You are on page 1of 1

‫ربما ‪ ...

‬لم يبك‬

‫الزمان ‪ :‬الحادية عشرة مساءً ‪ ،‬المكان ‪ :‬غرفة النعاش بجانب سرير و الدته‬

‫انهى قراءة سورة الرحمن و تبارك ‪ ،‬وعينيه تغرورقان بالدموع التي تتقاطر في كلمكان ‪...‬‬

‫‪ ...‬وضع المصحف بجانب رأسها ‪ ،‬الموصول " بالبرابيش " و النابيب ‪ ،‬هذا للتنفس و هذا للغذاء ‪ ،‬وآخر ل يدري‬
‫لماذا ‪ ،‬و صوت صفارة شاشة المراقبة "يطن" في الغرفة دون ان يلتفت اليه أحد ‪ ،‬لنه على هذه الحالة منذ يومين‬
‫‪ ،‬و صوت نفسها المتحشرج بالدماء و الماء يزيد ألمه و حرقته ‪..‬‬

‫شيء ما كان يقول له انها لن تعيش ليراها يومٌ جديد ‪ ،‬فهي ل ترى منذ أيام ‪ ،‬فجلس يردد فوق رأسها الشهادتين ؛‬
‫آملً ان تسمعه ‪ ،‬ان ترددها معه ‪ ،‬آملً بأشياء كثيرة ‪..‬‬
‫فكر برهة ‪ ،‬الم تكن معنا منذ اسبوع ‪ ،‬صحيح انها كانت مريضة لكنها كانت تمل المنزل صحة و حيوية ‪ ،‬من‬
‫مجلسها الدائم كانت تحيي الضيوف و تخدمهم و تدب في المنزل الروح ‪..‬‬

‫قطع عليه تفكيره صوت الممرض قائلً ‪ " :‬إن الزيارة ممنوعة في هذا الوقت ‪ ،‬ولكني ادخلتك لسوء حالتها ‪ ،‬أما‬
‫الن فقد آن أن تغادر " ‪ .‬لكنه ل يريد ان يغادر ‪ ،‬يريد ان يمل عينيه منها ‪ ،‬ان يسمع منها كلمة او يرى نظرة ‪..‬‬
‫يبكي و يبكي و يخرج باكياً ‪ ،‬ينتظر ساعة في المستشفى ثم يذهب الى منزله ‪ ،‬ينام مرغماً فقد اضناه التعب ‪ ،‬و‬
‫أشقاه السهر ‪ ،‬ينام و ملء عينيه الدموع ‪..‬‬

‫سويعات قليلة ‪ ،،،،‬يستيقظ ‪ ،‬يسمع النداء يصدح في ارجاء الدنيا الساكنة ‪ ،‬و يعلن بداية فجر جديد ‪ ،‬ثم لحظات ‪ ،‬و‬
‫إذ بالهاتف يرن ‪ ،‬و كل من في المنزل اليه يهرعون ‪ ،‬كأن لم يكونوا نائمين ‪ ،‬يصلون الى الهاتف ثم يتوقفون ‪ ،‬و‬
‫ينظر كل منهم في وجه الخر ‪ ،‬كأنهم يعلمون من المهاتف ‪ ،‬يستجمع صاحبنا شجاعته و قوته ‪ ،‬و يردد مع الطرف‬
‫الخر " الباقية في حياتك " ‪ ...‬إذن فاضت روحها الى بارئها ‪..‬‬

‫لكنه ساعتها لم يبك ‪،‬ربما لن الدموع كانت أعجز من ان تحمل حزنه ووجده ‪...‬‬
‫لم يبك ‪ ،‬ربما لنه ظن ان الدموع ستزيد ناره ناراً و لن تطفئها ‪..‬‬
‫لم يبك ‪ ،‬ربما لنه ايقن ساعتها تمام اليقين ان الموت حق ل مفرمنه و شر ل بد منه ‪...‬‬
‫ربما ‪..‬لم يبك‬

‫ان لم تكن رحمة ربي فلست ارحم بي‬ ‫ال يا باكي اليام ل تبكي علي‬

‫مالك الحزين‬
‫مش منقول‬
‫‪2006‬‬

You might also like