Professional Documents
Culture Documents
الوجود السلمي
في المريكتين قبل
كريستوف كولومب
ماضرة من إلقاء مؤسس علم القليات السلمية ،ورائد الدعوة السلمية ف أوروبا وأمريكا ،الستاذ الدكتور الشهيد علي بن النتصر الكتان ،رحه
ال تعال ،ألقاها ف جعية الشرفاء الكتانيي للتعاون والثقافة ،حدود أكتوبر من عام 2000
الموضوع حقيقة في غاية الهمية ،وشيق جدا ،وأنا ابتدأت في التعرف عليه منذ كنت مقيما في أميركا .وبصفة
عامة؛ فالتاريخ – كما يقول الميركان أنفسهم – هو قصة المنتصرينHistory is a story of the" :
،"rankersمعناها :أنه عندما نسمع باكتشاف أميركا من طرف كريستوف كولومب ،لول أن بعد اكتشاف
أميركا أصبح الوروبيون بصفة عامة هم المهيمنين على العالم؛ لكانت قصة اكتشاف أميركا من طرف
الوروبيين خرافة بديهة .لنه لم يكتشفها كريستوف كولومب ،بل كانت معروفة من لدن كثير من الشعوب،
خاصة الشعوب السلمية.
وعرضي هذا سوف أبنيه على ثلثة كتيبات:
الول: الكتاب
2
كتاب مهم جدا في طريق الصدور ،والذي عندي هو نسخة عنه من النترنت ،مكتوبة بالسبانيةAfrica" :
،"versus Americaوكتبته لويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو،"Luiza Isabel al ferris Do Tolido" ،
وهي دوقة مدينة سيدونسا " ،"Cedoniaوهي سليلة إحدى أكبر العائلت السبانية ،ول زالت تعيش في قصرها
قريبا من مدينة سان لوقا دو باراميدا " ،"San Luca De Paramidaقرب نهر الوادي الكبير في الندلس،
وعندها مكتبة ووثائق فريدة من نوعها ،بصفة عامة ،عن تاريخ الندلس ،وبصفة خاصة عن الوجود السلمي
في أمريكا قبل كريستوف كولومب ،لن أجدادها كانوا حكام إسبانيا وكانوا جنرالت في الجيش السباني،
وكانوا حكام الندلس وأميرالت البحرية السبانية .فالوثائق التي في ملكها تعتبر هامة جدا.
الثاني: والكتاب
هو مجموعة مقالت استكتبتها أنا والدكتور مختار امبو بتمويل من رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري،
ضمن موسوعة عن الوجود السلمي في العالم اليوم ،مجلدان منها عن السلم في أمريكا .أول مقال فيها كتبه
عبد ال الحكيم كويك ،وهو أمريكي مسلم ،أستاذ في جامعة تورنتو ،وله تاريخ نضالي في أمريكا .كان من
مجموعة بلك تايغرز " ،"Black Tigersوكان من المشهورين .ومقالته هاته عن السلم في أمريكا قبل
كريستوف كولومب ،وهي مقالت موثقة ومهمة جدا.
الثالث: الكتاب
مهم جدا ،بالنجليزي ،واسمه الميلنجر " ،"The Malingersاسم إذا رآه شخص ل يعيره اهتماما ،يسمونهم
أحيانا " ،"The white of the Appalachiansجبال البالش ،تقع في شرق الوليات المتحدة ،وبها سكان
يسمونهم "ميلونجونز" ،أحدهم اسمه" :براند كينيدي" " ،"Brand Kennedyكتب كتابا عن أصول الميلونجونس
بتمويل من جامعة فرجينيا الغربية ،وتبين أن أصولهم إسلمية من أندلسيي البرتغال ،وبقيت فيهم عادات
إسلمية إلى الن ،ومن أهم الشخصيات التي تنتمي إلى هذه الطبقة من الناس" :أبراهام لينكولن"Abraham" ،
،"Lincolnوتحرير أبراهام لينكولن للعبيد كان انتقاما للندلس من النصارى بطريقة غير مباشرة ،إذ إن
التاريخ ل يمسح بهذه السهولة.
بهذه المقدمة الشيقة أريد أن ألخص لكم أهم نقاط محاضرتي ،وهي:
أول :ما هي البراهين التي تثبت الوجود السلمي في أمريكا قبل كريستوف كولومب؟.
ثانيا :هل هذا الوجود قبل كريستوف كولومب مازالت له آثار إلى الن ،أم مسحت؟ .وهذا السؤال ناتج عن
اهتمامي بمستقبل السلم حول العالم ،وهو ما أسميه ،"Residual Islam around the world" :توجد شعوب
بأكملها وهي من بقايا السلم في مختلف بقاع القارات الخمس ،ومعنى ذلك :أن رجوع السلم إليهم يعتبر من
أسهل ما يكون ،ونأتي بأمثلة عن أمريكا.
بعد هذه المقدمة أريد أن أرجع إلى القول بأن اكتشاف أميركا من قبل كرستوف كولومب إنما هو كذبة صريحة،
لن الن هناك براهين مستفيضة بأن السكندنافيين وصلوا إلى أمريكا ألف عام قبل كريستوف كولومب ،مثال
ذلك تول هايير داليدا " ،"Toll Hoyer Da lidaالذي كما تعرفون خرج من مدينة آسفي بالمغرب بباخرة صفها
بورق البردي " ،"Papyrusوقطع المحيط إلى أميركا بسهولة ،وبرهن بذلك أن قدماء المصريين ذهبوا كذلك
إلى أميريكا.
إذا؛ فالعلقات مع أميركا كانت متواصلة قبل السلم وبعده ،وبصفة خاصة بعد السلم من طرف الشعوب
السلمية .إذن فإن لفظة "اكتشاف" ،كلمة تعتبر خرافة مرت علينا ونعلمها لطفالها ،وهذا الذي سأذكره ل يعلّم
لحد في المدارس السلمية ول في غيرها ،إذ إن معظم الوثائق الباقية هي الن في الغرب ،ومع السف
الشديد فوثائقنا العربية ليس عندنا منها شيء ،لن باحثينا لم يبحثوا ،ولو بحثوا لوجدوا.
3
الوثائق القديمة لن يقولوا "القارة المريكية" ،إذ أنه لم يكن طبعا؛ سيجد الباحث صعوبة في البحث ،لنه في
تقسيم القارات سابقا إلى قارات كما نقسمها الن ،ففي الماضي كانوا يقسمون العالم إلى مناخ ،مناخ كذا وكذا.
فعندما يتكلمون عن إفريقيا يتكلمون عن مناخها ،ويعدون أمريكا من إفريقيا.
سأقسم حديثي عن الوجود السلمي في أمريكا قبل كريستوف كولومب إلى منطقتين اثنتين:
فالولى :من المغرب والندلس.
الثانية :من إفريقيا العربية السلمية ،وكلها إسلمية طبعا.
:
أول؛ القرائن والثار الموجودة الن في هذا الوقت ،الكلمات ،والثار اللغوية :ففي لغة الهنود الحمر هناك كلمات
عربية وأمازيغية بكثرة ،ول يمكن أن تكون موجودة إل بسبب وجود عربي أو أمازيغي قديم هناك ،القرائن
التاريخية التي جاءت في الكتب القديمة – العربية وغير العربية – والثار الموجودة إلى الن رغم المجهود الكبير
الذي عمل عليه السبان ،بعد كريستوف كولومب لمسح أي أثر للسلم أو الوجود السلمي في القارة الميريكية،
وذلك طبعا لتحريف التاريخ.
العرب قديما كانوا يسمون المحيط الطلسي بحر الظلمات .إذا نظرنا إلى القرائن الركيويوجية (الثرية) ،نجد أنه
اكتشفت كتابات كوفية في أميريكا الجنوبية بالعربية ،فمن أوصلها إلى هناك؟ .واكتشفوا في عدة أماكن كنوزا تحوي
عملت ذهبية رومانية وأخرى إسلمية .وفي العادة إذا اكتشف كنز في محل ما فإن تاريخ ضرب العملة الذي فيه
يعتبر تاريخ وصول الكنز إلى المحل المذكور ،وذلك طبيعي في البحث العلمي .وآخر عملة اكتشفوها كانت للقرن
الثامن الميلدي ،أي أن ثمة باخرة إسلمية وصلت في القرن الثامن الميلدي إلى ذلك المحل وتركت ذهبها هناك.
دعنا نقارن ما ذكرناه -وما وهو إل غيض من فيض أمثلة أخرى كثيرة -بما جاء في بعض أمهات الكتب العربية.
مثل :أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي؛ ذكر في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" المكتوب عام 956
ميلدية ،أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن السود ،عبر بحر الظلمات مع جماعة من
أصحابه إلى أن وصل إلى الرض وراء بحر الظلمات ،ورجع سنة 889م ،ربما من قرأ هذا الكلم في زمنه اعتبر
المؤلف مخرفا ،وهنا عندي قطعة من كلم المسعودي ربما أترجمها لكم لحقا ،وهو كلم متعلق بمغامرة
الخشخاش.
وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الرض التي وصلها ،ووصفهم ،بل لما رسم المسعودي
خريطة للعالم ،رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها :الرض المجهولة .فيكون رسم أرضا هناك ولم يدّع أنه ليس
بعد بحر الظلمات أي أرض ،كما كان يدعيه الوروبيون في خرائطهم وكتبهم.
أي إنه في القرن التاسع الميلدي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات ،وليست هي الهند كما
ادعاه كريستوف كولومب ،والذي ذهب إلى تلك الرض وعاد وعاش ومات ،وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند،
لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة .ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي الوروبيون أمريكا بالهند الغربية "
."L’Inde Occidental. West India
وثمة وثيقة تاريخية أخرى عندنا في التاريخ العربي؛ وهي قصة ذكرها عمر بن القوطية ،وهي حديثه عن رحلة
ابن فروخ الندلسي عام 999م ،ومما يظهر من كلمه :أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا ،غير أنه زار جزر
كناريا " ،"Canariesفي المحيط الطلسي ،وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الطلسي ،ووصف أهالي
كناريا ثم عاد إلى الندلس.
وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت ،وربما يعرفها جميعنا ،وهي قصة الشريف الدريسي الذي عاش في
القرن الثاني عشر الميلدي بين 1180-1099م ،والذي كان من سبتة ،شريفا حمّوديا إدريسيا ،وكان هو العالم
4
الجغرافي الذي اصطفاه "روجر" ،الملك النورماندي لصقلية ،الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين
تجاه السلم ،ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم.
ففي كتابه "الممالك والمسالك" جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم :جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة "
،"Lisbonوكانت في يد المسلمين وقتها ،وقطع هؤلء المغامرون بحر الظلمات ،ورجع بعضهم ،وذكروا قصتهم
وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها .والغريب في المر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون
بالعربية هناك.
وإذا كان أناس يتكلمون بالعربية هناك فهذا دليل على أن أناسا كثيرين وصلوا قبلهم إلى هناك ،حتى تعلم أهلها
العربية ليكونوا ترجمانا بينهم وبين الملوك المحليين ،وعلى أنه كان هناك وجود إسلمي في ذلك التاريخ على تلك
الرض .الوصف الذي أعطاه هؤلء المغامرون يظهر أنه وصف للجزر الكارابية ،كوبا أو إسبانيول ،أو غيرهما
من جزر البحر.
وهناك أمثلة أخرى في اللغة وغيرها .فأعطي في اللغة أمثلة كذلك :فالوروبيون رسموا خريطة لمريكا ،ومنها
خريطة لفلوريدا ،وذلك عام 1564م ،ذكروا فيها مدنا ذات أسماء توجد في الندلس والمغرب .ولكي تكون أسماء
عربية هناك ،فبالضروري كانت هجرة عربية قبل المائة أو المائتي عام على القل .مثل :في الخارطة هناك مدينة
ميارقة ،وواضح أنها تحريف لميورقة ،وهي جزيرة من الجزر الشرقية المسماة الن بالبليار ،ومدينة اسمها
كاديكا ،وهي تحريف لقادس الواقعة جنوب الندلس .وأخرى اسمها "مارّاكو" تساوي :مراكش...إلخ.
دوقة مدينة سيدونيا ،بناء على وثائقها كتبت كتابا في غاية الهمية على إثر تشجيع مني ،حيث إنني في دراساتي
عن الموريسكيين اكتشفت شيئا غريبا جدا ،ما هو؟.
اكتشفت بأنه عام 1644م ،قامت مؤامرة في الندلس لتحريرها من إسبانيا ،وإعادة الدولة السلمية فيها ،دخلت
في هذه المؤامرة فئات أربع:
أول :ملك البرتغال ،وذلك أول استقللها الذي كانت أضاعته من قبل بعد هزيمتها في معركة واد المخازن،
وانضمت إلى إسبانيا ،وفي عام 1644م ،أعادت استقللها.
ثانيا :شخصية من ولية المرية اسمه "طاهر الحر" ،لم تعط الوثائق اسمه النصراني ،وهو ينسب نفسه إلى بيت
بني الحمر .ثار هو وجماعة معه.
ثالثا :موريسكيو الرباط ،في الوثائق المغربية يظنون بأنهم أرادوا التعاون مع النصارى ،غير أنهم في الحقيقة
أرادوا تحرير الندلس ،حيث كان المقرر أن يدخلوا مصب الوادي الكبير ببواخر ويحتلوا إشبيلية.
رابعها :وهذا هو الشاهد عندنا :دوق مدينة سيدونيا ،والذي كان الحاكم باسم ملك إسبانيا على منطقة الندلس.
فكيف دوق مدينة سيدونيا الذي يمثل السلطة النصرانية (المسيحية) على الندلس يقوم بمؤامرة من أجل تحرير
الندلس؟ .لم أفهم ذلك!!!.
فلما التقيت الدوقة الحالية لمدينة سيدونيا استدعتني في شاطوها
(قصرها) قرب مدينة سان لوقا دو باراميدا ،قرب مصب الوادي الكبير،
فقلت لها" :ما سبب ذلك؟!" .وإذا بجوابها كان أغرب مما كنت أتوقع،
حيث أجابتني" :بديهي؛ لن أصلنا – عائلة دوق مدينة سيدونيا – مسلمون،
بل أكثر من ذلك أننا كنا مسلمين سرا" .وقالت لي" :تعال أريك في
قصرنا؛ كنت أدق حائطا وعندما أسقطته وجدت أسفله مسجدا داخل
القصر" ،وفعل صليت – أنا المحاضر – في ذلك المسجد داخل القصر.
فإذن؛ هذا الدوق -رحمه الله -قام بمجهود كبير لتحرير الندلس.
والهمية في دوقة مدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام ،من
ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية! ،والبرهان على الوجود السلمي في أميريكا قبل أربعمائة عام من
5
كريستوف كولومب .وأخبرتني أنها خائفة من أنها إذا ماتت – وهي تبلغ حوالي سبعين عاما – من أن تسرق
وثائقها وتعدم ،لنها تقول بأنه" :ل ثقة في نصارى إسبانيا إلى يومنا هذا" ،وهي تقول بأنه" :إلى يومنا هذا
يعدمون الوثائق التاريخية المضادة لخرافاتهم التاريخية التي يحبون إقناع الناس بها".
قلت لها" :اكتبي كتابا وضعي هذه الوثائق فيه" ،فكان ذلك السبب الساس لكتابتها هذا الكتاب ،فهذا الكتاب الذي
سمته" :من إفريقيا إلى أميركا" ،كتاب وثائقي رائع ،موثق بالوثائق التي عندهم في مكتبة دوق مدينة سيدونيا ،هذا
الكتاب صدر في هذا الشهر (نهاية سنة ،)2000ومن الضروري أن يترجم للعربية ،وإلى لغات أخرى ،حيث هو
مكتوب باللغة السبانية.
ومن المسائل المهمة التي ل نعرفها معاشر المغاربة ،أن ياسين والد عبد ال بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين
– قطع المحيط الطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل ،وغينيا ،ونشر فيها السلم .ذهب إلى هناك مع
جماعات من أتباعه ،وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية .أي :إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال
إفريقيا والندلس والبرتغال فحسب ،وإنما كانت أيضا فيما يسمى الن شمال البرازيل وغينيا ،وهذا موثق بالوثائق
التي تملكها الدوقة المذكورة.
وفعل ،وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها :فاس ،مراكش ،تلمسان ،سل...وقد كنت أظن أن
تلك السماء جاءت مع الرحالة السبان ،غير أنها قالت لي" :ل؛ بل كانت قبل مجيء السبان ،إنما كانت مع
وجود المسلمين قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومب".
إذا؛ بصفة عامة وبتلخيص شديد :العلقات بين المغرب والندلس ،وما يسمى اليوم بأميريكا كانت متواصلة،
وحسب معظم العلماء؛ فالن – سواء من الطرف السباني أو من الطرف الميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل
كريستوف كولومب كان السلم منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها ،وأن أول عمل قام به كونكيسادور "
– "Conquistadorالسبان النصارى – هو متابعة هجومهم على السلم الذي كان في الندلس ،بالقضاء على
السلم والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلمي في تلك القارة.
ورغم هذا المجهود الكبير لم يستطيعوا القضاء على كل شيء.
:
الن نرى علقة الدولة العثمانية مع أميركا قبل كريستوف كولومب ،وسأكمل بذكر علقات الممالك السلمية
في إفريقيا الغربية مع أمريكا قبل كريستوف كولومب.
عام 1929م ،اكتشفت خريطة للمحيط الطلسي رسمها بيري محيي الدين رايس ،الذي كان رئيس البحرية
العثمانية في وقته ،وذلك سنة 919هـ /أي :حوالي1515-1510 :م ،الخريطة الموجودة الن :الغريب فيها
أنها تعطي خريطة شواطيء أمريكا بتفصيل متناه غير معروف في ذلك الوقت بالتأكيد ،بل ليس الشواطيء
فقط ،بل أتى بأنهار وأماكن لم يكتشفها الوروبيون إل أعوام1560-1540 :م ،فهذا يعني – وكما ذكر بيري
رايس – بأن هذه الخريطة مبنية على حوالي تسعين خريطة له وللبحارين الندلسيين والمغاربة الذين قدموا
قبله ،فسواء هو أو المسلمون قبله سيكونون عرفوا قطعا تلك المناطق ،وعرفوا اسمها قبل الوروبيين.
ومن ضمن المسائل في هذه الخريطة التي تدل على تقدمهم على الوروبيين بكثير في معرفتهم بالقارة المريكية:
أنهم أظهروا جزرا في المحيط الطلسي لم يكن يعرفها الوروبيون ،بما فيها :جزر الرأس الخضر "Cap
،"Verdeوماديرا ،وجزر الزور ،وبما فيهم جزر كناريا بالتفصيل ،التي كنا نسميها "جزر الخالدات".
والغريب في المر أنه أظهر بالتفصيل جبال النتس التي هي جبال تشيلي غرب قارة جنوب أميركا ،التي لم
يصلها الوروبيون إل عام 1527م ،وأظهر أنهارا في كولومبيا ،ونهر المازون بالتفصيل ،ومصبه الذيْن لم
6
خرائطهم .وأظهر نهر المازون بالتفصيل ،بحيث رسم يكونا معروفين عند الوروبيين ول موجودين في
في مصب النهر المذكور بوضوح جزيرة يسمونها الن "ماراجو" ،وهي الن موجودة في الخريطة الحالية التي
ما وصلها الوروبيون إل آخر القرن السادس عشر.
من بعد ذلك هناك خريطة للحاج أحمد العثماني عام 1559م ،وهي تدل كذلك على معرفة واضحة بالقارة
الميركية متفوقة على معرفة الوروبيين.
والحقيقة أن الرعب الكبير الذي كان للوروبيين في القرن السادس عشر أن تحتل الدولة العثمانية أمريكا
وتطردهم منها كان هاجسهم ،ونذكر أنه في القرن السادس عشر كان الوجود السلمي ما يزال في إسبانيا ،كان
الموريسكيون مضطهدين محاربين ،بيد أنهم كانوا ما يزالون مقاومين.
أما الفارقة؛ فكما قلت لكم :أظهر تول هايير داليدا عام 1969م ،بالرحلة التي قام بها من مدينة آسفي المغربية
إلى البحر الكاريبي أنه بالمكان أن يكون قدماء المصريين قد أبحروا إلى أمريكا .لماذا؟ .لنهم وجدوا تشابها
كبيرا بين حضارة الزتك والحضارة المصرية.
وفعل؛ يظهر أن أول من قطع البحر من مسلمي إفريقيا الغربية كانوا من مملكة مالي ،لن شهاب الدين العمري
قال في كتاب "مسالك البصار وممالك المصار" بأن سلطان مالي من سموسة (كلمة غير واضحة) لما ذهب
للحج عام 1327م ،ذهب يوزع الذهب في طريقه لحد أن ثمن الذهب رخص في مصر بسبب ما وزعه من
الذهب ،وأخبر بأن سلفه أنشأ مائتي سفينة وقطع المحيط الطلسي نحو الضفة الخرى وأنابه عليه في حكم
مالي ولم يعد قط .وبذلك بقي هو في الملك.
وجدت كتابات في البيرو والبرازيل وجنوب الوليات المتحدة تدل على و ُ
الوجود الفريقي من كتابات إما بالحروف الفريقية بلغة الماندينك؛
وهي لغة لشعب كله مسلم الن ،يسمونهم" :الفلن" ،أو بحروف كوفية
عربية .وكذلك تركت اللغة المانديكية آثارا لها في الهنود الحمر إلى يومنا
هذا.
والحقيقة؛ انتشر المانديك من البحر الكاريبي إلى شمال وجنوب
المريكتين ،وهناك قبائل هندية إلى يومنا هذا مازالت تكتب بحروف لغة
الماندينك.
هل طمس السبان جميع الوجود السلمي والوجود المانديكي وآثارهم ولم يبق من ذلك شيء؟! ،هذا كثير ،ول
يمكن .فإذا رجعنا إلى كتابات المكتشفين الوروبيين الوائل بمن فيهم كريستوف كولومب؛ نجد بأنهم ذكروا
الوجود السلمي في أميريكا.
فمثل؛ في كتاب كتبه ليون فيرنيل عام 1920م ،وكان أستاذا في جامعة هارفرد ،اسم الكتاب "إفريقيا واكتشاف
أمريكا" ،"Africa and the discovery of America" ،يقول فيه" :إن كريستوف كولومب كان واعيا
الوعي الكامل بالوجود السلمي في أمريكا" ،وركز في براهينه على براهين زراعية ولغوية وثقافية ،وقال بأن
المانديك بصفة خاصة انتشروا في وسط وشمال أمريكا ،وتزاوجوا مع قبيلتين من قبائل الهنود الحمر ،وهما:
"إيروكوا" و"الكونكير" في شمال أمريكا ،وانتشروا -كما ذكر -في البحر الكاريبي جنوب أمريكا ،وشمال حتى
وصلوا إلى جهات كندا.
بل وذكر كريستوف كولومب نفسه بأنه وجد أفارقة في أمريكا .وكان يظن بأنهم من السكان الصليين ،ولكن ل
يوجد سكان أصليون زنوج في أمريكا .فمن أين أتوا؟!.
"جيم كوفين" كاتب فرنسي ذكر في كتابه "بربر أمريكا" ،"Les Berberes d’Amerique" ،بأنه كانت تسكن
في أمريكا قبيلة اسمها "المامي" ،"Almami" ،وهي كلمة معروفة في إفريقيا الغربية معناها" :المام" ،وهي
تقال عن زعماء المسلمين ،وذكر بأن أكثريتهم كانت في الهندوراس في أمريكا الوسطى ،وذلك قبل كريستوف
كولومب.
7
كذلك في كتاب "التاريخ القديم لحتلل المكسيك"Historia Antigua de la conquesta de " ،
،"Mexicoلمانويل إيروسكو إيبيرا ،قال" :كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة ،مستعمرات لشعوب
سود جاؤوا من إفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية".
كما اكتشف الراهب فرانسسكو كارسيس ،عام 1775م قبيلة من السود مختلطة مع الهنود الحمر في نيوميكسيكو
في الوليات المتحدة المريكية "المكسيك الجديدة" ،واكتشف تماثيل تظهر في الخريطة المرفقة تدل دللة كاملة
بأنها للسود .وبما أنه ل يوجد في أمريكا سود ،إذًا كانوا قادمين من إفريقيا.
وزيادة على كل ما ذكر ،هناك آثار للوجود الفريقي السلمي في أمريكا ،في شيئين هامين :تجارة الذهب
الفريقي ،وتجارة القطن ،قبل كولومبوس .ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت كلها على الذهب عبر
الصحراء .وسيدي مولي أحمد الذهبي السعدي – والذي ل يعجبني كثيرا – قطع الصحراء إلى تومبوكتو
لضرب دولة إسلمية مسكينة كي ينهب ذهبها ويسكت طلبات المغاربة الذين كانوا يطالبونه بتحرير الموريسكيين
في الندلس.
من السهل معرفة الذهب الفريقي في أي مكان كان ،لنه يرتكز على التحليل التالي :لكل 32قسمة من الذهب
يوجد 18من الذهب ،و 6من الفضة ،و 8أقسام نحاس ،وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي،
وخاصة منذ القرن الثالث عشر .وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا.
.
القرائن اللغوية:
أن الكلمات التي تطلق باللغة العربية ،أو اللغات الفريقية على النقود ،هي شبيهة بالكلمات التي تستعمل من
طرف قبائل الهنود الحمر ،وهذه الكلمات ل يمكن أن تكون جاءت عن طريق الغزوين السباني أو الوروبي.
فمثل :بالعربية :غنى ،وغنية ،وغنيمة .أصبحت بلغة الهنود الحمر" :غواني" " ،"Guaniمعناها :الذهب .كلمة
كنقود ،ونقية ،ونحاس ،أصبحت بلغتهم" :نيكاي" ،بمعنى :حلي من ذهب .كلمة "التبر" ،صارت" :توب" ،أي:
الذهب .وكذلك لقبا للملك من ملوكهم .أي :أن هذه الكلمات العربية ل يمكن أن تصل إليهم لول وجود عربي هناك.
تجارة القطن مهمة كذلك؛ لنه لم يكن قطن في أمريكا ،بل جاء من إفريقيا الغربية ،وتعجب كولومب نفسه في
كتاباته حيث قال" :إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات".
وابنه أكد ذلك الكلم كذلك.
والغريب في المر – وهو ما سأفصله من بعد إن شاء ال – أن قبيلة موجودة الن في أمريكا الوسطى اسمها:
"كاليفونا" “ ”Galifonaفي غواتيمال ،يسمونهم" :الهنود الحمر السود" ،لنهم هنود حمر غير أنهم سود
اللوان ،وهم من بقايا المسلمين الماندينكا الذين كانوا هناك ،وكثير من عاداتهم ل زالت عادات إسلمية إلى الن.
سأتكلم عن هذا عند حديثي عن بقايا هذه الشعوب ،ماذا فُعل بها ،وكيف كان مصيرها؟.
وقال "مييرا موس" في مقال في جريدة اسمها" :ديلي كلريون" ،"Daily Clarion" ،في "بيليز" ،وهي إحدى
الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى ،بتاريخ عام 1946م" :عندما اكتشف كريستوف كولومب
الهند الغربية ،أي :البحر الكاريبي ،عام 1493م ،وجد جنسا من البشر أبيض اللون ،خشن الشعر ،اسمهم:
8
وكانوا شعبا موحدا ومسالما ،يكرهون التعدي والعنف، "الكاريب" ،كانوا مزارعين ،وصيادين في البحر،
وكان دينهم :السلم ،ولغتهم :العربية!" .هكذا قال.
نحن في المدرسة ل يعلموننا هذا الشيء ،يقولون" :كان الكاريب وانقرضوا" .لم ينقرضوا؛ بل أفنوهم!! .أفنوهم!.
وإلى هذا اليوم تسمى تلك الجزر بالكاريبي ،في البحر الكاريبي ،سميت عليهم.
والذين بقوا – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – هم" :الكاليفونا" ،وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى ،ول
شك أن أصولهم إسلمية ،لن الكثير من العادات السلمية ل زالت فيهم.
أين هي هذه الشعوب الن؟.
كثير من الشباب المسلم أنشأ علقات مع الكاليفونا ،وكثير منهم رجع إلى السلم ،وأصبحت مساجد كثيرة تظهر
في تلك الشواطيء بين هؤلء الكاليفونا.
أما هؤلء الميلونجونس ،والذين هم مهاجرون من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ فقد هربوا من محاكم
التفتيش إلى البرازيل ،فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش ،فركبوا البواخر وهربوا
إلى أمريكا الشمالية ،قبل أن يصلها النجليز ،واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر .غير أن النجليز لما عادوا
عاملوهم معاملة الهنود الحمر ،قتل وإبادة ،فهربوا إلى جبال البالش .واحد منهم اسمه" :بروند كينيدي"" ،
،"Brand Kennedyأخذ تمويل من جامعة فرجينيا الغربية " ،"West Virginiaلدراسة أصول هؤلء
القبائل ،ومن أين أتوا ،لنه واحد منهم.
وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم -كما ذكرت -من المسلمين الندلسيين .والغريب في المر أن
التاريخ مخيف ،فأي شعب يُضطهد إل وينتقم لنفسه بطريقة من الطرق:
أحد زعماء الوليات المتحدة ،الذي هو سليل هذا الشعب ،هو "أبراهام لينكولن" ،انظر إلى صورته وصورة
أفراد الميلونجونز كيف يشبههم ،وبذلك يظهر بأن الجذور في تحرير السود هي كأنه يحرر نفسه ،فانتقم بتلك
الطريقة من النصارى البيض.
وهذا الذي أهداني هذا الكتاب نفسه ،والذي هو أستاذ في جامعة تورنتو” ،”Torontoأصله كذلك :من جهة ينتمي
للميلونجونس ،ومن الجهة الخرى للزنوج.
وخلصة المر التي أردت أن أقولها بعد هذا التقديم الذي إنما أردت منه أن أفتح شهيتكم الفكرية:
أن هذا المجال – ومع السف الشديد – نحن المغاربة نعاني من خصاص تجاهه ،بالرغم من أننا نحن المعنيين
بالمر ،وبهذه الحركة تجاه أميركا الجنوبية نعاني من نقص كبير في جامعاتنا ،كيف نبحث في تراثنا عن هذا
الشيء؟ .ضروري أنه عندنا وثائق في هذا الشأن ،وبالطبع لن يسموها بأمريكا ،لنه لم يكن ذلك الوقت شيء
اسمه "أمريكا" ،كان لها اسم آخر بل شك ،ما هو بالضبط؟ .ل ندري .لكن كان من الممكن أن نبحث في وثائقنا
لنعرف هذه العلقة التي كانت تربطنا بأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب.
والموضوع الثاني :أنه بصفة عامة ،وخاصة ما يخص التاريخ ،يجب أن نعتمد على أنفسنا لمعرفة جذورنا .أنا
أذكر أنه عندما كنت صغيرا كانوا يعلمونني في المدرسة الفرنسية بأن العرب ليس لهم تاريخ ،وذلك ليحطمونا،
لن الشعب الذي ل تاريخ له ل هوية له ،شعب فاقد لذكراه التاريخية .ولول أن الوالد رحمه ال كان ينبهني بأن
تاريخنا كذا وكذا ،وكان لمتنا من المفاخر كذا وكذا ،لكبرت وعندي مركبات نقص فظيعة.
وإحدى السلحة القوية للشعوب المتغطرسة التي تريد أن تمحو وجود الشعوب المستضعفة الخرى :هي تحريف
التاريخ .ولذلك فإنه من العار علينا أن نعتمد في اكتشاف تاريخنا ،أو تاريخ السلم ،أو تاريخ المغاربة ،أو
غيره...على الوثائق الغربية ،وإن كنا نحمد ال على بقاء آثار إسلمية في الغرب مثل ما عند دوقة مدينة سيدونيا،
والتي أخرجت وثائقها وبرهنت على الوجود السلمي أربعمائة وخمسمائة عام في أمريكا الجنوبية قبل
كريستوف كولومب .أو يأتي واحد مثل "براند كينيدي" ،ليثبت بأن شعبا كامل من أمريكا الشمالية ذو أصول
إسلمية.
9
وبهذا أريد أن أوصي توصية واحدة؛ وهي :أنه واجب علينا أن نربط علقات مع هؤلء الناس ،ونحيي البحاث
في هذا المجال .أقول قولي هذا ،وأستغفر ال لي ولكم .والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته.
:
أشكر الدكتور سيدي علي على أن حظانا بالستمتاع بهذه الذخيرة الحية من
المعلومات الوافرة والغزيرة ،حول موضوع يعد من أندر الموضوعات ،ومعلوماته من
أندر المعلومات ،ويتفضل المناقش الول عمي مولي إدريس للمناقشة:
بسم الله الرحمن الرحيم ،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أشرف المخلوقين
وعلى آله وصحبه أجمعين.
مع السف أنني لم أحضر بداية العرض ،ولكن كنت تحدثت مع مولي علي في هذا
الموضوع عدة مرات ،وأعجبت حقيقة باهتمامه وتتبعه لكل المراجع والمصادر التي
تعين على هذا الكشف ،لنه – وبالنسبة للشعب المغربي والعالم العربي كله،
شعب التاريخ والجغرافيا – هذا ميدان يكاد يكون مجهول .وكماوبالنسبة للجامعات و ُ
تعلمون؛ فالوالد – رحمه الله – في "السلوة" ،وفي تاريخ مولي إدريس ،وفي غيرهما
من مؤلفاته ،وغيره من المغاربة كلهم تأسفوا لكون المغاربة ومؤرخيهم بصفة خاصة،
ل يعتبرون بكتابة التاريخ .هذا نقص قديم .ومع السف أن هذا النقص ازداد تعمقا في
عهد الستقلل وإنشاء الجامعات وشعب التاريخ والجغرافيا.
وأنا منذ عشرين سنة كنت أتساءل وأستغرب من شعبة التاريخ والجغرافيا ومن
أساتذتها الذين هم مختصون؛ ما ذا كتبوا؟ ،وماذا أحيوا؟ ،وماذا نشروا فيما يتعلق
بتاريخ المغرب على القل؟ .في حين أننا نجد أساتذة شرقيين ،سوريين ومصريين
وفلسطينيين ،جاؤوا للمغرب كأساتذة فقط أو زوار ،وأعجبوا ،وكتبوا مؤلفات عن
المرابطين والموحدين ،وتاريخ المغرب باختصار ،ولكن أساتذة التاريخ الرسميين الذين
هم في الجامعات وكليات الداب أهملوا -حقيقة -ذلك ،بحيث كم من مشارقة –
سواء سفارات أو إسلميين – يطلبون مني إعطاءهم تاريخا للمغرب مختصرا ومبوبا
ومحلل ،فلما أبحث ل أكاد أجد سوى كتب مدرسية في التاريخ ،هزيلة ،ول أجد
للمؤرخين المغاربة إعادة كتابة التاريخ ،فأحرى بالنسبة لهذا الموضوع.
وباختصار؛ أعتبر أنه لحسن الحظ أن أحد الشرفاء الكتانيين الباحثين العلماء اهتم بهذا
الموضوع ،ولذلك أقترح أن يطبع هذا العرض في كراسة ،وأن نقيم ندوة ثقافية
تاريخية علمية في إحدى القاعات الكبيرة ،أو في "نادي الفكر السلمي" – ولكن
القاعة صغيرة! – وأن نستدعي الصحفيين والسفراء المعتدّين بمثل هذا الموضوع،
وأن نستدعي أساتذة شعب التاريخ في الرباط والدار البيضاء لقربهما على القل ،وأن
10
الحركة السلمية لتقديم عرض لكل هذه نستدعي بعض المهتمين في لجان
الوثائق ،مصحوب بكراسة مطبوعة فيها خلصة هذا العرض ،لتسهيل التعريف بهذا
التاريخ للصحفيين حتى ينشروه ،لثارة اهتمام أساتذة التاريخ المغاربة به ،لستدعاء –
أيضا – أساتذة الجامعات بتطوان والشمال ،والذين يهتمون بتاريخ الندلس.
فمن حسن الحظ ربما جمعية السرة الكتانية كانت لها السبقية في عرض هذا
الموضوع ،وهو حري بمثل هذه السبقية ،ليكون أعضاء السرة والمثقفون والعلماء
على علم به ،وحتى يساهموا هم كذلك في هذه الندوة الثقافية التاريخية العلمية،
عندما يقيمونها في أقرب وقت عندما يكون ذلك الكتيب جاهزا.
أنا كذلك أشكر سيدي علي على هذا العرض القيم ،وعلى تلك المعلومات التي – في
الحقيقة – استفردنا بها – أعتقد – على المستوى العالمي ،لن هذا الموضوع جديد
على جميع المستويات.
أنا أقول :بأنه يجب إنشاء خلية بحث ،لن هذا الموضوع كبير ومهم جدا ،ولماذا ل تنشأ
خلية بحث بمساعدة أساتذة جامعيين مهتمين من إسبانيا ومن أمريكا اللتينية ،وأن
يتعاونوا كلهم على كشف المعطيات والمعلومات والوثائق؟(.قال الدكتور علي:
وأميركا الشمالية كذلك) .ول شك أنها ستثير الهتمام والفضول من الباحثين ،حتى إذا
لم يكونوا مسلمين.
إذا كانت معطيات أصلية موجودة فمعنى ذلك :أنه توجد معطيات غير مكتشفة حتى
الن ،ول شك أن باحثين نزهاء مؤرخين -حتى من أمريكا اللتينية -سيكون عندهم
اهتمام بهذا الجانب ،لن الباحثين النزهاء ل شك من وجودهم في جامعات تلك الدول.
والجاليات السلمية في تلك الدول يمكن أن تكتشفهم وتربط علئق بهم ،إما بواسطة
النترنيت أو غيره ،وتنشيء خلية بحث تستمر في هذا الموضوع.
وحتى في الوليات المتحدة يمكن أن يقوم أناس بهذا الجانب ،وخصوصا أن الجديد
في البحث العلمي هو :علقة الهنود الحمر بالقبائل المسلمة ،وعلقة الفارقة – كذلك
– بالمسلمين الفارقة في القارة المريكية.
فهذه الثلثية مهمة جدا ،ول شك أنها ستثير عدة وحدات للبحث.
أما على مستوى المغرب :فتساؤلي هو :اكتشاف هذه القارة؛ هل الوثائق العربية
الموجودة لحد الن لم تذكر بشكل بارز هذه الرحلت التي اخترقت بحر الظلمات
وبقيت مسألة مجهولة أو شبه مجهولة؟ ،لماذا هذه الوثائق الموجودة في العالم
العربي لم تثر هذه المسألة التي تكلمنا فيها؟ .هل وقع تدمير لتلك الوثائق على
مستوى الندلس ،ولم تنتشر في باقي الدول العربية؟ .وهذا احتمال كبير؛ لن أغلب
الوثائق الموجودة ضمن هذا الطار وقع القضاء عليها على مستوى الندلس ،وما وصل
العالم العربي سوى الفتات.
ولكن مستوى هذا الكتشاف لم يكن له صدى في العالم العربي .أنا أتساءل :ما هي
السباب والحتمالت التي تجعل من هذا الكتشاف الكبير ،وخصوصا مع وجود عدة
قرون من العلقات مع الفارقة والشمال إفريقيين كذلك ،ولم يبق أثر ذلك بشكل
11
غير معروف في ذلك الوقت؟ .هذا هو كبير ،حتى وإن كان اسم أميركا اللتينية
سؤالي.
في الحقيقة؛ بالضافة إلى ما قاله سيدي عمر ،وما قاله خالي مولي إدريس ،بضرورة
إقامة ندوة على المستوى الوطني ،ضرورة خلق خلية للبحث في الميدان ،أنا أقول:
بأن هناك عدة خليا في البحث في ميادين وتاريخ "المورو" ،وهي موجودة في تونس
وموجودة في المغرب ،وأنا أعرف المجموعة التي تقوم بها ،ومن المفروض أن تنشر
بوابة على النترنيت -كما قال سيدي عمر -يكفي أن نبدأ وأن نعلن عن وجود
مجموعة تهتم بهذا الموضوع حتى يتصل بهذه البوابة جميع من يهتم بهذا المر على
مدى أربع وعشرين ساعة ،أو ثمانية وأربعين ساعة فقط.
إذا :خلية بحث وخلق بوابة ،ثم ندوة ندولية – بالضافة إلى ذلك .في انتظار تكوين
خلية بحث ،نعمل على ندوة دولية تجمع على مستوى العالم كله ،وبالخصوص معاهد
الدراسات السلمية ،ونحن نعرف أن معاهد الدراسات السلمية -بالخصوص
الموجودة في ألمانيا -تضم أناسا لهم نوع من الموضوعية .طبعا؛ ربما يكونون من
محبي السلم أو غيرهم ،غير أنهم معروفون بالنسبة للجناس الخرى ،كالفرنسيين
مثل ،لهم نوع من الموضوعية.
إذا؛ أنا ل أشك في هذه المعاهد أنها إذا دخلت ستجعل هذا الموضوع فاعل ،إذن :ندوة
على مستوى المغرب ،ندوة على المستوى الدولي ،خلق بوابة على النترنيت ،بحيث
تظهر وجود مهتمين في المغرب ،ومن هم .تعطى ملخصا لما قيل الن ،ما قاله
الدكتور يمكن أن ينشأ له ملخص في صفحتين ،ويعطى كخطوة أولى ،وهو سيجلب
الناس الذين يهتمون بهذا الموضوع في العالم كله...وشكرا.
نشكر والدنا الدكتور المحاضر على ما أفادنا به من معلومات ،كما نشكر الساتذة
المتدخلين ،ولكن عندي بعض الضافات الطفيفة:
ذلك أني قرأت سنة 1994م ،بحثا كتبه الدكتور علي مروة ،وهو باحث لبناني يدرس
في بعض جامعات نيويورك ،كتب هذا البحث بمناسبة مرور خمسمائة عام على
اكتشاف أمريكا على حسب دعوى الغرب ،وهو في عشر صفحات بالنجليزية.
ومضمنه :أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا ،إنما كان المسلمون
قبله منذ القرن الثامن الميلدي ،ومن ضمن هذه الضافات التي ذكرها :نقول عن
كتاب "مروج الذهب" للمسعودي ،والتي تنص على علقات بين المممالك السلمية
في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته ،بعض الثار السلمية،
وبعض المعالم السلمية التي شاهدها ،ومن ذلك :أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد
مسجدا مبنيا على تل من تللها ،ووصف ذلك المسجد .وهذا يدل على أنه حتى في
كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة.
12
ومن المفيد في هذا البحث :أنه نقل عن حوالي ثلثين مرجعا ،وتلك المراجع أغلبها
كتبت في أمريكا وفي أوروبا ،أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها ،أحدها مقال
في بعض الجرائد الغربية يقول" :لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس".
كما نص المقال على وجود جامعات إسلمية في أمريكا الشمالية قبل كولومب ،وهذه
المعلومة تجعلنا نتساءل :ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي
أنتجته تلك الجامعات ،وأين هو؟.
ومن ضمن المسائل المفيدة :أن العبيد وما كان من محنتهم بعد القرن الخامس عشر
الميلدي ،كان عندما قامت الحرب الصليبية ضد الممالك السلمية في إفريقيا ،وكان
حلوا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية من المسلمين ،وهم حوالي أغلب العبيد الذين ر ّ
84في المائة ،وكان فيهم علماء ،وكان فيهم شعراء .والن توجد عدة جمعيات تجمع
التراث الذي وجدوه مخبأ مما كتبه هؤلء العبيد ،فيه من الشعر ،ومن الكتابات الدينية،
وعندنا صور لبعض المخطوطات من البرازيل ،وهي بالخط العربي الكوفي الفريقي.
وهذا المجال – وهو الحروب الصليبية المريكية ضد المسلمين في إفريقيا – يا حبذا
أن يبحث كذلك ،إما ضمن الجمعية أو خارجها.
أنا أضيف رأيي إلى اقتراح مولي إدريس ومن بعده ،وهذا سيزيدك – الدكتور علي –
شغل على شغلك ،لن هذا الذي ذكرت لنا إنما هو من الفرضيات ،لن قولك بأن
العرب اكتشفوا أمريكا قبل كريستوف كولومب بستمائة سنة (قال الدكتور علي:
عفوا؛ كلمة "اكتشفوا" الغها من كلمك ،أنا إنما قلت :تواجدوا) .نعم :أقصد :تواجدوا.
ولكن العمال التي أطلبها منك حتى يكون لكلمك هوامش قوية:
-فالسؤال الول :من أول من ذهب من العرب لمريكا وكيف ذهب ،ومتى ذهب؟.
وكيف انتشر السلم في أمريكا؟ ،بحيث إن كلمك اعتمد على أنه :إذا وجدنا آثارا
فذلك حجة.
-كيف عندما جاء كريستوف كولومب ،وجاء مع قوم من أوروبا أواخر القرن الخامس
عشر ،كيف تمكنوا من محو هذا التواجد السلمي؟ ،ثم الن وبعد 1492م ،وهذا هو
السؤال الذي أعتقد أنه مهم ،لنه ل يحيلنا فقط على هذا التاريخ ،إنما يحيلنا كذلك
على المستقبل ،وأنا أعتقد أن المستقبل – في بعض الحالت – أهم من الماضي ،مع
أن معرفة التاريخ مهمة ،لنها تعتبر الساس في مستقبلنا.
والتاريخ فعل مهم ،فقد ذكروا بأن هذا الرجل جاء واكتشف أمريكا – زعما – عام
1492م ،ثم جاءت الساكنة الوروبية شمال وجنوبا أواسط القرن الثامن عشر ،وأنه
خلل قرنين من الزمان خلقت هذه القارة أقوى قوة سياسية واقتصادية استراتيجية
وعسكرية على المستوى العالمي.
كيف أننا نحن الدول السلمية والعربية ،وكانت عندنا المكانيات ،ونحن من بين
الوائل ممن ذهب إلى تلك القارة ،بين القرنين ،8و 15م ،كيف تخلينا أصل عن كل
تواجد لنا في تلك المنطقة ،وسمحنا لوروبا أن تكون هي المسيطرة على العالم
انطلقا من ذلك؟ .وأعتقد أن هذا أكثر أهمية ،حيث التاريخ يعطينا إشكالية أننا –
13
الذين اكتشفوا تلك القارة حتى أصبحنا كعرب ومسلمين – منذ كنا من الوائل
اليوم في موقع التبعية بشكل أو بآخر لهم.
في الحقيقة هذا عرض شيق وقيم ،الذي أقامه الدكتور سيدي علي ،وأنا أشاطر الرأي
الدكتور مولي إدريس ،لن هذا الكلم – في الحقيقة – شيء ل نعرفه ،وفوجئنا به،
وبما أننا فوجيئنا به ،إذا؛ فالغالب أن المغاربة ككل ،أو الناس على الصعيد العالمي،
هم أيضا ستكون لديهم مفاجأة .إذا كانت هناك ندوة أو محاضرة في هذا الشأن.
ولكن الذي أريد أن أضيفه هو :هل يمكن إذا قررنا – نحن الجمعية – أن نقوم بنشاط
علمي ونقيم محاضرة أو عدة محاضرات ،أن نستدعي كاتبة هذا الكتاب (الدكتور
علي :نعم ،نعم) ،ولو أنها كما قلتم مسنة؟( .الدكتور علي :نعم ،وكذلك صاحب المقال
من الممكن أن يأتي) ،نعم وذلك لثراء هذا الموضوع ،لنها مادام أنها ألفت هذا
الكتاب ،إذن؛ لقد قامت ببحوثات عدة في هذا الميدان ،فيمكنها أن تساعد – خاصة
وأنها أوروبية وأجنبية – (الدكتور علي :نعم وهي تتكلم الفرنسية بطلقة) ،نعم ،إذا؛
أظن أن ما ذكروه من الممكن أن يحصل ،وفكرة فتح بوابة في النترنيت كذلك مهمة
جدا ،لنها تجعلنا نعمم هذا الموضوع ،وأن ل يبقى مقتصرا على الصعيدين الوطني أو
المحلي ،ولكن يصبح له صدى عالمي مشهور ،وشكرا.
أشكر ابن العم الدكتور سيدي علي على هذه المسامرة الطريفة ،التي أضافت إلى
معلوماتنا التاريخية معلومات مهمة في ميدان ربما كنا نجهله تمام الجهل ،وإن كان
لوالدكم المرحوم سيدي المنتصر – رحمه الله – منذ سنوات عديدة شغف بهذا
الموضوع ،وأذكر أنه كتب عنه في بعض المجلت المشرقية والمغربية ،كما تحدث عن
الفتية المغرورين في مجالسه.
فهذه بداية كانت تراود كثيرا من الباحثين ،ومن علماء المسلمين ،تعويضا عما يفقده
المسلمون من مكانة في العالم اليوم .وبغض النظر عن هذا الجانب العاطفي ،هناك
جانب علمي ينبغي أن يتخذ المسار العلمي الذي تتخذه جميع البحوث ابتعادا عن
المسائل الصحفية ومسائل الندوات ،لن الحقائق العلمية ل تنشر بالصحافة أو
النترنيت أو بالدعاية ،هذه مسائل حديثة لترويج فكرة سياسية أو لبيع منتوج أو لغير
ذلك.
أما المسائل العلمية {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض} ،الحقائق العلمية ،ل
يمكن أن تمحى ،ل يمكن أن يمحوها ل النترنيت ول أكثر من النترنيت ،فالنترنيت
موجة مارة وستأتي بعد النترنيت موجة أهم ،واكتشافات تدهش العالم كما يتوقعه
العلماء.
لنعد إلى موضوع التاريخ :هناك تاريخ حقيقي وتاريخ مفترى ،وكثير من حقائق التاريخ
لم يعرفها أي أحد ،فالتاريخ الذي نعرفه هو الذي يدرسه العلماء ،لن التاريخ بيد من؟،
بيد السلطة ،التاريخ الذي نعرفه هو التاريخ الرسمي ،كم من أشياء نعيشها اليوم،
وعاصرناها وعرفناها ،في سنوات قليلة ،كل واحد عمره خمسون سنة ،ثلثون سنة،
14
أربعون سنة ،فهناك حقائق تاريخية ل تجد لها صدى ل في الصحافة ول في الميديا ول
في النترنت ول في التاريخ ،ولكن الذي بقى هو التاريخ الرسمي الذي يكتبه الممولون
الساهرون ،الحريصون على تحويل ذلك التاريخ وإظهاره للعالم كحقائق ثابتة وحقائق
دائمة.
ولذلك؛ فقضية وجود المسلمين في أمريكا ووجود غير المسلمين قبل الفراعنة كذلك،
هي مسائل لم تكن وراءها مصلحة ،ولم تكن وراءهم سلطة ،لم يكن وراءهم تاريخ
رسمي يشجع ،ولذلك يلفت النظر إلى أن قضية كريستوف كولومب ثبتت لنه كانت
وراءه سلطة ،كان ممول .وهو نفسه لم يكن يعرف أنه سيكتشف أمريكا ،ذهب في
مهمة سياسية رسمية لكتابة تاريخ جديد ،وكتب ذلك التاريخ.
ولذلك فإن بحث الدكتور لننظر كيف نريده؟ ،هل نريده تاريخا علميا ،أو تاريخا
سياسيا؟ .إن كان تاريخا سياسيا فليس هذا من شأننا ،لسنا بسياسيين ولسنا
بسلطويين ،ل مغاربة ول أندلسيين ول إسبانيين ول غير ذلك ،فمن مصلحة أصحاب
التاريخ وأصحاب السلطة أن عندهم وسائل ليكتبوا هذا التاريخ ،نحن إذا أردنا أن نسير
كعلماء فلنتخذ هذه الطريقة التي قامت بها هذه الدوقة السبانية حيث كتبت هذا
الكتاب ومولته بطريقتها الهادئة ،فنحن أيضا نبحث في هذا الطريق ،ونضعه في
السوق العلمية ،وللعلماء أن يقرروا.
في الحقيقة أنا شخصيا اهتمامي بتاريخ الوجود السلمي في القارة الميركية وغيرها،
هو سند لمستقبل الوجود السلمي في القارة الميركية ،وأعطي بعض المعلومات
التي هي نتيجة للتقديم الذي قدمته:
ذلك أن صديقا عراقيا أتاني بمخطوطة بالعربية وجدها في مكتبة بألمانيا ،وذلك طبقا
لما يعرفه عني من الهتمام بأمريكا والسلم بها ،والمخطوطة تأتي في مائة وعشرين
صفحة ،بخط عربي مشرقي جميل ،وكتبها رجل اسمه "كذا البغدادي" ،الذي كان إمام
البحرية العثمانية في إصطنبول ،أصله من بغداد وكان يعيش في سوريا ،وعين إماما
للبحرية العثمانية .هذا الرجل خرج في مهمة بحرية من إصطنبول للبصرة ،وبالطبع لم
تكن وقتئذ قناة السويس ،فالطريق من إصطنبول إلى البصرة بحرا ،كان عليه أن
يقطع من أجلها البحر البيض المتوسط مارا بجبل طارق والمحيط الطلسي ،عائدا
من طريق رأس الرجاء الصالح إلى المحيط الهندي ،ثم خليج فارس أو الخليج العربي،
إلى البصرة.
ولما وصلوا إلى المحيط الطلسي أرسلتهم التيارات البحرية إلى ريو ديجانيرو ،في
البرازيل ،قال وهو يتحدث في كتابه المشوق جدا أنه خرج من الشارع للسفينة ،وإذا
بأناس ينادونه" :السلم عليكم" فظنهم يستهزئون به .وفي قصة طويلة ،اكتشف وجود
جماعة إسلمية سرية ،وقرر البقاء ثمة ،فبقي عاما بينهم ،مارا من بلد لخرى ،وقد
سماها ،وأعطى تفصيل عن طريقة عيش هذه الجماعات السلمية السرية.
هذا الكتاب أعطيته لحدى طالباتي في جامعة ابن رشد السلمية في قرطبة للحصول
على الجازة (البكالوريوس) وترجمته من العربية للسبانية ،وهي برتغالية ،وقد
وعدتني أنها ستترجمه إلى لغتها البرتغالية.
15
وهذا يعني أن هذا الوجود السلمي بقي متواصل ولم يمح ،وأنا – والحمد لله –
وفقني الله ،لنني بالنسبة للمنطقة شمال البرازيل وغينيا ،والتي كانت تابعة للدولة
المرابطية ،والتي فيها دولتان مستقلتان من غير البرازيل ،وهما :سورينام وغويانا،
غوينا كانت إنجليزية ،وسورينام كانت هولندية ،وغويانا الفرنسية ما زالت إلى الن
مستعمرة فرنسية ،أدخلت إلى منظمة المؤتمر السلمي اثنين منهما ،وترينيداد في
الطريق ،حيث أقنعتهم بالنضمام إلى تلك المنظمة ،فسورينام ليس فيها سوى خمسة
وثلثين في المائة من المسلمين ،وغويانا أدخلتها كذلك عضوا في منظمة المؤتمر
السلمي ،وهناك احتمال دخول ثلث أو أربع دول أخرى من تلك المنطقة إلى منظمة
المؤتمر السلمي.
أحبت هذه المنطقة السلم ،وصدر كتاب في غويانا كنت اطلعت عليه ،اسمه:
"الجذور العميقة" " ،"Deep Rootsوهو يتحدث عن وجود الفارقة في أميركا قبل
كريستوف كولومب ،والذي أحب التنويه به :أن هذا المر هناك أناس كثر متحمسون
له ،والدوقة نفسها مستعدة لعطاء جناح في قصرها لنشاء مدرسة في العلقات بين
الندلس وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب.
والذي أريد ذكره هو :أن مشكلتنا هي مشكلة البحث العلمي ،سواء في الهندسة ،أو
في التاريخ ،فإنه ضعيف في بلدنا مع السف الشديد ،وربما السبب في ذلك هو عدم
ثقتنا في أنفسنا ،فنظن صعوبة الدخول إلى مجالت صعبة خطيرة كهذه ،فيضحك
علينا الناس ،أو نخطيء في آرائنا ،أو غير ذلك!.
ولكن المريكان والوروبيين – وخاصة المريكان – بحثوا في هذا المر ،وباستطاعتي
كتابة لئحة تضم عشرين كتابا ألف في هذا الموضوع ،والن هناك تراث في ذلك
باللغة النجليزية وغيرها .فلماذا ل نكتب نحن العرب؟ .ل أدري ،ل أدري!!..
عندنا في تراثنا إشارات عديدة ،ذكرت بعضها في كلمتي هذه ،في "مروج الذهب"،
عند الشريف الدريسي...إلخ ،وإذا فّرغنا طلبة للبحث في هذا التراث سيجدونه ،لن
الكثير من المحلت التي نقرأ أنها في إفريقيا ليست في إفريقيا بل هي في أمريكا
في الحقيقة ،فلم يكن اسمها أمريكا ،الجميع كان يدعى إفريقيا ،لن المؤرخين
والجغرافيين قديما لم يكونوا يقسمون العالم إلى قارات بل إلى مناخات ،ولذلك
يمكن أن نحسب أمريكا الجنوبية على إفريقيا.
فأنا يسعدني -كما ذكرتم -إقامة ندوة في هذا المر ،وقد فكرت في ذلك :أن نقيم
مؤتمرا دوليا ول نأتي بهذين الباحثين فقط ،دوقة مدينة سيدونيا وعبد الحكيم كويك،
بل نأتي بالعشرات من المختصين في هذا المجال ،ومعظمهم – مع السف الشديد –
ليسوا عربا ول مسلمين ،ولكن عندهم الجرأة العلمية والكفاءة ليقولوا ما يعرفونه
حقيقة ،ل يهم ما يكون دينهم ،ولو وجدنا من يمول هذا المؤتمر فبكل فرح.
أنا كل ما يهمني في هذا المر شخصيا ،وأقصد بشخصيا كل عربي ومسلم يهمه
إشعاع أمته:
النقطة الولى :يجب أن نعرف تاريخنا حقيقة ،كيف نحن المغاربة ل نعرف أن دولتنا
المرابطية نصفها كان في إفريقيا وأوروبا ،والنصف الخر كان في أمريكا ول علم لنا
به؟! .حتى أحتاج أن تأتيني دوقة السبان وتعطيني الوثائق مبرهنة على وجود الدولة
المرابطية هناك في غويانا .وأنا متأكد تأكدا كامل أن ذلك موجود في وثائقنا غير أننا لم
نعرف قراءتها ،لن وصولنا إلى ذلك التاريخ كأننا نحل اللغة الهيروكليفية ،فيجب أن
تفهم ،فربما تظن أنه يتحدث عن السودان وهو في ذلك الوقت يتحدث عن أمريكا!.
16
فوق الجبال :واحدة اسمها سل ،والخرى: وبالمثال؛ في وثيقة" :جاء إلى مدينتين
الرباط ،على بعد خمسمائة كلم" ،فالبديهة أن هذه ليست الرباط وسل التي نعرفها،
إنما بديهة أنها محل آخر .فالقاريء يجب أن يقرأ بوعي ،فهو يتحدث عن سل والرباط
التين في البرازيل واللتين أسسهما أولئك ،فربما تكون كثير من القصص المكتوبة
بهذه الطريقة ،نظنها تتحدث عن مناطق معينة وليس المر كذلك .وإذا وقعنا على
تناقض قلنا :هذا إنما خبط .ل؛ ل تقل :إنه خبط ،بل فتش عن سبب الختلف .فيجب
أن يكون عندنا الوعي العلمي عند قراءة تاريخنا.
النقطة الثانية :وهي فظيعة ومرعبة عند رؤيتها ،ذلك أنه ل يمكن القضاء على شعب
من الشعوب .أنا عندما أرى أبراهام لينكولن انتقم للندلس باسم تحرير السود في
أميركا لن أصله – فيما اكتُشف بعد – أندلسي ،هذا شيء مرعب ،إذن؛ ل يمكن أن
تُقتل أمة من المم ،وكذلك هذا الوجود بالرغم من أنه لم يبق منه سوى بقايا ،فإنه
كذلك الرماد الذي يحيى .وبرهان ذلك :أنني أنا شخصيا صليت وراء إمام من الهنود
الحمر في غويانا ،ربما هذا من سللتهم ،ربما هؤلء الشباب الذين يذهبون لمريكا
الوسطى إلى تلك القبيلة يدخلون أهلها للسلم ،لنه من السهولة إدخالهم للسلم..
فأنا شخصيا كنت في منطقة أخرى ،وذلك في زيلندا الجديدة " ،"New Zeelandفي
المحيط الهادي ،وتعمدت أن ألتقي بزعماء "الماورين" الكبار وشيوخهم ،وهم -
"الماوري" -سكان نيوزيلندا الصليون ،وقلت لهم" :عدوا المسلمين المتواجدين هنا
ضيوفكم ،وليسوا ضيوف ضيوف الوروبيين البيض ،هم ضيوفكم ،فقط لونهم أبيض،
ولكنهم مسلمون" ،وأنشأنا علقة بينهم ,والشاهد عندنا :أن زعيمهم قال لي" :الذي
نعتقده هو أن أصلنا من المشرق" ،بل فهمت منه أنه يريد القول بأن أصلهم من بلد
عربية.
صحيح هذا أو ليس بصحيح ،المهم أنه ممكن إنشاء علقات والبناء عليها بخصوص نشر
السلم بينهم ،نحن مقصرون تقصيرا شديدا ،وأقول" :نحن" أي :المسلمين ،عندنا
إمكانيات كبيرة لربط العلقات مع شعوب الرض ،سواء أوروبا أو أمريكا أو غيرها،
خاصة الشعوب الصلية ،بيد أننا معرضون عن ذلك.
فعل؛ نحن "مازوشيّون" :نحب أن نؤذى ونضطهد ،ثم نبكي ،ونقول" :هؤلء آذونا"،
سواء اليهود أو النصارى أو غيرهم ،ونحن في إمكاننا أن نقلب الدنيا إذا أردنا ،فقط
بالتي هي أحسن.
فالن – مثل – المكانية التي عند هذه الدوقة ليست عند الحكومات المغربية كلها،
عندها إمكانية ،وهي مستعدة لبذل مالها وبيتها وكل شيء ،ولكن لماذا؟ .لنها تنتمي
إلينا ،تنتمي إلينا ،تشعر بأن أصلها مسلم ،وعندها وثائق ،وعندها إمكانية ،وعندها
حرية .ومثلها كثير في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا.
فلو أنشأنا جمعية للدراسات التاريخية المريكية الوروبية ،أو أي شيء بهذا المعنى؛ يا
ما يمكن أن نفعله وننتجه ،ولكن تبقى المشكلة دائما هي :من أين التمويل؟.
نحن الدول النامية – مع السف الشديد – ونحن من المغطوسين فيها ،ل نعطي قيمة
للبحث ،ول نموله ،دول أخرى تعطي قيمة للبحث واحدا في المائة من مدخولها للبحث
العلمي ،أو ثلثة في المائة ،أما نحن؛ فإذا أعطينا ، 10-6*1فنعم ما فعلنا .ليس عندنا
بحث علمي ل في الفيزياء ول في الكيمياء ،ول في التاريخ ،ول في الجغرافيا ،ول في
أي شيء...
17
أما بالنسبة للمغرب كمغرب؛ فنحن يجب أن نعرف جذورنا وتاريخنا ،ل نعرف ذلك
جيدا ،وتوجد مجالت كثيرة للبحث فيه ،وأعيد وأكرر :يجب أن نقرأ كتبنا القديمة بعيون
جديدة ،لنجيد فهمها ،لننا إذا لم نفهمها؛ لم نستفد شيئا ،وبالتأكيد يمكن أن نجد
معلومات كثيرة جديدة أكثر من هذه المعلومات .وأنا إنما أتطفل لنني مهندس
كهربائي ،فأنا فضولي فقط ،ها .ها .ها.
انتهت