You are on page 1of 301

‫‪øe’C G ∞∏e‬‬

‫‘ ‪á«æ«£°ù∏ØdG á£∏°ùdG‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪äGOGQ’E G ´Gô°U‬‬
‫‪¢SɪMh íàØd »æe’C G ∑ƒ∏°ùdG‬‬
‫‪á«æ©ŸG ±GôW’C Gh‬‬
‫‪2007 – 2006‬‬
‫حترير‬
‫د‪ .‬م�صن ممد �ص�لح‬

‫اإعداد‬
‫مرمي عيت�ين‬ ‫ح�صن �بحي�ص‬
‫و�ئل �صعد‬ ‫معني م ّن�ع‬

‫مركز الزيتونة للدرا�سات وال�ست�سارات ‪ -‬بريوت‬


‫)‪The Security File of the Palestinian Authority (2‬‬
‫‪Conflict of Wills between Fatah and Hamas and other‬‬
‫‪Relevant Parties 2006-2007‬‬

‫‪Editor:‬‬
‫‪Dr. Mohsen M. Saleh‬‬

‫‪Contributors:‬‬
‫‪Hasan Ibhais‬‬
‫‪Mariam Itani‬‬
‫‪c‬‬

‫‪Mucin Mannaac‬‬
‫‪Wa il Sacad‬‬
‫‪c‬‬

‫حقوق الطبع حمفوظة‬


‫الطبعة أالوىل‬
‫‪ 2008‬م ‪ 1429 -‬هـ‬
‫بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪ISBN 978 - 9953 - 500 - 05 - 8‬‬
‫مُينع ن�سخ �أو ا�ستعمال �أي جزء من هذا الكتاب ب أ�ي و�سيلة ت�صويرية �أو �إلكرتونية �أو‬
‫ميكانيكية مبا يف ذلك الت�سجيل الفوتوغرايف‪ ،‬والت�سجيل على �أ�رشطة �أو �أقرا�ص مدجمة‬
‫خطي من النا�رش‪.‬‬‫�أو �أي و�سيلة ن�رش �أخرى �أو حفظ املعلومات وا�سرتجاعها دون �إذن ّ‬
‫تعب بال�رضورة عن وجهة نظر مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات)‬ ‫آ‬
‫(الراء الواردة يف الكتاب ال رّ‬

‫مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬


‫�ص‪.‬ب ‪ 14-5034 :‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫تلفون ‪+961 1 303 644 :‬‬
‫تلفاك�س ‪+961 1 303 643:‬‬
‫بريد �إلكرتوين‪info@alzaytouna.net :‬‬
‫املوقع‪www.alzaytouna.net :‬‬
‫ت�صميم الغالف‬
‫احلارث عدلوين‬
‫مرمي غالييني‬
‫طباعة‬
‫‪Golden Vision sarl +961 1 362987‬‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫فهر�س املحتويات‬

‫فهر�س املحتويات ‪3 ................................................‬‬


‫املقدمة ‪7 .........................................................‬‬
‫الول‪ :‬ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬ ‫الف�صل أ‬
‫�أوالً‪ :‬املواقف والت�رصيحات‪11 ................................‬‬
‫‪ .1‬انتخابات املجل�س الت�رشيعي‪11 ........................‬‬
‫‪ .2‬ت�شكيل احلكومة الفل�سطينية العا�رشة‪16.................‬‬
‫‪ .3‬فتح ووثيقة أ‬
‫ال�رسى ‪19 ..............................‬‬
‫‪ .4‬حوار ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪24...............‬‬
‫‪ .5‬فتح وحكومة الوحدة الوطنية‪33 ......................‬‬
‫‪ .6‬فتح واحل�سم الع�سكري‪38............................‬‬
‫‪ .7‬فتح وم ؤ�متر �أنابولي�س‪46 ..............................‬‬
‫ثانياً‪ :‬االتهام باالعتداءات واالغتياالت‪52.......................‬‬
‫وال�رضابات‪66 ...............................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬املظاهرات إ‬
‫رابعاً‪ :‬التمويل املايل‪75 ........................................‬‬
‫خام�ساً‪ :‬الت�سليح والتدريب وجتنيد العنا�رص ‪79 ...................‬‬
‫�ساد�ساً‪ :‬االنق�سامات الداخلية يف فتح وانعكا�ساتها أ‬
‫المنية‪90 ......‬‬
‫خال�صة ‪101.................................................‬‬
‫الف�صل الثاين‪ :‬ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حلما�س‬
‫�أو ً‬
‫الً‪ :‬حما�س واالنتخابات الت�رشيعية‪107 .......................‬‬
‫ثانياً‪ :‬حما�س و احلكومة الفل�سطينية العا�رشة‪109 .................‬‬

‫‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ثالثاً‪ :‬حما�س ووثيقة أ‬


‫ال�رسى ‪114 .............................‬‬
‫رابعاً‪ :‬حما�س والبحث يف ت�شكيل حكومة الوحدة‪118 ..........‬‬
‫خام�ساً‪ :‬حما�س وحكومة الوحدة الوطنية‪127 ..................‬‬
‫�ساد�ساً‪ :‬حما�س واحل�سم الع�سكري‪134 ........................‬‬
‫�سابعاً‪ :‬حما�س وحكومة الطوارئ‪142 .........................‬‬
‫ثامناً‪ :‬حما�س وم ؤ�متر �أنابولي�س‪157 ............................‬‬
‫تا�سعاً‪ :‬حما�س‪ :‬التمويل والتدريب ‪164 ........................‬‬
‫خال�صة ‪167 ................................................‬‬
‫الف�صل الثالث‪� :‬رصاع ال�صالحيات‬
‫مقدمة‪173 ........................................................‬‬
‫�أوالً‪:‬الرئي�س عبا�س وال�صالحيات أ‬
‫المنية قبل فوز حما�س‪174.....‬‬
‫ثانياً‪:‬ال�صالحيات أ‬
‫المنية بعد فوز حما�س‪176 ......................‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪177 ..............‬‬ ‫المنية و�إدارة أ‬
‫‪ .1‬التعيينات أ‬
‫‪� .2‬إدارة املعابر‪179 ...........................................‬‬
‫‪ .3‬القوة التنفيذية‪180 ........................................‬‬
‫‪ .4‬اخلطة أ‬
‫المنية‪185 .........................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ال�صالحيات أ‬
‫المنية بعد �إعالن حكومة الطوارئ‪186.........‬‬
‫خال�صة‪191 .........................................................‬‬
‫الف�صل الرابع‪ :‬موقف الف�صائل الفل�سطينية‬
‫مقدمة‪195 ..........................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬الف�صائل واحلكومة العا�رشة ‪196 ..............................‬‬
‫ثانياً‪ :‬الف�صائل وحكومة الوحدة الوطنية‪200 .......................‬‬

‫‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫ثالثاً‪ :‬الف�صائل بعد احل�سم ‪203......................................‬‬


‫خال�صة ‪205 ........................................................‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫الف�صل اخلام�س‪ :‬املوقف إ‬
‫�أوالً‪ :‬املواقف والت�رصيحات والتحري�ض‪209........................‬‬
‫ثانياً‪ :‬احلمالت الع�سكرية وحمالت االعتقال واالغتيال‪222 .......‬‬
‫‪ .1‬احلمالت الع�سكرية‪222...................................‬‬
‫‪ .2‬االعتقاالت‪226 ...........................................‬‬
‫‪ .3‬االغتياالت ‪228 ...........................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التمويل ‪234 ..................................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬التن�سيق أ‬
‫المني مع الرئا�سة وعنا�رص فتح وال�سلطة ‪236 .......‬‬
‫خال�صة ‪247 ........................................................‬‬
‫ال�سالمي والدويل‬
‫الف�صل ال�ساد�س‪ :‬املوقف العربي و إ‬
‫مقدمة‪251 .................................................‬‬

‫�أوالً‪ :‬املوقف العربي إ‬


‫وال�سالمي ‪252 ..........................‬‬
‫‪ .1‬اجلامعة العربية ‪252 .................................‬‬
‫‪ .2‬م�رص‪256 ..........................................‬‬
‫‪ .3‬أ‬
‫الردن ‪264 ........................................‬‬
‫‪ .4‬دول جمل�س التعاون اخلليجي‪270......................‬‬
‫ال�سالمي ‪275 ..............................‬‬
‫‪ .5‬املوقف إ‬
‫ثانياً‪ :‬املوقف الدويل‪277 .....................................‬‬
‫‪ .1‬الواليات املتحدة أ‬
‫المريكية ‪277 ......................‬‬
‫‪� .2‬أوروبا‪288 .........................................‬‬

‫‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ .3‬رو�سيا ‪293 ........................................‬‬


‫‪ .4‬أ‬
‫المم املتحدة ‪294 ...................................‬‬
‫خال�صة ‪298 ................................................‬‬

‫‬
‫املقدمة‬

‫املقدمة‬
‫هذا هو اجلزء الثاين من درا�سة ت�ستهدف ت�سليط ال�ضوء على امللف‬
‫الول قد ا�ستعر�ض تطورات‬ ‫المني يف ال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬وكان اجلزء أ‬
‫أ‬
‫الحداث أ‬
‫المنية يف ال�سلطة منذ فوز حما�س يف االنتخابات يف �أوائل‬ ‫أ‬
‫�سنة ‪ 2006‬وحتى �أواخر �سنة ‪� .2007‬أما هذا اجلزء فهو يدر�س ال�سلوك‬
‫للطراف املعنية بهذا امللف‪ .‬وي�سلط ال�ضوء على ال�سلوك أ‬
‫المني‬ ‫أ‬
‫المني أ‬
‫حلركة فتح‪ ،‬وعلى ما نُ�سب �إليها من ممار�سات‪ ،‬خ�صو�ص ًا و�أنها اجلهة‬
‫المنية لل�سلطة‪ .‬كما يركز على ال�سلوك أ‬
‫المني‬ ‫الجهزة أ‬
‫املهيمنة على أ‬
‫حلركة حما�س‪ ،‬وما نُ�سب �إليها من ممار�سات‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف �إثر قيادتها‬
‫للحكومة الفل�سطينية‪ ،‬ويف �إثر �سيطرتها على قطاع غزة‪.‬‬
‫وبالطبع فقد �أخذ الف�صالن املتعلقان بفتح وحما�س ن�صيب ًا كبري َاً من‬
‫المني لفرتة الدرا�سة‪ .‬وحتى يتم‬ ‫الدرا�سة‪ ،‬لكونهما حَم َّط الرتكيز يف امللف أ‬
‫ا�ستكمال ال�صورة‪ ،‬فقد �أ�ضيفت ف�صول �أقل حجم ًا‪ ،‬فكان هناك ف�صل‬
‫عن �رصاع ال�صالحيات بني رئا�سة ال�سلطة‪ ،‬وبني احلكومة التي تقودها‬
‫ال�رسائيلي‪ ،‬و�آخر حول‬ ‫حما�س‪ .‬وكان هناك ف�صل حول ال�سلوك أ‬
‫المني إ‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني العربي والدويل‪.‬‬
‫نحن ندرك احل�سا�سية ال�شديدة ملثل هذه الدرا�سات‪ ،‬خ�صو�ص ًا عندما‬
‫ت�صدر يف مثل هذه أ‬
‫الو�ضاع غري امل�ستقرة يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬والتي‬
‫تكرث فيها االتهامات املتبادلة واالنق�سامات‪ .‬لقد كان هناك تنازع بني رغبتنا‬
‫يف ت�سليط ال�ضوء على هذه املرحلة من خالل درا�سة علمية مو�ضوعية تهم‬
‫الكثريين‪ ،‬وبني احلاجة رمبا ملزيد من الوقت حتى تهد�أ النفو�س‪ ،‬وينك�شف‬

‫‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الغبار عن مزيد من املعلومات واحلقائق‪ .‬غري �أننا �آثرنا �إ�صدار هذه الدرا�سة‬
‫لعلها ت�ضع بع�ض النقاط على احلروف‪ ،‬وت�سهم يف مللمة ال�صورة العامة‬
‫للملف أ‬
‫المني الفل�سطيني يف هذه املرحلة احل�سا�سة‪ ،‬بينما ما تزال الكثري‬
‫والحداث حا�رضة يف أ‬
‫الذهان‪ .‬ولعل هذه الدرا�سة جتد‬ ‫من املعلومات أ‬
‫وال�ضافة والتدقيق يف طبعات قادمة‪.‬‬
‫طريقها للتحديث إ‬
‫ال بد من التنويه ب�شكل خا�ص �إىل اجلهد املميز الذي قام به الزميل‬
‫ح�سن ابحي�ص يف �إعداد الف�صل املتعلق بفتح والف�صل املتعلق بـ “�إ�رسائيل”‪،‬‬
‫بد من التنويه �إىل اجلهد املميز الذي قام به الزميل وائل �سعد يف‬
‫كما ال ّ‬
‫�إعداد الف�صل املتعلق بحما�س‪ ،‬والف�صل املتعلق بالف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬ويف‬
‫الخرى‪ .‬وال�شكر مو�صول للزميلة مرمي عيتاين‬ ‫دعم الكتابة يف الف�صول أ‬
‫على �إعدادها الف�صل املتعلق ب�رصاع ال�صالحيات‪ ،‬وللزميل معني م ّناع على‬
‫�إعداده الف�صل املتعلق باجلانب العربي والدويل‪.‬‬
‫غنية باملعلومات املوثقة‪ ،‬وهي تغطي الفرتة من‬
‫وبالطبع‪ ،‬ف إ�ن الدرا�سة ّ‬
‫كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2006‬وحتى �آذار‪ /‬مار�س ‪ .2008‬وكما ن ؤ�كد دائم ًا‪،‬‬
‫ن�صح �أو توجي ٍه �أو نقدٍ ب ّناء‪.‬‬
‫ف إ�ن ال�صدر مفتوح لكل ٍ‬
‫املحرر‬
‫حم�سن �صالح‬

‫‬
‫الف�صل أ‬
‫الول‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني‬

‫حلركة فتح‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الول‪ :‬ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬ ‫الف�صل أ‬
‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬املواقف والت�صريحات‪:‬‬

‫‪ .1‬انتخابات املجل�س الت�شريعي‪:‬‬


‫ُيح�سب حلركة فتح وقيادتها �إ�رصارها على �إجراء انتخابات املجل�س‬
‫الت�رشيعي لل�سلطة‪ ،‬وعلى تنفيذها ب�شكل نزيه و�شفَّاف‪ .‬كما يح�سب لها‬
‫عدم ا�ستجابتها ل�ضغوط ا�ستبعاد حما�س من االنتخابات‪ ،‬وعدم ا�ستجابتها‬
‫مرة �أخرى‪ ،‬بعد‬‫كذلك لرغبات بع�ض عنا�رصها بت أ�جيل االنتخابات َّ‬
‫الت أ�جيل الذي ح�صل يف متوز‪ /‬يوليو ‪.2005‬‬
‫كان التيار العام يف فتح مطمئن ًا للفوز يف االنتخابات‪ ،‬على الرغم من‬
‫بع�ض املخاوف التي �أبداها البع�ض‪ ،‬ب�سبب ت�صاعد �شعبية حما�س �أو ب�سبب‬
‫نزول مر�شحني من فتح من خارج قوائمها املعتمدة‪ ،‬ومناف�ستهم لزمالئهم‬
‫يف الدوائر االنتخابية‪.‬‬
‫العالمي جتاه‬
‫بنوع من الت�صعيد إ‬‫ٍ‬ ‫ات�سمت احلملة االنتخابية لفتح‬
‫حركة حما�س وحماولة التقليل من جتربتها و�إجنازاتها وقدرتها على تنفيذ‬
‫براجمها‪ .‬كما متيزت بالثقة الكبرية بالفوز يف االنتخابات‪ ،‬وت�صوير فكرة‬
‫خ�سارة حركة فتح على �أنها �أمر م�ستبعد‪ ،‬على الرغم من الت�رصيحات‬
‫التي �أظهرت ا�ستعدادها لقبول النتائج التي �ستحملها �صناديق االقرتاع‪.‬‬
‫�شن حممد دحالن‪ ،‬الذي كان مناف� ًسا رئي�سي ًا‬
‫ففي ‪ّ 2006/1/15‬‬
‫حلما�س‪ ،‬يف خان يون�س يف قطاع غزة‪ ،‬هجوم ًا عنيف ًا على حركة حما�س‪،‬‬
‫من خالل اتهامها بتقدمي التنازالت خلدمة م�صاحلها ال�سيا�سية‪ّ ،‬‬
‫حمذراً حركة‬
‫فتح من خ�سارة االنتخابات بقوله‪“ :‬لي�س يف و�سعنا احلديث عن ذلك‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ألنه لن يكون لنا مكان يف هذا البلد” ‪ .‬ويف ‪ّ 2006/1/18‬‬


‫حمل د‪.‬نبيل‬ ‫‬

‫�شعث‪ ،‬الذي توىل �إدارة احلملة االنتخابية حلركة فتح‪ ،‬حركة حما�س كامل‬
‫س�ولية عن ا�ستمرار حاالت الفلتان أ‬
‫المني يف ال�شارع الفل�سطيني‬ ‫امل� ؤ‬
‫وخ�صو�ص ًا يف قطاع غزة‪ ،‬من خالل م�ساعدتها ودعمها لن�شوء جماعات‬
‫م�سلحة كثرية وعديدة‪ ،‬أ‬
‫المر الذي قاد فيما بعد �إىل �إ�ضعاف قدرة ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية و�أجهزتها على ال�سيطرة على ال�شارع‪ .‬ورف�ض �شعث يف حديثه‬
‫التطرق لطبيعة الثمن الذي قد يرتتب على فوز حما�س يف االنتخابات‪،‬‬
‫واكتفى بالقول �إن حركة فتح �سوف تقبل �أن تكون يف املعار�ضة‪ ،‬م ؤ�كداً‬
‫يف الوقت ذاته ثقته الكاملة بفوز حركته‪ .‬كما �أ�شارت جريدة احلياة‬
‫اللندنية يف ‪� 2006/1/24‬إىل وثيقة داخلية يف فتح‪� ،‬أو�صت فيها كوادرها‬
‫بالرتكيز على �سلبيات حما�س و�أخطائها‪.‬‬
‫ّ‬
‫�شكلت نتيجة االنتخابات مفاج أ�ة حلركة فتح‪ ،‬فجاءت بعك�س ما‬
‫كانت واثقة من ح�صوله‪ .‬ومنذ اليوم التايل إلعالن النتائج أ‬
‫الولية‬
‫لالنتخابات‪ ،‬التي �أظهرت فوز حما�س بغالبية مقاعد املجل�س الت�رشيعي‪،‬‬
‫برزت لهجة ت�صعيدية يف مواقف فتح من حما�س وم�شاركتها يف‬
‫ال�سلطة؛ حيث نفى �صائب عريقات �أن يكون يف نية فتح امل�شاركة‬
‫يف �أي حكومة ت�شكلها حما�س‪ .‬يف حني قال حممد دحالن خالل‬
‫م�سرية نظمها م�سلحون من حركة فتح‪� ،‬إنه من العار على فتح �أن‬

‫ جريدة القد�س العربي‪ ،‬لندن‪.2006/1/16 ،‬‬


‫ جريدة �أخبار اخلليج‪ ،‬البحرين‪.2006/1/19 ،‬‬
‫ جريدة احلياة‪ ،‬لندن‪.2006/1/24 ،‬‬
‫ احلياة‪.2006/1/27 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ت�شارك يف حكومة تقودها حما�س‪ ،‬و�أ�ضاف‪“ :‬نحن �سنكون معار�ضة‬


‫�شديدة وقوية‪ ،‬و�إذا فكر �أي �شخ�ص مهما عال �ش أ�نه‪ ،‬يف �أن يقرتب‬
‫من وظيفة �أي مواطن �سيكون قد ارتكب اخلط أ� أ‬
‫الخري يف حياته”‪.‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من املوقف الذي �أعرب عنه الرئي�س‬
‫حممود عبا�س يف يوم االنتخابات‪ ،‬والذي �أكد فيه قبول نتائجها مهما‬
‫كانت‪ ،‬ف إ�ن الكلمة التي وجهها لل�شعب الفل�سطيني عند ت�سلمه تلك‬
‫النتائج ت�ضمنت جمموعة �إ�شارات موجهة ب�شكل غري مبا�رش �إىل حركة‬
‫حما�س‪ ،‬من بينها التذكري ب أ�نه رئي�س منتخب وفق برنامج قائم على‬
‫وال�شارة �إىل‬ ‫ّ‬
‫واحلل ال�سلمي لل�رصاع مع “�إ�رسائيل”‪ ،‬إ‬ ‫نهج املفاو�ضات‬
‫االتفاقيات املوقعة معها‪ ،‬مبا فيها �أو�سلو ‪ Oslo Agreement‬وخريطة‬
‫وحث احلكومة‬
‫ّ‬ ‫بال�ضافة �إىل قرارات القمم العربية والتزامه بها‪،‬‬
‫الطريق‪ ،‬إ‬
‫ال�رسة الدولية والر�أي العام العاملي‪.‬‬‫القادمة على العمل لك�سب ثقة أ‬
‫وميكن القول �إن هذا اخلطاب احتوى اخلطوط الرئي�سية ملوقف الرئي�س‬
‫عبا�س من حركة حما�س يف الفرتات الالحقة؛ حيث احتوى دعوات‬
‫غري مبا�رشة حلما�س لتبني برناجمه ال�سيا�سي‪ ،‬ولتقدمي تنازالت لك�سب‬
‫الت أ�ييد الدويل‪ .‬وقد �أخذت هذه الدعوات �صورة �أكرث مبا�رشة وو�ضوح ًا‬
‫يف وقت الحق؛ من خالل كتاب التكليف الذي �س ّلمه عبا�س إل�سماعيل‬
‫هنية يف ‪ 2006/2/21‬ودعا فيه احلكومة �إىل العمل وفق ًا لاللتزامات‬

‫ جريدة أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/1/28 ،‬‬
‫ احلياة‪.2006/1/26 ،‬‬
‫ موقع عرب ‪.2006/1/27 ،48‬‬

‫‪13‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫التي وردت يف خطابه �أمام املجل�س الت�رشيعي يف جل�سته االفتتاحية‪.‬‬


‫الجراءات التي و�ضعت‬ ‫�إىل جانب ذلك‪ ،‬اتخذ الرئي�س عبا�س عدداً من إ‬
‫وجردت احلكومة املقبلة من �أي �صالحية‬‫ّ‬ ‫ال�صالحيات أ‬
‫المنية يف يده‪،‬‬
‫المني‪ .‬وقد جاء �أول هذه إ‬
‫الجراءات يف ‪،2006/1/28‬‬ ‫فعلية يف املجال أ‬
‫�أي بعد يوم واحد فقط من �إعالن نتائج االنتخابات؛ حيث عقد عبا�س‬
‫المنية �أنهم خا�ضعون له ولي�س للحكومة‬ ‫الجهزة أ‬‫اجتماع ًا �أبلغ فيه قادة أ‬
‫املقبلة‪ ،‬و�أمرهم بتقدمي تقاريرهم له �شخ�صي ًا‪ .‬وهو موقف �أ ّكد عليه عبا�س‬
‫يف حوار مع جريدة “كل العرب” يف ‪ ،2006/2/24‬حني �أعرب عن‬
‫يتم تقا�سم ال�سيطرة على أ‬
‫المن بني هذا الطرف وذاك”‪.‬‬ ‫�أنه يف�ضل “�أال ّ‬
‫و�أ�ضاف �أنه “عند ّ‬
‫اجلد‪ ،‬الرئا�سة هي �صاحبة القرار”‪.10‬‬
‫وبعد �أيام من ت�شكيل احلكومة اجلديدة‪� ،‬أ�صدر الرئي�س عدة قرارات‬
‫والدارة العامة‬
‫المن الداخلي إ‬ ‫س�ولية كل من أ‬ ‫�أخرى‪ّ ،‬‬
‫تن�ص على نقل م� ؤ‬
‫للمعابر واحلدود للرئا�سة مبا�رشة‪ ،‬بعد �أن كانت تابعة لوزارة الداخلية‪،‬‬
‫للمن الداخلي‪ ،‬والذي ي�شمل �أجهزة أ‬
‫المن‬ ‫وبتعيني ر�شيد �أبو �شباك مديراً أ‬
‫الوقائي وال�رشطة والدفاع املدين التي تتبع لوزارة الداخلية‪ ،11‬دون الت�شاور‬
‫ين�ص على �أن‬
‫ال�سا�سي ّ‬‫مع احلكومة �أو وزير الداخلية‪ ،‬علم ًا �أن القانون أ‬
‫ين�سبه وزير الداخلية لهذا املن�صب‪ ،‬وال يعطيه‬
‫ي�صادق الرئي�س على من ِّ‬
‫�صالحية التعيني فيه دون موافقة الوزير واحلكومة‪.‬‬

‫عمان‪.2006/2/28 ،‬‬
‫جريدة ال�سبيل‪ّ ،‬‬
‫‬

‫الخبارية أ‬
‫المريكية �سي �إن �إن‪.2006/1/29 ،‬‬ ‫ موقع القناة إ‬
‫‪ 10‬جريدة كل العرب‪ ،‬النا�رصة‪.2006/2/24 ،‬‬
‫المارات‪ ،‬وجريدة ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪ ،‬لندن‪.2006/4/7 ،‬‬ ‫‪ 11‬جريدة اخلليج‪ ،‬إ‬

‫‪14‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الجراءات كانت �سبب ًا يف �إيجاد �أزمة �رصاع‬


‫ال�شارة �إىل �أن هذه إ‬
‫وجتدر إ‬
‫ال�صالحيات‪ ،‬التي ت�صاعدت بني الرئا�سة واحلكومة التي �شكلتها حركة‬
‫حما�س‪ ،‬ومتحورت حول ال�صالحيات أ‬
‫المنية‪.‬‬
‫من جهة �أخرى‪ ،‬كان من الالفت لالنتباه �أنه برز يف تلك الفرتة تكرار‬
‫ا�ستخدام م�صطلح “انقالب” من قبل حركة فتح يف و�صف �سيا�سات حركة‬
‫حما�س؛ ملخالفتها الربنامج ال�سيا�سي الذي تبنته قيادة ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫المر‬‫حتى ذلك الوقت‪ ،‬وملعار�ضتها تو�سيع �صالحيات الرئي�س‪ .‬وجند هذا أ‬
‫عد �صائب عريقات يف‬ ‫وا�ضح ًا يف ت�رصيحات عدد من قياديي فتح‪ ،‬فقد ّ‬
‫‪ 2006/2/19‬رف�ض حما�س �سيا�سات حممود عبا�س انتهاك ًا للد�ستور‪ ،‬وقال‬
‫�إنه عندما يكلف الرئي�س �شخ�صية لت�شكيل احلكومة املقبلة �سيكلفه وفق‬
‫برناجمه ال�سيا�سي‪ ،‬و�إذا رف�ض املجل�س الت�رشيعي احلكومة‪ ،‬فهذا يعني �أنه‬
‫للزمة‪ .12‬ويف ‪ 2006/3/20‬و�صف‬ ‫�سيكون هناك انقالب �أحمر وبداية أ‬
‫�أحمد عبد الرحمن‪ ،‬الناطق با�سم فتح‪ ،‬احلكومة التي كانت حما�س ب�صدد‬
‫ت�شكيلها ب أ�نها متثل انقالب ًا �سيا�سي ًا خطرياً على ال�سلطة‪ ،‬وذلك يف معر�ض‬
‫تربيره رف�ض حركته االن�ضمام لتلك احلكومة‪ ،‬وعزا ذلك �إىل �أن حركة‬
‫حما�س رف�ضت االعرتاف مبنظمة التحرير الفل�سطينية كممثل �رشعي‬
‫ووحيد لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ورف�ضت وثيقة اال�ستقالل الوطني؛ كما‬
‫رف�ضت االعرتاف بالقانون أ‬
‫ال�سا�سي لل�سلطة الوطنية‪ ،‬وباالتفاقات التي‬
‫عقدتها ال�سلطة‪ ،‬وكذلك رف�ضت قرارات ال�رشعية الدولية‪.13‬‬

‫‪ 12‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/2/19 ،‬‬
‫‪ 13‬جريدة احلياة اجلديدة‪ ،‬فل�سطني‪.2006/3/21 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ .2‬ت�شكيل احلكومة الفل�سطينية العا�شرة‪:‬‬


‫وا�صلت مواقف م ؤ��س�سة الرئا�سة وحركة فتح يف هذه املرحلة م�سارها‬
‫ال�سابق نف�سه‪ ،‬بال�ضغط على حركة حما�س يف اجتاه وجوب التزام‬
‫احلكومة بربنامج منظمة التحرير‪ ،‬على الرغم من وجود بع�ض الت�رصيحات‬
‫“الهادئة” الداعية إلعطاء حكومة حما�س فر�صتها قبل �إ�صدار أ‬
‫الحكام‪.‬‬
‫فقبل يومني من ح�صول احلكومة التي �شكلتها حركة حما�س على ثقة‬
‫�شدد عبا�س عقب لقائه الرئي�س امل�رصي ح�سني‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ّ ،‬‬
‫مبارك يف ‪ 2006/3/26‬يف �رشم ال�شيخ على �رضورة تعديل برنامج تلك‬
‫احلكومة‪ ،‬كي تبعد عن ال�شعب الفل�سطيني �شبح العزلة الدولية واملحلية‪.‬‬
‫و�أكد �أن منظمة التحرير الفل�سطينية تبقى املمثل ال�رشعي والوحيد لل�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬واملظلة واملرجعية الر�سمية لل�سلطة‪ .14‬وعلى الرغم من ت أ�كيده‬
‫يف اليوم التايل التزام م ؤ��س�سة الرئا�سة الكامل مب�ساندة حكومة حما�س‪،‬‬
‫و�إعطائها الفر�صة كاملة ملمار�سة �صالحياتها املن�صو�ص عليها يف القانون‬
‫أ‬
‫ال�سا�سي‪� ،15‬إال �أن عبا�س قال يف ‪� 2006/3/29‬إن �أمام حما�س �شهوراً قليلة‬
‫لتعديل برناجمها ليتفق مع برنامج منظمة التحرير الذي يعرتف بـ “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫و�أ�ضاف‪“ :‬على املدى البعيد ال بد للحكومة الفل�سطينية �أن توائم برناجمها‬
‫مع برنامج ال�سلطة حتى ال ن�ضع �شعبنا يف م أ�زق‪ ،‬فلي �صالحيات ال �أريد‬
‫�أن �أ�ستعملها لكي ال �أعطل عملها”‪ .16‬ويف ال�سياق نف�سه‪ ،‬ر�أى �أحمد عبد‬

‫‪ 14‬احلياة‪.2006/3/27 ،‬‬
‫المارات‪.2006/3/28 ،‬‬
‫‪ 15‬جريدة االحتاد‪ ،‬إ‬
‫‪ 16‬جريدة ال�رشق‪ ،‬قطر‪.2006/3/30 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الرحمن الناطق با�سم حركة فتح يف ‪� 2006/4/8‬أن �سبب امل أ�زق الذي كان‬
‫يواجهه ال�شعب الفل�سطيني يف تلك املرحلة هو �أن برنامج حركة حما�س‬
‫ال عن الربنامج الوطني الفل�سطيني‪ ،‬و�أن احلركة مل تدرك‬
‫و�ضع ليكون بدي ً‬
‫�أهمية االلتزام بربنامج القوا�سم امل�شرتكة الوطنية الذي �صدر عام ‪.171988‬‬
‫من جهة �أخرى‪ ،‬برز موقف ملفت للرئي�س عبا�س من عمليات املقاومة‬
‫يف ‪ ،2006/4/17‬حيث نفذت �رسايا القد�س اجلناح الع�سكري حلركة‬
‫ال�سالمي يف ذلك اليوم عملية ا�ست�شهادية يف تل �أبيب �أوقعت‬
‫اجلهاد إ‬
‫ت�سعة قتلى‪ ،‬ر�آها عبا�س “عملية �إرهابية” وو�صفها ب أ�نها “حقرية”‪ .18‬هذا‬
‫س�ول فل�سطيني جتاه هذه العمليات‪� ،‬أ�سهم‬
‫املوقف غري امل�سبوق من �أي م� ؤ‬
‫يف تعزيز النظرة لعبا�س على �أنه يبتعد كثرياً عن جممل مواقف التيارات‬
‫الوطنية الفل�سطينية يف التعامل معها‪ .‬وقد رف�ضت الف�صائل الفل�سطينية‬
‫ت�رصيحات عبا�س وطالبته باالعتذار لل�شعب الفل�سطيني‪.19‬‬

‫�ضاقت حكومة حما�س ذرع ًا إ‬


‫بالجراءات التي اتخذها عبا�س لنزع‬
‫عدد من �صالحياتها‪ ،‬كما �ضاقت بالعديد من مظاهر عدم تعاون أ‬
‫الجهزة‬
‫أ‬
‫المنية معها‪ ،‬ولذلك اتخذ وزير الداخلية �سعيد �صيام قراراً بت�شكيل القوة‬
‫التنفيذية يف ‪ .202006/4/20‬وهو قرار �شكل مف�ص ً‬
‫ال رئي�سي ًا يف �رصاع‬
‫والزمة بني حركتي فتح‬ ‫ال�صالحيات بني م ؤ��س�ستي الرئا�سة واحلكومة‪ ،‬أ‬

‫جريدة الر�أي‪ّ ،‬‬


‫عمان‪.2006/4/9 ،‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ 18‬اخلليج‪.2006/4/18 ،‬‬
‫‪ 19‬اخلليج‪.2006/4/19 ،‬‬
‫‪ 20‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/4/21 ،‬‬

‫‪17‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫منحى ت�صعيدي ًا‪ .‬حيث‬


‫ً‬ ‫وحما�س‪ ،‬و�أخذت مواقف فتح والرئا�سة بعده‬
‫وعده غري د�ستوري وخمالف ًا للقانون‪ ،‬ور�أى‬
‫�أعلن عبا�س �إلغاء هذا القرار ّ‬
‫فيه يا�رس عبد ربه‪� ،‬أمني �رس اللجنة التنفيذية ملنظمة التحرير واملح�سوب‬
‫على تيار الرئا�سة‪ ،‬حماولة من حما�س ل�رشعنة املجموعات امل�سلحة التابعة‬
‫لها‪ ،‬و�أ�ضاف �أنه “ينذر ب�رصاعات نحن بغنى عنها”‪ .21‬ومن جهة �أخرى‪،‬‬
‫ال و�إف� ً‬
‫شاال لعمل‬ ‫عبرَّ خالد م�شعل عن �ضيق حركة حما�س مما تراه تعطي ً‬
‫حكومتها من قبل الرئا�سة ومن عنا�رص حم�سوبة على فتح‪ ،‬ف أ�لقى خطاب ًا‬
‫�شن فيه هجوم ًا الذع ًا ّ‬
‫�ضد عبا�س ومن‬ ‫�شديد اللهجة يف ‪ّ ،2006/4/21‬‬
‫�أ�سماهم أ‬
‫بالذناب يف ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬متهم ًا �إياهم بت�شكيل حكومة‬
‫موازية؛ تهدف للت�آمر واالنقالب ع�سكري ًا و�أمني ًا ّ‬
‫�ضد حكومة حما�س‪.‬‬
‫وهو ما �أطلق عا�صفة من الت�رصيحات امل�ضا ّدة من قبل حركة فتح‪ ،‬ت�ضمنت‬
‫جتريح ًا وهجوم ًا مبا�رشاً و�شخ�صي ًا على خالد م�شعل؛ فقد �أ�صدرت احلركة‬
‫عدت فيه حديث م�شعل “خطاب فتنة ي�سعى �إىل توتري أ‬
‫الجواء يف‬ ‫بيان ًا ّ‬
‫ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬وتدبري حرب �أهلية ب أ�وامر من �أ�سياده الذين يريدون‬
‫فتح معارك جانبية يف فل�سطني؛ لتحقيق �أهداف خا�صة بهم”‪ ،‬وقالت �إنه‬
‫جاء لي ؤ�كد �أن م�شعل “كان وما يزال ي�سعى �إىل �إراقة الدم الفل�سطيني”‪.‬‬
‫و�أ�ضاف البيان‪“ :‬جاء هذا اخلطاب اله�ستريي من �شخ�ص اعتقد البع�ض‬
‫الخرية‪ ،‬لكنه ك�شف‬ ‫س�ولية بعد االنتخابات الت�رشيعية أ‬‫�أنه �سيكون �أكرث م� ؤ‬
‫حقيقته ب أ�نه لي�س �أكرث من �أداة رخي�صة لتدمري النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني‬
‫وال�سلطة الوطنية الفل�سطينية”‪ .‬وهو نف�س ما ذهب �إليه امل�ست�شار الرئا�سي‬

‫‪ 21‬اخلليج‪ ،‬وال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/4/22 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫�أحمد عبد الرحمن‪ ،‬الذي اتهم م�شعل بالتحري�ض على الفتنة‪ ،‬ودفع‬
‫أ‬
‫الو�ضاع نحو حرب �أهلية فل�سطينية‪ .‬كما قال �صائب عريقات �إن‬
‫اخلطاب كان خطرياً جداً‪ ،‬مطالب ًا حما�س ب إ�عالن تراجعها عنه فوراً‪،‬‬
‫ومهاجم ًا م�شعل بالقول‪ :‬ال ي�ستطيع هذا الرجل من دم�شق تارة‪ ،‬ومن قطر‬
‫تارة �أخرى �أن ي�ستمر يف �إثارة الفنت ّ‬
‫�ضد هذا ال�شعب‪.22‬‬
‫ومن الالفت للنظر �أن الهجوم على م�شعل اتخذ بعداً �شخ�صي ًا‬
‫ا�ستخدمت فيه �ألفاظ غري معهودة يف التجريح وال�شتائم لت�شويه �شخ�صية‬
‫وطنية معروفة‪ ،‬وحتظى باحرتام وا�سع فل�سطيني ًا وعربي ًا و�إ�سالمي ًا‪ .‬وقد �آثرنا‬
‫والو�صاف التي ذكرها بع�ض املح�سوبني على‬ ‫عدم ذكر بع�ض االتهامات أ‬
‫فتح ألنها ت�سيء �إليهم �أكرث مما ت�سيء �إىل �شخ�صه‪.‬‬

‫‪ .3‬فتح ووثيقة أ‬
‫ال�سرى‪:‬‬
‫بنا ًء على اقرتاح من عزيز الدويك‪ ،‬رئي�س املجل�س الت�رشيعي والقيادي‬
‫وجه حممود عبا�س يف ‪ 2006/4/29‬دعوة ر�سمية لل�رشوع يف‬
‫يف حما�س‪ّ ،‬‬
‫حوار وطني قال �إنه يهدف �إىل “مناق�شة الو�ضع الراهن‪ ،‬وتعزيز الوحدة‬
‫الوطنية‪ ،‬ومواجهة احل�صار املفرو�ض على �شعبنا الفل�سطيني”‪ ،23‬ولقيت‬
‫دعوته ترحيب ًا من احلكومة وحركة حما�س‪� .‬إال �أن احلوار الذي كان مقرراً‬
‫عقده ما بني ‪ 2006/5/4-2‬تعر�ض للت أ�جيل مرات عديدة‪ ،‬و�شهدت تلك‬
‫العالمي‪ ،‬فقد قال عزام أ‬
‫الحمد‪ ،‬رئي�س كتلة فتح‬ ‫حدة التوتر إ‬
‫الفرتة زيادة ّ‬
‫يف املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬يف ‪� 2006/5/3‬إن حركته جاهزة لعقد انتخابات‬

‫عمان‪.2006/4/23 ،‬‬
‫القد�س العربي‪2006/4/22 ،‬؛ واحلياة‪ ،‬وجريدة الغد‪ّ ،‬‬
‫‪22‬‬

‫‪ 23‬احلياة‪.2006/4/30 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ .‬كما �أوردت جريدة �صنداي تاميز الربيطانية ‪The‬‬
‫‪ Sunday Times‬يف ‪ 2006/5/7‬تقريراً حول �إحباط “�إ�رسائيل” خمطط ًا‬
‫لكتائب الق�سام الغتيال الرئي�س عبا�س وحممد دحالن‪� ،‬إال �أن الق�سام‬
‫والرئا�سة نفتا ذلك اخلرب‪ .24‬وتزامن ذلك مع �أنباء عن ف�شل اللقاء الذي‬
‫جمع عبا�س وهنية يف غزة يف ‪ 2006/5/6‬لبحث �أزمة الرواتب وتنازع‬
‫ال�صالحيات‪ .25‬وكان ملفت ًا يف حينه تتايل القرارات يف حركة فتح‬
‫بتعيني ناطقني �إ�ضافيني با�سمها‪ ،‬بلغ عددهم �سبعة ناطقني‪ ،‬هم‪� :‬أحمد‬
‫عبدالرحمن‪ ،‬و�أحمد غنيم‪ ،‬وماهر مقداد‪ ،‬وتوفيق �أبو خو�صة‪ ،‬وجمال‬
‫نزال‪ ،‬وعبد القادر اخلطيب‪ ،‬وفهمي الزعارير‪ .‬وقال م� ؤ‬
‫س�ولون يف احلركة‬
‫�إن �سل�سلة التعيينات تلك �أتت يف �إطار جهود احلركة لتو�ضيح مواقفها‬
‫ب�ش أ�ن الق�ضايا املختلفة‪.26‬‬
‫الجواء امل�شحونة �شهدت أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية ت�صعيداً‬ ‫عقب تلك أ‬
‫المني‪ ،‬دفعت وزير الداخلية‬ ‫ميداني ًا‪ ،‬وجولة من �أعمال العنف والفلتان أ‬
‫التخاذ قرار بن�رش القوة التنفيذية يف �شوارع غزة يف ‪ ،2006/5/17‬أ‬
‫المر‬
‫�ضد‬
‫العالمي ّ‬‫الذي �أ ّدى �إىل رفع الرئا�سة وحركة فتح من ت�صعيدها إ‬
‫احلكومة؛ حيث قال الناطق با�سم فتح توفيق �أبو خو�صة �إن ن�رش القوة‬
‫“ت�صعيد خطري باجتاه الفتنة التي يقودها وزير الداخلية”‪ ،‬معترباً �أن القوة‬
‫جزء من امل�شكلة ولي�س احلل‪ .‬واتهم يا�رس عبد ربه “قوى يف أ‬
‫الرا�ضي‬

‫‪ 24‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/5/8 ،‬‬
‫‪ 25‬جريدة عكاظ‪ ،‬ال�سعودية‪.2006/5/8 ،‬‬
‫‪ 26‬جريدة الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2006/5/9 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الفل�سطينية” بالت�رصف على �أن نتيجة االنتخابات الت�رشيعية متثل انقالب ًا‬
‫على النظام ال�سيا�سي (يف �إ�شارة �إىل حركة حما�س)‪ ،‬و�أن هذا االنقالب‬
‫الر�ض‪ .‬و�أ�ضاف �أن ما يجري‬ ‫ال بد من تعزيزه بانقالب ع�سكري على أ‬
‫على �أر�ض الواقع ميكن �أن يخدم ذلك املخطط الذي يرمي �إىل �إقامة دولة‬
‫يف قطاع غزة‪ .27‬ويف �سياق املواقف التي �صدرت يف تلك الفرتة من‬
‫ت�رسب يف ‪ 2006/5/24‬ت�سجيل‬
‫�ضد احلكومة‪ّ ،‬‬
‫�شخ�صيات يف حركة فتح ّ‬
‫�صوتي حلوار �أجراه حممد دحالن مع العاملني يف �إذاعة احلرية يف غزة‪ ،‬قال‬
‫فيه م�ستهزئ ًا من حكومة حما�س‪�“ :‬أنا راح �أ�ستلمهم خم�سة بلدي من هان‬
‫آلخر أ‬
‫الربع �سنني”‪ .28‬وعند � ؤ‬
‫س�اله خالل حوار مع جريدة الر�سالة يف‬
‫عما �إذا كان يعني من تلك العبارة “مناكفة احلكومة”‪� ،‬أجاب‬
‫‪ّ 2006/8/28‬‬
‫دحالن‪“ :‬نعم‪ ،‬بالت أ�كيد”‪.29‬‬
‫دفعت أ‬
‫الجواء امل�شحونة بني حركتي فتح وحما�س وم ؤ��س�ستي الرئا�سة‬
‫واحلكومة �سيا�سي ًا وميداني ًا أ‬
‫ال�رسى الفل�سطينيني ممثلني بقيادات الف�صائل‬
‫ال�رسى‪،‬‬ ‫ال�رسائيلية‪� ،‬إىل �إطالق وثيقة الوفاق الوطني �أو وثيقة أ‬
‫يف ال�سجون إ‬
‫التي حاولت �أن تكون مو�ضع توفيق بني اجلميع‪ ،‬وتقرر طرحها مل ؤ�متر‬
‫حوار وطني تقرر عقده يف ‪ .2006/5/25‬ويف �أوىل جل�سات احلوار‪ ،‬هدد‬
‫عبا�س بطرح وثيقة أ‬
‫ال�رسى لال�ستفتاء ال�شعبي ما مل تتو�صل الف�صائل �إىل‬

‫عمان‪.2006/5/19 ،‬‬
‫احلياة‪2006/5/18 ،‬؛ وجريدة الد�ستور‪ّ ،‬‬
‫‪27‬‬

‫‪ 28‬ت�سجيل �صوتي لـ “حممد دحالن”‪ ،‬موقع فل�سطني احلرة‪ ،2006/5/24 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www.freepal.net/Dahlan.mp3‬‬

‫‪ 29‬جريدة الر�سالة‪ ،‬فل�سطني‪.2006/8/28 ،‬‬

‫‪21‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�صيغة توافقية حول الوثيقة خالل ع�رشة �أيام‪ ،30‬وقد جاء هذا التهديد‬
‫عقب دعوة وزيرة اخلارجية ت�سيبي ليفني ‪ Tzipi Livni‬عبا�س يف‬
‫للعالن عن انتخابات جديدة �أو �إجراء ا�ستفتاء �شعبي‬ ‫‪ 2006/5/20‬إ‬
‫ال�ستبدال حكومة حما�س‪� .31‬إال �أن مناق�شة بنود الوثيقة ا�ستمرت حتى‬
‫�أواخر �شهر حزيران‪ /‬يونيو؛ نتيجة تعر�ض احلوار النتكا�سات عديدة‪،‬‬
‫ارتبطت بتوترات �أمنية ميدانية بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬رافقها‬
‫ا�ستمرار الت�رصيحات االتهامية املتبادلة‪.‬‬
‫يف اجلانب الفتحاوي توا�صل الهجوم على القوة التنفيذية من قبل‬
‫قياديني يف احلركة وناطقني با�سمها‪ ،‬فقد و�صف ماهر مقداد القو َة‬
‫التنفيذي َة ب أ�نها ميلي�شيا تابعة حلما�س‪ ،‬ت�ستعملها كع�صا حال �شعورها ب أ�نها‬
‫غري قادرة على احلوار‪ ،‬واتهمها ب أ�نها “تقوم بدور االحتالل يف اغتيال‬
‫القادة و املجاهدين”‪ .32‬فيما و�صف حممد دحالن القوة التنفيذية بالع�صابة‪،‬‬
‫وانتقد وزير الداخلية �سعيد �صيام‪ ،‬وقال �إنه يتوجب عليه �أن يختار بني‬
‫�أن يكون قائداً مليلي�شيات م�سلحة �أو قائداً ألجهزة �أمنية فل�سطينية �رشعية‬
‫الو�ضاع‬ ‫س�ولية عن تدهور أ‬ ‫وقانونية ر�سمية‪ ،‬واتهمها يف وقت الحق بامل� ؤ‬
‫الداخلية‪ ،‬ور�أى �أنها قادت ملزيد من القتل واخلراب‪ .33‬كما كان الرئي�س‬

‫‪ 30‬احلياة‪.2006/5/26 ،‬‬
‫الذاعي والتلفزيوين‬
‫ال�رسائيلية الثانية‪ ،‬ر�صد البث إ‬
‫الذاعة إ‬
‫‪ 31‬انظر‪ :‬تقرير �شموئيل طال‪ ،‬إ‬
‫الو�سط‪.2006/5/20 ،‬‬ ‫عمان‪ ،‬مركز درا�سات ال�رشق أ‬
‫العربي‪ّ ،‬‬
‫العالم واملعلومات‪.2006/6/6 ،‬‬
‫‪ 32‬عكاظ‪2006/5/29 ،‬؛ ومركز إ‬
‫المارات‪2006/6/6 ،‬؛ أ‬
‫واليام‪ ،‬فل�سطني‪،‬‬ ‫‪ 33‬الد�ستور‪2006/6/1 ،‬؛ وجريدة البيان‪ ،‬إ‬
‫‪.2006/6/16‬‬

‫‪22‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫حممود عبا�س نف�سه طرف ًا يف هذا الت�صعيد‪ ،‬فخالل جل�سة حوارية جمعته مع‬
‫الردن‬‫احلائزين على جائزة نوبل ‪ Nobel Prize‬يف م ؤ�متر البرتاء الثاين يف أ‬
‫يف ‪ ،2006/6/21‬قال عبا�س تعليق ًا على اال�ضطرابات التي كانت ت�شهدها‬
‫أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪�“ :‬إن ما يجري هناك لي�س اقتت ً‬
‫اال بني احلركتني‪ ،‬بل‬
‫هو ا�شتباكات بني ميلي�شيا �أ�س�سها وزير الداخلية الفل�سطيني وقوات أ‬
‫المن‬
‫الفل�سطينية”‪ ،‬واتهم حما�س ب أ�نها “�أو�صلتنا �إىل م أ�زق عاملي ب�سيا�ستها التي‬
‫ال �أقبل بها‪ ،‬وال يقبل بها العامل العربي والعامل ب أ��رسه”‪� .‬إ�ضافة �إىل ذلك‪،‬‬
‫�سجل عبا�س خالل اللقاء موقف ًا جديداً �أثار ا�ستياء املقاومة الفل�سطينية‪،‬‬‫ّ‬
‫حني قال �إن ال�سلطة الفل�سطينية تلقي القب�ض على منفذي عمليات‪ ،‬وقد‬
‫ت�ضطر يف بع�ض أ‬
‫الحيان �إىل قتلهم ملنعهم عن القيام ب أ�عمالهم‪ ،‬م�ضيف ًا �أن‬
‫المنية �ألقت القب�ض على العديد من الذين كانوا ينوون تنفيذ‬ ‫الجهزة أ‬
‫أ‬
‫ال�رسائيليني‪ .34‬وبعد ت�رصيحات عبا�س ب أ�يام نفذت ثالثة من‬
‫�ضد إ‬
‫العمليات ّ‬
‫ف�صائل املقاومة عملية “الوهم املتبدد”‪ ،‬ومتكنت من �أ�رس اجلندي إ‬
‫ال�رسائيلي‬
‫جلعاد �شاليط ‪ Gilad Shalit‬وقتل جنديني �آخرين‪ ،35‬وقد ّ‬
‫عدت الرئا�سة‬
‫العملية خرق ًا للتفاهمات التي عبرّ ت عنها قيادات الف�صائل الفل�سطينية‪،‬‬
‫التي ّمت االجتماع بها خالل اليومني املا�ضيني‪ ،‬و�أعلنت �أنها �ستجري حتقيق ًا‬
‫�شام ً‬
‫ال و�رسيع ًا حول منفذي هذه العملية‪.36‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/6/22 ،‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 35‬احلياة‪.2006/6/26 ،‬‬
‫‪ 36‬جريدة امل�ستقبل‪ ،‬بريوت‪.2006/6/26 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ .4‬حوار ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬


‫�شهدت الفرتة التالية لتنفيذ عملية أ‬
‫ال�رس وتوقيع وثيقة الوفاق الوطني‬
‫هدوءاً ن�سبي ًا يف الت�رصيحات واالتهامات املتبادلة بني حركتي فتح وحما�س‪،‬‬
‫�أ�سهم يف �إيجاده ‪� -‬إىل جانب توقيع الوثيقة ‪ -‬بدء “�إ�رسائيل” بحملة‬
‫ع�سكرية يف قطاع غزة ر ّداً على عملية أ‬
‫ال�رس �أ�سمتها “�أمطار ال�صيف”‪� .‬إال‬
‫�أن هذا الهدوء مل يعك�س اتفاق ًا تام ًا بني الرئا�سة واحلكومة �أو بني احلركتني‪،‬‬
‫فقد ا�ستمرت االتهامات على خلفية التوترات امليدانية التي حدثت خالل‬
‫هذه الفرتة‪ ،‬حيث اتهمت حركة فتح عنا�رص من حما�س بامل� ؤ‬
‫س�ولية عن‬
‫مقتل ال�ضابط يف أ‬
‫المن الوقائي �صقر عنرب يف خان يون�س يف ‪،2006/8/2‬‬
‫واغتيال العقيد يف اال�ستخبارات الع�سكرية حممد املو�سة يف خميم جباليا يف‬
‫‪.372006/8/6‬‬
‫ترافقت تلك أ‬
‫الحداث مع بداية �سجال �سيا�سي بني حركتي فتح وحما�س‬
‫حول م�س أ�لة ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬حيث اتفق عبا�س وهنية يف‬
‫‪ 2006/8/16‬على بدء امل�شاورات لت�شكيل حكومة وحدة وطنية ا�ستناداً‬
‫�إىل وثيقة التفاهم الوطني‪� .38‬إال �أن تلك امل�شاورات واجهت عقبات عدة‪،‬‬
‫برزت �أوالها عندما حدد هنية جمموعة من ال�رشوط قبل ت�شكيل حكومة‬
‫الوحدة‪ ،‬وهو �أمر ا�ستغربته فتح ورف�ضته‪ .‬وظهرت عقبة �أخرى متثلت‬
‫ب إ�بالغ عبا�س قادة حما�س يف لقاءاته معهم يف غزة‪� ،‬أن وثيقة أ‬
‫ال�رسى‬
‫مل تعد ت�شكل برناجم ًا �صاحل ًا للت�سويق الدويل بعد �أن �أدخلت عليها‬

‫‪ 37‬احلياة‪2006/8/3 ،‬؛ أ‬
‫واليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/8/7 ،‬‬
‫‪ 38‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/8/17 ،‬‬

‫‪24‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الف�صائل تغيريات جوهرية‪ ،39‬بحيث مل تعد تتوافق مع �رشوط اللجنة‬


‫الرباعية ‪ .The Quartet‬وهي نبذ العنف‪ ،‬واالعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪،‬‬
‫الحمد رئي�س كتلة فتح‬ ‫وباالتفاقات املوقعة معها‪ .‬وبعدها قال عزام أ‬
‫الربملانية‪� ،‬إن الرئي�س عبا�س لن ي�شكل حكومة وحدة وطنية مامل تقبل‬
‫حما�س بو�ضوح برناجم ًا �سيا�سي ًا يت�ضمن االعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪ .40‬وهو‬
‫ما عنى عملي ًا حماولة قيادة فتح �إ�ضافة �رشوط وتنازالت جديدة على‬
‫وثيقة الوفاق الوطني‪.‬‬
‫من جانب �آخر‪ ،‬بدا �أن هناك حملة �إعالمية و�سيا�سية لل�ضغط على‬
‫حكومة حما�س‪ ،‬ترافقت مع �إ�رضاب نفّذته نقابة املوظفني احلكوميني‪،‬‬
‫التي ت�سيطر عليها حركة فتح‪ ،‬يف بداية �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ 2006‬احتجاج ًا‬
‫على عدم دفع الرواتب؛ فقد �أكد حممود عبا�س يف ‪ 2006/8/30‬على‬
‫ال�رضاب‪ ،‬راف� ًضا موقف احلكومة التي �أبدت معار�ضتها إ‬
‫لل�رضاب‬ ‫�رشعية إ‬
‫و�شككت يف �رشعيته‪ .‬كما دعا عبا�س احلكومة والف�صائل بالعمل على‬
‫ال�رسائيلي‪ ،‬مطالب ًا بوقف �إطالق ال�صواريخ على‬
‫�سحب ذرائع العدوان إ‬
‫المر �سبب يف احل�صار املفرو�ض على ال�شعب‬ ‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬ور�أى �أن هذا أ‬
‫الفل�سطيني‪ .‬وقال‪ :‬ملاذا هذه ال�صواريخ؟ ثم �أين هي الرواتب؟ و�أين هو‬
‫الطعام؟ م�ضيف ًا‪� :‬إنكم ت ؤ�منون قوت �أنف�سكم‪ ،‬لكن يجب �أن ت ؤ�منوا قوت‬
‫�شعب ب أ�كمله‪ .‬ور�أى �أن لقمة العي�ش �أهم من نتائج الدميوقراطية‪ .41‬ويف‬

‫‪ 39‬احلياة‪.2006/8/21 ،‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/8/23 ،‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪ 41‬الغد‪ ،‬واخلليج‪.2006/8/31 ،‬‬

‫‪25‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�سياق نف�سه قال يا�رس عبد ربه يف ت�رصيحات �صحفية يف ‪:2006/9/2‬‬


‫�أظن �أن املجتمع الفل�سطيني قرر �أخرياً �أن ي أ�خذ عملية الت�صحيح بنف�سه‪ ،‬يف‬
‫ال�رضاب‪.42‬‬
‫�إ�شارة �إىل إ‬
‫س�ول العالقات‬‫ويف �سياق موازٍ ‪� ،‬أ�سهم اغتيال العميد جاد التايه م� ؤ‬
‫الدولية يف جهاز املخابرات و�أربعة من مرافقيه يف ‪ 2006/9/15‬يف ت أ�جيج‬
‫اخلالف بني فتح وحما�س؛ حيث وجهت فتح االتهام ب�صورة مبا�رشة �إىل‬
‫حركة حما�س‪ ،‬وقالت يف بيان لها �إن حتقيقات �أجرتها �أربعة من �أجهزة‬
‫أ‬
‫المن الفل�سطينية �أثبتت تورط كوادر من حما�س يف عملية ت�صفية التايه‬
‫ورفاقه‪ .‬وقال حممد دحالن �إن “حما�س قامت باغتياالت �سيا�سية مل‬
‫ت�شهدها أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية من قبل”‪ ،‬معرب ًا عن �أمله �أال تقود هذه‬
‫االغتياالت �إىل حرب �أهلية فل�سطينية‪ .‬وعلى �إثر تلك االتهامات �أمهل‬
‫الرئي�س عبا�س رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية مدة حمددة لت�سليم امل�شتبه‬
‫فيهم من حما�س للتحقيق معهم‪ ،‬وقرر جتميد املحادثات واالت�صاالت‬
‫مع احلركة حتى ت�سليمهم‪� .‬إال �أن حما�س �أدانت االغتيال ونفت �أية‬
‫�صلة لها به‪ ،‬متهمة “�شخ�صيات قيادية رفيعة امل�ستوى يف جهاز �أمني‬
‫معروف” بالوقوف خلفه‪.43‬‬
‫ويف ‪� 2006/9/21‬ألقى حممود عبا�س كلمة �أمام اجلمعية العامة أ‬
‫للمم‬
‫املتحدة يف نيويورك‪� ،‬أكد فيها �أن احلكومة الفل�سطينية املقبلة �ستلتزم‬
‫باالعرتاف املتبادل بني منظمة التحرير و “�إ�رسائيل”‪ ،‬واالتفاقات املوقعة بني‬

‫‪ 42‬اخلليج‪.2006/9/3 ،‬‬
‫‪ 43‬احلياة‪2006/9/20-19 ،‬؛ أ‬
‫واليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/9/20 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫اجلانبني وتنبذ العنف‪ .44‬وبعد عودته من نيويورك التقى بالرئي�س امل�رصي‬


‫حممد ح�سني مبارك يف القاهرة يف ‪ ،2006/9/23‬حيث �أعلن عن عودة‬
‫احلوار �إىل نقطة ال�صفر‪ .‬كما َذ َّكر يف اليوم نف�سه‪ ،‬عقب و�صوله العا�صمة‬
‫الردنية‪ ،‬بحقّه يف �إقالة احلكومة “حينما تقت�ضي احلاجة �إىل ذلك”‪.45‬‬ ‫أ‬

‫المني يف قطاع‬ ‫الول‪� /‬أكتوبر ت�صاعد التوتر أ‬


‫ويف مطلع ت�رشين أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫غزة‪ ،‬واندلعت ا�شتباكات بني القوة التنفيذية وعنا�رص أ‬
‫الذين كانوا يتظاهرون ب�سالحهم احتجاج ًا على انقطاع رواتبهم‪� ،‬أدت‬
‫حمل النائب‬‫الحداث ّ‬ ‫�إىل وقوع ثمانية قتلى و‪ 70‬جريح ًا‪ .‬و�إثر تلك أ‬
‫جمال الطرياوي‪ ،‬الناطق الر�سمي با�سم كتلة فتح الربملانية‪ ،‬عنا�رص القوة‬
‫س�ولية اال�شتباكات‪ ،‬ودعا “القاعدة ال�شعبية حلركة فتح �إىل‬ ‫التنفيذية م� ؤ‬
‫الثورة على القوة التنفيذية وامليلي�شيا ال�سوداء”‪ ،‬و�أ�ضاف‪“ :‬يجب ا�ستنها�ض‬
‫اجلماهري بكاملها للوقوف �أمام هذه الع�صابة التي ت�سمى حما�س‪ ،‬هذه‬
‫ارتدت �إىل جذورها التاريخية‪� ،‬أال وهي إ‬
‫الخوان امل�سلمون‬ ‫الع�صابة التي ّ‬
‫وهدد بيان �صدر با�سم كتائب‬ ‫التي عانينا منها كثرياً”‪ 46‬على ِّ‬
‫حد تعبريه‪َّ .‬‬
‫الق�صى بت�صفية قادة حما�س‪ ،‬وخ�صو�ص ًا خالد م�شعل و�سعيد �صيام‬ ‫�شهداء أ‬
‫س�ول القوة التنفيذية‪ ،‬وا َّدعى البيان �أن تلك القيادات‬
‫ويو�سف الزهار م� ؤ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬كما هدد القيادي‬ ‫س�ولة عن التوترات يف أ‬ ‫هي امل� ؤ‬
‫يف كتائب أ‬
‫الق�صى يف رام اهلل‪� ،‬إبراهيم �أبو جنمة‪ ،‬بالر ّد على حما�س يف‬

‫‪ 44‬جريدة القد�س‪ ،‬فل�سطني‪.2006/9/22 ،‬‬


‫‪ 45‬احلياة‪ ،‬والغد‪.2006/9/24 ،‬‬
‫‪ 46‬القد�س العربي‪.2006/10/2 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�سيتم اتخاذها‪ ،‬ومنها �إغالق‬


‫ّ‬ ‫ال�ضفة‪ ،‬وقال‪“ :‬لدينا برنامج وخطوات‬
‫كافة مقرات وم ؤ��س�سات احلكومة ب�شكل ر�سمي‪ ،‬وذلك كردة فعل‬
‫ور�سالة حلما�س ب أ�ننا لن ن�سمح لها بانتهاك الدميوقراطية الفل�سطينية”‪.‬‬
‫�ضد احلكومة وحركة حما�س‬
‫�سيتم تنفيذها ّ‬
‫ّ‬ ‫م ؤ�كداً �أن هذه اخلطوات‬
‫�شن �أمني �رس حركة‬
‫بحل القوة التنفيذية” ‪ .‬يف حني ّ‬
‫‪47‬‬ ‫ّ‬ ‫“ما مل تقوما‬
‫فتح يف لبنان‪� ،‬سلطان �أبو العينني‪ ،‬هجوم ًا غري م�سبوق على احلكومة‬
‫�ضد كوادر‬
‫الفل�سطينية وحركة حما�س‪ ،‬واتهم احلركة بتنفيذ االغتياالت ّ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫فتح وال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وب إ�جراء ات�صاالت مع املخابرات إ‬
‫يف كرد�ستان العراق‪ .48‬وهددها بعدها ب أ�يام بـ “م�صري �أ�سود”‪ .49‬يف‬
‫الوقت الذي اتهم فيه مدير املخابرات يف ال�ضفة الغربية اللواء توفيق‬
‫�ضد حركة‬‫الطرياوي حركة حما�س مبراكمة ال�سالح والتح�ضري حلرب ّ‬
‫فتح وال�سلطة الفل�سطينية‪ .50‬ومن الالفت للنظر �أن هذه اللغة العنيفة‬
‫والتحري�ضية �ضد القوة التنفيذية وحما�س‪ ،‬مل ترتافق معها قراءة جلذور‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية (التي تهيمن عليها فتح)‬ ‫امل�شكلة املتمثلة يف عدم تعاون أ‬
‫مع احلكومة‪ ،‬بل وم�شاركة بع�ض عنا�رصها يف الفلتان أ‬
‫المني‪ ،‬وان�شغالها‬
‫ب إ�ف�شال احلكومة‪ ،‬بد ًال من اال�ستجابة ألوامرها‪.‬‬

‫‪ 47‬موقع �إ�سالم �أون الين‪2006/10/2 ،‬؛ واحلياة اجلديدة‪.2006/10/4 ،‬‬


‫‪ 48‬جريدة ال�سفري‪ ،‬بريوت‪.2006/10/2 ،‬‬
‫‪ 49‬جريدة أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2006/10/5 ،‬‬
‫‪50‬‬
‫‪TimesOnline, 8/10/2006, see: http://www.timesonline.co.uk/tol/‬‬
‫‪news/world/article664977.ece‬‬

‫‪28‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫المني‪،‬‬ ‫ولكن على الرغم من ا�ستمرار الت�صعيد ال�سيا�سي والفلتان أ‬


‫�إال �أن جهود الو�ساطة امل�ستمرة بني حركتي فتح وحما�س �أثمرت اتفاق ًا‬
‫على �إنهاء حالة االحتقان يف ‪ ،2006/10/27‬و�ساد الهدوء ن�سبي ًا‪ ،‬لتعود‬
‫المل وتوحي بقرب �إعالن ت�شكيل‬ ‫�أجواء احلوار الفل�سطيني تبعث على أ‬
‫حكومة الوحدة‪� .‬إال �أن جل�سات احلوار ت أ�ثرت �سلب ًا بعدد من العوامل‪،‬‬
‫متثلت باملوقف الذي �أبدته اللجنة الرباعية برف�ض التعامل مع �أي حكومة‬
‫ترف�ض قراراتها‪ ،‬وموقف الوفد أ‬
‫المريكي امل�شارك يف اجتماعات الرباعية‬
‫يف ‪ ،2006/11/15‬الراف�ض للتعامل مع حكومة جديدة حتوز حما�س ن�صيب ًا‬
‫كبرياً من حقائبها الوزارية‪� ،51‬إ�ضافة �إىل وجود خالف بني احلركتني على‬
‫بع�ض الوزارات ال�سيادية‪ .‬و�إثر تلك التطورات‪� ،‬أ ّكد نبيل عمرو يف‬
‫‪� 2006/11/29‬أن “احلوار ُج ِّمد ب�شكل نهائي‪ ...‬ب�سبب ف�شل املتحاورين‬
‫بالتو�صل التفاق حول الربنامج ال�سيا�سي للحكومة‪ ،‬و�إ�رصار حركة حما�س‬
‫على التم�سك باحلقائب ال�سيادية‪ ،‬وخا�صة وزارتي الداخلية واملالية”‪.‬‬
‫وقال �إن “على عبا�س �أن ينظر يف بدائل �أخرى” لت�شكيل احلكومة‪.52‬‬
‫ويف الوقت الذي بلغ فيه احلوار بني حركتي فتح وحما�س �إىل هذه‬
‫الدرجة من الت أ�زم‪ ،‬وقع عدد من أ‬
‫الحداث التي زادت من ا�شتعال الو�ضع‬
‫العالمي يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬فقد �أقدم م�سلحون‬ ‫أ‬
‫المني والت�صعيد إ‬
‫جمهولون يف ‪ 2006/12/11‬على قتل �أربعة �أطفال �أثناء توجههم �إىل‬
‫مدر�ستهم‪ ،‬وهم �أبناء املقد ّم يف املخابرات العامة بهاء بلعو�شة‪ .‬ولقد اتهم‬

‫‪ 51‬احلياة‪.2006/11/17 ،‬‬
‫‪ 52‬جريدة الوطن‪ ،‬قطر‪.2006/11/30 ،‬‬

‫‪29‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫النائب عن كتلة فتح جمال الطرياوي حركة حما�س بالتورط يف هذه‬


‫اجلرمية‪ ،‬حيث قال‪“ :‬لدينا معلومات �أن حما�س تتجه �إىل �أزمة داخلية‬
‫س�ولة عن هذا‬ ‫جديدة قبيل �إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬و�أن حما�س م� ؤ‬
‫الهجوم وال ميكن �أن �أتخيل �أن هذا أ‬
‫المر �سيمر من دون ر ٍّد من فتح”‪.‬‬
‫كما وجه �أمني �رس فتح يف ال�ضفة ح�سني ال�شيخ االتهام �إىل حما�س بقوله �إن‬
‫ال احلكومة‬‫القل هم وراء عملية القتل‪ ،‬حمم ً‬ ‫�أنا� ًسا مقربني من حما�س على أ‬
‫س�ولية املبا�رشة‪� .‬إال �أن حما�س نفت �أي عالقة لها‬
‫ووزارة الداخلية امل� ؤ‬
‫بالعملية‪ ،‬وع ّلق النائب عن احلركة م�شري امل�رصي على ذلك االتهام قائ ً‬
‫ال‪:‬‬
‫الطفال أ‬
‫البرياء لتحقيق‬ ‫“يبدو �أن بع�ض قادة فتح يحاولون ا�ستغالل دماء أ‬
‫مكا�سب �سيا�سية”‪.53‬‬
‫ويف ‪ 2006/12/14‬تعر�ض رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية ملحاولة‬
‫اغتيال عقب دخوله �إىل قطاع غزة من معرب رفح عائداً من جولة عربية‪،‬‬
‫حد غري م�سبوق‪ ،‬فقد اتهمت‬
‫العالمي �إىل ٍّ‬
‫وهو ما رفع م�ستوى الت�صعيد إ‬
‫حركة حما�س النائب حممد دحالن بالوقوف خلف حماولة االغتيال‪ .‬وهو‬
‫ما ر ّد عليه دحالن خالل مقابلة هاتفية مع التلفزيون الفل�سطيني بقوله �إن‬
‫“هذا �رشف ال �أ ّدعيه”‪ ،‬كما قال �أي� ًضا‪“ :‬لن �أقول �إنها [االتهامات] باطلة‬
‫و�ساذجة‪ ،‬فقد عودتنا حما�س على الكذب والن�صب وتلفيق التهم‪ .‬وما‬
‫حدث لهنية مل يكن حماولة اغتيال‪ ،‬فهو لي�س مطلوب ًا لنا �أو إل�رسائيل‪ ،‬ولو‬
‫�سار وحده يف ال�شارع ملا تعر�ض له �أحد”‪ .54‬كما ر ّدت كتائب أ‬
‫الق�صى على‬

‫‪ 53‬ال�سفري‪2007/12/12 ،‬؛ واحلياة‪.2006/12/13 ،‬‬


‫‪ 54‬جريدة القب�س‪ ،‬الكويت‪.2006/12/16 ،‬‬

‫‪30‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫هذا االتهام بالتهديد بت�صفية قادة يف حركة حما�س مبن فيهم �إ�سماعيل هنية‬
‫وحممود الزهار و�سعيد �صيام‪� ،‬إن �أقدمت حما�س على قتل حممد دحالن‪.‬‬
‫واتهمت حما�س بالتخطيط الغتياله و�سبعة قياديني �آخرين يف فتح‪.55‬‬
‫خطاب �ألقاه يف‬
‫ٍ‬ ‫الجواء‪� ،‬أعلن الرئي�س حممود عبا�س يف‬ ‫ظل تلك أ‬ ‫يف ّ‬
‫‪� 2006/12/16‬أنه قرر اللجوء �إىل انتخابات رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫“وفق ًا حلقي الد�ستوري‪ ،‬وقعت على قرار ت�شكيل احلكومة‪ ،‬و�أ�ستطيع‬
‫�إقالتها متى �أ�شاء‪ ،‬فلرنجع �إىل ال�شعب الذي هو م�صدر ال�سلطات”‪.56‬‬
‫وانعك�س التوتر ال�سيا�سي على الو�ضع أ‬
‫المني‪ ،‬ف أ��سفر عن ا�شتباكات دامية‬
‫بني احلركتني يف غزة‪ ،‬على �إثرها هددت كتائب أ‬
‫الق�صى يف ال�ضفة الغربية‬
‫با�ستهداف م ؤ��س�سات حركة حما�س وقادتها هناك ما مل يتوقف االقتتال‬
‫يف غزة‪ .57‬وتوا�صل هذا التوتر حتى نهاية العام ‪ 2006‬وبداية العام ‪،2007‬‬
‫الوىل موجة جديدة من االقتتال‪� ،‬أخذ اال�شتباك‬ ‫الذي �شهدت �أيامه أ‬
‫الجواء على‬ ‫منحى �أكرث خطورة؛ ليعمل على تهييج أ‬
‫ً‬ ‫العالمي معها‬
‫إ‬
‫�شن حممد دحالن هجوم ًا عنيف ًا يف خطاب �ألقاه بتاريخ‬
‫الر�ض‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أ‬
‫‪ 2007/1/7‬يف الذكرى الـ ‪ 42‬النطالقة فتح‪ ،‬وقال فيه‪�“ :‬إذا اعتدي على‬
‫فتحاوي واحد �سرن ّد ال�صاع �صاعني‪ ،‬و�إذا اعتقدت قيادتهم �أنهم مبن أ�ى عن‬
‫قوتنا يكونون خمطئني‪ ،‬و�سرنف�ض �أ�سلوبهم الذي يقتلنا بامل�ساء ويجل�س معنا‬
‫الق�صى‪ ،‬وكل الت�شكيالت‬ ‫بال�صباح”‪ .‬وخاطب دحالن كتائب �شهداء أ‬

‫‪ 55‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/12/17 ،‬‬
‫‪ 56‬احلياة‪.2006/12/17 ،‬‬
‫‪ 57‬القد�س العربي‪.2006/12/20 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال‪“ :‬واجبكم منذ هذه الليلة �أن تبقى �أ�صابعكم‬


‫الع�سكرية حلركة فتح قائ ً‬
‫و�أيديكم على الزناد لي�س من �أجل االعتداء‪ ،‬ولكن حتى ال يتكرر ما‬
‫تكرر يف املا�ضي”‪ .‬و�أ�ضاف دحالن‪“ :‬لرندد جميع ًا وب�صوت واحد حتيا‬
‫�ضد‬
‫فتح واملوت للقتلة‪ ،‬والعار لهم واحلياة لنا”‪ .‬وردد احل�شد �شعارات ّ‬
‫حما�س هاتفني “�شيعة‪� ،‬شيعة‪� ،‬شيعة”‪ .58‬كما اتهم عبد احلكيم عو�ض‪،‬‬
‫الناطق با�سم حركة فتح يف غزة‪ ،‬حركة حما�س بحفر �شبكة �أنفاق �أر�ضية‬
‫يف القطاع‪ ،‬قد ت�ستخدم يف عمليات اغتيال ت�ستهدف حممود عبا�س‬
‫وحممد دحالن‪ .59‬وهو اتهام كرره جمال نزال الناطق با�سم فتح بال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬حيث اتهم حما�س با�ستخدام ‪ 60‬مليون دوالر من أ‬
‫الموال التي‬
‫ّمت حتويلها من دول �إ�سالمية‪ ،‬يف �إقامة “جمهورية �أنفاق” يف قطاع غزة‪،‬‬
‫النفاق ت�ستخدم ألهداف تخريبية وال عالقة لها مبقاومة‬‫و�أ�ضاف �أن هذه أ‬
‫االحتالل‪.60‬‬
‫وعادت الو�ساطات مرة �أخرى لتنجح يف تهدئة أ‬
‫الو�ضاع ميداني ًا‬
‫و�سيا�سي ًا‪ ،‬وجمعت الرئي�س حممود عبا�س ورئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة‬
‫حما�س خالد م�شعل يف دم�شق يف ‪ .2007/1/21‬وتقرر �إثر اللقاء ا�ستئناف‬
‫احلوار بني الف�صائل الفل�سطينية‪� ،‬إال �أن االتهامات املتبادلة توا�صلت بني‬
‫حركتي فتح وحما�س‪ ،‬ويف كل مرة كان يح�صل فيها تقارب وقرب اتفاق‬
‫بينهما‪ ،‬كانت أ‬
‫الو�ضاع تنفجر ميداني ًا لت�شعل التوتر من جديد‪ ،‬وتُدخل‬

‫‪ 58‬ال�سفري‪.2007/1/8 ،‬‬
‫‪ 59‬القد�س العربي‪.2007/1/16 ،‬‬
‫‪ 60‬وكالة مع ًا إ‬
‫الخبارية‪.2007/1/21 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫العالمي مراحل جديدة‪ .‬ففي ‪ 2007/2/1‬قال �أحد م� ؤ‬


‫س�ويل‬ ‫التحري�ض إ‬
‫حركة فتح �إن جمموعات حر�س الرئا�سة التي اقتحمت مبنى اجلامعة‬
‫ال�سالمية يف غزة يف ذلك اليوم اعتقلت �سبعة �إيرانيني يف اجلامعة‪ ،‬و�أن‬
‫إ‬
‫فجر نف�سه خالل اال�شتباك‪ ،‬كما قال م�صدر �آخر �إن �أمن الرئا�سة عرث‬
‫ثامن ًا ّ‬
‫على م�صنع للعبوات النا�سفة و�صواريخ الق�سام حتت مباين اجلامعة‪ .‬وقد‬
‫النباء‪ .61‬وعلى الرغم من �أن ال�صحف‬ ‫نفت حركة حما�س �صحة هذه أ‬
‫اليرانيني”‪� ،‬إال �أن حر�س‬
‫والقنوات الف�ضائية تناقلت ت�رصيح “اعتقال إ‬
‫س�ولة يف فتح مل تنجح يف �إظهار �أ ٍّي من إ‬
‫“اليرانيني”‬ ‫الرئا�سة واجلهات امل� ؤ‬
‫العالمية �ضد‬ ‫ممن ادعت اعتقالهم‪ ،‬وهو ما �أ ّ‬
‫�رض مب�صداقية حملة فتح إ‬
‫حما�س‪.‬‬
‫بدا يف تلك الفرتة �أن احلوار بني احلركتني دخل يف دورة مغلقة تكرر‬
‫الخرى‪ ،‬وهو ما دفع العاهل ال�سعودي امللك عبد اهلل بن‬‫نف�سها مرة تلو أ‬
‫عبد العزيز للتدخل والتو�سط بني الفريقني‪ ،‬وجنح يف جمع وفدي الطرفني‪،‬‬
‫وعلى ر�أ�سهم حممود عبا�س وخالد م�شعل‪ ،‬يف مكة املكرمة‪ ،‬يف لقاءات‬
‫�أ�سفرت عن توقيع اتفاق مكة يف ‪.2007/2/8‬‬

‫‪ .5‬فتح وحكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬


‫العالمية حلركة فتح‪ ،‬فظهر بع�ض‬
‫انعك�س اتفاق مكة على الت�رصيحات إ‬
‫الهدوء يف املواقف يف تلك الفرتة‪ ،‬حيث ر�أى حممد دحالن يف ‪2007/2/11‬‬
‫�أن اتفاق مكة ميثل رغبة ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وقال �إن مواقف حركتي فتح‬

‫‪ 61‬وكالة رويرتز أ‬
‫للنباء‪2007/2/2 ،‬؛ والقب�س‪.2007/2/5 ،‬‬

‫‪33‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وحما�س باتت متقاربة �إن مل تكن متوافقة ومتطابقة‪ .62‬و�رشح الرئي�س عبا�س‬
‫المريكية كوندوليزا راي�س ‪ Condoleezza Rice‬يف‬ ‫لوزيرة اخلارجية أ‬
‫لقائهما يف رام اهلل يف ‪ 2006/2/18‬م�ضامني اتفاق مكة‪ ،‬يف �إطار �سعيه‬
‫الول هو وقف‬ ‫لت�سويق االتفاق دولي ًا‪ ،‬مو�ضح ًا �أنه حقق هدفني كبريين‪ :‬أ‬
‫االقتتال الداخلي‪ ،‬والثاين جلب حركة حما�س �إىل ال�رشعية الدولية‪.63‬‬
‫ال من الواليات املتحدة و�أوروبا باالعرتاف‬
‫كما طالبت حركة فتح ك ً‬
‫بحق ال�شعب الفل�سطيني يف املقاومة‪ ،‬ورفع ا�سم حركة حما�س عن الئحة‬
‫ّ‬
‫الرهابية‪.64‬‬
‫املنظمات إ‬
‫�إال �أن ذلك الهدوء �شابته مواقف د ّلت على وجود حالة من انعدام‬
‫الثقة يف حركة حما�س على الرغم من وجود اتفاق مكة‪ ،‬فقد نقلت وكالة‬
‫رويرتز ‪� Reuters‬أنباء عن ا�ستمرار جتهيز �أحد مع�سكرات التدريب التابعة‬
‫حلر�س الرئا�سة يف مدينة �أريحا‪ .65‬وبعد �أيام من نيل حكومة الوحدة ثقة‬
‫املجل�س الت�رشيعي يف ‪� ،2007/3/17‬أدى جتدد اال�شتباكات بني حركتي‬
‫فتح وحما�س يف حميط منزل القيادي يف كتائب أ‬
‫الق�صى �سميح املدهون يف‬
‫‪� 2007/3/21‬إىل ظهور اخلطاب االتهامي جمدداً؛ فقد اتهم املدهون الذي‬
‫كان حر�سه طرف ًا يف اال�شتباكات “جمموعة من احلاقدين والقتلة حم�سوبني‬
‫على حركة حما�س‪ ...‬بع�ضهم متورط يف اغتيال ال�شهيد القائد الق�سامي‬

‫‪ 62‬جريدة املنار‪ ،‬فل�سطني‪.2007/2/12 ،‬‬


‫‪ 63‬احلياة‪.2007/2/19 ،‬‬
‫الخبارية‪ ،‬فل�سطني‪.2007/2/26 ،‬‬
‫‪ 64‬وكالة �سما إ‬
‫‪ 65‬رويرتز‪.2007/3/6 ،‬‬

‫‪34‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫�ضد �أبناء فتح يف �شمال غزة‪ .66‬كما �أثارت‬


‫يحيى عيا�ش” بقيادة حملة ّ‬
‫ت�رصيحات منر حماد امل�ست�شار ال�سيا�سي للرئي�س حممود عبا�س التي دعا‬
‫فيها لتن�سيق �أمني مع اجلانب إ‬
‫ال�رسائيلي يف ‪ 2007/3/25‬زوبعة �سيا�سية‬
‫يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪� ،‬إال �أن حماد دافع عن ت�رصيحاته بالقول �إنها قد‬
‫فُهمت ب�شكل خاطئ‪.67‬‬

‫على الرغم من تلك املواقف‪� ،‬إال �أن الهدوء إ‬


‫العالمي ا�ستمر ب�صورة‬
‫عامة حتى �أواخر �شهر ني�سان‪� /‬أبريل‪ ،‬الذي نظمت حركة فتح يف اخلام�س‬
‫والع�رشين منه مهرجان ًا تكرميي ًا أل�رس �ضحايا الفلتان أ‬
‫المني‪ .‬وقال ماهر‬
‫العالمي با�سم فتح خالل املهرجان �إن حركته لن‬ ‫مقداد املتحدث إ‬
‫ت�ست�سلم �أمام اجلرائم التي ترتكبها “الفئة الظالمية”‪ ،‬و�أ�ضاف‪“ :‬املقاومة‬
‫�أ�صبحت لي�س لها م�ضمون على �أر�ض الواقع؛ ألنها �أ ّ‬
‫عدت �أ�ص ً‬
‫ال ملواجهة‬
‫االحتالل‪ ،‬لكن �صوبت البنادق والقذائف �إىل �صدور ال�شعب لقتل ال�رشفاء‬
‫واملنا�ضلني”‪ .‬يف حني قال عبد احلكيم عو�ض‪“ :‬نحن لن نن�سى دماء‬
‫�شهدائنا الذين �سقطوا على �أيدي فئة �أرادت �أن حتول هذه أ‬
‫الر�ض الطيبة‬
‫�إىل �صومال جديد ومكان ي�رضب فيه املثل بالفو�ضى”‪ .68‬وهي خطوة مل‬
‫ت�سهم يف تعزيز فكرة التهدئة والت�صالح التي كان من املفرت�ض �أن ت�سري جنب ًا‬
‫�إىل جنب مع حكومة الوحدة‪ ،‬بل بدا �أنها ّ‬
‫�صبت يف االجتاه املعاك�س‪.‬‬
‫قدم وزير الداخلية يف حكومة الوحدة هاين‬
‫ويف ذلك الوقت‪ّ ،‬‬

‫‪ 66‬موقع �صوت فل�سطني التابع حلركة فتح‪ ،2007/3/22 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪http://news.palvoice.com/print.php?id=1174569047&archive‬‬

‫‪ 67‬القد�س العربي‪.2007/3/26 ،‬‬


‫‪ 68‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/4/26 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫القوا�سمي ا�ستقالته لرئي�س احلكومة يف ‪2007/4/17‬؛ نتيجة ا�ستمرار‬


‫المني ووجود خالف بني القوا�سمي ومدير جهاز أ‬
‫المن الداخلي‬ ‫الفلتان أ‬
‫العقيد ر�شيد �أبو �شباك‪� ،‬إذ اتهم القوا�سمي �أبو �شباك مبنعه من الت�رصف وفق‬
‫وباحلد من �صالحياته‪ ،‬مما دفع حركة حما�س‬
‫ِّ‬ ‫المنية‪،‬‬‫الجهزة أ‬ ‫ر ؤ�يته ب إ�دارة أ‬
‫للمطالبة ب إ�قالة �أبو �شباك‪ .‬وهو أ‬
‫المر الذي رف�ضته حركة فتح‪ ،‬وقال الناطق‬
‫با�سمها عبد احلكيم عو�ض �إن التعر�ض ملدير أ‬
‫المن الداخلي بهذه الطريقة‬
‫�أمر يثري عالمات اال�ستفهام‪ ،‬وال ي أ�تي يف إ‬
‫الطار ال�صحيح‪ .69‬يف حني ع ّلق‬
‫�أبو علي �شاهني‪ ،‬ع�ضو املجل�س الثوري حلركة فتح‪ ،‬على خطوة القوا�سمي‬
‫بالقول �إن أ‬
‫الخري “ا�ستقال ب أ�مر من قيادة حما�س‪ ،‬وتراجع عن اال�ستقالة‬
‫ب أ�مر منها”‪ .70‬وعقب قبول ا�ستقالة القوا�سمي يف ‪ 2007/5/14‬ر�أى يا�رس‬
‫عبد ربه �أن هذه اال�ستقالة “�أمر هزيل”‪ ،‬م�ضيف ًا �أن القوا�سمي �أ�صبح يتلهف‬
‫بالبحث عن �صالحيات له‪ ،‬بد ًال من البحث عن و�سائل تقوية م ؤ��س�سات‬
‫�شن نائب رئي�س الوزراء عزام أ‬
‫الحمد هجوم ًا عنيف ًا‬ ‫أ‬
‫المن الواحدة‪ .‬كما ّ‬
‫على القوا�سمي واتهمه ب أ�نه ّ‬
‫�شكل عامل فرقة بني الف�صائل‪ .71‬و�أظهرت‬
‫بحق القوا�سمي تغيرّاً وا�ضح ًا يف موقف‬
‫ّ‬ ‫هذه الت�رصيحات الهجومية‬
‫قيادات حركة فتح منه‪ ،‬بعد �أن كانت وافقت على اختياره وزيراً للداخلية‬
‫الخري من‬‫عند ت�شكيل احلكومة‪ .‬وبدا �أن ذلك التغيرّ يرجع �إىل موقف أ‬

‫المن‪ ،‬ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬حيث ّ‬


‫حمله‬ ‫رجل الرئي�س عبا�س وحركة فتح يف أ‬
‫س�ولية �إعاقة تطبيق اخلطة أ‬
‫المنية‪ .‬كما لعبت تلك الت�رصيحات دوراً يف‬ ‫م� ؤ‬

‫اللكرتونية‪ ،‬لندن‪.2007/5/1 ،‬‬


‫‪ 69‬جريدة �إيالف إ‬
‫‪ 70‬وكالة �سما‪.2007/4/29 ،‬‬
‫العالمية‪ :‬فرا�س بر�س‪2007/5/14 ،‬؛ واالحتاد‪.2007/5/15 ،‬‬
‫‪� 71‬شبكة فرا�س إ‬

‫‪36‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ّ‬
‫و�شكلت �رضبة للتوافق الذي نتجت عنه حكومة‬ ‫توتري الو�ضع أ‬
‫المني‪،‬‬
‫�ضد �شخ�صية م�ستقلة كانت حركتا فتح وحما�س‬
‫الوحدة؛ كونها جاءت ّ‬
‫توافقتا عليها حلقيبة الداخلية بعد م�شاورات طويلة‪ ،‬وكان اختيارها مفتاح‬
‫العقبة الكربى أ‬
‫والخرية �أمام ت�شكيل حكومة الوحدة‪.‬‬
‫ترافقت هذه أ‬
‫الجواء مع دورة دامية جديدة من االقتتال الداخلي بني‬
‫حركتي فتح وحما�س‪ ،‬حملت معها عودة االتهامات املبا�رشة والتحري�ض‬
‫المن الوقائي العميد يو�سف عي�سى‬ ‫عد مدير جهاز أ‬
‫العالمي‪ .‬فقد ّ‬‫إ‬
‫ت�رصيحات حما�س‪ ،‬التي اتهمت اجلهاز بالوقوف خلف ظاهرة الفلتان‬
‫أ‬
‫المني “تهيئة مق�صودة لدورة عنف دموية جديدة يخطط لها بليل”‪.72‬‬
‫كما اتهم جمال نزال‪ ،‬ما و�صفه “تياراً ع�سكري ًا” داخل حركة حما�س‬
‫ب أ�نه “يريد �أن يجعل من فل�سطني لبنان عام ‪� 1983‬أو اجلزائر عام ‪،”1991‬‬
‫م�شرياً �إىل �أن ذلك يحدث بن�صف قرار من حما�س‪ ،‬التي قال ب أ�نها فقدت‬
‫البو�صلة بحكم التيارات التي تتنازعها‪.73‬‬
‫العالمي �أن أ‬
‫المور‬ ‫يف ‪ 2007/5/16‬بدا من خالل وترية الت�صعيد إ‬
‫بلغت نقطة الالعودة؛ فقد اتهم عبد احلكيم عو�ض “جميع عنا�رص وقيادات‬
‫حما�س” بالتورط يف �أحداث االقتتال الداخلي‪� ،‬إثر تعر�ض منزل ر�شيد �أبو‬
‫وحث عو�ض عنا�رص‬‫ّ‬ ‫�شباك لهجوم من قبل عنا�رص الق�سام والقوة التنفيذية‪.‬‬
‫“لنهم يواجهون قتلة جمرمني ال ينتمون لقيم‬ ‫حركته على حماية �أنف�سهم؛ أ‬
‫ومبادئ �شعبنا”‪ .‬و�أ�ضاف‪“ :‬ه ؤ�الء �أطلقوا ر�صا�صة الرحمة على اتفاق‬

‫‪ 72‬البيان‪.2007/5/6 ،‬‬
‫‪ 73‬وكالة قد�س بر�س �إنرتنا�شيونال‪.2007/5/14 ،‬‬

‫‪37‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫مكة والوحدة الوطنية‪ ،‬وينفذون انقالب ًا على امل�رشوع الوطني‪ ،‬والوحدة‬


‫الوطنية”‪ .‬وقد طالب عزام أ‬
‫الحمد الرئي�س عبا�س يف اليوم ذاته ب إ�عالن‬
‫حالة الطوارئ على خلفية التوتر امليداين‪ .‬وقال �إن “القوة التنفيذية يجب‬
‫�أن تختفي من الوجود مهما كان الثمن‪ ،‬وع�صابات الق�سام يجب و�ضع‬
‫حد لها”‪ .74‬ويف ‪ 2007/5/20‬اتهمت اللجنة املركزية حلركة فتح‪ ،‬قيادات‬
‫حملية وميدانية يف حركة حما�س بالوقوف وراء االقتتال الداخلي‪ ،‬بهدف‬
‫الطاحة بحكومة الوحدة الوطنية وباتفاق مكة‪.75‬كما دخلت الفتاوى‬ ‫إ‬
‫الدينية ألول مرة على خط التحري�ض على القتل‪ ،‬حيث ن�رش �أحد املواقع‬
‫اللكرتونية املح�سوبة على حركة فتح مق ً‬
‫اال با�سم ال�شيخ �شاكر احلريان‪،‬‬ ‫إ‬
‫و�صف فيه عنا�رص حما�س باخلوارج‪ ،‬و�أفتى بجواز قتلهم‪ ،‬بل وبدخول‬
‫قاتليهم اجلنة‪ .76‬وهو ما ّ‬
‫�شكل �سابقة يف تاريخ الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬د ّلت‬
‫المور بني الطرفني‪.‬‬‫على م�ستوى ال�رشخ غري امل�سبوق الذي �آلت �إليه أ‬

‫‪ .6‬فتح واحل�سم الع�سكري‪:‬‬


‫مع بلوغ أ‬
‫المور �إىل هذه املرحلة من الت�صعيد‪ ،‬تدخلت الو�ساطات‬
‫جمدداً لوقف تدهور أ‬
‫الو�ضاع بني احلركتني‪ ،‬وعقدت م�رص �سل�سلة من‬
‫اللقاءات مع ممثلني عن عدد من الف�صائل الذين ا�ست�ضافتهم يف القاهرة‬
‫بهدف تثبيت التهدئة بني فتح وحما�س‪ ،‬وبحث م�س أ�لة الهدنة مع‬
‫“�إ�رسائيل”‪� .‬إال �أن أ‬
‫الو�ضاع ما لبثت �أن تفجرت من جديد نتيجة ا�ستمرار‬

‫‪ 74‬وكالة أ‬
‫النباء الفل�سطينية (وفا)‪ ،‬ورويرتز‪2007/5/16 ،‬؛ والقد�س العربي‪.2007/5/17 ،‬‬
‫‪ 75‬فرا�س بر�س‪.2007/5/21 ،‬‬
‫‪ 76‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/5/22 ،‬‬

‫‪38‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫المني‪ ،‬وظهور نوع جديد من االعتداءات‪ ،‬متثل يف عمليات‬ ‫التوتر أ‬


‫اخلطف و�إطالق النار على �أقدام املختطفني‪ ،‬من قبل جهة بدا �أنها كانت‬
‫تقوم ب�شكل متعمد بت�صعيد الو�ضع أ‬
‫المني إلف�شال �أية تهدئة فل�سطينية‬
‫داخلية‪ .‬وقد عادت لغة التحري�ض مع عودة اال�شتباكات �إىل قطاع غزة‪،‬‬
‫فقد اتهم ماهر مقداد حركة حما�س ب أ�نها “تتخذ من الدم الفل�سطيني �آلية‬
‫لل�ضغط ال�سيا�سي” يف احلوارات الداخلية‪ ،‬و�أرجع عدم �صمود وا�ستمرار‬
‫قرارات وقف �إطالق النار �إىل “قرار داخل حما�س با�ستمرار الت�صعيد”‪.‬‬
‫ور�أى ع�ضو املجل�س الثوري حلركة فتح‪ ،‬حممد احلوراين‪� ،‬أنه مل يعد من‬
‫املفيد احلديث عن تيار انقالبي داخل احلركة‪ ،‬ألن “الهجوم يف قطاع غزة‬
‫يتم على كامل حركة فتح”‪ .77‬وجمدداً عاودت كتائب أ‬
‫الق�صى تهديدها‬ ‫ّ‬
‫بنقل ال�رصاع �إىل ال�ضفة الغربية‪ ،‬عقب مقتل �أحد قيادييها يف غزة‪ ،‬جمال‬
‫�أبو اجلديان‪ ،‬حيث توعدت قادة ون�شطاء حما�س فيها بالتعر�ض لهم �إذا‬
‫امل�س بحياة فتحاويي القطاع‪ .78‬وتطورت أ‬
‫الو�ضاع‬ ‫وا�صلت حما�س غزة ّ‬
‫احلد الذي �أعلنت عنده حركة حما�س �أنها قررت ح�سم أ‬
‫المر‬ ‫امليدانية �إىل ّ‬
‫يف قطاع غزة ع�سكري ًا‪� ،‬إثر تعر�ض منزل رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‬
‫لق�صف بقذائف الهاون يف ‪ .2007/6/12‬ويف اليوم ذاته �أ�صدر القيادي يف‬
‫الق�صى �سميح املدهون وعيداً �شديد اللهجة باالنتقام بعد مهاجمة‬ ‫كتائب أ‬
‫ال ملحطة �إذاعية تابعة لفتح‪�“ :‬إذا حرقوا دارنا ف أ�نا حرقت‬
‫منزله يف غزة‪ ،‬قائ ً‬
‫‪ 20‬داراً‪ ...‬بيت مقابل بيت ودم مقابل دم‪� ...‬أق�سم باهلل العظيم �أنني‬

‫‪ 77‬قد�س بر�س‪.2007/6/11-10 ،‬‬


‫‪ 78‬وكالة معاً‪2007/6/11 ،‬؛ والقد�س العربي‪.2007/6/12 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�س أ�قتل كل �شخ�ص من حما�س ع�سكري �أو مدين‪� ...‬س أ�قتلهم جميع ًا”‪،79‬‬
‫الكرث حدة وخطورة من بني ت�رصيحات �شخ�صيات حركة‬ ‫يف ت�رصيح كان أ‬
‫فتح حتى ذلك الوقت‪ ،‬حيث ّ‬
‫�شكل اعرتاف ًا مبا�رشاً منه ب�ضلوعه يف �أحداث‬
‫االقتتال الداخلي‪ ،‬كما جهر فيه با�ستعداده لقتل �أي �شخ�ص ملجرد كونه‬
‫من حركة حما�س‪.‬‬
‫ويف وقت الحق‪ ،‬عر�ضت قناة احلوار الف�ضائية يف ‪2008/1/11‬‬
‫فيلم ًا وثائقي ًا عن فرتة احل�سم الع�سكري‪ ،‬الذي �شهده قطاع غزة يف �شهر‬
‫حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬ظهر فيه توفيق �أبو خو�صة‪� ،‬أحد الناطقني با�سم‬
‫حركة فتح‪ ،‬متحدث ًا عن جتاوزات �شهدتها تلك الفرتة من قبل حركته‪،‬‬
‫كان �أبرزها اعرتافه بوجود قتل على الهوية واخللفية التنظيمية‪ ،‬م�شرياً �إىل‬
‫البراج على يد‬ ‫حادثة �إعدام ال�شاب ح�سام �أبو قين�ص ب إ�لقائه من فوق �أحد أ‬
‫جمموعة من عنا�رص فتح‪ ،‬ال�شتباههم بانتمائه حلركة حما�س ب�سبب حليته‪،‬‬
‫قبل �أن يتبني الحق ًا �أنه �أمني �رس �شعبة يف فتح‪ ،‬بح�سب ت�رصيحات �أبو‬
‫خو�صة‪ .80‬وقد �أثارت هذه الت�رصيحات ت� ؤ‬
‫سا�الت حول مدى م�صداقية‬
‫االتهامات التي وجهتها فتح حلما�س يف منا�سبات عدة‪ ،‬بالوقوف وراء‬
‫عدد من االعتداءات واالغتياالت التي كان يتعر�ض لها عنا�رص وقياديو‬
‫س�وليتها عن �أ ٍّي منها‪.‬‬
‫فتح‪ ،‬وكانت حما�س تنفي م� ؤ‬

‫الجراءات التي اتخذتها حما�س‪ ،‬اجتهت حركة فتح نحو القطيعة‬


‫�إثر إ‬
‫التامة معها‪ ،‬فبد�أت ب إ�عالن تعليق م�شاركتها يف حكومة الوحدة يف‬
‫والجراءات من قبل حركة فتح‬
‫‪ .2007/6/12‬وتتالت بعدها املواقف إ‬

‫‪ 79‬البيان‪.2007/6/13 ،‬‬
‫‪ 80‬قناة احلوار‪ ،‬برنامج منت�صف حزيران‪ :‬ماذا حدث؟‪.2008/1/11 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫والرئي�س حممود عبا�س لتكري�س تلك القطيعة‪ ،‬التي �أ�سهمت يف تكري�س‬


‫الف�صل بني ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ .‬واجتهت املواقف نحو اعتبار ما‬
‫قامت به حما�س يف غزة انقالب ًا على ال�رشعية الفل�سطينية ممثلة بالرئي�س‬
‫غا�ضة الطرف عن ال�رشعية التي ميثلها املجل�س الت�رشيعي‪،‬‬
‫حممود عبا�س‪ّ ،‬‬
‫ال�رصار على جعل حما�س تدفع ثمن فعلتها يف غزة‪ ،‬ودفعها للرتاجع‬
‫مع إ‬
‫الحمد �إن‬‫عما قامت به من �إجراءات‪ .‬ويف هذا ال�سياق قال عزام أ‬
‫“االنقالبيني �سيبكون كثرياً ملا فعلوه”‪ ،‬م�ستبعداً �أي حوار معهم �إال بعد‬
‫ت�سليمهم م ؤ��س�سات ال�سلطة‪ .81‬كما اتخذت اللجنة املركزية حلركة فتح‬
‫يف ‪ 2007/6/19‬قراراً بـ “عدم �إجراء �أي حوار �أو ات�صال �أو لقاء مع حركة‬
‫حما�س االنقالبية على �أي م�ستوى”‪ .82‬و�أعلن حممود عبا�س خالل خطاب‬
‫�أمام املجل�س املركزي الفل�سطيني يف ‪ 2007/6/20‬رف�ض احلوار مع حركة‬
‫والرهابيني”‪ ،‬متهم ًا خالد م�شعل‬
‫حما�س‪ ،‬وو�صف قادتها بـ“القتلة إ‬
‫بال�ضلوع يف م ؤ�امرة الغتياله‪ .‬كما اتهم قيادة حركة حما�س إ‬
‫بالعداد‬
‫عده خمطط االنقالب‪ ،‬بالتوافق مع جهات �إقليمية‪ .83‬وهو ما‬ ‫امل�سبق ملا ّ‬
‫ذهب �إليه �أي� ًضا مدير املخابرات العامة توفيق الطرياوي‪ ،‬الذي اتهم �إيران‬
‫بلعب “دور كبري فيما جرى يف غزة �سواء يف التمويل �أو التنفيذ”‪ .‬يف حني‬
‫والعالمي حلما�س‬
‫وجه حممد دحالن انتقادات لقطر ب�سبب دعمها املايل إ‬
‫التي و�صفها ب أ�نها “ع�صابة جمرمة حتتل غزة”‪.84‬‬

‫‪ 81‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 82‬القب�س‪.2007/6/20 ،‬‬
‫‪ 83‬احلياة‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 84‬اخلليج‪ ،‬وفرا�س بر�س‪.2007/6/25 ،‬‬

‫‪41‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�إ�ضافة �إىل ما �سبق‪ ،‬ا�شرتط عبا�س على حما�س خم�سة �رشوط لقبول‬
‫احلوار معها؛ وهي‪:85‬‬
‫‪ .1‬الرتاجع عن �إجراءات حما�س يف غزة و�إزالة كل �آثار ما �سماه‬
‫“االنقالب”‪.‬‬
‫‪ .2‬االعرتاف ب�رشعية ال�سلطة الوطنية‪.‬‬
‫‪ .3‬االعرتاف ب�رشعية حكومة �سالم فيا�ض واعتبارها حكومة ت�رصيف‬
‫�أعمال‪.‬‬
‫‪ .4‬اعتذار حما�س لل�شعب الفل�سطيني واملجتمع الدويل عن ت�رصفها‬
‫يف غزة‪.‬‬
‫‪ .5‬املوافقة على �إجراء انتخابات ت�رشيعية مبكرة‪.‬‬
‫وقد �أ�ضاف عبا�س �رشط ًا �ساد� ًسا �إىل ال�رشوط ال�سابقة خالل اجتماع‬
‫املجل�س املركزي ملنظمة التحرير الفل�سطينية يف ‪ ،2007/7/18‬وهو‬
‫االعرتاف والقبول مبنظمة التحرير الفل�سطينية ممث ً‬
‫ال �رشعي ًا وحيداً لل�شعب‬
‫الفل�سطيني “كما هي”‪.86‬‬
‫�أما يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ويف الوقت الذي �أعلن فيه زكريا الزبيدي ّ‬
‫حل‬
‫كتائب أ‬
‫الق�صى بناء على تو�صية املجل�س املركزي ملنظمة التحرير‪ ،‬وت�سليم‬
‫�ضد االحتالل؛ �أعلن‬
‫�سالحها لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ووقف عملياتها ّ‬
‫الزبيدي �أي� ًضا �أن كتائبه �ستالحق كتائب الق�سام يف ال�ضفة‪ ،‬و�ست�سند قوات‬
‫أ‬
‫المن النظامية يف هذا ال�ش أ�ن‪.87‬‬

‫‪ 85‬اخلليج‪.2007/7/9 ،‬‬
‫‪ 86‬وكالة وفا‪.2007/7/18 ،‬‬
‫‪ 87‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪ ،‬و�إيالف‪.2007/6/27 ،‬‬

‫‪42‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ويف �سياق التحري�ض على حركة حما�س‪ ،‬قال الرئي�س عبا�س يف حديث‬
‫اليطايل احلكومي ‪ ،Rai TV‬قبل اجتماعه مع رئي�س الوزراء‬
‫لتلفزيون راي إ‬
‫اليطايل يف ‪ 2007/7/10‬يف روما‪� ،‬إن حما�س حتمي تنظيم القاعدة وتتيح له‬
‫إ‬
‫احل�صول على موطئ قدم يف غزة‪ .88‬وهو ما �شكل م ؤ��رشاً خطراً على مدى‬
‫تدهور العالقة بني فتح وحما�س‪ ،‬حيث جتاوزت هذه الت�رصيحات التعبري‬
‫عن خالف �أو قطيعة مع حما�س �إىل ا�ستعداء لها وحتري�ض دويل �ضدها‪.‬‬
‫كما �أن ت�رصيح ًا لوزير إ‬
‫العالم يف حكومة الطوارئ ريا�ض املالكي يف‬
‫عدته حما�س دلي ً‬
‫ال على �صحة اتهامها لتلك احلكومة بت�شجيع‬ ‫‪َّ 2007/7/9‬‬
‫“�إ�رسائيل” على موا�صلة �إغالق معرب رفح؛ حيث قال �إن بني العالقني على‬
‫معرب رفح ‪� 79‬شخ�ص ًا “يحملون معتقدات �سيا�سية مت�شددة” ج ؤ‬
‫ا�وا من‬
‫�إيران و�سورية وقطر‪ .‬وقالت م�صادر حكومية �إنهم كانوا قد غادروا غزة‬
‫�إىل تلك الدول لتلقي تدريبات ع�سكرية‪.89‬‬
‫�ضد حركة حما�س‪،‬‬ ‫الق�سى ّ‬ ‫�شن عبا�س هجومه أ‬
‫ويف ‪ّ 2007/7/18‬‬
‫خالل اجتماع املجل�س املركزي ملنظمة التحرير الفل�سطينية يف رام اهلل‪،‬‬
‫م�ستخدم ًا �أو�صاف ًا مل ي�سبق ا�ستخدامها من قبل يف اخلطاب ال�سيا�سي‬
‫الفل�سطيني؛ حيث قال �إن قيادة حما�س “ال تهتم �إال بنف�سها وب أ�ن�صارها‬
‫وحمازبيها‪ ،‬وت أ�خذ ال�شعب رهينة لتحقيق �أغرا�ضها احلقرية”‪ ،‬و�إنها‬
‫“اخرتعت ما ال يخطر على بال ال�شيطان من �أكاذيب و�أراجيف‪ ،‬لتربير‬
‫فعلتها يف غزة”‪ .‬و�أ�ضاف �أنه مطمئن �إىل �أنهم “لي�سوا من إ‬
‫ال�سالم يف‬

‫‪ 88‬اخلليج‪.2007/7/11 ،‬‬
‫‪ 89‬البيان‪ ،‬واحلياة‪.2007/7/10 ،‬‬

‫‪43‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�شيء”‪ ،‬وو�صف ا�ستمرار �سيطرة احلركة على القطاع ب أ�نه عملية “انقالبية‬
‫ال‪“ :‬ال نريد معاقبة ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬ ‫�سخيفة وحقرية”‪ .‬وتابع قائ ً‬
‫ولكن يجب معاقبة حما�س‪ ،‬خا�صة �أن م� ؤ‬
‫س�وليها يحاولون كل يوم تربير‬
‫جرميتهم التي اقرتفوها با�سم الدين‪ ،‬من �أجل �أن ي�صلوا �إىل �أهدافهم الدنيئة‬
‫ال حما�س‬ ‫واملنحطة”‪ .‬كما �أعلن عبا�س يف كلمته �إلغاء اتفاق القاهرة‪ّ ،‬‬
‫حمم ً‬
‫المر؛ فقال‪“ :‬قد يقول قائل هناك اتفاق القاهرة‪،‬‬‫س�ولية عن هذا أ‬ ‫امل� ؤ‬
‫و�أقول لقد ق�ضوا بفعلتهم هذه على اتفاق القاهرة”‪ ،‬و�أ�ضاف �أن م�شعل‬
‫“�أنهى اتفاق القاهرة”‪.90‬‬
‫وطوال الفرتة الالحقة وا�صلت الرئا�سة رف�ضها احلوار مع حما�س‪،‬‬
‫وا�ستمرت مواقف عبا�س و�سلطته ال�ساعية‬
‫ّ‬ ‫و�إ�رصارها على �رشوطها‪.‬‬
‫للت�ضييق على احلركة يف قطاع غزة؛ ففي خطوة غري م�سبوقة عرقل املراقب‬
‫الفل�سطيني يف جمل�س أ‬
‫المن الدويل ريا�ض من�صور م�رشوع قرار تقدم به‬
‫للعالن عن منطقة غزة منطقة منكوبة �إن�ساني ًا‪ .‬ونقلت‬ ‫مندوب قطر إ‬
‫جريدة ال�سفري يف عددها ال�صادر يف ‪ 2007/8/2‬عن جريدة معاريف‬
‫�ضد القرار‪ ،‬مع �أن هذا‬
‫‪� Maariv‬أن الرئي�س عبا�س‪ ،‬قرر ب�شكل نادر العمل ّ‬
‫القرار كان �سيح�سن ظاهري ًا من و�ضع ال�سكان الفل�سطينيني يف قطاع غزة‪.‬‬
‫ونقلت اجلريدة عن عبا�س قوله‪“ :‬لن �أ�سمح حلما�س مبوطئ قدم يف العامل‬
‫عرب حتقيق �إجنازات يف جمل�س أ‬
‫المن”‪ .91‬كما قال عبا�س خالل مقابلة مع‬
‫المريكية ‪ The Washington Post‬من�شورة‬ ‫جريدة الوا�شنطن بو�ست أ‬

‫‪ 90‬احلياة‪ ،‬واخلليج‪ ،‬أ‬


‫والخبار‪ ،‬بريوت‪ ،‬وامل�ستقبل‪.2007/7/19 ،‬‬
‫‪ 91‬ال�سفري‪.2007/8/2 ،‬‬

‫‪44‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫عما �إذا كان يرى يف ال�سيا�سة أ‬


‫المريكية‬ ‫يف ‪ ،2007/9/30‬ر ّداً على � ؤ‬
‫س�ال ّ‬
‫بال�ضغط على حركة حما�س وعزلها �أمراً خاطئ ًا “يف البداية‪ ،‬اعتقدت‬
‫الن يف نف�س املوقع‪� .‬أنا ّ‬
‫�ضد حما�س”‪.92‬‬ ‫�أنهم كانوا خمطئني‪ ،‬لكننا آ‬

‫ويف �أواخر �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س‪ ،‬خل�صت درا�سة �إعالمية �أجراها طلبة‬
‫من ق�سم ال�صحافة من جامعتي بريزيت والنجاح يف الفرتة الزمنية املمتدة‬
‫من ‪� 2007/6/15‬إىل ‪� ،2007/8/15‬إىل �أن ‪ %93‬من خطاب حركة فتح‬
‫�ضد حركة حما�س ب�شخو�صها ونهجها وم ؤ��س�ساتها يف‬
‫العالمي موجه ّ‬
‫إ‬
‫الداخل واخلارج‪ ،‬مقابل ‪ %7‬حتمل نقداً لـ “�إ�رسائيل”‪.93‬‬
‫عما قال �إنها وثيقة‬
‫للعالم ّ‬
‫ويف ‪ 2007/10/1‬ك�شف املركز الفل�سطيني إ‬
‫�رسية ح�صل عليها‪ ،‬تت�ضمن خطة �أعدتها حركة فتح لت�شويه �صورة حركة‬
‫حما�س ديني ًا وتنظيمي ًا و�إعالمي ًا‪ ،‬وحتمل عنوان “اخلطة الرباعية لك�شف‬
‫امل�ستور”‪ .‬وتو�ضح الوثيقة �أن اخلطة متتد ألربعة �أ�شهر بدءاً من ‪،2007/9/1‬‬
‫وتهدف �إىل �إظهار تقارب بني اخلطاب الديني حلركة حما�س وخطاب‬
‫ال�شاعات التي تبني �أن حركة حما�س تعاين من‬
‫اجلماعات التكفريية‪ ،‬ون�رش إ‬
‫العالمي يف ت�رصيحات حما�س‪،‬‬‫�أزمات داخلية عميقة‪ ،‬و�إظهار التناق�ض إ‬
‫تدعي اخلطة �أنها تروج حلركة‬
‫�إ�ضافة �إىل ال�ضغط على القنوات التي ّ‬
‫حما�س �إعالمي ًا‪ .94‬ويف ال�سياق نف�سه اتهمت حما�س على ل�سان فوزي‬

‫‪The Washington Post newspaper, 30/9/2007, in:91‬‬


‫‪http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/28/09/2007‬‬
‫‪/AR2007092801325_pf.html‬‬

‫‪ 93‬قد�س بر�س‪.2007/8/29 ،‬‬


‫للعالم‪.2007/10/1 ،‬‬
‫‪ 94‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪45‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫برهوم الناطق با�سمها الرئي�س عبا�س بتخ�صي�ص ‪� 800‬ألف دوالر �أمريكي‬


‫لتنفيذ حملة �إعالمية لت�شويه �صورتها‪ ،‬نافية ب�شدة �أنباء نقلتها بع�ض املواقع‬
‫اللكرتونية الفل�سطينية �آنذاك عن تقارير جلهاز أ‬
‫المن الوقائي الفل�سطيني‪،‬‬ ‫إ‬
‫تتهم فيها حممود الزهار بال�ضلوع يف اغتيال الرنتي�سي بزرع عبوة نا�سفة‬
‫يف �سيارته‪.95‬‬

‫‪ .7‬فتح وم ؤ�متر �أنابولي�س‪:‬‬


‫يف الفرتة التي �سبقت انعقاد م ؤ�متر اخلريف لل�سالم يف �أنابولي�س‬
‫�صبت الرئا�سة الفل�سطينية وقيادة حركة فتح‪ ،‬اهتمامها‬
‫‪ّ ،Annapolis‬‬
‫على التح�ضريات لهذا اللقاء‪ ،‬وترافق ذلك مع تطبيق حكومة �سالم فيا�ض‬
‫خطتها أ‬
‫المنية يف نابل�س كجزء من التزامات ال�سلطة الفل�سطينية مبوجب‬
‫املرحلة أ‬
‫الوىل من خريطة الطريق‪ ،‬التي �أكدت البيانات ال�صادرة يف ختام‬
‫م ؤ�متر �أنابولي�س على ا�ستئنافها‪ ،‬يف حني ا�ستمرت القطيعة مع حركة‬
‫حما�س‪ ،‬ووا�صلت الرئا�سة وحكومة فيا�ض ت�رصيحاتها و�إجراءاتها الهادفة‬
‫للت�ضييق على حما�س حملي ًا ودولي ًا‪.‬‬
‫وقد عبرّ موقف الرئي�س حممود عبا�س عن هذه القطيعة‪ ،‬حني رف�ض‬
‫طلب ًا من نواب حما�س يف املجل�س الت�رشيعي يف ال�ضفة الغربية لرتتيب لقاء‬
‫معه من �أجل بحث �سبل اخلروج من أ‬
‫الزمة الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬ومت�سكه‬
‫�أو ًال تنفيذ ال�رشوط التي حددها حلما�س من �أجل احلوار‪.96‬‬

‫‪ 95‬الغد‪.2007/10/9 ،‬‬
‫‪ 96‬وكالة �سما‪.2007/10/4 ،‬‬

‫‪46‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ويف خطوة بدا �أنها مرتبطة بتجفيف املنابع املالية حلركة حما�س‪� ،‬أقر‬
‫الموال‪ ،‬يلزم “�أي �شخ�ص‬ ‫عبا�س يف ‪ 2007/10/26‬قانون ًا ملكافحة غ�سل أ‬
‫يدخل �إىل �أرا�ضي ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية إ‬
‫بالف�صاح عما بحوزته‬
‫من العمالت وال�سندات واملعادن النفي�سة‪ ،‬وفر�ض عقوبات على جميع‬
‫املخالفات ألحكام هذا القرار بقانون”‪.97‬‬
‫كما تقدمت بعثة فل�سطني يف أ‬
‫المم املتحدة ‪United Nations - UN‬‬
‫مب�رشوعي قرارين �إىل اجلمعية العامة أ‬
‫للمم املتحدة خالل انعقاد دورتها‬
‫الثانية وال�ستني يف �شهر ت�رشين أ‬
‫الول‪� /‬أكتوبر ‪ ،2007‬ت�ضمنا ا�ستخدام‬
‫ال�شارة �إىل حركة حما�س‪،‬‬
‫م�صطلح “ميلي�شيا خارجة على القانون” لدى إ‬
‫وجاء يف �أولهما �أن �أع�ضاء اجلمعية العامة‪:‬‬
‫يعربون عن القلق من اال�ستيالء امل�سلح على م ؤ��س�سات ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية يف غزة من قبل ميلي�شيات فل�سطينية خارجة على‬
‫القانون يف حزيران ‪ ،2007‬ويدعون إلعادة أ‬
‫الو�ضاع �إىل‬
‫ما كانت عليه قبل حزيران ‪ 2007‬وذلك من �أجل ال�سماح‬
‫با�ستئناف احلوار الفل�سطيني وا�ستعادة الوحدة الوطنية‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬
‫العراب عن “القلق العميق من توا�صل ا�ستمرار‬
‫الخر إ‬‫فيما ت�ضمن آ‬
‫والن�ساين يف غزة‪ ...‬وكذلك من �إطالق ال�صواريخ على‬ ‫الو�ضع أ‬
‫المني إ‬
‫�إ�رسائيل والت أ�ثري ال�سلبي ألحداث حزيران ‪ 2007‬والتي قامت خاللها‬
‫ميلي�شيات فل�سطينية خارجة على القانون باال�ستيالء على م ؤ��س�سات‬

‫‪ 97‬ال�سفري‪.2007/10/27 ،‬‬

‫‪47‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�سلطة الفل�سطينية يف قطاع غزة”‪.98‬‬


‫ويف ال�سياق نف�سه‪� ،‬شدد الرئي�س عبا�س يف خطاب متلفز �ألقاه يف‬
‫‪ ،2007/11/15‬مبنا�سبة الذكرى التا�سعة ع�رشة إلعالن ا�ستقالل فل�سطني‪،‬‬
‫على وجوب “�إ�سقاط الزمرة االنقالبية‪ ،‬التي ا�ستولت بالقوة الـم�سلحة‬
‫على قطاع غـزة”‪.99‬‬
‫الجراءات �ضد حركة حما�س يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬أعلن وزير‬ ‫ويف �إطار إ‬
‫اخلارجية يف حكومة فيا�ض والناطق الر�سمي با�سمها‪ ،‬ريا�ض املالكي‪� ،‬أن‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية متكنت من تفكيك ع�رشات اخلاليا امل�سلحة التابعة حلركة‬ ‫أ‬
‫حما�س‪ ،‬والتي كانت تخطط إلحداث ا�ضطرابات يف ال�ضفة خالل �أعمال‬
‫م ؤ�متر ال�سالم الدويل املنعقد يف �أنابولي�س‪ ،‬وفق ت�رصيحات املالكي‪.100‬‬
‫وذلك قبل �أيام من ن�رش جريدة القد�س العربي تقريراً نقلت فيه عن �أحد‬
‫حمققي جهاز أ‬
‫المن الوقائي قوله‪“ :‬التعليمات وا�ضحة‪ ،‬حما�س حمظورة‬
‫ويجب اجتثاثها من ال�ضفة الغربية”‪.101‬‬
‫كما اتّهمت حرك ُة فتح حرك َة حما�س بت�سهيل ت�سلل عنا�رص من‬
‫ال�سالم” �إىل قطاع غزة‪ ،‬على خلفية تبني أ‬
‫الخرية �إطالق‬ ‫جمموعة “فتح إ‬
‫قذيفة على �سديروت من القطاع يف ‪ .2007/12/23‬وو�صف الناطق با�سم‬
‫ال�سالم” ب أ�نه “تطور خطري ي�شري‬
‫فتح‪� ،‬أحمد عبد الرحمن‪ ،‬بيان “فتح إ‬
‫�إىل الو�ضع الذي �آل �إليه قطاع غزة‪ ،‬يف ظل غياب ال�رشعية وم ؤ��س�ساتها‪،‬‬

‫‪ 98‬ال�سفري‪.2007/11/8 ،‬‬
‫‪ 99‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/11/16 ،‬‬
‫‪ 100‬وكالة وفا‪.2007/11/26 ،‬‬
‫‪ 101‬القد�س العربي‪.2007/11/30 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الرهاب املختلفة”‪.‬‬ ‫�إذ بات [القطاع] مرتع ًا ومالذاً �آمن ًا جلماعات إ‬


‫وهو اتهام نفته حكومة الوحدة الوطنية املُقالة وو�صفته ب أ�نه “هراء”‪.102‬‬
‫ويف تلك أ‬
‫الثناء‪ ،‬نقلت جريدة يديعوت �أحرونوت ‪Yedioth‬‬
‫‪ Ahronot‬ال�صادرة يف ‪ 2008/1/1‬عن م�صادر داخل حركة فتح �أن هناك‬
‫قلق ًا يف �أو�ساط احلركة من جناح حركة حما�س يف التو�صل �إىل �صفقة لتبادل‬
‫للفراج عن نواب حما�س املختطفني �إىل‬ ‫ال�رسى مع “�إ�رسائيل”‪ ،‬ت ؤ�دي إ‬ ‫أ‬
‫جانب عدد من أ‬
‫ال�رسى الفل�سطينيني‪ ،‬مو�ضحة �أن ذلك قد ي ؤ�دي لرتجيح‬
‫وميكنها من حجب الثقة عن حكومة‬ ‫كفة حما�س يف املجل�س الت�رشيعي‪ّ ،‬‬
‫فيا�ض‪.103‬‬
‫كما برز خالل تلك الفرتة يف ت�رصيحات الرئا�سة وحكومة رام اهلل‬
‫انتقاد �إطالق ال�صواريخ من قطاع غزة ب�صورة �أكرب من ذي قبل‪ ،‬بالتزامن‬
‫ال�رسائيلية بحق �سكان القطاع‪ ،‬من خالل‬
‫الجراءات إ‬
‫مع ت�صعيد إ‬
‫وحملت تلك‬
‫ّ‬ ‫الهجمات الع�سكرية وت�شديد احل�صار و�إغالق املعابر‪،‬‬
‫الت�رصيحات ال�صواريخ م� ؤ‬
‫س�ولية توفري املربر لذلك الت�صعيد‪ .‬ففي كلمة‬
‫له �أمام املجل�س املركزي ملنظمة التحرير يف رام اهلل يف ‪ ،2008/1/13‬قال‬
‫الرئي�س عبا�س‪�“ :‬أنا �أعلنها ب�رصاحة وبو�ضوح‪� ،‬أنا �ضد هذه ال�صواريخ‬
‫العبثية وال فائدة منها وكل ال�رضر ي أ�تي منها”‪ .104‬وعاد ليقول بعدها ب أ�يام‬
‫�إن “�إ�رسائيل تقفل املعابر وال�صواريخ تعطيها احلجة”‪ .105‬كما انتقد �سالم‬

‫‪ 102‬احلياة‪.2007/12/26 ،‬‬
‫‪Ynetnews, 1/1/2008, see:103‬‬
‫‪http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3489255,00.html‬‬
‫‪ 104‬ال�سفري‪.2008/1/14 ،‬‬
‫‪ 105‬جريدة النهار‪ ،‬بريوت‪.2008/1/23 ،‬‬

‫‪49‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال �إياها م� ؤ‬
‫س�ولية ا�ستدراج‬ ‫فيا�ض تلك ال�صواريخ يف ‪ ،2008/1/19‬حمم ً‬
‫ال�رسائيلية‪ ،‬ور�أى �أنها “مل جتلب �سوى الكوارث”‪.106‬‬
‫الغارات إ‬
‫الق�صى كانت قد بثت يف ‪ 2007/6/22‬ت�سجي ً‬
‫ال‬ ‫و ُيذكر �أن ف�ضائية أ‬
‫يحر�ض فيه �ضد مطلقي ال�صواريخ وي أ�مر ب إ�طالق‬
‫تلفزيوني ًا للرئي�س عبا�س ِّ‬
‫النار عليهم وقتلهم‪ ،‬وقد ظهر عبا�س يف الت�سجيل وهو يقول لعدد من قادة‬
‫المنية‪“ :‬اللي بي�شوف واحد معاه �صاروخ ي�رضبه‪ ...‬يقتله‪...‬‬‫الجهزة أ‬‫أ‬
‫يطخه‪ ،‬منيح هيك؟”‪.107‬‬
‫ويف �أواخر �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،2008‬كرر عبا�س اتهامه حلركة حما�س‬
‫ب إ�يواء تنظيم القاعدة يف قطاع غزة‪ ،‬حيث قال عبا�س يف حوار جلريدة‬
‫احلياة اللندنية‪:‬‬
‫�أنا �أعتقد �أن القاعدة موجودة يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية وحتديداً‬
‫يف غزة‪ .‬والذي جاء بالقاعدة حركة حما�س‪ ،‬والذي ي�ساعدها‬
‫على الدخول واخلروج بالطرق املعروفة هو حركة حما�س‪...‬‬
‫القاعدة موجودة يف غزة‪ ،‬و�أعتقد ب أ�نهما حلفاء‪� .‬أعتقد �أن‬
‫ذلك الوجود للقاعدة مت بت�سهيل من حما�س ويف غزة‬
‫بالتحديد‪.108‬‬
‫وهو ت�رصيح ّ‬
‫�شكل مرة �أخرى حتري� ًضا خطرياً �ضد حركة حما�س‪،‬‬
‫خا�صة و�أنه �صدر قبيل بدء عدوان ع�سكري �إ�رسائيلي �ضد قطاع غزة يف‬

‫‪ 106‬احلياة‪.2008/1/20 ،‬‬
‫‪ 107‬مل�شاهدة الت�سجيل‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.youtube.com/watch?v=byRSq11-wag‬‬
‫‪ 108‬احلياة‪.2008/2/27 ،‬‬

‫‪50‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫عملية حملت ا�سم “ال�شتاء ال�ساخن”‪.‬‬


‫حمل ريا�ض املالكي حركة حما�س‬
‫و�إ�ضافة �إىل ت�رصيحات عبا�س هذه‪ّ ،‬‬
‫ال‪“ :‬وفرت حما�س وعرب �صواريخها‬‫س�ولية عن ذلك العدوان‪ ،‬قائ ً‬ ‫امل� ؤ‬
‫احلجة واملربر لي�س فقط إل�رسائيل لكي ت�شن عدوانها كما تدعي أ‬
‫الخرية‪،‬‬
‫و�إمنا وفرت للمجتمع الدويل لكي يغ�ض النظر عما يجري يف القطاع من‬
‫جرائم حتت تف�سريات الدفاع عن النف�س”‪ .‬وهو موقف لقي ا�ستنكاراً‬
‫وا�سع ًا من خمتلف الف�صائل‪ ،‬مبن فيها حركة فتح التي رف�ض عدد من قيادييها‬
‫تلك الت�رصيحات‪ ،‬ومن بينهم جربيل الرجوب وحممد احلوراين وحامت عبد‬
‫القادر‪.109‬‬
‫�إال �أن جريدة ال�سبيل أ‬
‫الردنية ن�رشت يف ‪ 2008/3/4‬ر�سالة قالت �إنها‬
‫“خا�صة و�رسية”‪ ،‬بدا من خاللها �أن هناك يف داخل فتح من يعار�ض التوجه‬
‫الذي �أبداه ه ؤ�الء القادة الثالثة‪ ،‬وقالت اجلريدة �إن الر�سالة امل ؤ�رخة يف‬
‫‪ 2008/3/1‬موجهة من حممد دحالن �إىل قائمة من القيادات الفتحاوية‬
‫�أعدها بنف�سه‪ ،‬خال�صتها �أن “ال ترتكوا لعواطفكم وال م�شاعركم وال‬
‫انفعاالتكم �أن تدفعكم للتورط واالنخراط يف معركة لي�ست هي معركتكم‪،‬‬
‫ال�رسائيلي الذي‬
‫وال معركة �شعبكم الفل�سطيني”‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل العدوان إ‬
‫ا�ستهدف قطاع غزة يف ذلك الوقت‪ ،‬مو�ضح ًا �أن هذه املعركة هي “معركة‬
‫حما�س‪ ،‬التي تريد منها تبيي�ض �صفحتها‪ ،‬وتلميع �صورتها‪ ،‬وتقدمي نف�سها‬
‫من جديد على �أنها طليعة املقاومة والتحرير واجلهاد”‪.110‬‬

‫‪ 109‬اخلليج‪2008/3/2 ،‬؛ وال�رشق أ‬


‫الو�سط‪.2008/3/3 ،‬‬
‫‪ 110‬ال�سبيل‪.2008/3/4 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬االتهام باالعتداءات واالغتياالت‪:‬‬
‫مل يكن �أ�سلوب االغتياالت وا�ستهداف ال�شخ�صيات ذات الت أ�ثري من‬
‫الف�صائل الفل�سطينية �أمراً جديداً يف ال�ساحة الفل�سطينية‪� ،‬إال �أن اللجوء �إليه‬
‫ازداد ب�شكل وا�ضح يف الفرتة التي �أعقبت فوز حركة حما�س يف االنتخابات‬
‫الت�رشيعية وت�شكيلها احلكومة‪ ،‬يف �سياق االقتتال الداخلي الذي ن�شب‬
‫بني حركتي فتح وحما�س يف تلك الفرتة‪ .‬وقد �أخذت هذه االعتداءات‬
‫منحى ت�صاعدي ًا‪ ،‬من حيث نوعها وعددها وال�شخ�صيات امل�ستهدفة فيها‪،‬‬
‫ً‬
‫ف أ�خذت ت�ستهدف �شخ�صيات �سيا�سية و�أكادميية‪� ،‬إىل جانب ال�شخ�صيات‬
‫أ‬
‫المنية والع�سكرية‪ .‬وقد بدا يف بع�ض املراحل �أن طرف ًا بعينه كان ّ‬
‫يتعمد‬
‫الو�ضاع أ‬
‫المنية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف قطاع‬ ‫ال�سلوب لتوتري أ‬
‫اللجوء �إىل هذا أ‬
‫غزة؛ لفر�ض واقع �أمني ُي َ�ص ِّعب على حكومة حما�س �أداء مهامها‪ ،‬ويعمل‬
‫تعهدت‬
‫المني الذي ّ‬ ‫على �إظهارها على �أنها عاجزة عن التعامل مع الفلتان أ‬
‫العالمية التي رافقت حوادث االغتيال‬ ‫ب�ضبطه‪ .‬وقد �أ�سهمت الت�رصيحات إ‬
‫و�أعمال الفو�ضى أ‬
‫المنية يف تعزيز هذا االعتقاد؛ حيث ات ُِّخ َذت مدخ ً‬
‫ال‬
‫للتحري�ض على احلكومة بالطريقة املذكورة‪ .‬كما بدا يف بع�ض املراحل‬
‫الجواء بني حركتي فتح وحما�س‬‫ا�ستخدمت إلعادة توتري أ‬
‫ُ‬ ‫�أن االغتياالت‬
‫وتقدم ًا يف احلوار بينهما‪ ،‬وكعامل‬
‫ّ‬ ‫يف الفرتات التي كانت ت�شهد تقارب ًا‬
‫ا�ستفزاز كبري يف الفرتات التي كانت تَظهر فيها حماوالت ل�ضبط النف�س جتاه‬
‫اعتداءات �أقل حجم ًا‪ .‬وهو ما يف�رس تزايد االغتياالت واالعتداءات على‬
‫ال�شخ�صيات ب�شكل كبري‪ ،‬وبطريقة �أكرث “جر�أة” يف املرحلة التي �سبقت‬
‫احل�سم الع�سكري الذي �أقدمت عليه حركة حما�س يف قطاع غزة‪.‬‬
‫ونركز يف هذا البند على االغتياالت واالعتداءات التي تورطت �أو‬
‫ّ‬

‫‪52‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫والجهزة أ‬
‫المنية املوالية لها بالتورط فيها‪،‬‬ ‫اتُّهمت عنا�رص من حركة فتح أ‬
‫يف الفرتة التي تلت فوز حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية يف �أوائل ‪،2006‬‬
‫وطالت �شخ�صيات �أ�سا�سية يف ال�ساحة الفل�سطينية‪� ،‬أو ّ‬
‫�شكلت نقاط ت�صعيد‬
‫بارزة يف �أحداث االقتتال الداخلي‪.‬‬
‫�أبرز امل ّتهمني بالوقوف وراء عمليات االغتيال واالعتداءات تلك‪ ،‬كان‬
‫جهاز أ‬
‫المن الوقائي يف غزة‪ ،‬فقد اتهمته جلان املقاومة ال�شعبية باغتيال‬
‫�أمينها العام عبد الكرمي القوقا يف ‪ ،2006/3/31‬يف انفجار �سيارة مفخخة‬
‫يف غزة‪ ،‬بعد �أيام قليلة من نيل احلكومة اجلديدة ثقة املجل�س الت�رشيعي‪.‬‬
‫وقد نفت “�إ�رسائيل” �صلتها باالنفجار‪ ،‬وقالت جلان املقاومة �إن لديها‬
‫تدل على �أن حممد دحالن ور�شيد �أبو �شباك و�سمري م�شهراوي‬
‫معلومات ّ‬
‫س�ولون عن ذلك‪ ،‬وعزت ذلك �إىل ما �أ�سمته مترد القوقا على‬ ‫هم امل� ؤ‬
‫�أوامرهم‪ .111‬كما اتهمت �ألوية النا�رص �صالح الدين‪ ،‬اجلناح الع�سكري‬
‫للجان املقاومة‪ ،‬عنا�رص من جهاز أ‬
‫المن الوقائي مبحاولة اغتيال �أحد قادتها‬
‫امليدانيني يف ‪ ،2006/5/9‬ب إ�طالق النار عليه عند �أحد احلواجز التابعة‬
‫للجهاز يف مدينة غزة‪ ،‬على الرغم من معرفتهم لهويته‪.112‬‬
‫المن الوقائي بالوقوف‬ ‫ويف ‪ 2006/5/16‬اتهمت حركة حما�س جهاز أ‬
‫وراء اغتيال حممد الترت‪� ،‬أحد اثنني من كوادر كتائب الق�سام كانا قد تعر�ضا‬
‫لالغتيال يف ذلك الوقت‪ ،113‬وكان اغتيالهما احلدث الذي اتخذ وزير‬

‫‪ 111‬احلياة‪.2006/4/1 ،‬‬
‫‪ 112‬قد�س بر�س‪.2006/5/10 ،‬‬
‫‪ 113‬احلياة‪.2006/5/18 ،‬‬

‫‪53‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الداخلية �سعيد �صيام عقبه قراره بن�رش القوة التنفيذية يف غزة‪ .‬كما اتهمت‬
‫حما�س اجلهاز نف�سه بقتل �سامل قديح �أحد عنا�رصها‪ ،‬ع�شية انطالق احلوار‬
‫الوطني الذي جمع الف�صائل الفل�سطينية يف ‪ 2006/5/25‬لبحث وثيقة‬
‫أ‬
‫ال�رسى‪114‬؛ ومبحاولة اغتيال عالء ر�ضوان �أحد قيادييها يف ‪،2006/6/18‬‬
‫ب إ�طالق النار عليه بالقرب من خان يون�س‪ ،115‬بعد �أيام من الهدوء الذي‬
‫تزامن مع تقدم يف جل�سات احلوار الوطني‪.‬‬
‫جتددت‬ ‫وبالتزامن مع توقيع اتفاق مكة ويف الفرتة التي تلت االتفاق‪ّ ،‬‬
‫الق�سام‪ ،‬واتهمت حما�س عنا�رص �أمنية‬
‫بحق قادة ميدانيني يف ّ‬
‫االغتياالت ّ‬
‫تعر�ض‬
‫موالية ملحمد دحالن وعنا�رص من حركة فتح بالوقوف خلفها؛ فقد ّ‬
‫القيادي حممد �أبو كر�ش لالغتيال يف ‪ ،2007/2/6‬وروى �أحد الناجني الذين‬
‫المن الفل�سطيني وحرا�س منزل دحالن‬ ‫كانوا برفقة �أبو كر�ش �أن عنا�رص من أ‬
‫�أطلقوا النار عليهم ب�صورة مبا�رشة‪ ،‬بعد �إجبارهم على النزول من ال�سيارة‬
‫التي كانوا ي�ستقلونها‪ .116‬كما تعر�ض القيادي حممد الكفارنة لالغتيال يف‬
‫مكة‪ ،‬وقد اتهمت‬ ‫‪ ،2007/3/10‬ليكون �أول �ضحايا االقتتال بعد اتفاق ّ‬
‫حما�س �آنذاك م�س ّلحني من حركة فتح بن�صب كمني ل�سيارة الكفارنة‪.117‬‬
‫واغتيل القيادي عالء احلداد يف ‪ 2007/3/13‬ب إ�طالق النار على �سيارته‪،‬‬
‫واتهمت حما�س عنا�رص من أ‬
‫المن الوقائي بالتورط يف اغتياله‪.118‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/5/25 ،‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪ 115‬احلياة‪.2006/6/20 ،‬‬
‫‪ 116‬قد�س بر�س‪.2007/2/7 ،‬‬
‫‪ 117‬رويرتز‪.2007/3/11 ،‬‬
‫‪ 118‬القد�س‪.2007/3/14 ،‬‬

‫‪54‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫تعر�ض بهاء �أبو جراد‪ ،‬القيادي يف كتائب �شهداء‬


‫ويف ‪ّ 2007/5/13‬‬
‫أ‬
‫الق�صى‪ ،‬لالغتيال على يد م�سلحني جمهولني يف بيت الهيا �شمال قطاع‬
‫الو�ضاع بني حركتي فتح‬‫غزة‪ ،‬يف عملية بدا �أنها جاءت بق�صد تفجري أ‬
‫وحما�س ب�صورة كبرية‪ ،‬إلف�شال حكومة الوحدة الوطنية واتفاق مكة؛‬
‫اجتماع‪ ،‬عقده عبا�س وهنية يف ‪2007/5/9‬‬
‫ٍ‬ ‫خ�صو�ص ًا و�أنها جاءت عقب‬
‫بهدف تدارك �أزمة وزير الداخلية والبدء بتطبيق اخلطة أ‬
‫المنية‪� ،‬أ�سفر عن‬
‫االتفاق على ت�شكيل قوة �أمنية م�شرتكة بني حر�س الرئا�سة والقوة التنفيذية‬
‫حملت حركة فتح على الفور‬ ‫ب إ�مرة وزير الداخلية هاين القوا�سمي ‪ .‬وقد ّ‬
‫‪119‬‬

‫س�ولية مقتل �أبو جراد‪ ،‬متهمة عنا�رص منها باغتياله‪� .‬إال �أن‬
‫حركة حما�س م� ؤ‬
‫حما�س و�صفت موقف فتح بـ“املت�رسع”‪ ،‬و�أكد ممثلها �أمين طه �أنه “ال يوجد‬
‫�أي عالقة حلركة حما�س ال من قريب وال من بعيد بعملية االغتيال”‪ ،‬متهم ًا‬
‫جهات خارجة عن ال�صف الوطني بال�سعي لتدمري االتفاق بني حركتي فتح‬
‫وحما�س خدمة ألجندة خارجية‪.120‬‬
‫تفجرت أ‬
‫الو�ضاع جمدداً بني احلركتني‪ ،‬وخالل‬ ‫عقب ذلك االغتيال ّ‬
‫الق�سام العتداءات‬
‫تعر�ض عدد من عنا�رص حما�س وكتائب ّ‬
‫تلك الفرتة ّ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية بالوقوف خلفها‪،‬‬ ‫واغتياالت اتهمت حما�س عنا�رص أ‬
‫فقد اتهمت حما�س عنا�رص من �أمن الرئا�سة وحركة فتح باختطاف‬
‫وقتل اثنني من العاملني يف جريدة فل�سطني املقربة من حما�س يف غزة يف‬

‫‪ 119‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/5/10 ،‬‬
‫‪ 120‬وكالة معاً‪.2007/5/13 ،‬‬

‫‪55‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ ،2007/5/13‬هما �سليمان الع�شي وحممد عبدو‪ ،121‬وب إ�عدام �صحايف‬


‫ال�سالمية يف ‪،2007/5/15‬‬‫ثالث يعمل يف جريدة ال�صحوة التابعة للكتلة إ‬
‫تعر�ض �إبراهيم منية القائد‬ ‫يدعى ع�صام اجلوجو ‪ .‬ويف التاريخ املذكور ّ‬
‫‪122‬‬

‫الق�سام لالغتيال‪ ،‬واتهمت الكتائب حر�س الرئا�سة بقتله يف �أثناء‬


‫امليداين يف ّ‬
‫تفقده مواقع املرابطني‪ ،‬ب إ�طالق النار عليه من �أحد مواقع احلر�س يف حي‬
‫ال�شجاعية مبدينة غزة‪ .123‬كما ّمت �إعدام ال�شيخ ناه�ض النمر �أحد قادة حما�س‬
‫بعد اقتياده �أمام �أفراد �أ�رسته من منزله يف حي تل الهوا يف مدينة غزة‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية ب إ�عدامه‪ .124‬ويف ‪ 2007/5/16‬اتهمت‬ ‫واتهمت حما�س أ‬
‫للمن الوقائي ب إ�عدام خم�سة من عنا�رص‬‫حما�س “فرقة املوت” التابعة أ‬
‫القوة التنفيذية بعد اعتقالهم‪� ،‬إال �أن أ‬
‫المن الوقائي قال �إن كتائب الق�سام‬
‫ا�ستهدفت �سيارة تابعة للجهاز كانت ّ‬
‫تقل املعتقلني اخلم�سة‪ ،‬فقتلت �إىل‬
‫جانبهم اثنني من عنا�رصه‪ .125‬ويف ‪ 2007/5/18‬اتهمت حما�س م�س ّلحني‬
‫من حركة فتح بقتل خالد عبد الرازق‪ ،‬قائد وحدة ال�صواريخ بكتائب‬
‫الق�سام يف منطقة تل الهوى‪.126‬‬
‫ال�شارة هنا �إىل �أن تلك اجلولة من االقتتال تزامنت مع ت�صعيد‬
‫وجتدر إ‬
‫�ضد مواقع القوة التنفيذية وكتائب الق�سام ب�صورة‬
‫تركز ّ‬‫ع�سكري �إ�رسائيلي ّ‬
‫رئي�سية‪.‬‬

‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪2007/5/14 ،‬؛ أ‬


‫والخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/5/15 ،‬‬ ‫‪ 121‬أ‬
‫‪ 122‬قد�س بر�س‪.2007/5/15 ،‬‬
‫للعالم‪.2007/5/15 ،‬‬
‫‪ 123‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 124‬قد�س بر�س‪ 15 ،‬و‪.2007/5/16‬‬
‫‪ 125‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/5/17 ،‬‬
‫‪ 126‬عكاظ‪.2007/5/19 ،‬‬

‫‪56‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫اليام أ‬
‫الوىل من �شهر حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬ت�صاعدت وترية‬ ‫ويف أ‬
‫االعتداءات من جديد‪ ،‬واتهمت كتائب الق�سام “فرقة املوت” التابعة‬
‫جلهاز أ‬
‫المن الوقائي ب إ�طالق النار على يا�رس الغلبان �أحد قيادييها يف‬
‫خان يون�س يف ‪ ،2007/6/4‬مما �أدى ملقتل اثنني من �أفراد عائلته الذين‬
‫كانوا معه يف ال�سيارة‪ ،‬التي تعر�ضت إلطالق النار‪ ،‬ووفاة الغلبان يف وقت‬
‫الحق مت أ�ثراً بجراحه‪ .127‬كما اتهمت م�سلحني من حركة فتح باغتيال‬
‫�أحمد �أبو حرب‪ ،‬جرنال الوحدة املدفعية يف الكتائب‪ ،‬يف ‪.1282007/6/9‬‬
‫واتهمت حما�س عنا�رص من حر�س الرئا�سة ب إ�عدام حممد الرفاتي �إمام‬
‫م�سجد العبا�س يف ‪ ،1292007/6/10‬وقالت �إن م�سلحني من حركة فتح‬
‫�أقدموا يف ‪ 2007/6/11‬على قتل مازن عجور‪ ،‬القائد يف كتائب الق�سام‪،‬‬
‫داخل منزله قرب م�سجد العبا�س يف مدينة غزة‪ ،‬و�إعدام حممد الدحدوح‪،‬‬
‫�أحد عنا�رص القوة التنفيذية‪.130‬‬

‫�إ�ضافة �إىل االعتداءات التي طالت عنا�رص وقادة ع�سكريني من حما�س‪،‬‬


‫بحق �شخ�صيات �سيا�سية من احلركة‪ ،‬تورطت �أو‬
‫فقد �سُ جلت اعتداءات ّ‬
‫اتُّهمت فيها عنا�رص حم�سوبة على حركة فتح‪ ،‬وقد طال عدد منها �أع�ضاء‬
‫يف املجل�س الت�رشيعي واحلكومة والبلديات‪ ،‬وكانت �أخطرها حماولتا‬
‫تعر�ض لهما رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية؛ ووقعت �أوالهما‬
‫االغتيال اللتان ّ‬

‫‪ 127‬القد�س العربي‪.2006/6/6 ،‬‬


‫للعالم‪.2007/6/10 ،‬‬
‫‪ 128‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 129‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/11 ،‬‬
‫للعالم‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 130‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪57‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يف ‪ 2006/12/14‬حني تعر�ض إلطالق نار كثيف عقب مروره من معرب‬


‫رفح عائداً من جولة عربية‪ ،‬و�أ�سفرت عن جرح م�ست�شاره ال�سيا�سي �أحمد‬
‫يو�سف‪ ،‬وقتل مرافقه‪ ،‬و�إ�صابة جنله‪ .131‬و�أطلقت تلك املحاولة �رشارة موجة‬
‫اقتتال عنيفة يف تلك الفرتة‪ .‬واملحاولة الثانية وقعت يف ‪ 2007/6/12‬حني‬
‫تعر�ض منزل هنية لق�صف بالقذائف خالل تواجده داخله‪ ،132‬وكانت‬
‫ال�رشارة التي قررت حما�س على �أثرها ح�سم أ‬
‫المور ع�سكري ًا يف قطاع‬
‫غزة‪ .‬وي�شار يف هذا ال�سياق �إىل �أن رئي�س الوزراء كان قد تعر�ض العتداءات‬
‫�أخرى �أقل حجم ًا يف وقت �سابق؛ حيث منع عنا�رص جهاز أ‬
‫المن الوقائي‬
‫مقر اجلهاز يف ‪ ،2006/4/8‬يف �سابقة كانت أ‬
‫الوىل‬ ‫موكبه من املرور �أمام ّ‬
‫من نوعها‪ .133‬كما حاول املئات من موظفي ال�سلطة الذين كانوا ينفذون‬
‫�إ�رضاب ًا مدعوم ًا من الرئي�س عبا�س منع هنية من دخول املجل�س الت�رشيعي يف‬
‫‪ 2006/9/18‬حل�ضور جل�سة للمجل�س‪.134‬‬
‫وكان من بني ال�شخ�صيات التي طالتها االعتداءات الدكتور ح�سني �أبو‬
‫عجوة‪ ،‬ع�ضو املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س و�أحد كبار قادتها‪ ،‬والذي‬
‫كان يعمل حما�رضاً يف جامعة أ‬
‫الق�صى يف مدينة غزة‪ ،‬وقد تعر�ض لالغتيال‬
‫علي يد م�سلحني يف ‪ ،2006/7/6‬واتهمت حما�س “فرقة املوت” التابعة‬

‫‪ 131‬وكالة معاً‪.2006/12/14 ،‬‬


‫‪ 132‬رويرتز‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 133‬احلياة‪.2006/4/9 ،‬‬
‫‪ 134‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2006/9/19 ،‬‬

‫‪58‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫جلهاز أ‬
‫المن الوقائي بالوقوف وراء اغتياله‪ .135‬كما تعر�ض الوزير و�صفي‬
‫قبها يف ‪ 2006/12/13‬ملحاولة اغتيال فا�شلة‪ ،‬حني �أقدمت جمموعة م�سلحة‬
‫على �إطالق النار على �سيارته يف رام اهلل دون وقوع �إ�صابات‪ .136‬واغتالت‬
‫جمموعة م�سلحة القا�ضي ب�سام الفرا �أحد قادة حما�س يف اليوم نف�سه‪،‬‬
‫بحق الفرا‪ ،‬وقد‬
‫العدام ّ‬‫واتهمت حما�س جمموعة من اجلهاز بتنفيذ عملية إ‬
‫ذكر بع�ض �شهود العيان �أن امل�سلحني �أجربوا الفرا على الركوع‪ ،‬و�أطلقوا‬
‫النار عليه �أمام ّ‬
‫املارة‪ .‬وقد نفت حركة فتح م� ؤ‬
‫س�وليتها عن مقتله‪ ،‬واتهمت‬
‫الفرا يف الوقت نف�سه بالتورط يف مقتل عطا كوارع �أحد كوادرها‪.137‬‬
‫وعقب احل�سم الع�سكري الذي ّمت يف غزة‪ ،‬تزايدت االعتداءات‬
‫بحق عنا�رص حركة حما�س و�أن�صارها يف ال�ضفة الغربية على يد أ‬
‫الجهزة‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫المنية‪ ،‬متثلت غالبيتها يف االعتقاالت‪ .‬ويف هذا ال�سياق قالت حركة‬
‫حما�س �إنها ر�صدت خالل الفرتة املمتدة من تاريخ ‪ 2007/6/11‬وحتى‬
‫‪� 2007/8/31‬أكرث من �ألف اعتداء على �أبناء ومنا�رصي حما�س وممتلكاتهم‪،‬‬
‫وعلى اجلمعيات وامل ؤ��س�سات التابعة لها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬من بينها ‪639‬‬
‫وال�صالح‬
‫عملية اعتقال‪ .138‬وقد �شملت االعتداءات نواب كتلة التغيري إ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية منزل رئي�س املجل�س‬ ‫يف ال�ضفة‪ ،‬ومن بينها مداهمة عنا�رص أ‬
‫الت�رشيعي أ‬
‫ال�سري عبد العزيز الدويك‪ ،‬يف ‪ ،2007/6/18‬و�إ�رضام النار فيه‪،‬‬

‫‪ 135‬احلياة‪.2006/7/7 ،‬‬
‫‪ 136‬القد�س العربي‪.2006/12/15 ،‬‬
‫‪ 137‬ال�سفري‪ ،‬ووكالة وفا‪.2006/12/14 ،‬‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫ال�سالمية (حما�س)‪ ،‬اعتداءات فتح أ‬ ‫العالمي حلركة املقاومة إ‬
‫املكتب إ‬ ‫‪138‬‬

‫للعالم‪،‬‬‫بحق حركة “حما�س” يف ال�ضفة املحتلة‪ ،‬املركز الفل�سطيني إ‬ ‫ّ‬ ‫الفل�سطينية‬


‫‪.2007/9/4‬‬

‫‪59‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المن منزل النائب أ‬


‫ال�سري ح�سن يو�سف يف ‪2007/6/21‬‬ ‫واقتحام عنا�رص أ‬
‫وم�صادرة بع�ض الوثائق منه‪� ،‬إ�ضافة �إىل اعتقال النائب عن حما�س �أحمد‬
‫احلاج يف ‪.1392007/7/2‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫كما �أ�صيب عدد من املتظاهرين بجروح خالل تفريق أ‬
‫يف ال�ضفة م�سرية نظمتها حركة حما�س يف اخلليل يف ‪2007/10/22‬‬
‫ال�رسى يف �سجون االحتالل‪ ،‬قالت عنها أ‬
‫الجهزة �إنها “غري‬ ‫ت�ضامن ًا مع أ‬
‫قانونية وت�شكل خطراً على حياة املواطنني يف اخلليل”‪ .‬وقد اتهمت حما�س‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية ب أ�نهم “فتحوا النار ب�شكل ع�شوائي باجتاه‬ ‫عنا�رص من أ‬
‫املواطنني‪ ،‬واعتدوا على عدد منهم بال�رضب املربح بالهروات والع�صي‬
‫الكهربائية‪ ،‬وقاموا ب إ�طالق النار ب�شكل كثيف‪ ،‬ما �أدى �إىل وقوع خم�س‬
‫�إ�صابات‪ ،‬وقامت مبالحقة املواطنني يف ال�شوارع العتقالهم”‪.140‬‬
‫�أما يف قطاع غزة الذي عادت بع�ض مظاهر الفلتان أ‬
‫المني للظهور فيه‬
‫جمدداً يف �أواخر �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬فقد تبنت جمموعات م�سلحة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية” و“كتائب �شهداء‬ ‫�أطلقت على نف�سها ا�سم “كتائب �شهداء أ‬
‫االنقالب” يف ‪� 2007/9/4‬أربعة تفجريات ا�ستهدفت حركة حما�س خالل‬
‫أ‬
‫اليام ال�سابقة لذلك التاريخ يف القطاع‪ .141‬كما �أعلنت وزارة الداخلية يف‬
‫غزة يف ‪� 2007/10/11‬أنها �ألقت القب�ض على جمموعة كانت حتاول زرع‬
‫عبوة نا�سفة على مقربة من منزل أ‬
‫المني العام حلركة “فتح اليا�رس” خالد �أبو‬

‫‪ 139‬امل�صدر نف�سه‪.‬‬
‫‪ 140‬البيان‪.2007/10/24 ،‬‬
‫‪ 141‬القد�س العربي‪.2007/9/5 ،‬‬

‫‪60‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫هالل‪ ،‬م ؤ�كدة �أن �أفراد املجموعة تلقوا �أوامر من رام اهلل با�ستهداف �أبو‬
‫هالل‪.142‬‬
‫ويف �سياق مماثل‪� ،‬أعلنت ال�رشطة الفل�سطينية يف غزة يف وقت الحق‬
‫�إلقاء القب�ض على جمموعة حاولت و�ضع عبوة نا�سفة بزنة ثالثة كيلوجرامات‬
‫ون�صف‪ ،‬يف احتفال ح�رضه رئي�س الوزراء املقال �إ�سماعيل هنية لتكرمي‬
‫احلجاج‪ .‬وقد عر�ض القيادي يف حما�س �سعيد �صيام ت�سجيالت لبع�ض‬
‫نا�شطي فتح‪ ،‬يدلون فيها باعرتافات ب أ�نهم تلقوا تعليمات من قيادات‬
‫ميدانية من فتح أ‬
‫والمني العام للرئا�سة‪ ،‬ع�ضو اللجنة املركزية للحركة‪،‬‬
‫الطيب عبد الرحيم‪ ،‬بتنفيذ عملية انتحارية يف �أحد امل�ساجد بهدف اغتيال‬
‫هنية‪ .‬ويف تفا�صيل املخطط الذي عر�ضته حما�س‪ ،‬ذكرت �أنه كان من‬
‫املخطط �أن يقوم املدعو نافذ الدبكي يف ‪ 2008/1/4‬بتفجري نف�سه يف‬
‫امل�سجد الذي ي�صلي فيه هنية‪� ،‬إال �أن الدبكي تردد يف تنفيذ العملية فتقرر‬
‫الكرة يوم اجلمعة التالية املوافق ‪ .2008/1/11‬لكن الدبكي تردد‬ ‫�إعادة ّ‬
‫مرة �أخرى ّ‬
‫وتهرب من تنفيذ العملية‪ .‬عند ذلك ّمت تغيري اخلطة وحتولت �إىل‬
‫تفجري حقيبة مفخخة عن ُبعد خالل م�شاركة رئي�س الوزراء الفل�سطيني‬
‫�إ�سماعيل هنية يف حفل تكرمي احلجاج الذي �أقيم يف ملعب فل�سطني بغزة‬
‫يف ‪ ،2008/1/12‬ولكن ال�رشطة الفل�سطينية متكنت من �إلقاء القب�ض على‬
‫�أحد �أع�ضاء فتح وهو يحاول �إدخال احلقيبة �إىل احلفل‪ .143‬ويف وقت‬
‫الحق �أعلنت وزارة الداخلية يف غزة �أنها �ألقت القب�ض على حممد �شبات‬
‫العقيد يف املخابرات العامة ال�سابقة‪ ،‬واتهمته ب أ�نه م�صدر الدعم املادي‬

‫‪ 142‬اخلليج‪.2007/10/12 ،‬‬
‫‪ 143‬جريدة العرب‪ ،‬الدوحة‪.2008/2/16 ،‬‬

‫‪61‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الرئي�سي للمجموعة التي خططت وحاولت تنفيذ عملية اغتيال هنية‪ ،‬كما‬
‫�أنه حلقة الو�صل واالت�صال الرئي�سية بني املجموعة املتورطة وجهات يف‬
‫رام اهلل‪ ،‬لتنفيذ ودعم هذه املخطط‪ ،‬خا�صة مدير جهاز املخابرات توفيق‬
‫الطريواي‪.144‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬قال املتحدث با�سم الرئا�سة الفل�سطينية يف بيان له‪:‬‬
‫درجت حركة حما�س على اختالق وتلفيق روايات‬
‫وق�ص�ص من النوع الرخي�ص‪ ،‬كان �آخرها ما �أعلنه �صيام‬
‫عن م�رسحية هزلية يزعم فيها بع�ض من لقنوا ما يقولون‪،‬‬
‫�أن �أمني عام الرئا�سة ومدير عام املخابرات وبع�ض‬
‫الكوادر قد �أعدوا وخططوا الغتيال هنية وادعوا بوجود‬
‫ات�صاالت ور�سائل ووعود (‪ )....‬حركة حما�س التي‬
‫الكاذيب وحماولة �إثباتها‬‫درجت على ترديد واختالق أ‬
‫بكل الو�سائل والطرق حتى ولو كانت هذه الو�سائل‬
‫هي التعذيب والتنكيل‪ ،‬فقدت م�صداقيتها ب�شكل كامل‬
‫منذ �أن ولغت يف الدم الفل�سطيني‪ ،‬وتعدت على كل‬
‫الكاذيب‬ ‫املحرمات والقيم الوطنية‪ ،‬ولن جتدي هذه أ‬
‫يف �إقناع �أحد‪ ،‬بل تزيد القلوب اطمئنان ًا على �أن حركة‬
‫حما�س لي�ست خارجة عن القانون فح�سب‪ ،‬بل هي‬
‫والعراف‪.145‬‬ ‫حركة خارجة عن كل القيم والتقاليد أ‬

‫لكن يف الوقت نف�سه مل ي�صدر من الرئا�سة �أو من حركة فتح �أي نفي‬
‫النتماء العديد من العنا�رص املقبو�ض عليها �إىل فتح‪.‬‬

‫‪ 144‬الد�ستور‪.2008/2/21 ،‬‬
‫‪ 145‬العرب‪ ،‬الدوحة‪،2008/2/16 ،‬‬

‫‪62‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ومن جانب �آخر‪� ،‬شهدت ال�ضفة الغربية يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب توتراً‬
‫المنية واجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني‪ ،‬على خلفية حما�رصة‬ ‫الجهزة أ‬
‫بني أ‬
‫تلك أ‬
‫الجهزة جمموعة من كتائب �أبو علي م�صطفى‪ ،‬اجلناح الع�سكري‬
‫للجبهة يف خميم العني مبدينة نابل�س‪ ،‬التهامهم ب إ�طالق النار يف الهواء‬
‫ب�شكل خمالف للقانون‪ ،‬بح�سب ما قاله حمافظ نابل�س جمال املحي�سن‪� .‬إال‬
‫وعدت‬ ‫�أن الكتائب �أكدت �أن عنا�رصها املحا�رصين مطلوبون لالحتالل‪ّ ،‬‬
‫الجراء ب أ�نه �أحد مظاهر تطبيق ال�شق أ‬
‫المني من‬ ‫اجلبهة يف بيان لها هذا إ‬
‫خطة خريطة الطريق‪ ،‬مطالبة بالتمييز بني �سالح الفلتان أ‬
‫المني و�سالح‬
‫املقاومة‪ .146‬وقد امتدت تلك التوترات �إىل جامعة القد�س املفتوحة فرع‬
‫بيت جاال وجامعة بريزيت‪ ،‬اللتني �شهدتا عراك ًا ومواجهات بني �أن�صار‬
‫الكتلتني الطالبيتني التابعتني حلركة فتح واجلبهة ال�شعبية‪.147‬‬
‫ال�شارة �إىل �أن هذه أ‬
‫الحداث تزامنت مع ت�رصيحات �أدىل بها‬ ‫وجتدر إ‬
‫وزير الداخلية يف حكومة فيا�ض‪ ،‬عبد الرزاق اليحيى‪ ،‬حتدث خاللها عن‬
‫وجود مر�سوم رئا�سي بحل كافة أ‬
‫الجنحة امل�سلحة التابعة لف�صائل املقاومة‪،‬‬
‫وجمع أ‬
‫ال�سلحة‪.148‬‬
‫ويف �سياق التح�ضريات مل ؤ�متر �أنابولي�س‪� ،‬أعلنت حكومة فيا�ض يف‬
‫‪� 2007/11/26‬أنها قررت منع �أي تظاهرات �أو م�سريات مناه�ضة للم ؤ�متر‬

‫‪ 146‬عرب ‪2007/11/18 ،48‬؛ وال�رشق أ‬


‫الو�سط‪.2007/11/19 ،‬‬
‫للعالم‪2007/11/20 ،‬؛ واخلليج‪.2007/11/21 ،‬‬
‫‪ 147‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 148‬القد�س العربي‪.2007/11/19 ،‬‬

‫‪63‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يف ال�ضفة الغربية‪ .149‬وقد فرقت ال�رشطة الفل�سطينية بالقوة عدة م�سريات‬
‫خرجت يف اليوم التايل يف عدد من مدن ال�ضفة‪� ،‬إحداها كانت يف مدينة‬
‫اخلليل بدعوة من حزب التحرير‪ ،‬وقتل فيها فل�سطيني يدعى ه�شام الربادعي‬
‫و�أ�صيب عدد �آخر بينهم �صحفيون بجروح ما بني متو�سطة وطفيفة‪.150‬‬
‫وقد اندلعت مواجهات عنيفة يف املدينة خالل ت�شييع جثمان الربادعي‬
‫بني امل�شيعني وقوات أ‬
‫المن‪� ،‬سقط خاللها نحو ‪ 60‬م�صاب ًا من الطرفني‪.151‬‬
‫وكانت تلك أ‬
‫الحداث مقدمة لت�صعيد �ضد طرف جديد غري حركة حما�س‬
‫هذه املرة‪ ،‬حيث اتهم حزب التحرير يف بيان �أ�صدره يف ‪2007/12/7‬‬
‫المنية يف ال�ضفة باختطاف نحو ‪ 500‬من عنا�رصه‪ ،‬عقب قمع‬ ‫الجهزة أ‬ ‫أ‬
‫تلك امل�سريات‪ ،‬م�شرياً �إىل �أن تلك أ‬
‫الجهزة “ا�ستخدمت �أ�ساليب قذرة‬
‫مع املعتقلني خالل فرتة اعتقالهم”‪ ،‬قبل �أن يطلق �رساح بع�ضهم يف وقت‬
‫الحق‪.152‬‬
‫وقد تكرر م�شهد املواجهات نف�سه يف ‪ ،2008/1/10‬حني ا�شتبك‬
‫عنا�رص أ‬
‫المن مع عدد من امل�شاركني يف تظاهرة نظمتها القوى الوطنية‬
‫وال�سالمية يف مدينة رام اهلل‪ ،‬احتجاج ًا على زيارة الرئي�س أ‬
‫المريكي‬ ‫إ‬
‫جورج بو�ش ‪ .George Bush‬و�أدى اال�شتباك �إىل �إ�صابة عدد من‬
‫امل�شاركني يف التظاهرة‪ ،‬من بينهم مت�ضامنون �أجانب‪ ،‬بك�سور ور�ضو�ض‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2007/11/27 ،‬‬ ‫‪149‬‬

‫‪ 150‬الد�ستور‪ ،‬واحلياة اجلديدة‪.2007/11/28 ،‬‬


‫‪ 151‬اخلليج‪.2007/11/29 ،‬‬
‫للعالم‪.2007/12/8 ،‬‬
‫‪ 152‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪64‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫واختناق بالغاز امل�سيل للدموع‪.153‬‬


‫البرز الذي ُو ّجه ألجهزة ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية يف‬
‫�إال �أن االتهام أ‬
‫س�ولية عن وفاة ال�شيخ جمد‬‫تلك الفرتة‪ ،‬كان اتهام جهاز املخابرات بامل� ؤ‬
‫الربغوثي‪� ،‬أحد كوادر حما�س و�إمام م�سجد قرية كوبر بق�ضاء رام اهلل‪،‬‬
‫الذي ق�ضى �أثناء احتجازه يف مقر اجلهاز يف مدينة رام اهلل‪ .‬ووفق ًا لبيان‬
‫الن�سان‪ ،‬ف إ�ن الربغوثي و�صل م�ساء يوم‬‫�صادر عن م ؤ��س�سة ال�ضمري حلقوق إ‬
‫‪� 2008/2/22‬إىل م�ست�شفى خالد اجلراحي يف املدينة جثة هامدة‪ ،‬بعد �أن‬
‫ال وموقوف ًا على ذمة جهاز املخابرات العامة منذ ‪.2008/2/15‬‬ ‫كان معتق ً‬
‫و�أ�شار البيان �إىل �أن الربغوثي كان قد �أدخل �إىل ذات امل�ست�شفى قبل ثالثة‬
‫�أيام من تاريخ الوفاة‪ ،‬ملعاناته �آالم ًا حادة يف املعدة‪ ،‬وكانت تظهر على‬
‫ج�سده عالمات تعذيب‪ ،‬وقد متت �إعادته �إىل ال�سجن على الرغم من‬
‫الطباء ذلك‪ ،‬وهو ما قد ي�شري �إىل �أن الوفاة قد وقعت بعد تعر�ض‬ ‫معار�ضة أ‬
‫الربغوثي للتعذيب �أثناء اعتقاله‪.154‬‬
‫وقد اتهمت كل من عائلة الربغوثي وحركة حما�س واحلكومة املقالة‬
‫يف غزة جهاز املخابرات بقتل ال�شيخ الربغوثي حتت التعذيب‪� ،‬إال �أن‬
‫اجلهاز نفى هذه االتهامات‪ ،‬م ؤ�كداً �أنه تويف نتيجة جلطة مفاجئة‪ .‬كما‬
‫�أ�صدر الرئي�س حممود عبا�س تعليماته للنائب العام للتحقيق يف الوفاة ب أ��رسع‬

‫‪ 153‬احلياة‪.2008/1/11 ،‬‬
‫‪ 154‬م ؤ��س�سة ال�ضمري حلقوق إ‬
‫الن�سان‪ ،‬غزة‪ ،2008/2/23 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.aldameer.org/‬‬
‫_‪?action=details&id=news&code=486&sid=000009_000185‬‬
‫‪000198&language=1‬‬

‫‪65‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وقت ممكن‪ ،‬وتقدم بالتعازي لعائلة ال�شيخ‪.155‬‬


‫ال�شارة �إىل �أن ف�ضائية أ‬
‫الق�صى وو�سائل �إعالم �أخرى ن�رشت‬ ‫وجتدر إ‬
‫�صوراً جلثمان الربغوثي تظهر عليه عالمات تعذيب‪.‬‬

‫وال�ضرابات‪:‬‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬املظاهرات إ‬
‫عقب �إعالن فوز حركة حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪،‬‬
‫الو�ساط‬‫بد�أت مظاهر التذمر يف بع�ض �أو�ساط حركة فتح‪ ،‬فلج أ�ت هذه أ‬
‫عدة للتعبري عن هذا التذمر‪ ،‬كانت من بينها املظاهرات‬ ‫�إىل �أ�ساليب ّ‬
‫وال�رضابات‪ .‬وعلى الرغم من �أن هذه أ‬
‫ال�ساليب يف التعبري‬ ‫واالعت�صامات إ‬
‫ُعد حق ًا م�رشوع ًا وعالمة على �صحة احلياة ال�سيا�سية‪� ،‬إال �أن‬
‫عن الر�أي ت ّ‬
‫المن‬‫ال م�سهم ًا يف توتري أ‬ ‫املنحى الذي �أخذته هذه أ‬
‫ال�ساليب جعلها عام ً‬
‫يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية؛ من خالل م�شاركة امل�سلحني وا�ستخدام ال�سالح‬
‫فيها‪ ،‬واعتداء امل�شاركني فيها على املرافق العامة وم ؤ��س�سات ال�سلطة‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية فيها بزيهم الر�سمي‬ ‫�إ�ضافة �إىل م�شاركة الع�سكريني و�أفراد أ‬
‫و�سالحهم‪ ،‬وهو أ‬
‫المر الذي ي�شكل ظاهرة نادرة يف تاريخ امل ؤ��س�سات‬
‫المن ال امل�شاركة يف �أحداث ت�سهم يف‬‫المنية‪ ،‬التي ُيفرت�ض بها حفظ أ‬
‫أ‬
‫الخالل به‪.‬‬
‫إ‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية امل�شاركة يف‬ ‫وعند قراءة �سلوك عنا�رص حركة فتح أ‬
‫هذه أ‬
‫الن�شطة‪ ،‬جند �أنها ا�ستخدمتها بداية للتعبري عن رف�ض ال�رشاكة مع‬
‫حما�س يف احلكومة‪ ،‬ورف�ض ت�سليمها ال�صالحيات أ‬
‫المنية‪ .‬وبد�أت‬

‫‪ 155‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪2008/2/24 ،‬؛ واحلياة‪.2008/2/25 ،‬‬

‫‪66‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫اليام أ‬
‫الوىل إلعالن النتائج‪ .‬فقد خرجت �أوىل تلك املظاهرات يف‬ ‫مع أ‬
‫مدينة غزة يف ‪ ،2006/1/27‬و�سارت باجتاه منزل الرئي�س حممود عبا�س‬
‫فيها‪ .‬وعبرّ امل�شاركون فيها بو�ضوح عن غ�ضبهم من نتائج االنتخابات‪،‬‬
‫ورف�ضهم م�شاركة حما�س يف ت�شكيل احلكومة؛ حيث هتفوا “كلنا‬
‫حممود عبا�س وال حكومة مع حما�س”‪ ،‬و“املجل�س الت�رشيعي لفتح ولي�س‬
‫حلما�س”‪ .‬ويذكر �أن حممد دحالن قد �شارك يف تلك التظاهرة‪ .156‬ويف‬
‫‪� 2006/1/30‬سيطر نحو ‪� 30‬رشطي ًا على مبنى املجل�س الت�رشيعي يف غزة‪،‬‬
‫و�أطلقوا النار يف الهواء‪ ،‬يف خطوة فُ�سرّ ت على �أنها جاءت للمطالبة ّ‬
‫ب�ضم‬
‫ال�رشطة �إىل امل ؤ��س�سة الرئا�سية وعدم تركها حتت قيادة الداخلية‪ ،‬خ�شية‬
‫تعر�ض عنا�رصها �إىل الف�صل يف حال ت�سلمتها حما�س‪ .157‬وخرجت‬
‫م�سرية �أخرى يف رام اهلل يف ‪ 2006/2/22‬احتجاج ًا على قرار رئي�س املجل�س‬
‫الت�رشيعي املنتخب عزيز الدويك بتجميد تعيني �أمني عام للمجل�س من‬
‫قبل املجل�س ال�سابق‪ .‬و�شارك فيها حوايل ‪ 200‬من موظفي فتح العاملني‬
‫يف م ؤ��س�سات ال�سلطة‪ ،‬يتقدمهم عدد من نواب احلركة اجلدد‪ ،‬وب�ضعة‬
‫م�سلحني من اجلناح الع�سكري للحركة‪ .‬و�أطلق امل�شاركون هتافات ترف�ض‬
‫ال�رشاكة مع حما�س‪ ،‬و�أخرى مناه�ضة لرئي�س املجل�س وقراراته‪ .‬كما ّ‬
‫تهجم‬
‫بع�ض امل�شاركني على الرئي�س الدويك وو�صفوه وم�ساعديه بـ “جمموعة من‬
‫الزعران”‪ .‬كما طالبه بع�ضهم مغادرة املجل�س‪.158‬‬

‫‪ 156‬امل�ستقبل‪.2006/1/27 ،‬‬
‫‪ 157‬عرب ‪.2006/1/30 ،48‬‬
‫‪ 158‬احلياة‪.2006/2/23 ،‬‬

‫‪67‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وعقب ت�شكيل حركة حما�س احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬ا�ستخدمت‬


‫والجهزة أ‬
‫المنية‪،‬‬ ‫الو�ساط نف�سها‪ ،‬املذكورة �سابق ًا يف حركة فتح أ‬
‫أ‬
‫التظاهرات واالعت�صامات ك أ�دوات احتجاج و�ضغط �سيا�سي‪ ،‬بل و�أمني‬
‫�أحيان ًا على احلكومة؛ وظهر ذلك يف م�س أ�لة انقطاع الرواتب‪ ،‬وعند‬
‫وقوع أ‬
‫الحداث التي �شكلت نقاط خالف مف�صلية بني م ؤ��س�ستي الرئا�سة‬
‫واحلكومة‪ .‬فعلى �سبيل املثال‪ ،‬خرجت تظاهرات وم�سريات غا�ضبة لعنا�رص‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية يف ‪،2006/4/22‬‬‫فتح وم ؤ�يديها يف عدة مناطق يف أ‬
‫احتجاج ًا على خطاب �ألقاه رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س خالد‬
‫الحداث يف قطاع غزة‪ ،‬حيث �شهدت اجلامعة‬ ‫م�شعل‪ .‬وكانت �أبرز تلك أ‬
‫ال�سالمية وجامعة أ‬
‫الزهر مواجهات بني الطالب �أوقعت ‪ 30‬جريح ًا‪ .‬كما‬ ‫إ‬
‫احت�شد ع�رشات من م�سلحي كتائب أ‬
‫الق�صى �أمام جممع ال�رسايا احلكومي‬
‫و�سط مدينة غزة‪ ،‬و�أطلقوا الر�صا�ص يف الهواء‪ ،‬وفجروا عدداً كبرياً من‬
‫القنابل حملية ال�صنع‪ ،‬ونددوا بت�رصيحات م�شعل وو�صفوه ب أ�و�صاف‬
‫الالف من �أن�صار فتح و كتائب‬ ‫مقذعة‪ .159‬ويف ‪ 2006/5/19‬خرج آ‬
‫الق�صى يف م�سرية حا�شدة دعم ًا لقرار عبا�س بانت�شار القوى أ‬
‫المنية‪ ،‬الذي‬ ‫أ‬
‫اتخذه ر ّداً على ن�رش وزير الداخلية للقوة التنفيذية يف غزة قبلها بيومني‪.‬‬
‫وطالبوا الوزير ب�سحب القوة‪ ،‬وو�صفها متحدثون با�سم حركة فتح ب أ�نها‬
‫م�صدر للقلق و�إ�شاعة الفو�ضى‪ ،‬وت ؤ�دي �إىل �إ�شعال نار الفتنة الداخلية‪.160‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية �أمام املجل�س الت�رشيعي‬ ‫الالف من منت�سبي أ‬
‫كما تظاهر آ‬

‫‪ 159‬الغد‪.2006/4/23 ،‬‬
‫‪ 160‬احلياة اجلديدة‪.2006/5/20 ،‬‬

‫‪68‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫يف غزة يف ‪ 2006/6/1‬احتجاج ًا على عدم تقا�ضي رواتبهم‪ ،‬واقتحم‬


‫ملقر املجل�س و�أقدموا على حتطيم بع�ض النوافذ‬
‫بع�ضهم البوابة الرئي�سية ّ‬
‫و�ضد‬
‫ّ‬ ‫�ضد احلكومة‬
‫للمقر‪ .‬وردد املتظاهرون هتافات ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملمتلكات التابعة‬
‫القوة التنفيذية‪ .161‬ووقع �أمر مماثل يف ال�ضفة الغربية حني اقتحم نحو ‪300‬‬
‫من موظفي ال�سلطة مبنى املجل�س الت�رشيعي يف رام اهلل يف ‪2006/6/14‬‬
‫للمطالبة بدفع رواتبهم‪ ،‬ودخلوا قاعة االجتماعات يف املجل�س الت�رشيعي‬
‫يف �أثناء انعقاد �إحدى اجلل�سات‪ ،‬وت�سببوا برفعها‪ .‬كما �أقدموا على‬
‫متزيق وثائق كانت مو�ضوعة على مكاتب النواب‪ ،‬فيما ا�شتبك �آخرون‬
‫أ‬
‫باليدي مع بع�ض النواب‪ .‬وقد برر �أحمد عبد الرحمن املتحدث با�سم‬
‫فتح التظاهرات والفو�ضى التي �صاحبتها بو�صفها “ثورة جياع”‪ ،‬مطالب ًا‬
‫حكومة حما�س بالتخلي عن مواقفها إلنقاذ الو�ضع‪.162‬‬
‫كما تكرر ا�ستخدم م�سلحني حم�سوبني على حركة فتح �أ�سلوب‬
‫احتالل املرافق العامة وم ؤ��س�سات ال�سلطة ك أ��سلوب �ضغط لتحقيق‬
‫مقر‬
‫الق�صى اقتحام ّ‬‫مطالبهم‪ ،‬منها حماولة عدد من نا�شطي كتائب أ‬
‫احلكومة يف رام اهلل ب أ��سلحتهم يف ‪2006/4/1‬؛ كي يو�صلوا ما �أ�سموه‬
‫مطلب ًا عاد ًال �إىل نائب رئي�س الوزراء‪ ،‬مت ّثل يف تنفيذ قرار لوزير املوا�صالت‬
‫ال�سابق‪ ،‬يق�ضي ب�رصف ‪ 800‬منرة �سيارة ركاب عمومية ل�صالح �أ�رس‬
‫ال�شارة هنا �إىل �أن‬
‫�شهداء ومعتقلني ومطلوبني لـ“�إ�رسائيل”‪ .163‬وجتدر إ‬

‫‪ 161‬االحتاد‪.2006/6/2 ،‬‬
‫‪ 162‬االحتاد‪ ،‬وال�رشق‪.2006/6/15 ،‬‬
‫‪ 163‬احلياة‪.2006/4/2 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫هذه املمار�سات كانت موجودة منذ فرتة يف ال�ساحة الفل�سطينية‪� ،‬إال‬


‫قر حممد‬‫�أنها �أخذت طابع ًا ت�صعيدي ًا يف �أثناء وجود حكومة حما�س‪ .‬وقد �أ ّ‬
‫الهرام امل�رصية يف ‪ 2006/10/26‬بوجود‬ ‫دحالن يف مقابلة ن�رشتها جريدة أ‬
‫تلك املمار�سات‪� ،‬إال �أنه حاول التقليل من �ش أ�نها بقوله �إنه يف “�أثناء وجود‬
‫حركة فتح يف احلكومة كانت هناك احتجاجات من �شباب احلركة‪ ،‬فكانوا‬
‫يغلقون ال�شوارع ويحتلون املرافق‪ .‬ورغم �أن هذا كان �سلوك ًا خاطئ ًا �إال‬
‫�أنه ح�صل‪ .‬وهو لي�س نهج ًا جديداً ب�سبب وجود حما�س يف ال�سلطة”‪.164‬‬
‫وقد وقعت حوادث م�شابهة يف ‪ 12‬و‪ ،2006/2/16‬اقتحم فيها عنا�رص‬
‫مقر وزارة املالية يف غزة‪،‬‬ ‫من أ‬
‫المن الوطني وم�سلحون من حركة فتح ّ‬
‫احتجاج ًا على بع�ض التعيينات وللمطالبة بدفع رواتبهم‪.165‬‬
‫ال�رضاب الذي نفذته‬ ‫البرز �ضمن هذه أ‬
‫ال�ساليب كان إ‬ ‫�إال �أن احلدث أ‬
‫نقابة املوظفني احلكوميني‪ ،‬التي ت�سيطر عليها حركة فتح‪ ،‬احتجاج ًا على‬
‫عدم دفع الرواتب‪ ،‬يف مطلع �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ ،2006‬وجاء بدعم من‬
‫الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س‪ .166‬وقد �أدى هذا إ‬
‫ال�رضاب الذي تزامن‬
‫مع بداية العام الدرا�سي اجلديد �إىل ّ‬
‫�شل عمل م ؤ��س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫على مدى نحو ‪ 100‬يوم‪ ،‬و�شارك فيه احتاد املعلمني‪ ،‬كما ان�ضم له العاملون‬
‫يف القطاع ال�صحي وموظفو املجل�س الت�رشيعي‪ .167‬وخرجت خالل فرتة‬
‫ال�رضاب م�سريات واعت�صامات بهدف زيادة ال�ضغط على احلكومة لدفع‬
‫إ‬

‫‪ 164‬جريدة أ‬
‫الهرام‪ ،‬القاهرة‪.2006/10/26 ،‬‬

‫الوطن‪ ،‬قطر‪2006/2/13 ،‬؛ والر�أي‪ّ ،‬‬


‫عمان‪.2006/2/17 ،‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪ 166‬الغد‪.2006/8/31 ،‬‬
‫‪ 167‬البيان‪.2006/9/5 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الحداث‬‫الرواتب‪� ،‬أو دفعها لال�ستقالة‪ .‬ومع م�شاركة الع�سكريني يف تلك أ‬


‫واعتدائهم على امل ؤ��س�سات يف منا�سبات متكررة‪ ،‬ت أ�ثر الو�ضع أ‬
‫المني‬
‫المنية م�سريات‬ ‫الجهزة أ‬
‫الالف من منت�سبي أ‬ ‫�سلب ًا؛ ففي ‪ 2006/9/5‬نظم آ‬
‫مقر املجل�س الت�رشيعي يف قطاع غزة‪ ،‬و�أطلقوا النار‬
‫احتجاج‪ ،‬وهاجموا ّ‬
‫الجهزة‬‫داخله‪ ،‬وك�رسوا حمتوياته‪ .168‬كما خرج الع�رشات من منت�سبي أ‬
‫أ‬
‫المنية �إىل �شوارع غزة يف ‪ ،2006/9/28‬و�أغلقوا املفرتقات الرئي�سية يف‬
‫املدينة‪ ،‬وال�شوارع الرئي�سية املو�صلة بني مدن القطاع‪ ،‬و�أ�شعلوا النار يف‬
‫�إطارات ال�سيارات مطلقني النار يف الهواء‪ .‬وطالبوا احلكومة ب�رصف‬
‫رواتبهم �أو اال�ستقالة‪ .169‬ومل تقت�رص هذه امل�سريات على قطاع غزة‪ ،‬بل‬
‫امتدت �إىل ال�ضفة الغربية التي �شهدت على �سبيل املثال تظاهرة ألفراد‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية يف مدينة جنني يف ‪ ،2006/12/8‬ومهرجان ًا احتجاجي ًا يف‬ ‫أ‬
‫اخلليل يف ‪ ،2006/12/13‬احتجاج ًا على عدم �رصف رواتبهم‪.170‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ما تقدم‪ ،‬فقد ا�ستهدف م�سلحو حركة فتح وعنا�رص أ‬
‫الجهزة‬
‫أ‬
‫المنية املح�سوبة عليها امل ؤ��س�سات احلكومية وامل ؤ��س�سات التابعة حلركة‬
‫حما�س يف �سياق االقتتال الداخلي‪ ،‬وك أ�داة إلي�صال الر�سائل للحركة‪.‬‬
‫فعقب �إعالن الرئي�س عبا�س عن قراره �إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬اندلعت‬
‫�أحداث اقتتال داخلي يف غزة‪� ،‬سُ ّجل خاللها وقوع اعتداءات على بع�ض‬
‫امل ؤ��س�سات‪ ،‬حيث احتل عدد من �أفراد حر�س الرئا�سة مقري وزارتي الزراعة‬

‫‪ 168‬الد�ستور‪.2006/9/6 ،‬‬
‫‪ 169‬اخلليج‪.2006/9/29 ،‬‬
‫‪ 170‬عرب ‪2006/12/9 ،48‬؛ ووكالة وفا‪.2006/12/14 ،‬‬

‫‪71‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫والنقل واملوا�صالت يف ‪ ،2006/12/17‬وطردوا املوظفني منها و�أغلقوها‬


‫أ‬
‫بالقفال وال�سال�سل احلديدية‪ .‬وقال موظفون �إن عنا�رص احلر�س الرئا�سي‬
‫قالوا لهم �إن الوزارتني �ستظالن مغلقتني �إىل �أن تعودا �إىل �أ�صحابهما‪ ،‬يف‬
‫ال�ضخم على امل ؤ��س�سات حدث‬ ‫�إ�شارة �إىل حركة فتح‪� .171‬إال �أن االعتداء أ‬
‫ال�سالمية يف‬
‫عندما قامت جمموعات من حر�س الرئا�سة باقتحام اجلامعة إ‬
‫غزة يف مطلع �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪� ،2007‬إثر قيام عنا�رص من كتائب الق�سام‬
‫باعرتا�ض ما قالت �إنه �شحنات �أ�سلحة ومعدات كانت يف طريقها �إىل‬
‫احلر�س الرئا�سي؛ حيث تعر�ضت مباين اجلامعة أل�رضار هائلة نتيجة تدمري‬
‫�أجزاء كبرية منها وتخريب خمترباتها ومكتبتها‪ .‬ونقلت و�سائل إ‬
‫العالم يف‬
‫ذلك الوقت �صوراً للجامعة بعد حرقها تظهر فيها عبارات مكتوبة على‬
‫اجلدران حتمل توقيع حر�س الرئا�سة وحركة فتح‪ .‬وقد ّقيم الدكتور كمالني‬
‫�شعث رئي�س اجلامعة قيمة أ‬
‫ال�رضار يف املن�ش�آت دون التجهيزات �آنذاك‬
‫بنحو ‪ 15‬مليون دوالر‪ .172‬ويف ‪ ،2007/6/11‬اليوم ال�سابق التخاذ حركة‬
‫حما�س قراراً بح�سم أ‬
‫المور ع�سكري ًا يف قطاع غزة‪ ،‬ويف �إطار اال�شتباكات‬
‫مقر رئا�سة‬
‫العنيفة الدائرة بني حركتي فتح وحما�س يف قطاع غزة‪ ،‬تعر�ض ّ‬
‫الوزراء يف غزة إلطالق نار‪ ،‬يف اعتداء كان أ‬
‫البرز من بني االعتداءات‬
‫التي طالت امل ؤ��س�سات؛ حيث وقع �أثناء انعقاد اجلل�سة أ‬
‫ال�سبوعية ملجل�س‬
‫الوزراء‪ ،‬وكان رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية حا�رضاً فيها‪ .‬كما تعر�ض مبنى‬
‫وزارة ال�شباب والريا�ضة ومكتب الوزير با�سم نعيم إلطالق نار مماثل يف‬

‫‪ 171‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2006/12/18 ،‬‬
‫‪ 172‬جريدة الريا�ض‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/2/14 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ذلك اليوم‪.173‬‬
‫ويف �أعقاب �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬تعر�ضت امل ؤ��س�سات‬
‫واجلمعيات التابعة حلركة حما�س يف ال�ضفة الغربية لعدد كبري من‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية وم�سلحي حركة فتح‪ ،‬ر ّداً على‬ ‫االعتداءات من قبل عنا�رص أ‬
‫ما جرى يف غزة‪ ،‬من بينها جمعيات خريية ومدار�س وريا�ض �أطفال‪ .‬كما‬
‫طالت تلك االعتداءات �أي� ًضا ّ‬
‫مقار الوزارات واملجال�س البلدية التي ت�سيطر‬
‫ال�صالح والتغيري يف املجل�س الت�رشيعي‪.‬‬
‫عليها حما�س‪ ،‬ومكاتب كتلة إ‬
‫و�أفادت حما�س �أنه خالل الفرتة املمتدة من تاريخ ‪ 2007/6/11‬وحتى‬
‫‪ 2007/8/31‬بلغ جمموع تلك االعتداءات ‪ 175‬اعتداء على م ؤ��س�سات‬
‫وجمعيات‪ ،‬و‪ 156‬اعتداء على ممتلكات خا�صة ب أ�بناء ومنا�رصي احلركة‪،‬‬
‫العالم‪ ،‬و‪ 34‬اعتداء على املجال�س البلدية‬ ‫و‪ 25‬اعتداء على و�سائل إ‬
‫والقروية التي فازت فيها احلركة‪ ،‬و‪ 17‬اعتداء على امل�ساجد‪ ،‬و‪ 163‬اعتداء‬
‫على اجلامعات وطلبتها‪.174‬‬
‫ويف قطاع غزة ت�صاعدت حتركات م ؤ�يدي حركة فتح يف نهاية �شهر‬
‫ُ‬
‫�آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬فدعت احلركة و�إىل جانبها ف�صائل منظمة التحرير‬
‫�أن�صارها �إىل اخلروج ل�صالة اجلمعة يف العراء؛ احتجاج ًا على ما و�صفته‬
‫“ا�ستيالء” حركة حما�س على القطاع وا�ستغاللها امل�ساجد كمنابر �سيا�سية‪.‬‬
‫وقد �أقيمت �أوىل تلك ال�صلوات يف ‪ ،2007/8/31‬و�أعقبها خروج �أعداد‬
‫من امل�صلني يف م�سرية غا�ضبة رددت هتافات “�شيعة‪� ،‬شيعة”‪ ،‬يف �إ�شارة‬
‫حلركة حما�س‪ ،‬وهتافات �أخرى م ؤ�يدة للرئي�س عبا�س وملحمد دحالن‬

‫‪ 173‬القد�س العربي‪.2007/6/12 ،‬‬


‫للعالم‪.2007/9/4 ،‬‬
‫‪ 174‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪73‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫و�سميح املدهون‪ ،‬وقد �أقدم عدد من املتظاهرين على ر�شق مركز ال�رشطة‬
‫الرئي�سي (اجلوازات) يف مدينة غزة باحلجارة عند مرور امل�سرية �أمامه‪ ،‬مما‬
‫�أدى �إىل ا�شتباكات حمدودة بني القوة التنفيذية واملتظاهرين‪� ،‬أ�سفرت عن‬
‫اعتقاالت و�إ�صابة ‪� 12‬شخ�ص ًا‪ .175‬ودعت فتح وف�صائل املنظمة جمدداً �إىل‬
‫ال�صالة يف العراء يف اجلمعة التالية‪ ،‬ويف هذه املرة ا�ستخدمت القوة التنفيذية‬
‫التابعة لوزارة الداخلية القوة ملنع �إقامة ال�صالة يف ال�ساحات العامة‪ ،‬مما �أدى‬
‫إل�صابة �أكرث من ‪� 30‬شخ�ص ًا واعتقال �آخرين‪ ،‬بينهم عدد من قادة حركة‬
‫فتح وحزب ال�شعب واجلبهة الدميوقراطية‪�ُ ،‬أفرج عنهم يف وقت الحق‪.176‬‬
‫واحتجاج ًا على �إجراءات القوة التنفيذية يف ذلك اليوم‪ ،‬دعت حركة فتح‬
‫وف�صائل املنظمة‪� ،‬إىل �إ�رضاب عام يف ‪ 2007/9/9‬يف غزة‪.177‬‬
‫ويف غزة �أي� ًضا‪ ،‬تعر�ضت بع�ض امل ؤ��س�سات العتداءات �ضمن عمليات‬
‫المني التي �شهدها �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب؛ حيث ه ّز انفجار ّ‬
‫مقر‬ ‫التوتري أ‬
‫القيادة العامة للقوة التنفيذية يف غزة يف ‪ ،2007/9/16‬و�أعلن عن �إبطال‬
‫مقر املجل�س الت�رشيعي يف غزة يف اليوم‬
‫مفعول عبوة نا�سفة عند مدخل ّ‬
‫بالنابة �أحمد بحر حينها “فريق‬
‫نف�سه‪ ،‬واتهم رئي�س املجل�س الت�رشيعي إ‬
‫رام اهلل” بامل� ؤ‬
‫س�ولية عن زرع العبوة‪.178‬‬

‫‪ 175‬القد�س العربي‪ ،‬واحلياة‪.2007/9/1 ،‬‬


‫‪ 176‬اخلليج‪.2007/9/8 ،‬‬
‫‪ 177‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/9/9 ،‬‬
‫‪ 178‬الد�ستور‪ ،‬وال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/9/17 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫ً‬
‫رابعا‪ :‬التمويل املايل‪:‬‬
‫عقب �صعود حما�س �إىل ال�سلطة نتيجة فوزها يف االنتخابات‬
‫الت�رشيعية‪ ،‬فر�ضت اجلهات الدولية املانحة ح�صاراً مالي ًا �شديداً على ال�شعب‬
‫الفل�سطيني وال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬وحتولت امل�ساعدات املالية التي كانت‬
‫تقدمها لدعم ميزانية ال�سلطة وم�شاريعها التنموية �إىل م�ساعدات �إن�سانية‬
‫الموال �إىل احلكومة‬‫�ضمن �آلية حمددة‪ ،‬بحيث تتجنب و�صول �أي من أ‬
‫التي �شكلتها حما�س‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪� ،‬إال �أن امل�ساعدات املالية‬
‫المنية التابعة للرئا�سة توا�صلت‪ ،‬وجاءت يف معظمها‬ ‫للجهزة أ‬‫املقدمة أ‬
‫من الواليات املتحدة‪ ،‬مل�ساعدتها على تطبيق االلتزامات املتعلقة بخريطة‬
‫الرهاب”‪ُ .‬‬
‫وك�شف خالل‬ ‫الطريق‪ ،‬وتقويتها يف مواجهة ما ت�سميه “قوى إ‬
‫المريكية لدعم تلك أ‬
‫الجهزة؛‬ ‫الدارة أ‬
‫تلك الفرتة عن عدة خطط �أعدتها إ‬
‫بهدف تقويتها يف مواجهة حما�س‪ ،‬والعمل على �إ�ضعاف حكومتها‪.‬‬
‫ال�شارة �إىل �أن احلديث عن تلقي جهات يف‬ ‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬جتدر إ‬
‫حركة فتح لدعم مايل �أمريكي كان قد بد�أ يف مرحلة االنتخابات الت�رشيعية‪،‬‬
‫حيث ُك�شف يف تلك الفرتة عن وثيقة تتناول تلقي بع�ض ال�شخ�صيات‬
‫يف فتح دعم ًا مالي ًا من الوكالة أ‬
‫المريكية للتنمية؛ بهدف متويل حملتهم‬
‫االنتخابية‪ .‬وكانت الوثيقة عبارة عن ر�سالة موجهة من الوكالة أ‬
‫المريكية‬
‫�إىل نبيل عمرو‪ ،‬تت�ضمن موافقة على متويل حملته االنتخابية �إىل جانب بع�ض‬
‫�ضد حركة حما�س ومواجهتها‪.‬‬ ‫ال�شخا�ص‪� ،‬رشيطة التم�سك مبوقفهم ّ‬ ‫أ‬
‫�إال �أن نبيل عمرو نفى �صحة تلك الوثيقة واتهم حركة حما�س بفربكتها‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫كما نفت الوكالة أ‬


‫المريكية وجود مثل هذه املرا�سالت‪� .179‬إال �أن جريدة‬
‫ال�رشق أ‬
‫الو�سط ن�رشت يف ‪ 2006/1/23‬تقريراً جاء فيه �أن الوكالة نف�سها‬
‫كانت تعمل على دعم احلملة االنتخابية حلركة فتح عرب برنامج خا�ص‬
‫مببلغ مليوين دوالر �أمريكي‪ ،‬ي�شمل عدداً من أ‬
‫الن�شطة والتربعات تقوم بها‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية لتح�سني �صورتها‪.180‬‬
‫�أما يف املرحلة التي تلت ت�شكيل حما�س للحكومة‪ ،‬كانت هناك عدة‬
‫خطط لدعم فريق الرئي�س حممود عبا�س‪ .‬من بينها ما ورد يف تقرير ن�رشته‬
‫جريدة القد�س العربي يف ‪ 2006/10/14‬نق ً‬
‫ال عن وكالة رويرتز‪ ،‬جاء فيه‬
‫�أن الواليات املتحدة بد�أت ب�شكل هادئ حملة قدرت تكلفتها بنحو‬
‫‪ 42‬مليون دوالر لتدعيم خ�صوم حما�س قبيل انتخابات فل�سطينية مبكرة‬
‫حمتملة‪ .‬وت�ضمنت اخلطة تقدمي �أموال للم�ساعدة على �إعادة هيكلة حركة‬
‫فتح‪ ،‬وتقدمي التدريب وامل�شورة اال�سرتاتيجية ل�سا�سة و�أحزاب علمانية‬
‫ال�سالميني يف حما�س‪ .181‬وجاء ذلك بالتزامن مع بدء احلديث‬
‫يعار�ضون إ‬
‫عن توجه عبا�س للدعوة النتخابات مبكرة‪ .‬كما ك�شفت الوكالة نف�سها يف‬
‫‪ 2007/1/5‬عن وجود وثيقة حكومية �أمريكية‪ ،‬تتحدث عن تقدمي الواليات‬
‫املتحدة ‪ 86.4‬مليون دوالر لدعم قوات أ‬
‫المن املوالية للرئي�س عبا�س‪ .‬وجاء‬
‫يف الوثيقة �أن تلك أ‬
‫الموال �ست�ستخدم “يف م�ساعدة الرئا�سة الفل�سطينية‬
‫يف الوفاء بالتزامات ال�سلطة الفل�سطينية مبوجب خريطة الطريق‪ ،‬لتفكيك‬

‫‪ 179‬القد�س العربي‪.2005/12/22 ،‬‬


‫‪ 180‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/1/23 ،‬‬
‫‪ 181‬القد�س العربي‪.2006/10/14 ،‬‬

‫‪76‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫للرهاب و�إقامة القانون والنظام يف ال�ضفة الغربية وغزة”‪،‬‬ ‫البنية أ‬


‫ال�سا�سية إ‬
‫ال�رسائيلي‬ ‫المن أ‬
‫المريكي بني اجلانبني إ‬ ‫يف �إطار برنامج ي�رشف عليه من�سق أ‬
‫والفل�سطيني اجلرنال كيث دايتون ‪.Keith Dayton182‬‬
‫قدمت الدعم للقوات‬
‫ومل تكن الواليات املتحدة وحدها اجلهة التي ّ‬
‫املوالية لعبا�س‪ ،‬يف �إطار دفعها للمواجهة مع حركة حما�س‪ ،‬فقد �سعت‬
‫“�إ�رسائيل” �إىل �أن ت�ستخدم �أموال ال�رضائب الفل�سطينية التي حتتجزها لدعم‬
‫ال�رسائيلية‬ ‫الجهزة أ‬
‫المنية املوالية لعبا�س‪� ،‬إذ ذكرت جريدة معاريف إ‬ ‫أ‬
‫على موقعها يف ‪� 2007/3/8‬أن من بني ‪ 100‬مليون دوالر �أفرجت عنها‬
‫“�إ�رسائيل” لل�سلطة الفل�سطينية من �أموال ال�رضائب املحتجزة لديها‪ ،‬ف إ�ن‬
‫مبلغ ‪ 86‬مليون دوالر كان من املفرت�ض �أن يذهب لتعزيز قوى أ‬
‫المن التابعة‬
‫الن�سانية املتفق‬ ‫للرئا�سة‪ ،‬على �أن ّ‬
‫يتم �رصف باقي املبلغ على بع�ض اجلوانب إ‬
‫عليها �سلف ًا‪ ،‬وا ّدعت �أن ال�سلطة قد �أخ ّلت بتعهد مكتوب بيد �سالم فيا�ض‪،‬‬
‫يتم �رصف أ‬
‫الموال ح�سب االتفاق ال�سابق‪ .183‬كما �أعلنت‬ ‫التزم فيه ب أ�ن ّ‬
‫هولندا يف ‪� 2007/6/1‬أنها �ستدفع مبلغ ‪ 6.3‬مليون يورو لتدريب قوات‬
‫ال�رشطة الفل�سطينية‪.184‬‬
‫العالن عن‬‫ويف املرحلة التي تلت احل�سم الع�سكري يف غزة‪ ،‬ومع إ‬
‫الدارة أ‬
‫المريكية‬ ‫ت�شكيل حكومة طوارئ برئا�سة �سالم فيا�ض‪� ،‬سارعت إ‬
‫�إىل ا�ستئناف م�ساعداتها االقت�صادية للحكومة الفل�سطينية اجلديدة؛ فقد‬

‫‪ 182‬رويرتز‪.2007/1/5 ،‬‬
‫‪ 183‬احلياة اجلديدة‪.2007/3/9 ،‬‬
‫‪ 184‬الد�ستور‪.2007/6/2 ،‬‬

‫‪77‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�أعلنت كوندوليزا راي�س �أن بالدها قررت �إعادة تقدمي م�ساعدتها االقت�صادية‬
‫�ستتم جدولة امل�ساعدة املالية البالغة قيمتها ‪86‬‬
‫ّ‬ ‫كاملةً‪ ،‬و�أ�شارت �إىل �أنه‬
‫الفراج عنها للقوى‬
‫مليون دوالر‪ ،‬والتي كانت الواليات املتحدة تنوي إ‬
‫أ‬
‫المنية التابعة ملحمود عبا�س‪ .185‬كما وعد بو�ش يف ‪ 2007/7/17‬بالعمل‬
‫المريكية والدولية حلكومة فيا�ض‪ ،‬مو�ضح ًا �أن‬‫على زيادة امل�ساعدات أ‬
‫حكومته �ستقدم نحو ‪ 190‬مليون دوالر خالل تلك ال�سنة م�ساعدات �أمنية‬
‫“ل�صالح أ‬
‫الجهزة‬ ‫و�إن�سانية‪ ،‬من بينها ‪ 80‬مليون دوالر م�ساعدات مبا�رشة إ‬
‫المنية” الفل�سطينية‪.186‬‬‫أ‬
‫وقد بدا وا�ضح ًا يف ذلك الوقت �أن ا�ستئناف الدعم أ‬
‫المريكي �إمنا جاء‬
‫�ضد �آخر‪ ،‬وت أ�ييداً للمواقف املت�شددة التي �أظهرها‬
‫لتقوية طرف فل�سطيني ّ‬
‫الرئي�س حممود عبا�س وحكومة فيا�ض جتاه حركة حما�س‪ .‬وهو ما عنى �أن‬
‫ت�صب يف خانة تعميق ال�رشخ الفل�سطيني‪ ،‬بدل‬
‫ّ‬ ‫تلك امل�ساعدات �إمنا كانت‬
‫�أن ت أ�تي يف �إطار تخفيف معاناة ال�شعب الفل�سطيني‪ .‬ويف هذا ال�سياق تعهد‬
‫القن�صل أ‬
‫المريكي العام يف مدينة القد�س جاكوب واال�س ‪Jacob Walles‬‬
‫الدارة أ‬
‫المريكية �ستقدم م�ساعدات لل�سلطة وال�شعب الفل�سطيني ت�صل‬ ‫ب أ�ن إ‬
‫يف جمموعها �إىل قرابة ‪ 642‬مليون دوالر �أمريكي‪ .187‬ويف وقت الحق‪،‬‬
‫وقّعت وزيرة اخلارجية أ‬
‫المريكية كوندوليزا راي�س مع رئي�س الوزراء �سالم‬
‫فيا�ض اتفاقية لتقدمي م�ساعدة بقيمة ‪ 80‬مليون دوالر إل�صالح �أجهزة‬

‫‪ 185‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/6/19 ،‬‬
‫‪ 186‬النهار‪.2007/7/17 ،‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2007/7/20 ،‬‬ ‫‪187‬‬

‫‪78‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫أ‬
‫المن الفل�سطينية‪ .188‬كما �أعلنت كندا عن ا�ستئناف م�ساعداتها لل�سلطة‪،‬‬
‫وقدمت ثمانية ماليني دوالر كندي م�ساعدات حلكومة �سالم فيا�ض‪.189‬‬
‫ويف ‪� ،2007/11/14‬أعلن رئي�س الوزراء الربيطاين جوردون براون‬
‫‪� James Gordon Brown‬أن بالده �ستقدم ‪ 500‬مليون دوالر م�ساعدة‬
‫إلعمار املناطق الفل�سطينية‪ ،‬يف حال “�إحراز تقدم ملمو�س” يف تطبيق‬
‫اخلطة أ‬
‫المنية حلكومة �سالم فيا�ض‪ .‬وجاء ذلك يف اليوم نف�سه الذي تعهد‬
‫فيه فيا�ض مبوا�صلة اخلطة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�صو ًال �إىل فر�ضها يف قطاع غزة‪.190‬‬
‫ً‬
‫خام�سا‪ :‬الت�سليح والتدريب وجتنيد العنا�صر‪:‬‬
‫بد�أت مظاهر التوتر أ‬
‫المني بني حركتي فتح وحما�س منذ �إعالن نتائج‬
‫االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬من خالل ا�شتباكات بني املتظاهرين من �أن�صار‬
‫احلركتني‪ ،‬قبل �أن تتطور يف وقت الحق �إىل �أ�شكال �أكرث دموية ا�ستخدم‬
‫ظل هذا التوتر‪ ،‬تواترت أ‬
‫النباء‬ ‫فيها ال�سالح واخلطف واالغتياالت‪ .‬ويف ّ‬
‫عن �سعي كل من الطرفني �إىل جتهيز عنا�رصه وت�سليحها وتدريبها‪ ،‬خ�صو�ص ًا‬
‫بعد �إعالن وزير الداخلية يف احلكومة التي �شكلتها حركة حما�س ت�شكيل‬
‫القوة التنفيذية‪ ،‬كقوة م�ساندة تابعة للوزارة‪ .‬ويف هذا ال�سياق �أوردت‬
‫جريدة احلياة اللندنية يف ‪ 2006/5/7‬تقريراً حتدث عن �رشوع احلركتني‬
‫ال�سابيع الثالثة أ‬
‫الخرية‪،‬‬ ‫يف القيام ب أ�عمال جتيي�ش وا�سعة يف قطاع غزة يف أ‬
‫ون�سبت �إىل م�صادر يف احلركتني قولها �إن �أعمال التجيي�ش هذه ت�شمل‬

‫‪ 188‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪ 189‬الد�ستور‪.2007/7/24 ،‬‬
‫‪ 190‬احلياة‪.2007/11/15 ،‬‬

‫‪79‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫جتنيد �أعداد كبرية ّ‬


‫تعد آ‬
‫بالالف‪ ،‬و�رشاء املزيد من قطع ال�سالح والذخرية‪،‬‬
‫و�إقامة مع�سكرات تدريب‪.191‬‬
‫النباء التي تتحدث عن وجود‬ ‫�أما فيما يتع ّلق بحركة فتح‪ ،‬فقد كانت أ‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية التابعة لها بد�أت‬ ‫خطط لت�سليح وتدريب عنا�رص احلركة أ‬
‫يف ‪ ،2006/4/29‬حني �أوردت وكالة رويرتز تقريراً حتدث عن وجود‬
‫خمططات دولية لدعم احلر�س الرئا�سي التابع لعبا�س‪ ،‬عن طريق زيادة‬
‫عدده وتدريبه ومتويله‪ ،‬ونُقل عن م�صدر مطلع على م�شاورات �أمريكية‬
‫الرهاب يف‬ ‫بهذا ال�ش أ�ن �أن “الهدف هو ت�شكيل قوة ّ‬
‫يعتد بها ملحاربة إ‬
‫حال امتناع حما�س عن ذلك”‪ .192‬وازدادت يف الفرتة التالية كثافة‬
‫أ‬
‫النباء التي تتحدث عن ت�سليح احلركة وجتنيدها عنا�رص موالية‪ ،‬حيث‬
‫�أعلن م�سلحون من حركة فتح بعدها ب أ�يام‪ ،‬عن ت�شكيل قوة قوامها �ألفا‬
‫فرد‪ ،‬وقال املتحدث با�سمها �إن ت�شكيلها جاء حتدي ًا للقوة التي �شكلتها‬
‫حما�س والتي يعتربونها غري �رشعية‪ ،193‬يف �إ�شارة �إىل القوة التنفيذية‪ .‬وجتدر‬
‫ال�شارة هنا �إىل �أن م�سلحني من احلركة انت�رشوا يف مدينتي جنني وقلقيلية‬ ‫إ‬
‫المن يف‬‫يف ‪ 14‬و‪ ،2006/6/17‬معلنني �أن خطوتهم جاءت لتعزيز وحفظ أ‬
‫املدينتني‪� ،194‬إال �أن هذا االنت�شار مل يدم طوي ً‬
‫ال‪ .‬كما ذكر املعلق ال�سيا�سي‬
‫يف جريدة ه�آرت�س ‪ Haaretz‬زئيف �شيف ‪ Ze’ev Schiff‬يف ‪2006/5/28‬‬
‫�أن الرئا�سة الفل�سطينية تنوي زيادة عدد عنا�رص احلر�س الرئا�سي �إىل ع�رشة‬

‫‪ 191‬احلياة‪.2006/5/7 ،‬‬
‫‪ 192‬القد�س العربي‪.2006/4/29 ،‬‬
‫‪ 193‬الد�ستور‪.2006/5/4 ،‬‬

‫االحتاد‪2006/6/18 ،‬؛ والر�أي‪ّ ،‬‬


‫عمان‪.2006/6/25 ،‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪80‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫�آالف عن�رص‪ .‬وقد �أوردت اجلريدة يف ذلك الوقت �أنباء عن موافقة‬


‫“�إ�رسائيل” على مترير �أ�سلحة �إىل قوة الرئا�سة‪ ،‬تزودها بها م�رص أ‬
‫والردن‪،‬‬
‫وهو ما نفته الرئا�سة‪� .195‬إال �أن رئي�س جلنة ال� ؤ‬
‫ش�ون اخلارجية والدفاع يف‬
‫الكني�ست ت�ساحي هنغبي ‪� Tzachi Hanegbi‬أعلن يف ‪� 2006/6/15‬أنه‬
‫ّمت نقل �أ�سلحة من أ‬
‫الردن �إىل القوات املوالية لعبا�س مبوافقة “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫وبح�سب يديعوت �أحرونوت ف إ�ن ثالث �شاحنات تنقل ‪ 950‬ر�شا� ًشا‬
‫�أمريكي ًا من نوع �إم ‪ M-16 16 -‬عربت ج�رس اللنبي‪ ،‬ومتت مواكبتها‬
‫ال�رسائيلي حتى رام اهلل ومعرب �إيريز ‪ Erez Passage‬على‬
‫من قبل اجلي�ش إ‬
‫احلدود بني “�إ�رسائيل” وقطاع غزة‪ .‬وقد نفى الرئي�س حممود عبا�س جمدداً‬
‫ال�رسائيلية‪.196‬‬
‫الت�رصيحات إ‬
‫ويف �سياق جتنيد العنا�رص املوالية‪� ،‬أفاد حممد دحالن خالل مقابلة‬
‫�أجرتها معه جريدة ه�آرت�س يف ‪� ،2006/6/20‬أن ‪� 22‬ألف متطوع ان�ضموا‬
‫المن الوقائي منذ بدء أ‬
‫الزمة بني فتح وحما�س‪ .197‬و�إىل جانب ذلك‪،‬‬ ‫�إىل أ‬
‫فقد �سعت الرئا�سة �إىل ا�ستقدام لواء بدر التابع جلي�ش التحرير الفل�سطيني‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬وطلبت من “�إ�رسائيل” بال�سماح لها‬ ‫الردن �إىل أ‬
‫من أ‬
‫ب إ�دخاله �إىل قطاع غزة‪� ،‬إال �أن احلكومة إ‬
‫ال�رسائيلية مل توافق على ذلك‬
‫الطلب يف حينه‪ .198‬وعلى الرغم من تكرار احلديث عن �إدخال تلك‬
‫الرا�ضي أ‬
‫الردنية‪.‬‬ ‫القوات يف منا�سبات عدة‪� ،‬إال �أنها مل تغادر أ‬

‫‪ 195‬االحتاد‪2006/5/29 ،‬؛ أ‬
‫واليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/5/29 ،‬‬
‫‪ 196‬اخلليج‪.2006/6/16 ،‬‬
‫‪ 197‬القد�س العربي‪.2006/6/21 ،‬‬
‫‪ 198‬عرب ‪.2006/11/5 ،48‬‬

‫‪81‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ويف �سياق الدعم اخلارجي حلر�س الرئا�سة‪ ،‬ن�رشت جريدة ه�آرت�س يف‬
‫المريكي اجلرنال كيث دايتون‪،‬‬‫‪ 2006/10/31‬تقريراً ُذ ِكر فيه �أن املن�سق أ‬
‫و�ضع خطة لتدريب حر�س الرئا�سة الفل�سطينية‪ ،‬و�أ�ضاف التقرير ب أ�ن اخلطة‬
‫تقت�ضي ر�صد مليوين دوالر لتعزيز قوة عبا�س‪ ،‬وذلك من خالل زيادة عدد‬
‫قواته من ‪� 3,500‬إىل ‪ 6,000‬عن�رص‪ ،‬و�أ�شار التقرير �إىل �أن هذه التدريبات‬
‫ت أ�تي يف ّ‬
‫ظل ت�صاعد وترية ال�رصاع بني حركتي فتح وحما�س‪.199‬‬
‫يف ‪ 2006/12/28‬عاودت “�إ�رسائيل” جمدداً احلديث عن دخول‬
‫�أ�سلحة لقوات الرئي�س عبا�س‪ ،‬وقالت �إنها �سمحت ب إ�دخال �شحنة كبرية‬
‫قدمتها م�رص �إىل حر�س الرئا�سة والقوات املوالية‬ ‫من أ‬
‫ال�سلحة اخلفيفة ّ‬
‫حلركة فتح‪ ،‬وذكرت جريدة ه�آرت�س �أن �شحنة أ‬
‫ال�سلحة ت�شمل �ألفي بندقية‬
‫كال�شنيكوف ‪ Klashinkov‬و‪� 20‬ألف خمزن ومليوين ر�صا�صة‪ ،‬وهو ما‬
‫نفته الرئا�سة جمدداً‪ .200‬كما �أوردت رويرتز يف ‪ 2007/1/28‬تقرراً يتحدث‬
‫عن تكدي�س القوات أ‬
‫المنية املوالية لعبا�س أ‬
‫لل�سلحة يف قطاع غزة وال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬ونقلت عن م�صادر �أمنية فل�سطينية رفيعة امل�ستوى �أن ما يرتاوح‬
‫بني ‪ 3,900‬و‪ 4,900‬بندقية كال�شنيكوف و�إم ‪ 16 -‬و�أ�سلحة �أخرى‪ ،‬كان‬
‫والمن الوطني واملخابرات‬ ‫للمن الوقائي أ‬ ‫يتم تخزينها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬أ‬
‫ّ‬
‫العامة ‪ .‬وبالتزامن مع تلك أ‬
‫النباء‪ ،‬حتدثت تقارير �إ�رسائيلية عن �أن حممد‬ ‫‪201‬‬

‫‪Aluf Benn, U.S. Preparing Abbas Guard to Take on Hamas, Haaretz,199‬‬


‫‪31/10/2006, in:‬‬
‫‪http://www.haaretz.com/hasen/spages/781482.html‬‬
‫‪ 200‬احلياة‪.2006/12/29 ،‬‬
‫‪ 201‬رويرتز‪.2007/1/28 ،‬‬

‫‪82‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫دحالن يعمل على �إقامة قوات خا�صة من ‪� 12‬ألف مقاتل بهدف تعزيز‬
‫قوات حركته يف مواجهة حما�س يف قطاع غزة‪ .‬وذكرت جريدة يديعوت‬
‫�أحرونوت �أن هذه القوات �ستمول من تربعات �أوروبية عن طريق مكتب‬
‫الرئي�س عبا�س‪ ،‬فيما تقوم الواليات املتحدة بتوفري املعدات الالزمة من‬
‫�أ�سلحة خفيفة ومركبات و�سرتات واقية و�أجهزة ات�صال وغري ذلك‪.‬‬
‫ونقلت اجلريدة عن �أحد قادة فتح قوله‪“ :‬نحن نقوم بفح�ص كل واحد من‬
‫املر�شحني للقوات اجلديدة”‪ ،‬م�شرياً �إىل �أنه “حتى لو كان للمر�شح �أخ ي ؤ�يد‬
‫حما�س‪ ،‬ف إ�نه لن يقبل يف هذه القوات”‪.202‬‬
‫وعلى الرغم من توقيع اتفاق مكة بني حركتي فتح وحما�س واالتفاق‬
‫على ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪� ،‬إال �أن تدريب العنا�رص وال�سعي لزيادة‬
‫عددها وت�سليحها بقي م�ستمراً‪ .‬ويف اجلانب املتعلق بالقوات املوالية‬
‫لعبا�س‪� ،‬أوردت رويرتز يف ‪ 2007/3/6‬تقريراً حتدث عن ا�ستمرار جتهيز‬
‫�أحد مع�سكرات التدريب التابعة حلر�س الرئا�سة يف مدينة �أريحا‪� ،‬إ�ضافة‬
‫�إىل ا�ستكمال التجهيزات يف كلية تابعة جلهاز املخابرات‪ ،‬وبدء اجلهاز‬
‫بن�رش �إعالنات عن وظائف خالية يف ال�صحف املحلية‪ .203‬كما �أوردت‬
‫جريدة ه�آرت�س يف ‪ 2007/4/1‬تقريراً حتدث عن ت�شكيل حركة فتح جلهاز‬
‫ع�سكري جديد يف قطاع غزة ا�ستعداداً لتجدد املواجهات مع حركة‬
‫م�سمى “القوة اخلا�صة”‪ ،‬وقالت اجلريدة �إن نحو ‪1,400‬‬
‫ّ‬ ‫حما�س‪ ،‬حتت‬
‫عن�رص ُج ِّندوا يف �إطار تلك القوة‪ ،‬و�إن ب�ضع مئات منهم تلقوا تدريبات يف‬

‫‪ 202‬اخلليج‪.2007/1/30 ،‬‬
‫‪ 203‬رويرتز‪.2007/3/6 ،‬‬

‫‪83‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫م�رص‪ .204‬وقد نفى املتحدث با�سم حركة فتح يف قطاع غزة ماهر مقداد ما‬
‫�أوردته اجلريدة‪ ،‬و�أو�ضح �أن العنا�رص الذين كانوا متواجدين يف م�رص �آنذاك‬
‫ذهبوا “ب�شكل ر�سمي من �أجل اخل�ضوع لدورات تدريبية لت أ�هيلهم ولي�س‬
‫ا�ستعداداً للمواجهة مع �أي ف�صيل”‪.205‬‬
‫الجهزة‬‫وقد عبرَّ �أحد قادة جهاز حر�س الرئا�سة عن الروح التي ظ َّلت أ‬
‫المنية تعي�شها‪ ،‬حتى بعد اتفاق مكة‪ ،‬عندما ع ّلق على م�س أ�لة ا�ستمرار‬‫أ‬
‫جتهيز �أحد املواقع الع�سكرية التابعة للجهاز‪ ،‬قال فيه‪“ :‬هذا موقع ع�سكري‬
‫يتم جتهيزه �سواء كان هناك اتفاق مكة �أم مل يكن‪ ...‬نحن ال‬‫يجب �أن ّ‬
‫ينق�صنا العامل الب�رشي ولكن تنق�صنا التجهيزات‪ .‬حما�س لديها قذائف‬
‫هاون و�صواريخ‪ ...‬و�أما نحن فال منلك ذلك”‪.206‬‬
‫يف اخلال�صة‪ ،‬ف إ�ن الظاهر من التقارير أ‬
‫والنباء التي �أوردناها �سابق ًا‪،‬‬
‫�أن امل�ساعدات اخلارجية التي كان يتلقاها حر�س الرئا�سة والقوات املوالية‬
‫للرئي�س عبا�س‪ ،‬مل تكن من باب الدعم مل ؤ��س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‪،‬‬
‫و�إمنا جاءت لتعزيز ال�رصاع الفل�سطيني الداخلي بني حركتي فتح وحما�س‪.‬‬
‫فقد ربطت تلك التقارير ذلك الدعم باملواجهة التي كانت قائمة بني تلك‬
‫المنية وحركة حما�س‪ .‬كما كان هناك عدد من الت�رصيحات‬ ‫الجهزة أ‬
‫أ‬
‫من خمتلف اجلهات تعزز هذا االعتقاد‪ ،‬من بينها ما قاله رئي�س الطاقم‬
‫ال�رسائيلية عامو�س جلعاد ‪Amos‬‬ ‫أ‬
‫المني ال�سيا�سي يف وزارة الدفاع إ‬

‫‪Avi Issacharoff, New Fatah Gaza Force Training for Future Clashes 204‬‬
‫‪with Hamas, Haaretz, 1/4/2007.‬‬
‫‪ 205‬القب�س‪.2007/4/2 ،‬‬
‫‪ 206‬رويرتز‪.2007/3/6 ،‬‬

‫‪84‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫‪ ،Gilad‬عقب �إعالن “�إ�رسائيل” ال�سماح ب إ�دخال �أ�سلحة من م�رص �إىل‬


‫حر�س الرئا�سة‪ ،‬من �أن “هذا الدعم ي أ�تي لتمكني قوى ال�سالم يف مواجهة‬
‫الو�سط”‪ .‬وما قاله وزير‬ ‫القوى الظالمية التي تهدد م�ستقبل ال�رشق أ‬
‫البنى التحتية بنيامني بن �إليعازر ‪ Binyamin Ben-Eliezer‬من �أنه ي أ�تي‬
‫“لتمكني عبا�س من مواجهة �إرهابيي حما�س الذين متولهم �إيران”‪� ،‬إىل‬
‫ال�سكان مئري �شيرتيت ‪ Meir Sheetrit‬من �أن هذه‬ ‫جانب ما ذكره وزير إ‬
‫أ‬
‫ال�سلحة “ال ميكن �أن تهدد �إ�رسائيل يف امل�ستقبل‪ ،‬لكنها �رضورية للقوات‬
‫الفل�سطينية امل ؤ�يدة لل�سالم مع �إ�رسائيل يف الت�صدي للحركة التي تدعو‬
‫للق�ضاء على �إ�رسائيل”‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل حركة حما�س‪.207‬‬
‫وقد تعزز هذا االعتقاد ب�صورة �أكرب يف وقت الحق‪ ،‬مع ن�رش جملة‬
‫فانيتي فري ‪ Vanity Fair‬أ‬
‫المريكية تقريراً يف عددها ل�شهر ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫للطاحة‬‫‪ ،2008‬حتدثت فيه عن وجود خطة مدبرة �أعدتها وا�شنطن إ‬
‫الدارة أ‬
‫المريكية للرئي�س‬ ‫بحكومة حركة حما�س؛ ت�ضمنت حتري�ض إ‬
‫عبا�س على ال�ضغط على تلك احلكومة لتبني �رشوط اللجنة الرباعية �أو‬
‫عزلها يف حال الرف�ض‪ .‬و�أبرزت املجلة عدداً من الوثائق ك أ�دلة على‬
‫�صحة التقرير‪ ،‬الذي �أ�شار كذلك �إىل �أن اخلطة ق�ضت ب أ�ن تكون قوات‬
‫المن التي يقودها حممد دحالن‪ ،‬واملدعومة بال�سالح احلديث الذي ّمت‬ ‫أ‬
‫تزويدها به بناء على �أوامر من وا�شنطن‪ ،‬مبنزلة القوة التي حتتاجها فتح‬
‫للق�ضاء على احلكومة املنتخبة دميوقراطي ًا بقيادة حما�س‪.208‬‬

‫‪ 207‬احلياة‪.2006/12/29 ،‬‬
‫‪David Rose, The Gaza Bombshell, VanityFair magazine, April 208‬‬
‫‪2008, see:‬‬
‫‪http://www.vanityfair.com/politics/features/2008/04/gaza200804‬‬

‫‪85‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فقد كانت هذه امل�ساعدات عام ً‬


‫ال م�سهم ًا‪ ،‬وب�شكل‬
‫مبا�رش �أحيان ًا‪ ،‬يف ت أ�جيج التوتر امليداين بني حركتي فتح وحما�س؛ حيث‬
‫كان لها دور كبري يف �إثارة ال�شكوك واالتهامات التي رافقت ب�صورة‬
‫م�ستمرة احلديث عنها‪ .‬و�أبرز أ‬
‫المثلة على ذلك اال�شتباكات العنيفة التي‬
‫اندلعت �إثر اعرتا�ض كتائب الق�سام لقافلة تابعة حلر�س الرئا�سة قادمة من‬
‫معرب رفح يف ‪ ،2007/2/1‬وقالت حما�س يف حينه �إن ال�شاحنات التي‬
‫هاجمتها كانت تقل �أ�سلحة ثقيلة خم�ص�صة للحر�س الرئا�سي و�أجهزة �أمنية‬
‫تابعة للرئي�س عبا�س‪� .‬إال �أن الناطق با�سم حر�س الرئا�سة نفى ذلك‪ ،‬مو�ضح ًا‬
‫�أنها كانت حتمل م�ساعدات هي عبارة عن خيام وم�ساعدات �صحية‪.209‬‬
‫وعقب ت�شكيل حكومة الطوارئ يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬تزايدت �أنباء تقدمي‬
‫المنية الفل�سطينية فيها؛ ففي ‪2007/7/26‬‬ ‫للجهزة أ‬‫التدريب وال�سالح أ‬
‫الخبارية عن جريدة ه�آرت�س �أن “�إ�رسائيل” وافقت على‬ ‫نقلت وكالة مع ًا إ‬
‫�إدخال �ألف بندقية من أ‬
‫الردن �إىل ال�سلطة يف ال�ضفة دعم ًا للرئي�س عبا�س‪،210‬‬
‫المنية ت�سلمت يف ‪� 2007/7/25‬أربع‬‫وذكر موقع عرب ‪� 48‬أن القوات أ‬
‫�شاحنات حمملة بال�سالح والذخائر والعتاد قادمة من أ‬
‫الردن‪ ،‬و�أن هذه‬
‫اخلطوة �أتت يف �إطار امل�رشوع أ‬
‫المريكي الذي يقوده اجلرنال كيث دايتون‬
‫لدعم الرئي�س عبا�س‪ .211‬ويف �إطار التدريب �أ�شارت وزارة اخلارجية‬
‫أ‬
‫المريكية يف بيان لها يف ‪� ،2007/8/19‬إىل برنامج تدريب يقوم به م� ؤ‬
‫س�ولو‬

‫‪ 209‬القد�س العربي‪.2007/2/2 ،‬‬


‫‪ 210‬وكالة معاً‪.2007/7/26 ،‬‬
‫‪ 211‬عرب ‪.2007/7/26 ،48‬‬

‫‪86‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫�أمن الدبلوما�سيني حلر�س الرئا�سة‪ ،‬ي�ستمر بني اخلريف ومطلع عام ‪،2008‬‬
‫و�أو�ضحت اخلارجية �أن الربنامج يهدف مل�ساعدة ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫الرهاب‪ ،‬وبناء الثقة‬
‫المن لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وحماربة إ‬ ‫“على تقدمي أ‬
‫الحزاب‪ ،‬وامل�ساعدة يف نهاية املطاف على تلبية االحتياجات أ‬
‫المنية‬ ‫بني أ‬
‫حد �سواء”‪ .212‬كما زار وفد �أمني �أوروبي‬
‫وال�رسائيليني على ٍّ‬
‫للفل�سطينيني إ‬
‫مقر تدريب ال�رشطة يف �أريحا يف ‪ 2007/9/5‬للوقوف على االحتياجات‬ ‫ّ‬
‫المنية للجهاز‪ ،‬معلن ًا زيادة عدد املدربني أ‬
‫الوروبيني الذين يتولون تدريب‬ ‫أ‬
‫عنا�رص ال�رشطة الفل�سطينية �إىل ‪ 35‬مدرب ًا‪ .213‬وافتتح الرئي�س حممود عبا�س‬
‫الكادميية الفل�سطينية للعلوم أ‬
‫المنية التي ي�رشف عليها‬ ‫يف ‪ 2007/9/20‬أ‬
‫جهاز املخابرات العامة يف املدينة نف�سها‪.214‬‬
‫�أما نابل�س التي اختارتها ال�سلطة ك أ�ول منطقة تبد�أ فيها خطتها أ‬
‫المنية‪،‬‬
‫المن‬‫فقد كانت حمطة زيارات متكررة للجرنال دايتون‪ ،‬قبل دخول أ‬
‫الفل�سطيني �إليها وبعده‪ ،‬يف �سياق �إ�رشافه املبا�رش على تطبيق تلك اخلطة‪.215‬‬
‫وخالل �إحدى الزيارات يف ‪ ،2007/10/25‬التقى دايتون يرافقه وفد �أمني‬
‫الجهزة‬‫�ضم رجال �أمن بريطانيني وكنديني و�أ�سرتاليني‪ ،‬بعدد من قادة أ‬
‫أ‬
‫المنية بال�ضفة الغربية‪ ،‬و�أبلغهم ب أ�ن نقل ال�سيطرة عن املناطق الفل�سطينية‬
‫المنية على �ضبط أ‬
‫المن فيها‪ .‬وقد ذكر‬ ‫لل�سلطة مرهون بقدرة �أجهزتها أ‬
‫حمافظ نابل�س‪ ،‬عقب اللقاء الذي ّمت يف املدينة‪� ،‬أن الوفد أ‬
‫المني وعد بتقدمي‬

‫‪ 212‬رويرتز‪.2007/8/19 ،‬‬
‫‪ 213‬القد�س العربي‪.2007/9/6 ،‬‬
‫‪ 214‬احلياة اجلديدة‪.2007/9/21 ،‬‬
‫‪ 215‬القد�س العربي‪.2007/12/12 ،‬‬

‫‪87‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الدعم الالزم من احتياجات �أفراد أ‬


‫الجهزة من �أ�سلحة وعتاد ومبان‪.216‬‬
‫ُ‬
‫وبعد تلك الزيارة ب أ�يام‪ ،‬نقلت جريدة ه�آرت�س ال�صادرة يف‬
‫الدارة أ‬
‫المريكية �ستكلف‬ ‫‪ 2007/10/30‬عن جاكوب واال�س قوله �إن إ‬
‫�رشكات مقاوالت �أمريكية تدريب قوات �أمن فل�سطينية موالية للرئي�س‬
‫المر �سيتم بالتعاون‬‫عبا�س على “تنظيم التدريب والعتاد”‪ ،‬و�أن هذا أ‬
‫مع اجلرنال دايتون‪ ،‬م�شرياً �إىل حتويل ‪ 77‬مليون دوالر لل�سلطة كجزء من‬
‫امل�ساعدات أ‬
‫المنية‪.217‬‬
‫ويف خطوة بدا �أنها هدفت إلر�ضاء ال�سلطة الفل�سطينية قبل �أيام من‬
‫انعقاد م ؤ�متر �أنابولي�س لل�سالم يف ‪� ،2007/11/27‬أع ِلن �أن �إيهود �أوملرت‬
‫‪ Ehud Olmert‬وافق على دخول ‪ 25‬مدرعة ع�سكرية �ستزودها رو�سيا‬
‫لقوات أ‬
‫المن التابعة لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬و�سيتم ن�رشها يف مدينة نابل�س‪.‬‬
‫س�ولون �إ�رسائيليون �إن �أوملرت وافق �أي� ًضا على �إدخال �ألف بندقية‬
‫وقال م� ؤ‬
‫المن التابعة لل�سلطة‪� .218‬إال �أن املتحدث با�سم‬ ‫ومليوين ر�صا�صة لقوات أ‬
‫ال�رسائيلية يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬شلومو درور ‪Shlomo‬‬
‫الدارة الع�سكرية إ‬
‫إ‬
‫‪� ،Dror‬أعلن يف ‪� 2007/12/3‬أنه تقرر ت أ�خري ت�سليم تلك املدرعات‬
‫لل�سلطة؛ ألنها طلبت “العمل على تزويدها بر�شا�شات ثقيلة‪ ،‬وكان ردنا‬
‫�سلبي ًا”‪.219‬‬

‫‪ 216‬القد�س العربي‪.2007/10/26 ،‬‬


‫‪ 217‬عرب ‪.2007/10/30 ،48‬‬
‫‪ 218‬عرب ‪.2007/11/21 ،48‬‬
‫‪ 219‬الد�ستور‪.2007/12/4 ،‬‬

‫‪88‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الوىل من قوات‬‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فقد ذكرت وكالة رويرتز �أن الكتيبة أ‬
‫الردن يف ‪ 2008/1/24‬لبدء تدريب يف �إطار‬ ‫المن الفل�سطينية غادرت �إىل أ‬
‫أ‬
‫�ضمت ‪ 700‬جمند‬ ‫برنامج �أمريكي بعد ت أ�خري نحو عام‪ ،‬مو�ضحة �أن الكتيبة ّ‬
‫اختارتهم الواليات املتحدة‪ ،‬ي�شكلون طالئع قوة قوامها نحو ‪� 50‬ألف ًا من‬
‫الجمالية‪ .220‬وكانت الوكالة‬ ‫�أفراد أ‬
‫المن يف ال�ضفة الغربية ت�شملهم اخلطة إ‬
‫المريكي در�س خلفية‬ ‫نف�سها ذكرت يف وقت �سابق �أن برنامج التدقيق أ‬
‫وبيانات كل جمند‪ ،‬كما احتفظت “�إ�رسائيل” بحق االعرتا�ض على �أ�سماء‬
‫عدد من امل�شاركني‪ ،‬ألنها اجلهة التي متلك �إ�صدار ت�صاريح لهم بال�سفر �إىل‬
‫أ‬
‫الردن‪.221‬‬
‫ويف وقت الحق �أ�شار تقرير جلريدة وا�شنطن بو�ست �إىل �أن قوات أ‬
‫المن‬
‫الردنية ومتعاقدين �أمريكيني يدربون ‪ 600‬عن�رص من قوات أ‬
‫المن الوطني‬ ‫أ‬
‫�ضمن برنامج مدته ‪� 16‬أ�سبوع ًا‪� ،‬إ�ضافة �إىل ‪ 425‬ع�ضواً من احلر�س الرئا�سي‪،‬‬
‫يخ�ضعون للتدريب على مدى ثمانية �أ�سابيع‪ .‬ولفتت االنتباه �إىل �أن برنامج‬
‫التدريب املذكور يواجه �صعوبة كبرية؛ ب�سبب الت أ�جيالت‪ ،‬ونق�ص املوارد‪،‬‬
‫والمريكيني حول ماهية القدرات أ‬
‫المنية التي‬ ‫ال�رسائيليني أ‬
‫واخلالفات بني إ‬
‫ينبغي �أن تتحلى بها تلك القوات بعد ن�رشها يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪.222‬‬

‫‪ 220‬الوطن‪ ،‬قطر‪.2008/1/25 ،‬‬


‫‪ 221‬رويرتز‪.2008/1/9 ،‬‬
‫‪Ellen Knickmeyer and Glenn Kessler, Palestinian Forces’ Training Marre 222‬‬
‫‪by Delays, Politics, The Washington Post, 15/3/2008, in:‬‬
‫‪http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2008/03/14/‬‬
‫‪AR2008031403965_pf.html‬‬

‫‪89‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�ساد�سا‪ :‬االنق�سامات الداخلية يف فتح وانعكا�ساتها أ‬


‫المنية‪:‬‬ ‫ً‬

‫عانت حركة فتح انق�سام ًا داخلي ًا ظهرت بوادره يف ال�سنوات أ‬


‫الخرية‬
‫حلكم الرئي�س الراحل يا�رس عرفات‪ ،‬وازدادت مظاهره بعد رحيله‪،‬‬
‫فو�صلت حركة فتح االنتخابات الت�رشيعية وهي ما زالت تعاين منه‪ .‬وهو‬
‫ما لعب دوراً يف ر�أي املحللني يف هزميتها يف تلك االنتخابات‪ .‬وقد ظهر‬
‫ذلك خالل مرحلة ت�شكيل احلركة لقائمتها االنتخابية؛ حيث �شهدت‬
‫العالقة بني الرئي�س حممود عبا�س واللجنة املركزية توتراً ملحوظ ًا‪ ،‬ومل‬
‫تتجاوز ح�صة اللجنة يف القائمة ثالثة �أع�ضاء فقط‪ .223‬كما خا�ض عدد من‬
‫�أع�ضاء احلركة االنتخابات خارج القائمة املوحدة للحركة‪ ،‬وهي خطوة مل‬
‫يت�ساهل معها حممود عبا�س عقب هزمية احلركة يف االنتخابات‪ ،‬فقرر ف�صل‬
‫الع�ضاء‪ ،‬قبل �أن تخفف املحكمة احلركية لفتح‪ ،‬التي �شُ ّكلت يف‬
‫ه ؤ�الء أ‬
‫وقت الحق‪ ،‬قرار الف�صل �إىل جتميد م ؤ�قت للع�ضوية لعدد منهم‪ ،‬اعرت�ضوا‬
‫�أمامها على القرار‪ ،‬فيما بقي قرار الف�صل �ساري ًا يف ّ‬
‫حق بقية املف�صولني‪.‬‬
‫مع ظهور نتائج االنتخابات‪ ،‬انعك�س االنق�سام الداخلي يف حركة‬
‫المني‪ ،‬فقد خرجت تظاهرتان يف مدينة غزة يف‬ ‫فتح على الو�ضع أ‬
‫‪ ،2006/1/27‬قاد �إحداها ع�ضو مكتب التعبئة والتنظيم للحركة �سمري‬
‫امل�شهراوي‪ ،‬وطالبت با�ستقالة اللجنة املركزية للحركة والرئي�س عبا�س‪.‬‬
‫فيما �شارك يف الثانية حممد دحالن وطالب امل�شاركون فيها با�ستقالة‬
‫اللجنة املركزية كذلك‪� ،‬إال �أنهم عبرّ وا عن ت أ�ييدهم ملحمود عبا�س‪ .‬كما‬
‫�سارت يف خان يون�س تظاهرة ثالثة �شارك فيها نحو ‪� 15‬ألف �شخ�ص من‬

‫‪ 223‬احلياة‪.2006/1/3 ،‬‬

‫‪90‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫�أن�صار احلركة‪ ،‬وطالبت با�ستقالة قيادة احلركة وحما�سبتها‪ .224‬وقد اتهم بع�ض‬
‫�أع�ضاء اللجنة املركزية يف ذلك الوقت حممد دحالن‪ ،‬الذي قالت �أو�ساط‬
‫داخل احلركة �إنه وراء تلك التحركات االحتجاجية‪ ،‬مبحاولة االنقالب‬
‫ال �أجواء ال�سخط ال�سائدة‪.225‬‬
‫عليهم وعلى احلركة‪ ،‬م�ستغ ً‬

‫البرز داخل احلركة‪ ،‬كان بني تيارين بخ�صو�ص‬ ‫�إال �أن اخلالف أ‬
‫�سيا�ستها وتوجهاتها‪ ،‬حول املوقف من �أحداث االقتتال الداخلي‪ ،‬ومن‬
‫حركة حما�س‪ .‬ف إ�ىل جانب اخلالف املوجود بني الرئي�س حممود عبا�س‬
‫وفاروق القدومي �أمني �رس اللجنة املركزية حلركة فتح على الربنامج‬
‫ال�سيا�سي وعلى قيادة احلركة‪ ،‬اتخذ القدومي موقف ًا مغايراً لذلك الذي‬
‫اتخذه عبا�س من �أحداث االقتتال الداخلي ومن حركة حما�س؛ حيث ّ‬
‫عد‬
‫القدومي �أن حماوالت ال�صدام مع حما�س ومع العلماء وامل�شايخ‪ ،‬حتركها‬
‫�ضد حكومة انتخبت دميوقراطي ًا‪ ،‬وهو ما رف�ضه عدد‬‫�أ�صابع خارجية ّ‬
‫من قيادات احلركة‪ ،‬ور�أوه انحيازاً حلركة حما�س‪ .226‬و�أكد القدومي‬
‫الو�سط يف ‪ 2006/5/29‬وجود �أكرث من‬ ‫يف مقابلة مع جريدة ال�رشق أ‬
‫تيار داخل احلركة‪ ،‬وقال �إن “هناك جماعات لها عالقات حميمة‬
‫ب إ��رسائيل‪ ،‬اغتنت مالي ًا وجمعت ال�سالح بطرق غري �رشعية”‪ ،‬وو�صف‬
‫ه ؤ�الء ب أ�نهم “�أمراء احلرب”‪ ،‬معلن ًا ترب ؤ�ه منهم‪ .227‬كما رف�ض القدومي‬
‫دعوة عبا�س لالنتخابات املبكرة يف �شهر كانون أ‬
‫الول‪ /‬دي�سمرب ‪،2006‬‬

‫‪ 224‬امل�ستقبل‪.2006/1/28 ،‬‬
‫‪ 225‬احلياة‪.2006/1/29 ،‬‬
‫‪ 226‬القد�س العربي‪.2006/5/5 ،‬‬
‫‪ 227‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/5/29 ،‬‬

‫‪91‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وجاء ذلك باالتفاق مع قادة املنظمات الفل�سطينية الع�رش الذين اجتمع‬


‫بهم يف دم�شق يف ‪ .228 2006/12/16‬ور�أى القدومي يف مقابلة مع جملة‬
‫ال�رصار على تلك الدعوة �سوف يقود‬ ‫الكفاح العربي يف ‪� 2007/1/6‬أن إ‬
‫�إىل حرب �أهلية فل�سطينية‪ ،‬و�أرجع خالل تلك املقابلة خالفه ال�سيا�سي‬
‫مع عبا�س �إىل �أنه يرف�ض “ال�رشوط إ‬
‫ال�رسائيلية للت�سوية‪ ،‬مثل وقف املقاومة‬
‫ومالحقة الن�شطاء‪ ،‬يف حني �أن �أبا مازن ميكن �أن يتعاطى مع هذه املبادئ‪،‬‬
‫بل �إنه يدعو �إليها”‪ .‬و�أ�ضاف �إن الرئي�س �أبا مازن “�أمريكي وغربي املزاج‬
‫والهوى‪ ،‬على الرغم من �أن الغرب ي�ستغله من دون تقدمي �أي �شيء لل�شعب‬
‫الفل�سطيني”‪ .‬كما قال �إنه “لي�س هناك خالفات بني فتح وحما�س‪ .‬اخلالف‬
‫هو بني املجموعة التي تعمل يف الرئا�سة وحما�س‪ .‬واملجموعة التي تعمل‬
‫يف الرئا�سة لها م�صاحلها اخلا�صة وبرناجمها ال�سيا�سي اخلا�ص”‪ ،‬و�أ�ضاف‬
‫�إن ت�رصفات بع�ض العنا�رص الفتحاوية “تخرج عن ال�سياق العام” للحركة‪،‬‬
‫ال بجهاز أ‬
‫المن الوقائي‪،229‬‬ ‫و�إنهم يحتاجون �إىل تربية وتدريب‪ .‬و�رضب مث ً‬
‫الو�سط‬‫وهو اجلهاز الذي قال القدومي يف ت�رصيح ن�رشته جريدة ال�رشق أ‬
‫يف ‪� 2007/6/22‬إنه “ َت َع َّو َد القيام ب أ�عمال ال نر�ضى عنها‪ ،‬خا�صة بعد تعيني‬
‫حممد دحالن م�ست�شاراً أ‬
‫للمن القومي”‪.230‬‬
‫وقد ر�أى القدومي يف حوار ن�رشته جملة أ‬
‫ال�سبوع امل�رصية يف‬
‫‪� 2007/6/23‬أن ممار�سات جهاز أ‬
‫المن الوقائي كان مر�ضي ًا عنها من‬

‫‪ 228‬احلياة‪.2006/12/17 ،‬‬
‫‪ 229‬جملة الكفاح العربي‪ ،‬لبنان‪.2007/1/6 ،‬‬
‫‪ 230‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/6/22 ،‬‬

‫‪92‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫جانب دحالن‪ ،‬وو�صف اجلهاز بكامله ب أ�نه “غري من�ضبط”‪ .‬كما تطرق‬
‫القدومي‪ ،‬يف ذلك احلوار‪ ،‬جمدداً �إىل خالفه مع حممود عبا�س وما �أ�سماه‬
‫“فتح ‪ -‬ال�سلطة”؛ حيث قال �إن الرئي�س عبا�س لي�ست له �أية �سلطات‬
‫خارج �إطار ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬املح�صورة يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬
‫الن “دولة بال رئي�س”‪ .‬وو�صف احل�سم الذي قامت‬ ‫ور�أى �أن فل�سطني آ‬
‫الجراءات التي اتخذتها الرئا�سة ر ّداً عليه ب أ�نها‬‫به حما�س يف غزة وجملة إ‬
‫ال�صيل يختلف‬ ‫“جملة من االنقالبات”‪ ،‬م ؤ�كداً �أن “التيار الفتحاوي أ‬
‫عن الطرفني”‪ .231‬ويف وقت الحق‪� ،‬أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوم ًا موجه ًا‬
‫لرئي�س وزرائه �سالم فيا�ض‪ ،‬يق�ضي بت�سمية ريا�ض املالكي وزيراً خلارجية‬
‫فل�سطني‪ ،‬بعد �أن كان قد �سمي‪ ،‬رئا�سي ًا �أي� ًضا‪ ،‬مكلف ًا بوزارة خارجية‬
‫ي�رص على االحتفاظ‬ ‫ال�سلطة‪ ،‬وهو أ‬
‫المر الذي عنى جتريد القدومي‪ ،‬الذي ّ‬
‫بلقب وزير خارجية فل�سطني‪ ،‬من مهامه اخلارجية‪.232‬‬
‫ومل يكن القدومي الوحيد يف حركة فتح الذي كان خمالف ًا للتوجه‬
‫الذي �سار به البع�ض داخل احلركة‪ ،‬فقد حذر هاين احل�سن ع�ضو اللجنة‬
‫وم�ساع �أمريكية لل�سيطرة‬
‫ٍ‬ ‫املركزية للحركة يف ‪ 2006/5/26‬من حماوالت‬
‫على احلركة‪ ،‬من خالل أ‬
‫الموال التي تدفع لبع�ض قادة احلركة يف ال�صفوف‬
‫القيادية أ‬
‫الوىل‪.233‬‬

‫‪ 231‬جريدة أ‬
‫ال�سبوع‪ ،‬القاهرة‪.2007/6/23 ،‬‬
‫‪ 232‬القد�س العربي‪.2007/10/12 ،‬‬
‫‪ 233‬القد�س العربي‪.2006/5/27 ،‬‬

‫‪93‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ويف اخلارج‪� ،‬صدرت مذكرة داخلية با�سم �أع�ضاء وكوادر حركة فتح‬
‫الردنية يف �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪،2006‬‬ ‫ومنظمة التحرير على ال�ساحة أ‬
‫ت�ضمنت هجوم ًا عنيف ًا على �أع�ضاء اللجنة املركزية حلركة فتح احتجاج ًا على‬
‫ّ‬
‫متر بها احلركة‪ .‬كما اتهمت املذكرة البع�ض ممن و�صفتهم‬ ‫الو�ضاع التي ّ‬‫أ‬

‫ب أ�نهم “�أ�صحاب فرق املوت واخلطف والتهديد” ب أ�ن ال َّ‬


‫هم لهم �إال وراثة‬
‫احلركة والق�ضاء عليها‪ ،‬م�شرية يف الوقت نف�سه �إىل �أن احل�صار امل�رضوب‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني لي�س �أمريكي ًا وال �إ�رسائيلي ًا وال عربي ًا فح�سب‪،‬‬
‫بقدر ما هو فل�سطيني ومن حركة فتح حتديداً ‪ .‬كما �صدر يف ّ‬
‫عمان‬ ‫‪234‬‬

‫بيان با�سم �أع�ضاء وكوادر و�ضباط حركة فتح يف اخلارج يف ‪،2007/1/14‬‬


‫ك�شف عن تدخل متنفذين يف احلركة ملنع حتقيق داخلي عن �أ�سباب مقتل‬
‫الرئي�س الراحل يا�رس عرفات‪ .‬وتطرق البيان �أكرث من مرة للقيادي حممد‬
‫دحالن واملجموعة املقربة منه دون ذكر أ‬
‫ال�سماء‪ ،‬موجه ًا حتذيراً �شديد‬
‫اللهجة بالك�شف عن الوثائق والوقائع يف حال ا�ستمرار العمل على حرب‬
‫�أهلية داخل فل�سطني‪.235‬‬
‫�أما يف الداخل‪ ،‬فقد كانت اخلطوة التي قام بها �أحمد حل�س‪،‬‬
‫ع�ضو املجل�س الثوري حلركة فتح‪ ،‬من خالل عقد م ؤ�متر “ر�سالتنا” يف‬
‫‪ 2007/4/10‬يف قطاع غزة‪� ،‬إحدى �أبرز عالمات وجود انق�سام داخل‬
‫احلركة‪ ،‬ووجود رف�ض للقرارات احلركية التي كان ي�صدرها الرئي�س عبا�س‪،‬‬
‫ولبع�ض ال�سيا�سات التي كان ينتهجها املقربون منه؛ حيث وجه امل�شاركون‬

‫‪ 234‬جريدة احلقائق‪ ،‬لندن‪.2006/8/26 ،‬‬


‫‪ 235‬القد�س العربي‪.2007/1/16 ،‬‬

‫‪94‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫يف امل ؤ�متر الذي ّ‬


‫�ضم كوادر حركية وع�سكرية انتقادات الذعة لقادة يف‬
‫احلركة‪ ،‬ور�أوا �أنهم “ا�ستولوا على احلركة من �أجل م�صاحلهم اخلا�صة”‪،‬‬
‫وتعهدوا بت�صحيح م�سار احلركة‪ .‬وقد �أو�ضح حل�س يف تلك الفرتة �أن‬
‫امل ؤ�متر هدف �إىل مواجهة القرارات غري ال�رشعية التي �صدرت با�سم الرئي�س‬
‫عبا�س‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل قرار عبا�س بت�شكيل ما ُعرف بلجان ال�ساحة ك أ�طر‬
‫تنظيمية بديلة‪ ،‬واتهمه ب أ�نه “يحاول فر�ض من ال ميلكون الكفاءة على‬
‫امل ؤ��س�سة أ‬
‫المنية ومينحهم ال�صالحيات التي تخرب العمل التنظيمي اجلا ّد‬
‫ت�صب يف �صالح‬
‫ّ‬ ‫الجراءات واملحاذير التي‬
‫وتعيقه‪ ،‬وتكبله مبجموعة من إ‬
‫�شخ�صيات حمددة”‪.236‬‬
‫و�إ�ضافة �إىل االنق�سام ال�سيا�سي‪ ،‬فقد ظهرت بوادر انق�سام يف اجلهاز‬
‫الق�صى يف ‪2006/5/24‬‬ ‫الع�سكري للحركة‪ ،‬حيث خرج املئات من كتائب أ‬
‫يف م�سرية لدعم احلكومة الفل�سطينية‪� ،‬أعلنوا خاللها ان�ضمامهم للقوة‬
‫التنفيذية‪ .‬وقاد امل�سرية الناطق با�سم وزارة الداخلية خالد �أبو هالل‪،‬‬
‫الذي كانت اللجنة املركزية حلركة فتح قد ف�صلته من احلركة قبل امل�سرية‬
‫الق�صى‬ ‫بعدة �أ�سابيع‪ .237‬كما عقد عدد من القادة الع�سكريني يف كتائب أ‬
‫م ؤ�متراً �صحفي ًا بعد م ؤ�متر “ر�سالتنا” ب أ�يام‪� ،‬أيدوا فيه ما و�صفوه “احلركة‬
‫الت�صحيحية” التي يقودها حل�س‪ .‬وقال القيادي يف الكتائب خالد اجلعربي‬
‫خالل امل ؤ�متر �إن حركة “فتح خمتطفة من قبل قياديني يف احلركة حتت �ضغط‬
‫�أمريكي و�إ�رسائيلي”‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل حممد دحالن‪ .‬و�أ�ضاف �أن “هناك بع�ض‬

‫‪ 236‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪2007/4/11 ،‬؛ واحلياة‪.2007/4/13 ،‬‬
‫‪ 237‬القد�س العربي‪.2006/5/25 ،‬‬

‫‪95‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�شخ�صيات يف فتح تتلقى دعم ًا �أمريكي ًا و�إ�رسائيلي ًا ونحن ّ‬


‫�ضده”‪ ،‬يف‬
‫المريكي منحها للرئي�س حممود‬ ‫الموال التي قرر الكوجنر�س أ‬ ‫�إ�شارة �إىل أ‬
‫عبا�س يف تلك الفرتة‪.238‬‬
‫يف مرحلة الحقة‪ ،‬وعقب احل�سم الع�سكري الذي �أقدمت عليه حما�س‬
‫يف غزة‪ ،‬ازداد و�ضوح االنق�سام يف حركة فتح‪ .‬وكانت �أبرز معامل ذلك‬
‫االنق�سام الت�رصيحات التي �أدىل بها هاين احل�سن يف ‪ 2007/6/27‬عرب قناة‬
‫اجلزيرة‪ ،‬وهي ت�رصيحات ت�صدر ألول مرة عن قيادي يف فتح‪ ،‬اعرتف فيها‬
‫بوجود خمطط �أمريكي �أعده اجلرنال دايتون بالتن�سيق مع جهات يف حركة‬
‫فتح‪ ،‬إل�شعال االقتتال الداخلي و�إ�سقاط جتربة حما�س‪ .‬و�أكد احل�سن وجود‬
‫�ضد التيار‬
‫تيارين داخل حركة فتح‪ ،‬وقال �إن حما�س يف البداية حتركت ّ‬
‫الفا�سد الذي ارت�ضى العمل حتت راية دايتون‪ ،‬يف حني �أن “فتح ب أ�غلبيتها‬
‫ال�ساحقة مل تكن تهتم‪ .239”...‬وقد ت�سببت ت�رصيحات احل�سن بعا�صفة‬
‫الحمد و�سمري‬‫�ضده عدد من قيادات فتح‪ ،‬من بينهم عزام أ‬
‫�سيا�سية �أثارها ّ‬
‫امل�شهراوي وح�سني ال�شيخ‪� .‬إال �أن البع�ض �أيد تلك الت�رصيحات‪ ،‬فقد قال‬
‫حامت عبد القادر ع�ضو قيادة جلنة ال�ساحة يف ال�ضفة الغربية �إن “ما قاله أ‬
‫الخ‬
‫هاين احل�سن يف مقابلته مع حمطة اجلزيرة يتفق مع �آراء الكثري من عنا�رص‬
‫وكوادر فتح”‪� ،‬إال �أنه انتقد التوقيت الذي اختاره احل�سن يف ت�رصيحاته‪،‬‬
‫ور�أى �أن مكان تلك املالحظات هو يف أ‬
‫الطر الداخلية للحركة ال يف‬

‫‪ 238‬احلياة‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪ 239‬قناة اجلزيرة الف�ضائية‪ ،‬برنامج بال حدود‪ ،2007/6/27 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/28EDE91A-A4CD-‬‬
‫‪4C59-AD49-0014C7A5675D.htm‬‬

‫‪96‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫العالم‪ .‬كما قال عدد من كوادر فتح يف اجتماع عقدوه يف رام‬


‫و�سائل إ‬
‫اهلل يف ‪� 2007/6/30‬إن ما طرحه احل�سن “يحاكي يف الت�شخي�ص والتحليل‬
‫واال�ستقراء‪ ،‬ما يدور يف �أو�ساط القواعد احلركية والقيادية يف كافة‬
‫امل�ستويات”‪.240‬‬
‫عده املكتب الع�سكري حلركة فتح يف‬ ‫وي أ�تي هذا �إىل جانب تقرير �أ ّ‬
‫للجهزة أ‬
‫المنية يف‬ ‫غزة يف ‪ ،2007/6/20‬حول �أ�سباب االنهيار ال�رسيع أ‬
‫أ‬
‫الحداث التي �أدت �إىل �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ .‬وقد حتدث التقرير‬
‫س�وليات داخل تلك أ‬
‫الجهزة‪ ،‬و�أ�شار �إىل حالة‬ ‫عن غياب القيادة وامل� ؤ‬
‫الجهزة‬‫الهمال والرتهل التي تعي�شها‪ .‬كما �أظهر وجود انق�سام داخل أ‬
‫إ‬
‫المنية‪ ،‬حيث لفت االنتباه �إىل وجود “قناعة لدى عدد كبري من منت�سبي‬‫أ‬
‫قطاع أ‬
‫المن �أنـهم ال يدافـعون عن امل�شـروع الوطني‪ ،‬ولكنهم يدافعون‬
‫عن م�رشوع تيار واحد متنفذ يف ال�سلطة وحركة فتح”‪ .241‬وهي النقطة‬
‫ركز عليها تقرير اللجنة الرئا�سية املكلفة بالتحقيق يف �أحداث‬
‫نف�سها التي ّ‬
‫قدمت تقريرها يف �أوائل �شهر‬ ‫غزة برئا�سة الطيب عبد الرحيم‪ ،‬والتي ّ‬
‫كانون الثاين‪ /‬يناير ‪2008‬؛ حيث �أ�شار التقرير يف منا�سبات متكررة �إىل �أن‬
‫هناك من مل يتعامل مع حتركات حما�س على �أنها ت�ستهدف حركة فتح‪،‬‬
‫و�إمنا باعتبارها ت�ستهدف تياراً حمدداً فيها‪“ ،‬وك أ�ن املواجهة هي بني حما�س‬
‫و�أحد مراكز القوى التي تت أ�لب �ضدها املراكز أ‬
‫الخرى باحلركة �أو تت�شفى‬

‫‪ 240‬القد�س العربي‪2007/6/29 ،‬؛ واالحتاد‪.2007/7/1 ،‬‬


‫‪ 241‬املكتب احلركي الع�سكري حلركة التحرير الوطني الفل�سطيني (فتح)‪ ،‬قطاع غزة‪ ،‬درا�سة‬
‫الحداث امل�سلحة أ‬
‫الخرية‪ ،‬غزة‪،‬‬ ‫للجهزة وال�سلطة والوطنية يف أ‬‫أل�سباب االنهيار ال�رسيع أ‬
‫‪.2007/6/20‬‬

‫‪97‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫بها‪ ،‬لتبدو ك أ�نها م�ستفيدة من نتائج املواجهات”‪ .‬ولفت التقرير �إىل �أن‬
‫حما�س جنحت “بتحييد ق�سم كبري من احلركة (حتى يف �أطرها القيادية)‪،‬‬
‫هذا الق�سم الذي مل يكن يرى �أن هذه املعركة هي معركة فتح”‪ .242‬وقد‬
‫حمل التقرير ه ؤ�الء م� ؤ‬
‫س�ولية ما و�صفه بـ“التق�صري”‪� ،‬إىل جانب حتميله‬ ‫ّ‬
‫الحداث‪.‬‬ ‫س�ولية �أ�سا�سية يف تلك أ‬
‫ملحمد دحالن م� ؤ‬

‫�إ�ضافة �إىل ما �سبق‪ ،‬فقد ن�ش أ�ت �أزمة بني الهيئة القيادية العليا حلركة‬
‫فتح يف غزة‪ ،‬والتي عينها عبا�س إلدارة � ؤ‬
‫ش�ون احلركة يف القطاع عقب‬
‫�سيطرة حما�س عليه‪ ،‬وبني حكومة رام اهلل؛ �إثر توقف رواتب نحو ع�رشة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية يف غزة‪ .‬حيث قدم �أع�ضاء‬ ‫�آالف من �أبناء فتح العاملني يف أ‬
‫الغا ا�ستقاالتهم للرئي�س عبا�س‪ ،‬وفق ما �أكده‬
‫الهيئة الع�رشة برئا�سة زكريا آ‬
‫�أحمد ح ّل�س القيادي يف احلركة‪ ،‬مو�ضح ًا �أن الهدف من اال�ستقالة هو‬
‫االحتجاج على “عدم امل� ؤ‬
‫س�ولية التي يتعاطى بها بع�ض قيادات فتح يف‬
‫رام اهلل”‪.243‬‬
‫كما ظهرت يف وقت الحق خالفات �أ�شد حدة على خلفية التح�ضريات‬
‫لعقد امل ؤ�متر ال�ساد�س حلركة فتح‪ ،‬كانت �أحداث غزة حا�رضة فيها‪ ،‬كان‬
‫من بينها �شجار ن�شب بني ن�رص يو�سف‪ ،‬ع�ضو اللجنة املركزية للحركة‪،‬‬
‫وحممد دحالن‪ ،‬ع�ضو جمل�سها الثوري‪ ،‬خالل انعقاد الدورة الرابعة‬
‫والثالثني للمجل�س الثوري يف رام اهلل‪ ،‬خالل الفرتة ‪،2008/1/13-10‬‬

‫‪ 242‬تقرير اللجنة املكلفة من ال�سيد الرئي�س حممود عبا�س يف التحقيق بالتق�صري يف الت�صدي‬
‫النقالب امليلي�شيات اخلارجة عن القانون يف غزة‪� ،‬ص ‪.20-19‬‬
‫‪ 243‬رويرتز‪2007/9/20 ،‬؛ واحلياة‪.2007/9/25 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫س�ولية عن‬ ‫ال �إياه امل� ؤ‬


‫حيث بادر يو�سف �إىل توجيه نقد عنيف لدحالن‪ ،‬حمم ً‬
‫“الكارثة” التي حلت بحركة فتح يف غزة‪ ،‬وتبادل الرجالن كالم ًا قا�سي ًا‬
‫على �أثره‪.244‬‬
‫البرز كان توجيه �أبو علي �شاهني‪ ،‬ع�ضو املجل�س‬ ‫�إال �أن اخلالف أ‬
‫الثوري للحركة‪ ،‬نقداً �شديداً �إىل الرئي�س عبا�س حول ق�ضية معاجلته‬
‫ملا و�صفه بـ“االنقالب احلم�ساوي”‪ ،‬وو�صفه �إياه ب أ�نه “قائد فا�شل”‪،‬‬
‫واتهامه ب أ�نه ال يتخذ القرار املنا�سب يف اللحظة التاريخية املنا�سبة‪ .‬وقد جاء‬
‫الرد على هذه االتهامات يف بيان �أ�صدره حكم بلعاوي‪� ،‬أمني �رس اللجنة‬
‫املركزية حلركة فتح يف الداخل‪ ،‬با�سم الرئي�س عبا�س واللجنة املركزية‪،‬‬
‫و�صف �شاهني ب أ�نه “�صاحب خيال مري�ض”‪ .‬واتهم البيان ب�صورة وا�ضحة‬
‫قيادة حركة فتح يف غزة يف �أثناء �أحداث االقتتال التي �شهدها القطاع ب أ�نها‬
‫“�أو�صلت احلركة �إىل اخلذالن‪� ،‬سواء بامليدان �أو بالتنظري والغرور واالدعاء‬
‫والهرب”‪.245‬‬
‫كما برز ترا�شق �إعالمي �آخر بني حممد دحالن وحكم بلعاوي‪ ،‬على‬
‫خلفية �أنباء ن�رشتها جريدة املحرر العربي أ‬
‫ال�سبوعية‪ ،‬قالت فيها �إن دحالن‬
‫�رصح يف جل�ساته املغلقة با�ستعداده إلحداث ان�شقاق داخل احلركة‪ ،‬وذلك‬
‫ّ‬
‫من خالل التهديد بت�شكيل حركته اخلا�صة �إذا مل ت�ضع اللجنة ال�رشوط التي‬
‫القوى يف حركة فتح‪.246‬‬ ‫متكنه من البقاء على الكر�سي ب�صفته الرجل أ‬

‫‪� 244‬شاكر اجلوهري‪� ،‬شجار حاد بني يو�سف ودحالن تخلل اجتمعات املجل�س الثوري لفتح‪،‬‬
‫احلقائق‪.2008/1/18 ،‬‬
‫‪ 245‬القد�س العربي‪.2008/2/4 ،‬‬
‫‪ 246‬فرا�س بر�س‪ ،2008/2/13 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://fpnp.net/arabic/?action=detail&id=47866‬‬

‫‪99‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫و�أ�صدر بلعاوي بيان ًا با�سم اللجنة املركزية �ضد دحالن‪ ،‬وجه له ذات‬
‫االتهام‪ ،‬وقال �إنه مل ولن يح�صد �إال أ‬
‫الوهام والتق�صري‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل النتائج‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية يف �أحداث‬ ‫التي تو�صلت �إليها جلنة التحقيق يف �إخفاقات أ‬
‫منت�صف حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬يف غزة‪ ،‬التي حملت دحالن عبئ ًا كبرياً‬
‫س�ولية‪� .‬إال �أن أ‬
‫الخري �أكد �أن الت�رصيحات املن�سوبة �إليه “هي عبارة‬ ‫من امل� ؤ‬
‫عن م�رسحية وهمية م�صطنعة”‪ ،‬متهم ًا بلعاوي بزرع جوا�سي�س يف مكتب‬
‫حممود عبا�س يف تون�س يف فرتة �سابقة‪.247‬‬
‫ويف �سياق التغيريات التي ت�شهدها حركة فتح‪ ،‬ك�شف تقرير ن�رشته‬
‫معدل‬
‫الخبارية يف ‪ 2008/2/7‬عن م�رشوع برنامج �سيا�سي ّ‬
‫وكالة عمون إ‬
‫للحركة‪ ،‬عكفت اللجنة التح�ضريية للم ؤ�متر العام ال�ساد�س للحركة على‬
‫�إعداده لرفعه للم ؤ�متر يف حال انعقاده‪ .‬ويحتكم الربنامج املقرتح‪ ،‬الذي مل‬
‫تت أ�كد �صحته حتى آ‬
‫الن‪�“ ،‬إىل القانون الدويل وال�رشعية الدولية ويتم�سك‬
‫بهما”‪ ،‬وي�سعى إلعادة تقدمي احلركة للر�أي العام يف �ضوء هذا الربنامج‪،‬‬
‫الذي يقرر �أي� ًضا �إنهاء الوجود الع�سكري للحركة و�أع�ضائها‪ ،‬من خالل‬
‫الق�صى ونزع �أ�سلحتها و�إحلاق عنا�رصها أ‬
‫بالجهزة‬ ‫تفكيك كتائب �شهداء أ‬
‫المنية‪ .‬كما يعرتف الربنامج ألول مرة‪ ،‬و�إن �ضمن ًا‪ ،‬بوجود دولة‬‫أ‬
‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬ويعترب القرار ‪ 242‬جزءاً من برنامج ال�سالم الفل�سطيني‪.248‬‬
‫وجاء هذا التقرير عقب �أنباء حتدثت عن مطالب تقدم بها �أع�ضاء يف‬
‫الكونغر�س أ‬
‫المريكي‪� ،‬إ�ضافة �إىل “�إ�رسائيل”‪ ،‬بتعديل الربنامج ال�سيا�سي‬

‫‪ 247‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2008/2/16 ،‬‬
‫الخبارية‪.2008/2/7 ،‬‬
‫‪ 248‬وكالة عمون إ‬

‫‪100‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫حلركة فتح‪ ،‬على نحو يغيرّ موقفها من الكفاح امل�سلح‪ ،‬ويقر �رصاحة‬
‫باالعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪.249‬‬

‫خال�صة‪:‬‬
‫المني الذي انتهجته عنا�رص رئي�سية يف‬ ‫من خالل قراءة ال�سلوك أ‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية املوالية لها‪ ،‬و�سلوك قياداتها الفاعلة يف الفرتة‬ ‫حركة فتح أ‬
‫التي تلت فوز حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪ ،‬وت�شكيلها‬
‫الر�ض‪ ،‬ميكن‬‫احلكومة‪ ،‬والنظر يف مواقفها وت�رصيحاتها وت�رصفاتها على أ‬
‫الو�ضاع أ‬
‫المنية يف‬ ‫القول �إنه كان لذلك ال�سلوك دور �أ�سا�سي يف توتري أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬ويف دفع أ‬
‫المور �إىل ما �آلت �إليه من تدهور خطري‬ ‫أ‬
‫يف قطاع غزة‪ ،‬كما كان له الدور أ‬
‫الكرب يف انتقال التوتر �إىل ال�ضفة الغربية‬
‫ب�صورة متكررة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من االحرتام الذي �أبداه الرئي�س حممود عبا�س لنتائج‬
‫االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬والتزامه بتكليف حما�س بت�شكيل احلكومة‬
‫ت�صب‬
‫ّ‬ ‫الفل�سطينية العا�رشة‪� ،‬إال �أن مظاهر ال�سلوك امليداين كانت يف غالبها‬
‫يف �إطار خمالف‪� ،‬أظهر تفاج ؤ� حركة فتح بنتائج االنتخابات‪ ،‬و�أوحى‬
‫بوجود نوع من الرف�ض لدى تيار متنفذ يف ال�سلطة لالعرتاف بخ�سارة‬
‫حركة فتح للموقع الذي كانت متتلكه يف ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية منذ‬
‫ت أ��سي�سها‪ ،‬و�سعيه الد ؤ�وب إل�سقاط حكومة حما�س و�إف�شالها‪ .‬وقد ظهر‬
‫هذا أ‬
‫المر يف �أعمال التوتري التي �شارك فيها عنا�رص حم�سوبون على حركة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية يف‬ ‫فتح يف تلك الفرتة وما تالها‪ ،‬و�إىل جانبهم عنا�رص من أ‬

‫‪ 249‬امل�صدر نف�سه؛ وال�رشق‪.2008/1/11 ،‬‬

‫‪101‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المر الذي ّ‬
‫�شكل مفارقة غريبة‪ ،‬حيث يفرت�ض بعنا�رص‬ ‫الحيان‪ ،‬وهو أ‬
‫بع�ض أ‬
‫أ‬
‫المن �أن تكون عامل �ضبط ال عامل توتري يف املجتمع‪.‬‬
‫وي�ضاف �إىل ذلك �إ�رصار التيار املتنفذ يف ال�سلطة على التم�سك‬
‫بال�سيطرة على عدد من ال�صالحيات أ‬
‫ال�سا�سية من خالل م ؤ��س�سة الرئا�سة‪،‬‬
‫التي قامت بنزع عددٍ من �صالحيات احلكومة‪ ،‬وبالذات ال�صالحيات‬
‫أ‬
‫المنية؛ ملا لها من ثقل �أ�سا�سي يف الت أ�ثري يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬وملا ت�شكله‬
‫المنية من م�صدر نفوذ‪ ،‬و�إطار توظيفي لعدد كبري من عنا�رص‬ ‫الجهزة أ‬‫أ‬
‫حركة فتح ي�شكل م�صدر دخل �أ�سا�سي بالن�سبة لهم‪� ،‬إ�ضافة �إىل ح�سابات‬
‫مرتبطة بالعالقة مع �أطراف خارجية‪ ،‬وب�صورة خا�صة الواليات املتحدة‬
‫و“�إ�رسائيل”‪ ،‬وبالتزامات �أو�سلو وخريطة الطريق‪.‬‬
‫هذه العوامل منعت حكومة حما�س من ت�سلم زمام أ‬
‫المور فعلي ًا‪،‬‬
‫المني الذي تعهدت ب�ضبطه؛ فيما‬ ‫ّ‬
‫و�شكلت عليها عبئ ًا �إ�ضافي ًا يف امللف أ‬
‫بدا �أنه �سعي إلظهار عجزها على التعامل مع هذا امللف‪ ،‬وا�ستخدام هذا‬
‫المر كدليل على قلة خربة حركة حما�س ال�سيا�سية وعدم كفاءتها يف‬ ‫أ‬
‫احلكم‪ ،‬وا�ستغالله داخلي ًا يف �إ�ضعاف �شعبيتها‪ ،‬يف مقابل تعزيز ر�صيد‬
‫المن‪.‬‬‫القدر على �ضبط أ‬ ‫حركة فتح بو�صفها أ‬

‫�إىل جانب ذلك‪ ،‬فقد جل أ� البع�ض داخل حركة فتح �إىل اعتماد‬
‫�أ�سلوب التجريح ال�شخ�صي �ضد عدد من قيادات حركة حما�س‪ ،‬وعلى‬
‫ر�أ�سهم خالد م�شعل ب�صورة خا�صة‪ ،‬م�ستخدم ًا لغة غريبة عن اخلطاب‬
‫الوطني الفل�سطيني‪ ،‬بدا الهدف منها “حرق” تلك ال�شخ�صيات �إعالمي ًا‬
‫و�سيا�سي ًا‪.‬‬
‫غذت �أعمال التوتري‬
‫ال�شارة �إىل �أن من بني العوامل التي ّ‬
‫وجتدر إ‬
‫املذكورة‪ ،‬حالة التفكك والرتهل يف حركة فتح‪ ،‬واملوجودة منذ عهد الرئي�س‬

‫‪102‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة فتح‬

‫الراحل يا�رس عرفات‪ ،‬والذي برز ب�صورة �أكرب بعد وفاته‪ ،‬غري �أنه من املهم‬
‫ال�شارة �إىل وجود تيار داخل حركة فتح‪ ،‬ر�أى �أن تورطها يف االقتتال‬ ‫إ‬
‫الداخلي جاء بدعم وحتري�ض خارجي‪ ،‬وخدمة مل�صالح �أخرى غري م�صلحة‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪ .‬وقد مت ّثل هذا التيار ب�صورة رئي�سية يف قيادات احلركة‬
‫التاريخية‪ ،‬وعبرّ ه ؤ�الء يف منا�سبات عدة عن رف�ضهم ملمار�سات التيار‬
‫الو�ضاع يف ال�ساحة‬‫املتنفذ يف فتح‪ ،‬حماولني احتواء اخلالفات وتهدئة أ‬
‫س�و ًال على م�ستقبل الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬مبدين حر�ص ًا م� ؤ‬
‫حد من قدرتهم‬ ‫�إال �أن غياب عنا�رص الت أ�ثري من يد �أ�صحاب هذا التوجه‪ّ ،‬‬
‫على �إحداث تغيري على �أر�ض الواقع‪ .‬كما �أنه وعلى الرغم من تبني ه ؤ�الء‬
‫مواقف تدعم تف�سري حركة حما�س ألحداث االقتتال الداخلي واحل�سم‬
‫الع�سكري الذي قامت به يف غزة‪ ،‬ف إ�ن رف�ض هذا احل�سم ّ‬
‫�شكل نقطة اتفاق‬
‫وتالق بني التيارين الرئي�سيني داخل فتح‪ ،‬وبدا �أن تيار التهدئة ر�أى فيه‬
‫ٍ‬
‫�رضب ًة لدعوات ا�ستمرار احلوار التي كان ينادي بها‪ ،‬واجنراراً من حركة‬
‫الفخ الذي كان من�صوب ًا لها‪.‬‬
‫حما�س �إىل ّ‬

‫‪103‬‬
‫الف�صل الثاين‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني‬

‫حلركة حما�س‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫الف�صل الثاين‪ :‬ال�سلوك أ‬


‫المني حلركة حما�س‬
‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬حما�س واالنتخابات الت�شريعية‪:‬‬
‫عك�ست حركة حما�س ر ؤ�يتها أ‬
‫المنية من خالل برناجمها االنتخابي‪،‬‬
‫فقد ر�أت حما�س يف برناجمها االنتخابي �رضورة حماية برنامج املقاومة‪،‬‬
‫المني‪ ،‬و�إنهاء فو�ضى ال�سالح‪ ،‬وحفظ حقوق النا�س‬ ‫وحماربة الفلتان أ‬
‫ودمائهم و�أعرا�ضهم‪ ،‬وحفظ �أمن املواطنني الفل�سطينيني ولي�س �أمن‬
‫ال�رسائيلي جرمية‬ ‫ال�رسائيليني‪ .‬كما ر�أت �أن التن�سيق أ‬
‫المني مع االحتالل إ‬ ‫إ‬
‫وطنية ودينية كربى‪ ،‬يجب �أن يعاقب عليها ‪ ،‬ور�أت حما�س يف جناحها‬
‫‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�إعادة ترتيبها‪ .‬فقد ذكر عاطف عدوان‬ ‫فر�صة؛ لتنظيم أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬وحدد عدوان وظيفة‬ ‫�أنه من ال�رضوري حتديد اخت�صا�ص أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية م�شتقة من ا�سمها‪ ،‬حلفظ‬ ‫الجهزة بقوله‪“ :‬وظيفة أ‬ ‫هذه أ‬
‫�أمن املواطن الفل�سطيني‪ ،‬لكننا يف املا�ضي أ‬
‫ولل�سف ال�شديد وجدنا �أن هذه‬
‫الجهزة عملت على حفظ �أمن عدو ال�شعب املتمثل يف االحتالل‪ ،‬أ‬
‫المر‬ ‫أ‬
‫للجهزة أ‬
‫المنية”‪.‬‬ ‫ال�رصار على الوظيفة الوطنية أ‬
‫الذي ي�ستدعي إ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫�سعت حركة حما�س منذ جناحها �إىل طم أ�نة قيادة أ‬
‫وعنا�رصها‪ ،‬و�صدرت هذه التطمينات من ر�أ�س الهرم ال�سيا�سي يف حركة‬
‫حما�س‪ ،‬فقد ذكر خالد م�شعل رئي�س املكتب ال�سيا�سي للحركة‪ ،‬يف مقابلة‬
‫له حول �إذا ما كانت حما�س تنوي ا�ستبدال كوادر فتح ب�آخرين ينتمون‬

‫للعالم‪.2006/1/5 ،‬‬
‫ املركز الفل�سطيني إ‬
‫ ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/1/29 ،‬‬

‫‪107‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫حلما�س‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫الق�صاء‪ ،‬مل ن أ� ِت لنق�صي �أحداً‪ .‬ب إ�مكان‬
‫حما�س ال حتمل لواء إ‬
‫الغلبية هي التي‬ ‫حما�س �أن ت�ستوعب اجلميع‪� ،‬صحيح �أن أ‬
‫الن من ّثل اجلميع ولي�س من انتخبنا فقط‪،‬‬ ‫انتخبتنا‪ ،‬لكننا آ‬
‫س�ولون عن كل فل�سطيني‪� ،‬أكان ممن ي ؤ�يدنا �أو ممن‬ ‫نحن م� ؤ‬
‫يخالفنا‪ ،‬لن نعاقب �أحداً‪ ،‬لن نظلم �أحداً‪ ،‬لن نف�صل �أحداً‬
‫من وظيفته‪ ،‬لكننا �سنطلب من اجلميع‪� ،‬أن ي�ستقيم على‬
‫ال�صالح واالنحياز مل�صالح ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬ ‫قاعدة إ‬
‫المنية �ستتبع‬‫الجهزة أ‬‫ويف ال�سياق نف�سه �أكد �إ�سماعيل هنية على �أن أ‬
‫وزارة الداخلية‪ ،‬ورف�ض فكرة نقل �صالحيات هذه أ‬
‫الجهزة �إىل الرئا�سة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫الفل�سطينية‪ ،‬كما �أبدى هنية اهتمام حركة حما�س بعمل أ‬
‫وقال‪“ :‬نحن معنيون ب أ�ن تعمل �أجهزة أ‬
‫المن من وجهة النظر الفل�سطينية‪،‬‬
‫ش�ون النا�س وحياتهم املدنية اليومية‪ ،‬وننوي �إجراء‬ ‫و�أال تتدخل يف � ؤ‬
‫الجهزة‪ ،‬لكن �أحداً لن يفقد مرتبه ووظيفته”‪ ،‬كما �أكد هنية‬‫�إ�صالح لهذه أ‬
‫�سيتم معاجلة �أمره بالتفاهم‪ .‬غري �أن‬
‫ّ‬ ‫على �أن من ي�رض يف هذه أ‬
‫الجهزة‬
‫المنية مل تكن م�ستعدة‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬ألن تُدار من ِق َبل حما�س؛‬
‫الجهزة أ‬
‫أ‬
‫فقد قامت رئا�سة ال�سلطة قبيل ت�شكيل احلكومة العا�رشة مبجموعة �إجراءات‬
‫وتعيينات �أ�شري �إليها يف الف�صل أ‬
‫الول ومتثلت مبا يلي‪:‬‬
‫‪� .1‬إحلاق �إدارة املعابر (احلدود) مب ؤ��س�سة الرئا�سة‪.‬‬
‫المن الوقائي يف قطاع غزة‪ ،‬ومديراً‬ ‫‪ .2‬تعيني ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬مدير أ‬
‫للمن الداخلي‪ ،‬وم�رشف ًا على أ‬
‫المن الوقائي والدفاع املدين‬ ‫أ‬

‫ جملة امل�شاهد ال�سيا�سي‪.2006/2/5 ،‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/2/2 ،‬‬ ‫‬

‫‪108‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫وال�رشطة‪ ،‬وهي أ‬
‫الجهزة التي تتبع لوزير الداخلية‪.‬‬
‫المن الوطني‪ .‬وبذلك ت�صبح‬ ‫‪ .3‬تعيني �سليمان حل�س مديراً جلهاز أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية حتت �سلطة الرئا�سة‪.‬‬ ‫أ‬
‫الجراءات خمالفة للقانون أ‬
‫ال�سا�سي‪ ،‬ترمي “�إىل‬ ‫ر�أت حما�س يف هذه إ‬
‫حتويل احلكومة �إىل حكومة خدمات غارقة يف الرتكة الثقيلة التي خلفتها‬
‫احلكومات ال�سابقة”‪ ،‬كما اعتربتها حما�س خطوة ا�ستباقية لتفريغ احلكومة‬
‫القادمة من حمتواها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬حما�س و احلكومة الفل�سطينية العا�شرة‪:‬‬

‫الجراءات التي اتخذها الرئي�س عبا�س على تقييد احلكومة‬


‫عملت هذه إ‬
‫المنية ل�ضبط الفو�ضى‪،‬‬‫الجهزة أ‬ ‫الفل�سطينية الطاحمة �إىل �إعادة ترتيب أ‬
‫وكانت حما�س قد �أو�ضحت منذ فوزها ب أ�نها �ستعمل من خالل املجل�س‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬حيث‬ ‫الت�رشيعي على و�ضع بنية قانونية لتنظيم عمل أ‬
‫�أو�ضح القيادي يف حما�س عدنان ع�صفور ب أ�ن حما�س �ستطلب من املجل�س‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية بثالثة �أجهزة فقط‪.‬‬ ‫الت�رشيعي اختزال أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫يبدو �أن حما�س �أرادت من خالل تطميناتها لقيادات أ‬
‫الجهزة‪،‬‬‫وعنا�رصها‪� ،‬أن تبني ج�رساً للتعاون بني احلكومة اجلديدة وهذه أ‬
‫�إال �أن هذا أ‬
‫المر كان يتطلب قراراً �سيا�سي ًا من حركة فتح التي ت�سيطر على‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬وهو ما كان م�ستبعداً يف ّ‬
‫ظل �سيطرة تيار متنفذ من فتح على‬ ‫أ‬

‫ الد�ستور‪.2006/2/5 ،‬‬
‫ ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/1/29 ،‬‬
‫ الغد‪.2006/6/31 ،‬‬

‫‪109‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫الجهزة‪ ،‬ي�سعى إلف�شال جتربة حما�س‪ .‬فقد �أ�رصت أ‬
‫هذه أ‬
‫على عدم التعاون مع حما�س يف �ضبط الفو�ضى يف ال�شارع الفل�سطيني‪.‬‬
‫عملت احلكومة اجلديدة‪ ،‬التي �شكلتها حركة حما�س‪ ،‬على مواجهة‬
‫اليام أ‬
‫الوىل لعملها؛ فقد واجهت احلكومة العا�رشة‬ ‫المني منذ أ‬
‫الفلتان أ‬
‫ومن خلفها حما�س‪ ،‬حتدي ًا كبرياً يف عملية �ضبط أ‬
‫المن يف بيئة ينت�رش فيها‬
‫الجندات الداخلية واخلارجية‪،‬‬ ‫ال�سالح وتتعدد فيها الوالءات وتكرث فيها أ‬
‫وقد متثل �أول حتدياتها يف فر�ض النظام العام بعد اال�شتباكات التي وقعت‬
‫بني فتح وجلان املقاومة ال�شعبية‪ ،‬على خلفية اغتيال عبد الكرمي القوقا‪� ،‬أحد‬
‫قادة جلان املقاومة ال�شعبية يف ‪ ،2006/3/31‬فقد اتهمت جلان املقاومة بع�ض‬
‫قيادات فتح بالتورط يف عملية االغتيال‪ ،‬ووقعت اال�شتباكات بينهم؛ فقام‬
‫وزير الداخلية �سعيد �صيام بت�شكيل جلنة حتقيق مبالب�سات االغتيال‪ ،‬وو�ضع‬
‫على ر�أ�سها النائب العام الع�سكري العميد حمودة جروان‪ .‬وعلى الرغم‬
‫من جناح وزير الداخلية يف وقف هذه اال�شتباكات‪� ،‬إال �أن الفو�ضى املنت�رشة‬
‫يف ال�شارع الفل�سطيني ا�ستمرت بوترية مت�صاعدة‪ ،‬كما جرى توظيف هذه‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية فيها‪.‬‬ ‫الفو�ضى �سيا�سي ًا‪ ،‬ودخلت بع�ض عنا�رص أ‬
‫�أمام الواقع أ‬
‫المني املرتدي يف ال�شارع الفل�سطيني من جهة‪ ،‬واخلالف‬
‫المنية بني الرئا�سة واحلكومة‪ ،‬وعدم تعاون أ‬
‫الجهزة‬ ‫على ال�صالحيات أ‬
‫بالعالن عن ت�شكيل‬ ‫المنية من جهة �أخرى‪ ،‬قام الوزير �سعيد �صيام إ‬ ‫أ‬
‫المنية‪ ،‬وقوامها ثالثة‬‫للجهزة أ‬ ‫وعدها قوة م�ساندة أ‬‫ّ‬ ‫القوة التنفيذية‪،‬‬
‫وت�ضم عنا�رص من ف�صائل فل�سطينية خمتلفة‪ ،‬وقد �أعلن �صيام‬
‫ّ‬ ‫�آالف عن�رص‪،‬‬

‫ احلياة‪.2006/4/3 ،‬‬

‫‪110‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬ ‫�رصاع إالرادات‬

‫متر �صحفي عن بدء عمل هذه القوة‪ ،‬وبرر‬ ‫يف ‪ 2006/5/17‬خالل م ؤ� ٍ‬


‫الجهزة أ‬
‫المنية القائمة‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫الوزير �صيام ت�شكيل هذه القوة ب�سوء �أداء أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ...‬هناك الكثري من احلوادث‬ ‫“لي�س خافي ًا على �أحد �أداء أ‬
‫واجلرائم‪ ...‬هناك قتل واختطاف واقتحام‪ ...‬وبرغم ذلك لي�س هناك �أداء‬
‫حقيقي لهذه أ‬
‫الجهزة يف القيام بدورها”‪ .‬كما �أو�ضح �صيام �أنه �أ�صدر‬
‫المنية للعمل على تطبيق القانون‬‫للجهزة أ‬‫الكثري من القرارات الوا�ضحة أ‬
‫الليات لعمل هذه أ‬
‫الجهزة‪ ،‬لكنه تفاج أ�‬ ‫والنظام‪ ،‬و�أنه تدخل يف و�ضع آ‬
‫دوم ًا بعدم تنفيذ �أوامره‪ ،‬ور�أى �أن هذا التباط ؤ� يف تنفيذ �أوامره‪ ،‬يهدف �إىل‬
‫القول ب أ�ن وزارة الداخلية عاجزة‪ .‬وقد رف�ضت الرئا�سة الفل�سطينية وحركة‬
‫المن‬ ‫فتح هذه اخلطوة‪ ،‬فر ّد �صيام بقوله‪“ :‬من يعرت�ض فعليه �أو ًال �أن يوفر أ‬
‫لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�أن يقوم بدوره‪ ...‬ويجب على اجلميع �أن يعوا متام ًا‬
‫�أن ال�ساحة الفل�سطينية ال ت�سمح مبزيد من الت�سويف والت أ�جيل على ح�ساب‬
‫قتل وترويع النا�س”‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ا�شتداد اخلالفات بني احلكومة بقيادة حما�س والرئا�سة‬
‫المنية بني احلركتني‪ ،‬وعدم‬ ‫بقيادة فتح‪ ،‬وانعكا�س ذلك على العالقة أ‬
‫اعرتاف الرئا�سة بالقوة التنفيذية التي ّ‬
‫�شكلها وزير الداخلية �سعيد �صيام‪،‬‬
‫�إال �أن حركة حما�س‪ ،‬وعلى ل�سان رئي�س مكتبها ال�سيا�سي خالد م�شعل‪،‬‬
‫ر�أت �أن ما يحدث من اقتتال بني فتح وحما�س‪ ،‬ما هو �إال �سحابة �صيف‪،‬‬
‫خط �أحمر‪ ،‬ور�أى �أن هذه املرحلة هي مرحلة العمل‬
‫و�أن الدم الفل�سطيني ٌ‬
‫لرفع احل�صار‪ ،‬داعي ًا �إىل تن�سيق اجلهود بني فتح وحما�س لتجاوز أ‬
‫الزمة‪.10‬‬

‫ �إ�سالم �أون الين‪.2006/5/17 ،‬‬


‫‪ 10‬عكاظ‪.2006/5/13 ،‬‬

‫‪111‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫مل تتمكن حركة حما�س‪ ،‬على الرغم من توددها ال�سيا�سي‪ ،‬من تهدئة‬
‫الو�ضع ومن �إيقاف التيار الذي ي�سعى ب�شكل حثيث إل�سقاطها و�إف�شال‬
‫�ضد احلكومة‪ ،‬متهم ًة‬‫العالمية ّ‬ ‫جتربتها‪ .‬ولذلك؛ فقد ا�ستمرت احلمالت إ‬
‫س�ولية عن احل�صار املفرو�ض على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وبامل� ؤ‬
‫س�ولية‬ ‫�إياها بامل� ؤ‬
‫طراف قريبة‬
‫ٍ‬ ‫عن تدهور الو�ضع أ‬
‫المني؛ مما دفع وزير الداخلية �إىل اتهام �أ‬
‫من عبا�س بال�سعي إلف�شال حكومة حما�س‪ ،‬الفت ًا �إىل حماولة �إ�ضعاف أ‬
‫الداء‬
‫المنية وق�صورها يف القيام بدورها‪ ،‬حتى‬ ‫الجهزة أ‬
‫المني من خالل تباط ؤ� أ‬‫أ‬
‫ي�صبح هناك ر�أي عام حملي يدين احلكومة لعجز وزير داخليتها عن فعل‬
‫�أي �شيء‪ ،‬ولقد �أ�شاد ب�شخ�ص حممود عبا�س‪ ،‬م�شرياً �إىل �أنه يريد العمل‬
‫على ال�صعيد الداخلي لكن هناك بطانة حوله ال تريد ذلك‪ ،‬وتخرج عرب‬
‫الخرين‪ .‬و�شدد على �أن‬
‫والعالم لتوتري ال�ساحة وا�ستفزاز آ‬
‫الف�ضائيات إ‬
‫قوات ال�رشطة أ‬
‫والمن الوطني تتبع وزارة الداخلية‪ ،‬حيث ت�ساءل عن �سبب‬
‫المنية �إىل ال�شارع حني طلب منها ذلك‪“ ،‬على الرغم‬‫عدم نزول القوى أ‬
‫من �أنها ا�ستجابت لطلب م�شابه من �أبي مازن‪ ،‬مما يدل على وجود رغبة‬
‫لدى بع�ض أ‬
‫الطراف يف عدم التعامل مع وزير الداخلية‪ ،‬وعدم ا�ستجابة‬
‫القوى أ‬
‫المنية لتعليماته”‪.11‬‬
‫�شكل �إجراء وزير الداخلية �سعيد �صيام ب إ�ن�شاء قوة تنفيذية تتبع وزارة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية مع وزير‬ ‫الداخلية نف�سها‪ ،‬حماولة التفافية على عدم تعاون أ‬
‫الداخلية‪ ،‬وهو ما رف�ضته حركة فتح‪ ،‬حيث وقع العديد من اال�شتباكات‬
‫العنيفة بني احلركتني على خلفية هذا أ‬
‫المر‪ ،‬وتعر�ضت القوة التنفيذية‬
‫وحركة حما�س �إىل اعتداءات ردت عليها حما�س بقوة؛ ففي ‪2006/5/8‬‬

‫‪ 11‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/5/30 ،‬‬

‫‪112‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫اندلع ا�شتباك بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬فقامت عنا�رص من كتائب الق�سام‬
‫مقرات فتح واعتقال �أربعة عنا�رص منهم على �أثر قيام عنا�رص‬
‫مبهاجمة �أحد ّ‬
‫من فتح بخطف ثالثة عنا�رص من الق�سام وقتل �أحدهم‪ ،‬فيما ذكرت فتح‬
‫ب أ�ن �سبب امل�شكلة هو قيام عنا�رص الق�سام مبحاولة اعتقال �أحد مرافقي‬
‫�سلمان �أبو مطلق‪� ،‬أحد قيادات فتح‪ ،‬وقد �أدى هذا اال�شتباك �إىل وقوع‬
‫ثالثة قتلى من الطرفني‪ ،‬وانتهى أ‬
‫المر بتبادل املختطفني‪.12‬‬
‫‪13‬‬
‫توزيع �أع�ضاء القوة التنفيذية يف نهاية �سنة ‪2006‬‬

‫عدد �أفراده‬ ‫ا�سم الف�صيل‬


‫‪2,500‬‬ ‫حركة حما�س‬
‫‪1,100‬‬ ‫حركة فتح‬
‫‪600‬‬ ‫جلان املقاومة ال�شعبية‬
‫‪250‬‬ ‫اجلبهة ال�شعبية‬
‫‪50‬‬ ‫اجلبهة الدميقراطية‬
‫‪202‬‬ ‫جبهة التحرير العربية‬
‫‪100‬‬ ‫اجلبهة ال�شعبية القيادة العامة‬
‫‪90‬‬ ‫كتائب احمد �أبو الري�ش‬
‫‪70‬‬ ‫جمموعات وديع حداد‬
‫‪540‬‬ ‫م�ستقلون‬
‫‪5,502‬‬ ‫املجموع‬

‫‪ 12‬القب�س‪2006/5/9 ،‬؛ واالحتاد‪.2006/5/9 ،‬‬


‫للعالم‪.2007/1/9 ،‬‬
‫‪ 13‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪113‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ثالثا‪ :‬حما�س ووثيقة أ‬


‫ال�سرى‪:‬‬ ‫ً‬

‫الحداث‪ ،‬بل‬‫العالمي دوراً كبرياً يف تو�سيع دائرة أ‬


‫لعب التحري�ض إ‬
‫حدتها‪ ،‬فقد �أخذت و�سائل إ‬
‫العالم التابعة لكال الطرفني تعك�س‬ ‫وزيادة ّ‬
‫ال�صورة التي تريدها‪ ،‬وملا كانت ال�سلطة الفل�سطينية واقعة حتت �سيطرة‬
‫العالم‬
‫حكم احلزب الواحد (حركة فتح)‪� ،‬سيطرت حركة فتح على مراكز إ‬
‫الر�سمية‪ ،‬ومن بينها ف�ضائية تلفزيون فل�سطني الذي هاجمه م�سلحون‬
‫غا�ضبون يف ‪ 2006/6/5‬يف �أثناء ت�شييع �أحد قيادي كتائب الق�سام؛ الذي‬
‫المن الوقائي‪ ،‬فقام املهاجمون بتحطيم معدات‬ ‫قتل على �أحد حواجز أ‬
‫البث فيه بعد �أن اتهموا امل�رشفني على التلفزيون مبحاباة حركة فتح يف‬
‫ّ‬
‫تغطية أ‬
‫الحداث‪ ،‬وقد اتهمت فتح عنا�رص من حما�س بالقيام بهذا الهجوم‪،‬‬
‫فيما نفى الناطق الر�سمي حلركة حما�س �سامي �أبو زهري عالقة احلركة‬
‫بهذا الهجوم‪.14‬‬
‫الثناء طرحت قيادات الف�صائل الفل�سطينية يف ال�سجون‬ ‫يف هذه أ‬
‫ال�رسائيلية وثيقة وفاق‪ ،‬عرفت فيما بعد بوثيقة أ‬
‫ال�رسى‪ ،‬إلخراج ال�شارع‬ ‫إ‬
‫الفل�سطيني من �أزمته الداخلية‪ .‬وقد تبناها الرئي�س �أبو مازن وطالب حما�س‬
‫والف�صائل بتبنيها كما هي دومنا تعديل‪ ،‬وهدد بطرحها لال�ستفتاء كرزمة‬
‫واحدة‪ ،‬فيما ر�أت حما�س �أن هذه الوثيقة �أر�ضية �صاحلة للتفاهم من خالل‬
‫احلوار‪.‬‬
‫تلخ�ص موقف حركة حما�س من اال�ستفتاء مبا طرحه خالد م�شعل يف‬
‫اجتماع ف�صائل املعار�ضة يف دم�شق‪ ،‬فقد ن�رشت القد�س العربي يف عددها‬
‫ِ‬

‫‪ 14‬اخلليج‪.2006/6/6 ،‬‬

‫‪114‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫علق‬
‫ال�صادر يف ‪ 2006/6/14‬حم�رض اجتماع الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬الذي ّ‬
‫م�شعل فيه على ق�ضية اال�ستفتاء بقوله‪:‬‬
‫ثمة فرق‪ ...‬بني خطوة ت أ�تي يف �سياقها الطبيعي و�أخرى‬
‫حق يراد منه الباطل‪ ،‬وبهذا املعنى ف إ�ن‬‫تندرج ب إ�طار كالم ّ‬
‫المر‪ ،‬يراد منه وبه الباطل‪ ،‬ثمة‬ ‫اال�ستفتاء ينطبق عليه هذا أ‬
‫خطة ‪� -‬سيناريو إل�سقاط احلكومة‪ ،‬واالنقالب على نتائج‬
‫االنتخابات‪ ،‬وعدم ال�سماح حلما�س بالنجاح يف حكومتها‪،‬‬
‫المور وا�ضحة جلية لكل من يريد‬ ‫الن �أ�صبحت أ‬ ‫ويف ال�سلطة آ‬
‫العالن عن‬ ‫المور على حقيقتها‪ ،‬واملوقف املبدئي هو إ‬ ‫ر ؤ�ية أ‬
‫المبدئية اال�ستفتاء‪ ،‬ال قانونيته وال د�ستوريته‪.‬‬
‫كما هدد خالد م�شعل بان�سحاب حركة حما�س من احلوار‪� ،‬إذا ما‬
‫�رص الرئي�س على طرح الوثيقة لال�ستفتاء‪ ،‬و�أبدى م�شعل ا�ستعداد حركته‬
‫�أ ّ‬
‫للذهاب �إىل حكومة وحدة وطنية بعد االتفاق على برنامج وطني‪.15‬‬
‫وعلى الرغم من دخول حركة حما�س يف حوارٍ مع حركة فتح‬
‫اتفاق على وثيقة أ‬
‫ال�رسى‪� ،‬إال �أن حالة احل�شد الع�سكري مل‬ ‫ٍ‬ ‫للو�صول �إىل‬
‫تتوقف؛ فقد ك�شفت حركة حما�س يف ‪ 2006/6/17‬عن دخول كميات‬
‫�ضخمة من ال�سالح حلر�س الرئا�سة‪ ،‬وطالبت حما�س املجل�س الت�رشيعي‬
‫ب إ�جراء حتقيق حول دخول هذه أ‬
‫ال�سلحة‪ ،‬وعبرّ ت احلركة عن �إدانتها‬
‫“لهذا الت�آمر أ‬
‫المريكي ‪ -‬ال�صهيوين املف�ضوح إل�شعال الفتنة بني �أبناء‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬عرب متويل وت�سليح طرف بعينه حتت عنوان ت�سليح‬
‫يتم ذلك بتواط ؤ� �أطراف‬
‫حر�س الرئا�سة”‪ ،‬كما عبرّ ت عن بالغ �أ�سفها “ب أ�ن ّ‬

‫‪ 15‬القد�س العربي‪.2006/6/14 ،‬‬

‫‪115‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫عربية يفرت�ض �أال تورط نف�سها ب�صورة م�شينة يف هذه امل ؤ�امرة”‪.16‬‬
‫ومع ا�ستمرار جل�سات احلوار حول وثيقة الوفاق‪� ،‬أ�رصت حركة‬
‫حما�س على تغيري بع�ض بنودها مبا يتالءم ور ؤ�يتها‪ ،‬وبالفعل ّمت االتفاق‬
‫بني الف�صائل على بنود وثيقة الوفاق بعد �إجراء بع�ض التعديالت عليها‪،17‬‬
‫وتناولت الوثيقة املعدلة احلالة أ‬
‫المنية يف ال�ساحة الفل�سطينية من خالل‬
‫البنود التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬نبذ مظاهر الفرقة واالنق�سام كلها وما يقود �إىل الفتنة‪ ،‬و�إدانة وحترمي‬
‫ا�ستخدام ال�سالح بني �أبناء ال�شعب الواحد‪ ،‬مهما كانت املربرات‪،‬‬
‫لف�ض النزاعات الداخلية‪ ،‬والت أ�كيد على حرمة الدم الفل�سطيني‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وااللتزام باحلوار �أ�سلوب ًا وحيداً حلل اخلالفات‪ ،‬والتعبري عن الر�أي‬
‫بالو�سائل كافة مبا يف ذلك معار�ضة ال�سلطة وقراراتها‪ ،‬على �أ�سا�س‬
‫وحق االحتجاج ال�سلمي‪ ،‬وتنظيم امل�سريات‬
‫ّ‬ ‫ما يكفله القانون‬
‫والتظاهرات واالعت�صامات‪� ،‬رشيطة �أن تكون �سلمية وخالية‬
‫من ال�سالح وال تتعدى على املواطنني وممتلكاتهم‪ ،‬واملمتلكات‬
‫العامة‪.‬‬
‫المنية الفل�سطينية بكل فروعها‪،‬‬‫‪� .2‬رضورة �إ�صالح وتطوير امل ؤ��س�سة أ‬
‫على �أ�سا�س ع�رصي ومبا يجعلها �أكرث قدرة على القيام مبهمة الدفاع‬
‫عن الوطن واملواطنني ويف مواجهة العدوان واالحتالل‪ ،‬وحفظ‬

‫‪ 16‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2006/6/19 ،‬‬


‫للعالم‪ ،2006/6/28 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 17‬ال�سفري‪ ،‬واملركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/arabic/palestoday/reports/re-‬‬
‫‪port2006_1/28_6_06.htm‬‬

‫‪116‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫أ‬
‫المن والنظام العام‪ ،‬وتنفيذ القوانني‪ ،‬و�إنهاء حالة الفو�ضى والفلتان‬
‫المني‪ ،‬و�إنهاء املظاهر امل�سلحة واال�ستعرا�ضات‪ ،‬وم�صادرة �سالح‬ ‫أ‬
‫الفو�ضى والفلتان أ‬
‫المني الذي يلحق �رضراً فادح ًا باملقاومة وي�شوه‬
‫�صورتها ويهدد وحدة املجتمع الفل�سطيني‪ ،‬و�رضورة تن�سيق‬
‫وتنظيم العالقة مع قوى وت�شكيالت املقاومة وتنظيم وحماية‬
‫�سالحها‪.‬‬
‫‪ .3‬دعوة املجل�س الت�رشيعي ملوا�صلة �إ�صدار القوانني املنظمة لعمل‬
‫والجهزة مبختلف فروعها‪ ،‬والعمل على �إ�صدار‬ ‫المنية أ‬‫امل ؤ��س�سة أ‬
‫قانون مينع ممار�سة العمل ال�سيا�سي واحلزبي ملنت�سبي أ‬
‫الجهزة‪،‬‬
‫وااللتزام باملرجعية ال�سيا�سية املنتخبة التي حددها القانون‪.18‬‬
‫وعلى ما يبدو ف إ�ن حالة الوفاق الداخلي التي تو�صل �إليها املتحاورون‬
‫مل ترق للبع�ض؛ فقد وقع العديد من االغتياالت وعمليات �إطالق للنار‬
‫جمهولة الفاعل‪ ،‬وبد�أت حركتا فتح وحما�س بتبادل االتهامات؛ فقد‬
‫س�ولية اغتيال جاد التايه‪ ،‬م� ؤ‬
‫س�ول العالقات‬ ‫حملت فتح حركة حما�س م� ؤ‬
‫ّ‬
‫اخلارجية يف جهاز اال�ستخبارات الفل�سطيني‪ ،19‬ويف ال�سياق نف�سه اتهم‬
‫المن الوقائي حركة حما�س مبهاجمة منزل نبيل طمو�س‪ ،‬وهو‬ ‫جهاز أ‬
‫المن الوقائي‪ ،‬فيما نفت حركة حما�س �أية عالقة لها بهذه‬ ‫�أحد �ضباط أ‬
‫احلوادث‪ ،20‬ومن اجلدير بالذكر �أن نبيل طمو�س هو قائد فرق املوت التي‬

‫‪ 18‬عرب ‪ ،2006/6/28 ،48‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www.arabs48.com/display.x?cid=11&sid=19&id=37631‬‬
‫‪ 19‬القد�س العربي‪.2006/9/22 ،‬‬
‫‪ 20‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/7/19 ،‬‬

‫‪117‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫اعرتف ر�شيد �أبو �شباك بوجودها‪ ،‬و�أعلن عن ح ِّلها �سنة ‪.2005‬‬


‫منحى‬
‫ً‬ ‫ويف هذه أ‬
‫الثناء كانت ق�ضية رواتب املوظفني بد�أت ت أ�خذ‬
‫ت�صاعدي ًا‪ ،‬فقد هددت نقابة العاملني يف القطاع احلكومي إ‬
‫بال�رضاب‬
‫مع بداية العام الدرا�سي‪ ،‬ومما زاد الو�ضع �سوءاً م�شاركة القوى أ‬
‫المنية‬
‫ال�رضابات واملظاهرات امل�سلحة بدعم من تنفيذية منظمة التحرير‪،‬‬ ‫يف إ‬
‫مما دفع رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية �إىل اتهام اللجنة التنفيذية ملنظمة‬
‫التحرير الفل�سطينية بالتحري�ض ال�سافر على احلكومة‪ ،‬وبدفع القوى‬
‫بال�رضابات لل�ضغط على احلكومة‪ ،21‬فيما دعا غازي‬ ‫أ‬
‫المنية �إىل امل�شاركة إ‬
‫ال�رساع يف ت�شكيل حكومة‬
‫حمد الناطق با�سم احلكومة الفل�سطينية �إىل إ‬
‫ال‪� :‬إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية �ستخرجنا من‬ ‫الوحدة الوطنية قائ ً‬
‫أ‬
‫الزمة علينا �إجناح هذا امل�رشوع‪ ،‬و�أ�ضاف حمد‪� :‬إن اجلميع يف �أزمة �سواء‬
‫بالمكان التو�صل �إىل حلول و�أن‬
‫كانت فتح �أم حما�س‪ ،‬و�شدد على �أنه إ‬
‫الو�ضع الفل�سطيني يحتاج �إىل توافق‪ ،‬كما انتقد �أ�ساليب العنف والتخريب‬
‫والت�سيي�س‪.22‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬حما�س والبحث يف ت�شكيل حكومة الوحدة‪:‬‬
‫كان وا�ضح ًا �أن حركة حما�س ترغب بقوة للتو�صل ّ‬
‫حلل مع رئا�سة‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية وحركة فتح؛ لت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬فقد‬
‫كانت احلكومة الفل�سطينية ت أ�مل بك�رس احل�صار وباحل�صول على االعرتاف‬
‫العربي والدويل من خالل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬فدفعت قدم ًا لت�شكيل‬

‫‪ 21‬احلياة‪.2006/9/5 ،‬‬
‫‪ 22‬جريدة الوطن‪ُ ،‬عمان‪.2006/9/8 ،‬‬

‫‪118‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫هذه احلكومة‪ ،‬ولكن دون التنازل عن �رشوطها التي ا�شرتطها �إ�سماعيل‬


‫هنية للقبول بقيادة حكومة الوحدة وهي‪:23‬‬
‫‪ -‬اعتبار وثيقة الوفاق الوطني مرجعية �سيا�سية حلكومة الوحدة‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬البدء باحلوارات املتعلقة بتطوير وتفعيل و�إعادة بناء منظمة التحرير‬
‫ال�سالمي �إليها‪.‬‬
‫ب�ضم حركتي حما�س واجلهاد إ‬
‫الفل�سطينية مبا ي�سمح ّ‬
‫‪� -‬أن تتوافر النزاهة والكفاءة يف امل�شاركني‪ ،‬من خمتلف التيارات‬
‫الفل�سطينية يف حكومة الوحدة الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬احرتام ال�رشعية الفل�سطينية‪ ،‬و�إرادة ال�شعب‪ ،‬واحرتام ال�صالحيات‬
‫وفق الد�ستور‪.‬‬
‫ُعد‬
‫وال�رسائيلية‪ ،‬التي ت ّ‬
‫مل تكن هذه ال�رشوط لتتوافق مع املعايري الدولية إ‬
‫فك احل�صار عن احلكومة الفل�سطينية‪ .‬ثم جاء �سفر الرئي�س حممود‬ ‫مفتاح ّ‬
‫عبا�س حل�ضور اجتماعات اجلمعية العامة أ‬
‫للمم املتحدة يف �أيلول‪� /‬سبتمرب‬
‫‪ ،2006‬وهو ما �أثار تخوف حركة حما�س من �أن يعود الرئي�س عبا�س‬
‫ب أ�جندة جديدة‪ ،‬تخالف ما ّمت التوافق عليه بني رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‬
‫والرئي�س حممود عبا�س‪ .24‬وعلى الرغم من تخوف حما�س من خ�ضوع‬
‫وال�رسائيلية‪ ،‬والذي توافق فع ً‬
‫ال مع ت�رصيحات‬ ‫عبا�س لل�ضغوط أ‬
‫المريكية إ‬
‫عبا�س بعودة احلوار �إىل نقطة ال�صفر‪� ،‬إال �أن حركة حما�س مل تقطع أ‬
‫المل‬
‫اتفاق مع الرئي�س عبا�س لت�شكيل حكومة الوحدة‪،‬‬
‫من �إمكانية التو�صل �إىل ٍ‬

‫‪ 23‬ال�رشق‪.2006/9/16 ،‬‬
‫‪ 24‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2006/9/20 ،‬‬

‫‪119‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫فا�ستمرت ب إ�ر�سال �إ�شارات �إيجابية‪ ،‬منها قول هنية‪“ :‬لدينا توجهات‬


‫�صادقة وحقيقية لتكري�س ال�رشاكة ال�سيا�سية”‪.25‬‬
‫ال�رسائيلي‪ ،‬متكن من �إف�شال جولة جديدة‬ ‫يبدو �أن ال�ضغط أ‬
‫المريكي ‪ -‬إ‬
‫من جوالت احلوار الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬وبعد هذا الف�شل عادت �أزمة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية �إىل ال�شوارع‬ ‫الرواتب �إىل الت�صاعد وعادت مظاهرات أ‬
‫احتجاج على عدم �رصف الرواتب‬
‫ٍ‬ ‫لت�سهم يف ت أ�زمي الو�ضع أ‬
‫المني؛ ففي‬
‫مظاهرات‬
‫ٍ‬ ‫خرج املئات من عنا�رص القوى أ‬
‫المنية يف ‪ 2006/10/1‬يف‬
‫مقرات احلكومة‪ ،‬وقطعوا الطرقات واعتدوا‬ ‫م�سلحة هاجموا خاللها ّ‬
‫عدته وزارة الداخلية مترداً على احلكومة؛‬
‫على املمتلكات العامة‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫فوقعت مواجهة مع القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية و�أطلقت النار‬
‫و�رصحت القوة‬
‫ّ‬ ‫على امل�سلحني‪ ،‬مما �أدى �إىل وقوع العديد من القتلى‪.‬‬
‫التنفيذية �أنها تعر�ضت إلطالق النار مما دفعها �إىل الر ّد بقوة‪ ،‬وقد اتهمت‬
‫المنية بالتمرد واالنقالب على احلكومة‪ ،‬فقد قال‬ ‫الجهزة أ‬
‫حما�س عنا�رص أ‬
‫وزير الداخلية �سعيد �صيام‪� :‬إن �إ�رصار فئات من قوى أ‬
‫المن الفل�سطيني على‬
‫�إغالق ال�شوارع‪ ،‬و�إ�شعال �إطارات ال�سيارات‪ ،‬ومنع املواطنني واملوظفني‬
‫ونبهت حما�س �أنها لن‬‫من التنقل‪ ،‬ال ميكن تف�سريه �إال مترداً وانقالب ًا ‪ّ ،‬‬
‫‪26‬‬

‫تقف مكتوفة أ‬
‫اليدي �أمام ما يجري من �أحداث مربجمة‪ ،‬وخمططات‬
‫م�شبوهة ت�ستهدف تخريب املجتمع الفل�سطيني و�رضب نظامه ال�سيا�سي‬

‫‪ 25‬احلياة‪.2006/9/25 ،‬‬
‫‪ 26‬القد�س العربي‪.2006/10/2 ،‬‬

‫‪120‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫واالجتماعي‪ ،‬وحذرت قائلة‪“ :‬ليعلم اجلميع �أن ل�صربنا حدوداً”‪.27‬‬


‫ا�ستمرت حما�س بالدفاع عن حكومتها‪ ،‬ورف�ضت مطالب َة منظمة‬
‫التحرير لها باال�ستقالة‪ ،28‬واتهمت تياراً داخل حركة فتح بالعمل على �إلغاء‬
‫نتائج االنتخابات الت�رشيعية التي فازت بها حما�س‪ ،‬وبتحري�ض “�إ�رسائيل”‬
‫و�أمريكا على احلكومة‪ .29‬فيما ر�أى �سعيد �صيام �أن هناك �أطراف ًا فل�سطينية‬
‫ت�ستقوي باخلارج لالنقالب على التجربة الدميقراطية لل�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫حملت حما�س‬ ‫ال�رضابات واملظاهرات واالعت�صامات ‪ ،‬كما ّ‬
‫‪30‬‬
‫من خالل إ‬
‫جهاز أ‬
‫المن الوقائي م� ؤ‬
‫س�ولية �إ�شاعة الدمار داخل ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬من‬
‫خالل االغتياالت‪ ،‬التي ا�ستهدفت عنا�رص وقيادات من حركة حما�س‪،31‬‬
‫وطالبت حما�س الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س بتحمل م� ؤ‬
‫س�ولياته‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫المني‪ ،‬متهم ًة �إياه بال�صمت �إزاء رف�ض أ‬
‫لوقف الفلتان أ‬
‫االن�صياع ألوامر وزير الداخلية‪ ،‬والتغا�ضي عن ممار�ساتها “غري املن�ضبطة‪،‬‬
‫المني‪ ،‬من �أجل �إظهار حكومة [حما�س‬ ‫التي ت�سببت يف حالة الفلتان أ‬
‫كحكومة] عاجزة”‪.32‬‬
‫و�صلت احلالة أ‬
‫المنية يف غزة �إىل �أ�سوء �أحولها فارتفع م�ستوى‬
‫اال�ستهداف أ‬
‫المني ليطال ر�أ�س احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬ففي ‪،2006/12/14‬‬

‫‪ 27‬احلياة‪.2006/10/3 ،‬‬
‫‪ 28‬أ‬
‫الهرام‪.2006/12/4 ،‬‬
‫‪ 29‬احلياة‪.2006/12/1 ،‬‬
‫‪ 30‬البيان‪.2006/12/12 ،‬‬
‫‪ 31‬عرب ‪.2006/12/13 ،48‬‬
‫‪ 32‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/12/14 ،‬‬

‫‪121‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫تعر�ض رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية يف �أثناء عودته من جولة �إىل الدول‬
‫وال�سالمية ملحاولة اغتيال‪ ،‬حيث قام الع�رشات من �أن�صار حركة‬ ‫العربية إ‬
‫حما�س مبهاجمة معرب رفح احلدودي بعد منع رئي�س الوزراء من الدخول‬
‫ب�سيارته عرب املعرب‪ ،‬ويف �أثناء خروج هنية من بوابة املعرب تعر�ض إلطالق نار‬
‫مما �أدى �إىل مقتل مرافقه و�إ�صابة ابنه‪ ،‬وم�ست�شاره ال�سيا�سي �أحمد يو�سف‪،‬‬
‫وقد اتهمت حما�س النائب حممد دحالن مبحاولة اغتيال هنية‪ ،‬وعلى‬
‫ال ب أ�ن اغتيال هنية “�رشف‬
‫الرغم من �أن دحالن نفى ذلك‪� ،‬إال �أنه علق قائ ً‬
‫ال �أدعيه”‪.33‬‬
‫الحداث أ‬
‫المنية بكل �أ�س�س احلوار بني حركتي فتح‬ ‫وقد ع�صفت أ‬
‫وحما�س‪ ،‬فقد اتهمت حما�س حركة فتح مبحاولة خلط أ‬
‫الوراق على ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬وبقيادة الفو�ضى اخلالقة‪ ،‬والفلتان أ‬
‫المني كو�سيلة لتطبق‬
‫�سيا�سات خطرية مبيته‪ .34‬كما قال النائب عن حركة حما�س يحيى مو�سى‪:‬‬
‫نحن �أمام م�سل�سل خمطط وممنهج‪ ،‬تدار ف�صوله يف القن�صلية‬
‫المريكية بالقد�س‪ ،‬وهناك فريق فل�سطيني يتنقل من مرحلة‬ ‫أ‬
‫�إىل مرحلة �ضمن ر ؤ�ية وزيرة اخلارجية أ‬
‫المريكية كوندوليزا‬
‫راي�س‪ ،‬الهادفة �إىل �إ�شاعة الفو�ضى اخلالقة‪ ،‬من �أجل الت أ��سي�س‬
‫المني‪،‬‬ ‫لالنقالب على ال�سلطة‪ ،‬و�إرجاعها �إىل ق�ضايا التن�سيق أ‬
‫وعقد ال�صفقات امل�شبوهة‪ ،‬و�إ�ضاعة امل�رشوع الوطني”‪.35‬‬

‫‪ 33‬القب�س‪.2006/12/16 ،‬‬
‫‪ 34‬قد�س بر�س‪.2008/12/13 ،‬‬
‫‪ 35‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/12/14 ،‬‬

‫‪122‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫عما يجرى من‬ ‫و�إ�ضافة �إىل اتهام الرئا�سة الفل�سطينية بال�صمت ّ‬


‫المنية‪ ،‬قامت حركة حما�س مبقاطعة خطاب الرئي�س‬ ‫الجهزة أ‬
‫ممار�سات أ‬
‫الذي �ألقاه يف ‪ ،2006/12/16‬الذي دعا عبا�س فيه �إىل �إجراء انتخابات‬
‫رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ .‬وقد ر ّدت حركة حما�س على ل�سان الناطق با�سم‬
‫كتلتها يف املجل�س الت�رشيعي �صالح الربدويل‪ ،‬حيث قال معلق ًا على هذه‬
‫�رص �أحد �أن ميرر �شيئ ًا غري‬
‫الدعوة‪�“ :‬إن ما ُب ِني على باطل فهو باطل‪ ،‬و�إن �أ ّ‬
‫س�ول عن نتائج ذلك‪ ،‬ولن منرره �أبداً”‪ ،‬وو�ضع‬ ‫قانوين ف�سيكون هو امل� ؤ‬
‫الربدويل ثالثة خيارات �أمام الرئا�سة الفل�سطينية قائ ً‬
‫ال‪:‬‬
‫ف إ�ما �أن يرتكونا دون عرقلة � ؤ‬
‫ش�وننا ونحن قادرون‪ ،‬ب إ�ذن اهلل‪،‬‬
‫نفك احل�صار و�أن نحقق كل املكا�سب ألهلنا ب إ�رادتنا‬
‫على �أن ّ‬
‫وب إ�رادة كل �أحرار هذا العامل‪ ،‬و�إما �أن ينزل الرئي�س عن ال�شجرة‬
‫التي اعتالها ويعود �إىل طاولة املفاو�ضات من حيث انتهينا‪،‬‬
‫�أما اخليار أ‬
‫الخري وهو خيارنا �إذا كانوا بالفعل يحر�صون على‬
‫دماء �شعبنا فهو حكومة وحدة وطنية قائمة على �أ�سا�س وثيقة‬
‫الوفاق الوطني‪ ،‬دون تعديل �أو تبديل يف ن�صو�صها‪ ،‬فلن ننجر‬
‫حر كرمي‪.36‬‬
‫�شعب واحد ٌّ‬‫ٌ‬ ‫�إىل مربع االقتتال الداخلي ألننا‬

‫وعلى الرغم من ت أ�كيد حما�س على �أنها لن تنجر �إىل االقتتال الداخلي‪،‬‬
‫�إال �أنها وجدت نف�سها تدخل يف مواجهات م�سلحة مع عنا�رص من فتح‪،‬‬
‫فقبيل البدء يف احلوار حول ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية اجتاحت‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية موجة من الت�صعيد أ‬
‫المني ا�ستهدف فيها العديد‬ ‫أ‬

‫‪ 36‬الوطن‪ ،‬قطر‪.2006/12/18 ،‬‬

‫‪123‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫من وزراء حكومة حما�س وقياداتها ال�سيا�سية والع�سكرية‪ ،‬حيث تعر�ض‬


‫موكب وزير الداخلية يف ‪ 2006/12/10‬إلطالق نار‪ ،37‬ويف ‪2006/12/13‬‬
‫ّمت اغتيال القا�ضي ب�سام الفرا‪38‬؛ وهو �أحد كوادر حما�س‪ ،‬كما تعر�ض‬
‫وزير أ‬
‫ال�رسى و�صفي قبها يف اليوم نف�سه ملحاولة اغتيال فا�شلة‪� ،39‬أما يف‬
‫‪ 2006/12/14‬كانت حماولة اغتيال رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‪.‬‬
‫ويف ال�سياق ذاته وبعد تكرر االعتداء على منزل النائب عن حما�س‬
‫يو�سف ال�رشايف من قبل مرافقي العميد حممد الغريب‪ ،‬قامت جمموعة‬
‫س�ول يف أ‬
‫المن‬ ‫من القوة التنفيذية يف ‪ 2007/1/4‬مبهاجمة الغريب‪ ،‬امل� ؤ‬
‫الوقائي‪ ،‬على خلفية قيام جمموعة تابعة للغريب ب إ�طالق النار على حرا�س‬
‫منزل النائب ال�رشايف‪ .‬وقد طالبت القوة التنفيذية ت�سليم مطلقي النار‪� ،‬إال‬
‫�أن الغريب رف�ض ت�سليمهم‪ ،‬ودار ا�شتباك بني القوة التنفيذية واملتح�صنني‬
‫يف منزل الغريب‪ ،‬فاقتحمت القوة التنفيذية منزله مما �أدى �إىل مقتله مع‬
‫بع�ض مرافقيه‪.40‬‬
‫من جهة �أخرى وعلى �ضوء �إعالن الرئي�س حممود عبا�س يف ‪2007/1/6‬‬
‫عدم قانونية القوة التنفيذية‪ ،‬و�أنه �سي ّتم التعامل معها على �أ�سا�س �أنها‬
‫المنية املن�صو�ص‬‫الجهزة أ‬
‫يتم دجمها يف أ‬ ‫خارجة عن القانون‪ ،‬وذلك ما مل ّ‬
‫بالعالن عن نيتها زيادة عدد‬ ‫عليها يف القانون أ‬
‫ال�سا�سي‪ ،‬ر ّدت حما�س إ‬

‫‪ 37‬امل�ستقبل‪.2006/12/11 ،‬‬
‫‪ 38‬الغد‪.2006/12/14 ،‬‬
‫‪ 39‬اخلليج‪.2006/12/15 ،‬‬
‫‪ 40‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/1/5 ،‬‬

‫‪124‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫�أفراد التنفيذية �إىل ‪� 12‬ألف عن�رص‪ ،‬كما ر ّدت وزارة الداخلية بالقول‪� ،‬إن‬
‫قرار عبا�س م�ستعجل‪ ،‬و�إنها �ستواجهه بالقوة يف حال امل�سا�س ب أ�فراد هذه‬
‫القوة‪.41‬‬
‫العالمي وتبادل االتهامات حول م� ؤ‬
‫س�ولية ما‬ ‫ومع ا�ستمرار الرتا�شق إ‬
‫وخطف‪ ،‬فقد قال �أمني ّ‬
‫�رس كتلة حما�س يف املجل�س‬ ‫ٍ‬ ‫قتل‬
‫المور من ٍ‬ ‫�آلت �إليه أ‬
‫الت�رشيعي م�شري امل�رصي يف م ؤ�متر �صحفي يف ‪ 2007/1/10‬يف غزة “لي�س‬
‫غريب ًا على من يرمتي ب أ�ح�ضان �أمريكا واالحتالل‪ ،‬ويت�آمر معهم‪ ،‬ويتلقى‬
‫�أ�سلحتهم و�أموالهم �أن ينفّذ �أهدافهم‪ ،‬ويل�صق التهم أ‬
‫والباطيل من �أجل‬
‫عرابو البيت أ‬
‫البي�ض على هذه‬ ‫حتقيق �أهداف �سيا�سية وحزبية يحلم بها ّ‬
‫أ‬
‫الر�ض”‪ .‬وا�ستهجن امل�رصي‪ ،‬عمليات التعذيب “الوح�شية والغريبة” التي‬
‫تعر�ض لها عنا�رص حما�س‪ ،‬الذين اختطفوا من قبل نا�شطني من حركة فتح‪.‬‬
‫وعر�ض خالل امل ؤ�متر �صوراً تظهر عمليات التعذيب‪ ،‬قائ ً‬
‫ال‪“ :‬ا�ستخدموا‬
‫النار‪ ،‬وق�ضبان احلديد‪ ،‬و�أعقاب ال�سجائر‪ ،‬وال�رضب املربح‪ ،‬وال�شتائم‬
‫اللهية والتطاول على ال�شهداء”‪ .‬و�أ�ضاف �أن “اعتداءات‬
‫و�سب الذات إ‬
‫ّ‬
‫هذا التيار‪ ،‬طالت منازل املواطنني وحمالتهم التجارية وامل ؤ��س�سات اخلريية‬
‫ومراكز حتفيظ القر�آن يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ألنها تت�صل بحركة حما�س”‪.42‬‬
‫ويف ‪ 2007/1/27‬عقد وزير الداخلية م ؤ�متراً �صحفي ًا يف غزة‪ ،‬اتهم‬
‫خالله الرئي�س عبا�س بتعطيل قراراته‪ ،‬مت�سائ ً‬
‫ال عن وجه امل�صلحة الوطنية‬
‫يف ذلك‪ ،‬مو�ضح ًا �أنه �أ�صدر العديد من القرارات دون �أن جتد طريقها‬

‫‪ 41‬احلياة‪.2007/1/7 ،‬‬
‫‪ 42‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/1/11 ،‬‬

‫‪125‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المنية اخلا�ضعة إلمرته‪ ،‬كما طالب ب�رضورة‬ ‫الجهزة أ‬ ‫للتنفيذ من قبل أ‬


‫المن القومي‪ ،‬مبدي ًا ا�ستعداده للعمل على �إعادة �صياغة‬ ‫ت�شكيل جمل�س أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية مبا يف ذلك القوة التنفيذية على �أ�سا�س وطني ولي�س‬ ‫جميع أ‬
‫على �أ�سا�س حزبي‪ .43‬ويف الوقت ذاته قامت حركة حما�س بتعليق كافة‬
‫�أ�شكال املفاو�ضات مع حركة فتح‪ ،‬وقد قال الناطق با�سم حركة حما�س‬
‫ال كل �أ�شكال املفاو�ضات مع حركة فتح؛ ألنها‬
‫فوزي برهوم “لقد علقنا فع ً‬
‫�ضد عنا�رص حركة‬ ‫تعطي تغطية لفرق املوت‪ ،‬كي متار�س �أعمالها إ‬
‫الرهابية ّ‬
‫المني يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‬ ‫حما�س”‪ ،‬و�أ�شار برهوم �إىل �أن الو�ضع أ‬
‫وحمل م� ؤ‬
‫س�ولية ذلك �إىل “التيار االنقالبي” داخل حركة‬ ‫ّ‬ ‫يزداد �سوءاً‪،‬‬
‫فتح‪ ،‬وقال‪“ :‬امل�رشوع وا�ضح متام ًا‪� ،‬إنه م�رشوع �أمريكي ‪� -‬إ�رسائيلي‬
‫يقوده حممد دحالن هدفه �إنهاء البنية التحتية للمقاومة‪ ،‬وفق خريطة‬
‫الطريق‪ ،‬حتى يعرتفوا بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ويقبلوا بدولة بحدود م ؤ�قتة يلتفون‬
‫فيها على احلقوق الفل�سطينية التاريخية”‪ .‬و�أ�شار �إىل �أن “ما يعزز هذا‬
‫الر�أي‪ ...‬هو م�س أ�لة التوقيت الذي ّمت اختياره إلعادة الت�صعيد”‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫“عندما كنا جلو� ًسا يف جلنة ال�صياغة إلنهاء اخلالف حول برنامج حكومة‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬عمد �أتباع هذا التيار �إىل تفجري �آلية ع�سكرية تابعة للقوة‬
‫التنفيذية‪ ،‬ثم جاء االختطاف ودخول م�سجد الهداية‪� ،‬إنه تيار ال يريد‬
‫للحوار الوطني �أن مي�ضي �إىل �أهدافه أ‬
‫ال�سا�سية وعلى ر�أ�سها �إعالن حكومة‬
‫الوحدة الوطنية”‪.44‬‬

‫‪ 43‬عرب ‪.2007/1/28 ،48‬‬


‫‪ 44‬قد�س بر�س‪.2007/1/28 ،‬‬

‫‪126‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫يف هذه أ‬
‫الثناء ارتفعت وترية اال�شتباكات بني فتح وحما�س‪ ،‬كما‬
‫ظهرت بع�ض الت�رسيبات حول ت�سلح حر�س الرئا�سة أ‬
‫والمن الوقائي‪ ،‬ففي‬
‫‪ 2007/2/1‬اعرت�ضت جمموعة من كتائب الق�سام والقوة التنفيذية موكب ًا‬
‫من ال�شاحنات تابع ًا حلر�س الرئا�سة‪ ،‬ويف �أثناء ذلك ا�شتبكت القوة التنفيذية‬
‫العالمي لكتائب‬ ‫وكتائب الق�سام مع حر�س الرئا�سة‪ ،‬و�أعلن الناطق إ‬
‫الق�سام‪� ،‬أبو عبيدة‪� ،‬أن الكتائب �سيطرت على �شاحنتني من �أ�صل ‪11‬‬
‫�شاحنة حتتوي �أ�سلحة وعتاداً حربي ًا‪ ،‬دخلت عن طريق معرب كرم �أبو �سامل‬
‫(كريم �شالوم ‪ )Kerem Shalom‬املُ َ�سيطر عليه �إ�رسائيلي ًا‪ ،‬كما هاجمت‬
‫المنية و�سيطرت عليها‪ .45‬غري �أن فتح‬ ‫الجهزة أ‬ ‫القوة التنفيذية بع�ض مواقع أ‬
‫نفت �أن ال�شحنة حتوي �أ�سلحة‪ ،‬واعتربت ما قامت به عنا�رص حما�س عم ً‬
‫ال‬
‫من �أعمال القر�صنة‪.46‬‬
‫ً‬
‫خام�سا‪ :‬حما�س وحكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬

‫ر�أت حما�س يف اتفاق مكة الذي وقعته مع فتح يف ‪2007/2/8‬‬


‫فر�صة لت�شكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التعامل مع امللف أ‬
‫المني‬
‫و�ضبطه‪ ،‬خ�صو�ص ًا و�أن فتح التي ت�سيطر على هذه أ‬
‫الجهزة‪� ،‬ستكون‬
‫�رشيك ًا �أ�سا�سي ًا يف احلكومة‪ .‬ووافقت حما�س على التنازل عن عدد من‬
‫الوزارات أ‬
‫ال�سا�سية “ال�سيادية” مقابل حتقيق هذا االتفاق‪ .‬وقبيل توقيع‬
‫اتفاق مكة ويف ‪ ،2007/2/6‬تعر�ض �أربعة من كوادر كتائب الق�سام لعملية‬
‫توقيف على �أحد احلواجز‪ ،‬و�إطالق النار عليهم مما �أدى �إىل وفاة حممد‬

‫للعالم‪.2006/2/1 ،‬‬ ‫‪ 45‬أ‬


‫الهرام‪2007/2/2 ،‬؛ واملركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 46‬أ‬
‫الخبار‪.2007/2/2 ،‬‬

‫‪127‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�أبو كر�ش‪ ،‬وقد اتهمت حما�س �أتباع حممد دحالن بتنفيذ هذا إ‬
‫العدام‪،47‬‬
‫وكادت هذه االعتداءات �أن تن�سف احلوار الفل�سطيني‪ ،‬ولكن حما�س مل‬
‫ترد على عمليات االغتيال‪ ،‬إلعطاء فر�صة إلجناح هذا احلوار‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية رف�ضت حركة حما�س قرار الرئي�س الفل�سطيني حممود‬
‫للمن القومي‪ ،‬فقد قال �صالح‬ ‫عبا�س بتعيني النائب حممد دحالن م�ست�شاراً أ‬
‫الربدويل يف تعليق له يف ‪ 2007/3/19‬على هذا القرار‪:‬‬
‫رغم احرتامنا لقرار الرئي�س �إال �أننا ال نرحب باختيار حممد دحالن‬
‫بالذات‪ ،‬وهو �شخ�صية ما تزال �آثارها يف ال�ساحة الفل�سطينية‬
‫واالقتتال الفل�سطيني‪ ،‬و�أعتقد �أنها �شخ�صية غري مرغوب‬
‫حق دحالن‬ ‫بها من ناحية‪ ،‬ومن ناحية �أخرى ف إ�نه لي�س من ّ‬
‫�أن ميار�س وظيفتني‪� ،‬إحداهما يف الت�رشيعي أ‬
‫والخرى �أمنية‪.‬‬

‫و�أ ّكد الربدويل �أن قانون املجل�س الت�رشيعي ال ي�سمح للنائب دحالن‬
‫ب أ�ن ميار�س عملني مزدوجني‪ ،‬وم�ضى يقول‪�“ :‬إما �أن ي�ستقيل من‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬و�إما �أال ميار�س عمل �أخر‪ ...‬وظيفة النائب‪ ،‬هي‬
‫ح�ضور جل�سات املجل�س الت�رشيعي وممار�سة عمله بعيداً عن �أي وظائف‬
‫�أخرى”‪.48‬‬
‫ن�ص على مبد�أ‬
‫وبعد مرور نحو �شهرين على توقيع اتفاق مكة‪ ،‬الذي ّ‬
‫لت�ضم‬
‫ّ‬ ‫ال�رشاكة ال�سيا�سية بني فتح وحما�س‪ ،‬و�إعادة تفعيل منظمة التحرير‬

‫للعالم‪ ،2007/2/7 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪ 47‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫=‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬
‫‪ 48‬االحتاد‪.2007/3/20 ،‬‬

‫‪128‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫ال�سالمي‪ ،‬اتهم القيادي يف حركة حما�س حممود‬


‫حركتي حما�س واجلهاد إ‬
‫الزهار حركة فتح ب إ�قامة مع�سكرات تدريب ا�ستعداداً ملواجهة قادمة مع‬
‫حما�س‪ ،‬وقال الزهار‪“ :‬هناك معلومات ت أ�تي من داخل هذه املع�سكرات‪...‬‬
‫يتم تدريبهم؛ كي ي�شكلوا قوات تنفيذية‬
‫وهناك حديث عن ‪ 4,000‬جندي ّ‬
‫خا�صة‪� ،‬ستكون م� ؤ‬
‫س�ولة عن مواجهة قادمة”‪.49‬‬
‫واجه وزير الداخلية اجلديد يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬هاين‬
‫المني خالل‬‫القوا�سمي‪ ،‬وهو �شخ�صية م�ستقلة‪ ،‬م�شكلة ت�صاعد الفلتان أ‬
‫ال�شهر الثالثة أ‬
‫الوىل من �سنة‬ ‫الفرتة التي �سبقت ا�ستالمه الوزارة‪ ،‬ففي أ‬
‫‪ ،2007‬بلغ عدد الذين قتلوا يف النزاع الداخلي وفو�ضي ال�سالح ‪147‬‬
‫مواطن ًا‪ .50‬لذلك عمل القوا�سمي منذ ا�ستالمه وزارة الداخلية على و�ضع‬
‫خطة �أمنية باالتفاق مع الرئي�س عبا�س ورئي�س احلكومة هنية‪� ،‬أقرتها‬
‫احلكومة يف ‪ .2007/4/14‬وقد كان من املقرر �أن تبد�أ وزارة الداخلية‬
‫العمل يف املرحلة أ‬
‫الوىل من اخلطة‪ ،‬على �أن ت�ستمر هذه املرحلة ‪ 100‬يوم‪،‬‬
‫وهدفت ّ‬
‫اخلطة �إىل ما يلي‪:51‬‬
‫بث روح الطم أ�نينة وال�شعور أ‬
‫بالمن لدى املواطنني وحماية‬ ‫‪ّ .1‬‬
‫والعرا�ض‪.‬‬ ‫الرواح أ‬
‫أ‬
‫‪ .2‬فر�ض النظام العام‪ ،‬أ‬
‫والمن‪ ،‬وحماية املمتلكات واملن�ش�آت العامة‪،‬‬

‫‪� 49‬إ�سالم �أون الين‪.2007/4/2 ،‬‬


‫‪� 50‬أ�رشف العجرمي‪“ ،‬الفلتان أ‬
‫المني يف غزة‪ :‬حرب جديدة على الثقافة‪ ”،‬جملة الدرا�سات‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬بريوت‪ ،‬م ؤ��س�سة الدرا�سات الفل�سطينية‪ ،‬ربيع ‪ ،2007‬العدد ‪� ،70‬ص ‪.61‬‬
‫الخباري‪ ،‬يف‪:‬‬ ‫ن�ص اخلطة أ‬
‫المنية كاملة‪ ،‬انظر موقع �أمد إ‬ ‫لالطالع على ّ‬
‫‪51‬‬

‫‪http://www.amad.ps/arabic/?action=detail&id=317‬‬

‫‪129‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المالك أ‬
‫والرا�ضي احلكومية‪.‬‬ ‫و�إزالة التعديات على أ‬
‫‪� .3‬إعادة هيبة ال�سلطة وب�سط �سيادة القانون‪.‬‬
‫‪ .4‬منع ظاهرة انت�شار حمل ال�سالح واحلواجز امل�سلحة وظاهرة‬
‫اللثام‪� ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .5‬منع اجلرمية و�ضبط ما يرتكب من جرائم‪.‬‬
‫‪ .6‬حماربة �أوكار اجلرمية والع�صابات املنظمة وجتارة أ‬
‫ال�سلحة‬
‫واملخدرات‪.‬‬
‫بالجهزة أ‬
‫المنية وخ�صو�ص ًا‬ ‫‪� .7‬إعادة الثقة بالنف�س لدى العاملني أ‬
‫ال�رشطة‪:‬‬
‫�أ‪ .‬تقدمي احلماية والدعم الكايف للق�ضاة ودور املحاكم؛ بهدف‬
‫البت يف الق�ضايا املعرو�ضة �أمام املحاكم‪.‬‬
‫قيامها ب�رسعة ّ‬
‫ب‪ .‬تنفيذ أ‬
‫الحكام الق�ضائية و�أوامر النيابة املرتاكمة لدى ال�رشطة‪.‬‬
‫وقد ر�أى بع�ض املحللني يف هذا التفاهم بني الرئا�سة واحلكومة بداية‬
‫احلل مللف الفلتان أ‬
‫المني‪� ،‬إال �أن عدم التوافق بني وزير الداخلية وقادة‬ ‫ّ‬
‫المنية حال دون وقف الفلتان أ‬
‫المني وفو�ضى ال�سالح‪ ،‬مما دفع‬ ‫الجهزة أ‬‫أ‬
‫بوزير الداخلية �إىل تقدمي ا�ستقالته‪ .‬وقد حددت حركة حما�س �أ�سباب‬
‫المنية‪ ،‬فاتهمت حما�س من‬ ‫ف�شل وزير الداخلية اجلديد يف تنفيذ اخلطة أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية”‪ ،‬بالت�آمر على وزير الداخلية‬ ‫و�صفتهم “مافيات داخل أ‬
‫هاين القوا�سمي‪ ،‬ل�سلب �صالحياته‪ ،‬وعرقلة جهوده لتطبيق اخلطة أ‬
‫المنية‪،‬‬
‫المني‪ .‬وقالت حما�س‬‫ألن لهم م�صلحة يف تف�شي الفو�ضى ومظاهر الفلتان أ‬
‫على ل�سان حممود الزهار �إن وزير الداخلية ال�سابق �سعيد �صيام تعر�ض‬
‫للم ؤ�امرة ذاتها‪ ،‬ودعا الزهار �إىل �إقالة اجلهاز إ‬
‫الداري يف وزارة الداخلية‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫الذي �شارك يف زراعة الفو�ضى والف�ساد‪ .52‬كما طالبت حما�س من الرئي�س‬


‫عبا�س ا�ستبعاد حممد دحالن م�ست�شار أ‬
‫المن القومي‪ ،‬ور�شيد �أبو �شباك‬
‫المن الداخلي؛ لت�سهيل تطبيق اخلطة أ‬
‫المنية‪ ،53‬وعلى ما يبدو‬ ‫مدير عام أ‬
‫ف إ�ن حركة حما�س كانت تربط بني ما يدور داخل أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪،‬‬
‫من فلتانٍ واعتدا ٍء على امل ؤ��س�سات العامة وال�شخ�صيات وال�صحفيني وبني‬
‫�سلوك ومواقف كل من حممد دحالن ور�شيد �أبو �شباك‪ .‬وهنا ال ّ‬
‫بد من‬
‫ي�رص على �إعطاء دورٍ �أمني لدحالن و�أبو‬
‫ال�شارة �إىل �أن الرئي�س عبا�س كان ّ‬
‫إ‬
‫�شباك على الرغم من اعرتا�ض حما�س‪.‬‬
‫تعدهم حما�س �سبب ًا للفو�ضى املوجودة‬ ‫يف ّ‬
‫ظل رف�ض الرئا�سة �إزاحة من ّ‬
‫ظل �إف�شال وزير الداخلية هاين القوا�سمي‪،‬‬ ‫يف ال�شارع الفل�سطيني‪ ،‬ويف ّ‬
‫بد�أت تظهر على ال�سطح م�شاريع �أمريكية �إ�رسائيلية‪ ،‬ومقرتحات �أوروبية‪،‬‬
‫ر�أتها حما�س �إنذاراً لبداية تفجر الو�ضع الفل�سطيني؛ فقد ك�شفت تقارير‬
‫لقاءات �رسية بني قيادات عربية وفل�سطينية و�أوروبية؛ للبحث‬
‫ٍ‬ ‫�إخبارية عن‬
‫يف �سبل مترير قرار �إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬وت أ�مني الظروف املنا�سبة لهذا‬
‫الحمد‪� ،‬أن‬ ‫�رصح نائب رئي�س الوزراء عزام أ‬
‫القرار‪ ،‬ويف ال�سياق نف�سه ّ‬
‫عمر احلكومة لن يتجاوز الثالثة �أ�شهر �إذا مل يرفع احل�صار‪.54‬‬
‫جهات فل�سطينية‬
‫ٍ‬ ‫وعلى ما يبدو فقد كان هناك توافق دويل عربي مع‬
‫حول ا�ستبعاد حركة حما�س من اخلريطة ال�سيا�سية الفل�سطينية‪ ،‬حيث قال‬

‫‪ 52‬اخلليج‪.2007/4/26 ،‬‬
‫‪ 53‬القد�س العربي‪2007/4/30 ،‬؛ واحلياة‪.2007/5/1 ،‬‬
‫‪ 54‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/5/1 ،‬‬

‫‪131‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫التدخل يف ال�ش أ�ن‬


‫ّ‬ ‫املتحدث با�سم احلركة �إ�سماعيل ر�ضوان‪“ :‬نرف�ض‬
‫الفل�سطيني بعدما قال ال�شعب الفل�سطيني كلمته واختار ممثليه؛ من خالل‬
‫انتخابات ت�رشيعية نزيهة‪ ،‬ونرف�ض االنقالب عليها وعلى �إرادة ال�شعب‬
‫ال�سالمية �أو الت�آمر عليها”‪ .‬ورف�ض‬
‫الفل�سطيني ملحاولة �إزالة احلركة إ‬
‫ر�ضوان تف�صيل كيفية مواجهة حما�س لهذه املحاوالت‪ ،‬مكتفي ًا بالقول‬
‫التحدث عن تفا�صيل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫“�إن اخليارات الوطنية �ستكون يف حينها وال ميكن‬
‫لكننا �سنكون �أمام و�ضع �صعب؛ بحيث �سي�صل ال�شعب الفل�سطيني �إىل‬
‫مرحلة ال ميكنه فيها �أن يتحمل كل هذه ال�ضغوط وامل ؤ�امرات التي توجه‬
‫�ضد �أبناء ال�شعب الفل�سطيني”‪.55‬‬
‫ّ‬
‫رف�ض رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية قبول ا�ستقالة الوزير القوا�سمي‪،‬‬
‫وحاول التفاهم مع الرئي�س عبا�س لت�سهيل عمل وزير الداخلية وتنفيذ‬
‫اخلطة أ‬
‫المنية املتفق عليها‪ .‬اجتمع رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية مع الرئي�س‬
‫عبا�س يف ‪ ،2007/5/7‬كما عقد اجتماع ًا �أخر يف ‪ 2007/5/9‬بح�ضور‬
‫وزير الداخلية والطيب عبد الرحيم‪ ،‬واقرتح رئي�س الوزراء ت�شكيل قوة‬
‫م�شرتكة من القوة التنفيذية وحر�س الرئا�سة لتنفيذ اخلطة أ‬
‫المنية ومت التوافق‬
‫على ذلك‪ ،‬ولكن يف �أثناء اجتماع رئي�س الوزراء مع وزير الداخلية للعدول‬
‫عن ا�ستقالته فوجئ املجتمعون بانت�شار ال�رشطة الفل�سطينية يف ال�شوارع‬
‫ب أ�مر من ر�شيد �أبو �شباك دون تن�سيق مع وزير الداخلية �أو رئي�س الوزراء �أو‬
‫حتى مع الرئي�س عبا�س‪ .‬وبعد ذلك اجتمع هنية مع الرئي�س عبا�س ووزير‬
‫الداخلية بح�ضور وزير اخلارجية الزهار ونائب رئي�س الوزراء والطيب‬

‫‪ 55‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/5/1 ،‬‬

‫‪132‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫عبد الرحيم و ّمت االتفاق على ما يلي‪:‬‬


‫‪ .1‬قرار وطني برعاية الرئي�س عبا�س ورئي�س وزرائه هنية بدعم وزير‬
‫الداخلية هاين القوا�سمي‪.‬‬
‫‪ .2‬ت�شكيل غرفة عمليات م�شرتكة ب إ�مرة وزير الداخلية‪.‬‬
‫والدارة والتنظيم‬
‫حل للمطالب املتعلقة بالق�ضايا املهنية إ‬‫‪� .3‬إيجاد ّ‬
‫واملالية خالل �شهر‪.‬‬
‫يتم حتديد احتياجات غرفة العمليات يف �ضوء مراحل اخلطة أ‬
‫المنية‬ ‫‪ّ .4‬‬
‫من حيث أ‬
‫العداد املطلوبة وجتهيزاتها‪.‬‬
‫‪ .5‬يبد�أ وزير الداخلية بالعمل على الفور من �أجل إ‬
‫العداد للخطة مع‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية ذات العالقة‪.‬‬ ‫أ‬
‫وال�سالمية من‬
‫‪ .6‬ينظم وزير الداخلية العالقة مع الف�صائل الوطنية إ‬
‫خالل �آلية ت�ضعها غرفة العمليات‪.‬‬
‫يتم ذلك خالل �أ�سبوع على أ‬
‫الكرث‪.‬‬ ‫الطار الزمني‪ّ :‬‬‫‪ .7‬إ‬
‫‪ .8‬ت�سمى القوة أ‬
‫المنية اجلديدة‪ :‬القوة امل�شرتكة‪.‬‬
‫ويف ‪ 2007/5/11‬اجتمع رئي�س الوزراء مع القوا�سمي واتفق معه‬
‫على �أن يبد�أ عمله و�أن يجتمع مع العميد منار �شحادة قائد قوات الرئا�سة‬
‫لو�ضع الت�صورات أ‬
‫الولية حول القوة امل�شرتكة‪ ،‬وبالفعل ّمت ترتيب موعد‬
‫الخري مل يح�رض لالجتماع‪ ،‬فقد‬‫الجتماع القوا�سمي مع �شحادة‪� ،‬إال �أن أ‬
‫رف�ض مدير أ‬
‫المن العام ر�شيد �أبو �شباك �أن ّ‬
‫يتم االت�صال مع العميد منار‬
‫�شحادة �إال من خالله‪.‬‬
‫وبعد ا�ستقالة وزير الداخلية نهائي ًا ا�ستلم رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‬
‫الجراءات؛ متهيداً‬
‫الوزارة‪ ،‬وقام بالتوافق مع الرئي�س عبا�س ب�سل�سلة من إ‬

‫‪133‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫املقرة م�سبق ًا‪ ،‬فقد قام هنية يف ‪ ،2007/5/31‬وب�صفته‬ ‫لتنفيذ اخلطة أ‬


‫المنية ّ‬
‫قائم ًا ب أ�عمال وزير الداخلية بنقل في�صل حممد ال�شيخ يو�سف‪ ،‬املعروف‬
‫بكمال ال�شيخ‪� ،‬إىل وزارة الداخلية وتعيينه مديراً عام ًا لل�رشطة الفل�سطينية‪،‬‬
‫وترقية مدير عام ال�رشطة ال�سابق اللواء ح�سني حممد عبد القادر ربايعة‪،‬‬
‫املعروف بعالء ح�سني‪ ،‬م�ساعداً لوزير الداخلية يف املحافظات ال�شمالية‪،‬‬
‫كما �أ�صدر قراراً بتعيني اللواء الركن �سعيد �أبو فنونة قائداً للقوة امل�شرتكة‪،‬‬
‫التي �شُ ِّكلت لتحمل م� ؤ‬
‫س�ولية متابعة تنفيذ اخلطة أ‬
‫المنية‪.56‬‬
‫ّ‬
‫�شكلت هذه التغيريات �سابقة يف حكومة تتولها حما�س‪ ،‬حيث كان‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية على هذا امل�ستوى الرفيع‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫�أول تغيري داخل أ‬
‫الجراءات مل جتد فر�صتها للتنفيذ‪ ،‬حيث دخل قطاع غزة يف موجة �أعنف‬
‫إ‬
‫مما �سبق من االغتياالت واخلطف‪.‬‬
‫ً‬
‫�ساد�سا‪ :‬حما�س واحل�سم الع�سكري‪:‬‬
‫�شهد �شهر �أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬عودة لعمليات القتل واخلطف‪ ،‬فقد ن�رشت‬
‫حركة حما�س بيان ًا ر�صدت فيه بع�ض ما تعر�ض له �أن�صارها من قبل بع�ض‬
‫المنية وبع�ض عنا�رص حركة فتح‪ ،‬وذكرت �أنها ر�صدت‪،‬‬ ‫الجهزة أ‬ ‫عنا�رص أ‬
‫خالل ‪� 24‬ساعة منذ بداية اال�شتباكات التي وقعت يف ‪،2007/5/13‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬على‬ ‫خطف من قبل أ‬
‫ٍ‬ ‫تعر�ض �أكرث من ‪ 70‬مواطن ًا لعمليات‬
‫الرغم من �أن “كثرياً منهم لي�سوا حتى من �أع�ضاء احلركة‪ ...‬و�إمنا �أهينوا‬
‫واعتدي عليهم ملجرد مظاهر تدينهم والتزامهم”‪ ،‬كما ر�صدت حما�س‬
‫خالل الفرتة نف�سها ‪ 12‬ت�رصيح ًا لناطقني با�سم حركة فتح ال يوجد فيها‬

‫‪ 56‬القد�س العربي‪.2007/6/1 ،‬‬

‫‪134‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫�إال التخوين؛ “حما�س ال يهمها الوطن”‪ ،‬والتحري�ض “دعوة �إىل ال�رضب‬


‫لل�سف يف هذا اجلانب‬‫بيد من حديد”‪ ،‬وقالت حما�س‪�“ :‬إن ما يدعونا أ‬
‫هو ر�صدنا النخراط بع�ض ناطقي حركة فتح يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬يف هذه‬
‫أ‬
‫الحداث ب�شكل �سلبي‪ ،‬من خالل العودة �إىل اللهجة التي �سبقت اتفاق‬
‫مكة املكرمة‪ ،‬كالتيار الدموي‪ ...‬و�سن�رضب يف كل مكان‪ ،‬بد ًال من حماولة‬
‫االلتفاف وتطويق ب ؤ�رة التوتر وح�رصها”‪ .57‬كما اتهمت حركة حما�س‬
‫مدير أ‬
‫المن الداخلي ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬واملدير العام للجهاز يف قطاع غزة‬
‫ات�صاالت �رسية‬
‫ٍ‬ ‫يو�سف عي�سى‪ ،‬والقائد يف اجلهاز ب�سام اليازوري‪ ،‬ب إ�جراء‬
‫مع جهات �أمنية لدول �أجنبية‪ ،‬و�أ�شارت حما�س �إىل �أن االت�صاالت التي‬
‫�أجراها امل� ؤ‬
‫س�ولون الفل�سطينيون تبادلوا خاللها معلومات خطرية عن‬
‫املقاومة الفل�سطينية وقادتها‪ ...‬وتناولت هذه االت�صاالت تبادل اخلطط‬
‫ل�رضب املقاومة والقوة التنفيذية‪ ،‬وكيفية ال�سيطرة على كتائب �شهداء‬
‫الق�صى وتفريغها من م�ضمونها‪ ،‬كما �شددت حما�س على �أن “من يت�آمر‬‫أ‬
‫مع العدو على �أبناء �شعبه وقوى املقاومة قد �أوغل يف اخليانة‪ ،‬ولن نتعامل‬
‫الن �إال على هذا أ‬
‫ال�سا�س”‪.58‬‬ ‫معه بعد آ‬

‫�أثار ا�ست�شهاد ‪ 35‬عن�رصاً من حما�س خالل �أ�سبوع واحد يف �أيار‪ /‬مايو‬


‫‪ ،2007‬قلق ًا �شديداً و�سط حركة حما�س حيث قتل ‪ 13‬من عنا�رصها على‬
‫ال�رسائيليني‪ ،‬بينما قتل ‪� 22‬آخرون يف اال�شتباكات مع فتح‪� ،59‬أمام هذا‬
‫يد إ‬

‫‪ 57‬قد�س بر�س‪.2007/5/15 ،‬‬


‫‪ 58‬القد�س العربي‪.2007/5/19 ،‬‬
‫للعالم‪ ،2007/5/20 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 59‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬

‫‪135‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫العالمي با�سم كتائب الق�سام �أبو عبيدة �أن ت�شكيالت‬


‫�رصح الناطق إ‬
‫الو�ضع ّ‬
‫الق�سام يف غزة “مل ت�ستخدم ن�صف قوتها”‪ ،‬يف مواجهة من و�صفهم “بجي�ش‬
‫حلد العميل يف غزة”‪ ،‬م�شرياً �إىل �أن الكتائب لن ت�صمت طوي ً‬
‫ال على‬
‫اخلروقات‪ .60‬وقد ن�رشت حركة حما�س �أ�سماء عدد من عنا�رص جهازها‬
‫الع�سكري الذين ّمت اغتيالهم على �أيدي من �أ�سمتهم التيار العميل منذ بداية‬
‫�سنة ‪ 2006‬وحتى احل�سم الع�سكري الذي قامت به‪ ،‬وهنا �سنكتفي بعر�ض‬
‫�أ�سماء من ّمت اغتيالهم خالل العام ‪ 2007‬حتى نهاية �أيار‪ /‬مايو ‪.2007‬‬
‫ويف منت�صف �أيار‪ /‬مايو ارتفعت وترية اال�شتباكات‪ ،‬وزادت معها‬
‫حتذيرات حركة حما�س من حماوالت �إف�شال حكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫ويف هذه أ‬
‫الثناء ظهرت حركة حما�س �أكرث حزم ًا يف ردودها الع�سكرية؛‬
‫فقد قامت جمموعة من حركة حما�س مبهاجمة منزل �سمري امل�شهراوي يف‬
‫‪ ،2007/5/16‬بعد قيام مرافقي امل�شهراوي مبحاولة اختطاف املحا�رض يف‬
‫ال�سالمية زهدي �أبو نعمة‪ ،‬كما هاجمت القوة التنفيذية منزل‬ ‫اجلامعة إ‬
‫ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬حيث قتل �ستة من مرافقي �أبو �شباك �أثناء الهجوم‪ .‬ومن‬
‫الحداث وقعت بعد ا�شتباكات دامية بني حركتي‬ ‫اجلدير بالذكر �أن هذه أ‬
‫فتح وحما�س‪ ،‬وتزامنت مع دخول ‪ 500‬مقاتل من حر�س الرئا�سة كانوا قد‬
‫تدربوا يف م�رص‪.61‬‬

‫للعالم‪ ،2007/5/19 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪ 60‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬
‫الخبارية‪ ،2007/5/16 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪� 61‬شبكة بي بي �سي إ‬
‫_‪http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid‬‬
‫‪6660000/6660243.stm‬‬

‫‪136‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫�إزاء ت�صاعد عمليات االغتيال التي تعر�ض لها بع�ض كوادر حركة حما�س‬
‫وعنا�رصها‪� ،‬أعلنت احلركة يف بيان لها قالت فيه‪“ :‬ال لوم علينا كيف‬
‫العدام التي ينفذها االنقالبيون‪ ،‬ألنها‬
‫�سنعالج ما يرتتب على عمليات إ‬
‫جتاوزت كل اخلطوط احلمر‪ ،‬وفتحت اخليارات �أمامنا على م�رصاعيها”‪.‬‬
‫و�أ�ضافت‪�“ :‬إن هذه الفئة الباغية التي ما �إن نطفئ ناراً‪ ،‬حتى تقوم ب إ��شعال‬
‫نارٍ �أخرى‪ ،‬وهي ال زالت تخطط وتدبر‪ ...‬جرائمها وفق ًا ألجندة ر�سمت‬
‫لها‪ ،‬فال تنظيم يحكمها‪ ،‬وال �أخالق تلجمها‪ ،‬و�إن تركت فلن ينعم �أي‬
‫والمان‪ ،‬لذلك يجب �أن تنتهي هذه الظاهرة”‪ .‬وجددت‬ ‫بالمن أ‬
‫مواطن أ‬
‫حما�س الت أ�كيد على �أنها لي�ست يف �رصاع مع حركة فتح‪ ،‬فقالت “لي�س‬
‫بيننا وبني احلركة �أي �شيء نتنازع عليه‪ ،‬و�إن على حركة فتح �أن تعلن‬
‫موقفها بو�ضوح تا ّم من ه ؤ�الء القتلة املجرمني‪ ،‬و�أن ترفع عنهم الغطاء‬
‫يحول امل أ�جورون ما يحدث على �أنه �رصاع بني فتح‬ ‫التنظيمي‪ ،‬حتى ال ّ‬
‫وحما�س حول �سلطة �أو تقا�سم كعكة”‪.62‬‬
‫وبالفعل قامت حركة حما�س يف هذه أ‬
‫الثناء بخطوة �أمنية غري متوقعة‪،‬‬
‫فقد قامت القوة التنفيذية ومب�ساندة كتائب الق�سام‪ ،‬بتوجيه �رضبة قا�سية ملن‬
‫المنية ولبع�ض عنا�رص حركة فتح الذين‬ ‫الجهزة أ‬ ‫ت�سميه بالتيار العميل يف أ‬
‫المني‪ .‬وكان قد �شهد أ‬
‫ال�سبوع الثاين‬ ‫تتهمهم حما�س بالت�سبب يف الفلتان أ‬
‫تعر�ض خاللها‬
‫من حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬ا�شتباكات عنيفة بني الطرفني‪ّ ،‬‬
‫رئي�س الوزراء ملحاولة اغتيالٍ ثانية‪ ،‬حيث ق�صف منزله �أثناء تواجده فيه‬
‫مقر احلكومة يف �أثناء اجتماع‬
‫بقذائف الـ “�أر بي جي”‪ ،‬كما ق�صف ّ‬
‫احلكومة‪.‬‬

‫للعالم‪ ،2007/6/12 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪ 62‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬

‫‪137‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المنية‪ ،‬وجهت حركة حما�س‬ ‫الجهزة أ‬


‫وقبيل الهجوم على مقرات أ‬
‫مقراتهم با�ستثناء جهاز ال�رشطة‪،‬‬ ‫الجهزة أ‬
‫المنية باخلروج من ّ‬ ‫ندا ًء لقوات أ‬
‫وقد ا�ستجاب العديد من عنا�رص أ‬
‫الجهزة لهذا النداء فيما رف�ض �آخرون؛‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�سيطرت‬ ‫مقرات أ‬‫فهاجمت عنا�رص التنفيذية والق�سام ّ‬
‫على �أبراج �سكنية ي�سكنها بع�ض قيادات هذه أ‬
‫الجهزة‪ .‬ويف ‪2007/6/13‬‬
‫متكنت قوات حما�س من ال�سيطرة على �أغلبية هذه املواقع يف جنوب‬ ‫ّ‬
‫ي�ضم‬
‫المني يف مدينة غزة‪ ،‬الذي ّ‬ ‫القطاع وو�سطه و�شماله‪ ،‬با�ستثناء املربع أ‬
‫واملقر الرئي�سي جلهاز‬
‫ّ‬ ‫وجممع �أن�صار أ‬
‫المني‪،‬‬ ‫منزل الرئي�س حممود عبا�س‪ّ ،‬‬
‫الخرى‪ .‬و�أمهلت حركة حما�س عنا�رص‬ ‫المن الوقائي‪ ،‬وبع�ض املواقع أ‬
‫أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية املتبقية حتى م�ساء ‪ 2007/6/15‬لال�ست�سالم‪ ،63‬وقبل انتهاء‬ ‫أ‬

‫يوم ‪� 2007/6/14‬أحكمت حركة حما�س �سيطرتها على كافة ّ‬


‫مقرات‬
‫مقري املخابرات وجهاز أ‬
‫المن الوقائي الرئي�سيني‬ ‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬مبا فيها ّ‬ ‫أ‬
‫يف منطقة تل الهوا‪ ،‬التي �أعلنتها كتائب الق�سام منطقة ع�سكرية مغلقة‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪،‬‬ ‫وقد اعتقلت عنا�رص التنفيذية الع�رشات من عنا�رص أ‬
‫الفارة الذين تتهمهم حما�س بامل� ؤ‬
‫س�ولية‬ ‫وتابعت مالحقة بع�ض القيادات ّ‬
‫متكنت عنا�رص‬ ‫عن عمليات االغتيال‪ .‬وبالفعل يف م�ساء ‪ّ 2007/6/14‬‬
‫الق�سام من �إلقاء القب�ض على �سميح املدهون‪ ،‬وقامت ب إ�عدامه متهمة �إياه‬
‫س�ولية املبا�رشة عن �إعدام ع�رشات املواطنني وامللتحني وحرق منازل‬ ‫بامل� ؤ‬
‫الذاعات املحلية التابعة حلركة فتح‪،‬‬
‫يف غزة‪ ،‬وذلك باعرتافه إلحدى إ‬

‫الو�سط‪ ،‬أ‬
‫والخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/14 ،‬‬ ‫‪ 63‬اخلليج‪ ،‬وال�رشق أ‬

‫‪138‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫وتهديده بتنفيذ املزيد من تلك املمار�سات‪ ،64‬كما انتقدت حما�س تلقي‬


‫اال من حر�س الرئا�سة‪ .65‬يذكر �أن املدهون‬
‫املدهون ومن�صور �شاليل �أمو ً‬
‫ا�ستطاع قبيل اعتقاله قتل �أحد عنا�رص الق�سام‪ ،‬وقد �أ�ساء البث إ‬
‫العالمي‬
‫للعمليات التي قامت بها عنا�رص التنفيذية والق�سام �إ�ساءة كبرية للوجه الذي‬
‫عرفت به حما�س‪ .‬وكان من ذلك‪ :‬م�شهد قتل �سميح املدهون الذي عر�ض‬
‫على ف�ضائية أ‬
‫الق�صى التابعة حلركة حما�س‪� ،‬إ�ضافة �إىل ممار�سات �أخرى‬
‫قامت بها عنا�رص التنفيذية نذكر منها قيام بع�ض عنا�رص التنفيذية والق�سام‬
‫مقر عبا�س‪ ،‬ورفع راية حما�س اخل�رضاء على بع�ض املواقع‬
‫بالتقاط ال�صور يف ّ‬
‫الر�سمية‪� ،‬إ�ضافة �إىل الفو�ضة التي ح�صلت قبيل �سيطرة عنا�رص حما�س على‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية مراكزهم مما جعلها‬ ‫المنية؛ ب�سبب ترك عنا�رص أ‬ ‫املراكز أ‬
‫عر�ضة للنهب‪ ،66‬هذه أ‬
‫الفعال ا�ضطرت‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬القيادة ال�سيا�سية حلركة‬
‫الخطاء يف �أثناء عملية احل�سم الع�سكري‬‫حما�س �إىل االعرتاف بوقوع هذه أ‬
‫واالعتذار عنها‪ ،‬مع الت أ�كيد على �أنها �أخطاء فردية ولي�ست �سيا�سة معتمدة‬
‫للحركة‪.67‬‬
‫الن�سان‪ ،‬فقد �سقط‬ ‫ووفق ًا إلح�صاءات املركز الفل�سطيني حلقوق إ‬
‫جراء �أحداث احل�سم الع�سكري يف قطاع غزة ‪ 161‬قتي ً‬
‫ال خالل الفرتة‬
‫‪ ،2007/6/16-7‬ومن بني ه ؤ�الء ‪ 43‬مدني ًا‪ ،‬و‪� 91‬شخ�ص ًا من عنا�رص حركة‬
‫المنية التابعة لها‪ ،‬و‪� 27‬شخ�ص ًا من حركة حما�س وكتائب‬ ‫والجهزة أ‬
‫فتح أ‬

‫‪ 64‬القد�س‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 65‬الغد‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 66‬الد�ستور‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 67‬اخلليج‪.2007/7/28 ،‬‬

‫‪139‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الق�سام والقوة التنفيذية‪� .68‬إال �أن اجلداول التي ن�رشها املركز �أوردت �أ�سماء‬
‫ال�شخا�ص كمدنيني‪ ،‬على الرغم من انتمائهم ألحد الطرفني‪ ،‬مثل‬ ‫بع�ض أ‬
‫ح�سام �أبو قين�ص من حركة فتح‪ ،‬والذي قُتل على يد عنا�رص من فتح نف�سها‪،‬‬
‫وحممد الرفاتي من حركة حما�س‪.‬‬
‫طلبت القيادة ال�سيا�سية من كتائب الق�سام‪ ،‬بعد �سيطرتها على قطاع‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية وكوادرها‪ ،‬وبالفعل‬ ‫غزة‪� ،‬إعالن العفو العام عن عنا�رص أ‬
‫�أعلنت كتائب الق�سام العفو العام و�أطلقت �رساح بع�ض من اعتقلتهم من‬
‫قيادات فتح على الرغم من اتهامهم “بالت�آمر وبتنفيذ �أجندة �أمريكية”‪.69‬‬
‫يف املقابل علقت حركة فتح م�شاركتها يف حكومة الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫عدته حما�س “حماولة لالبتزاز وممار�سة ال�ضغوط عليها”‪ ،‬و�أ�ضافت‬
‫وهو ما ّ‬
‫�أنه “�إذا كانت حركة فتح معنية بوقف اال�شتباكات‪ ،‬فالطريق �أمامها‬
‫وا�ضح‪ ،‬وهو جلم التيار االنقالبي العميل واخلائن فيها‪ ،‬ال �سيما �أن من‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية تتبع‬ ‫يرتكب هذه اجلرائم يف �شوارع غزة؛ هم �أفراد من أ‬
‫لرئي�س ال�سلطة وللقائد العام حلركة فتح حممود عبا�س”‪ .70‬كما �أ ّكد فوزي‬
‫برهوم‪ ،‬الناطق با�سم حما�س �أنه مل يكن �أمام حركته �سوى �أن تتخذ زمام‬
‫املبادرة‪ ،‬وتتحرك لل�سيطرة على قطاع غزة؛ “حلماية منجزات ال�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬ووقف املهزلة واجلرائم املتوا�صلة التي يقودها التيار االنقالبي‬

‫الن�سان‪� ،‬صفحات �سوداء يف غياب العدالة‪ :‬تقرير حول أ‬


‫الحداث‬ ‫‪ 68‬املركز الفل�سطيني حلقوق إ‬
‫الدامية التي �شهدها قطاع غزة خالل الفرتة ‪ 14-7‬يونيو ‪ ،2007‬غزة‪� ،‬ص ‪.85-81‬‬
‫‪ 69‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/6/16 ،‬‬
‫للعالم‪ ،2007/6/13 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 70‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬

‫‪140‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫الن ب�سط أ‬
‫المن‬ ‫واخلائن داخل فتح”‪ ،‬و�شدد برهوم على �أن “حما�س تريد آ‬
‫والقانون و�إعادة الهدوء لقطاع غزة‪ ،‬و�أن تعمل مع كل �رشفاء ال�شعب‬
‫الفل�سطيني لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬وال تريد اال�ستئثار بال�سلطة وال الهيمنة‬
‫على املراكز‪ ...‬هي تريد آ‬
‫الن �رشاكة حقيقية”‪.71‬‬
‫ال�شارة �إىل �أن حركة حما�س مل ُ‬
‫تئل جهداً يف تربير‬ ‫وهنا ال بد من إ‬
‫ما قامت به من ح�سم ع�سكري يف قطاع غزة؛ ف أ��صدرت تقريراً رفعته‬
‫�إىل جلنة تق�صي احلقائق املنبثقة عن جامعة الدول العربية يف ‪،2007/7/26‬‬
‫كما �أ�صدرت كتاب ًا بعنوان “الكتاب أ‬
‫البي�ض‪ :‬عملية احل�سم يف قطاع غزة‬
‫المريكية ودور‬ ‫الول املخططات أ‬‫ا�ضطرار ال اختيار”‪ .‬وقد ت�ضمن التقرير أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية يف �إجناح هذه املخططات ويف عمليات االغتيال و�إ�شاعة‬ ‫أ‬
‫والجراءات الرئا�سية‬
‫المني يف قطاع غزة‪ ،‬كما ت�ضمن املرا�سيم إ‬ ‫الفلتان أ‬
‫المني يف القطاع‪ ،‬ويف نهاية هذا التقرير‬‫التي �أدت �إىل توتري الو�ضع أ‬
‫خل�صت حما�س �إىل �أن ما قامت به يف غزة ال يعدو كونه “خطوة �أمنية”‬
‫جاءت ملعاجلة م�شكلة �أمنية لي�س �أكرث‪ ،‬و“دون �أن تكون لهذه اخلطوة �أية‬
‫�أبعاد �سيا�سية مطلق ًا”‪.72‬‬
‫�أما بالن�سبة مل�ضمون الكتاب أ‬
‫البي�ض فال يختلف كثرياً عن التقرير‬

‫‪� 71‬إ�سالم �أون الين‪ ،2007/6/14 ،‬انظر‪:‬‬


‫?‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite‬‬

‫للعالم‪ ،2007/8/31 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪ 72‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪http://www.palestine-info.info/Ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcO‬‬
‫‪d87MDI46m9rUxJEpMO%2bi1s7XRuOLGZ0gg7IpQOMA84unEBIv‬‬
‫‪dI4dlwqwUhQt4K%2fKMmFm9H2rKdjFhmpRFSlGZZaUfN3AFl%2‬‬
‫‪b%2bUs0%2bMGQz6eKyPcrUkVCJhuw9he9dqhJlYg%3d‬‬

‫‪141‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫املقدم للجنة تق�صي احلقائق‪� ،‬إال �أنه ت�ضمن تفا�صيل وجداول �إح�صائية‬
‫ّ‬
‫بالحداث أ‬
‫المنية واالعتداءات التي تعر�ضت لها امل ؤ��س�سات الر�سمية‬ ‫أ‬
‫وم ؤ��س�سات احلركة وعنا�رصها‪ ،‬ملحقة ب�صور بع�ض تلك االعتداءات‪.‬‬
‫كما اعرتفت حما�س بوقوع �أخطاء من قبل بع�ض �أن�صارها ومنت�سبيها‪،‬‬
‫و�شددت على �إدانتها وا�ستنكارها لهذه أ‬
‫الفعال‪.73‬‬

‫جدول �إح�صائي باالعتداءات التي تعر�ضت لها حركة حما�س بعد توقيع اتفاق‬
‫مكة يف الفرتة املمتدة ما بني ‪2007/6/14-2/7‬‬
‫‪74‬‬

‫اعتداء على‬
‫�إطالق نار‬ ‫خطف‬ ‫جرحى‬ ‫قتلى‬
‫م ؤ��س�سات‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫�شباط‪ /‬فرباير‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪3‬‬ ‫�آذار‪ /‬مار�س‬
‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫‪56‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪25‬‬ ‫�أيار‪ /‬مايو‬
‫‪27‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪39‬‬ ‫حزيران‪ /‬يونيو‬
‫‪97‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪69‬‬ ‫املجموع‬

‫ً‬
‫�سابعا‪ :‬حما�س وحكومة الطوارئ‪:‬‬
‫مل تكن فكرة ت�شكيل حكومة الطوارئ فكرة جديدة كلي ًا على ال�شارع‬
‫الفل�سطيني‪� ،‬إذ لطاملا لوحت الرئا�سة بفكرة ت�شكيل حكومة طوارئ؛‬

‫ال�سالمية (حما�س)‪ ،‬الكتاب أ‬


‫البي�ض‪ :‬عملية احل�سم يف قطاع‬ ‫العالمي حلركة املقاومة إ‬
‫‪ 73‬املكتب إ‬
‫العالمي حلما�س‪ ،‬ت�رشين‬ ‫غزة ا�ضطرار ال اختيار‪ ،‬الطبعة الثانية (دون مكان‪ :‬املكتب إ‬
‫الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.)2007‬‬
‫‪ 74‬امل�صدر نف�سه‪� ،‬ص ‪.152‬‬

‫‪142‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫متهيداً إلجراء انتخابات مبكرة‪ .75‬ولكن بعد ما جرى يف غزة من ٍ‬


‫تهاو‬
‫للجهزة أ‬
‫المنية �أمام القوة التنفيذية‪ ،‬وكتائب الق�سام ُف ِتح الباب �أمام الرئي�س‬ ‫أ‬
‫عبا�س‪ ،‬ليبد�أ �سل�سلة من القرارات‪ ،‬ا�ستهلها ب إ�قالة حكومة الوحدة و�إعالن‬
‫عدت حركة‬
‫حكومة الطوارئ‪ ،‬وتكليف �سالم فيا�ض بت�شكيلها‪ ،‬وقد ّ‬
‫حما�س هذا القرار “انقالب ًا على ال�رشعية وجتاوزاً للقوانني الفل�سطينية وكل‬
‫التوافقات الوطنية”‪.76‬‬
‫وعلى الرغم من �إقالة حكومة الوحدة‪� ،‬إال �أن رئي�س احلكومة �إ�سماعيل‬
‫هنية �أعلن عن عدم قانونية ت�شكيل حكومة الطوارئ‪ ،‬كما �أعلن عن‬
‫ا�ستمرار عمل حكومته لت�سيري أ‬
‫العمال‪ ،‬و�أتبع ذلك ب إ��صدار قرار بوقف‬
‫ر�شيد �أبو �شباك عن عمله‪ ،‬وبت�شكيل جمل�س �أعلى لل�رشطة يف قطاع غزة‪،‬‬
‫برئا�سة توفيق جرب‪ ،77‬ال�ضابط يف جهاز املخابرات العامة �سابق ًا‪ .‬كما‬
‫المن فيه‪،‬‬ ‫قامت احلكومة املُقالة بن�رش ال�رشطة يف قطاع غزة؛ ل�ضبط أ‬
‫ش�ون اخلارجية‪ ،‬يف حكومة هنية املُقالة‪ ،‬بت�شكيل‬
‫ال عن قيام وزارة � ؤ‬
‫ف�ض ً‬
‫الجانب وت�سهيل �أعمالهم يف قطاع غزة‪ّ ،‬‬
‫ت�ضم ك ً‬
‫ال‬ ‫جلنة حلماية الرعايا أ‬
‫والعالم والقوة التنفيذية وجهاز أ‬
‫المن‪،‬‬ ‫من وزارة اخلارجية والداخلية إ‬
‫كما دعت وزارة الداخلية ال�صحفيني أ‬
‫الجانب �إىل القدوم �إىل قطاع غزة‬
‫لكتابة التقارير ومتابعة أ‬
‫الو�ضاع عن كثب‪ .78‬وا�ستطاعت احلكومة املُقالة‬
‫الفراج عن ال�صحفي الربيطاين املختطف �آالن‬
‫برئا�سة هنية يف ‪ 2007/7/4‬إ‬

‫‪ 75‬عكاظ‪.2006/10/11 ،‬‬
‫‪ 76‬الغد‪ ،‬والد�ستور‪.2007/6/16 ،‬‬
‫‪ 77‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 78‬عرب ‪.2007/7/4 ،48‬‬

‫‪143‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫جون�ستون ‪ Alan Johnston‬بعد مفاو�ضات مع اخلاطفني التابعني جلي�ش‬


‫ال�سالم‪ ،‬وقد ّمت ذلك بالتعاون مع حركة حما�س‪.79‬‬
‫إ‬
‫متكنت حركة حما�س خالل فرتة وجيزة من �إحكام �سيطرتها على‬
‫الو�ضع أ‬
‫المني يف قطاع غزة‪ ،‬فمنعت �إطالق النار يف الهواء �أو يف‬
‫العرا�س‪ ،‬واعتقلت كبار مروجي املخدرات‪ ،80‬ولكن تخلل ذلك بع�ض‬ ‫أ‬
‫الن�سان وقوع نحو‬ ‫حوادث الفلتان أ‬
‫المني‪ ،‬فقد ر�صد مركز امليزان حلقوق إ‬
‫ثالثة قتلى خالل �شهر متوز‪ /‬يوليو ‪ ،2007‬بينما �سجل املركز �سقوط ‪57‬‬
‫ال خالل �شهر �أيار‪ /‬مايو ‪� ،812007‬أي �أن ن�سبة حوادث الفلتان أ‬
‫المني‬ ‫قتي ً‬
‫ب�شكل ملحوظ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بعد �سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة قد انخف�ضت‬

‫‪ 79‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/7/5 ،‬‬
‫‪ 80‬موقع اجلزيرة نت‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/51387C0E-A73F-4335-‬‬
‫‪A5CC-F89BCF0C04FF.htm‬‬
‫الن�سان‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪ 81‬مركز امليزان حلقوق إ‬
‫‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/detail_daily_news.‬‬
‫‪php?id=1557‬‬

‫‪144‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫�ضحايا الفلتان أ‬
‫المني‬
‫‪82‬‬

‫القتلى‬ ‫اجلرحى‬ ‫ال�سنة‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2002‬‬


‫‪18‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪57‬‬ ‫‪178‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪895‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪260‬‬ ‫‪1,239‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪482‬‬ ‫‪2,371‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪920‬‬ ‫‪4,796‬‬ ‫املجموع‬

‫اهتمام جلميع املراقبني للحالة أ‬


‫المنية‬ ‫ٍ‬ ‫لقد �أ�صبح قطاع غزة ّ‬
‫حمط‬
‫منذ فوز حركة حما�س يف االنتخابات‪ ،‬كما �أ�صبحت حما�س م� ؤ‬
‫س�ولة‬
‫حملها ذلك‬ ‫عن �ضبط أ‬
‫المن يف القطاع بعد �سيطرتها عليه �أمني ًا؛ وقد ّ‬
‫تبعات ثقيلة؛ فقد �أ�صبحت ت�رصفات عنا�رصها حت�سب عليها بدقة‪ ،‬ففي‬
‫‪ 2007/7/7‬قامت جمموعة من القوة التنفيذية باقتحام جامعة أ‬
‫الزهر‪،‬‬
‫و�صادرت بع�ض املواد الكيميائية وهو ما القى ا�ستنكاراً �شديداً من‬
‫الو�ساط احلقوقية أ‬
‫والكادميية‪ ،83‬وعلى الفور قامت قيادة القوة التنفيذية‬ ‫أ‬

‫الن�سان‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪ 82‬وكالة وفا‪2008/1/13 ،‬؛ ومركز امليزان حلقوق إ‬
‫‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/insecurity_statistics.php‬‬
‫الن�سان‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 83‬مركز امليزان حلقوق إ‬
‫‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/detail_daily_news.‬‬
‫‪php?id=1557‬‬

‫‪145‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫س�ول عن اقتحام اجلامعة‪ ،‬كما‬‫التابعة لوزارة الداخلية بوقف ال�ضابط امل� ؤ‬


‫حولت جميع من �شارك يف االقتحام �إىل التحقيق‪ ،‬و�أكدت القوة التنفيذية‬
‫ّ‬
‫�أن هذه الت�رصفات هي �أخطاء فردية ولي�ست �سيا�سة متبعة‪.84‬‬
‫على الرغم من النجاحات التي حققتها القوة التنفيذية يف �سيطرتها‬
‫على أ‬
‫المن يف قطاع غزة‪� ،‬إال �أن املناو�شات بينها وبني �أن�صار حركة فتح‬
‫مل تتوقف‪ ،‬فقد وقعت العديد منها يف �أثناء تظاهر �أن�صار فتح‪ ،‬فقامت‬
‫حكومة هنية املُقالة مبنع التظاهر دون ترخي�ص‪ ،85‬ولكن ذلك مل مينع فتح‬
‫من �إيجاد حل عرب الدعوة �إىل �إقامة �صالة اجلمعة يف ال�ساحات العامة‪.‬‬
‫مل متنع حكومة هنية �أتباع فتح من ال�صالة يف أ‬
‫الماكن العامة‪ ،‬ولكن ما‬
‫لبثت �أن حتولت هذه ال�صلوات �إىل مظاهرات عنيفة‪ ،‬ففي ‪،2007/8/31‬‬
‫وبعد �صالة اجلمعة التي عقدتها حركة فتح يف عدد من �ساحات غزة‬
‫قام املئات من �أن�صار فتح بر�شق ّ‬
‫مقر املجل�س الت�رشيعي بالقنابل احلارقة‬
‫واحلجارة؛ فاعتقلت القوة التنفيذية الع�رشات منهم وفر�ضت عليهم دفع‬
‫غرامة مالية بقيمة �ألف �شيكل �أي نحو ‪ 250‬دوالر‪ ،‬على كل من �شارك‬
‫يف �أعمال ال�شغب‪ ،‬وتعهدت التنفيذية بر ِّد هذا املبلغ بعد �ستة �أ�شهر‬
‫ب�رشط تنفيذ التعهد بعدم امل�شاركة يف �أعمال ال�شغب‪ ،86‬ومن ثم قامت‬
‫حكومة هنية ب إ��صدار قرار يف ‪ ،2007/9/4‬مينع مبوجبه �إقامة ال�صالة يف‬
‫الماكن العامة‪ ،‬على اعتبار �أن هذه التجمعات “جتاوزت �أهداف ال�صالة‪،‬‬ ‫أ‬

‫‪ 84‬الد�ستور‪.2007/7/10 ،‬‬
‫‪ 85‬القد�س العربي‪.2007/8/24 ،‬‬
‫‪ 86‬الد�ستور‪.2007/9/2 ،‬‬

‫‪146‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫و ّمت ا�ستغاللها من �أجل الفو�ضى والفتنة و�أعمال ال�شغب” على ّ‬


‫حد قول‬
‫احلكومة املُقالة‪.87‬‬
‫المنية‪ ،‬فقامت بدمج القوة‬‫ومن جهة �أخرى تابعت حما�س �إجراءاتها أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة لوزارة‬ ‫التنفيذية بجهاز ال�رشطة‪ ،‬وبذلك �أ�صبح عدد أ‬
‫الداخلية يف قطاع غزة خم�سة �أجهزة‪ ،‬وهي جهاز ال�رشطة الفل�سطينية؛‬
‫المن الداخلي ‪ 200‬عن�رص‪،‬‬ ‫ويبلغ عدد �أفراده ثمانية �آالف عن�رص‪ ،‬ودائرة أ‬
‫وجهاز �أمن وحماية ال�شخ�صيات ‪ 700‬عن�رص‪ ،‬وجهاز الدفاع املدين ‪200‬‬
‫عن�رص‪ ،‬وجهاز أ‬
‫المن الوطني ‪ 600‬عن�رص‪ ،88‬كما قامت وزارة الداخلية يف‬
‫احلكومة املُقالة يف ‪ 2007/9/16‬ب إ�زالة ‪ 40‬زنزانة موجودة يف �سجن غزة‬
‫املركزي املعروف با�سم ال�رسايا‪.89‬‬
‫ال يبدو �أن الرئا�سة الفل�سطينية كانت مهتمة بالتفاهم مع حما�س‪،‬‬
‫خ�صو�ص ًا بعد دعوة بو�ش مل ؤ�متر ال�سالم يف اخلريف‪ ،‬فم�ضت ال�سلطة يف‬
‫�ضد حركة حما�س‪ ،‬فاعتقلت الع�رشات من �أبناء حما�س‬
‫ال�ضفة يف �إجراءاتها ّ‬
‫متهمة �إياهم مبحاولة ت أ��سي�س قوة تنفيذية يف ال�ضفة و�رشاء ال�سالح‪ ،90‬ويف‬
‫هذا ال�صدد �أ�صدرت حركة حما�س بيان ًا ر�صدت فيه خالل الفرتة املمتدة‬
‫من ‪ 2007/6/11‬وحتى ‪� 2007/8/31‬أكرث من �ألف اعتداء على عنا�رصها‬
‫وم ؤ��س�ساتها يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬شملت ‪ 639‬عملية اعتقال‪ ،‬و‪ 36‬عملية‬
‫�إطالق نار‪ ،‬و‪ 175‬اعتداء على م ؤ��س�سات وجمعيات تابعة حلما�س‪ ،‬و‪156‬‬

‫‪ 87‬احلياة‪.2007/9/5 ،‬‬
‫‪ 88‬القد�س العربي‪.2007/10/3 ،‬‬
‫‪ 89‬الد�ستور‪.2007/9/17 ،‬‬
‫‪ 90‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/7/23 ،‬‬

‫‪147‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫اعتداء على ممتلكات خا�صة ب أ�بناء حما�س‪.91‬‬


‫كما �أ�صدرت حكومة الطوارئ برئا�سة �سالم فيا�ض قراراً يق�ضي‬
‫ب إ�غالق ‪ 103‬جمعيات وهيئات �أهلية عاملة يف ال�ضفة‪ ،‬وقد ع ّلق حممود‬
‫ش�ون االجتماعية يف حكومة �سالم فيا�ض قائ ً‬
‫ال‪� :‬إن‬ ‫الهبا�ش وزير ال� ؤ‬
‫ال�سالمية التي ت�ساعد‬
‫احلق يف ا�ستهداف اجلمعيات اخلريية إ‬
‫للحكومة ّ‬
‫حما�س يف معركتها مع ال�سلطة‪.92‬‬

‫ويف وقت الحق �أعلن وزير إ‬


‫العالم يف حكومة �سالم فيا�ض‪ ،‬ريا�ض‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية الفل�سطينية �أقدمت قبل �أ�سبوعني على ّ‬
‫حل‬ ‫املالكي‪� ،‬أن أ‬
‫‪ 92‬م ؤ��س�سة خريية مرتبطة باحلركة إ‬
‫ال�سالمية‪ .‬وقال املالكي �إن نا�شطي‬
‫حما�س متغلغلون يف هذه امل ؤ��س�سات‪ ،‬م�ضيف ًا “لقد حولوا امل ؤ��س�سات‬
‫اخلريية �إىل �إمرباطورية مالية لتخدم غاياتهم ال�سيا�سية و�أن�شطتهم”‪ ،‬فيما‬
‫قال املتحدث با�سم حما�س �سامي �أبو زهري �إن أ‬
‫المر “حماولة إل�ضعاف‬
‫حما�س‪ ،‬لكن املواطنني الفل�سطينيني �سيدفعون الثمن‪ ،‬ألنهم ي�ستفيدون‬
‫من هذه اللجان”‪.93‬‬
‫يف املقابل �أ�صدرت احلكومة املقالة يف قطاع غزة جمموعة قرارات‬
‫لرتتيب اجلهاز الق�ضائي يف القطاع؛ حيث �أعلن جمل�س الوزراء يف‬
‫‪ 2007/9/20‬عن �إن�شاء “جمل�س العدل أ‬
‫العلى”‪ ،‬بهدف �ضبط مرفق الق�ضاء‬

‫للعالم‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 91‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫=‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz‬‬
‫‪ 92‬الد�ستور‪.2007/8/22 ،‬‬
‫‪ 93‬ال�سفري‪.2007/12/4 ،‬‬

‫‪148‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫وتفعيله‪ ،‬وتطبيق القانون يف قطاع غزة‪ .94‬ويف ال�سياق نف�سه �أ�صدر رئي�س‬
‫الوزراء �إ�سماعيل هنية يف ‪ ،2007/9/26‬ب�صفته رئي� ًسا للحكومة املُقالة‬
‫ووزير داخليتها‪ ،‬قراراً يحمل رقم (‪� )2007/128‬أكد فيه على احرتام‬
‫�سيادة القانون من قبل أ‬
‫الفراد املكلفني ب إ�نفاذ القانون مبا يكفل حماية‬
‫احلريات العامة واخلا�صة‪ ،‬وحرية العمل ال�سيا�سي وال�صحفي‪ ،‬وحرية‬
‫التجمع ال�سلمي‪ .‬واحرتام املحددات القانونية فيما يتعلق ب إ�جراءات القب�ض‬
‫والح�ضار واالحتجاز‪ ،‬وحماية حقوق املحتجزين واملعتقلني مبا ي�ضمن‬
‫إ‬
‫حقهم يف معرفة �أ�سباب االعتقال ومكان االحتجاز‪ ،‬و�أن يكون �أمر‬
‫االعتقال �صادراً عن جهة خمت�صة‪ ،‬كما ي�ضمن حقهم يف االت�صال مبحامي‪.‬‬
‫و�أكد هنية �أي� ًضا على �أهمية هذا القرار‪ ،‬و�رضورة �إيجاد �أدوات رقابية‬
‫وحما�سبية ت�ضمن تطبيقه على �أر�ض الواقع‪.95‬‬
‫على الرغم من الرتتيبات القانونية التي قامت بها احلكومة املُقالة‪� ،‬إال‬
‫المنية؛ فقد اعتقلت‬ ‫ال�شكاالت أ‬‫�أن ذلك مل َي ُحل دون وقوع العديد من إ‬
‫القوة التنفيذية يف ‪ 2007/9/29‬عدداً من �أع�ضاء حركة فتح على خلفية‬
‫ال�شكال الذي وقع يف �أحد م�ساجد خان يون�س‪ ،‬وح�سب رواية �شهود‬ ‫إ‬
‫ال�شكال وقع بني م�صلني من حركة حما�س و�آخرين من حركة‬ ‫العيان ف إ�ن إ‬
‫فتح‪ ،‬وقد ا�س ُتخدم فيه ال�سالح أ‬
‫البي�ض‪� .‬أما ال�رشطة الفل�سطينية فقد‬
‫اتهمت من �أ�سمتهم بـ“جمموعة من اخلارجني على القانون‪ ،‬ومثريي الفتنة‬

‫‪ 94‬الد�ستور‪.2007/9/21 ،‬‬
‫‪ 95‬وكالة معا‪ ،2007/9/30 ،‬انظر‪:‬‬
‫=‪http://www. maannews.net/ar/index.php?opr=ShowDetails&ID‬‬
‫‪84432‬‬

‫‪149‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫من فلول التيار االنقالبي” باالعتداء على �إمام م�سجد يف خميم خان يون�س‪،‬‬
‫و�أ�ضافت ال�رشطة �أن “املعتدين” �أقدموا على طعن اثنني من �أن�صار حما�س‪.‬‬
‫ويف ال�سياق نف�سه اتهمت فتح ال�رشطة الفل�سطينية التابعة حلكومة هنية‬
‫باعتقال يحيى رباح يف ‪ ،2007/9/29‬وبررت وزارة الداخلية هذا أ‬
‫المر‬
‫ب أ�ن االعتقال ّمت “على خلفية ف�ساد مايل”‪.96‬‬
‫ويف ‪ 2007/10/3‬قامت ال�رشطة الفل�سطينية يف مدينة غزة بال�سيطرة‬
‫على �أحد مكاتب حركة فتح بعد �ساعات قليلة من انفجار �سيارة ت ّ‬
‫ُقل‬
‫ثالثة عنا�رص من حركة فتح‪ ،‬كانوا يحاولون ا�ستهداف �أحد مقرات القوة‬
‫التنفيذية‪ ،‬ح�سب اتهام حركة حما�س لهم‪.97‬‬
‫وبالعودة �إىل قطاع غزة‪ ،‬ودعوات ف�صائل منظمة التحرير �إىل ال�صالة‬
‫يف أ‬
‫الماكن العامة مع نهاية �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2007‬احتجاج ًا على ما‬
‫�أ�سمته “ا�ستيالء” حركة حما�س على القطاع وا�ستغاللها امل�ساجد كمنابر‬
‫�سيا�سية‪� ،‬أعقب تلك ال�صلوات خروج �أعداد من امل�صلني يف م�سرية غا�ضبة‬
‫رددت هتافات “�شيعة‪� ،‬شيعة”‪ ،‬يف �إ�شارة حلركة حما�س‪ ،‬وهتافات �أخرى‬
‫م ؤ�يدة للرئي�س عبا�س وملحمد دحالن و�سميح املدهون‪ .‬وقد �أقدم عدد من‬
‫املتظاهرين على ر�شق مركز ال�رشطة الرئي�سي (اجلوازات) يف مدينة غزة‬
‫باحلجارة عند مرور امل�سرية �أمامه؛ مما �أدى �إىل ا�شتباكات حمدودة بني القوة‬
‫التنفيذية واملتظاهرين‪� ،‬أ�سفرت عن عدة اعتقاالت و�إ�صابة ‪� 12‬شخ�ص ًا‪.98‬‬

‫‪ 96‬امل�ستقبل‪.2007/10/1 ،‬‬
‫‪ 97‬النهار‪.2007/10/3 ،‬‬
‫‪ 98‬القد�س العربي‪ ،‬واحلياة‪.2007/9/1 ،‬‬

‫‪150‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫ودعت فتح وف�صائل املنظمة جمدداً �إىل ال�صالة يف العراء يف اجلمعة التالية‪،‬‬
‫ويف هذه املرة ا�ستخدمت القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية القوة ملنع‬
‫�إقامة ال�صالة يف ال�ساحات العامة؛ مما �أدى إل�صابة �أكرث من ‪� 30‬شخ�ص ًا‬
‫واعتقال �آخرين‪ ،‬بينهم عدد من قادة حركة فتح وحزب ال�شعب واجلبهة‬
‫الدميوقراطية‪�ُ ،‬أفرج عنهم يف وقت الحق‪ .99‬واحتجاج ًا على �إجراءات‬
‫القوة التنفيذية يف ذلك اليوم‪ ،‬دعت حركة فتح وف�صائل املنظمة‪� ،‬إىل‬
‫�إ�رضاب عام يف ‪ 2007/9/9‬يف غزة‪.100‬‬
‫خرى‪ ،‬تعر�ضت بع�ض امل ؤ��س�سات العتداءات �ضمن‬ ‫ومن جهة �أ ً‬
‫عمليات التوتري أ‬
‫المني التي �شهدها �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب؛ حيث ه ّز انفجار‬
‫مقر القيادة العامة للقوة التنفيذية يف غزة يف ‪ ،2007/9/16‬و ُ�أعلن عن‬
‫ّ‬
‫مقر املجل�س الت�رشيعي يف غزة يف‬
‫�إبطال مفعول عبوة نا�سفة عند مدخل ّ‬
‫بالنابة �أحمد بحر حينها‬
‫اليوم نف�سه‪ ،‬واتهم رئي�س املجل�س الت�رشيعي إ‬
‫“فريق رام اهلل” مب� ؤ‬
‫س�ولية زرع العبوة‪.101‬‬
‫وعلى خلفية قرار ال�سلطة الفل�سطينية يف ال�ضفة الغربية بحظر الكتلة‬
‫ال�سالمية (اجلناح الطالبي حلما�س)‪� ،‬أ�صدرت الكتلة بيان ًا اتهمت فيه‬
‫إ‬
‫حركة فتح بالوقوف خلف هذا القرار‪ ،‬وقالت يف بيانها “�إنّ القرار ظامل‬
‫بامتياز؛ �أ ّ‬
‫قرته قيادة فتح يف ال�ضفة املحتلة‪ ،‬و�سوغته �إدارات اجلامعات‪،‬‬
‫وتوىل تنفيذه جهازا الوقائي واملخابرات”‪ .‬و�أ�ضافت الكتلة �إنه “لي�س‬

‫‪ 99‬اخلليج‪.2007/9/8 ،‬‬
‫‪ 100‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/9/9 ،‬‬
‫‪ 101‬الد�ستور‪ ،‬وال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/9/17 ،‬‬

‫‪151‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫من املنطقي �أن حتظر الكتلة إ‬


‫ال�سالمية يف ال�ضفة‪ ،‬وتنعم ال�شبيبة (اجلناح‬
‫الطالبي لفتح) يف غزة بكل حقوقها وحرياتها”‪.102‬‬
‫ويف خطوة التفافية على دعوة حركة فتح ل�صالة العيد يف العراء‪،‬‬
‫بالعالن عن �أماكن ال�صالة يف‬ ‫قامت وزارة أ‬
‫الوقاف يف احلكومة املُقالة إ‬
‫ال�ساحات العامة‪ ،‬ويف هذا ال�سياق �رصح الناطق با�سم وزارة الداخلية يف‬
‫احلكومة املُقالة �إيهاب الغ�صني‪ ،‬قائ ً‬
‫ال “�إن قرار احلكومة الفل�سطينية مبنع‬
‫�سيتم تطبيقه‪ ،‬و�إن كانت ال�صالة التي تدعو لها حركة‬
‫ال�صلوات ال�سيا�سية ّ‬
‫فتح �أول �أيام العيد تهدف �إىل الفو�ضى وال�شغب؛ ف إ�نها ممنوعة ومرفو�ضة‪،‬‬
‫و�سيتم منع امل�شاركني من التجمع وحما�سبة امل� ؤ‬
‫س�ولني عنها”‪.103‬‬ ‫ّ‬
‫ا�صطدمت رغبة حما�س بب�سط أ‬
‫المن يف قطاع غزة ب�سل�سلة تفجريات‬
‫جمهولة الهوية ا�ستهدفت �شخ�صيات وم ؤ��س�سات ر�سمية‪� ،‬إ�ضافة �إىل العديد‬
‫من الت�صادمات بني القوة التنفيذية وعنا�رص تابعة لفتح‪ ،‬ففي ‪2007/10/17‬‬
‫داهمت القوة التنفيذية عدداً من منازل عائلة حل�س‪ ،‬التي ينتمي عدد كبري‬
‫من �أفرادها �إىل حركة فتح‪ ،‬وطالبت ال�رشطة بت�سليم مطلقي النار على‬
‫ال�رشطة‪� ،‬إال �أن �أفراداً من عائلة حل�س بد ؤ�وا ب إ�طالق النار على ال�رشطة‪،‬‬
‫وقد �أ�سفر هذا اال�شتباك عن �سقوط ثالثة قتلى �أحدهم من القوة التنفيذية‬
‫ونحو ‪ 20‬جريح ًا‪ .104‬ويف اليوم نف�سه عر�ض مدير ال�رشطة الفل�سطينية يف‬
‫غزة اللواء توفيق جرب مب�شاركة الناطق با�سم احلكومة طاهر النونو والناطق‬

‫‪ 102‬اخلليج‪.2007/10/14 ،‬‬
‫‪ 103‬البيان‪.2007/10/10 ،‬‬
‫‪ 104‬وكالة �سما‪ ،2007/10/17 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. samanews.com/index.php?id=details&sid=29092‬‬

‫‪152‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫ل�شباب وفتية قالوا �إنهم تورطوا يف‬


‫ٍ‬ ‫با�سم وزارة الداخلية‪ ،‬ت�سجيالت‬
‫التفجريات التي �شهدها قطاع غزة خالل أ‬
‫ال�سابيع القليلة املا�ضية التي‬
‫تلت احل�سم الع�سكري‪ ،‬وقال جرب �إن “عدد املعتقلني يرتاوح بني ‪� 20‬إىل‬
‫ال يخ�ضعون ل�رشوط �إن�سانية و�صحية ونف�سية جيدة”‪ .‬و�أ�ضاف �أن‬
‫‪ 30‬معتق ً‬
‫“باب زيارة املعتقلني مفتوح �أمام مراكز حقوق إ‬
‫الن�سان‪ ،‬ومندوبي اللجنة‬
‫وحمل جرب والنونو‬
‫الحمر لتفقدهم على مدار ال�ساعة”‪ّ .‬‬ ‫الدولية لل�صليب أ‬
‫س�ولية عما �أ�سموه “�إغراء عدد‬
‫والغ�صني قادة فتح‪ ،‬يف مدينة رام اهلل‪ ،‬امل� ؤ‬
‫الطفال‪ ،‬وتهديد بع�ضهم بقطع رواتبهم؛‬ ‫من رجال ال�رشطة‪ ،‬وال ُق�صرّ من أ‬
‫لتفجري عبوات و�إعادة االنفالت أ‬
‫المني �إىل القطاع”‪.105‬‬
‫الجراءات امليدانية التي قامت بها القوة التنفيذية من بع�ض‬ ‫مل ُ‬
‫تخل إ‬
‫التجاوزات‪ ،‬وهو ما ّمت ا�ستنكاره من قبل نواب حركة حما�س‪ ،‬الذين‬
‫�شاركوا يف جل�سة ا�ستماع عقدتها جلنة أ‬
‫المن يف املجل�س الت�رشيعي يف‬
‫‪ .2007/11/4‬وقد ا�ستعر�ض العميد توفيق جرب خالل اجلل�سة بع�ض الق�ضايا‬
‫التي ّمت ت�سجيلها يف جمال القب�ض على ع�صابات املخدرات‪ ،‬ومعاجلة‬
‫بع�ض الق�ضايا الغام�ضة‪ .‬وقد انتقد نواب حما�س التجاوزات التي قامت‬
‫س�ولني عن هذه أ‬
‫الفعال‪ ،‬و�شدد‬ ‫بها القوة التنفيذية‪ ،‬وطالبوا مبحا�سبة امل� ؤ‬
‫النائب عن حما�س �صالح الربدويل على �أهمية عدم اخللط بني البعدين‬
‫ال�سيا�سي والقانوين يف تنفيذ القانون‪ ،‬كما �أكد على �رضورة التوا�صل بني‬
‫القوة التنفيذية والنيابة العامة‪.106‬‬

‫‪ 105‬احلياة‪.2007/10/18 ،‬‬
‫‪ 106‬احلياة اجلديدة‪.2007/11/5 ،‬‬

‫‪153‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الول‪ ،‬الذي توجهت‬ ‫وبالن�سبة مل�رشوع القرار امل�شار �إليه يف الف�صل أ‬


‫عد حركة حما�س‬
‫المم املتحدة ال�ست�صدار قرارٍ َي ُّ‬‫به ال�سلطة الفل�سطينية �إىل أ‬
‫“ميلي�شيا خارجة على القانون”‪ ،‬والذي كان مندوب فل�سطني يف أ‬
‫المم‬
‫املتحدة ريا�ض من�صور قد “قام بتوزيع م�رشوع القرار على مندوبي االحتاد‬
‫أ‬
‫الوروبي قبل الت�شاور مع املجموعة العربية‪ ،‬التي تفاج أ�ت ببنوده”‪.107‬‬
‫عدت حما�س على‬ ‫دعت حركة حما�س �إىل حماكمة مندوب فل�سطني‪ ،‬كما ّ‬
‫ل�سان الناطق با�سمها فوزي برهوم �أن “من�صور ي�شكل خطراً على امل�صالح‬
‫العليا لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ويعمل ل�صالح �أجندات �أمريكية و�إ�رسائيلية‪،‬‬
‫الندوني�سي ‪ -‬القطري الداعي‬ ‫و�أنه عمل �سابق ًا على �إ�سقاط امل�رشوع إ‬
‫ال�رسائيلي”‪ .‬و�أ�شار‬ ‫ّ‬
‫لفك احل�صار عن قطاع غزة بالتن�سيق مع املندوب إ‬
‫برهوم �إىل وجود “جهات فل�سطينية متورطة يف ا�ستمرار حالة احل�صار‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وم ؤ�يدة حلالة �إعالن احلرب عليه‪ ،‬و�إنكار‬
‫خياره الدميقراطي”‪ .‬من جهته‪ ،‬طالب حممد املدهون‪ ،‬رئي�س ديوان رئي�س‬
‫الوزراء الفل�سطيني املُقال �إ�سماعيل هنية‪ ،‬الرئي�س حممود عبا�س بـ“�رضورة‬
‫�إقالة وحماكمة من�صور بعد تكرار تعاونه الوا�ضح يف ت�شديد احل�صار على‬
‫قطاع غزة”‪.108‬‬
‫حاولت حركة فتح اال�ستفادة من ذكرى وفاة الرئي�س يا�رس عرفات يف‬
‫تقوية موقفها وزيادة �شعبيتها‪ ،‬و�إ�ضعاف حما�س وحكومتها يف القطاع؛‬
‫فدعت �إىل �إحياء ذكرى عرفات يف قطاع غزة‪ .‬وبالفعل �سمحت احلكومة‬

‫‪ 107‬الغد‪.2007/11/9 ،‬‬
‫‪ 108‬امل�صدر نف�سه‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫املُقالة يف القطاع حلركة فتح ب إ�حياء الذكرى التي تقيمها احلركة ألول مرة‬
‫بعد مرور ثالثة �أعوام على ا�ست�شهاد الرئي�س يا�رس عرفات‪ ،‬وجنحت فتح يف‬
‫جمع ح�شد �ضخم ق ُِّدر بنحو ن�صف مليون م�شارك؛ مما اعترب م ؤ��رشاً على‬
‫قوتها ونفوذها يف قطاع غزة‪� .109‬إال �أن هذه املنا�سبة مل متر دون الت�صادم بني‬
‫عنا�رص حركة فتح وال�رشطة الفل�سطينية يف غزة؛ فقد قامت وزارة الداخلية‬
‫قبيل املهرجان مب�صادرة �شاحنات من املل�صقات والرايات‪ ،‬التي دخلت‬
‫عرب معرب كرم �أبو �سامل على �أنها مواد غذائية‪ .‬وقالت وزارة الداخلية يف‬
‫غزة معلقة على �إدخال هذه املواد �إن “من ي�ستطيع التن�سيق مع االحتالل‬
‫ال�رسائيلي إلدخال مواد دعائية ي�ستطيع تخفيف احل�صار املفرو�ض على‬
‫إ‬
‫قطاع غزة‪� ،‬إن مل يكن هو الذي يفر�ضه”‪ .‬فيما ا�ستهجنت حركة فتح‬
‫م�صادرة هذه املواد‪ .110‬كما وقعت ا�شتباكات بني عنا�رص من حركة فتح‬
‫وال�رشطة الفل�سطينية يف �أثناء �إحياء ذكرى عرفات يف ‪2007/11/12‬؛ مما‬
‫�أدى �إىل وقوع �ستة قتلى‪ ،‬فيما اتهمت احلكومة املتظاهرين باعتالء املباين‬
‫و�إطالق النار على ال�رشطة الفل�سطينية‪ .‬وقالت احلكومة املُقالة يف بيان لها‬
‫�إن “حركة فتح غررت باجلميع يف �أهداف احلفل الذي ي أ�تي على م�شارف‬
‫م ؤ�متر �أنابولي�س‪ ،‬وبد ًال من �أن يوجه ّ‬
‫�ضد اجلهة التي اغتالت الرئي�س الراحل‪،‬‬
‫�ضد احلكومة وحركة حما�س‪،‬‬
‫حتول �إىل مهرجان خطابي وحتري�ضي ّ‬
‫رغم كل ما قدمته إلجناح �إحياء هذه الذكرى”‪ .‬وتطرق بيان احلكومة‬
‫�إىل ت�رصيحات عدد من قادة فتح يف رام اهلل‪ ،‬ف أ��شار �إىل �أنها “�أدت �إىل‬

‫‪ 109‬البيان‪.2007/11/13 ،‬‬
‫‪ 110‬وكالة �سما‪ ،2007/11/11 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. samanews.com/index.php?id=details&sid=29903‬‬

‫‪155‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الحداث‪ ،‬فيما �أو�ضحت الت�رصيحات بعد أ‬


‫الحداث‬ ‫الو�ضاع قبل أ‬
‫توتري أ‬
‫حقيقة امل ؤ�امرة التي ت�ستهدف �إثارة القالقل والفنت‪ ،‬وت�شري �إىل تواط ؤ�‬
‫الكاذيب والتحري�ض”‪،111‬‬ ‫العالم يف �إذكاء نار الفتنة ون�رش أ‬
‫بع�ض و�سائل إ‬
‫الحداث‪� ،‬أعلن رئي�س وزراء احلكومة املُقالة‪� ،‬إ�سماعيل‬ ‫وعلى �إثر هذه أ‬
‫الحداث‬‫وعلق على أ‬ ‫ّ‬ ‫هنية‪ ،‬عن ت�شكيل جلنة حتقيق “قوية ونزيهة و�شفافة”‬
‫ال �إن حكومته وقيادات من حركة فتح عقدوا عدة لقاءات من �أجل‬
‫قائ ً‬
‫�ضمان الرتتيبات للحفل‪ ،‬و�إن انت�شار ال�رشطة كان يهدف �إىل تنظيم ال�سري‬
‫وحركة املرور‪ ،‬وت�سهيل و�صول امل�شاركني‪ ،‬و�إنه ّمت �إعطاء التعليمات‬
‫ال�صارمة لرجال ال�رشطة بعدم االحتكاك و�ضبط النف�س‪ .‬كما �سمحت‬
‫احلكومة املُقالة باملهرجانات وامل�سريات املحلية ورفع الرايات اخلا�صة‪،‬‬
‫رغم التهجم على حما�س واحلكومة‪ ،‬و�إن ف�ضائية أ‬
‫الق�صى نظمت يوم ًا‬
‫مفتوح ًا من �أجل الرئي�س عرفات‪ ،‬و�إن وزارة الرتبية والتعليم قررت تعليق‬
‫الدرا�سة �ساعة املهرجان‪ ،‬و�أن تكون احل�صة أ‬
‫الوىل حول حياة الراحل‬
‫عرفات‪ .112‬كما دعا هنية �إىل “�إطالق �رساح جميع املعتقلني على خلفية‬
‫الحداث”‪.113‬‬‫تلك أ‬

‫و�أعقب �أحداث ذكرى وفاة عرفات حملة اعتقاالت يف ال�ضفة الغربية‬


‫المنية يف ال�ضفة‬‫الجهزة أ‬ ‫ا�ستهدفت عنا�رص حركة حما�س؛ �إذ قامت أ‬

‫‪ 111‬عرب ‪ ،2007/11/13 ،48‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=49990‬‬
‫‪ 112‬عرب ‪ ،2007/11/15 ،48‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=50039‬‬
‫‪ 113‬الغد‪.2007/11/16 ،‬‬

‫‪156‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫الغربية باعتقال ‪ 20‬ع�ضواً من حما�س‪ .‬من ناحيتها انتقدت حما�س ب�شدة‬


‫عدت حما�س يف بيان لها‪،‬‬
‫حملة االعتقاالت يف �صفوف نا�شطيها‪ ،‬كما ّ‬
‫�أن “االنتقال ال�سل�س لهذه أ‬
‫الجهزة عرب حواجز االحتالل يف الوقت الذي‬
‫ال�رسائيلية يف نابل�س وخميماتها‪ ،‬داللة وا�ضحة على‬‫تتوغل فيها القوات إ‬
‫عودة التن�سيق أ‬
‫المني بني اجلانبني يف �أرفع م�ستوياته”‪.114‬‬

‫ً‬
‫ثامنا‪ :‬حما�س وم ؤ�متر �أنابولي�س‪:‬‬

‫المريكي جورج بو�ش‪ ،‬بدا‬ ‫قبيل م ؤ�متر ال�سالم الذي دعا �إليه الرئي�س أ‬
‫اخلط الفا�صل بني نهجي املقاومة والت�سوية يتجلى لي�صبح �أكرث و�ضوح ًا‬ ‫ّ‬
‫وات�ساع ًا مما كان عليه يف ال�سابق‪ ،‬كما بدا �أن حركة فتح �أ�صبحت �أكرث ت أ�ييداً‬
‫للت�سوية و�إن �أدى ذلك �إىل نزع �سالحها‪ .‬يف املقابل عار�ضت حركة حما�س‬
‫وحكومتها يف قطاع غزة م�شاركة ال�سلطة الفل�سطينية يف م ؤ�متر ال�سالم‪،‬‬
‫المريكية يف ‪ ،2007/11/27‬ولكن ذلك مل‬ ‫الذي عقد يف مدينة �أنابولي�س أ‬
‫َي ُحل دون م�شاركة ال�سلطة ومعظم الدول العربية يف هذا امل ؤ�متر‪ .‬ومل يكد‬
‫م ؤ�متر ال�سالم �أن ينف�ض حتى �شنت ال�سلطة الفل�سطينية يف رام اهلل حملة‬
‫اعتقاالت يف �صفوف حما�س‪ .‬وقد اتهمت حما�س يف ‪2007/11/29‬‬
‫ب�شن �أو�سع حملة اعتقاالت منذ �أحداث‬ ‫الجهزة أ‬
‫المنية يف ال�ضفة الغربية ّ‬ ‫أ‬
‫غزة يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ .1152007‬كما اتهمت حما�س ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫مبعاملتها كحركة حمظورة ومنعها من القيام بفعاليتها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬فقد‬
‫ذكر القيادي يف حما�س فرج رمانة �أنه “ ّمت التوا�صل مع جهات �سيا�سية‬

‫‪ 114‬احلياة‪.2007/11/15 ،‬‬
‫‪ 115‬اخلليج‪.2007/11/30 ،‬‬

‫‪157‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫و�أمنية لل�سماح للحركة ب إ�قامة احتفاالت‪ ،‬ولو يف قاعات مغلقة‪ ،‬مبنا�سبة‬


‫الجابة كانت بالرف�ض”‪ .‬يف املقابل نفت‬
‫ذكرى االنطالق الع�رشين‪ ،‬لكن إ‬
‫حركة فتح �أن تكون هي �أو ال�سلطة الفل�سطينية تتعامل مع حركة حما�س‬
‫على �أنها حزب حمظور‪ ،‬م�شرية �إىل �أن قادة حما�س يف ال�ضفة يتنقلون‬
‫�ضد‬
‫بحرية‪ ،‬وقال الناطق با�سم فتح يف ال�ضفة الغربية فهمي الزعارير �إنه ّ‬
‫“منع �أية جهة كانت من ممار�سة حقها الطبيعي يف التعبري عن الر�أي‪ ،‬لكن يف‬
‫�إطار �سيادة القانون‪ ،‬مبعنى التعبري عن الر�أي ولي�س الت�شهري والنقد والقدح‬
‫والذم والتخوين‪ ،‬كما جرت العادة على ل�سان حركة حما�س”‪ .116‬ويف‬
‫هذا ال�صدد اتهم فرج رمانة ال�سلطة الفل�سطينية يف رام اهلل باعتقال نحو‬
‫‪� 1,200‬شخ�ص من �أن�صار حما�س يف ال�ضفة‪ ،‬وف�صل �آالف املوظفني بتهمة‬
‫تعاطفهم مع حما�س خالل �ستة �أ�شهر‪.117‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬وفيما يبدو �أنه ر ٌّد على منع حما�س من �إقامة‬
‫احتفاالت بذكرى انطالقتها يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬أ�صدرت وزارة الداخلية‬
‫يف احلكومة املُقالة قراراً متنع مبوجبه حركة فتح من �إقامة االحتفاالت‬
‫بذكرى انطالقتها يف قطاع غزة‪ ،‬وقد قال نائب مدير عام ال�رشطة يف غزة‬
‫جمال اجلراح �إن “القرار ي أ�تي للحفاظ على �أرواح املدنيني‪ ،‬ولعدم التزام‬
‫قيادة فتح باملعايري التي و�ضعت”‪.118‬‬

‫‪ 116‬اجلزيرة نت‪ ،2007/12/12 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F99E9DE7-2E88-422C-‬‬
‫‪B828-918C28731906.htm‬‬
‫‪ 117‬االحتاد‪.2007/12/18 ،‬‬
‫‪ 118‬البيان‪.2007/12/31 ،‬‬

‫‪158‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫ازداد الو�ضع يف قطاع غزة توتراً مع قيام عنا�رص فتح باالحتفال يف‬
‫منطقة خان يون�س‪ ،‬وتطور أ‬
‫المر �إىل اال�صطدام مع ال�رشطة يف غزة و�إطالق‬
‫النار باجتاه جيب لل�رشطة؛ مما �أدى �إىل مقتل ال�رشطي عمر ع�صفور‪ ،‬و�إ�صابة‬
‫عدد من زمالئه‪ .‬كما قتل حممود �أبو طه‪� ،‬أحد وجهاء حما�س‪ ،‬والطفل‬
‫�أمين حممد �أبو الوفا الذي يبلغ من العمر ‪ 12‬عام ًا‪ .‬واتهمت حما�س عنا�رص‬
‫فتح ب إ�حراق بع�ض املمتلكات وتخريبها‪ ،‬و�إلقاء القنابل مت�سببني بوقوع‬
‫ال�سعاف‬
‫ال�صابات‪ .119‬وذكر الطبيب معاوية ح�سنني‪ ،‬مدير إ‬ ‫العديد من إ‬
‫والطوارئ بوزارة ال�صحة الفل�سطينية‪� ،‬أن “‪ 28‬مدني ًا �أ�صيبوا بالر�صا�ص‬
‫والع�صي مبدينة خان يون�س‪ ،‬فيما �أ�صيب ‪� 16‬آخرون بالر�صا�ص والع�صي‬
‫يف رفح‪� ،‬إ�ضافة �إىل �إ�صابتني بالر�صا�ص يف حي ال�شجاعية‪ ،‬و‪� 25‬إ�صابة‬
‫بالر�صا�ص والع�صي يف جباليا”‪.120‬‬
‫�ضد عنا�رص‬
‫يف املقابل ا�ستمرت ال�سلطة الفل�سطينية يف تنفيذ �سيا�ستها ّ‬
‫حركة حما�س‪ ،‬فاعتقلت املئات منهم؛ وقد ذكر تقرير �صادر عن جهاز‬
‫ال�رسائيلي “ال�شاباك” ‪The Shabak, Israel Security‬‬ ‫أ‬
‫المن العام إ‬
‫)‪ Agency (ISA‬حتت عنوان “متابعة �أداء �أجهزة أ‬
‫المن الفل�سطينية”‪،‬‬
‫المن يف ال�ضفة اعتقلت يف الفرتة ما بني ‪2007/11/28‬‬ ‫�إىل �أن �أجهزة أ‬
‫و ‪ 2007/12/2‬نحو ‪ 250‬نا�شط ًا من حركة حما�س‪ .121‬ويف �إح�صائية‬
‫�صادرة عن حركة حما�س ذكرت فيها �أن نا�شطي حما�س تعر�ضوا منذ‬

‫للعالم‪.2008/1/1 ،‬‬
‫‪ 119‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 120‬البيان‪.2008/1/2 ،‬‬
‫‪ 121‬عرب ‪ ،2008/1/7 ،48‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=6&id=51249‬‬

‫‪159‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬ولغاية نهاية ‪ 2007‬لـ‪ 1,527‬حالة اعتقال‪ ،‬و�أ�شار‬


‫التقرير �أي� ًضا �إىل �أن ‪ 336‬من املعتقلني �أعادت قوات االحتالل اعتقالهم‬
‫مبا�رشة خالل �أقل من �شهر بعد خروجهم من �سجون ال�سلطة يف ال�ضفة‪،‬‬
‫و�أ�ضافت حما�س �أن ‪ 183‬تكرر اعتقالهم �أكرث من مرة‪ ،‬و�أنه ما زال ‪170‬‬
‫رهن االعتقال‪.122‬‬
‫ال�رسائيلي املفرو�ض على قطاع غزة‬‫ومع بداية عام ‪ 2008‬بد�أ احل�صار إ‬
‫ال�رسائيلي على القطاع قبيل وبعد‬‫يزداد �شيئ ًا ف�شيئ ًا‪ ،‬كما �أخذ العدوان إ‬
‫منحى �أكرث دموية مما �سبق حيث‬
‫ً‬ ‫زيارة بو�ش للمنطقة يف ‪،2008 /1/10-9‬‬
‫�سقط ‪� 96‬شهيداً خالل ال�شهر أ‬
‫الول من العام اجلديد‪ .123‬كما ظهرت يف‬
‫بداية هذا العام �أزمة جديدة بخ�صو�ص عودة احلجاج �إىل قطاع غزة بعد‬
‫االنتهاء من �أداء منا�سك احلج‪� ،‬إذ �إن “�إ�رسائيل” ا�شرتطت عودتهم عن‬
‫طريق معرب العوجة املُ َ�س ْي َطر عليه �إ�رسائيلي ًا‪ ،‬وهو ما قد ّ‬
‫يعر�ض العديد منهم‬
‫للتحقيق �أو حتى االعتقال من قبل القوات إ‬
‫ال�رسائيلية‪ .‬ويف هذا ال�صدد‬
‫�رصح ع�ضو املكتب ال�سيا�سي حلما�س عزت الر�شق‪ ،‬م�شرياً �إىل �أن عودة‬
‫حجاج القطاع �ساملني �إىل ديارهم “مرهون بال�سلطات امل�رصية‪ ،‬التي‬
‫ّ‬
‫تتم بت�شجيع‬ ‫ندعوها �إىل رف�ض ال�ضغوط أ‬
‫المريكية وال�صهيونية‪ ،‬والتي ّ‬
‫وت أ�ييد رئا�سة ال�سلطة”‪.124‬‬
‫مل تكد �أزمة احلجاج تنتهي بدخولهم يف ‪ ،2008/1/2‬حتى ارتكبت‬
‫ال�رسائيلي يف ‪ 2008/1/15‬جمزرة يف حي الزيتون يف‬
‫قوات االحتالل إ‬

‫‪ 122‬اخلليج‪.2008/1/3 ،‬‬
‫‪ 123‬قد�س بر�س‪.2008/2/3 ،‬‬
‫للعالم‪.2008/1/1 ،‬‬
‫‪ 124‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪160‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫قطاع غزة‪ ،‬ذهب �ضحيتها ‪� 20‬شهيداً و‪ 70‬جريح ًا‪ ،‬وقد تزامن هذا‬
‫وال�رسائيلي بالتفاو�ض يف ملف‬ ‫العدوان مع بدء اجلانبني الفل�سطيني إ‬
‫عد الناطق با�سم الرئا�سة الفل�سطينية نبيل �أبو ردينة �أن‬
‫الو�ضع النهائي‪ ،‬وقد ّ‬
‫هذه املجزرة “ت�شكل �إحراج ًا كبرياً للمفاو�ض الفل�سطيني”‪� ،‬أما القيادي‬
‫فقد ابنه الثاين يف هذه املجزرة‪،‬‬
‫يف حركة حما�س حممود الزهار الذي َ‬
‫ال�رسائيلية هي �أوىل نتائج زيارة الرئي�س أ‬
‫المريكي‬ ‫فقد ر�أى �أن العملية إ‬
‫�إىل املنطقة‪ .125‬ويف ‪� 2008/1/18‬أحكمت “�إ�رسائيل” قب�ضتها على معابر‬
‫قطاع غزة مانع ًة وكالة أ‬
‫المم املتحدة إلغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني‬
‫أ‬
‫(الونروا) ‪United Nations Relief and Works Agency for‬‬
‫‪ Palestine Refugees in the Near East (UNRWA)l‬من �إدخال‬
‫الن�سانية �إىل القطاع‪ ،‬كما منعت “�إ�رسائيل” �إدخال الوقود‪،‬‬
‫امل�ساعدات إ‬
‫وقطعت التيار الكهربائي عن القطاع؛ مما زاد من م أ��ساة قطاع غزة‪،126‬‬
‫وبهذا ال�ش أ�ن حذرت حركة حما�س‪ ،‬على ل�سان الناطق با�سمها �سامي‬
‫�أبو زهري‪ ،‬من هذا الو�ضع حيث قال “�إن ال�شعب الفل�سطيني يف قطاع‬
‫غزة على و�شك االنفجار” و�أن انفجاره “لن يبقي حدوداً وال �سدوداً”‪،‬‬
‫م�شرياً �إىل �أن �شعب غزة “لن يقبل باملوت ولن يرفع الراية البي�ضاء”‪.127‬‬
‫وبالفعل يف ‪ 2008/1/22‬اقتحم ع�رشات املواطنني املتظاهرون �أمام معرب‬
‫رفح بوابات املعرب‪ ،‬وتبع ذلك تفجري فتحات يف جدران احلدود امل�رصية‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬

‫‪ 125‬القب�س‪.2008/1/16 ،‬‬
‫‪ 126‬الد�ستور‪.2008/1/19 ،‬‬
‫للعالم‪.2008/1/21 ،‬‬
‫‪ 127‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪161‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫على الرغم من نفي حركة حما�س لعب �أي دور بتدمري جدران احلدود‬
‫تدل على �أن حركة حما�س لعبت دوراً كبرياً يف‬
‫�إال �أن جميع امل ؤ��رشات ّ‬
‫اقتحام احلدود مع م�رص؛ حيث الت�رصيحات ال�سابقة القتحام املعرب تدل‬
‫على ذلك‪ ،‬كما �أن تدمري اجلدران ح�صل �أمام �أعني رجال ال�رشطة التابعة‬
‫للحكومة املُقالة‪.‬‬
‫ويف ‪ 2008/2/3‬بد�أت القوات امل�رصية بالتن�سيق مع حما�س إلغالق‬
‫معرب رفح؛ مما �أدى �إىل ا�شتباك بني حر�س احلدود ومعت�صمني فل�سطينيني‬
‫�أمام املعرب؛ كانت ح�صيلته جرح �رشطيني م�رصيني ومقتل فل�سطيني‪� ،‬إ�ضافة‬
‫�إىل �إ�صابة الع�رشات من الفل�سطينيني جراء ا�ستن�شاق الغاز امل�سيل للدموع‪.‬‬
‫عدت وزارة الداخلية يف احلكومة املُقالة هذا أ‬
‫المر ب أ�نه حادث‬ ‫وقد ّ‬
‫عار�ض‪ ،‬ومتكنت ال�رشطة الفل�سطينية يف غزة من تطويق احلادث‪.128‬‬
‫�أ�سهم العديد من العوامل يف حت�سني �شعبية حما�س التي ت أ�ثرت‬
‫ب أ�حداث حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬حيث ن�رش املركز الفل�سطيني لل�سيا�سة يف‬
‫رام اهلل يف ا�ستطالع �أجراه يف الفرتة ما بني ‪ 2008/1/23‬و‪،2008/2/3‬‬
‫�أن �شعبية حما�س ارتفعت بعد اقتحام احلدود مع م�رص من ‪� %31‬إىل‬
‫المني يف قطاع غزة يف ظل حكم‬‫بال�ضافة �إىل حت�سن الو�ضع أ‬
‫‪ ،129%34‬إ‬
‫حما�س؛ فعلى الرغم من حدوث بع�ض القالقل يف قطاع غزة �إال �أن‬
‫المني‪ ،‬كما متكنت‬ ‫حما�س متكنت �إىل حدٍ ما من ال�سيطرة على الو�ضع أ‬
‫من ك�شف بع�ض امل ؤ�امرات التي ت�ستهدف قادتها؛ ففي ‪2008/1/12‬‬

‫‪ 128‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2008/2/5 ،‬‬
‫‪ 129‬البيان‪.2008/2/8 ،‬‬

‫‪162‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫متكنت حما�س من �إلقاء القب�ض على جمموعة حاولت و�ضع عبوة نا�سفة‬
‫تزن ثالثة كيلو جرامات ون�صف يف حفل ا�ستقبال احلجاج الذي ح�رضه‬
‫رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية‪ ،‬واتهمت حما�س ال�سلطة الفل�سطينية وحركة‬
‫فتح بالوقوف وراء حماولة اغتيال هنية‪ .‬وعلى خلفية هذا أ‬
‫المر قامت‬
‫ال�رشطة الفل�سطينية يف غزة باعتقال العديد من املتورطني بهذه املحاولة‬
‫من �أع�ضاء فتح‪.130‬‬
‫مل يكن الو�ضع أ‬
‫المني يف ال�ضفة الغربية �أف�ضل مما هو عليه يف قطاع غزة‪،‬‬
‫فحمالت االعتقال يف �صفوف عنا�رص املقاومة التي قامت بها أ‬
‫الجهزة‬
‫أ‬
‫المنية الفل�سطينية �أثرت على �أداء املقاومة يف ال�ضفة‪ ،‬كما ا�ستمرت ال�سلطة‬
‫يف حماوالت الت أ�ثري على �شعبية حما�س‪ ،‬من خالل حماوالت �إظهار حما�س‬
‫كحركة منق�سمة على نف�سها‪� ،‬إال �أن ذلك مل ي ؤ�ثر كثرياً على احلركة و�إن‬
‫كانت بع�ض الت�رصيحات ال�صادرة عن بع�ض عنا�رص حما�س قد خدمت‬
‫هذا الهدف؛ فقد عقد مو�سى اخلراز �أحد �أع�ضاء حما�س‪ ،‬ممن ال يحملون‬
‫�صفة قيادية يف ‪ ،2008/2/5‬م ؤ�متراً �صحفي ًا دعا فيه عنا�رص حما�س �إىل‬
‫ت�سليم �سالحها �إىل ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،131‬فيما قالت حما�س “�أن هذه‬
‫الت�رصيحات ت أ�تي يف �سياق عملية ال�ضغوط واالبتزاز التي متار�سها هذه‬
‫الجهزة أ‬
‫[المنية يف ال�ضفة] �ضد �أبناء القوى الفل�سطينية وخا�صة حركة‬ ‫أ‬
‫الفراجات”‪.132‬‬
‫حما�س مقابل وعود ببع�ض إ‬

‫‪ 130‬امل�ستقبل‪.2008/1/20 ،‬‬
‫‪ 131‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2008/2/6 ،‬‬
‫‪ 132‬عرب ‪ ،2008/2/5 ،48‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=51906‬‬

‫‪163‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وقد �شهد �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪� 2008‬أول عملية ا�ست�شهادية منذ احل�سم‬
‫الع�سكري‪ ،‬وقد حققت العملية اال�ست�شهادية التي وقعت يف مدينة دميونة‬
‫يف ‪ ،2008/2/4‬جناح ًا يف اخرتاق جميع العوائق أ‬
‫المنية؛ �إذ متكن مهاجمان‬
‫من كتائب الق�سام من الو�صول �إىل مركز جتاري �إ�رسائيلي وتفجري نف�سيهما؛‬
‫مما �أدى �إىل مقتل عاملة نووية �إ�رسائيلية وجرح ‪� 23‬آخرين‪ ،‬إ‬
‫بال�ضافة �إىل مقتل‬
‫عدت حما�س هذه العملية “رد فعل طبيعي على جرائم‬
‫منفذا العملية‪ ،‬وقد ّ‬
‫ال�رسائيلي واحل�صار �ضد ال�شعب الفل�سطيني”‪ .133‬ويف ال�سياق‬
‫االحتالل إ‬
‫عدت حما�س العمليات الع�سكرية التي �شنتها “�إ�رسائيل” على قطاع‬ ‫نف�سه ّ‬
‫غزة ذات ُبعد �سيا�سي ولي�س له �أهداف ًا �أمنية كما تدعي “�إ�رسائيل”‪134‬؛ فعلى‬
‫الرغم من قيام “�إ�رسائيل” يف ‪ 2008/2/27‬بحملة ع�سكرية �أطلقت عليها‬
‫ا�سم “ال�شتاء ال�ساخن”‪ ،‬على قطاع غزة قتلت خاللها ‪ 129‬فل�سطيني ًا‪� ،‬إال‬
‫�أن �صواريخ املقاومة مل تتوقف‪ ،‬كما ف�شلت “�إ�رسائيل” يف تقوي�ض حكم‬
‫حما�س يف غزة وهو الهدف ال�سيا�سي املن�شود عندها‪.‬‬

‫ً‬
‫تا�سعا‪ :‬حما�س‪ :‬التمويل والتدريب‪:‬‬
‫ّ‬
‫�شكلت القوة التنفيذية‪ ،‬التي بد�أت عملها يف ‪� ،2006/5/17‬أول جهاز‬
‫ع�سكري م�شرتك من ف�صائل املقاومة‪ ،‬يعمل حتت �إطار وزارة الداخلية‪.‬‬
‫ولقد �شاركت حركة حما�س يف هذه القوة بنحو ‪ 2,500‬عن�رص من كتائب‬
‫الق�سام من �أ�صل ‪ 5,500‬عن�رصاً‪ ،‬كما �شارك يف القوة التنفيذية عنا�رص من‬

‫‪ 133‬اخلليج‪.2008/2/5 ،‬‬
‫‪ 134‬القد�س العربي‪.2008/2/13 ،‬‬

‫‪164‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫ف�صائل فل�سطينية خمتلفة‪ ،‬ومن بع�ض املجموعات الع�سكرية التابعة حلركة‬


‫ال�شارة �إىل �أن معظم من �شارك يف التنفيذية يعود �أ�ص ً‬
‫ال‬ ‫فتح‪ .‬وهنا جتدر إ‬
‫ُ‬
‫حد ما بلياقة بدنية وقدرة قتالية‬ ‫�إىل ّ‬
‫خط املقاومة‪ ،‬وبالتايل فهم يتمتعون �إىل ٍّ‬
‫اخلط املقاوم وال يكفي يف �إدارة جهاز‬ ‫ال ب أ��س بها‪� ،‬إال �أن هذا يبقى يف ّ‬
‫المن يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬وقد‬ ‫ع�سكري ر�سمي‪ ،‬املراد منه �ضبط أ‬
‫عملت وزارة الداخلية‪ ،‬قبل ن�رش القوة أ‬
‫المنية يف �شوارع غزة‪ ،‬على �إجراء‬
‫بع�ض التدريبات لهذه القوة يف �إطار نظام ال�رشطة‪ ،135‬حيث ا�ستثمرت‬
‫وال�سالمية‪ ،‬يف تطوير �أداء‬ ‫احلكومة عالقتها‪ ،‬مع بع�ض أ‬
‫القطار العربية إ‬
‫هذه القوة على امل�ستوى املهني؛ فقد حر�ص وزير الداخلية �سعيد �صيام‪ ،‬يف‬
‫�أثناء زيارته �إىل كل من م�رص و�سوريا و�إيران‪ ،‬على البحث يف م�س أ�لة �إعادة‬
‫تدريب وت أ�هيل كوادر و�ضباط ال�رشطة و�إعادة تفعيلهم‪ ،136‬وبالفعل ح�صل‬
‫اليرانية على وعود بتدريب‬
‫ال�سالمية إ‬
‫�صيام خالل زيارته �إىل اجلمهورية إ‬
‫وت أ�هيل كوادر ال�رشطة الفل�سطينية و�إعطاء منح لطالب ال�رشطة‪ ،137‬لكن‬
‫ذلك مل يجد فر�صته للتنفيذ‪� .‬أما بالن�سبة لكتائب الق�سام؛ فقد اعتمدت‬
‫ال�رسي طوال �سنوات �سيطرة “�إ�رسائيل”‬
‫الكتائب على التدريب الع�سكري ّ‬
‫ال�رسائيلي من قطاع غزة‪،‬‬
‫على قطاع غزة‪ ،‬ولكن بعد ان�سحاب اجلي�ش إ‬
‫�أقامت عنا�رص الق�سام وغريها من ف�صائل املقاومة‪ ،‬بع�ض املواقع التي‬
‫ال�رسائيلية‪.‬‬ ‫ا�ستخدمتها �إما للتدريب‪� ،‬أو للرباط ّ‬
‫�ضد االجتياحات إ‬

‫‪ 135‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/4/28 ،‬‬
‫‪ 136‬احلياة اجلديدة‪.2006/5/29 ،‬‬
‫‪ 137‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2006/10/14 ،‬‬

‫‪165‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�أما على �صعيد التمويل لكتائب الق�سام فهو �أمر من ال�صعب حتديده‪،‬‬
‫فحركة حما�س كباقي حركات التحرر الوطني التي تعتمد ال�رسية يف عملها‬
‫العالم من تقارير‪،‬‬
‫ومتويلها‪ ،‬وما ميكن معرفته هو ما ي�صدر عرب و�سائل إ‬
‫ب�شكل كلي‪ .‬ففي تقرير ملنظمة هيومن رايت�س‬
‫ٍ‬ ‫وهذه ال ميكن االعتماد عليها‬
‫ووت�ش ‪ Human Rights Watch‬يعود �إىل �سنة ‪ 2002‬حول التفجريات‬
‫الفل�سطينية يف “�إ�رسائيل”‪� ،‬أ�شار �إىل �أن بع�ض م�صادر متويل هذه العمليات‬
‫التي تقوم فيها حما�س ت أ�تي �إما من دول وحكومات من �ضمنها �إيران‬
‫و�سوريا‪� ،‬أو من خالل التربعات التي جتمعها من �أفراد وم ؤ��س�سات يف بالد‬
‫عربية و�أجنبية‪ ،‬ونقل التقرير عن خرباء ا�ستخبارات �إ�رسائيليني قولهم �إن‬
‫دخل حما�س املخ�ص�ص لتمويل عملياتها “يتجاوز الع�رشين مليون دوالر‬
‫يف العام الواحد”‪.138‬‬
‫“الرهاب”‪ ،‬قامت الواليات املتحدة‬
‫ويف �إطار حربها على ما ي�سمى إ‬
‫المريكية ب إ�غالق العديد من امل ؤ��س�سات اخلريية التي ي�شتبه بارتباطها‬ ‫أ‬
‫الر�ض املقد�سة‬‫بحما�س‪ ،‬ففي التقرير امل�شار �إليه �أعاله ورد �أن م ؤ��س�سة أ‬
‫للغاثة والتنمية ‪ ،Holy Land Foundation‬التي تتخذ الواليات‬ ‫إ‬
‫املتحدة مقراً لها‪� ،‬أغلقت يف كانون أ‬
‫الول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2001‬بدعوى �أنها‬
‫واجهة حلما�س‪ ،‬وذكر �أن هذه امل ؤ��س�سة �أدرجت عائدات قدرها ‪ 13‬مليون‬
‫دوالر �ضمن عوائدها ال�رضيبية عن العام ‪ ،2000‬كما زعم �أنها �أر�سلت‬
‫�أمو ً‬
‫اال حلما�س عن طريق جلان خريية حملية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬

‫‪ 138‬انظر تقرير منظمة هيومن رايت�س ووت�ش ل�سنة ‪ ،2002‬يف‪:‬‬


‫‪http://hrw. org/arabic/reports/2002/isr-pa-sbp61.htm‬‬

‫‪166‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫وزعم �أن �إحدى امل ؤ��س�سات املالية امل�سجلة يف جزر البهاما‪ ،‬وهي بنك‬
‫التقوى‪ ،‬كانت امل�رصف الذي �أودعت فيه حوايل ‪ 60‬مليون دوالر من‬
‫الموال املتعلقة بحما�س خالل عام ‪ 1997‬وحده‪ .‬وكثرياً ما ّ‬
‫يتم اخللط‬ ‫أ‬
‫بني ما جتمعه امل ؤ��س�سات اخلريية القريبة من حما�س أ‬
‫للمور املتعلقة بالرعاية‬
‫االجتماعية أ‬
‫كاليتام واملر�ضى‪ ،...‬وبني ما جتمعه حما�س بطرقها اخلا�صة‬
‫ال�رسائيليون والعديد‬
‫للنفاق على كوادرها وعلى عملها املقاوم‪ ،‬ويتعمد إ‬ ‫إ‬
‫من اجلهات أ‬
‫الجنبية هذا اخللط بق�صد �إيجاد املربرات ل�رضب العمل اخلريي‬
‫وم ؤ��س�سات اخلدمة االجتماعية التي يرعاها م ؤ�يدو حما�س‪.‬‬

‫خال�صة‪:‬‬

‫خا�ضت حركة حما�س بعد فوزها يف االنتخابات الت�رشيعية وت�شكيلها‬


‫احلكومة العا�رشة‪ ،‬حتديات �صعبة كان �أبرزها احل�صار إ‬
‫ال�رسائيلي والدويل‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية لل�سلطة معها‪ .‬وا�ضطرت‬ ‫المني وعدم تعاون أ‬
‫والفلتان أ‬
‫لال�ستغراق يف امل�شاكل الداخلية مما كاد يفقدها دورها الريادي يف مقاومة‬
‫ال�رسائيلي‪ ،‬ويوقعها يف حرب �أهلية وا�سعة‪ ،‬كما كان لهذه‬ ‫االحتالل إ‬
‫التجربة �أثر كبري يف تغيري اخلريطة أ‬
‫المنية يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ .‬ومن‬
‫بد من ت�سليط ال�ضوء على جمموعة من‬ ‫�أجل تقييم �سلوك حما�س أ‬
‫المني ال ّ‬
‫املالحظات التي �أثرت يف �سلوك حما�س أ‬
‫المني‪:‬‬
‫المنية من قبل حركة فتح‪ ،‬وعدم تعاونها عملي ًا يف‬ ‫الجهزة أ‬
‫‪ .1‬احتكار أ‬
‫حتويل هذه أ‬
‫الجهزة �إىل م ؤ��س�سة مبنية على �أ�س�س وطنية ومهنية‪.‬‬
‫‪ .2‬التدخل والدعم اخلارجي املبا�رش‪ ،‬الع�سكري وال�سيا�سي واملادي‪،‬‬
‫ألطراف فل�سطينية للوقوف يف وجه حما�س‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ .3‬انت�شار ال�سالح والفو�ضى أ‬


‫المنية‪ ،‬وتف�شي ظاهرة الع�شائرية‬
‫والعائلية وقيامها بت�سليح نف�سها‪ ،‬ورعاية �سالح الفو�ضى ل�صالح‬
‫�أجندات داخلية وخارجية‪.‬‬
‫‪� .4‬ضعف الت أ�ثري العربي إ‬
‫وال�سالمي يف ّ‬
‫حل اخلالفات الفل�سطينية‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫‪� .5‬ضعف ت أ�ثري الف�صائل الفل�سطينية أ‬
‫الخرى‪ ،‬و�ضبابية مواقفها من‬
‫اخلالف الفل�سطيني الداخلي‪.‬‬
‫‪ .6‬حداثة التجربة لدى حركة حما�س يف العمل احلكومي‪.‬‬
‫‪ .7‬غياب دور للمدعي العام الفل�سطيني‪ ،‬ومن بعده الق�ضاء يف حما�سبة‬
‫المنية‪ ،‬ومن مثريي الفنت‪.‬‬‫الجهزة أ‬
‫الفا�سدين واملتورطني من عنا�رص أ‬

‫حاولت حركة حما�س خالل عملها احلكومي التو�صل لتفاهمات‬


‫�سيا�سية؛ جتنب ًا لالقتتال الداخلي‪ ،‬وعلى ما يبدو �أن الطرف آ‬
‫الخر ا�ستمر يف‬
‫�أجندته التي تهدف �إىل �إ�سقاط حكومة حما�س و�إف�شال جتربتها‪ ،‬وهو ما‬
‫�ضد كوادر حما�س وعنا�رصها‪.‬‬ ‫دفعه �إىل مزيد من الت�صعيد أ‬
‫المني ّ‬
‫�أ�ضعف ان�شغال حكومة حما�س ّ‬
‫بفك احل�صار وترتيب البيت الداخلي‪،‬‬
‫�ضد االحتالل‪ ،‬كما ت�شوه جزء من �صورتها‬
‫من دورها يف العمل املقاوم ّ‬
‫ب�سبب ا�ضطرارها للقيام مبا تراه دفاع ًا عن نف�سها وعن ّ‬
‫خطها املقاوم وعن‬
‫حكومتها‪ ،‬وهو ما �أوقعها يف ا�شتباكات دامية مع تيار متنفذ حم�سوب على‬
‫فتح‪ ،‬كان ي�سعى بكل الطرق إل�سقاطها و�إف�شال جتربتها‪ .‬وكان ا�ضطرار‬
‫حما�س إل�رشاك كتائب الق�سام يف االقتتال الداخلي عن�رصاً �سلبي ًا على‬
‫ال�صورة النا�صعة التي كانت تتمتع بها‪ .‬غري �أن حما�س نحجت‪ ،‬على أ‬
‫القل‬
‫يف قطاع غزة‪ ،‬يف �إف�شال العديد من املخططات التي كانت تهدف �إىل‬

‫‪168‬‬
‫ال�سلوك أ‬
‫المني حلركة حما�س‬

‫مترير م�شاريع �أمريكية و�إ�رسائيلية‪ ،‬وذلك من خالل توجيه �رضبات �أمنية‬


‫قا�سية للمتعاونني مع هذه املخططات‪.‬‬
‫وقفت حركة حما�س �أمام جميع املخططات التي تهدف �إىل �إلغائها‬
‫و�شطبها من ال�ساحة الفل�سطينية؛ فواجهت هذه املخططات �إما بك�شفها‪،‬‬
‫�أو عرب �إجراءات حكومية لتلتف على هذه املخططات‪� ،‬أو عرب �إجراءات‬
‫�أمنية ميدانية جزئية‪.‬‬
‫الخطاء التي وقعت بها حركة حما�س خالل‬ ‫وعلى الرغم من أ‬
‫ح�سمها الع�سكري‪� ،‬إال �أن هناك العديد من املكا�سب التي حققها ال�شعب‬
‫الفل�سطيني على �أكرث من �صعيد‪ ،‬من خالل الق�ضاء على الفلتان أ‬
‫المني‬
‫يف قطاع غزة‪ ،‬ووقف االعتداء على املال العام‪ ،‬ووقف مالحقة عنا�رص‬
‫املقاومة‪� ،‬إ�ضافة �إىل فر�ض نهج جديد يف عمل �أجهزة أ‬
‫المن الفل�سطيني‪،‬‬
‫يق�ضي بالعمل لل�صالح العام ووقف ال�شللية يف هذه أ‬
‫الجهزة‪.‬‬
‫�شك �أن الهوة قد ات�سعت بني فتح وحما�س �إثر احل�سم الع�سكري‬ ‫وال ّ‬
‫يف قطاع غزة‪ ،‬و�أن الدم الذي �سال بني الطرفني �أوجد جدران ًا من انعدام‬
‫الثقة‪ ،‬وال ميكن �أن تعالج أ‬
‫المور �إال بوجود نوايا �صادقة ّ‬
‫حلل امل�شاكل من‬
‫جذورها وتقدمي امل�صالح الوطنية على امل�صالح احلزبية والف�صائلية‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫الف�صل الثالث‬

‫�صراع ال�صالحيات‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫الف�صل الثالث‪� :‬صراع ال�صالحيات‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫لي�س �رصاع ال�صالحيات بجديد على �أروقة ال�سلطة الفل�سطينية‪،‬‬
‫مت�ض �سوى �سنوات على ما ح�صل بني الرئي�س الراحل يا�رس عرفات‬
‫فلم ِ‬
‫الول على تكري�س‬‫�رص عبا�س خالل ال�رصاع أ‬
‫وحممود عبا�س‪ .‬ويف حني �أ ّ‬
‫حقه كرئي�س للوزراء مبمار�سة هذه ال�صالحيات قانوني ًا‪ ،‬بدافع “بناء دولة‬
‫املعدل)‪ ،‬ف إ�ن دافعه‬
‫ال�سا�سي ّ‬ ‫دميوقراطية و�سليمة” (فكانت النتيجة القانون أ‬
‫الخري كان خمتلف ًا‪ ،‬خ�صو�ص ًا من موقع الرئا�سة‪ ،‬التي‬ ‫ل�رصاع ال�صالحيات أ‬
‫�ضد موقع رئا�سة احلكومة‪ ،‬التي كان ميثلها �سابق ًا‪.‬‬
‫كان ينازعها ال�صالحية‪ّ ،‬‬
‫للغلبية الداعمة يف املجل�س‬ ‫وكانت و�سائله كذلك خمتلفة �إذ �إنه افتقد أ‬
‫الت�رشيعي الفل�سطيني‪ ،‬فكان خياره الوحيد املرا�سيم الرئا�سية التي كرثت‬
‫ب�شكل مبالغ فيه خالل فرتة وجود حما�س يف احلكم‪ .‬وكانت البداية مع‬
‫�سل�سلة من التعيينات يف وزارات و�إدارات الدولة من قبل فتح‪ ،‬ثم عقد‬
‫جل�سة للمجل�س الت�رشيعي املنتهية واليته‪ ،‬وامل ؤ�لف من �أغلبية فتحاوية‪،‬‬
‫يف ‪� 2006/2/13‬أي بعد �أن �أعلنت نتائج االنتخابات النيابية‪� ،‬أ ّ‬
‫قرت فيها‬
‫تو�سع من �سلطات الرئي�س‪ ،‬وتُقل�ص من �سلطات‬ ‫تعديالت ومرا�سيم ّ‬
‫املجل�س الت�رشيعي اجلديد الذي متتلك فيه حما�س �أغلبية‪ ،‬وتُقل�ص كذلك‬
‫من �صالحيات احلكومة القادمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويركز هذا املبحث من �رصاع ال�صالحيات على اجلانب القانوين‬
‫ملمار�سات الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س وم�ساعديه‪ ،‬واملتعلقة بامللف‬
‫المنية‪ ،‬والقوة‬‫الجهزة أ‬ ‫المنية‪ ،‬و�إدارة أ‬
‫المني حتديداً‪ ،‬كالتعيينات أ‬
‫أ‬
‫التنفيذية‪ ،‬واخلطة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�إدارة املعابر؛ وي�ستند املبحث �إىل قوانني‬

‫‪173‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يعد مبثابة الد�ستور‬


‫املعدل‪ ،‬الذي ّ‬ ‫ال�سلطة الفل�سطينية والقانون أ‬
‫ال�سا�سي ّ‬
‫الول أ‬
‫والخري لتقييم هذه املمار�سات‪.‬‬ ‫لهذه ال�سلطة‪ ،‬ب�صفتها املرجع أ‬

‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬الرئي�س عبا�س وال�صالحيات أ‬
‫المنية قبل فوز حما�س‪:‬‬

‫حتت �شعارات خمتلفة مثل “�سلطة واحدة و�سالح واحد” و“�إ�صالح‬


‫المنية”‪� ،‬سعى حممود عبا�س ومنذ �أن كان رئي� ًسا ملجل�س الوزراء‬ ‫الجهزة أ‬ ‫أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪� ،‬إدراك ًا منه �أنه �إذا ما امتلكها �صار لديه‬ ‫�إىل ال�سيطرة على أ‬
‫�إىل جانب الدعم الدويل واملال‪ ،‬القوة الالزمة لتنفيذ برناجمه ال�سيا�سي‪،‬‬
‫وحتديداً وقف املقاومة‪ ،‬إلبرام �صفقة ت�سوية “م�ستقرة” ومر�ضية جلميع‬
‫الطراف (مبا يف ذلك الواليات املتحدة أ‬
‫المريكية و“�إ�رسائيل”)؛ ف أ�قال‬ ‫أ‬
‫خالل �سنة ‪ 2005‬ت�سعة من كبار قادة أ‬
‫المن‪ ،‬و�أحال �أكرث من �ألف‬
‫للطاحة باحلر�س القدمي‪.‬‬ ‫�ضابط بينهم قادة كبار �إىل التقاعد‪� ،‬ساعي ًا إ‬
‫المن القومي عندما كان رئي� ًسا للوزراء‪،‬‬ ‫حل الرئي�س عبا�س جمل�س أ‬‫كما ّ‬
‫و�أعاد ت�شكيله ليكون حتت رئا�سة رئي�س الوزراء مبا�رشة بعد �أن كان بيد‬
‫وقرب حممد دحالن منه؛ وعينَّ ر�شيد �أبو �شباك م� ؤ‬
‫س�و ًال عن‬ ‫الرئي�س‪ّ .‬‬
‫اجلهاز أ‬
‫المني الوقائي يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬وقام ب إ�دراج حوايل ‪� 15‬ألف‬
‫من عنا�رص املجموعات امل�سلحة التابعة لفتح على �سلم رواتب املوظفني‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية تعاين‬ ‫كل هذا بدعم و�ضغط �أمريكي مبا�رش‪ .‬وقد ظ ّلت أ‬
‫من مظاهر اخللل‪ ،‬مبا يف ذلك االنفالت أ‬
‫المني وجتاوز القانون‪ ،‬وكانت‬
‫الداري واملايل‪ ،‬تتدخل يف حياة‬ ‫بال�ضافة لعدم ان�ضباطها وف�سادها إ‬
‫إ‬
‫املواطنني ومتار�س عمليات اخلطف واالبتزاز وتت�صارع فيما بينها �أحيان ًا‪.‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/2/11 ،‬‬ ‫‬

‫‪174‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫وذكر وزير االقت�صاد الفل�سطيني ال�سابق مازن �سنقرط �أنه ّمت رفع‬
‫المنية بن�سبة ‪ %40‬ل�سنة ‪ ،2005‬و�أن احلكومة‪� ،‬أي‬ ‫الجهزة أ‬‫ميزانية أ‬
‫حكومة قريع (احلكومة التا�سعة)‪ ،‬قررت يف الن�صف الثاين من �سنة ‪2005‬‬
‫المنية‪ ،‬والذين‬‫الجهزة أ‬
‫�ضم نحو ‪� 15‬ألف �شخ�ص من الذين عملوا يف أ‬ ‫ّ‬
‫كان لهم �أي� ًضا نوع من التوجهات الن�ضالية يف ال�شارع الفل�سطيني‬
‫الق�صى‪.‬‬ ‫واملطاردين؛ ومعظمهم �أع�ضاء يف حركة فتح وكتائب �شهداء أ‬
‫ومما يدلل على ذلك ما ُيظهره اجلدول التايل من �أن �أعداد موظفي‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬حتديداً فئة “ع�سكريون حتت االختبار” قد ارتفعت‬
‫بني �شهري حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2005‬وكانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2006‬من ‪4,676‬‬
‫عن�رصاً �إىل ‪ 20,839‬عن�رصاً‪.‬‬
‫‬
‫�أعداد املوظفني الع�سكريني يف ال�سلطة الفل�سطينية لفرتات خمتلفة‬
‫ع�سكريون حتت‬ ‫املوظفون‬
‫املجموع‬
‫االختبار‬ ‫الع�سكريون‬
‫‪61,743‬‬ ‫‪4,676‬‬ ‫‪57,067‬‬ ‫�شهر ‪2005/6‬‬
‫‪77,906‬‬ ‫‪20,839‬‬ ‫‪57,067‬‬ ‫�شهر ‪2006/1‬‬
‫‪77,860‬‬ ‫‪20,793‬‬ ‫‪57,067‬‬ ‫�شهر ‪2006/3‬‬
‫‪78,204‬‬ ‫‪19,816‬‬ ‫‪58,388‬‬ ‫�شهر ‪2006/5‬‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية الفل�سطينية‪ ،‬انظر‪:‬‬ ‫عمان‪ .2006/2/11 ،‬وللتو�سع يف مو�ضوع واقع أ‬ ‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫‬

‫روالند فريدريك و�أرنولد ليتهولد (حمرران)‪ ،‬املدخل �إىل �إ�صالح القطاع أ‬


‫المني يف فل�سطني‪،‬‬
‫ترجمة يا�سني ال�سيد (جنيف ورام اهلل‪ :‬مركز جنيف للرقابة الدميوقراطية على القوات‬
‫امل�سلحة‪)2007 ،‬؛ وروالند فريدريك و�أرنولد ليتهولد ولويجي دي مارتينو‪ ،‬تغري احلكومة‬
‫وحكم القطاع أ‬
‫المني‪ :‬املفاهيم الفل�سطينية العامة‪ ،‬ترجمة يا�سني ال�سيد‪ ،‬مركز جنيف للرقابة‬
‫الدميوقراطية على القوات امل�سلحة‪.2006/8/3 ،‬‬
‫ وزارة املالية يف ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪� ،‬أعداد موظفني ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية لفرتات‬
‫خمتلفة ‪ ،2006-2005‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.mof.gov.ps/monthly-reports/2006/Table_6.php‬‬

‫‪175‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الجهزة بدعم من قياداتها وقيادة ال�سلطة‪ ،‬بتهمي�ش‬ ‫كما قامت هذه أ‬


‫دور الق�ضاء‪ ،‬وحتويله �إىل �أداة �أو �إلغائه يف �أحيان �أخرى‪ ،‬فتجاوزت مث ً‬
‫ال‬
‫بالفراج عن بع�ض قادة ونا�شطي‬
‫قرارات حمكمة العدل الفل�سطينية العليا إ‬
‫املقاومة‪ .‬كما تعر�ضت لالتهام ب أ�نها تقوم بت�سليم معلومات عن مقاومني‬
‫ونا�شطني لالحتالل؛ مما �أ�سهم يف �إ�ضعاف ال�سلطة الفل�سطينية ك�سلطة‬
‫المنية عند و�صول‬‫الجهزة أ‬ ‫قانون �أكرث ف أ�كرث‪ .‬وزاد حجم الفجوة مع أ‬
‫حما�س لل�سلطة بربناجمها الذي كان من بني �أهدافه �إ�صالح هذه أ‬
‫الجهزة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ال�صالحيات أ‬
‫المنية بعد فوز حما�س‪:‬‬ ‫ً‬

‫بعد فوز حما�س باالنتخابات‪� ،‬أحلق الرئي�س حممود ّ‬


‫عبا�س كافة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية وامل ؤ��س�سات إ‬
‫العالمية الر�سمية و�إدارة املعابر مبكتب‬ ‫أ‬
‫الرئا�سة‪ ،‬ورف�ض تبعية ال�رشطة والدفاع املدين أ‬
‫والمن الوقائي للحكومة‪،‬‬
‫مقابل تبعية أ‬
‫المن الوطني واملخابرات العامة للرئا�سة‪ ،‬وهو ما كان قد‬
‫�رص عليه �سابق ًا �إىل �أن ّمت خالل حكم الرئي�س الراحل يا�رس عرفات؛ ورد‬
‫�أ ّ‬
‫على تهمة �سحب هذه ال�صالحيات من وزارة الداخلية‪ ،‬ب أ�ن احلكومة‬
‫ال�ضافية‪.‬‬ ‫حتمل الرئا�سة هذه أ‬
‫العباء إ‬ ‫هي من ّ‬
‫ونورد فيما يلي �أبرز امللفات أ‬
‫المنية التي �أثارت فيها املرا�سيم الرئا�سية‬
‫جد ًال بتجاوزها ل�صالحياتها‪:‬‬

‫ال�رسائيلي‪ ”،‬اجلزيرة نت‪،‬‬ ‫ �صالح النعامي‪“ ،‬الفلتان أ‬


‫المني يف ال�سلطة‪ ...‬خماطر التوظيف إ‬
‫‪.22/6/2005‬‬
‫ وكالة وفا‪.2007/1/10 ،‬‬

‫‪176‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية‪:‬‬ ‫المنية و�إدارة أ‬
‫‪ .1‬التعيينات أ‬

‫بعد فوز حما�س يف االنتخابات‪ ،‬قام الرئي�س عبا�س بجملة من التعيينات‬


‫�شملت تعيينات لقادة �أمنيني يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬ت�ضمن له نقل �صالحية‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية لديوان الرئا�سة‪ ،‬حتى ولو ظ ّلت تابعة لوزارة‬ ‫�إدارة أ‬
‫الخبارية أ‬
‫المريكية‬ ‫ين�ص القانون‪ .‬فقد ذكر موقع القناة إ‬
‫الداخلية كما ّ‬
‫المنية �أنهم‬‫الجهزة أ‬ ‫“�سي �إن �إن” يف ‪� 2006/1/29‬أن عبا�س �أبلغ قادة أ‬
‫خا�ضعون له‪ ،‬ولي�س للحكومة التي �ستت�شكل خالل أ‬
‫ال�سابيع القليلة املقبلة‬
‫بقيادة حما�س‪ ،‬و�أمرهم وبو�ضوح بتقدمي تقاريرهم له �شخ�صي ًا‪ .‬ومن �أبرز‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التي يفرت�ض �أنها تابعة‬ ‫التعيينات التي قام بها عبا�س يف أ‬
‫المن الوطني واال�ستخبارات) تعيني ر�شيد‬ ‫لوزارة الداخلية (�أي م�ستثنني أ‬
‫�أبو �شباك مديراً عام ًا أ‬
‫للمن الداخلي‪ ،‬و�صخر ب�سي�سو رئي� ًسا للهيئة العامة‬
‫للمعابر بدرجة وزير‪ ،‬وعبد الرزاق جمايدة م�ست�شاراً ع�سكري ًا مهمته‬
‫والمن الوطني‪ ،‬و�سليمان‬ ‫المنية أ‬‫والجهزة أ‬
‫التن�سيق بني وزارة الداخلية أ‬
‫حل�س قائداً لقوات أ‬
‫المن يف ال�ضفة وغزة‪� ،‬إىل جانب الكثري من التعيينات‬
‫الماراتية يف ‪� 2007/1/10‬أن‬‫ال جريدة االحتاد إ‬‫الخرى‪ ،‬فقد ذكرت مث ً‬ ‫أ‬
‫س�ولني يف أ‬
‫الجهزة‬ ‫الرئي�س عبا�س �أ�صدر �أمراً با�ستبدال ‪ 158‬من كبار امل� ؤ‬
‫المنية ب�شكل فوري يف مر�سوم واحد‪ ،‬بذريعة ق�ضايا الف�ساد الداخلي‬ ‫أ‬

‫ �سي �إن �إن‪.2006/1/29 ،‬‬


‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪2006/2/21 ،‬؛ ون�رشت احلياة يف ‪� 2006/3/25‬أن الرئي�س حممود عبا�س‬ ‫ أ‬
‫ش�ون املعابر‪ ،‬برئا�سة كبري املفاو�ضني الفل�سطينيني �صائب‬ ‫�أ�صدر قراراً ب إ�ن�شاء هيئة خا�صة ل� ؤ‬
‫ال�رسائيلي فيما يتعلق بق�ضايا عبور‬
‫عريقات‪ ،‬تكون مهمتها �إجراء ات�صاالت يومية مع اجلانب إ‬
‫الفل�سطينيني وتنقلهم‪ .‬كما و�أ�شار عريقات �إىل �أن الرئي�س �سي�صدر مر�سوما رئا�سيا بهذا ال�ش�ن‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نطلع على �أي مر�سوم بهذا ال�ش أ�ن بعد ذلك‪.‬‬ ‫يف أ‬
‫اليام القليلة املقبلة‪� .‬إال �أننا مل ّ‬

‫‪177‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية‪.‬‬ ‫واحلاجة �إىل �إعادة اال�ستقرار �إىل أ‬
‫وكان تعيني عبا�س ملحمد دحالن م�ست�شاراً أ‬
‫للمن القومي من �أكرث‬
‫التعيينات �إثارة للجدل‪� ،‬إذ ي�شدد القانون الفل�سطيني على �أنه ال يجوز‬
‫لع�ضو املجل�س الت�رشيعي تويل �أي من�صب يف ال�سلطة التنفيذية عدا من�صب‬
‫الوزير‪ ،‬ومينعه �أي� ًضا من تويل مهام ا�ست�شارية؛ وحتدثت م�صادر �أمنية‬
‫فل�سطينية يف �أوائل ‪ 2007‬عن قرار �شفهي لعبا�س يق�ضي بتعيني دحالن‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�أن القرار نفذ عملي ًا على �أر�ض الواقع بناء‬ ‫س�و ًال عن أ‬
‫م� ؤ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية بتلقي‬ ‫على تعليمات مبا�رشة �صدرت من عبا�س �إىل قادة أ‬
‫تعليماتهم من دحالن‪ ،‬و�أ�شارت �إىل �أن دحالن با�رش مهامه أ‬
‫المنية كقائد‬
‫مقر‬
‫المنية يف ّ‬ ‫للجهزة أ‬ ‫المنية‪ ،‬و�أنه تر�أ�س عدة اجتماعات أ‬ ‫للجهزة أ‬
‫أ‬
‫الرئا�سة بغزة‪ .‬وقد �رصح م�صدر حكومي من حركة فتح جلريدة ال�رشق‬
‫�سيتم التحايل على ا�سم املن�صب الذي لن يكون م�ست�شار أ‬
‫المن‬ ‫الو�سط �أنه ّ‬‫أ‬
‫ال�سا�سي‪ ...‬بل �سيطلق عليه ا�سم �أمني‬‫“لنه يتناق�ض مع القانون أ‬‫القومي أ‬
‫�رس املجل�س‪ ،‬وب إ�مكان دحالن �أن يتبو�أه انطالق ًا من من�صبه كرئي�س للجنة‬
‫ش�ون أ‬
‫المنية يف الت�رشيعي”‪.10‬‬ ‫ال� ؤ‬

‫ومن جهة �أخرى‪� ،‬ألغى الرئي�س عبا�س قرار �سعيد �صيام‪ ،‬وزير‬
‫الداخلية يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2006‬بتعيني جمال �أبو �سمهدانة مراقب ًا عام ًا‬
‫يف وزارة الداخلية بذريعة �أن احلكومة ال متلك ال�صالحيات‪ ،‬و�أن ذلك‬

‫ االحتاد‪.2007/1/10 ،‬‬
‫ الد�ستور‪.2007/1/8 ،‬‬
‫‪ 10‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/3/21 ،‬‬

‫‪178‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫من �صالحيات الرئي�س فقط‪ ،‬مع العلم �أن من�صب املراقب العام يف وزارة‬
‫الداخلية هو من�صب م�ستحدث من قبل حكومة فل�سطينية �سابقة‪ ،‬و�شغله‬
‫للمن الداخلي يف‬ ‫�سمري امل�شهراوي عندما كان حممد دحالن وزيراً أ‬
‫حكومة حممود عبا�س يف عهد الرئي�س الراحل يا�رس عرفات‪.11‬‬

‫‪� .2‬إدارة املعابر‪:‬‬


‫ك�شف العقيد �سليم �أبو �صفية‪ ،‬مدير عام �أمن املعابر‪ ،‬عن ترتيبات‬
‫تجُ رى ل ُت�س ّلم قوات �أمن الرئا�سة كافة املعابر على غرار ت�سلمها ملعرب رفح‪،‬‬
‫مربراً هذا ب أ�ن “امل�صلحة الوطنية تقت�ضي �رضورة �أن تكون م ؤ��س�سة الرئا�سة‬
‫هي املرجعية للمعابر”‪ .‬كما �أ�شار �أبو �صفية �إىل تقلي�ص حجم تواجد خمتلف‬
‫وزارات ال�سلطة يف املعابر‪ ،‬ودخول عدد من �أفراد �أمن الرئا�سة كموظفني‬
‫دائمني فيها‪.12‬‬
‫ويف وقت الحق‪� ،‬أ�صدر وزير الداخلية �سعيد �صيام قراراً بتعيني حممود‬
‫فرج مديراً عام ًا ألمن املعابر‪� ،‬إال �أن الرئي�س عبا�س �ألغى تعيني فرج و�أعاد‬
‫تعيني �أبو �صفية‪ ،‬كما �أ�صدر قراراً بتعيني مو�سى �أبو غزة مديراً عام ًا ملعرب‬
‫رفح الربي‪ ،‬وتعيني �سمري احلارون مديراً عام ًا ملعرب كرم �أبو �سامل‪.13‬‬
‫وقد برر الرئي�س الفل�سطيني �سيا�ساته جتاه املعابر ب أ�نها ت أ�تي يف �إطار “ما‬
‫المور‪� ،‬إذ �إن احل�صار الدويل املفرو�ض على حكومة‬ ‫�أكره عليه” لت�سيري أ‬
‫حما�س‪ ،‬ي�ستدعي‪ ،‬بح�سب ت�رصيحات عبا�س وم ؤ�يديه‪ ،‬من من�صب الرئا�سة‬

‫‪� 11‬أحمد احليلة‪�“ ،‬رصاع ال�صالحيات بني الرئا�سة واحلكومة الفل�سطينية‪ ”،‬املركز الفل�سطيني‬
‫للعالم‪.2006/4/27 ،‬‬ ‫إ‬
‫‪ 12‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/6/2 ،‬‬
‫‪ 13‬عرب ‪.2006/8/30 ،48‬‬

‫‪179‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫حترك ًا متليه خربته يف املفاو�ضات وعالقاته الدولية؛ �أما احلكومة‪ ،‬فلم ترتك‬
‫لها �أي فر�صة إلدارة هذه املعابر‪ ،‬على الرغم من املرونة التي �أبدتها ب�ش أ�ن‬
‫ال�رسائيلية يف ال� ؤ‬
‫ش�ون احلياتية اليومية‪ ،‬ومثال ذلك‬ ‫التن�سيق مع ال�سلطات إ‬
‫الت�صاريح التي متنح للعاملني الفل�سطينيني‪.‬‬

‫‪ .3‬القوة التنفيذية‪:‬‬

‫يف ‪� ،2006/5/17‬أعلن وزير الداخلية �سعيد �صيام عن بدء عمل القوة‬


‫الجنحة الع�سكرية للف�صائل وم�ستقلني‪ ،‬كجزء من‬ ‫التنفيذية امل�شكلة من أ‬
‫المن الداخلي‪ ،‬على �أن تدمج الحق ًا يف اجلهاز‬‫المنية يتبع لقوى أ‬
‫امل ؤ��س�سة أ‬
‫ككل‪ .‬وقد رف�ض الرئي�س حممود عبا�س قرار ت�شكيل القوة و�أ�صدر مر�سوم ًا‬
‫يلغيه‪.14‬‬
‫وا�ستند وزير الداخلية ورئي�س احلكومة يف �إن�شاء هذه القوة �إىل‬
‫�رصح �إبراهيم �صالح مدير مكتب‬‫ال�سا�سي الفل�سطيني‪ ،‬حيث ّ‬‫القانون أ‬
‫وزير الداخلية الفل�سطيني �أن هذه القوة �شكلت يف �إطار �صالحيات وزير‬
‫الداخلية وب�شكل وا�ضح ح�سب القوانني الفل�سطينية والقانون أ‬
‫ال�سا�سي‪،‬‬
‫والمن الداخلي من �صالحيات‬ ‫س�ولية حفظ النظام أ‬
‫الذي ين�ص على �أن م� ؤ‬
‫وزير الداخلية‪ ،‬و�أن �إعداد اجلهاز إ‬
‫الداري وو�ضع هياكله وكافة الو�سائل‬
‫وال�رشاف عليه من �صالحيات وزير الداخلية �أي� ًضا‪.15‬‬
‫الالزمة له إ‬
‫ور ّداً على قرار الرئي�س عبا�س بخ�صو�ص ّ‬
‫حل القوة‪ ،‬ذكرت رئا�سة‬
‫املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني يف بيان لها �أن الرئي�س عبا�س ال ميتلك‬

‫‪ 14‬رويرتز‪ ،‬ن�رشه �إ�سالم �أون الين‪.2006/5/17 ،‬‬


‫‪ 15‬جملة فل�سطني امل�سلمة‪.2006/6/1 ،‬‬

‫‪180‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫�صالحيات تنفيذية تخول له �إن�شاء �أو �إلغاء قوة �أمنية تخ�ضع ل�صالحيات‬
‫جمل�س الوزراء ووزير الداخلية‪ .16‬كما �أكدت احلكومة �أنها توافقت مع‬
‫الرئي�س الفل�سطيني ب�ش أ�ن �إن�شاء هذه القوة‪ .17‬وقد ن�رشت وكالة أ‬
‫النباء‬
‫ن�ص ر�سالة ّ‬
‫خطية من رئي�س الوزراء الفل�سطيني �إ�سماعيل‬ ‫الفل�سطينية (وفا) ّ‬
‫هنية �إىل الرئي�س حممود عبا�س م ؤ�رخة يف ‪� ،2006/4/22‬أنه وبعد حديث‬
‫بني االثنني يف غزة حول �سبل الق�ضاء على الفلتان يف ال�شارع الفل�سطيني‪،‬‬
‫والعداد”‬
‫“وبنا ًء على موافقتكم‪� ،‬رشع ال�سيد وزير الداخلية يف الرتتيب إ‬
‫إلن�شاء القوة‪ ،‬مو�ضح ًا �أن الرئي�س الفل�سطيني “بارك هذا التوجه”‪.18‬‬
‫لكن رئي�س ديوان الرئا�سة رفيق احل�سيني عاد و�أكد بعد ن�رش هذه الر�سالة‪،‬‬
‫�صدور قرار الرئي�س ب إ�لغاء �إن�شاء القوة التنفيذية يف ‪ ،2006/4/21‬ون�رشه‬
‫يف ال�صحف املحلية يف اليوم الذي يليه‪ .‬و�أ�شار �إىل �أن عدد الر�سائل التي‬
‫�أر�سلت من قبل ديوان الرئا�سة �إىل رئا�سة الوزراء و�أمني عام رئا�سة الوزراء‬
‫ووزير الداخلية بلغت ع�رش ر�سائل‪ ،‬وجميعها ت ؤ�كد على عدم �رشعية �إن�شاء‬
‫المنية الفل�سطينية‪ .‬و�أ�ضاف‬ ‫الجهزة أ‬‫هذه القوة كج�سم منف�صل عن أ‬
‫احل�سيني �أن الرئي�س عبا�س وافق بالفعل على تفريغ دفعتني تبلغ قوامهما‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬بناء على طلب وزير‬ ‫‪ 5,100‬عن�رص على ُمرتبات (كادر) أ‬
‫الداخلية �سعيد �صيام‪ ،‬لكن لي�س من �أجل ت�شكيل ج�سم منف�صل عن‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية الذي �صدر‬ ‫المر الذي يخالف قانون أ‬
‫المنية‪ ،‬أ‬
‫الجهزة أ‬ ‫أ‬

‫النباء أ‬
‫الملانية (د ب �أ)‪ ،‬ن�رشته الد�ستور‪.2007/1/11 ،‬‬ ‫‪ 16‬وكالة أ‬
‫‪ 17‬انظر مث ً‬
‫ال‪ :‬مقابلة مع خالد م�شعل‪ ،‬الوطن‪ ،‬قطر‪2006/6/1 ،‬؛ ومقابلة مع �سعيد �صيام‪،‬‬
‫الخوان امل�سلمون‪� :‬إخوان �أون الين‪.2006/6/3 ،‬‬
‫موقع إ‬
‫‪ 18‬ال�سفري‪.2007/1/10 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫عام ‪ .2005‬وقال احل�سيني �إن وزير الداخلية فاج أ� الرئا�سة بوجود ج�سم‬
‫المنية‪ ،‬وال يتلقى تعليماته من قيادات أ‬
‫الجهزة‬ ‫الجهزة أ‬ ‫م�شكل خارج أ‬
‫كما هو متبع‪ ،‬بل يتلقى �أوامره مبا�رشة من وزير الداخلية‪ ،‬و�أن �صيام طالب‬
‫بعد ذلك بتفريغ ‪ 1,700‬عن�رص على مالك جهاز ال�رشطة‪� ،‬إال �أن الرئي�س‬
‫عبا�س رف�ض هذا الطلب‪ ،‬ألنه ال يريد ت�شكيل قوة تنفيذية يف ال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬كما �شكلت قوة تنفيذية يف قطاع غزة‪ .‬كما �شدد احل�سيني على‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪ ،‬و�إال ف أ�نها �ستبقى غري‬ ‫�أن هذه القوة يجب �أن تدمج يف أ‬
‫�رشعية‪ ،‬خ�صو�ص ًا و�أنها �أ�صبحت طرف ًا �أ�سا�سي ًا يف حالة االنفالت أ‬
‫المني‬
‫الذي �شهده قطاع غزة‪ ،‬واقرتح �أن يقوم عنا�رص القوة بت�سليم �أنف�سهم‬
‫�سيتم ترقني (�أي �إلغاء �أو �شطب) قيودهم‪.19‬‬
‫ّ‬ ‫الجهزة أ‬
‫المنية و�إال‬ ‫�إىل أ‬

‫وهكذا فقد كانت القوة التنفيذية حتى بتفا�صيلها مثار جدل دائم‪،‬‬
‫ا�شتد خ�صو�ص ًا يف �أوائل العام ‪ ،2007‬حني جدد الرئي�س عبا�س قرار ح ّلها‪،‬‬
‫فر ّد وزير الداخلية بقرار زيادة �أع�ضائها‪ .‬فر�أى م�ست�شار الرئي�س الفل�سطيني‬
‫الول لت�شكيلها و�ضع‬ ‫نبيل عمرو �أن القوة التنفيذية �أخذت‪ ،‬ومنذ اليوم أ‬
‫امليل�شيات اخلا�صة‪ ،‬ومل تلتزم بالعمل أ‬
‫المني وفق املنظومة الفل�سطينية‬
‫الر�سمية‪ ،‬وبالتايل كان على عبا�س �أن يتخذ مثل هذا القرار‪ ،‬و�أ�ضاف �أن‬
‫“ال �أحد يرتب�ص بها والعك�س هو ال�صحيح‪ ،‬حيث �أن هناك �أكرث من خمالفة‬
‫�سجلت عليها من قبل جلنة املتابعة”‪.20‬‬

‫‪ 19‬وكالة وفا‪ ،2007/1/10 ،‬وانظر �أي�ضاً‪ :‬أ‬


‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/1/11 ،‬‬
‫‪ 20‬احلياة اجلديدة‪.2007/1/7 ،‬‬

‫‪182‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫تتلق �أي كتاب ر�سمي‬


‫لكن الناطق با�سم القوة التنفيذية �أكد �أنها مل َ‬
‫من �أي جهة كانت بح ّلها‪ .21‬كما رف�ض وزير الداخلية القرار جمدداً ّ‬
‫وعده‬
‫المن‪ ،‬بل حماولة من عبا�س‬ ‫غري ملزم للحكومة �إذ يتنافى مع قانون قوى أ‬
‫�ضد �أبناء‬
‫للتغطية على ممار�سات غري قانونية قامت بها “�أجهزة �أمنية �أخرى ّ‬
‫ال�شعب الفل�سطيني” و�أعاد ت أ�كيد موقف حما�س الراف�ض حالي ًا لفكرة دمج‬
‫الجهزة فيها من ال�ضعف وتعدد‬ ‫“لن هذه أ‬
‫الجهزة املوجودة‪ ،‬أ‬ ‫القوة يف أ‬
‫الوالءات ما ي�شكل عبئ ًا على ق�ضية حفظ النظام أ‬
‫والمن”‪ ،‬مبدي ًا ا�ستعداده‬
‫المنية جمتمعة خلدمة التوافق الوطني‪ ،‬حتى ال يكون لكل‬ ‫الجهزة أ‬‫ل�صياغة أ‬
‫جهة قوة ت أ�متر ب أ�مرها‪ ،‬مذكراً ب أ�ن احلكومة دعت قبل ذلك ب أ��شهر لتكوين‬
‫جمل�س �أمن وطني قومي‪ ،‬ير�أ�سه عبا�س‪ ،‬ومل ي�ستجب لها‪.22‬‬
‫وقد ا�ستمرت حركة فتح يف حملتها االعالمية �ضد هذه القوة‪ ،‬فهي‬
‫تارة “ميلي�شيا خا�صة”‪ ،‬وتارة “تت�سبب بالفو�ضى وترتكب اجلرائم”‪،‬‬
‫وتارة “يفتقر �أفرادها للت أ�هيل والتدريبات الالزمة”‪ ،‬على الرغم من �أن‬
‫ين�ص على �أنه يجوز يف حاالت ال�رضورة الق�صوى‪،‬‬ ‫القانون الفل�سطيني ّ‬
‫ولفرتة م ؤ�قتة �أن ي�ستدعى للخدمة �صنفان‪� :‬أو ًال �ضباط �أنهوا خدمتهم‪� ،‬أو‬
‫املكلفون ب أ�وامر خا�صة‪ ،‬وقد ّ‬
‫�رصح مدير مكتب �صيام‪� ،‬إبراهيم �صالح عند‬
‫ت أ��سي�س هذه القوة‪� ،‬أنها “تندرج حتت هذا البند؛ فيمكن اعتبار �أفراد هذه‬
‫القوة مكلفة ب أ�وامر خا�صة‪ ،‬ل�ضبط أ‬
‫المن حلني ت�سوية �أو�ضاعهم ودجمهم‬

‫‪ 21‬االحتاد‪.2007/1/7 ،‬‬
‫للعالم‪.2007/1/7 ،‬‬
‫‪ 22‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪183‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يف جهاز ال�رشطة”‪ .23‬كما �أن �أفراد القوة التنفيذية تلقوا الحق ًا التدريبات‬
‫الالزمة‪ ،‬وبد�أت عملية ت�سجيل وجتهيز �أفراد القوة وفق �سجالت ر�سمية‪،‬‬
‫الدارة والتنظيم يف‬ ‫الدارية فمث ً‬
‫ال ر ّدت إ‬ ‫�إال �أنه كانت هناك بع�ض العراقيل إ‬
‫‪ 2007/3/26‬قائمة قدمتها القوة التنفيذية ملنح �أفرادها رتب ًا ع�سكرية بذريعة‬
‫“العدد الهائل والرتب الع�سكرية الكبرية املقدمة يف الالئحة”‪ ،24‬علم ًا ب أ�ن‬
‫�شكلة من معظم الف�صائل‪،‬‬ ‫جممل عدد �أفراد القوة التنفيذية ككل‪ ،‬وهي املُ َّ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية لعنا�رص فتح يف عهد‬ ‫ال ي�ساوي عدد التعيينات التي متت يف أ‬
‫الرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬والتي قدرت مبا يفوق الـ ‪� 15‬ألف عن�رص‪.‬‬
‫كما واجهت القوة التنفيذية عراقيل عدة و�ضعت يف وجهها‪ ،‬مثل عدم‬
‫المنية أ‬
‫الخرى‪ ،‬وت�رصيحات دائمة للرئي�س عبا�س‬ ‫الجهزة أ‬ ‫تعاون من ِق َبل أ‬
‫المكانيات‪،‬‬
‫بال�ضافة �إىل �صعوبات جتهيزية ب�سبب قلة إ‬
‫بعدم �رشعيتها‪ ،‬إ‬
‫ووجدت �صعوبة يف �إيجاد مواقع و�أماكن ت�ستقر فيها‪ .25‬ورغم هذا‪،‬‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫متكنت القوة من حتقيق �إجنازات عجزت عنها �أي من أ‬
‫والجرام و�شبكات‬ ‫أ‬
‫ال�سا�سية القائمة‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف جمال حماربة الع�صابات إ‬
‫الخالقي والتزوير‪ .‬وبعد اتفاق مكة‪ ،‬واعتماد وزير‬ ‫املخدرات وال�سقوط أ‬
‫المنية‪� ،‬رصح القوا�سمي‬‫للخطة أ‬
‫ّ‬ ‫الداخلية امل�ستقل اجلديد هاين القوا�سمي‬
‫و�سيتم التعامل معها‪ ،‬واال�ستعانة بها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫�أن هذه القوة ت�شكلت بقرارات‪،‬‬
‫ون�رشها يف ال�شوارع �إىل جانب قوى أ‬
‫المن حلفظ النظام‪.26‬‬

‫‪ 23‬فل�سطني امل�سلمة‪.2006/6/1 ،‬‬


‫اللكرتونية‪.2007/3/26 ،‬‬
‫‪ 24‬ن�رشة عني على فل�سطني إ‬
‫للعالم‪.2007/1/9 ،‬‬
‫‪ 25‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 26‬وكالة معاً‪.2007/4/15 ،‬‬

‫‪184‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫‪ .4‬اخلطة أ‬
‫المنية‪:‬‬
‫قدم وزير الداخلية اجلديد‬
‫بعد اتفاق مكة‪ ،‬وت�شكيل حكومة الوحدة‪ّ ،‬‬
‫خطة �أمنية موحدة �أ ّ‬
‫قرها جمل�س‬ ‫يف احلكومة هاين القوا�سمي (م�ستقل)‪ّ ،‬‬
‫الطراف‪ ،‬الرئا�سة واحلكومة‬ ‫الوزراء يف ‪ ،2007/4/14‬بدعم كامل من كافة أ‬
‫قدم ا�ستقالته �إىل مكتب رئا�سة الوزراء‪.‬‬
‫والت�رشيعي‪ .27‬لكنه يف ‪ّ 2007/4/17‬‬
‫وقد ن�رش الحق ًا ن�ص اال�ستقالة الر�سمي والذي بني �أن ال�سبب الرئي�سي‬
‫لها‪ ،‬هو تنازع على ال�صالحيات مع مدير عام أ‬
‫المن الداخلي ر�شيد �أبو‬
‫�شباك‪ ،‬حيث �أن أ‬
‫الخري ما يزال ميلك كافة ال�صالحيات التنفيذية وال�سلطة‬
‫على كافة رجال أ‬
‫المن‪ ،‬كما �أن وزير الداخلية ما يزال يفتقد اال�ستقاللية‬
‫املالية للوزارة‪ ،‬وقد ك�شف بذلك موقف فتح التي ادعت �أنها توا�صلت مع‬
‫وزير الداخلية‪ ،‬و�أنه ذكر لهم �أن �أ�سباب اال�ستقالة ال دخل لها بالعقيد �أبو‬
‫المثلة كتعليمات ّ‬
‫خطية‬ ‫�شباك‪ .28‬و�أورد القوا�سمي يف ن�ص ا�ستقالته بع�ض أ‬
‫من �أبو �شباك ملدير عام ال�رشطة اللواء عالء ح�سني مبنعه من تنفيذ تعليمات‬
‫بنقل ثالثة من ال�رشطة للعمل مع القوا�سمي يف احلرا�سة‪ ،‬وتعميم �صارم من‬
‫بالجهزة أ‬
‫المنية بعدم االت�صال‬ ‫�أبو �شباك �أي� ًضا يفر�ض على كافة العاملني أ‬
‫�أو تلقي التعليمات من �أي م�ستوى يف الوزارة �إال منه �شخ�صي ًا‪.‬‬
‫وقد رف�ض رئي�س الوزراء ا�ستقالة القوا�سمي‪ ،‬وتركها معلقة وقال �إنه‬
‫�سيطالب الرئي�س الفل�سطيني ب إ�قالة ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬لكن القوا�سمي �أ ّ‬
‫�رص‬
‫اخلطة أ‬
‫المنية‪،‬‬ ‫تخوله تنفيذ ّ‬
‫عليها لف�شله يف احل�صول على �صالحيات ّ‬

‫‪ 27‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪ ،‬وامل�ستقبل‪.2007/4/15 ،‬‬
‫‪� 28‬إيالف‪.2007/5/1 ،‬‬

‫‪185‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫على الرغم من الوعود املتكررة من عبا�س‪ ،‬فما كان �أمام احلكومة �إال‬
‫قبول اال�ستقالة‪ ،‬ليتوىل رئي�س الوزراء �إ�سماعيل هنية القيام ب أ�عمال وزير‬
‫اخلطة من �صعوبة‪ ،‬ي�شري �إىل �أنّ الرئا�سة‬
‫الداخلية‪ .29‬ولعل ما رافق تطبيق ّ‬
‫وبع�ض القيادات يف فتح مل تكن جادة يف �إنهاء احتكارها للم ؤ��س�سة‬
‫أ‬
‫المنية‪ ،‬وحتويلها مل ؤ��س�سة مبنية على �أ�س�س وطنية ومهنية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ال�صالحيات أ‬
‫المنية بعد �إعالن حكومة الطوارئ‪:‬‬ ‫ً‬

‫رداً على ما قامت به حركة حما�س يف غزة من “ح�سم ع�سكري”‪،‬‬


‫�أ�صدر الرئي�س حممود عبا�س ثالثة مرا�سيم ق�ضت ب إ�قالة هنية‪ ،‬و�إعالن حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬وت�شكيل حكومة الطوارئ‪ .30‬وقد �أثارت هذه املرا�سيم فور‬
‫�صدورها جد ًال قانوني ًا‪ ،‬خ�صو�ص ًا فيما يتعلق بت�شكيل حكومة طوارئ‪� ،‬إذ‬
‫ين�ص على ت�شكيل حكومة يف‬
‫ال�سا�سي الفل�سطيني ما ّ‬ ‫ال يوجد يف القانون أ‬
‫حالة الطوارئ‪ ،‬حيث �إنها حالة يفرت�ض �أن تكون “م ؤ�قتة”‪.‬‬
‫وكانت ِمن َث َّم عدة قرارات ومرا�سيم‪ ،‬ع ّلق عبا�س مبوجب بع�ضها مواد‬
‫د�ستورية‪ ،‬وجتاوز يف بع�ضها آ‬
‫الخر �صالحياته ليتعدى على �صالحيات‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬و ّمت �إعالن حكومة الطوارئ “حكومة �رشعية” �إىل حني‬
‫�إجراء االنتخابات املبكرة‪ ،‬على الرغم من �أن �أغلبية الباحثني القانونيني‬
‫�أكدوا �أن عبا�س بت�شكيله لهذه احلكومة‪ ،‬قد جتاوز القانون الفل�سطيني‪،‬‬
‫و�أن حكومة هنية هي حكومة ت�سيري أ‬
‫العمال �إىل �أن ّ‬
‫يتم ت�شكيل حكومة‬

‫‪ 29‬احلياة‪.2007/5/15 ،‬‬
‫‪ 30‬وكالة معاً‪.2007/6/15 ،‬‬

‫‪186‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫جديدة �أو �إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬مع تبيان عدم �أحقية عبا�س يف الدعوة‬
‫�إىل انتخابات ت�رشيعية مبكرة‪.31‬‬
‫جتذر بعد �أحداث غزة �إىل جانب االنق�سام‬ ‫وعلى ال�صعيد أ‬
‫المني‪ ،‬فقد ّ‬
‫المنية‪ ،‬وكان �أبرز ما‬‫الجهزة أ‬
‫ال�سيا�سي بني ال�ضفة وغزة‪ ،‬انق�سام يف أ‬
‫�أ�صدره الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س بهذا اخل�صو�ص �أربعة مرا�سيم‪،‬‬
‫وهي‪ :‬مر�سوم ّ‬
‫حل القوة التنفيذية‪ ،32‬ومر�سوم لل�رشطة الفل�سطينية لرف�ض‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية املوالني‬ ‫�إطاعة “االنقالبيني” يف غزة‪ ،‬ومر�سوم �إقالة قادة أ‬
‫لعبا�س يف غزة‪ ،‬والذين ف�شلوا يف الت�صدي لكتائب الق�سام‪ ،‬ومر�سوم ّ‬
‫حل‬
‫جلنة أ‬
‫المن القومي‪.33‬‬
‫�أما بخ�صو�ص املعابر‪ ،‬فقد �أعلنت “حكومة الطوارئ” يف ‪2007/7/9‬‬
‫قبولها عر� ًضا �إ�رسائيلي ًا م�رصي ًا با�ستخدام معرب كرم �أبو �سامل اخلا�ضع‬
‫ال�رسائيلية‪ ،34‬من �أجل عبور الفل�سطينيني العالقني على معرب رفح‬ ‫لل�سيطرة إ‬
‫الذي �أغلق منذ �أحداث غزة‪ ،‬حيث �سيطرت القوة التنفيذية على معرب‬

‫ال�سا�سي)‪ ،‬ويوجني‬‫ال ت�رصيحات كل من‪� :‬أني�س القا�سم (�أ�رشف على و�ضع القانون أ‬ ‫‪ 31‬راجع مث ً‬
‫قطران (حمامي د�ستوري م�ستقل وممن يعمل حالي ًا على و�ضع الد�ستور الفل�سطيني)‪ ،‬و�أحمد‬
‫اخلالدي (رئي�س جلنة �صياغة الد�ستور الفل�سطيني ووزير العدل ال�سابق)‪ ،‬والقانوين الدويل‬
‫ناثان براون (�أحد الذين قدموا امل�شورة للفل�سطينيني والعراقيني ب�ش أ�ن د�ستوريهم)‪ ،‬وع�صام‬
‫الو�سط‪2007/7/14 ،‬؛‬ ‫العابدين (امل�ست�شار القانوين لرئا�سة املجل�س الت�رشيعي)‪ ،‬يف‪ :‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪2007/7/9 ،‬؛ ورويرتز‪2007/7/8 ،‬؛ وجريدة اال�ستقالل‪،‬‬ ‫ورويرتز‪ ،‬ن�رشته ال�رشق أ‬
‫غزة‪.2007/6/23 ،‬‬
‫يعد القوة التنفيذيات و “ميلي�شيات حما�س” خارجة عن القانون‪ ،‬أ‬
‫الهرام‪.2007/6/18 ،‬‬ ‫‪ 32‬املر�سوم ّ‬
‫عبا�س‪� ”،‬إخوان �أون الين‪.2007/6/30 ،‬‬
‫حممد يو�سف‪“ ،‬مرا�سيم ّ‬
‫‪33‬‬

‫‪ 34‬البيان‪ ،‬واحلياة‪.2007/7/10 ،‬‬

‫‪187‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫رفح احلدودي وجميع النقاط احلدودية يف ممر فيالدلفيا ‪Philadelphi‬‬


‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬وذكرت جريدة ه�آرت�س يف‬ ‫‪ Passage‬من ناحية أ‬
‫‪� 2007/7/18‬أن عبا�س وبع�ض املقربني منه طلبوا من احلكومة إ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫وم�رص عدم فتح معرب رفح‪ ،‬يف �أعقاب �سيطرة حركة حما�س على غزة‪،‬‬
‫وهو ما نفاه املتحدث با�سم الرئا�سة نبيل �أبو ردينة‪.35‬‬
‫كما �أ�صدر الرئي�س الفل�سطيني مر�سوم ًا ح ّلت احلكومة مبوجبه ‪103‬‬
‫من اجلمعيات وم ؤ��س�سات املجتمع املدين‪ ،36‬و�أ�صدر قراراً رئا�سي ًا يق�ضي‬
‫ب�سحب كافة القرارات الرئا�سية ال�صادرة يف الفرتة من ‪- 2007/3/7‬‬
‫‪� ،2007/4/15‬أي خالل فرتة حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وما يتعلق بها من‬
‫والدارات والهيئات‬
‫تعيني وترقية وترفيع‪ ،‬وانتقال ملوظفي الوزارات إ‬
‫احلكومية‪ ،‬و�صالحيات وامتيازات ممنوحة بحكمها‪ .37‬كما قررت‬
‫حكومة فيا�ض �إلغاء كافة مرا�سيم وقرارات ال�رشاكة التي ّمت توقيعها بعد‬
‫اتفاق مكة‪ .38‬وقد رف�ضت حكومة هنية املُقالة هاتني اخلطوتني َّ‬
‫وعدت‬
‫وعدت الثانية نوع ًا من التنكر حلما�س‪ ،‬ولكافة‬ ‫أ‬
‫الوىل باطلة قانوني ًا‪َّ ،39‬‬
‫الدول التي رعت هذه االتفاقيات وال�رشاكات‪.40‬‬
‫وهكذا خرج �رصاع ال�صالحيات من كوالي�س ال�سلطة الفل�سطينية �إىل‬

‫‪ 35‬جريدة ه�آرت�س‪ ،‬تل �أبيب‪.2007/7/18 ،‬‬


‫‪ 36‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/8/30 ،‬‬
‫‪ 37‬اخلليج‪.2007/8/18 ،‬‬
‫‪ 38‬امل�ستقبل‪.2007/8/16 ،‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2007/8/17 ،‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪ 40‬امل�ستقبل‪.2007/8/16 ،‬‬

‫‪188‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫العلن حيث �صار هناك حكومتان‪ ،‬وكل منهما ت�صدر قراراتها للموظفني‪،‬‬
‫وتعينّ وترقّي وتقرر‪ ،‬فبادرت حكومة ّفيا�ض والرئي�س عبا�س‪ ،‬ويف �إطار‬
‫الر ّد على ح�سم حما�س الع�سكري يف غزة‪� ،‬إىل �إغالق عدد من امل ؤ��س�سات‬
‫يف قطاع غزة �أو تعطيل �رشعيتها �إما مبا�رشة �أو عرب �إجراءات التفافية؛‬
‫فتم �إعفاء �أبناء قطاع غزة من دفع ال�رضائب والر�سوم مبر�سوم رئا�سي‪.41‬‬
‫ّ‬
‫وقررت حكومة فيا�ض عدم اعتماد �شهادات الثانوية العامة ال�صادرة عن‬
‫قطاع غزة للعام الدرا�سي املن�رصم ‪ .422007-2006‬وقررت كذلك تعليق‬
‫العمل امل ؤ�قت لكافة الدوائر العامة واملكاتب الفرعية لوزارة االت�صاالت‬
‫يف قطاع غزة‪ ،43‬وتعليق العمل يف الهيئة العامة للمدن ال�صناعية يف غزة‪،44‬‬
‫العالم يف القطاع‪ ،45‬وتعليقها العمل يف جميع‬ ‫مقر وزارة إ‬
‫و�إغالق ّ‬
‫�إدارات اخلدمات الطبية الع�سكرية يف القطاع �أي� ًضا‪ .46‬كما �أ�صدر وزير‬
‫النقل واملوا�صالت يف حكومة ّفيا�ض قراراً ب إ�غالق جميع دوائر الرتخي�ص‬
‫يف قطاع غزة‪ ،‬واعتبار كل �أعمال جباية الر�سوم التي ّ‬
‫تتم هناك باطلة‪.47‬‬

‫�أما حكومة هنية املُقالة‪ ،‬فقد اتخذت �أي� ًضا بع�ض إ‬


‫الجراءات يف قطاع‬
‫بحل جهاز أ‬
‫المن‬ ‫الدارات وامل ؤ��س�سات الر�سمية؛ فقامت ِّ‬ ‫غزة بخ�صو�ص إ‬

‫‪ 41‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪ 42‬احلياة‪.2007/8/3 ،‬‬
‫‪ 43‬اخلليج‪.2007/8/21 ،‬‬
‫‪ 44‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/10/2 ،‬‬
‫‪ 45‬اخلليج‪.2007/10/17 ،‬‬
‫‪ 46‬احلياة اجلديدة‪.2007/10/30 ،‬‬
‫‪ 47‬احلياة اجلديدة‪.2007/8/29 ،‬‬

‫‪189‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الوقائي‪ ،‬و�رشعت يف �إن�شاء جهاز �أمني جديد بديل عنه‪ ،48‬وقررت منع من‬
‫ال يحمل بطاقتها ال�صحفية من العمل‪ .49‬كما ّمت ت�شكيل قوة بحرية تابعة‬
‫للقوة التنفيذية حلماية �شواطئ غزة‪ ،50‬و�أ�صدر هنية قراراً بت�شكيل جمل�س‬
‫�أعلى لل�رشطة يف غزة‪ ،51‬و ّمت ا�ستيعاب عدد �إ�ضايف كبري للقوة التنفيذية‬
‫اللفي عن�رص‪.52‬‬‫بال�ضافة لعدد �آخر من عنا�رص ال�رشطة‪ ،‬يقدرون بحوايل أ‬‫إ‬
‫البرز حلكومة هنية يف اجلانب القانوين والق�ضائي‪،‬‬ ‫وكانت القرارات أ‬
‫�إذ �أقيل النائب العام �أحمد املغني من من�صبه و ّمت �إلغاء كافة �صالحياته‪،53‬‬
‫و ّمت اختيار وكالء نيابة ومعاونني جدد‪ ،‬نتيجة رف�ض الوكالء ال�سابقني‬
‫ومعاونيهم التعاون مع جهاز ال�رشطة الفل�سطينية يف القطاع بخ�صو�ص‬
‫اجلرائم التي تقع‪ .54‬ويف ‪� 2007/9/20‬أعلنت حكومة هنية عن ت�شكيل‬
‫جمل�س العدل أ‬
‫العلى؛ ل�ضبط وتفعيل الق�ضاء وتطبيق القانون يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬وقالت �إن هذا القرار جاء بعد ف�شل كل املحاوالت للتعاون مع رئي�س‬
‫العلى عي�سى �أبو �رشار لوقف ا�ستنكاف الق�ضاة واملحاكم‬‫جمل�س الق�ضاء أ‬
‫عن العمل‪ ،55‬مما �أدى �إىل انق�سام جديد‪ ،‬هذه املرة يف ال�سلطة الق�ضائية‬
‫لل�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬

‫‪ 48‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/7/19-17 ،‬‬
‫‪ 49‬القد�س العربي‪.2007/11/15 ،‬‬
‫‪ 50‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/8/10 ،‬‬
‫‪ 51‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 52‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 53‬اخلليج‪.2007/8/16 ،‬‬
‫‪ 54‬اخلليج‪.2007/8/27 ،‬‬
‫‪ 55‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/9/21 ،‬‬

‫‪190‬‬
‫�رصاع ال�صالحيات‬

‫خال�صة‪:‬‬
‫لي�ست اخلال�صة من ت�سليط ال�ضوء على مثل هذه أ‬
‫الحداث تبيان �أحقية‬
‫موقف فئة “ ِل َذا ِت ِه” يف �رصاع ال�صالحيات‪ ،‬بقدر ما هي ت�سليط ال�ضوء على‬
‫�رصاع ال�صالحيات كتجربة تعك�س واقع م ؤ��س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‪،‬‬
‫والتهمي�ش الذي تتعر�ض له املرجعيات القانونية الفل�سطينية ويف مقدمتها‬
‫الطراف الفل�سطينية‬‫ال�سا�سي‪� ،‬سواء ب�شكل مبا�رش من قبل أ‬ ‫القانون أ‬
‫والرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س‪� ،‬أم عرب التجاهل العربي والدويل لهذه‬
‫املمار�سات‪ ،‬العتبارات �سيا�سية بحتة‪ ،‬وغري قانونية‪ .‬و�رصاع ال�صالحيات‬
‫مل يظهر مبجرد و�صول حما�س لل�سلطة‪ ،‬لكنه مع و�صولها �أ�صبح �رصاع ًا‬
‫يعطل �سري النظام الفل�سطيني‪ ،‬ويك�شف بو�ضوح عن حالة الرتهل والف�ساد‬
‫التي تعاين منها م ؤ��س�سات ال�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫ال�صالح‪ ،‬التي كانت قبل و�صول حما�س �إىل ال�سلطة‬ ‫�إن عملية إ‬
‫�رضورية والزمة‪� ،‬صارت بعد مرحلة احل�سم عاجلة ال حتتمل الت أ�جيل؛ �إذ‬
‫�أ�ضاف �رصاع ال�صالحيات �إىل كاهل اجل�سد الوطني الفل�سطيني املك�سور‬
‫ب�سبب االنق�سام اجلغرايف بني ال�ضفة والقطاع‪� ،‬رشخ ًا �أعمق عرب انق�سام‬
‫والدارات اخلدماتية والع�سكرية والق�ضائية‪ ،‬يف‬ ‫�سيا�سي يف امل ؤ��س�سات إ‬
‫�أزمة ال تبدو نهايتها قريبة �إال بعودة الفريقني �إىل احلوار‪ ،‬ورجوعهما �إىل‬
‫مبادئ ال�رشاكة‪ ،‬والتداول ال�سلمي لل�سلطة‪ ،‬واحرتام القوانني وامل ؤ��س�سات‪،‬‬
‫وو�ضع امل�صلحة العليا للوطن فوق �أي اعتبار �سيا�سي �أو حزبي؛ ألن املت�رضر‬
‫أ‬
‫الكرب والوحيد واخلا�رس الدائم هو املواطن الفل�سطيني والق�ضية الفل�سطينية‬
‫وحلم بناء دولة امل ؤ��س�سات ال�سليمة‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الف�صل الرابع‬

‫موقف الف�صائل‬
‫الفل�سطينية‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫الف�صل الرابع‪ :‬موقف الف�صائل الفل�سطينية‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫�أ�سهمت االنتخابات الت�رشيعية يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2006‬يف �إعادة‬


‫ت�شكيل اخلريطة ال�سيا�سية الفل�سطينية‪ ،‬فقد ك�شفت نتائج االنتخابات عن‬
‫حقيقة تراجع دور بع�ض الف�صائل الفل�سطينية (الي�سار الفل�سطيني بالذات)‬
‫يف ر�سم ال�سيا�سة الفل�سطينية‪ ،‬كما �أثبتت تراجع ّ‬
‫املد اجلماهريي لهذه‬
‫الف�صائل‪ ،‬مما �أدى �إىل ح�رص امل�شهد الفل�سطيني الداخلي بحركتي فتح‬
‫وحما�س؛ فقد ح�صدت حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية ‪ 74‬مقعداً من‬
‫�أ�صل ‪ 132‬مقعداً‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ ،%56‬فيما ح�صدت فتح ‪ 45‬مقعداً‪� ،‬أي‬
‫ما ن�سبته ‪ %34‬من جمموع املقاعد يف املجل�س الت�رشيعي‪� ،‬أما امل�ستقلون‬
‫املدعومون من حما�س فقد ح�صلوا على ‪ %3‬من جمموع املقاعد‪� ،‬أما باقي‬
‫الف�صائل والقوى ال�سيا�سية امل�شاركة يف االنتخابات مل حت�صل على �أكرث من‬
‫ت�سعة مقاعد‪� ،‬أي نحو ‪ %7‬من جمموع املقاعد‪.‬‬
‫وعلى الرغم من حالة ثنائية القطبية يف امل�شهد الفل�سطيني‪� ،‬إال �أن ذلك‬
‫ال ينفي وجود قوى �سيا�سية فل�سطينية �أخرى يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬كان‬
‫لها ت أ�ثريها وموقفها ملا يدور يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬من �أحداث �أمنية‬
‫وتغريات �سيا�سية‪ ،‬ولكن �سنتناول يف هذا الف�صل مواقف �أبرز الف�صائل‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬والتي ميكن ح�رصها باجلبهتني ال�شعبية والدميوقراطية ك أ�برز‬
‫ال�سالمي من جهة‬
‫ف�صائل الي�سار الفل�سطيني من جهة‪ ،‬وحركة اجلهاد إ‬
‫�أخرى كونها حركة مقاومة �إ�سالمية‪.‬‬
‫ات�سمت مواقف ف�صائل الي�سار الفل�سطيني من أ‬
‫الحداث ال�سيا�سية‬

‫‪195‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫أ‬
‫والمنية‪ ،‬خالل الفرتة التي تلت فوز حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية‪،‬‬
‫بالنقد ملا �أ�سمته باملحا�ص�صة بني فتح وحما�س‪ ،‬ولذلك �سرنكز يف هذا‬
‫الف�صل على املحطات الرئي�سية يف امل�شهد الفل�سطيني‪ ،‬لنتناول من خاللها‬
‫مواقف الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬ومن جهة �أخرى �سرنى �أن حركة اجلهاد‬
‫ال�سالمي كانت �أقرب يف مواقفها من حما�س‪� ،‬إال �أن ذلك مل مينعها من‬
‫إ‬
‫انتقاد حما�س يف مواقف عديدة‪.‬‬
‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬الف�صائل واحلكومة العا�شرة‪:‬‬

‫وقبل �أن نبد�أ بعر�ض موقف الف�صائل الفل�سطينية الرئي�سية يف هذه‬


‫احلقبة ال ّبد �أن ننوه �إىل �أن املواقف الف�صائلية‪ ،‬و�إن اتفقت يف املوقف‬
‫العام �أحيان ًا‪� ،‬إال �أن منطلقاتها ور ؤ�اها العامة التي بنت عليها مواقفها كانت‬
‫خمتلفة يف �أحيان عديدة‪ .‬فحركة اجلهاد إ‬
‫ال�سالمي التي رف�ضت امل�شاركة يف‬
‫االنتخابات الت�رشيعية؛ على اعتبار �أن ال�سلطة الفل�سطينية هي من �إفرازات‬
‫اتفاق �أو�سلو‪ ،‬عادت ورف�ضت امل�شاركة يف احلكومة العا�رشة أ‬
‫لل�سباب‬
‫نف�سها‪ ،‬فقد �أ ّكد نافذ عزام‪� ،‬أحد القيادات البارزة يف حركة اجلهاد‪� ،‬أن‬
‫حركته لن ت�ستطيع �أن ت�شارك يف احلكومة؛ ألنها من �إفرازات �أو�سلو‪� .‬أما‬
‫اجلبهة ال�شعبية فقد اعتذرت عن امل�شاركة يف احلكومة‪ ،‬ولقد عزا القيادي‬
‫يف اجلبهة ال�شعبية رباح مهنا‪ ،‬رف�ض اجلبهة امل�شاركة يف احلكومة �إىل “عدم‬
‫ين�ص على �أن منظمة التحرير الفل�سطينية‬ ‫ن�ص �رصيح ووا�ضح‪ّ ،‬‬ ‫وجود ّ‬
‫هي املمثل ال�رشعي والوحيد لل�شعب الفل�سطيني”‪ .‬وعلى الرغم من رف�ض‬

‫ البيان‪.2006/1/24 ،‬‬
‫ عرب ‪.2006/2/20 ،48‬‬

‫‪196‬‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫اجلبهة امل�شاركة يف احلكومة‪� ،‬إال �أنها �أ ّكدت على �أن اجلبهة لن ت�سمح‬
‫مبمار�سة �ضغوط على حما�س إلف�شال حكومتها‪ ،‬كما �شددت اجلبهة على‬
‫م�ساندة حكومة حما�س يف كل مواقفها التي تعزز من �صمود ال�شعب‬
‫ال�رسائيلي‪.‬‬
‫الفل�سطيني و�سبل مقاومة االحتالل إ‬
‫ويف ال�سياق نف�سه رف�ضت اجلبهة الدميوقراطية امل�شاركة يف احلكومة‬
‫لعدم ت�ضمني برنامج احلكومة �إ�شارة وا�ضحة حول مرجعية وثيقة‬
‫اال�ستقالل‪ ،‬و�أن منظمة التحرير هي املمثل ال�رشعي والوحيد لل�شعب‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬والتم�سك بقرارات ال�رشعية الدولية‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى �أتت م�شاركة معظم الف�صائل الفل�سطينية يف القوة‬
‫التنفيذية‪ ،‬التي �شكلتها وزارة الداخلية بقيادة حما�س‪ ،‬مبثابة اعرتاف‬
‫�ضمني ب�رشعية هذه القوة؛ فقد �شارك يف هذه القوة ٌ‬
‫كل من اجلبهة ال�شعبية‪،‬‬
‫واجلبهة الدميوقراطية‪ ،‬وقوات ال�صاعقة‪ ،‬والقيادة العامة‪ ،‬وكتائب النا�رص‬
‫�صالح الدين‪ ،‬وجبهة التحرير العربية‪ ،‬و�ألوية النا�رص �صالح الدين‪ ،‬وبع�ض‬
‫الت�شكيالت امل�سلحة من حركة فتح‪.‬‬
‫رف�ضت الف�صائل الفل�سطينية االقتتال الداخلي الدائر بني حركتي‬
‫ُ‬
‫الف�صائل الفل�سطينية احلرك َتني م� ؤ‬
‫س�ولية تدهور‬ ‫وحملت‬
‫ّ‬ ‫فتح وحما�س‪،‬‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬وطالبت الف�صائل يف بيان‬ ‫المنية يف أ‬
‫الو�ضاع أ‬
‫أ‬
‫�ضم جميع الف�صائل والقوى‬
‫اجتماع ّ‬
‫ٍ‬ ‫لها �صدر يف ‪ 2006/5/21‬عقب‬

‫ احلياة‪.2006/3/20 ،‬‬
‫ وكالة وفا‪.2006/3/17 ،‬‬
‫ احلياة اجلديدة‪.2006/10/9 ،‬‬

‫‪197‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�سالمية الفل�سطينية با�ستثناء حركتي فتح وحما�س‪� ،‬أ ّكد فيه املجتمعون‬
‫إ‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬حتميل كل من قيادتي فتح وحما�س م� ؤ‬
‫س�ولية حالة االحتقان‬
‫الداخلي‪ ،‬ومطالبتهما بالت�رصف بكل حكمة وم� ؤ‬
‫س�ولية‪ ،‬وتغليب‬
‫امل�صلحة الوطنية وتنفيذ ما ّمت االتفاق عليه فيما بينهما لتهدئة‬
‫الو�ضاع يف قطاع غزة‪.‬‬‫أ‬
‫س�ولية كل من ال�سيد الرئي�س �أبي مازن رئي�س ال�سلطة الوطنية‬
‫‪ .2‬م� ؤ‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬وال�سيد �إ�سماعيل هنية رئي�س جمل�س الوزراء عن‬
‫الو�ضاع أ‬
‫المنية الداخلية‪ ،‬وحتميلهما امل� ؤ‬
‫س�ولية الكاملة عن‬ ‫أ‬
‫ا�ستتباب أ‬
‫المن والنظام يف القطاع‪.‬‬
‫‪� .3‬رضورة االرتقاء مب�ستوى التن�سيق واالن�سجام بني م ؤ��س�ستي الرئا�سة‬
‫حل كل‬‫واحلكومة‪ ،‬خدمة ألهدافنا الوطنية العليا‪ ،‬والعمل على ّ‬
‫ال�شكاليات والتعار�ضات التي ن�ش أ�ت‪ ،‬والتي قد تن�ش أ� يف امل�ستقبل‬
‫إ‬
‫ال�سا�سي‪ ،‬واللوائح‬ ‫على قاعدة احلوار‪ ،‬واالحتكام �إىل القانون أ‬
‫والنظم التي حتكم عمل م ؤ��س�ساتنا‪ ،‬وتنظم العالقة فيما بينها‪.‬‬
‫‪� .4‬إن توقيت ن�رش القوة التنفيذية وطريقتها �أ�سهمت يف توتري‬
‫الجواء‪.‬‬‫أ‬
‫العالمية املتبادلة بني كل من‬
‫‪� .5‬رضورة وقف التحري�ض واحلمالت إ‬
‫حركتي فتح وحما�س‪.‬‬
‫‪� .6‬رضورة �إعطاء احلكومة كل ال�صالحيات ملمار�سة مهامها يف حفظ‬

‫ ال�سفري‪.2006/5/22 ،‬‬

‫‪198‬‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫أ‬
‫المن والنظام‪ ،‬وكل ما ي�ستوجبه ذلك من �إجراءات وفق ًا للنظام‬
‫والقانون وبعيداً عن الفئوية‪.‬‬
‫‪� .7‬إن وجود امل�سلحني يف ال�شوارع هو �أحد �أهم املظاهر ال�سلبية التي‬
‫المر الذي يقت�ضي �سحب‬ ‫تزيد من عوامل التوتر واالحتقان‪ ،‬أ‬
‫جميع امل�سلحني من ال�شوارع‪.‬‬
‫ال�سالمي طرح الوثيقة‬
‫ويف الوقت الذي رف�ضت فيه حركة اجلهاد إ‬
‫لال�ستفتاء ال�شعبي‪ ،‬و�أ ّكدت �أن احلوار وحده هو ال�سبيل الوحيد ّ‬
‫حلل‬
‫عدت اجلبهة ال�شعبية �أن املبادرة التي تقدم بها قادة‬
‫اخلالفات الداخلية‪ّ ،‬‬
‫ال�سجون‪� ،‬إذا ما �أخذت ب�شكل متكامل‪ ،‬ت�شكل �أ�سا� ًسا �صاحل ًا و�شام ً‬
‫ال‬
‫لت�شكيل �إجماع وطني يفتح الباب وا�سع ًا �أمام �إعادة بناء م ؤ��س�سات منظمة‬
‫التحرير على �أ�س�س وطنية دميوقراطية‪ ،‬كما ت�شكل �أ�سا� ًسا �صاحل ًا حلكومة‬
‫ائتالف وطني ي�شارك فيها اجلميع‪ .‬مل يختلف موقف اجلبهة الدميوقراطية‬
‫عن موقف اجلبهة ال�شعبية؛ حيث ر�أت اجلبهة الدميوقراطية‪� ،‬أن مبادرة‬
‫أ‬
‫ال�رسى تر�سي �أ�سا� ًسا �سيا�سي ًا مقبو ًال وواقعي ًا لالئتالف والوفاق الوطني‪،‬‬
‫وميكن �أن ت�شكل �إحدى الوثائق الرئي�سية التي ميكن �أن يجري بحثها يف‬
‫امل ؤ�متر الوطني للحوار‪ ،‬وبعد انطالق احلوار الوطني حول وثيقة أ‬
‫ال�رسى‪،‬‬
‫جنح املتحاورون‪ ،‬يف الو�صول �إىل �صيغة توافقية حول بنودها‪ ،‬بعد �إجراء‬
‫تعديالت ب�سيطة على البنود التالية؛ ‪ 3‬و‪ 4‬و‪ 6‬و‪ ،7‬حيث وقعت الف�صائل‬
‫ال�سالمي‪،‬‬
‫الفل�سطينية على وثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬با�ستثناء حركة اجلهاد إ‬

‫ �إ�سالم �أون الين‪ ،2006/6/12 ،‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www.islam-online.net/Arabic/news/2006-06/12/04.shtml‬‬
‫ أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/5/11 ،‬‬

‫‪199‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫التي رف�ضت التوقيع على هذه الوثيقة ألنها “حتتوي بنوداً تنطوي على‬
‫م�س بالثوابت الوطنية‪ ،‬وتختلف عن منطلقات ومبادئ حركة اجلهاد‬
‫ٍّ‬
‫ال�سالمي” ‪.‬‬
‫‬
‫إ‬
‫ويف قراءة موقف اجلبهة الدميوقراطية من وثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬نرى‬
‫�أن موقف الدميوقراطية مل يختلف كثرياً عن موقف الرئا�سة وحركة فتح؛‬
‫فاجلبهة الدميوقراطية ترى �أن ال�سلطة بنيت وفق اتفاقيات �أو�سلو‪ ،‬وبناء عليه‬
‫يجب على حما�س �أن تلتزم باالتفاقات املوقعة مع “�إ�رسائيل”‪ ،‬كما ر�أت‬
‫الدميوقراطية �أن وثيقة الوفاق قدمت احلل الوطني ال�شامل حينما ّ‬
‫ن�صت‬
‫على ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪10‬؛ فقد رف�ضت الدميوقراطية ما‬
‫�أ�سمته باملحا�ص�صة بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬والتفرد باحلكومة‪ ،‬وطالبت‬
‫حركتي فتح وحما�س بالتو�صل �إىل برنامج �سيا�سي توافقي للو�صول �إىل‬
‫حكومة وحدة وطنية ت�شارك فيها جميع الف�صائل الفل�سطينية‪.11‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬الف�صائل وحكومة الوحدة الوطنية‪:‬‬

‫على الرغم من توقيع اتفاق مكة‪ ،‬وما مثله هذا االتفاق �آنذاك من‬
‫حالة للتوافق الفل�سطيني ‪ -‬الفل�سطيني‪� ،‬إال �أن نظرة بع�ض الف�صائل لهذا‬
‫االتفاق‪ ،‬على �أنه اتفاق على اقت�سام ال�سلطة فيما بينهم‪ ،‬حال دون م�شاركة‬
‫جميع الف�صائل يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬فقد ر�أت اجلبهة ال�شعبية‬
‫اتفاق مكة على �أنه واجهة �أمريكية برعاية عربية‪ ،‬ي ؤ��س�س ملزيد من الهبوط‬

‫ عرب ‪ ،2006/6/27 ،48‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=37626‬‬
‫‪ 10‬الغد‪.2006/9/28 ،‬‬
‫‪ 11‬ال�سفري‪.2006/11/2 ،‬‬

‫‪200‬‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫عن �سقف احلقوق الفل�سطينية التي حددتها وثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬التي‬
‫اتفقت عليها جميع الف�صائل الفل�سطينية‪ .‬وبناء عليه قررت اجلبهة ال�شعبية‬
‫عدم امل�شاركة يف حكومة الوحدة‪ ،‬ب�سبب تقا�سم حركتي فتح وحما�س‬
‫طي ملفي الف�ساد واالقتتال‬
‫احلكومة واملنا�صب‪� ،‬إ�ضافة �إىل اتفاقهما على ّ‬
‫الداخلي وعدم حما�سبة املتورطني يف تلك اجلرائم‪ .12‬ويف هذا املو�ضوع‬
‫كتب مروان عبد العال‪� ،‬أحد القيادات البارزة للجبهة ال�شعبة يف لبنان‬
‫اال بعنوان “�إىل روح وثيقة مكة نقطة نظام”‪ ،‬ف�صل فيه أ‬
‫ال�سباب التي‬ ‫مق ً‬
‫دعت اجلبهة ال�شعبية �إىل رف�ض امل�شاركة يف حكومة الوحدة‪ ،‬وقال عبد‬
‫العال �إن الرف�ض مل يكن ب�سبب اخلالف على حجم التمثيل يف احلكومة‪:‬‬
‫بل على االختالف املكبوت يف طيات ال�رصاع على �سلطة‬
‫الخر هو املناف�س ولي�س العدو! وعرب معيار �صناديق‬ ‫�صار آ‬
‫االقرتاع جمردة من ر ؤ�ى وقيم �سيا�سية وحدوية جامعة‪ ،‬على‬
‫�أ�سا�س الن�صاب القانوين ولي�س الن�صاب ال�سيا�سي‪ .‬وعرب و�سيلة‬
‫ادعاء امتالك اجلمهور الناخب امل�ستفيد مبعظمه من خدماتهم‪،‬‬
‫�أي من ا�ستخدام املال ال�سيا�سي‪ .‬لهذا نعتذر‪ ،‬ل�سبب عدم‬
‫‪.13‬‬
‫و�ضوح مفهوم الوحدة الوطنية عند �ص ّناع وثيقة مكة‬
‫ويف ال�سياق ذاته‪ ،‬نظرت اجلبهة الدميوقراطية �إىل اتفاق مكة؛ على �أنه‬
‫ت�ضم اجلميع حتى‬
‫اتفاق منقو�ص يجب تطويره عن طريق حوارات �شاملة ّ‬
‫اتفاق وطني �شامل‪ ،‬ومبا ي�ضمن قيام حكومة‬ ‫ٍ‬ ‫اتفاق ثنائي �إىل‬
‫ٍ‬ ‫حول من‬
‫ُي َّ‬

‫‪ 12‬القد�س‪.2007/3/17 ،‬‬
‫‪ 13‬مروان عبد العال‪�“ ،‬إىل روح وثيقة مكة‪ :‬نقطة نظام‪ ”،‬وكالة معاً‪ ،2007/26/3 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.maannews.net/ar/index.php?opr=ShowDetails‬‬
‫‪&ID=61429‬‬

‫‪201‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وحدة وطنية حقيقية‪ ،14‬وخالف ًا لهذا املوقف‪ ،‬الوا�صف اتفاق مكة ب أ�نه‬
‫احتكاري ثنائي‪� ،‬شاركت الدميوقراطية يف حكومة الوحدة الوطنية بوزير‬
‫واحد‪ ،‬لكن ذلك مل مينعها من ا�ستمرار انتقاد احلوار الفتحاوي احلم�ساوي‬
‫الثنائي‪.‬‬

‫�أما حركة اجلهاد إ‬


‫ال�سالمي فقد ا�ستمرت يف رف�ض امل�شاركة يف‬
‫لل�سباب أ‬
‫الوىل التي رف�ضت ب�سببها‬ ‫احلكومة‪ ،‬مربرة عدم م�شاركتها أ‬
‫دخول االنتخابات وامل�شاركة يف احلكومة العا�رشة‪ ،‬على اعتبار �أن ال�سلطة‬
‫من �إفرازات �أو�سلو‪.‬‬
‫و اتهمت اجلبهة ال�شعبية الرئا�سة واحلكومة بامل�شاركة يف ا�ست�رشاء‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‪،‬‬ ‫المني‪ ،‬ودعت ال�شعبية �إىل �إعادة هيكلة أ‬‫ظاهرة الفلتان أ‬
‫ونزع ال�صفة التنظيمية عن م� ؤ‬
‫س�وليها واملتنفذين فيها‪ ،‬واختيار �شخ�صيات‬
‫س�ولية حفظ أ‬
‫المن‬ ‫م�شهود لها بالنزاهة واال�ستقامة ونظافة اليد لتويل م� ؤ‬
‫أ‬
‫والمان للمواطنني‪� ،15‬أما اجلبهة الدميوقراطية فقد ا�ستمرت يف انتقاد‬
‫“املحا�ص�صة” بني فتح وحما�س‪ ،‬واتهمتها بال�رصاع على النفوذ يف‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬يف حماولة القت�سام م ؤ��س�سات ال�سلطة املالية إ‬
‫والدارية‬
‫أ‬
‫والمنية‪.16‬‬

‫‪ 14‬الد�ستور‪.2007/2/22 ،‬‬
‫‪ 15‬عرب ‪ ،2007/4/30 ،48‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=44958‬‬
‫‪ 16‬الد�ستور‪.2007/6/8 ،‬‬

‫‪202‬‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬الف�صائل بعد احل�سم‪:‬‬
‫مل تختلف مواقف الف�صائل الفل�سطينية بعد عملية احل�سم الع�سكري‬
‫حملت حركة اجلهاد حركتي‬ ‫التي قامت بها حما�س يف قطاع غزة‪ ،‬فقد ّ‬
‫المور‪ ،‬كما دعت احلركة �إىل ّ‬
‫حل‬ ‫س�ولية ما �آلت �إليه أ‬
‫فتح وحما�س م� ؤ‬
‫اخلالف عن طريق احلوار الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬كما رف�ضت احلركة �أي‬
‫�رشوط م�سبقة للحوار‪ ،‬وانتقدت اجلهاد رف�ض الرئي�س عبا�س احلوار مع‬
‫حما�س يف الوقت الذي يوافق فيه على اجللو�س مع �إيهود �أوملرت‪.17‬‬
‫المنية التي قامت بها حركة‬ ‫�أما اجلبهة ال�شعبية فقد رف�ضت اخلطوة أ‬
‫المور �إىل ما كانت عليه قبل احل�سم الع�سكري‪،‬‬‫حما�س‪ ،‬ودعتها �إىل �إعادة أ‬
‫عدت ال�شعبية �أن ما قام به عبا�س ب إ�عالن حالة الطوارئ‬‫يف الوقت ذاته ّ‬
‫وت�شكيل حكومة طوارئ خطوة مت�رسعة تعمل على ت أ�زمي الو�ضع‬
‫الزمة و�إطالة �أمدها‪ .‬فيما ّ‬
‫عدت اجلبهة‬ ‫الفل�سطيني الداخلي وتعميق أ‬
‫الدميوقراطية اخلطوة التي قامت بها حما�س انقالب ًا على ال�رشعية وتقدمت‬
‫اجلبهة مببادرة تعتمد على �أربع نقاط �أ�سا�سية‪ ،‬قدمت كرزمة واحدة حيث‬
‫تقرتح الدميوقراطية ما يلي‪:‬‬
‫�أو ًال‪ :‬الرتاجع عن نتائج احل�سم الع�سكري الذي نفذته حما�س يف‬
‫قطاع غزة‪ ،‬والعمل على �صون احلريات الدميوقراطية والتعددية‬
‫وحل حكومة أ‬
‫المر الواقع القائمة يف القطاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�سيا�سية‪،‬‬
‫حتل ّ‬
‫حمل احلكومة الثانية ع�رشة التي‬ ‫ثاني ًا‪ :‬ت�شكيل حكومة انتقالية ّ‬
‫�شكلها الرئي�س �أبو مازن ا�ستناداً �إىل �صالحياته الد�ستورية يف‬
‫ظل حالة الطوارئ‪ ،‬على �أن تت�شكل من �شخ�صيات وطنية‬ ‫ّ‬

‫‪ 17‬احلياة‪.2007/6/24 ،‬‬

‫‪203‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫بعيدة عن اال�ستقطاب القائم‪ ،‬وبرئا�سة �شخ�صية م�ستقلة حتظى‬


‫بثقة وتوافق اجلميع‪ ،‬وتك ّلف احلكومة االنتقالية‪ ،‬خالل �سقف‬
‫المن والنظام يف جميع‬ ‫زمني متفق عليه‪ ،‬بالعمل على ا�ستتباب أ‬
‫�أرا�ضي ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وا�ستعادة وحدة امل ؤ��س�سات الر�سمية‬
‫لل�سلطة يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وتهيئة الظروف للعودة‬
‫�إىل ال�شعب باعتباره م�صدر ال�سلطات ومنبع ال�رشعية‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬تعديل قانون االنتخابات العامة باعتماد نظام التمثيل الن�سبي‬
‫الكامل‪ ،‬و�إجراء انتخابات رئا�سية وت�رشيعية جديدة باعتبارها‬
‫املخرج ال�سلمي والدميوقراطي من أ‬
‫الزمة باالحتكام �إىل ال�شعب‬
‫حل�سم اخلالفات ب إ�رادته احلرة‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬تفعيل منظمة التحرير الفل�سطينية وتطويرها‪ ،‬باعتبارها‬
‫املمثل ال�رشعي والوحيد لل�شعب الفل�سطيني وعنوان ال�رشعية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬ا�ستناداً �إىل �إعالن القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني‪،‬‬
‫و�إعادة بناء م ؤ��س�ساتها على �أ�س�س دميوقراطية ائتالفية من خالل‬
‫انتخابات حرة للمجل�س الوطني اجلديد‪ ،‬جتري يف الوطن‬
‫وخارجه وحيثما �أمكن يف مناطق اللجوء وال�شتات‪ ،‬على �أ�سا�س‬
‫الخري‬ ‫التمثيل الن�سبي الكامل‪ ،‬وتنفيذ قرارات املجل�س املركزي أ‬
‫باعتماد الن�سبية الكاملة يف انتخابات جميع م ؤ��س�سات املجتمع‬
‫املدين‪ ،‬مبا ي�ضمن �إ�رشاك جماهري الالجئني يف ال�شتات يف تقرير‬
‫م�صري ق�ضيتهم الوطنية‪� ،‬ضمان ًا حلقّهم املقد�س يف العودة �إىل‬
‫والن�سانية‪.18‬‬
‫ديارهم وممتلكاتهم و�سائر حقوقهم املدنية إ‬

‫‪ 18‬عرب ‪ ،2007/7/4 ،48‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www. arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=46768‬‬

‫‪204‬‬
‫موقف الف�صائل الفل�سطينية‬

‫ومن اجلدير ذكره ب أ�ن هذه املبادرة ال تختلف كثرياً عن مطالب الرئا�سة‬
‫المور‬‫الفل�سطينية وحركة فتح‪ ،‬فالرئا�سة الفل�سطينية قد طالبت ب إ�عادة أ‬
‫�إىل ما كانت عليه قبل احل�سم‪� ،‬أي �إىل يد �سلطة الرئا�سة‪� ،‬أما تعديل قانون‬
‫االنتخابات فقد قام به الرئي�س الحق ًا‪ ،‬وكذلك بالن�سبة لت�شكيل حكومة‬
‫انتقالية ال يبدو �أن الرئي�س عبا�س يعار�ض ت�شكيل حكومة م�ستقلني‪،‬‬
‫خ�صو�ص ًا �أن الظروف تعمل ل�صاحلة داخل حركة فتح‪.‬‬

‫خال�صة‪:‬‬

‫من الوا�ضح‪� ،‬أن الف�صائل والقوى الفل�سطينية ف�شلت يف �أن ت�شكل‬


‫بدي ً‬
‫ال فعلي ًا عن حركتي فتح وحما�س‪ ،‬فقد انخرطت هذه الف�صائل �إما‬
‫يف انتقاد احلركتني‪ ،‬و�إما يف حماولة احل�صول على مكا�سب تنظيمية‪ ،‬كما‬
‫ظهرت هذه الف�صائل منق�سمة على نف�سها باجتاه قطبي اجلذب �أي حركتي‬
‫ال �إىل �أن معظم هذه الف�صائل تعي�ش‬
‫فتح وحما�س؛ ولعل ذلك عائد �أ�ص ً‬
‫�أزمات بنيوية تنظيمية وفكرية و�سيا�سية وقيادية بدرجات متفاوتة‪.‬‬
‫املطلوب اليوم من الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬العمل على ا�ستعادة دورها‬
‫ال�س�س وامل�صالح الوطنية واخلروج من دائرة التجاذب‬ ‫القيادي وفق أ‬
‫واملكا�سب التنظيمية‪ ،‬واال�شرتاك يف بناء م�رشوع وطني وحدوي‪،‬‬
‫وال�سهام يف ت�صويب امل�سار ال�سيا�سي الفل�سطيني؛ فاملرحلة القادمة تفر�ض‬
‫إ‬
‫على الف�صائل الفل�سطينية مبختلف توجهاتها �أن جتيب عن جمموعة من‬
‫المريكية‪ ،‬وهل‬‫ال�رسائيلية ‪ -‬أ‬ ‫أ‬
‫ال�سئلة‪ ،‬فهل هي مع ال�سالم وفق الر ؤ�ية إ‬
‫تقبل �أن ت�سري يف م�رشوع التنازل عن حق العودة وعن القد�س والالجئني‪،‬‬
‫وهل تقبل بدولة منزوعة ال�سيادة؟؟‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الف�صل اخلام�س‬

‫ال�سرائيلي‬
‫املوقف إ‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫ال�سرائيلي‬
‫الف�صل اخلام�س‪ :‬املوقف إ‬
‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬املواقف والت�صريحات والتحري�ض‪:‬‬

‫ال�رسائيلي منذ البداية راف� ًضا مل�شاركة حركة حما�س يف‬


‫كان املوقف إ‬
‫االنتخابات الت�رشيعية‪� ،‬إال بعد تغيريها لربناجمها ونزع �سالحها‪ .‬ومنذ‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل ‪ 2005‬ظهرت مواقف �إ�رسائيلية راف�ضة للقبول بو�صول حما�س‬
‫لل�سلطة‪ ،‬حني �أعلن بنيامني نتنياهو ‪ Benjamin Netanyahu‬وزير املالية‬
‫�آنذاك �أن “وا�شنطن وتل �أبيب ال تريدان و�صول حما�س لل�سلطة‪ ،‬حتى لو‬
‫مت ذلك عرب االنتخابات الت�رشيعية”‪ ،‬يف حني ك�شف نائب رئي�س الوزراء‬
‫�شمعون برييز ‪� Shimon Peres‬أن “�إ�رسائيل” �ست�ساعد حممود عبا�س‪ ،‬ألنه‬
‫�إذا فازت حما�س ف إ�ن ذلك �سيكون نهاية عملية ال�سالم‪ .‬كما قال رئي�س‬
‫الوزراء �إيهود �أوملرت قبيل االنتخابات �إن “�إ�رسائيل” لن تقبل �أن تكون‬
‫حما�س جزءاً من اللعبة ال�سيا�سية‪� ،‬سواء من خالل املجل�س الت�رشيعي �أو‬
‫احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬و�أ�ضاف �أن “�إ�رسائيل” �ستوا�صل �ضغوطها ملنع و�ضع‬
‫كهذا‪.‬‬
‫وقد �رشحت ليفني يف ‪ 2006/1/19‬كيف �أن “�إ�رسائيل” �سعت إلقناع‬
‫قادة دول الغرب بخطورة �إجراء االنتخابات قبل �أن ّ‬
‫يتم تفكيك التنظيمات‬
‫امل�سلحة؛ وكيف �أن �أبا مازن متكن من �إقناعهم يف املقابل ب أ�ن االنتخابات‬
‫“الرهاب” والفو�ضى‪ ،‬و�أنه “تعهد لهم‬ ‫�رضورية له حتى يتمكن من حماربة إ‬

‫ اخلليج‪.2005/4/19 ،‬‬
‫ احلياة اجلديدة‪.2005/4/19 ،‬‬
‫ اخلليج‪.2006/1/18 ،‬‬

‫‪209‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫مببا�رشة هذه العملية فور انتهاء االنتخابات وتركيب احلكومة”‪ .‬وح�سب‬


‫ليفني ف إ�ن ه ؤ�الء القادة تعهدوا لـ“�إ�رسائيل” بالتخلي عن دعم ال�سلطة‬
‫يف عبا�س بوعده‪ ،‬كما تعهدوا‬
‫الفل�سطينية وقطع العالقات معها �إذا مل ِ‬
‫بدعم “�إ�رسائيل” يف اخلطوات التي �ستتخذها ملواجهة الو�ضع اجلديد‪.‬‬
‫وقد ّ‬
‫�شكل فوز حركة حما�س يف االنتخابات �صدمة كبرية للحكومة‬
‫ال�رسائيلية‪ ،‬واعترب يوفال �شتاينت�س ‪ ،Yuval Steinitz‬رئي�س جلنة‬ ‫إ‬
‫اخلارجية أ‬
‫والمن يف الكني�ست‪� ،‬أن نتائج االنتخابات الفل�سطينية تحُ دث‬
‫زلز ً‬
‫اال �سيا�سي ًا‪ ،‬وتدل على ف�شل مريع ارتكبته “�إ�رسائيل” ب�سماحها يف‬
‫امل�شاركة يف االنتخابات‪ .‬كما تبادل امل� ؤ‬
‫س�ولون يف جهاز ال�شاباك و�شعبة‬
‫اال�ستخبارات الع�سكرية االتهامات ب�ش أ�ن ف�شلهما يف توقع فوز حما�س‪.‬‬
‫ال قبل �أن تعلن موقفها من ذلك الفوز‪،‬‬
‫مل تنتظر “�إ�رسائيل” طوي ً‬
‫حيث قررت مقاطعة احلكومة التي �ست�شكلها حركة حما�س �إال �إذا‬
‫و“الرهاب”‪ ،‬ونزعت �أ�سلحة‬ ‫إ‬ ‫اعرتفت بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ونبذت العنف‬
‫“الرهابية”‪ ،‬ووافقت على االتفاقات املوقعة بني “�إ�رسائيل”‬
‫املنظمات إ‬
‫ومنظمة التحرير وال�سلطة الفل�سطينية ‪ .‬كما فر�ضت “�إ�رسائيل” ح�صاراً‬
‫اقت�صادي ًا خانق ًا �ضد ال�شعب الفل�سطيني يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬
‫مل يقت�رص ت أ�ثريه على احلكومة الفل�سطينية يف اجلانب االقت�صادي‪ ،‬بل �أوجد‬

‫ ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/1/20 ،‬‬
‫ قد�س بر�س‪.2006/1/26 ،‬‬
‫ عرب ‪.2006/1/30 ،48‬‬
‫ عرب ‪.2006/1/31 ،48‬‬

‫‪210‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫المني‪ ،‬خ�صو�ص ًا مع اتّخاذ بع�ض أ‬


‫الطراف‬ ‫�ضغط ًا كبرياً عليها يف اجلانب أ‬
‫يف ال�ساحة الفل�سطينية احل�صار مدخ ً‬
‫ال لتحري�ض ال�شارع الفل�سطيني �ضد‬
‫احلكومة‪ ،‬ممّا �أ�سهم ب�صورة كبرية يف زعزعة أ‬
‫المن الداخلي الفل�سطيني‪.‬‬
‫ويف الوقت نف�سه حافظت “�إ�رسائيل” على ات�صالها بالرئي�س حممود‬
‫متعمداً هدف �إىل متزيق وحدة‬
‫عبا�س‪ ،‬واعتمدت يف عالقتها معه �سلوك ًا ّ‬
‫ال�صف الفل�سطيني‪ ،‬و�إذكاء نار ال�رصاعات الداخلية؛ حيث عملت على‬
‫ت�شجيعه �أحيان ًا وال�ضغط عليه �أحيان ًا �أخرى إل�سقاط حكومة حما�س‪،‬‬
‫المني يف أ‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬ويظهر‬ ‫وعلى �إثارة الفو�ضى والفلتان أ‬
‫ال�رسائيليني‪� ،‬إ�ضافة‬
‫ذلك من خالل الت�رصيحات ال�صادرة عن ال�سيا�سيني إ‬
‫المريكية امل�شرتكة التي ّمت الك�شف عنها يف هذا‬‫ال�رسائيلية ‪ -‬أ‬
‫�إىل اخلطط إ‬
‫ال�سياق‪.‬‬
‫ويف �سياق الت�رصيحات‪ ،‬عبرّ �أوملرت عن تعاطفه مع الرئي�س عبا�س‬
‫وو�صفه ب أ�نه “�شخ�ص �أ�صيل ولديه نوايا جادة”‪ ،‬وحثه على اتخاذ‬
‫“خطوات �شجاعة”‪ ،‬مطالب ًا �إياه با�ستعمال كل طاقته وقدرته التي ما‬
‫زال يتمتع بها حلمل حما�س على القبول باملطالب الدولية‪ .‬كما طالبه‬
‫مبزيد من احلزم‪ ،‬والعمل على �إ�سقاط احلكومة‪� .10‬أما وزيرة اخلارجية‬
‫للعالن عن‬
‫ال�رسائيلية ت�سيبي ليفني فقد دعت عبا�س يف ‪ 2006/5/20‬إ‬
‫إ‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2006/6/23 ،‬‬ ‫‬

‫ اخلليج‪.2006/10/21 ،‬‬
‫‪ 10‬عرب ‪.2006/11/12 ،48‬‬

‫‪211‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫انتخابات جديدة �أو �إجراء ا�ستفتاء �شعبي ال�ستبدال حكومة حما�س‪.11‬‬


‫وذلك قبل خم�سة �أيام من خطاب عبا�س الذي �ألقاه �أمام م ؤ�متر احلوار‬
‫الوطني الفل�سطيني‪ ،‬والذي �أمهل فيه املتحاورين ع�رشة �أيام للتو�صل �إىل‬
‫ال�رسى‪ ،‬قبل طرحها ال�ستفتاء �شعبي‪ .12‬كما ع ّلق وزير‬ ‫اتفاق حول وثيقة أ‬
‫البنى التحتية‪ ،‬بنيامني بن �إليعازر‪ ،‬يف حديث للقناة العا�رشة يف التلفزيون‬
‫ال�رسائيلي يف ‪ 2006/10/3‬على اال�شتباكات بني فتح وحما�س بقوله �إنه‬ ‫إ‬
‫ي�صلي من �أجل �أن تنت�رص حركة فتح يف هذه املواجهة‪ ،‬و�أ�ضاف �أنه يتوجب‬
‫على “�إ�رسائيل” م�ساعدة حركة فتح والرئي�س عبا�س‪ ،‬ور�أى يف املواجهات‬
‫فر�صة لتجاوز نتائج االنتخابات الت�رشيعية أ‬
‫الخرية‪ ،‬بينما دعا نائب وزير‬
‫الدفاع‪� ،‬أفرامي �سنيه ‪� ،Efraim Sneh‬إىل العمل مع رئا�سة ال�سلطة إليجاد‬
‫ا�سرتاتيجية م�شرتكة إل�ضعاف حما�س‪ .13‬كما �أبدى م� ؤ‬
‫س�ولون �إ�رسائيليون‬
‫ترحيبهم ب إ�عالن حممود عبا�س الدعوة �إىل انتخابات مبكرة‪ ،‬وهو �إعالن‬
‫لقي معار�ضة �شديدة من حما�س‪ ،‬وذلك على الرغم من تعليمات �أوملرت‬
‫الدالء بت�رصيحات حول خطوة عبا�س‪.14‬‬
‫لوزرائه باالمتناع عن إ‬
‫وعقب توقيع اتفاق مكة بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬واالتفاق على‬
‫ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية �أبدت “�إ�رسائيل” ا�ستياءها من ذلك‬
‫االتفاق‪ ،‬وعملت على تقوي�ضه من خالل ال�ضغط على الرئي�س عبا�س‪.‬‬
‫للمال ومل ي�سفر عن �أي تغيري يف مواقف‬
‫فقد ر�أت ليفني �أن االتفاق خميب آ‬

‫‪ 11‬انظر‪ :‬تقرير �شموئيل طال‪ ،‬م�صدر �سابق‪.‬‬


‫‪ 12‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/5/26 ،‬‬
‫‪ 13‬االحتاد‪.2006/11/13 ،‬‬
‫‪ 14‬عرب ‪2006/12/16 ،48‬؛ والغد‪.2006/12/17 ،‬‬

‫‪212‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫حما�س ال�سيا�سية‪ ،15‬يف حني نقلت م�صادر عن �أوملرت غ�ضبه من الرئي�س‬


‫عبا�س لتوقيعه االتفاق‪ ،‬وموافقته على تكليف �إ�سماعيل هنية ت�شكيل‬
‫�ضد‬
‫الجراءات ّ‬
‫حكومة الوحدة‪ ،‬كما ّمت التداول يف اتخاذ �سل�سلة من إ‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية والرئي�س عبا�س‪ ،‬من بينها قطع االت�صاالت معه‪ ،‬يف‬
‫حال تكليف احلكومة قبل موافقتها على �رشوط اللجنة الرباعية‪.16‬‬
‫�أما يف �سياق اخلطط‪ ،‬فقد ن�رشت جريدة النيويورك تاميز ‪The New‬‬
‫‪ York Times‬تقريراً يف ‪ 2006/2/14‬عن خطة �إ�رسائيلية �أمريكية م�شرتكة‬
‫تهدف �إىل عزل ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬والت�سبب مبعاناة لل�شعب الفل�سطيني‬
‫جتربه على �إ�سقاط حكومة حما�س و�إعادة فتح �إىل ال�سلطة‪ .17‬كما ّمت يف‬
‫“�إ�رسائيل” تداول فكرة �إلغاء الرئي�س عبا�س نتائج االنتخابات الت�رشيعية‪،‬‬
‫والدعوة �إىل انتخابات جديدة خالل �ستة �أ�شهر‪ ،‬وجرت ات�صاالت �رسية‬
‫بهذا اخل�صو�ص‪ .18‬وك�شفت ه�آرت�س‪ ،‬يف ‪ ،2007/2/5‬النقاب عن �أن‬
‫ال�رسائيلية �أعدت خطة متكاملة لتقوية الرئي�س عبا�س‪ ،‬ت�ضمنت‬
‫احلكومة إ‬
‫منح ت�سهيالت كبرية له ولرجاالته‪ ،‬ولرجال أ‬
‫العمال والعمال الفل�سطينيني‪.‬‬
‫و�أ�ضافت �أن اخلارجية إ‬
‫ال�رسائيلية قامت بعر�ض الوثيقة ال�رسية على جميع‬

‫‪ 15‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/2/11 ،‬‬
‫‪ 16‬وكالة معاً‪ ،‬والنهار‪.2007/2/16 ،‬‬
‫‪Steven Erlanger, “U.S. and Israelis are said to talk of Hamas Ouster,” in 17‬‬
‫‪The New York Times newspaper, 14/2/2006, in:l‬‬
‫‪http://www.nytimes.com/14/02/2006/international/middleeast/‬‬
‫‪14mideast.html?hp&ex1139979600&partner=homepage‬‬

‫‪ 18‬بن ك�سبيت‪“ ،‬على �إ�رسائيل التعامل مع �إيران و�سورية وحزب اهلل وحما�س‪ ”،‬القد�س العربي‪،‬‬
‫‪ ،2006/2/11‬مرتجم عن جريدة معاريف‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الدبلوما�سيني أ‬
‫الجانب يف “�إ�رسائيل”‪.19‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فقد �سعت “�إ�رسائيل” �إىل حتري�ض الدول الغربية‬
‫�ضد حكومة حما�س‪ ،‬ودعتها �إىل فر�ض احل�صار عليها وعدم‬
‫والعربية ّ‬
‫التعامل معها‪ ،‬ودعتها يف الوقت نف�سه �إىل دعم الرئي�س عبا�س لتقويته‬
‫يف مواجهة حركة حما�س؛ حيث عبرّ �أوملرت عن �أمله يف قيام �أمريكا‬
‫ودول عربية معتدلة “بدعم القوى املعتدلة يف املجتمع الفل�سطيني‪ ،‬التي‬
‫يقودها �أبو مازن‪ ،‬وا�ستعادة احلكم وخلق الظروف لبدء حوار مثمر مع‬
‫ح�ضت ليفني وزير َة اخلارجية أ‬
‫المريكية كوندوليزا راي�س‬ ‫�إ�رسائيل”‪ .20‬كما ّ‬
‫التم�سك مبطالبة �أية حكومة وحدة فل�سطينية بتنفيذ مطالب اللجنة‬
‫ّ‬ ‫على‬
‫الرباعية وعدم تقدمي تنازل ب�ش أ�نها‪ ،‬ور�أت �أن تلك هي الطريقة املثلى‬
‫لتقوية حممود عبا�س‪.21‬‬
‫الحداث التي انتهت باحل�سم‬ ‫ويف املرحلة التي كانت تدور فيها أ‬
‫الحداث؛‬ ‫ال�رسائيلية جتاه التدخل يف تلك أ‬
‫يف غزة‪ ،‬تفاوتت املواقف إ‬
‫حيث �أ�شارت جريدة معاريف �إىل وجود مطالبات بدعم فريق الرئا�سة‬
‫بال�سالح ملواجهة حما�س‪ ،‬يقودها نائب وزير الدفاع �إفرامي �سنيه‪ .‬يف حني‬
‫حذر �آخرون من وقوع ذلك ال�سالح يف يد حما�س يف نهاية املطاف‪،‬‬
‫ّ‬
‫من بينهم قائد املنطقة اجلنوبية يو�آف جاالنت ‪ Yoav Galant‬ورئي�س‬
‫جهاز ال�شباك يوفال دي�سكن ‪ ،Yuval Diskin‬وهو التوجه الذي �سار فيه‬

‫‪ 19‬القد�س العربي‪.2007/2/6 ،‬‬


‫‪ 20‬عرب ‪.2006/11/12 ،48‬‬
‫‪ 21‬ال�سفري‪.2006/9/19 ،‬‬

‫‪214‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫�أوملرت حني �أعلن �أن “�إ�رسائيل ال تريد التدخل يف املواجهات بني حما�س‬
‫وفتح”‪ .22‬وبناء على التقديرات التي كانت ت�شري �إىل �أن حما�س �ستتمكن من‬
‫المر ب إ�عداد خطة للتعامل مع‬ ‫ال�سيطرة على غزة‪ ،‬ا�ستبقت “�إ�رسائيل” هذا أ‬
‫الو�ضع الذي �سين�ش أ� عن ذلك‪ ،‬وعر�ض الوزير �أفيغدور ليربمان ‪Avigdor‬‬
‫‪ Liberman‬يف ‪ 2007/5/31‬ما و�صفه “الربنامج ال�سيا�سي اجلديد” جتاه‬
‫قطاع غزة‪ ،‬داعي ًا �إىل �إغالقه واعتباره كيان ًا معادي ًا لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬وقطع‬
‫الكهرباء والوقود واملاء عنه‪ ،‬وف�صله بالكامل عن ال�ضفة الغربية‪� ،‬إ�ضافة‬
‫للمم املتحدة‬‫س�ولية أ‬
‫س�ولية لـ“�إ�رسائيل” به وت�سليم تلك امل� ؤ‬ ‫�إىل قطع �أي م� ؤ‬
‫وحلف “الناتو ‪.23”Nato -‬‬
‫�ضد حركة‬
‫ويف تلك املرحلة وا�صلت “�إ�رسائيل” حتري�ض الدول العربية ّ‬
‫حما�س‪ ،‬حيث قال اجلرنال عامو�س جلعاد مدير الدائرة ال�سيا�سية أ‬
‫المنية‬
‫بوزارة الدفاع‪�“ :‬إن �إ�رسائيل حتتاج �أكرث من �أي وقت م�ضى مل�ساعدة الدول‬
‫�سيما يف حال �سيطرتها‬‫العربية‪ ،‬وحتديداً م�رص؛ ملوا�صلة خنق حما�س‪ ،‬ال ّ‬
‫على كامل قطاع غزة”‪ .‬وطالب م�رص والدول العربية “املعتدلة” بنزع‬
‫�أي �رشعية عربية �أو دولية عن حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وعدم �إجراء‬
‫�أي ات�صاالت معها‪ .24‬يف حني ر�أى نتنياهو �أن “حل الق�ضية الفل�سطينية‬
‫�سي�شتمل على مركب �إقليمي‪ ،‬و�أن �إ�رسائيل �ستحتاج تدخل م�رص يف قطاع‬
‫الردن يف ال�ضفة‬‫غزة‪ ،‬بعد حتطيم �سلطة حما�س‪ ،‬وحتتاج �أي� ًضا �إىل م�ساعدة أ‬
‫الغربية”‪.25‬‬

‫‪ 22‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪2007/6/5 ،‬؛ والبيان‪.2007/6/12 ،‬‬
‫‪ 23‬الغد‪.2007/6/1 ،‬‬
‫‪� 24‬إ�سالم �أون الين‪.2007/6/14 ،‬‬
‫‪ 25‬وكالة �سما‪.2007/6/21 ،‬‬

‫‪215‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الحداث بعد احل�سم الع�سكري‪ ،‬وا�صلت “�إ�رسائيل”‬ ‫ومع تتايل أ‬


‫حتري�ضها باجتاه ا�ستمرار ال�رشخ الفل�سطيني حيث ع ّلق �إيهود �أوملرت‬
‫على اخلطوات التي قام بها عبا�س ملواجهة حما�س بالقول �إن “ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية ت�شهد حالي ًا حتو ًال ملمو� ًسا؛ �إذ �أن رئي�س ال�سلطة حممود‬
‫عبا�س بد�أ يت�صدى حلركة حما�س بحزم‪ ،‬وقام بخطوات مل يقم بها يف‬
‫ال�سابق”‪ ،26‬مهدداً �إياه يف الوقت نف�سه بقطع االت�صاالت معه “يف اللحظة‬
‫التي يجدد فيها عالقته مع حما�س”‪ ،‬ومبدي ًا ترحيبه كذلك بالتدابري التي‬
‫اتخذتها حكومة الطوارئ �ضد حركة حما�س‪ ،‬حيث قال �إن “خطوات‬
‫احلكومة اجلديدة‪ ...‬ت�ساعد على ن�شوء م�سار للتن�سيق بيننا وبينهم‬
‫�سي�سمح من دون �شك بتقدم امل�سار ال�سيا�سي”‪ .27‬كما اتخذت حكومة‬
‫�أوملرت عدة خطوات لدعم عبا�س‪ ،‬من بينها ا�ستئناف املفاو�ضات ال�سيا�سية‬
‫معه وامل�سارعة للرتحيب بحكومة الطوارئ التي �شكلها‪ .‬فقد ر�أى �أوملرت‬
‫�أن تلك احلكومة �ستكون �رشيك ًا يف مفاو�ضات ال�سالم‪ ،‬وعبرّ عن ذلك‬
‫بقوله‪“ :‬حكومة لي�ست حكومة حما�س هي �رشيك”‪ .28‬كما �أعلنت ليفني‬
‫�أن “�إ�رسائيل” م�ستعدة ألن تدفع لها مبلغ ‪ 600‬مليون دوالر من �أموال‬
‫ال�رضائب التي كانت حتتجزها منذ و�صول حما�س �إىل ال�سلطة‪� .29‬إ�ضافة‬
‫الق�صى املطلوبني‬‫�إىل وقف مالحقة �أكرث من ‪ 200‬من ن�شطاء كتائب �شهداء أ‬
‫يف ال�ضفة‪ ،‬ب�رشط توقفهم عن ممار�سة �أي ن�شاط �أمني‪ ،‬و�إلقاء �أ�سلحتهم‬

‫‪ 26‬جريدة الر�أي‪ ،‬الكويت‪.2007/7/14 ،‬‬


‫‪ 27‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/7/2 ،‬‬
‫‪ 28‬رويرتز‪.2007/6/17 ،‬‬
‫‪ 29‬البيان‪.2007/6/19 ،‬‬

‫‪216‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫والفراج عن ‪255‬‬ ‫وان�ضمامهم ألجهزة أ‬


‫المن لفرتة زمنية حمددة‪ .30‬إ‬
‫�أ�سرياً غالبيتهم من حركة فتح (‪ %85‬من حركة فتح‪ ،‬و‪ %15‬من اجلبهتني‬
‫الدميوقراطية وال�شعبية) يف ‪ .312007/7/20‬كما �صادقت احلكومة يف‬
‫الفراج عن ‪� 90‬أ�سرياً �آخرين “كبادرة ح�سن نية” من‬
‫‪ 2007/9/23‬على إ‬
‫الجهزة‬‫ولعادة أ‬ ‫جانبها للرئي�س عبا�س مبنا�سبة حلول �شهر رم�ضان‪ ،‬إ‬
‫�ضل طريقه ودخل مدينة جنني عن‬ ‫أ‬
‫المنية الفل�سطينية �ضابط ًا �إ�رسائيلي ًا ّ‬
‫طريق اخلط أ�‪ ،‬وت�سليمه �إىل قوات االحتالل �سامل ًا‪� .‬إال �أن “�إ�رسائيل”‬
‫�أفرجت عن ‪ 86‬منهم فقط‪ ،‬بينهم ‪� 57‬أ�سرياً من ال�ضفة الغربية‪ ،‬و‪� 29‬أ�سرياً‬
‫من قطاع غزة‪ ،‬مل يكن بينهم �أي من �أ�رسى حما�س واجلهاد إ‬
‫ال�سالمي‪.32‬‬
‫وعادت لتفرج عن ‪� 429‬أ�سرياً يف ‪ ،2007/12/3‬يف “بادرة ح�سن نية”‬
‫من حكومة �أوملرت جتاه حممود عبا�س ملنا�سبة م ؤ�متر �أنابولي�س‪ ،‬بينهم ‪20‬‬
‫فقط من �أهايل غزة‪ ،‬مرتاجعة عن �إطالق ‪� 12‬أ�سرياً من �أ�صل أ‬
‫ال�رسى‬
‫بالفراج عنهم‪ ،‬بدعوى انتمائهم �إىل‬
‫الـ ‪ 441‬الذين كانت قد وعدت إ‬
‫حركة حما�س‪ .33‬وذلك يف الوقت الذي وا�صل فيه االحتالل اعتقاالته‬
‫يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬

‫‪ 30‬احلياة‪.2007/7/15 ،‬‬
‫ال�رسائيلية نق ً‬
‫ال عن‬ ‫للبحاث والدرا�سات إ‬ ‫‪ 31‬القد�س العربي‪2007/7/21 ،‬؛ وانظر موقع أ‬
‫ال�رسى أ‬
‫جريدة يديعوت �أحرونوت‪ ،2007/7/15 ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www. alasra.ps/news.php?maa=View&id=1240‬‬

‫‪ 32‬احلياة‪.2007/9/24 ،‬‬
‫‪ 33‬القب�س‪2007/11/20 ،‬؛ واحلياة‪.2007/12/4 ،‬‬

‫‪217‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫القامة الدائمة العائلية املعروفة‬


‫كما وافقت “�إ�رسائيل”على طلبات إ‬
‫با�سم “ ّمل ال�شمل العائلي” لـ ‪ 3,500‬ا�سم ًا من ال�ضفة الغربية‪ ،‬م�ستثنية‬
‫�أبناء قطاع غزة‪ ،‬بقرار ر�سمي‪ ،‬من تلك املعامالت‪ ،34‬قبل �أن توافق على‬
‫دفعة ثانية �شملت �سبعة �آالف ا�سم‪ ،‬بينهم ‪ 2,500‬من �أبناء القطاع‪.35‬‬
‫�إىل جانب ذلك‪ ،‬فقد وا�صلت “�إ�رسائيل” حتري�ضها باجتاه ا�ستمرار‬
‫اللكرتوين جلريدة‬ ‫ال�رشخ الفل�سطيني‪ .‬ويف ال�سياق نف�سه‪ ،‬ذكر املوقع إ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫ولول مرة يف تاريخ العالقات إ‬ ‫معاريف يف ‪� ،2007/9/9‬أنه أ‬
‫قدم رئي�س جلنة اخلارجية أ‬
‫والمن يف الكني�ست ت�ساحي‬ ‫‪ -‬الفل�سطينية‪ّ ،‬‬
‫هنغبي دعوة للرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س‪ ،‬عرب جهات خمتلفة حل�ضور‬
‫والمن يف الكني�ست‪ .36‬كما قال �أوملرت‪ ،‬خالل كلمة‬‫جل�سة اخلارجية أ‬
‫�ألقاها �أمام م ؤ�متر حزب “كادميا ‪ ”Kadima -‬يف ‪� ،2007/9/20‬إنه‬
‫يوجد �رشيك فل�سطيني للحوار‪ ،‬و�إن جتاهله �سوف ي ؤ�دي �إىل �سيطرة‬
‫ال�رسائيلية �إىل �أن‬
‫حركة حما�س على ال�ضفة الغربية‪ .‬ولفتت التقارير إ‬
‫�أوملرت ا�ستخدم لقب “الرئي�س” يف حديثه عن حممود عبا�س‪ ،‬بد ًال من‬
‫لقب “رئي�س ال�سلطة”‪ .37‬يف حني قال وزير الدفاع �إيهود باراك ‪Ehud‬‬
‫‪ Barak‬خالل اجتماع حلزب العمل‪�“ :‬إن هدفنا هو تعزيز مكانة كل‬
‫من عبا�س وفيا�ض‪ ،‬و�إ�ضعاف حركة حما�س”‪ .38‬وذلك يف الوقت الذي‬

‫‪ 34‬الغد‪2007/9/27 ،‬؛ والد�ستور‪.2007/10/10 ،‬‬


‫‪ 35‬امل�ستقبل‪2008/1/13 ،‬؛ واحلياة اجلديدة‪.2008/2/18 ،‬‬
‫‪ 36‬ال�رشق‪.2007/9/10 ،‬‬
‫‪ 37‬عرب ‪.2007/9/20 ،48‬‬
‫للعالم‪.2007/10/10 ،‬‬
‫‪ 38‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪218‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫ال�رسائيلية ‪ -‬الفل�سطينية حت�ضرياً لعقد م ؤ�متر ال�سالم‬


‫توا�صلت فيه اللقاءات إ‬
‫المريكية يف �أنابولي�س‪.‬‬‫الدارة أ‬
‫الذي دعت �إليه إ‬
‫قررت “�إ�رسائيل” يف ‪ 2007/9/19‬اعتبار قطاع غزة‬ ‫ويف املقابل ّ‬
‫“كيان ًا معادي ًا”‪ ،‬وذلك يف �سياق الت�ضييق على حركة حما�س يف غزة‪،‬‬
‫�إثر عملية “فجر االنت�صار” التي �أ�سفرت يف ‪ 2007/9/11‬عن �إ�صابة ‪69‬‬
‫جندي ًا �إ�رسائيلي ًا يف ق�صف “قاعدة زيكيم ‪ ”Zikim Base -‬الع�سكرية‬
‫ب�صاروخني تبنتهما �رسايا القد�س و�ألوية النا�رص �صالح الدين‪ .39‬وهو قرار‬
‫ترتّب عليه‪ ،‬بح�سب �إعالن “�إ�رسائيل”‪ ،‬فر�ض “قيود على ال�سلطة املنبثقة‬
‫يحد من نقل الب�ضائع �إىل قطاع غزة وتزويدها بالوقود‬
‫عن حما�س ب�شكل ّ‬
‫والكهرباء”‪� ،‬إ�ضافة �إىل “موا�صلة العمليات الع�سكرية‪ ،‬التي ت�ستهدف‬
‫الرهابية”‪.40‬‬
‫املنظمات إ‬
‫الن�سانية واالقت�صادية‬ ‫وقد �أدت تلك ال�سيا�سة �إىل تردي أ‬
‫الو�ضاع إ‬
‫يف القطاع �إىل حد غري م�سبوق‪ ،‬خ�صو�ص ًا مع ت�شديدها ب�صورة تدريجية‬
‫و�صو ًال �إىل �إعالن “�إ�رسائيل” يف ‪� 2008/1/18‬إقفال كافة املعابر مع‬
‫المدادات �إليه‪ ،‬مبا يف ذلك امل�ساعدات‬
‫قطاع غزة ومنع دخول كافة إ‬
‫الن�سانية‪ ،41‬وتوقف حمطة غزة لتوليد الكهرباء ب�صورة تامة عن العمل‬‫إ‬
‫يف ‪ 2008/1/20‬نتيجة لذلك‪ .42‬وبدا وا�ضح ًا يف حينه �أن تلك إ‬
‫الجراءات‬

‫‪ 39‬احلياة‪.2007/9/12 ،‬‬
‫‪ 40‬اخلليج‪.2007/9/20 ،‬‬
‫‪ 41‬احلياة‪.2008/1/19 ،‬‬
‫‪ 42‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2008/1/21 ،‬‬

‫‪219‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫جاءت بهدف �إ�ضعاف حركة حما�س يف غزة‪ ،‬حيث تن�صلت “�إ�رسائيل”‬


‫الن�سانية الناجتة عن �إجراءاتها العقابية‪،‬‬ ‫س�وليتها عن تلك أ‬
‫الزمة إ‬ ‫من م� ؤ‬
‫وو�صفتها ب أ�زمة “مفتعلة” تقف وراءها حما�س بهدف ا�ستدرار عطف‬
‫وحمل �أوملرت احلركة م� ؤ‬
‫س�ولية معاناة الفل�سطينيني يف القطاع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دويل‪.‬‬
‫داعي ًا �إياهم ب�شكل �رصيح �إىل التحرك من �أجل �إ�سقاط “احلركة التي‬
‫انتخبوها والتي تت�سبب يف معاناتهم”‪.43‬‬
‫ال�رسائيلية‪ ،‬عر�ضت ليفني على أ‬
‫المم املتحدة‪،‬‬ ‫للجراءات إ‬ ‫وا�ستكم ً‬
‫اال إ‬
‫العمومية‪ ،‬خطة لتحييد حركة حما�س‪ ،‬ومنعها‬
‫ّ‬ ‫خالل اجتماعات جمعيتها‬
‫من امل�شاركة يف االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪ ،‬من خالل االتفاق على‬
‫معايري مل�شاركة املنظمات يف االنتخابات الدميوقراطية‪ ،‬وتبني أ‬
‫المم املتحدة‬
‫قراراً بهذا ال�ش أ�ن‪.44‬‬
‫ويف خطوة بدا �أنها جاءت لتعميق اخلالف بني ال�سلطة وف�صائل‬
‫املقاومة‪� ،‬أكرث منها حماولة لل�ضغط على الفل�سطينيني لوقف �إطالق‬
‫ش�ون الت�رشيع يف‬‫ال�صواريخ من قطاع غزة‪� ،‬صادقت اللجنة الوزارية ل� ؤ‬
‫حكومة �أوملرت على م�رشوع قانون يلزم ال�سلطة الفل�سطينية ب أ�ن تدفع‬
‫ال�رسائيلي تعوي�ضات عن اخل�سائر الب�رشية واملادية الناجمة عن‬
‫للطرف إ‬
‫�إطالق ال�صواريخ‪ ،‬مبا يف ذلك تكلفة عالج اجلرحى والعناية النف�سية‬
‫للم�صابني بالهلع وال�صدمة‪ .45‬ويف �سياق مماثل‪� ،‬أعلن �إيهود باراك‬

‫‪ 43‬احلياة‪.2008/1/22 ،‬‬

‫الر�أي‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2007/9/25 ،‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪ 45‬الد�ستور‪.2007/11/7 ،‬‬

‫‪220‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫يف ‪� 2007/11/6‬أن ال�رشط حل�صول �أي تقدم يف كل عملية �سيا�سية‪،‬‬


‫لـ“الرهاب”يف قطاع غزة‪ ،‬مو�ضح ًا �أن‬
‫إ‬ ‫هو تفكيك البنية التحتية‬
‫الوىل من خطة خريطة‬ ‫“�إ�رسائيل”لن ت�ستثني قطاع غزة من املرحلة أ‬
‫الطريق‪ ،46‬وهو ما ّ‬
‫�شكل حتري� ًضا مل ؤ�يدي عملية الت�سوية يف رام اهلل‬
‫ال�ستعادة ال�سيطرة على غزة‪ .‬وهو موقف �أكده كل من �إيهود �أوملرت‬
‫وجورج بو�ش خالل زيارة أ‬
‫الخري لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬حيث قال �أوملرت خالل‬
‫ال�سبوعية حلكومته يف ‪� 2008/1/13‬إن بو�ش �أو�ضح “معار�ضته‬ ‫اجلل�سة أ‬
‫لفكرة الف�صل بني ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪� ،‬إذ �أكد �أنه �ستكون هناك‬
‫دولة فل�سطينية واحدة ولي�س دولتان‪ ،‬ولي�س ثالث دول لثالثة �شعوب‪،‬‬
‫لذلك ف إ�ن الفل�سطينيني ملزمون بتطبيق خريطة الطريق يف قطاع غزة‬
‫رغم �سيطرة حما�س عليه”‪.47‬‬
‫ال�رسائيلية يظهر �أن “�إ�رسائيل” لعبت دوراً يف‬‫ويف قراءة للمواقف إ‬
‫الزمة الفل�سطينية‪ ،‬وهدف دعمها لطرف �ضد �آخر �إىل �إيجاد‬ ‫تعميق أ‬
‫�رشخ يف العالقة بني احلركتني أ‬
‫الكرب حجم ًا يف ال�ساحة الفل�سطينية؛ حتقيق ًا‬
‫مل�صلحة �إ�رسائيلية عليا يف �إ�ضعاف القوى الفل�سطينية احلية‪ ،‬ال من باب‬
‫اجلدية يف توجهاتها نحو ال�سالم‪ .‬حيث �سعت لتحقيق �أكرب قدر ممكن من‬
‫املكا�سب من خالل فر�ض تنفيذ برناجمها و�رشوطها‪ ،‬يف مقابل تقدمي �أقل‬
‫قدر ممكن من التنازالت للطرف الفل�سطيني الذي دعمته‪.‬‬

‫‪ 46‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/11/7 ،‬‬
‫‪ 47‬القب�س‪.2008/1/14 ،‬‬

‫‪221‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬احلمالت الع�سكرية وحمالت االعتقال واالغتيال‪:‬‬

‫ال�رسائيلية إل�سقاط حكومة حما�س اتباع �سيا�سة‬


‫الجراءات إ‬
‫ت�ضمنت إ‬
‫الت�صعيد الع�سكري �ضد مناطق ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬من خالل احلمالت‬
‫الع�سكرية‪ ،‬وموا�صلة االغتياالت بحق ن�شطاء املقاومة‪ ،‬وحمالت االعتقال‬
‫التي طالت وزراء احلركة ونوابها؛ وذلك يف حماولة منها لتحقيق هدفني‪:‬‬
‫جر حما�س �إىل املواجهة الع�سكرية‪ ،‬وهو ما اعرتف به م�صدر �أمني‬
‫�أولهما ّ‬
‫�إ�رسائيلي كبري بقوله يف ‪� 2006/6/14‬إن “�إ�رسائيل” هي التي دفعت حما�س‬
‫إلنهاء الهدنة التي ا�ستمرت ‪� 16‬شهراً‪ ،‬والعودة �إىل �إطالق ال�صواريخ‪،‬‬
‫وذلك بهدف �إف�شال حكومة حما�س‪ .48‬وثانيهما �إ�سقاط حما�س �شعبي ًا‬
‫�ضد عمليات املقاومة‪� ،‬أو امتنعت عن الر ّد على‬
‫يف حال وقفت حكومتها ّ‬
‫�ضد حركة حما�س‬‫المر الذي ا�س ُتخدم بالفعل ّ‬‫ال�رسائيلية‪ ،‬وهو أ‬
‫االعتداءات إ‬
‫الزمة الداخلية يف أ‬
‫الوقات التي امتنعت فيها عن الر ّد‪.‬‬ ‫يف �سياق أ‬

‫‪ .1‬احلمالت الع�سكرية‪:‬‬

‫ال�رسائيلي خالل اجتماع عقده يف‬ ‫يف �سياق هذا الت�صعيد‪� ،‬أ ّ‬
‫قر اجلي�ش إ‬
‫‪ 2006/3/30‬خطة �أطلق عليها ا�سم “ال�سهم اجلنوبي”‪ ،‬تق�ضي بتكثيف‬
‫الهجمات اجلوية والربية والبحرية على مناطق قطاع غزة‪ .49‬وقد ق�صفت‬
‫ال�رسائيلية قطاع غزة يف الـ ‪ 45‬يوم ًا التي تلت ذلك التاريخ بـ‬
‫القوات إ‬
‫‪ 5,100‬قذيفة مدفعية‪ ،‬مبعدل ‪ 110‬قذائف يومي ًا‪.50‬‬

‫‪ 48‬الد�ستور‪.2007/6/15 ،‬‬
‫‪ 49‬االحتاد‪.2006/4/3 ،‬‬
‫‪ 50‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/5/15 ،‬‬

‫‪222‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫و�إثر عملية “الوهم املتبدد” التي قامت بها املقاومة الفل�سطينية يف‬
‫ال�رسائيلي جلعاد �شاليط‪،‬‬‫‪ ،2006/6/25‬والتي �أ�رست خاللها اجلندي إ‬
‫�ضد قطاع غزة �أ�سمتها عملية‬
‫�أطلقت “�إ�رسائيل” حملة ع�سكرية وا�سعة ّ‬
‫“�أمطار ال�صيف”‪ .‬وقد �أدت االجتياحات والهجمات إ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫املتوا�صلة منذ ‪ 2006/6/26‬وحتى ‪� 2006/10/31‬إىل ا�ست�شهاد ‪400‬‬
‫فل�سطيني وجرح ‪� 1,852‬آخرين‪ .51‬ويف مطلع ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪2006‬‬
‫�ضد قطاع غزة �أ�سمتها “غيوم اخلريف”‪،‬‬
‫�أطلقت “�إ�رسائيل” حملة جديدة ّ‬
‫وتركزت على �شمال القطاع‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بيت حانون‪ .‬وخالل ال�شهر‬
‫املذكور �سقط ‪� 140‬شهيداً فل�سطيني ًا‪ ،‬منهم ‪� 123‬شهيداً يف قطاع غزة‪،‬‬
‫ال�رسائيليون خالل تلك احلملة جمزرة‬‫‪ 107‬منهم يف �شماله‪ .‬وقد ارتكب إ‬
‫يف �صباح ‪ ،2006/11/8‬جراء ق�صف �ستة منازل على �أ�صحابها وهم نيام‪،‬‬
‫مما �أدى �إىل ا�ست�شهاد ‪ 20‬فل�سطيني ًا وجرح ‪� 40‬آخرين‪.52‬‬
‫ومع ت�صاعد وترية االقتتال الداخلي يف قطاع غزة يف الفرتات التي‬
‫تلت ذلك‪ ،‬ثم توقيع اتفاق مكة فيما بعد‪ ،‬جل أ�ت “�إ�رسائيل” �إىل التخفيف‬
‫�ضد القطاع‪ ،‬رمبا خ�شية �أن ت ؤ�دي تلك العمليات‬
‫من عملياتها الع�سكرية ّ‬
‫�ضد‬
‫و�شن عمليات ّ‬‫ّ‬ ‫�إىل تهدئة ذلك االقتتال‪� ،‬أو دفع املقاومة للتوحد‬
‫االحتالل جمدداً يف فرتة الهدوء الداخلي؛ فمن �أ�صل ‪� 73‬شهيداً فل�سطيني ًا‬
‫�سقطوا خالل الفرتة من ‪ 2007/4/30 - 2006/12/1‬ب�سبب �إجراءات‬

‫ال�سعاف والطوارئ‬ ‫‪ 51‬انظر‪ :‬تقرير وكالة وفا‪ ،2006/11/23 ،‬نق ً‬


‫ال عن معاوية ح�سنني‪ ،‬مدير إ‬
‫بوزارة ال�صحة‪.‬‬
‫للعالم حول جمزرة بيت حانون‪،‬‬
‫قد�س بر�س‪2006/12/1 ،‬؛ وتقرير املركز الفل�سطيني إ‬ ‫‪52‬‬

‫‪.2006/11/8‬‬

‫‪223‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫االحتالل وعملياته‪ ،‬كان هناك ‪� 21‬شهيداً فقط من قطاع غزة‪� .53‬إال �أن‬
‫�ضد القطاع خالل �شهر �أيار‪ /‬مايو‪ ،‬الذي‬
‫“�إ�رسائيل” جل أ�ت للت�صعيد جمدداً ّ‬
‫�سقط خالله ‪� 66‬شهيداً‪ 55 ،‬منهم يف قطاع غزة‪ .54‬وقد ركز االحتالل‬
‫�ضد مواقع القوة التنفيذية وكتائب الق�سام يف القطاع‬
‫هجماته حينها ّ‬
‫ب�شكل رئي�سي‪ ،‬ب�سل�سلة من الغارات اجلوية‪ .‬وجاء ذلك يف الوقت الذي‬
‫كان ي�شهد فيه القطاع توتراً داخلي ًا كبرياً‪ ،‬وا�شتباكات عنيفة بني عنا�رص‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية املوالية لكل منهما‪ ،‬يف ما بدا‬ ‫من حركتي فتح وحما�س أ‬
‫حماولة من قبل االحتالل لزيادة حدة االقتتال‪ ،‬و�إ�ضعاف طرف حل�ساب‬
‫طرف �آخر‪� .‬إال �أن تلك احلملة �أدت �إىل تخفيف حدة االقتتال الداخلي‪،‬‬
‫وهو ما قد يكون من بني أ‬
‫ال�سباب التي دفعت “�إ�رسائيل” الحق ًا التخاذ‬
‫قرار بعدم التدخل مبا�رشة خالل �أحداث احل�سم الع�سكري التي �شهدها‬
‫القطاع‪.‬‬
‫�ضد‬
‫ال�رسائيلي ّ‬
‫الحداث‪ ،‬جتدد الت�صعيد الع�سكري إ‬ ‫وعقب تلك أ‬
‫القطاع‪ ،‬وا�ستمر بوترية متقاربة خالل ال�شهور التالية‪ ،‬و�أ�سفر عن �سقوط‬
‫‪� 153‬شهيداً يف غزة خالل الفرتة ‪.552007/10/31 - 2007/6/1‬‬
‫�أما يف ال�ضفة الغربية فقد �شهدت مدينة نابل�س حملة ع�سكرية‬
‫�إ�رسائيلية وا�سعة بداية من �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب‪ ،‬طالت عدداً كبرياً من ن�شطاء‬

‫الح�صاءات ال�شهرية التي �أعدتها قد�س بر�س خالل الفرتة‬ ‫‪ّ 53‬مت و�ضع هذه أ‬
‫الرقام بناء على إ‬
‫‪.2007/5/1-1/1‬‬
‫‪ 54‬قد�س بر�س‪.2007/6/1 ،‬‬
‫الح�صاءات ال�شهرية التي �أعدتها قد�س بر�س خالل الفرتة‬ ‫‪ّ 55‬مت و�ضع هذه أ‬
‫الرقام بناء على إ‬
‫‪.2007/11/1-7/1‬‬

‫‪224‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫املقاومة وخالياها باالعتقال واالغتيال‪ ،‬وجاء ذلك ا�ستباق ًا لت�سلم قوات‬


‫أ‬
‫المن الفل�سطينية امل� ؤ‬
‫س�ولية عن املدينة‪ ،‬وبدء ال�سلطة يف ال�ضفة حملتها‬
‫أ‬
‫المنية فيها‪ .‬وعلى الرغم من موا�صلة “�إ�رسائيل” اعتداءاتها يف ال�ضفة من‬
‫خالل االغتياالت واالعتقاالت وتقييد حرية احلركة وجتريف أ‬
‫الرا�ضي‪،‬‬
‫�إال �أنها مل تنفذ �أية حمالت ع�سكرية كربى يف الفرتة التي �أعقبت ذلك‪.‬‬
‫وبالعودة �إىل غزة ف إ�ن القطاع مل ي�شهد هدوءاً كالذي �شهدته ال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬ولو ن�سبي ًا‪ ،‬حيث وا�صل جي�ش االحتالل عملياته يف القطاع من‬
‫خالل الغارات والتوغالت املحدودة‪ ،‬متخذاً من ال�صواريخ‪ ،‬التي تنطلق‬
‫من القطاع جتاه امل�ستوطنات املحيطة به‪ ،‬رداً على االنتهاكات‪ ،‬ذريع ًة‬
‫ال�رسائيلية‬
‫لعملياته تلك‪ ،‬يف الوقت الذي توا�صلت فيه الت�رصيحات إ‬
‫المن الداخلي‬‫املهددة بحملة ع�سكرية برية وا�سعة يف غزة‪ ،‬و�صفها وزير أ‬
‫�آيف ديخرت ‪ Avraham Dichter‬يف ‪ 2007/11/18‬ب أ�نها “حتمية”‪.56‬‬
‫وقد جاءت هذه احلملة يف ‪ 2008/2/27‬حتت ا�سم “ال�شتاء ال�ساخن”‪،‬‬
‫وا�ستمرت حتى ‪ ،2008/3/3‬خملفة ‪� 117‬شهيداً بينهم ‪ 58‬مدني ًا‪ ،‬منهم ‪28‬‬
‫ال و�ست ن�ساء‪� ،‬إ�ضافة �إىل �سقوط ‪ 200‬جريح �آخرين‪ .57‬وقد �أعلن مدير‬
‫طف ً‬
‫ال�سعاف والطوارئ يف وزارة ال�صحة‪ ،‬معاوية ح�سنني‪ ،‬يف وقت‬ ‫عام إ‬
‫الحق ارتفاع ح�صيلة ال�شهداء �إىل ‪� 129‬شهيداً‪.58‬‬

‫‪ 56‬عرب ‪.2007/11/18 ،48‬‬


‫الن�سان‪ ،‬تقرير ال�شتاء ال�ساخن‪ ،‬غزة‪ ،2008/3/3 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ 57‬مركز امليزان حلقوق إ‬
‫‪http://www. mezan.org/document/hot_winter_ar.pdf‬‬
‫وقائمة ب أ��سماء ال�شهداء من ‪ 2/28‬حتى �صباح ‪ ،2008/3/4‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www. mezan.org/document/martyrlist_4_3_2008.pdf‬‬
‫‪ 58‬اخلليج‪.2008/3/6 ،‬‬

‫‪225‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�رسائيلية خالل عام ‪� 2007‬أدت‬


‫ال�شارة �إىل �أن االعتداءات إ‬
‫وجتدر إ‬
‫ل�سقوط ‪� 435‬شهيداً‪ .59‬يف حني �أدت االعتداءات منذ بداية عام ‪2008‬‬
‫وحتى ‪� 2008/3/12‬إىل �سقوط ‪� 274‬شهيداً‪� ،‬إ�ضافة �إىل ‪ 979‬جريح ًا‪،‬‬
‫بح�سب تقرير �صادر عن دائرة العالقات القومية والدولية يف منظمة‬
‫التحرير‪.60‬‬
‫‪61‬‬
‫عدد ال�شهداء واجلرحى (‪)2008-2006‬‬
‫عدد اجلرحى‬ ‫عدد ال�شهداء‬ ‫الفرتة‬
‫‪3,126‬‬ ‫‪692‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪1,192‬‬ ‫‪435‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪979‬‬ ‫‪274‬‬ ‫‪2008/3/12-2008/1/1‬‬

‫‪ .2‬االعتقاالت‪:‬‬

‫بالتزامن مع عملية “�أمطار ال�صيف”‪� ،‬ش ّنت “�إ�رسائيل” حملة اعتقاالت‬


‫ا�ستهدفت وزراء حركة حما�س ونوابها‪ ،‬يف حماولة إل�ضعاف وجودها يف‬
‫املجل�س الت�رشيعي و�إ�سقاط حكومتها‪ .‬وظهر من تقارير و�أخبار ن�رشتها‬
‫�صحيفتا يديعوت �أحرونوت وه�آرت�س يف تلك الفرتة �أن خطة اعتقال‬
‫الوزراء والنواب كانت جاهزة‪ ،‬وكذلك خطة الهجوم على قطاع غزة‪.‬‬

‫‪ 59‬البيان‪.2007/12/31 ،‬‬
‫‪ 60‬البيان‪.2008/3/13 ،‬‬
‫‪ 61‬انظر‪ :‬حم�سن �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2006‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2007 ،‬ص ‪84‬؛ والبيان‪ 2007/12/31 ،‬و‪.2008/3/13‬‬

‫‪226‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫وخالل �أربعة �أيام من وقوع عملية “الوهم املتبدد” اعتقلت “�إ�رسائيل”‬


‫‪ 28‬نائب ًا ووزيراً‪ ،‬ووا�صلت خطف الوزراء والنواب واعتقالهم حتى بلغ‬
‫عددهم نحو ‪ ،40‬و�شملت تلك االعتقاالت رئي�س املجل�س الت�رشيعي‬
‫عزيز الدويك‪ ،‬ونائب رئي�س الوزراء ووزير التعليم نا�رص الدين ال�شاعر‬
‫وغريهما‪ .‬كما �أعادت “�إ�رسائيل” خالل عام ‪ 2007‬اعتقال عدد من وزراء‬
‫حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬ومن بينهم الوزير ال�شاعر نف�سه والوزير و�صفي‬
‫الزمة الفل�سطينية‪ ،‬حيث �أدت‬ ‫قبها‪ .‬وقد �أ�سهمت تلك احلملة يف تعميق أ‬
‫الحيان‪ ،‬كما‬‫�إىل �إ�ضعاف املجل�س الت�رشيعي وتعطيل عمله يف كثري من أ‬
‫المر الذي‬‫�أدت �إىل تقوية طرف على ح�ساب �آخر داخل املجل�س‪ ،‬وهو أ‬
‫ا�ستغلته كتلة حركة فتح الربملانية يف �رصاع ال�رشعيات وال�صالحيات مع‬
‫حركة حما�س‪ ،‬خ�صو�ص ًا عقب احل�سم الع�سكري يف قطاع غزة‪.‬‬
‫كما وا�صلت “�إ�رسائيل” اعتقاالتها يف �صفوف ن�شطاء املقاومة‪،‬‬
‫وتركزت تلك االعتقاالت يف ال�ضفة الغربية ب�صورة رئي�سية‪ ،‬فخالل عام‬
‫‪ 2006‬اعتقل االحتالل ‪ 5,671‬فل�سطيني ًا‪ ،‬منهم ‪ 5,425‬من ال�ضفة الغربية‬
‫و‪ 246‬من قطاع غزة‪ ،‬وبقي من جمموع ه ؤ�الء نحو ‪� 2,500‬أ�سرياً يف‬
‫ال�رسائيلي جلعاد‬‫ال�سجون‪ .62‬فيما بلغ جمموع املعتقلني منذ �أ�رس اجلندي إ‬
‫�شاليط يف ‪ ،2006/6/25‬ولغاية ‪� 2007/9/29‬أكرث من ‪� 9‬آالف فل�سطيني‪.63‬‬
‫ومن �أبرز من متكن االحتالل من اعتقالهم �إبراهيم حامد‪ ،‬قائد كتائب‬
‫الق�سام يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬واملطارد �إ�رسائيلي ًا منذ عام ‪ ،1998‬الذي‬

‫ال�رسى واملحررين‪ ،‬تقرير �إح�صائي �شامل يتناول �أو�ضاع أ‬


‫ال�رسى ب�شكل‬ ‫ش�ون أ‬
‫‪ 62‬انظر‪ :‬وزارة � ؤ‬
‫عام و�أبرز �أحداث عام ‪ 2006‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬مركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.pnic.gov.ps/arabic/social/prisoners/prisoners19.html‬‬
‫ش�ون أ‬
‫ال�رسى واملحررين‪.‬‬ ‫ال عن تقرير لوزارة � ؤ‬
‫‪ 63‬عرب ‪ ،2007/9/30 ،48‬نق ً‬

‫‪227‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫اع ُتقل يف ‪ .642006/5/23‬ومهاو�ش القا�ضي القائد يف كتائب الق�سام‪،‬‬


‫وم� ؤ‬
‫س�ول العالقات العامة يف القوة التنفيذية يف رفح‪ ،‬الذي اع ُتقل يف‬
‫‪.652007/9/7‬‬
‫وقد �أ�شار تقرير �صادر عن مركز املعلومات الوطني الفل�سطيني �إىل �أن‬
‫جمموع املعتقلني على يد قوات االحتالل خالل عام ‪ 2007‬بلغ ‪4,600‬‬
‫فل�سطيني‪ .66‬و�أ�شار تقرير لدائرة العالقات القومية والدولية يف منظمة‬
‫التحرير �إىل �أن قوات االحتالل اعتقلت نحو ‪ 1,500‬فل�سطيني منذ بداية‬
‫العام ‪ 2008‬وحتى ‪.672008/3/12‬‬

‫‪ .3‬االغتياالت‪:‬‬

‫تقدم‪ ،‬فقد وا�صلت “�إ�رسائيل” عمليات الت�صفية‬


‫�إ�ضافة �إىل ما ّ‬
‫واالغتيال‪ ،‬وذلك يف �إطار �سيا�ستها امل�ستمرة يف ت�صفية ن�شطاء املقاومة‬
‫إل�ضعاف �صفوفها والق�ضاء عليها‪ ،‬و�سعت كذلك ال�ستخدام هذه ال�سيا�سة‬
‫كو�سيلة �ضغط على ف�صائل املقاومة الداعمة حلكومة حما�س‪ .‬كما حاولت‬
‫من خاللها �إيقاع فتنة بني ف�صائل املقاومة‪ ،‬من خالل الرتكيز على ف�صيل‬
‫معني دون �سواه يف الفرتات التي كانت ت�شهد ت�صعيداً يف االقتتال‬
‫الداخلي‪ .‬وذلك �إىل جانب �إقدام “�إ�رسائيل” على التهديد بت�صفية وزراء‬
‫حما�س‪ ،‬حيث نقل موقع جريدة معاريف عن �ضابط �إ�رسائيلي قوله؛ �إن‬

‫‪ 64‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/5/24 ،‬‬
‫‪ 65‬قد�س بر�س‪.2007/9/8 ،‬‬
‫‪ 66‬قد�س بر�س‪.2008/1/3 ،‬‬
‫‪ 67‬البيان‪.2008/3/13 ،‬‬

‫‪228‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫تعد وزراء حما�س “هدف ًا �رشعي ًا للت�صفية”‪.68‬‬


‫“�إ�رسائيل” ّ‬
‫ال�رسائيلية خالد الدحدوح قائد‬
‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬اغتالت القوات إ‬
‫ال�سالمي يف قطاع غزة‬ ‫�رسايا القد�س‪ ،‬اجلناح الع�سكري حلركة اجلهاد إ‬
‫يف ‪ ،692006/3/1‬ويف ‪� 2006/4/27‬أعلنت ال�رسايا جناة �أحد �أبرز قادتها‪،‬‬
‫دون ذكر ا�سمه‪ ،‬من حماولة اغتيال �إ�رسائيلية بق�صف �سيارته يف قطاع غزة‪،‬‬
‫يف عملية �أ�سفرت يف حينه عن ا�ست�شهاد وائل أ‬
‫القرع �أحد القادة امليدانيني‬
‫لل�رسايا‪ .70‬كما اغتالت قوات االحتالل جمال �أبو �سمهدانة القائد العام‬
‫للجان املقاومة ال�شعبية يف ‪ ،2006/6/8‬بعد فرتة ق�صرية من تعيينه قائداً‬
‫للقوة التنفيذية التي �شكلتها وزارة الداخلية يف حكومة حما�س‪ ،‬ومراقب ًا‬
‫عام ًا للوزارة‪ .71‬ويف ‪ 2006/10/4‬اغتالت قوة �إ�رسائيلية من امل�ستعربني‬
‫�أحد �أبرز ن�شطاء حركة حما�س يف حمافظة قلقيلية بال�ضفة الغربية‪ ،‬حممد‬
‫س�وليتها عن االغتيال زاعمة �أنه جاء‬
‫فايق عودة‪ ،‬وحاولت التن�صل من م� ؤ‬
‫على خلفية االقتتال الداخلي‪ ،‬م�ستغلة بيان ًا �صدر با�سم كتائب �شهداء‬
‫الق�صى يف اليوم ال�سابق لالغتيال يهدد بقتل �شخ�صيات رفيعة يف حركة‬‫أ‬
‫حما�س يف الداخل واخلارج‪ .72‬كما �شهد �أول �أيام عيد الفطر‪ ،‬املوافق‬
‫‪ ،2006/10/23‬اغتيال قائد �ألوية النا�رص �صالح الدين‪ ،‬عطا ال�شنباري‪،‬‬
‫يف بيت حانون‪ ،‬يف عملية �أ�سفرت �أي� ًضا عن ا�ست�شهاد �ستة وجرح ‪30‬‬

‫‪ 68‬الوطن‪ ،‬قطر‪.2006/4/2 ،‬‬


‫‪ 69‬عرب ‪.2006/3/1 ،48‬‬
‫‪ 70‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/4/28 ،‬‬
‫‪ 71‬احلياة‪.2006/6/10 ،‬‬
‫‪� 72‬إ�سالم �أون الين‪2006/10/4 ،‬؛ وامل�ستقبل‪.2006/10/5 ،‬‬

‫‪229‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�آخرين‪ .73‬فيما اغتالت وحدات امل�ستعربني �أربعة من ن�شطاء كتائب �شهداء‬


‫الق�صى يف بلدة اليامون غرب جنني يف ‪ ،2006/11/8‬هم طاهر عباهرة‪،‬‬ ‫أ‬
‫وحممود �أبو احل�سن‪ ،‬و�سليم �أبو الهيجاء‪ ،‬وعالء خماي�سة‪ .74‬ومع نهاية العام‬
‫ال�رسائيلية ‪ 85‬عملية ا�ست�شهد فيها ‪189‬‬
‫‪ 2006‬بلغ عدد عمليات االغتيال إ‬
‫فل�سطيني ًا‪ ،‬بينهم ‪ 134‬م�ستهدف ًا‪.75‬‬
‫ال�رسائيلية‬ ‫وخالل الربع أ‬
‫الول من عام ‪ 2007‬توا�صلت االغتياالت إ‬
‫يف �صفوف ن�شطاء املقاومة وقادتها امليدانيني‪ ،‬ولكن بوترية منخف�ضة‪،‬‬
‫حيث �سقط �سبعة �شهداء يف عمليات اغتيال حتى نهاية �شهر �شباط‪ /‬فرباير‪،‬‬
‫يف حني مل ت�سجل اغتياالت خالل �شهر �آذار‪ /‬مار�س‪ .‬وكان من الوا�ضح‬
‫�ضد ن�شطاء �رسايا القد�س وكتائب‬
‫يف تلك الفرتة تركيز االحتالل لعملياته ّ‬
‫أ‬
‫الق�صى يف ال�ضفة الغربية؛ حيث �إن امل�ستهدفني بني ال�شهداء الذين �سقطوا‬
‫جراء عمليات االغتيال خاللها كانوا من ن�شطاء هذين الف�صيلني يف ال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬ويف مدينة جنني ب�شكل رئي�سي‪ .76‬وذلك يف الوقت الذي كانت‬
‫تت�صاعد فيه وترية االقتتال الداخلي يف قطاع غزة قبل اتفاق مكة‪ ،‬وهو‬
‫�أمر بدا �أن “�إ�رسائيل” ت�ستخدمه كمحاولة إليجاد �رشخ بني ف�صائل العمل‬
‫الوطني‪ .‬ومن بني �أولئك امل�ستهدفني القيادي يف �رسايا القد�س‪� ،‬أ�سيد‬
‫العمور‪ ،‬وقائد ال�رسايا يف جنني حممود عبيد‪� ،‬إ�ضافة �إىل قائدها يف ال�ضفة‪،‬‬
‫�أ�رشف ال�سعدي‪.‬‬

‫‪ 73‬االحتاد‪.2006/10/24 ،‬‬
‫‪ 74‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/11/9 ،‬‬
‫‪ 75‬قد�س بر�س‪.2007/1/1 ،‬‬
‫‪ 76‬قد�س بر�س‪.2007/4/1-2/1 ،‬‬

‫‪230‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫وبدءاً من �شهر ني�سان‪� /‬أبريل ت�صاعدت وترية عمليات االغتيال‪،‬‬


‫وبلغت �أكرب مدى لها خالل �شهر �أيار‪ /‬مايو‪ ،‬لي�سقط خالل الربع الثاين‬
‫من العام ‪� 20‬شهيداً جراء االغتياالت‪ .77‬وتزامن هذا الت�صعيد مع عودة‬
‫�ضد قطاع غزة خالل �أيار‪ /‬مايو‪،‬‬
‫االحتالل لت�صعيد �رضباته الع�سكرية ّ‬
‫وعقب احل�سم الع�سكري الذي �أقدمت عليه حركة حما�س يف القطاع‪.‬‬
‫ومن �أبرز الن�شطاء الذين طالتهم تلك االغتياالت‪:‬‬
‫‪ -‬رائد �أبو فنونة‪� ،‬أحد م ؤ��س�سي �رسايا القد�س‪ ،‬و�أحد �أبرز قيادييها يف‬
‫غزة (ا�ست�شهد يف ‪ 2007/6/27‬بانفجار �سيارة مفخخة يف مدينة‬
‫غزة)‪.78‬‬
‫‪� -‬صالح �أبو �رسور وم�صطفى عتيق القياديان يف �رسايا القد�س يف‬
‫جنني (ا�ست�شهدا بكمني جلنود االحتالل يف و�سط املدينة يف‬
‫‪.79)2007/8/25‬‬
‫‪ -‬با�سم �أبو �رسية املعروف بـ“القذايف”‪� ،‬أحد �أبرز قادة كتائب‬
‫�شهداء أ‬
‫الق�صى يف مدينة نابل�س‪ ،‬واملطارد �إ�رسائيلي ًا منذ �سبع‬
‫�سنوات‪ ،‬والذي ينتمي لـ“جمموعات فار�س الليل” التي مل‬
‫ال�رسائيلي ال�صادر يف وقت �سابق (ا�ست�شهد يف‬ ‫ي�شملها العفو إ‬
‫‪ 2007/10/16‬يف البلدة القدمية يف مدينة نابل�س‪ ،‬بقذيفة �أطلقها‬
‫جنود االحتالل نحوه مبا�رشة)‪.80‬‬

‫‪ 77‬قد�س بر�س‪.2007/7/1-5/1 ،‬‬


‫‪ 78‬احلياة اجلديدة‪.2007/6/28 ،‬‬
‫‪ 79‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/8/26 ،‬‬
‫‪ 80‬وكالة �سما‪2007/10/16 ،‬؛ وال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/10/17 ،‬‬

‫‪231‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ -‬خالد �أبو �صقر قائد �رسايا القد�س يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وم�ساعده‬


‫حممد جوابرة (ا�ست�شهدا يف ‪ 2007/10/23‬بعد حما�رصتهما من قبل‬
‫قوات االحتالل �شمال مدينة جنني)‪.81‬‬
‫‪ -‬مبارك احل�سنات نائب القائد العام أللوية النا�رص �صالح الدين‪،‬‬
‫ش�ون الع�سكرية يف غزة‬ ‫ومدير مكتب وزير الداخلية لل� ؤ‬
‫(ا�ست�شهد �أي� ًضا يف ‪ 2007/10/23‬بق�صف �سيارته من قبل طائرة‬
‫لالحتالل)‪.82‬‬
‫‪ -‬وليد العبيدي القائد العام ل�رسايا القد�س يف ال�ضفة الغربية (ا�ست�شهد‬
‫يف ‪ 2008/1/16‬بكمني جلنود االحتالل يف بلدة قباطية جنوب‬
‫جنني)‪.83‬‬
‫‪ -‬رائد �أبو الفول القيادي يف �ألوية النا�رص �صالح الدين يف قطاع‬
‫غزة (ا�ست�شهد يف ‪ 2008/1/17‬بق�صف جوي ل�سيارته من قبل‬
‫االحتالل)‪.84‬‬
‫‪� -‬أحمد �سناقرة �أحد قادة كتائب �شهداء أ‬
‫الق�صى يف نابل�س و�أحد‬
‫�أبرز املطلوبني لقوات االحتالل‪ ،‬والذي رف�ض يف وقت �سابق‬
‫�أن ت�شمله قائمة العفو إ‬
‫ال�رسائيلية مقابل ت�سليم �سالحه (ا�ست�شهد‬
‫يف ‪ 2008/1/18‬بعد اال�شتباك مع قوات االحتالل التي حا�رصت‬

‫‪ 81‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/10/24 ،‬‬
‫‪ 82‬امل�صدر نف�سه‪.‬‬
‫‪ 83‬احلياة‪.2008/1/17 ،‬‬
‫‪ 84‬اخلليج‪.2008/1/18 ،‬‬

‫‪232‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫منز ًال تواجد فيه يف خميم بالطة �رشق املدينة)‪.85‬‬


‫‪� -‬أمين الفايد القيادي يف �رسايا القد�س يف خميم الربيج يف قطاع‬
‫غزة (ا�ست�شهد يف ‪ 2008/2/14‬بق�صف منزله يف املخيم بطائرة‬
‫�أف ‪.86)F -16 16 -‬‬
‫‪ -‬يو�سف ال�سمريي القيادي يف �رسايا القد�س (ا�ست�شهد يف‬
‫‪ 2008/3/4‬على يد قوات االحتالل املتوغلة يف منطقة القرارة‬
‫�رشق قطاع غزة والتي حا�رصت منزله)‪.87‬‬
‫‪� -‬صالح كركور قائد �رسايا القد�س يف طولكرم (ا�ست�شهد يف‬
‫‪ 2008/3/12‬على يد قوات االحتالل التي حا�رصت منز ًال تواجد‬
‫فيه يف بلدة �صيدا �شمال �رشق طولكرم)‪.88‬‬
‫‪ -‬حممد �شحادة �أحد �أبرز قادة �رسايا القد�س يف ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫الق�صى‪ ،‬وبرفقتهما‬ ‫و�أحمد البلبول القيادي يف كتائب �شهداء أ‬
‫عماد الكامل وعي�سى مرزوق من عنا�رص �رسايا القد�س (ا�ست�شهدوا‬
‫يف ‪ 2008/3/12‬على يد قوة من امل�ستعربني حا�رصت �سيارتهم‬
‫يف و�سط مدينة بيت حلم)‪.89‬‬
‫ومع نهاية ‪ 2007‬بلغ جمموع ال�شهداء جراء االغتياالت التي نفذها‬

‫‪ 85‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2008/1/19 ،‬‬
‫‪ 86‬وكالة �سما‪.2008/2/15 ،‬‬
‫‪ 87‬وكالة �سما‪.2008/3/4 ،‬‬
‫‪ 88‬القد�س العربي‪.2008/3/13 ،‬‬
‫‪ 89‬ال�سفري‪.2008/3/13 ،‬‬

‫‪233‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫االحتالل خالل العام ‪� 67‬شهيداً‪ ،90‬ي�ضاف �إليهم ‪� 22‬شهيداً �سقطوا جراء‬


‫االغتياالت خالل �أول �شهرين من العام ‪.912008‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬التمويل‪:‬‬
‫�ضد ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫الجراءات التي اتخذتها “�إ�رسائيل” ّ‬
‫يف �إطار إ‬
‫عقب فوز حركة حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية وت�شكيلها احلكومة‪،‬‬
‫ا�ستخدمت “�إ�رسائيل” ورقة احل�صار املايل لل�ضغط على الفل�سطينيني‬
‫لال�ست�سالم ل�رشوطها‪ ،‬من خالل �إيقاف حتويل عائدات ال�رضائب امل�ستحقة‬
‫لل�سلطة الفل�سطينية والبالغة ‪ 60‬مليون دوالر �شهري ًا‪ ،‬و�إيقاف التعامالت‬
‫البنكية مع البنوك الفل�سطينية‪ ،‬ومنع �أية حتويالت بنكية خارجية �إىل‬
‫احلكومة الفل�سطينية بالتعاون مع الواليات املتحدة‪ ،‬و�إغالق احلدود الربية‬
‫والبحرية‪ ،‬مانعة نقل الب�ضائع دون �إذن ورقابة منها‪.‬‬
‫ويف الوقت نف�سه‪ ،‬ا�ستخدمت “�إ�رسائيل” عائدات ال�رضائب تلك‬
‫حمولة �إياها �إىل نظام‬
‫كورقة م�ساومة لتعزيز االقتتال الداخلي الفل�سطيني‪ّ ،‬‬
‫“مكاف�آت” مالية م�رشوطة بنتائج �سيا�سية‪ .‬ويف هذا ال�سياق �أفرجت‬
‫الموال املحتجزة‬ ‫“�إ�رسائيل” يف ‪ 2007/1/19‬عن ‪ 100‬مليون دوالر من أ‬
‫لديها وحولتها ملكتب الرئي�س حممود عبا�س‪ .92‬وبح�سب ما ذكرته جريدة‬
‫ال�رسائيلية يف ‪ 2007/3/8‬فقد كان من املفرت�ض �أن يذهب ‪86‬‬
‫معاريف إ‬
‫مليون دوالر من تلك أ‬
‫الموال لتقوية احلر�س الرئا�سي‪ ،‬فيما يخ�ص�ص باقي‬

‫‪ 90‬قد�س بر�س‪.2008/1/8 ،‬‬


‫‪ 91‬قد�س بر�س‪.2008/3/1 ،‬‬
‫‪ 92‬رويرتز‪.2007/1/19 ،‬‬

‫‪234‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫املبلغ لتلبية احتياجات �إن�سانية متفق عليها �سلف ًا‪ ،‬وذلك وفق تعهد خطي‬
‫من �سالم فيا�ض موجود لدى مكتب �أوملرت‪ .‬و�أ�ضافت اجلريدة �أن �إخالل‬
‫ال�سلطة ب�رشوط ذلك االتفاق‪ ،‬دفع “�إ�رسائيل” إلعالن عدم ّنيتها حتويل �أية‬
‫�أموال �إ�ضافية من املبالغ املحتجزة لديها‪.93‬‬

‫ويف �سياق تعزيز قوات حر�س الرئا�سة‪ ،‬ذكرت جريدة ه�آرت�س ال�صادرة‬
‫يف ‪� 2007/4/25‬أن احلكومة إ‬
‫ال�رسائيلية �صادقت على ال�سماح لتلك‬
‫القوات با�ستالم ‪� 50‬سيارة ع�سكرية‪ ،‬وذلك يف �إطار خطة ت�سليح أ‬
‫الجهزة‬
‫أ‬
‫المنية التابعة للرئا�سة‪.94‬‬
‫وقد وا�صلت “�إ�رسائيل” ا�ستخدام أ‬
‫ال�سلوب نف�سه يف دعم “املعتدلني”‬
‫وت�ضييق اخلناق على “املت�شددين” بعد احل�سم الع�سكري يف غزة‪ ،‬حيث‬
‫�أعلنت يف �سياق ت�شديد احل�صار على غزة نيتها منع التحويالت املالية‬
‫ال�شخ�صية �إىل القطاع‪ ،95‬كما �أعلن بنكا “هبوعاليم ‪”Hapoalim Bank -‬‬
‫ال�رسائيليان وقف تعاملهما‬
‫و“دي�سكونت ‪ ”Israel Discount Bank -‬إ‬
‫ال�رسائيلي باعتبار قطاع‬
‫مع البنوك الفل�سطينية يف القطاع‪ ،‬بناء على القرار إ‬
‫ال�رسائيلية أ‬
‫الخرى كانت قد �أوقفت‬ ‫غزة كيان ًا معادي ًا‪ .‬ويذكر �أن البنوك إ‬
‫تعاملها مع القطاع منذ �أ�شهر‪ ،‬وخالل تلك الفرتة اعتمد الفل�سطينيون يف‬
‫ال�رسائيلية على هذين البنكني‪.96‬‬
‫معامالتهم البنكية إ‬

‫‪ 93‬احلياة اجلديدة‪.2007/3/9 ،‬‬


‫‪ 94‬البيان‪.2007/4/26 ،‬‬
‫‪ 95‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/6/20 ،‬‬
‫‪ 96‬اخلليج‪2007/9/26 ،‬؛ والنهار‪.2007/10/11 ،‬‬

‫‪235‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ويف املقابل �أقرت “�إ�رسائيل” البدء بتحويل أ‬


‫الموال املحتجزة من‬
‫ال�رسائيلية‬
‫م�ستحقات ال�سلطة لدعم الرئي�س عبا�س‪ .‬وقد �صادقت احلكومة إ‬
‫الطار على حتويل ‪ 350‬مليون دوالر ب�صورة تدريجية �إىل حكومة‬
‫يف هذا إ‬
‫الطوارئ يف رام اهلل‪ ،‬وطالب �أوملرت خالل اجتماع احلكومة يف‬
‫‪ 2007/6/24‬الرئي�س عبا�س مبحاربة الف�صائل الفل�سطينية امل�سلحة‪ ،‬مقابل‬
‫دعم حكومة الطوارئ وتقدمي الت�سهيالت املطلوبة من جانب “�إ�رسائيل”‪.97‬‬
‫رابعا‪ :‬التن�سيق أ‬
‫المني مع الرئا�سة وعنا�صر فتح وال�سلطة‪:‬‬ ‫ً‬

‫�أ ّثر فوز حركة حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية وت�شكيلها احلكومة‬


‫ب�صورة كبرية على التن�سيق أ‬
‫المني بني “�إ�رسائيل” وال�سلطة الفل�سطينية‬
‫و�أجهزتها يف �صورته ال�سابقة‪ ،‬حيث �أوقفت “�إ�رسائيل” عمليات التن�سيق‬
‫تلك‪ ،98‬و�أوقفت التن�سيق مع مكاتب االرتباط الفل�سطينية‪ ،99‬بعد �أن‬
‫كان هذا التن�سيق �شهد ن�شاط ًا ملحوظ ًا عقب رحيل الرئي�س يا�رس عرفات‬
‫وانتخاب حممود عبا�س خلف ًا له‪ ،‬و�أ�سفر �آنذاك عن �إعالن الف�صائل الفل�سطينية‬
‫المني‬‫التهدئة مع “�إ�رسائيل” بالتفاهم مع الرئي�س عبا�س‪� .100‬إال �أن التن�سيق أ‬
‫و�صب يف اجتاه تعزيز الفتنة‬
‫ّ‬ ‫ال �آخر �أقل �رصاحة يف تلك الفرتة‪،‬‬ ‫اتخذ �شك ً‬

‫‪ 97‬اخلليج‪.2007/6/25 ،‬‬
‫‪ 98‬اخلليج‪.2006/4/10 ،‬‬
‫‪ 99‬القد�س‪.2006/3/24 ،‬‬
‫‪ 100‬حول اللقاءات أ‬
‫المنية عقب تويل حممود عبا�س رئا�سة ال�سلطة‪ ،‬انظر‪� :‬سوزان عقل‪ ،‬اللقاءات‬
‫أ‬
‫المنية بعد تويل حممود عبا�س “�أبو مازن” رئا�سة ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬جملة مركز التخطيط‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬كانون الثاين‪ /‬يناير‪� -‬آذار‪ /‬مار�س ‪� ،2005‬ص ‪.17-7‬‬

‫‪236‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫واالقتتال الداخلي‪ ،‬من خالل تقدمي بع�ض �أ�شكال الدعم والت�سهيالت‬


‫المنية ألحد طريف أ‬
‫الزمة الفل�سطينية‪ ،‬قبل �أن ُي�ست أ�نف بعد نحو �أ�سبوعني‬ ‫أ‬
‫ال�رسائيلي يف هذا‬ ‫من ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية‪ .‬وقد كان ال�سلوك إ‬
‫املجال متما�شي ًا مع �سلوكها العام جتاه أ‬
‫الزمة الفل�سطينية‪� ،‬ساعي ًا لتحقيق �أكرب‬
‫قدر من الفائدة عرب تعميق تلك أ‬
‫الزمة‪ ،‬ومتريق ال�صف الوطني الفل�سطيني‪.‬‬
‫ويف هذا ال�سياق �سمحت “�إ�رسائيل” ب إ�دخال �شحنات من أ‬
‫ال�سلحة‬
‫�إىل القوات املوالية للرئي�س حممود عبا�س‪ ،‬بهدف تقويتها يف مواجهة‬
‫حركة حما�س؛ فقد وردت �أنباء يف �أواخر �شهر �أيار‪ /‬مايو ‪ 2006‬عن �أن‬
‫ال�رسائيلية �إيهود �أوملرت �صادق على نقل كمية حمددة من‬
‫رئي�س احلكومة إ‬
‫ال�سالح �إىل احلر�س الرئا�سي عن طريق أ‬
‫الردن؛ من �أجل حماية عبا�س من‬
‫ال�رسائيلية‬ ‫المنية يف وزارة أ‬
‫المن إ‬ ‫حما�س‪ ،‬فيما قال رئي�س ال�شعبة ال�سيا�سية أ‬
‫عامو�س جلعاد �إنه “يجب �إتاحة املجال لنقل أ‬
‫ال�سلحة حلر�س �أبو مازن؛ من‬
‫�أجل تنفيذ القرار ال�شجاع الذي اتخذه‪ ،‬وملواجهة حما�س”‪ .‬و�أو�ضحت‬
‫قدمها دول عدة‪ ،‬غري‬ ‫م�صادر �أمنية �إ�رسائيلية �أن أ‬
‫ال�سلحة التي �سيتم نقلها �س ُت ّ‬
‫ش�ون اخلارجية‬ ‫�أن “�إ�رسائيل” لي�ست من بينها‪ .101‬وقد �أعلن رئي�س جلنة ال� ؤ‬
‫والدفاع يف الكني�ست ت�ساحي هنغبي يف ‪� 2006/6/15‬أنه ّمت نقل �أ�سلحة‬
‫الردن �إىل القوات املوالية لعبا�س مبوافقة “�إ�رسائيل”‪ .‬وبح�سب يديعوت‬‫من أ‬
‫�أحرونوت ف إ�ن ثالث �شاحنات تنقل ‪ 950‬ر�شا� ًشا �أمريكي ًا من نوع �إم ‪16 -‬‬
‫ال�رسائيلي حتى رام‬ ‫عربت ج�رس اللنبي‪ ،‬ومتت مواكبتها من قبل اجلي�ش إ‬
‫اهلل ومعرب �إيريز على احلدود بني “�إ�رسائيل” وقطاع غزة‪� .‬إال �أن عبا�س نفى‬

‫‪ 101‬عرب ‪ ،2006/5/26 ،48‬و‪.2006/6/14‬‬

‫‪237‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�رسائيلية‪ ،‬وحذر يف الوقت نف�سه من �أن تكون “�إ�رسائيل”تهدف‬


‫التقارير إ‬
‫�إىل �إ�شعال فتنة داخلية‪.102‬‬
‫ال�رسائيلي عمري بريت�س ‪ Amir Peretz‬يف‬‫كما �صادق وزير الدفاع إ‬
‫والردن �إىل أ‬
‫الجهزة‬ ‫‪ 2006/11/1‬على �إدخال خم�سة �آالف بندقية من م�رص أ‬
‫التابعة للرئا�سة‪ ،‬وذلك يف �أعقاب م�صادقة املجل�س الوزاري ال�سيا�سي ‪-‬‬
‫المني أ‬
‫المريكي اجلرنال‬ ‫ال�رسائيلي على تبني ودعم خطة املن�سق أ‬
‫المني إ‬ ‫أ‬
‫كيث دايتون‪ ،‬الهادفة �إىل ت�سليح وتدريب قوات حر�س الرئا�سة الفل�سطينية‬
‫“بهدف �إعدادهم ملواجهات حمتملة مع حما�س يف قطاع غزة”‪.103‬‬
‫الطار نف�سه‪� ،‬أكدت م�صادر �إ�رسائيلية يف نهاية �شهر كانون‬
‫ويف إ‬
‫الول‪ /‬دي�سمرب �أنها �سمحت بعبور �شحنة �أ�سلحة خفيفة وذخائر من‬‫أ‬
‫م�رص �إىل قطاع غزة عرب معربي “كريم �شالوم” و “كارين ‪،”Karny -‬‬
‫و�أ�شارت جريدة ه�آرت�س التي �أوردت النب أ� �إىل �أن �شحنة أ‬
‫ال�سلحة �شملت‬
‫�ألفي بندقية كال�شنيكوف و‪� 20‬ألف خمزن ومليوين ر�صا�صة‪ .104‬وقد نقلت‬
‫جريدة احلياة اللندنية عن م�صادر فل�سطينية ت أ�كيدها ذلك النب أ�‪ ،‬ونقلت‬
‫عن �شهود �أن نحو ع�رش �شاحنات ع�سكرية فل�سطينية‪ ،‬نقلت �أ�سلحة من‬
‫املقر الرئي�س أ‬
‫للجهزة‬ ‫موقع �أن�صار الع�سكري الواقع قرب منزل عبا�س‪� ،‬إىل ّ‬
‫أ‬
‫المنية و�سط املدينة (ال�رسايا)‪ ،‬و�أ�ضافوا �أنهم �شاهدوا ال�شاحنات الع�سكرية‬

‫‪ 102‬اخلليج‪.2006/6/16 ،‬‬
‫‪ 103‬عرب ‪.2006/11/1 ،48‬‬
‫‪Amos Harel & Avi Issacharoff, “Egypt transfers arms to Fatah, 104‬‬
‫‪with Israel’s approval,” Haaretz, 28/12/2006.g‬‬

‫‪238‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫حتمل �صناديق باللون الع�سكري تدخل ال�رسايا إلفراغ حمولتها‪ .105‬كما‬


‫ال�رسائيلي مريي اي�سني ‪Miri Eisin‬‬
‫قالت الناطقة با�سم رئي�س الوزراء إ‬
‫�إنه ّمت طرح مو�ضوع نقل �أ�سلحة لقوات عبا�س‪ ،‬ت�شمل بنادق وذخرية‪،‬‬
‫يف اجتماعات للجنة م�شرتكة �إ�رسائيلية ‪ -‬فل�سطينية ‪� -‬أمريكية‪ ،‬و ّمت‬
‫المريكي كيث دايتون تطبيق ت�سليم هذه‬ ‫االتفاق على �أن يتوىل اجلرنال أ‬
‫أ‬
‫ال�سلحة للفل�سطينيني‪ .‬و�أو�ضح وزير البنى التحتية إ‬
‫ال�رسائيلي بنيامني بن‬
‫ال�رسائيلي �أنه “يجب تعزيز موقع �أبو مازن؛ ليتمكن‬
‫�إليعازر إلذاعة اجلي�ش إ‬
‫الرهابيني امل�سلحني يف حما�س الذين تدربهم ومتولهم‬
‫من مكافحة إ‬
‫�إيران”‪.106‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فقد ظهرت �أنباء عن عودة التن�سيق أ‬
‫المني بعد نحو‬
‫�أ�سبوعني من ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية؛ حيث ك�شفت القناة الثانية‬
‫ال�رسائيلي عن �أن ال�سلطة الفل�سطينية وافقت على �إعادة‬
‫يف التلفزيون إ‬
‫ت�شكيل جلنة �أمنية رباعية ت�ضم ال�سلطة نف�سها و“�إ�رسائيل” والواليات‬
‫املتحدة وم�رص‪ ،‬و�أ�ضافت �أن اجتماعات اللجنة �ستبحث “ق�ضايا �أمنية من‬
‫قبيل مراقبة معرب رفح احلدودي‪ ،‬وتهريب ال�سالح وال�صواريخ �إىل قطاع‬
‫غزة‪ ،‬و�إطالق ال�صواريخ باجتاه م�ستوطنات يف النقب الغربي”‪ ،‬وغريها‬
‫من الق�ضايا‪ .107‬كما ناق�ش الرئي�س عبا�س ق�ضايا �أمنية مع �إيهود �أوملرت‬
‫خالل اجتماعهما يف ‪ ،2007/4/15‬ونقلت جريدة ه�آرت�س عن م�صادر‬

‫‪ 105‬احلياة‪.2006/12/29 ،‬‬
‫‪ 106‬امل�ستقبل‪.2006/12/29 ،‬‬
‫‪ 107‬احلياة‪.2007/4/1 ،‬‬

‫‪239‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�سيا�سية �إ�رسائيلية �أن �أوملرت �أبلغ عبا�س خالل االجتماع ت أ�ييد “�إ�رسائيل”‬
‫تطبيق خطة دايتون‪ ،‬وطالبه يف الوقت نف�سه ببذل مزيد من اجلهود يف‬
‫ال�رسائيلي أ‬
‫ال�سري يف غزة جلعاد �شاليط‪،‬‬ ‫�سبيل �إطالق �رساح اجلندي إ‬
‫ووقف �إطالق ال�صواريخ من قطاع غزة‪.108‬‬
‫س�ولون يف م ؤ��س�سة‬
‫وعقب �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬ن�سق م� ؤ‬
‫ال�رسائيلية م�س أ�لة ت�سهيل عبور عدد من كبار قادة‬
‫الرئا�سة مع ال�سلطات إ‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية املوالية لها‪ ،‬الذين قالوا �إن حياتهم باتت مهددة بعد‬ ‫فتح أ‬
‫�سيطرة حما�س على القطاع‪� ،‬إىل ال�ضفة الغربية‪ ،‬من بينهم �سمري م�شهراوي‬
‫ور�شيد �أبو �شباك وماهر مقداد وتوفيق �أبو خو�صة‪ ،‬وقائد قوات �أمن‬
‫الرئا�سة م�صباح البحي�صي‪ .109‬وقد �سارعت “�إ�رسائيل” يف ذلك الوقت‬
‫�إىل املطالبة بعودة التن�سيق أ‬
‫المني مع ال�سلطة الفل�سطينية يف ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫ك�رشط �أ�سا�سي للعودة �إىل املفاو�ضات ال�سلمية‪ ،‬وذلك على ل�سان وزير‬
‫أ‬
‫المن الداخلي �آيف ديخرت‪ ،‬الذي قال �إن “االنقالب الع�سكري الذي نفذته‬
‫حركة حما�س يف قطاع غزة” خلق الفر�صة مل�رشوع ميكن ت�سميته “ال�ضفة‬
‫ال ألجهزة أ‬
‫المن‬ ‫الغربية �أو ًال”‪ ،‬والذي يتطلب قبل كل �شيء “حترك ًا فاع ً‬
‫الرهاب” لتفادي واقع مماثل ملا �آلت �إليه أ‬
‫الو�ضاع يف‬ ‫�ضد إ‬
‫الفل�سطينية ّ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية باملطلوب منها‬ ‫القطاع‪ .‬و�أ�ضاف �أنه فقط يف حال قامت أ‬
‫س�ولية أ‬
‫المنية عن مدن ال�ضفة “وفقط‬ ‫ميكن لـ“�إ�رسائيل” �أن ت�سلمها امل� ؤ‬

‫‪Aluf Benn & Avi Issacharoff, “Israel backs U.S. plan to arm‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪pro-Abbas forces,” Haaretz, 16/4/2007.l‬‬


‫‪ 109‬احلياة‪.2007/6/17 ،‬‬

‫‪240‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫بعد ذلك ميكن دخول م�سار عملية �سلمية”‪ .110‬وقد �أبدت �أو�ساط �أمنية‬
‫المن‬‫�إ�رسائيلية يف تلك الفرتة ارتياحها ملا و�صفته “حترك ًا جدي ًا” ألجهزة أ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫الذاعة إ‬
‫�ضد نا�شطي حما�س‪ ،‬ونقلت إ‬
‫التابعة حلركة فتح يف ال�ضفة ّ‬
‫ال�رسائيليني يلحظون “تغيرياً حقيقي ًا يف منط عمل‬
‫عن �ضابط كبري قوله �إن إ‬
‫�أجهزة فتح التي حتاول ب�سط نفوذها و�سيطرتها على ال�ضفة وتتحرك بحزم‬
‫�ضد نا�شطي حما�س وم ؤ��س�ساتها”‪ .111‬ويف وقت الحق‪ ،‬نقلت وكالة �أنباء‬
‫ّ‬
‫ال�رسائيلي وافق على‬‫مع ًا يف ‪ 2007/7/26‬عن جريدة ه�آرت�س‪� ،‬أن الكيان إ‬
‫نقل �ألف بندقية من أ‬
‫الردن �إىل ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬سعي ًا منه لدعم‬
‫الرئي�س عبا�س‪.112‬‬
‫ال�رسائيلي با�ستعادة‬‫وقد ا�ستجابت ال�سلطة الفل�سطينية يف ال�ضفة للطلب إ‬
‫المني‪ ،‬و�أ�صدر حممود عبا�س يف ‪ 2007/8/12‬مر�سوم ًا رئا�سي ًا‬ ‫التن�سيق أ‬
‫حظر فيه “القوة التنفيذية وامليلي�شيات امل�سلحة التابعة حلركة حما�س”‪،‬‬
‫وعد االنت�ساب �إليها “جرمية يعاقب عليها باالعتقال امل ؤ�قت من ثالث �إىل‬
‫ّ‬
‫�سبع �سنوات” ‪ .‬ون�رشت جريدة يديعوت �أحرونوت يف ‪2007/9/5‬‬
‫‪113‬‬

‫تقريراً قالت فيه �إن ال�سلطة الفل�سطينية يف ال�ضفة ت�ستثمر جهوداً عظيمة‬
‫تخطط لها حركة حما�س قبل الو�صول �إىل‬ ‫ملنع وقوع عملية �ضخمة‪ّ ،‬‬

‫‪ 110‬احلياة‪.2007/6/21 ،‬‬
‫‪ 111‬احلياة‪.2007/6/22 ،‬‬
‫‪ 112‬وكالة معاً‪ ،2007/7/26 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.maannews.net/ar/index.php?opr=ShowDetails&I‬‬
‫‪D=75944‬‬
‫‪ 113‬الغد‪.2007/8/17 ،‬‬

‫‪241‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫امل ؤ�متر الدويل يف �أنابولي�س‪ .114‬كما اعتقلت ال�رشطة الفل�سطينية يف‬


‫ال�شخا�ص الذين و�صفتهم بـ“املطلوبني‬ ‫‪ 2007/9/22‬ع�رشات من أ‬
‫للعدالة والقانون الفل�سطيني” يف قرية حوارة جنوب نابل�س‪ .‬و�أو�ضح‬
‫حينها العقيد �أحمد ال�رشقاوي مدير �رشطة حمافظة نابل�س �أن “العملية متت‬
‫ال�رسائيلي”‪.115‬‬ ‫عن طريق التن�سيق أ‬
‫المني الفل�سطيني إ‬
‫ويف ‪� 2007/9/26‬أعلن اللواء توفيق الطرياوي رئي�س جهاز املخابرات‬
‫العامة �أن �أع�ضاء اجلهاز عرثوا على �صاروخي ّ‬
‫ق�سام بدائيني يف مدينة بيت‬
‫يجر بعد تزويدهما باملادة‬
‫الوىل‪ ،‬ومل ِ‬ ‫حلم‪ ،‬مو�ضح ًا �أنهما “يف مراحلهما أ‬
‫العالن‪،‬‬ ‫املتفجرة”‪� .116‬إال �أن م�صادر يف اجلي�ش إ‬
‫ال�رسائيلي ق ّللت من ذلك إ‬
‫يعد مبثابة مناورة �إعالمية‪ ،‬بهدف �أن ت�سلم‬
‫وقالت �إن ك�شف ال�صاروخني ّ‬
‫المنية على مدينة بيت‬‫س�ولية أ‬
‫“�إ�رسائيل” �أجهزة �أمن ال�سلطة يف ال�ضفة امل� ؤ‬
‫حلم‪ ،‬متهيداً لقدوم عيد امليالد‪.117‬‬
‫و�إىل جانب ذلك‪ ،‬فقد نقلت وكالة قد�س بر�س أ‬
‫للنباء عن �إعالميني‬
‫العالم يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬إفادتهم �أنهم‬
‫يعملون يف عدد من و�سائل إ‬
‫المنية هناك‪ ،‬لغر�ض عدم‬ ‫الجهزة أ‬‫يتعر�ضون منذ فرتة ل�ضغوط من قبل أ‬
‫تعاملهم مع أ‬
‫الخبار والبيانات التي ت�صدرها ف�صائل املقاومة الفل�سطينية‬
‫املختلفة حول عملياتها التي ت�ستهدف جنود االحتالل‪.118‬‬
‫س�ول �أمني فل�سطيني يف‬ ‫ونتيجة إلعادة التن�سيق أ‬
‫المني‪� ،‬أعلن م� ؤ‬

‫‪ 114‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/9/6 ،‬‬
‫‪ 115‬الد�ستور‪.2007/9/23 ،‬‬
‫‪ 116‬احلياة‪.2007/9/27 ،‬‬
‫‪ 117‬االحتاد‪.2007/9/29 ،‬‬
‫‪ 118‬قد�س بر�س‪.2007/10/9 ،‬‬

‫‪242‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫المن الفل�سطيني قام مبهام �أمنية عدة يف عدد من قرى‬‫‪� 2007/8/13‬أن أ‬


‫ال�ضفة‪ ،‬املُ�ص َّنفة ح�سب اتفاق �أو�سلو على �أنها مناطق (ب) و (ج)‪ .119‬ويف‬
‫‪ 2007/11/2‬بد�أ ن�رش قوة �أمنية قوامها نحو ‪ 300‬عن�رص يف مدينة نابل�س‪.‬‬
‫و�أو�ضحت “�إ�رسائيل” حينها �أنها �سمحت بن�رش القوة أ‬
‫المنية يف نابل�س‬
‫�أثناء النهار‪ ،‬لكنها �أبلغتها يف الوقت ذاته ب أ�ن قواتها قد تقوم بعمليات‬
‫ال‪ .120‬وبعد �أيام من ذلك االنت�شار‪ ،‬خا�ضت قوات‬‫ع�سكرية يف املدينة لي ً‬
‫المن �أول ا�شتباك مع م�سلحني من كتائب �شهداء أ‬
‫الق�صى يف املدينة‪،‬‬ ‫أ‬
‫وع ّلق قائد قوات أ‬
‫المن الوطني يف ال�ضفة العميد دياب العلي على ا�شتباك‬
‫ال�رسائيليني‪،‬‬
‫الق�صى بقوله‪“ :‬لقد منحناهم �صفقة مع إ‬ ‫قواته مع كتائب أ‬
‫وال حاجة بعد آ‬
‫الن لوجودهم”‪ .‬يف حني رحب املتحدث با�سم احلكومة‬
‫ال�رسائيلية ديفيد بيكر ‪ David Baker‬مبا جرى‪ ،‬وقال �إن “�إ�رسائيل تعترب‬
‫إ‬
‫المن وحماربة‬ ‫�أي ن�شاط قوي وعنيف من قبل الفل�سطينيني للمحافظة على أ‬
‫الرهاب‪ ،‬تطوراً �إيجابي ًا‪ ،‬ن�شعر �أنه مت أ�خر ونرحب به”‪.121‬‬
‫إ‬
‫ال�شارة هنا �إىل �أن االنت�شار املذكور �أعقب حملة ع�سكرية‬‫وجتدر إ‬
‫ال�رسائيلي يف خميم عني بيت املاء يف منطقة نابل�س‪ ،‬ومدينة‬
‫وا�سعة للجي�ش إ‬
‫نابل�س نف�سها‪ ،‬طالت عدداً كبرياً من نا�شطي املقاومة وخالياها باالغتيال‬
‫واالعتقال‪.‬‬
‫ويف �سياق التن�سيق أ‬
‫المني �أي� ًضا‪ ،‬نقلت ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية عدداً‬
‫من املقاومني املطلوبني لالحتالل‪ ،‬ومبوافقة �إ�رسائيلية‪ ،‬من �سجون ال�سلطة‬

‫‪ 119‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2007/8/14 ،‬‬
‫‪ 120‬احلياة‪.2007/11/3 ،‬‬
‫‪ 121‬ال�سفري‪.2007/11/6 ،‬‬

‫‪243‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يف نابل�س �إىل �سجن �أريحا للمراقبة‪ .‬وقد ُع ّدت هذه اخلطوة م ؤ��رشاً على‬
‫المني بني ال�سلطة و “�إ�رسائيل”؛ فللمرة أ‬
‫الوىل‬ ‫تقدم م�ستوى التن�سيق أ‬
‫حتدث عملية نقل مطلوبني بتن�سيق �أمني بني ال�سلطة و “�إ�رسائيل” منذ‬
‫اندالع انتفا�ضة أ‬
‫الق�صى‪.122‬‬
‫�رسائيليينْ كانا قد دخال‬
‫َ‬ ‫ويف وقت الحق �أعادت ال�رشطة الفل�سطينية �إ‬
‫�إىل منطقة احلر�س يف مدينة اخلليل‪ ،‬بحجة �رشاء �سماعات من �أحد املحالت‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬إىل “�إ�رسائيل”‪ .‬ويف الوقت ذاته اعتقلت ال�رشطة الفل�سطينية‬
‫بال�رسائيليني‪.123‬‬
‫�صاحب املحل للتحقيق معه حول �سبب التقائه إ‬
‫وعلى خلفية االتفاق املوقع بني ال�سلطة الفل�سطينية و “�إ�رسائيل” يف‬
‫يتم مبوجبه العفو عن مقاومني مطلوبني لالحتالل‬
‫‪ ،2007/11/12‬والذي ّ‬
‫الق�صى وكتائب‬‫يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬س ّلم جمموعة من عنا�رص كتائب �شهداء أ‬
‫ال�شارة �إىل �أن‬ ‫�أبو علي م�صطفى �أنف�سهم أ‬
‫للمن الفل�سطيني‪ .124‬وجتدر إ‬
‫االتفاق ُيلزم املطلوبني بت�سليم �سالحهم ألجهزة أ‬
‫المن التابعة لل�سلطة‪،‬‬
‫ال�رسائيلية‪ ،‬والتعهد‬ ‫والتوقيع على تعهد بوقف الهجمات على أ‬
‫الهداف إ‬
‫بالبقاء ملدة �أ�سبوع يف مقرات ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وعدم مغادرة مناطقهم‬
‫ملدة ثالثة �أ�شهر‪.125‬‬

‫‪ 122‬عرب ‪ ،2007/11/7 ،48‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www.arabs48.com/display.x?cid=6&sid=7&id=49824‬‬
‫‪ 123‬اخلليج‪.2007/11/10 ،‬‬
‫‪ 124‬الد�ستور‪.2007/11/14 ،‬‬
‫‪ 125‬الد�ستور‪.2007/12/6 ،‬‬

‫‪244‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬اتهم �أ�رسى حما�س يف �سجون االحتالل ال�سلط َة‬
‫الفل�سطينية بنقل حما�رض التحقيق مع عنا�رص حما�س وم ؤ�يديها املعتقلني يف‬
‫�سجون ال�سلطة �إىل “�إ�رسائيل”‪ ،‬وقالت حما�س‪ :‬تفيد “املعلومات أ‬
‫المنية‬
‫املتوفرة لدينا �أن هناك تن�سيق ًا �أمني ًا عايل امل�ستوى‪ ،‬على �صعيد التحقيقات‬
‫واملعلومات املتبادلة بني قوات االحتالل و�أجهزة �أمن ال�سلطة‪ ،‬مبا يقت�ضي‬
‫نقل املعلومات التي جتمعها أ‬
‫الخرية �إىل رجال �أمن االحتالل”‪.126‬‬
‫المن الفل�سطينية َ‬
‫منفذي عملية‬ ‫ويف ‪ 2007/12/28‬اعتقلت �أجهزة أ‬
‫اخلليل التي �أدت �إىل مقتل �إ�رسائيليني‪ ،‬وقال الوزير يف حكومة فيا�ض‪ ،‬ريا�ض‬
‫املالكي‪“ :‬اعتقلنا عن�رصي املجموعة التي هاجمت اجلمعة امل�ستوطنني ما‬
‫ي ؤ�كد على فاعلية �أجهزتنا أ‬
‫المنية”‪ ،‬معلن ًا �أن �أ�سلحة اجلنديني التي كان‬
‫الفل�سطينيان ا�ستوليا عليها “�سُ ّلمت �إىل اجلي�ش إ‬
‫ال�رسائيلي”‪ .‬وعلى الرغم‬
‫الجراءات امل�شددة التي اتخذتها ال�سلطة الفل�سطينية لوقف‬ ‫من هذه إ‬
‫ال�رسائيلي �إيهود �أوملرت ر ّد على‬
‫عمليات املقاومة‪� ،‬إال �أن رئي�س الوزراء إ‬
‫الجراءات‬ ‫هذه العملية قائ ً‬
‫ال‪“ :‬ما دامت ال�سلطة الفل�سطينية ال تتخذ إ‬
‫الرهابية ف إ�ن �إ�رسائيل ال ميكنها‬
‫املطلوبة بال�شدة الالزمة ملحاربة اجلماعات إ‬
‫القيام ب أ�ي تغيريات تعر�ضها للخطر وت�سبب خماطر �أمنية”‪ .‬و�أ�ضاف‬
‫�أوملرت‪“ :‬ال نعتزم القيام ب أ�ي ت�سوية فيما يتعلق بالق�ضايا أ‬
‫المنية التي �ستظل‬
‫جزءاً ال يتجز�أ من مفاو�ضاتنا مع ال�سلطة الفل�سطينية”‪.127‬‬

‫‪ 126‬عرب ‪.2007/11/24 ،48‬‬


‫‪ 127‬البيان‪.2007/12/31 ،‬‬

‫‪245‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫و�شهد مطلع عام ‪� 2008‬أول اجتماع �أمني منذ بداية انتفا�ضة أ‬


‫الق�صى‪،‬‬
‫ح�رضه اجلرنال نوعام تيفون ‪ Noam Tivon‬قائد كتيبة اجلي�ش يف ال�ضفة‬
‫الدارة‬‫الغربية‪ ،‬واجلرنال يوئاف مردخاي ‪ Yoav Mordechai‬رئي�س إ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية الفل�سطينية يف مدينة رام اهلل‪،‬‬ ‫املدنية‪� ،‬إ�ضافة �إىل قادة أ‬
‫وتباحثوا معهم يف موا�ضيع تهم التن�سيق أ‬
‫المني بني اجلانبني‪ ،‬و� ؤ‬
‫ش�ون‬
‫املواطنني الفل�سطينيني يف ال�ضفة‪ .128‬ويف وقت الحق �أ ّكد مردخاي‬
‫�أن التن�سيق أ‬
‫المني مع ال�سلطة الفل�سطينية �آخذ باالت�ساع‪ ،‬م�شرياً �إىل �أن‬
‫الر�ض و�إثبات‬ ‫المن الفل�سطينية حتاول فر�ض �سيطرتها على أ‬ ‫�أجهزة أ‬
‫جناعة ن�شاطاتها‪ .‬و�أ�ضاف �أن هناك لقاءات تعقد بني �ضباط �إ�رسائيليني‬
‫المن الفل�سطينية �أعادت ‪50‬‬ ‫وفل�سطينيني‪ ،‬الفت ًا االنتباه �إىل �أن �أجهزة أ‬
‫�إ�رسائيلي ًا دخلوا املناطق امل�صنفة (�أ)‪.129‬‬
‫كما نقل موقع عرب ‪ 48‬عن �صحفية يديعوت �أحرونوت يف وقت‬
‫�ضد �أهداف‬ ‫الحق �أن �أجهزة أ‬
‫المن الفل�سطينية قد �أحبطت عمليتني ّ‬
‫ال�رسائيلية التي قامت بها القوات‬ ‫�إ�رسائيلية‪ .‬وعلى �ضوء التوغالت إ‬
‫ال�رسائيلية يف ال�ضفة‪ ،‬نقلت يديعوت عن م�سو ؤ�ل �أمني فل�سطيني قوله �إن‬
‫إ‬
‫للجهزة أ‬
‫المنية الفل�سطينية بالبقاء يف‬ ‫قوات االحتالل �أ�صدرت �أوامرها أ‬
‫ال�رسائيلية “تقوم بن�شاطات‬ ‫مقراتها‪ ،‬وعدم اخلروج منها‪ ،‬ألن القوات إ‬
‫�أمنية”‪.130‬‬

‫‪ 128‬جريدة الوطن‪ ،‬الكويت‪.2008/1/10 ،‬‬


‫‪ 129‬ال�رشق‪.2008/1/24 ،‬‬
‫‪ 130‬عرب ‪.2008/2/7 ،48‬‬

‫‪246‬‬
‫ال�رسائيلي‬
‫املوقف إ‬

‫خال�صة‪:‬‬
‫ال�رسائيلي جتاه ال�سلطة الفل�سطينية يف الفرتة التي تلت‬‫كان لل�سلوك إ‬
‫فوز حركة حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية وت�شكيلها احلكومة ت أ�ثري كبري‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬ودور م�سهم يف �إ�شعال‬ ‫المنية يف أ‬
‫الو�ضاع أ‬ ‫على أ‬
‫فتيل الفتنة واالقتتال الداخلي‪ .‬وقد جاء هذا الدور ترجمة ل�سيا�سة �إ�رسائيلية‬
‫متعمدة‪ ،‬ر�أت يف و�صول حركة راف�ضة للت�سوية معها �إىل ال�سلطة خطراً‬
‫عليها‪ ،‬فلج أ�ت �إىل ال�سعي إل�سقاطها من ال�سلطة مبختلف الو�سائل‪ .‬وكان‬
‫من بني تلك الو�سائل تفجري الو�ضع أ‬
‫المني‪ ،‬والدفع باجتاه �إيجاد �رشخ‬
‫داخلي بني الفل�سطينيني �أنف�سهم‪ ،‬مينعهم من تركيز اجلهد الفل�سطيني يف‬
‫مقاومتها‪ ،‬لتتحقق بذلك م�صلحة عليا بالن�سبة لها‪ ،‬تتجاوز جمرد �إ�سقاط‬
‫حكومة‪ .‬وقد ارتبطت قدرة “�إ�رسائيل” على القيام بذلك الدور بوجود‬
‫عوامل �ضغط وت أ�ثري �أ�سا�سية مكنتها من العبث بال�ساحة الفل�سطينية‪،‬‬
‫تلخ�صت �أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬قدرة “�إ�رسائيل” على الت�سبب ب إ�يجاد ظروف معي�شية و�إن�سانية‬
‫م أ��ساوية للفل�سطينيني‪ ،‬من خالل خنقهم مالي ًا واقت�صادي ًا‪ ،‬وهو �أمر‬
‫مرتبط بامل�شكالت التي يعاين منها االقت�صاد الفل�سطيني‪ ،‬والتي‬
‫ال�رسائيليني‪ ،‬ومنها �سيطرة‬
‫تفر�ض تبعيته لل�سيطرة واالقت�صاد إ‬
‫“�إ�رسائيل” على املعابر احلدودية والتجارية‪ ،‬واعتماد الفل�سطينيني‬
‫ال�رسائيلي ب�صورة كبرية يف التزود بعدد من املواد‬
‫على الطرف إ‬
‫أ‬
‫ال�سا�سية كالكهرباء والوقود‪.‬‬
‫المنية والع�سكرية يف �إ�ضعاف‬ ‫‪ .2‬ا�ستخدام “�إ�رسائيل” مل ؤ��س�ستها أ‬
‫و�ضد ممثلي‬
‫ّ‬ ‫م ؤ��س�سات ال�سلطة الفل�سطينية الت�رشيعية والتنفيذية‪،‬‬
‫حما�س فيها ب�شكل خا�ص‪ ،‬وا�ستخدامها لزيادة م أ��ساوية الظروف‬

‫‪247‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫التي يعانيها ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬


‫‪ .3‬قدرة “�إ�رسائيل” على الت أ�ثري على �أطراف و�شخ�صيات يف دائرة‬
‫�صنع القرار ال�سيا�سي داخل ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬من خالل ال�ضغط‬
‫ال�سيا�سي �أو تقدمي بع�ض �أ�شكال الدعم املحدودة لها‪ ،‬م�ستغ ّلة‬
‫الطار‪.‬‬ ‫اخلالفات ال�سيا�سية الفل�سطينية يف هذا إ‬
‫الطراف يف ال�ساحة الفل�سطينية مع اخلطط أ‬
‫المنية‬ ‫‪ .4‬جتاوب بع�ض أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية املح�سوبة على �أحد‬ ‫اخلارجية‪ ،‬الهادفة لتقوية أ‬
‫طريف أ‬
‫الزمة يف مواجهة الطرف آ‬
‫الخر‪.‬‬
‫‪ .5‬املوقف الغربي املنحاز جلانب “�إ�رسائيل” يف موقفها من حركة حما�س‬
‫وحكومتها‪ ،‬وم�شاركة الدول الغربية يف احل�صار املفرو�ض على‬
‫الفل�سطينيني‪ ،‬وم�شاركة عدد منها يف اخلطط أ‬
‫المنية املذكورة‪.‬‬
‫ال�رسائيلية واحل�صار املفرو�ض‬
‫‪ .6‬املوقف العربي ال�سلبي من التجاوزات إ‬
‫على الفل�سطينيني‪ ،‬ومن أ‬
‫الزمة الفل�سطينية الداخلية‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫ال�رسائيلية لدعم �أحد‬
‫جتاوب بع�ض الدول العربية مع ال�ضغوط إ‬
‫طريف تلك أ‬
‫الزمة‪.‬‬

‫ال�شارة �إىل �أن “�إ�رسائيل” قد جنحت �إىل ٍّ‬


‫حد ما يف اال�ستفادة من‬ ‫وجتدر إ‬
‫ظروف االقتتال الداخلي ونتائجه‪ ،‬وجتيريها ل�صاحلها يف الوقت الراهن‪،‬‬
‫�إال �أن هذا أ‬
‫المر يبقى مرتبط ًا مبدى قدرة الفل�سطينيني على جتاوز تلك‬
‫النتائج‪ ،‬و�إعادة توحيد �صفوفهم خلدمة امل�رشوع الوطني الفل�سطيني‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫الف�صل ال�ساد�س‬

‫املوقف العربي‬

‫وال�سالمي والدويل‬
‫إ‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫وال�سالمي‬
‫الف�صل ال�ساد�س‪ :‬املوقف العربي إ‬
‫والدويل‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫�سدة حكومة‬‫ال�سالمية (حما�س) �إىل ّ‬


‫�شكل و�صول حركة املقاومة إ‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية مفاج أ�ة‪ ،‬من العيار الثقيل‪� ،‬أوقعت العامل العربي‬
‫واملجتمع الدويل يف حرية وارتباك؛ حيث �أن عموم اجلهات الدولية‬
‫والقليمية كانت تتجه نحو جمع �شمل البيت الفل�سطيني حتت عباءة‬
‫إ‬
‫الرئي�س عبا�س‪ ،‬ولكونها تتبنى الت�سوية ال�سلمية ّ‬
‫حلل ال�رصاع الفل�سطيني‬
‫ال�رسائيلي‪ ،‬وتعتمد �أ�سلوب التفاو�ض لت�سوية ق�ضايا ّ‬
‫احلل الدائم‪ ،‬وطبيعة‬ ‫إ‬
‫الدولة الفل�سطينية املوعودة وم�صريها‪.‬‬
‫ولكن املفاج أ�ة مل تتمثل يف و�صول حركة حما�س �إىل �سدة احلكومة‬
‫فقط‪ ،‬و�إمنا كانت يف و�صولها وهي ما تزال ت�رص على مت�سكها بربنامج‬
‫املقاومة‪ ،‬وترفع �شعارات الثوابت الوطنية؛ وهذا هو الذي �أربك املوقف‬
‫القليمية‪ ،‬ومن خلفها الدولية‪.‬‬ ‫العربي عموم ًا‪ ،‬و�أعاد خلط أ‬
‫الوراق إ‬
‫وال�سالمية‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫لذلك‪ ،‬فقد تفاعلت العديد من الدول العربية إ‬
‫مثيالتها الدولية مع ما يحدث على ال�ساحة الفل�سطينية ولق�ضيتها‪ ،‬التي ما‬
‫تعد ق�ضية ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.‬‬ ‫تزال ّ‬
‫انعك�س جانب بارز من هذه التفاعالت على �شكل ح�صار‬
‫�ض على حكومة حما�س‪ ،‬وعلى �شكل توترات �أمنية بد�أت تظهر‬ ‫ف ُِر َ‬
‫على ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬ثم �أدت �إىل ن�شوب جوالت من االقتتال‬
‫الفل�سطيني – الفل�سطيني؛ تطور هذا االقتتال ميداني ًا بني فتح وحما�س‬

‫‪251‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫حد جعل حما�س تندفع إلحكام �سيطرتها أ‬


‫المنية‬ ‫حتى و�صلت أ‬
‫المور �إىل ٍّ‬
‫على كل قطاع غزة؛ أ‬
‫المر الذي �أو�صل ال�ساحة الفل�سطينية �إىل حالة انق�سام‬
‫�سيا�سي‪ ،‬عك�س نف�سه على جممل الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫وال�سالمية‪ ،‬ومن خلفها‬
‫كيف كان دور الدول واملنظمات العربية إ‬
‫الدولية مع تطورات امللف أ‬
‫المني الفل�سطيني؟ هذا ما �سوف ن�سعى‪ ،‬فيما‬
‫والجابة عليه‪.‬‬
‫يلي‪� ،‬إىل تو�ضيحه إ‬

‫وال�سالمي‪:‬‬ ‫�أ ً‬
‫وال‪ :‬املوقف العربي إ‬
‫واكبت الدول العربية تطورات امللف أ‬
‫المني الفل�سطيني منذ فوز‬
‫حما�س يف انتخابات الت�رشيعي‪ ،‬يف ‪2007/1/25‬؛ ففي حني انحازت‬
‫�ضد �آخر‬
‫بع�ض هذه الدول لطرف فل�سطيني (فتح ورئي�س ال�سلطة) ّ‬
‫(حما�س واحلكومة العا�رشة)‪ ،‬كان لدول �أخرى دور التو�سط إ‬
‫وال�صالح‬
‫بغر�ض امل�ساعدة يف ت�صويب م�سار الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬و�إحداث التوازن‬
‫املطلوب‪ ،‬على �أمل ترتيب البيت الفل�سطيني الداخلي‪ .‬خ�صو�ص ًا �أن‬
‫هذه التطورات الفل�سطينية �سيكون لها‪ ،‬ح�سب وجهة نظر هذه الدول‪،‬‬
‫ت أ�ثريات على أ‬
‫المن القومي العربي‪ ،‬وعلى ا�ستقرار بع�ض �أنظمة احلكم‬
‫يف املنطقة‪ .‬وقد جاءت جممل املواقف العربية على ال�شكل التايل‪:‬‬

‫‪ .1‬اجلامعة العربية‪:‬‬

‫منذ فوز حركة حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية �سعت اجلامعة العربية‬


‫لتقدمي الدعم �إىل حركة حما�س يف مواجهة ال�رشوط‪ ،‬التي و�صفتها‬

‫‪252‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫بـ“املجحفة املفرو�ضة عليها”؛ �صدر هذا التوجه خالل مناق�شات وزراء‬


‫اخلارجية العرب يف القاهرة يف ‪.2006/3/4‬‬
‫وعندما بد�أ يلوح يف �أفق امل�شاورات الفل�سطينية احتماالت ف�شل‬
‫ت�شكيل حكومة ت�شرتك فيها باقي الف�صائل �إىل جانب حركة حما�س‪ ،‬دعا‬
‫عمرو مو�سى �أمني عام اجلامعة العربية “�إىل وحدة ال�صف الفل�سطيني‪،‬‬
‫معترباً �أنها ال�سالح أ‬
‫الم�ضى يف الوقت الراهن”‪.‬‬
‫و�أ�شاد جمل�س اجلامعة العربية املنعقد يف ‪ ،2006/9/6‬باجلهود‬
‫الفل�سطينية ال�ساعية �إىل “احلفاظ على الوحدة الوطنية‪ ،‬ويف �صدارتها‬
‫وثيقة أ‬
‫ال�رسى؛ ك أ��سا�س للوفاق الوطني بني جميع الف�صائل”‪.‬‬
‫المنية الداخلية وتزداد‬ ‫الحداث أ‬ ‫وعندما بد�أت تت�صاعد وترية أ‬
‫حدتها‪� ،‬أعرب �أمني عام اجلامعة عمرو مو�سى عن �أ�سفه ملا ت�شهده ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية من حالة “انفالت �أمني وتراجع عن فكرة ت�شكيل حكومة‬
‫الوحدة”‪.‬‬
‫ظل ا�ستمرار حالة االحتقان ال�سيا�سي واالقتتال الفل�سطيني‬‫ويف ّ‬
‫الداخلي‪� ،‬أبدى �أمني عام اجلامعة ا�ستعداده إلر�سال وفد رفيع امل�ستوى‬
‫الطراف؛ من �أجل‬ ‫الرا�ضي الفل�سطينية للقاء جميع أ‬ ‫من اجلامعة �إىل أ‬
‫�إنهاء هذه احلالة ووقف االقتتال‪ .‬ونا�شد مو�سى العقالء يف اجلانب‬
‫دخل‪ ،‬و�أن يقفوا وقفة واحدة �إزاء ما‬
‫الفل�سطيني ب أ�ن ي�رسعوا بال َّت ُّ‬

‫ البيان‪.2006/3/5 ،‬‬
‫ جريدة ال�سيا�سة‪ ،‬الكويت‪.2006/3/5 ،‬‬
‫ النهار‪.2006/9/7 ،‬‬
‫ اخلليج‪.2006/10/2 ،‬‬

‫‪253‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫اعتربه “الو�ضع اخلطري”‪ ،‬م ؤ�كداً “�أنَّ الفل�سطينيني لديهم ق�ضية‬


‫الق�ضية هي العمل على‬
‫ّ‬ ‫ال‪� :‬إن‬‫ولي�س لديهم دولة بعد”‪ ،‬وعلق قائ ً‬
‫�إقامة الدولة‪ ،‬ومواجهة االحتالل ولي�س ال�رصاع على الكرا�سي‪.‬‬
‫وبعد جتدد جوالت االقتتال الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬كرر أ‬
‫المني‬
‫العام مواقفه الراف�ضة ملا �أ�سماه‪ :‬م أ��ساة وطنية وقومية‪ ،‬ومدمرة للق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ .‬معترباً “�أنَّ الو�ضع �إذا ا�ستمر بهذا ال�شكل ي�صبح عملية‬
‫انتحار”‪ .‬وانتقد ب�شكل الذع من يقومون بهذا العمل متهم ًا �إياهم ب أ� ّنهم‬
‫“ن�سوا �أنّ هناك ق�ضية يجب الرتكيز عليها‪� ،‬أو �أ َّنهم �أ�صبحوا ينفذون خطط ًا‬
‫ألعداء فل�سطني”‪.‬‬
‫الحداث أ‬
‫المنية التي بد�أت يف قطاع غزة يف‬ ‫ومل تكد تنته أ‬
‫‪ ،2007/6/10‬حتى بادر وزراء اخلارجية العرب �إىل �إدانة ما و�صفوه‬
‫الجرامية”‪ ،‬التي ارتكبت يف غزة‪ .‬وطالبوا حركة حما�س‪ ،‬من‬ ‫أ‬
‫“العمال إ‬
‫غري �أن ي�شريوا �إليها �رصاحة‪“ ،‬بعودة الو�ضع �إىل ما كان عليه يف القطاع‬
‫الحداث أ‬
‫الخرية”‪ ،‬و�أعلن �أمني عام اجلامعة العربية يف م ؤ�متر �صحفي‬ ‫قبل أ‬
‫عقده بعد انتهاء اجتماع وزراء اخلارجية يف القاهرة يف ‪ ،2007/6/15‬ت أ�ييد‬
‫الرئي�س عبا�س‪ ،‬م ؤ�كداً عدم التحفظ على قراراته املتعلقة ب إ�قالة حكومة‬
‫العالن عن ت�شكيل جلنة لتق�صي احلقائق‪ ،‬التي �أدت‬
‫الوحدة الوطنية؛ و ّمت إ‬
‫�إىل وقوع احلوادث أ‬
‫الخرية‪ .‬وقد عربت الت�رصيحات العربية عن �أن املوقف‬

‫ اخلليج‪.2007/1/10 ،‬‬
‫ اخلليج‪.2007/2/4 ،‬‬
‫ رويرتز‪.2007/6/16 ،‬‬

‫‪254‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫العربي الر�سمي �سيكون �أكرث مي ً‬


‫ال ل�صالح رئي�س ال�سلطة وقراراته‪.‬‬
‫ودعا الربملان العربي االنتقايل يف ختام �أعمال دورته اال�ستثنائية يف‬
‫القاهرة يف ‪ ،2007/6/22‬الفرقاء الفل�سطينيني �إىل “االلتزام باتفاق مكة‬
‫املكرمة‪ ،‬وب�صفة خا�صة حرمة الدم الفل�سطيني‪ ،‬وااللتزام بوثيقة الوفاق‬
‫ال�صف‪ ،‬و�رضورة �إعادة التكامل يف امل� ؤ‬
‫س�ولية‬ ‫ِّ‬ ‫الوطني‪ ،‬والتم�سك بوحدة‬
‫بني رئي�س ال�سلطة واملجل�س الت�رشيعي”‪.‬‬
‫�أما جمل�س اجلامعة العربية املنعقد يف القاهرة يف ‪2007/6/26‬؛ فقد �أكد‬
‫على احرتامه لل�رشعية الوطنية الفل�سطينية برئا�سة الرئي�س حممود عبا�س‪،‬‬
‫وللم ؤ��س�سات ال�رشعية لل�سلطة الوطنية الفل�سطينية املنبثقة عن منظمة‬
‫التحرير الفل�سطينية‪ ،‬و�شدد على أ‬
‫الطراف الفل�سطينية‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل حركة‬
‫حما�س “ب�رضورة االلتزام بوحدة القرار الفل�سطيني”‪.‬‬
‫ثم بادرت اجلامعة العربية مبهمة امل�ساعي احلميدة من �أجل ِّمل ال�شمل‬
‫الفل�سطيني؛ فدعا �أمينها العام �إىل “التئام البيت الفل�سطيني وحقن الدماء”‪،‬‬
‫حد �رسيع ملا اعتربه فتنة‪ .‬وطالب أ‬
‫الطراف الفل�سطينية باالحتكام‬ ‫وو�ضع ٍّ‬
‫�إىل احلوار لت�سوية خالفاتها‪ ،‬وتنفيذ اتفاق مكة‪.10‬‬
‫و�أ�شارت جلنة تق�ضي احلقائق العربية املكلفة ب أ�نها �سوف توا�صل‬
‫عملها‪ ،‬بهدف “حتقيق امل�صاحلة الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬وعودة الو�ضع يف‬

‫ اخلليج‪.2007/6/23 ،‬‬
‫ وكالة وفا‪.2007/6/26 ،‬‬
‫‪ 10‬عكاظ‪.2007/7/8 ،‬‬

‫‪255‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫بالطر الد�ستورية الفل�سطينية”‪ ،11‬يف‬‫الطار القانوين امللتزم أ‬


‫قطاع غزة �إىل إ‬
‫�إ�شارة �إىل عدم د�ستورية و�ضع القطاع‪ ،‬و�إىل عدم د�ستورية احلكومة املُقالة‬
‫برئا�سة �إ�سماعيل هنية؛ يف حني ّمت ال�سكوت عن ت�صنيف حكومة الطوارئ‬
‫التي ير�أ�سها �سالم فيا�ض‪ ،‬مبا ميكن تف�سريه على �أن هذه احلكومة د�ستورية‬
‫من وجهة نظر هذه اللجنة‪.‬‬

‫‪ .2‬م�صر‪:‬‬

‫مل يكن من ال�سهل على القاهرة اتخاذ موقف حا�سم جتاه �أ ٍّي من‬
‫طريف النزاع الفل�سطيني – الفل�سطيني‪ .‬فم�رص ملتزمة مب�سرية الت�سوية‬
‫ال�رسائيلي؛ وهذا ميلي عليها م ؤ�ازرة الطرف‬
‫حلل ال�رصاع العربي – إ‬
‫الفل�سطيني املنخرط يف هذه العملية‪ ،‬يف حني ال ت�ستطيع ال�سكوت عن‬
‫حماولة ت أ�جيج �رصاع �أمني داخل القطاع‪ ،‬حت�سب ًا من انتقال عدواه �إىل‬
‫داخل أ‬
‫الرا�ضي امل�رصية‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬ف إ�ن القاهرة لي�ست �سعيدة بالتعامل مع طرف‬
‫الخوان امل�سلمني؛ احلركة التي بقيت عالقاتها‬
‫فل�سطيني ينتمي �إىل حركة إ‬
‫مع النظام امل�رصي حمكومة لعقود بالتوتر والريبة‪ .‬وهي يف الوقت نف�سه‬
‫م�ضطرة للتعامل مع هذا التنظيم الفل�سطيني (حما�س) ب�سبب قوة �أدائه‬
‫وات�ساع �شعبيته وارتفاع م�صداقيته‪ ،‬وقد بات ميثل جزءاً من ال�رشعية‬
‫الفل�سطينية جراء فوزه بانتخابات املجل�س الت�رشيعي مطلع العام ‪.2006‬‬

‫لكن �أمن قطاع غزة‪ ،‬الذي ُي ّ‬


‫عد خا�رصة م�رص الرخوة‪ ،‬جعل القاهرة‬

‫‪ 11‬ال�رشق‪.2007/7/31 ،‬‬

‫‪256‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫المني الفل�سطيني بكثري من التكتيك‪ ،‬الذي‬‫تتعامل مع تطورات امللف أ‬


‫حتكمه احل�سا�سيات واحل�سابات املتعار�ضة يف �أغلب أ‬
‫الحيان‪ .‬ففي �أوائل‬
‫�شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،2006‬نقلت القد�س العربي عن معاريف‪� ،‬أنَّ م�رص‬
‫قررت االنف�صال عن الفل�سطينيني‪ ،‬وهي تعمل على �إعادة جميع اخلرباء‬
‫المنيني ورجال أ‬
‫المن الذين �أر�سلتهم يف ال�سابق �إىل غزة‪ .‬وقد ف�رست‬ ‫أ‬
‫امل�صادر هذه اخلطوة ب أ� َّنها احتجاج على فوز حما�س يف االنتخابات‪.12‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬نفى وزير اخلارجية امل�رصي‪� ،‬أحمد �أبو الغيط‪ ،‬ما ن�سب �إىل‬
‫بالده ب أ�نها قد اتفقت مع وا�شنطن وتل �أبيب على �إ�سقاط حكومة حما�س‪،‬‬
‫�ضد حما�س‪ .‬ولكنه عاد‬
‫بقوله‪ :‬مل ولن تتعامل م�رص مع �سيا�سة التحري�ض ّ‬
‫وا�ستدرك مبين ًا حدود موقف بالده وطبيعته‪ ،‬حيث قال‪�“ :‬إنَّ هناك‬
‫جمتمع ًا دولي ًا ورباعية دولية تطالب با�ستمرار بذل اجلهد‪ ،‬من �أجل ال�سالم‬
‫وا�ستئناف عملية التفاو�ض”‪ .‬وتابع مو�ضح ًا‪“ :‬لكي ّ‬
‫يتم ذلك‪ ،‬هناك‬
‫متطلبات رئي�سية يتعني على الطرفني فتح وحما�س االلتزام بها‪ ،‬وهي‬
‫االتفاقات املوقعة �سابق ًا”؛ وذكر ب أ�نَّ منظمة التحرير الفل�سطينية اعرتفت‬
‫بـ“�إ�رسائيل” منذ ‪ 16‬عام ًا‪ ،‬ووقعت معها يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ 1993‬اتفاقية‬
‫�أو�سلو‪ ،‬وهذه االتفاقات ال يجب الرجوع عنها‪ .‬وختم الوزير �أبو الغيط‬
‫مبين ًا االجتاه الذي ت�سري بالده نحوه‪ ،‬فقال‪“ :‬م�رص لن تكون مع من ُيعيد‬
‫عقارب ال�ساعة للوراء”‪13‬؛ يف تعبري وا�ضح عن رف�ض القاهرة للمواقف‬
‫ال�سيا�سية التي تتبناها حركة حما�س‪.‬‬

‫‪ 12‬القد�س العربي‪.2006/2/10 ،‬‬


‫‪ 13‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2006/5/5 ،‬‬

‫‪257‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ومع �أنَّ فريق اخلرباء أ‬


‫المنيني امل�رصيني املقيمني يف قطاع غزة‪ ،‬بهدف‬
‫و�ضع ت�صورات ل�ضبط االنفالت أ‬
‫المني‪ ،‬بقي متواجداً يف القطاع‪� ،‬إال‬
‫�أنَّ َّ‬
‫حدة املواجهات التي كانت حتدث ب�شكل �شبه متوا�صل بني حركتي‬
‫فتح وحما�س‪ ،‬جعلت م�صدراً دبلوما�سي ًا م�رصي ًا يعرب عن عدم ارتياحه‬
‫المني امل�رصي لها‪ ،‬والتي حتول دون �أدائه‬ ‫للجواء التي يتعر�ض الفريق أ‬
‫أ‬
‫مهمته ب�شكل طبيعي‪ ،‬م�ضيف ًا �أنَّ “الوفد أ‬
‫المني �أعلن �رصاحة خالل لقائه‬
‫بقيادات حركتي حما�س وفتح‪� ،‬أ َّنه قد ي�ضطر �إىل �إعالن ف�شل املهمة‬
‫والعودة �إىل القاهرة”‪.14‬‬
‫وكان مل�رص تقدير خا�ص حول اجلهة الفل�سطينية التي تتحمل م� ؤ‬
‫س�ولية‬
‫الو�ضاع الداخلية للتفجر‪ ،‬فقد ك�شفت جريدة ال�سبيل أ‬
‫الردنية عن‬ ‫دفع أ‬
‫م�صادر دبلوما�سية قولها‪� :‬إن م�رص طالبت عبا�س ب�رضورة التدخل لكبح‬
‫جماح نفوذ حممد دحالن املت�صاعد يف قطاع غزة‪ ،‬معتربة �أن “�أن�صاره هم‬
‫الذين يقفون خلف اال�ضطرابات واالنفالت أ‬
‫المني الذي ي�سود ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية”‪.15‬‬
‫وكانت م�صادر �إخبارية عدة قد �أ�شارت �إىل م�شاركة م�رص يف‬
‫اجتماعات �أمنية �أ�سفرت عن موافقتها على تقدمي امل�ساندة والدعم لرئي�س‬
‫المنية التابعة له‪ .‬و�أكدت بع�ض هذه امل�صادر ب أ�نَّ‬ ‫والجهزة أ‬
‫ال�سلطة أ‬
‫م�رص ا�ستعدت كي “تدرب �آالف ًا من �أفراد القوة اخلا�صة التنفيذية التابعة‬
‫حلركة فتح‪ ،‬التي يتوىل قيادتها حممد دحالن”‪� ،‬إال �أنَّ م�صدراً م�رصي ًا نفى‬

‫‪ 14‬العرب اليوم‪.2006/6/12 ،‬‬


‫‪ 15‬ال�سبيل‪.2006/11/19 ،‬‬

‫‪258‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫ذلك‪ .‬ولكن امل�صدر امل�رصي نف�سه عاد و�أكد ب أ�نَّ م�رص دربت قوات‬
‫حر�س الرئا�سة‪ ،‬معل ً‬
‫ال هذا الدور بقوله‪�“ :‬إنَّ حر�س الرئا�سة منوط حالي ًا‬
‫مبهمات حمددة على ر�أ�سها حماية الرئي�س الفل�سطيني‪ ،‬وال�سيطرة على‬
‫ال�رسائيلية والقوات‬
‫املعابر‪ ،‬والوجود يف اخلطوط الفا�صلة بني القوات إ‬
‫الفل�سطينية”‪ .‬وبرر موقف بالده هذا ب أ�نه ناجت عن حر�ص م�رص على‬
‫م�ساعدة الفل�سطينيني يف تقوية �أدائهم الع�سكري وبناء ذاتهم‪ ،‬من �أجل ما‬
‫المن يف قطاع غزة‪ ،‬و“ال�سيطرة على الو�ضع”‪.16‬‬ ‫�أ�سماه �ضمان ا�ستتباب أ‬

‫الخبار ما ن�رشته قد�س بر�س يف ‪ 2007/5/15‬عن اجتياز‬‫�أكدت هذه أ‬


‫املئات من العنا�رص أ‬
‫المنية‪ ،‬التابعة لرئي�س ال�سلطة حممود عبا�س‪ ،‬معرب‬
‫رفح قادمني من م�رص‪ .‬وقالت م�صادر فل�سطينية �أنَّ هذه العنا�رص كانت‬
‫قد غادرت قطاع غزة قبل �شهرين‪ ،‬متوجهة �إىل م�رص يف دورة ع�سكرية‪.‬‬
‫وقد بني م�صدر م�رصي �أنَّ عودة قوات �أمن الرئا�سة مرتبطة بانتهاء دورتها‬
‫ال�سكندرية‪ ،‬ثم ا�ستطرد معلق ًا‪�“ :‬إنَّ م�رص ال تنحاز ألي من‬
‫التدريبية يف إ‬
‫حلل اخلالفات بينهما”‪.17‬‬ ‫احلركتني [فتح وحما�س] يف �سعيها ّ‬
‫وبعد �أن �أحكمت حركة حما�س �سيطرتها على القطاع‪� ،‬أوردت‬
‫جريدة امل�ستقبل اللبنانية يف ‪� ،2007/6/18‬أنَّ م�رص رفعت حالة الطوارئ‬
‫المني على احلدود مع قطاع غزة‪ .‬وقد �أكد م�صدر‬‫الق�صوى واال�ستنفار أ‬
‫�أمني م�رصي اخلرب بقوله‪� :‬إنّ قوات أ‬
‫المن عززت مواقعها هناك‪ .‬كما َّمت‬
‫ن�رش �أعداد �إ�ضافية من تلك القوات‪ ،‬و�أ�ضاف‪� :‬أنَّ عدداً من �سيارات ّ‬
‫ف�ض‬
‫ال�شغب امل�صفحة �أر�سلت على عجل ملنطقة احلدود؛ ألن �أجهزة أ‬
‫المن‬

‫‪ 16‬احلياة‪.2007/4/4 ،‬‬
‫‪ 17‬احلياة‪.2007/5/16 ،‬‬

‫‪259‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫امل�رصية تخ�شى حدوث عملية نزوح جماعي من �أهايل قطاع غزة باجتاه‬
‫الو�ضاع أ‬
‫المنية واملعي�شية ال�سيئة هناك‪ ،‬والتي‬ ‫الرا�ضي امل�رصية‪ ،‬ب�سبب أ‬
‫أ‬
‫من املتوقع زيادة تدهورها بعد �إعالن “�إ�رسائيل” احل�صار االقت�صادي على‬
‫المني �أن �أجهزة أ‬
‫المن‬ ‫القطاع‪ ،‬ووقف تزويده بالطاقة‪ .‬وبينّ امل�صدر أ‬
‫امل�رصية تجُ ري تفتي� ًشا دقيق ًا يف املنطقة احلدودية؛ بحث ًا عن �أنفاق!‪.‬‬
‫ويف خطوة تعرب عن حقيقة ما و�صل �إليه املوقف امل�رصي �أ�شارت‬
‫جريدة أ‬
‫الهرام امل�رصية‪ ،‬يف ‪� 2007/6/20‬إىل �أنَّ القاهرة اتخذت قراراً بنقل‬
‫�سفريها لدى ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية والبعثة الدبلوما�سية من غزة �إىل‬
‫رام اهلل‪ ،‬لتمثيل م�رص هناك‪ .‬يف حني ات�صل وزير اخلارجية امل�رصي �أحمد‬
‫�أبو الغيط بالدكتور �سالم فيا�ض‪ ،‬رئي�س وزراء احلكومة التي كلفها عبا�س‪،‬‬
‫ووزير اخلارجية يف ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وقالت امل�صادر‪� :‬إنَّ االت�صال‬
‫الو�ضاع الطبيعية؛‬ ‫المن وا�ستعادة أ‬
‫تناول جهود ال�سلطة لل�سيطرة على أ‬
‫يف �إ�شارة �إىل قطاع غزة‪.‬‬
‫ويف الوقت نف�سه ف إ�ن الواقع ال�سيا�سي واجليو‪-‬ا�سرتاتيجي بني م�رص‬
‫والقطاع‪ ،‬يجعل من امل ؤ�كد �أن تنعك�س التطورات الداخلية الفل�سطينية‬
‫على أ‬
‫الو�ضاع الداخلية امل�رصية ؛ وهو ما �أ ّكده رئي�س اال�ستخبارات امل�رصية‬
‫الو�ضاع يف غزة له تداعياته‬ ‫الوزير عمر �سليمان‪ ،‬الذي قال ب أ�نَّ انفجار أ‬
‫�شدد �سليمان على “�أنَّ م�رص حري�صة على‬
‫ال�سلبية على م�رص‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد َّ‬
‫�أال تتفاقم أ‬
‫المور‪ ،‬حتى ال ت�صل �إىل هذه الدرجة من االقتتال‪ ،‬و�سيطرة‬
‫فريق على القطاع دون �آخر”‪.18‬‬

‫‪ 18‬احلياة‪.2007/7/16 ،‬‬

‫‪260‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫انطالق ًا من هذه القناعة حتركت م�رص للتعامل مع التطورات التي ترتتب‬


‫على التفاعالت الفل�سطينية الداخلية‪ ،‬فحذرت م�صادر م�رصية مطلعة‬
‫من انعكا�سات مبادرة عبا�س‪“ ،‬دعوة قوات دولية �إىل القطاع”‪ ،19‬على‬
‫ال�شارع الفل�سطيني‪ .‬يف حني رف�ضت عودة وفدها أ‬
‫المني �أو حتى حتديد‬
‫موعد عودته �إىل القطاع‪ ،‬وقالت امل�صادر �إنه طبق ًا لتعليمات الرئي�س مبارك‬
‫ف إ�نَّ الوفد �سيعود �إىل ممار�سة عمله يف غزة عندما ت�صبح أ‬
‫الجواء مواتية‪ ،‬يف‬
‫�إ�شارة �إىل ا�شرتاط م�رص عودة العالقة الطبيعية بني فتح وحما�س‪ ،‬وعودة‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة لرئا�سة ال�سلطة للعمل يف القطاع‪.20‬‬ ‫أ‬

‫ويف حماولة إلحداث توازن يف عالقاتها مع طريف النزاع على ال�ساحة‬


‫الفل�سطينية‪ ،‬عرب رئي�س اال�ستخبارات امل�رصية عمر �سليمان عن ا�ستيائه‬
‫ال �إياها م� ؤ‬
‫س�ولية ا�شتعال فتيل‬ ‫من ت�رصفات بع�ض التيارات يف فتح‪ ،‬حمم ً‬
‫االقتتال الفل�سطيني – الفل�سطيني‪ .21‬ومع ذلك‪ ،‬ف إ�ن املعلومات التي‬
‫�أعلنتها م�صادر و�صفت ب أ�نها مطلعة‪� ،‬أعطت وجهة للموقف امل�رصي‬
‫ت ؤ�كد حقيقة موقف القاهرة من حما�س؛ حيث �أظهرت ب أ�ن امل� ؤ‬
‫س�ولني‬
‫امل�رصيني و َّبخوا حممد دحالن على خلفية اتهامه بـ“التق�صري والعمل بعفوية‬
‫مكنت حما�س من ال�سيطرة على قطاع غزة ب�سهولة”‪ ،‬وحملته م� ؤ‬
‫س�ولية‬
‫ال�رضار‪ ،‬مبا و�صفته‪�“ ،‬أمنها القومي”‪.22‬‬
‫إ‬

‫‪ 19‬القب�س‪.2007/7/3 ،‬‬
‫‪ 20‬وكالة معاً‪.2007/7/7 ،‬‬
‫‪ 21‬االحتاد‪.2007/7/10 ،‬‬
‫‪ 22‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/7/13 ،‬‬

‫‪261‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�رسائيلي �سل�سلة �إجراءات زادت‬


‫ويف مطلع عام ‪ 2008‬اتخذ الكيان إ‬
‫من معاناة �أهايل قطاع غزة‪ ،‬مما دفع بهم �إىل اقتحام معرب رفح للتزود‬
‫بالوقود واملواد التموينية ال�رضورية‪ ،‬وهنا �أتى املوقف امل�رصي على ل�سان‬
‫ال “قلت لهم (قوات‬‫الرئي�س امل�رصي حممد ح�سني مبارك الذي �رصح قائ ً‬
‫الغذية ثم يعودون (�إىل‬‫المن) اتركوهم يدخلون لي أ�كلوا ولي�شرتوا أ‬
‫أ‬
‫غزة) طاملا �أنهم ال يحملون �أ�سلحة”‪.‬‬
‫و�أ�ضاف مبارك “لقد تابعت املوقف وما يحدث يف غزة و�صعوبة‬
‫املوقف وتوقف الكهرباء لعدة �ساعات وال�شكوى من الفل�سطينيني بعدم‬
‫وجود كهرباء حتى يف امل�ست�شفيات”‪ .‬و�أ�شار الرئي�س امل�رصي �إىل �أنه �أ�صدر‬
‫توجيهاته للحكومة “بتقدمي املعونات الغذائية بالتعاون مع اجلمعيات‬
‫واملنظمات أ‬
‫الهلية واملعنية الراغبة يف تقدمي امل�ساعدة” للفل�سطينيني‪ .‬كما‬
‫الزمة حيث‬‫س�ولية أ‬
‫حمل الرئي�س امل�رصي حركة حما�س و“�إ�رسائيل” م� ؤ‬‫ّ‬
‫قال “�إن حما�س تعطي الفر�صة إل�رسائيل لت�صعيد الو�ضع‪ ،‬أ‬
‫فبالم�س �أطلقت‬
‫داع‪ ،‬وكان عليهم �أن يرتكوا الفر�صة للجهود‬
‫حما�س ‪� 7‬صواريخ بدون ٍ‬
‫يتم بذلها وفتح أ‬
‫البواب للتهدئة”‪.23‬‬ ‫التي ّ‬
‫ويف ‪ 2008/1/25‬حاول أ‬
‫المن امل�رصي �إغالق معرب رفح؛ مما �أدى �إىل‬
‫المن امل�رصية والفل�سطينيني ا�ستخدمت خاللها‬ ‫وقوع �صدامات بني قوات أ‬
‫قوات أ‬
‫المن امل�رصي الهراوات الكهربائية وخراطيم املياه‪.24‬‬

‫‪ 23‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2008/1/24 ،‬‬


‫‪ 24‬احلياة‪.2008/1/26 ،‬‬

‫‪262‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫ويف ‪ 2008/1/27‬كثفت القوات امل�رصية من تواجدها يف منطقة العري�ش‬


‫ملنع و�صول الفل�سطينيني �إليها‪ ،‬كما �أغلقت املحال التجارية‪ ،‬وحالت دون‬
‫و�صول الب�ضائع من داخل مدن م�رص �إىل العري�ش مما �أدى �إىل فقدان املواد‬
‫أ‬
‫ال�سا�سية يف العري�ش‪.25‬‬
‫ويف ‪ 2008/2/3‬جنحت م�رص يف �إغالق احلدود باالتفاق مع حركة‬
‫حما�س؛ حيث قامت قوة م�رصية مبعاونة القوة التنفيذية بتثبيت حواجز‬
‫ل�سد الفجوات التي فتحت يف ال�سياج احلدودي؛‬ ‫معدنية و�أ�سالك �شائكة ّ‬
‫مما دفع الفل�سطينيني �إىل التظاهر �أمام معرب رفح احتجاج ًا على �إغالقه‪،‬‬
‫المر �إىل ا�شتباك بني املتظاهرين وقوات أ‬
‫المن امل�رصية قتل خالله‬ ‫وتطور أ‬
‫الطار نقل عن �ضابط يف أ‬
‫المن امل�رصي �أن القوة‬ ‫فل�سطيني‪ .‬ويف هذا إ‬
‫التنفيذية �ساعدت يف �إبعاد املتظاهرين عن احلدود امل�رصية الفل�سطينية‪،‬‬
‫و�أ�ضاف ب أ�ن بوابة �صالح الدين ما تزال مفتوحة لعودة �أهايل غزة من‬
‫العري�ش‪ ،‬و�أن هناك نحو ثالثة �آالف فل�سطيني يف العري�ش‪.26‬‬
‫ويف �صيغة ال تخلو من التهديد قال وزير اخلارجية امل�رصي �أحمد �أبو‬
‫الغيط “�إن م�رص دولة كرمية وتت�سم بال�صرب‪ ،‬لكن ل�صربها حدوداً‪ ،‬ويجب �أن‬
‫يدرك �إخواننا الفل�سطينيون �أن املعركة لي�ست مع م�رص لكنها مع �إ�رسائيل‪،‬‬
‫فخ ت�ضعه �إ�رسائيل”‪ .27‬ويف وقت الحق �رصح‬ ‫وبالتايل يجب �أال يقعوا يف ّ‬
‫�أبو الغيط قائ ً‬
‫ال “من �سيك�رس خط احلدود امل�رصية �ستك�رس قدمه”‪ ،‬كما قال‬

‫‪ 25‬القد�س العربي‪.2008/1/29 ،‬‬


‫‪ 26‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2008/2/5 ،‬‬
‫‪ 27‬ال�سفري‪.2008/2/6 ،‬‬

‫‪263‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�أبو الغيط �إن ما حدث من “اجتياح” من قبل مئات آ‬


‫الالف من الفل�سطينيني‬
‫يعد تعدي ًا على �أمن م�رص القومي‪.28‬‬
‫للمعرب ّ‬
‫ويف ‪� 2008/2/25‬أفرجت م�رص عن ‪ 115‬فل�سطيني ًا ممن كانوا قد اعتقلوا‬
‫المن امل�رصي يف ‪ 2008/3/23‬عن‬ ‫�سابق ًا يف �أثناء عبور احلدود‪ .29‬كما �أفرج أ‬
‫ال �آخر بعد اتهامات من حركة حما�س بتعر�ض عنا�رصها للتعذيب‬
‫‪ 33‬معتق ً‬
‫على �أيدي أ‬
‫المن امل�رصي‪ ،‬و�أن التحقيق تركز حول مكان اجلندي �شاليط‪،‬‬
‫وعن القيادة ال�سيا�سية والع�سكرية حلركة حما�س‪ ،‬وهو ما نفته م�صادر‬
‫م�رصية ذات �صلة؛ حيث قالت �إن “الفل�سطينيني دخلوا أ‬
‫الرا�ضي امل�رصية‬
‫و�أقاموا ب�شكل غري �رشعي‪ ،‬ومن الطبيعي التحقيق معهم”‪.30‬‬
‫‪ .3‬أ‬
‫الردن‪:‬‬
‫ّ‬
‫بال�شك‬ ‫ا�ستمرت العالقة بني اململكة أ‬
‫الردنية وحركة حما�س حمكومة‬
‫والتوتر؛ فمنذ �أن �أخرجت احلكومة أ‬
‫الردنية رئي�س املكتب ال�سيا�سي‬
‫حلما�س‪ ،‬خالد م�شعل‪ ،‬وعدد من �أع�ضاء مكتب احلركة ال�سيا�سي من‬
‫الردنية ألي �شخ�ص‬
‫الردن‪ ،‬يف العام ‪ ،1999‬بذريعة عدم �سماح القوانني أ‬
‫أ‬
‫يحمل اجلن�سية أ‬
‫الردنية باالنتماء �إىل تنظيم �سيا�سي غري �أردين‪ .‬عادت هذه‬
‫الق�ضية لتطفو على �سطح العالقات بني الطرفني من جديد‪ ،‬بعد ت�شكيل‬
‫حركة حما�س حكومة ال�سلطة العا�رشة؛ حيث �أكد الناطق الر�سمي با�سم‬
‫احلكومة أ‬
‫الردنية بوجود “م�شاكل قانونية و�سيا�سية متعلقة ببع�ض قادة‬

‫‪ 28‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2008/2/8 ،‬‬


‫‪ 29‬اخلليج‪.2008/2/8 ،‬‬
‫‪ 30‬القد�س العربي‪ ،‬واحلياة‪.2008/3/24 ،‬‬

‫‪264‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫حركة حما�س يف اخلارج‪ ،‬الذين يحملون اجلن�سية أ‬


‫الردنية واملبعدين عن‬
‫�أرا�ضي أ‬
‫الردن”‪ .31‬ثم اتخذت العالقة اجتاه ًا �أكرث توتراً عندما �أعلنت‬
‫عمان �إلقاء القب�ض على خم�سة �أ�شخا�ص �أثناء “حماولة الت�سلل عرب أ‬
‫الرا�ضي‬ ‫ّ‬
‫الردنية” ‪ .‬و�أ�ضافت الحق ًا ب أ�ن عنا�رص هذه املجموعة متورطة يف‬
‫‪32‬‬ ‫أ‬
‫“عملية تهريب �سالح”‪ ،‬و�أن لديهم عالقات مع حما�س‪.33‬‬
‫الجواء امل�شحونة‪ ،‬مل تنجح حماوالت امل�صاحلة‪،‬‬ ‫وب�سبب هذه أ‬
‫س�ولني �أردنيني مع ممثلي حما�س‪،‬‬
‫التي �أجراها بع�ض الو�سطاء جلمع م� ؤ‬
‫الردن �سامل‬‫الخوان امل�سلمني يف أ‬
‫مبا فيها حماولة املراقب العام جلماعة إ‬
‫الفالحات‪34‬؛ كما كانت ق�ضية تهريب ال�سالح مربراً للحكومة أ‬
‫الردنية‬
‫كي تلغي زيارة وزير اخلارجية احلكومة الفل�سطينية حممود الزهار �إىل‬
‫أ‬
‫الردن‪ ،‬و�إن ا�ستخدمت �صيغة “ت أ�جيل” الزيارة‪.35‬‬
‫حداً من التوتر ميكن و�صفه ب أ�نه �صورة من �صور‬
‫بل �أن العالقة بلغت ّ‬
‫العداء؛ حيث ن ُِقل عن م�صادر �سيا�سية �أردنية �أن احلكومة “تعتزم اتخاذ‬
‫قرار باعتبار حركة حما�س حركة �إرهابية يحظر التعامل معها”‪ ،36‬وهو‬
‫ما مل يحدث‪ ،‬مما ي�شري �إىل �أن هذا الت�رصيح كان على �سبيل التهديد‪ ،‬يف‬
‫العالن عن ك�شف تهريب حما�س أ‬
‫لل�سلحة‪.‬‬ ‫ظروف إ‬

‫‪ 31‬الغد‪.2006/2/2 ،‬‬
‫‪ 32‬الر�أي‪.2006/2/21 ،‬‬
‫‪ 33‬االحتاد‪.2006/4/21 ،‬‬
‫‪ 34‬القب�س‪.2006/3/9 ،‬‬
‫‪ 35‬الد�ستور‪.2006/4/19 ،‬‬
‫‪ 36‬عكاظ‪.2006/4/27 ،‬‬

‫‪265‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫خف تخوفه‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف إ�ن العاهل أ‬


‫الردين‪ ،‬امللك عبد اهلل الثاين‪ ،‬مل ُي ِ‬
‫من تطور حالة االحتقان بني فتح وحما�س؛ ف أ�علن “�إن �أ�سو�أ ما ميكن‬
‫�أن يحدث هو ح�صول مواجهة بني الفل�سطينيني �أنف�سهم”‪ .‬معل ً‬
‫ال ذلك‬
‫المر �سيكون “كارثة لنا جميع ًا”‪ .37‬على هذا أ‬
‫ال�سا�س جاءت‬ ‫ب أ�ن هذا أ‬
‫ت�رصيحات رئي�س الوزراء أ‬
‫الردين معروف البخيت‪ ،‬التي ذكر فيها �أنه ي أ�مل‬
‫�أن ينجح احلوار الفل�سطيني ‪ -‬الفل�سطيني‪ ،‬و�أن ي�صل ح�سب تعبريه “�إىل ما‬
‫من �ش أ�نه �أن يوحد القوى الفل�سطينية”‪� .38‬إال �أن ال�سيا�سة اخلارجية أ‬
‫الردنية‬
‫القليمية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�شك والتوج�س من حركة حما�س و�سيا�ستها إ‬ ‫بقيت قائمة على‬
‫فوجهت لها �سهام االتهام بالعمل ل�صالح �أجندات �إقليمية‪ ،‬وقد ّ‬
‫حتدث‬
‫الله اخلطيب حما�س ب�شكل مبا�رش عن وجود‬ ‫وزير اخلارجية أ‬
‫الردين عبد إ‬
‫“دالئل غري م�شجعة لعودة ارتباط الق�ضية الفل�سطينية ب أ�جندات �إقليمية‪،‬‬
‫و�أن هذا أ‬
‫المر خطري جداً‪[ ،‬و] ال ميكن ال�سكوت عليه”‪.39‬‬
‫وعلى الرغم من املوقف ال�سلبي أ‬
‫الردين جتاه حما�س‪� ،‬إال �أنه مل تظهر‬
‫عمان إل�سقاط حكومة حما�س‪ ،‬غري �أن بع�ض‬ ‫�أية دالئل ر�سمية على �سعي ّ‬
‫يت�سن الت أ�كد من مدى دقتها‪� ،‬أ�شارت �إىل �أن‬
‫َّ‬ ‫الخبارية‪ ،‬التي مل‬
‫التقارير إ‬
‫عمان مدير املخابرات‬ ‫�ضم عن ّ‬
‫الردن‪ّ ،‬‬‫اجتماع ًا‪ ،‬و�صف ب أ�نه �رسي‪ُ ،‬ع ِقد يف أ‬
‫العامة الفريق حممد الذهبي‪ ،‬وعن القاهرة مدير جهاز املخابرات العامة‬
‫عمر �سليمان‪ ،‬وعن تل �أبيب رئي�س جهاز املخابرات العامة ال�شابك يوفال‬
‫س�والن �أمنيان كبريان من دولتني خليجيتني‪ ،‬قيل ب أ�نهما ال‬
‫دي�سكن‪ ،‬وم� ؤ‬

‫‪ 37‬الد�ستور‪.2006/6/24 ،‬‬
‫النباء أ‬
‫الردنية (برتا)‪.2006/6/28 ،‬‬ ‫‪ 38‬وكالة أ‬
‫‪ 39‬الر�أي‪.2006/10/11 ،‬‬

‫‪266‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫تقيمان عالقات علنية مع “�إ�رسائيل”؛ للبحث عن البدائل املمكنة للتعامل‬


‫مع احلكومة الفل�سطينية التي ت�شكلها حركة حما�س‪ .‬ويف �سياق البحث‬
‫عن البدائل املمكنة للتعامل مع احلكومة التي �شكلتها حما�س‪� ،‬أبدت ّ‬
‫عمان‬
‫ا�ستعدادها لت�شكيل جلنة من اخلرباء القانونيني لدرا�سة كل ال�سبل إل�سقاط‬
‫احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬وتزويد عبا�س بدرا�سة قانونية حمكمة ملعاجلة ما �أ�سمته‬
‫الردن أ‬
‫“الزمة”‪.40‬‬ ‫أ‬

‫ال�رسائيلية‪،‬‬
‫الماراتية عن جريدة معاريف إ‬ ‫كما نقلت جريدة اخلليج إ‬
‫�أخباراً تتحدث عن مبادرة و�صفتها �أي� ًضا ب أ�نها “مبادرة �أردنية �رسية”؛‬
‫ن�صت على �أن يعلن حممود عبا�س عن �إجراء انتخابات عامة‪ ،‬بعد التو�صل‬
‫وال�رسائيليني‪ ،‬حول ق�ضايا‬
‫�إىل �صيغة م�شرتكة لالتفاق بني الفل�سطينيني إ‬
‫الردين يف “�إ�سقاط حكومة‬ ‫الو�ضع الدائم؛ مما �سي�سهم ح�سب الت�صور أ‬
‫حما�س”‪.41‬‬
‫س�ولني �أردنيني كانوا‬ ‫وحتدث تقرير ن�رشته جريدة أ‬
‫الخبار اللبنانية ب أ�ن م� ؤ‬
‫قد ا�شرتكوا مع امل� ؤ‬
‫س�ولني امل�رصيني يف “توبيخ حممد دحالن” على خلفية‬
‫مكنت حما�س من ال�سيطرة على قطاع‬‫اتهامه بالتق�صري‪ ،‬والعمل بعفوية ّ‬
‫للردن‪.42‬‬ ‫أ‬
‫بـ“المن القومي” أ‬ ‫س�ولية ما ر�أوه �إ�رضاراً‬
‫غزة‪ ،‬وحملوه م� ؤ‬
‫�صح‪� ،‬إىل انزعاج ه ؤ�الء امل� ؤ‬
‫س�ولني من ف�شل دحالن يف‬ ‫وهو ما ي�شري‪� ،‬إن َّ‬
‫�إ�سقاط حكومة حما�س‪.‬‬

‫‪ 40‬القد�س العربي‪.2006/9/30 ،‬‬


‫‪ 41‬اخلليج‪.2007/2/21 ،‬‬
‫‪ 42‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2007/7/13 ،‬‬

‫‪267‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫و�أوردت عدة م�صادر (عربية‪ ،‬وفل�سطينية‪ ،‬و�إ�رسائيلية) �أنبا ًء تتحدث‬


‫الردن بنقل �أ�سلحة وذخائر وجتهيزات ع�سكرية‪� ،‬أو ت�سهيل‬ ‫عن قيام أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة‬ ‫الردنية؛ بهدف تعزيز أ‬
‫الرا�ضي أ‬‫مرورها عرب أ‬
‫لرئي�س ال�سلطة حممود عبا�س‪ .‬فقد نقل موقع عرب ‪� 48‬أنباء �أفادت ب أ�ن‬
‫ال�رسائيلية �إيهود �أوملرت �صادق يف �أواخر �شهر �أيار‪ /‬مايو‬
‫رئي�س احلكومة إ‬
‫‪ 2006‬على “نقل كمية حمدودة من ال�سالح �إىل احلر�س الرئا�سي عن طريق‬
‫أ‬
‫الردن”‪ .43‬و ُيذكر �أن هذه املعلومات جاءت بعد �إعالن رئا�سة ال�سلطة النية‬
‫عن زيادة عدد عنا�رص احلر�س الرئا�سي �إىل ع�رشة �آالف عن�رص‪ .‬ولتو�ضيح‬
‫ش�ون اخلارجية والدفاع يف‬‫ال�سلحة وعددها‪� ،‬أكد رئي�س جلنة ال� ؤ‬ ‫نوع أ‬
‫الكني�ست ت�ساحي هنغبي يف ‪� 2006/6/15‬أنه ّمت نقل �أ�سلحة من أ‬
‫الردن‬
‫ال�رسائيلية؛ وذكرت يديعوت‬ ‫�إىل القوات املوالية لعبا�س مبوافقة احلكومة إ‬
‫ت�ضم ثالث �شاحنات تنقل ‪ 950‬ر�شا� ًشا �أمريكي ًا من‬
‫�أحرونوت �أن الدفعة ّ‬
‫الردن بال�ضفة الغربية‪.‬‬ ‫نوع �إم ‪ 16 -‬عربت ج�رس اللنبي‪44‬؛ الذي ي�صل أ‬

‫وبعد ذلك بب�ضعة �أ�شهر ن�رش موقع عرب ‪� 48‬أن وزير الدفاع إ‬
‫ال�رسائيلي‬
‫عمري بريت�س �صادق يف ‪ 2006/11/1‬على “�إدخال خم�سة �آالف بندقية‬
‫والردن”‪� 45‬إىل �أجهزة رئا�سة ال�سلطة‪ .‬وجاءت هذه ال�صفقة يف‬‫من م�رص أ‬
‫المني لدعم خطة‬ ‫ال�رسائيلي ال�سيا�سي – أ‬
‫�سياق تبني املجل�س الوزاري إ‬
‫المني أ‬
‫المريكي اجلرنال كيث دايتون‪ ،‬الرامية �إىل دعم عبا�س‬ ‫املن�سق أ‬
‫والقوات التابعة له‪.‬‬

‫‪ 43‬عرب ‪ ،2006/5/26 ،48‬و‪2006/6/14‬؛ واالحتاد‪2006/5/29 ،‬؛ أ‬


‫واليام‪ ،‬فل�سطني‪،‬‬
‫‪.2006/5/29‬‬
‫‪ 44‬اخلليج‪.2006/6/16 ،‬‬
‫‪ 45‬عرب ‪.2006/11/1 ،48‬‬

‫‪268‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫المنية على قطاع غزة‪،‬‬‫وبعد �أن �أحكمت حركة حما�س �سيطرتها أ‬


‫�أ�شارت امل�صادر �إىل �أن القوات أ‬
‫المنية التابعة لرئي�س ال�سلطة قد ا�ستلمت‬
‫يف ‪� 2007/7/25‬أربع �شاحنات حمملة بال�سالح والذخائر والعتاد‪ ،‬قادمة‬
‫ال عن جريدة‬ ‫الردن‪ .46‬وقد ك�شفت وكالة مع ًا يف ‪ ،2007/7/26‬نق ً‬‫من أ‬
‫ه�آرت�س‪ ،‬حمتويات هذه ال�شاحنات والغاية التي �أر�سلت من �أجل حتقيقها؛‬
‫حيث �أفادت ب أ�ن “�إ�رسائيل” وافقت على �إدخال “�ألف بندقية من أ‬
‫الردن‬
‫�إىل ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية دعم ًا للرئي�س عبا�س”‪.47‬‬
‫وحتدثت امل�صادر عن موافقة أ‬
‫الردن على �إر�سال لواء بدر‪ ،‬املتواجد‬
‫الرا�ضي أ‬
‫الردنية �إىل �أرا�ضي ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬بهدف م�ساعدة‬ ‫على أ‬
‫القوات التابعة لرئي�س ال�سلطة حممود عبا�س؛ فنقل موقع عرب ‪ 48‬عن‬
‫رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية �سعيه ال�ستقدام لواء بدر التابع جلي�ش التحرير‬
‫الرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬ويف داللة على موافقة‬ ‫الردن �إىل أ‬‫الفل�سطيني من أ‬
‫احلكومة أ‬
‫الردنية على هذا الطلب‪ ،‬توجه رئي�س ال�سلطة الفل�سطينية حممود‬
‫ال�رسائيلية؛ من �أجل ال�سماح لهذه القوات بالدخول‬‫عبا�س �إىل احلكومة إ‬
‫�إىل ال�ضفة‪� ،‬إال �أن “اجلهات إ‬
‫ال�رسائيلية امل� ؤ‬
‫س�ولة مل توافق يف حينه على‬
‫طلب عبا�س”‪.48‬‬
‫وبعد حمادثات �أجراها رئي�س ال�سلطة مع العاهل أ‬
‫الردين‪� ،‬أكد م�صدر‬
‫�أردين ر�سمي �أن بالده “ال متانع عبور ‪ 1,500‬عن�رص من قوات بدر املقيمة‬

‫‪ 46‬عرب ‪.2007/7/26 ،48‬‬


‫‪ 47‬وكالة معاً‪.2007/7/26 ،‬‬
‫‪ 48‬عرب ‪.2006/11/5 ،48‬‬

‫‪269‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫يف أ‬
‫الردن فوراً �إىل �أرا�ضي ال�سلطة مل�ساعدة الرئي�س عبا�س”‪ .‬وقالت‬
‫امل�صادر �أنها من �أجل ب�سط أ‬
‫المن يف �أرا�ضي ال�سلطة‪.49‬‬
‫وذكر تقرير ن�رشته جريدة الوا�شنطن بو�ست يف ‪ ،2008/3/15‬حول‬
‫الرا�ضي أ‬
‫الردنية‪،‬‬ ‫المن الفل�سطينية داخل أ‬‫برنامج تدريب لقوات أ‬
‫�أن قوات �أمن �أردنية ومتعاقدين �أمريكيني ي�رشفون على تدريب نحو‬
‫المن الوطني الفل�سطيني‪ ،‬ذات أ‬
‫الغلبية الفتحاوية‬ ‫‪ 600‬من �أفراد قوى أ‬
‫كما و�صفهم التقرير‪ ،‬يف برنامج ملدة ‪� 16‬أ�سبوع ًا‪ .‬كما خ�ضع ‪ 425‬فرداً‬
‫عبا�س‬
‫من احلر�س الرئا�سي الفل�سطيني التابع للرئي�س الفل�سطيني حممود ّ‬
‫لربنامج تدريبي ملدة ثمانية �أ�سابيع‪ .‬ونقل عن �أحد املتدربني يدعى �سعيد‬
‫المن الوطني الفل�سطيني‪ ،‬قوله “نقوم‬‫جنار‪ ،‬ويحمل رتبة عقيد يف جهاز أ‬
‫بالتدريب لكن �أعطونا الفر�صة لكي نقوم مبهمتنا”‪.50‬‬

‫‪ .4‬دول جمل�س التعاون اخلليجي‪:‬‬

‫وجاء موقف جمل�س التعاون اخلليجي متما�شي ًا مع املوقف ال�سعودي؛‬


‫حيث دعا وزراء خارجية دول املجل�س �إىل عودة الو�ضع يف القطاع ملا كان‬
‫وجدد وزراء اخلارجية‪ ،‬يف ختام �أعمال جمل�سهم‬‫عليه قبل �سيطرة حما�س‪َّ .‬‬
‫يف دورته الـ ‪ 103‬يف جدة‪ ،‬دعوة أ‬
‫الطراف الفل�سطينية كافة “للعودة �إىل‬
‫احلوار والتفاهم ّ‬
‫حلل خالفاتهم”‪.51‬‬

‫‪ 49‬احلياة‪.2006/11/15 ،‬‬
‫‪50‬‬
‫‪Ellen Knickmeyer and Glenn Kessler, Palestinian Forces’ Training‬‬
‫‪Marred by Delays, Politics.i‬‬

‫‪ 51‬البيان‪.2007/7/7 ،‬‬

‫‪270‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫ال�سعودية‪:‬‬
‫منذ انفالت عقال أ‬
‫المن يف ال�ساحة الفل�سطينية الداخلية‪ ،‬مل ت َِرد �أي‬
‫من املواقف عن كبار القادة ال�سعوديني �أو حتى امل ؤ��س�سات ال�سيا�سة يف‬
‫اململكة‪ ،‬ت�شري �إىل وقوف اململكة �إىل جانب طرف فل�سطيني حمدد مقابل‬
‫طرف �آخر‪ .‬و�إمنا بد�أت الدعوات ال�سعودية لر�أب ال�صدع الفل�سطيني‬
‫وتوحيد الكلمة ت�صل عرب بع�ض املرجعيات الدينية؛ فقد نقلت جريدة‬
‫الماراتية عن مفتي عام ال�سعودية‪ ،‬ال�شيخ عبد العزيز بن عبد اهلل‬
‫اخلليج إ‬
‫�آل ال�شيخ‪ ،‬يف خطبة اجلمعة يف م�سجد منرة يف عرفات‪� ،‬أنه وجه دعوة‬
‫للم�سلمني عموم ًا‪ ،‬والفل�سطينيني على وجه اخل�صو�ص خماطب ًا �إياهم‪:‬‬
‫“عودوا �إىل ر�شدكم‪ ،‬نظموا � ؤ‬
‫ش�ونكم‪ ،‬ارتفعوا عن التهم‪ ،‬اجعلوا الغاية‬
‫ال�صف‪ ،‬ونبذ‬
‫ّ‬ ‫هي امل�صلحة العليا”‪52‬؛ يف تعبري وا�ضح عن وجوب توحيد‬
‫اخلالفات حلماية احلقوق الوطنية الفل�سطينية عامة‪.‬‬
‫والعالم ال�سعودي‪ ،‬يف بيانٍ �صحفي عقب‬ ‫وهذا ما �أكده وزير الثقافة إ‬
‫جل�سة جمل�س الوزراء أ‬
‫ال�سبوعية؛ حيث دعا الفل�سطينيني �إىل‪ :‬نبذ اخلالفات‬
‫والعمل لتحقيق �آمالهم وتطلعاتهم امل�رشوعة يف قيام دولتهم امل�ستقلة؛ مع �أنه‬
‫�أ�شار �إىل املرجعيات ال�سيا�سية التي ينبغي االعتماد �إليها والعمل مبقت�ضاها‪،‬‬
‫بطريقة توحي �إىل النهج ال�سيا�سي الذي تر�ضى عنه اململكة‪ .‬ف أ�و�ضح ب أ�ن‬
‫هذه الغايات الفل�سطينية يجب �أن تتحقق “وفق ًا لقرارات ال�رشعية الدولية‬
‫واملبادرة العربية لل�سالم وخريطة الطريق”‪53‬؛ مع علم اململكة ب أ�ن حركة‬
‫حما�س ترف�ض االلتزام بهذه املرجعيات العربية والدولية‪.‬‬

‫‪ 52‬اخلليج‪.2006/12/30 ،‬‬
‫‪ 53‬وكالة وفا‪.2007/1/15 ،‬‬

‫‪271‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�إال �أنه وعندما ا�شتدت حمالت االقتتال الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬وبلغت‬


‫حداً خطرياً‪،‬حيث بد�أت تداعياتها تهدد م�صري الق�ضية الفل�سطينية برمتها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وجه ملك اململكة العربية ال�سعودية عبد اهلل بن عبد العزيز‪ ،‬ندا ًء حميم ًا‬
‫�إىل �أ�شقائه القادة الفل�سطينيني من غري حماباة ألحد على �آخر‪ .‬فطالبهم‬
‫حد فوري ملا �أ�سماها امل أ��ساة‪ ،‬ودعاهم �إىل لقاء عاجل يف رحاب‬
‫بو�ضع ٍّ‬
‫بيت اهلل احلرام يف مكة املكرمة؛ لبحث �أمور اخلالف بينهم بكل حيادية‬
‫س�ولية ال�رشعية عن‬‫دون تدخل من �أي طرف �آخر‪ .‬وحملهم جميع ًا امل� ؤ‬
‫�إزهاق أ‬
‫الرواح‪ ،‬م ؤ�كداً ب أ�ن هذا االقتتال ي�ضع �ألف عالمة ا�ستفهام �أمام‬
‫املجتمع الدويل‪ ،‬الذي ينظر باحرتام �إىل عدالة “ق�ضيتنا الفل�سطينية”‪.‬‬
‫وذكر ب أ�ن ال�سعودية ملتزمة بـ“املوقف التاريخي جتاه الق�ضية الفل�سطينية‬
‫ّ‬
‫منذ ت أ��سي�سها”‪.54‬‬
‫وفع ً‬
‫ال‪ ،‬ا�ستجاب كال الطرفني الفل�سطينيني لدعوة امللك ال�سعودي‪،‬‬
‫و ّمت التوقيع على اتفاق مكة يف ‪2006/2/8‬؛ حيث نتج عن هذا االتفاق‬
‫ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬ا�شرتكت فيها كل من فتح وحما�س‪ ،‬وعدد‬
‫من الف�صائل وامل�ستقلني‪.‬‬
‫وبعد جتدد االقتتال الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬الذي نتج عنه �سيطرة حما�س‬
‫أ‬
‫المنية ب�شكل كامل على قطاع غزة‪� ،‬أكدت القيادة ال�سعودية على �رضورة‬
‫الطر العربية الر�سمية والتزام قراراتها‪ .‬و�أبدت حر�صها على‬ ‫اعتماد أ‬
‫الق�ضية الفل�سطينية من خالل ت أ�كيدها على �رشعية امل ؤ��س�سات الفل�سطينية‬
‫كافة؛ يف �إ�شارة �إىل الرئا�سة التي ميثلها حممود عبا�س‪ ،‬والت�رشيعي الذي متثل‬

‫‪ 54‬ال�رشق أ‬
‫الو�سط‪.2007/1/29 ،‬‬

‫‪272‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫حركة حما�س �أغلبيته‪ .‬وقد ظهر ذلك من خالل �إعالن وزير اخلارجية‬
‫ال�سعودي �سعود الفي�صل ب أ�نَّ “الق�ضية الفل�سطينية م�صدر ان�شغال بالن�سبة‬
‫لنا جميع ًا‪ ،‬بحكم كونها ق�ضية العرب أ‬
‫الوىل”‪ .‬و�أ�شار �إىل اجتماع جمل�س‬
‫اجلامعة العربية غري العادي‪ ،‬الذي انعقد يف ‪ ،2007/6/15‬لتدار�س تطورات‬
‫أ‬
‫الو�ضاع يف فل�سطني؛ م ؤ� ّكداً على القرار ال�صادر عن هذا االجتماع‪ ،‬الذي‬
‫ّثبت حرمة الدم الفل�سطيني‪ ،‬و�أدان أ‬
‫العمال التي ارتكبت يف غزة‪ ،‬وا�صف ًا‬
‫�إياها ب أ�نها “�إجرامية”‪ .‬وطالب الوزير ال�سعودي بعد ذلك بعودة الو�ضع‬
‫يف القطاع �إىل ما كان عليه قبل أ‬
‫الحداث‪ ،‬ودعا الفي�صل �إىل دعم بالده‬
‫للجنة العربية املكلفة مبهمة القيام بتق�صي حقائق ما جرى من �أحداث يف‬
‫القطاع‪ ،‬جاع ً‬
‫ال من مهمتها التمهيد لعودة احلوار بني طريف النزاع‪ .‬كما‬
‫حث الطرفني �إىل “احرتام تعهداتهم يف اتفاق مكة املكرمة”‪.55‬‬
‫ّ‬

‫المارات العربية املتحدة‪:‬‬


‫إ‬
‫ن�رشت جريدة ال�رشق أ‬
‫الو�سط يف ‪ ،2007/2/1‬ب أ�نَّ ال�سلطات إ‬
‫ال�رسائيلية‬
‫وافقت على �إدخال م�ساعدات �إماراتية مقدمة لل�سلطة الفل�سطينية عرب معرب‬
‫كرم �أبو �سامل احلدودي‪ .‬وقالت م�صادر حدودية م�رصية �إن امل�ساعدات‬
‫�شملت ‪� 1,500‬سرتة واقية من الر�صا�ص‪ ،‬و‪� 30‬شاحنة �صغرية‪ ،‬و‪400‬‬
‫الوقات ن�رشت وكالة فل�سطني‬ ‫خيمة جمهزة‪ ،‬و�ست حافالت‪ .‬ويف هذه أ‬
‫بر�س يف ‪� ،2007/2/2‬أن قيادة حما�س وجهت اتهام ًا “لدولة عربية مل‬
‫المن الفل�سطينية التابعة للرئا�سة أ‬
‫بال�سلحة والذخائر‬ ‫ت�سمها بتزويد �أجهزة أ‬
‫واملعدات الع�سكرية”‪ .‬وجاءت هذه االتهامات يف الوقت الذي كانت‬

‫‪ 55‬عكاظ‪.2007/7/6 ،‬‬

‫‪273‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫القوة التنفيذية‪ ،‬التابعة لوزارة الداخلية يف احلكومة العا�رشة تعرت�ض �شحنة‬


‫�سيارات تابعة حلر�س الرئا�سة حتمل معدات وجتهيزات قالت �إنها �إماراتية‪.‬‬
‫الخبار التي حتدثت‬ ‫الماراتية نفى أ‬ ‫�إال �أنَّ م�صدراً م� ؤ‬
‫س�و ًال يف اخلارجية إ‬
‫المارات العربية �أ�سلحة وذخائر �إىل القطاع‪ ،‬وو�صفها‬ ‫عن �إر�سال دولة إ‬
‫ب أ�نها كاذبة وعارية عن ال�صحة متام ًا‪ .‬وبينّ امل�صدر إ‬
‫الماراتي امل� ؤ‬
‫س�ول‬
‫�أنَّ ما �أر�سل للرئا�سة الفل�سطينية كان عبارة عن �سرتات واقية‪ ،‬و�سيارات‪،‬‬
‫المارات بنا ًء على طلب من الرئا�سة‬
‫وخيم للحر�س الفل�سطيني‪ ،‬قدمتها إ‬
‫الطراف الفل�سطينية يف قطاع غزة‬ ‫س�ول جميع أ‬‫الفل�سطينية‪ .‬ثم دعا امل� ؤ‬
‫�إىل وقف االقتتال‪.56‬‬

‫الكويت‪:‬‬

‫مل تخرج الكويت عن ال�سياق العربي العام الذي عربت عنه اململكة‬
‫العربية ال�سعودية واجتماعات اجلامعة العربية؛ فقد كانت تطالب‬
‫الفل�سطينيني بنبذ االقتتال و�رضورة العودة �إىل احلوار والوحدة حلماية‬
‫حقوقهم الوطنية‪ .‬حيث �أعلن نائب رئي�س جمل�س الوزراء الكويتي ووزير‬
‫ش�ون جمل�س الوزراء‪� ،‬إ�سماعيل ال�شطي يف بيان �صحفي عقب‬ ‫الدولة ل� ؤ‬
‫ال�سبوعي ملجل�س الوزراء موقف حكومته‪ ،‬الذي عبرّ فيه عن‬ ‫االجتماع أ‬
‫الرا�ضي‬‫الحداث “الدامية وامل ؤ��سفة التي ت�شهدها أ‬ ‫قلق بالده البالغ جتاه أ‬
‫ال�شقاء الفل�سطينيني”‪ .‬ودعا كافة‬ ‫الفل�سطينية نتيجة ا�ستمرار االقتتال بني أ‬
‫أ‬
‫الطراف الفل�سطينية �إىل “حتكيم العقل واللجوء �إىل احلوار”‪ ،‬كما �أ�شاد‬

‫‪ 56‬القد�س العربي‪.2007/2/3 ،‬‬

‫‪274‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫بدعوة خادم احلرمني ال�رشيفني التي وجهها �إىل أ‬


‫الطراف الفل�سطينية‪57‬؛‬
‫من �أجل التحاور فيما بينها على �أمل التو�صل �إىل اتفاق يف رحاب احلرم‬
‫املكي ال�رشيف‪ ،‬أ‬
‫المر الذي نتج عنه اتفاق مكة‪.‬‬

‫ال�سالمي‪:‬‬
‫‪ .5‬املوقف إ‬
‫الخبارية موقف ًا �إ�سالمي ًا ذا �ش أ�ن‪ ،‬يتعلق ب أ�حداث‬
‫مل تظهر امل�صادر إ‬
‫االقتتال الفل�سطيني الداخلي‪� ،‬سوى بع�ض الت�رصيحات واملواقف التي مل‬
‫حل للخالفات الفل�سطينية‪.‬‬‫يكن لها �أثر يف وقف هذا االقتتال‪� ،‬أو �إيجاد ٍّ‬
‫ال�سالمي فقد دعا �أمني عام املنظمة‪،‬‬‫ف أ�ما على م�ستوى منظمة امل ؤ�متر إ‬
‫�أكمل الدين �إح�سان �أوغلو‪ ،‬خمتلف القوى والف�صائل الفل�سطينية �إىل التحلي‬
‫بال�صرب‪ ،‬ونا�شدها ب�رضورة �ضبط النف�س‪ ،‬وطالبها ب إ�نهاء اال�شتباكات‬
‫امل ؤ��سفة التي وقعت يف غزة‪ ،‬م ؤ�كداً على وجوب تغليب لغة احلوار وو�أد‬
‫الفتنة الداخلية‪ .‬ور�أى �أوغلو �أنَّ “الدفاع عن احلقوق العادلة لل�شعب‬
‫ال�صف‪ ،‬ومتتني الوحدة الوطنية باعتبارها‬
‫ّ‬ ‫الفل�سطيني يتطلب توحيد‬
‫ال�سياج املنيع‪ ،‬الذي ي�صون املنجزات الوطنية لل�شعب”‪ .‬و�أعرب عن �أمله‬
‫ال�رساع يف ت�شكيل حكومة الوحدة؛ من �أجل �إنهاء أ‬
‫الو�ضاع‬ ‫ب أ�ن ّ‬
‫يتم إ‬
‫ال�صعبة التي يعي�شها ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬جراء العقوبات واحل�صار ومنع‬
‫امل�ساعدات‪.58‬‬
‫اليرانية موقف ًا �رصيح ًا من التطورات الفل�سطينية‪،‬‬
‫بينما تبنت احلكومة إ‬
‫�أعلنت فيه دعمها للحكومة الفل�سطينية التي �شكلتها حركة حما�س‪ .‬ولكن‬

‫‪ 57‬وكالة وفا‪.2007/2/4 ،‬‬


‫‪ 58‬اخلليج‪.2006/10/2 ،‬‬

‫‪275‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�ضد حركة فتح ورئي�س ال�سلطة‬


‫هذا املوقف مل يتحول �إىل انحياز �إيراين ّ‬
‫حممود عبا�س‪� ،‬إذ بقيت خطوط االت�صال بني طهران وكال الطرفني‬
‫الفل�سطينيني املتنازعني مفتوحة‪ ،‬ولكن بوتائر متفاوتة‪.‬‬
‫وكان وزير الداخلية يف احلكومة الفل�سطينية العا�رشة �سعيد �صيام‪،‬‬
‫قد �أعلن �أ َّنه تلقى وعوداً من طهران لـ“تدريب كوادر �أمنية‪ ،‬و�إعطاء منح‬
‫المن‬‫لطالب ال�رشطة”‪ .59‬ون ُِق َل عنه �أنَّ �إيران تعهدت له بـ “تزويد قوات أ‬
‫الفل�سطينية بعربات ع�سكرية”‪ .‬و�أعربت جامعة ال�رشطة النظامية إ‬
‫اليرانية‪،‬‬
‫ومقر القوات اخلا�صة حلفظ النظام‪ ،‬ومركز العمليات‪ ،‬ومركز الطوارئ‬
‫ّ‬
‫“الدعم و[كل] �إمكانات ي�ستطيعونها خلدمة ال�شعب‬
‫عن ا�ستعدادها لتقدمي َّ‬
‫الفل�سطيني”؛ ذكرت منها منح لكليات ال�رشطة ودورات تدريبية و�أمنية‬
‫اليراين �أحمدي جناد قوله �إ َّنه ال توجد‬
‫خا�صة‪ .‬هذا‪ ،‬ون ُِق َل عن الرئي�س إ‬
‫لدى �إيران �أ ّي حتفظات‪� ،‬أو حدود‪ ،‬حتول دون نقل �إجنازاتها وجتاربها يف‬
‫املجاالت كافة للحكومة الفل�سطينية برئا�سة حما�س‪.60‬‬
‫ال�سالمية‪ ،‬وبعد �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪،‬‬ ‫�إال �أن اجلمهورية إ‬
‫حافظت على دعمها حلما�س‪ ،‬لكنها �أخذت تركز ب�شكل �أكرب على �رضورة‬
‫اليراين منو�شهر متكي‬
‫�شدد وزير اخلارجية إ‬
‫الوحدة الوطنية واحلوار‪ ،‬فقد ّ‬
‫‪ ،Manouchehr Mottaki‬لدى لقائه ع�ضو املكتب ال�سيا�سي حلركة‬
‫حما�س عماد العلمي‪ ،‬على احلوار بني الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬ور�أى متكي‬
‫�أنَّ “احلوار ميثل �أف�ضل و�سيلة للخروج من أ‬
‫الزمة الراهنة”‪ .‬وو�صف‬

‫‪ 59‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2006/10/14 ،‬‬
‫‪ 60‬ال�سفري‪.2006/10/14 ،‬‬

‫‪276‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫حكومة الوحدة الوطنية ب أ� ّنها “�أف�ضل خيار إلنهاء م�شكالت ال�شعب‬


‫الفل�سطيني‪ ،‬يف حال تعاونت جميع الف�صائل فيما بينها”‪.61‬‬
‫ومل مينع ُبعد �إندوني�سيا عن فل�سطني من �أن تت أ�ثر ملا يحدث على‬
‫ال�ساحة الفل�سطينية بني أ‬
‫ال�شقاء‪ ،‬بل بادرت �إىل عر�ض و�ساطتها لل�صلح بني‬
‫الفل�سطينيني‪ .‬ف أ�علن وزير خارجية �إندوني�سيا ح�سن ويراجودا ‪Hassan‬‬
‫‪ ،Wirajuda‬يف ات�صال مع رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س خالد‬
‫م�شعل‪ ،‬عن ا�ستعداد بالده ال�ست�ضافة لقاء بني فتح وحما�س تكون مهمته‬
‫“ر�أب ال�صدع” فيما بينهما‪ .‬كما �أعرب عن تقديره للمبادرة ال�سعودية‪،‬‬
‫م ؤ�كداً دعم بالده لـ“ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬واحرتام نتائج‬
‫االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬ورف�ض احل�صار”‪.62‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬املوقف الدويل‪:‬‬
‫‪ .1‬الواليات املتحدة أ‬
‫المريكية‪:‬‬
‫الدارة أ‬
‫المريكية بنتائج االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪،‬‬ ‫ُ�صدمت إ‬
‫ودعت رئي�س ال�سلطة للبقاء يف من�صبه‪ ،‬وطالبت حما�س االلتزام‬
‫ال�رسائيلية لكي تقبل التحاور معها‪ ،‬وبد�أت بخطوات‬ ‫بال�رشوط إ‬
‫عملية من �ش أ�نها �أن ت ؤ�دي �إىل �إجها�ض التجربة الدميوقراطية الناجحة‬
‫التي حققها الفل�سطينيون‪ ،‬و�إفراغها من م�ضمونها ودفع الق�ضية نحو‬
‫االجتاه اخلاطئ؛ حيث الر ؤ�ية أ‬
‫المريكية التي تقوم على �أ�سا�س امل�صلحة‬
‫الدارة �سل�سلة �إجراءات وتدابري يف‬
‫ال�رسائيلية فقط‪ .‬ثم اتخذت هذه إ‬
‫إ‬

‫‪ 61‬امل�ستقبل‪.2007/7/8 ،‬‬
‫‪ 62‬احلياة‪.2007/2/6 ،‬‬

‫‪277‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫خمتلف املناحي؛ ال�سيا�سية واملالية والدبلوما�سية أ‬


‫والمنية‪ ،‬كل واحدة منها‬
‫ميكن �أن تكون كفيلة ب إ��سقاط احلكومة‪ ،‬التي �شكلتها حركة حما�س؛ نذكر‬
‫الخبارية‪ ،‬وقد وردت‬ ‫منها �أهم امل�شاريع أ‬
‫المنية التي �أوردتها امل�صادر إ‬
‫على ال�شكل التايل‪:‬‬

‫الطاحة باحلكومة التي �شكلتها حما�س‪:‬‬


‫حماولة إ‬
‫ن�رشت جريدة نيويورك تاميز يف ‪ 2006/2/14‬تقريراً ك�شف عن خطة‬
‫�أمريكية �إ�رسائيلية‪ ،‬تهدف �إىل عزل ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وفر�ض املعاناة‬
‫على ال�شعب الفل�سطيني لتجربه على �إ�سقاط حكومة حما�س‪ .63‬وك�شفت‬
‫جريدة ال�سبيل أ‬
‫الردنية يف ‪ 2006/5/16‬تفا�صيل هذه اخلطة‪ ،‬التي قالت‬
‫�إنها وزعت على عدد حمدود جداً من القيادات الفل�سطينية بهدف التعاون‬
‫إلجناحها‪ ،‬وجرى ت�رسيبها عن طريق �إحدى القيادات البارزة واملعروفة‬
‫على ال�ساحة الفل�سطينية يف �شهر �آذار‪ /‬مار�س‪ .‬وقد جاء يف تفا�صيل‬
‫هذه اخلطة‪� ،‬أنه ّمت تكليف طاقم �أمريكي �إ�رسائيلي م�شرتك‪َّ ،‬‬
‫�ضم خرباء يف‬
‫أ‬
‫المن واملال واالقت�صاد والعالقات الدولية وخرباء ا�سرتاتيجيني وعلماء‬
‫نف�س من البلدين؛ من �أجل �إعداد خطة ملحا�رصة حما�س‪ .‬وذكرت‬
‫امل�صادر ب أ�نه متت املوافقة على هذه اخلطة يف �شهر �شباط‪ /‬فرباير ‪2006‬؛‬
‫�ضد حما�س‪ ،‬وال�ضغط على الدول‬
‫وقد ت�ضمنت‪� :‬إثارة ال�ساحة الفل�سطينية ّ‬
‫أ‬
‫الوروبية لوقف �إر�سال امل�ساعدات �إىل الفل�سطينيني‪ ،‬وتكثيف العمليات‬
‫ال�رسائيلية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا عمليات االغتيال‪ّ ،‬‬
‫و�شن حملة اعتقاالت‬ ‫الع�سكرية إ‬
‫يف �صفوف قادة حما�س‪ ،‬خ�صو�ص ًا �أولئك الذين جنحوا يف االنتخابات‬

‫‪Steven Erlanger, “U.S. and Israelis are said to talk of Hamas Ouster”.h 63‬‬

‫‪278‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫الت�رشيعية‪� ،‬أو الذين قد يت�س َّلمون منا�صب وزارية وا�ست�شارية‪ ،‬إ‬


‫واليقاع‬
‫بني رئا�سة ال�سلطة واحلكومة؛ من خالل �سحب ال�صالحيات الفعالة من‬
‫�ضد حما�س؛ ب أ� َّنها تقيم‬
‫و�شن حمالت االدعاءات واالتهامات ّ‬
‫الوزارات‪ّ ،‬‬
‫عالقات حتالف مع هذه الدولة �أو تلك‪ ،‬وتخويف بع�ض الدول العربية من‬
‫تزايد قوة حما�س‪ ،‬وفر�ض ح�صار م�شدد على ال�ضفة الغربية‪ ،‬وا�ستمرار‬
‫“�إ�رسائيل” يف جتميد م�ستحقات ال�سلطة ال�رضيبية‪ّ ،‬‬
‫و�شل احلركة التجارية‬
‫يف ال�ضفة والقطاع‪ ،‬وتوتري الو�ضع الفل�سطيني الداخلي‪.64‬‬
‫المريكي‬‫المن أ‬‫عد امل�ست�شار امل�ساعد يف جمل�س أ‬ ‫يف الوقت نف�سه �أ ّ‬
‫خطة و�صفها ب أ� َّنها “من �أجل العمل اجلاد‬
‫�إليوت �أبرامز ‪َّ Elliott Abrams‬‬
‫ل�ضمان هزمية حما�س ب أ�يدٍ فل�سطينية”‪ .‬جاء كالم �أبرامز هذا يف لقاء َّ‬
‫�ضمه‬
‫العمال الفل�سطينيني يف مكتبه بالبيت أ‬
‫البي�ض؛‬ ‫مع جمموعة من رجال أ‬
‫حيث فاج أ� احلا�رضين‪ ،‬و�أبان عن نيته يف �رضورة توجيه �رضبة م ؤ�ملة ّ‬
‫�ضد‬
‫والطاحة بها‪ .‬وبينَّ ب أ�نَّ هذه املهمة‬
‫من �أ�سماها احلكومة “احلم�ساوية” إ‬
‫المريكية‪ ،‬التي تتعهد بتقدمي م�ساعدات عاجلة‪،‬‬ ‫الدارة أ‬‫�ستنفذ مبوافقة إ‬
‫والجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫ال�سلحة اخلفيفة‪ ،‬تُ�س َّلم �إىل رئي�س ال�سلطة الوطنية أ‬
‫من أ‬
‫مد يد امل�ساعدة‬
‫ال‪“ :‬من واجب الواليات املتحدة ّ‬ ‫التابعة له!! ثم �أكد قائ ً‬
‫�إىل فتح”‪ ،‬التي قال عنها ب أ�نها املناف�س املبا�رش القوي حلما�س؛ من خالل‬
‫تزويد احلركة بال�سالح والتدريب حتى تتمكن من جمابهة حما�س الن�شطة‪،‬‬
‫وال�سيطرة على احلكومة الفل�سطينية‪ .‬وع ّلق حول الوترية التي �سوف ت�سري‬
‫وفقها عملية ت�سليح �أجهزة �أمن الرئا�سة بقوله‪ :‬جتهيزات البنادق والذخرية‬

‫‪ 64‬ال�سبيل‪.2006/5/16 ،‬‬

‫‪279‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫التي كانت تتدفق مثل القطرة يف املا�ضي‪ ،‬ت�صاعدت وتريتها مع أ‬


‫اليام‬
‫لتتدفق مثل ال�سيل‪.65‬‬
‫ويف �سياق التح�ضريات أ‬
‫المريكية هذه‪ ،‬جل أ�ت راي�س يف ‪2006/5/18‬‬
‫�إىل تذكري رئي�س ال�سلطة حممود عبا�س ب أ� َّنه يحوز ثقة ال�شعب الفل�سطيني‪،‬‬
‫وبالتايل يتوجب عليه �أن يكون قادراً على ممار�سة �صالحياته‪ ،‬و“ال�سيطرة‬
‫على املوقف جراء القتال النا�شب بني الف�صائل الفل�سطينية”‪66‬؛ مبا يعني �أنها‬
‫المنية كي تقاتل الف�صائل الفل�سطينية‬ ‫الجهزة أ‬ ‫لزج أ‬
‫توجه له دعوة مبا�رشة ّ‬
‫ويف مقدمتها حما�س‪ ،‬حتت عنوان �إيقاف االقتتال‪ .‬ت أ�كد هذا التحليل‬
‫ال عن م�صادر و�صفتها‬‫باملعلومات التي ن�رشتها جريدة املنار الفل�سطينية‪ ،‬نق ً‬
‫ب أ�نها مطلعة‪ ،‬قولها‪� :‬إن وا�شنطن وتل �أبيب معنيتان بحدوث اقتتال داخلي‬
‫فل�سطيني‪ ،‬و�إنهما تقومان بخطوات وتطرحان برنامج يدفع �إىل هذا‬
‫االقتتال‪.67‬‬
‫ومما يوحي ب أ�ن أ‬
‫المريكيني مل يعودوا ي�ستطيعون ال�صرب على بقاء حما�س‬
‫يف احلكومة؛ هو ما ن�رشته جريدة املنار الفل�سطينية يف ‪2006/5/30‬‬
‫القليمية والدولية ب أ�ن‬
‫ب أ�ن “وا�شنطن �أبلغت حلفاء لها يف ال�ساحتني إ‬
‫احلكومة [الفل�سطينية] �سوف ت�سقط يف �شهر متوز القادم”‪ .‬ونظراً لعدم‬

‫‪65‬‬
‫”‪Mark Perry and Alastair Crooke, “Elliot Abrams’ uncivil war,‬‬
‫‪Conflict Forum, 7/1/2007, in: http://conflictsforu.org/2007/elliot-‬‬
‫‪abrams-uncivil-war/, this article was also published in Asia Times‬‬
‫”‪online, 9/1/2007, titled: “No-goodniks and the Palestinian shootout,‬‬
‫‪in: http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/IA09Ak03.html‬‬
‫‪� 66‬سي �إن �إن‪.2006/5/19 ،‬‬
‫‪ 67‬املنار‪.2006/5/30 ،‬‬

‫‪280‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫حتقق هذا التوقع أ‬


‫المريكي ف إ�ن �إدارة بو�ش جل أ�ت �إىل اعتماد �أ�سلوب‬
‫احل�سم الع�سكري املبا�رش؛ �أي االنقالب على احلكومة ال�رشعية‪ .‬هذا ما‬
‫�أو�ضحته اجلريدة ذاتها؛ �أي ا�ستعداد دحالن لدفع رجاله امل�سلحني �إىل‬
‫�ضد حما�س‪.‬‬
‫خو�ض معركة ّ‬
‫وكررت وا�شنطن بذل امل�ساعي واملحاوالت؛ من �أجل �إ�سقاط حكومة‬
‫حما�س‪ .‬ومن هذه املحاوالت ما �أوردته جريدة أ‬
‫الخبار اللبنانية يف‬
‫ال عن جريدة �صنداي تاميز الربيطانية يف ‪،2006/10/14‬‬ ‫‪ 2006/10/15‬نق ً‬
‫س�ولني �أمريكيني‪ ،‬قالت �إنهم معنيون بامللف الفل�سطيني إ‬
‫ال�رسائيلي‪،‬‬ ‫�أن م� ؤ‬
‫�أعلنوا‪� :‬أ ّنه ميكن االعتماد على الرئي�س ال�سابق جلهاز أ‬
‫المن الوقائي يف‬
‫قطاع غزة حممد دحالن‪ ،‬لتنفيذ خطة �إطاحة حكومة حما�س‪ .‬و�أ�شارت‬
‫س�ولني �أمريكيني و�صفهم دحالن ب أ� َّنه الرجل‬
‫ال عن م� ؤ‬
‫اجلريدة ذاتها نق ً‬
‫الذي ي�ستطيع تنفيذ املهمة‪.68‬‬
‫�صحت‪ ،‬مدى‬
‫عك�ست جميع املخططات واملحاوالت ال�سابقة‪� ،‬إن َّ‬
‫تورط وا�شنطن يف دفع الو�ضع الفل�سطيني نحو االقتتال الداخلي‪ .‬ومع‬
‫احلد‪ ،‬بل جل أ�ت �إىل‬ ‫الدارة أ‬
‫المريكية بالوقوف عند هذا ّ‬ ‫تكتف إ‬
‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬مل‬
‫التح�ضري ملا بعد الت�صادم بني فتح وحما�س؛ ف أ�عدت �رساً قائمة ّ‬
‫ت�ضم ب�ضعة‬
‫خلفاء حمتملني ألبي مازن‪ ،‬الذي ّ‬
‫يعدونه �ضعيف ًا ومرتدداً يف اتخاذ القرارات‬
‫�ضد حما�س‪ ،‬من �ضمن ه ؤ�الء املر�شحني حممد دحالن‪69‬؛ كتعبري منها عن‬ ‫ّ‬
‫الوجهة التي تريد �أن تدفع ال�ساحة الفل�سطينية �إليها‪ ،‬وعن �إ�رصارها على‬

‫‪ 68‬أ‬
‫الخبار‪ ،‬بريوت‪.2006/10/15 ،‬‬
‫‪ 69‬امل�صدر نف�سه‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫�إيقاع االقتتال بني الفل�سطينيني‪ ،‬ك�سبيل إلنهاء ق�ضيتهم‪ ،‬على ال�شكل الذي‬
‫ي�ضمن لـ “�إ�رسائيل” �أمنها‪ ،‬وجناح م�رشوعها اال�ستيطاين‪.‬‬
‫وبح�سب جريدة احلياة اللندنية يف ‪ 2006/11/4‬ف إ�ن دايتون‪ ،‬عر�ض‬
‫ال�رسائيلية “خطة طموحة”‪ ،‬ت�ستهدف دفع عبا�س ملواجهة‬
‫على احلكومة إ‬
‫ع�سكرية مع حركة حما�س يف القطاع‪ ،‬ت ؤ�دي �إىل �إ�سقاط حكومتها‪.‬‬
‫ووفق ًا للخطة‪ّ :‬‬
‫�سيتم تدريب وجتهيز القوات املوالية لعبا�س بالبنادق‪ ،‬على‬
‫�أن يتوىل �ضباط بريطانيون وم�رصيون و�أردنيون مهمة التدريب‪.‬‬
‫ويف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ 2007‬بد�أت تتحدث التقارير عن مقرتحات قدمتها‬
‫المريكية للرئا�سة الفل�سطينية‪� ،‬ضمن خطة �سميت “خطة عمل‬ ‫الدارة أ‬
‫إ‬
‫والعداد للح�سم‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية لعام ‪ ،”2007‬تهدف �إىل تقوية فتح‪ ،‬إ‬
‫الع�سكري مع حما�س و�إ�سقاطها‪ .‬وت�ضمنت هذه اخلطة الدعوة لتحديد‬
‫�أ�س�س العملية ال�سلمية‪ ،‬وتوفري الدعم الالزم �سيا�سي ًا ومالي ًا لعبا�س وفتح‪،‬‬
‫و�رضب قوة حما�س ال�سيا�سية‪ ،‬وتوفري ما يلزم لتمكني الرئا�سة الفل�سطينية‬
‫المنية‪ .‬كما حددت اخلطة فرتة ما بني ثالثة‬ ‫الجهزة أ‬ ‫من ال�سيطرة على أ‬
‫كحد �أق�صى‪ ،‬لتحقيق �أهدافها‪.70‬‬
‫ٍّ‬ ‫�أ�شهر �إىل ت�سعة �أ�شهر‪،‬‬
‫ويف املو�ضوع نف�سه ن�رشت جملة فانيتي فري أ‬
‫المريكية يف عدد‬
‫ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2008‬تقريراً حول الدور أ‬
‫المريكي يف ال�رصاع‬
‫الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬و�أ�شار كاتب التقرير �إىل �أن م�سودات خطة عمل‬

‫‪70‬‬
‫‪Mark Perry and Paul Woodward, Document Details ‘U.S.’ Plan‬‬
‫‪to Sink Hamas, Asia Times, 16/5/2007, see:l‬‬
‫‪http://www. atimes.com/atimes/Middle_East/IE16Ak04.html‬‬
‫ن�ص الوثيقة‪ ،‬ولكن‬ ‫وكانت جريدة املجد أ‬
‫الردنية قد ن�رشت يف عددها يف ‪ّ 2007/4/30‬‬
‫ال�سلطات أ‬
‫الردنية منعت �صدور هذا العدد‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫الرئا�سة كانت تهدف �إىل �إعطاء عبا�س “القدرة على اتخاذ القرارات‬
‫ال�سيا�سية واال�سرتاتيجية املطلوبة‪ ...‬مثل ّ‬
‫حل جمل�س الوزراء و�إن�شاء جمل�س‬
‫طوارئ”‪ .‬و�أ�شار التقرير �إىل �أن �ضغط ًا �أمريكي ًا مار�سته راي�س على الرئي�س‬
‫حل حكومة‬‫عبا�س يف �أثناء زيارتها لرام اهلل يف ‪ ،2006/11/4‬من �أجل ّ‬
‫حما�س خالل �أ�سبوعني‪ .‬فقد نقل التقرير �أن راي�س قالت للرئي�س عبا�س‬
‫الفطار؛ حيث كان �شهر رم�ضان‪�“ ،‬إذن فقد اتفقنا؟ �ستحل‬ ‫على مائدة إ‬
‫احلكومة يف �أ�سبوعني �ألي�س كذلك؟”‪ ،‬فر ّد عبا�س قائ ً‬
‫ال “رمبا لن يكفي‬
‫�أ�سبوعان‪ ،‬امنحيني �شهراً‪ ،‬دعينا ننتظر �إىل ما بعد العيد”‪ .‬كما ذكر التقرير‬
‫المريكية ملثل هكذا خمطط؛ فقد‬ ‫الدارة أ‬‫�أنه كان هناك معار�ضة من داخل إ‬
‫انتقد ديفيد ويرم�رس ‪ ،David Wurmser‬كبري م�ست�شاري نائب الرئي�س‬
‫الو�سط الذي‬‫ش�ون ال�رشق أ‬‫المريكي ديك ت�شيني ‪ Dick Cheney‬ل� ؤ‬‫أ‬
‫ا�ستقال بعد �شهر من �سيطرة حما�س على غزة‪ ،‬ال�سيا�سة أ‬
‫المريكية الهادفة‬
‫خللق حرب فل�سطينية �أهلية‪ .‬ويتهم ويرم�رس �إدارة بو�ش “بال�ضلوع يف‬
‫حرب قذرة يف م�سعى منها ملنح الن�رص لديكتاتورية فا�سدة يقودها عبا�س”‪.‬‬
‫و�أ�ضاف ويرم�رس يف تعليقه على �سيطرة حما�س على غزة “يبدو �أن ما‬
‫حدث مل يكن جمرد انقالب من حما�س‪ ،‬بل حماولة انقالبية من فتح جرى‬
‫ا�ستباقها قبل �أن تقع”‪.71‬‬

‫ت�شكيل قوة تنفيذية خا�صة بقيادة دحالن‪:‬‬

‫الجراءات الرامية �إىل �إ�سقاط احلكومة‬ ‫تابعت وا�شنطن اتخاذ إ‬


‫الفل�سطينية العا�رشة؛ فعر�ضت ت�صوراً يقت�ضي ت�شكيل قوة تنفيذية خا�صة‬

‫‪David Rose, The Gaza Bombshell.u 71‬‬

‫‪283‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫بقيادة حممد دحالن‪ .‬كما �أكد م�صدر كبري يف مكتب رئي�س ال�سلطة ب أ�نَّ‬
‫حممود عبا�س وافق على ت�شكيل هذه القوة‪ ،‬التي ي�صل تعدادها �إىل خم�سة‬
‫يتم تعيينهم بعد �أن يخ�ضعوا لـ“حتريات �أمنية مكثفة ي�شرتط‬
‫ع�رش �ألف فرد؛ ُّ‬
‫فيها الوالء الكامل لدحالن”‪ .‬و�أ�ضاف امل�صدر الرئا�سي‪ ،‬ب أ�نَّ اللواء عبد‬
‫وال�رشاف العام‬‫الرزاق املجايدة يتوىل مهمة ت أ��سي�س القوة‪ ،‬وجتهيزها‪ ،‬إ‬
‫على خطط عملها‪ ،‬التي تدعو �إىل “حماربة حما�س وامتدادها الع�سكري‬
‫الر�ض”‪.‬‬ ‫وت�شكيل قوة موازية لها على أ‬

‫وتابع امل�صدر نف�سه مو�ضح ًا‪�“ :‬إنَّ ماليني الدوالرات �رصفت من جهاز‬
‫املخابرات املركزية أ‬
‫المريكية ‪� CIA‬إىل دحالن مبا�رشة لت�شكيل هذه القوة”‪،‬‬
‫ال عن تزويدها ب�سيارات م�صفحة و�أ�سلحة خمتلفة وقذائف ور�شا�شات‬ ‫ف�ض ً‬
‫مقر الرئا�سة مبدينة غزة”‪ .‬وللت أ�كيد‬
‫ثقيلة؛ “و�صل جزء منها‪ ،‬و َّمت تخزينه يف ّ‬
‫على �أن هذه القوة امل�شار �إليها قد بد�أت مهمتها‪ ،‬بينّ امل�صدر الرئا�سي‬
‫الوىل حني هاجمت قوات أ‬
‫المن‬ ‫ال�سلحة ا�س ُتخدمت للمرة أ‬ ‫ب أ�نَّ “هذه أ‬
‫الوطني والرئا�سة ب�سيارات م�صفحة و�أ�سلحة ثقيلة جمموعات الق�سام”‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر‪� ،‬أنه �أبلغ عدد من الذين َّمت تنظيمهم يف �إطار هذه القوة؛‬
‫ب أ�نّ “مهمتهم االنقالب على احلكومة و�إ�سقاطها ع�سكري ًا”‪.72‬‬
‫ويف هذا ال�سياق بد�أت تتك�شف بع�ض اخلطط أ‬
‫المريكية إل�سقاط‬
‫حكومة حما�س‪ ،‬فقد ن�رشت جريدة دي يوجنا فلت ‪Die Junge Welt‬‬
‫أ‬
‫الملانية‪ ،‬يف ‪ ،2007/6/14‬تقريراً �أ ّ‬
‫عده معلق اجلريدة فولف راينهاردت‬
‫المريكي بو�ش بالتخطيط منذ‬‫‪ ،Wolf Reinhardt‬اتهم فيه الرئي�س أ‬

‫‪ 72‬االحتاد‪.2007/2/1 ،‬‬

‫‪284‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫فرتة؛ لتفجري أ‬
‫الو�ضاع الداخلية الفل�سطينية‪ ،‬وبتحري�ض تيار موالٍ‬
‫لها داخل فتح على القيام بت�صفيات ج�سدية لقادة الف�صائل الع�سكرية‬
‫حلما�س‪ .‬وقال راينهاردت‪� :‬إن هذا االتهام مبني على اعرتاف �أدىل‬
‫به املن�سق أ‬
‫المريكي كيث دايتون �أواخر �أيار‪ /‬مايو ‪� 2007‬أمام جل�سة‬
‫ا�ستماع يف جلنة ال�رشق أ‬
‫الو�سط بالكوجنر�س‪ ،‬بوجود ت أ�ثري قوي للواليات‬
‫املتحدة على تيارات فتح كافة‪ .‬و�أ�ضاف الكاتب �أن دايتون �أكد ألع�ضاء‬
‫الو�ضاع �ستنفجر قريب ًا وبال رحمة يف قطاع غزة‪ .‬و�أ�شارت‬ ‫اللجنة ب أ�ن أ‬
‫ال�رسائيلي داخل فتح‪ ،‬مل ينجح‪،‬‬
‫المريكي إ‬ ‫الملانية‪� ،‬إىل �أن التيار أ‬
‫اجلريدة أ‬
‫على الرغم من كل الدعم ال�سخي املقدم له‪ ،‬لك�رس �شوكة حما�س‪ ،‬جيدة‬
‫التنظيم والت�سليح‪ ،‬عرب القتال املبا�رش‪ .‬و�إن هذا الف�شل دفع الـ ‪� CIA‬إىل توجيه‬
‫الدمى الفتحاوية‪ ،‬ح�سب قول اجلريدة‪ ،‬لت�شكيل فرق موت الغتيال قادة‬
‫حما�س وكوادرها‪ .‬وحتدثت عن وجود خيوط كثرية تربط بني هذه الفرق‬
‫واحلر�س الرئا�سي‪ ،‬الذي ي�رشف عليه حممد دحالن‪ .‬ون�سبت اجلريدة �إىل‬
‫ال�رسائيلية الدكتورة هيجا باوجمارتن‬
‫خبرية التخطيط ال�سيا�سي باجلامعات إ‬
‫‪ Helga Baumgarten‬قولها‪� ،‬إن دحالن مكلف من وكالة اال�ستخبارات‬
‫املركزية‪ ،‬و�أجهزة �أمريكية �أخرى بتنفيذ مهمة حمددة؛ هي ت�صفية �أي قوى‬
‫مقاومة لـ“�إ�رسائيل” داخل حما�س وخارجها‪.73‬‬

‫خطة “حرية احلركة مقابل أ‬


‫المن”‪:‬‬

‫ال عن “ه�آرت�س” �أن م�صادر �إ�رسائيلية‬ ‫�أوردت وكالة �سما إ‬


‫الخبارية‪ ،‬نق ً‬
‫المريكة قدمت خطة لـ“�إ�رسائيل” وتل �أبيب‪� ،‬أ�سمتها‬ ‫الدارة أ‬‫قالت‪� :‬إن إ‬

‫‪ 73‬عرب ‪ ،2007/6/15 ،48‬ترجمة عن جريدة دي يوجنا فلت‪� ،‬أملانيا‪ ،‬انظر‪:‬‬


‫‪http://www. jungewelt.de/2007/06-14/020.php?sstr=dayton‬‬

‫‪285‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�رسائيلي ت�سهيل‬
‫منوذج “امتحانات التنفيذ”؛ يلتزم مبوجبها االحتالل إ‬
‫حركة الفل�سطينيني على معابر قطاع غزة‪� ،‬إ�ضافة �إىل �إزالة عدد من احلواجز‬
‫الع�سكرية املنت�رشة يف ال�ضفة الغربية‪ .‬وا�شرتطت على الفل�سطينيني مقابل‬
‫المن‪ ،‬ووقف �إطالق ال�صواريخ‪ ،‬والعمل على‬ ‫ذلك �إعادة تنظيم قوات أ‬
‫�إعادة النظام واال�ستقرار �إىل قطاع غزة‪ .‬و�أ�شارت هذه اخلطة �إىل �إ�رصار‬
‫وا�شنطن على �أن الدور املطلوب من �أجهزة أ‬
‫المن الفل�سطينية لعبه هو “قيام‬
‫بالجراءات أ‬
‫المنية ال�رضورية”‪74‬؛ �أي �سحب �سالح‬ ‫ال�سلطة الفل�سطينية إ‬
‫ف�صائل املقاومة مقابل ال�سماح ب إ�عادة بنائها‪.‬‬

‫ا�ستقدام قوات دولية �إىل قطاع غزة‪:‬‬

‫ما �إن �سيطرت حركة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬و�أعلن عبا�س نيته دعوة‬
‫المن فيه وحماية االنتخابات‬ ‫قوات دولية �إىل القطاع بذريعة �إم�ساك أ‬
‫الت�رشيعية والرئا�سية؛ قالت م�صادر �أمريكية �إن حكومة الرئي�س جورج بو�ش‬
‫التقطت هذه الدعوة‪ ،‬وبد�أت الرتويج لها بهدف “�إف�شال �سيطرة حما�س‬
‫على الو�ضع يف قطاع غزة‪ ،‬و�إ�سقاط نفوذها هناك”‪ .75‬من اجلدير بالذكر‬
‫الدارة قد �أعدتها خالل ح�صار الرئي�س الفل�سطيني‬
‫�أن هذه اخلطة كانت إ‬
‫الراحل يا�رس عرفات يف رام اهلل‪ ،‬بعد �أن �أعادت “�إ�رسائيل” احتالل ال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬وهي تقت�ضي‪ ،‬كذلك‪ ،‬ن�رش قوات دولية يف القطاع‪.‬‬

‫‪ 74‬وكالة �سما‪.2007/4/27 ،‬‬


‫‪ 75‬الد�ستور‪.2007/7/2 ،‬‬

‫‪286‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫الجهزة أ‬
‫المنية‪:‬‬ ‫دعم �إعادة بناء أ‬

‫بالرغم من كل ما�سبق‪ ،‬فقد جل أ� دايتون �إىل تعزيز قوة عبا�س؛ فقد‬


‫ال�رسائيلية يف ‪� 2006/10/31‬أن املن�سق أ‬
‫المريكي‬ ‫ن�رشت جريدة ه�آرت�س إ‬
‫عد خطة تق�ضي بزيادة عنا�رص أ‬
‫الجهزة التابعة حلر�س الرئا�سة الفل�سطينية‬ ‫�أ ّ‬
‫من ‪ 3,500‬عن�رص �إىل ‪ 6,000‬عن�رص وتدريبها‪ ،‬وقد ر�صد مبلغ اثنان مليون‬
‫دوالر لهذه الغاية‪.76‬‬
‫الجراءات مل ت ؤ� ِّد أ‬
‫الغرا�ض املرجوة منها‪ ،‬اعتمدت‬ ‫ونظراً لكون هذه إ‬
‫المريكية‪ ،‬ح�سب وثيقة �أمريكية‪ ،‬قالت وكالة رويرتز �إنها‬ ‫الدارة أ‬‫إ‬
‫ح�صلت على ن�سخة منها يف ‪ ،2007/1/5‬خطة �أمنية مطورة قدمها دايتون‬
‫نف�سه‪ ،‬بلغت ميزانيتها ‪ 86.4‬مليون دوالر‪ ،‬مهمتها املعلنة “دعم قوات‬
‫أ‬
‫المن الفل�سطينية املوالية لرئي�س ال�سلطة حممود عبا�س”؛ ب�شكل يعك�س‬
‫االهتمام أ‬
‫المريكي املتزايد بال�رصاع القائم بني عبا�س وحما�س‪ ،‬وي ؤ�كد‬
‫الموال أ‬
‫المريكية �ست�ستخدم يف م�ساعدة رئا�سة ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫ب أ�نَّ أ‬
‫للوفاء بالتزامات خطة خريطة الطريق؛ من �أجل تفكيك البنية أ‬
‫ال�سا�سية‬
‫ملا �أ�سمته الوثيقة إ‬
‫“الرهاب”‪ ،‬و “�إقامة القانون والنظام يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة”‪.77‬‬
‫و�إ�ضافة �إىل كل الدعم املايل واالقت�صادي الذي قدمته وا�شنطن لرئي�س‬
‫المريكي بو�ش التزامه بزيادة امل�ساعدات أ‬
‫المريكية‬ ‫ال�سلطة‪ ،‬جدد الرئي�س أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة لرئي�س‬ ‫حلكومة فيا�ض؛ من �أجل الت أ�ثري يف بناء أ‬

‫‪Aluf Benn, U.S. Preparing Abbas Guard to Take on Hamas.u 76‬‬


‫‪ 77‬رويرتز‪.2007/1/5 ،‬‬

‫‪287‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫ال�سلطة حممود عبا�س وتوجيهها‪ ،‬لتنفيذ املهام التي يراها هو �رضورية‪.‬‬


‫ف أ�و�ضح ب أ�ن حكومته �ستقدم نحو ‪ 190‬مليون دوالر‪ .‬كما �أعلن عن عزمه‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية‬ ‫تقدمي مبلغ ‪ 80‬مليون دوالر م�ساعدات مبا�رشة إل�صالح أ‬
‫الفل�سطينية؛ وتكلم بو�ش عن هذه امل�ساعدة أ‬
‫المنية خالل حديثه عن �أن‬
‫الفل�سطينيني يقفون �أمام خيار تاريخي وا�ضح‪ ،‬و�صف فيه حركة حما�س‬
‫ب أ�نها ملتزمة بالتطرف والقتل‪.78‬‬

‫‪� .2‬أوروبا‪:‬‬
‫بقيت مواقف الدول أ‬
‫الوروبية مرتددة بني اال�ستجابة الكاملة للرغبات‬
‫أ‬
‫المريكية وبني املتمهلة �أو املتباينة معها �ضمن الهوام�ش امل�سموح بها‪.‬‬
‫الوروبية �ضمن حدود التبني والدعم ملواقف‬ ‫وبالتايل بقيت املواقف أ‬
‫وا�شنطن‪� ،‬أو ا�ستك�شاف الطريق لها والتب�شري بها‪.‬‬
‫ومل يكن احل�صار ال�سيا�سي واملقاطعة االقت�صادية والتحري�ض أ‬
‫المني‬
‫الداخلي ليدفع ال�ساحة الفل�سطينية الداخلية �إىل �أتون االنفجار‪ ،‬لوال تن�سيق‬
‫طرف فل�سطيني مع بع�ض هذه القوى الدولية‪ .‬وقد �أكد ذلك ّ‬
‫وبينه تقرير‬
‫بريطاين �شبه حكومي‪� ،‬أ ّ‬
‫عده املعهد امللكي الربيطاين لل� ؤ‬
‫ش�ون اخلارجية‬
‫�شامت هاو�س ‪ ،Chatam House‬بالتعاون مع وزارة اخلارجية الربيطانية‬
‫ووزارة التعاون الدويل ‪،Ministry of International Coorperation‬‬
‫كا�شف ًا‪� :‬أنّ ال�سلطة الفل�سطينية لعبت دوراً يف ف�شل حما�س‪ ،‬ب�سبب عدم‬
‫تعاون الرئي�س حممود عبا�س وموظفي حركة فتح مع احلكومة التي‬

‫‪ 78‬النهار‪.2007/7/17 ،‬‬

‫‪288‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫بال�ضافة �إىل قلة التعاون الدويل معها‪ .‬وحذر التقرير من‬


‫�شكلتها حما�س‪ ،‬إ‬
‫�أنَّ “�إجبار حما�س على ترك احلكم �سي ؤ�دي �إىل حرب �أهلية”‪ .79‬وقد‬
‫�أح�صت امل�صادر إ‬
‫الخبارية مواقف بع�ض هذه القوى واملنظمات الدولية‪،‬‬
‫والدور الذي �أدته يف �سياق تطورات امللف أ‬
‫المني الفل�سطيني‪.‬‬
‫فقد دعا االحتاد أ‬
‫الوروبي اللجنة الرباعية للتو�صل �إىل اتفاق نهائي‬
‫ال�رسائيلي الفل�سطيني‪ ،‬حمذراً من ن�شوب حرب �أهلية‬‫لت�سوية ال�رصاع إ‬
‫يف املناطق الفل�سطينية‪ ،‬يف حال عدم ح�صول هذا االتفاق‪ .‬يف حني‬
‫ر�أت مفو�ضة االحتاد أ‬
‫الوروبي للعالقات اخلارجية‪ ،‬بنيتا فرييرو فالدنر‬
‫‪� ،Benita Ferrero-Waldner‬رضورة “�أن يحظى حممود عبا�س بالدعم‬
‫الع�سكري”‪ ،‬معللة ب أ�ن هذا الدعم �سيجعله قوي ًا �سيا�سي ًا؛ أل َّنها ُّ‬
‫تعد ذلك‬
‫�ضمانة “بناء دولة فل�سطينية يف امل�ستقبل”‪.80‬‬
‫وملجرد �أن ح�سمت حركة حما�س �سيطرتها على قطاع غزة‪ ،‬بادر‬
‫من�سق ال�سيا�سة اخلارجية لالحتاد أ‬
‫الوروبي خافيري �سوالنا ‪Javier‬‬
‫ال�شارة‬
‫‪� ،Solana‬إىل اتهام حركة حما�س والتحري�ض عليها من خالل إ‬
‫�إىل �أن �إيران رمبا تكون لها �صلة بهذا التطور‪ ،‬وظهر ذلك من خالل موقفه‬
‫الذي قال فيه‪� :‬سيكون من ال�صعب فهم ذلك دون �أن ترى العبني �إقليميني‬
‫وراء ذلك‪ .‬وتبنى دعوة حممود عبا�س املتعلقة با�ستقدام قوات دولية �إىل‬
‫القطاع‪ ،‬ملمح ًا ب أ�نه “على املدى البعيد �سيكون من ال�رضوري وجود قوة‬

‫‪ 79‬ال�رشق‪.2006/11/18 ،‬‬
‫‪ 80‬رويرتز‪.2007/2/2 ،‬‬

‫‪289‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫حفظ �سالم دولية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة”‪ .81‬ومبا �أن �سوالنا يدرك‬
‫�صعوبة ح�صول ذلك يف الوقت الراهن‪ ،‬فقد �رصح ب أ�ن “الت� ؤ‬
‫سا�الت ال‬
‫ترتكز على املوقف املبدئي من القوات الدولية‪ ،‬و�إمنا على كيفية ن�رش هذه‬
‫القوات‪ ،‬واملهمات التي ت�ستعد �إليها‪ ،‬والنطاق اجلغرايف الذي �ستتحرك‬
‫لللية التي اقرتحها رئي�س ال�سلطة للخروج من ما‬ ‫داخله”‪ .‬و�أكد تبنيه آ‬
‫�ستمر حتم ًا عرب‬
‫ّ‬ ‫�أ�سماه امل أ�زق‪ ،‬معترباً �أن م�سرية “امل�صاحلة بني الفل�سطينيني‬
‫االنتخابات املبكرة التي �أ�شار �إليها عبا�س”‪.82‬‬
‫و�أما فرن�سا‪ ،‬فلم تُظهر التقارير �أي موقف لها بخ�صو�ص امللف أ‬
‫المني‬
‫الفل�سطيني‪� ،‬إال بعد �أن �أحكمت حركة حما�س �سيطرتها على قطاع غزة؛‬
‫حيث اتخذ وزير اخلارجية الفرن�سي برنار كو�شنري ‪Bernard Kouchner‬‬
‫موقف ًا متذبذب ًا من حركة حما�س‪ ،‬فتارة ادعى ارتباطها بتنظيم القاعدة‪.‬‬
‫و�أحيان ًا �أخرى حاول �أن يفهم أ‬
‫ال�سباب الكامنة وراء خطواتها‪ ،‬خ�صو�ص ًا‬
‫س�ول عن حتول حما�س نحو‬ ‫عندما قال‪�“ :‬إنَّ املجتمع الدويل هو امل� ؤ‬
‫التطرف”‪ .‬ثم عاد و�شكك يف توجهاتها‪ ،‬حيث ظهر ذلك من خالل تعليقه‬
‫الذي قال فيه‪“ :‬ال �أظن �أنَّ حما�س انتظرت حدوث هذا الو�ضع القا�سي يف‬
‫حدة‬
‫ال من َّ‬‫غزة كي جتري ات�صاالت مع القاعدة”‪ .‬ثم حاول التخفيف قلي ً‬
‫املوقف الذي كان قد ذهب �إليه‪ ،‬ف أ�علن‪�“ :‬إنَّ �سيا�سة عزل الفل�سطينيني‬
‫يف غزة �إذا ق ُِّدر لها �أن ت�ستمر �ستكون �سيا�سة خطرة للغاية حق ًا”‪ .83‬جاء‬
‫حتذيره هذا‪ ،‬لي�س بدافع احلر�ص على �إن�صاف حركة حما�س‪ ،‬و�إمنا بدافع‬

‫‪ 81‬رويرتز‪.2007/7/2 ،‬‬
‫‪ 82‬احلياة‪.2007/7/4 ،‬‬
‫‪ 83‬رويرتز‪.2007/7/18 ،‬‬

‫‪290‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫اخلوف على �أمن املنطقة و�سالمة م�سرية الت�سوية عموم ًا‪.‬‬


‫وكذلك احلال بالن�سبة ألملانيا التي �أ ّكدت دعمها حلكومة الطوارئ‬
‫الفل�سطينية برئا�سة �سالم فيا�ض؛ حيث ك�شف املتحدث با�سم الوفد‬
‫الربملاين‪ ،‬الذي كان يف زيارة رام اهلل‪ ،‬ولرت هلبويو‪ ،‬بعد لقائه فيا�ض‪،‬‬
‫النقاب عن برنامج م�ساعدات �أوروبي‪ ،‬وقال �إنه قيد التطوير لدعم ال�سلطة‬
‫الوروبي لفيا�ض وخططه؛ من‬ ‫ثم �أ َّكد هلبويو دعم �أملانيا واالحتاد أ‬
‫الوطنية‪ّ .‬‬
‫ال احلكومة الفل�سطينية املُقالة‪ .‬كما‬
‫المنية‪ ،‬متجاه ً‬ ‫الو�ضاع أ‬ ‫�أجل �ضبط أ‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية ذاتها “زمام املبادرة يف ال�سيطرة‬ ‫�أ�شار �إىل �رضورة ا�ستالم أ‬
‫الملاين هذا لي ؤ�كد ب�شكل وا�ضح ب أ�ن‬‫على قطاع غزة”‪ .84‬جاء املوقف أ‬
‫المريكي الداعي �إىل دعم �أجهزة أ‬
‫المن التابعة لرئي�س‬ ‫برلني تتبنى املخطط أ‬
‫المن يف كافة �أرا�ضي‬‫ال�سلطة؛ من �أجل �ضمان بقائها م�سيطرة على أ‬
‫اخلا�ضعة لها‪.‬‬

‫يف حني �أيد وزير اخلارجية إ‬


‫اليطالية‪ ،‬ما�سيمو داليما ‪Massimo‬‬
‫ال�سهام يف تهدئة‬
‫‪� ،D’Alema‬إر�سال قوات دولية �إىل قطاع غزة‪ ،‬بذريعة إ‬
‫ال�رسائيلي والفل�سطيني‪.‬‬
‫الو�ضع هناك‪ ،‬و�إيقاف املواجهات بني اجلانبني إ‬
‫المر �سي�ساعد على خلق اال�ستقرار‪ ،‬وعلى تفعيل‬ ‫و�شدد على �أنَّ هذا أ‬
‫عملية ال�سالم ب�شكل �أ�رسع بني الطرفني‪ .‬ولكنه تراجع عن موقفه هذا؛ من‬
‫خالل الت أ�كيد على �أهمية املوافقة الدولية على هذه اخلطوة بقوله‪“ :‬بطبيعة‬
‫احلال ف إ�ر�سال هذه القوات يجب �أن ّ‬
‫يتم مبوجب قرار دويل‪ ،‬ليكت�سب‬
‫غطا ًء �رشعي ًا ودولي ًا”‪.85‬‬

‫‪ 84‬الد�ستور‪.2007/7/9 ،‬‬
‫‪ 85‬الوطن‪ ،‬ال�سعودية‪.2007/1/13 ،‬‬

‫‪291‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫وبعد �سيطرة حما�س على قطاع غزة �أعرب رئي�س الوزراء إ‬


‫اليطايل‪،‬‬
‫رومانو برودي ‪ ،Romano Prodi‬عن قلقه البالغ‪ ،‬الفت ًا �إىل �أنه طالب‬
‫وزير دفاع بالده العمل ب�رسعة للخروج من هذا الو�ضع‪ ،‬كي “ال يتحول‬
‫قطاع غزة ملكان مرعب وخميف‪ ،‬والولوج بحرب �أهلية داخلية”‪.86‬‬
‫وتبنى برودي موقف عبا�س الداعي �إىل وجوب ن�رش قوات دولية يف‬
‫حد لقدرة‬‫قطاع غزة‪ ،‬ك�آلية تعرب عن �إرادة املجتمع الدويل يف “و�ضع ٍّ‬
‫المن على‬ ‫حما�س الع�سكرية”‪ ،‬وم�ساعدة �أجهزة �أمن ال�سلطة لفر�ض أ‬
‫طريقتها؛ لكي حتقق املهمة املطلوبة منها‪ .‬مل مينع برودي من اال�ستمرار‬
‫يف دعم فكرة دخول قوات دولية وتفعيل دور بالده فيها‪ ،‬لوال اقتناعه‬
‫الطراف على ن�رش القوات الدولية‬ ‫بد من اتفاق وا�ضح بني خمتلف أ‬ ‫ب أ�نه‪ :‬ال ّ‬
‫المور‪،‬‬‫وتعريف دورها‪ .‬و�إدراكه ب أ�ننا “مل ن�صل بعد �إىل اتفاق حول هذه أ‬
‫ول�سنا قريبني جداً منه”‪.87‬‬
‫و�أما �إ�سبانيا‪ ،‬فلم تكن بعيدة عن م�شاريع التمويل الغربية؛ حيث‬
‫�أوردت جريدة القد�س العربي يف ‪ ،2007/5/17‬ما �أ�شار �إليه دبلوما�سيون‬
‫غربيون حول و�صول �أ�سطولٍ من ال�سيارات رباعية الدفع‪ ،‬قبل نحو �شهر‬
‫ال�سبانية �أر�سلتها‬
‫ال�رسائيلي و�أنّ “احلكومة إ‬
‫من تاريخه‪� ،‬إىل ميناء �أ�سدود إ‬
‫لتكون تابعة حلر�س الرئا�سة الفل�سطيني”‪ .‬وهذه ال�شحنة �ستكون بداية‬
‫برنامج متوله �أوروبا وت�شجعه الواليات املتحدة لتح�سني �أمن عبا�س‪،‬‬
‫وتزويد احلر�س الرئا�سي بتجهيزات متكنه من “تويل جميع املعابر احلدودية‬
‫يف قطاع غزة”‪.88‬‬

‫‪ 86‬الد�ستور‪.2007/7/10 ،‬‬
‫‪ 87‬احلياة‪.2007/7/11 ،‬‬
‫‪ 88‬القد�س العربي‪.2007/5/17 ،‬‬

‫‪292‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫‪ .3‬رو�سيا‪:‬‬

‫المريكي‬ ‫كانت املواقف الرو�سية يف الغالب ال ت�ستجيب لالندفاع أ‬


‫يف ح�صار ال�شعب الفل�سطيني وحماولة �إ�سقاط حكومة حما�س‪� ،‬إال �أنها مل‬
‫حد تعطيلها �أو تقييدها‪� ،‬أو حتى تهذيبها‪.‬‬
‫ترتق �إىل ّ‬
‫ِ‬
‫وقد عبرَّ ت رو�سيا عن انزعاجها من حالة االقتتال الفل�سطيني الداخلي؛‬
‫فدعا املتحدث با�سم خارجيتها‪ ،‬ميخائيل كامينني ‪،Mikhail Kamynin‬‬
‫حد ملا �أ�سماه فتنة‬
‫القوى الفل�سطينية ذات التفكري ال�سديد �إىل و�ضع ٍّ‬
‫الخوة‪ ،‬وقال‪� :‬إنّ اخلارجية الرو�سية على قناعة ب أ�نّ هذا االقتتال يتعار�ض‬
‫إ‬
‫مع م�صالح الفل�سطينيني‪ ،‬وي�رصفهم عن املهمة اال�سرتاتيجية الرئي�سية‪� ،‬أال‬
‫وهي �إقامة دولتهم امل�ستقلة‪.89‬‬
‫ويف الوقت نف�سه تقريب ًا‪� ،‬أوقفت ال�سلطات الرو�سية �صفقة �سالح‬
‫الجراء ّمت “خوف ًا‬
‫ع�سكرية مع ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وقالت مو�سكو �إنّ إ‬
‫من �أن ُي�ستعمل هذا ال�سالح يف �إذكاء نار ال�رصاع امل�ستمر بني الرئا�سة ومن‬
‫ورائها فتح‪ ،‬وبني احلكومة الفل�سطينية التي تقودها حما�س”‪ .‬وقد �أكد‬
‫نائب رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلركة حما�س‪ ،‬مو�سى �أبو مرزوق‪ ،‬هذه‬
‫الت�رصيحات بقوله‪ :‬كان من املفرت�ض �أن يت�سلم حر�س عبا�س مبوجب هذه‬
‫ال�صفقة مدرعات م�صفحة‪.90‬‬

‫‪ 89‬اخلليج‪.2007/2/4 ،‬‬
‫‪ 90‬قد�س بر�س‪.2007/1/4 ،‬‬

‫‪293‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫‪ .4‬أ‬
‫المم املتحدة‪:‬‬
‫كانت نظرة أ‬
‫المم املتحدة �إىل االقتتال الفل�سطيني ‪ -‬الفل�سطيني‪،‬‬
‫وتطورات امللف أ‬
‫المني عموم ًا‪ ،‬حمكومة بر ؤ�ية هذه املنظمة لطبيعة ّ‬
‫احلل‬
‫المم املتحدة هي �إحدى‬ ‫ال�رسائيلي؛ فمنظمة أ‬ ‫ال�سيا�سي لل�رصاع العربي إ‬
‫�أطراف اللجنة الرباعية‪ ،‬التي ت�شكل املرجعية الدولية لتطبيق خطة خريطة‬
‫المن‪ ،‬يف بيان له �صدر يف ‪2006/2/3‬‬ ‫الطريق‪ .‬لذلك فقد طالب جمل�س أ‬
‫الع�ضاء الذين �سي�شاركون يف احلكومة املقبلة لل�سلطة الفل�سطينية‪،‬‬ ‫أ‬
‫االلتزام مببادئ ما دعاه “نبذ العنف [املقاومة]‪ ،‬وباالعرتاف ب إ��رسائيل”‪،‬‬
‫كما �شدد البيان على �رضورة احرتام االتفاقات ال�سابقة‪ ،‬التي وقعتها‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية وااللتزام بها‪ ،‬ومن �ضمنها “خريطة الطريق”‪ ،‬و�شدد‬
‫املجل�س على �رضورة �أن ت ؤ�دي ال�سلطة الفل�سطينية واجباتها يف “تفكيك‬
‫الرهاب واعتماد “التفاو�ض لت�سوية ال�رصاع‬ ‫الهياكل أ‬
‫ال�سا�سية” ملا �أ�سمته إ‬
‫المم املتحدة‬ ‫ال�رسائيلي ‪ -‬الفل�سطيني”‪91‬؛ مما يعني‪� ،‬سلف ًا‪ ،‬ب أ�ن مواقف أ‬ ‫إ‬
‫وجميع امل ؤ��س�سات التابعة لها �سوف ت�سري باالجتاه الذي يحقق هذه‬
‫النتائج‪ ،‬وبالتايل �ستقف �إىل جانب الطرف الفل�سطيني الذي يتبنى هذه‬
‫الر ؤ�ية الدولية‪ .‬ودعا م� ؤ‬
‫س�ولو املنظمة الدولية الفل�سطينيني للم�صاحلة‪� ،‬إال‬
‫�أن دعواتهم هذه جاءت لكونهم يرون ب أ�ن “الوحدة الوطنية الفل�سطينية‬
‫�أف�ضل �سبيل لبدء النهو�ض بالو�ضع” يف املنطقة‪ ،‬وحتول دون �أي انفجار‬
‫“قد ي�شكل خطراً على �إ�رسائيل”؛ كما ورد عن املن�سق اخلا�ص لل�سالم يف‬
‫الو�سط �ألفارو دي �سوتو ‪.92Alvaro de Soto‬‬ ‫ال�رشق أ‬

‫‪http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N06/233/02/‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪PDF/N0623302.pdf?OpenElement‬‬
‫‪ 92‬أ‬
‫اليام‪ ،‬فل�سطني‪.2006/10/20 ،‬‬

‫‪294‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫ومع �أن حركة حما�س تقدمت �أ�شواط ًا نحو حتقيق التفاهم الفل�سطيني‬
‫على برامج �سيا�سي‪ ،‬اقرتب من ر ؤ�ية رئا�سة ال�سلطة وفتح حول م�سرية‬
‫الت�سوية ومتطلبها‪ ،‬ووقعت على وثيقة الوفاق الوطني‪� ،‬إال �أن ذلك مل مينع‬
‫للمم املتحدة كويف عنان ‪ Kofi Annan‬من �أن يدعو‪ ،‬يف‬ ‫أ‬
‫المني العام أ‬
‫الخري عن فرتة توليه أ‬
‫المانة العامة أ‬
‫للمم املتحدة‪� ،‬إىل معاجله الو�ضع‬ ‫تقريره أ‬
‫حد لوقف امليل نحو انق�سام املجتمع‬
‫الفل�سطيني الداخلي من خالل و�ضع ٍّ‬
‫ال أ‬
‫الولوية ملعاجلة ما ر�آها “امل�شكلة التي متثلها حركة‬ ‫الفل�سطيني‪ ،‬جاع ً‬
‫الوىل نحو ّ‬
‫احلل‪.‬‬ ‫حما�س”‪93‬؛ على اعتبار �أن ذلك هو اخلطوة أ‬
‫وعندما بد�أ �أمني عام أ‬
‫المم املتحدة اجلديد‪ ،‬بان كي مون ‪Ban Ki-‬‬
‫‪ ،moon‬التعامل مع تطورات الق�ضية الفل�سطينية ومن �ضمنها الو�ضع‬
‫أ‬
‫المني الفل�سطيني الداخلي‪ ،‬دعا “الفل�سطينيني �إىل وقف املواجهات‬
‫الداخلية”؛ باعتبارها خطوة �رضورية من �أجل “ا�ستئناف عملية ال�سالم”‬
‫وفق خريطة الطريق‪.94‬‬
‫وعندما تو�صلت حركتا فتح وحما�س �إىل اتفاق حول ت�شكيل‬
‫حكومة وحدة وطنية‪� ،‬أعربت املتحدثة با�سم أ‬
‫المم املتحدة‪ ،‬مي�شيل مونتا�س‬
‫‪ ،Michele Montas‬على ل�سان بان كي مون �إنه ي أ�مل يف “�أن ي ؤ�دي هذا‬
‫االتفاق �إىل كبح العنف‪ ،‬و�إيجاد م�ستقبل �أف�ضل لل�شعب الفل�سطيني”‪.95‬‬
‫�صحت‪ ،‬على تدخل منظمة‬ ‫ومع ذلك ف إ�ن هناك م ؤ��رشات ّ‬
‫تدل‪� ،‬إن َّ‬

‫‪ 93‬احلياة‪.2006/12/12 ،‬‬
‫ش�ون ال�سيا�سية‪� ،‬أجنيال كاين‬
‫‪ 94‬امل�ستقبل‪ ،2007/2/6 ،‬خالل كلمة �ألقتها با�سمه م�ساعدته لل� ؤ‬
‫‪ ,Angela Kane‬يف حفل افتتاح ندوة دولية مل�ساعدة ال�شعب الفل�سطيني يف الدوحة‪.‬‬
‫‪ 95‬رويرتز‪.2007/2/12 ،‬‬

‫‪295‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫المم املتحدة ب�شكل مبا�رش يف امللف أ‬


‫المني الفل�سطيني‪ ،‬مل�ساندة طرف‬ ‫أ‬
‫فل�سطيني على طرف �آخر‪ .‬وجاء هذا التدخل حتت �ستار دعم �أجهزة �أمن‬
‫الماراتية يف ‪2007/2/22‬‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية؛ حيث ن�رشت جريدة اخلليج إ‬
‫ما �أوردته الديلي تليجراف الربيطانية ‪ The Daily Telegraph‬يف‬
‫‪�“ 2007/2/21‬أنَّ �ضابط ًا بريطاني ًا �سابق ًا يف �سالح البحرية امللكية يقود‬
‫للمم املتحدة لتدريب قوات حر�س الرئي�س حممود عبا�س”‪ .‬و�أفادت‬ ‫عملية أ‬
‫اجلريدة �أن هذا املخطط‪ ،‬الذي يحمل ا�سم “م�رشوع كارين”‪ ،‬ومتوله كل‬
‫من بريطانيا وكندا وهولندا‪� ،‬سيتوىل “تدريب عنا�رص من قوات فتح‪ ،‬قيل‬
‫الجراءات أ‬
‫المنية حول معرب كارين”‪.‬‬ ‫�إ َّنها من �أجل حت�سني إ‬
‫و�أ�شارت اجلريدة �إىل وجود قلق من وقوف بعثة أ‬
‫المم املتحدة �إىل‬
‫�ضد �آخر يف النزاع‪ ،‬و�أظهرت حقيقة �أنَّ امل�رشوع ابتدعه‬ ‫جانب طرف ّ‬
‫المريكي كيث دايتون‪.‬‬ ‫القليمي للواليات املتحدة اجلرنال أ‬ ‫المن إ‬‫من�سق أ‬
‫المم املتحدة ارتيابه من النوايا خلف‬ ‫س�ول يف أ‬‫كما ن�سبت اجلريدة �إىل م� ؤ‬
‫المم املتحدة حيادية بكل‬ ‫هذا امل�رشوع؛ حيث قال‪ :‬من املفرت�ض �أن تكون أ‬
‫ما يف الكلمة من معنى‪ ،‬وفوق ال�سيا�سات وال�رصاعات احلزبية‪ ،‬لذا ف إ�ن‬
‫المم املتحدة بح�رص م�ساعداتها باحلر�س الرئا�سي املرتبط بفتح “يثري‬ ‫قيام أ‬
‫خماطر حقيقية”‪.96‬‬
‫وب�سبب ا�ستمرار حالة التوتر واالقتتال الفل�سطيني الداخلي‪� ،‬أعرب‬
‫كي مون عن خيبة �أمله من ف�شل احلكومة الفل�سطينية يف توحيد القوى‬
‫الفل�سطينية املختلفة‪ ،‬يف حكومة وحدة وطنية‪ ،‬يف حني �أعلن عن ا�ستيائه‬
‫من “�أعمال العنف” اجلارية‪ ،‬م ؤ�كداً ت أ�ييده للرئي�س الفل�سطيني حممود‬

‫‪ 96‬اخلليج‪.2007/2/22 ،‬‬

‫‪296‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫عبا�س‪ ،‬الذي ر�أى ب أ�نه “ميثل ال�رشعية الفل�سطينية”‪ .97‬وك أ�ن املنظمة‬
‫الدولية ت�سعى؛ لكي ت�صبغ ال�رشعية على موقفها من رئي�س ال�سلطة‪ ،‬ودعم‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة له‪ ،‬حتى ولو كان ثمن هذا الدعم هو ن�شوب حرب‬ ‫أ‬
‫�أهلية بني الفل�سطينيني �أنف�سهم‪.‬‬
‫س�ول �أممي‬
‫ويف موقف خارج عن ال�سياق‪ ،‬جاء مبثابة �صحوة �ضمري م� ؤ‬
‫اطلع من خالله على امللفات‬ ‫كبري‪ ،‬توىل من�صب ًا رفيع ًا يف املنظمة الدولية ّ‬
‫المني الفل�سطيني؛ �أعلن املوفد اخلا�ص من قبل أ‬
‫المم‬ ‫ال�رسية املتعلقة بالو�ضع أ‬
‫املتحدة �ألفارو دي �سوتو يف تقرير نهاية خدمته‪�“ ،‬أنه منذ ت�شكيل حكومة‬
‫حما�س وحتى التو�صل �إىل اتفاق مكة بعد عام‪ ،‬دفعت الواليات املتحدة‬
‫بو�ضوح‪� ،‬إىل مواجهة بني فتح وحما�س”‪ .98‬هذا التقرير من ِق َبل دي �سوتو‬
‫ال يعرب‪ ،‬بالت أ�كيد‪ ،‬عن موقف أ‬
‫المم املتحدة‪ ،‬بقدر ما كان موقف ًا �إن�ساني ًا‪،‬‬
‫بالعالن عن اجلهات ال�ضالعة‬ ‫س�ول �أن يربئ ذمته إ‬
‫�أراد من خالله هذا امل� ؤ‬
‫يف ت أ�جيج ال�رصاع الفل�سطيني الداخلي‪ .‬وكان من �ضمن الذين �أ�شار‬
‫املندوب أ‬
‫المريكي يف اللجنة الرباعية؛‬ ‫َ‬ ‫�إليهم دي �سوتو ب إ��صبع االتهام؛‬
‫حيث نقل عنه قوله‪�“ :‬أحب هذا العنف؛ ألنه يعني وجود فل�سطينيني‬
‫يقاومون حما�س”‪ .‬واتهم دي �سوتو امل�ست�شارين املقربني من عبا�س بقوله‬
‫�إنهم‪“ :‬ك�شفوا لنا على نحو خا�ص عن �أنهم �صاغوا مبادرة حلل حكومة‬
‫حما�س”‪.99‬‬
‫وبالرغم من مواقف دي �سوتو هذه‪ ،‬دعا مبعوث أ‬
‫المم املتحدة‬

‫للعالم‪.2007/6/6 ،‬‬
‫‪ 97‬املركز الفل�سطيني إ‬
‫‪ 98‬الد�ستور‪.2007/7/8 ،‬‬
‫للعالم‪.2007/6/19 ،‬‬
‫‪ 99‬املركز الفل�سطيني إ‬

‫‪297‬‬
‫�رصاع إالرادات‬

‫الو�سط‪ ،‬الربيطاين مايكل وليامز‬‫اجلديد لعملية ال�سالم‪ ،‬يف ال�رشق أ‬


‫الرا�ضي‬‫‪� ،Michael Williams‬إىل �إدانة ما و�صفه “العنف الذي ت�شهده أ‬
‫الفل�سطينية”‪ ،‬بعد متكن حما�س من ال�سيطرة على قطاع غزة‪ ،‬و�أيد “�أبو‬
‫مازن وحكومته اجلديدة القائمة يف ال�ضفة برئا�سة �سالم فيا�ض”‪.100‬‬

‫خال�صة‪:‬‬
‫منذ �سيطرة حركة حما�س على قطاع غزة يف منت�صف ني�سان‪� /‬أبريل‬
‫‪ ،2007‬اتخذ عدد من كبار امل� ؤ‬
‫س�ولني العرب مواقف متوازنة؛ فطالبوا‬
‫حركتي فتح وحما�س بامل�صاحلة والعودة �إىل الوحدة الوطنية‪ .‬كانت‬
‫ال�سعودية �أبرز املطالبني بعودة �أطراف النزاع �إىل احلوار‪ ،‬ولقد تبعها بعد‬
‫ذلك دول جمل�س التعاون اخلليجي وباقي الدول العربية‪ .‬ثم ما لبثت الدول‬
‫عدلت مواقفها؛ ف أ�يدت حممود عبا�س باعتباره رمز ال�رشعية‬ ‫العربية �أن ّ‬
‫الفل�سطينية‪ .‬يف حني مل توقف القاهرة م�ساعيها من �أجل ر�أب ال�صدع‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬على �أمل �إعادة الهدوء �إىل القطاع وال�ضفة‪ ،‬و�صو ًال �إىل الوحدة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬التي بدونها ميكن �أن ت�ضيع الق�ضية ويتبدد حلم الدولة‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬تواترت الروايات التي حتدثت عن اتفاقات �أمنية �رسية‬
‫ا�شرتكت فيها كل من م�رص أ‬
‫والردن و�إحدى الدول اخلليجية‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫فريق الرئا�سة الفل�سطينية و“�إ�رسائيل”؛ من �أجل �إ�سقاط احلكومة العا�رشة‬
‫التي ت�شكلها حما�س؛ من غري �أن حتقق غايتها‪.‬‬
‫ال�سالمي‪ ،‬لوال �إعالن �إندوني�سيا ا�ستعدادها‬
‫يف حني‪ ،‬اختفى املوقف إ‬
‫ال�ستقبال م�صاحلة فل�سطينية – فل�سطينية‪ ،‬وتبني �إيران املوقف العربي العام‪،‬‬

‫‪ 100‬رويرتز‪.2007/6/20 ،‬‬

‫‪298‬‬
‫وال�سالمي والدويل‬
‫املوقف العربي إ‬

‫الذي دعا �إىل امل�صاحلة الفل�سطينية‪ ،‬و�رضورة العودة �إىل حكومة الوحدة‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫المريكي بكثري من الو�ضوح‬ ‫وعلى امل�ستوى الدويل‪ ،‬فقد متيز املوقف أ‬
‫والعدائية؛ حيث عرب �أكرث من م� ؤ‬
‫س�ول يف �إدارة بو�ش عن رف�ض بالده بقاء‬
‫حركة حما�س يف �سدة احلكم‪ ،‬و�أن بالده تبنت �إطالق برامج لدعم فريق‬
‫الجهزة أ‬
‫المنية التابعة للرئي�س‬ ‫رئا�سة ال�سلطة مالي ًا وع�سكري ًا؛ بهدف تعزيز أ‬
‫حممود عبا�س‪ ،‬وال�سعي ل�رضب قدرة حما�س الع�سكرية‪ ،‬و�إ�سقاط حكومة‬
‫هنية‪ .‬فتحدثت التقارير عن عدد كبري من امل�شاريع املختلفة‪ ،‬التي كانت‬
‫ّ‬
‫تطلقها وا�شنطن للنيل من حركة حما�س‪ ،‬وبهدف �إجبارها على اال�ستجابة‬
‫ملطالب الرباعية �أو التنحي عن ال�سلطة‪ ،‬وترك ال�رشعية الفل�سطينية ملحمود‬
‫عبا�س‪.‬‬
‫الوروبية فلم تعلن �أي منها عن م�شاركتها يف الربامج أ‬
‫المنية‬ ‫�أما الدول أ‬
‫الهادفة �إىل �إ�سقاط احلكومة الفل�سطينية‪ ،‬التي �شكلتها حما�س‪� ،‬إ ّال �أن دول‬
‫الوروبي أ‬
‫ال�سا�سية‪ ،‬مثل فرن�سا وبريطانيا و�أملانيا و�إ�سبانيا‪� ،‬أعلنت‬ ‫االحتاد أ‬
‫ت أ�ييدها ل�رشوط الرباعية الدولية‪ ،‬و�أدانت �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪،‬‬
‫ورف�ضها االعرتاف بـ“�إ�رسائيل” وعدم االلتزام باالتفاقات املوقعة بني ال�سلطة‬
‫�رصت على �أن تنبذ حما�س “العنف”‪.‬‬ ‫ال�رسائيلية‪ ،‬و�أ ّ‬
‫الفل�سطينية واحلكومة إ‬
‫فيما اكتفت مو�سكو بتذكري الفل�سطينيني ب أ�ن االقتتال ّ‬
‫ي�رض مب�صاحلهم‪،‬‬
‫وي�رصفهم عن مهمتهم اال�سرتاتيجية املتمثلة ب إ�قامة الدولة‪ .‬وطالبت منظمة‬
‫المم املتحدة حركة حما�س ب�رضورة االلتزام ب�رشوط الرباعية وااللتحاق‬ ‫أ‬
‫مب�سرية الت�سوية‪ ،‬ودعت الفل�سطينيني للعودة �إىل الوحدة الوطنية‪ ،‬باعتبارها‬
‫ال�سبيل أ‬
‫المثل للنهو�ض بالو�ضع يف املنطقة‪.‬‬

‫‪299‬‬

You might also like