You are on page 1of 385

‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬

‫ل�سنة ‪2007‬‬

‫مركز الزيتونة‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‬
‫بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪The Palestinian Strategic Report 2007‬‬

‫‪Editor:‬‬
‫‪Dr. Mohsen Moh’d Saleh‬‬

‫حقوق الطبع حمفوظة‬


‫الطبعة الأوىل‬
‫‪2008‬م – ‪1429‬هـ‬
‫بريوت – لبنان‬

‫)الن�سخة الورقية( ‪ISBN 978-9953-500-24-9‬‬


‫)الن�سخة املجلدة( ‪ISBN 978-9953-500-25-6‬‬

‫مُينع ن�سخ �أو ا�ستعمال �أي جزء من هذا الكتاب ب�أي و�سيلة ت�صويرية �أو �إلكرتونية �أو ميكانيكية مبا‬
‫يف ذلك الت�سجيل الفوتوغرايف‪ ،‬والت�سجيل على �أ�رشطة �أو �أقرا�ص مدجمة �أو �أي و�سيلة ن�رش �أخرى‬
‫�أو حفظ املعلومات وا�سرتجاعها دون �إذن خ ّطي من النا�رش‪.‬‬

‫(الآراء الواردة يف الكتاب ال ُت رّ‬


‫عب بال�رضورة عن وجهة نظر مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات)‬

‫مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬


‫تلفون‪+ 961 1 80 36 44 :‬‬
‫تلفاك�س‪+ 961 1 80 36 43 :‬‬
‫�ص‪.‬ب‪ 14-5034 :.‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫بريد �إلكرتوين‪info@alzaytouna.net :‬‬
‫املوقع‪www.alzaytouna.net :‬‬

‫ت�صميم الغالف‬
‫احلارث عدلوين‬
‫ت�صميم و�إخراج وطباعة‬
‫‪CA s.a.r.l. | Beirut, Lebanon | +961 1 30 44 44‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬
‫ل�سنة ‪2007‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪2007‬‬

‫حترير‬
‫د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‬
‫م�ست�شارو التقرير‬
‫�أ‪.‬د‪� .‬أني�س �صايغ‬
‫�أ‪.‬د‪ .‬عبد الوهاب امل�سريي‬
‫�أ‪ .‬منري �شفيق‬
‫امل�شاركون‬
‫د‪� .‬أحمد م�شعل‬
‫�أ‪ .‬بالل احل�سن‬
‫�أ‪ .‬خليل حممد التفكجي‬
‫�أ‪ .‬عبد اهلل عبد العزيز ّ‬
‫جنار‬
‫د‪ .‬طالل عرتي�سي‬
‫د‪ .‬ظفر الإ�سالم خان‬
‫د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‬
‫د‪ .‬حممد ال�سعيد �إدري�س‬
‫د‪ .‬حممد نور الدين‬
‫�أ‪ .‬د‪ .‬نظام حممود بركات‬
‫�أ‪ .‬د‪ .‬وليد عبد احلي‬

‫�إقبال عمي�ش‬
‫غنى جمال الدين‬
‫منى حوري‬
‫وائل �سعد‬
‫مراجعة لغوية‬
‫ليلى �صباغ‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫فهر�س املحتويات‬

‫‪5‬‬ ‫فهر�س املحتويات‬


‫‪11‬‬ ‫فهر�س اجلداول‬
‫‪13‬‬ ‫امل�شاركون يف كتابة التقرير‬
‫‪19‬‬ ‫مقدمة التقرير‬

‫الف�صل الأول‪ :‬الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‪� :‬شقاء الأ�ش َّقاء‬


‫‪23‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫�أوالً‪ :‬مرحلة االتفاق على وثيقة الأ�رسى املعدلة‬ ‫ ‬
‫‪30‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مرحلة اتفاق مكة‬ ‫ ‬
‫‪35‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬ت�صاعد الأزمة الأمنية‬ ‫ ‬
‫‪43‬‬ ‫رابعاً‪� :‬سيطرة حما�س على القطاع‬ ‫ ‬
‫‪50‬‬ ‫خام�ساً‪� :‬إجراءات ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫ ‬
‫‪52‬‬ ‫�ساد�ساً‪ :‬حماولة ال�سيطرة على املجل�س الت�رشيعي‬ ‫ ‬
‫‪55‬‬ ‫�سابعاً‪ :‬الأزمة داخل فتح وال�سلطة‬ ‫ ‬
‫‪59‬‬ ‫ثامناً‪ :‬موقف الف�صائل الفل�سطينية‬ ‫ ‬
‫‪62‬‬ ‫تا�سعاً‪ :‬ح�صار وف ّك ح�صار‬ ‫ ‬
‫‪64‬‬ ‫خامتة‬ ‫ ‬

‫الف�صل الثاين‪ :‬امل�شهد الإ�سـرائيلي الفل�سطيني‪ :‬ا�ستثمار االنق�سام ومراوغات ال�سالم‬


‫‪73‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪73‬‬ ‫�أوالً‪ :‬الو�ضع الداخلي الإ�رسائيلي‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪73‬‬ ‫‪ .1‬احلكومة ونظام احلكم‬
‫‪76‬‬ ‫‪ .2‬التغريات على �صعيد الأ�شخا�ص‬
‫‪77‬‬ ‫‪ .3‬ال�سلطة الق�ضائية‬
‫‪77‬‬ ‫‪ .4‬امل�شهد احلزبي‬
‫‪79‬‬ ‫‪.5‬الف�ساد ال�سيا�سي‬
‫‪80‬‬ ‫‪ .6‬تقرير جلنة فينوغراد‬
‫‪5‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪82‬‬ ‫ثانياً‪� :‬أبرز امل�ؤ�رشات ال�سكانية واالقت�صادية والع�سكرية‪:‬‬


‫‪82‬‬ ‫‪ .1‬امل�ؤ�رشات ال�سكانية‬
‫‪85‬‬ ‫‪ .2‬امل�ؤ�رشات االقت�صادية‬
‫‪91‬‬ ‫‪ .3‬امل�ؤ�رشات الع�سكرية‬
‫‪97‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬العدوان واملقاومة‬ ‫ ‬
‫‪101‬‬ ‫رابعاً‪ :‬املوقف الإ�رسائيلي من الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬ ‫ ‬
‫‪107‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬م�سار الت�سوية ال�سيا�سية‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪112‬‬ ‫‪ .1‬م�ؤمتر �أنابولي�س‬
‫‪113‬‬ ‫‪ .2‬املوقف من املبادرة العربية لل�سالم‬
‫‪115‬‬ ‫خامتة‬ ‫ ‬

‫الف�صل الثالث‪ :‬الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬


‫‪123‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪125‬‬ ‫�أوالً‪� :‬أداء النظام الر�سمي العربي ومواقفه‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪125‬‬ ‫‪ .1‬املوقف من تطورات عملية ال�سالم‬
‫‪133‬‬ ‫‪ .2‬املوقف من االنق�سامات وال�رصاعات الفل�سطينية‬
‫‪137‬‬ ‫‪ .3‬املوقف من دعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني‬
‫‪140‬‬ ‫‪ .4‬العالقة مع "�إ�رسائيل" و�أفق التطبيع‬
‫‪145‬‬ ‫ثانياً‪� :‬أداء الدول العربية ومواقفها من الق�ضية الفل�سطينية‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪145‬‬ ‫‪ .1‬دول املواجهة (امل�رشق العربي)‪:‬‬
‫‪145‬‬ ‫�أ‪ .‬م�رص‬
‫‪156‬‬ ‫ب‪� .‬سورية‬
‫‪162‬‬ ‫ج‪ .‬الأردن‬
‫‪167‬‬ ‫د‪ .‬لبنان‬
‫‪170‬‬ ‫‪ .2‬دول اخلليج واجلزيرة العربية‪:‬‬
‫‪171‬‬ ‫�أ‪ .‬ال�سعودية‬
‫‪177‬‬ ‫ب‪ .‬اليمن‬
‫‪177‬‬ ‫ج دول اخلليج الأخرى‬
‫‪180‬‬ ‫‪ .3‬دول عربية �أخرى‬

‫‪6‬‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫‪181‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬املوقف ال�شعبي العربي من الق�ضية الفل�سطينية‪:‬‬ ‫ ‬


‫‪181‬‬ ‫‪ .1‬املوقف ال�شعبي العربي من عملية الت�سوية‬
‫‪183‬‬ ‫‪ .2‬املوقف ال�شعبي العربي من ال�رصاعات الفل�سطينية – الفل�سطينية‬
‫‪185‬‬ ‫‪ .3‬املوقف ال�شعبي العربي من دعم ال�شعب الفل�سطيني‬
‫‪186‬‬ ‫‪ .4‬املوقف ال�شعبي العربي من العالقة مع "�إ�رسائيل" والتطبيع‬
‫‪188‬‬ ‫خامتة‬

‫الف�صل الرابع‪ :‬الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬


‫‪199‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪199‬‬ ‫�أوالً‪ :‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‬ ‫ ‬
‫‪204‬‬ ‫ثانياً‪ :‬تركيا‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪204‬‬ ‫‪ .1‬زيارة �أوملرت �إىل �أنقرة‬
‫‪206‬‬ ‫‪ .2‬حفريات الأق�صى واللجنة الرتكية‬
‫‪207‬‬ ‫‪ .3‬الغارة الإ�رسائيلية على �سورية‬
‫‪208‬‬ ‫‪ .4‬زيارة برييز �إىل �أنقرة‬
‫‪210‬‬ ‫‪ .5‬م�ؤمتر �أنابولي�س‬
‫‪216‬‬ ‫ثالثاً‪� :‬إيران‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪216‬‬ ‫‪ .1‬اتفاق مكة‬
‫‪217‬‬ ‫‪ .2‬احل�سم يف غزة‬
‫‪220‬‬ ‫‪ .3‬م�ؤمتر �أنابولي�س لل�سالم‬
‫‪226‬‬ ‫رابعاً‪ :‬باك�ستان‬ ‫ ‬
‫‪227‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬دول �إ�سالمية �أخرى‬ ‫ ‬
‫‪230‬‬ ‫خامتة‬ ‫ ‬

‫الف�صل اخلام�س‪ :‬الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬


‫‪237‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪238‬‬ ‫�أوالً‪ :‬الواليات املتحدة‬ ‫ ‬
‫‪247‬‬ ‫ثانياً‪ :‬االحتاد الأوروبي‬ ‫ ‬
‫‪255‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬رو�سيا‬ ‫ ‬
‫‪257‬‬ ‫رابعاً‪ :‬ال�صني‬ ‫ ‬

‫‪7‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪258‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬اليابان‬ ‫ ‬


‫‪259‬‬ ‫�ساد�ساً‪ :‬املنظمات الدولية‬ ‫ ‬
‫‪266‬‬ ‫�سابعاً‪ :‬الهند (درا�سة حالة)‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪266‬‬ ‫‪ .1‬العالقات الهندية – الفل�سطينية‬
‫‪268‬‬ ‫‪ .2‬العالقات الهندية – الإ�رسائيلية‬
‫‪271‬‬ ‫‪ .3‬التجارة املتبادلة بني الهند و"�إ�رسائيل"‬
‫‪272‬‬ ‫‪ .4‬التعاون الع�سكري بني الهند و"�إ�رسائيل"‬
‫‪276‬‬ ‫‪ .5‬التعاون الأمني بني الهند و"�إ�رسائيل"‬
‫‪277‬‬ ‫ خامتة‬

‫الف�صل ال�ساد�س‪ :‬الأر�ض واملقد�سات‬


‫‪285‬‬ ‫مقدمة‬ ‫ ‬
‫‪285‬‬ ‫ �أوالً‪ :‬القد�س واملقد�سات‪:‬‬
‫‪285‬‬ ‫‪ .1‬تهويد البلدة القدمية‬
‫‪287‬‬ ‫‪ .2‬االعتداء على املقد�سات‬
‫‪291‬‬ ‫‪ .3‬اال�ستيطان يف منطقة القد�س‬
‫‪294‬‬ ‫‪� .4‬سيا�سة هدم املنازل ومنع رخ�ص البناء‬
‫‪294‬‬ ‫‪ .5‬تهجري املقد�سيني و�سحب حق الإقامة منهم‬
‫‪298‬‬ ‫‪ .6‬جدار الف�صل العن�رصي يف القد�س‬
‫‪299‬‬ ‫‪ .7‬جوانب من معاناة �سكان مدينة القد�س‬
‫‪303‬‬ ‫‪ .8‬فعاليات ت�ضامنية مع القد�س‬
‫‪305‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اجلدار العن�رصي العازل‬ ‫ ‬
‫‪308‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬اال�ستيطان والتو�سع اال�ستيطاين‬ ‫ ‬
‫‪313‬‬ ‫رابعاً‪ :‬م�صادرة الأرا�ضي وجتريفها واقتالع الأ�شجار‬ ‫ ‬
‫‪314‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬احلواجز ونقاط التفتي�ش واحلدود‬ ‫ ‬
‫‪319‬‬ ‫خامتة‬ ‫ ‬

‫الف�صل ال�سابع‪ :‬امل�ؤ�شـرات ال�سكانية الفل�سطينية‬


‫‪325‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪325‬‬ ‫�أوالً‪ :‬تعداد الفل�سطينيني يف العامل‬ ‫ ‬

‫‪8‬‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫‪327‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اخل�صائ�ص الدميوغرافية للفل�سطينيني‪:‬‬ ‫ ‬


‫‪327‬‬ ‫‪ .1‬ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬
‫‪332‬‬ ‫‪ .2‬فل�سطني املحتلة �سنة ‪�" 1948‬إ�رسائيل"‬
‫‪332‬‬ ‫‪ .3‬الأردن‬
‫‪333‬‬ ‫‪� .4‬سورية‬
‫‪333‬‬ ‫‪ .5‬لبنان‬
‫‪334‬‬ ‫‪ .6‬العراق‬
‫‪335‬‬ ‫‪ .7‬مقارنات عامة بني الفل�سطينيني‬
‫‪338‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬الالجئون الفل�سطينيون‬
‫‪340‬‬ ‫رابعاً‪ :‬اجتاهات النمو ال�سكاين‬
‫خام�ساً‪ :‬اجلدل حول تقدير عدد ال�سكان الفل�سطينيني‬
‫‪344‬‬ ‫داخل حدود فل�سطني التاريخية‬
‫�ساد�ساً‪ :‬ال�ضغوط والإجراءات الإ�رسائيلية للت�أثري‬
‫‪346‬‬ ‫على احلالة الدميوغرافية الفل�سطينية‬
‫�سابعاً‪ :‬هجرة الفل�سطينيني �إىل اخلارج ونزيف‬
‫‪349‬‬ ‫الأدمغة والكفاءات الفل�سطينية‬
‫‪350‬‬ ‫ثامناً‪ :‬فل�سطينيو اخلارج وحقّ العودة‬
‫‪353‬‬ ‫خامتة‬ ‫ ‬

‫الف�صل الثامن‪ :‬الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬


‫‪359‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪361‬‬ ‫�أوالً‪ :‬احل�سابات القومية‬ ‫ ‬
‫‪362‬‬ ‫ثانياً‪ :‬القطاعات االقت�صادية‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪363‬‬ ‫‪ .1‬الزراعة و�صيد الأ�سماك‬
‫‪364‬‬ ‫‪ .2‬التعدين‪ ،‬وال�صناعة التحويلية واملياه والكهرباء‬
‫‪364‬‬ ‫‪ .3‬الإن�شاءات‬
‫‪365‬‬ ‫‪ .4‬جتارة اجلملة والتجزئة‬
‫‪365‬‬ ‫‪ .5‬النقل والتخزين واالت�صاالت‬
‫‪365‬‬ ‫‪ .6‬الو�ساطة املالية‬
‫‪365‬‬ ‫‪ .7‬اخلدمات‬

‫‪9‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪366‬‬ ‫‪ .8‬الإدارة العامة والدفاع‬


‫‪366‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل‬ ‫ ‬
‫‪367‬‬ ‫رابعاً‪ :‬املالية العامة‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪367‬‬ ‫‪ .1‬الإيرادات العامة ‬
‫‪369‬‬ ‫‪ .2‬النفقات العامة‬
‫‪369‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬املنح وامل�ساعدات اخلارجية‬ ‫ ‬
‫‪372‬‬ ‫�ساد�ساً‪ :‬احل�صار والإغالق الإ�رسائيلي‬ ‫ ‬
‫‪374‬‬ ‫�سابعاً‪ :‬العمل والبطالة وم�ستوى املعي�شة‬ ‫ ‬
‫‪374‬‬ ‫ثامناً‪ :‬القطاع امل�رصيف‬ ‫ ‬
‫‪375‬‬ ‫تا�سعاً‪ :‬الأ�سعار وغالء املعي�شة‬ ‫ ‬
‫‪377‬‬ ‫عا�شـراً‪� :‬سوق فل�سطني للأوراق املالية‬ ‫ ‬
‫‪377‬‬ ‫حادي ع�شـر‪ :‬التجارة اخلارجية‬ ‫ ‬
‫‪379‬‬ ‫ثاين ع�شـر‪� :‬إدارة ال�سلطة واحلكومة للو�ضع االقت�صادي‬ ‫ ‬
‫‪380‬‬ ‫ثالث ع�شـر‪ :‬االرتباط االقت�صادي بـ"�إ�رسائيل"‬ ‫ ‬
‫‪380‬‬ ‫خامتة ‬ ‫ ‬

‫‪10‬‬
‫فهر�س اجلداول‬

‫فهر�س اجلداول‬
‫‪48‬‬ ‫جدول ‪ :1/1‬بع�ض �إح�صاءات حاالت وحوادث الفلتان الأمني يف قطاع غزة‬
‫‪48‬‬ ‫جدول ‪� :1/2‬ضحايا الفلتان الأمني ‪2007-2002‬‬
‫‪83‬‬ ‫جدول ‪� :2/1‬أعداد ال�سكان يف "�إ�رسائيل" ‪2007-2001‬‬
‫‪83‬‬ ‫جدول ‪� :2/2‬أعداد املهاجرين اليهود �إىل "�إ�رسائيل" ‪2007-1990‬‬
‫‪86‬‬ ‫جدول ‪� :2/3‬إجمايل الناجت املحلي والدخل القومي الإ�رسائيلي ‪2007-2001‬‬
‫‪86‬‬ ‫جدول ‪ :2/4‬معدل دخل الفرد الإ�رسائيلي ‪2007-2000‬‬
‫‪87‬‬ ‫جدول ‪� :2/5‬إجمايل ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية ‪2007-2004‬‬
‫‪87‬‬ ‫جدول ‪ :2/6‬ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية مع دول خمتارة ‪2007-2004‬‬
‫‪88‬‬ ‫جدول ‪ :2/7‬ال�صادرات الإ�رسائيلية ح�سب املجموعة ال�سلعية ‪2007-2006‬‬
‫‪89‬‬ ‫جدول ‪ :2/8‬الواردات الإ�رسائيلية ح�سب املجموعة ال�سلعية ‪2007-2006‬‬
‫‪89‬‬ ‫جدول ‪ :2/9‬امل�ساعدات الأمريكية لـ"�إ�رسائيل" ‪2007-1949‬‬
‫‪90‬‬ ‫جدول ‪ :2/10‬النفقات الع�سكرية الإ�رسائيلية الر�سمية ‪2007-2001‬‬
‫‪94‬‬ ‫جدول ‪ :2/11‬القتلى واجلرحى الفل�سطينيون والإ�رسائيليون ‪2007-2004‬‬
‫‪98‬‬ ‫جدول ‪ :2/12‬الأ�رسى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ‪2007‬‬
‫جدول ‪ :2/13‬الأ�رسى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ح�سب التوزيع اجلغرايف‬
‫‪98‬‬ ‫يف نهاية �سنة ‪2007‬‬
‫جدول ‪ :2/14‬الأ�رسى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ح�سب �أو�ضاعهم القانونية‬
‫‪99‬‬ ‫يف نهاية �سنة ‪2007‬‬
‫‪111‬‬ ‫جدول ‪ :2/15‬موقف الر�أي العام الإ�رسائيلي من عملية ال�سالم‬
‫‪142‬‬ ‫جدول ‪ :3/1‬ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية مع بع�ض الدول العربية ‪2007-2004‬‬
‫جدول ‪ :4/1‬حجم التجارة الإ�رسائيلية مع عدد من البلدان الإ�سالمية (غري العربية)‬
‫‪203‬‬ ‫‪2007-2004‬‬
‫‪251‬‬ ‫جدول ‪ :5/1‬التعهدات الأوروبية املالية لل�سلطة الفل�سطينية يف م�ؤمتر باري�س‬
‫‪272‬‬ ‫جدول ‪ :5/2‬ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية مع الهند ‪2007-2000‬‬
‫‪294‬‬ ‫جدول ‪ :6/1‬هدم املنازل يف منطقة القد�س ‪2007-2004‬‬
‫‪306‬‬ ‫جدول ‪ :6/2‬تطور م�سار جدار العزل العن�رصي يف ال�ضفة الغربية ‪2007-2002‬‬

‫‪11‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪309‬‬ ‫جدول ‪� :6/3‬أعداد امل�ستوطنني والوحدات ال�سكنية ‪2007-2005‬‬


‫‪318‬‬ ‫جدول ‪ :6/4‬عدد الأيام التي �أغلقت فيها معابر قطاع غزة ‪2007-2005‬‬
‫‪326‬‬ ‫جدول ‪ :7/1‬عدد ال�سكان الفل�سطينيني املقدر يف العامل ح�سب الإقامة حتى ‪2007/12/31‬‬
‫‪327‬‬ ‫جدول ‪ :7/2‬عدد ال�سكان والأ�رس يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة حتى ‪2007/12/1‬‬
‫جدول ‪ :7/3‬عدد ال�سكان ومتو�سط حجم الأ�رسة ون�سبة اجلن�س ح�سب املحافظة‬
‫‪328‬‬ ‫ل�سنتي ‪ 1997‬و‪2007‬‬
‫‪330‬‬ ‫جدول ‪ :7/4‬املواليد الأحياء امل�سجلون ح�سب املنطقة ‪2006-1999‬‬
‫‪335‬‬ ‫جدول ‪ :7/5‬عدد ال�شهداء الفل�سطينيني يف العراق ‪2007-2003‬‬
‫جدول ‪ :7/6‬ملخ�ص لبع�ض امل�ؤ�رشات الدميوغرافية للفل�سطينيني ح�سب مكان الإقامة‬
‫‪336‬‬ ‫ل�سنة ‪2 006‬‬
‫جدول ‪ :7/7‬عدد الالجئني الفل�سطينيني من الأفراد واملواليد والعائالت امل�سجلني يف‬
‫‪339‬‬ ‫الأونروا ح�سب املنطقة حتى ‪2007/12/31‬‬
‫‪361‬‬ ‫جدول ‪ :8/1‬الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ‪2007-2005‬‬
‫جدول ‪ :8/2‬الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ح�سب الن�شاط‬
‫‪362‬‬ ‫االقت�صادي ‪2007-2006‬‬
‫‪366‬‬ ‫جدول ‪ :8/3‬ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل ‪2007-2005‬‬
‫جدول ‪ :8/4‬تقرير العمليات املالية لل�سلطة الوطنية الفل�سطينية – الإيرادات والنفقات‬
‫‪368‬‬ ‫وم�صادر التمويل (�أ�سا�س نقدي) ‪2007-2006‬‬
‫‪370‬‬ ‫جدول ‪ :8/5‬الدعم اخلارجي ملوازنة ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية ‪2007‬‬
‫‪376‬‬ ‫جدول ‪ :8/6‬ارتفاع الأ�سعار يف قطاع غزة يف الن�صف الثاين من �سنة ‪2007‬‬
‫جدول ‪� :8/7‬إجمايل قيمة ال�صادرات والواردات و�صايف امليزان وحجم التبادل التجاري‬
‫‪378‬‬ ‫لل�ضفة الغربية وقطاع غزة ‪2007-1995‬‬

‫‪12‬‬
‫امل�شاركون يف كتابة التقرير‬

‫امل�شاركون يف كتابة التقرير‬


‫�أ‪ .‬بالل احل�سن‪:‬‬ ‫الفـــ�صـــــــ��ل الأول‪:‬‬
‫در�س الفل�سفة وعلم االجتماع يف جامعتي دم�شق وبريوت العربية‪،‬‬ ‫الو�ضع الفل�سطيني‬
‫ع�ضو �سابق يف اللجنة التنفيذية ملنظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬وما يزال‬ ‫الــــــــــداخلــــــــ��ي‪:‬‬
‫ع�ضوا ً يف املجل�س الوطني الفل�سطيني‪ .‬عمل يف ال�صحافة منذ تخرجه‬ ‫�شقــــ��اء الأ�شقــَّــــ��اء‬
‫من اجلامعة‪ ،‬و�سبق له �أن تر�أ�س حترير جريدة ال�سفري اللبنانية‪ ،‬وجملة‬
‫�ش�ؤون فل�سطينية‪ ،‬كما �أ�صدر جملة اليوم ال�سابع من باري�س؛ ويعمل‬
‫حاليا ً كاتبا ً يف جريدة ال�رشق الأو�سط؛ �صدرت له عدة م�ؤلفات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫جمزرة اخلليل‪ ،‬واخلداع الإ�رسائيلي‪ ،‬وثقافة اال�ست�سالم‪ ،‬وقراءات يف‬
‫امل�شهد الفل�سطيني‪.‬‬

‫د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‪:‬‬ ‫الف�صـــل الثـانــــي‪ :‬‬


‫�أ�ستاذ م�شارك يف الدرا�سات الفل�سطينية‪ ،‬واملدير العام ملركز الزيتونة‬ ‫امل�شهد الإ�سرائيلي‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‪ ،‬رئي�س ق�سم التاريخ واحل�ضارة يف اجلامعة‬ ‫الفل�سـطيـنـــــــ��ي‪:‬‬
‫الإ�سالمية العاملية مباليزيا �سابقاً‪ ،‬واملدير التنفيذي ملركز درا�سات‬
‫ا�ستثم��ار االنق�س��ام‬
‫ال�رشق الأو�سط بع ّمان �سابقاً‪ .‬الفائز الأول بجائزة بيت املقد�س‬
‫ومراوغ��ات ال�س�لام‬
‫للعلماء امل�سلمني ال�شبان �سنة ‪ ،1997‬وجائزة االمتياز يف التدري�س من‬
‫اجلامعة الإ�سالمية العاملية مباليزيا �سنة ‪� .2002‬صدرت له عدة كتب‬
‫�أهمها‪ :‬التيار الإ�سالمي يف فل�سطني ‪ ،1948-1917‬والطريق �إىل القد�س‪،‬‬
‫والقوات الع�سكرية وال�رشطة يف فل�سطني ‪ ،1939-1917‬ودرا�سات‬
‫منهجية يف الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬والق�ضية الفل�سطينية‪ :‬خلفياتها‬
‫وتطوراتها‪ ،‬واحلقائق الأربعون يف الق�ضية الفل�سطينية‪ .‬قام بتحرير‬
‫عدد من الكتب‪� ،‬أبرزها‪ :‬قراءات نقدية يف جتربة حما�س وحكومتها‬
‫‪ ،2007-2006‬ومنظمة التحرير الفل�سطينية‪ :‬تقييم التجربة و�إعادة‬
‫البناء‪ ،‬والوثائق الفل�سطينية‪ ،‬و�أو�ضاع الالجئني الفل�سطينيني يف لبنان‪.‬‬
‫ن�رشت له الكثري من الدرا�سات املح ّكمة واملقاالت‪ ،‬و�شارك يف ع�رشات‬
‫امل�ؤمترات املحلية والدولية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أ‪ .‬د‪ .‬نظام حممود بركات‪:‬‬


‫حا�صل على الدكتوراه يف العلوم ال�سيا�سية من جامعة القاهرة �سنة‬
‫‪ ،1980‬متخ�ص�ص يف ال�ش�ؤون الإ�رسائيلية‪ُ ،‬مد ّر�س يف جامعة امللك �سعود‬
‫بالريا�ض ‪ ،1987-1980‬ويف معهد الدرا�سات الدبلوما�سية بوزارة‬
‫اخلارجية ال�سعودية ‪ ،1991-1987‬وهو يدر�س يف جامعة الريموك منذ‬
‫‪1992‬؛ ن�رشت له العديد من الكتب وع�رشات الدرا�سات واملقاالت العلمية‬
‫املح ّكمة؛ ومن �أبرز كتبه‪ :‬النخبة احلاكمة يف �إ�رسائيل‪ ،‬ومراكز القوى يف‬
‫�إ�رسائيل‪ ،‬ومقدمة يف الفكر ال�سيا�سي‪ ،‬و�آلية �صنع القرار ال�سيا�سي يف‬
‫�إ�رسائيل‪ ،‬واال�ستيطان الإ�رسائيلي بني النظرية والتطبيق‪.‬‬

‫د‪ .‬حممد ال�سعيد �إدري�س‪:‬‬ ‫الف�صــ��ل الثالــ��ث‪:‬‬


‫حا�صل على الدكتوراه يف العلوم ال�سيا�سية من جامعة القاهرة‪ ،‬م�رصي‬ ‫القـــ�ضـــيـــــــــــــ��ة‬
‫اجلن�سية‪ ،‬رئي�س وحدتي الدرا�سات اخلليجية ودرا�سات الثورة امل�رصية‬ ‫ا لفل�سطينـيـــــــ��ة‬
‫يف مركز الدرا�سات ال�سيا�سية واال�سرتاتيجية يف الأهرام‪ ،‬ورئي�س حترير‬ ‫والع��امل العربـــ��ي‬
‫جملة خمتارات �إيرانية التي ي�صدرها املركز نف�سه‪ ،‬م�شارك يف حترير‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي العربي‪ ،‬والتقرير اال�سرتاتيجي اخلليجي‪ ،‬ع�ضو‬
‫املكتب التنفيذي والأمانة العامة بامل�ؤمتر القومي العربي‪ ،‬وله العديد من‬
‫امل�ؤلفات‪� ،‬أبرزها‪ :‬النظام الإقليمي للخليج العربي‪ ،‬و�إ�رسائيل يف الت�صور‬
‫الأمريكي‪ ،‬وحزب الوفد والطبقة العاملة امل�رصية ‪ ،1952-1924‬وهو‬
‫حمرر لكتاب تطور العالقات امل�رصية الإيرانية‪ ،‬وكتاب م�رص و�إيران‪:‬‬
‫حتديات ما بعد ‪� 11‬سبتمرب؛ �شارك يف ت�أليف عدد من الكتب‪ ،‬كما يكتب‬
‫يف عدد من الدوريات واملجالت واجلرائد العربية‪.‬‬

‫الف�صــــ��ل الرابـــ��ع‪:‬‬
‫القـ�ضـــــيـــــــــــــــ��ة‬
‫الفل�سطيـنــيــــــــ��ة‬
‫والعالــ��م الإ�سالمي‬
‫] تركيا د‪ .‬حممد نور الدين‪:‬‬
‫�أ�ستاذ التاريخ واللغة الرتكية يف كلية الآداب والعلوم الإن�سانية يف‬
‫اجلامعة اللبنانية‪ ،‬لبناين اجلن�سية‪ ،‬باحث متخ�ص�ص يف ال�ش�ؤون‬

‫‪14‬‬
‫امل�شاركون يف كتابة التقرير‬

‫الرتكية‪ُ .‬ن�رشت له عدة درا�سات وكتب وخ�صو�صا ً حول تركيا‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫تركيا يف الزمن املتحول‪ ،‬وقبعة وعمامة‪ :‬مدخل �إىل احلركات الإ�سالمية‬
‫يف تركيا‪ ،‬وتركيا اجلمهورية احلائرة‪ ،‬وحجاب وحراب‪ :‬الكمالية‬
‫و�أزمات الهوية يف تركيا‪ ،‬وتركيا‪ :‬ال�صيغة والدور‪.‬‬

‫] �إيران د‪ .‬طالل عرتي�سي‪:‬‬


‫�أ�ستاذ علم االجتماع الرتبوي وعلم النف�س االجتماعي يف اجلامعة‬
‫اللبنانية‪ ،‬لبناين اجلن�سية‪ ،‬حا�صل على الدكتوراه يف االجتماع من‬
‫جامعة ال�سوربون بباري�س‪ ،‬مدير �سابق ملعهد العلوم االجتماعية يف‬
‫اجلامعة اللبنانية‪ ،‬مدير عام مركز الدرا�سات اال�سرتاتيجية والبحوث‬
‫والتوثيق – بريوت �سابقاً‪ ،‬من املطلعني واملتخ�ص�صني يف ال�ش�أن‬
‫الإيراين‪� .‬صدرت له الكثري من الكتب والدرا�سات واملقاالت‪ .‬ومن كتبه‪:‬‬
‫البعثات الي�سوعية ومهمة �إعداد النخبة ال�سيا�سية يف لبنان‪ ،‬واحلركات‬
‫الإ�سالمية يف مواجهة الت�سوية (مع �آخرين)‪ ،‬دولة بال رجال‪ :‬جدل‬
‫ال�سيادة والإ�صالح يف ال�رشق الأو�سط‪ ،‬واجلمهورية ال�صعبة‪� :‬إيران يف‬
‫حتوالتها الداخلية و�سيا�ساتها الإقليمية‪.‬‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬وليد عبد احلي‪:‬‬ ‫الف�صـــ��ل اخلامــــ�س‪:‬‬


‫�أ�ستاذ يف ق�سم العلوم ال�سيا�سية بجامعة الريموك يف الأردن‪ ،‬حا�صل‬ ‫الق�ضية الفل�سطينية‬
‫على درجة الدكتوراه يف العلوم ال�سيا�سية من جامعة القاهرة‪ .‬عمل يف‬ ‫والو�ضــ��ع الـدولـــ��ي‬
‫عدد من اجلامعات العربية‪ ،‬و�شغل من�صب رئي�س ق�سم العلوم ال�سيا�سية‬
‫يف جامعة الريموك بالأردن‪ ،‬كما يعمل م�ست�شارا ً ل�ش�ؤون البحوث‬
‫والدرا�سات يف املجل�س الأعلى للإعالم يف الأردن‪ .‬ن�رش ‪ 15‬كتاباً‪ ،‬يرتكز‬
‫معظمها يف الدرا�سات امل�ستقبلية من الناحيتني النظرية والتطبيقية‪،‬‬
‫ومن �أبرزها‪ :‬الدرا�سات امل�ستقبلية يف العالقات الدولية‪ ،‬والدرا�سات‬
‫امل�ستقبلية يف العلوم ال�سيا�سية‪ ،‬وحتول امل�سلمات يف نظريات العالقات‬
‫الدولية "درا�سة م�ستقبلية"‪ ،‬ومناهج الدرا�سات امل�ستقبلية وتطبيقاتها‬
‫يف الوطن العربي‪ ،‬واملكانة امل�ستقبلية لل�صني على �سلم القوى الدويل‬
‫‪ .2010-1978‬كما قام برتجمة عدد من الكتب والدرا�سات من اللغة‬
‫الإجنليزية‪ ،‬ون�رش �أكرث من ‪ 50‬بحثا ً يف املجالت العلمية املح ّكمة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫د‪ .‬ظفر الإ�سالم خان‪:‬‬ ‫] الهند‬


‫حا�صل على الدكتوراه من جامعة مان�ش�سرت يف بريطانيا �سنة ‪،1987‬‬ ‫(درا�سة حالة)‬
‫هندي اجلن�سية؛ م�ؤ�س�س �أول وكالة �أنباء �إ�سالمية باللغة الإجنليزية‬
‫"م�سلم ميديا" يف لندن �سنة ‪1981‬؛ م�ؤ�س�س ومدير معهد الدرا�سات‬
‫الإ�سالمية والعربية بدلهي منذ ‪1988‬؛ رئي�س حترير جريدة "ملّي‬
‫جازيت" ال�صادرة بالإجنليزية يف الهند؛ م�ؤلف ومرتجم لأكرث من‬
‫‪ 40‬كتابا ً باللغات العربية والأوردية والإجنليزية؛ ومن �أبرز امل�سلمني‬
‫املهتمني بال�ش�أن الفل�سطيني‪ ،‬و�صدر له كتاب وثائق فل�سطني‪ ،‬وكتاب‬
‫تاريخ فل�سطني القدمي‪ ،‬وكان عنوان ر�سالته املاج�ستري‪ :‬تاريخ املقاومة‬
‫العربية يف فل�سطني ‪1935-1918‬؛ اختري �سنة ‪� 2004‬أمينا ً عاما ً ملجل�س‬
‫امل�شاورة الإ�سالمي لعموم الهند‪ ،‬الذي ُيعد مظلة للمنظمات واجلمعيات‬
‫والأحزاب الإ�سالمية يف الهند‪ ،‬ثم انتخب رئي�سا ً لهذا املجل�س يف مطلع‬
‫�سنة ‪.2008‬‬

‫�أ‪ .‬خليل حممد التفكجي‪:‬‬ ‫الف�صـل ال�سـاد�س‪:‬‬


‫حا�صل على �شهادة املاج�ستري يف نظم املعلومات اجلغرافية بجامعة‬ ‫الأر�ض واملقد�سات‬
‫�أريزونا الأمريكية �سنة ‪1998‬؛ خبري يف �ش�ؤون القد�س و�ش�ؤون‬
‫اال�ستيطان الإ�رسائيلي‪ ،‬مدير دائرة اخلرائط التابعة لبيت ال�رشق‬
‫بالقد�س‪ ،‬وع�ضو اللجنة الرئا�سية ل�ش�ؤون القد�س؛ وهو ع�ضو �سابق‬
‫يف اللجنة الوزارية ل�ش�ؤون القد�س‪ ،‬واللجنة املركزية للتنظيم والبناء يف‬
‫حمافظة القد�س؛ كما كان ع�ضوا ً �سابقا ً يف الوفد الفل�سطيني ملفاو�ضات‬
‫املرحلة النهائية حول القد�س وامل�ستوطنات واحلدود‪� .‬صدر له كتاب‬
‫امل�ستعمرات الإ�رسائيلية بال�ضفة الغربية‪ ،‬وبلدية القد�س ‪2000-1850‬‬
‫درا�سة يف البنية التحتية‪ ،‬كما �أجنز خريطة فل�سطني كما كانت �سنة‬
‫‪ ،1945‬وخريطة امل�ستعمرات الإ�رسائيلية بال�ضفة الغربية؛ ون�رش عددا ً‬
‫كبريا ً من املقاالت يف ال�صحف واملجالت‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫امل�شاركون يف كتابة التقرير‬

‫�أ‪ .‬عبد اهلل عبد العزيز ّ‬


‫جنار‪:‬‬ ‫الفـ�صــل ال�سابــع‪:‬‬
‫قائم ب�أعمال مدير عام الإدارة العامة للتعدادات يف اجلهاز املركزي‬ ‫املــــ�ؤ �شــــــــــرات‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني يف رام اهلل بفل�سطني‪ ،‬وهو يعمل يف هذا اجلهاز منذ‬ ‫ال�سكــــانــيــــــــة‬
‫�سنة ‪ .1995‬عمل مديرا ً فنيا ً ونائبا ً للمدير التنفيذي للتعداد العام لل�سكان‬ ‫ا لفل�سطيـنــيـــــة‬
‫وامل�ساكن واملن�ش�آت �سنة ‪ .1997‬حا�صل على �شهادتي ماج�ستري‬
‫�إحداها يف الدرا�سات ال�سكانية والأخرى يف االقت�صاد والإح�صاء من‬
‫اجلامعة الأردنية‪ .‬عمل �سابقا ً حما�رضا ً متفرغا ً يف كلية الأندل�س بع ّمان‪،‬‬
‫وحما�رضا ً غري متفرغ يف جامعة بريزيت‪� .‬شارك يف �إعداد العديد من‬
‫املواد التعليمية والتدريبية‪ ،‬كما �شارك يف العديد من امل�ؤمترات الإقليمية‬
‫والدولية‪.‬‬

‫د‪� .‬أحمد م�شعل‪:‬‬ ‫الف�صــل الثامـــن‪:‬‬


‫�أ�ستاذ االقت�صاد‪ ،‬وم�ساعد مدير اجلامعة العربية املفتوحة (فرع‬ ‫الو�ضع االقت�صادي‬
‫الأردن)‪ .‬ح�صل على الدكتوراه يف االقت�صاد من جامعة �إلينوي يف‬ ‫يف ال�ضفة الغربية‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬متخ�ص�ص يف التحليل االقت�صادي‪ .‬عمل �سابقا ً مديرا ً‬
‫وقـطـــــاع غــــــزة‬
‫ملركز اال�ست�شارات والتدريب بجامعة الزيتونة يف الأردن‪ ،‬وعمل قائما ً‬
‫ب�أعمال مدير دائرة الأبحاث والتخطيط املايل يف البنك العربي بع ّمان‪،‬‬
‫كما عمل م�ست�شارا ً اقت�صاديا ً ومديرا ً لدائرة الأبحاث وال�سيا�سات‬
‫النقدية يف �سلطة النقد الفل�سطينية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مقدمة التقرير‬

‫مقدمة التقرير‬

‫رمبا كانت �سنة ‪ 2007‬من �أ�صعب ال�سنوات التي مرت على الفل�سطينيني‪ ،‬فيما يتعلق ب�إدارة‬
‫�ش�أنهم الداخلي‪ ،‬يف التاريخ املعا�رص‪ .‬لقد كانت �سنة جمعت بني �آمال التوافق الوطني من خالل‬
‫اتفاق مكة وت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وبني �إحباطات الفلتان الأمني وتطبيقات خطط دايتون‬
‫واحل�صار اخلانق‪ ،‬واالنق�سام الفل�سطيني ال�سيا�سي واجلغرايف الذي تال �سيطرة حما�س على قطاع‬
‫غزة‪ .‬ولعل �سنة ‪� 2007‬أظهرت �أهمية �أن يح�سن الفل�سطينيون �إدارة خالفاتهم‪ ،‬و�أن يت ّم احرتام‬
‫التعددية‪ ،‬والتداول ال�سلمي لل�سلطة‪ ،‬بعيدا ً عن الت�أثريات اخلارجية‪ ،‬وبعيدا ً عن االحتكام �إىل ال�سالح؛‬
‫كما �أظهرت احلاجة املا�سة لوجود "ميثاق وطني" ملزم‪ ،‬و�أن يت ّم تفعيل منظمة التحرير الفل�سطينية‬
‫و�إعادة بناء م�ؤ�س�ساتها‪ ،‬لت�شكل �إطارا ً متثيليا ً فاعالً وجامعا ً لكافة �أبناء ال�شعب الفل�سطيني‬
‫وف�صائله؛ �ضمن برنامج وطني‪ ،‬يحدد الثوابت والأولويات‪ ،‬وي�ضبط �إيقاع العمل‪.‬‬
‫هذا هو التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ال�سنوي الثالث‪ ،‬الذي يغطي �سنة ‪2007‬؛ وهو كعادته‬
‫ير�صد امل�سار الرئي�سي للأحداث‪ ،‬دون �أن ي�شغل نف�سه بالتفا�صيل؛ كما يجمع بني املعلومات الدقيقة‬
‫املحدثة حتى نهاية ال�سنة‪ ،‬وبني التحليل والر�ؤية العامة‪ ،‬وحماولة ا�ست�رشاف م�سارات الأحداث‪.‬‬
‫لقد كان على التقرير �أن ي�ستعر�ض و�أن يناق�ش عددا ً من الق�ضايا احل�سا�سة‪ ،‬وخ�صو�صا ً تلك‬
‫املتعلقة بالو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪ .‬ونحن ندرك �أن حالة االنق�سام والت�رشذم والتجاذب يف‬
‫ال�ساحة الفل�سطينية‪ُ ،‬تق ِّدم روايات خمتلفة وتف�سريات متغايرة للأحداث؛ وقد يقع من ال يتبنى‬
‫وجهة نظر جهة �أو �أخرى يف دائرة االتهام لدى البع�ض‪ .‬وهذا ما يجعل مهمة الباحثني والكتّاب �أكرث‬
‫�صعوبة‪ .‬غري �أن عزاءنا �أننا حر�صنا على كتابة التقرير من دون �أية مواقف م�سبقة جتاه �أحد‪ ،‬و�أن‬
‫الذي حكم امل�شاركني هو التعامل مع �أكرب قدر من املعلومات املتوفرة واملوثقة‪ ،‬وفق �أ�س�س البحث‬
‫العلمي‪ ،‬التي تقت�ضي الأمانة واملو�ضوعية‪.‬‬
‫يناق�ش هذا التقرير يف ثمانية ف�صول الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪ ،‬وامل�شهد الإ�رسائيلي‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬واملواقف العربية والإ�سالمية والدولية من الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬كما يناق�ش ما يتعلق‬
‫بالأر�ض واملقد�سات‪ ،‬وبامل�ؤ�رشات ال�سكانية واالقت�صادية‪ .‬وقد �شارك يف كتابة هذا التقرير ‪11‬‬
‫خبريا ً وباحثا ً يف ال�ش�أن الفل�سطيني‪ .‬وال ب ّد من التنويه بجهود �أ�ساتذتنا الكبار م�ست�شاري التقرير‪،‬‬
‫والزمالء والزميالت م�ساعدي التحرير وموظفي ق�سم الأر�شيف واملعلومات مبركز الزيتونة‪.‬‬
‫وبال �شك ف�إن هذا التقرير هو ح�صيلة جهد جماعي لهذه املجموعة املتميزة‪ .‬ولأن ف�صول التقرير‬

‫‪19‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫لكتاب واحد‪ ،‬ف�إننا مل ُن�رش‬


‫ٍ‬ ‫تعر�ضت للمراجعة والتحرير والتعديل‪ ،‬ولأننا نع ُّد التقرير عمالً جماعيا ً‬
‫لأ�سماء الكتَّاب يف بداية كل ف�صل‪ ،‬ولكننا �آثرنا التعريف بهم وبطريقة �إ�سهامهم يف ال�صفحات الأوىل‬
‫من الكتاب‪.‬‬
‫مت كتابة الأرقام‬‫مت ا�ستخدام و�سائل البحث العلمي املعتادة يف الكتابة والتوثيق؛ كما ّ‬ ‫لقد ّ‬
‫امل�ستخدمة يف اللغة الإجنليزية‪ ،‬وهي ما يعرف بالأرقام العربية �أو الأرقام "الزاوية"؛ ت�سهيالً على‬
‫القراء خ�صو�صا ً يف ال�شمال الإفريقي‪ .‬وقد واجهتنا بع�ض ال�صعوبات التي ال تخلو منها الأبحاث‬
‫والدرا�سات اجلادة‪ .‬وكان من �أبرز ال�صعوبات اختالف امل�صادر فيما يتعلق بالإح�صائيات والأرقام‪،‬‬
‫حيث وجدنا �أحيانا ً بع�ض التعار�ض يف �أرقام م�ؤ�س�سات فل�سطينية‪ ،‬ر�سمية وعلمية وحقوقية‬
‫و�إعالمية‪ ،‬وينطبق ذلك على الإح�صائيات الفل�سطينية املتعلقة بال�شهداء واجلرحى واملعتقلني‪،‬‬
‫وم�صادرات الأرا�ضي وهدم البيوت واجلدار العازل واجلوانب االقت�صادية‪ .‬والإ�شكالية نف�سها‬
‫موجودة يف امل�صادر الإ�رسائيلية‪ ،‬حيث جند تعار�ضا ً �أحيانا ً يف الإح�صائيات الإ�رسائيلية املتعلقة‬
‫باالقت�صاد وال�سكان والهجرة واال�ستيطان‪ .‬وتزداد هذه ال�صعوبة عندما تقوم بع�ض اجلهات‬
‫الر�سمية الإ�رسائيلية‪ ،‬مثالً‪ ،‬بتحديث وتغيري �أرقامها لل�سنوات التي �سبقت �سنة ‪ ،2007‬وهو ما‬
‫ي�ضطرنا �إىل �أن نقوم يف التقرير باعتماد الأرقام اجلديدة املحدثة‪ ،‬حتى و�إن بدا �أن ذلك يتعار�ض‬
‫مع �أرقام ن�رشناها يف تقارير �سابقة‪ ،‬لأن التغيري جاء من امل�صدر الأ�صلي نف�سه‪ .‬وفوق ذلك ف�إن‬
‫هناك تعار�ضا ً �أحيانا ً بني الأرقام التي تقدمها جهات فل�سطينية �أو �إ�رسائيلية �أو دولية عندما تناق�ش‬
‫املو�ضوع ذاته كاال�ستيطان واجلدار واالقت�صاد و�أعداد ال�ضحايا‪ ...‬وغري ذلك‪ .‬وقد حر�صنا على‬
‫ف ّك التعار�ض ما �أمكن من خالل عمليات املقارنة والتدقيق والنقد العلمي‪ ،‬كما حر�صنا يف الوقت‬
‫نف�سه �أن تتوحد �أرقام املوا�ضيع املت�شابهة يف جميع ف�صول التقرير‪.‬‬
‫وال ب ّد يف النهاية من �شكر جميع الزمالء الذين دعموا هذا التقرير‪ ،‬و�شجعونا على اال�ستمرار‪،‬‬
‫و�أفادونا بتعليقاتهم ومالحظاتهم‪ .‬ونحن نحمد اهلل ون�شكره على النجاح الوا�سع الذي لقيه التقرير‬
‫لل�سنتني املا�ضيتني‪ ،‬بحيث �أ�صبح مرجعا ً للباحثني واملهتمني وطلبة اجلامعات املهتمني بال�ش�أن‬
‫الفل�سطيني‪.‬‬
‫ن�صح �أو توجيه �أو نقد بناء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وال�صدر مفتوح دائما ً لكل‬

‫واهلل املوفق‪،‬‬

‫املحرر‬ ‫ ‬
‫د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‬ ‫ ‬
‫‪20‬‬
‫الف�صل الأول‬

‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‪:‬‬


‫�شقاء الأ� َّشقاء‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‪:‬‬


‫�شقاء ال َّ‬
‫أ�شقاء‬

‫كانت �سنة ‪� 2007‬سنة "االنق�سام ال�سيا�سي واجلغرايف" الفل�سطيني‪� ،‬سن ًة جتاوز‬


‫فيها ال�رصاع الفل�سطيني الداخلي خطوطه احلمراء‪ ،‬ودخل مرحلة "ك�رس العظم"‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫ودلّت �سنة ‪ 2007‬على عمق اخلالف الفل�سطيني‪ ،‬وعلى وجود قوى متنفذة ال ترغب يف بناء م�رشوع‬
‫حقيقي للوحدة الوطنية‪ ،‬كما دلَّت على مدى قوة النفوذ اخلارجي يف القرار ال�سيا�سي الفل�سطيني‪.‬‬
‫�شهد العام ‪ 2007‬ا�ستمرار امل�ساعي لإف�شال حركة حما�س‪ ،‬وتوفري املناخ الذي يتيح حلركة‬
‫مت ا�ستعمال‬ ‫فتح �أن تعود للإم�ساك بزمام ال�سلطة‪ ،‬التي فقدتها يف االنتخابات الت�رشيعية‪ .‬وقد ّ‬
‫�أوراق كثرية يف �سياق احل�صار املايل الدويل‪ ،‬وكذلك يف �سياق ال�ضغط الإ�رسائيلي املتوا�صل‪ ،‬بدءا ً من‬
‫االجتياح واالعتقال والقتل املنظم‪ ،‬وانتها ًء باعتقال نواب حركة حما�س‪ ،‬من �أجل �ش ّل قدرتهم على‬
‫ت�سيري �ش�ؤون املجل�س الت�رشيعي وقراراته‪.‬‬
‫ولكن الورقة الأمنية كانت هي الورقة الأبرز التي ّ‬
‫مت ا�ستخدامها‪ .‬وقد جرى دفع الأمور باجتاه‬
‫ربط �أجهزة الأمن كلها بالرئا�سة‪ ،‬ومنع احلكومة من التعامل مع �أجهزة الأمن وتوجيهها‪ .‬ومتت‬
‫هنا ممار�سة �سيا�سة توتريية‪� ،‬أدت �إىل مواجهات مت�صلة‪� ،‬أوجدت حالة من القلق الذي ا�ستدعى‬
‫حترك ـا ً عربيا ً �ساعيا ً للتهدئة‪ ،‬تبلور يف النهايـة يف املبادرة ال�سعودية التي �أ�سفرت عن اتفاق مكة‪،‬‬
‫الذي ت�شكلت على �أثره حكومة وحدة وطنية‪.‬‬
‫�شكل اتفاق مكة �إجنازا ً مهماً‪ ،‬لأنه �أوقف املواجهة الدموية‪ ،‬ولأنه كر�س ال�رشاكة ال�سيا�سية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬ولأنه قدم دعما ً عربيا ً ملبد�أ ال�رشاكة ال�سيا�سية‪ .‬ولكن كل هذه الإجنازات مل ت�ستطع‬
‫�أن توقـف �سعي القوى الأمنية لل�سيطرة‪ ،‬خ�صو�صا ً قوات الأمن الوقائي‪ ،‬وال �أن توقف متردها‪،‬‬
‫وعادت املواجهات الأمنية �إىل �أر�ض الواقع من جديد‪ ،‬ومتت تغطيتها بحمالت �إعالمية تتهم "الآخر"‬
‫دائما ً ب�أنه �سبب ذلك التوتر‪ .‬وقد �أدى ذلك �إىل �إف�شال حكومة الوحدة الوطنية �أمنياً‪ ،‬و�إىل انفجار‬
‫املواجهة امل�سلحة‪ ،‬التي انتهت بفر�ض �سيطرة حكومة �إ�سماعيل هنية على قطاع غزة‪ ،‬بينما �سيطرت‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية وحكومة الطوارئ برئا�سة �سالم فيا�ض على ال�ضفة الغربية‪ .‬ون�ش�أت هنا حالة‬
‫انق�سام �سيا�سي وجغرايف‪ ،‬تلقتها الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬و�أتبعتها ب�سل�سلة من الإجراءات الهادفة �إىل‬
‫الق�ضاء على نتائج االنتخابات‪ ،‬والدعوة للتوجه نحو انتخابات جديدة‪� .‬أما تفا�صيل هذه ال�صورة‬
‫العامة فقد كانت كما يلي‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بد�أ العام ‪ ،2007‬وحالة اخلالف بني حركتي فتح‬


‫وحما�س‪ ،‬وبني الرئا�سة الفل�سطينية واحلكومة‬ ‫�أو ًال‪:‬مرحـلة االتـفـاق عــلـى‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬م�ستمرة ومت�صلة ب�أ�شكال خمتلفة؛‬ ‫وثيقة الأ�سرى املعدلة‬
‫فاحل�صار الذي فر�ضته "�إ�رسائيل" والواليات املتحدة‬
‫الأمريكية ودول �أوروبا توا�صل وازداد‪ ،‬بينما تابعت الرئا�سة الفل�سطينية �أ�سلوب ال�ضغط‬
‫ال�سيا�سي على حكومة �إ�سماعيل هنية الأوىل‪ ،‬وقد راحت تهدد باللجوء �إىل اال�ستفتاء ال�شعبي حينا ً‬
‫و�إىل االنتخابات املبكرة حينا ً �آخر؛ وبحجة احلاجة �إىل حكومة فل�سطينية �أخرى من النوع الذي يتيح‬
‫ف ّك حالة احل�صار‪ .‬وذلك من خالل ت�شكيل حكومة جديدة تقبل ب�رشوط اللجنة الرباعية الدولية‬
‫(االعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬واالعرتاف باالتفاقات املوقعة‪ ،‬والتوقف عن مقاومة االحتالل)‪ .‬وتخلل‬
‫ذلك كله عمل منظم‪ ،‬خفي وعلني‪ ،‬يعمل على تو�سيع �إطار الفلتان الأمني‪ ،‬و�ش ّل قدرة احلكومة مهما‬
‫كان نوعها‪ ،‬حكومة حما�س �أو حكومة وحدة وطنية‪ ،‬على �ضبط الأمن وتوفري حالة من الأمان تتيح‬
‫للنا�س العاديني موا�صلة حياتهم العادية‪.‬‬
‫لقد �شهد منت�صف �سنة ‪ ،2006‬بروز "وثيقة الوفاق الوطني"‪ ،‬التي عرفت با�سم "وثيقة‬
‫الأ�رسى"‪ ،‬وكانت الرئا�سة الفل�سطينية تهدد طوال فرتة احلوار حول هذه الوثيقة‪ ،‬بالدعوة �إىل‬
‫ا�ستفتاء حولها‪� ،‬إذا مل تت ّم املوافقة عليها‪ .‬وقد �أمكن الو�صول �إىل اتفاق حولها‪ ،‬بعد �إدخال تعديالت‪،‬‬
‫قبلتها جميع الأطراف؛ وبرز على �أ�سا�س ذلك مو�ضوع ت�شكيل حكومة وحدة وطنية ي�شارك فيها‬
‫اجلميع‪ .‬غري �أنه يف الن�صف الثاين من �سنة ‪ 2006‬ظهر يف املقابل حتركان مت�ساوقان؛ الأول‪ :‬حترك‬
‫�سيا�سي من قبل رئا�سة ال�سلطة‪ ،‬يهدد بالدعوة �إىل انتخابات مبكرة‪ ،‬وقد تكرر ذلك يف ت�رصيحات‬
‫ٌ‬
‫حترك‬ ‫الرئي�س عبا�س يف ‪ ،2006/5/21‬و‪ ،2006/9/27‬و‪ ،2006/12/16‬و‪ .12007/1/19‬والثاين‪:‬‬
‫�أمني مكثف‪ ،‬زاد من حالة الفلتان الأمني‪ ،‬اندفع �إىل واجهته ا�سم حممد دحالن الرئي�س ال�سابق‬
‫جلهاز الأمن الوقائي‪.‬‬
‫وب�سبب املواجهات امل�سلحة‪ ،‬و�سقوط قتلى وجرحى من الطرفني‪� ،‬شهد مطلع العام ‪2007‬‬
‫لقاءين متتاليني يف غزة‪ ،‬بني الرئي�س حممود عبا�س ورئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‪ .‬و�أعلن هنية �أنه‬
‫اتفق مع الرئي�س على �سحب امل�سلحني من �شوارع غزة‪ ،‬و�أنهما �أكدا على �رضورة ا�ستمرار الهدوء؛‬
‫بينما مل ُيد ِل الرئي�س عبا�س ب�أية ت�رصيحات بعد هذه االجتماعات‪ ،‬ولكن حركة فتح �أ�صدرت بيانا ً‬
‫جتاهل الدعوة للتهدئة وقال "الدم بالدم‪ ،‬والعدوان بالعدوان‪ ... ،‬وعلى اجلميع من �أبناء احلركة‬
‫الرد على كل اعتداء ب�شكل مفتوح"‪.2‬‬
‫وكانت تقف يف خلفية هذه الأحداث ق�ضيتان؛ الأوىل‪� :‬إقدام الإدارة الأمريكية على تخ�صي�ص‬
‫مبلغ ‪ 86.4‬مليون دوالر لدعم قوات حر�س الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬وذكرت وثيقة �أمريكية �أن اجلرنال‬

‫‪24‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫كيث دايتون ‪ Keith Dayton‬من�سق الأمن الأمريكي بني "�إ�رسائيل" والفل�سطينيني‪ ،‬ي�رشف على‬
‫تنفيذ برنامج لدعم و�إ�صالح عنا�رص قطاع الأمن الفل�سطيني‪ ،‬التي ت�سيطر عليها رئا�سة ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية‪� .3‬أما النقطة الثانية‪ :‬فهي اخلالف املت�صل بني الرئا�سة واحلكومة حول ت�شكيل‬
‫"القوة التنفيذية" التي ي�رشف عليها وزير الداخلية �سعيد �صيام‪ ،‬والتي �أ�صبحت منذ ت�شكيلها‬
‫هدفا ً لهجمات �أجهزة الأمن الفل�سطينية التابعة للرئا�سة يف غزة‪ .‬ومتا�شيا ً مع هذا املوقف �أ�صدر‬
‫مكتب الرئي�س عبا�س يف ‪ 2007/1/6‬قرارا ً َيع ُّد "القوة التنفيذية‪� ،‬ضباطا ً و�أفراداً‪ ،‬غري �رشعية‪،‬‬
‫وخارجة على القانون‪ ،‬و�سيت ّم التعامل معها على هذا الأ�سا�س‪ ،‬ما مل يت ّم دجمها فورا ً يف الأجهزة‬
‫الأمنية ال�رشعية املن�صو�ص عليها يف القانون الأ�سا�سي"‪ .4‬وقد زاد هذا القرار من حدة التوتر‬
‫الأمني‪ ،‬كما زاد من املواجهات الأمنية بني الطرفني‪ ،‬و�ساد مناخ �سيا�سي يقلل من فر�ص التو�صل‬
‫�إىل اتفاق ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬بل ويتخوف من احتمال مواجهة �أمنية �شاملة‪.‬‬
‫ودفع كالً من �أحمد بحر‪ ،‬رئي�س املجل�س الت�رشيعي بالنيابة‪ ،‬و�إبراهيم �أبو النجا‪� ،‬أمني �رس‬
‫جلنة املتابعة العليا للقوى الوطنية والإ�سالمية‪� ،‬إىل �إطالق جولة جديدة من احلوار الهادف �إىل‬
‫ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪ .5‬وقال الرئي�س عبا�س �إنه ما زال يحتفظ بهام�ش لت�شكيل حكومة‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬ولكنه م�صمم على اللجوء لالنتخابات املبكرة يف حال �إخفاق هذا امل�سعى‪.6‬‬
‫يف جو هذا ال�سجال‪� ،‬أقامت حركة فتح مهرجانا ً مركزيا ً يف ملعب الريموك يف غزة يف ‪،2007/1/7‬‬
‫احتفاالً بذكراها ال�سنوي‪ ،‬وتزعمه النائب حممد دحالن‪ .‬وقد توعد دحالن يف املهرجان قاد َة حركة‬
‫حما�س ب�أنهم لن يكونوا "مبن� ًأى عن قوتنا"‪ ،‬وا�صفا ً حركة حما�س ب�أنها "ع�صابة"‪ ،‬وقال "�إذا‬
‫اعتدي على فتحاوي �سرند ال�صاع �صاعني"‪ .‬ورد ناطق با�سم حما�س على تهديدات دحالن قائالً‬
‫�إنه يعمل ل�صالح �أجندة �أمريكية ‪� -‬إ�رسائيلية‪ ،7‬بينما قال م�صدر مقرب من هنية‪ ،‬رئي�س الوزراء‪،‬‬
‫"�إن دحالن ي�سعى لل�سيطرة على فتح‪ ...‬ويعمل من �أجل ترتيب �أو�ضاعه اخلا�صة وفق �أجندات‬
‫يعلمها اجلميع"‪ ،‬وقال �إن الأجهزة كلها ترف�ض التعاون مع وزير الداخلية �سعيد �صيام‪.8‬‬
‫وخوفا ً من انفجار هذا الو�ضع املتوتر بادرت الف�صائل الفدائية للت�رسيع يف عقد جل�سات‬
‫للحوار (ال�شعبية)‪ ،‬ولبحث وثيقة حتمل عنوان "مبادئ عامة لإنهاء الفلتان الأمني‪ ،‬وا�ستئناف‬
‫احلوار الوطني‪ ،‬لت�شكيل حكومة وحدة وطنية"‪ .9‬ولكن جل�سة احلوار الفاعلة عقدت يف دم�شق‬
‫بعد و�صول موف َدين �إليها لتهيئة الأجواء‪ ،‬وهما زياد �أبو عمرو وخالد �سالم (املعروف مبحمد‬
‫ر�شيد)‪ ،‬كما ان�ضم �إليهما وزير الدولة القطري لل�ش�ؤون اخلارجية‪� ،‬أحمد عبد العزيز �آل حممود‪،‬‬
‫حيث �سعوا للتمهيد للقاء املنتظر بني الرئي�س عبا�س وخالد م�شعل رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة‬
‫حما�س ‪.10‬‬

‫‪25‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫كانت موا�ضيع الو�ساطة الرئي�سية ترتكز حول الأمور التالية‪:‬‬


‫‪ .1‬رئا�سة حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬هل تكون حلركة حما�س �صاحبة الأغلبية يف املجل�س‬
‫الت�رشيعي‪� ،‬أم تكون ل�شخ�ص م�ستقل لإر�ضاء اللجنة الرباعية الدولية؟‪.‬‬
‫‪ .2‬كتاب التكليف‪ ،‬وماذا �سيت�ضمن‪ ،‬على �صعيد االعرتاف ب�رشوط اللجنة الرباعية‪ ،‬وهل‬
‫�سيكون برنامج احلكومة متفقا ً مع مواقف كتاب التكليف‪� ،‬أم متحفظا ً عليها؟‪.‬‬
‫‪ .3‬وزارات ال�سيادة (اخلارجية‪ ،‬والداخلية‪ ،‬والإعالم‪ ،‬واملالية) هل �ستكون كلها حلركة‬
‫حما�س؟ �أم �سيكون جزء منها حلركة حما�س‪� ،‬أم �ست�سند �إىل م�ستقلني‪ ،‬وباتفاق بني‬
‫الطرفني حول �أ�سمائهم؟‪.‬‬
‫وبلور وفد الو�ساطة يف دم�شق اتفاقا ً حول احلكومة املن�شودة‪ ،‬يقوم على قاعدة تر�شيح‬
‫م�ستقلني للوزارات ال�سيادية‪ ،‬تختار حما�س بع�ضهم‪ ،‬وتختار حركة فتح بع�ضهم الآخر‪ ،‬ومن دون‬
‫�أن يت ّم االتفاق على الأ�سماء‪ .‬وتطرق عر�ض الو�ساطة هذا �إىل اقرتاح ح ّل و�سط يتعلق مب�ضمون‬
‫كتاب التكليف لردم الفجوة يف املوقف بني الرئا�سة واحلكومة‪ ،‬كما تطرق العر�ض �إىل اقرتاح ت�شكيل‬
‫جمل�س �أمني جديد‪ ،‬والبحث يف �إعادة ت�شكيل منظمة التحرير الفل�سطينية‪.11‬‬
‫رافق ن�شاط وفد الو�ساطة القطري يف دم�شق‪ ،‬قرارا ً من نوع خا�ص اتخذه الرئي�س عبا�س‪،‬‬
‫ولكنه �أوجد حالة من ال�ش ّك وعدم االطمئنان خيّما على اخلالف ال�سيا�سي‪ .‬القرار هو تعيني حممد‬
‫مت الك�شف عن هذا القرار بداية يف ال�صحف‬ ‫دحالن قائدا ً �أعلى جلميع �أجهزة الأمن الفل�سطينية‪ .‬وقد ّ‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،12‬و�أو�ضحت جريدة معاريف ‪� Maariv‬أنه ّ‬
‫مت ت�سليم التعيني لدحالن �شفهياً‪ .‬وقد �أثار‬
‫هذا النب�أ خماوف الكثريين‪ ،‬ويف مقدمتهم حركة حما�س ووزير الداخلية �سعيد �صيام‪ ،‬خ�صو�صا ً‬
‫و�أن هذا التعيني خمالف للقانون الذي مينع اجلمع بني ع�ضوية املجل�س الت�رشيعي و�أية وظيفة‬
‫تنفيذية �أخرى‪ .‬ويف جو القلق من هذا التعيني‪ ،‬و�صل الرئي�س عبا�س �إىل دم�شق يوم ‪،2007/1/20‬‬
‫واجتمع مع الرئي�س ب�شار الأ�سد‪ ،‬وكان املرجو �أن يقود هذا االجتماع �إىل دور �سوري ي�سهل جناح‬
‫الو�ساطة بني فتح وحما�س‪ ،‬خالل اللقاء املنتظر بني عبا�س وم�شعل‪ .‬و�صدر بعد لقاء عبا�س ‪ -‬الأ�سد‬
‫ت�رصيح رئا�سي يدفع بهذا االجتاه‪ ،‬وقال الت�رصيح �إن الرئي�س الأ�سد �شدد على "�رضورة متا�سك‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪ ...‬ووجوب نبذ االقتتال وتعزيز اللحمة الوطنية‪ ،‬واعتماد لغة احلوار كلغة‬
‫وحيدة بني الف�صائل الفل�سطينية للو�صول �إىل حكومة وحدة وطنية"‪ .‬و�أ�ضاف الرئي�س ال�سوري‬
‫�إن بالده "تدعم كل ما يتفق عليه الفل�سطينيون‪ ،‬وم�ستعدة لتقدمي امل�ساعدة يف هذا ال�صدد"‪ .13‬وكان‬
‫م�أموالً بعد ذلك �أن يتمكن وفد الو�ساطة الفل�سطيني من بلورة بنود االتفاق‪ ،‬بحيث يتكلل اللقاء بني‬
‫عبا�س وم�شعل بالنجاح الكامل‪ .‬ولكن الأمور مل ت�رس بهذا االجتاه‪ ،‬وكان هناك خالف �أ�سا�سي حول‬
‫كتاب التكليف الذي �سري�سله الرئي�س عبا�س �إىل رئي�س الوزراء املكلف‪ ،‬و�صيغة ر ّد رئي�س الوزراء‬

‫‪26‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫عليه‪ .‬فبينما كان الرئي�س عبا�س يريد �صيغة "تلتزم" فيها حكومة برئا�سة حما�س بقرارات منظمة‬
‫التحرير الفل�سطينية‪ ،‬وباالتفاقات املوقعة‪ ،‬وبقرارات القمم العربية‪ ،‬وبقرارات ال�رشعية الدولية‪،‬‬
‫وبقرارات املجال�س الوطنية الفل�سطينية؛ كانت حركة حما�س تقرتح �صيغة "احرتام" هذه القرارات‬
‫كلها‪ ،‬وبني كلمة "االلتزام" وكلمة "االحرتام" ف�شلت الو�ساطة‪ ،‬ومل يتمكن عبا�س وم�شعل من عقد‬
‫اللقاء املنتظر بينهما‪.‬‬
‫وبالرغم من �أن اخلالف يبدو ب�سيطا ً حول كلمة واحدة‪� ،‬إال �أنه خالف جدي وعميق ويتعلق‬
‫مبنهجني �سيا�سيني خمتلفني‪ ،‬لي�س من ال�سهل ك�رس �أحدهما ل�صالح الآخر‪� ،‬إال من خالل �صيغة‬
‫توافقية‪ .‬وت�شري الت�رصيحات املن�سوبة �إىل الرئي�س عبا�س �إىل �أنه كان يدرك طبيعة اخلالف وعمقه؛‬
‫فالت�رصيحات كانت تقول على ل�سانه "�أريد حكومة يقبلها العامل وترفع احل�صار"‪ ،‬وهو ما يعني‬
‫قبول �رشوط اللجنة الدولية الرباعية‪ ،‬التي رف�ضتها حركة حما�س منذ اللحظة الأوىل‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫�أنها تتناق�ض مع كل نهجها ال�سيا�سي‪ .‬ونقل عنه �أي�ضا ً ت�رصيح �آخر يقول فيه "�إن الأمريكيني لن‬
‫يقبلوا كلمة احرتام"‪ .14‬وحني ت�أكد �أن االجتماع لن يعقد بني عبا�س وم�شعل‪ ،‬تدخلت دم�شق بقوة‬
‫راف�ضة �أن تكون العا�صمة التي يتكر�س فيها اخلالف الفل�سطيني‪ ،‬و�ضغطت على الطرفني من‬
‫�أجل عقد لقاء بينهما يتمحور حول �أربعة مبادئ هي؛ رف�ض االقتتال الداخلي‪ ،‬والتم�سك بالوحدة‬
‫الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬ورف�ض الدولة الفل�سطينية امل�ؤقتة‪ ،‬وا�ستمرار احلوار للتو�صل �إىل حكومة‬
‫وحدة وطنية‪ ...15‬وهو ما ّ‬
‫مت بالفعل‪.‬‬
‫حني و�صلت �أ�صداء حوارات دم�شق �إىل غزة‪ ،‬قال م�س�ؤول يف اجلبهة ال�شعبية‪ ،‬وهو نا�شط يف‬
‫ترتيب احلوار بني فتح وحما�س "�إن ف�شل لقاء عبا�س ‪ -‬م�شعل لن ي�ؤثر على ما يت ّم �إقراره يف الداخل‬
‫يف م�س�ألة بدء احلوار الوطني"‪ .‬وكانت اجلبهة ال�شعبية جنحت خالل �أربعة لقاءات عقدتها مع كل‬
‫من فتح وحما�س يف �إقناع الفريقني يف العودة �إىل مائدة احلوار‪ ،‬و�شارك يف هذه اللقاءات قياديون من‬
‫رس جلنة املتابعة العليا‬
‫اجلهاد الإ�سالمي‪ ،‬ورئي�س املجل�س الت�رشيعي بالوكالة �أحمد بحر‪ ،‬و�أمني � ّ‬
‫�إبراهيم �أبو النجا‪ ،‬ومتخ�ض االجتماع الرابع يف ‪ ،2007/1/20‬الذي دام خم�س �ساعات عن اتفاق على‬
‫ا�ستئناف احلوار‪ ،‬وتفعيل املكتب امل�شرتك الفتحاوي ‪ -‬احلم�ساوي‪ ،‬وكذلك تفعيل اللجنة الإعالمية‬
‫امل�شرتكة بني احلركتني‪ .‬وقد انعقد اجتماع احلوار فعالً يوم ‪ ،2007/1/23‬من �أجل البحث يف النقاط‬
‫التي ما زالت عالقة يف احلوار‪ ،‬الذي بد�أ قبل �أكرث من ثمانية �أ�شهر يف غزة ورام اهلل‪ ،‬وانتهت �آخر‬
‫ف�صوله يف دم�شق‪ ،‬وركز على �رضورة وقف كل �أ�شكال االعتداء وردود الأفعال ال�سلبية‪.16‬‬
‫�إال �أن غياب االتفاق ال�سيا�سي �أتاح املجال ثانية لربوز حالة املواجهات الأمنية‪ ،‬ووقعت‬
‫مواجهات بني م�سلحني من الأمن الوقائي مع القوة التنفيذية يف ‪� 2007/1/25‬شمال قطاع غزة‪،‬‬
‫كما انفجرت يف اليوم التايل عبوة نا�سفة‪ ،‬قتلت �أحد �أفراد القوة التنفيذية‪ ،‬وجرحت �سبعة �آخرين‬

‫‪27‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يف جباليا �شمال القطاع‪ .‬ومرة �أخرى بادر كل طرف �إىل حتديد ب�ؤرة االتفاق ال�سيا�سي‪ ،‬والتي هي‬
‫�أي�ضا ً ب�ؤرة االختالف‪ .‬قال �إ�سماعيل هنية‪ ،‬رئي�س الوزراء‪� ،‬إنه "من �أجل اخلروج من امل�أزق الراهن‪،‬‬
‫وت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬يجب احرتام الإجماع الوطني الفل�سطيني املتمثل يف وثيقة الوفاق‬
‫الوطني‪ ،‬وعدم اخلروج عنه‪ ،‬و[عدم] البحث عن �صيغ �سيا�سية من خارجها‪ ،‬الأمر الذي كان ي�سبب‬
‫يف كل مرة االفرتاق ال�سيا�سي"‪ .‬وحتدث هنية �أي�ضا ً عن �رضورة "الإميان بال�رشاكة ال�سيا�سية‪،‬‬
‫لي�س يف احلكومة وحدها‪ ،‬و�إمنا يف بنية النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني‪� ،‬سواء على �صعيد احلكومة �أو‬
‫منظمة التحرير �أو ال�سفارات واملمثليات واملحافظني"‪ .‬وجدد هنية رف�ضه تنظيم انتخابات ت�رشيعية‬
‫مبكرة‪ .17‬ويف املقابل قالت م�صادر فل�سطينية مطلعة‪ ،‬نقالً عن الرئي�س حممود عبا�س‪� ،‬إنه ما يزال‬
‫رصا ً على موقفه الأ�سا�سي القائل ب�رضورة "تنظيم انتخابات رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ ،‬يف حال‬ ‫م� ّ‬
‫ف�شل خيار ت�شكيل حكومة‪ ،‬يف احلوارات الدائرة حاليا ً يف مدينة غزة"‪ .‬وكان �سبق له و�أكد على هذا‬
‫املوقف يف �أثناء وجوده يف دم�شق وقال "االنتخابات املبكرة خيار جدي يف حال ف�شل املفاو�ضات‬
‫لت�شكيل احلكومة"‪.18‬‬
‫ويف ظ ّل هذه املواقف ال�سيا�سية املتباعدة‪ ،‬انفجرت املواجهات امل�سلحة ثانية‪ ،‬وعلى نطاق �أو�سع‪،‬‬
‫ووقع يف غزة ت�سعة قتلى �سبعة منهم من حركة حما�س وواحد من فتح وطفل ر�ضيع‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫مت اختطاف ‪ 24‬عن�رصا ً‬ ‫ع�رشات اجلرحى واملخطوفني‪ .‬وامتدت اال�شتباكات �إىل مدينة نابل�س حيث ّ‬
‫من حما�س‪ .19‬وتوا�صلت اال�شتباكات بوترية �أ�رسع و�أعنف يف الأيام الثالثة التالية‪ ،‬و�شملت كل‬
‫مدن القطاع‪ ،‬ولكنها �شهدت �أي�ضا ً ما هو �أخطر‪ ،‬وهو امتداد املواجهات وعمليات اخلطف �إىل مدن‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬وارتفع عدد ال�ضحايا �إىل ‪� 26‬شخ�صا ً‪.20‬‬
‫بادرت م�رص من خالل وفدها الأمني املقيم يف غزة �إىل طرح مبادرة لوقف االقتتال يف‬
‫‪ ،2007/1/28‬تقوم على الأ�س�س التالية‪:‬‬
‫‪� .1‬سحب امل�سلحني من كافة ال�شوارع‪.‬‬
‫‪� .2‬إزالة كافة �أ�شكال التوتر‪.‬‬
‫‪ .3‬الإفراج عن جميع املختطفني من كال احلركتني‪.‬‬
‫‪� .4‬إزالة احلواجز التي تو�ضع على ال�شارع‪.‬‬
‫‪� .5‬أن تكون ال�رشطة الفل�سطينية هي اجلهة الوحيدة املخولة بالتحقيق يف الق�ضايا الأمنية‪،‬‬
‫وتقوم حركتا حما�س وفتح بتقدمي ك�شوفات مبن لهم عالقة بالأحداث الأخرية‪.21‬‬
‫ولكن بدالً من �أن ت�أخذ املبادرة امل�رصية جمراها‪� ،‬أعلنت امل�صادر الأمنية التابعة للرئا�سة‪� ،‬أنها‬
‫فجرت ثمانية �أنفاق يف قطاع غزة‪ ،‬بنتها حركة حما�س‪ ،‬من �أجل اغتيال الرئي�س حممود عبا�س‬

‫‪28‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫مت تفجريه قرب منزل عبا�س‬‫والنائب حممد دحالن‪ .‬و�أ�ضافت �أنه "قبل عدة �أ�شهر عرث على نفق‪ ،‬و ّ‬
‫يف غزة" والحظت "�أن هذه الأنفاق هي عادة يف الطرق التي ي�سلكها الرئي�س عبا�س والقيادي يف حركة‬
‫فتح حممد دحالن‪ ،‬وهدفها اغتيالهما"‪.22‬‬
‫رف�ضت حكومة هنية وحركة حما�س هذه االتهامات ونفتها‪ ،‬وقامت بحملة �إعالمية مكثفة‪،‬‬
‫فعقد �سعيد �صيام وزير الداخلية م�ؤمترا ً �صحفيا ً يف ‪� ،2007/1/27‬سجل فيه عدة مواقف بارزة‬
‫و�رصيحة‪:‬‬
‫‪ .1‬اتهم الرئي�س الفل�سطيني بتعطيل قراراته التي يتخذها ب�ش�أن امل�ؤ�س�سة الأمنية‪ ،‬م�شريا ً �إىل‬
‫�أنه �أ�صدر عددا ً من القرارات‪ ،‬من دون �أن جتد طريقها �إىل التنفيذ‪ ،‬من قبل الأجهزة الأمنية‬
‫اخلا�ضعة لإمرته‪.‬‬
‫‪ .2‬انتقد ب�شدة قرار عبا�س تعيني حممد دحالن م�س�ؤوالً عن �أجهزة الأمن الفل�سطينية‪ ،‬معتربا ً‬
‫القرار خمالفا ً للقانون الأ�سا�سي املعدل‪ .‬وذكر �أن رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية �أر�سل عدة‬
‫ر�سائل ر�سمية �إىل الرئي�س عبا�س ب�ش�أن تعيني دحالن‪ ،‬لكن من دون ر ّد‪.‬‬
‫‪ .3‬حتدث عن الأ�سلحة التي و�صلت �إىل الأجهزة الأمنية قبل نحو �شهر‪ ،‬وت�ساءل �أين تذهب‬
‫هذه الأ�سلحة‪ ،‬ومل�صلحة من ُت�س َّمن الأجهزة الأمنية؟ مو�ضحا ً �أن ال�رشطة ال ي�صلها �أي‬
‫�شيء من هذه الأ�سلحة‪ ،‬وم�شريا ً �إىل �إدخال �سيارات جيب م�صفحة بالتن�سيق مع االحتالل‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬ومن دون �إذن من وزارة املوا�صالت‪.‬‬
‫‪ .4‬حتدث عن وجود خطة �أمريكية لت�شكيل �ألوية وكتائب يف ال�ضفة وقطاع غزة‪ ،‬وقال �إن هناك‬
‫اجتماعات متت بهذا ال�صدد‪ ،‬م�شريا ً �إىل وجود وثائق بخط يد كبار �ضباط الأجهزة الأمنية‪،‬‬
‫تتحدث عن مطالب �رضورية ملواجهة الو�ضع الداخلي‪.‬‬
‫‪ .5‬طالب ب�إعادة ت�شكيل جمل�س الأمن القومي الذي يرت�أ�سه الرئي�س عبا�س‪ ...‬و�أبدى ا�ستعداده‬
‫لإعادة �صياغة الأجهزة الأمنية‪ ،‬مبا يف ذلك القوة التنفيذية‪ ،‬على �أ�سا�س وطني ولي�س‬
‫على�أ�سا�س حزبي‪.23‬‬
‫الرئي�س عبا�س كل امل�س�ؤولية‬
‫َ‬ ‫وبدوره ح ّمل يحيى مو�سى‪ ،‬نائب رئي�س كتلة حما�س الربملانية "‬
‫عما يحدث‪ ،‬لأنه امل�س�ؤول عن توتري الأجواء الفل�سطينية‪ ،‬وعن منع االتفاق يف ال�ساحة الفل�سطينية‪،‬‬
‫وعن كل �أ�شكال االنقالب على احلكومة وعزلها وح�صارها وتعطيل �أعمالها"‪ .‬وقال مو�سى "�إن‬
‫الرئي�س عبا�س يحت�ضن الفريق املجرم‪ ،‬الذي يحتمي مبظلة الرئي�س‪ ،‬وينفذ امل�ؤامرات �ضد حكومة‬
‫ال�شعب الفل�سطيني املنتخبة‪ ،‬ويعطي ال�رشعية للذين يريدون االنقالب على احلكومة"‪ .‬واتهم‬
‫�إ�سماعيل ر�ضوان‪ ،‬الناطق با�سم حما�س‪ ،‬حركة فتح بامل�س�ؤولية عن اال�شتباكات الأخرية‪ ،‬وقال �إن‬
‫احلركة تعطي الغطاء التنظيمي واملايل وال�سيا�سي لـ"فئة انقالبية تريد االنقالب على خيارات الأمة‪،‬‬
‫وتنفذ خمططات �صهيونية ‪� -‬أمريكية جت ّر ال�ساحة الفل�سطينية �إىل حرب �أهلية"‪ .‬وان�ض ّم املركز‬
‫‪29‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الفل�سطيني للإعالم على �شبكة الإنرتنت‪ ،‬املق َّرب من حركة حما�س �إىل احلملة �ض ّد دحالن واتهمه‬
‫ب�أنه يقوم بـ"تنفيذ ن�صيبه" من خطة �أمريكية لالنقالب على حما�س‪ .‬و�أ�شار املركز �إىل �أن "م�صادر‬
‫مقربة من دحالن �رسبت [معلومات مفادها] �أن دحالن �أوعز لأتباعه يف الأجهزة الأمنية ب�رضورة‬
‫توتري ال�ساحة الداخلية‪ ،‬قبل �أيام من قرب التو�صل �إىل اتفاق على حكومة وحدة"‪.24‬‬
‫وبدا من هذا الر ّد الإعالمي حلما�س‪� ،‬أن الأمور و�صلت �إىل نقطة املواجهة احلا�سمة‪ ،‬وبخا�صة‬
‫مت �إطالق �صواريخ على منزل‬ ‫مت ن�رش قوات تابعة حلر�س الرئا�سة يف �شوارع غزة‪ ،‬وبعد �أن ّ‬
‫بعد �أن ّ‬
‫وزير اخلارجية حممود الزهار‪ .‬وا�ستدعى ذلك �أن يوجه رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية نداء للرئي�س‬
‫عبا�س‪ ،‬وكان حينها يف جولة خارجية‪ ،‬يطالبه باتخاذ "قرار �رسيع وعاجل ل�سحب كافة امل�سلحني‪،‬‬
‫ورفع احلواجز الع�سكرية التي انت�رشت يف معظم مناطق غزة"‪ .‬ونا�شد هنية من قلب اجتماع ملجل�س‬
‫الوزراء �أبناء ال�شعب الفل�سطيني" �رضورة حماية الوحدة الوطنية‪ ،‬وتغليب لغة احلوار‪ ،‬و�إبعاد‬
‫ال�سالح من ال�شارع"‪.25‬‬
‫ويف مواجهة هذا التوتر املت�صاعد‪ ،‬ميدانيا ً و�سيا�سيا ً و�إعالمياً‪ ،‬برز موقف �سعودي متميز‪� ،‬ش ّكل‬
‫خمرجا ً للجميع‪.‬‬

‫وجه امللك عبد اهلل بن عبد العزيز يف ‪ 2007/1/29‬ندا ًء‬


‫عاجالً �إىل ال�شعب الفل�سطيني جاء فيه "ب�أمل ورغبة‬ ‫ثاني ًا‪ :‬مرحلة اتفاق مكة‬
‫و�إ�رصار‪� ،‬أدعو �أ�شقائي من ال�شعب الفل�سطيني ال�شقيق‪ ،‬ممثلني يف قادته‪ ،‬بو�ضع حد فوري لهذه‬
‫امل�أ�ساة‪ ،‬والتزام احلق‪ ،‬و�أدعوهم جميعا ً ال فرق بني طرف و�آخر‪� ،‬إىل لقاء عاجل يف وطنهم ال�شقيق‬
‫اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬ويف رحاب بيت اهلل احلرام‪ ،‬لبحث �أمور اخلالف بينهم بكل حيادية‪ ،‬دون‬
‫وح�ض الفل�سطينيني على "حتكيم العقل وتغليب لغة احلوار على لغة ال�سالح"‪.‬‬‫ّ‬ ‫تدخل من �أي طرف"‪.‬‬
‫واعترب امل�س�ؤولون ال�سعوديون �أن عقد اللقاء مرهون بوقف االقتتال الفل�سطيني �أوالً‪.26‬‬
‫لقيت دعوة امللك عبد اهلل ترحيبا ً فوريا ً من الرئا�سة الفل�سطينية ومن حركة حما�س‪ ،‬كما لقيت‬
‫ترحيبا ً من م�رص و�سورية والأردن واجلامعة العربية‪ .‬ولكن ما كان مطلوبا ً على الأر�ض هو وقف‬
‫االقتتال �أوالً‪ ،‬وهي مهمة ت�صدت لها م�رص‪ ،‬ذلك �أنه يف اليوم التايل للإعالن عن املبادرة ال�سعودية‪،‬‬
‫توا�صلت اال�شتباكات يف قطاع غزة‪ ،‬بينما ت�صاعدت حاالت اال�ستنفار يف ال�شارع‪ ،‬وت�صاعد عدد‬
‫القتلى �إىل ‪ 33‬قتيالً و�أكرث من ‪ 100‬جريح؛ فبادر رئي�س الوفد الأمني امل�رصي يف غزة اللواء برهان‬
‫حماد �إىل االت�صال بالفريقني حما�س وفتح‪ ،‬وجنح يف �إقناعهما يف ‪ 2007/1/30‬ب�رضورة االجتماع‪،‬‬
‫مت توقيع االتفاق الأمني‪ ،‬و ّ‬
‫مت �إعالنه‬ ‫واالتفاق على وقف االقتتال‪ ،‬والبدء الفوري يف حوار وطني‪ .‬و ّ‬

‫‪30‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫ون�ص على �سحب امل�سلحني من ال�شوارع‪ ،‬و�إزالة احلواجز‪ ،‬وعودة قوات الأمن‬ ‫ّ‬ ‫يف م�ؤمتر �صحفي؛‬
‫كافة �إىل مواقعها‪ ،‬و�إنهاء كل �أ�شكال التوتر‪ ،‬والوقف الفوري لإطالق النار بني احلركتني‪ ،‬والإفراج‬
‫الفوري عن جميع املختطفني‪ ،‬وعدم نقل ال�رصاع �إىل ال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أن تتوىل احلكومة (حكومة‬
‫�إ�سماعيل هنية) القيام مب�س�ؤوليتها يف حفظ الأمن والنظام العام و�سيادة القانون‪.27‬‬
‫�ساد الهدوء الأمني فرتة وجيزة بعد �رسيان مفعول االتفاق‪ ،‬ولكن الأيام الفا�صلة بني توجيه‬
‫دعوة العاهل ال�سعودي وبني انعقاد لقاء مكة‪� ،‬شهدت �صدامات �أمنية عنيفة يف قطاع غزة‪ ،‬كان لها‬
‫هدفها اخلا�ص‪ .‬فقد كانت ت�ستهدف ح�سم الو�ضع داخليا ً ل�صالح �سيطرة الأجهزة الأمنية قبل �أن‬
‫ينعقد لقاء مكة‪ ،‬ومن �أجل الت�أثري على جمريات احلوار‪ .‬ومتثل الت�صعيد الأمني اجلديد با�شتباكات‬
‫وا�سعة يف مدينة غزة �سقط فيها ‪ 25‬قتيالً وحوايل ‪ 250‬جريحاً‪ .‬ثم قامت قوات م�شرتكة من احلر�س‬
‫الرئا�سي وقوات �أمن الرئا�سة (القوة ‪ )17‬بهجوم مدرو�س على جممع الوزارات ومبنى وزارة‬
‫الداخلية القدمي‪ .‬كما �شمل الهجوم �أي�ضا ً اجلامعة الإ�سالمية‪� ،‬إحدى معاقل حما�س الأ�سا�سية‪ ،‬يف‬
‫مطلع �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪� ،2007‬إثر قيام عنا�رص من كتائب الق�سام باعرتا�ض ما قالت �إنه �شحنات‬
‫�أ�سلحة ومعدات كانت يف طريقها �إىل احلر�س الرئا�سي؛ حيث تعر�ضت مباين اجلامعة لأ�رضار‬
‫هائلة‪ ،‬نتيجة تدمري �أجزاء كبرية منها وتخريب خمترباتها ومكتبتها‪ .‬ونقلت و�سائل الإعالم يف ذلك‬
‫الوقت �صورا ً للجامعة بعد حرقها‪ ،‬تظهر فيها عبارات مكتوبة على اجلدران حتمل توقيع حر�س‬
‫الرئا�سة وحركة فتح‪ .‬وقد قيّم الدكتور كمالني �شعث رئي�س اجلامعة قيمة الأ�رضار يف املن�ش�آت دون‬
‫التجهيزات �آنذاك بنحو ‪ 15‬مليون دوالر‪ .28‬وقال �أحد م�س�ؤويل حركة فتح �إن جمموعات حر�س‬
‫الرئا�سة التي اقتحمت مبنى اجلامعة الإ�سالمية اعتقلت �سبعة �إيرانيني يف اجلامعة‪ ،‬و�أن ثامنا ً ّ‬
‫فجر‬
‫نف�سه خالل اال�شتباك‪ .‬وقد نفت حركة حما�س �صحة هذه الأنباء‪ .29‬وعلى الرغم من �أن ال�صحف‬
‫والقنوات الف�ضائية تناقلت ت�رصيح "اعتقال الإيرانيني"‪� ،‬إال �أن حر�س الرئا�سة واجلهات امل�س�ؤولة يف‬
‫فتح مل تنجح يف �إظهار � ٍّأي من "الإيرانيني"‪ .‬وهو ما يظهر �أن هذه االدعاءات كانت جزءا ً من عمليات‬
‫الدعاية والتحري�ض‪ .‬وقامت حما�س وب�رسعة بهجوم م�ضاد وا�سع باجتاه مقرات �أجهزة الأمن يف‬
‫ا�ستعرا�ض مقاب ٍل للقوة‪ ،‬ثم �أوقفت حما�س هجومها لرتى ما �إذا‬‫ٍ‬ ‫�شمال غزة‪ ،‬وعبرّ هذا الهجوم عن‬
‫كان م�ضمون الر�سالة قد و�صل �إىل قادة الأجهزة الأمنية (حممد دحالن ور�شيد �أبو �شباك)‪ ،‬وتبني‬
‫لها �أن الر�سالة قد و�صلت فعالً‪ ،‬مما �أدى �إىل �أن توقف الأجهزة الأمنية هجومها الرئي�سي‪ ،‬بعد �أن‬
‫�أدركت �أن ح�سم الأمور مل�صلحتها بغتة لي�س �أمرا ً �سهالً‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويف اتهام غري مبا�رش لقادة الأجهزة الأمنية بالر�ضوخ للإمالءات الأمريكية‪ ،‬طالب‬
‫�إ�سماعيل هنية الإدارة الأمريكية برفع يدها عن ال�شعب الفل�سطيني كي ال يقع يف �أتون حرب �أهلية‪.30‬‬
‫وقد تدخل الوفد الأمني امل�رصي لتهدئة الو�ضع من جديد‪ ،‬وجنح يف ذلك‪ ،‬مع ا�ستمرار ا�شتباكات �أقل‬
‫حدة هنا وهناك‪ ،‬بقيت متوا�صلة �إىل يوم انعقاد لقاء مكة يف ‪ .2007/2/6‬وب�سبب ذلك كله‪ ،‬اعرت�ضت‬
‫‪31‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫حركة حما�س على تواجد حممد دحالن �ضمن وفد حركة فتح‪ ،‬ولكنها عادت وتراجعت عن مطلبها‬
‫هذا حتى ال ت�ضع عقبات يف طريق عقد اللقاء‪.‬‬
‫ا�ستمر لقاء مكة ثالثة �أيام‪ ،‬و�أ�سفر عن اتفاق �شمل الق�ضايا التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬اتفاق على ما ُ�سمي "�إعالن مكة"‪ ،‬والذي ت�ضمن االتفاق على �أربع ق�ضايا هي‪:‬‬
‫�أ‪ .‬الت�أكيد على حترمي الدم الفل�سطيني‪ ،‬والت�أكيد على الوحدة ك�أ�سا�س لل�صمود الوطني‬
‫وحتدي االحتالل‪ ،‬و�أن يكون احلوار الو�سيلة الوحيدة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫ب ‪ .‬االتفاق على ت�شكيل حكومة وحدة وطنية وفق اتفاق تف�صيلي معتمد بني الطرفني‪.‬‬
‫ج‪ .‬امل�ضي قدما ً يف �إجراءات �إ�صالح وتطوير منظمة التحرير الفل�سطينية‪.‬‬
‫د‪ .‬ت�أكيد مبد�أ ال�رشاكة ال�سيا�سية وفق مبد�أ التعددية ال�سيا�سية‪.‬‬
‫‪ .2‬اتفاق على بيان التكليف املوجه من الرئي�س عبا�س �إىل �إ�سماعيل هنية؛ ليكون رئي�س حكومة‬
‫الوحدة الوطنية الفل�سطينية اجلديد‪ .‬ووردت فيه كلمتا "التزام" و"احرتام"‪ .‬االلتزام فيما‬
‫يخ�ص امل�صالح العليا لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�صون حقوقه‪ ،‬والعمل على حتقيقها على‬ ‫ّ‬
‫�أ�سا�س قرارات املجال�س الوطنية والقانون الأ�سا�سي ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات القمم‬
‫يخ�ص قرارات ال�رشعية الدولية واالتفاقات التي وقعتها منظمة‬
‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬واالحرتام فيما‬
‫التحرير الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪ .3‬االتفاق (يف جلنة احلوار) على توزيع الوزارات على �أ�سا�س �أن يكون هناك ت�سع وزارات‬
‫حلركة حما�س‪ ،‬و�ست وزرات حلركة فتح‪ ،‬و�أربع وزارات ملمثلي الكتل الأربع الأخرى يف‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬وخم�س وزارات للم�ستقلني (من بينها املالية واخلارجية والداخلية)‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لوزارة الداخلية التي اختلف عليها طويالً قبل لقاء مكة ويف �أثنائه‪ّ ،‬‬
‫مت االتفاق‬
‫على �أن تعني حركة حما�س وزيرا ً م�ستقالً للداخلية‪� ،‬رشط �أن يوافق عليه رئي�س ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية حممود عبا�س‪ ،‬مع اتفاق �آخر وهو �أن تعني حركة فتح نائبا ً لرئي�س الوزراء‪.31‬‬
‫وبرزت يف خلفية اتفاق مكة ق�ضية �أ�سا�سية تتعلق بالرتويج له دولياً‪ ،‬من �أجل اعتماده ك�أ�سا�س‬
‫لف ّك احل�صار امل�رضوب على احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬التي �شكلتها حركة حما�س بعد فوزها يف‬
‫االنتخابات الت�رشيعية‪.‬‬
‫مت �إجناز هذا االتفاق‪ ،‬عاد هنية مع وفدي فتح وحما�س �إىل غزة يف ‪ ،2007/2/12‬وبد�أ‬ ‫وبعد �أن ّ‬
‫اال�ستعداد ال�ستقالة احلكومة القائمة‪ ،‬وت�سليم كتاب التكليف اجلديد ر�سميا ً �إىل �إ�سماعيل هنية ليبد�أ‬
‫يف م�شاورات لت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية اجلديدة‪ ،‬وذلك ح�سب الإجراءات الد�ستورية املتبعة‪.‬‬
‫بينما �ساد جو من الفرح ال�شعبي يف الو�سط الفل�سطيني‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف قطاع غزة؛ كما ظهرت‬
‫عالمات االرتياح عربيا ً و�إ�سالمياً‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫حددت "�إ�رسائيل" موقفها من ق�ضية رفع احل�صار‪ ،‬قبل انتهاء لقاء مكة‪ ،‬فكررت �رشوطها‬
‫للتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وهي ال�رشوط التي تبنتها اللجنة الرباعية الدولية‪ ،‬وقالت‬
‫ت�سيبي ليفني ‪ Tzipi Livni‬وزيرة اخلارجية‪� ،‬إن قبول احلكومة الفل�سطينية اجلديدة �رشوط‬
‫الرباعية ي�شكل الأ�سا�س يف التعامل معها‪.32‬‬
‫ويف �صدد الإ�شادة بدور الفريق ال�سعودي امل�ساعد للمتفاو�ضني‪ ،‬قالت امل�صادر الفل�سطينية يف‬
‫مكة‪� ،‬إن �أع�ضاء الفريق ال�سعودي كانوا حري�صني على تو�ضيح بع�ض املعاين والأبعاد ال�سيا�سية‬
‫وحتى الأمنية لن�صو�ص االتفاق‪" ،‬وما ميكن قبوله دوليا ً للم�ساعدة على ف ّك احل�صار"‪ .‬وقال عزام‬
‫الأحمد ع�ضو وفد حركة فتح "�إن امل�س�ؤولني ال�سعوديني �أكدوا لنا �أن هذا االتفاق �سي�ساعدهم يف‬
‫ات�صاالتهم وم�ساعيهم مع الأطراف الدولية‪ ،‬خ�صو�صا ً الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬لف ّك احل�صار‬
‫عن ال�شعب الفل�سطيني"‪.33‬‬
‫ولكن ما هي �إال �أيام حتى بادرت الواليات املتحدة الأمريكية �إىل الإعالن ب�أنها �ستوا�صل احل�صار‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني يف ظل احلكومة اجلديدة‪ .‬وكان ذلك يف مكاملة هاتفية تلقاها الرئي�س عبا�س‬
‫من ديفيد وول�ش ‪ David Welch‬م�ساعد وزيرة اخلارجية الأمريكية‪ .‬كما زار عبا�س القن�صل‬
‫الأمريكي جاكوب واال�س ‪ Jacob Walles‬و�أبلغه ر�سميا ً "�إن الإدارة الأمريكية ترف�ض التعامل مع‬
‫احلكومة اجلديدة ب�سبب عدم التزام �رشوط الرباعية ب�شكل وا�ضح"‪ .34‬ثم قامت وزيرة اخلارجية‬
‫كوندوليزا راي�س ‪ Condoleezza Rice‬ب�إبالغ الرئي�س عبا�س مبا�رشة يف رام اهلل يف ‪� 2007/2/18‬أن‬
‫الإدارة الأمريكية �ستقاطع حكومة الوحدة الوطنية اجلاري ت�شكيلها‪ ،‬و�إن عالقتها مع الفل�سطينيني‬
‫�ستبقى حم�صورة يف مكتبه فقط‪.35‬‬
‫بد�أ �إ�سماعيل هنية‪ ،‬باعتباره رئي�س الوزراء املكلف‪ ،‬فور و�صوله �إىل غزة م�شاورات �أولية‪ .‬كانت‬
‫اجلولة الأوىل مع جلنة املتابعة العليا للقوى الوطنية والإ�سالمية التي ت�ضم ‪ 15‬ف�صيالً وحزبا ً‬
‫�سيا�سياً‪ ،‬وبرزت يف هذه امل�شاورات مالحظة �سلبية من ف�صائل الي�سار‪ ،‬تنتقد اتفاق مكة من زاوية‬
‫�أنه اتفاق حما�ص�صة بني حركتي فتح وحما�س‪ .‬ثم جرت م�شاورات �أولية �أخرى بني حما�س وفتح‬
‫لبحث الق�ضايا املتعلقة ب�أ�سماء وزراء الداخلية واخلارجية ونائب رئي�س الوزراء‪ ،‬وم�صري "القوة‬
‫التنفيذية"‪ .‬ولكن امل�شاورات الر�سمية بد�أت يوم ‪ 2007/2/16‬حني ق ّدم �إ�سماعيل هنية ا�ستقالته‬
‫مت بينهما يف غزة‪ .‬وقام عبا�س ب�إعادة تكليف هنية ت�شكيل حكومة‬ ‫ر�سميا ً �إىل الرئي�س عبا�س يف لقاء ّ‬
‫وحدة وطنية‪ ،‬حيث ميكن للم�شاورات �أن ت�ستمر ثالثة �أ�سابيع‪ ،‬ومن املمكن متديدها لأ�سبوعني‬
‫�إ�ضافيني‪ .‬وقد ا�ستعمل كتاب التكليف املوجه �إىل هنية كلمة "احرتام" التي ّ‬
‫مت االتفاق عليها يف اتفاق‬
‫مكة‪ ،‬وجاء فيه "�أدعوكم �إىل احرتام قرارات ال�رشعية الدولية واالتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية"‪ .‬و�أعلن هنية قبول خطاب التكليف‪.36‬‬

‫‪33‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بد�أ هنية م�شاوراته الر�سمية يوم ‪ 2007/2/17‬بلقاء مع حركة اجلهاد الإ�سالمي‪ ،‬ومع اجلبهة‬
‫ال�شعبية‪ ،‬ومع املبادرة الوطنية‪ ،‬ومع اجلبهة الدميوقراطية‪ ،‬ثم توا�صلت امل�شاورات مع الأطراف‬
‫الأخرى كافة‪ .‬و�سلم هنية ت�شكيلة حكومته �إىل الرئي�س عبا�س يف ‪ ،2007/3/15‬الذي وافق عليها‪ .‬ثم‬
‫حازت احلكومة ثقة املجل�س الت�رشيعي يف ‪ 2007/3/17‬بغالبية ‪� 83‬صوتا ً وحجب ثالثة �أع�ضاء الثقة‬
‫عنها‪ .‬و�ألقى هنية خطابا ً �أمام املجل�س الت�رشيعي اعترب مبثابة برنامج عمل للحكومة اجلديدة وجاء‬
‫فيه‪:‬‬
‫ • ذكر �رصيح لقرار اجلمعية العامة للأمم املتحدة رقم ‪ 194‬اخلا�ص بعودة الالجئني‬
‫الفل�سطينيني‪.‬‬
‫�إ�شارة وا�ضحة �إىل �أن الدولة الفل�سطينية �ستقوم على الأرا�ضي املحتلة لعام ‪1967‬‬ ‫•‬
‫ ‬

‫وعا�صمتها القد�س‪ .‬مع جتنب الإ�شارة �إىل "�إ�رسائيل"‪.‬‬


‫ • رف�ض الدولة ذات احلدود امل�ؤقتة واملطروحة يف "خريطة الطريق"‪.‬‬
‫ • الإ�شارة �إىل "املقاومة ب�أ�شكالها‪ ،‬ومنها ال�شعبية واجلماهريية �ض ّد االحتالل"‪ ،‬والعمل‬
‫على "تثبيت التهدئة وتو�سيعها لت�صبح تهدئة �شاملة ومتبادلة ومتزامنة‪ ،‬يف مقابل التزام‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي وقف �إجراءاته على الأر�ض"‪.‬‬
‫ • تو�ضيح �أن �إدارة املفاو�ضات هي من �صالحيات منظمة التحرير الفل�سطينية‪.‬‬
‫العمل على الإ�رساع يف �إنهاء ق�ضية اجلندي الإ�رسائيلي الأ�سري "جلعاد �شاليط" ‪Gilad‬‬ ‫•‬
‫ ‬

‫‪ ،Shalit‬يف �إطار �صفقة م�رشفة لتبادل الأ�رسى وعودة املبعدين‪.‬‬


‫ • دعوة الدول الأجنبية �إىل اتخاذ خطوات عملية لرفع احل�صار‪ ،‬ودعوة الإدارة الأمريكية �إىل‬
‫�إعادة النظر يف مواقفها جتاه الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫ • وت�ضمن اخلطاب ب�ش�أن الو�ضع الداخلي تعهدا ً مبعاجلة ملف االنفالت الأمني‪ ،‬وتعهدا ً‬
‫ثانيا ً بالعمل على "�إعادة ت�شكيل جمل�س الأمن القومي‪ ،‬باعتباره املرجعية للأجهزة‬
‫الأمنية"‪� .‬إ�ضافة �إىل "و�ضع خطة �أمنية �شاملة لإنهاء جميع مظاهر الفو�ضى"‪ .‬وتر�شيد‬
‫�إنفاق احلكومة‪ ،‬وحماربة الف�ساد‪.‬‬
‫وقد ت�ضمنت الت�شكيلة احلكومية ‪ 25‬وزيراً‪ ،‬و ّ‬
‫مت تعيني عزام الأحمد (فتح) نائبا ً لرئي�س الوزراء‪،‬‬
‫وزياد �أبو عمرو (م�ستقل) وزيرا ً للخارجية‪ ،‬وهاين القوا�سمي (م�ستقل) وزيرا ً للداخلية‪ ،‬و�سالم‬
‫فيا�ض (كتلة الطريق الثالث) وزيرا ً للمالية‪ .‬وبذلك تكون حما�س قد تخلت طوعاً‪ ،‬هي وحركة فتح‪،‬‬
‫عن كل وزارات ال�سيادة ل�صالح امل�ستقلني والكتل الربملانية‪.‬‬
‫�أ�شاع ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية جوا ً من االرتياح والتفا�ؤل والأمل بف ّك احل�صار املفرو�ض‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬واالنتهاء من مرحلة االنفالت الأمني‪ ،‬والتوجه نحو منطق وجوهر‬

‫‪34‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫اتفاق مكة‪ ،‬والذي يقوم على قاعدة ال�رشاكة ال�سيا�سية بني حركتي فتح وحما�س (والف�صائل‬
‫والكتل الأخرى)‪ ،‬وكان من الوا�ضح �أن ذلك ي�شمل ثالثة جماالت‪ :‬احلكومة ووزاراتها والهيئات‬
‫املرتبطة بها‪ ،‬والأجهزة الأمنية‪ ،‬ومنظمة التحرير الفل�سطينية‪ .‬ولكن تبينّ �رسيعا ً �أن هناك فهما ً‬
‫�آخر مناق�ضا ً ملعنى امل�شاركة‪ ،‬ي�سود يف �أو�ساط الرئا�سة الفل�سطينية والإطار املتنفذ يف حركة فتح‪،‬‬
‫يعترب �أن امل�شاركة تقت�رص فقط على احلكومة ووزاراتها‪ ،‬و�أن امل�شاركة ال ت�شمل �أجهزة الأمن وال‬
‫منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬و�أن هذين البندين هما من اخت�صا�ص الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬و�شكل‬
‫هذا التناق�ض يف الفهم‪ ،‬ملعنى وم�ضمون امل�شاركة ال�سيا�سية‪ ،‬مدخالً لإ�ضعاف احلكومة اجلديدة‪،‬‬
‫وبخا�صة يف �إطار وزارة الداخلية التي احتلت حيزا ً كبريا ً من اجلدل قبل االتفاق حول من يت�سلم‬
‫�أمرها (الوزير امل�ستقل هاين القوا�سمي)‪ .‬وكان �أن واجهت احلكومة �أول �أزمة ب�سبب اخلالف حول‬
‫�صالحيات وزارة الداخلية‪ ،‬و�أي الأجهزة الأمنية تتبع لها‪ ،‬و�أي الأجهزة تتبع للرئا�سة‪ .‬كما ن�ش�أ‬
‫خالف ثانٍ حول مدى ان�ضباط الأجهزة الأمنية‪ ،‬وقبولها �أو رف�ضها لتنفيذ �أوامر وزير الداخلية‪.‬‬
‫�أما على �صعيد منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬فلم يحدث �أي اجتماع للبحث يف تفعيل م�ؤ�س�ساتها �أو‬
‫من �أجل �إعادة بنائها‪.‬‬

‫ت�سبب تعيني الرئي�س �أبو مازن ملحمد دحالن يف‬


‫من�صب �أمني رفيع يف تعقيد الو�ضع الفل�سطيني‬ ‫ٍ‬
‫ثالث ًا‪ :‬ت�صاعد الأزمة الأمنية‬
‫الداخلي‪ .‬وقد بد�أت الأزمة فعليا ً قبل انتهاء �إ�سماعيل هنية من ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫وذلك حني بادر الرئي�س حممود عبا�س يف �أثناء م�شاورات ت�شكيل احلكومة‪� ،‬إىل �إ�صدار مر�سوم يوم‬
‫‪ 2007/3/2‬بتعيني حممد دحالن "م�ست�شارا ً لدى رئي�س ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية ل�ش�ؤون الأمن‬
‫القومي"‪� ،‬إ�ضافة �إىل تعيينه "�أمينا ً ل�رس جمل�س الأمن القومي"‪ .‬مل يعلن هذا القرار يف حينه ر�سمياً‪،‬‬
‫وما �أعلن عنه �إعالميا ً هو تعيني حممد دحالن م�ست�شارا ً فقط‪.‬‬
‫لقد �أعطى هذا التفوي�ض لدحالن �سيطرة كاملة على الأجهزة الأمنية‪ ،‬وهو خمالف للقانون‬
‫الأ�سا�سي املعدل‪ ،‬الذي مينع اجلمع بني ع�ضوية املجل�س الت�رشيعي وتويل م�س�ؤوليات يف ال�سلطة‬
‫التنفيذية‪ .‬وترافق هذا التعيني مع قرار �آخر �أقدم فيه الرئي�س عبا�س‪ ،‬باعتباره رئي�سا ً حلركة‬
‫فتح‪ ،‬على تعيني جلان تنظيمية‪ ،‬واحدة يف ال�ضفة الغربية وثانية يف قطاع غزة‪ ،‬اختري �أع�ضا�ؤهما‬
‫جميعا ً من العنا�رص املوالية ملحمد دحالن و�أ�صبح دحالن بذلك م�سيطرا ً على الو�ضع الأمني يف‬
‫ال�سلطة وعلى الو�ضع التنظيمي يف حركة فتح‪ .‬وجاء يف مر�سوم تعيني دحالن (املادة الثالثة)‪� ،‬أنه‬
‫يحقّ له �أن ي�شارك يف اجتماعات اللجنة التنفيذية ملنظمة التحرير الفل�سطينية لكي يعر�ض ويناق�ش‬
‫الق�ضايا التابعة له‪ .37‬وهذه خمالفة تنظيمية �أ�سا�سية يف �إطار منظمة التحرير الفل�سطينية‪� ،‬إذ �أن‬

‫‪35‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ح�ضور اجتماعات اللجنة التنفيذية يقت�رص على �أع�ضائها املنتخبني فقط من ِقبَل املجل�س الوطني‬
‫الفل�سطيني‪ .‬وتقف يف خلفية هذا التعيني الرغبة يف ح�رص ال�رشاكة ال�سيا�سية التي بلورها اتفاق‬
‫مكة‪ ،‬يف �إطار احلكومة برئا�سة هنية فقط‪ ،‬وحجبها عن الأجهزة الأمنية‪ ،‬وجعلها تابعة للرئا�سة‬
‫كلياً‪ .‬و�سيكون لذلك ت�أثري مبا�رش على من�صب و�صالحيات وزير الداخلية‪ ،‬و�سيزرع �أول م�شكلة‬
‫نوعية يف �إطار عمل حكومة الوحدة الوطنية‪ .‬وقد �أثار تعيني دحالن معار�ضة حادة داخل احلكومة‪،‬‬
‫وداخل حركة فتح‪ ،‬وداخل حركة حما�س‪.‬‬
‫�أعلن الرئي�س عبا�س يف ظل هذه الأزمة ت�شكيل جمل�س الأمن القومي برئا�سته يف ‪،2007/4/15‬‬
‫بحيث يكون رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية نائبا ً للرئي�س‪ ،‬ويكون حممد دحالن ع�ضوا ً فيه مع‬
‫وزير الداخلية هاين القوا�سمي‪ .‬وهنا �أعلن غازي حمد املتحدث با�سم احلكومة �أن اخلالف ما يزال‬
‫قائما ً حول تعيني حممد دحالن يف ع�ضوية املجل�س باعتباره ممثالً للأمن فيما هو ع�ضو يف املجل�س‬
‫الت�رشيعي‪.‬‬
‫وعلى �صعيد �آخر ن�رشت جريدة ه�آرت�س ‪ Haaretz‬تفا�صيل عن خطة �أمنية بلورها اجلرنال‬
‫دايتون املن�سق الأمني الأمريكي مع ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وتهدف اخلطة �إىل تعزيز قوة احلر�س‬
‫الرئا�سي الفل�سطيني اخلا�ضع لإمرة الرئي�س عبا�س‪ ،‬و�إقامة مكتب جديد مل�ست�شار رئي�س ال�سلطة‬
‫للأمن القومي حممد دحالن‪ .38‬وهنا �أعلن يحيى مو�سى نائب رئي�س كتلة حما�س الربملانية (كتلة‬
‫التغيري والإ�صالح)‪ ،‬معار�ضة حادة خلطة دايتون‪ ،‬وقال "�إنها متثل طعنة يف �صدر اتفاق مكة"‪.39‬‬
‫ومن جهته �أعلن الدكتور حممود الزهار �أن حركة حما�س ترف�ض تعيني حممد دحالن كم�ست�شار �أو‬
‫ع�ضو يف جمل�س الأمن القومي‪ ،‬وقال �إن هناك من "يريدون املحافظة على وحدات م�سلحة خا�صة‬
‫بهم‪ ،‬لهذا ال�شخ�ص �أو ذاك"‪.40‬‬
‫وتفاعلت الأزمة �أي�ضا ً داخل حركة فتح‪� ،‬إذ عقدت كوادر احلركة املدنية والع�سكرية م�ؤمترا ً يف‬
‫غزة يف ‪ ،2007/4/10‬حيث تر�أ�سه �أحمد حلِّ�س‪ ،‬ووجه امل�شاركون يف كلماتهم انتقادات حادة لـ"قادة‬
‫يف فتح ا�ستولوا على احلركة من �أجل م�صاحلهم اخلا�صة"‪ ،‬وطالبوا "بالعودة �إىل فكر ومبادئ‬
‫ن�ص عليها النظام الداخلي واللوائح التنظيمية"‪ ،41‬يف �إ�شارة �إىل رف�ض تعيني اللجان‬
‫احلركة التي ّ‬
‫التنظيمية اجلديدة داخل احلركة‪ .‬وقال �أحمد حلِّ�س يف مقابلة �صحفية جلريدة احلياة "نثق يف الأخ‬
‫�أبو مازن‪ ،‬ون�أمل منه يف �أن ينحاز �إىل احلركة وم�صاحلها‪ ،‬ولي�س مل�صالح �شخ�صيات بعينها ال تعمل‬
‫�إال وفق �أجندات خا�صة بها"‪.42‬‬
‫يف �أثناء هذا اجلدل‪ ،‬كان وزير الداخلية هاين القوا�سمي قد و�ضع خطة �أمنية �أقرتها احلكومة‬
‫يف ‪ ،2007/4/14‬وو�ضع لها ثالثة �أهداف‪ :‬ن�رش قوات الأمن وال�رشطة‪ ،‬والت�صدي لأعمال القتال‬
‫الداخلي‪ ،‬و�ضبط حمل ال�سالح‪ .‬وقال م�صطفى الربغوثي‪ ،‬وزير الإعالم‪ ،‬ب�أنه ّ‬
‫مت �إقرار اخلطة‬
‫"بتوافق وطني �شامل"‪ .‬وقال �سيت ّم "تعيني مراقب عام للأجهزة الأمنية يف وزارة الداخلية"‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫و�أ�ضاف �سيكون هناك تركيز خا�ص على "�إنهاء ال�صفة احلزبية للأجهزة الأمنية"‪ .43‬وقال وزير‬
‫الداخلية �إن "قوى الأمن الداخلي هي من �ستنفذ اخلطة‪ ،‬وب�سبب حالة الفو�ضى �سن�ستعني بقوات‬
‫الأمن الوطني وقوات �أخرى موجودة على ال�ساحة كالقوة التنفيذية"‪ .44‬وقال وزير الداخلية يف‬
‫وقت الحق ب�أنه "�ستت ّم �إعادة �صياغة وهيكلة الأجهزة الأمنية على �أ�سا�س مهني‪ ،‬ولي�س على �أ�س�س‬
‫حزبية"‪.45‬‬
‫ولكن ما هي �إال �أيام حتى كانت هذه اخلطة الأمنية الطموحة تواجه عقبات متنع تنفيذها‪،‬‬
‫البت بها �إىل حني‬
‫وو�صلت �إىل ح ٍّد دفع وزير الداخلية �إىل تقدمي ا�ستقالته‪ ،‬ولكن هنية مل يقبلها و� ّأجل ّ‬
‫لقائه مع الرئي�س عبا�س‪� .‬أما �أ�سباب اال�ستقالة كما �أعلنها هاين القوا�سمي نف�سه‪ ،‬فكانت كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬مـعـوقـات وعــراقـيـل ي�ضـعـهـا الـعـمـيد ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬املدير العام للأمن الداخلي واملقرب‬
‫من حممد دحالن‪ ،‬ي�ستلب من خاللها �صالحيات وزير الداخلية‪� .‬إن �أبو �شباك يهيمن على‬
‫الأجهزة الثالثة التابعة له (الأمن الوقائي وال�رشطة والدفاع املدين)‪ ،‬ومينع وزير الداخلية‬
‫من االت�صال بقادة هذه الأجهزة‪ ،‬ويحتكر لنف�سه هذه املهمة‪.46‬‬
‫‪� .2‬إن الرئا�سة الفل�سطينية �سلبت وزير الداخلية �صالحياته املالية والإدارية‪ ،‬ومنحتها �إىل مدير‬
‫الأمن العام ر�شيد �أبو �شباك‪ .‬وقال وزير الداخلية �إنه ال ميلك �أي �صالحيات �إال من خالل‬
‫�أبو �شباك‪ ،‬وهو ال ميلك حق ا�ستدعاء �أي �رشطي �أو �ضابط ملقابلته �إال من خالله �أي�ضا ً‪.47‬‬
‫مت عقد اجتماع يف القاهرة بني الرئي�س عبا�س وخالد م�شعل‪ ،‬رئي�س‬‫وعند حديث اال�ستقالة هذا‪ّ ،‬‬
‫املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س يف ‪ ،2007/4/28‬من �أجل تثبيت اتفاق مكة ودعم حكومة الوحدة‬
‫الوطنية‪ ،‬وجرى احلديث بالتف�صيل عن امل�شكالت الأمنية‪ ،‬وعن الدور املعرقل للعميد �أبو �شباك‪،‬‬
‫وتكفل الرئي�س عبا�س بح ّل هذه امل�س�ألة‪ ،‬وهو ما �سيكون مو�ضوع بحث يف غزة مع رئي�س احلكومة‬
‫�إ�سماعيل هنية‪.‬‬
‫ومن جهته قال العميد �أبو �شباك يف ت�رصيحات جلريدة البيان يف ‪ ،2007/4/29‬يف ختام زيارة‬
‫�إىل الدوحة �إنه ال ي�شعر �أن ثمة �أزمة بينه وبني القوا�سمي‪ .‬لكن �أبو �شباك �أقر ب�إمكانية "�أن يتبلور‬
‫فهم خاطئ مل�س�ألة ال�صالحيات"‪ ،‬الفتا ً النظر �إىل �أنه ال "يتعدى على �صالحيات �أحد مبمار�سته‬
‫ل�صالحياته وفقا ً القانون"‪ .48‬وبهذا الأخذ والر ّد �أ�صبحت ق�ضية وزارة الداخلية‪ ،‬وق�ضية العميد‬
‫�أبو �شباك‪ ،‬و�أجهزته امل�ستقلة ب�أوامرها وعملها عن وزير الداخلية‪ ،‬الق�ضية املركزية التي �ستقرر‬
‫جناح �أو ف�شل حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬والتي �ستقرر جناح �أو ف�شل اتفاق مكة‪ ،‬بينما كان مو�ضوع‬
‫احل�صار االقت�صادي واملايل يطبق على عنق الو�ضع كله‪.‬‬
‫اجتمع عبا�س وهنية ليبحثا يف �صالحيات وزير الداخلية‪ ،‬بينما كان الفلتان الأمني يتوا�صل‪،‬‬
‫وبينما كان هنية يحذر يف خطبة اجلمعة يف ‪" 2007/5/4‬الزعران من اال�ستمرار يف ممار�ساتهم التي‬

‫‪37‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫تنال من �أمن املواطن"‪ ،49‬وبينما كان يو�سف عي�سى مدير عام جهاز الأمن الوقائي ينتقد احلمالت‬
‫الإعالمية التي تتهم جهازه مب�س�ؤوليته عن الفلتان الأمني‪ .‬فقد عقد عبا�س وهنية �أكرث من لقاء‪،‬‬
‫وبح�ضور وزير الداخلية حيناً‪ ،‬ووفود من فتح وحما�س حينا ً �آخر‪ .‬كان البحث كله يرتكز حول‬
‫�صالحيات الوزير‪ ،‬وحول تبعية مدير الأمن له‪ ،‬وحول عدم قانونية تعيني حممد دحالن يف جمل�س‬
‫الأمن القومي‪ ،‬وحول �إمكان تطبيق اخلطة الأمنية يف هذه الظروف‪ .‬وكانت احل�صيلة �أن الرئي�س‬
‫عبا�س مل يح�سم �أمره يف هذه امل�س�ألة‪ ،‬وكان �أق�صى ما و�صل �إليه هو القول لوزير الداخلية "نحن‬
‫جئنا لننجحك ولي�س لنف�شلك"‪ ،50‬مع وعد من الرئي�س ب�أنه "�سي�ضغط على �أبو �شباك كي يتعهد‬
‫بالتعاون الكامل مع القوا�سمي"‪ .51‬وبقي عبا�س متم�سكا ً بع�ضوية دحالن يف جمل�س الأمن القومي‪،‬‬
‫وبقيت ا�ستقالة وزير الداخلية معلقة بانتظار تنفيذ الوعود‪.‬‬
‫وبديهي �أن اخلالف ال�سيا�سي الأ�سا�سي راح يعبرّ عن نف�سه يف ال�رصاع حول ال�صالحيات‪،‬‬
‫والدخول يف تفا�صيل تبدو يف ظاهرها ب�أنها امل�شكلة‪ ،‬يف حني �أنها كانت تعبريا ً عن امل�شكلة الأ�سا�سية‬
‫التي يراد �إخفا�ؤها‪ .‬وما �إن غادر الرئي�س عبا�س غزة‪ ،‬حتى وقعت ا�شتباكات حادة �سقط جراءها‬
‫قتلى وجرحى‪ ،‬وجرت �أي�ضا ً عمليات خطف‪ ،‬وبينما اتهمت حركة فتح حركة حما�س بامل�س�ؤولية‬
‫عن التوتري وعن القتل‪� ،‬أ�صدرت حركة حما�س بيانا ً رف�ضت فيه االتهامات وقالت "�إننا ن�شري‬
‫ب�أ�صابع االتهام لفئة خارجة عن ال�صف الوطني‪ ...‬تريد عودة الأمور �إىل ما كانت عليه من االقتتال‬
‫لتنفيذ �أجندة غري وطنية"‪ .52‬وتوا�صلت اال�شتباكات يف اليوم التايل بحدة �أكرب‪ ،‬و�أ�صاب ال�شلل �شبه‬
‫التام قطاع غزة‪ ،‬واجتمعت احلكومة لبحث الو�ضع‪ ،‬وبادر وزير الداخلية �إىل الت�أكيد على ا�ستقالته‬
‫املقدمة �سابقاً‪ ،‬فقبلتها احلكومة واتخذت قرارا ً ب�أن يتوىل �إ�سماعيل هنية وزارة الداخلية بالوكالة‬
‫يف ‪ .2007/5/14‬وهنا ارتفعت وترية بيانات االتهام املتبادلة‪ ،‬وعاد الوفد امل�رصي الأمني برئا�سة‬
‫اللواء برهان حماد �إىل بذل م�ساعيه ل�ضبط الو�ضع الأمني بالتفاهم بني حركتي حما�س وفتح‪ ،‬بينما‬
‫امل�سلحون منت�رشون يف ال�شوارع وجها ً لوجه‪ .‬وت�صاعدت حدة االتهامات �إىل ح ّد القول ب�أن الرئي�س‬
‫عبا�س �ألغى زيارة مقررة �إىل غزة بعد اكت�شاف حماولة الغتياله‪ ،53‬وردت حما�س ب�أنها تعرف جيدا ً‬
‫العنا�رص القذرة التي ت�رسب هكذا فربكات �إعالمية �إىل مكتب وكالة ال�صحافة الفرن�سية‪ .54‬وتوا�صل‬
‫الو�ضع على هذه ال�صورة �أياما ً عدة‪ ،‬كانت فيها قوات �أمن الرئا�سة تتمركز يف ال�شوارع الرئي�سية‪.‬‬
‫بت�رصيح ممي ٍز �أقام فيه ف�صالً‬
‫ٍ‬ ‫�إال �أن �أحمد حلِّ�س امل�س�ؤول البارز يف حركة فتح يف قطاع غزة �أدىل‬
‫بني حركة فتح ون�شاط الأجهزة الأمنية‪ ،‬وقال "�إن حركة فتح مل تتخذ قرارا ً تنظيميا ً مبواجهة‬
‫حركة حما�س‪ ،‬و�أنها �سرتفع الغطاء التنظيمي عن �أي �شخ�ص يقوم بعمليات قتل �ض ّد �أبناء ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�أن ال�شعب يعرف بال�ضبط من يقتل �أبناءه"‪ .55‬ولكن و�ضع املواجهة كان هو ال�سائد‬
‫يف ال�شارع‪ .‬وقد قام الرئي�س عبا�س بزيارة ثانية �إىل غزة يف ‪ ،2007/5/22‬وذكر �أحمد حلِّ�س �أن زيارة‬

‫‪38‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫عبا�س �أعطت "�ضمانات للجميع بعدم وجود خمطط لتفجري الأو�ضاع"‪ ،56‬بينما كانت الأو�ضاع‬
‫تتفجر كل يوم‪.‬‬
‫وتدخلت م�رص جمدداً‪ ،‬وبد�أت حمادثات يف القاهرة بني م�س�ؤولني �أمنيني م�رصيني ووفود من‬
‫مت يف هذه اللقاءات تبادل اقرتاحات عديدة لوقف املواجهات‪ ،‬ولكن املواجهة‬ ‫الف�صائل الفدائية‪ .‬و ّ‬
‫على الأر�ض كانت �أقوى من احلوار‪ ،‬وكانت هذه املواجهات ترتاجع �أحيانا ً وتت�صاعد مرة �أخرى‪،‬‬
‫�إال �أنها حتولت يف الأول من ال�شهر ال�ساد�س �إىل ما ي�شبه قتال اخلطط املدرو�سة‪ ،‬فت ّم تو�سيع القتال‬
‫مت ا�ستهداف م�س�ؤولني ميدانيني �أ�سا�سيني يف حركة حما�س (�أحمد �أبو حرب‬ ‫لي�شمل مدينة رفح‪ ،‬و ّ‬
‫م�س�ؤول وحدة املدفعية يف كتائب الق�سام)‪ ،‬و ّ‬
‫مت �إطالق النار على مكتب رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‬
‫ف�ض اجتماع منعقد للحكومة‪ ،‬وو�صلت �آثار اال�شتباكات �إىل امل�ساجد‬‫يف ‪ ،2007/6/11‬مما �أدى �إىل ّ‬
‫وامل�ست�شفيات‪ ،‬ومل يخ ُل الأمر من اتفاقات هدنة ما تلبث �أن تتال�شى بعد �ساعات من �إبرامها‪،‬‬
‫وترتافق مع بيانات اتهام متبادلة‪ .‬و�شيئا ً ف�شيئا ً بد�أت بيانات االتهام تنتقل من التعميم �إىل التحديد‪.‬‬
‫رس كتلة حما�س الربملانية �إن الأحداث تت ّم على �أيدي حر�س الرئي�س‬
‫وهكذا قال م�شري امل�رصي �أمني � ّ‬
‫عبا�س و�أجهزة الأمن املوالية له‪ ،‬و"االنقالبيني يف حركة فتح"‪ ،‬و�إن ما يعرف باملنتدى "حتول �إىل‬
‫مق ّر للقتل واخلطف والتعذيب"‪ .‬وقال ماهر املقداد الناطق با�سم فتح يف قطاع غزة �إن "هناك قرارا ً‬
‫داخل حما�س با�ستمرار الت�صعيد"‪ .57‬ومن الالفت للنظر �أن هذا الت�صعيد قد جرى يف ظروف دعت‬
‫فيها م�رص الف�صائل الفل�سطينية كافة مبا فيها حما�س وفتح للحوار يف القاهرة؛ بهدف الو�صول �إىل‬
‫اتفاق فل�سطيني �شامل‪ .‬وقد وافق اجلميع على احلوار وعقد اجتماع يف القاهرة‪ .‬ولكنه مل َي ُحل دون‬
‫الت�صعيد الكالمي والدموي على الأر�ض يف قطاع غزة‪.‬‬
‫كان من الطبيعي بعد ذلك �أن يرتافق الت�صعيد الأمني مع ت�صعيد يف االتهام ال�سيا�سي؛ ف�أ�صدرت‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية بيانا ً اتهمت فيه قيادات حما�س ب�أنها تخطط لل�سيطرة على ال�سلطة‪ .‬و�أ�صدرت‬
‫اللجنة املركزية حلركة فتح بيانا ً ثانيا ً اتهمت فيه "اجلناح املتطرف واملرتبط" يف قيادة حما�س بالعمل‬
‫"للق�ضاء على ال�سلطة الوطنية ال�رشعية"‪ ،‬و�أعلنت مركزية فتح �أنها "لن ترتاجع عن حماية �سلطتنا‬
‫الوطنية وم�رشوعنا الوطني"‪ ،‬وهدد �أحمد عبد الرحمن املتحدث الر�سمي با�سم فتح �أن "اللجنة‬
‫املركزية �ستعقد اجتماعا ً طارئا ً التخاذ قرار نهائي ب�صدد اال�ستمرار يف احلكومة ويف املجل�س‬
‫الت�رشيعي"‪ ،‬و�أعلنت قوات الأمن الوطني "�أنها لن تقف مكتوفة الأيدي �أمام حماوالت االنقالب على‬
‫ال�رشعية الفل�سطينية"‪ .‬ور ّدت حركة حما�س على هذا الت�صعيد الإعالمي وال�سيا�سي بلهجة مماثلة‪،‬‬
‫وقال �أحمد بحر رئي�س املجل�س الت�رشيعي بالنيابة �إن "م�ؤامرة حتاك بداخل مق ّر رئا�سة ال�سلطة"‪،‬‬
‫وبعث بحر ر�سالة �إىل الرئي�س عبا�س حذره فيها من "العبث الذي يجري على �أيدي عنا�رصه"‪.58‬‬
‫‪39‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جانب من احلريق والدمار‬


‫الذي �أ�صاب اجلامعة‬
‫الإ�سالمية بغزة نتيجة‬
‫هجوم عنا�رص حم�سوبة‬
‫على فتح يف ‪2007/2/3‬؛‬
‫�ضمن م�سل�سل الفلتان‬
‫الأمني الذي �أ�صاب قطاع‬
‫غزة قبيل اتفاق مكة‪.‬‬
‫(رويرتز)‬

‫العاهل ال�سعودي امللك‬


‫عبد اهلل مع ممثلي فتح‬
‫وحما�س وقد بدت‬
‫عليهم معامل ال�سعادة‬
‫بعد توقيع اتفاق مكة يف‬
‫‪( .2007/2/8‬رويرتز)‬

‫الرئي�س عبا�س ي�سلم هنية ر�سالة تكليفه برئا�سة‬


‫الوزراء حلكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬يف غزة‪ ،‬يف‬
‫‪( .2007/2/15‬رويرتز)‬

‫‪40‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫وزير الداخلية يف حكومة الوحدة الوطنية هاين‬


‫القوا�سمي يعلن ا�ستقالته يف م�ؤمتر �صحفي يف‬
‫غزة يف ‪ ،2007/5/14‬ب�سبب ال�صعوبات العملية‬
‫داخل وزارته‪ ،‬والتي حالت دون قدرته على‬
‫العمل‪ ،‬ح�سبما ذكر‪( .‬رويرتز)‬

‫مقاتلو حما�س يجل�سون‬


‫يف داخل مكتب الرئي�س‬
‫عبا�س‪ ،‬عقب �سيطرتهم على‬
‫قطاع غزة‪ ،‬يف ‪.2007/6/15‬‬
‫(رويرتز)‬

‫�أحد مقاتلي حما�س ي�أخذ‬


‫و�ضعه داخل جهاز الفح�ص‬
‫بالأ�شعة‪ ،‬يف قاعة اجلمارك‪،‬‬
‫يف معرب رفح احلدودي‬
‫مع م�رص‪� ،‬إثر �سيطرة‬
‫حما�س على قطاع غزة يف‬
‫‪( .2007/6/15‬رويرتز)‬

‫‪41‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫حكومة الطوارئ برئا�سة‬


‫�سالم فيا�ض ت�ؤدي اليمني‪،‬‬
‫يف رام اهلل‪ ،‬يف ‪،2007/6/17‬‬
‫�إثر �إقالة الرئي�س عبا�س‬
‫حلكومة الوحدة الوطنية‪.‬‬
‫(رويرتز)‬

‫ح�شد كبري حلركة فتح‬


‫يف غزة يف ‪،2007/11/12‬‬
‫مبنا�سبة الذكرى الثالثة‬
‫لوفاة يا�رس عرفات‪.‬‬
‫وهو يظهر احل�ضور‬
‫ال�شعبي الكبري لفتح‪ ،‬يف‬
‫ظل �سيطرة حما�س على‬
‫القطاع‪( .‬رويرتز)‬

‫ح�شد كبري حلركة حما�س‬


‫يف غزة يف ‪،2007/12/15‬‬
‫احتفاالً بالذكرى الع�رشين‬
‫على ت�أ�سي�سها؛ وهو‬
‫يظهر ما تتمتع به من‬
‫�شعبية كبرية يف القطاع‬
‫بالرغم من احل�صار‬
‫اخلانق‪ ،‬وحماوالت �إ�سقاط‬
‫حكومتها‪( .‬رويرتز)‬

‫‪42‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫بـ ـ ـ ـ ــرزت ث ــالثـ ـ ـ ــة م�ؤ�رشات تدل على �أن‬


‫حكومة الوحدة الوطنية لن ُتع ِّمر طويالً‪.‬‬ ‫رابع ًا‪� :‬سيطرة حما�س على القطاع‬
‫ومتثل امل�ؤ�رش الأول يف وجود خطط و�ضغوط �أمريكية – �إ�رسائيلية ت�ستهدف �إ�سقاط حكومة‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬ويف وجود طرف فل�سطيني حم�سوب على فتح م�ستعد للتجاوب مع املخططات‬
‫الأمريكية‪ .‬فقد تتاىل ظهور �أخبار ت�ؤ ِّكد ا�ستمرار خطط دايتون التي ا�ستهدفت ت�سليح قوات حر�س‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية وتدريبها‪ ،‬بهدف �إعدادهم ملواجهات حمتملة مع حما�س يف قطاع غزة‪ .59‬وكان‬
‫يجري احلديث عن جتهيز ‪� 15‬ألف فرد من رجال الأمن يتبعون عبا�س ويدينون بالوالء ملحمد‬
‫دحالن‪ ،‬بحيث تتمكن من حتقيق النتيجة املرجوة يف "ردع حما�س"‪ ،‬وتعطي عبا�س القدرة على‬
‫اتخاذ القرارات ال�سيا�سية واال�سرتاتيجية املطلوبة مثل حل احلكومة التي تقودها حما�س‪ ،‬و�إن�شاء‬
‫حكومة طوارئ‪.60‬‬
‫وحتدثت يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ 2007‬تقارير عن مقرتحات قدمتها الإدارة الأمريكية للرئا�سة‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬ضمن خطة �سميت "خطة عمل الرئا�سة الفل�سطينية ل�سنة ‪ ،"2007‬تهدف لتقوية فتح‪،‬‬
‫والإعداد للح�سم الع�سكري مع حما�س و�إ�سقاطها‪ ،‬وتوفري ما يلزم لتمكني الرئا�سة الفل�سطينية من‬
‫ال�سيطرة على الأجهزة الأمنية‪ .‬وحددت اخلطة ثالثة �أ�شهر �إىل ت�سعة �أ�شهر كح ٍّد �أق�صى لتحقيق‬
‫�أهدافها‪ .61‬و�أ�شارت تقارير �أخرى �إىل �أن دايتون �أك َّد يف جل�سة ا�ستماع يف جلنة ال�رشق الأو�سط‬
‫بالكوجنر�س الأمريكي يف �أواخر �أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬ب�أن "الأو�ضاع �ستنفجر قريبا ً وبال رحمة يف‬
‫قطاع غزة"‪ .62‬كما �أكد املوفد اخلا�ص للأمم املتحدة �ألفارو دي �سوتو ‪ Alvaro de Soto‬يف تقرير‬
‫نهاية خدمته �أنه منذ ت�شكيل حكومة حما�س وحتى التو�صل �إىل اتفاق مكة بعد عام‪ ،‬دفعت الواليات‬
‫املتحدة بو�ضوح �إىل مواجهة بني فتح وحما�س‪ .‬وقال دي �سوتو �إن امل�ست�شارين املقربني من عبا�س‬
‫"ك�شفوا لنا على نحو خا�ص �أنهم �صاغوا مبادرة حلل حكومة حما�س"‪.63‬‬
‫متثل امل�ؤ�رش الثاين يف عدم �إبداء الرئا�سة الفل�سطينية والتيار الأمني املتنفذ يف فتح تعاونا ً حقيقيا ً‬
‫يف جمال �ضبط الأجهزة الأمنية وتنظيمها‪ .‬وكان تعيني حممد دحالن م�ست�شارا ً للأمن القومي‬
‫م�ؤ�رشا ً ت�صعيديا ً يف ر�أي حما�س والكثري من املراقبني‪ .‬غري �أن �أبرز املظاهر كان يف �إف�شال وتعطيل‬
‫عمل وزير الداخلية يف وزارة الوحدة الوطنية هاين القوا�سمي‪ ،‬وا�ضطراره لال�ستقالة‪.‬‬
‫�أما امل�ؤ�رش الثالث فتمثل يف جمموعة الإجراءات امليدانية التي قام بها التيار املتنفذ يف فتح على‬
‫رسب من خطط �أمريكية‪ .‬ومتثل ذلك يف تو�سيع حر�س‬ ‫الأر�ض‪ ،‬والتي تتوافق ب�شكل كبري مع ما ت� َّ‬
‫الرئا�سة وتدريبه وجتهيزه‪ ،‬و�إدخال ‪ 500‬عن�رص من عنا�رص الأمن الفل�سطيني املوالني للرئي�س‬
‫عبا�س واملدربني يف م�رص‪ ،‬وعمل احلواجز الأمنية‪ ،‬وكرثة عمليات اخلطف واالغتيال املن�سوبة‬
‫للعنا�رص املوالية للرئي�س عبا�س ودحالن‪ ،‬خ�صو�صا ً يف منت�صف �أيار‪ /‬مايو ‪2007‬؛ حيث حتدثت‬
‫م�صادر من حما�س عن اغتيال ‪ 22‬من عنا�رصها يف �أ�سبوع واحد على يد الأجهزة الأمنية‪ .64‬وحتدثت‬
‫‪43‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الأنباء عن ا�ستهداف مواطنني ملجرد �أنهم ملتحون �أو مقربون من حما�س‪ .‬وكان اغتيال الأجهزة‬
‫الأمنية امليداين ل�صحفيني يعمالن يف جريدة فل�سطني يف ‪ 2007/5/13‬منوذجا ً لعملية ت�صعيد وتوتري‬
‫�أمني متعمد‪� .65‬أما قتل ح�سام �أبو قين�ص ثم رميه من �أحد الأبراج فكان منوذجا ً م�أ�ساوياً‪ ،‬ل�شاب‬
‫فتحاوي‪ ،‬اغتالته العنا�رص الأمنية ملجرد �أنه ملتحي‪ ،‬وهو ما �أكده فيما بعد توفيق �أبو خو�صة �أحد‬
‫قيادات فتح يف القطاع‪ ،‬و�أحد املتحدثني با�سمها‪.66‬‬
‫خا�ضت حما�س ما �أ�سمته مبعركة احل�سم مع "التيار االنقالبي العميل يف فتح"‪ ،‬ويف الفرتة‬
‫‪ 2007/6/14-11‬متكنت من ال�سيطرة على قطاع غزة‪ .‬وذكر �أنه �سقط يف عملية احل�سم ما جمموعه‬
‫‪ 116‬قتيالً و‪ 550‬جريحا ً‪� .67‬أما �إح�صاءات املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‪ ،‬فت�شري �إىل �أنه قد‬
‫�سقط جراء �أحداث احل�سم الع�سكري ‪ 161‬قتيالً خالل الفرتة ‪ ،2007/6/16-7‬ومن بني ه�ؤالء ‪43‬‬
‫مدنياً‪ ،‬و‪� 91‬شخ�صا ً من عنا�رص حركة فتح والأجهزة الأمنية التابعة لها‪ ،‬و‪� 27‬شخ�صا ً من حركة‬
‫حما�س وكتائب الق�سام والقوة التنفيذية‪.68‬‬
‫وقد دافعت حما�س عما قامت به ب�أنه كان ا�ضطرارا ً ولي�س اختيارياً‪ ،‬و�أنها مل ت�ستهدف �إالّ فئة‬
‫معينة حم�سوبة على فتح؛ و�أنها مل تق�صد يف البداية ال�سيطرة على القطاع‪ ،‬ولكن الأمور "تدحرجت"‬

‫�إىل �أن و�صلت �إىل ذلك احل ّد؛ و�أنها مل تكن تخطط لل�سيطرة على املربع الأمني ومقر الرئا�سة‪ ،‬ولكن‬
‫قيام الأجهزة الأمنية ب�إخالئها‪ ،‬وتعر�ضها للنهب وال�رسقة من قبل النا�س‪ ،‬ا�ضطرها للقيام بهذه‬
‫اخلطوة‪ .‬وجاء يف التو�ضيحات �أن ال�سيطرة على مواقع الأجهزة الأمنية جاءت من �أجل قطع الطريق‬
‫على ما و�صفتها بـ"الفئة املت�صهينة التي تت�سرت ببع�ض الأجهزة"‪ .‬وقال البيان "�إن قائد التيار‬
‫اخلياين املت�صهني اعترب ال�رشاكة منق�صة‪ ،‬واعتزم �إف�شالنا و�سلك كل طريق لذلك‪ ،‬ونحن ن�صرب‬
‫ونطالب الإخوة يف فتح بلجم هذه الفئة الباغية‪ ،‬لكن من دون جدوى‪ ،‬حتى ا�ستطاعت هذه الفئة‬
‫�أن ت�سيطر على مراكز القوة يف احلركة‪ ،‬وت�سخرها خلدمة �أهدافها ال�صهيونية"‪ .‬وقالت حما�س يف‬
‫بيانها �إنها "ال تعادي �أيا ً من هذه الأجهزة [الأمنية]‪ ،‬ولكن ت�ستهدف الفئة التي تند�س بني �صفوفهم‬
‫فقط"‪ .69‬وحتدث �سامي �أبو زهري الناطق با�سم حما�س فقال "كنا م�ضطرين لهذه اخلطوة بعد �أن‬
‫ف�شلت كل الو�ساطات لوقف اجلرائم‪ ...‬والطريق لي�س م�سدوداً‪ ،‬و�إذا كانت هناك جدية حقيقية من‬
‫طرف الرئي�س حممود عبا�س لوقف هذه الأحداث فنحن جاهزون"‪.70‬‬
‫مل تخ ُل عملية احل�سم �أو ما عرف باالنقالب من ممار�سات �سلبية �أ�ساءت �إىل �صورة حما�س؛‬
‫فجة وم�سيئة‪.‬‬
‫فقد نقلت و�سائل الإعالم وال�شبكات الإخبارية عملية �إعدام �سميح املدهون ب�صورة َّ‬
‫كما نقلت �صور �إجبار �ضباط الأمن الفل�سطيني على اخلروج ب�صدور عارية‪ ،‬و�صور رفع علم‬
‫حما�س على بع�ض املقرات‪ ،‬و�صورة دو�س �أحدهم على �صورة الرئي�س يا�رس عرفات‪ .‬وغري ذلك‬

‫‪44‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫من النماذج التي قامت الو�سائل الإعالمية املح�سوبة على حما�س بن�رشها‪ ،‬وهو ما خدم خ�صومها‬
‫ب�شكل كبري‪ ،‬وق َّدم لهم �أدوات ا�ستخدموها ب�شكل فاعل للتحري�ض �ض ّد حما�س‪ .‬وقد اعرتف العديد‬
‫من قيادات حما�س بوجود هذه املمار�سات اخلاطئة‪ ،‬و�أعلنوا رف�ضهم لها‪ ،‬غري �أنهم قدموها يف �سياق‬
‫التحري�ض الهائل املتبادل بني فتح وحما�س‪.‬‬
‫رف�ضت حما�س �أن ت�سمي ما قامت به انقالباً؛ لأن الذي اتخذ القرار هو رئي�س الوزراء‪ ،‬وهو‬
‫نف�سه يتوىل من�صب وزير الداخلية يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وهو مدعوم من جمل�س ت�رشيعي‬
‫منتخب ميثل غالبية الأع�ضاء‪ .‬كما �أن حما�س ظلت على اعرتافها بالرئي�س عبا�س و�رشعيته‪ ،‬ودعته‬
‫وبغ�ض النظر عن تعريف ما قامت به حما�س �إن كان‬ ‫ِّ‬ ‫�إىل التفاهم واحلوار دون �رشوط م�سبقة‪.‬‬
‫"ح�سما ً" �أو "انقالبا ً"‪ ،‬ف�إن نتائجه كانت كبرية على ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬وكان من �أبرزها‪:‬‬
‫‪ .1‬لأول مرة يحدث �إىل جانب ال�رشخ ال�سيا�سي انق�سام جغرايف‪ ،‬فيجد �أبناء قطاع غزة �أنف�سهم‬
‫حتت �سيطرة حما�س وحكومتها املُقالة؛ بينما جتد ال�ضفة الغربية نف�سها حتت �سيطرة فتح‬
‫والرئا�سة الفل�سطينية وحكومة الطوارئ‪.‬‬
‫‪ .2‬تظهر الأحداث التي انتهت باحل�سم مدى قوة ت�أثري العوامل اخلارجية يف العمل الوطني‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�أن الواليات املتحدة و�إن مل تنجح يف الق�ضاء على حما�س‪� ،‬إال �أنها جنحت‬
‫يف �شقّ ال�صف الوطني و�إ�ضعافه‪ ،‬ويف �إ�شعال ال�رصاع الدامي بني ُقطبي احلركة الوطنية‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪� .3‬أ�رضت الأحداث ب�شكل كبري ب�صورة امل�رشوع الوطني الفل�سطيني‪ ،‬وب�صورة برناجمها‬
‫املقاوم‪ ،‬و�أحدثت حالة من اال�ستياء والنفور والإحباط يف �أو�ساط اجلماهري العربية‬
‫والإ�سالمية‪ ،‬ويف الأو�ساط العاملية الداعمة للحقّ الفل�سطيني‪.‬‬
‫‪ .4‬تعاملت الرئا�سة الفل�سطينية مع �سيطرة حما�س على القطاع كفر�صة لإ�سقاط حكومة الوحدة‬
‫الوطنية و�إن�شاء حكومة طوارئ موالية (حتى و�إن كان ذلك خمالفا ً للقانون الأ�سا�سي) يف‬
‫ال�ضفة الغربية‪ .‬وا�ستفادت من تغييب دور املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬الذي ت�سيطر عليه حما�س‪،‬‬
‫ب�سبب االعتقال الإ�رسائيلي لأكرث من ‪ 40‬من نوابها‪ ،‬يف �إ�صدار مرا�سيم رئا�سية ت�أخذ قوة‬
‫القانون‪ .‬وقد م�ضت املرا�سيم والإجراءات الرئا�سية وحكومة الطوارئ بعيدا ً يف الت�ضييق‬
‫على حما�س واالعتداء على عنا�رصها يف ال�ضفة الغربية و�إغالق م�ؤ�س�ساتها‪ ،‬وحماولة‬
‫تفكيك بنيتها التنظيمية والع�سكرية‪ .‬يف الوقت الذي طورت الرئا�سة واحلكومة يف ال�ضفة من‬
‫تن�سيقها الأمني مع االحتالل الإ�رسائيلي‪ .‬وقد �أفادت م�صادر حما�س يف ال�ضفة �أن حما�س‬

‫‪45‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫تعر�ضت لـ ‪ 1,007‬اعتداءات يف الفرتة ‪ 2007/8/31-6/11‬من عنا�رص الأجهزة الأمنية ومن‬


‫عنا�رص فتح‪ ،‬وقد �شملت ‪ 639‬عملية اعتقال واختطاف‪ ،‬و‪ 36‬عملية �إطالق نار‪ ،‬و‪ 175‬اعتداء‬
‫على م�ؤ�س�سات وجمعيات‪ ،‬مبا يف ذلك دور قر�آن‪ ،‬وجمعيات خريية‪ ،‬وم�ؤ�س�سات �إعالمية‬
‫ومكاتب �صحفية‪ ،‬ومدار�س وريا�ض �أطفال‪ ،‬كما حدث ‪ 156‬اعتداء على ممتلكات خا�صة‬
‫ب�أبناء حما�س ومنا�رصيها‪.71‬‬
‫ويف املقابل‪� ،‬أحكمت حما�س وحكومتها املقالة ال�سيطرة على قطاع غزة‪ ،‬وتعاملت ب�شدة‬
‫مع �أن�صار فتح‪ ،‬الذين كانت ترى يف ممار�سات عدد منهم تهديدا ً للأمن واال�ستقرار يف‬
‫القطاع‪ .‬غري �أنه مل تتوفر �إح�صائيات حمددة عن حجم التجاوزات القانونية يف القطاع‪ .‬و�إن‬
‫كان ك ٌّل من ال�سلطتني يف ال�ضفة والقطاع قد تعر�ضتا لنقد م�ؤ�س�سات حقوق الإن�سان‪.‬‬
‫‪� .5‬أثارت عملية احل�سم �شكوك وخماوف عدد من القوى الفل�سطينية جتاه حما�س‪ ،‬ومدى‬
‫م�صداقيتها وجديتها يف احرتام اخليار الدميوقراطي‪ ،‬والتداول ال�سلمي لل�سلطة‪ .‬و�أثار‬
‫�سم حما�س "بالتطرف"‬ ‫جلو�ؤها "للعنف" موجة من احلمالت التحري�ضية والإعالمية التي َت ِ‬
‫و"الإرهاب" و"الظالمية"‪ ،‬وتربط ما بينها وبني القاعدة‪ ...‬وغري ذلك‪ .‬وقد انعك�ست هذه‬
‫ال�صورة �سلبا ً يف بلدان العامل العربي وخ�صو�صا ً يف م�رص املجاورة للقطاع‪ ،‬والتي يواجه‬
‫نظامها �صعوبات يف التعامل مع الإخوان امل�سلمني‪ ،‬حيث تع ُّد حما�س جزءا ً منهم‪ .‬وقد‬
‫احتاجت حما�س لأ�شهر طويلة من االت�صاالت والتو�ضيحات‪ ،‬للتخفيف من وقع ال�صورة‬
‫التي الزمتها �إثر عملية احل�سم‪.‬‬
‫‪ .6‬وجدت الرئا�سة الفل�سطينية نف�سها طليقة يف غياب ال�رشاكة مع حما�س‪ ،‬ويف غياب املجل�س‬
‫الت�رشيعي‪ ،‬فم�ضت ب�شكل حثيث يف م�رشوع الت�سوية ويف املفاو�ضات مع اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬وبوجود الرعاية والدعم الأمريكي والغربي والعربي‪ .‬غري �أن املفاو�ض‬
‫الفل�سطيني وجد نف�سه يف �أ�ضعف حاالته‪ .‬فهو ال ميلك �إال �سيطرة منقو�صة على ال�ضفة‪،‬‬
‫واجلبهة الداخلية الفل�سطينية ممزقة‪ ،‬وهو لي�س يف حالة متكنه من اتخاذ �أية خطوات جادة‬
‫لإعادة بناء منظمة التحرير �أو احلوار مع حما�س‪ .‬ووجد �أنه �إذا كان ال ي�ستطيع بناء الوحدة‬
‫الوطنية من دون ال�رشاكة مع حما�س‪ ،‬ف�إنه ال ي�ستطيع يف الوقت نف�سه ال�سري يف م�رشوع‬
‫ف�ض هذه ال�رشاكة‪ .‬وت�ستفيد‬ ‫الت�سوية �أو بناء عالقات مع �أمريكا و"�إ�رسائيل" �إال �إذا َّ‬
‫"�إ�رسائيل" من هذا الو�ضع يف ابتزاز رئا�سة ال�سلطة لتحقيق املزيد من التنازالت‪ ،‬غري �أنها‬
‫يف الوقت نف�سه غري مطمئنة �إىل قدرة عبا�س على تنفيذ االتفاقيات‪ ،‬وبالتايل ف�إنها مرتددة يف‬
‫�إعطائه ما يرتتب عليها من التزامات‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫‪ .7‬عانى قطاع غزة من ح�صار خانق ومتوا�صل‪ ،‬ومن اعتداءات �إ�رسائيلية متوا�صلة‪ ،‬و�أ�سهم‬
‫للأ�سف بع�ض عنا�رص ال�سلطة يف التحري�ض على حما�س‪ ،‬بهدف �إ�سقاط حكومتها و�إف�شال‬
‫جتربتها‪ ،‬وكان من مناذج ذلك اتهامها ب�إيواء تنظيم القاعدة‪� ،‬أو بتح�صيل فواتري الكهرباء‬
‫مل�صلحتها‪ ...‬وغري ذلك‪ .‬وعلى الرغم من املعاناة الهائلة ل�سكان القطاع‪� ،‬إال �أن حما�س متكنت‬
‫من االحتفاظ ب�سيطرتها على القطاع‪ .‬وكان من الالفت للنظر �أن ال�ضغوط واحلمالت‬
‫الإ�رسائيلية قد ارتدت عك�سيا ً يف نهاية املطاف‪ ،‬فعادت �شعبية حما�س للتح�سن واالرتفاع‪.‬‬
‫‪� .8‬أدت ع ــملية احل�سم �إىل خفوت ظاهرة الفلتان الأمني يف قطاع غزة‪ ،‬و�إىل تراجع حدة‬
‫ال�ص ــدامات الف�صائلية والعائلية‪ .‬وهو ما ي�شري �إىل �أن حما�س جنحت ن�سبيا ً يف �إ�ضعاف‬
‫هـذه الظاهرة وال�سيطرة عليها؛ كما �أن ذلك يرجح مقولة حما�س حول امل�س�ؤولية الكبرية‬
‫لتيار �أمني حمدد‪ ،‬حم�سوب على فتح‪ ،‬عن ظاهرة الفلتان الأمني‪ .‬وح�سب �إح�صائيات مركز‬
‫امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬ف�إن عدد قتلى ظاهرة الفلتان الأمني يف الأ�شهر ال�ستة الأوىل من‬
‫�سنة ‪ 2007‬قد بلغ ‪ 422‬قتيالً و‪ 1,946‬جريحاً‪� ،‬أما ال�شهور ال�ستة الأخرية من �سنة ‪،2007‬‬
‫والتي تلت �سيطرة حما�س على القطاع‪ ،‬ف�إن عدد �ضحايا الفلتان الأمني بلغ نحو ‪ 60‬قتيالً‬
‫و‪ 425‬جريحا ً‪� .72‬أما ال�شهور الثالثة الأوىل من �سنة ‪ 2008‬فق ِّدر عدد ال�ضحايا بنحو ‪13‬‬
‫قتيالً و‪ 25‬جريحاً‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر �أن الفلتان الأمني مل يكن مقت�رصا ً على ال�رصاع بني فتح وحما�س (و�إن كان‬
‫ذلك من �أ�سو�أ مظاهره)‪ ،‬و�إمنا �شمل ال�رصاعات العائلية و�أعمال "بلطجة" خمتلفة‪ ،‬وقيام عدد من‬
‫املواطنني بتنفيذ ما يظنونه "عدالً" ب�أيديهم ب�سبب غياب هيبة ال�سلطة‪ .‬نحن ال منلك �إح�صائيات‬
‫حمددة لقتلى فتح وحما�س يف �سنة ‪ 2007‬نتيجة ال�صدامات بينهما‪ .‬غري �أن حما�س ذكرت �أنها خ�رست‬
‫‪ 69‬قتيالً و‪ 74‬جريحا ً من عنا�رصها يف الفرتة منذ توقيع اتفاق مكة يف ‪ 2007/2/7‬وحتى احل�سم‬
‫الع�سكري يف ‪ ،2007/6/14‬كما ذكرت �أنها تعر�ضت لـ ‪ 120‬حالة خطف‪ ،‬و‪ 102‬حالة اعتداء على‬
‫امل�ؤ�س�سات و‪ 97‬حادث �إطالق نار‪� .73‬أما حركة فتح فت�شري بع�ض التقديرات التي مل تت�أكد �صحتها‬
‫من �أنها خ�رست ‪ 138‬قتيالً و‪ 299‬جريحا ً طوال �سنة ‪ .2007‬كما جتدر الإ�شارة �إىل وقوع الكثري من‬
‫املواطنني الأبرياء نتيجة الفلتان الأمني‪ .‬وعلى الرغم من احلالة ال�صعبة التي يعي�شها القطاع‪ ،‬ف�إن‬
‫الأ�شهر الثالثة الأوىل من �سنة ‪ 2008‬مل ت�شهد �سقوط قتلى يف �رصاعات بني فتح وحما�س‪ ،‬وبدا‬
‫�أن الو�ضع حتت ال�سيطرة‪ .‬انظر جدول ‪ 1/1‬حول الفلتان الأمني يف الأ�شهر ال�ستة الأوىل من �سنة‬
‫‪ ،2007‬وكذلك انظر جدول ‪ 1/2‬حول �ضحايا الفلتان الأمني يف الفرتة ‪.2007-2002‬‬

‫‪47‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ :1/1‬بع�ض �إح�صاءات حاالت وحوادث الفلتان الأمني يف قطاع غزة‪74‬‬ ‫جدول‬


‫عدد القتلى‬ ‫عدد اجلرحى‬
‫�سنة ‪2007‬‬
‫الأطفال‬ ‫القتلى‬ ‫الأطفال‬ ‫اجلرحى‬
‫‪6‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪325‬‬ ‫كانون الثاين‪ /‬يناير‬
‫‪4‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪408‬‬ ‫�شباط‪ /‬فرباير‬
‫‪3‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪204‬‬ ‫�آذار‪ /‬مار�س‬
‫‪2‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪141‬‬ ‫ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫‪4‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪212‬‬ ‫�أيار‪ /‬مايو‬
‫‪9‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪656‬‬ ‫حزيران‪ /‬يونيو‬
‫‪28‬‬ ‫‪422‬‬ ‫‪213‬‬ ‫‪1,946‬‬ ‫املجموع‬

‫بع�ض �إح�صاءات حاالت وحوادث الفلتان الأمني يف قطاع غزة‬

‫‪� :1/2‬ضحايا الفلتان الأمني ‪752007-2002‬‬ ‫جدول‬

‫القتلى‬ ‫اجلرحى‬ ‫ال�سنة‬


‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪57‬‬ ‫‪178‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪895‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪260‬‬ ‫‪1,239‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪482‬‬ ‫‪2,371‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪920‬‬ ‫‪4,796‬‬ ‫املجموع‬

‫‪48‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫�ضحايا الفلتان الأمني ‪2007-2002‬‬

‫‪ .9‬كان من الوا�ضح �أن قرار احل�سم قد اتخذته حما�س ب�شكل ميداين يف قطاع غزة‪ ،‬ومل يكن‬
‫قرارا ً مركزياً‪ .‬وعلى الرغم من �أن حما�س يف ال�ضفة الغربية ويف اخلارج دافعت بقوة عن‬
‫عملية احل�سم‪� ،‬إال �أنها على ما يبدو مل تكن جاهزة لتحمل ا�ستحقاقاته‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬حيث عانت كثريا ً من �ضغط الأجهزة الأمنية‪ ،‬ومن �ضغط عنا�رص حم�سوبة‬
‫على فتح‪ ،‬كما عانت من اعتقال الكثري من قادتها و�إغالق م�ؤ�س�ساتها‪ .‬وكان من الوا�ضح �أن‬
‫احلملة الإعالمية والتعبوية التي رافقت عملية احل�سم كان فيها العديد من الثغرات‪ ،‬والتي‬
‫ا�ستخدمت بع�ض موادها للهجوم على حما�س نف�سها؛ هذا ف�ضالً عن �أن عملية احل�سم‬
‫�شابتها العديد من املمار�سات ال�سلبية‪.‬‬
‫‪ .10‬كان من الوا�ضح �أن معظم العنا�رص يف الأجهزة الأمنية مل تكن ترى �أن املعركة مع حما�س‬
‫هي معركتها‪ ،‬و�إمنا معركة تيار معني يف الأجهزة ويف فتح‪ .‬ولو �أن هذه الأجهزة التي تتكون‬
‫من نحو ‪� 55‬ألف عن�رص يف قطاع غزة ع َّدت املعركة معركتها‪ ،‬لرمبا كان من ال�صعب جدا ً‬
‫على حما�س ح�سم املعركة ل�صاحلها‪ .‬لقد ترك الكثري من ال�ضباط والعنا�رص مواقعهم‪،‬‬
‫ولب�سوا مالب�سهم املدنية و�سلموا مقراتهم حلما�س‪ ،‬فور ات�ضاح رجحان الكفة ل�صاحلها‬
‫يف ال�سيطرة على بع�ض املواقع الرئي�سية‪ ،‬وبعد �أن هرب من القطاع العديد من قيادات فتح‬
‫الأمنية وال�سيا�سية‪ ،‬والتي كانت تتوىل �إدارة املعركة مع حما�س‪.‬‬
‫وي�ؤكد تقرير �أعده املكتب الع�سكري حلركة فتح يف غزة‪ ،‬حول �أ�سباب االنهيار ال�رسيع‬
‫للأجهزة الأمنية‪ ،‬وجود قناعة لدى عدد كبري من منت�سبي الأجهزة ب�أنهم كانوا يدافعون‬
‫عن م�رشوع تيار واحد متنفذ يف ال�سلطة وحركة فتح‪ .‬و�أ�شار تقرير اللجنة الرئا�سية التي‬
‫كلفها حممود عبا�س بالتحقيق يف �أحداث غزة برئا�سة الطيب عبد الرحيم �إىل املعنى نف�سه‬
‫يف عدد من املوا�ضع‪ ،‬وذكر �أن حما�س جنحت يف حتييد ق�س ٍم كبري من حركة فتح و�أطرها‬
‫القيادية‪ ،‬وهو ق�سم مل يكن يرى �أن هذه املعركة هي معركة فتح‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بعد �سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬دعت �إىل فتح باب احلوار الثنائي (فتح ‪ -‬حما�س)‬
‫وال�شامل مع الف�صائل الأخرى‪ ،‬وبرعاية عربية؛ من �أجل توحيد الوطن‪ ،‬ومن �أجل االتفاق على‬
‫طبيعة امل�شاركة ال�سيا�سية التي بلورها اتفاق مكة‪ ،‬وحتقق جزء منها يف حكومة الوحدة الوطنية‬
‫التي تر�أ�سها �إ�سماعيل هنية‪ .‬ولكن حركة فتح والرئا�سة الفل�سطينية التي تبنت حتليالً �آخر‪ ،‬وموقفا ً‬
‫�آخر‪ ،‬قالت �إن ما جرى يف قطاع غزة هو انقالب ع�سكري على ال�رشعية‪ ،‬وهي لن تتحاور مع‬
‫االنقالبيني �إال �إذا تراجعوا بالكامل عما فعلوا‪.‬‬
‫و�إزاء هذين املوقفني املتعار�ضني‪ ،‬بادرت جهات عربية عديدة‪ ،‬وبادرت كذلك �أطراف فل�سطينية‪،‬‬
‫�إىل دعوة حركتي فتح وحما�س للحوار من �أجل جتاوز ما جرى‪ ،‬و�إيجاد ح ّل له‪ ،‬ح ّل مقبول ومتوافق‬
‫عليه‪ .‬وكان �أن بادرت اجلامعة العربية �إىل اتخاذ قرار بت�شكيل جلنة لتق�صي احلقائق‪ ،‬كمدخل لدفع‬
‫الأمور باجتاه احلوار‪ ،‬ولكن الرئا�سة الفل�سطينية رف�ضت الفكرة بغ�ضب‪ ،‬واعتربت �أن "مبد�أ القبول‬
‫بت�شكيل جلنة لتق�صي احلقائق‪ ،‬يعترب اعرتافا ً ب�رشعية االنقالبيني"‪ .76‬وا�ستمر هذا الو�ضع حتى‬
‫نهاية العام ‪ ،2007‬حيث كانت هناك و�ساطات مينية و�سعودية وقطرية وم�رصية و�سودانية‪،‬‬
‫ُر ِف�ضت كلها من قبل حركة فتح والرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬و ُقبِلت كلها من قبل حركة حما�س‪� ،‬إمنا من‬
‫دون نتيجة عملية‪ .‬ويف ظ ّل هذا التباعد بد�أ كل طرف يرتب �أموره على �ضوء موقفه‪ ،‬وعلى �ضوء‬
‫الواقع الذي يواجهه‪.‬‬

‫�أدى توجه الرئا�سة الفل�سطينية �إىل‬


‫�إخراج حركة حما�س من �إطار ال�رشعية‬
‫خام�س ًا‪� :‬إجراءات ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫الفل�سطينية �إىل �رضورة جتاهل وجتاوز املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني‪ ،‬الذي حتتل فيه حركة‬
‫حما�س موقع الأغلبية‪ .‬وكان ال ب ّد لها هنا من مرجعية ت�ضفي �صفة ال�رشعية على قراراتها‪ ،‬فلج�أت‬
‫�إىل منظمة التحرير الفل�سطينية وم�ؤ�س�ساتها‪ .‬وفج�أة �أ�صبحت منظمة التحرير الفل�سطينية موجودة‬
‫يوميا ً بالرغم من تغييبها �شبه الدائم طوال ال�سنوات ال�سابقة‪ ،‬و�أ�صبحت م�ؤ�س�ساتها جتتمع وتبحث‬
‫وتقرر يف �ش�ؤون ال�سلطة الفل�سطينية اليومية‪ ،‬بينما هي ح�سب ما هو متفق عليه‪ ،‬مرجعية لل�سلطة‬
‫يف ال�ش�ؤون الكربى‪ ،‬ولي�ست �أداة تنفيذية �أو ت�رشيعية �ضمن �إطار ال�سلطة‪.‬‬
‫وان�سجاما ً مع هذا التوجه‪ ،‬عقدت اللجنة التنفيذية يف منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬اجتماعا ً‬
‫طارئا ً منذ اليوم الأول لتغري الأو�ضاع يف غزة يف ‪ ،2007/6/14‬و�أقرت عدة تو�صيات و�ضعتها حتت‬
‫ت�رصف الرئي�س عبا�س ليبت بها وهي‪:‬‬
‫• �إقالة حكومة �إ�سماعيل هنية (وهذا من حقّ الرئي�س)‪.‬‬
‫• �إعالن حالة الطوارئ‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫• ت�شكيل حكومة �إنفاذ حالة الطوارئ‪.‬‬


‫• �إجراء انتخابات مبكرة‪.77‬‬
‫وقد بادر الرئي�س عبا�س فورا ً �إىل تبني هذه التو�صيات و�أمر بتنفيذها مبوجب ثالثة مرا�سيم‪.‬‬
‫و�سي�صبح �إ�صدار املرا�سيم منذ هذه اللحظة الو�سيلة الأ�سا�سية التي ي�ستخدمها الرئي�س عبا�س‪ ،‬من‬
‫�أجل جتاوز امل�ؤ�س�سات ال�رشعية‪ ،‬وبحجة وجود حالة الطوارئ‪ .‬و�أُ�سندت مهمة ت�شكيل حكومة‬
‫الطوارئ اجلديدة �إىل �سالم فيا�ض‪.‬‬
‫ح�سب النظام الأ�سا�سي (الد�ستور)؛ ف�إن �إقالة حكومة الوحدة الوطنية‪� ،‬أي حكومة �إ�سماعيل‬
‫هنية‪ ،‬يحولها فورا ً �إىل حكومة ت�سيري �أعمال‪ .‬ولكن الرئا�سة الفل�سطينية جتاوزت ذلك م�ستندة �إىل‬
‫�إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬فهل �إعالن حكومة الطوارئ عمل قانوين؟‪.‬‬
‫لقد بادر خرباء القانون الفل�سطينيون �إىل مناق�شة هذه امل�س�ألة وقالوا‪� :‬إن املر�سوم الأول ب�إقالة‬
‫حكومة الوحدة الوطنية د�ستوري‪ .‬و�إن املر�سوم الثاين ب�إعالن حالة الطوارئ د�ستوري‪� ،‬أما‬
‫الن�ص‬
‫ّ‬ ‫ن�ص قانوين يدعم �رشعيته‪� .‬إن‬ ‫املر�سوم الثالث القا�ضي بت�شكيل حكومة طوارئ‪ ،‬فال يوجد ّ‬
‫القانوين يتيح للرئا�سة �إعالن حالة الطوارئ فقط‪ ،‬وملدة ‪ 30‬يوماً‪ ،‬وال يتيح لها ت�شكيل حكومة‬
‫الن�ص القانوين للرئي�س جتديد حالة الطوارئ �شهرا ً �آخر‪� ،‬إمنا بعد موافقة املجل�س‬‫ّ‬ ‫طوارئ‪ .‬ويتيح‬
‫الت�رشيعي ب�أغلبية ثلثي �أع�ضائه‪ .‬وهذا ما ال يرغب فيه الرئي�س‪.‬‬
‫وهناك ن�ص �آخر يف القانون يفر�ض �أن تتقدم احلكومة‪� ،‬أية حكومة‪� ،‬إىل املجل�س الت�رشيعي لتنال‬
‫ثقته‪ ،‬وي�رسي هذا على حكومة �سالم فيا�ض اجلديدة‪� ،‬إذا ّ‬
‫مت الت�سليم ب�رشعية ت�شكيلها‪ ،‬ولكن هذا‬
‫ما ال يرغب فيه الرئي�س �أي�ضاً‪.‬‬
‫مت ح ّل كل هذه الإ�شكاالت من خالل نظرية احلكم بـ"املرا�سيم"‪ .‬ولذلك ّ‬
‫مت بعد �أيام من‬ ‫وقد ّ‬
‫الأحداث يف ‪� 2007/6/22‬إ�صدار مر�سوم يلغي فقرة يف القانون‪ ،‬تتطلب موافقة املجل�س الت�رشيعي‬
‫على �أية تعيينات وزارية‪ ،‬و�أعلن تعليق العمل باملادة ‪ 79‬من القانون الأ�سا�سي املعدل ل�سنة ‪.2003‬‬
‫وترافق �صدور هذه املرا�سيم مع حملة �أمنية �ض ّد نا�شطي حركة حما�س يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫بينما توىل مر�سوم رئا�سي �آخر تعميق نطاق احلملة �ض ّد حركة حما�س؛ بحيث ت�شمل م�ؤ�س�ساتها‬
‫ون�شاطها املايل‪ ،‬و�أتاح هذا املر�سوم لوزير الداخلية "مراجعة تراخي�ص اجلمعيات وامل�ؤ�س�سات‬
‫والهيئات ال�صادرة عن وزارة الداخلية �أو �أي جهة حكومية �أخرى"‪ .‬ويتيح هذا املر�سوم لوزير‬
‫الداخلية �إغالق �أي من م�ؤ�س�سات حما�س املالية �أو اخلريية �أو التعليمية‪ .‬وقد �شكل �سالم فيا�ض‬
‫حكومة الطوارئ يف ‪ ،2007/6/17‬و�أدت حكومته اليمني الد�ستورية �أمام الرئي�س‪ .‬و�ضمت احلكومة‪،‬‬
‫�إىل جانبه‪ 11 ،‬وزيرا ً‪ ،78‬واقت�رصت على م�ستقلني تكنوقراط‪ ،‬وخلت من �أي وزير منت ٍم لف�صائل‬
‫املقاومة الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وبعد فرتة وجيزة من ت�شكيل هذه احلكومة‪ ،‬قال القانونيان اللذان و�ضعا النظام الأ�سا�سي‬
‫الفل�سطيني (املحامي �أني�س القا�سم والقا�ضي يوجني قطران) �إن هذه الوثيقة ال متنح الرئي�س‬
‫عبا�س حقّ تعيني حكومة جديدة من دون موافقة ت�رشيعية‪ ،‬وال متنحه حقّ تعطيل مواد يف القانون‬
‫ين�ص على بقاء حكومة الوحدة‬
‫الأ�سا�سي‪ .‬وقال وا�ضعا القانون الأ�سا�سي �إن القانون الأ�سا�سي ّ‬
‫الوطنية املُقالة برئا�سة هنية‪ ،‬لت�رصيف الأعمال‪ ،‬حلني ح�صول عبا�س على موافقة برملانية على‬
‫احلكومة اجلديدة‪ .‬وقال القا�ضي قطران (وهو فل�سطيني ورئي�س ق�ضاة يف بريطانيا) لوكالة‬
‫رويرتز ‪" :Reuters‬ما هو وا�ضح هو[وجوب] �أال ت�سقط حكومة هنية خالل فرتة طوارئ"‪ .‬وقال‬
‫املحامي القا�سم‪� :‬إن القانون الأ�سا�سي ال يت�ضمن �أي بنود خا�صة بحكومة طوارئ‪ .‬وقال القا�ضي‬
‫قطران‪� :‬إن وجود حالة طوارئ ال يعني �أن ب�إمكان الرئي�س ت�شكيل حكومة طوارئ‪ ،‬و�إن احلكم من‬
‫خالل مرا�سيم ال يعني �أن من حقّ الرئي�س تعطيل �أو تغيري الد�ستور‪.79‬‬
‫وب�صدد توجه الرئا�سة الفل�سطينية لإجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬قال اخلبري القانوين �أحمد اخلالدي‬
‫عميد كلية القانون يف جامعة النجاح يف نابل�س‪ ،‬وهو م�ستقل �سيا�سياً‪" ،‬ال يوجد ّ‬
‫ن�ص يف الد�ستور‬
‫يتحدث عن انتخابات مبكرة"‪ ،‬وهناك "ن�صو�ص تتحدث عن فرتة حمددة للمجل�س الت�رشيعي وهي‬
‫�أربع �سنوات"‪.80‬‬

‫�س ـ ـع ــت الرئـ ــا�سـ ـ ــة الفل�س ــطينـ ـيـ ــة �إلــى ال�سيطرة‬
‫�ساد�س ًا‪ :‬حماولة ال�سيطرة على‬
‫عـ ـ ـل ــى املـ ـج ـ ـل ــ�س الت�شــريعي‪ ،‬مــ�سـ ـتـغلة اعتـ ـقــال‬
‫"�إ�رسائيل" لـ ‪ 41‬نائبا ً من حركة حما�س من �أ�صل‬ ‫املـجـلـ�س التـ�شريـعـي‬
‫‪ 74‬نائبا ً (ارتفع عددهم فيما بعد �إىل ‪ 44‬نائباً)‪ ،‬مما‬
‫�أفقدها الغالبية يف املجل�س‪ .‬و�أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً رئا�سيا ً يف ‪ 2007/7/5‬حدد فيه موعدا ً‬
‫ون�ص املر�سوم على �إجراء انتخابات هيئة جديدة ملكتب املجل�س قبل‬‫ّ‬ ‫لبدء دورة جديدة للمجل�س‪.‬‬
‫�إجراء �أي مناق�شة لأي مو�ضوع على جدول الأعمال (مبا يف ذلك �إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬وت�شكيل‬
‫حكومة �سالم فيا�ض)‪ ،‬وعلى �أمل �أن تتمكن حركة فتح بالتعاون مع بع�ض الكتل النيابية من‬
‫ال�سيطرة على رئا�سة املجل�س وعلى رئا�سة اللجان‪ ،‬ويكتمل بذلك �إخراج حركة حما�س من النظام‬
‫ال�سيا�سي الفل�سطيني‪� .‬أما الهدف املبا�رش لهذه اخلطوة فهو منح الثقة حلكومة �سالم فيا�ض‪� ،‬إذ‬
‫تنهي حكومة فيا�ض فرتتها الد�ستورية البالغة ‪ 30‬يوما ً يف ‪ ،2007/7/17‬وت�صبح م�ضطرة لنيل ثقة‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ .‬وقد ّ‬
‫مت �إ�صدار هذا املر�سوم بحجة �أن الفرتة الأوىل يف الدورة الأوىل للمجل�س‬
‫الت�رشيعي‪ ،‬ومدتها �أربعة �أ�شهر‪ ،‬انتهت قبل يوم واحد من �صدور املر�سوم‪ ،‬ح�سب تو�ضيح عزام‬

‫‪52‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫الأحمد رئي�س كتلة فتح يف املجل�س‪ .81‬وحني دعت كتلة حما�س قبل ذلك �إىل عقد جل�سة للمجل�س‬
‫رف�ضت حركة فتح الدعوة‪ ،‬وقاطعت اجلل�سة‪ ،‬وقالت �إنها غري قانونية‪ ،‬بينما بد�أت كتلة حركة فتح‬
‫ت�ستعد جلل�سة تعقد على �أ�سا�س املر�سوم الرئا�سي اجلديد‪ ،‬ورف�ض نواب حركة حما�س امل�شاركة‬
‫فيها‪ ،‬و�أ�صبح املجل�س بذلك عاجزا ً عن االنعقاد‪ ،‬و�أ�صبحت حكومة �سالم فيا�ض عاجزة بذلك عن‬
‫نيل الثقة‪ ،‬ولكن الأمر الأهم �أن املجل�س الت�رشيعي �أ�صبح هيئة معطلة عن العمل‪.‬‬
‫وقبيل انتهاء مدة حكومة الطوارئ‪ ،‬املحددة ب�شهر واحد‪ ،‬ويف يوم ‪ ،2007/7/13‬مت تو�سيع هذه‬
‫احلكومة‪ ،‬و�صدر بذلك مر�سوم رئا�سي‪ ،‬ب�إ�ضافة �أربعة وزراء‪ ،‬لي�صبح جمموع �أع�ضاء احلكومة‬
‫‪ 16‬وزيرا ً مبن فيهم �سالم فيا�ض‪ .‬ويف اليوم التايل قدمت حكومة فيا�ض ا�ستقالتها‪ ،‬حيث مت التعامل‬
‫معها بعد ذلك باعتبارها حكومة ت�سيري �أعمال‪ .82‬وبد�أت بذلك �أزمة وزارية مفتوحة‪ ،‬وبد�أ البحث عن‬
‫خمرج للأزمة‪ .‬وبعد ف�شل حماولة تغيري قيادة املجل�س‪ ،‬وف�شل ا�ستغالل اعتقال "�إ�رسائيل" لنواب‬
‫مت اللجوء �إىل خيار منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬فتمت دعوة املجل�س‬ ‫حما�س لتكوين �أغلبية بديلة‪ّ ،‬‬
‫املركزي الفل�سطيني لالنعقاد‪ ،‬ور ّدت حما�س على ذلك بتوجيه دعوة النعقاد املجل�س الت�رشيعي‬
‫يف جل�سة عادية‪ ،‬وقال �أحمد بحر رئي�س املجل�س الت�رشيعي بالوكالة‪� ،‬إن كتلة حما�س �ست�ستخدم‬
‫توكيالت من �أع�ضاء الكتلة املعتقلني لدى "�إ�رسائيل" للإدالء ب�أ�صواتهم‪ .‬ولكن كتلة فتح‪ ،‬ومعها‬
‫الكتل النيابية الأخرى‪ ،‬رف�ضت مبد�أ ا�ستخدام التوكيل يف الت�صويت‪.83‬‬
‫انعقد املجل�س املركزي ملنظمة التحرير يف ‪ ،2007/7/18‬و�ألقى الرئي�س عبا�س خطابا ً �أمامه دعاه‬
‫فيه �إىل‪:‬‬
‫• �إقرار �إجراء انتخابات رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ ،‬وعلى �أ�سا�س القائمة الن�سبية‪.‬‬
‫• جدد اتهام حركة حما�س مبحاولة اغتياله‪.‬‬
‫• �أعلن انتهاء اتفاق القاهرة املوقع بني الف�صائل الفدائية كافة‪( .‬اتفاق �إعادة بناء وتطوير‬
‫منظمة التحرير الفل�سطينية)‪.‬‬
‫• قال �إن حركة حما�س �رضبت باتفاق مكة عر�ض احلائط‪.‬‬
‫وقد بادر املجل�س املركزي �إىل تقدمي كل ما طلبه منه الرئي�س عبا�س‪ ،‬فوافق على مبد�أ �إجراء‬
‫االنتخابات‪ .‬وبرزت هنا خطورة �إجراء االنتخابات يف ال�ضفة الغربية من دون قطاع غزة‪ ،‬الأمر‬
‫الذي �سيكر�س االنق�سام بني �شطري الوطن‪ ،‬وبدا وا�ضحا ً للجميع �أنه ال ميكن �إجراء انتخابات من‬
‫دون توافق بني الطرفني فتح وحما�س‪ .‬وبادرت حتى الف�صائل والكتل النيابية امللتقية مع حركة‬
‫فتح �إىل �إعالن �أنها لن ت�شارك يف انتخابات من دون توافق وطني‪� ،‬أو �أن ال ت�شمل ال�ضفة والقطاع‬
‫معاً‪ .‬و�سارع الرئي�س عبا�س �إىل �صياغة موقفه بطريقة تر�ضي املعرت�ضني فقال‪� :‬سنعطي احلوار‬
‫‪53‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫فر�صة كافية قبل الدعوة لالنتخابات‪� ،‬رشط �أن يعود االنقالبيون عما فعلوه‪ ،84‬وهو موقف بقي‬
‫�سائدا ً ومتكررا ً حتى نهاية العام‪ .‬وقد ر ّدت حركة حما�س على خطاب عبا�س ببيان عنيف يرف�ض‬
‫خطابه من حيث اللهجة وامل�ضمون‪ .‬وقالت احلركة �إن الرئي�س عبا�س ال ميلك ال�صالحية الد�ستورية‬
‫النتخابات مبكرة‪ ،‬و�شددت على "مت�سكها باتفاق مكة و�إعالن القاهرة"‪ .85‬وقال خالد م�شعل خالل‬
‫لقاء مع ال�صحفيني يف قطر‪:‬‬
‫• �إن حما�س ترف�ض متاما ً القفز على ال�رشعيات الفل�سطينية القائمة‪ ،‬بالرتكيز فقط على‬
‫�رشعية الرئا�سة‪ ،‬وجتاهل �رشعية املجل�س الت�رشيعي واحلكومة‪.‬‬
‫• �إن حما�س ترف�ض ا�ستخدام م�ؤ�س�سات منظمة التحرير الفل�سطينية مرجعية بديلة عن‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪.‬‬
‫• �إن اخلطوة الأوىل يف التوافق الوطني تتمثل يف ح ّل م�شكلة امللف الأمني‪ ،‬ب�إعادة بناء‬
‫الأجهزة الأمنية على �أ�س�س وطنية مهنية‪ ،‬وتنظيف هذه الأجهزة من الف�ساد ومن الأدوار‬
‫امل�شبوهة‪.86‬‬
‫مت �ش ّل ن�شاط املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬كما حتولت‬ ‫�أ�سفر واقع التجاذب هذا عن نتائج حمددة‪� ،‬إذ ّ‬
‫فكرة الدعوة النتخابات مبكرة �إىل جمرد فكرة غري قابلة للتنفيذ‪ ،‬ولكنها بقيت فكرة قائمة‪ ،‬وجرى‬
‫�إدخال تغيريات عليها مبا ينا�سب ت�صور الرئا�سة وحركة فتح ملنطوق االنتخابات �إذا ما جرت‪.‬‬
‫وهكذا �أعلن الرئي�س عبا�س يف ‪ 2007/8/15‬يف خطاب �أمام عمال فل�سطني يف ع ّمان �إن االنتخابات �إذا‬
‫جرت "لن تكون �إال يف ال�ضفة والقطاع معا ً"‪ .87‬ومن جهة �أخرى بادر الرئي�س عبا�س يف ‪2007/9/2‬‬
‫�إىل اعتماد قانون انتخاب جديد يق ّر اعتماد نظام التمثيل الن�سبي يف االنتخابات الت�رشيعية‪ .‬ولعل‬
‫قيادة ال�سلطة �أرادت من ذلك منع حما�س من فر�صة احل�صول على �أغلبية املقاعد حيث كانت قد‬
‫ح�صدت ‪ 45‬مقعدا ً من �أ�صل ‪ 66‬مقعدا ً خم�ص�صة لالنتخاب املبا�رش مقابل ‪ 17‬مقعدا ً حلركة فتح‪� .‬أما‬
‫يف االنتخابات الن�سبية فح�صلت على‪ 29( %44.4‬مقعداً) مقابل ‪ 28( %41.4‬مقعداً) لفتح‪ .‬وراهنت‬
‫قيادة ال�سلطة يف الوقت نف�سه على التحالف مع القوى العلمانية والي�سارية الفل�سطينية لرتجيح‬
‫كفتها يف حال ت�شكيل حكومة مقبلة‪ .‬ثم �إن االنتخابات الن�سبية كانت مطلبا ً لهذه القوى لتتمكن من‬
‫لعب دور �أكرب يف �صناعة القرار ال�سيا�سي‪ ،‬وهو ما يعني �أن عبا�س حاول ا�سرت�ضاء هذه القوى يف‬
‫مواجهته حلما�س‪ .‬وت�ضمن قرار الرئي�س عبا�س هذا بندا ً �آخر خطريا ً يفر�ض على كل مر�شح للربملان‬
‫�أو الرئا�سة �أن يلتزم �سلفا ً باملوقف ال�سيا�سي الذي تعرب عنه منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬ومينع‬
‫بالتايل �أي معار�ض من حقّ الرت�شح‪ ،‬ويدفع باجتاه جمل�س ت�رشيعي من لون �سيا�سي واحد‪ .‬وهو‬
‫موقف ال يتيح فر�صة للقاء �أو التفاهم‪.88‬‬

‫‪54‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫عانت حركة فتح حالة من التفكك والرتهل‬


‫والف�ساد‪ ،‬و�ضعف املرجعية القيادية‬ ‫�سابع ًا‪ :‬الأزمـة داخـل فتح وال�سلطة‬
‫الكاريزمية‪ ،‬خ�صو�صا ً بعد وفاة يا�رس عرفات‪ .‬ودفعت غاليا ً ثمن حمل �أعباء اتفاق �أو�سلو ‪Oslo‬‬
‫‪ Accords‬وم�ستحقاته‪ .‬وقد انعك�س ذلك ب�شكل وا�ضح على تراجع �شعبيتها‪ ،‬مقابل ت�صاعد �شعبية‬
‫حما�س يف االنتخابات البلدية والت�رشيعية‪ .‬كما كانت فتح وما زالت بحاجة �إىل ترتيب بيتها الداخلي‪،‬‬
‫وعقد م�ؤمترها ال�ساد�س الذي طال انتظاره؛ حيث عقدت �آخر م�ؤمتراتها �سنة ‪.1989‬‬
‫كان التدافع داخل حركة فتح يف �سنة ‪ 2007‬يعبرِّ عن خالفات حادة و�رصاع �إرادات و�صالحيات‬
‫بني قوى فتح املختلفة‪ .‬وبينما كان هناك تيار �أمني ي�سعى لإ�سقاط حكومة حما�س و�إف�شال جتربتها‬
‫بالو�سائل الأمنية‪ ،‬حتى لو اقت�ضى ذلك اال�ستعانة بالأمريكيني‪ ،‬كان هناك تيار �آخر ي�سعى لإيجاد‬
‫م�ساحات التفاهم بني فتح وحما�س لرتتيب البيت الفل�سطيني‪ ،‬وينتقد ب�شدة ما يقوم به حممد‬
‫دحالن وم�ؤيدوه‪ .‬وكان عقد امل�ؤمتر ال�ساد�س �أحد املطالب الأ�سا�سية التي ان�شغلت بها قواعد‬
‫حركة فتح‪� ،‬سعيا ً لإدخال دماء جديدة �شابة يف احلركة‪ ،‬و�إزاحة لعنا�رص متهمة ب�ضعفها وعجزها‬
‫وف�سادها‪ .‬غري �أن الأحداث التي �أدت �إىل �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬والطريقة التي نفذت بها‬
‫ووحد عنا�رصها �ضد ما‬‫َّ‬ ‫حما�س "ح�سمها الع�سكري"؛ قد �أ�صاب جميع قطاعات فتح بال�صدمة‪،‬‬
‫ر�أته �رضبة مهينة لفتح وللعمل الوطني امل�شرتك‪ .‬وهو ما �أ�سهم يف دعم �أع�ضاء فتح للإجراءات التي‬
‫اتخذها الرئي�س عبا�س �ض ّد حما�س‪ ،‬ويف منح الفر�صة لقيادة فتح الراهنة يف اال�ستمرار يف قيادتها‪،‬‬
‫ويف ت�أخري عقد م�ؤمتر فتح‪ ،‬على الرغم من النداءات املتوالية لإعادة بناء البيت الفتحاوي‪.‬‬
‫رف�ض القدومي دعوة عبّا�س لالنتخابات املبكرة يف �شهر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،2006‬وجاء‬
‫ذلك باالتفاق مع قادة املنظمات الفل�سطينية الع�رشة الذين اجتمع بهم يف دم�شق يف ‪.892006/12/16‬‬
‫ور�أى القدومي‪ ،‬يف مقابلة مع جملة الكفاح العربي يف ‪� ،2007/1/6‬أن الإ�رصار على تلك الدعوة �سوف‬
‫يقود �إىل حرب �أهلية فل�سطينية‪ ،‬و�أرجع خالل تلك املقابلة خالفه ال�سيا�سي مع عبّا�س �إىل �أن القدومي‬
‫يرف�ض "ال�رشوط الإ�رسائيلية للت�سوية‪ ،‬مثل وقف املقاومة ومالحقة الن�شطاء‪ ،‬يف حني �أن �أبا مازن‬
‫ميكن �أن يتعاطى مع هذه املبادئ‪ ،‬بل �إنه يدعو �إليها"‪ .‬و�أ�ضاف �إن الرئي�س �أبا مازن "�أمريكي وغربي‬
‫املزاج والهوى‪ ،‬على الرغم من �أن الغرب ي�ستغله من دون تقدمي �أي �شيء لل�شعب الفل�سطيني"‪ .‬كما‬
‫قال �إنه "لي�س هناك خالفات بني فتح وحما�س‪ .‬اخلالف هو بني املجموعة التي تعمل يف الرئا�سة‬
‫وحما�س‪ .‬واملجموعة التي تعمل يف الرئا�سة لها م�صاحلها اخلا�صة وبرناجمها ال�سيا�سي اخلا�ص"‪،‬‬
‫و�أ�ضاف �إن ت�رصفات بع�ض العنا�رص الفتحاوية "تخرج عن ال�سياق العام" للحركة‪ ،‬و�إنهم يحتاجون‬
‫�إىل تربية وتدريب‪ .‬و�رضب مثالً بجهاز الأمن الوقائي‪ ،90‬وهو اجلهاز الذي قال القدومي يف ت�رصيح‬
‫ن�رشته جريدة ال�رشق الأو�سط يف ‪� 2007/6/22‬إنه " َت َع َّو َد القيام ب�أعمال ال نر�ضى عنها‪ ،‬خا�صة‬
‫بعد تعيني حممد دحالن م�ست�شارا ً للأمن القومي"‪ .91‬وقد تط ّرق القدومي يف حوار ن�رشته جملة‬

‫‪55‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الأ�سبوع امل�رصية يف ‪ 2007/6/23‬جمددا ً �إىل خالفه مع حممود عبا�س وما �أ�سماه "فتح ‪ -‬ال�سلطة"؛‬
‫حيث قال �إن الرئي�س عبا�س لي�ست له �أية �سلطات خارج �إطار ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬املح�صورة يف‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬ور�أى �أن فل�سطني هي الآن "دولة بال رئي�س"‪.‬‬
‫ويف ‪� ،2007/1/14‬صدر يف ع ّمان بيان با�سم �أع�ضاء وكوادر و�ضباط حركة فتح يف اخلارج‪،‬‬
‫حت ّدث عن تدخل متنفذين يف احلركة‪ ،‬ملنع حتقيق داخلي عن �أ�سباب مقتل الرئي�س الراحل يا�رس‬
‫عرفات‪ .‬وتطرق البيان �أكرث من مرة للقيادي حممد دحالن واملجموعة املقربة منه‪ ،‬دون ذكر‬
‫الأ�سماء‪ ،‬موجها ً حتذيرا ً �شديد اللهجة بالك�شف عن الوثائق والوقائع يف حال ا�ستمرار العمل على‬
‫حرب �أهلية داخل فل�سطني‪.92‬‬
‫�أما يف الداخل‪ ،‬فقد كانت اخلطوة التي قام بها �أحمد حلِّ�س‪ ،‬ع�ضو املجل�س الثوري حلركة فتح‪ ،‬من‬
‫خالل عقد م�ؤمتر "ر�سالتنا" يف ‪ 2007/4/10‬يف قطاع غزة‪� ،‬إحدى �أبرز عالمات وجود انق�سام داخل‬
‫احلركة‪ ،‬ووجود رف�ض للقرارات احلركية التي كان ي�صدرها الرئي�س عبا�س‪ ،‬ولبع�ض ال�سيا�سات‬
‫التي كان ينتهجها املقربون منه؛ حيث وجه امل�شاركون يف امل�ؤمتر الذي �ض ّم كوادر حركية وع�سكرية‬
‫انتقادات الذعة لقادة يف احلركة‪ ،‬ور�أوا �أنهم "ا�ستولوا على احلركة من �أجل م�صاحلهم اخلا�صة"‪،‬‬
‫وتعهدوا بت�صحيح م�سار احلركة‪ .‬وقد �أو�ضح حلِّ�س يف تلك الفرتة �أن امل�ؤمتر هدف �إىل مواجهة‬
‫القرارات غري ال�رشعية التي �صدرت با�سم الرئي�س عبا�س‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل قرار عبا�س بت�شكيل ما‬
‫ُعرف بلجان ال�ساحة ك�أطر تنظيمية بديلة‪ ،‬واتهمه ب�أنه "يحاول فر�ض من ال ميلكون الكفاءة‬
‫على امل�ؤ�س�سة الأمنية‪ ،‬ومينحهم ال�صالحيات التي تخرب العمل التنظيمي اجلا ّد وتعيقه‪ ،‬وتكبله‬
‫ت�صب يف �صالح �شخ�صيات حمددة"‪.93‬‬‫ّ‬ ‫مبجموعة من الإجراءات واملحاذير التي‬
‫كما عقد عدد من القادة الع�سكريني يف كتائب الأق�صى م�ؤمترا ً �صحفيا ً بعد م�ؤمتر "ر�سالتنا"‬
‫ب�أيام‪� ،‬أيدوا فيه ما و�صفوه "احلركة الت�صحيحية" التي يقودها حلِّ�س‪ .‬وقال القيادي يف الكتائب‬
‫خالد اجلعربي خالل امل�ؤمتر �إن حركة "فتح خمتطفة من قبل قياديني يف احلركة حتت �ضغط �أمريكي‬
‫و�إ�رسائيلي"‪ .‬و�أ�ضاف �أن "هناك بع�ض ال�شخ�صيات يف فتح تتلقى دعما ً �أمريكيا ً و�إ�رسائيليا ً"‪ ،‬يف‬
‫�إ�شارة �إىل الأموال التي قرر الكوجنر�س الأمريكي منحها للرئي�س حممود عبا�س يف تلك الفرتة‪.94‬‬
‫وقد ن�ش�أت �أزمة بني الهيئة القيادية العليا حلركة فتح يف غزة‪ ،‬والتي عينها عبا�س لإدارة �ش�ؤون‬
‫احلركة يف القطاع عقب �سيطرة حما�س عليه‪ ،‬وبني حكومة رام اهلل؛ �إثر توقف رواتب نحو ع�رشة‬
‫�آالف من �أبناء فتح العاملني يف الأجهزة الأمنية يف غزة‪ .‬حيث قدم �أع�ضاء الهيئة الع�رشة برئا�سة‬
‫زكريا الآغا ا�ستقاالتهم للرئي�س عبا�س‪ ،‬وفق ما �أكده �أحمد حلّ�س القيادي يف احلركة‪ ،‬مو�ضحا ً �أن‬
‫الهدف من اال�ستقالة هو االحتجاج على "عدم امل�س�ؤولية التي يتعاطى بها بع�ض قيادات فتح يف رام‬
‫اهلل"‪.95‬‬

‫‪56‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫كما ظهرت يف وقت الحق خالفات �أ�شد حدة على خلفية التح�ضريات لعقد امل�ؤمتر ال�ساد�س‬
‫حلركة فتح‪ ،‬كانت �أحداث غزة حا�رضة فيها‪ ،‬وكان من بينها �شجار ن�شب بني ن�رص يو�سف‪،‬‬
‫ع�ضو اللجنة املركزية للحركة‪ ،‬وحممد دحالن‪ ،‬ع�ضو جمل�سها الثوري‪ ،‬خالل انعقاد الدورة الـ ‪34‬‬
‫للمجل�س الثوري يف رام اهلل‪ ،‬خالل الفرتة ‪2008/1/13-10‬؛ حيث بادر يو�سف �إىل توجيه نقد عنيف‬
‫لدحالن‪ ،‬حممالً �إياه امل�س�ؤولية عن "الكارثة" التي حلت بحركة فتح يف غزة‪ ،‬وتبادل الرجالن كالما ً‬
‫قا�سيا ً على �أثره‪ .96‬كما حدثت بعد ذلك ترا�شقات �إعالمية بني حممد دحالن وبني �أمني � ّ‬
‫رس اللجنة‬
‫املركزية حلركة فتح يف الداخل حكم بلعاوي‪.97‬‬
‫وجه �أبو علي �شاهني‪ ،‬ع�ضو املجل�س الثوري للحركة‪ ،‬نقدا ً �شديدا ً‬
‫وبرز خالف �آخر عندما َّ‬
‫�إىل الرئي�س عبا�س حول ق�ضية معاجلته ما و�صفه بـ"االنقالب احلم�ساوي"‪ ،‬وو�صف عبا�س ب�أنه‬
‫"قائد فا�شل"‪ ،‬وب�أنه ال يتخذ القرار املنا�سب يف اللحظة التاريخية املنا�سبة‪ .‬وقد جاء الر ّد على هذه‬
‫االتهامات يف بيان �أ�صدره حكم بلعاوي با�سم الرئي�س عبا�س واللجنة املركزية‪ ،‬و�صف �شاهني ب�أنه‬
‫"�صاحب خيال مري�ض"‪ .‬واتهم البيان ب�صورة وا�ضحة قيادة حركة فتح يف غزة ب�أنها "�أو�صلت‬
‫احلركة �إىل اخلذالن‪� ،‬سواء بامليدان �أو بالتنظري والغرور واالدعاء والهرب"‪.98‬‬
‫وهكذا‪� ،‬أفرزت �أحداث غزة �أزمة داخل ال�سلطة وداخل حركة فتح‪ .‬وكان من �أبرز مظاهر هذه‬
‫الأزمة داخل ال�سلطة‪� ،‬سل�سلة املرا�سيم التي �صدرت ب�إقالة كبار م�س�ؤويل �أجهزة الأمن يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬ب�سبب ما �سمي تقاع�سهم يف الدفاع عن مواقعهم‪ .‬وقد بادر الدكتور ح�سام عدوان‪ ،‬القيادي‬
‫يف حركة فتح يف غزة‪� ،‬إىل املطالبة خالل م�ؤمتر �صحفي يف ‪ 2007/6/17‬بـ"ت�شكيل حمكمة ثورية‬
‫للرموز التي ت�سببت بتدمري فتح يف غزة‪ ،‬وعلى ر�أ�سها دحالن‪ ،‬لإيقاع �أق�صى العقوبات يف حقهم"‪.‬‬
‫وبادر م�س�ؤوالن فتحاويان مقربان من �أحمد حلِّ�س‪ ،‬القيادي الأبرز حلركة فتح يف غزة‪� ،‬إىل‬
‫الت�رصيح لل�صحافة ب�أنهما "مع حماكمة دحالن وكل من له عالقة مبا جرى‪ ،‬لكن �ضمن �أطر احلركة‬
‫الر�سمية"‪ .‬ودعيا اللجنة املركزية للحركة �إىل "ت�شكيل جلنة ملحاكمة دحالن [واملدير العام للأمن‬
‫الداخلي] ر�شيد �أبو �شباك وقادة الأجهزة الأمنية و�ضباطها"‪.99‬‬
‫ويف ‪ 2007/6/18‬ت�رسبت �أنباء عن �صدور قرار للرئي�س عبا�س بح ّل جمل�س الأمن القومي‪.100‬‬
‫وبالفعل فقد �أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً بذلك يف ‪ 2007/6/22‬يق�ضي بح ّل جمل�س الأمن القومي‪،‬‬
‫وهو قرار يعمل باجتاهني؛ اجتاه التخل�ص من �أع�ضاء من حركة فتح ال يريد لهم اال�ستمرار يف هذا‬
‫املوقع احل�سا�س‪ ،‬وبخا�صة حممد دحالن‪ .‬كما يتيح له التخل�ص من ع�ضوية �إ�سماعيل هنية رئي�س‬
‫الوزراء املُقال‪ ،‬يف هذا املن�صب‪ .‬و�أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً يق�ضي ب�إقالة املدير العام للأمن‬
‫الداخلي ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬اليد اليمنى ملحمد دحالن يف مواجهة حكومة الوحدة الوطنية‪ .101‬وكان‬
‫�أبو �شباك وعدد �آخر من قيادات فتح قد غادروا القطاع قبل ح�سم الأزمة‪ ،‬مما �أدى �إىل تبلور ر�أي‬
‫عام �ضدهم داخل حركة فتح‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫و�أ�صدر الرئي�س عبا�س يف ‪ 2007/6/26‬مر�سوما ً حظر مبوجبه كل امليلي�شيات امل�سلحة‬


‫والت�شكيالت الع�سكرية غري النظامية �أيا ً تكن تبعيتها‪ .‬وطلب املر�سوم من احلكومة �إنهاء ظاهرة‬
‫اجلماعات امل�سلحة كافة وم�صادرة �أ�سلحتها‪ .102‬وذلك �إف�ساحا ً يف املجال �أمام خطة �أمنية يجري‬
‫�إعدادها يف وزارة الداخلية‪ ،‬التي ير�أ�سها اللواء عبد الرزاق اليحيى‪ .‬وي�شمل ذلك تنظيمات حركة‬
‫فتح وحما�س واجلهاد الإ�سالمي والف�صائل الأخرى‪ .‬وهذا يف احلقيقة كان تنفيذا ً خلريطة الطريق‬
‫يف بندها املتعلق بتفكيك خاليا املقاومة‪.‬‬
‫ثم �أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً �آخر يف ‪ ،2007/6/27‬بناء على تو�صية من جلنة حتقيق �أمر‬
‫بت�شكيلها‪ ،‬يق�ضي ب�إقالة قادة ثالثة �أجهزة �أمنية هم‪ :‬العميد م�صباح البحي�صي رئي�س جهاز �أمن‬
‫الرئا�سة‪ ،‬ونائبه زياد جودة‪ ،‬ومنار حممد قائد القوات امل�شرتكة يف قطاع غزة‪.103‬‬
‫وبرزت �أزمة �أخرى داخل حركة فتح‪ ،‬حني بادر هاين احل�سن ع�ضو اللجنة املركزية وكبري‬
‫م�ست�شاري الرئي�س عبا�س‪� ،‬إىل �إجراء مقابلة تلفزيونية مع قناة اجلزيرة يف ‪� ،2007/6/27‬أعلن فيها‬
‫�أن ما قامت به حركة حما�س يف غزة هو ق�ضاء على تيار اجلرنال الأمريكي دايتون وخمططه داخل‬
‫حركة فتح‪ ،‬و�أنه مل يكن موجها ً �ض ّد حركة فتح نف�سها‪ .‬وقال �إن حما�س يف البداية حتركت �ض ّد التيار‬
‫الفا�سد الذي ارت�ضى العمل حتت راية دايتون‪ ،‬يف حني �أن "فتح ب�أغلبيتها ال�ساحقة مل تكن تهتم‪."...‬‬
‫وقد �أثار هذا املوقف �ضجة كبرية داخل حركة فتح‪ ،‬و َفتَ َح املجال لتبلور تيار فتحاوي حول هذا‬
‫املوقف‪� ،‬ض ّد التيار الذي ميثله حممد دحالن‪ .‬وقد بادر الرئي�س عبا�س �إىل �إقالة هاين احل�سن من‬
‫من�صب كبري امل�ست�شارين يف ال�سلطة‪� ،104‬أما مطلب ف�صله من اللجنة املركزية‪ ،‬ومطلب حماكمته‬
‫حركياً‪ ،‬فقد تال�شى مع الوقت لعدم قانونيته‪ ،‬ودافع �آخرون من حركة فتح عن هاين احل�سن قائلني‬
‫�إن من حقه كقائد �أن يعلن ر�أيه‪ ،‬وهو ر�أي يجب �أن يناق�ش داخل احلركة �أي�ضا ً‪ .105‬وقال حامت عبد‬
‫القادر ع�ضو قيادة جلنة ال�ساحة يف ال�ضفة الغربية �إن "ما قاله الأخ هاين احل�سن يف مقابلته مع‬
‫حمطة اجلزيرة يتفق مع �آراء الكثري من عنا�رص وكوادر فتح"‪� ،‬إال �أنه انتقد التوقيت الذي اختاره‬
‫احل�سن يف ت�رصيحاته‪ ،‬ور�أى �أن مكان تلك املالحظات هو يف الأطر الداخلية للحركة ال يف و�سائل‬
‫الإعالم‪ .‬كما قال عدد من كوادر فتح يف اجتماع عقدوه يف رام اهلل يف ‪� 2007/6/30‬إن ما طرحه احل�سن‬
‫"يحاكي يف الت�شخي�ص والتحليل واال�ستقراء‪ ،‬ما يدور يف �أو�ساط القواعد احلركية والقيادية يف كافة‬
‫امل�ستويات"‪.106‬‬
‫وتطورت الأزمة من خالل املرا�سيم لت�صل �إىل ال�سلطة نف�سها‪ ،‬وذلك من خالل مر�سوم �آخر‬
‫يف ‪ 2007/8/17‬يق�ضي ب�سحب كافة القرارات الرئا�سية ال�صادرة يف الفرتة من ‪� 2007/3/7‬إىل‬
‫‪� ،2007/4/15‬أي خالل فرتة حكومة الوحدة الوطنية برئا�سة �إ�سماعيل هنية‪ ،‬واملتعلقة بالرتقية‬
‫والرتفيع واالنتقال ملوظفي الوزارات والإدارات والهيئات احلكومية‪ ،‬و�سحب جميع ال�صالحيات‬
‫واالمتيازات املمنوحة لهم مبوجب قرارات �صادرة بهذا اخل�صو�ص‪ .107‬وقد ر ّد �إ�سماعيل هنية‬

‫‪58‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫على هذا النهج يف العمل قائالً �إن الرئي�س عبا�س يرتاجع عن اتفاق مكة ويقو�ضه من خالل املرا�سيم‬
‫التي ي�صدرها‪ ،‬وو�صف تلك املرا�سيم ب�أنها "جمزرة �إدارية"‪.108‬‬
‫ويف وقت الحق‪� ،‬أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً موجها ً لرئي�س وزرائه �سالم فيا�ض‪ ،‬يق�ضي‬
‫بت�سمية ريا�ض املالكي وزيرا ً خلارجية فل�سطني‪ ،‬بعد �أن كان قد ُ�س ّمي‪ ،‬رئا�سيا ً �أي�ضاً‪ ،‬مكلفا ً بوزارة‬
‫رص على االحتفاظ بلقب وزير‬ ‫خارجية ال�سلطة‪ ،‬وهو الأمر الذي عنى جتريد القدومي‪ ،‬الذي ي� ّ‬
‫خارجية فل�سطني‪ ،‬من مهامه اخلارجية‪.109‬‬

‫�أعادت انتخابات املجل�س الت�رشيعي‬


‫يف ‪ 2006/1/25‬ت�شكيل اخلريطة‬ ‫ثامن ًا‪ :‬موقف الف�صائل الفل�سطينية‬
‫ال�سيا�سية الفل�سطينية؛ �إذ �أفرز نظاما ً �أقرب ما يكون ثنائي القطبية‪ ،‬حيث جمعت حركتا فتح‬
‫وحما�س نحو‪ %86‬من الأ�صوات‪ ،‬و‪ %90‬من املقاعد؛ بينما مل تتمكن ف�صائل الي�سار الفل�سطيني‬
‫املن�ضوية حتت منظمة التحرير (ال�شعبية والدميوقراطية وحزب ال�شعب وفدا) من ح�صد �أكرث من‬
‫‪ %7‬من الأ�صوات‪ ،‬و‪ %3.8‬من املقاعد‪� .‬أما حركة اجلهاد الإ�سالمي التي قاطعت االنتخابات‪،‬‬
‫فكانت ا�ستطالعات الر�أي تعطيها نحو ‪ %5-3‬من الأ�صوات‪.‬‬
‫وكان ال�سياق العام ل�سلوك الف�صائل ينحو نحو حماربة تهمي�ش دورها‪ ،‬ومراعاة وزنها الوطني‬
‫والتاريخي واملقاوم؛ و�أن يت ّم بناء نظام �سيا�سي مبني على التوافق الوطني‪ ،‬ولي�س على املحا�ص�صة‬
‫بني فتح وحما�س‪ .‬ويف مثل هذه الأجواء كانت هذه الف�صائل ت�سعى لزيادة وزنها ال�سيا�سي وزيادة‬
‫ت�أثريها يف �صناعة القرار الفل�سطيني‪ ،‬مع احلفاظ على متيزها وخ�صو�صيتها التي متنع ذوبانها �أو‬
‫انزوائها حتت جناح �أي من حركتي فتح وحما�س‪ .‬ولذلك ف�إن مطلب االنتخابات على قاعدة الن�سبية‬
‫كان مطلبا ً م�شرتكا ً ودائما ً للجبهتني ال�شعبية والدميوقراطية وحزب ال�شعب وفدا‪ ،‬لأنها �ستتمكن‬
‫يف مثل هذه احلالة من لعب دور "بي�ضة القبان"‪ ،‬والعن�رص املرجح بني احلركتني الكبريتني اللتني‬
‫ي�صعب على �أي منهما احل�صول على �أكرث من ن�صف الأ�صوات؛ وهو ما �سي�سهل على احلركات‬
‫ال�صغرية �أو�ضاعا ً �أف�ضل لفر�ض �رشوطها وزيادة ت�أثريها يف اللعبة الدميوقراطية‪.‬‬
‫مت بني فتح وحما�س فقط‪ ،‬وتقا�سمت على �أ�سا�سه‬ ‫انتقدت اجلبهة ال�شعبية اتفاق مكة لأنه ّ‬
‫احلركتان احلكومة واملنا�صب‪ .‬ور�أت اجلبهة يف االتفاق هبوطا ً عن �سقف احلقوق الفل�سطينية‬
‫التي حددتها وثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬التي اتفقت عليها جميع الف�صائل‪ ،‬كما انتقدت ما �أ�سمته طي‬
‫ملفي الف�ساد واالقتتال الداخلي وعدم حما�سبة املتورطني يف تلك اجلرائم‪ .110‬ولذلك رف�ضت اجلبهة‬
‫ال�شعبية امل�شاركة يف حكومة الوحدة الوطنية‪� .‬أما اجلبهة الدميوقراطية فنظرت �إىل اتفاق مكة‬
‫‪59‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫باعتباره اتفاقا ً منقو�صا ً يجب تطويره عن طريق حوارات �شاملة‪ ،‬ت�ض ّم اجلميع‪ ،‬حتى يتحول من‬
‫اتفاق ثنائي �إىل اتفاق وطني‪ ،‬ومبا ي�ضمن قيام حكومة وحدة وطنية حقيقية‪ .111‬وعلى الرغم من‬
‫انتقاد اجلبهة الدميوقراطية نظام املحا�ص�صة بني فتح وحما�س �إال �أنها �شاركت يف حكومة الوحدة‬
‫الوطنية بوزير واحد‪.‬‬
‫�أما اجلهاد الإ�سالمي فرحبت بحقن الدم الفل�سطيني الذي �أدى �إليه اتفاق مكة‪ ،‬لكنها رف�ضت‬
‫امل�شاركة يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬لت�ستمر يف االن�سجام مع نف�سها يف النظر �إىل ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫باعتبارها �إفرازا ً من �إفرازات اتفاق �أو�سلو‪ ،‬ويف مقاطعة االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬ويف رف�ض امل�شاركة‬
‫يف �إدارة النظام ال�سيا�سي لل�سلطة‪.‬‬
‫�شاركت كتلة فل�سطني امل�ستقلة برئا�سة م�صطفى الربغوثي يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وتولت‬
‫حقيبة الإعالم‪ ،‬حيث لعب الربغوثي دورا ً مميزا ً يف هذه الوزارة على الرغم من ق�رص الفرتة التي‬
‫تولىَّ فيها هذه احلقيبة‪ .‬و�شاركت كتلة الطريق الثالث يف حكومة الوحدة الوطنية ممثلة برئي�سها‬
‫�سالم فيا�ض الذي تولىَّ وزارة املالية؛ حيث �سعت احلكومة لال�ستفادة من عالقاته املميزة مع العامل‬
‫الغربي‪ .‬وقد ُق ِّدر ل�سالم فيا�ض �أن يلعب بعد ذلك دورا ً يتعدى حجم كتلته‪ ،‬التي مل تكن متلك �أكرث‬
‫من ع�ضوين يف املجل�س الت�رشيعي‪� .‬إذ تولىَّ رئا�سة حكومة الطوارئ التي عينها الرئي�س عبا�س‪،‬‬
‫�إثر �سيطرة حما�س على القطاع‪ ،‬وقد �أعطى هذا املن�صب لفيا�ض الفر�صة لزيادة ت�أثريه ونفوذه‬
‫وعالقاته‪ ،‬ولعب دور �أكرب يف امل�سار ال�سيا�سي الفل�سطيني‪.‬‬
‫حاولت الف�صائل والقوى الفل�سطينية لعب دور الو�سيط يف ال�رصاع بني فتح وحما�س‪ ،‬وقامت‬
‫بجهود كبرية لنزع فتيل التوتر بينهما‪ .‬ومل ي�ؤ ّيد �أي من الف�صائل �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪،‬‬
‫وانتقدت كالً من فتح وحما�س ب�سبب ما �آلت �إليه الأمور‪ .‬غري �أن الالفت للنظر �أن الف�صائل املن�ضوية‬
‫يف منظمة التحرير الفل�سطينية (اجلبهتان ال�شعبية والدميوقراطية وحزب ال�شعب وفدا) قد �شاركت يف‬
‫اجتماعات املجل�س املركزي للمنظمة‪ ،‬والذي ا�ستخدمته الرئا�سة الفل�سطينية ك�أداة لأخذ ال�رشعية‪ ،‬ويف‬
‫توفري الغطاء ملجموعة من الإجراءات واملرا�سيم التي اتخذتها‪ ،‬لتثبيت �سلطتها ومواجهة حما�س‪ .‬ويف‬
‫الوقت الذي كانت فيه هذه الف�صائل تنتقد بقوة "انقالب" حما�س يف قطاع غزة وما �صحبه من ممار�سات؛‬
‫ف�إن �أداءها كان باهتا ً يف نقد جمموعة املرا�سيم والإجراءات واحلمالت الأمنية‪ ،‬التي قامت بها رئا�سة‬
‫ال�سلطة وحكومة فيا�ض �ض ّد حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ .‬ويف�رس البع�ض ذلك يف �أن هذه الف�صائل �أقرب‬
‫من ناحية برناجمها ال�سيا�سي �إىل فتح منها �إىل حما�س‪ ،‬كما يتحدث البع�ض عن حالة الأزمة واالنق�سام‬
‫التي ت�شهدها بع�ض هذه الف�صائل بني مواقف قيادتها يف الداخل الأقرب �إىل عبا�س‪ ،‬وبني مواقف قيادتها‬
‫يف اخلارج الأكرث ت�شدداً‪ .‬ويجد البع�ض تف�سريه يف �أن عملية التمويل املايل التي تتلقاها هذه الف�صائل‬
‫‪60‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫من قيادة املنظمة (الرئي�س عبا�س)‪ ،‬تفر�ض عليها �سلوكا ً �سيا�سيا ً �أكرث حذراً‪ .‬كما �أن الرئي�س عبا�س لبَّى‬
‫رغبتها يف التبني الكامل لنظام االنتخابات على طريقة القائمة الن�سبية‪ .‬وعلى �أي حال‪ ،‬فال ميكن جتاهل‬
‫هذه العوامل جمتمعة‪ ،‬و�إن يكن هناك بع�ض االختالف يف تقدير �أوزانها بني الباحثني‪.‬‬
‫رف�ضت اجلبهة ال�شعبية اخلطوة التي قامت بها حما�س يف ال�سيطرة على قطاع غزة‪ ،‬ودعتها �إىل‬
‫�إعادة الأمور �إىل ما كانت عليه؛ لكنها اعتربت ما قام به الرئي�س عبا�س‪ ،‬من ت�شكيل حكومة طوارئ‪،‬‬
‫خطوة مت�رسعة ُت�سهم يف ت�أزمي الو�ضع الداخلي الفل�سطيني وتعميق الأزمة الفل�سطينية‪ .‬وع َّدت‬
‫اجلبهة الدميوقراطية ما قامت به حما�س انقالبا ً على ال�رشعية‪ ،‬وتق َّدمت مببادرة من �أربع نقاط‪،‬‬
‫ت�شكل رزمة واحدة للخروج من امل�أزق الفل�سطيني‪ .‬وتتمثل النقاط الأربع يف‪:‬‬
‫‪ .1‬تراجع حما�س عن "انقالبها" يف قطاع غزة‪ ،‬والعمل على �صون احلريات الدميوقراطية‬
‫والتعددية ال�سيا�سية‪.‬‬
‫‪ .2‬ت�شكيل حكومة انتقالية حت ُّل حمل حكومة الطوارئ التي �شكلها �أبو مازن‪ ،‬وتر�أ�سها‬
‫�شخ�صية م�ستقلة‪ ،‬بحيث ت�سعى لتهيئة الأجواء املنا�سبة للعودة لل�شعب و�إجراء انتخابات‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ .3‬تعديل نظام االنتخابات العامة باعتماد نظام التمثيل الن�سبي‪.‬‬
‫‪ .4‬تفعيل منظمة التحرير الفل�سطينية وتطويرها‪ ،‬باعتبارها املمثل ال�رشعي والوحيد لل�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�إعادة بناء م�ؤ�س�ساتها على �أ�س�س دميوقراطية ائتالفية‪.112‬‬
‫�أما اجلهاد الإ�سالمي فقد انتقدت قيام حما�س بال�سيطرة على القطاع‪ ،‬غري �أنها كانت �أكرث تفهما ً‬
‫من غريها لهذه اخلطوة‪ .‬وقد نظرت بع�ض �أو�ساط حما�س بعتب وا�ستغراب ل�سلوك حركة اجلهاد‬
‫الذي حاول �أن يلعب دور الو�سيط يف الوقت الذي يجب �أن تقف فيه (ح�سب ر�أيها) ب�شكل حا�سم مع‬
‫حما�س يف خندق التيار الإ�سالمي ويف خندق املقاومة‪ .‬كما ثارت بع�ض الت�سا�ؤالت حول ان�ضمام‬
‫�أعداد من فتح �إىل اجلهاد الإ�سالمي يف قطاع غزة‪ ،‬بعد �سيطرة حما�س على القطاع‪ .‬وظهرت خماوف‬
‫من �أن ي�ستخدم ه�ؤالء مظلة اجلهاد الإ�سالمي يف توتري الأو�ضاع يف القطاع‪ .‬غري �أن ذلك ال ينفي‬
‫�أن حركة اجلهاد الإ�سالمي ا�ستمرت يف ن�شاطها وفعالياتها املقاوِمة‪ .‬وظلت �إىل جانب حما�س يف‬
‫مواجهة االجتياحات الإ�رسائيلية‪ ،‬ويف �إطالق ال�صورايخ‪ ،‬كما عانت هي الأخرى من االغتياالت‬
‫واالعتقاالت الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫ومن املالحظ �أن الف�صائل الفل�سطينية كانت �أقرب �إىل موقف حما�س عندما تعلق الأمر مب�ؤمتر‬
‫�أنابولي�س لل�سالم ‪ Annapolis Peace Conference‬ومب�سار م�رشوع الت�سوية‪� ،‬إذ كان موقفها‬
‫‪61‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ناقدا ً للم�ؤمتر ولعملية الت�سوية‪ .‬وهكذا ف�إن الف�صائل جتد نف�سها يف حاالت تقاطع �أحيانا ً وتعار�ض‬
‫�أحيانا ً �أخرى مع كال الف�صيلني الكبريين فتح وحما�س‪ .‬وهو ما قد ي�ؤهلها للعب �أدوار �أكرث �إيجابية‬
‫يف حتقيق الوحدة الوطنية الفل�سطينية‪� ،‬إذا ما �أح�سنت �إدارة �إمكاناتها وخرباتها‪.‬‬

‫كان احل�صار مفرو�ضا ً على ال�سلطة الفل�سطينية بكاملها‪،‬‬


‫طوال فرتة ت�شكيل حكومة �إ�سماعيل هنية الأوىل‪ ،‬وطوال‬
‫تا�سع ًا‪ :‬ح�صار ّ‬
‫وفك ح�صار‬
‫فرتة حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق مكة‪ .‬وكانت الواليات املتحدة ودول �أوروبا و"�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫ت�ستثني من احل�صار ما ت�سميه الدعم الإن�ساين‪ ،‬وتعلن �أنها تتعامل مع مكتب الرئي�س الفل�سطيني‬
‫فقط وحت ّول له بع�ض الأموال‪� .‬أما بعد ح�سم �أو�ضاع غزة‪ ،‬والقطيعة ال�سيا�سية بني رام اهلل وغزة؛‬
‫فقد �أعلن الغرب كله‪ ،‬وكذلك "�إ�رسائيل"‪ ،‬ف ّك احل�صار عن حكومة رام اهلل‪ ،‬وموا�صلة احل�صار على‬
‫قطاع غزة‪ .‬و�سادت نظرية لدى �أو�ساط الرئا�سة الفل�سطينية وحكومة �سالم فيا�ض‪� ،‬أنه �سيت ّم‬
‫بناء جتربة متطورة ونامية يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬تقابلها جتربة فا�شلة وعاجزة عن ح ّل م�شكالت‬
‫املعي�شة يف قطاع غزة‪ ،‬و�أن هذا الو�ضع وحده �سي�ؤدي �إىل �سقوط جتربة حركة حما�س يف غزة‪.‬‬
‫لقد كان هذا املوقف يعني يف العمق �أن ال�سلطة الفل�سطينية �ستكون �رشيكة يف احل�صار �ض ّد قطاع‬
‫غزة‪ .‬ولكن �أ�صواتا ً عديدة ارتفعت يف العامل كله تطالب بالف�صل بني معاداة "ال�سلطة" اجلديدة يف‬
‫غزة‪ ،‬وبني العقاب اجلماعي لل�سكان (‪ 1.5‬مليون ن�سمة)‪ .‬وهنا �أي�ضا ً وجدت حكومة �سالم فيا�ض‬
‫نف�سها حمرجة �إذا هي تلقت م�ساعدات مالية‪ ،‬وحجبت هذه امل�ساعدات عن قطاع غزة‪ ،‬بينما تعلن‬
‫هي عن نف�سها حكومة لل�شعب كله‪ .‬وهكذا ا�ستمر احل�صار ولكن متا�سكه الداخلي بد�أ بال�ضعف‪،‬‬
‫وبخا�صة �إزاء م�س�ؤوليات مالية عامة من نوع كلفة النفط والكهرباء واملياه التي تدفع ل�رشكات‬
‫�إ�رسائيلية‪ .‬ولذلك برزت واقعيا ً وجهة النظر التي تقول ب�أن على حكومة �سالم فيا�ض �أن توا�صل‬
‫حتمل م�س�ؤولياتها املالية جتاه القطاع‪ ،‬و�أن حت�رص عملها يف حجب الأموال عن حركة حما�س فقط‪.‬‬
‫وهنا ُولِد �شعار جتفيف م�صادر �أموال حركة حما�س‪ .‬وبادرت حكومة �سالم فيا�ض‪ ،‬وعلى مدى‬
‫�ستة �أ�شهر‪� ،‬أي حتى نهاية العام‪ ،‬باتخاذ �سل�سلة من الإجراءات تخدم هذا الهدف‪� ،‬إ�ضافة �إىل قرارات‬
‫�إدارية تعرقل �إمكانية �سيطرة حما�س على الو�ضع يف القطاع‪.‬‬
‫مت ت�رسيب‬‫بد�أ تنفيذ هذه اخلطة مبكراً‪ ،‬وبعد �أيام من �سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة‪� ،‬إذ ّ‬
‫�أنباء �إىل ال�صحافة تقول "اتخذ قادة �أجهزة الأمن يف ال�ساعات الأخرية �سل�سلة من القرارات املهمة‬
‫للحيلولة دون تكرار ما ي�سمونه جتربة غزة يف ال�ضفة‪ ،‬يف مقدمها تفكيك اخلاليا الع�سكرية لكتائب‬
‫عز الدين الق�سام والقوة التنفيذية‪ .‬ومنها �أي�ضا ً جتفيف م�صادر متويل حركة حما�س و�إغالق‬
‫م�ؤ�س�ساتها"‪ .113‬و�صدر يف هذا ال�سياق املر�سوم الرئا�سي يف ‪ 2007/6/22‬الذي يعطي لوزير الداخلية‬

‫‪62‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫�صالحيات ح ّل اجلمعيات املرخ�صة �سابقا ً‪ .114‬ثم يف ‪� 2007/6/26‬صدر املر�سوم الذي يق�ضي بحل‬
‫كل امليلي�شيات والت�شكيالت الع�سكرية �أو �شبه الع�سكرية‪.115‬‬
‫وانتقل الأمر بعد هذه القرارات العامة �إىل �إجراءات حمددة‪:‬‬
‫• رف�ض االعرتاف بنتائج �شهادة الثانوية العامة ال�صادرة عن احلكومة املُقالة يف غزة‪ ،‬مع ما‬
‫يعنيه ذلك من تعطيل ملوا�صلة الطالب لتح�صيلهم الدرا�سي اجلامعي‪.116‬‬
‫• رف�ض االعرتاف بالقرعة بني الراغبني ب�أداء فري�ضة احلج التي �أجرتها وزارة الأوقاف يف‬
‫غزة‪.117‬‬
‫• ا�ستنكاف حكومة �سالم فيا�ض عن دفع رواتب املوظفني يف غزة‪ ،‬ومتييزها بني موظف يتبع‬
‫حلكومة رام اهلل و�آخر يتبع حلكومة غزة‪.118‬‬
‫• �إ�صدار قرار ب�إعفاء جميع �سكان قطاع غزة من ال�رضائب والر�سوم احلكومية‪ ،‬وبهدف‬
‫منع احلكومة املُقالة من م�صدر متويل �أ�سا�سي لها‪ ،‬ولأية حكومة �أخرى‪.119‬‬
‫• حتري�ض ال�شعب على التظاهر �ض ّد حكومة غزة‪ ،‬بعد �أن �أقدمت "�إ�رسائيل" على وقف �إمداد‬
‫الوقود؛ مما �أدى �إىل قطع التيار الكهربائي‪ .‬وقال ريا�ض املالكي وزير الإعالم يف حكومة‬
‫فيا�ض‪ ،‬يف م�ؤمتر �صحفي يف رام اهلل‪" ،‬على ال�شعب الفل�سطيني يف كل بيت يف قطاع غزة �أن‬
‫مت ح ّل‬
‫يخرج �إىل ال�شارع ويقول حلركة حما�س �أنت م�س�ؤولة عن هذه اجلرمية"‪ .120‬وقد ّ‬
‫امل�شكلة عن طريق االحتاد الأوروبي الذي يتوىل عادة متويل وقود حمطة الكهرباء‪.‬‬
‫• �إقرار قانون خا�ص ملنع غ�سل الأموال‪ ،‬وبهدف "تقلي�ص قنوات حما�س املالية"‪.121‬‬
‫• بروز �أزمة �صحية كبرية‪ ،‬وبخا�صة يف �إطار الأمرا�ض ال�صعبة‪ ،‬والتي حتتاج �إىل تغطية مالية‬
‫خا�صة‪ ،‬وهي تغطية غري متوفرة ب�سبب احل�صار‪� .‬إ�ضافة �إىل انح�سار عدد الأدوية املتوفرة‬
‫يف امل�ست�شفيات لل�سبب نف�سه‪ ،‬وهو ما حذر منه با�سم نعيم وزير ال�صحة بالوكالة يف غزة يف‬
‫م�ؤمتر �صحفي يف ‪.1222007/11/20‬‬
‫• �إقــدام الــ�سلطة يف رام اهلل عـلى حـ ّل جـميـع لـجـان الـزكـاة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وتعطيل دورها‬
‫يف خدمة النا�س‪ ،‬بحجة �أنها م�صدر مايل حلركة حـمـا�س‪.123‬‬
‫وقد �أ�سفرت هذه احلرب الإدارية واملالية من قبل حكومة �سالم فيا�ض‪ ،‬كما �أ�سفرت حرب‬
‫احل�صار من قبل "�إ�رسائيل"‪ ،‬عن حالة اقت�صادية �صعبة �شملت القطاع ب�أكمله؛ فبادر فيليبو غراندي‬
‫‪ Filippo Grandi‬نائب املفو�ض العام لوكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني‬
‫(الأونروا) ‪� UNRWA‬إىل عقد م�ؤمتر �صحفي يف ‪ 2007/8/9‬يف غزة‪ ،‬حذر فيه من �أن "القطاع بات‬

‫‪63‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫مهددا ً عمليا ً ب�أن ي�صبح جمتمعا ً معتمدا ً على امل�ساعدات الدولية ‪ ،%100‬جمتمعا ً معزوالً ومغلقا ً"‪.‬‬
‫وقال �إن القطاعني ال�صناعي والزراعي "يتعر�ضان �إىل كارثة"‪ ،‬وطالب بفتح املعابر وال�سماح‬
‫باال�سترياد والت�صدير‪ .124‬و�أعلنت الأمم املتحدة بعد فرتة �أي�ضا ً �أن احل�صار الإ�رسائيلي على قطاع‬
‫غزة �أدى �إىل �إغالق ‪ %85‬من امل�صانع ب�سبب عدم توفر املواد اخلام‪ .‬وقال تقرير �صادر عن املنظمة‬
‫الدولية �إن امل�صانع �رسحت عمالها البالغ عددهم ‪� 70‬ألف عامل‪.125‬‬

‫رمبا تكون �سنة ‪ 2007‬من �أ�سو�أ ال�سنوات يف التاريخ الفل�سطيني احلديث‪ ،‬من ناحية‬
‫الو�ضع الداخلي الفل�سطيني؛ فقد متيزت ب�رصاع دموي بني �أكرب حركتني فل�سطينيتني‪،‬‬
‫انتهى بانق�سام �سيا�سي وجغرايف‪.‬‬
‫�أظهرت �سنة ‪ 2007‬ه�شا�شة البناء ال�سيا�سي الدميوقراطي الفل�سطيني‪ ،‬و�أنه ما تزال هناك �أزمة‬
‫ثقة بني الأطراف الرئي�سية‪ ،‬و�أن البناء امل�ؤ�س�سي الفل�سطيني مل ي�ستوعب مبا فيه الكفاية �أ�صول‬
‫اللعبة الدميوقراطية‪ ،‬وال التداول ال�سلمي لل�سلطة‪ .‬كما مل ينجح يف �إدارة االختالف بني نهجني‬
‫ي�شوبهما الكثري من التعار�ض‪ ،‬خ�صو�صا ً فيما يتعلق مب�ساري الت�سوية واملقاومة‪ ،‬و�أ�ساليب‬
‫وطرق التعامل مع االحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬ومع "ال�رشعية" الدولية‪ .‬كما �أظهرت هذه ال�سنة مدى‬
‫قدرة ال�ضغوط الإ�رسائيلية والأمريكية والدولية على الت�أثري يف الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪ ،‬و�أنها‬
‫كانت عامالً محُ ِّدداً‪ ،‬والعبا ً رئي�سيا ً يف �إذكاء ال�رصاع بني فتح وحما�س‪ .‬غري �أن هذا ما كان ليحدث‬
‫لوال ا�ستعداد �أطراف فل�سطينية متنفذة للتجاوب مع ال�ضغوط اخلارجية‪ ،‬يف �سبيل تنفيذ �أجندتها‬
‫اخلا�صة‪.‬‬
‫لقد كانت حركة فتح دائما ً هي احلركة القائدة فل�سطينياً‪ ،‬على �صعيد املواجهة مع "�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫وعلى �صعيد منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬وعلى �صعيد منهج التفاو�ض الذي �أ�سفر عن اتفاق‬
‫�أو�سلو‪ ،‬و�أخريا ً على �صعيد بناء ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪ .‬ويف هذا الإطار توا�صل منهج ان�ضواء‬
‫�أغلب الف�صائل الفدائية حتت جناحي حركة فتح‪ ،‬واملوافقة على �سيا�ساتها املتبعة‪ ،‬مع بع�ض النقد‬
‫�أحياناًَ‪ .‬ولكن املجتمع الفل�سطيني بد�أ يفرز مع الزمن قوى �سيا�سية ون�ضالية جديدة‪ ،‬وكان حريا ً‬
‫بحركة فتح �أن تتوقع بروز هذه القوى‪ ،‬و�أن تبلور منهجا ً للتعامل معها‪ ،‬داخل العملية الدميوقراطية‬
‫املتوافق عليها‪ ،‬والتي ال ب ّد و�أن تقبل يف النهاية مببد�أ التبادل ال�سلمي لل�سلطة‪ .‬غري �أن قيادتها كانت‬
‫م�ستعجلة يف العودة لل�سلطة‪ ،‬و�إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬وهو ما �سمح بو�ضع العراقيل يف وجه‬
‫احلكومة التي تقودها حما�س‪ ،‬و�سمح �أي�ضا ً بالتدخل اخلارجي‪ ،‬كما �أدى �رصاع ال�صالحيات �إىل‬
‫نتائج �سلبية هائلة على الطرفني‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫لقد كان اتفاق مكة �إجنازا ً فل�سطينيا ً – عربياً‪ ،‬ولأول مرة تقوم حكومة وحدة وطنية على �أ�سا�س‬
‫�رشاكة حقيقية‪ .‬وقد فر�ضت هذه ال�رشاكة قيودا ً على م�رشوع الت�سوية‪ ،‬كما فر�ضت قيودا ً مقابلة‬
‫ٌ‬
‫وتنازل من‬ ‫ٌ‬
‫تنازل من فتح فيما يتعلق بال�سلطة والإجراءات‪،‬‬ ‫على م�رشوع املقاومة‪ .‬وكان هناك‬
‫حما�س فيما يتعلق باملواقف ال�سيا�سية‪ .‬غري �أن حكومة الوحدة الوطنية �ضرُ بت عمليا ً بعد نحو‬
‫مت توظيف الأجهزة الأمنية من قبل فريق متنفذ حم�سوب على فتح‪ ،‬لإثارة‬ ‫�شهر من ت�شكيلها؛ حيث ّ‬
‫الفو�ضى والفلتان الأمني‪ ،‬و�إ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬بالت�ساوق مع خطة دايتون الأمريكية‪.‬‬
‫وهو ما �أدى ال�ستقالة وزير الداخلية الذي مل يكن مبقدوره القيام بواجباته‪ ،‬يف ظ ّل تعطيل م�س�ؤولني‬
‫�أمنيني كبار ملهامه‪.‬‬
‫ر�أت حما�س يف قيامها باحل�سم الع�سكري �أو ما ُ�س ّمي باالنقالب يف قطاع غزة فعل ا�ضطرار ال‬
‫اختيار‪ .‬وقد �أعطى ذلك فر�صة لأبي مازن لإقالة احلكومة‪ ،‬ولت�شكيل حكومة طوارئ‪ ،‬ول�شنِّه حملة‬
‫قا�سية على حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬واالنطالق يف م�سار الت�سوية؛ كما وجدت حما�س نف�سها وقد‬
‫وقعت "كر ُة ِ‬
‫لهب" �إدار ِة قطاع غزة يف ِح ْجرها؛ وعانى �أهل القطاع من ح�صار �إ�رسائيلي خانق غري‬
‫م�سبوق ا�ستهدف �إ�سقاط حما�س‪ .‬غري �أن انعدام اخليارات املتاحة �أمام حما�س‪ ،‬ورف�ض الرئا�سة‬
‫الفل�سطينية للحوار غري امل�رشوط‪ ،‬جعل حما�س ت�ستمر يف ال�سيطرة على قطاع غزة‪.‬‬
‫وكان من الالفت للنظر‪� ،‬أن الدعوات العربية للحوار يف الأ�شهر الأوىل التي تلت "احل�سم‬
‫الع�سكري" كانت تواجه بت�شد ٍد من الرئا�سة الفل�سطينية ومبوافقة من حما�س‪ .‬غري �أن املبادرات‬
‫العربية �أخذت مع الزمن مبراعاة ال�رشوط التي ي�ضعها الرئي�س عبا�س‪.‬‬
‫ومل يكن الكثري من عنا�رص فتح يف ال�ضفة الغربية ب�أ�سعد حاالً مع قيادة فيا�ض حلكومة‬
‫الطوارئ‪ ،‬حيث متكن فيا�ض من زيادة نفوذه يف �أجهزة ال�سلطة‪ ،‬مبا يف ذلك الأجهزة الأمنية‪،‬‬
‫حتى على ح�ساب حركة فتح‪ .‬وهو ما دفع العديد من الأ�صوات الفتحاوية لتوجيه االنتقادات �إىل‬
‫فيا�ض‪ ،‬واملطالبة مب�شاركة فتحاوية مبا�رشة يف احلكومة‪.‬‬
‫كان الأَ ْولىَ باحلالة الفل�سطينية �أن تقوم بلملمة جراحها‪ ،‬والدخول يف حوار ا�سرتاتيجي حقيقي‬
‫وجا ّد لتوحيد م�سار العمل الفل�سطيني‪ .‬ولكن الرئا�سة الفل�سطينية م�ضت يف م�رشوع الت�سوية‬
‫وهي يف �أ�ضعف حاالتها‪ ،‬و�أعلنت �إلغاء اتفاق القاهرة‪ ،‬املعقود يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2005‬بينما �سعت‬
‫كل من فتح وحما�س لتثبيت �سيطرتهما على ال�ضفة والقطاع؛ مما �أغلق الباب ولو م�ؤقتا ً يف وجه‬
‫�إ�صالح النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني‪ ،‬ويف وجه تفعيل منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬و�إعادة بناء‬
‫م�ؤ�س�ساتها‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ما زال ج�سد الق�ضية الفل�سطينية �أثقل من قدرة "�سيقان" ال�شعب الفل�سطيني وم�ؤ�س�ساته‬
‫على حملها‪ .‬وما تزال هناك م�شكلة حقيقية يف عملية �صناعة القرار الفل�سطيني‪ ،‬وما زالت القوى‬
‫عطل بع�ضها بع�ضاً‪ ،‬بدل �أن تتكامل جهودها‪� ،‬أو �أن تقوم بتوزيع الأدوار فيما‬
‫الفل�سطينية الكربى ُت ّ‬
‫بينها‪.‬‬
‫تتجه الأو�ضاع يف قطاع غزة �إىل مزيد من املعاناة واحل�صار‪ ،‬كما تتجه مفاو�ضات الت�سوية �إىل‬
‫مزيد من الت�سويف وت�ضييع الوقت‪ ،‬الذي يتيح لالحتالل الإ�رسائيلي اال�ستمرار يف فر�ض حقائق‬
‫جديدة على الأر�ض ويف تهويد القد�س‪ .‬ولن ي�ستطيع امل�رشوع الوطني الفل�سطيني النهو�ض من‬
‫عرثته‪� ،‬إال �إذا �سعى جادا ً لرتتيب بيته الداخلي‪ ،‬وحمايته من الإمالءات والتدخالت اخلارجية‪ ،‬و�إال‬
‫�إذا متكن من عمل قراءة حقيقية للواقع وللإمكانات والفر�ص املتاحة‪ ،‬بحيث يتمكن من تنمية عوامل‬
‫قوته الذاتية مدعوما ً بالأبعاد العربية والإ�سالمية والإن�سانية‪ ،‬مع مراعاته ملجموعة التحديات‬
‫والقيود التي يفر�ضها الواقع العربي والدويل‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫هوام�ش الف�صل الأول‬


‫‪ 1‬جريدة الأيام‪ ،‬رام اهلل‪2006/5/22 ،‬؛ وجريدة ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬لندن‪2006/9/28 ،‬؛ وجريدة احلياة‪ ،‬لندن‪،‬‬
‫‪2006/12/17‬؛ وجريدة الوطن‪ُ ،‬عمان‪.2007/1/19 ،‬‬
‫‪ 2‬جريدة ال�سفري‪ ،‬بريوت‪.2007/1/6 ،‬‬
‫‪ 3‬وكالة رويرتز للأنباء‪ ،2007/1/5 ،‬انظر‪http://ara.reuters.com :‬‬
‫‪ 4‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/1/7 ،‬‬
‫‪ 5‬موقع عرب ‪ ،2007/1/6 ،48‬انظر‪http://www.arabs48.com :‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬جريدة اخلليج‪ ،‬ال�شارقة (الإمارات)‪،‬‬
‫‪.2007/1/8‬‬
‫‪ 6‬احلياة‪.2007/1/8 ،‬‬
‫‪ 7‬احلياة‪.2007/1/8 ،‬‬
‫‪ 8‬احلياة‪.2007/1/9 ،‬‬
‫‪ 9‬احلياة‪.2007/1/10 ،‬‬
‫‪ 10‬انظر‪ :‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪2007/1/14 ،‬؛ واحلياة‪.2007/1/16 ،‬‬
‫‪ 11‬انظر‪ :‬احلياة‪.2007/1/16 ،‬‬
‫‪ 12‬اخلليج‪ ،2007/1/12 ،‬نقالً عن جريدة معاريف الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫‪ 13‬احلياة‪.2007/1/21 ،‬‬
‫‪ 14‬احلياة‪.2007/1/22 ،‬‬
‫‪ 15‬احلياة‪.2007/1/22 ،‬‬
‫‪ 16‬انظر‪ :‬وكالة معا ً الإخبارية‪http://www.maannews.net/ar/index.php ،2007/1/23 ،‬؛ وجريدة البيان‪ ،‬دبي‬
‫(الإمارات)‪.2007/1/23 ،‬‬
‫‪ 17‬احلياة‪.2007/1/26 ،‬‬
‫‪ 18‬مقابلة لـ"غ�سان �رشبل" مع "حممود عبا�س" يف‪ :‬احلياة‪.2007/1/23 ،‬‬
‫‪ 19‬احلياة‪.2007/1/27 ،‬‬
‫‪ 20‬احلياة‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 21‬جريدة اجلمهورية‪ ،‬القاهرة‪2007/1/29 ،‬؛ ووكالة معا‪.2007/1/28 ،‬‬
‫ً‬
‫‪ 22‬احلياة‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬عرب ‪2007/1/27 ،48‬؛ وال�شـرق الأو�سط‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 24‬احلياة‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 25‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 26‬جريدة عكاظ‪ ،‬جدة (ال�سعودية)‪2007/1/29 ،‬؛ وانظر‪ :‬احلياة‪.2007/1/30 ،‬‬
‫‪ 27‬عرب ‪ ،48‬وجريدة الوطن‪� ،‬أبها (ال�سعودية)‪.2007/1/30 ،‬‬
‫‪ 28‬جريدة الريا�ض‪ ،‬الريا�ض‪.2007/2/14 ،‬‬
‫‪ 29‬رويرتز‪2007/2/2 ،‬؛ وجريدة القب�س‪ ،‬الكويت‪.2007/2/5 ،‬‬
‫‪ 30‬انظر‪ :‬البيان‪ ،‬وجريدة القد�س العربي‪ ،‬لندن‪ ،‬واخلليج‪� .2007/2/3 ،‬أ�شارت اخلليج �إىل �أن عدد جرحى اال�شتباكات بلغ‬
‫حوايل ‪ 345‬جريحاً‪.‬‬
‫‪ 31‬انظر‪ :‬عكاظ‪ ،‬والبيان‪ ،‬وال�شـرق الأو�سـط‪.2007/2/9 ،‬‬
‫‪ 32‬عرب ‪2007/2/8 ،48‬؛ واحلياة‪.2007/2/9 ،‬‬
‫‪ 33‬احلياة‪.2007/2/10 ،‬‬
‫‪ 34‬جريدة الغد‪ ،‬ع ّمان‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪ 35‬احلياة‪ ،‬والبيان‪.2007/2/19 ،‬‬
‫‪ 36‬جريدة احلياة اجلديدة‪ ،‬رام اهلل‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪ 37‬انظر‪� :‬شاكر اجلوهري‪ ،‬دحالن على طريق خالفة حممود عبا�س‪ ،‬موقع �أخبارنا‪ ،2007/4/11 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.akhbaruna.com/node/3760‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬الوطن‪،‬ال�سعودية‪2007/3/3،‬؛ ورويرتز‪.2007/3/18 ،‬‬

‫‪67‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪Haaretz newspaper, Tel Aviv, 17/4/2007. 38‬‬


‫‪ 39‬جريدة الأخبار‪ ،‬بريوت‪.17/4/2007 ،‬‬
‫‪ 40‬القد�س العربي‪.2007/4/20 ،‬‬
‫‪ 41‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/4/11 ،‬‬
‫‪ 42‬احلياة‪.2007/4/13 ،‬‬
‫‪ 43‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪ ،‬واحلياة‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 44‬وكالة معاً‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 45‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/4/17 ،‬‬
‫‪ 46‬احلياة‪.2007/4/24 ،‬‬
‫‪ 47‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/4/24 ،‬‬
‫‪ 48‬البيان‪.2007/4/30 ،‬‬
‫‪ 49‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/5/5 ،‬‬
‫‪ 50‬عكاظ‪ ،‬والبيان‪.2007/5/8 ،‬‬
‫‪ 51‬احلياة‪.2007/5/10 ،‬‬
‫‪ 52‬ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬والأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/5/14 ،‬‬
‫‪ 53‬القد�س العربي‪ ،‬والبيان‪.2007/5/18 ،‬‬
‫‪ 54‬انظر‪ :‬القد�س العربي‪2007/5/18 ،‬؛ وجريدة القد�س‪ ،‬القد�س‪.2007/5/19 ،‬‬
‫‪� 55‬شبكة فل�سطني الآن‪ ،2007/5/17 ،‬انظر‪http://www.paltimes.net/arabic/?action =:‬‬
‫‪ 56‬احلياة‪.2007/5/25 ،‬‬
‫‪ 57‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 58‬انظر‪ :‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/13 ،‬‬
‫‪ 59‬حول خطط دايتون انظر‪ :‬رويرتز‪2007/1/5 ،‬؛ وانظر �أي�ضا‪Haaretz, 31/10/2007. :‬‬
‫ً‬
‫‪David Rose, The Gaza Bombshell, VANITY FAIR magazine, April 2008, see: 60‬‬
‫‪http://www.vanityfair.com/politics/features/2008/04/gaza200804‬‬
‫‪Mark Perry and Paul Woodward, Document Details ‘U.S.’ Plan to Sink Hamas, Asia Times 61‬‬
‫‪online, 16/5/2007, see: http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/IE16Ak04.html,‬‬
‫وكانت جريدة املجد الأردنية قد ن�رشت يف عددها يف ‪ّ 2007/4/30‬‬
‫ن�ص الوثيقة‪ ،‬ولكن ال�سلطات الأردنية منعت �صدور هذا‬
‫العدد‪.‬‬
‫‪ 62‬عرب ‪ ،2007/6/15 ،48‬مرتجمة عن جريدة دي يوجنا فلت ‪� ،De Junge Welt‬أملانيا‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.jungewelt.de/2007/06-14/020.php?sstr=dayton‬‬
‫‪ 63‬جريدة الد�سـتور‪ ،‬ع ّمان‪.2007/7/8 ،‬‬
‫‪ 64‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪ ،2007/5/20 ،‬انظر‪http://www.palestine-info.info/ar :‬‬
‫‪ 65‬مركز امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬انظر‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/daily_news.php :‬‬
‫‪ 66‬قناة احلوار‪ ،‬برنامج منت�صف حزيران‪ :‬ماذا حدث؟‪.2008/1/11 ،‬‬
‫‪ 67‬احلياة‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 68‬املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‪� ،‬صفحات �سوداء يف غياب العدالة‪ :‬تقرير حول الأحداث الدامية التي �شهدها قطاع غزة‬
‫خالل الفرتة ‪ 14-7‬يونيو ‪ ،2007‬غزة‪� ،‬ص ‪.85-81‬‬
‫‪ 69‬ال�شـرق الأو�سـط‪.2007/6/14 ،‬‬
‫‪ 70‬احلياة‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 71‬انظر حول �إجراءات ال�سلطة �ض ّد حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ :‬املكتب الإعالمي حلركة املقاومة الإ�سالمية (حما�س)‪،‬‬
‫اعتداءات فتح والأجهزة الأمنية الفل�سطينية بحق حركة "حما�س" يف ال�ضفة املحتلة‪ ،‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪ ،2007/9/4 ،‬يف‪:‬‬
‫=‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬؛وتقرير�صادرعنحركةحما�س‪،‬اعتداءاتفتحوالأجهزة‬
‫الأمنية الفل�سطينية بحقّ حركة املقاومة الإ�سالمية "حما�س" يف ال�ضفة املحتلة خالل �شهر رم�ضان املبارك‪.2007/10/17 ،‬‬
‫‪ 72‬وكالة الأنباء الفل�سطينية (وفا)‪ ،2008/1/13 ،‬انظر‪ http://arabic.wafa.ps/arabic/ :‬ومركز امليزان حلقوق الإن�سان‪،‬‬
‫يف‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/insecurity_statistics.php :‬‬

‫‪68‬‬
‫الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‬

‫‪ 73‬املكتب الإعالمي حلركة املقاومة الإ�سالمية (حما�س)‪ ،‬الكتاب الأبي�ض‪ :‬عملية احل�سـم يف قطاع غزة ا�ضطرار ال اختيار‪،‬‬
‫الطبعة الثانية (دون مكان‪ :‬املكتب الإعالمي حلما�س‪ ،‬ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪� ،)2007‬ص ‪.152‬‬
‫‪ 74‬مركز امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬يف‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/insecurity_statistics.php :‬‬
‫‪ 75‬وكالة وفا‪2008/1/13 ،‬؛ ومركز امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/insecurity_statistics.php‬‬
‫‪ 76‬انظر‪ :‬احلياة‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 77‬انظر‪ :‬عرب ‪2007/6/14 ،48‬؛ واحلياة‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 78‬وكالة معاً‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 79‬انظر‪ :‬رويرتز‪.2007/7/8 ،‬‬
‫‪� 80‬شبكة فل�سطني اليوم الإخبارية‪ ،2007/7/7 ،‬انظر‪ http://paltoday.com/arabic/ :‬‬
‫‪ 81‬انظر‪ :‬احلياة‪.2007/7/6 ،‬‬
‫‪ 82‬انظر‪ :‬وكالة وفا‪2007/7/13 ،‬؛ وال�شـرق الأو�سط‪.2007/7/14 ،‬‬
‫‪ 83‬احلياة‪.2007/7/15 ،‬‬
‫‪ 84‬انظر‪ :‬وكالة وفا‪2007/7/18 ،‬؛ واحلياة‪.2007/7/19 ،‬‬
‫‪ 85‬احلياة‪.2007/7/20 ،‬‬
‫‪ 86‬انظر‪ :‬جريدة الوطن‪ ،‬قطر‪ ،‬واحلياة‪.2007/7/22 ،‬‬
‫‪ 87‬الد�ستور‪.2007/8/16 ،‬‬
‫‪ 88‬انظر‪ :‬احلياة اجلديدة‪ ،‬والقد�س العربي‪.2007/9/3 ،‬‬
‫‪ 89‬احلياة‪.2006/12/17 ،‬‬
‫‪ 90‬جملة الكفاح العربي‪ ،‬بريوت‪.2007/1/6 ،‬‬
‫‪ 91‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 92‬القد�س العربي‪.2007/1/16 ،‬‬
‫‪ 93‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪2007/4/11 ،‬؛ واحلياة‪.2007/4/13 ،‬‬
‫‪ 94‬احلياة‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 95‬رويرتز‪2007/9/20 ،‬؛ واحلياة‪.2007/9/25 ،‬‬
‫‪� 96‬شاكر اجلوهري‪� ،‬شجار حاد بني يو�سف ودحالن تخلل اجتمعات املجل�س الثوري لفتح‪ ،‬جريدة احلقائق‪ ،‬لندن‪،‬‬
‫‪.2008/1/18‬‬
‫‪� 97‬شبكة فرا�س الإعالمية‪ :‬فرا�س بر�س‪ ،2008/2/13 ،‬انظر‪،http://fpnp.net/arabic/?action=detail&id=47866 :‬‬
‫وانظر �أي�ضاً‪ :‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/2/16 ،‬‬
‫‪ 98‬القد�س العربي‪.2008/2/4 ،‬‬
‫‪ 99‬احلياة‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 100‬القد�س العربي‪ ،‬والبيان‪.2007/6/19 ،‬‬
‫‪ 101‬رويرتز‪2007/6/22 ،‬؛ واحلياة‪.2007/6/23 ،‬‬
‫‪ 102‬وكالة وفا‪ ،‬ووكالة معاً‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪ 103‬ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬واحلياة‪.2007/6/28 ،‬‬
‫‪ 104‬ف�ضائية اجلزيرة‪ ،‬مقابلة مع هاين احل�سن‪ ،‬برنامج بال حدود‪ ،2007/6/27 ،‬انظر ن�ص املقابلة يف‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/28EDE91A-A4CD-4C59-AD49-0014C7A5675D.htm‬‬
‫‪ 105‬جريدة االحتاد‪� ،‬أبو ظبي (الإمارات)‪.2007/7/1 ،‬‬
‫‪ 106‬القد�س العربي‪2007/6/29 ،‬؛ واالحتاد‪.2007/7/1 ،‬‬
‫‪ 107‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪ ،‬نقالً عن وكالة وفا‪ ،‬واخلليج‪.2007/8/18 ،‬‬
‫‪ 108‬احلياة‪ ،‬واخلليج‪ ،‬والغد‪.2007/8/19 ،‬‬
‫‪ 109‬القد�س العربي‪.2007/10/12 ،‬‬
‫‪ 110‬القد�س‪.2007/3/17 ،‬‬
‫‪ 111‬الد�ستور‪.2007/2/22 ،‬‬
‫‪ 112‬عرب ‪.2007/7/4 ،48‬‬
‫‪ 113‬احلياة‪.2007/6/20 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ 114‬رويرتز‪2007/6/22 ،‬؛ واحلياة‪.2007/6/23 ،‬‬


‫‪ 115‬وكالة وفا‪ ،‬ووكالة معاً‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪ 116‬ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬والقد�س العربي‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪ 117‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪2007/8/2 ،‬؛ وجريدة امل�سـتقبل‪ ،‬بريوت‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪ 118‬انظر‪ :‬القد�س العربي‪.2007/7/3،‬‬
‫‪ 119‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/28 ،‬‬
‫‪ 120‬احلياة‪ ،‬والغد‪.2007/8/20 ،‬‬
‫‪ 121‬ال�سفري‪.2007/10/27 ،‬‬
‫‪ 122‬ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬واحلياة‪ ،‬والغد‪.2007/11/21 ،‬‬
‫‪ 123‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪2007/10/17 ،‬؛ واالحتاد‪ ،‬وال�شـرق الأو�سط‪2007/10/19 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬ال�شـرق‬
‫الأو�سط‪ ،‬واخلليج‪.2007/12/4 ،‬‬
‫‪ 124‬احلياة‪ ،‬والد�ستور‪ ،‬والقد�س‪.2007/8/10 ،‬‬
‫‪ 125‬احلياة‪.2007/8/26 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫الف�صل الثاين‬

‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‪:‬‬


‫ا�ستثمار االنق�سام ومراوغات ال�سالم‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‪:‬‬


‫ا�ستثمار االنق�سام ومراوغات ال�سالم‬

‫كانت �سن ُة ‪ ،2007‬بالن�سبة لـ"�إ�رسائيل"‪� ،‬سنة "ا�ستثمار االنق�سام الفل�سطيني"‪،‬‬


‫كما كانت �سن َة ترتيب للأو�ضاع بعد جتربة حرب متوز‪ /‬يوليو ‪ 2006‬على لبنان‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫ويف الوقت الذي كانت تتحدث فيه "�إ�رسائيل" عن "ال�سالم"‪ ،‬فقد تابعت اعتداءاتها على الأر�ض‬
‫والإن�سان‪ ،‬وا�ستمرت يف بناء احلقائق على الأر�ض‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما يعرتي "�إ�رسائيل" من مظاهر الف�ساد املتزايد‪� ،‬إالّ �أنها ما تزال تتمتع بدينامية‬
‫وببنية م�ؤ�س�ساتية‪ ،‬تمُ ِّكنها من التعامل مع امل�شكلة ‪ ،‬كما �أن �ضعف رئا�سة الوزراء واحلكومة‪ ،‬مل‬
‫يخدم اجلانب الفل�سطيني‪ ،‬بقدر ما �أدى �إىل مزيد من الت�شدد‪ ،‬و�إىل تعطيل م�سار الت�سوية‪.‬‬
‫يحاول هذا الف�صل �أن يعطي �صورة عامة للم�شهد الإ�رسائيلي – الفل�سطيني خالل �سنة ‪،2007‬‬
‫وما ح َك َمه من �صدامات وعالقات وت�شابكات‪ .‬و�سيجد القارئ تو�ضيحا ً للخريطة ال�سيا�سية‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬وللأو�ضاع ال�سكانية واالقت�صادية والع�سكرية الإ�رسائيلية‪ ،‬ولكيفية تعامل "�إ�رسائيل"‬
‫مع الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪ ،‬ومع م�سار الت�سوية ال�سلمية‪.‬‬

‫يتمحور امل�شهد الإ�رسائيلي الداخلي خالل �سنة‬


‫‪ 2007‬حول جمموعة من الوقائع واملتغريات‬
‫�أو ًال‪ :‬الو�ضع الداخلي الإ�سرائيلي‬
‫التي �شملت معظم جوانب احلياة ال�سيا�سية يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬بدءا ً من النظام ال�سيا�سي‪ ،‬ثم م�ؤ�س�سات‬
‫ال�سلطة التنفيذية والت�رشيعية والق�ضائية‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل الأحزاب والقوى ال�سيا�سية الأخرى‪.‬‬
‫وقد �أر�ست االنتخابات الإ�رسائيلية �سنة ‪ 2006‬دعائم الواقع الإ�رسائيلي ل�سنة ‪ 2007‬بخ�صو�ص‬
‫التمثيل داخل الكني�ست ‪ Knesset‬وقوة الأحزاب وغريها‪.‬‬
‫‪ .1‬احلكومة ونظام احلكم‪:‬‬
‫منذ بداية �سنة ‪� 2007‬شكل رئي�س الدولة جلنة لدرا�سة نظام احلكم يف "�إ�رسائيل" برئا�سة مناحيم‬
‫مغيدور ‪ ،Menachem Magidor‬لإجراء �إ�صالحات على النظام ال�سيا�سي وطريقة االنتخابات‪.‬‬
‫وذلك يف حماولة لتعزيز قوة احلكومة‪ ،‬وتقوية عالقة �أع�ضاء الكني�ست بناخبيهم؛ من خالل �إمكانية‬
‫�إدخال نظام الدوائر االنتخابية‪ ،‬بدالً من اعتبار "�إ�رسائيل" كلها دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬ورفع ن�سبة‬

‫‪73‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫احل�سم‪ ،‬لتقليل ت�أثري الأحزاب ال�صغرية على فعالية النظام ال�سيا�سي‪ ،‬من خالل حرمانها من‬
‫التمثيل داخل الكني�ست‪.‬‬
‫احلكومة الإ�رسائيلية كانت ا�ستمرارا ً للحكومة التي ت�شكلت �سنة ‪ ،2006‬فبعد انتخابات‬
‫الكني�ست الـ ‪ ،17‬يف ‪� ،2006/3/28‬شكلت احلكومة الإ�رسائيلية برئا�سة �إيهود �أوملرت ‪Ehud‬‬
‫‪ Olmert‬الذي ح�صل حزبه كادميا ‪ Kadima‬على ‪ 29‬مقعدا ً يف ‪ ،2006/5/4‬وح�صلت احلكومة على‬
‫الثقة ب�أكرثية ‪� 65‬صوتا ً ومعار�ضة ‪� 49‬صوتا ً وامتناع �أربعة عن الت�صويت‪ .‬وقد �شارك حزب‬
‫العمل ‪ Labor‬بالإ�ضافة �إىل �أحزاب دينية وميينية يف احلكومة‪ .1‬وقد ت�ضمن برنامج احلكومة‬
‫ال�سعي لبلورة "�إ�رسائيل" كدولة يهودية مما يتطلب حتديد �أرا�ضي "�إ�رسائيل"‪ ،‬وا�ستخدام اجلدار‬
‫العازل لتحقيق الأهداف الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫عمل �أوملرت منذ تويل احلكومة على حتقيق ا�ستقرار امل�ؤ�س�سة احلكومية‪ ،‬وذلك من خالل زيادة‬
‫التعاون بني �رشكائه يف االئتالف احلكومي‪ ،‬خا�صة حزب العمل‪ ،‬على ح�ساب االهتمام بالربنامج‬
‫ال�سيا�سي‪ ،‬وعلى الرغم من تراجع دعم اجلمهور الإ�رسائيلي للحكومة‪ .‬ولكن بقاء هذه احلكومة‬
‫ظ ّل معتمدا ً على جمموعة من املحددات‪ ،‬منها‪:2‬‬
‫‪ .1‬بقاء حزب العمل �ضمن االئتالف احلكومي‪ ،‬مع وجود �إيهود باراك ‪ Ehud Barak‬يف من�صب‬
‫وزير الدفاع؛ مما يعزز موقف احلكومة يف املجاالت الأمنية والع�سكرية‪ ،‬ويقلل من �أخطار‬
‫انتقادات جلنة فينوغراد لأداء احلكومة ال�سابقة‪ ،‬وميثل غطا ًء للحكومة يف هذه املجاالت‪.‬‬
‫‪ . 2‬احل ّد من ت�صاعد تطلعات �إيهود باراك‪ ،‬نحو دخول املناف�سة مع كل من �أوملرت وبنيامني‬
‫نتنياهو ‪ Benjamin Netanyahu‬لرئا�سة احلكومة‪ ،‬بعد تزايد ر�صيد باراك يف ا�ستطالعات‬
‫الر�أي العام‪ .‬وقد حاول �أوملرت رئي�س الوزراء �إجراء تعديالت على تركيبة حكومته‪ ،‬من‬
‫خالل ا�ستيعاب التطورات على ال�ساحة ال�سيا�سية املتمثلة يف انتخاب �إيهود باراك رئي�سا ً‬
‫حلزب العمل يف ‪ 2007/6/12‬وكذلك انتخاب �شمعون برييز ‪ Shimon Peres‬رئي�سا ً للدولة‪.‬‬
‫وقد ر�أى كثري من املحللني ب�أن تويل باراك وزارة الدفاع �سوف يعمل على حت�سني �أداء‬
‫احلكومة يف جمال القرارات اخلا�صة باحلرب وال�سالم‪ ،‬مقارنة ب�سلفه عمري بريت�س ‪Amir‬‬
‫‪ ،Peretz‬الذي يفتقد للخربة يف هذا املجال‪.‬‬
‫‪ .3‬مدى تحَ ّرر �أوملرت من �إرث �أرييل �شارون ‪ ،Ariel Sharon‬ومدى �إمكانية قطع �شوط يف‬
‫عملية ال�سالم‪ ،‬دون تقدمي تنازالت جوهرية‪.3‬‬
‫وقد متكنت حكومة �أوملرت من البقاء يف موقعها‪ ،‬لأن الأحزاب الأخرى امل�شاركة يف احلكومة‪،‬‬
‫وحتديدا ً �أحزاب العمل واملتقاعدين( ‪ Pensioners Party (Gil‬و�شا�س ‪ ،Shas‬لي�ست معنية ب�إ�سقاط‬

‫‪74‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫احلكومة؛ وذلك لأن امل�ؤ�رشات لأي انتخابات مبكرة ال ت�ضمن لها حت�سنا ً يف قوتها داخل الكني�ست‪.‬‬
‫�أما حزب "�إ�رسائيل بيتنا" ‪ Yisrael Beitenu‬برئا�سة �أفيغدور ليربمان ‪،Avigdor Liberman‬‬
‫والذي ميلك ‪ 11‬مقعدا ً يف الكني�ست‪ ،‬والذي ان�ضم للحكومة يف �أواخر ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ ،2006‬فلم يكن موقفه م�ستقرا ً طوال �سنة ‪ .2007‬وقد ت�أكد ذلك يف ‪ 2008/1/16‬عندما ان�سحب من‬
‫احلكومة‪ ،‬احتجاجا ً على م�سار م�رشوع الت�سوية‪ ،‬غري �أن احلكومة ظلت حتتفظ ب�أغلبية ‪ 67‬مقعدا ً‬
‫داخل الكني�ست من �أ�صل ‪.120‬‬
‫ّ‬
‫ال�صف الأول يف حزب كادميا‪ ،‬بينما ت�سيطر‬ ‫ويعتمد �أوملرت يف مركزه على دعم كبار زعماء‬
‫ت�سيبي ليفني على جيل ال�شباب يف احلزب‪� ،‬أما املناف�سان الآخران لرئي�س احلكومة فهما �أوالً‪:‬‬
‫بنيامني نتنياهو‪ ،‬الذي يعتمد على احلر�س القدمي يف الليكود ‪ Likud‬وامل�ؤ�س�سة الدينية اليهودية‪،‬‬
‫وثانياً‪� :‬إيهود باراك‪ ،‬زعيم حزب العمل‪ ،‬الذي يحظى بدعم امل�ؤ�س�سة الع�سكرية‪.‬‬
‫وميثل �إيهود �أوملرت رئي�س الوزراء الـ ‪ 11‬يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬وقد و�صلت �شعبيته �إىل احل�ضي�ض‪،4‬‬
‫فعلى الرغم من انتخابه رئي�سا ً للحكومة خلفا ً ل�شارون الذي �أ�صيب بجلطة دماغية‪� ،‬إال �أنه ميثل‬
‫النقي�ض ل�شارون يف �شكله وج�سمه وطريقة �سلوكه‪ .‬حيث كان �شارون مييل �إىل الفو�ضوية‪ ،‬ولكنه‬
‫كان بطيئا ً ويحاول التدقيق يف كل �شيء‪ ،‬وذا خلفية ع�سكرية مميزة؛ �أما �إيهود �أوملرت فهو‪ ،‬على‬
‫عك�س �شارون‪� ،‬شخ�ص ديناميكي و�سهل احلركة وحاذق الل�سان و�رسيع اال�ستيعاب‪ ،‬ويف الوقت‬
‫نف�سه يتميز بهدوء �أع�صاب‪ .‬وقد �سارعت الأحداث يف ا�ستالمه لل�سلطة‪ ،‬فقد توىل حكومة ت�رصيف‬
‫مت انتخابه رئي�سا ً للحكومة‪ ،‬ولكن معظم اال�ستطالعات ت�شري‬ ‫الأعمال يف �أثناء �إ�صابة �شارون‪ ،‬ثم ّ‬
‫�إىل افتقاره �إىل القوة والت�أثري الذي كان يتمتع به �سابقوه من ر�ؤ�ساء الوزارات‪ ،‬و�أوملرت تنق�صه‬
‫الكاريزما ال�شخ�صية الذي جتعل منه الرجل الأول يف "�إ�رسائيل"‪ .‬كما ظ ّل �أوملرت يتحرك يف ظ ّل‬
‫تناق�ضات رئي�سية حيث يقود ائتالفا ً حكوميا ً قويا ً ووا�سعاً‪ ،‬ولكنه يف الوقت نف�سه يعاين من تراجع‬
‫الت�أييد ال�شعبي اخلا�ص به‪.‬‬
‫ما زالت احلكومة الإ�رسائيلية حتى الآن حتظى بالأغلبية‪ ،‬ولكن اخلربة الإ�رسائيلية يف جمال‬
‫االئتالفات احلكومية تقدم جتربة �سيئة‪ ،‬حيث �إن �أية ق�ضايا حتتاج �إىل قرارات حا�سمة رمبا ت�ؤدي‬
‫�إىل انهيار احلكومة‪ ،‬ويظهر ذلك بو�ضوح يف جمال الت�سوية النهائية‪ ،‬حيث متثل احلكومة ائتالفا ً من‬
‫�أحزاب غري متجان�سة‪ .‬فقد ان�سحب حزب "�إ�رسائيل بيتنا" املت�شدد (‪ 11‬ع�ضو كني�ست)‪ ،‬كما هدد‬
‫حزب �شا�س الديني (‪ 12‬ع�ضواً) باالن�سحاب من احلكومة‪� ،‬إذا ما قدمت احلكومة تنازالت جوهرية‬
‫بخ�صو�ص الت�سوية‪ ،‬خا�صة يف جمال القد�س والالجئني‪ .5‬كما �أن دعاوى اتهام �أوملرت بالف�ساد تهدد‬
‫ب�إقالة �أو ا�ستقالة رئي�س الوزراء نف�سه‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .2‬التغريات على �صعيد الأ�شـخا�ص‪ :‬‬


‫�شهدت ال�ساحة ال�سيا�سية الإ�رسائيلية خالل العام املن�رصم جمموعة من التغريات يف القيادات‬
‫ال�سيا�سية والع�سكرية الرئي�سية‪:6‬‬
‫ا�ستقالة دان حالوت�س ‪ Dan Halutz‬يف ‪ ،2007/1/17‬رئي�س الأركان الإ�رسائيلي بعد ‪40‬‬ ‫�أ‪ .‬‬
‫عاما ً من اخلدمة الع�سكرية يف اجلي�ش و�سالح اجلو بالذات‪ ،‬وذلك ب�سبب ف�شله يف حرب‬
‫مت تعيني غابي �أ�شكنازي ‪ Gabi Ashkenazi‬كرئي�س‬ ‫متوز‪ /‬يوليو ‪ 2006‬يف لبنان‪ ،‬وقد ّ‬
‫للأركان يف ‪ 2007/2/14‬خلفا ً لدان حالوت�س‪ ،‬وتبعه ا�ستقالة نائب رئي�س الأركان مو�شيه‬
‫كابلن�سكي ‪.Moshe Kaplinsky‬‬
‫ب من رئي�س الدولة مو�شيه كت�ساف ‪Moshe Katsav‬‬
‫ب‪� .‬أما على م�ستوى رئا�سة الدولة فقد ُطل ِ َ‬
‫التوقف عن ممار�سة مهامه نتيجة اتهامه من املدعي العام باالغت�صاب والتحر�ش اجلن�سي‪،‬‬
‫وقد انتهت واليته مع بدايات ‪ .2007‬وبد�أت اال�ستعدادات لإجراء انتخابات جديدة ملن�صب‬
‫رئي�س الدولة‪ ،‬وظهرت خالل هذه الفرتة �أربعة �أ�سماء كمر�شحني لهذا املن�صب وهم‪:‬‬
‫�شمعون برييز من حزب كادميا‪ ،‬والنائب ر�ؤوفني ريفلني ‪ Reuven Rivlin‬من حزب‬
‫الليكود‪ ،‬والنائبة عن حزب العمل كوليت �أفيطال ‪ ،Colette Avital‬واحلاخام الأكرب لليهود‬
‫الأ�شكناز ي�رسائيل مئري الو ‪ ،Yisrael Meir Law‬ولكن املعركة انتهت بني مر�شح كادميا‬
‫برييز ومر�شح الليكود ريفلني وقد فاز باملن�صب �شمعون برييز يف ‪.2007/6/13‬‬
‫ج‪ .‬متت الإطاحة بعمري بريت�س وزير الدفاع الإ�رسائيلي‪ ،‬وهو زعيم حزب العمل بعد اتهامه‬
‫بالف�شل يف �إدارة احلرب �ض ّد لبنان‪ ،‬ونق�ص خربته الع�سكرية‪ ،‬و ّ‬
‫مت اختيار �إيهود باراك‬
‫ليح ّل حمله يف وزارة الدفاع الإ�رسائيلية يف ‪.2007/6/15‬‬
‫د‪ .‬ا�ستقال وزير املالية �أبراهام هري�زشون ‪ Avraham Hirschson‬يف‪ 2007/7/1‬ب�سبب‬
‫�شبهات حول �رسقات مالية‪ ،‬وقد ح ّل حمله م�ؤقتا ً رئي�س الوزراء �أوملرت‪ ،‬الذي حمل‬
‫حقيبة املالية �إىل �أن توالها خلفه يف هذا املن�صب وزير الداخلية ال�سابق روين بار�أون‬
‫مت تعيني وزير الإ�سكان ال�سابق يف من�صب وزير‬ ‫‪ Roni Bar-On‬يف ‪ ،2007/4/22‬و ّ‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫هـ‪ .‬ا�ستقالة مو�شيه كرادي ‪ ،Moshe Karadi‬املفت�ش العام لل�رشطة‪ ،‬يف �أعقاب حتقيقات يف جمال‬
‫مت تعيني ديفيد كوهني ‪ David Cohen‬قائد منطقة و�سط "�إ�رسائيل"‬ ‫�أعمال ف�ساد ارتكبها‪ ،‬و ّ‬
‫خلفا ً له يف من�صب املفت�ش العام لل�رشطة يف ‪.2007/5/1‬‬
‫مت تعيني وزير الق�ضاء ال�سابق‪ ،‬املتهم بتهمة اعتداء جن�سي‪ ،‬حاييم رامون ‪Haim Ramon‬‬
‫و‪ّ .‬‬
‫يف من�صب نائب رئي�س الوزراء يف ‪.2007/7/4‬‬
‫‪76‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪ .3‬ال�سلطة الق�ضائية‪:‬‬
‫�شهدت ال�سلطة الق�ضائية توترا ً بني وزير العدل دانييل فريدمان ‪ Daniel Friedmann‬ورئي�سة‬
‫املحكمة العليا دوريت بيني�ش ‪ ،Dorit Beinish‬وظهر ال�رصاع �إىل العلن بعدما عمم فريدمان ر�سالة‬
‫قال فيها ب�أنه ينوي �إحداث �إ�صالحات م�ؤ�س�سية يف الق�ضاء‪ ،‬ومنها �أن يت ّم تعيني الق�ضاة بوا�سطة‬
‫جلنة دون احلاجة ملوافقة رئي�س املحكمة العليا‪ ،‬والعمل على ا�ستقاللية الق�ضاء عن حمكمة العدل‬
‫العليا‪ ،‬وهو يرى ب�أن املحكمة متلك �صالحيات وا�سعة‪ ،‬ال تتنا�سب مع النظام الدميوقراطي‪ .7‬وقد‬
‫�أثار هذا الت�رصف نوعا ً من اخلالف بني وزير العدل ورئي�سة املحكمة‪ ،‬وقد متحور هذا اخلالف‬
‫حول جمموعة من الق�ضايا نذكر منها‪:‬‬
‫�أ‪ .‬ت�ضخم �صالحيات املحكمة العليا‪ ،‬بعد �أن ثبت رئي�س املحكمة ال�سابقة باراك مبد�أ يقول‬
‫ب�أن من حقّ املحكمة النظر يف كافة الق�ضايا واملوا�ضيع‪ ،‬حتى الق�ضايا ال�سيا�سية وق�ضايا‬
‫حقوق الإن�سان‪ ،‬وكذلك عمل على تدخل املحكمة لإلغاء قوانني �صدرت عن الكني�ست‪ ،‬وهي‬
‫�صالحيات غري خمولة للمحكمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬م�س�ألة تعيني الق�ضاة حيث متلك املحكمة حقّ تعيني ثالثة �أع�ضاء من جلنة تعيني الق�ضاة يف‬
‫املحكمة العليا‪ ،‬واملكونة من ت�سعة �أع�ضاء‪ .‬كما متلك املحكمة دورا ً يف تعيني ق�ضاة يف املحاكم‬
‫املركزية وغريها‪.‬‬
‫ج‪ .‬اخلالف حول مدة والية رئا�سة املحكمة العليا؛ حيث وافق الكني�ست على حتديد فرتة‬
‫رئا�سة كافة املحاكم ل�سبع �سنوات مبا فيها املحكمة العليا‪.‬‬
‫د‪ .‬حاولت بع�ض القيادات اجلديدة ممن عملوا يف املحاكم مثل �إلياهو فينوغراد ‪Eliyahu‬‬
‫‪ Winograd‬ومي�شا ليندن�شرتاو�س ‪ Micha Lindenstrauss‬تعميق وت�ضخيم دور مراقب‬
‫الدولة يف مراقبة احلكومة‪ ،‬وتقدميه لي�شكل ال�سلطة الرابعة داخل "�إ�رسائيل"‪.8‬‬
‫‪ .4‬امل�شـهد احلزبي‪:‬‬
‫مل ت�شهد احلياة ال�سيا�سية الإ�رسائيلية تغريات جذرية خالل �سنة ‪2007‬؛ حيث بقيت القوى‬
‫ال�سيا�سية الرئي�سية حمافظة على متثيلها داخل احلكومة والكني�ست‪ .‬وتراجعت حدة اال�ستقطاب‬
‫احلزبي داخل املجتمع الإ�رسائيلي‪ ،‬ومل يعد الإ�رسائيليون يهتمون كثريا ً بالتماهي مع مواقف‬
‫�أحزابهم التقليدية‪ .‬ويالحظ كذلك انخفا�ض م�ستوى الن�شاط احلزبي وال�سيا�سي يف "�إ�رسائيل"؛‬
‫حيث تزايد ال�شعور بالعجز عن التغيري داخل املجتمع الإ�رسائيلي‪ ،‬وانخف�ض م�ستوى الثقة‬
‫بالأحزاب والقيادات ال�سيا�سية‪ ،‬ويعود ذلك �إىل جملة �أ�سباب نورد فيما يلي �أهمها‪:9‬‬

‫‪77‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أ‪ .‬انت�شار الف�ساد ال�سيا�سي واملايل بني القيادات ال�سيا�سية واحلزبية‪ ،‬والتي طالت رموز‬
‫النظام ال�سيا�سي والقيادات احلزبية الرئي�سية من الي�سار واليمني على حد �سواء‪.‬‬
‫ب‪ .‬تراكم التجربة احلزبية م�ؤخرا ً نحو عدم وفاء املر�شحني لالنتخابات بعد فوزهم بالوعود‬
‫التي قدموها للناخبني‪.‬‬
‫ج‪ .‬عدم وجود فوارق حقيقية بني مواقف الأحزاب الرئي�سية يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬خا�صة فيما يتعلق‬
‫ب�أمور ال�سيا�سة اخلارجية‪ ،‬التي ت�شكل حمور اهتمام املواطن الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫د‪ .‬تزايد ال�ضغوط املعي�شية على كافة طبقات املجتمع الإ�رسائيلي‪ ،‬واالن�شغال باحلياة‬
‫االقت�صادية على ح�ساب احلياة ال�سيا�سية‪ ،‬وبالتايل تراجعت ن�سبة امل�شاركة ال�سيا�سية يف‬
‫االنتخابات ال�سابقة ل�سنة ‪.2006‬‬
‫�شهدت ال�ساحة احلزبية حتركا ً وا�سعا ً على نطاق الأحزاب الرئي�سية يف "�إ�رسائيل"؛ ففي حزب‬
‫كادميا كان �أوملرت ي�صارع من �أجل البقاء‪ ،‬وكان البديل لأوملرت لو ا�ستقال هو ت�سيبي ليفني‬
‫وزيرة اخلارجية‪ .‬ويف حزب العمل كانت املعركة موجهة �ض ّد عمري بريت�س رئي�س احلزب ووزير‬
‫الدفاع الذي اتهم بالتق�صري‪ ،‬وبد�أت املناف�سة على رئا�سة احلزب ووزارة الدفاع‪ .‬وقد فاز باراك‬
‫يف االنتخابات الداخلية حلزب العمل يف ‪ 2007/6/12‬بعد �أن تغلب على عامي �أيالون ‪Ami Ayalon‬‬
‫امل�س�ؤول ال�سابق يف جهاز املخابرات ال�شني بيت ‪ ،Shin Bet‬وقد ح ّل باراك بدل عمري بريت�س زعيم‬
‫احلزب‪ ،‬الذي وجهت له االنتقادات ب�سبب تق�صريه يف حرب لبنان ‪ 2006‬حني كان وزيرا ً للدفاع يف‬
‫حكومة �أوملرت‪� .‬أما يف حزب الليكود فقد ا�ستطاع نتنياهو ت�أكيد �سيطرته على احلزب �ض ّد مناف�سيه‪،‬‬
‫وبقيت حماوالته م�ستمرة ل�شقّ حزب كادميا‪.‬‬
‫عانت الأحزاب العربية من تدين ن�سبة متثيلها داخل الكني�ست‪ ،‬نتيجة مقاطعة احلركة الإ�سالمية‬
‫التي يقودها ال�شيخ رائد �صالح لالنتخابات‪ ،‬ونتيجة جمموعة من الإجراءات والتعديالت التي‬
‫�أجريت على النظام االنتخابي ب�شكل يح ّد من متثيل الأحزاب ال�صغرية داخل الكني�ست‪ ،‬وهذا ينطبق‬
‫ب�صورة �أ�سا�سية على الأحزاب العربية‪ .‬هذا بالإ�ضافة �إىل �إلغاء نظام فائ�ض الأ�صوات‪ ،‬الذي كانت‬
‫الأحزاب ال�صغرية‪ ،‬ومنها الأحزاب العربية‪ ،‬مبوجبه تتفق على تبادل فائ�ض الأ�صوات فيما بينها‪،‬‬
‫لدعم بع�ض الأحزاب التي حتتاج �إىل �أ�صوات للح�صول على مقعد داخل الكني�ست‪.10‬‬
‫وقد �شكلت ق�ضية عزمي ب�شارة‪ ،‬الع�ضو العربي يف الكني�ست‪� ،‬أحد �أهم الق�ضايا املثارة يف الأو�ساط‬
‫العربية داخل "�إ�رسائيل"‪ .‬وقد �صادق الكني�ست على قانون يجيز �سحب املواطنة ممن "يخرق‬
‫الوالء للدولة"‪ ،‬وقد اعترب هذا القانون �سيفا ً م�سلطا ً على رقاب الأقلية العربية يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬ونظر‬
‫له البع�ض ب�أنه ميثل حماولة لردع الأقلية العربية عن اال�ستمرار يف مطالبها القومية والثقافية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫وب�شكل عام ميكن القول ب�أن احلياة احلزبية يف "�إ�رسائيل" �شهدت تقدما ً ملع�سكر الو�سط‪ ،‬وهناك‬
‫�صعود جليل من ال�سيا�سيني اجلدد الذين ال يح�سبون على امل�ؤ�س�سة الع�سكرية‪ ،‬والذين بد�ؤوا بتويل‬
‫القيادات الأوىل على امل�ستوى احلزبي‪ .‬وهناك تراجع يف نفوذ الأحزاب التقليدية‪11‬؛ و�إن كان الليكود‬
‫قد متكن من مللمة �صفوفه خالل �سنة ‪ ،2007‬ومن اال�ستفادة من �أخطاء �أوملرت ومن ف�شل احلرب‬
‫على لبنان‪ ،‬ليزيد من ر�صيده‪ ،‬ويعيده �إىل �صدارة الأحزاب الإ�رسائيلية وفق ا�ستطالعات الر�أي‪.‬‬
‫‪ .5‬الف�ساد ال�سيا�سي‪:‬‬
‫�أظهرت ال�سنوات الأخرية يف حياة املجتمع الإ�رسائيلي بروز ظاهرة الف�ساد ال�سيا�سي على‬
‫ال�سطح؛ بحيث قال مراقب الدولة الأ�سبق �إلعازر غولدبرغ ‪ Eliezer Goldberg‬ب�أن خطر الف�ساد‬
‫ال�سيا�سي امل�ست�رشي يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬يفوق خطر االنتفا�ضة الفل�سطينية على املجمتع الإ�رسائيلي‪ .‬‬
‫وقد علق عليها رئي�س الكني�ست ال�سابق �أبراهام بورغ ‪ Avraham Burg‬بقوله "�إن �إ�رسائيل غدت‬
‫دولة من امل�ستوطنني تقودها زمرة من الفا�سدين"‪ .‬ويظهر الواقع احلايل يف "�إ�رسائيل" ب�أن الف�ساد‬
‫ال�سيا�سي �أ�صبح منظما ً ومنت�رشا ً على كافة امل�ستويات؛ بحيث �شمل ر�ؤ�ساء الدولة‪ ،‬ور�ؤ�ساء‬
‫وزراء‪ ،‬ووزراء‪ ،‬و�أع�ضاء كني�ست‪ ،‬و�سيا�سيني و�إداريني وع�سكريني وغريهم‪ .‬وتتمثل ظاهرة‬
‫الف�ساد ال�سيا�سي يف جمموعة من الأمناط �أهمها‪:12‬‬
‫�أ‪ .‬االمتيازات احلكومية و�إ�ساءة االئتمان‪.‬‬
‫ب‪ .‬الر�شوة وا�ستغالل املن�صب لتحقيق م�صالح خا�صة‪.‬‬
‫ج‪ .‬التعيينات ال�سيا�سية للأن�صار واملح�سوبيات ل�صالح بع�ض الزعماء‪.‬‬
‫د‪ .‬اجلرائم الأخالقية والف�ضائح اجلن�سية‪.‬‬
‫وقد �أ�شار تقرير البنك الدويل �إىل �أن ن�سبة الف�ساد يف امل�ؤ�س�سات الر�سمية الإ�رسائيلية بلغت‬
‫‪%8.8‬؛ مما جعلها على ر�أ�س قائمة الدول الأكرث ف�سادا ً يف جمموعة الدول املتقدمة‪ ،‬التي ال تتعدى‬
‫ن�سبة الف�ساد فيها ‪ .%4.91‬ومتثلت الآثار الناجمة عن انت�شار ظاهرة الف�ساد ال�سيا�سي يف‪:‬‬
‫�أ‪ .‬زعزعة ثقة املواطن العادي بامل�ؤ�س�سة احلاكمة؛ فقد �أظهر مقيا�س الدميوقراطية تراجع الثقة‬
‫برئي�س الوزراء من ‪� %34‬سنة ‪� 2006‬إىل ‪� %21‬سنة ‪ ،2007‬وتراجعت الثقة برئي�س الدولة‬
‫من ‪� %67‬سنة ‪� 2006‬إىل ‪ ،%22‬و�شملت الرتاجعات الثقة باجلي�ش وال�رشطة وغريها من‬
‫امل�ؤ�س�سات‪.13‬‬
‫ب‪ .‬الت�أثري ال�سلبي على النظرة لـ"�إ�رسائيل" على م�ستوى العامل الغربي‪ ،‬الذي كان ينظر‬
‫باحرتام �إىل "�إ�رسائيل" وقيادتها‪.‬‬
‫و�أ�شارت املعلومات الواردة يف تقرير املعهد الإ�رسائيلي للدميوقراطية ب�أن الإ�رسائيليني ال يثقون‬

‫‪79‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بحكومتهم وال مب�ؤ�س�ساتهم التي �شهدت تراجعا ً عن ال�سنوات ال�سابقة‪ ،‬و�أظهرت اال�ستطالعات �أن‬
‫‪ %78‬من الإ�رسائيليني غري را�ضني عن قيادتهم‪ .‬وقد �أيد تقرير جلنة فينوغراد للتحقيق يف حرب‬
‫متوز‪ /‬يوليو يف لبنان �سنة ‪ 2006‬ال�شكوك نف�سها حول الثقة بالقيادات الع�سكرية وال�سيا�سية‪.‬‬
‫وقد جاء يف ا�ستطالع �إ�رسائيلي �أن ‪ %56‬من الإ�رسائيليني يعتقدون �أن �أوملرت هو الأكرث ف�سادا ً‬
‫يف احلكومة‪ ،‬يليه وزير املالية هري �شيزون الذي ح�صل على ن�سبة ‪ ،%55‬واحتل رامون وليربمان‬
‫املرتبة الثالثة بن�سبة ‪ ،%33‬واحتل املرتبة الرابعة �إيهود باراك ووزير املالية روين بار�أون بن�سبة‬
‫‪ ،%29‬وح�صلت ت�سيبي ليفني وزيرة اخلارجية على �أعلى ن�سبة يف اال�ستقامة و�صلت �إىل ‪،%46‬‬
‫يليها وزير املعارف يويل متري ‪ Yuli Tamir‬بن�سبة ‪� .%40‬أما على م�ستوى الكني�ست فريى ‪%40‬‬
‫�أن ت�ساحي هنغبي ‪ Tzachi Hanegbi‬هو الأكرث ف�ساداً‪ ،‬يليه نتنياهو بن�سبة ‪ ،%38‬ويليهم عمري‬
‫بريت�س‪.14‬‬
‫وت�ؤيد التقارير الدولية حول الف�ساد هذا املنحى يف النظام الإ�رسائيلي؛ حيث احتلت "�إ�رسائيل"‬
‫املرتبة ‪ 30‬من بني ‪ 180‬دولة على مقيا�س الف�ساد لعام ‪ .2007‬وقد �شملت هذه االتهامات بالف�ساد‬
‫معظم رموز النظام ال�سيا�سي‪ ،‬وعلى ر�أ�سهم رئي�س الوزراء ووزير املالية؛ و�شملت عملية القيا�س‬
‫معظم م�ؤ�س�سات الكيان الإ�رسائيلي‪ ،‬من حكومة وكني�ست و�أحزاب واحتاد العمال اله�ستدروت‬
‫‪ ،Histadrut‬وحتى ال�سلطات املحلية‪.‬‬
‫‪ .6‬تقرير جلنة فينوغراد‪:‬‬
‫�أ�سفرت نتائج احلرب �ض ّد لبنان وما تالها من �إخفاقات يف اجلانب ال�سيا�سي والع�سكري‬
‫الإ�رسائيلي �إىل ظهور الدعوات �إىل املراجعة ال�شاملة للأداء ال�سيا�سي والع�سكري‪ ،‬و�أظهرت تلك‬
‫احلرب غياب وجود قيادة �سيا�سية قوية قادرة على اتخاذ قرارات مهمة‪ ،‬وتزايد الإقرار بعدم‬
‫�إمكانية حتقيق الأمن لـ"�إ�رسائيل" من خالل االعتماد على القدرات الع�سكرية لوحدها‪.15‬‬
‫ويف ظ ّل تزايد ال�ضغوط ال�شعبية �ض ّد احلكومة‪ ،‬وعدم كفاءتها يف �إدارة املعركة �شكلت جلنة‬
‫لتق�صي احلقائق برئا�سة القا�ضي املتقاعد �إلياهو فينوغراد‪ ،‬و�ضمت كالً من الربوفي�سور يحقئيل‬
‫درور ‪ Yehezkel Dror‬والربوفي�سورة روث غابيزون ‪ Ruth Gabizon‬واجلرنال احتياط حاييم‬
‫نادل ‪ Haim Nadel‬واجلرنال احتياط مناحيم عينان ‪.16Menachem Einan‬‬
‫وقد جاء يف تقرير جلنة فينوغراد‪ ،‬املكلفة بالتحقيق يف الإخفاقات يف حرب متوز‪ /‬يوليو يف لبنان‬
‫�سنة ‪ ،2006‬ب�أن هناك ثالثة �أ�شخا�ص كانت �إ�سهاماتهم يف القرارات حا�سمة وهم؛ رئي�س احلكومة‬
‫�إيهود �أوملرت‪ ،‬ووزير الدفاع عمري بريت�س‪ ،‬ورئي�س الأركان امل�ستقيل دان حالوت�س‪ ،‬و�أن الثالثة‬
‫م�س�ؤولون عن الإخفاقات والأخطاء‪ ،‬وكذلك عن الإجنازات التي �أ�سفرت عنها‪ .‬و�إن امل�س�ؤولية‬
‫الأ�سا�سية للإ�صالح تقع على عاتق ه�ؤالء الثالثة �أي�ضاً‪ ،‬وقد ّ‬
‫�شخ�ص التقرير �إخفاقات الثالثة كل يف‬
‫‪80‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫جمال عمله ح�سبما يلي‪:17‬‬


‫�أ‪ .‬رئي�س الوزراء‪ :‬هو الذي �أدار عملية �صنع القرار‪ ،‬لكنه مل ُيو ِل الوزن الكايف لطبيعة القرارات‬
‫التي اتخذها‪ ،‬وهي قرارات ذات ت�أثريات بعيدة املدى؛ وذلك نظرا ً لقلة خربته‪ ،‬وحمدودية‬
‫قدرته على مواجهة تقديرات اجلي�ش وانتقادها‪ ،‬وقلة معرفته العميقة بال�صلة بني ت�شغيل‬
‫القوة الع�سكرية وبني حتقيق غايات �سيا�سية‪ ،‬كما �أنه يفتقر للطاقم ال�شخ�صي القادر على‬
‫تقدمي امل�شورة‪.‬‬
‫ب‪ .‬وزير الدفاع‪ :‬مل يكن لدى وزير الدفاع �سوى اطالع عام و�أويل على نطاق اخت�صا�ص‬
‫وزارته‪ ،‬وعلى معنى موازنة االعتبارات الع�سكرية وال�سيا�سية يف حرب كربى‪ ،‬ومل يكن‬
‫لديه معرفة وا�سعه وكافيه لبلورة مواقف م�ستقلة يف موا�ضيع مركزية مهمة‪ .‬كما �أنه مل‬
‫يتبع �أ�ساليب حت�سن من قدرته على الإدارة واملراقبة‪ ،‬ومل يقم ب�إجراء م�شاورات لتحقيق‬
‫هذا الهدف‪ .‬وكذلك كان دور وزير الدفاع حم�صورا ً بالق�ضايا التكتيكية واملو�ضعية‪ ،‬ومل‬
‫يكن له وزن فعلي يف القرارات اال�سرتاتيجية‪.‬‬
‫ج‪ .‬رئي�س الأركان‪ :‬كانت تو�صياته مركزية‪ ،‬وهو الذي �أدار جميع عمليات اجلي�ش مبا�رشة‪،‬‬
‫لكنه مل يج ِر نقا�شا ً داخليا ً يف اجلي�ش حول املخطط اال�سرتاتيجي للعملية الع�سكرية‪ ،‬وهو‬
‫الذي �أقنع رئي�س احلكومة ووزير الدفاع بقدرات اجلي�ش على تنفيذ الهجوم‪.‬‬
‫لقد وجه تقرير جلنة فينوغراد االتهام بالتق�صري وامل�س�ؤولية �إىل حكومة �أوملرت‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫رئي�س الأركان والقيادات الإ�رسائيلية ال�سابقة‪ ،‬باعتبارها مل تعالج امل�شكالت املرتاكمة عرب ال�سنوات‬
‫املا�ضية‪ .‬لكن ردود الفعل الإ�رسائيلية التي �أعقبت �صدور تقرير اللجنة ان�صب على انتقادات‬
‫وجهت �إىل رئي�س احلكومة باعتباره امل�س�ؤول الرئي�سي عن الف�شل‪ ،‬وطالبوه باال�ستقالة‪ .‬وكانت‬
‫كثري من االنتقادات قد وجهت �إىل رئي�س الأركان دان حالوت�س الذي �سارع لتقدمي ا�ستقالته‪ .‬وعلى‬
‫�أي حال فقد �أظهرت االنتقادات مدى اخللل يف النظام الإ�رسائيلي يف العالقة غري املتوازنة بني القيادة‬
‫ال�سيا�سية والع�سكرية‪.‬‬
‫ولقد �أظهرت التعليقات على التقرير االجتاه نحو �رضورة �إحداث تغيري جوهري يف عملية �صنع‬
‫القرار يف املجاالت ال�سيا�سية والع�سكرية‪ ،‬وتزايدت الدعوات �إىل �رضورة حت�سني �أداء احلكومة‬
‫ودورها‪ ،‬و�رضورة دعمها باخلربات ال�سيا�سية والأمنية املهنية‪ ،‬وعدم االعتماد الزائد على‬
‫االعتبارات الأمنية على ح�ساب االعتبارات ال�سيا�سية‪.18‬‬
‫وقد ظهرت دعوات لتعزيز دور وزارة اخلارجية وجمل�س الأمن القومي يف اتخاذ القرارات‬
‫احلا�سمة ذات البعد ال�سيا�سي الأمني‪ ،‬وعدم ترك االمور للم�ؤ�س�سة الع�سكرية منفردة‪ ،‬لتقرير‬
‫ما يجب عمله يف هذا املجال‪ .‬وب�شكل عام ميكن القول ب�أن تقرير اللجنة �أدى �إىل تراجع ثقة الر�أي‬
‫‪81‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫العام الإ�رسائيلي بالنخبة ال�سيا�سية والع�سكرية القائمة‪ ،‬و�أظهر التقرير هيمنة اجلي�ش على القيادة‬
‫ال�سيا�سية ممثلة يف رئي�س الوزراء‪ ،‬ووزير الدفاع نظرا ً النعدام اخلربة الأمنية لديهما‪.‬‬
‫وب�شكل عام ميكن القول ب�أن التقرير على الرغم من اتهامه للقيادات الإ�رسائيلية الرئي�سية‪� ،‬إال‬
‫�أنه مل يطالبها باال�ستقالة‪ ،‬خا�صة رئي�س الوزراء؛ وترك للجمهور والر�أي العام الإ�رسائيلي تقرير‬
‫م�ستقبل قيادة �أوملرت يف احلكومة‪ .‬ولذلك عمل �أوملرت على امت�صا�ص غ�ضب ال�شارع‪ ،‬من خالل‬
‫ت�أكيده �رضورة تطبيق تو�صيات اللجنة؛ وكان �أولها دعم احلكومة باخلربة الع�سكرية من خالل‬
‫�ض ّم باراك لوزارة الدفاع‪ .‬وكذلك عمدت احلكومة �إىل �إظهار قد ٍر من الت�شدد يف الق�ضايا الرئي�سية يف‬
‫ال�رصاع العربي الإ�رسائيلي‪ ،‬و�إظهار مي ٍل �إىل التهديد با�ستخدام القوة الع�سكرية �ض ّد �إيران‪ ،‬لإعادة‬
‫الهيبة للحكومة وللم�ؤ�س�سة الع�سكرية‪.19‬‬

‫ثاني ًا‪� :‬أبرز امل�ؤ�شرات ال�سكانية واالقت�صادية والع�سكرية‪:‬‬


‫‪ .1‬امل�ؤ�شـرات ال�سكانية‪:‬‬
‫بلغ عدد �سكان "�إ�رسائيل" يف نهاية �سنة ‪ 2007‬ح�سب الإح�صاءات الر�سمية �سبعة ماليني‬
‫و‪ ،244,100‬بينهم خم�سة ماليني و‪ 474,300‬يهودي �أي ما ن�سبته ‪ %75.6‬من ال�سكان‪ ،‬بينما مل‬
‫ي�رصح ‪ 319,900‬عن ديانتهم‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ ،%4.4‬وهم على الأغلب من مهاجري رو�سيا وبلدان‬
‫االحتاد ال�سوفييتي �سابقا ً و�أوروبا ال�رشقية ممن مل تثبت يهوديتهم‪� ،‬أو من امل�سيحيني غري العرب‪.‬‬
‫�أما عدد ال�سكان العرب‪ ،‬مبا يف ذلك القد�س ال�رشقية واجلوالن‪ ،‬فبلغ مليونا ً و‪� ،449,800‬أي ما ن�سبته‬
‫‪ %20‬من ال�سكان‪ .‬و�إذا ما حذفنا عدد �سكان القد�س ال�رشقية واجلوالن الذين يبلغ عددهم نحو‬
‫‪� 266‬ألفاً‪ ،‬ف�إن عدد ما يعرف بفل�سطينيي ‪ 48‬ي�صبح حوايل مليون و‪� 184‬ألفاً‪� ،‬أي نحو ‪ %16.3‬من‬
‫ال�سكان‪ .‬ويقيم نحو ‪� 480‬ألف م�ستوطن يهودي يف ال�ضفة الغربية مبا يف ذلك �رشقي القد�س‪ ،‬كما‬
‫يقيم حوايل ‪� 20‬ألف م�ستوطن يهودي يف اجلوالن (انظر جدول ‪.)2/1‬‬

‫‪82‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫جدول ‪� :2/1‬أعداد ال�سكان يف "�إ�سـرائيل"‪( 2007-2001‬ال تت�ضمن �أعداد العمال الأجانب)‪20‬‬

‫العرب (مبن فيهم �سكان‬


‫�آخرون‬ ‫اليهود‬ ‫�إجمايل عدد ال�سكان‬ ‫ال�سنة‬
‫�شـرقي القد�س واجلوالن)‬
‫‪256,300‬‬ ‫‪1,227,500‬‬ ‫‪5,025,000‬‬ ‫‪6,508,800‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪273,000‬‬ ‫‪1,263,900‬‬ ‫‪5,094,200‬‬ ‫‪6,631,100‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪281,400‬‬ ‫‪1,301,600‬‬ ‫‪5,165,400‬‬ ‫‪6,748,400‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪291,700‬‬ ‫‪1,340,200‬‬ ‫‪5,237,600‬‬ ‫‪6,869,500‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪299,800‬‬ ‫‪1,377,100‬‬ ‫‪5,313,800‬‬ ‫‪6,990,700‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪310,000‬‬ ‫‪1,413,300‬‬ ‫‪5,393,400‬‬ ‫‪7,116,700‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪319,900‬‬ ‫‪1,449,900‬‬ ‫‪5,474,300‬‬ ‫‪7,244,100‬‬ ‫‪2007‬‬

‫�أعداد ال�سكان يف "�إ�سـرائيل"ل�سنتي ‪2007-2001‬‬

‫وخالل �سنة ‪ 2007‬هاجر �إىل "�إ�رسائيل" ‪ 19,700‬مهاجراً‪ ،‬مقارنة بـ ‪ 20,961‬هاجروا �سنة ‪.2006‬‬
‫وهذا يتوافق مع املنحنى املرتاجع للهجرة اليهودية منذ �سنة ‪ .2000‬وي�ساور الأو�ساط الإ�رسائيلية‬
‫وال�صهيونية القلق لأن عدد الذين غادروا "�إ�رسائيل" �سنة ‪ 2007‬كان �أكرث من عدد من هاجروا �إليها‪،‬‬
‫وهذا يحدث للمرة الأوىل منذ �أكرث من ع�رشين عاما ً (انظر جدول ‪.)2/2‬‬
‫جدول ‪� :2/2‬أعداد املهاجرين اليهود �إىل "�إ�سـرائيل" ‪212007-1990‬‬

‫‪1999 1998 1997‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪1993 1992‬‬ ‫‪1991‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫ال�سنة‬
‫عدد‬
‫املهاجرين ‪78,400 58,500 67,990 72,180 77,660 80,810 77,860 77,350 176,650 200,170‬‬

‫‪ 2007‬املجموع الكلي‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫ال�سنة‬
‫عدد‬
‫املهاجرين ‪1,219,544 19,700 20,961 22,818 22,500 24,652 35,168 44,633 61,542‬‬

‫‪83‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أعداد املهاجرين اليهود �إىل "�إ�سـرائيل" ‪2007-1990‬‬

‫وتظهر التقارير �سعي ال�سلطات الإ�رسائيلية وال�صهيونية ال�ستجالب مهاجرين جدد من بلدان‬
‫مل تكن �ضمن اهتماماتها املركزية مثل الهند و�إيران‪ .‬وقد قام جمموعة �أثرياء يهود من �أ�صول‬
‫�إيرانية ب�إقامة �صندوق لت�شجيع الهجرة من �إيران‪ ،‬ومينح ال�صندوق ‪� 60‬ألف دوالر لكل عائلة‬
‫يهودية تقرر الهجرة �إىل "�إ�رسائيل"‪� ،‬إىل جانب "�سلّة اال�ستيعاب" التي تقدمها وزارة اال�ستيعاب‬
‫الإ�رسائيلية للمهاجرين اليهود‪ ،‬وهي عبارة عن منح وامتيازات مالية‪.22‬‬
‫وت�شري بع�ض التقديرات �إىل وجود نحو ‪� 750‬ألف �إ�رسائيلي‪ ،‬يعي�شون خارج "�إ�رسائيل"‪،23‬‬
‫من بينهم نحو ‪� 25‬ألف عامل يعملون يف الأبحاث وتطوير ال�صناعات‪ ،‬ا�ستوعبهم �سوق العمل‬
‫يف �أمريكا‪ .24‬وكان �أحد م�ؤ�رشات الهجرة العك�سية �أن ‪� 4,313‬إ�رسائيليا ً ح�صلوا على اجلن�سية‬
‫الأملانية �سنة ‪ ،2006‬وهو ما يعك�س ارتفاعا ً يزيد عن ‪ %50‬عن �سنة ‪ .252005‬ويبدو �أن ال�سلطات‬
‫الإ�رسائيلية تواجه م�شكلة يف ا�ستيعاب املهاجرين اجلدد‪ ،‬بحيث يعملون يف وظائف يف جماالت‬
‫تخ�ص�صهم‪ .‬وح�سب معطيات الكتاب الإح�صائي ال�سنوي ملعهد الهجرة واالنخراط االجتماعي‬
‫للمركز الأكادميي "روفني"‪ ،‬فمن بني من يحملون �شهادات املاج�ستري والدكتوراه‪ ،‬ممن هاجروا‬
‫من االحتاد ال�سوفييتي ال�سابق‪ ،‬ال يعمل �سوى ثلثهم يف �أعمال تتعلق مبجاالت درا�ستهم‪ .‬ويعمل‬
‫‪ %21.9‬من ه�ؤالء كعمال بناء �أو زراعة �أو �صناعة‪ ،‬ويعمل ‪ %52.7‬يف اخلدمات واملبيعات‪ ،‬بينما‬
‫يعمل ‪ %7.9‬كعمال غري مهنيني‪.26‬‬
‫ون�رشت جريدة معاريف يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ 2007‬نتائج ا�ستطالع للر�أي �أ�شار �إىل �أن ‪ %26‬من‬
‫الإ�رسائيليني قالوا �إن عدم ر�ضاهم عن الأو�ضاع يف "�إ�رسائيل" دفعهم للتفكري يف ال�سنة املا�ضية يف‬
‫الهجرة‪ ،‬وقد ارتفعت هذه الن�سبة بني ال�شبان لت�صل �إىل ‪.27%50‬‬
‫�أما بالن�سبة لعدد اليهود يف العامل‪ ،‬فقد �أ�شارت �إح�صائيات الوكالة اليهودية ‪Jewish Agency for‬‬
‫‪ Israel‬ل�سنة ‪ ،2007‬والتي ا�ستعر�ضها التقرير ال�سنوي لـ"معهد تخطيط �سيا�سة ال�شعب اليهودي"‬

‫‪84‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪� ،The Jewish People Policy Planning Institute‬أن عدد اليهود يف �سنة ‪ 2007‬بلغ ‪ 13‬مليونا ً‬
‫و‪� 155‬ألفاً‪ ،‬بزيادة ‪� 60‬ألفا ً عن �سنة ‪ .2006‬ففي الواليات املتحدة بلغ عدد اليهود خم�سة ماليني‬
‫و‪� 275‬ألفاً‪ ،‬ويف كندا ‪� 374‬ألفاً‪ ،‬وفرن�سا ‪� 490‬ألفاً‪ ،‬وبريطانيا ‪� 295‬ألفاً‪ ،‬ورو�سيا ‪� 225‬ألفاً‪ ،‬و�أملانيا‬
‫‪� 120‬ألفاً‪ ،‬وهنغاريا ‪� 49‬ألفاً‪ ،‬ويف �أمريكا الالتينية يعي�ش نحو ‪� 393‬ألفاً‪ ،‬منهم ‪� 184‬ألفا ً يف الأرجنتني‪،‬‬
‫ويعي�ش يف �إفريقيا ‪� 77‬ألفا ً منهم ‪� 72‬ألفا ً يف جنوب �إفريقيا‪ ،‬ويعي�ش يف �أ�سرتاليا ‪� 104‬آالف‪ .28‬ويعاين‬
‫يهود العامل من م�شاكل التفكك الأ�رسي‪ ،‬والزواج املختلط‪ ،‬واالندماج يف املجتمعات الغربية؛ وهو ما‬
‫ي�ؤثر �سلبا ً على النمو ال�سكاين لليهود‪.‬‬
‫‪.2‬امل�ؤ�شـرات االقت�صادية‪:‬‬
‫ت�شري الإح�صائيات الر�سمية الإ�رسائيلية �إىل �أن االقت�صاد الإ�رسائيلي حقق ن�سبة منو بلغت‬
‫‪� %5.3‬سنة ‪ 2007‬مقارنة بن�سبة ‪ %5.2‬التي حققها �سنة ‪ .292006‬وقد ارتفع الناجت املحلي الإجمايل‬
‫‪� GDP‬سنة ‪� 2007‬إىل ‪ 664‬مليارا ً و‪ 764‬مليون �شيكل (‪ 161‬مليارا ً و‪ 817.9‬مليون دوالر‪ ،‬ح�سب‬
‫�أ�سعار الدوالر ل�سنة ‪ ،)2007‬مقارنة بـ ‪ 633‬مليارا ً و‪ 57‬مليون �شيكل يف �سنة ‪ 142( 2006‬مليارا ً‬
‫و‪ 52.5‬مليون دوالر‪ ،‬ح�سب �أ�سعار الدوالر ل�سنة ‪ .30)2006‬مع مالحظة �أن الإح�صائيات التي‬
‫نعر�ضها م�ستقاة من امل�صادر الر�سمية‪ ،‬وهي م�صادر تقوم بتحديث البيانات و�إجراء تعديالت‬
‫عليها بني فرتة و�أخرى‪ .‬ولذلك‪ ،‬فعلى القارئ الكرمي �أال ي�ستغرب �إن وجد بع�ض االختالف مع‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي لل�سنوات املا�ضية‪ ،‬لأن ذلك �سببه تعديل البيانات من امل�صادر الر�سمية‬
‫نف�سها‪ .‬كما جتدر مالحظة �أن امل�صادر الإ�رسائيلية نف�سها تختلف فيما بينها يف الأرقام والبيانات‬
‫�أحياناً‪ ،‬كما يحدث بني مكتب الإح�صاء املركزي الإ�رسائيلي وبني بنك "�إ�رسائيل" املركزي‪ .‬ومن‬
‫املهم التنبيه �إىل �أن �سببا ً مهما ً يف االزدياد الكبري يف الناجت املحلي الإجمايل بالدوالر الأمريكي يعود‬
‫لرتاجع �سعر �رصف الدوالر مقابل ال�شيكل الإ�رسائيلي الذي ارتفع من ‪� 4.4565‬شيكل للدوالر‬
‫�سنة ‪� 2006‬إىل ‪� 4.1081‬شيكل للدوالر �سنة ‪.2007‬‬

‫�أعداد اليهود يف دول خمتارة ‪2007‬‬

‫‪85‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�إجمايل الناجت املحلي والدخل القومي الإ�سـرائيلي ‪312007-2001‬‬ ‫جدول ‪:2/3‬‬

‫�سعر �صـرف‬ ‫ناق�صاً‪ :‬الدخل ال�صايف‬


‫�إجمايل الدخل القومي‬ ‫�إجمايل الناجت املحلي‬
‫ال�شيكل (ح�سب‬ ‫املدفوع يف اخلارج‬
‫ال�سنة‬
‫بنك "�إ�سـرائيل"‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون‬
‫املركزي)‬ ‫دوالر‬ ‫�شيكل‬ ‫دوالر‬ ‫�شيكل‬ ‫دوالر‬ ‫�شيكل‬
‫‪4.2056‬‬ ‫‪114,038‬‬ ‫‪479,597‬‬ ‫‪4,871‬‬ ‫‪20,486‬‬ ‫‪118,909‬‬ ‫‪500,083‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪4.7378‬‬ ‫‪105,111‬‬ ‫‪497,997‬‬ ‫‪4,224‬‬ ‫‪20,014‬‬ ‫‪109,336‬‬ ‫‪518,011‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪4.5483‬‬ ‫‪111,816‬‬ ‫‪508,574‬‬ ‫‪4,047‬‬ ‫‪18,409‬‬ ‫‪115,864‬‬ ‫‪526,983‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪4.482‬‬ ‫‪119,942‬‬ ‫‪537,582‬‬ ‫‪3,675‬‬ ‫‪16,472‬‬ ‫‪123,618‬‬ ‫‪554,054‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪4.4878‬‬ ‫‪129,642‬‬ ‫‪581,807‬‬ ‫‪1,596‬‬ ‫‪7,163‬‬ ‫‪131,238‬‬ ‫‪588,970‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪4.4565‬‬ ‫‪141,490‬‬ ‫‪630,550‬‬ ‫‪563‬‬ ‫‪2,507‬‬ ‫‪142,053‬‬ ‫‪633,057‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪4.1081‬‬ ‫‪161,885‬‬ ‫‪665,041‬‬ ‫‪-67‬‬ ‫‪-277‬‬ ‫‪161,818‬‬ ‫‪664,764‬‬ ‫‪2007‬‬

‫�إجمايل الناجت املحلي الإ�سـرائيلي ‪(2007-2001‬باملليون دوالر)‬

‫وح�سب �إح�صائيات بنك "�إ�رسائيل"‪ ،‬ف�إن معدل دخل الفرد الإ�رسائيلي قد ارتفع �إىل ‪22,500‬‬
‫دوالر �سنة ‪ ،2007‬بعد �أن كان ‪ 20,100‬دوالر �سنة ‪( 2006‬انظر جدول ‪.)2/4‬‬
‫(بالدوالر)‪32‬‬ ‫جدول ‪ :2/4‬معدل دخل الفرد الإ�سـرائيلي ‪2007-2000‬‬
‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2002 2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫ال�سنة‬
‫‪22.5‬‬ ‫‪20.1‬‬ ‫‪18.9‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪17.3‬‬ ‫‪16.6 18.5‬‬ ‫معدل دخل الفرد ‪19.2‬‬

‫�أما ميزانية احلكومة الإ�رسائيلية ل�سنة ‪ 2007‬فقد توقعت م�رصوفات بقيمة ‪ 294.5‬مليار �شيكل‬
‫(‪ 70‬مليار دوالر تقريباً)‪ .33‬وخالل �سنة ‪ 2007‬نمَ َا الدين الإ�رسائيلي اخلارجي العام مبقدار مليارين‬
‫و ‪ 515‬مليون دوالر‪ ،‬وبلغ جمموعه مع نهاية ال�سنة ‪ 89‬مليارا ً و‪ 945‬مليون دوالر‪.34‬‬
‫بلغت ال�صادرات الإ�رسائيلية ل�سنة ‪ 2007‬ما جمموعه ‪ 54‬مليارا ً و‪ 65.2‬مليون دوالر‪ ،‬مقارنة‬
‫‪86‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫مبا جمموعه ‪ 46‬مليارا ً و‪ 789.4‬مليون دوالر �سنة ‪� ،2006‬أي بزيادة مقدارها ‪� .%15.6‬أما الواردات‬
‫ل�سنة ‪ 2007‬فبلغت ‪ 56‬مليارا ً و‪ 621.4‬مليون دوالر‪ ،‬مقارنة مبا جمموعه ‪ 47‬مليارا ً و‪ 840.6‬مليون‬
‫دوالر‪� ،‬أي بزيادة مقدارها ‪ .%18.4‬وهكذا‪ ،‬فقد كانت �سنة ‪� 2007‬صورة مكررة للحالة املعتادة يف‬
‫العجز يف امليزان التجاري الإ�رسائيلي (انظر جدول ‪.)2/5‬‬
‫جدول ‪� :2/5‬إجمايل ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‪35‬‬

‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫ال�سنة‬


‫‪54,065.2‬‬ ‫‪46,789.4‬‬ ‫‪42,770.4‬‬ ‫‪38,618.4‬‬ ‫ال�صادرات‬
‫‪56,621.4‬‬ ‫‪47,840.6‬‬ ‫‪45,034.5‬‬ ‫‪40,968.7‬‬ ‫الواردات‬

‫�إجمايل ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‬

‫وال تزال الواليات املتحدة تتمتع مبركزها املعتاد ك�رشيك جتاري �أول لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ففي �سنة‬
‫‪ 2007‬بلغت ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل الواليات املتحدة ‪ 18‬مليارا ً و‪ 892.9‬مليون دوالر‪� ،‬أي ما ميثل‬
‫نحو ‪ %35‬من جممل ال�صادرات الإ�رسائيلية‪� .‬أما الواردات الإ�رسائيلية من الواليات املتحدة فبلغت‬
‫�سنة ‪ 2007‬ما جمموعه �سبعة مليارات و‪ 848.4‬مليون دوالر‪� ،‬أي نحو ‪ %13.9‬من جممل الواردات‬
‫الإ�رسائيلية‪ .‬وتع ِّو�ض "�إ�رسائيل" �إىل ح ٍّد كبري عجزها التجاري مع معظم �رشكائها التجاريني‪ ،‬من‬
‫خالل الفائ�ض التجاري‪ ،‬الذي يقارب ‪ 11‬مليار دوالر‪ ،‬مع الواليات املتحدة‪ ،‬وهو ما يعد دعما ً كبريا ً‬
‫لالقت�صاد الإ�رسائيلي (انظر جدول ‪.)2/6‬‬
‫واحتفظت بلجيكا مبوقعها كثاين �أكرب �رشيك جتاري لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬حيث بلغت ال�صادرات‬
‫الإ�رسائيلية �إليها �أربعة مليارات و‪ 70.6‬مليون دوالر‪ ،‬والواردات الإ�رسائيلية منها �أربعة مليارات‬
‫و‪ 455‬مليون دوالر‪ .‬ويبدو �أن جتارة املا�س واملعادن الثمينة هي التي ت�ضع بلجيكا عادة يف هذا‬
‫املوقع املتقدم‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫و�إىل جانب الواليات املتحدة وبلجيكا‪ ،‬ف�إن �أبرز البلدان التي �ص َّدرت "�رسائيل" �إليها �سنة ‪2007‬‬
‫هي هوجن كوجن (ثالثة مليارات و‪ 115.6‬مليون دوالر)‪ ،‬ثم بريطانيا (مليار و‪ 954.3‬مليون دوالر)‪،‬‬
‫ثم �أملانيا (مليار و‪ 920.5‬مليون دوالر)‪ ،‬ثم هولندا (مليار و‪ 617.1‬مليون دوالر)‪ ،‬تليها الهند‪ ،‬ثم‬
‫فرن�سا‪ ،‬ثم �إيطاليا‪ ،‬ثم �إ�سبانيا‪� .‬أما �أبرز البلدان التي ا�ستوردت "�إ�رسائيل" منها �سنة ‪ 2007‬فهي‬
‫�أملانيا (ثالثة مليارات و‪ 484.1‬مليون دوالر)‪ ،‬ثم ال�صني (ثالثة مليارات و‪ 477.1‬مليون دوالر)‪،‬‬
‫ثم �سوي�رسا (ملياران و‪ 882.4‬مليون دوالر)‪ ،‬ثم بريطانيا (ملياران و‪ 681.2‬مليون دوالر)‪ ،‬تليها‬
‫�إيطاليا‪ ،‬ثم هولندا‪ ،‬ثم اليابان‪ ،‬ثم هوجن كوجن (انظر جدول ‪.)2/6‬‬
‫‪36‬‬ ‫جدول ‪:2/6‬ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية مع دول خمتارة ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‬
‫الواردات الإ�سـرائيلية من‪:‬‬ ‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل‪:‬‬
‫البلدان‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪6,099.1 6,042.1 5,919.5 7,848.4‬‬ ‫الواليات املتحدة ‪14,175.1 15,500.1 17,957.2 18,892.9‬‬

‫‪4,130.8 4,557.7 3,936.9‬‬ ‫‪4,455‬‬ ‫‪2,898.1 3,679.5 3,068.4 4,070.6‬‬ ‫بلجيكا‬


‫‪1,178.3 1,277.7 1,527.5 1,747.6‬‬ ‫‪1,907.7 2,373.6 2,776.1 3,115.6‬‬ ‫هوجن كوجن‬
‫‪2,482.8‬‬ ‫‪2,552.1‬‬ ‫‪2,458.6‬‬ ‫‪2,681.2‬‬ ‫‪1,447.8‬‬ ‫‪1,649.9‬‬ ‫‪1,601.7‬‬ ‫‪1,954.3‬‬ ‫بريطانيا‬
‫‪3,090.2‬‬ ‫‪2,986‬‬ ‫‪3,201.4‬‬ ‫‪3,484.1‬‬ ‫‪1,361‬‬ ‫‪1,345.9‬‬ ‫‪1,757.9‬‬ ‫‪1,920.5‬‬ ‫�أملانيا‬
‫‪1,483.8‬‬ ‫‪1,626.7‬‬ ‫‪1,786.8‬‬ ‫‪2,090.3‬‬ ‫‪1,232.8‬‬ ‫‪1,259.7‬‬ ‫‪1,312.2‬‬ ‫‪1,617.1‬‬ ‫هولندا‬
‫‪1,107.7‬‬ ‫‪1,276.2‬‬ ‫‪1,433.7‬‬ ‫‪1,688.8‬‬ ‫‪1,037.9‬‬ ‫‪1,222.8‬‬ ‫‪1,289.4‬‬ ‫‪1,606.7‬‬ ‫الهند‬
‫‪1,248.9 1,203.8 1,301.5 1,480.7‬‬ ‫‪764‬‬ ‫‪882.6 1,092.2 1,328.1‬‬ ‫فرن�سا‬
‫‪1,565.7 1,733.7 1,839.4 2,302.1‬‬ ‫‪810‬‬ ‫‪897.8 1,072.7 1,316‬‬ ‫�إيطاليا‬
‫‪652.3‬‬ ‫‪613.7‬‬ ‫‪749‬‬ ‫‪811.8‬‬ ‫‪616.2‬‬ ‫‪687.8‬‬ ‫‪903‬‬ ‫‪1,081.1‬‬ ‫�إ�سبانيا‬
‫‪2,682.1‬‬ ‫‪2,464.7‬‬ ‫‪2,805.9‬‬ ‫‪2,882.4‬‬ ‫‪782.3‬‬ ‫‪900.3‬‬ ‫‪809‬‬ ‫‪1,036.3‬‬ ‫�سوي�رسا‬
‫‪1,418.4‬‬ ‫‪1,888.3‬‬ ‫‪2,427.7‬‬ ‫‪3,477.1‬‬ ‫‪786.9‬‬ ‫‪747.9‬‬ ‫‪958.8‬‬ ‫‪1,024.3‬‬ ‫ال�صني‬
‫‪1,197‬‬ ‫‪1,238.1‬‬ ‫‪1,292.3‬‬ ‫‪1,881.5‬‬ ‫‪782.3‬‬ ‫‪799.1‬‬ ‫‪792.8‬‬ ‫‪775.6‬‬ ‫اليابان‬
‫‪759.9‬‬ ‫‪852.7‬‬ ‫‪893.6‬‬ ‫‪945.4‬‬ ‫‪417.7‬‬ ‫‪449.8‬‬ ‫‪650‬‬ ‫‪748.2‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪207‬‬ ‫‪166.5‬‬ ‫‪209.4‬‬ ‫‪270.6‬‬ ‫‪488‬‬ ‫‪467.3‬‬ ‫‪465.7‬‬ ‫‪662.7‬‬ ‫الربازيل‬
‫‪688‬‬ ‫‪1,055.7‬‬ ‫‪1,141.6‬‬ ‫‪1,398.8‬‬ ‫‪319.1‬‬ ‫‪417.6‬‬ ‫‪524.6‬‬ ‫‪609.4‬‬ ‫رو�سيا‬
‫‪498.6‬‬ ‫‪553.4‬‬ ‫‪617‬‬ ‫‪708.5‬‬ ‫‪587.6‬‬ ‫‪602.3‬‬ ‫‪589.8‬‬ ‫‪564.2‬‬ ‫تايوان‬
‫‪10,478.1 12,945.4 14,298.8 16,467.1‬‬ ‫‪8,203.9‬‬ ‫‪8,886.4‬‬ ‫‪9,167.9‬‬ ‫‪11,741.6‬‬ ‫بلدان �أخرى‬
‫‪40,968.7 45,034.5 47,840.6 56,621.4‬‬ ‫‪38,618.4 42,770.4 46,789.4 54,065.2‬‬ ‫املجموع العام‬

‫‪88‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل دول خمتارة‪( 2007‬باملليون دوالر)‬

‫الواردات الإ�سـرائيلية من دول خمتارة‪( 2007‬باملليون دوالر)‬

‫وتت�صدر ال�سلع ال�صناعية مبا يف ذلك الإلكرتونيات والآليات قائمة ال�صادرات الإ�رسائيلية‪،‬‬
‫تليها �صادرات املا�س‪� ،‬أما الواردات فتت�صدرها املواد اخلام واملا�س اخلام وامل�صقول والوقود (انظر‬
‫جدول ‪ ،2/7‬وجدول ‪.)2/8‬‬
‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية ح�سب املجموعة ال�سلعية ‪(2007-2006‬باملليون دوالر)‪37‬‬ ‫جدول‪:2/7‬‬
‫املا�س‬
‫املجموع‬ ‫�أخرى‬ ‫�سلع �صناعية‬ ‫�سلع زراعية‬ ‫ال�سنة‬
‫اخلام‬ ‫امل�صقول‬
‫‪39,700.5‬‬ ‫‪293.7‬‬ ‫‪2,676.8‬‬ ‫‪6,609.7‬‬ ‫‪29,089.1‬‬ ‫‪1,031.2‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪45,889.7‬‬ ‫‪70.8‬‬ ‫‪3,373.2‬‬ ‫‪7,094‬‬ ‫‪34,004.1‬‬ ‫‪1,347.6‬‬ ‫‪2007‬‬

‫جدول ‪ :2/8‬الواردات الإ�سـرائيلية ح�سب املجموعة ال�سلعية ‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‪38‬‬

‫امل�صقول �أخرى‬ ‫الوقود املا�س‬ ‫املواد‬ ‫ال�سلع‬


‫املجموع‬ ‫اال�ستهالكية املواد اخلام اال�ستثمارية‬ ‫ال�سنة‬
‫واخلام‬
‫‪47,317.8 211.7 8,659.1 7,455.6 6,573.4 18,517.5 5,900.5‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪56,103.6 588.9 9,642.1 8,935.2 8,031.2 21,393.8 7,512.4‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪89‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وعلى الرغم من �أن "�إ�رسائيل" ُتع ُّد من الدول الغنية واملتقدمة‪� ،‬إال �أنها ما تزال تلقى دعما ً �أمريكيا ً‬
‫�سنويا ً بلغ �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه مليارين و‪ 500.2‬مليون دوالر‪ ،‬منها مليارين و‪ 340‬مليون دوالر‬
‫منحة ع�سكرية؛ مقارنة مبليارين و‪ 534.5‬مليون دوالر ح�صلت عليها �سنة ‪ .2006‬وبذلك يبلغ ما‬
‫تلقته "�إ�رسائيل" من دعم �أمريكي يف الفرتة ‪ 2007-1949‬ما جمموعه ‪ 101‬مليار و‪ 190.8‬مليون‬
‫دوالر‪ ،‬ح�سب احل�صيلة النهائية للتقرير املقدم من خدمات الكوجنر�س البحثية ‪Congressional‬‬
‫( ‪ ،Research Services (CRS‬مع مالحظة �أننا عندما قمنا بجمع املبالغ املن�شورة للفرتة نف�سها‪ ،‬من‬
‫امل�صدر نف�سه‪ ،‬وجدنا �أن املجموع هو ‪ 101‬مليارا ً و‪ 187.5‬مليون دوالر (انظر جدول ‪.39)2/9‬‬
‫جدول ‪ :2/9‬امل�ساعدات الأمريكية لـ"�إ�سـرائيل" ‪( 2007-1949‬باملليون دوالر)‬
‫‪2007-1999 1998-1989 1988-1979 1978-1969 1968-1959 1958-1949‬‬ ‫ال�سنة‬
‫جمموع‬
‫‪26,947.8‬‬ ‫‪31,551.9‬‬ ‫‪29,933.9‬‬ ‫‪11,426.5‬‬ ‫‪727.8‬‬ ‫‪599.6‬‬
‫امل�ساعدات‬

‫وكانت "�إ�رسائيل" قد ح�صلت يف الفرتة ‪ 1967-1949‬على م�ساعدات �أمريكية قيمتها مليارا ً‬


‫و‪ 180.9‬مليون دوالر؛ ويف الفرتة ‪ 1978-1968‬ح�صلت على ‪ 11‬مليارا ً و‪ 533‬مليون دوالر؛ ومنذ‬
‫�رسيان اتفاقية كامب ديفيد مع م�رص �سنة ‪ 1979‬وحتى �سنة ‪( 1993‬وهي ال�سنة التي وقعت فيها‬
‫اتفاقية �أو�سلو) ح�صلت "�إ�رسائيل" على دعم �أمريكي مقداره ‪ 45‬مليارا ً و‪ 930.1‬مليون دوالر؛ �أما‬
‫الفرتة ‪ 2007-1994‬فبلغ جمموع الدعم الأمريكي ‪ 42‬مليارا ً و‪ 503.5‬مليون دوالر‪.40‬‬
‫ومع حت�سن الو�ضع االقت�صادي الإ�رسائيلي ب�شكل كبري يف منت�صف ت�سعينيات القرن الع�رشين‪،‬‬
‫�أ�صبح مربر الدعم االقت�صادي الأمريكي �أقل �إقناعاً؛ ولذلك اقرتح رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي‬
‫حينذاك بنيامني نتنياهو يف �سنة ‪ 1998‬على الأمريكان �أن تقوم الواليات املتحدة بخف�ض تدريجي‬
‫مل�ساعداتها االقت�صادية لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬والتي كانت تبلغ ‪ 1.2‬مليار دوالر �سنوياً‪ ،‬مبعدل خف�ض‬
‫�سنوي مقداره ‪ 120‬مليون دوالر‪ ،‬وعلى مدى ع�رش �سنوات ابتداء من �سنة ‪2000‬؛ ويف املقابل تكون‬
‫هناك زيادة �سنوية يف الدعم الع�سكري مقدارها ‪ 60‬مليون دوالر يف الفرتة نف�سها؛ بحيث ينمو الدعم‬
‫الع�سكري الأمريكي تدريجيا ً من ‪ 1.8‬مليار دوالر �إىل ‪ 2.4‬مليار دوالر يف غ�ضون ع�رش �سنوات‪ .‬ويف‬
‫�آب‪� /‬أغ�سط�س ‪� 2007‬أعلنت الواليات املتحدة �أنها �سوف تزيد م�ساعداتها الع�سكرية لـ"�إ�رسائيل"‬

‫مببلغ �ستة مليارات دوالر خالل الع�رش �سنوات القادمة‪ ،‬بحيث ي�صل الدعم الع�سكري ال�سنوي‬
‫الأمريكي �إىل ‪ 3.1‬مليار دوالر �سنويا ً �سنة ‪ .412018‬وهو ما يعك�س العالقة اال�سرتاتيجية الأمريكية‬
‫مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬والإ�رصار الأمريكي على دعم "�إ�رسائيل" بغ�ض النظر عن تفوقها الع�سكري �أو‬
‫االقت�صادي‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪ .3‬امل�ؤ�شـرات الع�سكرية‪:‬‬
‫عا�شت امل�ؤ�س�سة الع�سكرية الإ�رسائيلية �سنة ‪ ،2007‬تداعيات حربها على لبنان يف �صيف ‪،2006‬‬
‫وحاولت ا�ستخراج جمموعة الدرو�س والعرب من هذه احلرب التي جعلت النظريات الع�سكرية‬
‫الإ�رسائيلية و�أ�ساليب الأداء امليداين مو�ضع مراجعة‪ .‬و�أ�صاب نقد الأداء عددا ً من امل�س�ؤولني‬
‫والقادة الع�سكريني الذين ا�ضطروا لتقدمي ا�ستقاالتهم‪ ،‬فتنحى عمري بريت�س من من�صبه كوزير‬
‫للدفاع وكرئي�س حلزب العمل‪ ،‬ليحل حمله يف املوقعني رئي�س الأركان الإ�رسائيلي ال�سابق ورئي�س‬
‫الوزراء ال�سابق اجلرنال �إيهود باراك؛ كما قدم قائد البحرية الإ�رسائيلية ديفيد بن ب�شات ‪David‬‬
‫‪ Ben Bashat‬ا�ستقالته يف ‪ .2007/7/26‬وان�شغلت "�إ�رسائيل" بالتجهيز الحتماالت حرب ت�سرتد‬
‫بها هيبتها �ض ّد حزب اهلل‪ ،‬والحتماالت امل�شاركة يف �رضب امل�رشوع النووي الإيراين‪ .‬كما كانت‬
‫تراقب باهتمام االنق�سام الفل�سطيني‪ ،‬و�سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬وتدر�س احتماالت اجتياح‬
‫القطاع‪.‬‬

‫�أطاحت احلرب الإ�رسائيلية على لبنان يف �صيف ‪ 2006‬بنظرية االنت�صار بال�رضبة اخلاطفة‪ ،‬كما‬
‫�أدت �إىل �إعادة النظر يف دور �سالح الطريان يف املعارك‪ ،‬وتراجع قيمته ك�أداة حل�سم املعارك‪ ،‬ليعود‬
‫�إىل دوره املعتاد ك�أداة لتهيئة امليدان لالجتياحات الربية وتوفري التغطية املنا�سبة لها‪ .‬ولذلك �شهدت‬
‫الأروقة الع�سكرية الإ�رسائيلية نقا�شات وا�سعة خ�صو�صا ً يف �صيف ‪2007‬؛ وظهرت اجتاهات ترى‬
‫�أن اخلطة املعتمدة منذ �سنة ‪ 2003‬والتي منحت الطريان �أف�ضلية مطلقة على غريه وقل�صت موازنة‬
‫�سالح الرب بنحو ‪ ،%30‬و�ألغت كثريا ً من الوحدات الربية اخلا�صة‪ ،‬مل تثبت �صحتها‪ .‬و�صارت قيادة‬
‫اجلي�ش على قناعة بوجوب زيادة موازنة القوات الربية للتغلب على النواق�ص‪ ،‬واالحتفاظ بوحدات‬
‫امل�شاة‪ ،‬التي كان �سيت ّم �إغالقها‪ ،‬ف�ضالً عن تطوير الدبابات و�أ�سلحة امل�شاة‪.42‬‬

‫ويف مطلع �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪� 2007‬أقرت القيادة الع�سكرية الإ�رسائيلية خطة الت�سلح الإ�رسائيلية‬
‫لل�سنوات اخلم�س التالية‪ ،‬والتي ُعرفت بخطة "تيفني ‪ .Tefen "2012‬وهي تق�ضي ب�رشاء طائرات‬
‫�أمريكية ال ير�صدها الرادار‪ ،‬و�سفن حربية حديثة‪ ،‬ومئات املدرعات التي تتمتع ب�أنظمة حماية عالية‪،‬‬
‫و�أعداد كبرية من الطائرات دون طيار‪ ،‬ومنظومات دفاعية وهجومية‪ .‬وقد منحت اخلطة �أولوية‬
‫للقوات الربية‪ ،‬مع تعزيز منا�سب للقوات اجلوية والبحرية‪ .‬وتت�ضمن اخلطة موا�صلة �إنتاج دبابات‬
‫"مريكافا �سيمان ‪ ، Merkava Siman"4‬و�إ�ضافة من ــظومات دفعات فـ ــعال للدبابات ع ــمومـ ـاً‪،‬‬
‫و�إنت ـ ـ ــاج املـ ــئات م ـ ــن ناق ــالت اجلند الثــقيلة املخـ�ص�صة للم�شـاة‪ .‬وتت�ضمن اخلـ ـطــة ال ــتزود‬
‫‪91‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بـ ـ ‪ 25‬طائرة من طراز "ف ‪ "35‬التي ال ير�صدها الرادار‪ ،‬وتطوير الدفاعات �ض ّد �صواريخ‬
‫الق�سام واملقاومة الفل�سطينية و�صوالً �إىل ال�صواريخ بعيدة املدى‪ .‬كما ت�شدد اخلطة على التدريب‬
‫و�سالح اال�ستخبارات‪.43‬‬

‫وكان م�رشوع دبابة املريكافا مهددا ً بالإغالق يف �أوائل �سنة ‪ ،2007‬وهو ما كان �سي�ؤثر �سلبا ً على‬
‫حوايل ‪ 200‬م�صنع‪ ،‬يعمل فيها حوايل ع�رشة �آالف عامل‪ .44‬غري �أن ميل اال�سرتاتيجية الع�سكرية‬
‫اجلديدة لدعم القوات الربية‪ ،‬دفع ل�صالح بقاء م�رشوع املريكافا‪ ،‬مع �إجراء تعديالت وحت�سينات‬
‫عليها‪ .‬وقررت القيادة الع�سكرية �إدخال نظام حماية متطور يطلق عليه ا�سم "�سرتة الرياح" ‪Wind‬‬
‫‪ ،Coat‬وهو نظام العرتا�ض ال�صواريخ امل�ضادة للدروع التي تطلق على الدبابة؛ وي�شمل رادارا ً‬
‫قادرا ً على الك�شف عن ال�صاروخ املنطلق نحوها‪ ،‬و�إطالق �صاروخ باجتاهه لتدمريه‪ .‬وتقرر تركيب‬
‫‪ 100‬نظام دفاعي من هذا النوع ابتداء من مطلع �سنة ‪.452008‬‬

‫ويف �إطار التوجهات العامة للخطة الع�سكرية الإ�رسائيلية‪� ،‬أعلنت �إدارة ال�صناعات احلربية‬
‫الإ�رسائيلية "رفائيل" ‪ Rafael‬يف ‪� 2007/8/10‬أنها �ستبد�أ بعد عام ون�صف با�ستخدام �صاروخ جديد‬
‫م�ضاد لل�صواريخ الفل�سطينية وقذائف الكاتيو�شا ق�صرية املدى؛ ويطلق عليها ا�سم م�رشوع "القبة‬
‫احلديدية"‪ .‬و�سيكون ب�إمكان جهاز الرقابة "�شاحر �أدوم" �أي "الفجر الأحمر" ورادار �إ�رسائيلي من‬
‫�صنع �رشكة "�ألرتا" ر�صد القذيفة �أو ال�صاروخ‪ ،‬ليطلق بعد ذلك �صاروخ يدمر القذيفة �أو ال�صاروخ‬
‫يف اجلو‪ .46‬و�أعلنت وزارة الدفاع الإ�رسائيلية يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،2007‬عن �أن "�إ�رسائيل"‬

‫�ستقوم بتطوير نظام جديد م�ضاد لل�صواريخ‪ ،‬مب�ساعدة مالية �أمريكية مقدارها ‪ 155‬مليون دوالر‪.‬‬
‫و�سيكون النظام الذي �أطلق عليه ا�سم "مقالع داود" ‪ David’s Sling‬قادرا ً على اعرتا�ض فئات عدة‬
‫من ال�صواريخ حملية ال�صنع التي تطلقها الف�صائل الفل�سطينية �إىل ال�صواريخ بعيدة املدى املجهزة‬
‫بر�ؤو�س نووية‪ .47‬ويظهر �أن قادة ع�سكريني �إ�رسائيليني كبار‪ ،‬مل يكونوا مطمئنني متاما ً �إىل فعالية‬
‫رصح قائد �سالح اجلو الإ�رسائيلي �أن من يعتقد �أنه بالإمكان امل�سا�س‬
‫مثل هذه املنظومات؛ حيث � َّ‬
‫بجميع مطلقي �صواريخ املقاومة "فهو يحلم �أحالم ال�صيف"‪.48‬‬

‫ويف �إطار تعزيز القوة ال�صاروخية الإ�رسائيلية‪ ،‬حتدثت الأنباء عن اعتزام �سالح اجلو الإ�رسائيلي‬
‫�رشاء �أعداد كبرية من �صواريخ الهجوم املبا�رش من الواليات املتحدة بقيمة ‪ 100‬مليون دوالر‪ .‬وهي‬
‫�صواريخ تتمتع بنظام توجيه منخف�ض التكلفة‪ ،‬ميكن �أن يحول ال�صاروخ من قنبلة �ساقطة �إىل‬
‫�صاروخ ذكي موجه بالأقمار ال�صناعية‪ .49‬كما قام �سالح الطريان الإ�رسائيلي ب�إجراء مفاو�ضات‬

‫‪92‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫مع ال�صناعات اجلوية الإ�رسائيلية‪ ،‬ل�رشاء �صواريخ �أر�ض ‪� -‬أر�ض بالي�ستية تكتيكية من طراز‬
‫"لورا" ‪ ،LORA‬والتي ي�صل مداها �إىل �ألف كيلومرت؛ وميكنها القيام مبهام بدالً من الطائرات‪.50‬‬
‫وحتدثت الأنباء يف �أواخر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ 2007‬عن توقيع عقد �إ�رسائيلي مع الواليات املتحدة‬
‫يت�ضمن �رشاء �صواريخ جوية وبحرية حديثة؛ ت�شمل �رشاء ‪� 200‬صاروخ جو ‪ -‬جو متو�سط املدى‬
‫من طراز "�أمرام" ‪ ،AMRAAM‬و‪� 500‬صاروخ جو ‪ -‬جو ق�صري املدى من طراز "�سايدوايندر"‬

‫‪ ،Sidewinder‬و‪� 30‬صاروخا ً بحريا ً من طراز "هارفوم"‪ .‬وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه ال�صواريخ‬
‫‪ 334‬مليون دوالر‪.51‬‬
‫و�أعلنت "�إ�رسائيل" يف �أواخر �آذار‪ /‬مار�س ‪ 2007‬عن رغبتها يف �رشاء ‪ 100‬طائرة حربية من‬
‫طراز "�إف ‪ ،"35‬وهي الطائرة التي �ست�شكل الطائرة احلربية الرئي�سية يف �سالح اجلو الأمريكي يف‬
‫امل�ستقبل‪ .‬و�إذا ما متت ال�صفقة‪ ،‬ف�سيتلقى �سالح اجلو الإ�رسائيلي �أول طائرة من هذا الطراز �سنة‬
‫‪ ،2014‬ويبلغ �سعر الطائرة الواحدة ‪ 47‬مليون دوالر‪ .52‬كما �رشعت ال�صناعات اجلوية الإ�رسائيلية‬
‫بتطوير طائرات بدون طيار تعمل على الطاقة ال�شم�سية‪ ،‬وت�ستطيع البقاء فوق البلدان امل�ستهدفة‬
‫لفرتات طويلة‪ .53‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪� ،‬أُعلن عن ترتيبات لإطالق قمر �صناعي "تك �ستار" ‪ TecSar‬يف‬
‫�أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ ،2007‬ي�ستهدف مراقبة الربنامج النووي الإيراين‪ ،‬وهو قادر على التقاط �صور‬
‫لأهداف �صغرية جداً‪ ،‬و�إر�سالها يف كل الأحوال اجلوية‪.54‬‬
‫من ال�صعب حتديد موازنة النفقات الع�سكرية الإ�رسائيلية‪� ،‬إذ يت ّم �إخفاء عدد من اجلوانب‬
‫ل�رس َّيتها‪ ،‬كما يت ّم عقد الكثري من �صفقات الأ�سلحة ال�رسية‪� ،‬سواء كانت بيعا ً �أم �رشا ًء؛ ثم �إن امليزانية‬
‫تخ�ضع لبع�ض املراجعات يف �أثناء ال�سنة املالية مما يجعلها عر�ضة للزيادة �أو النق�صان‪ .‬وح�سب‬
‫املكتب املركزي الإ�رسائيلي للإح�صاء فقد بلغت ميزانية النفقات الع�سكرية ل�سنة ‪ 2007‬ما جمموعه‬
‫‪ 49‬مليارا ً و‪ 476‬مليون �شيكل (‪ 12‬مليارا ً و‪ 44‬مليون دوالر)‪ .‬وهذا املبلغ ي�شار �إليه ك�صايف نفقات‪،‬‬
‫بعد القيام بعمل مقا�صة مع �إيرادات مبيعات تبلغ ‪ 253.2‬مليون دوالر ل�سنة ‪2007‬؛ �أي �أن الإنفاق‬
‫الع�سكري احلقيقي املعلن ل�سنة ‪ 2007‬يبلغ ‪ 12‬مليارا ً و‪ 297.2‬مليون دوالر‪ .55‬ومن الوا�ضح �أن‬
‫هناك �إخفاء للحجم احلقيقي للمبيعات الع�سكرية‪ ،‬حيث حتتل "�إ�رسائيل" املرتبة الرابعة عامليا ً يف‬
‫مبيعات الأ�سلحة بعد الواليات املتحدة ورو�سيا وفرن�سا؛ وتقدر مبيعاتها ال�سنوية بنحو ‪ 4.9‬مليار‬
‫دوالر‪ .56‬ويت ّم �ض ّم �إيراداتها للميزانية الع�سكرية الإ�رسائيلية‪ .‬وقد تناقلت الأخبار �أن امليزانية‬
‫الع�سكرية الإ�رسائيلية ل�سنة ‪ 2007‬كانت الأكرب يف التاريخ الإ�رسائيلي‪ ،‬كما حتدثت عن �إ�شارات عن‬
‫مت �إقرارها ر�سميا ً من الكني�ست‪.57‬‬ ‫�أن احلكومة قامت بزيادة امليزانية الع�سكرية‪ ،‬بعد �أن ّ‬

‫‪93‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫النفقات الع�سكرية الإ�سـرائيلية الر�سمية ‪582007-2001‬‬ ‫جدول ‪:2/10‬‬


‫باملليون دوالر‬ ‫باملليون �شيكل‬ ‫ال�سنة‬
‫‪9,936‬‬ ‫‪41,788‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪10,333‬‬ ‫‪48,957‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪10,190‬‬ ‫‪46,349‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪9,815‬‬ ‫‪43,989‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪10,303‬‬ ‫‪46,239‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪11,160‬‬ ‫‪49,735‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪12,044‬‬ ‫‪49,476‬‬ ‫‪2007‬‬

‫النفقات الع�سكرية الإ�سـرائيلية الر�سمية ‪( 2007-2001‬باملليون دوالر)‬

‫وعلى الرغم من اجلهود الكبرية التي تبذلها امل�ؤ�س�سة الع�سكرية‪� ،‬إال �أن حالة الرتهل والتفكك‬
‫االجتماعي وانت�شار ثقافة املتعة يف املجتمع الإ�رسائيلي‪� ،‬ألقت بظاللها ال�سلبية على امل�ؤ�س�سة‬
‫الع�سكرية‪ ،‬التي جتد �صعوبات متزايدة يف احل�صول على نوعيات منا�سبة للقتال‪ .‬وقد �أ�شارت‬
‫معطيات �إ�رسائيلية �إىل �أن نحو‪%25‬من ال�شبان اليهود يتهربون من اخلدمة الع�سكرية الإلزامية‪.59‬‬
‫كما ك�شف تقرير داخلي للجي�ش الإ�رسائيلي �أن ‪ %14.7‬من اجلنود يعانون من م�شاكل نف�سية‪.60‬‬
‫ولعل ذلك كان �أحد �أ�سباب ارتفاع ن�سبة املتدينني اليهود يف اجلي�ش الإ�رسائيلي؛ ففي تقرير ن�رشته‬
‫جريدة معاريف يف ‪ 2007/8/26‬ف�إن ن�سبة املتدينني يف اجلي�ش ت�صل �إىل ‪%40‬من ال�ضباط ذوي‬
‫الرتب الرفيعة (عقيد فما فوق)‪ ،‬على الرغم من �أن املتدينني يف املجتمع ال�صهيوين ُي�شكلون نحو‬
‫‪ %7‬فقط من املجتمع الإ�رسائيلي‪ .‬وقد كانت ن�سبتهم �أوائل ثمانينيات القرن الع�رشين يف اجلي�ش‬
‫الإ�رسائيلي �أقل من ن�سبتهم يف الو�سط الإ�رسائيلي‪.61‬‬

‫‪94‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫رئي�س �أركان اجلي�ش الإ�رسائيلي‬


‫دان حالوت�س‪ ،‬و�إىل جانبه وزير‬
‫الدفاع عمري بريت�س؛ اللذان �أدى‬
‫ف�شل احلرب على لبنان يف �صيف‬
‫‪� ،2006‬إىل ا�ستقالتهما خالل �سنة‬
‫‪ ( .2007‬أ� ف ب‪)2007/1/18 ،‬‬

‫فاز �إيهود باراك بزعامة حزب‬


‫العمل الإ�رسائيلي على مناف�سه‬
‫عامي �أيالون‪ ،‬يف ‪،2007/6/12‬‬
‫وخلف بذلك عمري بريت�س يف‬
‫زعامة احلزب‪ ،‬ويف من�صب‬
‫وزير الدفاع‪( .‬رويرتز)‬

‫الفل�سطينيون يتفقدون الدمار‪ ،‬الناجت عن‬


‫هجوم جوي �إ�رسائيلي يف ‪،2007/5/17‬‬
‫ملبنى ي�ضم مكاتب للقوة التنفيذية‬
‫الفل�سطينية يف غزة‪( .‬رويرتز)‬

‫‪95‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جانب من جل�سة للمجل�س‬


‫الت�رشيعي الفل�سطيني‪ ،‬يف‬
‫رام اهلل‪ ،‬يف ‪.2007/1/30‬‬
‫وم���ع نهاي���ة �س���نة ‪2007‬‬
‫كان يقب���ع يف ال�س���جون‬
‫الإ�رسائيلي���ة ‪ 47‬نائب���ا ً من‬
‫نواب املجل����س الت�رشيعي‪،‬‬
‫منه���م ‪ 42‬م���ن حما����س‪،‬‬
‫و�أربع���ة من فت���ح‪ ،‬وواحد‬
‫م���ن اجلبه���ة ال�ش���عبية‪.‬‬
‫(رويرتز)‬

‫�ص���ورة تو�ض���ح الدم���ار ال���ذي‬


‫حل���ق بور�ش���ة فل�س���طينية يف‬
‫غ���زة يف ‪ ،2007/5/22‬نتيج���ة‬
‫هج���وم ج���وي �إ�رسائيل���ي‪ .‬وق���د‬
‫حلقت خ�س���ائر كبرية بامل�ص���انع‬
‫والور����ش الفل�س���طينية‪ ،‬ب�س���بب‬
‫الق�ص���ف‪ ،‬ومنع املواد الأ�سا�سية‬
‫واحل�صار‪( .‬رويرتز)‬

‫بقايا �صاروخ من �صواريخ الق�سام‬


‫التي �سقطت على م�ستعمرة �سديروت‬
‫يف ‪ .2007/5/19‬وكان �إطالق ال�صواريخ‬
‫من قطاع غزة �أحد �أبرز معامل املقاومة‬
‫الفل�سطينية �سنة ‪( .2007‬رويرتز)‬

‫‪96‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫تابعت "�إ�رسائيل" عدوانها على ال�شعب الفل�سطيني �سنة‬


‫‪ ،2007‬م�ستفيدة من االنق�سام الفل�سطيني‪ ،‬وما رافقه‬
‫ثالث ًا‪ :‬العدوان واملقاومة‬
‫من اقتتال داخلي وفلتان �أمني‪ .‬وقد ا�ستنفذ ال�رصاع الداخلي الكثري من طاقات ال�شعب الفل�سطيني‬
‫و�إمكاناته‪ ،‬كما �شوه �صورة املقاومة و�أ�ضعفها‪ .‬وات�سمت عمليات املقاومة الفل�سطينية �سنة ‪2007‬‬
‫بطبيعة دفاعية‪ ،‬مع تركيز على �إطالق ال�صواريخ التي حت�سنت دقتها وازداد مداها‪ .‬وف�ضالً عن‬
‫احل�صار الظامل والهجمات املتوا�صلة على قطاع غزة‪ ،‬فقد تابعت القوات الإ�رسائيلية احتاللها لل�ضفة‬
‫الغربية وا�ستفادت يف الن�صف الثاين من �سنة ‪ 2007‬من التعاون الأمني لل�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬

‫وال ب ّد من الإ�شارة �إىل ت�ضارب امل�صادر املختلفة حول �أعداد القتلى واجلرحى واملعتقلني؛ �سواء‬
‫بني امل�صادر الفل�سطينية نف�سها �أم بني امل�صادر الإ�رسائيلية‪ ،‬وا�ضطرارنا الختيار �أرقام حمددة يف‬
‫نهاية الأمر‪.‬‬

‫ا�ست�شهد يف �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه ‪ 412‬فل�سطينيا ً بر�صا�ص قوات االحتالل ونريانه‪ ،‬من بينهم‬
‫‪ 315‬يف قطاع غزة‪ ،‬و‪ 97‬يف ال�ضفة الغربية مبا يف ذلك القد�س‪ .‬ونفذت قوات االحتالل ‪ 38‬عملية اغتيال‬
‫�أدت �إىل ا�ست�شهاد ‪ 67‬فل�سطينياً‪ .‬وكان �ضمن ال�شهداء ‪ 42‬دون �سن الـ ‪18‬؛ كما جرح نحو ‪1,500‬‬
‫فل�سطيني‪ .‬وتويف ‪ 69‬مواطنا ً منهم ‪ 13‬على حواجز ع�سكرية �إ�رسائيلية‪ ،‬و‪ 56‬نتيجة منعهم للخروج‬
‫من قطاع غزة لتلقي العالج‪ .‬وبلغ عدد قتلى الفل�سطينيني املدنيني ‪� 131‬شهيدا ً على الأقل‪.62‬‬

‫وبح�سب معطيات جهاز الأمن العام الإ�رسائيلي (ال�شاباك) ‪ Shabak‬فقد قتل ‪� 13‬إ�رسائيليا ً �سنة‬
‫‪ 2007‬يف عمليات ن ّفذها الفل�سطينيون‪ ،‬و�أطلقت املقاومة الفل�سطينية ‪� 1,263‬صاروخا ً و‪ 1,511‬قذيفة‬
‫هاون‪� ،‬أ�سفرت عن مقتل �إ�رسائيليني اثنني‪ ،‬و�إ�صابة ‪ 300‬بجروح‪ .‬وادعى ال�شاباك �أن �أجهزة الأمن‬
‫متكنت من �إحباط ‪ 29‬عملية تفجريية (ا�ست�شهادية)‪ ،‬واعتقلت ‪ 220‬فل�سطينيا ً ب�شبهة امل�شاركة يف‬
‫مت الك�شف عن ‪ 12‬نفقا ً منها �أربعة ُحفرت باجتاه "�إ�رسائيل"‪.63‬‬
‫التخطيط لتنفيذ عمليات‪ ،‬كما ّ‬

‫ونفذت قوات االحتالل يف �سنة ‪ 2007‬حوايل ‪ 1,466‬عملية توغل يف مدن ال�ضفة الغربية وقراها‬
‫وخميماتها‪ ،‬واعتقلت على هام�ش هذه التوغالت حوايل ‪ 2,800‬فل�سطينياً‪ ،‬بينهم ‪ 15‬امر�أة و‪170‬‬
‫طفالً‪ .64‬ووا�صلت قوات االحتالل اعتداءاتها على الطواقم الطبية وعرقلة و�صول امل�صابني؛ وقد‬
‫�أح�صت جمعية الهالل الأحمر الفل�سطيني ‪ 520‬اعتداء بحق طواقمها الطبية خالل �سنة ‪.652007‬‬

‫‪97‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪ :2/11‬القتلى واجلرحى الفل�سطينيون والإ�سـرائيليون ‪66 2007-2004‬‬

‫اجلرحى‬ ‫القتلى‬
‫ال�سنة‬
‫الإ�سـرائيليون‬ ‫الفل�سطينيون‬ ‫الإ�سـرائيليون‬ ‫الفل�سطينيون‬
‫‪589‬‬ ‫‪5,964‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪963‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪406‬‬ ‫‪1,700‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪286‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪332‬‬ ‫‪3,126‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪692‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪300‬‬ ‫‪1,500‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪412‬‬ ‫‪2007‬‬
‫القتلى الفل�سطينيون والإ�سـرائيليون ‪2007-2004‬‬

‫اجلرحى الفل�سطينيون والإ�سـرائيليون ‪2007-2004‬‬

‫وع َّدت وزارة �ش�ؤون الأ�رسى واملحررين �سنة ‪ 2007‬الأ�سو�أ على الإطالق بالن�سبة للأ�رسى‪.‬‬
‫وو�صل عدد الأ�رسى يف �سجون االحتالل يف نهاية �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه ‪� 11,550‬أ�سرياً‪ ،‬منهم‬
‫‪ 10,485‬من ال�ضفة الغربية‪ ،‬و‪ 860‬من قطاع غزة‪ ،‬و‪ 140‬من فل�سطني املحتلة �سنة ‪ ،1948‬ف�ضالً‬
‫عن ع�رشات املعتقلني من �أبناء اجلوالن والعرب‪ .‬ومن بني الأ�رسى ‪� 4,950‬صدرت بحقهم �أحكام‪،‬‬
‫و‪ 5,600‬موقوفا ً بانتظار املحاكمة‪ ،‬و‪ 950‬معتقالً �إدارياً‪ .‬وهناك ‪ 700‬معتقالً حمكوم عليه بال�سجن‬
‫مدى احلياة ملرة واحدة �أو �أكرث‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫وخالل �سنة ‪ 2007‬اعتقلت �سلطات االحتالل ‪ 7,495‬فل�سطينياً‪ ،‬منهم ‪ 6,670‬من ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫و‪ 825‬من قطاع غزة‪ .‬ويف ال�سنة نف�سها‪ ،‬اعتقلت �سلطات االحتالل ‪ 45‬نائبا ً ووزيرا ً ورئي�س بلدية �أو‬
‫ع�ضو جمل�س بلدي‪ ،‬ولأول مرة قامت باعتقال امر�أة ع�ضو يف املجل�س الت�رشيعي هي مرمي �صالح‪.‬‬
‫وباعتقالها النائب �أحمد احلاج‪ ،‬و�صل عدد النواب والوزراء الأ�رسى �إىل ‪ 52‬نائبا ً ووزيرا ً �سابقاً‪.‬‬
‫حيث يقبع يف �سجون االحتالل ‪ 47‬نائبا ً يف املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬ينتمي ‪ 42‬منهم لقائمة الإ�صالح‬
‫والتغيري (حما�س)‪ ،‬وينتمي �أربعة منهم حلركة فتح‪ ،‬منهم ثالثة نواب معتقلني قبل االنتخابات‬
‫الت�رشيعية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل النائب �أحمد �سعدات عن اجلبهة ال�شعبية‪.‬‬
‫وقد ارتفع عدد املر�ضى الأ�رسى يف �سجون االحتالل من نحو �ألف مري�ض �سنة ‪� 2006‬إىل ‪1,250‬‬
‫مري�ضا ً �سنة ‪ .2007‬وبلغ عدد الأ�سريات ‪� 114‬أ�سرية‪ ،‬منهن ‪ 110‬من ال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أربعة من‬
‫قطاع غزة‪ .‬وبني الأ�سريات ‪� 62‬صدرت بحقهن �أحكام بال�سجن‪ ،‬و‪ 48‬موقوفة بانتظار املحاكمة‪،‬‬
‫و�أربع �سجينات �سجنا ً �إدارياً‪ .‬ويبلغ عدد الأطفال والقا�رصين دون �سن ‪ 18‬عاما ً يف �سجون‬
‫االحتالل ‪� 330‬سجيناً‪ ،‬بينهم ‪� 155‬صدرت بحقهم �أحكام‪ ،‬و‪ 48‬موقوفا ً بانتظار املحاكمة‪ ،‬و�ستة‬
‫معتقلني اعتقاالً �إداريا ً‪.67‬‬

‫جدول ‪ :2/12‬الأ�سـرى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ‪2007‬‬

‫املعتقلون خالل �سنة‬


‫عدد الن�ساء‬
‫عدد الأطفال يف‬ ‫‪2007‬‬ ‫عدد املعتقلني يف‬ ‫عدد املعتقلني يف‬
‫يف نهاية‬
‫نهاية‪2007‬‬ ‫ال�ضفة‬ ‫‪2007/12/31‬‬ ‫‪2007/1/1‬‬
‫‪2007‬‬ ‫قطاع غزة‬
‫الغربية‬
‫‪330‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪825‬‬ ‫‪6,670‬‬ ‫‪11,550‬‬ ‫‪11,000‬‬

‫جدول ‪ :2/13‬الأ�سـرى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ح�سب التوزيع‬


‫اجلغرايف يف نهاية �سنة ‪2007‬‬
‫اجلوالن والبالد‬
‫املجموع‬ ‫فل�سطينيو الـ ‪48‬‬ ‫قطاع غزة‬ ‫ال�ضفة الغربية‬
‫العربية‬
‫‪11,550‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪860‬‬ ‫‪10,485‬‬

‫جدول ‪ :2/14‬الأ�سـرى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ح�سب‬


‫�أو�ضاعهم القانونية يف نهاية �سنة ‪2007‬‬
‫املجموع‬ ‫موقوفون بانتظار املحاكمة‬ ‫حمكومون �إداريا ً‬ ‫�صدرت بحقهم �أحكام قانونية‬
‫‪*11,500‬‬ ‫‪5,600‬‬ ‫‪950‬‬ ‫‪4,950‬‬
‫*هناك ‪� 50‬أ�سريا ً مل حتدد وزارة الأ�رسى �أو�ضاعهم القانونية‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وقد تابعت ال�سلطات الإ�رسائيلية �سيا�سة "الباب الدوار" يف التعامل مع ق�ضية الأ�رسى؛ فهي ال‬
‫تكاد تطلق �رساح بع�ضهم يف احتفاالت �إعالمية �صاخبة‪ ،‬حتى تقوم بحمالت اعتقال جديدة‪ ،‬تزيد‬
‫من �أعدادهم ومعاناتهم يف ال�سجون الإ�رسائيلية‪ .‬فقد �أطلقت ال�سلطات يف الن�صف الثاين من �سنة‬
‫‪� 2007‬رساح ‪ 780‬معتقالً على ثالث دفعات معظمهم من فتح‪ ،‬ومن ذوي الأحكام اخلفيفة‪ .‬لكنها‬
‫على �سبيل املثال بعد �أن �أطلقت �رساح ‪ 255‬معتقالً يف الدفعة الأوىل التي �أظهرت فيها ما �أ�سمته‬
‫"ح�سن نوايا"‪ ،‬قامت يف الأ�سابيع الثالثة التالية باعتقال ‪ 350‬فل�سطينيا ً‪ .68‬هذا ف�ضالً عن الآالف‬
‫مت اعتقالهم على مدار �سنة ‪.2007‬‬ ‫الذين ّ‬
‫ويف �سنة ‪ 2007‬ا�ست�شهد ت�سعة �أ�رسى‪ ،‬من بينهم �ستة داخل ال�سجون الإ�رسائيلية‪ ،‬نتيجة‬
‫الإهمال الطبي �أو �إطالق الر�صا�ص‪ ،‬بينما �أعدم ثالثة �آخرون بدم بارد بعد االعتقال‪ .69‬وقامت‬
‫ال�سلطات بقمع الأ�رسى املطالبني بحقوقهم الإن�سانية بطريقة وح�شية‪ ،‬وكان �أعنفها ما حدث يف‬
‫�سجن النقب ال�صحراوي‪ ،‬حيث ا�ست�شهد الأ�سري حممد الأ�شقر‪ ،‬وجرح �أكرث من ‪� 250‬آخرين‪� ،‬إىل‬
‫جانب حرق متاع و�أغرا�ض املعتقلني يف �أحد �أق�سام ال�سجن‪.70‬‬

‫‪100‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫رابـعـ ًا‪ :‬الـموقــف الإ�سرائيلــي مـــن‬


‫ت ـلــخ�ص ــت اخلــطوط الــعام ــة لل ــموقف‬
‫الإ�ســرائيلـ ــي مـ ــن الو�ض ــع الفـل�سـطـيني‬
‫الداخلي خالل �سـنة ‪ 2007‬يف‪:‬‬
‫‪ .1‬رف�ض ا�ستمرار حما�س يف قيادة احلكومة الفل�سطينية �أو امل�شاركة فيها‪ ،‬وال�سعي لإ�سقاطها‬
‫بكل الو�سائل‪.‬‬
‫‪ .2‬اال�ستمرار يف اعتقال نواب حما�س يف املجل�س الت�رشيعي يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وتعطيل عمل‬
‫املجل�س‪.‬‬
‫‪ .3‬ت�شجيع االنق�سام ال�سيا�سي الفل�سطيني‪ ،‬ورف�ض اتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫ودعم رئا�سة ال�سلطة و�أطراف حم�سوبة على فتح يف مواجهة حما�س وحكومتها‪.‬‬
‫‪ .4‬اال�ستمرار يف ح�صار ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وحماولة خنقه و�إذالله‪� ،‬سعيا ً لإجباره على‬
‫ال�سري يف اخليارات ال�سيا�سية التي ُتف�ضلها‪.‬‬
‫‪ .5‬اال�ستفادة من اخلالف الداخلي الفل�سطيني والفلتان الأمني‪ ،‬لت�شويه �صورة الن�ضال‬
‫واملقاومة الفل�سطينية‪ ،‬وللف�صل بني ال�ضفة والقطاع‪ ،‬ولإ�ضعاف املوقف الفل�سطيني‬
‫التفاو�ضي لتحقيق �أكرب قدر من التنازالت‪ ،‬ولال�ستمرار يف �سيا�سات اال�ستيطان والتهويد‬
‫يف الأر�ض املحتلة‪.‬‬
‫كان الإ�رسائيليون هم امل�ستفيد الأكرب من اخلالفات الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬وكانوا يراقبون حالة‬
‫الفلتان الأمني واالقتتال بني فتح وحما�س عن كثب‪ .‬وعلى الرغم من �أنهم كانوا يوظفون �إمكاناتهم‬
‫االقت�صادية وال�سيا�سية والأمنية لإ�سقاط حكومة حما�س‪� ،‬إال �أنهم حر�صوا على الظهور وك�أنهم‬
‫لي�سوا طرفا ً يف ال�رصاع‪.‬‬
‫خف م�س�ؤولون �إ�رسائيليون �رسورهم باالقتتال الداخلي الفل�سطيني‪،‬‬ ‫ومنذ مطلع ‪ 2007‬مل ُي ِ‬
‫وتخوفهم من �أي اتفاق حمتمل بني اجلانبني‪ .‬ور�أى م�س�ؤول �إ�رسائيلي �أن االقتتال يثبت للعامل "كم‬
‫كنا �صائبني عندما قلنا �إنهم غري م�ؤهلني لإقامة دولة‪ ،‬وغري نا�ضجني لتوقيع اتفاقات �سالم"‪ .‬وتوقع‬
‫امل�س�ؤول �أن يطول االقتتال بحيث يق�ضي على �إمكانية ت�شكيل حكومة وحدة وطنية مب�شاركة فتح‬
‫وحما�س‪ .71‬وقد �أبدى �أوملرت انزعاجه من احتماالت لقاء الرئي�س عبا�س بخالد م�شعل‪72‬؛ بينما‬
‫حذرت وزيرة اخلارجية الإ�رسائيلية عبا�س من االتفاق مع حما�س قائلة �إن ذلك "لن ي�ؤدي �إىل �شيء‪،‬‬
‫بل ي�ؤدي �إىل جمود �آخر"‪� .73‬أما رئي�س الليكود وزعيم املعار�ضة نتنياهو‪ ،‬فكان �أكرث و�ضوحاً‪ ،‬عندما‬
‫دعا يف افتتاح م�ؤمتر هرت�سليا ‪ Herzliya Conference‬يف ‪� ،2007/1/21‬إىل �إ�سقاط حما�س "لإف�ساح‬
‫املجال �أمام و�صول قوى فل�سطينية �أكرث اعتداالً"؛ وطالب باعتبار �إ�سقاط حما�س من احلكومة "هدفا ً‬
‫مركزيا ً لإ�رسائيل"‪.74‬‬
‫‪101‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬كان هناك تخ ّوف �إ�رسائيلي من احتمال �أن تكون الغلبة حلما�س يف املواجهات؛‬
‫�إذ قال الوزير زئيف بومي ‪� Ze’ev Boim‬إن على "�إ�رسائيل" احلذر من �أن "يرتد االقتتال الفل�سطيني‬
‫�إىل نحرها‪ ،‬خ�صو�صا ً يف حال كانت الغلبة حلركة حما�س"؛ حيث "�سيحتم ذلك على �إ�رسائيل التحرك‬
‫فورا ً للحيلولة دون حت ّول قطاع غزة �إىل لبنان �آخر"‪ .75‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬كان هناك �إجماع يف‬
‫احلكومة الإ�رسائيلية على عدم الدخول ب�شكل ظاهر يف القتال بني فتح وحما�س‪ ،‬خ�شية حت ّوله �إىل‬
‫مواجهة �إ�رسائيلية – فل�سطينية‪ .‬لكن ذلك مل مينع �أوملرت من الإعالن ب�شكل �رصيح �أنه "يف�ضل‬
‫انت�صار جناح رئي�س ال�سلطة حممود عبا�س"‪.76‬‬
‫ّ‬
‫ال�صف الفل�سطيني الداخلي‬ ‫�أبدى القادة الإ�رسائيليون ا�ستياءهم من اتفاق مكة‪ ،‬لي�س لأنه يوحد‬
‫فقط‪ ،‬و�إمنا لأنه يقطع الطريق على "�إ�رسائيل" لال�ستفادة من حالة الت�رشذم الفل�سطيني‪ ،‬ويوفر‬
‫حلما�س وللحكومة التي تقودها مظلة ودعما ً عربياً‪ ،‬ويفتح الطريق ولو جزئيا ً لك�رس احلظر‬
‫ال�سيا�سي واحل�صار االقت�صادي الأوروبي والدويل على احلكومة وال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫ع َّدت ليفني اتفاق مكة خميبا ً للآمال‪ ،‬لأنه مل ي�سفر عن �أي تغيري يف مواقف حما�س ال�سيا�سية‪،‬‬
‫ولأن حما�س "فر�ضت �رشوطها على فتح"‪ .77‬وعبرّ �أوملرت عن غ�ضبه من اتفاق مكة‪ ،‬ومن تكليف‬
‫�إ�سماعيل هنية برئا�سة الوزراء‪ .78‬و�أعلن �أن "�إ�رسائيل" متفقة مع �أمريكا على مقاطعة حكومة الوحدة‬
‫الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬و�أنها لن حتظى باعرتافهما وتعاونهما‪ ،‬ما مل تقبل ب�رشوط الرباعية الدولية‪.79‬‬
‫وقد �سارعت "�إ�رسائيل" والواليات املتحدة مبمار�سة ال�ضغوط على العديد من الدول الأوروبية‪،‬‬
‫التي كانت قد �أبدت �إ�شارات �إيجابية باحتمال اعرتافها بحكومة الوحدة الوطنية وتعاونها معها‪ .‬كما‬
‫تابعت �ضغوطها على باقي املنظومة الدولية‪ .‬وهو ما �أدى بالفعل �إىل ا�ستمرار مقاطعة احلكومة‪،‬‬
‫وا�ستمرار احل�صار على ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫وقد انعك�س االنزعاج الإ�رسائيلي يف الرغبة يف �إلغاء لقاء الثالثي عبا�س و�أوملرت وكوندوليزا‬
‫راي�س ‪ ،Condoleezza Rice‬الذي كان خمططا ً له بعد ب�ضعة �أيام من االتفاق‪ ،‬على اعتبار �أن االتفاق‬
‫"�أجه�ض هذا اللقاء من م�ضمونه قبل انعقاده"‪ ،‬غري �أن �أمريكا �أبدت رغبتها يف عقد االجتماع‪.80‬‬
‫وحتول اللقاء من لقاء تفاو�ضي �إىل جل�سة لتنفي�س الغ�ضب الإ�رسائيلي الأمريكي مع الرئي�س عبا�س‪،‬‬
‫وهو ما حدا برئي�س حزب مريت�س ‪ Meretz‬يو�سي بيلني ‪ Yossi Beilin‬لتقدمي الن�صح لعبا�س بعدم‬
‫ح�ضور اللقاء‪ ،‬لتفادي "التوبيخ" الإ�رسائيلي‪ .‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬دعا وزير الداخلية روين بار�أون‬
‫�إىل موا�صلة ال�ضغط على عبا�س‪ ،‬لكنه ح َّذر من عواقب مقاطعته‪ ،‬لأن ذلك قد يدفع به �إىل "�أح�ضان‬
‫حما�س"‪.81‬‬
‫وبعد ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية بقيادة �إ�سماعيل هنية �أ�صدرت احلكومة‬
‫‪102‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫الإ�رسائيلية بياناً‪ ،‬عربت فيه عن موقفها من احلكومة اجلديدة‪ ،‬ومتثل هذا املوقف يف النقاط‬
‫التالية‪:82‬‬
‫‪ .1‬مـادامـت احلكومة الفل�سطينية اجلديدة‪ ،‬وح�سب برناجمها ال�سيا�سي‪ ،‬ال تقبل �رشوط‬
‫املجتمع الدويل القائم على االعرتاف بحقّ "�إ�رسائيل" يف الوجود‪ ،‬وكذلك "نبذ الإرهاب"‪،‬‬
‫واحرتام االتفاقات ال�سابقة؛ ف�إن احلكومة الإ�رسائيلية لن تتعامل مع هذه احلكومة �أو�أي‬
‫من �أع�ضائها‪.‬‬
‫‪� .2‬إن "�إ�رسائيل" �ستوا�صل تعاملها مع رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س‪ ،‬خا�صة يف‬
‫املجاالت الأمنية واملتعلقة بتح�سني ظروف املعي�شة لل�سكان الفل�سطينيني‪.‬‬
‫‪ .3‬ما دامت احلكومة اجلديدة �ض ّمنت برناجمها ال�سيا�سي ا�ستخدام "الإرهاب" كحقّ م�رشوع‪،‬‬
‫ف�إن هذا يقلل من الأمل يف الو�صول لت�سوية فل�سطينية �إ�رسائيلية م�ستقبالً‪.‬‬
‫‪ .4‬على رئي�س ال�سلطة الفل�سيطينة العمل على "تفكيك املنظمات الإرهابية"‪ ،‬و�إن‬
‫"�إ�رسائيل"‬
‫�ستعمل على ا�ستمرار �سيا�ستها يف عزل احلكومة اجلديدة �إىل �أن تعرتف ب�رشوط اللجنة‬
‫الرباعية‪.‬‬
‫ويف الوقت الذي �أ�رصت فيه "�إ�رسائيل" على موا�صلة احل�صار‪ ،‬ومقاطعة احلكومة الفل�سطينية‪،‬‬
‫اهتمت بالتن�سيق مع الواليات املتحدة مبجموعة الإجراءات الأمنية‪ ،‬وخ�صو�صا ً خطة دايتون‪،‬‬
‫من �أجل �إ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية‪ .‬و�أبلغ �أوملرت عبا�س يف االجتماع الذي ُعقد بينهما يف‬
‫‪ 2007/4/15‬ت�أييد "�إ�رسائيل" خطة دايتون لتدريب وت�سليح احلر�س الرئا�سي‪ ،‬بعد �أن عر�ض‬
‫الفل�سطينيون املوالون لعبا�س بالتف�صيل اخلطة الأمنية التي تو�صلت �إليها رئا�سة ال�سلطة مع‬
‫املن�سق الأمني الأمريكي كيث دايتون‪ .‬وقال نائب وزير الدفاع الإ�رسائيلي �أفراييم �سنيه ‪Efraim‬‬
‫‪ Sneh‬الذي نوق�شت معه اخلطة‪� ،‬إن تعزيز احلر�س الرئا�سي التابع لعبا�س "يعني بكل و�ضوح‬
‫تعزيز القوى املعتدلة يف املناطق يف مقابل حما�س واجلهاد الإ�سالمي"؛ و�إن �أي ن�شاط من �أجل وقف‬
‫�سي�صب يف م�صلحة "�إ�رسائيل"‪.83‬‬
‫ّ‬ ‫تهريب ال�سالح‬
‫تابعت "�إ�رسائيل" بارتياح تعرث حكومة الوحدة الوطنية وا�ستقالة وزير الداخلية هاين‬
‫القوا�سمي‪ ،‬واالقتتال الداخلي العنيف‪ ،‬الذي ن�شب يف الثلث الثاين من �أيار‪ /‬مايو ‪ .2007‬وكان الفتا ً‬
‫الت�صعيد الع�سكري الإ�رسائيلي يف قطاع غزة يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬بالرتافق مع الت�صعيد الأمني‬
‫الداخلي من �أطراف فل�سطينية‪ ،‬حم�سوبة على فتح‪ ،‬ب�شكل بدا وك�أنه تطبيق خلطة دايتون‪ .‬ففي ذلك‬
‫ال�شهر ا�ست�شهد ‪ 66‬فل�سطينيا ً على �أيدي القوات الإ�رسائيلية منهم ‪ 55‬يف قطاع غزة‪ .‬بينما الحظ‬
‫املراقبون �أن جمموع ال�شهداء يف فرتة اخلم�سة �أ�شهر التي �سبقت ذلك ال�شهر (‪)2007/4/30-2006/12/1‬‬
‫على �أيدي قوات االحتالل كان ‪� 73‬شهيداً‪ ،‬منهم ‪ 21‬فقط من قطاع غزة‪.84‬‬
‫‪103‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وعندما قامت حما�س‪ ،‬يف ال�شهر نف�سه (�أيار‪ /‬مايو ‪ ،)2007‬ب�ش ّن حمالت �صاروخية على‬
‫امل�ستعمرات الإ�رسائيلية‪ ،‬ل�رصف النظر باجتاه العدو الإ�رسائيلي؛ نقل املعلق الع�سكري الإ�رسائيلي‬
‫للقناة العا�رشة‪ ،‬عن م�صدر كبري يف وزارة الدفاع ب�أن اجلي�ش الإ�رسائيلي ق َّرر الر ّد على �إطالق‬
‫ال�صواريخ‪" ،‬ب�رشط �أال ي�ؤثر �سلبا ً على فر�ص توا�صل االقتتال الفل�سطيني بني احلركتني"‪ .‬ونقلت‬
‫الإذاعة الإ�رسائيلية باللغة العربية عن م�صدر كبري يف مكتب �أوملرت قوله "�إن لإ�رسائيل م�صلحة‬
‫كربى يف توا�صل عمليات االقتتال الداخلي‪ ،‬على اعتبار �أنها ت�ؤدي �إىل �إ�ضعاف حما�س"‪ .‬وح�سب‬
‫رئي�س جهاز ال�شاباك يوفال دي�سكن ‪ ،Yuval Diskin‬ف�إن �أكرب و�أجنح حملة ع�سكرية ي�شنها‬
‫اجلي�ش الإ�رسائيلي على حركات املقاومة يف قطاع غزة "ال ميكنها �أن حتقق نتائج �أف�ضل لإ�رسائيل‬
‫من نتائج االقتتال الفل�سطيني الداخلي"‪.85‬‬
‫وقال اخلبري ال�سيا�سي الإ�رسائيلي �إيهود �إيعاري ‪� Ehud Yaari‬إنه �سيجري �إف�شال هجوم‬
‫حما�س ال�صاروخي على �سديروت من خالل خطة من ثالث نقاط‪:‬‬
‫‪ .1‬حتطيم حما�س وحما�رصتها حمليا ً وعربيا ً ودولياً‪.‬‬
‫‪ .2‬ا�ستنزاف حما�س و�إنهاكها‪ ،‬ليتمكن دحالن من ال�سيطرة‪ ،‬ومن تنفيذ خطة دايتون‪.‬‬
‫‪� .3‬إعادة بناء جهاز �أمني فل�سطيني جديد وقوي‪ ،‬بتمويل �سي�صل �إىل مليار دوالر‪ ،‬ويقوده‬
‫دحالن‪.‬‬
‫ومن وجهة نظر �إيعاري ف�إن "فتح ال�ضعيفة واملهلهلة"‪ ،‬على حد تعبريه‪� ،‬سيعاد بنا�ؤها من جديد‬
‫ملعرفة �إذا كانت ت�ستطيع احلكم �أم ال؟ و�أ�شار �إىل �أن هناك قيادات يف فتح مثل جربيل الرجوب تعيق‬
‫عمل دحالن يف غزة‪ ،‬وتعرقل ال�سيطرة على حما�س‪ .‬ور�أى �إيعاري �أنه �ستكون هناك خطة لتقوية‬
‫و�إ�صالح حركة فتح ت�ستغرق �سنة كاملة‪ُ ،‬توا�صل "�إ�رسائيل" يف �أثنائها حتطيم حما�س‪.86‬‬
‫ف�شلت "�إ�رسائيل" و�أمريكا يف �إخ�ضاع حما�س يف قطاع غزة‪ ،‬ومتكنت حما�س من ال�سيطرة على‬
‫القطاع يف منت�صف حزيران‪ /‬يونيو ‪ .2007‬وكتب كبري املعلقني يف جريدة يديعوت �أحرونوت‬
‫‪ Yedioth Ahronoth‬ناحوم بارنياع ‪� Nahum Barnea‬إن "االحرتاب الفل�سطيني الداخلي الذي‬
‫�أملت به �إ�رسائيل منذ �سنوات وقع �أخرياً‪ ،‬لكن الويل ثم الويل‪ ،‬لقد تطور يف االجتاه املعاك�س‪...‬‬
‫حما�س هي التي �سحقت فتح"‪ .87‬وقال �إيهود �إيعاري‪ ،‬املحلل الع�سكري يف القناة الثانية يف التلفزيون‬
‫الإ�رسائيلي �إن القوات التي بناها النائب حممد دحالن يف قطاع غزة ب�أموال �أمريكية وموافقة ودعم‬
‫�صهيوين "انهارت متاما ً مثل برج من الورق"‪ ،‬على حد تعبريه‪.88‬‬
‫وعلى الرغم من حالة الإحباط التي انتابت اجلانب الإ�رسائيلي‪� ،‬إال �أن �إقالة عبا�س حلكومة‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬وت�شكيله حكومة طوارئ يف رام اهلل‪ ،‬وتكري�س االنق�سام الفل�سطيني ال�سيا�سي‬
‫واجلغرايف بني ال�ضفة والقطاع؛ قد فتح املجال �أمام "�إ�رسائيل" ال�ستثمار الواقع اجلديد‪ .‬ولذلك قال‬
‫‪104‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫�أوملرت �إن الو�ضع الراهن "ميثل فر�صة مل تتوفر منذ فرتة طويلة‪ ..‬وهذا يفتح فر�صا ً"‪ .‬وقال �إنه‬
‫ينوي "العمل بقوة من �أجل اال�ستفادة" من هذا الو�ضع‪ .89‬وقال �أوملرت �إن اال�سرتاتيجية اجلديدة‬
‫التي اتفق عليها مع بو�ش "تق�ضي مب�ساعدة عبا�س ب�صورة كبرية جدا"‪ ،‬ولكن مبوازاة ذلك‪ ،‬تعمل‬
‫"�إ�رسائيل" و�أمريكا بكل ما �أوتيتا من قوة "ملنع �أي ات�صال بني حما�س وفتح"‪.90‬‬
‫وقد رحبت "�إ�رسائيل" بت�شكيل عبا�س حلكومة الطوارئ‪ ،‬ومبجموعة املرا�سيم والإجراءات‬
‫التي اتخذها �ضد حركة حما�س‪ ،‬و�أبدت ارتياحها للتحرك "اجلدي" لأجهزة الأمن التي تقودها‬
‫فتح يف ال�ضفة �ضد نا�شطي حما�س وم�ؤ�س�ساتها؛ ور�أت �أن حكومة الطوارئ �ستكون �رشيكة يف‬
‫مفاو�ضات ال�سالم‪ ،‬كما قررت بدء رفع احل�صار االقت�صادي تدريجيا ً عن ال�ضفة‪ ،‬والإفراج عن‬
‫جزء من الأموال املحتجزة لديها وت�سليمها حلكومة فيا�ض‪ .91‬كما قامت ب�إطالق مئات من الأ�رسى‬
‫الفل�سطينيني من �سجونها‪ ،‬معظمهم من فتح‪ ،‬كبادرة "ح�سن نية"‪.‬‬
‫تعاونت "�إ�رسائيل" مع حكومة الطوارئ التي حتولت بعد ذلك �إىل حكومة م�ؤقتة‪ ،‬يف املجاالت‬
‫ال�سيا�سية واالقت�صادية والأمنية‪ ،‬يف الوقت الذي وفرت فيه عمليا ً خدمة (مبا�رشة �أو غري مبا�رشة)‬
‫لل�سلطة يف رام اهلل من خالل ا�ستمرار اعتقال نواب حما�س يف املجل�س الت�رشيعي عن ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫وبالتايل �ش ُّل حركة املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬الذي ت�سيطر عليه حما�س‪ ،‬والذي ميلك يف حالة انعقاده‬
‫�أن ي�سقط فورا ً حكومة فيا�ض‪ ،‬و�أن يلغي كافة مرا�سيم و�إجراءات عبا�س‪ .‬وهو ما �أتاح الفر�صة‬
‫للحكومة يف رام اهلل اال�ستمرار بالأمر الواقع‪ ،‬ومتابعة براجمها وتن�سيقها ومفاو�ضاتها مع اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي‪ .‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬تابعت ال�سلطات الإ�رسائيلية ح�صارها لقطاع غزة وحماوالت �إ�سقاط‬
‫حكومة هنية املُقالة بكل الطرق‪.‬‬
‫عبرَّ ت "�إ�رسائيل" عن ر�ضاها عن موقف الرئا�سة الفل�سطينية احلا ّد من حما�س وحكومتها‪،‬‬
‫وحر�صت على تعميق ال�رشخ الفل�سطيني‪ .‬و�أخذت مفاو�ضات الت�سوية منحى منتظماً‪َ ،‬تكلَّل بانعقاد‬
‫م�ؤمتر �أنابولي�س يف ‪ .2007/11/27‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬هددت بقطع ات�صاالتها مع عبا�س وحكومة رام‬
‫اهلل �إذا ما جدد عبا�س وحكومته ات�صاالته مع حما�س‪ .92‬وقال �أوملرت �إن عبا�س �أخربه "بكل و�ضوح‬
‫�أنه لن يكون هناك �أبدا ً �سالم معهم [حما�س]‪� ...‬سنقاتلهم دائماً‪ ،‬و�أمتنى �أن يلتزم بهذا الوعد"‪.93‬‬
‫وقد علقت ليفني فيما بعد �أنها تعرف �أن املجتمع الدويل متحم�س لر�ؤية نوع من التفاهم بني حما�س‬
‫وفتح‪ ،‬لكنها تابعت قائلة "هذا �أمر مغلوط‪ ،‬هذا خط�أ‪ ،‬خط�أ كبري‪� ...‬ضخم"‪ .94‬وقد ظلَّت �سيا�سة‬
‫تعزيز قوة �أبو مازن وفيا�ض‪ ،‬و�إ�ضعاف حركة حما�س وعزلها‪� ،‬أحد معامل ال�سيا�سة الإ�رسائيلية يف‬
‫الن�صف الثاين من �سنة ‪.952007‬‬
‫وكان �أحد املظاهر النادرة واملده�شة للتن�سيق بني ال�سلطة يف رام اهلل وبني "�إ�رسائيل"‪� ،‬أن الطرفني‬
‫متكنا يف م�سعى م�شرتك من عرقلة م�رشوع قرار مناه�ض لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬كان جمل�س الأمن يو�شك‬

‫‪105‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫على اتخاذه‪ .‬وهو امل�رشوع الذي تقدمت به قطر ويدعو للإعالن عن قطاع غزة "منطقة منكوبة‬
‫�إن�سانيا ً"‪ .‬وقد عنونت جريدة معاريف تقريرها عن املو�ضوع بـ"الفل�سطينيون يف خدمة �إ�رسائيل يف‬
‫الأمم املتحدة" يف عددها ال�صادر يف ‪ .2007/8/1‬ونقلت معاريف عن الرئي�س عبا�س قوله " لن �أ�سمح‬
‫حلما�س مبوطئ قدم يف العامل من خالل �إجنازات يف جمل�س الأمن"؛ و�أ�ضافت معاريف �إن عبا�س‬
‫طالب بدفع القطاع �إىل �أزمة �إن�سانية حقيقية‪ ،‬لإلقاء الذنب على حما�س‪.96‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬راقبت "�إ�رسائيل" بقلق قدرة حما�س على ال�صمود يف قطاع غزة‪ ،‬وت�ضا�ؤل‬
‫فر�ص فتح ال�سيطرة عليها‪ .97‬كما مل ُت ِ‬
‫خف �شعورها بالقلق من ا�ستمرار �شعبية حما�س وقوتها يف‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬على الرغم من عدم متكن حما�س من �إظهار مدى نفوذها ب�سبب ال�ضغوط الأمنية‬
‫الإ�رسائيلية و�ضغوط ال�سلطة يف رام اهلل‪ .‬وفيما يوحي بالتحري�ض �ض ّد حما�س‪ ،‬نقلت جريدة‬
‫اجلريوزاليم بو�ست ‪ The Jerusalem Post‬عن م�س�ؤولني يف وزارة احلرب الإ�رسائيلية‪ ،‬يف �أوائل‬
‫�أيلول‪� /‬سبتمرب ‪� ،2007‬أنه ا�ستنادا ً �إىل التقييمات احلديثة ف�إن قوة حما�س ت�ساوي قوة فتح تقريبا ً‬
‫يف ال�ضفة الغربية؛ وميكنها �أن ت�شكل تهديدا ً حقيقيا ً للقوى الأمنية التابعة للرئي�س عبا�س؛ وقالت‬
‫�إن امل�ؤ�س�سة الع�سكرية الإ�رسائيلية "ت�شعر بالقلق من احتمال انهيار قوى حركة فتح‪ ،‬مثلما حدث‬
‫يف غزة"‪ .98‬ويظهر �أن املخاوف الإ�رسائيلية قد تزايدت‪ ،‬ح�سبما نقلت الإذاعة الإ�رسائيلية الثانية‪،‬‬
‫بعد �أن ك�شفت احلملة التي قام بها اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬يف خميم عني بيت املاء قرب نابل�س‪ ،‬عن‬
‫مدى تطور وقوة البنية التحتية حلما�س يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ب�شكل "�أذهل اجلي�ش وجهاز ال�شاباك"؛‬
‫ح�سبما ذكره م�س�ؤولون ع�سكريون كبار يف قيادة املنطقة الو�سطى‪.99‬‬
‫هددت "�إ�رسائيل" �أكرث من مرة باجتياح قطاع غزة ع�سكرياً‪� ،‬إذا ما توا�صلت �سيطرة حما�س‬
‫عليه‪ ،‬وا�ستمر �إطالق �صواريخ املقاومة‪ .‬غري �أنها ف�ضلت‪ ،‬فيما تبقى من �سنة ‪ ،2007‬اال�ستمرار يف‬
‫احل�صار االقت�صادي اخلانق‪ ،‬وممار�سة االغتياالت و�رضب �أهداف حمددة‪ .‬وقد ت�ضمنت الإجراءات‬
‫الإ�رسائيلية اخلف�ض التدريجي لإمدادات الكهرباء والوقود واملواد الغذائية الأ�سا�سية‪ ،‬ف�ضالً عن‬
‫الإمدادات الأولية التي حتتاجها امل�صانع وور�ش البناء‪ ،‬بحيث يتجه القطاع �إىل حالة انهيار �شامل‪،‬‬
‫قد ت�سهم يف �إثارة ال�سكان �ض ّد حما�س وحكومتها‪ .‬كما ت�ضمنت الإجراءات "�إعالن حما�س كيانا ً‬
‫معاديا ً"‪ ،‬ومنع التحويالت البنكية‪.100‬‬
‫وف�ضالً عن احتماالت ف�شل عملية االجتياح الع�سكري‪ ،‬فقد �صدرت حتذيرات �إ�رسائيلية من‬
‫انعكا�سات �سلبية ونتائج عك�سية على الرئا�سة الفل�سطينية وعلى حكومة فيا�ض يف رام اهلل‪ .‬وقال‬
‫عامي �أيالون‪ ،‬الوزير يف احلكومة الإ�رسائيلية‪ ،‬ورئي�س ال�شاباك �سابقاً‪� ،‬إن حملة ع�سكرية وا�سعة‬
‫على قطاع غزة تعني �رضبة �شبه قا�ضية لعبا�س‪ ،‬وتعزيزا ً لقوة حما�س و�إيران‪ .‬و�إن مثل هذه احلملة‬
‫‪106‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫قد تدفع �أن�صار حركة فتح للدفاع عن ديارهم و�أمالكهم‪ ،‬و�إن ا�ستهداف البنى التحتية حلما�س‪ ،‬بهذا‬
‫ال�شكل‪� ،‬سيق ّو�ض �أنابولي�س‪ ،‬ويقوي �إيران‪ ،‬وحزب اهلل‪ ،‬ورمبا يدفع عبا�س لال�ستقالة‪ .‬ونبه �إىل �أن‬
‫عملية االجتياح ال�شامل مرتبطة ب�رشطني حيويني؛ الأول‪� :‬أن يكون مربرها "مقنعا ً"‪ ،‬والثاين‪� :‬أن‬
‫يت ّم ت�أمني ال�سياق ال�سيا�سي واال�سرتاتيجي؛ بحيث ال ُتلقي النتائج القا�سية للحملة بظاللها على‬
‫مربرات القيام بها‪ .101‬وهكذا‪ ،‬ظ ّل خيار التعامل الأمثل مع قطاع غزة �أحد نقاط اجلدل يف الو�سط‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف �ضوء امل�صالح الإ�رسائيلية‪ ،‬ويف �ضوء انعكا�ساته املحتملة على الو�ضع‬
‫الداخلي الفل�سطيني‪.‬‬

‫عرفت �ساحة ال�رصاع العربي الإ�رسائيلي‬


‫جوالت متتالية من املفاو�ضات احلقيقية‬
‫خام�س ًا‪ :‬م�سار الت�سوية ال�سيا�سية‬
‫وال�شكلية‪ ،‬وبرزت �إىل الوجود م�سارات متعددة للت�سوية‪ ،‬وقد خ�ضعت عملية املفاو�ضات يف جميع‬
‫مراحلها �إىل جملة من املتغريات املحلية والإقليمية والدولية‪ ،‬كان لها ت�أثري وا�ضح على مواقف‬
‫�أطراف التفاو�ض ونتائج عمليات التفاو�ض نذكر منها‪:102‬‬
‫‪ .1‬الو�ضع الداخلي لأطراف ال�رصاع �سواء اجلانب العربي �أم الإ�رسائيلي؛ حيث ات�سمت ال�ساحة‬
‫العربية بالتفكك وغياب �إرادة العمل العربي امل�شرتك‪ ،‬ولكن الرتكيز هنا �سيكون على اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي‪ .‬حيث �أظهرت القيادة الإ�رسائيلية يف العام املن�رصم نوعا ً من نق�ص اخلربة والدراية‬
‫يف املجاالت ال�سيا�سية والأمنية‪ ،‬فهي قيادة جديدة �إىل ح ٍّد ما ولي�س لديها خربات كافية‪.‬‬
‫عانت القيادة الإ�رسائيلية من �إذالل حرب لبنان‪ ،‬ومن حتقيقات م�ستمرة حول الف�ساد‪.‬‬
‫ووجد �أوملرت نف�سه يف مواجهة مع عدة مناف�سني متلهفني لل�سيطرة على من�صبه‪ ،‬يف ظ ّل‬
‫ائتالف حكومي ّ‬
‫ه�ش‪ ،‬ميكن �أن يتهاوى عند �أول �إ�شارة �إىل ت�سوية؛ حيث هدد اثنان من ال�رشكاء‬
‫الأ�سا�سيني يف االئتالف احلاكم باخلروج منه؛ �إذ �أعلن حزب "�إ�رسائيل بيتنا" اليميني املتطرف‬
‫(‪ 11‬مقعداً) �أنه �سين�سحب �إذا قدمت "�إ�رسائيل" تنازالت مفرطة يف املفاو�ضات بخ�صو�ص‬
‫اال�ستيطان والدولة الفل�سطينية‪ ،‬بينما ه ّدد حزب �شا�س الديني (‪ 12‬مقعداً) باالن�سحاب‬
‫مي�س ق�ضية القد�س �أو الالجئني‪ .‬مما جعل احلكومة تعاين حالة من التخبط‬ ‫�إذا ّ‬
‫مت �أي اتفاق ّ‬
‫وعدم القدرة على تبنّي مواقف حمددة من ق�ضية ال�سالم‪ .103‬وباملقابل كانت هناك اجتاهات‬
‫تدفع نحو الإبقاء على اخليار الع�سكري لفر�ض ت�سوية على اجلانب العربي‪ ،‬وعلى ر�أ�س هذا‬
‫مت�س م�صاحلها‬
‫االجتاه امل�ؤ�س�سة الع�سكرية التي تراجعت الثقة بها‪ ،‬كما �أن العملية ال�سلمية ّ‬
‫ومكت�ساباتها‪.104‬‬
‫‪107‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .2‬الو�ضع الإقليمي‪ ،‬والذي ت�سيطر عليه �أربع �أزمات رئي�سية؛ االحتالل الأمريكي للعراق‪،‬‬
‫وم�س�ألة الأ�سلحة النووية يف �إيران‪ ،‬والأزمة ال�سيا�سية يف لبنان‪ ،‬وال�رصاع بني حركتي فتح‬
‫وحما�س على ال�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪ .3‬الو�ضع الدويل و�رصاع الدول الكربى للهيمنة على املنطقة خالل مرحلة احلرب الباردة‪ ،‬والتي‬
‫انتهت بخ�ضوع املنطقة للهيمنة الأمريكية‪ ،‬وغياب املناف�س على ال�صعيد الدويل‪ ،‬مع حماولة‬
‫�أوروبا الدخول كطرف دويل يف م�سل�سل عملية الت�سوية يف املنطقة‪.‬‬
‫ولذلك‪� ،‬أ�صبح هدف عملية التفاو�ض والت�سوية من قبل اجلانب الإ�رسائيلي هو احلفاظ على‬
‫احل ّد الأدنى من اال�ستقرار ال�سيا�سي يف املنطقة‪ ،‬وا�ستخدام عملية املفاو�ضات لنزع ب�ؤر التوتر‬
‫يف املنطقة‪ ،‬وامت�صا�صها بو�سائل �أقل ع�سكرية وبتكاليف �أقل‪ .‬ولذلك �سارت املفاو�ضات ب�صورة‬
‫متوا�صلة‪ ،‬و�أخذت �أ�شكاالً �أكرث تنظيما ً وتنوعا ً يف �سبيل التغطية على غياب الت�سويات احلقيقية‪،‬‬
‫ومتحور الهدف حول الهدنة وحماولة متديد فرتة ال�سالم‪ ،‬دون �إمكانية الو�صول �إىل حلول‪.‬‬
‫ف�إذا كانت املرحلة ال�سابقة قد �شهدت تبني "�إ�رسائيل" ل�شعار "ال�سالم مقابل ال�سالم" للر ّد على‬
‫ال�شعار املعتمد يف مدريد "ال�سالم مقابل الأر�ض"‪ ،‬ف�إن الهدف الذي تتبناه "�إ�رسائيل" الآن هو حتويل‬
‫مبد�أ "املفاو�ضات من �أجل ال�سالم" �إىل �شعار "املفاو�ضات من �أجل املفاو�ضات"؛ من �أجل املحافظة‬
‫على ا�ستمرار الو�ضع القائم من اال�ستقرار دون �إجراء �أي ت�سويات حقيقية على الأر�ض‪.105‬‬
‫وهناك كثري من القيادات الإ�رسائيلية التي حاولت ا�ستخدام العملية ال�سيا�سية لتحقيق �أغرا�ض‬
‫�شخ�صية و�أهداف �سيا�سية حزبية وغريها‪ ،‬فمثالً ا�ستغل �إيهود �أوملرت عملية ال�سالم واملفاو�ضات‬
‫لتقوية و�ضعه الداخلي‪ ،‬مع تراجع �شعبيته �إىل �أدنى م�ستوى لها خالل �سنة ‪2007‬؛ فهو يرى يف‬
‫الت�سوية ال�سيا�سية حماولة للقفز عن امل�شاكل الداخلية‪ ،‬بالذهاب �إىل م�ؤمتر دويل ليظهر نف�سه كداعية‬
‫�سالم‪ .‬فامل�ؤمتر لن ي�سفر عن تقدمي تنازالت �إ�رسائيلية؛ مما يعزز موقفه الداخلي كمتم�سك بالثوابت‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬ويف الوقت نف�سه يك�سب الت�أييد الأمريكي امل�ؤيد لعملية ال�سالم‪ .106‬ويحاول �شمعون‬
‫برييز ت�أكيد موقفه كزعيم �إ�رسائيلي‪ ،‬خا�صة و�أن مواقفه ال�سابقة من الت�سوية �أدت حل�صوله على‬
‫املن�صب الذي ي�شغله كمكاف�أة‪ ،‬وال�شيء نف�سه يحاوله كل من باراك ونتنياهو‪ ،‬وهو ت�أكيد زعامتهما‬
‫حلزبيهما من خالل �إظهار التم�سك بالثوابت الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫لقد �أجمع زعماء االئتالف احلاكم يف "�إ�رسائيل"وهم؛ �إيهود �أوملرت رئي�س الوزراء‪ ،‬و�إيهود‬
‫باراك وزير الدفاع‪ ،‬وت�سيبي ليفني وزيرة اخلارجية‪ ،‬وزعيم حركة �شا�س �إيلي ي�شاي ‪Eliyahu‬‬
‫‪ ،"Eli" Yishai‬وزعيم حزب "�إ�رسائيل بيتنا" �أفيغدور ليربمان‪ ،‬على حتديد املطالب الإ�رسائيلية من‬
‫عملية الت�سوية يف النقاط التالية‪:107‬‬

‫‪108‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪ .1‬يـجـب �أن يح ِّقق �أي اتفاق �سالم الأمن لـ"�إ�رسائيل" �أوالً‪.‬‬


‫‪ .2‬اع ــتمـاد خريطة الطريق مع التحفظات الـ ‪ 14‬الإ�رسائيلية عليها‪ ،‬و�إن �أي اتفاق جديد مرهون‬
‫ب�إيفاء الطرف الفل�سطيني بالتزاماته‪.‬‬
‫‪ .3‬قيام ال�سلطة الفل�سطينية بتفكيك املنظمات الإرهابية‪.‬‬
‫‪ .4‬رفــ�ض التو�صل �إىل اتفاق مبادئ بخ�صو�ص ق�ضايا ال�رصاع اجلوهرية؛ مثل القد�س‬
‫والالجئني واحلدود وغريها‪� ،‬إال بعد �إجناز املرحلة ال�سابقة‪.‬‬
‫‪� .5‬ضــرورة م�شاركة الدول العربية يف عملية ال�سالم‪ ،‬مع بقاء املفاو�ضات ثنائية بني‬
‫"�إ�رسائيل" وال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬و�إن "�إ�رسائيل" ترف�ض املبادرة العربية لل�سالم كمرجعية‬
‫للمفاو�ضات‪.‬‬
‫‪� .6‬ضمان يهودية الدولة من خالل رف�ض التنازل عن القد�س �أو عودة الالجئني‪ ،‬مع �إمكانية‬
‫حتقيق نوع من التبادل ال�سكاين مع ال�سلطة الفل�سطينية بخ�صو�ص امل�ستوطنات‬
‫وعرب ‪ 48‬والقد�س‪ .‬و�إن نقطة االنطالق يف املفاو�ضات يجب �أن تبد�أ باعرتاف الفل�سطينيني‬
‫ب�أن "�إ�رسائيل" دولة يهودية‪.‬‬
‫‪� .7‬رضورة العمل على �إنهاء حالة ال�رصاع يف املنطقة ل�ضمان �أمن "�إ�رسائيل"‪ ،‬و�إن الدولة‬
‫الفل�سطينية يجب �أن تبقى معزولة ال�سالح‪.‬‬
‫‪�" .8‬إ�رسائيل" غري ملزمة بجدول زمني معني‪.108‬‬
‫وهناك وثيقتان ت�ستند �إليهما "�إ�رسائيل" يف �أي مفاو�ضات ت�سوية يف املنطقة‪ ،‬وتع ّدهما دعما ً‬
‫للموقف الإ�رسائيلي‪:109‬‬
‫‪ .1‬ر�سالة بو�ش �إىل رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي ال�سابق �أريل �شارون‪ ،‬والتي �أقر فيها ب�أن الكتل‬
‫اال�ستيطانية الكربى �ستبقى حتت ال�سيادة الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫‪ .2‬املبادئ الواردة يف خريطة الطريق‪ ،‬والتي تدعو الفل�سطينيني �إىل تفكيك البنى التحتية‬
‫للـ"�إرهاب" قبل البدء يف املفاو�ضات لل�سالم‪.‬‬
‫وقد طرحت "�إ�رسائيل" خالل ال�سنة املا�ضية جمموعة من املبادرات ال�سيا�سية لإر�ضاء اجلانب‬
‫الأمريكي‪ ،‬الذي ي�سعى لزحزحة عملية ال�سالم �إىل الإمام‪ .‬و�سعت هذه املبادرات �إىل الإ�سهام يف‬
‫التهدئة مع اجلانب الفل�سطيني‪ ،‬وحماولة الإيحاء للإ�رسائيليني ب�أن حكومتهم متلك مبادرة �سالم‪،‬‬
‫و�إن هذه املبادرات �ست�سهم يف تعميق االنق�سام الفل�سطيني مما يدعم املوقف الإ�رسائيلي‪ ،‬وفيما يلي‬
‫�أهم هذه املبادرات‪:110‬‬

‫‪109‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .1‬مبادرة �شمعون برييز‪ :‬تت�ضمن هذه املبادرة موافقة "�إ�رسائيل" على �أن تنقل لل�سلطة‬
‫أرا�ض مب�ساحة ‪ %100‬من امل�ساحة التي احتلت �سنة ‪ ،1967‬على �أن حتتفظ‬ ‫الفل�سطينية � ٍ‬
‫"�إ�رسائيل" بكتل ا�ستيطانية متثل‪ %5‬من م�ساحة �أرا�ضي ال�ضفة الغربية مقابل تعوي�ض‬
‫مماثل للفل�سطينيني يف �صحراء النقب القريبة من قطاع غزة‪ ،‬و�إمكانية تبادل بع�ض الكتل‬
‫اال�ستيطانية ببع�ض القرى واملدن العربية يف حدود ‪ ،1948‬ووجود �إدارة م�شرتكة للديانات‬
‫الثالث يف الأماكن املقد�سة يف القد�س‪ ،‬مع �إمكانية قيام حلول م�شرتكة حل ّل ق�ضية الالجئني‬
‫خارج حدود "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫‪ . 2‬مبادرة حاييم رامون‪ :‬ورامون هو نائب رئي�س الوزراء و�أحد املقربني من �إيهود �أوملرت‪،‬‬
‫وتطالب اخلطة بان�سحاب "�إ�رسائيل" من ‪ %70‬من �أرا�ضي ال�ضفة‪ ،‬وتفكيك بع�ض‬
‫امل�ستوطنات املعزولة‪ ،‬على �أن يلي ذلك حتديد موعد للمفاو�ضات على الت�سوية الدائمة‪ ،‬وهو‬
‫يرى ب�أن هذه اخلطة ت�ستند �إىل موافقة ر�سمية من حممود عبا�س وال�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪ .3‬م ــبادرة �أوملرت‪ :‬والتي تقول ب�أن "�إ�رسائيل" م�ستعدة لالن�سحاب من ‪ %90‬من �أرا�ضي‬
‫ال�ضفة‪ ،‬مع وجود ممر �آمن بني ال�ضفة وغزة‪ ،‬مع بقاء الكتل اال�ستيطانية الرئي�سية يف‬
‫ال�ضفة‪ ،‬مع �إمكانية �إعطاء الفل�سطينيني ال�سيطرة على �أحياء نائية يف �ضواحي القد�س‬
‫لتكون عا�صمة للدولة الفل�سطينية‪ ،‬مع �سيطرة م�شرتكة على الأماكن املقد�سة‪ ،‬و�إمكانية‬
‫عودة الالجئني �إىل حدود الدولة الفل�سطينية ولي�س "�إ�رسائيل"‪� .‬أما التنفيذ ف�سيكون رهنا ً‬
‫بقدرة ال�سلطة الفل�سطينية على بناء امل�ؤ�س�سات‪ ،‬وقدرتها يف ال�سيطرة على دولتها‪.‬‬
‫‪ .4‬خطة ت�سيبي ليفني‪ :‬وتت�ضمن خطتها فتح الأفق االقت�صادي �إىل جانب الأمن ال�سيا�سي؛‬
‫من خالل �إقامة م�شاريع اقت�صادية هائلة يف الدولة الفل�سطينية‪ ،‬ت�شمل ت�أ�سي�س بنية حتتية‬
‫للكهرباء واملاء وتخطيط املدن‪ ،‬و�إقامة م�رشوع م�شرتك للتنمية يف منطقة الغور بالتعاون‬
‫مع الأردن‪ ،‬و�إن "�إ�رسائيل" م�ستعدة للتنازل عن ‪ %90-82‬من الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪.1967‬‬
‫وقد دعمت هذه اخلطة بخطة لومب�شتاين‪ ،‬امل�ست�شار ال�سابق لوزير املالية الإ�رسائيلي‪ ،‬ويرى‬
‫�أن على ال�سلطة الرتكيز على جملة فعاليات اقت�صادية للح ّد من نفوذ اجلمعيات املوالية‬
‫حلما�س‪ .‬وقد تبنت ليفني تعديالً ملبادرتها يقوم على القفز عن املرحلة الأوىل من خريطة‬
‫الطريق التي تق�ضي بوقف العنف �إىل املرحلة الثانية؛ من خالل �إقامة دولة فل�سطينية م�ؤقتة‬
‫مقابل �إلغاء حقّ العودة‪.‬‬
‫ويالحظ ب�أن جميع هذه املبادرات ا�ستندت �إىل ثوابت املوقف الإ�رسائيلي الداعي �إىل عدم العودة‬
‫حلدود ‪ ،1967‬ورف�ض عودة الالجئني �أو تق�سيم القد�س �أو �إزالة الكتل اال�ستيطانية‪ .‬لكن هذه املبادرات‬

‫‪110‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫طرحت ب�صورة �شخ�صية من زعماء بارزين يف ال�سلطة دون �أن ترتجم �إىل خطط يف برامج احلكومة‬
‫الر�سمية‪ ،‬مما يوحي ب�أن الهدف منها عملية خلط الأوراق حول املوقف الإ�رسائيلي‪ ،‬وحماولة �إثارة‬
‫نوع من ال�ضبابية دون �أن تكون �أي من هذه املبادرات ملزمة لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬فهي مبادرات �ضمن‬
‫مقولة املفاو�ضات من �أجل التهدئة‪ ،‬واملفاو�ضات دون �أمل يف االنتقال �إىل التطبيق على �أر�ض الواقع‪.‬‬
‫وقد ي�ستغل بع�ض هذه املبادرات �ضمن الدعايات االنتخابية للمر�شحني وحماولة ك�سب الت�أييد‪.‬‬
‫�أما على م�ستوى الر�أي العام الإ�رسائيلي بخ�صو�ص عملية الت�سوية فلم ي�شهد الر�أي العام‬
‫تغيريات جوهرية عما �سبق منذ �سنوات‪ ،‬انظر اجلدول (‪ ،)2/15‬حيث بلغت ن�سبة امل�ؤيدين لإقامة‬
‫دولة فل�سطينية على اجلزء الأكرب من ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬و�ض ّم الكتل اال�ستيطانية الكربى‬
‫لـ"�إ�رسائيل" ‪ ،%41‬وهي �أدنى ن�سبة لها يف ال�سنوات الثالث ال�سابقة‪� .‬أما ن�سبة م�ؤيدي �إرجاع‬
‫بع�ض املناطق و�ض ّم الأخرى فبلغت ‪ ،%46‬وهي �أي�ضا ً �أدنى ن�سبة يف ال�سنوات الأخرى ال�سابقة‪.‬‬
‫�أما ق�ضية القد�س ف�إن ن�سبة امل�ؤيدين لإعادة القد�س القدمية ما عدا حائط املبكى تراجعت �إىل‬
‫‪ ،%27‬وتراجعت ن�سبة م�ؤيدي �إمكانية التخلي عن �ضواحي القد�س العربية للفل�سطينيني �إىل‬
‫‪ ،%37‬وهذا بالطبع ال ي�شمل التخلي عن القد�س القدمية‪� .‬أما بخ�صو�ص ال�سماح بعودة عدد‬
‫من الالجئني �إىل "�إ�رسائيل" فو�صلت الن�سبة �إىل ‪ ،%17‬وهي �أعلى من �سـنتـي ‪ 2004‬و ‪2006‬‬
‫ولكـنها �أقـل من �ســنة ‪.2005‬‬
‫جدول ‪ :2/15‬موقف الر�أي العام الإ�سـرائيلي من عملية ال�سالم‪111‬‬ ‫ ‬
‫ال�سنـــة‬
‫مو�ضوعات الت�سوية‬
‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬
‫دولة فل�سطينية على‪%95‬من �أرا�ضي‬
‫‪%41‬‬ ‫‪%45‬‬ ‫‪%46‬‬ ‫‪%43‬‬ ‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة مع االحتفاظ‬ ‫‪1‬‬
‫بالكتل اال�ستيطانية الكبرية‬
‫�إرجاع مناطق �إىل الفل�سطينيني و�أما‬
‫‪%46‬‬ ‫‪%54‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪%48‬‬ ‫‪2‬‬
‫املناطق الأخرى فت�ضم �إىل "�إ�رسائيل"‬
‫نقل �ضواحي القد�س �إىل الفل�سطينيني‬
‫‪%37‬‬ ‫‪%45‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪%36‬‬ ‫‪3‬‬
‫ماعدا القد�س القدمية‬
‫�إعادة جبل الهيكل للف�سطينيني مع بقاء‬
‫‪%27‬‬ ‫‪%28‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪4‬‬
‫حائط املبكى بيد اليهود‬
‫ال�سماح بعودة عدد قليل من الالجئني �إىل‬
‫‪%17‬‬ ‫‪%16‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%14‬‬
‫"�إ�رسائيل"‬
‫‪5‬‬
‫�ستتخلى "�إ�رسائيل" عن مراقبة نهر‬
‫‪%22‬‬ ‫‪%21‬‬ ‫‪%24‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫الأردن خالل ب�ضع �سنوات‬ ‫‪6‬‬

‫‪111‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أما موقف "�إ�رسائيل" من خطط ال�سالم الدولية الأخرى املطروحة فهو‪:‬‬


‫‪ .1‬م�ؤمتر �أنابولي�س‪:‬‬
‫منذ البداية ثار جدل وريبة يف "�إ�رسائيل" حول الهدف من وراء طرح فكرة امل�ؤمتر‪ ،‬وكان‬
‫الر�أي ال�سائد هو �أن الدعوة للم�ؤمتر من قبل الإدارة الأمريكية �إمنا كانت تهدف يف الأ�سا�س �إىل‬
‫دعم موقف الرئي�س الأمريكي و�إدارته امل�أزومة‪ ،‬و�إن اجلانب الأمريكي ر�أى يف امل�ؤمتر فر�صة‬
‫ال�ستثمار وتكري�س االنق�سام الفل�سطيني بعد �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ .‬وقد عمدت احلكومة‬
‫الإ�رسائيلية �إىل الإعالن عن ا�ستعدادها للم�شاركة يف امل�ؤمتر ما دام امل�ؤمتر لن ينظر يف ق�ضايا الو�ضع‬
‫النهائي‪ ،‬و�سعت احلكومة �إىل تقلي�ص �سقف التوقعات من امل�ؤمتر‪ ،‬حيث �أ�شارت معظم الت�رصيحات‬
‫للم�س�ؤولني الإ�رسائيليني قبل امل�ؤمتر �إىل �أنه جمرد لقاء �أو اجتماع‪.‬‬
‫وحاولت "�إ�رسائيل" ا�ستباق عقد امل�ؤمتر من خالل مترير م�رشوع قانون يف الكني�ست ي�شرتط‬
‫�أغلبية ثلثي �أع�ضاء الكني�ست‪ ،‬قبل �إجراء �أي تعديالت على و�ضع القد�س‪ ،‬يف حماولة لو�ضع عقبة‬
‫�أمام �أي تنازالت بخ�صو�ص القد�س لإحراج املوقف الأمريكي‪.‬‬
‫ويف �أثناء امل�ؤمتر جنحت احلكومة الإ�رسائيلية يف جعل امل�ؤمتر مبثابة حملة عالقات عامة بالن�سبة‬
‫للحكومة املفككة وغري املتجان�سة‪ ،‬وللقيادات الإ�رسائيلية فاقدة الثقة لدى الر�أي العام الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وقد جنحت "�إ�رسائيل" يف جعل خريطة الطريق هي املرجعية الرئي�سية للم�ؤمتر‪ ،‬وجتاهل املبادرة‬
‫العربية‪ .‬حيث ركزت "�إ�رسائيل" على اخلطة الإجرائية خلريطة الطريق قبل الذهاب �إىل امل�ؤمتر‪،‬‬
‫وحاولت "�إ�رسائيل" �إلزام الفل�سطينيني مبا يتعلق بهم من خريطة الطريق دون �أن تقدم التزاما ً مقابل‬
‫ذلك‪ .‬وجنحت احلكومة الإ�رسائيلية يف العودة دون تقدمي تنازالت‪� .‬أما على م�ستوى الر�أي العام‬
‫الإ�رسائيلي فقد ر�أى ب�أن امل�ؤمتر مل يحقق تقدما ً يف عملية الت�سوية‪ ،‬و�أ�شار حوايل ‪� %50‬إىل �أن امل�ؤمتر‬
‫فا�شل‪ ،‬بينما ر�أى ‪ %18‬ب�أنه م�ؤمتر ناجح ح�سب ا�ستطالع جلريدة ه�آرت�س يف ‪.1122007/11/29‬‬

‫وترى "�إ�رسائيل" �أن م�ؤمتر �أنابولي�س لي�س م�ؤمترا ً لل�سالم‪ ،‬و�إمنا هو م�ؤمتر دويل لبناء �أ�سا�س‬
‫لتفاهمات من �أجل ا�ستمرار املفاو�ضات‪ .‬ولذلك رف�ضت "�إ�رسائيل" م�س�ألة تبني جدول زمني‬
‫للمفاو�ضات حتى ال تلزم نف�سها‪ ،‬وحتى ت�ستطيع ك�سب مزيد من الوقت‪ ،‬ور�أت �أن امل�ؤمتر يجب �أن‬
‫يركز على العموميات دون الدخول يف التفا�صيل‪ ،‬مع �رضورة م�شاركة الدول العربية يف امل�ؤمتر‪،‬‬
‫وقد اعتربت "�إ�رسائيل" ب�أن م�شاركة الدول العربية يف امل�ؤمتر يع ّد �شهادة ح�سن �سلوك لـ"�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫واعرتافا ً ب�أن "�إ�رسائيل" دولة ال ت�شكل خطرا ً على الدول العربية‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪ .2‬املوقف من املبادرة العربية لل�سالم‪:‬‬


‫ٍ‬
‫وكحليف للقوى الدولية‬ ‫حتاول "�إ�رسائيل" الرتكيز على دروها الإقليمي كدولة قائدة يف املنطقة‪،‬‬
‫العظمى‪ ،‬وقد نظرت "�إ�رسائيل" �إىل املبادرة العربية لل�سالم التي �أقرت يف الريا�ض �سنة ‪2007‬‬
‫باعتبارها ت�شكل خلفية جيدة لـ"�إ�رسائيل" للتمهيد لدور ريادي يف املنطقة‪ .113‬وعلى الرغم من‬
‫اعرتا�ض "�إ�رسائيل" على املبادرة واملطالبة بتعديلها‪� ،‬إال �أنها �أولتها اهتماما ً كبريا ً باعتبارها نقاطا ً‬
‫للبحث‪ ،‬ولي�س باعتبارها خطة متكاملة‪ ،‬كما �أن املبادرة ت�أتي من دول عربية ال تعرتف بـ"�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫وهذا يع ّد م�ؤ�رشا ً على االجتاه نحو االعرتاف والتطبيع مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬خا�صة �أن الإعالن عن‬
‫املبادرة جاء با�سم اجلامعة العربية‪ ،‬مما يفتح املجال لـ"�إ�رسائيل" لتو�سيع دورها على امل�ستوى‬
‫الإقليمي‪.‬‬
‫كان هناك �شبه اتفاق على املواقف من الت�سوية بني القيادات الرئي�سية يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬خا�صة‬
‫االئتالف احلاكم كادميا والعمل و�شا�س و"�إ�رسائيل بيتنا"؛ حيث مل جت ِر �أي تغيريات على مواقف‬
‫االئتالف احلاكم بخ�صو�ص و�ضع القد�س‪ ،‬وامل�ستوطنات‪ ،‬وحقوق الالجئني‪ ،‬ورف�ض العودة‬
‫حلدود ‪ 1967‬مع �إمكانية قبول دولة فل�سطينية‪ .‬وقد �أ�صبح توحيد املوقف ال�صهيوين من ق�ضية‬
‫مت تعزيز هذا املوقف بت�شكيل ائتالف مو�سع بني الأحزاب لدعم املوقف‬ ‫الت�سوية مطلبا ً �شعبياً‪ ،‬و ّ‬
‫الإ�رسائيلي يف هذا املجال‪ ،‬وحماولة حت�سني �صورة الكيان الإ�رسائيلي �أمام العامل‪ ،‬بعد خيبات الأمل‬
‫التي �أ�صابت الوجود الإ�رسائيلي يف هذا املجال‪ ،‬بعد حرب لبنان واحلرب �ض ّد غزة وحما�رصتها‪.‬‬
‫لقد ظهر نوع من التقارب بني برامج الأحزاب الإ�رسائيلية احلاكمة وحتى مع موقف الليكود‬
‫املعار�ض‪ ،‬و�أ�صبحت اخلالفات تدور حول من يقود دفة احلكم يف "�إ�رسائيل" لتحقيق الأمن وال�سالم‬
‫لها‪ ،‬ب�أقل قدر من التنازالت‪ .‬وتجُ ِمع القيادات الإ�رسائيلية على �أهمية ق�ضايا الأمن ومركزيتها على‬
‫ح�ساب ق�ضية الت�سوية‪ ،‬و�أن للواليات املتحدة دورا ً �أ�سا�سيا ً يف م�ستقبل عملية الت�سوية‪ ،‬مع العمل‬
‫على جتنب توجيه �ضغط رئي�سي منها على اجلانب الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫لقد �شهدت الأيام الأخرية من العام ‪� 2007‬سل�سلة من املحادثات واالجتماعات بني رئي�س الوزراء‬
‫الإ�رسائيلي �إيهود �أوملرت والرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س‪ ،‬وذلك بهدف العمل على �إجناز �إعالن‬
‫فل�سطيني �إ�رسائيلي م�شرتك‪.‬‬
‫وقد نظر اجلانب الإ�رسائيلي �إىل هذه املفاو�ضات باعتبارها متثل مرحلة من �سل�سلة عمليات‬
‫ومفاو�ضات بني اجلانب الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪ ،‬و�أنها تفي بفكرة ا�ستمرار العمل على التو�صل‬
‫اىل ح ّل قائم على امل�ساومة من خالل املفاو�ضات‪114‬؛ لأن ذلك يقلل من �شعور الإ�رسائيليني بالإحباط‬
‫نتيجة عدم التو�صل حل ّل‪ ،‬ويقلل من القلق الذي �أحدثته حرب لبنان و�سيطرة حما�س على قطاع غزة‪.‬‬
‫كما �أن هذه املفاو�ضات واالتفاق امل�أمول عنها �سوف يجرب حما�س على اال�ستجابة لهذه املتغريات‪،‬‬
‫‪113‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ويجعلها ت�سهم يف اجتاه الت�سوية‪ ،‬كما �أن هذه املفاو�ضات حتقق املزيد من االلتزام العربي جتاه‬
‫عملية ال�سالم وتقوي القوى املعتدلة يف املنطقة‪� ،‬أما ف�شلها فقد يدفع "املتطرفني" نحو الأمام يف خيار‬
‫املقاومة واحلرب‪.‬‬
‫ويف اخلتام ميكن القول ب�أن عملية الت�سوية ال�سيا�سية يف املنطقة ما زالت بعيدة‪ ،‬و�إن ال�سقف‬
‫املطروح للفل�سطينيني والعرب ما زال �أقل بكثري من احل ّد الأدنى املقبول‪ .‬و�سوف تبقى "�إ�رسائيل"‬
‫حري�صة على ا�ستمرار احلديث والنقا�ش حول عملية ال�سالم يف املنطقة‪ ،‬لتكري�س االنق�سام‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�ستعمل على �إ�ضعاف �سلطة حما�س يف قطاع غزة‪ ،‬ودعم حكومة حممود عبا�س‬
‫يف ال�ضفة‪ .‬ويف الوقت نف�سه �ستتابع "�إ�رسائيل" �إيجاد وقائع على الأر�ض‪ ،‬بحيث يتقرر م�صري‬
‫الفل�سطينيني ح�سبما تعك�سه هذه احلقائق‪ ،‬ولي�س من خالل املفاو�ضات‪ .‬ويف الوقت الذي �أظهرت‬
‫التحركات الإ�رسائيلية الأخرية ميالً نحو الإقرار بعدم جدوى االعتماد على القوة الع�سكرية لوحدها‬
‫يف فر�ض ت�سوية �سيا�سية‪ ،‬ف�إن هناك �أي�ضا ً اجتاها ً وا�ضحا ً نحو عدم امل�سا�س بقوة "�إ�رسائيل"‬
‫الع�سكرية ودورها‪ ،‬يف تقرير م�صري الت�سوية ال�سيا�سية اعتمادا ً على الواقع امللمو�س على الأر�ض‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬تدرك "�إ�رسائيل" حجم املخاطر الكبرية التي قد تهدد وجودها؛ فح�سب تقرير‬
‫�أعده "معهد تخطيط �سيا�سة ال�شعب اليهودي" ‪ ،‬ون�رشته يديعوت �أحرنوت‪ ،‬ف�إن "�إ�رسائيل" ما زالت‬
‫تعاين من �أخطار تهدد وجودها‪ ،‬وتتمثل يف‪:115‬‬
‫‪� .1‬إن "�إ�رسائيل" معر�ضة للخطر على خلفية انت�شار �أ�سلحة الدمار ال�شامل يف �أو�ساط دول‬
‫ثل �إيران �أو منظمات �إ�سالمية‪.‬‬
‫‪ .2‬ت ـعـمـيـق عـدم االـ�ستقرار يف ال�شـرق الأو�سط‪ ،‬يف حـال تـراجـع نـفـوذ العـناـ�رص املعتدلة يف‬
‫املنطقة‪.‬‬
‫‪ .3‬ت ـ�آكـل مـكـانـة الـواليـات املتـحـدة كقـوى عظمى وحيدة بعد امل�آزق التي واجهتها ال�سيا�سة‬
‫الأمريكية يف املنطقة العربية‪ ،‬وتزايد نفوذ قوى عظمى جديدة على ال�ساحة الدولية‪ ،‬مثل‬
‫ال�صني والهند مع ازدياد حاجتهما مل�صادر الطاقة يف املنطقة العربية‪ ،‬والذي من �ش�أنه‬
‫دفعهما النتهاج �سيا�سة م�ؤيدة للعرب‪.‬‬
‫‪ .4‬تراجع مكانة "�إ�رسائيل" على م�ستوى التحالف مع اجلماعات اليهودية يف العامل؛ مما يقلل‬
‫من فر�ص ت�أمني الهجرة اليهودية للكيان الإ�رسائيلي يف ظ ّل االجتاه نحو ن�ضوب م�صادر‬
‫الهجرة اليهودية‪ .‬وازدياد الهجرة العك�سية من "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫‪ .5‬زيادة القلق داخل "�إ�رسائيل"‪ ،‬خا�صة لدى ال�شبان‪ ،‬من عدم وجود م�ؤ�س�سات �إ�رسائيلية‬
‫قادرة على حتقيق مطالبهم يف ال�سالم والعدالة االجتماعية‪ ،116‬وتف�شي العن�رصية‬

‫‪114‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫وال�رصاع داخل املجتمع الإ�رسائيلي على ح�ساب الدميوقراطية؛ مع تف�شي ظاهرة الف�ساد‬
‫االقت�صادي وال�سيا�سي‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬ف�إن امل�رشوع ال�صهيوين �سيكون مقبالً على ت�صاعد يف �أزمته‪ ،‬ولن يلعب عامل‬
‫الوقت بال�رضورة ل�صاحله يف املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫حاولت "�إ�رسائيل" خالل �سنة ‪� 2007‬أن ت�ستوعب جمموعة االهتزازات التي نتجت عن‬
‫حرب متوز‪ /‬يوليو ‪� 2006‬ض ّد لبنان‪ ،‬كما �سعت لال�ستفادة من االنق�سام الفل�سطيني‪،‬‬
‫خامتة‬
‫ملواجهة هيمنة حما�س على احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬ومن بعد ذلك‪� ،‬سيطرتها على قطاع غزة‪.‬‬
‫املجتمع والنظام ال�سيا�سي الإ�رسائيلي املثقل مبلفات الف�ساد ال�سيا�سي والأخالقي واملايل‪،‬‬
‫واملحبط من حرب متوز‪ /‬يوليو ونتائجها‪ ،‬حاول �أن ي�ستعيد ثقته بنف�سه‪ ،‬و�أن ي�ستخرج الدرو�س‬
‫والعرب من التجربة‪ .‬فقد عاد اجلي�ش الإ�رسائيلي‪� ،‬ضمن خطة خم�سية‪ ،‬ليعطي الأولوية للقوات‬
‫الربية‪ ،‬مع حت�سني نوعي يف الطريان‪ .‬وقد �ساعد الإ�رسائيليني يف التعامل مع ملفاتهم كون نظامهم ما‬
‫يزال يتمتع بدينامية عالية‪ ،‬وبقدرة كبرية على النقد الإيجابي‪ ،‬وببناء م�ؤ�س�ساتي ي�سمح له بتطوير‬
‫نف�سه‪ ،‬وا�ستدراك جوانب ق�صوره‪ .‬لكن هذا النظام‪ ،‬من جهة �أخرى‪� ،‬أخذ يدرك ب�شكل متزايد تنامي‬
‫اخلطر الذي ميثله �صعود "القوى الأ�صولية" يف املنطقة‪ ،‬و�أن نوعية "الإن�سان" التي �أخذ يواجهها‪،‬‬
‫مل تعد مما ميكن تركيعه �أو �إذالله؛ يف الوقت الذي يعاين فيه املجتمع الإ�رسائيلي من انتهاء "جيل‬
‫ّ‬
‫ال�صف الأول‪ ،‬وتراجع الهجرة اليهودية �إىل "�إ�رسائيل"‪ ،‬وانت�شار ثقافة‬ ‫الرواد"‪ ،‬وغياب قيادات‬
‫املتعة‪ ،‬وتراجع "نوعية" املجندين يف اجلي�ش والأجهزة الأمنية‪.‬‬
‫عانى �إيهود �أوملرت من �أ�سو�أ تدين يف ن�سبة �شعبية رئي�س الوزراء يف تاريخ "�إ�رسائيل"‪ ،‬لكنه‬
‫متكن من البقاء لعدم رغبة �رشكائه يف احلكومة بانتخابات جديدة‪ ،‬قد ت�ؤدي �إىل تراجع مواقعهم يف‬
‫اخلريطة ال�سيا�سية‪ .‬ولكن �ضعف رئا�سة الوزراء �أو احلكومة‪ ،‬ال تعني بال�رضورة خدمة مبا�رشة‬
‫لل�صالح الفل�سطيني‪ ،‬و�إمنا على العك�س‪ ،‬يف �أحيان كثرية‪ ،‬حيث تلج�أ �إىل رفع �شعبيتها وجتنيد الدعم‬
‫حولها من خالل مزيد من اال�ستيطان‪ ،‬وتهويد القد�س‪ ،‬وقمع ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ومن خالل‬
‫الت�شدد يف املفاو�ضات ال�سيا�سية‪ ،‬وعدم تقدمي �أية ا�ستحقاقات حقيقية للطرف الفل�سطيني يف عملية‬
‫الت�سوية‪ ،‬وهو ما حدث طوال �سنة ‪� .2007‬إذ عال �صوت "البلدوزر" و"الدبابة" على �أي �صوت‪،‬‬
‫وا�ستمرت "�إ�رسائيل" يف فر�ض احلقائق على الأر�ض وحماولة ك�رس �إرادة ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫ا�ستفادت "�إ�رسائيل" من حالة االنق�سام الفل�سطيني‪ ،‬ودخلت طرفا ً مبا�رشا ً وغري مبا�رش يف‬

‫‪115‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫حماولة �إ�سقاط حركة حما�س وحكومتها‪ .‬وف�ضالً عن اعتداءاتها الوح�شية‪ ،‬فقد قامت بح�صار‬
‫خانق لقطاع غزة؛ وحاولت منع �إطالق ال�صواريخ على م�ستوطناتها‪ ،‬لكن املقاومني مت ّكنوا من‬
‫زيادة مدى ال�صواريخ ودقتها وقدرتها التدمريية‪.‬‬
‫ومن جانب �آخر‪� ،‬سعت "�إ�رسائيل" لتكري�س االنق�سام الفل�سطيني من خالل تهديد حممود عبا�س‬
‫وحكومته يف رام اهلل بوقف املفاو�ضات‪ ،‬و�إعادة احل�صار‪� ،‬إذا ما عاد لالتفاق مع حما�س‪ .‬وبالت�أكيد ف�إن‬
‫االنق�سام كان �سيعطيها فر�صا ً �أف�ضل لفر�ض �رشوطها‪ ،‬وانتزاع التنازالت من اجلانب الفل�سطيني‪.‬‬
‫لكن "�إ�رسائيل" كانت‪ ،‬يف الوقت نف�سه‪ ،‬تدرك �أن حتقيق "ال�سالم" غري ممكن‪� ،‬إذا كان عبا�س �ضعيفاً‪،‬‬
‫�أو غري قادر على التحدث با�سم جميع الفل�سطينيني‪� ،‬أو �أن �سلطته ال�رشعية منقو�صة‪ .‬وبالتايل ف�إن‬
‫م�سار الت�سوية لن يقف على قدميه لأن "�إ�رسائيل" نف�سها مل تكن جادة �إطالقا ً يف �إعطاء الفل�سطينيني‬
‫احل ّد الأدنى‪ ،‬املعرتف به دولياً‪ ،‬من حقوقهم؛ كما �أن الو�ضع الفل�سطيني املت�رشذم‪ ،‬ال يجعل � َّأي‬
‫طرف فل�سطيني قادرا ً على ت�سويق الت�سوية‪� ،‬أو �إلزام الآخرين بها‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ف�إذا كان الو�ضع الفل�سطيني يعاين من االحتالل ومن �أزماته الداخلية واخلارجية‪ ،‬ف�إن‬
‫الو�ضع الإ�رسائيلي يعاين �أي�ضا ً من �أزمات وخماطر‪ ،‬قد تتفاقم على املدى البعيد‪ ،‬لت�شكل فر�صاً‪،‬‬
‫للقوى الفل�سطينية وتيارات املقاومة واملمانعة‪ ،‬ميكن ا�ستثمارها؛ �رشط �أن توحد هذه القوى نف�سها‬
‫وبرنامج عملها‪ ،‬قبل �أن تتقدم ملواجهة امل�رشوع ال�صهيوين‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫هوام�ش الف�صل الثاين‬


‫‪ 1‬انظر ت�شكيل احلكومة ومتثيل الأحزاب يف‪ :‬عماد جاد‪" ،‬انتخابات الكني�ست ال�سابعة ع�رش‪ "،‬مركز الدرا�سات ال�سيا�سية‬
‫واال�سرتاتيجية بالأهرام‪ ،‬القاهرة‪2006 ،‬؛ وموقع وزراة اخلارجية الإ�رسائيلية‪http://altwasul.net :‬‬
‫‪ 2‬مداخلة �أنطوان �شلحت‪ ،‬ندوة قراءات ا�سرتاتيجية يف امل�شهد الإ�رسائيلي‪ ،‬مركز الأردن اجلديد للدرا�سات واملركز‬
‫الفل�سطيني للدرا�سات الإ�رسائيلية (مدار)‪ ،‬ع ّمان‪.2007/9/9-8 ،‬‬
‫‪ 3‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪The Jerusalem Post newspaper, 28/3/2007. 4‬‬
‫‪ 5‬انرتنا�شونال كراي�زس جروب (‪ ،)International Crisis Group‬ال�رصاع الإ�رسائيلي ‪ -‬الفل�سطيني‪� :‬أنابولي�س وما بعده‪،‬‬
‫ملخ�ص كراي�زس جروب حول ال�رشق الأو�سط‪ ،‬رقم ‪ ،22‬بروك�سل‪ ،2007/11/20 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.crisisgroup.org/library/documents/middle_east___north_africa/arab_israeli_con-‬‬
‫‪flict/ arabic_versions/_the_israeli_palestinian_conflict___annapolis_and_after_arabic__2_.pdf‬‬
‫موقع‪ :‬امل�شهد الإ�رسائيلي‪http://Almash-had.Madarcenter.org :2007 ،‬‬ ‫‪6‬‬
‫بالل �ضاهر‪ ،‬تقرير خا�ص‪ :‬خفايا احلرب بني وزير العدل ورئي�سة املحكمة العليا يف �إ�رسائيل‪ ،‬امل�شهد الإ�رسائيلي‪ ،‬مركز‬ ‫‪7‬‬
‫مدار‪ ،‬رام اهلل‪ ،2007/8/8 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.madarcenter.org/almash-had/viewarticle.asp?articalid=3596‬‬
‫‪The Jerusalem Post, 28/3/2007. 8‬‬
‫‪ 9‬انظر‪� :‬آ�رش �آريان و�آخرون‪ ،‬التغريات يف النظام احلزبي يف �إ�رسائيل‪ :‬تفكك �أم �إعادة تنظيم؟‪ ،‬جملة الدرا�سات الفل�سطينية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬م�ؤ�س�سة الدرا�سات الفل�سطينية‪ ،‬العدد ‪� ،67‬صيف ‪� ،2006‬ص ‪138-137‬؛ وعماد جاد‪" ،‬انتخابات الكني�ست‬
‫ال�سابعة ع�رش"‪.‬‬
‫ق�سوم (حمرران)‪ ،‬تقرير "مدار"‬
‫‪ 10‬انظر‪� :‬أ�سعد غامن وامطان�س �شحادة‪" ،‬الفل�سطينيون يف �إ�رسائيل‪ "،‬جوين من�صور ومفيد ّ‬
‫اال�سرتاتيجي‪( 2007‬رام اهلل‪ :‬مدار‪)2007 ،‬؛ ور�أفت حمدونة‪ ،‬الأحزاب العربية يف �إ�رسائيل‪ ،‬مركز الأ�رسى للدرا�سات‬
‫والأبحاث الإ�رسائيلية‪.2007/8/8 ،‬‬
‫‪The Jerusalem Post, 28/3/2007. 11‬‬
‫�أحمد ال�سيد تركي‪" ،‬الف�ساد ال�سيا�سي الإ�رسائيلي‪ ..‬منظم ومقنن‪ "،‬موقع �إ�سالم �أون الين‪ ،2007/11/29 ،‬يف‪:‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-News‬‬
‫‪NWALayout&cid=1195032776705‬‬
‫‪See: Yehuda Ben Meir and Dafna Shaked, The People Speak: Israel Public Opinion on 13‬‬
‫‪National Security 2005-2007, Institute for National Security Studies (INSS), Tel Aviv,‬‬
‫‪Memorandum no. 90, May 2007.‬‬
‫‪Ibid. 14‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬عرب ‪.2007/11/7 ،48‬‬
‫‪ 15‬انظر يف تداعيات حرب لبنان‪ :‬وحدة الدرا�سات الإ�رسائيلية‪ ،‬ر�ؤى ا�سرتاتيجية �إ�سـرائيلية حلرب متوز‪ /‬يوليو ‪ 2006‬م‬
‫�ض ّد لبنان (ع ّمان‪ :‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪.)2008 ،‬‬
‫‪ 16‬انظر‪ :‬تقرير جلنة فينوغراد اجلزئي‪ ،‬الف�صل ال�سابع‪ :‬ا�ستنتاجات‪ ،‬جملة الدرا�سات الفل�سطينية‪ ،‬العدد ‪ ،70‬ربيع ‪،2007‬‬
‫�ص ‪.119-113‬‬
‫ن�ص تقرير فينوغراد على موقع املدار‪http://www.madarcenter.org/index.asp :‬‬ ‫‪ 17‬انظر ّ‬
‫‪18‬عماد جاد‪�" ،‬إ�رسائيل‪ ...‬وا�ستغالل االنق�سام الفل�سطيني‪ "،‬جملة ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م�ؤ�س�سة الأهرام‪،‬‬
‫العدد ‪ ،169‬متوز‪ /‬يوليو‪� ،2007‬ص ‪.142-138‬‬
‫‪ 19‬زكريا ح�سني‪" ،‬تقرير "فينوغراد" وتقييم �أداء القيادة الإ�رسائيلية‪ "،‬ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،169‬متوز‪ /‬يوليو ‪،2007‬‬
‫�ص ‪.143-142‬‬
‫‪See: Central Bureau of Statistics (CBS), in: http://www1.cbs.gov.il/www/yarhon/b1_e.htm 20‬‬
‫‪See: http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/Immigration/Immigration_to_Israel.htm 21‬‬
‫‪ 22‬الد�ستور‪.2007/7/9 ،‬‬
‫‪ 23‬الغد‪.2007/7/18 ،‬‬

‫‪117‬‬
2007 ‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬

.2007/8/21 ،‫ ال�شـرق الأو�سط‬24


.2007/7/24 ،‫ رويرتز‬25
.2007/8/13 ،‫ ال�سفري‬26
.2007/4/21 ،‫ القد�س العربي‬27
.2008/2/5 ،‫ الغد‬28
See: Bank of Israel, Bank of Israel Annual Report - 2007, Chapter 2: GDP, Uses and Principal 29
Industries, 1/4/2007, in: http://www.bankisrael.gov.il/deptdata/mehkar/doch07/eng/pe_2.pdf;
See also: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/hodaot2008n/08_08_046t2.pdf
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/hodaot2008n/08_08_046t11.pdf 30
Ibid. 31
See: Bank of Israel, Bank of Israel Annual Report - 2007, Chapter 1: The Economy and 32
Eco nomic Policy, 1/4/2007, in: http://www.bankisrael.gov.il/deptdata/mehkar/doch07/eng/pe_1.pd
Haaretz, 4/1/2007. 33
See: Bank of Israel, External Debt, Table 2, in: 34
http://www.boi.gov.il/deptdata/pik_mth/ex_debt/tab02e.htm
See: Helen Brusilovsky, Summary of Israel’s Foreign Trade by Country – 2007, CBS, 20/1/2008, 35
in: http://www1.cbs.gov.il/www/hodaot2008n/16_08_007e.pdf
Ibid. 36
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/fr_trade/ta3.htm; and Helen Brusilovsky, Israel’s Foreign Trade – 37
March 2008, CBS,13/4/2008, in: http://www1.cbs.gov.il/www/hodaot2008n/16_08_064epdf
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/fr_trade/ta2.htm; and Helen Brusilovsky, Israel’s 38
Foreign Trade – March 2008.
See: Jeremy M. Sharp, U.S. Foreign Aid to Israel, Congressional Research Services (CRS),Report 39
For Congress, 2/1/2008, in: http://www.fas.org/sgp/crs/mideast/RL33222.pdf
See: Ibid. 40
Ibid. 41
.2007/8/14 ،‫ بريوت‬،‫ الأخبار‬:‫؛ وانظر‬2007/8/24‫ و‬،2007/5/16 ،‫ احلياة‬42
.2007/9/4 ،‫ ال�سفري‬43
.2007/1/25 ،‫ بريوت‬،‫ الأخبار‬44
.2007/8/4 ،‫ ع ّمان‬،‫ جريدة الر�أي‬:ً‫؛ وانظر �أي�ضا‬2007/6/19 ،48 ‫ عرب‬45
.2007/8/11 ،‫ الغد‬46
.2007/11/9 ،‫ البيان‬47
.2007/11/9 ،‫ �شبكة فل�سطني اليوم‬48
.2007/1/30 ،‫ عكاظ‬49
.2007/1/30 ،‫ ال�سفري‬50
.2007/8/28 ،‫ القد�س العربي‬51
.2007/3/30 ،‫ ع ّمان‬،‫ الر�أي‬52
.2007/4/5 ،‫ ع ّمان‬،‫ الر�أي‬53
.2007/7/21 ،‫ ال�سفري‬54
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/hodaot2008n/08_08_046t6.pdf 55
.2007/6/26 ،‫ احلياة‬56
.2007/1/8 ،‫؛ والقد�س العربي‬2007/1/2 ،‫ ال�شـرق الأو�سط‬:‫ انظر‬57
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/hodaot2008n/08_08_046t6.pdf 58
.‫ �سعر �رصف ال�شيكل مقابل الدوالر ح�سب بنك "�إ�رسائيل" املركزي‬:‫مالحظة‬
.2007/8/1 ،‫ الكويت‬،‫؛ وجريدة الوطن‬2007/4/6 ،‫ الغد‬:‫ انظر‬59
.2007/5/18 ،‫ الغد‬60

118
‫امل�شهد الإ�سرائيلي الفل�سطيني‬

‫‪� 61‬إ�سالم �أون الين‪.2007/8/27 ،‬‬


‫‪ 62‬انظر‪ :‬وكالة قد�س بر�س �إنرتنا�شونال‪2008/1/8 ،‬؛ ومركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬نتائج االعتداءات الإ�رسائيلية‬
‫على �أبناء ال�شعب الفل�سطيني خالل العام ‪ ،2007‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pnic.gov.ps/arabic/quds/arabic/viol/12-2007.html‬‬
‫�أ�شار تقرير �أعدته دائرة العالقات القومية والدولية يف منظمة التحرير الفل�سطينية �إىل �أن اجلي�ش الإ�رسائيلي قتل ‪435‬‬
‫فل�سطينيا ً �سنة ‪( 2007‬الد�ستور‪)2007/12/31 ،‬؛ و�أ�صدر مركز املعلومات الإ�رسائيلي حلقوق الإن�سان يف الأرا�ضي‬
‫املحتلة (بت�سيلم) تقريرا ً ذكر فيه �أنه منذ بداية ‪ 2007‬ولغاية ‪ 26‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب‪ ،‬قتلت قوات الأمن الإ�رسائيلية‬
‫‪ 373‬فل�سطينيا ً (احلياة اجلديدة‪)2008/1/1 ،‬؛ وقال تقرير حقوقي دويل‪� ،‬أ�صدرته م�ؤ�س�سة "الت�ضامن" الدويل حلقوق‬
‫الإن�سان‪� ،‬أن "�إ�رسائيل" قتلت ‪ 464‬فل�سطينيا ً خالل �سنة ‪( 2007‬الد�ستور‪.)2008/1/5 ،‬‬
‫‪ 63‬عرب ‪.2008/1/1 ،48‬‬
‫‪ 64‬قد�س بر�س‪.2008/1/5 ،‬‬
‫‪ 65‬وكالة معاً‪.2008/1/5 ،‬‬
‫‪ 66‬انظر‪ :‬حم�سن �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2006‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات‬
‫واال�ست�شارات‪� ،)2007 ،‬ص ‪ 84‬و‪89‬؛ وانظر‪ :‬قد�س بر�س‪2008/1/8 ،‬؛ ومركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬نتائج‬
‫االعتداءات الإ�رسائيلية على �أبناء ال�شعب الفل�سطيني خالل العام ‪.2007‬‬
‫‪67‬حول �إح�صائيات الأ�رسى‪ ،‬انظر‪ :‬قد�س بر�س‪2007/12/31 ،‬؛ وعرب ‪2007/12/25 ،48‬؛ ونادي الأ�سري الفل�سطيني‪،‬‬
‫تقرير �صادر عن نادي الأ�سري الفل�سطيني مبنا�سبة يوم الأ�سري الفل�سطيني للعام ‪ ،2008/4/17 ،2008‬يف‪:‬‬
‫‪/http://www.ppsmo.org/content/view/425/77‬‬
‫‪68‬عرب ‪.2007/8/20-19 ،48‬‬
‫‪ 69‬احلياة اجلديدة‪.2008/1/2 ،‬‬
‫‪ 70‬احلياة اجلديدة‪.2008/1/14 ،‬‬
‫‪ 71‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/1/28 ،‬‬
‫‪ 72‬القد�س العربي‪.2007/1/20 ،‬‬
‫‪ 73‬عرب ‪.2007/1/25 ،48‬‬
‫‪ 74‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/1/22 ،‬‬
‫‪ 75‬احلياة‪.2007/1/29 ،‬‬
‫‪ 76‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/2/5 ،‬‬
‫‪ 77‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/11 ،‬‬
‫‪78‬وكالة معاً‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪ 79‬عكاظ‪ ،‬وعرب‪.2007/2/18 ،48‬‬
‫‪ 80‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/11 ،‬‬
‫‪ 81‬احلياة‪.2007/2/19 ،‬‬
‫ن�ص بيان احلكومة الإ�رسائيلية ب�ش�أن احلكومة الفل�سطينية اجلديدة‪ ،‬جملة الدرا�سات الفل�سطينية‪ ،‬العدد ‪،70‬‬‫‪ 82‬انظر‪ّ :‬‬
‫ربيع ‪� ،2007‬ص ‪.183‬‬
‫‪ 83‬احلياة‪.2007/4/17 ،‬‬
‫‪ 84‬بناء على الإح�صائيات التي وفرتها قد�س بر�س عن الفرتة امل�شار �إليها‪.‬‬
‫‪ 85‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/5/17 ،‬‬
‫‪ 86‬وكالة معاً‪.2007/5/18 ،‬‬
‫‪ 87‬احلياة‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 88‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪.2007/6/14 ،‬‬
‫‪ 89‬رويرتز‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 90‬القد�س العربي‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 91‬انظر‪ :‬احلياة‪2007/6/22 ،18-17 ،‬؛ والقد�س العربي‪.2007/1/21 ،‬‬
‫‪ 92‬البيان‪.2007/7/3 ،‬‬
‫‪ 93‬ال�سفري‪.2007/7/11 ،‬‬
‫‪ 94‬الد�ستور‪.2007/8/15 ،‬‬

‫‪119‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ 95‬انظر مثالً‪ :‬ت�رصيح لأوملرت يف‪ :‬عرب ‪2007/7/25 ،48‬؛ وت�رصيح لباراك‪ ،‬يف‪ :‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪.2007/10/10 ،‬‬
‫‪ 96‬اخلليج‪.2007/8/2 ،‬‬
‫‪ 97‬احلياة‪.2007/7/12 ،‬‬
‫‪ 98‬اخلليج‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪ 99‬ن�رشة الر�صد الإذاعي والتلفزيوين العربي‪،‬ع ّمان‪ ،‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪.2007/9/30 ،‬‬
‫‪ 100‬انظر مثالً‪ :‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪2007/6/20 ،‬؛ واخلليج‪ ،2007/9/26 ،20 ،‬و‪ ،2007/11/16 ،5‬و‪2007/12/1‬؛‬
‫وامل�ستقبل‪2007/10/28 ،‬؛ وعرب ‪.2007/10/25 ،48‬‬
‫‪ 101‬اخلليج‪.2007/12/11 ،‬‬
‫‪ 102‬برهان غليون‪" ،‬م�سار الت�سوية ال�سيا�سية العربية الإ�رسائيلية بعد ‪ 40‬عاما على حرب ‪ "،67‬جملة الدرا�سات‬
‫ً‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬العدد ‪ ،70‬ربيع ‪� ،2007‬ص ‪.7-6‬‬
‫‪103‬انظر‪� :‬إنرتنا�شونال كراي�زس جروب‪ ،‬ال�رصاع الإ�رسائيلي ‪ -‬الفل�سطيني‪� :‬أنابولي�س وما بعده؛ وح�سن نافعة‪" ،‬التداعيات‬
‫الدولية‪ "،‬يف �أحمد يو�سف و�آخرون‪ ،‬احلرب الإ�سـرائيلية على لبنان‪ :‬التداعيات اللبنانية والإ�سـرائيلية وت�أثرياتها‬
‫العربية والإقليمية والدولية (بريوت‪ :‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪.)2006 ،‬‬
‫‪104‬مداخلة عماد جاد‪ ،‬ندوة قراءات ا�سرتاتيجية يف امل�شهد الإ�رسائيلي‪ ،‬مركز الأردن اجلديد للدرا�سات واملركز الفل�سطيني‬
‫للدرا�سات الإ�رسائيلية (مدار)‪ ،‬ع ّمان‪.2007/9/9-8 ،‬‬
‫‪ 105‬برهان غليون‪" ،‬م�سار الت�سوية ال�سيا�سية العربية الإ�رسائيلية بعد ‪ 40‬عاما ً على حرب ‪� "،67‬ص ‪.14-13‬‬
‫‪ 106‬نظام بركات‪ ،‬ندوة قراءات ا�سرتاتيجية يف �سيناريوهات ما بعد �أنابولي�س‪ ،‬نظمتها جريدة الد�ستور‪ ،‬ع ّمان‪ ،‬ون�رشت يف‬
‫الد�ستور‪.2007/12/11،‬‬
‫‪ 107‬احلياة‪.2007/11/10 ،‬‬
‫‪ 108‬القد�س‪.2007/11/12 ،‬‬
‫‪ 109‬مداخلة حممود �سويد‪ ،‬ندوة قراءات ا�سرتاتيجية يف امل�شهد الإ�رسائيلي‪ ،‬مركز الأردن اجلديد للدرا�سات واملركز‬
‫الفل�سطيني للدرا�سات الإ�رسائيلية (مدار)‪ ،‬ع ّمان‪2007/9/9-8 ،‬؛ وانظر‪ :‬دليل عملية ال�سالم يف ال�رشق الأو�سط‪ ،‬موقع‬
‫وزارة اخلارجية الإ�رسائيلية‪.2007/11/27 ،‬‬
‫‪ 110‬انظر‪ :‬امل�شهد الإ�رسائيلي‪http://Almash-had.Madarcenter.org :2007 ،‬‬
‫‪Yehuda Ben Meir and Dafna Shaked, op.cit. 111‬‬
‫‪112‬عماد جاد‪�" ،‬إ�رسائيل ولقاء "�أنابولي�س"‪ ...‬العودة �إىل خريطة الطريق‪ "،‬ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،171‬كانون الثاين‪/‬‬
‫يناير ‪� ,2008‬ص ‪106-104‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪International Crisis Group, The Israeli – Palestinian Conflict: Annapolis and After, Middle East Brief-‬‬
‫‪ing, no. 22, Brussels, 20/11/2007, in: http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=5174&l=1‬‬
‫‪ 113‬رائد نعريات‪�" ،‬آفاق دور �إ�رسائيل الإقليمي والدويل حتى عام ‪ "،2015‬ندوة �إ�رسائيل اليوم وم�ستقبلها حتى العام‬
‫‪ ،2015‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪ ،‬ع ّمان‪.2007/8/28-27 ،‬‬
‫‪Amir Kulick, "Looking Ahead to "November Meeting": Negotiations with the Palestinians:An 114‬‬
‫‪Inevitable Failure or a chance for change?," INSS, INSS Policy Brief, no.8, 8/10/2007.‬‬
‫‪ 115‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/7/9 ،‬‬
‫‪ 116‬اجلزيرة نت‪.2007/7/28 ،‬‬

‫‪120‬‬
‫الف�صل الثالث‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬


‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ميكن اعتبار عام ‪ 2007‬عام انك�شاف الرتاكمات لكل تلك املمار�سات العربية باجتاه‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬وبالذات املنهج العربي لإدارة ال�رصاع مع الكيان ال�صهيوين‬
‫مقدمة‬
‫وحلّه‪ ،‬مرورا ً باالن�سياق العربي �إىل اخل�ضوع لتداعيات مفرو�ضة �أمريكيا ً بعد حرب حترير الكويت‬
‫�سنة ‪ ،1991‬التي قادت �إىل م�ؤمتر مدريد لل�سالم ومنهجية تنحية الأمم املتحدة والقبول ب�رشعية‬
‫جديدة هي"ا�سرتاتيجية التفاو�ض اخلا�ضع لتوازن القوى"‪ ،‬فكانت اتفاقية �أو�سلو ثم اتفاقية وادي‬
‫عربة‪.‬‬
‫كل هذا الغر�س الرديء يف جمرى �إدارة ال�رصاع وحلّه تك�شفت ثماره �سنة ‪ 2007‬فيما ي�شبه‬
‫االن�رصاف العربي عن ما كان ق�ضيتهم املركزية‪� ،‬أي ق�ضية فل�سطني‪ ،‬وغ�سل الأيدي من كل ما‬
‫كان ي�سمى �رصاعا ً عربيا ً ‪� -‬إ�رسائيلياً‪ ،‬وحتويله �إىل "نزاع فل�سطيني ‪� -‬إ�رسائيلي"‪ ،‬بعد �أن �أخذت‬
‫تلوح يف الأفق بع�ض اال�ستجابات امل�سترتة للدعوة التي وجهها الرئي�س الأمريكي للعرب‪ ،‬وهو يف‬
‫طريقه �إىل املنطقة يف جولته يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ .2008‬فقد دعا جورج بو�ش االبن ‪George‬‬
‫‪ W. Bush‬العرب �إىل عقد �رشاكة مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬و�إىل ال�رصاع �ض ّد ما �أ�سماه "العدو الإيراين"‪،1‬‬
‫وهو هنا يج�سد دعوة وزيرة خارجيته كوندوليزا راي�س �إىل �إقامة �رشق �أو�سط جديد يف �أوج احلرب‬
‫الإ�رسائيلية على لبنان يف �صيف ‪ .2006‬فقد دعت راي�س �إىل معادلة جديدة للنظام الإقليمي تقوم‬
‫على فر�ض ا�ستقطاب �إقليمي بني "حمور االعتدال"‪ ،‬الذي ي�ض ّم الدول احلليفة لوا�شنطن‪ ،‬و"حمور‬
‫ال�رش" الذي ي�ض ّم �إيران و�سورية وحزب اهلل يف لبنان وحركة حما�س واجلهاد الإ�سالمي يف فل�سطني‪،‬‬
‫و�إىل حتويل ال�رصاع العربي – الإ�رسائيلي �إىل �رصاع عربي – �إيراين‪ ،‬والتعامل مع "�إ�رسائيل"‬
‫ك�رشيك‪ ،‬والتعامل مع �إيران كعدو‪ ،‬اعتمادا ً على تفجري ال�رصاع الطائفي ال�شيعي ‪ -‬ال�سني لفر�ض‬
‫هذه املعادلة اجلديدة‪.2‬‬
‫لقد تخلى العرب مبكرا ً عن خيار �إحلاق هزمية كاملة بالعدو ال�صهيوين‪ ،‬واختاروا منهج‬
‫الت�سوية‪ ،‬لكنهم قبلوا ب�رشوط ت�سوية ال ت�ؤ ِّمن �سالما ً وال حتقق عدالً بقدر ما تفر�ض اال�ست�سالم‬
‫من جانبهم للكيان ال�صهيوين‪ ،‬كما ت�ؤدي �إىل �ضياع حقوق ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫�إن متابعة املوقف العربي من التطورات الفل�سطينية �سنة ‪ ،2007‬ومن ح�صار قطاع غزة يك�شف‬
‫يخ�ص املوقف ال�شعبي العربي‪ ،‬فيوما ً بعد يوم‬
‫ّ‬ ‫عن جمموعة من احلقائق املهمة‪� :‬أول هذه احلقائق‬
‫يتك�شف �أن هذا املوقف افتقد الكثري من قوته وعنفوانه‪ ،‬و�أ�صبح غري قادر على الت�أثري امللمو�س يف‬
‫مواقف احلكومات العربية‪ .‬وثاين هذه احلقائق هو �ضعف موقف النظام الر�سمي العربي ممثالً يف‬
‫‪123‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جامعة الدول العربية؛ حيث مل ي�ستطع �أن يكون على م�ستوى احلدث‪ ،‬وجاءت بياناته و�إجراءاته‬
‫يخ�ص مواقف الدول‬‫ّ‬ ‫الفعلية تقليدية ورخوة مب�ستوى رخاوة هذا النظام‪� .‬أما ثالث هذه احلقائق‬
‫العربية‪ ،‬ف�إذا كانت ال�سلبية هي املوقف امل�شرتك لكثري من الدول العربية‪ ،‬ف�إن بع�ض الدول العربية‬
‫ان�شغلت باملراهنة على �أن ت�ؤدي الأزمة �إىل �إ�سقاط حركة حما�س‪ ،‬وعودة �سلطة �أبو مازن �إىل القطاع‬
‫بكل ما يحمله ذلك من معانٍ والتزامات‪ .‬وف�شل هذا الرهان ي�ضع هذه الدول العربية يف موقف حرج‪،‬‬
‫وهو ما يت�ضح يف �إظهار احلر�ص على التم�سك باتفاق �سنة ‪ 2005‬اخلا�ص باملعابر‪ ،‬ودعم موقف‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية امل�ؤيد واملت�شبث بهذا االتفاق‪ ،‬على الرغم من �أن �أيا ً من الدول العربية مل يكن‬
‫طرفا ً يف هذا االتفاق مبا فيها م�رص‪.‬‬
‫هناك حقائق �أخرى كثرية‪ ،‬لكن خطورة هذه احلقائق الثالثة ترجع للنتائج التي ميكن �أن‬
‫ترتتب عليها‪ ،‬وبالذات عودة احتمال القبول بخيار احل ّل الع�سكري الإ�رسائيلي؛ لفر�ض التزامات‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية بتفاهمات �أنابولي�س التي ارتكزت على مرجعية خريطة الطريق دون غريها من‬
‫مرجعيات‪ ،‬مبا فيها مبادرة ال�سالم العربية التي جددت تفعيلها القمة العربية املنعقدة يف الريا�ض يف‬
‫�آذار‪ /‬مار�س ‪.2007‬‬
‫لقد تك�شفت يف عام ‪ 2007‬كل تراكمات م�سرية م�رشوع الت�سوية العربي‪ ،‬وكل ما حدث يف هذا‬
‫آ�س‪ .‬قد تكون املح�صلة حمزنة لكنها يف النهاية‬
‫العام مل يحمل مفاج�آت بقدر ما فر�ض �صدمات وم� ٍ‬
‫ثمار �أداء عربي و�أدوار عربية على مدى �سنوات طويلة‪ ،‬من التدهور املرتبط مب�سرية الت�سوية‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً منذ �سنة ‪.1979‬‬
‫وبالرغم من كل ذلك ف�إن ما حدث عام ‪ 2007‬من �أداء عربي ما زال يف حاجة �إىل قراءة نقدية‬
‫حتليلية‪ ،‬تعتمد منهج التحليل املقارن بني ثالثة م�ستويات عربية هي‪:‬‬
‫‪ .1‬م�ستوى �أداء النظام الر�سمي العربي (جامعة الدول العربية والقمة العربية)‪.‬‬
‫‪ .2‬م�ستوى �أداء الدول العربية‪.‬‬
‫‪ .3‬م�ستوى الأداء ال�شعبي العربي‪.‬‬
‫�إن مقارنة �أداء هذه امل�ستويات الثالثة من الق�ضايا الفل�سطينية الأ�سا�سية‪ ،‬وخا�صة‪ :‬م�رشوع‬
‫الت�سوية وال�رصاعات الفل�سطينية ‪ -‬الفل�سطينية‪ ،‬وجهود دعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ثم‬
‫العالقة مع "�إ�رسائيل" تقدم �إجابات مهمة لت�سا�ؤالت كثرية تفيد لي�س فقط يف تف�سري ما حدث‪ ،‬ولكن‬
‫ت�ساعد �أي�ضا ً يف قراءة ما ميكن �أن يحدث من تطورات‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫يقدم حتليل �أداء النظام الر�سمي العربي (جامعة الدول‬


‫العربية وهيئاتها‪ ،‬خا�صة جمل�س وزراء اخلارجية‬
‫�أو ًال‪� :‬أداء النظام الر�سمي‬
‫وجمل�س اجلامعة بالإ�ضافة �إىل م�ؤ�س�سة القمة العربية)‬
‫الــعــربـي ومـواقفه‬
‫�صورة �إجمالية للموقف العربي واجتاهاته املختلفة من الق�ضية الفل�سطينية وتطوراتها‪ ،‬ومنه‬
‫ميكن قيا�س تق ُّدم �أو تراجع املوقف العربي‪ ،‬لكنه رغم ذلك يخفي التمايز يف مواقف الدول العربية‬
‫بني من يدفع باجتاه اتخاذ مواقف داعمة‪ ،‬وبني من يعوق ذلك وي�سعى لفر�ض الرتاجع‪ ،‬ومن هنا‬
‫ت�أتي �أهمية مقارنة الأداء اجلماعي العربي باملواقف اخلا�صة واملنفردة لكل دولة على حدة‪.‬‬
‫وي�شمل هذا التحليل مقارنة املوقف اجلماعي للنظام الر�سمي العربي مبواقف الدول العربية‬
‫منفردة واملوقف ال�شعبي العربي‪ ،‬لكنه �سوف ي�شمل �أي�ضا ً حتليالً مقارنا ً للمواقف من الق�ضايا‬
‫الفل�سطينية الأربعة املهمة وهي‪ :‬املوقف من م�رشوع الت�سوية وتطورات ما ُ�س ِّمي بـ"عملية ال�سالم"‪،‬‬
‫واملوقف من ال�رصاعات والنزاعات الفل�سطينية – الفل�سطينية‪ ،‬واملوقف من دعم �صمود ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�أخريا ً املوقف من دعاوي التطبيع ب�أ�شكالها املختلفة مع الكيان ال�صهيوين‪.‬‬
‫‪ .1‬املوقف من تطورات عملية ال�سالم‪:‬‬
‫�أعطى النظام الر�سمي العربي �أولوية تكاد تكون مطلقة لعملية ال�سالم على ما عداها من الق�ضايا‬
‫الأخرى‪ ،‬مبا يوحي �أن هذا النظام حري�ص على حتقيق ت�سوية‪ ،‬تعفيه من تبعات هموم ال�ش�أن‬
‫الفل�سطيني وبالذات ت�أثريه ال�سلبي على العالقة بني الدول العربية والواليات املتحدة‪ ،‬وعلى ما‬
‫يحدث من تطورات على �صعيد �إعادة �صياغة النظام الإقليمي �سواء باجتاه ال�رشاكة مع "�إ�رسائيل"‬
‫�أو ال�رصاع مع �إيران؛ فا�ستمرار ال�صبغة ال�رصاعية للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬ميثل عائقا ً بقدر ما ميثل‬
‫حرجا ً يحول دون االنخراط يف امل�رشوع الأمريكي ال�رشق �أو�سطي‪ ،‬وي�سبب م�شاكل داخلية ت�ؤثر‬
‫على اال�ستقرار ال�سيا�سي يف بع�ض الدول العربية املتعجلة لاللتحاق بهذا امل�رشوع‪.‬‬
‫وقد حظيت جهود النظام الر�سمي العربي لدفع عملية ال�سالم بالقدر الأكرب من جممل اجلهود‬
‫العربية‪ ،‬التي لها عالقة بالق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬ومن بني هذه اجلهود كانت هناك حمطتان رئي�سيتان‪،‬‬
‫تبلورت حولهما معظم هذه اجلهود وهما؛ املحطة الأوىل هي القمة العربية يف الريا�ض وتبنيها �شعار‬
‫�إعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ .‬واملحطة الثانية هي املوافقة العربية بقرار من جمل�س وزراء‬
‫اخلارجية العرب على امل�شاركة يف "اجتماع �أنابولي�س" الذي ظ ّل لفرتة طويلة يحمل ا�سم "م�ؤمتر‬
‫اخلريف لل�سالم" منذ �أن طرح فكرته الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش‪.‬‬
‫الرتكيز على هاتني املحطتني الرئي�سيتني يقدم عر�ضا ً �شامالً ملوقف النظام العربي من عملية‬
‫ال�سالم‪ ،‬والأهم من جممل الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أ‪ .‬قمة الريا�ض وتفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪:‬‬


‫حظيت مبادرة ال�سالم العربية بالأولوية على جدول �أعمال م�ؤمتر القمة العربية بالريا�ض يف‬
‫‪ ، 2007/3/29-28‬والالفت للنظر هنا �أن هذا االهتمام جاء ا�ستجابة لتطورات يف املوقف الأمريكي‬
‫من عملية ال�سالم‪� ،‬ضمن م�رشوع �أو�سع يتعلق باجلهود الأمريكية لفر�ض ا�ستقطاب �إقليمي بني‬
‫ما ت�سميه وا�شنطن بـ "حمور االعتدال"؛ وي�ض ّم جمموعة ‪( 2+6‬دول جمل�س التعاون اخلليجي ‪+‬‬
‫م�رص والأردن) يف مواجهة "حمور ال�رش"‪ ،‬الذي ي�ض ّم �إيران و�سورية وحزب اهلل (لبنان)‪ ،‬وحركتي‬
‫حما�س واجلهاد الإ�سالمي (فل�سطني)‪ .‬جوهر هذه اجلهود يتعلق بامل�سعى الأمريكي للح�صول‬
‫على دعم عربي للم�رشوع الأمريكي يف العراق من ناحية‪ ،‬ودعم املوقف الأمريكي باجتاه �إيران من‬
‫ناحية �أخرى‪ .‬وللح�صول على الدعم العربي من هذين االجتاهني كان ال ب ّد من �أن تعطي وا�شنطن‬
‫اهتماماً‪ ،‬ولو مفتعالً‪ ،‬لعملية ال�سالم بني العرب و"�إ�رسائيل"‪ ،‬وحتقيق تقدم يف ح ّل امل�شاكل املتعلقة‬
‫بالفل�سطينيني‪.‬‬
‫لعل هذا يف�رس �أن االهتمام مبا ُ�س ِّمي "تفعيل" مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬بعد جتميد طويل منذ‬
‫�سنة ‪ ،2002‬جاء �أمريكيا ً و�إ�رسائيليا ً قبل �أن ي�أتي عربياً‪ .‬وبد�أ التحرك �أو الدعوة للتحرك بهذا‬
‫االجتاه �أمريكيا ً – �إ�رسائيليا ً وجاءت اال�ستجابة عربية‪ ،‬فقد تبلورت الفكرة من خالل �أربع جوالت‬
‫متتابعة قامت بها كوندوليزا راي�س �إىل املنطقة على مدى �أربعة �أ�شهر‪ ،‬ح�سب ت�رصيحات �أدلت بها‬
‫راي�س قبل لقائها مع �إيهود �أوملرت‪ ،‬و�أكدته بعد لقائها مع رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س‬
‫يف اليوم ذاته بقولها �إن املبادرة "�أ�سا�س �صالح للتطبيق"‪ ،‬و�إنها مل تطلب تعديلها قط‪ ،‬بعدها بادرت‬
‫ت�سيبي ليفني �إىل الإعالن يف وا�شنطن �أن مبادرة ال�سالم العربية "تت�ضمن عنا�رص �إيجابية"‪ ،‬وكانت‬
‫هذه �إ�شارة �رصيحة �إىل وجود قبول �إ�رسائيلي ب�إعادة التحرك باجتاه �إحيائها‪ ،‬لكنها مل ت�ش�أ �أن ترتك‬
‫املوقف دون ت�أكيد التحفظات الإ�رسائيلية عليها‪ ،‬والتي �سبق �أن رف�ضتها ب�سببها‪ ،‬لكنها حر�صت‬
‫على �إجمال هذه التحفظات بقولها �إن املبادرة "تت�ضمن عنا�رص تناق�ض مبد�أ الدولتني" يف �إ�شارة �إىل‬
‫البند اخلا�ص بحقّ عودة الالجئني الفل�سطينيني‪.3‬‬
‫وجاءت اال�ستجابة العربية الأوىل يوم ‪ 2007/3/13‬يف لقاء بالعا�صمة الأردنية تر�أ�سه امللك عبد‬
‫اهلل الثاين‪ ،‬وح�رضه وزراء خارجية الأردن وم�رص واململكة العربية ال�سعودية‪ .‬ونقل بيان �أ�صدره‬
‫الديوان امللكي الأردين عن امللك عبد اهلل الثاين قوله‪" :‬يجب �أن تعمل الدول العربية جمتمعة على‬
‫توحيد مواقفها‪ ،‬وبخا�صة فيما يتعلق ب�إعادة الزخم ملبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬التي التزم بها العرب‬
‫يف قمة بريوت"‪.4‬‬
‫دعوة �إحياء �أو تفعيل مبادرة ال�سالم العربية اقرتنت باقرتاح حملته راي�س يف جولتها الرابعة‬
‫باملنطقة يف ‪ ،2007/3/24‬و�صفه البع�ض بـ "خطة �أمريكية" م�ضمونها �أن ت�سعى وزيرة اخلارجية �إىل‬

‫‪126‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫حثّ اجلانب الإ�رسائيلي على منح الفل�سطينيني "�أفقا ً �سيا�سيا ً" فيما يتعلق بقيام الدولة الفل�سطينية‪،‬‬
‫مع مطالبة اجلانب الفل�سطيني بالتو�صل �إىل �أفق �سيا�سي للجانب الآخر‪� ،‬أي بدايات اعرتاف متنح‬
‫احلكومة الإ�رسائيلية م�ساحة �أكرب ت�سمح لها ب�إبرام اتفاق مع الفل�سطينيني‪.‬‬
‫تفا�صيل هذه اخلطة بحثتها راي�س مع ما ابتدعته من �آليات عربية حملت ا�سم "املجموعة الرباعية‬
‫العربية"‪ ،‬و�ضمت ح�سب اختيارات الوزيرة الأمريكية م�رص واململكة العربية ال�سعودية والأردن‬
‫ودولة الإمارات العربية املتحدة‪ ،‬باعتبار �أن هذه الدول تلعب‪ ،‬من املنظور الأمريكي‪ ،‬دورا ً مهما ً‬
‫يف م�ساعي حتقيق ال�سالم يف ال�رشق الأو�سط‪� ،‬إذ ت�ساعد على �سبيل املثال يف تدريب قوات الأمن‬
‫الفل�سطينية وجتهيزها‪ ،‬وتتمتع بدور فاعل يف جامعة الدول العربية‪.5‬‬
‫الالفت هنا �أن هذا امل�صطلح الذي حمل ا�سم "اللجنة الرباعية العربية" ن�ش�أ قبيل قمة الريا�ض‪،‬‬
‫واختفى بعدها نهائياً‪ ،‬ومل يعد �أحد ي�سمع به بعد انتهاء القمة وت�شكيلها �آلية جديدة مهمتها تفعيل‬
‫املبادرة بعد �إعادة الت�أكيد عليها من القمة‪.‬‬
‫العمل الأهم ورمبا الوحيد الذي قامت به هذه اللجنة الرباعية العربية هو ترتيب لقاءين مهمني‬
‫لبحث اخلطة الأمريكية‪ ،‬التي �أعيد �إحياء املبادرة العربية على �ضوئها‪� ،‬أجرتهما وزيرة اخلارجية‬
‫الأمريكية يف مدينة �أ�سوان امل�رصية‪ :‬الأول �ض ّم وزراء خارجية الدول الأربع‪ ،‬والثاين �ض ّم ر�ؤ�ساء‬
‫�أجهزتها اال�ستخباراتية‪ .6‬يف اجتماع وزراء اخلارجية الأربعة مع راي�س يف �أ�سوان ذكر �أنهم عر�ضوا‬
‫املبادرة العربية‪ ،‬و�أكدوا �أنها �أ�سا�س ح ّل النزاع العربي – الإ�رسائيلي "ملا تت�ضمنه من ثوابت عربية‪،‬‬
‫وت�ستند �إىل قرارات دولية"‪ .‬كما ذكر �أن هذه اللجنة الرباعية العربية لن تقدم �إىل القمة العربية‬
‫بالريا�ض تقريرا ً حول مباحثاتها مع راي�س‪ ،‬م�ؤكدة �أنه �سيت ّم عر�ض جمريات اللقاء �شفويا ً على‬
‫القمة لإطالع القادة العرب على ح�صيلة اللقاء‪.7‬‬
‫وعلى الرغم من تعرث مهمة راي�س يف لقاءاتها مع قادة الكيان‪ ،‬بعد بحث اخلطة الأمريكية مع‬
‫وزراء خارجية املجموعة الرباعية العربية يف �أ�سوان‪ ،‬بعد رف�ض �إيهود �أوملرت للمبادرة العربية‬
‫وتف�ضيله التطبيع مع اململكة العربية ال�سعودية واللقاء مع امللك عبد اهلل بن عبد العزيز‪� ،‬إال �أن‬
‫القمة العربية مل ترتاجع عن موقفها الداعي �إىل تفعيل املبادرة العربية‪ ،‬ومل يظهر ر ّد الفعل العربي‬
‫الغا�ضب من ف�شل مهمة راي�س يف "�إ�رسائيل" �إال على ل�سان امللك عبد اهلل يف �إ�شارته �إىل الت�ضامن‬
‫العربي مع "العراق املحتل"‪ ،‬الأمر الذي ت�سبب يف ردود فعل �أمريكية غا�ضبة فيما بعد متكنت‬
‫راي�س من احتوائها‪ ،‬بعد تطاول من املتحدثني با�سم اخلارجية وبا�سم البيت الأبي�ض على اململكة‬
‫كان يعك�س غ�ضبا ً �أمريكيا ً مفتعالً من و�صف امللك عبد اهلل ب�أن العراق حمتل‪8‬؛ على الرغم من �أن‬
‫هناك قرارا ً من جمل�س الأمن بطلب �أمريكي ي�صف العراق ب�أنه حمتل‪ .‬هذا الغ�ضب الأمريكي ترجع‬
‫�أهميته �إىل ما يعرب عنه من ف�شل للم�سعى الأمريكي �أو لل�صفقة التي كانت تريدها راي�س‪ ،‬مع العلم‬

‫‪127‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أن املوقف الإ�رسائيلي الراف�ض لهذه ال�صفقة كان �سببا ً رئي�سيا ً يف ف�شلها‪.9‬‬
‫�إن متابعة املوقف ال�سعودي يف تلك الفرتة وبالتحديد الأيام القليلة التي تلت لقاء اللجنة الرباعية‬
‫العربية مع راي�س يف �أ�سوان وحتى انتهاء القمة العربية يف الريا�ض تك�شف عن �أمرين؛ �أولهما‪:‬‬
‫نفي على ل�سان �سعود الفي�صل‪ ،‬وزير اخلارجية‪ ،‬بوجود �أي نية لتعديل مبادرة ال�سالم العربية‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬رف�ض الربط بني اجتماع وزراء اللجنة الرباعية مع راي�س يف �أ�سوان واجتماع القمة‬
‫العربية‪ .‬وقال الفي�صل‪" :‬ال تعديل وال تبديل على مبادرة ال�سالم‪ ،‬لقد �سبق و�أكدت ذلك ع�رشين‬
‫مرة‪ ،‬وهذه �آخر مرة �س�أقول هذا الكالم"‪.10‬‬
‫هذا الر ّد احلا�سم يك�شف حقيقة الأجواء التي �صاحبت القمة‪ ،‬وبالذات م�س�ألة وجود نية لتعديل‬
‫املبادرة لإر�ضاء "�إ�رسائيل"‪ ،‬وجاءت قرارات القمة لت�ؤكد التم�سك باملبادرة كما هي‪ ،‬وكما �أقرتها‬
‫قمة بريوت �سنة ‪ 2002‬بكافة عنا�رصها‪ ،‬وامل�ستندة �إىل قرارات ال�رشعية الدولية‪ ،‬ومبادرتها لإنهاء‬
‫النزاع العربي – الإ�رسائيلي (الحظ النزاع ولي�س ال�رصاع)‪ ،‬و�إقامة ال�سالم ال�شامل والعادل‪،‬‬
‫الذي يحقق الأمن جلميع دول املنطقة‪ ،‬ومي ّكن ال�شعب الفل�سطيني من �إقامة دولته امل�ستقلة مبا‬
‫فيها القد�س‪ .‬كما كلّفت القمة اللجنة الوزارية العربية اخلا�صة مببادرة ال�سالم العربية موا�صلة‬
‫جهودها‪ ،‬وت�شكيل فرق عمل لإجراء االت�صاالت الالزمة مع الأمني العام للأمم املتحدة والدول‬
‫الأع�ضاء يف جمل�س الأمن واللجنة الرباعية‪ ،‬والأطراف املعنية بعملية ال�سالم؛ من �أجل ا�ستئناف‬
‫عملية ال�سالم‪ ،‬وح�شد الت�أييد لهذه املبادرة‪ ،‬وبدء مفاو�ضات جادة على �أ�سا�س املرجعيات املتفق‬
‫عليها‪ ،‬واملتمثلة يف قرارات الأمم املتحدة ذات ال�صلة‪ ،‬ومبد�أ الأر�ض مقابل ال�سالم‪ ،‬ومبد�أ عدم جواز‬
‫اال�ستيالء على �أرا�ضي الغري بالقوة‪ .‬وكلفت القمة جمل�س اجلامعة على امل�ستوى الوزاري مبتابعة‬
‫الو�ضع وتقييمه بالن�سبة جلهود ال�سالم احلالية ومدى فعاليتها‪ ،‬و�إقرار اخلطوات القادمة للتحرك‬
‫يف �ضوء هذا التقييم‪.11‬‬
‫ولقد عقدت اللجنة الوزارية لتفعيل مبادرة ال�سالم العربية �أوىل اجتماعاتها مبق ّر جامعة الدول‬
‫العربية يف القاهرة يوم ‪ ،2007/4/18‬مب�شاركة ‪ 13‬دولة عربية هي‪ :‬م�رص وال�سعودية والأردن‬
‫و�سورية وفل�سطني ولبنان والبحرين وقطر وتون�س واجلزائر واملغرب واليمن وال�سودان‪ .12‬وكانت‬
‫جامعة الدول العربية قد �أع ّدت خطة حت ُّرك؛ لعر�ضها على اجتماع جلنة املبادرة‪ ،‬ت�ض ّم حمورين‪:‬‬
‫الأول �سيا�سي‪ ،‬والثاين �إعالمي‪ ،‬حيث يت�ضمن الأول ت�شكيل وفد عربي يتوجه �إىل الواليات‬
‫املتحدة للقاء الإدارة الأمريكية والكوجنر�س؛ من �أجل التعريف باملبادرة و�أهدافها‪ ،‬والرتويج لها‪.‬‬
‫على �أن يقوم الوفد بزيارات �أخرى لكل من االحتاد الأوروبي ورو�سيا للهدف نف�سه‪� .‬أما املحور‬
‫الثاين فيقرتح تنظيم حملة �إعالمية يف و�سائل الإعالم الأمريكية والأوروبية‪ ،‬ت�شمل �أهم املحطات‬
‫وال�صحف والكتّاب للتعريف باملبادرة‪ ،‬على �أن يت ّم ت�شكيل �آلية لتمويل التحرك العربي‪ .‬وقالت‬

‫‪128‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫م�صادر دبلوما�سية �إن هناك اقرتاحا ً فل�سطينيا ً بالتحرك داخل املجتمع الإ�رسائيلي‪ ،‬من خالل‬
‫ترجمة املبادرة �إىل اللغة العربية‪ ،‬ون�رشها على نطاق وا�سع يف و�سائل الإعالم الإ�رسائيلية‪ ،‬وتكثيف‬
‫اللقاءات واحلوارات مع �شخ�صيات �إ�رسائيلية نافذة لدعم املبادرة‪.13‬‬
‫وعقب انتهاء هذا االجتماع ك�شفت وكالة رويرتز عن �أن دوالً عربية عديدة �أع�ضاء يف جلنة‬
‫مبادرة ال�سالم العربية م�ستعدة لالت�صال بـ"�إ�رسائيل" �إذا ا�ستجابت لطلبات من بينها‪ :‬وقف اجلدار‬
‫العازل يف ال�ضفة‪ ،‬و�سحب القوات الإ�رسائيلية �إىل مواقعها قبل االنتفا�ضة (الحظ مدى التدين يف‬
‫ال�رشوط العربية لالت�صال بالكيان ال�صهيوين)‪� .‬أما اجلامعة العربية فقالت يف بيانها ال�صادر عقب‬
‫انتهاء اجتماع جلنة املبادرة �إنها "كلّفت م�رص والأردن باالت�صال ب�إ�رسائيل ل�رشح املبادرة"‪ .‬و ُنقل‬
‫عن عمرو مو�سى‪ ،‬الأمني العام للجامعة العربية‪ ،‬تعليقا ً حول �رشوط االت�صال مع "�إ�رسائيل" يقول‬
‫فيه‪" :‬لقد م�ضى زمن الأ�شياء املجانية"‪ ،‬مو�ضحا ً �أن روح ومنطوق املبادرة العربية "يقوم على‬
‫قيام �إ�رسائيل �أوالً ب�إخالء جميع الأرا�ضي التي احتلتها يف ‪ 5‬يونيو ‪ 1967‬وبعده ي�أتي التطبيع‬
‫العربي"‪.14‬‬
‫جاء ت�رصيح مو�سى لي�صحح املعنى ال�سابق‪ ،‬وهو �أن الطلبات املذكورة لي�ست �رشوطا ً للتطبيع‬
‫بقدر ما هي �رشوط لالت�صال‪ .‬وبعد ذلك بحوايل �أربعة �أ�سابيع‪ ،‬و�صف عمرو مو�سى يف حوار مع‬
‫�إذاعة "بي بي �سي" الربيطانية ت�رصيحات �شمعون برييز‪ ،‬رئي�س الكيان ال�صهيوين التي قال فيها‬
‫�إن "�إ�رسائيل جاهزة لإجراء حمادثات جادة مع الدول العربية بخ�صو�ص مبادرة ال�سالم‪ ،‬فيما لو‬
‫تقدم العرب مبقرتحات جادة" ب�أنها "كالم فارغ ال ميكن التعامل معه"‪ .‬واتهم مو�سى "�إ�رسائيل"‬
‫بـ"املماطلة امل�ستمرة‪ ،‬والدوران حول جوهر املو�ضوع دون الدخول فيه"‪ ،‬فيما يخ�ص ا�ستعدادها‬
‫لتحقيق ال�سالم مع جريانها العرب‪ ،15‬كما رف�ض عمرو مو�سى دعوة �إيهود �أوملرت‪ ،‬رئي�س حكومة‬
‫الكيان ال�صهيوين‪ ،‬للقاء القادة العرب؛ من �أجل مناق�شة مبادرة ال�سالم العربية معتربا ً �أنها‬
‫"حيلة"‪.16‬‬
‫وبعد �أن كرث احلديث عن وجود غمو�ض يف مهمة وزيري خارجية م�رص والأردن لزيارة‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬والتداول حول مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وخا�صة ما �إذا كانت الزيارة هي با�سم الدول‬
‫الأع�ضاء يف جلنة املبادرة �أم با�سم م�رص والأردن‪ُ ،‬علم �أن حكومات بع�ض هذه الدول طلبت من عمرو‬
‫مو�سى �إ�صدار بيان يو�ضح فيه �أن قرارات قمة الريا�ض وقرارات جلنة تفعيل املبادرة العربية‪،‬‬
‫ت�شري �إىل تكليف وزيري خارجية م�رص والأردن االت�صال بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬بو�صفهما ميثالن بلدين‬
‫عربيني تربطهما بـ"�إ�رسائيل" عالقات دبلوما�سية‪ ،‬ولي�س بانتدابهما للتفاو�ض‪ .‬و�أكدت حكومات‬
‫�سورية وليبيا واجلزائر واليمن �أنه لي�س هناك �أ�صالً ما يت ّم التفاو�ض ب�ش�أنه بعد‪ .17‬عقب ذلك � ّ‬
‫رصح‬
‫عمرو مو�سى �أن اجلامعة �أو �أية دولة لن تتفاو�ض نيابة عن دولة �أخرى‪ ،‬و�أن فل�سطني هي التي‬

‫‪129‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�ستتفاو�ض مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬وكذلك احلال بالن�سبة للبنان و�سورية‪.18‬‬


‫�أما املتحدث با�سم الأمني العام عمرو مو�سى وم�ست�شاره ه�شام يو�سف فقد �أو�ضح �أن‪" :‬اجلامعة‬
‫تتحرك يف هذا ال�صدد تنفيذا ً لقرار وزراء اخلارجية العرب‪ ،‬الذين اتخذوه يف اجتماعهم الأخري‬
‫بالقاهرة‪ ،‬وتكليف م�رص والأردن حتديدا ً نيابة عن العرب للقيام بذلك؛ لكونهما يقيمان عالقات‬
‫دبلوما�سية ر�سمية مع �إ�رسائيل"‪ .‬وعن ر ّد اجلامعة على ما ي�صفه البع�ض ب�أنه حترك باملجان‬
‫ودون مقابل من ِقبَل اجلامعة‪ ،‬وذلك بدخولها مفاو�ضات مبا�رشة مع "�إ�رسائيل" دون �أن تبادر‬
‫الأخرية باالعرتاف باملبادرة العربية‪ ،‬ر ّد قائالً‪" :‬هذه وجهة نظر لها احرتامها‪ ،‬لكن علينا �أن نعلم �أن‬
‫العالقات بني العرب و�إ�رسائيل مل تكن منقطعة حتى يح�صلوا على مقابل لتوا�صلهم معها"‪.19‬‬
‫ويف النهاية مل ي�صل وفد اجلامعة �إىل �شيء‪ ،‬ومل تتع ّد مهمته يف الكيان ال�صهيوين �أكرث من كونها‬
‫جمرد "زيارة عالقات عامة" لعدم وجود ر�ؤية �أو برنامج �سيا�سي لدى حكومة �إيهود �أوملرت‬
‫لتحقيق �سالم مع الفل�سطينيني �أو العرب يف ذلك الوقت‪ ،‬خا�صة �أن �أوملرت مل يعرتف �أ�صالً باملبادرة‬
‫كي يتفاو�ض حولها‪ ،‬بل �إنه تع ّمد تفريغها من م�ضمونها‪ ،‬عندما تع ّمد و�صفها يف �أكرث من منا�سبة‬
‫بـ"املبادرة ال�سعودية"‪.20‬‬
‫وبالفعل مل ت�صل اجلامعة �إىل �شيء ومل يتحقق الغر�ض من "تفعيل املبادرة"‪ ،‬فقد �أعادت وا�شنطن‬
‫جتميدها ثانية �إما اختياريا ً �أو ب�ضغط من "�إ�رسائيل"‪� .‬أما الدول العربية فقد ان�رصفت عن دعوة‬
‫"تفعيل املبادرة" بعد ف�شل تفعيلها‪ ،‬خا�صة بعد �أن جذبت �أحداث غزة الدامية بني رئا�سة ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية وحركة حما�س كل الأنظار وكل االهتمامات؛ وجعلت دعوة ال�سالم مع "�إ�رسائيل"‬
‫تتوارى مع �أولوية دعوة ال�سالم الفل�سطيني‪.‬‬
‫ب‪ .‬امل�شاركة العربية يف اجتماع �أنابولي�س‪:‬‬
‫فور �إعالن الرئي�س الأمريكي مبادرته لعقد ذلك امل�ؤمتر‪� ،‬أ�رسع ديفيد وول�ش‪ ،‬م�ساعد وزيرة‬
‫اخلارجية الأمريكية‪� ،‬إىل التلميح باحتمال م�شاركة دول عربية "ال تقيم عالقات مع �إ�رسائيل" يف‬
‫امل�ؤمتر‪ ،‬معتربا ً �أن "الو�صول �إىل هذه النقطة �سيعترب تطورا ً جوهريا ً �إيجابيا ً"‪ .‬الأولوية عند وول�ش‬
‫هي جلو�س دول عربية لي�ست لها عالقات مع "�إ�رسائيل" ومل تعرتف بها‪ ،‬على مائدة تفاو�ض معها‪،‬‬
‫لذلك �سعى �إىل حتفيز هذه الدول على اتخاذ قرار بامل�شاركة‪ ،‬مقدما ً مربرات ذلك بقوله‪�" :‬إن جوهر‬
‫املبادرة العربية لل�سالم قائم على الرغبة يف اجللو�س �إىل طاولة املفاو�ضات ملناق�شة ال�سالم مع‬
‫�إ�رسائيل‪ ،‬والعرب �أنف�سهم عندما حتدثوا عن تطبيق املبادرة العربية اقرتحوا عقد م�ؤمتر دويل"‪.21‬‬
‫ويف ر ّده على �س�ؤال عما �إذا كانت �ستوجه الدعوة ل�سورية للم�شاركة يف امل�ؤمتر املقرتح‪ ،‬الذي تفادى‬
‫يف ذلك الوقت احلديث عن جدول �أعماله �أو موعده �أو مكانه‪ ،‬قال وول�ش‪" :‬مل نتو�صل بعد �إىل قرار‬
‫حول من �سي�شارك ومن لن ي�شارك‪ ،‬ولكن خطاب الرئي�س بو�ش يو�ضح اخلطوط العري�ضة‪ ،‬وهي‬
‫‪130‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�أن رف�ض العنف والقبول بوجود �إ�رسائيل هما عامالن جوهريان للقبول بنتائج �أي حمادثات"‪،22‬‬
‫هذا يعني �أن التطبيع العربي مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬ونبذ العنف مبعنى التخلي نهائيا ً عن خيار املقاومة �أو‬
‫أ�سا�سي حل�ضور امل�ؤمتر‪ ،‬وهما �أي�ضا ً هدفان �أ�سا�سيان من وراء الدعوة النعقاده‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫�رشط �‬ ‫دعمها‬
‫الالفت لالنتباه �أن �أياما ً قليلة مل تكد مت ّر على �إعالن بو�ش مبادرته اخلا�صة بامل�ؤمتر‪ ،‬وعلى‬
‫تو�ضيحات ديفيد وول�ش و�رشوطه‪ ،‬حتى بادر جمل�س وزراء اخلارجية العرب بعقد اجتماع طارئ‬
‫يف مق ّر جامعة الدول العربية‪� ،‬أعلنوا فيه ت�أييد عقد اجتماع �أو م�ؤمتر دويل بح�ضور جميع الأطراف‬
‫املعنية بعملية ال�سالم؛ بهدف �إطالق املفاو�ضات املبا�رشة على جميع امل�سارات ووفقا ً للمرجعيات‬
‫املتفق عليها‪ ،‬مع ت�أكيد احلر�ص الكامل على املقاربة ال�شاملة لعملية ال�سالم والدخول مبا�رشة‬
‫يف عملية التفاو�ض حول خمتلف ق�ضايا احل ّل النهائي لل�رصاع العربي – الإ�رسائيلي‪ ،‬ويف �إطار‬
‫زمني حمدد‪ ،‬لإنهاء تلك املفاو�ضات كدليل على جدية العمل نحو حتقيق ال�سالم‪ ،‬و�إقامة الدولة‬
‫الفل�سطينية وعا�صمتها القد�س‪ .23‬وت�ضمن البيان ال�صادر عن االجتماع املزيد من ال�رشوط العربية؛‬
‫فبعد �أن رحبوا مبا �أ�سموه بالعنا�رص الإيجابية التي ت�ضمنها خطاب الرئي�س الأمريكي‪ ،‬والتي‬
‫ميكن البناء عليها‪ ،‬خا�صة االلتزام بح ّل الدولتني‪ ،‬وقيام الدولة الفل�سطينية امل�ستقلة‪ ،‬طالبوا بوقف‬
‫اال�ستيطان‪ ،‬و�إنهاء االحتالل الإ�رسائيلي لل�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬والتو�صل �إىل اتفاق حول‬
‫ق�ضايا احل ّل النهائي مبا فيها القد�س والالجئني‪ ،‬وحتويل مبالغ ال�رضائب الفل�سطينية املحتجزة‬
‫لدى "�إ�رسائيل"‪.24‬‬
‫ويف اجتماع جمل�س اجلامعة يف دورته الـ ‪ 128‬على م�ستوى وزراء اخلارجية يف ‪2007/9/5‬‬
‫�شدد املجل�س يف بيانه على �رضورة �أن ي�ستهدف امل�ؤمتر الدويل املقرتح �إقرار نهاية الحتالل‬
‫"�إ�رسائيل" للأرا�ضي العربية‪ ،‬وفق جدول زمني حمدد‪ ،‬يحقق الأمن واال�ستقرار للجميع‪،‬‬
‫وح ّذروا من تفريغ "�إ�رسائيل" مل�ضمون دعوة بو�ش‪.25‬‬
‫وقال عمرو مو�سى �إن هدف االجتماع �أو امل�ؤمتر يجب �أن يكون‪ :‬ا�ستئناف عملية التفاو�ض‪،‬‬
‫والت�صدي للق�ضايا اجلوهرية‪ ،‬وذلك مع جدول زمني للمفاو�ضات‪ ،‬و�إعطاء دور ملتابعة الرباعية‬
‫الدولية وملجل�س الأمن (هنا يتحدث عن الآليات)‪ ،‬وتو�ضيح االلتزامات املطلوبة من الأطراف‬
‫املفاو�ضة مبوجب االتفاقات ال�سابقة والبناء عليها‪� .‬أما الثمن فقد حدده عمرو مو�سى بـ"�إقامة‬
‫عالقات طيبة مع �إ�رسائيل‪ ،‬واالعرتاف بها"‪ .‬وطالب عمرو مو�سى ب�رضورة العمل على �أال يكون‬
‫هذا االجتماع جمرد مظاهرة �سيا�سية بال م�ضمون �أو فائدة‪ ،‬خ�شية ال�رضر الذي ميكن �أن يلحق‬
‫بامل�صالح العربية وبالو�ضع الإقليمي‪.26‬‬
‫كل هذه ال�رشوط العربية تداعت �أمام التعنت الإ�رسائيلي واالنحياز الأمريكي‪ ،‬وممار�سة‬
‫وا�شنطن لكل �أنواع ال�ضغوط والإغراءات على الدول العربية‪ ،‬التي ا�ضطرت يف النهاية �إىل عقد‬

‫‪131‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫اجتماع لوزراء اخلارجية العرب يوم ‪� ،2007/11/22‬أعلنوا فيه قبولهم امل�شاركة يف "االجتماع"‪ ،‬على‬
‫الرغم من ت�أكدهم �أنه "جمرد اجتماع" ولي�س "م�ؤمترا ً"‪ ،‬وعلى الرغم من �إدراكهم للفجوة الوا�سعة‬
‫بني ما طالبوا به و�أعلنوه من �رشوط وما �سعى �إليه الطرف الفل�سطيني وبني ما قبله الإ�رسائيليون‬
‫و�أيدهم يف ذلك الأمريكيون‪.‬‬
‫وبعد �أن اطم�أن الإ�رسائيليون �إىل م�شاركة ‪ 16‬دولة عربية يف االجتماع‪ ،‬وقبيل ثالثة �أيام فقط‬
‫من بدايته‪ ،‬عادوا �إىل فر�ض �رشوط جديدة‪ .‬فبعد �أن رحبت ت�سيبي ليفني مب�شاركة الدول العربية‬
‫يف االجتماع ا�ستدركت قائلة �إنه"يجب �أال ت�شارك تلك الدول [العربية] يف املحادثات الثنائية التي‬
‫�ستجرى بني الإ�رسائيليني والفل�سطينيني"‪ ،‬و�أ�ضافت‪":‬لي�س من املفرت�ض �أن حتدد الدول العربية‬
‫�رشوط املفاو�ضات �أو �أن ت�شارك فيها"‪ .27‬وجاء الدور على �إيهود �أوملرت ليفر�ض �رشطا ً �آخر‪،‬‬
‫وهو �أن �أي مفاو�ضات �إ�ضافية بني "�إ�رسائيل" والفل�سطينيني بعد اجتماع �أنابولي�س "�ستعتمد‬
‫على اعرتاف الفل�سطينيني بدولة �إ�رسائيل كدولة لل�شعب اليهودي"‪� .28‬أي �أن تكون دولة يهودية‬
‫خال�صة‪ ،‬مبا يعني �إنهاء حقّ العودة نهائياً‪.‬‬
‫على الرغم من هذا كله‪ ،‬اجتمع وزراء اخلارجية يف مق ّر جامعة الدول العربية بالقاهرة‪ ،‬وقرروا‬
‫قبول الدعوة التي وجهتها الواليات املتحدة لـ ‪ 16‬دولة عربية للم�شاركة يف اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬وهذه‬
‫الدول هي‪ :‬الأردن والإمارات والبحرين وتون�س واجلزائر وال�سعودية وال�سودان و�سورية و ُعمان‬
‫وفل�سطني وقطر ولبنان وم�رص واملغرب وموريتانيا واليمن‪ .‬وقال عمرو مو�سى �إن الدول العربية‬
‫وافقت على الذهاب �إىل امل�ؤمتر يف �إطار "املبادرة العربية"‪ ،‬و�إن ح�ضور امل�ؤمتر ال يعني القبول ب�أي‬
‫�شيء‪ ،‬و�أو�ضح �أن هدف امل�ؤمتر لي�س �إبرام اتفاقية جديدة‪ ،‬و�إمنا �إطالق عملية ال�سالم جمددا ً على‬
‫�أ�سا�س مرجعيات حمددة تنطلق من املبادرة العربية‪ .29‬وبرر عمرو مو�سى القرار العربي بامل�شاركة‬
‫يف اجتماع �أنابولي�س باحلر�ص على �إثبات جدية املوقف العربي الهادف للتو�صل �إىل �سالم عادل‬
‫و�شامل على كافة امل�سارات‪ .‬و�أكد �أن العرب �سي�شاركون يف االجتماع من �أجل التفاو�ض ولي�س من‬
‫�أجل التطبيع‪.30‬‬
‫وبعد مفاو�ضات كانت �أقرب �إىل امل�شاحنات بني وفدي التفاو�ض الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪ ،‬عقد‬
‫االجتماع يوم الثالثاء ‪ 2007/11/27‬يف مدينة �أنابولي�س بوالية ماريالند‪ ،‬ويف بداية االجتماع �أعلن‬
‫الرئي�س الأمريكي‪ ،‬من ورقة مكتوبة كان يقر�أ منها �أن الفل�سطينيني والإ�رسائيليني اتفقوا على بدء‬
‫املفاو�ضات فورا ً بغر�ض التو�صل �إىل معاهدة �سالم لإنهاء عقود من العنف‪ .‬وجاء يف البيان الذي‬
‫كان يقر�ؤه بو�ش باعتباره بيانا ً م�شرتكا ً بني اجلانبني الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪" :‬اتفقنا على بذل‬
‫كافة اجلهود للو�صول �إىل اتفاق قبيل نهاية عام ‪ ،2008‬وت�سوية كافة الق�ضايا املعلقة مبا يف ذلك‬
‫الق�ضايا الأ�سا�سية دون ا�ستثناء"‪.31‬‬
‫وانتهى االجتماع برتاجع عربي – فل�سطيني عن كل ال�رشوط التي و�ضعت‪ ،‬و�أعلن عنها قبل‬
‫االجتماع‪ ،‬وا�ضطر رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س �أن يوقع على "وثيقة التفاهم" التي‬
‫‪132‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫انتهى �إليها امل�ؤمتر بعد تردد �إثر اكت�شافه �أن هذه الوثيقة ال تلبي املطالب الفل�سطينية والعربية‪،‬‬
‫ودون �أي �إ�شارة �إىل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬التي كانت الدول العربية قد �أعلنت �أن االلتزام‬
‫مبرجعيتها �رشط مل�شاركتها يف امل�ؤمتر‪.‬‬
‫وهكذا �أ�صاب اجتماع �أنابولي�س العرب والفل�سطينيني برتاجعني كبريين‪ :‬الأول اعتماد خريطة‬
‫الطريق مرجعية �أ�سا�سية للمفاو�ضات متقدمة على كل املرجعيات‪ ،‬وخا�صة القرارات ال�صادرة‬
‫عن الأمم املتحدة؛ كما �أنها ترهن �أي تقدم يف عملية التفاو�ض حول الدولة الفل�سطينية املوعودة‬
‫ب�إنهاء املقاومة‪� .‬أما الرتاجع الثاين فهو تبني الوثيقة لر�ؤية بو�ش التي �أطلقها �سنة ‪ ،2002‬ودعا‬
‫فيها �إىل �إقامة دولتني �إحداهما �إ�رسائيلية (يهودية خال�صة)‪ ،‬و�أخرى فل�سطينية ال حتمل من مفهوم‬
‫الدولة غري اال�سم؛ فهي �إما حتمل ا�سم دولة قابلة للحياة‪� ،‬أو �أن يت ّم التجاهل التا ّم مل�سائل ال�سيادة‬
‫واحلدود وحقّ العودة والقد�س‪ ،‬مبا يعني �أنها دولة �إجها�ض احللم الفل�سطيني وا�سرتداد احلقوق‬
‫املغت�صبة‪.‬‬
‫هذه هي حم�صلة االندفاع العربي للم�شاركة يف اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬والرتويج ملربرات خادعة‪،‬‬
‫و�رشوط مل يحرتمها �أحد حملت توقيع وزراء اخلارجية العرب‪.‬‬
‫‪ .2‬املوقف من االنق�سامات وال�صـراعات الفل�سطينية‪:‬‬
‫دائما ً كانت هناك خالفات ومناف�سات وانق�سامات يف �أو�ساط ف�صائل وحركات املقاومة‬
‫الفل�سطينية بكافة اجتاهاتها‪ ،‬وكانت هذه كلها �أمور طبيعية بالن�سبة للظروف ال�صعبة التي حتيط‬
‫بالعمل الوطني الفل�سطيني داخل الوطن املحتل‪ ،‬و�ضمن �إطار البيئة العربية والإقليمية والدولية‪.‬‬
‫ودائما ً كان املوقف العربي راف�ضا ً لكل تلك اخلالفات واالنق�سامات من منطلق احلر�ص على وحدة‬
‫العمل الفل�سطيني‪ ،‬واحلفاظ على متا�سك الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬لكن هذا املوقف العربي تغري تغريا ً‬
‫ملمو�سا ً يف �أعقاب فوز حركة املقاومة الإ�سالمية حما�س ب�أغلبية مقاعد املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬ب�سبب‬
‫متغريين �أ�سا�سيني‪� :‬أولهما‪ ،‬ال�رصاعات ال�سيا�سية الداخلية يف كثري من الدول العربية‪ ،‬وبروز‬
‫العامل الإ�سالمي كمناف�س قوي يف عملية التناف�س الداخلي على ال�سلطة‪ ،‬وبالذات حركة الإخوان‬
‫امل�سلمني يف م�رص الذي تزامن جناحها يف حتقيق فوز م�شهود يف انتخابات جمل�س ال�شعب مع‬
‫فوز حركة حما�س املح�سوبة على تيار الإخوان‪ ،‬يف االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪ .‬ناهيك عن‬
‫تورط حركات �إ�سالمية راديكالية يف عمليات �ض ّد �أنظمة احلكم يف العديد من الدول العربية‪ .‬ومن‬
‫هنا بد�أ التمايز يف مواقف الدول العربية من ال�رصاعات الفل�سطينية – الفل�سطينية يربز على قاعدة‬
‫مدى خطورة املتغري الإ�سالمي يف املعادلة ال�سيا�سية الداخلية يف كل دولة؛ فالدول الأكرث تعر�ضا ً‬
‫لتهديد مما ُي�سمى "اخلطر الإ�سالمي" وجدت نف�سها مدفوعة لالنحياز �ض ّد حركة حما�س ودعم‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية برئا�سة حممود عبا�س‪� ،‬أما الدول الأقل تعر�ضا ً لذلك اخلطر؛ فجاءت مواقفها‬
‫�أكرث توازنا ً من ال�رصاعات الفل�سطينية‪� .‬أما املتغري الثاين فيتعلق بال�ضغوط الأمريكية والإ�رسائيلية‬

‫‪133‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫التي متار�س �ض ّد الدول العربية؛ لإجبارها على اتخاذ مواقف عدائية �ض ّد حركة حما�س‪ ،‬وجممل‬
‫منظمات املقاومة التي ما زالت متار�س �أدوارا ً ُمقاوِمة �ض ّد الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وت�شجيعها على دعم‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية برئا�سة حممود عبا�س‪ ،‬لي�س حبا ً يف هذه ال�سلطة �أو ت�أييدا ً ملواقفها‪ ،‬ولكن حر�صا ً‬
‫على ت�صفية كل منظمات املقاومة التي باتت تو�سم بـ"الإرهاب"‪.‬‬
‫لذلك ف�إنه على الرغم من كل املرونة التي �أبدتها حركة حما�س طيلة امل�ساعي التي بذلت لت�شكيل‬
‫حكومة وحدة وطنية‪ ،‬ف�إن الواليات املتحدة ظلت ت�ضغط على الدول العربية كي تتعامل معها‬
‫باعتبارها تهديدا ً على �أ�سا�س �أنها جزء من حركة �أ�صولية عاملية "الإخوان امل�سلمني"‪ ،‬ولي�س كامتداد‬
‫للحركة الوطنية الفل�سطينية املرتبطة ع�ضويا ً بالأمن القومي العربي‪.‬‬
‫�أ‪ .‬املوقف العربي من االنق�سامات التي �صاحبت ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬
‫�سبق ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية حدوث ا�شتباكات داخلية بني قوات الأمن‬
‫التابعة لل�سلطة الفل�سطينية وحركة حما�س‪ ،‬كادت تطيح باتفاق مكة الذي ّ‬
‫مت �إجنازه بو�ساطة‬
‫�سعودية و�شخ�صية من امللك عبد اهلل بن عبد العزيز‪ ،‬فاالتفاق جاء مفاج�أة غري �سارة للأمريكيني‬
‫والإ�رسائيليني الذين راهنوا على دعمهم لرئي�س ال�سلطة لإف�شال هذا االتفاق‪.‬‬
‫يف هذه الظروف اقت�رص املوقف العربي على دعوات من �أجل وقف االقتتال واحلفاظ على‬
‫اتفاق مكة‪ ،‬و�أجرت اجلامعة العربية م�شاورات وات�صاالت مع عدد من العوا�صم العربية ووزراء‬
‫اخلارجية العرب؛ لتحديد �شكل التحرك الذي �ستقوم به اجلامعة ملعاجلة هذه الق�ضية‪ .32‬و�أعلن‬
‫عمرو مو�سى‪ ،‬الأمني العام للجامعة العربية‪ ،‬ا�ستعداده لإر�سال وفد رفيع امل�ستوى من اجلامعة �إىل‬
‫الأرا�ضي الفل�سطينية للقاء جميع الأطراف على ال�ساحة الفل�سطينية؛ لإنهاء االحتقان ال�سيا�سي‪،‬‬
‫ووقف االقتتال الداخلي بني الفل�سطينيني‪ ،‬لكنه ت�ساءل‪ :‬ماذا �سيقول الوفد يف ظ ّل الو�ضع الراهن‪،‬‬
‫والكل يعرف ما هو املطلوب؟‪.33‬‬
‫�س�ؤال يك�شف عن مدى عجز اجلامعة العربية‪ ،‬الذي يرجع �سببه �إىل انق�سامات حقيقية يف املوقف‬
‫العربي �إزاء الأطراف الفل�سطينية املت�صارعة؛ فقد ظلت دول عربية عديدة عازفة طيلة عام ‪2006‬‬
‫عن التدخل لإ�صالح ذات البني بني الفل�سطينيني‪ ،‬وانحاز بع�ضها �إىل الرئا�سة �ض ّد احلكومة‪ ،‬وعربت‬
‫عن انحيازها ذاك �إما بالت�رصيحات ال�سيا�سية‪� ،‬أو بالدعم املايل‪ ،‬و�أحيانا ً بتقدمي ال�سالح وتدريب‬
‫القوات‪ .‬وهذا االنحياز‪ ،‬الذي ّ‬
‫مت بالوكالة عن جهات �أخرى‪ ،‬كان له �أثره ال�سلبي الذي �أدى �إىل تعميق‬
‫الفجوة بني حركتي فتح وحما�س؛ حيث �إنه �أعطى انطباعا ً لبع�ض قيادات فتح ب�أن لهم ظهريا ً عربيا ً‬
‫ي�ساندهم‪� ،‬إ�ضافة �إىل الأطراف الدولية املعروفة‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل زيادة الت�شدد واملعاندة من‬
‫جانبهم يف رف�ض التفاهم مع حما�س‪ .34‬هذا املوقف جاء اخرتاقه بالتوقيع على اتفاق مكة‪ ،‬لكن‬
‫معظم الدول العربية ظلت تتعامل معه بحذر �أحياناً‪ ،‬وتردد يف �أحيانٍ �أخرى‪ ،‬الأمر الذي �أدى يف‬
‫النهاية �إىل متكني الأطراف املت�صارعة من االنقالب على هذا االتفاق‪ ،‬مرحليا ً بتفجري ال�رصاعات‬

‫‪134‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫الدامية و�إعادة ت�شكيل احلكومة‪ ،‬وكليا ً فيما بعد ب�إ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية بعد جولة هائلة‬
‫ومريرة من االقتتال بني حركتي فتح وحما�س‪.‬‬
‫وبعد ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية رحبت اجلامعة العربية على ل�سان �أمينها العام بهذه‬
‫اخلطوة‪ ،‬التي اعتربها مهمة لإنهاء االحتقان ال�سيا�سي وخمتلف تداعياته مبا ي�سمح للفل�سطينيني‬
‫العودة �إىل الرتكيز على ق�ضيتهم الأ�سا�سية‪ ،‬وهي �إقامة الدولة الفل�سطينية وعا�صمتها القد�س‬
‫ال�رشيف‪ .35‬وانتقد عمرو مو�سى مقاطعة بع�ض الدول‪ ،‬وخا�صة بريطانيا‪ ،‬الوزراء املنتمني حلركة‬
‫حما�س يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وو�صفه ب�أنه "موقف �سلبي جدا ً"‪ .‬و�أ�ضاف‪�" :‬أعتقد �أنه ال يوجد‬
‫الآن �أي مربر للح�صار الدويل املفرو�ض على الفل�سطينيني �أو لتجويعهم وا�ستمرار معاقبتهم"‪.‬‬
‫واحتج مو�سى على موقف "�إ�رسائيل" الراف�ض لالعرتاف بحكومة الوحدة وقال‪" :‬نحتج على‬
‫املوقف الإ�رسائيلي الذي من �صاحله �أن تكون الفرقة بني الفل�سطينيني دائمة"‪.36‬‬
‫وبانعقاد القمة العربية يف الريا�ض اهتم البيان اخلتامي ال�صادر عنها بالدعوة �أوالً �إىل �رضورة‬
‫التزام حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية بقرارات القمم العربية‪ ،‬التي �أكدت �أن ال�سالم هو اخليار‬
‫اال�سرتاتيجي للدول العربية وفقا ً ملبادرة ال�سالم العربية (وهذه ر�سالة موجهة ب�صفة �أ�سا�سية �إىل‬
‫حركة حما�س)‪ ،‬وبعدها اهتم البيان بالت�أكيد على دعم اتفاق مكة‪ ،‬ودعم ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‬
‫وحكومة الوحدة‪ .37‬هذه الرتاتبية تك�شف جوهر املوقف العربي؛ فالأولوية اللتزام حكومة الوحدة‬
‫الفل�سطينية (التزام حركة حما�س حتديداً) باحل ّل ال�سلمي كخيار ا�سرتاتيجي‪ ،‬مبا يعني رف�ض خيار‬
‫املقاومة‪ ،‬و�رضورة التزام حركة حما�س بذلك‪ ،‬وثانيا ً دعم ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ثم ثالثا ً دعم حكومة‬
‫الوحدة‪.‬‬
‫ب‪ .‬املوقف العربي من ال�صـراعات الدامية ّ‬
‫وحل حكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬
‫ظ ّل املوقف العربي عاجزا ً عن القيام بدور فعال لوقف تدفق �شالالت الدم الفل�سطينية بني‬
‫حركتي فتح وحما�س‪ ،‬لكن التحرك بد�أ بعد �أن تبني جناح حركة حما�س يف �إق�صاء حركة فتح و�أجهزة‬
‫ال�سلطة ب�شكل كامل عن قطاع غزة‪ ،‬وفر�ض �سيطرتها على القطاع‪ ،‬ثم بعد �إعالن رئي�س ال�سلطة‬
‫حممود عبا�س مرا�سيمه الثالثة ال�شهرية‪.‬‬
‫فالتطور الأول يعني حدوث حتول يف موازين القوى ل�صالح حركة حما�س ال ير�ضى عنه النظام‬
‫العربي الر�سمي‪ ،‬وحتما ً ف�إن املوقف كان �سوف يختلف جذريا ً لو �أن ال�سيطرة على قطاع غزة كانت‬
‫من ن�صيب حركة فتح و�أجهزة ال�سلطة‪� .‬أما التطور الثاين والذي قام به الرئي�س عبا�س‪ ،‬والذي يع ّد‬
‫انقالبا ً د�ستوريا ً على ال�رشعية ال يقل يف خطورته عما قامت به حركة حما�س‪ ،‬فقد اجته التحرك‬
‫العربي لدعمه‪ ،‬ولو�صف مرا�سيم حممود عبا�س بال�رشعية‪.‬‬
‫يف البداية �أعلنت اجلامعة ت�أييدها متحفظا ً مرتبطا ً بال�رشعية‪ ،‬وقال الأمني العام للجامعة‪" :‬لي�س‬
‫لدينا حتفظ على قرارات عبا�س التي ت�صدر يف نطاق الد�ستور"‪ .‬ويف حماولة لإظهار حيادية اجلامعة‬
‫‪135‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫العربية قال‪" :‬نحن ن�ؤيد عبا�س ون�ؤيد املجل�س الت�رشيعي املنتخب"‪ .‬وبعد اجتماع ا�ستمر �ست‬
‫�ساعات لبحث الو�ضع الفل�سطيني‪ ،‬طالب وزراء اخلارجية العرب بعودة الأو�ضاع يف قطاع غزة‬
‫�إىل ما كانت عليه‪ ،‬قبل �إعالن حما�س �سيطرتها عليه‪ ،‬ودعوة كافة الأطراف الفل�سطينية للعودة �إىل‬
‫احلوار حل ّل خالفاتها‪ .‬وقرروا ت�شكيل جلنة لتق�صي احلقائق ت�ض ّم‪ :‬ال�سعودية وم�رص والأردن‬
‫وقطر وتون�س والأمانة العامة للجامعة‪ ،‬وطالبوا اللجنة ب�أن تقدم تقريرها �إىل جمل�س اجلامعة يف‬
‫غ�ضون �شهر‪ ،‬ودعا الوزراء كافة الأطراف الفل�سطينية �إىل التجاوب مع هذه اجلهود‪ ،‬كما �أدانوا‬
‫"الأحداث الإجرامية الأخرية يف غزة" دون �أن يح ِّملوا �أي طرف بعينه م�س�ؤوليتها‪.38‬‬
‫ويف �أعقاب �أول اجتماع للجنة تق�صي احلقائق على م�ستوى املندوبني الدائمني‪ ،‬برئا�سة الأمني‬
‫رصح الأمني العام �أن االجتماع ر ّكز على كيفية عمل اللجنة‪،‬‬
‫العام للجامعة العربية عمرو مو�سى‪ّ � ،‬‬
‫و�شدد على ثالثة حماور وهي‪� :‬رضورة احرتام ال�رشعية املمثلة بالرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‬
‫الت�رشيعية‪ ،‬والعودة بالأو�ضاع �إىل ما كانت عليه‪ ،‬ورف�ض ف�صل قطاع غزة عن ال�ضفة الغربية �أو‬
‫ال�سماح بوجود كيانني فل�سطينيني‪ .‬واعرتف عمرو مو�سى بوجود ما و�صفه "هواج�س لدى بع�ض‬
‫الأطراف الفل�سطينية جتاه جلنة تق�صي احلقائق"‪ ،‬لكنه "ال يوجد رف�ض فل�سطيني" لهذه اللجنة‪.39‬‬
‫وكان ه�شام يو�سف‪ ،‬مدير مكتب الأمني العام للجامعة العربية‪ ،‬قد �أو�ضح خلفيات تلك الهواج�س‬
‫و�أ�سبابها بقوله‪�" :‬إن اللجنة هدفها فقط التعرف على ر�ؤية كل طرف ملا حدث‪ ،‬وملاذا حدث‪ ،‬و�إن كل‬
‫طرف �سيقدم ر�ؤية �ستت ّم درا�ستها وتقدمي تقرير عنها يف اجتماع وزراء اخلارجية"‪.40‬‬
‫لكن املفاج�أة �أن ما ذكر عن وجود خالفات مل يعد مقت�رصا ً على مواقف �أطراف فل�سطينية من‬
‫جلنة تق�صي احلقائق‪ ،‬بل امتد �إىل �أع�ضاء اللجنة ذاتها‪ ،‬وخ�صو�صا ً حول �آليات عملها؛ مما زاد من‬
‫ال�صعوبات التي تواجهها خا�صة مع نق�ص املعلومات املتوفرة لديها ب�ش�أن �أحداث غزة‪ .‬فقد ذكرت‬
‫وكالة يونايتد بر�س )‪ United Press International (UPI‬عن �أحد �أع�ضاء اللجنة قوله‪� :‬إن اللجنة‬
‫تواجه خالفات بني �أع�ضائها؛ حيث ي�سود نوع من الت�سويف واملماطلة يف عملها‪ ،‬و�أن "ال �أحد يوفر‬
‫لنا املعلومات احلقيقية‪ ،‬وكل ما ن�سمعه هو اتهامات واتهامات م�ضادة"‪ .‬ونقلت عن ع�ضو �آخر‬
‫قوله �إن الأع�ضاء ال يبدون متحم�سني لإنهاء التحقيق و�إ�صدار نتيجة معينة‪ ،‬واتفق الع�ضوان على‬
‫�أن اللجنة قد ت�ضطر يف النهاية �إىل �إ�صدار موقف ال يدين بال�رضورة �أيا ً من الطرفني املتنازعني‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً و�أن اللجنة مل تقم بزيارة �إىل الأرا�ضي الفل�سطينية ال�ستطالع احلقائق على الأر�ض‪� ،‬إال‬
‫�أنها ت�سلمت تقارير من كل من ال�سلطة وحما�س تعرب عن وجهات نظرهما‪.41‬‬
‫مل يتوقف الأمر على ذلك بل ك�شفت م�صادر �إعالمية م�رصية وفل�سطينية النقاب عن �أن اخلالف‬
‫بني حركتي فتح وحما�س قد انعك�س بدوره على العمل العربي امل�شرتك‪ ،‬وكان وراء ف�شل اجتماع‬
‫وزراء اخلارجية العرب؛ حيث ظهر اخلالف بني فريقني من الوزراء‪ :‬فريق عربي مكبَّل بارتباطات‬

‫‪136‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�إقليمية ودولية‪ ،‬يرى يف ال�ضغط على حركة حما�س و�سيلة لرتوي�ضها و�إخ�ضاعها ملتطلبات‬
‫ال�سالم‪ ،‬كما هو مطروح‪� ،‬أي االعرتاف ب�رشوط الرباعية الدولية واالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ .‬وكانت‬
‫كفة هذا الفريق تبدو �أرجح من كفة الفريق املحايد‪ ،‬الذي ال يرى خمرجا ً للأزمة الفل�سطينية �إال عرب‬
‫ح ٍّل توافقي ال يق�صي �أحداً‪ .‬يف حني كان موقف الأمني العام عمرو مو�سى حمايدا ً بني حركتي فتح‬
‫وحما�س‪ ،‬ويتوا�صل مع الطرفني‪ ،‬وهذا موقف مل َي ُرق لرئي�س ال�سلطة حممود عبا�س ومن يوالونه‬
‫من وزراء اخلارجية العرب‪ ،‬الذين كانوا يريدون موقفا ً عربيا ً حا�سما ً يدين حما�س‪.42‬‬
‫وقد ت�ضمنت م�سودة التقرير النهائي الذي �أعدته جلنة تق�صي احلقائق تو�صيات‪ ،‬تركز على‬
‫�رضورة ر�أب ال�صدع الفل�سطيني‪ ،‬ومتكني الأطراف الفل�سطينية املتناحرة من ا�ستئناف احلوار‪،‬‬
‫و�إيجاد دور للجامعة العربية يف هذا املجال‪ .‬كما كرر التقرير الت�أكيد على حترمي االقتتال الفل�سطيني‪،‬‬
‫وطلب من حركتي فتح وحما�س الوقف امل�ستمر والكامل لالقتتال‪ .‬و�أ�شار التقرير �إىل الت�أثريات‬
‫ال�سلبية وحالة االحتقان التي جنمت عن احل�صار اجلائر‪ ،‬الذي يتعر�ض له ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫وتبنت اللجنة �سل�سلة من اخلطوات واالت�صاالت مع الأطراف الفل�سطينية والعربية املعنية؛ بهدف‬
‫حتقيق امل�صاحلة الوطنية وعودة الو�ضع يف قطاع غزة �إىل الإطار القانوين امللتزم بالأطر الد�ستورية‬
‫الفل�سطينية‪ .43‬وهي تو�صيات مل يتحقق �أي منها مع نهاية العام‪ ،‬خ�صو�صا ً مع تفاقم العجز العربي‬
‫عن احتواء ال�رصاع والقطيعة بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬كما جتلى يف نهاية العام عندما تفجرت‬
‫ق�ضية املعابر الفل�سطينية‪� ،‬إثر �إحكام �سلطات االحتالل ح�صارها على القطاع وقطع الكهرباء‬
‫و�إمدادات الوقود‪.‬‬
‫‪ .3‬املوقف من دعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني‪:‬‬
‫منذ �أن فر�ضت املجموعة الرباعية الدولية ح�صارها على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬منذ فوز حركة‬
‫حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬حتت زعم عدم اعرتاف حما�س بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬مل ي�ستطع النظام‬
‫العربي اتخاذ موقف قوي و�صارم يف مواجهة هذا احل�صار‪ ،‬ومل يعلن عدم التزامه به ومل يف�ضحه‬
‫عاملياً‪ ،‬لكنه ظ ّل حري�صا ً على ا�سرت�ضاء الأمريكيني والأوروبيني وعدم ا�ستفزازهم‪ .‬لذلك مل يتجاوز‬
‫املوقف العربي حدود الدعم املايل لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ويف �أ�ضيق احلدود‪ ،‬واال�ستمرار يف منا�شدة‬
‫اللجنة الرباعية الدولية من �أجل ف ّك احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني‪� .‬أما االعتداءات الإ�رسائيلية‬
‫املتكررة واالجتياحات التي تقوم بها �سلطات االحتالل بني حني و�آخر‪ ،‬واال�ستمرار يف عمليات‬
‫اعتقال الن�شطاء‪ ،‬وتو�سيع دائرة االعتقال لت�شمل وزراء ونواب �أع�ضاء يف املجل�س الت�رشيعي؛ ف�إن‬
‫املوقف العربي ظ ّل حبي�سا ً �ضمن �إطار التنديد والتوجه امل�ستمر �إىل الأمم املتحدة من �أجل التدخل‪ .‬يف‬
‫حني يعرف اجلميع �أن الواليات املتحدة لن ت�سمح ب�صدور �أي قرار من جمل�س الأمن يدين اجلرائم‬
‫الإ�رسائيلية بحقّ ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�إن املتابع للو�ضع الفل�سطيني ب�إمكانه التمييز بني مرحلتني من احل�صار الإ�رسائيلي لل�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬وخا�صة بالن�سبة لقطاع غزة‪ ،‬على �صعيد الق�صف واالغتيال واالجتياح‪ ،‬وعلى �صعيد‬
‫�إغالق املعابر وفر�ض احل�صار املحكم على القطاع؛ املرحلة الأوىل‪ :‬هي معظم �شهور عام ‪.2007‬‬
‫واملرحلة الثانية‪ :‬هي التي حدثت يف الأ�سابيع الأخرية من كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،2007‬وكانون‬
‫الثاين‪ /‬يناير ‪ .2008‬لكن املوقف العربي مل يتغري كثريا ً �إزاء املرحلتني‪ ،‬فهو موقف �ضعيف ومهادن‪،‬‬
‫تك�شف يف �أثناء �أزمة قطاع غزة يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪.2008‬‬
‫�إن مل يكن متواطئا ً على نحو ما ّ‬
‫�أ‪ .‬املرحلة الأوىل‪:‬‬
‫اقت�رص املوقف العربي يف هذه املرحلة على موا�صلة دعوة اللجنة الرباعية الدولية واملجتمع‬
‫الدويل لف ّك احل�صار املفرو�ض على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وعلى تقدمي معونات نقدية �إىل ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬وهي املعونة التي ا�ستُب ِعد قطاع غزة منها نهائياً‪ ،‬بعد خروج رئا�سة ال�سلطة من القطاع‬
‫عقب الأحداث الدامية بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬على الرغم من �أن القطاع هو الأ�شد حاجة �إىل مثل‬
‫تلك املعونات‪ ،‬وهو الأكرث ت�رضرا ً وت�أثرا ً من �سيا�سة احل�صار‪.‬‬
‫ففي معر�ض دفاعه عن موقف اجلامعة العربية من احل�صار املفرو�ض على ال�شعب الفل�سطيني‬
‫�أو�ضح حممد �صبيح الأمني العام امل�ساعد ل�ش�ؤون فل�سطني �أن �أية �أموال ت�أتي �إىل اجلامعة معروفة‬
‫امل�صدر‪ ،‬وفق قرارات القمم العربية‪ ،‬يت ّم حتويلها بدون عائق‪� ،‬أما املوارد العينية فيت ّم توزيعها‬
‫داخل الأرا�ضي املحتلة على الهيئات وامل�ؤ�س�سات بالتن�سيق مع الهيئات الدولية‪ .‬و�أكد �أن الأموال‬
‫متت م�صادرتها من �إ�سماعيل هنية رئي�س احلكومة خالل عبوره معرب رفح ّ‬
‫مت حتويلها �إىل‬ ‫التي ّ‬
‫ح�ساب �أمانة ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬بناء على مذكرة ر�سمية تلقتها اجلامعة من امل�س�ؤولني يف ال�سلطة‪،‬‬
‫مت �إيداعها يف ح�ساب قامت اجلامعة بفتحه يف �أحد البنوك امل�رصية‪.44‬‬‫و ّ‬
‫ويف ختام االجتماع الوزاري لهيئة متابعة تنفيذ القرارات ال�صادرة عن القمة العربية الـ ‪ ،18‬التي‬
‫عقدت يف اخلرطوم‪ ،‬دعت الهيئة �إىل �رضورة توفري الدعم العربي الكامل حلكومة الوحدة الوطنية‬
‫على ال�ساحة الدولية؛ مل�ساعدتها على ك�رس احل�صار املايل واالقت�صادي على ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫وك�شفت الهيئة عن تلقي اجلامعة ‪ 380‬مليون دوالر من �أ�صل ‪ 660‬مليون دوالر‪ ،‬قيمة م�ساعدات‬
‫عربية قررتها قمة اخلرطوم‪ .45‬وبعد قمة الريا�ض اهتمت اجلامعة العربية بحثّ الدول العربية‬
‫على ت�سديد التزاماتها املالية‪ ،‬وك�شف حممد �صبيح الأمني امل�ساعد للجامعة ل�ش�ؤون فل�سطني �أن‬
‫التحركات العربية الرامية �إىل تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬بعد القمة العربية يف الريا�ض‪� ،‬ستويل‬
‫اهتماما ً مب�س�ألة رفع احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني‪.46‬‬
‫خارج هذا الإطار لي�س هناك موقف عربي �آخر داعم ل�صمود ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬با�ستثناء‬
‫بع�ض الإجراءات مثل التربع مبليون جنيه م�رصي للعالقني على احلدود امل�رصية – الفل�سطينية‬
‫عند معرب رفح‪ ،47‬والقيام بات�صاالت مع احلكومة العراقية لوقف العنف الذي متار�سه �ض ّد الالجئني‬

‫‪138‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫الفل�سطينيني يف العراق‪ ،48‬واملطالبة ب�إطالق النواب املعتقلني يف ال�سجون الإ�رسائيلية‪ .49‬وكانت هناك‬
‫نية لعقد م�ؤمتر عربي يخ�ص�ص لدعم م�ؤ�س�سات ال�سلطة الفل�سطينية بعد �أحداث غزة الدامية وفق ما‬
‫عرب عنه ال�سفري �أحمد قطان‪ ،‬مندوب ال�سعودية يف اجلامعة العربية‪ ،‬عقب اجتماع هيئة متابعة تنفيذ‬
‫قرارات والتزامات القمة العربية التي عقدت يف الريا�ض‪ ،‬وعلى الرغم من �أن ال�سفري �أحمد بن حلّي‪،‬‬
‫الأمني العام امل�ساعد للجامعة لل�ش�ؤون ال�سيا�سية‪ ،‬كان قد �أو�ضح �أن اخلطوات الأوىل للإعداد لهذا‬
‫امل�ؤمتر بد�أت تتبلور؛ حيث تقوم الأمانة العامة بالتن�سيق مع رجال الأعمال الذين �سوف ي�شاركون‬
‫به‪� ،50‬إال �أن هذا امل�ؤمتر مل يعقد‪.‬‬
‫ب‪.‬املرحلة الثانية‪:‬‬
‫على الرغم من افت�ضاح كل خلفيات القرار الإ�رسائيلي ب�إحكام احل�صار على قطاع غزة‬
‫يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2008‬وقطع الكهرباء والوقود ب�شكل كامل عن القطاع‪� ،‬سواء ما يتعلق‬
‫بال�ضغط على �سكان القطاع للتخلي نهائيا ً عن دعم حركة حما�س‪� ،51‬أم رغبة بع�ض القيادات من‬
‫�أمثال �إيهود باراك وزير احلرب ونائبه متان فيلنائي ‪ 52MatanVilnai‬يف توريط م�رص يف م�س�ؤوليات‬
‫القطاع‪ ،‬وتخلي�ص "�إ�رسائيل" نهائيا ً من �أعبائه مبا يعني تخليها عن واجباتها القانونية عن القطاع‬
‫و�أهله‪ ،‬باعتبارها �سلطة احتالل؛ ف�إن املوقف العربي الر�سمي اجلماعي ظ ّل �ضعيفا ً ومرتددا ً بل‬
‫وعاجزا ً يف وقت ي�صعب فيه الرتدد وال�ضعف والعجز‪ ،‬حتى �أنه بدا وك�أنه موقف متجان�س مع‬
‫الرغبة القدمية وامل�ستمرة للتن�صل من امل�س�ؤولية العربية جتاه ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫ولعل يف منا�شدة عمرو مو�سى للعرب �أن يحتجوا ويرفعوا �أ�صواتهم �ض ّد ما يحدث يف غزة هو‬
‫جت�سيد لكل هذا العجز‪ .‬فلدى مغادرته القاهرة متوجهاً‪ ،‬على ر�أ�س وفد‪� ،‬إىل العا�صمة اللبنانية‬
‫بريوت ملحاولة ح ّل الأزمة اللبنانية نا�شد عمرو مو�سى العرب بـ"رفع �أ�صواتهم‪ ،‬على الأقل‪،‬‬
‫ليطالبوا بوقف احل�صار املفرو�ض على قطاع غزة‪ ،‬و�إمدادها بكل ما ي�ستطيعون من �أموال‬
‫ودواء وطعام‪ ،‬وخا�صة �أنها يف ح�صار كامل وعدوان يومي‪ ،‬وهذا �أمر يجب �أال يرتك دون موقف‬
‫عربي"‪.53‬‬
‫مل يو�ضح مو�سى كيف �ست�صل الأموال والدواء والطعام �إىل قطاع غزة واملعابر مغلقة‪،‬‬
‫ولذلك جاء البيان ال�صادر عن جمل�س وزراء اخلارجية �ضمن هذا الإطار العاجز‪ ،‬فبعد الإ�شادة‬
‫باجلهود امل�رصية لتخفيف املعاناة عن قطاع غزة‪� ،‬أكد املجل�س دعمه لهذه اجلهود‪ ،‬وطالب املجل�س‬
‫الدول العربية بتقدمي املزيد من الدعم وامل�ساعدة لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وطالب "�إ�رسائيل" بتحمل‬
‫امل�س�ؤولية الكاملة عن تدهور الأو�ضاع يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬كما طالبها ب�إنهاء احل�صار‪ .‬كما طالب‬
‫وزراء اخلارجية جمل�س الأمن اال�ضطالع مب�س�ؤولياته‪ ،‬ودعوا الأطراف املعنية �إىل ا�ستئناف العمل‬
‫بالرتتيبات املتفق عليها دوليا ً ل�ضمان �إعادة ت�شغيل معابر قطاع غزة مبا فيها معرب رفح‪.54‬‬
‫هذا كل ما ا�ستطاعت جامعة الدول العربية القيام به من منا�شدات‪ ،‬دون �أن تقوم اجلامعة بتحمل‬

‫‪139‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫م�س�ؤولياتها يف الدعوة �أوالً �إىل فر�ض اتفاقية جديدة ومن�صفة ت�ضمن �أن تكون املعابر مفتوحة وغري‬
‫خا�ضعة للإرادة الإ�رسائيلية‪ .‬كما �أن اجلامعة مل تفكر يف احل ّل اال�سرتاتيجي البديل لبقاء القطاع‬
‫مرهونا ً للإرادة الإ�رسائيلية؛ �إذ كيف ميكن �إبقاء القطاع معتمدا ً اعتمادا ً كليا ً على "�إ�رسائيل"‪ ،‬ويف‬
‫الوقت ذاته يراد للفل�سطينيني اال�ستقالل‪ .‬ومل يفكر وزراء اخلارجية يف توفري البديل العربي للقطاع‬
‫من الكهرباء والوقود‪ .‬رمبا لأن هذه التبعية �رضورة لرتكيع القطاع للقبول بال�سيا�سات العربية‪،‬‬
‫التي اختارت ال�سالم خيارا ً ا�سرتاتيجياً‪ ،‬وهذا هو جوهر املوقف العربي‪.‬‬
‫‪ .4‬العالقة مع "�إ�سـرائيل" و�أفق التطبيع‪:‬‬
‫التزم النظام الر�سمي العربي مبوقفه الراف�ض حلدوث �أي تطور يف تطبيع العالقات مع الكيان‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬وبال�رشوط الواردة يف مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وقد ت�أكد هذا يف منا�سبتني؛ الأوىل‪� :‬ضمن‬
‫�إطار خطة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية بعد م�ؤمتر القمة العربية يف الريا�ض‪ .‬والثانية‪ :‬مبنا�سبة‬
‫املوافقة على الذهاب للم�شاركة اجلماعية يف اجتماع �أنابولي�س‪.‬‬
‫فقبل انعقاد القمة العربية ترددت مطالب عربية ودولية حلكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية‬
‫تدعوها لالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ولكن الأمني العام للجامعة العربية عمرو مو�سى رف�ض هذه‬
‫املطالب‪ ،‬وقال يف ت�رصيحات �صحفية بعد لقائه مع وزيرة اخلارجية الكرواتية كوليندا جرابار‬
‫كيتاروفيت�ش ‪� Kolinda Grabar- Kitarović‬إن "االعرتاف ال يجب �أن يكون من طرف واحد فقط‪،‬‬
‫بل يجب �أن يكون من الطرفني حما�س و�إ�رسائيل"‪.55‬‬
‫وبعد قمة الريا�ض رف�ض عمرو مو�سى �أي تطبيع مع "�إ�رسائيل" قبل حتقق ال�سالم‪ ،‬و�أكد �أن‬
‫"ذلك ال ميكن �أن يت ّم مهما كانت الأمور؛ لأن ذلك معناه �أنهم يريدون التطبيع جمانا ً"‪ .56‬ورف�ض‬
‫ه�شام يو�سف املتحدث با�سم الأمني العام ت�رصيحات �إيهود �أوملرت‪ ،‬رئي�س احلكومة الإ�رسائيلية‪،‬‬
‫حول رغبة حكومته �إجراء ات�صاالت مع اجلامعة العربية حول مبادرة ال�سالم‪ ،‬وقال �إن املطلوب‬
‫هو قيام "�إ�رسائيل" بتحديد موقفها �إزاء ال�رصاع العربي – الإ�رسائيلي‪ ،‬م�ؤكدا ً �أن "�إ�رسائيل متاطل‬
‫وتراوغ بهدف تعطيل �أي تقدم على م�سار ال�سالم‪ ،‬وهي تريد �أن حت�صل على تنازالت بدون مقابل‪،‬‬
‫لكن املوقف العربي وموقف جامعة الدول العربية وا�ضح متاما ً ب�أنه ال تنازالت جمانية‪ ،‬و�أن الدول‬
‫العربية �أو�ضحت موقفها من خالل املبادرة"‪.57‬‬
‫وبعد ما تردد عن �أن زيارة كل من �أحمد �أبو الغيط وزير اخلارجية امل�رصي‪ ،‬وعبد الإله اخلطيب‬
‫وزير اخلارجية الأردين لـ"�إ�رسائيل" كانت باعتبارهما ممثلني للجامعة العربية من �أجل دفع املبادرة‬
‫العربية قدما ً‪� ،58‬أعلن �أحمد �أبو الغيط �أنه "ال ميثل �إال م�رص فقط‪ ،‬وال ميثل اجلامعة العربية"‪ ،‬وقال �إن‬
‫ذهاب وزيري خارجية م�رص والأردن لـ"�إ�رسائيل" هو بتكليف من اللجنة الوزارية املعنية مبتابعة‬
‫مبادرة ال�سالم املنبثقة عن قمة الريا�ض‪ ،‬ولكنه بالت�أكيد "ال ميثل اجلامعة العربية"‪.59‬‬
‫املوقف العربي الراف�ض لـ"التطبيع املجاين" تكرر ثانية مبنا�سبة امل�شاركة العربية يف اجتماع‬
‫‪140‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�أنابولي�س‪ .‬ففي مقابلة �صحفية قبل انعقاد ذلك االجتماع �أو�ضح الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س‬
‫�أنه "ال تنازالت يف امل�ؤمتر"‪ ،‬و�أن وجود دول عربية و�إ�سالمية ال تقيم عالقات مع "�إ�رسائيل" مثل‬
‫ال�سعودية ال يعني التطبيع‪ ،‬لأن هذه الدول حت�رض اجتماعات الأمم املتحدة بح�ضور "�إ�رسائيل"‬
‫دون �أن يعني ذلك تطبيعاً‪.‬‬
‫كما �أكد هذا املوقف �سعود الفي�صل عندما قال "ال تطبيع قبل التو�صل �إىل اتفاق �سالم مع‬
‫الفل�سطينيني"‪ .60‬وهو موقف �سبق �أن �أكده عمرو مو�سى‪ ،‬الأمني العام للجامعة العربية‪ ،‬عقب‬
‫اجتماع جلنة متابعة مبادرة ال�سالم العربية قبل يومني من اجتماع �أنابولي�س عندما قال �إن قرار‬
‫ح�ضور م�ؤمتر �أنابولي�س ال يعني التطبيع مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬لكنه قرار بالتحرك نحو ال�سالم‪ ،‬وت�أكيد‬
‫�رضورة �إعادة طرح ق�ضية املفاو�ضات بعد جمود طويل‪.61‬‬
‫جمـ ـ ـم ــل هـ ــذه املواق ــف ال ــعربية �سـ ــواء ما يــتعـلق بعـمل ـ ــية التـ�سـوية‪� ،‬أم ال�صــراعات‬
‫الفل�سط ــينية – الفل ــ�سطينية‪� ،‬أم دعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬واملوقف من التطبيع تك�شف‬
‫حقيقة مل ي�ستطع عمرو مو�سى �إنكارها‪ ،‬وهي العجز عن ح ّل الأزمات العربية‪ ،‬ولي�س فقط‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬م�شريا ً �إىل �أن هذه الأزمات ال تزال تراوح مكانها دون �إحراز تقدم‪.‬‬
‫هذه الق�ضايا ت�شمل‪ ،‬على نحو ما �أ�شار عمرو مو�سى‪ ،‬فل�سطني والعراق ولبنان وال�سودان‬
‫وال�صومال‪ ،‬مما يعني �أن النظام العربي ومنظمته الإقليمية يف م�أزق حقيقي �أهم معامله هو‬
‫العجز عن القيام بالوظائف الأ�سا�سية‪ .‬وعندما يحدث ذلك؛ ف�إن هذا يعني �أن النظام العربي‬
‫يف م�أزق يتطلب املراجعة‪ ،‬و�إال ف�إن خماطر امل�شاريع ا لأمريكية ‪ -‬ا لإ�رسائيلية اخلا�صة‬
‫ب�إعادة ترتيب النظام الإقليمي‪ ،‬و�إعادة ر�سم اخلرائط‪ ،‬وفر�ض حالة ا�ستقطاب �إقليمية وحماور‬
‫�شجع الرئي�س الأمريكي �أن يخاطب العامل العربي‬ ‫مت�صارعة‪� ،‬سوف تتحول �إىل حقائق �أو �إىل‪ ،‬واقع ُي ّ‬
‫يف زيارته للمنطقة يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2008‬بالتوجه نحو عقد �رشاكة مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬ولي�س‬
‫جمرد االعرتاف بها‪ ،‬وعقد اتفاقيات �سالم معها‪ ،‬ومواجهة ما �أ�سماه "العدو الإيراين" املتهم الأول‬
‫من وجهة نظر الرئي�س الأمريكي بدعم "الإرهاب" الذي يعني �أي�ضا ً كل ف�صائل املقاومة العربية‬
‫ومنظماتها‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن العالقات االقت�صادية بني "�إ�رسائيل" وبع�ض البلدان العربية قد �شهدت‬
‫حت�سنا ً ملحوظا ً خالل �سنة ‪ .2007‬فقد زادت ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل الأردن بن�سبة ‪%85‬عن‬
‫ال�سنة ال�سابقة‪ ،‬فارتفعت من ‪136.6‬مليون دوالر �إىل ‪ 252.7‬مليون دوالر؛ كما زادت الواردات‬
‫الإ�رسائيلية من الأردن بن�سبة ‪ ،% 41.9‬فارتفعت من ‪ 38.2‬مليون دوالر �إىل ‪ 54.2‬مليون دوالر‪ .‬كما‬
‫بن�سب ومبالغ‬
‫ٍ‬ ‫ارتفعت ن�سبة ال�صادرات والواردات بني "�إ�رسائيل" وكل من م�رص واملغرب‪ ،‬و�إن‬
‫�أقل؛ كما يو�ضح اجلدول التايل‪:‬‬

‫‪141‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية مع بع�ض الدول العربية ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‪62‬‬ ‫جدول ‪:3/1‬‬
‫الواردات الإ�سـرائيلية من‪:‬‬ ‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل‪:‬‬
‫البلدان‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪51.4‬‬ ‫‪60.9‬‬ ‫‪38.2‬‬ ‫‪54.2‬‬ ‫‪132.9‬‬ ‫‪116.2‬‬ ‫‪136.6‬‬ ‫‪252.7‬‬ ‫الأردن‬
‫‪29‬‬ ‫‪49.1‬‬ ‫‪77.2‬‬ ‫‪94.6‬‬ ‫‪29.4‬‬ ‫‪93.8‬‬ ‫‪126.7‬‬ ‫‪139.5‬‬ ‫م�رص‬
‫‪1.4‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11.8‬‬ ‫‪11.5‬‬ ‫‪16.4‬‬ ‫املغرب‬

‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل بع�ض الدول العربية ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‬

‫الواردات الإ�سـرائيلية من بع�ض الدول العربية ‪( 2007-2004‬باملليون دوالر)‬

‫‪142‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫رعت ال�سعودية املحادثات بني‬


‫فتح وحما�س‪ ،‬والتي �أدت �إىل‬
‫عقد اتفاق مكة يف ‪.2007/2/8‬‬
‫(مكتب الإعالم الفل�سطيني)‬

‫�سعت م�رص �إىل دعم الوحدة‬


‫الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬وعالج‬
‫امل�شاكل بني فتح وحما�س‪.‬‬
‫ال�صورة للرئي�س مبارك مع‬
‫الرئي�س عبا�س‪ ،‬يف القاهرة يف‬
‫‪( .2007/2/26‬رويرتز)‬

‫على الرغم من احل�صار‪ ،‬ومن‬


‫التخوف الر�سمي العربي من‬
‫الإ�سالميني؛ �إال �أن حما�س‬
‫حافظت على عالقات جيدة‬
‫مع عدد من البلدان العربية‬
‫خ�صو�صا ً �سورية وقطر‬
‫واليمن وال�سودان‪ .‬ال�صورة‬
‫خلالد م�شعل مع الرئي�س اليمني‬
‫علي عبد اهلل �صالح‪ ،‬بعد �إجراء‬
‫مباحثات بينهما يف �صنعاء يف‬
‫‪( .2007/3/29‬رويرتز)‬

‫‪143‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الرئي�س عبا����س ورئي�س الوزراء‬


‫هني���ة ووزي���ر اخلارجي���ة زي���اد‬
‫عم���رو‪ ،‬ويظه���ر �إىل جانبه���م‬
‫الأم�ي�ن الع���ام ل�ل��أمم املتح���دة‪ ،‬يف‬
‫�أثن���اء م�شاركتهم يف م�ؤمتر القمة‬
‫العربية التي ُعق���دت يف الريا�ض‪،‬‬
‫يف ‪( .2007/3/29‬رويرتز)‬

‫الدخ���ان يت�صاعد م���ن خميم نهر‬


‫الب���ارد نتيج���ة ق�ص���ف اجلي����ش‬
‫اللبن���اين ل���ه‪ ،‬يف �أثن���اء مع���ارك‬
‫ال�سيطرة عل���ى املخيم مع جماعة‬
‫"فت���ح الإ�س�ل�ام"‪ ،‬والت���ي �أدت‬
‫�إىل دم���ار املخي���م وتهج�ي�ر معظم‬
‫�سكان���ه‪ .‬ال�ص���ورة التقط���ت يف‬
‫‪( .2007/8/23‬رويرتز)‬

‫وزير اخلارجية الأردين ي�صافح رئي�س‬


‫الوزراء الإ�رسائيلي‪ ،‬و�إىل جانبهما وزير‬
‫اخلارجية امل�رصي‪ ،‬حيث قام الوزيران‬
‫امل�رصي والأردين بزيارة لـ"�إ�رسئيل"‬
‫يف ‪2007/7/25‬؛ ملتابعة عر�ض املبادرة‬
‫العربية لل�سالم‪( .‬رويرتز)‬

‫‪144‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ن�ستطيع �أن نتلم�س بع�ض التمايز‬


‫واالختالف يف مواقف الدول‬ ‫ثاني ًا‪� :‬أداء الدول العربية ومواقفها‬
‫العربية‪ ،‬مقارنة ب�أداء النظام العربي‬ ‫مـن القـ�ضـية الفلـ�سطينــيـة‬
‫الر�سمي ومواقفه‪ ،‬لكن هذا التمايز‬
‫واالختالف يت�ضح �أكرث عند مقارنة مواقف الدول العربية فيما بينها؛ حيث يرتبط هذا التمايز‬
‫واالختالف بدرجة االقرتاب �أو االبتعاد عن الق�ضية الفل�سطينية باعتبارها الق�ضية املركزية للأمة‬
‫العربية‪ ،‬بل ومب�ستوى التزام كل دولة‪� ،‬أو بالأحرى م�ستوى ا�ستمرار التزام كل دولة‪ ،‬مبفهومي‬
‫الأمة العربية والقومية العربية‪ ،‬ومدى �سعيها ملواجهة امل�رشوعني الأمريكي وال�صهيوين‪ ،‬الذي‬
‫تقوم نقطة ارتكازهما على �إعادة تق�سيم الوطن العربي �إىل دويالت ذات هويات فرعية طائفية‬
‫وعرقية‪ .‬كما يرتبط �أي�ضا ً هذا التمايز واالختالف يف مواقف الدول العربية من الق�ضية الفل�سطينية‬
‫بدرجة العالقة مع الواليات املتحدة والكيان ال�صهيوين‪ ،‬ومنظومة التحالفات الإقليمية والدولية‬
‫لكل دولة‪ ،‬واملوقف الذي نعنيه هنا هو �أوالً درجة كثافة تفاعالت كل دولة مع الق�ضية الفل�سطينية‬
‫وتطوراتها‪ ،‬ودرجة االلتزام باحلقوق الوطنية الفل�سطينية والدفاع عنها من خالل درا�سة العنا�رص‬
‫الأربعة للتحليل التي �سبق االعتماد عليها يف حتليل �أداء النظام الر�سمي العربي ومواقفه‪ .‬وميكن‬
‫تق�سيم الدول العربية �إىل �أربعة �أقاليم فرعية هي‪ :‬امل�رشق العربي (دول املواجهة با�ستثناء العراق‬
‫الذي له ظروفه اخلا�صة) واخلليج‪ ،‬وال�سودان والقرن الإفريقي‪ ،‬و�أخريا ً دول املغرب العربي‪.‬‬
‫‪ .1‬دول املواجهة (امل�شـرق العربي)‪:‬‬
‫يعني م�صطلح دول املواجهة �أن هذه الدول هي الأكرث التزاما ً والأكرث كثافة يف تفاعلها مع‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬لكن هذا االعتقاد يرتبط �رشطيا ً بوجود مواجهة �أو با�ستمرار التزام هذه‬
‫الدول لكونها دول مواجهة مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬ولكن مع توقيع كل من م�رص والأردن اتفاقيات‬
‫�سالم مع هذا الكيان ف�إنها باتت �أكرث التزاما ً باحل ّل ال�سلمي لل�رصاع مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬و�أكرث حر�صا ً‬
‫على احليلولة دون تفجر احلروب واملواجهات؛ لأنها ت�ضعها يف مواقف �صعبة وحرجة مع الر�أي‬
‫العام داخلها والر�أي العام العربي‪ ،‬لذلك ف�إن هذه الدول‪ ،‬و�إن كانت بحكم اجلغرافيا‪ ،‬هي الأكرث‬
‫كثافة يف تفاعالتها مع الق�ضية الفل�سطينية‪� ،‬إال �أنها مل تعد الأكرث التزاما ً بالق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬و�إن‬
‫كانت ت�ؤكد دوما ً �أن حر�صها على احل ّل ال�سلمي هو من باب االلتزام بهذه احلقوق‪ .‬هذا ينطبق على‬
‫م�رص والأردن وال ينطبق بالدرجة ذاتها على �سورية ولبنان‪.‬‬
‫�أ‪ .‬م�صـر‪:‬‬
‫‪ .1‬املوقف امل�صـري من عملية الت�سوية‪:‬‬
‫تـُع ـ ّد مـ�صـر �أكـرث دولـة لـهـا مـ�صـلحـة وطـنـيــة م ـبـا�شـرة ف ــي �إنـجـ ــاح ع ـمــليــة تـ�سـوية‬
‫ال�رصاع العربي – ا لإ�رسائيلي؛ فنجاح الت�سوية ي�ؤكد �صدق وجدية امل�سار امل�رصي الذي انتهج‬

‫‪145‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫مبكرا ً احل ّل ال�سلمي‪ .‬ولقد �شهدت �سنة ‪ 2007‬تفاعالت م�رصية مكثفة من �أجل حتريك املفاو�ضات‬
‫و�إجناح املبادرات ودعم امل�ؤمترات واللقاءات ذات ال�صلة بعملية ال�سالم بني الفل�سطينيني والإ�رسائيليني‪.‬‬
‫وميكن تلم�س ذلك من خالل متابعة هذا الدور عرب ثالث مراحل مميزة؛ الأوىل ا�ستمرت طيلة �شهري‬
‫كانون الثاين‪ /‬يناير‪ ،‬و�شباط‪ /‬فرباير ‪ 2007‬من خالل طرح مبادرة م�رصية بديلة خلريطة الطريق التي‬
‫بدت متعرثة‪ .‬والثانية �صاحبت الإعداد للقمة العربية التي عقدت يف �شهر �آذار‪ /‬مار�س ‪ 2007‬ثم امل�شاركة‬
‫فيها ومتابعة تو�صياتها‪� .‬أما املرحلة الثالثة فهي ابتدا ًء من �أواخر متوز‪ /‬يوليو ‪ 2007‬حتى نهاية العام‪،‬‬
‫وهي املرحلة التي تزامنت مع قبول وت�أييد دعوة الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش لعقد م�ؤمتر لل�سالم يف‬
‫اخلريف‪ ،‬حمل ا�سم "م�ؤمتر اخلريف"‪ ،‬ثم ا�ستقر على ا�سم "اجتماع �أنابولي�س"‪ ،‬الذي عقد يف نهاية �شهر‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب‪ ،2007‬ومتابعة جهود �إحياء املفاو�ضات الفل�سطينية – الإ�رسائيلية وفقا ًملا ُ�س ِّمي‬
‫بـ"تفاهمات �أنابولي�س"‪.‬‬
‫(�أ) امل�سعى امل�صـري لإجناح مبادرة بديلة خلريطة الطريق‪:‬‬
‫بــد �أت ف ـ ـكــرة هــذه املبـادرة باقتــراح م�صـري ل ـعـقد قـمـة ر بــاعيـة مـ�صـرية –‬
‫�أردنـية – فل�سطينية ‪� -‬إ�رسائيلية؛ لبحث �إعادة �إطالق عملية الت�سوية وا�ستئناف املفاو�ضات‬
‫الفل�سطينية – الإ�رسائيلية حول الت�سوية النهائية‪ .63‬وقد �أف�صح الرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك يف‬
‫حوار مع جملة روزاليو�سف امل�رصية عن �أن م�رص لديها ت�صور وا�ضح حول �إر�ساء اتفاق �سالم‬
‫�شامل قائم على ال�رشعية الدولية‪ ،‬معتربا ً �أن التو�صل �إىل �صفقة تبادل الأ�رسى بني "�إ�رسائيل"‬
‫والفل�سطينيني‪� ،‬سيتيح البدء يف �إجراءات لبناء الثقة‪ ،‬متهيدا ً ال�ستئناف املفاو�ضات بني اجلانبني‪ .64‬ثم‬
‫عاد الرئي�س امل�رصي وك�شف عن مبادرة قدمتها القاهرة بالت�شاور مع بع�ض الدول العربية‪ ،‬م�شريا ً‬
‫�إىل �أن وفدا ً م�رصيا ً �سيقوم بزيارة للواليات املتحدة يف �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪ 2007‬لبلورة املوقف‬
‫من هذه املبادرة‪ ،‬التي ت�ستند يف جانب كبري منها �إىل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وتت�ضمن جمموعة‬
‫�أفكار منها �إعادة الت�أكيد على �إمكان التعاي�ش امل�شرتك بني الفل�سطينيني والإ�رسائيليني �رشيطة‬
‫وقف ممار�سات االحتالل �ض ّد �سكان ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وال�رشوع يف �إعادة ترتيب البيت‬
‫الفل�سطيني‪ .‬كما تت�ضمن‪ ،‬وفقا ً ملا ذكرته م�صادر موثوقة‪ ،‬ا�ستبعاد حركة حما�س‪ ،‬والت�أكيد على �أن‬
‫الرئا�سة هي املمثل ال�رشعي لل�سلطة الفل�سطينية‪.65‬‬
‫وقد طرح الرئي�س امل�رصي هذه املبادرة على كوندوليزا راي�س خالل زيارتها مل�رص ولقائه معها‬
‫يف مدينة الأق�رص‪ ،‬كما ّ‬
‫مت الت�شاور ب�ش�أنها مع عدد من الدول العربية‪ ،‬ومن بينها اململكة العربية‬
‫ال�سعودية‪ .‬ونفى م�صدر م�رصي م�س�ؤول �أن تكون هذه املبادرة تتعار�ض مع مبادرة ال�سالم‬
‫العربية‪ ،‬وذكر �أن م�رص ح�صلت على ت�أييد ال�سعودية ودعمها‪.66‬‬
‫وقد حمل �أحمد �أبو الغيط هذه املبادرة �إىل وا�شنطن والتقى مع كوندوليزا راي�س وكبار امل�س�ؤولني‪،‬‬
‫‪146‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫و�أو�ضح �أن املبادرة �أو الر�ؤية امل�رصية تق�ضي باالتفاق على مرحلتني �أ�سا�سيتني تنتهيان باحل ّل‬
‫النهائي املتمثل يف �إقامة الدولة الفل�سطينية داخل حدود ‪ 1967‬وعا�صمتها القد�س ال�رشقية‪ .‬و�أكد �أن‬
‫م�رص ت�ستبعد متاما ً فكرة الدولة امل�ؤقتة‪ ،‬و�أو�ضح �أن املرحلة الأوىل تعمل على حتقيق اال�ستقرار يف‬
‫العالقة بني الطرفني الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪ ،‬وت�شمل اتخاذ �إجراءات متبادلة �أهمها تبادل الأ�رسى‬
‫والعودة �إىل "تفاهمات �رشم ال�شيخ"‪ ،‬وااللتزام بالتهدئة الأمنية لبناء الثقة‪� .‬أما املرحلة الثانية فتتمثل‬
‫يف ا�ستئناف املفاو�ضات النهائية التي ميكن �أن تت ّم ب�أي �صورة‪ ،‬مبا يف ذلك �أن تكون غري معلنة‪.67‬‬
‫�أهم ما يف هذه املبادرة �أنها كانت تركز على �رضورة حتديد الهدف النهائي للمفاو�ضات املحتملة؛‬
‫فاملفاو�ضات ال�سابقة‪ ،‬وكما �أ�شار وزير اخلارجية امل�رصي �أحمد �أبو الغيط‪ ،‬ف�شلت ب�سبب عدم‬
‫معرفة الهدف الذي ت�سعى �إليه م�سبقا ً‪ ،68‬ولكن هذه املبادرة مل يكتب لها النجاح رمبا لظهور متغري‬
‫جديد‪ ،‬وهو دعوة �إعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وطموح الأمريكيني والإ�رسائيليني �إىل �إجراء‬
‫تعديالت منا�سبة فيها‪ ،‬وال�سعي لإقرار هذه التعديالت من م�ؤمتر القمة العربية يف الريا�ض‪.‬‬
‫(ب) م�صـر والقمة العربية و�إعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪:‬‬
‫جتاوبت م�رص مع دعوة �إعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وا�ست�ضافت يف مدينة �أ�سوان‬
‫(جنوب م�رص) لقاء راي�س بوزراء خارجية ما ُعرف بـ"اللجنة الرباعية العربية" و�أي�ضا ً لقاءها مع‬
‫ر�ؤ�ساء �أجهزة اال�ستخبارات بالدول الأربع‪ :‬م�رص وال�سعودية والأردن والإمارات‪ ،‬وكانت طرفا ً‬
‫مبا�رشا ً فيما ُعرِف بـ"�صفقة راي�س"‪ ،‬التي �أجه�ضها الرف�ض الإ�رسائيلي ملبادرة ال�سالم العربية‪.‬‬
‫كما �أيدت م�رص تبني القمة العربية يف الريا�ض لدعوة �إعادة تفعيل املبادرة‪ ،‬وحر�صت على نفي‬
‫�أي نية لتعديلها مبا يتما�شى مع املطالب الأمريكية والإ�رسائيلية‪ ،‬كما �شاركت يف اللجنة املعنية‬
‫مبتابعة تفعيل املبادرة التي �أخذت ا�سم "جلنة مبادرة ال�سالم العربية"‪ ،‬و�شارك �أحمد �أبو الغيط مع‬
‫نظريه الأردين يف حمل املبادرة ومناق�شتها مع امل�س�ؤولني يف الكيان ال�صهيوين‪ .‬وقبل �سفرهما �إىل‬
‫"�إ�رسائيل" نفى وزير اخلارجية امل�رصي �أن تكون جلنة املبادرة مكلفة بالتفاو�ض مع "�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫و�أ ّكد �أن التفاو�ض �ش�أن خا�ص بكل طرف له م�شكلة مع "�إ�رسائيل"‪� ،‬سواء الفل�سطينيني �أم �سورية‬
‫�أم لبنان‪.69‬‬
‫وقد وا�صلت م�رص جهودها لتفعيل مبادرة ال�سالم من خالل لقاءات وم�ؤمترات متعددة‪ ،‬منها‬
‫اللقاء الثالثي الذي جمع وزراء خارجية م�رص والأردن و"�إ�رسائيل" يف �رشم ال�شيخ‪ ،‬وهو اللقاء‬
‫الذي �شهد خالفات بني الطرفني العربي والإ�رسائيلي ب�سبب موقف ت�سيبي ليفني من مبادرة‬
‫ال�سالم العربية‪ .‬و�أو�ضح وزير اخلارجية امل�رصي �أن االجتماع تطرق �إىل الكثري من املفاهيم العربية‬
‫لل�سالم‪ ،‬والردود الإ�رسائيلية على تلك املفاهيم‪ ،‬و�أن الوزيرين امل�رصي والأردين طالبا الوزيرة‬
‫الإ�رسائيلية ب�رضورة احرتام الأرا�ضي اخلا�ضعة لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ووقف �سيا�سة االغتياالت‬

‫‪147‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وكافة �أ�شكال الت�صعيد الع�سكري جتاه الفل�سطينيني‪ ،‬واتخاذ الإجراءات التي من �ش�أنها �إ�شاعة‬
‫�أجواء بناء الثقة مع اجلانب الفل�سطيني‪.70‬‬
‫وقد التقى الرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك بالوزيرة الإ�رسائيلية عقب لقائها مع وزيري‬
‫خارجية م�رص والأردن‪ ،‬وبحث معها �سبل �إحياء عملية ال�سالم‪ ،‬و�إمكان تعامل "�إ�رسائيل" مع‬
‫املبادرة العربية‪.71‬‬
‫وجاء التحرك الأهم برتتيب م�رص لعقد قمة رباعية‪ :‬م�رصية �أردنية فل�سطينية �إ�رسائيلية يف‬
‫�رشم ال�شيخ‪ ،‬ا�ستهدفت دعم الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س يف �أعقاب �أحداث غزة الدامية‪،‬‬
‫و�إعادة حتريك عملية الت�سوية‪ ،‬و�إعطاء دفعة للعالقات الفل�سطينية – الإ�رسائيلية ح�سب ت�رصيح‬
‫لوزير اخلارجية امل�رصي‪ .72‬ويف كلمته االفتتاحية بهذه القمة‪ ،‬التي عقدت يف منتجع �رشم ال�شيخ‪،‬‬
‫دعا الرئي�س مبارك �إىل موقف م�شرتك يحقن دماء الفل�سطينيني والإ�رسائيليني‪ ،‬وينهي العنف على‬
‫اجلانبني‪ ،‬ويهيئ الأجواء للعودة ملائدة املفاو�ضات وفق "�أفق �سيا�سي" وا�ضح يخل�ص لق�ضايا‬
‫الو�ضع النهائي بعيدا ً عن الإجراءات الأحادية واحللول امل�ؤقتة‪ ،‬ويحقق ال�سالم العادل والدائم‬
‫الذي يت�أ�س�س على قوة احلقّ و�أ�س�س ال�رشعية الدولية ومبادئها‪ ،‬ويحقق تطلع ال�شعب الفل�سطيني‬
‫لإقامة دولته امل�ستقلة‪ .‬ووجه مبارك احلديث �إىل �إيهود �أوملرت مو�ضحا ً �أنه "لو نفذت التفاهمات‬
‫التي تو�صل �إليها عبا�س مع رئي�س وزراء �إ�رسائيل ال�سابق �أريل �شارون يف �رشم ال�شيخ يف الثامن‬
‫من �شباط‪ /‬فرباير ‪ 2005‬بالكامل‪ ،‬ملا كانت الأو�ضاع قد تدهورت �إىل حالة الرتدي التي و�صلت‬
‫�إليها اليوم"‪.73‬‬
‫ويف �صبيحة اليوم التايل عر�ض الرئي�س امل�رصي على العاهل ال�سعودي‪ ،‬امللك عبد اهلل بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬نتائج تلك القمة الرباعية‪ ،‬كما ناق�شا �سبل احتواء املوقف بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬واجلهود‬
‫من �أجل لمَ ِّ ال�شمل الفل�سطيني‪ ،‬و�سبل جمع احلركتني �إىل مائدة احلوار‪.74‬‬
‫(ج) م�صـر واجتماع �أنابولي�س‪:‬‬
‫رحبت م�رص بالبيان الذي دعا فيه الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش �إىل عقد م�ؤمتر دويل "يف‬
‫اخلريف" حول عملية ال�سالم‪ ،‬وذلك بعد �ساعات من هذه الدعوة‪ ،‬و�أعلن �أحمد �أبو الغيط �أن الطرح‬
‫الأمريكي يت�ضمن عنا�رص �إيجابية يجب التم�سك بها‪ ،‬والبناء عليها وتطويرها‪ ،‬معربا ً عن ت�أييده‬
‫للإ�شارات التي وردت يف البيان عن احلاجة �إىل �إنهاء االحتالل‪ ،‬و�إقامة الدولة الفل�سطينية الفاعلة‬
‫وذات التوا�صل الأر�ضي‪.75‬‬
‫وظ ّل املوقف امل�رصي منذ ذلك الوقت وحتى انعقاد اجتماع �أنابولي�س يف ‪ 2007/11/29‬حري�صا ً‬
‫على توفري الإعداد اجليد للم�ؤمتر حتى يحقق الأهداف املرجوة؛ ومن �أجل ذلك قامت م�رص بالعديد‬

‫‪148‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫من الأن�شطة �شملت لقاءات وم�ؤمترات وت�رصيحات للرئي�س امل�رصي ووزير اخلارجية‪ .‬فقد دعا‬
‫الرئي�س مبارك �إىل �رضورة �إجناز اتفاق مبادئ حول الدولة الفل�سطينية قبل عقد "م�ؤمتر ال�سالم"‪،67‬‬
‫�أما وزير اخلارجية فقد �أو�ضح �أن بالده ال ت�ضع �رشوطا ً للم�شاركة يف امل�ؤمتر يف معر�ض تو�ضيح‬
‫موقف م�رص يف حالة �إذا مل توجه دعوة �أمريكية �إىل �سورية حل�ضور امل�ؤمتر‪ ،‬فقد ذكر‪�" :‬إننا ن�ؤكد‬
‫على دعوة كل الأطراف العربية التي ترغب يف امل�شاركة يف مثل هذا االجتماع‪ ،‬ولكننا ال نربط م�شاركة‬
‫م�رص من عدمها ب�رشوط حمددة"‪.77‬‬
‫وقد نظمت م�رص اجتماع القمة بني الرئي�س امل�رصي وامللك عبد اهلل الثاين ملك الأردن يف‬
‫الإ�سكندرية يف ‪ ،2007/9/4‬كما نظمت يف ‪ 2007/11/22‬اجتماع قمة ثالثي م�رصي–�أردين– فل�سطيني‬
‫يف منتجع �رشم ال�شيخ‪.‬‬
‫يف القمة الثنائية بالإ�سكندرية دعا الطرفان امل�رصي والأردين �إىل �رضورة تن�سيق املواقف‬
‫العربية قبل امل�شاركة يف امل�ؤمتر الدويل‪ ،‬و�أكدت القمة على �أهمية �أن يخرج امل�ؤمتر بنتائج �إيجابية‪،‬‬
‫كما �أكدت �أن مبادرة ال�سالم العربية هي �أ�سا�س الت�صور العربي للم�ؤمتر‪ .78‬ويف القمة الثالثية جدد‬
‫الرئي�س امل�رصي الدعوة �إىل �رضورة الإعداد اجليد للم�ؤمتر‪ ،‬وو�ضع �أجندة ومرجعيات وا�ضحة‪،‬‬
‫وقال‪" :‬الأهم �أن ي�سفر يف النهاية عن نتائج ملمو�سة تدفع عملية ال�سالم �إىل الأمام على امل�سار‬
‫الفل�سطيني – الإ�رسائيلي‪ ،‬وعلى نحو يفتح الباب لإجراء تقدم مماثل على بقية امل�سارات"‪.79‬‬
‫‪ .2‬املوقف امل�صـري من ال�صـراعات الفل�سطينية – الفل�سطينية‪:‬‬
‫�أعطت م�رص‪ ،‬على مدار العام‪� ،‬أهمية و�أولوية الحتواء اخلالفات التي حتولت �إىل �رصاعات‪،‬‬
‫بل و�رصاعات دامية بني ال�سلطة الفل�سطينية وحركة فتح من ناحية‪ ،‬وبني حركة حما�س من‬
‫ناحية �أخرى‪ .‬وا ّتبعت م�رص �أكرث من و�سيلة الحتواء هذه اخلالفات ابتدا ًء من االت�صاالت الثنائية‬
‫واحلوارات الثالثية‪ ،‬ثم �إيفاد وفد �أمني م�رصي على م�ستوى عالٍ ‪ ،‬برئا�سة اللواء برهان حماد‬
‫وحتت رعاية الوزير عمر �سليمان‪ ،‬رئي�س جهاز املخابرات امل�رصية‪ ،‬وترتيب لقاءات قمة ثنائية‬
‫وثالثية ورباعية‪ ،‬وتبني هذا املوقف يف اجتماعات وزراء اخلارجية العرب‪ .‬لكن هذا املوقف امل�رصي‬
‫تطور بعد �أحداث غزة الدامية؛ حيث قامت م�رص ب�سحب وفدها الأمني و�إعادته للقاهرة عقب تلك‬
‫الأحداث يف �إ�شارة �إىل رف�ض ما حدث من ت�صفية دموية لل�رصاع بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬و�أعقب‬
‫ذلك انحياز م�ؤقت لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ثم عودة �إىل تبني موقف متوازن بني احلركتني‪ ،‬لكن الأمر‬
‫تطور يف النهاية �إىل ميل ودعم ملوقف الرئي�س حممود عبا�س يف مواجهة حركة حما�س‪.‬‬
‫ففي بداية �سنة ‪ 2007‬دعت م�رص والأردن‪ ،‬عقب قمة جمعت الرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك‬
‫وملك الأردن عبد اهلل بن احل�سني‪� ،‬إىل وقف االقتتال الفل�سطيني و�إىل اتفاق بني فتح وحما�س على‬
‫ت�شكيل حكومة وحدة وطنية �أو حكومة تكنوقراط‪ .80‬ثم دعت م�رص الف�صائل الفل�سطينية �إىل‬
‫‪149‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫االن�ضمام التفاق مكة‪ ،‬ونفت �أي تراجع عن موقفها الداعم للحوار الفل�سطيني – الفل�سطيني بعد‬
‫توقيع حركتي حما�س وفتح اتفاق مكة‪ ،‬و�أكدت �أن تنفيذ هذا االتفاق يت ّم بتن�سيق وت�شاور بني م�رص‬
‫واململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬و�أن الوفد الأمني امل�رصي ما زال م�ستمرا ً يف عمله منذ �أ�شهر عديدة‪.81‬‬
‫وبعد جتدد اال�شتباكات الدامية بني حركتي فتح وحما�س تدخلت م�رص عرب وفدها الأمني برئا�سة‬
‫اللواء برهان حماد واملقيم يف غزة‪ ،‬وجنحت يف عقد اتفاق لوقف �إطالق النار كان هو اخلام�س بينهما‬
‫منذ جتدد اال�شتباكات‪ ،82‬ثم بد�أت بعد ذلك جولة جديدة من احلوار مب�شاركة العديد من الف�صائل‬
‫الفل�سطينية على غرار احلوار ال�سابق يف القاهرة عام ‪ .832005‬لكن هذه احلوارات مل تكتمل بعد‬
‫جلوء حركة حما�س �إىل احل�سم الع�سكري يف القطاع‪.‬‬
‫قبل هذا احل�سم الع�سكري جل�أت "�إ�رسائيل" �إىل الت�شكيك يف نوايا املوقف امل�رصي عندما ا ّدعت‬
‫جريدة ه�آرت�س الإ�رسائيلية على الرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك قوله �إن "م�رص ال تقبل وجود‬
‫حما�س يف احلكم خ�صو�صا ً يف ظ ّل تعزز عالقاتها مع حركة الإخوان امل�سلمني"‪ .‬اللواء برهان حماد‬
‫نفى هذا االدعاء‪ ،84‬وا�ستمر يف موا�صلة دوره الرامي �إىل احتواء الأزمة بني حما�س وفتح‪ ،‬ويف وقت‬
‫من الأوقات �أ�صبح هو قناة االت�صال الوحيدة بني احلركتني‪ ،‬قبل جناح حما�س يف ح�سم املواجهة‬
‫ع�سكريا ً‪.85‬‬
‫قبيل هذا احل�سم الع�سكري �أكد اللواء برهان حماد �أن �أيا ٍد �شيطانية تلعب يف ال�ساحة الفل�سطينية‪،‬‬
‫و�أنها �أ�صبحت حمرتفة يف �إ�شعال االقتتال بني الأ�شقاء‪ .86‬وهدد بالنزول �إىل ال�شوارع مع املواطنني‬
‫الفل�سطينيني لوقف االقتتال الدامي يف ال�شوارع‪ ،‬ودعا �إىل اجتماع عاجل يف مكتبه بغزة لوقف‬
‫هذا االقتتال‪ .87‬ويف الوقت نف�سه رف�ضت م�رص‪ ،‬على ل�سان وزير خارجيتها‪ ،‬فكرة �إر�سال قوات‬
‫دولية �إىل الأرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬وحدد �أحمد �أبو الغيط �أربعة �رشوط للقبول بهذه الفكرة؛ �أولها‪:‬‬
‫�أال يكون هناك اقتتال فل�سطيني – فل�سطيني‪ ،‬وثانيها‪� :‬أن يكون هناك وقف لإطالق النار‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫�أن تتوقف "�إ�رسائيل" عن كل �أعمال التعر�ض للفل�سطينيني‪ ،‬ورابعها‪� ،‬أن يكون الهدف هو الت�سوية‬
‫النهائية‪ ،‬و�أن يكون هدف هذه الت�سوية معلوما ً‪.88‬‬
‫هذه الأدوار امل�رصية �أ�سهمت يف �إيجاد قناعة لدى امل�س�ؤولني امل�رصيني ب�أن هناك "جمموعة‬
‫عابثة"‪ ،‬تلعب يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬وت�ستخدم ك�أدوات جلهات مرتبطة ب�أجندات خارجية‪،‬‬
‫ت�سعى لتنفيذ �سيناريوهات حمددة على ر�أ�سها �إيجاد الفو�ضى على ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬لإزاحة‬
‫حركة حما�س عن ال�سلطة‪ .‬ونقلت جريدة احلياة عن م�صادر م�رصية موثوقة قولها �إن الرئي�س‬
‫حممود عبا�س "يعلم مبجريات الأمور‪ ،‬ويعلم ال�شخ�صيات ال�ضالعة يف االقتتال‪ ،‬وكل املعلومات‬
‫لديه‪ ،‬ورغم ذلك مل يتخذ �ضدهم �أي �إجراء‪ ،‬ومل يت ّم توقيفهم"‪ ،89‬وبعد ذلك ن�سبت جريدة امل�رصي‬
‫اليوم القاهرية‪ ،‬نقالً عن م�صدر رفيع امل�ستوى من الوفد امل�رصي الأمني يف غزة‪� ،‬إىل حممد دحالن‬

‫‪150‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫وجمموعته داخل �أجهزة �أمن ال�سلطة م�س�ؤولية الإيقاع بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬وو�صفت هذه‬
‫املجموعة ب�أن لها �أيا ٍد خفية وات�صاالت مع "�إ�رسائيل" و�أمريكا‪ ،‬و�أن هدفها هو الو�صول �إىل ال�سلطة‬
‫لال�ستيالء على القيادة ال�سيا�سية‪ ،‬و�إبرام اتفاقات مع "�إ�رسائيل" بالطريقة التي تريدها الأخرية‪.90‬‬
‫هذه التكهنات �أو االتهامات تك�شفت حقيقتها فيما بعد عندما ن�رشت جملة فانتي فري الأمريكية‬
‫‪ Vanity Fair magazine‬على ل�سان ال�صحفي الأمريكي ديفيد روز ‪ ،David Rose‬الذي �أو�ضح �أن‬
‫الإدارة الأمريكية‪ ،‬عرب وثائق ح�صل عليها‪� ،‬سعت �إىل الإطاحة بحكومة حما�س �سيا�سيا ً وع�سكرياً‪،‬‬
‫و�إ�شعال حرب �أهلية يف قطاع غزة بعد فوز احلركة يف االنتخابات الت�رشيعية‪ .‬وقال ديفيد روز‬
‫�إن خطة �رسية و�ضعتها الإدارة وافق عليها الرئي�س الأمريكي ووزيرة خارجيته و�إليوت �إبرامز‬
‫‪ ،Elliott Abrams‬نائب م�ست�شار الأمن القومي الأمريكي‪ ،‬عرب اجلرنال كيث دايتون الذي توىل‬
‫االتفاق مع حممد دحالن القيام مبهمة �إ�سقاط حكومة حركة حما�س‪ .‬و�إن راي�س �أجرت �سل�سلة‬
‫ات�صاالت مع قادة م�رص والأردن وال�سعودية والإمارات‪ ،‬وطلبت منهم دعم حركة فتح باملال ل�رشاء‬
‫ال�سالح وتدريب قوات الأمن التابعة لل�سلطة‪ .‬وذكر �أن �أربع �شاحنات م�رصية حمملة بالأ�سلحة‬
‫اخلفيفة عربت �إىل قطاع غزة يف �أواخر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2006‬بعلم احلكومة الإ�رسائيلية؛‬
‫حيث �أو�ضح الوزير الإ�رسائيلي بنيامني بن �إليعازر‪� Binyamin Ben-Eliezer‬أن هذه الأ�سلحة‬
‫�ستجعل حممود عبا�س قادرا ً على التعامل مع املنظمات التي حتاول تخريب كل �شيء‪.91‬‬
‫�أيا ً كانت درجة د ّقة هذه املعلومات ف�إن ما ن�رشته جريدة الأخبار اللبنانية على ل�سان م�صادر‬
‫فل�سطينية مطلعة من �أن م�رص غيرّ ت تعاملها مع حركة حما�س‪ ،‬بعدما قدمته احلركة من وثائق‬
‫عرثت عليها يف مقار الأجهزة الأمنية �إىل ال�سلطات امل�رصية امل�س�ؤولة‪ ،‬جاء ليدعم تلك املعلومات التي‬
‫ن�رشتها املجلة الأمريكية‪ ،‬فقد ذكرت تلك امل�صادر �أن الوثائق التي ح�صلت عليها املخابرات امل�رصية‬
‫ت�ضمنت �رشيطا ً م�صورا ً يظهر عنا�رص �أمنية مقربة من دحالن يتباحثون يف كيفية و�ضع كامريات‬
‫ح�سا�سة قرب احلدود امل�رصية مع قطاع غزة‪ ،‬تك�شف حتركات اجلنود امل�رصيني املرابطني هناك‪،‬‬
‫بنا ًء على رغبة �إ�رسائيلية‪ .‬وهذه الكامريات كان يفرت�ض �أن ترتبط بغرفة التحكم الإ�رسائيلية يف‬
‫معرب كرم �أبو �سامل �رشقي معرب رفح احلدودي‪ .‬ومن الوثائق �أي�ضا ً خريطة عليها توقيع مدير‬
‫الأمن الداخلي الفل�سطيني ال�سابق العميد ر�شيد �أبو �شباك تظهر �إحداثيات مكتب الوفد الأمني‬
‫امل�رصي الذي كان يرابط يف قطاع غزة‪ ،‬وهناك وثيقة �أخرى موقعة من �أبو �شباك عن �آلية عمل‬
‫كامريات املراقبة التي حتيط باملقر الأمني امل�رصي‪ ،‬وزيارات الف�صائل الفل�سطينية للوفد الأمني‬
‫امل�رصي التي ال تتعلق بالعمل الر�سمي‪.92‬‬
‫هذه الوثائق �أعادت التوازن للموقف امل�رصي‪ ،‬لفرتة مل ت�ستمر طويالً‪ ،‬ذلك لأن �سيطرة حركة‬
‫حما�س على قطاع غزة �أدت �إىل موقف م�رصي معار�ض‪ ،‬عبرَّ عن نف�سه ب�سحب الوفد الأمني امل�رصي‬

‫‪151‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫و�إغالق مقره يف غزة‪ .93‬ثم قامت م�رص برفع حالة الطوارئ على احلدود مع غزة خ�شية نزوح‬
‫الفل�سطينيني �إليها‪ .94‬ورحبت على ل�سان وزير خارجيتها بحكومة �سالم فيا�ض البديلة حلكومة‬
‫حما�س‪ ،95‬و�أعلنت م�رص رف�ضها الف�صل بني قطاع غزة وال�ضفة الغربية‪ ،‬ولوحت بعزل حركة‬
‫حما�س‪ ،‬ونقلت جريدة احلياة عن م�صدر م�رصي موثوق �أن القاهرة "ال تعرتف بالو�ضع اجلديد‬
‫غري ال�رشعي" يف قطاع غزة‪ ،‬و�أن هناك دعوة لتجمع عربي ي�ؤكد �رشعية الرئي�س �أبو مازن ويرف�ض‬
‫التعامل مع دولة م�ستقلة يف قطاع غزة تتزعمها حركة حما�س مع تلويح بعزلها �إقليميا ً ‪.96‬‬
‫وت�أكيدا ً لهذا التوجه نظمت م�رص قمة رباعية يف �رشم ال�شيخ مب�شاركة �أردنية وفل�سطينية‬
‫و�إ�رسائيلية‪ ،‬ا�ستهدفت دعم الرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬وال�سعي لإنهاء اخلالفات الفل�سطينية‪ .‬لكن‬
‫ظهر ت�شدد �إيهود �أوملرت �إزاء ا�ستئناف عملية ال�سالم‪ ،‬وهدد بالرتاجع عن التعهدات القليلة التي‬
‫قدمها ملحمود عبا�س لو عاد للحوار مع حركة حما�س (ح�سب طلب الرئي�س مبارك)‪ ،‬كما مال �أوملرت‬
‫والإعالم الإ�رسائيلي خليار احل ّل الع�سكري �ض ّد حركة حما�س‪ .97‬وقد �أظهرت هذه القمة ت�ضاربا ً‬
‫مفاجئا ً ووا�ضحا ً يف الأهداف بني م�رص و�سائر الأطراف الثالثة الأخرى‪ .‬ففي مقابل توافق امل�صالح‬
‫الذي بدا بني �أوملرت وعبا�س وامللك عبد اهلل يف جوانب تقوية حممود عبا�س على ح�ساب حما�س‪،‬‬
‫ف�إنه قد ات�ضح جليا ً �أن ثمة حذرا ً م�رصيا ً من الدخول يف �رشك �إ�رسائيلي لت�ضييع فر�صة جديدة‬
‫لإحياء مفاو�ضات ال�سالم‪ ،‬عرب اتباع �آليات ح�صار حما�س وعزلها‪ ،‬الذي ميكن �أن ي�ؤدي م�ستقبالً‬
‫�إىل "خيار ال�ضفة �أوالً"‪ ،‬وجتزئة الق�ضية الفل�سطينية �أكرث‪ .98‬فقد ركزت م�رص يف هذه القمة على‬
‫دعوة الفل�سطينيني لإنهاء خالفاتهم‪ ،99‬و�أكد الرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك جمددا ً �أن م�رص‬
‫�ستعاود الو�ساطة بني حركتي فتح وحما�س بعد �أن تهد�أ الأمور‪ ،100‬و�أكدت م�صادر م�رصية �أن‬
‫القاهرة جتري ات�صاالت مكثفة مع اجلانب الإ�رسائيلي‪ ،‬ل�ضمان عدم تعر�ض قطاع غزة لأية �أزمة‬
‫�إن�سانية فيما يتعلق بالإمدادات الأ�سا�سية من الغاز واملاء والكهرباء والأغذية واملواد الطبية‪ ،‬ونفت‬
‫ما تردد عن احتمال قيام م�رص بقطع الإمدادات عن غزة‪ ،‬وقالت �إن الرغبة امل�رصية يف دعم وت�أكيد‬
‫ال�صف الفل�سطيني‪ ،‬م�شرية‬ ‫ّ‬ ‫�رشعية الرئي�س عبا�س ت�صطدم مع مفهوم ا�ستعادة و�ضمان وحدة‬
‫�إىل خ�شية القاهرة فيما يتعلق با�ستفحال الو�ضع يف غزة‪ ،‬ون�سبت �إىل م�صدر دبلوما�سي قوله‪�" :‬إن‬
‫م�رص ترتقب ما ت�سفر عنه الأحداث يف املنطقة‪ ،‬و�إنها لن ت�سعى لعزل حما�س دوليا ً"‪ ،‬م�شريا ً �إىل �أن‬
‫القاهرة �ست�ستدعي الف�صائل لبدء مفاو�ضات حول الأو�ضاع احلالية عندما ت�ستقر الأمور‪ ،‬و�شدد‬
‫على رف�ض م�رص فكرة �إر�سال قوات دولية �إىل قطاع غزة‪.101‬‬
‫وقامت م�رص بدور بارز يف دعوة جمل�س وزراء خارجية الدول العربية لالنعقاد لبحث �أزمة‬
‫ال�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪ ،‬وت�شكيل جلنة لتق�صي احلقائق ت�ض ّم م�رص وال�سعودية‬
‫والأردن وقطر‪ ،‬بهدف التعرف على ر�ؤية كل طرف ملا حدث وملاذا حدث؛ والبحث يف الآليات‬
‫املنا�سبة التي ت�ؤ ِّمن ا�ستمرار التوا�صل وا�ستئناف احلوار الفل�سطيني – الفل�سطيني‪ .102‬وبعد تعرث‬
‫‪152‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫مهمة هذه اللجنة وا�صلت م�رص جهودها اخلا�صة ال�ستئناف احلوار الفل�سطيني – الفل�سطيني‪،‬‬
‫واحتواء اخلالفات خا�صة بني حركة فتح وحما�س‪ .‬ففي الأ�سبوع الأول من �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪2007‬‬
‫دعت م�رص وفدين ميثالن حركتي حما�س وفتح للقاهرة للتباحث حول �إمكانية ا�ستئناف احلوار‬
‫بينهما‪ ،‬و�إعداد �صيغ متعددة ت�ؤ ِّمن التوافق والتقارب‪ ،‬من بينها �أن تعلن حما�س ا�ستعدادها لإخالء‬
‫املقا ّر الأمنية التابعة لل�سلطة‪� ،‬أو �أن تعلن ا�ستعدادها للرتاجع عن الأو�ضاع امل�ستجدة بعد احل�سم‬
‫الع�سكري من دون حتديد طبيعة اخلطوات‪ .103‬لكن هذه الدعوة مل حتقق الأهداف املرجوة‪ ،‬وظ ّل‬
‫التباعد بني الطرفني م�ستمرا ً حتى جاءت �أحداث معابر غزة يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2008‬لتك�شف‬
‫عن ت�شدد الرئي�س عبا�س يف �رشوطه للحوار مع حما�س‪.‬‬
‫‪ .3‬املوقف امل�صـري من دعم ال�شعب الفل�سطيني واحل�صار املفرو�ض عليه‪:‬‬
‫�إن جممل التوجه امل�رصي نحو الق�ضية الفل�سطينية ما زال حمكوما ً باالعتبارين التاليني‪:‬‬
‫االلتزام بالأمن القومي العربي وااللتزام بالأمن الوطني امل�رصي‪ ،‬واحليلولة دون حتول فل�سطني‬
‫وعلى الأخ�ص منها قطاع غزة �إىل م�صدر للتهديد بالن�سبة للأمن امل�رصي‪ .‬فم�رص (النظام) جتد‬
‫�أنها ملتزمة با�ستمرار الدعم لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ولكن يف احلدود التي ال ت�سيء �إىل العالقات مع‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬ويف احلدود التي ال ت�سمح بتحويل م�أ�ساة ال�شعب الفل�سطيني الداخلية �إىل م�صدر‬
‫للتهديد بالن�سبة لال�ستقرار ال�سيا�سي (ب�سبب ردود الفعل ال�شعبية)‪ ،‬وللأمن الوطني (احلدود‬
‫والعالقات مع �إ�رسائيل)‪.‬‬
‫لذلك مل ترتدد م�رص يف ت�أكيد ا�ستمرارها يف دعم ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬على الرغم من رف�ضها‬
‫القاطع وال�رصيح مل�س�ألة احل�سم الع�سكري‪ ،‬التي جل�أت �إليها حركة حما�س يف غزة‪ .‬ففي ذروة هذا‬
‫الرف�ض امل�رصي �أجرت م�رص ات�صاالت مكثفة مع اجلانب الإ�رسائيلي ل�ضمان عدم تعر�ض القطاع‬
‫لأي �أزمة �إن�سانية فيما يتعلق بالغذاء والبرتول والغاز والكهرباء واملاء واملواد الطبية‪ .‬و�رصح‬
‫م�س�ؤول م�رصي رفيع امل�ستوى �أنه على الرغم من رف�ض م�رص ال�شديد لقيام "�إمارة دينية" على‬
‫حدودها‪� ،‬إال �أنها "ال ت�سمح بحال من الأحوال مبزيد من املعاناة لل�شعب الفل�سطيني يف غزة"‪ ،‬م�شريا ً‬
‫�إىل �أن م�رص "�أبلغت هذا املوقف لل�سلطات الإ�رسائيلية‪ ،‬ويعتقد �أنها �أبدت تفهما ً لهذا املوقف"‪.104‬‬
‫لكن‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬قالت م�صادر �أمنية وحدودية م�رصية "�إنه ال يوجد الآن �أي تن�سيق بني‬
‫اجلانبني امل�رصي والفل�سطيني‪ ،‬ب�ش�أن مرور �آالف الفل�سطينيني العالقني على جانبي احلدود‬
‫بني م�رص وغزة"‪ .‬و�أ�ضاف �أنه "بعد �سيطرة القوة التنفيذية حلما�س على معرب رفح احلدودي‬
‫�أ�صبحت االت�صاالت بني م�س�ؤويل االرتباط يف اجلانبني �شبه مقطوعة"‪ ،105‬لكن عاد م�صدر ر�سمي‬
‫م�رصي م�س�ؤول لي�ؤكد �أن "م�رص ال ميكن �أن تتخذ �أي قرارات �أو �إجراءات عقابية �ض ّد �أبناء ال�شعب‬
‫الفل�سطيني �أو ف�صائله �أو قياداته ال�سيا�سية"‪.106‬‬

‫‪153‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫مثل هذه املواقف امل�رصية حتولت �إىل اتهامات من جانب قادة الكيان ال�صهيوين لل�سلطات‬
‫امل�رصية بالت�سامح والت�ساهل يف م�س�ألة تهريب الفل�سطينيني للأ�سلحة �إىل داخل قطاع غزة‪ ،‬عرب‬
‫�أنفاق حمفورة يف املناطق احلدودية على اجلانب امل�رصي يف �سيناء‪ ،‬وهي االتهامات التي حتولت �إىل‬
‫توتر يف العالقات امل�رصية – الإ�رسائيلية‪ .‬وما لبثت "�إ�رسائيل" �أن دخلت طرفا ً يف "ق�ضية الأنفاق"‪،‬‬
‫بعد ت�رصيحات اعتربتها م�رص "م�سيئة‪ ،‬وجتاوزت اخلطوط احلمراء" على ل�سان ت�سيبي ليفني‪،107‬‬
‫وبعد ت�رصيحات �أخرى لوزير الدفاع �إيهود باراك‪ ،‬عقب لقاء جمعه مع الرئي�س امل�رصي ح�سني‬
‫مبارك‪ ،‬الأمر الذي زاد من ردود الفعل امل�رصية الغا�ضبة‪ ،‬خا�صة بعد �أن لوح م�س�ؤولون �أمريكيون‬
‫مثل ال�سيناتور �آرلن �سبكرت ‪ Senator Arlen Specter‬بربط م�صري امل�ساعدات الأمريكية مل�رص‬
‫مب�س�ألة تهريب الأ�سلحة عرب الأنفاق �إىل غزة‪.108‬‬
‫هذه االتهامات والتوترات امتدت �إىل املوقف امل�رصي من ق�ضية العالقني على احلدود وخا�صة‬
‫حجاج بيت اهلل احلرام؛ فالتوتر على احلدود مع قطاع غزة يف ظ ّل �سيطرة حركة حما�س �أعاق املرور‬
‫من القطاع و�إليه‪ ،‬من خالل معرب رفح‪ .‬وقد حر�صت ال�سلطات امل�رصية على عدم �إيجاد مزيد‬
‫من التوتر‪ ،‬يف وقت كانت تدور فيه ات�صاالت تفعيل تفاهمات اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬ويف ظ ّل عالقات‬
‫م�رص مع ال�سلطة الفل�سطينية ورئي�سها حممود عبا�س‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد دفع ‪ّ 2,170‬‬
‫حاجا ً فل�سطينيا ً ثمن‬
‫كل هذه االعتبارات‪ ،‬حيث بقوا عالقني على احلدود‪ ،‬وبع�ضهم بقي عالقا ً على ظهر عبارتني قرب‬
‫مت �صدور القرار امل�رصي بال�سماح لهم بالدخول متجاوزا ً املوقف‬
‫ميناء نويبع امل�رصي‪109‬؛ �إىل �أن ّ‬
‫الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫هذه املواقف ذاتها امتدت �إىل �أزمة املعابر التي تفجرت يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ .2008‬فبعد �إحكام‬
‫الكيان ال�صهيوين �إغالق املعابر مع قطاع غزة‪ ،‬وفر�ض ح�صار كامل امتد �إىل البنزين والكهرباء‪،‬‬
‫و�ش ّن هجمات مكثفة على القطاع‪ ،‬الأمر الذي حول القطاع و�أهله �إىل رهائن وعر�ضهم �إىل ما ي�شبه‬
‫الإبادة اجلماعية‪ ،‬كان املوقف امل�رصي متطورا ً بتطور الأزمة ابتدا ًء من �إجراء ات�صاالت مع الكيان‬
‫لوقف العدوان وف ّك احل�صار‪� ،‬إىل اال�ستجابة النفجار ال�شعب الفل�سطيني يف اقتحام معرب رفح‬
‫و�إعالن الرئي�س امل�رصي �أنه "لن ي�سمح بتجويع ال�شعب الفل�سطيني"‪ ،110‬الأمر الذي دفع �أكرث من‬
‫ن�صف �سكان غزة �إىل العبور نحو الأرا�ضي امل�رصية للتزود بكل �شيء بعد �أن �أ�صبح القطاع خاليا ً‬
‫من كل �شيء‪ .‬لكن هذا املوقف �أخذ يرتاجع بعد تلويحات �إ�رسائيلية ب�إحياء البديل امل�رصي‪ ،‬مبا‬
‫يعني حتويل م�س�ؤولية القطاع �إىل م�س�ؤولية م�رصية‪ ،‬وبعد رف�ض حممود عبا�س‪ ،‬رئي�س ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬أي تفاهمات مع حركة حما�س بو�ساطة م�رصية لو�ضع ترتيبات جديدة للمعابر‪ ،‬كانت‬
‫تنوي م�رص التداول حولها ح�سب ت�رصيحات لوزير خارجيتها‪ .‬فبعد هذا كله عادت م�رص تفر�ض‬
‫�سيطرتها على معرب رفح‪ ،‬بعد �إنذار �أعطى للفل�سطينيني وامل�رصيني مهلة للعودة من و�إىل القطاع‪،‬‬
‫وبد�أت ال�سلطات امل�رصية يف �إعادة ترميم وبناء ال�سور احلدودي‪ ،‬الذي كانت قد هدمته بع�ض فرق‬
‫‪154‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ما ُعرف بـ"جلان املقاومة ال�شعبية يف غزة"‪.111‬‬


‫فقد ترتب على الت�ساهل امل�رصي �إزاء العابرين �إىل �سيناء من �أبناء ال�شعب الفل�سطيني حتويل‬
‫احلدود �إىل ما ُ�س ِّمي بـ "احلدود اللينة"‪ ،112‬الأمر الذي �أثار حفيظة الإ�رسائيليني والأمريكيني بعد �إثارة‬
‫"اخليار امل�رصي"‪ 113‬من جانب نائب وزير الدفاع الإ�رسائيلي وغريه من امل�س�ؤولني الإ�رسائيليني‪.‬‬
‫فقد وجهت "�إ�رسائيل" حتذيرا ً �إىل م�رص ب�سبب نزوح ع�رشات الآالف من الفل�سطينيني �إىل �سيناء؛‬
‫حيث حذر بيان للخارجية الإ�رسائيلية من هذا التطور‪ ،‬داعيا ً م�رص �إىل القيام مبا يجب �أن تقوم به‬
‫"مبوجب اتفاق ال�سالم"‪ .114‬كما دعت كوندوليزا راي�س م�رص �إىل القيام مبا يجب �أن تقوم به حلماية‬
‫"احلدود الدولية"‪.115‬‬
‫بعد ذلك بد�أ التحول امل�رصي باجتاه الت�شدد مع م�س�ألة احلدود‪ ،‬وظهور ما ُ�س ِّمي بـ"انتهاك‬
‫ال�سيادة الوطنية" على �صفحات الإعالم امل�رصي الر�سمي‪ ،‬واتهام حركة حما�س ب�أنها تريد �إقامة‬
‫"�إمارة �إ�سالمية"‪ .116‬وجاءت اخلطوات متالحقة‪� :‬إغالق احلدود‪ ،‬والر ّد القوي على "�إ�رسائيل" على‬
‫ل�سان الرئي�س مبارك ب�أن م�رص "لن ت�سمح لإ�رسائيل بالتحلل من م�س�ؤولياتها جتاه قطاع غزة"‪،117‬‬
‫ثم ال�سعي للتوفيق بني حركتي حما�س وفتح‪ ،‬و�إيجاد ح ّل م�شرتك لإدارة املعابر‪ ،118‬وهي الدعوة‬
‫التي ف�شلت ب�سبب �رشوط الرئي�س �أبو مازن و�أركان حكومته‪ ،‬ورف�ضهم �أي دور حلركة حما�س‬
‫ب�ش�أن املعابر‪ ،119‬والإ�رصار على اال�ستمرار بالتم�سك باتفاقية ‪.1202005‬‬
‫‪ .4‬املوقف امل�صـري من التطبيع‪:‬‬
‫مل ت�أتِ عالقات م�رص التطبيعية مع الكيان ال�صهيوين مبعزل عن جممل التفاعالت ال�سابقة؛‬
‫فال�سالم يت�سم بالربود‪ ،‬وخا�ضع بدرجة كبرية لتطورات العالقات الإ�رسائيلية – الفل�سطينية‪.‬‬
‫وميكن تق�سيم هذه العالقات �إىل عالقات �رصاعية تعك�س درجات متباينة من التوتر واخلالفات‪،‬‬
‫و�أخرى تعاونية تعرب بدرجة ما عن حر�ص م�رصي على �إبقاء قدر من التوافق يف العالقات ميكن‬
‫توظيفه ل�صالح الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫ومن بني التفاعالت ال�رصاعية �أو اخلالفية ق�ضية احلدود امل�رصية مع قطاع غزة‪ ،‬ورف�ض م�رص‬
‫لالتهامات الإ�رسائيلية لها بالت�ساهل يف �ضبط احلدود‪ ،‬الأمر الذي يتيح فر�ص تهريب الأ�سلحة‬
‫�إىل داخل قطاع غزة‪ ،121‬واخلالف حول املوقف الإ�رسائيلي الراف�ض القبول مببادرة ال�سالم‬
‫العربية‪ ،122‬واخلالف حول املوقف الر�سمي احلا�سم الراف�ض ال�سماح مبرور �أو ت�سلل �سودانيني‬
‫�إىل داخل الكيان ال�صهيوين‪ ،123‬واخلالف حول امللف النووي الإ�رسائيلي‪ ،124‬وكذلك رف�ض م�رص‬
‫التحفظات الإ�رسائيلية حول امللف النووي امل�رصي‪.125‬‬
‫�أما التفاعالت �أو العالقات التعاونية فهي حمدودة يف �إطار اجتماعات ثنائية م�رصية مع‬

‫‪155‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�شخ�صيات بارزة يف احلكومة الإ�رسائيلية‪� ،‬أو امل�شاركة يف قمة رباعية �أو ثالثية م�رصية �أردنية‬
‫فل�سطينية مب�شاركة �إ�رسائيلية؛ من �أجل الدفع بعملية الت�سوية وتي�سري عملية التفاو�ض‬
‫الفل�سطينية‪ -‬الإ�رسائيلية‪ ،126‬وكذلك احلر�ص امل�رصي على �إيجاد ح ّل مل�شكلة الأ�سري الإ�رسائيلي‬
‫لدى حركة حما�س‪ ،‬عرب �صفقة تبادل للأ�رسى ُتر�ضي الطرفني الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪.127‬‬
‫�ضمن هذا الإطار ميكن القول �إن عالقات التطبيع بني م�رص و"�إ�رسائيل" حمكومة بحدود �ضيقة‬
‫ي�صعب تطورها يف ظ ّل �سيا�سات الت�شدد الإ�رسائيلية‪ ،‬وا�ستمرار احلكومة الإ�رسائيلية يف التالعب‬
‫بعملية الت�سوية‪.‬‬
‫ب‪� .‬سورية‪:‬‬
‫مع تعدد املواقف ال�سورية بالن�سبة للق�ضايا الأربع مو�ضع التحليل‪ ،‬ميكن مالحظة تركيز هذه‬
‫املواقف على ق�ضيتي الت�سوية الفل�سطينية – الإ�رسائيلية‪ ،‬والت�سوية ال�سورية – الإ�رسائيلية‪ ،‬وما‬
‫يرتبط بها من خيارات ترتاوح بني احلرب وال�سالم‪.‬‬
‫‪ .1‬املوقف ال�سوري من عملية الت�سوية الفل�سطينية – الإ�سـرائيلية‪:‬‬
‫تطور املوقف ال�سوري من اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬ح�سب تطور املوقف الأمريكي من دعوة �سورية‬
‫�إىل االجتماع �أو ا�ستبعادها‪ ،‬وهي العملية التي ا�ستمرت �أكرث من ثالثة �أ�شهر‪ .‬فب�سبب التجاهل‬
‫الأمريكي مل�شاركة �سورية يف "م�ؤمتر اخلريف"‪ ،‬ر ّد وزير اخلارجية ال�سوري وليد املعلم ب�أن �سورية‬
‫تخ�شى من �أن يرى بو�ش من هذا امل�ؤمتر بديالً عن املبادرة العربية‪ .128‬واتهم م�صدر دبلوما�سي‬
‫�سوري م�ؤمتر �أنابولي�س ب�أنه "حماولة مك�شوفة لتعومي ال�سيا�سات الأمريكية والإ�رسائيلية"‪،‬‬
‫و�أن �سورية "معنية ب�شكل مبا�رش مبلف الالجئني الفل�سطينيني كونها ت�ست�ضيف �أكرث من ن�صف‬
‫مليون منهم على �أرا�ضيها"‪ ،129‬لكن التعليق الأهم جاء على ل�سان الرئي�س ب�شار الأ�سد الذي قال �إن‬
‫"�سورية مل تتلقَ الدعوة مل�ؤمتر اخلريف‪ ،‬وحتى لو �أتت هذه الدعوة ف�إنها لن ت�شارك يف م�ؤمتر يفتقر‬
‫لفر�ص النجاح‪ ،‬ما مل تتوافر عنا�رص اجلدية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها �أن ي�شمل جدول �أعمال امل�ؤمتر اجلوالن‬
‫املحتل"‪.130‬‬
‫وانطالقا ً من هذا املوقف �أعطت �سورية ال�ضوء الأخ�رض ملنظمات املقاومة الفل�سطينية‪ ،‬لعقد‬
‫م�ؤمتر �شعبي مناه�ض الجتماع �أنابولي�س ت�شارك فيه وفود �شعبية عربية‪ .‬واعترب هذا امل�ؤمتر‬
‫مبثابة ر�سالة اعرتا�ض �سورية على ال�سيا�سة الأمريكية وعلى م�ؤمتر اخلريف‪ ،‬ولكن �أطرافا ً‬
‫عربية تدخلت لدى �سورية لوقف انعقاد هذا امل�ؤمتر‪� ،‬أو على الأقل ت�أجيله �إىل ما بعد انعقاد امل�ؤمتر‬
‫الأمريكي‪ ،‬وكان على ر�أ�س هذه الأطراف ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،131‬فقد �أعلن الطيب عبد الرحيم‪،‬‬
‫�أمني عام الرئا�سة الفل�سطينية‪� ،‬أن الرئي�س حممود عبا�س �سري�سل وفدا ً �إىل دم�شق ملطالبة القيادة‬
‫‪156‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ال�سورية بعدم ال�سماح بعقد م�ؤمتر‪ ،‬دعت �إليه ف�صائل يف منظمة التحرير وحركتي حما�س واجلهاد‬
‫الإ�سالمي و�شخ�صيات وطنية فل�سطينية‪ ،‬يرمي �إىل رف�ض لقاء اخلريف (�أنابولي�س)‪ .‬و�شدد عبد‬
‫الرحيم على �أن "�أبو مازن يعترب �أن ال�سماح بعقد هذا امل�ؤمتر يعني ال�سماح ب�إقامة منظمة حترير‬
‫جديدة؛ لأنه ي�شكل ان�شقاقا ً يف �إطار املنظمة احلايل"‪.132‬‬
‫ولكن بعد توجيه وا�شنطن الدعوة �إىل دم�شق‪ ،‬وبعد اللقاءات التي �أجراها الرئي�س ب�شار الأ�سد مع‬
‫قادة وم�س�ؤولني دوليني وعرب‪ ،‬ح�سب ما �أو�ضح حم�سن بالل‪ ،‬وزير الإعالم ال�سوري"اجتمعت‬
‫القيادة ال�سورية‪ ،‬ودر�ست الدعوة حل�ضور امل�ؤمتر‪� ،‬آخذة بعني االعتبار �إجماع وزراء اخلارجية‬
‫العرب يف اجتماع القاهرة الذي ح�رضه ‪ 17‬وزيرا ً و�أعلنت قبولها الدعوة"وقال‪�" :‬إن قبول هذه‬
‫الدعوة هو فعالً ال�ستئناف املفاو�ضات من �أجل ا�ستعادة اجلوالن"‪.133‬‬
‫وبعد هذا القبول بامل�شاركة يف امل�ؤمتر وامل�شاركة الفعلية كان على �سورية �أن تواجه ا�ستحقاقني‪:‬‬
‫�أولهما ترميم العالقة مع �إيران التي توترت ب�سبب انتقادات �إيرانية حادة لكبار امل�س�ؤولني‬
‫وتظاهرات �شعبية نددت باجتماع �أنابولي�س والدول امل�شاركة فيه‪ ،‬ور�أت فيه التفافا ً على حقوق‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪ .‬وثانيهما ف�شل امل�ؤمتر يف حتقيق ما كانت كل الأطراف ت�سعى �إىل حتقيقه ويف‬
‫مقدمتها �سورية‪ ،‬وبالذات ما يتعلق باجلوالن بعد �أن انتهى ذلك االجتماع �إىل جمرد تفاهمات حول‬
‫ا�ستئناف املفاو�ضات الفل�سطينية – الإ�رسائيلية �أمالً يف �إقامة الدولة الفل�سطينية يف نهاية عام ‪2008‬‬
‫ح�سب وعود الرئي�س الأمريكي‪.‬‬
‫بالن�سبة الحتواء توتر العالقات مع �إيران بادر وزير اخلارجية ال�سوري بلقاء ال�سفري الإيراين‬
‫يف دم�شق؛ حيث �رشح" الأ�سباب التي دعت �سورية �إىل امل�شاركة‪ ،‬مركزا ً على ما �أ�سماه بـ "الأولوية‬
‫الوطنية للجوالن"‪ ،‬و�أنه ال يجوز �أن يعقد م�ؤمتر دويل لل�سالم واجلوالن مغيبة‪� ،‬سواء �إذا كان �إمكان‬
‫جناحه يف �إطالق مفاو�ضات جادة واردا ً �أم �إذا ظ ّل جمرد مبد�أ لطرح وجهة نظر"‪ .134‬و�أحلقت �سورية‬
‫ذلك بخطوة �أخرى عندما �أوفدت في�صل املقداد‪ ،‬نائب وزير اخلارجية‪� ،‬إىل طهران؛ حيث قام بت�سليم‬
‫ر�سالة من الرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد �إىل نظريه الإيراين حممود �أحمدي جناد‪ ،‬كما قام ب�إطالع‬
‫امل�س�ؤولني الإيرانيني الذين التقاهم بنتائج امل�شاركة ال�سورية يف اجتماع �أنابولي�س‪ ،135‬خ�صو�صا ً‬
‫و�أن املقداد هو الذي تر�أ�س الوفد ال�سوري يف ذلك االجتماع‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لال�ستحقاق الثاين فقد نفى �إيهود �أوملرت رئي�س احلكومة الإ�رسائيلية �أن تكون‬
‫"�إ�رسائيل" والواليات املتحدة قد خدعتا �سورية يف م�س�ألة اجلوالن؛ فقد �أو�ضح �أن املو�ضوع‬
‫ال�سوري "�سيكون عابرا ً"‪ ،‬و�أملح �إىل �أن م�س�ألة املفاو�ضات مع �سورية "مل تن�ضج بعد"‪ ،‬م�ضيفا ً �أن‬

‫‪157‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫"�سورية تعرف ما هي �رشوطنا لذلك"‪ .136‬هذا التعليق وجد �صداه لدى ال�صحف الإ�رسائيلية التي‬
‫توافقت حول حم�صلة اجتماع �أنابولي�س يف �أن "الثالثي‪ :‬بو�ش – �أوملرت – �أبو مازن خرج رابحا ً‬
‫مع تفاوت يف ن�سبة النجاح الذي حققه كل منهم"‪ ،‬و�أن �سورية "هي اخلا�رس الأكرب"‪ ،‬ناهيك عن �أن‬
‫"ال �أحد يف �إ�رسائيل ي�أخذ على حممل اجلد �إمكان التو�صل �إىل ت�سوية خالل املدى الزمني املحدد‪� ،‬أي‬
‫خالل عام ‪.137"2008‬‬
‫‪ .2‬املوقف ال�سوري من ال�صـراع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪:‬‬
‫تاريخيا ً ميكن القول �إن �سورية كانت على الدوام غري متوافقة مع قيادة فتح واملنظمة يف كثري‬
‫من الأمور‪ ،‬وظلت دم�شق تطرح عالمات ال�ش ّك ب�ش�أن �إدارتها للو�ضع الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬وب�ش�أن‬
‫منهجية �إدارتها لعملية الت�سوية‪ ،‬لذلك كانت �أكرث ا�ستعدادا ً وقبوالً لدعم املعار�ضة الفل�سطينية وفتح‬
‫البالد �أمامها كي متار�س ن�شاطها الذي ي�صطدم‪ ،‬يف معظم الأحيان مع ر�ؤى قيادة فتح واملنظمة‪،‬‬
‫لذلك فعندما وقعت �أحداث غزة الدامية‪ ،‬ات�سم املوقف الر�سمي ال�سوري باحلذر والرتيث يف املرحلة‬
‫الأوىل‪ ،‬ويف املرحلة الثانية انتقل �إىل حيز الدعوة �إىل ا�ستعادة الوحدة الوطنية وعدم ت�صعيد الو�ضع‬
‫�إىل درجة االفرتاق النهائي الذي ال يخدم غري العدو ال�صهيوين‪ .138‬هذا املوقف جاء مغايرا ً الجتاه‬
‫عربي �شبه عام قاده ما ي�سمى بـ"حمور االعتدال" �أو بع�ض �أطرافه‪ ،‬وهو االجتاه االنحيازي لدعم‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية ورئي�سها حممود عبا�س‪.‬‬
‫مت بني الرئي�س‬‫وقبل �أن تقع تلك الأحداث حر�صت �سورية على �إبراز دعمها التفاق مكة يف لقاء ّ‬
‫ب�شار الأ�سد وخالد م�شعل‪ ،‬رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س‪ .139‬لكن هذا الدعم كان يجري جنبا ً‬
‫�إىل جنب مع �أهمية خا�صة توليها �سورية لكل من حزب اهلل وحركة حما�س؛ ففي كلمته االفتتاحية‬
‫التي �ألقاها الرئي�س ب�شار الأ�سد يف افتتاح اجتماعات اللجنة املركزية حلزب البعث احلاكم تعهد‬
‫مبوا�صلة دعم حزب اهلل وحركة حما�س‪ .140‬لذلك جاء ان�سحاب رئي�س الوفد ال�سوري من اجتماع‬
‫وزراء خارجية الدول العربية‪ ،‬الذي عقد يف مق ّر جامعة الدول العربية للتو�صل �إىل ح ّل للأزمة بني‬
‫حركتي فتح وحما�س‪ ،‬وقد ف�رس مراقبون هذا االن�سحاب ب�أنه جاء اعرتا�ضا ً على موقف ٍ‬
‫غالب‪ ،‬تع َّمد‬
‫ال�ضغط على حركة حما�س لإخ�ضاعها ملا ي�سمى بـ"متطلبات ال�سالم"‪� ،‬أي االعرتاف ب�رشوط اللجنة‬
‫�صف رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية‬‫ّ‬ ‫الرباعية الدولية واالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ .‬كما تعمد االنحياز �إىل‬
‫حممود عبا�س‪.141‬‬
‫هذا املوقف جاء امتدادا ً ملوقف �سابق اتخذه ال�سفري ال�سوري يف القاهرة ومندوبها لدى جامعة‬
‫الدول العربية يف جل�سة اجتماع وزراء الإعالم العرب‪ .‬فقد اعرت�ض ال�سفري ال�سوري يو�سف الأحمد‬
‫على ما اعتربه جتاهل الأمانة العامة جلامعة الدول العربية لـ"املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني"‪ ،‬الذي‬
‫تهيمن عليه حركة حما�س‪.142‬‬
‫‪158‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫وكان املوقف ال�سوري من �أحداث غزة وتداعياته قد �أو�ضحه وليد املعلم الذي �أكد على �أن‬
‫الأولوية يجب �أال تكون للتفاو�ض مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬بل لتحقيق امل�صاحلة الفل�سطينية بني حركتي‬
‫فتح وحما�س‪ ،‬حمذرا ً من �أن فر�ض ح�صار على قطاع غزة �سي�ؤدي �إىل مزيد من عدم اال�ستقرار‪،143‬‬
‫وبعد �إعالن الرئي�س الفل�سطيني ح ّل حكومة حما�س‪ ،‬وت�شكيل حكومة �سالم فيا�ض‪� ،‬أعلن املعلم �أن‬
‫"�سورية تعرتف ب�رشعية الرئي�س عبا�س وحقه امل�رشوع بح ّل احلكومة‪ ،‬وهي يف الوقت نف�سه‪ ،‬ت�ؤكد‬
‫�أن هناك حكومة منتخبة �رشعيا ً وبرملانا ً �رشعيا ً"‪ .144‬وعاد فاروق ال�رشع نائب رئي�س اجلمهورية‬
‫لي�ؤكد هذا املوقف والتحذير من �أن ما يجري هو "خلط �أوراق ال �سابق له‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف فل�سطني"‪،‬‬
‫ور�أى �أن "امل�صلحة تتطلب �أن نكون نحن مع ال�شعب الفل�سطيني ومع كل الف�صائل‪ ،‬التي تعرب عن‬
‫تطلعات هذا ال�شعب املكافح‪ ،‬وال ميكن �أن نكون مع طرف �ض ّد طرف‪ ،‬خ�صو�صا ً و�أن االنحياز بهذا‬
‫ال�شكل هو انحياز تدمريي"‪ .‬واعترب �أن من يقف مع طرف �ض ّد طرف "يدمر الق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬
‫و�أ�سا�سا ً ال �سالم مع وجود �رشخ خطري يف ال�ساحة الفل�سطينية"‪ .145‬هذا املوقف جاء ليحذر من‬
‫انحياز لل�سلطة الفل�سطينية ورئي�سها حممود عبا�س و�ض ّد حركة حما�س‪ ،‬وهو انحياز ظهر طاغيا ً يف‬
‫مواقف الدول العربية‪ ،‬خا�صة تلك املن�ضوية �ضمن ما ي�سمى بـ"حمور االعتدال"‪.‬‬
‫‪ .3‬املوقف ال�سوري من دعم ال�شعب الفل�سطيني‪:‬‬
‫عربت �سورية عن مواقفها الداعمة لل�شعب الفل�سطيني يف املحافل العربية والدولية‪ ،‬وعمليا ً‬
‫تعرب �سورية عن هذا الدعم من خالل ا�ست�ضافتها ملئات الآالف من ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ولقيادات‬
‫ومقرات "منظمات الرف�ض" واملقاومة الفل�سطينية‪ ،‬الأمر الذي ي�ضعها دائما ً مو�ضع االتهام من‬
‫جانب الأمريكيني والإ�رسائيليني بدعم "الإرهاب"‪ ،‬الذي �أ�ضحى العنوان الأمريكي الر�سمي‬
‫للمقاومة ومنظمات املقاومة العربية ب�شكل خا�ص‪.‬‬
‫لذلك كان منطقيا ً �أن تدين �سورية احل�صار الإ�رسائيلي املفرو�ض على قطاع غزة‪ ،‬و�أن تدين‬
‫عمليات الق�صف والقتل واالجتياح التي ال تتوقف على القطاع‪ ،‬وكان منطقيا ً �أن تدعم �سورية فكرة‬
‫عقد قمة عربية م�صغرة ملناق�شة الأو�ضاع امل�أ�ساوية يف غزة‪ ،‬وتتطالب من خالل ات�صال مع الأمني‬
‫العام جلامعة الدول العربية بتفعيل قرار جمل�س وزراء اخلارجية العرب القا�ضي بف ّك احل�صار عن‬
‫غزة‪.146‬‬
‫‪ .4‬املوقف ال�سوري من العالقة مع "�إ�سـرائيل"‪:‬‬
‫كانت �سنة ‪ 2007‬هي ال�سنة الأكرث غمو�ضا ً فيما يتعلق ب�أفق حتقيق �سالم �سوري – �إ�رسائيلي‪،‬‬
‫واحتماالت احلرب التي مل تكن بعيدة التوقع يف �أي وقت من الأوقات‪ .‬هذا الغمو�ض مل يكن �سورياً‪،‬‬
‫بقدر ما كان �إ�رسائيلياً‪ ،‬فقد قدمت "�إ�رسائيل" �إ�شارات �شديدة الو�ضوح باجتاه الرغبة يف ا�ستئناف‬
‫مفاو�ضات ال�سالم مع �سورية‪ ،‬لكنها يف الوقت نف�سه ارتكبت اعتداءات وجتاوزات بعيدة عن نوايا‬
‫ال�سالم‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫هذا املوقف الإ�رسائيلي تلخ�صه درا�سة �صادرة عن معهد �أبحاث الأمن القومي الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫)‪ The Institute for National Security Studies (INSS‬التي حذرت من احتمال اندالع حرب‬
‫بني "�إ�رسائيل" و�سورية‪ ،‬و�أ�شارت الدرا�سة �إىل �أن �سورية و�إ�رسائيل تواجهان مع�ضلة �أمنية تت�سبب‬
‫يف ت�صعيد التوتر بينهما‪ ،‬و�أو�صت �صناع القرار باملناورة بني ر�سائل قوة الردع وبني طم�أنة �سورية‬
‫منعا ً لتدهور الأو�ضاع �إىل حرب غري خمطط لها‪ ،‬ون�صحت تل �أبيب باالحتفاظ بـ"موقف غائم"‬

‫حيال نواياها امل�ستقبلية جتاه دم�شق‪ ،‬وحتا�شي تهدئتها ب�شكل كامل‪.147‬‬


‫لكن يبدو �أن املزاج العام الإ�رسائيلي‪ ،‬و�إن كان مع مثل هذا املوقف الغائم �إال �أنه �أكرث ميالً �إىل‬
‫�إ�ضعاف �سورية وتفكيك حتالفاتها‪ ،‬حتى يت�سنى �إجبارها على قبول �سالم ير�ضي تل �أبيب؛‬
‫فالدرا�سة التي �أع ّدها معهد �أبحاث الأمن القومي الإ�رسائيلي‪ ،‬وحتمل عنوان "احلملة الإ�رسائيلية‬
‫مت حتديد الهدف فيها بـ"وجوب تقلي�ص التهديد الذي ي�شكله حزب اهلل على‬ ‫لإ�ضعاف حزب اهلل" ّ‬
‫�أمن �إ�رسائيل واال�ستقرار يف املنطقة‪ ،‬من خالل �إ�ضعاف قوته‪ ،‬وحتويله �إىل العب هام�شي غري‬
‫ذي �ش�أن يف املعادالت الإقليمية"‪ .‬وذلك عرب و�سائل متعددة تبد�أ ب�رضب العالقة بني كل من �إيران‬
‫و�سورية مع احلزب‪ ،‬ومتتد �إىل امل�سا�س بقيادة احلزب وممتلكاته وقدراته وموارده عرب "معركة‬
‫�رسية ت�ستهدف قادة احلزب يف عمليات اغتيال‪ ،‬خ�صو�صا ً �أمينه العام الذي يلعب الدور الأبرز يف‬
‫بلورة �صورة احلزب بفعل �شخ�صيته الكاريزمية وبراعته يف التنظيم"؛ حيث �إن ت�صفية ال�سيد‬
‫ح�سن ن�رص اهلل "�سيم�س جديا ً باحلزب‪ ،‬ومينح �إ�رسائيل �إجنازا ً معنويا ً من الدرجة الأوىل"‪ .148‬كل‬
‫هذا يعني �أن �سورية �أ�ضحت امل�ستهدف الأول لدرجة �أن البع�ض بات يرى �أن احلرب على �سورية مل‬
‫تعد حم�صورة يف �صيغة ال�س�ؤال‪ :‬هل �ستقع فعالً �أم ال؟ بل متى تقع من �شهور �سنة ‪2008‬؛ ل�سبب‬
‫�أ�سا�سي هو �أن �سورية ت�شكل‪ ،‬بو�ضعها احلايل‪ ،‬حلقة الو�صل الأ�سا�سية بني ما يو�صف مبحور‬
‫رش" كما تراه الواليات املتحدة‪ .149‬لقد حتولت �سورية‬ ‫"�إيران ‪� -‬سورية ‪ -‬املقاومة"‪� ،‬أي "حمور ال� ّ‬
‫يف الأ�شهر الأخرية �إىل "هدف" �أمريكي – �إ�رسائيلي‪ ،‬ومل يكن ف ّك االرتباط الفرن�سي مع دم�شق‪،‬‬
‫وحتميلها م�س�ؤولية �إف�شال جهود انتخاب رئي�س لبناين‪ ،‬على ل�سان الرئي�س الفرن�سي نيكوال‬
‫�ساركوزي ‪ ،Nicolas Sarkozy‬ثم اتهام الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش لها مبا�رشة بامل�س�ؤولية‬
‫عن �أزمة انتخاب رئي�س جديد للبنان‪� ،‬إال م�ؤ�رشات ت�ؤكد �سوء النوايا �ضدها‪ .‬لكن درا�سة معهد‬
‫ن�صت يف �أحد بنودها على فر�ض تغيري يف عالقة �سورية مع‬ ‫"�أبحاث الأمن القومي" الإ�رسائيلي ّ‬
‫حزب اهلل بهدف �إ�ضعافه‪ .‬مع مالحظة �أن تغيري �سورية ل�سيا�ستها جتاه حزب اهلل يت ّم يف احلاالت‬
‫التالية‪� :‬سقوط �أو �إ�سقاط النظام احلايل‪ ،‬وظهور نظام جديد يغري �سيا�سته مع حزب اهلل عرب التوقيع‬
‫على اتفاق �سالم مع "�إ�رسائيل" وكجزء من رزمة ترتيبات �إقليمية‪ ،‬وت�شديد ال�ضغوط الدولية على‬
‫�سورية‪ ،‬و�إحداث �رشخ �أو �أزمة يف العالقات بني دم�شق وطهران‪ .‬هذه ال�سيناريوهات التي ميكن‬

‫‪160‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�أن تفر�ض على �سورية تغيري �سيا�ستها جتاه حزب اهلل تعطي الأولوية ل�سقوط �أو �إ�سقاط النظام‬
‫يف �سورية‪ ،‬وهذا لن يت ّم �إال عرب حدوث عملية جراحية‪ ،‬حتما ً �ستكون احلرب �أوىل مراحلها‪ .‬على‬
‫الرغم من ذلك‪ ،‬فهناك اجتاه �آخر داخل "�إ�رسائيل"‪ ،‬يج ُد له �أ�صدا ًء عربية‪ ،‬يرى �رضورة احتواء‬
‫�سورية‪ ،‬عرب تفكيك ارتباطها مع �إيران‪ ،‬لأن هذا التفكيك ميكن �أن يحقق هدفني مزدوجني؛ �أولهما‪:‬‬
‫�إ�ضعاف �سورية و�إجبارها على القبول باتفاق �سالم مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬وثانيهما‪� :‬إ�ضعاف عالقتها‬
‫مع حزب اهلل‪ ،‬من خالل م�رشوع �إ�رسائيلي ي�ستهدف �إحياء �أو "عودة اخليار ال�سوري" �إىل واجهة‬
‫الدبلوما�سية الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫بع�ض ال�صحف الإ�رسائيلية تنقل عن م�س�ؤولني كبار قولهم �إن االتفاق مع �سورية ناجز بغري‬
‫مفاو�ضات‪ ،‬بينما االتفاق مع الفل�سطينيني غائب على الرغم من املفاو�ضات‪ ،‬و�أغلب الرهانات تركز‬
‫على �شخ�ص �إيهود باراك‪ ،‬وزير الدفاع‪ ،‬ب�صفته �أهم �أو �أحد �أهم العقول اال�سرتاتيجية التي ترى‬
‫�رضورة االتفاق مع �سورية حتى و�إن كان الثمن هو اجلوالن‪ ،‬والأكرث �أن البع�ض يروج ملعلومات‬
‫مفادها �أن باراك ا�ستطاع �أن ين�سج عالقات مع م�ستثمرين يهود �أمريكيني وكنديني يرون يف‬
‫�سورية �إحدى �أهم فر�ص اال�ستثمار الإقليمي‪ ،‬ناهيك عن �أن ا�ستحقاقات التفاهم مع ال�سوريني‬
‫حول اجلوالن‪� ،‬أقل وط�أة بالن�سبة لـ"�إ�رسائيل" والإ�رسائيليني من االتفاق مع الفل�سطينيني حول‬
‫�إعادة ال�ضفة الغربية‪.150‬‬
‫�صف ب�أنه "موقع‬ ‫مل ي�أتِ الهجوم الإ�رسائيلي املدعوم �أمريكيا ً على موقع يف �شمال �سورية ُو ِ‬
‫نووي م�شتبه فيه" �إال امتدادا ً لهذا التوجه‪ ،151‬الذي ا�ستهدف‪ ،‬كما و�صفه مراقبون "ا�سرتداد هيبة‬
‫الردع التي فقدت يف احلرب على لبنان عام ‪ .152"2006‬ومل ي�أتِ الر ّد ال�سوري املن�ضبط �إال امتدادا ً‬
‫للوعي بتلك التوجهات الإ�رسائيلية‪ .‬ففي معر�ض ت�شهريه بهذا العمل الذي يع ّد انتهاكا ً لل�سيادة‬
‫ال�سورية اهتم وليد املعلم ب�أن ي�شري �إىل �أن "خرق الطائرات الإ�رسائيلية للأجواء ال�سورية جاء بعد‬
‫�ساعات من نقل م�س�ؤول ال�ش�ؤون اخلارجية يف االحتاد الأوروبي خافيري �سوالنا[‪]Javier Solana‬‬
‫�إليه ر�سالة �شفهية مفادها �أن رئي�س احلكومة الإ�رسائيلية �أوملرت �سيبد�أ خف�ض عدد قواته املنت�رشة‬
‫يف مرتفعات اجلوالن املحتلة على خلفية التوتر بني البلدين" �أي �أن "�إ�رسائيل" وهي تبلغ �سوالنا هذه‬
‫الر�سالة كانت توا�صل الإعداد الخرتاق الأجواء ال�سورية ‪.153‬‬
‫هذا الر ّد ال�سوري كان يعك�س حر�صا ً مزدوجاً‪ ،‬فهو من ناحية يعك�س حر�صا ً على عدم‬
‫اال�ستدراج يف حرب مل حتددها دم�شق‪ ،‬ويعك�س من ناحية �أخرى حر�صا ً �سوريا ً على جماراة‬
‫املبادرات الإ�رسائيلية املتعددة لفتح حوار �أو مفاو�ضات �سالم‪ ،154‬بل �إن البع�ض حتدث عن حوارات‬
‫�سورية – �إ�رسائيلية غري مبا�رشة‪ ،‬وعن و�ساطات بني الطرفني �أبرزها الو�ساطة الرتكية‪ ،‬والو�ساطة‬
‫الرو�سية‪.155‬‬

‫‪161‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بهذا املعنى ميكن فهم تلك اال�ستجابة ال�سورية املتحفظة‪ ،‬واملوقف ال�سوري املرتدد بني خياري‬
‫احلرب وال�سالم؛ ففي الوقت الذي �شكك فيه فاروق ال�رشع‪ ،‬نائب رئي�س اجلمهورية‪ ،‬يف فر�ص‬
‫ال�سالم مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬عندما �أو�ضح "�أن ال مفاو�ضات بني �سورية و�إ�رسائيل دون موافقة �أمريكية‬
‫�رصيحة"‪ ،‬وعندما قال �إن "مو�ضوع ال�سالم مع �إ�رسائيل مرتبط بكل ما يجري يف املنطقة"‪ ،156‬ف�إنه‬
‫عاد بعد �أ�شهر قليلة لي�ؤكد �أن �سورية "ال تريد حربا ً مع �إ�رسائيل لكنها تلم�س ا�ستعدادا ً �إ�رسائيليا ً‬
‫لها"‪ .157‬لكن وليد املعلم كان �أكرث و�ضوحا ً عندما �أكد �أن �سورية "�أكرث من م�ستعدة ال�ستئناف‬
‫مفاو�ضات ال�سالم مع �إ�رسائيل من دون �رشوط م�سبقة من الطرفني"‪ ،‬وزاد‪�" :‬إذا قرر الإ�رسائيليون‬
‫ا�ستئناف املفاو�ضات �سيجدون �رشيكا ً جاهزا ً"‪ ،‬وجاء احلر�ص ال�سوري على ح�ضور اجتماع‬
‫�أنابولي�س لي�ؤكد هذا التوجه ال�سوري‪.158‬‬
‫ج‪ .‬الأردن‪:‬‬
‫احتلت عملية الت�سوية �أولوية ملحوظة يف االهتمامات الأردنية �ضمن تن�سيق ملحوظ مع‬
‫الواليات املتحدة و"�إ�رسائيل" من ناحية ومع م�رص من ناحية ثانية‪ ،‬ولي�ست هناك غرابة يف ذلك �إذا‬
‫�أخذنا يف االعتبار �أن م�رص والأردن هما من بادرا بعقد اتفاقية �سالم مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وهما‬
‫اجلوار املبا�رش لقطاع غزة وال�ضفة الغربية؛ ف�ضالً عما يفر�ضه ذلك من �ضغوط وم�س�ؤوليات تدفع‬
‫البلدين للمثابرة يف بذل اجلهود من �أجل حتقيق ت�سوية على امل�سار الفل�سطيني ملا ميثله ذلك من‬
‫م�صلحة وطنية مبا�رشة‪ .‬كما احتل ال�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني الأولوية الثانية يف االهتمامات‬
‫الأردنية �ضمن الق�ضايا الأربع مو�ضع التحليل‪.‬‬
‫‪ .1‬الأردن وعملية الت�سوية‪:‬‬
‫�أخذ االهتمام الأردين بعملية الت�سوية الفل�سطينية – الإ�رسائيلية م�سارين؛ �أولهما‪ :‬م�سار حتفيز‬
‫التفاو�ض الفل�سطيني – الإ�رسائيلي وامل�شاركة يف �إزاحة العقبات التي تعرت�ض طريق هذا التفاو�ض‬
‫وتهيئة الظروف املنا�سبة لإجناحه‪ .‬وثانيهما‪� :‬إعادة تداول فكرة الفيدرالية �أو الكونفيدرالية‬
‫الأردنية – الفل�سطينية‪ ،‬و�إن كان ب�شكل غري مبا�رش عن طريق فعاليات �أردنية وفل�سطينية‪ ،‬مع‬
‫حر�ص على تغييب الدور الر�سمي الأردين‪ ،‬خ�شية �أية ردود فعل راف�ضة لهذا التوجه‪.‬‬
‫(�أ) بالن�سبة للم�سار الأول‪ ،‬عمل الأردن على دفع م�سرية الت�سوية من خالل جهود �أردنية‬
‫مبا�رشة مع كل من "�إ�رسائيل" والواليات املتحدة‪ ،‬ومن خالل تن�سيق ثنائي مع م�رص �أو مع رئي�س‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وكذلك من خالل لقاءات قمة ثالثية و�أخرى رباعية مب�شاركة �إيهود �أوملرت‬
‫رئي�س احلكومة الإ�رسائيلية‪ .‬كما �سعى الأردن �إىل القيام بدور ملحوظ يف تفعيل مبادرة ال�سالم‬
‫العربية بالتن�سيق مع م�رص وبتكليف من القمة العربية يف الريا�ض‪ ،‬هذا الدور الأردين توا�صل‬
‫مع دعوة الرئي�س الأمريكي لعقد اجتماع �أنابولي�س؛ حيث اهتم الأردن بتن�سيق املواقف العربية‬
‫‪162‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫لإجناح هذا االجتماع‪� ،‬سواء �ضمن �إطار جمل�س وزراء اخلارجية العرب �أم �ضمن التن�سيق الثنائي‬
‫مع م�رص‪.‬‬
‫هذا التوجه عبرّ عنه العاهل الأردين امللك عبد اهلل الثاين مبكراً‪ ،‬يف حواره مع الإعالمي الأمريكي‬
‫ت�شاريل روز ‪ Charlie Rose‬يف حمطة "بي بي �أ�س" )‪،Public Broadcasting Service (PBS‬‬
‫يف معر�ض انتقاده ل�سلبية املوقف الأمريكي من عملية الت�سوية‪ ،‬عندما ذكر �أن تردد وا�شنطن يف‬
‫معاجلة الق�ضية الأ�سا�سية يف املنطقة‪ ،‬وهي الق�ضية الفل�سطينية‪� ،‬سي�ؤدي �إىل تراجع امل�صداقية‬
‫الأمريكية‪.159‬‬
‫وقد �شارك عبد الإله اخلطيب مع نظريه امل�رصي �أحمد �أبو الغيط يف لقاء بالقاهرة مع ت�سيبي‬
‫ليفني‪ .‬وهو اللقاء الذي �شهد خالفا ً بني الوزيرين والوزيرة الإ�رسائيلية ب�سبب رف�ضها مبادرة‬
‫ال�سالم العربية‪ .‬ويف هذا اللقاء �أكد الوزير الأردين �رضورة احرتام "�إ�رسائيل" للأرا�ضي‬
‫اخلا�ضعة لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ووقف �سيا�سة االغتياالت وكافة �أ�شكال الت�صعيد الع�سكري جتاه‬
‫الفل�سطينيني‪.160‬‬
‫ويف قمة �رشم ال�شيخ الرباعية التي �شارك فيها ملك الأردن مع الرئي�س مبارك وحممود عبا�س‬
‫و�إيهود �أوملرت‪ ،‬عقب �أحداث غزة الدامية‪ ،‬دعا امللك عبد اهلل �إىل �إطالق مفاو�ضات �سيا�سية ت�ستند‬
‫�إىل قرارات ال�رشعية الدولية ومبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬م�شددا ً على �أهمية حتديد جدول الأعمال‬
‫واجلدول الزمني املقرتح لهذه املفاو�ضات التي ت�ؤدي �إىل �إقامة الدولة الفل�سطينية‪ ،‬كما ر�أى امللك‬
‫عبد اهلل �أن التطورات الدامية يف قطاع غزة "ال تخدم ال�شعب الفل�سطيني وق�ضيته العادلة"‪.161‬‬
‫وبعد تعرث تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬حتول الرتكيز الأردين �إىل اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬ولهذا‬
‫الغر�ض التقى امللك عبد اهلل الثاين بالرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك يف الإ�سكندرية؛ من �أجل تن�سيق‬
‫املواقف العربية قبل امل�شاركة يف ذلك االجتماع‪ ،‬حتى يخرج بنتائج �إيجابية‪ .162‬وقبيل انعقاد‬
‫اجتماع �أنابولي�س �شارك امللك عبد اهلل الثاين يف قمة ثالثية ب�رشم ال�شيخ مع الرئي�س ح�سني مبارك‬
‫وحممود عبا�س رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬وكان تركيز هذه القمة من�صبا ً على �سبل �إعداد املوقف‬
‫العربي قبيل انعقاد اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬و�شهدت تبادالً لنتائج ات�صاالت كل من الرئي�س ح�سني‬
‫مبارك وامللك عبد اهلل الثاين والرئي�س �أبو مازن مع الأطراف الإقليمية والدولية‪ ،‬وقد �شهدت القمة‪،‬‬
‫ح�سب ت�رصيحات املتحدث با�سم رئا�سة اجلمهورية يف م�رص تطابقا ً يف وجهات النظر حول �أن هذا‬
‫االجتماع‪ ،‬مبا خرجت به هذه االت�صاالت‪ ،‬يف�سح املجال ملزيد من التفا�ؤل‪.163‬‬
‫(ب) �أما امل�سار الثاين اخلا�ص مب�س�ألة الفيدرالية �أو الكونفيدرالية‪ ،‬فهو ي�أتي امتدادا ً للنهج‬
‫ذاته الذي �صاغ تلك املبادرة‪� ،‬أي نهج التفاهمات العربية حول احلقوق الفل�سطينية مبا يتوافق‬
‫مع امل�صالح الإ�رسائيلية‪ .‬فقد ترددت �أنباء عقد لقاءات يف مدينة �أريحا يف ال�ضفة الغربية ومدينة‬
‫‪163‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫العقبة الأردنية لدرا�سة الظروف املحيطة لإجناح م�رشوع فيدرالية الأردن وفل�سطني‪ ،‬وتوا�صلت‬
‫رس اللجنة التنفيذية ملنظمة‬
‫هذه اللقاءات مب�شاركة وترتيب �أ�شخا�ص مثل يا�رس عبد ربه‪� ،‬أمني � ّ‬
‫التحرير‪ ،‬وقيادات فتحاوية مثل جربيل الرجوب‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عبد ال�سالم املجايل‪ ،‬رئي�س الوزراء‬
‫الأردين الأ�سبق‪ ،‬وما ال يقل عن ‪� 150‬شخ�صية من قادة الر�أي الفل�سطيني ورجال الأعمال و�أ�ساتذة‬
‫اجلامعات والإعالم‪� ،‬إ�ضافة �إىل ما يزيد عن ‪� 50‬شخ�صية �أردنية مهمة‪.164‬‬
‫وحتت �شعار التحدث املبا�رش �إىل فعاليات املجتمع الإ�رسائيلي والفل�سطيني قامت جهات �أردنية‪،‬‬
‫وفق تلك الأنباء‪ ،‬بطرح فكرة �إن�شاء احتاد فيدرايل بني الأردن وال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أن قادة �إ�رسائيليني‬
‫�أبدوا اهتماما ً كبريا ً باخلطة‪ ،‬مما دفع �إيهود �أوملرت �إىل �إر�سال ممثل حزب كادميا عتنيئل �شنيلر‬
‫‪ Otniel Schneller‬لالطالع على تفا�صيل امل�رشوع ودرا�سته‪ .‬و ُذكر �أن اخلطة عر�ضت على‬
‫الرئي�س الفل�سطيني الذي حتفظ عليها ‪.165‬‬
‫ويظهر �أن هذه الطروحات مل تن�ضج بعد ب�شكل كاف‪ ،‬ومل تلقَ حما�سا ً فل�سطينيا ً �أو �أردنيا ً كافياً‪.‬‬
‫وقد نقلت وكالة الأنباء الأردنية عن امللك عبد اهلل الثاين خالل لقائه ب�سفراء دول االحتاد الأوروبي‬
‫يف منزل ال�سفري الأملاين بع ّمان قوله �إن "مفهوم الكونفيدرالية �أو الفيدرالية الأردنية – الفل�سطينية‬
‫لي�س يف قامو�سنا‪ ،‬ولن نقبل اخلو�ض يف هذا املو�ضوع يف الوقت احلايل"‪ ،‬م�شريا ً �إىل �أنه "من املمكن �أن‬
‫يقبل الأردن البحث يف هذا الطرح يف امل�ستقبل وبعد قيام الدولة الفل�سطينية امل�ستقلة‪ ،‬يف حال حظي‬
‫بر�ضى كامل من قبل ال�شعب الأردين والفل�سطيني"‪.166‬‬
‫وبعدها �أعلن املتحدث الر�سمي با�سم احلكومة الأردنية نا�رص جودة �أن ما تردد حول حتركات‬
‫�سيا�سية �أردنية جتاه �شخ�صيات فل�سطينية من �أجل بيان املوقف حيال مو�ضوع الكونفيدرالية‬
‫"ال يعرب عن املوقف الر�سمي الأردين ب�أي �شكل من الأ�شكال"‪ ،167‬ثم عاد امللك عبد اهلل لريف�ض‬
‫طروحات �إقامة كونفيدرالية �أردنية – فل�سطينية يف حوار مع جريدة الغد الأردنية‪ ،‬واعترب �أن‬
‫طرح الكونفيدرالية �أو ما ي�سمى بـ"التقا�سم الوظيفي" م�ؤامرة على الق�ضية الفل�سطينية لن ينخرط‬
‫الأردن فيها‪ ،‬وقال امللك �إن "للأردن م�صلحة �سيا�سية وا�سرتاتيجية و�أمنية يف قيام دولة فل�سطينية‬
‫م�ستقلة‪ ،‬ونحن نرف�ض �صيغة الفيدرالية والكونفيدرالية"‪.168‬‬
‫‪ .2‬الأردن وال�صـراع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪:‬‬
‫�أبدت اململكة الأردنية اهتماما ًَ ملحوظا ً باحتواء عمليات االقتتال بني العنا�رص املوالية حلركة فتح‬
‫وحما�س‪ ،‬وجاء هذا االهتمام مقرونا ً بدعوة �إىل احرتام اتفاق مكة‪ ،‬ودعوة �أخرى �إىل ت�شكيل حكومة‬
‫وحدة وطنية‪ .‬هذه االهتمامات عبرّ عنها امللك عبد اهلل الثاين يف لقاءي القمة مع الرئي�س امل�رصي‬
‫ح�سني مبارك يف �شهر كانون الثاين‪ /‬يناير و�شباط‪ /‬فرباير ‪.1692007‬‬
‫الدافع املبا�رش لهذا احلر�ص هو االنعكا�سات الأمنية الداخلية واخلارجية ال�سلبية على الأردن‬
‫‪164‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫جراء االقتتال الفل�سطيني بني حركتي فتح وحما�س‪ .‬ففي لقاء جمع امللك عبد اهلل يف رم�ضان ‪1427‬‬
‫(ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ ،)2006‬مع نخبة من رجاالت الأردن من �أ�صل فل�سطيني‪ ،‬عبرّ امللك عن‬
‫هذه املخاطر بقوله‪�" :‬إن الأردن ي�ستطيع حتمل حرب �أهلية يف العراق �أو لبنان لفرتة طويلة جداً‪ ،‬لكنه‬
‫ال ي�ستطيع حتمل حربا ً مماثلة يف فل�سطني لأكرث من �شهر �أو �شهرين"‪.170‬‬
‫ت�ضع امل�صالح الوطنية الأردنية‪ ،‬كما يعرب عنها البالط امللكي واحلكومة الأردنية‪ ،‬املخاوف من‬
‫انعكا�سات ال�رصاع الإقليمي‪ ،‬ومن تنامي الدور الإيراين بركيزته الطائفية ال�شيعية التي �أ�ضحت‬
‫جوارا ً مقلقا ً للأردن يف العراق ولبنان‪ ،‬ناهيك عن التحالف الإيراين – ال�سوري‪ ،‬وعالقات �إيران مع‬
‫حركتي حما�س واجلهاد الإ�سالمي يف فل�سطني‪ .‬كما �أن الأردن‪ ،‬وبعد اتفاقيتي وادي عربة و�أ�سلو‪،‬‬
‫و�ضمن تعريفها للأولويات الوطنية‪ ،‬بد�أت متار�س �سيا�سة "الطالق ال�سيا�سي واالجتماعي" مع‬
‫احلركة الإ�سالمية يف الأردن وفل�سطني‪ ،‬و�أ�صبحت احلركة الإ�سالمية ت�شكل عبئا ً ثقيالً على الأجندة‬
‫الأردنية القائمة على الت�سوية‪ .171‬لذلك ف�إن �أي مواجهة ع�سكرية فل�سطينية حت�سم ل�صالح حركة‬
‫حما�س‪� ،‬سرياها الأردن �سلبية من هذا املنظور‪.‬‬
‫لهذه الأ�سباب كان احلر�ص الأردين على جتنب �أي مواجهة ع�سكرية بني حركتي فتح وحما�س‪،‬‬
‫حتى ال تمُ نح حما�س فر�صة حتقيق انت�صار ع�سكري �ض ّد ال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬ولهذه الأ�سباب‬
‫نف�سها كان االنحياز الأردين لل�سلطة الفل�سطينية ورئي�سها حممود عبا�س بعد ما حدث يف غزة‪،‬‬
‫والذي اعترب تهديدا ً مل�صالح وطنية و�إقليمية �أردنية‪.‬‬
‫لقد تركز املوقف الأردين يف �أمرين؛ �أولهما‪ :‬الدعوة �إىل وقف االقتتال‪ ،‬وثانيها‪ :‬دعم وحماية‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية ورئي�سها حممود عبا�س‪ .‬عرب عن هذا املوقف امللك عبد اهلل الثاين �أكرث من مرة‬
‫�سواء يف ت�رصيحات �أم م�ؤمترات ولقاءات قمة ثنائية مع الرئي�س امل�رصي‪� ،‬أم مع الرئي�س الفل�سطيني‬
‫ولقاءات قمة ثالثية �أردنية – م�رصية – فل�سطينية‪ ،‬وكذلك القمة الرباعية يف �رشم ال�شيخ التي‬
‫�شارك فيها �إيهود �أوملرت‪ ،‬والتي خ�ص�صت لدعم ال�سلطة وا�ستئناف املفاو�ضات الفل�سطينية –‬
‫الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫فور اندالع القتال الدامي يف قطاع غزة‪ ،‬دعا امللك عبد اهلل الثاين يف ات�صال هاتفي مع الرئي�س‬
‫الفل�سطيني‪� ،‬إىل اتخاذ جميع اخلطوات الكفيلة بحقن الدماء الفل�سطينية‪ ،‬و�إنهاء حالة الفو�ضى‬
‫وتغليب لغة احلوار‪ .‬كما دعا �إىل حماية ال�سلطة الفل�سطينية ومنع انهيار م�ؤ�س�ساتها‪ .172‬املوقف‬
‫نف�سه �أكده رئي�س الوزراء الأردين معروف البخيت يف لقائه مع عزام الأحمد‪ ،‬نائب رئي�س الوزراء‬
‫الفل�سطيني؛ حيث �أكد على رف�ض الأردن القاطع لالقتتال‪ ،‬و�أكد �رضورة احرتام ال�رشعية الوطنية‬
‫الفل�سطينية التي جت�سدها منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬واحرتام م�ؤ�س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫الد�ستورية‪.173‬‬

‫‪165‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وبعد جناح حركة حما�س يف فر�ض �سيطرتها الكاملة على القطاع‪ ،‬بد�أ احلديث الأردين عن‬
‫التدخل الإيراين؛ ف�أعلن رئي�س احلكومة الأردنية �أن بالده ترى �أن الت�صعيد يف قطاع غزة مفتعل من‬
‫بع�ض الأطراف الإقليمية‪ ،‬ل�رصف االنتباه عن ملفات �إقليمية �أكرب‪ ،174‬ثم عاد ليتحدث عن اتفاق بني‬
‫حركة حما�س و�إيران‪ ،‬يق�ضي بقيام الأخرية بتدريب عنا�رص من احلركة وتزويدها بال�سالح‪.175‬‬
‫ولكن ما تك�شف بعد ذلك‪ ،‬وعلى ل�سان ال�صحفي الأمريكي ديفيد روز يف جملة فانتي فري الأمريكية‪،‬‬
‫كان يف اجتاه معاك�س؛ حيث ذكر �أن احلكومة الأردنية دخلت طرفا ًيف دعم خطة انقالب �ضد ّحكومة‬
‫حما�س يقوده حممد دحالن‪ ،176‬و�أن ما قامت به حركة حما�س كان مبثابة خطوة ا�ستباقية �أف�شلت‬
‫تلك اخلطة‪.‬‬
‫وعندما �أ�صدر الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س قراره بح ّل حكومة حما�س برئا�سة �إ�سماعيل‬
‫هنية‪ ،‬وت�شكيل حكومة جديدة برئا�سة �سالم فيا�ض‪ ،‬كان الأردن يف مقدمة امل�ؤيدين لهذه اخلطة‬
‫على ل�سان معروف البخيت رئي�س احلكومة‪ ،‬الذي �أعرب عن متنياته للحكومة اجلديدة بالنجاح يف‬
‫عملها‪.177‬‬
‫ويف القمة الرباعية التي عقدت يف �رشم ال�شيخ بح�ضور �إيهود �أوملرت كان املوقف الأردين متوافقا ً‬
‫مع املوقفني الإ�رسائيلي والفل�سطيني حول تقوية ال�سلطة الفل�سطينية على ح�ساب حما�س‪ ،178‬وكان‬
‫امللك عبد اهلل الثاين قد اعترب‪ ،‬يف كلمته يف تلك القمة‪� ،‬أن "التطورات الأخرية يف قطاع غزة ال تخدم‬
‫ال�شعب الفل�سطيني وق�ضيته العادلة"‪ ،‬و�شدد على "دعم الأردن لل�رشعية الفل�سطينية‪ ،‬و�رضورة‬
‫تعامل املجتمع الدويل و�إ�رسائيل مع قطاع غزة‪ ،‬باعتباره جزءا ً ال يتجز�أ من الأرا�ضي الفل�سطينية‬
‫اخلا�ضعة لوالية ال�سلطة الفل�سطينية"‪.179‬‬
‫‪ .3‬الأردن ودعم ال�شعب الفل�سطيني‪:‬‬
‫حر�ص الأردن على �إبداء التعاطف مع ال�شعب الفل�سطيني يف غزة؛ ب�سبب ما تعر�ض له من‬
‫ح�صار وجرائم �إ�رسائيلية يف الأ�سابيع الأخرية من عام ‪ 2007‬وطيلة �شهر كانون الثاين‪ /‬يناير‬
‫‪ ،2008‬وبالذات طيلة ما عرف بـ"�أزمة املعابر"‪ ،‬بعد �أن قطعت �سلطات االحتالل ال�صهيونية التيار‬
‫الكهربائي‪ ،‬ومنعت مرور �شاحنات الوقود بعد �أن �أغلقت كل املعابر‪ .‬فقد بادر امللك عبد اهلل الثاين‬
‫باالت�صال بالرئي�س امل�رصي ح�سني مبارك‪ ،‬واتفقا على موا�صلة اجلهود امل�شرتكة مع "�إ�رسائيل"‬
‫واملجتمع الدويل لف ّك احل�صار عن غزة‪ .‬وح�سب بيان للديوان امللكي الأردين اعترب امللك عبد اهلل‬
‫الثاين �أن "ا�ستمرار �إ�رسائيل يف عدوانها وحما�رصتها القطاع غري مقبول"‪ .‬كما �أجرى امللك الأردين‬
‫ات�صاالً مع الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س �أكد خالله جمددا ً رف�ض الأردن و�إدانته للعدوان‬
‫والعقوبات اجلماعية التي تفر�ضها "�إ�رسائيل" على قطاع غزة‪.180‬‬
‫املوقف الأردين مل يقت�رص على الإدانة وال�شجب والتوا�صل مع "�إ�رسائيل"‪� ،‬أو التو�سط معها‬
‫‪166‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫لف ّك احل�صار لكنه امتد �أي�ضا ً �إىل �إر�سال ‪� 16‬شاحنة من املعونات مادية غذائية وطبية �إىل قطاع غزة‪.‬‬
‫و�ضع حكوم ِة حما�س (املُقالة) الي َد على امل�ساعدة املر�سلة جلمعية‬
‫غري �أنه حدث خالف ب�سبب ْ‬
‫الهالل الأحمر الفل�سطيني‪ .‬وقد برر زياد ظاظا‪ ،‬وزير ال�ش�ؤون االجتماعية يف احلكومة املُقالة يف‬
‫م�ؤمتر �صحفي‪ ،‬ذلك ب�أن الهالل الأحمر الفل�سطيني كان ي�رسق امل�ساعدات من �أجل توزيعها خل�سة‬
‫على الأجهزة الأمنية‪ .‬وقال �إن امل�ساعدات كانت طيلة ال�سنوات املا�ضية "ت�صل �إىل الهالل الأحمر‬
‫وبدوره ي�سلمها للأجهزة الأمنية �أو للمحافظني‪ ،‬الذين يو�صلونها �إىل تنظيم حمدد و�أفراد حمددين‪،‬‬
‫ومل ت�صل لل�شعب الفل�سطيني ولو ملرة واحدة"‪.181‬‬
‫‪ .4‬الأردن والتطبيع والعالقة مع "�إ�سـرائيل"‪:‬‬
‫مل ت�شهد عالقات التطبيع �أو العالقات بني الأردن و"�إ�رسائيل" تغريات جذرية‪� ،‬سواء باجتاه‬
‫تطوير ودعم هذه العالقات �أم باجتاه انح�سارها وتراجعها؛ فقد ظلت �ضمن حدود التعاي�ش والتفاعل‬
‫املتبادل‪ ،‬وا�ستفادت الأردن من هذه العالقة للقيام بدور ملحوظ لدى ال�سلطات الإ�رسائيلية من‬
‫�أجل دعم تيار التفاو�ض بني احلكومة الإ�رسائيلية وال�سلطة الفل�سطينية برئا�سة حممود عبا�س‪،‬‬
‫وم�ساندة هذه ال�سلطة‪ ،‬ومن �أجل التخفيف من القيود واالعتداءات الإ�رسائيلية التي متار�س �ض ّد‬
‫ال�شعب الفل�سطيني �سواء يف قطاع غزة �أم يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وخا�صة ما يتعلق باحلرم القد�سي‬
‫ال�رشيف‪.‬‬
‫ففي مواجهة اعتداءات املتطرفني اليهود �ض ّد احلرم القد�سي ال�رشيف �أجرت احلكومة الأردنية‬
‫االت�صاالت الالزمة مع اجلانب الإ�رسائيلي للمطالبة ب�إخراج ه�ؤالء املتطرفني من �ساحة الأق�صى‪،‬‬
‫كما قررت تكثيف احلرا�سة يف امل�سجد وزيادة عدد احلرا�س التابعني للأردن‪.182‬‬
‫وعندما �أعلنت "�إ�رسائيل" اعتبار قطاع غزة "كيانا ً معاديا ً" رف�ضت الأردن هذا القرار واعتربته‬
‫"ال ي�ساعد على خلق البيئة املنا�سبة لإحداث التقدم امل�أمول يف عملية ال�سالم"‪ ،‬ودعا نا�رص جودة‪،‬‬
‫املتحدث با�سم احلكومة الأردنية‪� ،‬إىل �إلغاء هذا القرار و�إىل �رضورة االلتزام بالقانون الدويل يف كل ما‬
‫يتعلق بو�ضع غزة ومواطنيها الفل�سطينيني‪.183‬‬
‫د‪ .‬لبنان‪:‬‬
‫على الرغم من �أن اجلبهة اللبنانية كانت �أهم و�أكرث جبهات املواجهة العربية مع الكيان ال�صهيوين‬
‫�إال �أن لبنان ا�ستنزف �سنة ‪ 2007‬يف �أزمته الداخلية‪ ،‬وتفاقم االن�شغال اللبناين بتفجر �أزمة خميم‬
‫نهر البارد‪ ،‬التي �أثارت العديد من الت�سا�ؤالت حول م�ستقبل الفل�سطينيني وخميماتهم يف لبنان‪،‬‬
‫وحقوقهم املدنية‪ ،‬و�إ�شكاليات نزع ال�سالح الفل�سطيني‪ ،‬وق�ضية التوطني‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ومثلما ان�شغل العراق بنكبته الداخلية‪ ،‬ان�شغل لبنان ب�رصاعه الداخلي‪ ,‬الأمر الذي بات يطرح‬
‫ت�سا�ؤالت حول خمطط تفجري ال�رصاعات الداخلية يف الدول العربية‪ ،‬وهل تفجري هذه ال�رصاعات‬
‫ي�أتي �ضمن امل�رشوع الأمريكي لإعادة تق�سيم ما �سبق تق�سيمه من الوطن العربي �إىل دويالت‬
‫طائفية وعرقية‪ ،‬بعد �أن �سبق تق�سيمه �إىل دول �أ�شبه بالأ�شالء‪ ،‬حالت دون نهو�ضه لبناء م�رشوعه‬
‫النه�ضوي امل�أمول‪� ،‬أم �أنه حمكوم فقط بحدود االن�شغال عن الق�ضية املركزية للعرب �أي ق�ضية‬
‫فل�سطني‪ ،‬وجعل القطري (الوطني) يطغى على القومي �ضمن هموم العرب املرتاكمة‪.‬‬
‫كانت هناك بع�ض التفاعالت اللبنانية املحدودة مع بع�ض التطورات احلرجة يف م�سار الق�ضية‬
‫مت توقيع اتفاق مكة بني حركتي فتح وحما�س يف �شباط‪ /‬فرباير‬ ‫الفل�سطينية �سنة ‪ .2007‬فعندما ّ‬
‫‪ ،2007‬رحبت به معظم القيادات والفعاليات ال�سيا�سية اللبنانية‪ ،‬ور�أى الرئي�س اللبناين �إميل حلود‬
‫فيه تطورا ً �إيجابيا ً يحقن الدماء ويخنق احلرب الأهلية يف املهد‪ ،‬واعترب �أن تغليب احلوار يقطع‬
‫ي�صح �أي�ضا ً على لبنان؛‬
‫ّ‬ ‫ي�صح على فل�سطني‬
‫ّ‬ ‫الطريق على امل�ؤامرة الإ�رسائيلية‪ ،‬وخل�ص �إىل �أن ما‬
‫حيث الرهان على الوحدة الوطنية يجب �أن يكون �أقوى من �أي رهانات �أخرى‪ .184‬وقد �أجرى ف�ؤاد‬
‫ال�سنيورة‪ ،‬رئي�س احلكومة اللبنانية‪ ،‬ات�صاالً بامللك عبد اهلل بن عبد العزيز ووزير خارجيته �سعود‬
‫الفي�صل‪ ،‬حيث �شكر لل�سعودية دورها يف �إجناز االتفاق بني الفل�سطينيني‪.185‬‬
‫وعلى الرغم من االن�شغال الفل�سطيني ب�أزمة نهر البارد (�أيار‪ /‬مايو ‪ ،)2007‬ف�إن لبنان كان‬
‫متابعا ً لتطورات الق�ضية الفل�سطينية‪� ،‬أو بتحديد �أكرث بع�ض تطورات هذه الق�ضية؛ فقد غاب املوقف‬
‫اللبناين الر�سمي من �رصاعات غزة بني حركتي حما�س وفتح يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬لكن‬
‫عندما قررت الإدارة الأمريكية زيادة امل�ساعدات لـ"�إ�رسائيل" كان للحكومة اللبنانية موقفا ً راف�ضاً‪،‬‬
‫واعتربتها ت�سهم يف زيادة القلق العربي واللبناين على امل�ستقبل‪ .186‬وعندما �أحكم الإ�رسائيليون‬
‫ح�صارهم على قطاع غزة‪ ،‬ويف ذروة �أزمة املعابر‪� ،‬أجرى رئي�س احلكومة اللبنانية ف�ؤاد ال�سنيورة‬
‫ات�صاالً هاتفيا ً مع مفو�ض الأمن وال�ش�ؤون اخلارجية يف االحتاد الأوروبي خافيري �سوالنا‪ ،‬و�أبلغه‬
‫ا�ستنكار احلكومة اللبنانية مما تقوم به "�إ�رسائيل" �ض ّد الفل�سطينيني‪ ،‬وطالب االحتاد الأوروبي‬
‫بالعمل على وقف الإجراءات الإ�رسائيلية‪.187‬‬
‫م�أ�ساة نهر البارد‪:‬‬
‫�شكل الإعالن عن والدة تنظيم فتح الإ�سالم يف ‪ ،2006/11/27‬بعد ان�شقاقه عن حركة فتح‬
‫االنتفا�ضة و�سيطرته على مواقعها يف خميم نهر البارد‪ ،‬بداية حلقبة جديدة لالجئني الفل�سطينيني يف‬
‫هذا املخيم‪ .‬وعلى ما يبدو ف�إن التنظيم ا�ضطر للإعالن عن نف�سه مبكراً؛ حيث مت اكت�شاف جمموعة‬
‫تابعة له يف خميم البداوي قبل يوم من الإعالن‪ ،‬فاعتقلت القوة الأمنية يف املخيم بع�ضهم‪ ،‬و�سلمتهم‬
‫لل�سلطات اللبنانية‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ُيقدر عدد الذين ان�شقوا عن تنظيم فتح االنتفا�ضة بقيادة �شاكر العب�سي بنحو ‪ 80‬عن�رصا ً‪.188‬‬
‫ومع بداية املعركة يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬قدرت جهات �أمنية لبنانية عدد مقاتلي فتح الإ�سالم بنحو‬
‫‪ 150‬مقاتالً‪ ،‬فيما ذكر �أحد قيادات فتح الإ�سالم‪ ،‬املعروف ب�أبي هريرة‪� ،‬أن التنظيم ي�ضم ‪500‬‬
‫مقاتل‪ .189‬ويظهر �أن هذا التنظيم‪ ،‬ذو التوجه الإ�سالمي اجلهادي‪ ،‬ا�ستطاع ا�ستقطاب العديد من‬
‫العنا�رص املحلية‪ ،‬ف�ضالً عن جمموعة من الإ�سالميني من جن�سيات �إ�سالمية وعربية خمتلفة‪.‬‬
‫بد�أت �أحداث نهر البارد على خلفية اتهام ال�سلطات اللبنانية جمموعة من عنا�رص فتح الإ�سالم‬
‫بال�سطو على فرع بنك البحر املتو�سط يف منطقة الكورة �شمال لبنان يف ‪2007/5/19‬؛ وهو ما دعا‬
‫قوى الأمن الداخلي �إىل مداهمة �إحدى �شقق فتح الإ�سالم يف مدينة طرابل�س‪ .‬وعلى �أثر ذلك هاجمت‬
‫جمموعة من عنا�رص فتح الإ�سالم‪ ،‬املتمركزة يف خميم نهر البارد‪ ،‬حواجز اجلي�ش اللبناين على‬
‫مدخلي املخيم‪ ،‬وقتلت ‪ 23‬ع�سكريا ً لبنانيا ً‪ .190‬ويف الوقت ذاته تعر�ضت دورية ع�سكرية‪ ،‬يف منطقة‬
‫القلمون جنوب مدينة طرابل�س‪ ،‬لهجوم م�سلح من عنا�رص فتح الإ�سالم‪.‬‬
‫بد�أ اجلي�ش اللبناين عمليات الق�صف على خميم نهر البارد م�ستخدما ً املدفعية الثقيلة واملدافع‬
‫الر�شا�شة فجر ‪ ،2007/5/20‬وطالب عنا�رص فتح الإ�سالم باال�ست�سالم‪� ،‬إال �أن عنا�رص هذا التنظيم‬
‫رف�ضوا ت�سليم �أنف�سهم وقاتلوا ب�رشا�سة‪ .‬وبعد مرور ثالثة �أيام من بدء املعركة‪ ،‬التي �سقط خاللها‬
‫‪ 27‬قتيالً مدنيا ً و‪ 30‬عن�رصا ً من اجلي�ش اللبناين‪ ،‬تو�صل الطرفان عرب الو�سطاء �إىل هدنة �أ�سهمت يف‬
‫خروج الآالف من �أبناء املخيم‪ ،‬الذين نزحوا �إىل مناطق خمتلفة حتت ظروف �إن�سانية �صعبة‪ .191‬وقد‬
‫متكن اجلي�ش اللبناين يف �أثناء الهدنة من ا�ستكمال تعزيزاته يف حميط املخيم‪ ،‬ويف هذا الإطار ال بد من‬
‫الإ�شارة �إىل �أن اجلي�ش اللبناين يف �أيامه الأوىل ا�ستنفد خمزونه من الذخائر‪ ،‬وهو ما ا�ستدعى �أمريكا‬
‫وبع�ض الدول العربية �إىل الإ�رساع بتزويده بالذخائر والأ�سلحة اجلديدة‪.192‬‬
‫لقد �شكل خروج املدنيني من املخيم فر�صة كبرية للجي�ش لتكثيف هجماته وت�ضييق اخلناق‬
‫على املقاتلني املحا�رصين داخل املخيم‪ ،‬م�ستخدما ً القنابل واملدفعية الثقيلة؛ وهو ما �أدى �إىل تدمري‬
‫رصح رئي�س الوزراء اللبناين ف�ؤاد ال�سنيورة معلقا ً على خروج‬ ‫�شبه كامل للمخيم‪ .‬ويف هذا الإطار � ّ‬
‫الفل�سطينيني من املخيم؛ حيث قال "�إن خروجهم م�ؤقت‪ ،‬وعودتهم م�ؤكدة‪ ،‬وااللتزام ب�إعمار ما‬
‫تهدم حمتم"‪.193‬‬
‫انتهت املعركة بني تنظيم فتح الإ�سالم واجلي�ش اللبناين بعد حماولة عنا�رص فتح الإ�سالم الفرار‬
‫من املخيم يف ‪ .2007/9/2‬وهكذا‪ ،‬بعد مرور ما يقارب �أربعة �أ�شهر على بدء املعارك‪� ،‬أعلن وزير‬
‫الدفاع اللبناين اليا�س املر عن �سقوط ‪ 222‬قتيالً من عنا�رص فتح الإ�سالم‪ ،‬واعتقال ‪� 202‬آخرين‪،‬‬
‫ومقتل ‪ 163‬جنديا ً لبنانياً‪ ،‬وجرح ما بني ‪� 500-400‬آخرين‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �سقوط ‪ 33‬قتيالً مدنيا ً‪.194‬‬
‫كما نتج عن هذه املعركة تدمري اجلزء الأكرب من خميم نهر البارد‪ ،‬ونزوح ما يقارب ‪� 40‬ألف الجئ‬

‫‪169‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫فل�سطيني من �أبنائه‪ ،‬وقد ُق ِّدرت قيمة �إعادة �إعمار املخيم وحميطه‪ ،‬وتكاليف �إغاثة �سكانه‪ ،‬مبا‬
‫جمموعه ‪ 382.5‬مليون دوالر‪.195‬‬
‫وكما هو احلال يف جميع نواحي احلياة اللبنانية فقد مت ت�سيي�س معركة نهر البارد يف الو�سط‬
‫اللبناين؛ ففي الوقت الذي ع َّد فيه حزب اهلل �أن التعر�ض للجي�ش اللبناين وللمدنيني اللبنانيني‬
‫خط �أحمر‪ ،‬وطالب ب�أن تكون املعاجلة "�سيا�سية �أمنية ق�ضائية‬ ‫والفل�سطينيني يف خميم نهر البارد ّ‬
‫حتفظ اجلي�ش‪ ،‬وال ت�ؤدي �إىل حرب خميمات جديدة"‪� ،196‬أكد العماد مي�شيل عون على �أن اجلي�ش‬
‫اللبناين ينبغي �أن ال يتفاو�ض مع "�إرهابيي فتح الإ�سالم‪ ،‬و�إمنا يجب اعتقالهم وحماكمتهم"‪.197‬‬
‫كما �أعلنت احلكومة اللبنانية �أنها "م�صممة على اقتالع هذه الع�صابة الإرهابية‪ ،‬وال تفاو�ض معها‬
‫حتت �أي ظرف من الظروف"‪ .198‬وفور �سيطرة اجلي�ش على املخيم‪� ،‬سارع رئي�س احلكومة اللبنانية‬
‫ف�ؤاد ال�سنيورة للت�أكيد على �أن املخيم �سيكون "حتت �سلطة الدولة اللبنانية دون �سواها"‪ .199‬فيما‬
‫دعا رئي�س حزب الكتائب اللبنانية الرئي�س �أمني اجلميل �إىل �إنهاء ملف الأمن الذاتي‪ ،‬ودعا �إىل تعميم‬
‫جتربة نهر البارد وب�سط �سلطة الدولة اللبنانية على كل املخيمات الفل�سطينية‪.200‬‬
‫�أما بالن�سبة للموقف الفل�سطيني‪ ،‬فعلى الرغم من تباين مواقف الف�صائل الفل�سطينية يف �سبل‬
‫حل م�شكلة فتح الإ�سالم‪� ،‬إال �أن القوى الإ�سالمية والف�صائل الوطنية �أدانت ما قام به عنا�رص فتح‬
‫ا�ستهداف للجي�ش اللبناين‪ .‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬رف�ضت حركة حما�س املعاجلة الأمنية‬ ‫ٍ‬ ‫الإ�سالم من‬
‫للم�شكلة وطالبت �أن يكون احلل �سيا�سيا ً و�إن�سانياً‪ ،‬مبا يجنب املدنيني الفل�سطينيني واللبنانيني‬
‫�أية معاناة‪ ،‬ومبا يحفظ للدولة واجلي�ش اللبناين �سلطته وهيبته‪� .201‬أما بالن�سبة حلركة فتح فقد‬
‫رسها يف لبنان �سلطان �أبو العينني عن ا�ستعداد حركته للق�ضاء على فتح‬ ‫�أعلنت على ل�سان �أمني � ّ‬
‫الإ�سالم‪ ،‬حيث قال �أبو العينني "يجب قطع هذه الب�ؤرة‪ ...‬وال نريد �أن تكون بوابة احلرب اللبنانية‬
‫من املخيمات الفل�سطينية"‪.202‬‬
‫لقد ت�سببت م�أ�ساة نهر البارد مبعاناة ال تو�صف لالجئني الفل�سطينيني الأبرياء‪ ،‬الذين ال ميكن‬
‫حتميلهم م�س�ؤولية فئة دخلت �إىل لبنان و�سكنت فيه‪ ،‬حتت �سمع ال�سلطات وب�رصها‪ .‬وحتى بعد‬
‫انتهاء احلرب ف�إن مظاهر املعاناة قد ا�ستمرت‪� ،‬سواء كان ذلك من جراء الهجرة الق�رسية‪� ،‬أم ب�سبب‬
‫الدمار واخل�سائر التي حلقت باملمتلكات وم�صادر الرزق‪� ،‬أم ب�سبب الإجراءات الأمنية‪ ،‬ف�ضالً عن‬
‫حالة االحتقان جتاه الالجئني‪ ،‬ب�سبب قيام بع�ض الأطراف بالتعبئة والتحري�ض �ضدهم‪ ،‬يف الوقت‬
‫الذي يتم فيه جتاهل الأ�سباب احلقيقية للأزمة‪.‬‬
‫‪ .2‬دول اخلليج واجلزيرة العربية‪:‬‬
‫�إذا �أخذنا معدل كثافة التفاعالت مع الق�ضية الفل�سطينية �سنة ‪ ،2007‬ف�إن دول اخلليج واجلزيرة‬
‫العربية (دول جمل�س التعاون لدول اخلليج العربية واليمن) ت�أتي يف املرتبة الثانية بعد دول املواجهة‪،‬‬
‫‪170‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫بل �إن تفاعالت اململكة العربية ال�سعودية مع هذه التطورات �سنة ‪ 2007‬جعلتها يف م�صاف دول‬
‫املواجهة‪ .‬رمبا لأن اململكة هي الرئي�س الدوري للقمة العربية يف العام نف�سه‪ ،‬ورمبا ب�سبب تطورات‬
‫حلقت بالدور ال�سعودي على امل�ستويني القومي والإقليمي‪ .‬لذلك ف�إننا �سوف منيز يف مواقف دول‬
‫اخلليج واجلزيرة العربية ما بني املوقف ال�سعودي وبني املوقف اليمني ثم موقف الدول اخلم�س‬
‫الأخرى �أع�ضاء جمل�س التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫�أ‪ .‬ال�سعودية‪:‬‬
‫ات�سم الأداء ال�سعودي بقدر كبري من التميز يف تفاعله مع الق�ضية الفل�سطينية يف جمالني‬
‫رئي�سيني؛ الأول‪ :‬هو االقتحام القومي لل�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪ ،‬من خالل عقد م�صاحلة‬
‫بني حركتي فتح وحما�س عرفت بـ"اتفاق مكة"‪ .‬والثاين‪ :‬هو عملية ال�سالم من خالل حمل لواء دعوة‬
‫�إعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬وت�أييد فكرة عقد م�ؤمتر دويل برعاية �أمريكية‪ ،‬مع حر�ص على‬
‫الرتيث يف �إعالن القبول بامل�شاركة فيه حتى اللحظات الأخرية؛ يف حماولة لتح�سني �رشوط انعقاد‬
‫هذا امل�ؤمتر‪ ،‬الذي عقد حتت م�سمى "اجتماع �أنابولي�س"‪ .‬بالإ�ضافة �إىل �سعي اململكة �إىل تخفيف‬
‫احل�صار الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪.‬‬
‫‪ .1‬املوقف ال�سعودي من ال�صـراع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪:‬‬
‫�شكلت مبادرة ال�سالم العربية التي �أعيد ت�أكيدها يف القمم العربية الالحقة‪ ،‬و�آخرها قمة الريا�ض‬
‫يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2007‬الأ�سا�س ال�صلب الذي تتحرك عليه ال�سيا�سة ال�سعودية جتاه الق�ضية‬
‫الفل�سطينية وق�ضية ال�سالم العربي– الإ�رسائيلي ال�شامل‪ ،‬باعتباره غري قابل للتحقيق �إال عرب‬
‫التزامات متبادلة بني "�إ�رسائيل" والعرب‪.‬‬
‫ت�شكلت هذه الر�ؤية عرب افرتا�ض �ضمني‪ ،‬مل يكن مطروحا ً للنقا�ش من قبل‪ ،‬وهو وحدة القيادة‬
‫الفل�سطينية املمثلة لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬والتي حتظى ب�رشعية غري م�شكوك فيها فل�سطينيا ً �أو‬
‫عربياً‪ ،‬ومن ورائها دعم عربي و�إقليمي‪ .‬لكن هذا االفرتا�ض تعر�ض لالنهيار مع االنق�سامات‬
‫الفل�سطينية التي �أخذت ت�صيب جممل النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني بعد فوز حما�س يف االنتخابات‬
‫الت�رشيعية؛ �إذ �أدى هذا الفوز �إىل تغيري الأ�س�س التي عمل عليها النظام الفل�سطيني املبني �أ�سا�سا ً‬
‫على اتفاقيات �أو�سلو‪ ،‬و�أبرزها وجود قوة �سيا�سية بارزة‪ ،‬هي حركة فتح وم�ؤ�س�ساتها املختلفة‬
‫ال�سيا�سية والع�سكرية والأمنية‪ ،‬التي تقود هذا النظام‪ ،‬وت�ؤمن ب�أ�س�س �أو�سلو‪ ،‬وتتم�سك باملبادرة‬
‫العربية لل�سالم‪ .‬غري �أن فوز حما�س غيرّ هذه املعادلة جذرياً‪ ،‬ومن ثم �صار امل�صري الفل�سطيني‬
‫مرهونا ً بنتيجة ال�رصاع العلني بني فتح وحما�س �سواء داخل امل�ؤ�س�سات ال�سيا�سية التي �شكلتها‬
‫اتفاقيات �أو�سلو �أم خارجها‪ .‬ولذلك فقد �شكلت �سيطرة حما�س على قطاع غزة تطورا ً نوعيا ً جديدا ً‬
‫بكل املقايي�س‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫االقتتال الفل�سطيني �شكل �صدمة للفل�سطينيني وللعرب‪ ،‬خا�صة الدول املعنية مبا�رشة بالق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬ومن بينها اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬والتي ر�أت �أن الو�ضع الفل�سطيني ب�سماته التي‬
‫بات عليها مطلع �سنة ‪ ،2007‬من �ش�أنه �أن ي� ّ‬
‫رض لي�س فقط بالق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬بل بكل امل�ساعي‬
‫العربية اخلا�صة ب�إقامة �سالم عربي – �إ�رسائيلي‪.203‬‬
‫ويف حماولة لتجاوز هذه الو�ضعية الفل�سطينية البائ�سة‪ ،‬وتوظيفا ً للنفوذ املعنوي والإقليمي‬
‫للمملكة‪ ،‬كانت دعوة العاهل ال�سعودي امللك عبد اهلل بن عبد العزيز لقيادات حركتي فتح وحما�س‬
‫للقاء يف مكة‪ ،‬والبحث عن خمرج ينهي االقتتال‪ ،‬ويعيد التما�سك للنظام الفل�سطيني‪ ،‬وي�ساعد على‬
‫اخلروج من دائرة احل�صار والعزلة الدولية‪ ،‬التي تقودها الواليات املتحدة �ض ّد حكومة حما�س‪.‬‬
‫هناك تف�سريات �أخرى لدوافع و�أ�سباب هذا التحرك ال�سعودي للجمع بني حركتي فتح وحما�س‬
‫منها املخاوف من ات�ساع نطاق النفوذ الإيراين يف العامل العربي‪ ،‬وخا�صة يف العراق ولبنان‬
‫وفل�سطني‪� .204‬أما الأهداف ال�سعودية من وراء هذه اخلطوة فهما بالتحديد هدفان رئي�سيان؛ الأول‪:‬‬
‫�إبعاد حركة حما�س عن املحور الإيراين – ال�سوري‪ .‬والثاين‪ :‬تهدئة الأو�ضاع يف الأرا�ضي املحتلة‬
‫مبا ي�ساعد يف �إجناح التحرك الأمريكي لدفع املفاو�ضات الإ�رسائيلية – الفل�سطينية‪ ،‬ومبا يوفر �أجواء‬
‫النجاح للقمة العربية‪ ،‬التي كانت �ستعقد بعد �أقل من �شهرين يف الريا�ض‪ .205‬وال بد من الإ�شارة �إىل‬
‫�أن ال�سعودية �شكلت حا�ضنة مقبولة لكل من فتح وحما�س‪ ،‬كما ع ُرف امللك عبد اهلل بن عبد العزيز‬
‫مب�شاعره القوية جتاه فل�سطني‪ ،‬وحر�صه على حقن الدم الفل�سطيني‪.‬‬
‫�أيا ً كانت تلك التف�سريات‪ ،‬ف�إن اتفاق مكة تو�صل �إىل حتقيق خطوات مهمة على طريق الوحدة‬
‫الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬وجتاوز اخلالفات التي �أدت �إىل اللجوء للعنف بني حركتي فتح وحما�س‪،‬‬
‫والأهم هو �أن ي�أخذ الق�ضية الفل�سطينية بعيدا ً عن الرهانات الإ�رسائيلية والأمريكية‪ ،‬وخا�صة ما‬
‫يتعلق باحتواء حركة حما�س و�إخراجها من املعادلة ال�سيا�سية‪ ،‬و�إعطاء كل الدعم لل�سلطة الفل�سطينية‬
‫وتقويتها ع�سكريا ً وماديا ً ومعنوياً‪� .‬أثار اتفاق مكة الغ�ضب الأمريكي والإ�رسائيلي على الرئي�س‬
‫حممود عبا�س لدرجة اتهامه من جانب ت�سيبي ليفني بخيانة "�إ�رسائيل"‪� .‬أما روبرت �ساتلوف ‪Robert‬‬
‫‪ ،Satloff‬املدير التنفيذي ملعهد وا�شنطن ل�سيا�سة ال�رشق الأدنى ‪The Washington Institute for‬‬
‫‪ Near East Policy‬فقد اعترب �أن هذا االتفاق �أثار مع�ضالت خطرية �أمام الواليات املتحدة‪ .‬ومن ثم‬
‫�أخذ يفر�ض على وا�شنطن مراجعة وعودها بدعم حممود عبا�س‪ ،‬وجتميد امل�ساعدات التي كانت قد‬
‫تقررت‪ ،‬ووقف اجلهود ال�ساعية للتفاو�ض ب�ش�أن �أفق �سيا�سي �إ�رسائيلي – فل�سطيني‪ .206‬ولعل هذا‬
‫ما دفع كوندوليزا راي�س �إىل و�صف اتفاق مكة ب�أنه "عقبة يف وجه عملية ال�سالم"‪.207‬‬
‫هذه االنتقادات الأمريكية‪ ،‬وما تك�شف بعد ذلك من خمطط �أمريكي – �إ�رسائيلي يقوده حممد‬
‫دحالن لإ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية وفر�ض واقع �سيا�سي فل�سطيني جديد يتوافق‬

‫‪172‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫مع ما تريده وا�شنطن وتل �أبيب‪ ،‬يتعار�ض مع حماوالت ا�ستهدفت حتميل �سورية م�س�ؤولية �إف�شال‬
‫هذا االتفاق‪ .208‬فمن الوا�ضح �أن االتفاق كان م�ستهدفا ً من جانب الأمريكيني والإ�رسائيليني منذ‬
‫توقيعه‪ ،‬لكن يبدو �أن اخلالفات ال�سعودية – ال�سورية يف لبنان قد رجحت م�س�ؤولية هذا اخلالف‬
‫يف �إف�شال اتفاق مكة‪ ،‬وهو الأمر الذي �أثر �سلبيا ً فيما بعد على املوقف ال�سعودي عندما تفجرت‬
‫الأحداث الدامية بني حركتي فتح وحما�س يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬والتي �أعلنت وفاة هذا االتفاق‬
‫مبا يعنيه ذلك من �إ�ساءة للدور ال�سعودي‪.209‬‬
‫فعندما تفجرت �أحداث غزة الدامية وما ترتب عليها من تداعيات �إ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫وت�شكيل حكومة طوارئ حتولت فيما بعد �إىل حكومة ت�سيري �أعمال‪ ،‬انتهجت ال�سعودية ما �أ�سماه‬
‫البع�ض بـ"دبلوما�سية ال�صمت الإيجابي"‪ ،210‬لكن ر ّد الفعل ال�سعودي كان عنيفا ً وغا�ضبا ً عبرّ‬
‫عنه �سعود الفي�صل‪� ،‬إذ �أعلن �أن اململكة لن تعود �إىل التو�سط منفردة بني الفل�سطينيني مرة �أخرى‬
‫بعد �إخفاق اتفاق مكة املكرمة‪ .‬و�أكد يف لقاء مع ر�ؤ�ساء حترير ال�صحف ال�سعودية يف باري�س على‬
‫وجوب �إجراء انتخابات قادمة ال�ستخال�ص ال�رشعية ب�شكل دميوقراطي "حل�سم اخلالف القائم‬
‫بني الفل�سطينيني"‪ ،‬ونوه الفي�صل �إىل البيان الذي كان قد �صدر عن اجتماع جمل�س وزراء اخلارجية‬
‫العرب‪ ،‬وطالب ب�رضورة العودة �إىل االتفاق الذي �سينهي االقتتال بينهم "�أما �أن يختاروا (فتح‬
‫وحما�س) الطالق فهذا قرارهم"‪ .‬وا�ستطرد قائالً‪" :‬لقد قامت اململكة بدورها يف حينه‪ ،‬وبالتايل لن‬
‫تعود لنف�س املحاولة مرة �أخرى‪ ،‬وعملها �سيكون عن طريق اجلامعة العربية‪ ،‬وبال�رشاكة مع الدول‬
‫العربية‪ ،‬وامل�س�ؤولية تقع على عاتق الفل�سطينيني الذين و�صلوا �إىل حافة الهاوية؛ ف�إما �أن يرتقوا‬
‫فوق خالفاتهم �أو ي�سقطوا فيها متاما ً"‪ ،‬م�ضيفاً‪" :‬ال ميكن �أن تكون ملكيا ً �أكرث من امللك‪ ،‬ف�إذا عقد‬
‫الفل�سطينيون اتفاقا ً �أمام بيت اهلل‪ ،‬وعقدوا �أغلظ الإميان ثم نق�ضوها‪ ،‬فلي�س ثمة ما ت�ستطيع اململكة‬
‫فعله"‪.211‬‬
‫هذا الإحباط ال�سعودي من االنقالب الفل�سطيني على اتفاق مكة‪ ،‬مل ي�ؤ ِّد فقط �إىل و�ضع نهاية‬
‫لـ"التو�سط ال�سعودي املنفرد" بني حما�س وفتح‪ ،‬والعودة �إىل �إطار الدبلوما�سية اجلماعية العربية‪،‬‬
‫لكنه �أدى �أي�ضا ً �إىل فتور �سعودي يف التعامل مع �أحداث غزة الدامية‪ .‬وكان وا�ضحا ً خالل اجتماع‬
‫جمل�س وزراء اخلارجية العرب الذي عقد ملناق�شة �أحداث غزة حر�ص ال�سعودية على موقف متوازن‬
‫�إىل ح ٍّد ما بني حركتي فتح وحما�س؛ فقد مالت ال�سعودية �إىل حركة فتح والرئي�س الفل�سطيني حممود‬
‫عبا�س‪ ،‬لكن هذا التف�ضيل مل يكن‪ ،‬على ح ّد قول وكالة رويرتز‪ ،‬بالدرجة نف�سها التي كان عليها‬
‫املوقفني امل�رصي والأردين‪.212‬‬
‫لقد �أيدت ال�سعودية حكومة الطوارئ التي �شكلها حممود عبا�س‪ ،‬لكنها مل تقبل ب�إق�صاء حما�س‪.‬‬
‫وقد عبرّ �سعود الفي�صل عن هذا بقوله �إن "الرئي�س الفل�سطيني منتخب‪ ،‬وت�شكيل احلكومة ال�سابقة‬

‫‪173‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫كان بقرار من الرئي�س‪ ،‬وبالتايل من حقه �أن يغري هذه احلكومة‪� ،‬أما �إق�صاء حما�س فهذه م�س�ألة‬
‫فل�سطينية داخلية يجب �أن يحتكم فيها �إىل امل�ؤ�س�سات الد�ستورية الفل�سطينية كالربملان ومنظمة‬
‫التحرير‪ ،‬وبدون ذلك �ستكون هناك انتخابات قادمة ال�ستخال�ص ال�رشعية ب�شكل دميوقراطي"‪.213‬‬
‫لكن ظ ّل املوقف ال�سعودي طاحما ً �إىل عودة الطرفني جمددا ً�إىل االلتزام باتفاق مكة؛ ففي �أعقاب اجتماع‬
‫وزراء اخلارجية العرب �رصح �سعود الفي�صل قائالً‪�" :‬سيكون من الأف�ضل لإخوتنا الفل�سطينيني‬
‫�أن يعودوا �إىل التزامهم باتفاقية مكة املكرمة‪ ،‬التي متت يف فرباير املا�ضي ويحر�صوا على تطبيق‬
‫بنودها"‪.214‬‬
‫هذا املوقف جتدد بعد اجتماع �أنابولي�س وجتدد اخلالفات الفل�سطينية – الفل�سطينية‪ ،‬واللجوء‬
‫الإ�رسائيلي �إىل �أ�شد �أنواع البط�ش والقهر �ض ّد ال�شعب الفل�سطيني يف قطاع غزة؛ فقد �سعت ال�سعودية‬
‫مع م�رص �إىل جتديد احلوار بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬لكن امل�سعى �أجه�ضه ت�شدد موقف الرئي�س‬
‫الفل�سطيني حممود عبا�س و�رشوطه‪ ،‬على الرغم من احلالة البائ�سة التي كان يعي�شها ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬وعلى الرغم من موافقة حركة حما�س على �إجراء هذا احلوار وزيارة خالد م�شعل لكل‬
‫من الريا�ض والقاهرة لهذا الغر�ض‪.215‬‬
‫‪ .2‬املوقف ال�سعودي من عملية الت�سوية‪:‬‬
‫�أعطت اململكة العربية ال�سعودية اهتماما ً ملحوظا ً لتن�شيط عملية الت�سوية‪ ،‬وقد برز هذا االهتمام‬
‫يف �أكرث من منا�سبة؛ �أولها‪ :‬احلما�س لإعادة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬من خالل �صدور‬
‫تو�صية بذلك من قمة الريا�ض يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ .2007‬وثانيها‪ :‬ت�أييد دعوة الرئي�س الأمريكي لعقد‬
‫م�ؤمتر حول ال�سالم يف خريف ‪ ،2007‬ثم االجتاه للتحفظ على قرار امل�شاركة ب�سبب تعرث التوافق‬
‫الفل�سطيني – الإ�رسائيلي على �أجندة ذلك امل�ؤمتر الذي حمل ا�سم "اجتماع �أنابولي�س"‪ ،‬و�أخريا ً‬
‫�صدور قرار املوافقة ال�سعودي‪ ،‬مقرونا ً ب�رشوط تتعلق بجدية امل�ؤمتر والتزامه باملبادرة العربية‬
‫وال�رشعية الدولية‪.‬‬
‫بالن�سبة لتفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬كانت هناك �أنباء قد ترددت عن مطالب �أمريكية‬
‫ن�ص املبادرة‪ ،‬وخا�صة ما يتعلق بحقّ العودة‪ ،‬وقيام الأمري بندر‬ ‫و�إ�رسائيلية لإجراء تعديالت على ّ‬
‫بن �سلطان بتقدمي مقرتحات يف هذا الإطار‪ .216‬لكن نفي وزير اخلارجية ال�سعودي ح�سم هذا الأمر‪،‬‬
‫كما ح�سمته �أي�ضا ً تو�صيات القمة العربية يف الريا�ض‪ ،‬واملتابعة ال�سعودية لعملية تفعيل املبادرة‬
‫من خالل اللجنة الوزارية التي �شكلت لهذا الغر�ض بتو�صية من قمة الريا�ض‪ ،‬وكذلك التعليقات‬
‫ال�سعودية على املوقف الإ�رسائيلي الراف�ض للمبادرة‪ .‬فقبل �إعالن املوقف ال�سلبي الإ�رسائيلي من‬
‫املبادرة �رصح �سعود الفي�صل ب�أنه "�إذا رف�ضت �إ�رسائيل املبادرة ف�إن هذا يعني �أنها ال تريد ال�سالم‬
‫و�أنها تعيد كل �شيء �إىل �أيادي القدر‪ ،‬و�أنهم [الإ�رسائيليون] �سي�ضعون م�ستقبلهم لي�س بني �أيادي‬

‫‪174‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�صناع ال�سالم بل بني �أيادي �أمراء احلرب"‪ ،217‬ثم عاد بعد يومني ليحذر الإ�رسائيليني من جتاهل ما‬
‫�أ�سماه بـ"العروبة ال�سلمية الواقعية املنطقية"‪ ،‬و�أن هذا التجاهل �سيع ِّر�ض "�إ�رسائيل ملخاطر ال حتمد‬
‫عقباها"‪ .218‬هذه التعليقات كانت �أ�شبه ما يكون بـ"النعي" للعملية التي حتم�ست لها ال�سعودية قبيل‬
‫قمة الريا�ض‪ ،‬وا�ستحوذت على اهتمام �سيا�سي و�إعالمي عربي مركز‪ ،‬وحملت ا�سم "تفعيل مبادرة‬
‫ال�سالم العربية"‪.‬‬
‫وعندما �ألقى الرئي�س الأمريكي خطابه الذي حتدث فيه عن فكرة م�ؤمتر اخلريف‪ ،‬رحبت به‬
‫ال�سعودية‪ ،‬واعتربت �أنه يت�ضمن عنا�رص �إيجابية‪ ،‬ت�شمل الدعوة لإنهاء االحتالل‪ ،‬و�إن�شاء دولة‬
‫فل�سطينية م�ستقلة ومت�صلة وقابلة للحياة‪ .‬وقال بيان �أدىل به م�صدر م�س�ؤول �إن ال�سعودية‬
‫"ت�أمل �أن يندرج هذا يف �إطار جهد دويل جاد يعالج الق�ضايا اجلوهرية للنزاع‪ ،‬على نحو يكفل‬
‫التوازن وامل�س�ؤوليات ب�شكل عادل‪ ،‬ويحقق تفكيك امل�ستوطنات دون االكتفاء بوقف اال�ستيطان‬
‫م�ستقبالً"‪ .219‬و�أجرى امللك عبد اهلل بن عبد العزيز ات�صاالً يف اليوم نف�سه مع الرئي�س الأمريكي‬
‫جورج بو�ش حمل املعاين نف�سها‪ ،‬وبينّ ال�رضورة الق�صوى "لأن يمُ َّكن ال�شعب الفل�سطيني من‬
‫حقوقه الوطنية‪ ،‬ووحدة �أر�ضه و�شعبه"‪ .220‬وعقب لقاء كوندوليزا راي�س يف جدة‪� ،‬أعلن �سعود‬
‫الفي�صل �أن بالده �ستحر�ص على ح�ضور م�ؤمتر اخلريف لل�سالم‪ ،‬بعد �أن ا�ستمع �إىل �رشح مف�صل‬
‫من راي�س حول تفا�صيل مبادرة بو�ش‪.221‬‬
‫بعد �أن الحظ ال�سعوديون تلك�ؤ الإ�رسائيليني يف التجاوب مع مطلب و�ضع �أجندة وا�ضحة‬
‫للم�ؤمتر‪ ،‬دعا �سعود الفي�صل "�إ�رسائيل" �إىل "�إثبات جديتها" قبل انعقاد امل�ؤمتر‪ ،‬و�أعرب عن �ش ِّكه‬
‫حول م�شاركة بالده‪ .222‬وكان �سعود الفي�صل قد �شكك قبل ذلك ب�أيام يف �إمكانية جناح امل�ؤمتر‪ ،‬ما‬
‫مل يعتمد على �شمولية احل ّل‪ ،‬وجدية "�إ�رسائيل" يف ح ّل النزاع‪ ،‬من خالل االلتزام ببنود جوهرية‬
‫�أ�سا�سية تتعلق بحدود ‪ 1967‬والقد�س وعودة الالجئني الفل�سطينيني وفقا ً للمبادرة العربية وقال‪:‬‬
‫"�إذا مل يناق�ش االجتماع هذه امل�سائل �أ�شك يف م�شاركة اململكة"‪.223‬‬
‫هذا املوقف ال�سعودي تغري بعد ذلك‪� ،‬إذ قبلت اململكة امل�شاركة‪ ،‬وف�سرّ �سعود الفي�صل هذا‬
‫الرتاجع عن املوقف ال�سابق املت�شدد بقوله �إن قبول بالده بامل�شاركة يف م�ؤمتر �أنابولي�س "جاء‬
‫من احلر�ص ال�سعودي على دعم املواقف الفل�سطينية وال�سورية واللبنانية‪ ،‬وبعد �أن مل�ست الدول‬
‫العربية جدية يف تناول امل�ؤمتر للم�سائل اجلوهرية للنزاع العربي – الإ�رسائيلي"‪ ،‬و�أو�ضح �أن‬
‫القرار العربي بامل�شاركة ا�ستند على عدة عنا�رص رئي�سية �أهمها ال�شمولية يف التعامل مع ال�رصاع‬
‫يف ال�رشق الأو�سط على كافة م�ساراته‪ ،‬والرتكيز على ق�ضاياه الرئي�سية‪ ،‬وذلك يف �إطار املرجعيات‬
‫املتمثلة يف مبادئ ال�رشعية الدولية وقراراتها وخطة خريطة الطريق ومبادرة ال�سالم العربية‪،‬‬
‫و�أ�ضاف‪" :‬نحن ننظر �إىل امل�ؤمتر كمحطة حمورية يف تاريخ النزاع ال�رشق �أو�سطي"‪ .224‬وكان �سعود‬

‫‪175‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الفي�صل قد �أو�ضح قبل ذلك بع�ض خلفيات القرار ال�سعودي بامل�شاركة يف اجتماع �أنابولي�س عند‬
‫�إعالن ال�سعودية موافقتها بقوله‪" :‬ل�ست �أخفي �أي �أ�رسار ب�ش�أن املوقف ال�سعودي‪ ،‬كنا مرتددين‬
‫حتى اليوم‪ ،‬ولو مل ن�شعر بالإجماع العربي الذي �شعرنا به اليوم مل نكن لنقرر الذهاب"‪ .225‬عموما ً‬
‫رحب الإ�رسائيليون والأمريكيون بالقرار ال�سعودي‪ ،‬وقالت ت�سيبي ليفني �إن امل�شاركة العربية‬
‫ت�ضمن جناح امل�ؤمتر‪.‬‬
‫‪ .3‬املوقف ال�سعودي من دعم ال�شعب الفل�سطيني‪:‬‬
‫ُتع ّد ال�سعودية �إحدى �أكرب الدول العربية الداعمة ر�سميا ً و�شعبيا ً لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ولكن‬
‫هذا الدعم ظ ّل حمكوما ً بالقيود التي تلتزم بها اململكة يف موقفها ال�سيا�سي من الق�ضية الفل�سطينية‬
‫والتزاماتها الإقليمية والدولية؛ فاململكة التزمت كغريها من الدول بقيود احلظر الدولية �ض ّد‬
‫احلكومة الفل�سطينية �سواء كانت حكومة الوحدة �أم حكومة حما�س املُقالة �أم ال�سلطة‪ ،‬حيث بقي‬
‫الدعم يف حدوده املقررة على م�ستوى جامعة الدول العربية‪ .‬وقد بلغ الدعم ال�سعودي الر�سمي‬
‫‪ 127.7‬مليون دوالر �سنة ‪ ،2007‬مقارنة بـ ‪ 83.7‬مليون دوالر �سنة ‪.2006‬‬
‫ويف �إحدى اللحظات احلرجة بالن�سبة لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬عقب مواجهات غزة الدامية‪ ،‬دعت‬
‫ال�سعودية املجتمع الدويل �إىل مراجعة مواقفه ب�ش�أن وقف امل�ساعدات املقدمة �إىل ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫و�أكدت التزامها بـ"رفع املعاناة" عنه يف ظ ّل الظروف ال�سيا�سية احل�سا�سة التي مت ّر بها الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ .226‬وعندما جددت ال�سلطات الإ�رسائيلية جرائمها بتو�سيع بناء امل�ستعمرات يف القد�س‬
‫املحتلة‪ ،‬عقب اجتماع �أنابولي�س‪� ،‬أدانت ال�سعودية ذلك وو�صفته ب�أنه "يتناق�ض مع �أ�س�س ومبادئ‬
‫م�ؤمتر �أنابولي�س"‪ ،‬وقد �أكد وزير اخلارجية ال�سعودي يف لقاء مع توين بلري ‪ ،Tony Blair‬مبعوث‬
‫اللجنة الرباعية الدولية‪ ،‬وقوف بالده �ض ّد ما و�صفه بـ"املمار�سات اال�ستعمارية‪ ،‬التي من �ش�أنها‬
‫�إفراغ عملية ال�سالم من م�ضمونها‪ ،‬وتقوي�ض اجلهود الدولية املخل�صة لإطالق املفاو�ضات اجلادة‬
‫بني الأطراف املعنية"‪ .‬كما �أعلن م�شاركة بالده يف م�ؤمتر الدول املانحة للفل�سطينيني الذي عقد يف‬
‫‪ 2007/12/17‬بباري�س‪.227‬‬
‫وعندما �أمعنت ال�سلطات الإ�رسائيلية يف تنكيلها بال�شعب الفل�سطيني يف غزة‪ ،‬و�أحكمت احل�صار‬
‫عليه �أكد جمل�س الوزراء ال�سعودي يف بيان له "قلقه البالغ" لالنتهاكات الإ�رسائيلية و�سيا�سة‬
‫العقوبات اجلماعية‪ ،‬كما �أكد ال�رشوع يف "تلبية االحتياجات املعي�شية لل�شعب الفل�سطيني"‪ ،‬وال�رشوع‬
‫يف االت�صال مبفو�ض اللجنة الرباعية الدولية توين بلري‪ ،‬كي تتحرك اللجنة وتقوم مب�س�ؤولياتها‬
‫والتزاماتها‪ .228‬ويف اجتماع �آخر ملجل�س الوزراء ال�سعودي بعد �أ�سبوعني تقريبا ً جدد "تنديده‬
‫وا�ستنكاره ال�ستمرار اجلرائم الإ�رسائيلية �ض ّد الفل�سطينيني"‪ ،‬ثم �شدد على �رضورة اتخاذ املجتمع‬
‫‪176‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫الدويل موقفا ً �صارما ً �إزاء ما يحدث يف فل�سطني‪.229‬‬


‫ب‪ .‬اليمن‪:‬‬
‫�أعطى اليمن اهتماما ً ملحوظا ً بعملية الت�سوية من خالل دعمه ملبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬والحتواء‬
‫ال�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني؛ من خالل طرح مبادرة مينية‪ ،‬ورف�ض فكرة �إر�سال قوات دولية‬
‫�إىل ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ .‬فقد دعا الرئي�س اليمني علي عبد اهلل �صالح املجتمع الدويل‪ ،‬ويف‬
‫املقدمة الواليات املتحدة الأمريكية والدول دائمة الع�ضوية يف جمل�س الأمن الدويل‪� ،‬إىل ممار�سة‬
‫ال�ضغط على "�إ�رسائيل" للقبول باملبادرة العربية التي و�صفها ب�أنها "متثل احل ّد الأدنى لتحقيق‬
‫ال�سالم العادل والدائم"‪ .230‬كما �أكد الرئي�س اليمني �أهمية االلتزام بقرارات القمم العربية ال�سابقة‪،‬‬
‫والعمل على �إجناح القمة العربية يف الريا�ض‪ ،‬واخلروج منها بنتائج تلبي تطلعات �أبناء الأمة‪.231‬‬
‫وعندما تفجر ال�رصاع الدامي يف غزة‪ ،‬رف�ض الرئي�س اليمني فكرة �إر�سال قوات دولية �إىل ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة‪ ،‬م�ؤكدا ً �أن "وجود قوات دولية يف ظ ّل االحتالل ال ي�ستقيم مع حقائق الواقع‬
‫الفل�سطيني وما تقت�ضيه م�صلحة ال�شعب الفل�سطيني"‪ .232‬وكان �أن طرح الرئي�س اليمني مبادرة‬
‫بديلة حل ّل الأزمة بني حركتي فتح وحما�س وافقت عليها الأخرية‪ ،‬وهي املبادرة التي و�صفت ب�أنها‬
‫ت�ستهدف ر�أب ال�صدع الفل�سطيني‪ ،‬وترتكز على �أ�سا�س ا�ستئناف احلوار بني احلركتني على قاعدة‬
‫اتفاق القاهرة ‪ ،2005‬واتفاق مكة ‪ 2007‬مبا ي�ضمن جتاوز اخلالفات ووحدة ال�شعب الفل�سطيني‬
‫وال�سلطة الوطنية‪ ،‬والت�أكيد على ال�رشعية الفل�سطينية‪ ،‬واحرتام القانون الفل�سطيني‪ ،‬و�إعادة بناء‬
‫الأجهزة الأمنية على �أ�س�س وطنية ومهنية‪ ،‬والتوافق الوطني على ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‬
‫تكون قادرة على ممار�سة مهامها وم�س�ؤولياتها‪ .‬كما اقرتحت هذه املبادرة ت�شكيل جلنة عربية‬
‫للإ�رشاف على متابعة تنفيذ اتفاقي مكة والقاهرة‪.233‬‬
‫وقد �أوىل اليمن اهتماما ً ملحوظا ً ب�إنهاء معاناة ال�شعب الفل�سطيني من احل�صار الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫وكانت هناك دعوة مينية لعقد قمة عربية مل تلقَ اال�ستجابة الكافية‪ ،‬وتقل�صت �إىل اجتماع ملجل�س‬
‫وزراء اخلارجية العرب‪.‬‬
‫ج‪ .‬دول اخلليج الأخرى‪:‬‬
‫الرتكيز هنا على دول املجل�س اخلم�س الأخرى با�ستثناء اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬التي �سبق‬
‫درا�سة موقفها با�ستفا�ضة‪ ،‬لكن املوقف اجلماعي للمجل�س يعرب بالطبع عن مواقف الدول ال�ست‬
‫الأع�ضاء مبا فيها ال�سعودية‪.‬‬
‫لقد كان ملجل�س التعاون اخلليجي ولدوله مواقف مميزة �سواء فيما يتعلق بعملية الت�سوية �أو‬
‫‪177‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بال�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني �أو بدعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني �أو بالعالقة مع "�إ�رسائيل"؛‬
‫فاملجل�س تبنى مبكرا ً دعوة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬كما �أيد دعوة الرئي�س الأمريكي لعقد‬
‫م�ؤمتر لل�سالم‪ ،‬ودعم امل�شاركة يف هذا امل�ؤمتر‪ .‬وقد اعترب عبد الرحمن العطية‪ ،‬الأمني العام ملجل�س‬
‫التعاون‪� ،‬أن ت�شكيل اللجنة العربية املنبثقة عن قمة الرباط‪� ،‬أكد جمددا ً جدية املوقف العربي ب�ش�أن‬
‫ال�سعي �إىل �سالم �شامل وعادل‪" ،‬وبعد ت�شكيل اللجنة ف�إن العرب و�ضعوا �إ�رسائيل �أمام حمك‬
‫حقيقي؛ ف�إما �أن تعلن ا�ستعدادها و�سعيها لتحقيق ال�سالم وفقا ً ملبادئ املبادرة العربية �أو توا�صل‬
‫نهج الت�سويف واملماطلة وحماوالت االلتفاف على املبادرة العربية"‪.234‬‬
‫ولقد تبنى جمل�س التعاون دعوة �إقامة الدولة الفل�سطينية امل�ستقلة؛ ففي كلمته‪ ،‬با�سم ر�ؤ�ساء‬
‫الهيئات الدبلوما�سية العربية‪ ،‬يف حفل اال�ستقبال الذي �أقامه كري�ستيان بون�سوليه ‪Christian‬‬
‫‪ Poncelet‬رئي�س جمل�س ال�شيوخ الفرن�سي لهم‪ ،‬قال ال�سفري القطري حممد جهام الكواري �إن‬
‫الإ�صالح التاريخي املطلوب يف ال�رشق الأو�سط يجب �أن يكون مبنيا ً على حقوق الفل�سطينيني‪ ،‬يف‬
‫�أن تكون لهم دولة عا�صمتها القد�س‪� ،‬إىل جوار دولة "�إ�رسائيل"؛ مما �سي�ضمن فعالً �أمن "�إ�رسائيل"‬

‫و�أمن الفل�سطينيني "فاحل ّل العادل وال�شامل للق�ضية الفل�سطينية هو الأ�سا�س الوحيد لل�سالم‬
‫واال�ستقرار‪ ،‬وهو ال�سبيل الوحيد العرتاف كل دول املنطقة بدولة �إ�رسائيل"‪.235‬‬
‫وعقب �إعالن الرئي�س الأمريكي عن دعوته لعقد م�ؤمتر لل�سالم يف اخلريف بادرت الأمانة العامة‬
‫ملجل�س التعاون بالإعراب عن �أملها يف �أن ت�شكل هذه الدعوة بداية مرحلة جديدة للتعامل اجلاد‬
‫مع جوهر النزاع العربي – الإ�رسائيلي املزمنة‪ ،‬و�شدد الأمني العام للمجل�س على �أهمية ممار�سة‬
‫الواليات املتحدة دورا ً متوازيا ً ومن�صفا ً ب�إنهاء احتالل "�إ�رسائيل" منذ عام ‪ 1967‬للأرا�ضي‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬و�إن�شاء دولة فل�سطينية م�ستقلة ومت�صلة وقابلة للحياة‪.236‬‬
‫كما بادرت الإمارات �إىل توجيه ال�شكر للرئي�س الأمريكي جورج بو�ش على مبادرته لعقد م�ؤمتر‬
‫دويل لل�سالم‪ ،‬وذلك على ل�سان ال�شيخ خليفة بن زايد رئي�س الدولة الذي �أكد �أن املبادرة "تتحرك يف‬
‫االجتاه ال�صحيح"‪ .237‬ويف اجتماعه يف ‪� ،2007/9/1‬أعرب املجل�س الوزاري ملجل�س التعاون اخلليجي‬
‫عن ت�أييده لعقد امل�ؤمتر الدويل الذي دعا �إليه الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش‪ ،‬و�أكد على موقف دول‬
‫املجل�س الذي يدعو �إىل حتقيق ال�سالم العادل وال�شامل‪ ،‬و�إنهاء ال�رصاع العربي – الإ�رسائيلي وفقا ً‬
‫ملبادرة ال�سالم العربية‪.238‬‬
‫�أما بالن�سبة للموقف من ال�رصاع الفل�سطيني – الفل�سطيني فكان موقف جمل�س التعاون راف�ضا ً‬
‫ّ‬
‫�صف ال�سلطة الفل�سطينية؛ فالقمة الت�شاورية اخلليجية‬ ‫ملا حدث يف قطاع غزة‪ ،‬و�أو�ضح انحيازا ً �إىل‬
‫التي انعقدت يف ‪ ،2007/5/15‬دعت القيادات الفل�سطينية �إىل االلتزام باتفاق مكة املكرمة‪ ،‬كما دعت‬
‫‪178‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�إىل حما�سبة املت�سببني يف حالة الفو�ضى‪ .239‬كما عرب جمل�س الوزراء البحريني عن دعمه ووقوفه مع‬
‫ال�رشعية والوحدة الفل�سطينية التي ميثلها حممود عبا�س رئي�س ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬كما‬
‫�أعلن ترحيبه بت�شكيل احلكومة الفل�سطينية امل�ؤقتة‪.240‬‬
‫ثم دعا جمل�س وزراء خارجية دول املجل�س �إىل عودة الو�ضع �إىل ما كان عليه يف قطاع غزة قبل‬
‫�سيطرة حما�س‪ ،‬ودعا املجل�س يف دورته الـ ‪ 103‬الأطراف الفل�سطينية كافة للعودة للحوار‪ ،‬والتفاهم‬
‫حل ّل خالفاتها‪ ،‬و�إعادة الأو�ضاع يف قطاع غزة �إىل ما قبل الأحداث الأخرية‪ ،‬واحرتام امل�ؤ�س�سات‬
‫ال�رشعية املنبثقة عن منظمة التحرير‪ ،‬مبا يف ذلك املجل�س الت�رشيعي املنتخب‪ ،‬وااللتزام بوحدة‬
‫القرار للحفاظ على حقوق ال�شعب الفل�سطيني‪ .241‬وعاد املجل�س الوزاري يف ‪ 2007/9/1‬لي�ؤكد �أهمية‬
‫توفري الظروف املالئمة لإعادة توحيد ال�صف الفل�سطيني‪ ،‬والعودة �إىل اتفاق مكة الذي �أكد حرمة‬
‫الدم الفل�سطيني‪ ،‬ونبذ ال�شقاق والفرقة‪ ،‬وتوحيد ال�صفوف بني الإخوة الفل�سطينيني‪.242‬‬
‫وتبنى جمل�س التعاون الدعوة �إىل ك�رس احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ودعم احلكومة‬
‫الفل�سطينية (حكومة الوحدة)‪ .‬ويف دورته الـ ‪ 102‬عبرّ املجل�س عن �إدانته للممار�سات الإ�رسائيلية‬
‫العدوانية املتكررة‪ ،243‬كما اجتهت الكويت �إىل �إقامة ممثلية كويتية يف رام اهلل‪ ،‬والعمل على �إعادة فتح‬
‫ال�سفارة الفل�سطينية يف الكويت كخطوة داعمة لل�شعب الفل�سطيني‪.244‬‬
‫�ضمن هذه احلدود بقي الدعم اخلليجي لل�شعب الفل�سطيني املحا�رص حما�رصا ً هو الآخر يف‬
‫�إطار التزامه بـ"القيود وال�ضغوط الدولية"‪ ،‬وقد جتلى هذا الق�صور يف �أوج �أزمة املعابر التي تفجرت‬
‫يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪2008‬؛ حيث بقي املوقف اخلليجي كغريه من املواقف العربية حم�صورا ً‬
‫وملتزما ً مبا ُ�س ِّمي بـ"ال�ضغوط الدولية"‪ ،‬وبخ�شية جتاوز هذه ال�ضغوط مبا فيها االلتزام باتفاقية‬
‫املعابر لعام ‪ 2005‬التي و�ضعت املعابر حتت ال�سيطرة وال�سيادة الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬وب�شكل عام‪ ،‬مل يحدث تطور ملمو�س باجتاه التطبيع مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬رمبا يكون‬
‫العك�س هو ال�صحيح �إذ انح�رست موجة التطبيع مثلما انح�رست عملية الت�سوية‪ ،‬و�إذا كانت قطر‬
‫قد جتر�أت على ك�رس احل�صار املفرو�ض على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وقدمت ‪ 50‬مليون دوالر حلركة‬
‫حما�س ح�سب معلومات الإ�رسائيليني‪ ،245‬ف�إن الكويت اجتهت �إىل �س ّن قانون بحظر التعامل مع‬
‫"�إ�رسائيل" وتوقيع عقوبات م�شددة على خمالفي هذا احلظر‪ ،246‬ويف موقف مت�شدد �أكد ال�شيخ‬
‫�أحمد الفهد ال�صباح‪ ،‬رئي�س جهاز الأمن الوطني الكويتي‪ ،‬على �أن الكويت �ستكون "�آخر من يطبع‬
‫مع �إ�رسائيل"‪ ،‬وقال يف كلمته االفتتاحية مبهرجان "الأق�صى ينادينا" �إن "احتالل الأر�ض ي�رشع‬
‫اجلهاد"‪ ،‬ور�أى �أن االعتداء على الأق�صى ال ُيع ّد اعتدا ًء فقط على مبنى وهدمه‪ ،‬م�شريا ً �إىل �أن "امل�سجد‬
‫الأق�صى له من املكانة ما ينطلق من �رشيعة �آمنا بها‪ ،‬و�سن�سري عليها ولو ا�ست�شهدنا دونها"‪ .247‬يف‬
‫الوقت نف�سه برز اجتاه يف البحرين يدعو �إىل �إعادة فتح مكتب مقاطعة "�إ�رسائيل"‪� ،‬ضمن �سياق تيار‬
‫‪179‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫عربي خليجي يت�سع يوما ً بعد يوم راف�ضا ً العالقة مع الكيان ال�صهيوين‪.248‬‬
‫وات�ساقا ً مع هذا املوقف �أعلنت ال�سفارة الكويتية يف بريوت‪ ،‬يف بيان لها‪ ،‬نفيا ً لأي نية كويتية‬
‫لالحتماء باملظلة النووية الإ�رسائيلية خ�شية احلظر النووي الإيراين‪ ،‬ح�سبما كان قد �أعلنه الدكتور‬
‫�سامي الفرج رئي�س مركز الكويت للدرا�سات اال�سرتاتيجية‪ ،‬كما �أكد البيان �أن هذا ال�شخ�ص "ال‬
‫ميثل حكومة دولة الكويت‪ ،‬ولي�س له �أي �صفة ا�ست�شارية لدى رئي�س جمل�س الوزراء وال يف وزارة‬
‫اخلارجية"‪ .‬كما نفى البيان �أن يكون مو�ضوع املظلة النووية الإ�رسائيلية قد طرح خالل اجتماعات‬
‫جمل�س التعاون اخلليجي‪.249‬‬
‫‪ .3‬دول عربية �أخرى‪:‬‬
‫ميكن �إدراج مواقف الدول العربية الأخرى �ضمن �إطار التفاعل اجلماعي للدول العربية كما‬
‫عربت عنها جامعة الدول العربية وم�ؤمترات القمة واالجتماعات الوزارية‪ ،‬لكن هناك بع�ض املواقف‬
‫التي فر�ضت نف�سها ب�شكل مميز لبع�ض الدول جتاه بع�ض الق�ضايا‪.‬‬
‫فبالن�سبة لعملية الت�سوية برز موقف الرئي�س الليبي العقيد معمر القذايف املتحفظ على مبادرة‬
‫ال�سالم العربية واملتم�سك بفكرته عن "دولة �إ�رساطني" �أي الدولة املزدوجة القومية بني الإ�رسائيليني‬
‫والفل�سطينيني‪ ،‬وهاجم القمة العربية يف الريا�ض وقال �أن �أجندة هذه القمة "�صنعت يف وا�شنطن"‪،250‬‬
‫و�رصح ب�أن مبادرة ال�سالم العربية "م�صريها الف�شل" لأن "الزعماء العرب الذين يقفون وراءها‬
‫بائ�سون"‪.251‬‬
‫و�إذا كانت املغرب وتون�س واجلزائر قد دعت �إىل الوقف الفوري للتطاحن الفل�سطيني و�إىل‬
‫احرتام امل�ؤ�س�سات الد�ستورية‪ ،‬ف�إن العقيد معمر القذايف قد قلل من خماوف �أن ي�ؤدي ال�رصاع‬
‫الفل�سطيني – الفل�سطيني �إىل خطر قيام دولتني يف غزة وال�ضفة كما دعا الدول العربية �إىل عدم‬
‫التدخل يف ال�رصاع على ال�سلطة بني حركتي حما�س وفتح‪ ،252‬كما نفت اجلزائر رف�ضها ا�ستقبال‬
‫خالد م�شعل رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س وو�صفت ما ن�رش حول هذا املو�ضوع ب�أنه جمرد‬
‫"تلفيق �إعالمي"‪.253‬‬
‫يف الوقت نف�سه‪ ،‬ظهر حترك �سوداين مدعوم من م�رص وال�سعودية‪ ،‬ح�سب ت�رصيحات لعزام‬
‫الأحمد القيادي البارز يف حركة فتح‪ ،‬بهدف حتقيق امل�صاحلة بني حركتي فتح وحما�س‪.254‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬فقد ك�شف وزير الداخلية ال�سوداين الزيد ب�شري طه عن م�ساومة �أمريكية‬
‫مع ال�سودان لالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬واتهم املخابرات الأمريكية بت�رسيب �أ�سلحة �إىل دارفور‪.255‬‬
‫يف الوقت نف�سه دافعت موريتانيا على ل�سان وزير خارجيتها عن عالقتها مع "�إ�رسائيل" واعتربتها‬
‫"من�سجمة مع موقف اجلامعة العربية"‪.256‬‬

‫‪180‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫بهذا املعنى تبدو مواقف الدول العربية وا�ضحة ومفروزة �سواء من حيث كثافة التفاعالت �أو من‬
‫ناحية نوعية املواقف بالن�سبة للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬بني دول ذات كثافة ملحوظة يف تفاعالتها هي‬
‫دول املواجهة وال�سعودية‪ ،‬يف حني �أن مواقف باقي الدول العربية كانت حمدودة و�أغلبها جاء �ضمن‬
‫تفاعالت النظام العربي الر�سمي‪ .‬كما �أن جممل تلك املواقف العربية هي �ضمن �إطار م�رشوع احل ّل‬
‫ال�سلمي‪ ،‬و�ضمن �إطار التعويل الكامل على الواليات املتحدة واملجتمع الدويل‪ ،‬مع �إ�رصار على تغييب‬
‫القرار العربي والإرادة العربية‪ ،‬التخاذ مواقف تدفع الأطراف الأخرى �إىل التحرك‪ .‬يكفي �أن ن�شري‬
‫�إىل �أن �أخطر ما �أعلن عنه الأمني العام للجامعة العربية عمرو مو�سى ردا ً على ت�سويف "�إ�رسائيل"‬
‫للح ّل ال�سلمي بعد اجتماع �أنابولي�س هو جمرد التهديد ب�إعالن االن�سحاب من العملية ال�سلمية‪.257‬‬
‫هذا الت�رصيح هو التو�صيف الأكرث بالغة حلالة املوقف الر�سمي العربي‪ ،‬وموقف الدول العربية من‬
‫تطورات الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬

‫يبدو �أن ت�أثري املوقف الر�سمي �أو النظام‬


‫الر�سمي العربي‪ ،‬وانخراطه يف عملية‬ ‫ثالث ًا‪ :‬املوقف ال�شعبي العربــي‬
‫الت�سوية وجممل التطورات العربية الأخرى‬
‫بكل �سلبياتها‪ ،‬قد �أثرت بدرجة ملحوظة على‬
‫من الق�ضية الفل�سطينية‬
‫قدرة وفعالية املوقف ال�شعبي العربي على القيام ب�أدوار من �ش�أنها تعديل مواقف النظام الر�سمي‬
‫وحت�سينه‪ .‬بع�ض املواقف ال�شعبية �أ�ضحت جمرد تربير ل�سيا�سات النظام الر�سمي العربي �أو‬
‫جماراة لهذه ال�سيا�سات‪ ،‬ومل يحدث افرتاق ملحوظ يف املواقف بني ما هو ر�سمي وما هو �شعبي �إال‬
‫فيما ندر‪ ،‬ولكنه افرتاق مل ميثل �ضغوطا ً لها اعتبارها على �صناع القرار بحيث جتربهم على تبني‬
‫مواقف و�سيا�سات يطالب بها الر�أي العام العربي‪ .‬وميكن تلم�س هذا الواقع على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬املوقف ال�شعبي العربي من عملية الت�سوية‪:‬‬
‫احتفظ املوقف ال�شعبي العربي بت�شككه يف جدوى عملية الت�سوية على �ضوء ثالثة عوامل؛‬
‫الأول‪ :‬الت�صاعد املتزايد يف �سيا�سة القمع الإ�رسائيلية الع�سكري واالقت�صادي والنف�سي‪ .‬والثاين‪:‬‬
‫االنحياز الأمريكي املطلق للكيان ال�صهيوين‪ ،‬والتالعب مببادرات ال�سالم الواحدة تلو الأخرى ملنح‬
‫الكيان املزيد من الوقت لتحقيق �أهدافه وخمططاته‪� .‬أما العامل الثالث‪ :‬فهو �ضعف النظام الر�سمي‬
‫العربي‪ ،‬وعجزه عن مواجهة ال�سيا�سات الأمريكية والإ�رسائيلية‪ ،‬وتهافته على القبول بكل ما‬
‫تطرحه وا�شنطن من �أفكار ومبادرات‪ ،‬واالنخراط يف ت�سويقها للر�أي العام ال�شعبي‪.‬‬
‫مل يتحم�س املوقف ال�شعبي لدعوة تفعيل مبادرة ال�سالم العربية ليقينه �أن املبادرة ذاتها عدمية‬
‫اجلدوى يف ظ ّل ثوابت املواقف الإ�رسائيلية والأمريكية‪ ،‬وعجز احلكومات العربية عن طرح وفر�ض‬
‫‪181‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫البديل‪ ،‬كما جتاهل املوقف ال�شعبي العربي دعوة اجتماع �أنابولي�س الأمريكية ومل يعلق على ف�شلها‪،‬‬
‫فالوزراء العرب وافقوا على الذهاب �إىل �أنابولي�س وبرروا ذهابهم‪ ،‬ثم عادوا دون �أن يجدوا من‬
‫يحا�سبهم ال على القبول بامل�شاركة يف ذلك االجتماع‪ ،‬وال على امل�شاركة‪ ،‬وال حتى عن الف�شل‪ .‬هذا‬
‫العزوف قد يكون مرجعه عزوف �أكرب عن الق�ضية الفل�سطينية واالجنذاب لق�ضايا �أخرى باتت �أكرث‬
‫حيوية‪ ،‬و�إما لعدم الثقة يف جممل م�رشوع الت�سوية وعدم املراهنة عليه ومن ثم عدم االكرتاث به‬
‫ومبجمل مبادراته‪ ،‬و�إما ثقة يف �أن �أيا ً من احلكومات العربية �أو الإدارة الأمريكية لن ي�أتي منها ما‬
‫يحقق طموحات ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫على الرغم من ذلك كانت هناك بع�ض املواقف الراف�ضة لأي تفريط من جانب النظام الر�سمي‬
‫العربي يف احلقوق الفل�سطينية حتت �أي م�سمى وحتت �أي غطاء؛ فقد دعت جلنة فل�سطني يف احتاد‬
‫مت�س حقوق‬‫املهند�سني العرب يف بيان لها مبنا�سبة الذكرى الـ ‪ 59‬للنكبة �إىل رف�ض �أي مبادرات ّ‬
‫ال�شعب الفل�سطيني ويف مقدمتها حقّ العودة‪ ،‬وحقّ ال�شعب الفل�سطيني با�ستعادة �أرا�ضيه املحتلة‬
‫منذ �سنة ‪ ،1948‬ودعت اللجنة يف بيانها الدول العربية �إىل "لعب دور �إيجابي و�شمويل لن�رصة ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�إزالة احل�صار عنه"‪ .258‬هذا املوقف �صدر يف ذروة اهتمامات النظام الر�سمي العربي‬
‫بتفعيل مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬بناء على تو�صية القمة العربية يف الريا�ض‪ ،‬ومن ثم متكني اعتباره‬
‫تعليقا ً على التعويل العربي الزائد على هذه املبادرة‪ ،‬وت�شكيكا ً يف جدوى االنخراط يف تفعيلها‪.‬‬
‫وو�صل الرف�ض ال�شعبي العربي لهذا التوجه �أن حذر �سيا�سيون م�رصيون و�سفراء �سابقون‬
‫من الإ�سهام العربي يف مترير اال�سرتاتيجية التي �أعلن عنها الرئي�س الأمريكي بو�ش ب�ش�أن املنطقة‬
‫عامة والعراق خا�صة‪ ،‬معتربين امل�شاركة يف القمة العربية بالريا�ض م�شاركة يف تنفيذ خمطط‬
‫�أمريكي جديد؛ ل�رصف الأنظار عن "�إ�رسائيل" وممار�ساتها �ض ّد ال�شعب الفل�سطيني وحتويلها �إىل‬
‫�إيران‪.259‬‬
‫وبادر امل�ؤمتر العربي العام‪ ،‬الذي يت�شكل من ثالثة م�ؤمترات عربية مهمة هي؛ امل�ؤمتر القومي‬
‫العربي وامل�ؤمتر القومي الإ�سالمي وم�ؤمتر الأحزاب العربية‪� ،‬إىل �إدانة دعوة الرئي�س الأمريكي‬
‫لعقد م�ؤمتر �أو لقاء دويل حل ّل الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬واعترب �أن طرح هذه الدعوة يف ذكرى انت�صار‬
‫املقاومة يف حرب �صيف ‪ 2006‬يف لبنان‪ ،‬هو حماولة للهروب من نتائج هذا االنت�صار‪ ،‬وحماولة‬
‫�إعطاء جرعة �إنعا�ش لأوملرت‪ ،‬و�إمعانٌ يف ت�أجيج االنق�سام الفل�سطيني وال�رصاعات العربية –‬
‫العربية‪ ،‬ورمبا يكون تغطي ًة لعدوان ع�سكري ُيعد له �ض ّد �إيران‪ .260‬وعندما وافق وزراء اخلارجية‬
‫العرب على دعوة الرئي�س الأمريكي �أ�صدر امل�ؤمتر العربي العام مبكوناته الثالث بيانا ً �أدان فيه ما‬

‫‪182‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫�أ�سماه بـ"هرولة غري م�سبوقة للتطبيع مع الكيان ال�صهيوين" و"ك�شفا ً للخلل الكبري الذي �أ�صاب‬
‫الو�ضع العربي الر�سمي‪ ،‬و�أقله العجز وال�ضعف وق�رص النظر وامل�سارعة ال�سرت�ضاء �أمريكا حتى‬
‫لو جعلت عايل البالد العربية �سافلها"‪.261‬‬
‫‪ .2‬املوقف ال�شعبي العربي من ال�صـراعات الفل�سطينية – الفل�سطينية‪:‬‬
‫انق�سم املوقف ال�شعبي العربي من ال�رصاعات الفل�سطينية ‪ -‬الفل�سطينية �إىل ثالثة مواقف؛‬
‫الأول‪ :‬حمايد �سعى �إىل مواجهة االنق�سامات‪ ،‬والدعوة �إىل احلفاظ على الوحدة الوطنية‪ .‬والثاين‪:‬‬
‫انحاز لل�سلطة الفل�سطينية بني انحياز حمدود وانحياز متطرف يدين حركة حما�س‪� .‬أما الثالث‪:‬‬
‫فهو ت�أييد حركة حما�س وت�أييد ما ُ�س ِّمي بـ"االنقالب على ال�رشعية" يف القطاع‪ .‬لكن ب�شكل عام �أدت‬
‫هذه ال�رصاعات �إىل انتكا�سة يف الدعم ال�شعبي العربي للق�ضية الفل�سطينية و�صل �إىل درجة "الكفر"‬

‫باملنظمات والقيادات الفل�سطينية على نحو ما دعت نقابة املحامني امل�رصية ال�شعب الفل�سطيني‬
‫�إىل عزل قادة حركتي حما�س وفتح معا ً لالنزالق يف حرب �أهلية حتقق �أهداف "�إ�رسائيل"‪ .262‬هذه‬
‫الدعوة التي �سبقت ال�رصاع الدامي و�أحداث حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬الدامية م�ؤ�رش مهم مل�ستوى‬
‫الرف�ض ال�شعبي العربي لالقتتال الفل�سطيني ‪ -‬الفل�سطيني �أيا ً كان الطرف امل�س�ؤول عنه‪.‬‬
‫�أ‪ .‬املوقف املحايد‪:‬‬
‫كان هذا هو املوقف الغالب على ر ّد الفعل ال�شعبي العربي‪ ،‬وقد عربت عنه الكثري من الهيئات‬
‫واملنظمات‪ ،‬ويكاد يكون هو املوقف ال�شعبي العام املنطلق من الوعي بـ"حرمة الدم الفل�سطيني"‬

‫واعتبار االقتتال ت�شويها ً لن�ضال ال�شعب الفل�سطيني وجدارة ق�ضيته وعدالتها‪ .‬هذا املوقف ركز‬
‫على �رضورة وقف االقتتال‪ ،‬وال�سعي �إىل م�صاحلة وطنية بني حركتي حما�س وفتح وكافة الف�صائل‪،‬‬
‫و�إعادة ت�شكيل حكومة وحدة وطنية فل�سطينية‪ ،‬واالن�رصاف �إىل مواجهة العدو ال�صهيوين والتم�سك‬
‫بالثوابت دون تفريط‪.‬‬
‫فقد دعت رابطة علماء بالد ال�شام الفل�سطينيني �إىل ح ّل خالفاتهم ور�ص �صفوفهم ملواجهة‬
‫عدوهم وعدو الأمة امل�شرتك‪ ،263‬كما دعت النقابات املهنية الأردنية �إىل وقف االقتتال الفل�سطيني‪،264‬‬
‫وحمل حزب التجمع التقدمي (امل�رصي) املوقف العربي م�س�ؤولية الو�ضع الفل�سطيني‪ ،‬ودعا �إىل‬
‫تر�سيخ االتفاق ال�سيا�سي احلقيقي على برنامج وطني يطرح بديالً وطنيا ً دميوقراطيا ً للو�ضع‬
‫امل�أ�ساوي الراهن‪ .265‬و�أكد الربملان العربي االنتقايل على حرمة الدم الفل�سطيني‪ ،‬يف حني اتهم حزب‬
‫ال�شعب الدميوقراطي (ح�شد) يف الأردن قادة حركتي حما�س وفتح بـ"الإ�رصار على هدر دم ال�شعب‬
‫الفل�سطيني"‪ ،‬ودعا �إىل "تعرية" من �أ�سماهم "دعاة الفتنة" من قادة حما�س وفتح‪ .266‬ولكن الأحزاب‬

‫‪183‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫القومية يف الأردن دعت �إىل التم�سك بوحدة ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وحملت كامل امل�س�ؤولية "لكل من‬
‫ي�صب الزيت على النار"‪ ،‬وقالت �إن "على اجلميع التم�سك بالثوابت القومية‪ ،‬من خالل الدعم الكامل‬
‫للق�ضية‪ ،‬ووحدة الأر�ض الفل�سطينية‪ ،‬وال�سالح الفل�سطيني"‪.267‬‬
‫ب‪ .‬املوقف املنحاز لل�سلطة وحركة فتح‪:‬‬
‫هذا املوقف �أخذ يربز مع ات�ساع رقعة اخلالفات ال�سيا�سية‪ ،‬وبعد �أن ا�ستطاعت حما�س فر�ض‬
‫�سيطرتها الكاملة على قطاع غزة‪ .‬فحزب التجمع التقدمي (امل�رصي) الذي �أخذ موقفا ً حمايدا ً يف‬
‫بداية الأزمة‪� ،‬أعلن بعده انحيازا ً �إىل موقف ال�سلطة‪ ،‬عندما قام ن�شطا�ؤه بتوزيع بيان مناوئ حلركة‬
‫حما�س يف الوقفة االحتجاجية ال�شعبية التي قادتها حركة كفاية‪ ،‬وجتمعات �سيا�سية‪ ،‬وحركات‬
‫احتجاجية م�رصية بال�شموع �أمام مق ّر نقابة ال�صحفيني‪ ،‬مطالبة بوقف االقتتال وو�ضع ح ّد لتدهور‬
‫الأو�ضاع الفل�سطينية‪ .‬هذا البيان حمل عنوان‪" :‬ال للإمارة الإ�سالمية يف غزة"؛ مما �أثار ا�ستياء‬
‫امل�شاركني واعرتا�ضهم على توزيعه‪ ،‬متهمني احلزب باالنحياز حلركة فتح والتحامل على حركة‬
‫حما�س‪ .268‬كذلك حتول موقف الأحزاب القومية يف الأردن من املحايد �إىل املنحاز لل�سلطة وحركة‬
‫فتح‪ ،‬ولقد دخلت هذه الأحزاب يف خالف مع حزب العمل الإ�سالمي‪ ،‬بعد �أن �أ�صدرت بيانا ً �ضمن‬
‫جتمع ما ُ�س ِّمي بـ"جلنة تن�سيق �أحزاب املعار�ضة" �أدان فيه ال�سيطرة الع�سكرية حلما�س على غزة‬
‫باعتبارها جرمية بحقّ الن�ضال الفل�سطيني وت�ضحياته‪ ،269‬كما قررت �أحزاب املعار�ضة الأردنية‬
‫مقاطعة امللتقى الذي دعت �إليه جماعة الإخوان امل�سلمني لإطالق مبادرة حل ّل الأزمة الفل�سطينية‪،‬‬
‫ربر لأعمال القتل‬ ‫ردا ً على عدم حيادية اجلماعة‪ ،‬وحزب اجلبهة كطرف داعم حلركة حما�س‪" ،‬وم ِّ‬
‫والعنف"‪.270‬‬
‫وكذلك موقف �أحد قياديي حزب االحتاد اال�شرتاكي (املغربي)‪ ،‬الذي �أكد �أن "ال�شعب املغربي‬
‫يجدد دعمه لل�رشعية الن�ضالية والدميوقراطية والد�ستورية الفل�سطينية‪ ،‬التي ت�ستند �إىل قرارات‬
‫ومقررات منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬ومقت�ضيات القانون الأ�سا�سي لل�سلطة الفل�سطينية"‪.271‬‬
‫ج‪ .‬املوقف املنحاز حلركة حما�س‪:‬‬
‫�إن �أكرث من التزم بهذا املوقف كان حركة الإخوان امل�سلمني يف م�رص والأردن‪ ،‬ولكن بعد مرحلة‬
‫من االقتتال؛ فموقف الإخوان التزم احلياد والتزم بدعوة نبذ القتال واعتباره خطا ً �أحمر ح�سب‬
‫ما جاء على ل�سان د‪ .‬حممد حبيب النائب الأول حلركة الإخوان يف م�رص‪ ،‬لكنه اعترب �أي�ضا ً قرار‬
‫ح ّل حكومة الوحدة الوطنية غري مربر‪ .272‬كما ح َّمل �إخوان م�رص القادة الفل�سطينيني م�س�ؤولية‬
‫�إراقة دماء مواطنيهم‪ .273‬ولكن هذا املوقف املحايد حتول �إىل موقف منحاز حلركة حما�س عندما‬
‫دعت احلركة الإ�سالمية يف الأردن �إىل �رضورة تفهم موقف �سيطرة حما�س على غزة‪ ،274‬وعندما‬
‫دعت هذه احلركة �إىل دور عربي "غري منحاز" حل ّل اخلالفات الفل�سطينية‪ ،‬يف �إ�شارة رف�ض على‬
‫‪184‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫ما �أخذ يظهر من انحياز للنظام العربي �أو بع�ض �أطرافه �إىل جانب ال�سلطة الفل�سطينية‪ .275‬وعندما‬
‫�أكد مهدي عاكف املر�شد العام للإخوان يف م�رص �أنه "لي�س هناك �أقوى من �رشعية حكومة هنية"‪،‬‬
‫وعلى نحو انتقاد ال�شيخ يو�سف القر�ضاوي للرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س لرف�ضه و�إغالقه‬
‫باب احلوار مع حركة حما�س‪.276‬‬
‫لكن كانت هناك �أطراف لها مواقف م�ؤيدة منذ البداية حلركة حما�س‪ ،‬على غرار موقف حزب‬
‫العمل امل�رصي (املوقوف)‪ ،‬الذي �أكد على �أن القوى الوطنية والقومية يف الوطن العربي والقوى‬
‫الإ�سالمية والتحررية عموما ً ال تقف على احلياد يف ال�رصاع الفل�سطيني‪ ،‬بل تقف �إىل جانب حما�س‬
‫ّ‬
‫بخط املقاومة من �أجل‬ ‫"التي هي الهيئة ال�رشعية املنتخبة من ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬والتي تتم�سك‬
‫التحرير"‪.277‬‬
‫هذه املواقف العربية الثالث املنق�سمة م�ؤ�رش �ضعف �أكرث مما هي م�ؤ�رش قوة للموقف العربي‪،‬‬
‫الذي كان يجب �أن يكون موحدا ً وغري منحاز �إال �إىل احلقّ ورف�ض االقتتال‪ ،‬والأهم �أن ميتلك �آلية‬
‫للحركة‪ ،‬وقدرة على العمل لوقف ذلك االقتتال‪ ،‬بدالً من الإدانة لل�رصاع واالنحياز لأي من الطرفني‬
‫وهذا مل يحدث‪.‬‬
‫‪ .3‬املوقف ال�شعبي العربي من دعم ال�شـعب الفل�سطيني‪:‬‬
‫�أ�صيب الر�أي العام العربي ب�صدمة مزدوجة عندما م�ضى الكيان ال�صهيوين يف قمعه وح�صاره‬
‫لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ال�صدمة الأوىل من هول القتل والتدمري والتخريب وحتويل القطاع �إىل �سجن‬
‫جماعي‪ ،‬والثانية من عجز النظام العربي عن ف ّك احل�صار وطرح البديل الذي يحمي هذا ال�شعب‪،‬‬
‫لذلك مل يجد الر�أي العام العربي �سوى اخلروج يف م�سريات تنديد و�شجب لكل الأطراف‪ :‬احلكومات‬
‫العربية‪ ،‬والكيان ال�صهيوين‪ ،‬والواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ومطالبا ً بتحرك �إيجابي حلماية ال�شعب‬
‫والأر�ض واملقد�سات يف فل�سطني‪ .‬لكنها كانت مظاهرات م�ؤقتة وحمدودة‪ ،‬ومل ت�ستطع �أن تراكم‬
‫فعالً ن�ضاليا ً يجرب احلكومات على التحرك الفعلي‪.‬‬
‫لقد �شهدت عدة مدن وعوا�صم عربية عددا ً من التظاهرات الت�ضامنية مع الفل�سطينيني يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬و�سط دعوات با�ستمرار فتح حدود القطاع مع م�رص‪ .‬ففي القاهرة تظاهر �آالف امل�رصيني‬
‫للمطالبة ب�إنهاء احل�صار على فل�سطينيي غزة‪ ،‬ورفع امل�شاركون الذين جتمعوا مبعر�ض القاهرة‬
‫الدويل للكتاب الفتات تقول "�أنقذوا غزة‪ ،‬احلرية رغم احل�صار"‪ .‬ورفع املتظاهرون و�أغلبهم من‬
‫جماعة الإخوان امل�سلمني وحركة كفاية ن�سخا ً من القر�آن الكرمي‪ .‬كما منع الأمن انطالق م�سريات‬
‫ت�ضامنية �أخرى يف منطقة الأزهر ومناطق �أخرى متفرقة بعد �صالة اجلمعة‪.‬‬
‫ويف الدوحة انطلقت م�سرية ت�ضامنية بدعوة من رئي�س االحتاد العاملي لعلماء امل�سلمني ال�شيخ‬

‫‪185‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يو�سف القر�ضاوي‪ .‬وقد عرب القر�ضاوي يف خطبة اجلمعة عن �شكره للم�رصيني قيادة وحكومة‬
‫و�شعباً‪ ،‬ودعا الرئي�س ح�سني مبارك لل�صمود يف مواجهة ال�ضغوط واال�ستمرار يف فتح معرب رفح‪.‬‬
‫ويف الأردن تظاهر الآالف من جميع �أنحاء البلد احتجاجا ً على احل�صار الإ�رسائيلي لقطاع‬
‫غزة‪ ،‬و�شارك نحو خم�سة �آالف �شخ�ص يف مظاهرة جرى تنظيمها و�سط العا�صمة عمان‪ ،‬رددوا‬
‫فيها عبارات مناه�ضة لـ"�إ�رسائيل" والواليات املتحدة‪ ،‬و�أعربوا عن دعمهم حلقّ العودة لالجئني‬
‫الفل�سطينيني‪ .‬ونظمت م�سريات مماثلة يف مدن الزرقاء والكرك و�إربد؛ حيث �أحرق املتظاهرون‬
‫العلمني الأمريكي والإ�رسائيلي‪ ،‬وطالبوا �سكان غزة بال�صمود‪ .‬كما هتف امل�شاركون ب�شعارات‬
‫م�ؤيدة لكتائب الق�سام التابعة حلركة حما�س‪ ،‬وطالبوا مبزيد من العمليات‪ .‬من جهة ثانية �ش ّن‬
‫�أئمة امل�ساجد يف خطبة اجلمعة هجوما ً حادا ً على "�إ�رسائيل" والواليات املتحدة‪ ،‬وانتقدوا "ال�صمت‬
‫العاملي" جتاه "العقاب اجلماعي" املفرو�ض على ‪ 1.5‬مليون �شخ�ص يقيمون يف قطاع غزة‪.‬‬
‫ويف املنامة نفذت جمعيات مدنية و�سيا�سية بحرينية اعت�صاما ً يف مركز الفاحت الإ�سالمي‪ ،‬ت�ضامنا ً‬
‫مع ال�شعب الفل�سطيني يف غزة‪ ،‬ومطالبة برفع احل�صار املفرو�ض عليه منذ عدة �أ�شهر‪ .‬وقد خ�ص�ص‬
‫�إمام م�سجد مركز الفاحت الإ�سالمي‪ ،‬وهو امل�سجد الأكرب يف البحرين‪ ،‬الذي تنقل منه خطبة اجلمعة‬
‫يف الإذاعة والتلفزة الر�سمية‪ ،‬خطبته للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬وحثّ امل�سلمني على اال�ستمرار يف دعم‬
‫الق�ضية‪ .‬كما دعا رئي�س جمعية العمل الوطني الدميوقراطي �إبراهيم ال�رشيف احلكومات العربية‬
‫للوقوف مع ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬والتربع بجزء من دخل النفط لإغاثتهم‪ .‬وطالب ال�رشيف الرئي�س‬
‫الفل�سطيني حممود عبا�س بوقف املفاو�ضات مع الإ�رسائيليني نهائياً‪ ،‬احتجاجا ً على ا�ستمرار‬
‫العدوان على الفل�سطينيني‪ ،‬كما نا�شد املجتمع الدويل �أن يقوم بدوره حلماية الفل�سطينيني من هذا‬
‫العدوان‪ .‬ودعا رئي�س حركة عدالة الدكتور عبد اهلل ها�شم البحرينيني �إىل ن�رصة الفل�سطينيني على‬
‫كل امل�ستويات‪.278‬‬
‫‪ .4‬املوقف ال�شعبي العربي من العالقة مع"�إ�سـرائيل" والتطبيع‪:‬‬
‫كان من الطبيعي يف ظ ّل كل تلك التطورات ال�سابقة التي حدثت يف املوقف العربي من الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬سواء كان ر�سميا ً �أم �شعبياً‪ ،‬وبالذات ا�ستحواذ خيار الت�سوية على توجهات النظام‬
‫العربي‪ ،‬وان�سياق تيارات �شعبية وا�سعة وراء هذا اخليار �إما �إدراكا ً لعجز الأنظمة �أو ي�أ�سا ً من القدرة‬
‫على موا�صلة ال�رصاع يف ظ ّل التكيف الإعالمي الر�سمي املروج للت�سوية وامل�شكك يف �أي خيار �آخر‬
‫بديل‪ ،‬كان من الطبيعي يف ظ ّل هذا كله �أن تتمكن دعوة التطبيع من التغلغل يف بنية املجتمع العربي‬
‫يف ظ ّل تنامي عدد امل�ؤ�س�سات املخ�ص�صة لذلك‪ ،‬والداعية �إىل ما ت�سميه بـ"ثقافة ال�سالم" يف مواجهة‬
‫"ثقافة املقاومة" التي مل تعد لها م�ؤ�س�سات تتوالها على امل�ستوى الر�سمي �أو ال�شعبي العربي‪.‬‬
‫مل تعد كلمة �أو دعوة التطبيع منكرا ً �أو رج�سا ً من عمل ال�شيطان كما كانت من قبل‪ ،‬بل �أ�صبحت‬
‫‪186‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫مقبولة �أو على الأقل غري مرفو�ضة‪ ،‬مع تداعي م�ؤ�س�سات املقاطعة وتراجع احلما�س لها‪ ،‬وج�شع‬
‫ر�أ�س املال العربي اخلا�ص ال�ساعي �إىل الربح ال�رسيع من وراء التعامل مع ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات‬
‫وطني من االعتبارات التي كانت حتول دون ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫�س �أو‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬دون اعتبار ملا هو مق ّد ٌ‬
‫هذا املتحول هو حم�صلة الرتدي العربي‪ ،‬فلم يعد التطبيع مقت�رصا ً على ما هو ر�سمي بل �أخذ‬
‫يت�سع يف ما هو �شعبي بت�شجيع حكومي‪ .‬فمجموعة االت�صال العربية بـ"�إ�رسائيل" التي اقت�رصت‬
‫على م�رص والأردن‪ ،‬بتوجيه من القمة العربية �ضمن م�سعى الرتويج والتفعيل ملبادرة ال�سالم‬
‫العربية‪ ،‬كان ميكن �أن تت�سع لت�ض ّم دوالً عربية �أخرى على نحو ما �أف�صح �أحمد �أبو الغيط لوال‬
‫عدم التجاوب الإ�رسائيلي مع املبادرة العربية؛ فقد �أكد �أبو الغيط �إمكانية تو�سيع جمموعة االت�صال‬
‫امل�رصية – الأردنية مع "�إ�رسائيل" لت�شمل دوالً �أخرى "حال ت�أكيد �إ�رسائيل نيتها بامل�ضي قدما ً‬
‫يف طريق ال�سالم"‪ .279‬الحظ ال�رشط الذي ينح�رص فقط يف جمرد �إبداء النية‪ ،‬ولي�س االنخراط يف‬
‫التعامل مع املبادرة‪.‬‬
‫هذا التوجه مل ين�ش�أ من فراغ‪ ،‬ومل يذهب دون ت�أثري‪ ،‬فهو م�ؤ�رش على توجه يت�سع للتعامل‬
‫مع الكيان ال�صهيوين دون قيود‪� .‬إن ق�صة الطبيب ال�سعودي الذي قالت عنه جريدة معاريف‬
‫الإ�رسائيلية �أنه "ك�رس جميع احلواجز وو�صل �إىل تل �أبيب لإجراء عملية جراحية لإنقاذ حياة �شابة‬
‫�إ�رسائيلية"‪ 280‬ال تختلف كثريا ً عن م�شاركة "�إ�رسائيل" يف م�ؤمتر تعليمي يف القاهرة‪ ،281‬وال عن اجتاه‬
‫وزارات بحرينيه �إىل �إلغاء بند مقاطعة "�إ�رسائيل"‪ ،282‬وال عن قيام حاخام �إ�رسائيلي ب�إلقاء حما�رضة‬
‫يف جامعة عني �شم�س امل�رصية‪ ،283‬وال عن غزو منتجات مزارع �شارون لل�سوق الأردين‪ ،284‬وال عن‬
‫رعاية �سوزان مبارك حرم الرئي�س امل�رصي ملنتدى ل�شباب عرب و�إ�رسائيليني‪� ،285‬أو م�شاركة "دببة‬
‫عربية" يف مهرجان �إ�رسائيلي يف القد�س‪ .286‬كل ما �سبق م�ؤ�رشات ودالالت على جناح "�إ�رسائيل" يف‬
‫ك�رس حاجز الرتدد ال�شعبي العربي عن التطبيع‪.‬‬
‫لكن على الرغم من ذلك هناك مقاومة للتطبيع‪ ،‬وهناك تراجع يف بع�ض الدوائر املطبعة عن‬
‫تطبيعها‪ ،‬فما زالت �أغلب التيارات ال�شعبية القومية والإ�سالمية‪ ،‬وكثري من الي�سارية راف�ضة للتطبيع‬
‫على نحو رف�ض جبهة العمل الإ�سالمي يف الأردن للتطبيع‪ ،287‬وا�ستجواب جمل�س ال�شعب امل�رصي‬
‫(الربملان) ملوافقة احلكومة امل�رصية على �إقامة م�رشوع لإنتاج الطاقة البديلة من الرياح مع م�ستثمر‬
‫�إ�رسائيلي‪ ،288‬ومثل حتقيق الربملان البحريني يف �إلغاء وزارات بند مقاطعة "�إ�رسائيل"‪ ،289‬وحتذير‬
‫اجلمعية البحرينية ملقاومة التطبيع من تزايد ال�صادرات الإ�رسائيلية يف ال�سوق البحرينية‪،290‬‬
‫ورف�ض نواب بحرينيني ل�سيا�سة التطبيع مع "�إ�رسائيل"‪ ،291‬ودعوة اللجنة التنفيذية حلماية الوطن‬
‫وجمابهة التطبيع الأردنية �إىل االمتناع عن �رشاء املنتجات �صهيونية املن�ش�أ �أو ميلكها �صهاينة‬
‫يف الغرب وت�صدر �إىل الأردن‪ ،292‬ودعوة جمعية مقاومة التطبيع البحرينية �إىل �إعادة فتح مكتب‬
‫مقاطعة "�إ�رسائيل" يف البحرين‪� .293‬أما التطور الأهم فهو على �صعيد ال�ساحة املوريتانية حتى‬
‫تت�سع دعوة قطع العالقات و�إلغاء العالقات التطبيعية مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬من جانب العديد من الأحزاب‬
‫‪187‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وال�شخ�صيات القيادية املوريتانية‪ 294‬مثل هذا التحول يعك�س حقيقة مهمة وهي �أن موجة التطبيع‬
‫مع الكيان ال�صهيوين موجة مفتعلة‪ ،‬وهي وليدة ظروف عربية رديئة‪ ،‬و�أن ال�شارع ال�سيا�سي‬
‫العربي‪ ،‬الذي تعر�ض وعيه �إىل حملة ت�شويه هائلة‪ ،‬ما زال م�ستعدا ً ال�ستعادة هذا الوعي‪ ،‬ولكن‬
‫بامتالك ال�رشوط املهمة لذلك‪.‬‬

‫ما يزال الو�ضع العربي املرتهل واملتفكك يعك�س نف�سه ب�شكل �سلبي على الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬وهو ما يوفر فر�صا ً كبرية ي�ستثمرها اجلانب الإ�رسائيلي يف فر�ض‬
‫خامتة‬
‫�رشوطه‪ ،‬ويف فر�ض احلقائق على الأر�ض‪ ،‬ويف حماولة حتقيق اخرتاقات جديدة يف العامل العربي‪.‬‬
‫ومما زاد الو�ضع �سوءا ً حالة االنق�سام والت�رشذم يف الو�سط الفل�سطيني نف�سه‪.‬‬
‫كان لل�سعودية دور بارز يف عقد اتفاق مكة‪ ،‬و�إن�شاء حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬غري‬
‫�أن الإ�رصار الإ�رسائيلي – الأمريكي على متابعة احل�صار‪ ،‬وم�شاركة �أطراف فل�سطينية يف حماولة‬
‫�إ�سقاط احلكومة‪ ،‬ثم ن�شوء و�ضع ا�ستثنائي ب�سبب �سيطرة احلكومة املقالة بقيادة حما�س على‬
‫القطاع‪ ،‬و�سيطرة الرئا�سة الفل�سطينية وحكومة الطوارئ‪ ،‬بدعم فتح‪ ،‬على ال�ضفة الغربية‪� ،‬أدى �إىل‬
‫حالة من الإحباط يف الأو�ساط العربية‪.‬‬
‫تعاملت البلدان العربية‪ ،‬بالتناغم مع العامل الغربي‪ ،‬مع حكومة الطوارئ يف رام اهلل باعتبارها‬
‫احلكومة ال�رشعية‪ ،‬ومل تعرتف بحكومة هنية املقالة باعتبارها حكومة ت�سيري �أعمال‪ ،‬على الرغم‬
‫من �أن اجلانب القانوين مييل ب�شكل �أكرب حلكومة هنية‪ .‬ومل تقم البلدان العربية ب�أية �إجراءات فعلية‬
‫حازمة لفك احل�صار اخلانق على قطاع غزة‪ .‬وجرت حماوالت �سودانية ومينية وم�رصية وعربية‬
‫�أخرى للتوفيق بني فتح وحما�س‪ ،‬لكنها مل تنجح‪.‬‬
‫وما تزال الدول العربية متم�سكة مببادرة ال�سالم العربية حلل الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬وكانت‬
‫م�شاركتها يف م�ؤمتر �أنابولي�س حماولة لدفع م�سرية الت�سوية‪ ،‬غري �أن "�إ�رسائيل" و�أمريكا ا�ستثمرتا‬
‫امل�ؤمتر ل�صاحلهما دومنا �أية خطوات جدية يف عملية الت�سوية‪.‬‬
‫الو�ضع ال�شعبي العربي امل�صاب بالإحباط‪ ،‬نتيجة االنق�سام والت�رشذم الفل�سطيني‪ ،‬ما يزال‬
‫يرف�ض التطبيع مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬وما يزال يظهر �أ�شكاالً خمتلفة من الت�ضامن‪ ،‬خ�صو�صا ً مع‬
‫الفل�سطينيني املحا�رصين يف قطاع غزة‪ .‬ويف الوقت الذي حت�سنت فيه العالقات التجارية الإ�رسائيلية‬
‫مع الأردن وم�رص‪� ،‬إال �أن العالقات ال�سيا�سية مع موريتانيا قد �شهدت تراجعا ً وبرودا ً يف �إثر‬
‫انتخاب رئي�س جديد‪ ،‬وقيام حكومة جديدة‪ ،‬تنظر �إىل هذه العالقات باعتبارها موروثا ً حمرجا ً من‬
‫موروثات العهد ال�سابق‪ ،‬خا�صة يف �ضوء ت�صاعد املعار�ضة ال�شعبية يف موريتانيا لأية عالقات مع‬
‫"�إ�رسائيل"‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫هوام�ش الف�صل الثالث‬


‫‪" 1‬م�صالح العرب كما يراها بو�ش‪ :‬ال�رشاكة مع �إ�رسائيل والعداء لإيران"‪ ،‬ال�سفري‪.2008/1/5 ،‬‬
‫‪ 2‬حممد ال�سعيد �إدري�س‪" ،‬البعد اال�سرتاتيجي النت�صار املقاومة‪ "،‬جملة امل�ستقبل العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬العدد ‪� ،343‬أيلول‪� /‬سبتمرب ‪� ،2007‬ص ‪.42– 40‬‬
‫‪" 3‬مبادرة ال�سالم العربية حمور قمة الريا�ض"‪ ،‬موقع اجلزيرة نت‪ ،2007/3/26 ،‬انظر‪www.aljazeera.net :‬‬
‫‪ 4‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 5‬غلني كي�سلر‪" ،‬راي�س حتمل خطة جديدة يف رابع جولة لها باملنطقة خالل ‪� 4‬أ�شهر‪ "،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/3/24 ،‬‬
‫‪" 6‬راي�س عر�ضت ر�ؤية �أمريكية لل�سالم يف ال�رشق الأو�سط على الرباعي العربي ب�أ�سوان"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/3/25 ،‬‬
‫‪"7‬وزراء خارجية الرباعية العربية طرحوا مواقفهم حول عملية ال�سالم خالل االجتماع مع راي�س"‪ ،‬الريا�ض‪.2007/3/25 ،‬‬
‫‪" 8‬وا�شنطن تر ّد على ت�رصيح العاهل ال�سعودي حول احتالل العراق"‪ ،‬موقع القناة الإخبارية الأمريكية �سي �إن �إن‪،‬‬
‫‪ ،2007/4/29‬انظر‪arabic.cnn.com :‬‬
‫‪� 9‬أعلن �أوملرت يف ع ّمان �أنه م�ستعد للقاء القادة العرب املعتدلني‪ ،‬لبحث مبادرة ال�سالم العربية‪ ،‬راف�ضا ً �أي �رشوط م�سبقة‪،‬‬
‫انظر‪ :‬القد�س العربي‪.2007/5/16،‬‬
‫‪�" 10‬سعود الفي�صل‪ :‬ال �إمالءات على القمة‪ ،‬و�أكدنا ‪ 20‬مرة �أن املبادرة لن تعدل"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/3/26 ،‬‬
‫‪" 11‬القمة تدعو �إ�رسائيل الغتنام الفر�صة وت�أخذ علما ً بالتزام احلكومة الفل�سطينية بالقرارات مبا فيها مبادرة ال�سالم"‪،‬‬
‫ال�شـرق الأو�سط‪.2007/3/30 ،‬‬
‫‪"12‬و�سط ترقب �سيا�سي دويل و�إقليمي‪ :‬جلنة املبادرة العربية تطلق غدا ً خطة التحرك لتفعيل املبادرة"‪ ،‬جريدة الأهرام‪،‬‬
‫القاهرة‪.2007/4/17 ،‬‬
‫‪ 13‬القب�س‪.2007/4/18 ،‬‬
‫‪ 14‬عكاظ‪.2007/4/19 ،‬‬
‫‪� 15‬شبكة بي بي �سي الإخبارية‪ ،2007/5/12 ،‬انظر‪http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/default.stm:‬‬
‫‪ 16‬الر�أي‪ ،‬ع ّمان‪.2007/5/19 ،‬‬
‫‪ 17‬اخلليج‪.2007/5/20 ،‬‬
‫‪ 18‬اخلليج‪.2007/5/23 ،‬‬
‫‪ 19‬حممد عبد العاطي‪ ،‬وفد اجلامعة العربية لإ�رسائيل هل يعود بخفي حنني؟‪ ،‬اجلزيرة نت‪.2007/7/10 ،‬‬
‫‪ 20‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪" 21‬وا�شنطن ت�أمل يف �إ�رشاك دول عربية ال تقيم عالقات مع �إ�رسائيل بامل�ؤمتر الدويل املقرتح"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪،‬‬
‫‪.2007/7/18‬‬
‫‪ 22‬املرجع ال�سابق‪.‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ " :‬وزراء اخلارجية العرب يحذرون من �ضياع الفر�صة القائمة لتحقيق ال�سالم"‪ ،‬الأهرام‪.2007/7/31 ،‬‬
‫‪ 24‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪" 25‬اجتماع وزراء اخلارجية العرب‪ :‬حتذير من �إفراغ م�ؤمتر ال�سالم من م�ضمونه"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/9/6 ،‬‬
‫‪ 26‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪" 27‬ليفني‪ :‬مباحثات �أنابولي�س مع الفل�سطينيني وال دخل للعرب"‪� ،‬سي �إن �إن‪ ،2007/12/21 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://arabic.cnn.com/2007/middle_east/11/25/annapolis.israel/index.html‬‬
‫‪�" 28‬أوملرت‪ :‬املحادثات مع الفل�سطينيني رهن بقبول "دولة اليهود""‪ ،‬بي بي �سي‪.2007/11/14 ،‬‬
‫‪" 29‬وزراء اخلارجية العرب يوافقون على ح�ضور �أنابولي�س"‪ ،‬بي بي �سي‪.2007/11/23 ،‬‬
‫‪ 16" 30‬دولة عربية تقرر امل�شاركة يف م�ؤمتر �أنابولي�س بينها م�رص وال�سعودية"‪ ،‬موقع العربية نت‪ ،2007/11/23 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2007/11/23/42027.html‬‬
‫‪" 31‬بو�ش يدعو الفل�سطينيني لالختيار بني "�إرهاب" حما�س و"دولة" عبا�س"‪� ،‬سي �إن �إن‪.2007/12/28 ،‬‬
‫‪" 32‬ات�صاالت للجامعة مع العوا�صم العربية لوقف االقتتال الفل�سطيني"‪ ،‬القب�س‪.2007/1/9 ،‬‬
‫‪" 33‬مو�سى م�ستعد لإر�سال وفد لتهدئة االحتقان الفل�سطيني"‪ ،‬اخلليج‪.2007/1/10 ،‬‬
‫‪ 34‬فهمي هويدي‪" ،‬ال حمل للرتدد العربي بعد اتفاق مكة‪ "،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/28 ،‬‬

‫‪189‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪" 35‬اجلامعة وم�رص ترحبان وتطالبان برفع احل�صار"‪ ،‬االحتاد‪.2007/3/16 ،‬‬


‫‪" 36‬مو�سى‪ :‬ات�صال بريطانيا بوزراء فل�سطني من غري حما�س موقف �سلبي"‪ ،‬رويرتز‪.2007/3/16 ،‬‬
‫‪ 37‬انظر‪ :‬الد�ستور‪.2007/3/27 ،‬‬
‫‪" 38‬ت�أييد غربي لعبا�س وحياد عربي وحما�س تتم�سك باحلوار"‪ ،‬اجلزيرة نت‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪" 39‬مو�سى مينع الت�رصيحات عن الو�ضع الفل�سطيني"‪ ،‬اخلليج‪.2007/6/19 ،‬‬
‫‪" 40‬جلنة تق�صي احلقائق تبحث دعم اليوم اجلهود ال�سعودية امل�رصية للوفاق الفل�سطيني"‪ ،‬عكاظ‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪" 41‬جلنة التق�صي العربية حول قطاع غزة‪ :‬خالفات ومماطلة‪ ...‬وال تقرير"‪ ،‬ال�سفري‪.2007/7/28 ،‬‬
‫‪"42‬اخلالف الفل�سطيني الداخلي �أجه�ض اجتماعات وزراء اخلارجية العرب"‪ ،‬جريدة ال�شـرق‪ ،‬قطر‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪" 43‬طالبت "فتح" و"حما�س" بوقف االقتتال الداخلي‪" :‬تق�صي احلقائق" تدعو بعودة الأمور لن�صابها"‪ ،‬ال�شـرق‪،‬‬
‫‪.2007/9/6‬‬
‫‪" 44‬اجلامعة العربية‪ :‬ال عوائق �أمام حتويل الأموال لل�سلطة الفل�سطينية"‪ ،‬الد�ستور‪.2007/1/15 ،‬‬
‫‪ 45‬جريدة ال�سيا�سة‪ ،‬الكويت‪.2007/2/20 ،‬‬
‫‪ 46‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/5/12 ،‬‬
‫‪� 47‬شبكة فل�سطني اليوم‪.2007/7/13 ،‬‬
‫‪ 48‬اخلليج‪.2007/1/23 ،‬‬
‫‪ 49‬احلياة‪.2007/7/8 ،‬‬
‫‪"50‬اجلامعة العربية تتجه لعقد م�ؤمتر عربي يدعم م�ؤ�س�سات ال�سلطة الفل�سطينية"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/8/30 ،‬‬
‫‪�"51‬أوملرت يرف�ض تدخل مبارك وي�ؤكد �أن الفل�سطينيني يف القطاع لن ينعموا بالرخاء"‪ ،‬القد�س العربي‪.2008/1/22 ،‬‬
‫‪ 52‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/1/26 ،‬‬
‫‪" 53‬مو�سى للعرب‪ :‬ارفعوا �صوتكم "على الأقل" �ضد ح�صار غزة"‪� ،‬إ�سالم �أون الين‪.2008/1/16 ،‬‬
‫‪" 54‬دعم عربي قوي لدور م�رص مع غزة"‪� ،‬إ�سالم �أون الين‪.2008/1/28 ،‬‬
‫‪" 55‬حتركات عربية لت�سويق حكومة هنية ومو�سى يرف�ض �رشط االعرتاف ب�إ�رسائيل"‪ ،‬القد�س العربي‪.2007/3/1 ،‬‬
‫‪"56‬عمرو مو�سى يرف�ض التطبيع املجاين"‪ ،‬اخلليج‪.2007/4/4 ،‬‬
‫‪" 57‬اجلامعة العربية‪� :‬إ�رسائيل متاطل وتراوغ"‪ ،‬عكاظ‪.2007/4/16 ،‬‬
‫‪�" 58‬أبو الغيط واخلطيب يف �إ�رسائيل لت�سويق "املبادرة العربية""‪ ،‬القد�س العربي‪.2007/7/26 ،‬‬
‫‪�" 59‬أبو الغيط‪ :‬ال �أمثل اجلامعة العربية يف زيارتي لإ�رسائيل"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/7/21 ،‬‬
‫‪ 60‬احلياة‪.2007/12/5 ،‬‬
‫‪ 61‬انظر‪ :‬الأهرام‪.2007/11/24 ،‬‬
‫‪See: Helen Brusilovsky, Summary of Israel’s Foreign Trade by Country – 2007. 62‬‬
‫‪ 63‬اخلليج‪.2007/1/8 ،‬‬
‫‪ 64‬وكالة �سما الإخبارية‪ ،‬فل�سطني‪.2007/1/14 ،‬‬
‫‪ 65‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/1/20 ،‬‬
‫‪ 66‬اخلليج‪.2007/1/22 ،‬‬
‫‪ 67‬الأهرام‪.2007/2/8 ،‬‬
‫‪ 68‬بالل احل�سن‪" ،‬املبادرة امل�رصية‪ :‬هل ت�سري باجتاه تطوير املبادرة العربية‪ "،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/1/28 ،‬‬
‫‪�" 69‬أبو الغيط‪ :‬جلنة مبادرة ال�سالم لن تكلف بالتفاو�ض مع �إ�رسائيل"‪ ،‬عكاظ‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 70‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/5/11 ،‬‬
‫‪ 71‬الأهرام‪.2007/5/11 ،‬‬
‫‪" 72‬قمة رباعية يف �رشم ال�شيخ لدفع العالقات بني �إ�رسائيل والفل�سطينيني"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪" 73‬قمة �رشم ال�شيخ‪ :‬خطوات لإعادة الثقة و�إطالق عملية ال�سالم ودعم جهود عبا�س"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪ 74‬احلياة‪.2007/6/27 ،‬‬
‫‪ 75‬الأهرام‪.2007/7/18 ،‬‬
‫‪ 76‬اخلليج‪.2007/8/26 ،‬‬
‫‪ 77‬عكاظ‪.2007/9/20 ،‬‬
‫‪ 78‬الأهرام‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪ 79‬الأهرام‪.2007/11/23 ،‬‬
‫‪190‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫‪ 80‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/1/11 ،‬‬


‫‪ 81‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/22 ،‬‬
‫‪ 82‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/5/20 ،‬‬
‫‪ 83‬هاين حبيب‪" ،‬حوارات القاهرة ومرجعية وثيقة الأ�رسى‪ "،‬موقع القد�س �أون الين‪ ،2007/5/27 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪/http://www.alqudsonline.com‬‬
‫‪ 84‬وكالة معا ً‪.2007/5/17 ،‬‬
‫‪ 85‬احلياة‪.2007/5/21 ،‬‬
‫‪ 86‬وكالة �سما‪.2007/6/10 ،‬‬
‫‪� 87‬إ�سالم �أون الين‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 88‬احلياة‪.2007/6/10 ،‬‬
‫‪ 89‬احلياة‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 90‬جريدة امل�صـري اليوم‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪See: David Rose, op. cit. 91‬‬
‫‪�" 92‬رشيط م�صور وخريطة غريت التعامل امل�رصي مع حما�س"‪ ،‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/30 ،‬‬
‫‪ 93‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 94‬امل�ستقبل‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 95‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 96‬احلياة‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 97‬احلياة‪.2007/6/26 ،‬‬
‫يف‪:‬‬‫‪ 98‬حممد جمال عرفة‪�" ،‬رشم ال�شيخ ‪ :2007‬القاهرة تتمرد على حلف املعتدلني‪� "،‬إ�سالم �أون الين‪2007/6/26،‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1182774564150&pagename=Z‬‬
‫‪one-Arabic-News/NWALayout‬‬
‫‪ 99‬احلياة‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪100‬البيان‪.2007/6/27 ،‬‬
‫م�ساع م�رصية – �سعودية لر�أب ال�صدع بني فتح وحما�س"‪ ،‬موقع مفكرة الإ�سالم‪ ،2007/6/19 ،‬يف‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫‪"101‬‬
‫‪http://www.islammemo.cc/akhbar/arab/2007/06/19/45651.htm1‬‬
‫‪102‬عكاظ‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 103‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/12/9 ،‬‬
‫‪" 104‬م�س�ؤول م�رصي‪ :‬نراقب �سلوك حما�س‪ ،‬ونرف�ض قيام �إمارة �إ�سالمية على حدودنا"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/20 ،‬‬
‫‪ 105‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪"106‬م�رص تنفي اتخاذ �إجراءات عقابية �ض ّد �أبناء ال�شعب الفل�سطيني"‪ ،‬احلياة‪.2007/6/20 ،‬‬
‫تغ�ض النظر عن تهريب حما�س لل�سالح من �سيناء"‪ ،‬القد�س �أون الين‪ ،‬نقال عن جريدة ه�آرت�س‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪"107‬القوات امل�رصية ّ‬
‫تل �أبيب‪.2007/10/23 ،‬‬
‫‪ 108‬زهري ق�صيباتي‪" ،‬خنق حما�س �أم دور م�رص‪ "،‬احلياة‪.2007/12/27 ،‬‬
‫‪" 109‬ات�صاالت م�رصية – �إ�رسائيلية لإنهاء �أزمة احلجاج الفل�سطينيني"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/12/30 ،‬‬
‫‪ 110‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/1/25 ،‬‬
‫‪" 111‬الأجنحة امل�سلحة ت�ؤكد تفجريها اجلدار الفا�صل مع رفح امل�رصي"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/1/24 ،‬‬
‫‪" 112‬احلدود اللينة" مع م�رص تفك العزلة عن غزة"‪ ،‬اجلزيرة نت‪.2008/1/25 ،‬‬
‫‪ 113‬احلياة‪.2008/1/25 ،‬‬
‫‪�" 114‬إ�رسائيل حتذر م�رص بعد "تفجري" احلدود مع غزة"‪� ،‬سي �إن �إن‪.2008/1/24 ،‬‬
‫‪" 115‬وا�شنطن ت�ضغط على م�رص ب�ش�أن احلدود مع غزة"‪ ،‬اخلليج‪.2008/1/26 ،‬‬
‫‪" 116‬م�رص حتكم �سيطرتها على احلدود مع غزة وتلمح �إىل وقف التن�سيق الأمني مع حما�س"‪ ،‬احلياة‪.2008/2/7 ،‬‬
‫‪ 117‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/1/31 ،‬‬
‫‪" 118‬مبارك تعهد موا�صلة االت�صاالت لإنهاء الأزمة‪ ...‬القاهرة‪ :‬ترك احلدود �سداح مداح ال ميكن �أن ي�ستمر"‪ ،‬احلياة‪،‬‬
‫‪2008/1/26‬؛ وانظر �أي�ضاً‪" :‬دعوة مبارك هل متهد حلوار �شامل بني فتح وحما�س؟"‪ ،‬اجلزيرة نت‪.2008/1/28 ،‬‬

‫‪191‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪" 119‬فتح ترف�ض دعوة مبارك للحوار يف القاهرة وحما�س تقبلها"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2008/1/26 ،‬‬
‫‪ 120‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه؛ وانظر‪" :‬ال�سلطة ت�سعى �إىل �إدارة معابر غزة من دون "حما�س" وم�رص تلقي بثقلها لإقناع‬
‫احلركة بعدم �إعاقة امل�رشوع"‪ ،‬احلياة‪.2008/1/29 ،‬‬
‫‪ 121‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/8/29 ،‬‬
‫‪" 122‬القاهرة‪ :‬ال مفاو�ضات مع �إ�رسائيل حتى تقبل املبادرة العربية"‪ ،‬عكاظ‪.2007/3/25 ،‬‬
‫‪" 123‬م�رص اعتقلت ‪� 316‬سودانيا ً من دارفور حاولوا الت�سلل �إىل �إ�رسائيل"‪ ،‬اخلليج‪2007/8/24 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪" :‬اتفاق‬
‫م�رصي – �إ�رسائيلي على �آلية ملنع الت�سلل"‪ ،‬اخلليج‪.2007/8/26 ،‬‬
‫‪"124‬م�رص‪ :‬ثالث جلان برملانية تبحث حقيقة �سالح �إ�رسائيل النووي"‪ ،‬جريدة الوفد‪ ،‬اجليزة‪2007/1/13 ،‬؛ وانظر‬
‫�أي�ضاً‪" :‬م�رص ترف�ض حماوالت �ض ّم �إ�رسائيل �إىل معاهدة منع االنت�شار كقوة نووية �ساد�سة"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪،‬‬
‫‪.2007/4/16‬‬
‫‪" 125‬م�رص ترف�ض التزامات جديدة جتاه الطاقة الذرية طاملا تتجاهلها �إ�رسائيل"‪ ،‬اخلليج‪.2007/9/23 ،‬‬
‫‪" 126‬قمة مبارك – �أوملرت يف �رشم ال�شيخ‪ :‬ف�شل يظلله عدوان رام اهلل"‪ ،‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/1/5 ،‬‬
‫‪" 127‬القاهرة‪ :‬حما�س وفتح عرقلتا �صفقة التبادل"‪ ،‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪2007/5/31 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪" :‬م�رص‪� :‬صفقة‬
‫الأ�رسى جممدة ب�سبب تعنت �إ�رسائيل"‪ ،‬احلياة‪.2007/6/7 ،‬‬
‫‪ 128‬ال�سفري‪.2007/8/1 ،‬‬
‫‪" 129‬دم�شق تبني �أ�سباب رف�ضها ح�ضور م�ؤمتر بو�ش"‪ ،‬اخلليج‪.2007/8/14 ،‬‬
‫‪" 130‬الأ�سد‪ :‬مل نتلقَ دعوة مل�ؤمتر ال�سالم ولن ن�شارك ما مل يكن جديا ً"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/10/12 ،‬‬
‫‪ 131‬بالل احل�سن‪" ،‬قراءة يف الآفاق اجلديدة لل�سيا�سة ال�سورية‪ "،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/10/21 ،‬‬
‫‪" 132‬ال�سلطة‪ :‬وفد لدم�شق لإحباط م�ؤمتر مناه�ض للقاء اخلريف"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/10/29 ،‬‬
‫‪ 133‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/11/27 ،‬‬
‫‪ 134‬احلياة‪.2007/11/26 ،‬‬
‫‪ 135‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/12/3 ،‬‬
‫‪�"136‬أوملرت‪ :‬مل نخدع �سوريا"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/11/28 ،‬‬
‫‪ 137‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/11/29 ،‬‬
‫‪ 138‬ماجد كيايل‪�" ،‬سوريا و�أزمة غزة‪ ...‬موازنة الفر�ص والقيود‪ "،‬ال�سيا�سة الدولية‪،‬املجلد ‪ ،42‬العدد ‪ ،170‬ت�رشين الأول‪/‬‬
‫�أكتوبر ‪� ،2007‬ص ‪.126‬‬
‫‪" 139‬الأ�سد يلتقي م�شعل وي�ؤكد م�ساندة �سوريا التفاق مكة"‪ ،‬الد�ستور‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪" 140‬الأ�سد‪� :‬سوريا �ستوا�صل دعمها حلما�س وحزب اهلل"‪ ،‬رويرتز‪.2007/2/8 ،‬‬
‫‪ 141‬ال�شـرق‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪" 142‬اعرتا�ض �سوري على كلمة �ألقيت نيابة عن مو�سى تدعم ال�سلطة الفل�سطينية"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪" 143‬املعلم التقى �شلح‪ :‬الأولوية للم�صاحلة بني حما�س وفتح"‪ ،‬احلياة‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 144‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 145‬ال�سفري‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 146‬اخلليج‪.2008/1/23 ،‬‬
‫‪Dani Berkovich,Wars Aren’t Waged in the Summer? How Israel and Syria Might Find 147‬‬
‫‪Themselves at War, INSS,Strategic Assessment, vol. 10,no. 2,August 2007, in:‬‬
‫=‪http//:www.inss.org.il/publications.php?cat&21=incat&=read244‬‬
‫‪ 148‬انظر‪ :‬حممد ال�سعيد �إدري�س‪�" ،‬سوريا بني احلرب واالحتواء‪ "،‬اخلليج‪2008/1/18 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪Dani Berkovich, Can the Hydra be Beheaded? The Campaign to Weaken Hizbollah, INSS,‬‬
‫‪Memorandum no. 92, December 2007.‬‬
‫‪ 149‬نبيل �شبيب‪" ،‬عدوان ع�سكري و�شيك على �سوريا؟‪� "،‬إ�سالم �أون الين‪.2007/12/24 ،‬‬
‫‪ 150‬حممد ال�سعيد �إدري�س‪�" ،‬سوريا بني احلرب واالحتواء"‪.‬‬
‫‪ 151‬ال�شـرق الأو�سط‪2007/9/22 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪" :‬م�صادر �إ�رسائيلية و�أمريكية‪ :‬عملية �إنزال ب�إ�رشاف باراك �ضبطت مواد‬
‫نووية يف املوقع ال�سوري"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/9/4 ،‬‬
‫‪� 152‬أحمد املر�شد‪�" ،‬أهداف "�إ�رسائيل" من ا�ستفزاز �سوريا‪ "،‬اخلليج‪.2007/9/5 ،‬‬

‫‪192‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫‪ 153‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 154‬انظر تقرير �أ�سعد تلحمي يف‪ :‬احلياة‪2007/11/13 ،‬؛ وانظر �أي�ضا‪�" :‬صفقة �أوملرت للأ�سد‪ :‬اجلوالن مقابل حزب اهلل‬
‫ً‬
‫و�إيران"‪ ،‬اخلليج‪2007/6/9 ،‬؛ و"تقرير‪� :‬إ�رسائيل م�ستعدة للتنازل عن اجلوالن مقابل ال�سالم"‪� ،‬سي �إن �إن‪،‬‬
‫‪،2007/6/19‬يف‪http://arabic.cnn.com/2007/middle_east/6/9/golan.height_cede/index.html :‬‬
‫‪"155‬الأ�سد يفتح بور�صة تكهنات حول الطرف الثالث الذي يجرى ات�صاالت بني �سوريا و�إ�رسائيل"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪،‬‬
‫‪2007/7/18‬؛ وانظر �أي�ضاً‪�" :‬إ�رسائيل ت�ؤكد االت�صاالت مع �سوريا وم�س�ؤولون ي�ؤكدون �أن الو�سيط تركيا"‪ ،‬ال�شـرق‬
‫الأو�سط‪2007/7/19 ،‬؛ و"رو�سيا تخو�ض نقا�شا ً �إقليميا ً مع �إ�رسائيل‪� :‬إ�شارات �إيجابية ل�سوريا تبعدها عن �إيران"‪،‬‬
‫ال�سفري‪.2007/10/27 ،‬‬
‫‪ 156‬ال�سفري‪.2007/11/11 ،‬‬
‫‪ 157‬الغد‪.2007/8/15 ،‬‬
‫‪ 158‬احلياة‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 159‬الد�ستور‪.2007/1/27 ،‬‬
‫‪ 160‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/5/11 ،‬‬
‫‪ 161‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪"162‬م�رص تطالب ب�رسعة التحرك لل�سالم قبل ان�شغال الإدارة الأمريكية يف االنتخابات"‪ ،‬الأهرام‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪"163‬مبارك وعبد اهلل و�أبو مازن مطالبون بجدول زمني لقيام الدولة الفل�سطينية"‪ ،‬الأهرام‪.2007/11/23 ،‬‬
‫‪"164‬ع ّمان تعبّد الطريق �أمام فيدرالية الأردن وال�ضفة"‪ ،‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/2 ،‬‬
‫‪ 165‬انظر‪ :‬وكالة معا‪.2007/5/11،‬‬
‫‪" 166‬عبد اهلل الثاين‪ :‬ميكن بحث الفيدرالية بعد قيام الدولة الفل�سطينية"‪ ،‬اخلليج‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪" 167‬الأردن ين�أى بنف�سه عن الكونفيدرالية"‪ ،‬اخلليج‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪"168‬العاهل الأردين‪ :‬لنا م�صلحة �سيا�سية وا�سرتاتيجية و�أمنية يف �إقامة الدولة الفل�سطينية"‪ ،‬عكاظ‪.2007/7/2 ،‬‬
‫‪ 169‬راجع‪ :‬ال�شـرق الأو�سط‪ ،2007/1/13 ،‬و‪.2007/2/26‬‬
‫‪� 170‬شاكر اجلوهري‪" ،‬امللك عبد اهلل يرف�ض ا�ستقباله ومبارك يوبخه‪ :‬تعنت عبا�س مع حما�س ي�شكل �أخطارا ً داخلية‬
‫وخارجية على الأردن‪ "،‬ال�شـرق‪.2007/1/13 ،‬‬
‫‪ 171‬عمر عبا�رصة‪�" ،‬أحداث غزة يف املنظور الأردين‪ "،‬جملة الع�صـر‪ ،‬جدة‪ ،2007/6/25 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=9051‬‬
‫‪" 172‬العاهل الأردين يدعو عبا�س �إىل اتخاذ اخلطوات الكفيلة بحقن الدماء الفل�سطينية"‪ ،‬وكالة الأنباء الأردنية (برتا)‪،‬‬
‫‪.2007/6/14‬‬
‫‪" 173‬البخيت ي�ؤكد رف�ض الأردن القاطع لالقتتال الفل�سطيني"‪ ،‬الد�ستور‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 174‬البيان‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 175‬القد�س‪.2007/6/20 ،‬‬
‫‪See: David Rose, op. cit. 176‬‬
‫‪ 177‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 178‬حممد جمال عرفة‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫‪ 179‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪"180‬دعوات �إىل عقد قمة مو�سعة �أو م�صغرة – ات�صاالت عربية مكثفة وحتركات �شعبية للر ّد على ح�صار غزة"‪ ،‬اخلليج‪،‬‬
‫‪.2008/1/23‬‬
‫‪"181‬احلكومة املقالة‪ :‬منعنا توزيعها على منا�رصي فتح – حما�س تواجه �أزمة مع عمان بعد م�صادرتها امل�ساعدات الأردنية‬
‫لغزة"‪ ،‬القب�س‪.2007/2/10 ،‬‬
‫‪ 182‬الغد‪.2007/7/24 ،‬‬
‫‪ 183‬االحتاد‪.2007/9/21 ،‬‬
‫‪ 184‬حم�سن �صالح‪" ،‬حمددات الر�ؤى اللبنانية للأزمة الفل�سطينية‪ "،‬ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬املجلد ‪ ،42‬العدد ‪ ،170‬ت�رشين‬
‫الأول‪� /‬أكتوبر ‪� ،2007‬ص ‪130–129‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬اخلليج‪.2007/2/11 ،‬‬
‫‪ 185‬ال�سفري‪.2007/2/12 ،‬‬
‫‪ 186‬امل�ستقبل‪.2007/7/31 ،‬‬
‫‪ 187‬اخلليج‪.2007/1/23 ،‬‬

‫‪193‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ 188‬جريدة البلد‪ ،‬بريوت‪.2006/11/28 ،‬‬


‫‪� 189‬سي �إن �إن‪ ،2007/5/24 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://arabic.cnn.com/2007/middle_east/5/24/lebanon.fighting/index.html‬‬
‫‪ 190‬اجلزيرة نت‪ ،2007/5/21 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F3E6A3A1-6B55-4902- 8C01-031A4E69B89D.htm‬‬
‫‪ 191‬رويرتز‪ ،2007/5/22 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://ara.today.reuters.com/news/newsArticle.aspx?type=topNews&storyID=2007-05-‬‬
‫‪22T190535Z_01_OLR255873_RTRIDST_0_OEGTP-LEBAN-CLASHES-AT4.XML‬‬
‫‪ 192‬القب�س‪.2007/5/26 ،‬‬
‫‪ 193‬الد�ستور‪.2007/6/10 ،‬‬
‫‪ 194‬بي بي �سي‪ ،2007/9/3 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_6977000/6977540.stm‬‬
‫‪ 195‬ال�سفري‪.2007/9/11 ،‬‬
‫‪ 196‬اجلزيرة نت‪ ،2007/5/26 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/73374291-8B53-445F-AA3A-C0F3CF366C6A.htm‬‬
‫‪ 197‬البيان‪.2007/5/24 ،‬‬
‫‪ 198‬عكاظ‪.2007/5/26 ،‬‬
‫‪ 199‬اجلزيرة نت‪ ،2007/9/3 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/0792D8AC-55A3-4309-8BB4-FE665A83A213.htm‬‬
‫‪ 200‬ال�سفري‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪ 201‬ال�شـرق‪ ،‬قطر‪.2007/6/2 ،‬‬
‫‪ 202‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/5/25 ،‬‬
‫‪ 203‬ح�سن �أبو طالب‪" ،‬الدور ال�سعودي‪ ...‬حدود اال�شتباك مع �ش�أن معقد‪ "،‬ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬املجلد ‪،42‬العدد ‪،170‬‬
‫ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪� ،2007‬ص ‪.119–118‬‬
‫‪ 204‬انظر‪ :‬عبد الباري عطوان‪" ،‬دور �سعودي حمفوف باملخاطر‪ "،‬القد�س العربي‪.2007/2/8 ،‬‬
‫‪ 205‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 206‬روبرت �ساتلوف‪" ،‬اتفاق مكة مع�ضلة جديدة لأمريكا‪ "،‬درا�سة �صادرة عن معهد وا�شنطن لدرا�سات ال�رشق الأدنى‪،‬‬
‫ترجمة مروى �صربي‪� ،‬إ�سالم �أون الين‪ ،2007/2/18 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1171539813953&pagename‬‬
‫‪=Zone-Arabic-News%2FNWALayout‬‬
‫‪" 207‬الفي�صل ير ّد على راي�س‪ :‬اتفاق مكة �ساهم يف دفع العملية ال�سلمية ومل يعطلها"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/3/30 ،‬‬
‫‪See: David Rose, op. cit. 208‬‬
‫‪ 209‬ح�سن �أبو طالب‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.120–119‬‬
‫‪� 210‬أحمد الإمام‪" ،‬ال�سعودية و�أحداث غزة‪ ...‬دبلوما�سية �صامتة �إيجابية‪� "،‬إ�سالم �أون الين‪ ،2007/6/28 ،‬يف‪:‬‬
‫=‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1182774643595&pagename‬‬
‫‪Zone-Arabic-News/NWALayout‬‬
‫‪" 211‬على الفل�سطينيني �أن يرتقوا فوق خالفاتهم وال�سعودية لن تعود للتو�سط منفردة"‪ ،‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/6/24 ،‬‬
‫‪" 212‬وزير اخلارجية ال�سعودي‪� :‬رصاع فتح وحما�س خدم �إ�رسائيل"‪ ،‬رويرتز‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 213‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/6/24 ،‬‬
‫‪ 214‬رويرتز‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪" 215‬م�ساع �سعودية الحتواء اخلالف بني فتح وحما�س‪ ...‬بعد لقاء �أبو مازن بخادم احلرمني"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪،‬‬
‫‪2008/1/6‬؛ وانظر �أي�ضاً‪" :‬م�صادر يف دم�شق‪ :‬زيارة م�شعل للريا�ض �ضمن جهود �إنهاء اخلالفات الفل�سطينية"‪ ،‬ال�شـرق‬
‫الأو�سط‪.2007/12/9 ،‬‬
‫‪ 216‬انظر‪ :‬القب�س‪.2007/3/5 ،‬‬

‫‪194‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل العربي‬

‫‪�" 217‬سعود الفي�صل للديلى تلجراف‪� :‬إما املبادرة العربية �أو احلرب"‪ ،‬بي بي �سي‪.2007/3/28 ،‬‬
‫‪ 218‬الغد‪.2007/3/30 ،‬‬
‫‪ 219‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/7/18 ،‬‬
‫‪ 220‬احلياة‪.2007/7/18 ،‬‬
‫‪�" 221‬سعود الفي�صل بعد لقائه راي�س‪ :‬ال�سعودية �ستحر�ص على ح�ضور م�ؤمتر بو�ش لل�سالم"‪ ،‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪،‬‬
‫‪2007/8/2‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬اخلليج‪.2007/8/2 ،‬‬
‫‪ 222‬جريدة �إيالف الإلكرتونية‪ ،‬لندن‪ ،2007/9/27 ،‬يف‪http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2007/9/267154.htm :‬‬
‫‪" 223‬الفي�صل ي�شكك يف م�شاركة اململكة مب�ؤمتر ال�سالم"‪ ،‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/9/13 ،‬‬
‫‪ 224‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/11/27 ،‬‬
‫‪" 225‬ترحيب �أمريكي و�إ�رسائيلي بقرار ال�سعودية امل�شاركة يف �أنابولي�س"‪ ،‬بي بي �سي‪.2007/11/24 ،‬‬
‫‪ 226‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 227‬الغد‪.2007/5/9 ،‬‬
‫‪�" 228‬سعود الفي�صل‪ :‬ال خيار للبنانيني �سوى التوافق على رئي�س"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/12/12 ،‬‬
‫‪" 229‬ال�سعودية ت�ؤكد قلقها البالغ لالنتهاكات الإ�رسائيلية يف غزة وال�ضفة وتدعو بلري و�أع�ضاء الرباعية للتحرك"‪ ،‬ال�شـرق‬
‫الأو�سط‪.2008/1/22 ،‬‬
‫‪" 230‬ال�سعودية ت�شدد على موقف دويل �صارم حلماية الفل�سطينيني من �إرهاب �إ�رسائيل"‪ ،‬احلياة‪.2008/2/12 ،‬‬
‫‪" 231‬الرئي�س اليمنى يدعو �أمريكا لل�ضغط على �إ�رسائيل لقبول املبادرة العربية"‪ ،‬عكاظ‪.2007/5/22 ،‬‬
‫‪ 232‬وكالة وفا‪.2007/3/22 ،‬‬
‫‪ 233‬اخلليج‪.2007/7/3 ،‬‬
‫‪ 234‬اخلليج‪.2007/8/1 ،‬‬
‫‪" 235‬العطية‪ :‬من حق دول املنطقة امتالك الطاقة النووية ال�سلمية"‪ ،‬الد�ستور‪.2007/4/24 ،‬‬
‫‪�" 236‬سفري قطر‪ :‬احل ّل العادل للق�ضية الفل�سطينية �أ�سا�س ال�سالم"‪ ،‬ال�شـرق‪.2007/6/14 ،‬‬
‫‪" 237‬ترحيب خليجي و�إ�سالمي بـ"مبادرة" الرئي�س الأمريكي"‪ ،‬احلياة‪.2007/7/19 ،‬‬
‫‪ 238‬اخلليج‪.2007/7/19 ،‬‬
‫‪ 239‬االحتاد‪.2007/9/2 ،‬‬
‫‪" 240‬القمة الت�شاورية اخلليجية تدعو القادة الفل�سطينيني ملحا�سبة مت�سببى الفو�ضى"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/5/16 ،‬‬
‫‪ 241‬جريدة الأيام‪ ،‬املنامة (البحرين)‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪" 242‬وزراء اخلارجية يرف�ضون حماوالت لتكري�س الطائفية واالنق�سام يف املنطقة"‪ ،‬البيان‪.2007/7/7 ،‬‬
‫‪ 243‬االحتاد‪.2007/9/2 ،‬‬
‫‪ 244‬وكالة وفا‪.2007/3/5 ،‬‬
‫‪ 245‬االحتاد‪.2007/8/20 ،‬‬
‫‪ 246‬القب�س‪.2008/2/4 ،‬‬
‫‪ 247‬امل�ستقبل‪.2007/3/4 ،‬‬
‫‪�" 248‬أحمد الفهد‪ :‬الكويت �ستكون �آخر املطبعني مع �إ�رسائيل"‪ ،‬الوطن‪ ،‬الكويت‪.2007/4/22 ،‬‬
‫‪ 249‬اخلليج‪.2007/7/9 ،‬‬
‫‪ 250‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2008/2/15 ،‬‬
‫‪ 251‬اجلزيرة نت‪.2007/3/27 ،‬‬
‫‪ 252‬رويرتز‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 253‬راجع‪ :‬رويرتز‪2007/6/16 ،‬؛ وراجع �أي�ضاً‪ :‬اخلليج‪.2007/9/3 ،‬‬
‫‪ 254‬اخلليج‪.2007/9/17 ،‬‬
‫‪" 255‬الأحمد يقر بوجود حتركات �سودانية مدعومة �سعوديا وم�رصيا للم�صاحلة مع حما�س"‪ ،‬ال�شـرق الأو�سط‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪.2007/10/27‬‬
‫‪ 256‬اخلليج‪.2007/7/28 ،‬‬
‫‪" 257‬موريتانيا‪ :‬العالقات مع �إ�رسائيل تن�سجم مع موقف "اجلامعة""‪ ،‬البيان‪.2007/7/29 ،‬‬
‫‪ 258‬حممد ال�سعيد �إدري�س‪�" ،‬أعلنها وتوكل‪ "،‬اخلليج‪.2008/3/17 ،‬‬
‫‪ 259‬الغد‪.2007/5/16 ،‬‬

‫‪195‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪�" 260‬سيا�سيون م�رصيون يحذرون‪ :‬خمطط �أمريكي لإحالل �إيران حمل �إ�رسائيل"‪ ،‬ال�شـرق‪.2007/3/31 ،‬‬
‫‪ 261‬اخلليج‪.2007/7/20 ،‬‬
‫‪ 262‬اخلليج‪.2007/8/2 ،‬‬
‫‪ 263‬اخلليج‪.2007/2/4 ،‬‬
‫‪ 264‬الر�أي‪ ،‬ع ّمان‪.2007/1/22 ،‬‬
‫‪ 265‬وكالة وفا‪.2007/1/31 ،‬‬
‫‪ 266‬اخلليج‪.2007/5/18 ،‬‬
‫‪ 267‬الغد‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 268‬الغد‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 269‬اخلليج‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 270‬الد�ستور‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 271‬الر�أي‪ ،‬ع ّمان‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 272‬وكالة وفا‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 273‬ال�سفري‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 274‬الغد‪.2007/1/28 ،‬‬
‫‪ 275‬الغد‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 276‬الغد‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 277‬جريدة ال�سبيل‪ ،‬ع ّمان‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 278‬قد�س بر�س‪.2007/1/1 ،‬‬
‫‪ 279‬اجلزيرة نت‪.2008/1/26 ،‬‬
‫‪ 280‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/4/22 ،‬‬
‫‪ 281‬القد�س العربي‪.2007/6/2 ،‬‬
‫‪ 282‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/6/8 ،‬‬
‫‪ 283‬اخلليج‪.2007/7/7 ،‬‬
‫‪ 284‬اخلليج‪.2007/7/14 ،‬‬
‫‪ 285‬اخلليج‪.2007/8/30 ،‬‬
‫‪ 286‬البيان‪.2007/9/2 ،‬‬
‫‪ 287‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪ 288‬جريدة الأمان‪ ،‬بريوت‪.2007/1/12 ،‬‬
‫‪ 289‬ال�سفري‪.2007/6/5 ،‬‬
‫‪ 290‬اخلليج‪.2007/7/14 ،‬‬
‫‪ 291‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/8/25 ،‬‬
‫‪ 292‬البيان‪.2007/8/28 ،‬‬
‫‪ 293‬امل�ستقبل‪.2007/9/14 ،‬‬
‫‪ 294‬البيان‪.2007/9/24 ،‬‬
‫‪ 295‬راجع‪ :‬جريدة الراية‪ ،‬قطر‪2007/8/24 ،‬؛ واخلليج‪ ،2007/9/29 ،‬و‪.2007/9/30‬‬

‫‪196‬‬
‫الف�صل الرابع‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬


‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫كانت �سنة ‪ 2007‬ك�سابقاتها من ال�سنوات‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬يف تفاعل العامل الإ�سالمي‬
‫مع الق�ضية الفل�سطينية‪ .‬ومل توفر الظروف الذاتية واملو�ضوعية للبلدان الإ�سالمية‬
‫مقدمة‬
‫ما مي ِّكن من �إحداث تغيريات ذات مغزى طوال �سنة ‪ .2007‬و�أ�سهم الو�ضع الفل�سطيني املنق�سم‬
‫واملرتدي يف �إ�ضعاف �إمكانات الدعم الر�سمي وال�شعبي للعامل الإ�سالمي‪.‬‬
‫مت ا�ستخدام �أ�سلوب "درا�سة‬‫ولأنه ي�صعب درا�سة مواقف كل بلدان العامل الإ�سالمي‪ ،‬فقد ّ‬
‫احلالة ‪ "Case Study‬لكل من تركيا و�إيران بحيث يتّم ا�ستعرا�ضها ب�شكل مف�صل‪ .‬ويف الوقت‬
‫نف�سه مل يغفل الف�صل ا�ستعرا�ض مواقف منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي وباك�ستان و�إندوني�سيا وغريها‬
‫ا�ستكماالً لل�صورة العامة‪.‬‬

‫�شكلت الق�ضية الفل�سطينية وتطوراتها املختلفة‬


‫حمور اهتمام منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي منذ‬
‫�أو ًال‪ :‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‬
‫�إن�شائها‪ .‬ولعل ذلك يت�سق مع حقيقة ن�ش�أة املنظمة‪ ،‬التي جاءت كر ّد فعل �إ�سالمي ملحاولة �إحراق‬
‫امل�سجد الأق�صى يف ‪.1969/8/21‬‬
‫ت�ضمن ميثاق منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي هدفا ً رئي�سيا ً متثل يف "دعم كفاح ال�شعب الفل�سطيني‪...‬‬
‫ومتكينه من احل�صول على حقوقه غري قابلة للت�رصف"‪ .‬ولعل ذلك يعك�س الأهمية التي توليها‬
‫املنظمة للق�ضية الفل�سطينية على امل�ستوى النظري‪.‬‬
‫ال يبدو �أن �أداء منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي يف �سنة ‪ 2007‬قد اختلف عما كان عليه يف ال�سنوات‬
‫ال�سابقة؛ فقد ا�ستمرت املنظمة يف �إطالق ت�رصيحات ال�شجب واال�ستنكار للممار�سات الإ�رسائيلية‬
‫جتاه ال�شعب الفل�سطيني‪ .‬كما مل تتمكن املنظمة من ر�أب ال�صدع يف البيت الفل�سطيني‪ ،‬الذي كاد �أن‬
‫حرب �أهلية طاحنة‪ ،‬على الرغم من املحاوالت احلثيثة التي قام بها �أمني عام املنظمة �أكمل الدين‬
‫ٍ‬ ‫يقع يف‬
‫�إح�سان �أوغلو ‪ Ekmeleddin Ihsanoglu‬للتخفيف من حدة ال�صدام بني حركتي فتح وحما�س‪.‬‬
‫فقد �سعت منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي �إىل تقريب وجهات النظر بني قطبي ال�سلطة الفل�سطينية؛ حيث‬
‫�أجرى وفد املنظمة برئا�سة ال�سفري مهدي فتح اهلل يف منت�صف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪� ،2007‬سل�سلة‬
‫لقاءات يف رام اهلل ودم�شق‪ ،‬التقى خاللها كالً من رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س خالد‬
‫م�شعل‪ ،‬وممثل الرئا�سة الفل�سطينية روحي فتوح‪ ،‬ورئي�س الوزراء الفل�سطيني �إ�سماعيل هنية؛‬
‫‪199‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫و�أتت زيارة الوفد ا�ستكماالً لزيارة �إح�سان �أوغلو‪ ،‬التي قام بها لكل من دم�شق ورام اهلل وغزة‪.1‬‬
‫والتي دعا خاللها الفل�سطينيني �إىل جتنب االقتتال‪ ،‬واحرتام حرمة الدم الفل�سطيني‪ ،‬والعودة �إىل‬
‫احلوار من �أجل ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ .‬كما دعا �إىل تنفيذ االتفاق الذي و ِّقع برعاية منظمة‬
‫امل�ؤمتر الإ�سالمي يف ‪ ،2006/12/19‬والقا�ضي بوقف االقتتال الفل�سطيني الداخلي‪ ،2‬م�ؤكدا ً على‬
‫ْ�صب جميع اجلهود الفل�سطينية نحو ف ّك احل�صار الدويل‬ ‫ّ‬
‫ال�صف الفل�سطيني‪ ،‬و�أن َتن َّ‬ ‫"�أهمية توحيد‬
‫عن ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�إقامة الدولة الفل�سطينية على كامل الرتاب الفل�سطيني"‪.3‬‬
‫وبعد جناح اململكة العربية ال�سعودية (الدولة امل�ضيفة ملنظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي)‪ ،‬يف توقيع اتفاق‬
‫مكة بني حركتي فتح وحما�س يف ‪� ،2007/2/8‬أ�صدر �أمني عام منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي �إح�سان‬
‫�أوغلو‪ ،‬بيانا ً رحب فيه باالتفاق الذي تو�صلت �إليه احلركتان‪ ،‬و�أعرب عن ثقته ب�أن ي�ؤدي هذا االتفاق‬
‫"�إىل تعزيز الوحدة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬و�أن ي�ساعد يف رفع احل�صار الظامل املفرو�ض على ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬ومي ّكنه من َ‬
‫�ص ْون منجزاته الوطنية وحماية مقد�ساته‪ ،‬وامل�ضي نحو نيل حقوقه الثابتة‬
‫يف احلرية واال�ستقالل‪ ،‬و�إقامة دولته امل�ستقلة وعا�صمتها القد�س ال�رشيف"‪.4‬‬
‫�أظهرت منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي دعمها لت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية من خالل ح�ضور‬
‫�أمني عام املنظمة حف َل �أدا ِء حكومة الوحدة الوطنية اليمني الد�ستوري‪ ،‬يف ‪ ،2007/3/17‬يف قطاع غزة‪.‬‬
‫كما �أكد �إح�سان �أوغلو يف م�ؤمت ٍر �صحفي عقده عقب احلفل‪ ،‬على دعم منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪،‬‬
‫وت�أييدها حلكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية اجلديدة‪.5‬‬
‫على الرغم من ت�شكيل حكومة وحدة وطنية مبباركة ودعم عربي و�إ�سالمي‪� ،‬إال �أن ذلك مل ي�سهم‬
‫ب�أي �شكل من الأ�شكال يف انفراج الو�ضع الفل�سطيني‪� ،‬سواء على ال�صعيد الأمني �أم على ال�صعيد‬
‫ال�سيا�سي؛ فقد عادت الإ�شكاالت الأمنية يف ال�ساحة الفل�سطينية ب�شكل �أكرث حدة مما كانت عليه قبل‬
‫ت�شكيل حكومة الوحدة‪ ،‬وهو ما دعا �إح�سان �أوغلو �إىل �إبداء ا�ستعداده للعودة �إىل رام اهلل وغزة‪ ،‬حل ّل‬
‫اخلالف بني فتح وحما�س‪� ،6‬إال �أن ذلك مل َي ُحل دون ا�ستمرار االقتتال الفل�سطيني الداخلي �إىل �أن‬
‫ح�سمت حركة حما�س الأمر ع�سكرياً‪ ،‬من خالل �سيطرتها على قطاع غزة يف منت�صف حزيران‪/‬‬
‫يونيو ‪.2007‬‬
‫وعلى �ضوء الأحداث الدامية يف قطاع غزة‪� ،‬سجلت منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي موقفا ً كان �أقرب‬
‫�إىل مواقف النظام العربي الر�سمي وال�سلطة الوطنية الفل�سطينية؛ ففي ‪ 2007/6/20‬عقدت جلنة‬
‫فل�سطني املنبثقة عن منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،‬اجتماعا ً برئا�سة �أكمل الدين �إح�سان �أوغلو‪ ،‬و�أدانت‬
‫فيه ما �أ�سمته "كافة الأعمال الإجرامية" التي ارتكبت يف قطاع غزة‪ ،‬وطالبت اللجنة بعودة الو�ضع‬

‫‪200‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫�إىل ما كان عليه قبل الأحداث‪ .‬ومما ي�شري �إىل عدم توازن موقف املنظمة �أنها يف الوقت الذي �أدانت‬
‫فيه "الأعمال الإجرامية" يف قطاع غزة تغافلت عن ذكر ما كان يحدث يف ال�ضفة الغربية‪ .‬ويف ال�سياق‬
‫نف�سه �أكدت املنظمة على "احرتام ال�رشعية الفل�سطينية بقيادة الرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬واحرتام‬
‫امل�ؤ�س�سات املنبثقة عن منظمة التحرير الفل�سطينية"‪ .7‬و�أغفلت �رشعية املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬الذي هو‬
‫جزء ال يتجز�أ من النظام ال�سيا�سي يف ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬و�صاحب ال�رشعية االنتخابية احلرة‬
‫النزيهة ب�شهادة املجتمع الدويل‪ .‬ولعل هذا الأمر هو ما دفع �إح�سان �أوغلو يف وقت الحق‪� ،‬إىل �إعادة‬
‫تو�ضيح موقف املنظمة بقوله‪� :‬إن املنظمة تدين "كل �أعمال العنف التي وقعت يف غزة وال�ضفة"‪.‬‬
‫وقال �أي�ضاً‪" :‬نحن �ض ّد كل الأعمال الإجرامية �سواء كان م�صدرها حما�س �أو فتح‪ ،‬لأن حما�س مل‬
‫ترتكب هذه الأعمال وحدها‪ ،‬فثمة �أنا�س من فتح وف�صائل �أخرى"‪.8‬‬
‫ومن جهة �أخرى ع ّدت منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي قرار احلكومة الإ�رسائيلية باعتبار قطاع غزة‬
‫"كيانا ً معاديا ً"‪ ،‬على �إثر �سيطرة حركة حما�س على القطاع‪" ،‬عقابا ً جماعيا ً"؛ حيث قال الأمني‬
‫العام للمنظمة �أكمل الدين �إح�سان �أوغلو يف بيان �صحفي‪� ،‬إن "هذا القرار قمعي‪ ،‬والإجراءات‬
‫الإ�رسائيلية املرتتبة عنه ت�شكل انتهاكا ً للقانون الدويل‪ ،‬وعقابا ً جماعياً‪ ،‬و�إمعانا ً يف العدوان �ض ّد‬
‫ال�شعب الفل�سطيني"‪ .‬كما حذر من عواقب هذا القرار‪ ،‬ونا�شد القوى والف�صائل الفل�سطينية "العودة‬
‫ّ‬
‫ال�صف ملواجهة هذا القرار والعدوان الإ�رسائيلي امل�ستمر �ض ّد ال�شعب‬ ‫�إىل احلوار الوطني‪ ،‬وتوحيد‬
‫الفل�سطيني"‪.9‬‬
‫يخ�ص احل�صار املفرو�ض على ال�شعب الفل�سطيني فلم نلحظ خالل �سنة ‪ 2007‬قيام‬
‫ّ‬ ‫�أما يف ما‬
‫املنظمة �أو الدول امل�شاركة فيها ب�أي خطوة عملية لرفع احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬يف املقابل مل‬
‫تكد حكومة الطوارئ برئا�سة �سالم فيا�ض تتوىل مهامها حتى قام البنك الإ�سالمي للتنمية‪ ،‬التابع‬
‫ملنظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،‬بالتعاون مع حكومة الطوارئ يف رام اهلل‪ ،‬بتقدمي متويل برنامج دعم‬
‫مت الإعالن عن انطالقه يف ‪102007/8/9‬؛ كما �شاركت املنظمة يف‬
‫اقت�صادي بقيمة ‪ 30‬مليون دوالر‪ّ ،‬‬
‫م�ؤمتر ال�سالم‪ ،‬الذي عقد يف �أنابولي�س يف ‪ ،2007/11/27‬و�أعلنت دعمها للموقف الفل�سطيني املمثل‬
‫عب ب�شكل �أو ب�آخر عن �أن املنظمة �سايرت‬
‫برئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س‪ .‬وهو ما ُي رِّ‬
‫التوجه العام للدول الأع�ضاء‪ ،‬بدعم �سلطة الرئي�س عبا�س‪ ،‬ومقاطعة حكومة هنية يف قطاع غزة‪.‬‬
‫�أما على �صعيد االنتهاكات الإ�رسائيلية للمقد�سات وحماوالت التهويد التي ا�ستمرت بها‬
‫"�إ�رسائيل" يف �سنة ‪ ،2007‬فقد وقفت املنظمة موقفا ً ال يختلف كثريا ً عن املوقف ال�سيا�سي العام‬
‫للدول العربية والإ�سالمية؛ الذي انح�رص يف ال�شجب واال�ستنكار‪ .‬وعلى الرغم من قيام "�إ�رسائيل"‬

‫‪201‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ 2007‬بهدم ج�رس باب املغاربة التاريخي‪� ،‬إال �أن ردة فعل املنظمة مل تكن على‬
‫م�ستوى احلدث‪ ،‬فقد اقت�رصت الت�رصيحات ال�صادرة عن املنظمة على التحذير من عواقب امل�سا�س‬
‫بامل�سجد الأق�صى‪ ،‬والتهديد بقطع �أو جتميد العالقات مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬كما دعت املنظمة �إىل احتاد‬
‫امل�سلمني "بدون عنف" �ض ّد الإجراءات الإ�رسائيلية‪ .11‬ويف ‪ 2007/2/22‬عقد وزراء خارجية دول‬
‫منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي اجتماعا ً طارئاً؛ حيث طالب الوزراء يف بيانهم اخلتامي جمل�س الأمن‬
‫بالتدخل الفوري‪ ،‬واتخاذ الإجراءات الالزمة حلمايته‪ ،‬و�إلزام "�إ�رسائيل" بتنفيذ قرارات ال�رشعية‬
‫الدولية اخلا�صة بالقد�س‪.12‬‬
‫‪u u u‬‬

‫�أما على ال�صعيد االقت�صادي؛ فقد بقيت تركيا‪ ،‬تت�صدر قائمة الدول الإ�سالمية التي لها عالقات‬
‫اقت�صادية مع "�إ�رسائيل"؛ حيث �سجلت �سنة ‪ 2007‬ارتفعا ً ملحوظا ً يف قيمة التبادل التجاري بني‬
‫البلدين؛ فقد بلغت قيمة ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل تركيا خالل �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه مليارا ً و‪221.9‬‬
‫مليون دوالر مقارنة بـ ‪ 821.2‬مليون دوالر �سنة ‪ .2006‬كما بلغت قيمة الواردات الإ�رسائيلية من‬
‫تركيا يف �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه مليارا ً و‪ 606.9‬مليون دوالر‪ ،‬مقارنة مبليار و‪ 272.7‬مليون دوالر‬
‫�سنة ‪ .2006‬كما �سجلت نيجرييا ارتفاعا ً يف قيمة ال�صادرات الإ�رسائيلية �إليها‪ ،‬ففي حني مل تتع َّد‬
‫قيمة ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل نيجرييا �سنة ‪ 2006‬الـ ‪ 78‬مليون دوالر‪ ،‬ف�إنها قد ارتفعت يف �سنة‬
‫‪� 2007‬إىل ‪ 206.9‬مليون دوالر‪� .‬أما بالن�سبة لكل من ماليزيا و�إندوني�سيا‪ ،‬فقد �شهد معدل التبادل‬
‫التجاري مع "�إ�رسائيل" يف �سنة ‪ 2007‬لكال البلدين ارتفاعا ً طفيفاً‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لبع�ض الدول الإ�سالمية‪ ،‬التي تقيم عالقات جتارية مع "�إ�رسائيل" فقد ظلَّت‬
‫على الوترية نف�سها تقريباً‪ .‬واجلدول التايل يو�ضح حجم التجارة الإ�رسائيلية مع عدد من الدول‬
‫الإ�سالمية غري العربية ح�سب امل�صادر الإ�رسائيلية‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫جدول ‪ :4/1‬حجم التجارة الإ�سـرائيلية مع عدد من البلدان الإ�سالمية (غري العربية) ‪2007-2004‬‬
‫(باملليون دوالر)‪13‬‬

‫الواردات الإ�سـرائيلية من‪:‬‬ ‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل‪:‬‬


‫البلدان‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪1,166.9 1,221.1 1,272.7 1,606.9‬‬ ‫‪813.5‬‬ ‫‪903.2‬‬ ‫‪821.2 1,221.9‬‬ ‫تركيا‬
‫‪0.8‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪43.0‬‬ ‫‪47.4‬‬ ‫‪78.0‬‬ ‫‪206.9‬‬ ‫نيجرييا‬
‫‪0.5‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪38.5‬‬ ‫‪47.9‬‬ ‫‪64.3‬‬ ‫كازاخ�ستان ‪99.3‬‬
‫‪0.1‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪82.6‬‬ ‫�أذربيجان‬
‫‪32.6‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪53.7‬‬ ‫‪63.6‬‬ ‫‪203.7‬‬ ‫‪130.7‬‬ ‫‪68.1‬‬ ‫‪70‬‬ ‫ماليزيا‬
‫‪1.2‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪6.2‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪25.6‬‬ ‫�أوزبك�ستان‬
‫‪27.4‬‬ ‫‪43.6‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪89.3‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪14.1‬‬ ‫‪12.9‬‬ ‫‪17.4‬‬ ‫�إندوني�سيا‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5.7‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪8.9‬‬ ‫الكامريون‬
‫‪4.1‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪10.5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪7.9‬‬ ‫�ساحل العاج‬
‫‪0‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪6.6‬‬ ‫ال�سنغال‬
‫‪1.6‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫تركمان�ستان ‪2.2‬‬
‫‪1.8‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الغابون‬

‫ال�صادرات الإ�سـرائيلية �إىل عدد من البلدان الإ�سالمية (غري العربية) ‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‬

‫الواردات الإ�سـرائيلية من عدد من البلدان الإ�سالمية (غري العربية) ‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‬

‫‪203‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫كان العام ‪ 2006‬عام حما�س بالن�سبة لرتكيا‪ .‬وعانت ب�سبب ذلك �ضغوطا ً‬
‫�شديدة من جانب الواليات املتحدة و"�إ�رسائيل" و ُمور�س �ض ّدها كل �أنواع‬
‫ثاني ًا‪ :‬تركيا‬
‫االبتزاز؛ لتعديل �سيا�ستها الفل�سطينية القائمة على دعم احلقوق الفل�سطينية‪ ،‬وعلى االعرتاف‬
‫ّ‬
‫ال�صف الداخلي الفل�سطيني‪.‬‬ ‫ب�رشعية التمثيل الفل�سطيني‪ ،‬ووحدة‬
‫لكن العام ‪ 2007‬كان عام اال�ستحقاقات الداخلية الرتكية‪ ،‬وقد متثلت بانتخابات رئا�سة‬
‫اجلمهورية واالنتخابات النيابية‪ ،‬وهي ا�ستحقاقات م�صريية مل�ستقبل م�رشوع حزب العدالة‬
‫والتنمية‪ .‬كما كان عام ت�صاعد عمليات حزب العمال الكرد�ستاين �ض ّد القوات الرتكية‪ .‬وبني‬
‫�ضغوط الداخل العلماين‪ -‬الع�سكري واخلارجي الكردي كانت �سيا�سات حزب العدالة والتنمية‬
‫املم�سك باحلكومة والربملان‪ ،‬ثم برئا�سة اجلمهورية تتلم�س �أق ّل ال�سبل �رضراً‪.‬‬
‫من هنا كان عام ‪ 2007‬عام العودة �إىل عالقات "طبيعية" مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬وعام عودة التن�سيق‬
‫مع الإدارة الأمريكية وترميم العالقات الرتكية – الأمريكية‪ ،‬وما يعنيه ذلك من انعكا�سات على‬
‫�سيا�سات �أنقرة جتاه ملفات �أخرى منها امللف الفل�سطيني‪ .‬وقد �ساعد على هذا التح ّول �أو �س ّهل له‬
‫االنق�سام الداخلي الذي طبع ال�ساحة الفل�سطينية على امتداد العام ‪ ،2007‬وال �سيّما بعد �أحداث غزة‬
‫يف منت�صف حزيران‪ /‬يونيو‪.‬‬
‫‪ .1‬زيارة �أوملرت �إىل �أنقرة‪:‬‬
‫ا�ستهل العام ‪ 2007‬بزيارة قام بها رئي�س احلكومة الإ�رسائيلي �إيهود �أوملرت �إىل �أنقرة التقى‬
‫خاللها كبار امل�س�ؤولني‪ .‬واكت�سبت الزيارة التي جرت يف ‪� 2007/2/15-14‬أهمية؛ لأنها جاءت بعد‬
‫اتفاق مكة بني فتح وحما�س‪ ،‬الذي ُو ِّقع قبل ذلك ب�أ�سبوع‪ ،‬وبعد �أ�سابيع قليلة على قيام "�إ�رسائيل"‬
‫بحفريات حتت امل�سجد الأق�صى‪.‬‬
‫وكانت الزيارة منا�سبة ليدعو رئي�س الوزراء الرتكي نظريه الإ�رسائيلي �إىل االعرتاف بحكومة‬
‫الوحدة الفل�سطينية‪ ،‬التي �ستت�شكل مبوجب اتفاق مكة‪ ،‬وقال له �إن العمل فقط مع ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية ب�شخ�ص حممود عبا�س هو �أمر خاطئ ولن يح ّل امل�شكلة؛ فهناك انتخابات �أ�سفرت عن‬
‫نتائج وا�ضحة‪ ،‬بل �إن رجب طيب �أردوغان ‪ Recep Tayyip Erdogan‬قال �إن يف نيته دعوة حكومة‬
‫الوحدة الفل�سطينية اجلديدة فور ت�شكلها �إىل �أنقرة‪� .‬أما �أوملرت فقد ر ّد ب�أن "�إ�رسائيل" لن تتفاو�ض‬
‫مع حما�س‪ ،‬ما مل تعرتف بـ"�إ�رسائيل" وتنبذ العنف‪.‬‬
‫وكانت حفريات الأق�صى نقطة �أ�سا�سية يف املحادثات الثنائية‪ ،‬وقد اقرتح �أردوغان على �أوملرت‬
‫مت�س باملواقع والآثار الإ�سالمية �أم ال‪.‬‬
‫�إر�سال جلنة فنية من تركيا للت�أكد مما �إذا كانت احلفريات ّ‬
‫وقال �أردوغان �إنه لن يطمئن �إىل ما قاله �أوملرت‪ ،‬و�إىل ال�صور التي تعر�ضها "�إ�رسائيل"‪ ،‬ما مل ي َر‬
‫‪204‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫رصح‪ .‬وكانت النتيجة موافقة �أوملرت على �إر�سال مثل‬


‫بعينيه حقيقة ما يحدث؛ وبعد ذلك ميكنه �أن ُي� ّ‬
‫هذه اللجنة؛ لأن لي�س لديه �شيء يخفيه كما قال‪.‬‬
‫وكان الفتا ً تركيز وزير اخلارجية الرتكية‪ ،‬عبد اهلل غول ‪ ،Abdullah Gul‬على م�س�ألة م�رشوع‬
‫الإبادة الأرمنية التي يريد اللوبي الأرمني متريره يف الكوجنر�س الأمريكي‪ ،‬وقول غول لأوملرت‬
‫�إن موقف اللوبي اليهودي م�صريي‪ ،‬وننتظر من "�إ�رسائيل" �أن تظهر �صداقتها لرتكيا عرب خطوات‬
‫ملمو�سة‪ .‬فطلب منه �أوملرت �أال تكون تركيا قلقة‪ ،‬ووعده ب�أنه �سيقوم مبا يلزم ملنع مترير امل�رشوع‬
‫يف الكوجنر�س‪.‬‬
‫وعب �أوملرت عن �رسوره الكبري بالزيارة وقال‪� :‬إذا �س�ألتم قبل ع�رش �سنوات عما �إذا كان ممكنا ً‬
‫رّ‬
‫�إقامة عالقات وثيقة بني زعيم حزب �إ�سالمي يف تركيا‪ ،‬مع زعيم يهودي حلزب ميني املركز يف‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬لكان اجلواب �أنه غري ممكن؛ لأن االختالفات كبرية وكثرية‪ .‬وو�صف �أوملرت دور تركيا‬
‫ال�رشق �أو�سطي بـ"املق ِّرب"‪ .‬وقال �إن تركيا �ستوا�صل جهودها للإفراج عن اجلندي الإ�رسائيلي‬
‫الأ�سري جلعاد �شاليط‪.‬‬
‫وكان �أوملرت وا�ضحا ً بعد لقائه �أردوغان يف تعبريه عن رغبة "�إ�رسائيل" �أن ترى تركيا البلد‬
‫امل�سلم و�سيطا ً بينها وبني الدول امل�سلمة‪ ،‬التي لي�ست لها عالقات مع "�إ�رسائيل"‪ .‬وقال �أوملرت �إن‬
‫لرتكيا دورا ً مهما ً لتغيري مواقف القوى الراديكالية يف املنطقة‪ ،‬وذك يف �إ�شارة �إىل حما�س و�سورية‪.‬‬
‫تب�سم عندما ذكر �أوملرت �أن القد�س هي عا�صمة "�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫ومن مالحظات الزيارة �أن �أردوغان ّ‬
‫يف �إ�شارة �إىل اعرتا�ض تركيا على هذا الكالم‪ ،‬فهي ال تعرتف �إال بتل �أبيب عا�صمة لـ"�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫وكان اخلالف وا�ضحا ً بني تركيا و"�إ�رسائيل" حول الو�ضع يف العراق وحول �إيران على الرغم‬
‫من قول �أوملرت �إن التعاون بني تركيا و"�إ�رسائيل" �ض ّد حزب العمال الكرد�ستاين م�ستمر‪.‬‬
‫�أما على ال�صعيد االقت�صادي فقد ذكر �أوملرت �أنه يريد زيادة حجم التبادل التجاري بني تركيا‬
‫و"�إ�رسائيل"‪ ،‬البالغ حوايل املليارين و‪ 830‬مليون دوالر‪ .‬كما ذكر �أن حوايل ‪� 152‬رشكة �إ�رسائيلية‬
‫ّ‬
‫وت�ضخ مليارات الدوالرات للناجت القومي الرتكي‪ ،‬ودعا �أوملرت �إىل زيادة عدد‬ ‫تعمل يف تركيا‪،‬‬
‫ال�سائحني الأتراك �إىل "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ومن جممل ت�رصيحات �أوملرت يف �أثناء الزيارة‪ ،‬كان من الوا�ضح‪ ،‬الرغبة الإ�رسائيلية ال�شديدة يف‬
‫ك�سب ود امل�س�ؤولني الأتراك وقلوبهم‪ ،‬وكذلك الر�أي العام الرتكي‪ ،‬وخ�صو�صا ً عندما قال �أوملرت �إن‬
‫�أمرين م�شرتكني بيني وبني �أردوغان‪ :‬الأول �أننا كنا رئي�سي بلديتني لإ�سطنبول والقد�س‪ ،‬والثاين‬
‫�أننا كنا العبي كرة قدم! ‪.14‬‬

‫‪205‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .2‬حفريات الأق�صى واللجنة الرتكية‪:‬‬


‫ُع ّدت موافقة �أوملرت على �إر�سال تركيا جلنة لتق�صي احلقائق حول احلفريات حتت امل�سجد‬
‫الأق�صى عند باب املغاربة‪ ،‬والتي با�رشت "�إ�رسائيل" بها يف مطلع �شباط‪ /‬فرباير ‪ 2007‬بذريعة �إقامة‬
‫ج�رس ي�صل �إىل امل�سجد الأق�صى مكان اجل�رس املتداعي احلايل‪� ،‬إجنازا ً لرتكيا وهزمية لـ"�إ�رسائيل"‬
‫قابلتها �أ�صوات منتقدة يف "�إ�رسائيل"‪ .‬فمناف�سو �أوملرت يف حزب الليكود و�صفوا موافقة �أوملرت‬
‫ب�أنها بيع حلقوق "�إ�رسائيل"‪ ،‬وو�صفها �سيلفان �شالوم ‪ Silvan Shalom‬ب�أنها خطوة حمقاء؛ حتى‬
‫النائب العربي يف الربملان الإ�رسائيلي َطالِب ّ‬
‫ال�صا ِنع ت�ساءل عن عالقة تركيا بالأمر‪.‬‬
‫وكانت قد �رست �أنباء يف ال�صحافة الإ�رسائيلية �أن جلنة الفح�ص �ستكون برئا�سة م�ست�شار‬
‫�أردوغان �أحمد داود �أوغلو ‪" ،Ahmet Davutoglu‬املقرب من حما�س" وفق هذه ال�صحافة‪ .‬لكن‬
‫اخلارجية الرتكية نفت ذلك‪ ،‬وقالت �إن اللجنة �ستكون برئا�سة �سفري تركيا يف "�إ�رسائيل" نامق طان‬
‫‪.15Namık Tan‬‬
‫وبا�رشت اللجنة الرتكية عملها يف �أواخر �آذار‪ /‬مار�س ‪ .2007‬ويف �شهر ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب‬
‫مت توزيعه على عدد من امل�شاركني يف م�ؤمتر القد�س الذي ُعقد يف �إ�سطنبول يف‬ ‫�صدر تقريرها‪ ،‬و ّ‬
‫منت�صف ذلك ال�شهر؛ حيث �أبلغهم م�ست�شار �أردوغان ب�أن ن�سخا ً من التقرير �أُر�سلت �إىل عدد من‬
‫اجلهات املعنية يف "�إ�رسائيل" والأمم املتحدة ومنظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ...‬وغريها‪ .‬ولكن يظهر �أنه‬
‫مل يت ّم ن�رش التقرير على نطاق وا�سع‪ .‬وقد ن�رشت بع�ض املواقع الإعالمية الفل�سطينية �أجزاء منه‬
‫ت�رسبت �إليها‪ .‬وقد الحظ كثريون �أن التقرير يوجه نقدا ً �شديدا ً لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ولكن �أنقرة مل تكن‬
‫ترغب ب�إثارة �ضجة �إعالمية حوله‪ ،‬حتى ال ي�ؤثر على عالقاتها املتح�سنة مع "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ومن خالل ما ن�رش من التقرير؛ ف�إن احلفريات الإ�رسائيلية غري مقبولة وفق املعايري القانونية‬
‫والعلمية‪ ،‬و�أن احلفريات ترمي �إىل ما هو �أبعد من الغايات العلمية‪ .‬ويرى التقرير �أي�ضا ً �أنه حتى و�إن‬
‫مل تكن هناك عملية حفر فعلي يف امل�سجد الأق�صى من جهة باب املغاربة‪� ،‬إال �أن هناك دالالت وا�ضحة‬
‫تعطي االنطباع ب�أن القيام بعمليات احلفر حتت امل�سجد الأق�صى من ِقبَل امل�ؤ�س�سة الإ�رسائيلية ما‬
‫هي �إالّ م�س�ألة وقت‪.‬‬
‫مت�س ب�آثار من الفرتات‬
‫و�أفاد التقرير الرتكي ب�أن احلفريات الأثرية يف طريق باب املغاربة‪ ،‬والتي ّ‬
‫الأموية والأيوبية واململوكية والعثمانية‪ ،‬يجب �أن تتوقف فوراً‪ .‬ويرى التقرير يف �أعمال احلفريات‬
‫و�شقّ الأنفاق وا�ستخراج الأتربة بكميات �ضخمة‪ ،‬التي اطلعت عليه اللجنة على طول اجلدار الغربي‬
‫للم�سجد الأق�صى‪� ،‬أنها تعطي انطباعا ً بوجود ّ‬
‫تدخ ٍل على نطاق وا�سع ويف العمق‪ ،‬و�أن هذا التدخل‬
‫يرمي �إىل ما هو �أبعد من الأهداف العلمية‪ ،‬حتى و�إن مل يكن هناك حفريات باجتاه امل�سجد الأق�صى‬

‫‪206‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫بح�سب التقرير الرتكي‪ .‬كما يدرك التقرير �أن الن�شاطات احلا�صلة من ِقبَل امل�ؤ�س�سة الإ�رسائيلية‬
‫هي جزء من جمهود ُمع ٌّد �سلفا ً ويطبق منهجياً؛ من �أجل تدمري موجودات �أثرية‪ ،‬تعود �إىل الفرتات‬
‫الأيوبية واململوكية والعثمانية‪.‬‬
‫يخ�ص احلفريات‪ ،‬والتي ادعت �أن ما ّ‬
‫مت �إزالته‬ ‫ّ‬ ‫وينتقد التقرير �أي�ضا ً جهود الإعالم الإ�رسائيلي فيما‬
‫ما هو �إال ح�صى وتراب؛ فالتقرير الرتكي يفيد �أنه بالإ�ضافة �إىل الرتاب واحل�صى دمرت احلفريات‬
‫الآثار‪ ،‬وهي �آخر ما تبقى من التاريخ الإ�سالمي يف �ساحة حائط الرباق للم�سجد الأق�صى‪.‬‬
‫كما ي�شري التقرير �أي�ضا ً �إىل وجود الفتات كتبت باللغة العربية مثل "�أقرب نقطة �إىل قد�س‬
‫الأقدا�س"‪ ،‬والتي تقع عند بع�ض مواقع �شقّ الأنفاق واحلفريات على طول اجلدار الغربي للم�سجد‬
‫الأق�صى‪ .‬وقال التقرير �إن هذه الالفتات تعطي انطباعا ً ب�أن امل�س�ألة م�س�ألة وقت فقط‪ ،‬قبل �أن جتري‬
‫حفريات حتت امل�سجد الأق�صى من جهة باب املغاربة‪ ،‬م�سببة القلق جلميع البلدان الإ�سالمية‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً الفل�سطينيني‪.‬‬
‫ويعطي التقرير �أي�ضا ً معلومات مف�صلة حول البناء املقبب‪ ،‬الذي ك�شف عن وجوده على يد عامل‬
‫�آثار �إ�رسائيلي �أ�سفل طريق باب املغاربة‪ .‬وقال التقرير �إن امليزات الأثرية لهذه الغرف والأقوا�س‬
‫ت�شري �إىل �أن هذه بقايا املدر�سة الأف�ضلية‪ ،‬امل�ؤلفة من طابقني‪ ،‬والتي بنيت عام ‪ ،1196‬و�إىل ال�شمال‬
‫من الطريق بالقرب من اجلدار الغربي ما يزال حمراب م�سجد املدر�سة الأف�ضلية قائما ً حتى اليوم‪،‬‬
‫لكن بع�ض ال�صدوع ت�شكلت على اجلدران املحيطة باملحراب‪ ،‬و�أر�ضية املحراب جموفة يف بع�ض‬
‫�أجزائها وتركت غري حمفوظة‪ .‬ويف اال�ستنتاجات يخل�ص التقرير �إىل �أن الأجزاء التي �سلمت من‬
‫الهدم من املدر�سة الأف�ضلية يجب �أن تدعم وحتفظ‪.16‬‬
‫‪ .3‬الغارة الإ�سـرائيلية على �سورية‪:‬‬
‫�شهدت العالقات الرتكية الإ�رسائيلية املتح�سنة حمطة كادت تطيح بهذا التح�سن‪ ،‬عندما �شنت‬
‫الطائرات الإ�رسائيلية غارة على �سورية يف ‪ .2007/9/6‬ففي هذا التاريخ قامت الطائرات الإ�رسائيلية‬
‫بغارة على من�ش�أة �سورية يف دير الزور‪ ،‬من دون �أن يت�ضح الهدف‪ ،‬الذي تباينت املعلومات حوله ما‬
‫بني م�صنع للأ�سمدة وبني نواة من�ش�أة نووية‪.‬‬
‫غري �أن الأهم ما ر�شح من معلومات حول ا�ستخدام الطائرات الإ�رسائيلية يف �أثناء قدومها �إىل‬
‫�سورية‪ ،‬من جهة الغرب فوق لواء الإ�سكندرونة‪ ،‬للمجال اجلوي الرتكي ذهابا ً و�إيابا ً يف طريقها �إىل‬
‫املوقع امل�ستهدف‪ .‬وقد �ألقت الطائرات الإ�رسائيلية خزاين وقود داخل الأرا�ضي الرتكية‪ ،‬وهو ما �أثار‬
‫عالمات ا�ستفهام كبرية وكثرية حول دور تركيا يف هذه العملية‪ ،‬وقد �ساعد ال�صمت الرتكي الالحق‬
‫على بروز هذه الأ�سئلة‪ .‬واكتفى الرئي�س الرتكي عبد اهلل غول الذي كان قد انتخب قبل الغارة ب�أيام‬

‫‪207‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫باعتبار الغارة "خط�أ كبريا ً"‪ .‬وقد قدمت "�إ�رسائيل" الحقا ً اعتذارا ً عن انتهاك الطائرات الإ�رسائيلية‬
‫املجال اجلوي الرتكي ويف ‪ 2007/10/6‬ر�أى غول �أن امل�س�ألة "انتهت" و�أن تركيا مل تكن على علم‬
‫م�سبق باالنتهاك الليلي للطائرات الإ�رسائيلية‪ .‬وال �ش ّك �أن هذه العملية �أثارت من جديد طبيعة‬
‫التعاون الع�سكري بني تركيا و"�إ�رسائيل" وحدوده‪ ،‬ال �سيّما �أن الطرفني يجريان من وقت لآخر‬
‫مناورات جوية وبرية م�شرتكة يف قلب الأنا�ضول؛ مما ي�س ّهل على الطائرات الإ�رسائيلية ا�ستخدام‬
‫الأرا�ضي الرتكية يف �أي عدوان على �سورية‪ ،‬وهو ما ح�صل يف ‪.2007/9/6‬‬
‫‪ .4‬زيارة برييز �إىل �أنقرة‪:‬‬
‫مثّلت زيارة الرئي�س الإ�رسائيلي �شمعون برييز �إىل �أنقرة بني ‪ 11‬و‪ 2007/11/13‬ولقا�ؤه الثالثي‬
‫مع الرئي�س الرتكي عبد اهلل غول‪ ،‬ورئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س‪ ،‬ذروة يف العالقات‬
‫الرتكية الإ�رسائيلية املتنامية‪� ،‬أو العائدة �إىل �سابق عهدها من االن�سجام‪.‬‬
‫وقد ا�ستبق برييز و�صوله بالإ�شادة بدور تركيا "املهم جدا ً" يف عملية ال�سالم‪ ،17‬وقال �إن تركيا‬
‫ت�شكل منوذجا ً يف املنطقة ويف العامل الإ�سالمي‪ .‬وو�صف تركيا ب�أنها قوة اقت�صادية وقوة ع�سكرية‪،‬‬
‫كما �أنها منوذج للجمع بني الإ�سالم واحلداثة‪ ،‬وهي بلد منوذج للجمع بني الإميان باهلل وا�ستخدام‬
‫الكومبيوتر!‪.‬‬
‫وقال �إن تركيا كقوة ع�سكرية �أوالً ثم �سيا�سية واقت�صادية كان لها ت�أثري منذ مطلع الت�سعينيات‬
‫يف موازين القوى يف املنطقة‪ .‬ويرف�ض برييز القول ب�أن العالقات الرتكية ‪ -‬الإ�رسائيلية قد تراجعت‬
‫يف عهد حزب العدالة والتنمية وقال‪" :‬احلكومة يف تركيا تغريت‪ ،‬لكن العالقات الثنائية مل تتغري‪ .‬ومل‬
‫تتغري �أ�س�س العالقات‪ .‬هذا يظهر عمق العالقات بيننا"‪.‬‬
‫و�أ�شاد برييز بر�ؤية الرئي�س الرتكي الراحل تورجوت �أوزال ‪ ،Turgut Ozal‬الذي �س�أله‬
‫ال�صحافيون مرة عن �سبب اهتمامه ال�شديد بق�ضايا ال�رشق الأو�سط املعقدة ف�أجابهم‪" :‬يجب �أن‬
‫نعرف جيدا ً هذه الق�ضية‪ ،‬وهو �أنه �إذا دعينا يف يوم ما �إىل مائدة غداء هل �سنكون يف عداد قائمة‬
‫املدعوين‪� ،‬أم يف عداد قائمة الطعام"‪.‬‬
‫و�ش ّن برييز هجوما ً على القوى "املتطرفة" مثل حزب اهلل وحما�س و�إيران‪ .‬وو�صف برييز اللقاء‬
‫الثالثي مع غول وعبا�س ب�أنه فر�صة لل�سالم يف ال�رشق الأو�سط‪.‬‬
‫وبعد لقائه مع الرئي�س غول �أغدق برييز املديح لرتكيا بو�صفه �إياها "بال�صقر الطائر ت�صفق �إىل‬
‫الأمام بجناح وتوازن حركتها باجلناح الآخر‪ .‬هذا �شيء جيد جدا ً"‪ .18‬وقال �إن "�إ�رسائيل" بالذات‬
‫هي التي طلبت م�شاركة تركيا يف م�ؤمتر �أنابولي�س‪ .‬بل �إن جريدة زمان الإ�سالمية ‪Today’s‬‬
‫‪ Zaman‬يف ‪ 2007/11/15‬قالت �إن �شمعون برييز و�إيهود �أوملرت‪ ،‬هما اللذان فتحا باب م�شاركة‬
‫تركيا يف م�ؤمتر �أنابولي�س!‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫يف املقابل كان عبد اهلل غول يقول ل�صحف �إ�رسائيلية �إن الت�شبيه بني عملية تركية �ض ّد �شمال‬
‫العراق وعمليات "�إ�رسائيل" �ض ّد حزب اهلل يف لبنان وحركة حما�س يف قطاع غزة غري �سليم؛ "فنحن‬
‫ال نحتل �أر�ضاً؛ لكن هذا ال يعني �أننا ن�ؤيد عمليات العنف �أو الهجمات على �إ�رسائيل‪ ،‬مبا فيها �إطالق‬
‫�صواريخ الق�سام‪ .‬وكل دولة لها احلق يف �أن تدافع عن نف�سها‪ ،‬ولكن �ضمن القانون الدويل"‪.‬‬
‫وكانت ذروة زيارة برييز �إىل �أنقرة هي لقا�ؤه مع عبا�س برعاية الرئي�س الرتكي عبد اهلل غول‪،‬‬
‫يف م�شهد م�ستن�سخ‪ ،‬حتى يف تفا�صيل ت�شابك الأيدي‪ ،‬عن لقاء مناحيم بيغن ‪Menachem Begin‬‬
‫و�أنور ال�سادات برعاية جيمي كارتر ‪ Jimmy Carter‬يف كامب ديفيد ‪� Camp David‬سنة ‪.1978‬‬
‫وا�ستتبع اللقاء ب�إلقاء برييز وعبا�س كلمتني على التوايل يف الربملان الرتكي‪ ،‬يف ‪ 13‬من ت�رشين‬
‫الثاين‪ /‬نوفمرب‪ ،‬يف م�شهد فريد من نوعه و�صفته ال�صحف الرتكية بـ"اللقاء التاريخي"‪ .‬وكانت املرة‬
‫الأوىل التي يلقي فيها م�س�ؤول �إ�رسائيلي رفيع امل�ستوى خطابا ً �أمام برملان دولة م�سلمة!‪.‬‬
‫وكانت فر�صة ذهبية �أمام برييز ليُظهِر �أمام الر�أي العام الرتكي والعامل وجها ً "م�ساملا ً ووديعا ً"‪،‬‬
‫على الرغم من ا�شتهاره يف تركيا ب�أنه قاتل الأطفال يف قانا‪ ،‬مثل �شهرة �أريل �شارون يف الإعالم‬
‫الرتكي ب�صفة "ج ّزار �صربا و�شاتيال"‪ .‬ولعل الالفت يف كلمة برييز �أمام الربملان الرتكي �أنه ا�ست�شهد‬
‫ب�أبيات لل�شاعر الرتكي الراحل جهيد �صدقي طراجني ‪ Cahit Sıtkı Tarancı‬حول احلب وال�سالم‬
‫والوطن وما �إىل ذلك! ‪.19‬‬
‫وقد �أجمعت ال�صحف الرتكية على �أن انعقاد اللقاء الثالثي‪ ،‬ومببادرة من �أنقرة وعلى �أر�ضها‪،‬‬
‫عزز مكانة تركيا كبلد حتتاجه جميع الأطراف وكالعب �أ�سا�سي يف تطورات ال�رشق الأو�سط‪،‬‬
‫ي�سعى لأن يكون �أي�ضا ً ال�ضلع الرابع يف مثلث "االعتدال" ال�سعودي امل�رصي الأردين!‪ .‬وحتدث طه‬
‫�أقيول ‪ Taha Akyol‬يف جريدة ميلّيت ‪ Milliyet newspaper‬قائالً �إنه بقدر ما تقوم تركيا بدور‬
‫وحت�صن م�ستقبلها‪ .‬لقد حت ّولت تركيا �إىل نقطة تقاطع‬
‫ّ‬ ‫م�ؤثر يف تطورات ال�رشق الأو�سط تعزز �أمنها‬
‫الغرب وال�رشق‪ ،‬ولقاء برييز ‪� -‬أبي مازن هو النموذج الأهم على هذا الدور املت�صاعد‪ .‬لكن االكتفاء‬
‫بدعوة تركيا �إىل م�ؤمتر �أنابولي�س ال يكفي؛ فرتكيا ت�سعى لتكون ال�ضلع الرابع يف مثلث "ال�سعودية‬
‫والأردن وم�رص"‪ ،‬وهذا هو الهدف الر�سمي غري املعلن‪ .‬واالهتمام الزائد بزيارة امللك ال�سعودي‬
‫�إىل �أنقرة‪ ،‬قبل يومني فقط من و�صول برييز‪ ،‬وجتاوز غول الأعراف والتقاليد والذهاب ال�ستقباله‬
‫يف املطار‪ ،‬وامل�شاركة باجتماع عمل معه ومع �أردوغان يف الفندق حيث يقيم‪ ،‬ولي�س يف مق ّر رئا�سي‬
‫ر�سمي‪ ،‬ت�أتي يف هذا ال�سياق‪.‬‬
‫ويرى الكاتب فكرت بيال ‪� ،Fikret Bila‬أن الر�سالة الأهم من لقاءات �أنقرة‪ ،‬هي �أن تركيا تريد �أن‬
‫تقول للعامل ب�أنها �صاحبة قدرة على جمع خ�صوم �أعقد نزاع يف العامل من �أجل اال�ستقرار والرفاهية‬
‫يف منطقة ال�رشق الأو�سط التي تع ّد تركيا جزءا ً منها‪ .‬والنتيجة الأوىل التي ح�صدتها تركيا هي‬

‫‪209‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫دعوتها مبا�رشة بعد لقاءات �أنقرة للم�شاركة يف م�ؤمتر �أنابولي�س‪.‬‬


‫ور�أى املعلق الرتكي �سامي كوهني ‪� Sami Kohen‬أن لقاء �أنقرة جناح كبري للدبلوما�سية‬
‫الرتكية‪ ،‬وكان وا�ضحا ً �أن تركيا قدمت دعمها ملحمود عبا�س �سيا�سيا ً واقت�صادياً‪ ،‬مع �إن�شاء‬
‫املنطقة ال�صناعية يف ال�ضفة ولي�س يف غزة‪ .‬و�أ�شار �إىل "امليزان الدقيق" حلكومة �أردوغان‪،‬‬
‫بعدما كانت قد دعت يف وقت �سابق خالد م�شعل �إىل �أنقرة‪.‬‬
‫وح ّذر جنكيز ت�شاندار ‪ Janqiz Chandar‬من �أن ال�رسور الكبري من "حفل" �أنقره ال يجب �أن‬
‫يحجب حقيقة �أن احتمال ف�شل �أنابولي�س وانفجار الو�ضع‪ ،‬قائم متاماً‪ ،‬كما كان الو�ضع عليه بعد‬
‫حمادثات كامب ديفيد �سنة ‪ 2000‬بني يا�رس عرفات و�إيهود باراك‪ ،‬عندما انفجرت االنتفا�ضة الثانية‪.‬‬
‫وما ح�صل من انفجار بعد اتفاق مكة الأخري بني حما�س وفتح خ�صو�صاً‪ ،‬مرجعه �إىل �أن �أبا مازن ال‬
‫ي�سيطر على غزة‪ .‬وت�ساءل ت�شاندار هل تقوم �أنقره بو�ساطة �صامتة بني فتح وحما�س؟‪.‬‬
‫ويخل�ص �إبراهيم قره غول‪ Ibrahim Karagul‬يف جريدة يني �شفق ‪� Yeni Şafak‬إىل �أنه من غري‬
‫الإن�صاف حب�س تركيا يف ال�رصاع مع حزب العمال الكرد�ستاين‪ ،‬و�إن التطورات الأخرية ت�ؤكد �أنه‬
‫ال ميكن مترير �أي خمطط يف املنطقة دون موافقة وم�شاركة تركيا‪ ،‬وهي ر�سالة موجهة خ�صو�صا ً‬
‫�إىل �أمريكا و"�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫و�شهدت زيارة برييز �إىل �أنقرة حدثا ً مهما ً �آخر‪ ،‬وهو التوقيع على �إقامة منطقة �صناعية بتمويل‬
‫تركي يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وبت�شجيع من عبد اهلل غول نف�سه‪ ،‬ومببادرة من "ملتقى �أنقرة" الذي يرعاه‬
‫احتاد الغرف والبور�صات يف تركيا‪ ،‬الذي كان وراء مبادرة املنطقة ال�صناعية يف �إيريز يف غزة‪ ،‬والذي‬
‫د ّمرته القوات الإ�رسائيلية يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2006‬بعد �أ�رس اجلندي جلعاد �شاليط‪.‬‬
‫وذكر رئي�س احتاد الغرف والبور�صات رفعت هي�سارجي �أوغلو ‪� Rifat Hisarciklioglu‬أن‬
‫"ملتقى �أنقرة" قرر �أن تقام املنطقة ال�صناعية املقرتحة �أوالً يف ترقوميا‪ ،‬ثم تقرر �أن تقام يف جنني‪.‬‬
‫وقال �إن امللتقى ي�سعى لنيل دعم دويل للم�رشوع‪ .‬وو�صف غول امل�رشوع ب�أنه ي�أتي يف �إطار دعم‬
‫تركيا االقت�صادي لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ودعم جهود ال�سالم بني "�إ�رسائيل" والفل�سطينيني‪ .‬ويلحظ‬
‫امل�رشوع الذي ينعقد حتت �شعار "التنمية يف خدمة ال�سالم" ا�ستخدام �ستة �آالف عامل فل�سطيني‪،‬‬
‫فيما �ستكون منتجاته للت�صدير �إىل اخلارج ومعفاة من اجلمارك‪.‬‬
‫م�ؤمتر �أنابولي�س‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫�شاركت تركيا بوزير خارجيتها علي باباجان ‪ Ali Babacan‬يف م�ؤمتر �أنابولي�س‪ ،‬الذي انعقد‬
‫يف ‪� ،2007/11/27‬إىل جانب �أكرث من ‪ 40‬دولة �أخرى‪ .‬و�إذا كانت م�شاركة تركيا يف �أنابولي�س من‬
‫‪210‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫ثمار لقاء �أنقرة الثالثي؛ ف�إن الت�سا�ؤل لدى الكتاب الأتراك كان عن �سبب الغبطة الرتكية بامل�شاركة‬
‫وحما�سة باباجان لها‪ .‬يقول باباجان �إن �أنابولي�س فر�صة يجب التقاطها‪ ،‬و"بداية جيدة" حل ّل‬
‫امل�شكلة الفل�سطينية الإ�رسائيلية‪ ،‬و�آمل �أن ينتهي امل�ؤمتر �إىل نتائج ملمو�سة‪ .‬وقال �إن م�شاركة‬
‫�سورية يف امل�ؤمتر ما كانت لتت ّم لوال ال�سعي الرتكي‪ .‬يف املقابل مل تخرج تعليقات ال�صحف الرتكية‬
‫عن �إطار اعتبار امل�ؤمتر جمرد ا�ستعرا�ض‪ ،‬وحماولة لتلميع �صورة "�إ�رسائيل" و�أمريكا‪ ،‬خ�صو�صا ً‬
‫�أنه لي�س له �أي جدول �أعمال حمدد �أو هدف وا�ضح كما تقول الكاتبة يف جريدة راديكال ‪Radikal‬‬
‫جايدا قاران ‪ .Ceyda Karan‬لكن �أخطر ما يف امل�ؤمتر‪ ،‬كما تقول الكاتبة‪ ،‬هو �أن ُتعترب "�إ�رسائيل"‬

‫دولة يهودية‪ ،‬وبالتايل �سيطلق من الآن ف�صاعدا ً لقب "دولة الواليات املتحدة امل�سيحية"‪� ،‬أو "دولة‬
‫بولونيا الكاثوليكية"‪� ،‬أو "دولة باك�ستان الإ�سالمية"‪.‬‬
‫ويرى الكاتب ح�سن جمال يف جريدة ميلّيت �أن م�شاركة �سورية يف امل�ؤمتر يف اللحظة الأخرية‪،‬‬
‫يراد منه تعزيز م�شهد العزلة حول �إيران‪ ،‬ولكن هذا يطرح �س�ؤاالً عما �إذا كان ذلك لعبة من بو�ش‬
‫ال�ستخدام �أنابولي�س غطاء ل�رضب �إيران‪.‬‬
‫ودعا جمال �إىل �سيادة الواقعية بدالً من التفا�ؤل‪ ،‬وعلى اجلميع �أن يكونوا حمتاطني فزعيما‬
‫"�إ�رسائيل" وفل�سطني �ضعيفان‪ ،‬لكن ال مف ّر من حماولة القيام ب�شيء ما‪ .‬و�سيكون �أنابولي�س ناجحا ً‬
‫فيما لو جتددت مفاو�ضات ال�سالم بني فل�سطني و"�إ�رسائيل"‪ .‬ويقول جمال �إنه ال داعي لتكرار �أن‬
‫ف�شل امل�ؤمتر �سي�ؤثر �سلبا ً على تركيا‪� ،‬سواء من الناحية الأمنية �أو االقت�صادية‪.‬‬
‫ويرى وزير اخلارجية ال�سابق ايلتري توركمان ‪� İlter Türkmen‬أن ال �أحد يتوقع �شيئا ً من‬
‫�أنابولي�س‪ ،‬بل ال �أمل حتى من �أي تقدم ما بعد انعقاد امل�ؤمتر‪ .‬ويرى توركمان �أن �أحد �أوجه م�أزق‬
‫�أنابولي�س هو �إ�رصار "�إ�رسائيل" على "يهودية الدولة العربية"‪ ،‬وهو ما ي�ضع �س ّدا ً �أمام عودة‬
‫الالجئني الفل�سطينيني‪ .‬كما �أن "�إ�رسائيل" وفل�سطني تعانيان من انق�سامات داخلية كبرية‪ .‬و�إذ‬
‫ي�ستعر�ض توركمان حماوالت ال�سالم ال�سابقة والفا�شلة‪ ،‬يقول �إن اخلرب الوحيد الإيجابي كان‬
‫م�شاركة �سورية يف امل�ؤمتر‪ ،‬وبجهود تركية‪ .‬فنظرا ً لأنه ال ميكن �أن يح�صل �سالم من دون �سورية؛‬
‫ف�إن م�شاركتها قد تكون م�ساعدا ً على �إيجاد مناخ نف�سي مواتٍ ‪ ،‬من �أجل بذل جهود لل�سالم ما بعد‬
‫انتهاء امل�ؤمتر‪.‬‬
‫وو�صف حاقان البريق ‪ Hakan Albayrak‬يف جريدة يني �شفق م�ؤمتر �أنابولي�س بـ"الكوميديا"‪.‬‬
‫لأن من يرد ال�سالم ال يحقن الفريو�س الإ�رسائيلي ويحرق العراق ويج ّوع فل�سطني ويو ِّتر لبنان‪.‬‬
‫ويقول البريق‪�" :‬أما تركيا العظيمة فتكاد تطري من الفرح؛ لأنها دعيت �إىل امل�ؤمتر‪ .‬بحق اهلل ماذا تفعل‬
‫تركيا هناك؟ وملاذا يبتهج باباجان؟ وماذا �ستق ّدم �إ�رسائيل‪ ،‬فيما ن�صف ال�شعب الفل�سطيني �أو �أكرث‬
‫‪211‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫غري ممثل يف امل�ؤمتر؟ �إنها كوميديا لن جتد نهايتها �إال يف مزبلة التاريخ‪ ،‬ومتنياتنا لباباجان باللهو‬
‫ال�سعيد"‪.‬‬
‫ويرى عاكف اميري ‪ Akif Emre‬يف اجلريدة نف�سها �أنه لي�س من �سبب واقعي للأمل من م�ؤمتر‬
‫�أنابولي�س؛ حيث تريد �أمريكا تلميع �صورتها املتهالكة يف العراق عرب م�ؤمتر عن فل�سطني‪ .‬وت�سعى‬
‫الأنظمة العربية لرتميم عالقاتها مع الإدارة الأمريكية‪ ،‬فيما املطلوب ترميمها مع �شعوبها‪� .‬إن‬
‫الغاية الأ�سا�سية للم�ؤمتر هي متديد �أجل الأزمة ليت�سنى لـ"�إ�رسائيل" ا�ستكمال خمطط تهويد ال�ضفة‬
‫الغربية والقد�س‪� .‬أما �إ�رشاك �سورية يف امل�ؤمتر‪ ،‬فيهدف �إىل ف ّك التحالف الإيراين ال�سوري‪ ،‬وعزل‬
‫�إيران‪ ،‬وبالتايل �إن �أنابولي�س خطوة �إ�ضافية على طريق �رضب �إيران‪ ،‬وهذا ما يجب �أن تراه تركيا‪.‬‬
‫واخت�رص النائب ال�سابق ر�سول طو�سون ‪ Resul Tosun‬و�صف امل�ؤمتر بالقول �إنه لتعومي‬
‫بو�ش و�أوملرت‪ .‬وو�صف طو�سون م�شاركة تركيا ب�أنها الأوىل التي تعيدها العبا ً يف ال�رشق الأو�سط‬
‫منذ مئة عام‪ .‬و�إن جمرد م�شاركة ‪ 40‬دولة فيه و�صدور وثيقة عنه يع ّد انت�صارا ً لـ"�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ور�أى طو�سون مطلب "�إ�رسائيل" ب�أنها دولة لليهود م�ؤ�رشا ً خطريا ً �ض ّد احلقوق الفل�سطينية‪،‬‬
‫�سجل امل�ؤمتر هذا الطلب ف�سيتحول �إىل م�ؤمتر لقطع الالجئني الفل�سطينيني عن وطنهم‬ ‫ويف حال ّ‬
‫الأم‪.‬‬
‫ويرى �سامي كوهني يف جريدة ميلّيت �أن �أنابولي�س "جمرد �أمل"‪ .‬ويتابع كوهني ب�أنه ال يجب‬
‫�أن نن�سى �أن امل�ؤمتر يف �أ�سا�سه كان حم�صورا ً بالنزاع الإ�رسائيلي الفل�سطيني والتح�ضري لبدء‬
‫مفاو�ضات جديدة؛ وبالتايل يجب �أال يتوقع الكثري من امل�ؤمتر‪ .‬لكن م�شاركة �سورية يف امل�ؤمتر‬
‫وتوجيه الدعوة �إليها يع ّد �إ�شارة على تغيري مهم يف املوقف الأمريكي‪ .‬وميكن القول �أي�ضا ً �إنه موقف‬
‫خمتلف ل�سورية عن القوى الراديكالية مثل �إيران وحما�س‪.20‬‬
‫وعلى هام�ش م�ؤمتر �أنابولي�س كان باباجان يبدي عدم ارتياحه ال�ستبعاد حما�س عن عملية‬
‫الت�سوية‪ ،‬وقال �إنه توجد فل�سطني واحدة‪ ،‬وال ميكن لفل�سطني منق�سمة بني فتح وحما�س �أن تخدم‬
‫الق�ضية‪ ،‬وال ب ّد من �إزالة هذا التق�سيم‪ .‬ويف احلديث نف�سه‪ ،‬قال باباجان �إن تركيا تريد ت�أ�سي�س جامعة‬
‫خا�صة على احلدود بني "�إ�رسائيل" وال�ضفة الغربية‪ ،‬ي�ستطيع طالب فل�سطينيون و�إ�رسائيليون‬
‫الدرا�سة فيها معاً‪ .‬وقال �إنه نال موافقة "�إ�رسائيل"‪ ،‬واالهتمام الآن انتقل �إىل كيفية تطبيق ذلك‪.21‬‬
‫تبعت م�شارك ُة تركيا يف �أنابولي�س‪ ،‬بعد لقاء �أنقرة الثالثي‪ ،‬مب�شاركة تركيا يف م�ؤمتر املانحني‬
‫لل�شعب الفل�سطيني يف باري�س‪ ،‬يف ‪ ،2007/12/17‬وقررت فيه تركيا تقدمي م�ساعدة بقيمة ‪ 50‬مليون‬
‫دوالر لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬علما ً ب�أن م�ؤمتر باري�س ُن ِظر �إليه على �أنه خطوة �أخرى يف �سبيل دعم‬
‫�سلطة حممود عبا�س و�إ�ضعاف حركة حما�س‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫وكان اللقاء املف�صلي بني �أردوغان والرئي�س الأمريكي جورج بو�ش يف ‪ 2007/11/5‬حمطة مهمة‬
‫يف �سبيل ترميم العالقات الرتكية الأمريكية‪ ،‬من بوابة التعاون اال�ستخباراتي‪ ،‬وفق ما �أُعلن بني‬
‫البلدين‪� ،‬ض ّد حزب العمال الكرد�ستاين املتواجد يف �شمال العراق‪.‬‬
‫واملثري هو ما ك�شف عنه من تعاون تركي �إ�رسائيلي لتعقب م�سلّحي حزب العمال الكرد�ستاين‪،‬‬
‫وال �سيما عرب طائرات هريون الإ�رسائيلية التج�س�سية من دون طيار ‪.Heron UAVs‬‬
‫لكن التعاون الرتكي مع "�إ�رسائيل" عرف �أي�ضا ً يف �سنة ‪� 2007‬أبعادا ً جديدة يف جماالت حيوية‬
‫�أخرى مثل قطاع الطاقة‪ .‬فبعد حمادثات متعددة يف الأ�شهر ال�سابقة‪ ،‬و َّقع‪ ،‬يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬وزي ُر‬
‫الطاقة الرتكي حلمي غولري ‪ Hilmi Güler‬ووزير البُنى التحتية الإ�رسائيلي بنيامني بن �إليعازر‬
‫خط �أنابيب من ميناء جيحان عند‬ ‫اتفاقية للتعاون يف جمال الطاقة يف ‪ ،2007/10/23‬تت�ضمن م ّد ّ‬
‫خط الأنابيب املوجود بني‬ ‫الإ�سكندرونة �إىل ميناء ع�سقالن الإ�رسائيلي على املتو�سط‪ ،‬ومنه عرب ّ‬
‫ع�سقالن و�إيالت‪ .‬ويويل الطرفان �أهمية للمو�ضوع؛ لأنه ينقل الغاز والنفط من �إيالت �إىل ال�رشق‬
‫الأق�صى ومنها �إىل اليابان!‪ .‬وقال وزير البُنى التحتية الإ�رسائيلية بنيامني بن �إليعازر �إن العالقات‬
‫مع تركيا مهمة جداً‪ ،‬ولي�س فقط العالقات ال�سيا�سية‪ .‬نحن نريد التعاون يف م�شاريع م�شرتكة مثل‬
‫هذه‪ .‬ورمبا يتطور امل�رشوع الحقا ً ليتكون من ثالثة �أنابيب؛ واحد للنفط و�آخر للغاز وثالث للمياه‪،‬‬
‫وينتظر �أن ينتهي العمل بهذه اخلطوط خالل ثالث �سنوات‪ .‬وهذا امل�رشوع �سي�ستفيد منه كذلك‬
‫ّ‬
‫اخلط حتت‬ ‫الأردن وفل�سطني‪ ،‬اللتان تعانيان �أي�ضا ً من نق�ص املياه‪ ،‬كما قال بن �إليعازر‪ .‬و�سيكون‬
‫البحر من جيحان �إىل ع�سقالن بطول ‪ 610‬كم‪ ،‬و�سينتهي العمل فيه بحدود �سنة ‪.222011‬‬
‫وعلى الرغم من �أن البع�ض ر�أى يف م�ؤمتر �أنابولي�س بداية لعملية ت�سوية جديدة بني "�إ�رسائيل"‬
‫والفل�سطينيني‪ ،‬غري �أنه ما كاد �أن ينتهي حتى �أعلنت "�إ�رسائيل" قرارا ً بالبدء يف تو�سيع م�ستوطناتها‪،‬‬
‫عب عنه‬ ‫وبناء مئات الوحدات ال�سكنية يف القد�س ال�رشقية‪ .‬وقد �أثار هذا القرار احتجاجا ً تركياً‪ ،‬رّ‬
‫الرئي�س الرتكي عبد اهلل غول بالقول �إن القرار الإ�رسائيلي �أ�صاب اجلميع ب�صدمة‪ .‬و�إذا مل ت�ستغل‬
‫الفر�صة املتاحة لل�سالم؛ ف�إن القرار الإ�رسائيلي �سيحمل �سلبيات كبرية‪ .‬فهو يتعار�ض مع مقررات‬
‫�أنابولي�س‪ ،‬وعلى اجلميع دعم جهود ال�سالم‪ .‬وقد جاء كالم غول بعد لقائه مع امللك الأردين عبد اهلل‬
‫الثاين يف ‪.232007/12/11‬‬
‫كذلك ندد رئي�س احلكومة الرتكية �أردوغان باحل�صار الذي فر�ضته "�إ�رسائيل" على قطاع غزة‪،‬‬
‫يف مطلع العام ‪ ،2008‬م�شريا ً �إىل �أن فل�سطني هي �أ�سا�سا ً �سجن ب�سماء مفتوحة‪ ،‬و�شعب غزة يواجه‬
‫م�أ�ساة �إن�سانية‪ .‬و�أنهم يف تركيا يواجهون �صعوبة كربى يف فهم هذا الو�ضع‪ .24‬وقال �أردوغان‬
‫�أمام كتلة نواب حزب العدالة والتنمية �إن "�إ�رسائيل" تعاقب �شعبا ً كامالً من �أجل معاقبة جمموعة‬
‫بعينها‪ ،‬وتقوم بق�صف مكثف للقطاع‪ .‬و�أنه من غري املقبول َت َف ُّهم مثل هذه املمار�سة بذريعة �إطالق‬

‫‪213‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ال�صواريخ‪ .‬و�أنه "كلما �س�ألنا الإ�رسائيليني عن �أ�سباب الق�صف‪ ،‬الذي يتعر�ض له ال�شعب الفل�سطيني‬
‫بني احلني والآخر‪ ،‬يتعللون ب�أن هناك �صواريخ تق�صف من اجلانب الفل�سطيني‪ .‬لكن كلما �س�ألنا عن‬
‫حجم اخل�سائر الناجتة عن الق�صف الفل�سطيني وعن عدد ال�ضحايا يف اجلانب الإ�رسائيلي ال نح�صل‬
‫على جواب"‪.25‬‬
‫خال�صة‪:‬‬
‫بخالف التوازن‪ ،‬بل حتى امليل �إىل اجلانب الفل�سطيني بكل تياراته خالل �سنة ‪ ،2006‬ات�سم‬
‫املوقف الرتكي خالل �سنة ‪ 2007‬بنوع من "توازن" �أكرب‪ ،‬ي�أخذ بعني االعتبار تطورات تت�صل‬
‫بامل�صالح الرتكية على ال�صعيد اخلارجي‪ ،‬ومتطلبات ا�ستحقاقات داخلية ذات ح�سا�سيات متعددة‪.‬‬
‫لذا جند ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ا�ستمر املوقف الرتكي الر�سمي وال�شعبي املت�ضامن واملتعاطف مع ق�ضية ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬مبعزل عن ال�رصاعات الفل�سطينية الداخلية‪.‬‬
‫‪ .2‬وقفت تركيا بقوة خلف قيام حكومة وحدة فل�سطينية بعد اتفاق مكة‪ .‬بل وو�صفها الرئي�س‬
‫الرتكي �أحمد جندت �سيزر ‪ Ahmet Necdet Sezer‬ب�أنها تفتح باب الأمل ملواجهات هموم‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫‪َ .3‬و َقعت حكومة حزب العدالة والتنمية يف حرج كبري �إثر �أحداث غزة‪ ،‬التي �أدت �إىل �سيطرة‬
‫حما�س مبفردها على القطاع‪ .‬وقد ن�أت حكومة حزب العدالة والتنمية بنف�سها عن �أي ات�صال‬
‫بحكومة �إ�سماعيل هنية املُقالة‪.‬‬
‫‪ .4‬يف املقابل ا�ستمرت ات�صاالت �أنقرة مع رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود عبا�س‪.‬‬
‫‪ .5‬وعلى الرغم من �أن حكومة العدالة والتنمية كانت �سبّاقة يف خرق العزلة التي حاولت فر�ضها‬
‫كل من �أمريكا و"�إ�رسائيل" على حركة حما�س‪� ،‬إال �أنها كانت مت�أثرة على ما يبدو باملواقف‬
‫ال�سلبية لبع�ض الدول العربية جتاه حما�س‪ ،‬وف�ضلت مراعاة العالقات املتح�سنة باطراد مع‬
‫هذه الدول‪ ،‬على موا�صلة االت�صاالت مع حما�س‪.‬‬
‫‪ .6‬يبدو �أن حكومة العدالة والتنمية مل ُترِد �أن تواجه تداعيات مماثلة للغ�ضب الأمريكي‬
‫والإ�رسائيلي على ا�ستقبال خالد م�شعل يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،2006‬فلم تذهب بعيدا ً يف‬
‫م�ساعي التوفيق بني فتح وحما�س‪.‬‬
‫‪� .7‬أكرث من ذلك‪� ،‬أقدمت �أنقرة على خطوة غري م�سبوقة‪ ،‬عندما رعى رئي�س اجلمهورية‬
‫�شخ�صيا ً عبد اهلل غول لقاء ثالثيا ً جمعه مع الرئي�س الإ�رسائيلي ورئي�س ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫يف منت�صف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ 2007‬يف �أنقرة‪ ،‬ودعوته لهما لإلقاء خطابني يف الربملان‬
‫‪214‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫الرتكي‪ ،‬ليكون �أول م�س�ؤول �إ�رسائيلي يلقي خطابا ً يف برملان دولة م�سلمة‪ .‬ومن الوا�ضح �أن‬
‫هذه اخلطوة مرتبطة بـ‪:‬‬
‫�أ‪ .‬حاجة �أنقرة مل�ساعدة الإدارة الأمريكية ملواجهة حزب العمال الكرد�ستاين‪ ،‬الذي‬
‫ازدادت �ضغوطه على تركيا بطريقة �أحرجت احلكومة‪ ،‬وفاقمت من �ضغوط امل�ؤ�س�سة‬
‫الع�سكرية‪ .‬ور�أينا �أن التعاون الع�سكري واال�ستخباراتي بني �أنقرة ووا�شنطن‪ ،‬وبدء‬
‫القوات الرتكية لعمليات ق�صف جوي لقواعد حزب العمال يف �شمال العراق‪ ،‬قد جاءت‬
‫بعد لقاء �أنقرة الثالثي‪ ،‬وم�شاركة تركيا يف �أنابولي�س‪ ،‬و�أي�ضا ً يف اجتماع باري�س للقوى‬
‫املانحة للم�ساعدات لل�سلطة الفل�سطينية‪ .‬وبالتايل �أتى لقاء �أنقرة الثالثي لتوفري �رشوط‬
‫�أف�ضل لنجاح اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬التي كانت وا�شنطن و"�إ�رسائيل" تراهن عليه كثريا ً‬
‫ال�ستكمال �سيا�ساتهما ال�رشق �أو�سطية‪.‬‬
‫ب‪ .‬حاجة �أنقرة �إىل الدعم الإ�رسائيلي والأمريكي؛ ملنع مترير م�رشوع قرار يف الكوجنر�س‬
‫يع ّد جمازر �سنة ‪� 1915‬ض ّد الأرمن �إبادة‪ .‬وقد حالت بالفعل �ضغوط الإدارة الأمريكية‬
‫دون مترير امل�رشوع‪ ،‬الذي كان مقررا ً له �أن مي ّر بعد �أيام قليلة على لقاء �أنقرة‪.‬‬
‫ج‪ .‬مترير حزب العدالة والتنمية ال�ستحقاقات داخلية‪ ،‬وكلها ح�سا�سة ومنها االنتخابات‬
‫النيابية‪ ،‬وو�صول عبد اهلل غول للرئا�سة يف ظ ّل دعم وا�ضح من القوى الغربية الأمريكية‬
‫والأوروبية املعنية با�ستمرار التجربة املعتدلة حلزب العدالة والتنمية‪.‬‬
‫ويف �ضوء تطورات �سنة ‪ ،2007‬وحتوالت ال�سيا�سة اخلارجية الرتكية جتاه الق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬
‫ميكن القول �إن تركيا �ستوا�صل مواقفها املبدئية يف �إنهاء االحتالل الإ�رسائيلي لأرا�ضي �سنة ‪،1967‬‬
‫و�إقامة دولة فل�سطينية م�ستقلة يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬وهي �ستوا�صل االعرتاف بال�سلطة الوطنية‬
‫الفل�سطينية املتمثلة مبحمود عبا�س‪� .‬أما عودة �أنقرة للتوا�صل مع حركة حما�س فمرتبط ب�شكل‬
‫�أ�سا�سي باملدى الذي �ستبلغه العالقات الفل�سطينية ‪ -‬الفل�سطينية‪ .‬ومع �أن حكومة حزب العدالة‬
‫والتنمية �سوف حتاول اقتنا�ص �أي فر�صة لر�أب ال�صدع الداخلي الفل�سطيني‪ ،‬وبالتايل �إخراج حما�س‬
‫من احل�صار‪ ،‬الذي يفر�ض عليها �إال �أنه ال يتوقع �أن تبادر �أنقرة �إىلم�ساع جدية يف امللف الفل�سطيني‬
‫الداخلي‪� ،‬إذا كان ذلك �سي�ؤثر �سلبا ً على م�صالح تركية حيوية تت�صل بالأمن القومي‪ ،‬ومنها احلاجة‬
‫ال�ستمرار التن�سيق مع الواليات املتحدة يف ملفات متعددة‪ ،‬والتعاون الع�سكري اال�ستخباراتي مع‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬وال �سيما يف مواجهة حزب العمال الكرد�ستاين‪ ،‬وكذلك االن�سجام الن�سبي مع �سيا�سات‬
‫عربية معينة لها �أي�ضا ً �أبعاد اقت�صادية ا�ستثمارية يف الداخل الرتكي‪.‬‬
‫�أما على ال�صعيد ال�شعبي فال �ش ّك �أن املنظمات الرتكية غري احلكومية‪ ،‬وكذلك الإعالم وال�صحافة‪،‬‬
‫ف�ستوا�صل دعمها غري املحدود لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬مبعزل عن االنق�سامات الفل�سطينية الداخلية‪،‬‬
‫‪215‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ومبعزل عن طبيعة ال�سلطة احلاكمة يف �أنقرة‪ .‬وهو ما يقت�ضي تعزيز التوا�صل‪ ،‬على امل�ستوى‬
‫ال�شعبي‪ ،‬بني ال�شعبني الفل�سطيني والرتكي‪.‬‬

‫تفاعلت �إيران مثل باقي دول املنطقة مع الأحداث الأبرز فل�سطينيا ً �سنة ‪.2007‬‬
‫�أي "اتفاق مكة" بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬وت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫ثالث ًا‪� :‬إيران‬
‫�إىل انهيار هذا االتفاق و�سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة‪ ,‬و�صوالً �إىل م�ؤمتر �أنابولي�س الذي‬
‫ُع ِقد يف نهاية �سنة ‪ ،2007‬برعاية الواليات املتحدة و�شاركت فيه الدول العربية كافة‪.‬‬
‫كان من الطبيعي جتاه هذه الأحداث املهمة وتداعياتها‪� ،‬أن تن�سجم �إيران �إىل ح ّد بعيد مع مواقفها‬
‫و�سيا�ساتها ال�سابقة من حركات املقاومة �ض ّد "�إ�رسائيل"‪ ،‬ويف مقدمتها حركة حما�س‪ ،‬ومن "عملية‬
‫ال�سالم" يف ال�رشق الأو�سط‪ ،‬التي رف�ضت طوال ال�سنوات املا�ضية ت�أييدها‪� ،‬أو امل�شاركة فيها‪� ،‬أو‬
‫الرهان على ما ميكن �أن ينتج عنها‪.‬‬
‫وكان من املتوقع �أن تختلف �إيران جتاه هذه الأحداث مع كثري من الدول العربية‪ ،‬التي ذهب‬
‫بع�ضها �إىل اتهام حما�س بتقوي�ض اتفاق مكة ومبا جرى يف غزة‪ ،‬وذهبت جميعا ً �إىل م�ؤمتر �أنابولي�س‪،‬‬
‫الذي رف�ضته طهران ونددت بانعقاده وحكمت على نتائجه بالف�شل‪ .‬خا�صة و�أن امل�ؤمتر مل يلتزم‬
‫جدول �أعمال �أو مواعيد لتنفيذ ما قد يتفق عليه‪� ،‬أو تعهد "�إ�رسائيل" االن�سحاب حتى حدود �سنة‬
‫‪ ،1967‬كما جاء يف مبادرة ال�سالم العربية �سنة ‪ ،2002‬التي بات العرب يرونها �أ�سا�سا ً لأي ح ّل مقبل‬
‫بينهم وبني "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫‪ .1‬اتفاق مكة‪:‬‬
‫مت برعاية �سعودية بني حركتي فتح (ال�سلطة الفل�سطينية)‬ ‫�أيدت �إيران منذ البداية اتفاق مكة‪ ،‬الذي ّ‬
‫وحما�س‪ .‬و�أيدت كذلك حكومة الوحدة الوطنية التي �أعقبت هذا االتفاق‪ .‬ومل تكن �إيران بهذا ال�صدد‬
‫رحبت �أي�ضا ً باالتفاق وبحكومة الوحدة‪ .‬وكان‬ ‫لتختلف عن مواقف معظم الدول العربية‪ ،‬التي ّ‬
‫املتحدث با�سم اخلارجية الإيرانية‪ ،‬حممد علي ح�سيني‪ ،‬قد �أ ّكد �شعور بالده باالرتياح؛ لأن االتفاق‬
‫ي�سهم يف و�ضع ح ّد للأزمة الداخلية‪ ،‬وا�صفا ً اتفاق مكة ب�أنه خطوة بناءة‪.26‬‬
‫ومع اال�شتباكات التي �أنذرت بفرط عقد هذا االتفاق‪� ،‬أوج�س الإيرانيون خيفة من تداعياتها‪،‬‬
‫فح ّذر مر�شد اجلمهورية الإ�سالمية‪ ،‬ال�سيد علي خامنئي‪ ،‬خالل ا�ستقبال �أمني عام حركة اجلهاد‬
‫الإ�سالمي رم�ضان عبد اهلل �شلح‪ ،‬من "فتنة تغيري ال�رصاع الفل�سطيني – ال�صهيوين �إىل �رصاع‬
‫فل�سطيني فل�سطيني‪ ،‬معربا ً عن �أ�سفه ملقتل الفل�سطينيني من �أي جمموعة كانت"‪ .‬ونبّه خامنئي‬
‫�إىل "امل�ؤامرة التي حتيكها �أمريكا و�إ�رسائيل لزرع الفتنة وال�شقاق يف العامل الإ�سالمي‪ ",‬م�ضيفاً‪:‬‬

‫‪216‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫"يجب �إحباط م�ؤامرة تثري الفنت من خالل التحلي باليقظة واجلهاد واملقاومة بوجه تهديدات العدو‬
‫و�أطماعه"‪ .27‬خ�صو�صا ً و�أن الإ�رسائيليني والأمريكيني �شعروا باالمتعا�ض من االتفاق؛ حيث‬
‫ذكرت جملة تامي ‪ TIME Magazine‬على �سبيل املثال �أن "االتفاق وت�أ�سي�س حكومة وحدة وطنية‬
‫يقود �إىل طريق م�سدود بني الإ�رسائيليني والفل�سطينيني"‪.28‬‬
‫ا�ستمر امل�س�ؤولون الإيرانيون يف الدعوة �إىل الوحدة ووقف االقتتال‪ .‬فدعا الرئي�س ال�سابق ها�شمي‬
‫رف�سنجاين ‪ Hashemi Rafsanjani‬الأطراف املتنازعة من الفل�سطينيني �إىل توجيه �أ�سلحتهم �ض ّد‬
‫"�إ�رسائيل"‪.29‬‬
‫ومل تقت�رص خ�شية طهران مما يح�صل يف غزة على جمرد الإدانة �أو اال�ستنكار‪ ،‬بل �أبدت‬
‫ا�ستعدادها‪ ،‬كما قال الناطق با�سم اخلارجية الإيرانية "للت�شاور مع دول املنطقة‪ ،‬وخ�صو�صا ً‬
‫ال�سعودية و�سورية وم�رص‪ ،‬داعيا ً اجلماعات الفل�سطينية �إىل التوحد وقتال العدو ال�صهيوين‬
‫واحرتام نتائج االنتخابات الدميوقراطية"‪ .‬واتهم �أيا ٍد خفية بالعمل على زيادة التوتر يف املنطقة‪،‬‬
‫من خالل عدم التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وعدم اال�ستجابة ملطالب ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫وفر�ض العقوبات االقت�صادية‪.30‬‬
‫‪ .2‬احل�سم يف غزة‪:‬‬
‫ما �إن حتولت اال�شتباكات املتنقلة واملتقطعة �إىل عملية ع�سكرية وا�سعة‪ ،‬انتهت ب�سيطرة حما�س‬
‫على قطاع غزة‪ ،‬وانفرط على �إثرها عقد حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬حتى "انحازت" �إيران �إىل جانب‬
‫حما�س‪ .‬ومل ي�صدر عن �أي من م�س�ؤوليها‪ ،‬خالفا ً ملواقف حكومات عربية‪ ،‬ما ي�شري �إىل �إلقاء تبعة ما‬
‫ح�صل على احلركة‪ .‬لكن امل�س�ؤولني الإيرانيني حتدثوا كثريا ً عن الوحدة الوطنية يف مواجهة العدو‬
‫ال�صهيوين‪ .‬وحاولت �إيران بعد �سيطرة حما�س على القطاع مبا�رشة‪ ،‬الإ�سهام يف احتواء تداعيات‬
‫ما ح�صل عرب الدعوة �إىل احلوار‪ .‬فجاء بعد �أيام قليلة �إىل دم�شق م�ساعد وزير اخلارجية الإيراين‬
‫لل�ش�ؤون العربية والإفريقية‪ ،‬حممد ر�ضا باقري ‪( Mohammad Reda Baqeri‬ال�سفري ال�سابق‬
‫يف �سورية)‪ ،‬و�أجرى �سل�سلة لقاءات مع قادة املنظمات الفل�سطينية‪� ،‬شملت وفودا ً من حما�س‪،‬‬
‫واجلبهة ال�شعبية‪ ،‬واجلبهة الدميوقراطية‪ ،‬واجلبهة ال�شعبية ‪ -‬القيادة العامة‪ ،‬وممثل منظمة‬
‫التحرير الفل�سطينية يف بريوت عبا�س زكي‪ .31‬و�أو�ضح ع�ضو املكتب ال�سيا�سي حلما�س حممد ن�رص‬
‫�أن باقري "متفهم ملوقف احلركة"‪ ،‬و�أن ما �أو�صل الأمور �إىل هذا احل ّد هو "الرف�ض امل�ستمر لنتائج‬
‫االنتخابات وفر�ض احل�صار على ال�شعب الفل�سطيني"‪ .‬و�أكد باقري خالل اللقاء "�أن طهران مع‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬و�رضورة توحيد ال�صفوف ملواجهة االحتالل‪ ... ،‬و�أن بالده تقف �إىل جانب الكفاح‬
‫العادل لل�شعب الفل�سطيني"‪.32‬‬

‫‪217‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫تعر�ضت �إيران بعد ما جرى يف غزة التهام مبا�رش من اخلارجية امل�رصية بامل�س�ؤولية عن ما‬
‫فعلته حما�س‪ .‬وهذا ميثل بح�سب ما ر�أى وزير اخلارجية امل�رصي �أحمد �أبو الغيط "تهديدا ً للأمن‬
‫القومي امل�رصي؛ لأن غزة على مرمى حجر من م�رص"‪ .33‬وقد نفى باقري يف لقائه مع الف�صائل يف‬
‫دم�شق هذا االتهام‪ ،‬كما نفى ذلك الناطق با�سم اخلارجية الإيرانية حممد علي ح�سيني قائالً‪�" :‬إن‬
‫�إيران �أيدت منذ البداية �إجراء املباحثات بني املجموعات الفل�سطينية‪� ،‬أي بني حما�س وفتح‪ ،‬و�ساندت‬
‫اتفاق مكة‪ .‬و�إن طهران دعمت ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية يف فل�سطني"‪ .‬واتهم املتحدث با�سم‬
‫اخلارجية الإيرانية الواليات املتحدة و"�إ�رسائيل" بالدور الرئي�سي يف اال�شتباكات بني الفل�سطينيني‪،‬‬
‫معتربا ً �أنه من امل�ؤ�سف �أن بع�ض الدول العربية "تتجاهل هذا املو�ضوع وتوجه االتهام �إىل الدولة‬
‫تعب عن �أف�ضل املواقف ب�ش�أن الق�ضية الفل�سطينية"‪.34‬‬‫التي رّ‬
‫�إيران �أي�ضا ً �أطلقت مواقف خمتلفة ت�ؤكد دعمها حلكومة هنية‪ ،‬تارة عرب احرتام نتائج االنتخابات‬
‫رض ب�أهداف الفل�سطينيني الثورية"‪35‬؛ وتارة‬‫الدميوقراطية‪ ،‬ورف�ض االقتتال الداخلي "الذي ي� ّ‬
‫�أخرى بالت�رصيح‪ ،‬كما قال نائب وزير اخلارجية الإيراين مهدي م�صطفوي ‪Mehdi Mostafavi‬‬
‫"�إن ت�شكيل حكومة طوارئ فل�سطينية خمالف للدميوقراطية‪ ،‬ويزيد من حدة التوتر ال�سيا�سي يف‬
‫فل�سطني املحتلة"‪.36‬‬
‫كما ذهب الرئي�س الإيراين �أحمدي جناد �إىل ح ّد و�صف حكومة الطوارئ بـ"املرتهنة"‪ ،‬كما نقلت‬
‫وكالة الأنباء الإيرانية‪ ،‬معتربا ً "�أن الدول العظمى هي التي �أقالت احلكومة التي اختارها ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�شكلت هذه احلكومة املرتهنة"‪ .‬و�أ�ضاف "�أن عهد ترهيب الدول و�إذاللها قد وىل‪،‬‬
‫وال تظنوا �أنه يف �إمكانكم االجتماع يف مدينة واتخاذ قرار والقول ب�أن ملف الق�ضية الفل�سطينية قد‬
‫�أُغلق"‪ .37‬لكن �إيران وعلى الرغم من انحيازها �إىل حكومة حما�س‪ ،‬واتهامها حلكومة الطوارئ‪ ،‬مل‬
‫تتخ َّل عن فكرة الدعوة �إىل احلوار‪ ،‬يف طهران‪ ،‬لو�ضع نهاية للأزمة الفل�سطينية الداخلية‪ ،‬كما �أ�شار �إىل‬
‫ذلك رئي�س جمل�س ال�شورى غالم علي حداد عادل‪ ،Gholamali Haddad Adel‬الذي �أعاد الت�أكيد يف‬
‫الوقت نف�سه على �أن "املعيار الرئي�سي ينبغي �أن يكون �أ�صوات الفل�سطينيني الذين اختاروا حما�س‪،‬‬
‫التي تقود احلكومة ال�رشعية يف الأرا�ضي الفل�سطينية"‪.38‬‬
‫الإ�صالحيون بدورهم �أدلوا بر�أيهم فيما جرى يف غزة ويف احل ّل املقرتح‪ .‬فبعث الرئي�س ال�سابق‬
‫حممد خامتي ‪ ،Mohammad Khatami‬رئي�س م�ؤ�س�سة حوار الثقافات واحل�ضارات‪ ،‬ر�سالتني‬
‫منف�صلتني �إىل الرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬و�إىل رئي�س الوزراء املُقال �إ�سماعيل هنية‪ ،‬دعا فيهما "�إىل ح ّل‬
‫امل�شاكل العالقة عرب احلوار‪ ،‬والتفاهم"‪ .39‬كما �أعلن خامتي ا�ستعداده ال�شخ�صي "للتو�سط بني‬
‫الف�صائل الفل�سطينية لتبديد العراقيل �أمام احلوار"‪ ،‬وذلك بعد اجتماعه يف طهران مع كل من ال�سفري‬
‫الفل�سطيني �صالح الزواوي‪ ،‬وممثل حركة حما�س �أبو �أ�سامة عبد املعطي‪ ،‬حر�صا ً على "نبذ التفرقة‬

‫‪218‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫والتم�سك بالوحدة الفل�سطينية"‪.‬‬


‫وبعد لقائه يف دم�شق عددا ً من قادة الف�صائل الفل�سطينية يف �شكل جماعي وثنائي ّ‬
‫ح�ض الرئي�س‬
‫الإيراين �أحمدي جناد على جتنب اخلالف ونبذ التفرقة‪ ،‬و"�رضورة ح ّل امل�شاكل باحلوار‪ ...‬لأن‬
‫امل�ستفيد الوحيد هو العدو"‪ .‬كما نقل عن الرئي�س الإيراين قوله‪�" :‬إن الدفاع عن املقاومة الفل�سطينية‬
‫من واجبات �إيران‪ ...‬و�إن الفتنة بني حما�س وفتح هي من �صنع �إ�رسائيل"‪.40‬‬
‫وا�ستنادا ً �إىل خلفية املوقف الإيراين املتعاطف مع حركة حما�س‪ ،‬وعلى الرغم من الدعوات �إىل‬
‫امل�صاحلة واحلوار‪ ،‬خ�صو�صا ً يف ظ ّل رف�ض الرئي�س الفل�سطيني هذا احلوار قبل العودة �إىل ما قبل‬
‫"االنقالب"‪ ،‬الذي ح�صل يف غزة؛ طالب ال�سفري الإيراين لدى الأمم املتحدة‪ ،‬من�صور ال�صادقي‪ ،‬يف‬
‫كلمته يف اجتماع جمل�س الأمن املخ�ص�ص ملناق�شة ق�ضايا ال�رشق الأو�سط‪ ،‬بالت�صدي جلرائم االحتالل‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬م�شددا ً على �أنه "ال ميكن �شطب حما�س من ال�ساحة ال�سيا�سية‪ ،‬بل �إن املحاوالت التي‬
‫ت�ستهدف حما�س م�آلها �إىل الف�شل"‪.41‬‬
‫ِ‬
‫تكتف ب�إطالق املواقف امل�ؤيدة �أو الداعية �إىل‬ ‫�إال �أن �إيران‪ ،‬ويف حتول الفت يف �سيا�ستها اخلارجية‪ ،‬مل‬
‫احلوار بني الفل�سطينيني‪ ،‬بل �أراد وزير اخلارجية الإيراين منو�شهر متكي ‪Manouchehr Mottaki‬‬
‫�إ�رشاك اجلانب العربي يف حماولة ت�سوية الأزمة‪ .‬فقام باالت�صال ب�أمني عام جامعة الدول العربية‬
‫عمرو مو�سى‪ ،‬داعيا ً اجلامعة �إىل "�إبداء التحرك الالزم يف هذا الإطار"‪ .‬ونقلت اخلارجية الإيرانية يف‬
‫بيانها "�أن مو�سى �أبلغ متكي �أنه على ات�صال مع الف�صيلني الفل�سطينيني فتح وحما�س حلثهما على‬
‫احلوار"‪ .42‬كما وحر�ص وزير اخلارجية الإيراين على نفي تورط بالده يف هذه الأحداث‪ ،‬متمنيا ً‬
‫على مو�سى "�رضورة �إبالغ هذا املوقف �إىل الدول الأع�ضاء يف اجلامعة العربية"‪.43‬‬
‫يف هذه الأثناء مل يتوقف الرئي�س الإيراين �أحمدي جناد عن �إطالق الت�رصيحات واملواقف يف‬
‫خمتلف املنا�سبات‪� ،‬ض ّد الكيان ال�صهيوين‪" ،‬حامل لواء العدوان واالحتالل‪ ،‬وهو لواء ال�شيطان‪...‬‬
‫ويف طريقه لالنهيار والزوال"‪ ،44‬و�أنه "ال ميكنه �أن يوا�صل حياته"‪ ،45‬وتعهد بـ"موا�صلة الكفاح‬
‫حتى حترير كامل فل�سطني‪ ،‬وتكرار طرح الت�سا�ؤالت ب�ش�أن حمرقة اليهود"‪ .46‬وطالب جناد الأمم‬
‫املتحدة بالت�صدي جلرائم الكيان ال�صهيوين �ض ّد الفل�سطينيني‪ ،‬والبحث عن حلول لعودة الالجئني‬
‫من دون �رشوط م�سبقة �إىل ديارهم‪ ،‬و�إجراء انتخابات حرة مب�شاركة الفل�سطينيني كافة‪ ،‬مبن‬
‫فيهم امل�سلمون وامل�سيحيون واليهود لتقرير م�صري وم�ستقبل بلدهم ال�سيا�سي‪ .47‬كما دعا جناد‬
‫الإ�رسائيليني �إىل "البحث عن مكان �آخر غري الأرا�ضي الفل�سطينية"‪.48‬‬
‫جه االتهام �إىل �إيران ب�أنها عر�ضت على الواليات املتحدة منذ �سنة ‪2003‬‬
‫ويف هذه الأثناء �أي�ضاً‪ُ ،‬و ِّ‬
‫(فرتة حكم الإ�صالحيني) وقف م�ساعدتها �إىل حزب اهلل و�إىل حركة حما�س‪ .‬ففي تقرير لتلفزيون الـ"بي‬
‫بي �سي" الربيطاين �أُ�شري �إىل �أن �إيران اقرتحت يف ر�سالة �رسية �إىل الإدارة الأمريكية‪ ،‬عرب املمثلية‬
‫‪219‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ال�سوي�رسية يف طهران‪ ،‬قبول املبادرة العربية لل�سالم‪ ،‬و�إقناع حما�س وحزب اهلل بوقف العمليات‬
‫�ض ّد املدنيني يف "�إ�رسائيل"؛ مقابل �إبطال الواليات املتحدة لكل العقوبات �ض ّد �إيران‪ ،‬واالعرتاف‬
‫بحقها يف امتالك تكنولوجيا نووية وبيولوجية وكيميائية �سلمية بدون قيود‪ ،‬واالعرتاف مب�صالح‬
‫�إيران امل�رشوعة يف املنطقة‪ ... ،‬والتوقف عن حماوالت الإطاحة بالنظام‪ .‬وهذا ما �أطلقت عليه بع�ض‬
‫امل�صادر الأمريكية "ال�صفقة الكربى"‪ ،‬التي عر�ض تفا�صيلها يف نهاية �شهر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب‬
‫‪ 2007‬برنامج فرونت الين الأمريكي ‪ ،FRONTLINE‬وذكر فيها �أن مت�شددي الإدارة (خ�صو�صا ً‬
‫ديك ت�شيني ‪ )Dick Cheney‬رف�ضوه يف ذلك الوقت‪.49‬‬
‫يف مقابل هذه االتهامات �أكدت �إيران بل�سان �أحد امل�س�ؤولني يف وزارة اخلارجية "�أنها مل تقدم �أي‬
‫عر�ض ب�إنهاء تعاونها مع حزب اهلل وحركة حما�س"‪ ،‬كما قال حممد تاجيك ‪Mohammad Tajik‬‬
‫ع�ضو جلنة الدفاع يف الربملان الإيراين �إن تقرير الـ"بي بي �سي" ال يخلو من الأوهام؛ "لأننا ال ميكن‬
‫�أن نتنازل عن قيمنا وثوابتنا‪ ...‬و�إن امل�ساعدات التي تقدمها �إيران لتلك احلركات ال تبغي من ورائها‬
‫�إال م�صلحة واحدة هي م�صلحة الإ�سالم"‪.50‬‬
‫‪ .3‬م�ؤمتر �أنابولي�س لل�سالم‪:‬‬
‫�أطلقت �إيران �سل�سلة من املواقف والت�رصيحات‪ ،‬وبل�سان �أكرث من م�س�ؤول من املواقع كافة‪� ،‬ض ّد‬
‫هذا امل�ؤمتر الذي ُع ِقد يف الواليات املتحدة قبيل ان�رصام العام ‪ .2007‬وتالقت هذه املواقف عند توقع‬
‫"الف�شل املحتوم" لهذا امل�ؤمتر‪ .‬و"عدم فائدته لل�شعب الفل�سطيني"‪ ،‬و"دعمه لل�صهاينة املحتلني"‪.‬‬
‫و�إذا كانت طهران ترف�ض االعرتاف "بالكيان ال�صهيوين" وي�ؤكد رئي�سها منذ جميئه على حتمية‬
‫زوال هذا الكيان‪ ،‬فمن الطبيعي �أال يلقى هذا امل�ؤمتر‪ ،‬الذي �سيجتمع فيه العرب على طاولة واحدة‬
‫مع الإ�رسائيليني‪� ،‬أي ترحيب من العا�صمة الإيرانية‪ .‬وقد �سبق لإيران �أن �أعلنت رف�ضها "املبادرة‬
‫العربية لل�سالم"؛ لأنها تعرتف يف جوهرها بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬وتدعو �إىل التطبيع معها‪.‬‬
‫يف مطلع �شهر �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2007‬ويف �أثناء زيارة الرئي�س الإيراين �إىل اململكة ال�سعودية‪،‬‬
‫ا�ضطرت الأجهزة الإيرانية املعنية �إىل نفي ت�أييد �أحمدي جناد للمبادرة العربية لل�سالم‪ ،‬بعدما‬
‫تردد �أنه وافق عليها بح�سب وكالة الأنباء ال�سعودية "لأنها ّ‬
‫تن�ص على تطبيع العالقات مع �إ�رسائيل‬
‫مقابل ان�سحابها من الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة"‪ .‬ومتيز موقف الرئي�س ال�سابق ها�شمي‬
‫رف�سنجاين يف هذا ال�سياق بدعوته الواليات املتحدة �إىل دور متوازن‪ ،‬والتخلي عن الدعم املطلق‬
‫للحكومة الإ�رسائيلية‪� ،‬إذا �أرادت حتقيق ا�ستقرار يف املنطقة‪ ،‬وح ّل كل الأزمات فيها‪ .‬معتربا ً �أن‬
‫عدم قيام دولة فل�سطينية وعودة الالجئني ت�شكل �أكرب تهديد لل�سالم يف املنطقة‪ .51‬يف حني �أطلق‬
‫الرئي�س �أحمدي جناد مواقف متالحقة �ض ّد "�أنابولي�س" ر�أى فيها "�أن هدف رعاة هذا امل�ؤمتر ربط‬
‫كل الأنظمة العربية بالكيان ال�صهيوين‪ ،‬لكن من �ش�أن احتاد الدول امل�سلمة يف املنطقة �إحباط كل‬

‫‪220‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫هذه املخططات"‪ .52‬و�أبلغ يف ات�صال هاتفي مع العاهل ال�سعودي امللك عبد اهلل "�أنه كان ي�أمل ب�أال‬
‫ي�سجل ا�سم ال�سعودية �ضمن امل�شاركني يف م�ؤمتر �أنابولي�س‪ ،‬و�أنه �أكد �أن الدول العربية يجب �أن‬
‫تتنبه للم�ؤامرات واخلدع ال�صهيونية"‪ .53‬ون�سبت وكالة الأنباء الإيرانية "�إرنا" ‪Islamic Republic‬‬
‫(‪� News Agency (IRNA‬إىل �أحمدي جناد قوله "ما دام مل يح�رض املمثلون احلقيقيون لل�شعب‬
‫الفل�سطيني والف�صائل الفل�سطينية ولن ُيعرتف ب�أقل ما ميكن من احلقوق ومطالب هذا ال�شعب؛ ف�إن‬
‫هذا االجتماع ومئات االجتماعات املماثلة �ستكون غري جمدية"‪.‬‬
‫ودعا الرئي�س الإيراين �إىل �إجراء ا�ستفتاء بني �شعوب الدول العربية امل�شاركة يف هذا امل�ؤمتر لكي‬
‫يعرفوا "هل �شعوبهم كانت ت�ؤيد امل�شاركة يف هذا االجتماع �أم ترف�ضه"‪.54‬‬
‫�أما املر�شد الأعلى للجمهورية الإ�سالمية ال�سيد علي خامنئي ف�أكد بعد اعتباره �أن "الف�شل" هو‬
‫املتوقع من امل�ؤمتر‪� ،‬أن "يقظة ال�شعب الفل�سطيني املرتبطة بيقظة الأمة الإ�سالمية وخا�صة ال�شعب‬
‫الإيراين‪� ،‬ستحول دون حتقيق الأهداف امل�ش�ؤومة للإدارة الأمريكية من هذا امل�ؤمتر"‪.55‬‬
‫هكذا �أجمع امل�س�ؤولون الإيرانيون على �إدانة انعقاد امل�ؤمتر وتوقعوا له الف�شل‪ ،‬ورف�ضوا �أهدافه‬
‫التي لن حتقق �شيئا ً لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ولن جتلب للعرب �سوى االعرتاف بـ"�إ�رسائيل" من دون‬
‫�أن يح�صلوا منها على �أي �شيء �سوى "ا�ستئناف التفاو�ض"!‪.‬‬
‫وتردد �أن �إيران �ستعقد م�ؤمترا ً موازيا ً تدعو �إليه القوى الفل�سطينية الراف�ضة لعملية الت�سوية‬
‫و"�أن قادة الف�صائل �سي�أتون �إىل طهران‪ ،‬و�أن كل الأحزاب الفل�سطينية التي تنا�ضل لتحرير بالدها‬
‫�ست�شارك يف هذا امل�ؤمتر"‪ .56‬لكن ما ح�صل بعد ذلك هو انعقاد م�ؤمتر يف دم�شق ولي�س يف طهران يف‬
‫‪� ،2008/1/23‬ض ّم الف�صائل الفل�سطينية كافة‪ ،‬با�ستثناء حركة فتح ومن ميثل ال�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫وقد ندد خالله املجتمعون بعملية الت�سوية‪ ،‬و�شددوا على خيار املقاومة‪.‬‬
‫بجانب الرف�ض املبدئي مل�ؤمتر �أنابول�س‪ ،‬الذي لن يعني �سوى تطبيع العالقات مع "�إ�رسائيل"؛‬
‫كان لدى �إيران خماوف �إ�ضافية من انعقاده تتجاوز "ال�سالم يف املنطقة" �إىل ا�ستهدافها هي مبا�رشة‪.‬‬
‫فقد كتبت جريدة نيويورك تاميز ‪� The New York Times‬أن الهدف احلقيقي مل�ؤمتر �أنابولي�س‬
‫هو "وقف النفوذ الإقليمي املتزايد لإيران والتطرف الإ�سالمي"‪ .‬ور�أت �أنه على الرغم من الت�شكيك‬
‫الكبري يف قدرة الفل�سطينيني والإ�رسائيليني على التو�صل �إىل اتفاق �سالم نهائي‪ ،‬ف�إن هناك ارتياحا ً‬
‫كبريا ً يف �أو�ساط العديد من الدول العربية امل�شاركة يف امل�ؤمتر؛ لأن الواليات املتحدة عادت �إىل م�سرية‬
‫"املعركة الأكرب والأهم لك�سب عقول امل�سلمني وقلوبهم"‪ .‬ويف الإطار نف�سه نقلت اجلريدة عن �أحد‬
‫م�ست�شاري الفريق الفل�سطيني املفاو�ض قوله "�إن العرب ذهبوا �إىل �أنابولي�س‪ ،‬لي�س لأنهم يحبون‬
‫اليهود �أو حتى الفل�سطينيني‪ ،‬لقد جا�ؤوا لأنهم يحتاجون �إىل حتالف ا�سرتاتيجي مع الواليات‬
‫املتحدة �ض ّد �إيران"‪ .‬اجلريدة نف�سها حتدثت عن "غيوم القلق العميق التي حتوم فوق �أنابولي�س‪،‬‬
‫‪221‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫خوفا ً من بروز �إيران ال�شيعية وغري العربية مع برناجمها النووي وحلفائها الناجحني يف جنوب‬
‫لبنان والعراق والأرا�ضي الفل�سطينية"‪.57‬‬
‫ومن جهته ر�أى الرئي�س الإ�رسائيلي �شمعون برييز �أن امل�شاركة الكبرية للدول العربية يف‬
‫�أنابولي�س‪� ،‬سببها التهديد الذي متثله �إيران للمنطقة‪ .‬و�أكد برييز "�أن �إيران‪ ،‬ب�سيا�ستها املت�شددة‬
‫واملثرية للخوف والتهديد‪ ،‬هي ال�سبب يف ذلك"‪.58‬‬
‫ومل تكن �إيران بطبيعة احلال‪ ،‬متفاجئة من حماوالت حتويل م�ؤمتر �أنابولي�س �إىل "حتالف‬
‫عربي – �أمريكي" �ضدها‪ .‬فقد �سبق ذلك‪ ،‬ومن خالل زيارات امل�س�ؤولني الأمريكيني �إىل املنطقة‪،‬‬
‫تركيز على �أولوية "اخلطر الإيراين" بدالً من اخلطر الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫لكن امل�ؤمتر يريد يف الوقت نف�سه ال�رشوع يف تطبيع العالقات العربية الإ�رسائيلية‪ ،‬فتفقد �إيران‬
‫مربر �سيا�ستها املت�شددة جتاه الق�ضية الفل�سطينية‪ .‬ولهذا ينتقد كرمي �سجاد بور‬
‫‪ Karim Sadjadpour‬يف الـ"هريالد ترببيون" ‪،International Herald Tribune newspaper‬‬
‫يف ‪ ،2007/8/3‬الإعالن الأمريكي عن بيع ما قيمته ‪ 20‬مليار دوالر للحلفاء العرب؛ "ملكافحة هيمنة‬
‫و�سطوة �إيران يف ال�رشق الأو�سط"‪ .‬لأن نفوذ �إيران املتنامي ال يتعلق بقوتها الع�سكرية املثرية �أو‬
‫�إنفاقاتها (تنفق اململكة العربية ال�سعودية �أربع مرات �أكرث من �إيران)‪ .‬و�إمنا يتعلق با�ستخدامها‬
‫للقوة الداعمة للميلي�شيات على امتداد املنطقة لإ�ضعاف وتدمري القوة ال�شديدة للواليات املتحدة‬
‫و"�إ�رسائيل" املتفوقتان ب�شكل هائل‪ ...‬خ�صو�صا ً و�أن النتائج االنتخابية القوية حلما�س يف فل�سطني‪،‬‬
‫والإخوان امل�سلمني يف م�رص‪ ،‬وحزب اهلل يف لبنان‪ ،‬وال�شيعة يف العراق‪ ،...‬جعلت طهران ت�شعر ب�أن‬
‫"�أ�صدقاءها الإ�سالميني قد فازوا مبعركة ك�سب عقول وقلوب املنطقة"‪.59‬‬
‫�إذن ثمة تطابق يف تقديرات مع ِّدي م�ؤمتر �أنابولي�س و�أهدافهم‪ ،‬يف عزل حما�س و�إيران‬
‫يف وقت واحد‪ ،‬حتى يتقدم امل�سار الفل�سطيني – الإ�رسائيلي‪ ،‬وت�شعر الدول العربية مبتانة‬
‫عبت عنه جمموعة الأزمات‬ ‫حتالفها مع الواليات املتحدة يف مواجهة "اخلطر الإيراين"‪ .‬وهذا ما رّ‬
‫الدولية "�إنرتنا�شونال كرايز�س جروب" (‪ International Crisis Group (ICG‬عندما كتبت‪،‬‬
‫يف ‪�" ،2007/11/20‬أن عزل حما�س هو الدافع الرئي�سي خلف عملية �أنابولي�س‪ .‬فالواليات املتحدة‬
‫و�إ�رسائيل وفتح مقتنعون ب�أن م�س�ألتي التقدم الإ�رسائيلي ‪ -‬الفل�سطيني وتهمي�ش الإ�سالميني يجب‬
‫�أن ي�سريا جنبا ً �إىل جنب"‪� .60‬أما هدف �إ�ضعاف حما�س وتهمي�شها‪ ،‬ف�شعرت وا�شنطن �أن ب�إمكانها‬
‫الو�صول �إليه من خالل حتريك ائتالف قوي ي�شمل "�إ�رسائيل" وما ي�سمى بالدول العربية املعتدلة‪.‬‬
‫ويذكر التقرير �أن م�س�ؤوالً رفيعا ً يف الإدارة الأمريكية قال ملجموعة الأزمات‪" :‬نحن بحاجة للرتويج‬
‫مل�سار �سيا�سي بني �إ�رسائيل وال�سلطة الفل�سطينية؛ لأن حما�س ال تهزم ع�سكرياً‪ ،‬و�إمنا �سيا�سيا ً‬
‫‪222‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫فقط"‪ .‬ولعل ما �سيجري الحقا ً يف مطلع العام اجلديد (‪ )2008‬من ح�صار �شديد لقطاع غزة الذي‬
‫ت�سيطر عليه حركة حما�س‪ ،‬ي�ؤكد خطة العزل والتهمي�ش وحتميل احلركة‪ ،‬ومن ي�ساندها (�إيران)‬
‫"يف التطرف"‪ ،‬م�س�ؤولية جتويع ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وعدم تزويده بالوقود يف ظل �شتاء قار�س‪.‬‬
‫خال�صة‪:‬‬
‫ويف الوقت الذي �أيدت فيه �إيران حما�س‪ ،‬ورف�ضت حتميلها م�س�ؤولية ما جرى يف القطاع مل‬
‫ترتدد يف الدعوة �إىل احلوار لنزع فتيل الأزمة بني الفل�سطينيني‪ .‬لكن �إيران كانت حا�سمة يف رف�ضها‬
‫م�ؤمتر �أنابولي�س‪ ،‬الذي ي�ستهدف التطبيع وعزل حما�س‪ ،‬وجعل �إيران خطرا ً بدالً من "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ويف الوقت الذي كانت فيه �إيران تخو�ض "معارك" الدفاع عن "برناجمها النووي ال�سلمي"‪ ،‬ويذهب‬
‫رئي�سها للم�شاركة يف قمة جمل�س التعاون اخلليجي بعد �أيام قليلة على اجتماع �أنابولي�س‪ ،‬لنزع‬
‫�أوهام "اخلطر الإيراين"‪ ،‬مل تتوقف عن دعواتها �إىل ت�أييد "املمثلني احلقيقيني لل�شعب الفل�سطيني"‪.‬‬
‫لأن "�إ�رسائيل" لن تدوم‪ ،‬على ح ّد قول الرئي�س �أحمدي جناد‪.‬‬
‫ك�شفت �أحداث العام ‪� 2007‬أن الواليات املتحدة و"�إ�رسائيل"‪� ،‬ست�ستمران يف حماولة عزل حما�س‬
‫و�إ�ضعافها بالو�سائل الع�سكرية وال�سيا�سية كافة‪ ،‬و�ستحاوالن الأمر نف�سه مع �إيران‪ .‬وال �ش ّك‬
‫�أن حتقيق �أي تقدم �أمريكي – �إ�رسائيلي على واحدة من اجلبهتني �سيكون له تداعيات �سلبية على‬
‫اجلبهة الأخرى‪ .‬لكن تقرير اال�ستخبارات الأمريكية يف نهاية العام ‪ ،2007‬الذي ينفي �ضلوع �إيران‬
‫يف برنامج نووي ع�سكري �رسي‪� ،61‬أبعد عنها‪ ،‬من حيث املبد�أ‪� ،‬شبح ال�رضبة الع�سكرية الأمريكية‬
‫املفرت�ضة‪ .‬وجعل ال�ضغوط عليها والتهديد بالعقوبات �أكرث �صعوبة‪ .‬مما يعني �أن ال�ضغوط �ستذهب‬
‫باجتاه حركة حما�س ب�شك ٍل �أكرث قوة و�شدة‪ .‬وقد بينّ احل�صار ثم ال�رضبات الع�سكرية الالحقة‬
‫�أن الهدف هو �إ�ضعاف حما�س‪ ،‬بعد الف�شل يف �إ�ضعاف حزب اهلل �سنة ‪ ،2006‬على �أمل �أن ت�ستعيد‬
‫وا�شنطن املبادرة يف ال�رشق الأو�سط قبل انتهاء والية الرئي�س بو�ش‪ ،‬وتقدم �إىل حلفائها ما عجزت‬
‫عنه ومل تتمكن منه يف ال�سنوات ال�سابقة (�إ�ضعاف حركات املقاومة واملعار�ضة)‪ .‬لكن ردود الفعل‬
‫ال�شعبية على ح�صار غزة‪ ،‬واقتحام معرب رفح‪ ،‬ثم املواجهة البطولية الع�سكرية يف مطلع �سنة ‪2008‬‬
‫�ستبني �أن م�رشوع احل�صار لي�س بال�سهولة التي يتوقعها البع�ض ويتمناها البع�ض الآخر‪.‬‬
‫يف حني �أن ردود الفعل ال�شعبية الفل�سطينية‪ ،‬والعربية‪ ،‬وحتى الدولية منذ ح�صار غزة يف‬
‫مطلع العام ‪ ،2008‬جعلت "�إ�رسائيل" هي التي ترتاجع عن تهديداتها بح�سب بع�ض املعلقني‬
‫الإ�رسائيليني‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الرئي�س عبا�س ي�صافح رئي�س الوزراء املاليزي‪ ،‬يف �أثناء زيارة له ملاليزيا يف‬
‫‪( .2007/10/20‬رويرتز)‬

‫م�صافحة م�شرتكة بني الرئي�س عبا�س‪ ،‬والرئي�س الرتكي عبد اهلل غول‪ ،‬والرئي�س الإ�رسائيلي‬
‫�شمعون برييز‪ ،‬بعد لقائهم يف الق�رص الرئا�سي يف �أنقرة‪ ،‬يف ‪( .2007/11/13‬رويرتز)‬

‫‪224‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫قدمت �إيران دعما ً قويا ً حلما�س ولتيار املقاومة‪ .‬خالد م�شعل ي�صافح الرئي�س‬
‫الإيراين �أحمدي جناد‪ ،‬يف �أثناء زيارة له لإيران‪ ،‬يف ‪( .2007/3/6‬أ ف ب)‬

‫حاولت إندوني�سيا يف الن�صف الأول من �سنة ‪ 2007‬لعب دور �إيجابي يف ك�رس‬


‫احل�صار ال�سيا�سي واالقت�صادي الغربي �ض ّد احلكومة التي تقودها حما�س‪ .‬وزير‬
‫اخلارجية الإندوني�سي ح�سن ويراجودا‪ ،‬و�إىل جانبه خالد م�شعل ومو�سى �أبو‬
‫مرزوق‪ ،‬يف �صورة التقطت يف دم�شق في ‪( .2007/2/4‬أ ف ب)‬
‫‪225‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ظ ّل الر�أي العام الباك�ستاين دائما ً معاديا ً لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬وم�ؤيدا ً‬


‫للفل�سطينيني والعرب‪� ،‬إال �أن احلكومة واملخابرات الر�سمية‬
‫رابع ًا‪ :‬باك�ستان‬
‫الباك�ستانية �سعت يف ال�سنوات الأخرية لالت�صال بـ"�إ�رسائيل" لأ�سباب عديدة‪ ،‬منها تربيد‬
‫العالقات الإ�رسائيلية مع الهند‪ ،‬والتقرب �إىل اللوبي اليهودي الأمريكي كو�سيلة للتقرب �إىل‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬و�ضمان ا�ستمرار الدعم الأمريكي‪ .‬يف املقابل نقلت "�إ�رسائيل" ر�سائل‬
‫�إىل باك�ستان عرب �أمريكا ب�أنها ال تنوى مهاجمة املن�ش�آت النووية الباك�ستانية‪ ،‬كما قدمت‬
‫باك�ستان تطمينا ً �إىل الدولة العربية ب�أنه ال يجب عليها القلق من الربنامج النووي الباك�ستاين‪،‬‬
‫و�أن باك�ستان لن تنقل التكنولوجيا النووية �إىل دولة �أخرى‪ .62‬يرى البع�ض �أن حتالف باك�ستان‬
‫القوي مع �أمريكا هو الذي يقيها من هجوم �إ�رسائيلي حمتمل على من�ش�آتها النووية‪ .‬وقالت جريدة‬
‫معاريف الإ�رسائيلية‪ ،‬يف �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪� ،2007‬إن "�إ�رسائيل" ترى باك�ستان النووية �أ�شد خطرا ً من‬
‫�إيران النووية‪ ،‬وذلك ب�سبب �إمكانية �سقوط هذا ال�سالح الباك�ستاين يف �أيدي عنا�رص متطرفة‪.63‬‬
‫ال تقت�رص العالقات الباك�ستانية الإ�رسائيلية على اللقاءات ال�سيا�سية بل تعدتها للتن�سيق الأمني‬
‫امل�شرتك؛ ففي كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2007‬ك�شفت جريدة املنار الفل�سطينية عن لقاء بني رئي�س‬
‫الوزراء الإ�رسائيلي �إيهود �أوملرت وبني م�س�ؤول �أمني باك�ستاين يف العا�صمة ال�صينية‪ ،‬و�أكدت املنار‬
‫�أن هذا اللقاء ّ‬
‫مت يف �إطار التعاون والتن�سيق الأمني القائم بني "�إ�رسائيل" وباك�ستان‪.64‬‬
‫يبدو �أن التطورات ال�سيا�سية الباك�ستانية الداخلية انعك�ست على العالقة مع "�إ�رسائيل"؛‬
‫فالتناف�س ال�شديد بني القيادات الباك�ستانية ا�ستُ ِغ ّل يف تطوير العالقة مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬فقد �أعرب‬
‫قادة باك�ستانيون متعاقبون‪ ،‬مثل بينظري بوتو ‪ Benazir Bhutto‬ونواز �رشيف ‪Nawaz Sharif‬‬
‫واجلرنال برويز م�رشف ‪ General Pervez Musharraf‬عن ا�ستعدادهم لالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫و�إقامة عالقات دبلوما�سية معها‪� ،‬إال �أن ر ّد الفعل ال�شديد على ال�شارع الباك�ستاين عقب كل ت�رصيح‬
‫من هذا النوع حال دون ترجمة هذه الأقوال �إىل �أفعال‪.‬‬
‫ويف ظ ّل توقف عملية ال�سالم يف �أثناء ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية الفل�سطينية‪� ،‬أعرب الرئي�س‬
‫مت قبويل كو�سيط حمايد‬ ‫م�رشف عن ا�ستعداده للتو�سط بني "�إ�رسائيل" والفل�سطينيني‪ ،‬وقال "لو ّ‬
‫من جميع الأطراف‪ ،‬فمن امل�ؤكد �أنني �أ�ستطيع �أن �ألعب دورا ً كبريا ً"‪ .‬و�أبدى م�رشف رغبته يف زيارة‬
‫"�إ�رسائيل" واللقاء مع القيادات الإ�رسائيلية‪ .‬وقد قال مارك ريغف ‪ ،Mark Regev‬املتحدث با�سم‬
‫اخلارجية الإ�رسائيلية‪ ،‬ردا ً على هذه الت�رصيحات "نعتقد �أن الدول الإ�سالمية املعتدلة مثل باك�ستان‬
‫ميكن �أن يكون لها دور هام يف تعزيز ال�سالم بال�رشق الأو�سط"‪ .65‬وعلى خلفية دعوة م�رشف‬
‫مت عقد لقاء بني �سفريي "�إ�رسائيل" وباك�ستان الدائمني‬ ‫للو�ساطة بني "�إ�رسائيل" والفل�سطينيني ّ‬
‫لبلديهما يف الأمم املتحدة‪.66‬‬

‫‪226‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫�إال �أن هذا االقرتاح مل يجد قبوالً لدى الطرفني الفل�سطيني والإ�رسائيلي؛ فقد رف�ضت حركتا‬
‫حما�س واجلهاد الإ�سالمي هذه املبادرة من الرئي�س م�رشف‪ ،‬باعتبارها ال تخدم الق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬
‫بل �ستجلب املزيد من الرتاجع للق�ضية الفل�سطينية‪ .‬كما رف�ض رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي �إيهود‬
‫�أوملرت الو�ساطة الباك�ستانية‪.67‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن رئي�سة الوزراء ال�سابقة‪ ،‬بينظري بوتو (التي اغتيلت يف راولبندي يوم‬
‫‪ )2007/11/27‬كانت قد عادت �إىل باك�ستان بعد تطمني �أمريكا و"�إ�رسائيل" ب�أنها �ستقيم عالقات‬
‫دبلوما�سية مع تل �أبيب يف حال و�صولها �إىل احلكم‪ .68‬وقال رئي�س وزراء "�إ�رسائيل" �إيهود �أوملرت‬
‫عقب موتها �إنه كان يرى �أنها �ستكون "ر�أ�س ج�رس للعالقات مع العامل الإ�سالمي"‪ .69‬كما �رصح‬
‫الرئي�س الإ�رسائيلي �شمعون برييز‪� ،‬أنه قد ح�صلت عدة فر�ص التقى فيها بوتو‪ ،‬و�أن بوتو عربت‬
‫يف تلك اللقاءات عن اهتمامها مبا يح�صل يف "�إ�رسائيل"‪ .‬وقال برييز �إن بوتو �أبدت رغبة يف زيارة‬
‫"�إ�رسائيل" عندما تعود �إىل ال�سلطة يف باك�ستان‪ .‬و�أ�ضاف برييز �أن بوتو كانت امر�أة �شجاعة‪ ،‬مل‬
‫تخف �آراءها �أبداً‪ ،‬ومل تعرف اخلوف‪ ،‬وخدمت �شعبها ب�شجاعة‪.70‬‬
‫ِ‬
‫�أما على �صعيد العالقة الباك�ستانية الفل�سطينية؛ فقد ا�ستمرت باك�ستان يف دعوتها لتكاتف‬
‫اجلهود لتوحيد ال�شعب الفل�سطيني‪ .‬كما انتقدت وزارة اخلارجية الباك�ستانية �أحداث غزة التي‬
‫وقعت يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬ور�أت باك�ستان �أن هذا القتال ع َّمق ال ُه ّوة بني فتح وحما�س‪ ،‬وقاد‬
‫�إىل �إعالن الرئي�س حممود عبا�س حالة الطوارئ‪.71‬‬

‫�سعت "�إ�رسائيل" منذ انطالق عملية ال�سالم بني‬


‫الفل�سطينيني والإ�رسائيليني يف نهاية العقد الأخري من‬
‫خام�س ًا‪ :‬دول �إ�سالمية �أخرى‬
‫القرن املا�ضي‪� ،‬إىل بناء ج�سور التعاون بينها وبني العديد من الدول الإ�سالمية‪ .‬وقد حظيت منطقة‬
‫جنوب �رشق �آ�سيا باهتمام الكيان الإ�رسائيلي ومنها �إندوني�سا؛ فقد قام رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي‬
‫�إ�سحق رابني ‪ Yitzhak Rabin‬بزيارة �إندوني�سيا يف ت�رشين الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،721993‬وكان �أول‬
‫رئي�س وزراء �إ�رسائيلي يزور �أكرب دولة �إ�سالمية من حيث عدد ال�سكان‪ .‬وتبادلت �إندوني�سيا‬
‫و"�إ�رسائيل" بعد ذلك الوفود والزيارات؛ حيث زار الرئي�س الإندوني�سي الأ�سبق عبد الرحمن وحيد‬
‫‪�" Abdurrahman Whahid‬إ�رسائيل" يف �سنة ‪ ،1994‬وعني وحيد منذ ذلك الوقت ع�ضوا ً يف املجل�س‬
‫التنفيذي ملعهد بري�س لل�سالم ‪ .The Peres Center for Peace‬ويف �أيلول‪� /‬سبتمرب من العام ‪2000‬‬
‫قام �شمعون برييز بزيارة �رسية �إىل �إندوني�سيا التقى خاللها بوزير اخلارجية الإندوني�سي علوي‬
‫�شهاب ‪ ،Alwi Shihab‬ثم التقى يف اليوم التايل بالرئي�س وحيد‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن هذه الزيارة‬
‫�أتت قبل يوم من زيارة الرئي�س يا�رس عرفات �إىل �إندوني�سيا؛ حيث �صادف تبني �إندوني�سيا املوقف‬

‫‪227‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الإ�رسائيلي فيما كان عالقا ً من ق�ضية القد�س يف املفاو�ضات �آنذاك‪.73‬‬


‫�شهدت �سنة ‪ 2007‬جولة جديدة من الزيارات الإ�رسائيلية �إىل �إندوني�سيا‪ ،‬و�إن كانت لي�ست على‬
‫امل�ستوى الر�سمي‪� ،‬إال �أنها ال تقل �أهمية عن �سابقاتها‪ ،‬ففي ني�سان‪� /‬أبريل ‪� 2007‬شارك وفد من‬
‫الكني�ست الإ�رسائيلي يف اجتماع االحتاد الربملاين الدويل الذي عقد يف �إندوني�سيا‪ ،‬وقد برر املتحدث‬
‫با�سم وزارة اخلارجية الإندوني�سية كري�ستيارتو ليجوو ‪ Kristiarto Legowo‬هذا الأمر بالقول‬
‫"احلكومة الإندوني�سية لي�ست من يدعوهم‪� ،‬إنه االحتاد الربملاين الدويل"‪ .74‬وعلى �إثر ذلك قامت‬
‫منظمات دينية و�أحزاب �سيا�سية �إندوني�سية بتنظيم �سل�سلة فعاليات �شعبية احتجاجا ً على هذه‬
‫الدعوة‪ ،‬وقال رئي�س املجل�س ال�شعبي اال�ست�شاري الدكتور هدايت نور واحد ‪�" Hidayat Nur Wahid‬إن‬
‫دعوة وفد الكني�ست لزيارة �إندوني�سيا‪ ،‬حتى و�إن كان من منظمة دولية ولي�س من جهة �إندوني�سية‪ ،‬يعترب‬
‫ا�ستهتارا ً مب�شاعر ماليني الإندوني�سيني الذين يرف�ضون �إقامة �أي نوع من العالقات مع الكيان‬
‫ال�صهيوين " ‪ .‬من جانبه دعا نائب رئي�س الربملان ا لإندوني�سي �سوترجو �سوريوجورتنو‬
‫‪� Sutarjo Suryoguritno‬إىل فر�ض عزلة دولية على �أع�ضاء الكني�ست الإ�رسائيلي احتجاجا ً‬
‫على ا لأعمال العدوانية التي تنفذها "�إ�رسائيل" �ض ّد الفل�سطينيني‪ ،‬ومن �ضمنها اعتقال رئي�س‬
‫املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني الدكتور عزيز الدويك وزمالئه‪ .75‬و�أمام موجات االحتجاج والرف�ض‬
‫التي قامت يف �إندوني�سيا‪� ،‬ألغى الكني�ست الإ�رسائيلي م�شاركة الوفد يف فعاليات امل�ؤمتر‪ ،‬بحجة‬
‫التكاليف الباهظة املرتتبة على حماية �أع�ضاء الوفد‪.76‬‬
‫ويف منت�صف حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬ا�ست�ضافت جزيرة بايل الإندوني�سية م�ؤمترا ً لزعماء‬
‫دينيني يهدف جزئيا ً للر ّد على م�ؤمتر دعمته �إيران يف �سنة ‪� 2006‬شكك يف حدوث املحرقة اليهودية‪.‬‬
‫�ض ّم امل�ؤمتر الذي عقد حتت رعاية م�ؤ�س�سة "ليب فور �أول" ‪ Lib For All Foundation‬ومقرها‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬و"متحف الت�سامح" (‪ Museum of Tolerance (MOT‬التابع ملركز �سيمون‬
‫ويزنتال (‪ ،Simon Wiesenthal Center (SWC‬زعماء من خمتلف الديانات �إىل جانب ناجني من‬
‫املحرقة‪ .‬وخالل امل�ؤمتر قال الرئي�س الإندوني�سي الأ�سبق عبد الرحمن وحيد‪ ،‬الذي يرعى م�ؤ�س�سة‬
‫"ليب فور �أول" �إن الرئي�س الإيراين حممود �أحمدي جناد‪ ،‬الذي و�صف املحرقة‪ ،‬ب�أنها "�أ�سطورة"‬
‫�إنه يزيف التاريخ‪ ،‬و�أ�ضاف وحيد "لقد زرت متحف حمرقة �أو�شفيتز [‪Auschwitz Holocaust‬‬
‫‪ ]Museum‬و�شاهدت كثريا ً من الأحذية للقتلى يف �أو�شفيتز‪ ،‬لذلك ف�إنني �أعتقد �أن املحرقة قد‬
‫حدثت"‪.77‬‬
‫ويف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2007‬نظم مركز �سيمون ويزنتال برناجما ً لوفد من علماء م�سلمني‬
‫�إندوني�سيني ملدة �أ�سبوع للم�شاركة يف احتفاالت عيد الأنوار اليهودي‪ .‬كما زار الوفد م�ستوطنتي‬
‫�سيديروت ‪ Sderot‬وكريات �شمونة ‪� ،Kiryat Shmona‬إ�ضافة �إىل زيارة حائط الرباق (حائط‬

‫‪228‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫املبكى)‪ .‬وو�صف مدير مركز ويزنتال �أع�ضاء الوفد الذي زار "�إ�رسائيل" ب�أنهم م�سلمون ولكنهم‬
‫لي�سوا متع�صبني‪ ،‬وقال "يجب �أن ال نفرت�ض �أن جميع رجال الدين امل�سلمني هم من �أتباع حركة‬
‫حما�س"‪.78‬‬
‫وعلى �صعيد العالقات الفل�سطينية الإندوني�سية؛ فقد �سعت �إندوني�سيا يف مطلع �سنة ‪ 2007‬لعقد‬
‫م�ؤمتر دويل ت�شارك فيه حركة حما�س‪ ،‬بهدف دفعها �إىل اتخاذ مواقف معتدلة تقرتب من قبول‬
‫ال�رشوط الدولية‪ .‬ويف ‪ 2007/2/4‬التقى وزير اخلارجية الإندوني�سي ح�سن ويراجودا ‪Hassan‬‬
‫‪ Wirajuda‬برئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س يف دم�شق‪ ،‬و�أبلغه ا�ستعداد جاكرتا ال�ست�ضافة‬
‫لقاء لر�أب ال�صدع بني حما�س وفتح‪ .‬كما �أكد ويراجودا على دعم بالده ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪،‬‬
‫واحرتام نتائج االنتخابات‪ ،‬ورف�ض احل�صار‪ ،‬ودعم �إقامة دولة فل�سطينية م�ستقلة‪.79‬‬
‫ومع ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية يف �آذار‪ /‬مار�س ‪� 2007‬أعلنت �إندوني�سيا عن ت�أجيل امل�ؤمتر‬
‫الذي كانت ترجو �إندوني�سيا منه �أن يكون "ج�رسا ً بني حما�س واالحتاد االوروبي والواليات املتحدة‬
‫حتى يكون هناك فهم �أف�ضل حلما�س يف الغرب"‪ .‬وقال وزير خارجية �إندوني�سيا يف م�ؤمتر �صحفي‬
‫بعيد ت�شكيل حكومة الوحدة "حقيقة �إن حما�س فازت يف انتخابات دميوقراطية �أجريت �سلميا ً‬
‫وبنزاهة تظهر �أنه لي�س مبقدور �أحد االنتقا�ص من وجود حما�س"‪ .80‬وفيما يتعلق بالأزمة ال�سيا�سية‬
‫التي ن�شبت بعد ح�سم حركة حما�س يف قطاع غزة‪ ،‬وما ترتب عليه من �إعالن حالة الطوارئ وت�شكيل‬
‫حكومة �إنفاذ حالة الطوارئ‪� ،‬أكدت �إندوني�سيا �أهمية توافق الأطراف الفل�سطينية على �إيجاد خمرج‬
‫للأزمة‪ ،‬م�شرية �إىل �أن الربملان الفل�سطيني مل ي�صادق على حكومة الطوارئ‪.81‬‬
‫�أما يف اجلانب املاليزي‪ ،‬فلم يختلف املوقف العام يف �سنة ‪ ،2007‬حيث �أيدت احلكومة املاليزية‬
‫ت�شكيل حكومة وحدة وطنية فل�سطينية؛ ففي �أثناء زيارة رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س‬
‫ملاليزيا يف ‪ ،2007/3/4‬دعا رئي�س احلكومة املاليزية عبد اهلل بدوي املجتمع الدويل �إىل ت�أييد حكومة‬
‫الوحدة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬كما طالب برفع احل�صار ال�سيا�سي واملايل املفرو�ض على احلكومة‬
‫الفل�سطينية‪ .82‬كما �أكد وزير خارجية ماليزيا �سيد حامد البار ‪ Syed Hamid Albar‬على �أنه ال‬
‫يحقّ لـ"�إ�رسائيل" فر�ض �أي �رشوط للتعامل معها‪ ،‬و�أ�ضاف البار �أنه ينبغى حمل "�إ�رسائيل" على‬
‫قبول هذه احلكومة‪ .83‬كما حذرت ماليزيا �إثر �أحداث حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬حركتي فتح وحما�س‬
‫من �أنّ االقتتال بينهما �سيُ�ض ِعف الدولة الفل�سطينية نف�سها‪ .‬وقال عبد اهلل بدوي "�إ ّنه يف الوقت الذي‬
‫كنّا ن�أمل �أن نرى فيه ر�سوخ الت�ضامن والوحدة بني الفل�سطينيني ملواجهة التح ّديات جتاههم‪� ،‬إذا‬
‫بهم يقتلون بع�ضهم البع�ض"‪ .‬و�أ ّكد بدوي �أ ّنه بدون الت�ضامن والوحدة ف�إنّ الفل�سطينيني �سيكونون‬
‫�ضعفاء ال ي�ستطيعون مواجهة العدو‪.84‬‬

‫‪229‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫بقدر ما كان هناك حالة ا�ستب�شار و�أمل يف العامل الإ�سالمي من اتفاق مكة‪ ،‬بقدر ما كان‬
‫هناك بعد ذلك حالة �إحباط ونفور ب�سبب الفلتان الأمني‪ ،‬ومتزق ال�صف الفل�سطيني‪،‬‬ ‫خامتة‬
‫و�أحداث قطاع غزة‪ .‬ومل تحُ دث �سنة ‪ 2007‬فرقا ً كبريا ً عن ال�سنوات ال�سابقة‪ ،‬يف �سلوك العامل‬
‫الإ�سالمي جتاه ق�ضية فل�سطني‪ .‬وظلت عملية التفاعل مع الق�ضية دون امل�ستوى املطلوب �سيا�سيا ً‬
‫واقت�صاديا ً و�إعالمياً؛ وكان لالنق�سام الفل�سطيني دوره يف تراجع الدعم الر�سمي وال�شعبي‪.‬‬
‫يف �سنة ‪ 2007‬تعاملت حكومة العدالة والتنمية بحذر �أكرب مع ال�ش�أن الفل�سطيني؛ �إذ �إنها كانت‬
‫معنية باجتياز عدد من اال�ستحقاقات الداخلية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها االنتخابات النيابية والرئا�سية‪ .‬ولذلك‬
‫كانت ترغب يف حتييد �أية �ضغوط �أمريكية – �إ�رسائيلية حمتملة �ضدها‪ ،‬من خالل حت�سني العالقات‬
‫معهما �أو على الأقل عدم ا�ستثارة غ�ضبهما‪ .‬وهو ما فتح املجال للجانب الإ�رسائيلي لتطوير عالقاته‬
‫ال�سيا�سية واالقت�صادية والع�سكرية مع تركيا‪ .‬و�شكلت زيارات �أوملرت وبرييز لرتكيا عالمات‬
‫فارقة يف �سنة ‪ ،2007‬خ�صو�صا ً مع �إتاحة الفر�صة للرئي�س الإ�رسائيلي ب�إلقاء كلمة يف الربملان‬
‫الرتكي‪ .‬غري �أن تركيا حاولت �أن توازن ال�صورة‪ ،‬ولو قليالً‪ ،‬من خالل ا�ست�ضافتها غري الر�سمية‬
‫مل�ؤمتر القد�س‪ ،‬ومن خالل اللجنة الرتكية التي حققت يف االنتهاكات الإ�رسائيلية عند باب املغاربة يف‬
‫امل�سجد الأق�صى‪.‬‬
‫وا�ستمرت �إيران يف �سيا�ستها الداعمة حلما�س وحكومتها‪ ،‬وت�أييدها حلكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫وتف ّهمها للح�سم الع�سكري الذي قامت به حما�س يف قطاع غزة‪ .‬غري �أن �إيران حافظت على عالقاتها‬
‫الدبلوما�سية مع الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬ودعت �إىل حل اخلالفات عن طريق احلوار والتفاهم‪ .‬ويف‬
‫الوقت نف�سه رف�ضت م�ؤمتر �أنابولي�س لل�سالم واعتربته حلقة يف �سل�سلة الت�آمر على الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ .‬وبذلك‪ ،‬ان�سجمت �إيران مع نف�سها ومع �سيا�ستها اخلارجية العامة‪ ،‬يف الوقت الذي‬
‫كانت حتاول فيه �أن تواجه بحذر ومهارة التحديات ال�شائكة املتعلقة مبلفها النووي‪ ،‬وبدورها‬
‫الإقليمي خ�صو�صا ً يف العراق واخلليج ولبنان‪.‬‬
‫و�شهدت �سنة ‪ 2007‬تراجعا ً يف االن�شغال الباك�ستاين بال�ش�أن الفل�سطيني‪ ،‬وبرودا ً يف احلما�س‬
‫الر�سمي جتاه تطوير العالقات مع "�إ�رسائيل"؛ وذلك نتيجة االنكفاء الباك�ستاين على ال�ش�أن‬
‫الداخلي املليء باال�ضطرابات‪ ،‬واملن�شغل باال�ستحقاقات االنتخابية‪ ،‬وب�إعادة ترتيب اخلريطة‬
‫ال�سيا�سية الباك�ستانية‪ .‬بينما تقدمت �إندوني�سيا بخطوات �سيا�سية خجولة يف التفاعل مع الق�ضية‬
‫الفل�سطينية مدفوعة بحالة �شعبية يت�صاعد فيها التعاطف مع فل�سطني‪ ،‬ويتزايد فيها نفوذ احلركة‬
‫الإ�سالمية‪ .‬ولعل ذلك كان �سببا ً يف �سعي اخلارجية الإندوني�سية لر�أب ال�صدع بني فتح وحما�س‪،‬‬
‫والقيام مبحاولة مل تنجح يف عقد م�ؤمتر دويل ت�شارك فيه حما�س‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫مل تنجح "�إ�رسائيل" يف حتقيق �أية اخرتاقات حقيقية يف العامل الإ�سالمي؛ لكن الفل�سطينيني‬
‫�أنف�سهم مل ينجحوا �أي�ضا ً يف حتقيق تغيريات حقيقية يف دعم ق�ضيتهم‪ ،‬ويف ف ّك احل�صار عن �شعبهم يف‬
‫الداخل‪ .‬ولعل �أوىل خطوات النجاح الفل�سطيني هو �أن يرتب الفل�سطينيون بيتهم الداخلي ويوحدوا‬
‫�أنف�سهم وجهودهم يف برنامج وطني‪ ،‬ي�ستطيع �أن يتعامل بفعالية مع املخزون اال�سرتاتيجي الهائل‬
‫الذي ميثله العامل الإ�سالمي‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫هوام�ش الف�صل الرابع‬


‫‪ 1‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/1/15 ،‬‬
‫‪ 2‬احلياة‪.2007/1/9 ،‬‬
‫‪ 3‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،2007/1/27 ،‬انظر‪:‬‬
‫=‪http://www.oic-oci.org/oicnew/topic_detail.asp?t_id=213&x_key‬‬
‫‪ 4‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،2007/2/9 ،‬انظر‪:‬‬
‫=‪http://www.oic-oci.org/oicnew/topic_detail.asp?t_id=331&x_key‬‬
‫‪ 5‬عرب ‪ ،2007/3/18 ،48‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=43850‬‬
‫‪ 6‬الد�ستور‪.2007/5/30 ،‬‬
‫‪ 7‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،2007/6/21 ،‬انظر‪:‬‬
‫=‪http://www.oic-oci.org/oicnew/topic_detail.asp?t_id=455&x_key‬‬
‫‪ 8‬اخلليج‪.2007/6/28 ،‬‬
‫‪ 9‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪.2007/9/20 ،‬‬
‫‪ 10‬منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪.2007/8/10 ،‬‬
‫‪ 11‬اخلليج‪.2007/2/25-5 ،‬‬
‫‪ 12‬الأهرام‪.2007/2/23 ،‬‬
‫‪See: Helen Brusilovsky, Summary of Israel’s Foreign Trade by Country – 2007 . 13‬‬
‫‪ 14‬حول زيارة �أوملرت �إىل تركيا‪ ،‬انظر‪ :‬حممد نور الدين‪�" ،‬أوملرت يبد�أ زيارته امل�ؤجلة لرتكيا‪ :‬فل�سطني والطاقة والأرمن‪...‬‬
‫وجثة كوهني"‪ ،‬ال�سفري‪2007/2/15 ،‬؛ وعرب ‪2007/2/15 ،48‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬حممد نور الدين‪" ،‬العبا الكرة �أوملرت‬
‫و�أردوغان يتبادالن الأهداف‪ ...‬واخلدمات‪ "،‬ال�سفري‪.2007/2/17 ،‬‬
‫‪Radikal newspaper, Turkey, 17/2/2007, see: http://www.radikal.com.tr 15‬‬
‫‪Emin Aydin, Report: Israeli Work Risks Destroying Jerusalem’s Islamic Assets, Today’s 16‬‬
‫‪Zaman newspaper,16/11/2007, in:‬‬
‫;‪http://www.todayszaman.com/tz-web/detaylar.do?load=detay&link=127193‬‬
‫وانظر �أي�ضاً‪ :‬عرب ‪2007/12/17 ،48‬؛ وجريدة القد�س العربي‪ ،‬لندن‪.2007/11/30 ،‬‬
‫‪Radikal, 11/11/2007. 17‬‬
‫‪Today's Zaman, 13/11/2007. 18‬‬
‫‪ 19‬عبد اللطيف مهنا‪" ،‬بروفة تركية!‪ "،‬احلقائق‪2007/11/18 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪Today’s Zaman, 14/11/2007; and Haaretz, 13/11/2007.‬‬
‫‪ 20‬حول املعلومات ال�سابقة عن �أنابولي�س انظر‪ :‬حممد نور الدين‪" ،‬تركيا و"�أنابولي�س" بني حما�س باباجان وت�شا�ؤم‬
‫ال�صحافة‪ "،‬ال�سفري‪.2007/11/28 ،‬‬
‫‪Radikal, 28/11/2007.‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪2007/10/24 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪Today’s Zaman, 24/10/2007.‬‬
‫‪ 23‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪ 2007/12/12 ،‬؛ و‪Today's Zaman, 12/12/2007.‬‬
‫‪ 24‬اخلليج‪.2008/1/23 ،‬‬
‫‪ 25‬ال�سفري‪.2008/1/23 ،‬‬
‫‪ 26‬عكاظ‪.2007/2/11 ،‬‬
‫‪ 27‬ال�سفري‪.2007/2/8 ،‬‬
‫‪Time magazine, U.S., 13/3/2007.28‬‬
‫‪ 29‬احلياة‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 30‬احلياة‪.2007/6/18 ،‬‬
‫‪ 31‬ال�سفري‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪232‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والعامل الإ�سالمي‬

‫‪ 32‬احلياة‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 33‬ال�سفري‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 34‬ال�سفري‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 35‬جريدة النهار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 36‬اخلليج‪.2007/6/19 ،‬‬
‫‪ 37‬الد�ستور‪.2007/6/27 ،‬‬
‫‪ 38‬الد�ستور‪.2007/6/27 ،‬‬
‫‪ 39‬اخلليج‪.2007/6/28 ،‬‬
‫‪ 40‬احلياة‪.2007/7/20 ،‬‬
‫‪ 41‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪.2007/8/31 ،‬‬
‫‪ 42‬اخلليج‪.2007/6/29 ،‬‬
‫‪ 43‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/29 ،‬‬
‫‪ 44‬جريدة الر�أي‪ ،‬الكويت‪.2007/8/19 ،‬‬
‫‪� 45‬سي �إن �إن‪.2007/9/13 ،‬‬
‫‪ 46‬احلياة‪.2007/10/6 ،‬‬
‫‪ 47‬اخلليج‪.2007/12/1 ،‬‬
‫‪ 48‬الغد‪.2007/8/5 ،‬‬
‫‪ 49‬انظر‪ :‬بي بي �سي‪ ،2007/1/18 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_6277000/6277327.stm‬‬
‫‪ 50‬البيان‪.2007/1/19 ،‬‬
‫‪ 51‬احلياة‪.2007/5/20 ،‬‬
‫‪ 52‬الر�أي‪ ،‬الكويت‪.2007/11/21 ،‬‬
‫‪ 53‬ال�سفري‪.2007/11/27 ،‬‬
‫‪ 54‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/11/29 ،‬‬
‫‪ 55‬جريدة اللواء‪ ،‬بريوت‪.2007/11/27 ،‬‬
‫‪ 56‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/11/28 ،‬‬
‫‪ 57‬القد�س العربي‪2007/11/29 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪The New York Times newspaper, 28/11/2007:‬‬
‫‪ 58‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/11/28 ،‬‬
‫‪Karim Sadjadpour, "The wrong way to contain Iran," International Hirald Tribune newspaper, 59‬‬
‫‪Paris, 3/8/2007, in: http://www.iht.com/articles/2007/08/03/opinion/edsadja.php‬‬
‫‪International Crisis Group (ICG), The Israeli-Palestinian Conflict: Annapolis and After. 60‬‬
‫لالطالع على الن�ص العربي انظر‪http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=5174&l=6 :‬‬
‫‪Mark Mazzetti, U.S. Finds Iran Halted Its Nuclear Arms Effort in 2003, The New York 61‬‬
‫_?‪Times, 4/12/2007, in: http://www.nytimes.com/2007/12/04/world/middleeast/04intel.html‬‬
‫‪r=2&oref=slogin&oref=slogin; see also: Paul K. Kerr, Nuclear, Biological, and Chemical‬‬
‫‪Weapons and Missiles: Status and Trends, CRS, Report For Congress, 20/2/2008, in:‬‬
‫‪http://fpc.state.gov/documents/organization/101793.pdf‬‬
‫‪� 62‬أحمد الغريب‪" ،‬كيف ترى مراكز الأبحاث الإ�رسائيلية م�ستقبل العالقات بني �إ�سالم �أباد وتل �أبيب؟‪ "،‬ال�سيا�سة‪،‬‬
‫‪.2007/6/18‬‬
‫‪�" 63‬إ�رسائيل تعترب باك�ستان النووية �أ�شد خطرا من �إيران"‪ ،‬النهار‪.2007/8/29 ،‬‬
‫ً‬
‫‪ 64‬جريدة املنار‪ ،‬القد�س‪.2007/1/12 ،‬‬
‫‪ 65‬رويرتز‪.2007/4/21 ،‬‬
‫‪ 66‬الد�ستور‪.2007/4/27 ،‬‬
‫‪ 67‬القد�س العربي‪2007/4/24 ،‬؛ والد�ستور‪.2007/4/27 ،‬‬
‫‪" 68‬بوتو تغري �أمريكا بعالقات مع �إ�رسائيل"‪ ،‬اخلليج‪.2007/12/8 ،‬‬
‫‪�" 69‬أوملرت‪ :‬كنت �أرى يف بوتو ر�أ�س ج�رس للعالقات مع العامل الإ�سالمي"‪ ،‬اخلليج‪.2007/12/29 ،‬‬

‫‪233‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ 70‬عرب ‪.2007/12/27 ،48‬‬


‫‪ 71‬وكالة وفا‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 72‬انظر‪� :‬إ�سالم �أون الين‪ ،1999/12/20 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/alhadath-20-12/alhadath-2.asp‬‬
‫‪� 73‬إ�سالم �أون الين‪ ،2001/1/26 ،‬انظر‪http://hiedge.org/Arabic/news/2001-01/27/article9.shtml :‬‬
‫‪ 74‬الأيام‪ ،‬البحرين‪.2007/4/21 ،‬‬
‫‪ 75‬اجلزيرة نت‪.2007/4/25 ،‬‬
‫‪ 76‬القد�س العربي‪.2007/4/21 ،‬‬
‫‪ 77‬رويرتز‪.2007/4/12 ،‬‬
‫‪� 78‬إيالف‪.2007/12/14 ،‬‬
‫‪ 79‬احلياة‪.2007/2/6 ،‬‬
‫‪ 80‬رويرتز‪.2007/3/26 ،‬‬
‫‪ 81‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪.2007/6/20 ،‬‬
‫‪ 82‬اخلليج‪.2007/3/5 ،‬‬
‫‪ 83‬ال�شـرق‪.2007/3/20 ، ،‬‬
‫‪ 84‬وكالة وفا‪.2007/6/17 ،‬‬

‫‪234‬‬
‫الف�صل اخلام�س‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬


‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫�شكلت الأزمة الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬قبل اتفاق مكة وبعده‪ ،‬وحماوالت بعث احلياة يف‬
‫الت�سوي ��ة ال�سيا�سية بني الفل�سطينيني والإ�رسائيليني �سمتني مركزيتني ل�سنة ‪،2007‬‬
‫مقدمة‬
‫ال�س َمتان الإطار الذي حتركت فيه ال�سيا�سات الدولية جتاه املو�ضوع الفل�سطيني‪� ،‬إذ‬
‫وحددت هاتان ِّ‬
‫ال�س َمتني مبا يتنا�سب مع توجهاتها‪.‬‬
‫عملت القوى الدولية املختلفة على تكييف هاتني ِّ‬
‫وات�سم ��ت �سيا�س ��ات بع� ��ض القوى الدولي ��ة يف توجهاتها املركزي ��ة بالعمل عل ��ى احليلولة دون‬
‫ت�شكي ��ل حكومة وحدة وطني ��ة فل�سطينية يف املرحلة الأوىل (من بداية العام وحتى اتفاق مكة)‪ ،‬وعند‬
‫ت�شكيله ��ا �سعت �إىل �إف�شالها من خالل �إرهاقه ��ا مبطالب خمتلفة وتدخالت من وراء �ستار‪ .‬وبع�ضها‬
‫راح مييز يف املعاملة بني وزير و�آخر‪ ،‬وقام مبقاطعة وزراء حما�س ورئي�س الوزراء نف�سه‪.‬‬
‫و�أ�سهم ��ت ال�سيا�س ��ات الدولي ��ة‪� ،‬إىل جان ��ب عوام ��ل �أخ ��رى‪ ،‬يف ح ��دوث ان�شطار ح ��ا ٍّد يف البنية‬
‫الفل�سطيني ��ة احلكومي ��ة والإقليمي ��ة‪ ،‬ومتثل ذل ��ك يف وجود حكومت�ي�ن؛ يف غ ��زة ورام اهلل‪ ،‬وانف�صال‬
‫�إداري ومايل موا ٍز بني ال�ضفة والقطاع‪.‬‬
‫وراحت بع�ض اجلهود الدولية تعمل على ا�ستثمار هذا االن�شطار مبا يخدم ر�ؤيتها اال�سرتاتيجية‬
‫للمنطق ��ة‪ ،‬وعمل البع� ��ض الآخر (رو�سيا وبع�ض دول العامل الثالث) عل ��ى حثّ الأطراف الفل�سطينية‬
‫للعودة �إىل التوحد‪.‬‬
‫وت�شري املعطيات املتاحة �أن قوى ا�ستثمار االن�شطار وتوظيفه لأغرا�ض ا�سرتاتيجية‪ ،‬كانت �أكرث‬
‫ح ��راكا ً وفاعلي ��ة‪ ،‬ولعل الزيارات املتكررة لوزيرة اخلارجية الأمريكي ��ة كوندوليزا راي�س �إىل ال�رشق‬
‫رش على "احلمى الدبلوما�سية" التي تدفع نحو‬
‫الأو�سط‪ ،‬والتي بلغت ثماين زيارات خالل العام‪ ،‬م�ؤ� ٌ‬
‫توظي ��ف ه ��ذا االن�شطار‪ .‬و�أفرزت هذه احلم ��ى الدعوة لعقد م�ؤمتر دويل‪ ،‬وه ��و الهدف الذي مل تكن‬
‫الوالي ��ات املتح ��دة متحم�سة له قبل االن�شطار‪ ،‬كما يت�ضح من الت�رصيح ��ات الأمريكية التي �سن�شري‬
‫�إليها يف ما بعد‪.‬‬
‫ال�س َمتني‪� ،‬سنعمل على تتبع �سيا�سات كل‬
‫ولر�ص ��د التوجهات اال�سرتاتيجية الدولية جتاه هاتني ِّ‬
‫من القوى املركزية يف النظام الدويل نحو كل �سمة لوحدها لرنبط يف نهاية التحليل بينها جميعاً‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫م ��ع بداي ��ة �سن ��ة ‪ 2007‬كان ��ت الوالي ��ات املتح ��دة يف و�ض ٍع غري‬
‫مري ��ح يف منطق ��ة ال��ش�رق الأو�س ��ط؛ فف�ض�ل ً‬
‫�ا ع ��ن ورطته ��ا يف‬
‫�أو ًال‪ :‬الواليات املتحدة‬
‫امل�ستنقع�ي�ن العراق ��ي والأفغ ��اين‪ ،‬كان حليفها الإ�رسائيلي يع ��اين اهتزازات عميق ��ة ب�سبب خ�سائره‬
‫الكبرية وجتربته املريرة يف حرب متوز‪ /‬يوليو ‪� 2006‬ض ّد لبنان‪ .‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬متكنت حكومة‬
‫حما� ��س من ال�صمود بالرغم من احل�ص ��ار الأمريكي الإ�رسائيلي والدويل‪ .‬ومثَّل اتفاق مكة وت�شكيل‬
‫حكوم ��ة وحدة وطنية ف�ش�ل ً‬
‫�ا لل�سيا�سة الأمريكية يف متزيق ال�ص ��ف الفل�سطيني؛ كما مثَّلت ر َّدة فعل‬
‫حما�س على خطة دايتون مفاج�أة للأمريكان‪ ،‬عندما متكنت حما�س من ال�سيطرة على قطاع غزة‪.‬‬

‫غ�ي�ر �أن ال�سيا�س ��ة الأمريكية ا�ستم ��رت يف تكييف نف�سها وتغيري تكتيكاته ��ا يف خط متع ّرج طوال‬
‫�سنة ‪ ،2007‬دون �أن ُتغيرِّ م�سارها العام يف ال�سعي حل�صار حما�س و�إ�سقاطها يف قطاع غزة‪ ،‬ويف دعم‬
‫الرئي�س عبا�س وحكومة فيا�ض وم�سار الت�سوية‪ .‬وقد حاولت الواليات املتحدة خالل �سنة ‪� 2007‬أن‬
‫تهيئ امل�رسح حلربٍ �أو ل�رضبات قوية �ضد �إيران‪ ،‬غري �أن م�سار الأحداث مل يخدمها‪ ،‬خ�صو�صا ً بعد‬
‫�ص ��دور تقرير اال�ستخب ��ارات الأمريكية ب�أن برنامج �إيران الع�سكري الن ��ووي قد توقف منذ �سنة‬
‫‪ .2003‬وهكذا‪ ،‬عانت ال�سيا�سة الأمريكية مع نهاية �سنة ‪ 2007‬من حالة فقدان اجتاه‪ ،‬ولو م�ؤقتة‪ ،‬يف‬
‫الوقت الذي عادت فيه للرتكيز على حماولة �إجناح م�سار الت�سوية الفل�سطيني ‪ -‬الإ�رسائيلي‪.‬‬

‫يرتكز التوجه اال�سرتاتيجي الأمريكي يف �أبعاده املركزية‪ ،‬نحو املو�ضوع الفل�سطيني‪ ،‬على ثالثة‬
‫حماور‪:‬‬

‫املحور الأول‪:‬‬
‫ت�شكي ��ل �سلط ��ة فل�سطينية يف ال�ضف ��ة الغربية وقطاع غزة تقب ��ل باملبادئ العام ��ة التي ت�شرتطها‬
‫اللجنة الرباعية الدولية (الواليات املتحدة‪ ،‬واالحتاد الأوروبي‪ ،‬ورو�سيا‪ ،‬والأمم املتحدة)‪ ،‬واملتمثلة‬
‫يف االع�ت�راف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ووقف املقاومة امل�سلحة‪ ،‬والقب ��ول بالتفاو�ض الثنائي مع الدولة العربية‬
‫حول مو�ضوع الالجئني و�أرا�ضي ‪ 1967‬والقد�س‪ ،‬بعيدا ً عن الت�شبث بالقرارات الدولية ذات ال�صلة‬
‫بهذه املو�ضوعات‪.‬‬

‫ول�ضمان حتقيق هذا الهدف‪ ،‬عملت الواليات املتحدة على عرقلة ت�شكيل �أو تطوير حكومة وحدة‬
‫وطني ��ة ت�ض ��م �أي�ضا ً القوى املطالب ��ة بالت�سوية عل ��ى �أ�سا�س القرارات الدولي ��ة واملبادرة العربية‬
‫(م�صطف ��ى الربغوث ��ي مث�ل ً‬
‫�ا) �أو ت�ضم قوى متحفظة عل ��ى اتفاق �أو�سلو وخريط ��ة الطريق و�رشوط‬

‫‪238‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫الرباعي ��ة (اجلبه ��ة ال�شعبية مثالً)‪ .‬وقد ك�شف الرئي�س الأمريكي ال�سابق جيمي كارتر عن ذلك بقوله‬
‫"�إن ال�سبب يف مت�سك اللجنة الرباعية واملجتمع الدويل بح�صار الفل�سطينيني‪ ،‬يعود للرغبة الأمريكية‬
‫يف �إ�سقاط حركة حما�س"‪ ،1‬كما عملت الواليات املتحدة على ا�ستمرار ال�ضغط باجتاه ت�شكيل �سلطة‬
‫فل�سطيني ��ة ذات موا�صف ��ات معين ��ة‪ ،‬تقب ��ل مبا �أ�رشنا ل ��ه �سابقاً‪ ،‬وهو م ��ا يت�ضح جلي� �ا ً يف املمار�سات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬الرب ��ط الوا�ضح بني تقدمي امل�ساعدات املالية للفل�سطينيني وحجبها‪ ،‬وفقا ً لل�سلوك ال�سيا�سي‬
‫للحكوم ��ة الفل�سطيني ��ة‪ .‬فكلما تقاربت حركتا حما�س وفتح‪ ،‬تل ��وح الواليات املتحدة بتجميد‬
‫امل�ساع ��دات‪ ،‬ومثال ذلك جتمي ��د الكوجنر�س حتويل ‪ 86‬ملي ��ون دوالر للرئا�سة الفل�سطينية‬
‫بع ��د اتفاق مكة‪ ،2‬والع ��ودة ال�ستئناف امل�ساع ��دات مبجرد التباعد ب�ي�ن احلركتني‪ ،‬كما حدث‬
‫بع ��د "�أزم ��ة ال�صالحيات وال�رشعية" يف غ ��زة يف حزيران‪ /‬يوني ��و ‪� ،2007‬إذ �أعلنت احلكومة‬
‫الأمريكي ��ة من خالل قن�صلها العام يف القد�س‪ ،‬جاكوب واال� ��س‪ ،‬وبعد �أقل من �أربعة �أيام من‬
‫الأزم ��ة‪� ،‬أن الواليات املتحدة �سرتفع احل�صار عن احلكومة اجلديدة التي �سي�شكلها الرئي�س‬
‫الفل�سطين ��ي حمم ��ود عبا�س بعد الأزم ��ة‪ ،‬وهو القرار الذي نفذته الوالي ��ات املتحدة فعالً بعد‬
‫ثالث ��ة �أيام‪ .3‬و�سبق ذل ��ك ت�أييد فوري من وزي ��رة اخلارجية الأمريكي ��ة‪ ،‬كوندوليزا راي�س‪،‬‬
‫حلال ��ة الطوارئ التي �أعلنه ��ا عبا�س بعد "�أزم ��ة ال�صالحيات وال�رشعي ��ة" يف غزة‪ ،‬والإعالن‬
‫الف ��وري م ��ن الوالي ��ات املتحدة باعرتافه ��ا ب�رشعي ��ة حكومة �س�ل�ام فيا�ض‪ ،4‬الت ��ي ت�شكلت‬
‫كحكومة طوارئ ثم حولت �إىل حكومة ت�سيري �أعمال ثم راحت تت�رصف كما لو كانت حكومة‬
‫�رشعي ��ة نالت ثق ��ة املجل�س الت�رشيعي كما يق�ض ��ي النظام الداخلي املعدل‪ ،‬ث ��م تال ذلك تبني‬
‫الوالي ��ات املتح ��دة يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ 2007‬املوقف الإ�رسائيل ��ي اخلا�ص باعتبار قطاع غزة‬
‫"كيانا ً معاديا ً"‪.5‬‬
‫�إن امل�ساع ��دات الأمريكية متثل �إحدى �أدوات التدخل الرئي�سية يف �إعداد م�رسح التفاو�ض‬
‫الفل�سطين ��ي الإ�رسائيل ��ي‪� ،‬إذ تعمل الواليات املتح ��دة من خالل هذه امل�ساع ��دات على تدعيم‬
‫ط ��رف فل�سطين ��ي حم ��دد‪ ،‬يب ��دي ا�ستع ��دادا ً متوا�ص�ل ً‬
‫�ا لال�ستجاب ��ة التدريجي ��ة والرتاكمية‬
‫للت�ص ��ورات الأمريكي ��ة اخلا�صة بالت�سوية من ناحية‪ ،‬وحتجب ه ��ذه امل�ساعدات عن �أطراف‬
‫فل�سطينية �أخرى مبقدار ترددها يف اال�ستجابة للت�صورات الأمريكية من ناحية �أخرى‪ .‬وقد‬
‫ا�ستخدم ��ت ه ��ذا بداية �ضد يا��س�ر عرفات ثم �ضد حكوم ��ة حما� ��س الأوىل وحكومة الوحدة‬
‫الوطني ��ة‪ .‬والآن ت�ستخدم ��ه لدعم حكومة �سالم فيا�ض‪ ،‬وعملي� �ا ً يف ال�ضغط على فتح وحتى‬

‫‪239‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫حممود عبا�س نف�سه وذلك حني جتعل امل�ساعدات من خالل �سالم فيا�ض‪.‬‬
‫وم ��ن الوا�ض ��ح �أن الط ��رف الأمريك ��ي ي ��درك عم ��ق الأزم ��ة االقت�صادي ��ة يف املجتم ��ع‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬وي�سعى لتوظيف هذه الأزمة توظيفا ً �سيا�سياً‪� ،‬إذ يقدم امل�ساعدات لطرف معني‬
‫(وه ��و حركة فت ��ح حتديداً‪ ،‬وعرب الرئي�س عبا� ��س)؛ لي�ساعدها على توظي ��ف هذه امل�ساعدات‬
‫لتو�سي ��ع قاعدتها ال�شعبي ��ة‪ ،‬وت�ضييق اخلناق على حركة حما�س ب�ش ��كل �أ�سا�سي‪ .‬وقد عرب‬
‫مارك هيلربن ‪ Mark Helprin‬من معهد كلريمونت الأمريكي ‪The Claremont Institute‬‬
‫ع ��ن ذل ��ك بقوله "�إن تق ��دمي امل�ساعدات من ِقبَل الوالي ��ات املتحدة لل�ضفة الغربي ��ة لإنعا�شها؛‬
‫�سي� ��ؤدي �إىل انق�ل�اب �سكان غزة �ض ّد حما�س"‪ .6‬فيكون ذلك مقدم ��ة لإ�ضفاء �صفة ال�رشعية‬
‫عل ��ى �أي اتفاق تتمخ�ض عنه املفاو�ضات الفل�سطينية الإ�رسائيلية‪ ،‬التي �ستلي امل�ؤمتر الدويل‬
‫ال ��ذي عق ��د يف �أنابولي� ��س يف نهاية ع ��ام ‪ .2007‬ويجب الإ�ش ��ارة �إىل ال�ضغ ��وط التي مور�ست‬
‫عربي� �اً‪ ،‬وحتى من خالل بع� ��ض الدول‪ ،‬ملنع تقدمي �أية م�ساعدات لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ولي�س‬
‫مت رفع احل�صار عربيا ً ملا كان ��ت امل�ساعدات الأمريكية م�ؤثرة‪.‬‬
‫حلما� ��س �أو اجلهاد فقط‪ .‬ولو ّ‬
‫علم� �ا ً �أن كل التقديرات الت ��ي اعتربت �أن حما�رصة قطاع غزة‪� ،‬ستقل ��ب ال�سكان �ض ّد حما�س‬
‫كانت وهمية وخاطئة‪.‬‬
‫و�ضم ��ن هذا ال�سي ��اق لتوظيف البعد املايل توظيف� �ا ً �سيا�سيا ً ميكن فه ��م �إعالن اخلارجية‬
‫الأمريكي ��ة ع ��ن مكاف�أة مقدارها خم�س ��ة ماليني دوالر‪ ،‬ملن يقب�ض عل ��ى الأمني العام للجهاد‬
‫الفل�سطين ��ي رم�ضان �شلح‪ ،7‬وا�ستمرار جتميد الأر�ص ��دة املالية حلركة اجلهاد الإ�سالمي‪،8‬‬
‫على اعتبار �أنها حركة تتبنى املقاومة امل�سلحة‪.‬‬
‫يف �آب‪� /‬أغ�سط� ��س ‪� 2007‬أعلنت الواليات املتحدة �أنها �س ��وف تزيد م�ساعدتها الع�سكرية‬
‫لـ"�إ�رسائيل" ب�ستة مليار دوالر خالل ال�سنوات الع�رش القادمة‪ ،‬بحيث ي�صل الدعم الع�سكري‬
‫ال�سن ��وي الأمريك ��ي �إىل ‪ 3.1‬مليار دوالر �سنويا ً �سنة ‪ .2018‬ويح ّل هذا االتفاق اجلديد حمل‬
‫اتف ��اقٍ قدمي كان ق ��د اقرتحه رئي�س ال ��وزراء ال�سابق بنيامني نتنياهو �سن ��ة ‪ ،1998‬ويق�ضي‬
‫ب� ��أن تقوم الواليات املتح ��دة بخف�ض تدريجي مل�ساعداتها االقت�صادي ��ة لـ"�إ�رسائيل" (البالغة‬
‫‪ 1.2‬مليار دوالر �سنوياً) مبعدل ‪ 120‬مليون دوالر �سنوياً‪ ،‬وعلى مدى ع�رش �سنوات ابتداء‬
‫من �سنة ‪2000‬؛ ويف املقابل تكون هناك زيادة �سنوية يف الدعم الع�سكري مقدارها ‪ 60‬مليون‬
‫دوالر للف�ت�رة نف�سه ��ا؛ بحيث ينم ��و الدعم الأمريك ��ي تدريجيا ً من ‪ 1.8‬ملي ��ار دوالر �إىل ‪2.4‬‬
‫مليار دوالر للفرتة نف�سها‪.9‬‬
‫‪240‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫‪� .2‬إ�ضع ��اف اجلبه ��ة الداخلي ��ة الفل�سطينية؛ جلع ��ل املفاو�ضات ت ��دور يف فرتة يك ��ون املفاو�ض‬
‫الفل�سطين ��ي يف �أ�ش ��د حاالت ��ه �ضعف� �اً‪ .‬ولع ��ل م�سل�س ��ل ال�رصاع الدم ��وي بني حما� ��س وفتح‬
‫من ��ذ ‪ ,2006‬والف�ش ��ل يف ت�شكيل حكومة وحدة وطني ��ة‪ ،‬وان�شطار ال�رشعي ��ة الفل�سطينية �إىل‬
‫�رشعيتني يف غزة ورام اهلل‪ ،‬متثل م�ؤ�رشات على تهيئة امل�رسح التفاو�ضي القادم‪.‬‬
‫ولع ��ل التقرير الذي ن�رشته و�سائ ��ل الإعالم املختلفة‪ ،‬والذي تقدم ب ��ه نائب الأمني العام‬
‫للأمم املتحدة ومبعوثه �إىل ال�رشق الأو�سط‪� ،‬ألفارو دي �سوتو‪ ،‬والذي ن�سب فيه �إىل م�س�ؤول‬
‫�أمريك ��ي قوله " �إن الواليات املتحدة معنية مبن ��ع التقارب بني حما�س وفتح‪ ...‬و�إن الواليات‬
‫املتح ��دة �ستحج ��ب م�ساهمته ��ا يف ميزانية الأمم املتحدة م ��ا مل تلت ��زم الأمم املتحدة مبقاطعة‬
‫مالي ��ة لل�سلطة الفل�سطينية املنتخبة"‪ ،10‬ي�ؤكد الرغب ��ة يف تفكيك اجلبهة الداخلية الفل�سطينية‪،‬‬
‫ب ��ل �إن الوالي ��ات املتحدة جمدت م�ساع ��دة ع�سكرية بقيمة ‪ 200‬ملي ��ون دوالر مل�رص �إىل حني‬
‫قيام م�رص "بتدمري �شبكات التهريب بني غزة وم�رص"‪11‬؛ مما يعزز هذا التوجه الأمريكي‪.‬‬
‫وتدع ��م دالئ ��ل هذا التوجه الأمريك ��ي من خالل ما ورد يف بي ��ان م�ساعد وزير اخلارجية‬
‫الأمريك ��ي ل�ش� ��ؤون ال��ش�رق الأدنى ديفي ��د وول�ش‪� ،‬أم ��ام اللجن ��ة الفرعية لل��ش�رق الأو�سط‬
‫وجن ��وب �آ�سيا التابعة للجنة ال�ش�ؤون اخلارجي ��ة يف جمل�س النواب‪ ،‬بتاريخ ‪� ،2007/5/23‬أي‬
‫قبل انفجار �أزمة �أحداث قطاع غزة (ال�صالحيات وال�رشعية الفل�سطينية)؛ حيث قال‪:‬‬
‫�إن امل�س ��ار الثنائي الفل�سطين ��ي الإ�رسائيلي تعرت�ضه حتديات اتف ��اق مكة وت�شكيل‬ ‫ ‬
‫حكوم ��ة وح ��دة وطنية‪ ...‬و�إن عل ��ى الواليات املتح ��دة العمل على دع ��م املعتدلني يف‬
‫خمتل ��ف امل�ؤ�س�سات الأمنية‪ ،‬ويف امل�ؤ�س�سات الر�سمية وغري احلكومية‪ ...‬ويجب �أن‬
‫ترتكز اجلهود يف اجلانب املادي على تقدمي امل�ساعدات لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬دون �أن‬
‫ت�ستفيد منها احلكومة الفل�سطينية التي تقودها حما�س‪.12‬‬

‫ف�أمري ��كا حتارب خ ��ط حما�س املق ��اوم �أوالً‪ ،‬وم�شكلة اتف ��اق مكة �أنه ي�أت ��ي خارج �سياق‬
‫ال�سيا�سات الأمريكية يف املنطقة والتي يحكمها م�سار الت�سوية‪.‬‬
‫ومل تخ � ِ‬
‫�ف وزي ��رة اخلارجية الأمريكية راي� ��س التوجه الأمريكي نح ��و �إ�ضعاف اجلبهة‬
‫الداخلي ��ة الفل�سطينية‪ ،‬وبالتايل �إ�ضعاف املفاو� ��ض الفل�سطيني �إىل �أبعد قدر ممكن‪ .‬فقد قالت‬
‫يف ‪ 2007/10/16‬يف م�ؤمتر �صحفي يف القاهرة "�إن الواليات املتحدة تعار�ض احلوار بني فتح‬
‫وحما�س‪ ...‬و�إن حما�س منظمة �إرهابية ال ميكن التعامل معها"‪.13‬‬

‫‪241‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وميك ��ن الإ�ش ��ارة يف هذا اجلان ��ب �إىل الزيارات الثم ��اين التي قامت بها وزي ��رة اخلارجية‬
‫الأمريكي ��ة راي�س �إىل املنطقة خ�ل�ال �سنة ‪ ،2007‬فاملالحظ �أنها قامت بزيارة املنطقة يف �أ�شهر‬
‫كان ��ون الثاين‪ /‬يناير‪ ,‬و�شب ��اط‪ /‬فرباير‪ ,‬و�آذار‪ /‬مار�س‪ ,‬وني�س ��ان‪� /‬أبريل على التوايل‪ ،‬ثم‬
‫انقطعت عن زيارة املنطقة خالل �أ�شهر �أيار‪ /‬مايو ‪,‬وحزيران‪ /‬يونيو‪ ،‬وهما ال�شهران اللذان‬
‫ا�ستعرت فيهما الأزمة الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬وانتهت باالن�شطار احلكومي‪ ،‬ومن املعلوم �أن‬
‫من�س ��ق ال�ش�ؤون الأمنية ب�ي�ن "�إ�رسائيل" والأرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬كيث دايتون‪ ،‬كان قد تقدم‬
‫بتقري ��ر �صدر ع ��ن وزارة اخلارجية الأمريكية يف ‪ 2007/5/25‬ي�شري فيه �إىل �أن "التيار ي�سري‬
‫�ضد املتطرفني املت�شددين يف غزة"‪.14‬‬
‫بع ��د ذلك بد�أت راي�س بالعودة للمنطقة منذ ‪ 30‬متوز‪ /‬يوليو‪ ،‬و�آب‪� /‬أغ�سط�س‪ ,‬و�أيلول‪/‬‬
‫�سبتم�ب�ر‪ ,‬وت�رشي ��ن الأول‪� /‬أكتوب ��ر عل ��ى التوايل حل�ش ��د الت�أييد حلكومة عبا� ��س يف رام اهلل‪،‬‬
‫مت يف ‪ 27‬ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب‪.‬‬
‫ولعقد امل�ؤمتر الدويل يف �أنابولي�س‪ ،‬والذي ّ‬
‫املحور الثاين‪:‬‬
‫تكيي ��ف مب ��ادرة ال�س�ل�ام العربي ��ة ‪ 2002‬ب�شكل يتي ��ح املجال �أمام مزي ��د من اال�ستجاب ��ة العربية‬
‫والفل�سطينية للمطالب الأمريكية والإ�رسائيلية يف الت�سوية ال�سيا�سية‪.‬‬
‫لقد تعاملت الواليات املتحدة مع املبادرة العربية منذ طرحها على �أنها نقطة بداية ال نقطة نهاية‪،‬‬
‫ومن ث َّم فقد كر�ست جهودها الدبلوما�سية نحو تكييف هذه املبادرة ب�شكل يجعلها مقبولة من اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي‪ .‬وذلك بالطلب من العرب اتخاذ خطوات تطبيعية وعدم رهن املوقف بالت�سوية‪.‬‬
‫وارت�أت الدبلوما�سية الأمريكية �أن حتقيق ذلك يجب �أن ي�صحبه �ضغط على املفاو�ض الفل�سطيني‪،‬‬
‫و�إغرائه بكل الو�سائل الدبلوما�سي ��ة والع�سكرية والإعالمية واالقت�صادية الأمريكية والإ�رسائيلية؛‬
‫لتقدمي تنازالت يتكئ عليها العرب ليتقدموا نحو الطرف الإ�رسائيلي �أكرث‪.‬‬
‫�إن ال�ضغ ��ط عل ��ى اجلناح املقاوم يف اجل�سد الفل�سطيني (مب ��ا يف ذلك تيارات معينة داخل فتح) من‬
‫ناحي ��ة‪ ،‬والإغراء للجناح "غري املق ��اوم" يف هذا اجل�سد من ناحية �أخرى‪ ،‬ميك ��ن يف املنظور الأمريكي‬
‫�أن يطل ��ق يد املفاو�ض الفل�سطيني �إىل جانب ال�ضغط على ال ��دول العربية لدعمه ودعم �سالم فيا�ض‪.‬‬
‫وذل ��ك لأهمية حتقي ��ق اتفاق بني �إيهود �أومل ��رت وعبا�س ال�ستخدامه يف خدم ��ة احلزب اجلمهوري يف‬
‫االنتخابات القادمة وحت�سني �صورة بو�ش التي ارتبطت بالإخفاقات‪ .‬كما �أن مثل هذا االتفاق يخدم‬
‫�أومل ��رت ليدخل حت ��ت رايته يف انتخابات �إ�رسائيلية تنقذه من ال�سق ��وط ب�سبب م�س�ؤوليته عن الف�شل‬

‫‪242‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫يف ح ��رب مت ��وز‪ /‬يوليو ‪ 2007‬يف لبن ��ان‪ .‬بالإ�ضاف ��ة �إىل �أن عبا�س بحاجة �إىل مثل ه ��ذا االتفاق لإنقاذ‬
‫خطه ال�سيا�سي‪ .‬كما ميكن �أن يقود �إىل تنازالت تخل�ص الأطراف العربية من كل حرج يف التعامل مع‬
‫"�إ�رسائي ��ل"‪ ،‬متهيدا ً للتقدم نح ��و بناء "�رشق �أو�سط جديد" توظفه الوالي ��ات املتحدة يف مناف�سات �أو‬
‫�رصاعات دولية قادمة على املدى البعيد‪.‬‬
‫ولندلل على هذا التوجه الأمريكي‪ ،‬ن�شري �إىل بيان ديفيد وول�ش م�ساعد وزير اخلارجية الأمريكي‬
‫ل�ش� ��ؤون ال��ش�رق الأدنى‪ ،‬الذي �أ�رشنا له �سابقاً‪ ،‬حيث يقول "من خ�ل�ال مناق�شاتنا مع جلنة املتابعة‬
‫املنبثقة عن اجلامعة العربية‪ ...‬فهمنا �أنه مل يق�صد من املبادرة العربية �أنها اقرتاح ي�ؤخذ كله �أو يرتك‬
‫كله‪ ،‬بل هي جمرد قاعدة للمناق�شة"‪.15‬‬
‫املحور الثالث‪:‬‬
‫عرف املوقف الأمريكي خالل عام ‪ 2007‬حتوالً الفتا ً لالنتباه بخ�صو�ص عقد م�ؤمتر دويل لبحث‬
‫الق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة‪ .‬ففي مطل ��ع عام ‪ 2007‬مل تب ِد احلكوم ��ة الأمريكية حما�س� �ا ً لفكرة عقد م�ؤمتر‬
‫دويل‪ ،‬وهو ما عربت عنه راي�س بقولها‪:‬‬
‫�إن فك ��رة امل�ؤمت ��ر الدويل هي فكرة رمبا تكون يف وقت ما له ��ا فائدة‪ ،‬ولكن من خالل احلديث‬
‫مع الأطراف الفل�سطينية والإ�رسائيلية تو�صلت �إىل �أنهم يريدون �أن ينخرطوا يف املفاو�ضات‬
‫ب�ش ��كل مبا�رش‪ ،‬وال يريدون املجتمع الدويل كمجتمع دويل‪ ،‬وعلينا �أن نكون يف غاية احلر�ص‬
‫بالن�سبة للأمور املظهرية‪ ،‬وعلينا �أن نركز يف اجلهود والعمل الفعلي‪.16‬‬
‫غري �أن املوقف الأمريكي تبدل يف �شهر متوز‪ /‬يوليو‪ ،‬وحتديدا ً يف ‪ ،2007/7/16‬حيث دعا الرئي�س‬
‫الأمريكي جورج بو�ش االبن لعقد م�ؤمتر دويل ت�شارك فيه �أطراف �إقليمية ودولية لبحث امل�شكلة يف‬
‫ال��ش�رق الأو�س ��ط‪ ،‬لكنه �أ�شار �إىل "�أن الوالي ��ات املتحدة م�ستعدة لقيادة املناق�ش ��ات‪ ...‬لكن امل�شكالت‬
‫يجب �أن حتل من قبل الفل�سطينيني والإ�رسائيليني"‪.17‬‬
‫ويبدو �أن التحول يف املوقف الأمريكي كان ناجتا ً عن عدد من العوامل‪:‬‬
‫‪ .1‬اال�ضط ��راب الفل�سطين ��ي الداخل ��ي (متمث�ل ً‬
‫�ا يف العن ��ف الدم ��وي‪ ،‬وانهي ��ار حكوم ��ة الوحدة‬
‫الوطني ��ة‪ ،‬و�أزم ��ة ال�صالحي ��ات وال�رشعية ب�ي�ن ال�ضفة وقطاع غ ��زة‪ ،‬والأزم ��ة االقت�صادية‬
‫اخلانقة‪ ،‬واملزاج ال�شعبي الفل�سطيني املت�أزم)‪.‬‬
‫م ��ن الطبيعي �أن ينعك� ��س الو�ضع الداخل ��ي الفل�سطيني على الق ��درة التفاو�ضية للطرف‬
‫الفل�سطين ��ي‪ ،‬وحي ��ث �إن الو�ض ��ع الفل�سطيني يكاد يكون يف �أ�ضعف حاالت ��ه منذ ‪ ،1967‬ف�إن‬
‫ذل ��ك يوفر الفر�صة الذهبية النت ��زاع �أكرب قدر ممكن من التنازالت‪ ،‬الت ��ي �سيكون املفاو�ض‬
‫الفل�سطيني م�ضطرا ً لتقدميها حتت وط�أة هذه الظروف ال�صعبة‪.‬‬
‫‪243‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وم ��ن املالحظ �أن الدع ��وة الأمريكية لعقد م�ؤمت ��ر �أنابولي� ��س يف ‪ 2007/11/27‬ا�ستهدفت‬
‫التفاو�ض مع الفل�سطينيني قبل متكنهم من العودة لوحدتهم‪ ،‬التي يبدو �أن النخبة ال�سيا�سية‬
‫الأمريكي ��ة تعتق ��د يف معظمها �أنها �ستع ��ود ففي؛ �س�ؤال لـ ‪ 44‬خب�ي�را ً �أمريكيا ً (مثل �صموئيل‬
‫بريغر ‪ ،Samuel Berger‬وبريجن�سكي ‪ ،Zbigniew Brzezinski‬ووارن كري�ستوفر ‪Warren‬‬
‫‪ ،Christopher‬و�إدوارد لتواك ‪ ،Edward Luttwak‬و�أنتوين زيني ‪� ...Anthony Zinni‬إلخ) عن‬
‫احتم ��االت ا�ستمرار االنف�صال بني غزة وال�ضفة الغربية �أج ��اب ‪ %81‬بعودته‪ %45( ،‬قالوا‬
‫ل ��ن ي�ستم ��ر‪ ،‬و‪ %36‬قالوا �إنه �سي�ستمر لفرتة ث ��م ينتهي)‪ ،‬لكن الالفت لالنتب ��اه هو ال�س�ؤال‬
‫اخلا�ص باملوقف الأمريكي من هذا االنف�صال؛ فقد كانت النتائج كالتايل‪:18‬‬
‫• ‪ %50‬طالبوا بالعمل على �إعادة الوحدة‪.‬‬
‫• ‪ %25‬طالب ��وا بالتعام ��ل مع فت ��ح وحما�س كحكومت�ي�ن منف�صلتني‪ ،‬ومب�سان ��دة عبا�س‬
‫وفتح كجهة �رشعية والتعامل مع حما�س كجهة غري �رشعية‪.‬‬
‫• ‪ %16‬طالبوا ب�أن تنتظر احلكومة الأمريكية �إىل �أن ينت�رص �أحد الطرفني‪.‬‬
‫• ‪ %7‬طالبوا مب�ساندة حركة فتح وعزل حما�س‪.‬‬
‫‪ .2‬البيئة الإقليمية‪ :‬رمبا تكون �شبكة العالقات العربية ‪ -‬العربية يف حالتها الراهنة ال تقل �سوءا ً‬
‫عن الو�ضع الفل�سطين ��ي‪ ،‬فالعالقات ال�سورية ‪ -‬ال�سعودية والعالقات ال�سورية ‪ -‬امل�رصية‬
‫�أقرب للمتوت ��رة‪ ،‬والأزمة اللبنانية والعراقية وال�سوداني ��ة وال�صومالية‪ ،‬بل وحتى توترات‬
‫منطق ��ة املغ ��رب العربي (مو�ضوع ال�صح ��راء الغربية‪ ،‬ومو�ضوع �سبتة ومليل ��ة مع �إ�سبانيا‬
‫والت ��ي ع ��ادت للظهور خالل �سن ��ة ‪ )2007‬كلها جتعل املوقف العربي غ�ي�ر قابل للتن�سيق �أو‬
‫الت�أثري‪.‬‬
‫ويغ ��ري مثل ه ��ذا الو�ضع على ا�ستثم ��اره من قبل الواليات املتح ��دة و"�إ�رسائيل" ب�شكل‬
‫خا� ��ص‪ ،‬حي ��ث �سيج ��د املفاو� ��ض الفل�سطين ��ي نف�س ��ه يف ظ ��روف ال ت�سعفه على حتقي ��ق �أية‬
‫�إجنازات �إىل جانب اخلواء يف جبهته الداخلية‪.‬‬

‫‪ .3‬الظ ��روف الداخلي ��ة الأمريكية‪ :‬ي�سع ��ى الرئي�س الأمريك ��ي �إىل حتقيق قدر م ��ن النجاح ُيرممِّ‬
‫ال�شقوق التي �أ�صابت �صورة �إدارته ب�شكل خا�ص‪ ،‬والواليات املتحدة ب�شكل عام‪ ،‬ال �سيما يف‬
‫العراق و�أفغان�ستان‪ ،‬ومواجهة الأزمة املتزايدة ملكانة الدوالر يف االقت�صاد العاملي‪ ،‬و�سل�سلة‬
‫اال�ستقاالت املتالحقة لكبار موظفي هذه الإدارة‪.‬‬
‫وق ��د ع�ب�ر كب�ي�ر موظف ��ي البي ��ت الأبي� ��ض‪ ،‬جو�ش ��وا بولت ��ون ‪ Joshua Bolton‬عن هذا‬
‫الت�ص ��ور بقوله "يريد الرئي�س بو�ش �أن يك ��ون خليفته‪� ،‬أيا ً كان احلزب الذي ينتمي له‪ ،‬قادرا ً‬

‫‪244‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫عل ��ى التواجد الدائم يف ال��ش�رق الأو�سط‪ ،‬و�أن تبقى الواليات املتحدة حمرتمة وقوة لها نفوذ‬
‫يف املنطقة"‪.19‬‬
‫‪ .4‬الرغب ��ة الأمريكي ��ة يف ا�ستثمار رئا�س ��ة توين بلري رئي�س ال ��وزراء الربيط ��اين ال�سابق للجنة‬
‫الدولي ��ة الرباعية‪ ،‬ومن املالحظ �أن ت�رصيحات بلري ت�شري �إىل �أن الواليات املتحدة ت�سعى �إىل‬
‫جع ��ل وظيفة اللجنة الرباعي ��ة حم�صورة يف ال�شق اخلا�ص بامل�ساع ��دات الدولية االقت�صادية‬
‫للفل�سطيني�ي�ن‪ ،‬والت�أكيد على ترك املفاو�ضات ال�سيا�سية ملا يتف ��ق عليه الطرفان الفل�سطيني‬
‫والإ�رسائيل ��ي‪ .‬وهو الأمر ال ��ذي �سينتهي ل�صالح الطرف الإ�رسائيل ��ي بفعل اخللل الكبري يف‬
‫موازين القوى‪.‬‬
‫وقد عك�س ت�رصيح جليم�س وولفن�سون ‪ ،James Wolfensohn‬مبعوث اللجنة الرباعية‬
‫لل�رشق الأو�سط‪ ،‬والذي ترك من�صبه هذا يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 2005‬حدو َد حركة اللجنة الرباعية؛‬
‫فقد ذكر ولفن�سون ب�أنه ترك املن�صب نتيجة "الإحباط من عدم حتقيق تقدم"‪.20‬‬
‫نتيجة لكل هذه العوامل �سعت الواليات املتحدة لعقد م�ؤمتر دويل يف �أنابولي�س بالواليات املتحدة‬
‫يف ‪ ،2007/11/27‬متكن ��ت في ��ه م ��ن ح�ش ��د ح�ض ��ور دويل كبري؛ حيث �ش ��ارك فيه ‪ 44‬دول ��ة من بينها‬
‫ال ��دول دائمة الع�ضوية يف الأمم املتحدة‪ ،‬وعدد من الدول الأوروبية العربية والإ�سالمية‪ ،‬ودول عدم‬
‫االنحياز مثل الهند‪ ،‬وبع�ض الدول الإفريقية ومنها جنوب �إفريقيا‪.‬‬
‫وميكن لنا التوقف �أمام عدد من املالحظات على هذا امل�ؤمتر‪:‬‬
‫مت الإع�ل�ان عنه‪ ،‬لن يكون �أك�ث�ر من ال ��دور امل�ساعد‪ ،‬تاركا ً‬
‫�أوالً‪� :‬إن ال ��دور الأمريك ��ي‪ ،‬وطبق� �ا ً ملا ّ‬
‫النتائج للمفاو�ضات الثنائية بني الطرفني (وهي نتائج حمكومة مبوازين القوى املختلة متاما ً ل�صالح‬
‫الطرف الإ�رسائيلي)‪ ،‬وميكن اال�ستدالل على ذلك مما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬يقول الرئي�س الأمريكي يف خطابه االفتتاحي للم�ؤمتر "�سن�ستخدم قوتنا مل�ساعدتكم عندما‬
‫تقدمون على اتخاذ القرارات ال�رضورية"‪.21‬‬
‫‪ .2‬ورد يف البيان اخلتامي للم�ؤمتر ما ن�صه "الواليات املتحدة �سرتقب وتحَ ْ ُكم (‪monitor and‬‬
‫‪ )judge‬على مدى وفاء الأطراف بالتزاماتهم"‪.22‬‬
‫‪ .3‬ورد يف البيان اخلتامي الن�ص على "�إطالق مفاو�ضات ثنائية للتو�صل �إىل معاهدة �سالم حتل‬
‫كل الق�ضايا العالقة‪ ،‬مبا فيها كافة امل�سائل اجلوهرية دون ا�ستثناء"‪.‬‬
‫‪ .4‬ن� � ّ�ص البي ��ان على "ت�شكيل جلن ��ة ت�سي�ي�ر (‪ ،)Steering Committee‬برئا�س ��ة م�شرتكة من‬
‫الطرفني"‪� ،‬أي دون م�شاركة من الواليات املتحدة‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وذل ��ك يعن ��ي �أن درجة التزام الواليات املتحدة لن تكون بالقدر ال ��ذي �سي�ؤثر من الناحية العملية‬
‫على الطرف الإ�رسائيلي‪ ،‬بل �سيرتك املفاو�ض الفل�سطيني يف مواجهة الطرف الإ�رسائيلي امل�سلح بكل‬
‫�أدوات ال�ضغط ال�سيا�سية والع�سكرية واالقت�صادية والإعالمية‪ ،‬بينما يفتقد الطرف الفل�سطيني كل‬
‫هذه الأدوات مبا فيها املقاومة امل�سلحة‪.‬‬
‫ثاني� �اً‪ :‬يت�ض ��ح من ن�ص البيان اخلتام ��ي �أن الأولوية للخطوات العملية �ستق ��ع على عاتق الطرف‬
‫الفل�سطين ��ي‪� ،‬إذ ي�شري البيان �إىل �أن تنفيذ معاهدة ال�سالم امل�ستقبلية مرهون بتنفيذ خريطة الطريق‪،‬‬
‫ومعل ��وم �أن خريطة الطريق (الت ��ي ُو ِّقعت من قبل اللجنة الرباعية) ت�ستدعي من الطرف الفل�سطيني‬
‫ن�ص عليه‬
‫تفكي ��ك البنية التحتي ��ة ل�شبكات املقاوم ��ة الفل�سطينية‪ ،‬ووق ��ف املقاومة امل�سلحة‪ ،‬وهو م ��ا ّ‬
‫البيان يف �إ�شارته يف فقرته الثانية بعد الديباجة �إىل "مواجهة الإرهاب والتحري�ض"‪.‬‬
‫ثالث� �اً‪� :‬أ�ش ��ار البي ��ان يف مقدمته �إىل �أن الرئي� ��س عبا�س قد �شارك يف امل�ؤمت ��ر "ب�صفته رئي�س اللجنة‬
‫التنفيذية ملنظمة التحرير الفل�سطينية ورئي�س ال�سلطة الفل�سطينية"‪ ،‬وهو ما يعني �إلزاما ً �ضمنيا ً من‬
‫قبله للمنظمات املن�ضوية يف منظمة التحرير بالنتائج وبامل�ؤمتر الدويل‪.‬‬
‫وان�سجام� �ا ً مع توجهات م�ؤمتر �أنابولي�س‪ ،‬عقد م�ؤمت ��ر دويل يف باري�س يف ‪ ،2007/12/17‬لتقدمي‬
‫امل�ساع ��دات االقت�صادي ��ة لل�سلط ��ة الفل�سطينية‪ ،‬وتعه ��د املانحون يف امل�ؤمتر بتق ��دمي ‪ 7.4‬مليار دوالر‬
‫خ�ل�ال ال�سن ��وات الث�ل�اث القادمة (�أي حت ��ى نهاية ‪ .)2010‬وق ��د تعهدت الوالي ��ات املتحدة بدفع‬
‫‪ 555‬ملي ��ون دوالر خ�ل�ال عام ‪ ،2008‬من بينها ‪ 400‬مليون دوالر كان البيت الأبي�ض قد �أعلن عنها‪،‬‬
‫ومل يك ��ن الكوجنر�س قد �صادق عليها بعد‪ .‬غري �أن الالفت للنظر �أن املبالغ التي جرى التعهد بدفعها‬
‫يف م�ؤمت ��ر باري� ��س من قب ��ل امل�شاركني وعدده ��م ‪ 88‬مانحا ً (‪ 68‬دول ��ة و‪ 20‬م�ؤ�س�س ��ة ومنظمة مالية‬
‫ودولي ��ة) �سيت ��م �رصفها حت ��ت مراقبة �صندوق النقد ال ��دويل من ناحية‪" ،‬ويج ��ب �أن يرافق تقدميها‬
‫خطوات نحو ت�سوية دائمة" من ناحية �أخرى‪ ،‬كما �رصح بلري‪.23‬‬
‫ولتقيي ��م نتائج م�ؤمتر �أنابولي�س من وجهة النظ ��ر الأمريكية‪ ،‬نتوقف عند تقييم ر�سمي له و�آخر‬
‫غري ر�سمي من ِقبَل مراكز �أبحاث �أمريكية‪:‬‬
‫‪ . 1‬التقيي ��م الر�سم ��ي‪ :‬اعتربت وزي ��رة اخلارجية الأمريكي ��ة راي�س �أن ح�ضور ع ��دد من الدول‬
‫العربية م�ؤ�رش على امل�ضي خطوة �إىل الأمام يف اجتاه االت�صال بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬وقالت يف مقابلة‬
‫له ��ا مع حمطة �إي بي �سي الأمريكية "�إن دوالً عربية مثل ال�سعودية مل تكن فاعلة يف م�سرية‬
‫ال�سالم‪� ،‬أ�صبحت موجودة فيها"‪.24‬‬
‫‪ .2‬تقيي ��م مراك ��ز الأبح ��اث الأمريكية‪ :25‬يق ��ول �آرون ديفيد ميلل ��ر ‪ Aaron David Miller‬من‬
‫مرك ��ز وودرو ويل�س ��ون ‪" Woodrow Wilson Center‬ل�ست مقتنع� �ا ً ب�أن الأطراف مدركة‬

‫‪246‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫مل ��دى جدية وحج ��م العمل املطلوب لإجناز ما وع ��دوا بالقيام به مع نهاي ��ة والية بو�ش"‪� .‬أما‬
‫ج ��ون �ألرتم ��ان ‪ Jon Alterman‬من مرك ��ز الدرا�سات اال�سرتاتيجي ��ة والدولية ‪Center for‬‬
‫‪ Strategic and International Studies‬ف�ي�رى �أن "لي� ��س ل ��دى الأط ��راف ال الدعم املحلي‬
‫م ��ن �شعوبهم وال ال�سيطرة على حكوماتهم لإجناز �ش ��يء خارق"‪ .‬وي�شري باحث �آخر وهو‬
‫برو� ��س ريدل ‪ Bruce Riedel‬من معهد بروكينج ��ز ‪� Brookings Institute‬إىل مدى التزام‬
‫الوالي ��ات املتحدة للو�صول �إىل نتائج وا�ضحة فيقول "ثمة �ش ّك كبري يف �أن الإدارة الأمريكية‬
‫م�ستع ��دة لالنخراط الكايف لإجن ��از ما تعهدت به"‪ .‬بينما يرى دانيل ليفي‪ Daniel Levy‬من‬
‫امل�ؤ�س�سة الأمريكية اجلديدة ‪� New American Foundation‬أن الرئي�س الأمريكي ا�ستثمر‬
‫"هيبته ب�شكل مل نعتد عليه"‪.‬‬
‫مم ��ا �سب ��ق ميكن �أن ن�صل �إىل �أن التوجه اال�سرتاتيج ��ي الأمريكي خالل عام ‪ 2007‬متحور حول‬
‫املالمح اال�سرتاتيجية التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ت�صفي ��ة املقاوم ��ة الفل�سطيني ��ة امل�سلح ��ة وتدعي ��م تي ��ار الت�سوي ��ة ال�سيا�سي ��ة يف ال�ساح ��ة‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪ .2‬ال�ضغ ��ط على الدول العربية لدعم املفاو�ضات الثنائية ولت�أييد عبا�س وفيا�ض وعزل حما�س‬
‫والوقوف �ضدها‪.‬‬
‫‪� .3‬إبقاء الأزمة اللبنانية دومنا ح ّل‪.‬‬
‫‪ . 4‬ت�شديد اخلناق على �سورية‪.‬‬
‫‪� .5‬إبقاء قرار احلرب قائما ً �ضد �إيران و�إن بوترية �أدنى‪.‬‬
‫‪ .6‬احليلول ��ة دون امل�صاحل ��ة ال�سوري ��ة ‪ -‬ال�سعودي ��ة والتفاه ��م امل��ص�ري ‪ -‬ال�س ��وري ‪-‬‬
‫ال�سعودي‪.‬‬
‫حم�صلة هذه املالمح هي خدمة الأجندة الإ�رسائيلية الأمريكية يف املنطقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومن الوا�ضح �أن‬

‫تث�ي�ر درا�سة ال�سيا�سة الأوروبية نوع� �ا ً من الإ�شكال املنهجي‪،‬‬


‫فهناك �سيا�سة �أوروبية خارجية‪ ،‬يجري الإعالن عنها من ِقبَل‬
‫ثاني ًا‪ :‬االحتاد الأوروبي‬
‫من�س ��ق ال�سيا�س ��ة اخلارجية والأمنية الأوروبية خافيري �سوالنا م ��ن ناحية‪ ،‬لكن بع�ض جوانب هذه‬
‫ال�سيا�س ��ة ال يت�سق يف بع� ��ض الأحيان مع مواقف تعلن عنها �أو متار�سه ��ا بع�ض دول االحتاد ب�شكل‬
‫فردي من ناحية �أخرى‪.‬‬
‫التغي يف‬
‫رُّ‬ ‫ويالح ��ظ م ��ن ناحية ثالثة ومن خ�ل�ال ا�ستطالعات ال ��ر�أي الع ��ام الأوروبية �أن �إيق ��اع‬
‫توجه ��ات ال ��ر�أي العام الأوروبية ي�سري بوت�ي�رة �أ�رسع من التغري يف التوجه ��ات ال�سيا�سية الر�سمية‬
‫‪247‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جت ��اه الو�ض ��ع يف ال�رشق الأو�سط‪ .‬فثم ��ة هوة ما بني ال ��ر�أي العام الأوروبي وب�ي�ن املوقف الر�سمي‬
‫الأوروب ��ي �إزاء املوقف من الع ��دوان واالحتالل الإ�رسائيليني والتعاطف م ��ع ال�شعب الفل�سطيني �أو‬
‫احلرب على العراق �أو احلرب على �إيران‪.‬‬
‫وبن ��اء على ذلك‪� ،‬سنتن ��اول املوقف الأوروبي ب�شكل عام من خ�ل�ال مواقف االحتاد‪ ،‬مع التنويه‬
‫�إىل ال�سيا�س ��ات الفردية‪ ،‬التي يت ّم التعبري عنها م ��ن ِقبَل م�س�ؤويل الدول الأوروبية الأ�سا�سية (�أملانيا‪،‬‬
‫وفرن�س ��ا‪ ،‬وبريطاني ��ا)‪ ،‬دون �إغف ��ال املواق ��ف الأوروبية الأخرى لل ��دول الأقل وزن� �ا ً يف �صنع القرار‬
‫ال�سيا�سي الأوروبي‪.‬‬
‫وكم ��ا �أ�رشن ��ا يف تناول املوقف الأمريكي؛ ف�إنن ��ا �سنتابع املوقف الأوروب ��ي بخ�صو�ص م�س�ألتني‬
‫مركزيتني هما الأزمة الفل�سطيني ��ة الداخلية‪ ،‬وحماوالت تن�شيط م�سار الت�سوية ال�سيا�سية لل�رصاع‬
‫مع "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫‪ .1‬الأزمة الداخلية الفل�سطينية‪:‬‬
‫اتّ�سم املوقف الأوروبي ب�شكل عام ب�أنه "�أقل" حدة يف موقفه من فوز حركة حما�س يف االنتخابات‬
‫�سنة ‪ 2006‬من املوقف الأمريكي‪ ،‬لكنه حافظ على موقف ثابت بعد ذلك يتمثل يف ال�ضغط التدريجي‬
‫واملتزايد عل ��ى حركة حما�س للقبول ب�رشوط اللجنة الرباعية‪ ،‬ال �سيما االعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ونبذ‬
‫العم ��ل امل�سلح والقبول بكل االتفاقيات ال�سابق ��ة التي وقعتها منظمة التحرير الفل�سطينية �أو ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية مع "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ذل ��ك يعن ��ي �أن بع� ��ض الدول الأوروبي ��ة ترى �أن احل ��وار �أو االت�ص ��ال بحركة حما� ��س ي�ساعد يف‬
‫الو�ص ��ول �إىل الأه ��داف املطلوب ��ة‪ ،‬و�أن �ضبط الأزمة الداخلية الفل�سطيني ��ة ي�ساعد يف ذلك‪ ،‬لذا جند �أن‬
‫وزير خارجية �إيطاليا ما�سيمو داليما ‪ Massimo D'Alema‬يرحب بحوار بني حركتي حما�س وفتح‬
‫من ��ذ بداي ��ة العام‪ ،‬و�أبدى ت�أيي ��دا ً حلوارهما يف غ ��زة‪ .‬واعتربت مفو�ضة االحت ��اد الأوروبي للعالقات‬
‫اخلارجي ��ة بينيتا فريي ��رو فالدنر ‪� Benita Ferrero-Waldner‬أن االت�ص ��ال بحركة حما�س "ي�شجع‬
‫احلركة على التغيري"‪.26‬‬
‫لك ��ن ه ��ذه املواق ��ف كانت يف الغال ��ب مرتبطة بعدد م ��ن ال�رشوط �أ�ش ��ار له ��ا وزراء خارجية دول‬
‫�أوروبية مثل �إ�سبانيا و�إيطاليا وهي‪:27‬‬
‫�أ‪� .‬إعالن احلكومة احرتامها للقرارات الدولية واالتفاقيات ال�سابقة‪.‬‬
‫ب‪ .‬اعرتافها بقيادة حممود عبا�س للمفاو�ضات مع "�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫ج‪ .‬وقف �إطالق ال�صواريخ وتهريب الأ�سلحة �إىل غزة‪.‬‬
‫د‪ .‬الإف ��راج عن اجلن ��دي الإ�رسائيلي ال ��ذي �أ�رسته حما� ��س يف ‪ ،2006/6/25‬وقد �أب ��دى الرئي�س‬
‫‪248‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫الفرن�سي نيكوال �ساركوزي اهتماما ً خا�صا ً بهذا املو�ضوع‪.‬‬


‫وتع ��زز ه ��ذا التوجه مبوقف الربمل ��ان الأوروبي الذي طال ��ب �أغلب �أع�ضائه برف ��ع احل�صار املفرو�ض‬
‫على احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬التي تلت اتفاق مكة يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ .2007‬وقد �أ ّيد هذا املوقف النواب الذين‬
‫خل�رض والليرباليني والي�سار املوحد‪ ،‬بينما عار�ضه نواب حزب ال�شعب املوحد‪.28‬‬ ‫ميثلون اال�شرتاكيني وا ُ‬

‫وق ��د اتخذ التعامل مع احلكومة الفل�سطينية �شكالً غري م�ألوف يف تاريخ الدبلوما�سية‪� ،‬إذ اجتهت‬
‫�أغل ��ب الدول الأوروبية للتعامل مع الوزراء غ�ي�ر املنتمني حلركة حما�س فقط‪ ،‬وبعد تفجر الأو�ضاع‬
‫يف �شه ��ر حزي ��ران‪ /‬يوني ��و بني فت ��ح وحما�س‪ ،‬ودخ ��ول املجتم ��ع الفل�سطيني يف �أزم ��ة ال�صالحيات‬
‫وال�رشعية بني رام اهلل وغزة‪ ،‬توقفت كافة االت�صاالت الأوروبية مع غزة‪ ،‬واعتربت احلكومة القائمة‬
‫يف رام اهلل برئا�س ��ة �س�ل�ام فيا�ض ه ��ي احلكومة ال�رشعي ��ة‪ ،‬و ّ‬
‫مت رفع احل�صار املايل م ��ن قبل االحتاد‬
‫الأوروب ��ي عن هذه احلكوم ��ة‪ .29‬وباملقابل فقد �أعلن ��ت املتحدثة با�سم املفو�ضي ��ة الأوروبية �أنطونيا‬
‫مو�شان ‪ Antonia Mochan‬ب�أن االحتاد الأوروبي "لن ميول الوقود لغزة �إذا كانت حما�س �ستجبي‬
‫الفواتري"‪ ،‬وعاد االحتاد لتمويل الكهرباء بعد �أن �أكدت حما�س ب�أنها لي�ست اجلهة التي جتبي فواتري‬
‫الكهرباء‪.30‬‬
‫وعند تتبع ال�سيا�سات املختلفة للدول الأوروبية كل منها على حدة‪ ،‬جند تباينا ً وا�ضحا ً يف بع�ض‬
‫الأحيان بني هذه الدول‪ ،‬وتباينا ً بني ت�رصيحات امل�س�ؤولني يف الدولة الواحدة �أحيانا ً �أخرى‪.‬‬
‫وقد يعود بع�ض هذا الت�ضارب �إىل التغري يف احلكومات الأوروبية‪ ،‬كما حدث يف فرن�سا وبريطانيا‬
‫و�أملاني ��ا خ�ل�ال هذا العام من ناحي ��ة‪ ،‬ولتباين توجهات الق ��وى ال�سيا�سية املختلف ��ة داخل هذه الدول‬
‫الأوروبية من ناحية �أخرى‪.‬‬
‫وميكن تق�سيم املواقف الأوروبية من احلكومات الفل�سطينية خالل �سنة ‪( 2007‬حكومة حما�س‬
‫قب ��ل اتف ��اق مك ��ة‪ ،‬وحكومة الوح ��دة الوطنية بع ��د اتفاق مك ��ة‪ ،‬وحكومت ��ي رام اهلل وغ ��زة) �إىل ثالثة‬
‫مواقف‪:‬‬
‫�أ‪ .‬املواقف التي اقت�رص تعاملها مع جناح من احلكومات الفل�سطينية دون اجلناح الآخر‪ ،‬حيث‬
‫تعاملت مع الوزراء من خارج حركة حما�س فقط‪ ،‬ومتثلت هذه املجموعة يف الدول الأوروبية‬
‫املركزية؛ وهي فرن�سا وبريطانيا و�أملانيا‪.‬‬
‫غ�ي�ر �أن مواق ��ف هذه الدول �شهدت قدرا ً م ��ن التذبذب يف حدتها‪ ،‬ولع ��ل موقف احلكومة‬
‫الفرن�سي ��ة‪ ،‬ه ��و ال ��ذي ع ��رف التغ�ي�ر الأك�ث�ر ح ��دة‪ ،‬فبع ��د و�ص ��ول �سارك ��وزي �إىل الرئا�سة‬
‫الفرن�سي ��ة‪� ،‬أخذ وزير خارجيته برنار كو�شنري ‪ Bernard Kouchner‬يعرب عن موقف �أكرث‬
‫عداء حلما�س‪ ،‬و�أكرث قربا ً من فتح‪.‬‬
‫‪249‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وق ��د ع�ب�ر �سارك ��وزي ب�شكل ع ��ام عن ه ��ذا املوقف بقول ��ه "ل ��دي �سمعة ب�أنن ��ي �صديق‬
‫لإ�رسائيل‪ ،‬وهذا �صحيح‪ ،‬ولن �أ�ساوم �أبدا ً على �أمنها"‪ .31‬وف�رس كو�شنري هذا �إجرائيا ً بهجوم‬
‫عل ��ى حما�س‪ ،‬حي ��ث اتهمها ب�أن لها "عالقات مع القاعدة"‪ ،‬ثم �إن حكومته �ستقدم امل�ساعدات‬
‫املالي ��ة املبا��ش�رة للحكومة الت ��ي عينها عبا� ��س يف رام اهلل‪ .32‬لكن �سارك ��وزي طالب يف م�ؤمتر‬
‫باري� ��س للدول املانحة بان�سح ��اب "�إ�رسائيل" من ال�ضفة‪ ،‬وجتمي ��د اال�ستيطان‪ ،‬و�إعادة فتح‬
‫امل�ؤ�س�س ��ات يف القد� ��س ال�رشقية‪ ،‬وم�ساعدة ال�شعب املعزول يف غ ��زة؛ ولكنه طالب من ناحية‬
‫ثاني ��ة بت�شكيل قوة دولية مل�ساعدة �أجهزة الأم ��ن الفل�سطينية‪ .33‬و�ساند مثل هذه التوجهات‬
‫وزي ��ر الدف ��اع الأملاين فرانز جوزيف ي ��وجن ‪ ،Franz Josef Jung‬الذي دع ��ا �إىل "دعم حركة‬
‫فتح وعزل حما�س"‪.34‬‬
‫ب‪ .‬تبنّ ��ت مواق ��ف بع� ��ض امل�س�ؤولني يف ه ��ذه املجموعة من ال ��دول فكرة ��ض�رورة التوا�صل مع‬
‫اجلناح الآخر من احلكومات الفل�سطينية وبالتحديد وزراء حما�س‪ ،‬فوزير اخلارجية الأملاين‬
‫فران ��ك فال�ت�ر �شتاينماير ‪ Frank Walter Steinmeier‬طرح‪ ،‬يف م�ؤمتر ُع ِقد يف لندن يف بداية‬
‫�سن ��ة ‪ 2007‬بخ�صو�ص الو�ضع يف العراق‪ ،‬ر�أيه يف العالقة م ��ع حما�س فقال‪" :‬لي�س ب�إمكاننا‬
‫الطل ��ب م ��ن حما�س ت�سليم �سلطتها قبل �أن نتحدث ونتفاو� ��ض معها‪ ،‬فهذا الأمر مل نفعله مع‬
‫منظمة ال�شني فني [‪]Sinn Fein‬وخ�صومها يف �إيرلندا"‪.35‬‬
‫ويف بريطاني ��ا طالب ��ت جلن ��ة برملاني ��ة ب�إج ��راء حمادثات م ��ع حما�س؛ لأن "ع ��زل حما�س‬
‫�سيزي ��د من اقرتابها م ��ن �إيران"‪ ،36‬بل �إن رئي� ��س وزراء �إيطاليا رومان ��و برودي ‪Romano‬‬
‫‪ Prodi‬دعا يف �آب‪� /‬أغ�سط�س �إىل احلوار مع حما�س حتى بعد �سيطرتها على قطاع غزة‪ .37‬كما‬
‫اتهم رئي�س وزراء هولندا الأ�سبق‪ ،‬دري�س فان �أخت ‪ Dries van Agt‬التعامل من قبل اللجنة‬
‫الرباعي ��ة مع احلكومة الوطنية الفل�سطيني ��ة (التمييز بني الوزراء) على �أنه "نوع من املعايري‬
‫املزدوج ��ة وتتنافى مع مبادئ التوازن واحلياد والعدل"‪ ،‬و�ساند هذا التوجه رئي�س الربملان‬
‫الإيط ��ايل‪ ،‬فاو�ست ��و بريتنوت ��ي ‪ ،Fausto Bertinotti‬ال ��ذي و�صف احلكوم ��ة الوطنية ب�أنها‬
‫"حكومة �رشعية"‪ .38‬كما �أعلن احلزب اال�شرتاكي ال�سويدي (وهو �أكرب الأحزاب ال�سويدية)‬
‫اعرتافه بحكومة الوحدة الوطنية بكامل وزرائها دون متييز‪.39‬‬
‫وحي ��ث �إن هات�ي�ن املجموعت�ي�ن متثالن الق ��وى املركزية يف االحت ��اد الأوروب ��ي‪ ،‬ف�إن هذا‬
‫التوج ��ه انعك�س ب�شكل عام عل ��ى �سيا�سة االحتاد الأوروبي‪ ،‬من مو�ض ��وع الأزمة الداخلية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬ال�ضغط املتوا�صل على حركة حما�س لتغيري مواقفها‪ ،‬وتقدمي املزيد من الإغراءات حلركة‬
‫فت ��ح؛ لال�ستمرار يف نه ��ج الت�سوية ال�سيا�سية م ��ع "�إ�رسائيل"‪ ،‬ولعل البي ��ان الذي �أ�صدره‬

‫‪250‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫وزراء خارجي ��ة ع��ش�ر دول �أوروبي ��ة يف حزي ��ران‪ /‬يونيو دعم� �ا ً للرئي� ��س عبا�س‪ ،40‬ميثل‬
‫التعب�ي�ر الأو�س ��ع نطاقا ً عن هذه ال�سيا�سة‪ .‬وقد عرب بلري عن ا�سرتاتيجية �إغواء حما�س من‬
‫خ�ل�ال قوله "�إن بع�ض الإ�شارات التي ت�صدر م ��ن حما�س لي�ست بال فائدة‪ ،‬لكننا يف حاجة‬
‫�إىل معرفة �أين تتمو�ضع فعليا ً"‪.41‬‬
‫‪ .2‬تق ��دمي م�ساعدات اقت�صادية حت ��ول دون الو�صول �إىل كارثة �إن�ساني ��ة‪ ،‬مع �ضمان عدم‬
‫ا�ستفادة حركة حما�س من هذه امل�ساعدات ب�أي �شكل من الأ�شكال‪.‬‬
‫مت التعهد بتقدميها يف م�ؤمتر باري�س يف ‪2007/12/17‬‬
‫وتندرج امل�ساعدات الأوروبية‪ ،‬التي ّ‬
‫يف ه ��ذا ال�سياق‪ ،‬وبخا�ص ��ة الربط الوا�ضح ب�ي�ن امل�ساعدات والتقدم يف عملي ��ة الت�سوية‪ ،‬وقد‬
‫تعهد الأوروبيون يف م�ؤمتر باري�س مب�ساعدات على النحو التايل‪:42‬‬
‫جدول ‪ :5/1‬التعهدات الأوروبية املالية لل�سلطة الفل�سطينية‬
‫يف م�ؤمتر باري�س (باملليون دوالر)‬

‫قيمة التعهدات‬ ‫اجلهة‬


‫‪631‬‬ ‫االحتاد الأوروبي‬
‫‪489‬‬ ‫بريطانيا‬
‫‪360‬‬ ‫�إ�سبانيا‬
‫‪300‬‬ ‫فرن�سا‬
‫‪300‬‬ ‫ال�سويد‬
‫‪287‬‬ ‫�أملانيا‬
‫‪2,367‬‬ ‫املجموع‬

‫التعهدات الأوروبية املالية لل�سلطة الفل�سطينية يف م�ؤمتر باري�س (باملليون دوالر)‬

‫ج‪ .‬ثم ��ة طرف ثالث حاول �أن يبقي عالقاته مع حما�س قائمة‪ ،‬حتى بعد �سيطرتها على غزة‪� ،‬إال‬
‫�أن ��ه تراجع �أمام ال�ضغط اخلارجي؛ مثل الرنويج‪ ،‬التي قررت قطع عالقاتها مع حما�س بعد‬
‫‪251‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ع ��دة ات�ص ��االت بينهما‪ ،‬وهو �أمر �أبلغه وزير اخلارجي ��ة الرنويجي يونا�س غار �ستوري‬
‫‪ Jonas Gahr Store‬لـ"�إ�رسائي ��ل"‪ .43‬غ�ي�ر �أن وف ��دا ً �إيطالي� �ا ً من ال�سيا�سي�ي�ن والنواب التقى‬
‫ممثلني عن حركة حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أجرى ات�صاالً هاتفيا ً مع رئي�س احلكومة املُقالة‬
‫يف غزة‪� ،‬إ�سماعيل هنية‪ ،‬يف �أواخر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2007‬على الرغم من ال�ضغوط من‬
‫جهات خمتلفة ملنع االت�صال بحركة حما�س‪.44‬‬
‫‪ .2‬الت�سوية ال�سيا�سية‪:‬‬
‫يب ��دو من خالل الت�رصيحات الأوروبي ��ة املختلفة �أن �أوروبا ت�ست�شعر توجهات الواليات املتحدة‬
‫يف حماول ��ة التفرد بالبعد ال�سيا�س ��ي يف الت�سوية‪ ،‬ولعل ت�رصيح نائب وزير اخلارجية الإيطايل‪ ،‬هون‬
‫�أوغ ��و �إنتين ��ي ‪ ،Hon. Ugo Intini‬يو�ض ��ح ذلك حيث يقول "�إن نظرية احلل ��ول املنفردة التي تبنتها‬
‫الإدارة الأمريكية خالل الفرتة املا�ضية‪ ،‬ترتاجع ل�صالح مفهوم احللول امل�شرتكة"‪،45‬‬
‫وه ��و ما ين�سجم م ��ع دعوة وزير اخلارجي ��ة الإ�سباين ميغيل موراتينو� ��س واالحتاد الأوروبي‬
‫�إىل عق ��د م�ؤمت ��ر دويل لل�س�ل�ام يف الن�ص ��ف الأول م ��ن ع ��ام ‪ ،2007‬و�ض� � ّم ال ��دول العربي ��ة ملجموعة‬
‫اللجن ��ة الرباعي ��ة‪ .46‬وه ��و اقرتاح خطري لأن ��ه ي�ستدرج العرب ملوق ��ف الرباعية الذي ت ��رك كل �شيء‬
‫للمفاو�ضات‪.‬‬
‫ويح ��دد االحت ��اد الأوروب ��ي يف بيان ل ��ه يف ‪� 2007/1/22‬إطار الت�سوي ��ة على �أن ��ه "�إنهاء االحتالل‬
‫الإ�رسائيل ��ي ال ��ذي بد�أ يف ع ��ام ‪ ،1967‬و�إقامة دول ��ة فل�سطيني ��ة م�ستقلة ودميوقراطي ��ة قابلة للحياة‬
‫تعي� ��ش جنب� �ا ً �إىل جنب مع �إ�رسائيل‪ ،‬وباقي ال ��دول املجاورة لها يف �أمن و�س�ل�ام"‪ .47‬ومتهيدا ً لتحقيق‬
‫�ص ِدم‬
‫ذل ��ك‪ ،‬ر�أى �سوالن ��ا �أن عل ��ى "�إ�رسائيل" �أن جتم ��د بناء امل�ستوطن ��ات يف البداية‪ ،‬والتي ق ��ال �إنه ُ‬
‫ل�رسعة بنائها‪.48‬‬
‫لك ��ن بع� ��ض املواق ��ف الأوروبي ��ة‪ ،‬ال �سيّم ��ا الربيطاني ��ة‪ ،‬ت�سهم يف ر�سم ح ��دود الت�سوي ��ة قبل �أن‬
‫تب ��د�أ املفاو�ض ��ات‪ ،‬ففي مو�ضوع الالجئني‪ ،‬ال ��ذي يع ّد �أحد �أهم املو�ضوع ��ات‪ ،‬يقول وزير اخلارجية‬
‫الربيط ��اين ل�ش� ��ؤون ال�رشق الأو�سط كي ��م هاول ��ز ‪�" Kim Howells‬إن حقّ الالجئ�ي�ن يف العودة �إىل‬
‫�أماك ��ن �أجداده ��م غ�ي�ر منطق ��ي‪ ،‬و�إن الأردن من ال ��دول التي لها تاري ��خ طويل ومعرف ��ة يف ا�ستقبال‬
‫الالجئ�ي�ن والنازح�ي�ن من خمتل ��ف دول اجلوار‪ ،‬كما �أنه دول ��ة م�ضيافة ونتعلم من ��ه الكثري"‪ .‬وي�ؤكد‬
‫هاولز �أنه "ال ميكن العودة �إىل ما قبل عام ‪.49"1948‬‬
‫و�إذا كانت الواليات املتحدة ت�ضمن دورها بحكم نفوذها الع�سكري وال�سيا�سي واالقت�صادي‪ ،‬ف�إن‬
‫ا�سرتاتيجية االحتاد الأوروبي تبدو �أكرث اتكاء على املتغري االقت�صادي يف تو�سيع دوره يف الت�سوية؛‬
‫وه ��ي ا�سرتاتيجية يبدو �أن الواليات املتحدة حتبذها؛ لأنها ت�ؤدي �إىل تخفيف العبء االقت�صادي عن‬
‫كاه ��ل الواليات املتحدة؛ فق ��د بلغ معدل امل�ساعدات التي يقدمها االحت ��اد لل�سلطة الفل�سطينية �سنويا ً‬

‫‪252‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫مليار دوالر‪� ،‬إىل جانب القيام بتدريب �ضباط اجلمارك و�ضباط احلدود و�ضباط ال�رشطة‪� ،‬إىل جانب‬
‫�إر�سال مراقبني �أوروبيني للحدود (هناك حوايل ‪ 70‬فردا ً من االحتاد الأوروبي ملراقبة معرب رفح)‪.‬‬
‫لك ��ن حدود الدعم االقت�ص ��ادي للفل�سطينيني تت�ضح �أبعاده من ت�رصي ��ح ممثل مكتب املفو�ضية‬
‫الأوروبي ��ة لدى ال�سلطة الفل�سطيني ��ة‪ ،‬جون كري ‪ John Kjaer‬يف �أيل ��ول‪� /‬سبتمرب ‪ ،2007‬حيث قال‬
‫"�إن حج ��م الدع ��م االقت�صادي لل�شعب الفل�سطين ��ي مرتبط بالتقدم يف العملي ��ة ال�سلمية بني اجلانبني‬
‫الفل�سطين ��ي والإ�رسائيلي"‪ .50‬واملالحظ �أن هذا الت�رصيح جاء بعد �إعالن الرئي�س الأمريكي عن عقد‬
‫امل�ؤمتر الدويل للت�سوية يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.2007‬‬
‫ويتفق املوقف الربيطاين مع املوقف الأمريكي يف مو�ضوع الت�سوية ال�سيا�سية من زاوية �رضورة‬
‫ا�ستثم ��ار الأزم ��ة الداخلي ��ة الفل�سطينية‪ ،‬فخ�ل�ال االقتتال الفل�سطين ��ي ُقبيل اتفاق مك ��ة قالت وزيرة‬
‫اخلارجي ��ة الربيطانية مارجريت بيكيت ‪�" Margaret Beckett‬إن زعماء العامل �سي�صبحون مذنبني‬
‫بارت ��كاب �إهمال ج�سي ��م‪ ،‬لعدم انتهاز الفر�صة يف ال�رشق الأو�سط لدف ��ع املحادثات بني الفل�سطينيني‬
‫والإ�رسائيليني‪� ...‬سيكون �إهماالً ج�سيما ً عدم انتهاز مثل هذه الفر�صة"‪.51‬‬
‫وات�س ��ق موق ��ف الفاتيكان مع املوقف الأوروبي من خالل دعوة الباب ��ا‪ ،‬بينديكت ال�ساد�س ع�رش‬
‫‪ ،Pope Benedict XVI‬خ�ل�ال لق ��اء له مع الرئي�س الإ�رسائيلي �شمع ��ون برييز يف �أيلول‪� /‬سبتمرب‬
‫‪�" 2007‬إىل ب ��ذل كاف ��ة اجلهود لإيجاد حل عادل‪ ،‬كما �أيد فكرة عقد م�ؤمتر ال�سالم الدويل الذي دعا له‬
‫الرئي�س بو�ش"‪.‬‬
‫وق ��د ر�س ��م االحتاد الأوروبي مالمح توجهات ��ه اال�سرتاتيجية جتاه الت�سوي ��ة يف بيان �أ�صدره يف‬
‫‪� ،2007/11/25‬أي قبي ��ل انعق ��اد م�ؤمتر �أنابولي�س‪ ،‬وقد �أطلق االحتاد عل ��ى توجهاته ا�سم "بناء دولة‬
‫لل�س�ل�ام يف ال�رشق الأو�سط‪ :‬ا�سرتاتيجية عمل االحتاد الأوروبي" ‪State building for peace: an‬‬
‫‪ ،52 EU Action Strategy‬وق ��د حدد االحتاد الأ�س�س التي يقوم عليها ال�سالم وهي‪ :‬الأر�ض مقابل‬
‫ال�سالم‪ ،‬وقرارات جمل�س الأمن الدويل ذات ال�صلة‪ ،‬واملبادرة العربية‪ ،‬وخريطة الطريق‪ ،‬واالتفاقات‬
‫ال�سابقة بني الطرفني الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪ .‬وتدعو ا�سرتاتيجية االحتاد �إىل قيام اللجنة الرباعية‪،‬‬
‫ومب�ساندة من املجتمع الدويل‪ ،‬برعاية عملية ال�سالم‪.‬‬
‫ومن الالفت للنظر �أن اخلطة اال�سرتاتيجية الأوروبية تدعو �إىل‪:‬‬
‫ا�ستم ��رار التع ��اون مع ال�رشكاء الع ��رب‪ ،‬والتعهد بامل�ساعدة طبقا ً لنتائ ��ج �أنابولي�س‪ ،‬و�إن�شاء‬
‫ق ��وة �أمنية ع�رصية ودميوقراطية يف الدولة الفل�سطينية‪ ،‬بالتعاون الكامل مع املن�سق الأمني‬
‫الأمريك ��ي‪ .‬كما �سي�ضع االحتاد براجمه ون�شاطاته ب�ش ��كل ي�سهم يف وحدة وتوا�صل الدولة‬
‫الفل�سطيني ��ة ب�ي�ن ال�ضفة وقط ��اع غزة‪ ،‬والعم ��ل على �إيجاد ح ��ل لق�ضية القد� ��س وحل عادل‬
‫لق�ضية الالجئني‪.‬‬
‫‪253‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وق ��د �أعلن �سوالنا‪ ،‬املمثل الأعلى لل�سيا�سة اخلارجية والأمن يف االحتاد الأوروبي‪ ،‬انتهاء اعتماد‬
‫قوة ال�رشطة الأوروبية املدنية مل�ساعدة ال�سلطة الفل�سطينية يف حتمل امل�س�ؤولية وحفظ النظام‪.53‬‬
‫وبع ��د انعقاد امل�ؤمتر‪ ،‬و�صف �سوالنا نتائجه ب�أنه ��ا "�إجناز باهر"‪ ،‬وقال �إن اخلطة اال�سرتاتيجية‬
‫التي تبناها االحتاد هي "جلعل دور االحتاد خالقا ً �أكرث‪ ،‬و�إيجابيا ً �أكرث‪ ،‬وطموحا ً �أكرث"‪.54‬‬
‫ومن ال�رضوري �أخذ وجهة نظر الر�أي العام الأوروبي يف االعتبار عند تف�سري ال�سيا�سة الأوروبية‬
‫الر�سمية‪� ،‬إذ �إن القيادات ال�سيا�سية يف هذه الدول تتلم�س توجهات الر�أي العام وت�ضعها قدر الإمكان‬
‫يف احل�سبان؛ لأنها تدرك �أن �صناديق االقرتاع ت�شكل م�صدر وجودها يف ال�سلطة‪.‬‬
‫وت�ش�ي�ر ا�ستطالع ��ات ال ��ر�أي العام الأوروب ��ي �إىل �أن امل�سافة ب�ي�ن ال�سيا�س ��ة الر�سمية وتوجهات‬
‫الر�أي العام الأوروبي ما تزال بعيدة‪ ،‬على الرغم من ت�أثري هذا الر�أي العام ن�سبياً‪ ،‬فقد د ّل ا�ستطالع‬
‫لل ��ر�أي العام الأوروبي �أجرت ��ه م�ؤ�س�سة الـ بي بي �سي خالل الفرتة م ��ن ‪،2007/1/16-2007/11/3‬‬
‫�صنِّفت "�إ�رسائيل" الدولة‬
‫عل ��ى ات�ساع قاعدة ال�صورة ال�سلبية لـ"�إ�رسائيل" يف الذهن الأوروبي‪ ،‬فقد ُ‬
‫الأ�س ��و�أ يف العامل ملا ن�سبته ‪ %77‬من الأملان‪ ،‬و‪ %66‬من الفرن�سيني‪ ،‬و‪ %65‬من الربيطانيني‪ ،‬و‪%58‬‬
‫من الإيطاليني (مقابل ‪ %33‬من الأمريكيني)‪.55‬‬
‫ويف ا�ستط�ل�اع �آخر �أجراه �صندوق "برتل�سمان" الأملاين‪ ،‬يف �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،2007‬تبني �أن‬
‫‪ %30‬م ��ن ال�شعب الأملاين يعتق ��دون �أن "�إ�رسائيل" متار�س "حرب �إبادة عل ��ى ال�شعب الفل�سطيني"‪،‬‬
‫و�أن املمار�سات الإ�رسائيلية "ال تختلف عن ممار�سات النازية"‪.56‬‬
‫كما �أن عددا ً من املواقف التي اتخذتها م�ؤ�س�سات املجتمع املدين ت�شري ملوقف �شعبي �أقل انحيازا ً‬
‫لـ"�إ�رسائي ��ل"‪ ،‬مثل قرار احت ��اد ال�صحفيني الربيطانيني دع ��م مقاطعة املنتج ��ات الإ�رسائيلية‪ ،‬وقرار‬
‫رابط ��ة اجلامع ��ات واملعاه ��د الربيطانية مقاطع ��ة الأكادميي�ي�ن الإ�رسائيليني (ورف� ��ض ‪� 250‬أكادمييا ً‬
‫بريطانيا ً هذا القرار)‪ ،‬وقرار احتاد عمال اخلدمات الربيطاين مب�ساندة ممار�سة ال�ضغط االقت�صادي‬
‫والثقايف والأكادميي على "�إ�رسائيل"‪.57‬‬
‫كم ��ا لق ��ي �إطالق حرك ��ة حما�س لل�صحف ��ي الربيطاين املختط ��ف يف غ ��زة‪� ،‬آالن جون�ستون ‪Alan‬‬
‫‪ ، Johnston‬يف ‪� 2007/7/4‬أثرا ً �إيجابيا ً يف ال�صحافة الغربية �إىل ح ّد ما‪ ،‬لكنه مل يرتك �أثرا ً على العالقات‬
‫الر�سمي ��ة بني احلركة والدول الأوروبية‪ ،‬بل �إن احلكومة الربيطانية كانت حري�صة‪ ،‬يف بيانات عدة‪،‬‬
‫عل ��ى عدم حتميل ات�صاالت بع�ض قنا�صلها ب�شخ�صيات من حما� ��س �أي م�ضمون �سيا�سي �أكرث من‬
‫العمل على �إطالق �رساح ال�صحفي املختطف‪.‬‬
‫كذل ��ك طالب ��ت منظمة يه ��ود �أوروبا االحت ��اد الأوروبي "باالع�ت�راف الفوري والكام ��ل بحكومة‬
‫الوح ��دة الوطني ��ة ورف ��ع احل�صار"‪ .‬كم ��ا �أن منظم ��ة �أوك�سف ��ام الربيطاني ��ة ‪ Oxfam‬طالبت االحتاد‬
‫‪254‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫ب��ض�رورة ا�ستئناف امل�ساعدات للفل�سطينيني "دون متييز" يف �إ�ش ��ارة �إىل ال�ضفة والقطاع‪ .58‬وطالب‬
‫�أ�ساقفة الكاثوليك يف �إيرلندا ب�إعادة النظر يف العالقات التجارية والثقافية مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬التي حولت‬
‫غ ��زة �إىل "�سج ��ن كبري"‪ .59‬كم ��ا عرب الأمني العام الحت ��اد النقابات العمالية الربيطاني ��ة‪ ،‬برندن باربر‬
‫‪ ،Brendan Barber‬عن ت�أييده "�إقامة دولة فل�سطينية"‪.60‬‬
‫مما �سبق ميكن حتديد التوجه اال�سرتاتيجي الأوروبي خالل �سنة ‪ 2007‬يف الآتي‪:‬‬
‫�أ‪ .‬حماول ��ة مزاحم ��ة الدور الأمريكي‪ ،‬ولو برف ��ق �شديد‪ ،‬يف لعب دور �سيا�س ��ي يف الو�صول �إىل‬
‫ت�سوية يف املنطقة؛ اعتمادا ً على الأداة االقت�صادية ب�شكل �أ�سا�سي‪ .‬غري �أن املوقف الأوروبي‬
‫م ��ا ي ��زال �ضعيفا ً باهت� �ا ً وغ�ي�ر ٍ‬
‫كاف‪ .‬وما ي ��زال �أمامه طريق طوي ��ل لال�ستقالل ع ��ن الت�أثري‬
‫الأمريك ��ي‪ ،‬ولتحيي ��د �أو �إ�ضعاف ت�أثريات اللوبي ال�صهيوين يف البل ��دان الأوروبية؛ وبالتايل‬
‫ممار�سة دور �أكرث توازنا ً يف ال�رصاع العربي ‪ -‬الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫ب‪� .‬إن دور ال ��ر�أي الع ��ام الأوروب ��ي‪ ،‬عل ��ى الرغ ��م من تزاي ��د �إيجابيت ��ه‪ ،‬مل ي�صل �إىل ح� � ّد الت�أثري‬
‫الوا�ضح على التوجهات ال�سيا�سية لأوروبا‪.‬‬
‫التغي ال�سيا�س ��ي يف فرن�سا (بو�صول �ساركوزي للرئا�سة)‪ ،‬عبئ� �ا ً �إ�ضافيا ً على كاهل‬‫رُّ‬ ‫ج‪� .‬ش� � ّكل‬
‫الط ��رف الفل�سطيني‪ ،‬ال �سيّما و�أن موقف الرئي� ��س ووزير خارجيته متناغم �إىل حد بعيد مع‬
‫توجه ��ات اللوبي اليه ��ودي الفرن�سي‪ .‬ومما يجدر ذكره �أن �إ�ش ��ارة الوزير اجلزائري حممد‬
‫�رشي ��ف عبا� ��س �إىل دور اللوب ��ي اليه ��ودي‪ ،‬املتحكم يف قطاع ��ات �صناعية هام ��ة‪ ،‬يف و�صول‬
‫�سارك ��وزي لل�سلط ��ة‪ ،‬و�إىل دور اللوب ��ي يف التحال ��ف بين ��ه وب�ي�ن وزير خارجيت ��ه الي�ساري‬
‫كو�شنري‪ ،‬واجلذور اليهودية لكليهما‪ ،‬قد �أثارت �أزمة �سيا�سية بني اجلزائر وفرن�سا‪.61‬‬

‫يتمي ��ز املوقف الرو�سي ب�أن ��ه الأكرث حر�صاً‪ ،‬بني الق ��وى الدولية (مع ال�صني)‪،‬‬
‫عل ��ى متا�س ��ك اجلبه ��ة الداخلي ��ة الفل�سطينية‪ ،‬وعل ��ى الرغم من ت�أيي ��ده ملواقف‬
‫ثالث ًا‪ :‬رو�سيا‬
‫اللجن ��ة الرباعية الدولية؛ ف�إنه يحاول االحتفاظ بقدر من امل�سافة املت�ساوية بينه وبني �أطراف النزاع‬
‫الداخلي الفل�سطيني‪.‬‬
‫لق ��د دعم ��ت ال�سيا�س ��ة الرو�سية لقاءات حركت ��ي فتح وحما� ��س يف ال�سعودية‪ ،‬و�أي ��دت اتفاق مكة‬
‫وت�شكيل حكوم ��ة الوحدة الوطنية‪ ،‬وقد عرب املتحدث الر�سمي الرو�سي ميخائيل كامينني ‪Mikhail‬‬
‫‪ Kamynin‬عن ذلك كله يف منا�سبات متعددة‪.‬‬
‫لك ��ن املوقف الرو�سي‪ ،‬ات�سم من ناحي ��ة �أخرى‪ ،‬مبحاولة تف�سري النزاع الفل�سطيني الداخلي ب�أنه‬
‫"ناجم عن تدخل عنا�رص خارجية"‪ ،62‬وعلى الرغم من �أن احلكومة الرو�سية مل حتدد هذه اجلهات‪،‬‬
‫‪255‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�إال �أن ال�سي ��اق العام يوحي ب�أنه موج ��ه نحو ما عرف بخطة دايتون‪ ،‬التي جرى احلديث عنها كثرياً‪،‬‬
‫والت ��ي ر�أت حركة حما�س ب�أنها ال�سبب احلقيقي وراء انفج ��ار الأزمات املتالحقة يف اجلبهة الداخلية‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬

‫ويب ��دو �أن الدبلوما�سي ��ة الرو�سي ��ة ت ��رى �أن احلوار مع حما� ��س لتغيري موقفها‪ ،‬كم ��ا �أملح �إىل ذلك‬
‫وزي ��ر اخلارجية الرو�س ��ي �سريجي الف ��روف ‪� ، 63Sergey Lavrov‬أجدى م ��ن ال�ضغط عليها‪ .‬وال‬
‫يبدو �أن ذلك راجع "لر�أف ٍة" رو�سي ٍة من ق�سوة الواقع على حما�س‪ ،‬بل لأ�سباب عدة‪:‬‬

‫‪� .1‬إن العالق ��ة الرو�سي ��ة مع حما�س جتعل للدور الرو�سي يف املو�ض ��وع الفل�سطيني �أهمية‪ ،‬من‬
‫حي ��ث القدرة عل ��ى التوا�صل معها والت�أث�ي�ر عليها من ناحية‪ ،‬ومن خ�ل�ال تقدمي العالقة مع‬
‫حما�س على �أنها دليل على �أن املوقف الرو�سي جتاه احلركات الإ�سالمية لي�س موقفا ً دينياً‪،‬‬
‫كما تروج احلركات ال�شي�شانية‪ ،‬التي متثل م�صدر قلق داخلي للحكومة الرو�سية من ناحية‬
‫ثانية‪.‬‬

‫‪� .2‬إن رو�سي ��ا لي�س ��ت معني ��ة ب�إجها� ��ض القوى املمانع ��ة لل�سيا�س ��ة الأمريكي ��ة يف املنطقة؛ فهي‬
‫حري�ص ��ة على �إبقاء القب�ضة الأمريكية على املنطق ��ة رخوة قدر الإمكان‪ ،‬مبا ي�سمح لرو�سيا‬
‫الت�سلل �إىل املنطقة من خالل �شقوق هذه القب�ضة‪.‬‬

‫‪ .3‬ال �ش ّك �أن العالقة الرو�سية الإيرانية‪ ،‬والعالقة الرو�سية ال�سورية‪ ،‬لها بع�ض الت�أثري الن�سبي‬
‫يف جعل رو�سيا �أقل حدة يف التعامل مع حركة حما�س‪.‬‬

‫‪ . 4‬تخ�ض ��ع رو�سيا مواقفها يف ق�ضايا العرب وامل�سلمني والعامل الثالث عموما ً مل�صاحلها الذاتية‬
‫�ا الت�رصيح الأخري ب�أن‬ ‫بالدرج ��ة الأوىل‪ ،‬وخلدم ��ة ق�ضايا ته ّم �أمنه ��ا القومي يف �أوروبا‪ .‬مث�ل ً‬
‫رو�سي ��ا م�ستع ��دة لدعم حل ��ف الأطل�س ��ي يف �أفغان�ست ��ان �إذا تخلى احللف عن �ض� � ّم �أوكرانيا‬
‫وجورجي ��ا �إليه‪ .‬ولكن املوقف الرو�س ��ي �سينفتح �أكرث �إذا �أغلق الغرب باب امل�ساومة معها‬
‫يف �أوروب ��ا‪� ،‬أو ت�ش ��دد يف الت�ضيي ��ق علي ��ه‪.‬‬

‫وميك ��ن تلم�س الأ�سب ��اب ال�سابقة يف الت�رصيح ��ات والن�شاطات الدبلوما�سي ��ة الرو�سية‪ ،‬فقد قال‬
‫الف ��روف يف حتدي ��د موقفه من حكوم ��ة الوحدة الوطنية بعد اتف ��اق مكة "�آمل �أن تع�ب�ر الرباعية عن‬
‫دعمه ��ا لالتفاق على ت�شكيل حكومة فل�سطينية جديدة‪ ،‬و�أن تعل ��ن ت�أييدها لرفع القيود االقت�صادية‬
‫الإ�رسائيلي ��ة‪ ،‬وه ��ذا م ��ا �سيكون علي ��ه املوق ��ف الرو�سي واالحت ��اد الأوروب ��ي والأمني الع ��ام للأمم‬
‫املتحدة"‪ ،64‬واملالحظ �أن ت�رصيحه ا�ستثنى الواليات املتحدة‪.‬‬
‫‪256‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫ويف �أعقاب انفجار �أزمة ال�صالحيات وال�رشعية يف حزيران‪ /‬يونيو ‪� ،2007‬أكدت رو�سيا موقفها‬
‫م ��ن �أهمية احلف ��اظ على متا�سك اجلبهة الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬فدعت حكوم َة الطوارئ التي ن�ش�أت يف‬
‫رام اهلل برئا�س ��ة �س�ل�ام فيا�ض �إىل "احلوار مع حركة حما�س"‪ .65‬كما دعت رو�سيا كالً من "�إ�رسائيل"‬

‫واللجن ��ة الرباعي ��ة لرف ��ع احل�صار عن غ ��زة‪ ،‬وا�ستم ��رت يف رف� ��ض ت�صنيف حركة حما� ��س كحركة‬
‫�إرهابية‪ ،‬وهي مواقف تقليدية لل�سيا�سة الرو�سية‪.‬‬
‫لك ��ن احلكوم ��ة الرو�سية مار�س ��ت ال�ضغط على حما�س م ��ن خالل "تخفي�ض م�ست ��وى االت�صال‬
‫معها"‪ ،‬كما فعل بوتني مع وفد من حما�س ذهب �إىل مو�سكو يف �أواخر �شهر متوز‪ /‬يوليو‪.66‬‬
‫ويف م�ؤمت ��ر باري� ��س للجه ��ات املانحة يف كان ��ون الأول‪ /‬دي�سم�ب�ر ‪ ،2007‬تعه ��د الرو�س بتقدمي‬
‫‪ 10‬مالي�ي�ن دوالر لل�سلط ��ة الفل�سطيني ��ة‪ ،‬كم ��ا �أن وزير اخلارجي ��ة الرو�سي تعهد بعق ��د لقاء دويل‬
‫يف مو�سك ��و ملتابع ��ة نتائ ��ج �أنابولي� ��س‪ ،‬غ�ي�ر �أنه رب ��ط املتابعة ب��ض�رورة تنفيذ التزام ��ات الأطراف‬
‫لتعهداته ��ا؛ كوق ��ف اال�ستيطان م ��ن اجلانب الإ�رسائيلي‪ ،‬ووق ��ف العملي ��ات الع�سكرية من اجلانب‬
‫الفل�سطيني‪ .67‬ولكن من امل�ستبعد �أن يظل متم�سكا ً بهذين ال�رشطني‪� ،‬إذا ما وجد �أنه من ال�رضوري‬
‫عق ��د م�ؤمت ��ر دويل يف مو�سك ��و‪.‬‬

‫ميك ��ن و�صف ال�سيا�س ��ة ال�صينية اخلارجية املعا�رصة ب�أنه ��ا مزيج فيه القليل‬
‫م ��ن ت�أثري التقاليد املاوية من ناحية‪ ،‬والكثري م ��ن متطلبات برنامج التحديثات‬
‫رابع ًا‪ :‬ال�صني‬
‫الأربعة من جهة ثانية‪.‬‬
‫ين�صب على االقت�صاد وجتنب‬
‫ُّ‬ ‫فلي�س لل�صني م�رشوع �سيا�سي عاملي يف الوقت الراهن‪ ،‬فرتكيزها‬
‫املواجه ��ات عدا مو�ضوع تايوان �إذ تتحول عند ذلك �إىل منر �رش�س‪ .‬لكنها يف كل الق�ضايا ت�أخذ موقفا ً‬
‫عاما ً ب�أقل ما ميكن من اال�ستفزاز لأمريكا‪� ،‬أو الكيان ال�صهيوين �أو لأي طرف‪ .‬ومن ثم تطبق قاعدة‬
‫"ق ��ل كلمت ��ك وام� ��ش" وتعمل على ك�س ��ب الوقت يف تطوي ��ر اقت�صاده ��ا وقواها الع�سكري ��ة وقدراتها‬
‫التكنولوجية العالية‪ .‬ولهذا ال يتوقع منها �أن ت�صادم �أو �أن تت�ش ّدد خارج ق�ضية تايوان‪.‬‬
‫فف ��ي جمال ال��ص�راع الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬رف�ضت ال�صني بعد ت�شكي ��ل حكومة الوحدة الوطنية‬
‫التمييز بني �أع�ضاء احلكومة على �أ�سا�س انتماءاتهم ال�سيا�سية‪ ،‬وقال بيان ر�سمي �صيني"�إن ال�صني‬
‫�ستتعام ��ل مع حكومة الوح ��دة الوطنية‪ ،‬التي �شكلته ��ا حركتا فتح وحما� ��س دون متييز بني �أع�ضاء‬
‫ه ��ذه احلكومة"‪ .68‬غري �أن احلكومة ال�صينية �أكدت على ��ض�رورة "التزام هذه احلكومة الفل�سطينية‬
‫بالتفاو� ��ض ال�سلم ��ي لت�شجيع العملية ال�سلمي ��ة يف ال�رشق الأو�سط"‪ ،69‬على �أن يك ��ون هذا التفاو�ض‬

‫‪257‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وفقا ً ملا �رصح به وزير اخلارجية ال�ص ��يني يل ت�ش ��او ت�ش ��ينغ ‪ ،Li Zhaoxing‬يف �آذار‪ /‬مار�س ‪2007‬‬
‫على �أ�سا�س "الأر�ض مقابل ال�سالم‪ ،‬ومبد�أ التعاي�ش ال�سلمي بني الفل�سطينيني والإ�رسائيليني‪ ،‬وعلى‬
‫�أ�سا�س قرارات الأمم املتحدة"‪.70‬‬

‫رمب ��ا يك ��ون عن ��وان ال�سيا�س ��ة الياباني ��ة يف املو�ض ��وع الفل�سطين ��ي ه ��و‬
‫م�رشوعه ��ا املع ��روف "مم ��ر ال�س�ل�ام واالزده ��ار" ‪Corridor for Peace‬‬ ‫خام�س ًا‪ :‬اليابان‬
‫‪ ،and Prosperity‬ال ��ذي ميت ��د من ال�ضفة الغربي ��ة �إىل الأردن؛ لي�صل حتى اخللي ��ج العربي‪ ،‬ويقوم‬
‫يف جوه ��ره عل ��ى تطوير زراعة الفواك ��ه والزيتون يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وت�سويق ��ه يف اخلليج‪ ،‬وقد عقد‬
‫�أول اجتم ��اع للجنة اال�ست�شارية للم�رشوع‪ ،‬التي ت�ضم الياب ��ان و"�إ�رسائيل" وفل�سطني والأردن‪ ،‬يف‬
‫‪.2007/6/27‬‬
‫و�أطلق وزير اخلارجية الياباين تارو �آ�سو ‪ Taro Aso‬على املبد�أ احلاكم ل�سيا�سة بالده يف املنطقة‬
‫ا�سم "مبد�أ احلرية واالزدهار"‪ ،‬والذي حدده يف الأبعاد التالية‪:71‬‬
‫‪ .1‬تعمي ��ق االنخراط الياباين يف ال�رشق الأو�سط لي�س اقت�صاديا ً فقط‪ ،‬بل و�سيا�سيا ً �أي�ضاً‪ ،‬مع‬
‫ت�أكي ��ده عل ��ى �أن ‪ %89.2‬م ��ن م�صادر الطاق ��ة اليابانية ت�أتي م ��ن ال�رشق الأو�س ��ط‪ ،‬منها ‪ %76.4‬من‬
‫دول جمل�س التعاون اخلليجي‪ ،‬كما �أن لليابان م�رشوعا ً لبناء جممع بيرتوكيماوي مع ال�سعودية‪ ،‬يف‬
‫مدينة رابغ‪ ،‬يع ّد �أكرب جممع بيرتوكيماوي يف العامل‪.‬‬
‫‪ .2‬ت�شجي ��ع الزيارات على م�ستوى عالٍ ب�ي�ن فل�سطني و"�إ�رسائيل" والياب ��ان‪ ،‬مع الرتكيز على‬
‫العمل مع القوى املركزية يف املنطقة مثل م�رص وال�سعودية‪.‬‬
‫غري �أن تتبع ال�سيا�سة اليابانية جتاه املنطقة يد ّل على �أن البعد ال�سيا�سي يكاد يكون بعدا ً هام�شياً؛‬
‫فزي ��ارة رئي� ��س ال ��وزراء الياب ��اين �شين ��زو �آب ��ي ‪� Shinzo Abe‬إىل ال��ش�رق الأو�سط خ�ل�ال الفرتة‬
‫‪� 2007/5/2-4/28‬شمل ��ت دول اخللي ��ج وم��ص�ر‪ ،‬دون زي ��ارة فل�سطني �أو "�إ�رسائي ��ل"‪ ،‬كما �أن زيارة‬
‫وزي ��ر اخلارجية تارو �آ�سو يف �آب‪� /‬أغ�سط� ��س ‪ 2007‬تركزت على مو�ضوع ممر ال�سالم واالزدهار‪،‬‬
‫وعل ��ىالإع�ل�انع ��نتق ��دميم�ساع ��داتللفل�سطيني�ي�نمبق ��دار‪20‬ملي ��وندوالر‪.‬‬
‫�إن النمط التجاري (املريكانتيلي ‪ )Mercantilism‬يف ال�سيا�سة اليابانية هو النمط الطاغي‪ ،‬كما �أن‬
‫حر�صه ��ا على التناغم مع املوقف الأمريكي يجعلها تتجنب اتخاذ مواقف �سيا�سية وا�ضحة ل�ضمان‬
‫ا�سرت�ضاء جميع الأطراف‪.‬‬
‫وميكن تف�سري ال�سلوك الياباين على النحو التايل‪:‬‬
‫‪� .1‬إن الياب ��ان قبل ��ت بالدور االقت�ص ��ادي املوكل �إليها يف �إط ��ار �إيجاد م�صالح عربي ��ة �إ�رسائيلية‬
‫‪258‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫م�شرتك ��ة‪ ،‬ت�ساعد على حتويل ال��ص�راع ب�شكل تدريجي من منظ ��وره ال�صفري �إىل املنظور‬
‫غ�ي�ر ال�صف ��ري‪ ،‬عرب �إيج ��اد �شبكة م ��ن امل�صال ��ح امل�شرتكة بني الأط ��راف املتناح ��رة‪ ،‬ت�سهم‬
‫بدورها يف ت�ضييق نطاق جوانب امل�صالح املتعار�ضة‪.‬‬
‫‪ . 2‬ميك ��ن االفرتا� ��ض ب�أن اليابان ترى يف ا�ستمرار حالة ال��ص�راع يف املنطقة �أمرا ً ي�سهم يف زيادة‬
‫النفق ��ات الدفاعية لدول املنطقة‪ ،‬واالنغما�س يف �سيا�سات ��ش�راء الأ�سلحة‪ ،‬التي لي�س لليابان‬
‫�أي ن�صي ��ب فيه ��ا‪ .‬غري �أن تعزيز امل�س ��ار ال�سلمي �سيحول النفقات الدفاعي ��ة باجتاه النفقات‬
‫على ال�سلع ال�سلمية‪ ،‬التي ت�ستطيع اليابان �أن تناف�س وبقوة يف جمالها‪.‬‬
‫ويف ه ��ذا املج ��ال تعه ��دت اليابان يف م�ؤمت ��ر باري�س‪ ،‬امل�شار ل ��ه �سابقاً‪ ،‬بتق ��دمي ‪ 150‬مليون دوالر‬
‫لل�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬

‫متثل منظمة الأمم املتح ��دة �أهم املنظمات الدولية ذات‬


‫ال�ش� ��أن يف املو�ض ��وع الفل�سطين ��ي‪ ،‬وم ��ن ال�رضوري‬
‫�ساد�س ًا‪ :‬املنظمات الدولية‬
‫النظ ��ر �إىل توجه ��ات الأمم املتحدة‪� ،‬سواء من خالل قراراته ��ا �أو تو�صياتها �أو الت�رصيحات التي يديل‬
‫بها الأمني العام �أو من ميثله‪ ،‬على �أنها انعكا�س لتوازنات القوى داخل جمل�س الأمن فقراراتها لي�ست‬
‫�إال انعكا�سا ً لإرادة الأع�ضاء فيها‪� .‬أما على م�ستوى اجلمعية فاملعادلة خمتلفة لأن الهيمنة الأمريكية‬
‫�أو �سطوة ب�ضعة دول ت�ضيع �أمام �إرادة جماعية �أكرب و�أو�سع‪.‬‬
‫يف �ض ��وء ما �سبق ميك ��ن �إدراك مواقف الأمم املتحدة م ��ن املحورين‪ ،‬اللذين بنين ��ا عليهما التقييم‬
‫اال�سرتاتيجي لعام ‪2007‬؛ وهما‪ :‬الأزمة الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬والتوجهات نحو الت�سوية ال�سيا�سية‬
‫لل�رصاع العربي الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫‪ .1‬الأزمة الداخلية‪:‬‬
‫مل ُتب� � ِد الأمم املتح ��دة موقفا ً عدائيا ً من جه ��ود ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬كم ��ا �أنها �أبدت نقدا ً‬
‫للت�ضيي ��ق على احلياة اليومي ��ة للمواطن الفل�سطيني يف كل من ال�ضفة وغ ��زة‪ ،‬وقد كان ذلك وا�ضحا ً‬
‫يف ع ��دد م ��ن مواق ��ف الأمني العام بان كي م ��ون ‪ ،Ban Ki-moon‬ال ��ذي ر�أى �أن اتف ��اق مكة بني فتح‬
‫وحما� ��س خطوة "�إيجابية"‪ ،‬وانتق ��د الت�ضييق الإ�رسائيلي على حرك ��ة الأ�شخا�ص والب�ضائع‪ ،‬ومنع‬
‫ت�سلي ��م اجلمارك وال�رضائ ��ب من ِقبَل "�إ�رسائي ��ل"‪ ،‬ال �سيّما بعد تويل حما�س احلكوم ��ة الفل�سطينية‪.‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل تكرار �رضورة املحافظة على احلقوق الفل�سطينية‪ ،‬على غرار ما فعله املكتب التنفيذي‬
‫للجن ��ة الأمم املتحدة املعني ��ة باملطالبة مبمار�سة ال�شعب الفل�سطيني حقوق ��ه "ب�إقامة دولة فل�سطينية‬
‫يف �أرا�ض ��ي ‪ 1967‬مبا فيها القد�س"‪ ،72‬وانتقاد بان كي مون قرار "�إ�رسائيل" اعتبار قطاع غزة "كيانا ً‬
‫معاديا ً"؛ لأن ذلك "مناق�ض للقانون الدويل"‪.73‬‬
‫‪259‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫لك ��ن ال�سلوك ال�سيا�سي للأم�ي�ن العام وملمثليه مل ين�سجم مع ه ��ذه التوجهات ب�شكل وا�ضح‪ ،‬بل‬
‫كان �سلوكا ً متناغما ً وب�شكل كبري مع التوجهات التي تبنتها وا�شنطن ب�شكل خا�ص‪ ،‬والقوى الدولية‬
‫الأخ ��رى ب�شكل عام‪ ،‬فقد �أعلن ��ت الأمم املتحدة بعد ت�شكيل حكومة الوح ��دة الوطنية‪ ،‬ب�أنها �ستجري‬
‫ات�صاالت دبلوما�سية مع وزراء "ال ينتمون حلركة حما�س"‪ ،‬وف�رس بان كي مون ذلك بقوله "ننتظر‬
‫�أن ت�ستجيب هذه احلكومة لتوقعات املجتمع الدويل؛ من �أجل �إحالل ال�سالم والأمن يف املنطقة"‪.74‬‬
‫ذلك يعني �أن الأمني العام عك�س �إرادة الأطراف الفاعلة يف جمل�س الأمن وال �سيّما �أمريكا و�أوروبا‪،‬‬
‫واملتمثلة يف ال�ضغط على حركة حما�س‪ ،‬وهو الأمر الذي عربت عنه اللجنة الرباعية الدولية‪ ،‬واملتمثل‬
‫يف ال��ش�روط املركزية اخلا�ص ��ة باالعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬وقبول كاف ��ة االتفاقات التي �سبق ووقعتها‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية ومنظمة التحرير الفل�سطينية‪ .‬الأمر الذي ي�ؤكد �أن مواقف الأمني العام ال تعك�س‬
‫مواقف اجلمعية العامة‪ ،‬و�إمنا له �أجندته يف العالقة ب�أمريكا ومبجل�س الأمن عموماً‪.‬‬
‫ويف �أعق ��اب انفجار �أحداث غزة برز مو�ضوع ن�رش قوة دولية يف قطاع غزة‪ ،‬وهو املو�ضوع الذي‬
‫ن ��ادى به رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وا�ستبعد موفد الأمم املتحدة �إىل ال�رشق الأو�سط مايكل وليامز‬
‫‪ Michael Williams‬اال�ستجاب ��ة له ��ذا الطل ��ب "على امل ��دى الق�صري"‪ ،‬كما �أو�ضح ��ت املتحدثة با�سم‬
‫الأمان ��ة العامة للأمم املتحدة مي�شيل مونتا� ��س ‪� Michèle Montas‬أن فكرة ن�رش مراقبني دوليني يف‬
‫قطاع غزة هي فكرة جاءت من "رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ولي�س من الأمني العام للأمم املتحدة"‪.75‬‬
‫علم� �ا ً ب� ��أن احلكومة الإ�رسائيلي ��ة عار�ضتها وهو ما يف��س�ر التن�صل منها بالرغم م ��ن �أنها مرفو�ضة‬
‫فل�سطينيا ً كذلك‪.‬‬
‫ويف البع ��د االقت�ص ��ادي‪ ،‬تكررت ال�شكوى من هيئات الأمم املتحدة‪ ،‬ال �سيّما وكالة غوث الالجئني‬
‫الفل�سطيني�ي�ن "الأونروا"؛ من نق�ص الإمكانات املادية للوفاء باحتياجات ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬والتي‬
‫قدرتها لعام ‪ 2007‬بحوايل ‪ 246‬مليون دوالر‪.76‬‬
‫وميك ��ن فه ��م تلك�ؤ ال ��دول املانحة يف تقدمي م�ساعدته ��ا �إىل الأمم املتحدة‪ ،‬يف ه ��ذا اجلانب‪ ،‬ب�أنه غري‬
‫منف�ص ��ل عن احل�صار االقت�صادي ذي اخللفيات ال�سيا�سية‪ ،‬التي �أ�رشنا لها �أكرث من مرة‪ ،‬واملوجهة‬
‫حتدي ��دا ً نحو حكومة حما�س قبل اتفاق مكة‪� ،‬أو جن ��اح حما�س يف حكومة الوحدة الوطنية �أو حكومة‬
‫غزة‪.‬‬
‫ومم ��ا ي ��د ّل على توظيف توجهات الأمم املتح ��دة ب�شكل يتوافق مع توجه ��ات وا�شنطن‪� ،‬أن البنك‬
‫ال ��دويل �أ�ص ��در تقريرا ً يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،2007‬مرتافقا ً مع اتفاق مكة قال فيه �إنه "من غري الوا�ضح‬
‫مدى خ�ضوع املدفوعات عن طريق مكتب عبا�س لل�ضوابط املالية‪ ،‬وتدابري املراجعة الداخلية املعمول‬
‫‪260‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫به ��ا يف احلكوم ��ة الفل�سطينية‪ ،‬وثمة �أدل ��ة تثري املخاوف من تراجع ملمو� ��س يف ال�شفافية واملحا�سبة‪،‬‬
‫ب�سب ��ب التقاع� ��س ع ��ن رف ��ع التقارير املالي ��ة ب�صف ��ة دورية"‪ .77‬والق ��راءة املت�أني ��ة للتقري ��ر ت�شري �إىل‬
‫م�س�ألتني‪:‬‬
‫�أ‪� .‬أن موعد �صدور التقرير جاء مرتافقا ً مع انفراج الأزمة الداخلية الفل�سطينية من خالل اتفاق‬
‫مكة‪ ،‬والذي مل تكن الواليات املتحدة مطمئنة له‪.‬‬
‫ب‪ .‬الإيح ��اء ال�ضمني للرئي� ��س الفل�سطيني عبا�س ب�أن ��ه قد يواجه م�شكالت مالي ��ة م�ستقبالً‪� ،‬إذا‬
‫بق ��ي ي�س�ي�ر يف اجتاه التقارب م ��ع حما� ��س‪ ،‬ال �سيّما �إذا ربطن ��ا م�ضمون ه ��ذا التقرير بقرار‬
‫الكوجنر�س يف الفرتة نف�سها‪ ،‬وبعد اتفاق مكة‪ ،‬بتجميد م�ساعدة مالية للحكومة الفل�سطينية‬
‫مبقدار ‪ 86‬مليون دوالر التي �أ�رشنا لها �سابقاً‪.‬‬
‫‪ .2‬الت�سوية ال�سيا�سية‪:‬‬
‫�س ��وف نركز هنا على متابعة دور الأمم املتحدة م ��ن خالل ا�ستقرائنا لدور اللجنة الرباعية‪ .‬فمن‬
‫املعل ��وم �أن موقف اللجن ��ة الرباعية منذ ت�أ�سي�سها‪ ،‬و�صدور �أول بي ��ان لها يف ‪ 2002/7/16‬يعمل على‬
‫التحدي ��د الدقيق ملا هو مطلوب ل�صالح الطرف الإ�رسائيلي؛ (االعرتاف بـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬ووقف املقاومة‬
‫امل�سلح ��ة‪ ،‬وتفكيك التنظيم ��ات الفل�سطينية امل�سلحة)‪ ،‬و�إبقاء املطال ��ب الفل�سطينية والقرارات الدولية‬
‫مو�ضوع� �ا ً للتفاو� ��ض بني الطرف�ي�ن الفل�سطيني والإ�رسائيل ��ي دون �أن تلتزم اللجن ��ة موقفا ً وا�ضحا ً‬
‫جتاهها‪.‬‬
‫ومما جتدر مالحظته �أن اللجنة مل جتتمع خالل الفرتة من �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪� 2006‬إىل �أول �شباط‪/‬‬
‫فرباير ‪ ،2007‬كما �أن مراجعة البيانات الع�رشة التي �أ�صدرتها اللجنة خالل عام ‪ 2007‬ت�شري �إىل �أنها‬
‫مل ت�ضف �أي جديد لنهجها التقليدي‪.78‬‬
‫فقد �أ�شار بيانها يف ‪� 2007/2/2‬إىل �إنهاء االحتالل الإ�رسائيلي الذي بد�أ عام ‪ ،1967‬وحتقيق �سالم‬
‫ع ��ادل على �أ�سا� ��س قراري جمل�س الأمن ‪ 242‬و‪ 338‬من ناحي ��ة‪ ،‬والت�أكيد على االعرتاف الفل�سطيني‬
‫بـ"�إ�رسائي ��ل" وبقب ��ول كافة االتفاقات ال�سابقة‪ ،‬الت ��ي وقعتها ال�سلطة الفل�سطيني ��ة ومنظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية من ناحية �أخرى‪.79‬‬
‫وع ��ادت اللجنة للت�أكي ��د يف بيانها الثاين يف ‪ 2007/2/9‬على �رضورة الت ��زام احلكومة الفل�سطينية‬
‫املُعتَ� �زَم ت�شكيله ��ا بكل االتفاقات‪ .80‬بينما �أكد بيانها الثال ��ث يف ‪ 2007/2/21‬على عدم اتخاذ الأطراف‬
‫�أية �إجراءات ت�ؤثر على ق�ضايا املفاو�ضات (وهي �إ�شارة �إىل عمليات اال�ستيطان الإ�رسائيلي يف ال�ضفة‬
‫الغربية)‪.81‬‬
‫ورحبت اللجنة يف بيانها الرابع يف ‪ 2007/3/30‬بحكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬لكنها تو�سعت يف مطالبها‬
‫‪261‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يف البي ��ان اخلام� ��س يف ‪ 2007/5/30‬باملطالبة بوقف ال�صواريخ التي تطلقه ��ا املقاومة الفل�سطينية من‬
‫غ ��زة عل ��ى امل�ستوطن ��ات الإ�رسائيلية‪ ،‬وطالب ��ت ب�إطالق �رساح اجلن ��دي جلعاد �شالي ��ط املعتقل لدى‬
‫حما� ��س ف ��ورا ً ودون �رشوط‪ .82‬ولكنها باملقاب ��ل طالبت "�إ�رسائيل" ب�إطالق ��س�راح �أع�ضاء احلكومة‬
‫والن ��واب الفل�سطينيني املعتقلني لدى "�إ�رسائيل"‪ .‬و�أ�شار هذا البيان �إىل املبادرة العربية لل�سالم ب�أنها‬
‫"عن�رص حيوي للجهود املبذولة لتقدم عملية ال�سالم"‪� ،‬أي �أنها �أحد مقومات الت�سوية ولي�ست �أ�سا�سا‬
‫لها‪ ،‬كما دعا البيان �إىل "ت�شجيع وتو�سيع االت�صاالت العربية مع �إ�رسائيل"‪.‬‬
‫�إن املتتب ��ع لبيان ��ات اللجنة الرباعي ��ة يتبني له بو�ض ��وح �أن املطالب الفل�سطينية يت� � ّم التعبري عنها‬
‫بطريق ��ة عام ��ة وغري حمددة‪ ،‬بينما يتم التعبري عن املطال ��ب الإ�رسائيلية ب�شكل وا�ضح و�رصيح‪.‬ويف‬
‫�أعق ��اب �أزمة ال�صالحيات‪ ،‬واالنق�سام الفل�سطيني �إىل حكومتني يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬اتخذت اللجنة يف‬
‫بيانه ��ا ال�ساد�س يف ‪ 2007/6/16‬موقفا ً منح ��ازا ً لطرف على ح�ساب طرف �آخر؛ حيث �أعلنت "تفهمها‬
‫ملوق ��ف الرئي� ��س الفل�سطيني‪ ،‬بح ّل حكوم ��ة الوحدة الوطنية و�إع�ل�ان حالة الط ��وارئ"‪ .‬وبعد تعيني‬
‫رئي�س الوزراء الربيطاين ال�سابق توين بلري مبعوثا ً للجنة يف املنطقة‪ ،‬حددت اللجنة يف بيانها ال�سابع‬
‫مه ��ام بل�ي�ر ب�أنها "ح�ش ��د امل�ساع ��دات الدولي ��ة للفل�سطينيني بالتعاون م ��ع الدول واجله ��ات املانحة‪،‬‬
‫و�ضم ��ان الت�أيي ��د الدويل لعمل امل�ؤ�س�س ��ات الفل�سطينية‪ ،‬وتطوي ��ر االقت�صاد الفل�سطين ��ي‪ ،‬وم�ساندة‬
‫�أه ��داف اللجن ��ة الرباعية"‪ .‬ويبدو �أن بلري ميثل نوعا ً من امل�صادرة للجنة الرباعية‪ ،‬وح�رص دورها يف‬
‫اجلان ��ب االقت�صادي و�إع ��ادة بناء امل�ؤ�س�سات‪� .‬أي العودة �إىل التف ��رد الأمريكي‪ ،‬كما ظهر منذ الدعوة‬
‫�إىل م�ؤمتر �أنابولي�س حتى الآن‪.‬‬
‫�أما بيانها الثامن يف ‪ 2007/7/19‬ف�أق ّر ب�رشعية حكومة رام اهلل فقط‪ ،‬ودعا لتقدمي امل�ساعدة الدولية‬
‫له ��ا‪ ،‬كما �أيدت الدعوة التي دعا فيها بو�ش لعقد م�ؤمتر دويل يف �أنابولي�س لت�سوية النزاع الفل�سطيني‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬كما عادت اللجنة للت�أكيد على دعم وتو�سيع دائرة االت�صاالت العربية الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫كم ��ا �أن بل�ي�ر قام ب�أول جولة ل ��ه يف املنطقة ب�صفته ممثل اللجنة الرباعي ��ة يف ‪ 2007/7/23‬دون �أن‬
‫يلتق ��ي مبمثل�ي�ن من حركة حما�س‪ ،‬كما دعا بلري قبل اجتماع اللجنة يف �أيلول‪� /‬سبتمرب �إىل دعم قوات‬
‫ال�رشط ��ة الفل�سطينية‪ ،‬ويف اجتماعه ��ا يف ‪ ،2007/9/23‬وبح�ضور ممث ��ل الرباعية يف ال�رشق الأو�سط‬
‫توين بلري‪ ،‬دعت اللجنة يف بيانها التا�سع �إىل حتقيق عدد من املطالب �أهمها‪:83‬‬
‫�أ‪ .‬دعم احلوار بني الرئي�س الفل�سطيني ورئي�س الوزراء الإ�رسائيلي �أوملرت‪.‬‬
‫ب‪ .‬دعم ت�شكيل الوفود املفاو�ضة التي �ستلي عقد امل�ؤمتر الدويل الذي دعا له بو�ش‪.‬‬
‫ج‪ .‬الدع ��وة لإقامة دولة فل�سطينية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬والت�أكيد على ح ّل �شامل على‬
‫�أ�سا�س قرارات الأمم املتحدة رقم ‪ 242‬و‪.338‬‬

‫‪262‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫د‪ .‬دعم جهود بلري يف توفري الدعم املايل مل�ؤ�س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬والت�صديق على التمديد‬
‫مل ��ا عرف "بالآلية الدولية امل�ؤقت ��ة" ‪Temporary International Mechanism‬؛ وهي هيئة‬
‫مت �إن�شا�ؤها‪ ،‬من قبل املفو�ضية الأوروبية بناء على طلب اللجنة الرباعية يف حزيران‪ /‬يونيو‬‫ّ‬
‫‪ ،2006‬لتقدمي امل�ساعدات ال�صحية واخلدمية للفل�سطينيني‪.‬‬
‫وق ��د �أعلن بلري يف هذا ال�ص ��دد يف ‪ 2007/11/19‬عن خطة لإيجاد ع�رشات الآالف من فر�ص العمل‬
‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة؛ من خالل فتح م�شاريع زراعية و�صناعية‪.84‬‬
‫وم ��ن الوا�ضح �أن اخلطة اال�سرتاتيجية الأوروبية التي �أ�رشنا �إليها‪ ،‬وخطة بلري االقت�صادية هي‬
‫اجلانب "الإغوائي" للطرف الفل�سطيني للدخول يف املفاو�ضات‪ ،‬بل وت�شجيع حكومة فيا�ض للم�ضي‬
‫قدم� �ا ً يف نزع �سالح املقاومة‪ ،‬ومط ��اردة املقاومني‪ .‬و�أبدت اللجنة قلقه ��ا ال�شديد من ا�ستمرار �إطالق‬
‫ال�صواري ��خ الفل�سطيني ��ة على امل�ستوطن ��ات الإ�رسائيلية‪ ،‬ومن ت�ضييق حرك ��ة حما�س على احلريات‬
‫ال�صحفية وحرية التعبري يف قطاع غزة‪.‬‬
‫�أم ��ا اجتماع الرباعية العا�رش‪ ،‬وال ��ذي �سبق عقد م�ؤمتر �أنابولي�س بيوم واحد‪ ،‬فقد �أكد على دعوة‬
‫جلنة املتابعة العربية حل�ضور االجتماع املقرر عقده يف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪.2007‬‬
‫غ�ي�ر �أن التقري ��ر ال ��ذي قدمه مبعوث حق ��وق الإن�س ��ان الدويل لفل�سط�ي�ن‪ ،‬جون دوج ��ارد ‪John‬‬
‫‪ ،Dugard‬يك�ش ��ف امل ��دى ال ��ذي ت�ؤثر في ��ه الواليات املتحدة عل ��ى اللجن ��ة الرباعية‪ ،‬مما دع ��اه �إىل �أن‬
‫يو�ص ��ي "بان�سح ��اب الأمم املتحدة م ��ن اللجنة الرباعي ��ة؛ لأن هذه اللجنة ال ت�ستطي ��ع حتدي القيود‬
‫الت ��ي تفر�ضها �إ�رسائي ��ل على الفل�سطينيني‪ ،‬كما �أن هذه اللجنة تق ��ف �إىل جانب طرف فل�سطيني‪ ،‬هو‬
‫الرئي�س عبا�س‪� ،‬ض ّد طرف �آخر‪ ،‬هو حركة حما�س‪ ،‬يف اخلالفات النا�شبة بينهما‪ ،‬بدالً من العمل على‬
‫ر�أب ال�صدع بينهما"‪.85‬‬
‫وتتع ��زز وجه ��ة النظر هذه مبا ورد يف تقري ��ر دو �سوتو الذي �أ�رشنا �إليه �سابق� �اً‪ ،‬والذي جاء فيه‬
‫بخ�صو�ص اللجنة الرباعية ب�شكل خا�ص والأمم املتحدة ب�شكل عام‪:‬‬
‫�أن ��ه ُمنِ ��ع م ��ن االت�ص ��ال م ��ع حما� ��س‪ ،‬و�أن البعث ��ة الإ�رسائيلي ��ة يف الأمم املتحدة ق ��ادرة على‬
‫الو�ص ��ول �إىل �أعل ��ى امل�ستوي ��ات يف الأمانة العامة ل�ل��أمم املتحدة‪ ،‬و�أن هذه الأمان ��ة ت�س�أل عن‬
‫موقف الواليات املتحدة واملوقف الإ�رسائيلي قبل �أي خطوة‪ ،‬بدالً من بحث املوقف ال�صحيح‬
‫ال ��ذي يجب اتخ ��اذه‪� ...‬أما اللجنة الرباعي ��ة فقد حتولت من هيئة لتطبي ��ق خريطة الطريق �إىل‬
‫هيئة همها فر�ض املقاطعة على حكومة منتخبة من �شعب حتت االحتالل‪.86‬‬

‫‪263‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫خالل �سنة ‪ ،2007‬حكمت الرباغماتي ُة‬


‫الر�ؤي َة ال�صينية للق�ضية الفل�سطينية‬
‫�إىل ح ًٍّد كبري‪ ،‬و�أعطت امل�صالح‬
‫االقت�صادية االعتبارات الأوىل يف‬
‫�سيا�ستها جتاه العرب و"�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫يف ال�صورة رئي�س الوزراء ال�صيني‬
‫ون جياباو ي�ستقبل رئي�س الوزراء‬
‫الإ�رسائيلي �أوملرت يف بكني يف‬
‫‪( .2007/1/10‬رويرتز)‬

‫�سعت رو�سيا �إىل لعب دور �أكرث‬


‫ن�شاطا ً و"توازنا ً" يف ال�رصاع‬
‫العربي الإ�رسائيلي خالل �سنة‬
‫‪2007‬؛ وحافظت على عالقاتها‬
‫مع كافة الأطراف‪ .‬يف ال�صورة‬
‫الرئي�س الرو�سي ي�صافح رئي�س‬
‫الوزراء الإ�رسائيلي �أوملرت‬
‫يف مو�سكو‪ ،‬يف ‪.2007/10/18‬‬
‫(رويرتز)‬

‫وزير اخلارجية الرو�سي �سريجي‬


‫الفروف‪ ،‬ي�ستقبل خالد م�شعل يف مو�سكو‬
‫يف ‪2007/2/27‬؛ حيث حافظت رو�سيا على‬
‫عالقتها بحما�س‪ ،‬على الرغم من احل�صار‬
‫الدويل‪ ،‬ومن ال�سيطرة الع�سكرية حلما�س‬
‫على القطاع‪�( .‬أ ف ب)‬

‫‪264‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫رئي�س وزراء حكومة الوحدة‬


‫الوطنية �إ�سماعيل هنية ي�ستقبل‬
‫نائب وزير خارجية الرنويج‬
‫رميوند جوهان�سن يف غزة يف‬
‫‪ .2007/3/19‬وكانت الرنويج �أحد‬
‫�أبرز الدول الأوروبية الداعية لف ّك‬
‫احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني‬
‫واحلكومة التي تقودها حما�س‪.‬‬
‫(رويرتز)‬

‫حافظت �أمريكا على دعمها‬


‫القوي لـ"�إ�رسائيل"‪ ،‬وعلى دعم‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬وم�سار‬
‫الت�سوية‪ .‬يف ال�صورة الرئي�س‬
‫الأمريكي جورج بو�ش‪ ،‬و�إىل‬
‫جانبه الرئي�س عبا�س ورئي�س‬
‫الوزراء الإ�رسائيلي �أوملرت‪ ،‬يف‬
‫م�ؤمتر ال�سالم يف �أنابولي�س‪ ،‬يف‬
‫‪( .2007/11/27‬رويرتز)‬

‫الرئي�س الأمريكي جورج بو�ش‬


‫يتحدث يف م�ؤمتر ال�سالم يف‬
‫�أنابولي�س يف ‪2007/11/27‬؛ الذي‬
‫عقد مب�شاركة ‪ 44‬دولة‪ ،‬مبا فيها‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬والدول دائمة الع�ضوية‬
‫يف جمل�س الأمن‪ ،‬والعديد من‬
‫الدول العربية‪ ،‬والهند‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫(رويرتز)‬

‫‪265‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫نقدم حتت هذا البند منوذجا ً لدرا�سة حالة ‪Case Study‬‬


‫للهن ��د فيما يتعل ��ق بال�ش�أنني الفل�سطين ��ي والإ�رسائيلي؛‬
‫�سابع ًا‪ :‬الهند (درا�سة حالة)‬
‫حي ��ث يجمع �أغلب الباحثني عل ��ى �أن الهند متثل �أبرز الدول النامية؛ من حي ��ث الأهمية الدولية الآنية‬
‫وامل�ستقبلي ��ة‪ ،‬وه ��و م ��ا يجعلنا ن ��ويل موقفها بع� ��ض العناية �أكرث م ��ن غريها‪ .‬وتظهر �سن ��ة ‪� 2007‬أن‬
‫"�إ�رسائي ��ل" متكنت من متت�ي�ن عالقاتها مع الهند‪ ،‬ب�صفتيه ��ا الر�سمية وال�شعبي ��ة‪� ،‬أكرث من �أي وقت‬
‫م�ضى‪ ،‬على الرغم من املعار�ضة الإ�سالمية والي�سارية ال�شديدة‪.‬‬
‫‪ .1‬العالقات الهندية ‪ -‬الفل�سطينية‪:‬‬
‫ظ ّل الر�أي العام الهندي‪ ،‬املتمثل يف ال�صحافة و�أحزاب الو�سط والي�سار وال�شارع الهندي‪ ،‬وب�صفة‬
‫خا�ص ��ة م�سلمي الهند‪ ،‬البالغ عددهم �أكرث من ‪ 150‬مليون ن�سم ��ة‪ ،‬م�ؤيدا ً للعرب ولفل�سطني‪ ،‬ويظهر‬
‫ه ��ذا من املظاه ��رات واالعت�صامات وامل�ؤمترات والندوات‪ ،‬التي تق ��ام من وقت لآخر يف خمتلف املدن‬
‫الهندية‪ .‬كما يظهر من �أ�سلوب تناول ال�صحف لأخبار "�إ�رسائيل" وفل�سطني وافتتاحياتها ومقاالتها‬
‫والبيان ��ات الت ��ي ت�صدره ��ا املنظم ��ات الإ�سالمي ��ة والي�ساري ��ة‪ ،‬عن ��د كل تط ��ور مهم يخ� � ّ�ص الق�ضية‬
‫الفل�سطيني ��ة‪� ،‬س ��واء يف الهن ��د �أو اخل ��ارج‪ .‬وكان من هذه املنا�سب ��ات م�ؤمتر غرب �آ�سي ��ا الدويل‪ ،‬الذي‬
‫عقدت ��ه القوى الي�ساري ��ة الهندية بنيودله ��ي يف ‪ ،2007/3/14-12‬وح�رضه وفود م ��ن الدول العربية‬
‫مب ��ا فيها مندوبون م ��ن فل�سطني‪ .‬وقد طال ��ب امل�ؤمتر املجتمع ال ��دويل ب�إنهاء االحت�ل�ال الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫و�إزال ��ة ج ��دار الف�صل العن�رصي‪ ،‬و�أك ��د حقّ ال�شع ��ب الفل�سطيني يف وطنه‪ ،‬ومقاوم ��ة االحتالل بكل‬
‫الط ��رق امل�رشوع ��ة‪ .87‬وعقدت منظم ��ات ي�سارية م�ؤمترا ً �آخ ��ر يف �آب‪� /‬أغ�سط� ��س ‪ ،2007‬عن الق�ضية‬
‫الفل�سطيني ��ة وق�ضاي ��ا ال��ش�رق الأو�س ��ط‪� ،‬إىل جانب ع��ش�رات امل�ؤمت ��رات والن ��دوات واالعت�صامات‪،‬‬
‫الت ��ي قامت به ��ا منظمات �إ�سالمي ��ة وي�سارية يف �أنحاء الهن ��د‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف دله ��ي وبومباي لت�أييد‬
‫الق�ضي ��ة الفل�سطينية‪ ،‬ولل�ضغط على احلكومة الهندية ب�أال تتم ��ادى يف عالقاتها مع "�إ�رسائيل"‪ ،‬و�أال‬
‫حتي ��د ع ��ن �سيا�سة الهند التقليدية الرا�سخ ��ة يف ت�أييد حقوق ال�شعب الفل�سطين ��ي‪ .‬وكان منها م�ؤمتر‬
‫فل�سط�ي�ن والقد�س‪ ،‬ال ��ذي عقدته املنظمات الإ�سالمية الكبرية باجلامع ��ة امللّيّة الإ�سالمية يف نيودلهي‬
‫ي ��وم ‪ .2007/10/5‬كم ��ا �أ�صدرت �أحزاب الي�سار والو�سط‪ ،‬وخ�صو�ص ��ا احلزب ال�شيوعي املارك�سي‬
‫بيان ��ات �صحفية‪ ،‬ون ��داءات داخل الربملان وخارج ��ه عدة مرات خالل �سن ��ة ‪ ،2007‬تطالب احلكومة‬
‫بالكف عن متتني العالقات مع "�إ�رسائيل"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يتمثل املوقف الر�سمي للحكومة الهندية‪ ،‬كما �رشحه وزير اخلارجية الهندي براناب موخارجي‬
‫‪� Pranab Mukherjee‬أمام اللجنة اال�ست�شارية لل�ش�ؤون اخلارجية يوم ‪ ،2007/12/12‬يف �أنها "ت�ؤيد‬
‫ت�سوية تفاو�ضية ت�ؤدي �إىل قيام دولة فل�سطينية ذات �سيادة وم�ستقلة وقابلة للبقاء وموحدة‪ ،‬داخل‬
‫ح ��دود �آمنة ومعرتف بها‪ ،‬تعي�ش جنب� �ا ً �إىل جنب [مع] �إ�رسائيل كما جاء يف خريطة الطريق وقرا َري‬

‫‪266‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫جمل� ��س الأم ��ن ال ��دويل ‪ 1397‬و‪ .88"1515‬كم ��ا يظه ��ر املوقف الهندي م ��ن خالل اخلطاب ال ��ذي �ألقاه‬
‫املبع ��وث اخلا� ��ص لرئي� ��س وزرائه ��ا �إىل غرب �آ�سي ��ا وال�رشق الأو�س ��ط‪ ،‬وهو �شنماي ��ا جاريخان‬
‫‪ ،Chinmaya R. Gharekhan‬يف م�ؤمت ��ر خا� ��ص بغ ��رب �آ�سي ��ا يف ‪2007/11/22‬؛ حيث حدد املوقف‬
‫الهندي على النحو التايل‪:89‬‬
‫�أ‪� .‬إن قاعدة الت�سوية لل�رصاع العربي الإ�رسائيلي هي قرارات الأمم املتحدة‪ ،‬ال �سيما القرارين‬
‫‪ 242‬و‪ ،338‬غري �أن ذلك ي�ستدعي التنبه ملا ورد يف خطابه يف هذا اجلانب؛ حيث يقول "القيادة‬
‫كاف لتدرك �أن �إ�رسائيل ل ��ن تتخلى بب�ساطة عن الأر�ض التي َبن َْت‬‫الفل�سطيني ��ة واقعية بقدر ٍ‬
‫�ا ا�ستيطانية كربى‪ ،‬وباملقابل ف�إن على �إ�رسائي ��ل �أن تتقبل �أنه مقابل الأر�ض التي‬‫عليه ��ا كت�ل ً‬
‫�ست�ضمه ��ا م ��ن ال�ضفة الغربي ��ة‪ ،‬عليها �أن تتخلى ع ��ن م�ساحة م�ساوية يف م ��كان �آخر للدولة‬
‫الفل�سطينية"‪.‬‬
‫ذل ��ك يعن ��ي �أن الهن ��د توافق عل ��ى بقاء امل�ستوطن ��ات املقام ��ة يف ال�ضفة الغربي ��ة‪ ،‬ال �سيّما‬
‫القد�س كجزء من "�إ�رسائيل"‪ ،‬كما �أنها توافق على مبد�أ تبادل الأرا�ضي‪ ،‬علما ً �أن اجلزء املتاح‬
‫للتب ��ادل فيه م ��ع "�إ�رسائيل" هو �صحراء النقب‪ .‬ولعل امل�س�ؤول الهن ��دي يعلم �أن هذا التبادل‬
‫هو تبادل �شكلي وغري متكافئ وظامل‪.‬‬
‫ب‪ .‬يرى امل�س�ؤول الهندي �أن القيادة الفل�سطينية ال ت�ستطيع التخلي عن حق الالجئني يف العودة‪،‬‬
‫ولكن باملقابل لن يقبل م�س�ؤول �إ�رسائيلي بعودة ‪ 4‬ماليني الجئ فل�سطيني‪ ،‬وميكن‪ ،‬ح�سب‬
‫ر�أي امل�س�ؤول الهندي‪" ،‬للذكاء الب�رشي �أن يوجد حالً لهذه امل�س�ألة"‪.‬‬
‫ج‪ .‬على "�إ�رسائيل" �أن تتخلى عن ه�ضبة اجلوالن‪.‬‬
‫د‪� .‬إذا ف�ش ��ل م�ؤمت ��ر �أنابولي� ��س؛ ف� ��إن ذل ��ك �سيكون ل�صالح الق ��وى املتطرف ��ة‪ ،‬وبالرغم من �أن‬
‫الفل�سطيني�ي�ن معروف ��ون جيدا ً بتوجهاته ��م العلمانية "مبن فيهم حما� ��س"‪ ،‬لكن امل�ؤ�سف �أن‬
‫القاعدة وجدت موطئ قدم لها يف املجتمع الفل�سطيني‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬ف�إذا كان عبا�س‬
‫�سيعر� ��ض �أي اتفاق مع "�إ�رسائي ��ل" على اال�ستفتاء‪ ،‬فمن اخلط� ��أ ا�ستبعاد حما�س التي متثل‬
‫عامالً مهما ً عند تقدمي نتائج هذا اال�ستفتاء‪.‬‬
‫م ��ا �سبق ي�ش�ي�ر �إىل �أن املوقف الهندي يدعو لقب ��ول الفل�سطينيني للأمر الواق ��ع‪ ،‬بخ�صو�ص عدم‬
‫ع ��ودة الالجئ�ي�ن وبقاء الكت ��ل اال�ستيطانية يف ال�ضفة الغربي ��ة‪ ،‬وي�شري‪ ،‬بال دلي ��ل‪� ،‬إىل وجود لتنظيم‬
‫القاعدة‪ .‬وهو موقف يقرتب �أكرث من املوقف الإ�رسائيلي الأمريكي‪ ،‬ويبتعد ب�شكل �أكرب عن مقررات‬
‫"ال�رشعي ��ة الدولية"؛ ف�ضالً عن �أنه ي�ستجيب للدعايات‪ ،‬الت ��ي �أطلقها الرئي�س عبا�س و�آخرون‪ ،‬حول‬
‫�صلة حما�س بالقاعدة‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�شارك ��ت الهند يف م�ؤمتر �أنابولي�س يف ‪ ،2007/12/27‬رغ ��م معار�ضة حملية ملثل هذه امل�شاركة يف‬
‫اجله ��ود الأمريكي ��ة‪ ،‬ثم ح�رضت الهند م�ؤمتر الدول املانحة لفل�سطني‪ ،‬الذي عقد يف باري�س يف ال�شهر‬
‫التايل‪ .‬وكان من نتائجه �أن قدمت الهند بالفعل معونة تبلغ ‪ 25‬مليون دوالر لل�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫ويف الإط ��ار االقت�ص ��ادي والإن�ساين‪� ،‬أبدت الهن ��د ا�ستعدادها مل�ساع ��دة الفل�سطينيني‪ ،‬ولو ب�شكل‬
‫رم ��زي‪ .‬فق ��د قال ال�سفري الهندي لدى ال�سلطة الفل�سطيني ��ة يف رام اهلل‪� ،‬إن الهند ت�ستقبل ‪ 40‬طالبا ً من‬
‫ال�ضفة والقطاع للتدريب يف عدة جماالت كل �سنة‪� ،‬إىل جانب تقدمي ع�رش منح للتعليم العايل كل �سنة‪،‬‬
‫أر�ض لل�سفارة الفل�سطينية يف العا�صمة الهندية‪ ،‬كما �أنها تبني مدر�سة ثانوية‬ ‫و�أنه ��ا قد قدمت قطعة � ٍ‬
‫يف قري ��ة �أب ��و دي�س‪ ،‬وتقيم مركزا ً للأمرا�ض اخلبيثة يف �إط ��ار م�ست�شفى ال�شفاء يف غزة‪ .‬كما �أنها تبني‬
‫مق ّر جمل�س الوزراء يف رام اهلل‪ .90‬كما �أعلن وزير الدولة للخارجية الهندية (�إي‪� .‬أحمد) ‪E. Ahamed‬‬
‫خ�ل�ال زيارته ل ��رام اهلل يف �أيلول‪� /‬سبتم�ب�ر ‪� ،2007‬أن الهند قدمت للحكوم ��ة الفل�سطينية م�ساعدات‬
‫بقيمة ‪ 15‬مليون دوالر؛ لتنفيذ م�شاريع يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬مبا فيها �إن�شاء وحدة جلراحة‬
‫القلب يف غزة‪ ،‬و�إقامة حديقة للكمبيوتر وتكنولوجيا املعلومات يف جامعة القد�س‪.91‬‬
‫‪ .2‬العالقات الهندية ‪ -‬الإ�سـرائيلية‪:‬‬
‫عق ��ب قيام الكيان ال�صهيوين �سنة ‪ 1948‬اعرتفت به الهند كـ"حقيقة واقعة" ‪ de facto‬يف �أيلول‪/‬‬
‫�سبتم�ب�ر ‪ ،1950‬ث ��م �سمحت له بعد �شهور ب�أن يفتح مكتبا ً جتاري� �ا ً يف بومباي (مومباي الآن)‪ ،‬الذي‬
‫حت� � ّول �إىل قن�صلية يف حزيران‪ /‬يوني ��و ‪ 1953‬بحجة رعاية اليهود يف الهند‪ ،‬بينما ظلّت الهند ترف�ض‬
‫االع�ت�راف بـ"�إ�رسائي ��ل" ك� �ـ "حقيقة قانوني ��ة" ‪ ،de jure‬ومبا يتب ��ع ذلك من عدم التعام ��ل معها؛ �إىل‬
‫�أن ج ��اءت �أندي ��را غاندي ‪ ،Indira Gajndhi‬فاجتهت �إىل التعامل ال��س�ري مع "�إ�رسائيل" يف املجاالت‬
‫الع�سكري ��ة والأمنية‪ .‬وكان ��ت الهند قد اعرتفت مبنظمة التحري ��ر الفل�سطينية كممثل ر�سمي ووحيد‬
‫لل�شع ��ب الفل�سطين ��ي �سن ��ة ‪ ،1975‬ث ��م اعرتف ��ت بـ"فل�سط�ي�ن" كدولة �سن ��ة ‪1988‬؛ ف�سمح ��ت ملنظمة‬
‫التحرير بفتح �سفارة لها يف الهند‪.‬‬
‫�إال �أن العالق ��ات الدبلوما�سية املعتادة مل تق ��م �إال عندما ا�ستلم نارا�سيمها را�ؤ ‪Narasimha Rao‬‬
‫زم ��ام حكوم ��ة حزب امل�ؤمت ��ر يف ‪1992/1/29‬؛ ف ��كان من �أوىل �إجراءات ��ه �أنه �سم ��ح لـ"�إ�رسائيل" بفتح‬
‫�سفارة يف العا�صمة الهندية‪ ،‬وقيل وقتها �إن الهند فعلت هذا بعد احل�صول على موافقة يا�رس عرفات‪،‬‬
‫ال ��ذي قي ��ل عنه يف الهند �إنه �شجع الهند عل ��ى هذه اخلطوة‪ ،‬التي لقيت معار�ض ��ة كبرية من الأو�ساط‬
‫ال�شعبية وال�سيا�سية الهندية‪ ،‬وخ�صو�صا ً من املنظمات الإ�سالمية والتيارات الي�سارية‪ .‬وعلى الرغم‬
‫من هذه املعار�ضة كان االعتقاد ال�شائع هو �أن ال�سفارة الإ�رسائيلية �ستكون مثل كثري من ال�سفارات‬
‫الأجنبي ��ة يف العا�صم ��ة الهندي ��ة‪ ،‬التي ال �أحد ي�شع ��ر بها �إال ن ��ادراً‪� .‬إال �أن الذي حدث ه ��و �أن ال�سفارة‬
‫الإ�رسائيلية حتولت ب�رسعة �إىل واحدة من �أن�شط املمثليات يف الهند‪ ،‬وبد�أ ال�سفري الإ�رسائيلي يكتب يف‬

‫‪268‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫ال�صحف‪ ،‬ويلقي املحا�رضات‪ ،‬وير�س ��ل الوفود الهندية �إىل "�إ�رسائيل"‪ ،‬وي�سافر بكرثة داخل البالد‪،‬‬
‫ب ��ل وبد�أ يعقد �ص�ل�ات وعقود مع حكومات الوالي ��ات الهندية‪ ،‬وهو �أمر غري معه ��ود يف الهند؛ حيث‬
‫�إن ال�سف ��ارات الأجنبي ��ة تكتف ��ي بالتوا�صل م ��ع وزارة اخلارجي ��ة الهندية ب�ص ��ورة عامة‪ .‬و�رسعان‬
‫م ��ا تطورت العالق ��ات بقفزات يف جمال التعاون الع�سك ��ري‪� ،‬إذ بد�أت الهند ت�ست ��ورد كميات متزايدة‬
‫م ��ن الأ�سلحة الإ�رسائيلية‪ ،‬كما طلبت اال�ستفادة من اخل�ب�رة الإ�رسائيلية يف تدريب اجلنود وحماربة‬
‫"الإرهاب"‪.‬‬
‫وتع� � ّول "�إ�رسائيل" �أهمية كبرية عل ��ى عالقاتها مع الهند‪ ،‬لدرجة �أننا ر�أين ��ا يف �أوائل �سنة ‪،2007‬‬
‫�أن تل �أبيب احتفلت ر�سميا ً بالذكرى الـ ‪ 15‬لقيام العالقات الدبلوما�سية الكاملة مع الهند‪ ،‬و�أ�صدرت‬
‫وزارة اخلارجي ��ة الإ�رسائيلي ��ة بيانا ً ر�سميا ً بهذه املنا�سبة يف ‪ ،2007/1/29‬ر�أت فيه قيام هذه العالقة‬
‫"معلما ً تاريخيا ً"‪ ،‬وقالت �إن "�إ�رسائيل" "ملتزمة متاما ً بدفع هذه العالقات �إىل الأمام بقوة"‪ .92‬وترى‬
‫"�إ�رسائيل" �أن من الأهمية مبكان �أن تعزز �صالتها بالقوى العاملية ال�صاعدة مثل الهند وال�صني‪.93‬‬
‫وحت ��اول "�إ�رسائي ��ل" بن ��اء جماع ��ة �ضغ ��ط (لوبي) لها داخ ��ل الهن ��د ب�شتى الط ��رق‪ .‬وقد ظهرت‬
‫�إ�ش ��ارات �إىل �أن ال�سف ��ارة الإ�رسائيلي ��ة بنت عالقات م ��ع العديد من ال�صحف‪ ،‬ويظه ��ر هذا من خالل‬
‫مق ��االت ال�سفري الإ�رسائيلي وغريه من م�س�ؤويل ال�سفارة‪ ،‬التي تن�رشها بع�ض ال�صحف با�ستمرار‪،‬‬
‫بينم ��ا ه ��ي ال حت ��اول احل�صول عل ��ى مقاالت مماثلة م ��ن ال�سف�ي�ر الفل�سطيني �أو غريه م ��ن ال�سفراء‬
‫الع ��رب �أو امل�سلمني‪ .‬كما �أن�ش�أت "�إ�رسائيل" فرقة غنائية هندي ��ة �إ�رسائيلية م�شرتكة با�سم " َبها َر ِتى"‬
‫�سهارا التجارية الهندي ��ة ‪Sahara India Commercial‬‬ ‫‪�( Bharati‬أي الهندي ��ة) بالتع ��اون مع جمموع ��ة َ‬
‫‪ Corporation‬وه ��ي تت�ضمن ‪ 60‬راق�ص ��ة و‪ 20‬مو�سيقيا ً من الهند و"�إ�رسائيل"‪ ،‬و�ستقدم هذه الفرقة‬
‫امل�شرتك ��ة عرو�ضها يف خمتلف �أنحاء العامل‪ .94‬وظهرت �أي�ضا ً �أنباء يف الهند ب�أن ال�سفارة الإ�رسائيلية‬
‫عالقات مع بع�ض ال�صحف الأوردية‪� ،‬أي ال�صحف التي ين�رشها ويقر�ؤها م�سلمو الهند‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تبني‬
‫و�شه ��دت �أوائ ��ل �سنة ‪ 2007‬عقد ما �سمي بـ"القمة الهندو�سية اليهودية"‪ ،‬التي عقدت يف نيودلهي‬
‫خ�ل�ال ‪ ،2007/2/7-6‬ب�ي�ن قادة الديان ��ة الهندو�سية ممثل ��ة برئي�س م�ؤمتر علماء الديان ��ة الهندو�سية‬
‫�سو ِت ��ى) ‪ Swami Dayananda Saraswati‬على ر�أ�س وفد مكون من نحو ‪30‬‬ ‫(�سوام ��ي َديا َننْد �سرَ َ ْ‬
‫عاملا ً هندو�سياً‪ ،‬و�شارك من اجلانب الإ�رسائيلي كبري احلاخامات يونا ميتزغر ‪ Yona Metzger‬على‬
‫ر�أ� ��س وف ��د من قادة اليهود‪ .‬وقد رتب هذه "القمة" منظمة يهودي ��ة �أمريكية جمهولة ت�سمى "املجل�س‬
‫العامل ��ي للقي ��ادة الديني ��ة" ‪ ،World Council for Religious Leadership‬بالتع ��اون مع تنظيم هندي‬
‫مغم ��ور‪ .‬ومم ��ا يد ّل عل ��ى �أن احلكوم ��ة الإ�رسائيلية كانت‪ ،‬يف احلقيق ��ة‪ ،‬وراء هذه املب ��ادرة �أن وزارة‬
‫مت التوقيع خالل هذه‬ ‫ن�ص بيان هذه "القمة" عند انتهائها‪ .‬و ّ‬ ‫اخلارجي ��ة الإ�رسائيلية هي التي ن�رشت ّ‬
‫القم ��ة عل ��ى بيان م�شرتك "يعرتف بالقي ��م امل�شرتكة بني اثنتني من �أقدم ديان ��ات العامل"‪ ،‬و ُيدين "ك َّل‬
‫عنف قائم على الدين"‪ ،‬ويعلن "�إن�شاء جلنة هندو�سية يهودية دائمة"‪.95‬‬
‫‪269‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫و ُع ِق ��د عل ��ى هام�ش هذه القم ��ة لقاء بني الوفد اليه ��ودي برئا�سة كبري حاخام ��ات "�إ�رسائيل" يونا‬
‫ميتزغ ��ر وعدد من �شخ�صيات هندية م�سلمة‪ ،‬بع�ضها معروف بانتهازيتها‪ ،‬والبع�ض الآخر ال يهتم‬
‫بالق�ضاي ��ا ال�سيا�سي ��ة‪ ،‬وخ�صو�صا ً الق�ضي ��ة الفل�سطينية‪ .‬وحني �شاع خرب ه ��ذه املقابلة ثارت ثائرة‬
‫م�سلم ��ي الهند‪ ،‬و�صدر من املنظمات وال�شخ�صي ��ات الإ�سالمية �سيل من التنديد وال�شجب‪ ،‬ومطالب‬
‫مبقاطع ��ة امل�سلم�ي�ن امل�شاركني يف ه ��ذا اللقاء‪ ،‬وا�ستم ��ر التنديد مل ��دة �أ�سابيع؛ مم ��ا �أدى �إىل تراجع كل‬
‫ال�شخ�صي ��ات الت ��ي قابلت الوف ��د الإ�رسائيلي‪ ،‬فمنهم من اعت ��ذر‪ ،‬ومنهم من قال �إنه قد خُ � � ِدع‪� ،‬أو �أن‬
‫اللقاء كان "�شخ�صيا ً"‪.96‬‬
‫وك ��ررت "�إ�رسائي ��ل" حماوالته ��ا لتقريب بع� ��ض زعم ��اء م�سلمي الهن ��د‪ ،‬فدعت وف ��دا ً مكونا ً من‬
‫بع� ��ض امل�سلم�ي�ن املغموري ��ن‪ ،‬وبينه ��م بع�ض ال�صحفي�ي�ن؛ لزيارة "�إ�رسائيل" يف الف�ت�رة ما بني ‪14‬‬
‫‪ .2007/8/21-‬وح�ي�ن ن�رش هذا اخلرب قبل �سفر الوف ��د ب�أيام‪ ،‬وجاء اخلرب كعادته من "�إ�رسائيل" ‪-‬‬
‫ب ��دالً م ��ن الهند ‪ -‬قام طوفان من التندي ��د وال�شجب؛ مما �أدى بغالبية �أع�ض ��اء الوفد‪ ،‬ومنهم رئي�س‬
‫حتري ��ر جريدة �أوردية‪ُ ،‬يقال �إن له عالقات حميمة م ��ع "�إ�رسائيل"‪� ،‬إىل �إلغاء �سفرهم‪� .‬إال �أن البع�ض‪،‬‬
‫ومنه ��م ابن �إم ��ام م�سجد يف دلهي‪ ،‬ير�أ�س منظمة �صغرية تدعي �أنها متث ��ل �أئمة م�ساجد الهند‪ ،‬ذهبوا‬
‫�إىل "�إ�رسائيل"‪ ،‬وقابلوا امل�س�ؤولني هناك مبن فيهم رئي�س الدولة‪ ،‬ووزيرة اخلارجية‪ ،‬اللذان طلبا من‬
‫الوفد لعب الدور حل ّل النزاع الإ�رسائيلي الفل�سطيني‪ .‬وحاول الوفد لقاء مفتي القد�س ال�شيخ عكرمة‬
‫�ص�ب�ري‪� ،‬إال �أن املفتي رف� ��ض االلتقاء بهم‪ ،‬ح�سب �أخبار ن�رشت يف بع� ��ض ال�صحف الهندية‪ .‬وقامت‬
‫مظاه ��رات احتجاج يف �أنح ��اء الهند‪ ،‬ومنها اعت�ص ��ام نظمه جمل�س امل�ش ��اورة الإ�سالمي لعموم الهند‬
‫(مظل ��ة املنظمات والأحزاب الإ�سالمية الهندية)‪ ،‬مب�شاركة زعماء كربى املنظمات الإ�سالمية الهندية‬
‫�أمام الربملان الهندي يوم ‪ 2007/8/17‬خالل وجود الوفد بـ"�إ�رسائيل"‪ .97‬وقدمت املنظمات امل�شاركة‬
‫يف االعت�ص ��ام مذك ��رة �إىل رئي� ��س وزراء الهند‪ ،‬ح ّملت احلكوم ��ة الهندية م�س�ؤولية ه ��ذه الزيارة‪ ،‬كما‬
‫�شجب ��ت �سيا�س ��ة التقرب من "�إ�رسائيل" الت ��ي متار�سها احلكومة الهندية‪ .‬و�ص ��درت مئات البيانات‬
‫م ��ن املنظمات وال�شخ�صي ��ات القيادية الإ�سالمية يف �أنح ��اء الهند تنديدا ً بالزي ��ارة‪ ،‬ونعتت ال�صحافة‬
‫الإ�سالمي ��ة هذا الوفد بـ"منافق ��ي الهند" و"باعة الأمة" و"االنتهازيني" و"�أفاع ��ي ال ُك ّم"‪ 98‬وو�صفتهم‬
‫ب�أنهم "م�سلمون يخجل منهم حتى اليهود"‪.‬‬
‫وعق ��د الإ�رسائيليون "م�ؤمترا ً عاملي� �ا ً لزعماء الأديان" يف جامعة غوروناناك ديف ‪Guru Nanak‬‬
‫‪ Dev University‬مبدينة �أمريت�سار ‪ Amritsar‬الهندية يف ‪ .992007/11/28‬وكان مببادرة م�ؤ�س�سة‬
‫يهودي ��ة تدع ��ى "معهد �إيليجا للحوار بني الأدي ��ان" ‪ ،Elijah Interfaith Institute‬وقد ُدعي �إليه ‪50‬‬
‫�شخ�صي ��ة دينية من �أنحاء العامل‪ ،‬مبا فيهم الزعيم الروح ��ي للتبت الداالي الما ‪ ،Dalai Lama‬و‪20‬‬
‫م ��ن امل�سلمني من خمتل ��ف �أنحاء العامل‪ ،‬وكان بينه ��م بع�ض من زار "�إ�رسائيل" م ��ن م�سلمي الهند يف‬
‫�آب‪� /‬أغ�سط�س ‪.2007‬‬
‫وم ��ن الوا�ضح �أن الهدف م ��ن هذه الزيارات واملب ��ادرات وامل�ؤمترات امل�شرتكة ه ��و ك�سب زعماء‬
‫‪270‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫الأديان الأخرى �أو حتييدهم على الأقل �إزاء "�إ�رسائيل"‪.‬‬


‫و�شه ��د ع ��ام ‪ 2007‬توترا ً خفيفا ً يف عالقات الهند و"�إ�رسائيل" ج ��راء انزعاج الر�أي العام الهندي؛‬
‫ب�سب ��ب تدف ��ق �آالف م ��ن الإ�رسائيليني م ��ن �شباب و�شاب ��ات‪ ،‬وتعاطيه ��م املخ ��درات وجتارتهم بها‪،‬‬
‫وت ��ورط بع�ضه ��م يف اجلرائم‪ ،‬و�رشائهم‪� ،‬سواء كان ��وا �أفرادا ً �أم �رشكات‪� ،‬أرا� � ٍ�ض يف الهند على الرغم‬
‫م ��ن قان ��ون منع الأجان ��ب متلك العق ��ارات دون �إذن م�سبق‪ .‬وق ��د ن�رشت هذه الأخب ��ار �أكرث من مرة‬
‫يف ال�صح ��ف الهندي ��ة‪ ،‬وكانت مو�ضوع نقا�ش حتى يف الكني�س ��ت الإ�رسائيلي يف �أوائل كانون الثاين‪/‬‬
‫يناير ‪.1002007‬‬
‫ومن الأمور الأخرى التي مل تنظر �إليها الهند حكومة و�شعبا ً بعني الر�ضا‪ ،‬عمل منظمات يهودية‬
‫عل ��ى تهوي ��د قبائل يف �شمال ��ش�رق الهند تزع ��م‪ ،‬دون دليل‪� ،‬أنها م ��ن القبائل اليهودي ��ة "ال�ضائعة"‪،‬‬
‫ومل ت�ؤي ��د التحلي�ل�ات اجليني ��ة هذه الدع ��اوي‪ .‬ولكن على الرغم م ��ن ذلك‪ ،‬قبلت امل�ؤ�س�س ��ة اليهودية‬
‫الإ�رسائيلي ��ة به ��ذه املزاعم‪ ،‬وو�صلت منظمات يهودية للعمل بني ه� ��ؤالء وتهويدهم بتلقينهم مبادئ‬
‫الدي ��ن اليهودي‪ ،‬ومتريرهم ع�ب�ر الطقو�س الكثرية الالزمة لالعرتاف بهم كيهود‪ .‬وقد حظرت الهند‬
‫دخ ��ول الإ�رسائيليني �إىل بع� ��ض الأماكن احل�سا�سة من الناحية الأمني ��ة يف واليتَي ناغالند ومنيبور؛‬
‫حيث كانوا ميار�سون ن�شاط التهويد‪ .‬وكان �أكرث من �ألف من املتهودين الهنود‪ ،‬الذين يزعمون �أنهم‬
‫بقاي ��ا قبيلة " َمنَ�شيه"‪ ،‬قد هاجروا �إىل "�إ�رسائي ��ل"‪ ،‬وكان �سبعة �آالف منهم يف انتظار ت�صاريح ال�سفر‬
‫الإ�رسائيلي ��ة �سن ��ة ‪ .101 2007‬وه ��م يذهب ��ون �إىل "�إ�رسائي ��ل" ا�ستغ�ل�االً لقانون الهج ��رة الإ�رسائيلي‬
‫ال�ص ��ادر �سن ��ة ‪ ،1950‬ويعمل ��ون فيه ��ا يف مهن و�ضيع ��ة وكحرا�س عل ��ى احلدود‪ .‬وق ��د اقرتح وزير‬
‫الداخلي ��ة الإ�رسائيلي مئري �شرتيت ‪ Meir Sheetrit‬تغيري قان ��ون الهجرة؛ لكي ال يت ّم ا�ستغالله من‬
‫�أمثال ه�ؤالء‪.102‬‬
‫‪ .3‬التجارة املتبادلة بني الهند و"�إ�سـرائيل"‪:‬‬
‫ا�ستمرت التجارة املتبادلة بني البلدين يف النمو ال�رسيع خالل �سنة ‪ ،2007‬م�سجلة زيادة مطردة‬
‫من ��ذ قيام العالقات بينهم ��ا‪ .‬فمن ميزان جتاري بلغ ‪ 200‬ملي ��ون دوالر �أمريكي �سنة ‪ ،1031992‬عند‬
‫�إقام ��ة العالق ��ات الدبلوما�سية‪ ،‬قفز التبادل التج ��اري بينهما �إىل ‪2.2‬ملي ��ار دوالر (‪ 1.2‬مليار دوالر‬
‫�ص ��ادرات هندي ��ة �إىل "�إ�رسائيل"‪ ،‬وملي ��ار دوالر واردات هندية م ��ن "�إ�رسائيل")‪ ،‬خ�ل�ال العام املايل‬
‫‪ 2006-2005‬بزي ��ادة ‪ %39‬عن العام املايل ال�سابق‪ ،‬ح�سب الأرق ��ام الهندية الر�سمية‪ ،104‬التي ُيعتقد‬
‫�أنها تخفي املدفوعات الهندية للأ�سلحة الإ�رسائيلية‪ .‬وقد اتفقت الهند و"�إ�رسائيل" مبدئيا ً على �إقرار‬
‫معاه ��دة التج ��ارة املف�ضلة بني البلدين‪ ،‬كما اتفق البلدان يف �آذار‪ /‬مار� ��س ‪ 2007‬على �إن�شاء جمموعة‬
‫العم ��ل امل�شرتك ��ة؛ لبح ��ث املج ��االت التجارية الت ��ي ميكنهم ��ا التعاون فيه ��ا‪ .‬وقد ُن��ش�رت العديد من‬
‫الأخب ��ار خالل �سنة ‪ 2007‬عن التعاون بني البلدين يف جماالت الزراعة وال�سكك احلديدية والإ�سكان‬
‫وال�سياحة و�إنتاج الطاقة الكهربائية وغريها‪.‬‬
‫‪271‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪( 2007-2000‬باملليون دوالر)‪105‬‬ ‫جدول ‪ :5/2‬ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية مع الهند‬


‫الواردات‬ ‫ال�صادرات‬ ‫ال�سنة‬
‫‪534.8‬‬ ‫‪557‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪429.5‬‬ ‫‪473.5‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪653.2‬‬ ‫‪613.7‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪888.8‬‬ ‫‪717.8‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪1,107.7‬‬ ‫‪1,037.9‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪1,276.2‬‬ ‫‪1,222.8‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪1,433.7‬‬ ‫‪1,289.4‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪1,688.8‬‬ ‫‪1,606.7‬‬ ‫‪2007‬‬

‫ال�صادرات والواردات الإ�سـرائيلية مع الهند ‪( 2007-2000‬باملليون دوالر)‬

‫‪ .4‬التعاون الع�سكري بني الهند و"�إ�سـرائيل"‪:‬‬


‫�ر تنامي العالقات الهندي ��ة الإ�رسائيلية ب�رسع ��ة فائقة‪ ،‬بعد �إقامة العالق ��ات الدبلوما�سية‪،‬‬
‫�إن ��س ّ‬
‫يكم ��ن يف �أن "�إ�رسائي ��ل" كانت بالفعل ت�ساعد الهند ع�سكري� �ا ً و�أمنياً؛ من خالل بيع الأ�سلحة‪ ،‬وتقدمي‬
‫اخل�ب�رة واملعلومات منذ �أوائل ال�ستيني ��ات ب�صورة �رسية‪ .‬و�أتاح فتح ال�سف ��ارة يف العا�صمة الهندية‬
‫فر�ص ��ة لـ"�إ�رسائي ��ل" لتنمية هذه العالقات ب�رسعة يف ال�سنوات التالية‪ .‬ومم ��ا زاد من حاجة الهند �إىل‬
‫ه ��ذه املعونة وج ��ود حالة انفالت �أمن ��ي يف عدد من مناطق الهن ��د‪ ،‬مثل احلرك ��ة االنف�صالية امل�سلحة‬
‫يف ك�شم�ي�ر‪ ،‬وح ��ركات العنف واالنف�ص ��ال يف عدد من مناطق الهن ��د‪ ،‬واالحت�ل�ال الباك�ستاين ملنطقة‬
‫كارغي ��ل ‪ Carghil‬يف �صي ��ف ‪ .1999‬وهذا الو�ضع و ّف ��ر لـ"�إ�رسائيل" فر�صة كب�ي�رة لتقدمي الأ�سلحة‬
‫‪272‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫واال�ست�ش ��ارة وخدم ��ات التدريب للهند‪ ،‬وق ��د قدمت "�إ�رسائيل" معدات للهند خ�ل�ال معركة كارغيل‬
‫نف�سه ��ا‪ .‬وقي ��ل وقته ��ا �إن �سبب ازده ��ار العالق ��ات الهندية الإ�رسائيلي ��ة هو قيام حكوم ��ة "التحالف‬
‫الوطني الدميوقراطي" (‪ National Democratic Alliance (NDA‬بزعامة حزب ال�شعب الهندي‬
‫(ذو التوجهات الهندو�سية الطائفية املتطرفة) �سنة ‪ .1998‬وه�ؤالء املتطرفون ينظرون �إىل "�إ�رسائيل"‬
‫كحلي ��ف طبيعي �ض ّد القوى الإ�سالمية يف العامل‪ .‬وح�ي�ن و�صل �إىل احلكم ائتالف "التحالف التقدمي‬
‫املتح ��د" ‪ ،United Progressive Alliance‬يف �أي ��ار‪ /‬ماي ��و ‪ 2004‬بقي ��ادة ح ��زب امل�ؤمت ��ر الوطن ��ي‪،‬‬
‫ظ� � ّن املراقبون واملهتم ��ون بالأمر �أن الأم ��ور �ستتغري‪ ،‬و�أن العالق ��ات مع "�إ�رسائي ��ل" �ست�شهد نوعا ً‬
‫م ��ن ال�ب�رود‪� ،‬إال �أن العك�س هو ال ��ذي وقع‪� ،‬إذ توطدت هذه العالقات �أكرث م ��ن �أي وقت م�ضى‪ ،‬يف ظ ّل‬
‫احلكوم ��ة اجلدي ��دة‪ ،‬لدرجة �أن "�إ�رسائي ��ل" �أ�صبحت ب�رسعة ثاين �أكرب م�ص ��در لل�سالح �إىل الهند بعد‬
‫رو�سيا‪ ،‬وهي الآن مر�شحة لت�صبح الدولة الأوىل يف ت�صدير ال�سالح �إىل الهند‪.‬‬
‫وكانت حكومة "التحالف الوطني الدميوقراطي" يف بداية عهدها جتاهر بعالقاتها مع "�إ�رسائيل"‪،‬‬
‫�إال �أنه ��ا �رسع ��ان م ��ا ع ��ادت �إىل ال�رسية‪ ،‬الت ��ي ات�سمت به ��ا العالقات الهندي ��ة الإ�رسائيلي ��ة قبل قيام‬
‫العالق ��ات الدبلوما�سي ��ة �سن ��ة ‪1992‬؛ وذلك ل�سببني‪� ،‬أولهم ��ا‪ :‬رغبة احلكومة الهندي ��ة يف عدم �إ�ساءة‬
‫العالقات مع الدول العربية‪ .‬ثانيهما‪ :‬عدم �إغ�ضاب م�سلمي الهند‪ ،‬الذين ال ينظرون �إىل هذه العالقات‬
‫بارتي ��اح خ�صو�ص� �ا ً و�أنهم ميثلون ثقالً كبريا ً يف ما ال يقل عن ‪ 100‬دائرة انتخابية من دوائر الربملان‬
‫الهندي الفيدرايل‪ .‬وهكذا جند �أن معظم الأخبار عن تنامي العالقات الهندية الإ�رسائيلية‪ ،‬وال�صفقات‬
‫الع�سكري ��ة الكب�ي�رة‪ ،‬وتبادل زيارات امل�س�ؤول�ي�ن‪ ،‬وخ�صو�صا ً القادة الع�سكري�ي�ن‪ ،‬وم�س�ؤويل الأمن‬
‫ت�أتي من "�إ�رسائيل" بدالً من الهند‪.‬‬
‫ويف �إطار �سيا�سة التكتم هذه‪ ،‬حاولت احلكومة الهندية التكتم على الزيارة ال�رسية‪ ،‬التي قام بها‬
‫نائ ��ب رئي� ��س الأركان العامة الإ�رسائيلي‪ ،‬اجلرنال مو�شيه كابلين�سكي‪ ،‬للجزء الهندي من ك�شمري يف‬
‫حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬بغر�ض تقدمي اخلربة اال�ست�شارية للهند حول كيفية �إخماد العنف امل�سلح يف‬
‫هذا الإقليم‪ .106‬وقد تلته زيارة مماثلة يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر التايل خلرباء ع�سكريني �إ�رسائيليني‪،‬‬
‫بحجة تقييم �أداء الأ�سلحة التي باعتها "�إ�رسائيل" للهند‪ ،‬والتي ت�ستخدم يف �إقليم ك�شمري‪ ،‬وخ�صو�صا ً‬
‫على خطوط وقف �إطالق النار مع اجلزء الباك�ستاين من ك�شمري‪.107‬‬
‫وم ��ع بداي ��ة �سنة ‪ 2007‬كان ��ت "�إ�رسائيل" قد �أ�صبح ��ت الدولة الثانية بعد رو�سي ��ا يف بيع ال�سالح‬
‫للهن ��د‪ ،‬و�أ�صبح ��ت الهند الدول ��ة الأوىل يف �رشاء الأ�سلح ��ة الإ�رسائيلية‪ .‬وقال م�س� ��ؤول �إ�رسائيلي �إن‬
‫ب�ل�اده باع ��ت للهند م ��ن الأ�سلحة مبعدل ملي ��ار دوالر يف كل �سنة م ��ن ال�سنوات القليل ��ة املا�ضية‪� ،‬أما‬
‫يف �سن ��ة ‪ 2006‬فقد بلغت مبيع ��ات الأ�سلحة الإ�رسائيلية للهند خالله ��ا ‪ 1.5‬مليار دوالر‪ ،‬ح�سب قول‬
‫امل�س� ��ؤول الإ�رسائيل ��ي‪ ،108‬وهي متثل ثلث ما ت�ست ��ورده الهند من الأ�سلحة م ��ن اخلارج‪ .‬وت�ضمنت‬

‫‪273‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫امل�شرتيات الع�سكرية الهندية من "�إ�رسائيل" �أنظمة الدفاع ال�صاروخي من نوع "باراك‪Barak-1"1-‬‬


‫‪ ،anti-missile defence systems‬ورادارات الإن ��ذار املبك ��ر م ��ن ن ��وع "الأرز الأخ��ض�ر" ‪Green‬‬
‫‪ ،Pine early-warning radars‬وطائ ��رات ب ��دون طيارين من طراز "�سريت�رش" ‪Searcher UAVs‬‬
‫و"هريون"‪� ،‬إىل جانب ا�ستخدام ال�رشكات الإ�رسائيلية يف عمليات جتديد �أ�سلحة رو�سية وحتديثها يف‬
‫اجلي�ش الهن ��دي‪ ،‬مثل طائرات "امليغ" ‪ MiG fighters‬ودبابات"تي‪ .109T-72 tanks "72-‬وقد باعت‬
‫�رشك ��ة "�صناع ��ات الطائرات الإ�رسائيلية" منتجات �أخرى للهند‪ ،‬مث ��ل ثالثة �أنظمة للإنذار املبكر من‬
‫طراز "فالكون" ‪ Phalcon AWACS‬بقيمة ‪ 1.1‬مليار دوالر �سنة ‪.2004‬‬
‫و�إىل جان ��ب ��ش�راء الأ�سلحة الإ�رسائيلي ��ة اجلاهزة‪ ،‬دخلت الهن ��د جمال التعاون م ��ع "�إ�رسائيل"؛‬
‫لإنت ��اج �أ�سلحة جديدة وتطويرها‪ ،‬وحتديث �أ�سلحة قدمية وجتديدها‪ ،‬ومنها طائرات بدون طيارين‬
‫تط�ي�ر على علو كبري ومل�سافات كب�ي�رة‪ ،‬و�أنظمة حربية �إلكرتونية؛ ومنه ��ا �صواريخ مثل "كري�ستال‬
‫ميز" ‪ Crystal Maze‬و"بايثون" ‪ Python‬و"بوباي" ‪ ،Popeye‬و�أجهزة الر�ؤية الليلية للم�شاة‪ .‬ومن‬
‫ه ��ذه امل�شاريع �أي�ض� �ا ً م�رشوع م�شرتك بتكلفة ‪ 350‬مليون دوالر لتطوير اجليل اجلديد من �صاروخ‬
‫"باراك" امل�ضاد لل�صواريخ‪ ،‬يبلغ مداه ‪ 60‬كم باملقارنة مع �صاروخ باراك‪ ،1-‬الذي ا�شرتته الهند من‬
‫"�إ�رسائي ��ل" لبحريتها‪ ،‬والذي يبلغ مداه ت�سع ��ة كيلومرتات‪ .‬ويف ‪ 2007/7/11‬وافقت اللجنة الوزارية‬
‫الهندي ��ة للأم ��ن‪ ،‬يف جل�ستها برئا�سة رئي� ��س الوزراء مان موهان �سين ��غ ‪ ،Manmohan Singh‬على‬
‫م��ش�روع التعاون بني منظمة الدفاع و�أبحاث التطوير الهندية احلكومية ‪Defense Research and‬‬
‫(‪ Development Organization (DRDO‬و�صناع ��ات الط�ي�ران الإ�رسائيلية ‪Israel Aerospace‬‬
‫(‪Industries (IAI‬؛ لتطوي ��ر �صاروخ متو�سط املدى للقوات اجلوية الهندية بتكلفة ‪ 2.5‬مليار دوالر؛‬
‫ليحل حمل �صاروخ "بيت�شورا" ‪ Pechora‬الرو�سي الذي �أ�صبح قدمياً‪ ،‬و�سيكون ال�صاروخ اجلديد‬
‫ن�سخ ��ة متطورة من �ص ��اروخ "�سبايدر" ‪� Spyder‬أر�ض‪ -‬جو الإ�رسائيل ��ي‪ ،‬الذي يبلغ مداه ‪ 55‬كم‪.‬‬
‫وكذل ��ك قررت الهند اال�ستعانة بوكالة تطوير الطريان الإ�رسائيلية ‪Aeronautical Development‬‬
‫‪Agency‬؛ لال�ش�ت�راك يف تطوير رادار متعدد الو�سائط للطائرة املقاتل ��ة اخلفيفة‪ ،‬التي تنتجها الهند‪،‬‬
‫وذلك بعد �أن ت�أخر العلماء الهنود يف �إنتاج هذا الرادار بجهودهم الذاتية‪.110‬‬
‫وق ��ال م�س� ��ؤول بوزارة الدف ��اع الهندي ��ة‪ ،‬يف نهاية �آب‪� /‬أغ�سط� ��س ‪� ،2007‬إن هن ��اك ‪ 18‬م�رشوعا ً‬
‫للإنت ��اج احلربي امل�شرتك ب�ي�ن البلدين‪ .111‬وقد �أُن�ش ��ئ �صندوق الأبحاث ال�صناعي ��ة وتطويرها بني‬
‫البلدي ��ن �سنة ‪ 2005‬بر�أ�سم ��ال ثالثة ماليني دوالر‪ ،‬وقال ال�سفري الإ�رسائيل ��ي بالهند ديفيد دانييلي‬
‫‪ ،David Danieli‬يف �آذار‪ /‬مار� ��س ‪� ،2007‬إنه �سيت ّم م�ضاعفة ر�أ�سمال هذا ال�صندوق عدة مرات‪.112‬‬
‫وكان ال�سف�ي�ر دانييل ��ي قد �أعل ��ن يف ‪� 2006/11/9‬أن "�إ�رسائيل" �ست�ستخدم عرب ��ة هندية لإطالق قمر‬
‫�صناع ��ي �إ�رسائيل ��ي ي�سمى "ت�سكار" ‪ ،Taskar‬وق ��د ّ‬
‫مت �إطالق هذا القمر ال�صناع ��ي فعالً با�ستخدام‬
‫مركب ��ة ف�ضائية هندية‪ ،‬ومن حمط ��ة �إطالق �صواريخ هندي ��ة يف ‪ .2008/1/21‬ولقد �أثار الأمر �ضجة‬
‫‪274‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫�سيا�سي ��ة و�إعالمية كب�ي�رة يف الهند‪ ،‬حني جاءت الأخبار‪ ،‬من "�إ�رسائيل"‪ ،‬ب� ��أن هذا القمر �سيتج�س�س‬
‫عل ��ى �إيران‪ ،‬وبال ��ذات على من�ش�آته ��ا النووية‪ .‬وق ��ال م�س�ؤولون هن ��ود �إن عملية �إط�ل�اق ال�صاورخ‬
‫الإ�رسائيل ��ي جتارية حم�ضة‪ ،‬ولكن املعار�ضني لهذا التع ��اون يرون �أنه قرار ذو بعد �سيا�سي عميق‪،‬‬
‫تغي كبري يف توجهات ال�سيا�سة اخلارجية الهندية‪.‬‬ ‫يدل على رُّ‬
‫وميك ��ن �أن تُقا� ��س الأهمية الق�صوى التي تعطيه ��ا الهند لعالقاتها الع�سكرية م ��ع "�إ�رسائيل" من‬
‫خ�ل�ال رف�ضه ��ا و�ضع �صناعات الط�ي�ران الإ�رسائيلي ��ة ‪ IAI‬و�رشك ��ة رافايي ��ل ‪ Rafael‬الإ�رسائيلية‬
‫للأ�سلح ��ة على القائمة ال�سوداء‪ ،‬على الرغم من �أن املكت ��ب املركزي للتحقيقات الهندي �سجل ق�ضية‬
‫مت التوقيع عليها‬ ‫�ض� � ّد هاتني ال�رشكت�ي�ن بتهمة دفع رِ�شَ ًى لتمرير �صفقة �صواريخ "باراك‪ ،"1-‬التي ّ‬
‫يف ت�رشي ��ن الأول‪� /‬أكتوب ��ر ‪ ،2000‬خالل حكوم ��ة "التحالف الوطني الدميوقراط ��ي"‪ .113‬و ُيعتقد �أن‬
‫"�إ�رسائيل" قد دفعت رِ�شَ ًى تبلغ ‪ 88‬مليون دوالر لتمرير �صفقة �صواريخ "باراك‪ ،"1-‬التي ا�شرتت‬
‫البحري ��ة الهندي ��ة ‪ 24‬منظوم ��ة منه ��ا على الأق ��ل‪ ،‬بتكلف ��ة ‪ 22‬ملي ��ون دوالر للنظام الواح ��د‪ .‬وبد�أت‬
‫التحقيقات يف هذه الف�ضيحة يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ ،2004‬عقب �صعود حزب امل�ؤمتر �إىل احلكم‪.‬‬
‫وما تزال التحقيقات م�ستمرة يف هذه الف�ضيحة �إىل اليوم (�أوائل ‪.)2008‬‬
‫وتنتهج "�إ�رسائيل" �سيا�سة الرتاخي والت�ساهل مع الهند يف العقود الع�سكرية؛ فقد عرب م�س�ؤولون‬
‫ب ��وزارة الدف ��اع الهندية عن "فرحه ��م �إزاء التلهف الذي تبديه �إ�رسائيل �إزاء عق ��د ال�صفقات مع الهند‬
‫والوفاء بها‪ ،‬مقارنة بالعناد الذي يظهره الرو�س يف بع�ض ال�صفقات الكربى‪ ،‬وبالت�أخري الذي يقع يف‬
‫�رشاء املعدات الع�سكرية من �أمريكا"‪.114‬‬
‫وزار الهن ��د نائب رئي�س البحري ��ة الإ�رسائيلي الفايــ�س �أدميــرال ديفيــد بن ب�شــات‪ ،‬يف �أوائــل �آب‪/‬‬
‫�أغ�سط� ��س ‪2007‬؛ حي ��ث التق ��ى بقا ئ ��د اجلي�ش الهن ��دي اجلرنال جوجن ��در جا�سوا ن ��ت �سينغ‬
‫‪ ،Joginder Jaswant Singh‬ورئي�س القوات اجلوية مار�شال اجلو فايل هومي ميجور ‪Fali Homi‬‬
‫‪ ،Major‬ونظ�ي�ره يف البحري ��ة الهندية الأدم�ي�رال �سوري�ش ميهت ��ا ‪� Sureesh Mehta‬إىل جانب وكيل‬
‫مت االتفاق خ�ل�ال هذه الزيارة على املزيد من‬ ‫وزارة الدف ��اع الهندي ��ة ويجاي �سينغ ‪ .Vijay Singh‬و ّ‬
‫امل�شاري ��ع امل�شرتك ��ة؛ ومنها تطوير طائ ��رات "�سي هاري�ي�ر" ‪ Sea Harrier‬البحرية الهندية‪ ،‬ونظام‬
‫"ب ��اراك" امل�ض ��اد لل�صواريخ‪ ،115‬و�إنتاج طائ ��رات مروحية (هليوكوبرت) تط�ي�ر دون طيارين‪ ،‬والتي‬
‫ب�سب ��ب عدم وجودها ل ��دى البحرية الإ�رسائيلية متكن حزب اهلل من تدم�ي�ر �سفينة "هانيت" ‪،Hanit‬‬
‫بوا�سط ��ة �ص ��اروخ "�س ��ي ‪ C-802 " 802-‬ال�صين ��ي ال�صنع ‪ ،‬خالل حرب "�إ�رسائي ��ل" مع حزب اهلل‬
‫يف �صي ��ف ‪ .2006‬وت ��رى الهند �أنها هي الأخرى تواجه خط ��را ً مماثالً؛ لأن باك�ستان قد ح�صلت على‬
‫ال�ص ��اروخ نف�سه من ال�صني‪ .116‬وقد �سبق لقائد اجلي�ش الهندي اجلرنال جوجندر جا�سوانت �سينغ‬
‫�أن ق ��ام بزي ��ارة �رسية لـ"�إ�رسائيل" يف �أوائل �آذار‪ /‬مار� ��س ‪ ،2007‬وقبله توجه رئي�س القوات اجلوية‬
‫الهندي ��ة حينذاك املار�ش ��ال �شا�شندرا بال تياج ��ي ‪ Shashindra Pal Tyagi‬يف زي ��ارة �رسية للدولة‬
‫العربية‪.117‬‬
‫‪275‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .5‬التعاون الأمني بني الهند و"�إ�سـرائيل"‪:‬‬


‫م ��ن �أهم جوانب التع ��اون الهن ��دي الإ�رسائيلي التعاون الأمن ��ي واال�ستخباراتي‪ ،‬ال ��ذي بد�أ �سنة‬
‫‪ ،1968‬ح�ي�ن �أن�ش� ��أت الهند وكال ��ة خمابرات خارجية با�س ��م م�ضلل‪ ،‬هو "جن ��اح التحقيق والتحليل"‬

‫(‪ ،Research and Analysis Wing (RAW‬وطلب ��ت رئي�س ��ة ال ��وزراء �أندي ��را غاندي من �أول مدير‬
‫له ��ذه الوكالة رام�شوار ن ��اث كاو ‪� ،Rameshwar Nath Kao‬أن يوطد العالق ��ات مع املو�ساد لفائدة‬
‫البلدي ��ن‪ .118‬وهذا اجلزء من التعاون الهندي الإ�رسائيلي يت� � ّم حتت �ستار كثيف من ال�رسية‪ .‬وحاليا ً‬
‫يج ��ري التن�سي ��ق الأمني بني البلدين ع�ب�ر "جمموعة العم ��ل الهندية الإ�رسائيلي ��ة امل�شرتكة ملكافحة‬
‫الإره ��اب"‪ ،‬الت ��ي �أقامه ��ا البلدان �سن ��ة ‪ ،2002‬والت ��ي عقدت اجتماعه ��ا ال�ساد� ��س يف ‪ 2007/3/13‬يف‬
‫نيودلهي‪ .‬وقد تر�أ�س اجلانب الإ�رسائيلي فيها مرييام زيف ‪ ،Miriam Ziv‬نائبة املدير العام للدائرة‬
‫اال�سرتاتيجية يف وزارة اخلارجية الإ�رسائيلية‪ ،‬بينما تر�أ�س اجلانب الهندي الوكيل امل�شارك بوزارة‬
‫اخلارجية الهندية ل�ش�ؤون املنظمات الدولية‪ .‬وح�سب ت�رصيح للمتحدث با�سم اخلارجية الإ�رسائيلية‬
‫يف ‪" :2007/3/14‬بح ��ث اجلانب ��ان الأخطار الإرهابية يف الإطارين املحلي والدويل‪ ،‬وخطوات مكافحة‬
‫الإرهاب‪ ،‬ومكافحة متويل الإرهاب‪ ،‬وانتقال الأ�سلحة للإرهابيني‪ ،‬وخطر جتارة املخدرات والتعاون‬
‫يف املحافل املتعددة"‪.119‬‬
‫ولتوطيد هذه العالقة‪ ،‬ت�ستغل "�إ�رسائيل" الأخبار‪ ،‬التي تن�رش بني احلني والآخر عن "تهديدات"‬

‫القاع ��دة‪ ،120‬وغريها م ��ن املنظمات للهند؛ لت�ؤكد لنيودلهي �رضورة تع ��اون �أمني وا�ستخباراتي بني‬
‫البلدي ��ن‪ .‬وقد ق�ضى‪ ،‬املدير العام لوزارة الدفاع الإ�رسائيلي ��ة‪ ،‬واجلرنال املتقاعد بنحا�س بوخاري�س‬
‫‪ ،Pinchas Buchris‬ع ��دة �أي ��ام يف �أواخ ��ر �سن ��ة ‪ ،2007‬يف العا�صم ��ة الهندي ��ة لبح ��ث �سب ��ل التع ��اون‬
‫اال�ستخباراتي بني البلدين بحجة مواجهة هذه "املخاطر"‪.121‬‬
‫◆◆◆‬

‫كان �أح ��د �أهم �أ�سب ��اب اهتمام احلكومة الهندي ��ة بتنمية عالقاتها مع "�إ�رسائي ��ل" خالل ال�سنوات‬
‫الأخرية‪� ،‬أنها ترى �أن متتني العالقات مع "�إ�رسائيل" مبا فيها اللوبي ال�صهيوين يف الواليات املتحدة‪،‬‬
‫ه ��و �سبيل م�ؤكد لتح�س�ي�ن العالقات مع حكومة الوالي ��ات املتحدة‪ .‬وقد تباه ��ت "�إ�رسائيل" واللوبي‬
‫ال�صهيوين الأمريكي علنا ً ب�أنهما لعبا دورا ً ن�شطا ً يف مترير االتفاقية النووية الهندية الأمريكية‪ ،‬التي‬
‫حر�صت عليها احلكومة الهندية‪� ،‬إال �أنها مل جت�رس على توقيعها مع �أمريكا حتى الآن‪ ،‬ب�سبب تهديد‬
‫حلفائه ��ا م ��ن الأحزاب الي�سارية باالن�سحاب من التحالف احلاكم ل ��و �أقدمت على ذلك‪ ،‬ولو ُو ِّقع هذا‬

‫‪276‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫االن�سح ��اب من �صفوف التحالف احلاكم ل�سقطت احلكوم ��ة الهندية احلالية؛ مما �سي�ؤدي بالتايل �إىل‬
‫�إجراء انتخابات مبكرة‪.‬‬
‫�إن التط ��ور ال�سلب ��ي يف املوق ��ف الهندي‪ ،‬قيا�س� �ا ً �إىل ما كان عليه قب ��ل اتفاق �أو�سل ��و‪ ،‬ي�ؤكد النتائج‬
‫الوخيمة التفاق �أو�سلو من جهة تو�سيع االعرتاف الدويل بالكيان ال�صهيوين واالقرتاب من مواقفه‪.‬‬
‫كما ي�ؤكد على فداحة الرتاجع العربي يف ح�شد مواقف الدول ال�صديقة للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬كما كان‬
‫احلال يف املراحل ال�سابقة وال �سيّما الرتاجع الذي ح�صل بعد اتفاق �أو�سلو وقبله املعاهدة امل�رصية ‪-‬‬
‫الإ�رسائيلي ��ة‪ .‬ولهذا ال ب ّد من �إعادة النظر من جان ��ب اجلامعة العربية واحلثّ على الت�أكيد �أن الق�ضية‬
‫الفل�سطيني ��ة ما ت ��زال حتظى بالدعم العربي له ��ا‪ .‬وهنا ال ب ّد من عودة احلوار م ��ع الهند وغريها من‬
‫الأ�صدقاء ال�سابقني‪.‬‬

‫ميكن حتديد املالمح اال�سرتاتيجية لعام ‪ 2007‬على النحو التايل‪:‬‬


‫‪ .1‬توا�ص ��ل ال�ضغ ��ط الدويل عل ��ى الطرف الفل�سطيني للتخل ��ي عن املقاومة امل�سلح ��ة‪ ،‬و�أخذ هذا‬
‫ال�ضغ ��ط �شكل�ي�ن؛ �أحدهم ��ا �سيا�سي متث ��ل يف القطيع ��ة الدبلوما�سية �شبه الكامل ��ة من القوى‬
‫الدولية الفاعلة جتاه القوى الفل�سطينية‪ ،‬التي تتبنى خيار املقاومة رغم فوزها يف االنتخابات‬
‫الت�رشيعية‪ .‬وثانيهما ال�ضغط االقت�صادي‪ ،‬ال �سيما على قطاع غزة حيث ت�سيطر قوى خيار‬
‫املقاوم ��ة امل�سلحة‪ ،‬ورب ��ط امل�ساعدات االقت�صادية للفل�سطينيني مبق ��دار توافقهم مع الطرف‬
‫الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫‪ .2‬عق ��د م�ؤمت ��ر �أنابولي� ��س يف الوالي ��ات املتح ��دة بح�ضور دويل وا�س ��ع دون �أن يخ ��رج امل�ؤمتر‬
‫مب��ش�روع ت�سوية وا�ضح املالمح‪ ،‬بل ت ��رك الأمر للمفاو�ضات الثنائية م ��ع زيادة الإ�رشاف‬
‫الأمريكي منذ املنت�صف الثاين لعام ‪ ،2007‬والذي جتلى يف الرتكيز على موا�صلة املفاو�ضات‬
‫حت ��ت كل الظروف و�إع ��ادة �إحياء اللجن ��ة الثالثية الأمريكي ��ة ‪ -‬الإ�رسائيلي ��ة ‪ -‬الفل�سطينية‬
‫وحتوي ��ل الرباعي ��ة �إىل �شاه ��د زور؛ وا�ستم ��رار رب ��ط امل�ساع ��دات االقت�صادي ��ة بالتطور يف‬
‫وغ�ض الط ��رف عن ت�صاعد العمليات الع�سكرية الإ�رسائيلية على قطاع‬ ‫ّ‬ ‫الت�سوي ��ة من ناحية‪،‬‬
‫غ ��زة ب�شكل خا� ��ص‪ ،‬ف�ضالً ع ��ن االغتي ��االت واالعتق ��االت واالقتحامات يف ال�ضف ��ة الغربية‬
‫كذلك‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫م�ساع نح ��و ر�أب ال�صدع يف اجلبهة‬


‫ٍ‬ ‫‪ .3‬عرقل ��ة الواليات املتح ��دة وبع�ض القوى الأوروبي ��ة �أي‬
‫الداخلية الفل�سطينية‪ .‬والتهديد برفع اليد يف حالة �إعادة عبا�س للتفاهم مع حما�س‪.‬‬
‫‪ .4‬تق ��وم �سيا�سة الواليات املتح ��دة على حتديد دقيق ومبا�رش لاللتزام ��ات الفل�سطينية‪ ،‬مقابل‬
‫ت ��رك االلتزام ��ات الإ�رسائيلية يف الت�سوية "للمفاو�ضات"‪ ،‬والتي ي ��راد لها �أن ت�صل �إىل اتفاق‬
‫وفقا ً لر�ؤية بو�ش و�رشوط �أوملرت مع بع�ض التعديالت الطفيفة ال �سيّما ب�إعطاء جزء �صغري‬
‫من القد�س ال�رشقية ووعود ب�إطالق املعتقلني �إىل جانب الوعود املالية‪.‬‬
‫ذل ��ك كله يوح ��ي �أن عام ‪� 2008‬سيك ��ون فل�سطينيا ً ع ��ام مواجهات‪ ،‬وعل ��ى اخل�صو�ص‪ ،‬يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬حيث �سي�شتد ال�ضغط عليها �إىل �أبعد احلدود؛ �سيا�سيا ً واقت�صاديا ً وع�سكرياً؛ وعلى امل�ستويات‬
‫املحلية (من قوى الت�سوية الفل�سطينية) والعربية والدولية‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

‫هوام�ش الف�صل اخلام�س‬


http://www.samanews.com/index.php :‫ انظر‬،2007/1/16 ،‫ وكالة �سما‬1
.2007/2/14 ،48 ‫ عرب‬2
.2007/6/19‫ و‬،2007/6/16 ،‫ رويرتز‬3
Washington Report on Middle East Affairs (WRMEA),vol. 26, issue 7, September/ October 2007. 4
Economist magazine, USA, vol. 384, issue 8547, 22/9/2007. 5
The New york Times, 19/7/2007. 6
2007/2/13 ،‫ القد�س العربي‬7
.2007/1/19 ،ً‫ وكالة معا‬8
Jeremy M. Sharp, U.S. Foreign Aid to Israel . 9
Ian Williams, In His Leaked End-of-Mission Report, U.N. Mideast Envoy de Soto Tells It Like 10
It Is, WRMEA, vol. 26, issue 6, August 2007, p. 12-13.
WRMEA, vol. 26, issue 7, September/ October 2007. 11
www.state.gov\p\nea\rls\2007\85455.htm 12
.2007/10/17 ،‫ احلياة‬13
.2007/5/25 ،‫ وكالة �سما‬14
www.state.gov\p\nea\rls\2007\85455.htm 15
.2007/1/17 ،‫ امل�ستقبل‬16
USA Today newspaper, 17/7/2007. 17
Fatah and Hamas, The Atlantic magazine, vol. 300, issue 2, September 2007, in: 18
http://www.theatlantic.com/doc/200709/palestinian-poll
USA Today, 6/9/2007. 19
USA Today , 27/6/2007. 20
www.whitehouse.gov/news/release/2007/11/20071128-html 21
www.whitehouse.gov./news/release/2007/11/10071127.html 22
:ً‫؛ وانظر �أي�ضا‬2007/12/18 ،‫؛ واحلياة‬2007/12/17 ،48 ‫ عرب‬:‫ انظر‬23
http://edition.cnn.com/2007/world/europe/12/17/palestinian.conf
www.state.gov/secretary/rm/2007/11/95758.html 24
http://en.wikinews.org/wiki/statement 25
.2007/2/2 ،‫؛ ورويرتز‬2007/1/30 ،‫ وكالة وفا‬:‫ انظر التفا�صيل يف‬26
.2007/3/2 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬27
.2007/3/22 ،ً‫ وكالة معا‬28
.2007/6/19 ،‫ رويرتز‬29
.2007/9/21 ،‫؛ واحلياة اجلديدة‬2007/8/21 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬:‫ انظر التفا�صيل يف‬30
.2007/8/28،‫ ال�سفري‬31
.2007/6/21‫ و‬،2007/6/18 ،‫ رويرتز‬32
‫ خطاب الرئي�س الفرن�سي‬:‫؛ وكذلك انظر‬http://edition.cnn.com/2007/world/europe/12/17/palestinian.conf 33
.2007/12/17 ،ً‫ وكالة معا‬،‫�ساركوزي يف افتتاح �أعمال م�ؤمتر باري�س االقت�صادي‬
.2007/6/21 ،‫ الد�ستور‬34
.2007/1/19 ،‫ القد�س العربي‬35
.2007/1/31 ،‫ وكالة �سما‬36
.2007/8/13 ،‫ ال�سفري‬37
.2007/5/8‫ و‬،2007/5/6 ،‫ قد�س بر�س‬:‫ انظر‬38
.2007/5/31 ،‫ الد�ستور‬39

279
2007 ‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬

.2007/7/10 ،‫ �شبكة فل�سطني اليوم‬40


.2007/6/8 ،‫ وكالة �سما‬41
.2007/12/18 ،‫ ال�سفري‬42
.2007/8/7 ،‫ ال�سعودية‬،‫ الوطن‬43
.2007/12/29 ،‫ ال�شـرق الأو�سط‬44
.2007/1/6 ،‫ الغد‬45
.2007/1/13 ،‫؛ وال�سفري‬2007/1/11 ،ً‫ وكالة معا‬:‫ انظر‬46
:ً‫؛ وانظر �أي�ضا‬2007/1/23 ،‫ الد�ستور‬:‫ انظر‬47
2776th Council Meeting, General Affairs and External Relations Council of the EuropeanUnion,
Brussels, 22/1/2007, in The United Nations Information System on the Question of Palestine
)UNISPAL), see: http://domino.un.org/unispal.nsf/bc8b0c56b7bf621185256cbf005ac05f/c3b592a
9e37e41078525726d00563efb!OpenDocument
.2007/1/21 ،‫ رويرتز‬48
.2007/8/1 ،‫؛ وال�شـرق الأو�سط‬2007/7/24 ،‫ ع ّمان‬،‫ الر�أي‬:‫ انظر التفا�صيل يف‬49
.2007/9/21 ،‫ احلياة اجلديدة‬50
.2007/2/6 ،‫ رويرتز‬51
www.ejpress.org/article/eu_and_annapolis_summit_/22040 52
.2007/12/29 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬53
www.ejpress.org/article/22210 54
:‫ يف‬،2007/3/26 ‫ بي بي �سي‬55
http://news.bbc.co.uk/1/shared/bsp/hi/pdfs/06_03_07_perceptions.pdf
Stephan Vopel, Germans and Jews, United by their past: divided by their present? (Guetersloh 56
Germany: The Bertelsmann Stiftung, 2007), in:
http://www.bertelsmann-stiftung.de/bst/en/media/xcms_bst_dms_20283_20284_2.pdf
.2007/6/20 ،48 ‫؛ وعرب‬2007/6/14 ،‫؛ وال�سفري‬2007/6/11 ،‫ ال�شـرق الأو�سط‬:‫ انظر التفا�صيل يف‬57
.2007/4/14 ،‫؛ والد�ستور‬2007/4/11 ،‫ الأهرام‬58
.2007/2/27،‫ رويرتز‬59
.2007/1/16 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬60
www.ejpress.org/article/22210 61
.2007/1/29 ،‫ رويرتز‬62
http://ar.rian.ru :‫ انظر‬،2007/2/2 ،‫ وكالة �أنباء نوفو�ستي الر�سمية الرو�سية‬63
.2007/2/22 ،‫ احلياة‬64
.2007/6/19 ،‫ النهار‬65
.2007/8/1 ،‫ احلياة‬66
.2007/12/26 ،‫ اخلليج‬67
China Economic Review, 14/4/2007. 68
People’s Daily Online, China, 16/3/2007, see: http://english.people.com.cn 69
Ibid. 70
www.mofa.go.jp./Region/middle-e/address.0702.htm 71
.2007/7/8 ،‫؛ واحلياة اجلديدة‬2007/3/1 ،‫ عكاظ‬72
.2007/9/19 ،48 ‫ عرب‬73
.2007/3/25 ،‫؛ واحلياة‬2007/3/21 ،‫ رويرتز‬:‫ انظر التفا�صيل يف كل من‬74
.2007/6/16 ،‫؛ واملركز الفل�سطيني للإعالم‬2007/6/21 ،‫ وكالة �سما‬75
.2007/3/7 ،‫ رويرتز‬76
.2007/3/7 ،‫ رويرتز‬77
www.state.gov/p/near/rt/c9963.html 78

280
‫الق�ضية الفل�سطينية والو�ضع الدويل‬

.2007/2/2 ،‫ وكالة وفا‬:‫ انظر‬79


.2007/2/10 ،48 ‫؛ وعرب‬2007/2/10 ،‫ رويرتز‬:‫ انظر‬80
.2007/2/21 ،‫ وكالة وفا‬:‫ انظر‬81
.2007/5/30 ،‫ وكالة �سما‬:‫ انظر‬82
.2007/9/13 ،‫؛ والد�ستور‬2007/7/24 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬83
www.ejpress.org/article/eu_and_annapolis_summit_/21869.html 84
.2007/10/16 ،‫ بي بي �سي‬85
Ian Williams, op. cit. 86
،‫ وكال ��ة وف ��ا‬،"‫ "م�ؤمت ��ر دويل ُي�ؤ ِّك ��د دعم ��ه ل�شعبن ��ا و ُيطالِ ��ب بالتدخُّ ��ل لإنه ��اء االحت�ل�ال الإ�رسائيل ��ي للأرا�ض ��ي العربيَّ ��ة‬87
.2007/3/15
"Question of Palestine in Consultative Committee on External Affairs," Muslim India journal, 88
New Delhi, February 2008, p. 45.
http://meaindia.nic.in/speech/2007/11/22ss01.htm 89
.2007/1/27 ،‫ احلياة اجلديدة‬:‫ يف‬،‫مقابلة مع ال�سفري الهندي ذكر الرحمن‬ 90
.2007/9/29 ،‫ اخلليج‬،"...‫"الهند حتثّ الفل�سطينيني على الوحدة‬ 91
IMRA, 30/1/2007. 92
.2007/7/13 ،‫ ال�شـرق الأو�سط‬،"‫ "م�ؤمتر يهودي يو�صي بتعزيز العالقات مع دول عظمى �صاعدة كالهند وال�صني‬93
.2007/10/25 ،‫ نيودلهي‬،‫ جريدة "هيندو�ستان �إك�سرب�س" ال�صادرة باللغة الأوردية‬94
http://www.mfa.gov.il/MFA/About+the+Ministry/MFA+Spokesman/2007/Hindu-Jewish+summit 95
+held+in+New+Delhi+7-Feb-2007.htm
See for example: http://www.indianmuslims.info/news/2007/february/09/articles/self_styledmus� 966
lim_leaders_join_jewish_rabbis.html; and The Milli Gazette newspaper, New Delhi, 1-15/3/2007, p. 1 .
The Milli Gazette, 1-15/9/2007, p. 1. :‫ انظر تقرير عن الزيارة والتنديدات بها واالعت�صام يف‬97
‫ وال ُكم هو جزء من‬."‫ �أي "الطابور اخلام�س‬،‫ تعبري هندي وفار�سي يق�صد به الأعداء الذين يعي�شون بيننا‬،‫ �أفاعي ال ُكم‬98
.‫ ووجود الأفعى بداخله كناية عن اخلطر الذي ت�شكله عليه‬،‫قمي�ص الإن�سان‬
Nick Mackenzie, "World religious leaders gather at Amritsar," Religious Intelligence, London, 99
26/11/2007, in : http://www.religiousintelligence.co.uk/news/?NewsID=1229
‫ وقيل وقتها �إن‬،2005 ‫ دي�سم�ب�ر‬/‫وق ��د �سب ��ق للإ�رسائيليني دع ��وة زعماء طائفة ال�سيخ لزي ��ارة "�إ�رسائيل" يف كانون الأول‬
:‫ انظر‬،"‫"اليهود وال�سيخ تو�أمان انف�صال عند الوالدة‬
Lauren Gelfond Feldinger, "Sikhs and Jews - separated at birth?" and "Lions in Zion," The Jerusalem
Post newspaper, 29/12/2005; and Roee Nahmias, "India: Israeli nabbed for carrying bullet,"
Yedioth Ahronoth, 17/12/2005, in: http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3185733,00.html
Harinder Mishra, "Israel House seeks steps for image makeover," The Asian Age newspaper,100
New Delhi, 5/1/2007.
Etgar Lefkovits, "118 Bnei Menashe immigrants arriving in Israel," The Jerusalem Post,101
24/8/2007, in:
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1187779146925&pagename=JPost%2FJPArticle%2F
Ramesh Ramachandran, "Israel grapples with influx of lost tribe from India," The Asian Age,102
24/11/2007.
http://in.rediff.com/money/2004/aug/26israel.htm 103
http://commerce.nic.in/pressrelease/pressrelease_detail.asp?id=1860 104
See: CBS, in: http://www.cbs.gov.il/archive/200401/fr_trade/td1.htm; http://www.cbs.gov.il/ 105
archive/200501/fr_trade/td1.htm; and http://www.cbs.gov.il/archive/200801/fr_trade/td1.htm
The Times of India newspaper, New Delhi, 14/6/2007. 106
http://www.idrw.org/2007/09/29/israeli_army_delegation_to_visit_kashmir_in_october.html 107

281
2007 ‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬

The Times of India , 9/2/2007, in: http://timesofindia.indiatimes.com/articleshow/1581346.cms 108


‫ مليار دوالر يف‬4.5 ‫وميك ��ن �أن تقا� ��س �أهمية ه ��ذه امل�شرتيات من �أن �إجمايل مبيع ��ات "�إ�رسائيل" من الأ�سلحة للخارج بل ��غ‬
.2006 ‫�سنة‬
15‫ و‬...‫ �إ�رسائيلي يف جم ��ال ال�صواريخ‬- ‫ "تع ��اون هندي‬:‫ راجع‬،‫ للمزي ��د ع ��ن مبيع ��ات الأ�سلح ��ة الإ�رسائيلية للهند‬،Ibid . 109
.2007/10/22 ،‫ احلياة‬،"‫م�رشوعا ً للتكنولوجيا الف�ضائية‬
Ravi Sharma, "Israeli know how for LCA radar," The Hindu newspaper, New Delhi, 29/6/2007, 110
in: http://www.thehindu.com/2007/09/29/stories/2007062954380900.htm
The Hindu, 1/9/2007. 111
.2007/3/10 ،‫ اخلليج‬،"‫ "اتفاق على زيادة التعاون بني �إ�رسائيل والهند‬112
The Times of India, 9/2/2007. 113
The Hindu, 1/9/2007. 114
http://timesofindia.indiatimes.com/India/India_Israel_to_step_up_naval_ties/articleshow 115
2263575.cms
http://timesofindia.indiatimes.com/World/Rest_of_World/India_Israel_mull_development_of _ 116
unmanned_combat_helicopters/articleshow/2279391.cms
.2007/3/13 ،‫ نيودلهي‬،‫ جريدة " َعوام" ال�صادرة بالأوردية‬117
For details, see: "RAW & Mossad: the secret link," Rediff.com, 8/9/2003, in: 118
http://www.rediff.com/news/2003/sep/08spec.htm
IMRA , 14/3/2007 119
‫ وقد‬.2007/6/9 ،‫ احلي��اة‬،"‫ "القاعدة يف الهن ��د تهدد احللف بني نيودله ��ي ووا�شنطن و�إ�رسائيل‬:‫ انظ ��ر عل ��ى �سبي ��ل املثال‬120
:‫ انظر‬،‫اتهمت جماعات م�سلمة هندية ب�أن "�إ�رسائيل" تقف وراء هذه الأخبار املد�سو�سة على الإعالم‬
The Milli Gazette, 16-31/7/2007.
‫ "�إ�رسائي ��ل" ب�أنها تقف وراء بع�ض الهجم ��ات الإرهابية يف‬،‫ ال�صادرة بالأوردي ��ة يف الهند‬،‫وكذل ��ك اتهم ��ت بع� ��ض ال�صحف‬
:‫ ومت ن�رش الرتجمة يف‬،2007/10/16 ،"‫ افتتاحية جريدة " َعوام‬:ً‫ مثال‬،‫الهند‬
The Milli Gazette, 1-15/8/2007, p. 2.
"India, Israel establishes mechanism to share intelligence information on regular basis" 121
Associated Press of Pakistan (APP), 1/1/2008, in:
http://www.app.com.pk/en_/index.php?option=com_content&task=view&id=25040

282
‫الف�صل ال�ساد�س‬

‫الأر�ض واملقد�سات‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫الأر�ض واملقد�سات‬
‫مل تختلف �سنة ‪ 2007‬عن �سابقتها يف موا�صلة "�إ�رسائيل" للم�شاريع اال�ستيطانية‪،‬‬
‫وم�صادرة الأرا�ضي‪ ،‬وتهويد مدينة القد�س وعزلها عن ال�ضفة الغربية‪ ،‬و�إقامة‬ ‫مقدمة‬
‫جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬واال�ستمرار يف حما�رصة القرى واملدن الفل�سطينية‪ ،‬وعزل غور الأردن‪،‬‬
‫ومنع امل�صلني من �أداء �صلواتهم‪ ،‬وحتديد �أعمار امل�صلني‪ ،‬وهدم املنازل‪ ،‬وترحيل البدو من �أماكن‬
‫�سكناهم و�إبعادهم عن م�صادر رزقهم‪ .‬ويركز هذا الف�صل على القد�س ب�شكل خا�ص‪ ،‬دون �أن يغفل‬
‫اجلوانب الأخرى‪.‬‬

‫ت�سارعت وترية ال�سيا�سات الإ�رسائيلية الهادفة لب�سط‬


‫ال�سيطرة الإ�رسائيلية على مدينة القد�س‪ ،‬وتفريغها من‬
‫�أو ًال‪ :‬القد�س واملقد�سات‬
‫�سكانها الفل�سطينيني‪ ،‬يف �سباق مع الزمن لفر�ض الأمر الواقع‪ ،‬و�إحداث تغيري دميوغرايف وجغرايف‬
‫ل�صاحلها‪ ،‬وا�ستباق �أي حديث حول مفاو�ضات احل ّل الدائم‪ ،‬وا�ستفاد ًة من ورقة التعهدات التي‬
‫�أعطيت لرئي�س الوزراء ال�سابق �أريل �شارون عندما كان يف �ضيافة الرئي�س بو�ش يف ‪،2004/4/14‬‬
‫التي ت�شري �إىل �أن احلقائق على الأر�ض �ست�ؤخذ بعني االعتبار يف املرحلة النهائية‪.‬‬
‫‪ .1‬تهويد البلدة القدمية‪:‬‬
‫حدثت عدة تطورات مهمة خالل �سنة ‪ 2007‬تتعلق بالتو�سع اال�ستيطاين الإ�رسائيلي‪ ،‬و�أعمال‬
‫احلفر داخل البلدة القدمية يف القد�س وحولها‪ .‬حيث ُتوا�صل جمموعات امل�ستوطنني املدعومة من‬
‫احلكومة الإ�رسائيلية العمل يف العديد من امل�شاريع لتو�سيع الوجود اليهودي فيها‪ .‬وكانت البداية‬
‫باحل�صول على رخ�صة بناء �أول كني�س يهودي يف منطقة احلي الإ�سالمي‪ ،‬بالقرب من باب ال�سل�سلة‪،‬‬
‫�إذ ال يبعد هذا الكني�س �سوى ‪ 100‬م عن امل�سجد الأق�صى‪ .1‬و�أطلق على هذا املوقع ا�سم "خيمة‬
‫�إ�سحق"‪ ،‬وبعد �أن ح�صلت جمعية عطريات كوهانيم ‪ Ateret Kohanim‬على تراخي�ص البناء‪ ،‬تبني‬
‫فيما بعد ب�أن عائلة مو�سكوفت�ش ‪ Moskovitch‬قد ا�شرتت املوقع‪ ،‬وب�أن �سلطة الآثار تقوم باحلفر‬
‫حتت بقايا الكني�س‪ ،‬وب�أن �صندوق تقاليد حائط املبكى يقوم با�ستغالل الفراغات حتت الكني�س ليقيم‬
‫مركزا ً ثقافيا ً ومتحفاً‪ .‬ومي ّر النفق ب�شكل عر�ضي مع النفق املوازي للحائط الغربي‪ ،‬ما ّرا ً حتت احلي‬
‫الإ�سالمي‪ .2‬وقد �أكدت بلدية القد�س �أن امل�ستوطنني قد ح�صلوا على رخ�صة بناء الكني�س‪.3‬‬
‫ومن جهة �أخرى ف�إن �أعمال احلفر حتت م�سجد عني �سلوان م�ستمرة من ِقبَل م�ؤ�س�سة العاد‬
‫اال�ستيطانية ‪ .4Elad Foundation‬وتتوىل امل�ؤ�س�سة نف�سها �إقامة موقف ل�سيارات امل�ستوطنني يف‬
‫منطقة �سلوان‪.5‬‬

‫‪285‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫كما �أعدت �رشكة تطوير احلي اليهودي خمططا ً جديدا ً ُيدعى "متنزه الأ�سطح"‪ ،‬الذي ي�سعى �إىل‬
‫�إيجاد موا�صالت �سياحية بني احليني اليهودي والإ�سالمي‪ ،‬وي�أمل رجال �رشكة التطوير ب�أن ي�ؤدي‬
‫هذا امل�سار ال�سياحي فوق الأ�سطح �إىل اجتذاب �سياح من كافة الأديان‪.6‬‬
‫�أما جمعية عطريات كوهانيم ف�إنها ب�صدد املبادرة حلفر نفق ي�صل ما بني مغارة �سليمان (ت�صيد‬
‫ياهو)‪ ،‬الذي يوجد مدخله بالقرب من باب العمود‪ ،‬وبني املدر�سة املالوية (منزل هت�سالم) يف احلي‬
‫الإ�سالمي بالبلدة القدمية‪ ،‬الذي كانت اجلمعية اال�ستيطانية قد ا�ستولت عليه قبل عدة �سنوات‪.‬‬
‫ويدور احلديث عن حفريات بطول ع�رشات الأمتار‪ ،‬وت�صل �إىل م�سافة ‪ 150‬م من �سور احلرم‬
‫القد�سي ال�رشيف‪ ،‬وتقوم اجلمعية باالت�صال مع �سلطة الآثار الإ�رسائيلية بهدف حفر هذا النفق‪.7‬‬
‫ويجري اال�ستيالء ب�شكل متوا ٍز على بيوت فل�سطينية كما جرى يف حي القرمي‪ ،‬عندما قامت‬
‫اجلمعيات اال�ستيطانية باال�ستيالء على بيت يف الطابق الأول من بناية عائلة زلوم‪.8‬‬
‫كما ك�شفت جمعية الأق�صى لرعاية الأوقاف واملقد�سات الإ�سالمية عن �سعي جمموعة كبرية‬
‫من قادة امل�ستوطنني‪ ،‬و�أع�ضاء كني�ست يهود ورجال �أعمال‪ ،‬بالتعاون مع امللياردير �أيري رينات‬
‫اليهودي الأمريكي الأ�صل‪ ،‬الذي تربع مببلغ ‪ 100‬مليون دوالر؛ لإقامة كني�س يهودي على �أنقا�ض‬
‫مبنى املحكمة ال�رشعية الإ�سالمية‪ ،‬بالقرب من باب القطانني‪ ،‬بدعوى �أن املبنى بالأ�صل كان كني�سا ً‬
‫يف املا�ضي‪.9‬‬
‫وقبل انعقاد م�ؤمتر ال�سالم يف الواليات املتحدة �صادقت اللجنة الوزارية الإ�رسائيلية على‬
‫ا�ستئناف احلفريات الأثرية يف باب املغاربة بالقرب من امل�سجد الأق�صى يف القد�س‪ .‬وجاء هذا القرار‬
‫بناء على ال�ضغط الذي مار�سه على احلكومة حاخام املبكى و�صندوق �إرث املبكى‪.10‬‬
‫وا�ستمرارا ً ل�سيا�سة تهويد البلدة القدمية قام املتطرفون اليهود التابعون ملدر�سة غال�سيا‬
‫اال�ستيطانية ‪ Galetsia‬ب�أعمال حفر و�إزالة الأتربة يف �سوق ال�صاغة القدمي �أ�سفل املنطقة املعروفة‬
‫بال�صربة‪ ،‬بهدف اال�ستيالء عليه وتو�سيع املدر�سة‪ ،‬وتبلغ م�ساحة ال�سوق �أربعة دومنات‪ .‬وكان‬
‫املوقع قد انهار قبل ‪ 400‬عام‪ ،‬و�أ�صبح مليئا ً بالأتربة‪.11‬‬
‫وت�أكيدا ً على الروابط املتينة ما بني امل�ستوطنني والدولة‪ ،‬ك�شفت ال�صحف العربية عن التعاون‬
‫الوثيق بني اجلمعيات اال�ستيطانية يف البلدة القدمية ودائرة �أرا�ضي "�إ�رسائيل"‪ ،‬حيث قامت الأخرية‬
‫بت�رسيب ما يزيد عن ‪ 70‬عقاراً‪ .‬ويلقى هذا الن�شاط حتديدا ً دعما ً كبريا ً من "حار�س �أمالك الغائبني"‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬ومن دوائر ر�سمية مثل وزارات البناء والإ�سكان والداخلية وبلدية القد�س‪ .‬كما تبني‬
‫ب�أن دائرة �أرا�ضي "�إ�رسائيل" تقوم بت�أجري �أرا�ض ٍ فل�سطينية �إىل جمعية عطريات كوهانيم‪ ،‬و�أن‬
‫مئات الدومنات من هذه الأرا�ضي ت�رسبت بالفعل ل�صالح اجلمعيات اال�ستيطانية ول�صالح مقاولني‬
‫و�رشكات بناء �إ�رسائيلية‪.12‬‬

‫‪286‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫و�إمعانا ً يف عملية تهويد املدينة‪ ،‬ا�ستمر جتريف الأر�ض الفل�سطينية ل�صالح تنفيذ م�رشوع‬
‫القطار اخلفيف يف القد�س ال�رشقية لربط امل�ستوطنات الإ�رسائيلية مع القد�س الغربية‪ .‬وقد عهدت‬
‫اخلط الأول من م�رشوع القطار‪.‬‬‫ّ‬ ‫وزارة النقل الإ�رسائيلية والبلدية �إىل احتاد �رشكات خا�صة ببناء‬
‫وتر�أ�ست هذا االحتاد �رشكة �سيتيبا�س ‪ ،City Pass consortium‬وهو ي�ض ّم �أي�ضا ً �رشكتني‬
‫فرن�سيتني هما‪� :‬أل�ستوم ‪ Alstom SA‬وفيوالانفايرومنت ‪ Veolia Environnement SA‬وثالث‬
‫�رشكات �إ�رسائيلية‪ .‬ومتنح ال�رشكتان الفرن�سيتان من خالل �إ�سهامهما يف تطوير م�رشوع القطار‬
‫اخلفيف ال�رشعية ل�ض ّم "�إ�رسائيل"‪ ،‬غري القانوين‪ ،‬للقد�س ال�رشقية‪.13‬‬
‫�إن امل�شاريع اال�ستيطانية داخل البلدة القدمية وخارجها تعمل على حتقيق جمموعة من الأهداف؛‬
‫وهي �إحداث تغيري دميوغرايف لل�صالح الإ�رسائيلي عن طريق البناء املكثف‪ ،‬مقابل التقلي�ص يف‬
‫البناء العربي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إعادة ت�شكيل جديد للم�شهد التاريخي الإ�سالمي بالبلدة‪ ،‬وكان �آخر‬
‫مظاهرها‪ :‬م�صادقة اللجنة املحلية للتنظيم والبناء على م�سار تلة باب املغاربة واحلفريات التي‬
‫جتري يف حارة املغاربة‪ ،‬وذلك بالتن�سيق مع الدوائر الإ�رسائيلية املختلفة‪14‬؛ و�إعالن رئي�س بلدية‬
‫القد�س �أوري لوبوليان�سكي ‪ Uri Lupolianski‬عن ت�سويق وبناء ‪� 20‬ألف وحدة �سكنية جديدة يف‬
‫املناطق الواقعة بني الأحياء العربية‪ ،‬وخا�صة يف قرية �سلوان‪ ،‬وهذا الإعالن هو �إعادة �إحياء مل�رشوع‬
‫حي حارة اليمن‪.15‬‬
‫وهكذا يت�ضح �أن امل�شاريع الإ�رسائيلية تهدف �إىل تفتيت الوحدة اجلغرافية ملدينة القد�س‪ ،‬ومنع‬
‫�إقامة دولة فل�سطينية عا�صمتها القد�س‪.‬‬
‫‪ .2‬االعتداء على املقد�سات‪:‬‬
‫تابع االحتالل الإ�رسائيلي خالل �سنة ‪ 2007‬اعتداءاته على املقد�سات‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف منطقة‬
‫امل�سجد الأق�صى والقد�س‪ .‬وكانت احلفريات الإ�رسائيلية عند باب املغاربة‪ ،‬وحماولة �إقامة ما ي�سمى‬
‫"متحف الت�سامح" (‪ Museum of Tolerance (MOT‬على مقربة م�أمن اهلل يف القد�س من �أبرز‬
‫تطورات �سنة ‪.2007‬‬
‫يف �أوائل �شباط‪ /‬فرباير ‪ 2007‬قامت اجلرافات الإ�رسائيلية بالعمل على �إزالة التلة الرتابية‬
‫املحاذية لباب املغاربة يف حرم امل�سجد الأق�صى‪ .‬و�أعلنت �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي �أنها تقوم‬
‫ب�أعمال ترميم يف طريق باب املغاربة‪ ،‬ت�ستهدف �إقامة ج�رس علوي جديد‪ ،‬يح ّل حم َّل اجل�رس القدمي‪،‬‬
‫الذي انهار قبل ذلك بعامني‪ ،‬بفعل عا�صفة جوية‪ .‬وا ّدعى يعقوب �أدري ‪ ،Yakov Edery‬امل�س�ؤول‬
‫عن ملف القد�س يف مكتب رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي‪� ،‬أن �أعمال الرتميم بد�أت بعد تن�سيق الأمر مع‬
‫دائرة الأوقاف الإ�سالمية والأمم املتحدة والأردن‪ .‬ويف الوقت نف�سه اعرتف ق�سم املراقبة‪ ،‬يف البلدية‬
‫اليهودية للقد�س‪ ،‬ب�أن احلفريات تت ّم دون خطة وا�ضحة‪ ،‬وبال ترخي�ص قانوين �سواء من البلدية‬
‫نف�سها‪� ،‬أم من اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء‪.16‬‬

‫‪287‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫خريطة الأنفاق يف البلدة القدمية‬


‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫وقد �أحدثت �أعمال التجريف واحلفريات الإ�رسائيلية‪ ،‬عند باب املغاربة‪ ،‬موجة ا�ستياء فل�سطينية‬
‫وعربية و�إ�سالمية وا�سعة‪ .‬ونفى علماء امل�سلمني وم�س�ؤولو الأوقاف ما ادعته ال�سلطات الإ�رسائيلية‬
‫من وجود �أي تن�سيق �أو تفاهم م�سبق حول حفريات باب املغاربة‪ .‬ويف ‪� 2007/2/12‬أعلنت "�إ�رسائيل"‬
‫جتميد الأ�شغال عند باب املغاربة‪ ،‬ب�سبب ما �أحدثته من ردود فعل وا�سعة‪ .17‬غري �أن ال�شيخ عكرمة‬
‫�صربي‪ ،‬رئي�س الهيئة الإ�سالمية العليا يف فل�سطني‪ ،‬نفى بعد يومني �أن ال�سلطات الإ�رسائيلية �أوقفت‬
‫حفرياتها؛ وقال �إن اجلرافات الإ�رسائيلية عملت ثالثة �أيام متوا�صلة‪ ،‬وبعد �أن �أنهت عملها بد�أ العمل‬
‫ب�آالت حفر يدوية خفيفة‪ .18‬وهو ما يعني �أن ال�سلطات تابعت �أعمال احلفريات بو�سائل معتادة‪ ،‬مل‬
‫تعد تثري �ضجة �إعالمية‪.‬‬
‫وقد ر�أى علماء امل�سلمني وم�س�ؤولو الأوقاف يف فل�سطني �أن "�إ�رسائيل" تهدف‪ ،‬من خالل‬
‫ما ت�سميه ترميماً‪� ،‬إىل ال�سماح بدخول جماهريي كبري �إىل باب املغاربة‪ ،‬عن طريق �ساحة الرباق‬
‫واحلي اليهودي‪ .‬و�أنها تهدف �إىل تغيري معامل املنطقة وك�شف احلائط الغربي للأق�صى‪ ،‬وتعري�ضه‬
‫لالنهيار‪ ،‬والعبث بالآثار الإ�سالمية‪ ،‬كمرحلة �أوىل‪ ،‬لو�ضع اليد على م�سجد الرباق‪ ،‬الذي يقع داخل‬
‫�أ�سوار امل�سجد الأق�صى‪ ،‬كموطئ قدم لل�سيطرة على الأق�صى‪.19‬‬
‫و�أ�شار نواب عرب يف الكني�ست الإ�رسائيلي‪ ،‬يف م�ؤمتر �صحفي عقدوه يف رام اهلل‪ ،‬باال�شرتاك‬
‫مع نا�شطني من احلركة الإ�سالمية يف الداخل‪� ،‬إىل �أن احلفريات التي جتريها ال�سلطات الإ�رسائيلية‬
‫على �سطح التلة‪ ،‬هي عملية متويه حلفريات خطرية جتري ب�شكل حثيث حتت التلة‪ .‬وقال النائب‬
‫عبا�س زقور عن القائمة العربية املوحدة‪ ،‬والذي زار املكان‪� ،‬إنه زار املوقع‪ ،‬و�أك ّد وجود حمراب‬
‫�إ�سالمي كامل على درجة عالية من اجلودة‪ ،‬غطاه الإ�رسائيليون ب�ألواح خ�شبية‪ ،‬بينما توجد على‬
‫مت هدم امل�سجد ومل يبقَ �سوى املحراب‪ .‬و�أ�ضاف �أن‬ ‫ميينه غرفتان‪ ،‬كانتا ت�ستخدمان كم�سجد؛ و�أنه ّ‬
‫هدف الإ�رسائيليني هو طم�س املعامل الإ�سالمية‪ ،‬وتهديد �أ�سا�سات امل�سجد الأق�صى‪ ،‬وتو�سعة حائط‬
‫املبكى‪ .‬وذكر فريد احلاج يحي‪ ،‬مدير جمعية الأق�صى يف فل�سطني املحتلة �سنة ‪� ،1948‬إن ال�سلطات‬
‫�أقدمت على فتح م�صلى يهودي حتت املحكمة ال�رشعية‪ ،‬يف تلة املغاربة‪ ،‬و�إن احلفريات اجلارية‬
‫تهدف �إىل تدمري املحكمة ال�رشعية‪ ،‬و�إ�ضافة كني�س يهودي ثانٍ يف املكان‪.20‬‬
‫رصت "�إ�رسائيل" على االدعاء ب�أن ما تفعله ال ي�رض مبقد�سات امل�سلمني‪ ،‬وال بالو�ضع‬
‫وقد �أ� َّ‬
‫القائم؛ ووافقت على �أن تقوم جلنة تركية متخ�ص�صة بالتحقق من الأمر‪ .‬وبالفعل فقد قامت جلنة‬
‫تركية بدرا�سة الإجراءات الإ�رسائيلية يف منطقة باب املغاربة‪ ،‬و�أ�صدرت اللجنة تقريرها يف خريف‬
‫‪2007‬؛ الذي �أكد على عدم �رشعية الإجراءات الإ�رسائيلية‪ ،‬وخمالفتها مل�صالح امل�سلمني وللقانون‬
‫الدويل؛ وطالبت بوقفها فوراً‪.‬‬
‫ويظهر �أن ال�سلطات الإ�رسائيلية مل ت�أبه باحتجاجات امل�سلمني‪� ،‬إذ انتظرت كالعادة تراجع حدة‬

‫‪289‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫االحتجاجات الإ�سالمية‪ ،‬لتقوم يف منت�صف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2007‬ب�إ�صدار �أوامرها ل�سلطة‬
‫الآثار الإ�رسائيلية مبوا�صلة العمل يف منطقة طريق باب املغاربة‪ ،‬و�إنهائه ب�أ�رسع وقت ممكن‪ .‬كما‬
‫قررت احلكومة الإ�رسائيلية �أن تدعم �سلطة الآثار بـ ‪� 900‬ألف دوالر فورا ً ال�ستكمال العمل؛ على‬
‫�أن تحُ ِّول الحقا ً مبلغ ‪ 3.5‬مليون دوالر لتنفيذ بناء ج�رس دائم‪ ،‬بعد م�صادقة جلنة التنظيم والبناء‬
‫الإ�رسائيلية يف القد�س‪ .‬وت�ضمنت تعليمات اللجنة الوزارية املعنية‪ ،‬التي ير�أ�سها رئي�س الوزراء‬
‫�إيهود �أوملرت نف�سه‪� ،‬إزال َة الآثار الإ�سالمية العثمانية التي تعود �إىل ما بعد �سنة ‪1700‬م‪.21‬‬
‫�أما �إقامة ما ي�سمى متحف الت�سامح على �أنقا�ض مقربة م�أمن اهلل يف القد�س‪ ،‬والتي �سبقت الإ�شارة‬
‫�إليه يف التقرير اال�سرتاتيجي لل�سنة ال�سابقة‪ ،‬فقد �أعيد �إثارة مو�ضوعه يف �سنة ‪2007‬؛ وناق�شت‬
‫املحكمة العليا الإ�رسائيلية هذا امللف يف ‪ ،2007/4/29‬وطلبت من حمامي ال�رشكات الإ�رسائيلية‬
‫رصة على بناء املتحف‪� ،‬إبراز �أوراقهم الثبوتية للدفاع‪ ،‬حيث كانوا قد امتنعوا عن‬ ‫والأمريكية‪ ،‬امل� َّ‬
‫�إبرازها قبل ذلك‪ .22‬وقد ك�شف الدكتور رفائيل جرينربج ‪ Raphael Greenberg‬من جامعة تل �أبيب‪،‬‬
‫يف تقرير ق ّدمه يف متوز‪ /‬يوليو ‪� 2007‬إىل املحكمة الإ�رسائيلية العليا‪� ،‬أن �سلطة الآثار الإ�رسائيلية‬
‫تلقت من خبريها املعني بالك�شف عن مقربة م�أمن اهلل‪� ،‬أنه مايزال هناك ‪ 800‬قرب على الأقل‪ ،‬و�أنه‬
‫يو�صي مبنع البناء هناك‪ .‬غري �أن �سلطة الآثار قدمت تقريرا ً يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2007‬ال ي�شري‬
‫�إىل هذه التو�صية؛ بل ويقول �إنه ال حاجة ال�ستمرار احلفريات‪ ،‬و�إنه ميكن البدء يف بناء "متحف‬
‫الت�سامح"‪ .‬و�أ�ضاف جرينربج �إن اخلرائط التي قدمتها �سلطة الآثار‪ ،‬كانت معاك�سة للواقع‪ ،‬لأنها‬
‫تظهر �أن الك�شف عن الآثار قد اكتمل يف مناطق‪ ،‬مع �أنه مل يكن قد بد�أ فيها �أ�صالً!! وعلَّق جرينربج‬
‫ب�أن للقبور �أهمية �أثرية متميزة‪ ،‬و�أن تدمريها يتعار�ض مع �أخالق العمل املهني املتعلق بالآثار‪.23‬‬
‫وعلى �أي حال‪ ،‬فقد انتهت �سنة ‪ ،2007‬ومازالت ق�ضية بناء املتحف معلَّقة‪ ،‬حيث يبذل امل�سلمون كل‬
‫ما ي�ستطيعون من جهود‪ ،‬مبا يف ذلك االعرتا�ضات القانونية لدى ال�سلطات الإ�رسائيلية‪ ،‬لعرقلة هذا‬
‫امل�رشوع الذي ي�ستهدف �إزالة �أحد �أهم املعامل الإ�سالمية للقد�س‪.‬‬
‫ويف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪� 2007‬أعلنت ال�سلطات الإ�رسائيلية عن افتتاح كني�س يهودي جديد �أ�سفل‬
‫امل�سجد الأق�صى‪ ،‬يف حدود جداره اجلنوبي‪ ،‬و�أ�سفل باب ال�سل�سلة‪ ،‬وعلى بعد نحو ‪ 97‬م فقط من‬
‫قبة ال�صخرة امل�رشفة‪ .‬وقد ّ‬
‫مت افتتاح الكني�س بعد �أن �أجريت للموقع �أعمال جتديد وترميم وا�سعة‪،‬‬
‫بتمويل من يهود �أوكرانيا‪.24‬‬
‫وكان من الأعمال اال�ستفزازية‪ ،‬قيام منظمة يهودية ت�سمى "معهد الهيكل" بن�صب �شمعدان‬
‫ذهبي‪� ،‬أ�سمته "�شمعدان الهيكل" قبالة باب املغربة‪ ،‬بالقرب من اجلهة الغربية للم�سجد الأق�صى‪.‬‬
‫مت ن�صبه يف موقع ظاهر وعالٍ يقابل‬ ‫وهو �شمعدان م�صنوع من الذهب اخلال�ص ويزن ‪ 45‬كغ‪ .‬وقد ّ‬
‫امل�سجد الأق�صى من جهة الغرب‪ .‬وقد نبهت م�ؤ�س�سة الأق�صى لإعمار املقد�سات الإ�سالمية �إىل‬
‫خطورة هذه الأن�شطة‪ ،‬و�إىل ت�صاعد اخلطوات باجتاه بناء الهيكل املزعوم‪.25‬‬

‫‪290‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫‪ .3‬اال�ستيطان يف منطقة القد�س‪:‬‬


‫ا�ستمرت احلكومة الإ�رسائيلية يف �سيا�ستها الهادفة �إىل تهويد املدينة املقد�سة‪� ،‬ضمن �سيا�سة‬
‫وا�ضحة متاماً‪ ،‬و�ضمن �إجماع �إ�رسائيلي ب�أن القد�س هي عا�صمة �أبدية للدولة العربية‪ .‬ويف هذا‬
‫ال�سياق قال م�صدر �إ�رسائيلي يف جمعية عطريات كوهانيم‪ ،‬التي ت�رشف على تو�سيع اال�ستيطان يف‬
‫مدينة القد�س‪� ،‬إن لدى جماعته ترخي�صا ً من اجلهات امل�س�ؤولة لبناء ‪ 300‬وحدة �سكينة يف مكان مق ّر‬
‫ال�رشطة الإ�رسائيلية يف حي ر�أ�س العمود‪ .26‬وكانت جمعية قانونية ي�سارية �إ�رسائيلية قد ك�شفت عن‬
‫�أن �صفقة قد �أبرمت بني اجلمعيات اال�ستيطانية اليهودية واحلكومة الإ�رسائيلية‪ ،‬تق�ضي بو�ضع‬
‫يد هذه اجلمعيات على مبنى كبري لل�رشطة الإ�رسائيلية يف و�سط حي ر�أ�س العمود‪ ،‬مقابل متويلها‬
‫لإقامة بناء جديد لهذه ال�رشطة على �أرا�ض ٍ فل�سطينية يف حميط املدينة يف املنطقة امل�سماه "�إي‪"1‬‬
‫‪E1‬؛ وهو امل�رشوع اال�ستيطاين الذي يربط م�ستوطنة معاليه �أدوميم ‪� Ma'ale Adummim‬رشقي‬
‫القد�س‪ ،‬بالقد�س الغربية‪.27‬‬
‫كما ح�صلت اجلمعية املذكورة على تراخي�ص بناء ‪ 300‬وحدة �سكنية �أخرى يف منطقة �أبو دي�س‪،‬‬
‫مت �إطالق ا�سم كدمات �صهيون ‪ Kidmat Zion‬على املوقع‪ .28‬وتقدم امللياردير‬ ‫قبالة جدار الف�صل‪ ،‬و ّ‬
‫مو�سكوفت�ش بدعوى �ض ّد عائلة عربية ت�سكن يف ر�أ�س العمود ي ّدعي فيها ب�أن الأر�ض التي تقيم عليها‬
‫تعود له؛ حيث ي�سعى لإقامة ب�ؤرة ا�ستيطانية جديدة يف �سفوح جبل الزيتون‪ ،‬وتبلغ م�ساحة هذه‬
‫الأر�ض ‪ 2.5‬دومنا ً‪ .29‬تبعها �إعالن ال�سلطات الإ�رسائيلية ا�ستدراج عطاءات لبناء ‪ 307‬وحدات �سكنية‬
‫يف جبل �أبو غنيم‪ .30‬وع ّقب املتحدث الإ�رسائيلي مارك ريغف ‪ Mark Regev‬على بناء هذه الوحدات‬
‫ال�سكنية ب�أن "�إ�رسائيل" متيز ب�شكل وا�ضح بني ال�ضفة الغربية والقد�س‪ ،31‬و�إن تنفيذ املرحلة الأوىل‬
‫من خريطة الطريق ال ينطبق على القد�س‪ ،‬ويف الوقت الذي تعهد فيه رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي‬
‫�أوملرت بتجميد الأن�شطة اال�ستيطانية‪� ،‬أعلن امل�ستوطنون عن �إقامة ثمانية مواقع ع�شوائية خا�صة‬
‫حول مدينة القد�س‪.‬‬
‫ويف ‪ 2007/12/15‬ن�رشت ال�سلطات الإ�رسائيلية عطاء لبناء ‪ 150‬وحدة �سكنية قرب جبل املكرب‪،‬‬
‫كما ن�رشت عطاء �آخر يف ‪ 2007/12/30‬لبناء ‪ 440‬وحدة �سكنية يف حي "�آرمون هانا ت�سيف"‪ ،‬التابع‬
‫مل�ستوطنة تل بيوت جنوبي القد�س‪.32‬‬
‫�أما الوزير امل�س�ؤول عن �ش�ؤون املتقاعدين يف احلكومة الإ�رسائيلية رايف �إيتان ‪Rafi Eitan‬‬
‫رصح ب�أن موازنة ‪ 2008‬تت�ضمن بناء ‪ 250‬وحدة �سكنية‪ ،‬يف م�ستوطنة معاليه �أدوميم‪ ،‬وبناء‬‫فقد � ّ‬
‫‪ 500‬وحدة �أخرى يف جبل �أبو غنيم‪ .33‬وكانت حركة ال�سالم الآن ‪ Peace Now‬قد ك�شفت عن هذا‬
‫املو�ضوع ب�إ�شارتها �إىل �أن احلكومة الإ�رسائيلية قد خ�ص�صت مبلغ ‪ 25‬مليون دوالر لإقامة هذه‬
‫الوحدات ال�سكنية‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أما جريدة كل هزمان ‪ Kol HaZman‬فقد ذكرت ب�أن وزارة الداخلية الإ�رسائيلية قررت �إحياء‬
‫وتنفيذ م�رشوع الطوق ال�رشقي (�شارع ‪ ،)45‬الذي متت امل�صادقة عليه �سنة ‪ ،1996‬وجرى تغيري‬
‫م�ساره لإقامة �أكرب و�أعلى ج�رس يبلغ عر�ضه ‪ 350‬م‪ ،‬وارتفاعه ‪ 115‬م‪ ،‬يف املناطق التي ت�سيطر عليها‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬وبحيث تتم م�صادرة ‪ 1,070‬دومنا ً من �أرا�ضي قرى �صور باهر‪ ،‬وال�سواحرة الغربية‪،‬‬
‫مت فتح نفقني �أحدهما بطول ‪ 258‬م والثاين بطول ‪ 960‬م‪.‬‬ ‫و�أبو دي�س‪ ،‬والطور لهذا الغر�ض‪ .‬كما ّ‬
‫ويهدف هذا ال�شارع �إىل ربط امل�ستوطنات الواقعة يف ال�شمال ال�رشقي للقد�س وهدم ع�رشات املنازل‬
‫العربية‪.34‬‬
‫وعندما مل تنجح خمططات م�رشوع �إقامة ‪� 20‬ألف وحدة �سكنية بالقد�س الغربية على م�ساحة‬
‫‪ 26‬كم‪ ،²‬ب�سبب املعار�ضة التي لقيتها‪ ،‬بحجة املحافظة على البيئة‪ ،‬لأن الأرا�ضي املخ�ص�صة للبناء‬
‫هي عبارة عن غابات‪ ،‬وبعد �أن ف�شل م�رشوع مو�شيه �صفدي ‪Moshe Safdie‬؛ ك�شفت جريدة‬
‫ه�آرت�س يف ‪ 2007/1/15‬عن خمطط جديد لإقامة حي ا�ستيطاين على �أرا�ضي قرية قلنديا‪� ،‬شمايل‬
‫مدينة القد�س‪ .‬واملخطط يهدف �إىل بناء ما بني ‪� 13-11‬ألف وحدة �سكنية؛ لإ�سكان ما يزيد عن ‪� 60‬ألف‬
‫م�ستوطن‪ ،35‬ويت�ضمن املخطط �شقّ نفق حتت قرية كفر عقب‪ ،‬لربط احلي اجلديد مع م�ستعمرة‬
‫كوخاف يعقوب ‪ Kochav Yaakov‬الواقعة �رشقي القد�س واملقامة على �أرا�ضي قرية برقة‪ .‬وقد‬
‫اعرتفت وزارة الإ�سكان الإ�رسائيلية بوجود هذا املخطط‪ ،‬وب�أنها تخطط لإقامة ع�رشة �آالف وحدة‬
‫�سكنية جديدة �شمال القد�س يف منطقة قلنديا‪� ،‬ضمن �سيا�سة �إحداث تغيري دميوغرايف للمدينة‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل ربط هذه امل�ستوطنة مع امل�ستوطنات الواقعة خارج حدود البلدية عن طريق الأنفاق‪،‬‬
‫ويف حال تنفيذ امل�رشوع ف�إنه �سيكون �أكرب حي ا�ستيطاين تقيمه "�إ�رسائيل" يف القد�س ال�رشقية بعد‬
‫عام ‪.361967‬‬
‫وب�شكل موا ٍز �صادقت اللجنة املحلية للبناء يف بلدية القد�س‪ ،‬يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪،2007‬‬
‫على بناء ‪ 1960‬وحدة �سكنية جديدة يف حيني مف�صليني؛ الأول على م�ساحة ‪ 70‬دومناً‪ ،‬والثاين‬
‫على م�ساحة ‪ 527‬دومنا ً يف م�ستوطنة رامات �شلومو ‪ Ramat Shlomo‬املقامة على �أرا�ضي قرية‬
‫�شعفاط؛ ويهدف هذا امل�رشوع �إىل م�صادرة املزيد من الأرا�ضي الفل�سطينية‪ .37‬كما متت امل�صادقة‬
‫على بناء �ألف وحدة �سكنية جديدة مببادرة من وزارة الإ�سكان يف جبل �أبو غنيم‪.38‬‬
‫و�ضمن الر�ؤية املو�ضوعة لتطوير اال�ستيطان الإ�رسائيلي ملدينة القد�س حتى ‪ ،2020‬قامت‬
‫احلكومة الإ�رسائيلية بالإعالن عن م�صادرة �ألفي دومن من �أرا�ضي قرية الوجلة؛ لإقامة م�ستوطنة‬
‫جديدة حتت ا�سم جفعات يا ِعل ‪ .Givat Yael‬وح�سب املخطط �ستُقام ‪� 13‬ألف وحدة �سكنية‪،‬‬
‫ت�ستوعب ‪� 55‬ألف م�ستوطن‪.39‬‬
‫ويف تطور الفت للنظر �أعلنت احلكومة الإ�رسائيلية يف كانون الثاين‪ /‬يناير‪ 2007‬عن تخ�صي�ص‬

‫‪292‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫مبلغ ‪ 1.5‬مليار دوالر‪ ،‬لتطوير الأحياء اليهودية اال�ستيطانية يف القد�س العربية‪ ،‬يف حماولة لتخفيف‬
‫املخاوف من زيادة ال�سكان الفل�سطينيني‪ ،‬مبا يهدد خمططها لتهويد املدينة املقد�سة‪ ،‬و�سعيها لفر�ض‬
‫ال�سيادة اليهودية عليها‪ ،‬املرفو�ضة عاملياً‪ ،‬ووفق القانون الدويل‪ ،‬حتى من �أقرب حلفاء "�إ�رسائيل"‬
‫و�أ�صدقائها‪ .‬وجاء هذا الإعالن يف جل�سة خا�صة عقدتها احلكومة بوجود رئي�س البلدية الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫الذي �شدد على �رضورة تعزيز عدد ال�سكان اليهود يف املدينة املقد�سة‪ .‬وهذه اخلطة تتطلب‪ ،‬لتعميق‬
‫تهويد املدينة‪ ،‬نقل املزيد من الوحدات التابعة للوزارات �إىل القد�س‪ ،‬و�إقامة جممع للمحاكم‪ ،‬و�إلغاء‬
‫ال�رضيبة املفرو�ضة على �أرباب العمل ‪ .40‬ويف تطور الحق �أعلن رئي�س بلدية القد�س‬
‫الغربية‪ ،‬يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2007‬عن �إعداد خطة تطويرية حتمل ا�سم "خطة مار�شال"؛ حيث ّ‬
‫مت‬
‫تخ�صي�ص ‪ 200‬مليون �شيكل (‪ 50‬مليون دوالر)‪ ،‬تهدف �إىل �إقامة بنية حتتية وتطوير مرافق عامة؛‬
‫�سعيا ً نحو �إقامة القد�س الكربى باملفهوم الإ�رسائيلي‪ ،‬وحتقيقا ً لر�ؤية �أوملرت جتاه مدينة القد�س‬
‫ب�شكل ي�ضمن �أغلبية يهودية‪ ،‬ويحول دون تق�سيم املدينة �إىل عا�صمتني لدولتني‪.41‬‬
‫و�ضمن ال�سيا�سة الإ�رسائيلية القائمة ل�سلطة االحتالل‪ ،‬فقد �أ�صدر القائد الع�سكري الإ�رسائيلي‬
‫لل�ضفة الغربية الأمر الع�سكري ت‪ 07/19/‬بتاريخ ‪ 2007/10/9‬بو�ضع اليد على ‪ 1,128‬دومناً‪ ،‬من‬
‫�أرا�ضي ال�سواحرة و�أبو دي�س واخلان الأحمر ل�صالح الطريق رقم ‪ ،80‬وهذا ال�شارع يقع �ضمن الأمر‬
‫الع�سكري رقم ‪ 50‬للطرق ال�صادر �سنة ‪ .421983‬وي�أتي هذا املخطط كحلقة من حلقات اال�ستيالء‬
‫على الأرا�ضي الفل�سطينية لتحقيق �أهداف عديدة؛ منها عزل التجمعات الفل�سطينية وف�صلها‪.‬‬
‫وهذا الطريق يندرج �ضمن ر�ؤية �أوملرت جتاه ال�ضفة الغربية‪ ،‬وهو طريق عن�رصي لأنه م�صمم‬
‫فقط للفل�سطينيني‪ .‬وتكمن خطورة هذا الطريق من الناحية ال�سيا�سية يف ف�صل �شمال ال�ضفة الغربية‬
‫عن جنوبها‪ ،‬وعزل مدينة القد�س عن امتدادها يف اجلنوب الفل�سطيني ويف ال�رشق‪ ،‬و�إلغائها كمركز‬
‫للحركة واالت�صال‪� ،‬إ�ضافة �إىل تو�سيع حدود القد�س ب�ضمها التكتل اال�ستيطاين ال�رشقي املكون من‬
‫ثماين م�ستوطنات؛ لإحداث تغيري دميوغرايف ل�صالح الإ�رسائيليني‪� .‬أما من الناحية االقت�صادية ف�إن‬
‫هذا الطريق يعمل على �إ�ضعاف مكانة القد�س و�إخراجها من دائرة احلركة التجارية‪ ،‬وا�ستبعادها‬
‫كمركز للموا�صالت‪ ،‬كما مينع التطور العمراين باجتاه ال�رشق‪ ،‬وذلك ناجت عن �ض ّم هذه الكتل‬
‫اال�ستيطانية‪ ،‬وعن عزل القرى املحيطة باملدينة‪.‬‬
‫�أما بلدية القد�س فقد �شاركت يف عملية امل�صادرة ب�إعالنها �أن قطعا ً من الأرا�ضي تقع �ضمن‬
‫حو�ض رقم ‪ 30124‬وحو�ض رقم ‪ ،30120‬من �أرا�ضي �سلوان‪ ،‬هي �أرا�ض ٍم�صادرة‪ ،‬من �أجل �إقامة‬
‫موقف �سيارات‪ .43‬كما �أعلنت بلدية القد�س خمططا ً �إ�رسائيليا ً جديدا ً بهدف اال�ستيالء على � ٍ‬
‫أرا�ض من‬
‫قرية �سلوان‪ ،‬وم�صادرة ‪ 150‬دومنا ً لإ�سكان املهاجرين اليهود‪ .44‬كما ا�ستولت اجلامعة العربية على‬
‫املزيد من الأر�ض الفل�سطينية؛ بفتحها طريقا ً ُ�ش َّقت على �أرا�ض ٍ تعود ملواطنني من قرية لفتا‪.45‬‬

‫‪293‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪� .4‬سيا�سة هدم املنازل ومنع رخ�ص البناء‪:‬‬


‫�إن قيام �سلطات االحتالل بتدمري املمتلكات واملنازل وهدمها يف القد�س املحتلة يتناق�ص مع‬
‫القانون الإن�ساين الدويل‪ ،‬خ�صو�صا ً اتفاقية جنيف الرابعة لعام ‪ ،1949‬كما يتعار�ض مع املادة‬
‫‪ 25‬من الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان‪ .‬و�إن ا�ستمرار �سيا�سة هدم املنازل التي تتبعها ال�سلطات‬
‫الإ�رسائيلية لل�ضغط على املواطنني ملغادرة املدينة املقد�سة‪ ،‬هي �سيا�سة قدمية جديدة‪ ،‬ت�أتي يف �سياق‬
‫�سيا�سة احل ّد من النمو ال�سكاين العربي‪ ،‬ومن �أجل تفريغ املدينة من �سكانها الفل�سطينيني‪.‬‬
‫وقد لوحظ �أن هناك ت�صاعدا ً خطريا ً يف �سيا�سة هدم املنازل من ِقبَل البلدية والداخلية الإ�رسائيلية‬
‫رص بلدية القد�س على �سيا�ستها‬ ‫منذ بداية ‪2007‬؛ حيث طال الهدم جميع مناطق القد�س‪ .‬وت� ّ‬
‫العن�رصية مبالحقة البناء الفل�سطيني بالهدم واملخالفات والغرامات‪ ،‬حتى البناء املرخ�ص منها‪،‬‬
‫بحجة "جتاوز" ن�سبة البناء املمنوحة‪ .‬وي�ضاف �إىل كل ذلك‪ ،‬ما ت�صنعه ال�سلطات الإ�رسائيلية من‬
‫العقبات‪ ،‬وال�صعاب‪ ،‬والقوانني والإجراءات‪� ،‬إ�ضافة للتكاليف الباهظة وندرة الأر�ض‪ ،‬جراء و�ضع‬
‫اليد عليها حتت �شتى القوانني‪ ،‬وهو ما يدفع الإن�سان املقد�سي �إىل �أن يختار ما بني البقاء قاب�ضا ً على‬
‫اجلمر يف �أر�ضه �أو اخلروج والرحيل‪ .‬وفيما يلي جدول يو�ضح �أعداد املنازل املهدومة يف القد�س يف‬
‫الفرتة ‪:462007-2004‬‬
‫جدول ‪ :6/1‬هدم املنازل يف منطقة القد�س ‪2007-2004‬‬
‫عدد الوحدات املهدومة‬ ‫ال�سنة‬
‫‪183‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪120‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪2007‬‬

‫وجتدر الإ�شارة �إىل �رضورة �أخذ هذه الإح�صائيات ببع�ض احلذر‪ ،‬ب�سبب ت�ضاربها مع‬
‫�إح�صائيات �أخرى‪� ،‬إذ ت�شري �أرقام احلملة ال�شعبية الفل�سطينية ملقاومة جدار الف�صل العن�رصي‪،‬‬
‫�إىل �أن �آليات االحتالل هدمت حوايل ‪ 137‬منزالً يف مدينة القد�س و�ضواحيها‪ ،‬من بني ‪ 165‬منزالً ّ‬
‫مت‬
‫هدمها‪ ،‬على الأقل‪ ،‬يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬خالل �سنة ‪.472007‬‬
‫‪ .5‬تهجري املقد�سيني و�سحب حق الإقامة منهم‪:‬‬
‫�شهد عام ‪ 2007‬ت�صعيدا ً �إ�رسائيليا ً يف انتهاكات حقوق الإن�سان الفل�سطيني يف القد�س‪ ،‬وخا�صة‬
‫احلقوق االجتماعية وحقوق الإقامة‪ .‬فال�سيا�سة الإ�رسائيلية جتاه حقوق املقد�سيني �سجلت قفزة‬
‫نوعية يف انتهاكاتها للحقّ الأ�سا�سي للأفراد واجلماعات‪ ،‬وحتديدا ً يف جمال جمع ال�شمل‪ ،‬وال�سكن‬

‫‪294‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫خريطة ر�ؤية �أوملرت حول القد�س‬

‫‪295‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪296‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫والإقامة‪ .‬فاملعطيات املتعلقة بجمع ال�شمل تفيد ب�أن عددا ً �إجماليا ً من الطلبات‪ ،‬موجودة الآن يف‬
‫وزارة الداخلية‪ ،‬يزيد عن ع�رشة �آالف طلب تتعلق مب�صري �أ�رس بكاملها ولي�س جمرد �أفراد‪ ،‬غالبيتها‬
‫جم ّمدة ا�ستنادا ً �إىل قرار حكومي �صادر يف العام ‪ .2002‬ويرتبط بهذا حقوق �آالف الأطفال املقد�سيني‬
‫يف الت�سجيل يف �سجل النفو�س بوزارة الداخلية‪ ،‬وعدم ت�سجيلهم يعني حرمانهم من حقّ العالج‬
‫ال�صحي‪ ،‬ومن خم�ص�صات الت�أمني الوطني وغريه‪ .‬كما يعني �أي�ضا ً حرمان الأ�رسة الفل�سطينية من‬
‫جمع �شمل �أفرادها‪ .‬ووفقا ً ملن�شورات وزارة الداخلية الإ�رسائيلية التي �أعلنت عنها ف�إنها �سحبت‬
‫هويات الإقامة الدائمة من ‪ 1,363‬فل�سطيني مقد�سي للعام ‪ .2006‬ومنذ عام ‪ 1967‬وحتى نهاية‬
‫‪ 2006‬بلغ جمموع هويات الإقامة امل�سحوبة ‪ 8,269‬هوية‪ .48‬ولي�س هناك �أرقام متوفرة حتى الآن‪،‬‬
‫عن عدد هويات الإقامة الدائمة التي �سحبت �سنة ‪.2007‬‬
‫ويف القرى التي تقع حول مدينة القد�س تنوي ال�سلطات الإ�رسائيلية ترحيل ‪� 22‬ألف بدوي‬
‫من �أنحاء ال�ضفة‪ ،‬وجتميعهم يف م�ساحات �ضيقة ال تتنا�سب وطبيعة عملهم ومنط احلياة التي‬
‫مت نقلهم بالقوة‬‫يعي�شونها‪ ،‬كما ح�صل لعائالت عرب اجلهالني (‪� 60‬أ�رسة) عام ‪1997‬؛ حيث ّ‬
‫مت و�ضعهم يف بيوت م�ؤقتة‪ ،‬ويف منطقة القد�س‬ ‫مكب النفايات‪ ،‬و ّ‬
‫�إىل جنوب �أبو دي�س بالقرب من ّ‬
‫وحدها يعي�ش حوايل ‪ 7,500‬بدوي من عرب اجلهالني‪ ،‬الذين ينت�رشون على تالل القد�س ال�شمالية‬
‫وال�رشقية والغربية‪ ،‬وتنوي ال�سلطات الإ�رسائيلية ترحيلهم من املنطقة‪� ،‬ضمن خمططاتها ملا ي�سمى‬
‫بـ"م�رشوع القد�س الكربى"‪ .‬ويعي�ش البدو يف ال�ضفة الغربية حالة من التهجري الدائم منذ عام ‪1948‬‬
‫وحتى الآن‪ ،‬فال�سلطات الإ�رسائيلية تتعقبهم يف كل مكان يلج�ؤون �إليه‪ ،‬و ُتغلِق املراعي يف وجوههم‪،‬‬
‫وتهدم منازلهم‪ ،‬و ُت�صادر �أغنامهم‪ ،‬مما يهدد ثروتهم احليوانية‪ ،‬ويهدد وجودهم‪.49‬‬
‫وحتقيقا ً لأهداف �سيا�سية وا�ستيطانية تتمثل يف تفريغ الفل�سطينيني من مناطق تواجدهم‪،‬‬
‫ومتهيدا ً مل�صادرتها واال�ستيطان فيها‪ ،‬و�صل التمييز العن�رصي‪ ،‬الذي متار�سه "�إ�رسائيل" باملدينة‬
‫ح ّدا ً طال املوتى‪ .‬فقد �أ�صدر وزير الأمن الداخلي الإ�رسائيلي �آيف (مو�شيه) ديخرت ‪Avraham‬‬
‫‪� (Moshe) Dichter‬أمرا ً مبنع دفن املوتى الفل�سطينيني يف مقربة الرحمة‪ ،‬الواقعة خارج �أ�سوار‬
‫البلدة القدمية‪ .‬وجاء هذا القرار باملنع �ضمن �سيا�سة ال�ض ّم والتهويد والرتحيل‪ ،‬خارقا ً كل الأعراف‬
‫واملواثيق الدولية‪ .‬فبعد �سيا�سة مالحقة الأحياء وطردهم عن طريق هدم املنازل وم�صادرة‬
‫الأرا�ضي‪ ،‬تت ّم اليوم �سيا�سة مالحقة املوتى يف قبورهم‪ .50‬وجاء هذا القرار ر�ضوخا ً ملطالب "جلنة‬
‫منع هدم الآثار يف جبل الهيكل"‪ ،‬وهي جلنة لتهويد املعامل العربية الإ�سالمية يف القد�س‪ ،‬وتد ّعي �أن‬
‫الفل�سطينيني "و�سعوا املقربة على ح�ساب منطقة �أثرية"‪ .‬وو�صل الف�صل العن�رصي حول مدينة‬
‫إ�سمنتي بارتفاع‬
‫ٌّ‬ ‫القد�س �إىل قيام ال�سلطات الإ�رسائيلية ب�إقامة طرق مب�سارين يف�صلهما حاج ٌز �‬
‫خم�سة �أمتار‪� ،‬أحدهما للإ�رسائيليني والآخر للفل�سطينيني‪.51‬‬

‫‪297‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .6‬جدار الف�صل العن�صـري يف القد�س‪:‬‬


‫على الرغم من القرارات الدولية‪ ،‬وخا�صة قرار حمكمة العدل الدولية باعتبار �أن اجلدار غري‬
‫قانوين‪� ،‬إال �أن ال�سلطات الإ�رسائيلية �أمعنت يف جتاهلها للقوانني والأعراف الدولية‪ ،‬وا�ستمرت يف‬
‫ت�شييد اجلدار والنظام امللحق به‪ .‬وبا�ستثناء مقطع ي�صل ما بني �ضاحية الربيد وبيت حنينا‪ ،‬ف�إن‬
‫اجلدار يكون قد اكتمل حول القد�س‪ .‬ويقوم جي�ش االحتالل بتجهيز حاجز ع�سكري ليكون معربا ً‬
‫ر�سميا ً "بوابة" يف جدار العزل‪ ،‬كما يقوم بالتو�سع عند املدخل الغربي ال�شمايل ملخيم �شعفاط‪ .‬وكان‬
‫اجلدار قد اكتمل يف هذه املنطقة عازالً ‪� 45‬ألف مواطن‪ ،‬يف خميم �شعفاط و�ضاحية ال�سالم وعناتا‪،‬‬
‫عن القد�س مدينتهم ومركز حياتهم‪.‬‬
‫كما يعاين �أطفال منطقة بيت حنينا (تل عدا�س) معاناة �شديدة من هذا اجلدار؛ فقد "حرموا‬
‫من االلتحاق باملدار�س يف القد�س عقابا ً لهم‪ ،‬لأن اجلدار عزل بيوتهم عن مدار�سهم‪ ،‬مما �أفقدهم‬
‫فر�صتهم يف التعليم الذي هو حق جماين و�إلزامي على املجتمع وال�سلطة‪ ،‬ويجب �أن يكون متاحا ً‬
‫لكل طفل يف �سن التعليم‪ .‬وهذا ما ن�صت عليه اتفاقية حقوق الطفل يف املادة ‪ ،20‬ويف ال�رشعية الدولية‬
‫حلقوق الإن�سان"‪.52‬‬
‫وحتولت قرى �شمال غربي القد�س �إىل منطقة جافة‪ ،‬بعد �أن عزلها جدار الف�صل عن مدينتي‬
‫القد�س ورام اهلل‪ ،‬وبعد �إحكام �رشكة ميكروت الإ�رسائيلية ‪Israel National Water Company‬‬
‫‪� Mekorot‬سيطرتها على م�صادر املياه‪ ،‬وتزويد القرى فقط مبا ن�سبته ‪ %25‬من احتياجاتها‬
‫اليومية‪ ،‬الأمر الذي �أحلق دمارا ً كبريا ً يف املزروعات من جهة‪ ،‬ودفع املزارعني �إىل العزوف عن تربية‬
‫الأغنام والدواجن من جهة �أخرى‪ .‬وي�شعر �أهايل قرى �شمال غربي القد�س بال�ضيق ال�شديد �إثر‬
‫�إحكام اخلناق عليهم بعد اكتمال بناء اجلدار‪ ،‬حيث مل يعد لهم طريق �سوى النفق‪ ،‬الذي �سيفتح‬
‫لربط هذه القرى املعزولة مع منطقة رام اهلل‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك النفايات التي يلقيها امل�ستوطنون فيها‪،‬‬
‫وحتويل املنطقة �إىل مكب لنفايات امل�ستوطنات‪ ،‬وحتويل جماري املياه العادمة �إىل �أودية املنطقة؛ مما‬
‫�أدى �إىل تلوث مياه الينابيع واملياه اجلوفية وتدمري الزراعة‪.‬‬
‫كما تع ّد قرى جنوب �رشقي القد�س منوذجا ً �آخر للعزل الذي يفر�ضه جدار الف�صل‪ ،‬حيث‬
‫�أ�صبحت قريتا ال�شيخ �سعد وجبل املكرب‪� ،‬أ�شبه بجزيرة معزولة‪ ،‬ويبلغ عدد �سكانهما قرابة ‪� 15‬ألفاً‪،‬‬
‫وتع ّد هذه القرى البوابة ال�رشقية للمدينة‪� ،‬إذ ال ميكن �أن تنف�صل عنها‪ ،‬وذلك الفتقارها �إىل اخلدمات‬
‫مت عزل �أهايل القرى عن مقربتهم الوحيدة‪ ،‬وعن مدار�س‬ ‫الكافية‪ ،‬وحتديدا ً املراكز ال�صحية‪ .‬كما ّ‬
‫�أطفالهم‪ ،‬وعن �أماكن عملهم وعائالتهم‪ ،‬مما دفع ب�أكرث من ‪ %25‬من ال�سكان �إىل مغادرة قراهم‪.53‬‬

‫‪298‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫‪ .7‬جوانب من معاناة �سكان مدينة القد�س‪:‬‬


‫�أ‪ .‬اقت�صادياً‪:‬‬
‫بد�أ اخلنق االقت�صادي ملدينة القد�س بعد االحتالل مبا�رشة‪ ،‬حيث تع ّمدت ال�سلطات الإ�رسائيلية‬
‫ال�ضغط على املقد�سيني لنقل الثقل االقت�صادي �إىل القد�س الغربية �أو خارج حدود البلدية‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق فر�ض ال�رضائب الباهظة على �أ�صحاب املتاجر �أو امل�ؤ�س�سات ال�صناعية يف �رشق القد�س‪،‬‬
‫ف�ضالً عن التقتري يف �إ�صدار الرخ�ص للمن�ش�آت اجلديدة‪ ،‬وعدم وجود مناطق �صناعية خا�صة لهذه‬
‫املن�ش�آت‪� .‬أدت هذه ال�سيا�سة �إىل هجرة اقت�صادية كبرية باجتاه املناطق املحيطة بالقد�س‪ ،‬التي تتوفر‬
‫فيها �رشوط مريحة لال�ستثمار االقت�صادي‪.‬‬
‫وهكذا �أخذ الثقل االقت�صادي ينتقل باجتاه ال�شمال "الرام" �أو ال�رشق "العيزرية و�أبو دي�س"؛‬
‫حيث عمدت ال�سلطات الع�سكرية الإ�رسائيلية �آنذاك �إىل الت�ساهل يف منح الرخ�ص وتخفيف ال�رضائب‪،‬‬
‫مقارنة بال�رضائب الباهظة املفرو�ضة يف �رشقي القد�س‪ ،‬ف�ضالً عن وجود م�ساحات وا�سعة من‬
‫الأرا�ضي واملخططات الهيكلية امل�صادق عليها‪ ،‬يف الوقت الذي كانت تعاين فيه املدينة من م�صادرة‬
‫الأرا�ضي‪ ،‬ومن جتميد املخططات الهيكلية وتقييد البناء‪ .‬كل هذه العوامل جمتمعة �أدت �إىل هجرة‬
‫ر�ؤو�س الأموال �إىل املناطق املحيطة بالقد�س‪ .‬وب�شكل متوا ٍز �أدى وجود املن�ش�آت ال�صناعية �إىل حركة‬
‫عمرانية كبرية‪ ،‬حيث �شجعت البلدية �إقامة امل�شاريع العمرانية "م�رشوع العيزرية"؛ مما �أدى �إىل‬
‫هجرة �سكانية كبرية باجتاه ال�ضواحي‪ ،‬وتفريغ جزء كبري من البلدة القدمية وما حولها‪ .‬غري‬
‫�أنه مع اندالع انتفا�ضة الأق�صى‪ ،‬ونتيجة للإغالقات و�إقامة احلواجز‪ ،‬وال�سيا�سة الإ�رسائيلية يف‬
‫�سحب الهويات‪ ،‬بذريعة �أن مكان الإقامة هو خارج حدود البلدية‪ ،‬و�إقامة جدار الف�صل؛ فقد عاد‬
‫املقد�سيون‪ ،‬لالنتقال من �أماكن �سكناهم خارج حدود البلدية �إىل داخل حدودها‪ .‬حيث بلغ جمموع‬
‫املنتقلني حتى بداية �سنة ‪ 2007‬حوايل ‪� 40‬ألف فل�سطيني؛ مما �أحدث اكتظاظا ً �سكانيا ً وتعليميا ً يف‬
‫الوحدات ال�سكنية وال�صفوف التعليمية‪.54‬‬
‫ب‪ .‬اجتماعيا ً ونف�سياً‪:‬‬
‫تواجه مدينة القد�س حملة منهجية تنفذها �سلطات االحتالل‪ ،‬هدفها بالدرجة الأوىل ال�سكان‬
‫العرب‪ ،‬وتتمثل يف �إهمال البنية التحتية‪ ،‬وهدم البيوت‪ ،‬و�إغالق امل�ؤ�س�سات وترويج املخدرات يف‬
‫�صفوف ال�شبان‪ ،‬وتقييد البناء‪ ،‬الأمر الذي زاد من حدة الفقر وت�أثريه على ال�سكان‪ .‬كما ارتفعت‬
‫البطالة وخا�صة بني ال�شباب غري امل�ؤهل مهنياً؛ فو�صلت ن�سبة البطالة �إىل ‪ %20‬خالل �سنة ‪،552005‬‬
‫وهو املعدل نف�سه تقريبا ً �سنة ‪2006‬؛ مما زاد امل�شاكل االقت�صادية واالجتماعية التي جتلت يف �آفة‬
‫الإدمان على املخدرات وامل�شاكل الأ�رسية‪ .‬و ُيوجد انت�شار املخدرات واقعا ً م�ؤملا ً بني فئات ال�شباب يف‬
‫املجتمع املقد�سي‪ ،‬الرتباطه املبا�رش باملجتمع الإ�رسائيلي‪ .‬وينعك�س هذا الو�ضع على ارتفاع ن�سبة‬

‫‪299‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الت�رسب من املدار�س‪ ،‬وبالتايل ارتفاع ن�سبة الأمية ون�سبة اجلرمية واالنحرافات الأخالقية‪ .‬وقد‬
‫ت�أزم الو�ضع بعد �إقامة اجلدار‪ ،‬حيث �أدى �إىل هجرة ال�سكان من �أماكن ال�سكن خارج اجلدار �إىل‬
‫داخله؛ ف�أحدث �ضغطا ً على الوحدات ال�سكنية‪ ،‬التي كانت تعاين �أ�صالً من ارتفاع الكثافة ال�سكانية‬
‫بن�سبة ‪ 2.2‬فردا ً للغرفة الواحدة قد ارتفعت �إىل خم�سة �أفراد للغرفة الواحدة؛ وهو ما انعك�س �سلبا ً‬
‫على الأو�ضاع االجتماعية والأخالقية داخل الأ�رسة‪.‬‬
‫كان لإ�شغال الوحدة ال�سكنية الواحدة ب�أكرث من �أ�رسة �أثر كبري على ا�ستقرار الأ�رسة املقد�سية؛‬
‫من حيث م�شاكل الزواج والطالق‪ .‬كما �أن ارتفاع �أجرة ال�سكن لذوي الدخل املحدود ترك �أثره على‬
‫الو�ضع العائلي‪ ،‬فهذا االرتفاع وما يرافقه من متطلبات معي�شية مع ثبات قيمة الدخل‪� ،‬أدى �إىل‬
‫حدوث م�شاكل ذات انعكا�سات اجتماعية و�صحية على الأ�رسة‪.‬‬
‫وقد �أدى بناء اجلدار حول مدينة القد�س �إىل �إثقال كاهل املقد�سيني بالإجراءات الإ�رسائيلية‬
‫املختلفة‪ ،‬و�أدت �إقامة اجلدار �إىل ا�ضطرار عدد كبري من الفل�سطينيني لالنتقال وتغيري مكان �سكنهم؛‬
‫�إما للو�صول �إىل مواقع عملهم �أو ب�سبب مدار�س �أبنائهم‪� ،‬أو للمحافظة على امتيازاتهم املتعلقة بهوية‬
‫القد�س‪ .‬ونحن ن�شهد نوعني من الهجرة العك�سية؛ الأول للخارج والثاين للداخل‪ .‬وت�أخذ هذه الهجرة‬
‫موجهة من قبل �سلطات االحتالل‬ ‫�شكالً طبيعيا ً ملن ينظر �إليها ب�شكل �سطحي‪� ،‬إال �أنها تع ّد هجرة ّ‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬التي تهدف �إىل تفريغ مدينة القد�س من �أهلها‪ .‬وح�سب الإح�صاءات الر�سمية ف�إن عدد‬
‫مت تهجريها من حمافظة القد�س بلغ ‪� 1,635‬أ�رسة ب�سبب بناء اجلدار‪ ،‬وبلغ عدد الأفراد‬ ‫الأ�رس التي ّ‬
‫املهجرين يف املحافظة ‪� 9,609‬أفراد‪ .‬و�سيعي�ش ربع مليون فل�سطيني يف عزلة تامة‪ ،‬بعد االنتهاء من‬
‫بناء جميع مقاطع اجلدار‪ ،‬ي�ضاف �إليها العزلة املفرو�ضة عليهم قبل ذلك‪ ،‬ب�سبب الإجراءات اخلا�صة‬
‫بدخول مدينة القد�س‪ ،‬والتي فر�ضتها ال�سلطات الإ�رسائيلية منذ �سنة ‪.1993‬‬
‫وعلى امل�ستوى املجتمعي نالحظ تراجعاً‪ ،‬من الناحية العملية‪ ،‬يف مركزية مدينة القد�س بالن�سبة‬
‫للفل�سطينيني؛ حيث �أ�صبح من ال�صعب الو�صول �إليها من جانب حملة هويات ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫وبالرغم من كونها مركزا ً روحياً‪� ،‬إال �إن عدم القدرة على الو�صول �إليها �أفقدها رونقها ومركزيتها‬
‫بال�سياح (من �أجانب و�إ�رسائيليني) وتفتقد لأهلها الأ�صليني‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫تعج‬
‫الفعلية‪ ،‬ف�أ�صبحت �أ�سواقها ّ‬
‫واختفت الن�شاطات الثقافية بعد ان�سحاب الكثري من امل�ؤ�س�سات الوطنية منها‪ ،‬و�أ�صبحت القد�س‬
‫قرية كبرية‪.‬‬
‫وقد �أ ّثر احل�صار الثقايف واالجتماعي على املجتمع والعائلة املقد�سية يف بنيتها الثقافية‬
‫واالجتماعية‪ .‬و�أ�صبح االبتعاد عن العائلة املمتدة ي�ضع بع�ض الأ�رس يف و�ضع حمزن؛ حيث ال جتد‬
‫من يدعمها وقت ال�ضيق‪� ،‬أو من ي�شاركها �أفراحها‪ ،‬حيث ال ي�ستطيع باقي الأقارب الدخول �إىل‬
‫القد�س‪� .‬أما بالن�سبة للأ�رسة النووية‪ ،‬ف�إن اجلدار و�ضع كثريا ً من الأ�رس يف مع�ضلة حقيقية فيما‬

‫‪300‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫خريطة القد�س وجدار الف�صل العن�صـري‬

‫‪301‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يخت�ص بال�سكن‪ ،‬وهذه امل�شكلة ال ح ّل لها يف و�ضع العائالت املختلطة (�أحد الزوجني يحمل هوية‬
‫زرقاء والآخر خ�رضاء)‪ .‬وبالتايل يقع عليها خيار م�ستحيل؛ �إما البقاء �سويا ً والعي�ش يف ظ ّل تهديد‬
‫�سحب هوية القد�س من حاملها‪� ،‬إذا �سكن خارج حدود بلدية القد�س‪� ،‬أو خطر االعتقال حلامل هوية‬
‫ال�ضفة‪ ،‬و�إما العي�ش منف�صلني‪.‬‬
‫و�أدى االنتقال من حميط القد�س �إىل داخلها �إىل تنازالت اجتماعية واقت�صادية �صعبة؛ فالتكاليف‬
‫الباهظة التي يدفعها املواطن املقد�سي‪ ،‬من �رضائب امل�سقفات و�رضائب �أخرى‪ ،‬كفيلة بو�ضع الأ�رس‬
‫حتت �ضغط مادي ج�سيم‪ ،‬مما يجعل �أفرادها يعي�شون يومهم دون تخطيط للم�ستقبل‪ .‬وتت�أثر‬
‫ال�صحة النف�سية للأفراد ب�سبب امل�ساكن امل�شرتكة وامل�ساكن غري ال�صحية؛ حيث يفقد الإن�سان‬
‫فرديته وخ�صو�صيته‪ .‬فاحلياة يف بيئة مكتظة تزيد من معاناة الأطفال و�أفراد الأ�رس‪ ،‬وهذه ت�ؤدي‬
‫يف كثري من الأحيان �إىل زيادة ن�سبة الطالق‪ ،‬واالنحراف‪ ،‬وظهور ظواهر اجتماعية فتاكة‪ ،‬مثل �آفة‬
‫املخدرات‪.‬‬
‫ج‪ .‬تعليميا ً‪:‬‬
‫�إن اال�ستثمار الكبري يف �إقامة امل�ؤ�س�سات التعليمية يف �شمال و�رشق القد�س‪ ،‬وال �سيما امل�ؤ�س�سات‬
‫اخلا�صة‪� ،‬أدى �إىل رفع ال�ضغط عن املدار�س البلدية‪ ،‬كما �أن ظاهرة االكتظاظ يف ال�صفوف الدرا�سية‬
‫مل تكن ظاهرة ملمو�سة ب�شكل كبري‪ ،‬و�أ�صبحت هذه املدار�س ت�ستوعب �آالف الطلبة (مدار�س‬
‫الأوقاف‪ ،‬املدار�س امل�سيحية)‪ .‬وكان لإقامة اجلدار �أثر كبري يف توجه الطلبة �إىل املدار�س يف �رشق‬
‫القد�س؛ مما �أدى �إىل اكتظاظها �سواء �أكانت حكومية تابعة للبلدية‪� ،‬أم املدار�س التابعة للأوقاف‪� ،‬أم‬
‫املدار�س اخلا�صة‪ .‬ونظرا ً لقلة االهتمام الذي توليه بلدية القد�س لقطاع التعليم وتطوير بنيته التحتية‬
‫منذ االحتالل وحتى اليوم‪ ،‬و�أ�سلوبها يف ا�ستخدام البيوت ال�سكنية امل�ست�أجرة‪ ،‬كغرف �صفية؛ ف�إن‬
‫عدد املدار�س ما يزال عاجزا ً عن ا�ستيعاب جميع الطالب‪ ،‬مما �أدى �إىل ت�رسب �آالف الطلبة وحرمانهم‬
‫من التعليم‪ .‬كما �أن ارتفاع �أعداد الطلبة واكتظاظ الغرف ال�صفية‪ ،‬التي هي �أ�صالً لي�ست مدار�س‪،‬‬
‫بل �أبنية م�ست�أجرة‪ ،‬ينعك�س ب�شكل مبا�رش على التح�صيل الدرا�سي‪ ،‬ويجرب �أولياء الأمور على نقل‬
‫�أبنائهم �إىل املدار�س اخلا�صة ذات الأق�ساط املدر�سية العالية‪ ،‬واملقت�رصة فقط على الطبقة ذات الدخل‬
‫املرتفع‪ .‬كما �أن املدار�س التابعة للبلدية تنتهج �سيا�سة مر�سومة‪ ،‬هي جتهيل الطلبة و�سلخهم عن‬
‫هويتهم القومية والثقافية‪ ،‬ب�سبب غياب الإ�رشاف الرتبوي احلقيقي على املدار�س العربية‪ .‬وهو‬
‫ما قاومه املقد�سيون منذ االحتالل وحتى �سنة ‪ ،2004‬عندما بد�أ امليزان مييل ل�صالح هذه املدار�س‪.‬‬
‫ومع ظهور مدار�س املقاوالت التابعة للبلدية‪ ،‬والتي هدفت �إىل فر�ض املناهج الإ�رسائيلية‪� ،‬أ�صبحت‬
‫هذه املدار�س ت�ستوعب ‪ %56‬من الطلبة‪ ،‬وما تزال �أعدادهم يف ازدياد م�ستمر‪ ،‬الأمر الذي ي�شكل‬
‫تهديدا ً خطريا ً على الأجيال القادمة‪ .‬وقد �أعلن رئي�س جلنة �أولياء الأمور‪ ،‬يف ت�رصيح �صحفي‪،‬‬
‫‪302‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫ب�أن �أو�ضاع التعليم يف املدار�س احلكومية يف القد�س ال�رشقية �سيئة جداً‪ ،‬و�أن هناك نق�صا ً حادا ً يف‬
‫الغرف الدرا�سية‪ ،‬يزيد عن ‪ 1,500‬غرفة‪ ،‬و�أن ت�رسب الطلبة الثانويني يزداد نتيجة خ�صخ�صة‬
‫التعليم احلكومي يف املرحلة الثانوية‪ ،‬لت�صل الن�سبة �إىل طالب من بني كل طالبني بن�سبة ‪ ،%50‬وذلك‬
‫بناء على اعرتاف امل�صادر احلكومية الإ�رسائيلية‪ .‬فمدر�سة الر�شيدية الثانوية احلكومية يف القد�س‬
‫ال�رشقية‪ ،‬كانت تعاين من عجز عن �إيجاد مقاعد لأكرث من ‪ 150‬طالبا ً �سنة ‪ .2007‬وهذا ينطبق على‬
‫باقي املدار�س احلكومية الأخرى‪ ،‬والو�ضع �أكرث �سوءا ً يف املراحل االبتدائية والإعدادية‪ ،‬ناهيك عن‬
‫�أن عدم وجود غرف درا�سية كافية للطلبة‪ ،‬دفع البلدية �إىل ح�رشهم يف غرف املالجئ‪ ،‬وا�ستخدامها‬
‫كغرف للتدري�س كما هو احلال يف جبل املكرب‪ .‬وهناك عامالن �أ ّثرا على العملية الرتبوية‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو ازدياد االكتظاظ يف الغرف الدرا�سية‪ ،‬والذي ي�صل �إىل ‪ 40‬طالبا ً يف ال�صف الواحد‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬هو غياب البنية التحتية لهذه املدار�س مثل املالعب واملختربات‪ ...‬والنق�ص ال�شديد يف‬
‫الطواقم الإدارية والتعليمية واملكتبات‪ ،‬بل �إن �أغلب املدار�س ال يوجد فيها مالعب وال قاعات وال‬
‫حتى �ساحات وال غرف خا�صة باملدر�سني‪ .56‬ويت�ضح حجم امل�أ�ساة عندما نالحظ �أن هناك �أكرث‬
‫من ‪� 15‬ألف طفل ترتاوح �أعمارهم بني �س ّن الثالثة والرابعة من �أبناء القد�س‪ ،‬و�أن نحو‪ %87‬منهم‬
‫دون �أطر تعليمية‪ ،‬و�أن ‪ 55‬طفالً فقط م�سجلون يف احل�ضانات الر�سمية‪ ،‬بينما هنالك ‪ 1,900‬طفل‬
‫م�سجلون يف ح�ضانات خ�صو�صية؛ يف حني �أن ‪ %64‬من �أهايل القد�س املحتلة يعي�شون حتت ّ‬
‫خط‬
‫الفقر‪ ،‬مما ُي�ص ِّعب �إدخال الأطفال يف �أطر تربوية خ�صو�صية‪ .‬كما �أن ن�سبة الت�رسب من املدار�س‬
‫احلكومية ت�صل �إىل ‪ ،%45‬وهذا بح ّد ذاته م�ؤ�رش على �سيا�سة ممنهجة ومنظمة من �أجل جتهيل‬
‫طلبة القد�س‪.57‬‬
‫‪ .8‬فعاليات ت�ضامنية مع القد�س‪:‬‬
‫نظرا ً ملكانة القد�س يف قلوب العرب وامل�سلمني‪ ،‬وعلى �ضوء ما تتعر�ض له من تهديدات وخماطر‪،‬‬
‫ف�إن �سنة ‪ 2007‬قد �شهدت يف اخلارج العديد من الفعاليات والتحركات الت�ضامنية‪ .‬فخالل �سنة‬
‫‪�ُ 2007‬س ّطرت العديد من بيانات الإدانة والتحذير واملنا�شدة والتنبيه من خطورة خمططات العدو‬
‫وتهديداته للقد�س‪ ،‬وقد قامت بع�ض امل�ؤ�س�سات باالجتماع مع �شخ�صيات عاملية م�ؤثرة لإطالعها‬
‫على خطورة ما يجري يف القد�س‪ ،‬بينما ّ‬
‫ف�ضل البع�ض الآخر تنظيم حتركات ومعار�ض ثقافية‪ ،‬يف‬
‫حني حتركت اجلماهري العربية والإ�سالمية ب�شكل عفوي �أو بنا ًء على دعوات من جمعيات �أهلية‬
‫يف �أكرث من حمطة ومنا�سبة؛ للدفاع عن الأق�صى الذي ي�شكل عن�رصا ً ح�سا�سا ً يف حتريك م�شاعر‬
‫ال�شعوب‪ ،‬وال �سيما يف �شهر �شباط‪ /‬فرباير‪ ،‬على خلفية احلفريات اخلطرية عند باب املغاربة‪.‬‬
‫و�شهدت �سنة ‪� 2007‬إطالق م�رشوع �إعادة �إعمار البلدة القدمية يف القد�س ‪ -‬املرحلة الثانية ‪-‬‬
‫‪303‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫مببلغ �أربعة ماليني دوالر‪ ،‬تقدمة من �صندوقي الأق�صى والقد�س‪ ،‬بعد اجتماع العتماد امل�رشوع‬
‫مبقر البنك الإ�سالمي للتنمية يف جدة باململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬يف كانون الثاين‪ /‬يناير‪.‬‬
‫كما �شهدت �سنة ‪ 2007‬عددا ً من التحركات والفعاليات الت�ضامنية الكربى‪ ،‬ال �سيما يف‬
‫�شهر �آذار‪ /‬مار�س؛ حيث عقدت م�ؤ�س�سة القد�س الدولية م�ؤمترها ال�سنوي يف العا�صمة اجلزائرية‪،‬‬
‫وقد متكنت خالل امل�ؤمتر وبالتعاون مع �شبكة امل�ؤ�س�سات العاملة للقد�س من احل�صول على متويل‬
‫لنحو ‪ 55‬م�رشوعا ً يف جماالت التنمية االجتماعية‪ ،‬والتنمية االقت�صادية‪ ،‬ورعاية البيئة واملوارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬فاقت كلفتها ع�رشة ماليني دوالر‪ ،‬وفق ما �أعلن الأمني العام مل�ؤ�س�سة القد�س الدكتور‬
‫حممد �أكرم العدلوين‪ .‬وخالل امل�ؤمتر نف�سه‪� ،‬أعلن الدكتور بوعبد اهلل غالم اهلل‪ ،‬وزير ال�ش�ؤون‬
‫الدينية والأوقاف اجلزائري‪ ،‬عن ال�رشوع يف �إجناز م�رشوع وقفي بقيمة �ستة ماليني دوالر يتكون‬
‫من ‪ 74‬منزالً راقيا ً و‪ 28‬حمالً جتاريا ً تقام يف العا�صمة اجلزائرية على م�ساحة ‪ 1,800‬م‪ ،2‬ويعود‬
‫ريعها مل�صلحة م�شاريع لدعم �صمود ال�شعب الفل�سطيني يف القد�س والأرا�ضي الفل�سطينية‪.‬‬
‫ويف ني�سان‪� /‬أبريل �أعلنت اللجنة الوطنية للرتبية والثقافة والعلوم "الإ�سي�سكو" عن دعم‬
‫م�شاريع تربوية يف القد�س‪ .‬و�شهد �شهر �أيار‪ /‬مايو �إطالق نقابة �أطباء م�رص لـ"حملة املليون توقيع‬
‫من �أجل الأق�صى" حتت رعاية الأمني العام للجامعة العربية عمرو مو�سى بالتعاون مع م�ؤ�س�سة‬
‫ال�شيخ عيد القطرية‪ ،‬التي �أطلقت احلملة يف عدد من الدول العربية‪.‬‬
‫كما عقد يف حزيران‪ /‬يونيو مركز قد�س نت للدرا�سات والإعالم والن�رش الإلكرتوين م�ؤمترا ً‬
‫بعنوان "معا ً من �أجل القد�س" يف كل من القد�س وغزة وبريوت‪ ،‬عرب الأقمار ال�صناعية‪ ،‬وبح�ضور عدد‬
‫من ال�سفراء لدى ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬ورجال الدين‪ ،‬والكتاب‪ ،‬والباحثني‪ ،‬وال�شخ�صيات‬
‫ال�سيا�سية واملدنية‪ .‬ويف ن�شاط م�شابه‪ ،‬انعقد يوم القد�س العاملي اخلام�س على االنرتنت‪ ،‬برعاية‬
‫العالمة ال�شيخ يو�سف القر�ضاوي‪ ،‬وبح�ضور العديد من ال�شخ�صيات البارزة‪ ،‬يف �شهر �أيلول‪/‬‬
‫�سبتمرب‪.‬‬
‫ومبنا�سبة مرور ‪ 40‬عاما ً على احتالل كامل القد�س‪� ،‬أطلقت م�ؤ�س�سة القد�س يف حزيران‪ /‬يونيو‬
‫حملة دولية وا�سعة حتت �شعار "القد�س ‪ 40‬عاما ً يف الأ�رس‪ ...‬فلن�شعل قناديل �صمودها"‪ ،‬ت�ضمنت‬
‫ع ّدة حماور للتوعية بواقع القد�س والأق�صى‪ ،‬ولتعزيز التحركات ال�شعبية لن�رصة القد�س والأق�صى‪،‬‬
‫ولت�أمني الدعم املادي لتثبيت �صمود �أهل القد�س‪ ،‬ولحِ ثّ احلكومات وامل�ؤ�س�سات امل�ؤثرة والأفراد‬
‫على التحرك لن�رصة القد�س‪ .‬و ُن ِّفذت احلملة عرب الف�ضائيات واالنرتنت واملل�صقات و�إعالنات‬
‫ال�صحف ور�سائل الهاتف املحمول الق�صرية‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫وكان من �أبرز التحركات من �أجل القد�س "ملتقى القد�س الدويل"‪ ،‬الذي نظمته م�ؤ�س�سة‬
‫القد�س الدولية وال�شبكة العاملية للم�ؤ�س�سات العاملة للقد�س يف ‪ ،2007/11/15‬الذي انعقد يف مدينة‬
‫�إ�سطنبول بح�ضور �أكرث من خم�سة �آالف �شخ�صية من ‪ 65‬دولة عربية و�إ�سالمية و�أجنبية‪ ،‬ف�ضالً‬
‫عن �شخ�صيات عربية و�إ�سالمية وعاملية هامة‪ ،‬وقد ّ‬
‫متخ�ض عنه ما عرف با�سم �إعالن �إ�سطنبول‪.‬‬
‫وقد ُن ّظمت حمالت تربعات �شعبية عديدة من �أجل القد�س يف �أكرث من عا�صمة عربية‪ ،‬ال �سيما‬
‫يف بريوت‪ ،‬ودم�شق‪ ،‬وع ّمان‪ ،‬و�صنعاء وغريها‪ ،‬ويف عدد من العوا�صم اخلليجية والأوروبية‪ ،‬وذلك‬
‫بدعوة من عدة جمعيات‪ ،‬برز منها احتاد �أطباء العرب‪ ،‬واجلمعيات اخلريية يف �أوروبا‪ .‬كما ُن ّظمت‬
‫حمالت لف ّك احل�صار عن ال�شعب الفل�سطيني يف معظم العوا�صم العربية‪.‬‬
‫كما �شهدت �سنة ‪ 2007‬تفعيالً لعدد من املنظمات ال�شبابية من �أجل القد�س‪ ،‬كرابطة "�شباب لأجل‬
‫القد�س" وغريها‪ ،‬كما �أطلقت م�ؤ�س�سة القد�س الدولية موقعا ً خا�صا ً مبدينة القد�س‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل الدور الباهت للم�ؤ�س�سات الر�سمية العربية والإ�سالمية يف دعم القد�س؛ ومن‬
‫�أبرز النماذج "جلنة القد�س" التي تتبع منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪ ،‬حيث كان من امل�أمول من هذه‬
‫اجلهة وغريها �أال نكتفي بالبيانات واملواقف والدعم اخلجول‪ ،‬الذي ال يتنا�سب مع متثيلها لنحو ‪56‬‬
‫دولة‪ .‬ومن املعروف �أن حريق الأق�صى �سنة ‪ 1969‬كان هو ال�سبب املبا�رش لإن�شاء منظمة امل�ؤمتر‬
‫الإ�سالمي‪.‬‬

‫وا�صلت �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي بناء جدار‬


‫الف�صل العن�رصي العازل يف ال�ضفة الغربية خالل‬
‫ثاني ًا‪ :‬اجلدار العن�صري العازل‬
‫�سنة ‪ .2007‬ونحيل القارئ الكرمي �إىل العديد من اخللفيات والتف�صيالت املتعلقة باجلدار‪ ،‬التي‬
‫وردت يف التقرير اال�سرتاتيجي ال�سابق‪� .‬أما �أبرز التطورات املتعلقة باجلدار‪ ،‬فقد ّ‬
‫مت اعتمادها يف‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2007‬ون�رشتها وزارة الدفاع الإ�رسائيلية يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ .2007‬وقد �أظهرت‬
‫اخلريطة اجلديدة زيادة يف املناطق املنوي عزلها خلف اجلدار بن�سبة ‪�( %28.5‬أي ‪ 157,920‬دومنا ً‬
‫‪2‬‬‫�أو ‪ 157.92‬كم‪ .)2‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن م�ساحة املنطقة املعزولة خلف اجلدار قد زادت من ‪ 555‬كم‬
‫على ‪ 713‬كم‪2‬؛ كما زاد طول اجلدار من ‪ 703‬كم �إىل ‪ 770‬كم‪.58‬‬
‫وقد تركزت الزيادة يف منطقتني‪ ،‬الأوىل‪ :‬جنوب �رشق ال�ضفة‪� ،‬إىل ال�رشق من حمافظتي اخلليل‬
‫وبيت حلم‪ ،‬يف املنطقة املحاذية جلنوب غربي البحر امليت؛ حيث زاد طول اجلدار هناك ‪ 53.5‬كم‪،‬‬
‫مما ت�سبَّب يف عزل ‪ 153,780‬دومناً‪� .‬أما املنطقة الثانية فكانت �شمال غربي رام اهلل‪ ،‬منطقة اللطرون‬

‫‪305‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫(موديعني)‪ ،‬حيث �شهدت زيادة يف طول اجلدار بلغت ‪ 13.5‬كم‪ ،‬وعزلت بالتايل منطقة م�ساحتها‬
‫‪ 4,140‬دومنا ً خلف اجلدار‪ .‬وقد هدفت من ذلك على �إدخال م�ستوطنتي نيلي ‪ Nili‬ونعايل ‪Na'ale‬‬
‫�ضمن اجلدار‪ ،‬وهو ما �سي�ؤدي بالتايل �إىل �إيجاد جيبني فل�سطينيني �آخ َر ْين‪ ،‬يعي�ش فيهما حوايل ‪20‬‬
‫�ألف فل�سطيني‪� ،‬سيعزلون عن باقي ال�ضفة الغربية ‪( .59‬انظر اخلريطة)‬
‫وهذه هي املرة الرابعة التي يت ّم فيها تغيري م�سار اجلدار وطوله‪ ،‬وم�ساحة الأر�ض التي يعزلها؛‬
‫انظر جدول ‪:606/2‬‬
‫جدول ‪ :6/2‬تطور م�سار جدار العزل العن�صـري يف ال�ضفة الغربية ‪2007-2002‬‬
‫طول اجلدار على‬ ‫الن�سبة من م�ساحة‬ ‫امل�ساحة املقتطعة‬
‫طول اجلدار‬
‫اخلط الأخ�رض‬ ‫ال�ضفة الغربية‬ ‫ل�صالح اجلدار‬ ‫التاريخ‬
‫(كم)‬
‫(كم)‬ ‫(‪)%‬‬ ‫(كم‪)2‬‬
‫حزيران‪ /‬يونيو‬
‫‪-‬‬ ‫‪734‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪1,024‬‬
‫‪2002‬‬
‫‪ 645‬مع بع�ض‬ ‫حزيران‪ /‬يونيو‬
‫‪83‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪633‬‬
‫اال�ستثناءات‬ ‫‪2004‬‬
‫�شباط‪ /‬فرباير‬
‫‪138‬‬ ‫‪683‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪565‬‬
‫‪2005‬‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫‪128‬‬ ‫‪703‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪555‬‬
‫‪2006‬‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫‪80‬‬ ‫‪770‬‬ ‫‪12.6‬‬ ‫‪713‬‬
‫‪2007‬‬

‫تطور امل�ساحة املقتطعة ل�صالح اجلدار يف ال�ضفة الغربية ‪2007-2002‬‬

‫‪306‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫تطور طول اجلدار يف ال�ضفة الغربية ‪2007-2002‬‬

‫وي�شري تقرير ملعهد الأبحاث التطبيقية بالقد�س (�أريج) ‪Applied Research Institute‬‬
‫(‪� – Jerusalem (ARIJ‬إىل �أن هناك ‪ 29‬قرية فل�سطينية �ستجد نف�سها يف مناطق مغلقة على �شكل‬
‫جيوب يحيطها اجلدار‪ ،‬وجمموع م�ساحتها ‪ 216.7‬كم‪2‬؛ كما �أن هناك ‪ 138‬قرية �أخرى ت�رضرت‬
‫ب�شكل كبري ب�سبب اجلدار‪ ،‬حيث يعزل اجلدار خلفه ‪ 554.4‬كم‪ 2‬من �أرا�ضيها‪ .‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪،‬‬
‫ف�إن ‪ 40‬جتمعا ً فل�سطينيا ً �آخر يقيم فيه �أكرث من ‪� 37‬ألفاً‪� ،‬ستجد نف�سها معزولة ولكن �رشقي اجلدار‪.‬‬
‫و�سي�ض ّم اجلدار خلفه ‪ 107‬م�ستوطنات �إ�رسائيلية ي�سكنها نحو ‪� 425‬ألف م�ستوطن‪ .‬وتغطي هذه‬
‫امل�ستوطنات ‪ 106.7‬كم‪� ،2‬أما باقي امل�ستوطنات �رشقي اجلدار فتغطي م�ساحتها ‪ 37.8‬كم‪.61 2‬‬
‫‪2‬‬‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أنه بالإ�ضافة �إىل جدار العزل العن�رصي‪ ،‬ف�إن "�إ�رسائيل" قد �أعلنت ‪ 925‬كم‬
‫من ال�ضفة الغربية "مناطق ع�سكرية مغلقة"‪ ،‬كما �أعلنت ‪ 630‬كم‪�" 2‬أرا�ضي دولة"‪ ،‬وهي تت�ضمن‬
‫�أرا�ضي امل�ستوطنات والقواعد الع�سكرية‪� .‬أي �أن جمموع الأرا�ضي امل�صادرة ي�صل �إىل ‪ %40.1‬من‬
‫م�ساحة ال�ضفة الغربية‪.62‬‬
‫وت�شري �أرقام "احلملة ال�شعبية الفل�سطينية ملقاومة جدار الف�صل العن�رصي" �أن قوات االحتالل‬
‫�أمتت بناء ‪ 48‬كم من اجلدار خالل �سنة ‪ ،2007‬وهو ما يعني �أن نحو ‪ 450‬كم قد ّ‬
‫مت بنا�ؤها من‬
‫اجلدار‪ .‬كما ت�شري تقديرات احلملة ال�شعبية �إىل �أن نحو ‪ 80‬كم �أخرى ال تزال قيد الإن�شاء‪.63‬‬
‫ويجب التنبه �إىل بع�ض الت�ضارب يف الإح�صائيات املتعلقة باجلدار بني تلك التي تن�رشها‬
‫م�ؤ�س�سات الدرا�سات الفل�سطينية مثل �أريج و احلملة ال�شعبية الفل�سطينية ملقاومة جدار الف�صل‬
‫العن�رصي‪ ،‬وبني الأرقام التي ين�رشها مركز املعلومات الإ�رسائيلي حلقوق الإن�سان يف الأرا�ضي‬
‫املحتلة (بت�سيلم) ‪The Israeli Information Center for Human Rights in the Occupied‬‬
‫(‪� ،64Territories (B'tselem‬أو تلك الأرقام التي تن�رشها م�ؤ�س�سات الأمم املتحدة‪ .‬غري �أننا ال‬
‫نود �إرباك القارئ ب�أرقام متعار�ضة‪ ،‬خ�صو�صا ً و�أن الفروقات لي�ست كبرية‪.‬‬
‫‪307‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وال ب ّد من الوقوف ب�إجالل و�إكبار �أمام �إ�رصار الفل�سطينيني على مقاومة جدار الف�صل‬
‫العن�رصي‪ ،‬و�صمودهم يف �أر�ضهم‪ ،‬على الرغم من �شدة معاناتهم‪ .‬وقد �رضبت قرية بلعني منوذجا ً‬
‫رائعا ً للإ�رصار وال�صمود وابتداع الو�سائل املختلفة للمطالبة بحقوق �أبنائها؛ هذا ف�ضالً عن اجلهود‬
‫املتميزة التي تبذلها خمتلف امل�ؤ�س�سات واجلمعيات والأحزاب الفل�سطينية‪.‬‬
‫و�أُعلن يف �سنة ‪� ،2007‬إجراء بع�ض التعديالت يف م�سار اجلدار يف حمافظة جنني (زبوبا‪ ،‬وفقوعه‪،‬‬
‫وجلبون)‪ ،‬ويف حمافظة قلقيلية مقطع (جيو�س‪ ،‬وفالمه‪ ،‬وعزون العتمة)‪ ،‬ويف حمافظة رام اهلل‬
‫(بلعني‪ ،‬وبدر�س‪ ،‬ودير قدي�س)‪ .‬كما مددت قوات االحتالل املدة الزمنية لإكمال بناء اجلدار ل�سنتني‬
‫جديدتني؛ حيث كان من املفرت�ض �إنهاء اجلدار بنهاية العام ‪� ،2008‬إال �أنه جرى متديد العمل به حتى‬
‫نهاية ‪ ،2010‬ويعني ذلك �أن �سلطات االحتالل حتتاج ثماين �سنوات لبناء جدار الف�صل العن�رصي‪،‬‬
‫متت امل�صادقة عليه �سنة ‪.652002‬‬‫الذي ّ‬
‫وح�سب تقارير الأمم املتحدة ‪ %8.6‬ف�إن هنالك ‪ 19‬بوابة للجدار تفتح يوميا ً حلملة الت�صاريح‪،‬‬
‫ولكنها تغلق ليالً‪ ،‬وهنالك ‪ 19‬بوابة �أخرى تفتح خالل موا�سم احل�صاد خا�صة �أو �أ�سبوعيا ً‪.66‬‬
‫وقد قدر مركز مبكوم الإ�رسائيلي ‪ Bimkom‬عدد �سكان اجليوب التي يخنقها اجلدار بـ ‪248‬‬
‫�ألف فل�سطيني يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ومثلهم تقريبا ً (‪� 250‬ألفاً) يعي�شون يف القد�س ال�رشقية‪ .‬وقد تلقى‬
‫�سكان هذه اجليوب �رضبة قوية وخ�سائر اقت�صادية واجتماعية و�صحية كبرية‪.67‬‬
‫وتتعر�ض منطقة بيت حلم �إىل كارثة حقيقية جراء اجلدار‪ ،‬الذي بد�أ بف�صلها عن القد�س وعن‬
‫القرى املحيطة باملدينة‪ .68‬كما �أكدت وزارة ال�سياحة والآثار �أن جدار الف�صل هو من �أهم املعوقات‬
‫التي عملت على �رضب قطاع ال�سياحة يف بيت حلم‪ .69‬وجدار ال�ض ّم ما�ض ٍ بال هوادة يف تعذيب‬
‫الفل�سطينيني و�سلبهم كافة حقوقهم الإن�سانية امل�رشوعة‪ ،‬حيث تقوم احلكومة الإ�رسائيلية بر�سم‬
‫حدودها لـ"�إ�رسائيل" من جانب واحد من خالل بنائه‪ ،‬وبالتايل ف�إن هدفه اجلوهري لي�س �أمنيا ً كما‬
‫ت ّدعي‪.‬‬

‫ا�ستمرت �سيا�سة التو�سع‬


‫اال�ستيطاين والبناء يف الكتل‬
‫ثالث ًا‪ :‬اال�ستيطان والتو�سع اال�ستيطاين‬
‫اال�ستيطانية الكربى‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل التو�سع اال�ستيطاين يف مناطق الأغوار‪ ،‬التي ّ‬
‫مت ا�ستثنا�ؤها‬
‫يف فرتات �سابقة‪ .‬وبالرغم من �أن عملية ال�سالم والتفاو�ض بني الطرفني م�ستمرة‪ ،‬لكن اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي اتخذ ورقة التعهدات‪ ،‬التي قدمها رئي�س الواليات املتحدة بو�ش بتاريخ ‪،2004/4/14‬‬

‫‪308‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫والتي جاء فيها �أن احلقائق على الأر�ض �ست�ؤخذ بعني االعتبار يف املرحلة النهائية من الت�سوية‪،‬‬
‫ذريعة ال�ستمرار تو�سعه اال�ستيطاين‪ .‬واجلدول التايل يبني االرتفاع يف وترية اال�ستيطان و�أعداد‬
‫امل�ستوطنني‪:70‬‬
‫جدول ‪� :6/3‬أعداد امل�ستوطنني والوحدات ال�سكنية ‪2007-2005‬‬

‫عدد امل�ستوطنني بالآالف يف ال�ضفة الغربية‬ ‫عدد الوحدات ال�سكنية‬


‫مبا يف ذلك القد�س ال�شـرقية✽‬
‫ال�سنة‬
‫اجلديدة يف امل�ستوطنات‬
‫‪452‬‬ ‫‪1,727‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪468‬‬ ‫‪1,700‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪482‬‬ ‫‪3,614‬‬ ‫‪2007‬‬
‫✽ �أعداد تقريبية‪.‬‬

‫وجتدر الإ�شارة �إىل وجود اختالف يف امل�صادر يف حتديد �أعداد الوحدات ال�سكنية‪ .‬ورمبا يعود‬
‫ذلك �إىل عدم التفريق بني ما مت اعتماد بنائه �أو نزلت مناق�صات ب�ش�أنه يف �سنة معينة‪ ،‬وبني مامت �إجناز‬
‫بنائه يف ال�سنة نف�سها‪ ،‬ولكن قد يكون قد مت اعتماده �أو بد�أ العمل به يف �سنة �سابقة‪ .‬كما قد يعودال�سبب‬
‫�إىل عدم الدقة يف حتديد طبيعة الوحدة ال�سكنية‪� ،‬إذ قد يعتمد البع�ض اعتبار بناية من جمموعة من‬
‫ال�شقق وحدة �سكنية واحدة‪ ،‬بينما يتعامل �آخرون مع البناية باعتبارها عددا ً من الوحدات ال�سكنية‬
‫بح�سب عدد �شققها‪ .‬ولعلنا نفهم يف �ضوء ذلك الفرق الكبري يف تقديرات معهد �أريج عن غريها‪ ،‬عندما‬
‫ذكرت �أن "�إ�رسائيل" قامت ببناء ‪ 122,677‬وحدة �سكنية جديدة يف امل�ستوطنات الإ�رسائيلية يف الفرتة‬
‫‪ .2007-2001‬كما ذكرت �أنه كان يف �سنة ‪ 2007‬على وجه التحديد حركة ا�ستيطانية تو�سعية مكثفة‪،‬‬
‫متيزت برتكيزها على زيادة يف عدد بناء الوحدات ال�سكنية‪ ،‬والتي بلغت ‪ 32,064‬وحدة �سكنية حتى‬
‫�شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب من �سنة ‪.712007‬‬
‫و�إذا نظرنا �إىل م�رشوع ق�سم اال�ستيطان يف الوكالة اليهودية وخطته التي تق�ضي بتق�سيم ال�ضفة‬
‫الغربية �إىل �أربعة �أجزاء هي‪ :‬القد�س‪ ،‬وغرب ال�ضفة‪ ،‬وغور الأردن‪ ،‬وجنوب اخلليل‪ .‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل وجود مناطق عازلة وممرات ا�سرتاتيجية (�شوارع) يف عر�ض ال�ضفة الغربية‪ ،‬وحموري طرق‬
‫ا�سرتاتيجيني على طول ال�ضفة الغربية‪72‬؛ ف�إن م�رشوع امل�ستوطنني وامل�رشوع احلكومي‪ ،‬ينطبق‬
‫ب�شكل كبري على ما جرى تطبيقه على �أر�ض الواقع يف ال�ضفة الغربية اليوم‪ .‬كما �أن خطة العزل التي‬
‫بد�أ تنفيذها �سنة ‪ ،2004‬والقا�ضية بعزل الغور‪ ،‬ت�سري بوترية مت�سارعة‪ ،‬فمنذ �سنة ‪ 2004‬وحتى‬
‫نهاية ‪ 2007‬يمُ نع وجود �أ�شخا�ص لي�س لديهم ت�صاريح �إقامة من املكوث يف الغور عدا �ساكنيه‪ ،‬كما‬
‫يجري ترحيل ال�سكان العرب من املنطقة وهدم م�ساكنهم‪ .‬كما �أن عزل مدينة القد�س قد ّ‬
‫مت‪ ،‬وهو‬
‫يف مرحلة متقدمة لف�صل املدينة عن ال�ضفة الغربية؛ لتبد�أ فيها مرحلة جديدة من التهويد وب�شكل‬
‫مت�سارع‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ومنذ اندالع االنتفا�ضة الثانية �سنة ‪ 2000‬وحتى نهاية �سنة ‪ ،2007‬بد�أت مالمح امل�رشوع‬
‫الإ�رسائيلي بالو�ضوح "التو�سع اال�ستيطاين" و�إقامة جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬وال�شوارع البديلة‪،‬‬
‫وحتويل الدولة الفل�سطينية املحتملة �إىل كانتونات‪ .‬وهذا امل�رشوع يعود "الف�ضل" فيه �إىل رئي�س‬
‫الوزراء الإ�رسائيلي ال�سابق �شارون‪ .‬لدرجة ميكن معها ت�سمية الفرتة ما بني ‪" 2005-2001‬ع�رص‬
‫�شارون"‪ .‬فحرب امل�ستوطنات‪ ،‬واحتالل التالل وال�شوارع االلتفافية وم�رشوع النجوم اال�ستيطانية‪،‬‬
‫كلها حتمل ب�صمة رجل واحد‪ ،‬قاد الدولة �ضمن وجهة نظر مت�شائمة وقامتة ومظلمة وعنيفة‪ .‬وهذا‬
‫الرجل هو الذي زرع ع�رشات امل�ستوطنات وع�رشات الب�ؤر اال�ستيطانية‪ ،‬ونفذ م�رشوعه بالكامل‬
‫و�شق مئات ال�شوارع البديلة اخلا�صة بامل�ستوطنات‪ ،‬وبنى ع�رشات �آالف من‬ ‫بتهويد مدينة القد�س‪ّ ،‬‬
‫الوحدات ال�سكنية‪ ،‬و�أوجد الأمر الواقع الذي يكاد ي�ستحيل تغيريه‪ .‬وا�ستمر يف هذه ال�سيا�سة تلميذه‬
‫�أوملرت‪ ،‬الذي بد�أ بالت�رسيع يف بناء وحدات ا�ستيطانية جديدة؛ ففي �سنة ‪ّ 2007‬‬
‫مت االنتهاء من بناء‬
‫‪ 3,614‬وحدة �سكنية جديدة بال�ضفة الغربية‪� ،‬ضمن ر�ؤية "�إ�رسائيل" لطبيعة ال�سالم الذي تريده‪.‬‬
‫وقد ا�ستقبل امل�ستوطنون حلول الأعياد اليهودية للبدء بحملة ا�ستيطانية‪ ،‬دون معار�ضة تذكر من‬
‫جانب اجلي�ش �أو ال�رشطة‪ ،‬وقاد هذه احلملة عتاة امل�ستوطنني (دانييال فاي�س ‪،Daniela Weiss‬‬
‫وارييه يت�سحاقي ‪ )Aryeh Yitzhaki‬وقاموا ب�إن�شاء خم�س ب�ؤر ا�ستيطانية‪ ،‬تركزت يف الكتل‬
‫اال�ستيطانية الكربى (غو�ش عت�صيون ‪ ،Gush Etzion‬اللطرون) بالإ�ضافة �إىل منطقة نابل�س‪.73‬‬
‫وك�شف تقرير حلركة ال�سالم الآن عن قيام احلكومة الإ�رسائيلية ببناء ثالثة �آالف وحدة �سكنية‬
‫جديدة يف م�ستوطنات ال�ضفة الغربية‪ ،‬وخا�صة يف الكتل اال�ستيطانية الكربى‪ .74‬كما ك�شفت احلركة‬
‫يف تقريرها �أي�ضا ً عن بناء مئات الوحدات ال�سكنية اال�ستيطانية قبل انعقاد م�ؤمتر �أنابولي�س لل�سالم‪.‬‬
‫و�أفاد التقرير �أن التو�سع اال�ستيطاين يرتكز يف ‪ 88‬ب�ؤرة ا�ستيطانية بالإ�ضافة �إىل امل�ستوطنات‬
‫الكبرية املحيطة بالقد�س (بيتار عيليت ‪ ،Beitar Illit‬وجبعات زئيف‪ ،‬ومعاليه �أدوميم)‪ .75‬كما طرحت‬
‫مناق�صة لبناء ‪ 44‬وحدة �سكينة جديدة يف م�ستوطنة معاليه �أدوميم‪.76‬‬
‫وا�ستمرت �سيا�سة العزل والتطهري العرقي يف منطقة الأغوار‪ ،‬والتي بد�أت قبل �أربع �سنوات‪،‬‬
‫ومنع الع�رشات من املواطنني من دخول الأغوار‪ .77‬ويف منطقة الرما�ضني وال�سموع ويطا جنوب‬
‫منطقة اخلليل هدمت ال�سلطات الإ�رسائيلية م�ضارب البدو وقامت برتحيلهم من �أجل �إيجاد مناطق‬
‫خالية من ال�سكان‪ .78‬ويف منطقة الأغوار هدمت �سلطات االحتالل قرى بدوية وقامت ب�إخراج جميع‬
‫التجمعات البدوية يف املنطقة (احلديدية)‪ .79‬مما يدل على رغبتها يف عزل منطقة الأغوار واعتبارها‬
‫منطقة حتت ال�سيطرة الإ�رسائيلية‪ ،‬كما �أو�ضح وزير الدفاع ال�سابق �شا�ؤول موفاز ‪Shaul Mofaz‬‬
‫ب�أن غور الأردن لن يعود للفل�سطينيني‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫تابعت "�إ�رسائيل" حفرياتها واعتداءاتها‬


‫على الأماكن الإ�سالمية املقد�سة‪ ،‬وال�صورة‬
‫لبلدوزر �إ�رسائيلي يقوم ب�إزالة التلة الرتابية‬
‫املحاذية لباب املغاربة يف حرم امل�سجد الأق�صى‪،‬‬
‫يف ‪( .2007/2/7‬رويرتز)‬

‫ال�شيخ رائد �صالح رئي�س‬


‫احلركة الإ�سالمية يف فل�سطني‬
‫املحتلة �سنة ‪ ،1948‬و�أحد �أبرز‬
‫املدافعني عن القد�س واملقد�سات‪،‬‬
‫يعتقله الإ�رسائيليون �إثر‬
‫م�شاركته يف مظاهرة يف القد�س‬
‫يف ‪� 2007/3/7‬ضد احلفريات‬
‫الإ�رسائيلية بالقرب من امل�سجد‬
‫الأق�صى‪( .‬رويرتز)‬

‫كان "ملتقى القد�س الدويل"‬


‫الذي عقد يف ا�سطنبول يف‬
‫‪ ،2007/11/15‬ومب�شاركة نحو‬
‫خم�سة �آالف �شخ�صية من ‪65‬‬
‫بلداً‪� ،‬أحد �أكرب مظاهر الت�ضامن‬
‫مع القد�س التي �شهدتها �سنة‬
‫‪.2007‬‬

‫‪311‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدار الف�صل العن�رصي العازل‪،‬‬


‫ميثل �أحد �أكرب اجلرائم �ضد‬
‫الأر�ض والإن�سان يف التاريخ‬
‫املعا�رص‪ .‬ال�صورة لفل�سطينيني‬
‫يتحدّون اجلدار‪ ،‬ولو رمزياً‪ ،‬من‬
‫خالل و�ضع العلم الفل�سطيني‬
‫عليه‪ ،‬بالقرب من حاجز قلنديا‪،‬‬
‫يف ‪( .2007/3/9‬رويرتز)‬

‫احلواجز الإ�رسائيلية يف ال�ضفة‬


‫الغربية‪ ،‬ي�ستخدمها الإ�رسائيليون‬
‫كو�سيلة للرتكيع ال�سيا�سي‪،‬‬
‫والإنهاك االقت�صادي‪ ،‬وتدمري‬
‫الن�سيج االجتماعي الفل�سطيني‪.‬‬
‫ال�صورة لطوابري الفل�سطينيني �أمام‬
‫حاجز حوارة يف ‪ ،2007/3/26‬وهو‬
‫واحد من بني حوايل ‪ 560‬حاجزا ً‬
‫�إ�رسائيليا ً يف ال�ضفة‪( .‬رويرتز)‬

‫تابعت "�إ�رسائيل" �سيا�سة هدم منازل‬


‫الفل�سطينيني‪ ،‬وعدم منحهم رخ�ص البناء‪،‬‬
‫يف الوقت الذي ت�صادر فيه �أرا�ضيهم‬
‫وتقوم بتو�سيع امل�ستوطنات وبناء �آالف‬
‫الوحدات ال�سكنية يف ال�ضفة الغربية‬
‫للمهاجرين اليهود‪ .‬ال�صورة لبلدوزر‬
‫�إ�رسائيلي يقوم بهدم منزل فل�سطيني يف‬
‫قرية الطور قرب القد�س يف ‪.2007/2/28‬‬
‫(رويرتز)‬

‫‪312‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫�صادرت �سلطات االحتالل‬


‫نحو ‪ 3,143‬دومنا ً ل�صالح‬
‫رابع ًا‪ :‬م�صادرة الأرا�ضي وجتريفها واقتالع الأ�شجار‬
‫جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬وتركز معظمها يف منطقة القد�س‪ ،‬فيما قامت �آلياتها الع�سكرية بتجريف‬
‫ما يزيد عن ثالثة �آالف دومن من �أرا�ضي ال�ضفة‪ .‬ولتحديد معامل العزل اجلنوبي‪� ،‬أعلنت �سلطات‬
‫االحتالل عن م�صادرة ‪ 1,230‬دومنا ً من �أرا�ضي قرى �رشق القد�س‪ ،‬وفق الأمر الع�سكري رقم‬
‫ت‪ 2007/19/‬ل�شقّ �شارع بديل �ضمن �سيا�سة التوا�صل املوا�صالتي للدولة الفل�سطينية والتوا�صل‬
‫اجلغرايف لدولة امل�ستوطنات‪.80‬‬
‫و�ضمن �سيا�سة العقوبات اجلماعية‪ ،‬خ�صو�صا ً يف فرتة االنتفا�ضة الأوىل انتهجت "�إ�رسائيل"‬

‫�سيا�سة جديدة ل�رضب القطاع الزراعي‪ ،‬الذي يعتمد عليه ال�شعب الفل�سطيني وخا�ص ًة �شجرة‬
‫الزيتون‪ .‬و�شملت هذه ال�سيا�سة منع الفل�سطينيني من قطف ثمار الزيتون يف املوا�سم الزراعية‪،‬‬
‫وحرق الأ�شجار‪ ،‬وقطعها؛ وذلك لإفقار الفالح الفل�سطيني الذي اجته يف هذه الفرتة للعودة �إىل‬
‫الأر�ض‪ ،‬و�إعادة ت�أهيلها وزراعتها‪ ،‬خ�صو�صا ً يف فرتات احل�صار الطويلة‪ ،‬ومنع العمال من العمل‬
‫ّ‬
‫اخلط الأخ�رض‪ .‬وميكننا مالحظة تطور �سيا�سة قطع الأ�شجار مع ا�ستمرار االنتفا�ضة‬ ‫داخل‬
‫واحل�صار االقت�صادي‪ ،‬والتدمري املربمج لالقت�صاد الفل�سطيني‪.‬‬
‫ت�شري الإح�صاءات �إىل �أن �إجمايل م�ساحة الأرا�ضي التي مت جتريفها‪ ،‬يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة‪ ،‬منذ اندالع االنتفا�ضة يف الفرتة ‪ 2000/9/28‬وحتى ‪ 2006/7/31‬قد بلغت ‪ 80,712‬دومناً‪ ،‬كما‬
‫بلغ عدد الأ�شجار التي اقتلعتها "�إ�رسائيل" مليونا ً و‪� 357,296‬شجرة‪ .81‬وتبعا ً لإح�صائية �أعدها‬
‫معهد �أريج‪ ،‬تبني �أن ما جمموعه ‪� 20,300‬شجرة مثمرة مت �إما اقتالعها �أو جتريفها �أو م�صادرتها‬
‫خالل العام ‪� ،2006‬أما تقديرات �أريج ل�سنة ‪ 2007‬فتذكر �أنه قد مت اقتالع وجتريف وم�صادرة‬
‫�أوحرق ما جمموعه ‪� 34,650‬شجرة مثمرة‪ ،‬كان معظمها يف حمافظات ال�شمال‪ :‬نابل�س وطولكرم‬
‫وجنني؛ بالإ�ضافة اىل حمافظتي بيت حلم واخلليل يف اجلنوب‪ .‬وكان لهذا االنتهاك اال�رسائيلي‬
‫�أثر كبري ووا�ضح على القطاع الزراعي‪ ،‬وخ�صو�صا �أن معظم اال�شجار التي مت اقتالعها هي من‬
‫الزيتون‪ ،‬والتي ت�شكل م�صدر دخل �أ�سا�سي للكثري من العائالت الفل�سطينية‪.82‬‬
‫كما طالت االنتهاكات اال�رسائبلية قطاع غزة‪ ،‬ففي ‪� 2007/6/28‬أعلنت قوات االحتالل اال�رسائيلي‬
‫عن �إعادة تر�سيم املنطقة العازلة‪ ،‬على طول امتداد احلدود ال�شمالية و ال�رشقية لقطاع غزة‬
‫بطول ‪ 58‬كم‪ ،‬حيث مت تو�سيع عر�ض املنطفة الأمنية للمرة الثانية‪ ،‬وب�شكل �أحادي اجلانب من‬
‫قبل "�إ�رسائيل" مل�سافة ‪ 1.5‬كم يف اجلانب الفل�سطيني‪ ،‬على طول ال�رشيط احلدودي للقطاع‪ ،‬بدءا ً‬
‫‪313‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫من �أق�صى ال�شمال الغربي وانتهاءا ً مبعرب كرم �أبو �سامل يف اجلنوب ال�رشقي‪ .‬وتبلغ م�ساحة املنطقة‬
‫الأمنية العازلة التي ت�سيطر "�إ�رسائيل" عليها‪ ،‬على طول ال�رشيط احلدودي يف القطاع ‪ 87‬كم‪� ،²‬أي‬
‫ما مقداره ‪ %24‬من م�ساحة القطاع (‪ 362‬كم‪ )²‬ليكون ما تبقى (‪ 275‬كم‪ )²‬للفل�سطينيني الذين يزيد‬
‫عددهم عن مليون ‪� 420‬ألف ن�سمة‪.83‬‬
‫و�أ�شار مكتب الأمم املتحدة لتن�سيق ال�ش�ؤون الإن�سانية �إىل �أن ‪ 275‬دومنا ً من الأرا�ضي الزراعية‬
‫تعر�ضت للتدمري خالل �شهر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2007‬يف �رشق قطاع غزة‪ ،‬ب�سبب العمليات‬
‫الع�سكرية جلي�ش االحتالل الإ�رسائيلي‪.84‬‬
‫ويعاين الفل�سطينيون يف ال�ضفة الغربية من �سيطرة "�إ�رسائيل" على م�صادر املياه‪ ،‬وقيامها‬
‫ب�سلب نحو ‪ %85‬من مياه ال�ضفة‪ ،‬ال�ستخدامها داخل "�إ�رسائيل" وخلدمة م�ستوطناتها‪ .‬وت�ستخدم‬
‫"�إ�رسائيل" املياه ك�أحد �أدوات ال�ضغط على الفل�سطينيني‪� ،‬سواء لتنغي�ص حياتهم �أم ل�رضب الزراعة‬
‫واالحتياجات االقت�صادية‪ .‬وال يزال هناك ‪ 220‬قرية �أو جتمع فل�سطيني‪ ،‬ي�سكن فيها ‪215,200‬‬
‫فل�سطيني‪ ،‬من دون �شبكات مياه‪ .‬ف�ضالً عن �أن العديد من القرى الأخرى ال ت�صل �شبكة املياه‬
‫�إىل كافة بيوتها‪� ،‬أو ت�صل �إليها ب�شكل حمدود وغري منتظم‪ .‬ويبلغ معدل ا�ستهالك اليومي للفرد‬
‫الفل�سطيني ‪ 60‬لرتاً‪ ،‬وهو �أقل بن�سبة ‪ %40‬من التو�صيات العاملية‪ ،‬بينما ي�ستهلك الفرد الإ�رسائيلي‬
‫يوميا ً ما معدله ‪ 280‬لرتا ً‪.85‬‬

‫ال تكتفي ال�سلطات الإ�رسائيلية‬


‫باحتالل الأر�ض وم�صادرتها‪،‬‬
‫خام�س ًا‪ :‬احلواجز ونقاط التفتي�ش واحلدود‬
‫و�إمنا تقوم بو�ضع احلواجز ونقاط التفتي�ش بحيث تعيق حركة ال�سكان‪ ،‬ومتنعهم من ق�ضاء‬
‫م�صاحلهم اليومية ب�شكل طبيعي‪ ،‬وتنهكهم اقت�صاديا ً ونف�سياً‪ ،‬وحت ِّول حياتهم �إىل جحيم‪ ،‬بعد �أن‬
‫حولت مناطقهم �إىل �سجون �صغرية يف �سجن كبري كما هو احلال يف ال�ضفة الغربية؛ ف�ضالً عن �سجن‬
‫كبري �آخر هو قطاع غزة‪.‬‬
‫تقوم ال�سلطات الإ�رسائيلية بو�ضع حواجز متحركة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وتنقلها من مكان �إىل‬
‫�آخر بح�سب معايريها الأمنية‪ ،‬ومعايريها يف قهر �أبناء فل�سطني و�إذاللهم‪ .‬ويف �سنة ‪� 2007‬أقامت‬
‫"�إ�رسائيل" ‪ 5,858‬حاجزا ً متحركا ً مبعدل �شهري مقداره ‪ 488‬حاجزاً‪ .‬وكانت يف �سنة ‪ 2006‬قد‬
‫�أقامت ‪ 7,090‬حاجزا ً متحركا ً مبعدل �شهري مقداره ‪ 591‬حاجزا ً‪.86‬‬

‫‪314‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫خريطة اال�ستيطان الإ�سـرائيلي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪2008-1967‬‬

‫‪315‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أما احلواجز ونقاط التفتي�ش الثابتة يف ال�ضفة الغربية فقد بلغت يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬ما جمموعه‬
‫‪ 553‬حاجزاً‪ ،‬وارتفعت �إىل ‪ 561‬حاجزا ً يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ ،2007‬و�إىل ‪ 563‬حاجزا ً يف كانون‬
‫الثاين‪ /‬يناير ‪ .2008‬وهو ما يدل على �أن �سيطرة حكومة الطوارئ‪ ،‬التي عيّنها الرئي�س عبا�س على‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬والتي قامت مبجموعة كبرية من الإجراءات الأمنية وال�سيا�سية �ض ّد حما�س‪ ،‬ويف‬
‫دعم م�سار الت�سوية‪ ،‬مل تفلح حتى مبجرد تقليل عدد احلواجز حتى نهاية �سنة ‪2007‬؛ مع العلم �أن‬
‫عدد احلواجز كان ‪ 527‬حاجزا ً يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2007‬و‪ 465‬حاجزا ً يف كانون الثاين‪ /‬يناير‬
‫‪ .2006‬ويف الفرتة ني�سان‪� /‬أبريل – ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ 2007‬قامت ال�سلطات الإ�رسائيلية ب�إزالة‬
‫‪ 80‬حاجزا ً لكنها �أ�ضافت ‪ 115‬حاجزا ً �آخر‪ .‬وت�شمل احلواجز �أ�شكاالً خمتلفة كاحلواجز الع�سكرية‪،‬‬
‫ونقاط التفتي�ش‪ ،‬والبوابات‪ ،‬والكتل اال�سمنتية‪ ،‬وال�سواتر الرتابية‪ ،‬واخلنادق‪ ،‬وال�سياجات‪...‬‬
‫�إلخ‪.87‬‬
‫احلواجز الثابتة يف ال�ضفة الغربية يف الفرتة ‪2008-2004‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ت�ضع ال�سلطات الإ�رسائيلية قيودا ً على حركة الأفراد من �أعمار معينة يف‬
‫داخل ال�ضفة الغربية‪ .‬فهي متنع تن ّقل الأفراد يف الفئة العمرية من ‪ 16‬عاما ً وحتى ‪ 35‬عاما ً من �سكان‬
‫حمافظات نابل�س وجنني وطولكرم وطوبا�س‪ ،‬دومنا �أذونات خا�صة‪ ،‬ويبلغ عدد ه�ؤالء ‪� 269‬ألفاً‪� ،‬أي‬
‫‪ %32‬من جمموع �سكان هذه املحافظات‪ .88‬وهناك قيود �صارمة على حركة �أبناء ال�ضفة الغربية �إىل‬
‫القد�س ال�رشقية التي يدخلها الفل�سطينيون وك�أنها حدود دولية‪ ،‬وال ي�سمح عادة �إال لفئات الأعمار‬
‫التي تزيد عن ‪ 45‬عاما ً بالذهاب �إىل القد�س وزيارة امل�سجد الأق�صى‪.‬‬
‫وتتحكم "�إ�رسائيل" ب�شكل �صارم وقا�س ٍ بحدود ال�ضفة الغربية وقطاع غزة وبحركة النا�س‬
‫والب�ضائع منهما و�إليهما‪ .‬ويف ال�ضفة الغربية يوجد ‪ 11‬حاجزا ً ع�سكريا ً ت�سيطر على مداخلها‬

‫‪316‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫وخمارجها التي ت�صلها بالقد�س ال�رشقية و"�إ�رسائيل"‪ .‬ف�ضالً عن التحكم الإ�رسائيلي باحلدود‬
‫مع الأردن‪ .‬وتتعمد "�إ�رسائيل" �سيا�سة الإغالقات وتعقيد الإجراءات‪ ،‬بهدف �إيجاد بيئة طاردة‬
‫للفل�سطينيني‪ ،‬وبهدف ابتزازهم �سيا�سياً‪ ،‬ف�ضالً عن التحكم بحياتهم االقت�صادية‪ ،‬ورفع تكاليف‬
‫معي�شتهم‪ .‬وعلى �سبيل املثال‪ ،‬ف�إن عملية نقل الب�ضائع من نابل�س �إىل ميناء �أ�سدود‪ ،‬ترتفع تكلفتها‬
‫بن�سبة ‪ %55‬ب�سبب احلواجز ونقاط التفتي�ش الإ�رسائيلية‪.89‬‬
‫ويف قطاع غزة مل ُت ِعر "�إ�رسائيل" اهتماما ً بروح اتفاقية املعابر وبنودها‪ ،‬يف الفرتة التي �سبقت‬
‫�سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬غري �أنها اتخذت من تلك ال�سيطرة ذريعة جديدة لإغالق‬
‫املعابر يف ‪ ،2007/6/15‬محُ ِكم ًة ح�صارها املفرو�ض �أ�صالً على القطاع‪ .90‬ولإبقاء احلد الأدنى من‬
‫�إمكانات احلياة يف القطاع‪ ،‬خ�ص�صت "�إ�رسائيل" معربي املنطار و�صوفا لنقل الب�ضائع التجارية‬
‫وامل�ساعدات الإن�سانية �إىل القطاع‪ .91‬ويف ‪ 2007/9/19‬رفعت "�إ�رسائيل" من �سقف ت�صعيدها املعنوي‬
‫واملادي �ضد قطاع غزة‪ ،‬ف�أعلنته "كيانا ً معاديا ً"‪ ،‬و�أتبعت ذلك بفر�ض �سل�سلة من القيود الإ�ضافية‬
‫على القطاع‪ .92‬ويف ‪ 2008/1/18‬ارتفع الت�صعيد �إىل مداه‪ ،‬حيث �أمر وزير الدفاع الإ�رسائيلي �إيهود‬
‫باراك بـ"�إقفال كل املعابر" مع قطاع غزة‪ ،93‬كما قطعت "�إ�رسائيل" �إمدادات الوقود ب�شكل كامل عن‬
‫القطاع‪ ،‬مت�سببة ب�إغراق معظم �أجزائه يف ظالم دام�س‪ ،‬نتيجة توقف عمل حمطات توليد الكهرباء يف‬
‫‪.942008/1/20‬‬
‫وتتحكم "�إ�رسائيل" مبعابر قطاع غزة ال�سبعة التي تربط حدودها بالقطاع‪� ،‬أما املعرب الثامن‪،‬‬
‫وهو معرب رفح الذي يربط القطاع مب�رص‪ ،‬فتتحكم به عمليا ً من خالل اتفاقية املعابر‪ ،‬وب�سبب‬
‫التزام م�رص مبعاهدة �سالم معها‪ .‬ووفقا ً لتوثيق املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‪ ،‬فقد بلغ عدد‬
‫�أيام �إغالق معرب رفح خالل الفرتة من ‪� 2005/11/26‬إىل ‪ ،2006/12/31‬ما جمموعه ‪ 159‬يوم �إغالق‬
‫كلي‪ ،‬يف حني ُفتِ َح ملدة ‪ 31‬يوم ب�شكل جزئي ول�ساعات حمدودة‪ .95‬و�أما منذ بداية العام ‪ 2007‬وحتى‬
‫‪ 2008/1/9‬فقد �أغلقت �سلطات االحتالل املعرب ملدة ‪� 308‬أيام‪ .96‬وبهذا تكون �سلطات االحتالل قد‬
‫�أغلقت املعرب كليا ً ملدة ‪ 457‬يوما ً من �أ�صل ‪ 776‬يوماً‪ ،‬بن�سبة ‪ %59‬تقريبا ً منذ توقيع اتفاقية املعابر‬
‫وحتى ‪ .2008/1/9‬ويو�ضح اجلدول التايل عدد الأيام التي �أغلقت فيها معابر قطاع غزة‪:‬‬

‫‪317‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪ :6/4‬عدد الأيام التي �أغلقت فيها معابر قطاع غزة ‪2007-2005‬‬

‫عدد �أيام الإغالق‬ ‫عدد �أيام الإغالق‬


‫ال�سنة‬ ‫عدد �أيام العمل‬ ‫املعرب‬
‫اجلزئي‬ ‫الكلي‬
‫‪- 2005/11/25‬‬
‫‪175‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪159‬‬
‫‪2006/12/31‬‬ ‫رفح‬
‫‪2007‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪308‬‬
‫‪- 2005/11/25‬‬
‫‪111‬‬ ‫‪142‬‬ ‫‪112‬‬ ‫املنطار‬
‫‪2006/11/24‬‬
‫(كارين)‬
‫‪2007‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪121‬‬
‫‪- 2005/11/25‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪254‬‬ ‫بيت حانون‬
‫‪2006/11/24‬‬
‫(�إيريز)‬
‫‪2007‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪365‬‬

‫‪- 2005/11/25‬‬ ‫‪ 179‬للب�ضائع‬


‫‪-‬‬
‫‪� 186‬أمام الب�ضائع‬
‫‪2006/11/24‬‬ ‫�صوفا‬
‫‪ 365‬للع ّمال‬ ‫‪� 365‬أمام الع ّمال‬
‫‪2007‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪300‬‬
‫‪- 2005/11/25‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪314‬‬ ‫كرم �أبو �سامل‬
‫‪2006/11/24‬‬
‫(كريم �شالوم)‬
‫‪2007‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪186‬‬
‫‪- 2005/11/25‬‬
‫‪303‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪2006/11/24‬‬ ‫ناحل عوز‬
‫‪2007‬‬ ‫‪273‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪92‬‬

‫عدد �أيام الإغالق الكلي ملعابر قطاع غزة ‪( 2007‬من �أ�صل ‪ 365‬يوما ً )‬

‫‪318‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫وتت�سبب عمليات الإغالق هذه ب�أ�رضار بالغة اقت�صاديا ً و�صحيا ً وتعليميا ً ونف�سياً‪ .‬وميكن‬
‫الرجوع �إىل ف�صل االقت�صاد يف هذا التقرير ملزيد من التف�صيالت‪.‬‬

‫ن�ستطيع القول �إن الأر�ض هي حمور ال�رصاع‪ ،‬و�إن القد�س ب�ؤرة االهتمام؛ فمن خالل‬
‫التقرير نالحظ �أن اجلانب الإ�رسائيلي ا�ستغل الظروف الدولية واملحلية‪ ،‬البتالع املزيد‬
‫خامتة‬
‫من الأرا�ضي وتهويد القد�س وتو�سيعها‪ ،‬وزيادة �أعداد امل�ستوطنني‪ ،‬وتو�سيع حدود امل�ستوطنات‬
‫ب�إقامة الب�ؤر اال�ستيطانية‪ ،‬وربطها ب�شوارع تلتهم الأر�ض‪ ،‬وتف�صل القرى واملدن الفل�سطينية عن‬
‫بع�ضها البع�ض‪ ،‬وت�شكل �سجونا ً وجزرا ً معزولة‪ .‬وتهدف "�إ�رسائيل" من ذلك �إىل تنفيذ م�شاريع‬
‫و�ضعت يف فرتات �سابقة لطم�س الهوية الفل�سطينية وتهويد الأر�ض‪ ،‬و�إيجاد مربرات لرتحيل‬
‫املواطنني بذريعة �أن الدولة الفل�سطينية هي الأردن (الوطن البديل)‪ .‬ويف الوقت نف�سه ت�شن حملة‬
‫وا�سعة ومربجمة جلعل القد�س عا�صمة �أبدية لـ"�إ�رسائيل" ب�أغلبية يهودية مطلقة‪ ،‬وب�أقلية عربية‬
‫ي�سهل ال�سيطرة عليها‪ .‬وينفذ كل ذلك �ضمن م�رشوع وا�ضح املعامل‪ ،‬ي�ستغل املباحثات ال�سلمية‪،‬‬
‫واملعاهدات العربية الإ�رسائيلية لتمريره‪.‬‬
‫وال بد من الإ�شارة �إىل �صمود ال�شعب الفل�سطيني على �أر�ضه‪ ،‬بالرغم من كل �أ�شكال القهر‬
‫واملعاناة‪ .‬كما ال بد من التنويه بتزايد تفاعل جماهري العرب وامل�سلمني مع القد�س‪ ،‬و�ضد االحتالل‬
‫الإ�رسائيلي؛ وهو ما بعك�س �أن الأمة لن تر�ضخ للإمالءات الإ�رسائيلية‪� .‬إن دعم �صمود ال�شعب‬
‫الفل�سطيني على �أر�ضه واجب عربي و�إ�سالمي و�إن�ساين؛ و�إن تفاعل الأمة مع هذه الق�ضية العادلة‪،‬‬
‫ي�ستحق املزيد من الت�شجيع والعمل امل�ؤ�س�سي اجلاد واملربمج؛ باجتاه �إيقاف العدوان‪ ،‬وحترير‬
‫الأر�ض والإن�سان‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫هوام�ش الف�صل ال�ساد�س‬


‫‪ 1‬ه�آرت�س‪.2007/1/11 ،‬‬
‫‪ 2‬ه�آرت�س‪.2007/11/2 ،‬‬
‫‪ 3‬القد�س‪.2007/1/20 ،‬‬
‫‪ 4‬القد�س‪.2007/1/28 ،‬‬
‫‪ 5‬القد�س‪.2007/11/4 ،‬‬
‫‪ 6‬ه�آرت�س‪.2007/2/6 ،‬‬
‫‪ 7‬القد�س‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪ 8‬القد�س‪.2007/1/30 ،‬‬
‫‪ 9‬ه�آرت�س‪.2007/2/23 ،‬‬
‫‪ 10‬ه�آرت�س‪.2007/10/14 ،‬‬
‫‪ 11‬القد�س‪.2007/4/7 ،‬‬
‫‪ 12‬ه�آرت�س‪.2007/7/19 ،‬‬
‫‪ 13‬انظر‪ :‬ن�رشة وكالة معاً‪.2007/10/29 ،‬‬
‫‪ 14‬القد�س‪.2007/9/11 ،‬‬
‫‪ 15‬القد�س‪.2007/10/17 ،‬‬
‫‪ 16‬احلياة‪.2007/2/7 ،‬‬
‫‪ 17‬انظر‪ :‬الغد‪.2007/2/13 ،‬‬
‫‪ 18‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/15 ،‬‬
‫‪ 19‬انظر‪ :‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪2007/2/12 ،‬؛ وال�شـرق الأو�سط‪.2007/2/15 ،‬‬
‫‪ 20‬اخلليج‪.2007/2/28 ،‬‬
‫‪ 21‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/12/18 ،‬‬
‫‪ 22‬احلياة اجلديدة‪.2007/5/1 ،‬‬
‫‪Haaretz, 11/7/2007. 23‬‬
‫‪ 24‬اجلزيرة نت‪2007/9/26 ،‬؛ وانظر �أي�ضا‪Haaretz, 26/9/2007. :‬‬
‫ً‬
‫‪ 25‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/12/14 ،‬‬
‫‪ 26‬القد�س‪.2007/1/20 ،‬‬
‫‪ 27‬الأيام‪ ،‬رام اهلل‪.2007/4/27 ،‬‬
‫‪ 28‬القد�س‪.2007/1/20 ،‬‬
‫‪ 29‬جريدة يور�شاليم‪.2007/12/21 ،‬‬
‫‪ 30‬ه�آرت�س‪.2007/12/4 ،‬‬
‫‪ 31‬القد�س‪.2007/12/5 ،‬‬
‫‪ 32‬معهد الأبحاث التطبيقية – القد�س (�أريج)‪ ،‬بلدية القد�س الإ�رسائيلية تطرح عطاءات لإ�ضافات وحدات ا�ستيطانية جديدة‬
‫يف امل�ستوطنات الإ�رسائيلية داخل املدينة‪ ،2008/1/23 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=1263‬‬
‫‪ 33‬القد�س‪.2007/12/24 ،‬‬
‫‪ 34‬بلدية القد�س‪ ،‬املخطط التنظيمي ل�شارع الطوق‪ ،‬بلدية القد�س ‪ ،1996‬م�رشوع رقم ‪.4585‬‬
‫‪ 35‬ه�آرت�س‪.2007/1/15 ،‬‬
‫‪ 36‬ه�آرت�س‪.2007/12/19 ،‬‬
‫‪ 37‬القد�س‪.2007/11/8 ،‬‬
‫‪ 38‬ه�آرت�س‪.2007/1/15 ،‬‬
‫‪ 39‬جريدة كول هاعري‪ ،‬القد�س‪.2007/5/26 ،‬‬
‫‪ 40‬احلياة اجلديدة‪.2007/1/10 ،‬‬

‫‪320‬‬
‫الأر�ض واملقد�سـات‬

‫‪ 41‬ه�آرت�س‪.2007/3/25 ،‬‬
‫‪ 42‬ه�آرت�س‪.2007/1/10 ،‬‬
‫‪ 43‬القد�س‪.2007/2/26 ،‬‬
‫‪ 44‬القد�س‪.2007/2/26 ،‬‬
‫‪ 45‬االئتالف الأهلي للدفاع عن حقوق الفل�سطينيني يف القد�س‪ ،‬التقرير ال�شهري حول االنتهاكات الإ�رسائيلية يف مدينة القد�س‪،‬‬
‫العدد ‪� ،8‬آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬انظر‪http://www.ccdprj.ps/arabic/monthly-report/2007/august.html :‬‬
‫‪ 46‬احلياة اجلديدة‪2007/1/31 ،‬؛ وانظر‪ :‬مركز �أبحاث الأرا�ضي‪ ،‬بيان �صحفي‪ :‬االحتالل الإ�رسائيلي يف القد�س يهدم‬
‫ويخلي ق�رسا ً ‪� 97‬سكنا ً خالل العام ‪ ،2008/1/2 ،2007‬انظر‪http://www.lrcj.org/Arabic/APage.htm :‬‬
‫‪ 47‬احلملة ال�شعبية الفل�سطينية ملقاومة جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬جدار الف�صل العن�رصي واال�ستيطان يف العام ‪،2007‬‬
‫‪ ،2008/1/1‬يف‪http://www.stopthewall.org/arabic/cgi-bin/arabic/publish/article_387.shtml :‬‬
‫‪ 48‬احلياة اجلديدة‪.2007/1/31 ،‬‬
‫‪ 49‬القد�س‪.2007/8/23 ،‬‬
‫‪ 50‬ه�آرت�س‪.2007/11/10 ،‬‬
‫‪ 51‬القد�س‪.2007/7/10 ،‬‬
‫‪ 52‬مركز �أبحاث الأرا�ضي‪ ،‬التقرير ال�شهري حول االنتهاكات الإ�رسائيلية يف مدينة القد�س‪ ،‬ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪،2007‬‬
‫يف‪http://www.lrcj.org/Arabic/ViolationsMonitoring/Reports/Viol_Jer/Oct_2007/ :‬‬
‫‪Oct_2007_Report.htm‬‬
‫‪ 53‬القد�س‪.2007/8/25 ،‬‬
‫‪ 54‬انظر‪:‬عزام �أبو ال�سعود‪ ،‬االحتياجات التنموية للقطاع االقت�صادي‪ ،‬القد�س‪ ،‬الغرفة التجارية ال�صناعية‪.2007 ،‬‬
‫‪ 55‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 56‬عرب ‪.2007/11/13 ،48‬‬
‫‪ 57‬عرب ‪.2007/11/12 ،48‬‬
‫‪Applied Research Institute – Jerusalem (ARIJ), According to the Israeli Ministry of Defense : 58‬‬
‫‪The Israeli Army increases the Segregation Wall Length and thus the Segregated Zone area in‬‬
‫‪the West Bank, 12/9/2007, in:‬‬
‫‪http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=1154‬‬
‫‪Ibid.‬؛ والقد�س‪.2007/1/23 ،‬‬ ‫‪59‬‬
‫‪ 60‬جاد ا�سحق و�آخرون‪ ،‬الأبعاد واال�سرتاتيجيات للمخططات الإ�رسائيلية الأحادية اجلانب يف الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة‪،‬‬
‫�أريج‪ ،2005/9/24 ،‬انظر‪http://www.arij.org/pub/pubarabic/Paper_2006/index-1.htm :‬؛ وانظر �أي�ضا‪ً:‬‬
‫‪ARIJ, ARIJ Fact Sheet: The Israeli Segregation Plan in the Occupied Palestinian Territory,‬‬
‫‪9/12/2007, in: http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=1105‬‬
‫‪ARIJ Fact Sheet: The Israeli Segregation Plan in the Occupied Palestinian Territory. 61‬‬
‫‪Ibid. 62‬‬
‫‪ 63‬احلملة ال�شعبية الفل�سطينية ملقاومة جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬جدار الف�صل العن�رصي واال�ستيطان يف العام ‪.2007‬‬
‫‪See: http://www.btselem.org/english/separation_barrier/statistics.asp 64‬‬
‫‪ 65‬احلملة الوطنية ال�شعبية ملقاومة اجلدار واال�ستيطان‪ ،‬جدار الف�صل العن�رصي واال�ستيطان يف العام ‪.2007‬‬
‫‪ 66‬ه�آرت�س‪.2007/1/31 ،‬‬
‫‪ 67‬القد�س‪.2007/9/29 ،‬‬
‫‪ 68‬القد�س‪.2007/4/18 ،‬‬
‫‪ 69‬القد�س‪.2007/11/18 ،‬‬
‫‪ 70‬يرجى االنتباه �إىل وجود ت�ضارب بني امل�صادر املختلفة‪ ،‬و�أن �أرقام م�ستوطني القد�س ال�رشقية تقديرية‪ ،‬وقد �أ�ضيفت �إىل‬
‫الإح�صائيات املتداولة عن امل�ستوطنني يف باقي ال�ضفة الغربية‪ ،‬والتي قدرت �سنة ‪ 2005‬بـ ‪� 254‬ألفاً‪ ،‬و�سنة ‪ 2006‬بـ ‪268‬‬
‫�ألفاً‪ ،‬و�سنة ‪ 2007‬بـ ‪� 282‬ألفاً‪ ،‬انظر‪ :‬تقرير حركة ال�سالم الآن ‪2007‬؛ وال�سفري‪2007/1/18 ،‬؛ والد�ستور‪2007/1/10 ،‬؛‬
‫وعرب ‪2007/2/21 ،48‬؛ ووكالة معاً‪.2008/1/20 ،‬‬
‫‪� 71‬أريج‪ ،‬اال�ستيطان يتغلب على فر�ص ال�سالم‪ ،2007 /10/17 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=1184‬‬

‫‪321‬‬
2007 ‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬

.2-1 ‫ �ص‬،‫ م�رشوع اال�ستيطان يف يهودا وال�سامرة‬،‫ ق�سم اال�ستيطان يف الوكالة اليهودية‬72
.2007/10/1 ،‫ ه�آرت�س‬73
Foundation for Middle East Peace, Report on Israel Settlement in the Occupied Territories, 74
March–April 2007, in:
http://www.pdfdownload.org/pdf2html/pdf2html.php?url=http%3A%2F%2Fwww.fmep.org%
2Freports%2Fvol17%2Fno2%2Fv17n2.pdf&images=yes
Peace Now, Summary - Peace Now Settlement/ Outpost Report 2006, 21/2/2007, in: 75
http://www.peacenow.org.il/site/en/peace.asp?pi=66&docid=2229
.2007/2/22 ،‫ القد�س‬76
.2007/11/12 ،‫ القد�س‬77
.2007/5/30 ،‫ القد�س‬78
.2007/19/‫ رقم ت‬،‫ �أمر ب�ش�أن و�ضع اليد على �أرا�ضي‬،‫ جي�ش الدفاع‬،‫ الإدارة املدنية‬79
.07/19/‫ رقم ب‬،‫ الأمر الع�سكري ب�ش�أن و�ضع اليد على الأرا�ضي‬،‫ الإدارة املدنية يف يهودا وال�سامرة‬80
:‫ انظر‬،‫ مركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‬81
http://www.pnic.gov.ps/arabic/quds/arabic/viol/quds_viol_12-2006.html
،2008/1/4 ،‫ عام �آخر من االنتهاكات الإ�رسائيلية يف الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة‬:‫ �أر�ض م�صادرة و �شعب حما�رص‬،‫ �أريج‬82
http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=1247:‫يف‬
.‫ املرجع نف�سه‬83
United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs - Occupied Palestinian 84
Territory (OCHA-oPt), Gaza Strip Humanitarian Fact Sheet, Jerusalem, December 2007, in:
http://www.ochaopt.org/documents/Gaza_Fact_Sheet_December_2007.pdf
،‫ تقرير حول واقع املياه يف الأرا�ضي الفل�سطينية‬،)‫ املجل�س االقت�صادي الفل�سطيني للتنمية والإعمار (بكدار‬:‫ انظر‬85
http://www.pecdar.ps/pdfs/Water%20Report.pdf :‫ يف‬،2007/9/26
OCHA-oPt, Protection of Civilians, Summary Data Tables, March 2008, in: 86
http://www.ochaopt.org/documents/Protection_of_Civlians_Tables_March_08.pdf
‫ االحتياجات املتزايدة يف ظل تناق�ص‬،‫ مكتب الأمم املتحدة لتن�سيق ال�ش�ؤون الإن�سانية – الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة‬87
:‫ يف‬،2008/1/22 ،‫ ت�شديد القيود على احلركة االقت�صادية‬:‫حريات املرور‬
http://www.ochaopt.org/documents/Control_On_Economic_Movement_ January_2008_Arabic.
pdf;
:ً‫وانظر �أي�ضا‬
OCHA-oPt, OCHA Closure Update, October 2007, in:
http://www.ochaopt.org/documents/ClosureUpdateOctober2007.pdf
OCHA-oPt, OCHA Closure Update. 88
Ibid. 89
.2007/6/16 ،‫ االحتاد‬90
OCHA-oPt, Gaza Strip Humanitarian Fact Sheet. 91
:‫ انظر‬،2008/2/5 ،‫ املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‬92
http://www.pchrgaza.org/files/REPORTS/arabic/stude.html
.2008/1/19 ،‫ القب�س‬93
.2008/1/21 ،‫ القد�س العربي‬94
:‫ انظر‬،2008/1/9 ،‫ املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‬95
http://www.pchrgaza.ps/files/clouse/arabic/repot6.htm
:‫ انظر‬،2008/1/10 ،‫ املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‬96
http://www.pchrgaza.org/files/clouse/arabic/repot6_07.htm

322
‫الف�صل ال�سابع‬

‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬


‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬


‫مت يف �سنة ‪ 2007‬تنفيذ ثاين تعداد فل�سطيني لل�سكان وامل�ساكن واملن�ش�آت على كامل‬ ‫ّ‬
‫الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪ 1967‬با�ستثناء امل�ستوطنات‪ ،‬وما زال ال�شعب الفل�سطيني يف‬
‫فل�سطني واخلارج‪ ،‬وبكافة �أطيافهم‪ ،‬ثابتني على مواقفهم يف ح ّقهم باال�ستقالل التا ّم‪ ،‬وال�سيادة‬
‫الكاملة على الأر�ض واملوارد واحلدود‪ ،‬واحل�صول التا ّم على ح ّقهم يف العودة‪ ،‬وذلك على الرغم‬
‫من كل �سيا�سات التهجري واحل�صار والتجويع‪ .‬ويزداد الفل�سطينيون ثباتا ً ويقينا ً يف �أن اال�ستقرار‬
‫وال�سالم يف املنطقة ال يتحقق �إال بح�صولهم على حقوقهم الوطنية والعودة �إىل موطنهم‪.‬‬

‫قام اجلهاز املركزي للإح�صاء‬


‫الفل�سطيني خالل �سنة ‪ ،2007‬بتنفيذ‬ ‫�أو ًال‪ :‬تعداد الفل�سطينيني يف العامل‬
‫تعداده ال�سكاين الثاين يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬مبا فيها حمافظة القد�س؛ حيث �أ�شارت النتائج‬
‫�إىل �أن عدد ال�سكان الإجمايل فيها‪ ،‬حتى تاريخ ‪ ،2007/12/31‬بلغ حوايل ثالثة ماليني و‪� 771‬ألف‬
‫ن�سمة‪ ،‬وهو يقل بحوايل ‪� 244‬ألف ن�سمة عن التقديرات ال�سابقة للجهاز ولل�سنة نف�سها (�أربعة‬
‫ماليني و‪� 15‬ألف)‪ ،‬ويق ّل بحوايل ‪� 179‬ألف عن تقديرات ال�سكان ل�سنة ‪ ،2006‬والتي كان اجلهاز‬
‫يتوقع �أن يكون عدد ال�سكان يف نهايتها حوايل ثالثة ماليني و‪� 950‬ألف ن�سمة‪ .1‬هذه الفروقات‪ ،‬ما‬
‫بني التقديرات والواقع‪ ،‬تعود �إىل عدة عوامل‪� ،‬أهمها؛ مغادرة �أو هجرة بع�ض الفل�سطينيني يف ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة �إىل دول �أخرى نتيجة الإجراءات الإ�رسائيلية‪ ،‬وا�ستمرار العدوان الإ�رسائيلي‬
‫على كل التجمعات الفل�سطينية‪ ،‬و�إحكام بناء جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬وخا�صة يف حمافظة القد�س‪،‬‬
‫وحماربة املواطنني يف لقمة عي�شهم‪ ،‬وا�ستمرار امل�ضايقات واحل�صار االقت�صادي وعملية التجويع‬
‫على كافة �أبناء ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف قطاع غزة‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬وعلى الرغم من �أن انتقال الأفراد من دولة �إىل �أخرى لن ي�ؤثر على تقديرات عدد‬
‫الفل�سطينيني يف العامل‪� ،‬إال �أن التوزيع اجلغرايف بني الداخل واخلارج �سيت�أثر �إذا ا�ستمرت الإجراءات‬
‫الإ�رسائيلية بنف�س االجتاه ال�سائد حالياً‪ ،‬املتمثل بزيادة �أعداد املغادرين عن القادمني يف ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة‪ .‬بالتايل‪ ،‬فيمكن القول �إنه‪ ،‬وعلى الرغم من ا�ستمرار بقاء معدالت النمو ال�سكاين‬
‫للفل�سطينيني �أكرث من اليهود‪� ،‬إال �أن ال�سيا�سات الإ�رسائيلية حتقق �أهدافها العن�رصية‪ ،‬وت�ؤثر على‬
‫الو�ضع والرتكيب الدميوغرايف للفل�سطينيني وتوزيعهم باجتاه مغادرة الفل�سطينيني لدول �أجنبية‬

‫‪325‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أو عربية‪ ،‬قد يكون جزء منها يهدف للإقامة امل�ؤقتة �أو الهجرة الدائمة‪ ،‬بالتايل بدالً من املطالبة بحقّ‬
‫العودة يت ّم ال�رشوع ب�إجراءات التوطني يف الدول امل�ست�ضيفة �أو التجن�س يف الدول الأجنبية‪ .‬واجلدول‬
‫التايل ميثل تقديرات عدد ال�سكان الفل�سطينيني يف العامل ح�سب الإقامة يف نهاية عام ‪.2007‬‬
‫جدول ‪ :7/1‬عدد ال�سكان الفل�سطينيني املقدر يف العامل ح�سب الإقامة حتى ‪22007/12/31‬‬

‫الن�سبة املئوية ‪%‬‬ ‫عدد ال�سكان‬ ‫مكان الإقامة‬


‫‪36.5‬‬ ‫‪3,770,606‬‬ ‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬
‫‪11.5‬‬ ‫‪1,184,468‬‬ ‫الأرا�ضي املحتلة عام ‪�" 1948‬إ�سـرائيل"‬
‫‪30‬‬ ‫‪3,102,463‬‬ ‫الأردن‬
‫‪16.3‬‬ ‫‪1,690,709‬‬ ‫الدول العربية الأخرى‬

‫‪5.7‬‬ ‫‪593,580‬‬ ‫الدول الأجنبية الأخرى‬


‫‪100‬‬ ‫‪10,341,824‬‬ ‫املجموع‬

‫يتوزع ال�سكان الفل�سطينيون املقيمون يف فل�سطني التاريخية �إىل مقيمني يف الأرا�ضي الفل�سطينية‬
‫التي احتلت �سنة ‪�" 1948‬إ�رسائيل"‪ ،‬ويبلغ عددهم حوايل مليون و‪� 184‬ألف ن�سمة‪ .‬وحوايل ثالثة‬
‫ماليني و‪� 771‬ألف ن�سمة مقيمني يف الأرا�ضي التي احتلت �سنة ‪" 1967‬الأرا�ضي الفل�سطينية"‪ ،‬والتي‬
‫ت�ض ّم قطاع غزة وال�ضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها ذلك اجلزء من حمافظة القد�س‪ ،‬والذي �ضمته "�إ�رسائيل"‬

‫عنوة‪ .‬وال ب ّد من الإ�شارة هنا �إىل �أن "�إ�رسائيل" ت�ض ّم �أي�ضاً‪ ،‬ب�صورة غري قانونية‪ ،‬ال�سكان ال�سوريني‬
‫املقيمني يف ه�ضبة اجلوالن ال�سورية املحتلة �إىل جمموع �سكانها‪.‬‬
‫�أما فل�سطينيو ال�شتات فيرتكز معظمهم يف الدول العربية املجاورة وخا�صة الأردن‪� ،‬إذ يقدر عدد‬
‫الفل�سطينيني يف نهاية �سنة ‪ 2007‬فيها حوايل ثالثة ماليني و‪� 102‬ألف ن�سمة‪ ،‬وي�ش ّكلون �أكرث من‬
‫ربع الفل�سطينيني يف العامل‪ ،‬وغالبيتهم العظمى يحملون اجلن�سية الأردنية‪ ،‬مع مالحظة �أن العديد‬
‫من الآراء ت�ؤكد �أن عدد الفل�سطينيني يف الأردن هو �أكرث من ذلك‪.‬‬
‫�أما باقي الفل�سطينيني املقيمني يف الدول العربية الأخرى وال�شتات؛ في�شكلون ما ن�سبته ‪ %22‬من‬
‫جمموع الفل�سطينيني يف العامل‪ ،‬ترتكز معظمها يف الدول العربية املجاورة؛ �أي يف لبنان‪ ،‬و�سورية‪،‬‬
‫وم�رص‪ ،‬ودول اخلليج العربي‪ ،‬ويف الدول الأجنبية‪ ،‬خ�صو�صا ً الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬و�أمريكا‬
‫الالتينية‪ ،‬وكندا‪ ،‬وبريطانيا‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫ثاني ًا‪ :‬اخل�صائ�ص الدميوغرافية للفل�سطينيني‪:‬‬


‫‪ .1‬ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪:‬‬
‫ت�شري النتائج الأولية لتعداد �سنة ‪� ،2007‬إىل �أن عدد ال�سكان الفل�سطينيني يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة يف ‪ 2007/12/1‬هو حوايل ثالثة ماليني و‪� 762‬ألف ن�سمة‪ ،‬بواقع حوايل مليونني و‪345‬‬
‫�ألف ن�سمة يف ال�ضفة الغربية (�أي ما ن�سبته ‪ ،)%62‬ومليون و‪� 417‬ألف يف قطاع غزة (�أي ما ن�سبته‬
‫‪.)%38‬‬
‫كما ت�شري النتائج الأولية �إىل �أن عدد الذكور يقدر بحوايل مليون و‪� 908‬آالف‪ ،‬بينما عدد الإناث‬
‫مليون و‪� 853‬ألف‪� ،‬أي �أن ن�سبة اجلن�س ‪ -‬عدد الذكور لكل ‪� 100‬أنثى ‪ -‬ت�ساوي ‪ ،103‬وال تختلف‬
‫هذه الن�سبة بني ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫كما ت�شري نتائج التعداد الأولية �إىل �أن متو�سط حجم الأ�رسة هو حوايل ‪ 5.8‬يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة‪ ،‬موزعة �إىل ‪ 5.5‬يف ال�ضفة الغربية و‪ 6.5‬يف قطاع غزة‪ .‬ويقدر عدد الأ�رس بحوايل ‪647‬‬
‫�ألف �أ�رسة‪ ،‬منها ‪� 428‬ألف �أ�رسة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وحوايل ‪� 219‬ألف �أ�رسة يف قطاع غزة‪ .‬بينما‬
‫بلغ متو�سط حجم الأ�رسة حوايل ‪ 6.4‬فردا ً �سنة ‪ .1997‬لذلك ف�إنه على الرغم من انخفا�ض معدالت‬
‫اخل�صوبة‪� ،‬إال �أن معدالت التكوين الأ�رسي بقيت مرتفعة ن�سبياً‪.‬‬
‫‪32007 /12/1‬‬ ‫جدول ‪ :7/2‬عدد ال�سكان والأ�سـر يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة حتى‬
‫عدد ال�سكان‬
‫متو�سط حجم الأ�سـرة‬ ‫الأ�سـر‬ ‫املنطقة‬
‫كال اجلن�سني‬ ‫�إناث‬ ‫ذكور‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪427,533‬‬ ‫‪2,345,107‬‬ ‫‪1,155,383‬‬ ‫‪1,189,724‬‬ ‫ال�ضفة الغربية‬
‫‪6.5‬‬ ‫‪219,222‬‬ ‫‪1,416,539‬‬ ‫‪697,831‬‬ ‫‪718,708‬‬ ‫قطاع غزة‬
‫‪5.8‬‬ ‫‪646,755‬‬ ‫‪3,761,646‬‬ ‫‪1,853,214‬‬ ‫‪1,908,432‬‬ ‫املجموع‬
‫عدد ال�سكان يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة حتى‪2007/12/1‬‬

‫‪327‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪ :7/3‬عدد ال�سكان ومتو�سط حجم الأ�سـرة ون�سبة اجلن�س‬


‫ح�سب املحافظة ل�سنتي ‪ 1997‬و‪42007‬‬

‫متو�سط حجم‬
‫ن�سبة اجلن�س‬ ‫عدد ال�سكان‬
‫الأ�سـرة‬ ‫املحافظة‬
‫‪2007‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪2007 1997‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪1997‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪103.2‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2,345,107 1,873,476‬‬ ‫ال�ضفة الغربية‬
‫‪103‬‬ ‫‪103.8‬‬ ‫‪5.3 5.9‬‬ ‫‪256,212‬‬ ‫‪203,026‬‬ ‫جنني‬
‫‪102.8 103.1‬‬ ‫‪5.3 6.1‬‬ ‫‪48,771‬‬ ‫‪36,609‬‬ ‫طوبا�س‬
‫‪101.5 102.2‬‬ ‫‪5.3 5.8‬‬ ‫‪158,213‬‬ ‫‪134,110‬‬ ‫طولكرم‬
‫‪104.7 105.7‬‬ ‫‪5.6 6.1‬‬ ‫‪91,046‬‬ ‫‪72,007‬‬ ‫قلقيلية‬
‫‪103.2 103.6‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪59,464‬‬ ‫‪48,538‬‬ ‫�سلفيت‬
‫‪102.3 103.3‬‬ ‫‪5.4 5.9‬‬ ‫‪321,493‬‬ ‫‪261,340‬‬ ‫نابل�س‬
‫‪101.2 100.4‬‬ ‫‪5.3 5.9‬‬ ‫‪278,018‬‬ ‫‪213,582‬‬ ‫رام اهلل والبرية‬
‫‪103.3 102.1‬‬ ‫‪5.2 5.4‬‬ ‫‪362,521‬‬ ‫‪*328,601‬‬ ‫القد�س‬
‫‪100.2 101.7‬‬ ‫‪5.5 6.2‬‬ ‫‪41,724‬‬ ‫‪32,713‬‬ ‫�أريحا والأغوار‬
‫‪103.9 104.8‬‬ ‫‪5.3 5.8‬‬ ‫‪176,515‬‬ ‫‪137,286‬‬ ‫بيت حلم‬
‫‪104.1 104.9‬‬ ‫‪6.1 6.7‬‬ ‫‪551,129‬‬ ‫‪405,664‬‬ ‫اخلليل‬
‫‪103‬‬ ‫‪103.1‬‬ ‫‪6.5 6.9‬‬ ‫‪1,416,539 1,022,207‬‬ ‫قطاع غزة‬
‫‪103.7 103.7‬‬ ‫‪6.7 7.2‬‬ ‫‪270,245‬‬ ‫‪183,373‬‬ ‫�شمال غزة‬
‫‪103.5 103.6‬‬ ‫‪6.5 6.9‬‬ ‫‪496,410‬‬ ‫‪367,388‬‬ ‫غزة‬
‫‪101.6 102.4‬‬ ‫‪6.4 6.9‬‬ ‫‪205,534‬‬ ‫‪147,877‬‬ ‫دير البلح‬
‫‪103.1 102.5‬‬ ‫‪6.3 6.9‬‬ ‫‪270,979‬‬ ‫‪200,704‬‬ ‫خان يون�س‬
‫‪101.8 102‬‬ ‫‪6.5 6.9‬‬ ‫‪173,371‬‬ ‫‪122,865‬‬ ‫رفح‬
‫‪103‬‬ ‫‪103.2‬‬ ‫‪5.8 6.3‬‬ ‫‪3,761,646 2,895,683‬‬ ‫املجموع‬
‫*العدد يف ذلك اجلزء من حمافظة القد�س الذي �ضمته "�إ�رسائيل" عنوة عام ‪ 1967‬مبني على تقديرات عدد ال�سكان‬
‫ولي�س العدد الفعلي‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫عدد ال�سكان ح�سب املحافظة ‪2007‬‬

‫�أما ح�سب املحافظات فيتوزع ال�سكان يف ‪ 16‬حمافظة‪ ،‬منها خم�س حمافظات يف قطاع غزة‪ ،‬و‪11‬‬
‫حمافظة يف ال�ضفة الغربية؛ حيث ُتع ّد حمافظة اخلليل �أكرب املحافظات من ناحية عدد ال�سكان‪� ،‬إذ‬
‫يقدر عدد �سكانها يف نهاية �سنة ‪ 2007‬بحوايل ‪� 551‬ألف ن�سمة‪ .‬تليها حمافظة غزة‪ ،‬والتي يقدر‬
‫عدد �سكانها بحوايل ‪� 496‬ألف ن�سمة‪ .‬وت�أتي يف املرتبة الثالثة حمافظة القد�س‪� ،‬إذ يقدر عدد �سكانها‬
‫بحوايل ‪� 363‬ألف ن�سمة يف ال�سنة نف�سها‪.‬‬
‫�أما �أقل املحافظات من حيث عدد ال�سكان فهي حمافظات �أريحا وطوبا�س و�سلفيت‪� ،‬إذ يقدر عدد‬
‫�سكانها بحوايل ‪� 42‬ألف ن�سمة‪ ،‬و‪� 49‬ألف ن�سمة‪ ،‬و‪� 59‬ألف ن�سمة على التوايل‪.‬‬
‫ُيظهر التوزيع العمري لل�سكان �أن الهرم ال�سكاين هرم ذو قاعدة عري�ضة ور�أ�س مدبب‪ ،‬بالتايل‬
‫�سيكون الفل�سطينيون‪ ،‬ول�سنوات قادمة‪ ،‬حتت ت�أثري الزيادة الطبيعية املرتفعة نوعا ً ما‪ ،‬وذلك على‬
‫الرغم من �أن هناك انخفا�ضا ً يف معدالت الزيادة الطبيعية‪ ،‬وانخفا�ضا ً يف معدالت اخل�صوبة خالل‬
‫ال�سنوات الأخرية‪ .‬حيث �شكل ال�سكان دون �س ّن ‪ 15‬ما جمموعه ‪%45.5‬من �إجمايل ال�سكان‪ ،‬و�ش ّكل‬
‫كبار ال�سن ما ن�سبته ‪ %3‬فقط‪ .‬ومل يختلف هذا التوزيع عن �سنة ‪2006‬؛ حيث �شكل ال�سكان الذين‬
‫تقل �أعمارهم عن ‪ 15‬عاما ً حوايل ‪ ،%45.7‬الأمر الذي يبقي معدالت الإعالة العمرية مرتفعة ن�سبيا ً‬
‫(ن�سبة الإعالة هي م�ؤ�رش للأعباء االقت�صادية التي يجب �أن يتحملها اجلزء املنتج من ال�سكان‪� ،‬أي‬
‫�أنها ن�سبة الأ�شخا�ص يف �سن الإعالة (�أقل من ‪ 15‬عاما ً و�أكرث من ‪ 64‬عاماً) �إىل الأ�شخا�ص يف �سن‬
‫العمل (‪ )64-15‬بني ال�سكان م�رضوبا ً بـ ‪.)100‬‬

‫‪329‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫�أما بالن�سبة للأطفال الذين تق ّل �أعمارهم عن ‪ 18‬عاماً؛ فت�شري معطيات جهاز الإح�صاء �إىل �أن‬
‫‪ %52.2‬من جمموع ال�سكان املقيمني يف ال�ضفة والقطاع هم �أطفال دون �س ّن الـ ‪ ،18‬مبعنى �أن ما يزيد‬
‫عن ن�صف املجتمع الفل�سطيني هم من الأطفال‪ .‬وهذا يد ّل �أي�ضا ً على �أن التوزيع العمري لل�سكان‬
‫ي�شري �إىل �أن ال�شعب الفل�سطيني هو �شعب فتي‪.‬‬
‫كما بلغت معدالت اخل�صوبة الكلية يف ال�ضفة والقطاع ‪ 4.6‬مولودا ً لكل امر�أة‪ ،‬بواقع ‪ 4.2‬مولودا ً‬
‫لكل امر�أة يف ال�ضفة الغربية و‪ 5.4‬مولودا ً لكل امر�أة يف قطاع غزة‪ .‬ومن املتوقع �أن ال تنخف�ض‬
‫معدالت اخل�صوبة الكلية كثريا ً خالل الأعوام القريبة القادمة‪.‬‬
‫وبلغ متو�سط عدد الأبناء املنجبني �أحياء للن�ساء يف الفئة العمرية ‪� 54-15‬سنة يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة ‪ 4.7‬مولوداً‪ ،‬بواقع ‪ 4.6‬مولودا ً يف ال�ضفة الغربية وخم�سة مواليد يف قطاع غزة‪ .‬وال‬
‫يوجد تباينات على م�ستوى املحافظات يف كل من ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫‪ :7/4‬املواليد الأحياء امل�سجلون ح�سب املنطقة ‪52006-1999‬‬ ‫جدول‬

‫ال�سنة‬
‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪1999‬‬
‫املنطقة‬
‫الن�سبة‬ ‫الن�سبة‬ ‫الن�سبة‬ ‫الن�سبة‬ ‫الن�سبة‬
‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬
‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬
‫ال�ضفة‬
‫‪51.8 52,265 55.8 61,194 57.7 61,488 60.3 62,535 60.3 60,546‬‬
‫الغربية‬

‫قطاع غزة ‪48.2 48,588 44.2 48,245 42.3 44,867 39.7 41,245 39.7 39,695‬‬

‫ال�ضفة‬
‫الغربية‬
‫‪100 100,853 100 109,439 100 106,355 100 103,780 100 100,241‬‬
‫وقطاع‬
‫غزة‬

‫وبلغ معدل وفيات الر�ضع يف ال�ضفة والقطاع ‪ 25.3‬لكل �ألف والدة حية‪ ،‬وكان الأعلى يف قطاع‬
‫غزة مقارنة بال�ضفة الغربية (‪ 28.8‬مقابل ‪ )22.9‬لكل �ألف والدة حية‪ .‬باملقابل بلغ معدل وفيات‬
‫الأطفال دون �س ّن اخلام�سة ‪ 28.2‬لكل �ألف والدة حية وكان الأعلى يف قطاع غزة �أي�ضا ً مقارنة‬
‫بال�ضفة الغربية (‪ 31.7‬مقابل ‪ )25.7‬على التوايل‪ .‬ون�شري �إىل �أن الأطفال الذكور الر�ضع والذين تقل‬
‫�أعمارهم عن خم�س �سنوات �أقل حظا ً يف البقاء على قيد احلياة من الإناث‪ .‬وقد ذكر ل�ؤي �شبانة يف‬
‫بيان الإح�صاء الفل�سطيني الذي �صدر يف �أيار‪ /‬مايو ‪� ،2008‬أنه خالل العقد املن�رصم مل يح�صل �أي‬
‫تقدم ُيذكر يف جمال احلد من وفيات الر�ضع ووفيات الأطفال دون �سن اخلام�سة‪.6‬‬
‫بلغت معدالت الت�رسب الإجمالية من التعليم لفئة ال�شباب (‪ )29-15‬عاما ً يف ال�ضفة والقطاع‬
‫‪330‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫‪ %29.4‬بني الذكور‪ ،‬و‪ %12.6‬بني الإناث‪ .‬و�أظهرت النتائج �أن ال�سبب الرئي�سي لعدم �إكمال التعليم‬
‫بني الأفراد الذكور يف هذه الفئة العمرية هو التح�صيل العلمي ال�ضعيف‪ ،‬الذي بلغت ن�سبته ‪،%29.5‬‬
‫بينما كان ال�سبب الرئي�سي عند الإناث هو عدم قدرة الأ�رسة على تغطية م�صاريف الدرا�سة‪ ،‬حيث‬
‫بلغت ن�سبته ‪.%25.1‬‬
‫�إن �أكرث من ن�صف الن�ساء الفل�سطينيات متزوجات حالياً‪ ،‬بينما ‪ %1.3‬منهن �أرامل‪ ،‬و‪%1.1‬‬
‫مطلقات‪ ،‬و‪ %0.2‬منف�صالت عن �أزواجهن‪ ،‬يف حني �إن ‪ %39.3‬من الن�ساء عازبات‪ .‬كما ت�شري‬
‫املعطيات �إىل �أن ن�سبة ال�سيدات املتزوجات ترتفع بارتفاع عمر ال�سيدة؛ حيث بلغت ن�سبة ال�سيدات‬
‫املتزوجات ‪ %8.9‬من الن�ساء يف الفئة العمرية من ‪ 19-15‬عاماً‪ ،‬مقابل ‪ %47‬لل�سيدات يف الفئة العمرية‬
‫‪ 24-20‬عاماً‪.‬‬
‫يرتبط ا�ستقرار الزواج مبدى ا�ستمراره وتوا�صله بدون انف�صال �أو طالق �أو ترمل‪ ،‬وهذا‬
‫ينعك�س بال�رضورة على مدى التما�سك الأ�رسي واملجتمعي وح�سن تربية الأطفال وتن�شئة ال�شباب‬
‫والرتابط الأ�رسي‪ .‬ويعترب الزواج الفل�سطيني م�ستقرا ً �إىل ح ٍّد كبري؛ حيث �إن القليل من حاالت‬
‫الزواج التي مل ت�ستمر وانتهت �إما بالطالق �أو االنف�صال �أو الرتمل‪ .‬ومن الطبيعي �أن ترتفع ن�سب‬
‫الرتمل مع تقدم العمر‪ ،‬حيث بلغت ن�سبة الن�ساء الأرامل يف الفئة العمرية ‪ 49-45‬عاما ً حوايل ‪.%6.8‬‬
‫هذا ومل تختلف كثريا ً ن�سب الن�ساء املتزوجات والعازبات عند املقارنة ما بني ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة‪.7‬‬
‫�أما من ناحية الزواج والطالق يف ال�ضفة والقطاع؛ فت�شري الإح�صاءات ال�صادرة عن اجلهاز‬
‫املركزي للإح�صاء الفل�سطيني �إىل �أن عدد عقود الزواج قد ازداد من ‪ 23,492‬عقدا ً خالل �سنة ‪1997‬‬
‫لي�صبح ‪ 28,233‬عقدا ً خالل �سنة ‪� ،2006‬إال �أن معدالت الزواج اخلام قد انخف�ضت من ‪ 8.4‬عقدا ً لكل‬
‫�ألف من ال�سكان �سنة ‪ 1997‬لت�صل �إىل ‪ 7.3‬عقدا ً لكل �ألف من ال�سكان �سنة ‪ ،2006‬مع العلم �أي�ضا ً �أن‬
‫عقود الزواج خالل �سنوات االنتفا�ضة قد انخف�ضت ب�صورة ملحوظة‪ ،‬وقد بلغ �أدنى ح ٍّد لها �سنة‬
‫‪� ،2002‬إذ كانت‪ 22,611‬عقدا ً فقط‪.‬‬
‫�أما عدد حاالت الطالق فقد بلغت ‪ 3,449‬حالة �سنة ‪ ،1997‬لت�صل �إىل ‪ 3,756‬حالة �سنة ‪،2006‬‬
‫بينما كانت ‪ 4,211‬حالة �سنة ‪ .2005‬كما بلغت معدالت الطالق اخلام حوايل ‪ 1.2‬حالة لكل �ألف من‬
‫ال�سكان �سنة ‪ ،1997‬وانخف�ضت �إىل حالة واحدة فقط لكل �ألف من ال�سكان �سنة ‪.82006‬‬
‫ومن ناحية الرتكيب الأ�رسي‪ ،‬تظهر النتائج �أن ن�سبة الأ�رس النووية (الأ�رسة امل�ؤلفة من زوجني‬
‫فقط �أو من زوجني مع ابن �أو ابنة �أو �أكرث) يف ازدياد م�ستمر على ح�ساب الأ�رس املمتدة؛ حيث ت�شري‬
‫نتائج التعداد ال�سكاين ل�سنة ‪� 1997‬أن ما ن�سبته ‪ %73.2‬من الأ�رس هي �أ�رس نووية‪ ،‬يف حني �أ�صبحت‬
‫ح�سب نتائج امل�سح الفل�سطيني ل�صحة الأ�رسة �سنة ‪ 2006‬ت�ساوي ‪ ،%78.1‬بينما ح�سب نتائج‬
‫‪331‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫امل�سح ال�صحي الدميوغرايف �سنة ‪ 2004‬حوايل ‪ %83‬من الأ�رس نووية‪ .‬بينما كانت حوايل ‪ %23‬من‬
‫الأ�رس ممتدة �سنة ‪ ،1997‬و�أ�صبحت ‪� %12.6‬سنة ‪� .2004‬أما الباقي يف كال العامني فهي �أ�رس من‬
‫�شخ�ص واحد �أو مركبة‪ ،‬والتي مل ت�شكل التغريات فيها ِقيَما ً ملحوظة‪.9‬‬
‫‪ .2‬فل�سطني املحتلة �سنة ‪�" 1948‬إ�سـرائيل"‪:‬‬
‫ت�شري التقديرات املبنية على معدل النمو ال�سنوي البالغ ‪ ،%2.6‬وال�صادرة عن اجلهاز املركزي‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬وباال�ستناد �إىل م�صادر �إ�رسائيلية‪� ،‬إىل �أن عدد ال�سكان الفل�سطينيني يف‬
‫"�إ�رسائيل" يقدر يف نهاية ‪ 2007‬بحوايل مليون و‪� 184‬ألف ن�سمة‪ ،‬هذا العدد ال ي�شمل ال�سكان العرب‬
‫يف ه�ضبة اجلوالن ال�سورية‪ ،‬كما �أنه ال ي�شمل ال�سكان يف منطقة ‪ J1‬من حمافظة القد�س (�أي منطقة‬
‫القد�س ال�رشقية التي �ض ّمتها "�إ�رسائيل" �إليها)‪ ،‬وال ي�شمل العرب اللبنانيني الذين انتقلوا للإقامة‬
‫امل�ؤقتة يف "�إ�رسائيل"؛ حيث �أن "�إ�رسائيل" حت�صي جميع هذه الفئات �ضمن �سكانها و�ضمن العرب‬
‫ككل‪.‬‬
‫كما ت�شري الإح�صاءات املتوفرة عن الفل�سطينيني يف "�إ�رسائيل"‪� 10‬إىل �أن ن�سبة اجلن�س يف نهاية‬
‫�سنة ‪ 2006‬تقدر بحوايل ‪ 103.6‬ذكرا ً لكل ‪� 100‬أنثى‪ ،‬و�أن ‪ %40.6‬منهم دون �س ّن ‪ ،15‬بينما بلغت‬
‫ن�سبة كبار ال�سن‪ ،‬والذين تبلغ �أعمارهم ‪ 65‬عاما ً ف�أكرث ‪ ،%3.1‬وبلغ معدل اخل�صوبة الكلي ‪3.68‬‬
‫مولودا ً لكل امر�أة �سنة ‪ ،2006‬ومعدل املواليد اخلام ‪ 27.9‬مولودا ً لكل �ألف من ال�سكان �سنة ‪.2006‬‬
‫كما بلغ متو�سط حجم الأ�رسة الفل�سطينية حوايل ‪ 5.09‬فرداً‪.‬‬
‫�أما معدل الوفاة اخلام فقد بلغ ‪ 2.8‬حالة وفاة لكل �ألف من ال�سكان �سنة ‪ .2006‬يف حني بلغ معدل‬
‫الر�ضع حوايل ‪ 7.6‬حالة وفاة لكل �ألف مولود حي �سنة ‪ ،2006‬بينما كان �سنة ‪2005‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيات الأطفال‬
‫حوايل ثماين حاالت وفاة لكل �ألف مولود حي‪� .‬أما ن�سبة الأمية بني الفل�سطينيني الذين يتجاوزون الـ‬
‫‪� 15‬سنة ف�أكرث يف "�إ�رسائيل" �سنة ‪ ،2006‬فقد بلغت ‪ ،%6.1‬بينما بلغت ن�سبة احلا�صلني على �شهادة‬
‫البكالوريو�س ف�أعلى ‪.%7.9‬‬
‫‪ .3‬الأردن‪:‬‬
‫ُيق ّدر عدد ال�سكان الفل�سطينيني يف الأردن بحوايل ثالثة ماليني و‪� 102‬ألف ن�سمة‪ ،‬وذلك بناء على‬
‫تقديرات اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني ل�سنة ‪ .2007‬وح�سب �إح�صاءات وكالة الأمم املتحدة‬
‫لت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني (الأونروا)‪ ،‬ف�إن هناك مليونا ً و‪ 903,490‬مليونا الجئا ً فل�سطينيا ً‬
‫م�سجلون لديها يف الأردن‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ ،2007/12/31‬وي�شكلون ‪ 377,300‬عائلة‪ ،‬ويعي�ش حوايل‬
‫‪ %17.5‬منهم يف املخيمات‪.12‬‬

‫‪332‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫مع مالحظة �أن هناك عددا ً كبريا ً من الفل�سطينيني يف الأردن غري م�سجلني كالجئني لأ�سباب‬
‫خمتلفة؛ حيث �أن ‪ %13‬من �سكان املخيمات يف الأردن غري م�سجلون لدى وكالة الغوث‪ ،‬و�أن حوايل‬
‫‪ %95‬من الفل�سطينيني املقيمني يف الأردن يحملون اجلن�سية الأردنية‪.‬‬
‫تبلغ ن�سبة ال�سكان دون �س ّن الـ ‪ 15‬من العمر حوايل ‪ %41.7‬من جمموع ال�سكان الفل�سطينيني‪،‬‬
‫بينما تبلغ ن�سبة الذين تبلغ �أعمارهم ‪ 65‬عاما ً ف�أكرث حوايل ‪ ،%4.2‬وبلغ معدل اخل�صوبة الكلي‬
‫للفل�سطينيني يف الأردن ‪ 4.6‬مولودا ً لكل امر�أة‪ ،‬وبلغت ن�سبة الإعالة للفل�سطينيني يف الأردن ‪85.4‬‬
‫يف �سنة ‪.2000‬‬
‫‪� .4‬سورية‪:‬‬
‫يبلغ عدد ال�سكان الفل�سطينيني امل�سجلني لدى الأونروا كالجئني‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2007/12/31‬ومقيمني‬
‫يف �سورية ‪ 451,467‬ن�سمة ي�شكلون ‪ 109,565‬عائلة‪.13‬‬
‫ويعي�ش حوايل ‪ %26.9‬منهم يف املخيمات‪ .‬وح�سب معطيات املجموعات الإح�صائية ال�سورية‬
‫يقيم ‪ %68.8‬منهم يف العا�صمة دم�شق واملخيمات القائمة يف �ضواحيها‪ ،‬كما �أن عدد الالجئني‬
‫املذكور �أعاله ال ي�شمل الفل�سطينيني الذين ُه ِّجروا �إىل �سورية عامي ‪ 1967‬و‪1970‬؛ لأن معظمهم‬
‫غري م�سجلني يف قيود الوكالة‪.14‬‬
‫وت�شري م�صادر الإح�صاء الفل�سطيني �إىل �أن ‪ %95.6‬من �سكان املخيمات م�سجلني لدى وكالة‬
‫الغوث كالجئني‪ ،‬و�أن ن�سبة الأفراد دون �س ّن الـ ‪ 15‬من العمر ل�سنة ‪ 2006‬تقدر بحوايل ‪،%33.1‬‬
‫و�أن ‪ %4.3‬من ال�سكان تبلغ �أعمارهم ‪ 65‬عاما ً ف�أكرث‪ .‬وبلغ معدل املواليد اخلام ‪ 18‬مولودا ً لكل �ألف‬
‫من ال�سكان الفل�سطينيني‪ ،‬وبلغ معدل اخل�صوبة الكلي للن�ساء الفل�سطينيات يف �سورية ‪ 2.4‬مولودا ً‬
‫لكل امر�أة �سنة ‪ ،2006‬بينما كانت ‪ 3.5‬مولودا ً لكل امر�أة �سنة ‪ .2001‬كما ت�شري هذه امل�صادر �إىل �أن‬
‫متو�سط حجم الأ�رسة الفل�سطينية يف �سورية تقدر بحوايل ‪ 4.9‬فرداً‪.‬‬
‫‪ .5‬لبنان‪:‬‬
‫يبلغ عدد ال�سكان الفل�سطينيني امل�سجلني لدى الأونروا كالجئني‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2007/12/31‬ومقيمني‬
‫يف لبنان ‪ 413,962‬ن�سمة ي�شكلون ‪ 108,676‬عائلة‪ .‬ويعي�ش حوايل ‪ %53‬منهم يف املخيمات‪ .‬كما‬
‫�أن متو�سط حجم الأ�رسة للفل�سطينيني يف لبنان بلغ ‪ 3.8‬فرداً‪ ،‬وهو �أقل من متو�سط حجم الأ�رسة‬
‫الفل�سطينية يف الداخل والأردن و�سورية‪.‬‬
‫كما بلغ معدل اخل�صوبة الكلي ‪ 2.3‬مولودا ً لكل امر�أة �سنة ‪ ،2006‬مقارنة مع ‪ 3.5‬مولودا ً لكل‬
‫امر�أة ل�سنة ‪� .1999‬أما باقي اخل�صائ�ص فلم تتوفر معلومات حم ّدثة تغطي �سنة ‪2007‬؛ حيث بلغت‬
‫‪333‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ن�سبة اجلن�س للفل�سطينيني يف لبنان حوايل ‪ 98.5‬ذكرا ً لكل ‪� 100‬أنثى‪� .‬أما ن�سبة الأفراد الذين تقل‬
‫�أعمارهم عن ‪ 15‬عاما ً فت�ساوي ‪ ،%33‬بينما بلغت ن�سبة الأفراد الذين تبلغ �أعمارهم ‪ 65‬عاما ً ف�أكرث‬
‫‪ ،%5.5‬وهي ن�سبة مرتفعة من كبار ال�سن مقارنة بباقي الفل�سطينيني يف املناطق الأخرى‪ .‬وبلغ‬
‫معدل املواليد اخلام ‪ 16.3‬مولودا ً لكل �ألف من ال�سكان ل�سنة ‪.2006‬‬
‫‪ .6‬العراق‪:‬‬
‫مرت �أو�ضاع الالجئني الفل�سطينيني يف العراق بتطورات وتغريات كثرية منذ بداية اللجوء �سنة‬
‫‪ ،1948‬وت�شري الإح�صائيات �إىل �أن عدد الالجئني الفل�سطينيني الذين خرجوا �سنة ‪ 1948‬بلغ نحو‬
‫‪ 4,300‬الجئ فل�سطيني‪ ،15‬وقد رف�ضت ال�سلطات العراقية �آنذاك �إدراجهم �ضمن �سجالت وكالة‬
‫الأونروا‪ ،‬وتك ّفلت ال�سلطات العراقية برعايتهم؛ وهو ما جعلهم عر�ضة للتحوالت ال�سيا�سية يف‬
‫العراق‪.‬‬
‫�أوكلت ال�سلطات العراقية مهمة رعاية الالجئني الفل�سطينيني �إىل وزارة الدفاع‪ ،‬ثم �أن�ش�أت وزارة‬
‫ال�ش�ؤون االجتماعية العراقية "مديرية �ش�ؤون الالجئني الفل�سطينيني يف العراق" لرعايتهم‪ .‬وقد‬
‫ع ّرفت املديرية الالجئ ب�أنه "الإن�سان الفل�سطيني الذي هاجر من بلده املحتل عام ‪ ،1948‬ودخل‬
‫العراق و�أقام فيه قبل ‪ ."1958/9/25‬وهو ما �أدى �إىل ا�ستثناء الفل�سطينيني الذين قدموا �إىل العراق بعد‬
‫هذا التاريخ املذكور من �سجالت ال�سلطات العراقية‪� ،‬أ�ضف �إليهم عددا ً كبريا ً من الفل�سطينيني الذين‬
‫قدموا �إىل العراق من الكويت �إبان حرب اخلليج الأوىل �سنة ‪ .1991‬وح�سب �إح�صائيات مفو�ضية‬
‫الأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني‪ ،‬فقد بلغ عدد الالجئني الفل�سطينيني يف العراق �سنة ‪ ،2003‬بعيد‬
‫احتالل العراق‪ ،‬ما بني ‪� 40 - 35‬ألف فل�سطيني‪.16‬‬
‫تعر�ض الالجئون الفل�سطينيون بعد االحتالل الأمريكي للعراق �إىل عمليات تهجري ق�رسي‪ ،‬من‬
‫خالل عمليات اخلطف والقتل والدعوة املبا�رشة لرتك العراق من قبل امليلي�شيات العراقية‪ ،‬مما �أدى‬
‫�إىل هروب �آالف الفل�سطينيني من بيوتهم‪ ،‬وتوزعهم يف عدد من الدول العربية والأجنبية‪ ،‬ممن َقبِلت‬
‫ا�ست�ضافتهم‪ .‬فقد توزع الالجئون الفل�سطينيون اخلارجون من العراق على �أربعة خميمات‪ ،‬خميم‬
‫الوليد و�ض ّم ‪ 500‬الجئ‪ ،‬والتنف وفيه ‪ 356‬الجئاً‪ ،‬والهول وفيه ‪ 305‬الجئني‪ ،‬وهذه املخيمات الثالثة‬
‫تقع على احلدود العراقية ال�سورية‪� .‬أما املخيم الرابع فهو خميم الروي�شد على احلدود العراقية‬
‫الأردنية‪ُ ،‬ه ِّجر �إليه ‪ 1,200‬الجئ‪ ،‬عاد منهم ‪ 500‬الجئ �إىل بغداد‪ ،‬و�أدخلت احلكومة الأردنية ‪350‬‬
‫الجئا ً من املتزوجني من �أردنيات وبقي فيه ‪ 350‬الجئاً‪ .‬كما ا�ست�ضافت اليمن خم�سة �آالف الجئ‬

‫‪334‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫فل�سطيني وال�سودان ‪ 1,700‬الجئ‪ ،‬ومنحت كندا حقّ اللجوء لـ ‪� 46‬آخرين‪ .17‬كما وافقت ت�شيلي‬
‫على ا�ستقبال ‪ 117‬فل�سطينيا ً عالقا ً على احلدود العراقية ال�سورية‪ ،18‬فيما قبلت الربازيل ا�ستقبال‬
‫‪ 120‬الجئاً‪ .‬كما ا�ستقبل عدد من الدول الإ�سكندينافية بع�ض احلاالت الإن�سانية‪ .‬وح�سب ت�رصيح‬
‫للدكتور �أ�سامة ال�شنار‪ ،‬مدير دائرة �ش�ؤون الالجئني يف منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬يف �آذار‪ /‬مار�س‬
‫‪ ،2008‬ف�إن عدد الالجئني الفل�سطينيني الذين ما زالوا يف العراقية يبلغ نحو ‪� 15‬ألف الجئ‪.19‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن عدد الهاربني من العراق ما يزال يف ارتفاع‪ ،‬ب�سبب ا�ستمرار عمليات‬
‫اخلطف والتعذيب والقتل‪ ،‬الرامية �إىل �إرهاب الفل�سطينيني‪ ،‬ودفعهم �إىل ترك العراق؛ فقد �سجلت‬
‫�سنة ‪ 2007‬ا�ست�شهاد ‪ 45‬فل�سطينيا ً يف العراق‪ ،‬مقارنة مع ا�ست�شهاد ‪ 101‬وتهجري ‪ 1,200‬فل�سطيني‬
‫يف �سنة ‪ ،2006‬واجلدول التايل يو�ضح عدد الذين ا�ست�شهدوا من فل�سطيني العراق منذ احتالل‬
‫العراق‪.20‬‬
‫جدول ‪ :7/5‬عدد ال�شهداء الفل�سطينيني يف العراق ‪2007-2003‬‬
‫عدد ال�شهداء‬ ‫ال�سنة‬
‫‪11‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪2007‬‬

‫مُتثِّل �أو�ضاع الالجئني الفل�سطينيني يف العراق‪ ،‬يف ال�سنوات الأخرية‪� ،‬أحد �أكرث مناذج اللجوء‬
‫الفل�سطيني ب�ؤ�ساً‪ .‬لقد مثَّلوا احللقة الأ�ضعف يف بل ٍد جتتاحه الفو�ضى‪ ،‬و�صاروا �ضحية �رصاعات‬
‫طائفية و�سيا�سية و�إقليمية‪ ،‬مل يكونوا جزءا ً منها‪ ،‬لكنهم دفعوا ثمنها غالياً‪ .‬وكانت م�أ�ساة �إغالق‬
‫معظم البلدان العربية يف وجوههم دليالً على حاجة العجز والالمباالة و�ضيق الأفق‪ ،‬وعدم‬
‫مراعاة احلد الإن�ساين الأدنى لإخوة يف الدين والعروبة‪ ،‬لأنظمة طاملا تغنّت برعايتهم وحمايتهم‬
‫ون�رصتهم‪.‬‬
‫‪ .7‬مقارنات عامة بني الفل�سطينيني‪:‬‬
‫اجلدول املقارن التايل ميثل ملخ�صا ً لأهم املقارنات الرئي�سة لبع�ض امل�ؤ�رشات الدميوغرافية بني‬
‫الفل�سطينيني ل�سنة ‪( 2006‬ما مل يذكر خالف ذلك بني قو�سني)‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪ :7/6‬ملخ�ص لبع�ض امل�ؤ�شـرات الدميوغرافية للفل�سطينيني‬


‫ح�سب مكان الإقامة ل�سنة ‪212006‬‬

‫جمموع‬
‫ال�ضفة‬
‫لبنان‬ ‫�سورية‬ ‫قطاع غزة ال�ضفة "�إ�سـرائيل" الأردن‬ ‫امل�ؤ�شـر‬
‫الغربية‬
‫والقطاع‬

‫‪41.7‬‬ ‫ن�سبة الأفراد ‪ 15‬عاما ً‬


‫‪33‬‬ ‫‪33.1‬‬ ‫‪40.6‬‬ ‫‪45.7‬‬ ‫‪48.7‬‬ ‫‪43.9‬‬
‫(‪)2000‬‬ ‫ف�أقل ‪%‬‬
‫ن�سبة الأفراد ‪ 65‬عاما ً‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪3.3‬‬
‫ف�أكرث ‪%‬‬
‫ن�سبة الإعالة‬
‫‪85.4‬‬
‫‪62.6‬‬ ‫‪59.7‬‬ ‫‪77.6‬‬ ‫‪94.9‬‬ ‫‪104.9‬‬ ‫‪89.4‬‬ ‫(لكل ‪ 100‬من الأفراد‬
‫(‪)2000‬‬
‫‪ 64-15‬عاماً)‬
‫‪102.3‬‬ ‫‪103.6‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪103‬‬ ‫ن�سبة اجلن�س (ذكر لكل‬
‫‪98.5‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2005‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫‪� 100‬أنثى)‬
‫معدل املواليد اخلام‬
‫‪16.3‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪27.9‬‬ ‫‪36.7‬‬ ‫‪41.7‬‬ ‫‪33.7‬‬ ‫(مولود لكل �ألف من‬
‫ال�سكان)‬
‫معدل الوفاة اخلام‬
‫‪3.3‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫(حالة وفاة لكل �ألف من‬
‫(‪)2001‬‬ ‫ال�سكان)‬

‫‪4.6‬‬ ‫معدل اخل�صوبة الكلي‬


‫‪2.3‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪3.68‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪4.2‬‬
‫(‪)2000‬‬ ‫(مولود لكل امر�أة)‬

‫‪2‬‬ ‫معدل الزيادة الطبيعية‬


‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2.51‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪3‬‬
‫(‪)2002‬‬ ‫‪%‬‬

‫‪6.2‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫متو�سط حجم الأ�سـرة‬


‫‪3.8‬‬ ‫‪4.9‬‬ ‫‪5.09‬‬
‫(‪)2000‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫(‪)2007‬‬ ‫(فرد لكل �أ�سـرة)‬

‫مالحظة‪ :‬العالمة (‪ )-‬تعني غري متوفر‪.‬‬

‫من خالل اجلدول ال�سابق‪ ،‬وعلى الرغم من اختالف الإ�سناد الزمني لبع�ض امل�ؤ�رشات‪ ،‬ومع‬
‫العلم �أن معظم امل�ؤ�رشات ال�سكانية قد بقيت كما هو احلال يف �سنة ‪� ،2006‬إال �أنه ميكن مالحظة عدة‬

‫‪336‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫�أمور �أهمها‪:‬‬
‫• �إن معدالت املواليد اخلام هي �أعلى ما يكون يف قطاع غزة وال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أدناها يف‬
‫لبنان و�سورية‪ ،‬الأمر الذي ي�شكل �ضغوطا ً �سكانية على قطاع غزة بالذات‪ ،‬وهي املنطقة‬
‫اجلغرافية ذاتها التي تعترب الكثافة ال�سكانية فيها من �أعلى املناطق يف العامل‪.‬‬
‫• يالحظ �أن املجتمع الفل�سطيني جمتم ٌع فتي‪� ،‬إال �أن توزيعه العمري يختلف ح�سب الإقامة‬
‫اختالفا ً وا�ضحاً‪ ،‬حيث يتبني �أن ن�سبة الأفراد‪ ،‬الذين تبلغ �أعمارهم ‪ 15‬عاما ً ف�أقل يف‬
‫قطاع غزة ت�شكل �أعلى ن�سبة‪ ،‬تليها ال�ضفة الغربية‪ ،‬الأمر الذي يجعل ن�سبة الإعالة فيهما‬
‫�أعلى ن�سبة‪ ،‬مما ي�ضيف �أعباء اقت�صادية كبرية على معيلي �أفراد الأ�رس يف هذه املناطق يف‬
‫الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ ،1967‬بينما ت�شكل كل من �سورية ولبنان �أدنى ن�سبة‬
‫�إعالة‪ ،‬يرافق ذلك �أن �أعلى ن�سبة لكبار ال�سن (‪ 65‬عاما ً ف�أكرث) تتواجد يف لبنان و�أدنى ن�سبة‬
‫يف قطاع غزة‪.‬‬
‫• �أن ن�سبة اجلن�س يف جميع مناطق �إقامة الفل�سطينيني تزيد عن ‪ 100‬با�ستثناء لبنان‪ ،‬الأمر‬
‫الذي قد يعود لهجرة الذكور بن�سبة �أكرب من هجرة الإناث‪ ،‬والرتفاع معدالت الوفيات بني‬
‫الذكور خالل العقود املا�ضية‪.‬‬
‫• �إن ارتفاع معدالت املواليد يف قطاع غزة ي�ؤدي �أي�ضا ً �إىل ازدياد ن�سبة ال�سكان فيها من‬
‫جمموع ال�سكان يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬الأمر الذي ي�ستدعي مراعاة ذلك من قبل‬
‫املخططني ومتخذي القرار يف هذه املناطق‪ .‬ففي �سنة ‪ 1997‬كانت ن�سبة �سكان قطاع غزة‬
‫ت�ساوي ‪ ،%35.7‬بينما �أ�صبحت يف نهاية �سنة ‪ 2007‬تقدر بحوايل ‪ ،%37.7‬بناء على النتائج‬
‫الأولية لتعداد �سنة ‪.2007‬‬
‫• يالحظ �أن معدل املواليد اخلام يف �سورية كان �سنة ‪ 2001‬ي�ساوي ‪ 23.3‬مولودا ً لكل �ألف‬
‫من ال�سكان‪ ،‬وانخف�ض لي�صل �إىل ‪ 18‬مولودا ً لكل �ألف من ال�سكان �سنة ‪.2006‬‬
‫• يالحظ �أن معدل الوفاة اخلام متقاربة‪ ،‬وبقيت على ما هو احلال يف �سنة ‪ ،2006‬حيث �إن‬
‫�أعالها يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة و�أدناها يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬ويعود ذلك ب�صورة �أ�سا�سية‬
‫�إىل االحتالل الإ�رسائيلي و�إجراءاته و�سيا�ساته العن�رصية املتعاقبة لعدة عقود‪ ،‬وخا�صة‬
‫عمليات القتل التي متار�سها‪� ،‬إ�ضافة للتح�سن امللحوظ يف اخلدمات ال�صحية يف "�إ�رسائيل"‬

‫مقارنة مبثيالتها يف املناطق الأخرى‪ ،‬وعدم االهتمام بالنواحي ال�صحية من قبل "�إ�رسائيل"‬

‫‪337‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يف ال�ضفة والقطاع‪ .‬بل �إن هناك م�ؤ�رشات تد ّل على ممار�ستها‪ ،‬وب�صورة م�ستمرة‪ ،‬لو�سائل‬
‫التنظيف العرقي �ض ّد العرب يف فل�سطني‪ ،‬مبا يف ذلك "الرتان�سفري" والإجراءات التي جترب‬
‫الفل�سطينيني للهجرة الطوعية‪� ،‬أو عدم قدرتهم على العودة‪� ،‬أو حتى من خالل الت�أثري على‬
‫القدرة الف�سيولوجية على الإجناب للن�ساء الفل�سطينيات‪.22‬‬
‫• يالحظ �أن متو�سط حجم الأ�رسة بقي مرتفعا ً يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬وخا�صة يف قطاع غزة‪،‬‬
‫حيث ي�صل �إىل ‪ 6.5‬فردا ً للأ�رسة‪ ،‬بينما يبلغ يف ال�ضفة الغربية ‪ 5.5‬فردا ً فقط‪� .‬إال �أن �أدنى‬
‫متو�سط حلجم الأ�رسة كان يف لبنان و�سورية و"�إ�رسائيل"‪.‬‬
‫• �إن معدالت الزيادة الطبيعية �ستبقى مرتفعة ن�سبيا ً بني الفل�سطينيني مقارنة باملجتمعات‬
‫املجاورة‪ ،‬و�ستبقى �أعلى من ‪ %2.5‬خالل العقد القادم‪.‬‬

‫�إن مفهوم اللجوء وقيا�سه مع�ضلة �أ�سا�سية‬


‫ثالث ًا‪ :‬الالجئون الفل�سطينيون‬
‫للباحثني يف املو�ضوع‪ ،23‬ويعود ذلك �أ�سا�سا ً لعوامل كثرية جداً؛ منها تعدد احلروب وال�رصاعات‬
‫التي اجتاحت املنطقة خالل القرن املا�ضي‪ ،‬وخا�صة حرب عام ‪ ،1948‬وحرب عام ‪ ،1967‬وما‬
‫�أعقبهما من احتالل كل فل�سطني‪ ،‬واالنتفا�ضة املباركة (‪ ،)1990-1987‬وانتفا�ضة الأق�صى (‪2005-‬‬
‫‪ ،)2000‬وتعدد اجلهات امل ُ ِ‬
‫�سيطرة على املناطق الفل�سطينية منذ االنتداب الربيطاين‪ ،‬وتبعية ال�ضفة‬
‫الغربية للأردن خالل الفرتة ‪ .1967-1948‬هذا ف�ضالً عن ت�شتت الفل�سطينيني يف بقاع الأر�ض‪،‬‬
‫وح�صولهم على جن�سيات دول خمتلفة‪.‬‬
‫ف�إذا �أخذنا بافرتا�ض �أن عدد الالجئني هم امل�سجلون فعالً يف �سجالت وكالة غوث وت�شغيل الالجئني‬
‫الفل�سطينيني‪ ،‬ف�إن عدد الالجئني امل�سجلني حتى تاريخ ‪ 2007/12/31‬يبلغ �أربعة ماليني و‪562,820‬‬
‫الجئاً‪ ،‬كما يبني اجلدول‪ ،7/7‬مع وجود املالحظة التالية من ِقبَل الأونروا على هذه املعلومات "ترتكز‬
‫الأرقام على �سجالت الأفراد التي حتدث بانتظام‪ ،‬غري �أن الت�سجيل لدى الوكالة اختياري‪ ،‬وال متثل‬

‫‪338‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫هذه الأرقام �سجالً دقيقا ً للتعداد ال�سكاين"‪.24‬‬


‫جدول ‪ :7/7‬عدد الالجئني الفل�سطينيني من الأفراد واملواليد والعائالت امل�سجلني يف الأونروا ح�سب املنطقة‬
‫حتى ‪252007/12/31‬‬

‫ن�سبة الأفراد‬
‫عدد الأفراد يف‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد الأفراد متو�سط حجم‬
‫املقيمني يف‬ ‫املنطقة‬
‫املخيمات‬ ‫العائالت املخيمات‬ ‫الأ�سـرة‬ ‫الكلي‬
‫املخيمات ‪%‬‬
‫‪25.45‬‬ ‫‪189,787‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪193,091‬‬ ‫‪3.86‬‬ ‫‪745,776‬‬ ‫ال�ضفة الغربية‬

‫‪46.9‬‬ ‫‪491,636‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪229,108‬‬ ‫‪4.57‬‬ ‫‪1,048,125‬‬ ‫قطاع غزة‬

‫‪52.95‬‬ ‫‪219,201‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪108,676‬‬ ‫‪3.81‬‬ ‫‪413,962‬‬ ‫لبنان‬

‫‪27‬‬ ‫‪121,898‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪109,565‬‬ ‫‪4.12‬‬ ‫‪451,467‬‬ ‫�سورية‬

‫‪17.49‬‬ ‫‪332,948‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪377,300‬‬ ‫‪5.05‬‬ ‫‪1,903,490‬‬ ‫الأردن‬

‫عدد الالجئني الفل�سطينيني امل�سجلني يف الأونروا ح�سب املنطقة حتى ‪2007/12/31‬‬

‫عدد الأفراد املقيمني يف املخيمات وامل�سجلني يف الأونروا ح�سب املنطقة حتى ‪2007/12/31‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪29.7‬‬ ‫‪1,355,470‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪1,017,740‬‬ ‫‪4.48‬‬ ‫‪4,562,820‬‬ ‫املجموع‬

‫يالحظ من اجلدول ال�سابق �أن عدد الالجئني امل�سجلني يف مناطق عمليات الأونروا اخلم�سة حتى‬
‫‪ 2007/12/31‬يقدر بحوايل ‪ 4.6‬مليون ن�سمة‪ ،‬يقيم حوايل ‪ %41.72‬منهم يف الأردن‪ ،‬و‪%39.31‬‬
‫منهم يف الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة عام ‪( 1967‬موزعني �إىل ‪ %22.97‬يف قطاع غزة و ‪ %16.34‬يف‬
‫ال�ضفة الغربية) والباقي ‪ %18.97‬م�سجلون يف �سورية ولبنان‪.‬‬
‫وال ب ّد من التنويه هنا �إىل �أن الدخول يف تقديرات لل�سكان الفل�سطينيني يف كل دولة من دول‬
‫العامل الأخرى ي�شوبه العديد من الق�صورات واالعتبارات والعوامل‪ ،‬والتي ي�صعب التنب�ؤ بها بدقة‬
‫مقبولة‪ ،‬الأمر الذي يعر�ضها لالختالفات من فرتة لأخرى ب�صورة تفقدها الهدف املرجو منها‪.‬‬
‫فبناء على نتائج امل�سح ال�شامل الذي نفذه املركز الفل�سطيني مل�صادر حقوق املواطنة والالجئني‬
‫"بديل" ‪ BADIL Resource Center‬لعامي ‪ ،2007-2006‬بهدف ت�سليط ال�ضوء على الق�ضايا‬
‫هجرين الفل�سطينيني‪ ،‬هناك �سبعة ماليني الجئ فل�سطيني يف‬ ‫والتحديات املتعلقة بالالجئني وامل ُ ّ‬
‫العامل يف منت�صف �سنة ‪ ،2007‬بالإ�ضافة �إىل ‪� 450‬ألف مهجر فل�سطيني‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ %70‬من‬
‫جممل تعداد ال�شعب الفل�سطيني الذي ق ّدره بـ ‪ 10.1‬مليون فل�سطيني‪ .‬يف حني ما يزال الو�ضع‬
‫القانوين لنحو ‪� 400‬ألف فل�سطيني �إ�ضايف غري وا�ضح ومن املرجح �أن يكونوا الجئني �أي�ضا ً‪.26‬‬
‫�أما �إذا نظرنا �إىل عدد الالجئني امل�سجلني خالل ال�سنوات ال�سابقة �أي يف الفرتة ‪ 2007-1970‬فنجد‬
‫�أن عددهم كان مليون و‪ 425,219‬الجئا ً م�سجالً يف منت�صف �سنة ‪ ،1970‬وبلغ عددهم �أربعة ماليني‬
‫و‪ 504,169‬الجئا ً م�سجالً يف منت�صف �سنة ‪ ،2007‬فيمكن ح�ساب معدل النمو ال�سنوي الثابت‬
‫لل�سكان الالجئني امل�سجلني خالل الفرتة املذكورة‪ ،‬وجند �أنه ي�ساوي ‪� %3.16‬سنوياً‪ ،‬وبا�ستخدام‬
‫هذا املعدل وبافرتا�ض ثباته للم�ستقبل لأنه حم�سوب لفرتة طويلة جداً‪ ،‬ف�إن عدد الالجئني امل�سجلني‬
‫�سيت�ضاعف خالل ما يقارب ‪ 22‬عاماً‪.‬‬

‫بعد �صدور النتائج الأولية لتعداد �سنة ‪ 2007‬يف‬ ‫رابع ًا‪ :‬اجتاهات النمو ال�سكاين‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪� ،‬أ�صبح لدينا نتائج تعدادين فعليني‪ .‬وبالتايل �أ�صبح بالإمكان ح�ساب‬
‫معدالت النمو ب�صورة دقيقة‪ ،‬با�ستثناء ذلك اجلزء من حمافظة القد�س‪ ،‬والذي �ضمته "�إ�رسائيل"‬
‫عنوة بعيد احتاللها للأرا�ضي الفل�سطينية �سنة ‪.1967‬‬
‫بناء على ذلك ف�إن معدالت النمو ال�سكاين للفل�سطينيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ت�صبح‬
‫‪� %2.85‬سنويا ً خالل ال�سنوات الع�رش الأخرية ‪ ،2007-1997‬وميكن و�صفها ب�أنها مرتفعة نوعا ً‬
‫ما مقارنة مبعدالت النمو ال�سكاين ملعظم ال�شعوب الأخرى‪� ،‬إال �أنها متناق�صة ب�صورة بطيئة مع‬
‫‪340‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫الزمن نتيجة للعوامل الدميوغرافية واالقت�صادية واالجتماعية وال�سيا�سية املتداخلة‪ .‬ويف الوقت‬
‫نف�سه ف�إنها تختلف عما كان متوقعا ً يف الإ�سقاطات ال�سكانية ال�سابقة جلهاز الإح�صاء‪ ،‬حيث كان‬
‫معدل النمو �سنة ‪ 1997‬حوايل ‪ %4‬ومتوقع �أن ينخف�ض �إىل ‪� %3.3‬سنة ‪ ،2006‬و�إىل ‪� %2.8‬سنة‬
‫‪� .2015‬إال �أن هذا املعدل انخف�ض مبعدل و�سطي خالل الفرتة ما بني التعدادين ‪ 2007-1997‬لي�صبح‬
‫‪ .%2.85‬هذه املعطيات ت�شري �إىل �أنه خالل العقد املا�ضي انخف�ض معدل النمو بقيمة ‪ .%1.15‬ويعود‬
‫ذلك �أ�سا�سا ً للأ�سباب التي ذكرت �آنفاً‪ ،‬والتي ت�شكل مغادرة بع�ض الفل�سطينيني �أو هجرتهم للخارج‬
‫ال�سبب الرئي�س‪ ،‬لذلك ف�إن جمموع الفل�سطينيني لن يت�أثر باملغادرة �أو الهجرة‪ ،‬بل يت�أثر بالتوزيع‬
‫اجلغرايف فقط‪.‬‬
‫�أما على م�ستوى ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وبافرتا�ض �أن �صايف الهجرة �صفر‪ ،‬ف�إن معدالت‬
‫النمو ال�سكاين ال�سنوية قد انخف�ضت خالل الفرتة ‪ 2007-1997‬يف ال�ضفة الغربية من ‪� %3.6‬إىل‬
‫‪ ،%2.53‬بينما يف قطاع غزة فقد انخف�ضت امل�ؤ�رشات نف�سها من ‪� %4.1‬إىل ‪� %3.32‬سنوياً‪.‬‬
‫هذا الأمر يمُ ِّكننا من القول ب�أنه وعلى الرغم من تناق�ص معدالت النمو ال�سكاين ال�سنوية املتوقعة‬
‫�إال �أن هناك ا�ستمرارا ً لتزايد ال�سكان والكثافة ال�سكانية يف قطاع غزة ب�صورة �أكرب ن�سبيا ً منها يف‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬مبعنى ازدياد ن�سبة ال�سكان يف قطاع غزة (على افرتا�ض �أن �صايف الهجرة ي�ساوي‬
‫�صفر)‪.‬‬
‫�أما �إذا افرت�ضنا �أن �صايف الهجرة مل يكن �صفرا ً �إال قبل �سنة ‪ ،2000‬و�أن عدد الذين غادروا‬
‫ال�ضفة والقطاع يف الفرتة ‪( 2007-2000‬ممن مل يتم احت�سابهم يف تعداد ‪ )2007‬كان ‪� 230‬ألف‬
‫تقريباً‪ ،‬ح�سبما ت�شري بع�ض التقديرات؛ ف�إن االنخفا�ض احلقيقي يف معدالت النمو ال�سكاين �سيكون‬
‫خمتلفاً‪ .‬وبناء على هذه الفر�ضية ف�إذا ما احت�سبنا عدد املهاجرين �أو املغادرين من ال�ضفة والقطاع‬
‫(‪� 230‬ألفاً) مع العدد الكلي لإح�صاء ‪ 2007‬البالغ حوايل ثالثة ماليني و‪� 771‬ألف ف�إن املجموع‬
‫�سيكون حوايل �أربعة ماليني ن�سمة‪ .‬و�إذا ما علمنا �أن عدد ال�سكان ح�سب اح�صاء �سنة ‪ 1997‬كان‬
‫مليونان و‪� 896‬ألف‪ ،‬ف�إن ن�سبة النمو ال�سكاين احلقيقية �ستكون ‪ %3.285‬مع العلم �أن هذه الن�سبة‬
‫هي ن�سبة تقديرية؛ لكنها على الأقل تفيد ب�شكل �أكرب يف معرفة الن�سبة الفعلية للنمو ال�سكاين‪،‬‬
‫ومعدالت اخل�صوبة‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬وهو ما يعني �أنه يجب على ال�سلطات الفل�سطينية العمل على تثبيت‬
‫الفل�سطينيني و�صمودهم يف �أر�ضهم‪ ،‬بالتوازي مع احلفاظ على معدالت من ّوهم ال�سكانية‪.‬‬
‫تع ّد اخل�صوبة والوفيات والهجرة املكونات والعنا�رص الأ�سا�سية للتغري والنمو ال�سكاين يف �أي‬
‫دولة �أو منطقة‪ .‬فمن ناحية الهجرة ف�إنها ال ت�ؤثر على تقديرات جمموع ال�سكان الفل�سطينيني يف‬
‫العامل‪ ،‬بل ت�ؤثر على توزيعهم املكاين ومكان �إقامتهم‪ ،‬لذلك تنح�رص العوامل امل�ؤثرة على اجتاهات‬
‫النمو ال�سكاين احلقيقية يف معدالت اخل�صوبة والوفيات واجتاهاتها للمجتمعات الفل�سطينية يف‬

‫‪341‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫العامل‪.‬‬
‫ت�شري البيانات ال�صادرة عن مركز الإح�صاء الفل�سطيني �إىل �أن معدالت اخل�صوبة يف ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة قد انخف�ضت خالل العقد الأخري ‪2007-1997‬؛ حيث بلغ معدل اخل�صوبة الكلية‬
‫‪ 6.04‬مولودا ً باال�ستناد �إىل بيانات التعداد ال�سكاين ‪ ،1997‬ثم �أ�صبح ‪ 4.6‬مولودا ً �سنة ‪.272006‬‬
‫�أما على م�ستوى ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬فيالحظ �أن هناك فروقا ً ملحوظة يف معدالت‬
‫اخل�صوبة بينها‪ ،‬حيث ت�شري امل�صادر ال�سابقة نف�سها �إىل �أن معدل اخل�صوبة الكلية يف ال�ضفة الغربية‬
‫قد انخف�ض من ‪ 5.6‬مولودا ً �سنة ‪ 1997‬لي�صبح ‪ 4.2‬مولودا ً �سنة ‪ .2005‬بينما انخف�ض يف قطاع‬
‫غزة من ‪ 6.9‬مولودا ً �إىل ‪ 5.4‬مولودا ً يف الفرتة نف�سها‪� .‬أما معدالت الزيادة الطبيعية ال�سنوية لل�سكان‬
‫الفل�سطينيني يف ال�ضفة والقطاع فقد انخف�ضت من ‪� %3.8‬إىل ‪ %3.3‬خالل الفرتة ‪ ،2006-1997‬رافق‬
‫ذلك انخفا�ض يف معدالت املواليد اخلام من ‪ 42.7‬مولودا ً لكل �ألف من ال�سكان لي�صبح ‪ 36.7‬مولودا ً‬
‫لكل �ألف من ال�سكان خالل الفرتة نف�سها‪.‬‬
‫�أما الفل�سطينيون يف العامل‪ ،‬الذين يقدر عددهم بحوايل ع�رشة ماليني و‪� 350‬ألف ن�سمة يف نهاية‬
‫�سنة ‪ ،2007‬بينما كان يقدر عددهم بحوايل ‪ 10.1‬مليون ن�سمة يف نهاية �سنة ‪2006‬؛ ف�إن معدل النمو‬
‫ال�سنوي للفل�سطينيني يف العامل ي�ساوي ‪ .%2.5‬لهذا ف�إنه من املتوقع ا�ستمرار زيادة عددهم ب�صورة‬
‫ملحوظة �سنوياً‪ ،‬وب�صورة �أعلى من زيادة اليهود‪� ،‬إال �أن معدالت النمو ال�سنوي تتناق�ص ب�صورة‬
‫�أكرب بقليل مما كان متوقعا ً خالل العقدين القادمني (مبعنى زيادة عدد ال�سكان الكلي لكن مبعدالت‬
‫منو �سنوية متناق�صة)‪ .‬بالتايل ف�إن �أف�ضل تقدير لعدد الفل�سطينيني يف العامل خالل العقدين القادمني‬
‫هو املبني على افرتا�ض �أن معدل النمو ال�سكاين ال�سنوي للفل�سطينيني يف العامل (مبا فيها فل�سطني‬
‫التاريخية) ي�ساوي ‪ ،%2.5‬بينما يف فل�سطني التاريخية في�ساوي ‪� %2.8‬سنوياً‪ .‬وبناء على ذلك‬
‫ف�إن عدد ال�سكان الفل�سطينيني املقدر يف العامل نهاية عام ‪ 2015‬ي�ساوي حوايل ‪ 12.6‬مليون ن�سمة‪،‬‬
‫وعددهم يف نهاية عام ‪ 2020‬ي�ساوي حوايل ‪ 14.3‬مليون ن�سمة‪ ،‬وهي تقل ب�صورة قليلة جدا ً عن ما‬
‫كان مقدرا ً يف العام املا�ضي‪ .28‬كما يتوقع �أن يت�ضاعف ال�سكان الفل�سطينيون يف العامل بناء على هذه‬
‫الفر�ضية �سنة ‪ 2034‬لي�صبح عددهم حوايل ‪ 20‬مليون ن�سمة‪.‬‬
‫(‬
‫و�أظهرت معطيات درا�سة �أجراها معهد القد�س للدرا�سات الإ�رسائيلية ‪Jerusalem Institute for‬‬
‫‪ Israel Studies (JIIS‬مبنا�سبة مرور ‪ 40‬عاما ً على احتالل القد�س‪� ،‬أن وترية الزيادة ال�سكانية‬
‫للعرب يف املدينة املحتلة ت�صل �إىل �ضعفي الزيادة لدى اليهود‪ .‬وبنا ًء عليه‪ ،‬ف�إنه يتوقع �أن يت�ساوى‬
‫العرب عدديا ً مع اليهود بحلول عام ‪� ،2035‬إذا ما حافظ العرب على وترية زيادتهم احلالية‪.‬‬
‫وت�شهد مدينة القد�س ال�رشقية منذ احتاللها يف العام ‪ 1967‬عملية تهويد ممنهجة‪ ،‬ي�شارك فيها‬
‫رجال �أعمال يهود �إ�رسائيليون و�أمريكيون‪ ،‬تهدف �إىل �رشاء العقارات العربية‪ ،‬وتهجري �ساكنيها‬
‫‪342‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫عانى الالجئون الفل�سطينيون يف‬


‫العراق من م�صاعب هائلة‪ ،‬نتيجة‬
‫ال�رصاعات والتجاذبات ال�سيا�سية‬
‫والطائفية‪ ،‬ونتيجة االحتالل‬
‫الأمريكي‪ .‬يف ال�صورة امللتقطة يف‬
‫‪ 2007/5/14‬جانب من خميم التنف‬
‫لالجئني الفل�سطينيني على احلدود‬
‫العراقية مع �سورية‪ ،‬حيث ينتظر‬
‫الالجئون ال�سماح لهم باال�ستقرار‬
‫يف بلدان �أخرى‪( .‬رويرتز)‬

‫�صورة للم�ؤمتر اخلام�س‬


‫لفل�سطينيي �أوروبا الذي عقد‬
‫يف مدينة روتردام بهولندا يف‬
‫‪ .2007/5/5‬وامل�ؤمتر يعك�س‬
‫تزايد الأن�شطة املرتبطة بحق‬
‫العودة‪ ،‬و�سط الفل�سطينيني‬
‫يف �أوروبا‪.‬‬

‫املفتاح �أ�صبح رمزا ً حلق العودة‪،‬‬


‫تتوارثه �أجيال الفل�سطينيني‪،‬‬
‫التي تزداد وعيا ً و�إ�رصارا ً مع‬
‫مرور الزمن‪.‬‬
‫ال�صورة لأطفال فل�سطينيني‬
‫�شاركوا يف م�ؤمتر فل�سطينيي‬
‫�أوروبا اخلام�س بهولندا يف‬
‫‪.2007/5/5‬‬

‫‪343‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ولو بالقوة‪� ،‬إ�ضافة �إىل منع ت�شييد‬


‫خامـ�س ًا‪:‬اجلــدل حــول تقدير عـدد ال�ســـكـان‬
‫منازل جديدة‪.29‬‬
‫الفلــ�ســطينيني داخـــــل حــــــدود‬
‫فــــل�ســطيـن الــتاريخـــيــة خـا�صـة م���ا كادت تهـ ـ���د�أ ال�سـج���االت‬
‫فـــــــــي الـــــ�ضـفــــة والـقـطـــــاع واملناق�شات ال�ساخنة التي �سـادت‬
‫يف "�إ�سـرائـ ـيـ ـ ـ���ل" منـ ـ ـ���ذ الن�ص���ف‬
‫الأول م���ن �سن���ة ‪ 2005‬حول ما ي�سمى باخلط���ر الدميوغرايف يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬حت���ى بد�أت من جديد‪،‬‬
‫يف مطل���ع ‪ ،2008‬ت���دور بع����ض النقا�ش���ات بعد �إ�ص���دار النتائج الأولي���ة لتعداد �سن���ة ‪ .2007‬وكانت‬
‫ه���ذه ال�سج���االت تتعلق بعدد الفل�سطيني�ي�ن يف ال�ضفة الغربية وقطاع غ���زة‪ ،‬والتي �شاركت و�سائل‬
‫الإع�ل�ام فيها بكثافة؛ حيث ا ّدع���ت بع�ض امل�صادر الإ�رسائيلية �أن الرقم املتعلق بعدد ال�سكان املقدر‬
‫ل�سن���ة ‪ ،2004‬م���ن قبل جهاز الإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬والبالغ ‪ 3.8‬مليون ن�سمة‪ ،‬ال يتجاوز فعالً ‪2.4‬‬
‫ملي���ونن�سم���ةفق���ط‪�،‬أيبنق����صمق���داره‪1.4‬ملي���ونن�سم���ة‪.30‬‬
‫�أما ال�سجاالت احلالية ف�أعادت الكرة من اجلهات نف�سها والأ�سماء نف�سها بعد ن�رش النتائج الأولية‬
‫لتعداد �سنة ‪ ،2007‬والذي ت�شري معطيات الإح�صاء �إىل �أن عدد ال�سكان الفل�سطينيني يف الأرا�ضي‬
‫الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ 1967‬هو حوايل ثالثة ماليني و‪� 771‬ألف ن�سمة‪ .‬يف الوقت نف�سه تتباين‬
‫االجتاهات واالفرتا�ضات وال�سيا�سات على �أر�ض الواقع ح�سب املرحلة والهدف املعلن والهدف‬
‫املبطن يف كل مرحلة من مراحل ال�رصاع الفل�سطيني‪ ،‬لأن ال�رصاع ي�شكل لكل من الي�سار واليمني‬
‫الإ�رسائيلي �سالحا ً ذا حدين‪ ،‬كالهما ينبع من منطلقات الفكر ال�صهيوين و�إقامة دولة "�إ�رسائيل"‬
‫ذات الأغلبية اليهودية على �أر�ض فل�سطني من البحر �إىل النهر‪.‬‬
‫يف الوقت نف�سه بقيت ال�سجاالت نف�سها بني الإ�رسائيليني عقيمة؛ لأنها تخلط ما بني ال�سيا�سة‬
‫واملهنية الإح�صائية‪ ،‬وما بني الأوهام واحلقائق‪� ،‬إال �أنها تدور حول حمورين كالهما نابع من نظرة‬
‫عن�رصية ولتحقيق �أهداف �سيا�سية على الأر�ض‪.‬‬
‫املحور الأول يتمثل مبحاولة يائ�سة بالت�شكيك بالرقم الإح�صائي الفل�سطيني‪ ،‬ال�سابق الذكر‪،‬‬
‫والذي يقوده يورام �أتينغر ‪ .Yoram Ettinger‬وقد ن�رش موقع امل�شهد الإ�رسائيلي مقاالً بعنوان‬
‫"ت�ضخيم منهجي و�أخطاء مرتاكمة"‪ .‬حيث وردت فيه الكثري من املغالطات والأخطاء الفنية؛ �إذ‬
‫يقول‪:‬‬
‫لي�س هناك ما يدعو (�إ�رسائيل) �إىل التخوف يف �أعقاب معطيات الإح�صاء الفل�سطيني ل�سنة ‪،2007‬‬
‫التي �أعلن عنها �أخرياً‪ .‬وخالفا ً ملعطيات الإح�صاء املن�شورة؛ ف�إن عدد "عرب يهودا وال�سامرة"‬
‫(ال�ضفة الغربية) يبلغ ‪ 1.5‬مليون ن�سمة ال ‪ 2.2‬مليون كما �أُعلن‪ ،‬كذلك ف�إن عدد "عرب غزة" الذي‬
‫�أعلن عنه لي�س دقيقاً‪ ،‬فهو يبلغ ‪ 1.1‬مليون ال ‪ 1.5‬مليون ن�سمة‪�[ .‬إن] معطيات تعداد ال�سكان‬
‫الفل�سطينيني الأخري لي�س لها �أي �أ�سا�س من ال�صحة‪ ،‬ح�سبما يت�ضح من فح�ص منهجي للتوثيق‬

‫‪344‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫الفل�سطيني والإ�رسائيلي والدويل للوالدات والوفيات ومعطيات الهجرة‪.‬‬

‫ويتابع قوله "كذلك �شمل تعداد �سنة ‪" 1997‬عرب القد�س" حملة الهويات (الزرقاء) الإ�رسائيلية‪،‬‬
‫الذين ت�شملهم عادة �إح�صاءات مكتب الإح�صاء املركزي الإ�رسائيلي‪ ،‬وبالتايل ال يجوز عدهم‬
‫مرتني‪ ...‬من هنا ميكن القول �إن معطيات جهاز الإح�صاء املركزي الفل�سطيني املتعلق بـ"عرب يهودا‬
‫وال�سامرة" م�ضخمة بن�سبة ‪."%53‬‬
‫ويختتم مقاله بالقول‪:‬‬
‫ال �ش ّك يف �أن هناك م�شكلة دميوغرافية قائمة‪ ،‬لكن الأمر ال ي�صل �إىل ح ّد احلديث عن �سيف‬
‫دميوغرايف م�صلت على رقبة الدولة اليهودية‪ .‬فاجتاهات الوالدة والوفيات والهجرة ُتظهِر �أن‬
‫الدميوغرافيا حتولت �إىل ذخر ا�سرتاتيجي (ولي�س عبئا ً ا�سرتاتيجيا ً كما كان عليه احلال فيما‬
‫م�ضى) يح�سن ويطور قدرة املناورة الأمنية وال�سيا�سية والدبلوما�سية واالقت�صادية لدى‬
‫"احلمائم وال�صقور" الإ�رسائيليني على ح ٍّد �سواء‪.31‬‬

‫مت الر ّد على معظمها يف التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2006‬أما من‬ ‫هذه االدعاءات ّ‬
‫ناحية القد�س وع ّدها مرتني ف�إن الإح�صاء الإ�رسائيلي‪ ،‬هو الذي يقوم بعدها خط�أ؛ لأنها �أر�ض حمتلة‬
‫�سنة ‪ 1967‬ح�سب القوانني الدولية‪ ،‬بالتايل على الإح�صاء الإ�رسائيلي �أن يخ ِّف�ض عدد �سكان القد�س‬
‫لديه و�أن ال يعدها مرتني‪.‬‬
‫�أما من ناحية ما يدعيه ب�أن هناك زيادة بحوايل ‪ 1.1‬مليون ن�سمة يف ال�ضفة وغزة‪ ،‬ف�إن ما ي ّدعيه‬
‫لي�س له �أ�سا�س من ال�صحة‪ .‬مع العلم ب�أن نتائج التعداد الأولية ت�شري �إىل انخفا�ض عدد ال�سكان يف‬
‫�سنة ‪ 2007‬عن توقعات الإح�صاء للعام نف�سه بحوايل ‪� 244‬ألف فرد فقط خالل الفرتة ‪.2007-1997‬‬
‫�إن تقديرات جهاز الإح�صاء كانت تفرت�ض وجود عوامل جذب نتيجة ا�ستقرار الأو�ضاع يف حينه‪،‬‬
‫و�أن يكون على الأقل �صايف الهجرة �صفراً‪ ،‬ولي�س �سالبا ً كما �ساد يف فرتة االنتفا�ضة‪ ،‬والعائدة �أ�صالً‬
‫�إىل مغادرة بع�ض الفل�سطينيني م�ؤقتا ً بحثا ً للأمان الذي حترمه "�إ�رسائيل" لهذا ال�شعب‪� ،‬إ�ضافة‬
‫للأ�سباب الأخرى التي ت�ستدعي �شعوب الأر�ض للهجرة �إما للدرا�سة �أو للعمل من �أجل لقمة العي�ش‬
‫التي �أ�صبحت ه ّماً‪ ،‬وخا�صة بعد انقطاع الرواتب لفرتة طويلة‪ ،‬واحل�صار االقت�صادي على غزة‬
‫الذي ُيع ّد جرمية �إن�سانية‪ .‬يف الوقت نف�سه هناك غرابة وا�ستهجان يف اعتبار كل من يغادر الوطن من‬
‫الفل�سطينيني هو مهاجر ولن يعود حتى ولو كان للدرا�سة‪ ،‬بينما يت ّم احت�ساب �أعداد جميع اليهود يف‬
‫اخلارج‪ ،‬الذين يحملون هويات �إ�رسائيلية مهما بلغت مدة �إقامتهم باخلارج‪.‬‬
‫وحتى بناء على معطيات التعداد اجلديدة‪ ،‬ف�إنه وبحلول عام ‪ ،2020‬وبافرتا�ض معدل منو �أقل‬
‫مما هو متوقع (‪ %2.5‬فقط)؛ ف�إنه يتوقع �أن يبلغ عدد الفل�سطينيني يف فل�سطني التاريخية حوايل‬
‫‪ 6.7‬مليون فل�سطيني مقابل ‪ 6.4‬مليون يهودي مبعنى �أنه �ست�صبح ن�سبة الفل�سطينيني حوايل ‪%51‬‬
‫من �سكان فل�سطني التاريخية (هذا بافرتا�ض ثبات العوامل الأخرى)‪ ،‬وهي قريبة جدا ً من التوقعات‬
‫ال�سابقة‪ ،‬مع مالحظة �أن معطيات الوكالة اليهودية تتوقع �أن يكون عدد اليهود يف "�إ�رسائيل" �سنة‬
‫‪345‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ 2020‬حوايل �ستة ماليني و‪� 228‬ألف ن�سمة‪.32‬‬


‫ويدعم ذلك درا�سة معهد راند ‪ ،Rand Corporation‬ذي ال�صيت الكبري يف كاليفورنيا‪ ،‬واملعروف‬
‫ب�أنه حمافظ ومييني ومنا�رص لـ"�إ�رسائيل"‪� ،‬إذ تتوقع انخفا�ض معدالت زيادة ال�سكان الفل�سطينيني‬
‫من ‪ %4‬يف العام �إىل ‪ ،%2.2‬وذلك بعد ربع قرن (حتى عام ‪ .)2030‬وتتوقع �أن ي�صبح عدد ال�سكان‬
‫الفل�سطينيني يف ال�ضفة والقطاع حوايل خم�سة ماليني ن�سمة خالل خم�س �سنوات‪ ،‬وهذا قريب جدا ً‬
‫مما ن�رشه اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.33‬‬
‫�أما املحور الثاين فيتمثل يف اعتبار �أن العرب ي�شكلون فعالً خطرا ً دميوغرافيا ً على يهودية‬
‫"�إ�رسائيل"‪ ،‬بالتايل اخليارات حمدودة �أمام ال�سلطات الإ�رسائيلية للتعامل مع هذه امل�شكلة و�أ�سهلها‬
‫الطرد �أو ما يعرف بـ"الرتان�سفري"‪ ،‬ففي مقال بقلم مريون بنفن�ستي ‪ Meron Benvenisti‬بعنوان‬
‫"اخلطر الدميوغرايف يف لعبة ال�رصاع"‪ ،‬يقول الكاتب �إن املعطيات التي ن�رشها مكتب الإح�صاء‬
‫الإ�رسائيلي يف بداية ال�سنة‪ ،‬ت�شري �إىل �أن "عدد اليهود والعرب بني النهر والبحر يقرتب من التعادل‪.‬‬
‫مت �إح�صا�ؤهم مرتني ي�صل عدد اليهود‬ ‫و�إذا خ�صمنا ‪� 200‬ألف فل�سطيني يف �رشقي القد�س‪ ،‬الذين ّ‬
‫�إىل ‪ 5.4‬مليون وعدد العرب ‪ 5.2‬مليون (عرب �إ�رسائيل واملناطق)"‪ .‬ويتابع القول �إنه "وفقا ً لهذه‬
‫املعطيات التي جت�سد "االنقالب الدميوغرايف" �سيحقق العرب الأغلبية غربي نهر الأردن بعد عام �أو‬
‫اثنني‪ ،‬و�أنه كان من املفرت�ض �أن ي�ؤدي هذا احلدث التاريخي �إىل تعليق من ال�سيا�سيني واملحللني الذين‬
‫يقومون بت�ضخيم "اخلطر الدميوغرايف" دائماً‪ ،‬والذي يهدد وجود الدولة اليهودية ال�صهيونية وفقا ً‬
‫ح�سن االن�سحاب من غزة التوازن الدميوغرايف‪� ،‬إذ طرح ‪1.5‬‬ ‫لوجهة نظرهم"‪ .‬و�أنه بناء على ذلك فقد ّ‬
‫مليون فل�سطيني خارج املعادلة‪.34‬‬

‫�ساد�س ًا‪ :‬ال�ضـغوط والإجـراءات‬


‫�أ�صبح من امل�ألوف يف الإعالم الإ�رسائيلي والعاملي‪،‬‬ ‫الإ�ســرائيلية للـت�أثـري عـلـــى‬
‫املهتم بق�ضايا ال�سالم‪ ،‬طرح ق�ضايا تتعلق بالو�ضع‬ ‫احلـالـــة الــديـمـوغرافــيــــة‬
‫النهائي‪ ،‬ويهودية "�إ�رسائيل"‪ ،‬ودور الأقلية العربية‬ ‫ّ‬
‫اخلــط‬ ‫الــفل�سطينية عـبـــر‬
‫يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬وحماوالت طردهم وم�صادرة‬ ‫الأخ�ضر ويف ال�ضفة والقطاع‬
‫�أرا�ضيهم �أو منعهم من البناء على �أر�ضهم‪ ،‬واتباع‬
‫�سيا�سة هدم البيوت بحجة غري الرتخي�ص‪� ،‬إ�ضافة �إىل تهمي�شهم و�سلخهم عن �شعبهم و�أمتهم‬
‫العربية والإ�سالمية‪ ،‬والقيام بكافة �أ�شكال ال�ضغوط والإجراءات؛ للت�أثري على احلالة الدميوغرافية‬
‫ّ‬
‫اخلط الأخ�رض‪.‬‬ ‫الفل�سطينية عرب‬
‫هذا املو�ضوع يبد�أ من حيث انتهى مريون بنفن�ستي‪ ،‬ال�سابق الذكر‪ ،‬الذي ي�صور ال�رصاع‬
‫الدميوغرايف بـ"االنقالب الدميوغرايف"‪ ،‬ويقوم يف �آخر مقاله بلوم امل�شككني يف املحور الأول‪ ،‬والذين‬

‫‪346‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫يتعاملون مع الفل�سطينيني ك�أجزاء منف�صلة (�ضفة‪ ،‬غزة‪ ،‬عرب ‪ ،)48‬من خالل العبارات التالية‬
‫"يتعاملون معهم وك�أنهم �شعوب خمتلفة‪ ،‬ولي�ست جزءا ً من الكتلة الإن�سانية الواحدة املهد ِّدة‬
‫واملخيفة"‪.35‬‬
‫هذه الأقوال تو�ضح جتلي �أهمية ال�رصاع الدميوغرايف لدى اليمني والي�سار الإ�رسائيلي على‬
‫ح ٍّد �سواء‪ ،‬مع اختالفهم يف اتباع خمططات وو�سائل خمتلفة قدمية وحديثة لتهجري الفل�سطينيني‬
‫ّ‬
‫اخلط الأخ�رض؛ للت�أثري على الو�ضع‬ ‫من �أر�ضهم‪ ،‬و�إعادة ر�سم احلدود املفرت�ضة على جانبي‬
‫الدميوغرايف‪ .‬هذه الإجراءات ترتافق مع طرح موا�ضيع لها عالقة بتوزيع ال�سكان العرب على‬
‫ّ‬
‫اخلط الأخ�رض‪ ،‬بطريقة ت�ؤثر على ن�سيجهم االجتماعي والثقايف واالقت�صادي‪ ،‬وت�ؤثر على‬ ‫جانبي‬
‫حركة ال�سكان العرب‪ ،‬بهدف الت�ضييق على �أعمالهم وطموحاتهم بالعي�ش الكرمي يف �أر�ضهم‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة مل�ؤ�رش البطالة‪ ،‬فقد �أ�شار التقرير الر�سمي ال�صادر عن دائرة الت�شغيل �إىل �أن ن�سبة‬
‫البطالة العامة يف �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬هي ‪ ،%7.7‬ولكن هذه الن�سبة لي�ست مت�ساوية بني‬
‫جميع الفئات‪ ،‬بل هي �ضعف ذلك تقريبا ً بني فل�سطينيي ‪ ،48‬بينما هي بني اليهود يف حدود ‪.%5.5‬‬
‫كما �أن التقرير نف�سه يقول �إن هناك ‪ 34‬بلدة يف "�إ�رسائيل" منكوبة بالبطالة‪� ،‬أي �أن ن�سبة البطالة‬
‫فيها من ‪ %9‬وما فوق‪ ،‬ويت�ضح �أن ‪ 32‬بلدة من هذه البلدات هي فل�سطينية‪ ،‬مقابل بلدتني يهوديتني‬
‫فيهما ن�سبة البطالة ما بني‪ .%10-9‬بينما معدل البطالة يف البلدات الفل�سطينية الـ ‪ 32‬يرتاوح ما بني‬
‫‪.%14-13‬‬
‫واحلال نف�سه‪ ،‬ولرمبا بدرجة �أخطر‪ ،‬جنده يف تقرير الفقر ال�سنوي الر�سمي‪ ،‬ال�صادر �أي�ضا ً يف‬
‫�شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪2007‬؛ حيث �أعلنت م�ؤ�س�سة ال�ضمان االجتماعي الر�سمية عن تراجع طفيف‬
‫جدا ً يف ن�سبة الفقراء عامة‪ ،‬الذين بلغ عددهم يف "�إ�رسائيل" يف �سنة ‪ ،2006‬حوايل مليون و‪� 650‬ألف‬
‫فقري‪ .‬لكن مع التعمق يف التفا�صيل‪ ،‬تظهر جرمية �إن�سانية �أكرب‪ ،‬حيث يت�ضح �أن ن�سبة الفقر تراجعت‬
‫ب�شكل ملحوظ بني اليهود وارتفعت بن�سب وا�ضحة بني فل�سطينيي ‪ .48‬ففي حني �أن ن�سبة الفقر‬
‫العامة يف "�إ�رسائيل" هي ‪ ،%24.5‬ف�إن ن�سبة الفقر بني فل�سطينيي ‪ 48‬ت�صل �إىل ‪ .%50‬ومع �أن ن�سبة‬
‫العائالت الفل�سطينية من جممل العائالت يف "�إ�رسائيل" هي ‪� ،%14‬إال �أنها ت�شكل ‪ %45‬من جممل‬
‫العائالت الفقرية يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬وهذا بارتفاع ‪ %2‬عن �سنة ‪ .2005‬كذلك‪ ،‬ويف حني �أن ن�سبة الفقر‬
‫العامة بني عائالت يف "�إ�رسائيل" هي يف حدود ‪ ،%20‬ف�إن ن�سبتها بني عائالت فل�سطينيي ‪ 48‬حوايل‬
‫‪.%52‬‬
‫وتظهر امل�أ�ساة �أي�ضا ً يف معطيات الفقر بني الأطفال‪� ،‬إذ ت�صل ن�سبة الفقر العامة بينهم �إىل ‪%35‬‬
‫ومن يرفع هذه الن�سبة هم �أطفال فل�سطينيي ‪48‬؛ فن�سبة الفقر فيما بينهم ت�صل �إىل ‪ ،%63‬بعد �أن‬
‫كانت ‪� %60‬سنة ‪� ،2005‬أي بارتفاع ‪ .%3‬وعلى الرغم من �أن ن�سبة �أطفال فل�سطينيي ‪ 48‬من جممل‬

‫‪347‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫الأطفال يف "�إ�رسائيل" هي ‪� ،%24‬إال �أن ن�سبتهم من بني جممل الأطفال الفقراء هي ‪ .%50‬مبعنى �أن‬
‫فل�سطينيي ‪ 48‬حا�رضون يف الإح�صائيات الإ�رسائيلية ب�أ�سو�أ نتائجها‪ ،‬ولكنهم غائبون عن اعتبارات‬
‫واهتمامات ال�سيا�سة الإ�رسائيلية‪.36‬‬
‫�أفاد بحث امل�سح االجتماعي االقت�صادي لفل�سطينيي ‪ ،48‬الذي قام به بنك املعلومات يف جمعية‬
‫ّ‬
‫اخلط الأخ�رض‪ ،‬ب�أن‬ ‫اجلليل‪ ،‬والذي �شمل عينة متثيلية حتتوي على ‪� 3,250‬أ�رسة فل�سطينية داخل‬
‫الفل�سطينيني يف "�إ�رسائيل" يعانون من نق�ص حا ٍّد يف الأرا�ضي عامة‪ ،‬وبتلك املخ�ص�صة للبناء ب�شكل‬
‫خا�ص‪ .‬حيث �أظهرت املعطيات �أن ‪ %60.6‬من الأ�رس الفل�سطينية �أفادت ب�أنها �ستحتاج لوحدة‬
‫�سكنية واحدة على الأقل خالل ال�سنوات الع�رشة القادمة‪ ،‬علما ً �أن الن�سبة ت�صل يف منطقة اجلنوب‬
‫�إىل ‪ ،%72.9‬يف حني �أن ‪ %43.7‬من هذه الأ�رس لن تتمكن من بناء �أي وحدة �سكن‪.37‬‬
‫كما قالت كلري �شورت ‪ Clare Short‬وزيرة التنمية الربيطانية ال�سابقة‪ ،‬خالل اجلل�سة االفتتاحية‬
‫مل�ؤمتر الأمم املتحدة‪� ،‬إن نظام الف�صل العن�رصي‪ ،‬الذي �أن�ش�أته "�إ�رسائيل" يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة �أ�سو�أ مما كان �سائدا ً يف جنوب �إفريقيا‪ ،‬و�إن "�إ�رسائيل" دمرت فعليا ً �إمكانية قيام دولة فل�سطينية‬
‫بت�رصفاتها ون�شاطاتها اال�ستيطانية‪.38‬‬
‫ونا�شد املجل�س الإقليمي للقرى غري املعرتف بها يف منطقة النقب‪ ،‬دول العامل كافة والأمم‬
‫املتحدة وامل�ؤ�س�سات احلقوقية ومنظمات حقوق الإن�سان‪ ،‬للتدخل لدى حكومة "�إ�رسائيل" لوقف‬
‫تنفيذ خمططها‪ ،‬الذي يت�ضمن م�رشوعا ً لهدم ‪ 3,600‬بيت عربي يف النقب يف الفرتة القريبة‪ .‬وقال‬
‫رئي�س املجل�س‪� ،‬إن حكومة "�إ�رسائيل" حتاول ال�ضغط عليهم بهذا الهدم؛ لكي يتنازلوا لها عن‬
‫�أرا�ضيهم البالغة م�ساحتها ‪� 800‬ألف دومن‪ ،‬ويوافقوا على ما تخططه حلياتهم وم�ستقبلهم رغما ً‬
‫عن �إرادتهم‪.39‬‬
‫كما ت�شري املعطيات الإ�رسائيلية‪ ،‬والتي ن�رشها معهد القد�س للدرا�سات الإ�رسائيلية وبلدية‬
‫القد�س �إىل �أن ن�سبة الفقر يف املدينة هي الأعلى يف "�إ�رسائيل"‪ ،‬حيث �إن ‪ %33‬من العائالت و‪ %56‬من‬
‫الأفراد القا�رصين يف القد�س يعي�شون حتت ّ‬
‫خط الفقر‪ .‬و�إن ال�سكان الفل�سطينيني يف القد�س �أفقر من‬
‫خط الفقر بينما تعي�ش ‪%23‬‬ ‫�سكانها اليهود‪� ،‬إذ تعي�ش ‪ %62‬من العائالت العربية يف القد�س حتت ّ‬
‫اخلط‪ ،‬ويعي�ش ‪ %76‬من القا�رصين العرب و‪ %44‬من القا�رصين‬ ‫ّ‬ ‫من العائالت اليهودية حتت هذا‬
‫اليهود حتت ّ‬
‫خط الفقر‪.40‬‬
‫وبناء على امل�صدر نف�سه ف�إن ن�سبة ازدياد ال�سكان العرب يف القد�س يفوق بحوايل ثالثة �أ�ضعاف‬
‫ن�سبة ازدياد عدد اليهود؛ حيث ازدادت ن�سبة العرب من ‪� %26‬سنة ‪ 1967‬لت�صبح ‪� %34‬سنة‬
‫‪ ،2006‬على الرغم من هجرة اليهود �إليها مقابل طرد العرب منها‪ .‬ويتخذ ال�سا�سة الإ�رسائيليون‬

‫‪348‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫هذه النتائج لو�ضع كل العراقيل لدفع الفل�سطينيني ملغادرة وطنهم‪.‬‬


‫وت�شري النتائج الأولية للتعداد الفل�سطيني �سنة ‪� ،2007‬إىل �أن حمافظة القد�س كانت �أقل حمافظة‬
‫ت�شهد زيادة �سكانية خالل الفرتة ‪ ،2007-1997‬حيث مل تزد خالل ال�سنوات الع�رشة املا�ضية من‬
‫ال�سكان العرب �سوى مبعدل تغري كلي ‪ %11.3‬فقط؛ بينما كان معدل التغري الكلي يف ال�ضفة والقطاع‬
‫حوايل ‪ %30‬خالل الفرتة نف�سها‪ ،‬وهذا يد ّل على حجم الهجمة الإ�رسائيلية ال�رش�سة على القد�س من‬
‫ناحية الأر�ض والإن�سان واملقدرات‪.‬‬

‫�إن ما �أظهرته نتائج التعداد الأولية ب�أن هناك‬ ‫�سابع ًا‪ :‬هـجـرة الــفلـ�سطـينـيني‬
‫نق�صا ً بحوايل ‪� 244‬ألف مواطن عن التوقعات‬ ‫�إىل اخلـــارج ونــزيــــــف‬
‫ال�سابقة خالل الفرتة ‪ 2007-1997‬يثري العديد‬
‫الأدمـــغـــة والـكـفاءات‬
‫من الت�سا�ؤالت حول �أ�سباب هذا النق�ص‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من �أن هذا النق�ص ال ي�شكل �أكرث من ‪%6.5‬‬
‫الفـلـ�سطينيـة‬
‫من ال�سكان‪ ،‬و�أنه جاء يف ظ ّل �أو�ضاع �سيا�سية و�أمنية متقلبة‪ ،‬ويف ظ ّل ا�ستمرار العدوان الإ�رسائيلي‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني‪� ،‬إال �أنه ي�ستحق البحث والدرا�سة يف �أ�سبابه‪.‬‬
‫يف الوقت نف�سه ال ب ّد من التنويه �إىل �أن االعتماد على الفرق بني املغادرين والقادمني يف فرتة من‬
‫الزمن ال ميثل هجرة حقيقية دائمة‪ ،‬بل غالبا ً ما تكون م�ؤقتة‪ ،‬تزول بزوال �أ�سبابها‪ ،‬مع العلم �أي�ضا ً‬
‫�أن الفل�سطينيني الذين يغادرون للخارج‪ ،‬غالبا ً ما يعودون وي�ستقرون يف �أر�ضهم‪.‬‬
‫ورد يف تقرير للأمم املتحدة بتاريخ ‪� 2008/2/16‬أن منظمات الأمم املتحدة توفر حاليا ً م�ساعدات‬
‫غذائية �إىل ما يزيد عن ‪ 650,790‬مواطن فل�سطيني يف ال�ضفة الغربية‪ .‬وطبقا ً للبنك الدويل‪ ،‬ف�إن هذا‬
‫االعتماد لي�س م�ؤقتاً‪ ،‬و�إن االعتماد على امل�ساعدات "يفكك البنى االقت�صادية القائمة‪ ،‬وي�ؤدي �إىل‬
‫هبوط �سيكون من ال�صعب �إ�صالحه"‪ .‬و�أ�ضاف التقرير �إنه يف �شهر كانون الثاين‪ /‬يناير من عام‬
‫‪ ،2008‬كان هنالك ‪ 563‬حاجزا ً مادياً‪ ،‬مبا يت�ضمن احلواجز ب�أ�شكالها املختلفة داخل ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫والقيود على �أعمار الفل�سطينيني‪ ،‬الذين ُي�سمح لهم باملرور عرب احلواجز‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل �إعاقة‬
‫تدفق املواد والب�ضائع والعمال‪ ،‬مما �أدى بدوره �إىل ارتفاع يف تكلفة املوا�صالت‪ ،‬و�إعاقات لفرتات‬
‫طويلة مع غياب الن�شاط والفعالية‪.41‬‬
‫�إن التقرير يلخ�ص‪ ،‬على ا�ستحياء‪� ،‬أ�سباب مغادرة الفل�سطينيني للأرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬والتي‬

‫‪349‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫تتمثل بحجم املعاناة التي يالقيها هذا ال�شعب كل الوقت ويف كافة مناحي احلياة‪.‬‬
‫ففي تقرير بعنوان "املعاناة تدفع م�سيحيي فل�سطني للهروب من الأرا�ضي املحتلة" يقول‬
‫الي�ستري ليون ‪:Alistair Lyon‬‬
‫ي�سافر عدد كبري من امل�سيحيني الفل�سطينيني للعي�ش يف اخلارج بعدما �أ�صابهم الي�أ�س من احلياة‬
‫يف ظ ّل االحتالل الإ�رسائيلي؛ مما يهدد جذورهم التاريخية‪ .‬ويقول راعي الكني�سة اللوثرية يف‬
‫بيت حلم �إن هناك خماوف حقيقية من �أن تخلو الأر�ض املقد�سة من امل�سيحيني بعد ‪ 50‬عاما ً من‬
‫الآن‪ .‬ويهاجر م�سيحيو بيت حلم وبيت جاال وبيت �ساحور القريبتني منذ �أكرث من قرن وتتجه‬
‫الأغلبية منهم لأمريكا الالتينية والواليات املتحدة وكندا‪ ،‬هربا ً من احلروب والأزمات املتتالية‪.‬‬

‫وي�شار يف هذا ال�سياق �إىل �أن نحو ‪� 50‬ألف م�سيحي يعي�شون يف الأرا�ضي التي ا�ستولت عليها‬
‫"�إ�رسائيل" يف حرب عام ‪ ،1967‬فيما يعي�ش ‪� 110‬آالف �آخرين يف "�إ�رسائيل"‪ .‬وعلى ال�صعيد‬
‫االقت�صادي‪ ،‬وب�صفة عامة؛ ف�إن حال الفل�سطينيني امل�سيحيني �أف�ضل من ال�رشائح الأخرى من‬
‫املجتمع‪ ،‬ولكنهم يقا�سون �أي�ضاً‪� .‬أما على �صعيد اال�ضطهاد الديني في�ؤكد زعماء م�سيحيون �أنهم ال‬
‫يعانون من ذلك �سواء من الأغلبية امل�سلمة �أو من "�إ�رسائيل"‪ .‬ومن جهة �أخرى يق ّدر برنارد‬
‫�سابيال ‪� ،Bernard Sabella‬أ�ستاذ االجتماع الفل�سطيني يف جامعة بيت حلم‪�" ،‬أن ما بني ‪ 50‬و‪70‬‬
‫�أ�رسة م�سيحية تغادر القد�س �أو ال�ضفة الغربية �سنويا ً لبدء حياة جديدة يف اخلارج"‪.42‬‬
‫وت�شري معطيات الإح�صاء �إىل �أن حوايل ثلث ال�شباب يف فل�سطني يفكرون بالهجرة بواقع ‪%45‬‬
‫للذكور و‪ %18‬للإناث؛ ب�سبب الو�ضع االقت�صادي بح�سب ر�أي ‪ %96‬من الذكور‪ ،‬و‪ %66‬من الإناث‪،‬‬
‫وعدم توفر الأمن بح�سب ر�أي ‪ %80‬من الذكور و‪ %73‬من الإناث‪ ،‬يف حني ر�أى ‪ %62‬من الذكور �أن‬
‫الهجرة تعود لأ�سباب �سيا�سية‪ ،‬مقابل ‪ %33‬من الإناث‪.43‬‬

‫من الوا�ضح �أن عدم قيام املجتمع الدويل‬


‫بو�ضع وتنفيذ حلول عادلة ت�ضمن‬
‫ثامن ًا‪ :‬فل�سطينيو اخلارج وحقّ العودة‬
‫ح�صول ال�شعب الفل�سطيني على حقه الكامل بالعودة‪ ،‬وا�ستعادة �أر�ضه ومقد�ساته ومقدراته‪،‬‬
‫يجعل املنطقة ب�أكملها ال ترى اال�ستقرار وال الأمن وال�سالم املن�شودين‪ .‬حيث ما زال الفل�سطينيون‬
‫يف اخلارج يعانون من �سوء �أو�ضاعهم وقلة حيلتهم‪ ،‬خا�صة يف املخيمات يف الدول العربية‪ .‬فها هم‬
‫الفل�سطينيون يف العراق قد عانوا من اال�ضطهاد يف العراق‪ ،‬وعلقوا على احلدود ال�سورية والأردنية‬
‫يف عدة دفعات‪ ،‬وا�ستمرت املعاناة حتى ّ‬
‫مت ا�ستقبال �أعداد منهم يف الربازيل‪ ،‬وا�ستعداد بع�ض الدول‬
‫العربية ال�ست�ضافة �آخرين‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫ويف مقال بقلم �أ�سعد عبد الرحمن ن�رش يف جريدة القد�س بعنوان "�إ�ضاءة للأو�ضاع املعتمة‬
‫لالجئني الفل�سطينيني يف لبنان" يقول‪:‬‬
‫تعر�ض ال�شعب الفل�سطيني لعملية �إبادة متعددة الأ�شكال فقد فيها مقومات احلياة من �أر�ض‬
‫وممتلكات‪ ،‬وعا�ش الالجئون الفل�سطينيون (خا�صة يف املخيمات) حالة متزق مل يع�شها �شعب‬
‫�آخر‪ ،‬دون �أن يعرفوا ماذا �سيحدث لهم �أو متى �ستنتهي معاناتهم‪ ،‬بل �إن العامل لطاملا اعترب‬
‫وجودهم العائق الأكرب �أمام �أي ت�سوية حمتملة؛ فظهرت م�شاريع توطني بلغ عددها ‪243‬‬
‫رف�ضها الالجئون كلها‪ ،‬معلنني مت�سكهم بحقهم يف العودة مهما طال الزمن‪.‬‬

‫ويتابع قوله "وحديثا ً يف خميم نهر البارد‪ ،‬قتل �أكرث من ‪� 200‬شخ�ص‪ ،‬وجرح املئات‪ ،‬ونزح‬
‫‪ 35,000‬الجئ خالل معارك اجلي�ش اللبناين و"فتح الإ�سالم"‪ ،‬التي خلفت دمارا ً كبريا ً يف‬
‫املخيم"‪.44‬‬
‫ويذكر عبد املنعم ف�ؤاد يف تقرير له �أن املعطيات الإح�صائية للم�سح االجتماعي االقت�صادي حول‬
‫فل�سطينيي ‪ ،48‬الذي قام به بنك املعلومات يف جمعية اجلليل‪ ،‬والذي �شمل عينة متثيلية �ضمت ‪3,250‬‬
‫�أ�رسة فل�سطينية حول الذين كانوا قد هجروا عام النكبة �أو قبله‪� ،‬أظهرت �أن ن�سبة الفل�سطينيني‬
‫هجرون من ديارهم الأ�صلية بلغت ‪ .%15.1‬وتبني �أن �أعلى ن�سبة‬ ‫من الداخل الذين �أفادوا ب�أنهم ُم ّ‬
‫هجرين ظهرت يف منطقة اجلنوب حيث بلغت ‪ %77.2‬بعد عام ‪� .1967‬أما ن�سبة الفل�سطينيني‬ ‫لل ُم ّ‬
‫الذين �أفادوا ب�أنهم مهجرون يف منطقة الو�سط فقد بلغت ‪ %20.5‬ويف منطقة ال�شمال ‪ .%12.8‬وقد‬
‫مت تهجريهم من قبل امل�ؤ�س�سات ال�صهيونية �إ ّبان‬ ‫تبني �أن معظم مهجري ال�شمال والو�سط قد ّ‬
‫هجرين كانوا قد ُو ِّطنوا عنوة �إما يف جتمعات �سكانية عربية قائمة‪� ،‬أو‬
‫�إقامة الدولة‪ .‬كما تبني �أن امل ُ ّ‬
‫يف جتمعات عربية �أقيمت لهذا الهدف‪� ،‬أو على �أطراف املدن املختلطة‪ ،‬والتي يع ّد حوايل ‪ %28‬من‬
‫هجرين‪.45‬‬ ‫�سكانها من امل ُ ّ‬
‫وبينّ ا�ستطالع لر�أي الفل�سطينيني يف �أرا�ضي ‪� ،1948‬أجراه مركز مدى الكرمل‪� ،‬أ ّنهم بغالبيتهم‬
‫العظمى ينظرون �إىل ح ّل م�س�ألة الالجئني وفق �أ�س�س العدل‪ ،‬ال من منطلقات ميزان القوة‪ .‬وقال‬
‫‪ %70‬من املُ�ستطلعة �آرا�ؤهم �إن احل ّد الأدنى املقبول لديهم كح ّل لق�ضية الالجئني هو �إعطا�ؤهم‬
‫احلقّ بالعودة �إىل داخل "�إ�رسائيل"‪� ،‬أو منحهم االختيار بني العودة والتعوي�ض‪ .‬وقال ‪ %75‬منهم‬
‫�إن م�س�ؤولية ح ّل هذه الق�ضية تقع على "�إ�رسائيل"‪ .‬كما �أعلن ‪ %86‬منهم �أن "�إ�رسائيل" هي اجلهة‬
‫هجرين يف وطنهم يجب �أن يتحقق‬ ‫امل�س�ؤولة عن تعوي�ض الالجئني‪ .‬وقال ‪ %51‬منهم �إن ح ّل ق�ضية امل ُ ّ‬
‫بعودتهم �إىل قراهم الأ�صلية‪ .‬فيما دعا ‪ %81‬منهم القيادات العربية يف "�إ�رسائيل" �إىل �أن جتعل‬

‫‪351‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫هجرين مو�ضوعا ً رئي�سياً‪� .‬إىل ذلك فقد ر�أى ‪ %57‬من امل�ستطلعني‪� ،‬أن ح ّل الق�ضية‬
‫من ق�ضية امل ُ ّ‬
‫الفل�سطينية ينبغي �أن ي�شمل حالً لق�ضية امل ُ ّ‬
‫هجرين‪.46‬‬
‫�أن�شطة فل�سطينيي اخلارج لدعم حق العودة‪:‬‬
‫على الرغم من املعاناة القا�سية لالجئني الفل�سطينيني طوال ال�ستني عاما ً املا�ضية‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من والدة �أجيال جديدة بعيدة عن �أر�ض الوطن؛ �إال �أن حركة دعم حق العودة �شهدت �أن�شطة وا�سعة‬
‫ومنظمة ومتزايدة يف ال�سنوات املا�ضية‪ ،‬لتثبت �أن الفل�سطينيني �صاروا �أكرث مت�سكا ً و�إ�رصارا ً على‬
‫حقهم الطبيعي واملقد�س وغري القابل للم�ساومة‪ .‬وقد �أظهر الفل�سطينيون مت�سكهم بهذا احلقّ ‪ِّ ،‬‬
‫بغ�ض‬
‫النظر عن التفاوت يف امل�ستوى االقت�صادي واالجتماعي الذي يعي�شه الالجئ الفل�سطيني يف بلدان‬
‫اللجوء املختلفة‪ ،‬وهو ما عربت عنه �أن�شطة الالجئني الفل�سطينيني يف �أوروبا و�أمريكا ويف خمتلف‬
‫�أماكن اللجوء الفل�سطيني‪.‬‬
‫�شهدت �سنة ‪ 2007‬جملة من الأن�شطة التي قام بها الالجئون الفل�سطينيون لدعم حقّ العودة؛‬
‫فقد نظمت م�ؤ�س�سة دار اجلنوب النم�ساوية‪ ،‬يف العا�صمة النم�ساوية فيينا‪ ،‬يف ‪2007/3/26-25‬‬
‫م�ؤمترا ً حتت عنوان "ج�سور �إىل فل�سطني"‪ ،‬وقد �أكد امل�ؤمتر على وحدة ال�شعب الفل�سطيني يف الداخل‬
‫واخلارج‪ ،‬ودعا �إىل �إنهاء االحتالل‪ ،‬وعودة الالجئني الفل�سطينيني‪ ،‬وتطبيق قرارات الأمم املتحدة‪.‬‬
‫و�إذا كان البع�ض قد اعتقد �أن الفل�سطيني �سين�سى وطنه �إذا ما توفرت له �سبل العي�ش املريحة‪،‬‬
‫و�سيندمج يف املجتمع الذي يعي�ش فيه‪ ،‬ف�إن فل�سطينيي �أوروبا �أثبتوا عك�س ذلك؛ فقد عقدت اجلالية‬
‫الفل�سطينية يف �أوروبا م�ؤمترها اخلام�س لفل�سطيني �أوروبا‪ ،‬يف مدينة روتردام الهولندية يف‬
‫‪ 2007/5/5‬حتت عنوان "رغم البعد والآالم ‪� ...‬شعب واحد وحق ثابت"‪ ،‬مب�شاركة هائلة من نحو‬
‫خم�سة �آالف م�شارك‪ .‬و�أظهر امل�ؤمتر �أن البُعد عن الوطن ال ميكن �أن ُين�سي الالجئ الفل�سطيني حقه‬
‫يف العودة لفل�سطني‪ ،‬كما �أثبت قدرته على جمع خمتلف �ألوان الطيف ال�سيا�سي والديني الفل�سطيني‬
‫وراء هذا احلقّ الثابت؛ فقد �شارك يف �أعمال امل�ؤمتر الكثري من امل�ؤ�س�سات واجلمعيات واالحتادات‬
‫والروابط الفل�سطينية من �شتى �أنحاء القارة الأوروبية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل م�شاركة اجلاليات العربية‬
‫والإ�سالمية املت�ضامنة مع الق�ضية الفل�سطينية يف �أوروبا‪ ،‬منادين بوحدة ال�شعب ووحدة م�صريه‪،‬‬
‫وداعني �إىل االلتفاف وراء حقّ العودة‪.‬‬
‫ومل يكن الالجئون الفل�سطينيون يف �أمريكا �أقل حما�سا ً يف الدفاع عن حقّ العودة؛ فبمنا�سبة مرور‬
‫‪ 59‬عاما ً على نكبة فل�سطني عقد حتالف حقّ العودة يف الواليات املتحدة الأمريكية م�ؤمتره اخلام�س يف‬
‫والية كاليفورنيا‪ ،‬يف الفرتة ‪ ،2007/5/27-25‬كما نظم هذا امل�ؤمتر العديد من ور�ش العمل؛ للخروج‬
‫بقرارات عملية للدفاع عن حقوق الالجئني الفل�سطينيني‪ ،‬كما ا�ستذكر م�شاهد معاناة اخلروج من‬
‫فل�سطني وذلك عرب اال�ستماع �إىل �شهادات بع�ض الناجني من جمازر االحتالل الإ�رسائيلي‪ .‬ويف‬
‫‪352‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫الفرتة نف�سها (‪ )2007/5/27-25‬انعقد م�ؤمتر ت�أ�سي�سي للجاليات الفل�سطينية يف مدينة بر�شلونة يف‬
‫�إ�سبانيا برعاية فاروق قدومي‪ ،‬وبح�ضور ‪ 250‬مندوبا ً من ممثلي اجلاليات الفل�سطينية يف ‪ 17‬دولة‬
‫�أوروبية‪ .‬وقد �أك ّد امل�ؤمتر على �إعادة تفعيل منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬والتح�ضري لعقد جمل�س‬
‫وطني ت�شارك فيه كافة الف�صائل الوطنية والإ�سالمية‪.‬‬
‫ويف ‪ 2007/10/18-16‬عقد املجتمع الأهلي الفل�سطيني يف قرب�ص م�ؤمترا ً جلمعيات املجتمع‬
‫الأهلي حتت عنوان "نحو بناء ا�سرتاتيجية موحدة للمجتمع املدين الفل�سطيني"‪ ،‬وهدف امل�ؤمتر �إىل‬
‫توحيد جهود جمعيات املجتمع املدين للدفاع عن احلق الفل�سطيني‪.‬‬
‫�أما يف لبنان فقد عقدت املنظمة الفل�سطينية حلقّ العودة ثابت‪ ،‬يف ‪ ،2007/10/25‬م�ؤمترها الأول‬
‫بعنوان "الالجئون الفل�سطينيون يف لبنان – الواقع و�آفاق امل�ستقبل"‪ .‬فيما نظم مركز درا�سات‬
‫ال�رشق الأو�سط يف العا�صمة الأردنية ع ّمان يف ‪ 2007/12/10‬م�ؤمترا ً تناول فيه حقّ العودة يف‬
‫الفكر ال�سيا�سي خالل �سنة ‪ ،2007‬وامل�شاريع ال�سيا�سية التي تهدد ب�إلغاء حقّ العودة‪ ،‬والن�ضال‬
‫الفل�سطيني حلماية حقّ العودة وتطبيقه خالل الفرتة ‪.2007-2000‬‬
‫ومن املهم الإ�شارة �إىل �أن الأن�شطة وامل�ؤمترات التي �سلطت ال�ضوء على حق العودة‪ ،‬مل تقت�رص‬
‫على الفل�سطينيني يف اخلارج؛ �إذ قام فل�سطينيو الداخل بعقد العديد من امل�ؤمترات والفعاليات‬
‫املماثلة‪ .‬فقد ُعقد يف مدينة عكا يف ‪" 2007/11/30-29‬امل�ؤمتر الثالث حلق العودة وال�سالم العادل"‪،‬‬
‫وعقد يف مدينة النا�رصة يف ‪ 2007/5/13‬م�ؤمتر "النكبة يف عامها ال�ستني"‪ ،‬كما ُعقد يف مدينة غزة‬
‫يف ‪" 2007/11/1-10/31‬امل�ؤمتر الفكري وال�سيا�سي الثاين للدفاع عن حق العودة"‪.‬‬
‫�إن املراقب للو�ضع الفل�سطيني يف العامل يالحظ �أن ق�ضية حقّ العودة متجذرة يف الوجدان‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬و�أن اخلالفات الفل�سطينية الداخلية تذوب �أمام املطالبة بهذا احلقّ ‪ ،‬لتتوحد يف �سبيل‬
‫مواجهة كافة امل�شاريع التي تهدف لإ�سقاط حقّ العودة‪.‬‬
‫خامتة‬
‫ت�شكل الق�ضية الفل�سطينية املحور الأ�سا�سي جلميع م�شاكل منطقة ال�رشق الأو�سط ب�شكل خا�ص‪،‬‬
‫وامل�شاكل وال�رصاعات الدولية ب�شكل عام‪ .‬وما دام املجتمع الدويل غري قادر على تنفيذ حلول عادلة‬
‫ت�ضمن ح�صول ال�شعب الفل�سطيني على حقوقه امل�رشوعة‪ ،‬مبا فيها حقه الكامل بالعودة‪ ،‬و�سيادته‬
‫الكاملة عليها دون مماطلة؛ ف�إن املنطقة ب�أكملها لن ت�ستقر‪ ،‬ولن يح ّل ال�سالم دون عودة جميع‬
‫الالجئني �إىل ديارهم وديار �آبائهم و�أجدادهم التي هجروا منها‪ .‬بالتايل‪ ،‬ميكن القول �إن ح ّل ق�ضايا‬

‫‪353‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ال�رشق الأو�سط‪ ،‬بل ومعظم ق�ضايا العامل‪ ،‬ال ب ّد �أن يبد�أ بح ّل الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬والذي ال يت ّم دون‬
‫عودة الالجئني �إىل وطنهم‪.‬‬

‫هوام�ش الف�صل ال�سابع‬


‫‪ 1‬انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬فل�سطني يف �أرقام ‪( 2007‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء‬
‫الفل�سطيني ‪� ،)2008‬ص ‪ ،11‬يف‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_PCBS/Downloads/arabic_final2.pdf :‬‬
‫‪ 2‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 3‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 4‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 5‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كتاب فل�سطني الإح�صائي ال�سنوي رقم"‪( "8‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪ :‬اجلهاز‬
‫املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.)2007‬‬
‫‪ 6‬انظر‪ :‬وكالة وفا‪.2008/5/14 ،‬‬
‫‪ 7‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬امل�سح الفل�سطيني ل�صحة الأ�سـرة – ‪ :2006‬التقرير النهائي (رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪:‬‬
‫اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،)2007‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_PCBS/Downloads/book1416.pdf‬‬
‫‪ 8‬انظر‪http://www.pcbs.gov.ps :‬‬
‫‪ 9‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كتاب فل�سطني الإح�صائي ال�سنوي ‪( ،1999 -‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪ :‬اجلهاز املركزي‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني‪� ،)2000 ،‬ص ‪146‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬امل�سح الفل�سطيني ل�صحة‬
‫الأ�سـرة – ‪ :2006‬التقرير النهائي‪.‬‬
‫‪ 10‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كتاب فل�سطني الإح�صائي ال�سنوي رقم "‪."8‬‬
‫‪11‬منظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬املكتب املركزي للإح�صاء وامل�صادر الطبيعية‪ ،‬املجموعة الإح�صائية الفل�سطينية‪ ،‬دم�شق‪،‬‬
‫العدد ‪.1994/1993 ،9‬‬
‫‪http://www.un.org/unrwa/arabic/Refugees/pdf/TABLE1.PDF 12‬‬
‫‪Ibid.13‬‬
‫‪14‬موقع اجلالية الفل�سطينية‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.aljalia.org/index.php?action=show&type=news&id=3500‬‬
‫‪ 15‬نبيل ال�سهلي‪ 57" ،‬عاما ً على نكبة الفل�سطينيني الكربى‪ :‬النكبة والتحول الدميوغرايف الفل�سطيني (‪"،)2005-1948‬‬
‫مركز ال�رشق العربي‪ ،‬لندن‪ ،2005/5/26 ،‬انظر‪http://www.asharqalarabi.org.uk/markaz/m_abhath-1.htm :‬‬
‫‪ 16‬الغد‪.2007/2/21 ،‬‬
‫‪ 17‬نقوال نا�رص‪" ،‬ال�سياق ال�سيا�سي لتهجري اجلالية الفل�سطينية يف العراق‪ "،‬اخلليج‪2007/12/17 ،‬؛ ورويرتز‪،‬‬
‫‪ ،2007/2/15‬انظر‪:‬‬
‫‪http://ara.today.reuters.com/news/newsArticle.aspx?type=topnews&storyID=2007-02-‬‬
‫‪15T143849Z_01_EGO552600_RTRIDST_0_OEGTP-PALES-REFUGE-IRAQ-SM6.XML‬‬
‫‪ 18‬الد�ستور‪.2008/4/8 ،‬‬
‫‪ 19‬احلياة اجلديدة‪.2008/3/23 ،‬‬
‫‪ 20‬اجلزيرة نت‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B7B82CCB-14E3-4809-9F96-864706BC563B.htm#L2‬‬
‫‪ 21‬اجلدول من جتميع الباحث‪ ،‬انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬التعداد العام لل�سكان وامل�ساكن واملن�ش�آت‬
‫‪ ،2007‬امل�ؤمتر ال�صحفي لإعالن النتائج الأولية للتعداد (ال�سكان‪ ،‬املباين‪ ،‬امل�ساكن‪ ،‬واملن�ش�آت)‪ ،‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪� ،‬شباط‪/‬‬
‫فرباير ‪2008‬؛ واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬امل�سح الفل�سطيني ل�صحة الأ�سـرة – ‪ :2006‬التقرير النهائي؛‬
‫واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬الفل�سطينيون يف نهاية عام ‪( 2006‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪)2006‬؛ واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كتاب فل�سطني الإح�صائي ال�سنوي‬
‫رقم "‪."8‬‬

‫‪354‬‬
‫امل�ؤ�شرات ال�سكانية الفل�سطينية‬

‫‪ 22‬انظر‪ :‬حم�سن �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2006‬ص ‪.276‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬حم�سن �صالح وب�شري نافع (حمرران)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2005‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‪)2006 ،‬؛ وحم�سن �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2006‬‬
‫‪ 24‬وكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني (الأونروا)‪ ،‬الأونروا بالأرقام‪ ،2007/12/31 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.un.org/unrwa/arabic/PublicStat/pdf/uif-16.pdf‬‬
‫‪ 25‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه؛ وانظر‪http://www.un.org/unrwa/arabic/Refugees/pdf/TABLE1.PDF :‬‬
‫‪BADIL Resource Center, Survey of Palestinian Refugees and Internally Displaced Persons26‬‬
‫‪2006-2007 (Bethlehem, Palestine: BADIL Resource Center, June 2007), see :‬‬
‫‪http://www.badil.org/Publications/Books/Books.htm‬‬
‫‪ 27‬بناء على نتائج‪ :‬امل�سح الفل�سطيني ل�صحة الأ�سـرة – ‪ :2006‬التقرير النهائي‪.‬‬
‫‪ 28‬انظر‪ :‬حم�سن �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2006‬‬
‫‪ 29‬الأخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/2/22 ،‬‬
‫‪See: " Arab Population in the West Bank and Gaza: The Million and a Half Person Gap," 30‬‬
‫‪American – Israel Demographic Research Group (AIDRG), published by the Begin – Sadat for‬‬
‫‪Strategic Studies in Israel, 10/1/2005, in: www.padernographics.com‬‬
‫‪ 31‬يورام �أتينغر‪" ،‬ت�ضخيم منهجي و�أخطاء مرتاكمة‪ "،‬ترجمة امل�شهد الإ�رسائيلي‪ ،2008/2/25 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://almash-had.madarcenter.org/almash-had/viewarticle.asp?articalid=3799‬‬
‫‪ 32‬ملحق امل�شهد الإ�سـرائيلي‪.2008/2/5 ،‬‬
‫‪The Rand Palestinian State Study Team, Building a Successful Palestinian State (USA: 33‬‬
‫‪Rand Corporation, 2005), p. 87.‬‬
‫‪Meron Benvenisti, "A Demographic Threat on the Wane," Haaretz, 19/2/2008, see: 34‬‬
‫‪http://www.haaretz.com/hasen/spages/955564.html‬‬
‫‪ 35‬القد�س‪.2008/2/20 ،‬‬
‫‪ 36‬برهوم جراي�سي‪" ،‬الغائب يف الإح�صائيات الإ�رسائيلية‪ "،‬الغد‪.2008/9/17 ،‬‬
‫‪ 37‬عرب ‪.2008/4/3 ،48‬‬
‫‪ 38‬احلياة اجلديدة‪.2007/8/31 ،‬‬
‫‪ 39‬ال�شـرق الأو�سط‪.2007/10/11 ،‬‬
‫‪Haaretz, 17/1/2008. 40‬‬
‫‪ 41‬درا�سة للأمم املتحدة حول االحتياجات املتزايدة للفل�سطينيني يف ظل تناق�ص حريات املرور‪ ،‬القد�س‪ ،2008/2/16 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.alquds.com/print/7020‬‬
‫‪ 42‬رويرتز‪.2007/3/12 ،‬‬
‫‪ 43‬احلياة اجلديدة‪.2007/8/13 ،‬‬
‫‪� 44‬أ�سعد عبد الرحمن‪�" ،‬إ�ضاءة للأو�ضاع املعتمة لالجئني الفل�سطينيني يف لبنان!‪ "،‬القد�س‪ ،2008/1/23 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.alquds.com/node/2031‬‬
‫‪� 45‬صوت احلقّ واحلرية‪.2007/4/26 ،‬‬
‫‪ 46‬احلياة‪.2007/4/25 ،‬‬

‫‪355‬‬
‫الف�صل الثامن‬

‫الو�ضع االقت�صادي‬
‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة‬


‫الغربية وقطاع غزة‬

‫حفل عام ‪ 2007‬ب�أحداث ومتغريات كبرية طالت كافة مناحي احلياة يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة‪ ،‬فقد ع�صفت هذه املتغريات بكل �شيء‪ ،‬فعلى ال�صعيد االقت�صادي �أدى‬
‫مقدمة‬
‫ا�ستمرار ال�سيا�سات الإ�رسائيلية يف �إبقاء �أهم مفاتيح االقت�صاد الفل�سطيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة حتت ال�سيطرة الإ�رسائيلية الكاملة‪� ،‬إىل تراجع �أداء القطاعات االقت�صادية الفل�سطينية واىل‬
‫ظهور �أزمات وم�شاكل اقت�صادية �شديدة اخلطورة واكبت تطور االقت�صاد‪ ،‬والتي ا�ستمرت وط�أتها‬
‫مع ارتفاع وترية احل�صار الإ�رسائيلي والعمليات الع�سكرية الإ�رسائيلية �ضد ال�شعب الفل�سطيني‬
‫وم�ؤ�س�ساته‪ ،‬و�ض ّد البنى التحتية القت�صاده‪ .‬وتتمثل الأزمة يف ت�ضخم معدالت الفقر والبطالة‬
‫والغالء وهبوط اال�ستثمارات وعجز املوازنـة املت�ضخم (‪ 1.4‬مليار دوالر تقريبا ً يف عام ‪ ،)2007‬يف‬
‫ظل عدم توافر مناخ �سيا�سي و�أمني م�شجعني‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الإغالقات امل�ستمرة وانعدام حرية‬
‫احلركة للب�ضائع والأفراد‪ .‬فكيف ميكن العمل والتطور والنمو بوجود ‪ 563‬حاجزا ً ع�سكريا ً داخل‬
‫ال�ضفة الغربية‪� ،‬إ�ضافة �إىل ‪ 185‬م�ستوطنة و‪� 480‬ألف م�ستوطن‪ ،‬واجلدار الفا�صل‪ ،‬عدا عن منع‬
‫الدخول �إىل القد�س ومناطق وا�سعة من غور الأردن‪ ،‬هذا يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬أما يف قطاع غزة ف�إن‬
‫الأمور �أ�سو�أ بكثري فهناك انهيار �شامل لكافة نواحي احلياة ج ّراء الإغالق املفرو�ض عليه منذ‬
‫منت�صف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬حيث يعي�ش ‪ %80‬من جمموع ال�سكان على امل�ساعدات الإن�سانية‬
‫املقدمة من املنظمات والهيئات الدولية املختلفة‪.‬‬
‫وا�ستمرت معاناة االقت�صاد الفل�سطيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة خالل �سنة ‪ ،2007‬نتيجة‬
‫للخلل يف هيكليته‪ ،‬فهو تابع ب�شكل �أ�سا�سي لالقت�صاد الإ�رسائيلي‪ ،‬حيث ت�أتي ‪ %86‬من وارداته من‬
‫الكيان الإ�رسائيلي‪ ،‬يف حني يقوم بت�صدير ‪ %64‬من �إجمايل �صادراته �إىل "�إ�رسائيل"‪ .‬وهذه التبعية‬
‫مفرو�ضة بقوة ال�سالح وواقع االحتالل‪ .‬وعك�ست الت�شوهات التي �أحدثها االحتالل الإ�رسائيلي‬
‫على االقت�صاد الفل�سطيني نف�سها ب�شكل مبا�رش على قطاعي الزراعة وال�صناعة‪ ،‬وعلى الكفاءات‬
‫الفل�سطينية ويف ر�أ�س املال الب�رشي‪ .‬ويعي�ش االقت�صاد الفل�سطيني على امل�ساعدات واملنح املالية‬
‫الدولية‪ ،‬وهذه امل�ساعدات بطبيعتها م�رشوطة وموجهة‪ ،‬و�إذا ا�ستمر الو�ضع على ما هو عليه اليوم‪،‬‬
‫ف�إن هذا االقت�صاد‪ ،‬وبالتايل ال�شعب الفل�سطيني يف ال�ضفة والقطاع �سيغو�ص يف �أزمة �أعمق مما هي‬
‫عليه الآن‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫واتفق معظم املهتمني باالقت�صاد الفل�سطيني على �أن عام ‪ 2007‬كان الأ�شد �سوءا ً منذ بداية‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي لل�ضفة الغربية وقطاع غزة يف العام ‪ ،1967‬علما ً ب�أن التباين يف م�ستوى التدهور‬
‫والرتاجع يف جممل الأن�شطة االقت�صادية يف قطاع غزة كان كبريا ً مقارنة بالو�ضع يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫فقد طال احل�صار امل�شدد املفرو�ض على اقت�صاد قطاع غزة وحتديدا ً منذ حزيران‪ /‬يونيو ‪2007‬‬
‫كل القطاعات االقت�صادية فيه وانعك�س على كافة امل�ؤ�رشات االقت�صادية‪ ،‬وحرم �سكانه من �أب�سط‬
‫متطلبات احلياة اليومي ــة‪ ،‬حيث ارتفعت معدالت الفقر والبطالة ب�شكل غري م�سبوق‪ ،‬وانعدم النمو‪،‬‬
‫كنتائج مبا�رشة للح�صار وللمواقف ال�سيا�سية واالقت�صادية ملختلف الأطراف املحلية والإقليمية‬
‫والدولية‪ ،‬التي �أعقبت �سيطرة حركة حما�س على الأو�ضاع يف قطاع غزة‪ .‬و�أعلن تقرير البنك الدويل‬
‫�أن معدل الفقر جتاوز ما ن�سبته ‪ %67‬من ال�سكان يف قطاع غزة‪ ،‬يف حني حتدثت جهات �أخرى عن‬
‫بلوغه ‪ .%80‬ويف املقابل‪� ،‬أظهر املجتمع الدويل تعاطفا ً مع ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬حيث عادت‬
‫امل�ساعدات الدولية �إىل التدفق �إليها‪ ،‬فيما وعد م�ؤمتر باري�س للمانحني الذي انعقد يف �شهر كانون‬
‫الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2007‬بتقدمي ‪ 7.4‬مليار دوالر كم�ساعدات ومنح مالية لل�سلطة الفل�سطينية خالل‬
‫الأعوام الثالثة الالحقة‪.‬‬
‫كما ميكن و�سم عام ‪ 2007‬ب�سمتني �إ�ضافيتني‪ ،‬الأوىل تتمثل يف االرتفاع غري امل�سبوق مل�ستوى‬
‫الأ�سعار وبخا�صة ال�سلع الأ�سا�سية واحليوية‪ ،‬على م�ستوى ال�ضفة الغربية وقطاع غزة مقارنة‬
‫مع نهاية العام ‪ ،2006‬وهو الأمر الذي يطرح حتديات وت�أثريات مبا�رشة على القدرات ال�رشائية‬
‫للمواطنني‪ ،‬وعلى حجم الطلب على ال�سلع واخلدمات والإنتاج ب�شكل عام‪ .‬وال�سمة الثانية تتمثل يف‬
‫تدهور �أ�سعار �رصف الدوالر مقابل العمالت الأخرى‪ ،‬وخا�صة ال�شيكل الإ�رسائيلي‪ ،‬والذي و�صل‬
‫م�ستوى تراجعه مع نهاية العام ‪ 2007‬نحو ‪ %8‬مقارنة مبا كان عليه مع نهاية عام ‪ .2006‬ويرتك‬
‫هذا التدهور �آثارا ً متباينة على الأفراد واملن�ش�آت واالقت�صاد الفل�سطيني ب�شكل عام‪� .‬إال �أن ا�ستمرار‬
‫هذا االرتفاع دون وجود �سيا�سات اقت�صادية ومالية ونقدية حتد من �آثاره ال�سلبية‪ ،‬يلقي ب�أعباء‬
‫مواجهة الأزمات امل�صاحبة لذلك على كاهل الأفراد‪� ،‬سواء داخل الأ�رس �أم املن�ش�آت‪ ،‬و�سي�ؤدي ذلك‬
‫�إىل خ�سائر اقت�صادية كان ميكن التقليل منها يف حال كان هناك �سيا�سات مالئمة‪.‬‬
‫ونظرا ً لأن االقت�صاد الفل�سطيني يعتمد ب�شكل كامل على االعتبارات ال�سيا�سية والأمنية للقوى‬
‫اخلارجية وخا�صة العائدة للجانب الإ�رسائيلي‪ ،‬فقد �أدى ذلك �إىل تقييد فر�ص تطوره‪ ،‬واعتماده‬
‫ب�شكل �أكرب على الواردات وخا�صة تلك التي ت�أتي من "�إ�رسائيل"‪ ،‬يف الوقت الذي انخف�ضت فيه‬
‫�صادراته ب�شكل كبري نتيجة للح�صار املفرو�ض عليه‪ ،‬مما �أدى �إىل ارتفاع العجز التجاري �إىل‬
‫م�ستويات مل ي�صلها من قبل‪.‬‬
‫وعلى اعتبار �أن القطاع اخلا�ص يف الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ 1967‬ب�شكل عام‪ ،‬ويف‬

‫‪360‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫قطاع غزة على وجه التحديد‪ ،‬ي�شكل اجلزء الأكرب من االقت�صاد الفل�سطيني‪ ،‬فهو املحرك الأ�سا�سي‬
‫لعملية التنمية والتطور االقت�صادي‪ ،‬حيث يولّد ما يزيد عن ‪ %50‬من كافة فر�ص العمل‪ ،‬فقد عملت‬
‫ال�سلطات الإ�رسائيلية على الدوام على جعله هدفا ً ملمار�سات االحتالل التع�سفية‪ ،‬الهادفة �إىل احلد‬
‫من قدرة هذا القطاع على النمو والتطور‪ .‬فقد انخف�ضت القدرة الإنتاجية للقطاع اخلا�ص يف قطاع‬
‫غزة من ن�سبة ‪ %76‬يف عام ‪� 2000‬إىل ما ن�سبته ‪ %11‬بعد فر�ض الإغالق ال�شامل يف منت�صف �شهر‬
‫حزيران‪ /‬يونيو ‪.2007‬‬

‫ت�شري التقديرات الأولية للح�سابات القومية ال�صادرة عن‬


‫اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني للعام ‪� ،2007‬إىل‬
‫�أو ًال‪ :‬احل�سابات القومية‬
‫منو طفيف يف قيمة الناجت املحلي الإجمايل بالأ�سعار الثابتة خالل العام ‪ ،2007‬وبن�سبة ‪ %0.7‬عما‬
‫كان عليه الو�ضع يف عام ‪ ،2006‬حيث ارتفعت قيمة الناجت املحلي الإجمايل من �أربعة مليارات و‪107‬‬
‫ماليني دوالر يف العام ‪� ،2006‬إىل �أربعة مليارات و‪ 135.8‬مليون دوالر يف العام ‪.2007‬‬
‫وقد حدث تراجع طفيف يف بع�ض الأن�شطة االقت�صادية كال�صناعة والتعدين‪ ،‬والإن�شاءات‪،‬‬
‫واخلدمات‪ ،‬بينما ارتفع حجم بع�ض القطاعات الأخرى مثل الزراعة‪ ،‬وجتارة اجلملة والتجزئة‪،‬‬
‫والنقل والتخزين‪ ،‬والو�ساطة املالية‪ ،‬والإدارة العامة والدفاع‪.‬‬
‫جدول ‪ :8/1‬الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ‪2007-2005‬‬
‫بالأ�سعار الثابتة‪� :‬سنة الأ�سا�س ‪( 1997‬باملليون دوالر)‬
‫‪*2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫ال�سنة‬
‫‪4,135.8‬‬ ‫‪4,107‬‬ ‫‪4,502.6‬‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل‬
‫امل�صدر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.‬‬
‫* تقديرات �أولية (الإ�صدار الأول)‪.‬‬

‫الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية و قطاع غزة ‪( 2007-2005‬باملليون دوالر)‬

‫‪361‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫طبقا ً للتقديرات الأولية املتوفرة عن �أداء القطاعات‬


‫االقت�صادية املكونة للناجت املحلي الإجمايل للعام‬
‫‪ ،2007‬ف�إن التوجه العام ا ّت�سم بالإرباك وعدم التوازن ب�سبب اختالف الأو�ضاع وظروف االحتالل‬
‫واحل�صار بني ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬خ�صو�صا ً يف الن�صف الثاين من ال�سنة؛ �إذ حت�سنت‬
‫الأو�ضاع االقت�صادية ن�سبيا ً يف ال�ضفة بينما ت�صاعد احل�صار وتزايدت املعاناة يف القطاع‪.‬‬

‫جدول ‪ :8/2‬الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ح�سب الن�شاط االقت�صادي‬
‫‪ 2007-2006‬بالأ�سعار الثابتة‪� :‬سنة الأ�سا�س‪( 1997‬باملليون دوالر)‬
‫‪*2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫الن�شاط االقت�صادي‬
‫‪340.8‬‬ ‫‪334‬‬ ‫الزراعة و�صيد الأ�سماك‬
‫‪527.3‬‬ ‫‪531.1‬‬ ‫التعدين‪ ،‬ال�صناعة التحويلية واملياه والكهرباء‬
‫‪21.3‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪ -‬التعدين وا�ستغالل املحاجر‬
‫‪436‬‬ ‫‪444‬‬ ‫‪ -‬ال�صناعة التحويلية‬
‫‪70‬‬ ‫‪69.1‬‬ ‫‪� -‬إمدادات املياه والكهرباء‬
‫‪103.8‬‬ ‫‪104‬‬ ‫الإن�شاءات‬
‫‪415.2‬‬ ‫‪382.7‬‬ ‫جتارة اجلملة والتجزئة‬
‫‪478.5‬‬ ‫‪466‬‬ ‫النقل والتخزين واالت�صاالت‬
‫‪192.5‬‬ ‫‪186.7‬‬ ‫الو�ساطة املالية‬
‫‪906.1‬‬ ‫‪940.2‬‬ ‫اخلدمات‬
‫‪343.2‬‬ ‫‪447.8‬‬ ‫‪ -‬الأن�شطة العقارية والإيجارية والتجارية‬
‫‪43.9‬‬ ‫‪43.6‬‬ ‫‪� -‬أن�شطة اخلدمة املجتمعية واالجتماعية وال�شخ�صية‬
‫‪67.8‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪ -‬املطاعم والفنادق‬
‫‪314.8‬‬ ‫‪255.3‬‬ ‫‪ -‬التعليم‬
‫‪136.4‬‬ ‫‪126.5‬‬ ‫‪ -‬ال�صحة والعمل االجتماعي‬
‫‪598.8‬‬ ‫‪552.7‬‬ ‫الإدارة العامة والدفاع‬
‫‪8.6‬‬ ‫‪8.7‬‬ ‫اخلدمات املنزلية‬
‫‪-139.8‬‬ ‫‪-138.3‬‬ ‫ناق�ص‪ :‬خدمات الو�ساطة املالية املقا�سة ب�صورة غري مبا�رشة‬
‫‪284‬‬ ‫‪284.9‬‬ ‫زائد‪ :‬الر�سوم اجلمركية‬
‫‪420‬‬ ‫‪454.3‬‬ ‫زائد‪� :‬صايف �رضيبة القيمة امل�ضافة على الواردات‬
‫‪4,135.8‬‬ ‫‪4,107‬‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل‬
‫امل�صدر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.‬‬
‫* تقديرات �أولية (الإ�صدار الأول)‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية و قطاع غزة ح�سب الن�شاط االقت�صادي‬
‫‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‬

‫‪ .1‬الزراعة و�صيد الأ�سماك‪:‬‬


‫يع ّد الن�شاط الزراعي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة من الأن�شطة الإنتاجية املهمة‪ ،‬حيث ي�ؤدي‬
‫القطاع الزراعي دورا ً رئي�سيا ً يف االقت�صاد الفل�سطيني من حيث �إ�سهام ال�صادرات الزراعية بن�صيب‬
‫مهم يف التجارة اخلارجية‪ ،‬حيث ت�سهم مبا ن�سبته ‪ %25‬من ال�صادرات الفل�سطينية‪ ،‬كما يوفر القطاع‬
‫الزراعي الكثري من املواد اخلام والأولية ملختلف القطاعات االقت�صادية الأخرى‪.‬‬
‫وتبلغ م�ساحة الأرا�ضي التي ت�ستغل بالزراعة حوايل ‪ 1.8‬مليون دومن‪ ،‬منها ‪ %91‬موجودة يف‬
‫ال�ضفة الغربية و‪ %9‬يف قطاع غزة‪ ،‬وهي ت�شكل ما ن�سبته ‪ %30‬من م�ساحة ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة‪ ،‬وي�ستهلك قطاع الزراعة (حوايل ‪ %60‬من �إجمايل ا�ستهالك املياه) �أي ما جمموعه ‪ 160‬مليون م‪3‬‬

‫من املاء لأغرا�ض الري والتي ت�أتي يف معظمها من املياه اجلوفية‪.‬‬


‫وت�شري التقديرات الأولية املتوفرة لدى اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪� ،‬إىل �أن �إجمايل‬
‫القيمة امل�ضافة لن�شاط الزراعة و�صيد الأ�سماك للعام ‪ 2007‬قد �سجل منوا ً عن عام ‪ 2006‬مقداره‬
‫‪ 6.8‬مليون دوالر وبن�سبة ‪ %2‬تقريباً‪ ،‬حيث ارتفع من ‪ 334‬مليون دوالر يف العام ‪� 2006‬إىل‬
‫‪ 340.8‬مليون دوالر يف العام ‪2007‬؛ وبلغت ن�سبة م�ساهمة قطاع الزراعة و�صيد الأ�سماك يف الناجت‬
‫املحلي الإجمايل ما ن�سبته ‪ %8.2‬تقريباً‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .2‬التعدين‪ ،‬وال�صناعة التحويلية واملياه والكهرباء‪:‬‬


‫واجه قطاع التعدين وال�صناعة يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة العديد من ال�صعوبات وامل�شاكل‬
‫املتعلقة بهيكل ال�صناعة و�أحجامها‪ ،‬وعدم القدرة على �إيجاد �أ�سواق جديدة لت�رصيف منتجاته‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل م�شاكل تتعلق بنق�ص التمويل الالزم والتجهيزات واللوازم ال�صناعية‪ ،‬وافتقاره �إىل‬
‫املواد اخلام و�إىل عدم االنتظام يف ا�ستالم امل�ستورد منها‪ ،‬كما يواجه القطاع ال�صناعي انخفا�ضا ً يف‬
‫ن�سبة الكفاءة الإنتاجية‪ ،‬وارتفاع تكاليف الإنتاج‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل النق�ص الوا�ضح يف جمال اخلربة‬
‫الفنية والتقنية وغياب التنظيم والتخطيط للقطاع ال�صناعي‪ .‬وقد ارتبطت هذه امل�شاكل واملعوقات‬
‫ب�سيا�سة االحتالل الإ�رسائيلي املعنية مبنع �أو �إعاقة �أي تطور �أو منو للقطاع ال�صناعي يف ال�ضفة‬
‫الغربية وغزة‪ ،‬فقد و�صل عدد امل�صانع واملعامل والور�ش املت�رضرة ب�شكل �أو ب�آخر �إىل حوايل ‪3,900‬‬
‫من�ش�أة �صناعية‪.‬‬
‫ويقدر عدد املن�ش�آت ال�صناعية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وفقا ً للم�سح ال�صناعي الذي نفذته‬
‫وزارة ال�صناعة عام ‪ ،1998‬بحوايل ‪ 13,850‬من�ش�أة‪ ،‬الغالبية العظمى منها من�ش�آت �صغرية احلجم‬
‫وت�أخذ طابع الور�ش ال�صغرية‪ .‬وت�شكل ال�صناعات التحويلية املرتبة الأوىل من حيث عدد املن�ش�آت‪،‬‬
‫يليها �صناعة التعدين‪.‬‬
‫وت�شري التقديرات الأولية �إىل تراجع القيمة امل�ضافة لأن�شطة التعدين‪ ،‬وال�صناعة التحويلية‬
‫واملياه والكهرباء يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة خالل عام ‪ ،2007‬حيث تراجعت من ‪ 531.1‬مليون‬
‫دوالر يف العام ‪� 2006‬إىل ‪ 527.3‬مليون دوالر يف العام ‪� ،2007‬أي بن�سبة تراجع قدرها ‪ %0.7‬تقريباً‪.‬‬
‫وقد �شكلت ال�صناعات التحويلية اجلزء الأكرب من هذا القطاع‪ ،‬حيث �شكلت ما ن�سبته ‪ %82.7‬من‬
‫�إجمايل ن�شاط التعدين‪ ،‬وال�صناعة التحويلية واملياه والكهرباء لعام ‪ .2007‬وقد �أ�سهم قطاع التعدين‪،‬‬
‫وال�صناعة التحويلية واملياه والكهرباء مبا ن�سبته ‪ %12.7‬من الناجت املحلي الإجمايل للعام نف�سه‪.‬‬
‫‪ .3‬الإن�شاءات‪:‬‬
‫�شهد �إجمايل القيمة امل�ضافة لقطاع الإن�شاءات يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة تراجعا ً طفيفا ً يف العام‬
‫‪ ،2007‬حيث تراجع من ‪ 104‬ماليني دوالر يف العام ‪ 2006‬لي�صل �إىل ‪ 103.8‬ماليني دوالر يف العام‬
‫‪� 2007‬أي مبا ن�سبته ‪ ،%0.2‬مع الإ�شارة �إىل توقف عمل هذا القطاع بعد الن�صف الثاين من العام ‪2007‬‬
‫يف غزة‪ ،‬وذلك على �أثر فر�ض �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي الإغالق الكامل لقطاع غزة وحرمانه من‬
‫دخول كافة امل�ستلزمات الالزمة لعمل قطاع الإن�شاءات‪ ،‬وبالتايل توقف امل�شاريع الإن�شائية فيه‪� ،‬أي‬
‫متت تغطيته ب�شكل رئي�سي يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬ ‫�أن الرتاجع الذي حدث يف هذا القطاع يف قطاع غزة قد ّ‬
‫وقد و�صل �إ�سهام قطاع الإن�شاءات يف الناجت املحلي الإجمايل يف العام ‪� 2007‬إىل ما ن�سبته ‪،%2.5‬‬
‫وهي الن�سبة نف�سها يف ال�سنة التي �سبقتها‪.‬‬
‫‪364‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫‪ .4‬جتارة اجلملة والتجزئة‪:‬‬


‫ت�شري التقديرات الأولية املتوفرة �إىل منو القيمة امل�ضافة لن�شاط جتارة اجلملة والتجزئة يف‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة خالل العام ‪ 2007‬مبا ن�سبته ‪ ،%8.5‬حيث ارتفعت قيمته من‬
‫‪ 382.7‬مليون دوالر يف عام ‪ 2006‬لت�صل �إىل ما جمموعه ‪ 415.2‬مليون دوالر يف عام ‪ .2007‬وبلغ‬
‫�إ�سهام هذا القطاع يف الناجت املحلي الإجمايل خالل العام ‪ 2007‬ما ن�سبته ‪.%10‬‬
‫‪ .5‬النقل والتخزين واالت�صاالت‪:‬‬
‫اعتمادا ً على البيانات التقديرية الأولية لعام ‪ 2007‬فقد �أظهر قطاع النقل والتخزين واالت�صاالت‬
‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة منوا ً بلغت ن�سبته ‪ %2.7‬حيث ارتفعت قيمته من ‪ 466‬مليون دوالر‬
‫يف عام ‪ 2006‬لت�صل �إىل ‪ 478.5‬مليون دوالر يف عام ‪ ،2007‬كما ارتفع �إ�سهام هذا الن�شاط يف الناجت‬
‫املحلي الإجمايل من ‪ %11.3‬عام ‪� 2006‬إىل ‪ %11.6‬عام ‪.2007‬‬
‫‪ .6‬الو�ساطة املالية‪:‬‬
‫ت�شري التقديرات الأولية �إىل منو القيمة امل�ضافة لن�شاط الو�ساطة املالية يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة خالل العام ‪ 2007‬مبا ن�سبته ‪ ،%3.1‬حيث ارتفعت من ‪ 186.7‬مليون دوالر يف عام ‪� 2006‬إىل‬
‫‪ 192.5‬مليون دوالر يف عام ‪ .2007‬وبلغ �إ�سهام هذا القطاع يف الناجت املحلي الإجمايل لعام ‪ 2007‬ما‬
‫ن�سبته ‪.%4.7‬‬
‫‪ .7‬اخلدمات‪:‬‬
‫�شهد �إجمايل القيمة امل�ضافة لأن�شطة اخلدمات املختلفة تراجعا ً لل�سنة الثانية على التـوايل خالل‬
‫عــام ‪ ،2007‬فقد تراجعت قيمـة هـذه الأن�شطـة من ‪ 940.2‬مليـون دوالر يف عــام ‪� 2006‬إىل مـا جمموعـه‬
‫‪ 906.1‬ماليني دوالر يف عام ‪� ،2007‬أي مبا ن�سبته ‪ ،%3.6‬وقد مثل قطاع اخلدمات يف عام ‪ 2007‬ما‬
‫ن�سبته ‪ %21.9‬من الناجت املحلي الإجمايل مقارنة بن�سبة قدرها ‪ %22.9‬يف عام ‪ .2006‬وبالإ�شارة‬
‫�إىل الأن�شطة املكونة لهذا القطاع فقد احتلت الأن�شطة العقارية والإيجارية والتجارية ما ن�سبته‬
‫‪ %37.9‬من �إجمايل هذا الن�شاط وبقيمة قدرها ‪ 343.2‬مليون دوالر‪ ،‬تالها ن�شاط التعليم ب�إ�سهام‬
‫قدره ‪ 314.8‬مليون دوالر وبن�سبة ‪ %34.7‬من �إجمايل ن�شاط قطاع اخلدمات‪ ،‬ومثل قطاع ال�صحة‬
‫ما ن�سبته ‪ %15.1‬من �إجمايل هذا القطاع وبقيمة مقدارها ‪ 136.4‬مليون دوالر‪ ،‬تالها قطاع املطاعم‬
‫والفنادق بقيمة ‪ 67.8‬مليون دوالر و�أن�شطة اخلدمة املجتمعية واالجتماعية وال�شخ�صية بقيمة‬
‫‪ 43.9‬مليون دوالر‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫‪ .8‬الإدارة العامة والدفاع‪:‬‬


‫�سجلت القيمة امل�ضافة لقطاع الإدارة العامة والدفاع منوا ً يف عام ‪ 2007‬عن عام ‪ 2006‬بن�سبة‬
‫قدرها ‪ %8.3‬تقريباً‪ ،‬فقد منا هذا القطاع من ‪ 552.7‬مليون دوالر يف العام ‪� 2006‬إىل حوايل ‪598.8‬‬
‫مليون دوالر يف العام ‪ ،2007‬وقد زادت ن�سبة �إ�سهام هذا الن�شاط يف الناجت املحلي الإجمايل من‬
‫‪ %13.5‬يف عام ‪� 2006‬إىل ‪ %14.5‬يف عام ‪ .2007‬ويعتقد ب�أن الزيادة يف قيمة هذا الن�شاط تعود �إىل‬
‫زيادة املدفوعات احلكومية على �شكل رواتب م�ستحقة ملوظفي القطاع العام والأجهزة الأمنية‪.‬‬

‫ي�شري اجلدول ‪� 8/3‬إىل التغري يف ن�صيب الفرد من‬


‫الناجت املحلي الإجمايل يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬ ‫ثالث ًا‪ :‬نـ�صـيـب الـفــرد مــن‬
‫غزة خالل الأعوام ‪ 2007-2005‬بالأ�سعار الثابتة‪،‬‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل‬
‫وذلك ح�سب ما �أظهرته التقديرات الأولية ال�صادرة‬
‫عن اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ .‬فقد �سجل ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل خالل‬
‫عام ‪ 2007‬منوا ً بلغت ن�سبته ‪ ،%4.3‬حيث ارتفع من ‪ 1,129.2‬دوالر يف عام ‪� 2006‬إىل ‪1,178.1‬‬
‫دوالر يف عام ‪ .2007‬ويظهر �أن ن�صيب الفرد يف قطاع غزة قد تراجع ب�سبب احل�صار الإ�رسائيلي‬
‫اخلانق‪ ،‬يف الوقت الذي ارتفع فيه ن�صيب الفرد يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وهو ما �سبب ارتفاعا ً عاما ً يف‬
‫ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل لكال املنطقتني‪.‬‬
‫جدول ‪ :8/3‬ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل ‪2007-2005‬‬
‫بالأ�سعار الثابتة‪� :‬سنة الأ�سا�س ‪( 1997‬بالدوالر)‬
‫‪*2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫ال�سنة‬
‫‪1,178.1‬‬ ‫‪1,129.2‬‬ ‫‪1,281.6‬‬ ‫التقدير ال�سنوي‬
‫امل�صدر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.‬‬
‫* تقديرات �أولية (الإ�صدار الأول)‪.‬‬

‫ن�صيب الفرد من الناجت املحلي الإجمايل ‪( 2007-2005‬بالدوالر)‬

‫‪366‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫ا ّت�سم الو�ضع املايل لل�سلطة الفل�سطينية ل�سنة ‪،2007‬‬


‫بالإرباك‪ ،‬وقلة البيانات املوثقة‪ ،‬ومل توفر وزارة‬
‫رابع ًا‪ :‬املالية العامة‬
‫املالية بياناتها �إال يف وقت مت�أخر‪ .‬وهو ما ا�ضطر الباحثني للبحث حول املو�ضوع يف ال�صحافة‪،‬‬
‫ولدى موظفي وزارة املالية‪ ،‬واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬و�سلطة النقد الفل�سطينية‪،‬‬
‫وامل�ؤ�س�سات الدولية‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل الو�ضع اال�ستثنائي الذي ت�شهده مناطق ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية منذ منت�صف �سنة ‪ ،2007‬بوجود ال�ضفة الغربية حتت �سيطرة الرئا�سة الفل�سطينية‬
‫وحكومة الطوارئ يف رام اهلل‪ ،‬وبوجود قطاع غزة حتت �سيطرة احلكومة املقالة برئا�سة �إ�سماعيل‬
‫هنية‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬ف�إن �أي حت�سن يف الو�ضع املايل لل�سلطة مل ينعك�س بال�رضورة على كال املنطقتني؛‬
‫ففي الوقت الذي �شهدت فيه مناطق ال�ضفة حت�سنا ً ن�سبياً‪ ،‬ف�إن املعاناة واحل�صار ومظاهر الفقر قد‬
‫زادت يف قطاع غزة‪.‬‬
‫‪ .1‬الإيرادات العامة‪:‬‬
‫يت�ضح من تقرير وزارة املالية حول العمليات املالية لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬من حيث الإيرادات‬
‫والنفقات وم�صادر التمويل‪ ،‬على الأ�سا�س النقدي‪ ،‬خالل �سنة ‪� 2007‬أن �إجمايل الإيرادات قد بلغ مليارا ً‬
‫و‪ 616‬مليون دوالر‪ .‬غري �أن الإيرادات املحلية مل تتجاوز ‪ 323‬مليون دوالر من جممل الإيرادات‪،‬‬
‫منها ‪ 202‬مليون دوالر �إيرادات �رضيبية‪� .‬أما معظم الإيرادات فجاءت من �إيرادات املقا�صة‬
‫حت�صلها احلكومة الإ�رسائيلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(الناجتة عن عمليات اال�سترياد والت�صدير الفل�سطينية) والتي‬
‫والتي بلغ جمموعها مليارا ً و‪ 318‬مليون دوالر‪ .‬لكن �إيرادات املقا�صة هذه يف احلقيقة يف �سنة ‪2007‬‬
‫مل تتجاوز ‪ 896‬مليون دوالر ح�سب بيانات ال�سلطة‪� .‬أما مبلغ املقا�صة املتبقي (‪ 422‬مليون دوالر)‬
‫مت حت�صيله من مرتاكمات �سنة ‪ 2006‬والتي كانت "�إ�رسائيل" قد حجزتها‪ ،‬ومنعت ت�سليمها‬ ‫فقد ّ‬
‫للحكومة التي كانت تقودها حما�س‪ .‬وهو ما يعني �أن جمموع الإيرادات كان مليارا ً و‪ 194‬مليون‬
‫مت حذف مرتاكمات �سنة ‪ .2006‬وت�شري الزيادة الكبرية يف �إيرادات ال�سلطة ل�سنة ‪2007‬‬
‫دوالر �إذا ما ّ‬
‫باملقارنة مع �سنة ‪( 2006‬مليارا ً و‪ 616‬مليون دوالر مقابل ‪ 676‬مليون دوالر‪� ،‬أي بن�سبة زيادة‬
‫حت�سن العالقة بني الرئا�سة الفل�سطينية وحكومة الطوارئ يف رام اهلل‪ ،‬وبني‬
‫ُّ‬ ‫مقدارها ‪� )%139.1‬إىل‬
‫"�إ�رسائيل" و�أمريكا‪ ،‬وذلك �إثر �إقالة حكومة الوحدة الوطنية التي كانت برئا�سة تقودها حما�س‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪ :8/4‬تقرير العمليات املالية لل�سلطة الوطنية الفل�سطينية – الإيرادات والنفقات وم�صادر‬
‫التمويل (�أ�سا�س نقدي) ‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‬

‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫البيان‬


‫‪1,616‬‬ ‫‪676‬‬ ‫�إجمايل �صايف الإيرادات‬
‫‪323‬‬ ‫‪396‬‬ ‫�إجمايل الإيرادات املحلية‬
‫‪202‬‬ ‫‪239‬‬ ‫‪ -‬الإيرادات ال�رضيبية‬
‫‪122‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪ -‬الإيرادات غري ال�رضيبية‬
‫‪1,318‬‬ ‫‪297‬‬ ‫�إجمايل �إيرادات املقا�صة‬
‫‪-25‬‬ ‫‪-17‬‬ ‫�إرجاعات �ضـريبية (‪)-‬‬

‫‪2,567‬‬ ‫‪1,390‬‬ ‫�إجمايل النفقات و�صايف الإقرا�ض‬


‫‪1,369‬‬ ‫‪660‬‬ ‫�إجمايل الرواتب والأجور‬
‫‪663‬‬ ‫‪393‬‬ ‫نفقات غري الأجور*‬
‫‪535‬‬ ‫‪337‬‬ ‫�صايف الإقرا�ض**‬

‫‪-951‬‬ ‫‪-714‬‬ ‫الر�صيد‬


‫‪1,012‬‬ ‫‪741‬‬ ‫الدعم اخلارجي للموازنة‬
‫‪61‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الر�صيد بعد الدعم اخلارجي للموازنة‬
‫‪310‬‬ ‫‪281‬‬ ‫النفقات التطويرية‬
‫‪-249‬‬ ‫‪-254‬‬ ‫الر�صيد الكلي (ي�شمل النفقات التطويرية)‬

‫‪249‬‬ ‫‪254‬‬ ‫م�صادر متويل �أخرى‬


‫دفعات حتت احل�ساب من �صندوق اال�ستثمار‬
‫‪78‬‬ ‫‪146‬‬ ‫الفل�سطيني‬
‫‪-132‬‬ ‫‪-172‬‬ ‫�صايف التمويل من البنوك املحلية‬
‫‪310‬‬ ‫‪281‬‬ ‫التمويل اخلارجي للنفقات التطويرية‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الدين اخلارجي‬
‫‪-6‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫الر�صيد املتبقي‬
‫مالحظات‬
‫‪4.2‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫�سعر ال�رصف للدوالر‪ ،‬موازنة‬
‫‪4.1‬‬ ‫‪4.46‬‬ ‫�سعر ال�رصف للدوالر‪ ،‬فعلي (معدل �سنوي)‬
‫امل�صدر‪ :‬وزارة املالية ‪ -‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪.‬‬
‫* ت�شمل النفقات التطويرية الب�سيطة املمولة حملياً‪.‬‬
‫‪368‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫�إيرادات ال�سلطة الفل�سطينية ‪( 2007-2006‬باملليون دوالر)‬

‫** ي�شمل حتويالت خا�صة بت�سويق منتج البرتول‪.‬‬

‫‪ .2‬النفقات العامة‪:‬‬
‫ي�شري تقرير وزارة املالية لل�سلطة الفل�سطينية‪� ،‬إىل �أن �إجمايل النفقات ل�سنة ‪ ،2007‬على الأ�سا�س‬
‫النقدي‪ ،‬قد بلغ مليارين و‪ 567‬مليون دوالر؛ مقارنة مبليار و‪ 390‬مليون دوالر يف �سنة ‪،2006‬‬
‫وبن�سبة زيادة مقدارها ‪ .%84.7‬وقد مثلت الأجور والرواتب ما ن�سبته ‪� ،%53.3‬أي ما جمموعه‬
‫مليارا ً و‪ 369‬مليون دوالر‪ ،‬مقارنة بـ ‪ 660‬مليون دوالر هو جمموع الرواتب املدفوعة �سنة ‪،2006‬‬
‫وهو ما ميثل ‪ %47.5‬من ميزانية ‪ 2006‬ح�سب بيانات وزارة املالية‪.‬‬
‫مت تغطية عجز املوازنة عن طريق الدعم اخلارجي مليزانية ال�سلطة والذي بلغ‬ ‫وقد ّ‬
‫مليار ا ً و ‪ 12‬مليون دوالر يف �سنة ‪( 2007‬انظر جدول ‪.)8/4‬‬

‫خام�س ًا‪ :‬املنحوامل�ساعداتاخلارجية‬


‫على الرغم من احل�صار امل�شدد الذي‬
‫فر�ض على احلكومة الفل�سطينية املنتخبة منذ بداية عام ‪ ،2006‬وذلك عرب قطع امل�ساعدات واملنح‬
‫اخلارجية‪ ،‬التي كانت توجه لدعم موازنة ال�سلطة واالقت�صاد الفل�سطيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل فر�ض القيود على البنوك العاملة ملنعها من التعامل مع احلكومة الفل�سطينية‪،‬‬
‫وعدم ال�سماح لها بتمرير الأموال املحولة من بع�ض اجلهات املانحة �إىل ح�ساب اخلزينة املوحد‪� ،‬إال‬
‫�أن امل�ساعدات واملنح الدولية ا�ستمرت يف عام ‪ ،2006‬ووفقا ً لبيانات وزارة املالية فقد بلغ �إجمايل‬
‫امل�ساعدات التي و�صلت �إىل ال�سلطة الفل�سطينية من خمتلف املانحني (االحتاد الأوروبي‪ ،‬والدول‬
‫العربية والإ�سالمية‪،‬ورو�سيا‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات والهيئات الدولية) خالل عام ‪ 2006‬نحو ‪ 738.2‬مليون‬

‫‪369‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫دوالر‪.‬‬
‫وبلغ حجم امل�ساعدات واملنح اخلارجية يف �سنة ‪ 2007‬لدعم موازنة ال�سلطة حوايل مليار‬
‫و ‪ 12‬مليون دوالر‪ ،‬ح�سبما تظهر �أرقام وزارة املالية‪ .‬غري �أن التقديرات الأولية ت�شري �إىل ارتفاع‬
‫حجم املنح وامل�ساعدات الدولية الكلي يف �سنة ‪� 2007‬إىل حوايل مليارو‪ 416‬مليون دوالر‪.‬‬
‫ومن اجلدير ذكره يف هذا املجال هو �أن جزء من هذه امل�ساعدات جاء دون تن�سيق مع احلكومة‪،‬‬
‫و�إمنا عرب تدفقات غري منتظمة من حيث املحتوى‪� ،‬أو الإدارة‪� ،‬أو املواعيد الزمنية‪ ،‬مما حال دون‬
‫القدرة على توجيهها �أو ح�رصها‪� ،‬أو ا�ستثمارها وفق خطة �أو ر�ؤية موحدة على الأقل‪ ،‬مما �أدى �إىل‬
‫�إ�ضعاف النظام املايل لل�سلطة الفل�سطينية وجعلها �أقل قدرة على الت�أثري يف تطورات االقت�صاد‪.‬‬
‫كما يالحظ ب�أن م�ساعدات الدول وامل�ؤ�س�سات املانحة عادت �إىل التدفق ب�شكل مبا�رش �إىل ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية بعد ت�شكيل حكومة ت�رصيف الأعمال‪ ،‬بعد �أن كانت ت�أتي ب�أ�شكال �أخرى غري مبا�رشة‪.‬‬
‫جدول ‪ :8/5‬الدعم اخلارجي ملوازنة ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية ‪( 2007‬باملليون دوالر)‬
‫‪2007‬‬ ‫البلدان الداعمة‬
‫‪110.1‬‬ ‫قطر‬
‫‪110‬‬ ‫الإمارات العربية املتحدة‬
‫‪127.7‬‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية‬
‫‪52.8‬‬ ‫اجلزائر‬
‫‪33.4‬‬ ‫الكويت‬
‫‪10‬‬ ‫العراق‬
‫‪20.3‬‬ ‫فرن�سا‬
‫‪2.9‬‬ ‫ال�سويد‬
‫‪41.1‬‬ ‫الرنويج‬
‫‪4.7‬‬ ‫الواليات املتحدة الأمريكية‬
‫‪6‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪7.7‬‬ ‫االحتاد الأوروبي‬
‫‪458.8‬‬ ‫برنامج الآلية الدولية امل�ؤقتة (النافذة الثانية والثالثة)‬
‫برنامج الآلية الدولية امل�ؤقتة (النافذة الأوىل) برنامج اخلدمات‬
‫‪26.5‬‬ ‫الطارئ‬
‫‪1,012‬‬ ‫�إجمايل التمويل اخلارجي‬

‫‪370‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫الدعم اخلارجي ملوازنة ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية ‪( 2007‬باملليون دوالر)‬

‫امل�صدر‪ :‬وزارة املالية ‪ -‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪.‬‬


‫وقد �أ�شار تقرير �صادر عن االحتاد الأوروبي‪ ،‬حول �إجمايل امل�ساعدات الأوروبية املقدمة عرب‬
‫الآلية الدولية امل�ؤقتة‪� ،‬إىل �أن جمموع املبالغ املر�صودة �ضمن هذا الربنامج بلغت ‪ 421‬مليون و‪70‬‬
‫�ألف يورو (حوايل ‪ 632‬مليون دوالر) وذلك عرب ثالث نوافذ على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬النافذة الأوىل‪ :‬وهدفت �إىل توفري اللوازم ال�رضورية‪ ،‬وتغطية النفقات اجلارية يف جماالت‬
‫ال�صحة والتعليم واخلدمات االجتماعية‪ ،‬وكانت ب�إدارة البنك الدويل وحتت ا�سم برنامج‬
‫دعم اخلدمات الطارئة‪.‬‬
‫‪ .2‬النافذة الثانية‪ :‬وهي ممولة من املفو�ضية الأوروبية ب�شكل منفرد وتدار من خالل الوحدة‬
‫الإدارية للآلية الدولية امل�ؤقتة وتتعلق بتوفري خدمات الكهرباء والرعاية ال�صحية وال�رصف‬
‫ال�صحي‪.‬‬
‫‪ .3‬النافذة الثالثة‪ :‬وتوفر م�ساعدات مبا�رشة و�إغاثية للعاملني يف املجاالت الإن�سانية (�صحة‪،‬‬
‫تعليم‪� ،‬ش�ؤون اجتماعية) وقد امتدت هذه امل�ساعدات �إىل نحو ‪� 77‬ألف موظف مدين من‬
‫موظفي ال�سلطة الوطنية‪ ،‬وبلغ ما مت �إنفاقه عرب هذه النافذة ‪ 225‬مليون و‪� 960‬ألف يورو‬
‫(حوايل ‪ 339‬مليون دوالر)‪.‬‬
‫خطة التنمية والإ�صالح‪:‬‬
‫ويف هذا الإطار تعهدت ‪ 87‬دولة وهيئة دولية‪ ،‬خالل "م�ؤمتر املانحني لقيام الدولة الفل�سطينية"‪،‬‬
‫الذي عقد يف باري�س بتاريخ ‪ ،2007/12/17‬مب�ساعدات ت�صل �إىل حوايل ‪ 7.4‬مليار دوالر لل�سلطة‬
‫الفل�سطينية على مدى ثالث �سنوات‪ .‬وكانت ال�سلطة قد قدمت للم�ؤمتر خطة تنمية ثالثية (خطة‬
‫التنمية والإ�صالح) ت�شمل ال�سنوات ‪� 2008‬إىل ‪ .2010‬وتت�سم اخلطة بطابع �إنقاذي‪ ،‬وت�شمل �إعادة‬
‫�إعمار البنية التحتية‪ ،‬وتوفري رواتب موظفي ال�سلطة‪ .‬وحددت اخلطة ثالثة �أ�س�س للتنمية احلقيقية‬

‫‪371‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬هي‪:‬‬


‫‪ .1‬فــر�ض الـقـانـون والنظام يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وتنفيذ �إ�صالحات رئي�سية متكن‬
‫ال�سلطة من �إيجاد اقت�صاد م�ستدام‪ ،‬وبناء م�ؤ�س�سات فاعلة ت�شكل نواة الدولة امل�ستقلة‪.‬‬
‫‪ .2‬قـيام "�إ�رسائيل" ب�إزالة العقبات التي تعرقل �سري عمل احلكومة واالقت�صاد‪ ،‬وبالتايل قيام‬
‫دولة فل�سطينية قابلة للحياة‪.‬‬
‫‪ .3‬مطالبة املجتمع الدويل مبوا�صلة دعمه ل�صمود ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وتوفري دعم من�سق‬
‫ومرن لل�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫و َت ِع ُد اخلطة املانحني بتحقيق تغيري وتطوير حقيقيني يف �أربعة جماالت‪ ،‬هي‪ :‬احلكم الر�شيد‪،‬‬
‫واملجال االجتماعي‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ ،‬والبنى التحتية؛ حيث ي�ستند تنفيذها �إىل تطبيق الأ�س�س‬
‫الثالثة �أعاله‪.‬‬

‫�ساد�س ًا‪ :‬احل�صار والإغالق الإ�سرائيلي‬


‫يالحظ املراقب االقت�صادي ب�أن حالة‬
‫احل�صار والإغالق التي مار�ستها �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي جتاه االقت�صاد الفل�سطيني خالل‬
‫ال�سنوات املا�ضية كان لها ت�أثريات كبرية على كافة القطاعات االقت�صادية الفل�سطينية‪ ،‬وذلك ب�سبب‬
‫حالة الرتابط والت�شابك القائم بني االقت�صاد يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة من جهة‪ ,‬واالقت�صاد‬
‫الإ�رسائيلي من جهة �أخرى؛ حيث مل تفلح ال�سنوات التي تلت اتفاقية �أو�سلو يف تعزيز العمق العربي‬
‫والإقليمي لهذا االقت�صاد‪ ،‬وبالتايل ف ّك حالة التبعية واالعتماد على اجلانب الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من �أن احل�صار لي�س جديداً‪ ،‬فهو �سمة من �سمات االحتالل الإ�رسائيلي وجزء حيوي‬
‫من �سيا�سته‪� ،‬إال �إن الأ�رضار واخل�سائر التي حلقت باالقت�صاد الفل�سطيني خالل العام ‪ 2007‬نتيجة‬
‫للح�صار الإ�رسائيلي كانت كبرية؛ والتي كانت �أبرز معاملها‪:‬‬
‫• انخفا�ض الطاقة الإنتاجية املُ�ستغلّة يف املن�ش�آت العاملة‪.‬‬
‫• انخفا�ض كبري يف ن�سبة ت�شغيل الأيدي العاملة‪.‬‬
‫• تراجع حجم املبيعات ب�شكل كبري‪.‬‬
‫• تراجع عمل املن�ش�آت العاملة يف قطاع البناء والت�شييد وقطاع اخلدمات‪.‬‬
‫• ت�أثر قطاع الزراعة �سلبيا ً بالإجراءات الإ�رسائيلية املتبعة والهادفة �إىل تدمري وتخريب‬
‫الأرا�ضي الزراعية‪.‬‬
‫• تراجع حجم اال�ستثمار ب�شكل عام ويف قطاع غزة ب�شكل خا�ص ب�شكل كبري‪.‬‬
‫ونتيجة ل�سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة يف ‪ ،2007/6/14‬ازدادت حدة احل�صار؛ حيث‬
‫قامت "�إ�رسائيل" بتطبيق �سيا�ساتها الرامية �إىل خنق القطاع‪ ،‬ف�أغلقت جميع املنافذ من القطاع و�إليه‪،‬‬
‫‪372‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫وعزلته عن العامل اخلارجي‪ ،‬بل اتخذت احلكومة الإ�رسائيلية قرارا ً يف ‪ 2007/9/23‬باعتبار قطاع‬
‫مت فر�ض العقوبات على �سكان القطاع‪ ،‬وذلك مبنع توريد‬ ‫غزة كيانا ً معادياً‪ ،‬وبنا ًء على هذا القرار ّ‬
‫املواد الغذائية واملحروقات �إال بكميات قليلة ال تكفي ل�س ّد حاجات �سكان القطاع‪ .‬و�صدر تقرير‬
‫للجنة ال�شعبية �ض ّد احل�صار على فل�سطني‪� ،‬رشحت فيه �أثر احل�صار ونتائجه على كافة النواحي‬
‫والقطاعات وعلى املليون ون�صف من �سكان القطـاع‪ .‬وقالت اللجنة �إن اخل�سائر ال�شهرية املبا�رشة‬
‫للح�صــار تزيــد عن ‪ 45‬مليون دوالر �شهرياً‪ ،‬وتتوزع على قطاع ال�صناعة مبعدل ‪ 15‬مليون دوالر‪،‬‬
‫وعلى قطاع الزراعة مبعدل ع�رشة ماليني دوالر‪ ،‬وعلى القطاعات الأخرى‪ :‬التجارة والإن�شاءات‬
‫واخلدمات وال�صيد مبعدل ‪ 20‬مليون دوالر �شهرياً‪ .‬ووفق التقرير ف�إن ن�سبة البطالة يف القطاع‬
‫تع َّدت ‪.%60‬‬
‫وميكن تلخي�ص �آثار الإغالق الكامل لقطاع غزة (يف الفرتة التي تلت �سيطرة حما�س على القطاع)‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫• �إغالق املعابر ت�سبب يف وقف حركة ال�صادرات والواردات من قطاع غزة و�إليه‪ ،‬مما �أدى‬
‫�إىل الت�أثري �سلبيا ً على قدرات القطاعات االقت�صادية كافة‪ ،‬و�إىل معاناة �شديدة يف كافة‬
‫مناحي احلياة‪.‬‬
‫• توقف �أكرث من ‪ %90‬من املن�ش�آت ال�صناعية يف القطاع عن العمل وانخف�ض عدد العاملني‬
‫فيه من ‪� 35‬ألف عامل �إىل حوايل �ألفي عامل‪ ،‬وكذلك الأمر بالن�سبة لقطاع الزراعة الذي توقف‬
‫عن الت�صدير ب�صورة �شبه كلية بالإ�ضافة �إىل تعر�ض �أكرث من ‪ %80‬من املحا�صيل الزراعية‬
‫للتلف‪ ،‬ب�سبب عدم ال�سماح بدخول الأدوية والأ�سمدة واملبيدات وغريها‪� .‬إىل جانب التدهور‬
‫الكبري يف قطاعات الإن�شاءات والتجارة واخلدمات‪ ،‬وفقدان العاملني يف هذه القطاعات‬
‫مل�صادر دخلهم نتيجة لتوقفهم عن العمل‪.‬‬
‫• االرتفاع امل�ستمر يف امل�ستوى العام للأ�سعار (حوايل ‪ ،)%10‬مما �أدى �إىل تغيري �إجباري يف‬
‫�أمناط اال�ستهالك لدى الأ�رس الفل�سطينية‪.‬‬
‫• ات�ساع حجم البطالة والفقر‪ ،‬فالبطالة يف قطاع غزة ت�صل �إىل �أكرث من ‪ %60‬من جمموع‬
‫القوى العاملة البالغة حوايل ‪� 300‬ألف عامل‪.‬‬
‫• �أ�صيب قطاع ال�سياحة ب�شلل كامل‪ ،‬و�أو�شكت �رشكات ومكاتب ال�سياحة وال�سفر على‬
‫الإفال�س‪ ،‬كما �أ�صاب ال�رضر �أ�صحاب الفنادق حيث تدنت ن�سبة الإ�شغال �إىل ال�صفر تقريباً‪.‬‬
‫وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن الن�شاط الفندقي يف قطاع غزة �شهد تراجعا ً خالل العام ‪ 2007‬فيما يخ�ص‬
‫عدد النزالء وليايل املبيت مقارنة مع العام ‪2006‬؛ حيث انخف�ض عدد النزالء يف الفنادق‬
‫بن�سبة مقدارها ‪� ،%38.3‬أما ليايل املبيت فقد انخف�ضت بن�سبة مقدارها ‪.%17.6‬‬
‫ويعتقد كثري من االقت�صاديني ب�أن �إجراءات االحتالل جعلت من قطاع غزة منطقة كوارث من‬
‫الدرجة الأوىل‪ ،‬حيث يرزح ال�سكان حتت ح�صار �شل حركة الأفراد والب�ضائع من القطاع و�إليه‪،‬‬
‫‪373‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫وق�ضى على �أية تبادالت جتارية‪ .‬فالقطاع يعتمد ب�شكل �شبه كامل على ا�سترياد الب�ضائع من‬
‫"�إ�رسائيل" �أو عربها‪ ،‬ومنذ ح�صاره مل ي�سمح االحتالل ب�إدخال � ٍّأي من املواد اخلام �إىل القطاع‪ ،‬ومل‬
‫ي�سمح بت�صدير � ٍّأي من منتجات القطاع‪.‬‬

‫يتميز املجتمع الفل�سطيني‬


‫ب�أنه جمتمع فتي ترتفع فيه‬ ‫�سابع ًا‪ :‬العمل والبطالة وم�ستوى املعي�شة‬
‫معدالت اخل�صوبة والإعالة االقت�صادية ومتو�سط عدد �أفراد العائلة مقارنة باملعدالت الإقليمية‬
‫والدولية‪ ،‬حيث تبلغ ن�سبة الأفراد الذين تقل �أعمارهم عن ‪ 15‬عاما ً حوايل ‪ %45.5‬من جمموع‬
‫ال�سكان يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬فيما يبلغ معدل اخل�صوبة الكلية يف ال�ضفة والقطاع ‪4.6‬‬
‫مولودا ً لكل امر�أة؛ بواقع ‪ 4.2‬مولودا ً لكل امر�أة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬و‪ 5.4‬مولودا ً لكل امر�أة يف قطاع‬
‫غزة‪ .‬وهذا ما يف�رس معدالت النمو الطبيعية املرتفعة يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪� .‬أما ن�سبة الإعالة‬
‫االقت�صادية فقد ارتفعت‪ ،‬نتيجة الزدياد معدالت البطالة‪ ،‬من ‪ %4.8‬يف عام ‪� 2000‬إىل ‪ %7.7‬يف �شهر‬
‫�آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬وارتفعت يف قطاع غزة �إىل ‪ %8.5‬النعدام فر�ص العمل‪ ،‬وازدياد معدالت‬
‫البطالة‪ ،‬وارتفاع ن�سبة الفقر وت�سارع انت�شاره وازدياد حدته ب�سبب احل�صار والإغالق امل�شدد من‬
‫قبل �سلطات االحتالل‪ .‬وبالتايل ازدادت ن�سب الفقر بني الأ�رس الفل�سطينية؛ �إذ ارتفعت ن�سبة ال�سكان‬
‫الفل�سطينيني الذين يقعون حتت خط الفقر من ‪ %22‬يف عام ‪ 2000‬لت�صل �سنة ‪� 2007‬إىل حوايل ‪%67‬‬
‫على م�ستوى ال�ضفة الغربية وقطاع غزة؛ بينما بلغت مع نهاية �سنة ‪ ،2007‬ن�سبة الفقر يف قطاع‬
‫غزة نحو ‪ .%90‬وقد ارتفعت ن�سبة البطالة من ‪ %11‬يف عام ‪ 2000‬لت�صل �إىل ‪ %40‬يف عام ‪ ،2007‬ويف‬
‫قطاع غزة بلغت الن�سبة بعد الإغالق واحل�صار امل�شددين �أكرث من ‪.%60‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن ع�رشات الآالف من العمال الفل�سطينيني يعملون داخل اخلط الأخ�رض‬
‫ب�شكل غري قانوين ودون احل�صول على ت�صاريح عمل‪ ،‬وت�شري بع�ض الأرقام �إىل وجود �أكرث من‬
‫‪� 50‬ألف عامل فل�سطيني يعملون يف الداخل‪ ،‬يف معظم الأحوال يت ّم ا�ستغالل و�ضعهم غري القانوين‬
‫البتزازهم والتهرب من دفع حقوقهم و�أجورهم‪� ،‬إ�ضافة �إىل �أن اجلزء الأكرب منهم يعي�ش يف ظروف‬
‫�صعبة وغري �إن�سانية‪ ،‬حيث يعي�شون يف مبانٍ مهجورة تفتقد �إىل اخلدمات الأ�سا�سية‪.‬‬

‫�أظهرت م�ؤ�رشات عام ‪ 2007‬منوا ً يف �أعمال القطاع‬


‫امل�رصيف يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬بلغت ن�سبته‬ ‫ثامن ًا‪ :‬القطاع امل�صريف‬
‫‪ %22‬باملقارنة مع العام ‪2006‬؛ حيث جتاوز �إجمايل �أ�صوله �سبعة مليارات دوالر‪ ،‬وارتفع ر�أ�س‬
‫املال املدفوع �إىل ‪ 530‬مليون دوالر‪ .‬كما ارتفعت الودائع لديه �إىل �أكرث من ‪ 5.1‬مليار دوالر‪ .‬وقد‬
‫جنح القطاع امل�رصيف يف جتنب التجاذبات ال�سيا�سية الناجمة عن االنق�سام الذي ح�صل بعد عملية‬
‫‪374‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫احل�سم يف غزة‪ ،‬و�إبعاد اجلهاز امل�رصيف عن هذه احلالة قدر الإمكان‪ .‬كما جتاوزت البنوك املخاطر‬
‫التي ترتبت على م�شكلة عدم دفع الرواتب وااللتزامات الناجتة عنها‪ ،‬ملا كانت ت�شكله من تهديد‬
‫لبع�ض امل�صارف نظرا ً الرتفاع ن�سبة القرو�ض املقدمة لقطاع املوظفني يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة بالن�سبة لإجمايل حمفظة الإقرا�ض‪.‬‬
‫وقد عانت البنوك العاملة يف قطاع غزة من �أزمات و�ضغوط كبرية ب�سبب احل�صار املايل‬
‫الإ�رسائيلي على القطاع‪ ،‬الذي �أدى �إىل نق�ص العمالت النقدية الأجنبية التي ي�ستخدمها الفل�سطينيون‬
‫يف تعامالتهم االقت�صادية؛ حيث ا�ستمر الت�شوي�ش على عمليات التحويالت املالية �إىل قطاع غزة مما‬
‫�أنق�ص ال�سيولة املتوفرة هناك‪ .‬وذلك بالإ�ضافة �إىل تهديدات البنوك الإ�رسائيلية بقطع روابطها مع‬
‫البنوك العاملة يف قطاع غزة‪� ،‬إذا تعاملت مع حكومة حما�س‪.‬‬

‫�أعلن اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‬


‫عن جدول غالء املعي�شة يف ال�ضفة الغربية‬
‫تا�سع ًا‪ :‬الأ�سعار وغالء املعي�شة‬
‫وقطاع غزة لعام ‪ ،2007‬حيث �سجلت �أ�سعار امل�ستهلك ارتفاعا ً مقداره ‪ %2.69‬خالل عام ‪2007‬‬
‫مقارنة بعام ‪� ،2006‬إذ ارتفع الرقم القيا�سي العام لأ�سعار امل�ستهلك (�سنة الأ�سا�س ‪� )100=1996‬إىل‬
‫‪ 156.41‬مقارنة بـ ‪ 152.31‬خالل �سنة ‪ .2006‬ولعل من املنا�سب �أخذ هذه الن�سبة ب�شيء من احلذر‪،‬‬
‫�إذ ت�شري بع�ض التقديرات �إىل �أن �أ�سعار امل�ستهلك زادت بن�سبة ‪ %10.5‬خالل �سنة ‪ .2007‬وح�سب‬
‫اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني نف�سه‪ ،‬ف�إنه عند مقارنة �شهر ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪2007‬‬
‫مع ال�شهر املناظر له من العام ‪ ،2006‬جند �أن ن�سبة ارتفاع الرقم القيا�سي يف ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة بلغت ‪ .%5.97‬كما جتدر الإ�شارة �إىل �أن هذا االرتفاع تركز يف املواد التموينية والأ�سا�سية‪،‬‬
‫مما يجعل الأ�رس الأكرث فقرا ً عر�ضة للت�أثر ب�شكل �أكرب ب�سبب هذا االرتفاع‪ .‬فعلى �سبيل املثال‬
‫ارتفع �سعر �سلعة الطحني بن�سبة ‪ %21.14‬خالل �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬و�سعر اخلبز بن�سبة‬
‫‪ ،%8.32‬و�سعر منتجات الألبان والبي�ض بن�سبة ‪ ،%4.66‬والزيوت والدهون بن�سبة ‪،%5.28‬‬
‫ومنتجات التبغ بن�سبة ‪ ،%8.08‬والوقود والطاقة بن�سبة ‪ .%2.35‬ثم تواىل االرتفاع على ال�سلع‬
‫احليوية نف�سها خالل الأ�شهر الالحقة مع انخفا�ض يف �أ�سعار ال�سلع الكمالية‪ .‬وعند الأخذ بعني‬
‫االعتبار اال�ستهالك يف �أ�سعار �رصف الدوالر الأمريكي والدينار الأردين جند �أن ِح ّدة االرتفاع يف‬
‫الرقم القيا�سي تت�ضاعف لت�صل �إىل ‪ %13.6‬و‪ %12.9‬على التوايل‪.‬‬
‫مت الرتكيز فقط على قطاع غزة‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف الن�صف الثاين من �سنة ‪ ،2007‬ف�سنجد‬ ‫�أما �إذا ّ‬
‫�أن امل�ستهلك واجه معاناة هائلة ب�سبب احل�صار ال�شامل؛ فقد �شهدت �أ�سواق القطاع نق�صا ً حادا ً يف‬
‫املواد الغذائية الأ�سا�سية‪ ،‬واختفت �أعداد كبرية من الأ�صناف الغذائية‪ ،‬و�شهد قطاع غزة ارتفاعا ً‬
‫يف �أ�سعار العديد من ال�سلع واملواد الغذائية وال�رضورية‪� .‬إذ ي�شري تقرير �صادر عن م�ؤ�س�سة‬
‫‪375‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫ال�ضمري حلقوق الإن�سان �إىل �أن ن�سبة ارتفاع الأ�سعار خالل �ستة �أ�شهر‪ ،‬نتيجة احل�صار امل�شدد منذ‬
‫منت�صف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬تراوحت ما بني ‪ %1,000-30‬ح�سب توفر املخزون من الب�ضائع‬
‫املعرو�ضة‪ .‬وفيما يلي بع�ض الأمثلة على االرتفاع احلاد للأ�سعار‪ ،‬ح�سب تقرير �أعدته م�ؤ�س�سة‬
‫ال�ضمري حلقوق الإن�سان‪:‬‬
‫جدول ‪ :8/6‬ارتفاع الأ�سعار يف قطاع غزة يف الن�صف الثاين من �سنة ‪2007‬‬

‫بعد مرور �ستة �أ�شهر‬


‫قبل الإغالق يف ‪2007/6/15‬‬
‫من الإغالق‬
‫الوزن‪ /‬العدد‬ ‫ال�سلعة‬
‫ال�سعر‬ ‫ال�سعر‬ ‫ال�سعر‬
‫ال�سعر بالدوالر*‬ ‫بال�شيكل‬ ‫بالدوالر*‬ ‫بال�شيكل‬
‫‪15.7‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪38‬‬ ‫كيلو واحد‬ ‫اللحم‬
‫‪2.5‬‬ ‫‪9.5‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫كيلو واحد‬ ‫الدجاج‬
‫‪35.2‬‬ ‫‪135‬‬ ‫‪23.5‬‬ ‫‪90‬‬ ‫�شوال (‪ 50‬كغ)‬ ‫الدقيق‬
‫‪30‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪28.7‬‬ ‫‪110‬‬ ‫�شوال (‪ 50‬كغ)‬ ‫ال�سكر‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪19‬‬ ‫جالون (‪ 1‬لرت)‬ ‫زيت الزيتون‬
‫‪6.8‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪18‬‬ ‫كيلو واحد‬ ‫ال�شاي العادي‬
‫‪32.6‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪22.8‬‬ ‫‪87.5‬‬ ‫�شوال (‪ 25‬كغ)‬ ‫الفول‬
‫‪1.6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫كيلو واحد‬ ‫احلم�ص‬
‫‪52.2‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪16‬‬ ‫�شوال (‪ 50‬كغ)‬ ‫الإ�سمنت‬
‫‪70.5‬‬ ‫‪270‬‬ ‫‪10.4‬‬ ‫‪40‬‬ ‫�شوال (‪ 50‬كغ)‬ ‫الإ�سمنت الأبي�ض‬
‫‪15.4‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪10.4‬‬ ‫‪40‬‬ ‫�أ�سطوانة (‪ 14‬كغ)‬ ‫الغاز املنزيل‬
‫‪1.6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪5.13‬‬ ‫لرت واحد‬ ‫البنزين‬
‫‪1.3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫لرت واحد‬ ‫ال�سوالر‬
‫‪1.3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫لرت واحد‬ ‫الكاز الأبي�ض‬
‫‪7.8-3.9‬‬ ‫‪30-15‬‬ ‫‪2.6-1.3‬‬ ‫‪10-5‬‬ ‫علبة واحدة‬ ‫علبة ال�سجائر‬
‫‪6‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫علبة حجم �صغري‬ ‫علبة املع�سل‬
‫امل�صدر‪ :‬م�ؤ�س�سة ال�ضمري حلقوق الإن�سان‪.‬‬
‫* �سعر �رصف الدوالر الأمريكي ‪� 3.83‬شيكل‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫على الرغم مما �شهده عام ‪ 2007‬من‬


‫�أحداث ع�صفت مبختلف مناحي احلياة‬ ‫عا�شر ًا‪� :‬سوق فل�سطني للأوراق املالية‬
‫االقت�صادية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪� ،‬إال �أن �سوق فل�سطني للأوراق املالية كان الأقل ت�رضراً‪،‬‬
‫فقد �أظهرت نتائج العام انخفا�ضا ً معقوالً على م�ستوى قيم و�أحجام التداول‪ .‬فقد �أ�شارت النتائج‬
‫�إىل �أن حجم التداول قد و�صل �إىل ما يقارب ‪ 800‬مليون دوالر‪ ،‬كما بلغت القيمة ال�سوقية لل�رشكات‬
‫املدرجة يف ال�سوق يف نهاية العام ‪ 2007‬ما يقارب ‪ 2.4‬مليار دوالر‪� ،‬أما عدد ال�صفقات فقد جتاوز ‪150‬‬
‫�ألف �صفقة‪ ،‬كما بلغ عدد الأ�سهم املتداولة ما يقارب ‪ 300‬مليون �سه ٍم‪ .‬وعلى م�ستوى �أداء امل�ؤ�رشات‬
‫الرئي�سية لل�سوق �أغلق م�ؤ�رش القد�س نهاية العام ‪ 2007‬عند م�ستوى ‪ 527.26‬نقطة‪ ،‬منخف�ضا ً مبا‬
‫قيمته ‪ 77.74‬نقطة‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ %12.85‬عن �إغالق العام ‪ .2006‬وي�أتي هذا االنخفا�ض على خلفية‬
‫تراجع م�ؤ�رشات كافة القطاعات‪ ،‬حيث �سجل م�ؤ�رش قطاع البنوك انخفا�ضا ً بن�سبة ‪،%23.14‬‬
‫وانخف�ض م�ؤ�رش قطاع ال�صناعة بن�سبة ‪ ،%40.27‬كما انخف�ض قطاع الت�أمني بن�سبة ‪ %3.75‬وقطاع‬
‫اخلدمات بن�سبة ‪ %8.82‬وقطاع اال�ستثمار بن�سبة ‪.%14.39‬‬

‫ما يزال االقت�صاد الفل�سطيني يعاين من اختالالت‬


‫هيكلية ب�سبب االحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬وما يزال‬
‫حادي ع�شر‪ :‬التجارة اخلارجية‬
‫هذا االقت�صاد "اقت�صادا ً تابعا ً" مرتبطا ً بالتطورات ال�سيا�سية والأمنية واالقت�صادية الإ�رسائيلية؛‬
‫وما يزال حت ُّكم "�إ�رسائيل" باملعابر واملطارات واحلدود ي�ؤثر ب�شكل هائل على التجارة اخلارجية‬
‫الفل�سطينية‪ .‬كما تعمد "�إ�رسائيل" من خالل ذلك �إىل منح نف�سها مزايا تف�ضيلية واحتكارية‪ ،‬بحيث‬
‫جترب االقت�صاد الفل�سطيني على التعامل معها وجتعله يف �أحيان كثرية اخليار الوحيد املتاح‪.‬‬
‫ولذلك ا�ستحوذت "�إ�رسائيل" �سنة ‪ 2007‬على ‪ %86‬من الواردات التي ت�صل �إىل مناطق ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬يف حني تقوم مناطق ال�سلطة بت�صدير ‪ %64‬من �صادراتها �إىل "�إ�رسائيل"‪ .‬و�إذا كان‬
‫قد ح�صل تخفيف جزئي من �إجراءات االحتالل عن ال�ضفة الغربية‪ ،‬مقارنة بح�صار خانق على‬
‫قطاع غزة؛ ف�إن االحتالل الإ�رسائيلي البغي�ض يظل جاثما ً على كال املنطقتني بحيث مينع االقت�صاد‬
‫عب فعالً عن قدرات الإن�سان الفل�سطيني و�إمكاناته‪.‬‬
‫الفل�سطيني من �أية انطالقة حقيقية‪ُ ،‬ت رِّ‬
‫تظهر �أرقام اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني �أن جممل ال�صادرات الفل�سطينية ل�سنة ‪2007‬‬
‫قد بلغ ‪ 397.4‬مليون دوالر مقارنة بـ ‪ 339.1‬مليون دوالر �سنة ‪2006‬؛ �أما جمموع الواردات �سنة‬
‫‪ 2007‬فبلغ مليارين و‪ 605‬ماليني دوالر‪ ،‬مقارنة مبليارين و‪ 835.4‬مليون دوالر �سنة ‪.2006‬‬
‫ويظهر اجلدول التايل التجارة اخلارجية الفل�سطينية مع دول العامل وفق اجلهاز املركزي للإح�صاء‬
‫الفل�سطيني‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫جدول ‪� :8/7‬إجمايل قيمة ال�صادرات والواردات و�صايف امليزان وحجم التبادل التجاري لل�ضفة‬

‫الغربية* وقطاع غزة ‪( 2007-1995‬باملليون دوالر)‬


‫�إجمايل قيمة ال�صادرات �إجمايل قيمة الواردات �صايف امليزان التجاري حجم التبادل‬ ‫ال�سنة‬
‫التجاري‬
‫‪2,052.4‬‬ ‫‪-1,264‬‬ ‫‪1,658.2‬‬ ‫‪394.2‬‬ ‫‪1995‬‬
‫‪2,355.6‬‬ ‫‪-1,676.6‬‬ ‫‪2,016.1‬‬ ‫‪339.5‬‬ ‫‪1996‬‬
‫‪2,621‬‬ ‫‪-1,856.2‬‬ ‫‪2,238.6‬‬ ‫‪382.4‬‬ ‫‪1997‬‬
‫‪2,769.9‬‬ ‫‪-1,980.3‬‬ ‫‪2,375.1‬‬ ‫‪394.8‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪3,379.3‬‬ ‫‪-2,635.1‬‬ ‫‪3,007.2‬‬ ‫‪372.1‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪2,783.7‬‬ ‫‪-1,981.9‬‬ ‫‪2,382.8‬‬ ‫‪400.9‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪2,323.9‬‬ ‫‪-1,743.3‬‬ ‫‪2,033.6‬‬ ‫‪290.3‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪1,756.5‬‬ ‫‪-1,274.7‬‬ ‫‪1,515.6‬‬ ‫‪240.9‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪2,080‬‬ ‫‪-1,520.6‬‬ ‫‪1,800.3‬‬ ‫‪279.7‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪2,685.9‬‬ ‫‪-2,060.5‬‬ ‫‪2,373.2‬‬ ‫‪312.7‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪3,002.2‬‬ ‫‪-2,331.4‬‬ ‫‪2,666.8‬‬ ‫‪335.4‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪3,174.5‬‬ ‫‪-2,496.3‬‬ ‫‪2,835.4‬‬ ‫‪339.1‬‬ ‫‪**2006‬‬
‫‪3,002.4‬‬ ‫‪-2,207.6‬‬ ‫‪2,605‬‬ ‫‪397.4‬‬ ‫‪***2007‬‬
‫امل�صدر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.‬‬
‫* با�ستثناء منطقة �رشقي القد�س التي �ضمتها "�إ�رسائيل" �إليها‪.‬‬
‫** بيانات �أولية‪ /‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪.‬‬
‫*** بيانات مقدرة‪.‬‬

‫�إجمايل قيمة ال�صادرات والواردات لل�ضفة الغربية وقطاع غزة ‪( 2007-1995‬باملليون دوالر)‬

‫‪378‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫لقد كان لعدم امتالك ال�سلطة الفل�سطينية‬


‫ثاين ع�شر‪� :‬إدارة ال�سلطة واحلكومة‬
‫لر�ؤية اقت�صادية وتنموية‪ ،‬نتائج وخيمة‬
‫على االقت�صاد الفل�سطيني‪ .‬بل كان‬ ‫لـلـو�ضــع االقـتــ�صــادي‬
‫الواقع االقت�صادي يف ظ ّل وجود ال�سلطة الفل�سطينية �أ�سو�أ من نواحي كثرية‪ ،‬باملقارنة مع الفرتات‬
‫التي �سبقت جميئها بعد اتفاقية �أو�سلو‪� .‬إن �أ�سا�س امل�أزق االقت�صادي املتزايد يف ظ ّل وجود ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية هو غياب �سيادتها على الأر�ض وال�سكان؛ فهي ال متلك اتخاذ قرارات �سيادية على‬
‫الأر�ض الفل�سطينية وتنفيذها‪ .‬كما جاءت اتفاقية باري�س االقت�صادية لتك ِّر�س التبعية‪ ،‬ولت�ضع قيودا ً‬
‫�إ�ضافية على االقت�صاد الفل�سطيني لزيادة تبعيته لالقت�صاد الإ�رسائيلي؛ �إذ �أبقى بروتوكول باري�س‬
‫�آليات تنفيذه مرهونة مبوافقة �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬التي متلك ال�سيطرة الكاملة على‬
‫الأر�ض واحلدود واملعابر واحلواجز‪ ،‬وبالتايل ال�سيطرة على قطاعي التجارة الداخلية واخلارجية‬
‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ .‬وظ ّل االحتالل الإ�رسائيلي بعد جميء ال�سلطة هو املتحكم الفعلي‬
‫باالقت�صاد‪ ،‬وب�إمكانيات تطوره ومنوه‪.‬‬
‫لقد كان على ال�سلطة الفل�سطينية و�ضع خطط للتحرر من قيود االحتالل وت�شجيع قيام قطاع‬
‫اقت�صادي عام‪ ،‬يعمل على �إنتاج جزء من االحتياجات الأ�سا�سية لل�سوق املحلية‪ ،‬وم�ساعدة القطاع‬
‫اخلا�ص على زيادة ا�ستثماراته يف القطاعات الإنتاجية‪ ،‬بدالً من بناء جهاز بريوقراطي متخم‬
‫ومرتهل جعل من نفقات ال�سلطة �أكرث بكثري من مواردها‪ ،‬و�أخ�ضعها ال�شرتاطات الدول املانحة‬
‫التي جاءت بو�صفات لزيادة وتعميق تبعية االقت�صاد الفل�سطيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬
‫لالقت�صاد الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وقد �أ�سهم �سوء الإدارة والف�ساد‪ ،‬اللذان متيزت بهما ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬يف تعميق امل�أزق‬
‫االقت�صادي الفل�سطيني وزيادة تبعيته للإمالءات والإرادات اخلارجية‪ .‬حيث تعاظمت تبعية‬
‫االقت�صاد الفل�سطيني لالحتالل وتفاقمت �أزماته‪ ،‬و�أظهرت امل�ؤ�رشات الكلية لهذا االقت�صاد‬
‫زيادة كبرية يف معدالت البطالة‪ ،‬والديون اخلارجية والداخلية‪ ،‬وارتفعت الأ�سعار‪ ،‬وانخف�ضت‬
‫القدرة ال�رشائية للمواطن‪ ،‬كما انخف�ضت القدرة على االدخار‪ ،‬وزادت تبعية التجارة الفل�سطينية‬
‫لالحتالل‪.‬‬
‫وللخروج من امل�أزق االقت�صادي الذي تعي�شه ال�ضفة الغربية وقطاع غزة يجب تغيري النهج‬
‫ال�سائد حاليا ً واتباع �سيا�سات مغايرة‪ ،‬يكون هدفها التحرر وف ّك تبعية االقت�صاد الفل�سطيني‬
‫لالحتالل‪ .‬وذلك من خالل تبني �سيا�سات تقوم على تطوير الإنتاج الوطني وت�شجيع اال�ستثمار‬
‫‪379‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫املنتج‪ ،‬وحماربة الف�ساد واتباع �سيا�سات �إدارية علمية تتمتع بامل�صداقية وال�شفافية‪� .‬إن عملية ف ّك‬
‫ارتباط االقت�صاد الفل�سطيني باالقت�صاد الإ�رسائيلي لن تنجح �إال �إذا كان هناك �سيا�سات وخطط‬
‫وممار�سات على الأر�ض‪ ،‬تعمل على ربط االقت�صاد الفل�سطيني باالقت�صادات العربية واال�ستفادة‬
‫من �إمكانيات الأ�سواق العربية‪ ،‬والو�صول �إىل عالقات اقت�صادية خارجية حرة ومتنوعة‪.‬‬

‫�أ�سهمت �سيا�س���ات وممار�سات‬


‫�سلطات االحتالل الإ�رسائيلي يف‬ ‫"‬ ‫ثالث ع�شر‪ :‬االرتباط االقت�صادي بـ"�إ�سرائيل‬
‫تعميق تبعية االقت�صاد الفل�سطيني لالقت�صاد الإ�رسائيلي‪ ،‬و�أوجدت ت�شوهات بنيوية فيه‪ ,‬وجعلته‬
‫�ضعيف���ا ً وه�شا ً وتابعاً‪ .‬فال�سيطرة على املعابر واحلدود جعل���ت التجارة اخلارجية لل�ضفة الغربية‬
‫وقط���اع غزة حت���ت ال�سيطرة الكامل���ة ل�سلطات االحت�ل�ال الإ�رسائيلي‪ ،‬و�أ�صبح ال�س���وق الفل�سطيني‬
‫ث���اين �أكرب �سوق لل�صادرات الإ�رسائيلية‪ .‬ولذلك ظ ّل �إ�سه���ام القطاع ال�صناعي يف حدود الن�سبة التي‬
‫كان عليه���ا يف �سنة ‪ .1967‬ونتيجة للح�صار والإغالق ومنع تنقل النا�س والب�ضائع وف�صل الأ�سواق‬
‫وتدم�ي�ر البنى التحتية والتحكم بالتجارة اخلارجية‪ ،‬عانى الناجت املحلي الإجمايل من تذبذبات �أثرت‬
‫على م�ستوى وتطور احلياة االقت�صادية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ .‬كما �أدى �إخ�ضاع االقت�صاد‬
‫الفل�سطين���ي لوحدة جمركية �إجبارية يف ظ ّل �س���وق مفتوحة وعالقة تبعية بني �سوقني �أحدهما قوي‬
‫والآخر �ضعيف‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل فر�ض �رضائب مبا�رشة عالية على االقت�صاد الفل�سطيني‪� ،‬إىل مزيد من‬
‫ال�ضعف والإحلاق والتبعية‪ ،‬وتر�سيخ �سمته كاقت�صاد خادم‪ .‬و�أتاح ا�ستخدام العملة الإ�رسائيلية يف‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة الإمكانية ل�سلطات االحتالل لإحكام ال�سيطرة على االقت�صاد الفل�سطيني‬
‫وتط���وره وزي���ادة تبعيته لالقت�صاد الإ�رسائيل���ي‪ ،‬وت�أثره ب�شكل مبا�رش بالتغ�ي�رات يف قيمة ال�شيكل‬
‫وال�سيا�سة النقدية الإ�رسائيلية‪ ،‬و�إ�ضعاف قدرات ال�شعب الفل�سطيني على االدخار واال�ستثمار‪.‬‬

‫ال ن�ستطيع احلديث عن الأزمة االقت�صادية العميقة التي تعانيها ال�ضفة الغربية وقطاع‬
‫غزة وحماولة �إيجاد احللول لها‪ ،‬دون النظر �إىل الواقع الفل�سطيني احلايل‪ ,‬واملتمثل‬
‫بوجود االحتالل وممار�ساته العن�رصية‪ ،‬وما يجري حاليا ً من جهود لتكري�س االنف�صال بني‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وما نتج عن ذلك من مظاهر وم�ؤ�رشات التمزق ال�سيا�سي واالقت�صادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬و�صوالً �إىل امل�أزق املتمثل يف ا�ستفراد الكيان الإ�رسائيلي ب�شكل وم�ضمون احللول‬

‫‪380‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫املقرتحة وفق ر�ؤيته ال�سيا�سية والأمنية‪ ،‬ودفع ال�شعب الفل�سطيني �إىل الي�أ�س وال�شعور بالعجز‪� ،‬إىل‬
‫جانب ت�آكل و�ضعف النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني يف ال�سلطة واملنظمة معاً‪ ،‬مما �سي�ؤدي �إىل تدمري‬
‫امل�رشوع الوطني التحرري الفل�سطيني برمته‪ .‬وعليه ف�إن �إيجاد حلول للأزمة االقت�صادية يف ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة يتطلب العمل على و�ضع �صيغة ور�ؤية جديدة تتخطى الطرق والأ�ساليب‬
‫ال�سابقة‪ ,‬وتعمل على �إيجاد معادلة متزج ما بني ال�سيا�سي واالقت�صادي يف �آن معاً‪ .‬فكل الظواهر‬
‫ت�شري �إىل �صعوبة التوفيق بني تطور االقت�صاد الفل�سطيني ومنوه‪ ،‬ووجود االحتالل الإ�رسائيلي‬
‫و�سيا�ساته املدمرة‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫مراجع الف�صل الثامن‬

‫‪� .1‬أحمد جمالين‪ ،‬الأداء االقت�صادي للحكومة الفل�سطينية العا�شـرة‪� ،‬سل�سلة "�أوراق تقييم �أداء"‬
‫(‪ .)1‬رام اهلل‪ :‬معهد ال�سيا�سات العامة‪.2007 ،‬‬
‫‪� .2‬أر�شيف معلومات حول الو�ضع االقت�صادي الفل�سطيني يف ال�ضفة والقطاع ‪ ،2007‬مركز‬
‫الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .3‬البنك الدويل‪ ،‬اال�ستثمار يف الإ�صالح االقت�صادي والتنمية الفل�سطينية‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ .4‬تقرير معهد درا�سات التنمية "‪ ،"IDS‬م�ستوى البطالة يف غزة يتزايد ج ّراء احل�صار والإغالق‬
‫الإ�رسائيلي‪� ،‬آذار‪ /‬مار�س ‪.2008‬‬
‫‪ .5‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪:‬‬
‫•الإعالن ال�صحفي للتقديرات الأولية للح�سابات القومية الربعية (الربع الأول ‪ ،)2007‬رام اهلل‪،‬‬
‫حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬يف‪:‬‬
‫_‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/pressQ1_%2007_A_PDf‬‬
‫‪TOTAL.pdf‬‬
‫•الإعالن ال�صحفي للتقديرات الأولية للح�سابات القومية الربعية (الربع الثالث ‪ ،)2007‬رام اهلل‪،‬‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،2007‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/pressQ3%2007_A.pdf‬‬
‫•الإعالن ال�صحفي للتقديرات الأولية للح�سابات القومية الربعية (الربع الرابع ‪ ،)2007‬رام اهلل‪،‬‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2008‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/PressQ4_A.pdf‬‬
‫•جدول غالء املعي�شة الفل�سطيني‪ ،‬عام ‪ ،2008/1/22 ،2007‬في‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/CPI_ARABIC_%202007.‬‬
‫‪pdf‬‬
‫•جهاز الإح�صاء ي�صدر النتائج الأولية للتجارة اخلارجية الفل�سطينية لل�سلع لعام ‪ ،2006‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/Press_Release6-Arabic.pdf‬‬
‫•د‪� .‬شبانه رئي�س الإح�صاء الفل�سطيني ي�ستعر�ض ح�صاد العام ‪ ،2007‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/h2007.pdf‬‬
‫• د‪� .‬شـبـانـه يعلن عن التنب�ؤات االقت�صادية لعام ‪ ،2008/4/16 ،2008‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pcbs.gov.ps/desktopmodules/NewsScrollArabic/newsscrollView.‬‬

‫‪382‬‬
‫الو�ضع االقت�صادي يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬

‫‪aspx?ItemID=577&mID=11171‬‬
‫• امل�ؤ�رشات الرئي�سية للح�سابات القومية يف باقي ال�ضفة الغربية وقطـاع غزة للفتــرة‬
‫‪ 2006-1994‬بالأ�سعار الثابتة‪� :‬سنة الأ�سا�س ‪.1997‬‬
‫• م�سح القوى العاملة‪ ،‬دورة (ت�رشين �أول‪-‬كانون �أول‪ )2007 ،‬الربع الرابع‪،2007 ،‬‬
‫‪.2008/3/9‬‬
‫• ندوة حول غالء املعي�شة خالل العام ‪ ،2007‬نابل�س‪� ،‬آذار‪ /‬مار�س ‪.2008‬‬
‫‪ .6‬احل�صار والإغالق الإ�رسائيلي و�أثره على قطاع غزة‪ ،‬موقع القد�س �أون الين‪ ،‬نقالً عن مركز‬
‫املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪.2007‬‬
‫‪ .7‬زياد عبد القادر‪ ،‬فل�سطني عا�شت �سبع �سنوات عجاف‪ ،‬ملخ�ص تقرير �صادر عن منظمة �أونكتاد‬
‫التابعة للأمم املتحدة‪.‬‬
‫‪� .8‬سام بحور و�إياد جوده‪�" ،‬أنقذوا القطاع اخلا�ص يف فل�سطني"‪� ،‬شبكة الإنرتنت للإعالم العربي‬
‫(�أمني)‪� ،‬أيلول‪� /‬سبتمرب ‪.2007‬‬
‫‪� . 9‬سمري عبد اهلل‪� ،‬إعادة ربط االقت�صاد الفل�سطيني مبحيطه العربي‪ ،‬مركز املعلومات الوطني‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬الهيئة العامة لال�ستعالمات‪ ،‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪.2004 ،‬‬
‫‪� . 10‬سوق فل�سطني للأوراق املالية‪ ،‬ح�صاد عام ‪.2008/1/28 ،2007‬‬
‫‪ . 11‬غازي ال�صوراين‪" ،‬حالة االقت�صاد الفل�سطيني يف قطاع غزة و�إمكانية التنمية وخلق فر�ص‬
‫عمل يف ظل احل�صار‪ "،‬من ندوة معهد درا�سات التنمية املعقودة يف جامعة الأق�صى‪ ،‬غزة‪،‬‬
‫‪.2007/12/2‬‬
‫‪ . 12‬الغرفة التجارية الفل�سطينية‪ ،‬االقت�صاد الفل�سطيني يخ�رس مليون دوالر يومياً‪ ،‬غزة‪ ،‬ت�رشين‬
‫الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.2007‬‬
‫‪ .13‬القطاع ال�صناعي يف فل�سطني‪ ،‬وزارة االقت�صاد الوطني‪ ،‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .14‬القطاع ال�صناعي يف قطاع غزة على و�شك االنهيار الكامل ج ّراء �سيا�سة احل�صار والإغالق‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬مركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬الهيئة العامة لال�ستعالمات‪ ،‬ال�سلطة الوطنية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.2007‬‬
‫‪ .15‬اللجنة ال�شعبية �ضد احل�صار على فل�سطني‪ ،‬معاناة �أهايل قطاع غزة‪ ،‬كانون الثاين‪ /‬نوفمرب‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ .16‬م�ؤ�س�سة ال�ضمري حلقوق الإن�سان‪ ،‬تقرير ب�ش�أن �سيا�سة دولة االحتالل ب�إغالق قطاع غزة‪،‬‬
‫انظر‪http://www.aldameer.org/report%20aldameer20082.doc :‬‬
‫‪ .17‬ماهر تي�سري الطباع‪ ،‬تقرير اقت�صادي �شامل حول خ�سائر االقت�صاد الفل�سطيني يف حمافظات‬
‫غزة نتيجة �إغالق املعابر خالل الفرتة من ‪ 2007/6/15‬حتى ‪ ،2007/11/10‬ت�رشين الثاين‪/‬‬
‫نوفمرب ‪.2007‬‬
‫‪ .18‬املجل�س االقت�صادي الفل�سطيني للتنمية والإعمار (بكدار)‪:‬‬

‫‪383‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪2007‬‬

‫• درا�سة حول القطاع الزراعي الفل�سطيني ومظاهر التهمي�ش والت�شويه التي تعرتيه‪.2006 ،‬‬
‫• ملخ�ص تقرير‪ :‬البنية التحتية التي حتتاجها التجارة الفل�سطينية‪ ،‬كانون الثاين‪ /‬يناير ‪.2008‬‬
‫‪ .19‬املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني‪ ،‬م�رشوع قانون املوازنة العامة لل�سلطة الوطنية لل�سنة املالية‬
‫‪.2007/1/16 ،2007‬‬
‫‪ .20‬املفو�ضية الأوروبية‪ ،‬تقرير حول �إجمايل امل�ساعدات الأوروبية املقدمة عرب الآلية الدولية‬
‫امل�ؤقتــة‪.2007/7/20 ،‬‬
‫‪ .21‬مرية النابل�سي ون�ضال العالول‪ ،‬االقت�صاد الفل�سطيني يف غرفة الإنعا�ش‪ ،‬موقع اجلزيرة نت‪،‬‬
‫‪.2008/2/26‬‬
‫‪ .22‬نا�رص املعلم‪" ،‬م�س�ؤولية العرب جتاه دعم االقت�صاد الفل�سطيني‪ "،‬جريدة �أخبار اخلليج‪،‬‬
‫البحرين‪.2007/12/11 ،‬‬
‫‪ .23‬نبيل ال�سهلي‪ ،‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية واحل ّد من �أزمة امل�ساعدات الدولية‪ ،‬اجلزيرة نت‪،‬‬
‫‪.2007/2/22‬‬
‫‪ .24‬ور�شة عمل‪ :‬امل�أزق الوطني الفل�سطيني و�سبل اخلروج منه �سيا�سيا ً واقت�صاديا ً و�أمنياً‪ ،‬تنظيم‪:‬‬
‫مركز درا�سات الأ�رسى املحررين (تكوين)‪ ،‬جمعية الأ�رسى املحررين‪ ،‬رام اهلل‪.2007/2/4 ،‬‬
‫‪ .25‬وزارة التخطيط الفل�سطينية‪http://www.mopic.gov.ps :‬‬
‫‪ .26‬وزارة املالية الفل�سطينية‪:‬‬
‫• الإيرادات والنفقات لل�سلطة الوطنية لل�سنة املالية ‪ ،2006‬ال�صفحة الإلكرتونية‪.‬‬
‫• تفا�صيل التمويل اخلارجي ‪ -‬املِنَح‪ ،‬رام اهلل‪.2007 ،‬‬
‫• تـقـرير الدعـم اخلـارجي ملوازنة ال�سـلـطة الوطنـية الفل�سطي ــنية لعـام ‪ ،2007‬الـربعي والن�صف‬
‫�سنوي وال�سنوي‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pmof.ps/news/plugins/spaw/uploads/files/table5%20quarter%20‬‬
‫‪2007%20arabic.pdf‬‬
‫• تقرير العمليات املالية لل�سلطة الوطنية الفل�سطينية ‪ -‬الإيرادات والنفقات وم�صادر التمويل‬
‫(�أ�سا�س النقدي) ‪ ،2007‬الربعي والن�صف �سنوي وال�سنوي باملقارنة مع عام ‪ ،2006‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pmof.ps/news/plugins/spaw/uploads/files/table3%20quarter%20‬‬
‫‪2007%20arabic.pdf‬‬
‫• املنح وامل�ساعدات اخلارجية عام ‪ ،2006‬ال�صفحة الإلكرتونية‪.‬‬
‫‪ .27‬الو�ضع االقت�صادي العام والتطورات امل�رصفية والتطوير الذي ت�شهده �سلطة النقد‪ ،‬ملتقى‬
‫رجال الأعمال الفل�سطيني يف مدينة اخلليل‪� ،‬آذار‪ /‬مار�س ‪.2008‬‬
‫‪.‬‬
‫‪Palestinian National Authority, Building‬‬ ‫‪a Palestinian State: Towards Peace� .288‬‬
‫‪and Prosperity, Paris, 17/12/2007‬‬

‫‪384‬‬

You might also like