Professional Documents
Culture Documents
هذه شهادة من ـ سعيد الكردي ـ الرئيس السبق لمخابرات نظام ـ آل سعود ـ في "عهد سعود" أدلى بها في لحظة ألم
داخلي لهول ما عرفه عن جرائم ـ آل سعود ـ في الحجاز وغير الحجاز حينما استشاره الوزير السبق للدفاع في نظام
ـ آل سعود ـ المير مشعل بن عبد العزيز في مجلسه في جده ـ أثناء الحديث عن الحجاز ـ عندما قال مشعل متباهيًا
بغطرسة ( :ليس لحد من هذا الشعب علينا منّة ول معروف ,لقد أخذناكم ـ يقصد الحجازيين ـ بالسيف مثلما أخذنا
نجد وغيرها)… حينها استشاط سعيد كردي غضبًا متصنعًا البتسام وقال( :ل يا طويل العمر!… لقد كنت أنا من قادة
جنود الشريف حسين بن علي الذين حاربوكم في الطائف ،وكنت من قادة جيش الشريف علي بن الحسين الذين حاربوكم
في الرغامة في جدة.
وأنا الن رئيس استخباراتكم ولدي من المعلومات سابقًا وحاليًا الشيء الكثير… وال لو اعتمدتم على جمالكم وسيوفكم
العتيقة لما دخلتم الحجاز وحكمتموه لحظة واحدة ،ولكنها مدافع النكليز وبواخرهم وأسلحتهم الهائلة وإرادتهم المصرّة
على تسليمكم عرش الحجاز بعد أن رفض الحسين مطلب النكليز بتقسيم الوطن العربي إلى دويلت ورفض إعطاء
فلسطين لليهود ووافق والدكم على ما رفضه الحسين ،هذا هو السبب الول ،والسبب الثاني هو أن النكليز استطاعوا
إغراء "الشريف" خالد بن لؤي ضد أبناء عمه الحسين وأولده فقادكم ابن لؤي إلى بلده ،وأما أنا ،فانظر ـ يا سمو
المير ـ إلى أسناني :إنها كأسنان بقية الجنود التي تساقطت من حصار الجوع والعطش الذي فرضته البوارج الحربية
النكليزية على الحجاز لصالح والدكم ،فمنعت قوات النكليز عنّا وعن المواطنين الطعام الوارد من البحر ومنعوا الماء
في الوقت الذي نرى جنود والدكم في مخيم الرغامة وغيره يكّدسون فضلت الطعام ويسكبون المياه في الصحراء ,وكنا
نحن بحاجة إلى ما يسدّ الرمق ،أما السلحة التي تفرغها البوارج النكليزية لجند والدكم فكنا نراها مكدسة كالتلل ،ونحن
ل سلح يذكر لدينا… ول ذخيرة … هذه هي السيوف الحقيقية التي أخذتم بها الحجاز وغيره ـ يا طويل العمر ـ ول
تحرجني حتى ل أقول أكثر من هذا!! .ل تحرجني أن أقول إنكم لم تجرؤوا على مزايدة الحسين بالدين ،في الوقت الذي
أطلقتم على ـ ابن الرشيد ـ أنه كافر بالدين واتهمتم أهل نجد وعسير واليمن والحساء والجوف بالكفر؟)… فعضّ
المير مشعل على شفته… وحيث لم يجد الجواب ،قال( :ظننّاك كردي و"آتاريك" عربي ,وظننّاك صديق لنا وآتاريك ـ
عدو ـ قديم ـ يا رئيس استخباراتنا)! ..فقال الكردي( :السلم جمع الناس على حق)!…
وكان فيصل وآل فهد في تلك الفترة قد نسّقوا خططهم للتخلص من الخصوم الذين يقفون إلى جانب الملك سعود وغيره،
ولن ـ سعيد الكردي ـ كان رئيس المخابرات في عهد سعود وكانوا يعملون للتخلص من سعود نفسه فقد تخلصوا من
أعوان سعود ومنهم سعيد الكردي بأن دسّوا له الس ّم الذي اشتهر آل سعود بإتقان وضعه للخصوم… ومما يُشهد به
لسعيد الكردي أنه كان يتستّر على العناصر الوطنية بل كان يذهب لمن ترد بحقه معلومات تقول :إنّه يتكلم أو يعمل ضد
احتلل آل سعود فيحذّره من مغبة أعماله وينصحه!… وحينما يجد سعيد الكردي من يثق بهم كان يتكلم ضد الوضع وضد
ـ آل سعود ـ وكان يقول( :لقد قاومنا حصارهم لجدة لحبا في الشريف حسين وأولده ,ولكن لن آمالنا بالشريف
حسين وطموحاته كانت كبيرة ,ولقد شارك معنا مجموعات من أهل حائل وأهل الرس في نجد وكذلك مجموعات من
الفلسطينيين والسوريين أمثال ـ زيد الضرس ـ وغيره ،على أساس أن الحسين هو قائد الثورة العربية الوحدوية
الموعودة ,وأثناء الحصار أخذ النكليز يتصلون بجدة من الداخل لتقوية "عملئهم من آل سعود فيها" ممن أصبح يطلق
عليهم أبناء الحجاز "عملء الوهابية"… .وأخذ عبد العزيز يقيم في بيوتهم كلما جاء إلى الحجاز إلى ما قبل موته… ومن
ضمنهم "محمد نصيف" وبهذه الطريقة وغيرها تم الستيلء على "جدة" في يوم السبت 3جمادى الخرة 1344هـ 20
ديسمبر 1925م .ويقول الكردي ( :وبعد مجزرة الطائف ،خلع النكليز على "عبد العزيز" لقب "إمام المسلمين" نكاية
بالملك حسين الذي لقب نفسه "ملك المسلمين" وكان عبد العزيز إلى ما قبل احتلله للحجاز يحارب الملك حسين "لنه
كافر" وأن من أسباب كفره "أنه أطلق على نفسه لقب… الملك… وملك المسلمين أيضا ..وليس للمسلمين ملوك)…
وهكذا يحرّم ـ ابن سعود ـ على غيره ما يبيحه لنفسه… وقد نكث عبد العزيز عهوده كافة التي قطعها على نفسه
لحجاج المسلمين الذين وفدوا للحج أثناء محاصرته وأسياده النكليز لمدينة جدة وزعم "أنه ما جاء إل ليحارب الملكية
الباطلة في القرآن وأنه سيدعو المسلمين كافة لعقد مؤتمر في مكة ينتخب فيه المسلمون حكومة للحجاز وينتخبون من
يريدون حاكمًا لهم"… .ولكنه كذب… وأعلن نفسه ملكا بمجرد أن ولّه النكليز على جدة والمدينة… مما أثار الرأي العام
العالمي وأغضب المسلمين عامة) .الخ .وهذا ما توضحه رسالة بعث بها مستشار ـ آل سعود ـ الخاص "حافظ وهبه"
(عضو مجلس الربع) وأكبر مستشاري عبد العزيز بعد ـ جون فيلبي ـ بعد أن ذهب حافظ وهبة إلى مصر محاول خداع
الشعب العربي في مصر بعد أن عجز عن خداعه فيلبي وأمين الريحاني اللذان زعما "أن عبد العزيز ـ يرفض الملكية
وأنه ـ إمام الصالحين فقط" ،وكان الرأي العام في مصر قد أغضبته تصرفات عبد العزيز وجرائمه وإعلنه لنفسه ملكًا
على الحجاز… وهذا هو نص رسالة حافظ وهبة التي لم يخف فيها شدة غضب الرأي العام على الملك الدجّال عبد العزيز
الذي استاء منه حتّى حافظ وهبة من إعلنه لنفسه ملكا ,وأوضح ذلك في الرسالة التي بعثها له من القاهرة ـ ولم يلقبه
ـ بالملك ـ فيها( :من حافظ وهبة إلى صاحب الشوكة والعظمة المام عبد العزيز بن عبد الرحمن :أفيدكم بأن "روتر" قد
نشرت اليوم تلغرافا بأنكم ناديتم بأنفسكم ملكا على الحجاز فإن كان هذا المر صحيحا فقد غشكم من أشار عليكم بذلك لن
هذه المسألة أثارت الرأي العام في الخارج ضدكم ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى أنه ل ينطبق مع العهود التي قطعتموها
على أنفسكم أمام العالم السلمي في تشكيل حكومة الحجاز ولو تريثتم لحين انعقاد المؤتمر السلمي وتقرير مصير
البلد لكان خيرًا وأبقى ،والنتيجة كانت لكم في النهاية ،ويظهر أن هنالك يدًا أثيمة حسّنت في نظركم هذا المر حتّى
تقضي على فكرة المؤتمر السلمي وتقضي في الوقت نفسه على سمعتكم… 21يناير . )1926
فهد التويري