Professional Documents
Culture Documents
نهضتنـــــــا
كيف يمكن للقرآن
أن ينهض بالمة؟
تأليف
مجدي الهللي
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الولى
1 4 2 7هـ 2 0 0 6 -م
مركز السلم
الفني للتجهيز
الحميد عمر عبد
01 06 96مؤسسة اقرأ
للنشر والتوزيع والترجمة
10ش أحمد عمارة -بجوار حديقة الفسطاط
القاهرة ت 5326610 :محمول0101175447 -0102327302:
www.iqraakotob.com
E-mail:info@iqraakotob.com
المقـــــــدمــة
3
المقدمــة
الحمد لله الرحيم الودود ،والصلة والسلم على
المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ،وبعد:
فل يخفى على أحد الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا
السلمية في هذا العصر ،فلقد أصبحت بل قيمة ول
اعتبار ،تكالب عليها الجميع ،وصارت عبرة بين المم في
الذل والهوان والتخلف والظلم.
…هذا الواقع الليم دفع المخلصين من أبنائها إلى
البحث عن سبل لنهضتها وخروجها من النفق المظلم
الذي تسير فيه ،وتعالت الصوات من هنا وهناك تنادي
بضرورة وجود مشروع للنهضة تلتف المة كلها
حوله وتتبناه.
…تعددت الطروحات والمقترحات حول نقطة البداية
لمشروع النهضة ،فمن قائل :نأخذ بأسباب التقدم
العلمي كما أخذ بها الغرب فنصير مثلهم ،ومن قائل :بل
وجودنا كقوة اقتصادية تفرض نفسها على الجميع هو
الحل المثل لعودة مجدنا مرة أخرى..
..هذه وغيرها أمثلة للرؤى التي تُطرح اليوم ،بيد أن
أصحاب تلك الطروحات -على أهميتها -قد غفلوا عن
حقيقة مهمة ,وهي أن المة السلمية ليست كبقية
المم عند الله عز وجل ،لذا فإن سبيل نهضتها لبد أن
يختلف عن سبيل نهضة المم الخرى ،فما يصلح لغيرنا
ليس بالضرورة يصلح لنا أو يصل بنا إلى ما وصلوا إليه.
ومما يؤكد هذا المعنى أن الله -سبحانه وتعالى -قد
ربط بين تقدمنا وعلونا كأمة إسلمية وبين إيماننا ومدى
ؤ ِمنِيَ [آل عمران]139:
ارتباطنا بهَ .وأَنُتمُ الَ ْع َلوْنَ إِن كُنتُم ّم ْ
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
4
سبْحَانَكَ لَ ِع ْلمَ َلنَا إِلّ مَا عَلّ ْمَتنَا ِإنّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ
المولى ونعم النصير ُ
الْحَكِيمُ .
الفقير إلى عفو ربه
مجدي الهللي
www.alemanawalan.com
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
6
السباب المادية
والمعنوية.
النتائج من الله ل من
السباب.
ستار السباب.
هل السباب متاحة
للجميع؟
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
8
الفصل الول :السباب والنتائج
9
الســـــباب والنتائـج
1
() متفق عليه.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
12
[الزمر.]45: شرُونَ
سَتبْ ِ
َوإِذَا ذُ ِكرَ اّلذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا ُهمْ يَ ْ
ستار السباب:
ِ
إذن فالسباب ستار لبد من إقامته ليتنزل عليه
القدر… هذا الستار يبدأ بالسباب المادية المتاحة أولً،
ثم بالمعنوية ثانيًا ,كما قال للرجل الذي ترك دابته
()1
دون عقال« :اعقلها وتوكل».
فإن اقتصر الستار على السباب المادية كان حجمه
محدودًا
ونتائجه محدودة.
وإن حاول النسان إقامته من السباب المعنوية فقط
دون استخدام السباب المادية المتاحة أمامه فهذا سوء
أدب مع الله ،ولن يتحقق له ما يريد لنه خالف بذلك
القوانين التي وضعها الله عز وجل لقامة الحياة
والوصول إلى النتائج.
وإن جمع بين الثنين فهو بذلك يزيد من حجم الستار
فيتنزل القدر بنتائج ل حدود لها...تأمل قوله « :لو أنكم
()2
تتوكلون على ال حق توكله لرزقكم كما يرزق الطي تغدو خاصًا وتروح بطانًا».
مع ملحظة أن تغدو وتروح هي السباب المطلوب
من الطير أن تفعلها وتأخذ بها فقط.
ومن المثلة التي تؤكد هذا المعنى :شكوى الصحابة
من قلة الماء واحتياجهم للشرب والوضوء ،فماذا فعل
؟ أقام الستار بالسباب المادية أولً:طلب الماء القليل
الموجود ،ثم وضع يده الشريفة فيه ودعا الله بعد ذلك،
()3
فنبع الماء من بين أصابعه ،وشرب الجميع وتوضأوا…
1
() رواه الترمذي وقال حديث حسن.
2
() رواه الترمذي ( )2345وقال :حديث حسن ،وأخرجه أحمد ، 1/30وابن
صا :أي ضامرة البطون من الجوع ،وبطانًا :أي ماجه ( .)4164ومعنى خما ً
ممتلئة البطون.
3
() روى البخاري عن ابن مسعود قال :بينما نحن مع رسول الله وليس
معنا ماء ،فقال لنا رسول الله «اطلبوا من معه فضل ماء» فأتي بماء فصبه في
إناء ،ثم وضع كفه فيه ،فجعل الماء ينبع من بين أصابع رسول الله .
الفصل الول :السباب والنتائج
13
المؤمن والكافر وَجَ َعلَ فِيهَا َروَا ِسيَ مِن َفوْ ِقهَا َوبَارَكَ فِيهَا وَ َقدّرَ فِيهَا أَ ْقوَاتَهَا
لءِ مِنْ عَطَاءِ لءِ َو َهؤُ َ
سوَاءً لّلسّائِ ِليَ [فصلت ,]10:كُلً نّ ِمدّ َهؤُ َ فِي أَ ْربَ َعةِ َأيّامٍ َ
َربّكَ وَمَا كَانَ َعطَاءُ َربّكَ مَحْظُورًا [السراء.]20:
هذا بالنسبة للسباب المادية ،أما السباب المعنوية
التي تجلب الزيادة المضاعفة في النتائج فاستخدامها
مشروط باليمان بالله ،وعدم الشرك به ،وإخلص
مالتوجه إليه… وعلى قدر ذلك يكون الستار ،ومن ث َّ
المدد اللهي..
فالمشركون إذا ما عادوا إلى الله في أي وقت
وطلبوا منه بصدق وإخلص أن ينجيهم من كرب أصابهم
صيَ لَهُ شيَهُم ّموْجٌ كَالظّلَلِ دَ َعوُا الَ ُمخْلِ ِ فإنه سبحانه سينجيهم َوإِذَا َغ ِ
ختّارٍ َكفُورٍ حدُ بِآيَاِتنَا إِلّ كُلّ َصدٌ َومَا َيجْ َ الدّينَ فَلَمّا َنجّا ُهمْ ِإلَى اْلبَرّ فَ ِمنْهُم مّ ْقتَ ِ
[لقمان.]32 :
إذن فحصول النتائج من خلل اتخاذ السباب
المعنوية مرتبط بحال صاحبها وقت استخدامه لها ،فعلى
قدر إيمانه بالله ،وتعلقه به ،وإخلص التوجه والستعانة
به –سبحانه -يكون المدد ،فالسباب المعنوية بمثابة
القوس في يد الضارب ،وعلى قدر قوته في استخدامه
تكون سرعة السهم ومكان وصوله… تأمل معي مدى
استغاثة المسلمين بربهم في بدر ,ثم انظر إلى حجم
كمْ َأنّي مُ ِمدّ ُكمْ سَتجَابَ لَ ُ
كمْ فَا ْ ستَغِيثُونَ َربّ ُ
المدد اللهي بعد ذلك ِإذْ تَ ْ
بَِألْفٍ مّنَ الْمَلئِ َكةِ مُ ْردِ ِفيَ [النفال.]9:
فالمداد ليس مرتبطًا بأشخاص بعينهم مهما كانت
سبهم، سابقتهم أو ن َ َ
ستَقَامُوا بل مرتبط بالحالة اليمانية التي هم عليها َوأَن ّلوِ ا ْ
عَلَى الطّرِيقَةِ ل ْس َق ْينَاهُم مّاءً َغدَقًا [الجن ،]16:فعهد الله ووعده
بإمداد عباده بما يكفيهم وينصرهم ويحفظهم لن يتحقق
إل إذا أوفوا هم بعهدهم معه َوَأوْفُوا بِعَ ْهدِي أُوفِ ِبعَ ْهدِ ُكمْ
[البقرة ,]40:فإن لم يفعلوا فالنتيجة معروفة ...لَ َينَالُ عَ ْهدِي
الفصل الول :السباب والنتائج
15
[البقرة.]124: الظّالِمِيَ
وخلصة القول أن السباب ضرورية لحصول النتائج،
وأنها بذاتها ل تُحدث القدَر ،بل تهيئ لنزوله.
والسباب نوعان مادي ومعنوي ...المادي متاح
للجميع ،والمعنوي قاصر على المؤمنين بالله ،وعلى قدر
اليمان والخلص تكون النتائج المتحققة.
***
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
16
الوضع الخاص بأمة
السلم.
هل نترك السباب
المادية؟!
المسلم الصحيح أولً.
هل هي دعوة للتخلف؟
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
18
1
() الجهاد في السلم لمحمد سعيد رمضان البوطي ,ص . 245
الفصل الثاني :لسنا كبقية المم 21
1
() جمع عقبة وكانت في سنة 609هـ.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
24
عَلَ ْيهِ َغضَبِي َف َقدْ َهوَى [طه .]81:ولقد هوينا إلى القاع بالفعل,
خنَّا
وصرنا تحت أقدام الكفار بسبب غضب الله علينا لننا ُ
أمانته.
العودة إلى الله هي البداية:
إذن فنقطة البداية التي ينبغي أل نتخطاها هي العودة
إلى الله.
… الصلح مع الله ،والدخول في دائرة الرضا والمعية
والولية والنصرة اللهية.
نقطة البداية هي الرتقاء بقيمة الفرد عند الله وهذا لن
يأتي إل من خلل صلحه على منهاج ربه وموله.
..صلح الفرد هو الذي سيؤدي إلى صلح المجتمع،
فصلح المة ،ليستبدل الله بغضبه عليها رضاه ويولي عليها
خيارها.
عن قتادة قال :قال موسى عليه السلم لربه :يارب
أنت في السماء ،ونحن في الرض ،فما علمة غضبك من
رضاك؟
قال :إذا استعملت عليكم خياركم فهو علمة رضاي،
وإذا استعملت عليكم شراركم فهو علمة غضبي عليكم .
()1
1
() العقوبات لبن أبي الدنيا ,ص (.)278
الفصل الثاني :لسنا كبقية المم 25
1
() البداية والنهاية لبن كثير.7/50 ,
2
() كيف ننتفع بالقرآن الكريم ,لحمد البراء الميري ,ص (.)107
الحلقة المفقودة.
الدافع الذاتي.
ما المقصود بالقوة
الروحية؟
نحتاج إلى معجزة.
إنه القرآن العظيم.
مظاهر قوة تأثير
القرآن.
الفصل الثالث :المعجزة التي نحتاجها 31
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
32
الحلقة المفقودة:
كان الجهل بحقائق الدين يضرب بأطنابه في جنبات
المة،وكان من المستغرب أن يتم الحديث عن شمول
السلم ،وأنه صالح لكل زمان ومكان ،وأنه يتناول مظاهر
الحياة جميعًا ...ثم ظهرت الصحوة السلمية وانتشرت
الفكار الصحيحة حول السلم ،وتناقلتها الكتب
والمحاضرات ،وبدأت أفهام الناس تتغير حول طبيعة
الدين ...كل هذا قد تم خلل القرن الرابع عشر الهجري
(القرن العشرين) خاصة في نصفه الخير ...
إل أنه في السنوات القليلة الماضية ،ومع انتشار
حا،
الفضائيات والشبكة العنكبوتية ازداد المر وضو ً
وتصححت مفاهيم كثيرة في أذهان الناس ،وإن أردت دليلً
على ذلك فاجلس مع أي مجموعة تقابلك من جيرانك أو
أقاربك أو زملئك ,وافتح باب النقاش حول موضوع من
الموضوعات المطروحة على الساحة مثل سبب تخلف
المة ،أو خطورة دور اليهود ،أو المراض الجتماعية
ما رائعًا،
المنتشرة في مجتمعنا ،ستسمع بل شك كل ً
وحلول ً جيدة...
...إذن فما هي مشكلتنا؟
المشكلة أن هذا الفهم الجيد لقضايا المة ل يتفق في
الغالب مع سلوك هؤلء الفراد الذين يتحدثون ويشخصون
مكامن الداء ،فالقول في واد ٍ والعمل في واد ٍ آخر ،والفجوة
واضحة بين العلم والعمل ،والفكر والسلوك ،والفهم
والتطبيق...ول يُخطئ من يقول بأن الكم الهائل من برامج
الصلح التي تُقدَّم للمة عبر الفضائيات وغيرها من وسائل
العلم المختلفة تكفي لصلح الجيال حتى قيام الساعة..
إذن فالمشكلة الن ليست في التوجيهات أو النصائح...
الفصل الثالث :المعجزة التي نحتاجها 33
تُمل.
ثامنًا :القرآن وسيلة مجربة.
تاسعًا :القرآن هو وصية
الرسول × بأنه المخرج من
الفتن.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
46
***
1
() في ظلل القرآن ..المقدمة.
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 49
ثانيًا:القرآن يجمع
بين الرسالة والمعجزة
2
() تفسير القرآن العظيم لبن كثير .471/ 2
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
52
1
() النبأ العظيم لمحمد عبد الله دراز 146-143بتصرف.
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 55
جّرِدت
الق سمعك إلى هذه المجموعة الصوتية ،وقد ُ
تجريدًا أو أرسلت ساذجة في الهواء.فستجد نفسك منها
جّرِد هذا
بإزاء لحن غريب عجيب ل تجده في كلم آخر لو ُ
التجريد ،وجوِّد هذا التجويد.
ستجد اتسا ًقا وائتلفًا يسترعي من سمعك ما تسترعيه
الموسيقى والشعر ،على أنه ليس بأنغام الموسيقى ول
بأوزان الشعر ,ذلك أنك تسمع القصيدة من الشعر فإذا هي
تتحد الوزان فيها بيتًا بيتًا ،وشطرًا شطًرا ،فل يلبث سمعك
أن يمجها ،وطبعك أن يملها ،إذا أعيدت وكررت عليك
بتوقيع واحد ،بينما أنت من القرآن أبدًا في لحن متنوع
متجدد ،تنتقل فيه بين أسباب وأوتار وفواصل ،على أوضاع
مختلفة يأخذ منها كل وتر من أوتار قلبك بنصيب سواء ،فل
يعروك منه على كثرة ترداده مللة ول سأم .بل ل تفتأ
تطلب منه المزيد.
هذا الجمال التوقيعي في لغة القرآن ل يخفى على أحد
ممن يسمع القرآن حتى الذين ل يعرفون لغة العرب,
()1
فكيف يخفى على العرب أنفسهم؟
ومع جماله التوقيعي يأتي جماله التنسيقي في رصف
حروفه وتأليفها من مجموعات مؤتلفة مختلفة()2مما يزيد
من قوة تأثيره على المشاعر.
بحر ل ساحل له:
هذا من ناحية القشرة الخارجية للفظ القرآن ،أما ما
1
() النبأ العظيم .131-127
() يقول د .دراز :فإذا ما اقتربت بأذنك قليًل قليًل ،فطرقت سمعك 2
وََل َقدْ يَسّ ْرنَا من المزايا العظيمة للقرآن أنه ميسر للذكر
اْلقُرْآنَ لِلذّ ْكرِ فَهَلْ مِن ّمدّكِرٍ [القمر.]17 :
ففي أي وقت بالليل أو النهار ،وفي أي مكان طاهر
يستطيع المرءْ أن يلتقي مع القرآن.
كان من الممكن أن تكون قراءة القرآن مقصورة على
أزمنة محددة أو أماكن معينة كالمساجد مثلً ،لكن الله عز
وجل جعل تناوله بهذا التيسير لتتاح الفرصة للجميع أن
يلتقوا به في الوقت الذي يروق لهم ،وهذا – بل شك –
يعطي للقرآن مزية عظيمة في استيعابه لجميع الفراد
باختلف ظروفهم وأحوالهم.
خطاب للعامة وخطاب للخاصة:
ومع تيسر القرآن للقراءة في أي وقت وأي مكان فإنه
كذلك ميسر للفهم ،فخطابه موجه للعامة والخاصة.
يقول د .دراز :وهاتان غايتان متباعدتان عند الناس ،فلو
أنك خاطبت الذكياء بالواضح المكشوف الذي تخاطب به
(العامة) لنزلت بهم إلى مستوى ل يرضونه لنفسهم في
الخطاب.
ولو أنك خاطبت العامة باللمحة والشارة التي تخاطب
بها الذكياء لجئتهم من ذلك بما ل تطيقه عقولهم ،فل غنى
لك – إن أردت أن تُعطي كلتا الطائفتين حظها كامل ً من
بيانك – أن تخاطب كل واحدة منها بغير ما تخاطب به
الخرى ،كما تخاطب الطفال بغير ما تخاطب به الرجال.
فأما أ َّ
ن جملة واحدة تُلقى إلى العلماء والجهلء ،وإلى
الذكياء والغبياء ،وإلى السوقة والملوك ،فيراها كل منهم
مقَدّرة على مقاس عقله ،وعلى وفق حاجته ,فذلك ما ل ُ
تجده على أتمه إل في القرآن الكريم.
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 59
1
()المصدر السابق .159،158
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
62
شلُوا
وََلَ تَنَا َزعُوا فََتفْ َ بسببه تتعرض المة للخذلن والحرمان
وََت ْذهَبَ
رِيُ ُكمْ [النفال.]46:
ولقد ذهبت ريحنا بالفعل ،وأصبحنا معَّرة المم ،ومضرب
المثل في التخلف والنحطاط.
الكلمة السواء:
لحل لهذه المشكلة المعقدة لبد أن يكون هناك شيء
ما يحل هذا الخلف يجتمع عليه الجميع...يرضون به حك ً
ويصوب للجميع مواقفهم ،فما هو هذا الشيء الذي يمكنه أن
يجمع حوله أمة تجاوز عددها المليار وثلث المليار؟!
لو بحثنا في كل شيء تحت أيدينا فلن نجد إل شيئًا
واحدًا يوافق الجميع على الحتكام إليه ...أل وهو القرآن.
والعجيب أن الله سبحانه وتعالى سماه بالحبل ,وكأن
قدره ووظيفته أن ينتشل الجميع ويرفعهم ويوحدهم
صمُوا ِبحَبْلِ الِ َجمِيعًا وَلَ َتفَرّقُوا
وَاعَْت ِ
[آل عمران.]103:
فحبل الله هو القرآن كما قال ابن مسعود وغيره.
« :كتاب ال هو حبل ال المدود بي ومما يؤكد هذا المعنى قوله
السماء إل الرض»(.)1
حا نازل ً به
فالقرآن حين يقبل عليه المرء إقبال ً صحي ً
على هواه ،وليس نازل ً بهواه إليه ،فإنه يزيد اليمان ويُنقص
الهوى في قلبه ،وهذا من شأنه أن يُنهي جزءًا كبيًرا في
موضوع الخلف.
والقرآن كذلك يوضح ويبين الكثير من المور المختلف
فيها ،ويرسم في الذهان خريطة السلم بنسبها الصحيحة
دون تفريط ول إفراط ،فيُعطي كل ذي حق حقه.
1
() صحيح رواه ابن أبي شيبة ،وابن جرير عن أبي سعيد ،وصححه اللباني
في صحيح الجامع ،ح(.)4473
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
64
ما لقرائه،
القرآن ل يبلى من كثرة الرد ،ففيه الجديد دائ ً
ولو نهل البشر جميعًا من نبعه لما انقطع أبدًا عن التدفق،
ولما شعر أحدهم بالملل أو التكرار أو عدم وجود جديد ،بل
العجب أننا سنفاجأ يوم القيامة بأننا ما أخذنا إل رشفات
وقطرات يسيره من نهر القرآن العظيم الفياض بالخير،
وصدق من قال بأن القرآن ل يزال بكًرا.
وفي هذا المعنى يقول د .محمد عبد الله دراز – رحمه
الله :-
تقرأ القطعة من القرآن فتجد في ألفاظها من
الشفوف ،والملسة ،والحكام ،والخلو من كل غريب عن
الغرض ،ما يتسابق به مغزاها إلى نفسك دون كد ّ خاطر ول
ما ولغات بل ترى صوًرا
استعادة حديث ,كأنك ل تسمع كل ً
وحقائق ماثلة.
خبرا ووقفت على وهكذا يخيل لك أنك قد أحطت به ُ
معناه محدودًا...
هذا ولو رجعت إليه كرة أخرى لرأيتك منه بإزاء معنى
جديد ،غير الذي سبق إلى فهمك أول مرة .وكذلك حتى
ترى للجملة الواحدة أو الكلمة الواحدة وجوهًا عدة ،كلها
ص من الماس يعطيك صحيح أو محتمل للصحة ،كأنما هي ف ّ
كل ضلع منه شعاع ًا فإذا نظرت إلى أضلعه جملة بهرتك
بألوان الطيف كلها ،فل تدري ماذا تأخذ عينك وماذا تدع.
ولعلك لو وكلت النظر فيها إلى غيرك لرأى منها أكثر
حا مع الزمان يأخذ كل منه
مما رأيت .وهكذا تجد كتابًا مفتو ً
سر له ،بل ترى محيطًا مترامي الطراف ل تَحدّه ما يُي َّ
عقول الفراد ول الجيال.
ثم يضرب الشيخ دراز مثل ً فيقول:
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
66
اقرأ قوله تعالى :وَالُ َيرْزُقُ مَن َيشَاءُ ِبغَيْرِ حِسَابٍ [البقرة,]212:
وانظر هل ترى كلًما أبيين من هذا في عقول الناس .ثم
انظر كم في هذه الكلمة من مرونة ،فإنك لو قلت في
معناها:
-1إنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب
يحاسبه ول سائل يسأله لماذا يبسط الرزق
لهؤلء ويقدره على هؤلء ،أصبت.
-2ولو قلت :إنه يرزق بغير تقتير ول محاسبة
لنفسه عند النفاق خوف النفاذ ،أصبت.
-3ولو قلت :إنه يرزق من يشاء من حيث ل
ينتظر ول يحتسب ،أصبت.
-4ولو قلت :أنه يرزقه بغير معاتبة ومناقشة له
على عمله ،أصبت.
-5ولو قلت :يرزقه رزقًا كثيًرا ل يدخل تحت حصر
( )1
وحساب ،أصبت.
تقرأ فتؤجر:
وفوق هذا كله فالقرآن عبادة يُتعبد من خللها ويُتقرب
ما
إلى الله عز وجل بها ،مما يدفع بالمسلم إليه ويحببه دو ً
في التعامل معه كباب للجر والثواب ،وقربة إلى الله ،وهذا
ل يتوافر في أي كتاب آخر.
وما يمكن أن يثيره من تأمل هذا القول لرسول الله
رغبة لقراءة القرآن:
«أيب أحدكم إذا رجع إل أهله ،أن يد ثلثَ خِلفاتٍ عظامٍ سانٍ؟ فثلث آيات
يقرأ بن أحدكم ف صلته ،خي له من ثلث خلفاتٍ عظامٍ سان»(.)2
***
1
() النبأ العظيم.147 ، 146 ,
2
() رواه مسلم
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 67
مجرب
ثامنًا :القرآن وسيلة ودواء ُ
بيده الكتاب ،قال :ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى وجه
رسول الله منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب ،فقال
النبي عند ذلك«:إنا بعثت فاتًا وخاتًا ،وأعطيت جوامع الكلم وفواته
واختصر ل الديث اختصارًا ،فل يهلكنكم التهوكون»(.)1
وأخرج ابن الضريس عن الحسن أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال :يا رسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا
بأحاديث قد أخذت بقلوبنا ،وقد هممنا أن نكتبها فقال«:يا ابن
الطاب أمتهوكون أنتم كما توكت اليهود والنصارى؟ أما والذي نفس ممد بيده لقد
()2
جئتكم با بيضاء نقية ،ولكن أعطيت جوامع الكلم ،واختُصر ل الديث اختصارًا»
...من هذه النصوص وغيرها يتبين لنا أن رسول الله ×
لم يكن يعتمد شيئًا في تربية الصحابة غير القرآن ،وسنته
المطهرة ،باعتبارها شارحة له.
ومن هنا توثق ارتباط الناس بالقرآن في العهد النبوي،
ارتباطًا عمق صلة القلوب بربها ،إلى درجة أن الصحابة،
رضوان الله عليهم ،كانوا يتتبعون الوحي ،تتبع الملهوف،
الحريص على الترقي في مدارج المعرفة بالله والسلوك
إليه سبحانه(.)3
تأمل معي أخي القارئ هذا الخبر الذي يبين كيف كان
حال الصحابة مع القرآن ،وكيف كانوا يستقبلون توجيهاته
وإشاراته:
نزل رجل من العرب على عامر بن ربيعة ،فأكرم عامر
مثواه ،وكلم فيه رسول الله ،فجاء الرجل فقال :إني
استقطعت رسول الله واديًا ما في العرب أفضل منه،
ولقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك .فقال
عامر :ل حاجة لي في قطيعتك ،نزلت اليوم سورة أذهلتنا
غفْ َلةٍ مّعْ ِرضُونَ [النبياء.]1 :
عن الدنيا اقْتَ َربَ لِلنّاسِ ِحسَابُ ُهمْ َو ُهمْ فِي َ
1
() الدر المنثور 5/284والمتهوكون أي المتحيرون.
2
() المصدر السابق نفسه.
3
() التوحيد والوساطة ,ص (.)42
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
70
بل انظر إلى مدى تقدير اليهود للقرآن ,بل لية واحدة
فيه وهم الذين ينكرونه ويكذبونه ويكذبون رسول الله ،
فقالوا حسدًا من عند أنفسهم« :نزلت عليكم آية لو نزلت
علينا معشر يهود لجعلنا يوم نزولها عيدًا يقصدون قوله
لمَ دِينًا
تعالى :الَْي ْومَ أَ ْكمَلْتُ لَ ُكمْ دِينَ ُكمْ وَأَْت َممْتُ عَلَيْ ُكمْ ِن ْعمَتِي وَ َرضِيتُ لَ ُكمُ الِ ْس َ
[المائدة ,]3:لما فيها من فضل وتكريم ،فهل شعرنا نحن
بهذا التكريم من الله ،وقدرناه حق قدره ،وقمنا بحقه؟
الجيل الفريد:
كان من نتاج ارتباط الصحابة الوثيق بالقرآن ،والنصياع
التام له ،والسماح لمعجزته أن تعمل داخلهم ،أن تكونت
أمة جديدة وجيل ً فريدًا لم تر البشرية مثله حتى الن.
يقول محمد الغزالي – رحمه الله :-المة التي نزل
عليها القرآن فأعاد صياغتها هي المعجزة التي تشهد للنبي
عليه السلم بأنه أحسن بناء الجيال ،وأحسن تربية المم،
وأحسن صياغة جيل قدم الحضارة القرآنية للخلق ..فنحن
نرى أن العرب عندما قرأوا القرآن ،تحولوا إلى أمة تعرف
الشورى وتكره الستبداد ،إلى أمة يسودها العدل
الجتماعي ول يُعرف فيها نظام الطبقات ،إلى أمة تكره
التفرقة العنصرية ،وتكره أخلق الكبرياء والترفع على
الشعوب.
ووجدنا بدويًا كربعي بن عامر يقول لقائد الفرس:
جئنا نخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده،
ومن جور الديان إلى عدل السلم.
إنهم فتح جديد للعالم وحضارة جديدة أنعشت النسانية
ورفعت مكانتها ،لن المة السلمية كانت في مستوى
القرآن الكريم ،والحضارة السلمية إنما جاءت ثمرة لبناء
القرآن للنسان.)1( .
من ثمارهم تعرفونهم:
لقد أدركت البشرية ،وس َّ
جل التاريخ حجم التغيير الذي
1
() كيف نتعامل مع القرآن ,ص (.)30
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 71
[التوبة.]79:
ولما نزلت مَن ذَا اّلذِي ُيقْرِضُ الَ َق ْرضًا َحسَنًا قال أبو
الدحداح :يا رسول الله ،إن الله يريد منا القرض؟ قال« :نعم
يا أبا الدحداح» قال :أرني يدك ،فناوله يده ،قال :قد أقرضت
ربي حائطي(بستان) -وحائطه فيه ستمائة نخلة – فجاء
يمشي حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه وعيالها ،فنادى :يا
أم الدحداح ،قالت :لبيك ،قال :اخرجي فقد أقرضته
ربي»(.)1
وفي رواية :يا أم الدحداح ،اخرجي من الحائط فإني قد
بعته بنخلة في الجنة؟
فماذا قالت زوجته؟ هل لمته وعاتبته على فعله؟ هل
قالت له :وأين سنذهب ،لقد أفقرتنا وأفقرت عيالنا؟!!
ل ،لم تقل له ذلك ،بل قالت :ربح البيع(.)2
وإن تعجب فاعجب من هذا الموقف:
أخرج ابن سعد في طبقاته عن جعفر بن عبد الله أنه
لما كان يوم اليمامة واصطف الناس للقتال كان أول الناس
جرح أبو عقيل النيفيُ ،رمي بسهم فوقع بين منكبيه ُ
شطب في غير مقتل ،فأخرج السهم ووهن له وفؤاده فَ َ
جَّر إلى
شقّه اليسر لما كان فيه ،وهذا أول النهار ،و ُ
الّرحل ،فلما حمي القتال وانهزم المسلمون وجازوا رحالهم
جرحه سمع معن بن عدي يصيح وأبو عقيل واهن من ُ
بالنصار :الله الله والكََّرة على عدوكم.
قال عبد الله بن عمر :فنهض أبو عقيل يريد قومه،
نوه
فقلت :ما تريد يا أبا عقيل؟ ما فيك قتال ،قال :قد ّ
المنادي باسمي ،قال ابن عمر :فقلت :إنما يقول يا للنصار
ل يعني الجرحى ،قال أبو عقيل:أنا رجل من النصار وأنا
أجيبه ولو حبوا.
1
() حياة الصحابة .2/23
2
() المصدر السابق.
الفصل الرابع :لماذا القرآن هو سر نهضتنا؟ 73
1
() طبقات ابن سعد .362،361 / 3
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
74
الفصل ليس بالزل ،من تركه من جبار قصمه ال ،ومن ابتغى الدى ف غيه أضله ال،
وهو حبل ال التي ،وهو الذكر الكيم ،وهو الصراط الستقيم ،هو الذي ل تزيغ به
الهواء ،ول تلتبس به اللسنة ،ول يشبع منه العلماء ،ول يلق على كثرة الرد ،ول
تنقضي عجائبه ،هو الذي ل تنته الن إذ سعته حت تقول :إِنّا َس ِمعْنَا ُقرْآنًا عَجَبًا
صدَق ،ومن عمل به أُجر ،ومن حكم به يَ ْهدِي إِلَى الرّ ْشدِ [الجن ]2 ،1 :من قال به َ
()1
َعدَل ،ومن دعا إليه هُدي إل صراط مستقيم»
ولقد أكد رسول الله على هذا المعنى في حديثه
لحذيفة بن اليمان حين أخبره بالختلف والفرقة بعده ،فقد
قال حذيفة للرسول عليه الصلة والسلم عندما سمع ذلك:
يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال« :تعلم كتاب ال
عز وجل ،واعمل به فهو الخرج من ذلك» قال حذيفة :فأعدت عليه
()2
ثلثًا ،فقال ثلثًاَ« :تعَلّم كلم ال واعمل به فهو النجاة»
***
1
() أخرجه الترمذي ،والدارمي ،والبيهقي في الشعب.
2
() أخرجه أبو داود ،والنسائي ،والبيهقي في الشعب ،والحاكم في
المستدرك وصححه ووافقه الذهبي.
هجر القرآن.
الكتاب الوحيد.
الحاضر الغائب.
إعادةالثقة في القرآن.
التأثر هو الغاية.
خطوات عملية مقترحة.
الفصل
77
السادس :تصور مقترح للمراكز القرآنية
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
78
1
() كيف نتعامل مع القرآن ,ص (.)59
2
() نظرات في كتاب الله ,ص .34
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
84
1
() أخرجه الحاكم ،والبيهقي في الزهد.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
86
1
() صيد الخاطر.
2
() حسن ،صحيح الجامع ح()2328
الفصل
السادس :تصور مقترح للمراكز القرآنية
87
إن العلم وحده ل يكفي ليكون دافعًا للعمل ،بل لبد أن
يمتزج بالعاطفة ،ويؤثر في المشاعر والقرآن يفعل ذلك
بكل سهولة ويسر -إذا ما أحسن المرء التعامل معه،-
وقراءته بالطريقة التي تخاطب الفكر والعاطفة معًا ،والتي
دلنا عليها الله عز وجل عندما أمرنا بتدبره وترتيله.
فمخاطبة الفكر تحتاج إلى إعمال العقل عند قراءة
اليات ...وهذا هو جوهر التدبر كِتَابٌ أَْنزَلْنَاهُ إِلَ ْيكَ مُبَا َركٌ لَّيدّّبرُوا آيَاِتهِ
وَلِيََت َذ ّكرَ أُولُو الْلبَابِ [ص.]29:
ومخاطبة العاطفة تحتاج إلى وسائل تستثيرها،
فبالضافة إلى أساليب القرآن المؤثرة ،إل أن هناك أمًرا
بالغ الهمية يقوم بالطرق على المشاعر طرقًا شديدًا أل
وهو الترتيل وَرَتّلِ اْلقُرْآنَ تَرْتِيلً [المزمل ,]4:وتحسين الصوت
()1
بالقراءة «زينوا أصواتكم ،فإن الصوت السن يزيد القرآن حسنًا»
فإذا ما قام المرء بقراءة القرآن قراءة هادئة بطيئة
مرتلة مع إعمال العقل فيما يقرأ ,فسيكون لذلك أبلغ الثر
في مزج الفكر بالعاطفة والوصول لدرجة التأثر والتفاعل
م تكون الطاقة والروح الدافعة للعمل..مع القراءة ،ومن ث َّ
خصوصية الترتيل:
ولن القرآن هو الوحيد في الكتب السماوية الذي يجمع
بين الرسالة والمعجزة ،فقد ميَّزه الله عز وجل بأن يُقرأ
مرتلً ،فالتوراة والنجيل لم يؤمر الناس بترتيلهما ،وكذلك
فإن القرآن كان ينزل على مراحل ،ولم ينزل جملة واحدة
مثل التوراة ،وذلك للقيام بدوره العظيم في إنشاء اليمان
وتثبيته في القلب وَقَالَ اّلذِينَ َكفَرُوا َلوْلَ ُنزّلَ عَ َل ْيهِ اْلقُرْآنُ ُجمْ َلةً وَا ِحدَةً
َكذَِلكَ لِنُثَبّتَ ِبهِ ُفؤَادَكَ وَرَتّلْنَاهُ تَ ْرتِيلً [الفرقان.]32:
ولقد كانت قراءته للقرآن قراءة هادئة بطيئة مترسلة
مرتلة ،فقد كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول
منها ،وقام بآية حتى الصباح ،وكان يقف عند المعاني
1
() صحيح ،رواه أبو داود ،وصححه اللباني في صحيح الجامع()3581
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
88
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لَِتقْرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلَى مُكْثٍ وََنزّلْنَاهُ تَنْزِيلً متأمل ً ومعتبًرا
[السراء.]106:
التأثر هو الغاية:
إذن فلتكن غايتنا من قراءة القرآن الوصول لدرجة
التأثر ،فمهما فهمنا وتدبرنا اليات دون أن يصاحب ذلك
تأثر ،فلن يفعل القرآن ما نريده منه ،ولن نشعر بمعجزته
وهي تعمل داخلنا وتقوم بتوصيل تيار الحياة إلى قلوبنا.
ولقد تمت الشارة إلى الوسائل المعينة على الوصول
إلى درجة التأثر في غير هذه الصفحات()1وهي باختصار :
أن يكون هدفنا من قراءة القرآن التأثر القلبي وليس
التدبر العقلي فقط ،وهذا يستدعي منا القراءة اليومية
للقرآن ،وأن تكون متصلة وبمدة معتبرة ،وأن يكون وردنا
ما محددًا وذلك بأن يكون ساعة أو اليومي زمنًا وليس ك ً
ساعتين ،وأن نقرأه في مكان هادئ قدر المستطاع،
وبصوت مسموع وبترتيل ،وأن نتباكى عند القراءة لنهيئ
مشاعرنا لسرعة الستثارة ،ول يكن همنا هو سرعة النتهاء
من السورة أو الجزء...
وعلينا أن نقرأه ببساطة ودون تعمق وتوقف عند كل
لفظ فيه ،بل نأخذ المعنى الجمالي الذي تدل عليه اليات،
وأن نمرر ما ل نفهمه ،على أن نعود للتفسير في وقت آخر
غير وقت التلوة ,حتى ل يحدث برود أو فتور في المشاعر،
م يصبح من الصعب استثارتها بعد ذلك.ومن ث َّ
وعندما يحدث التأثر مع آية أو آيات فعلينا بتكرارها
مرات ومرات طالما وُجد التجاوب والتأثر ,لنستفيد قدر
المكان من اليمان الذي يزيد في هذه اللحظات ،والطاقة
المتولدة الناتجة من هذه الحالة.
هذه الوسائل لو داومنا عليها لدخلنا إلى دائرة تأثير
القرآن – بإذن الله – في مدة وجيزة ،ولشعرنا بالتغيير،
1
() ذكرت في كتب :بناء اليمان من خلل القرآن ,الطوفان قادم ,كيف نغير
ما بأنفسنا ,العودة إلى القرآن ,وكيف ننتفع بالقرآن.
الفصل
89
السادس :تصور مقترح للمراكز القرآنية
تصور مقترح
للمراكز القرآنية النموذجية
-5الوعد الحق:
أخبرنا القرآن في مواضع كثيرة بوعود وعدها الله عز
وجل في الماضي وحدثت بالفعل ،وأخبر كذلك بوعده
سبحانه بيوم الحساب ومجازاة المحسنين بالجنة،
والمسيئين بالنار..فإن كان كل ما وعد به قد تحقق في
ضا أن وعده بالجزاء وقته وكما وعد ،فمن المؤكد أي ً
سيتحقق َو َمنْ أَوْفَى ِب َع ْهدِهِ ِمنَ الِ [التوبة.]111:
فعلى سبيل المثال :أوحى الله عز وجل إلى أم موسى
أن تلقي موسى –عليه السلم -في اليم ،ووعدها بأنه
سيرده إليها وََأوْحَيْنَا إِلَى ُأمّ مُوسَى َأنْ أَ ْرضِعِيهِ َفإِذَا ِخفْتِ َعلَ ْيهِ َفأَْلقِيهِ فِي الَْيمّ وَلَ
حزَنِي ِإنّا رَادّوهُ إَِل ْيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ اْلمُرْسَ ِليَ [القصص.]7: تَخَافِي وَلَ تَ ْ
وأوفى الله سبحانه وتعالى بوعده فَ َردَدْنَاهُ إِلَى ُأمّهِ كَيْ َتقَرّ
حزَنَ وَلَِتعْ َلمَ َأنّ َو ْعدَ الِ َحقّ وَلَ ِكنّ َأكْثَ َر ُهمْ لَ َيعْ َلمُونَ [القصص.]13:
عَيْنُهَا وَلَ تَ ْ
ووعد سبحانه وتعالى بنصر الروم على الفرس
فانتصروا ،ووعد رسوله بالعودة إلى مكة مرة أخرى بعد
أن أخرجه منها قومه ،فوفى بوعده ،ووعد سبحانه بحفظ
القرآن من التحريف فوفى بوعده ،ووعد سبحانه في
حقّ َفإِذَا هِيَ
مواضع كثيرة من القرآن بالبعث وَاقْتَ َربَ اْل َو ْعدُ اْل َ
شَا ِخصَةٌ َأْبصَارُ اّلذِينَ َكفَرُوا [النبياء ,]97:وسيوفي الله بوعده.
ووعد المؤمنين بالنعيم في الجنة ِإنّ الَ اشْتَرَى مِنَ اْل ُمؤْمِنِ َ
ي
أَْنفُسَ ُهمْ وََأمْوَاَل ُهمْ ِبَأنّ لَ ُهمُ اْلجَّنةَ ُيقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الِ فََيقْتُلُونَ وَُيقْتَلُونَ َو ْعدًا عَلَ ْيهِ َحقّا
فِي الّتوْرَاةِ وَا ِلنْجِيلِ وَاْلقُرْآنِ َومَنْ َأوْفَى ِبعَ ْهدِهِ ِمنَ الِ فَاسْتَ ْبشِرُوا ِببَ ْيعِ ُكمُ اّلذِي بَاَيعُْتمْ ِبهِ
وَذَِلكَ ُهوَ اْل َفوْزُ اْلعَظِيمُ [التوبة.] 111 :
ووعد الكافرين بالنار النّارُ َو َع َدهَا الُ اّلذِينَ َكفَرُوا وَبِ ْئسَ اْل َمصِيُ
[الحج .]72:وسيوفي بوعده سبحانه.
وَنَادَى َأصْحَابُ اْلجَّنةِ َأصْحَابَ النّارِ أَن َقدْ وَ َجدْنَا مَا َو َعدَنَا رَبّنَا َحقّا فَهَلْ وَجَدتّم
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
104
2
() حديث القرآن عن القرآن لمحمد الراوي ,ص .185
3
() انظر شعب اليمان للبيهقي رقم (.)1957( ، )1955
الفصل
107
السادس :تصور مقترح للمراكز القرآنية
قليلً ،ولكن سيكون معه خير كثير ونفع عظيم ،فمع اليمان
ما من خلل القرآن ،ومع الطاقة والقوة
الذي سيزيد دو ً
الروحية المتولدة من القراءة اليومية ،سيصبح من السهل
علينا تعلم اليات وتطبيق ما فيها من عمل.
ويُقترح لدورة إعداد المعلمين حفظ ومدارسة الجزاء
الثلثة الخيرة من القرآن مع التركيز على هذه الجوانب:
تعلم النطق السليم لليات ،وأحكام الترتيل. -1
الحقائق اليمانية التي تدل عليها اليات. -2
معنى ما أُشكل فهمه منها. -3
-4معايشة الجواء التي نزلت فيها ومعرفة سبب
النزول.
معرفة الحكام الشرعية التي تتضمنها. -5
-6استخلص واجبات عملية تدل عليها ،وحبذا لو
كانت الواجبات قليلة حتى يتسنى القيام بها
والتعود عليها ،مع التأكيد بأننا ينبغي أل ننتقل
إلى آيات أخرى حتى نطبق تلك الواجبات ,ولو
استغرق ذلك بضعة أيام أو أسبوع.
ومما يجدر الشارة إليه أن معرفة غريب القرآن،
وسبب نزول اليات ،والحكام التي تدل عليها موجود –
بفضل الله – في الكثير من كتب التفاسير حيث يمكن
للقائمين على الدورة اعتماد بعضها في مجال الحفظ.
ُ
يبقى تعل ّم الحقائق اليمانية التي تدل عليها اليات –
وهو أهم جانب ...-هذه الحقائق تدور أغلبها حول جوانب
الهداية في القرآن وهي:
-1التعرف على الله عز وجل ،والتعرف كذلك على
واجبات العبودية نحوه سبحانه.
والرسالة. -2التعرف على الرسول
-3التعرف على النسان(عقله – قلبه – نفسه).
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
108
لضلله وكفره.
وَِإنّ َلنَا َللَخِرَةَ وَالُولَى
دروس مستفادة:
-1النفاق في سبيل الله وسيلة أكيدة لتيسير
المور وفتح المغاليق وتفريج الكروب.
-2النفاق وسيلة عظيمة لتزكية النفس.
-3البخل والشح سبب لضيق الصدر والمعيشة
الضنك وتعسير المور.
ما تكون من العبد في تحصيل الهداية -4البداية دو ً
أو السعادة أو الشقاء في الدنيا ،والجنة والنار
في الخرة.
واجبات عملية:
-1التعود على النفاق بصفة مستمرة ،وحبذا لو
كانت الصدقة يومية ،وكلما بكرنا بها كانت
الفائدة أعم وأوسع ,فما من يوم ينشق فجره
إل وملكان يناديان يُسمعان جميع الخلئق إل
الثقلين ويقول أحدهما« :اللهم أعط منفقًا خلفًا»
ويقول الخر« :اللهم أعط مسكًا تلفًا».
وحبذا لو خصصنا صندوقًا للصدقة نضع فيه ما نتصدق به
كل يوم ،ثم نعطي ما فيه للمحتاجين كل عدة أيام.
سره-2النفاق قبل أي أمر نريد إنجازه وتَي َ ّ
مثل:إنهاء معاملة رسمية – إصلح بين الناس –
قبل الختبارات...
ضا عند الوقوع في أي ذنب أو -3النفاق أي ً
تقصير ،لن الذنب يوقع العبد في دائرة
الغضب اللهي ويجعله عرضة للعقوبة ،أما
الصدقة فهي تطفئ غضب الرب وبالتالي
تتوقف العقوبة «صدقة السّر تطفئ غضب الرب» كما
()1
ورد في الحديث
1
() صحيح الجامع الصغير ح(.)3759
الفصل
115
السادس :تصور مقترح للمراكز القرآنية
1
() رواه ابن ماجه بإسناد حسن ،وحزاير جمع حزير ،وهو الشاب الممتلئ
نشاطًا وقوة.
قراءتين للقرآن.
أيهما أفضل؟
الحد القصى لختم القرآن.
المقصود بــ (اقرأ وارق).
الشيطان والقرآن.
الذي يتعتع له أجران.
التعمق في التدبر.
التلقي المباشر من القرآن.
المحافظة على الحفظ.
تأثر غير العرب بالقرآن.
الذنوب وأمراض القلوب.
ل أجد أثًرا!!
مكانة السنة.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
120
الفصل السابع:
121
تساؤلت وردود
تســــــــاؤلت وردود
تمهيد:
ما للفائدة ،فقد تم إلحاق هذا الفصل بالكتاب وإتما ً
والذي يحوي ردودًا على بعض التساؤلت ,التي من المتوقع
أن تقفز إلى أذهان البعض حول طريقة التعامل مع القرآن,
وكيفية تحويل الوجهة نحو النتفاع الحقيقي به ،خاصة أن
تاريخ هجر القرآن كرسالة هادية ومعجزة تغييرية يمتد إلى
م فليس من السهل على النفس عدة قرون سابقة ،ومن ث ّ
النتقال مما ألفته وتعودت عليه من القراءة السريعة ,أو
العابرة إلى القراءة الهادئة المترسلة المتباكية التي تراعي
الفهم والتأثر.
وقبل أن نبدأ في سرد تلك التساؤلت والجابة عنها،
نجد أنه من الضروري التذكير بأمر هام وهو أننا في هذه
الصفحات نتحدث عن القرآن كنقطة بداية لمشروع نهضة
المة جمعاء ،وكيفية سد الفجوة بين العلم والعمل من
خلله ،وإيقاد شعلة اليمان في القلب ،والوصول لحالة
النتباه واليقظة ،وتوليد الدافع الذاتي والطاقة الروحية
باستمرار.
وهذا بل شك ل يمكن حدوثه من خلل الطريقة التي
نتعامل بها حاليًا مع القرآن والتي تهتم بالشكل فقط.
السؤال الول
قراءتان للقــــــــــرآن
سمعنا وقرأنا أن بعض السلف كان يخصص
ختمتين للقرآن ...ختمة للقراءة السريعة من
أجل تحصيل الجر والثواب ،وختمة للتدبر
فلماذا ل نفعل ذلك فنجمع بين المرين سويًا؟!
الجواب:
هذا السؤال من أكثر السئلة شيوعًا ،والجابة عليه
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
122
صا من
أما إذا أغلق هذا الباب فلن تجد النفس منا ً
القراءة الهادئة التي تبحث عن الفهم والتأثر.
سا :لم يرد عن رسول الله ول عن صحابته خام ً
الكرام أنهم كانوا يخصصون ختمة للتدبر وختمة للقراءة
السريعة ،بل هي ختمة واحدة تبحث عن الفهم والتأثر..
ومعلوم أن رسول الله قدوتنا ،وفعل الصحابة هو
النموذج الصحيح الذي أقره رسول الله .
سا يقرأ
قيل للسيدة عائشة رضي الله عنها :إن أنا ً
أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلثًا ،فقالت :قرؤوا ولم
يقوم ليلة التمام فيقرأ سورة يقرؤوا ،كان رسول الله
البقرة ،وسورة آل عمران ،وسورة النساء ل يمر بآية فيها
استبشار إل دعا الله تعالى ورغب ،ول يمر بآية فيها تخويف
()1
إل دعا واستعاذ.
وسأل رجل زيد بن ثابت :كيف ترى قراءة القرآن في
سبع؟ فقال زيد :حسن ،ولئن اقرأه في نصف شهر أو
عشرين أحب إل َّ
ي لكي أتدبره
()2
وأقف عليه.
وعن ابن جمرة قال :قلت لبن عباس :إني سريع
القراءة وإني اقرأ القرآن في ثلث ،فقال :لن أقرأ البقرة
()3
في ليلة فأدَّبرها وأرتلها أحب إل َّ
ي من أن أقرأ كما تقول.
السؤال الثاني
أيهما أفضـــــــــل؟!
من الملحظ أن الكثير من المسلمين عندما
يدخل عليه شهر رمضان تراه وقد شمر عن
ساعديه محاول ً تحصيل أكبر قدر من الحسنات
من خلل أدائه لعبادات كثيرة ،ويأتي على
رأسها قراءة القرآن ،فتجده وقد حدد لنفسه
هدفًا بأن يختم القرآن عدة مرات خلل هذا
الحافز القوي:
إن كان الهدف من قراءة القرآن هو تحصيل الحسنات
فقط لبحثنا عن أعمال أخرى أكثر ثوابًا منه ,ول يستغرق
1
() أخلق حملة القرآن للجري .83
الفصل السابع:
127
تساؤلت وردود
«:من قال سبحان ال وبمده ،ف يوم مائة مرة ُ ،حطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد () قال 2
1
() مفتاح دار السعادة .1/553
الفصل السابع:
129
تساؤلت وردود
السؤال الرابع
ما المقصود بـ «اقرأ وارق »؟
1
() التقان في علوم القرآن للسيوطي .1/104
2
() دموع القراء لمحمد شومان ,ص (.)75
الفصل السابع:
131
تساؤلت وردود
1
() أخلق حملة القرآن .49/
2
() طبقات ابن سعد .3/224
3
() الحسن البصري لبن الجوزي(.)98
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
134
1
() رواه ابن ماجه بإسناد حسن ،وحزاير جمع حزير ،وهو الشاب الممتلئ
نشاطًا وقوة وجلدًا.
2
()أخرجه الحاكم ،وصححه على شرط الشيخين ،والدقل رديء التمر.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
136
مباكرة الليل ،فمن فعل كُتب من القربي» قلنا :ففي ثلث يا رسول
الله؟ قال« :ل أراكم تطيقون ذلك ،إل أن يبدأ أحدكم بالسورة وأكب هه أن ل
يبلغ آخرها» قلنا :فإن أطقناه على تَفَهُّم وترتيل .قال« :فذلك
الهد من عباده النبيي» قلنا :ففي أقل من ثلث يا رسول الله؟
()1
قال«:ل تقرؤوه ف أقل من ثلث».
1
() أورده الغافقي في كتاب لمحات النوار (.)1802
الفصل السابع:
137
تساؤلت وردود
السؤال الخامس
الشيطان والقــــــــرآن
كلما هممت بقراءة القرآن ،وفتحت المصحف
أجد النعاس يغلبني ،فإذا ما قاومته وقرأت أجد
نفسي وقد شردت بفكري في أودية الدنيا،
وتذكرت أموًرا لم تخطر على بالي منذ فترة
طويلة...فماذا أفعل لجمع عقلي ومشاعري
مع القراءة؟!!
الجواب:
السبب الرئيسي وراء هذا كله هو الشيطان ،فهو لن
يتركنا نتعامل تعامل ً صحي ً
حا مع القرآن وننتفع به ،فهو يوقن
بأن الهدى واليمان والتغيير يتحقق من خلل فهم القرآن
والتأثر به ،فالشيطان هو العدو المبين للبشر ،وهدفه الدائم
هو إضلل الناس جميعًا..
ولعلمه بقدر القرآن ،ومدى قوة تأثير معجزته لمن
يتعرض لها باستمرار ،فإنه يعمل جاهدًا على صرف الناس
عن قراءة القرآن حتي يسهل عليه إضللهم ،وقد قالها
سَتقِيمَ [العراف,]16:
ما بكل وضوح لَ ْق ُعدَنّ لَ ُهمْ صِرَا َطكَ اْلمُ ْ قدي ً
والقرآن خير ما يدل على الصراط المستقيم ويأخذ بيد من
يتمسك به إلى هذا الصراط حتى يصل به إلى منتهاه وَأَنّ
إِلَى رَّبكَ اْلمُنتَهَى [النجم.]42 :
فإن جاهد البعض الشيطان وبدأ في القراءة ،فإنه ل
يتركه ليفلت منه ويمسك بحبل القرآن ،بل يعمل جاهدًا
على أن يصرف ذهنه عن فهم ما تضمنته اليات من معان
هادية ،ومدخله لذلك هو تزيينه فوائد القراءة السريعة وما
سيجني من ورائها من حسنات كثيرة.
فإن جاهده القارئ ،واجتهد أن يُعمل عقله فيما يقرأ،
حاول أن يجعل عقله يشرد مع كلمة من كلمات القرآن
الذي يقرؤه ،فيذ ِكّره من خللها بموقف من مواقفه
السابقة ،فينشغل لسانه بالقراءة ،أما عقله ففي واد آخر.
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
138
1
() تدبر القرآن للسنيدي ,ص (.)48
الفصل السابع:
139
تساؤلت وردود
السؤال السابع
التعمــق في التدبـــــر
تدبر القرآن يجعلني أقف كثيًرا عند كل كلمة
وكل آية ،مما يجعلني ل أتجاوز بضع آيات في
لقائي بالقرآن ،وهذا المر يسبب لي ضيقًا في
نفسي ،وشعوًرا بصعوبة المر.
فماذا أفعل؟!
الجواب:
غاية التدبر هو إدراك المعنى الذي ترمي إليه الية،
والتدبر وحده ل يكفي لنشاء وإنبات وزيادة اليمان في
القلب ،وإل لقرأنا القرآن بدون ترتيل ،وبأعيننا فقط مثلما
نقرأ في أي كتاب ،ولكن لن غاية التلوة هي الفهم والتأثر،
كانت الوسيلة هي التدبر والترتيل ،مع الخذ في العتبار
بأن التأثر الذي يول ِّد اليمان لبد وأن يمر من بوابة الفهم
جمِيَ َفقَرَأَهُ عَلَ ْيهِم مّا كَانُوا ِبهِ
كما قال تعالى :وََلوْ نَزّْلنَاهُ َعلَى َب ْعضِ العْ َ
مُ ْؤمِنِيَ [الشعراء.]199 ، 198:
ولكن الوصول لدرجة التأثر يستدعي استمرارية
القراءة ،والسماح لليات بأن تنساب داخل القلب ،ويتصاعد
تأثيرها شيئًا فشيئًا ،فيستمر الطرق على المشاعر حتى
تصل لدرجة التجاوب والتأثر ،وهذا يستلزم عدم التوقف
عند كل كلمة وإل لما حدث التأثر.
الفصل السابع:
141
تساؤلت وردود
1
() رواه المام أحمد وابن ماجه.
() فضائل القرآن لبي عبيد ,ص (.)99 2
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
142
السؤال العاشر
تأثر غير العرب بالقرآن
إن كان الفهم ضروريًا للتأثر ومن ث َّ
م زيادة
اليمان ،فكيف نفسر تأثر غير الناطقين
بالعربية بالقرآن؟!!
الجواب:
أولً :اليمان محله القلب ،ومن تعريفات القلب أنه
مجمع المشاعر داخل النسان ،واليمان ينشأ في القلب
ويستحوذ على جزء من المشاعر عندما يتم التجاوب بين
حقّ مِن
الفكر(الفهم) والعاطفة (التأثر)وَلَِيعْ َلمَ اّلذِينَ أُوتُوا اْلعِ ْلمَ أَّنهُ الْ َ
رّّبكَ فَُي ْؤمِنُوا ِبهِ فَُتخْبِتَ َلهُ قُلُوبُ ُهمْ [الحج.]54:
فل بديل عن الفهم ،ول بديل عن تجاوب المشاعر مع
هذا الفهم إن أردنا زيادة اليمان في القلب ،والذي يؤكد
جمِيَ َفقَرَأَهُ َعلَيْهِم مّا
هذا المعنى قوله تعالى وََلوْ َنزّلْنَاهُ عَلَى َبعْضِ ال ْع َ
كَانُوا ِبهِ مُ ْؤمِنِيَ [الشعراء.]199 ، 198:
فاليات تدل دللة واضحة أن السبب الساسي لعدم
إيمان هؤلء هو عدم فهمهم للخطاب القرآني لنهم أعاجم.
ثانيًا :أما بخصوص تأثر غير الناطقين بالعربية بسماع
القرآن ،فهذا أمر حقيقي ومتكرر ،ومنشأ هذا التأثر ليس
جا عن فهمهم لمعاني القرآن وتجاوب مشاعرهم معها, نات ً
لنهم ل يعرفون اللغة العربية ،وإنما ينشأ هذا التأثر من وقع
نظم القرآن وجرسه في نفوسهم ،والذي سماه الشيخ
محمد عبد الله دراز بالقشرة الخارجية للقرآن ،أو الجمال
التوقيعي في لغة القرآن -كما مر علينا في الفصل الرابع
...-هذا التأثر له دور كبير في استجلب السكينة اللحظية
التي يشعر بها هؤلء ،لكنه كما –أسلفنا – ل ينشئ اليمان.
السؤال الحادي عشر
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
146
1
() العقوبات لبن أبي الدنيا ,ص (.)66
الفصل السابع:
147
تساؤلت وردود
الجواب:
أولً :أهم عامل من عوامل النجاح في النتفاع بالقرآن
ككتاب هداية وتغيير ،ومنبع دائم لليمان يتزود منه القلب
كلما تعرض له هو وجود الرغبة الجارفة للنتفاع به،
واستشعار الحاجة الماسة إليه ،وإلى الثمرة الناشئة من
دوام القبال عليه من :قلب سليم ،وإيمان حي ،وتعرف
م السير إليه ،والوصول إلىحقيقي على الله ،ومن ث َّ
معرفته للدرجة التي تمكِّن صاحبه من أن يعبده – سبحانه –
كأنه يراه.
فعلى قدر هذه الرغبة ،وهذا الحتياج يكون الإمداد من
الله «فالمداد على قدر الستعداد» تأمل معي قوله تعالى:
سَتقِيمَ [التكوير.]28:27:
إِنْ ُهوَ إِلّ ذِ ْكرٌ لّ ْلعَاَلمِيَ ِل َمنْ شَا َء مِنْ ُكمْ أَن يَ ْ
فاليات تخبرنا بوضوح بأن القرآن هو طريق الستقامة
لجميع الناس ،ولكن لن ينتفع به إل من يريد الستقامة
ويبحث عنها ،ويرغب فيها ...ويؤكد هذا قوله « :ومن يتحرّ
()1
الي يعطه».
ولقد أكد على هذا المعنى المام البخاري في صحيحه عند
س ُه ِإلّ
تعليقه على قوله تعالىِ :إنّ ُه َل ُقرْآنٌ َك ِريٌ فِي ِكتَابٍ مّ ْكنُونٍ َل َيمَ ّ
ط ّهرُونَ [الواقعة]79 -77:
الْ ُم َ
قال :ل يجد طعمه إل من آمن به.
لبد من القتناع بأهمية القرآن ،ودوره في التغيير ،ولبد
كذلك من استشعار الحاجة إليه.
وبدون القناعة الكيدة ،والرغبة الجارفة ،والحتياج
الماس للقرآن ،فلن تكون هناك النتيجة المرجوة والثمرة
المنتظرة من هذا الكتاب.
جاء في الثر عن أبي الدرداء قال :لما أهبط الله آدم
إلى الرض قال له :يا آدم أحبني ،وحببني إلى خلقي ،ولن
صا على
تستطيع أن تفعل ذلك إل بي ،ولكن إذا رأيتك حري ً
1
() حسن أورده اللباني في صحيح الجامع (.)2328
الفصل السابع:
تساؤلت وردود
149
() استنشاق نسيم النس للحافظ ابن رجب ،ص (.)127 1
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
150
وقال «:أل إن أوتيت الكتاب ومثله معه ،أل يوشك رجل شبعان على أريكته
يقول :عليكم بذا القرآن ،فما وجدت فيه من حلل فأحلوه ،وما وجدت فيه من حرام
()1
فحرموه»...
فالحديث يدل دللة واضحة على أهمية السنة وأنها
شارحة للقرآن ،وأنه ل يجوز لحد أن يستخرج الحكام
الشرعية من القرآن دون الرجوع للسنة.
ثانيًا :نحن في هذه الصفحات نبحث عن معجزة تجمع
المة ،ويكون من شأنها توليد الدافع الذاتي والقوة الروحية
باستمرار ،وهذا ل يتوافر إل في القرآن كما أسلفنا.
...نعم ،نحتاج للقراءة في السُّنَّة كثيًرا لتأكيد المعاني
التي دلت عليها آيات القرآن ،وضبط الفهم ،وفتح آفاق
جديدة للعمل الصالح ،وكذلك التعرف على نماذج عملية
تطبيقية ليات القرآن.
ومع ذلك يبقى القرآن هو المصدر المتفرد الذي يولد
سخ اليمان.
الطاقة باستمرار ،ويُر ِّ
ثالثًا :القرآن والسنة يشكلن سويًا منهج حياة ...فالقرآن
يضع الدستور والقوانين ،والسنة تشرحها ،ولكن يقف
ضعف اليمان والعزيمة عائقًا أمام تطبيق القرآن والسنة
في واقع الحياة ...وهنا يظهر دور القرآن المتفرد كمعجزة
تغييرية.
...ويؤكد الدكتور يوسف القرضاوي على منزلة السنة
فيقول:
القرآن الكريم هو الية العظمى ،والمعجزة الكبرى
لمحمد ،وهو الكتاب المحفوظ الخالد ..وهو المصدر
الول المقطوع بثبوته من أوله إلى آخره ،وبه يحتج على
كل مصادر السلم وأدلته الخرى ،ول يستدل بها عليه.
وتأتي السنة النبوية مصدًرا تاليًا للقرآن ،مبينًا له ،كما
1
() صحيح ،رواه المام أحمد وأبو داود وصححه اللباني في صحيح الجامع ح(
.)2643
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
152
[النحل: قال تعالى لرسوله :وَأَنْزَْلنَا إَِل ْيكَ الذّكْرَ ِلتُبَّينَ لِلنّاسِ مَا نُزّلَ إِلَ ْي ِهمْ
,]44فالرسول هو المبين للقرآن بقوله وعمله وتقريره.
وبهذا نعلم أن السنة هي التفسير العملي للقرآن،
ضا – للسلم ،فقد كان والتطبيق الواقعي – والمثالي أي ً
ما.النبي هو القرآن مفسًرا ،والسلم مجس ً
فمن أراد أن يعرف المنهج العملي للسلم بخصائصه
وأركانه ،فليعرفه مفصل ً مجسدًا في السنة النبوية القولية
والعملية والتقريرية ،فكلمة (السنة) تعني :الطريق أو
المنهج ،وهو تُمثل (الحكمة) النبوية في بيان القرآن ،وشرح
حقائق السلم ،وتعليمه للمة ،فقد أنزل الله على رسوله
شعب مهمته في (الكتاب والحكمة) ,كما جعل ذلك من ُ
تكوين المة َل َقدْ َمنّ الُ عَلَى اْلمُؤمِنِيَ ِإذْ َبعَثَ فِي ِهمْ رَسُولً ّمنْ أَْنفُسِ ِهمْ يَ ْتلُو
عَلَ ْي ِهمْ آيَاِتهِ وَيُزَكّي ِهمْ وَُيعَ ّلمُ ُهمُ الْكِتَابَ وَاْلحِ ْكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ َلفِي ضَلَلٍ مّبِيٍ
[آل عمران.)1( ]164:
***
1
() كيف نتعامل مع السنة النبوية ليوسف القرضاوي ,ص – 26،25بتصرف
يسير.
الفصل السابع:
153
تساؤلت وردود
وفي النهاية
أخي :إن كان القرآن هو سر نهضتنا فهو يحتاج
بالضرورة إلى من يحمله ويبلغه للناس.
لذلك فإن كل ما قيل في الصفحات السابقة متوقف
على من يتبناه،ولكن ل يمكننا أن نحمله ونتبناه إل إذا بدأنا
بأنفسنا ،وذقنا حلوة التغيير من خلل القرآن ،وشعرنا
بالقوة الروحية والدافع الذاتي الدائم المتولد من لقائنا
معه.
فل تتعجل -أخي -دعوة غيرك إلى ذلك إل بعد أن يتمثل فيك
أول ً وترى بنفسك أثر المعجزة القرآنية ،وهذا ل يحتاج إلى وقت
طويل ،شريطة أن تشتد رغبتك ،وتواظب على الوسائل
المذكورة آنفًا وغيرها مما يفتح الله به عليك للوصول إلى مرحلة
التأثر المستمر ،وأن تتواصى بذلك مع من معك ،وأن تلح دوًما
على ربك بأن يكرمك ويكرمني ويكرم جميع المسلمين بالدخول
إلى عالم القرآن ،والنتفاع الحقيقي بمعجزته.
مناشدة
أخي الحبيب:
...ناشدتــك الله
بان تأخذ موضوع القرآن مأخذ الجد.
...ناشدتُّــك الله
أن تخصص له على القل ساعة يوميًا تقرؤه
وترتيل وتباك. بتفهم
...ناشدتُّــك الله
أن تفعل ذلك وتصبر عليه فالمة في
والقرآن جاهز لتغييري انتظارك،
وتغييرك.
ل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وص ِّ
(والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول
أن هدانا الله)
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
154
أهـــم المراجــــــــــع
−القرآن الكريم.
−التقان في علوم القرآن – دار الندوة الجديدة –
بيروت.
−إحياء علوم الدين – أبو حامد الغزالي – دار الحديث
القاهرة -ط 1412-1هـ.
−أخلق حملة القرآن – أبو بكر الجري – دار الكتاب
العربي – لبنان.
−آداب الشيخ الحسن بن أبي الحسن البصري – ابن
الجوزي – دار المعراج – الرياض – ط 1414 – 1هـ.
−استنشاق نسيم النس – ابن رجب – المكتب
السلمي – دار الخاني – ط 1411 – 1هـ
−البداية والنهاية – الحافظ ابن كثير -مكتبة العبيكان –
السعودية – ط 1417 – 2هـ.
−تدبر القرآن – سلمان بن عمر السنيدي – المنتدى
السلمي – ط 1422 – 1هـ.
−تفسير القرآن العظيم –الحافظ ابن كثير – مكتبة
العبيكان – المكتبة العصرية – بيروت – ط 1417 – 2هـ
−التوحيد والوساطة في التربية الدعوية – د.فريد
النصاري – دار الكلمة – المنصورة – مصر.
−الجهاد في السلم – د.محمد سعيد رمضان البوطي
– دار الفكر – دمشق.
−حديث القرآن عن القرآن – محمد الراوي – مكتبة
العبيكان – الرياض – ط 1415 – 1هـ
−حسن البنا ومنهجه في التفسير -دار التوزيع والنشر
السلمية – القاهرة.
−حياة الصحابة – محمد يوسف الكاندهلوي – شركة
الرياض – السعودية – ط 1998 -1هـ
−الدر المنثور في التفسير المأثور – جلل الدين
المــــــــــراجـع
155
الفهرس
الصف الموضوع
حة
المقدمة3 ....................................................
الفصل الول
السباب والنتائج
9 السباب المادية والمعنوية..............................
10 النتائج من الله ل من السباب.........................
11 خطورة التعلق بالسباب................................
12 ستار السباب.............................................
14 هل السباب متاحة للجميع..............................
الفصل الثاني
لسنا كبقية المم
19 تمهيد.................................................. ......
19 الوضع الخاص بأمة السلم.............................
24 هل نترك السباب المادية؟.............................
25 العودة إلى الله هي البداية.............................
26 المسلم الصحيح أولً ................................. ....
26 المقصود بصلح الفرد...................................
27 هل هي دعوة للتخلف؟..................................
الفصل الثالث
المعجزة التي نحتاجها
الحلقة المفقودة33 ..........................................
محاولت34 ...................................................
159
الفهـــــــــرس
الصف الموضوع
حة
35 ضامن التنفيذ................................ ..............
36 الدافع الذاتي..............................................
37 ما المقصود بالقوة الروحية؟...........................
37 المطلوب من القوة الروحية...........................
38 نحتاج إلى معجزة....................................... ..
39 إنه القرآن العظيم........................................
40 مظاهر قوة تأثير القرآن................................
42 هذا القرآن.................................................
الفصل الرابع
لماذا القرآن هو سر نهضتنا
47 تمهيد ................................................. ......
48 أولً :القرآن اختيار الله لعباده أجمعين...............
50 ثانيًا :القرآن يجمع بين الرسالة والمعجزة...........
53 ثالثًا :القرآن يخاطب الفكر والعاطفة في آن واحد
56 رابعًا :القرآن يولّد باستمرار القوة الروحية..........
59 خامسًا :القرآن ميسر للذكر والفهم..................
سادسًا :القرآن هو الكلمة السواء التي ل يختلف
63 عليها اثنان من المة.........................................
66 مل.................. سابعًا :القرآن عبادة متجددة ل ت ُ َ
68 مجَّرب.................... ثامنًا :القرآن وسيلة ودواء ُ
تاسعًا :القرآن هو المنقذ –بإذن الله -والمخرج من
الفتن الذي دلنا عليه رسول الله 75 ...................
الفصل الخامس
كيف يمكن للقرآن أن ينهض بالمة؟
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
160
الصف الموضوع
حة
79 هجر القرآن......................................... .......
80 الصورة الموروثة عن القرآن...........................
80 الكتاب الوحيد.............................................
82 أين شرفنا؟................................. ...............
84 الحاضر الغائب............................................
85 إعادة الثقة في القرآن..................................
86 شرط لبد منه............................................ .
88 أمامك عقبة...............................................
89 خصوصية الترتيل.........................................
89 التأثر هو الغاية............................................
91 أتأثر ولكن!!...............................................
91 التربة مهيأة لستقبال المشروع.......................
92 خطوات عملية مقترحة..................................
الفصل السادس
تصور مقترح للمراكز القرآنية النموذجية
97 التوعية وإنشاء الرغبة...................................
98 إعداد المعلمين...........................................
99 برنامج إعداد المعلمين..................................
أول ً :وضوح الرؤية حول القرآن ودوره كرسالة
99 ومعجزة....................................................
10
ثانيًا :مداومة تلوة القرآن.............................
1
10
ثالثًا :بناء اليمان من خلل القرآن....................
2
رابعًا :مدارسة وحفظ الجزاء الثلثة الخيرة10 ........
161
الفهـــــــــرس
الصف الموضوع
حة
9
11
التقييم......................................................
9
12
الحلقات القرآنية.........................................
1
12
صغار السن والقرآن.....................................
1
الفصل السابع
تساؤلت وردود
12
تمهيد.................................................. ......
5
12
السؤال الول :قراءتان للقرآن........................
5
12
8
السؤال الثاني :أيهما أفضل؟!.........................
13
السؤال الثالث :الحد القصى لختم القرآن..........
3
السؤال الرابع :ما المقصود بـ «اقرأ وارق»؟........
13
5
14
السؤال الخامس :الشيطان والقرآن.................
1
14
السؤال السادس :الذي يتعتع له أجران..............
3
14
السؤال السابع :التعمق في التدبر....................
4
14 السؤال الثامن :التلقي المباشر من القرآن.........
إنه القــــرآن ..سر نهضتنا
162
الصف الموضوع
حة
7
14
السؤال التاسع :المحافظة على الحفظ..............
8
14
السؤال العاشر :تأثر غير العرب بالقرآن............
9
15
السؤال الحادي عشر :الذنوب وأمراض القلوب....
0
15
السؤال الثاني عشر :ل أجد أثًرا.......................
2
15
السؤال الثالث عشر :مكانة السنة....................
5
15
وفي النهاية................................................
8
15
مناشدة.................................... .................
8
15
أهم المراجع...............................................
9
16
الفهرس....................................................
3
***