أيها المسلمون إن أعظم ما أوجب ال عليكم في أموالكم الزكاة التي هي ثالث أركان السلم وقرينة الصلة في محكم القرآن وجاء في منعها والبخل بها الوعيد بالنيران قال ال عز وجل: حسَ َبنّ الّذِينَ يَبْخَلُونَ ِبمَا آتَاهُمُ الُّ ِمنْ فَضْلِهِ ُهوَ خَيْراً َلهُمْ َبلْ( وَل يَ ْ طوّقُونَ مَا بَخِلُوا ِبهِ َيوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِّ مِيرَاثُ ُهوَ شَرّ َلهُمْ سَيُ َ السّمَاوَاتِ وَالَْرْضِ وَالُّ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وقال جل ذكره : ( وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ ال ّذهَبَ وَالْفِضّةَ وَل يُنْفِقُو َنهَا فِي سَبِيلِ الِّ فَ َبشّ ْرهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي ال عنه قال : قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من آتاه ال مالً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يُطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه -يقول أنا مالُك أنا كنزك " الشجاع : ذكر الحيات ،والقرع :الذي تمعط فروة رأسه لكثرة سُمه وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :ما من صاحب ذهب ول فضة ل يؤدي حقها إل إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم ،فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ،كلما بردت أٌعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ،حتى يقضى بين العباد ،فيرى سبيله ،إما إلى الجنة وإما إلى النار " وإن من أعظم حقوق المال بل أعظمها الزكاة أيها المسلمون تأملوا هذا الحديث العظيم الذي قال فيه النبي صلى ال عليه وسلم (إل إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم ) إنه وال ل يحمى على الذهب والفضة في نار كنار الدنيا إنما يحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا كلها فضلت عليها بتسعة وستين جزء أيها المسلمون إنه إذا أحمى عليها ل يكوى بها طرف من الجسم متطرف وإما يكوى بها الجسم من كل ناحية الجباه من المام والجنوب من الجوانب والظهور من الخلف أيها المسلمون إنه إذا كوي بها الجسم ل تترك حتى تبرد وتزول حرارتها ولكنها كلما بردت أعيدت وأحميت في نار جهنم أيها المسلمون إن هذا العذاب ليس في يوم ول في شهر ول في سنة ولكنه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فيا عباد ال أخواني إن هذا العذاب ليس في يوم ول في شهر ول في سنة ولكنه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يا من أمنوا بال ورسوله يا من صدقوا بالقرآن وصدقوا بالسنة ما قيمة الموال التي تبخلون بزكاتها وما فائدتها إنها تكون نقمة عليكم وثمرتها لغيركم إنكم ل تطيقون الصبر على وهج نار الدنيا فكيف تصبرون على نار جهنم فاتقوا ال عباد ال وأدوا الزكاة طيبة بها نفوسكم وحاسبوا أنفسكم محاسبة دقيقة قبل أن تحاسبوا على ذلك يوم القيامة لن ال يقول في كتابه : ( وَ َي ْومَ يُنَادِي ِهمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْ ُتمُ الْمُرْسَلِينَ) لم يقل ماذا أجبتم فلناً أو فلناً فمن تبين له وجوب الزكاة في شيء من الموال بكتاب ال أو سنة رسوله صلى ال عليه وسلم فل عذر له في تركهما لقول أحد كائن من كان لن هذا الحد الذي أخذ بقوله لن ينفعه يوم القيامة إن نصوص الكتاب والسنة العامة دالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة على أي وجه كانت الصناف التي تجب فيها الزكاة أيها المسلمون لئن سألتم ما الموال التي تجب فيها الزكاة فإننا نقول إن الموال التي تجب فيها الزكاة متعددة: وإن منها الذهب والفضة فالذهب والفضة فيهما الزكاة على أي حال كانت سواء كانت جنيهات أو ريالت أم قطع من الذهب والفضة أم حلياً من الذهب والفضة للبس أو للبيع أو للتأجير فالذهب والفضة جاءت نصوص الكتاب والسنة بوجوب الزكاة فيهما عموماً بدون تفصيل ومن أخرج منها شيئاً أو نوعاً فعليه الدليل فإن لم يأتي بالدليل فإنه مطالب بما تقتضيه عمومات الكتاب والسنة ومسئول عنها يوم القيامة ولن ينفعه عند ال إذا بلغته النصوص لن ينفعه أن يقول قال فلن هذا ل زكاة فيه أو قال فلن هذا ل زكاة فيه ، وقد جاءت نصوص صحيحة صريحة في وجوب زكاة الحلي فمنها حديث عبد ال بن عمر بن العاص رضي ال عنهما أن امرأة أتت النبي صلى ال عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد أبنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال النبي صلى ال عليه وسلم(أتعطين زكاة هذا)قالت ل قال (أيسرك أن يسورك ال بهما يوم القيامة سوارين من نار ) فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى ال عليه وسلم وقالت هما ل ورسوله هذا الحديث قال فيه الحافظ بن حجر في بلوغ المرام أخرجه الثلثة وإسناده قوي وصححه شيخنا عبد العزيز بن باز متى تجب الزكاة؟وما هو المقدار؟ ولكن ل تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغان نصاب ًا فنصاب الذهب عشرون مثقالً (وزن خمسة وثمانين جراماً) فما دون ذلك ل زكاة فيه إل أن يكون للتجارة فإذا كان عند المرأة حلي يبلغ مجموعه هذا الوزن وجب عليها إخراج زكاته إما إذا كان مجموع ما عندها ل يبلغ هذا الوزن فإنه ل زكاة فيه وعلى هذا فإذا كان للنسان بنات ولكل واحدة من هذه البنات حلي ل يبلغ النصاب فإنه ل زكاة عليه في حلي هذه البنات أما نصاب الفضة فإنه مائة وأربعون مثقالً وزنه (خمسمائة وخمسة وتسعون جراما) فما دون ذلك ل زكاة فيه ومقدار الزكاة في الذهب والفضة ربع العشر وتجب الزكاة أيضاً في الوراق النقدية إذا بلغت ما يكافئ ( )85جراما من الذهب الخالص ويتغير بتغير قيمة العملة وفيها ربع العشر ()%2.5 تابع الصناف التي تجب فيها الزكاة وتجب الزكاة في الديون التي للنسان وهي الطلب التي له على الناس إذا كانت من الذهب أو الفضة أو الوراق النقدية وبلغت نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من جنسها سواء كانت حالة أو مؤجلة فيزكيها كل سنة إن كانت على غني لكن إن شاء أدي زكاتها قبل قبضها مع ماله وإن شاء أنتظر حتى يقبضها فيزكيها لكل ما مضى أما إن كانت الديون على فقير فإنه ل زكاة فيها حتى يقبضها فإذا قبضها زكاها سنة واحدة عن كل ما مضى لنها قبل قبضها في حكم المعدوم تابع الصناف التي تجب فيها الزكاة وتجب الزكاة في عروض التجارة وعروض التجارة هي الموال التي عند النسان يريد بها التكسب ،ول تختص بنوع معين من المال ،بل كل ما أراد به النسان التكسب من أي نوع كان من المال ففيه الزكاة ،سواء كان المال عقاراً ،أو حيواناً، أو مملوكاً من الدميين ،أو سيارات أو أقمشة ،أو أواني ،أو أطياب ،أو غير ذلك، المهم كل ما أعده النسان للتجارة والتكسب ففيه الزكاة ، ودليل ذلك عموم قوله تعالى ( :وَالّذِينَ فِي أَ ْموَا ِل ِهمْ حَقّ َمعْلُومٌ) (( )24لِلسّا ِئ ِل وَالْمَحْرُومِ) (المعارج )25-24:إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من الدراهم وعروض التجارة كل ما أعده مالكه للبيع تكسباً وانتظاراً للربح من عقارات وأثاث ومواشي وسيارات ومكائن وأطعمة وأقمشة وغيرها فتجب عليه الزكاة فيها وهي ربع عشر قيمتها عند تمام الحول فإذا أتم الحول وجب على التاجر أن يثمن ما عنده من العروض ويخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت القيمة مثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل أو أكثر فإذا أشترى سلعة بألف ريالً مثلً وكانت تساوي عند تمام الحول ألفين وجب عليه زكاة ألفين وإن كانت ل تساوى إل خمسمائة لم يجب عليه إل زكاة خمسمائة ول زكاة في مال حتى يحول عليه الحول فلو نفد المال قبل تمام الحول أو نقص عن النصاب فل زكاة فيه ولو مات المالك قبل تمام الحول فل زكاة عليه وإنما تجب الزكاة على الورثة بعد تمام الحول من ملكهم إياها إذا تمت الشروط ويستثنى من ذلك ربح التجارة ففيه الزكاة إذا تم حول رأس المال وإن لم يتم الحول على الربح ويستثنى من ذلك أيضاً حسب الصورة عروض التجارة فإن حولها حول عوضها وإذا كان ل يعلم وإذا كان عند النسان دراهم يتم حولها في رمضان فأشترى بها في شعبان مثل شيئاً للتكسب والتجارة فإنه يزكيه في رمضان وإن كان لم يمضى عليه إل شهر واحد لن عروض التجارة تتبدل ويكون بعضها بد ًل عن الخر تابع الصناف التي تجب فيها الزكاة الخارج من الرض من الحبوب والثمار ،لقول ال تعالى( :يَا أَ ّيهَا الّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا ِمنْ طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ َو ِممّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ ِمنَ الَْرْضِ)(البقرة)267: تجب الزكاة في الخارج من الرض من الحبوب والثمار ،من الحبوب : كالبر والذرة ،والرز وغيرها .ومن الثمار :كالنخيل والعناب التي تزبب ويحصل منها الزبيب ،وأما العناب التي ل تزبب ففيها خلف بين العلماء ،فمنهم من قال :إنه ل زكاة فيها ،لنها ملحقة بالفواكه، في كالبرتقال والتفاح ،ومنهم من قال :إنها تجب فيها الزكاة اعتباراً بأصل العنب ،لن أصل العنب أن يزبب ،فهو شبيه بثمار النخيل ،أي شبيه بالتمر ،والحتياط أن يخرج النسان الزكاة منه ،وأما ما ليس بحبوب ول ثمار ،يكال ويدخر ،مثل الفواكه على اختلف أنواعها ، والخضروات على اختلف أنواعها ،فإنه ل زكاة فيها ولو كثرت. ومقدار الزكاة في الحبوب والثمار العشر ،أي :عشرة في المائة إذا كانت تسقى بل مؤونة ،كالذي يشرب بعروقه ،لكون الرض رطبة ،أو الذي يشرب بالطل ،أو الذي يشرب بالنهار ،أو الذي يشرب بالقنوات التي تضرب في الرض ثم ينبع منها الماء ،هذا كله يجب فيه العشر ،لنه ل مؤونة في استخراج الماء الذي يسقى به، وأما إذا كان يسقى بمؤونة ،كالذي يسقى بالسواني أو بالمكائن أو بالغرافات ،أو ما أشبهها ،فإن الواجب فيه نصف العشر ،فأسقط الشارع عنه نصف العشر مراعاة لحاله ،ونصف العشر خمسة في المائة ،فإذا قدرنا أن هذه المزرعة أنتجت خمسة آلف صاع ،كان الواجب فيها إذا كان الزرع يسقى بل مؤونة خمسمائة صاع ،وإذا كان يسقى بمؤونة كان الواجب مائتين وخمسين صاعاً ،وعلى هذا فقس. ولكن ل تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصاباً ،والنصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى ال عليه وسلم ،فيكون مجموع الصع ثلثمائة صاع بصاع النبي صلى ال عليه وسلم ،فما دون ذلك فل زكاة فيه ،لقول النبي صلى ال عليه وسلم " :ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"(.)136 تابع الصناف التي تجب فيها الزكاة بهيمة النعام ،وهي البل والبقر والغنم ،ولكن يشترط لوجوب الزكاة فيها شرطان : الشرط الول أن تكون معدة للدر والنسل والتسمين ،ل للبيع والشراء . والشرط الثاني :أن تكون سائمة الحول أو أكثره ،يعني أن تتغذى على السوم -وهو الرعي -الحول أو أكثره. فإن كانت غير معدة للدر والتسمين ،وإنما هي معدة للتجار والتكسب ،فهي تعامل كما عروض التجارة ،وإن كانت معدة للدر والتسمين ،ولكنها تعلف فإنها ل زكاة فيها . وأما مقدار الزكاة في البهائم -أي بهيمة النعام -فإنه يختلف ، وذلك لن النصبة في بهيمة النعام مقدرة ابتداء وانتهاء ،ولكل قدر منها واجب خاص به . فمثلً في الغنم في كل أربعين شاة شاة واحدة ،وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان فما بين الربعين إلى مائة وعشرين ليس فيها إل شاة واحدة ،وفي مائتين وواحدة ثلث شياه ،فما بين مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين ليس فيه إل شاتان ،ثم في كل مائة شاة ،ففي مائتين وواحدة ثلث شياه ،وفي ثلثمائة وواحدة ثلث شياه ،وفي أربعمائة أربع شياه ،وهلم جرا ،ولهذا ل يمكن أن نحدد الواجب في بهيمة النعام ، وذلك لختلف النصبة ابتداء وانتهاء ،ومرجع ذلك إلى كتب الحديث وأهل الفقه. أما غير السائمة ،كالخيل والحمير والبغال ،فهذه ل زكاة فيها ولو كثرت، ولو سامت ،إذا لم تكن للتجارة ،لقول النبي صلى ال عليه وسلم : "ليس على المسلم في عبده ول فرسه صدقة"(.)139 فلو كان عند النسان مائة فرس يعدها للركوب والجهاد وغير ذلك من المصالح ،فإنه ل زكاة عليه فيها ولو كانت تساوي دراهم كثيرة .إل إن كان يتّجر في الخيل ،يبيع ويشتري ،ويتكسب ،فعليه فيها زكاة العروض. ل يجوز ول يجوز أن يؤجل النسان الزكاة إذا تم الحول ويستثنى من ذلك أيضاًُ الجرة فإن زكاتها تجب وقت قبضها إذا كان قد مضى على عقد الجارة حول وإذا كان الشخص يملك المال شيئاً فشيئاً كالرواتب الشهرية فل زكاة على شيء منه حتى يحول عليه الحول وإذا كان يشق عليه ملحظة كل شهر في حوله فليزكي الجميع إذا تم حول أول راتب منها فتكون زكاة أول راتب في حينها وتكون زكاة ما بعده مؤجلة وتعجيل الزكاة ل يضر وإذا أستعمل هذا الطريق كان أريح وأسلم من الضطراب الصناف التي ل تجب فيها الزكاة وإذا كان للنسان عقار يسكنه أو سيارة يركبها أو مكينة لفلحته أو أثاث لبيته أو أواني لبيته أو نحو ذلك فل زكاة عليه فيه لقول النبي صلى ال عليه وسلم (ليس على المسلم في عبده ول فرسه صدقة ) وإذا كان له عقار يؤجره أو سيارة يكدها في الجرة أو معدات يؤجرها فل زكاة عليه فيها. وإنما الزكاة فيما يحصل منها من الجرة حتى ولو كثرت العقارات التي يؤجرها فل زكاة عليه في قيمتها وإنما الزكاة فيما يحصل منها من الجرة. الصناف التي ل تجب فيها الزكاة وإذا كان للنسان أرض يريد أن يبني عليها مسكناً له أو يبني عليها بناءً لليجار فل زكاة عليه فيها. وكذلك إذا كان عنده أرضاً أبقاها للحاجة يقول إن احتجت بعتها وإل أبقيتها فل زكاة عليه فيها. أيها المسلمون هذه نماذج من أحكام الزكاة ومن أشكل عليه شئ منها فليسأل عنه أهل العلم خــــاتــمة وتحروا أيها المسلمين لزكاتكم فإنها قرينة صلتكم فل تقدم المال على ما يرضي ربك الذي من به عليك اللهم وفقنا لداء ما يجب علينا من مال وعمل على الوجه الذي ترضاه عنا بدون عجز ول كسل اللهم زدنا من فضلك ما نزداد به قربة إليك ورفعة في درجاتنا إنك جواد كريم اللهم اغفر لي ولوالدي والمسلمين والمسلمات الحياء منهم والموات اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. انشرها ول تتردد الدال على الخير كفاعله لمزيد من الفتاوي حول الزكاة يرجى زيارة الرابط التالي للشيخ ابن العثيمين رحمه ال http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18157.shtml