You are on page 1of 8

‫أحكام العضل في فقه السرة‬

‫الدكتور ‪ -‬محمد بن منصور ربيع المدخلي‬


‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد ‪..‬‬
‫فإن موضوع "أحكام العضل في فقه السرة والنظم المعاصرة" من الموضوعات المعاصرة والجديرة بالبحث وإبراز معالمه‪ ،‬نظرا لهميته في‬
‫ف قه ال سرة الم سلمة المعا صرة‪ ،‬وأن ال سلم احترم المرأة وأع طى حقوق ها وم نع الظلم عن ها‪ ،‬ف قد رأ يت أن أفرده بالب حث والدرا سة‪ .‬و قد‬
‫توخ يت الد قة والما نة العلم ية وشروط الب حث العل مي وإتباع الدل يل والح كم الفق هي والثباتات البحث ية للنظ مة‪ ،‬وبيان آثار الع ضل في الفرد‬
‫والمجتمع المعتبرة‪ ،‬وتكوّن البحث من عشرة مباحث ومقدمة وخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تعريف فقه السرة والعضل والنكاح واللفاظ ذات العلقة ومشروعية النكاح‪.‬‬
‫وفيه مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف الفقه لغة واصطلحا‪:‬‬
‫الفقه لغة يأتي بمعنى العلم بالشيء والفهم له‪.‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫واحلل عقدة من لساني‪ ،‬يفقهوا قولي‬ ‫قال تعالى حكاية عن موسى‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬ ‫قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول‬ ‫وكذلك يأتي بمعنى دقة الفهم ولطف الدراك ومعرفة غرض المتكلم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬ ‫فمال هؤلء القوم ل يكادون يفقهون حديثا‬ ‫وقال تعالى‪:‬‬


‫أما الفقه في اصطلح العلماء‪ :‬فهو "العلم بالحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية"(‪.)4‬‬
‫قولهم‪" :‬العلم"‪ :‬ليس جميع الحكام الشرعية وإنما يكفي منه جملة‪ ،‬وما هو مستدرك فيه روح الستنباط والفهم الدقيق للمسائل‪ .‬ومن هنا‬
‫تسمى هذه الجملة "فقها" ويسمى صاحبها "فقيها"‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬الحكام ‪ :‬هو ما يثبت للمكلفين من وجوب وندب وحرمة وكراهة أو إباحة أو صحة أو فساد أو بطلن ‪.‬‬
‫وقد قيدت هذه الحكام بما يلي‪:‬‬
‫كونها‪ " :‬شرعية" حتى يخرج منها الحكام "العقلية"‪ ،‬كالعلم أن الواحد نصف الثنين‪ ،‬وأن العالم حادث‪.‬‬
‫وأيضا يخرج منها‪ :‬الحكام "الحسية" والثابتة بالحس‪ ،‬كالعلم بأن النار محرقة‪ .‬ول الحكام الثابتة "بالتجربة"‪ ،‬كالعلم بأن السم قاتل‪.‬‬
‫ول الحكام "الوضعية"‪ :‬من وضع البشر‪ ،‬مثل العلم بأن كان وأخواتها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر‪.‬‬
‫‪ -‬ثم قيدت هذه الحكام بكونها‪" :‬عملية" وهي ما تعلقت بأفعال المكلفين‪ ،‬من صلة وبيع وشرب وجناية‪ ،‬حتى يخرج منها‪ :‬الحكام العتقادية‬
‫فهي مهمة علم التوحيد‪ ،‬والحكام الخلقية التي من مهمة علم الخلق وغيرهما‪.‬‬
‫وقيدت أيضا بكون ها "مكت سبة من الدلة التف صيلية"‪ :‬أي م ستفادة عن طر يق الن ظر وال ستدلل من دلئل الشرع المتمثلة في الكتاب وال سنة‬

‫وأعدوا لهم ما استطعتم من‬ ‫ومما هو مقيس عليهما بالجتهاد والرأي‪ .‬مثل استفادة الحكم الكلي الجماعي من دليل جزئي وهو قوله تعالى‪:‬‬

‫(‪ )1‬الذي دل على حكم شرعي وهو وجوب إعداد القوة من قبل الجماعة لرهاب العدو‪.‬‬ ‫قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو ال وعدوكم‬
‫فقد فهمنا أن مه مة الفق يه تتبع كل حكم في م سألة معي نة‪ ،‬مستنيرا بعلم الصول المتمثل في و ضع الدلة الثاب تة بالشرع‪ ،‬و صياغة قواعد‬
‫الستنباط ومناهج الستدلل(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف السرة لغة واصطلحا‪:‬‬
‫السرة في اللغة‪ :‬يطلق السر على المفاصل والشد والعصب‪ ،‬ومنه‪ :‬السرة من الرجل‪ :‬رهطه الدنون وعشيرته التي يتقوى بها‪ ،‬والدرع‬
‫الحصينة"(‪.)3‬‬
‫وال سرة في ال صطلح الفق هي تطلق ويراد ب ها الب والم و ما انب ثق منه ما من ذر ية أبناء وبنات وإخوة وأخوات‪ ،‬أعمام وعمات وعاقلة‬
‫الفرد(‪ )1‬بحيث يقرب المعنى الصطلحي من اللغوي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف النكاح لغة واصطلحا‪.‬‬
‫النكاح‪ :‬في الل غة الضم والج مع للش يء‪ ،‬وم نه تناكحت الشجار إذا انض مت إلى بعض ها‪ ،‬كما يطلق على الزواج نكاحا لعلة الرتباط والتقارب‬
‫(‪.)3‬‬ ‫فإن طلقها فل تحل له من بعد حتى" تنكح زوجا غيره‬ ‫والقتران(‪ .)2‬قال تعالى‪:‬‬
‫والنكاح اصطلحا‪ :‬عقد بلفظ الزواج يلتزم فيه العاقدان بمقتضاه تنفيذ ما اتفقا عليه إيجابا وقبولً (‪ )4‬على وجه مشروع‪.‬‬

‫(‪ .)5‬أي‬ ‫كذلك وزوجناهنم بحور عينن‬ ‫الزواج فني اللغنة بمعننى الصننف والنوع واللون‪ ،‬ومعناه الرتباط والقتران‪ ،‬ومننه قوله تعالى‪:‬‬
‫قرناهم(‪.)6‬‬
‫ويطلق الفقهاء على النكاح والزواج بمعنى واحد‪ ،‬كما سبق في تعريف النكاح(‪.)7‬‬
‫والنكاح أو الزواج مشروع في الجملة؛ وذلك لعموم الدلة التي تحث عليه‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫وإن خفتم أل تقسطوا في اليتامى" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى" وثلث ورباع‬ ‫قال تعالى‪:‬‬
‫والحديث الشريف‪" :‬يا معشر الشباب‪ :‬من استطاع منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغض للبصر‪ ،‬وأحصن للفرج‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه بالصوم‬
‫فإنه له وجاء"(‪.)2‬‬
‫ولجماع المنة على مشروعينة النكاح‪ ،‬قال ابنن قدامنة ‪-‬رحمنه ال‪" :-‬الصنل فني مشروعينة النكاح الكتاب والسننة والجماع‪ ..‬وأجمنع‬
‫المسنلمون على أن النكاح مشروع(‪ ")3‬وقال غيره بنل‪ :‬النكاح مشروع منن عهند آدم علينه السنلم‪ ،‬واسنتمرت مشروعيتنه‪ ،‬بنل مسنتمر فني‬
‫الجنة"(‪.)4‬‬
‫وفيما مضى دللة واضحة على مشروعية النكاح (الزواج) منذ العصور السابقة إلى عصرنا الحاضر‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬تعريف العضل لغة واصطلحا ‪:‬‬
‫العضل في اللغة‪ :‬عضل العضلة والعضيلة كل عصبةٍ معها لحم غليظ‪ ،‬وعضل إذا كان كثير العضلت‪ ،‬وعضل بهم المكان ضاق‪ ،‬وأعضل المر‬
‫اش تد وم نه داء عضال أي شد يد‪ ،‬وع ضل الر جل المرأة إذا ق تل وضرب‪ ،‬وع ضل المرأة عن الزوج حب سها(‪ ،)1‬وع ضل الر جل أيّ مه يعضل ها‬

‫(‪.)2‬‬ ‫فل تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن‬ ‫عضلً وعضلها منعها الزوج ظلما‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫(‪ .)3‬فإن الع ضل في هذه ال ية من الزوج‬ ‫ول تعضلو هن لتذهبوا بب عض ما آتيتمو هن إل أن يأت ين بفاح شة مبي نة‬ ‫وأ ما قوله تعالى‪:‬‬
‫لمرأته‪ ،‬وهو أن يضارها ول يحسن عشرتها؛ ليضطرها بذلك إلى الفتداء منه بمهرها‪ ،‬فسماه ال عضلً؛ لنه يمنعها حقها في النفقة وحسن‬
‫العشرة؛ ليضطرها بذلك إلى الفتداء منه بمهرها‪.‬‬
‫وعضله عليه أمره تعضيلً ضيق عليه‪ ،‬وعضل به المكان ضاق(‪.)4‬‬
‫العضل اصطلحا‪:‬‬
‫يطلق الفقهاء على العضل بأنه منع المرأة من الزواج بكفء ترضاه إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه‪ ،‬سواء ذلك بمهر مثلها‬
‫أو دونه في كل زمان ومكان(‪.)5‬‬
‫قال ابن قدامة ‪-‬رحمه ال‪" -‬معنى العضل‪ :‬منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك‪ ،‬ورغب كل واحد منهما في صاحبه"‪ .‬وبهذا التعريف‬
‫قال بقية فقهاء المذاهب الفقهية(‪.)6‬‬
‫الخاتمة‬
‫في نهاية البحث أجد أنني انتهيت فيه إلى ثمار أهمها‪:‬‬
‫تقارب المع نى ب ين م صطلح الع ضل الذي ي نص على م نع تزو يج المرأة الك فؤ الذي رضي ته‪ ،‬مع م صطلح التحج ير الذي تم نع ف يه الفتاه من‬
‫التزويج إل من قريبها وحجزها له‪ ،‬وكذلك اتصال العضل بالخلع الذي فيه معنى المنع والتضييق لقاء مبلغ من المال تفتدي به نفسها‪ ،‬وبيان‬
‫سماحة السلم في إعطاء المرأة حقوقها من غير ظلم ول تقتير‪ ،‬بحيث حرم السلم العضل في النكاح‪ ،‬وأن تنتقل الولية من العاضل إلى من‬
‫هو أولى م نه‪ ،‬و من ثم ال سلطان لتمام ع قد النكاح للمرأة المعضولة‪ ،‬بالضا فة إلى بيان حالت جواز الع ضل‪ ،‬و صور حالت الع ضل المحرم‪،‬‬
‫كما أظهرت بعض الفتاوى الفقهية المعاصرة الواردة في العضل والتحجير‪ ،‬وكذا بعض المواد القانونية ذات العلقة بالموضوع‪ ،‬من قوانين‬
‫الحوال الشخصية في بعض البلد العربية‪ ،‬وال ولي الهداية والتوفيق ‪،،.‬‬

‫‪http://www.fiqhia.com.sa/Detail.asp?InNewsItemID=272059‬‬
‫الفصل الول تعريف السرة‬
‫تعددت التعاريف الت تقدم با الباحثون‪ ،‬والكتاب‪ ،‬والنظمات العنية بأمور الجتمع العالي ‪-‬كمنظمة حقوق النسان‪-‬‬
‫للسرة‪ ،‬إلّ أن تلك التعاريف كانت قد اختلفت فيما بينها تبعا لختلف التبنّيات الت يتبنّاها أولئك العنيون بتعريف السرة‪،‬‬
‫وكذلك تبعا للغرض الذي وضع من أجله التعريف‪.‬‬
‫ما يؤخذ على تلك التعاريف أنا ل ترق إل مستوى الد العلمي الذي ييط بالعرّف من جيع جوانبه بيث يشمل كل‬
‫أقسامه ويدخلها تت نطاقه‪ ،‬ويرج كل ما هو غريب عنه خارج حدود العرّف‪ ،‬وبعبارة أخرى ‪-‬حسب الصطلح العلمي‬
‫النطقي‪ -‬ل تكن تلك التعاريف جامعة مانعة‪.‬‬
‫ونن ‪-‬ف ثنايا هذه الدراسة‪ -‬سوف نعرض لبعض تلك التعاريف مع ما يكن أن يرد عليها‪.‬‬
‫* لقد عرّف العلن العالي لقوق النسان السرة ف البند السادس عشر منه بأنا‪:‬‬
‫«الوحدة الطبيعية الساسية للمجتمع‪ ،‬ولا حق التمتع بماية الجتمع والدولة»()‪.‬‬
‫يرد على هذا التعريف بأنه غي مانع‪ ،‬فهو ل يدد على وجه الدقة طبيعة هذه الوحدة الت يق لا التمتع بماية الجتمع‬
‫والدولة‪ ،‬فهناك الكثي من الوحدات الجتماعية الت ينطبق عليها هذا التعريف كبعض التجمعات والنظمات‪.‬‬
‫* هذا إضافة إل اهال التعريف الركان الساسية الت تتكون منها السرة وكيفية نشوءها‪.‬‬
‫* وعرف البعض السرة بأنا‪:‬‬
‫«الماعة النسانية الكونة من الزوج‪ ،‬والزوجة‪ ،‬وأولدها غي التزوجي‪ ،‬الذين يعيشون معهما ف سكن واحد‪ ،‬وهو ما‬
‫يعرف بالسرة النواة»()‪.‬‬
‫وهذا التعريف ل يتلف عن سابقه ف افتقاره إل الدقة الطلوبة حيث حصر من خلل ذكره للركان الت أوردها‬
‫بالزوج‪ ،‬والزوجة‪ ،‬وأولدها غي التزوجي الذين يعيشون معهما ف مسكن واحد‪ ،‬وفيه دللة على أن الؤسسة الجتماعية‬
‫الت تتكون من الزوج والزوجة والذين ل ذرية لم‪ ،‬أو عندهم ولكن ل يقيمون معهم ف نفس النل ل يكن أن تكون‬
‫مصداقا للسرة‪.‬‬
‫ث أن السرة الت تلك أبناءً متزوجي يسكنون مع والديهم ف نفس النل ل ينطبق عليهم مفهوم السرة كذلك‪.‬‬
‫* وأجل بعض ف التعريف حيث جعل من السرة‪:‬‬
‫«النواة الطبيعة للمجتمع‪ ،‬وهي أقدم الؤسسات الجتماعية»()‪.‬‬
‫ويرد على هذا التعريف ما ورد على التعريف الول‪ ،‬من كونه غي مانع‪ ،‬واهاله للركان الت تتكون منها السرة‪.‬‬
‫* كما عرف بعض السرة بأنا‪:‬‬
‫«التنظيم الجتماعي للغريزة النسية»()‪.‬‬
‫هذا التعريف يرد عليه ما ورد علىما سبقه من التعاريف‪ ،‬من عدم الانعية‪ ،‬واهال أركان السرة‪ ،‬وافتقاره للدقة العلمية‬
‫بالضافة إل أنه نظر إل السرة من خلل جانب واحد من الوانب الت تدفع النسان إل تكوينها‪ ،‬والذي يعد ف الواقع آخر‬
‫الهداف الت من أجلها أنشئت السرة‪ ،‬أل وهو الغريزة النسية‪.‬‬
‫أما نن وف ضوء التعاليم الدينية يكننا أن نقدم التعريف التال للسرة هذه الؤسسة الت كانت ولتزال مط الرعاية‬
‫والهتمام من قبل الديان السماوية جيعا‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫* السرة‪ :‬هي الؤسسة الجتماعية الت تنشأ من اقتران رجل وامرأة بعقد يرمي إل إنشاء اللبنة الت تساهم ف بناء‬
‫الجتمع‪ ،‬وأهم أركانا‪ ،‬الزوج‪ ،‬والزوجة‪ ،‬والولد‪.‬‬
‫تاريخ السرة‪:‬‬
‫لقد أجع الباحثون ف شؤون السرة على أن السرة تعد «أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها النسان»()‪.‬‬
‫أصالة الفرد أم أصالة السرة؟‬
‫إن ما سبق ذكره من اجاع الباحثي ف شؤون السرة على كونا الؤسسة الجتماعية القدم الت عرفتها الجتمعات‬
‫النسانية‪ ،‬أمر ل سبيل لحد إل انكاره‪ ،‬فهو ما يعترف به الميع على اختلف مشاربم‪ ،‬إلّ أن هذا المر ل يكن قبوله على‬
‫علته‪.‬‬
‫فمن يدقق ف هذا الكلم يد أنه يقود إل القول بأن هناك فترة زمنية كانت قد سبقت الياة الجتماعية عاش الفرد‬
‫خللا حالة من العزلة‪ ،‬والياة الفردية‪ ،‬ث بعد ذلك جاءت مرحلة الياة الجتماعية الت تعد تالية ف الترتيب الزمن للحياة‬
‫الفردية‪ .‬وهذا المر ما ل نعتقد به ول نقره بال ونستدل على عدمه‪ ،‬با ورد ف الكتب السماوية جيعا‪.‬‬
‫فالديان جيعا تذكر لنا بأن ول بادرة للعيش على سطح الكرة الرضية كانت اجتماعية‪.‬‬
‫فقصة نب ال آدم(_) معروفة ومذكورة ف الكتب السماوية جيعا‪ ،‬ف كيفية إنزاله من النة إل الرض وحلوله وزوجه‬
‫فيها‪.‬‬
‫فآدم ل يعش يوما بفرده على سطح الرض‪ ،‬وحواء ل تكن كذلك أيضا‪.‬‬
‫بناءا عليه تكون الصالة على الرض للسرة ل للفرد‪ ،‬ولذلك ل يصح القول‪ ،‬بأن السرة هي أقدم مؤسسة اجتماعية‬
‫للتربية عرفها النسان‪ ،‬إنا الصحيح هو أن الياة الجتماعية هي الياة الصيلة على الرض والسرة هي الؤسسة التربوية‬
‫الصيلة الت عرفها النسان‪.‬‬
‫أركان السرة‪:‬‬
‫اللزم على من يروم الوض ف موضوع السرة والتعريف با أن يعمد إل البحث ف اللبنات الساسية الت تتكون‬
‫السرة منها كي يصل على الطار الصحيح لفهوم السرة‪.‬‬
‫فالعروف هو أن الزوج والزوجة «منسأتان رئيسيتان ف تكوين السرة‪ ،‬وعلى أكتافهما تتولد السرة وتصمد أمام زوابع‬
‫الشاكل‪ ،‬والزوجان بإمكانما أن يصنعا من السرة مرفأ للسعادة‪ ،‬ورافدا للخي وخليجا للرفاه»()‪.‬‬
‫ث بعد ذلك تأت ثرة هذا الرباط البارك بي الزوجي أل وهم الولد‪.‬‬
‫فأركان السرة بناءً على ما تقدم هي‪:‬‬
‫(‪ )1‬الزوج‪.‬‬
‫(‪ )2‬الزوجة‪.‬‬
‫(‪ )3‬الولد‪.‬‬
‫أهية السرة‪:‬‬
‫نظرا للهية البالغة‪ ،‬والكانة الرفيعة الت تتلها السرة ف الجتمع البشري‪ ،‬فقد كانت ول تزال مط اهتمام الكتاب‬
‫والباحثي‪ ،‬الذين صبوا جلّ اهتمامهم للسرة وقضاياها‪ ،‬وحل الشاكل الت من شأنا أن تقف حجر عثرة ف طريق السرة‬
‫لتحول بينها وبي الدف الذي تروم الوصول إليه‪.‬‬
‫لقد نشأت الكثي من العلوم أثر هذا الهتمام النقطع النظي بالسرة منها علم النفس التربوي‪.‬‬
‫فالسرة هي «احدى العوامل الساسية ف بناء الكيان التربوي‪ ،‬وإياد عملية التطبيع الجتماعي»()‪.‬‬
‫كما أن السرة قد ساهت بطرق مباشر ف بناء الضارة النسانية وإقامة العلقات التعاونية بي الناس‪ ،‬ولا يرجع الفضل‬
‫ف تعلم النسان لصول الجتماع‪ ،‬وقواعد الداب والخلق‪ ،‬كما أنا كانت السبب ف حفظ كثي من الرف والصناعات‬
‫الت توارثها البناء عن آبائهم‪...‬‬
‫هذا وتثل السرة للنسان «الأوى الدافء‪ ،‬واللجأ المن‪ ،‬والدرسة الول‪ ،‬ومركز الب والسكينة وساحة الدوء‬
‫والطمأنينة»()‪.‬‬
‫إن للسرة من الهية ف تنمية الطفل وبناء شخصيته ما ل يكن أن يصفه الواصف‪.‬‬
‫فالسرة «كانت ول تزال الؤسسة الوحيدة الت تعلّم‪ ،‬وتذب الطفل‪ ،‬وتنقل إليه عن طريق الب خبات الياة‪ ،‬ومهارتا‬
‫الحدودة‪ ،‬ومعارفها البسيطة»()‪.‬‬
‫كما أن للسرة «الثر الذات‪ ،‬والتكوين النفسي ف تقوي السلوك الفردي‪ ،‬وبعث الياة‪ ،‬والطمأنينة ف نفس الطفل‪،‬‬
‫فمنها يتعلم اللغة‪ ،‬ويكتسب بعض القيم‪ ،‬والتاهات‪...‬‬
‫فإليها يعود الفضل ف تشكيل شخصية الطفل‪ ،‬واكسابه العادات الت تبقى ملزمة له طول حياته‪ .‬فهي البذرة الول ف‬
‫تكوين النمو الفردي‪ ،‬وبناء الشخصية‪ ،‬فإن الطفل ف أغلب أحواله مقلد لبويه ف عاداتم وسلوكهم فهي أوضح قصدا‪،‬‬
‫وأدق تنظيما‪ ،‬وأكثر احكاما من سائر العوامل التربوية»()‪.‬‬
‫أناط السرة‪:‬‬
‫هناك أناط متلفة للسرة‪ ،‬تتلف باختلف الفترة الزمنية الت عاشت فيها السرة‪ ،‬وكذلك تبعا للهيئة الت تل فيها السرة‪.‬‬
‫ولكن الناط السائدة للسرة هي‪:‬‬
‫(‪ )1‬السرة المتدة‪:‬‬
‫()‬
‫(‪ )2‬السرة النووية‪ :‬وهي السرة الت تتصف بعمومها ف كل الجتمعات‪.‬‬
‫وظائف السرة‪:‬‬
‫للسرة على مر العصور وظائف تكفلت با‪ ،‬وتتلف هذه الوظائف باختلف الراحل الزمنية‪ ،‬والعصور الت تعاقبت على‬
‫السرة‪ ،‬وتتلف كذلك باختلف البيئة الطبيعية والجتماعية الت عاشت السرة فيها‪...‬‬
‫فالسرة القدية كانت وظائفها تشتمل على معظم نواحي الياة‪ ،‬فقد كانت «تتمثل فيها جيع السلطات الدنيوية‪ ،‬والدينية»()‪.‬‬
‫كما كانت السرة تقوم كذلك «بواجب التربية من الناحية الصحية‪ ،‬والسمية فيوفر البوان لطفلهما الطعام‪ ،‬والشراب‪ ،‬والكساء‪،‬‬
‫والأوى‪ ،‬ث تعليمه الهنة الت يعيش با ف الستقبل‪ ،‬وغالبا ما تكون مهنة الوالد‪ ،‬على حي تتعلم البنت أمور البيت وقد تساعد ف‬
‫أعمال الزراعة مع أمها»()‪.‬‬
‫كان ما تقدم ذكره عرض موجز لوظائف السرة ف الجتمعات القدية‪ .‬أما ف الجتمعات الديثة فقد تقلص دور السرة‬
‫حت بدأت تفقد الكثي من وظائفها وهذا ما يؤسف له حقا‪.‬‬
‫ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يترعرع النسان ف حضن الفضيلة ف أسرته‪ ،‬تاول البواق الضلة سلب هذا الضن‬
‫الدافء من النسان‪ ،‬بالضافة إل تلك البواق ساهم اعطاء الرأة دورا ل يتناسب مع تكوينها العضوي والنفسي ‪-‬حت غدت‬
‫ل تفترق‪ -‬فيما يلقى من واجبات على عاتقها عن الرجل بال‪ -‬ف أن يفقد الولد دفء ذلك العش الفريد الذي كان يب‬
‫أن ينعم بدفئه فترة نشأته كلها‪.‬‬
‫إن هذه السباب وإن أثرت أثرها ف الجتمعات الغربية‪ ،‬إلّ أن متمعاتنا العربية والسلمية بقيت السرة فيها تتفظ‬
‫بأغلب وظائفها إل الن‪ .‬وإذا كان لتلك الصيحات صدى ف بعض الوساط‪ ،‬فإنا كان ذلك بسبب تنصل هذا البعض من‬
‫دينه‪ .‬فمن الوظائف الت تتكفل با السرة‪:‬‬
‫(‪ )1‬اناب الطفال‪ :‬فإنه من الغراض الساسية الت من أجلها شرع الزواج‪ ،‬وهيئت القدمات لجله حفظا للنوع‬
‫النسان من خلل الناب‪.‬‬
‫(‪ )2‬التنشئة الجتماعية الصحيحة ف ظل التعاليم الخلقية الفاضلة‪ ،‬والت تساعد على دعم الجتمع باللبنات الصالة‬
‫الت تساهم ف بناءه‪ ،‬والصعود به إل مراقي الكمال‪ ،‬ل إلقاء الطفال ليكونوا عالة على الجتمع‪ ،‬وعقبة ف طريق تقدمه‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاية هذه الؤسسة القدسة أبنائها قبال كل ما من شأنه ماولة هدمها‪ ،‬من الخطار الارجية والداخلية‪.‬‬
‫(‪ )4‬وظيفة التربية والتعليم‪ :‬فعلى الرغم من نشوء الؤسسات التعليمية ف العال‪ ،‬إلّ أن السرة تبقى هي العلم الول لن‬
‫تنجبه من البناء‪.‬‬
‫(‪ )5‬اعداد الولد وتيئتهم للمشاركة ف حياة الجتمع والتعرف على قيمه وعاداته‪.‬‬

‫([‪ )]1‬تنظيم السرة فكرا وواقعا وطموحا ص ‪.14‬‬


‫([‪ )]2‬نفس الصدر ص ‪.14‬‬
‫([‪ )]3‬تنظيم السرة فكرا وواقعا وطموحا ص ‪.14‬‬
‫([‪ )]4‬الفن والياة الجتماعية ص ‪.171‬‬
‫([‪ )]5‬أصول الفكر التربوي ف السلم ص ‪.254‬‬
‫([‪ )]6‬ف استراتيجية السرة وقضايا الزواج ص ‪.104‬‬
‫([‪ )]7‬النظام التربوي ف السلم ص ‪.65-64‬‬
‫([‪ )]8‬الرجل والرأة ص ‪.41‬‬
‫([‪ )]9‬أصول الفكر التربوي ف السلم ص ‪.254‬‬
‫([‪ )]10‬النظام التربوي ف السلم ص ‪.65-64‬‬
‫([‪ )]11‬التاهات العاصرة ف دراسة السرة ص ‪.135-103‬‬
‫([‪ )]12‬تنظيم السرة فكرا وواقعا وطموحا ص ‪.16-15‬‬
‫([‪ )]13‬أصول الفكر التربوي ف السلم ص ‪.254‬‬
‫‪http://www.freemuslim.org/books/onf%20osary/babe%20awal.htm‬‬

You might also like