Professional Documents
Culture Documents
النصارى
إن الحقاد الطائفيقة والحروب الدينيقة بيقن أبناء الشعقب الواحقد غريبقة على أرض السقلم ،فققد ألف
هذا الديقن منقذ بدأ يعاشقر غيره على المياسقرة واللطقف ،وان يرعقى حسقن الجوار فيمقا يشرع مقن
قوانيقن ويضقع مقن تقالي ،وهقو فقي ميدان الحياة العامقة حريقص على احترام شخصقية المخالفيقن له ،
ومقققن ثقققم لم يفرض عليهقققم حكمقققه فقققي الحلل والحرام ،أو يقهرهقققم على الخضوع لعقائده ،أو
اضطهادهققم ،أو مصققادرة حقوقهققم ،أو المسققاس الجائر لموالهققم و أغراضهققم و دمائهققم .و تاريققخ
السقلم فقي هذا المجال أنصقع تاريقخ على وجقه الرض ،وليقت التواريقخ الخرى فيمقا حفظتقه الدنيقا
لها من حروب التعصب وغارات البادة والتجتي ،تقترب من ليونة السلم ومودته وسماحته.
ل يهابون
1-ما ورد في إنجيل متقى بالصقحاح 21عدد 37فقي قولة ( فأخيراً أرسقل اليهقم ابنقه قائ ً
ابني ) .
2-ومقا ورد فقي انجيقل مرققس :بالصقحاح الثالث عشقر عدد 23فقي قولة ( ومقا ذلك اليوم وتلك
الساعة فل يعلم بهما أحد ،ول الملئكة الذين في السماء ول البن ال الب ) .
3-ماورد في انجيل لوقا :بالصحاح الثاني والعشرين عدد ، 70في قوله ( :فقال الجميع :أفأنت
ابن ال ؟ فقال لهم :أنتم تقولون إني أنا هو ).
-4ماورد في إنجيل يوحنا :بالصحاح الثالث عدد 18في قوله ( :لنه لم يرسل ال ابنه إلى العالم
ليدين العالم ،بل ليخلص به العالم ).
… ومع التسليم بوجود النصوص السابقة ومات في أناجيل النصارى المتداولة بينهم ،نجد أن هناك
نصوصاً أخرى بتلك الناجيل يصف فيها المسيح نفسه ،بأنه بشر ،أبن انسان كا لتي :
-1في انجيل متى بالصحاح الثامن عدد 20 – 18ورد قوله ( :فتقدم كاتب وقال له يا معلم أتبعك
أينمقا تمضقي ،فقال يسقوع :للثعالب أوجرة ولطبور السقماء أوكار ،وأمقا ابقن النسقان فليقس أن يسقند
رأسه ).
-2وفقي انجيقل مرققس :بالصقحاح الثامقن ،عدد ، 31قوله عقن المسقيح ( وابتدأ يعلمهقم أن ابقن
النسان ينبغي أن يتألم كثيراُ ،ويُرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ) .
-3وفي انجيل لوقا :بالصحاح التاسع ،عدد 56قوله عن المسيح ( :لن ابن النسان لم يأت ليهلك
أنفس الناس بل ليخلص ) .
-4وفي انجيل يوحنا :بالصحاح الثامن ،عدد ، 40من كلم المسيح لليهود ( :قال لهم يسوع :لو
كنتقم أولد إبراهيقم لكنتقم تعملون أعمال إبراهيقم ،ولكنكقم تطلبون أن تقتلونقي ،وأنقا إنسقان ققد كلمكقم
بالحق الذي سمعه من ال).
إذاً كيف يتفق القول بأن المسيح ابن النسان ،أي أنه من البشر ،وهناك نصوص أخرى ،تذكر أنه
أبن ال؟!
فققد جاء في إنجيل لوققا :فقي الصقحاح الثالث ،عدد ، 38-33بشأن نسقب المسيح أنه يتصل بشيقت
ابن آدم ال .
جاء في سفر اليام الول :بالصحاح السابع عشر ،عدد ، 14-11قوله لداود ( :ويكون متى كملت
أيامك ..أني أقيم بعدك نسلك ..أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً ) .
فقد ورد بسفر التكوين في الصحاح السادس ،عدد 1،2قوله ( :وحدث لما ابتدأ الناس يكقرون على
الرض ،وولد لهم بنات أن أبناء ال رأوا بنات الناس أنهن حسنات ) .
أطلققت السقفار ( ابقن ال ) على كقل شخقص بار سقواء كان نصقرانياً أم غيقر نصقراني :فققد ورد فقي
إنجيقل متقى :بالصقحاح الخامقس عدد ، 9قول المسقيح عليقه السقلم ( طوبقى لصقانعي السقلم لنهقم
أبناء ال يدعون ) .
و بالمقابلة :
أطلقت أسفار أهل على الشخص الشرير أنه ابن إبليس :
فقد ورد في إنجيل متى :بالصحاح الثاني عشر ،عدد ، 34قول المسيح لليهود ( :يا أولد الفاعي
،كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار ) .
أولً :يقرر الدكتور محمقد فؤاد الهاشمقي ( وققد كان مقن رجال الكهنوت النصقارى فقي مصقر قبيقل
إسلمه ) .
… أن عبارة ( ابقن ال ) الواردة بالسقفار المقدسقة لدى أهقل الكتاب ل تعنقي ولد ال ،فبنقو النسقان
جميعاً هقم أبناء ال ،بمعنقى أنهقم خلققه ،وأبوّتقه لهقم ل تعنقي تلك البوّة الجسقدية التقي تثبتهقا شهادة
الميلد ،بقل هققي ربوبيقة الخلق والتربيققة ،وهذا هقو القصقد مققن التعقبير يلفقظ ( الب ) الوارد بتلك
السقفار فهقي تعنقي وللقققققه المربقي ،وكان هذا اصقطلحاً سقائداً عنقد اليونانييقن الذيقن ترجمقت عقن
لغتهقم تلك الناجيقل ،ولهذا فإن المسقيح مل الناجيقل بأنقه ابقن النسقان ،وأسقند أُبققققوة ال لغيره فقي
كثيقر مقن النصقوص ،ممقا يقطقع بأن المراد بهقا ألوهيقة ال وربقو بيتقه لعبادة ،كمقا وصقف الصقالحين
بأنهقم أبناء ال يمعنقى أنهقم أحبؤة وأصقفياؤه ( .كتاب حوار بيقن مسقيحي ومسقلم تأليقف الدكتور محمقد
فؤاد الهاشمي ) .
ثانياً :ويزيقد الب عبقد الحقد داود الشوري العراققي هذا المقر وضوحاُ إذ كان على درايقة باللغات
السقامية كالعبريقة والراميقة فيقرر أن صقلة اليهود الواردة فقي أسقفار راود وهقي (السقماء) ،وققد
وصققفت التوراة ال بلفقظ ( آب ) ( بمقد الهمزة ) هقو اسقم ال باللغقة السقريانية أو الكلدانيقة ،وتعنقي
موجقد كافقة الموجودات ومكوّن كقل الكائنات ،فهقو خالقهقا وفاطرهقا ،فهقي ل تعنقي ان ال ابناً وحيداً
كما تزعم الكنيسة ،وهي بخلف كلمة ( أب ) بهمزة مفتوحة والتي تعني الوالد .
ثالثا :ذكر المام تقي الدين ابن تيمية أن لفظ البن في أسفار أهل الكتاب هو اسم لمن رباه ال ،أو
اصقطفاه وكرمقه مقن عقبيدة كإسقرائيل وداود وسقليمان وغيرهقم مقن النقبياء ،لن لفقظ الب فقي لغتهقم
تعنقي الرب الذي يربقي عبدة أعظقم ممقا يربقي الب ابنقه ،وفقي هذا المعنقى يقول المسقيح لتلميذه :
( أحبوا أعداءكقم ،باركوا ل عنيكقم ،أحسقنوا الى مبغضيكقم ،وصقلّوا لجقل الذيقن يسقئون إليكقم
ويطردونكقم ،لكقي تكونوا أبناء أبيكقم الذي فقي السقموات ) ( إنجيقل متقى :الصقحاح الخامقس ،عدد
.) 45– 44ويرجع أيضاً إلى كتاب :الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ،لشيخ السلم ابن تيمة
الجزء الثاني فصل في معنى البن.
رابعاً :ويقرر الشيقخ رحمقة ال بقن خليقل الرحمقن الهندي :أن لفقظ ( ابقن ) الوارد فقي أسقفار أهقل
الكتاب يحمقل على المعنقى المجازي المناسقب لشخققص المسققيح عليقه السققلم ،ويتضقح هذا المعنققى
بجلء مقن اسقتقراء النقص الوارد فقي إنجيل مرققس :بالصحاح ،15عدد ، 39في قوله ( ولمقا رأي
قائد المائة الواقققف مقابلة أنققه صققرخ هكذا وأسققلم الروح ،قال :حقاً كان هذا النسققان ابققن ال ) .و
مقابلته بالنص المشتمل على هذا المعنى بإنجيل لوقا :بالصحاح ، 23عدد 27في قوله ( :بالحقيقة
كان هذا النسققان باراً ) .ففققي إنجيققل مرقققس لفققظ ( ابققن ال ) وفققي انجيققل لوقققا بدله لفققظ ( البار ) ،
واستعمل مثل هذا اللفظ في حق الصالحين غير المسيح عليه السلم ،كما استعمل ابن إبليس في حق
غير الصالحين.
…(( من الذي قام بتحريف لفظ – ابن ال 0عن مفهوم من رباه ال واصطفاه إلى مفهوم اللوهية
وابن الذات المقدسة وكيف كان ذلك ؟ )) .
… ..إن من يدعونه بولس والذي لم يرَ المسيح ولم يتتلمذ على يديه ،بل كان عدواً له ولتباعه ،ثم
تحايل بعقد ذهاب المسقيح عن هذا العالم حتى التصق بتلميذه بعد أن اطمأنوا إليه ،هو الذي انحرف
بلفظ ( ابن ال ) عن مفهومه الكتابي التوراتي ،وهو من ربّاه ال وأجبه واصطفاه وكرمه إلى مفهوم
التقديس واللوهية ،ويشير إلى ذلك كثير من أقواله التي تشتمل عليها رسائله مثل :
1-قوله في رسالته أهل رومية :بالصحاح الول ،عدد ( : 4-1بولس عبد يسوع المسيح المدعو
رسولً المُققفرَز لنجيل ال الذي سبق فوعد به أنبيائه في الكتب المقدسة عن ابنه الذي صار من نسل
داود مقن جهقة الجسقد ،وتعيقن ابقن ال بقوة مقن جهقة روح القداسقة بالقيامقة مقن بيقن الموات يسقوع
المسيح ربنا ) .
2-وقوله فقي رسقالته إلى أهقل فيلبقي :بالصقحاح الثانقي ،عدد ( : 5،6فليكقن هذا الفكقر الذي فقي
المسيح يسوع أيضاً الذي كا في صورة ال ،لم يحسب خلسة أن يكون معادلً ل ) .
3-وقوله فقي رسقالته إلى العقبرانيين بالصقحاح الول عدد ( : 1،2ال بعدمقا كلم الباء والنقبياء
قديماً بأنواع وطرق كثيرة ،كلمنا في هذه اليام الخيره في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء ) .
…… ويؤيققد مققا ذهبنققا اليققه مققن رأي الدكتور /شارل جينيققبير أسققتاذ ورئيققس قسقم الديان بجامعققة
باريقس ،الذي يكشقف لنا الكثيقر ممقا قام بقه القديقس بولس مقن تحريقف ،فلقد درس ذلك العلّمقة اللغقة
العبرية واللغة اللتينية والديانة اليهودية ،كما درس بعمق الجو الديني العبري ،أي المجتمع العبري
،أو بمعنى آخر المجتمع اليهودي الذي نشأ فيه المسيح عليه السلم وقضى فيه حياته القصيرة ،وكل
ذلك مقن الوجهقة التاريخيقة ،أي بحسقب الواققع التاريخقي ،غيقر متأثقر فقي ذلك بالجانقب العقائدي ،
وانتهى في دراساته إلى الحقائق التية :
أولً :إن عقيدة النصرانية التي دعا إليها السيد المسيح كانت في غاية البساطة ،إذ كان يعلن التوحيد
ويؤكققد أنققه عبققد ال ورسققوله ،وكان كققل همققه أن يدعققو إلى الخُلق الكريققم ،إلى الرحمققة والمحبققة
والتعاطف .
ثانياً :إن المسيح ما بعث الّ لخراف بني إسرائيل الضالة ،أي أن رسالته كانت خاصة ببني إسرائيل
.
ثالثاً :إن المسقيح لم يققل عقن نفسقه انقه ( ابقن ال ) فذلك تعقبير لم يكقن فقي الواققع ليمثقل بالنسقبة إلى
اليهود سقوى خطقأ لغوي فاحقش ،وضرب مقن ضروب السقفه فقي الديقن ،كمقا ل يسقمح أي نقص مقن
نصوص الناجيل إطلق تعبير ابن ال على المسيح ،فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى النصارى
الذيققن تأثروا بالثقافققة اليونانيققة ،وهققي اللغققة التققي اسققتخدمها القديققس بولس ،كمققا اسققتخدمها مؤلف
النجيل الرابع ،وهو إنجيل يوحنا .
رابعاً :إن القديقس بولس هقو المسقؤول عقن انفصقال المسقيحية عقن دعوة السقيد المسقيح ،إذ تسقبب
بخطئه في ترجمة لفظ عبد في كلمة ( عبد ال ) التي يقولها المسيح كثيراً عن نفسه إلى كلمة ( طفل )
بدلً من ترجمتها إلى كلمة ( خادم ) فصارت ( طفل ال ) ،وكان لذلك تغيير هائل بالفكرة الدينية عن
صورة الله في الفلسفة عامة وفي عقيدة النصرانية خاصة ،والتي غلب على تسميتها بالمسيحية في
زماننا المعاصر ،بمعنى أنه انحرف بعقيدة التوحيد الخالص إلى فكرة بنوة الطفل ل أي بنوة المسيح
ال .
خامس قاً :وطققبيعي أن الثنققي عشققر تلميذاً الذيققن آمنوا بالمسققيح وتابعوه لم يكققن ليوافقوا على نعققت
المسيح أنه ابن ال بل كان تعبيرهم عنه أنه خادم ال ،لن صورة اللوهية التي تتسم اتساماً بالكمال
أنقه ل يلد كمقا أنقه ل يولد ،أي أنقه ليقس بحاجقة – لكماله – إلى ولد ،إذ إن أرادة الولد إنمقا هقي نققص
في الله .
… أما بالنسبة للبن فإنه على أي وضع تصورته ،يكون إمّققا مولوداً وإمّققا مخلوقاً ،فهو ل مناص
قد سبقه عدم وأنه وجد بعد عدم ،إذاً فل يكون إلقققهقققاَ لنه حادث .
ولذلك فإن المسقيحية الحاضرة بكقل مقا فيهقا مقن عقائد وطقوس وشعائر غريبقة بعيدة كقل البعقد عقن
رسالة المسيح ( .انتهى كلم الدكتور شارل جينيبير ) .
يرجقع فقي هذا إلى كتاب المسقيحية نشأتهقا وتطورهقا تأليقف دكتور شار جينيقبير ،رئيقس قسقم تاريقخ
الديان بجامعققة باريققس ،وقققد ترجمققة بالعربيققة الدكتور /عبققد الحليققم محمود ،نشققر دار المعارف
بالقاهرة .
أما عن المسيح عليه السلم ،فقد تحدث عنه القرآن باسم الواقع التاريخي الصادق ،كما تحدث عنه
باسم المنطق .
… فال سققبحانه غني قّ غنىَ مطلقاً عققن الولد ،لن مققن يسققعى وراء الولد أو يتبناه هققو الفقيققر وهققو
المحتاج في العواطف وفي العمال وفي التصريف ،ولكن ال تعالى يتنزه عن ذلك فهو إذا أراد أمراً
،كان مقا أراد ول يعدو المسقيح أن يكون عبقد ال تعالى ،كرمقه ال بالرسقالة التقي كلفقه بتبليغهقا إلى
قومقه مقن بنقي إسقرائيل ،شأنقه شأن باققي المرسقلين مقن قبله إلى أقوامهقم ،وهكذا صقحح السقلم
صورة الله التي كادت المسيحية أن تطمس حقيقتها ،والتي ما زالت تحاول جاهدة في طمسها ،قال
تعالى ( :ققل يقا أهقل الكتاب ل تغلوا فقي دينكقم غيقر الحقق ول تتبعوا قومٍق ققد ضلوا مقن قبقل وأضلوا
كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل ) .سورة المائدة.