يَا أَبَا ُهرَْي َرةَ ُكنْ وَ ِرعًا َت ُكنْ أَعَْبدَ
سنْ
ك َتكُ ْن ُمؤْمِنًا ،وََأ ْح ِ
ب لَِن ْفسِ َ
ب لِلنّاسِ مَا تُحِ ّ
س ،وََأحِ ّ
النّاسِ ،وَ ُك ْن قَِنعًا َت ُكنْ َأشْ َكرَ النّا ِ
ب " [ أخرجه ابن
ت اْلقَلْ َ
ك تُمِي ُ
ح ِ
ك َفإِنّ كَ ْث َرةَ الضّ ِ
ح َ
ِجوَا َر َم ْن جَاوَرَ َك َتكُ ْن ُمسْلِمًا ،وََأ ِقلّ الضّ ِ
ماجة وصححه اللبان ، ] 374 / 3و َعنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :قَالَ َر ُجلٌ يَا َرسُو َل اللّ ِه :إِنّ
ص َدقَِتهَا ،غَ ْي َر َأّنهَا ُت ْؤذِي جِيَانَهَا بِ ِلسَاِنهَا ؟ قَالَ " :هِيَ
فُلَاَنةَ ُيذْ َكرُ ِمنْ كَ ْث َرةِ صَلَاِتهَا وَصِيَا ِمهَا وَ َ
صدَقَِتهَا وَصَلَاِتهَا َ ،وِإنّهَا
فِي النّا ِر " ،قَا َل يَا َرسُولَ ال ّلهِ َ :فإِ ّن فُلَانَ َة ُيذْ َكرُ ِم ْن قِ ّلةِ صِيَامِهَا وَ َ
ط َ ،ولَا ُتؤْذِي جِيَاَنهَا بِ ِلسَاِنهَا ؟ قَالَ ِ " :هيَ فِي الْجَّنةِ " [ أخرجه أحد
ق بِالَْأْثوَا ِر ِمنَ اْلَأقِ ِ
صدّ ُ
تَ َ
والبزار وابن حبان بإسناد صحيح ،أنظر صحيح الترغيب والترهيب ، ] 682 / 2و َعنْ
ُعقْبَ َة ْبنِ عَامِ ٍر قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ َ " :أ ّولُ خَصْمَ ْي ِن َيوْ َم الْقِيَامَ ِة جَارَانِ
" [ أخرجه أحد ،وحسنه اللبان ف صحيح الترغيب والترهيب ، 681 / 2وحسنه
شعيب الرنؤوط ف تقيق السند ، 601 / 28وحسن إسناده حزة الزين ف تقيق السند
، ] 355 / 13وعن الْ ِمقْدَادَ ْب َن الَْأسْ َو ِد قال :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ
ِلأَصْحَاِبهِ " :مَا َتقُولُو َن فِي ال ّزنَا ؟ " قَالُوا َ :حرّ َمهُ ال ّل ُه وَ َرسُولُ ُه َف ُهوَ َحرَا ٌم إِلَى يَوْ ِم اْلقِيَا َمةِ َ ،فقَالَ
سرُ عَلَ ْي ِه ِمنْ أَنْ
س َوةٍ َأْي َ
ش َرةِ ِن ْ
صحَاِب ِه َ " :لأَنْ َي ْزنِ َي الرّ ُجلُ ِب َع ْ
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ لِأَ ْ
س ِرقَةِ ؟ " قَالُوا َ :حرّ َمهَا ال ّلهُ وَ َرسُوُل ُه َفهِيَ
َي ْزنِ َي بِا ْم َرَأةِ جَا ِر ِه " َ ،فقَالَ " :مَا َتقُولُو َن فِي ال ّ
ق ِمنْ جَا ِرهِ "
سرِ َ
سرُ عَلَ ْي ِه ِمنْ أَ ْن َي ْ
ش َر ِة َأبْيَاتٍ َأْي َ
ق الرّ ُجلُ ِمنْ َع ْ
سرِ َ
َحرَا ٌم ،قَا َل " :لَأَ ْن َي ْ
[ أخرجه أحد واللفظ له ،والطبان ف الكبي والوسط ،وصححه اللبان ف صحيح
الترغيب والترهيب ، 678 / 2وقال الرنؤوط :إسناده جيد . ] 277 / 39
فهذه الحاديث الت مضت وغيها كثي تبي حق الار ،ومنلته عند ال تعال ،وعقوبة من
آذى جاره ،أو أساء إليه ،أو بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم ذلك ،ولو نظرنا اليوم إل
واقعنا لرأينا عجبا ،فقد تققت هذه العلمة من علمات الساعة ،وأصبحت واضحة جلية ل
ينكرها إل متخلف العقل ،فلقد رأينا جيانا يسيئون إل جيانم ،من سرقة أو مد يد بضاربة
أو قتل أو سطو ،أو انتهاك لرماتم ،ورأينا جيانا يبيتون شبعاني وجيانم يتضورون جوعا
182
وهم يعلمون ،وهناك فائض من أكلهم ولكنهم يفضلون رمي ما بقي من طعام ،ول يقدمون
ب أو لخر ،فل حول ول قوة إل بال ،من يفعل تلك الفاعيل
لارهم الفقي الائع ،لسب ٍ
المجية البعيدة عن دين السلم فليس بؤمن كامل اليان ،بل إيانه ف نقص وخلل ،يب
جبه والتنبه له ،ويا عجبا لحوال السلمي اليوم ،لقد رغب أكثرهم ف الياة الدنيا ،ورضوا
با وطنا وسكنا ،وزهدوا ف الخرة وما فيها من نعيم عظيم ،فمت يدرك السلم حق جاره
عليه .
كم من اليان اليوم من يشكو جاره ،ول يأمن بوائقه ،ول يأمن غدره ،وكم من اليان من
يؤذي جاره ،إما برفع صوت الذياع ،أو صوت التلفاز ،أو يؤذيه بالسهر الطويل حت
الساعات الول من الفجر ،أو يترك أبناءه يطرقون بابه ،ويزعجونه ف وقت ظهيته ،أو
ل أو نارا ،ومن اليان من ل يدعو جاره لناسبة أو وليمة أو
وقت قيلولته ،أو وقت نومه لي ً
غي ذلك ،ومن اليان من ل يعرف جاره نائيا ،فكأن بينهما حجاب كثيف ،وهناك من
اليان من يسيء إل جاره بإطفاء الكهرباء ليلً حت ل يرى شيئا عند صعوده أو نزوله ،
وخصوصا إذا كان عداد كهرباء الدرج ف منله ،فتراه يغيظ جاره ،ويتربص به الدوائر ،
وهناك من اليان من يسيء إل جاره بكثرة الطلبات ،وخصوصا الطلبات النلية ،كأدوات
ل ،مع أن لديه القدرة على جلب ما يتاج إليه منله ،ولكن ل
الطبخ ووسائل الغسيل مث ً
أدري هل يُصنف ذلك تت الكسل أو تت العتماد على الخرين ؟ أم ماذا ؟ وعموما
فوسائل العتداء على الار والساءة إليه كثية جدا ،وما ذكرته غيض من فيض ،ما شاع
وذاع بي اليان من السلمي َ ،عنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :جَاءَ َر ُجلٌ ِإلَى النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ
ح مَتَاعَكَ
ب فَا ْطرَ ْ
ب فَاصِْب ْر " َ ،فأَتَا ُه َمرّتَ ْي ِن أَ ْو ثَلَاثًا َفقَالَ " :ا ْذهَ ْ
شكُو جَا َرهُ َ ،فقَا َل " :اذْهَ ْ
َي ْ
ج َع َل النّاسُ
ج َعلَ النّاسُ َيسَْألُوَنهُ فَُيخِْب ُرهُ ْم خََب َرهُ فَ َ
ح مَتَا َع ُه فِي ال ّطرِي ِق ،فَ َ
فِي ال ّطرِيقِ " ،فَ َطرَ َ
يَ ْلعَنُوَن ُه َ ،فعَ َل ال ّلهُ ِبهِ وَ َف َعلَ َو َف َعلَ ،فَجَاءَ إِلَ ْي ِه جَا ُر ُه َفقَا َل َلهُ :ا ْرجِ ْع لَا َترَى مِنّي شَيْئًا تَ ْك َرهُهُ " [
أخرجه أبو داود ] .
وف صحيح ابن حبان ،عن أب هريرة قال " :جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم فشكا
إليه جارا له ،فقال النب صلى ال عليه وسلم ثلث مرات " :اصب " ،ث قال له ف الرابعة أو
الثالثة " :اطرح متاعك ف الطريق " ،ففعل ،فجعل الناس يرون به ويقولون :ما لك ؟
183
فيقول :آذاه جاره ،فجعلوا يقولون :لعنه ال ،فجاءه جاره فقال " :رد متاعك ل وال ل
أوذيك أبدا " [ قال اللبان حديث صحيح لغيه ،صحيح الترغيب والترهيب ] 681 / 2
،وعند الطبان والبزار والبخاري ف الدب الفرد بإسناد حسن من حديث أب جحيفة رضي
ال عنه قال :جاء رجل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم يشكو جاره .قال " :اطرح
متاعك على الطريق " .فطرحه ،فجعل الناس يرون عليه ويلعنونه ـ يعن جاره الذي آذاه ـ
فجاء إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول ال ! لقيت من الناس .قال " :وما لقيت
منهم " قال :يلعنونن .قال " :قد لعنك ال قبل الناس " ،فقال :إن ل أعود ،فجاء الذي
شكاه إل النب صلى ال عليه وسلم فقال " :ارفع متاعك فقد كُفيت " [ صحيح الترغيب
والترهيب ، 681 / 2وقال اللبان رحه ال :حديث صحيح لغيه ] .
فجار السوء ملعون ،لعنه ال تعال من فوق سبع ساوات لذا الديث ،وملعون على ألسنة
السلمي ،لنه ل يؤمن اليان الكامل لا يسببه من إيذا ٍء للمسلمي .
ولذا تعوذ النب صلى ال عليه وسلم من جار السوء ،لن جار السوء يسيء إل جاره ،ول
يأمنه على نفسه ول ماله ول ولده ،فأي حياة سعيدة مع جار السوء ،عن أب هريرة رضي ال
عنه ،أن النب صلى ال عليه وسلم كان يقول " :اللهم إن أعوذ بك من جار السوء ف دار
القامة فإن جار البادية يتحول " [ أخرجه ابن حبان ف صحيحه والبخاري ف الدب الفرد
وحسنه اللبان ف السلسلة الصحيحة 428 / 3وما بعدها ] ،وهذا الديث له شاهد من
حديث عقبة بن عامر رضي ال عنه قال :كان النب صلى ال عليه وسلم يقول " :اللهم إن
أعوذ بك من يوم السوء ،ومن ليلة السوء ،ومن ساعة السوء ،ومن صاحب السوء ،ومن
جار السوء ف دار القام " [ أخرجه الطبان ورجاله رجال الصحيح ،غي بشر بن ثابت البزار
وهو ثقة ،الصدر السابق ] ،فنسأل ال أن يعيذنا من جار السوء .
184
معاوية رضي ال عنه قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :ل يزداد المر إل
شدة ول يزداد الناس إل شحا " ،إن الشح خلق مذموم ،نى عنه السلم ،ويب أن من وُقي
شح نفسه فقد فاز وافلح ،قال ال تعال " :ومن يوق شح نفسه فأولئك هم الفلحون " .
عُرف بعض الناس بالكرم ،والود ،والسخاء ،وأنه رجل معطاء ،ل يسمع بباب نفقة ف خي إل
وله فيها سهم ،فمرة ينفق على مسكي ،ومرة يتصدق على فقي ،ومرات يرسل لرامل وأيتام ،
إذا سع بمعية خيية كان أول الساهي ،وإذا سع ببناء مسجد كان أول البادرين ،مثل هذا
النسان يبشر بي ،فإن ال جل وتعال يبارك له ف ماله فكلما زاد ف العطاء زاده ال " ،يا
ابن آدم انفق ينفق ال عليك ،ما من يوم يصبح الناس فيه إل وملك ينل من السماء يقول :
اللهم أعط منفقا خلفا ،وأعط مسكا تلفا " ،وهناك من أهل الي من كانت لم مشاركات
طيبة ،وبا عرفوا ،والن قلت مساهاتم ،وأمسكت أيديهم على جيوبم فإذا ما سُألوا أجابوا
:الوضاع القتصادية الراهنة ،كساد السوق ،كثرة اللتزامات الرسية وغي الرسية ،نقول
لم ،هذا هو الختبار للمؤمن القيقي ،الذي ينفق وقت الشدة " ،أو إطعام ف يوم ذي
مسغبة " ،إن ال جل وتعال يغيّر من أحوال الزمان ،من رخاء إل شدة ومن شدة إل رخاء،
والؤمن مبتلى ،والصادق من ل ينقطع حت ف أوقات الشدة ،ويعلم بأن هذا اختبار من ال له،
ليضاعف له الجر والثوبة .
َعنْ جَابِ ِر ْبنِ عَ ْب ِد اللّ ِه ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَ ّلمَ قَالَ " :اّتقُوا الظّ ْل َم َ ،فإِنّ الظّ ْلمَ
ك َمنْ كَا َن قَبْ َلكُ ْم ،حَمَ َل ُهمْ عَلَى أَ ْن َسفَكُوا
ح َأهْلَ َ
ح َ ،فإِنّ الشّ ّ
ظُلُمَاتٌ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ ،وَاتّقُوا الشّ ّ
ِدمَا َءهُ ْم ،وَاسْتَحَلّوا مَحَا ِر َمهُ ْم " [ أخرجه مسلم ] .
فالشح أهلك من كان قبلنا من المم ،لنه داع للفساد وقتل النفس ،وإرعاب المني ،
وإخافة الساكني ،وسبب لقطع الطريق ،والغدر بالصديق ،وربا باع عرضه ف مقابل حفنة
من مال ،وربا انتهك الرمات لجل الصول على بأيدي الخرين ،فوجب الذر منه .
فالشح سبب لدواء كثية ،ومصائب عظيمة ،فالنب صلى ال عليه وسلم يبنا عن بن
إسرائيل وما أصابم من البخل والشح ،حت سفكوا دماءهم ،وقد خاطبهم ال تعال بقوله " :
وإذ أخذنا ميثاقكم ل تسفكون دماءكم " [ البقرة . ] 84
185
واستحلوا مارمهم ،أي ما حرم ال عليهم من الشحوم ،فباعوها بعدما جلوها أي أذابوها ،
وحرم ال عليهم الصيد يوم السبت فوضعوا الشباك يوم المعة وأخذوها يوم الحد ،
يتحايلون على ال تعال ،فاستحلوا ما حرم ال عليهم بأدن اليل ،ولذا قال تعال " :وسلهم
عن القرية الت كانت حاضرة البحر إذ يعدون ف السبت إذ تأتيهم حيتانم يوم سبتهم شُرعا
ويوم ل يسبتون ل تأتيهم كذلك نبلوهم با كانوا يفسقون " [ العراف ، ] 163وكل ذلك
بسبب الشح والبخل والرص الذي كان يتملك بن إسرائيل ،وحب الدنيا وحب الال ،قال
تعال " :ولتجدنم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة
وما هو بزحزحه من النار أن يعمر وال بصي با يعملون " [ البقرة . ] 96
وهناك فرق بي البخل والشح ،فالبخل :هو منع ما يب وما ينبغي بذله .
والشح :الطمع فيما ليس عنده ،وهو أشد من البخل ،لن الشحيح يطمع فيما عند الغي ،
وينع ما عنده ،والبخيل ينع ما عنده من حق ال تعال للفقراء والساكي وغيهم ،
كالزكوات والنفقات ما ينبغي بذله فيما تقتضيه الروءة ،ولذا قال تعال " :وأما من بل
واستغن * وكذب بالسن * فسنيسره للعسرى * وما يغن عنه ماله إذا تردى " [ الليل -8
، ] 11قوله تعال " :من بل واستغن " :أي استغن بنفسه وزعم أنه مستغن عن رحة ال
والعياذ بال ،وبل بالنفقة ف سبيل ال ،ومنع ما وهب ال له من فضله ،وبل بالزكاة ،
وكذب باللف من ال ،الذي قال " :وما أنفقتم من شيء فهو يلفه " ،والقائل سبحانه " :
من ذا الذي يقرض ال قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثية " ،وغي ذلك من اليات الدالة
على أن ال يزي بدل القليل بالكثي ،فمن كذب بذلك وبل باله ول ينفقه ف وجوه الب
وطرق الي ،فهذا قال ال فيه " :فسنيسره للعسرى " :أي طرق الشر الؤدية إل النار
والعياذ بال ،وتتعسر عليه أموره ف الدنيا قبل الخرة ،فل تسهل عليه الطاعات ،بل يراها
ثقيلة ،فالصلة ثقيلة ،والزكاة ثقيلة ،والصوم ثقيل ،والج ثقيل ،وكل شيء ثقيل ،لنه
بعيد عن ال ،ال ل يب البخل ول البخلء َ ،ع ْن َأبِي هُ َرْي َرةَ َ ،عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّمَ
ب ِمنَ النّاسِ َ ،بعِيدٌ ِم َن النّا ِر ،وَالْبَخِيلُ
ب ِمنَ الْجَّن ِة َ ،قرِي ٌ
ب ِمنَ ال ّلهِ َ ،قرِي ٌ
خيّ َقرِي ٌ
قَالَ " :السّ ِ
ب ِإلَى
خ ّي أَحَ ّ
س َ ،قرِيبٌ مِ َن النّارِ َ ،ولَجَا ِهلٌ سَ ِ
َبعِيدٌ ِم َن اللّ ِه َ ،بعِيدٌ ِم َن الْجَّنةِ َ ،بعِيدٌ ِم َن النّا ِ
ال ّلهِ َع ّز وَ َجلّ ِمنْ عَاِلمٍ بَخِيلٍ " [ أخرجه الترمذي ،قال اللبان رحه ال :ضعيف جدا ص
186
، ] 186لكن معن الديث صحيح ،فاليات والحاديث تشهد لذلك ،بأن البخيل مذموم
عند ال تعال .
قال العلماء :ثبت بقوله تعال " :وما يغن عنه ماله إذا تردى " ،وقوله تعال " :وما رزقناهم
ينفقون " [ البقرة ، ] 3وقوله تعال " :الذين ينفقون أموالم بالليل والنهار سرا وعلنية "
[ البقرة ] 274وغي ذلك من اليات ،أن الود من مكارم الخلق ،والبخل من أرذلا ،
وليس الواد الذي يعطي ف غي موضع العطاء ،وليس البخيل الذي ينع ف موضع النع ،لكن
الواد الذي يعطي ف موضع العطاء ،والبخيل الذي ينع ف موضع العطاء ،فكل من استفاد
با يعطي أجرا وحدا فهو جواد ،وكل من استحق بالنع ذما وعقابا فهو بيل .
فما بل به البخيل من مال فلن يغن عنه من ال شيئا ،قال تعال " :وما يغن عنه ماله إذا
تردى " ،فإذا مات تردى ف النار بسبب بله وشحه ،ول يميه ماله من عذاب ال وعقابه ،
قال تعال " :يوم ل ينفع مال ول بنون * إل من أتى ال بقلب سليم " [ الشعراء -88
[ ، ] 89تفسي الطبي ، 614 / 12تفسي ابن كثي ، 474 / 6شرح رياض الصالي /
لبن عثيمي ، 75 / 6نزهة التقي . ] 108 / 2
الشح صفة ذميمة ،وخصلة دميمة ،يقتها ال عز وجل ول يرضاها لعباده الؤمني ،وقد نى
الشارع الكري عن الشح ،وأن الوقاية منه سبب للفوز والفلح ،قال تعال " :ومن يوق شح
نفسه فأولئك هم الفلحون " [ الشر ، 9التغابن ، ] 16واسعوا إن شئتم هذا الديث الذي
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ " :لَا
خرجه النسائي ف سننه من حديث َأبِي ُه َرْي َرةَ قَالَ :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ َ
ح وَاْلإِيَانُ فِي
يَجَْتمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ وَ ُدخَانُ َجهَّنمَ فِي جَوْفِ َع ْبدٍ َأَبدًا َ ،ولَا يَجَْتمِ ُع الشّ ّ
قَلْبِ عَ ْبدٍ أََبدًا " [ صححه اللبان ، ] 373 / 2وأخرج المام أحد بسند قوي من حديث
ح وَالْإِيَا ُن فِي َجوْفِ
َأبِي ُه َريْ َر َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ " :لَا يَجْتَ ِمعُ الشّ ّ
َر ُج ٍل ُمسْلِ ٍم َولَا يَجَْتمِعُ غُبَا ٌر فِي سَبِيلِ ال ّلهِ َو ُدخَا ُن َجهَّنمَ فِي جَوْفِ َر ُجلٍ ُمسْ ِلمٍ " [ صحيح
بطرقه وشواهده ،مسند المام أحد . 433 / 15الرسالة ] .
ومعن الديث :أنه ل ينبغي للمؤمن أن يمع بي الشح واليان ،إذ الشح أبعد شيء من
اليان ،أو الراد باليان كماله ،يعن ل يتمع كمال اليان مع البخل والشح ف قلب العبد
الؤمن ،لن البخل والشح من الصفات الذمومة ،وقيل :أن الراد أنه قلما يتمع اليان
187
والشح ف قلب الؤمن ،لن الؤمن أبعد ما يكون عن الصفات القبيحة ،الت تدش دينه
وتنقصه ،فيجب على العبد أن يشى على نفسه من صفة البخل والشح [ .حاشية السندي
على النسائي . ] 5/20
البخل داء ومرض ،من أمراض القلوب ،فالشحيح والبخيل ل يكون أميا ول واليا ،ول
يكون رئيسا لقبيلة ول يلك زمام المور ،قال النب صلى ال عليه وسلم لبن سلمة " :من
سيدكم ؟ " قالوا :جد بن قيس على أننا نُبَخّلُه ،قال " :وأي داء أدوى من البخل ؟ بل
سيدكم عمرو بن الموح " [ أخرجه البخاري ف الدب الفرد ،وصححه اللبان . ] 125
فيجب على السلم الصادق ،والؤمن الق الخلص ،أن يتق ال تعال ويذر من عاقبة البخل
والشح فعاقبتهما سيئة ،ونايتهما مؤلة ،لنما سبب لعدم الفلح ف الدنيا والخرة ،ومن ل
يفلح فمصيبة عظيمة ،وما أعظمها من فرحة ،وما أجله من فوز لن دخل النة ،ونا من النار
،قال تعال " :فمن زحزح عن النار وأدخل النة فقد فاز وما الياة الدنيا إل متاع الغرور " [
آل عمران . ] 185
فالشح من علمات الساعة الصغرى ،وهو موجود اليوم بي الناس ،بسبب بعدهم عن تعاليم
الشريعة الغراء ،ولذا وجدت فئة من السلمي من يبخلون بأموالم حت عن أقرب الناس إليهم
من آباء وأبناء وزوجات ،وهذه مصيبة عظيمة ،فلن يترك الرجل أهله بيته أغنياء ميسورين ،
أعظم من أن يتركهم فقراء يتكففون الناس ويسألونم أعطوهم أو منعوهم .
وهذه العلمة كما قلت قد ظهرت جلية واضحة اليوم ،فنسأل ال السلمة والعفو والعافية .
الشرط السادس والمسون :
تشبّب الشيخة :أخرج أبو داود والنسائي وأحد من حديث ابْنِ عَبّاسٍ رضي ال عنهما قَالَ :
خضِبُونَ فِي آ ِخرِ ال ّزمَا ِن بِالسّوَادِ ،
قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :يَكُونُ قَوْ ٌم يَ ْ
ح َة الْجَّنةِ " [ وهو حديث صحيح ] .
صلِ الْحَمَا ِم لَا َيرِيُونَ رَائِ َ
حوَا ِ
َك َ
القصود بالضاب نوعه ل جنسه ( كما قاله الل علي القاري ) ،لن السواد الصرف مرم
منوع لا فيه من التمويه ،أو لي حكمة كانت ،فالاصل أنه مرم منهي عنه ،أما ما خالط
السواد من حرة أو صفرة أو غيها فليس برام ،لنه تويل للسود إل غيه ،كالكتم والناء
س فِي
[ مرقاة الفاتيح َ ، ] 293 / 8ع ْن َأنَسٍ قَالَ َ :قدِ َم النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم وَلَيْ َ
188
صحَاِب ِه أَشْ َمطُ ـ من خالط سواد شعره بياض ـ غَ ْيرَ أَبِي َب ْكرٍ َفغَ َل َفهَا بِالْحِنّا ِء وَاْلكَتَمِ ،وف
أَ ْ
س ْبنُ مَالِكٍ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ َ :قدِ َم النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم الْ َمدِيَنةَ ،
لفظ قال " :عن َأنَ ُ
صحَابِهِ ـ أكبهم سنا ـ َأبُو َبكْ ٍر َ ،فغَ َلفَهَا بِالْحِنّا ِء وَالْكََتمِ حَتّى قََنأَ َل ْونُهَا ـ
َفكَانَ َأ َسنّ أَ ْ
صلّى
ك َهلْ خَضَبَ َرسُو ُل ال ّلهِ َ
س ْبنُ مَالِ ٍ
اشتدت حرتا ـ " [ أخرجه البخاري ] ،وسُِئلَ َأنَ ُ
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ ؟ قَا َل ِ :إّنهُ َلمْ يَ ُكنْ َرأَى ِم َن الشّيْبِ ِ ،إلّا قَالَ اْب ُن ِإدْرِيسَ َكَأّنهُ ُيقَلّ ُلهُ ـ يعن
فيه شيب قليل جدا ـ وَ َق ْد خَضَبَ أَبُو بَ ْكرٍ وَعُ َم ُر بِالْحِنّا ِء وَالْكََتمِ " [ أخرجه مسلم ] ،وقد
ب قَالَ
خضب النب صلى ال عليه وسلم بالناء والكتم ،وجاء ذلك ف حديث عُ ْثمَانَ بْ ِن َموْهَ ٍ
ت ِإَليّ َش َعرًا ِمنْ َش ْعرِ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ
َ :دخَلْتُ عَلَى أُ ّم سَلَ َم َة قَا َل َ :فأَ ْخرَجَ ْ
مَخْضُوبًا بِالْحِنّا ِء وَاْلكََتمِ " [ أخرجه ابن ماجة وهو حديث صحيح ،إهداء الديباجة ] 42 / 5
،والنب صلى ال عليه وسلم ل يبلغ الشيب ،وإنا كانوا يعدون الشعرات البيضاء ف ليته ،
ك سُِئلَ َعنْ خِضَابِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َفقَالَ َ " :ل ْو شِئْتُ
س ْبنَ مَالِ ٍ
ويشهد لذلك أن َأنَ َ
ب َأبُو بَ ْك ٍر بِالْحِنّاءِ
ب َ ،وقَ ِد اخْتَضَ َ
ختَضِ ْ
ت َ ،وقَا َل َ :لمْ يَ ْ
أَ ْن أَ ُع ّد شَمَطَاتٍ ُك ّن فِي َرأْ ِسهِ فَعَلْ ُ
وَالْكََتمِ ،وَاخْتَضَبَ عُ َم ُر بِالْحِنّا ِء بَحْتًا ـ يعن صرفا أي فقط " [ أخرجه مسلم ] .
قال أنس رضي ال عنه ل يكن ف ليته صلى ال عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء ،وقال حيد
الطويل لرجل عن يينه :كن ( ) 17سبع عشرة شعرة بيضاء ،كما أخب بذلك أنس بن مالك
رضي ال عنه [ التميهد ،إهداء الديباجة ، ] 44 / 5والضاب :كما سيأت بيانه بإذن ال
تعال ،يعن تغيي شعر الرأس واللحية ،والكتم :كما سيأت نبت فيه حرة ،وقد أرشد النب
صلى ال عليه وسلم إل من أراد أن يغي شعر رأسه وليته ،أن يكون ذلك بالناء والكتم ،
وينهى عن التغيي بالسواد ،ف َع ْن َأبِي ذَرّ رضي ال عنه َ ،ع ِن النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَالَ :
" إِ ّن َأ ْحسَ َن مَا غُّي َر بِ ِه الشّيْبُ الْحِنّا ُء وَاْلكَتَ ُم " [ أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة
ح ،وصححه اللبان رحه ال ] ،
صحِي ٌ
ث َحسَنٌ َ
والترمذي ،وقَا َل أَبو عِيسَى :هَذَا حَدِي ٌ
والكَتَم :نبات ينبت ف الناطق البلية بإفريقيا والناطق الارة العتدلة ،ثرتا تشبه الفلفل ،
وتسمى فلفل القرود ،وتستعمل ف الضاب ،وصنع الداد يعن الب [ .العجم الوسيط / 2
، 776معجم مقاييس اللغة . ] 157
أنواع الضاب :
189
ينقسم الضاب إل نوعي :
النوع الول /الضاب ف شعر الرأس واللحية :
النوع الثان /الضاب ف اليدين والرجلي :
وإليك بيان كل النوعي من حيث الكم وعرض أقوال أهل العلم :
النوع الول /الضاب ف شعر الرأس واللحية :
وقد اختلف العلماء ف حكم هذا الضاب .
- 1الختضاب لغةً :استعمال الضاب .والضاب هو ما يغيّر به لون الشّيء من حنّاء وكتم
ونوها .ول يرج العن الصطلح ّي عن العن اللّغويّ .
( اللفاظ ذات الصّلة ) :
- 2الصّبغ ما يصطبغ به من الدام ،ومنه قوله تعال { :وشجرةً ترج من طور سيناء تنبت
ب إذا
بالدّهن وصبغ للكلي } .قال الفسّرون :الراد بالصّبغ ف الية الزّيت ؛ لنّه يلوّن ال ّ
غمس فيه ،والراد أنّه إدام يصبغ به .
- 3التّطريف لغةً :خضب أطراف الصابع ،يقال :طرفت الارية بنانا إذا خضّبت أطراف
أصابعها بالنّاء ،وهي مطرّفة .
- 4النّقش لغةً .النّمنمة ،يقال :نقشه ينقشه نقشا وانتقشه :ننمه فهو منقوش .صفته
( حكمه التّكليفيّ ) :
- 5يتلف حكم الضاب تبعا للونه ،وللمختضب ،رجلً كان أو امرأةً .وسيأت بيان ذلك
إن شاء ال تعال [ .الوسوعة الفقهية الكويتية . ] 277 / 2
وينقسم الضاب إل قسمي :
القسم الول /الضاب بغي السواد :
وهذا قد اختلف فيه العلماء فمنهم من قال بوازه واستحبابه ،ودليلهم ف ذلك حديث َأبَي
ُه َريْ َرةَ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ :إِنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّهم عَلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ قَالَ " :إِ ّن الَْيهُو َد وَالنّصَارَى
لَا يَصُْبغُو َن فَخَاِلفُوهُ ْم " [ متفق عليه ] ،وهنا أمر من النب صلى ال عليه وسلم لمته بخالفة
اليهود والنصارى ،فهم قوم ل يصبغون شعر الرأس ول اللحية ،فأُمرنا بخالفتهم ،وأرى
190
والعلم عند ال تعال أن المر هنا ليس للوجوب ،لنه ل يترتب عليه عقوبة ول لعن ول شيء
من هذا القبيل ل ف الدنيا ول ف الخرة ،فدل على أن المر للستحباب وليس للوجوب .
وقد وجدت كلما نفيسا موافقا لا قلته ،فاطمأنت نفسي ،حيث قال العلمة بدر الدين العين
رحه ال " :مع أن تغييه ندب ل فرض ،أو كان ني كراهة ل تري ،لجاع سلف المة
وخلفها على ذلك " [ عمدة القاري . ] 97 / 15
وقال ابن القيم رحه ال تعال " :اختلف الصحابة ف خضابه صلى ال عليه وسلم ،فقال أنس
رضي ال عنه :ل يضب ،وقال أبو هريرة رضي ال عنه :خضب ،وعن أنس رضي ال عنه
قولً آخر قال :رأيت شعر رسول ال صلى ال عليه وسلم مضوبا ،وقال عبد ال بن ممد بن
عقيل :رأيت شعر رسول ال صلى ال عليه وسلم عند أنس بن مالك مضوبا ،وقالت طائفة :
كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ما يكثر من الطيب قد احر شعره ،فكان يُظن مضوبا ،
ول يضب .
والفيصل ف الوضوع ـ هذا من قول وليس من كلم ابن القيم ـ ما قاله أبو ِرمْثَة
قال :أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم مع ابن ل ،فقال " :أهذا ابنك " قلت :نعم
أشهد به ،فقال " :ل تن عليه ،ول ين عليك " قال :ورأيت الشيب أحر " [ أخرجه أحد
وأبو داود والترمذي ،وصحح إسناده الرنؤوط ] ،وقيل لابر بن سرة :أكان ف رأس النب
صلى ال عليه وسلم شيب ؟ قال :ل يكن ف رأسه شيب إل شعرات ف مفرق رأسه إذا
ادّهن ،وأرا ُهنّ الدهن " [ زاد العاد . ] 169 / 1
وقال النووي رحه ال " :اتفقوا على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد ث قال الغزال ف
الحياء والبغوي ف التهذيب وآخرون من الصحاب :هو مكروه ،وظاهر عباراتم أنه كراهة
تنيه ،والصحيح بل الصواب :أنه حرام ،ودليل تريه حديث جابر رضي ال عنه قال :أت
بأب قحافة والد أب بكر الصديق رضي ال عنهما ،يوم فتح مكة ورأسه وليته كالثغامة
" :غيوا هذا واجتنبوا السواد " [ أخرجه مسلم ف صحيحه ] بياضا ،فقال رسول ال
والثغامة :بفتح الثاء الثلثة وتفيف الغي العجمة ،نبات له ثر أبيض ،وعن ابن عباس رضي
" :يكون قوم يضبون ف آخر الزمان بالسواد كحواصل ال عنهما قال :قال رسول ال
191
المام ل يريون رائحة النة " [ وتقدم وهو حديث الباب ] ،ول فرق ف النع من الضاب
بالسواد بي الرجل والرأة هذا مذهبنا .وحكي عن إسحاق بن راهويه :أنه رخص فيه للمرأة
تتزين به لزوجها وال أعلم " [ الجموع . ] 345 / 1
وقال ابن قدامة رحه ال " :ويستحب خضاب الشيب بغي السواد قال أحد إن لرى الشيخ
الخضوب فأفرح بـــه ،وذَا َكرَ رجلً فقال :ل ل تتضـــب ؟ فقال :أســـتحي ،
. قال :سبحان ال ! سنة رسول ال
ويستحب الضاب بالناء والكتم ،لا روى اللل وابن ماجة بإسنادها ،عن عثمان بن عبد
ال بـن موهـب قال :دخلت على أم سـلمة ،فأخرجـت لنـا شعرا مـن شعـر رسـول ال
مضوبا بالناء والكتم " [ وأخرجه البخاري دون الملة الت تتها خط ] ،وخضب أبو بكر
بالناء والكتم ،وعن الكم بن عمرو الغفاري قال :دخلت أنا وأخي رافع على أمي الؤمني
عمـر وأنـا مضوب بالناء ،وأخـي مضوب بالصـفرة ،فقال عمـر بـن الطاب :هذا خضاب
السلم ،وقال لخي رافع :هذا خضاب اليان " [ الغن . ] 125 / 1
وقال الا فظ بن ح جر رح ه ال تعال " :من العلماء من ر خص ف يه ف الهاد ،ومن هم من
ر خص ف يه مطلقا وأن الول كراه ته ،وج نح النووي إل أ نه كرا هة تر ي ،و قد ر خص ف يه
طائفة من السلف منهم سعد بن أب وقاص وعقبة بن عامر والسن والسي وجرير وغي واحد
،ومنهم من فرق ف ذلك بي الرجل والرأة ،فأجازه لا دون الرجل واختاره الليمي .
وقال رحه ال " :وقد اختلف ف الضب وتركه فخضب أبو بكر وعمر وغيها كما تقدم ،
وترك الضاب علي وأ ب بن ك عب و سلمة بن الكوع وأ نس وجا عة ،وج ع ال طبي بأن من
صبغ من هم كان اللئق به ك من ي ستشنع شي به ،و من ترك كان اللئق به ك من ل ي ستشنع
شي به ،ول كن الضاب مطل قا أول لن ف يه امتثال ال مر ف مال فة أ هل الكتاب ،وف يه صيانة
للش عر عن تعلق الغبار وغيه به ،إل إن كان من عادة أ هل البلد ترك ال صبغ وأن الذي ينفرد
بدونم بذلك يصي ف مقام الشهرة فالترك ف حقه أول .
و قد ن قل عن أح د أ نه ي ب ـ الضاب ـ وع نه ي ب ولو مرة ،وع نه ل أ حب ل حد ترك
ال ضب ويتش به بأ هل الكتاب و ف ال سواد ع نه كالشافع ية روايتان الشهورة يكره وق يل يرم
192
ويتأ كد ال نع ل ن دلس به " [ ف تح الباري ، 435 / 10وان ظر أيضا عمدة القاري لبدر الد ين
العين . ] 96 / 15
القسم الثان /الضاب بالسواد :
فإن كان الضاب بال سواد ف هو مرم من هي ع نه ،قال النووي رح ه ال " :ومذهب نا ا ستحباب
خضاب الش يب للر جل والرأة ب صفرة أو حرة ،ويرم خضا به بال سواد على ال صح ،وق يل :
يكره كراهـة تنيـه ،والختار التحريـ ،لقوله صـلى ال عليـه وسـلم " :واجتنبوا السـواد
" [ شرح النووي على مسلم . ] 306 / 14
وقال رح ه ال " :ي سن خضاب الش يب ب صفرة أو حرة ات فق عل يه أ صحابنا ،وم ن صرح به
ال صيمري والبغوي وآخرون للحاد يث ال صحيحة الشهورة ف ذلك من ها حد يث أ ب هريرة
قال " :إن اليهود والنصـارى ل يصـبغون فخالفوهـم " رضـي ال عنـه أن رسـول ال
[ أخرجه البخاري ومسلم ] [ الجموع . ] 345 / 1
وقال القسطلن رحه ال " :وأما الصبغ بالسود البحت فممنوع لا ورد ف الديث من
الوعيد عليه " [ إرشاد الساري . ] 594 / 12
وقال ابن قدامة رحه ال " :ويكره الضاب بالسواد ،قيل لب عبد ال :تكره الضاب
ورأسه وليته بالسواد ؟ قال :إي وال .قال :وجاء أبو بكر بأبيه إل رسول ال
غيوها وجنبوه السواد " [ أخرجه مسلم وغيه ] كالَثغَامة بياضا ،قال رسول ال
[ الغن . ] 127 / 1
وقال ا بن ع بد الب رح ه ال " :ف ضل جا عة من العلماء الضاب بال صفرة والمرة على بياض
قال " :إن الشيـب وعلى الضاب بالسـواد ،واحتجوا بديـث أبـ هريرة ،أن النـب
اليهود والن صارى ل ي صبغون فخالفو هم " ،و عن عائ شة أن أ با ب كر خ ضب بال نا والك تم
واحتجوا بذا أيضا ،وجاء عن جاعة من السلف من الصحابة والتابعي وعلماء السلمي أنم
خضبوا بالمرة ،وال صفرة ،وجاء عن جا عة كثية من هم أن م ل يضبوا ،و كل ذلك وا سع
كما قال مالك والمد ل .
193
وم ن كان ي ضب لي ته حراء قان ية :أ بو ب كر وع مر وم مد بن النف ية وع بد ال بن أ ب أو ف
والسن بن علي وأنس بن مالك وعبد الرحن بن السود ،وخضب علي مرة ث ل يعد .
ومن كان يصفر ليته :عثمان بن عفان وأبو هريرة وزيد بن وهب وابن عباس وابن عمر وعبد
ال بن بسر وسلمة بن الكوع وقيس بن أب حازم وأبو العالية وأبو السواد وأبو وائل وعطاء
والقاسم والغية بن شعبة والسود وعبد الرحن بن يزيد ويزيد بن السود وجابر بن عبد ال
وجابر بن سرة وروي عن علي وأنس أنما كانا يصفران لاها والصحيح عن علي رضي ال
عنه أنه كانت ليته بيضاء ،وقد ملت ما بي منكبيه ،قال الشعب :رأيت علي بن أب طالب
أبيض الرأس واللحية ،قد ملت ما بي منكبيه ،وقال أبو عائشة التيمي :رأيت عليا أصلع
أبيض الرأس واللحية .
وكان السائب بن يزيد وجابر بن زيد وماهد وسعيد بن جبي ل يضبون ،وذكر الربيع بن
سليمان قال :كان الشافعي يضب ليته حراء قانية ،ورأيت الليث بن سعد يضب بالناء ،
قال :ورأ يت مالك بن أ نس ل يغ ي الش يب ،وكان ن قي البشرة نا صع بياض الش يب ح سن
اللحية ل يأخذ منها من غي أن يدعها تطول ،قال :ورأيت عثمان بن كنانة وممد بن إبراهيم
بن دينار وعبد ال بن نافع وعبد الرحن بن القاسم وعبد ال بن وهب وأشهب ابن عبد العزيز
ل يغيون الشيب ،ول يكن شيبهم بالكثي يعن ابن القاسم وابن وهب وأشهب .
قال أ بو ع مر :قد روي عن ال سن وال سي وم مد بن النف ية أن م كانوا يضبون بالو سة ،
و عن مو سى بن طل حة وأ ب سلمة ونا فع بن ح ي أن م خضبوا بال سواد ،وم مد بن إبراه يم
والسـن وممـد بـن سـيين ل يرون بـه بأسـا ،ومنـ كره الضاب بالسـواد :عطاء وماهـد
ومكحول والشعب وسعيد بن جبي " [ التمهيد ] .
وقال ابن القيم رحه ال " :والصواب أن الحاديث ف هذا الباب ل اختلف بينها بوجه ،فإن
من تغيي الشيب أمران : الذي نى عنه النب
أحدها :نتفه .
والثان :خضابه بالسواد .
والذي أذن فيه هو صبغه وتغييه بغي السواد كالناء والصفرة وهو الذي عمله الصحابة رضي
ال عنهم ،وأما الضاب بالسواد فكرهه جاعة من أهل العلم وهو الصواب بل ريب لا تقدم ،
194
وقيــــــل للمام أحدــــــ تكره الضاب بالســــــواد قال أي وال ،
وهذه السألة من السائل الت حلف عليها وقد جعها أبو السن ولنه يتضمن التلبيس بلف
الصفرة ،ورخص فيه آخرون منهم أصحاب أب حنيفة وروى ذلك عن السن والسي وسعد
بن أب وقاص وعبد ال بن جعفر وعقبة بن عامر وف ثبوته عنهم نظر ولو ثبت فل قول لحد
ــا
ــن خالفهـ
ــا مـ
ــق بالتباع ولو خالفهـ
ــنته أحـ
وسـ ــول ال
ــع رسـ
مـ
" [ تذيب السنن . ] 103 / 6
وقال البارك فوري رحه ال " :التعي عندي وحاصله أن أحاديث النهي عن الضب بالسواد
ممولة على التسويد البحت ،والحاديث الت تدل على إباحة الضب بالسواد ممولة على
التسويد الخلوط بالمرة " [ تفة الحوذي ] .
وقد ذكر غي واحد من أهل العلم أن الضاب بالسواد جائز ف الرب ،ليغيظ الكفار ،فإنم
إذا رأوا أن أكثر السلمي شبابا ل شيبا فربا قذف ال ف قلوبم الرعب واللع .
الـلصـة :
أن الصبغ سنة ،ينبغي فعلها ،مالفة لهل الكتاب ،ويرم الصبغ بالسواد ف شعر الرأس
واللحية للرجل أو الرأة ،للدلة الواردة ف النهي عن ذلك ،ول قول لحد مع قول النب
صلى ال عليه وسلم ،فكل الناس يطئ ويصيب ،وربا كان خطؤه أكثر من صوابه ،أما النب
صلى ال عليه وسلم فهو العصوم من الخطأ والزلل ،ل سيما فيما يبلغه عن ربه ،فهو ل ينطق
عن الوى ،بل هو وحي يوحى إليه من ربه ،فكل الناس يؤخذ منه ويُرد عليه إل النب صلى
ال عليه وسلم فيؤخذ منه ول يُرد عليه شيء ،فلذلك يرم الصبغة بالسواد للرجل والرأة على
حد سواء ،لن الدلة تشملهما جيعا ما ل يكن هناك دليل يصص الرجل دون الرأة ،ول
دليل ف ذلك .
ب الختضاب بالنّاء والكتم ،لديث « :غيّروا الشّيب » ،فهو أمر ،وهو
ويستح ّ
للستحباب ،ولقول النّبّ صلى ال عليه وسلم « :إنّ أحسن ما غيّرت به الشّيب النّاء
والكتم » ،فإنّه يدلّ على أ ّن النّاء والكتم من أحسن الصّباغات الّت يغيّر با الشّيب .وأنّ
الصّبغ غي مقصور عليهما ،بل يشاركهما غيها من الصّباغات ف أصل السن لا ورد من
195
حديث أنس رضي ال عنه قال :اختضب أبو بكر بالنّاء والكتم ،واختضب عمر بالنّاء بتا
[ .الوسوعة الفقهية . ] 279 / 2
النوع الثان /الضاب ف اليدين والرجلي :
قال النووي رحه ال تعال " :أما خضاب اليدين والرجلي بالناء فمستحب للمتزوجة من
النساء للحاديث الشهورة فيه ،وهو حرام على الرجال إل لاجة التداوي ونوه ومن الدلئل
ف الديث الصحيح لعن ال التشبهي بالنساء من الرجال ،ويدل عليه على تريه قوله
" :نى أن يتزعفر الرجل " [ أخرجه البخاري الديث الصحيح عن أنس أن النب
ومسلم ] ،وما ذاك إل للونه ل لريه ،فإن ريح الطيب للرجال مبوب ،والناء ف هذا
أُت كالزعفران ،وف كتاب الدب من سنن أب داود عن أب هريرة رضي ال عنه أن النب
بخنث ،قد خضب يديه ورجليه بالناء ،فقال " :ما بال هذا ؟ " فقيل يا رسول ال :يتشبه
بالنساء ،فأمر به فنفي إل النقيع ،فقالوا يا رسول ال :أل نقتله ،فقال " :إن نيت عن قتل
الصلي " [ لكن إسناده فيه مهول ] [ ،الجموع ، 347 1روضة الطالبي / 2
. ] 349
النقيع :موضع قرب الدينة ،كان لرسول ال صلى ال عليه وسلم حاه ليله ،وله هناك
مسجد يقال له ُ :مقَمّل ،وبي النقيع والدينة عشرون فرسخا ،والنقيع غي البقيع ،فالنقيع
أقرب إل الدينة من البقيع [ معجم البلدان . ] 301 / 5
وقال القاضي عياض رحه ال " :قوله " :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتزعفر
الرجل " ،ممله عندنا على تغيي يديه بالزعفران ،تشبها بالنسوان " [ إكمال العلم / 6
. ] 623
ومع كل تلك الحاديث الناهية عن تغيي الشيب بالسواد ،ومع ذكر أقوال العلماء ف هذه
السألة الهمة ،إل أنه انتشر بي الرجال ف هذا العصر ،صبغُ لاهم ورؤوسهم بالسواد ،
يريدون أن يتشببوا ،ويتخذون سنا مزيفا ليس لم ،ففي هذا من التحايل ما ل يفى على أحد
.
196
فالصبغ بالسواد حرامٌ حرام ،فل يوز أن يغي الرجل ول الرأة شعرها بالسواد ،لا يقتضيه
هذا التغيي من التدليس على الناس ،وبيان بظهر على غي حقيقته ،فتغيي الشيب بالسواد ل
يُظهر السن القيقي لصاحبه ،فربا أراد الرجل أن يطب فتاة يكبها بعشرات السني ،فإذا
رأوا رأسه أسودا ،وليته سوداء ربا قبلوا به ،وقبلت به الفتاة ،ليقينهم بأنه صغي السن ،
وعندما تذهب الصبغة تراه ف منظر غي الذي رأته فيه من قبل ،وكذلك الرأة ل يوز لا أن
تغي شعرها بالسواد حت تبدو أصغر من سنها القيقي .
قال البارك فوري رحه ال فيما ذكره عن ابن القيم رحه ال " :الضاب بالسواد النهي عنه
خضاب التدليس كخضاب شعر الارية ،والرأة الكبية ،تغر الزوج ،والسيد بذلك .
وخضاب الشيخ يغر الرأة بذلك ،فإنه من الغش والداع " [ تفة الحوذي ] .
فعلى النسان أن يتوكل على ال ويرضى با قسم ال له ،والشيب نور للمسلم ،ومن لأ إل
التغيي بالسواد ،فقد ارتكب أمرا مرما ،وهذه خديعة وتدليس وكذب من أجل الصول على
حرام ،فل يل لحد أن يغي شعره بسواد أبدا ،نعم تغيي لون الشعر سنة ،والنب صلى ال
عليه وسلم أمر بالتغيي لكن بغي السواد ،ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدال رضي ال
عنه قال :أُت بأب قحافة يوم فتح مكة ورأسه وليته كالثغامة بياضا ،فقال رسول ال صلى ال
عليه وسلم(( :غيّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد)).
وبذا يعرف أن بعض الحلت الت تبيع صبغ الشعر السود ،أنه حرام عليهم ،ول يوز لم
بيعه ،وهذه من البيوع الحرمة ،ومن الكاسب الحرمة ،ول حجة بأن هذه طلبات الزبائن ،
والناس تريد هذا ،فالدين شرع ال ،وسنة رسوله ،ول قول لحد معهما ،فانتبه يا صاحب
الحل أن تلط حلل مالك برام ،لن ال إذا حرم شيئا حرم ثنه ،فالربح الذي يأتيك من
هذه السلعة سحت حرام ،فاتركه ل وسيعوضك ال خيا منه .
فائدة :
ل عن بدر الدين العين رحة ال عليهما " :وأول من صبغ بالسواد من
قال القسطلن نق ً
العرب عبد الطلب بن هاشم ،وأول من صبغ ليته بالسواد مطلقا ففرعون لعنه ال تعال
" [ عمدة القاري ، 97 / 15وإرشاد الساري . ] 594 / 12
من أحكام الصبغ ( الضاب ) :
197
ولزيد الفائدة فهذه جلة من أحكام الضاب أو الصبغ والت تم السلم والسلمة وهي جديرة
بالهتمام ،حفية بالعناية :فمن تلك الحكام :
اختضاب النثى :
ب للرّجل ،
اتّفق الفقهاء على أنّ تغيي الشّيب بالنّاء أو نوه مستحبّ للمرأة كما هو مستح ّ
ص الرأة الزوّجة ،والملوكة باستحباب خضب كفّيها
للخبار الصّحيحة ف ذلك .وتت ّ
وقدميها بالنّاء أو نوه ف ك ّل وقت عدا وقت الحرام ؛ لنّ الختضاب زينة ،والزّينة مطلوبة
من الزّوجة لزوجها ومن الملوكة لسيّدها ،على أن يكون الختضاب تعميما ،ل تطريفا ول
ب .ويوز لا -بإذن زوجها أو سيّدها تمي الوجنة ،وتطريف
نقشا ؛ ل ّن ذلك غي مستح ّ
الصابع بالنّاء مع السّواد .وف استحباب خضب الرأة الزوّجة لكفّيها ما ورد عن « ابن
ضمرة بن سعيد عن جدّته عن امرأة من نسائه قال :وقد كانت صلّت القبلتي مع رسول اللّه
-صلى ال عليه وسلم -قالت :دخل عليّ رسول اللّه -صلى ال عليه وسلم -فقال ل :
اختضب ،تترك إحداكنّ الضاب حتّى تكون يدها كيد الرّجل ؟ » قال :فما تركت الضاب
حتّى لقيت اللّه ع ّز وجلّ ،وإن كانت لتختضب وإنّها لبنة ثاني .
أمّا الرأة غي الزوّجة وغي الملوكة فيى النفيّة والالكيّة والشّافعيّة :كراهة اختضابا ف
كفّيها وقدميها لعدم الاجة مع خوف الفتنة ،وحرمة تمي وجنتيها وحرمة تطريف أصابعها
بالنّاء مع السّواد .
ويرى النابلة جواز الختضاب لليّم ،لا ورد عن جابر مرفوعا « :يا معشر النّساء اختضب ،
فإ ّن الرأة تتضب لزوجها ،وإ ّن اليّم تتضب تعرّض للرّزق من اللّه عزّ وجلّ » أي لتخطب
وتتزوّج .
وضوء الختضب وغسله :
اتّفق الفقهاء على أنّ وجود مادّة على أعضاء الوضوء أو الغسل تنع وصول الاء إل البشرة -
حائل بي صحّة الوضوء وصحّة الغسل .والختضب وضوءه وغسله صحيحان ؛ ل ّن الضاب
بعد إزالة مادّته بالغسل يكون مرّد لون ،واللّون وحده ل يول بي البشرة ووصول الاء
إليها ،ومن ّث فهو ل يؤثّر ف صحّة الوضوء أو الغسل .
الختضاب للتّداوي :
198
اتّفق الفقهاء على جواز الختضاب للتّداوي ،لب سَلْمَى خَادِمِ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
ط َيشْكُو ِإلَى َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم وَ َجعًا فِي َرأْ ِسهِ
ت أَ َحدًا َق ّ
َوسَ ّلمَ قَالَتْ :مَا سَ ِمعْ ُ
ج ْم " ،وَلَا وَ َجعًا فِي ِرجْلَ ْيهِ ِإلّا قَالَ " :اخْضِ ْبهُمَا بِالْحِنّا ِء " [ أخرجه أحد ] ،
ِإلّا قَالَ " :احْتَ ِ
ب-
وسلمى :مولة النّبّ صلى ال عليه وسلم .وف لفظ لحد :قالت « :كنت أخدم النّ ّ
صلى ال عليه وسلم -فما كانت تصيبه قرحة ول نكتة إ ّل أمرن أن أضع عليها النّاء » .
الختضاب بالتنجّس وبعي النّجاسة :
يرى الحناف والالكيّة والشّافعيّة والنابلة أ ّن ما خضّب أو صبغ بتنجّس يطهر بغسله ثلثا فلو
اختضب الرّجل أو اختضبت الرأة بالنّاء التنجّس وغسل ك ّل ثلثا طهر .أمّا إذا كان
الختضاب بعي النّجاسة فل يطهر إ ّل بزوال عينه وطعمه وريه وخروج الاء صافيا ،ويعفى
عن بقاء اللّون ؛ ل ّن الثر الّذي يش ّق زواله ل يض ّر بقاؤه .ومن هذا القبيل الصبوغ بالدّم
( فهو نس ) ،والصبوغ بالدّودة غي الائيّة الّت لا دم سائل فإنّها ميتة يتجمّد الدّم فيها وهو
نس .
الختضاب بالوشم :
ق وهو
الوشم هو غرز اللد بالبرة حتّى يرج الدّم ّث يذرّ عليه كحل أو نيلة ليخضرّ أو يزر ّ
حرام مطلقا لب الصّحيحي « :لعن اللّه الواصلة والستوصلة والواشة والستوشة والنّامصة
والتنمّصة » ؛ ولنّه إذا غرز م ّل الوشم بإبرة ّث حشي بكحل أو نيلة ليخضرّ تنجّس الكحل
بالدّم فإذا جد الدّم والتأم الرح بقي ملّه أخضر ،فإذا غسل ثلثا طهر .ويرى الحناف
والالكيّة والشّافعيّة والنابلة أنّ الوشم كالختضاب أو الصّبغ بالتنجّس ،فإذا غسل ثلثا
طهر ؛ لنّه أثر يش ّق زواله إذ ل يزول إلّ بسلخ اللد أو جرحه .
الختضاب بالبياض :
يكره خضب اللّحية السّوداء بالبياض كالكبيت ونوه إظهارا لكب السّ ّن ترفّعا على الشّباب
صلً إل التّوقي والحترام من إخوانه ،وأمثال ذلك من الغراض الفاسدة .
من أقرانه ،وتو ّ
ويفهم من هذا أنّه إذا كان لغرض صحيح فهو جائز .
اختضاب الائض :
199
جهور الفقهاء على جواز اختضاب الائض لا ورد « أ ّن امرأ ًة سألت عائشة -رضي ال عنها
-قالت :تتضب الائض ؟ فقالت :قد كنّا عند النّبّ -صلى ال عليه وسلم -ونن
نتضب فلم يكن ينهانا عنه » ،ولا ورد أنّ نساء ابن عمر كنّ يتضب وه ّن حيّض .وقد قال
ابن رشد :ل إشكال ف جواز اختضاب الائض والنب لنّ صبغ الضاب الّذي يصل ف
يديها ل ينع من رفع حدث النابة واليض عنها بالغسل إذا اغتسلت .ول وجه للقول
بالكراهة .
اختضاب الرأة الحدّة :
اتّفق الفقهاء على أنّ الرأة الحدّة على زوجها يرم عليها أن تتضب مدّة عدّتا ؛ لا ورد من
حديث ل ّم سلمة قالت « :دخل عليّ رسول اللّه -صلى ال عليه وسلم -حي توفّي أبو
سلمة فقال ل :ل تتشطي بالطّيب ول بالنّاء فإنّه خضاب .قالت :قلت :بأيّ شيء
أمتشط ؟ قال :بالسّدر تغلّفي به رأسك » .
خضاب رأس الولود :
ي وابن النذر على كراهة تلطيخ رأس الصّبّ
اتّفق الفقهاء -مالك والشّافع ّي -وأحد والزّهر ّ
بدم العقيقة ؛ لقول النّبّ -صلى ال عليه وسلم « : -مع الغلم عقيقة فأهريقوا عنه دما ،
س بدم لنّه أذًى ،ولا روي عن يزيد بن عبد الزنّ
وأميطوا عنه الذى » ،فهذا يقتضي ألّ ي ّ
ب -صلى ال عليه وسلم -قال « :يعقّ عن الغلم ول يسّ رأسه بدم » ولنّ
عن أبيه أنّ النّ ّ
ب بالزّعفران وباللوق ( أي
هذا تنجيس له فل يشرع .واتّفقوا على جواز خضب رأس الصّ ّ
الطّيب ) ،لقول بريدة :كنّا ف الاهليّة إذا ولد لحدنا غلم ذبح شا ًة ولطّخ رأسه بدمها ،
فلمّا جاء اللّه بالسلم كنّا نذبح شاةً ونلق رأسه ونلطّخه بزعفران ،ولقول عائشة رضي ال
ب خضّبوا قطن ًة بدم العقيقة ،فإذا حلقوا رأس
عنها « :كانوا ف الاهليّة إذا عقّوا عن الصّ ّ
الولود وضعوها على رأسه ،فقال النّبّ -صلى ال عليه وسلم : -اجعلوا مكان الدّم خلوقا
س رأس الولود بدم » .أمّا النفيّة فإ ّن العقيقة عندهم غي
» زاد أبو الشّيخ « :ونى أن ي ّ
مطلوبة .
اختضاب الرّجل والنثى :
200
ب للرّجل أن يتضب ف رأسه وليته لتغيي الشّيب بالنّاء ونوه
اتّفق الفقهاء على أنّه يستح ّ
للحاديث الواردة ف ذلك ،وجوّزوا له أن يتضب ف جيع أجزاء بدنه ما عدا الكفّي
والقدمي ،فل يوز له أن يتضب فيهما إ ّل لعذر ؛ ل ّن ف اختضابه فيهما تشبّها بالنّساء ،
والتّشبّه بالنّساء مظور شرعا .وقال أكثر الشّافعيّة وبعض النابلة برمته .وقال بعض النابلة
وصاحب الحيط من النفيّة بكراهته وقد قال رسول اللّه -صلى ال عليه وسلم « -لعن اللّه
التشبّهات من النّساء بالرّجال والتشبّهي من الرّجال بالنّساء » .وحكم النثى الشكل كحكم
الرّجل ف هذا .
اختضاب الحرم :
ذهب النابلة إل أنّه يوز للمحرم الختضاب بالنّاء ف أيّ جزء من البدن ما عدا الرّأس ؛ لنّ
ستر الرّأس ف الحرام بأيّ ساتر منوع .وقد ذكر القاضي أ ّن النّبّ -صلى ال عليه وسلم -
قال « :إحرام الرّجل ف رأسه ،وإحرام الرأة ف وجهها » .ول بأس باختضاب الرأة بالنّاء
ونوه ،لا روي عن عكرمة أنّه قال « :كانت عائشة وأزواج النّبّ -صلى ال عليه وسلم -
يتضب بالنّاء وهنّ حرم » .وقال الشّافعيّة :يوز للرّجل الختضاب بالنّاء ونوه حال
الحرام ف جيع أجزاء جسده ،ما عدا اليدين والرّجلي فيحرم خضبهما بغي حاجة .وكرهوا
للمرأة الختضاب بالنّاء ونوه حال الحرام ،إ ّل إذا كانت معتدّ ًة من وفاة فيحرم عليها ذلك
،كما يرم عليها الختضاب إذا كان نقشا ،ولو كانت غي معتدّة .وقال الحناف والالكيّة :
ي جزء من البدن سواء أكان رجلً أم امرأةً ؛ لنّه
ل يوز للمحرم أن يتضب بالنّاء ونوه ف أ ّ
ب -صلى ال عليه وسلم -قال لمّ
طيب والحرم منوع من الطّيب ،وقد روي « أ ّن النّ ّ
سلمة :ل تطيّب وأنت مرمة ول تسّي النّاء فإنّه طيب » [ الوسوعة الفقهية 280 / 2وما
بعدها ] .
وبعد أن ذكرنا جلة من أحكام الضاب والصبغ ،نعود للحديث عن الشرط السادس
والمسي من أشراط الساعة .
فحواصل المام ،الراد به وال أعلم صنيع بعض الرجال ف هذا العصر ،من حلق العوارض ،
ويتركون جزءا من اللحية على الذقن فقط ،ث يصبغونه بالسواد ،فيغدو كحواصل المام
يعن كصدور كثي من المام ،وإل فليس كل المام حواصله سوداء ،لكنه ربا كان من باب
201
التغليب ،لن الغلب عليه أنه أسود [ .شرح الطيب ، 2933 / 9مرقاة الفاتيح 293 / 8
].
أما قول النب صلى ال عليه وسلم " :ل يريون رائحة النة " ،فهذا ل شك أنه وعيد شديد
لن هذا فعلهم ،وما أكثرهم ف هذا الزمان ،فمن الرجال اليوم من حلق اللحية بكاملها ،
وأصبح كالسناء ،ومنهم من تشبه باليهود النصارى والجوس وغيه من أهل الشرك والكفر
واللاد ،فحلق العوارض وترك ما حول العنفقة ،وهي ما يسمونه اليوم بالسكسوكة ،ث
يصبغونا بالسواد ،ول ريب أن ذلك مالف لمر النب صلى ال عليه وسلم ،مالف لمره
وفعله وهديه وتقريره ،وبا أنه مالف للمر النبوي الكري ،فقد توعد ال عليه بذا الوعيد
الشديد ،أنم ل يريون رائحة النة ،قال الل على رحه ال " :الراد بالديث التهديد ،أو
ممول على الستحل ـ يعن من استحل هذا المر وصبغ بالسواد تعمدا ـ أو مقيد با قبل
دخول النة من القب ،أو الوقف أو النار " [ مرقاة الفاتيح ، 293 / 8عون العبود / 11
. ] 178
وقال ابن الوزي رحه ال ( :يتمل أن يكون العن ل يريون رائحة النة لفعل يصدر منهم ،
أو اعتقاد ،ل لعلة الضاب ،ويكون الضاب سيماهم ،كما قال ف الوارج سيماهم
التحليق ،وإن كان تليق الشعر ليس برام ) .
ب بن سنان الرومي رضي ال عنه قَالَ :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ
صهَيْ ِ
أما حديث ُ
صدُورِ
ب َلكُ ْم فِي ُ
ب لِِنسَاِئكُ ْم فِيكُ ْم َ ،وأَهْيَ ُ
" :إِ ّن َأ ْحسَ َن مَا اخْتَضَبُْت ْم بِ ِه َ ،ل َهذَا السّوَادُ ،أَرْ َغ ُ
َعدُوّ ُكمْ " [ أخرجه ابن ماجة ،فهو حديث ضعيف فيه راويان ضعيفان .انظر تام النة ص 87
].
الاصل :أن الضاب بالسواد حرام ،سواءً للرجال أو النساء ،ولو كانوا شبابا أو شيبا ،
وهو الذي يدل عليه حديث الباب ،وقد ورد ف ذلك حديث عن أب الدرداء مرفوعا " :من
خضب بالسواد سود ال وجهه يوم القيامة " [ أخرجه الطبان ،وقال اليثمي :فيه الوضي بن
عطاء ،وثقه أحد وابن معي ،وابن حبان ،وضعفه من هو دنم ف النلة ،وبقية رجاله
ثقات ،وقال ابن حجر :سنده لي ،تام النة . ] 86
202
السابع والمسون :
فتنة الحلس والدهيماء َ :عنْ عَ ْب َد ال ّلهِ ْبنَ عُ َم َر قَالَ :كُنّا ُقعُودًا عِ ْندَ َرسُو ِل اللّ ِه َفذَ َكرَ اْلفَِتنَ ،
س َ ،فقَالَ قَاِئلٌ يَا َرسُو َل اللّ ِه َ :ومَا فِتَْنةُ اْلَأحْلَاسِ ؟ قَالَ
َفأَكَْث َر فِي ذِ ْك ِرهَا ،حَتّى ذَ َك َر فِتَْنةَ اْلَأحْلَا ِ
ت َقدَ َميْ َر ُج ٍل ِمنْ َأ ْهلِ بَيْتِي َ ،يزْ ُعمُ َأّنهُ
ح ِ
سرّا ِء َ ،دخَنُهَا ِمنْ تَ ْ
ب ُ ،ثمّ فِتَْن ُة ال ّ
ِ " :هيَ َه َربٌ َو َحرْ ٌ
س مِنّي َ ،وِإنّمَا َأ ْولِيَائِي الْمُّتقُو َن ،ثُ ّم يَصْطَلِحُ النّاسُ عَلَى َر ُجلٍ َكوَرِكٍ عَلَى ضِلَ ٍع ُ ،ثمّ
مِنّي ،وَلَيْ َ
ت ،تَمَادَتْ ،
ع َأ َحدًا ِمنْ َه ِذهِ اْلُأمّ ِة ِإلّا لَطَمَ ْت ُه لَطْ َم ًة َ ،فِإذَا قِيلَ :اْنقَضَ ْ
فِتَْن ُة ال ّدهَيْمَا ِء ،لَا َتدَ ُ
ي النّاسُ ِإلَى ُفسْطَاطَ ْي ِن ُ ،فسْطَاطِ إِيَانٍ لَا
يُصْبِحُ ال ّرجُ ُل فِيهَا ُم ْؤمِنًا َ ،ويُ ْمسِي كَا ِفرًا ،حَتّى يَصِ َ
ق لَا إِيَا َن فِيهِ ،فَِإذَا كَانَ ذَا ُك ْم فَانْتَ ِظرُوا الدّجّا َل ِمنْ يَ ْو ِمهِ َأوْ مِنْ َغ ِدهِ
ق فِيهِ َ ،و ُفسْطَاطِ ِنفَا ٍ
ِنفَا َ
" [ أخرجه أبو داود وأحد والاكم وصححه ووافقه الذهب ،وقال اللبان صحيح السناد .
الشكاة ، 1487 / 3وصحح إسناده شعيب الرنؤوط ف شرح السنة ، 20 / 15
وصحح إسناده أيضا مصطفى بن العدوي ف الصحيح السند من أحاديث الفت . ] 341
ونأت لشرح الديث حت نقرب القصود منه بإذن ال تعال :
الحلس :أضيفت إل الفتنة ،لدوامها وطول لبثها ،واللس :هو ما يوضع على ظهر البعي
أو الدابة ويكون ملزما له .
والرب :ذهاب الال والهل .
والسراء :الراد با النعمة الت تسر الناس من الصحة والرخاء ،والعافية من البلء والوباء ،
واضيفت الفتنة إل السراء ،لن سبب وقوعها ارتكاب العاصي بسبب كثرة النعم ،أو لنا
تسر العدو .
والدخن :هو الدخان ،يريد أن الفتنة تثور من تت قدميه كالدخان .
ويتزعم هذه الفتنة رجل من أهل بيت النبوة ،لكنه يزعم أنه بفعله هذا يتتبع سنة النب صلى ال
عليه وسلم ،وقد قال عليه الصلة والسلم " :يزعم أنه من " ،يعن بفعله ذلك يزعم أنه من
فعل أو أخلق الصطفى صلى ال عليه وسلم ،ث قال " :وليس من " يعن بفعله ذلك ليس
من ول أقره عليه ،لنه لو كان من أهلي لا هيج الفتنة ،وأجج نارها .
203
وقوله " :كورك على ضلع " :هذا مثل ضربه النب صلى ال عليه وسلم ف عدم استقامة المر
ف ذاك الزمن وف تلك الفتنة ،لن الضلع ل يقوم على الورك ،بعن أن ذلك الرجل ليس
بأهل للملك .
والدهيماء :يعن السوداء ،وهي تغي للدهاء ،وصغرت للذم ،وهي الفتنة العظماء ،والطامة
العمياء .
وقوله " :لطمته لطمة " :يعن أن هذه الفتنة ل تترك أحدا من الناس إل وأصابته بحنة ،
ومسته ببلية ،فهي تعم جيع الناس ول ينجو منها أحد .
فإذا قالوا انقضت :يعن انتهت وتوارت وذهبت ،إذا با تزداد وتتمادى ،وتستمر .
والفسطاط :الفرقة [ .النهاية ف الفت ، 60 / 1شرح السنة . ] 20 / 15
ف الديث السابق يب النب صلى ال عليه وسلم عن فتنة عظيمة طويلة الدى ،تصيب هذه
المة ،فتنة مظلمة قاتة السواد ،يذهب فيها الهل والال ،فبعد أن كان الناس ف نعمة ورخاء
وسرور ،فيبتلي ال عباده بنعمة اليات وما يده لم من النعيم والي الوفي ،ليى سبحانه
وهو أعلم بعباده من الصابر الشاكر الامد الستغفر ،ومن هو الذنب الذي ل تزده نعم ال
عليه إل طغيانا وبعدا عم ربه سبحانه وتعال ،فإذا طغى الناس وبغوا وتبوا ،وظلموا ول
يمدوا ربم على نعمه ،ول يشكروه عليها ،هناك يبتليهم ببلء عظيم ،إنا فتنة سوداء يأكل
بعضها بعضها ،ل يبقى بيت من البيوت إل ودخلته ،فأصيب أهله با ،من فقد للمال ،أو
البناء ،أو حت صاحب الدار ،وربا نكون ف هذه اليام ف بداية الطريق لتلك الفتنة
العظيمة ،فال عز وجل قد أغدق علينا بنعم ل تعد ول تصى ،ومع ذلك فهاهي العاصي
والفواحش والكبائر تنتشر انتشار النار ف الشيم ،بسرعة فائقة ،والناس ف غفلة وإعراض
عن دين ربم ،فل حد ول شكر إل من رحم ربك من السلمي ،وأما الغالبية العظمى والكثرة
الكاثرة من السلمي فهم ف غفلة معرضون ،فل صلة ول صيام ول حج ،ول ذكر ل ،ول
أمر بعروف ،ول ني عن منكر ،ول بر بالوالدين ،ول فعل للخيات ،ول أداء للواجبات ،
ول ترك للمنهيات ،بل اقتراف لا ،وفعل لا والعياذ بال ،فالزنا على مصراعيه ،وقبله الربا ،
فل تلو دولة إسلمية من شره وفتنته ،واللواط يلحق بما ،والسحر قد مل الرض وأهلك
الرث والنسل ،ودمر النفس البيئة ،والطامة الكبى ،والصيبة العظمى ما يصل ف بلد
204
السلمي من شرك بال ،من تبك بالقبور ،ودعاء أهلها من دون ال ،والف بغي ال ،
والنذر لغي ال ،وهلم جرا ،فل غرابة أن تصل هذه الفت اليوم من تفجيات وقتل للنفس ،
وانتهاك للعراض من قبل السلمي أنفسهم وليس من أعدائهم ،فهاهي العتداءات تلو
العتداءات على النفس السلمة ،وعلى البيوت المنة ،وهاهي السرقات من سيارات
وعمارات ،يتركها أهلها آمنة ،ويعودون إليها وإذا با خالية أو خاوية على عروشها ،ولقد
حذرنا نب الرحة والدى صلى ال عليه وسلم من الفت ،الت تدخل كل بيت من بيوت
السلمي ،وذلك عندما يفسد أكثر الناس ،فل يعودون يعرفون الق ،ول ينكرون الباطل ،
ول حول ول قوة إل بال ،وهاك جلة من الحاديث الت تذر من وقوع الفت ف هذه المة ،
نسأل ال العفو والسلمة :
سعُو ٍد قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َيقُولُ َ " :تكُونُ فِتَْنةٌ ،
َعنْ عَ ْبدُ ال ّل ِه ْبنُ َم ْ
ج ِع ،وَالْمُضْ َطجِ ُع فِيهَا خَيْ ٌر ِمنَ اْلقَا ِعدِ ،وَالْقَا ِعدُ فِيهَا خَ ْيرٌ ِم َن الْقَائِمِ
النّاِئ ُم فِيهَا خَ ْيرٌ ِم َن الْمُضْطَ ِ
جرِي ،
ب ،وَالرّاكِبُ خَيْ ٌر ِمنَ الْ ُم ْ
،وَالْقَائِ ُم فِيهَا خَ ْي ٌر ِمنَ الْمَاشِي ،وَالْمَاشِي خَيْ ٌر ِمنَ الرّاكِ ِ
ج " ،قُلْتُ :
ت يَا َرسُو َل ال ّلهِ َ :ومَتَى َذلِكَ ؟ قَالَ " :ذَِلكَ أَيّا َم اْلهَرْ ِ
قَتْلَاهَا كُ ّلهَا فِي النّارِ " ،قُلْ ُ
ت :فَمَا َت ْأمُ ُرنِي إِ ْن َأدْرَكْتُ
سهُ " ،قُلْ ُ
ي لَا َيأْ َمنُ ال ّرجُ ُل جَلِي َ
َومَتَى َأيّامُ اْل َهرْجِ ؟ قَالَ " :حِ َ
ت إِنْ دَ َخلَ
ت يَا َرسُو َل ال ّلهِ :أَ َرَأيْ َ
ك َويَدَ َك ،وَادْ ُخ ْل دَارَكَ " ،قُلْ ُ
َذِلكَ ؟ قَالَ " :ا ْكفُفْ َن ْفسَ َ
ت إِ ْن دَ َخلَ عَ َل ّي بَيْتِي ؟ قَالَ " :
ت َ :أ َفرََأيْ َ
ك " ،قُلْ ُ
َر ُجلٌ عَ َل ّي دَارِي ؟ قَا َل " :فَا ْد ُخلْ بَيَْت َ
ع َ ،وقُلْ َرّبيَ ال ّلهُ حَتّى تَمُوتَ عَلَى
ض بِيَمِيِنهِ عَلَى الْكُو ِ
جدَ َك وَاصَْن ْع هَ َكذَا َ ،وقَبَ َ
فَادْ ُخ ْل َمسْ ِ
َذِلكَ " [ أخرجه أحد ] .
واليوم نن ف فت فالرجل يضيع حقه ،ول مطالب له ،وإن طالب به أصبح ظالا ومعتديا ،
والكثي من أصحاب القوق ،ل يأخذون حقوقهم إل بدفع الرشوة ،أو التنازل عن بعضها
مقابل الصول على بعضها ،فما ل يدرك كله ،ل يترك كله ،ولكننا وله المد ل نصل
لرحلة الفت الت يصبح الرجل حبيس بيته ،ويعتزل الناس نائيا ،وإن كنت ل أنفي وجود
الفت اليوم ،وهي موجودة لكننا نعتصم بال منها ومن ضررها وشررها .
ومت حصلت الفت فعلى السلم أن يتمسك بذا الديث الذي رواه أَبَو بَ ْك َرةَ قَالَ :قَالَ َرسُولُ
ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم ِ " :إنّهَا سَتَكُونُ فَِت ٌن َ ،ألَا ُث ّم تَكُو ُن فِتَْنةٌ ،اْلقَا ِع ُد فِيهَا خَ ْي ٌر ِمنَ
205
ت فَ َمنْ كَا َن َلهُ ِإِبلٌ
ت َأ ْو وَ َقعَ ْ
الْمَاشِي فِيهَا ،وَالْمَاشِي فِيهَا خَ ْي ٌر ِمنَ السّاعِي ِإلَ ْيهَا َ ،ألَا َفِإذَا َنزَلَ ْ
ض ِه " َ ،فقَالَ
ح ْق ِبأَرْ ِ
ض فَلْيَلْ َ
ح ْق ِبغَنَ ِمهِ ،وَ َمنْ كَانَتْ َل ُه أَرْ ٌ
ت َلهُ غََن ٌم فَلْيَلْ َ
حقْ ِبِإبِ ِلهِ َ ،و َمنْ كَانَ ْ
فَلْيَ ْل َ
ت َمنْ َلمْ يَ ُكنْ لَ ُه ِإِبلٌ َولَا َغَنمٌ َولَا أَرْضٌ ؟ قَا َل َ " :يعْ ِمدُ ِإلَى سَ ْي ِفهِ
َر ُج ٌل يَا َرسُو َل ال ّلهِ :أَ َرَأيْ َ
ت ،ال ّلهُ ّم َهلْ بَ ّلغْتُ ،
ع النّجَا َء ،ال ّلهُ ّم َهلْ بَ ّلغْ ُ
ج إِ ِن اسْتَطَا َ
ج ٍر ُ ،ثمّ لِيَنْ ُ
حَفََيدُقّ عَلَى َح ّدهِ بِ َ
ت حَتّى يُنْطَ َل َق بِي ِإلَى َأحَدِ
ت " َ ،فقَالَ َر ُجلٌ يَا َرسُو َل اللّ ِه :أَ َرَأيْتَ إِ ْن أُ ْك ِرهْ ُ
ال ّل ُهمّ َهلْ بَلّغْ ُ
ض َربَنِي َرجُ ٌل ِبسَ ْيفِ ِه َأوْ يَجِي ُء َس ْهمٌ فََيقْتُلُنِي ؟ قَالَ " :يَبُو ُء ِبإِثْ ِمهِ
صفّ ْينِ َأوْ إِ ْحدَى اْلفِئَتَ ْينِ ،فَ َ
ال ّ
ب النّا ِر " [ أخرجه مسلم ] .
صحَا ِ
ك َ ،ويَكُو ُن ِمنْ أَ ْ
َوِإثْمِ َ
قال القاضي عياض والنووي رحة ال عليهما " :الراد كسر السيف حقيقة على ظاهر
الديث ،والحاديث قبله وبعده ،ما يتج به من ل يرى القتال ف الفتنة بكل حال ،وقد
اختلف العلماء ف قتال الفتنة :
فقالت طائفة :ل يقاتل ف فت السلمي ،وإن دخلوا عليه بيته ،وطلبوا قتله ،فل يوز له
الدافعة عن نفسه ،لن الطالب متأول ،وهذا مذهب أب بكرة الصحاب رضي ال عنه وغيه
ـ وأبو بكرة مول لرسول ال صلى ال عليه وسلم ،واشتهر بأب بكرة ،لبكرة كان يدليها
للنب صلى ال عليه وسلم من حصن ف الطائف ،وقد ذكر رضي ال عنه أنه قال " :لو دخلوا
علي ما بشت إليهم بقصبة " [ أخرجه أحد ] .
ص َد َدفَعَ
وقال ابن عمر وعمران بن حصي رضي ال عنهم وغيها :ل يدخل فيها لكن إن قُ ِ
عن نفسه ،فهذان الذهبان متفقان على ترك الدخول ف جيع فت السلم .
وقال معظم الصحابة والتابعي وعامة علماء السلم ،يب نصر الحق ف الفت ،والقيام معه
بقاتلة الباغي ،كما قال تعال " :فقاتلوا الت تبغي " [ الجرات ، ] 9وهذا هو الصحيح ،
وتتأول الحاديث على من ل يظهر له الق ،أو على طائفتي ظالتي ،ل تأويل لواحدة منهما ،
ولو كان كما قال الولون لظهر الفساد ،واستطال أهل البغي والبطلون .وال أعلم "
[ إكمال العلم ، 418 / 8وشرح النووي على مسلم . ] 218 / 18
أما حديث أب بكرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إذا التقى السلمان بسيفيهما
فالقاتل والقتول ف النار " ،فقلت يا رسول ال :هذا القاتل فما بال القتول ؟ قال " :إنه كان
حريصا على قتل صاحبه " [ متفق عليه ] .
206
هذا الديث فيمن كان قتالما حية وعصبية ونوها ،ل عن تأويل واجتهاد ،ومعن أنما ف
النار :يعن قد استحقا دخولا ،فقد يعذبما ال بالنار جزاء فعلهما ،وقد يعفو عنهما بنه
وكرمه .
أما ما حصل بي الصحابة رضوان ال عليهم فل يدخل ف هذا الديث ،لنم متهدون
مصيبون ومطئون ،فمن أصاب فله أجران ،ومن أخطأ فله أجر وال يعفو عن خطئه ،
ومذهب أهل السنة والماعة كما سبق بيانه فيما سبق المساك عما شجر بي الصحابة رضي
ال عنهم ،والترضي عنهم جيعا ،وتأويل قتالم ،وأنم ل يقصدوا مصيبة ول مض دنيا ،بل
اعتقد كل فريق أنه مق مصيب ،وأن الق معه ،على خلف الطرف الخر ،فقاتل بعضهم
بعضا من أجل الرجوع إل أمر ال [ .الرجعي السابقي ] .
وعموما فالواجب على السلم حيال الفت ،أن يسك لسانه ،ويبعد نفسه عنها ،حت ل يزيد
ف إشعالا ،ويكون وقودا لضرامها ،ما ل يكن ذا رأي مسموع ،وأمر مَُنفّذ ،فهنا ينبغي أن
يتدخل ويطفئ الفتنة الواقعة بي السلمي ،وإل فعليه باصة نفسه ويتجنب أمر العامة ،ويشهد
لذلك حديث عبد ال بن عمرو قال :بينما نن حول رسول ال صلى ال عليه وسلم ،إذ
ذكروا الفتنة ،أو ذُكرت عنده ،قال " :إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم ،وخفت
أماناتم ،وكانوا هكذا ـ وشبك بي أصابعه ـ قال :فقمت إليه فقلت له :كيف أفعل عند
ذلك جعلن ال فداك ؟ قال " :الزم بيتك ،وأملك عليك لسانك ،وخذ ما تعرف ،ودع ما
تنكر ،وعليك بأمر خاصة نفسك ،ودع عنك أمر العامة " [ أخرجه أحد ] .
الديث يدل على
ما يُخرج من الفتنة :
وأما ما يُخرج من الفتنة فكثي ،هناك أسباب يفعلها السلم ،ويسلم من الفتنة ويأمن منها بإذن
ال تعال ،ومنها :
تقوى ال عز وجل :قال تعال " :ومن يتق ال يعل له مرجا " [ الطلق . ] 3
الوف من ال عز وجل :قال تعال " :ومن يتق ال يعل له من أمره يسرا " [ الطلق . ] 4
التوكل على ال تعال :قال تعال " :ومن يتوكل على ال فهو حسبه " [ الطلق ، ] 3وقال
تعال " :الذين قالوا لم الناس إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيانا وقالوا حسبنا
207
ال ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من ال وفضل ل يسسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو
فضل عظيم " [ آل عمران . ] 174-173
الستغفار :عن عبد ال بن عباس رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
" من لزم الستغفار ،جعل ال له من كل هم فرجا ،ومن كل ضيق مرجا ،ورزقه من حيث
ل يتسب " [ أخرجه أبو داود ،وابن ماجة ،وأحد ،والبيهقي ف الكبى ،والطبان ،
والاكم وقال :صحيح السناد ،وحسنه العلمة ابن باز رحه ال ] .
وذكر الندي ف كن العمال بعض الثار الرفوعة ف الستغفار :
أنزل ال علي أماني لمت .فإذا مضيت تركت فيهم الستغفار إل يوم القيامة.
عن أب موسى [ أخرجه الترمذي ] .
ف الرض أمانان أنا أمان والستغفار أمان أنا مذهوب ب ويبقى أمان الستغفار فعليكم
بالستغفار عند كل حدث وذنب " [ أخرجه الديلمي ،عن عثمان بن أب العاص ] .
ولقد كان النب صلى ال عليه وسلم يستغفر ال ف اليوم والليلة أكثر من مائة مرة ،وهو الذي
غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،وهو الذي عصمه ال عز وجل من الذنوب والعاصي ،
بل أعانه ال تعال على شيطانه فأسلم ،أفل يكون لنا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم أسوة
حسنة ،ل سيما ونن مثقلون بالذنوب ،غارقون ف العاصي ،نشي ف الثام ،فل أقل من أن
تلهج ألسنتنا بذكر ال عز وجل ،وتنطق بالستغفار ،فلستغفار سبب لحو الذنوب ،وإزالة
العاصي ،وذهاب حرها ،قال تعال " :ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ث يستغفر ال يد ال
غفورا رحيما " [ النساء ] .
ولك يكن استغفار النب صلى ال عليه وسلم من قبيل مو العاصي ،وغفران الذنوب ،فهو
معصوم من الطأ والزلل ،ولكن كان من باب جب ما يصل من نقص ف الطاعات ،ويبي
ذلك ويوضحه حديث أب هريرة رضي ال عنه قال " :ما رأيت أحدا أكثر أن يقول استغفر ال
وأتوب إليه من رسول ال صلى ال عليه وسلم " .
قال أبو حات رحه ال " :كان الصطفى صلى ال عليه وسلم يستغفر ربه جل وعل ف الحوال
على حسب ما وصفناه وقد غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،ولستغفاره صلى ال عليه
وسلم معنيان :
208
ل فكان يعلم أمته الستغفار والدوام
أحدها :أن ال جل وعل بعثه معلما للقه قو ًل وفع ً
عليه ،لا علم من مقارفتها الآث ف الحايي باستعمال الستغفار .
والعن الثان :أنه صلى ال عليه وسلم كان يستغفر لنفسه عن تقصي الطاعات ل الذنوب ،
لن ال جل وعل عصمه من بي خلقه ،واستجاب له دعاءه على شيطانه حت أسلم ،وذاك أن
من خلق الصطفى صلى ال عليه وسلم كان إذا أتى بطاعة ل عز وجل داوم عليها ول يقطعها ،
فربا شغل بطاعة عن طاعة حت فاتته إحداها ،كما شغل صلى ال عليه وسلم عن الركعتي
اللتي بعد الظهر بوفد تيم ،حيث كان يقسم فيهم ويملهم حت فاتته الركعتان اللتان بعد
الظهر ،فصلها بعد العصر ،ث دوام عليهما ف ذلك الوقت فيما بعد ،فكان استغفاره صلى
ال عليه وسلم لتقصي طاعة أن أخرها عن وقتها من النوافل لشتغاله بثلها من الطاعات الت
كان ف ذلك الوقت أول من تلك الت كان يواظب عليها ،ل أنه صلى ال عليه وسلم كان
يستغفر من ذنوب يرتكبها " [ أخرجه ابن حبان ] .
فالستغفار من أعظم القربات إل ال تعال ،ومن أعظم الذكر ،ومن أعظم ما يلجأ به الؤمن
إل ربه ليخرجه من الفت والحصن الت ربا حلت به .
الستعانة بالصب والصلة :ل شك أن النسان أيام الفت ،يتاج إل ما يسلي به نفسه ،
ويفرج عنه هومه ،ويزيل عنه كربه ،فأمر الفت عظيم ،وشرها كبي ،ولذا أرشدنا الشارع
الكري إل أمور مهمة ،نتجاوز با تلك العقبات لنواجه الفت ونذر منها ،قال تعال " :يا أيها
الذين آمنوا استعينوا بالصب والصلة إن ال مع الصابرين " [ البقرة ، ] 153وقال تعال " :
ولقد نعلم أنك يضيق صدرك با يقولون * فسبح بمد ربك وكن من الساجدين " [ الجر
، ] 98وعن سال بن أب العد قال :قال رجل :ليتن صليت فاسترحت ،فكأنم عابوا عليه
ذلك ،فقال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :يا بلل ! أقم الصلة أرحنا با "
[ أخرجه أبو داود ] ،عن أم سلمة زوج النب صلى ال عليه وسلم قالت " :استيقظ رسول
ال صلى ال عليه وسلم ليلة فزعا يقول " :سبحان ال ماذا أنزل ال من الزائن ،وماذا أنزل
من الفت ،من يوقظ صواحب الجرات ـ يريد أزواجه ـ لكي يصلي ،رب كاسية ف الدنيا
عارية ف الخرة " [ أخرجه البخاري والترمذي وابن حبان ] .
209
فعلى السلم أن يلجأ إل ال ف مواطن الفت ،وان يذر من الدخول فيها ،ولو بكلمة أو إشارة
،حت ل يشعل نارها ويكون رأسا فيها ،ويتسبب ف قتال السلمي فيما بينهم ،بل عليه أن
يعتزل تلك الفت جيعا ويبقى ف بيته ،ويغلق عليه داره ،حت تر غمامتها بسلم ،وتنقشع
غيايته بإذن ال تعال ،ونسأل ال تعال أن يقينا شر الفت ما ظهر منها وما بطن ،إنه جواد
كري .
210
وربا كان من دلئل مصداقية الديث كثرة السواق ف البلد الواحد ،فالسلعة الطلوبة تدها
ف كل السواق النتشرة ف الدينة الواحدة ،فل تتاج إل أن تتكبد الشاق ،وتركب الصعاب
،ول توب الشوارع بسيارتك من أجل الذهاب للمحل العي لشراء سلعة بأوصاف معينة ،
فما تده ف مكان ،تده ف معظم الحلت التجارية ،نظرا لكثرة السواق ،وكثرة الوزعي ،
الذين يوزعون السلع على جيع الحلت ،فالسلعة الواحدة تدها متوفرة ف كل مكان ،أو
على أقل تقدير ف معظم السواق ،ولعل ذلك تفسيا لذا الديث .
وربا كان من تفسيات تقارب السواق ،توفر وسائل الواصلت الت تنقل النسان من دولة
إل أخرى ف ساعات معدودة ،بل وإذا كانت السلعة ف مدية داخل بلد واحد ،فالسافة الت
تكون بئات الكيلو مترات تقطع ف غضون ساعة أو أقل أو أكثر قليلً .
وقد يكون من أسباب تقارب السواق ،توفر وسائل التصال الديثة كالفاكس والتلكس ،
والواتف الثابتة والحمولة ،الت قربت البعيد ،وسهلت الصعب بإذن ال تعال ،حت أصبح
الواحد يعقد صفقة تارية ف بلد يبعد عنه آلف الكيلو مترات خلل دقائق معدودة من
الزمن ،فيبيع ويشتري ،ويودع الموال ،كل ذلك خلل دقائق يسية ،وهذا مشاهد وواقع
ملموس ،يشاهده الميع عب وسائل العلم الختلفة ،عن طريق البورصات العالية ،فل يقع
رفع ف السعار أو خفض فيها إل ويعلم به التجار ف أصقاع العمورة ،فلله المد والنة على
نعمه الظاهرة والباطنة .
211
أرسلناك عليهم حفيظا " [ النساء ، ] 80وبالقابل ند أن ال تعال ف كتابه العزيز قد حذر
من خطورة مالفة النب صلى ال عليه وسلم ،وتوعد فاعل ذلك بالنار تارة ،وبنفي اليان عنه
تارة أخرى ،قال تعال " :ومن يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله
عذاب مهي " [ النساء ، ] 14وقال تعال " :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر
بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما " [ النساء ، ] 65وقال تعال
" :فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " [ النور . ] 63
وجاءت سنة النب صلى ال عليه وسلم ملئ بالحاديث الصحيحة الت تأمر باتباعه عليه الصلة
والسلم والذر من مالفته فمنها :
ض اللّهُ
َعنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :خَطَبَنَا َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َفقَا َل " :أَّيهَا النّاسُ قَ ْد َفرَ َ
ت حَتّى قَالَهَا ثَلَاثًا َ ،فقَالَ
سكَ َ
حجّوا " َفقَالَ َر ُجلٌ :أَ ُكلّ عَا ٍم يَا َرسُو َل اللّهِ ؟ َف َ
ج فَ ُ
عَلَ ْيكُ ُم الْحَ ّ
ت َولَمَا اسْتَ َطعُْتمْ ،ثُ ّم قَا َل " :ذَرُونِي مَا
ت َن َعمْ َلوَجَبَ ْ
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :لَ ْو قُلْ ُ
شيْءٍ
َترَكُْت ُكمْ َفِإنّمَا هَ َلكَ مَنْ كَا َن قَبْ َل ُكمْ ِبكَ ْث َرةِ ُسؤَاِل ِهمْ وَاخْتِلَا ِفهِمْ عَلَى َأنْبِيَاِئ ِهمْ َفِإذَا َأ َم ْرتُ ُكمْ ِب َ
َف ْأتُوا مِ ْنهُ مَا اسْتَ َطعُْتمْ َوِإذَا َنهَيُْتكُمْ َع ْن َشيْ ٍء َفدَعُوهُ " [ متفق عليه ] .
و َع ْن َأبِي مُوسَى َ ،عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم قَا َل ِ " :إنّمَا مَثَلِي وَمََث ُل مَا َبعَثَنِي ال ّلهُ ِبهِ ،
َكمََثلِ َر ُجلٍ َأتَى َق ْومًا َ ،فقَالَ يَا َقوْ ِم ِ :إنّي َرَأيْتُ الْجَيْشَ بِعَيَْن ّي ،وَِإنّي َأنَا الّنذِي ُر الْ ُع ْريَا ُن فَالنّجَاءَ
ـ يعن اطلبوا النجاة ـ فَأَطَا َعهُ طَاِئ َفةٌ ِم ْن َقوْ ِمهِ فََأ ْدلَجُوا ـ الدلة :أول الليل ـ فَانْطَ َلقُوا
ح ُهمُ
جوْا ـ وهم الذين أطاعوا ـ وَ َك ّذبَتْ طَائِ َفةٌ مِ ْنهُ ْم َفأَصْبَحُوا َمكَاَن ُهمْ فَصَبّ َ
عَلَى َمهَ ِل ِهمْ فَنَ َ
ت ِب ِه َ ،ومَثَ ُل َمنْ عَصَانِي
ش َفَأهْلَ َك ُهمْ وَاجْتَا َحهُ ْم َ ،فذَِلكَ مََثلُ َم ْن أَطَاعَنِي فَاتّبَ َع مَا جِئْ ُ
الْجَيْ ُ
حقّ " [ متفق عليه ] .
ت ِبهِ ِم َن الْ َ
وَ َك ّذبَ بِمَا جِئْ ُ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ قَالَ " :إِ ّن َأ ْهلَ الْجَّنةِ
خدْرِيّ رَضِي اللّه عَنْه َ ،ع ِن النِّبيّ َ
و َع ْن َأبِي َسعِي ٍد الْ ُ
ق َأوِ
شرِ ِ
ب الدّرّيّ اْلغَاِب َر فِي اْلأُ ُف ِق ِمنَ الْ َم ْ
ف ِمنْ َف ْو ِقهِمْ كَمَا يََترَا َءوْنَ اْلكَوْكَ َ
يََترَا َءوْ َن أَ ْه َل الْ ُغرَ ِ
ك مَنَا ِزلُ اْلأَنْبِيَا ِء لَا يَبْ ُلغُهَا غَ ْي ُر ُهمْ ،قَالَ :
ض ِل مَا بَيَْنهُ ْم " قَالُوا يَا َرسُولَ ال ّل ِه :تِلْ َ
ب ،لَِتفَا ُ
الْ َم ْغرِ ِ
صدّقُوا الْ ُم ْرسَلِيَ " [ متفق عليه ] .
" بَلَى وَاّلذِي َن ْفسِي بَِي ِدهِ ِرجَالٌ آمَنُوا بِال ّلهِ وَ َ
وعن َأبَي ُهرَْي َرةَ رَضِي اللّه عَنْه َأّنهُ سَمِعَ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم َيقُولُ ِ " :إنّمَا مَثَلِي
ش َوهَ ِذ ِه ال ّدوَابّ الّتِي
َومََثلُ النّاسِ كَمََثلِ َر ُجلٍ اسَْتوْ َق َد نَارًا فَلَمّا أَضَا َءتْ مَا َحوَْلهُ َج َعلَ اْل َفرَا ُ
212
جزِ ُكمْ َع ِن النّارِ
ج َعلَ يَ ْنزِ ُعهُ ّن َويَغْلِبَْن ُه فََيقْتَحِ ْم َن فِيهَا َ ،فَأنَا آ ُخ ُذ بِحُ َ
َتقَ ُع فِي النّا ِر َيقَ ْعنَ فِيهَا ،فَ َ
وَأنتم َتقْتَحِمُو َن فِيهَا " [ متفق عليه ] .
و َع ْن َأبِي ُهرَْي َر َة ،أَنّ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم قَالَ ُ " :ك ّل ُأمّتِي َيدْخُلُونَ الْجَّن َة ِإلّا َمنْ
َأبَى " قَالُوا يَا َرسُو َل اللّ ِه َ :ومَ ْن َي ْأبَى ؟ قَالَ َ " :م ْن أَطَاعَنِي َد َخلَ الْجَّن َة َ ،و َمنْ َعصَانِي َف َق ْد أَبَى
" [ أخرجه البخاري ] .
و َع ِن الْ ِع ْربَاضِ ْب ِن سَارَِي َة قَا َل :وَعَظَنَا َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َيوْمًا بَ ْعدَ صَلَا ِة الْ َغدَاةِ
ب َ ،فقَالَ َرجُ ٌل :إِ ّن َهذِ ِه َموْعِ َظةُ مُ َودّعٍ ،
ت مِ ْنهَا اْلقُلُو ُ
ت مِ ْنهَا اْلعُيُو ُن َ ،ووَجِلَ ْ
َموْعِ َظ ًة بَلِيغَ ًة ذَ َرفَ ْ
فَمَاذَا َت ْع َهدُ ِإلَيْنَا يَا َرسُو َل اللّهِ ؟ قَالَ " :أُوصِي ُكمْ بَِت ْقوَى ال ّلهِ وَالسّمْ ِع وَالطّا َع ِة َوإِنْ عَ ْب ٌد حََبشِيّ
ضلَاَل ٌة ،فَ َمنْ أَدْرَ َك َذِلكَ
ت اْلأُمُورِ فَِإّنهَا َ
حدَثَا ِ
ش مِ ْن ُكمْ َيرَى اخْتِلَافًا كَِثيًا َوِإيّا ُك ْم َومُ ْ
َفِإنّ ُه َمنْ يَعِ ْ
مِ ْن ُكمْ َفعَلَ ْيهِ ِبسُنّتِي وَسُّن ِة الْخُ َلفَا ِء الرّا ِشدِي َن الْ َمهْ ِديّيَ َعضّوا عَلَ ْيهَا بِالّنوَا ِجذِ " [ أخرجه أحد
ح ،وصحح شيخ
صحِي ٌ
ث َحسَنٌ َ
والترمذي وأبو داود والاكم ،وقَا َل أَبو عِيسَى :هَذَا حَدِي ٌ
السلم ابن تيمية ف القتضاء ،واللبان ف الرواء برقم . ] 2455
وقال عليه الصلة والسلم " :ما تركت شيئا ما أمركم ال به إل وقد أمرتكم به ،ول تركت
شيئا ما ناكم ال عنه إل وقد نيتكم عنه " [ أخرجه الشافعي ف الرسالة ،وقال اللبان رحه
ال :هذا مرسل حسن ،الصحيحة . ] 417 / 4
ومع كل تلك اليات البينات ،والحاديث الواضحات ،إل أننا نرى أن هناك ثلة ليست
بالقليلة من السلمي تلوا عن سنة نبيهم صلى ال عليه وسلم وزهدوا فيها ،واتبعوا سنن
اليهود والنصارى ،فكيف تفوز المة ،وتنجو من عذاب ال وأليم سخطه ،وكيف تريد
النصر والعزة والرفعة ،وهي متخلفة عن ركب الصالي ،بعيدة عن سنة سيد البطال
والشجعان ،سيد الجاهدين الفاتي ،فل بد من عودة صادقة لدين ال ،ومراجعة حقيقية
للنفس المارة بالسوء ،وأطرها على الق أطرا ،وجبها على اتباع سنة البيب صلى ال عليه
وسلم جبا ،حت تستقيم على الصراط الستقيم ،وتتمسك بالشرع القوي ،واتباع سنة
البيب صلى ال عليه وسلم .
فالسنة لغة :هي الطريقة .
213
وشرعا :ما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير [ .حاشية
الللكائي . ] 55 / 1
فمن علمات الساعة الت أخب با النب صلى ال عليه وسلم ،التهاون بالسنن ،وما أكثر
انتشار هذه العلمة من علمات الساعة اليوم ،وهي التهاون بالسنن ،والصيبة الت ل تنجب ،
والرح الذي ل يندمل ،أن هناك ثلة من السلمي تاونوا بالسنن الواجبة والت ترتب عليها
عقوبة إما ف الدنيا ،وإما ف الخرة ،غي مبالي ول مكترثي ،متبعي سنن النحلي من أهل
الكتاب ،ومن النافقي العلمانيي ،ومن غيهم من مرقوا من الدين ،ولو ذهبنا نعدد تلك
السنن التهاون با ،أو التروكة والهجورة لحتجنا إل صفحات عديدة .
فمن تلك السنن الهجورة والتروكة والنسية اليوم ما يلي :
السواك ،والصلة ف مسجد الي عند القدوم من السفر ،قبل أن يطرق بيته ،أداء السنن
الرواتب لصلة الفرائض ،وأداؤها ف البيت أفضل منه ف السجد ،الوتر ،صيام ثلثة أيام من
كل شهر ،الوصية بالنساء ،تقصي الثياب ،ترك صلة الستخارة ،ترك صلة تية السجد ،
ترك السلم وغي ذلك كثي .
ومن أهم السنن الواجبة التروكة اليوم ،حلق اللحى والساءة إليها بقص أو تذيب كما يفعله
البعض من السلمي اليوم ،وهو ف القيقة تعذيب لا ،وتغيي للق ال تعال ،قال ال تعال :
" وإن يدعون إل شيطانا مريدا * لعنه ال وقال لتذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولضلنهم
ولمنينهم ولمرنم فليبتكن آذان النعام ولمرنم فليغين خلق ال ومن يتخذ الشيطان وليا
من دون ال فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم وينيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا * أولئك
مأواهم جهنم ول يدون عنها ميصا " [ النساء . ] 121-117
فاللحية من سنن النبياء وهدي الرسلي ،بل إن العرب إذا رأوا الرجل حلق ليته انتقصوه
وعابوه واعتبوا ذلك مثلة فيه وعيبا عظيما .
ولهية اللحية ف السلم ،جُعل لا دية رجل كاملة ،فقد ذكر الفقهاء ف باب الديات ،أن
من اعتدى على لية رجل ،فتسبب ف إزالتها وعدم إنباتا مرة أخرى ،أن عليه دية كاملة ،
لنا من العضاء الواحدة ف الرجل والت تب با الدية كاملة ،وهذا مذهب الحناف
214
والنابلة ،أما الشافعية والالكية فقالوا :فيها حكومة عدل [ .الفقه السلمي وأدلته / 7
. ] 5751
والكومة :هي الدية الت ليس فيها قدر مدد ،وحكومة العدل :هي الدية الت يكم با رجل
ثقة عدل [ .الوسوعة الفقهية . ] 45 / 21
ووجه حكم الشافعي ومالك رحهما ال بكومة عدل :أن نفع اللحية هو المال فقط ،ولذا
قالوا :ف ذهابا بالناية حكومة عدل ،وقالوا :أن اللحية مثل اليد الشلء ،والعي العمياء
الباقية ،فهي كلها للزينة ،ول نفع منها ،فكذلك اللحية ل دية فيها ،وإنا فيها حكومة .
والراجح وال أعلم :ما ذهب إليه النفية والنابلة من أن فيها دية كاملة ،وهو قول علي بن
أب طالب ،وزيد بن ثابت رضي ال عنهما ،وقول :سعيد بن السيب ،وشريح ،والسن ،
وقتادة ،وقالوا :لن فيها إذهاب المال على الكمال [ .الوسوعة الفقهية . ] 74 / 21
وقال الشيخ /منصور البهوت رحه ال " :وإن اعتدى على لية شخص ،فنبت بعضها ول
ينبت الخر ،بيث ل يكون فيها جالً فتجب الدية كاملة " [ الروض الربع باشية ابن عثيمي
رحه ال . ] 975 / 2
وقال ساحة الشيخ /ممد بن إبراهيم مفت عام الملكة رحه ال " :وشعر اللحية فيه الدية
كاملة ،لنه عضو من أعضاء الرجل ،فإنا ميزة وخصيصة اختصت أشرف النوعي من
الدميي وهم الرجال ،مع المال لن يعرفون حقائق المال ،وفقدها نقص ،وهؤلء المقى
حُلق اللحى مالوا إل صفة النوثة واختاروها على صفة الرجال ،وربا لو يكن أن آلة الرجل
تُزال ويُحدث آلة امرأة ربا أن كثيا يب ذلك ،لفقد معنوية الرجولة ،فإنه إنا يتبم منها
وصار يلقها لن فيه مشابة النساء ،فكيف يرضى إنسان أن يزيل صفة الرجولة ،وكان بعض
الولة يعزر بلق اللحى " [ مموع الفتاوى . ] 345 / 11
القصود أن حلق اللحية حرام ،لنه مالف للحاديث الصحيحة الصرية بالنع من ذلك َ ،عنِ
ي َ ،و ّفرُوا اللّحَى َ ،وأَ ْحفُوا
شرِكِ َ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ قَالَ " :خَالِفُوا الْ ُم ْ
اْبنِ عُ َمرَ َ ،ع ِن النِّبيّ َ
الشّوَا ِربَ وعنه َرضِي اللّه عَنْهمَا قَا َل :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم " :أْنهَكُوا
الشّوَا ِربَ َوأَ ْعفُوا اللّحَى " [ أخرجهما البخاري ] ،و َع ِن ابْنِ ُع َمرَ َ ،عنِ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
شوَا ِربَ َوأَ ْعفُوا اللّحَى " ،وعنه َرضِي اللّه عَنْهمَا قَا َل :قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ
َوسَ ّلمَ قَالَ َ " :أحْفُوا ال ّ
215
ب وََأ ْوفُوا اللّحَى " ،و َع ْن َأبِي
شوَا ِر َ
ي َ ،أ ْحفُوا ال ّ
شرِكِ َ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :خَاِلفُوا الْ ُم ْ
ب َوأَرْخُوا اللّحَى خَاِلفُوا
ُه َريْ َر َة قَا َل :قَالَ َرسُو ُل اللّهِ صَلّى اللّه َعلَ ْيهِ َوسَ ّلمَ ُ " :جزّوا الشّوَارِ َ
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ َ " :أ َم َرنَا
س " [ أخرجها مسلم ] ،و َعنِ اْبنِ عُ َم َر ،أَنّ َرسُو َل ال ّلهِ َ
الْمَجُو َ
سنٌ
ب َوإِ ْعفَا ِء اللّحَى " [ أخرجه الترمذي ،وقَالَ أَبو عِيسَى َ :هذَا َحدِيثٌ َح َ
ِبِإحْفَا ِء الشّوَارِ ِ
صَحِيحٌ ] ،و َع ْن أَبِي هُ َرْي َرةَ ،أَنّ َرسُو َل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ قَالَ " :أَ ْعفُوا اللّحَى ،
شوَا ِربَ ،وَغَّيرُوا شَيْبَ ُكمْ َ ،ولَا َتشَّبهُوا بِالْيَهُودِ وَالنّصَارَى " [ أخرجه أحد ] .
َوخُذُوا ال ّ
فدلت الدلة على تري حلق اللحية أو أخذ شيء منها .
ومن تأمل واقع السلمي اليوم وجد أن أكثرهم مبتعدين عن سنة نبيهم صلى ال عليه وسلم ،
وتركوا أكثر السنن ،وقد جاء ذلك صريا ف الديث الذي رواه عبد ال بن مسعود رضي ال
عنه قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :إن من أشراط الساعة أن ير الرجل
بالسجد ،ل يصلي فيه ركعتي " [ أخرجه ابن خزية ف صحيحه ،وقال اللبان ف حاشية ابن
خزية :إسناده ضعيف ،لكن أوله أو لغالبه طرق أخرى ، 284 / 2وقال اللبان رحه ال
ف الصحيحة :له طرق أخرى يتقوى با . ] 253 / 2
فهناك اليوم من السلمي ف بعض الدول السلمية ،يدخلون السجد ،ول يصلون الركعتي
الاصة بدخول السجد ،وهي ما يسمى ( بتحية السجد ) مع أنه ورد ف الصحيح المر با من
قبل النب صلى ال عليه وسلم ،ففي حديث َأبَي قَتَا َدةَ بْنَ ِرْب ِعيّ الْأنْصَارِيّ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ :
س حَتّى يُصَ ّليَ رَ ْكعَتَ ْينِ "
جدَ فَلَا يَجْلِ ْ
سِقَالَ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم ِ " :إذَا َدخَ َل َأحَدُ ُكمُ الْ َم ْ
[ أخرجه البخاري ومسلم ،انظر الرواء . ] 220 / 2
والعجيب والؤسف اليوم أن هناك من الدول السلمية من جعلت الساجد وهي بيوت ال ،
طرقا ومتاحف يدخلها الكفار والفساق والفجار ليصوروا ،ويتمتعوا بالنظر ،ويأخذوا الصور
التذكارية ،ونسوا أن ال تعال أمر ببناء الساجد لقامة ذكره جل وعل ،والتسبيح والتحميد
والتهليل والتكبي ،وأداء الصلوات ،وإقامة الحاضرات والدروس العلمية ،ل لتكون متاحف
يضرها الكفار والفجار ،قال تعال " :ف بيوت أذن ال أن ترفع ويذكر فيها اسه يسبح له
فيها بالغدو والصال رجال " [ النور ، ] 36وهذا المر ل يوز شرعا ،فنحن أمة السلم
ل نرضى بان تان الساجد ،وتصبح طرقا للمشاة ،وأماكن للفرجة والسياحة ،ومشاهدة
216
للمشركي واللحدين ،وال لقد عطلت أغلب أحكام الساجد ف كثي من دول السلم اليوم
ول حول ول قوة إل بال ،وهذه علمة خطية مؤذنة باقتراب الساعة .
فعلينا معاشر السلمي أن ننكر مثل تلك المور الاصلة اليوم ف بعض البلدان السلمية ،لن
الساجد بيوت ال ،تؤدى فيها أعظم أركان السلم بعد الشهادتي أل وهي الصلة ،ومن
تعظيم هذه الشعية العظيمة ،تعظيم الماكن الت تقام فيها ،أل وإن من تعظيم شعائر ال ،
تعظيم الماكن الت تقام فيها ،فتعظيم الساجد والهتمام با وعدم اتاذها طرقا أو متنهات أو
متاحف أو أماكن للعب ذلك من تعظيم شعائر ال ،وعلمة من علمات التقوى وقوة اليان ،
قال تعال " :ومن يعظم شعائر ال فإنا من تقوى القلوب " [ الج ، ] 32وقد ورد ذكر
هذه العلمة من علمات الساعة ،فيما أخرجه الاكم ف مستدركه من حديث انس رضي ال
عنه مرفوعا " :إن من أمارات الساعة أن تُتخذ الساجد طرقا " [ وقال صحيح السناد ] .
ومن مصائب المة اليوم ،أن هناك من انتسبوا للسلم وهو منهم براء ،من العلمانيي النافقي
الارقي من الدين ،من يدعون الصلح والستقامة وقد كذبم النب صلى ال عليه وسلم ،
يصلون معنا ،ويصومون معنا ،ول تبلغ صلتم تراقيهم وحناجرهم ،يرقون من الدين كما
يرق السهم من الرمية ،هم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها والعياذ بال ،ومن
نبذهم وخالفهم فهو الق بإذن ال ،ولقد كشف ال سترهم ف هذه اليام العصيبة الدلمة ،
فعندما حصلت الحداث الؤلة الغاشة الظالة ف مدينة الرياض عام 1424هـ ،وما تبعها
من مسلسلت دموية راح ضحيتها البرياء من الواطني ورجال المن البواسل ،وراح
ضحيتها أيضا أهل الذمة والستأمني ،ث تل ذلك أحداث مؤلة عجيبة غريبة على أهل هذه
البلد الشرفة البيبة ،من وجود جاعات تريبية عابثة ف مدينت الرمي الشريفي مكة الكرمة
والدينة النبوية ،فما إن وقعت تلك الحداث حت ثارت زوبعة غبارية يتزعمها أهل العلمانية ،
ويتول كبها أهل النفاق ،وأشاروا فورا بأصابع التام إل أهل الي ،وأهل العلم من علماء
وطلب علم ،وأهل حسبة ،من رجال المر بالعروف والنهي عن النكر ،ليوقعوا الفوضى ف
البلد بي العلماء والكام ،ولكن لا كان أل سعود حفظهم ال ،ينتمون لبيت عز وشوخ
وبيت علم ورئاسة وسياسة حكيمة ،علموا تلك اللعيب والغايات السيسة الدسيسة ،
فانتبهوا لا يُحاك ضد دولتنا حرسها ال من أولئك الفجار ،فأخرسوا ألسنتهم عب وسائل
217
العلم الختلفة ،درءا للفتنة ،وسدا لبابا ،فألقموهم حجارة ،وأسأل ال تعال أن تكون ف
الدنيا قبل الخرة حجارة من سجيل منضود .
لقد نالوا من الدعاة ورجال السبة أقسى منال ،عب الصحف الحلية ،يريدون تأجيج نار
الفتنة ،وإشعال فتيلها ،فاللهم شل أركانم ،وكسر أقلمهم ،وأخرس ألسنتهم ،وجد الدماء
ف عروقهم ،فهم دعاة السوء والفساد ،والرية والتحرر الزعومتي ،حرية من الدين ،وترر
من السلم ،فاللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك ،واجعلهم أذلة صاغرين .
ولقد جاء التحذير من النافقي العلمانيي على لسان الصادق ممد صلى ال عليه وسلم ،يَقُولُ
سَألُونَ َرسُو َل اللّهِ صَلّى اللّه عَ َل ْيهِ َوسَ ّلمَ َعنِ
ُح َذيْ َفةَ ْب َن الْيَمَانِ رضي ال عنه :كَا َن النّاسُ َي ْ
ت يَا َرسُو َل ال ّلهِ ِ :إنّا ُكنّا فِي جَاهِلِّيةٍ
شرّ َمخَا َف َة أَ ْن يُدْرِكَنِي َ ،فقُلْ ُ
ت َأسَْأُلهُ َعنِ ال ّ
الْخَ ْي ِر ،وَكُنْ ُ
ت َ :ه ْل َبعْدَ
َو َشرّ ،فَجَا َءنَا اللّ ُه ِب َهذَا الْخَ ْيرِ َ ،ف َه ْل َبعْ َد َهذَا الْخَ ْيرِ شَرّ ؟ قَالَ َ " :ن َعمْ " َ ،فقُلْ ُ
ت َ :ومَا َدخَُنهُ ؟ قَا َل َ " :قوْمٌ َيسْتَنّونَ
شرّ ِم ْن خَ ْيرٍ ؟ قَا َل " :نَ َع ْم َ ،وفِي ِه َدخَ ٌن " ،قُلْ ُ
َذِلكَ ال ّ
ت َ :هلْ بَ ْع َد َذلِكَ الْخَ ْي ِر ِمنْ
ِبغَ ْيرِ سُنّتِي ،وََي ْهدُو َن ِبغَ ْيرِ َه ْديِي َ ،ت ْعرِفُ مِ ْن ُه ْم وَتُ ْن ِكرُ " َ ،فقُلْ ُ
ب َجهَّنمَ َم ْن أَجَابَ ُه ْم إِلَ ْيهَا قَ َذفُوهُ فِيهَا " َ ،فقُلْتُ يَا َرسُو َل اللّهِ
َشرّ ؟ قَا َل َ " :ن َعمْ دُعَاةٌ عَلَى َأبْوَا ِ
ت يَا َرسُولَ ال ّلهِ :فَمَا َترَى
صفْ ُه ْم لَنَا ؟ قَا َل َ " :نعَ ْم َقوْ ٌم ِمنْ جِ ْل َدتِنَا َويَتَكَلّمُو َن ِبأَْلسِنَتِنَا " ،قُلْ ُ
ِ :
ت َ :فإِنْ َل ْم تَ ُك ْن َلهُ ْم جَمَا َعةٌ
ي َوِإمَا َمهُ ْم " َفقُلْ ُ
إِ ْن َأدْرَكَنِي ذَِلكَ ؟ قَا َل " :تَ ْلزَ ُم جَمَا َعةَ الْ ُمسْ ِلمِ َ
ج َرةٍ حَتّى ُيدْرِكَكَ
ص ِل شَ َ
ك الْ ِفرَقَ كُ ّلهَا ،وََل ْو أَنْ تَعَضّ عَلَى أَ ْ
َولَا ِإمَامٌ ؟ قَالَ " :فَاعَْت ِزلْ تِ ْل َ
ت َوأَنْتَ عَلَى َذِلكَ " [ متفق عليه واللفظ لسلم ] .
الْ َموْ ُ
وهناك اليوم من يرفضون السنة النبوية ،ويرفضون تطبيق كثي من أحكامها بجة أن الزمن قد
تغي ،ول تنفع بعض أحكام السنة فيها ،ويريدون تكيم القواني الوضعية من فرنسية وألانية
وغيها لتوافق هواهم ،وتشبع رغباتم النسية واليوانية البهيمية ،ومعلوم من الدين
بالضرورة أن رفض السنة ناقض من نواقض السلم الكثية ،وأنه مالف لقتضى شهادة أن
ممدا رسول ال ،فمن نواقض السلم :
من اعتقد أن هدي غي النب صلى ال عليه وسلم أكمل من هديه ،فهذا كافر .
من اعتقد أن أحدا من الناس يسعه الروج عن شريعة النب صلى ال عليه وسلم ،فهو كافر .
218
ومن مقتضى شهادة أن ممدا رسول ال ،طاعته فيما أمر ،واجتناب ما نى عنه وزجر ،وأل
حكّم شريعة النب ممد صلى ال عليه وسلم ،ومال إل غيها
يُعبد ال إل با شرع ،فمن ل يُ َ
من القواني الوضعية فهو على خطر عظيم ،لنه ل يأت بشهادة التوحيد كاملة بل اخترمها ،
فأتى بشيء وترك آخر .
وقد ورد ف الكتاب والسنة ما يؤيد وجوب اتباع الكتابي لنما وحيان ،فمن الكتاب سبقت
الشارة إل بعض اليات ،وهذه بعض الحاديث الصحيحة الت يؤيد ذلك :
ت ِبهِ ،
َعنْ َأبِي رَافِ ٍع وَغَ ْي ِرهِ َر َف َعهُ " :قَالَ لَا ُألْفَِي ّن أَ َحدَ ُكمْ مُتّكِئًا عَلَى أَرِيكَِتهِ َ ،ي ْأتِيهِ َأ ْمرٌ مِمّا َأ َمرْ ُ
َأوْ نَهَيْتُ عَ ْنهُ فََيقُولُ :لَا َأدْرِي مَا وَ َج ْدنَا فِي كِتَابِ ال ّل ِه اتّبَعْنَاهُ " [أخرجه الترمذي وأبو داود
سنٌ صَحِيحٌ ،وصحح إسناده ساحة العلمة ابن
وأحد وابن ماجة ،وقَا َل الترمذي َ :حدِيثٌ َح َ
باز رحه ال ف مموع الفتاوى . ] 215 / 1
صلّى اللّه عَلَ ْيهِ وَسَ ّلمَ َ " :ألَا هَلْ َعسَى
و َع ِن الْ ِمقْدَا ِم ْب ِن مَ ْعدِي َك ِربَ قَالَ :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ َ
حدِيثُ عَنّي َو ُهوَ مُّتكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِ ِه فََيقُولُ :بَيْنَنَا َوبَيَْنكُمْ كِتَابُ ال ّلهِ ،فَمَا َو َجدْنَا
َر ُج ٌل يَبْ ُلغُ ُه الْ َ
فِي ِه حَلَالًا اسْتَحْلَلْنَا ُه َ ،ومَا َوجَ ْدنَا فِي ِه َحرَامًا َح ّرمْنَا ُه َ ،وإِنّ مَا حَرّمَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْيهِ
َوسَ ّلمَ َكمَا َحرّ َم ال ّلهُ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة بإسناد صحيح ،فتاوى ابن باز
. ] 215 / 1
و َع ِن الْ ِمقْدَا ِم ْب ِن مَ ْعدِي َك ِربَ َ ،عنْ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم أَّن ُه قَا َل َ " :ألَا ِإنّي أُوتِيتُ
اْلكِتَابَ َومِثْ َلهُ مَ َع ُه ،أَلَا يُوشِكُ َر ُجلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَِتهِ يَقُولُ :عَ َل ْيكُ ْم ِبهَذَا اْل ُقرْآ ِن فَمَا وَ َج ْدتُمْ
ح ُم الْحِمَا ِر الَْأهْلِيّ
ح ّل َلكُ ْم لَ ْ
حرّمُوهُ ،أَلَا لَا يَ ِ
فِي ِه ِمنْ حَلَالٍ َفَأحِلّو ُه ،وَمَا وَ َج ْدتُ ْم فِيهِ ِم ْن َحرَا ٍم َف َ
ب ِمنَ السّبُ ِع َولَا ُلقَ َطةُ ُمعَا ِه ٍد ِإلّا أَ ْن َيسْتَغِْنيَ عَ ْنهَا صَاحِبُهَا وَ َم ْن َنزَ َل ِبقَوْ ٍم َفعَلَ ْي ِهمْ
َولَا ُك ّل ذِي نَا ٍ
أَ ْن َي ْقرُو ُه َفإِنْ َل ْم َيقْرُوهُ فَ َلهُ أَ ْن ُي ْعقِبَ ُه ْم بِمِ ْثلِ ِقرَاهُ " [ أخرجه أبو داود وأحد والترمذي وابن
ماجة بإسناد صحيح ،الصدر السابق ] .
فكم هم اليوم الذين شبعوا من مال ال ،واتكئوا على الرائك ،غطرسة ونبذا للسنة ،وقد
كشف ال عوارهم ومكائدهم ،أصحاب الترف والدعة ،من طلبوا الياة الدنيا واشتروها ،
وتركوا الخرة وباعوها ،فتجدهم يتشدقون يتركون أوامر السنة ونواهيها ،زاعمي أن القرآن
ل يرد فيه دليل يرم هذا ويلل ذاك ،وقد سبقت الشارة إل أن القرآن والسنة وحيان من ال
219
لنبيه صلى ال عليه وسلم ،فما حكمه مملً ف القرآن الكري ،فحكمه مفصلً ف السنة
النبوية ،فالقرآن ل يأت بتحري كل شيء بعينه ،ولكنه قواعد وضوابط يسي عليها السلم ،
وإل لحتاج إل مئات الجلدات ،فظهرت تلك الفئة الترفة التشدقة الت تلمز سنة الصطفى
صلى ال عليه وسلم ،وتتهمها بالتشدد والتعصب ،بل وأنا ل توافق التقدم الضاري والتقن
اليوم ،فأولئك علهم غضب من ال ولعنوا با قالوا .
ولا علم علماء هذه المة حق النب صلى ال عليه وسلم على أمته ،ولا علموه من الدلة من
الكتاب والسنة الدالة على وجوب اتباع ما جاء به ،اتبعوه ول يزيغوا عنه قيد أنلة ،بل
وأوجبوا ذلك ف مؤلفاتم ورسائلهم ،وهذه بعض النماذج من ذلك :
قال شيخ السلم بن تيمية رحه ال " :السنة إذا ثبتت ،فإن السلمي كلهم متفقون على
وجوب اتباعها " [ مموع الفتاوى . ] 85 / 19
وقال ابن القيم ف تفسي قوله تعال { :فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول } قال
رحه ال " :أجع السلمون أن الرد إل الرسول هو الرجوع إليه ف حياته ،والرجوع إل سنته
بعد ماته ،واتفقوا على أن فرض هذا الرد ل يسقط بوته " [ متصر الصواعق الرسلة ] .
فمن علمات الساعة الت أخب با النب صلى ال عليه وسلم ،ظهور أناس يدعون أنم قرآنيون
،يهتدون بدي القرآن فقط ،ويرفضون السنة النبوية ول يتجون با ،ول يعتبونا أصلً
يرجع إليه ،زاعمي أنم يتبعون القرآن الكري لنه متواتر الوصول إلينا ،وأما السنة فإنا
وصلت عن طريق الحاد وهو ل يفيد إل الظن ف الكم ـ زعموا وخالفوا أهل السنة
والماعة ،بل خالفوا القرآن الذي يتبعونه ـ وقالوا :أن السنة ف بعض النصوص تالف
العقل والعلم ،فأي اتباع للقرآن والقرآن يأمرهم باتباع النب صلى ال عليه وسلم ،وقد سبق
ذكر اليات الكثي الدالة على وجوب اتباع النب صلى ال عليه وسلم ،بل وتذر من مالفته .
ومن أضاعوا السنة وتركوها وأهلوها ،وضربوا با عرض الائط ،الشيعة الروافض ،ردهم
ل ،فقد أخطئوا وأضلوا كثيا ،وضلوا عن سبيل الق ،وأعرضوا عنه ،
ال إل الق ردا جي ً
واتبعوا ما يدعو إليه الشيطان من معصية ال تعال ،ومالفة أمر نبيه صلى ال عليه وسلم ،فهم
ل يكمون السنة ،بل ول القرآن ،فضلوا عن جادة الصواب ،وللسف الشديد أن هناك فئة
من السلمي من أهل السنة والماعة ،قد أخذتم العاطفة ،وقد يكون لبعضهم مآرب أخرى
220
فدعوا إل تقريب الشيعة وأهل السنة ،ول قرابة بيننا وبينهم ،بل هم أنفسهم ل يرضون بذلك
،فل يريدون إل شيعة فقط .
وهذه نبذة متصرة مقتبسه من بعض ما تعتقده الشيعة وما تدين به من دين ،والقصد منها إظهار
ما تبطنه الشيعة وما يسمونه بالتقية عندما يناقشهم مناقش فيظهرون له غي ما يبطنون من شر
وانراف عن الصراط الستقيم ،يقابل ذلك ما يعتقده أهل السنة والماعة وما يدينون ال به مع
استعدادهم لقبول الق والرجوع إليه ،وبعد اطلعك أيها القاريء على اعتقاد كل من الطرفي
تستطيع با وهبك ال من عقل أن تعرف أيهما على الق وماذا بعد الق إل الضلل..وال
الستعان.
أو ًل /القران الكري :
أهل السنة:
متفقون على صحة القرآن الكري وسلمته من الزيادة والنقصان ويفهم طبقا لصول اللغة
العربية وهم يؤمنون بكل حرف منه وأنه منل غي ملوق وهو الصدر الول لكل عقائد
وتشريعات السلمي وأنه مفوظ بفظ ال له.
الشيعة:
يطعنون بالقرآن الكري ويشككون ف صحته وذلك عند أكثرهم وإذا اصطدم بشيء من
معتقداتم يؤلونه تأويلت عجيبة ،وكلم أئمتهم ف مصادر التشريع عندهم العتمدة لديهم أكثر
من القرآن الكري ومن أوامر الرسول الكري صلى ال عليه وسلم.
ثانيا /الديث الشريف:
أهل السنة:
عند أهل السنة الديث هو الصدر الثان للشريعة والفسر للقرآن الكري ول توز مالفة
حديث صحيح منسوب للنب صلى ال عليه وسلم .وكل الصحابة الذين صحبوا الرسول عليه
الصلة والسلم سواء من الرجال أو النساء ووثقت أحاديثهم فهم كلهم سواء عدول ثقات
رضي ال عنهم أجعي.
الشيعة:
221
ل تعتمد إل على الحاديث النسوبة لل البيت (بيت الرسول صلى ال عليه وسلم).
ويرفضون ما سوى ذلك ول يهتمون بصحة السند ويطعنون بأئمة الديث كالبخاري ومسلم
وغيها ولذلك أنكروا أغلب سنة النب صلى ال عليه وسلم والروية عن الصحابة من غي آل
البيت لبغضهم لم وقذفهم إياهم حت وصل بم المر إل تكفي كبار الصحابة رضي ال عنهم
أجعي.
ثالثا /الصحابة الكرام رضي ال عنهم أجعي :
أهل السنة:
يب أهل السنة جيع أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم الذين صحبوه وهم مؤمنون به
ويترضون عنهم ويترمونم .ويعتقدون أنم كلهم عدول فضلء كرام ويعتبون ما شجر بينهم
من خلف وغيه من قبيل الجتهاد ومعروف أن الجتهد إذا اجتهد وأخطأ فله أجر بل إنم
رضي ال عنهم هم الذين قال ال فيهم خي ما قال ف أمة فل يل لحد من الناس بعد ذلك أن
يتهمهم بشيء إذ قد مضوا ول مصلحة ف سبهم بل الطلوب هو الترحم عليهم والترضي عنهم
نسأل ال أن يرضى عنهم ويزيهم عن السلم خي الزاء .أما عن علي بن أب طلب رضي ال
عنه فأهل السنة يعتقدون أنه أول من أسلم من الصبيان وأن ال قد أكرمه بالسلم مبكرا ث
بصاهرة النب صلى ال عليه وسلم وأنه رابع اللفاء ومشهود له بالنة ث أكرمه ال بالشهادة.
فرضي ال عن جيع أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وأرضاهم.
الشيعة:
يرى الشيعة أن الصحابة قد كفروا بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم كلهم با ف ذلك أب
بكر وعمر وعثمان ومن بشره الرسول صلى ال عليه وسلم بالنة .فالكل قد كفروا وارتدوا
عن السلم إل عدد قليل يعد على أصابع اليد الواحدة ويضعون على بن أب طالب رضي ال
عنه ف مكانة خاصة الاصة.
فبعضهم يراه وصيا وبعضهم يراه نبيا وبعضهم يراه إلا .ث يكمون على السلمي بالنسبة
لوقفهم منه .ويرون أن كل من انتخب للخلفة قبله فهو ظال أو كافر ويقصدون بذلك أبا بكر
وعمر وعثمان رضي ال عنهم .ويعتقدون أن من خالف علي رضي ال عنه فهو كافر أو فاسق
222
وكذلك الال بالنسبة لن خالف ذريته .ومن هنا أحدثوا ف التاريخ فجوة هائلة من العداء
والفتراء وصارت قضية التشيع مدرسة تاريية تضي بذه التعاليم الضارة عب الجيال.
عقيدة التوحيد :
أهل السنة:
يؤمن أهل السنة بأن ال هو الواحد القهار ل شريك له ول ند ول نظي .ول واسطة بينه وبي
عبادة .ويؤمنون بآيات الصفات كما جاءت من غي تأويل ول تعطيل ول تشبيه (ليس كمثله
شيء) وأنه أرسل النبياء وكلفهم بتبليغ الرسالة فبلغوها ول يكتموا منها شيئا.
ويؤمنون بأن الغيب ل وحده .وأن الشفاعة مشروطة (من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه) .وأن
الدعاء والنذر والذبح والطلب ل يكون إل له سبحانه .ول يوز لغيه .وأنه وحده الذي يلك
الي والشر فليس لحد معه سلطة ول تصرف حيا كان أو ميتا والكل متاجون لفضله
ورحته .ومعرفة ال تب عندهم بالشرع وبآيات ال قبل العقل .الذي قد ل يهتدي ث يتفكر
النسان بعقله ليطمئن.
الشيعة:
يؤمن الشيعة بال تعال ووحدانيته ولكنهم يشوبون هذا العتقاد وينقضونه بتصرفاتم الشركية
الخرجة عن اللة أحيانا.
فهم يدعون عبادا غي ال ويشركونم معه فيقولون ف دعائهم :يا علي ويا حسي ويا زينب.
وينذرون ويذبون لغي ال ويطلبون من الموات قضاء الوائج ولم أدعية وقصائد كثية تؤكد
هذا العن وهم يتعبدون با ويعتقدون أن أئمتهم معصومون وأنم يعلمون الغيب .ولم ف
الكون تدبي مع ال ،والشيعة هم الذين اخترعوا التصوف لتكريس هذه العان النحرفة.
ويزعمون أن هناك قدرة خاصة للولياء والقطاب وآل البيت.
الغيــــب :
أهل السنة:
يعتقدون أن ال اختص بعلم الغيب دون أحد من خلقه وإنا أطلع أنبياءه ومن شاء من خلقه
ومنهم نبينا ممد صلى ال عليه وسلم على بعض أمور الغيب لضروريات معينة (ول ييطون
بشيء من علمه إل با شاء).
223
الشيعة:
تزعم الشيعة أن معرفة الغيب من حق أئمتهم وحدهم وليس من حق النب أن يب عن الغيب.
ولذلك فإن بعضهم ينسب اللوهية لؤلء الئمة .ويذهب بعض طوائف الشيعة إل أبعد من
هذا إذ يشركون أئمتهم مع ال ف اللق والتدبي .إذ ورد ف كتابم الكاف ص :126-125
(الئمة إذا شاءوا أن يعلموا شيئا أعلمهم ال إياه .وهم يعلمون مت يوتون ول يوتون إل
باختيارهم وهم يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون ول يفى عليهم شيء).
وكذلك يقولون أن عند الئمة جيع الكتب الت نزلت من ال وهم يعرفونا على اختلف
ألسنتها ص 107وعند الئمة اسم ال العظم ص .112-110
وعندهم (أي الئمة) الفر وهو وعاء من أدم فيه علم النبيي والوصيي وعلم الذين مضوا من
بن إسرائيل ص ،115وقال أبو جعفر :أن ال علّم علمه ملئكته ورسله فما علمه ملئكته
ورسله فنحن نعلمه ص .113
وقال ف كتاب الوشيعة :كان الصادق يقول :إن لعلم ما ف النة وما ف النار وأعلم كل ما
كان وكل ما يكون ولو كنت بي موسى والضر لخبتما إن أعلم منهما ولنبأتما با ليس
لماص .193
كما أنم يعتقدون أن خلق أئمتهم خلقا آخر غي خلق البشر حت أنه يتاز عن خلق وإياد سيد
اللق نبينا ممد صلى ال عليه.
فهم يقولون عن أئمتهم إذا أراد ال أن يلق المام من المام بعث ملكا فأخذ شربة من تت
العرش ودفعها إل المام يشربا فيمكث ف الرحم أربعي يوما ل يسمع الكلم فإذا وضعته أمه
بعث ال إليه ذلك اللك فكتب على عضده الين (وتت كلمة ربك صدقا وعد ًل ل مبدل
لكلماته).
فإذا قام بذا المر رفع ال له ف كل بلدة منارا ينظر به إل أعمال العباد ص 196واللئكة
تدخل بيوت الئمة وتطأ بسطهم وتأتيهم بالخبار ص .199
والئمة هم أركان الرض أن تيد بأهلها وحجته على من فوق الرض ومن تت الثرى ص
-93ج .1
ومنها ما ورد ف كتابم الكاف ص -179ج :1
224
أن المام مؤيد بروح القدس وبينه وبي ال عز وجل عمود من نور يرى فيه أعمال العباد
وكلما احتاج إليه لدللة اطلع عليه.
هذه ناذج من اعتقاداتم الباطلة ف أئمتهم با يتضح للمسلم الناشد للحق وهو ضالة كل
مؤمن أن القوم ف واد والسلم ف واد آخر وأنم ل يدينون دين الق وهم الذين يتهمون
القرآن بالنقص والزيادة ويكذبون ال إذ يقول (إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظون).
وهم الذين يكفّرون أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم الذين اختارهم ال لصحبة نبيه
صلى ال عليه وسلم .بل يطعنون ويلعنون أفضل هذه المة بعد نبيها أبابكر وعمر وعثمان
وغيهم من الصحابة الكرام رضي ال عنهم أجعي.
كما أنم مقابل ذلك يغلون ف علي بن أب طالب رضي ال عنه ويالفون آراءه ومعتقده رضي
ال عنه فهو من عقيدتم النحرفة الشركة الضالة براء.
وسوف تد ما ينقل إليك من كتبهم العتمدة ماذا يقولون ف علي رضي ال عنه وماذا يفترون
على ال وعلى رسوله صلى ال عليه وسلم وعلى علي نفسه رضي ال عنه.
فقد ورد ف كتابم تفسي البهان للبحران مقدمة ص 27أن سلمان رضي ال عنه دخل على
علي رضي ال عنه فسأله عن نفسه فقال :يا سلمان .أنا الذي دعيت المم كلها إل طاعت
فكفرت فعذبت ف النار وأنا خازنا عليهم حقا أقول يا سلمان :أنه ل يعرفن أحد حق معرفت
إل كان معي أخذ ال اليثاق ل فصدق من صدق وكذب من كذب .قال سلمان :لقد وجدتك
يا أمي الؤمني ف التوراة كذلك وف النيل كذلك بأمي أنت وأمي يا قتيل الكوفة.
أنت حجة ال الذي تاب به على آدم (عليه السلم) وبك أنى يوسف من الب .وأنت قصة
أيوب عليه السلم وسبب تغي نعمة ال عليه .فقال أمي الؤمني عليه السلم أتدري ما قصة
أيوب؟ (عليه وعلى نبينا أفضل الصلة وأزكى التسليم).
قال ال أعلم وأنت (يا أمي الؤمني) قال لا كان عند النبعاث للمنطلق شك أيوب ف ملكي
فقال :هذا خطب جليل وأمر جسيم فقال ال يا أيوب أتشك ف صورة أقمته أنا إن ابتليت آدم
بالبلء فوهبته له وصفحت بالتسليم عليه بإمامة أمي الؤمني فأنت تقول خطب جليل وأمر
جسيم فوعزت لذيقنك عذاب أو تتوب إل بالطاعة لمي الؤمني ث أدركته السعادة ب (أي
بعلي بن أب طالب رضي ال عنه) يعن أنه تاب وأذعن بالطاعة لعلي عليه السلم.
225
ومن كذبم على ال وتريفهم للقرآن الكري قولم ف كتابم الصحيح لديهم كالبخاري عند
السلمي السمى (الكلين) فقد روى عن الصومال عن جعفر عليه السلم قال( :أوصى ال نبيه
صلى ال عليه وآله "فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم" قال :إنك على
ولية علي وعلي هو الصراط الستقيم،ج .2
وذكر العياشي ف تفسيه عن أب عبدال جعفر أنه قال :الؤمنون بعلي هم الالدون ف النة
وإن كانوا ف أعمالم مسيئة وحب لعلي عليه السلم ل تضر معه سيئة وبغضه معصية ل تنفع
معها حسنة.
وكذبوا أيضا على رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث قالوا أنه قال :سعت ال عز وجل
يقول :علي بن أب طالب حجت على خلقي وثورى ف بلدي وأمي على علمي ل أدخل النار
من عرفه وإن عصان ول أدخل النة من أنكره وإن أطاعن.
وقد ذهب القوم إل أبعد من هذا فأنزلوا عليا رضي ال عنه منلة أعلى من منلة الرسول صلى
ال عليه وسلم الكري صلى ال عليه وسلم بل شبهوا عليا بال جل عما يقولون علوا كبيا
فقالوا ف تفسيهم السمى البهان ج -2ص :404أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :لا
عرج ب إل السماء دنوت من رب حت كان بين وبينه قاب قوسي أو أدن قال :يا ممد من
تبه من اللق قلت يارب عليا قال :التفت يا ممد فالتفت عن يساري فإذا علي بن أب طالب
عليه السلم.
بل وأكب من هذا الفتراء فقد قالوا لا سئل النب صلى ال عليه وسلم بأي لغة خاطبك ربك
ليلة العراج قال :خاطبن بلغة علي بن أب طالب حت قلت أنت خاطبتن أم علي؟ من كتاب
كشف الغمة ج -1ص .106
فانظر أخي ف ال كيف ترأ أعداء ال وأعداء رسوله على الكذب على ال وعلى رسوله صلى
ال عليه وسلم ،وشبهوا ال تعال عز وجل عما يقولون بعلي بن أب طالب رضي ال عنه حت
زعموا زورا وبتانا أنه اشتبه على الرسول صلى ال عليه وسلم أيكلمه ال أم علي؟ سبحانك
هذا بتان عظيم.
وقالوا أيضا عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال :لا عرج ب إل السماء رأيت عليا وأولده
قد وصلوا إليها من قبل فسلمت عليهم وقد فارقتهم ف الرض،ص .6
226
وما تقدم يظهر أن السلم ف واد وأن هؤلء القوم واد آخر .بل إن معتقداتم هذه أشد ما
اعتقده أبو لب وأبو جهل إذ ل يسبقهم إل هذه الفتريات أحد حت فرعون الذي ادعى
الربوبية ل يدع أنه صعد إل السماء بل حاول أن يبن صرحا.
أما موقفهم من أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم فمعروف تقدم نوذج منه وجلته أنم
يكفرون أصحاب النب صلى ال عليه وسلم بل يسبونم ويلعنونم با ف ذلك أبوبكر وعمر
وعثمان وغيهم من كبار الصحابة رضي ال عنهم.
وكذلك زوجات النب صلى ال عليه وسلم أمهات الؤمني ل يسلمن من أذاهم ومن اتامهم
لن بكل سوء.
حت اجتماع الصحابة رضي ال عنهم كلهم با ف ذلك علي رضي ال عنهم عندما بايعوا أبا
بكر باللفة ل يرق لم ذلك واعتبوا ذلك معصية وكفرا وضللً أن يبايع الصحابة أبابكر
رضي ال عنهم .فقد قالوا ف كتابم لسليم بن قيس ص 80و :81أن عليا رضي ال عنه قال
لسلمان رضي ال عنه :تدري أول من بايع أبابكر حي صعد النب؟ قلت ل ولكن رأيت شيخا
كبيا يتوكأ على عصاه بي عينيه سجادة شديدة التشمي صعد النب أول من صعد وهو يبكي
ويقول المد ل الذي ل يتِ حت رأيتك ف هذا الكان ابسط يدك فبسط يده فبايعه ث قال :يوم
كيوم آدم ث نزل فخرج من السجد.
فقال علي عليه السلم يا سلمان أتدري من؟ قلت ل ولكن ساءتن مقالته كأنه شامت بوت
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال علي عليه السلم فإن ذلك إبليس إل أن قال" :ولقد
صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من الؤمني".
وما يعتقد القوم ف مهديهم النتظر أنه سوف يرج ف آخر الزمان ويسمونه القائم .وأنه سوف
ييي الوتى ومن بينهم أب بكر وعمر رضي ال عنهما ويرجهما من جوار النب صلى ال عليه
وسلم صلى ال عليه وسلم ويعذبما عذابا شديدا ث يأمر بما فيقتلن ف كل يوم وليلة ألف
قتلة ويردان إل أشد العذاب .من كتاب النوار العمانية للجزائري ج 2ص .87-86
هذا ولو تتبع النسان جيع مفترياتم لوجد العجب العجاب ولكن هذه ناذج من العتقدات
لدى القوم ولو بثت ف منهجهم ف العبادة وفتاوى علمائهم لضحك منها الصبيان فضلً عن
العقلء.
227
فمما يفتون به ويعتقدون أن الشيعة مهما علموا من العاصي فهم للجنة وغيهم مهما عمل من
السنات فهم ف النار وأن ال أخرج جيع خيات الرض للشيعة وغيهم يأكلون حراما
وينكحون حراما حيث ذكر هذا ف الصراع بي السلم والوثنية( ص ز)
قال :قال ف الكاف :قال ال تبارك وتعال :لعذبن كل رعية ف السلم دانت بولية كل إمام
جائر ليس من ال وإن كانت الرعية ف أعمالا بر تقية .ولعفون عن كل رعية ف السلم
دانت بولية إمام عادل من ال وإن كانت الرعية ف أنفسها مسيئة ،ص .190
والنصوص ف كتب هؤلء ف تثبيت هذا البلء متواترة فأهل السنة الوالون لب بكر وعمر
رضي ال عنهما لن تقبل منهم حسنة .والشيعة الجاؤن لب بكر وعمر الؤمني بالمام النتظر
لن يؤاخذوا بسيئة واحدة فأظلم الشيعة صائر إل النة ول بد.
وأتقى أهل السنة صائر إل النار ول بد فهؤلء لن تنفعهم السنات وهؤلء لن تضرهم
السيئات.
ولول خشية الطالة لذكرت كثيا من معتقدات القوم الباطلة الت تبي بوضوح وجلء ،
خروجهم من دائرة السلم بالكلية ،ولا قالوه ف ذات ال تعال ،ولا تنقصوا به النب صلى ال
عليه وسلم واتموه بالطأ والزلل ،وغي ذلك كثي ،ث يأت بعض السذاج من السلمي
ويترحون على الشيعة ،ويطلبون لم الغفرة والرحة ،ويطالبون بالتقريب بي أهل السنة
والماعة وبي الشيعة ،أين عقول أولئك الناس عن عقيدة القوم الضالة ،وتبطاتم الشينة .
فمخالفة السنة الصحيحة علمة من علمات الساعة ،فنسأل ال أن يرد السلمي جيعا إل
جادة الصواب .
الستون :
سعادة لكع بن لكع َ :ع ْن حُ َذْيفَ َة ْبنِ الْيَمَا ِن قَالَ :قَالَ َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :لَا
َتقُومُ السّا َعةُ حَتّى يَكُو َن أَ ْس َعدَ النّاسِ بِالدّنْيَا لُكَ ُع اْبنُ ُلكَ ٍع " [ أخرجه الترمذي ،وقَالَ الترمذي
سنٌ ،وقال اللبان رحه ال :حديث صحيح ،انظر صحيح الترمذي / 2
َ :حدِيثٌ َح َ
، 478وصححه رحه ال ف صحيح الامع ، ] 1238 / 2و َعنْ َأبِي ُه َرْيرَ َة قَا َل :قَالَ
ي لِ ُلكَ ِع ابْ ِن ُلكَعٍ " [ أخرجه أحد
ب الدّنْيَا حَتّى تَصِ َ
َرسُو ُل ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ " :لَا َتذْهَ ُ
228
،حسن لغيه ،وإسناده ضعيف .تقيق السند . 68 / 14الرسالة ،وصححه اللبان ف
صحيح الامع ، 1217 / 2والشكاة ،انظر فيض القدير ، ] 6402 / 12و َعنِ ـ
ب الدّنْيَا
أب بردة ـ اْبنِ نِيَا ٍر قَا َل :سَ ِمعْتُ َرسُولَ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه َوسَلّ َم َيقُولُ " :لَا َتذْهَ ُ
حَتّى َتكُونَ لِ ُلكَ ِع اْبنِ ُلكَ ٍع " [ أخرجه أحد بإسناد حسن ،وهو حديث صحيح ،انظر السند
. 152 / 25مؤسسة الرسالة ] .
وقوله صلى ال عليه وسلم " :أسعد الناس " يعن :أكثرهم مالً ،وأطيبهم عيشا ،وأرفعهم
منصبا ،وأنفذهم حكما .
وقوله " :بالدنيا " يعن :بأمورها وما فيها من خيات ونعم ،فيتنعمون بنعم ال تعال ،
ويصلون على أرفع الناصب فيها ،وهذا حاصل اليوم وواقع ل ينكره أحد ،فقد تسنم الهلة
وما ل علم لديهم أعلى الراكز ،والصيبة أنم تركزوا حت ف الناصب الدينية الت ل يفقهون
من أمورها إل القليل .
وقوله " :لُكَع بن لكع " يعن :دنء النسب والسب ،وقيل :هو اللئيم بن اللئيم ،وقيل :
هو العبد ،وقيل :الحق وهو ما يستعمل ف الذم .
وقد يطلق هذا للفظ على الصغي ،ويظهر ذلك عندما جاء النب صلى ال عليه وسلم يطلب
ج النّبِيّ
السن بن علي ،كما ف الديث َ ،ع ْن أَبِي هُ َرْي َرةَ الدّ ْوسِيّ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ َ :خرَ َ
ق بَنِي قَيُْنقَاعَ ،فَجَلَسَ
صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ فِي طَاِئفَ ِة الّنهَا ِر لَا يُكَلّمُنِي َولَا أُكَلّ ُم ُه حَتّى َأتَى سُو َ
ت َأنّهَا تُلِْبسُ ُه سِخَابًا َأوْ
ت فَاطِ َم َة َفقَالَ َ " :أَث ّم لُكَعُ ؟ َأثَ ّم لُكَعُ ؟ فَحََبسَ ْت ُه شَيْئًا ،فَظَنَ ْن ُ
ِبفِنَا ِء بَيْ ِ
ب َمنْ يُحِّبهُ " [ ،متفق
ُت َغسّ ُلهُ ،فَجَاءَ َيشْتَ ّد حَتّى عَاَن َقهُ َوقَبّ َلهُ َ ،وقَا َل " :ال ّلهُ ّم َأحْبِبْ ُه َوأَحِ ّ
عليه ] ،ولبيان أن القصود بلكع ف الديث السابق هو السن بن علي ،أورد هذا الديث
ت مَعَ َرسُولِ ال ّلهِ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم فِي سُوقٍ
أيضا َ ،عنْ أَبِي ُه َرْي َرةَ َرضِي اللّه عَنْه قَالَ :كُنْ ُ
س َن ْبنَ عَ ِليّ ،
حَع الْ َ
ت َ ،فقَالَ َ " :أْينَ لُكَعُ ؟ ثَلَاثًا ،ادْ ُ
ص َرفْ ُ
ف فَانْ َ
صرَ َ
ِم ْن أَ ْسوَاقِ الْ َمدِيَنةِ فَانْ َ
ب َ ،فقَالَ النِّبيّ صَلّى اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّل َم بَِي ِدهِ
سنُ ْبنُ عَ ِل ّي يَ ْمشِي َوفِي عُُن ِق ِه السّخَا ُ
حََفقَا َم الْ َ
س ُن بَِي ِدهِ َهكَذَا ،فَالَْت َزمَ ُه َ ،فقَا َل " :اللّ ُه ّم إِنّي أُحِّبهُ فََأحِّبهُ َ ،وَأحِبّ َم ْن يُحِّبهُ
حََهكَذَا َ ،فقَالَ الْ َ
س ِن ْبنِ عَ ِليّ َب ْعدَ مَا قَالَ َرسُولُ ال ّلهِ صَلّى
حَب ِإلَ ّي ِمنَ الْ َ
" َوقَا َل َأبُو ُهرَْي َرةَ :فَمَا كَانَ َأ َحدٌ َأحَ ّ
229
اللّه عَلَ ْي ِه وَسَ ّلمَ مَا قَا َل " [ أخرجه البخاري ] ،والسّخَاب :خيط من الرز يوضع ف العنق
كالقلدة [ .تفة الحوذي . ] 453 / 6
وكم من لكع اليوم بي أبناء السلمي ،يتحكم ف مصالهم بتانا وكذبا ،ويرعى أمورهم زورا
وادعاءً .
وكم من لكع اليوم نشاهده يتشدق ويرتقي مرتق ًى ليس له ول لمثاله ،ويلحق الزائم بأهل
العلم والدعاة الخلصي ،وهو ل أصل له .
وكم من لكع رفع رأسه ،وهو حقي ذليل ،ل يعرف من الدين إل اسه ،أسلم ببطاقته
وهويته ،وف القيقة مرق من الدين برمته ،يرى السلمي من حوله يقتلون ويذبون
ويضطهدون ويسجنون وتنتهك أعراضهم ،وتدم منازلم ،وتغتصب أرضهم ،وهو فاغر فاه ،
مسطر قبلته على الباه ،أو متحيزا إل فئة من الكفار ،واقفا سدا منيعا ضد شعوب السلمي
،تارة يقولون بالتقريب مع اليهودية والنصرانية ،وأخرى يقولون بارطة الطريق ،وثالثة
يقولون بالسلم مع قتلة النبياء ،ورابعة يتنازلون عن بعض أراضي السلمي ف مقابل السلم
ل عن أن يقره الدين .
الزعوم الذي ل يقره عرف فض ً
وف خضم هذه الفت الت ظهرت اليوم من تفجيات وقتل للبرياء ،واحتلل لبلد السلمي ،
رفعت فئام من اللكع رؤوسها ،وأرى أنه قد حان قطافها ،تتبجح بالوقوف ضد تقدم السلمي
،وتوقف تيارات الغضب العارمة إزاء ما يدث للمسلمي من مذابح جاعية ،ويقولون :أنه ل
ين الوقت للوقوف ضد العداء ،إذا ل ين الوقت الن ،فمت سيحي إذن ؟
إن الكفار قد كشروا عن أنيابم ،ول بد من إيقافهم والخذ على أيديهم ،بقينا مئات السني
ونن ننتظر مت تأت هذه الفرصة ،ومت سيحي الوقت للقضاء على شعارات الغرب وغاراته ،
فل أظنها ستأت تلك الفرص إل إذا ظهر الهدي وابن مري عليه السلم .
فالاصل أن الال والاه والناصب ف آخر الزمان ـ وهو هذا الزمان والعلم عند ال ـ تكون
ف أيدي اللئام بن اللئام ،وأنم سيكونون أسعد الناس بنعيم الدنيا الزائل ،وملذاتا الفانية ،
والوجاهة الغي دينية .
فنسأل ال أن يقيض للمسلمي من يقودهم إل عزهم ومدهم ،من ل يريدون الياة الدنيا
وزخرفها ،من باعوا الياة الفانية ،من يريدون وجه ال والدار الخرة ،من يسعون لتطهي
230
الرض من رجس الوثنية ،وبراثن الشركية والشتراكية ،وترير مقدسات السلمي ،وتطهي
أراضيهم ،وإعادة متلكاتم الغتصبة ،حت يعود المن والمان ،ولكن مت يكون ذلك ،أقول
كما قال ال تعال " :قل عسى أن يكون قريبا " [ السراء ، ] 51وكما قال تعال " :أل
إن نصر ال قريب " [ البقرة . ] 214
الاتة :
وبذا نكون قد انتهينا من أشراط الساعة الصغرى ،وبقي بعد ذلك ،أشراط الساعة الكبى ،
والت سيكون لا بث مستقل بإذن ال تعال ،ول شك أن الؤمن ل تر عليه هذه العلمات
هكذا دون أن يكون قد انتفع منها بشيء ،وأعظم ذلك زيادة اليان ،والوف من ال تعال ،
وأن يأخذ منها العب ،ويستقصي العظات ،فيكون مجاما عن الشر والسوء ،مقداما لفعل
الطاعات واليات ،ويرص كل الرص على التزود من هذه الدنيا بالعمل الصال الذي يقربه
من ربه زلفى ،والذي يرفع من درجاته ،ويكثر من حسناته ،ويط من سيئاته .
وبعد فتلك جلة من أشراط الساعة جعتها وشرحت ما تيسر ل من شرح عليها ،واقتبست ما
وقع تت يدي من مؤلفات تص الوضوع ،وهاأنذا أقدمها حديقة يانعة ،ليقتطف من زهورها
المام والطيب والداعية والحاضر والواعظ والعلم والطالب ،ليقدمها ف الجتمع الذي يكون
متحدثا فيه ،ويصيغها ف قالب يفيد الستمع ،مع اعتبار الوقت والزمن ،فما كان من صواب
وإصابة ف الوضوع فهو من فضل ال علي وعلى الناس ولكن أكثرهم ل يعلمون ،وما كان
من خطأ وزلل فأستغفر ال منه ،وأعوذ بال أن أقول عليه أو على رسوله ما ل علم ل به ،
كما أسأله جل شأنه أن يعل هذا العمل خالصا لوجهه عز وجل ،وأن ينفع به جيع السلمي ،
وأن يعله ف موازين السنات ،وأن يرفع به الدرجات ،إنه سيع قريب ميب الدعوات ،
ونسأل ال العظيم رب العرش الكري ،أن ين علينا بالعلم النافع والعمل الصال ،اللهم علمنا
ما ينفعنا وزدنا علما ،اللهم أحسن عاقبتنا ف المور كلها ،وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب
الخرة ،اللهم اجعل آخر أعمالنا خواتها ،وآخر أيامنا أواخرها ،اللهم ل تعل الدنيا أكب
هنا ،ول مبلغ علمنا ،ول إل النار مصينا ،واجعل النة هي دارنا وقرارنا ،ونبنا برحتك
من النار يا عزيز ياغفار ،اللهم آمنا ف أوطاننا ،وأصلح أئمتنا وولة أمورنا ،واجعل وليتنا
فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك ،برحتك يا أرحم الراحي ،ربنا آتنا ف الدنيا حسنة ،وف
231
الخرة حسنة ،وقنا عذاب النار ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي ،
والمد ل رب العالي .
كتبه
يي بن موسى الزهران
إمام الامع الكبي بتبوك
غفر ال له ولوالديه ولميع السلمي بنه وكرمه
232