You are on page 1of 32

‫فتحي يكن‬

‫المتساقطون على طريق الدعوة ‪ -‬كيف ‪ ....‬ولماذا ؟‬


‫المقدمة‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫ظاهرة التساقط على طريق الدعوة ظاهرة عامة وخطيرة ومتكررة وهي لذلك تستدعى التأمل والدراسة بعمق وتجرد وموضوعية‬
‫لمعرفة أسبابها ومسبباتها ولستكشاف العوامل الحقيقة التي تقف وراءها ‪...‬‬
‫والذي يتتبع تاريخ الحركة السلمية في كل قطر وعلى امتدا العالم السلمي يمر بأسماء كثيرة بلغ بعضها شأوا في مجال العمل‬
‫والمسئولية ثم لم يلبث أن اختفي من حياة الدعوة بشكل أو بآخر ‪..‬‬
‫فمن هؤلء من ترك الدعوة ولم يترك السلم ‪ ..‬ومنهم من ترك الدعوة والسلم معا ‪ ..‬ومنهم من ترك الجماعة وأنشأ جماعة‬
‫أخرى أو التحق بجماعة أخرى وهكذا تتكاثر وتتعدد ظواهر التساقط ‪.‬‬
‫و في أك ثر الحالت والحيان ت صبح ظاهرة النسلخ والت ساقط هذه عامل م ساعدا على انتشار وشيوع ظاهرة مرض ية أخرى هي‬
‫ظاهرة التعددية في العمل السلمي‬
‫وبالتالي سقوط العاملين والدعاة في حمأة الصراع على الساحة السلمية ؟؟‬
‫مسن هنسا كا نت هذه المحاولة المتواضعسة خطوة على طريسق دراسسة ظاهرة التسساقط دراسسة متأنيسة تهدف إلى ملمسسة السسباب‬
‫واستكشاف البواعث وهي كائنا ما كانت تؤكد وجود خلل ما عيب ما وخطأ ما من هذه الجهة أو تلك علها تساعد على المعالجة‬
‫وعلى حفظ النتاج من التلف والتآكل ‪..‬‬
‫ثم ل بد من الشارة ه نا إلى أن ظاهرة الت ساقط هذه تتناول أ شد ما تتناول وت صيب أك ثر ما ت صيب ال صف الول والذ ين عملوا‬
‫على تأسيس الحركة والسابقين وإن كانت ل تستثنى اللحقين كذلك ‪.‬‬
‫وظاهرة التساقط هذه تسببت وتتسبب بكثير من الساءات البالغة على الساحة السلمية يكفينا أن نعرض هنا لبعضها ‪..‬‬
‫‪-‬لقد تسببت هذه الظاهرة في أكثر الحيان بهدر طاقات الحركة وأوقاتها في المعالجات التي قل أن تجدي نفعا ‪..‬‬
‫‪ -‬وتسببت في إشاعة الف تن والتفسخ والتسمم في أجواء الحركة م ما يع تبر عاملً مساعدا على خ سارة قر يبي العهد بالسلم‬
‫وبالدعوة ‪..‬‬
‫‪ -‬وتسببت في كشف خبايا وأسرار ما كان لها أن تنكشف لول أجواء الفتنة الضاغطة ووقوع اللسن والذان في قبضة الشيطان‬
‫‪..‬‬
‫‪-‬وتسببت بأضعاف الحركة وبإغراء العدو بها والستعجال في ضربها وتصفيتها ‪.‬‬
‫‪ -‬وتسببت في بعد الناس عنها وزعزعة الثقة بها والتطاول عليها مما يعطل دورها وقد يوقف بالكلية سيرها ‪.‬‬
‫وإذا كان البعض يعتبر سقوط بعض المتساقطين ظاهرة عافية لبد منها لتجديد الخليا والتخلص مما يعيق الحركة ويثقل كاهلها‬
‫ويعتبر كل عليها فإن النتيجة حتى ضمن هذا التفسير والمعنى لم تكن خبرا محضا وإنما كانت أشبه بسيل أخذ معه الغث والثمين‬
‫وصدق ال العظيم حيث يقول {واتقوا فتنة ل تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } النفال ‪.]25‬‬
‫فكسم مسن أشخاص لم ينتهوا مسن حياة الدعوة إل بعسد أن أحدثوا فيهسا شروخات عميقسة وواسسعة وكسم مسن آخريسن خرجوا منهسا‬
‫وأصبحوا حربا عليها بل وتأمروا عليها مع أعدائها ‪..‬‬
‫وأذكر أن ركنا من أركان جماعة خرج من صفوفها على أثر خلف معها فأرغى وأزيد وهدد وتوعد وأقسم ليهدمن بناءها حجرا‬
‫على حجر ‪..‬‬
‫إن القلة ممن إذا تساقطوا تساقطوا بهدوء ومن غير أن يثيروا وراءهم غبارا في حين أن معظم أولئك يصطنعون كل المبررات‬
‫لتغطية مسئوليهم هم عن النشقاق والسقوط ‪..‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫وفي كثير من الحيان تختفي الحقائق وتهتز الرؤى وتختلط الحكام فل يعرف الظالم من المظلوم ول يتميز البريء من المذنب‬
‫والمحسن من المسيء بانتظار محكمة من ل يظلم مثقال ذرة { وهو خير الحاكمين } العراف ‪.] 78‬‬
‫إنها محاولة كما قلت تعرض لهذه الظاهرة بشكل عام تتناول بعض أسبابها وخلفياتها فقد يكون السبب في الشخاص وقد يكون‬
‫في الحركات وقد يكون في الظروف ودراسة كل قضية في ضوء الجوانب الثلثة مجتمعة بعيدا عن الغلو والتطرف وبشيء من‬
‫التجرد يم كن أن يع يد كثيرا من المور إلى ن صابها وبالتالي ي ساعد على المعال جة ابتدا ًء وانتهاءً وبال الم ستعان وعل يه ق صد‬
‫السبيل ‪.‬‬
‫المؤلف‬

‫الفصل الول ‪ -‬ظاهرة التساقط في عهد النبوة‬

‫* ظاهرة التساقط في عهد النبوة‪:‬‬


‫لم تبرز ظاهرة التساقط في عهد النبوة على نحو من بروزها في العصر الحديث ‪..‬‬
‫وج ًل الذي كان يحدث في تلك المرحلة سقوط أشخاص في أخطاء كان بعضها جسيما بدون شك ‪ ..‬وطبيعة العمل في تلك المرحلة‬
‫وال تي جعلت الناس أمام خيار ين اثن ين ل ثالث له ما ‪ :‬خيار ال سلم أو خيار الجاهل ية كا نت تحول ولو خوفا من عقو بة الرتداد‬
‫دون الخروج على الصف السلمي ‪..‬‬
‫أما اليوم فلعتبارات عديدة أهمها أن الحركة السلمية ل تعتبر هي جماعة المسلمين بمعنى أن الخارج عليها خارج من السلم‬
‫مرتسد عسن الديسن وإنمسا اعتسبرت جماعسة مسن المسسلمين ليسس إل ‪ .‬وبالتالي فإن المسسلمين خارج إطارهسا التنظيمسي ل يعتسبرون‬
‫مرتدين‪.‬‬
‫وإنهم ماداموا كذلك فإن الخروج عليها ل يعتبر ارتدادا عن الدين وإنما هو ارتداد عن الجماعة والتنظيم ‪..‬‬
‫هذا الت صور لطبي عة مو قع الحر كة ال سلمية اليوم من الم سلمين ي ساعد إلى حد كبير على التفلت من صفوفها ح يث ل يش عر‬
‫المتفلت أنه بعمله هذا قد ارتكب معصية وإنما وقد يجد البعض تشجيعا ودعما بل إكبارا وإجللً في البعض الوساط السلمية‬
‫لما فعل ‪.‬‬
‫وسبب آخر كان يساعد على سلمة الصف في الماضي وهو موقف النكار من المسلمين لمن يحاول أن يشق صفوفهم أو يبدو‬
‫منه ما يعتبر مخالفة لقيادتهم أو سياستهم أو جماعتهم ‪..‬‬

‫* المتخلفون عن غزوة تبوك ‪:‬‬


‫فيوم تخلف النفر الثلثة عن غزوة (تبوك) قاطعهم رسول ال صلى ال عليه وسلم وقاطعهم المسلمون جميعا وفيما يلي الحادثة‬
‫كما رواها ابن هشام في سيرته ‪:‬‬
‫[ قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم المدينة وقد كان تخلف عنه رهط من المنافقين وتخلف أولئك الرهط الثلثة من المسلمين‬
‫من غ ير شك ول نفاق ‪ :‬ك عب بن مالك ومرارة بن الرب يع وهلل بن أم ية فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل صحابه ((ل‬
‫تكلمن أحدا من هؤلء الثلثة وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون فصفح عنهم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ولم يعذرهم ال ول رسوله واعتزل المسلمون كلم أولئك النفر الثلثة ‪.‬‬
‫(حديث كعب عن تخلفه )‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فذكر الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد ال بن كعب بن مالك ‪ :‬أن أباه عبد ال وكان‬
‫قائد أبيه حين أصيب بصره قال ‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫سمعت أبى كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول ال صلى ال عليه وسلم في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال ‪ :‬ما‬
‫تخلف عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في غزوة غزا ها قط غ ير أ نى ك نت قد تخل فت ع نه في غزوة بدر وكا نت غزوة لم‬
‫يعاتب ال ول رسوله أحد تخلف عنها وذلك أن رسول ال صلى ال عليه وسلم إنما خرج يريد عير قريش حتى جمع ال بينه‬
‫وبين عدوه على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم العقبة وحين تواثقنا على السلم وما أحب أن لي‬
‫بها مشهد بدر وإن كانت غزوة بدر هي أذكر في الناس منها قال ‪ :‬كان من خبري حين تخلفت عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم في غزوة تبوك أنى لم أكن قط أقوى ول أيسر منى حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ووال ما اجتمعت لي راحلتان قط حتى‬
‫اجتمع تا في تلك الغزوة وكان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قل ما ير يد غزوة يغزو ها إل ورى بغير ها ح تى كا نت تلك الغزوة‬
‫فغزاها رسول ال صلى ال عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل غزو عدو كثير فجلى للناس أمرهم ليتأهبوا‬
‫لذلك أهب ته وأ خبرهم خبره بوج هه الذي ير يد والم سلمون من ت بع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم كث ير ل يجمع هم كتاب حا فظ‬
‫يعنى بذلك الديوان يقول ‪ :‬ر يجمعهم ديوان مكتوب ‪.‬‬
‫قال ك عب ‪ :‬ف قل ر جل ير يد أن يتغ يب إل ظن أ نه سيخفي له ذلك ما لم ينزل ف يه و حي من ال وغزا ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار وأحبت الظلل فالناس إليها صعر فتجهز رسول ال صلى ال عليه وسلم وتجهز المسلمون‬
‫م عه وجعلت أغدو ل تجهز مع هم فأرجع ولم أتق ضى حا جة فأقول في نفسي أ نا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي‬
‫حتى شمر الناس بالجد ‪.‬‬
‫فأصبح رسول ال صلى ال عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت ‪ :‬أتجهز بعده بيوم أو بيومين ثم‬
‫ألحق بهم فغدوت بعد أن فصلوا لتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى‬
‫أسرعوا وتفرط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم أفعل وجعلت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول ال صلى‬
‫ل مغمو صا عل يه في النفاق أو رجلً م من عذر ال من الضعفاء ولم يذكر ني‬
‫ال عل يه و سلم فط فت يحزن ني أ نى ل أرى إل رج ً‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه وسلم ح تى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ‪ :‬ما فعل كعب بن مالك ؟ فقال ر جل من ب نى‬
‫سلمة ‪ :‬يا رسول ال حبسه برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل ‪ :‬بئس ما قلت ! وال يا رسول ال ما علمنا منه إل‬
‫خيرا فسكت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ل من تبوك حضرنى بثي فجعلت أتذكر الكذب وأقول ‪ :‬بماذا أخرج من‬
‫فلما بلغني أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد توجه قاف ً‬
‫سخطة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم غدا وأ ستعين على ذلك كل ذي رأى من أهلي فل ما ق يل إن ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم قد أظل قادما زاح عنى الباطل وعرفت أنى ل أنجو منه إل بالصدق فأجمعت أن أصدقه وصبح رسول ال صلى ال عله‬
‫وسلم المدينة وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فجعلوا يحلفون‬
‫له ويعتذرون وكانوا بض عة وثمان ين رجلً فيق بل من هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم علنيت هم وأيمان هم وي ستغفر ل هم وي كل‬
‫سرائرهم إلى ال تعالى حتى جئت فسلّمت عليه فتسم تبسم المغضب ثم قال لي ‪ :‬تعاله فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فقال‬
‫لي ‪ :‬ما خل فك ؟ ألم ت كن ابت عت ظهرك ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬إ ني يا ر سول ال وال لو جل ست ع ند غيرك من أ هل الدن يا لرأ يت أ نى‬
‫سأحرج من سخطه بعذر ول قد أعط يت جد ًل ول كن وال ل قد عل مت لئن حدث تك اليوم حديثا كذ با لترض ين ع نى وليوش كن ال أن‬
‫يسخطك علىّ ولئن حدثتك حديثا صدقا تجد على فيه إني لرجو عقباي من ال فيه ‪ ،‬ول وال ما كان لي عذر وال ما كنت قط‬
‫أقوى ول أيسر منى حين تخلفت عنك فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أما هذا فقد صدقت فيه فقم حتى يقضى ال فيك ‪.‬‬
‫فق مت وثار م عي الرجال من ب نى سمة فاتبعو ني فقالوا لي ‪ :‬واله ما علمناك ك نت أذن بت ذنبا ق بل هذا ول قد عجزت أن ل تكون‬
‫اعتذرت إلى ر سول ال صلى ال عل يه وسم ب ما اعتذر به إل يه المخلفون قد كان كاف يك ذن بك ا ستغفار ر سو ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم لك فوال مازالوا بي حتى أردت أن أرجع إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فاكذب نفسي ثم قلت لهم ‪ :‬هل لقي هذا أحد‬
‫غيري ؟ قالوا ‪ :‬نعم رجلن قال مثل مقالتك وقيل لهما مثل ما قيل لك قلت ‪ :‬من هما ؟ قالوا ‪ :‬مرارة بن الربيع العمرى من بنى‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫عمرو بن عوف وهلل بن أبى أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين فيهما أسوة فصمت حين ذكروهما لي ونهي رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم عن كلمنا أيها الثلثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي نفسي والرض‬
‫فما هي بالرض التي كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما وأما أنا فكنت أشب القوم‬
‫وأجلد هم فك نت أخرج وأش هد ال صلوات مع الم سلمين وأطوف بال سواق ول يكلم ني أ حد وآ تى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلم علىّ أم ل ؟ ثم أصلى قريبا منه فأسارقه‬
‫الن ظر فإذا أقبلت على صلتي ن ظر إلى وإذا الت فت نحوه أعرض ع نى ح تى إذا طال ذلك علىّ من جفوة الم سلمين مش يت ح تى‬
‫تسورت جدار حائط أبى قتادة وهو ابن عمى وأحب الناس إلى فسلمت علي فو ال ما رد علىّ السلم فقلت ‪ :‬يا أبا قتادة أنشدك‬
‫بال ل تعلم أنسى أحسب ال ورسسول ؟ فسسكت فعدت فناشدت فسسكت عنسى فعدت فناشدت فسسكت عنسى فعدت فناشدت فقال ‪ :‬ال‬
‫ورسوله أعلم ففاضت عيناي ووثبت فتسورت الحائط ثم غدوت إلى السوق فبينا أنا أمشى بالسوق إذا نبطي يسأل عنى من نبط‬
‫الشام م من قدم بالطعام يبيعه بالمدي نة يقول من يدل على كعب بن مالك ؟ قال ‪ :‬فج عل الناس يشيرون له إلى ح تى جاء ني فدفع‬
‫إلى كتابا من ملك غسان وكتب كتابا في سرقه من حرير فإذا فيه ‪(( :‬أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك ال‬
‫بدار هوان ول مضيعة فالحق بنا نواسك)) قال قلت حين قرأتها ‪ :‬وهذا من البلء أيضا قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل‬
‫من أهل الشرك قال ‪ :‬فعمدت بها إلى تنور فسجرته بها فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول ال‬
‫يأتي ني فقال ‪ :‬إن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يأمرك أن تعتزل امرأ تك قال قلت ‪ :‬أطلق ها أم ماذا ؟ قال ‪ :‬ل بل اعتزل ها ول‬
‫تقربها وأرسل إلى صاحبي بمثل ذك فقلت لمرأتي ‪ :‬ألحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضى ال في هذا المر ما هو قاض قال ‪:‬‬
‫وجاءت امرأة هلل بن أمية رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬يا رسول ال إن هلل بن أمية شيخ كبير ضائع ل خادم له‬
‫أفتكره أن أخدمه ؟ قال ‪ :‬ل ولكن ل يقربنك قالت ‪ :‬وال يا رسول ال ما به من حركة إلى وال مازال يبكى منذ كان من أمره ما‬
‫كان إلى يومه هذا ولقد تخوفت على بصره قال ‪ :‬فقال لي بعض أهلي ‪ :‬لو استأذنت رسول ال لمرأتك فقد أذن لمرأة هلل بن‬
‫أمية أن تخدمه قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬وال ل أستأذنه فيها ما أدرى ما يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم لي في ذلك إذا استأذنته فيها‬
‫وأنا رجل شاب قال ‪ :‬فلبثنا بعد ذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي رسول ال صلى ال عليه وسلم المسلمين‬
‫عن كلمنا ثم صليت الصبح صبح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا على الحال التي ذكر ال منا قد ضاقت علينا الرض بما‬
‫رحبت وضاقت على نفسي وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع فكنت أكون فيها إذ سمعت صوت صارخ أوفي على ظهر سلع‬
‫يقول بأعلى صوته ‪ :‬يا كعب بن مالك أبشر قال ‪ :‬فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج ‪.‬‬
‫(توبة ال عليهم ) ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬وآذن رسول ال صلى ال عليه وسلم الناس بتوبة ال علينا حين صلىّ الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب نحو صاحبي‬
‫مبشرون وركض رجل إلى فرسا وسعى ساع من أسلم حتى أوفي على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي‬
‫سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه بشارة وال ما أملك يومئذ غيرهما واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة يقولون ليهنك توبة ال عليك حتى دخلت المسجد ورسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلى طلحة بن عبيد ال فحياني وهنأني ووال ما قام إلى رجل من المهاجرين غيره‬
‫قال ‪ :‬فكان كعب بن مالك ل ينساها لطلحة ‪.‬‬
‫قال ك عب ‪ :‬فل ما سلمت على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال لي ووج هه يبرق من ال سرور أب شر بخ ير يوم مر عل يك م نذ‬
‫ولد تك أ مك قال ‪ :‬قلت ‪ :‬أ من عندك يا ر سول ال أم من ع ند ال ؟ قال ‪ :‬بل من ع ند ال قال ‪ :‬وكان ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر قال ‪ :‬وكنا نعرف ذلك منه قال ‪ :‬فلما جلست بين يديه قلت ‪ :‬يا رسول ال إن من توبتي‬
‫إلى ال عز وجل أن أنخلع من مالي صدقة إلى ال وإلى رسوله قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أمسك عليك بعض مالك‬
‫فهو خير لك قال قلت ‪ :‬أنى ممسك سهمي الذي بخيبر وقلت ‪ :‬يا رسول ال إن ال قد نجاني بالصدق وإن من توبتي إلى ال أن‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫ل أحدث إل صدقا ما حييت وال ما أعلم أحدا من الناس أبله ال في صدق الحديث منذ ذكرت لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ذلك أفضل مما أبلنى ال وال ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لرجو أن‬
‫يحفظني ال فيما بقى ‪.‬‬
‫وأنزل ال تعالى ‪ {:‬لقد تاب ال على النبي والمهاجرين والنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق‬
‫من هم ثم تاب علي هم إ نه ب هم رءوف رح يم وعلى الثل ثة الذ ين خلفوا } ‪ ...‬إلى قوله { وكونوا مع ال صادقين } التو بة ‪-117‬‬
‫‪.] 119‬‬
‫قال كعب ‪ :‬فوال ما أنعم ال على ّ نعمة قط بعد أن هداني للسلم كانت أعظم في نفسي من صدقي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يومئذ أن ل أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن ال تبارك وتعالى قال في الذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال‬
‫ل حد قال ‪ { :‬سيحلفون بال ل كم إذا انقلب تم إلي هم لتعرضوا عن هم فأعرضوا عن هم إن هم ر جس ومأوا هم جه نم جزا َء ب ما كانوا‬
‫يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن ال ل يرضى عن القوم الفاسقين } التوبة ‪.] 96-95‬‬
‫قال ‪ :‬وكنا خلفنا أيها الثلثة عن أمر هؤلء الذين قبل منهم رسول ال صلى ال عليه وسلم حين حلفوا له فعذرهم فيه واستغفر‬
‫لهم وأرجأ رسول ال صلى ال عليه وسلم أمرنا حتى قضى ال فيه ما قضى فبذلك قال ال تعالى { وعلى الثلثة الذين خلفوا }‪.‬‬
‫وليس الذي ذكر ال من تخلفنا لتخلفنا عن الغزوة ولكن لتخليفه إيانا وإرجائه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه ]‪.‬‬

‫* حاطب ابن أبى بلتعة ‪:‬‬


‫ويوم و قع (حا طب بن أ بى بلت عة ) في ما يع تبر اليوم كشفا ل سرار الدولة وخيا نة عظ مى برز مو قف النكار الشد يد من القاعدة‬
‫وموقف العذار الشديد من القيادة ‪ ..‬وفيما يلي الحادثة كما جاءت في سيرة ابن هشام ‪.‬‬
‫[ قال ابن إسحاق ‪ :‬وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قالوا ‪ :‬لما أجمع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبى بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم من المر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم لي غيره أنها سارة مولة لبعض بنى‬
‫عبد المطلب وجعل لها جعلً على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به وأتى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علىّ بن أبى طالب والزبير بن العوام رضى ال عنهما فقال ‪ :‬أدركا امرأة قد‬
‫كتب معها حاطب بن أبى بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم ‪.‬‬
‫فخرجا حتى أدركاها بالخليقة بنى أبى أحمد فاستنزلها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها على بن أبى طالب إني أحلف‬
‫بال ما كذب رسول ال صلى ال عليه وسلم ول كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت الجد منه قالت ‪ :‬أعرض‬
‫فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول ال صلى ال عليه وسلم فدعا رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم حاطبا فقال ‪ :‬يا حاطب ما حملك على هذا ؟ فقال ‪ :‬يا رسول ال أما وال إني لمؤمن بال ورسوله ما غيرت ول‬
‫بدلت ولك نى ك نت امرأ ل يس لي في القوم من أ صل ول عشيرة وكان لي ب ين أظهر هم ولد وأ هل ف صانتهم علي هم فقال ع مر بن‬
‫الخطاب يا رسول ال دعني فلضرب عنقه فإن الرجل قد نافق فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬وما يدريك يا عمر لعل ال‬
‫قد اطلع إلى أ صحاب بدر يوم بدر فقال ‪ :‬اعملوا ما شئ تم ف قد غفرت ل كم فأنزل ال تعالى في حا طب { يا أي ها الذ ين آمنوا ل‬
‫تتخذوا عدوى وعدو كم أولياء تلقون إلي هم بالمودة } ‪ ..‬إلى قوله { قد كا نت ل كم أ سوة ح سنة في إبراه يم والذ ين مه إذ قالوا‬
‫لقوم هم إ نا برآء من كم وم ما تعبدون من دون ال كفر نا ب كم وبدا بين نا وبين كم العداوة والبغضاء أبدا ح تى تؤمنوا بال وحده }‬
‫الممتحنة ‪ ]4-1‬إلى آخر القصة ]‪.‬‬

‫* مسجد الضرار ‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫ويوم أراد بعض المنافقين من المسلمين أن يشقوا الصف السلمي ويقيموا مسجدا ظاهره الرحمة وباطنه فيه المكر والضرار‬
‫بالمسلمين أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم هدمه ‪ ..‬وفيما يلي الحادث كما يرويه ابن هشام في سيرته ‪:‬‬
‫[ قال ابن إسحاق ‪ :‬ثم أقبل رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان‬
‫أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا ‪ :‬يا رسول ال إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة‬
‫المطيرة والليلة الشاتية وإ نا نحب أن تأتينا فتصلى ل نا فيه فقال ‪ :‬إني على جناح سفر وحال شغل أو كما قال ر سول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ولو قد قدمنا إن شاء ال لتيناكم فصلينا لكم فيه ‪.‬‬
‫(أمر الرسول اثنين بهدمه ) ‪:‬‬
‫فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بنى سالم بن عوف ومعن بن‬
‫عدى أو أخاه عاصم بن عدى أخا بنى العجلن فقال ‪ :‬انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجا سريين حتى أتيا‬
‫ب نى سالم بن عوف و هم ر هط مالك بن الدخ شم فقال مالك لمعن ‪ :‬أنظر نى ح تى أخرج إل يك بنار من أهلي فد خل إلى أهله فأ خذ‬
‫سعفا من النخل فأشغل فيه نارا ثم خر جا يشتدان حتى دخله وف يه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا ع نه ونزل فيهم من القرآن ما‬
‫نزل { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين } التوبة ‪ ... ] 1.7‬إلى آخر القصة ‪.‬‬

‫* حديث الفك ‪:‬‬


‫ولما رمى أهل الفك من المنافقين والمرجفين رسول ال صلى ال عليه وسلم في رضه بغية إضعاف مكانته وتخذيل المسلمين‬
‫من حوله تأثر من الصحابة من تأثر وصمد من صمد يذب ويدافع عن رض رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى جاء حكم ال‬
‫في ذلك وهو أحكم الحاكمين وفيما يلي الحادثة كما رواها ابن هشام ‪:‬‬
‫[ قال ابن إسحاق ‪ :‬حدثنا الزهري عن علقمة بن وقاص وعن سعيد بن جبير وعن عروة بن الزبير وعن عبيد ال بن بد ال بن‬
‫عتبة قال ‪ :‬كل قد حدثني بعض هذا الحديث وبعض القوم كان أوى له من بعض وقد جمعت لك الذي حدثني القوم ‪.‬‬
‫( شأن الرسول مع نسائه في سفره )‬
‫قال محمد بن إسحاق ‪ :‬وحدثني يحيى بن عباد بن عبد ال بن الزبير عن أبيه عن عائشة وعبد ال بن أبى بكر ن مرة بنت عبد‬
‫الرحمن عن عائشة عن نفسها حين قال فيها أهل الفك ما قالوا فكل قد دخل في حديثها عن هؤلء جميعا يحدث بعضهم ما لم‬
‫يحدث صاحبه وكل كان عنها ثقة فكلهم حدث عنها ما سمع قالت ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين‬
‫نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فلما كانت غزوة بنى المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن‬
‫معه فخرج بي رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫(سقوط عقد عائشة وتخلفها للبحث عنه )‪:‬‬
‫قالت ‪ :‬وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ثم يأتي القوم‬
‫الذ ين يرحلون لي ويحملون ني فيأخذون بأ سفل الهودج فيرفعو نه فيضعو نه على ظ هر البع ير فيشدو نه بحباله ثم يأخذون برأس‬
‫البعير فينطلقون به قالت ‪ :‬فلما فرغ رسول ال صلى ال عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلً حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل‬
‫منزلً فبات به بعض الل يل ثم أذن في الناس بالرحيل فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي في جزع ظفار‬
‫فلما فرغت انسل من عنقي ول أدرى فلما رجعت إلى الرحل ذبت ألتمسه في عنقي فلم أجده وقد أخذ الناس في الرحيل فرجعت‬
‫إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته وجاء القوم خلفي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد فرغوا من رحلته فأخذوا‬
‫الهودج وهم يظنون أنى فيه كما كنت أصنع فاحتملوه فشدوه على البعير ولم يشكوا أنى فيه ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به‬
‫فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ول مجيب قد انطلق الناس ‪.‬‬
‫(مرور ابن المعطل بها واحتماله إياها على بعيره )‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫قالت ‪ :‬فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إلى قالت ‪ :‬فوال إني لمضطجعة إذ مربى صفوان‬
‫ى و قد كان‬
‫بن الم طل ال سلمي و قد كان تخلف عن الع سكر لب عض حاج ته فلم ي بت مع الناس فرأى سوادي فأق بل ح تى و قف عل ّ‬
‫يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب فلما رآني قال ‪ :‬إنا ل وإنا إليه راجعون ظعينة رسول ال صلى ال عليه وسلم !وأنا متلففة‬
‫في ثيابي قال ‪ :‬ما خلفك يرحمك ال ؟ قالت ‪ :‬فما كلمته ثم قرب البعير فقال ‪ :‬اركبي واستأخر عنى قالت ‪ :‬فركبت وأخذ برأس‬
‫البعير فانطلق سريعا يطلب الناس فوال ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي‬
‫فقال أهل الفك ما قالوا فارتج العسكر ووال ما أعلم بشيء من ذلك ‪.‬‬
‫( إعراض الرسول صلى ال عليه وسلم عنها )‪:‬‬
‫ثم قدم نا المدي نة فلم أل بث أن اشتك يت شكوى شديدة ول يبلغ ني من ذلك شئ و قد انت هي الحد يث إلى ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫ل ول كثيرا إل أ نى قد أنكرت من ر سل ال صلى ال ل يه و سلم ب عض لط فه بي ك نت إذا‬
‫و سلم إلى أ بى ل يذكرون لي م نه قلي ً‬
‫اشتك يت رحم ني ول طف بي فلم يف عل ذلك بي في شكاى تلك فأنكرت ذلك م نه كان إذا د خل علىّ وعندي أ مي تمرض ني قال ا بن‬
‫هشام ‪ :‬وهي أم رومان واسمها زينب بنت عبد دهمان أحد بنى فراس بن غنم بن مالك بن كنانة قال ‪ :‬كيف تيكم ل يزيد على‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫(انتقالها إلى بيت أبيها وعلمها بما قيل فيها )‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬قالت ‪ :‬حتى وجدت في نفسي فقلت ‪ :‬يا رسول ال حين رأيت ما رأيت من جفائه لي ‪ :‬لو أذنت لي فانتقلت إلى‬
‫أمي فمرضت ني ؟ قال ل عليك ‪ .‬قالت ‪ :‬فانتقلت إلى أمي ول علم لي بشيء م ما كان ح تى نقهت من وجعى بعد بضع وعشرين‬
‫ليلة وك نا قوماً عربا ل نتخذ في بيوت نا هذه الكنف ال تي تتخذها العاجم نعافها ونكرهها إنما كنا نذهب في فسح المدنية وإنما‬
‫كانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت أبى رهم بن المطلب بن عبد مناف‬
‫وكانت أمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم خالة أبى بكر الصديق رضى ال عنه قالت ‪ :‬فوال إنها لتمشى معي إذ‬
‫عثرت في مرطها فقالت ‪ :‬تعس مسطح ! ومسطح لقب واسمه عوف قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬بئس لعمر ال ما قلت لرجل من المهاجرين‬
‫قد شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر يا بنت أبى بكر ؟ قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الفك قالت ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬أو قد كان هذا ؟ قالت ‪ :‬ن عم وال ل قد كان قالت ‪ :‬فوال ما قدرت على أن أق ضي حاج تي ورج عت فوال مازلت أب كى ح تى‬
‫ظننت أن البكاء سيصدع كبدى قالت ‪ :‬وقلت لمي ‪ :‬يغفر ال لك تحدث الناس بما تحدثوا به ول تذكرين لي من ذلك شيئا ! قالت‬
‫‪ :‬أي بنية خفضي عليك الشأن فوال لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إل كثرن وكثر الناس عليها ‪.‬‬
‫(خطبة الرسول في الناس يذكر إيذاء قوم له في عرضه )‪:‬‬
‫قالت ‪ :‬وقد قام رسول ال صلى ال عليه وسلم في الناس يخطبهم ول أعلم بذلك فحمد ال وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ما بال‬
‫رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق وال ما علمت منهم إل خيرا ويقولون ذلك لرجل وال ما علمت منه إل خيرا‬
‫وما يدخل بيتا من بيتي إل وهو معي‬

‫(أثر ابن أبى و حمنة في إشاعة هذا الحديث ) ‪:‬‬


‫قالت‪ :‬وكان كبر ذلك ع ند ع بد ال بن أ بى بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال م سطح وحم نة بب نت ج حش وذلك أن‬
‫أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول ال صلى ال عليه وسلم ولم تكن من نسائه امرأة تناصينى في المنزلة عنده غيرها‬
‫فأما زينب فعصمها ال تعالى بدينها فلم تقل إل خيرا وأما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادنى لختها فشقيت‬
‫بذلك ‪.‬‬
‫( ما كان بين المسلمين بعد خطبة الرسول صلى ال عليه وسلم )‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫فلما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير ‪ :‬يا رسول ال إن يكونوا من الوس نكفكهم إن يكنوا‬
‫ل صالحا‬
‫من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك فال إنهم لهل أن تضرب أعناقهم قالت فقام سعد بن عبادة كان قبل ذلك يرى رج ً‬
‫فقال ‪ :‬كذبت لعمر ال ل نضرب أعناقهم أما وال ما قلت هذه المقالة إل أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ولو كانوا من قومك ما‬
‫قلت هذا فقال أسيد ‪ :‬كذبت لعمر ال ولكنك منافق تجادل عن المنافقين قالت ‪ :‬وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين‬
‫من الوس والخزرج شر ونزل رسول ال صلى ال عليه وسلم فدخل على ‪.‬‬
‫( استشارة الرسول صلى ال عليه وسلم لعلى وأسامة )‪:‬‬
‫(قالت ) فدعا علىّ بن أبى طالب رضوان ال عليه وأسامة بن زيد فاستشارهما فأما أسامة فأثنى علىّ خيرا وقاله ثم قال ‪ :‬يا‬
‫رسول ال أهلك ول نعلم منهم إل خيرا وهذا الكذب والباطل وأما علىّ فانه قال ‪ :‬يا رسول ال إن النساء لكثير وإنك لقادر على‬
‫أن تستخلف وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم بريرة ليسألها قالت فقام إليها علىّ بن أبى طالب‬
‫فضرب ها ضربا شديدا ويقول ‪ :‬ا صدقي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قالت فتقول وال ما أعلم إل خيرا و ما ك نت أع يب على‬
‫عائشة شيئا إل أنى كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتى الشاة فتأكله ‪.‬‬

‫* ( نزول القرآن ببراءة عائشة )‪.‬‬


‫قالت ‪ :‬ثم دخل علىّ رسول ال صلى ال عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة النصار وأنا أبكى وهي تبكى معي فجلس فحمد‬
‫ال وأثنى عليه ثم قال ‪ :‬يا عائشة إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس فاتقى ال وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس‬
‫فتوبسي إلى ال فإن ال يقبسل التوبسة عسن عبادة قالت ‪ :‬فوال مسا هسو إل أن قال لي ذلك فقلص دمعسي حتسى مسا أحسس منسه شيئا‬
‫وانتظرت أبوي أن يجيبا عنى رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم يتكلما قالت ‪ :‬وأيم ال لنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا‬
‫من أن ينزل ال في قرآنا يقرأ به في المساجد ويصلى به ولكنى قد كنت أرجو أن يرى رسول ال صلى ال عليه وسلم في نومه‬
‫شيئا يكذب به ال ع نى ل ما يعلم من براء تي أو ي خبر خبرا فأ ما قرآن ينزل في فوال لنف سي كا نت أح قر عندي من ذلك قالت ‪:‬‬
‫فلما لم أر أبوي يتكلمان قالت ‪ :‬قلت لهما ‪ :‬أل تجيبان رسول ال صلى ال عليه وسم ؟ قالت ‪ :‬فقل ‪ :‬وال ما ندرى بماذا نجيبه‬
‫قالت ‪ :‬ووال ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبى بكر في تلك اليام قالت ‪ :‬فلم أن استعجما علىّ استعبرت فبكيت‬
‫ثم قلت ‪ :‬وال ل أتوب إلى ال م ما ذكرت أبدا ‪ .‬وال إ ني لعلم لئن أقررت ب ما يقول الناس وال يعلم أ نى م نه بريئة لقولن ما‬
‫لم ي كن ولئن أ نا أنكرت ما يقولون ل ت صدقونني قالت ‪ :‬ثم التم ست ا سم يعقوب ف ما أذكره فقلت ‪ :‬ول كن سأقول كمسا قال أبسو‬
‫يو سف ‪ { :‬ف صبر جم يل وال الم ستعان على ما ت صفون } قالت ‪ :‬فوال ما برح ر سول ال صلى ال عل يه و سلم مجل سه ح تى‬
‫تغشاه من ال ما كان يتغشاه فسجى بثوبه ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوال ما‬
‫فزعت ول باليت قد عرفت أنى بريئة وأن ال عز وجل غير ظالمي وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سرى عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من ال تحقيق ما قال الناس قالت ‪ :‬ثم سرى عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات فجعل يمسح العرق ن جبينه ويقول ‪ :‬أبشرى يا عائشة‬
‫فقد أنزل ال براءتك قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬بحمد ال ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتل عليهم ما أنزل ال عليه من القرآن في ذلك ثم أمر‬
‫بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدهم ‪.‬‬
‫( أبو أيوب وذكره طهر عائشة لزوجه ) ‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬وحدثني أبى إسحاق بن يسار عن بعض رجال بنى النجار ‪ :‬أن أبا أيوب خالد بن زيد قالت له امرأته أم أيوب‬
‫‪ :‬يا أبا أيوب أل تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال ‪ :‬بلى وذلك الكذب أكنت يا أم أيوب فاعله ؟ قالت ‪ :‬ل وال ما كنت‬
‫لفعله قال ‪ :‬فعائشة وال خير منك ‪.‬‬
‫( ما نزل من القرآن في ذلك ) ‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫قالت ‪ :‬فلما نزل القرآن بذكر من قال من أهل الفاحشة ما قال من أهل الفك فقال تعالى { إن الذين جاءوا بالفك عصبة منكم ل‬
‫تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } النور ‪ ]11-‬وذلك‬
‫حسان بن ثابت وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ‪.‬‬
‫قال ابن هشام ‪ :‬يقال ‪ :‬وذلك عبد ال بن أبى وأصحابه ‪.‬‬
‫قال ا بن هشام ‪ :‬والذي تولى كبره ع بد ال بن أ بى و قد ذ كر ذلك ا بن إ سحاق في هذا الحد يث ق بل هذا ثم قال تعالى ‪ { :‬لول إذا‬
‫سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنف سهم خيرا } النور ‪ ]12‬أي فقالوا ك ما قال أ بو أيوب و صاحبته ثم قال { إذ تلقو نه‬
‫بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند ال عظيم } النور ‪. ] 15‬‬
‫( هم أبى بكر بعدم النفاق على مسطح ثم عدوله )‪:‬‬
‫فلما نزل هذا في عائشة وفيمن قال لها ما قال قال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته ‪ :‬وال ل أنفق على مسطح‬
‫شيئا أبدا ول أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة وأدخل علينا قالت ‪ :‬فأنزل ال في ذلك { ول يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن‬
‫يؤتوا أولى القر بى والم ساكين والمهاجر ين في سبيل ال وليعفوا ولي صفحوا أل تحبون أن يغ فر ل كم وال غفور رح يم } النور‬
‫‪]22‬‬

‫** حادث أبى لبابة ‪:‬‬


‫وعند ما ب عث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ( أ با لبا بة بن ع بد المنذر) إلى ب نى قري ظة ا ستجابة لطلب هم ب عد أن خانوا الع هد‬
‫ونقضوا الميثاق وتأمروا على المسلمين بدا منه ما يعتبر خيانة لرسول ال ولكن الرجل ما أن وقع منه ما وقع حتى ثاب إلى‬
‫رشده وسخط على نفسه وندم على فعلته ولم يكن م نه إل أن ربط نفسه في عمود المسجد تكفيرا لذنبه وفي ما يلي الحادثة كما‬
‫يرويها ابن هشام في سيرته ‪:‬‬
‫[ قال ابن هشام ‪ :‬وتلحق به الناس فأتى رجال منهم من بعد العشاء الخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ل يصلين أحد العصر إل ببنى قريظة فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم وأبوا أن يصلوا لقول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم حتى تأتوا بنى قريظة فصلوا العصر بها بعد العشاء الخرة فما عابهم ال بذلك في كتابه ول عنفهم به رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم حدثني بهذا الحديث أي إسحاق بن يسار عن بن كعب بن مالك النصاري ‪.‬‬
‫( حصارهم ومقالة كعب بن أسد بهم )‪:‬‬
‫(قال ) ‪ :‬وحاصرهم رسول ال صلى ال عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف ال في قلوبهم الرعب ‪.‬‬
‫وقد كان حيى بن أخطب دخل مع بنى قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده‬
‫عليه فلما أيقنوا بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال كعب بن أسد لهم ‪ :‬يا معشر يهود قد‬
‫نزل بكم من المر ما ترون وإ ني عارض عليكم خللً ثلثا فخذوا أيها شئتم قالوا ‪ :‬و ما هي ؟ قال ‪ :‬نتابع هذا الرجل ونصدقه‬
‫فوال لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل وأنه للذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا ‪ :‬ل نفارق‬
‫حكم التوراة أبدا ول نستبدل به غيره قال ‪ :‬فإذا أبيتم علىّ هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالً‬
‫مصلتين السيوف لم نترك وراء نا ثقلً حتى يحكم ال بين نا وب ين محمد فإن نهلك نهلك ولم نترك وراء نا نسلً نخشى عليه وإن‬
‫نظهر فلعمري لنجدن النساء والبناء قالوا ‪ :‬نقتل هؤلء المساكين ! فما خير العيش بعدهم ؟ قال ‪ :‬فان أبيتم علىّ هذه فإن الليلة‬
‫ليلة السبت وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة قالوا نفسد سبتنا‬
‫علينا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إل من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ ! قال ‪ :‬ما بات رجل منكم منذ‬
‫ولدته أمة ليلة واحدة من الدهر حازما ‪.‬‬
‫( أبو لبابة وتوبته ) ‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫(قال) ‪ :‬ثم إنهم بعثوا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف وكانوا‬
‫حلفاء الوس لنستشيره في أمرنا فأرسله رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء‬
‫والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم وقالوا له ‪ :‬يا أبا لبابة ! أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ قال ‪ :‬نعم وأشار بيده إلى حلقه‬
‫إنه الذبح قال أبو لبابة ‪ :‬فوال مازالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت ال ورسوله صلى ال عليه وسلم ثم انطلق‬
‫أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال ‪ :‬ل أبرح مكاني‬
‫هذا حتى يتوب ال علىّ مما صنعت وعاهد ال ‪ :‬أن ل أطأ بنى قريظة أبدا ول أرى في بلد خنت ال ورسول فيه أبدا ‪.‬‬
‫( ما نزل في خيانة أبى لبابة )‪.‬‬
‫قال ابن هشام ‪ :‬وأنزل ال تعالى في أبى لبابة فيما قال سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبى خالد عن عبد ال بن أبى قتادة ‪:‬‬
‫({ يا أيها الذين آمنوا ل تخونوا ال والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } النفال ‪. ]27‬‬
‫( موقف الرسول من أبى لبابة وتوبة ال عليه ) ‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فلما بلغ رسول ال صلى ال عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه قال ‪ :‬أما إنه لو جاءني لستغفرت له فأما إذ‬
‫قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب ال عليه ‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فحدثني يزيد بن عبد ال بن قسيط ‪:‬أن توبة أبى لبابة نزلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم من السحر‬
‫وهو في بيت أم سلمة (فقالت أم سلمة ) ‪ :‬فسمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم من السحر وهو يضحك قالت ‪ /‬فقلت ‪ :‬مم‬
‫تضحك يا رسول ال ؟ أضحك ال سنك قال ‪ :‬تيب على أبى لبابة قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬أفل أبشره يا رسول ال ؟ قال ‪ :‬بلى إن شئت قال‬
‫‪ :‬فقامت لي باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب فقالت ‪ :‬يا أبا لبابة أبشر فقد تاب ال عليك قالت ‪ :‬فثار الناس إليه‬
‫ليطلقوه فقال ‪ :‬ل وال حتى يكون رسول ال صلى ال عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم خارجا إلى صلة الصبح أطلقه ‪.‬‬
‫( ما نزل في التوبة على أبى لبابة ) ‪:‬‬
‫قال ابن هشام ‪ :‬أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته في كل وقت صلة فتحله للصلة ثم يعود فيرتبط بالجذع فيما‬
‫حدثني بعض أهل العلم والية التي زلت في توبته قول ال عز وجل { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملً صالحا وآخر سيئا‬
‫عسى ال أن يتوب عليهم إن ال غفور رحيم } التوبة ‪.] 1.2 :‬‬
‫وهناك أمثلة عبر التاريخ كثيرة منها ‪ :‬حادثة ثعلبة وقضية المرتدين وحادثة جبلة بن اليهم والذين تمردوا على الخليفة عثمان‬
‫بن عفان رضى ال عنه وغيرهم ‪...‬‬
‫فيما تقدم يتبين لنا أن حوادث التساقط في صدر السلم كانت محدودة وكان أكثرها ينتهي بعودة أصحابها عن خطئهم ومبادرتهم‬
‫إلى التو بة والنا بة من غ ير إ صرار على مو قف أو ا ستمرار ف يه ‪ ...‬وكان يتجلى من خلل ها صفاء ال سريرة و سلمة الق صد‬
‫وأصالة المعدن والحرص على وحدة الصف والتزام الجماعة ‪ ..‬كما كان يظهر كذلك مظهر آخر لموقف الخارجين على الجماعة‬
‫و في هذا ما ف يه من عقو بة رادة ومان عة من انتشار الظاهرة ‪ ...‬ولو أن المت ساقطين اليوم واجهوا ن فس الم صير الذي واج هة‬
‫أمثالهم بالمس لخجلوا من أنفسهم ولدركوا أنهم اجترحوا ذنبا ليس له من كفارة إل التزام أمر الجماعة والسمع والطاعة لها‬
‫في المكره والمنشط ولكنها المجتمعات والبيئات التي تبارك النحراف وتعين عليه وتصفق للمنشق وتملى له وتأخذ بيد المسيء‬
‫ول تأخذ على يده ‪...‬‬
‫ويتلزم م هذه الظاهرة ويسساعد عليهسا مرض عات وداء خسبيث عضال ذلك هسو ضياع الوفاء وكفران العشيسر ول تنكسر للجميسل‬
‫والمتلء بالغل والحقد على المسلمين ‪ ..‬فاته ل يكفي المنشقين أنهم انشقوا وتسببوا بشق الصف وإنما قد يتحولون حربا على‬
‫إخوانهم يرمونهم بألسنة حداد ول يرعون فيه إل ول ذمة وهذا من غير شك ليس من أخلق وخصال السلم في شئ ‪ ..‬بل هذا‬
‫ما ندد به رسول ال صلى ال عليه وسلم في كثير من أحاديثه ‪...‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫فعن عبد ال بن عمر رضى ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪(( :‬يطلع ال عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من‬
‫شعبان فيغفر لعباده إل اثنين ‪ :‬مشاحن وقاتل نفس ))‪.‬‬
‫وفي حديث للبيهقى كذلك عن العلء بن الحرث أن عائشة رضى ال عنها قالت قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ((هذه ليلة‬
‫النصف من شعبان إن ال عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر‬
‫أهل الحق كما هم ‪. ))...‬‬
‫وعن ابن عباس رضى ال عنهما عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪((:‬ثلثة ل ترفع صلتهم فوق رؤوسهم شبرا ‪:‬رجل‬
‫أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها وأخوان متصارمان ))‪.‬‬
‫والساحة السلمية المعاصرة شاهدت أنماطا من الناس إذا اختلفت معهم في الرأي تحولوا وحوشا كاسرة يمتلئون بالحقد وحب‬
‫النتقام ‪..‬‬
‫فكم من إنسان دفعه حقده إلى أن يتعاون مع أعداء السلم لينتقم من جماعته ويشفي غليله ‪..‬‬
‫إن كل هذا وذاك إنما يكشف زيف النسان أحيانا وزيف انتمائه إلى السلم ‪ ..‬كما يطرح من جديد القضية الساسية التي يجب‬
‫أن تكون محل الهتمام الكبر ومناط التفكير الول على الساحة السلمية تلكم هي قضية التربية ‪..‬‬
‫إن أكثر المشكلت والزمات التي تعانى منها الساحة السلمية ويعانى منها العمل السلمي مصدرها سوء التربية وعدم اللتزام‬
‫بشرع ال والوقوف عند حدوده ‪...‬‬
‫فسوء المانة وحب الزعامة وقلة الوفاء وكفران العشير والنفعة والوصولية والغيبة والنميمة والبغضاء والحسد وإيقاظ الفتنة‬
‫وإذكاؤهسا وإنكار الفضسل والعجاب بالنفسس والتطرف والغلو إلى مسا ل نهايسة له مسن أمراض وعلل تنهسش البنيسة السسلمية‬
‫وتشوهها وتسممها إنما هي وليدة انحراف في التربية السلمية وتشوه في الشخصية ‪.‬‬
‫وهذا ما يؤكد ضرورة اهتمام الحركات السلمية بالجانب التربوي التعقيدي والروحي والمسلكي والحيلولة دون طغيان الجوانب‬
‫الخرى التنظيمية والسياسية والحركية على هذا الجانب لنه بمثابة صمام المان في الشخصية وجهاز التحكم فيها ‪.‬‬
‫ل قد منيت ساحة الع مل السلمي بشخ صيات ذاع صيتها وعمت شهرت ها الفاق ثم تبين من خلل تعامل ها اليو مي إنها أبعد ما‬
‫يكون عسن ال سلم أخلقا وسسلوكا ‪ ..‬كمسا تسبين أن هذه الشخصسيات لم تأخسذ حظهسا مسن التربيسة فسي حياة الجماعسة وإنمسا نمست‬
‫وترعرعت في ساحات العمال السياسية والجتماعية أمام الضواء ووراء الكواليس وفي الصالونات والمجتمعات المخملية فمن‬
‫أين تأتيها التربية في هذه الحالة وكيف يمكن أن تنشأ عندها المناعة من النحراف ؟‬
‫روى ابن حبان والبيهقى عن أبى هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪(( :‬كرم المؤمن دينه ومروءته‬
‫عقله وحسبه خلقه )) ‪.‬‬
‫وروى ال طبرانى عن جابر بن ع بد ال ر ضى ال ع نه قال قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال ‪ (( :‬إن هذا د ين ارتضي ته‬
‫لنفسي ولن يصلح له إل السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه ))‪.‬‬
‫وصدق الشاعر حيث يقول ‪:‬‬
‫وأكره أن أعيب وأن أعابا‬ ‫أحب مكارم الخلق جهدي‬
‫وشر الناس من يهوى السبايا‬ ‫وأصفح عن سباب الناس حلما‬
‫ومن حقر الرجال فلن يهابا‬ ‫ومن هاب الرجال تهيبوه‬

‫الفصل الثاني ‪ -‬أسباب التساقط‬


‫(‪ )1‬أسباب تتعلق بالحركة ‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫(‪ )2‬أسباب تتعلق بالفرد ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أسباب تتعلق بالظروف ‪.‬‬

‫** الفصل الثاني ‪ :‬أسباب التساقط‬


‫إن من النصاف القول بأن تساقط الفراد على طريق الدعوة إنما يعود إلى أسباب متعددة وليس إلى سبب واحد ‪...‬‬
‫فقد يكون السبب من الحركة نفسها ‪.‬‬
‫وقد يكون السبب من الفرد نفسه ‪..‬‬
‫وقد يكون السبب من الظروف الضاغطة ‪..‬‬
‫والن لنأخذ كل جانب من هذه الجوانب على حدة لنحدد مسئولية وأثر كل منها في حدوث ظاهرة التساقط تلك ‪...‬‬
‫أولً ‪ :‬أسباب تتعلق بالحركة‬
‫كثيرة هي السباب التي تساعد على تساقط الفراد من الدعوة والتي تقع مسئوليتها على عاتق الحركة نفسها والتنظيم نفسه من‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫‪ -1‬ض عف الجا نب التربوي ‪ :‬فالجا نب التربوي قد يأ خذ من الحر كة حيزا محدودا في ح ين تط غى الجوا نب الخرى الدار ية‬
‫والتنظيمية والسياسية على كل شئ ‪.‬‬
‫ويسبرز هذا بشكسل واضسح وجلى ودائم فسي حياة القادة والدارييسن والذيسن يتولون الشؤون السسياسية والجتماعيسة ممسا يجعلهسم‬
‫مقطو عي ال صلة بالترب ية والشؤون التربو ية نظريا وعمليا وبالتالي ي جل علقات هم واجتماعات هم وممار ساتهم جا فة خال ية من‬
‫طلوة الربانية وعذوبة الروحانية ‪..‬‬
‫والجواء الجامدة الجافة تبعث دائما على التوتر والحساسية بعكس الجواء الروحية التربوية الرطبة بذكر ال ورقابته ‪.‬‬
‫والمسئول السياسي أو الداري أو الجتماعي وغيره وهو على ثغرة مسئوليته قد يظن أنه بلغ سنام ال مر وحقق ذروة الن صر‬
‫من غ ير أن ي حس بالحواء النف سي والرو حي والنكفاء التربوي و من غ ير أن يش عر بالتآ كل اليما ني في حيا ته ‪ ..‬و هو إن لم‬
‫يفطن لذلك ويبادر لستنقاذ نفسه فإنه ساقط ل محالة‬
‫فاليمان كما هو معروف يزيد وينقص بدليل قوله تعالى ‪ { :‬ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } الفتح ‪ ]4:‬وقوله تعالى { وزدناهم هدى‬
‫} الكهف ‪ ]13 :‬وقوله { ويزيد ال الذين اهتدوا هدى } مريم ‪ ]76 :‬وقوله { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } محمد “‬
‫‪ ]17‬وقوله { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } المدثر ‪.] 31 :‬‬
‫ولقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن عدى (إن لليمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل اليمان ومن‬
‫لم ي ستكمله لم ي ستكمل اليمان و صدق ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح يث يقول (( إن اليمان ليخلق في جوف أحد كم ك ما‬
‫يخلق الثوب فاسألوا ال تعالى أن يجدد اليمان في قلوبكم ))‪.‬‬
‫فتع هد الفراد بالترب ية جنودا وقيادي ين ي جب أن يكون ش غل الحر كة الشا غل كائنا ما كان الظروف من حول ها ‪ ..‬بل إن الظروف‬
‫السسيئة التسي تمسر بالدعوة أحيانا تفرض المزيسد مسن الهتمام التربوي وليسس العكسس لن احتياج الناس إلى الرعايسة والهتمام‬
‫والتذكير إنما يكون أكبر في الظروف الستثنائية ‪..‬‬
‫إن منطقا ي جب رف ضه بالكل ية و هو من طق اعتبار ب عض الشخاص فوق الترب ية أو بدون حا جة إلى الترب ية أو تجاوزوا مرحلة‬
‫التربية ‪ ..‬وهذا المنطق هو الذي يورد هؤلء الناس موارد التهلكة ويتسبب في إسقاطهم أو سقوطهم ‪..‬‬
‫إن هذا المنطق يتناقض بالكلية مع السلم وفلسفة التربوية التي تعتبر النسان في امتحان دائم مع دعوته وفي اختبار مستمر‬
‫مع دينه ‪ ..‬والتي تفرض عليه دوام العناية بنفسه والرقابة لربه والتعهد لسلوكه والتنمية ليمانه فقلب المؤمن بين إصبعين من‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫أ صابع الرح من والف تن تعرض على القلوب كالح صير عودا عودا والمؤ من يخ شى دائما سوء المنقلب وي سأل ال تعالى ح سن‬
‫الختام ‪..‬‬
‫فالحر كة ال تي تض عف قدرت ها التربو ية عن متاب عة أفراد ها كل أفراد ها ب ما يحتاجون من تع هد وترب ية ستصاب بنيت ها وي صاب‬
‫جسمها بقدر ضعفها كما ستكون مناعتها بنسبة ما يتوفر لديها من اهتمامات وممارسات تربوية ‪..‬‬
‫فالمناهج التربوية يجب أن تكون دائما موضع دراسة وتعديل بما يتوافق مع الحتياجات والظروف التي تمر بها الحركة ‪...‬‬
‫والنشاط التربوي يجب أن ل يتوقف أو ينقطع بسبب ظرف طارئ أو لحساب جانب من جوانب العمل ‪...‬‬
‫وأفراد الحركة جميعا وبدون استثناء يجب أن تطالبهم المتابعة التربوية بشكل أو آخر ‪..‬‬
‫وارتباط الفرد بالحركة يجب أن يكون قائما على أساس من ارتباطه بال وبالسلم وإن الحركة والتنظيم إنما هما وسيلة ل غاية‬
‫‪ ..‬وهي وسيلة لتحقيق أمر ال وكسب رضاه وليست وسيلة لتحقيق مصالح أفرادها والعاملين فيها ‪...‬‬
‫أذ كر أن لقاء جمع ني بأ حد العضاء البارز ين في حر كة إ سلمية ‪ ..‬وكان متهما ب حب الضواء والبروز الشخ صي و من خلل‬
‫ل (أ نا ل أن كر أن عندي تطلعات شخ صية‬
‫المناق شة اكتش فت شرخا مخيفا في تربي ته وب صمة سيئة في تكوي نه ح ين ابتدر ني قائ ً‬
‫ل (كل فرد في الدعوة نده تطلعات أو ليست عندك تطلعات ؟) ‪.‬‬
‫وهل يمنع السلم من ذلك ) ثم أردف قائ ً‬
‫قلت له م ستغربا (أ نا ل أف هم ال سلم هكذا ‪ ..‬وإن ما أفه مه ا ستخلصا ل نا من كل تطلعات الشخ صية وإنكارا لذوات نا أمام أهداف‬
‫السلم العلية ‪ ) ..‬ثم أكملت قائلً (إن كان لي من تطلع فأن أرى راية السلم منتصرة خفاقة ) قال ‪ ( :‬وما المانع من أن نحقق‬
‫المر ين معا تطلعات نا وتطلعات السلم ؟) قلت ‪( :‬إن ذلك يذكر ني بالعرا بي الذي جاء محمدا صلى ال عل يه وسلم يعرض عل يه‬
‫أمره ويقول ‪(( :‬إنني أنزل المنزل أريد وجه ال وأن يرى موقعي )) فنزل فيه قول ال تعالى { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل‬
‫ملً صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا } الكهف ‪.] .11‬‬
‫روى عن طاووس قال ‪ :‬قال رجل ‪ :‬يا رسول ال إني أقف الموقف أريد وجه ال وأحب أن يرى موطني ؟ فلم يرد ليه الرسول‬
‫ل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا } ‪.‬‬
‫صلى ال عليه وسلم شيئا حتى نزلت هذه الية { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عم ً‬
‫ل يصلى يبتغى وجه ال ويحب أن يحمد ويصوم‬
‫وجاء رجل إلى عبادة بن الصامت فقال ‪ :‬أنبئني عما أسألك عنه ‪ ..‬أرأيت رج ً‬
‫يبتغى وجه ال ويحب أن يحمد ويتصدق يبتغى وجه ال ويحب ن يحمد ويحج يبتغى وجه ل ويحب ن يحمد ؟ فقل عبدة ‪ :‬ليس‬
‫له شئ ‪ ..‬إن ال تعالى يقول ‪ :‬أنا خير شريك فمن كن له معي شريك فهو له كله ل حاجة لي فيه ‪..‬‬
‫وروى المام أحمد عن شداد بن أوس رضى ال عنه أنه بكى فقيل له ‪ :‬ما يبكيك ؟ قال ‪ :‬شئ سمعته من رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فأبكني سمعت رسول ل يقول ‪ :‬أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية )) قلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬أتشرك أمتك من‬
‫بعدك ؟ قال ‪ (( :‬ن عم أ ما إن هم ل يعبدون شم سا ول قمرا ول حجرا ول وثنا ول كن يراءون بأعمال هم والشهوة الخف ية أن ي صبح‬
‫أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه ))‪.‬‬
‫و عن أ نس ر ضى ال ع نه قال ‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ ( :‬تعرض أعمال ب نى آدم ب ين يدي ال عز و جل يوم‬
‫القيامة في صحف مختمة فيقول ال ك القوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملئكة يا رب وال ما رأينا منه إل خيرا فيقول ‪ :‬إن عمله‬
‫كان لغير وجهي ول اقبل اليوم من العمل إل ما أريد به وجهي ))‪.‬‬
‫‪ - 2‬دم وضع الفرد في المكان المناسب ‪ :‬وهذه المشكلة تؤدى باستمرار إلى فشل العمل وخسارة العاملين ‪..‬‬
‫والحركة الواعية الناضجة هي الحركة التي تعرف قدرات أفرادها وميولهم ومواهبهم وتعرف نقاط القوة والغضب عندهم ومن‬
‫خلل ذلك تختار لكل فرد ما يناسبه ويتناسب مع قدراته وميوله وطبيعته ومستواه ‪..‬‬
‫فإذا كانت الحركة على غير معرفة دقيقة بمعطيات أفرادها فلن تنجح في اختيار الموقع المناسبة لهم ‪.‬‬
‫وإن كانت الحركة ل تعرف ما يحتاجه كل موقع من مواقع العمل فإنها لن تتمكن من ملئه بشكل سليم وحسن ‪..‬‬
‫وإن تحكمت في عملية الختيار هذه غير العتبارات الموضوعية اختل التوازن في عموم المعادلة ‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫ل ‪ ..‬ح ين تت خذ حر كة ما قرارا بخوض معر كة انتخاب ية ق بل أن ته يئ ل ها أكفاء ها والمؤهل ين لتمث يل أفكار ها في ها فإن ها‬
‫فمث ً‬
‫ستضطر حتما إلى تقدم كفاءات ليست في المستوى وستكون خاسرة بدون أدنى شك ‪..‬‬
‫وحين تضطر حركة ما تحت ضغط التساع الفقي لرقعة عملها إلى تقليد عناصر مؤهلة مسئوليات القيادة فإنها تكون بذلك قد‬
‫سلكت طريقا غير سوى يمكن أن يضر بالقاعدة وبمن انتدب لقيادتها معا ‪..‬‬
‫وحين ل يخضع العمل لقواعد وأصول مدروسة ول يقوم وفق مخططات ومناهج موضوعية وحين ل يعرف ما ينبغي عمله اليوم‬
‫و ما ي جب تأجيله إلى ال غد وح ين ل يفرق ب ين ما هو م هم وب ين ما هو أ هم ول تر تب العمال و فق الولويات ‪ ..‬عندئذ يحدث‬
‫الخلل وتض طر الحر كة إلى ملء الشوا غر والفراغات بأ سماء ول يس بأكفاء فيو سد ال مر لغ ير أهله وإذا و سد ال مر في الحر كة‬
‫لغير أهله فانتظر ساعتها ‪..‬‬
‫إن على الحركة أن تصنف طاقات عناصرها بحسب اختصاصاتهم ونجاحاتهم ‪...‬‬
‫ففريق يفرز للشؤون التربوية ‪..‬‬
‫وفريق يفرز للشؤون السياسية ‪..‬‬
‫وفريق يفرز للشؤون المالية والقتصادية ‪..‬‬
‫وفريق للشؤون الرياضية ‪..‬‬
‫وهكذا في كافة الشؤون الخرى ‪..‬‬
‫ثم إن عليها أن تحدد خطواتها وفق القدرات التي تجمعت عندها في كل جانب ‪ ..‬فإن هي فعلت غير ذلك سيفلت الزمام من يدها‬
‫وستفقد القدرة على التحكم في سيرها واختيار الشخص المناسب للجانب المناسب في عملها وعندئذ سيكون حالها كحال مركبة‬
‫تعطل مقودها فهي تسير إلى المجهول‬
‫ل لهذا المكان بعسد ‪ ..‬وندمسا انكشسف واقعسة واسستبان خطسأ اختياره‬
‫أعرف إنسسانا اختيسر لعضويسة (مجمسع ) وهسو لمسا يصسبح أه ً‬
‫وتكررت إ ساءاته وبات لزاما على قياد ته معال جة أمره وا ستبداله بغيره لم ي كن م نه إل أن قدم ا ستقالته وترك الع مل إلى غ ير‬
‫رجعة ‪.‬‬
‫وأعرف آخر اختير لمنصب إداري عام بالرغم مما يشتكى منه من غلظة وقسوة واستعلء ما جعله موضع نقد من الناس كما‬
‫ج عل المؤ سسة ال تي يدير ها مرتعا للمشا كل والزمات ‪ ..‬وع ما اضطرت المؤ سسة إلى ال ستغناء عن خدما ته انقلب عدوا ل ها‬
‫وحربا علي ها م ستخدما منابر الم ساجد للتشه ير ب ها والن يل من ها ‪ ..‬وإمعانا م نه في التحدي والنكا ية ع مد إلى إنشاء مؤ سسة‬
‫أخرى شبيهة بها سامحة ال وعفا عنه ‪...‬‬
‫وأعرف آخر اختير لمسئولية تربوية قبل أن تكتمل تربيته وتستقيم أخلقه ‪ ..‬والذي رشحه لذلك قدرته الخطابية والفكرية ليس‬
‫إل ‪ ..‬وعند ما ت سبب بأخطاء وو قع بانحرافات ي صعب و صفها ول ي صح ذكر ها وق عت المأ ساة ال تي ذه بت به وب من كنوا م عه‬
‫وسقطوا من حياة الدعوة بالكلية ‪.‬‬
‫في حد القطار خاضت الحركة السلمية النتخابات النيابية وفاز فيمن فاز شيخ معمم ما كان له أن يفوز لو ل دعم الحركة له‬
‫وخوضه المعركة باسمها ‪ ..‬وعندما أصبح هذا الشيخ في البرلمان أعج به لمكان وطاب له الحكم والسلطان فقلب للحركة ظهر‬
‫الم جن وو قف من ها موا قف لؤم متناه ية ما أدر كت الحر كة أن ها أخطأت الختيار وكان الولى أن تتر يث ح تى يته يأ ل ها الثقاة‬
‫الخيار ‪..‬‬
‫وفسي قطسر آخسر تعجلت حركسة إسسلمية الخطسى ووسسعت خطواتهسا أكثسر مسن اللزم ودفعست ببعسض عناصسرها إلى منابر الوعسظ‬
‫والتوج يه وإرشاد الناس ق بل الوان م ستعينة على ذلك بمجمو عة من (العمائم والل حى) ول قد ق صمت بذلك ظهور هم وظنوا أن هم‬
‫بارتدائهسم زي العلماء قسد أصسبحوا كذلك والمجتمسع مسن حولهسم ظنهسم ذلك كذلك فأنزل منازل العلماء فأخذهسم العجسب بأنفسسهم‬
‫والخيلء وتساقطوا الواحد تلو الخر وتسببوا لدعوتهم بالبلء ‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫إن عملية اختيار المكان المناسب للفرد عملية يجب أن تخضع لدراسة دقيقة وعميقة بعيدا عن التشنج والعاطفية والستعجال ‪...‬‬
‫لبد وأن تحدد الحركة أولً طبيعة المرحلة التي تمر بها وما تحتاجه هذه المرحلة من قدرات وطاقات ‪.‬‬
‫وينبغسي أن تتوفسر الطاقات للحركسة قبسل المباشرة بالمرحلة ودخولهسا لنهسا إن هسي بدأت بالتنفيسذ قبسل اكتمال العدة فإنمسا حتما‬
‫ستضطر إلى ال ستعانة بأ ية طا قة صالحة كا نت أم غ ير صالحة مكتملة كا نت أم غ ير مكتملة و من ه نا يبدأ الخلل ويتعا ظم م ما‬
‫يتهدد العاملين والعمل بأفدح العواقب ‪..‬‬
‫‪ -3‬عدم توظيف كافة الفراد في العمل ‪ :‬وهذه الظاهرة من أخطر الظواهر على الحركات حيث يتراكم العمل بيد فئة محدودة في‬
‫حيسن تبقسى الفئة الكسبر مسن غيسر عمسل ‪ ..‬ومسع اليام وتقلب القلوب والعقول وشعور الفرد بعدم النتاج بسسبب ضعسف ارتباطسه‬
‫العضوي بالحركة وتجاه الجواذب والمشاغل والمغريات المختلفة تنكفئ في أعماقه البواعث والدوافع الرسالية والجهادية إلى أن‬
‫يختفي عن المسرح ويسقط في لجة المجتمع ومتاهاته أو تشده يد إلى هذا الطريق أو ذاك ‪..‬‬
‫إن نجاح الحر كة في توظ يف طاقات أعضائ ها هو بدا ية النجاح واطراده ‪ ..‬والحر كة ال سلمية قد تكون الغ نى ب ما تمتلك من‬
‫طاقات لكنها في الحقيقة غير موظفة كلها والموظف منها موظف جزئيا أو بشكل شئ ‪..‬‬
‫فالحركة التي تمتلك طاقات متعددة متنوعة يجب أن تضع من البرامج والمشاريع ما يتناسب ويتكافأ مع كل توجه وتخصص ‪...‬‬
‫والحركة يجب أن تكتشف ميول أعضائها وتوجههم من خلل ميولهم بما يصب في المصالح السلمية التي تحددها وترسمها ‪..‬‬
‫وكل فر في الحركة يجب أن يشعر أنه على مسئولية وموقع وأنه عضو منتج ومتفاعل ‪ ..‬كائنا ما كانت مهنته أو مستواه ‪..‬‬
‫والتوظيسف الصسحيح للطاقات هسو التوظيسف الذي ل يفرط بأيسة طاقسة صسغيرة كانست أم كسبيرة كاللبنات أو الحجارة وشكلً ‪ ..‬فإذا‬
‫بالبناء قد اكتمل من لبنات متفاوتة الشكال والحجام ولكنها متراصة منسجمة ومتناسقة ‪.‬‬
‫في بعض القطار يكون توظيف الحركة لطاقات أفرداها في سنوات التلمذة ومرحلة الشباب حتى إذا استدار الزمان وانتقل الفرد‬
‫من طور التلمذة إلى طور العمل ومن مرحلة الشباب إلى مرحلة الرجولة فغدا رب عائلة أو صاحب مركز اجتماعي مرموق تبدأ‬
‫العلقة بالفتور بينه وبين الحركة بسبب من انشغالته هو وبسبب من عدم توفير الحركة لمجالت العمل التي تتناسب ووضعه‬
‫المستجد ‪ .‬وقد ينتهي المر إلى القطيعة التي يسببها عقم الحركة وإخفاقها في توظيف إمكاناته التوظيف السليم وإذا به خارج‬
‫إطارها ل تربطه بها إل ذكريات تاريخية قديمة ‪..‬‬
‫‪ -4‬عدم متاب عة الفراد ‪ :‬و من العوا مل ال تي ت ساعد على ت ساقط الفراد من الحر كة عدم متابعت ها ل هم واهتمام ها بالظروف‬
‫الخاصة والعامة ذات الثر عليهم ‪.‬‬
‫فالفراد كسائر الناس تمر بهم ظروف صعبة ويتعرضون لزمات ومشكلت مختلفة منها العاطفي والنفسي ومنها العائلي والمالي‬
‫إلى غير ذلك فإن وجد من يعينهم ويساعدهم على مواجهتها ومعالجتها وحلها تجاوزوها بسلم وامتلت نفوسهم ثقة بحركتهم‬
‫وتابعوا الم سيرة بمز يد من الحماس والعطاء ‪ ..‬وإن ح صل ع كس ذلك فإن هم سيصابون حتما بخي بة أ مل ثم بإحباطات نف سية‬
‫تقذفهم خارج إطار الحركة بل خارج إطار السلم ‪..‬‬
‫وحتى تتمكن الحركة من متابعة أفرادها يتعين عليها تحقيق التوازن بين التساع الفقي والتجميع العددي وبين تهيئة الجهزة‬
‫القيادية والبدائل بحيث تبقى المكانات القيادية في كل الظروف قادرة على استيعاب القاعدة وتأمين احتياجاتها المتنامية على كل‬
‫صعيد ‪.‬‬
‫إن العل قة ال تي يفرض ها ال سلم على الج سم ال سلمي والبيئة ال سلمية والمجمو عة الم سلمة ت صنع من ان صهارها الفكري‬
‫والروحسي والحسسي أشبسه بالجسسد الواحسد الذي يصسفه رسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم بقوله (( مثسل المؤمنيسن فسي توادهسم‬
‫وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫وعضو الحركة يجب أن يشعر بهذا النصهار وهذه الوحدة مع حركته وإخوانه ‪ ...‬هذا الشعور ل ينشأ من فراغ وإنما ينشا من‬
‫خلل الممارسة التي تؤكد دائما وباستمرار على حقيقة هذا النصهار والتلحم ينشأ من خلل التكافل والتضامن النفسي والحسي‬
‫المعنوي والمادي ومن خلل السهر الدائب والمتابعة المستمرة ‪..‬‬
‫أذكر أنه في أعقاب هزيمة عام ‪ 1948‬م قامت ردات فعل مختلفة في المنطقة العربية كان منها ولدة حركة إسلمية في إحدى‬
‫العواصم استقطبت في عام واحد عشرات اللف من الشباب المسلم ‪ ..‬وبسبب من عدم توفر إمكانات المتابعة والتعهد لدى هذه‬
‫الحركة الوليدة ترضت للتفسخ وتعرض أفرادها للتساقط بشكل جماعي ومأسوي ‪..‬‬
‫والمتابعة يمكن أن تقوم في الحركة من جا نبين اثنين ك جانب التنظيم نفسه من خلل الجهزة وجانب الخوة من خلل الفراد‬
‫وتعاون الجانبين وتآزرهما من شأنه أن يسد الحاجة ويكمل العجز ويراب أي صدع ‪ ..‬وهذا في الحقيقة سمت المجتمع السلمي‬
‫الذي يقوم على تعاون الدولة والفراد في المجالت الرعائ ية والنمائ ية والتكافل ية و ما المبادرة الرعائ ية الجماع ية ال تي قام ب ها‬
‫النصار تجاه إخوانهم المهاجرين إل دليلً عمليا على ذلك ‪..‬‬
‫إن وحشسة الغربسة وقسسوة الظروف وضراوة التحدي التسي يواجههسا الداعيسة ل يخفسف منهسا ويزيلهسا إل صسدق التوجسه إلى ال‬
‫والحت ساب له والشعور بالحدب الخوي من حوله والحر كة ال سلمية ح ين تتم كن من إشا عة روح الخوة وتوث يق العرى على‬
‫الحب في ال فإنها حتما ستوفر على نفسها وعلى أفرادها كثيرا من المشكلت والزمات‬
‫‪ -5‬عدم ح سم المور ب سرعة ‪ :‬وهذا ال سبب ل يقت صر ضرورة على جا نب مع ين وإن ما يت سبب بتعق يد المور والمشكلت‬
‫والوصول بها إلى طريق المسدود ‪..‬‬
‫إن من الطبيعي أن كل حركة تعترضها قضايا عادية تحتاج إلى حسم كما تعترضها مشكلت تحتاج إلى حل ومن الطبيعي كذلك أن‬
‫كل حركة تعتمد صيغا معينة وأساليب محددة لمعالجة قضاياها ومشكلتها تلك ‪ ..‬وبقدر ما تكون صيغ المعالجة وأساليبها سهلة‬
‫وواضحة وسريعة بقدر ما يكون سير الحركة منتظما وأجواؤها سليمة وبقدر تباطؤ الحركة ن تابعة قضاياها وحسم مشكلتها‬
‫بقدر ما يتسبب ذلك بتراكم القضايا وتعطل العمال وتزايد المشكلت ‪..‬‬
‫فالمشكلة قد تبدأ صغيرة محدودة وتركها من شأنه أن يضخمها من جانب ويتسبب بتوالد مشكلت أخرى عنها ‪..‬‬
‫أحيانا قسد ل تحتسج مشكلة لكثسر مسن كلمسة أو قرار أو زيادة أو لقاء أو اعتذار أو معاتبسة أو نصسيحة أو مواسساة أو توضيسح أو‬
‫مكاشفة أو غير ذلك من التكاليف السهلة اليسيرة أما حين تترك وتؤ جل فقد تأخذ من الحركة كثيرا من الطاقات والوقات وقد‬
‫تنجح الجهود بعد ذلك وقد ل تنجح ‪..‬‬
‫أذ كر أن أ حد الخوة كان على م سئولية تنظيم ية في أ حد مرا كز الع مل ول قد بدر م نه ما يع تبر مخال فة شرع ية وكان من ال سهل‬
‫معالجة القضية لتوها لول أن القيادة تأخرت في ذلك ‪ ..‬فماذا حصل ؟‬
‫الذي حصل ‪ ..‬أن المخالفة الشرعية تكررت من الخ إلى أن أفتضح المر وأصبح على كل شفة ولسان وتطورت القضية أكثر‬
‫ح تى شغلت عددا من الم سئولين والجهزة فشكلت اللجان وأجر يت التحقيقات و صدرت العقوبات وتبعت ها ردود ال فل داخليا و في‬
‫الخارج جرى توظيفها توظيفا سيئا ‪.‬‬
‫والحقي قة أن السرعة في حسم المور ومعالجة المشكلت من شأ نه أن يغ نى الحركات ن كث ير من المتاعب ويجنبها العد يد من‬
‫الخضات الداخلية التي ل تنتهي في أغلب الحيان إل بخسارة البعض وتساقطهم والتسبب بتساط غيرهم ‪..‬‬
‫ولدى البحث عن أسباب عدم الحسم في الحركات يمكن الوصول إلى النتائج التالية ‪:‬‬
‫(أ) قد يكون ذلك عائدا لطبيعة العناصر القيادية التي ل تملك عادة القدرة على الحسم ‪.‬‬
‫(ب) وقد يكون ذلك عائدا للروتين التنظيمي الذي يفترض مرور كل قضية عبر الجهزة التنظيمية وبالتالي ل يعطى المسئول‬
‫صلحيات الحسم ‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫(ج) ويكون ذلك عائدا لتساع القاعدة وضمور القيادة وعدم تمكنها من تغطية احتياجات العمل المختلفة والتي ل يمكن أن تنهض‬
‫بها في كثير من الحيان إل أجهزة متفرغة ذات قدرات وخبرات عالية ‪..‬‬
‫والنتيجة في النهاية تكون واحدة وهي مزيد من المشكلت والزمات والخسائر على كل صعيد ‪..‬‬
‫‪ -6‬الصراعات الداخلية ‪ :‬وتعتبر من أخطر ما يصيب الحركات من أمراض ومن العوامل التي تفت في عضدها والمعاول التي‬
‫تتسبب في هدمها ‪..‬‬
‫فهي من جهة تسمم الجواء وتكهربها ومن جهة أخرى تفسد علئق الفراد ومن جهة ثالثة تورث الجدل والمراء وتوف العمل‬
‫والبناء ‪ ..‬ثم هي فوق هذا وذاك توهن الدعوة وتغرى بها من حولها ‪.‬‬
‫وأسباب نشأة الصراعات الداخلية كثيرة ‪...‬‬
‫‪-‬فقد تكون بسبب ضعف القيادة وعدم تمكنها من إمساك الصف وضبط المور ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تكون بسبب أياد خفية وقوى خارجية تعمد إلى إثارة الفتنة ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تكون بسبب اختلف الطباع والتوجهات التي أفرزها تناقض النشأة التربوية ولبيئية ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تكون بسبب التنافس على المواقع وبخاصة الحركية والسياسية ‪..‬‬
‫‪ -‬و قد تكون ب سبب عدم التزام سياسة الحر كة وقواعد ها وأ صولها وعدم الن صياع لقرارات أجهزت ها وبروز (الشخ صانية )‬
‫والتصرفات الفردية ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تكون بسبب القعود عن العمل والنتاج الذي من شأنه أن يشغل العاملين بدعوتهم ويفرغ جهودهم في العمل لها والجهاد‬
‫في سبيلها ‪..‬‬
‫من خلل هذا وغيره تن شأ ال صراعات في الحركات وتتف جر الخلفات ح تى لتكاد تأ تى علي ها إن لم تبادر إلى إنقاذ المو قف ق بل‬
‫فوات الوان ‪..‬‬
‫وفي حياة الرسول صلى ال عليه وسلم وصحابته الكرام ظواهر كثيرة من هذا المرض العضال ‪.‬‬
‫و في تار يخ الدعوة وم نذ ع هد الر سول صلى ال عل يه و سلم كا نت ظوا هر هذا المرض العضال تبدو وتخت في تقوى وتض عف‬
‫الظروف المحيطة وقدرة القيادة على الحسم إلى غير ذلك من معطيات ‪...‬‬
‫‪ -‬من هذه الظوا هر ‪ :‬ال صراع الذي تف جر في المدي نة ب ين (الوس والخزرج) من الم سلمين والذي تولى كبره اليهود وعلى‬
‫رأسهم اليهودي الماكر (شماس بن قس ) ‪...‬‬
‫ل من اليهود مر بمل من الوس والخزرج فساءه ما هم عليه من التفاق واللفة‬
‫ذكر محمد بن إسحاق بن يسار وغيره أن رج ً‬
‫فبعث رجلً معه وأمره أن يجلس بينهم ويذكرهم ما كان من حروبهم يوم (بعاث) وتلك الحروب ففعل ‪ ..‬فلم يزل ذلك دأبه حتى‬
‫حميت نفوس القوم وغضب بعضهم على بعض وتشاوروا ونادوا بشعارهم (أي شعار الجاهلية ‪-‬ياللوس ويا للخزرج ) وطلبوا‬
‫أسلحتهم وتواعدوا إلى( الحرة)‪.‬‬
‫فبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم وأدرك أنها فتنة يهودية فخرج لتوه دونما تأخر أو تأجيل حتى جاءهم في حيهم فقال‬
‫((يا معشر المسلمين ‪ ..‬ال ال ‪ ..‬أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم ال تعالى للسلم وأكرمكم به وقطع عنكم به‬
‫أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ))‪.‬‬
‫ولقد فعلت مبادرة الرسول صلى ال عليه وسلم فعلها في نفوس (الوس والخزرج)) وأدركوا أنهم استدرجوا من قبل اليهود وأن‬
‫الشيطان قد نزغ بينهم ولم يكن منهم إل أن تباكوا وتعانقوا وعادوا أشد مما كانوا لحمة وتواثقا وتعاضدا وحبا فيما بينهم ‪..‬‬
‫ول قد نزل في هذا الحادث قوله تعالى { يا أي ها الذ ين آمنوا أن تطيعوا فريقا من الذ ين أوتوا الكتاب يردو كم ب عد إيمان كم كافر ين‬
‫وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات ال وفيكم رسوله ومن يعتصم بال فقد هدى إلى صراط مستقيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا‬
‫ال حق تقا ته ول تمو تن إل وأنتم مسلمون واعت صموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا واذكروا نع مة ال عليكم إذ كنتم أعداء فألف‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك بين ال لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم‬
‫أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد‬
‫ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم }‬

‫بالصف والمحافظة عليه في كل المراحل والظروف ‪..‬‬


‫فهناك قيادة قد تتم كن من الم ساك بزمام المور عند ما يكون الفراد في سن معي نة وثقا فة معي نة وظرف مع ين فإذا تقدم ال سن‬
‫ونمت الثقافة وتغير الظرف بان عجزها وانكشف ضعفها فإن أمكن تدارك المر وسد العجز القيادي في الحركة بشكل أو بآخر‬
‫انتهت المشكلة وإن لم يمكن ذلك لسبب أو لخر تعرضت الحركة لتفسخات وانقسامات قد تودي بها بالكلية ‪.‬‬
‫وضعف القيادة قد يكون ناجما ن عدة أسباب وعوامل ‪..‬‬
‫‪-‬ف قد يكون الض عف في المكانات الفكر ية عموما بح يث ل تتم كن القيادة من تغط ية هذا الجا نب وإشباع الجو عة الفكر ية ع ند‬
‫الفراد ‪ ..‬أو قد تكون قادرة في جانب فكرى وعاجزة في الجوانب الخرى ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد يكون الضعف في المكانات التنظيمية بحيث تكون العناصر القيادية غير متمتعة بالمواهب والقدرات التنظيمية الشخصية‬
‫ال تي تمكن ها من ض بط التنظ يم وو ضع القوا عد وال صول التنظيم ية اللز مة له وبذلك يخ تل الع مل وتخت طط ال صلحيات وتن مو‬
‫المشاكل والشكالت مما يساعد على سقوط الفراد من حياة الدعوة ‪..‬‬

‫وأود أن أنقل هنا فصلً من كتابي (مشكلت الدعوة والداعية ) يتعلق بالقيادة ومسئولياتها والصفات اللزمة لها ‪:‬‬
‫صفات لزمة للقيادة ‪:‬‬
‫أولً ‪ -‬معرفة الدعوة ‪:‬‬
‫ولمعرفة القائد لدعوته تماما يلزم أن يكون ملما إلماما جيدا بشؤونها الفكرية والتوجيهية والتنظيمية مواكبا لنشاطها مطلعا على‬
‫أعمالها وتصرفاتها ‪.‬‬
‫وضمان نجاح القيادة إن ما يكون في تلحم ها مع القاعدة وعدم انف صالها عن المو كب المتحرك أو انعزال ها في صومعة بل إن‬
‫الم سئولية القياد ية لتتطلب من صاحبها الت صال الدائم بالجنود والتعرف على آرائ هم ومشكلت هم و في ذلك ما ف يه من اطلع‬
‫ودراسة تجريبية مفيدة للجانبين ‪.‬‬
‫ثانيا‪ - :‬معرفة النفس ‪:‬‬
‫ومن واجب القائد أن يرف مواطن القوة والضعف في نفسه والقائد الذي ل يعرف قدراته وإمكاناته ل يمكن أن يكون قائدا ناجحا‬
‫بل ربما جر على دعوته الكوراث والضرار ‪ ..‬ولذلك يجب ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يتعرف إلى نقاط الضعف لديه ويعمل على تقويتها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكتشف مواطن القوة عنده ويسعى لدفعها وتنميتها ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يحرص على تنميسسة الثقافسسة العامسسة والطلع على مختلف الموضوعات والراء والفكار السسسياسية والجتماعيسسة‬
‫والقتصادية الخ ‪...‬‬
‫د‪ -‬أن يع نى بدرا سة شخ صيات القادة الم سلمين وغير هم والتفرع على طرق وأ ساليب قيادات هم وأ سلوب وعوامسل نجاح هم أو‬
‫فشلهم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الرعاية الساهرة ‪:‬‬
‫وقيام القائد بملحظسة الفراد وتعرفسه عليهسم جيدا وإطلعسه على أحوالهسم وأوضاعهسم الخاصسة والعامسة ومشاركتهسم أفراحهسم‬
‫وأتراحهم والعمل على حل مشكلتهم كل هذا مما يساعده على ضبطهم وكسب ثقتهم وبالتالي على حسن الستفادة من طاقاتهم ‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫رابعا ‪ -‬القدوة الحسنة ‪:‬‬
‫والفراد ينظرون دائما ويتطلعون إلى قادتهم كأمثلة حسنة يقتدون بها ويحذرون حذوها ‪.‬‬
‫فسلوك القائد ونشاطه وحيويته وأخلقه وأقواله وأعماله ذات أثر فعلى على الجماعة بأكملها فالرسول صلى ال عليه وسلم كان‬
‫نعم القدوة لصحابته { لقد كان لكم في رسول ال أسوة حسنة } الحزاب ‪ ]21:‬وصحابته رضوان ال عليهم كانوا أئمة صالحين‬
‫وهداة مهتدين وصفهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله ((صحابتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ))‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬النظر الثاقب ‪:‬‬
‫وقدرة القائد على إجراء تقديسر سسريع وسسليم لي موقسف والوصسول إلى قرار حاسسم فسي شتسى الحوال والظروف مسن شأنسه أن‬
‫يكسبه ثقة الفراد وتقديرهم ‪.‬‬
‫أما التردد والغموض والحيرة والرتباك فمن شأنه أن يخلق الفوضى ويضعف الثقة ويفقد النضباط وصدق رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حيث يقول ((إن ال يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند هجوم الشهوات ))‪.‬‬
‫سادسا ‪ -‬الرادة القوية ‪:‬‬
‫وقوة الرادة ركن من أركان الشخصية القيادية بها تذلل الصعاب وبها تحل المشكلت وبها تجتاز العقبات وقادة السلم أحوج ما‬
‫يكونون في هذا العصر إلى إرادات فولذية تهزأ بالمحن والخطوب ‪.‬سابعا ‪ -‬الجاذبية الفطرية ‪:‬‬
‫و هي صفة طبيع ية إن وجدت في القائد ا ستطاع أن يجذب القلوب بدون تكلف ‪ ..‬وهذا العن صر من أقوى العنا صر ال تي تتكون‬
‫منها الشخصية القيادية ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ -‬التفاؤل ‪:‬‬
‫ويعتسبر التفاؤل مسن المور الجوهريسة اللزمسة للشخصسية القياديسة ولذا يجدر بالقائد أن يكون دائما فسي تفاؤل متطلعا أبدأ بأمسل‬
‫وانشراح دون أن يصرفه ذلك عن التحسب قد لما تخبئه اليام من مفاجآت ‪.‬‬
‫إن اليأس عامل خطير من عوامل النهيار والدمار في حياة الفراد والجماعات ول يجوز أن يسمى (اليأس حكمة ( والمل ) خفة‬
‫وتهورا ‪ ..‬كما ل يجوز أن يخضع المل لجوامع العاطفة وطفراتها وإنما ينبغي أن يتلزم مع العقل والتقدير ‪.‬‬
‫والقيادة ‪ -‬طليعسة الركسب ورأس القافلة وتأثيرهسا على الصسف بليسغ وعميسق فإن هسي تخاذلت ويئسست عرضست الصسف للتخاذل‬
‫واليأس وإن هي صمدت أمام الملمات وثبتت في وجه التحديات أشاعت في نفوس الفراد والجنود روح المل والقدام ‪.‬‬
‫من المثلة على ض عف القيادة أن م سئولً عن إحدى الجماعات ال سلمية كان يض يق بجنوده ذرعا إن ش عر أن هم تجاوزوه في‬
‫العلم أو المعرفة أو الهل ية التنظيم ية والتربو ية أو غ ير ذلك ولقد انتهي به ال مر إلى مفا صلة هؤلء والتخلص منهم والكتفاء‬
‫من العمل السلمي بتربية الصغار ليس إل ‪.‬‬
‫وأذكر أن أحد الخوة كان بارعا ناجحا في تجميع الشباب وتربيتهم وتأهيلهم للعمل السلمي ولقد تمكن من إيجاد نواة للعمل في‬
‫أكثر من مكان ولكنه لم يكن قادرا على متابعة وتعهد النواة في المراحل المتقدمة التي تحتاج فيها إلى الضبط والتنظيم ‪..‬‬
‫وهذا ما يفرض الختيار الحسن الملئم لكل مرحلة ومهمة وعمل فكل ميسر لما خلق له ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أسباب تتعلق بالفرد ‪:‬‬


‫إن المسئولية الحركة عن تساقط الفراد على الطريق الدعوة ل يعفي هؤلء لفراد كذلك من المسئولية ‪.‬‬
‫وإذا كان مسن النصساف القول بان مرد ظاهرة التسساقط إلى أسسباب تتعلق بالحركسة فإن مسن النصساف القول كذلك بان كثيرا مسن‬
‫أسباب هذه الظاهرة مرده إلى الفراد أنفسهم ‪.‬‬
‫فلنستعرض بعضا من السباب الخاصة بالفراد ‪.....‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫(‪ )1‬طبيعة غير إنضباطية ‪ :‬فهنالك أشخاص قد يجتذبون إلى الحركة في ظرف من الظروف وبسبب من السباب ثم يتبين انهم‬
‫غير قادرين على التكيف وفق سياسة الحركة وعلى السمع والطاعة لها ‪...‬‬
‫‪ -‬إن من هؤلء من ل يطيق القيود التنظيمية فعندما يشعر بوطأتها يعمل على التلفت التخلص منها بشتى الوسائل والمبررات‬
‫‪ -.‬ومن هؤلء من يرفض ( الذوبان) في البنية الجماعية ويحرص على أن يحافظ على شخصيته ‪ ...‬وعندما يشعر بما يعرض‬
‫شخصيته للذوبان ورأيه لعدم القبول يولى الدبار خلف ستار كثيف من المبررات والمعاذير ‪.‬‬
‫اذكر أن رجلً من هؤلء ممن نشأوا على الفوضى وعدم التنظيم كافة نواحي حياتهم الخاصة والعامة وممن يعجزون عن التنظيم‬
‫ولو أرادوا وحرصوا تسبب بشرخ في منطقة من مناطق العمل السلمي بعد انسلخه عن الحركة وتزعمه لتيار إسلمي شعبي‬
‫ودعوته إلى (التنظيم ) في العمل السلمي ‪....‬‬
‫كان هذا الر جل يخلط ب ين حقوق الخوة ال سلمية وواجبات الجند ية ومقتضيات التنظ يم ‪..‬فت حت ذري عة الخوة كان ل يرى مانعا‬
‫من التهاون في واجبات الجندية والخروج على المقتضيات التنظيم ‪.‬‬
‫فالخوة في نظره مبرر كاف يشفع كل التجاوزات التنظيمية ‪..‬فالذين ل يتقيدون بمواعيد ‪ ..‬والمقصرون والمخطئون والمذنبون‬
‫والمسسيئون معذورون ويحسب أن ل يعاقبوا لنهسم اخوة فسي ال معذورون لنهسم اخوة فسي ال ‪...‬والذيسن يتجاوزون صسلحياتهم‬
‫معذورون لنهم اخوة في ال‬
‫هذا المنطسق (اللتنظيمسى) مرفوض لنسه منطسق غيسر شرعسي يؤدى إلى اختلل القيسم والموازيسن وتعطيسل مبدأ الثواب والعقاب‬
‫وشيوع الفوضى والمزاجية ‪..‬‬
‫ويك في أن نن قل ه نا دليلً من كتاب ال تعالى وآ خر من سيرة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم تأكيدا على ر فض ال سلم لهذا‬
‫المنطق ‪...‬‬
‫* فمن كتاب ال تعالى { ل تجد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو‬
‫إخوان هم أو عشيرت هم أولئك ك تب في قلوب هم اليمان وأيد هم بروح م نه ويدخل هم جنات تجرى من تحت ها النهار خالد ين في ها‬
‫رضى ال عنهم ورضوا عنه أولئك حزب ال أل إن حزب ال هم المفلحون } المجادلة ‪.]22 :‬‬
‫* ومن سيرة رسول ال صلى ال عليه وسلم أن عائشة رضى ال عنها قالت ‪ :‬إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي‬
‫سرقت فقالوا ‪ :‬من يكلم فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا ‪ :‬ومن يجترئ عليه إل أسامة بن زيد (حب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ) فكلمه أسامة فقال رسول ال (أتشفع في حد من حدود ال ) ثم قام فاختطب فقال ‪( :‬أيها الناس إنما هلك الذين‬
‫من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الر يف تركوه وإذا سرق فيهم الضع يف أقاموا عل يه ال حد وأ يم ال لو أن فاط مة بنت محمد‬
‫سرقت لقطعت يدها ) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الخوف على الن فس والرزق ‪ :‬أو الخوف من الموت والف قر ‪ ..‬وأ ثر هذا ال سبب بل يغ و كبير في الن فس البشر ية حيث يؤدى‬
‫إلى إحباطها وزع الوهن فيها ‪..‬‬
‫والشيطان يدخل من هذا الباب على المؤمنين والعاملين والدعاة يخوفهم ‪ ..‬بعدهم ‪ ..‬ويمنيهم { وما يعدهم الشيطان إل غرورا}‬
‫النساء ‪ { ].12‬إنما ذلك الشيطان يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } آل عمران ‪.] 157 :‬‬
‫والذين يتساقطون على طريق الدعوة بهذا السبب كثيرون ولكن القليل الذين يعترفون بذلك ويقرون ‪..‬‬
‫والقرآن الكريسم حفسل بكثيسر مسن اليات التسي تشيسر تلميحا وتصسريحا إلى هذا الداء العضال الذي يمكسن أن يجرد المؤمنيسن مسن‬
‫إيمانهم ويلقى بهم في هاوية من الضياع ليس لها قرار ‪...‬‬
‫فمن كتاب ال تعالى قوله ‪:‬‬
‫{ سيقول لك المخلفون من العراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم‬
‫من ال شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان ال بما تعملون خبيرا }‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫{ قل يأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء ل من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ول يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم‬
‫وال عليم بالظالمين قل إن الموت الذي ترون منه فإنه ملقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } ‪.‬‬
‫(ومن الناس من يقول آمنا بال فإذا أوذي في ال جعل فتنة الناس كعذاب ال ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو‬
‫ليس ال بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن ال الذين آمنوا وليعلمن المنافقين } ‪.‬‬
‫{ الذين قالوا لخوانهم وقعدوا ‪ :‬لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } ‪.‬‬
‫أذكسر أن جماعسة إسسلمية لقيست إقبالً شديدا مسن الناس فسي مطلع الخمسسينات ‪ ...‬وبينمسا هسي على هذا الحال تعرضست الحركسة‬
‫السلمية في مصر لمحنة شديدة استشهد فيها من استشهد واعتقل من اعتقل وفرمن فر ‪..‬‬
‫ول قد كان انعكاس المح نة على تلك الجما عة رهيبا ح يث م حص ال صفوف تمحي صا ف سقط من حياة الدعوة ومحيط ها أك ثر الذ ين‬
‫جاءوا إليها ولما يدركوا طبيعتها وطريقها والذين ظنوها دعوة بدون تكاليف وسلعة من غير ثمن وكأنهم لم يسمعوا ‪:‬‬
‫‪ -‬قول نبيهم عليه الصلة والسلم ‪ (( :‬من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إل إن سلعة ال غالية إل إن سلعة ال الجنة ))‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله ((حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ))‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله ((أشد الناس بلء النبياء ثم المثل فالمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلؤه وإن كان‬
‫في دينه رقة ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلء بالعبد حتى يتركه يمشى على الرض وما عليه خطيئة ))‪.‬‬
‫‪-‬وقوله ((أشد الناس بلء في الدنيا نبي أو صفي ))‪.‬‬
‫‪-‬وقوله ((أشد الناس بلء ال نبياء ثم ال صالحون ل قد كان أحدهم يبتلى بالفقر ح تى ما يجد إل العباءة يجوبها فيلبسها ويبتلى‬
‫بالقمل حتى يقتله ولحدهم كان أشد فرحا بالبلء من أحدهم بالعطاء ))‪.‬‬
‫أعرف أخا كان قبل زواجه مقداما معطاء ولقد نكب بزوجة سيئة وضعت الموت والفقر بين عينيه فكانت كلما رزق منها بغلم‬
‫ذكرته بحقه (المادي) عليه وأن عليه مضاعفة السعي من أجله ولما تكاثرت ذريته وامرأته على هذه الشاكلة سقط في المتحان‬
‫وأصبح عبدا للدينار بعد أن أصبح عبدا للزوجة وهو حتى الن لم يحس بالجريمة التي ارتكب وبالهاوية التي فيها سقط ولقد‬
‫نسى ما كان يذكر به إخوانه والناس ((تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش ))‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم (( تعس عبد الزوجة )) ويروى ع الحس ب على أه قال (( وال ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما‬
‫تهوى إل كبه ال في النار ))‪.‬‬
‫وهنالك ظاهرة تكاد تكو مكررة وهي إ أكثر الذين تساقطوا على طريق الدعوة كانوا بخلء بشكل أو بآخر وفي ذهني الن أسماء‬
‫مجموعة من هؤلء كانت الشكوى منهم دائما أنهم يبخلون على الدعوة حتى بقيمة الشتراكات الشهرية الزهيدة ‪.‬‬
‫(‪ )3‬التطرف والغلو ‪ :‬والتطرف والغلو من السباب التي تؤدى إلى سقوط البعض على طريق الدعوة ‪..‬‬
‫فالذ ين يحملون أنف سهم فوق ما تط بق ول يقبلون التو سط في شئ وي صرون على الغلو في كل شئ هؤلء معرضون بش كل أو‬
‫بآخر لنتكاسات نفسية وإيمانية ومثل هؤلء كمثل من يريد أن يقطع صحراء طويلة بسرعة فيهلك دابته ول يبلغ ضالته وصدق‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح يث يقول ‪(( :‬إن المن بت ل أرضا ق طع ول ظهرا أب قى )) ويقول (( هلك المتنطعون )) قال ها‬
‫ثلثا ‪ ..‬ويقول ((إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ))‪.‬‬
‫إن النفس البشرية ضعيفة ‪ ..‬وهي قد تتحمل العزائم حينا ولكن ل تقوى على تحملها في كل حين ‪ ..‬ثم إنها قد تتدرج في التحمل‬
‫حتى تتمكن من ذلك بعد حين ولكنها قد ل تتمكن من ذلك دفعة واحدة ‪..‬‬
‫والناس متفاوتون في قدرات هم على التح مل ‪ ...‬ف ما يطي قه هذا قد ل يطي قه ذاك ‪ ..‬ولهذا وجدت في الشري عة العزائم والر خص‬
‫وهي إحدى سمات التكامل والواقعية في المنهج السلمي ورسول ال صلى ال عليه وسلم يشير إلى هذا فيقول ((إن ال يحب‬
‫أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة يكره أن تؤتى معصيته )) ويقول ((إن ال تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى‬
‫عزائمه ))‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫أذ كر أن أ حد الخوة أقسم ليحف ظن القرآن عن ظ هر قلب خلل ف صل صيف ‪ ..‬ول قد اجت هد في ذلك ولك نه لم يتمكن ف سخط على‬
‫نفسه سخطا شديدا وصمم لينتقمن منها أبشع انتقام ‪ ..‬فما كان منه إل أن حرم نفسه من كل ما أحل ال له ‪ ...‬بدأ بصيام متتابع‬
‫ل يفطر إل لماما وبقيام متتابع ل ينام سهوا ‪ ..‬ثم انقطع عن دراسته وباع كتبه وأثاث غرفته ولقد انتهي به المر بعد ذلك إلى‬
‫(مستشفي للمراض العصبية) وإلى عيبته عن الدعوة بالكلية ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ‪...‬‬
‫وأذكر آخر كان ل يحب أهل الغنى من إخوانه وكان معدوما بائسا ‪ ..‬ولم يغير حاله معهم ونظرته إليهم ما كانوا يحيطونه به من‬
‫اهتمام ومساعدة وعون ‪ ..‬وكان ل يفتأ ينتقدهم كلما سمحت له الفرصة ‪ ..‬فإن اشترى أحدهم شقة عادية للسكن فهي في نظره‬
‫قصر ل يجوز اقتناؤه والسكن فيه ‪ ..‬وإن اقتنى أحدهم سيارة فهو عنده إسراف وتبذير مستدلً بقوله تعالى { إن المبذرين كانوا‬
‫إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا } السراء ‪ ] 27‬ثم لم يلبث هذا الخ أن اغتنى بعد فقر ودخل في التجربة والمتحان‬
‫فلم يكن م نه إل أن طلق الدعوة بالكل ية وأق بل على الدن يا بدون رو ية ‪ ..‬فالزاهد إذن ل يس الفق ير الذي ل يس في جي به دينار ول‬
‫درهم إنما الزاهد الذي إن أقبلت عليه الدنيا ل يفرح ول يطغى وإن أدبرت ل يحزن ول يكفر ‪....‬‬
‫وأذكر أنه في الخمسينات انضم إلى الحركة شقيقان اثنان كان أحدهما متطرفا ل يقبل الت ساهل أو التوسط في شئ وكان الخر‬
‫متساهلً بعض الشيء وكانت المشاحنات بينهما ل تنتهي بسبب وبدون سبب ‪ ..‬وأذكر أنهما جاءا يوما يتلعنان يقول المتطرف‬
‫إن أخي هذا منافق مرتد ويجب أن يقام عليه الحد قلت ‪ :‬وماذا فعل ؟ قال ‪ :‬لقد صلى الفجر اليوم بعد أن أشرقت الشمس قلت ‪:‬‬
‫و هل هذا ال مر يو جب ما أنت ما عل يه من تنازع وشجار و هل من الفقهاء من يقول بارتداد من ف عل فعلة أخ يك ا تق ال يا ر جل‬
‫مول تكن من المتنطعين واستهد بهدى النبي صلى ال عليه وسلم وتحر سنته وإل كنت من الهالكين ‪...‬‬
‫ولكن هذا النسان أصر واستكبر ولم يقبل النصح ثم عتت عليه نفسه فظن أنه لوحده على هدى وكل من حوله على ضلل ‪ ..‬ثم‬
‫لم تنقض عليه فترة من الزمان وهو على هذا الحال حتى حلق لحيته ووقع في غرام ابنة الجيران التي تمكنت بمكرها وكيدها‬
‫مسن اسستلب إيمانسه وإخراجسه مسن دينسه وإسسلمه لصسبح بعسد ذلك شيوعيا ل يحسل حل ًل ول يحرم حراما نسسأل ال تعالى العفسو‬
‫والعافية وحسن الختام ‪.‬‬
‫(‪ )4‬الت ساهل والتر خص ‪ :‬و هي من ال سباب ال تي تؤدى إلى الت ساقط على طر يق الدعوة فك ما أن التطرف والغلو من ال سباب‬
‫كذلك التساهل والترخص ‪...‬‬
‫فالذين يتساهلون في امتثالهم أمر ال والتزامهم أحكام الشرع سيجدون أنفسهم مندفعين من تساهل صغير إلى تساهل كبير ومن‬
‫تساهل في قضية إلى تساهل في كل قضية إلى أن يستحوذ الشيطان عليهم وعلى أعماهم وصدق من قال ‪:‬‬
‫إن الجبال من الحصى‬ ‫ل تحقرن صغيرة‬
‫إن شرع ال هو شرع ال يجب أن يؤخذ كما هو من غير زيادة ول نقصان ‪ ..‬فالذي يزيد فيه كالذي ينقص منه وحدود الحلل‬
‫والحرام يجب التزامها كما جاء به الشرع من غير تحايل عليها أو تأويل لها أو تساهل بها ‪...‬‬
‫فالذي ر يعرف من صفات ال إل أنه غفور رحيم يجب أن يصحح معلوماته ويعرف أنه كذلك شديد العقاب ‪....‬‬
‫والذي تتعود نفسه الرخص في كل حين لن يتمكن من حملها على العزائم في أي حين ‪ ..‬وهنا تقع البليلة حيث يسقط النسان في‬
‫أول امتحان عزيمة ‪...‬‬
‫أعرف أخا ل تكاد تعثر في حياته على موقف من مواقف العزيمة ‪ ..‬فحياته كلها رخص في رخص وتساهل في تساهل ‪...‬‬
‫‪ -‬ف في حيا ته التجار ية ل يرى حرجا في التعا مل بالر با أخذا وعطاءً ما دا مت بن سبة منخف ضة لن الر با في مفهو مه ما كان‬
‫(أضعافا مضاعفه ‪)..‬‬
‫‪ -‬وفي حياته البيتية والعائلية والجتماعية ل يجد حرجا في مصافحة النساء وجلسات الختلط وتقديم المكروهات كالسجاير إلى‬
‫الضيوف ‪...‬‬
‫‪ -‬وفي حياته الوظيفية ل يجد حرجا في قبول الرشوة تحت اسم الهدية للهتمام بقضية من القضايا أو معاملة من المعاملت ‪...‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫وهكذا في كافة شؤونه ل يكاد يجد حرجا في شئ ولو رده إلى الشرع وجد فيه انحرافا وإثما مبينا ‪.‬‬
‫شواهد من شرع ال ‪:‬‬
‫*عن عائشة رضى ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من ال طالبا ))‬
‫* عن أنس رضى ال عنه قال ‪ ((:‬إنكم لتعملون أعمالً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من الموبقات يعنى المهلكات ))‬
‫* وعن عبد ال بن مسعود رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ (( :‬إياكم ومحرقات الذنوب فإنهن يجتمعن‬
‫ل كمثل قوم نزلوا أرض فلة فحضر صنيع القوم فجعل‬
‫على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول ال صلى ال عليه وسم ضرب هن مث ً‬
‫الرجل ينطق فيجئ بالعود والرجل يجئ بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها ))‪.‬‬
‫من ه نا كان على العامل ين في الح قل السلمي ال سائرين على درب السلم أن يحذروا الترخص والتساهل لنها منافذ الشيطان‬
‫إلى النفوس وأن يأخذوا بالعزيمة ما استطاعوا من غير مغالة أو تطرف وبدون إفراط أو تفريط متحرين في ذلك سنة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم والتي ل يحيد عنها إل زائغ وصدق ر سول ال صلى ال عل يه وسلم حيث يقول ((ومن رغب عن سنتى‬
‫فليس منى ))‪..‬‬
‫‪ -5‬الغرور و حب الظهور ‪ :‬و من أ سباب وخلفيات الت ساقط على طر يق الدعوة داء الغرور و حب الظهور و هو داء عضال يف تك‬
‫بالدعاة فتكا يحبط عملهم ويمحو ثوابهم ويشقى عاقبتهم ‪...‬‬
‫ولو أن هؤلء نظروا فيمن سبقهم واعتبروا بمن قبلهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه ولما سقطوا في المتحان الذي سقط فيه إبليس‬
‫وكان من الخاسرين ‪...‬‬
‫أذ كر أن أ حد (الخوة) جاء ني م ستا ًء في أعقاب اجتماع ض مه مع و فد ر سمي ح يث جاء ترت يب ا سمه في ال خبر الذي أع طى‬
‫لل صحافة متأخرا فقال معاتبا ‪ :‬أو لم ي كن من المنا سب أن يكون ترت يب أ سماء على غ ير هذا الن حو ؟ قلت ‪ :‬ا ستعذ يا أ خي من‬
‫الشيطان الرجيم واتق ال واذكر قول رسولنا صلى ال عليه وسلم ((إن أخوف ما أخاف على أمتي الشراك بال أما أنى لست‬
‫أقول يعبدون شمسا ول قمرا ول وثنا ولكن أعما ًل لغير ال وشهوة خفية )) ‪.‬‬
‫وذكر لي بعض الناس ممن يحصون علينا النفاس ويتصيدون السقطات والعيوب أنه التقى سالف الذكر في الطريق وكان على‬
‫(الرصيف ) الخر فتقدم نحوه ليصافحه وانتظر أن يبادره الخ بذلك ولكنه بقى مسمر فيها الغيبة عن نفسه فضلً عن أن يقاتل‬
‫التحية بأحسن منها ولقد هزني هزا حين قال ‪ :‬ال رب العزة والجبروت يقول عن نفسه في الحديث القدسي (أنا عند حسن ظن‬
‫عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في مل ذكرته في مل خير منه ون تقرب إلى‬
‫شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشى أتيته هرولة ) ‪.‬‬
‫ثم تكلم بكلم أستحي أن أنقله إلى القراء لما فيه من تقريع جارح ودون أن يترك المجال لي بالرد والتعقيب وتطييب النفس ولو‬
‫بكلمة ‪..‬‬
‫وأذكر أن واحدا ممن يدورون في رحى ذواتهم ول يكادون يخرجون منها أو يتجاوزونها وصل متأخرا لحضور حفل خاص في‬
‫أ حد البيوت وكان صدر المكان قد امتل بالحضور فأل قى ال سلم ود خل وبدل أن يجلس ح يث ينت هي به المجلس وح يث المكان‬
‫الفارغ اتجه نحو أحد الجالسين في المقدمة ممن يعتبرهم دونه في المكانة الجتماعية حيث تخلى له عن مكانه بانكسار وحرقة‬
‫‪..‬‬
‫وفي مناسبة أخرى دخل (المذكور) إلى القاعة ولما لم يجد المكان الذي يرضيه سلم على الحضور وبقى واقفا هنيهة في صدر‬
‫(ال صالة) ح تى ش عر الجم يع بمراده وأ نه ير يد من أحدهم أن ينهض ويتخلى له عن مكا نه وهكذا كان و سقط هذا الن سان في‬
‫المتحان ‪..‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫إن هذا وغيره م من كبرت نفو سهم ح تى أعمت هم عن معر فة حقي قة أنف سهم إن هؤلء بحا جة إلى صفعة في الدن يا توقظ هم ق بل‬
‫فوات الوان صفعة تفهمهم أنهم خلقوا من (بصقة) ومن (منى يمنى) ومن ( نطفة أمشاج) فعلم يتكبرون وفيهم قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بعد أن بصق على كفه بصقة ووضع إصبعه عليه يقول ال تعالى ‪ (( :‬ابن آدم تعجزني وقد خلقتك من مثل‬
‫هذه ؟ ح تى إذا سويتك وعدلتك مشيت ب ين بردين وللرض منك وئيد؟ جمعت ومنعت ح تى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأ نى‬
‫أوان الصدقة ؟))‪.‬‬
‫إن على العامل ين في الح قل ال سلمي والدعاة إلى ال أن يدركوا أن دعوة ال سلم ل ي صلح ل ها ويث بت علي ها من كان مختالً‬
‫فخورا أو متكسبرا مغرورا فالداعيسة بحاجسة لن يجلس مسع الناس ويتواضسع للناس ويخدم الناس ويخ فض جناحسه للناس ويتقبسل‬
‫الن صح والن قد من الناس هكذا كان الداع ية الول صلى ال عل يه و سلم وهكذا كان الدعاة الولون م من تربوا في مدر سة النبوة‬
‫رضى ال عنهم وأرضاهم أجمعين ‪...‬‬
‫‪-‬فعن عائشة رضى ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يأكل متكئا يقول ((آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس‬
‫العبد )) ‪.‬‬
‫ل أ تى ال نبي صلى ال عل يه و سلم من ب ين يد يه فا ستقبلته رعدة فقال ال نبي صلى ال عل يه‬
‫و عن جر ير ر ضى ال ع نه أن رج ً‬
‫وسلم ((هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد ))‪.‬‬
‫وكان رسو ال صلى ال عليه وسلم ل يأنف ول يستكبر أن يجلس إلى المسكين والضعيف أو يذهب معه حتى يفرغ من حاجته‬
‫وتستوقفه امرأة في الطريق حتى يقضى لها حاجتها فيفعل ويشارك أهل بيته والمسلمين العمال كلها كأي واحد منهم ‪...‬‬
‫على هذا الخلق سار أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ ..‬لم يت سلل الع جب إلى نفو سهم ولم يدا خل الغرور قلوب هم بل‬
‫تواضعوا ل فرفعهم ال وأكرمهم في الدنيا والخرة ‪...‬‬
‫_أخرج الدينورى عن محمد بن عمر المخزومى عن أبيه قال ‪ :‬نادى عمر بن الخطاب (الصلة جامعة) فلما اجتمع الناس وكثروا‬
‫صعد المنبر فحمد ال وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على نبيه صلى ال عليه وسلم ثم قال ((أيها الناس ‪ :‬لقد رأيتني أرعى‬
‫على خالت لي من بنى مخزوم فيقبضن لي القبضة من التمر والزبيب فأظل يومي وأي يوم )) ‪ ..‬ثم نزل فقال عبد الرحمن بن‬
‫عوف رضى ال عنه ‪ (( :‬يا أمير المؤمنين ما زدت على أن قمئت نفسك (يعنى عبتها وحقرتها) فقال ‪(( :‬ويحك يا ابن عوف ‪..‬‬
‫إني خلوت فحدثني نفسي فقالت ‪ :‬أنت أمير المؤمنين فمن ذا أفضل منك ‪ ..‬فأردت أن أعرفها نفسها ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن قال ((رأيت عثمان رضى ال عنه نائما في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وهو‬
‫أمير المؤمنين ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج ابن عساكر عن زاذان عن على ر ضى ال ع نه ((أنه كان يمشى في السواق وحده وهو وال يرشد الضال وينشد‬
‫الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن { تلك الدار الخرة نجعلها للذين ل يريدون علوا في الرض ول‬
‫فسادا والعاقبة للمتقين } ‪.‬‬
‫وداء الغرور هذا قسد يصسيب فسي الدعوة العامليسن فسي الحقسل السسياسي كمسا يصسيب العامليسن فسي الحقسل التربوي ‪ .‬وإن بقيست‬
‫(الصابات ) في الحقل التربوي مخبوءة بعكس ما هو الحال على الساحة ذات الضواء الكاشفة الفاضحة ‪.‬‬
‫إن مناخ العمل السياسي في مجتمعاتنا مناخ فاسد التعامل فيه يقوم على الغش والخداع والتحايل والذي يبرع في هذا يعتبر ذكيا‬
‫وناجحا ‪ ..‬أما الذي يمارس السياسة بمصداقية وأخلق ويلتزم بالموقف العقائدية الثابتة فيعد غبيا وفاشلً ‪..‬‬
‫هذا المناخ الفاسد ‪ ..‬وهذا المنطق العوج له أثر حتمي على كل من يدخل حلبة العمل السياسي ول يكون على جانب من اللتزام‬
‫السلمي من التقوى إذ سرعان ما يألف الجو ويتأثر به تلقائيا بدون شعور ومن ثم يكون السقوط ‪..‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫أ ما الغرور الذي قد ي صيب المرب ين والعابد ين والزاهد ين فإ نه ل ي قل خطورة من ح يث النتي جة ع ما ي صيب ال سياسيين ‪ ..‬يبدأ‬
‫المرض لدي هم من خلل الع جب والز هو بأنف سهم و من خلل شعور هم أن هم أف ضل من غير هم ‪ ..‬ف هم الت قى والن قى والع بد‬
‫والروع وينتهي إلى نتائج وخيمة وردود فعل سيئة قد تخرجهم من حظيرة اليمان بالكلية ‪...‬‬
‫أل فليسسمع المغرورون المعجبون بأنفسسهم قول رسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم فيهسم ((ثلث مهلكات ‪ :‬شسح مطاع ‪ ،‬وهوى‬
‫متبع ‪ ،‬وإعجاب المرْ بنفسه ))‪.‬‬
‫وفي حديث آخر يقول عليه الصلة والسلم ((لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب ))‪.‬‬
‫قال مطرف ‪(( :‬لن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلى من أن أبيت قائما وأصبح معجبا ))‪.‬‬
‫وقيل لعائشة رضى ال عنها (( متى يكون الرجل مسيئا ؟ قالت ‪ :‬إذا ظن أنه محسن ))‪.‬‬
‫(‪ )6‬الغيرة من الخر ين ‪ :‬و من ال سباب ال تي تؤدى إلى ال سقوط على طر يق الدعوة الغيرة القاتلة من الخر ين وبخا صة من‬
‫المتقدمين والمرموقين والذين أوتوا نصيبا من الهلية التي ينتقدها أولئك ‪...‬‬
‫فالجماعات ت ضم ب ين صفوفها أ صنافا ش تى من الناس وم ستويات ش تى من المؤهلت الشخ صية والنف سية والع صبية والفكر ية‬
‫فالذكاء مستويات ‪ ..‬والثقافة مستويات ‪ ..‬والقدرة على الكتابة والخطابة مستويات وهذا ما يجعل العاملين متفاوتين في العطاء‬
‫والتأثير والتفاعل وفي كل شئ وهو أمر طبيعي وبديهي ‪...‬‬
‫ولكسن بسسبب الغيرة أحيانا يرفسض (المحدودون ) أن يلتزموا حدودهسم فيعمدون إلى (التسسلق ) بشكسل وبآخسر فيجهدون أنفسسهم‬
‫بدون طائل ‪ ..‬وقد يصاب بعضهم بصدمات نفسية تلقى بهم خارج الصف أو تدفعهم إلى النتقام لنفسهم ممن يعتبرونهم سببا‬
‫في فشل هم ‪ ..‬وه نا قد تقع الطا مة حيث يتجاوز المرء حدود كل شئ متفلتا من كل الم ثل والق يم والخلق لينال من أخ يه الذي‬
‫أضحى عنده عدوا لدودا ل ترتاح نفسه قبل أن ينتقم منه ‪.‬‬
‫ولكان التاريخ يعيد نفسه وصورة الغيرة القاتلة تتكرر من لدن ابني آدم (قابيل وهابيل ) حيث قال ال تعالى فيهما ( واتل عليهم‬
‫نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الخر قال ‪ :‬لقتلنك قال إنما يتقبل ال من المتقين لئن بسطت‬
‫إلى يدك لتقتل ني ما أ نا ببا سط يدي إل يك لقتلك إ ني أخاف ال رب العالم ين إ ني أر يد أن تبوء بإث مي وإث مك فتكون من أ صحاب‬
‫النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } ‪.‬‬
‫والقرآن الكر يم يش ير إلى داء الغيرة والح سد في موا قع كثيرة من ذلك قوله تعالى { أم يح سدون الناس على ما أتا هم ال من‬
‫فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما }‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم يحذر من الغيرة والحسد في أحاديث كثيرة منها ‪:‬‬
‫‪ -‬فعن أبى هريرة رضى ال نه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ (( :‬إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ول تحسسوا‬
‫ول تجسسوا ول تنافسوا ول تحاسدوا ول تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد ال إخوانا كما أمركم المسلم أخو المسلم ل يظلمه‬
‫ول يخذله ول يحقره التقوى هاهنا التقوى هاهنا وأشار إلى صدره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على‬
‫المسلم حرام دمه وعرضه وماله )) ‪.‬‬
‫‪ -‬وعن ضمرة بن ثعلبة رضى ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ((ل يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا ))‬
‫(‪ )7‬فت نة ال سلح ‪ :‬وأخ طر ظوا هر التطرف على الطلق ما ات صل من ها با ستعمال القوة فإن ها ت صبح آنذاك جائ حة ل يقت صر‬
‫ضررها على الفراد وإنما قد يأتي على الحركة كلها ‪..‬‬
‫والساحة السلمية تشهد منذ فترة ليست بالقصيرة ظاهرة سوء استعمال القوة بسبب عدم التقيد بالضوابط والسياسات الشرعية‬
‫في حال استعمال القوة ‪.‬‬
‫وأذكر أننا عانينا في لبنان المرين من جراء هذه الظاهرة التي كانت تبرز عقب كل حادث تتعرض فيه الحركة لشدة أو محنة أو‬
‫إيذاء كما قد يكون بروزها أحيانا من قبيل محاكاة الخرين وتقليدهم والتشبه بما يفعلون ‪...‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫وأرى لزاما فسي هذه العجالة أن أقسف عنسد أهسم الشكالت التسي تتصسل بمفهوم اسستعمال القوة والتسي كانست موضسع خلف بيسن‬
‫العاملين وسبب فتنة وبلء وعامل استدراج الحركة إلى مقاتلها ‪..‬‬
‫أولًَ ‪ :‬عدم وضوح الغاية من امتلك القوة ‪:‬‬
‫فقد يظن البعض أن الهدف من امتلك الحركة لسباب القوة هو إثبات وجودها على الساحة السلمية ‪.‬‬
‫وظسن البعسض الخسر أن الهدف هسو اجتذاب الشباب الذي يهوى القوى ويعشقهسا والذي قسد ل تجتذبسه الفكار والقيسم والمبادئ‬
‫المجردة ‪...‬‬
‫والبعض الخر يرى الهدف هو رد كل اعتداء يمكن أن يقع على الحركة سواء كان من حاكم أو حزب أو فرد ‪.‬‬
‫وهذا المفهوم أو ذاك من شأنه أن يجر الحركة وأفرادها إلى مشاكل ومواجهات يومية ل تكاد تنتهي كما يمكن أن يخرج بها عن‬
‫خط سيرها الصيل وأن يعطل دورها الدعوى الرسالى الذي هو مبرر وجودها وبسبب قيامها ‪..‬‬
‫إن القوة الح سية في الحر كة ي جب أن تكون محكو مة ل حاك مة ويوم ت صبح القوة هي الحاك مة و هي الفاعلة يخ تل ال سير ويف قد‬
‫التوازن وتضيع المعايير ‪...‬‬
‫فالقوة الحسية يجب أن تأخذ حجمها ومكانها المحددين في نطاق المخطط السلمي لتشكل مع بقية القوى حجم الحركة وقدرتها‬
‫وفاعليتها والتي يجب أن توضع في خدمة التغيير السلمي ‪...‬‬
‫فالغاية من امتلك القوة كل قوة تحقيق التغيير السلمي فإقامة أمر ال وتطبيق شرع ال واستئناف الحياة السلمية بدليل قوله‬
‫تعالى { وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين ل } البقرة ‪ ]193‬وقوله صلى ال عليه وسلم ((أمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يشهدوا أن ل إله إل ال وأنى رسول ال فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على ال )) ‪.‬‬
‫فا ستعمال القوة ي جب دائما في هذا الطار ويخدم غ ير هذا الهدف من شأ نه أن يع تق الحر كة وي ستدرجها إلى معارك جانب ية قد‬
‫تؤدى إلى هلكتها ‪...‬‬
‫لم ي كن ا ستعمال القوة في ع هد الر سول صلى ال عل يه و سلم ردات ف عل عفو ية بل كان فعلً مدرو سا محكوما بقوا عد وأ صول‬
‫واعتبارات ومعطيات متوافقا مع طبيعة كل مرحلة وسياستها ونهجها ‪..‬‬
‫لم ي كن كل عدوان على الجما عة الم سلمة أو على أي فرد من أفراد ها مبررا لعلن الحرب وش هر ال سلح وبدء القتال ‪ ...‬في‬
‫المرحلة المكية تعرضت الجماعة المسلمة وتعرض نبيها وقائدها لحملت من الضطهاد والذى والتنكيل ‪.‬‬
‫ومع هذا لم تصدر الوامر بالمواجهة أو القتال لن المرحلة كانت مرحلة إعداد الطليعة المؤمنة إعدادا يؤهلها لمواجهة طويلة‬
‫ودائمة وثابتة إعدادا يؤهلها لحسم كل مواجهة لمصلحة السلم ‪..‬‬
‫من هنا كان توجيه النبوة في هذه المرحلة توجيها يتوافق وطبيعتها وأغراضها بالرغم من الظروف الدقيقة الضاغطة وما نزول‬
‫قوله تعالى في تلك الفترة الذات { فا صبر إن و عد ال حق ول ي ستخفنك الذ ين ل يوقنون } إل أمرا إلهيا مبرما بالتزام طبي عة‬
‫المرحلة وسياستها ‪..‬‬
‫ولم يكن ذلك بطبيعة الحال هينا وسهلً على النفوس ولكنها الدعوة ومقتضياتها ومصلحتها والتي يجب أن تعلو على كل اعتبار‬
‫أو اجتهاد أو نزق شخصي ‪.‬‬
‫ولقد روى أن عبد الرحمن بن عوف ونفر من الصحابة أتوا النبي صلى ال عليه وسلم بمكة فقالوا ‪ :‬يا نبي ال كنا في عزة‬
‫ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ((إني أمرت بالعفو فل تقاتلوا القوم )) ‪.‬‬
‫وروى عن خباب بن الرت وكان ممن يعذبون بالكي بالنار أنه قال ‪ (( :‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو متوسد بردة‬
‫في ظل الكعبة ولقد لقينا معاشر المسلمين من المشركين شدة شديدة فقلت ‪ :‬يا رسول ال أل تدعو لنا ؟‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫فقعد محمرا وجهه فقال ‪ :‬لقد كان من قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما ي صرفه ذلك عن‬
‫دينه ويوضع المنشار على فرق رأس أحدهم فيشق ما يصرفه ذلك عن دينه وليظهرن ال تعالى هذا المر حتى يسير الراكب من‬
‫صنعاء إلى حضرموت ل يخاف إل ال ))‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عدم التقيد بشروط استعمال القوة ‪:‬‬


‫وفيما يلي أبرز الشروط تلك ‪:‬‬
‫(أ) إفراغ الجهد بالوسائل الخرى ‪ :‬حتى يكون استعمال القوة آخر الدواء ولقد أجمع العلماء على ذلك ‪...‬‬
‫‪ -‬يقول العلمة الجصاص ((أمر ال بالدعاة إلى الحق قبل القتال ))‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول العلمة الزمخشرى ((يبتدئ بالسهل فإن لم ينفع ترقى إلى الصعب ))‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول ابن العربي المالكي ((إن ال سبحانه أمر بالصلح قبل القتال وعين القتال عند البغي ))‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول المام القرطبي ((فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعل وإن لم يمكنه إل بالعقوبة أو القتل فليفعل فإن زال‬
‫بدون القتل لم يجز القتل ))‪.‬‬
‫(ب) إناطته بالمام وجماعة المسلمين ‪:‬‬
‫وليسس بالفراد والعامسة يقول العلمسة القرطسبي ((المسر بالمعروف باليسد على المراء وباللسسان على العلماء وبالقلب على‬
‫الضعفاء ))‪.‬‬
‫‪ -‬يم كن للفراد ا ستخدام القوة لم نع المن كر ق بل وقو عه ما لم ين تج ع نه مف سدة أ كبر أ ما ب عد وقو عه فال مر للمام مباشرة‬
‫المعصية وأما بعد الفراغ منها فليس ذلك لغير الحاكم ))‪.‬‬
‫وصرح الفقهاء ‪ :‬بأن استخدام القوة بعد الفراغ من ارتكاب المنكر جناية يؤاخذ عليها ‪..‬‬
‫ويقرر المام الغزالي في ذلك أ صلً كليا فيقول ‪((:‬ل يس إلى آحاد الرع ية إل الد فع و هو إعدام المن كر فل ما زاد على قدر العدام‬
‫فهو إما عقوبة على جريمة سابقة أو زجر ل حق وذلك إلى الولة ل إلى الرعية ))‪.‬‬

‫(ج) أن ل يف ضي إلى مف سدة أو فت نة ‪ :‬ف في ال ثر دع الخ ير الذي عل يه ال شر ير بو )) والقاعدة الشرع ية أن (درء المفا سد يقدم‬
‫على جلب المنا فع ))‪ .‬وفي ما يلي ن صوص مختل فة من ت صريحات العلماء ‪ -:‬يقول المام القر طبي ((فإن لم يقدر أي على إزالة‬
‫المنكر إل بمقاتلة وسلح فليتركه وذلك إنما هو إلى السلطان لن شهر السلح بين الناس قد يكون مخرجا إلى الفتنة وأيلً إلى‬
‫ف ساد أك ثر من ال مر بالمعروف والن هي عن المنكر ))‪ -.‬ويقول إمام الحرم ين في شرح صحيح مسلم ((يسوغ آحاد الرع ية أن‬
‫يصد مرتكب الكبيرة إن لم يندفع عنها بقوله ما لم ينته العمل إلى نصب قتال أو شهر سلح فإن انتهي المر إلى ذلك ربط المر‬
‫لسلطان)‪ -‬ويقول العلمة الزمخشرى ((النكار الذي بالقتال فالمام وخلفاؤه أولى لنهم أعلم بالسياسة ومعهم عدتها ))(د) أن ل‬
‫يخرج عن السياسة الشرعية في هذا المر ‪ ....‬من ذلك ‪ -:‬عدم قتال العدو إذا تترس بين النساء والصبيان المسلمين وهو قول‬
‫الوزاعسى والليسث لقوله تعالى ‪ { :‬ولو رجال مؤمنون ونسساء مؤمنات لم تعلموهسم أن تطئوهسم فتصسيبكم منهسم معرة بغيسر علم‬
‫ليد خل ال في رحم ته لو تزيلوا لعذب نا الذ ين كفروا من هم عذابا ألي ما } ‪ -.‬عدم التعرض للمن ين وغ ير المحارب ين وللممتلكات‬
‫وغيرها لقوله صلى ال عليه وسلم ((أعزوا باسم ال في سبيل ال قاتلوا من كفر بال ول تغدروا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدا ))‬
‫وفي وصية أبى بكر رضى ال عنه وهو يودع جيش أسامة قبل مسيره إلى الشام (( ل تخونوا ول تغدروا ول تغلو ول تمثلوا‬
‫ل ول تحرقوه ول تقطعوا شجرة مثمرة ول تذبحوا شاة ول بقرة ول بعيرا إل‬
‫ول تقتلوا طفلً ول شيخا ول امرأة ول تعقروا نخ ً‬
‫لمأكلة وسوف تمرون بأقوام قد حبسوا أنفسهم في الصوامع للعبادة فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له )) وكذلك صح عن عمر بن‬
‫الخطاب ر ضى ال ع نه قوله ‪(( :‬ول تقتلوا هرما ول امرأة ول وليدا وتوقوا قتل هم إذا الت قى الزحفان وع ند شن الغارات ‪..‬عدم‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫تعريض المسلمين للتهلكة بما يوجب ملحظة قوة العدو وعدده ‪ ..‬يقول المام الشافعي (( ول ينبغي أن يولّي المام الغزو إل ثقة‬
‫ل للحرب ب صيرا ب ها غ ير ع جل ول نزق وأن يقدم إل يه وإلى من وله ‪ :‬أن ل يح مل‬
‫في دي نه شجاعا في بد نه ح سن الناة عاق ً‬
‫الم سلمين على مهل كة بحال ول يأمر هم بن قب ح صن يخاف أن يشدخوا تح ته ول دخول مطمورة يخاف أن يقتلوا ول يدفعوا عن‬
‫أنفسهم فيها ول غير ذلك من أسباب المهالك ))‪.‬‬
‫(هسس ) أن يكون وفسق الولويات ‪ :‬فالإعداد فسي السسلم يخضسع لترتيسب وفسق أولويات ل يجوز التسساهل فيهسا أو عدم تعريسض‬
‫الم سلمين للتهل كة ب ما يو جب ملح ظة قوة العدو وعدده ‪ ..‬يقول المام الشاف عي (( ول ينب غي أن يولّى المام الغزو إل ث قة في‬
‫ل للحرب بصسيرا بهسا غيسر عجسل ول نزق وأن يقدم إليسه وإلى مسن وله ‪ :‬أن ل يحمسل‬
‫دينسه شجاعا فسي بدنسه حسسن الناة عاق ً‬
‫الم سلمين على مهل كة بحال ول يأمر هم بن قب ح صن يخاف أن يشدخوا تح ته ول دخول مطمورة يخاف أن يقتلوا ول يدفعوا عن‬
‫أنفسهم فيها ول غير ذلك من أسباب المهالك ))‪.‬‬
‫(ه س ) أن يكون و فق الولويات ‪ :‬فإعداد في ال سلم يخ ضع لترت يب و فق أولويات ل يجوز الت ساهل في ها أو تجاوز ها لن ها‬
‫مقتضى الصراط المستقيم وسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬فكتب الفقه أجمعت على أن للجهاد شروطا ل بد منها وهي ‪ :‬السلم ‪ -‬البلوغ ‪ -‬العقل ‪ -‬الحرية ‪ -‬الذكورة ‪ -‬السلمة من‬
‫الضرر ‪ -‬وجود النفقسة وهذا يدل على أن الولويسة للسسلم قبسل الجهاد الجهاد ‪ ..‬وإن اللتزام السسلمي أوجسب مسن اللتزام‬
‫الجهادى لن الول أصل والثاني فرع وطبيعة المرحلة المكية تؤكد أولوية الدعوة إلى السلم والتزامه ثم الجهاد في سبيله ‪...‬‬
‫‪ -‬وعدم اعتبار القتال واحدا من أركان ال سلم أو اليمان مع عظ يم فضله ورف يع ثوا به وأجره إن ما يؤ كد أن الولو ية لهذه‬
‫الركان وإن القتال فسي السسلم اسستثناء وليسس قاعدة وإن شرط القيام بسه اسستكمال أركان اليمان والسسلم وإن ترك القتال ل‬
‫ينقض السلم واليمان في حين ينقضه ترك ركن من هذه الركان ‪...‬‬
‫‪ -‬وترتيب وصف ال تعالى لعباده المؤمنين يؤكد الولويات هذه من ذلك قوله تعالى { إنما المؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله‬
‫ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل ال أولئك هم الصادقون } { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم‬
‫من عذاب أليم تؤمنون بال ورسوله وتجاهدون في سبيل ال ‪ ..‬الية } ‪.‬‬
‫(و) أن يكون إعدادا سليما متقنا ‪ ...‬ذلك أن (الكيف) في السلم مقدم على (الكم) والعبرة في النوع ل في العدد وصدق ال‬
‫تعالى حيسث يقول { كسم مسن فئة قليلة غلبست فئة كثيرة بإذن ال } وقوله { ويوم حنيسن إذ أعجبتكسم كثرتكسم فلم تغسن عنكسم شيئا‬
‫وضاقت عليكم الرض بما رحبت ثن وليتم مدبرين } ‪.‬‬
‫فالعداد في السلم ليس ردة فعل يفرضه موقف أو ظرف أو يمليه نزق واجتهاد أو تعبث به عاطفة مشبوبة غير عاقلة إنما هو‬
‫من هج متكا مل مؤ صل ب ين الق سمات وا ضح المعالم محدد المرا حل محدد الهداف له في شرع ال قوا عد وأ صول ي جب تلم سها‬
‫والتزامها بل والتشبث بها ‪...‬‬
‫وإلى هذا المع نى الجلي الوا ضح أشار المام الشهيد حسن الب نا في المؤت مر الخامس فقال ‪(( :‬أيها الخوان الم سلمون وبخا صة‬
‫المتحمسون المتعجلون منكم ‪ :‬اسمعوها م نى كل مة عال ية داو ية من فوق هذا الم نبر في مؤتمركم هذا الجامع ‪ :‬إن طريقكم هذا‬
‫مرسومة خطواته موضوعة حدوده ولست مخالفا هذه الحدود التي اقتنعت كل القتناع بأنها أسلم طريق للوصول أجل قد تكون‬
‫طريقا طويلة ولكن ليس هناك غيرها إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة‬
‫قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات‬
‫و من صبر م عي ح تى تن مو البذرة وتن بت الشجرة وت صلح الثمرة ويح ين القطاف فأجره في ذلك على ال ولن يفوت نا وإياه أ جر‬
‫المحسنين إما النصر والسيادة وإما الشهادة والسعادة ‪...‬‬
‫أيهسا الخوان ‪ ...‬إن كم تبتغون وجسه ال وتحصسيل مثوبتسه ورضوانسه وذلك مكفول لكسم مسا دمتسم مخلصسين ولم يكلفكسم ال نتائج‬
‫العمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الستعداد ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين وإما مصيبون فلنا‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫أجر الفائزين المصيبين على أن التجارب في الماضي والحاضر قد أثبتت أنه ل خير إل في طريقكم ول إنتاج إل مع خطتكم ول‬
‫صواب إل في ما تعملون فل تغامروا بجهودكم ول تقامروا نجاحكم واعملوا وال معكم ولن يترك أعمالكم والفوز للعامل ين { و ما‬
‫كان ال ليضيع إيمانكم يترك أعمالكم والفوز للعاملين { وما كان ال ليضيع إيمانكم إن ال بالناس لرءوف رحيم } ‪.‬‬
‫‪ -‬إن قوة الحركة وقدرتها قد ل تكون اكتملت بعد فيخشى عليها من أن تصفي أو تهلك وتباد في معر كة غير متكافئة وق بل‬
‫الوان ‪...‬‬
‫‪ -‬وقد تكون قوة العدو وحجمه أضعافا مضاعفة فل تلزم المواجهة وإنما تنمية القدرات وتعبئة الطاقات والترقب والنتظار وقد‬
‫تنفع هنا المناورة والخديعة والتخذيل عن المسلمين ‪...‬‬
‫‪-‬وقد يكون هنالك أكثر من عدو ويحقق إضعاف أحدهم مصلحة للخر وليس للسلم فتسعير الحرب بينهم أولى وأمكر ‪.‬‬
‫وأخيرا فإن ردات الفعل ل يحكمها عادة التعقيل والتزان وإنما تسوقها العاطفة والرتجال وليس مآل ذلك إل الفشل ‪...‬‬
‫(ح) عدم جواز تعريض المسلمين للبادة في حال عدم تكافؤ القوى ‪:‬فقد حاء في شرح المقنع (( ول يحل للمسلمين ولو ظنوا‬
‫التلف الفرار لقوله تعالى { ياأي ها الذ ين آمنوا إذا لقي تم الذ ين كفروا زحفا فل تولو هم الدبار } النفال ‪ ]15‬وشر طه أن ل يز يد‬
‫عدد الكفار على مثلى المسلمين وهو المراد بقوله { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } النفال ‪ ]66‬قال ابن عباس ((من‬
‫فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلثة فما فر ‪.))...‬‬
‫وإذا كان ل بد من كلمة في ختام التحدث عن فتنة السلح فهي إن هذه الفتنة أحدثت شروخا يصعب أن تلتئم في جسم الحركة‬
‫ال سلمية وت سببت ي سقوط العشرات من الشباب الذ ين حملوا ال سلح ق بل أن يحملوا اليمان ودربوا على ا ستعمال القوة ق بل أن‬
‫يدربوا على الطا عة والنضباط فإذا بال سلح يتح كم بهسم دون أن يتحكموا هم ف يه وإذا بمظا هر القوة الخاد عة غ ير المنضب طة‬
‫وغير العاقلة تقذف بهم إلى هوة ليس لها قرار ‪ ..‬فاعتبروا ياأولى اللباب ‪..‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أسباب خارجية ضاغطة‬


‫و من ال سباب ال تي ت ساعد أو تؤدى إلى سقوط ب عض العامل ين والدعاة على طر يق الدعوة ما يت صل من ها بالظروف والوضاع‬
‫العامة والعوامل الخارجية الضاغطة ‪...‬‬
‫وهذه السباب كثيرة ومتعددة سنجملها بما يلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬ضغط المحن ‪:‬‬
‫إن المح نة في حياة الدعوة والداع ية هي الم حك القوى والمتحان ال كبر فكم من أناس اختفوا عن م سرح الع مل السلمي بعد‬
‫تعرضهم لمحنة أو إيذاء ولقد كانوا قبل ذلك من أشد المتحمسين ‪...‬‬
‫ولقد أكد القرآن الكريم على حتمية المحنة في حياة المؤمنين لتمحيص الصفوف وتصنيف المعادن وسبر أغوار اليمان ‪...‬‬
‫فقال تعالى { ألم أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آم نا و هم ل يفتنون ول قد فت نا الذ ين من قبل هم فليعل من ال الذ ين صدقوا‬
‫وليعلمن الكاذبين } وقال { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم } ‪.‬‬
‫وبين صنوف الناس أمام المح نة ‪ ..‬فمنهم ال صاعد ال صابر المحتسب { الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم‬
‫فزاد هم إيمانها وقالوا ح سبنا ال ونعسم الوكيسل ‪ { ..‬ولمسا رأى المؤمنون الحزاب قالوا هذا مسا وعدنسا ال ورسسوله وصسدق ال‬
‫ورسوله وما زادهم إل إيمانا وتسليما من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر‬
‫وما بدلوا تبديل } ومنهم المنهزم الذي ل يلبث أن يسقط ويختفي من حلبة الصراع { ومن الناس من يقول آمنا بال فإذا أوذى‬
‫في ال ج عل فت نة الناس كعذاب ال ولئن جاء ن صر من ر بك ليقولن إ نا ك نا مع كم أول يس ال بأعلم ب ما في صدور العالم ين‬
‫وليعلمن ال الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ‪. }...‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫ثم يقرر القرآن الكريم أمرأً ل مناص منه حيث يقول { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم‬
‫ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم المور } ‪.‬‬
‫لقد كانت المحن على مر التاريخ عاملً قويا في تساقط وسقوط البعض على الساحة السلمية في الوقت الذي كانت فيه عامل‬
‫استقواء ومضاء وثقة واعتزاز وصمود وثبات للبعض الخر ‪.‬‬
‫‪ -2‬ضغط الهل والقربين ‪:‬‬
‫ومن الضغوط التي يواجهها العاملون في الحقل السلمي والتي قد تؤدى وتسبب بعضهم ما يتصل منها بالهل والقربين آباء‬
‫وأمهات وزوجات وأولدا ‪..‬‬
‫وقل أن ينجو من ضغط الهل أحد ‪ ...‬فالقاعدة أن الهل يحدوهم جميعا الخوف على أبنائهم من أن يصيبهم في كل زمان ومكان‬
‫من أذى ‪ .‬وبعضهم الخر تأخذه العزة بالثم ويكبر عليه أن يسبقه صغيره بالهدى فيحاول صده والضغط عليه بشكل وبآخر ‪.‬‬
‫عرفت أنماطا غري بة من الباء كانوا يغرون أبناءهم م من التحقوا بدعوة السلم و ساروا في طر يق ال حق ليحولوا بين هم وب ين‬
‫دعوتهم وإسلمهم ولو بتشجيعهم على الرذيلة وارتياد أماكن اللهو ليصدوهم عن سبيل ال ‪..‬‬
‫وعرفت آخرين كانوا يضربون أبناءهم ويضيقون عليهم في المال والرزق ليردوهم عن سبيل ال ‪..‬‬
‫ول قد حذر القرآن الكر يم من الذعان لضغوط ال هل آباء وأنباء و حض على الثبات وال صمود والجهاد في سبيل ال فقال تعالى‬
‫{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب‬
‫إليكم من ال ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتى ال بأمره وال ل يهدى القوم الفاسقين } التوبة ‪.] 24‬‬
‫ومن النماذج التي حكاها القرآن الكريم عن الضغوط التي يواجهها الدعاة إلى ال من القربين والهل قصة إبراهيم عليه السلم‬
‫مع عشير ته وأب يه حيث عرض لها في أك ثر من موقع فقال تعالى { واذكر في الكتاب إبراه يم أنه كان صديقا نبيا إذ قال لب يه‬
‫ياأ بت لم تع بد مال ي سمع ول يب صر ول يغ نى ع نك شيئا ياأ بت إ نى قد جاء نى من العلم مالم يأ تك فاتبع نى أهد يك صراطا سويا‬
‫يأن بت ل تع بد الشيطان إن الشيطان كان للرح من ع صيا يا أ بت إ نى أخاف أن يم سك عذاب من الرح من فتكون للشيطان وليا قال‬
‫أراغب أنت عن آلهتى ياإبراهيم لئن لم تنته لرجمنك واهجرنى مليا ‪. }...‬‬
‫وهذا مصعب بن عمير يتعرض لضغوط أمه وكان وحيدها ووريث زوجها الغنى المتوفي ‪..‬فقد أقسمت أن تحرمه من ثروة أبيه‬
‫فلم يبال أو يتراجع ‪ ..‬ثم أقسمت أن ل تذوق طعاما قط حتى يترك دعوة السلم وصحبة محمد صلى ال علي وسلم ‪.‬‬
‫وعندما مرت اليام وهي على ذلك وقد شحب لونها وهزل جسمها دخل عليها ابنها مصعب ليحسم المر معها وليقطع كل أمل في‬
‫انكفائه إلى الجاهلية من جديد فقال ((وال يأماه لو كانت لك مائة نفس خرجت نفسا نفسا ما تركت دين محمد ))‪.‬‬
‫‪ -3‬ضغط البيئة ‪:‬‬
‫ومن العوامل التي تساعد على تساقط العاملين وإسقاطهم عن مسرح الدعوة ضغط البيئة ‪...‬‬
‫فالخ المسلم قد ينشأ في بيئة محافظة ثم ينتقل منها بسبب الدراسة أو العمل إلى بيئة أخرى عوامل الشر فيها أككثر وجواذب‬
‫الجاهلية أشد وهنا يبدأ الصراع عنيفا فأما صمود واستعلء أو سقوط واستخذاء ‪...‬‬
‫أذكر أن أحد الخوة سافر إلى (اميركا للدراسة ) وكان مثال المسلم في بلدته والقدرة الحسنة بين إخوانه ومكث في أميركا بضع‬
‫سنين وعاد بعدها إنسانا آخر ل يمت بأدنى صلة إلى ماضيه القريب ‪...‬‬
‫لقد كان أثر البيئة عليه كبيرا جدا بحيث أفقدته كل بريق كان يتحلى به قبل سفره المشؤوم ‪.‬‬
‫وإنسان آخر سافر إلى نفس هذه البيئة ولم يتمكن من التماسك والثبات أكثر من سنة غرق بدها إلى فوق أذنيه في المعاصى ثم‬
‫انقطعت أخباره واختفي أثره ‪ ..‬ولزلت حتى اليوم أذكر رسائله إلى خلل عامه الول وهي مليئة بالنقد والتعريض بأكثر العاملين‬
‫في الح قل ال سلمي من الدعاة والقيادي ين وكأ نه في م ستوى من اللتزام ل يدان يه ف يه أ حد ‪ ..‬ثم كا نت النتي جة أ نه ن كص على‬
‫عقبيه خسر الدنيا والخرة وذلك هو الخسران المبين ول حول ول قوة إل بال العلى العظيم‪.‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫إن العوامل التي تؤدى إلى انهزام الفرد أمام ضغط البيئة كثيرة ‪:‬‬
‫‪-‬فقد يكون تكوينه في الساس غير صحيح كأن تكون عنده إشكالت واهتزازات في العقيدة أو انحراف خفي في السلوك ‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يكون التزامه في بيئته التزام خجل وتقليد ومحاكاة وليس التزام قناعة وإيمان وعندما انتقل منها إلى غيرها سقط مبرر‬
‫اللتزام بسقوط عوامل الخجل والتقليد والمحاكاة ‪...‬‬
‫‪ -‬وقد يكون السبب إعراضه في بيئته الثانية عن محيط الدعوة والدعاة وإقباله على بيئة الجاهلية وعشراء السوء وفي هذا‬
‫الخ طر ال كبير الم ستطير الذي يؤدى حتما إلى سقوطه إن لم تتدرا كه عنا ية ال وم ما يذ كر أن المام الشه يد ح سن الب نا كان إذا‬
‫ودع أخا إلى بلد الغتراب للدراسة أو العمل حذره فيما حذره من اثنتين ‪ :‬من المرأة الولى والكأس الول ‪..‬‬

‫‪ -4‬ضغط حركات الضرار ‪:‬‬


‫و من العوا مل ال تي أدت إلى سقوط الكثير ين على طر يق السلم والدعوة ما ات صل من ها بحركات الضرار ال تي تشهد ها ال ساحة‬
‫السلمية والتي ل عمل لها سوى التشكيات والنقد وكألنه المعمول المسلط على الحركة السلمية لتحطيمها وتهديمها وباسم‬
‫السلم ‪.‬‬
‫ففي كل قطر تبرز بين الحين والخر فرق تحمل اسم السرم تخرب عقول الشباب وتعطل دورهم وتسمم أجواءهم فل تجتذبهم‬
‫للعمل معها ول هي تتركهم حيث هم يعملون ‪..‬‬
‫إن ظواهر التعددية في العمل السلمي ل يمكن أن تكون أو تعتبر ظاهرة صحية لن انعكاسها على الساحة السلمية سلبى ومن‬
‫شأنه أن يجعل بأس العاملين بينهم ويشغلهم عما هم بصدده من مهام وأعباء ‪.‬‬
‫أعرف كثيرين اختفوا عن حياة الدعوة بسبب انهزامهم أمام حملت التشكيك المستعمرة على الساحة السلمية ‪.‬‬
‫إن الشباب اليافع قد ل يستطيع الصمود أمام حملت الرجاف التي تتعرض لها الحركة السلمية فهو لما يكتمل بعد تكوينه ولما‬
‫يقوى إيمانه بل ليست لديه القدرة على تمحيص المور ومعرفة الغث من الثمين ‪..‬ولهذا سرعان ما تراه ينهار ويسقط ‪...‬‬
‫أحد الخوة كان مضرب المثل في النشاط والنتاج فجرى تطويقه من قبل إحدى حركات الضرار هذه ‪ ...‬وبدأ الهمس الثم يقرع‬
‫أذن يه وإلقاءات الشيطان تع بث في نف سه وإذا به صريع الحيرة وال شك وانت هي به المطاف إلى أن ترك الع مل ال سلمي وك فر‬
‫بالعاملين وغدا بعد ذلك شيوعيا ملحدا‬
‫أكثر حركات الضرار هذه لها بريق أحيانا يعمى البصار ‪...‬‬
‫‪ -‬فمنها ما يجعل اهتمامه بالعقيدة مما يلفت النظر إلى قدرتها في هذا المجال دونما انتباه إلى ما تعانيه من ضعف وإفرس في‬
‫هذا المجالت الخرى ‪..‬‬
‫‪-‬ومنها ما يجعل اهتمامه بالشؤون العسكرية مما يثير العجاب بها في هذا الشأن من غير التفات إلى عجزها في غير ذلك من‬
‫شؤون ‪..‬‬
‫‪ -‬ومنها ما يكون متقدما في الناحية الروحية ولكن حتما على حساب الناحى الخرى التي ل بد منها لصياة الشخصية السلمية‬
‫وإقامة العمل السلمي الصيل ‪..‬‬
‫وهكذا يؤدى قيام أمثال هذه الفرق ال سلمية إلى تشو يه صورة ال سلم وإلى تشو يه الشخ صية ال سلمية و من ثم إلى تشو يه‬
‫ل كانت متقدة‬
‫العمل السلمي وملء الساحة السلمية بالمتناقضات ‪ ...‬ولكم خربت هذه الظواهر عقولً كانت سليمة وأطفأت شع ً‬
‫وأتلفت قوى كانت منتجة معطاءة ؟‬
‫‪ -5‬ضغط الوجاهة ‪:‬‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬
‫ومن عوامل تساقط العاملين على طريق الدعوة ما يتعلق بالوجاهة ومشتقاتها ‪.‬وهذا كله يدخل في مرض العجب والغرور حب‬
‫الذات والكبر النانية التي كانت السبب في سقط إبليس حيث أخذته الغوة بالثم فقال { أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من‬
‫طين } العراف ‪. ]12‬‬
‫لقد مر في حياة الدعوة أنماط من الناس كانت (الوجاهة) فتنتهم والمدخل الشيطانى إلى نفوسهم ‪.‬‬
‫كانوا في مقتبل العمر وقبل أن يلجوا إلى المجتمع من بابه الكبير مثال التزام والطاعة حتى إذا أحسوا في أنفسهم أنهم أصبحوا‬
‫شيئا أو أصبحت لهم منزلة اجتماعية مرموقة وقد يكونوا بلغوها على حساب الدعوة إذا بهم يتغيرون وإذا لم تتداركهم عناية ال‬
‫ينقلبون على أعقابهم يحاربون المهد الذي احتضنهم والجماعة التي ربتهم ويكفرون العشير الذي أخذ بأيديهم إلى السلم ؟‬
‫‪ -‬فهذا شاب كان منصب القضاء عامل فتنة في حياته ومعمول هدم في سلوكه وسببا في سقوطه ‪.‬‬
‫‪-‬وذاك آخر كانت (العمة) بكسر العين سببا في طغيانه وهو يحسب أنه قد أحسن صنعا ‪.‬‬
‫‪ -‬وآحر كان المال فتنته ثم زواجه بابنة أحد الوجهاء مصرعه ‪.‬‬
‫‪-‬آخر وآخر وآحر ممن ل عد لهم ول حصر سقطوا أمام ضغط الوجاهة الزائفة ولو أنهم آمنوا واتقوا لخجلوا من ذواتهم وبكوا‬
‫على أنفسهم واستعاذوا بال من نفحة الكبرياء ولكن { قتل النسان ماأكفره من أى شىء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل‬
‫يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره كل لما يقضى ما أمره } عبس ‪.]23 :17‬‬

‫وآ خر دعوا نا أن الح مد ل رب العامل ين ون سأله ال سداد والثبات وح سن الختام ونعوذ به زال النع مة وفجأة النق مة تحول العاق بة‬
‫وسوء بالمنقلب إنه سميع الدعاء ‪...‬‬

‫المؤلف‬
‫بقاع صفرين في ‪ 1‬من ذى الحجة ‪ 14.3‬هس‬

‫‪www.ikhwan-info.net‬‬

You might also like