Professional Documents
Culture Documents
www.aldura.net
الفهرس
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
[*]مقدمة
[*]فهرس اليات
[*]فهرس الحاديث
مقدمة
إن الحمد ل نحمده و نستعينه ,و نستغفره ,و نعوذ بال من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا
من يهده ال فل مضل له و من يضلل فل هادي له ,و أشهد ان ل إله إل ال و حده ل شريك له
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى ال عليه و سلم.
ل حَقّ ُتقَا ِت ِه َولَ َتمُوتُنّ ِإلّ وَأَنتُم مّسْ ِلمُونَ } (آل عمران )102:
{ يَا أَ ّيهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ ا ّ
أما بعد ...فإن أصدق الحديث كتاب ال عزوجل و احسن الهدي هدي محمد صلى ال عليه و
سلم ,و شر المور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضللة (. )1
_________________________________
( )1هذا الحديث عام أريد به الخصوص او انه مخصوص بحديث (( من سن في السلم سنة حسنة فله أجرها و اجر
من عمل بها إلى يوم القيامة و من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )) و هو حديث
صحيح ثابت رواه مسلم ) 1017 ( 69و النسائي 77-5/75و الترمذي 2675و ابن ماجة 203و الطيالسي 670و
احمد 4/357و 359-358و ابن حبان 3308و ابن أبي شيبة ج 3ص 3و الطحاوي في "مشكل الثار" 245و
, 1540و ابن الجعد في مسنده , 516و الطبراني 2372و 2373و 2374و , 2375و البيهقي , 294-4/293و
البغوي في "شرح السنة" ,1661فإنه -أعني حديث (( من سن في السلم سنة حسنة )) ...إلخ -يدل دللة واضحة
جلية على ان ما ياتيه الناس من أقوال و أفعال بعد وفاة النبي صلى ال عليه و سلم ليس كله من البدع السيئة كما
يزعم بعض المبتدعة بل منه ما هو حسن يؤجر قائله و فاعله عليه و إن اختلف في إطلق اسم البدعه عليه و منه ما
هو سيء يأثم قائله و فاعله ,و للعلماء كلم طويل في ذلك ل تتحمله هذه العجالة و خلصته أن المحدثات من المور
ضربان -:
احدهما :ما احدث مما خالف كتابا أو سنة او إجماعا صحيحا فهذه البدعة هي الضللة التي يحكم بإثم قائلها او فاعلها
و عليها يحمل حديث "و كل بدعة ضللة" .
و الثاني :ما احدث من الخير و هذه غير مذمومة بل محمدودة يؤجر قائلها او فاعلها و عليها يحمل قوله (( :من سن
في السلم سنة حسنة )) .
و قد ذهب إلى ذلك افمام الشافعي كما رواه عنه أبو نعيم في "حلية الولياء" و البيهقي و غيرهما و عز الدين ابن
عبدالسلم في "القواعد" و في الترغيب عن صلة الرغائب الموضوعة" ,,و النووي في "شرح صحيح مسلم" و
في "تهذيب السماء و اللغات" ,و ابن حزم و الغزالي في "إحياء علوم الدين" و ابن الثير في "النهاية" و أبو
شامة في "الباعث على انكار البدع و الحوادث" و العيني في "عمدة القاري" و الخطابي في "معالم السنن" و
السيوطي في "المر بالتباع و النهي عن البتداع" و في "حسن المقصد" و في "المصابيح في صلة التراويح" و
القسطلني في "إرشاد الساري" و ابن مالك في "مبارق الزهار شرح مشارق النوار" و علي القاري في "شرح
المشكاة" و الزرقاني في "شرح الموطأ" و الحلبي في "إنسان العيون" و ابن عابدين في "رد المحتار" و المناوي
في "التعاريف" و الصنعاني في "ثمرات النظر" و عبدالحق الدهلولي في "شرح المشكاة" و الشنقيطي المالكي في
"زاد المسلم" و المام نور الدين السالمي رحمه ال تعالى في "معارج المال" و في "الحجج المقنعة" و غيرهم .
و نص على ذلك الحافظ بن حجر في موضع من "فتح الباري" حيث قال :و التحقيق أنها -البدعة -غن كانت مما
يندرج تحت مستحسن الشرع فهي حسنة و إن كانت مما يندرج تحيت مستقبح الشرع فهي مستقبحة و إل فهي من
قسم المباح و قد قسم إلى الحكام الخمسة اهـــ .
و قد نص على ذلك مثل ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ج 24ص 243حيث قال هناك بعد كلم ... :و إنما كان
يقول هذا تارة و هذا تارة إن كان المران ثابتين عنه فالجمع بينهما ليس بسنة بل بدعة و إن كان جائزا اهــ .و قال ج
24ص 253بعد كلم :و أما البتداء فليس سنة مأمور بها ول هو أيضا مما نهي عنه فمن فعله فله قدوة و من تركه
فله قدوة اهـ .
هذا وقد ذهب بعض العلماء إلى ان حديث (( كل بدعة ضللة)) باق على عمومه و أن المراد به البدعة الشرعية وهي
ما لم يوجد له أصل من الصول الشرعية ,و إلى هذا القول مال السيد السند في "شرح المشكاة" وابن رجب في
"جامع العلوم و الحكم" وابن حجر الهيتمي في "التبيين بشرح الربعين" و الزركشي في "البتداع" و اللكنوي في
"تحفة الخيار" و محمد بخيت المطيعي في "رسالة له عن البدعة" .
و قد ذهب إلى ذلك الحافظ ابن حجر في أكثر من موضع من "فتح الباري" حيث قال في أحد المواضع :و المحدثات
جمع محدثة و المراد بها -اي حديث (( من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) -ما أحدث و ليس له أصل في
الشرع و يسمى في عرف الشرع بدعة ,و ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة اهـ .و قال في موضع آخر :
و البدعة ما أحدث على غير مثال سابق و تطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة اهــ .
و هذا الخلف كما تراه أقرب إلى اللفظ منه إلى المعنى ,فإن الكل متفقون على ان ما كان مخالفا لنص من النصوص
بدعة سيئة ,و ان ما كان له أصل صحيح أو كانت فيه مصلحة راجحة ,و لم يعارض نصا من النصوص مطلوب فعله,
و قد يكون مباحا بحسب اختلف المصالح ,و هذا بنوعيه ل بد من ان يكون مندرجا تحت أصل من الصول المعتبرة,
عرف ذلك من عرفه و جهله من جهله بسبب جهله ل بسبب عدم وجود النص الدال على ذلك ,و بذلك تعرف أنه ل
فائدة من ترجيح أحد القولين على الخر ما دامت النتيجة التي ستحصل من ذلك واحدة.
هذا و الجدير بالذكر ان الصحابة رضوان ال تعالى عليهم قد احدثوا بعد رسول ال صلى ال عليه و سلم بعض المور
التي لم تكن معهوده في عصره صلى ال عليه و سلم ,و ذلك كتمصير المصار و تدوين الدواوين و كتابة التاريخ
الهجري و زيادة الذان الول لصلة الجمعة و كتابة القرآن الكريم و جمع الناس على مصحف واحد إلى غير ذلك و لم
يقل أحد منهم ول أحد ممكن جاء بعدهم ممن يعبأ بقوله إن هذه المور و نحوها بدع غير جائزة فأفهم ذلك و ال أعلم .
و بعد ...قفد إختلف الناس في جواز الحتجاج بالحاديث الحادية ( )1في المسائل العقدية ,
على عدة مذاهب أشهرها المذهبان التيان :
أن الحاديث الحادية ل يجوز الحتجاج بها في المسائل العقدية ,و ذلك لعدم القطع بثبوتها
كما سيأتي تحقيقه بإذن ال تعالى .
و هذا هو مذهب جمهور المة كما حكاه النووي في مقدمة "شرح مسلم" و في "الرشاد" و
في "التقريب" ,و إمام الحرمين في "البرهان" ,و السعد في "التلويح" ,و الغزالي في
"المستصفى" ,و ابن عبدالبر في "التمهيد" ,وابن الثير في مقدمة "جامع الصول" ,و
صفي الدين البغدادي الحنبلي في "قواعد الصول" ,و ابن قدامة الحنبلي في "روضة
الناظر" ,و عبد العزيز البخاري في "كشف السرار" ,وابن السبكي في "جمع الجوامع" ,
و المهدي في "شرح المعيار" ,و الصنعاني في "إجابة السائل" ,و ابن عبدالشكور في
"مسلم الثبوت" ,و الشنقيطي في "مراقي الصعود" ,و آخرون سيأتي ذكر بعضهم بإذن ال
تعالى .
وممن قال بهذا القول أصحابنا قاطبة ،والمعتزلة ،والزيدية ،وجمهور الحنفية ،والشافعية ،
وجماعة من الظاهرية ،وهو مذهب مالك على الصحيح كما سيأتي –إن شاء ال تعالى، -
وعليه جمهور أصحابه ،وبه قال كثير من الحنابلة وهو المشهور عن المام أحمد كما سيأتي
–إن شاء ال تعالى ، -وإليه ذهب ابن تيمية في (منهاج السنة) ج 2ص 133حيث قال ما
نصه:
( الثاني أن هذا من أخبار الحاد فكيف يثبت به أصل الدين الذي ل يصح اليمان إل به) اهـ.
وكذلك نص على ذلك في (نقد مراتب الجماع) لبن حزم.
المذهب الثاني:
أن أخبار الحاد يحتج بها في المسائل العقدية ،وأنها تفيد القطع.
وهو مذهب طائفة من الظاهرية منهم ابن حزم ،وبه قالت طائفة من أهل الحديث ،وبعض
الحنابلة ،واختاره ابن خويز منداد من المالكية ،وزعم ( )2أنه الظاهر من مذهب مالك ،
ونسبه بعضهم إلى المام أحمد بن حنبل وهذا ليس بصحيح عنهما بل الصحيح عنهما خلفه
كما تقدم
__________________________________
( )1المراد بالحاد ما عدا المتواتر كما هو رأي الجمهور .
( )2قوله( :وزعم ) ...فيه إشارة إلى أن هذا لم يثبت عن المام مالك وهو كذلك ،قال الحافظ ابن حجر في لسان
الميزان ج 5ص 291في ترجمة ابن خويز منداد ما نصه:
(عنده شواذ عن مالك واختيارات وتأويلت لم يعرج عليها حذاق المذهب كقوله .... :وأن خبر الواحد مفيد للعلم ...وقد
تكلم فيه أبو الوليد الباجي ،ولم يكن بالجيد النظر ،ول بالقوي في الفقه ،وكان يزعم أن مذهب مالك أنه ل يشهد
جنازة متكلم ول يجوز شهادتهم ول مناكحتهم ول أماناتهم ،وطعن ابن عبدالبر فيه أيضا ) اهـ
أما المام مالك فإن مذهبه تقديم عمل أهل المدينة على الحديث الحادي كما هو مشهور عنه
عند أهل مذهبه وغيرهم.
قال القاضي عياض في (ترتيب المدارك) ج 1ص 66باب ما جاء عن السلف والعلماء في
وجوب الرجوع إلى عمل أهل المدينة:
( ...وكونه حجة عندهم وإن خالف الكثر ) إلى أن قال( :قال ابن القاسم وابن وهب رأيت
العمل عند مالك أقوى من الحديث) اهـ .أي حديث الحاد.
فلو كان خبر الواحد يفيد عنده القطع كالمتواتر لما قدم عليه عمل ول غيره ،إذ المقطوع به
ل يعارض بالمظنون ،ول يمكن أن يتعارض مع مقطوع به ،ول يمكن الجمع بينهما كما هو
مقرر في أصول الفقه ،وهذا ظاهر جلي.
بل ثبت عن المام مالك أنه كان يرد كثيرا من الحاديث الحادية بمجرد مخالفتها لبعض
القواعد الكلية أو لبعض الدلة العامة ،قال المام الشاطبي في (الموافقات) ج 3ص :23-21
أل ترى إلى قوله في حديث غسل الناء من ولوغ الكلب سبعا (جاء الحديث ول أدري ما
حقيقته ) وكان يضعفه ويقول( :يؤكل صيده فكيف يكره لعابه) ،وإلى هذا المعنى قد يرجع
قوله في حديث خيار المجلس حيث قال بعد أن ذكره ( :وليس لهذا عندنا حد معروف ول أمر
معمول به) فيه إشارة إلى أن المجلس مجهول المدة ،ولو شرط أحد الخيار مدة مجهولة لبطل
إجماعا ،فكيف يثبت بالشرع حكم ل يجوز شرطا بالشرع ،فقد رجع إلى أصل إجماعي ،
وأيضا فإن قاعدة الغرر والجهالة قطعية وهي تعارض هذا الحديث الظني ،إلى أن قال ( :ومن
ذلك أن مالكا أهمل اعتبار حديث (من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ،وقوله(( :أرأيت لو
كان على أبيك دين ...الحديث)) لمنافاته للصل القرآني الكلي نحو {{ أل تزر وازرة وزر
أخرى وأن ليس للنسان ما سعى }} (النجم )39-38كما اعتبرته عائشة في حديث ابن عمر.
وأنكر مالك حديث إكفاء القدور التي طبخت من البل والغنم قبل القسم ،تعويل على أصل
الحرج الذي يعبر عنه بالمصالح المرسلة ،فأجاز أكل الطعام قبل القسم لمن احتاج إليه.
قال ابن العربي (( :ونهى عن صيام الست من شوال مع ثبوت الحديث فيه ،تعويل على أصل
سد الذرائع ،ولم يعتبر في الرضاع خمسا ول عشرا للصل القرآني في قوله {{ وأمهاتكم
اللتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة }} (النساء )23 :وفي مذهبه من هذا كثير ) اهـ ،
فكيف بعد هذا يقال :إن المام مالكا يرى أن أحاديث الحاد تفيد القطع وأنه يستدل بها في
مسائل العتقاد.
وأما المام أحمد فقد ثبت عنه ثبوتا أوضح من الشمس أنه كان يرى أن أحاديث الحاد ل تفيد
القطع ،والدلة على ذلك كثيرة جدًا ،أكتفي هنا بذكر اثنين منها:
-2روى مسلم )511( 266والربعة عن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم (( :يقطع الصلة المرأة والحمار والكلب ....إلخ))
قال الترمذي في سننه ج 2ص :163قال أحمد( :الذي ل أشك فيه أن الكلب السود يقطع
الصلة ،وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء) اهـ ،وانظر (الفتح) ج 1ص ، 775-774
فهذا أيضا يدل دللة واضحة على أن المام أحمد يرى أن الحاد ل يفيد القطع ،وإل لو كان
يراه يفيد القطع لما توقف فيه ،وهذا الحديث كما رأيت موجود في صحيح مسلم.
____________________
( )1وكذلك ضعف المام أحمد حديث ابن مسعود رضي ال عنه الذي رواه المام مسلم برقم ( )50أن رسول ال صلى
ال عليه وعلى آله وسلم قال (( :ما من نبي بعثه ال في أمة قبلي إل كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون
بسنته ،ويقتدون بأمره ،ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف ،يقولون ما ل يفعلون ،ويفعلون ما ل يؤمرون ،فمن
جاهدهم بيده فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ،وليس وراء ذلك من
اليمان حبة خردل )) اهـ.
قال المام أحمد كما في (شرح النووي على صحيح مسلم) ج 2ص 28وغيره ( :هذا الحديث غير محفوظ) قال:
( وهذا الكلم ل يشبه كلم ابن مسعود اهـ .وقال ابن الصلح :هذا الحديث أنكره أحمد بن حنبل ) اهـ ،قلت :والحديثان
صحيحان عندنا وما خالفهما –إن لم يكن الجمع بينهما وبينه -باطل مردود ،وليس هذا موضع بيان ذلك وال
المستعان.
والمذهب الول هو المذهب الحق الذي ل يجوز القول بخلفه ،والدلة عليه –بحمد ال-
كثيرة جداً ،أذكر بعضها هنا ،وأترك البعض الخر لمناسبة أخرى.
( )1أنه لو أفاد خبر الواحد العلم لوجب تصديق كل خبر نسمعه ،لكنا ل نصدق كل خبر
نسمعه ولو كان ناقله ثقة ،وهذا ظاهر ل يحتاج إلى بيان.
وجعلوا من القسم الثالث خبر الواحد العدل أو الخبر الذي لم يتواتر ،وذلك لحتمال الذهول
والسهو والغفلة والخطأ والنسيان ،إلى غير ذلك من الحتمالت ،فإذا تبين ذلك ،فالقطع
بالصدق مع ذلك محال ،ثم هذا في العدل في علم ال تعالى ،ونحن ل نقطع بعدالة واحد ،بل
ل يجوز أن يضمر خلف ما يظهر ،ول يستثنى من ذلك إل من استثني بقاطع كأنبياء ال
ورسله –عليهم أفضل الصلة والسلم.-
( )3أن الناس قد اتفقوا على أن التصحيح والتحسين والتضعيف ...إلخ أمور ظنية وأنه ل
يمكن القطع بشيء من ذلك لحتمال أن يكون الواقع بخلف ذلك ،قال العراقي في ألفيته ج 1
ص 14بشرح السخاوي:
وإذا الحكم بتصحيح حديث ما ،أمرا مظنونا به ،وأنه يحتمل أن يكون بخلف ذلك ،فل يجوز
القطع بدللة ما دل عليه ،وهذا أمر ظاهر بين.
( )4أننا نرى العلماء كثيرا ما يحكمون على بعض الحاديث بالصحة لتوافر شروط الصحة
فيها عندهم ،ثم يجدون بعض العلل التي تقدح في صحة ذلك الحديث فيحكمون عليه بما
تقتضيه تلك العلة القادحة ،وقد يضعفون بعض الحاديث لعدم توافر شروط الصحة فيها ،ثم
وهذا يدل دللة قاطعة على أن الحاد ل يفيد القطع ،وإل لوجب على النسان أن يقطع اليوم
بكذا ويقطع غدا بضده ،ويعتقد اليوم كذا ويعتقد غدا نقيضه ،وهذا ل يخفى فساده على أحد.
( )5أنه لو أفاد خبر الواحد العلم ،لما تعارض خبران ،لن العلمين ل يتعارضان ،كما ل
تتعارض أخبار التواتر ،لكنا رأينا التعارض كثيرا في أخبار الحاد ،وذلك يدل على أنها ل
تفيد القطع.
( )6أنه لو أفاد خبر الواحد العلم ،لستوى العدل والفاسق في الخبار ،لستوائهما في
حصول العلم بخبرهما ،كما استوى خبر التواتر ( )1في كون عدد المخبرين به عدول أو
فساقا ،مسلمين أوكفارا ،إذ ل مطلوب بعد حصول العلم ،وإذا حصل بخبر الفاسق لم يكن
بينه وبين العدل فرق من جهة الخبار ،لكن الفاسق والعدل ل يستويان بالجماع
والضرورة ،وما ذاك إل لن المستفاد من خبر الواحد إنما هو الظن ،وهو حاصل من خبر
الواحد العدل دون الفاسق.
( )7أنه لو أفاد خبر الواحد العلم ،لجاز الحكم بشاهد واحد ولم يحتج معه إلى شاهد ثان ،ول
يمين عند عدمه ،على مذهب من أجاز الحكم بشهادة الواحد مع اليمين ،ول إلى زيادة على
الواحد في الشهادة بالزنى واللواط ،لن العلم بشهادة الواحد حاصل ،وليس بعد حصول العلم
مطلوب ،لكن الحكم بشهادة الواحد بمجرده ل يجوز باتفاقهم .وذلك يدل على أنه ل يفيد العلم.
( )8أن كثيرا من المحدثين بل أكثرهم يرون الروايات بالمعنى ،كما هو معلوم ل يخفى على
طالب علم ،وقد وردت أحاديث كثيرة جدا في كتب السنة مما ل يمكن أن يقال إل أنها مروية
بالمعنى ،كما ل يخفى على من له أدنى ممارسة لهذه الكتب ،والرواية بالمعنى ل يؤمن معها
من الغلط ،ولسيما إذا نظرنا إلى أن كثيرا من الرواة ليس عنده كبير فقه ،بل بعضهم من
الميين وأشباههم ،وبعضهم من العاجم الذين ل معرفة لهم بلغة العرب ،أضف إلى ذلك أن
الخلف في هذه المسائل قد وجد من أوائل القرن الثاني ،ومن اعتقد شيئا يمكن أن يعبر عن
بعض اللفاظ التي يتوهم أنها تدل على ما يعتقده بعبارة قد يفهم غيره الحديث بخلف فهمه
هو له ،وهذا موجود بكثرة كما يعلم بالطلع على كتب الحديث .وال أعلم.
( )9روى البخاري ، 1227ومسلم ، )573( 97وجمع من أئمة الحديث ،أن ذا اليدين قال
لرسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم لما صلى الظهر أو العصر ركعتين :يا رسول ال
أنسيت أم قصرت الصلة ؟ فقال له (( :لم أنس ولم تقصر ))) .....ثم قال للناس (( :أكما
يقول ذو اليدين )) فقالوا :نعلم ،فتقدم فصلى ما ترك ،ثم سجد سجدتين.
فهذا يدل دللة واضحة على ان أخبار الحاد ل تفيد القطع ،وإل لكتفى بخبر ذي اليدين ولم
يحتج إلى سؤال غيره ،إذ ليس بعد القطع مطلوب ،وهذا ظاهر ل يخفى.
( )10روى البخاري ، 5191ومسلم )1479( 34وغيرهما من طريق ابن عباس رضي ال
عنهما قال (( :لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي
صلى ال عليه وسلم اللتين قال ال تعالى (( :إن تتوبا إلى ال فقد صغت قلوبكما )) ،حتى
حج وحججت معه ،وعدل وعدلت معه بإداوة فتبرز ،ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ ،
فقلت له :يا أمير المؤمنين ،من المرأتان من أزواج النبي صلى ال عليه وسلم اللتان قال ال
تعالى (( :إن تتوبا إلى ال فقد صغت قلوبكما )) ،قال :واعجبا لك يا ابن عباس ،هما عائشة
وحفصة ،ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال:
كنت أنا وجار لي من النصار في بني أمية بن زيد وهم من عوالي المدينة ،وكنا نتناوب
النزول على النبي صلى ال عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما ،فإذا نزلت جئته بما حدث من
خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره ،وإذا نزل فعل مثل ذلك ،وكنا معشر قريش نغلب النساء ،
فلما قدمنا على النصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم ،فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء
النصار ،فصخبت على امرأتي فراجعتني ،فأنكرت أن تراجعني قالت :ولم تنكر أن أراجعك ؟
فوال أن أزواج ليراجعنه ،وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل .فأفزعني ذلك فقلت له :قد
خاب من فعل ذلك منهن .ثم جمعت علي ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة فقلت لها :أي حفصة
أتغاضب إحداكن النبي اليوم حتى الليل ؟ قالت :نعم ،فقلت قد خبت وخسرت ،أفتأمنين أن
يغضب ال لغضب رسول ال فتهلكي ؟ ل تستكثري النبي ول تراجعيه في شيء ول تهجريه ،
وسليني ما بدا لك ول يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي – يريد عائشة.
قال عمر :وكنا قد تحدثنا أن غسان تنعل الخيل لتغزونا ،فنزل صاحبي النصاري يوم نوبته ،
فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربا شديدا ،وقال :أثم هو ؟ ففزعت فخرجت إليه ،فقال :قد
حدث اليوم أمر عظيم ،قلت :ما هو ؟ أجاء غسان قال :ل ،بل أعظم من ذلك وأهول ،طلق
النبي نساءه ،وقال عبدال ابن حنين :سمع ابن عباس عن عمر فقال :اعتزلني النبي أزواجه
فقلت :خابت حفصة وخسرت ،وقد كنت أظن هذا يوشك أن يكون ،فجمعت علي ثيابي ،
فصليت صلة الفجر مع النبي ،فدخل النبي مشربة له فاعتزل فيها ،ودخلت على حفصة فإذا
هي تبكي ،فقلت ما يبكيك ،ألم أكن حذرتك هذا ،أطلقكن النبي ؟ قالت :ل أدري ،ها هو
معتزل في المشربة فخرجت فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم فجلست معهم قليل
،ثم غلبني ما أجد فجئت المشربة التي فيها النبي فقلت لغلم أسود :استأذن لعمر ،فدخل
الغلم فكلم النبي ثم رجع فقال :كلمت النبي وذكرتك له فصمت ،فانصرفت حتى جلست مع
الرهط الذين عند المنبر .ثم غلبني ما أجد فقلت للغلم :استأذن لعمر ،فدخل ثم رجع فقال :قد
ذكرتك له فصمت ،فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت للغلم
فقلت :استأذن لعمر ،فدخل ثم رجع فقال :قد ذكرتك له فصمت ،فلما وليت منصرفا – قال :إذا
الغلم يدعوني –فقال :قد أذن لك النبي صلى ال عليه وسلم فدخلت على رسول ال فإذا هو
مضطعجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من
أدم حشوها ليف ،فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم :يا رسول ال أطلقت نساءك ؟ فرفع إلي
بصره فقال :ل ،فقلت :ال أكبر ......إلخ.
ووجه الدللة منه ظاهر ،فإن عمر رضي ال عنه لم يجزم بخبر النصاري بل ذهب يسأل
رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ذلك بنفسه ولو كان خبر الحاد يفيد القطع لجزم بخبره ،
ثم إن المر كان بخلف ما أخبر به النصاري وهذا دليل آخر على أن خبر الحاد ل يفيد
اليقين ،ثم إن هذا الحديث قد جاء بلفظ آخر وهو دليل آخر على أن الحاد ل يمكن أن يجزم
بمقتضاه كما ل يخفى ذلك على الفطن .وال أعلم.
( )11ثبت عن جماعة من صحابة رسول ال أنهم قد ردوا بعض الحاديث الحادية بمجرد
معارضتها لبعض الظواهر القرآنية أو لبعض الروايات الخرى ،فلو كانت أخبار الحاد تفيد
القطع لما ردوها.
____________________
( )1في ذلك نظر عندي بالنسبة إلى الحاديث النبوية والخبار التي طال عهدها وتقادم زمنها كما بينته في غيره هذا
الموضع وال تعالى أعلم.
( )1رد عمر رضي ال عنه خبر فاطمة بنت قيس عندما روت أن النبي صلى ال عليه وعلى
آله وسلم لم يجعل لها نفقة ول سكنى ،فقال رضي ال عنه ( :ل نترك كتاب ال وسنة نبينا (
)1صلى ال عليه وسلم لقول امرأة ل ندري لعلها حفظت أو نسيت) والحديث رواه مسلم 46
( )1480وغيره .
( )2ردت السيدة عائشة رضي ال عنها خبر عمر رضي ال عنه في حديث (( تعذيب الميت
ببكاء أهله عليه )) وقالت كما في صحيح البخاري 1288وغيره ( :رحم ال عمر ،وال ما
حدث رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ال ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ) ،وقالت :
حسبكم القرآن ( وَلَ َتزِ ُر وَازِرَ ٌة ِوزْرَ ُأخْ َر ) (الزمر )7:وكذا ردت خبر ابنه عبد ال في تعذيب
الميت ببكاء أهله عليه ،وقالت كما في صحيح مسلم )932( 27وغيره ( :يغفر ال لبي عبد
الرحمن ،أما إنه لم يكن ليكذب ولكن نسى أو أخطأ ،إنما مر رسول ال صلى ال عليه وسلم
على يهودية يبكى عليها ،فقال :إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها ) .
( )3وردت رضي ال عنها خبر أبي ذر وأبي هريرة رضي ال عنهما أن النبي صلى ال عليه
وعلى آله وسلم قال ( :يقطع الصلة المرأة والحمار والكلب ويقي من ذلك مثل مؤخرة
الرحل )) رواهما مسلم )511( 266 ، )510( 265واللفظ لبي هريرة .
فقد روى مسلم )512( 269عنها ،أنها قالت عندما ذكر لها هذا الحديث ( :إن المرأة لدابة
سوء لقد رأيتني بين يدي رسو ال صلى ال عليه وسلم معترضة كاعتراض الجنازة وهو
يصلي ) وروى البخاري 514ومسلم 270و )512( 271عنها رضي ال عنها أنها قالت ( :
قد شبهتمونا بالحمير والكلب وال لقد رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي وإني
على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة . ...إلخ ) .
( )4وردت رضي ال عنها خبر ابن عمر رضي ال عنهما الذي فيه أن النبي صلى ال عليه
وعلى آله وسلم اعتمر في رجب .
فقد روى البخاري 1775و 1776ومسلم )1255( 219وغيرهما من طريق مجاهد ،قال :
( دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا نحن بعبد ال بن عمر فجالسناه ،قال :فإذا رجال
يصلون الضحى ،فقلنا :يا أبا عبد الرحمن ما هذه الصلة ؟ فقال :بدعة .فقلنا له :كم
اعتمر رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ قال :أربعا إحداهن في رجب ) .قال :فاستحيينا أن
نرد عليه .فسمعنا استنان أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها ،فقال لها عروة بن الزبير :يا
أم المؤمنين أل تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟ يقول :اعتمر رسول ال صلى ال عليه
وسلم أربعا إحداهن في رجب فقالت ( :رحم ال أبا عبد الرحمن أما إنه لم يعتمر عمرة إل
( )5رد ابن عمر رضي ال عنهما حديث أبي هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله
وسلم قال ... :ولقيت عيسى فنعته النبي صلى ال عليه وسلم فقال :ربعة أحمر ( )2وحديث
ابن عباس ( )3رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (( :رأيت عيسى
وموسى وإبراهيم فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر )) ...الحديث ()4
فقد روى عنه ــ أعني ابن عمر ــ رضي ال عنهما البخاري ( برقم ) 3441وغيره أنه قال :
ل وال ما قال النبي صلى ال عليه وسلم أحمر ولكن قال :بينما أنا قائم أطوف الكعبة فإذا
رجل قائم سبط الشعر يهادى بين رجلين ينطف رأسه ماء أو يهراق رأسه ماء فقلت :من هذا
؟ قالوا :ابن مريم ،فذهبت فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس أعور عينه اليمنى كأن عينه
عنبة طافية قلت :من هذا ؟ قالوا :هذا الدجال وأقرب الناس له شبها ابن قطن .
والروايات بذلك عنهم كثيرة ،وإذا كان ذلك في ذلك العصر الذهبي الزاهر القريب من عهد
النبوة ،فهل يمكن أن نحتج الن بحديث آحادي على إثبات مسألة عقدية ؟ وبيننا وبين ذلك
العصر أربعة عشر قرنا ،هاجت فيها أعاصير الفتن ،وماجت فيها تيارات الحداث واشتعلت
نيران البدع ،وعم التعصب ،فأخلق الدين بعد جدته ،وتكدرت النفوس بعد صفائها ! ألسنا
الن أحوج ما نكون إلى اتباع هذا المنهج المستقيم في الحتراز وأخذ الحيطة ،والتمسك
بالقواطع من كتاب ال والمتواتر من سنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ورد
المتشابه إلى المحكم ،والمختلف فيه إلى المتفق عليه ؟! .
( )3جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر وهو غلط ــ وقد غير في بعض النسخ المطبوعة إلى ابن عباس ــ قال
الحافظ في شرحه 599( 6ــ : ) 600قوله ( :عن ابن عمر كذا وقع في جميع الروايات التي وقعت لنا من نسخ
البخاري ،وقد تعقبه أبو ذر في روايته فقال :كذا وقع في جميع الروايات المسموعة عن الفربري ( مجاهد عن ابن
عمر ) .قال :ول أدري أهكذا حدث به البخاري أو غلط فيه الفربري لني رأيته في جميع الطرق عن محمد بن كثير
وغيره عن مجاهد عن ابن عباس ،ثم ساقه بإسناده إلى حنبل بن إسحاق قال :حدثنا محمد بن كثير ،وقال فيه ابن
عباس .
قال :وكذا رواه عثمان بن سعيد الدار مي عن محمد بن كثير قال :وتابعه نصر بن علي عن أبي أحمد الزبيري عن
إسرائيل ،وكذا رواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسرائيل اهـ .
وأخرجه أبو نعيم في " المستخرج " عن الطبراني عن أحمد بن مسلم الخز اعي عن محمد بن كثير وقال :رواه
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
البخاري عن محمد بن كثير فقال مجاهد عن ابن عمر ،ثم ساقه من طريق نصر بن علي عن أبي أحمد الزبير عن
إسرائيل فقال ابن عباس اهـ .
وأخرجه ابن منده في " كتاب اليمان " من طريق محمد بن أيوب بن الضريس وموسى بن سعيد الدنداني كلهما عن
محمد بن كثير فقال فيه ابن عباس ثم قال :قال البخاري عن محمد بن كثير عن ابن عمر والصواب عن ابن عباس ،
وقال أبو مسعود في " الطراف " إنما رواه الناس عن محمد بن كثير فقال مجاهد عن ابن عباس ،فوقع في البخاري
في سائر النسخ مجاهد عن ابن عمر وهو غلط ،قال :وقد رواه أصحاب إسرائيل منهم يحيى بن أبي زائدة وإسحاق
بن منصور والنضر بن شميل وآدم بن أبي إياس وغيرهم عن إسرائيل فقالوا ابن عباس قال :وكذلك رواه ابن عون
عن مجاهد عن ابن عباس اهـ .
ورواية ابن عون تقدمت في ترجمة إبراهيم عليه السلم ،ولكن ل ذكر لعيسى عليه السلم فيها .
وأخرجها عن شيخ البخاري فيها وليس فيها لعيسى ذكر إنما فيها ذكر إبراهيم وموسى فحسب .وقال محمد بن
إسماعيل التيمي :ويقع في خاطري أن الوهم فيه من غير البخاري فإن السماعيلي أخرجه من طريق نصر بن علي
عن أبي احمد وقال فيه عن ابن عباس ولم ينبه على أن البخاري قال فيه عن ابن عمر ،فلو كان وقع كذلك لنبه عليه
كعادته .
والذي يرجح أن الحديث لبن عباس ل لبن عمر ما سيأتي من إنكار ابن عمر على من قال إن عيسى أحمر وحلفه على
ذلك ،وفي رواية مجاهد هذه ( فأما عيسى فأحمر جعد ) فهذا يؤيد أن الحديث لمجاهد عن ابن عباس ل عن ابن عمر ،
وال أعلم .
هذا ومن المعلوم أن المطلوب في باب العتقاد ‘.عقد القلب على الثابت الذي ل يمكن أن
يطرأ عليه في وقت من الوقات خطأ ول وهم ،وذلك ل يمكن حصوله إل بنص الكتاب
والمتواتر من سنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‘.بشرط أن تكون دللة كل
منهما نصا صريحا ل يحتمل التأويل ،وما عدا ذلك ل يمكن العتماد عليه في باب العتقاد .
فالعجب كل العجب ! من أولئك الذين يثبتون بعض قضايا العقدية ،التي لها تعلق بأسماء ال
وصفاته ،أو وعده ووعيده ،إلى غير ذلك مما له تعلق بباب العتقاد ،ويكفرون من خالفهم
في ذلك ،ويفسقونه ،ويضللونه ،ويبدعونه ،ول دليل لهم على ذلك ول مستند ،إل مجرد
العتماد على بعض أحاديث الحاد التي يجوزون على رواتها الخطأ والغلط والوهم والذهول
والنسيان إلى غير ذلك مما ل يكاد يسلم منه إنسان ،ومن هنا تراهم يتخبطون في عقائدهم
تخبط عشواء ،فتجدهم اليوم يصوبون من كانوا بالمس يفسقونه ،وتراهم في الغد يحكمون
بفساد ما اليوم يعتقدونه .والمثلة على ذلك كثيرة جدا ل حاجة لذكرها هنا )1( .
فانظر كيف ل يفسق أرباب هذه النحلة ابن تيمية وتلميذه في هذه المسألة بل يقولون :إنهما
مأجوران على اجتهادهما مع أنهم يفسقون علماء المة في بعض المسائل الفرعية فال
المستعان على من ل يخشى ال .
وقد اختلفوا في كثير من المسائل العقدية الخرى كمسألة الحد ومسألة قيام الحوادث بالذات
العلية والقول بالجسمية وإثبات الصورة ل تعالى ـ تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا ـ وغيرها ،
وليس هذا موضع الرد عليهم في ذلك وال المستعان .
-----------------------------------------------------------------
( )1ومن العجائب أن أرباب هذه النحلة الخاسرة من أشد الناس تناقضا في هذا الباب ،وذلك لقلة علمهم بهذا الفن
وغيره ولسباب أخرى يعرفونها بأنفسهم ،ولول خوف الطالة لذكرت بعض الحاديث التي تناقضوا فيها ول سيما
التي في العقيدة ولعلنا نفرد ذلك برسالة خاصة ــــ إن شاء ال تعالى ــ كما أنهم من أشد الناس اختلفا فيما بينهم في
مسائل العتقاد ومن هذه المسائل التي اختلفوا فيها :
(أ) مسألة استقرار ال ــ سبحانه وتعالى ــ على العرش ــ تعالى ال عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ــ :
حيث قال بذلك بعض أرباب هذه النحلة كالدارمي المجسم وابن تيمية وابن القيم ،بل قال بعضهم إنه يقعد بجانبه يوم
القيامة نبيه محمدا صلى ال عليه وعلى آله وسلم وقد وضعوا للتدليل على ذلك بعض الحاديث كما وضعوا في ذلك
أيضا عدة أبيات على المام الدار قطني منها :ــ
فل تنكروا أنه قاعد ول تجحدوا (*) أنه يقعده
والمتهم بوضعه ابن كادش الكذاب أو شيخه العشاري المغفل .وقد كان أحد مجانينهم يقول :لو أن حالفا حلف بالطلق
ثلثا أن ال يقعد محمدا صلى ال عليه وسلم على العرش واستفتاني لقلت له :صدقت وبررت ،كذا قال هذا اللعين
أخزاه ال وعامله بما يستحق .
وذهبت طائفة منهم إلى نفي ذلك مع القول بالعلو الحسي ــ تعالى ال عن ذلك ــ وممن ذهب إلى ذلك ناصر اللباني
المتناقض حيث قال في مختصر علوه السافل بعد كلم ... :فإنه يتضمن نسبة القعود إلى ال عز وجل وهذا يستلزم
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
نسبة الستقرار عليه تعالى وهذا مما لم يرد فل يجوز اعتقاده ونسبته إلى ال عز وجل .اهـ وقال في ضعيفته ج 2ص
: 256فاعلم أن إقعاده صلى ال عليه وسلم على العرش ليس فيه إل هذا الحديث الباطل وأما قعوده تعالى على العرش
فليس فيه حديث يصح ...اهـ قلت :بل ولم يثبت شيء عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم في العلو الحسي
وما استدلوا به على ذلك فكذب موضوع وباطل مخترع مصنوع وما صح من ذلك فل دليل فيه على ذلك البتة ،وبيان
ذلك في غير هذا الموضع .
وكما أنه لم يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم شيء في ذلك ،كذلك لم يثبت شيء عن صحابته
رضوان ال تعالى عليهم ،وما روي عنهم فكذب صريح عليهم .
ونحن نتحدى هؤلء الحشوية أن يأتوا لنا برواية صحيحة فيها تصريح بالستقرار أو الستواء الحسي وليستظهروا
على ذلك بمن شاءوا ولو بالثقلين جميعا ،كما أننا نتحدى أرباب هذه النحلة للمناظرة في هذه المسألة أو غيرها من
المسائل العقدية .
هذا وكما أنهم كذبوا على رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم وصحابته رضوان ال تعالى عليهم في هذه
المسألة وغيرها كذلك كذبوا على الئمة الربعة حيث نسبوا إليهم القول بالستواء الحسي وهم كاذبون ،وإليك بيان
ذلك :ــ
والجواب :أن هذا الكلم كذب باطل مصنوع على أبي حنيفة وذلك لن الراوي لهذا الكلم أبو مطيع البلخي وهو كذاب
دجال ،قال ابن معين :ليس بشيء ،وقال مرة ضعيف ،وقال أحمد :ل ينبغي أن يروى عنه شيء ،وقال البخاري :
ضعيف صاحب رأي ،وقال النسائي :ضعيف ،وقال أبو حاتم :كان مرجئا كذابا ،وقد جزم الذهبي بأنه وضع حديثا
كما في ترجمة عثمان ابن عبد ال الموي ،قال ابن أبي العز شارح الطحاوبة الحشوي المجسم الضال ج 2ص 480
نقل عن ابن كثير :وأما أبو مطيع فهو الحكم بن عبد ال بن مسلمة البلخي ،ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين
وعمرو بن علي الفلس والبخاري وأبو داود وأبو حاتم الرازي وأبو حاتم محمد بن حبان البستي والعقيلي وابن عدي
والدارقطني وغيرهم اهـ .
هذا ما قاله هنا بينما قال بعدما أورد الثر السابق ص : 387ول يلتفت إلى من أنكر ذلك ...فتأمل في كلمه واحكم
عليه بما شئت .وأبو إسماعيل النصاري الملقب بشيخ السلم الراوي لهذا الثر ل يحتج بنقله ول كرامة لنه مجسم
خبيث قائل بالحلول والتحاد كما قال ابن تيمية كما نقله المام ابن السبكي في" الطبقات الكبرى"ج 4ص 272نقل
عن الحافظ الذهبي .اهـ
وعلى تقدير صحة هذا الكلم فقد أجاب عنه المام ابن عبد السلم في حل الرموز كما نقله علي القاري في " شرح
الفقه الكبر " ص 271قال :من قال ل أعرف ال تعالى في السماء أم في الرض كفر ،لن هذا القول يوهم أن للحق
مكانا ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه .اهـ
قال القاري :ولشك أن ابن عبد السلم من أجل العلماء وأوثقهم فيجب العتماد على نقله ل على ما نقله الشارح ــ
يعني شارح الطحاوية المجسم الضال ــ مع أن أبا مطيع رجل وضاع عند أهل الحديث كما صرح به غير واحد .اهـ كلم
القاري .
على أن المام أبا حنيفة قد صرح بنفي الستقرار على العرش كما في كتابه " الوصية " كما في "شرح الفقه
الكبر"ص 61حيث قال :نقر بأن ال على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه ،واستقراره عليه وهو
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
الحافظ للعرش وغير العرش فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوق ولو صار محتاجا إلى
الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان ال تعالى ،فهو منزه عن ذلك علوا كبيرا اهـ .
فإنهم يروون عنه أنه قال الستواء معلوم والكيف مجهول واليمان به واجب والسؤال عنه بدعة .
والجواب :أن هذا لم يثبت عن مالك من رواية صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة الضعف ،ومن يدعي خلف ذلك
فعليه أن يوضح لنا ذلك ونحن بحمد ال على أتم الستعداد لنجيب عليه وندحضه بالحجة والبرهان ،وإنما جاء عنه
بلفظ (( :الكيف غير معقول والستواء منه غير مجهول واليمان به واجب والسؤال عنه بدعة )) وهذا قاصمة لظهور
المجسمة .
قال ابن اللبان في تفسير قول مالك هذا كما في " إتحاف السادة المتقين " ج 2ص 82قوله :كيف غير معقول أي
كيف من صفات الحوادث وكل ما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات ال تعالى ينافي ما يقتضيه العقل فيجزم
بنفيه عن ال تعالى ،قوله :والستواء غير مجهول أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة ،واليمان به على الوجه
اللئق به تعالى واجب ‘.لنه من اليمان بال وبكتبه ،والسؤال عنه بدعة ‘.أي حادث لن الصحابة كانوا عالمين
بمعناه اللئق بحسب وضع اللغة فلم يحتاجوا للسؤال عنه ،فلما جاء من لم يحط بأوضاع لغتهم ول له نور كنورهم
يهديه لصفات ربه شرع يسأل عن ذلك ،فكان سؤاله سببا لشتباهه على الناس وزيغهم عن المراد اهـ .
وسيأتي في آخر هذه الرسالة أن ذلك موضوع عليهما فانظر ص 191ــ . 192
هذا وقد رويت هذه العقيدة ــ عقيدة التجسيم ــ عن جماعة من أئمة السنة رواها ابن بطة المجسم الضال وهو كذاب
وضاع كما سيأتي إن شاء ال .على أن إسناد هذه الرواية منقطع وبذلك تبطل نسبة هذه العقيدة اليهودية الفرعونية
إلى سلف المة وغيرهم من العلماء وال المستعان .
حيث ذهب ابن تيمية إلى القول بذلك بل زعم ــ وهو غير صادق ــ أنه مذهب أكثر أهل الحديث ومن وافقهم ،والحق أنه
مذهب بعض فلسفة اليونان ومن سار على منهاجهم كالبرهمية والبوذية ،ولذلك خالفه حتى أهل نحلته .
حيث قال ابن تيمية (**) وتلميذه ابن قيم الجوزية بذلك وخالفهما أكثر أرباب هذه النحلة وإن كانوا لم يفسقوهما بل
قالوا :إنهما مأجوران على اجتهادهما ،وهذه من العجائب الغرائب كيف يقولون بعذرهما في هذه المسألة مع أن
المسألة من المسائل القطعية باتفاق المة قاطبة ؟ وذلك لن أدلتها قاطعة ل تحتمل الجدل ،وإليك بعض هذه الدلة .
قال تعالى :ـ
عنْهُمُ
خفّفُ َ
عَليْهِمْ لَ ْعنَةُ الّ وَالْمَلئِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَ يُ َ
ِ ( .1إنّ الّذِينَ َك َفرُوا وَمَاتُوا َوهُمْ ُكفّارٌ أُو َلئِكَ َ
الْعَذَابُ َولَ هُمْ يُنظَرُونَ) (البقرة )162، 161:
ظرُونَ * ِإلّ الّذِينَ تَابُواْ ) (آل عمران ) 89 ،88: عنْهُمُ الْعَذَابُ َولَ هُمْ يُن َ خفّفُ َ 2ـ ( خَالِدِينَ فِيهَا لَ يُ َ
3ـ (خَالِدِينَ فِيهَا َأبَدًا ) ( النساء ) 169:
4ـ ( َولَهُمْ عَذَابٌ ّمقِي ٌم ) (التوبة )68:
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
5ـ (ِإنّ الَّ لَ َعنَ الْكَا ِفرِينَ َوَأعَدّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا َأبَدًا ) الحزاب ) 65 ، 64 :
جرِمِينَ فِي عَذَابِ جَ َهنّمَ خَالِدُونَ * لَ ُي َف ّترُ عَنْهُمْ ) ( الزخرف ) 74: 6ـ (ِإنّ الْمُ ْ
7ـ ( َومَن يَ ْعصِ الَّ َو َرسُولَهُ َفإِنّ لَهُ نَارَ جَ َهنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا َأبَدًا ) (الجن ) 23:
ب ) (البقرة)86: عنْهُمُ الْعَذَا ُ
خفّفُ َ 8ـ ( َفلَ يُ َ
ن النّارِ ) (البقرة )167: 9ـ ( َومَا هُم بِخَارِجِينَ ِم َ
عنْهَا مَحِيصًا ) (النساء )121: 10ـ ( َولَ يَجِدُونَ َ
11ـ ( َومَا هُم بِخَارِجِينَ ِمنْهَا َولَهُمْ عَذَابٌ ّمقِي ٌم ) (المائدة )37:
ـ (أُ ْولَـ ِئكَ الّذِينَ َليْسَ لَهُمْ فِي الخِرَةِ ِإلّ النّارُ ) (هو )16:
عنْهُمْ ) ( هود )8: صرُوفًا َ 13ـ ( َليْسَ َم ْ
14ـ َ(أُ ْوَل ِئكَ لَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ ) ( العنكبوت ) 23:
خسَؤُوا فِيهَا َولَ تُ َكلّمُونِ ) ( المؤمنون ) 108: 15ـ (ا ْ
خرُجُوا ِمنْهَا ُأعِيدُوا فِيهَا) (السجدة. )20: 16ـ ( ُكلّمَا َأرَادُوا أَن يَ ْ
خرُجُوا ِمنْهَا ِمنْ غَمّ ُأعِيدُوا فِيهَا ) (الحج)22: 17ـ ( ُكلّمَا َأرَادُوا أَن يَ ْ
خرَجُونَ ِمنْهَا َولَ هُمْ ُيسْتَ ْع َتبُونَ ) ( الجاثية)35: 18ـ (فَا ْليَوْمَ لَ يُ ْ
خ َبتْ زِ ْدنَاهُمْ سَعِيرًا ) ( السراء)97: 19ـ ( ّمأْوَاهُمْ جَ َهنّمُ ُكلّمَا َ
خفّفُ عَنْهُم ّمنْ عَذَابِهَا)(فاطر)36: علَيْهِمْ َفيَمُوتُوا َولَ يُ َ20ـ (لَ ُي ْقضَى َ
21ـ (َألَ ِإنّ الظّالِمِينَ فِي عَذَابٍ ّمقِيمٍ ) (الشورى)45:
حيَى ) (العلى)13: 22ـ (ثُمّ لَ يَمُوتُ فِيهَا َولَ يَ ْ
عنْهَا بِغَا ِئبِينَ ) (النفطار14:ـ )16
23ـ ( َوِإنّ ا ْلفُجّارَ َلفِي جَحِيمٍ * َيصْلَ ْونَهَا يَوْمَ الدّينِ * وَمَا هُمْ َ
علَيْهِمْ نَارٌ مّ ْؤصَدَةٌ ) (البلد)20: 24ـ ( َ
25ـ ( َفلَن ّنزِيدَكُمْ ِإلّ عَذَابًا) ( النبأ )30:
26ـ (مَا َلنَا مِن مّحِيصٍ ) (إبراهيم)29:
27ـ (جَ َهنّمَ َيصْلَ ْونَهَا َو ِبئْسَ ا ْل َقرَارُ ) ( إبراهيم)29:
واليات والحاديث في ذلك كثيرة جدا ل نطيل المقام بذكرها.
=====================
(*) وأورده ابن القيم في بدائع الفوائد ج 4ص 48هكذا :
ول تنكروا أنه قاعد ول تنكروا أنه يقعده
والكل كذب فقاتل ال الكذب والكذابين ومن يدافع عنهم .
(**) كما نسبه إليه جماعة من العلماء ،وقد وافق الجمهور في بعض كتبه ،ولعل له في المسألة رأيين .
وإنما نذكر هنا بعض العقائد الفاسدة الراء الكاسدة التي أثبتوها ببعض اليات المتشابهة أو
الحاديث الحادية ،وإليك بعضا من ذلك :ـ
1ـ قال عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه الذي رد به على بشر المريسي :
(أ) قال في ص ( : 25خلق آدم بيده مسيسا ) وقد ذكر ذلك في مواضع ،فتراه يحمل خلقه
سبحانه لدم على مزاولة الطين بالجارحة .
( ب) قال ص ( : 74إنه ليقعد على الكرسي فما يفضل منه إل قدر أربع أصابع )
(ج) قال ص ( : 20الحي القيوم ...يتحرك إذا شاء ،وينزل ويرتفع إذا شاء ،ويقبض
ويبسط إذا شاء ،ويقوم ويجلس إذا شاء ،لن أمارة ما بين الحي والميت التحرك .كل حي
متحرك ل محالة ،وكل ميت غير متحرك ل محالة ) .
قال الكوثري ( :فإذا معبود هذا الخاسر يقوم ويمشي ويتحرك ،ولعل هذا العتقاد ورثه هذا
السجزي من جيرانه عباد البقر ،ومن اعتقد ذلك في إله العالمين يكون كافرا باتفاق ،فيا ويح
من يقتدي بمثله في الصلة أو يناكحه ،فماذا تكون حال من يرتضى هذا الكتاب أو يوصي به
أشد الوصية أو يطبعه للدعوة إلى ما فيه ؟ وهذا توحيدكم الذي إليه تدعون الناس ) .
(د) قال ص ( : 85ولو شاء لستقر على ظهر بعوضة فاستقرت به بقدرته ولطف ربوبيته ،
فكيف على عرش العظيم ) .
قال الكوثري ( :هذا كلمه في ال سبحانه كأن جواز استقرار معبوده على ظهر بعوضة أمر
مفروغ منه مقبول ،فيستدل بذلك على جواز استقراره تعالى على العرش الذي هو أوسع من
ظهر البعوضة ،تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا ،ول أدري أحدا من البشر نطق بمثل هذا الهذر
قبل هذا السجزي والحراني المؤتم به وأشياعهما ) .
(هـ) قال ص ( : 100من أنبأك أن رأس الجبل ليس بأقرب إلى ال من أسفله ،ورأس المنارة
ليس بأقرب إلى ال من أسفلها ) .
قال الكوثري ( :وكلمه هذا يدل على أنه كان يتطلع إلى معبوده من رؤوس الجبال والمآذن
والمراصد ،كما هو صنيع الصابئه الحرانية عبدة الجرام العلوية .وأما المسلمون فهم
يعنقدون أن ال سبحانه منزه عن المكان ،ونسبته إلى المكنة سواء ،وليس القرب منه
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
(ب)قال ص ( : 70إذا جلس الرب على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد ) .
(ج ) قال ص ( : 71إنه ليقعد على الكرسي فما يفضل منه إل قدر أربع أصابع ) .
(د) قال ص ( : 67كتب ال التوراة لموسى بيده ،وهو مسند ظهره إلى الصخرة في اللواح
من در ،يسمع صرير القلم ،ليس بينه وبينه إل الحجاب ).
(هـ) قال ص ( : 68إن ال لم يمس بيده إل آدم ،خلقه بيده ،والجنة ،والتوراة كتبها بيده ،
ودملج ال لؤلؤة بيده فغرس فيها قضيبا فقال ( :امتدي حتى أرضي وأخرجي ما فيك بإذني ،
فأخرجت النهار والثمار )) .
(و) قال ص ( : 35رآه على الكرسي من ذهب ،يحمله أربعة :ملك في صورة رجل ،وملك
في صورة أسد ،وملك في صورة ثور ،وملك في صورة نسر ،في روضة خضراء ،دونه
فراش من ذهب ) .
(ي) قال ( : 167حتى يضع بعضه على بعض ..وحتى يأخذ بقدمه ) .
(ك) قال ص ( : 149أوحى إلى الجبال أني نازل على جبل منك ،فتطاولت الجبال ،وتواضع
طور سيناء ،وقال :إن قدر لي شيء فسيأتيني ،فأوحى ال أني نازل عليك لتواضعك ،
ورضاك بقدري ) .
(ل) قال ص ( : 77ينزل ال في ظل من الغمام ،من العرش إلى الكرسي ....فيتمثل الرب
فيأتيهم ...والرب أمامهم حتى يمر ).
(ن) قال ص ( : 182إن لجهنم سبع قناطر ،والصراط عليهن ،وال في الرابعة منهن ،فيمر
الخلئق على ال عز وجل وهوفي القنطرة الرابعة ) .
وفي هذين الكتابين وفي غيرهما من كتب أرباب هذه النحلة الخاسرة ( )2ككتب القاضي أبي
يعلى وكتب الشيخ الحراني وأذياله كابن القيم وشارح الطحاوية وغيرهما كثير من أمثال هذه
المسائل التي نستغفر ال من كتابتها ،فضل من أن ندين ال بها .
وقد احتجوا على ذلك ببعض الحاديث الموضوعة ،والخبار المخترعة المصنوعة ،التي ل
يخفى بطلنها إل على غر جهول ،أو معاند مخذول ،وإن حاولوا تقويتها وتفخيم شأنها إذ
ذلك هو دأبهم مع سنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؛ حيث إنهم أخذوا يصححون
ما شاءوا ويضعفون ما شاءوا من غير أن يحتكموا في ذلك إلى شيء من القواعد الحديثية أة
الصولية .
قال الستاذ أبو غدة في تعليقاته على الجوبة الفاضلة عن ابن القيم ص 130ـ : 132أما ابن
القيم :فمع جللة قدره ونباهة ذهنه ويقظته البالغة ؛ فإن المرء ليعجب منه كيف يروي
الحديث الضعيف والمنكر في بعض كتبه كـ " مدراج السالكين " من غير أن ينبه عليه ؟! بل
تراه إذا روى حديثا جاء على ( مشربه ) المعروف بالغ في تقويته وتمتينه كل المبالغة ،حتى
يخيل للقارىء أن ذلك الحديث من قسم المتواتر في حين أنه قد يكون حديثا ضعيفا أو غريبا
أو منكرا ولكن لما جاء على (مشربه ) جمع له جراميزه ،وهب لتقويته وتفخيم شأنه بكل ما
أوتيه من براعة بيان وقوة لسان .
وأكتفى ــ على سبيل المثال ــ بالشارة إلى حديث واحد من هذا النمط ،رواه في كتابه " :زاد
المعاد في هدي خير العباد " أثناء كلمه عن ( وفد بني المنتفق ) 3/54( :ـ ) 57فقد ساق
هناك حديثا طويل جدا ،جاء من قول النبي صلى ال عليه وسلم (( :ثم تلبثون ما لبثتم ،ثم
يتوفى نبيكم والملئكة الذين مع ربك فأصبح ربك عز وجل يطوف في الرض ! وخلت عليه
البلد . )) ...
وبعد أن ساق الحديث المشار إليه أتبعه بكلم طويل في تقويته استهله بقوله ( :هذا حديث
جليل كبير ،تنادي جللته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة ،ل يعرف إل
من حديث عبدالرحمن بن المغيرة المدني .) ...ثم استرسل في توثيق ( عبدالرحمن ) ومن
رواه استرسال غريبا ! كما أنه سرد الكتب التي روي الحديث فيها ،وهو من أعلم الناس
بحالها ،ولكن غلبته عادته ومشربه ،فذهب يسردها ويطيل بتفخيم مؤلفيها ،تهويل بقوة
الحديث وصحته ! مع أن الحديث حينما رواه صاحبه الحافظ ابن كثير في كتابه ( :البداية
والنهاية ) 80 /5 ( :ــ ) 82أعقبه بقوله ( :هذا حديث غريب جدا ،وألفاظه في بعضها
نكارة ) .
وكذلك قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " في ترجمة ( عاصم ابن لقيط بن عامر بن
المنتفق العقيلي ) ) 5/57( :بعد أن أشار للحديث ومن رواه من المؤلفين ( :وهو حديث
غريب جدا ) .
فحينما يقول الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر في الحديث المشار إليه ( :حديث غريب
جدا ،وألفاظه في بعضها نكارة ) ترى الشيخ ابن القيم يسهب ويطنب في دعمه ونصحيحه ،
حتى نقل مرتضيا قول من قال ( :ول ينكر هذا الحديث إل جاحد ،أو جاهل ،أو مخالف
للكتاب والسنة ) !! .
فصنيع ابن القيم هذا يدعو إلى البحث والفحص عن الحاديث التي يرويها من هذا النوع ،
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
ويشيد بها في تآليفه ،وهي من كتب يوجد فيها الحديث الضعيف والمنكر والموضوع اهـ .
وقال اللباني عن الدكتور بكر أبي زيد في تمام المنة ص : 197لقد كان في بحثه بعيدا عن
التحقيق العلمي والتجرد عن التعصب المذهبي على خلف ما كنا نظن به ،فإنه غلب عليه
نقل ما يوافقه وطي ما يخالفه أو إبعاده عن موضوعه المناسب له إن نقله ،بحيث ل ينتبه
القاريء لكونه حجة عليه ل له .وتوسعه في نقد ما يخالفه وتشدده والتشكيك في دللته ،
وتساهله في نقد ما يؤيده ،وإظهاره الحديث الضعيف مظهر القوي بطرقه ،وليس له سوى
طريقين واهيين أوهم القراء أنها خمسة ،ثم يطيل الكلم جدا في ذكر مفردات ألفاظها حتى
يوصلها إلى عشرة دون فائدة تذكر سوى زيادة اليهام المذكور ،وقال ص : 198يقول هذا
من عنده توهينا لدللته وهو يعلم أن الئمة جميعا فهموه على خلف زعمه .
وقال ص 198ـ : 199والذي ذكرته هناك حجة عليه لو أنه ساقه بتمامه ،لكنه يأخذ منه
مايشتهي ويعرض عن الباقي .فتأمل كيف أخذ من كلم المير بعضه وترك البعض الخر
الذي قال به جميع العلماء الموافقون منهم والمخالفون ...تركه لنه ينقض احتماله الثاني .
وقال ص : 203فتأمل هذا أيها القاريء يتبين لك خطأ الرجل في تضعيفه ليونس ،وأنه لم
يصدر ذلك منه عن علم ومعرفة بهذا العلم الشريف ...إلخ .هذا ومن المعلوم أن اللباني من
جملة مشايخ أبي زيد بإقرار أبي زيد نفسه .
وقال أحمد محمد شاكر في مقالته ج 1ص 300عن حامد الفقي رئيس ما يسمى بجماعة
أنصار السنة المحمدية الذي صاحبه أكثر من أربعين عاما :وكنت في بعض الحيان إذا لم
يعجبك حديث ثابت صحيح ولم تستطع الحكم بضعفه تذهب على تأويله بما يكاد يخرجه عن
دللة اللفاظ على المعاني ...ثم ازداد المر حين كتبت هامشة معينة حاولت إقناعك
ببطلنها ،فأصررت على أثباتها ،فعزمت عليك أل تفعل وأعذرت إليك أنها إذا طبعت في
الكتاب نفضت يدي من الشتراك في تصحيحه إذ ل أستطيع وضع اسمي على الكتاب ينشر فيه
مثل هذا الكلم ،فلم تعبأ بكلمي فتركت العمل اهـ المراد منه .
والمثلة على ذلك كثيرة يطول المقام بذكرها وبما أوردناه كفاية لمعرفة تعامل هذه الفرقة مع
سنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم .
وقد رد عليهم علماء السلم بما يشفي العليل ويروي الغليل ولول خوف الطالة لوردت
طائفة من أقوالهم مشفوعة بالدلة القاطعة ،والبراهين الساطعة ،بحيث ل يبقى مجال للشك
أو التشكيك في ضلل هذه الفرقة وبطلن ما هم عليه .
يشهد من ثبت اسمه ونسبه وصح نهجه ومذهبه واختبر دينه وأمانته من المة الفقهاء
والماثل العلماء أهل القرآن المعدلين العيان وكتبوا خطوطهم المعروفة بعباراتهم المألوفة
مسارعين إلى أداء المانة وتوخوا في ذلك ما تحظره الديانة مخافة قوله تعالى ( :ومن أظلم
ممن كتم شهادة عنده من ال ) (البقرة )140:أن جماعة من الحشوية الوباش الرعاع
المتوسمين بالحنبلية أظهروا ببغداد من البدع الفظيعة والمخازي الشنيعة مالم يسمح به ملحد
فضل عن موحد ،ول تجوز به قادح في أصل الشريعة ول معطل ،ونسبوا كل من ينزه
الباري – تعالى وجل – عن النقائص والفات ،وينفي عنه الحدوث والتشبيهات ،ويقدسه
عن الحلول والزوال ويعظمه عن التعبير من حال إلى حال ،وعن حلوله في الحوادث ،
وحدوث الحوادث فيه ،إلى الكفر والطغيان ،ومنافاة أهل الحق واليمان ،وثلب أهل الحق
وعصابة الدين ،ولعنهم في الجوامع ،والمشاهد ،والمحافل ،والمساجد ،والسواق ،
والطرقات ،والخلوة والجماعات ،ثم غرهم الطمع والهمال ،ومدهم في طغيانهم الغي
والضلل ...وتمادت الحشوية على ضللها والصرار على جهالتها وأبوا إل التصريح بأن
المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل وأنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب
أمرد بشعر قطط وعليه تاج يلمع وفي رجليه نعلن من ذهب ...إلخ .
وقولهم ( وينسبون كل من نزه ال إلى الكفر والطغيان ) أقول :هذا هو الثابت عن أرباب هذه
النحلة الخاسرة ( )1كما هو ثابت في كتبهم وكما نسبه إليهم غيرهم من العلماء ويكفي أن ابن
القيم قال في نونيته عن الذين ينزهون ال سبحانه :
قال المام السبكي الشافعي في "السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل" ص 182بعدما
أورده بلفظ-:
وقال – أعني المام السبكي – ص 55بعد أن ذكر كلما لبن القيم :انتهى كلم هذا الملحد تبا
له وقطع ال دابر كلمه ...إلى أن قال :فما أراد هذا إل أن يقرر عند العوام أنه ل مسلم إل
هو وطائفته التي ما برحت ذليلة حقيرة ،وما أدري ما يكون وراء ذلك من قصده الخبيث ،
فإن الطعن في أئمة الدين ،طعن في الدين وقد يكون هذا فتح باب الزندقة ،ونقص الشريعة ،
ويأبى ال ذلك والمؤمنون ،فينبغي لئمة المسلمين ،وولة أمورهم ،أن يأخذوا بالحزم ،
ويحسموا مادة الشر في مبدئه قبل أن يستحكم ...فيصعب عليهم رفعه .ا.هـ.
وذكر قبل ذلك أن هذا الملعون –على حسب تعبيره – أقام طوائف الحنفية ،والمالكية ،
والشافعية ،في صورة الملحدة الزنادقة المقرين على أنفسهم باتباع فرعون وهامان و
أرسطو وابن سينا ...إلخ .
إلخ القصيدة وقد ادعى بعض الحشوية أن هذه القصيدة لم تثبت نسبتها إلى الصنعاني ،ول
يهمنا تحقيق ذلك الن ما دام ما ذكر فيها ثابتا عن أرباب هذه النحلة ثبوتا أوضح من شمس
النهار ،كما يعلم ذلك بالنظر في كتبهم وإن شئت أن تحقق من ذلك فانظر بعض المثلة على
ذلك في "مجموعة الرسائل النجدية" ،و "عنوان المجد" لترى كيف كفروا الشعرية ،
والزيدية ،وسائر فرق الشيعة ،والمعتزلة ،وغيرهم من المسلمين ،وقتلوهم ،وسلبوهم ،
واستباحوا أموالهم وانتهكوا أعراضهم ،وال المستعان = )2(.ص 51
-1قال أبو حمزة الشاري ( رحمه ال تعالى ) في خطبته المشهورة ( :الناس منا ونحن منهم
إل ثلثة مشركا بال عابد وثن وكافرا من أهل الكتاب وسلطانا جائرا ) .
-2قال المام العلمة سعيد بن خلفان الخليلي ( رضي ال عنه ) في التمهيد ج 1ص ( : 244
إياك أن تعجل بالحكم على أهل القبلة بالشراك من قبل معرفة بأصوله فإنه موضع الهلك
والهلك ) ا.هـ. .
فإن قلت إذا كان المر كذلك فما السبب الذي دعى كثيرا من أرباب المقالت لن ينسبوا إلى
الباضية أنهم يكفرون مرتكبي الكبائر قلت :هناك ثلثة أسباب وهي -:
-1ظن كثير من الناس أن الباضية أهل الحق والستقامة فرقة من فرق الخوارج ،ول شك
أن الخوارج يحكمون بهذا الحكم على من لم يوافقهم من المسلمين على ماشهر عنهم ،
والحق أن الباضية ل علقة لهم بالخوارج ،ومن تصفح كتبهم – أعني الباضية – تبين له
ذلك من أول نظرة ،وذلك أن الباضية قد حكموا بضلل الخوارج وفسقوهم بل وحاربوهم ،
والنصوص على ذلك كثيرة جدا أكتفي هنا بذكر نص واحد عن المام نور الدين السالمي
( رحمه ال تعالى ) فقد قال ( رحمه ال ) في "جوهرة" عند ذكره لحكام أهل البغي -:
-2قول الباضية أهل الحق والستقامة بوجوب الخروج على الظلمة – كملوك بني أمية وبني
العباس وأضرابهم – عند القدرة على ذلك لدلة كثيرة من كتاب ال – تعالى – وسنة رسوله (
صلى ال عليه وسلم ) ليس هذا موضع بسطها وهذا القول لم ينفردوا به بل وافقهم عليه
جمهور المة .
قال ابن حزم "الفصل" ج 4ص " : 172 – 171وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع
المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في المر بالمعروف والنهي عن
المنكر واجب ،إذا لم يمكن دفع المنكر إل بذلك ،قالوا :فإذا كان أهل الحق في عصابة
يمكنهم الدفع ول ييأسون من الظفر ففرض عليهم ذلك ،وإن كانوا في عدد ل يرجون لقلتهم
وضعفهم بظفر كانوا في سعة من ترك التغيير باليد ،وهذا قول علي بن أبي طالب ( رضي ال
عنه ) وكل من معه من الصحابة ،وقول أم المؤمنين عائشة ( رضي ال عنه ) وطلحة
والزبير وكل من كان معهم من الصحابة ...وهو قول عبدال بن الزبير ومحمد والحسين بن
علي وبقية الصحابة من المهاجرين والنصار القائمين يوم الحرة رضي ال عن جميعهم
أجمعين .
وقول كل من قام على الفاسق الحجاج ومن واله من الصحابة رضي ال عن جميعهم كأنس
ابن مالك وكل ممن ذكرنا من أفاضل التابعين كعبدالرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير وابن
البحتري الطائي وعطاء السلمي الزدي والحسن البصري ومالك بن دينار – ....وذكر أسماء
كثير من التابعين وأتباعهم – ثم قال ( :وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة
والحسن بن حي وشريك ومالك والشافعي وداود وأصحابهم ،فإن كل من ذكرنا من قديم
وحديث إما ناطق بذلك في فتواه وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكرا ) انتهى
كلم ابن حزم من "الفصل" ،ومن المعلوم أن هؤلء لم يكفروا من خرجوا عليهم .وانظر
كتابنا "الربيع بن حبيب مكانته ومسنده" ص . 69 – 64
-3ما يوجد في كتب الباضية من إطلق لفظ الكفر على مرتكبي الكبائر ،ول يخفى أن
الباضية لم يريدوا بالكفر هنا الشرك ،وإنما أرادوا بذلك كفر النعمة كما هو مقرر في
مصنفاتهم ،وقد نص على ذلك غير واحد منهم .
والدلة على إطلق النفاق والكفر على مرتكبي الكبائر كثيرة جدا ،أما إطلق النفاق فيدل
عليه حديث عبدال بن عمرو بن العاص أن النبي (صلى ال عليه وسلم) قال (( :أربع من
كن فيه كان منافقا خالصا ،ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى
يدعها :إذا ائتمن خان ،وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر )) ،وفي رواية
(( وإذا وعد أخلف )) بدل قوله (( وإذا عاهد غدر )) .
وحديث أبي هريرة ( رضي ال عنه ) عن النبي (صلى ال عليه وسلم) قال (( :آية المنافق
ثلث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا ائتمن خان )) .رواه المام البخاري 33و
2682و 2749و ، 6095ومسلم 107و ، ) 59 ( 108والنسائي ، 8/117والترمذي
، 2631والفرياني في "صفة النفاق" 24و 25و ، 26وابن أبي الدنيا في "الصمت" 470
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
وأما إطلق الكفر فتدل عليه أحاديث كثيرة جدا إليك بعضا منها :
-1عن ابن مسعود ( رضي ال عنه ) قال :قال رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( :سباب
المسلم فسوقه ،وقتاله كفر )) .
رواه المام البخاري في صحيحه 48و 6044و 7076وفي "التاريخ الصغير" 1/263وفي
"الدب المفرد" ، 436ومسلم 116و ) 64 ( 117وأبو عوانه 1/24و ، 25والنسائي
7/122وفي الكبرى 3572و 3573و 3574و 3575و ، 3576والترمذي 1983و
2634و ، 2635وابن ماجة 3939وفي المقدمة ، 69وأحمد 1/385و 411و 433و
439و 446و 454و 455و ، 460والطيالسي 248و 258و ، 306والحميدي ، 104
وابن حبان ، 5939والطبري في الكبير 10105و 10308و ، 10316وأبو نعيم في الحلية
5/23و 34و 8/123و ، 10/215والطحاوي في مشكل الثار 846و 847و 848و 749
و ، 850وأبو يعلي 4988و 4991و 5119و 5276و ، 5332وابن الجعد ، 2715وابن
منده 653و 654و 655و ، 656وابن أبي الدنيا في "الصمت" ، 590والخطيب في
"تاريخ بغداد" 87 - 10/86و 185 /13وفي "التلخيص" 1/32وفي "موضح الوهام"
، 1/451والبيهقي في "السنن" 8/20وفي "الداب" ، 142والبغوي في "شرح السنة"
، 3548ومريم بنت عبدالرحمن في جزئها ، 226ورواه الدارقطني في الجزء الثالث
والعشرين من حديث أبي طاهر 40من طريق أبي هريرة ،وهو وهم أو خطأ من ناسخ .
-4ورواه ابن أبي عاصم في "الحاد والمثاني" ، 1087وابن أبي الدنيا في "الصمت"
ورواه الطبراني في الوسط ، 738والخطيب في الموضح 2/29من طريق ابن مغفل ( رضي
ال عنه) وإسناده ضعيف وال تعالى أعلم .
-5عن ابن عمر ( رضي ال عنهما ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :ل
ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) .
رواه المام البخاري 4403و 6166و 6785و 6868و ، 7077ومسلم 66 ( 120 ، 119
) ،وأبو عوانه 1/25و ، 26والنسائي ، 127 - 7/126وأبو داود ، 4686وابن ماجة
، 3943وأحمد 2/85و 87و ، 104وابن أبي شيبة ،وابن حبان ، 187وابن منده في
"اليمان" 658و . 659
-9عن جابر بن عبدال ( رضي ال عنهما ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسبم) قال :
(( ليس بين الرجل والكفر إل تركه الصلة )) .
-10ورواه المام الربيع ( رحمه ال تعالى ) بمعناه من طريق ابن عباس ( رضي ال
عنهما ) .
-11عن بريدة ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :لعهد الذي
بيننا وبينهم الصلة ؛ فمن تركها فقد كفر )) .
رواه النسائي ، 232 - 1/231وابن ماجة ، 1079وأحمد 5/346و ، 355وابن أبي شيبة
ج 7ص ، 222وابن حبان ، 1454والدارقطني ، 2/52والحاكم ، 7 - 1/6والبيهقي 3/366
،وقال الترمذي ( :حديث حسن صحيح غريب ) وصححه الحاكم والذهبي .
وهذا بناء على أن تارك الصلة إذا لم يكن منكرا لوجوبها ل يكفر كفر شرك كما هو مذهب
الجمهور ؛ كما حكاه عنهم النووي في "شرح صحيح مسلم" وفي "المجموع شرح المهذب"
،وهذا هو القول الذي يجتمع به شمل الدلة المتعارضة في هذه المسألة .
-12عن أبي هريرة ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :ل
ترغبوا عن آبائكم ،فمن رغب عن أبيه فقد كفر )) .
-----------------------------------
( )1من ذلك قول الحسن بن العباس الرستمي – الذي قال عنه الذهبي في "سير أعلم
النبلء" ج 20ص : 435وكان من الشداد في السنة – أي في التشبيه والتجسيم – في
الشاعرة : -
( )2على أن بعض الحشوية قد اعترف بأن هذه القصيدة من إنشاء الصنعاني ،كصاحب
"المصارعة" وإن ادعى أن الصنعاني قد لبس عليه المر ،وهي دعوى باطلة ل تساوي
ذكرها ،وإن شئت أن تحقق من ذلك فارجع إلى الكتابين المذكورين ،وغيرهما من كتب
أرباب هذه النحلة .فإن قلت وكذلك روي عن الباضية أنهم يحكمون بالكفر على مرتكب
الكبيرة قلت :لم يصح ذلك عنهم البته ومن ادعى خلف ذلك فعليه الدليل ول سبيل له إليه
ولو استظهر بالثقلين جميعا وإليك ما يدحض دعوى من ادعى على الباضية أنهم يكفرون
أحدا من المسلمين ممن لم ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة :
-13عن أبي هريرة ( رضي ال عنه ) عنه (صلى ال عليه وسلم) أنه قال ( :اثنتان في
أمتي هما كفر :الطعن في النسب ،والنياحة على الميت ) .
رواه المام مسلم )67( 121وأحمد 2/377و 441و ، 496وابن منده في "اليمان" 660
و 662و . 663
-14عن أبي ذر ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :ليس من
رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إل كفر ،ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده
من النار )) .
-15عن جرير أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :أيما عبد أبق من مواليه ؛ فقد
كفر حتى يرجع إليهم )) .رواه المام مسلم . )68( 122
-16عن ابن عمر ( رضي ال عنهما ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :أيما
رجل قال لخيه ياكافر ؛فقد باء بها أحدهما )) .
رواه المام البخاري في صحيحه 6104وفي الدب المفرد 439و 440و 444و ، 445
ومسلم ، )60( 111ومالك ص ، 751وأبو عوانه 1/22و ، 23وأبو داود ، 4687
والترمذي ، 2638وأحمد 2/18و 44و 47و 60و 105و 112و 113والحميدي ، 698
وابن حبان 249و ، 250والطحاوي في مشكل الثار ، 861وابن منده في اليمان 521و
594و 595و 596و ، 597والبيهقي ، 208/ 10والبغوي في "شرح السنة" 3550و
. 3551
-17ورواه المام البخاري 6103من طريق أبي هريرة ( رضي ال عنه ) .
-18ورواه المام الربيع ( رحمه ال تعالى ) من طريق ابن عباس ( رضي ال عنهما ) برقم
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
. 65
-20عن ابن عباس ( رضي ال عنهما ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :أريت
النار ،فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ،وقيل :أيكفرن بال ؟ قال :يكفرن العشير ويكفرن
الحسان ،لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت :ما رأيت منك خيرا قط )) .
رواه المام البخاري 29و 1052و ، 5197ومسلم ، )907( 17ومالك ص ، 167 - 166
وأبو عوانه ، 380 - 2/379والنسائي ،وابن ماجة ،وأحمد ،والبغوي في "مشكل الثار"
، 851ورواه البخاري ،ومسلم ،والنسائي ،وابن ماجة ،وأحمد ،والبغوي في "شرح
السنة" من طريق أبي سعيد الخدري ( رضي ال عنه ) .
ورواه مسلم ،والنسائي ،والدارمي ،وأحمد ،من طريق جابر بن عبدال ( رضي ال
عنهما ) .
ورواه مسلم ،والترمذي ،من طريق أبي هريرة ( رضي ال عنه ) .
ورواه مسلم ،وابن ماجه ( ، )4003من طريق ابن عمر ( رضي ال عنهما ) .
ورواه الدارمي ،وأحمد ،والطيالسي ،وابن حبان وآخرون من طريق ابن مسعود ( رضي
ال عنه ).
وقد جاء عن غير هؤلء من صحابة رسول ال (صلى ال عليه وسلم) بألفاظ مختلفة .
-21عن أبي هريرة قال :قال رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( المراء في القرآن كفر )) .
رواه أبو داود ، 4603والنسائي في "فصائل القرآن" ، 118وأحمد 2/258و 286و 424
و 475و 478و 494و 503و ، 528وابن أبي شيبة ج 7ص ، 188وابن حبان 74و
، 1464والحاكم ، 2/232والبزار " 2313كشف الستار" والطبراني في "مسند
الشاميين" 1305وتمام الرازي في "الفوائد" ، 1321وأبو نعيم في "حلية الولياء"
5/192و 6/215و 13- 8/12وفي "أخبار أصبهان" ، 2/123والجري في "شريعته"
75/131و ، 132والللكائي في "أصول السنة" ، 182والخطيب في "تاريخ بغداد"
4/81و ، 11/136والبغوي . 1/261
وله شاهد من طريق أبي جهم ،رواه أحمد ، 4/169وأبو عبيد في "الفضائل" ،والبيهقي
في "شعب اليمان" ، 2/419قال الهيثمي في "المجمع" ( :رجاله رجال الصحيح ) .
وله شاهد آخر من طريق زيد بن ثابت ،رواه الطبراني 5/152وإسناده ضعيف ،إل أنه
يصلح في الشواهد والمتابعات .
وله شاهد ثالث من طريق عمرو بن العاص ،رواه البيهقي في "شعب اليمان" ، 419قال
الحافظ في الفتح ( :إسناده حسن ) ولي في ذلك نظر .
وله شاهد رابع من طريق عبدال بن عمرو بن العاص ،عند ابن أبي شيبة والجري ،
وإسناده تألف بمرة .
-22عن ابن عباس ( رضي ال عنهما ) قال (( :جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي (صلى
ال عليه وسلم) فقالت :يا رسول ال ،ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ول دين ،ولكني
أكره الكفر في السلم ،فقال رسول ال :أتردين عليه حديقته ؟ قالت :نعم ،قال رسول ال :
اقبل الحديقة وطلقها تطليقة )) .
والمراد بالكفر في هذه الحاديث ونحوها عند أصحابنا ( كفر النعمة ) ،وهذا ومن الجدير
بالذكر أنه قد وافق الصحاب على إثبات كفر النعمة جماعة كبيرة من العلماء ؛ منهم :
البيهقي وابن الثير ،وابن العربي ،والحافظ ابن حجر ،والعيني ،والقسطلني ،ومحمد
عبده ،ومحمد رشيد رضا ،وابن عاشور ،وغيرهم ،وهو الذي يقتضيه صنيع كل من المام
البخاري ،والمام مسلم ،وابن حبان ،في صحاحهم .
وقد اعترف بهذا النوع من الكفر بعض الحشوية أنفسهم كما تجد ذلك مصرحا به في بعض
كتبهم .
وقد دلت على هذا النوع من الكفر أيضا بعض اليات القرآنية منها قوله تعالى ( :ومن لم
يحكم بما أنزل ال فأولئك هم الكافرون ) وقوله ( :ول على الناس حج البيت من استطاع
إليه سبيل ومن كفر فإن ال غني عن العالمين ) وقوله ( :ليبلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر
فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ) وقوله ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما
كفورا ) ( .)1وال تعالى أعلم .
=ص )2( 41المرسوم الذي أصدره الراضي بموافقة جماعة من العلماء في حق جماعة من
أرباب هذه الطائفة قال فيه بعد كلم :وتارة أنكم تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة
على مثال رب العالمين ،وهيئتكم الرذلة على هيئته ،وتذكرون الكف والصابع والرجلين
والنعلين المذهبين والشعر القطط ،والصعود إلى السماء ،والنزول إلى الدنيا -تعالى ال عما
يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا -فلعن ال شيطانا زين لكم هذه المنكرات ،وما
أغواه ،وأمير المؤمنين يقسم بال قسما يلزمه الوفاء به ،لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ،
ليوسعنكم ضربا وتشريدا ،قتل وتبديدا ،وليستعملن السيف في رقابكم ،والنار في منازلكم
ومحالكم .ا.هـ.
( )3المحضر الذي كتبه جماعة من العلماء في ابن تيمية وأرسل به إلى كثير من البلدان
ونصه كما في "دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل أحمد" ص 42 - 40
وغيره ما يأتي -:
( الحمد ل الذي تنزه عن الشبيه والنظير ،وتعالى عن المثال فقال ( ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير ) ( الشورى ، ) 11 :نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب ،ورفع في
أيامنا أسباب الشك والرتياب ،ونشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،شهادة من يرجو
بإخلصه حسن العقبى والمصير ،ونزه خالقه عن التحيز في جهة لقوله ( وهو معكم أين ما
كنتم وال بما تعملون بصير ) ( الحديد ، ) 4 :ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج
سبيل النجاة بمن سلك طريق مرضاته ،وأمر بالتفكر في آلئه ونهى عن التفكر في ذاته ،
صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه الذين عل بهم منار اليمان ورفع وشيد بهم قواعد
الشرع ،وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع .
وبعد فإن العقائد الشرعية وقواعد السلم المرعية ،وأركان اليمان العلية ،ومذاهب الدين
المرضية ،هي الساس الذي يبني عليه ،والموئل الذي يرجع كل أحد إليه ،والطريق التي
من سلكها فقد فاز فوزا عظيما ،ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما ،فلهذا يجب أن تنفذ
أحكامها ،ويؤكد دوامها ،وتصان عقائد هذه الملة عن الختلف وتزان بالئتلف ،وتخمد
نوائر البدع ،ويفرق من فرقها ما اجتمع
وكان التقي ابن تيمية قبل هذه المدة قد بسط لسان قلمه ،ومد عنان كلمه تحدث في مسائل
الصفات والذات ،ونص في كلمه على أمور منكرات ،وتكلم فيما سكت عنه الصحابة
والتابعون ،وفاة بما تجنبه السلف الصالحون ،وأتى في ذلك بما أنكره أئمة السلم ،وانعقد
على خلفة إجماع العلماء والحكام ،وشهر من فتاويه ما استخف به عقول العباد ،وخالف
في ذلك فقهاء عصره وعلماء شامه ومصره ،وبعث برسائل إلى كل مكان ،وسمى فتاواه
بأسماء ما أنزل ال بها من سلطان
فلما اتصل بنا أنه صرح في حق ال بالحرف والصوت والتجسيم ،قمنا في ال مشفقين من
هذا النبأ العظيم ،وأنكرنا هذه البدعة ،وعز علينا أن تشيع عمن تضم ممالكنا هذه السمعة ،
وكرهنا ما فاه به المبطلون ،وتلونا قوله ( سبحان ال عما يصفون ) ( الصافات ، ) 159 :
فإنه جل جلله تنزه في ذاته وصفاته عن العديل والنظير ( ل تدركه البصار وهو يدرك
البصار وهو اللطيف الخبير ) ( النعام ) 103 :وتقدمت مراسيمنا باستدعاء التقي ابن تيمية
إلى أبوابنا عندما سارت فتاواه في شامنا ومصرنا ،وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إل
وتل ( لقد جئت شيءا نكرا ) ( الكهف . ) 74 :
ولما وصل إلينا تقدمنا بجمع أولي العقد والحل وذوي التحقيق والنقل ،وحضر قضاة
السلم ،وحكام النام ،وعلماء الدين ،وفقهاء المسلمين ،وعقدوا له مجلس شرع في مل
من الئمة وجمع ،فثبت عند ذلك جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده الدال على سوء
معتقده ،وانفصل ذلك الجمع وهم عليه وعلى عقيدته منكرون ،وآخذوه بما شهد به قلمه
قائلين ( ستكتب شهادتهم ويسئلون ) ( الزخرف . ) 19 :
وبلغنا أنه استتيب مرارا فيما تقدم ،وأخره الشرع لما تعرض إليه وأقدم ،ثم عاد بعد منعه
ولم تدخل تلك النواهي في سمعه ،ولما ثبت عليه ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي حكم
الشرع الشريف أنه يسجن هذا المذكور ،ويمنع من التصرف والظهور .
ومن يومنا هذا نأمر بأن ل يسلك أحد مسلك المذكور من المسالك ،وننهى عن التشبه به في
اعتقاده مثل ذلك ،أو يعود له في هذا القول متبعا أو لهذه اللفاظ مستمعا ،أو أن يسري في
التجسيم مسراه ،أو يفوه بحد العلو مخصصا كما فاه ،أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف ،
أو يوسع القول في ذات أو وصف ،أو ينطق بتجسيم ،أو يحيد عن الصراط المستقيم ،أو
يخرج عن رأي الئمة ،وينفرد به علماء المة أو يحيز ال تعالى في جهة أو يتعرض إلى
حيث وكيف ،فليس لمن يعتقد هذا المجموع عندنا إل السيف ،فليقف كل واحد عند هذا الحد
ول المر من قبل ومن بعد .
ويلزم كل الحنابلة بالرجوع عما أنكره الئمة من هذه العقيدة ،والخروج من هذه التشبيهات
الشريدة ،ولزوم ما أمر ال به والتمسك بأهل المذهب الحميدة ؛ فإنه من خرج عن أمر ال
فقد ضل سواء السبيل ،وليس له غير السجن الطويل مستقر ومقيل .
فقد رسمنا أن ينادي في دمشق المحروسة والبلد الشامية ،وتلك الجهات مع النهي الشديد
والتخويف والتهديد ،أن ل يتبع التقي ابن تيمية في هذا المر الذي أوضحناه ،ومن تابعه
منهم تركناه في مثل مكانه وأحللناه ،ووضعناه عن عيون المة كما وضعناه ،ومن أعرض
عن المتناع ،وأبى إل الدفاع ،أمرنا بعزلهم من مدارسهم ومناصبهم ،وإسقاطهم من
مراتبهم ،وأن يكون لهم في بلدنا حكم ول قضاء ول إمامة ول شهادة ،ول ولية ول إقامة .
فإننا أزلنا دعوة هذا المبتدع من البلد ،وأبطلنا عقيدته التي ضل بها العباد أو كاد ،ولتثبت
المحاضر الشرعية على الحنابلة بالرجوع عن ذلك ،ولتسير إلينا المحاضر بعد إثباتها على
قضاة الممالك ،فقد أعذرنا حيث أنذرنا ،وأنصفنا حيث حذرنا ،وليقرأ مرسومنا هذا على
المنابر ،ليكون أبلغ واعظ وزاجر ،وأجمل ناه وآمر ،والعتماد على الخط الشريف أعله .
الحمد ل وصلى ال على سيدنا محمد وآله وسلم ) ا.هـ. .
وقال المام ابن القشيري كما في "إتحاف السادة المتقين بشرح علوم الدين" للعلمة الزبيدي
ج 2ص 109عن أرباب هذه الطائفة :وقد نبعث نابغة من الرعاع ،لول استزللهم للعوام بما
يقرب من أفهامهم ،ويتصور في أوهامهم ،لجللت هذا المكتوب عن تلطيخه بذكرهم ،
يقولون نحن نأخذ بالظاهر ،ونجري اليات الموهمة تشبيها والخبار المقتضية حدا وعضوا
على الظاهر ،ول يجوز أن نطرق التأويل إلى شيء من ذلك ،ويتمسكون بقول ال تعالى
( وما يعلم تأويله إل ال ) ( آل عمران ) 7 :وهؤلء -والذي أرواحنا بيده -أضر على
السلم من اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الوثان ،لن ضللت الكفار ظاهرة يتجنبها
المسلمون ،وهؤلء أتوا الدين والعلوم من طريق يغتر به المستضعفون ،فأوحوا إلى
أوليائهم بهذه البدع ،وأحلوا في قلوبهم وصف المعبود سبحانه بالعضاء والجوارح
والركوب والنزول والتكاء والستلقاء والستواء بالذات والتردد في الجهات ،فمن أصغى إلى
ظاهرهم بادر بوهمه إلى تخيل المحسوسات فاعتقد الفضائح فسال به السيل وهو ل يدري .
ا.هـ.
وقال في "التذكرة الشرقية" في "إتحاف المتقين" للمام الزبيدي ج 2ص 110بعد كلم :
...والغرض أن يستبين من معه مسكة من العقل أن قول من يقول استواؤه صفة ذاتيه ل يعقل
معناها ،واليد صفة ذاتية ل يعقل معناها ،والقدم صفة ذاتية ل يعقل معناها ،تمويه ضمنه
تكييف وتشبيه ودعاء إلى الجهل وقد وضح الحق لذي عينين ،وليت شعري هذا الذي ينكر
التأويل يطرد هذا النكار في كل شيء وفي كل آبة أم يقنع بترك التأويل في صفات ال تعالى ،
فإن امتنع من التأويل أصل فقد أبطل الشريعة والعلوم ؛ إذ ما من آية وخبر إل ويحتاج إلى
تأويل وتصرف في الكلم ؛ لن ثم أشياء ل بد من تأويلها ،ل خلف بين العقلء فيها إل
الملحدين الذين قصدهم التعطيل للشرائع ،والعتقاد لهذا يؤدي إلى إبطال ما هو عليه من
التمسك بالشرع ،وإن قال يجوز التأويل على الجملة إل فيما يتعلق بال وبصفاته فل تأويل
فيه فهذا يصير منه إلى أن ما يتعلق بغير ال تعالى يجب أن يعلم وما يتعلق بالصانع وصفاته
يجب التغاضي عنه وهذا ل يرضى به مسلم .
وسر المر أن هؤلء الذين يمتنعون عن التأويل معتقدون حقيقة التشبيه ،غير أنهم يدلسون
ويقولون له يد ل كاليدي ،وقدم ل كالقدام ،واستواء بالذات ل كما نعقل فيما بيننا ،فليقل
المحقق هذا كلم لبد من استبيان قولكم نجري المر على الظاهر ول يعقل معناه تناقض إن
أجريت على الظاهر فظاهر الساق في قوله تعالى ( يوم يكشف عن ساق ) ( القلم ) 42 :هو
العضو المشتمل على الجلد واللحم والعظم والعصب والمخ ،فإن أخذت بهذا الظاهر ،
والتزمت بإقرار بهذه العضاء فهو الكفر ،وإن لم يمكنك الخذ بها ،فإين الخذ بالظاهر
ألست قد تركت الظاهر وعلمت تقدس الرب تعالى عما يوهم الظاهر فكيف يكون أخذا
بالظاهر ،وإن قال الخصم :هذه الظواهر ل معنى لها أصل فهو حكم بأنها ملغاة ،وما كان
في إبلغها إلينا فائدة وهي هذر وهذا محال ،وفي لغة العرب ماشئت من التجوز والتوسع في
الخطاب ،وكانوا يعرفون موارد الكلم ويفهمون المقاصد ،فمن تجافى عن التأويل فذلك لقلة
فهمه بالعربية ،ومن أحاط بطرق من العربية هان عليه مدرك الحقائق ،ا.هـ .المراد منه .
قلت :ومن الدلة القاطعة على ركاكة فهمهم وقلة علمهم بكتاب ال تبارك وتعالى وسنة
رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ولغة العرب ،ونفيهم للمجاز من الكتاب والسنة واللغة
العربية مع أن المة شبه مجمعة على إثباته ولم يخالف في ذلك إل من شذ .
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" ص : 22المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل
العلم ،وخالف في ذلك أبو إسحاق السفرائيني ( ، )2وخلفه هذا يدل أبلغ على عدم اطلعه
على لغة العرب ،وينادي بأعلى صوت بأن سبب هذا الخلف تفريطه في الطلع على ما
ينبغي الطلع عليه من هذه اللغة الشريفة وما اشتملت عليه من الحقائق والمجازات التي ل
تخفى على من له أدنى معرفة بها .
وقد استدل بما هو أوهن من خيوط العنكبوت ،فقال ( :لو كان المجاز واقعا في لغة العرب
للزم الخلل بالتفاهم إذ قد تخفى القرينة ) ،وهذا التعليل عليل ؛ فإن تجويز خفاء القرينة
أخفى من السها ...إلى أن قال :وعلى كل حال فهذا ل ينبغي الشتغال بدفعه ؛ فإن وقوع
المجاز وكثرته في اللغة العربية أشهر من نار على علم ،وأوضح من شمس النهار .
قال ابن جني :أكثر اللغة مجاز ،وقد قيل إن أبا علي الفارسي قائل بمثل هذه المقالة ( )3التي
قالها السفرائيني ،وما أظن مثل أبي علي يقول ذلك فإنه إمام اللغة العربية الذي ل يخفى
على مثله مثل هذا الواضح البين الجلي ،وكما أن المجاز واقع في لغة العرب فهو واقع أيضا
في الكتاب العزيز عند الجماهير وقوعا كثيرا بحيث ل يخفى إل على من ل يفرق بين الحقيقة
والمجاز ،وقد روي عن الظاهرية نفيه في الكتاب العزيز ،وما هذا بأول مسائلهم التي جمدوا
فيها جمودا يأباه النصاف ،وينكره الفهم ويجحده العقل ...إلى أن قال :وليس في المقام من
الخلف مايقتضي ذكر بعض المجازات الواقعة في القرآن ،والمر أوضح من ذلك ،كما أن
المجاز واقع في الكتاب العزيز وقوعا كثيرا فهو واقع في السنة وقوعا كثيرا ،والنكار لهذا
الوقوع مباهتة ول يستحق المجاوبة .ا.هـ.
ومثله في مختصره "حصول المأمول" لصديق خان .وقال ابن قدامة الحنبلي في "روضة
الناظر" ج ، 1ص ، 182بعد أن ذكر بعض اليات القرآنية :وذلك كله لنه استعمال اللفظ
في غير موضوعه ،ومن منع فقد كابر ،ومن سلم وقال ل أسميه مجازا فهو نزاع في عبارة
ل فائدة في المشاحة فيه .وال أعلم ا.هـ. .
وقال السيوطي في "طراز العمامة" :ومن جهل المجاز فرتبه الفهم عنه قاضية ،والغباوة
عليه قاضية ا.هـ. .
وقد صرح ابن القيم بالمجاز في "بدائع الفوائد" و "تهذيب السنن" وغيرهما ،بل ألف مؤلفا
خاصا في ذلك سماه "الفوائد المشوق إلى القرآن وعلم البيان" ،وهو ثابت عنه وإن حاول
بعض الجهلة نفيه عنه ،وممن نسبه إليه ابن حجر في "الدرر الكامنة" ج 3ص ، 400وابن
تغري في "النجوم الزاهرة" ج 10ص ، 249والصفدي في "الوافي" ج 2ص ، 270
والسيوطي في "بغية الوعاة" ،والشوكاني في "البدر الطالع" ،وحاجي خليفة في "كشف
الظنون" وآخرون .
==========================
( )1الكفر في هذه الية يشمل كفر الشرك وكفر النعمة .هذا وقد وقع خطأ مطبعي في الطبعة
الولى لكتابنا "الربيع بن حبيب مكانته ومسنده" حيث وضع هذا التعليق بعد قوله تعالى :
( ليبلوني ءأشكر أم أكفر ) ومن المعلوم أنه ل يمكن أن يراد بالكفر هنا الشرك فتنبه لذلك
جيدا
-2قال إمام الحرمين في "التلخيص" :الظن بالستاذ أنه ل يصح عنه ،وكذا استبعد نسبته
إلى الستاذ المام الغزالي .
( )3هذا ل يصح عن أبي علي ؛ فقد حكى عنه القول بالمجاز تلميذه ابن جني وهو أعرف
الناس بمذهب شيخه
هذا ولم يأت القائلون بجواز الحتجاج بأحاديث الحاد في مسائل العتقاد بما تقوم به الحجة ،
وغاية ما يستندون إليه يعولون عليه ويحتجون به هو أن النبي (صلى ال عليه وسلم) كان
يبعث الحاد إلى الشاسع من البلد ،قالوا فدل ذلك على أن خبر الحاد تقوم به الحجة في
القضايا العقدية ،وإل لما اكتفى (صلى ال عليه وسلم) بذلك ،وأيضا فإن أهل قباء قد أخذوا
بخبر الواحد في التحول إلى القبلة ( )1وأقرهم رسول ال (صلى ال عليه وسلم) على ذلك ،
وهذا كما تراه ل دليل فيه ،بل ول شبهة دليل :
أما الول فقد أجيب عنه بما حاصله ،أن ال تعالى قد بعث نبيه (صلى ال عليه وسلم) بمكة
ومكث بها ثلثة عشر عاما يدعو الناس إلى عبادة ال تعالى وحده لشريك له ونبذ عبادة
الصنام والوثان ،وكان الناس يأتون أفواجا من كل حدب وصوب إلى مكة المكرمة لزيارة
بيت ال الحرام ،وكان رسول ال (صلى ال عليه وسلم) يلتقي بهم فيدعوهم إلى ما أمر به ،
وكان هؤلء الحجاج يرجعون إلى بلدانهم فيخبرون أقوامهم بما سمعوه من رسول ال (صلى
ال عليه وسلم) .
واشتهر بذلك الخبار وتواترت وشاع أمر الدعوة وذاع بحيث لم يخف على أحد من أهل تلك
المناطق ،ثم هاجر جماعة كبيرة من صحابته (صلى ال عليه وسلم) إلى الحبشة فاستقروا
بها عدة سنوات ،وأسلم ملك الحبشة واشتهر ذلك عنه ،ثم هاجر رسول ال (صلى ال عليه
وسلم) وصحابته الكرام (رضي ال عليهم) إلى المدينة ،وقامت بينهم وبين المشركين حروب
طاحنة ،ثم أجلى رسول ال (صلى ال عليه وسلم) اليهود من المدينة ،وقتل بعض
طوائفهم ،واشتهر أمر الدعوة بذلك أكثر فأكثر .
وأيضا كانت الوفود العربية تأتي من كل مكان لسماع دعوة رسول ال (صلى ال عليه وسلم)
ومعرفة ما يدعو إليه ،وكان كثير منهم يدخلون في السلم ويطلبون من رسول ال (صلى
ال عليه وسلم) أن يبعث معهم أمور دينهم ،كما هو مشهور في كتب السير .
وبذلك يتبين لك أن أصول العتقاد انتقلت عن طريق التواتر القطعي ،وأن أولئك الذين كان
يبعثهم (صلى ال عليه وسلم) إلى المناطق كانوا يعلمون الناس الفروع الفقهية فقط .
وهذا كله على تسليم ما ادعوه من أن الرسول (صلى ال عليه وسلم) كان يرسل الفراد إلى
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
المناطق الشاسعة ،وإل فإن من تأمل كتب السير والتواريخ ظهر له جليا أنه (صلى ال عليه
وسلم) لم يكن يكتفي بإرسال الفراد إلى الماكن الشاسعة وإنما كان يرسل جماعات ،ويؤمر
على كل جماعة أميرا فيذكر اسم ذلك المير من دون أن يذكر من كان تحت إمرته ،كما جرت
العادة بذلك .
ومما يدل على ذلك ما ذكره الطبري ج 2ص 247وغيره ،عن عبيد بن صخر بن لوذان
النصاري السلمي :وكان فيمن بعث النبي (صلى ال عليه وسلم) مع عمال اليمن في سنة
عشر بعد ما حج حجة التمام ،وقد مات باذام ؛ فلذلك فرق عملها بين شهر بن باذام وعامر
بن شهر الهمداني وعبدال بن قيس أبي موسى الشعري وخالد بن سعيد ابن العاص والطاهر
بن أبي هالة ويعلى بن أمية وعمر بن حزم ،وعلى بلد حضرموت زياد بن لبيد البياضي
وعكاشة بن ثور بن أصغر الغوثي ومعاوية بن كندة ،وبعث معاذ بن جبل معلما لهل البلدين
:اليمن وحضرموت ا.هـ. .
فهؤلء بعض من كانوا مع معاذ (رضي ال عنه) ،وكذا يقال بالنسبة إلى بقية الرسل الذين
كان يرسلهم رسول ال (صلى ال عليه وسلم) إلى المناطق الشاسعة .على أن أولئك الرسل
لم يكونوا يبلغون الناس شيئا من أمثال هذه المسائل العقدية المتداولة في عصرنا هذا ،
كمسألة الرؤية ،والخلود ،والشفاعة ،ونحوها كما تقدم ،ومن ادعى خلف ذلك فعليه الدليل
،ول سبيل له إليه ،وإنما غاية ما كانوا يبلغونهم إياه وجوب إفراد ال تعالى بالعبادة ،وأنه
ل إله إل هو وأن محمدا (صلى ال عليه وسلم) رسول من عنده وهذا ثابت بالتوراة القطعي
بل هو معلوم من الدين بالضرورة ،وكذا كانوا يعلمونهم المسائل العلمية ول نزاع عند من
يعتبر بوفاقه وخلفه أنها تثبت بأخبار الحاد وال أعلم .
أن المسألة التي اكتفوا فيها بخبر الواحد مسألة فرعية ظنية ،وليس كلمنا في ذلك إذ ل
خلف بيننا وبينكم في أن المسائل الفرعية تثبت بأخبار الحاد كما هو مقرر في محله .
وبمثل ذلك أيضا يجاب عن الحديث الذي رواه المام الربيع والمام مالك والبخاري ومسلم
وغيرهم ،الذي فيه أن أنسا (رضي ال عنه) كان يسقي جماعة من الصحابة (رضي ال
عليهم) شرابا من فضيخ التمر فجاءهم آت فقال :إن الخمر قد حرمت ،فقال أبو طلحة :يا
أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها ،قال أنس :فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى
انكسرت .
والحاصل أنه ل دللة في تلك الدلة على ما قالوه البته ،لن غاية ما فيها قبول أخبار الحاد
في بعض المسائل العلمية وليس كلمنا في ذلك كما تقدم .
هذا ومن الجدير بالذكر أن أغلب الحاديث التي استدلوا بها هي نفسها من قبيل الحاد فكيف
يمكن أن يستدل بحديث آحادي على أن الخبار الحادية تفيد القطع مع أننا ل نقطع بثبوت تلك
الدلة نفسه
وقد استدلوا أيضا بأن المنكرين لفادة أخبار الحاد العلم يشهدون شهادة قاطعة جازمة على
أئمتهم بمذاهبهم وأقوالهم ولو قيل لهم إنها لم تصح لنكروا ذلك غاية النكار ...إلخ .وهو
كلم ل أساس له من الصحة ،بل هو كذب صريح ؛ وذلك لننا بمحمد ال تعالى لم نقطع في
وقت من الوقات بصحة نسبة شيء من أقوال الئمة إليهم إل إذا كان ذلك متواترا عنهم ومن
ادعى خلف ذلك فعليه أن يقيم الدليل عليه ول سبيل له إليه ،وبذلك ينهدم ما عولوا عليه ،
وال تعالى أعلم .
واستدلوا أيضا ببعض اليات القرآنية والحاديث المروية عن رسول ال (صلى ال عليه
وسلم) ،ول يخفى أن تلك اليات منها ماهو عام الدللة ،ومنها ما ل يستفاد منه ذلك إل من
طريق المفهوم ،والعام دللته على أفراده ظنية كما هو مقرر عند الصوليين وكذا المفهوم
عند القائلين بحجيته إذا توافرت فيه شروط الحتجاج به ،وهذا مما ل يمكن الستناد إليه في
مثل هذه القضية ،على أن تلك الدلة مخصصة بما ذكرناه ،وال تعالى أعلم .
==============================
.
..-1رواه المام الربيع ( رحمه ال تعالى ) 207والبخاري 40و 399ومسلم )526( 13
وغيرهم .
وإذا تقرر ذلك ،فإليكم نصوص بعض العلماء من أصحاب المذاهب الربعة حول عدم جواز
العتماد على أحاديث الحاد في مسائل العتقاد ،وال ولي التوفيق -:
-1قال المام الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين" ج 2ص 105،1
( :06كل لفظ يرد في الشرع مما يستند إلى الذات المقدسة بأن يطلق اسما أو صفة لها ،وهو
مخالف العقل ،ويسمى المتشابه ،ول يخلو إما أن يتواتر أو ينقل آحادا ،والحاد إن كان نصا
ل يحتمل التأويل قطعا بافتراء ناقله أو سهوه أو غلطه ،وأن كان ظاهرا فظاهره غير مراد ،
وإن كان متواترا فل يتصور أن يكون نصا ل يحتمل التأويل ،بل لبد أن يكون ظاهرا ) ا.هـ. .
-3قال المام أبو منصور عبدالقادر البغدادي في كتابه "أصول الدين" ص ( :12وأخبار
الحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيله في العقل ،كانت موجبة العمل بها دون
العلم ) .
-4قال السنوي (:وأما السنة فالحاد منها ل يفيد إل الظن ) وقال في موضع آخر ( :أن
رواية الحاد إن أفادت فإنما تفيد الظن ،والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية وهي
الفروع ،دون العملية كقواعد أصول الدين ) ا.هـ. .
-5قال ابن عبد البر في "التمهيد" ( :1/7اختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد هل
يوجب العلم والعمل جميعا أم يوجب العمل دون العلم ؟ والذي عليه أكثر أهل العلم منهم أنه
يوجب العمل دون العلم ،وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر ،ول يوجب العلم
عندهم إل ما شهد به على ال وقطع العذر بمجيئه قطعا ول خلف فيه ،وقال قوم كثير من
أهل الثر وبعض أهل النظر :إنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا ،منهم الحسين
الكرابيسي وغيره ،وذكر ابن خويز منداد أن هذا القول يخرج على مذهب مالك .قال أبو عمر
:الذي نقول به إنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والربعة سواء ،وعلى ذلك
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
-6وقال البيهقي في كتاب :السماء والصفات" ص 357بعد كلم ( :ولهذا الوجه من
الحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الحتجاج بأخبار الحاد في صفات ال تعالى إذا لم يكن
لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الجماع ،واشتغلوا بتأويله ) .
.
-7قال المام النووي في شرح صحيح مسلم ج 1ص ( : 131وأما خبر الواحد فهو ما لم
يوجد فيه شروط المتواتر سواء كان الراوي له واحدا أو أكثر واختلف في حكمه ،والذي
عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب
الصول ،أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ول يفيد
الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ول يفيد العلم ) ...إلى أن قال ( :وذهبت طائفة من أهل
الحديث إلى أنه يوجب العلم ،وقال بعضهم يوجب العلم الظاهر دون الباطن ،وذهب بعض
المحدثين إلى أن الحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم تفيد العلم دون غيرها من
الحاد ،وقد قدمنا هذا القول وإبطاله في الفصول ،وهذه القاويل كلها سوى قول الجمهور
باطلة ) .إلى أن قال ( :وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس ،وكيف يحصل العلم
واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرف إليه ؟ )وال أعلم.
وقال في "المجموع شرح المهذب" ( : 4/342ومتى خالف خبر الحاد نص القرآن أو
إجماعا وجب ترك ظاهره ) .وانظر مقدمة صحيح مسلم .
-8قال الباجي في "الشارة" ( : 234وأما خبر الحاد فما قصر عن التواتر وذلك ل يقع به
العلم وإنما يغلب على ظن السامع له صحته لثقة المخبر به لن المخبر وإن كان ثقة يجوز
عليه الغلط والسهو كالشاهد وقال محمد بن خويز منداد :يقع العلم بخبر الواحد والول عليه
جميع الفقهاء ) .
وقال في تحقيق المذهب ص 239-236بعد كلم ...(:إل أنه حديث آحاد ل يوجب العلم)...
إلى أن قال ( :وعلى كل حال فهو مروي من طريق الحاد الذي ل يقع العلم بما تضمنه ولو
لم يعترض عليه مما ذكرنا بوجه لم يقع لنا العلم به ) ا.هـ. .
وقال في "إحكام الفصول" ص 242-241عند ذكره لشروط المتواتر ( :فصل إذا ثبت ذلك
فل بد أن يزيد هذا العدد على الربعة خلفا لحمد وابن خويز منداد وغيرهما في قولهم :إن
خبر الواحد يقع به العلم والدليل على ذلك :علمنا أن الواحد والثنين يخبروننا عما شاهدوه
واضطروا إليه فل يقع لنا العلم بصدقهم ولذلك ل يقع للحاكم العلم بخبر المتداعيين ول بد أن
أحدهما صادق ول كان العلم يقع بخبر الواحد لوجب أن يضطروا إلى صدق الصادق منهما
وكذب الكاذب وكذلك ليقع لنا العلم بشهادة الشهود على الزنا وإن كانوا مضطرين إلى ما
أخبروا به ولو وقع العلم بخبرهم لوجب أن يعلم صدقهم من كذبهم ويضطروا إلى ذلك ولما لم
يعلم ذلك ولم يقع العلم بخبرهم كانت الزيادة على هذا العدد شرطا فيما يقع العلم بخبرهم ...
إلخ ) .
وقال في ص ( : 234وذهب النظام إلى أنه يقع العلم بخبر الواحد إذا قارنته قرائن إن عري
عنها ل يقع به ،والدليل على بطلن قوله :أنا نجد أنفسنا غير عالمة بما أخبرنا عنه الواحد
والثنان وإن اقترنت به القرائن التي ادعاها ومما يدل على ذلك :أن الحاكم يرى المدعي
باكي لطما ويدعي على خصمه الظلم ول يقع له بدعواه العلم ) ا.هـ .المراد منه ،وله كلم
في ذلك في غير ما موضع ل نطيل الكلم بذكره .
وقال في "الورقات" ( : 184والحاد وهو مقابل المتواتر ،وهو الذي يوجب العمل ول
يوجب العلم ،لحتمال الخطأ فيه ) .ا.هـ .مع زيادة من شرح المحلي عليه ،وقد نص على
ذلك في عدة مواضع من التلخيص .
-10قال المام الغزالي في "المستصفى" ( :1/145اعلم أنا نريد بخبر الواحد في هذا المقام
ما ل ينتهي من الخبار إلى حد التواتر المفيد للعلم ،فما نقله جماعة من خمسة أو سته مثل
فهو خبر الواحد) .إلى أن قال ( :وإذا عرفت هذا ،فنقول خبر الواحد ل يفيد العلم وهو
معلوم بالضرورة ،فإنا ل نصدق بكل ما نسمع ،ولو صدقنا وقدرنا تعارض خبرين ،فكيف
نصدق بالضدين ،وما حكي عن المحدثين من أنت ذلك يوجب العلم ،فلعلهم أرادوا أنه يفيد
العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما ،لهذا قال بعضهم :يورث العلم الظاهر والعلم ليس
له ظاهر وباطن وإنما هو الظن) ا.هـ. .
-11قال أبو إسحاق الشيرازي في "التبصرة" ص ( :298أخبار الحاد ل توجب العلم .وقال
بعض أهل الظاهر :توجب العلم .إلى أن قال :لنا هو أنه لو كان خبر الواحد يوجب العلم ،
لوجب خبر كل واحد ،ولو كان كذلك لوجب أن يقع العلم بخبر من يعي النبوة من غير معجزة
،ومن يدعي ول على غيره .
ولما لم يقل هذا أحد دل على أنه ليس فيه ما يوجب العلم ،ولنه لو كان خبر الواحد يوجب
العلم لما اعتبر فيه صفات المخبر من العدالة والسلم والبلوغ وغيرها ،كما لم يعتبر في
أخبار التواتر ،ولنه لو كان يوجب العلم لوجب أن يقع التبري بين العلماء فيما فيه خبر واحد
،كما يقع بينهم التبري فيما فيه خبر المتواتر ،ولنه لو كان يوجب العلم لوجب إذا عارضه
خبر متواتر أن يتعارضا ،ولما ثبت أنه يقدم عليه المتواتر دل على أنه غير موجب للعلم ،
وأيضا هو يجوز السهو والخطأ والكذب على واحد فيما نقاه ،فل يجوز أن يقع العلم بخبره ).
اهـ
وقال في "اللمع" ص ( : 72والثاني يوجب العمل ول يوجب العلم ،وذلك مثل الخبار
المروية في السنن والصحاح وما أشبهها ) ،ثم حكى الخلف في ذلك ثم ذكر الدليل على نحو
ما ذكر في "التبصرة" .
-12قال الخطيب البغدادي في "الكافة في علم الرواية" ص 432باب :ذكر ما يقبل فيه خبر
الواحد وما ل يقبل فيه ( :خبر الواحد ليقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين
العلم بها والقطع عليها ؛ والعلة في ذلك أنه إذا لم يعلم أن الخبر قول رسول ال (صلى ال
عليه وسلم) كان أبعد من العلم بمضمونه ،فأما ماعدا ذلك من الحكام التي لم يوجب علينا
العلم بأن النبي (صلى ال عليه وسلم) قررها وأخبر عن ال عز وجل بها ،فإن خبر الواحد
فيها مقبول والعمل به واجب ) اهـ.
-13قال الفخر الرازي في "المعالم" ص ( : 138اعلم أن المراد في أصول الفقه بخبر الواحد
الخبر الذي ل يفيد العلم واليقين ) .
وقال في "أساس التقديس" ( :والعجب من الحشوية أنهم يقولون :الشتغال بتأويل اليات
المتشابهة غير جائز لن تعيين ذلك التأويل مظنون والقول بالظن في القرآن ل يجوز ثم إنهم
يتكلمون في ذات ال تعالى وصفاته بأخبار الحاد مع أنها في غاية البعد عن القطع واليقين
وإذا لم يجوزوا تفسير ألفاظ القرآن بالطريق المظنون فلن يمتنعوا عن الكلم في ذات الحق
تعالى وفي صفاته بمجرد الروايات الضعيفة أولى ) ا.هـ .المراد منه .
-14قال ابن الثير في مقدمة جامع الصول ( :وخبر الواحد ل يفيد العلم ،ولكنا متعبدون به
،وما حكى عن المحدثين من أن ذلك يورث العلم ؛ فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب
العمل ،وأسموا الظن علما ؛ ولهذا قال بعضهم :يورث العلم الظاهر ،والعلم ليس له ظاهر
وباطن ؛ وإنما هو الظن ،وقد أنكر قوم جواز التعبد بخبر الواحد عقل فضل عن وقوعه
سماعا ،وليس بشيء .وذهب قوم إلى أن العقل يدل على وجوب العمل بخبر الواحد وليس
بشيء .فإن الصحيح من المذهب ،والذي ذهب إليه الجماهير من سلف المة من الصحابة
والتابعين والفقهاء والمتكلفين ،أن ل يستحيل التعبد بخبر الواحد عقل ول يجب التعبد عقل ،
وأن التعبد واقع سماعا بدليل قبول الصحابة خبر الواحد وعملهم به في وقائع شتى ل تنحصر
) ا.هـ. .
-15قال ابن الحاجب في "منتهى الوصول" ص - 71بعد أن ذكر الخلف في المسألة -
محتجا بأن خبر الحاد يفيد الظن دون العلم ( :لنا لو حصل العلم به دون قرينة لكان عاديا ،
ولو كان كذلك لطرد كخبر التواتر ،وأيضا لو حصل به لدى إلى تناقض المعلومين عند إخبار
العدلين بالمتناقضين ،وأيضا لو حصل العلم به لوجب تخطئة مخالفه بالجتهاد ،ولعورض به
التواتر ،ولمتنع التشكيك بما يعارضه ،وكل ذلك خلف الجماع ) ا.هـ .وانظر كلمه في
مختصر المنتهى مع شرح الواسطي عليه ج 1ص . 656
-16قال المام البخاري في كتاب أخبار الحاد من صحيحه ج 13ص 290بشرح الفتح :
( باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الذان والصلة والصوم والفرائض
والحكام ) ا.هـ . .قال الحافظ ابن حجر في شرحه عليه ( :وقوله الفرائض بعد قوله في
الذان والصلة والصوم من عطف العام على الخاص ،وأفراد الثلثة بالذكر للهتمام بها ) ،
قال الكرماني ( :ليعلم إنما هو في العمليات لفي العتقاديات ) ا.هـ . .وأقره الحافظ على ذلك
.
-17قال المامان صدر الشريعة في "التنقيح" وسرحه "التوضيح" ،والسعد التفتازاني في
"التلويح" ج 2ص ( : 4،3الثالث :وهو خبر الواحد يوجب العمل دون علم اليقين ،وقيل ل
يوجب شيئا منهما ،وقيل يوجبهما جميعا ،ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب
العمل دون العلم ) .إلى أن قال ( :بل العقل شاهد بأن الواحد العدل ل يوجب اليقين ،وأن
احتمال الكذب قائم وإن كان مرجوحا ،وإل لزم القطع بالنقيضين عند إخبار العدلين بهما )
ا.هـ. .
ومنها أن يرد الخبر في باب العمل فإذا ورد الخبر في باب العتقادات -وهي مسائل الكلم -
فإنه ل يكون حجة لنه يوجب الظن وعلم غالب الرأي ل علما قطعيا فل يكون حجة فيما يبتني
على العلم القطعي والعتقاد حقيقة ) ا.هـ. .
-19قال البزدوي ( :أما دعوى علم اليقين -يريد في أحاديث الحاد -فباطلة بل شبهة لن
العيان يرده ،وهذا لن خبر الواحد محتمل ل محالة ،ول يقين مع الحتمال ،ومن أنكر هذا
فقد سفه نفسه وأضل عقله) .
وقال تفريعا على أن خبر الواحد ل يفيد العلم ( :خبر الواحد لما لم يفد اليقين ل يكون حجة
فيما يرجع إلى العتقاد ،لنه مبني على اليقين ،وإنما كان حجة فيما قصد فيه العمل ) .وقال
قبل ذلك ( :ول يوجب العلم يقينا عندنا ) ،قال شارحه عبدالعزيز البخاري ( :أي ل يوجب
علم يقين ول علم طمأنينة وهو مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء ) ا.هـ .المراد منه .
-20قال المام السرخسي في أصوله ص 329بعدما ذكر قول من قال إن خبر الواحد يوجب
العلم وذكر بعض ما يستدلون به :قال ما نصه ( :ولكنا نقول هذا القائل كأنه خفي عليه
الفرق بين سكون النفس وطمأنينة القلب وبين علم اليقين ،فإن بقاء احتمال الكذب في خبر
غير المعصوم معاين ليمكن إنكاره ،ومع الشبهة والحتمال ل يثبت اليقين وإنما يثبت سكون
النفس وطمأنينة القلب بترجح جانب الصدق ببعض السباب ،وقد بينا فيما سبق أن علم
اليقين ل يثبت بالمشهور من الخبار بهذا المعنى فكيف يثبت بخبر الواحد وطمأنينة القلب
نوع علم من حيث الظاهر فهو المراد بقوله ( :ثم أعلمهم ) ،ويجوز العمل باعتباره كما
يجوز العمل بمثله في باب القبلة عند الشتباه ،ويتبقى باعتبار مطلق الجهالة لنه يترجح
جانب الصدق بظهور العدالة بخلف خبر الفاسق فإنه يتحقق فيه المعارضة من غير أن
يترجح أحد الجانبين . ) ...
وقال ص ... ( : 313ودون هذا بدرجة أيضا الجماع بعد الختلف في الحادثة إذا كان مختلفا
فيها في عصر ثم اتفق أهل عصر آخر بعدهم على أحد القولين فقد قال بعض العلماء :هذا ل
يكون إجماعا وعندنا هو إجماع ولكن بمنزلة خبر الواحد في كونه موجبا للعمل غير موجب
للعلم).
هذا كلمه وهو صريح كل الصراحة في أن خبر الحاد ل يفيد العلم ،وبذلك تعرف ما في نقل
ابن تيميه ،حيث زعم أن السرخسي يقول إن خبر الحاد يفيد العلم ،وبذلك تعرف أيضا أن
هذا الرجل ل يمكن أن يوثق بشيء من نقوله ،وال المستعان .
-21قال المام الجصاص في "الفصول في الصول" ج 3ص ( : 53قال أبو بكر :وليس
لما يقع العلم به من الخبار عدد معلوم من المخبرين عندنا ،إل أنا قد تيقنا :أن القليل ل يق
ع العلم بخبرهم ،ويقع بخبر الكثير إذا جاءوا متفرقين ل يجوز عليهم التواطؤ في مجرى
العادة ،وليس يمتنع أن يقع العلم في بعض الحوال بخبر جماعة ول يقع بخبر مثلهم في حال
أخرى حتى يكونوا أكثر على حسب ما يصادف خبرهم من الحوال ،وقد علمنا يقينا أنه ل يقع
العلم بخبر والثنين ونحوهما إذا لم يقم الدللة على صدقهم من غير جهة خبرهم ،لنا لما
امتحنا أحوال الناس لم نر العدد القليل يوجب خبرهم العلم ،والكثير يوجبه إذا كان بالوصف
الذي ذكرنا ) .
وقال بعد كلم طويل يرد به على من رد قبول خبر الحاد ص 93ما نصه ( :وأما أخبار
الحاد في أحكام الشرع فإنما الذي يلزمنا بها العمل دون العلم ،فالمستدل بأخبار النبي (صلى
ال عليه وسلم) على نفي خبر الواحد معتقد لما وصفنا ،وأيضا فإن هذا القول منتقض على
قائله في الشهادات وأخبار المعاملت في الفتيا ،وحكم الحاكم ونحوها .لن هذه الخبار
مقبول عند الجميع مع تفردها من الدلئل الموجبة لصحتها .) ...
ثم قال في نفس الصفحة في معرض الرد ( :فأما إذا قلنا يقبل خبر الواحد المخبر غيره عن
النبي عليه السلم في لزوم العمل به ،دون وقوع العلم بصحته والقطع على عينه ،وقلنا :
إن خبر النبي عليه السلم لما اقتضى وقوع العلم بصحة خبره وما دعى إليه احتاج إلى الدلئل
الموجبة لصدقه ؛ فلم نجعل المخبر عن النبي عليه السلم أعلى منزلة منه عليه السلم في
خبره )...إلخ كلمه .
-22قال القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي في "تقريب الوصول إلى علم الصول" ص
(: 121وأما نقل الحاد فهو خبر الواحد أو الجماعة الذين ل يبلغون حد التواتر وهو ل يفيد
العلم وإنما يفيد الظن وهو حجة عند مالك وغيره بشروط منها ...إلخ) .
-23قال ابن برهان في "الوصول إلى الصول" ج 2ص (: 174-172خبر الواحد ل يفيد
العلم ،خلفا لبعض أصحاب الحديث فإنهم زعموا أن ما رواه مسلم والبخاري مقطوع بصحته
،وعمدتنا أن العلم لو حصل بذلك لحصل بكافة الناس كالعلم بالخبار المتواترة ،ولن
البخاري ليس معصوما عن الخطأ ،فل نقطع بقول ؛ ولن أهل الحديث وأهل العلم غلطوا
مسلما والبخاري وأثبتوا أوهامهما ،ولو كان قولهما مقطوعا به لستحال عليهما ذلك ،ولن
الرواية كالشهادة ول خلف أن شهادة البخاري ومسلم ل يقطع بصحتها ،ولو انفرد الواحد
منهم بالشهادة لو يثبت الحق به ،فدل على أن قوله ليس مقطوعا به ،وإن أبدوا في ذلك منعا
كان خلف إجماع الصحابة فإن أصحاب رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ما كانوا يقضون
بإثبات بشهادة شاهدين ...إلخ) .
-25قال المام ابن السبكي في "جمع الجوامع" و "المحلى" في شرحه" ج 2ص 157
بحاشية العطار (:خبر الواحد ل يفيد العلم إل بقرينه ،كما في إخبار الرجل بموت ولده
المشرف على الموت مع قرينه البكاء وإحضار الكفن والنعش ،وقال الكثر :ل يفيد مطلقا )
ا.هـ. .
قال شارحه الولتي في "نيل السول" ص ( : 57ومذهب الجمهور أن خبر الحاد ل يفيد
العلم ولو اختلف به القرائن وكان راويه عدل ) ا.هـ .المراد منه .
-28قال أبو الخطاب الحنبلي في "التمهيد" ( : 3/78خبر الواحد ل يقتضي العلم .قال -أي
أحمد -في رواية الثرم ( :إذا جاء الحديث عن النبي (صلى ال عليه وسلم) بإسناد صحيح ،
فيه حكم ،أو فرض ،عملت به ودنت ال تعالى به ،ول أشهد أن النبي (صلى ال عليه
وسلم) قال ذلك ) فقد نص على أنه ل يقطع به ،وبه قال جمهور العلماء ) .ا.هـ .المراد منه .
-30قال ابن قدامة الحنبلي في "روضة الناظر" ( : 1/260القسم الثاني :أخبار الحاد ،
وهي ماعدا المتواتر ،اختلفت الرواية عن إمامنا في حصول العلم بخبر الواحد ،فروي أنه ل
يحصل به ،وهو قال الكثرين ،والمتأخرين من أصحابنا ،لنا نعلم ضرورة أنا ل نصدق كل
خبر نسمعه ،ولو كان مفيدا للعلم لما صح ورود خبرين متعارضين ،لستحالة اجتماع
الضدين ،ولجاز نسخ القرآن والخبار المتواترة به ،لكونه بمنزلتهما في إفادة العلم ،
ولوجب الحكم بالشاهد الواحد ولستوى في ذلك العدل والفاسق كما في التواتر ) .
وقد أوضح كلمه هذا العلمة ابن بدران في حواشيه "نزهة الخاطر العاطر" ج 1ص 261
حيث قال ( :هذه أدلة القائلين بأن خبر الواحد ل يحصل به العلم ،وبيانها من وجوه نسردها
على طبق ما هنا -:
أحدهما :لو أفاد خبر كل واحد العلم لصدقنا كل خبر نسمعه ،لكنا ل نصدق كل خبر نسمعه
فهو ل يفيد العلم ،فالمصنف طوى المقدم في القياس وذكر التالي وانتقاء اللزم والملزمة ،
وهو تصديقنا كل خبر نسمعه ...ظاهران غنيان عن البيان .
ثانيها :لو أفاد خبر الواحد العلم لما تعارض خبران ؛ لن العلمين ل يتعارضان ،لكنا رأينا
التعارض كثيرا في أخبار الحاد ،فدل على أنها ل تفيد العلم .
ثالثها :لو أفاد خبر الواحد العلم لجاز نسخ القرآن ومتواتر السنة به ؛ لكونه بمنزلتهما في
إفادة العلم ،لكن نسخ القرآن ومتواتر السنة به ليجوز لضعفه عنهما ،فدل أنه ل يفيد العلم .
رابعها :لو أفاد خبر الواحد العلم لجاز الحكم بشاهد واحد ،ولم يحتج معه إلى شاهد ول إلى
يمين عند عدمه ،ول إلى زيادة على الواحد في الشهادة في الزنا واللواط لن العلم بشهادة
الواحد حاصل ،وليس بعد حصول العلم مطلوب ،لكن الحكم بشهادة واحد بمجرده ليجوز ،
وذلك يدل على أنه ل يفيد العلم .
خامسها :لو أفاد خبر الواحد العلم لستوى العدل والفاسق في الخبار ،لستوائهما في
حصول العلم بخبرهما ،كما استوى خبر التواتر في كون عدد المخبرين به عدول أو فساقا
مسلمين أو كفارا ،إذ ل مطلوب بعد حصول العلم ،وإذا حصل بخبر الفاسق لم يكن بينه وبين
العدل فرق من جهة الخبار ،لكن الفاسق والعدل ل يستويان بالجماع والضرورة ،وما ذاك
إل لن المستفاد من خبر الواحد إنما هو الظن ،وهو حاصل من خبر العدل دون الفاسق )
ا.هـ. .
-31قال الطوفي في "البلبل في أصول الفقه على مذهب أحمد بن حنبل" ج 2ص 103
بشرح المختصر ( :الثاني :الحاد وهو ما عدم شروط التواتر أو بعضها ،عن أحمد في
حصول العلم به قولن :الظهر ل ،وهو قول الكثرين ،ثم ذكر القول الثاني ،ثم ذكر دليل
القول الول وهو الراجح عنده فقال الولون :لو أفاد العلم لصدقنا كل خبر نسمعه ،ولما
تعارض خبران ،ولجاز الحكم بشاهد واحد ،ولستوى العدل والفاسق كالتواتر ،واللوازم
باطلة ،والحتجاج بنحو (وأن تقولوا على ال مال تعلمون ) غير مجد لجواز ارتكاب
المحرم ) ا.هـ. .
-32قال السفاريني الحنبلي في "لوائح النوار السنية" 1/133وفي "لوامع النوار" : 1/5
(وأما تعريفه -يعني علم التوحيد -فهو العلم بالعقائد الدينية عن الدلة اليقينية أي العلم
بالقواعد الشرعية العتقادية ،والمكتسب من أدلتها اليقينية ،والمراد بالدينية المنسوبة إلى
دين محمد (صلى ال عليه وسلم) من السمعيات ،وغيرها ،سواء كانت من الدين في الواقع
ككلم أهل الحق ،أو ل ككلم أهل البدع ،واعتبروا في أدلتها اليقين لعدم العتقاد بالظن في
العتقاديات ) ا.هـ. .
-33قال المام محمد عبده في "المنار" ج 1ص ( : 135والطريق الخرى خبر الصادق
المعصوم بعد أن قامت الدلئل على صدقه وعصمته عندك ،ول يكون الخبر طريقان لليقين
حتى تكون سمعت الخبر من نفس المعصوم (صلى ال عليه وسلم) أو جاءك عنه من طريق ل
تحتمل الريب وهي طريق التواتر دون سواها ،فل ينبوع لليقين بعد طول الزمن بيننا وبين
النبوة إل سبيل المتواترات التي لم يختلف أحد في وقوعها ) ا.هـ .المراد منه .
وقال أيضا ( :ولو أراد مبتدع أن يدعو إلى هذه العقيدة فعليه أن يقيم عليها الدليل الموصل
إلى اليقين ،إما بالمقدمات العقلية البرهانية أو بالدلة السمعية المتواترة ،ول يمكنه أن يتخذ
حديثا من حديث الحاد دليل على العقيدة مهما قوي سنده ،فإن المعروف عند الئمة قاطبة
أن أحاديث الحاد ل تفيد إل الظن ( وإن الظن ل يغني من الحق شيئا ) ا.هـ ، .انظر تفسير
القاسمي ج 13ص .492
وقال في تفسير سورة الفلق من تفسير جزء عم ص ( : 186وأما الحديث فعلى فرض صحته
هو آحاد ،والحاد ل يؤخذ بها في باب العقائد ،وعصمة النبي (صلى ال عليه وسلم) من
تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد ،ل يؤخذ في نفيها عنه إل باليقين ،ول يجوز فيها
بالظن والظنون ،على أن الحديث الذي يصل إلينا من طريق الحاد إنما يحصل الظن عند من
صح عنده ،أما من قامت له الدلة على أنه غير صحيح فل تقوم به عليه حجة ،وعلى أي
حال فلنا بل علينا أن نفوض المر في الحديث ،ول نحكمه في عقيدتنا ،ونأخذ بنص الكتاب
وبدليل العقل ) ا.هـ. .
وقال في تفسير المنار ج 3ص ( : 317ولصاحب هذه الطريقة في حديث الرفع والنزول في
آخر الزمان تخريجان :أحدهما :أنه حديث آحاد متعلق بأمر اعتقادي لنه من أمور الغيب ،
والمور العتقادية ل يؤخذ فيها إل بالقطع لن المطلوب فيها هو اليقين ،وليس في الباب
حديث متواتر ) ا.هـ. .
-34قال السيد محمد رشيد رضا في "المنار" ج 1ص ( : 138إن بعض أحاديث الحاد
تكون حجة عند من ثبتت عنده واطمأن قلبه بها ،ول تكون حجة على غيره يلزم العمل بها ،
ولذلك لم يكن الصحابة (رضي ال عنهم ) يكتبون جميع ما سمعوه من الحاديث ويدعون
إليها ،مع دعوتهم إلى إتباع القرآن والعمل به وبالسنة العملية المتبعة له ،إل قليل من بيان
السنة -كصحيفة علي -كرم ال وجهه -المشتملة على بعض الحكام كالدية وفكاك السير
وتحريم المدينة كمكة -ولم يرض المام مالك من الخليفتين المنصور والرشيد أن يحمل
الناس على العمل بكتبه حتى الموطأ ،وإنما يجب العمل بأحاديث الحاد على من وثق بها
رواية ودللة ) ا.هـ. .
هذه بعض أقوال العلماء من أصحاب المذاهب الربعة حول قضية الستدلل بأحاديث الحاد
في مسائل العقيدة ،ولهم نصوص أخرى كثيرة ل داعي لذكرها الن ،وبما ذكرناه كفاية ،
وهذا كله إذا لم يعارضها نص من الكتاب أو حديث متواتر من السنة .
============================
.
-1..وذكر ذلك أيضا في عدة مواضع فانظر مثل ج 9ص ، 285حيث قال هناك :لن أخبار
الحاد ل يقطع على عينها وإنما توجب العمل فقط .ا.هـ.
أما إذا عارضها شيء من ذلك ولم يمكن الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع المعروفة ،فإنه
يجب الحكم عليها بالوضع باتفاق الجميع ،كما حكى ذلك غير واحد ،وكذا إذا خالفت حكم
العقل .وإليك ما قاله بعض العلماء في ذلك :
-1قال أبو إسحاق الشيرازي في "اللمع" ص ( : 82إذا روى الخبر ثقة رد بأمور :
أحدها :أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلنه ،لن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول ،
وأما بخلف العقول فل .
الثاني :أن يخالف نص كتاب أو سنة متواترة ،فيعلم أنه ل أصل له أو منسوخ .
الثالث :أن يخالف الجماع فيستدل به على أنه منسوخ ،أو ل أصل له ،لنه ل يجوز أن
يكون صحيحا غير منسوخ ،وتجمع المة على خلفه .
الرابع :أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على الكافة علمه ،فيدل ذلك على أنه ل أصل له ،
لنه ل يجوز أن يكون له أصل وينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم .
الخامس :أن ينفرد برواية ما جرت العادة أن ينقله أهل التواتر ،فل يقبل لنه ل يجوز أن
ينفرد في مثل هذا بالرواية ) ا.هـ .المراد منه .ومثله عن الخطيب البغدادي في الفقيه
والمتفقه ج . 132 /1
-2قال الخطيب في كتاب "الكفاية" ص ( : 432ول يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل ،
وحكم القرآن الثابت المحكم ،والسنة المعلومة ،والفعل الجاري مجرى السنة ،وكل دليل
مقطوع به)اهـ .
-3قال ابن الجوزي ( :ما أحسن قول القائل ‘ :ذا رأيت الحديث يباين المعقول ،أو يخالف
المنقول ،أو يناقض الصول ،فاعلم أنه موضوع ) .
-4قال ابن القيم في "نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول" ( )1ص : 73
( ومنها مخالفة الحديث لصريح القرآن ،ثم ذكر بعض المثلة على ذلك ،إلى أن قال ص 78
فصل <غلط وقع في صحيح مسلم > ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط في حديث أبي هريرة ( خلق
ال التربة يوم السبت )...الحديث ؛ وهو في صحيح مسلم لكن وقع الغلط فيه ،وإنما هو من
قول كعب الخبار كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير
وقاله غيره من علماء المسلمين أيضا ،وهو كما قالوا ؛ لن ال أخبر أنه خلق السموات
والرض وما بينهما في ستة أيام وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام ،وال
أعلم ) .
-5قال ابن كثير في "اختصار علوم الحديث" ( :يعرف الموضوع بأمور كثيرة ،ومن ذلك
ركاكة ألفاظه وفساد معناه ،أو مجازفة فاحشة ،أو مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة
الصحيحة ) ا.هـ. .
-6قال الحافظ ابن حجر ( :ومما يدخل في قرينة حال المروي ،ما نقل عن الخطيب عن أبي
بكر ابن الطيب :أن من جملة دلئل الوضع أن يكون مخالفا للعقل ،بحيث ل يقبل التأويل ،
ويلحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة ،أو يكون منافيا لدللة الكتاب القطعية أو السنة
المتواترة أو الجماع القطعي ،أما المعارضة مع إمكان الجمع فل ) .
-8قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" ص ( : 46المقطوع بكذبه وهو ضروب ...إلى أن
قال :الخامس :كل خبر استلزم باطل ولم يقبل التأويل ،ومن ذلك الخبر الحادي إذا خالف
القطعي كالمتواتر) ،وقال ص ( : 55وأما الشروط التي ترجع إلى مدلول الخبر فالول منها :
أن ل يستحيل وجوده في العقل فإن خالف العقل رد ،الثاني :أن ل يكون مخالفا لنص مقطوع
به على وجه ليمكن الجمع بينهما بحال ) .
-9قال السيد رشيد رضا في "المنار" ج 1ص ( : 86 ، 85وإذا كان من علل الحديث
المانعة من وصفه بالصحة ،مخالفة رواية لغيره من الثقات ،فمخالفة القطعي من القرآن
المتواتر أولى بسلب وصف الصحة عنه ) ا.هـ. .
وقال أيضا في تفسير "المنار" ج 8ص ( : 449فإن قيل قد ورد في الخبار والثار :أن هذه
اليام الستة هي أيام دنيانا ،واقتصر عليه بعض مفسرينا ،وذكر الحديث ...وقال :وهذا
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
ظاهر في أن الخلق كان جزافا ودفعة واحدة لكل نوع في يوم من أيامنا القاصرة ) .
فالجواب :أن كل ما روي في هذه المسألة من الخبار والثار مأخوذ من السرائيليات ولم
يصح فيها حديث مرفوع .
وحديث أبي هريرة هذا -وهو أقواها -مردود لمخالفة متنه لنص الكتاب ،وأما سنده فل
يغرنك رواية مسلم له به ،فهو رواه كغيره عن حجاج بن محمد العور المصيصي عن ابن
جريج ،وهو قد تغير في آخر عمره ،وثبت أنه حدث بعد اختلط عقله ،كما في تهذيب
التهذيب وغيره .ثم قال :والظاهر أن هذا الحديث مما حدث به بعد اختلطه ا.هـ .المراد منه ،
وهذا أمر متفق عليه فل حاجة لطالة الكلم حوله .
وإذا تقرر ذلك فليعلم أن ما ذكرناه من أن الحديث الحادي ؛ ل يجوز الستناد إليه ول التعويل
عليه في المسائل العقدية ،هو حكم شامل لكل الحاديث الحادية ،في أي كتاب وعن أي
شخص رويت ،إذ إن كل أحد معرض للذهول والنسيان كما هو ظاهر جلي .
=================================
-1قال الحافظ العراقي في "التقييد واليضاح" على مقدمة ابن الصلح ص 44 ،43تعليقا
على قول ابن الصلح ( :وهذا القسم مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري حاصل به
...إلخ ) .قال ( :وقد عاب الشيخ عز الدين ابن عبدالسلم على ابن الصلح هذا ،وذكر أن
بعض المعتزلة يرون أن المة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته .قال :وهو مذهب
رديء ) .
وقال الشيخ محيي الدين النووي في "التقريب والتيسير" ( :خالف ابن الصلح المحققون
والكثرون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر .إلى أن قال :وقد اشتد إنكار ابن برهان المام على
من قال بما قاله الشيخ وبالغ في تغليطه ) .ا.هـ.
-2قال المام الحافظ النووي في شرحه على صحيح مسلم ج 1ص ( : 16وأما قول مسلم -
رحمه ال -في صحيحه في باب صفة صلة رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ( :ليس كل
صحيح عندي وضعته هنا -يعني في كتابه هذا الصحيح -وإنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه )
فمشكل فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفا في صحتها لكونها من حديث من ذكرناه ومن لم
نذكره ممن اختلفوا في صحة حديثه ) ا.هـ. .
-3قال السيد الستاذ محمد رشيد رضا بعد للحاديث المنتقد ه على البخاري كما في كتاب
"أضواء على السنة المحمدية" ص ( : 250وإذا قرأت ما قاله الحافظ فيها رأيتها كلها في
صناعة الفن ،ولكنك إذا قرأت الشرح نفسه رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالت في معانيها أو
تعارضها مع غيرها مع محاولة الجمع بين المختلفات وحل المشكلت بما يرضيك بعضه دون
بعض ) .اهـ
4ـ قال المحقق ابن عبدالشكور في "مسلم الثبوت بشرح فواتح الرحموت" ج 2ص ( : 123
فرع :ابن الصلح وطائفة من الملقبين بأهل الحديث ،زعموا أن رواية الشيخين -البخاري
ومسلم -تفيد العلم النظري ،للجماع أن للصحيحين مزية على غيرهما ،والجماع قطعي ،
وهذا بهت ،فإن من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أن مجرد روايتهما علما لزم تحقيق
النقيضين في الواقع ،وهذا -أي ما ذهب إليه ابن الصلح وأتباعه -بخلف ما قاله الجمهور
من الفقهاء والمحدثين ،لن انعقاد الجماع على المزية على غيرهما ومن مرويات ثقات
آخرين ممنوع ،والجماع على مزيتهما أنفسهما مما ل يفيد ،ولن جللة شأنهما وتلقي
المة لكتابيهما والجماع على المزية لو سلم ل يستلزم ذلك القطع والعلم ،فإن القدر المسلم
المتلقي بين المة ليس إل أن رجال مروياتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول
روايتهم ،وهذا ل يفيد إل الظن ،وأما مروياتهما ثابتة عن رسول ال (صلى ال عليه وسلم)
فل إجماع عليه أصل ،كيف ؟! ول إجماع على صحة ما في كتابيهما ؛ لن رواتهما منهم
قدريون وغيرهم من أهل البدع وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه ،فأين الجماع على صحة
مرويات القدرية ؟!
إلى أن قال الشارح :ولنعم ما قال الشيخ ابن الهمام ( :إن قولهم بتقديم مروياتهما على
مرويات الئمة الخرين قول ل يعتد به ول يقتدي به ،بل هو من تحكماتهم الصرفة ،كيف
ل ؟ وأن الصحية من تلقاء عدالة الرواة وقوة ضبطهم ،وإذا كان رواة غيرهم عادلين
ضابطين فهما وغيرهما على السواء ،ول سبيل للحكم بمزيتهما على غيرهما إل تحكما ،
والتحكم ل يلتفت إليه ،فافهم ) ا.هـ . .مع زيادة من شارحه النصاري .
-5قال ابن المرحل في كتاب "النصاف" عندما ذكر حكم رواية المدلسين ،وأن بعضهم
استثنى من ذلك مرويات الشيخين ( :إن في النفس من هذا الستثناء -أي استثناء ما في
الصحيحين -غصة لنها دعوى ل دليل عليها ول سيما أنا قد وجدنا كثيرا من الحفاظ يعللون
أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها ) ا.هـ. .
-6قال ابن دقيق العيد ( :لبد من الثبات على طريقة واحدة ،إما القبول مطلقا في كل كتاب ،
أو الرد مطلقا في كل كتاب ،وأما التفرقة بين ما في الصحيح من ذلك وما خرج عنه ،فغاية
ما يوجه به أحد أمرين :إما يدعى أن تلك الحاديث عرف صاحب الصحيح صحة السماع فيما
قال ،وهذا إحالة على جهالة وإثبات أمر بمجرد الحتمال ،وإما أن يدعى أن الجماع على
صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الحاديث ،وإل لكان أهل الجماع
مجمعين على الخطأ وهو ممتنع ،لكن هذا يحتاج إلى إثبات الجماع الذي يمتنع أن يقع نفس
المر خلف مقتضاه ،قال وهذا فيه عسر ) ا.هـ. .
-7وفي أسئلة تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزري ( :وسألته عن ما وقع في
الصحيحين من حديث المدلس معنعنا ،هل نقول :إنهما اطلعا على اتصالها ؟ فقال :كذا
يقولون ،وما فيه إل تحسين الظن بهما ،وإل ففيهما أحاديث من رواية المدلسين ما توجد
من غير تلك الطريق إل في الصحيح ) ا.هـ ، .من "النكت على ابن الصلح" ص 636للحافظ
ابن حجر ،وبمثل ذلك صرح الحافظ الذهبي في "الميزان" .
-8قال ابن أبي الوفاء القرشي في "الكتاب الجامع" الذي جعله ذيل للجواهر المضية ج 2ص
( : 428وما يقوله الناس :إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة ،هذا من التجوه ول
يقوى ،فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي سليم وغيره من الضعفاء ،فيقولون :إنما
روى عنهم في كتابه للعتبار والشواهد والمتابعات وهذا ل يقوى ؛ لن الحافظ قال :العتبار
والشواهد والمتابعات أمور يتعرفون بها حال الحديث ،وكتاب مسلم التزم فيه الصحيح ،
فكيف يتعرف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة ؟ واعلم أن ( أن ) و ( عن ) مقتضيتان
للنقطاع -أي من المدلس -عند أهل الحديث ،ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع
كثير ،فيقولون على سبيل التجوه :ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ،وما
كان في الصحيحين فمحمول على التصال .
وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة ،وقد قال الحافظ :أبو
الزبير يدلس في حديث جابر ،فما كان بصيغة العنعنة ل يقبل ذلك .وقد ذكر ابن حزم وعبد
الحق عن الليث بن سعد أنه قال لبي الزبير :علم لي على أحاديث سمعتها من جابر حتى
أسمعها منك ،فعلم له على أحاديث الظن أنها سبعة عشر حديثا فسمعها منه ،وفي مسلم من
غير طريق الليث ،عن أبي الزبير عن جابر بالنعنعة .
وقد روى مسلم أيضا في كتابه عن جابر وابن عمر في حجة الوداع أن النبي (صلى ال عليه
وسلم) توجه إلى مكة يوم النحر ،فطاف طواف الفاضة ،ثم صلى الظهر بمكة ثم رجع إلى
منى .وفي الرواية الخرى أنه طاف طواف الفاضة ثم رجع فصلى الظهر بمنى ،فيتجوهون
ويقولون :أعادها لبيان الجواز وغير ذلك من التأويلت ،هذا وقال ابن حزم في هاتين
الروايتين :إحداهما كذب بل شك .
وروى مسلم حديث السراء وفيه :ذلك قبل أن يوحى إليه ،وقد تكلم الحفاظ في هذه اللفظة
وضعفوها .
وقد روى مسلم (( :خلق ال التربة يوم السبت )) ،واتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع
فيه خلق ،وأن ابتداء الخلق يوم الحد .
وقد روى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي (صلى ال عليه وسلم) لما أسلم :يا رسول ال ،
أعطني ثلثا ،تزوج ابنتي أم حبيبة ،وابني معاوية اجعله كاتبا ،وأمرني أن أقاتل الكفار كما
قاتلت المسلمين ،فأعطاه النبي (صلى ال عليه وسلم) ما سأله ،الحديث معروف مشهور ،
وفي هذا من الوهم ما ل يخفى ،فأم حبيبة تزوجها رسول ال (صلى ال عليه وسلم) وهي
بالحبشة ،وأصدقها النجاشي عن النبي (صلى ال عليه وسلم) أربعمائة دينار ،وحضر
وخطب وأطعمهم ،والقصة مشهورة ،وأبو سفيان إنما أسلم عام الفتح ،وبين هجرة الحبشة
والفتح عدة سنين .
إلى أن قال :وأما إمارة أبي سفيان فقد قال الحفاظ إنهم ل يعرفونها فيجيبون على التجوه
بأجوبة غير طائلة ،فذكرها ثم قال :وما حملهم على هذا كله إل بعض التعصب ) ا.هـ. .
-9وقال ابن تيميه ج 13ص 352،353من مجموع الفتاوى ( :وكما أنهم يستشهدون
ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ ،فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدق الضابط
أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها ،ويسمون هذا ( علم علل الحديث ) وهو
من أشرف علومهم ،بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه ،وغلطه فيه عرف
إما بسبب ظاهر كما عرفوا أن النبي (صلى ال عليه وسلم) تزوج ميمونة وهو حلل ،وأنه
صلى في البيت ركعتين ،وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراما ولكونه لم يصل مما وقع
فيه الغلط .
وكذلك أنه اعتمر أربع عمر ،وعلموا أن قول ابن عمر :أنه اعتمر في رجب مما وقع فيه
الغلط ،وعلموا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع ،وأن قول عثمان لعلي ( :كنا يومئذ
خائفين ) مما وقع فيه الغلط ،وأن ما وقع في بعض طرق البخاري ( ل تمتلئ حتى ينشئ ال
لها خلقا آخر ) مما وقع فيه الغلط وهذا كثير ) .
وقال في ج 18ص 19-17بعد كلم ( : ...ومما قد يسمى صحيحا ما يصححه بعض علماء
الحديث ،وآخرون يخالفونهم في تصحيحه ،فيقولون :هو ضعيف ليس بصحيح ،مثل ألفاظ
رواها مسلم في صحيحه ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم ،إما مثله أو دونه أو فوقه ،
فهذا ل يجزم بصدقه إل بدليل ،مثل :حديث ابن وعلة عن ابن عباس أن رسول ال (صلى
ال عليه وسلم) قال (( :أنما إهاب دبغ فقد طهر )) فإن هذا انفرد به مسلم عن البخاري ،
وقد ضعفه المام أحمد وغيره ،وقد رواه مسلم ،ومثل ما روى مسلم أم النبي (صلى ال
عليه وسلم) صلى الكسوف ثلث ركوعات وأربع ركوعات ،انفرد بذلك عن البخاري ،فإن
هذا ضعفه حذاق أهل العلم ،وقالوا :إن النبي (صلى ال عليه وسلم) لم يصل الكسوف إل
مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم ،وفي نفس هذه الحاديث التي فيها الصلة بثلث ركوعات
وأربع ركوعات أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم ،ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ول
كان له إبراهيمان ،وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ روكوعين في كل ركعة ،كما
روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم ؛ فلهذا لم يرو البخاري إل هذه
الحاديث وهذا حذف -كذا -من مسلم ؛ ولهذا ضعف الشافعي وغيره أحاديث الثلثة والربعة
ولم يستحبوا ذلك ،وهذا أصح الروايتين عن أحمد ،وروى عنه أنه كان يجوز ذلك قبل أن
يتبين له ضعف هذه الحاديث .
ومثله حديث مسلم (( :إن ال خلق التربة يوم السبت ،وخلق الجبال يوم الحد ،وخلق
الشجر يوم الثنين ،وخلق المكروه يوم الثلثاء ،وخلق النور يوم الربعاء ،وبث فيها
الدواب يوم الخميس ،وخلق آدم يوم الجمعة )) ،فإن هذا طعن فيه من هو أعلم من مسلم
مثل يحيى بن معين ومثل البخاري وغيرهما ،وذكر البخاري أن هذا من كلم كعب الخبار ،
وطائفة اعتبرت صحته مثل أبي بكر ابن النبا ري وأبي الفرج وغيرهما ،والبيهقي وغيره
وافقوا الذين ضعفوه ،وهذا هو الصواب ؛ لنه قد ثبت بالتواتر أن ال خلق السموات
والرض وما بينهما في ستة أيام ،وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة ،فيلزم أن يكون أول
الخلق يوم الحد ،وهكذا هو عند أهل الكتاب ،وعلى ذلك تدل أسماء اليام ،وهذا هو المنقول
الثابت في أحاديث وآثار أخر ،ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد
خلق في اليام السبعة ،وهو خلف ما أخبر به القرآن ،مع أن حذاق الحديث يثبتون علة هذا
الحديث من غير هذه الجهة ،وأن رواية فلن غلط فيه لمور يذكرونها ،وهذا الذي يسمى
معرفة علل الحديث يكون الحديث إسناده في الظاهر جيدا ،ولكن عرف من طريق آخر :أن
رواية غلط فرفعه وهو موقوف ،أو أسنده وهو مرسل ،أو دخل عليه حديث في حديث ،وهو
فن شريف ) ا.هـ .المراد منه .
-10قال العلجوني في "كشف الخفاء" ج 1ص ( : 10-9والحكم على الحديث بالوضع أو
الصحة أو غيرهما إنما هو بحسب الظاهر للمحدثين باعتبار السناد أو غيره ل باعتبار نفس
المر والقطع ؛ لجواز أن يكون الصحيح مثل باعتبار نظر المحدث موضوعا أو ضعيفا في
نفس المر وبالعكس ،ولو كان في الصحيح على الصحيح خلفا لبن الصلح كما أشار إلى
ذلك الحافظ العراقي في ألفيته بقوله:
.
-11قال الصنعاني في "ثمرات النظر" ص ( : 140-130العاشرة :وجود الحديث في
الصحيحين أو أحدهما ل يقضي بصحته بالمعنى الذي سبق ؛ لوجود الرواية فيهما عمن
عرفت أنه غير عدل ،فقول الحافظ ابن حجر أن رواتهما قد حصل التفاق على تعديلهم بطرق
اللزوم ،محل نظر ،لقوله :إن المة تلقت الصحيحين بالقول ( ،هو قول ) سبقه إليه ابن
الصلح وأبو طاهر المقدسي وأبو عبدالرحمن عبد الخالق ،وإن اختلف هؤلء في إفادة هذا
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
وبسط السيد محمد بن إبراهيم المير سبب الخلف في كتبه وأنه جواز الخطأ على المعصوم
في ظنه ( أو عدمه ) ،وطول الكلم في ذلك أيضا ( .ولنا عليه أنظار ) وأودعناها ( رسالتنا
المسماة ) "حل العقال" ،وصحته في حيز المنع .بيان ذلك أنا نورد عليه سؤال الستفسار
عن طرفي هذه الدعوى ،فنقول ( في ) الول :هل المراد ( أن ) كل المة من خاصة وعامة
تلقتها بالقبول ،أو المراد :علماء المة المجتهدون ؟ .ومن البين ( أن ) الول غير مراد و (
أن ) الثاني دعوى على كل فرد من أفراد المة المجتهدين أنه تلقى الكتابين بالقبول ،فل بد
من البرهان عليها ،وإقامته على هذه الدعوى من المتعذرات عادة ،كإقامة البينة على
دعوى الجماع الذي جزم به أحمد بن حنبل وغيره أن من ادعاه فهو كاذب .
وإذا كان ( هذا ) في عصره قبل عصر تأليف الصحيحين فكيف من بعده والسلم ل يزال
منتشرا و تباعد أطراف أقطاره ؟
السؤال الثاني :على تقدير تسليم الدعوى الول :فهل المراد بالتلقي بالقبول تلقي أصل
الكتابين وجملتهما وأنهما لهذين المامين ( الجليلين ) الحافطين ؟ فهذا ل يفيد إل الحكم
بصحة نسبتهما إلى مؤلفيهما ،ول يفيد المطلوب أو المراد بالتلقي بالقبول لكل فرد من أفراد
أحاديثهما ،وهذا هو المفيد المطلوب ،إذ هو الذي رتب عليه التفاق على تعديل رواتهما فإن
المتلقي بالقبول هو ما حكم المعصوم بصحته ظنا كما رسمه بذلك السيد محمد بن إبراهيم ،
وهو يلقي قول الصوليين :إنه الذي يكون المة بين عامل به ومتأول له ،إذ ل يكون ذلك
إل فيما صح لهم .ويحتمل أنه يدخل في الحسن ،فل يلقي رسمه رسمهم ،إل أنه ل يخفى
عدم صحة هذه الدعوى ،وبرهان ذلك ما سمعته مما نقلناه من كلم العلماء من عدم عدالة
كل من فيهما ،بل بالغ ابن القطان فقال :فيهما من ل يعلم إسلمه ،وهذا تفريط وقد تلقاه
بعض محققي المتأخرين كما أسلفناه .
وإنما قلنا :إنه تفريط ؛ لما علم من أنه ل يروي أحد من أئمة المسلمين عن غير مسلم
أحاديث رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ،كما أن دعوى عدالة كل من فيهما إفراط ،وإذا
كان كذلك فمن أين يتلقى بالقبول ؟ إل أنه قد استثنى ابن الصلح من التلقي بالقبول
لحاديثهما :ما انتقده الحافظ كالدراقطني وأبي مسعود الدمشقي وأبي علي الغساني ،قال
الحافظ ابن حجر :وهو احتراز حسن .وقال :وعدة ما اجتمع لنا من ذلك مما في كتاب
البخاري وشاركه مسلم في بعضها مائة وعشرة أحاديث ،وتتبعها الحافظ في مقدمة "الفتح"
وأقول فيه :إن المدعى :تلقي المة بالقبول ،وهو أخص من الصحة ،وقد ذهب الكثر
ومنهم ابن حجر إلى إفادته العلم ،بخلف ما حكم له لمجرد الصحة فغاية ما يفيد الظن ما لم
ينضم إليه غير ذلك فيفيده ،وهذه الحاديث مخرجة عن الصحيحين لعن التلقي ( بالقبول) ،
فإن كان مالم يصح غير متلقي ؛ فالصواب في العبارة أن يقال :غير صحيحة ،ل غير متلقاة
بالقبول ( ليهامه أنها صحيحة إذ ليس عنها إل التلقي بالقبول ) وهو أخص من الصحة ،
ونفى الخص ل يستلزم نفي العم ( والحال أنها ليست بصحيحة ) .
وأما قول السيد محمد بن إبراهيم ( المير ) :إن المة تلقتها بالقبول ،وأن صاحب
"الكشاف" والمير الحسين ذكرا الصحيحين بلفظ الصحيح ونقل منهما ذلك .
ففي الستدلل بهذا الطلق توقف عندي ،لن لفظ "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"
صارا لقبين للكتابين ،فإطلق ذلك عليهما ( من ) إطلق اللقاب ( على مسمياتها ) ،ول يلزم
منه القرار بالمعنى الصلي الضافي (. ) ... )1
قال الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلح" ص 164 - 163تعليقا على قول ابن
الصلح :أطلق الخطيب والسلفي الصحة على كتاب النسائي ،قلت -الحافظ ابن حجر -وقد
أطلق عليه أيضا اسم الصحة أبو علي النيسابوري وأبو أحمد ابن عدي وأبو الحسن
الدارقطني وابن منده وعبدالغني بن سعيد وأبو الخليلي وغيرهم ،وأطلق الحاكم اسم الصحة
عليه وعلى كتاب أبي داود والترمذي كما سبق ،وقال أبو عبدال ابن منده :الذين خرجوا
الصحيح أربعة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأشار إلى مثل ذلك أبو علي ابن السكن
ا.هـ. .
وقال ابن الكفاني :وأضبط الكتب المجمع على صحتها كتاب البخاري وكتاب مسلم وبعدهما
بقية كتب السنن المشهورة كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني .
ومن المعلوم المتفق عليه أن في السنن كثيرا من الحاديث التي لم تثبت عن رسول ال (صلى
ال عليه وسلم) .
هذا ومن الجدير بالذكر أن بعضهم قد ادعى صحة جميع ما في مسند أحمد من الحاديث ،
وهي دعوى باطلة لمخالفتها للواقع ،وذلك لن في مسند أحمد أحاديث غير قليلة لم تثبت عن
رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ،وقد نص غير واحد من العلماء على وجود بعض
الحاديث الضعيفة في المسند ،وإليك بعض نصوصهم في ذلك :
-1قال ابن الجوزي في "صيد الخاطر" : 246 - 245كان قد سألني بعض أصحاب الحديث
هل في مسند المام أحمد ما ليس بصحيح ؟ فقلت نعم ،فعظم ذلك جماعة ينتسبون إلى
المذهب ،فحملت أمرهم على أنهم عوام وأهملت ذكر ذلك ،وإذا بهم قد كتبوا فتاوى ،فكتب
فيها جماعة من أهل خراسان منهم أبو العلء الهمذاني يعظمون هذا القول ويردونه ويقبحون
قول من قاله ،فبقيت دهشا متعجبا وقلت في نفسي :واعجبا صار المنتسبون إلى العلم عامة
أيضا وما ذاك إل أنهم سمعوا الحديث ولم يبحثوا عن صحيحه وسقيمه ،وظنوا أن من قال ما
قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد وليس كذلك ،فإن المام أحمد روى المشهور والجيد
والردئ ،ثم هو قد رد كثيرا مما روى ولم يقل به ولم يجعله مذهبا له ومن نظر في كتاب
"العلل" الذي صنفه أبو بكر الخلل رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند قد طعن فيها أحمد
ا.هـ. .
-2قال ابن تيمية في "منهاج سنته" ج 4ص : 15وقد يروي المام أحمد وإسحاق وغيرهما
أحاديث تكون ضعيفة عندهم لتهام رواتها بسوء الحفظ ،ونحو ذلك ليعتبر بها ويستشهد
بها ،فإنه قد يكون لذلك الحديث ما يشهد أنه محفوظ ،وقد يكون له ما يشهد بأنه خطأ ،وقد
يكون صاحبه كذابا في الباطن ليس مشهورا بالكذب ،بل يروي كثيرا من الصدق ،فيروي
حديثه ،وليس كل ما رواه الفاسق يكون كذبا ،بل يجب التبين في خبره كما قال تعالى :
( يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) ( الحجرات ، ) 6 :فيروي لتنظر سائر
الشواهد هل تدل على الصدق أو الكذب .
وقال أيضا ج 4ص : 27وليس كل ما رواه أحمد في "المسند" وغيره يكون حجة عنده ،بل
يروي ما رواه أهل العلم ،وشرطه في "المسند" أن ل يروي عن المعروفين بالكذب عنده ،
وإن كان في ذلك ما هو ضعيف .
-3قال الحافظ الذهبي في "سير أعلم النبلء" ج 11ص : 329وفي "المسند" جملة من
الحاديث الضعيفة ،مما ل يسوغ نقلها ول يجوز الحتجاج بها ،وفيه أحاديث عديدة شبه
موضوعه ولكنها قطرة في بحر اهـ.
وقال في "ميزان العتدال" ج 1ص 512 - 511ترجمة الحسن بن علي بن المذهب التميمي
راويه المسند عن القطيعي بعد كلم : ...قلت الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بالمتقن
وكذلك شيخه ابن مالك ومن ثم وقع في "المسند" أشياء غير محكمة المتن والسناد ا.هـ. .
-4قال العراقي كما في " القول المسدد " للحافظ ابن حجر ص : 3إن في " المسند "
وقد نص على وجود الحاديث الضعيفة في "المسند" غير هؤلء كالقاضي أبي يعلي وابن
القيم وآخرين ،وقد حقق الشيخ أحمد شاكر ما يقرب من ربع المسند وضعف منه أكثر من
ثمانمائة حديث ،مع ما عرف عنه من التساهل في تصحيح الحاديث وتوثيق بعض الرواة
الذين كاد علماء الحديث يجمعون على ضعفهم ،كما ل يخفى ذلك على من طالع تحقيقه لمسند
أحمد وغيره وقد صرح بذلك الحشوية أنفسهم وال المستعان .
هذا ومن الجدير بالذكر أن المام أحمد نفسه قد ضعف طائفة كبيرة من أحاديث مسنده وفي
كتاب "العلل" له عدد غير قليل من الحاديث التي ضعفها وهي موجودة في "المسند" (. )1
)1فقد جاء في "العلل" رقم ( : )188حدثنا سفيان ،قال :سمعناه من أربعة عن عائشة لم
يرفعوه :زريق وعبدال بن أبي بكر ،ويحيى وعبدربه ،سمعوه من عمرة يعني القطع في
ربع دينار .أعله بالوقف ،وهو في "المسند" . 6/104
)2وفيه ( : )367سألت أبي قلت :يصح حديث سمرة عن النبي (صلى ال عليه وسلم) :
(( من ترك الجمعة عليه دينار أو نصف دينار يتصدق به )) ،فقال :قدامة بن وبرة يرويه ل
يعرف رواه أيوب أبو العلء ( وهي عند أبي داود ) 1054فلم يصل إسناده كما وصله همام ،
قال ( :نصف درهم أو درهم) خالفه في الحكم وقصر في السناد .وهو في "المسند" 5/8و
. 14
)3حديث عمرو بن شعيب ،عن أبيه عن جده أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( رد
ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد )) ضعفه في "المسند" 208 - 2/207وفي
"العلل" ( )538و(.)539
)4في "العلل" ( )709و ( )715أعل حديث عبدال بن مسعود (( أل أصلي لكم صلة رسول
ال ؟ قال :فصلى ،فلم يرفع يديه إل مرة )) وهو في "المسند" . 1/388
)5وفيه ( : )1290حدثني أبي ،قال :حدثني يحيى بن سعيد ،عن علي بن المبارك ،قال :
حدثني يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه
استفتى ابن عباس في مملوك تحته مملوك ،فطلقها تطليقتين ،ثم أعتقها هل يصلح أن
يخطبها ؟ قال :نعم قضى بذلك رسول ال (صلى ال عليه وسلم) .سمعت أبي يقول :قال ابن
المبارك لمعمر :يا أبا عروة ،من أبو حسن هذا ؟ ()2
لقد تحمل صخرة عظيمة .قال أبو حسن مولى عبدال بن الحارث روى عنه الزهري وعمر
ابن معتب ،فقلت لبي :من عمر بن معتب هذا ؟ فقال :روى عنه محمد بن أبي يحيى ،قلت
له :أعني عمر بن معتب :هو ثقة ؟ قال :لأدري .وهو في "المسند" . 1/229
)6وفيه ( : )1366سألته عن حديث عمر بن بيان التغلبي عن عروة بن المغيرة ،عن أبيه ،
عن النبي (صلى ال عليه وسلم) (( :من باع الخمر فليشقص الخنازير )) ،قلت :من عمر
بن بيان ؟ فقال :ل أعرفه .وهو في "المسند" . 4/253
)7وفيه ( : )1711سمعت أبي يقول في حديث أبي بشر عن سعيد بن جبير ،عن ابن عباس
( :قبض النبي (صلى ال عليه وسلم) وأنا ابن عشر سنين قد قرأت المحكم ) ،قال أبي :هذا
عندي واه ،وأظنه قال :ضعيف .وهو في "المسند" . 1/153
)8وفيه ( : )1795أنه قال في حديث ابن عمر (( :أحلت لنا ميتتان ودمان )) ...هو منكر ،
وضعفه بعبدالرحمن بن زيد أسلم أحد رواته ،وهو في "المسند" . 2/97
)9وفيه ( : )1884سألت أبي عن حديث شعبة ،عن أبي التياح ،قال :سمعت أبا الجعد ،
عن أبي أمامة :خرج النبي على قاص ، ...قال أبي ل أدري من أبو الجعد هذا .وهو في
"المسند" 261 /5ولو كان كتاب "العلل" للخلل بين أيدينا ،لوقفنا فيه على أحاديث كثيرة
مما هو في "المسن" قد طعن فيها المام أحمد كما قال ابن الجوزي .
وقال ابن القيم في كتاب "الفروسية" ،الورقة 191 - 190من نسخة الظاهرية ،وهو يرد
دعوى القائل :إن ما سكت عنه أحمد في "المسند" صحيح :إن هذه الدعوى ل مستند لها
البته ،بل أهل الحديث كلهم على خلفها ،والمام أحمد لم يشترط في مسنده الصحيح ،ول
التزمه ،وفي مسنده عدة أحاديث سئل هو عنها فضعفها بعينها ،وأنكرها :
-1كما روى 2/442حديث العلء بن عبدالرحمن عن أبي عن أبي هريرة يرفعه (( :إذا كان
النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان )) ،وقال حرب :سمعت أحمد
يقول :هذا حديث منكر ،ولم يحدث العلء بحديث أنكر من هذا وكان عبدالرحمن بن مهدي ل
يحدث به البته .
-2وروى 6/287حديث (( :ل صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل )) ،وسأله الميموني
عنه ،فقال أخبرك ما له عندي ذلك السناد إل أنه له عن عائشة وحفصة إسنادان جيدان .
يريد أنه موقوف .
-3وروى 2/386و 442و 458و 470حديث ابن المطوس عن أبيه ،عن أبي هريرة :
(( من أفطر يوما من رمضان لم يقضه عنه صيام الدهر )) ،وقال في رواية منها وقد سأله
عنه :ل أعرف أبا المطوس ،ول ابن المطوس .
-4وروى 2/418و (( : 3/41ل وضوء لمن لم يذكر اسم ال عليه )) ،وقال المروذي :لم
يصححه أبو عبدال ،وقال :ليس فيه شيء يثبت )1(.
-5وروى 6/113و 114و 171و 236حديث عائشة ( :مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم
أثر الغائط والبول فإني أستحييهم ،وكان رسول ال يفعله ) .
وقال في رواية حرب :لم يصح في الستنجاء بالماء حديث ( )2؛ قيل له فحديث عائشة قال :
ل يصح ،لن غير قتادة ل يرفعه .
( )1بل قد ثبت الحديث بذلك ،وقد حكم بثبوته جماعة كبيرة من العلماء منهم ابن أبي شيبة
وابن الجوزي وابن الصلح والعراقي والبلقيني وابن الملقن وابن كثير والهيثمي وابن حجر
والضياء والمنذري والصنعاني والشوكاني وغيرهم .
( )2بل قد صح في ذلك أكثر من حديث ،وأصح ما ورد في ذلك حديث أنس بن مالك ( رضي
ال عنه ) قال كان رسول ال (صلى ال عليه وسلم) يدخل الخلء وأحمل أنا وغلم إداوة من
ماء وعنزة يستنجي بالماء .
هذا ومن الجدير بالذكر أن هناك أحاديث أخرى من الحاديث التي أعلها المام أحمد وذكرناها
هنا صحيحة أو حسنة على الصحيح عندنا فلينتبه لذلك ،وال تعالى أعلم .
-7وروى 1/233و 268و 332و 372حديث ( :وضوء النبي عليه الصلة والسلم مرة
مرة ) ،وقال في رواية مهنا ( :الحاديث فيه ضعيفة ) .
-8وروى 3/481حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده ( :أن النبي (صلى ال عليه
وسلم) مسح رأسه حتى بلغ القذال ) ،وأنكره في رواية أبي داود وقال :ما أدري ما هذا ؟
وابن عيينة كان ينكره .
-9وروى 2/223حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه ( :أيما رجل مس ذكره
فليتوضأ ) ،وقال في رواية أحمد بن هاشم النطاكي ( :ليس بذاك ،وكأنه ضعفه ) .
-10وروى 5/194حديث زيد بن خالد الجهني يرفعه ( :من مس ذكره فليتوضأ ) ،وقال
مهنا :سألت أحمد عنه فقال :ليس بصحيح الحديث ،والحديث حديث بسرة ! فقلت :من قبل
جاء خطؤه ؟ فقال من قبل إسحاق أخطأ فيه ،ومن طريقه رواه في "المسند" .
-11وروى 6/262عن عائشة ( :مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتابا إلى رسول ال
(صلى ال عليه وسلم) ،فقبض النبي يده ،وقال :ما أدري أيد رجل أم يد امرأة ،قال :لو
كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء ) وفي رواية حنبل :هذا حديث منكر .
-12وروى 2/198حديث أبي هريرة يرفعه ( :من استقاء فليفطر ،ومن ذرعه القيء فليس
عليه قضاء ) ،وعلله في رواية مهنا ،وقال أبو داود :سألت أحمد عن هذا فقال :ليس هذا
بشيء ،إنما هو ( من أكل ناسيا فإنما أطعمه ال تعالى وسقاه ) .
-13وروى 1/215و 222و 244و 280حديث ابن عباس أن النبي (صلى ال عليه وسلم)
(احتجم وهو صائم ) وقال في رواية مهنا وقد سأله عن هذا الحديث ،فقال :ليس بصحيح .
-14وروى 2/98حديث ابن عمر يرفعه ( :من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام
لم تقبل له صلة ما دام عليه ) ،وسأله أبو طالب عن هذا الحديث فقال :ليس بشيء ليس له
إسناد ،وقال في رواية مهنا :ل أعرف يزيد بن عبدال ،ول هاشما الوقص ،ومن طريقهما
رواه .
-16وروى 1/104حديث علي أن العباس سأل رسول ال (صلى ال عليه وسلم) في تعجيل
صدقته قبل أن تحل ،فرخص له ،وقال الثرم :سمعت أبا عبدال ذكر له هذا الحديث
فضعفه ،وقال :ليس ذلك بشيء هذا مع أن مذهبه جواز تعجيل الزكاة .
-17وروى 6/291حديث أم سلمة أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) أمرها أن توافيه يوم
النحر بمكة ،وقال في رواية الثرم :هو خطأ ،وقال وكيع :عن أبيه مرسل أن النبي أمرها
أن توافيه صلة الصبح يوم النحر بمكة أو نحو هذا .وهذا أيضا عجب ،النبي (صلى ال عليه
وسلم) يوم النحر ما يصنع بمكة ينكر ذلك .
-18وروى 2/321حديث أبي هريرة يرفعه ( :من وجد سعة فلم يضح فل يقربن مصلنا ) ،
وقال في رواية حنبل :هذا حديث منكر .
-19ونظير ما نحن فيه سواء بسواء ما رواه 6/247عن عثمان بن عمر حدثنا يونس ،عن
الزهري ،عن أبي سلمة ،عن عائشة أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال ( :ل نذر في
معصية ،وكفارته كفارة اليمين ) ،فهذا حديث رواه وبنى عليه مذهبه ،واحتج به ،ثم قال
في رواية حنبل :هذا حديث منكر .
وهذا باب واسع جدا لو تتبعناه لجاء كتابا كبيرا ،والمقصود أنه ليس كل ما رواه ،وسكت
عنه يكون صحيحا عنده وحتى لو كان صحيحا عنده ،وخالفه غيره في تصحيحه لم يكن قوله
حجة على نظيره .ا.هـ.
إلى أن قال :وأما قول البخاري ( :لم أخرج في هذا الكتاب إل صحيحا ،وما تركت من
الصحيح أكثر ) .وقوله ( ما أدخلت في كتابي الجامع إل ما صح ) ؛ فهو كلم صحيح ،إخبار
عن نفسه أنه تحرى الصحيح في نظره .
وقد قال زين الدين :إن قول المحدثين :هذا حديث صحيح ،مرادهم :فيما طهر لنا ،عمل
بظاهر السناد ،ل أنه مقطوع بصحته في نفس المر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة ،
انتهى ،قلت :فيجوز الخطأ والنسيان على البخاري نفسه فيما حكم بصحته ،وإن كان
تجويزا مرجوما ؛ لنه بعد تتبع الحفاظ لما في كتابه ،فإظهار ما خالف هذا القول المنقول
عنه فيه ( من الشرطية ) ما ينهض التجويز ويقود العلم الفطن النظار إلى زيادة الختيار ؟ -
وهذا ما وعدنا به في آخر الفائدة الخامسة .
على أن البخاري ومسلما لم يذكرا شرطا للصحيح ،وإنما استخرج الئمة لهما شروطا بالتتبع
لطرق رواتهما ،ولم يتفق المتتبعون على شرط معروف ،بل اختلفوا في ذلك اختلفا كثيرا ،
يعرف ذلك من مارس كتب أصول الحديث ،والقرب أنهما ل يعتمدان إل على الصدق والضبط
كما اخترناه .
( وقد صرح به ) الحافظ ابن حجر فيما اسلفناه عنه أنه ل أثر للتضعيف مع الصدق والضبط ،
وأنهما ل يريدان بالعدل إل ذلك إن ثبت عنهما شرطا أن ل يكون الرواية إل عن عدل ،
وسلمنا ثبوت اشتراطهما العدالة في الراوي ،فمن أين علم ( أن معناها عندهما ) ما
فسرتموها به ( مما أسلفناه في رسمهما ) .
قال ابن طاهر :شرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي
المشهور ،قال زين الدين :ليس ما قاله بجيد ؛ لن النسائي ضعف جماعة أخرج لهما
الشيخان أو أحدهما .قال السيد محمد إبراهيم :ليس هذا مما اختص به النسائي ،بل قد
شاركه غير واحد في ذلك من أئمة الجرح والتعديل كما هو معروف في كتب هذا الشأن ،
ولكنه تضعيف مطلق غير مبين السبب ،وهو غير مقبول على الصحيح ،انتهى .
قلت -الصنعاني : -ليس ما أطلقه السيد محمد بصحيح ،فكم من جرح في رجالهما مبين
السبب كما سمعته فيما سلف ،ولئن سلم فأقل أحوال المطلق أن يوجب توقفا في الراوي وحثا
على البحث عن تفصيل أحواله وما قيل فيه .ول شك أن هذا ( يفت في عضد ) القطع بالصحة
( .وهذه فائدة مستقلة أعني تأثير القدح المطلق توقفا في المجروح يوجب عدم العمل بروايته
حتى يفتش عما قيل ،وإل لزم العمل والقطع ( بالحكم ) مع الشك والحتمال ،وذلك ينافي
القطع قطعا .ول تغتر بقولهم :الجرح المطلق ل يعتبر به ففيه ما سمعت ) .ا.هـ .المراد منه
.
-11قال الشيخ أحمد الغماري في "المغير على الجامع الصغير" -بعد أن ذكر العمدة في
معرفة الحديث الموضوع ،منها وجود النكارة الظاهرة في متنه وإن كان سنده صحيحا -قال
( :ومنها أحاديث الصحيحين فإن فيهما ما هو مقطوع ببطلنه فل تغتر بذلك ،ول تتهيب
الحكم عليه بالوضع لما يذكرونه من الجماع على صحة ما فيهما ،فإنها دعوى فارغه ل
تثبت عند البحث والتمحيص ،فإن الجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير معقول
ول واقع ،ولتقرير ذلك موضع آخر ،وليس معنى هذا أن أحاديثهما ضعيفة أو باطلة أو أنه
يوجد فيها ذلك بكثرة ،بل المراد أنه يوجد فيهما أحاديث غير صحيحة لمخالفتها للواقع ) .
-12قال اللباني في "آداب الزفاف" ص 60قلت ( :وهذا مما ل يشك فيه كل باحث متمرس
في هذا العلم ،وقد كنت ذكرت نحوه في مقدمة شرح الطحاوية ) ا.هـ . .المراد منه .
وقال قبل ذلك ص 55،54بعد أن ذكر قول بعضهم ( :وجفت الصحف ورفعت القلم عن
أحاديث الصحيحين ،وإل كانت المة باتفاقها على صحة الصحيح قد ضلت عن سواء
السبيل ) .قال :قلت ( :وهذا القول وحده منه يكفي القارئ اللبيب أن يقنع بجهل هذا
المتعالم ،وافترائه على العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين في ادعائه الجماع المذكور ،
فإنهم ما زالوا إلى اليوم ينتقد أحدهم بعض أحاديث الصحيحين مما يبدو له أنه موضع للنتقاد
،بغض النظر عن كونه أخطأ في ذلك أم أصاب ،وانتقاد الدارقطني وغيره لهما أشهر أن
يذكر ) ا.هـ . .المراد منه .
وقال في "إرواء الغليل" ج 5ص ( : 33أما القول بأن من روى له البخاري فقد جاوز
القنطرة ،فهو مما ل يلتفت إليه أهل التحقيق كأمثال الحافظ العسقلني ،ومن له إطلع ل
بأس به على كتابه "التقريب" يعلم صدق ما نقول ) .
وقال في مقدمة "شرح العقيدة الطحاوية" بعد كلم حول أحاديث الصحيحين ( : ...وليس
معنى ذلك أن كل حرف أو لفظة أو كلمه في الصحيحين هو بمنزلة ما في القرآن ،ل يمكن أن
يكون فيه وهم أو خطأ في شيء من ذلك من بعض الرواة ،كل فلسنا نعتقد العصمة لكتاب بعد
كتاب ال تعالى أصل ،فقد قال المام الشافعي وغيره ( :أبى ال أن يتم إل كتابه ) ول يمكن
أن يدعي ذلك أحد من أهل العلم ممن درسوا الكتابين دراسة تفهم وتدبر مع نبذ التعصب ،
وفي حدود القواعد العلمية الحديثية ل الهواء الشخصية والثقافية الجنبية عن السلم
وقواعد علمائه ...إلخ ) .
وقال في مقدمة الجزء الثاني من مختصر صحيح البخاري ص 8-5بعد كلم ... ( :أعود إلى
أحاديث هذا الصحيح -يعني صحيح البخاري -فأقول :لبد لي من كلمة حق أبديها أداء
للمانة العلمية ،وتبرئة للذمة ،وهي أن الباحث الفقيه ل يسعه إل أن يعترف بحقيقة علمية ،
عبر المام الشافعي فيما روى عنه من قوله ( :أبى ال أن يتم إل كتابه ).
ولذلك أنكر العلماء بعض الكلمات وقعت خطأ من أحد الرواة في أحد الحاديث الصحيحة ،فل
بأس من التذكر ببعضها على سبيل المثال :
)2قوله ( :المدهن ) ؛ مكان ( :القائم ) في قوله (صلى ال عليه وسلم) (( :مثل القائم على
حدود ال والواقع فيها ))...الحديث ( )1143؛ كما سيأتي بيانه هناك .
)3قوله في حديث الطاعون ( (( : )1475فل تخرجوا ( إل ) فرارا منه )) .فقول الراوي ( :
إل ) خطأ واضح ؛ كما سيأتي .
)4زيادة أحدهم في الحديث ( (( : )984البيعان بالخيار ( ...يختار ثلث مرار ) )) .فقد نفى
الحافظ (4/327و )334ثبوتها ؛ كما سيأتي الشارة إلى ذلك هناك .
)5قوله (ص )176في حديث ( )1160للبعد المملوك الصالح ( :والذي نفسي بيده لول
الجهاد )...إلخ فإنه مدرج في الحديث ،ليس من كلم النبي (صلى ال عليه وسلم) ،وإنما
هو من كلم أبي هريرة ،فهو كحديثه المتقدم في المجلد الول برقم ( ، )90حيث زاد الراوي
في آخره ( :فمن استطاع منكم أن يطيل غرفنه ؛ فليفعل ) ،فإنه مدرج أيضا ؛ كما تقدم بيانه
هناك .
)6ونحو ذلك ما تقدم في المجلد الول ( -28جزاء الصيد -21 /باب ) ( :أن رجل قال :إن
أختي نذرت أن تحج ) ،وأنها رواية شاذة عند الحافظ ابن حجر ،والمحفوظ ( :أن امرأة
قالت :إن أمي نذرت ...الحديث ) .فراجعه هناك .
ونحو ذلك الحديث التي برقم ( ، )1209فقد أعله السماعيلي بالنقطاع وأقره الحافظ مع
بعض الشكالت على المتن ذكرها في "فتحه" ،فليراجعه من شاء .ومثله الحديث المتقدم (
-28جزاء الصيد -11/باب ) عن ابن عباس ( :أن النبي (صلى ال عليه وسلم) تزوج
ميمونة وهو محرم ) .فإن الصح أنه (صلى ال عليه وسلم) تزوجها وهو حلل ؛ كما تقدم
أيضا هناك .
ومن هذا القبيل الحديث التي برقم ( ( : )1050قال ال :ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة )...
فإن في سنده راويا مختلفا فيه ،والمتقرر أنه سيء الحفظ ،والبخاري نفسه أشار إلى أن
رواية من روى عنه هذا الحديث ل تصح ،فراجع كلمه هناك فيما يأتي ؛ لتكون على بصيرة
من دينك وحديث نبيك .
ذكرت هذه النماذج من المثلة ؛ ليكون القراء على بصيرة من دينهم وبينة من أحاديث نبيهم ،
متأكدين من صحة الثر السابق ( :أبى ال أن يتم إل كتابه ) ...إلخ .
======================
...-1هذا هو الصواب ،ومن أطلق عليهما اسم الصحيحين لم يرد أن كل ما فيهما صحيح
ثابت ،كما أن من أطلق اسم الصحيح على كل من صحيح ابن خزيمة ابن حبان لم يرد أن كل
أحاديثهما صحيحة ثابتة ،بل قد أطلق بعضهم اسم الصحيح على "سنن النسائي" .
وهذه بعض الحاديث التي انتقدها بعض العلماء وهي في الصحيحين أو أحدهما ،بغض النظر
عن رأينا فيها :
-1روى مسلم في صحيحه رقم ( )2501من طريق عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن ابن
عباس قال :كان المسلمون ل ينظرون إلى أبي سفيان ول يقاعدونه ،فقال للنبي (صلى ال
عليه وسلم) :يا نبي ال ثلث أعطنيهن ،قال :نعم ،قال :عندي أحسن العرب وأجمله أم
حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها ،قال :نعم ،قال :ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك ،قال :
نعم ،قال :وتؤمرني أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين ...إلخ .
قال الذهبي في "الميزان" 3/93في ترجمة عكرمة بن عمار أحد رواة هذا الحديث ( :وفي
صحيح مسلم قد ساق له أصل منكرا عن سماك الحنفي عن ابن عباس في الثلثة التي طلبها
أبو سفيان ) .وقال في "سير أعلم النبلء" 7/137عن هذا الحديث ( :قلت :قد ساق له
مسلم في الصول حديثا منكرا وهو الذي يرويه عن سماك الحنفي عن ابن عباس في المور
الثلثة التي التمسها أبو سفيان من النبي (صلى ال عليه وسلم) ) .
وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ( : 17/236روى مسلم أحاديث قد عرف أنها غلط ،
مثل قول أبي سفيان لما أسلم أريد أن أزوجك أم حبيبة ،ول خلف بين الناس أنه تزوجها قبل
إسلم أبي سفيان ) .وقال في ج 18ص ( : 73وفيه -أي صحيح مسلم -أن أبا سفيان سأله
التزوج بأم حبيبة وهذا غلط ) ا.هـ. .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ( : 1/110هذا الحديث غلط ل خفاء به ) .قال أبو محمد بن
حزم ( :وهو موضوع بل شك فيه ،كذبه عكرمة بن عمار ) .
وقال ابن الجوزي ( :في هذا الحديث وهم من بعض الرواة ل شك فيه ول تردد ،وقد اتهموا
به عكرمة بن عمار ،لن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيدال بن جحش
وولدت له ،وهاجر بها وهما مسلمان إلى النجاشي يخطبها عليه فزوجه إياها وأصدقها عنه
صداقا ،وذلك في سنة سبع من الهجرة ،وجاء أبو سفيان فدخل عليها فثنت فراش رسول ال
(صلى ال عليه وسلم) حتى ل يجلس عليه ،ول خلف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح
مكة سنة ثمان ،وأيضا ففي هذا الحديث أنه قال له :وتؤمرني أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل
المسلمين ،قال ( :نعم ) .ول يعرف أن النبي (صلى ال عليه وسلم) أمر أبا سفيان البتة )
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
ا.هـ. .
وأورد ابن القيم هذا الحديث أيضا في "جلء الفهام في الصلة والسلم على خير النام" ص
134-132فذكره وما أجيب به عنه ،ثم ناقش تلك الوجوه واحدا واحدا ،ثم ختم ذلك بقوله :
(وبالجملة ،فهذه الوجوه وأمثالها مما يعلم بطلنها ،واستكرهها وغثاثتها ،ول تفيد الناظر
فيها علما ،بل النظر فيها والتعرض لبطالها من منارات العلم ،وال تعالى أعلم ،فالصواب
أن الحديث غير محفوظ بل وقع فيه تخليط وال أعلم ) .
وقال الشيخ أحمد الغماري في تعليقه على كتاب "أخلق النبي (صلى ال عليه وسلم) لبي
الشيخ" ص ( : 54هذا الحديث موضوع لمخالفته الواقع ) .
وقال ابن الثير ( :وهذا الحديث مما أنكر على مسلم ،لن أبا سفيان لما جاء يجدد العقد قبل
الفتح دخل على ابنته أم حبيبة فثنت عنه فراش النبي (صلى ال عليه وسلم) ،فقال :وال ما
أدري أرغبت بي عنه أم به عني ؟ قالت :بل هذا فراش رسول ال (صلى ال عليه وسلم)
وأنت رجل مشرك .فقال :وال لقد أصابك بعدي يابنيه شر ) ا.هـ" .البداية والنهاية" ج
. 4/144
وقال ابن كثير في "السيرة النبوية" ج 3ص ، 277وفي "البداية والنهاية" ج 4ص 145
بعد أن ذكر بعض الجوبة التي أجيب بها عن هذا الحديث ( :وهذه كلها ضعيفة ،والحسن
في هذا أنه أراد أن يزوجه ابنته الخرى عمرة لما رأى في ذلك من الشرف ،واستعان بأختها
أم حبيبة كما في الصحيحين ،وإنما وهم الراوي في تسمية أم حبيبة ) ا.هـ)1( . .
قلت :وهذا في حقيقة الواقع هو أضعف الجوبة لن الرواية نفسها ما يحكم ببطلنه من
أصله ،فإن فيها أن أبا سفيان قال :يا رسول ال ثلث أعطنيهن ،قال :نعم ،إلى أن قال :
وعندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها .قال :نعم ،فإن فيها أن
الرسول عليه السلم قد وافق على ذلك ،ومن المعلوم أن الرسول عليه السلم لم يوافق بل
ول يجوز له لن عنده أختها ،ول يجوز الجمع بين الختين بنص الكتاب والسنة والجماع ،
وقد ضعفه أيضا الشيخ عبدال الغماري في "الفوائد المقصودة في الحاديث الشاذة
والمردودة" ،وقد تعرض لهذا الحديث والجوبة التي أجيب بها عنه ،ثم بيان ما فيها من
مغامز الزرقاني في "شرح المواهب اللدنية" . 245-3/243
-2روى مسلم حديث الكسوف وفيه أن النبي (صلى ال عليه وسلم) صلى الكسوف بثلث
ركوعات ( )2وبأربع ركوعات ( )3كما روى أنه صلى بركوعين (. )4
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" 1/256وهو منقول من كتابه "قاعدة جليلة في التوسل
والوسيلة" ص 86بعد أن ذكر ( :والصواب أنه لم يصل إل بركوعين إل مرة واحدة يوم مات
إبراهيم ،وقد بين ذلك الشافعي ،وه قول البخاري وأحمد ابن حنبل في إحدى الروايتين عنه ،
والحاديث التي فيها الثلث والربع فيها أنه صلها يوم مات إبراهيم ،ومعلوم أنه لم يمت في
يومي كسوف ول كان له إبراهيمان ،ومن يقل إنه مات عاشر الشهر فقد كذب )
وذكر ذلك أيضا في ج 17ص 236من "مجموع الفتاوي" وقال بعد كلم ...( :ومثل ما
روى -أي المام مسلم -في بعض طرق أحاديث صلة الكسوف أنه صلها بثلث ركوعات
وأربع ،والصواب أنه لم يصلها إل مرة واحدة بركوعين ،ولهذا لم يخرج البخاري إل هذا ،
وكذلك الشافعي وأحمد ابن حنبل في إحدى الروايتين عنه وغيرهما ) ا.هـ .المراد منه ،وانظر
أيضا ج 18ص . 17
وقال في "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" ج 2ص 447-445ط دار العاصمة بعد
كلم ... (:وكذلك ما روى -أي في صحيح مسلم -أنه (صلى ال عليه وسلم) ،صلى
الكسوف بركوعين أوثلثة .فإن الثابت المتواتر عن النبي عليه الصلة والسلم في
الصحيحين ،وغيرهما من حديث عائشة ،وابن عباس ،وعبدال بن عمرو ،وغيرهم أنه
(صلى كل ركعة بركوعين ) ولهذا لم يخرج البخاري إل ذلك .وضعف الشافعي ،والبخاري ،
وأحمد في إحدى الروايتين عنه ،وغيرهم حديث الثلث ،والربع ،فإن النبي (صلى ال عليه
وسلم) إنما صلى الكسوف مرة واحدة ،وفي حديث الثلث والربع أنه صلها يوم مات
إبراهيم ابنه وأحاديث الركوعين كانت ذلك اليوم فمثل هذا الغلط إذا وقع كان في نفس
الحاديث الصحيحة ما يبين أنه غلط ) ا.هـ .المراد منه .
وذكر ذلك ابن القيم في "زاد المعاد" ج 1ص 456-452وقال بعد أن ذكر بعض روايات هذا
الحديث ( :لكن كبار الئمة ل يصححون ذلك كالمام أحمد والبخاري والشافعي ) ،ثم ذكر
كلما عن البيهقي فيه تضعيف تلك الروايات ،إلى أن قال ( :والذي ذهب إليه البخاري
والشافعي من ترجيح الخبار أولى لما ذكر من رجوع الخبار إلى حكاية صلته (صلى ال
عليه وسلم) يوم توفي ابنه ) .
وقال اللكنوي في "ظفر الماني" ص ( : 405منها -أي الروايات المضطربة -صلة رسول
ال عليه الصلة والسلم في كسوف الشمس المحرجة في الصحاح الستة وغيرها ،فإنها
اضطربت اضطرابا فاحشا ،ففي بعضها أنه ركع ركوعين في كل ركعة ،بين كل ركوعين
قراءة هي أقصر من الولى ،وفي بعضها أنه ركع في كل ركعة ثلث مرات ،وفي بعضها
أربع مرات ،وفي بعضها خمس مرات ،ولوقوع هذا الضطراب ترك الحنفية العمل بها ...
إلخ ) .
وقال الشيخ أحمد الغماري في "الهداية في تخريج أحاديث البداية" ( : 4/198والحديث كذب
باطل مقطوع ببطلنه عقل ولو أنه في صحيح مسلم ،فإنه كسوف الشمس إنما وقع مرة
واحدة يوم مات إبراهيم ابن الرسول عليه الصلة والسلم ...إلخ ) .
وقال اللباني في "إرواء الغليل" ج 3ص ( : 129ضعيف وإن أخرجه مسلم ومن ذكر معه
وغيرهم ،إلى أن قال :فهذا خطأ قطعا ) ،وكذا ضعف هذه الروايات ابن عبدالبر وغيره .
وصححوا أنه صلها بركوعين وهو الصواب
وقال الحافظ المنذري في "الترغيب" ( : 1/92قد قيل :إن قوله :من استطاع ...إلخ ،إنما
هو مدرج من كلم أبي هريرة موقوف عليه ،ذكره غير واحد من الحفاظ ،وال أعلم ) .
وعلق عليه اللباني في "صحيح الترغيب" ج 1ص 147بقوله ( :وهو الذي جزم به ابن
تيمية وابن القيم والحافظ وتلميذه الشيخ الناجي ) ا.هـ . .وقال في مجموعة الحاديث الضعيفة
ج 3ص ( : 104مدرج الشطر الخر ) ،وقال ص ( : 106قلت :وممن ذهب إلى أنها
مدرجة من العلماء المحققين شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ) ،وقال هذا في
"حادي الرواح" ( : 1/316فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلم أبي هريرة ل من كلم
النبي (صلى ال عليه وسلم) بين ذلك غير واحد من الحفاظ ،وكان شيخنا يقول :هذه اللفظة
ل يمكن أن تكون من كلم الرسول عليه الصلة والسلم فإن الغرة ل تكون في اليد ،ل تكون
إل في الوجه ،وإطالته غير ممكنة إذ تدخل في الرأس فل تسمى تلك غرة ) ا.هـ . .ومثل ذلك
في "إرواء الغليل" ج 1ص ، 133ثم قال اللباني في "الضعيفة" ( :وكلم الحافظ المتقدم
يشعر بأنه يرى كونها مدرجة ،وممن صرح بذلك تلميذه إبراهيم الناجي في نقده لكتاب
"الترغيب" المسمى "العجالة المتيسرة" ص ، 30وهو الظاهر مما ذكره الحافظ من الطرق
ومن المعنى الذي سبق في كلم ابن تيمية ) ...ا.هـ . .وقد روى الزيادة أيضا المام البخاري
برقم 136بدون قوله ( غرته )
(-3خلق ال التربة يوم السبت ،وخلق فيها الجبال يوم الحد ،وخلق الشجر يوم الثنين ،
وخلق المكروه يوم الثلثاء ،وخلق النور يوم الربعاء ،وبث فيها الدواب يوم الخميس ،
وخلق آدم بعد العصر من الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين
العصر إلى الليل ) ،رواه مسلم برقم )2789(27من طريق أبي هريرة ( رضي ال عنه ) عن
النبي (صلى ال عليه وسلم)
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" ( : 236 ، 17/235وأما الحديث الذي رواه مسلم في
قوله ( :خلق ال التربة يوم السبت ...إلخ ) ،فهو حديث معلول ،قدح فيه أئمة الحديث
كالبخاري وغيره ،قال البخاري ( :الصحيح أنه موقوف على كعب ) ,وقد ذكر تعليله
البيهقي أيضا ،وبينوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هريرة عن النبي (صلى ال عليه وسلم) ،
وهو مما أنكر الحذاق على مسلم إخراجه إياه ) ا.هـ. .
وقال في ج 1ص 257-256من "مجموع الفتاوي" ... ( :وكذلك روى مسلم ( خلق ال
التربة يوم السبت ...إلخ ) ،ونازعه فيه من هو أعلم منه كيحيى بن معين والبخاري
وغيرهما ،فبينوا أن هذا غلط ليس من كلم النبي عليه السلم ،قال ( :والحجة مع هؤلء
فإنه قد ثبت بالكتاب ،والسنة ،والجماع أن ال تعالى خلق السموات والرض في ستة أيام ،
وأن آخر ما خلقه هو آدم ،وكان خلقه يوم الجمعة ،وهذا الحديث المختلف فيه يقتضي أنه
خلق ذلك في اليام السبعة ،وقد روى إسناد أصح من هذا أن أول الخلق كان يوم الحد )
وقال في "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" ج 2ص 445-443بعد كلم ...( :مثل ما
روى أن ال خلق التربة يوم السبت وجعل خلق المخلوقات في اليام السبعة ،فإن هذا الحديث
قد بين أئمة الحديث كيحيى بن معين وعبدالرحمن ابن مهدي والبخاري وغيرهم أنه غلط ،
وأنه ليس من كلم النبي (صلى ال عليه وسلم) ،بل صرح البخاري في "تاريخه الكبير" أنه
من كلم كعب الحبار ،كما بسط في موضعه .والقرآن يدل على غلط هذا ،ويبين أن الخلق
في ستة أيام ،وثبت في الصحيح أن آخر الخلق كان يوم الجمعة ،فيكون أول الخلق يوم الحد
) ا.هـ)5(. .
وقال ابن كثير في تفسيره ( : 1/99هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ،وقد تكلم عليه ابن
المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ ،وجعلوه من كلم كعب الحبار ،وأن أبا هريرة
إنما سمعه من كلم كعب الحبار ) ا.هـ. .
وقال المناوي في "فيض القدير" ج 3ص ( : 447قال الزركشي :أخرجه مسلم -يعني هذا
الحديث -وهو من غرائبه ،وقد تكلم فيه ابن المديني ،والبخاري ،وغيرهما من الحفاظ ،
وجعلوه من كلم كعب الحبار ،وأن أبا هريرة إنما سمعه منه لكن اشتبه على بعض الرواة
فجعله مرفوعا ) .
وذكره البخاري في "التاريخ" في ترجمة أيوب بن خالد بن أبي أيوب وقال 414- 1/1/314
( :وقال بعضهم عن أبي هريرة عن كعب وهو أصح ) .
-5حديث أنس بن مالك ( رضي ال عنه ) في قصة السراء الذي رواه البخاري رقم ()7517
قال ( :حدثنا عبدالعزيز بن عبدال حدثني سليمان عن شريك بن عبدال أنه قال :سمعت
أنس بن مالك ...فذكره ) ،وهو حديث طويل .
وقد انتقد هذا من أكثر من عشرة وجوه ،ممن أعله ببعض هذه الوجوه الخطابي وابن حزم
وعبد الحق الشبيلي والقاضي عياض والنووي وآخرون ،وعبارة النووي :وقع في رواية
شريك -يعني هذه -أوهام أنكرها العلماء .
وقال الذهبي في "الميزان" ج 2ص 270بعد ذكره لهذا الحديث ( :وهذا من غرائب الصحيح
) اهـ .وقال ابن كثير في تفسيره ( : 3/3إن شريك بن عبدال بن أبي نمر اضطرب في هذا
الحديث وساء حفظه ولم يضبطه ) ،وانظر الفتح . 13/584
-6حديث ابن عباس ( رضي ال عنهما ) قال ( :كان الطلق على عهد رسول ال (صلى ال
عليه وسلم) وأبي بكر وسنتين من خلفة عمر طلق الثلث واحدة .فقال عمر بن الخطاب
( رضي ال عنه ) :إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ،فلو أمضيناه عليهم
؟ فأمضاه عليهم ) ،رواه مسلم )1472( 15من طريق ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس (
رضي ال عنهما ) .
هذا الحديث ضعفه جماعة من العلماء ،منهم أحمد ابن حنبل والباجي وابن عبدالبر وابن
العربي والجوزجاني والقرطبي وابن التركماني وابن رجب والقاضي إسماعيل .
قال الجوزجاني ( :هو حديث شاذ ) .وقال البيهقي في السنن ( :أن البخاري لم يخرج هذا
الحديث لمخالفة هؤلء لرواية طاوس عن ابن عباس .وقال الثرم :سألت أبا عبدال عن
حديث ابن عباس بأي شيء تدفعه ؟ قال :برواية الناس عن عبدال بن عباس من وجوه
خلفه ،وكذلك نقل عنه ابن منصور ) ا.هـ. .
وقال الباجي ( :وما روي عن ابن عباس في ذلك من رواية طاوس قال فيه بعض المحدثين :
هو وهم ) .
وقال ابن عبدالبر ( :ورواية طاوس وهم وغلط ،ولم يعرج عليها أحد من فقهاء المصار
بالحجاز والشام والعراق والمشرق والمغرب ،وقد قيل :إن أبا الصهباء ل يعرف في موالي
ابن عباس).
وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي في الرد على البيهقي" ج 7ص ( : 336أبو الصهباء
ممن روى عنهم مسلم دون البخاري ،وتكلموا فيه .قال الذهبي في "الكاشف" :قال
النسائي :ضعيف ،فعلى هذا يحتمل أن البخاري ترك هذا الحديث لجل أبي الصهباء ) ا.هـ. .
قال ابن العربي ( :إن هذا الحديث مختلف في صحته ،فكيف يقدم على الجماع ؟ إلى أن قال
:وهذا الحديث لم يرد إل عن ابن عباس ولم يرو عنه إل من طريق طاوس ،فكيف يقبل ما لم
يروه من الصحابة إل واحد ،وما لم يروه عن ذلك الصحابي إل واحد ؟ وكيف خفي على
جميع الصحابة وسكتوا عنه إل ابن عباس ؟ وكيف خفي على أصحاب ابن عباس إل طاوس ؟
).
وقال ابن رجب ( :فهذا الحديث لئمة السلم فيه طريقان :أحدهما وهو مسلك المام أحمد
ومن وافقه ،ويرجع إلى الكلم في إسناد الحديث لشذوذه وانفراد طاوس به وأنه لم يتابع
عليه ،وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقه هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه ،وأن
يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرد معناه من وجه يصح ،وهذه طريقة أئمة الحديث كالمام أحمد
ويحيى بن القطان ويحيى بن معين وعلي ابن المديني وغيرهم ،وهذا الحديث ل يرويه عن
ابن عباس غير طاوس .
قال الجوزجاني :هو حديث شاذ .قال :وقد عنيت بهذا الحديث في قديم الدهر فلم أجد له
أصل .قال :وقد صح عن ابن عباس وهو راوي الحديث أنه أفتى بخلف هذا الحديث ،
ولزوم الثلث المجموعة وهذا أيضا علة في الحديث بانفرادها ،فكيف وقد ضم إليها علة
الشذوذ والنكار والجماع ؟! وقال :كان علماء مكة ينكرون على طاوس ما ينفرد به من
شواذ القاويل ) ا.هـ. .
وقال القاضي إسماعيل ( :طاوس مع فضله وصلحه يروي أشياء منكرة منها هذا الحديث ،
وعن أيوب أنه كان يعجب من كثرة خطأ طاوس ) ا.هـ.
وقد ضعف هذا الحديث أيضا الشيخ عبدال الغماري في ( الفوائد المقصودة ) .
-7جاء في حديث أبي بكرة في خطبته (صلى ال عليه وسلم) يوم النحر بمنى (( :ثم انكفأ إلى
كبشين أملحين فذبحهما ،وإلى جذيعة من الغنم فقسمها بيننا )) رواه البخاري (، )5549
ومسلم رقم . )1679( 29
ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" 263 ،2/262جوابين بالنسبة للجمع بين هذا الحديث وحديث
أنس الذي فيه أن النبي (صلى ال عليه وسلم) ذبح الكبشين بالمدينة ،أحدهما :أن القول
قول أنس ،ورواية أبي بكرة وقع فيها التباس على بعض الرواة .ثانيهما :أنه (صلى ال
عليه وسلم) قد ضحى في كل من المدينة ومنى بكبشين .ثم قال :والصحيح إن شاء ال
الطريقة الولى ،أي الطريقة التي فيها الحكم بضعف رواية أبي بكرة .
-7حديث عائشة ( رضي ال عنها ) في طواف الفاضة قالت ( :فطاف الذين كانوا أهلوا
بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ،ثم حلوا ،ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى ،
وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ) رواه البخاري ( )1638ومسلم
. )1211( 111
ضعف هذه الزيادة وهي قوله ( :ثم طافوا طوافا آخر ...إلخ ) ابن تيمية حيث قال في مناسك
الحج ج 2ص 285من مجموع الرسائل الكبرى ( :وقد روى في حديث عائشة أنهم طافوا
مرتين ؛ لكن هذه الزيادة قيل إنها من قول الزهري ل من قول عائشة ،وقد احتج بها -يعني
هذه الزيادة -بعضهم على أنه يستحب طوافان ،وهو ضعيف ،والظهر ما في حديث جابر ،
ويؤيده قوله ( :دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ا.هـ.
-8حديث ابن عباس ( :أن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) تزوج ميمونة وهو محرم ) رواه
البخاري ( )1837و ( ، )4258ومسلم 46و . )1410( 47
-9قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" 13/353بعد كلم ( :وجعلوا رواية ابن عباس
لتزوجها حراما مما وقع فيه الغلط ) ا.هـ. .
وقال ابن القيم في "جلء الفهام" ص 138 ،137بعد كلم ( :فالصحيح أنه تزوجها حلل
كما قال أبو رافع السفير في نكاحها ،وقد بينت وجه غلط من قال نكحها محرما ،وتقدم حديث
من قال تزوجها حلل من عشرة أوجه مذكورة في غير هذا الموضع ) ا.هـ ، .وانظر "زاد
المعاد" ج 1ص ، 113و ج 5ص . 112
وكذا أعل هذا الحديث سعيد بن المسيب وأحمد ابن حنبل وابن عبد الهادي واللباني ،انظر
آداب الزفاف ص 61 ، 60طبع المكتبة السلمية .
-10حديث أنس ( رضي ال عنه ) قال ( :صليت خلف النبي عليه الصلة والسلم وأبي بكر
وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد ل رب العالمين ،ل يذكرون بسم ال الرحمن الرحيم
في أول القراءة ول في آخرها ) رواه مسلم . )399( 52
هذا الحديث ضعفه جمع من العلماء ؛ منهم الشافعي والدارقطني والبيهقي وابن عبدالبر
والفخر الرازي وابن الصلح وابن الملقن والبلقيني والعراقي والسخاوي والسيوطي
واللكنوي وآخرون ،وقد مثل به جماعة في مصطلح الحديث للحديث المعل .
وأراد بالمسند صحيح مسلم كما أوضح ذلك أحمد شاكر في تعليقاته عليها وقد أقره على
ذلك ،وانظر "مقدمة ابن الصلح" وحاشية العراقي عليها ص 121-116و "تدريب
الراوي" للسيوطي ج 1ص . 257-254
قال السيوطي في ص ( : 255هذا الحديث معلول أعله الحفاظ بوجوه جمعتها وحررتها في
المجلس الرابع والعشرين بما لم أسبق إليه وأنا ألخصها هنا ) ،فذكرها ثم لخص ذلك ص
257فقال ( :وتبين بما ذكرناه أن لحديث مسلم السابق تسع علل :المخالفة من الحفاظ
والكثرين ،والنقطاع ،وتدليس التسوية من الوليد ،والكتابة ،وجهالة الكاتب ،
والضطراب في لفظه ،والدراج ،وثبوت ما يخالفه من صحابيه ،ومخالفته لما رواه عدد
التواتر ) ا.هـ . .وانظر شرح الترمسي على ألفية السيوطي.
وقال اللكنوي في "ظفر الماني" 371-370بعد كلم ... ( :والمقصود ههنا بيان أن ألفاظ
الحديث الوارد في صحيح مسلم وموطأ مالك سوى لفظ فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد ل
رب العالمين مع قوة سندها وكون رواتها ثقات معللة بوجوه خفية قلما يطلع عليها المحدث
إل من أوتي سعة النظر وقوة الفكر فذكر بعض عللها إلى أن قال :ومن علل هذه الروايات
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
كثرة الضطراب في المتن كما مر ذكره وثبوت ما يخالفها عن أنس وأنه لم يرد بكلمه نفي
البسملة ...إلخ ) .
.--1وقد وافق ابن كثير على هذا الجواب ابن القيم وابن الوزير والصنعاني .
...-2برقم )902( 6وفي رواية أخرى )902( 7صلى ست ركعات وأربع سجدات والمعنى
واحد.
...-3أي في ركعة ،والحديث رواه مسلم برقم )908( 18و . )909( 19
...4بمعناه أي في كل ركعة )901( 1و )901( 3و )901( 4وغيرها .
-5وانظر أيضا ج 18ص 19-18من "مجموع الفتاوي" ،وكتاب "دقائق التفسير" د 6ص
366
-11حديث كعب بن مالك في ذبيحة المرأة والمة ،رواه المام البخاري ()5504و(. )5505
قال الحافظ الدارقطني أخرج البخاري حديث عبيدال عن نافع عن ابن كعب عن أبيه :أن
جارية لكعب .
وعن مالك عن نافع عم رجل من النصار عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ :أن جارية لكعب
.
وعن موسى عن جويرية عن نافع عن رجل من بني سلمة أخبر عبدال :أن جارية لكعب .
وقال الليث عن نافع سمع رجل من النصار أخبر عبدال :أن جارية لكعب ،قال :وهذا قد
اختلف فيه على نافع وعلى أصحابه عنه .
اختلف فيه على عبيدال وعلى يحيى بن سعيد وعلى أيوب وعلى قتادة وعلى موسى بن عقبة
وعلى إسماعيل بن أمية وعلى غيرهم ،فقيل عن نافع عن ابن عمر ول يصح والختلف فيه
كثير .
قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح ص 535بعد أن أورد كلم الدارقطني :قلت :وهو كما
قال وعلته ظاهرة والجواب عنه فيه تكلف وتعسف .
-12حديث :اختصام الجنة والنار وفيه ( :فأما الجنة فإن ال ل يظلم من خلقه أحدا وأنه
ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها ...إلخ ) .رواه المام البخاري من طريق أبي هريرة
(رضي ال عنه) ( . )7449
-13قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" ج 13ص : 353هذا مما وقع فيه الغلط ،وقال
الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 13ص : 536قال جماعة من الئمة :إن هذا الموضع
مقلوب ،وجزم ابن القيم بأنه غلط ،واحتج بأن ال تعالى أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس
وأتباعه ،وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني واحتج بقوله ( ول يظلم ربك أحدا ) ا.هـ ، .وقد
مثل به ابن الوزير في "تنقيح النظار" ج 2ص 107، 106مع "توضيح الفكار" للحديث
المقلوب ،وأقره على ذلك شارحه الصنعاني ،ومن المعلوم أن المقلوب من قسم الضعيف .
وقال الشيخ العلمة طاهر بن صالح الجزائري الدمشقي في "توجيه النظر إلى أصول الثر"
ص - 136بعد أن أورد كلما لبن تيمية حكم فيه بغلط هذا الحديث -قال ( :تنبيه :ما ذهب
إليه هذا المحقق من أن ما وقع في بعض طرق البخاري في حديث تحاج الجنة والنار من أن
النار ل تمتلئ حتى ينشئ ال لها خلقا آخر ،مما وقع فيه الغلط ،قد مال إليه كثير من
المحققين كالبلقيني وغيره ،ومن الغريب في ذلك محاولة بعض الغمار ممن ليس له إلمام
بهذا الفن ،ل من جهة الرواية ول من جهة الدراية نسبة الغلط إليه ؛ كأنه ظن أن النقد قد سد
بابه على كل أحد أو ظن أن النقد من جهة المتن ل يسوغ لنه يخشى أن يدخل منه أرباب
الهواء ؛ ولم يدر أن النقد إذا أجرى على المنهج المعروف لم يستنكر .
وقد وقع ذلك لكثير من أئمة الحديث مثل السماعيلي فإنه بعد أن أورد حديث ( يلقى إبراهيم
أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة ...الحديث ) ،قال ( :وهذا خبر في صحته نظر من
جهة أن إبراهيم عالم بأن ال ل يخلف الميعاد فقد يجعل ما بأبيه خزيا له مع إخباره بأن ال قد
وعده أن ل يخزيه يوم يبعثون ،وعلمه بأنه ل خلف لوعده ) ،فانظر كيف أعل المتن بما ذكر
.
فإن قلت :إن كثيرا مما انتقدوه من هذا النوع يمكن تأويله بوجه يدفع النقد ،قلت :إذا أمكن
التأويل على وجه يعقل ،فل كلم في ذلك ،وإن كان على وجه ل يعقل لم يلتفت إليه ،ولو
فتح هذا الباب أمكن حمل كل عبارة على خلف ما تدل عليه ...إلخ ) .
فأقول -اللباني : -هذا الشذوذ في هذا الحديث مثال من عشرات المثلة التي تدل على جهل
بعض الناشئين الذين يتعصبون ل "صحيح البخاري" ،وكذا ل "صحيح مسلم" تعصبا أعمى
،ويقطعون بأن كل ما فيهما صحيح ! ا.هـ .المراد منه .
-14حديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ( :كانت امرأة مخزومية تستعير
المتاع وتجحده ،فأمر النبي (صلى ال عليه وسلم) أن تقطع يدها ) ،رواه المام مسلم (9
. )1688
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 12ص 108 ،107ط دار الكتب العلمية :نقل النووي
أن رواية معمر شاذة مخالفة لجماهير الرواة ،قال :والشاذة ل يعمل بها .
وقال المنذري في الحاشية وتبعه المحب الطبري :قيل إن معمرا تفرد بها
وقال القرطبي :رواية ( أنها سرقت ...إلخ ) أكثر وأشهر من رواية الجحد ،فقد تفرد بها
معمر من بين الئمة والحفاظ وتابعه على ذلك من ل يقتدي بحفظه ؛ كابن أخي الزهري
ونمطه هذا قول المحدثين .قال الحافظ ابن حجر قلت :سبقه لبعضه القاضي عياض .
-14حديث (( :سبعة يظلهم ال في ظله يوم ل ظل إل ظله ...وفيه :ورجل تصدق بصدقة
فأخفاها حتى ل يعلم يمينه ما تنفق شماله )) ،رواه المام مسلم . )1031( 91
هذا الحديث مقلوب كما نص على ذلك القاضي عياض وأبو حامد ابن الشرقي والحافظ ابن
حجر والسخاوي واللكنوي وغيرهم ،والصواب ( :حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينه ) .
قال الحافظ في "الفتح" ج 2ص : 186وقد تكلف بعض المتأخرين توجيه هذه الرواية
المقلوبة ،وليس بجيد ؛ لن المخرج متحد ولم يختلف فيه على عبيدال ابن عمر شيخ يحيى
فيه ول على شيخه خبيب ول على مالك رفيق عبيدال بن عمر ا.هـ . .وقد مثل به ابن الوزير
في "تنقيح النظار" للحديث المقلوب ،وأقره على ذلك شارحه الصنعاني .
-15عن سليمان بن يسار عن السيدة عائشة وفي بعض الروايات سمعت عائشة وفي بعضها
قالت ( :كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول ال (صلى ال عليه وسلم) فيخرج إلى الصلة
وإن بقع الماء في ثوبه) رواه المام البخاري ، 232 ، 231 ، 230 ، 229والمام مسلم
)289( 108وغيرهما
قال المام الشافعي في "الم" 1/57بعد أن روى هذا الحديث :وهذا ليس بثابت عن
عائشة ،وهم يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون ...إنما هو رأي سليمان بن يسار كذا حفظه
عنه الحفاظ أنه قال ( :غسله أحب إلي ) .وقد روى عن عائشة خلف هذا القول .ولم يسمع
سليمان من عائشة حرفا قط ولو رواه عنها لكان مرسل ا.هـ . .وقال البزار :لم يسمع
سليمان بن يسار من عائشة ا.هـ..
-16حديث جابر ( رضي ال عنه ) ( :أن رجل جاء النبي عليه الصلة والسلم فاعترف
بالزنا فأعرض عنه النبي (صلى ال عليه وسلم) ...وفيه :فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك
فرجم حتى مات ،فقال له النبي (صلى ال عليه وسلم) خيرا ،وصلى عليه ) ،رواه المام
البخاري ( )6820من طريق محمود بن غيلن عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي
سلمة .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 12ص 157ط دار الكتب العلمية :قوله ( وصلى عليه)
هكذا وقع هنا عن محمود بن غيلن عن عبدالرزاق ،وخالفه محمد بن يحيى الذهلي وجماعة
عن عبدالرزاق فقالوا في آخره :ولم يصل عليه ،وقال المنذري في حاشية السنن رواه
ثمانية أنفس عن عبدالرزاق فلم يذكروا قوله ( :وصلى عليه ) .
قال الحافظ :قلت قد أخرجه أحمد في مسنده عن عبدالرزاق ،ومسلم عن إسحاق بن
راهويه ،وأبو داود عن محمد بن المتوكل العسقلني ،وابن حبان من طريقه ،زاد أبو داود
والحسن بن علي الخلل والترمذي عن الحسن بن علي المذكور ،والنسائي وابن الجارود
عن محمد بن يحيى الذهلي ،زاد النسائي ومحمد بن رافع ونوح بن حبيب والسماعيلي
والدارقطني من طريق أحمد بن منصور الرمادي ،زاد السماعيلي ومحمد بن عبدالملك بن
زنجويه وأخرجه أبو عوانه عن الدبري ومحمد ابن سهل الصنعاني ،فهؤلء أكثر من عشرة
أنفس خالفوا محمودا ،منهم من سكت عن الزيادة ومنهم من صرح بنفيها ا.هـ..
وقال البيهقي :رواه البخاري عن محمود بن غيلن عن عبدالرزاق إل أنه قال ( :فصلى
عليه) وهو خطأ لجماعهم على خلفه ،ثم إجماع أصحاب الزهري على خلفه ا.هـ..
-17حديث ابن عباس ( رضي ال عنهما ) ،أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال :
( الثيب أحق بنفسها من وليها ،والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وأذنها صماتها ) ،رواه
المام مسلم ( . )1421
فقد أعل جماعة كبيرة من العلماء لفظة ( أبوها ) .قال أبو داود ( :وأبوها :ليس بمحفوظ )
.وقال الدارقطني في "السنن" ج 3ص : 241ل نعلم أحدا وافق ابن عيينه على هذا اللفظ ،
ولعله ذكره من حفظه فسبقه لسانه ا.هـ ..ونحوه للبيهقي في "السنن الكبرى" ج 7ص . 115
-18حديث أبي هريرة ( رضي ال عنه ) أن رسول ال عليه الصلة والسلم قال (( :ل
يقولن أحدكم عبدي فكلكم عبيد ال ؛ ولكن ليقل فتاي ،ول يقل العبد ربي ؛ وليقل سيدي )) ،
رواه المام مسلم ( . )2249ثم رواه بلفظ (( ول يقل العبد لسيده مولي ؛ فإن مولكم ال )) .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 5ص : 225قد بين مسلم الختلف في ذلك على
العمش -أحد رواة هذا الحديث -وأن منهم من ذكر هذه الزيادة ،ومنهم من حذفها ،وقال
عياض :حذفها أصح .وقال القرطبي :المشهور حذفها ،وقال :إنما صرنا إلى الترجيح
للتعارض مع تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ .
ومقتضى ظاهر هذه الزيادة أن إطلق السيد أسهل من إطلق المولى وهو خلف المتعارف ؛
فإن المولى يطلق على أوجه متعددة منها السفل والعلى ؛ والسيد ل يطلق إل على العلى ؛
فكان إطلق المولى أسهل وأقرب إلى عدم الكراهة وال أعلم .
-19حديث بريدة في قصة رجم ماعز وذكر الحفر فيه ،وأن ترديده كان في مجالس مختلفة .
رواه المام مسلم . )1695( 23
فقد أعل جماعة من العلماء ذكر الحفر والترديد في عدة مجالس .قال المام أحمد كما في
"معالم السنن" للخطابي ج 6ص : 255 ، 254أحاديث ماعز كلها أن ترديده إنما كان في
مجلس واحد إل ذلك الشيخ بشير بن المهاجر ؛ وذلك عندي منكر الحديث .
وقال ابن القيم :كل هذه اللفاظ صحيحة ،وفي بعضها أنه أمر فحفرت له حفيرة ،ذكرها
مسلم ،وهي غلط من رواية بشير بن المهاجر ...وإنما حصل الوهم من حفرة الغامدية
فسرى إلى ماعز وال تعالى أعلم .
وقد اختلف أبي هريرة ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال :
((اليمان بضع وستون شعبة )) رواه البخاري ( ، )9ورواه مسلم بلفظ (( اليمان بضع
وسبعون شعبة )) )1( . )35( 57
-20حديث اختلف العلماء في الترجيح بين هاتين الروايتين ،فرجح البيهقي في "شعب
اليمان" وابن الصلح والحافظ ابن حجر رواية البخاري ،ورجح الحليمي والقاضي عياض
رواية مسلم ،وانظر الفتح للتفصيل ج 1ص . 71
-21حديث أبي موسى الشعري في ( ساعة الجابة ) رواه المام مسلم . )352( 16
قال الحافظ الدارقطني ص ( : 235 - 233أخرج مسلم حديث ابن وهب عن مخرمة بن بكير
عن أبيه عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي (صلى ال عليه وسلم) في الساعة المستجاب
فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين أن يجلس المام على المنبر إلى أن يقضي الصلة ،وهذا
الحديث لم يسنده غير مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة ،وقد رواه جماعة عن أبي بردة
منقطع أي مقطوع .إلى أن قال :النعمان بن عبد السلم عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي
بردة عن أبيه :موقوف ،ول يثبت قوله عن أبيه ،ولم يرفعه غير مخزمة عن أبيه .وقال
أحمد ابن حنبل عن حماد بن خالد :قلت لمخرمة :سمعت من أبيك شيئا ؟ قال :ل ) ا.هـ..
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ج 2ص 536 ، 535عن هذا الحديث ( :إنه أعل
بالنقطاع والضطراب ) :
أما النقطاع فلن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه ؛ قاله أحمد عن حماد بن خالد عن
مخرمة نفسه ،وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة وزاد :إنما هي
كتب كانت عندنا .وقال علي ابن المديني :لم أسمع أحدا من أهل المدينة يقول عن مخرمة
إنه قال في شيء من حديثه :سمعت أبي ،ول يقال :مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء
مع المعاصرة وهو كذلك هنا ؛ لنا نقول :وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه
كاف في دعوى النقطاع .
وأما الضطراب ،فقد رواه أبو إسحاق وواصل الحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي
بردة من قوله ،وهؤلء من أهل الكوفة ،وأبو بردة كوفي ،فهم أعلم بحديثه من بكير المدني
؛ وهم عدد وهو واحد ،وأيضا لو كان عند أبي بردة مرفوعا لم يفت برأيه بخلف المرفوع ،
ولهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب ) ا.هـ ..ونحوه لشيخه الحافظ العراقي .
وضعفه أيضا اللباني في ضعيف الجامع الصغير ،وضعيف أبي داود ص ، 193والتعليق
على الترغيب . 1/250
-22حديث :سأزيد على السبعين ،في تفسير قول ال تعالى ( إن تستغفر لهم سبعين مرة
فلن يغفر ال لهم ) (التوبة )80 :رواه المامان البخاري ( )4670ومسلم .
فقد ضعف جماعة من العلماء هذا الحديث ؛ بل حكم بعضهم بوضعه ،ومن هؤلء العلماء
القاضي الباقلني وإمام الحرمين والغزالي والداودي والستاذ محمد عبده .
قال الغزالي في "المستصفى" ج 2ص : 43و الظهر أنه غير صحيح لنه عليه السلم
أعرف الخلق بمعاني الكلم ا.هـ.وقال في "المنحول" ص : 212كذب قطعا ا.هـ..
وقال الداودي :هذا الحديث غير محفوظ .وقال القاضي الباقلني :ل يجوز أن يقبل هذا ول
يصح أن الرسول قاله .
-23حديث الجارية الذي فيه ( أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال لها :أين ال ؟ قالت
:في السماء ) رواه مسلم . )537( 33
فقد حكم ببطلنه جماعة من العلماء ،وهو الحق الذي ل مرية فيه ول تردد ،وبيان بطلنه
من وجوه -:
الول :أنه مخالف لما تواتر عن النبي (صلى ال عليه وسلم) ؛ أنه كان إذا أتاه شخص يريد
السلم أمره أن ينطق بالشهادتين من غير أن يسأله هذا السؤال أو نحوه .
الثاني :مخالفته لما ثبت عن النبي (صلى ال عليه وسلم) أنه كان إذا بعث بعض أصحابه
للدعوة إلى السلم أمرهم أن يأمروا الناس أن يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال
(صلى ال عليه وسلم) من غير أن يأمرهم أن يبينوا لهم أو يسألوهم عن هذه العقيدة
المزعومة .
الثالث :أن النبي عليه السلم بين أركان السلم واليمان في حديث جبريل عليه السلم ،ولم
يذكر فيه عقيدة أن ال في السماء التي عليها المجسمة - ،تعالى اللع عن ذلك علوا كبيرا . -
الرابع :أنه مخالف لحديث ( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا
رسول ال ،فإن هم فعلوا ذلك ؛ فقد عموا مني دمائهم وأموالهم إل بحق السلم ،وحسابهم
على ال ) وقد نص غير واحد على أنه حديث متواتر .
الخامس :أنه مخالف لجماع المة ؛ من أن من نطق بالشهادتين وصدق بما جاء به الرسول
(صلى ال عليه وسلم) فقد دخل في السلم .
السادس :أن عقيدة أن ال في السماء ل تثبت توحيدا ول تنفي شركا ،وذلك لن بعض
المشركين يعترفون بوجود ال وكذا النصارى ؛ ومع ذلك يشركون معه في اللوهية غيره .
السابع :أن هذا الحديث قد جاء بألفاظ متعددة ،فقد جاء بما ذكرنا ،وجاء بلفظ :أتشهدين أن
ل إله إل ال ؟ فقالت :نعم ...إلخ .
قال الهيثمي في "المجمع" ج 1ص 23و ج 4ص : 243رجال أحمد رجال الصحيح .وقال
ابن كثير في التفسير : 1/547إسناده صحيح وجهالة الصحابي ل تضره ا.هـ ..وصححه أيضا
ابن عبدالبر في "التمهيد" . 9/114
وجاء بلفظ ( من ربك ...إلخ ) رواه الربيع ( رحمه ال ) في "الجامع الصحيح" ج 2ص
، 62ورواه بهذا اللفظ في حادثة أخرى كل من النسائي ج 6ص ، 252وأبي داود ج 2ص
، 230وأحمد ج 4ص 222و 388و ، 389والطبراني ج 7ص 320و ج 7ص ، 136وفي
الوسط وابن حبان والحاكم ج 3ص ، 258والبيهقي ج 7ص 388و . 389
واللفظ الثاني هو الصواب لموافقته للمتواتر من سنته (صلى ال عليه وسلم) كما بيناه آنفا .
فإن قيل :إن اللفظ الول هو الصواب لرواية المام مسلم له ؛ قلنا :إن الترجيح برواية
الشيخين أو أحدهما لبعض اللفاظ على رواية غيرهما ضعيف جدا ؛ بل باطل ل وجه له ،لعدم
وجود الدليل الدال عليه ؛ بل الدلة متوفرة بحمد ال على خلفه ،وهذا هو الذي ذهب إليه
جمهور المة ،ممن ذهب إليه من المتأخرين العلمة قاسم والكمال بن الهمام في "فتح
القدير" وفي "التحرير" ،وشارحا كتابه ابن أمير الحاج ومحمد المين المعروف بأمير
بادشاه وابن كثير والقسطلني وعلي القاري والصنعاني وأكرم السندي وأحمد شاكر
والكوثري وآخرون وهو الحق .
الثامن :أنه لو سلم جدل أن لفظ مسلم مساو للفظين الخرين ؛ فإنه ل يجوز الحتجاج به ؛
لن الحديث يكون حينئذ محتمل للكل ؛ ومع الحتمال يسقط الستدلل كما هو مقرر عند أولي
العلم والكمال .
التاسع :أن يحيى بن أبي كثير -أحد رواة هذا الحديث -مدلس ،وهو وإن كان قد صرح
بالسماع عند بعضهم إل أن بعض العلماء ل يأخذ برواية المدلس ولو صرح بالسماع ،ول
شك أن المتفق عليه أولى بالتقديم من المختلف فيه .
العاشر :أن هذا الحديث معارض للقواطع العقلية والنقلية الدالة على عدم تحيز المولى
سبحانه في جهة الفرق ،والحديث الحادي ل يحتج به في العقائد -كما أوضحناه سابقا -ول
سيما مع معارضته للقواطع من الكتاب والسنة المتواترة ودللة العقل السليم .هذا ول
يعترض علينا بصحة إسناد هذا الحديث لننا وإن سلمنا ذلك ل يلزمنا منه الحكم بثبوت هذا
الحديث وذلك لن صحة السند شرط من شروط صحة الحديث وإذا بطل المتن فل عبرة بقوة
السناد كما هو مقرر عند علماء الحديث وإليك نصوص بعض العلماء في ذلك -:
)1قال الحاكم أبو عبدال في "علوم الحديث" ص : 113 ، 112وإنما يعلل الحديث من أوجه
ليس للجرح فيها مدخل ،فإن حديث المجروح ساقط واه ،وعلة الحديث تكثر في أحاديث
الثقات أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلول ،والحجة فيه
عندنا الحفظ والفهم والمعرفة ل غير ا.هـ..
)2قال ابن الجوزي في "الموضوعات" ج 1ص : 100 - 99وقد يكون السناد كله ثقات
ويكون الحديث موضوعا أو مقلوبا أو قد جرى فيه تدليس وهذا من أصعب المور ول يعرف
ذلك إل النقاد ا.هـ. .
)3قال ابن الصلح في "مقدمته" ص : 113قد يقال :هذا حديث صحيح السناد ول يصح
لكونه شاذا أو معلل ا.هـ..
)4قال الطيبي في "الخلصة" :قولهم :حديث صحيح أو حسن ،وقد يصح السناد أو
يحسن دون متنه لشذوذ أو علةا.هـ..
)5قال النووي في "الرشاد" ص 69بعد كلم : ...لنه قد يصح أو يحسن السناد ،ول
يصح ول يحسن لكونه شاذا أو معللا.هـ ..ومثله في مختصره التقريب .
)6قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" ج 18ص : 42وقد يترك من حديث الثقة ما علم
أنه أخطأ فيه ،فيظن من ل خبرة له أن كل ما رواه ذلك الشخص يحتج به أصحاب الصحيح
وليس المر كذلك ،فإن معرفة علل الحديث علم شريف يعرفه أئمة الفن ،كيحيى بن سعيد
القطان وعلي ابن المديني وأحمد ابن حنبل والبخاري صاحب الصحيح والدارقطني وغيرهم ،
وهذه علوم يعرفها أصحابها .
وقال ص : 47كم من حديث صحيح التصال ثم يقع في أثنائه الزيادة والنقصان فرب زيادة
لفظة تحيل المعنى ونقص آخر كذلك.هـ.المراد منه .
وقال ص 19بعد كلم : ...وهو خلف ما أخبر به القرآن مع أن حذاق أهل الحديث يثبتون
علة هذا الحديث -يعني حديث (( خلق ال التربة يوم السبت )) -من غير هذه الجهة ،وأن
رواية فلن غلط فيه لمور يذكرونها وهذا الذي يسمى معرفة علل الحديث ،يكون الحديث
إسناده في الظاهر جيدا ،ولكن عرف من طريق آخر أن رواية غلط فرفعه وهو موقوف ،أو
أسنده وهو مرسل ،أو دخل عليه حديث في حديث ،وهذا فن شريفا.هـ.المراد منه .
)7قال ابن القيم في "الفروسية" ص : 64وقد علم أن صحة السناد شرط من شروط صحة
الحديث وليست موجبة لصحة الحديث ،فإن الحديث يصح بمجموع أمور منها :صحة سنده
وانتقاء علته وعدم شذوذه ونكارته .
وقال في تعليقاته على "سنن أبي داود" ج 1ص 112المطبوع بحاشية "عون المعبود" :
أما قولكم إنه قد صح سنده فل يفيد الحكم بصحته ،لن صحة السند شرط أو جزء سبب للعلم
بالصحة ،ل موجب تام ،فل يلزم من مجرد صحة السند صحة الحديث ما لم ينتف عنه
الشذوذ والعلة .ا.هـ.المراد منه .
)8قال ابن جماعة في "المنهل الروي" ص : 37قولهم :حسن السناد أو صحيح السناد
دون قولهم :حديث صحيح أو حسن إذ قد يصح إسناده أو يحسن دون متنه لشذوذ أو
علةا.هـ..
)9قال ابن الملقن في "المقنع" ج 1ص : 89قولهم :هذا حديث حسن السناد أو صحيحة
دون قولهم :حديث صحيح أو حسن لنه قد يقال هذا حديث صحيح السناد ،ول يصح لكونه
شاذا أو معللا.هـ..
)10قال الصنعاني في "توضيح الفكار" ج 1ص : 234اعلم أن من أساليب أهل الحديث أن
يحكموا بالصحة والحسن والضعيف على السناد دون متن الحديث ،فيقولون إسناد صحيح
دون حديث ونحو ذلك أي حسن أو ضعيف لنه قد يصح السناد لثقة رجاله ول يصح الحديث
لشذوذ أو علة اهـ.
وقد نص على ذلك أيضا البلقيني والعراقي والحافظ ابن حجر وزكريا والنصاري والسخاوي
والسيوطي وعلي القاري واللكنوي وغيرهم بل هو أمر متفق عليه بين أئمة الفن الشريف.
وإليك بعض الحاديث التي ضعفها بعض العلماء أو أنهم حكموا بوضعها لنكارة متونها مع
قوة أسانيدها عندهم ،بغض النظر عن أسانيدها ومتونها عندنا : )2( .
-1قال الحاكم أبو عبدال في "علوم الحديث" ص 58عن حديث ابن عمر ( صلة الليل
والنهار مثنى مثنى ) :هذا حديث ليست له علة في إسناده لنه ليس في رواته إل ثقة ثبت
وذكر ( النهار ) فيه وهم والكلم عليه يطول .ا.هـ.
-2وقال ص 113عن حديث هناك :هذا حديث من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح وله
علة فاحشة .
-3وقال ص 41عن حديث هناك :هذا حديث مخرج في الصحيح لمسلم بن الحجاج وله علة
عجيبة.
-4وقال ص 59عن حديث هناك :هذا إسناد تناوله الئمة والثقات وهو باطل من حيث مالك .
-5وقال ص 59عن حديث "اللهم صيبا هنيئا" :وهذا حديث تداوله الثقات هكذا وهو في
الصل معلول واه .
-6وقال ص 115 - 114عن إسناد حديث هناك :وهذا إسناد ل ينظر فيه حديثي إل علم أنه
من شرط الصحيح ،والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا .
-7وقال فيه أيضا ص 120عن حديث في جمع الصلتين :ولم يذكر أبو عبدالرحمن ول أبو
علي للحديث علة فنظرنا فإذا الحديث موضوع ،وقتيبة -يعني أحد رواة هذا الحديث -ثقة
مأمونا.هـ ..والحديث صحيح ثابت وقد صححه غير واحد من المحققين كما ذكرته في غير هذا
الموضع .
-8قال الخطيب البغدادي كما في "تنزيه الشريعة" لبن عراق عن حديث ( إذا مات مبتدع )
:السناد صحيح والمتن منكر .
.-2وذلك لنني إنما أردت من ذلك أن أبين تقرر هذه القاعدة عند أئمة الحديث ،وإل فإن
بعض هذه الحاديث صحيح ثابت عندنا كالحديث رقم ( ، )7وبعضها ضعيف من جهة سنده
أيضا كالحديث رقم( )9والبعض الخر صحيح السناد منكر المتن كما قال أولئك العلماء ،وال
أعلم .
-9قال الذهبي في "تلخيص المستدرك" ج 1ص : 317 ، 316عند الكلم على حديث علي
في ( الدعاء والصلة لنسيان القرآن ) :هذا حديث منكر شاذ أخاف أن يكون موضوعا ،وقد
حيرني -وال -جودة سنده فإنه ليس فيه إل الوليد بن مسلم وقد قال :حدثني ابن جريح .
قلت :بل الحديث باطل من جهة سنده أيضا وله ثلث علل -:
الولى :تدليس الوليد بن مسلم ،فإنه يدلس تدليس التسوية ،وهو من أقبح أنواع التدليس ،
فل يحتج بروايته إل إذا صرح بالسماع في جميع الطبقات ،وهذا مما لم يصنعه في هذا
الحديث ،وهذا كله على رأي من يرى الحتجاج بروايات المدلسين هذا النوع من التدليس ،
ولسنا ممن يرى ذلك لنه جرح على التحقيق ،ولو كنا ممن يرى ذلك لستثنينا الوليد بن
مسلم من ذلك ،لنه ثبت عنه أنه كان يدلس عن الكذابين الدجالين ،ومن كان هذا حاله فل
يحتج به ول كرامة .
الثانية :عنعنة ابن جريح فإنه مدلس مشهور ،قال الدارقطني :تجنب تدليس ابن جريح فإنه
قبيح التدليس ل يدلس إل فيما سمعه من مجروح كإبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة .
الثالثة :ضعف سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي أحد رواة هذا الحديث ،قال أبو حاتم :
صدوق مستقيم الحديث لكنه أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين ،وكان عندي لو أن رجل
وضع له حديثا لم يفهم وكان ل يميزا.هـ..
وللحديث طريق ثانية ،ولكنها ليست مما يفرح به ،لن في إسنادها النقاش شيخ الدارقطني
وهو كذاب ،إضافة إلى العلتين الولى والثانية اللتين في الطريق الولى وله طريق ثالثه وهي
كسابقتيها لن في إسنادها متروكا وضعيفا جدا .
-10وقال في "تذكرة الحفاظ" عن حديث ( ل تبتئسي على حميمك فإن ذلك من حسناتك ) :
رواته ثقات لكنه منكر .
-11وذكر في "الميزان" قصة مجيء أحمد ابن حنبل إلى بيت إسماعيل بن إسحاق السراج
وسماعه لكلم الحارث المحاسبي لصحابه ...إلخ ،ثم قال :وهذه حكاية صحيحة السند
منكرة ل تقع على قلبي ،أستبعد وقوع هذا من مثل أحمد .
-12وقال في "سير أعلم النبلء" 3/209بعد أن ذكر حديثا :ومع صحة إسناده هو منكر
من القول ،وهو يقتضي أن اسم ابن عمر ما غير إلى ما بعد سنة سبع من الهجرة وهو ليس
بشئ .
-13وقال فيه أيضا ج 6ص 338 - 337عن حديث ابن عمر أن رسول ال (صلى ال عليه
وسلم) قال " :اغسلوا موتاكم" :غريب جدا ،وهذا محمول على من قتل في غير مصاف
القتال ،ولعل الغلط فيه من شيخ ابن عدي ،والثقة قد يهم .
-14وقال في تلخيصه للمستدرك للحاكم ج 1ص 507 ، 506عند الكلم على حديث ( لما
كان يوم أحد انكفأ المشركون فقال رسول ال (صلى ال عليه وسلم) استووا حتى أثني على
ربي ...الحديث ) :قلت -الذهبي : -لم يخرجا لعبيد وهو ثقة ،والحديث مع نظافة إسناده
منكر أخاف أن يكون موضوعا .
-15وقال فيه أيضا ج 2ص 367 ، 366عن حديث علي ( :انطلق بي رسول ال (صلى ال
عليه وسلم) حتى أتى الكعبة فقال لي :اجلس ) ...الحديث ،قال :قلت -الذهبي : -إسناده
نظيف والمتن منكر .
-16وقال فيه أيضا ج 3ص 128 ، 127عن حديث ابن عباس أنه (صلى ال عليه وسلم)
17قلت -والقائل الذهبي : -هذا وإن كان رواته ثقات فهو منكر وليس ببعيد من الوضع ،
وإل لي شيء حدث به عبدالرزاق سرا ولم يجسر أن يتفوه لحمد وابن معين والخلق الذين
رحلوا إليه ؟ .
18وقال فيه أيضا ج 3ص 159عن حديث أسماء بنت عميس كنت في زفاف فاطمة قلت -
والقائل الذهبي : -فيه صالح بن حاتم عن أبيه ،وحاتم خرجا له -يعني الشيخين -وصالح
من شيوخ مسلم لكن الحديث غلط فإن أسماء كانت ليلة زفاف فاطمة بالحبشة .
-19وقال فيه أيضا ج 3ص 171 - 170عند تعليقه على تصحيح الحاكم لحديث هناك قلت -
الذهبي : -وروى عن يوسف نوح بن قيس أيضا وما علمت أحدا تكلم فيه - .قلت :وقد وثقه
يحيى بن معين ، -والقاسم وثقوه ...وما أدري أين آفة هذا الحديث ا.هـ..
-20وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ج 4ص : 530هذا الحديث -على كل تقدير -
منكر جدا قال شيخنا المام الحافظ أبو الحجاج المزي :هو حديث منكرا.هـ.المراد منه .
-21وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" أيضا ج 4ص 12 ، 11عن حديث عائشة :أنها
جاءت هي وأبوها فقال إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع ،فقال :اللهم اغفر
لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبة ظاهرة وباطنة ...إلخ .قال :قلت :منكر على
جودة إسناده .
-22وقال فيه أيضا عن حديث :أطعم رسول ال (صلى ال عليه وسم) عن صفية خبزا
ولحما عند تعليقه على قول الحاكم صحيح ،قلت :بل غلط ،ذي زينب .
-23وقال فيه أيضا ج 4ص 48عن حديث هناك :صحيح منكر المتن ،فإن رقية ماتت وقت
بدر وأبو هريرة أسلم وقت خيبر .
24وقال فيه أيضا ج 4ص 99عن حديث ( :ل تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية ) قلت :
لم يصححه المؤلف -يعني الحاكم -وهو حديث منكر على نظافة سنده .
-25قال ابن طاهر عن حديث أنس ( رضي ال عنه ) في البسملة كما في "محاسن
الصطلح" للمام البلقيني ( : )3هذا إسناد صحيح متصل لكن هذه الزيادة في متنه منكرة
موضوعة .
26قال ابن سيد الناس في "عيون الثر" ج 1ص 56 - 55عن حديث ذكره هناك من رواية
الترمذي بعد أن ذكره :قلت :ليس في إسناد هذا الحديث إل من خرج له في الصحيح
وعبدالرحمن بن غزوان أبو نوح لقبه قراد ،وانفرد به البخاري ويونس بن أبي إسحاق انفرد
به مسلم ،ومع ذلك ففي متنه نكارة ،وهي إرسال أبي بكر مع النبي عليه الصلة والسلم
بلل ،فكيف وأبو بكر حينئذ لم يبلغ العشر سنين فإن النبي (صلى ال عليه وسلم) أسن من
أبي بكر بأزيد من عامين ،وكانت للنبي (صلى ال عليه وسلم) تسعة أعوام على ما قاله أبو
جعفر محمد بن جرير الطبري وغيره أو اثنا عشر عاما على ما قاله آخرون ،وأيضا فإن بلل
لم ينتقل لبي بكر إل بعد ذلك بأكثر من ثلثين عاما ،فإنه كان لبني خلف الجمحيين وعندما
عذب في ال على السلم اشتراه أبو بكر ( رضي ال عنه ) رحمة له واستنقاذا من أيديهم
وخبره بذلك مشهورا.هـ.المراد منه .
=====================:
وقال الزركشي في "الجابة ليراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص 41في تعليق
على وهم وقع في رواية البخاري لحادثة الفك قال :قوله فيه فدعا رسول ال ( صلى ال
عليه وسلم ) بريرة ،وبريرة إنما اشترتها عائشة فأعتقتها بعد ذلك ...إلى أن قال :إن تفسير
الجارية ببريرة مدرج في الحديث من تفسير بعض الرواة ،فيظن أنه من الحديث ،وهو نوع
غامض ل يتنبه له إل الحذاق.
ومن نظائرة ما وقع في الترمذي وغيره من حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر ابن أبي
موسى عن أبيه قال :خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي عليه الصلة والسلم فذكر
الراهب ،وقال في آخره ( :فرده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلل وزوده الراهب من الكعك
والزيت ) ،فهذه من الوهام الظاهرة ،لن بلل إنما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبي (صلى
ال عليه وسلم) وبعد أن أسلم بلل وعذبه قومه ،لما خرج النبي (صلى ال عليه وسلم) كان
له من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وأيام ،ولعل بلل لم يكن بعد ولد ،ولما خرج المرة
الثانية كان له قريب من خمس وعشرين سنة ،ولم يكن مع أبي طالب إنما كان مع ميسرة
ا.هـ..
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" ج 2ص 265بعد كلم : ...وثقه -يعني قرادا أحد
رواة هذا الحديث -جماعة من الئمة والحفاظ ولم أر أحدا جرحه ومع هذا ففي حديثه غرابة
...إلى أن قال :الثالث أن قوله ( :وبعث معه أبو بكر بلل ) إن كان عمره (صلى ال عليه
وسلم) إذ ذاك اثنتي عشرة سنة فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشر وعمر بلل
أقل من ذلك فأين كان أبو بكر إذ ذاك ؟ ثم أين كان بلل ؟! كلهما غريبا.هـ..
وقال ابن الجزري كما في "تحفة الحوذي" للمبار كفوري ج 4ص : 297إسناده صحيح
رجاله الصحيح رجال الصحيح أو أحدهما ،وذكر أبي بكر وبلل فيه غير محفوظ ،وعده
أئمتنا وهما وهو كذلك ،فإن سن النبي (صلى ال عليه وسلم) اثنتا عشرة سنة وأبو بكر
أصغر منه بسنتين وبلل لعله لم يكن ولد في ذلك الوقت ا.هـ..
وقال الحافظ ابن حجر في "الصابة" ج 1ص : 183وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله
ثقات من حديث أبي موسى الشعري أخرجها الترمذي وغيره ولم يسم فيها الراهب ،وزاد
فيها لفظة منكرة وهي قوله وأتبعه أبو بكر بلل ،وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذ لم يكن
متأهل ول اشترى يومئذ بلل ،إل أن يحمل أن هذه الجملة الخيرة مقتطعة من حديث آخر
أدرجت في هذا الحديث ،وفي الجملة هي وهم من أحد رواتها.هـ ..وقد صرح بمثل ذلك في
"هدي الساري" وال أعلم .
-26قال الحافظ ابن رجب عن حديث (( إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له
أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولكم به ،وإذا سمعتم الحديث عني تنكره
قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه )) :إسناده قد قيل
:إنه على شرط مسلم ولكنه معلول ا.هـ.المراد منه .
-27قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 10ص 46عند ذكره ما رواه ابن مردويه في
تفسير من حديث أنس في قصة تحريم الخمر وأنه كان يسقي أبا عبيدة وأبا طلحة أن أبا بكر
وعمر كانا فيهم يشربان الخمر :ومن المستغربات ما رواه ابن مردويه ...إلى أن قال :وهو
منكر مع نظافة سنده ،وما أظنه إل غلطا .
-28أورد الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" ( )647حديث الصماء بنت بسر أن رسول ال
(صلى ال عليه وسلم) قال (( :ل تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم فإن لم يجد
أحدكم إل لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها )) وقال عنه :رواة الخمسة ورجاله ثقات إل
أنه مضطرب وقد أنكره مالكا.هـ.المراد منه .
-29قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" ج 1ص 86عن حديث هناك :رجاله ثقات إل أنه
معلول ا.هـ .المراد منه .
-30حديث ابن عباس ( رضي ال عنهما ) قال (( :في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح
كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى )) ،قال الحاكم :صحيح السناد ووافقه الذهبي في
"المستدرك" .
اقل السيوطي في "التدريب" ج : 233 1ولم أزل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت
البيهقي قال :إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة ول أعلم لبي الضحى علبه متابعا قال السيوطي
:وهذا من البيهقي في غاية الحسن فإنه ل يلزم من صحة السناد صحة المتن لحتمال صحة
السناد ،مع أن في المتن شذوذا أو علة تمنع صحته ...إلخ .
وقال الذهبي في "العلو" ص ... : 61هذه بلية تحير السامع ...وهو من قبيل اسمع واسكت
اهـ.
قلت :بل متنه باطل منكر بمرة وإسناده ضعيف ،وليس هذا موضع بيان ذلك ،وعلى تقدير
ثبوته عن ابن عباس فهو مما رواه عن أهل الكتاب ،وهو مما يجب أن يجزم بكذبه لدلة ل
والمثلة على ذلك كثيرة جدا ل نطيل المقام بذكرها ،ولعلنا نفردها بكتاب خاص .
هذا وإذا تقرر لك ذلك علمت بطلن زيادة ( في السماء ) وعلى تقدير ثبوتها فإن المراد بذلك
علو المرتبة كما أوضحه الحافظ وغيره ،هذا ومن الجدير بالذكر أن للفظ ( في السماء )
شاهدا رواه إسماعيل الهروي من طريق ابن عباس ( رضي ال عنهما ) ،ولكنه ليس مما
يفرح به ،لن في إسناه سعيد بن المرزبان وهو متروك منكر الحديث بمرة ،قال ابن معين :
ليس بشيء ،وقال البخاري :منكر الحديث ،وقال النسائي :ضعيف ،وقال مرة :ليس بثقة
ول يكتب حديثه ،وقال الدارقطني :متروك ،وقال ابن حبان :كثير الوهم فاحش الخطأ وال
تعالى أعلم .
هذا الحديث بهذا اللفظ شاذ ،قال الحافظ في "الفتح" ج 8ص 858 - 857ط دار الكتب
العلمية :ووقع في هذا الموضع ( يكشف ربنا عن ساقه ) وهو من رواية سعيد بن أبي هلل
عن زيد بن أسلم فأخرجه السماعيلي كذلك ثم قال :في قوله ( عن ساقه ) نكرة ،ثم أخرجه
من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ ( يكشف عن ساقه ) ،قال السماعيلي :
هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة ،ل يظن أن ال تعالى ذو أعضاء وجوارح لما في
ذلك من مشابهة المخلوقين -تعالى ال عن ذلك -ليس كمثله شيء ا.هـ . .وأقره على ذلك
الحافظ ابن حجر .
هذا والمراد بالساق في الية والحديث على تقدير صحته ( )2شدة المر كما قال ابن عباس
ومجاهد والضحاك وقتادة والنخعي ؛ بل هذا قول الصحابة قاطبة ،وإليه ذهب ابن جرير وابن
كثير والفخر الرازي وأبو حيان وابن الجوزي والقرطبي واللوسي وآخرون يطول الكلم
بذكرهم ،وهو الذي ذهب إليه ابن تيمية في ج 6ص 394من "مجموع الفتاوي" .
:
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
.-.1ورواه أيضا برقم )35( 58بلفظ (( اليمان بضع وسبعون )) أو (( بضع وستون )) إلخ
-2والصحيح عندنا أنه ضعيف كما بينا ذلك في غير هذا الموضع .
والشواهد على ذلك كثيرة ل نطيل المقام بذكرها ،وال تعالى أعلم .
-25حديث حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال :
قرأ رسول ال ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال (( :إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار
النار ،نادى مناد :يا أهل الجنة إن لكم موعدا عند ال ويريد أن ينجزكموه ،فيقولون :ماهو
؟ ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ؟ فيكشف ل عنهم الحجاب فينظرون إلى
ال ،فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه ،وهي الزيادة )) رواه مسلم ( 297
. ) 181
الول :أن في إسناده حماد بن سلمة ،وهو وإن كان صدوقا في نفسه إل أنه سيء الحفظ يهم
ويخطئ ،وقد اختلط وتغير ،فهو ليس بحجة .
قال الذهبي في "الكاشف" ج 1ص ( : 188ثقة صدوق يغلط ) ،وقال في "الميزان ج 1ص
( : 590كان ثقة له أوهام ) .
وقال في "سير أعلم النبلء" ج 7ص 452بعد كلم ( :إل أنه طعن في السن ساء حفظه ؛
فلذلك لم يحتج به البخاري ،وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت مما سمع قبل
تغيره ) ،إلى أن قال ( :فالحتياط أن ل يحتج فيما يخالف الثقات ) .
وقال البيهقي ( :هو من أئمة المسلمين إل أنه لما كبر ساء حفظه ،فلذا تركه البخاري ) .
وقال ابن سعد ( :ثقة ربما حدث بالحديث المنكر ،وقال الباجي :لم يكن عند القطان هناك ) .
قلت :فتلخص من ذلك أنه ل يصح العتماد على رواية فيما يخالف فيه الثقات ،وقيل :مطلقا
؛ وهو الصحيح .
الثاني :أن هذه الرواية معلة بالوقف ،قال الترمذي :هذا الحديث إنما أسنده حماد ابن سلمة
ورفعه ،وروى سليمان بن المغيرة وحماد بن زيد هذا الحديث عن ثابت البناني عن
عبدالرحمن بن أبي ليلى قوله ا.هـ ، .وكذا قال أبو مسعود الدمشقي وغيره ،وزادوا مع حماد
بن زيد وسليمان بن المغيرة حماد بن واقد ومعمر بن راشد .
وأما ما ذكره النووي من أنه يحكم بترجيح رواية الوصل ؛ لن الوصل زيادة من الثقة ،
والزيادة من الثقة مقبولة ،وأن الحكم حينئذ يكون لمن وصل الرواية ؛ ففيه أن هذه القاعدة
مختلف فيها .فذهب أكثر المحدثين -كما حكاه عنهم الخطيب وابن القطان -إلى أن الحكم
لمن وقف أو أرسل ،وقيل :الحكم للكثر ،وقيل :الحكم للحفظ ،وقيل :على حسب ما ذكره
النووي ،وقيل غير ذلك .
قال الحاكم أبو عبدال ( :الثالث :من المختلف فيه خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من
أئمة المسلمين يسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات ،فيرسلونه ،وهذا القسم كثير ،وهو
صحيح على مذهب الفقهاء ،والقول فيه عندهم قول من زاد في إسناد أو المتن ،إذا كان
ثقة ،وأما أهل الحديث فالقول عندهم فيه قول الجمهور الذين وقفوه أو أرسلوه لما يخشى من
الوهم على الواحد ) اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في مقدمة "شرح اللمام" ( :من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنه
إذا تعارض رواية مرسل ومسند أو رافع وواقف أو ناقص وزائد أن الحكم للزائد فلم يصب في
هذا ،فإن ذلك ليس قانونا مطردا ،وبمراجعة أحكامهم الجزائية يعرف صواب ما نقول ) ا.هـ.
.
وقال ابن عبدالهادي كما في "نصب الراية" للزيلعي ج 337 - 1/336بعد كلم ... ( :بل فيه
-أي قبول زيادة الثقة -خلف مشهور ،فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقا ،ومنهم من
ل يقبلها والصحيح التفصيل ،وهو أنها تقبل في موضع دون موضع ،فتقبل إذا كان الراوي
الذي رواها ثقة حافظا ثبتا والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة ،كما قبل الناس زيادة
مالك بن أنس قوله ( :من المسلمين ) في صدقة الفطر ،واحتج بها أكثر العلماء ،وتقبل في
موضع آخر لقرائن تخصها ،ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط ،بل كل زيادة لها حكم
يخصها ،ففي موضع يجزم بصحتها كزيادة مالك ،وفي موضع يغلب على الظن صحتها
كزيادة سعد بن طارق في حديث (( جعلت لي الرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا )) ،
وفي موضع يجزم بخطأ الزيادة كزيادة معمر ومن وافقه قوله ( :وإن كان مائعا فل
تقربوه ) ،وفي موضع يغلب على الظن خطؤها كزيادة معمر في حديث ماعز ( :الصلة
عليه ) ،وفي موضع يتوقف في الزيادة كما في أحاديث كثيرة ) ا.هـ . .مع تصرف يسير .
وقال الحافظ العلئي ( :كلم الئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي ،ويحيى
بن سعيد القطان ،وأحمد بن حنبل ،والبخاري ،وأمثالهم يقتضي أنهم ل يحكمون في هذه
المسألة بحكم كلي ،بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في
كل حديث حديث ) .
وقال أيضا بعد كلم ... ( :فأما إذا كان رجال السنادين متكافئين في الحفظ ،أو العدد ،أو
كان من سنده ،أو رفعه دون من أرسله ،أو وقفه في شيء من ذلك مع أن كلهم ثقات محتج
بهم ،فههنا مجال النظر واختلف أئمة الحديث والفقهاء .
فالذي يسلكه كثير من أهل الحديث بل غالبهم جعل ذلك علة مانعة للحكم بصحة الحديث
مطلقا ،فيرجعون إلى الترجيح لحدى الروايتين على الخرى ،فمتى اعتضدت إحدى
الطريقتين بشيء من وجوه الترجيح حكموا لها ،وإل توقفوا عن الحديث وعللوه بذلك ،
ووجوه الترجيح كثيرة ل تنحصر ول ضابطا لها بالنسبة إلى جميع الحاديث ،بل كل حديث
يقوم به ترجيح خاص ،وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات ،
ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة ،بل يختلف نظرهم بحسب
ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده وال أعلم ) .
قال ( :وأما أئمة الفقه والصول فإنهم جعلوا إسناد الحديث ورفعه كالزيادة في متنه ،ويلزم
على ذلك قبول الشاذ كما تقدم ) .
وقال ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" ص ( : 244 - 243وقد تكرر في هذا
الكتاب ذكر الختلف في الوصل والرسال والوقف والرفع ،وكلم أحمد وغيره من الحفاظ
يدل على اعتبار الوثق في ذلك والحفظ ،وقد قال أحمد في حديث أسنده حماد بن سلمة :أي
شيء ينفع وغيره يرسله ،وذكر الحاكم أن أئمة الحديث على أن القول الكثرين الذين أرسلوا
الحديث ،وهذا يخالف تصرفه في "المستدرك" ،وقد صنف في ذلك الحافظ الخطيب مصنفا
حسنا سماه "تميز المزيد في متصل السانيد" وقسمه قسمين :
أحدهما :ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في السناد وتركها .
إلى أن قال :وذكر -أي الخطيب -في "الكفاية" حكاية عن البخاري أنه سئل عن حديث أبي
إسحاق في النكاح بل ولي فقال :الزيادة من الثقة مقبول ،وإسرائيل ثقة ،وهذه الحكاية إن
صحت فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث ،وإل فمن تأمل كتاب "تاريخ البخاري" تبين له
قطعا أنه لم يكن يرى زيادة كل الثقة في السناد مقبول ،وهكذا الدارقطني يذكر في بعض
المواضع أن الزيادة من الثقة مقبول ،ثم يرد في أكثر المواضع زيادات كثيرة عن الثقات
ويرجح الرسال على السناد ،فدل على أن مرادهم زيادة الثقة في تلك الواضع الخاصة وهي
إذا كان الثقة مبررا في الحفظ .
وقال الدارقطني في حديث زاد في إسناده ثقات رجل وخالفهما الثوري فلم يذكره فقال :لول
أن الثوري خالف لكان القول قول من زاد فيه ،لن زيادة الثقة مقبول وهذا تصريح بأنه يقبل
زيادة الثقة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه ا.هـ. .
وقال ابن الوزير ( :قلت :وعندي أن الحكم في هذا ل يستمر بل يختلف باختلف قرائن
الحوال ،وهو موضع اجتهاد ) ا.هـ. .
وقال الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلح" ص 240ط دار الكتب العلمية تعليقا
على قول ابن الصلح ( :وما صححه -أي الخطيب -من ترجيح الوصل والرفع فهو الصحيح
في الفقه وأصوله ) .
أقول -والقائل الحافظ ابن حجر ( : -الذي صححه الخطيب شرطه أن يكون الراوي عدل
ضابطا ،وأما الفقهاء والصوليون فيقبلون ذلك من العدل مطلقا وبين المرين فرق كثير .
وهنا شيء يتعين التنبيه عليه هو :أنهم شرطوا في الصحيح أن ل يكون شاذا وفسروا الشاذ
بأنه ما رواه الثقة فخالفه من هو أضبط منه أو أكثر عددا ثم قالوا :تقبل الزيادة من الثقة
مطلقا ،وبنوا على ذلك أن من وصل معه زيادة فينبغي تقديم خبره على من أرسل مطلقا .
فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عددا أو أضبط حفظا أو كتابا على من وصل أيقبلونه أم ل ؟
أم هل يسمونه شاذا أم ل ؟ ل بد من التيان بالفرق أو العتراف بالتناقض .
والحق في هذا أن زيادة الثقة ل تقبل دائما ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والصوليين فلم يصب
وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظا ول معنى .
وممن صرح بذلك المام فخر الدين وابن البياري -شارح البرهان -وغيرهما ،وقال ابن
السمعاني ( :إذا كان راوي الناقصة ل يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها ،أو كانوا
جماعة ل يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحدا ،فالحق أن ل يقبل
رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي ) .انتهى .ثم قال :وإنما أردت بإيراد هذا بيان أن
الصوليين لم يطبقوا على القبول مطلقا بل الخلف بينهم ،ا.هـ .المراد منه .
وقال ص 263بعد كلم ... ( :وعلى المصنف إشكال أشد منه ،وذلك أنه يشترط في الصحيح
أن ل يكون شاذا كما تقدم ،ويقول :إنه لو تعارض الوصل والرسال قدم الوصل مطلقا ،
سواء كان رواة الرسال أكثر أو أقل ،أحفظ أم ل ،ويختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف
رواية من هو أرجح منه .وإذا كان راوي الرسال أحفظ ممن روى الوصل مع اشتراكهما في
الثقة ،فقد ثبت كون الوصل شاذا ،فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة أن ل يكون
شاذا ؟ هذا في غاية الشكال ،ويمكن أن يجاب عنه بأن اشترط نفي الشذوذ في شرط الصحة
إنما يقوله المحدثون ،وهم القائلون بترجيح رواية الحفظ إذا تعارض الوصل والرسال ،
والفقهاء وأهل الصول ل يقولون بذلك ،والمصنف قد صرح باختيار ترجيح الوصل على
الرسال ولعله يرى عدم اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحيح لنه هناك لم يصرح عن نفسه
باختيار شيء بل اقتصر على نقل ما عند المحدثين .
وإذا انتهى البحث إلى هذا المجال ارتفع الشكال ،وعلم منه أن مذهب أهل الحديث أن شرط
الصحيح أن ل يكون الحديث شاذا ،وأن من أرسل من الثقات إن كان أرجح ممن وصل من
الثقات قدم وكذا بالعكس ،ويأتي فيه الحتمال عن القاضي وهو أن الشذوذ يقدح في الحتجاج
لفي التسمية وال أعلم ) .
واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل ،ول يتأتى ذلك على
طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن ل يكون شاذا ،ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة
الثقة من هو أوثق منه ،والعجب ممن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتقاء الشذوذ في
حد الحديث الصحيح وكذا الحسن والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبد الرحمن بن
مهدي ويحيى القطان وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني والبخاري وأبي
زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها
ول يعرف عن أحد منهم لطلق قبول الزيادة ).اهـ
وتابعه على ذلك غير واحد من شراحه وقوله ( :فهذه تقبل مطلقا لنها في حكم الحديث
المستقل الذي ينفرد به الثقة ول يرويه عن شيخه غيره ) كلم ضعيف مردود ،كما بين ذلك
الحافظ نفسه حيث قال في" النكت على ابن الصلح" ص 284 - 283بعد كلم ... ( :وهو
احتجاج مردود ،لنه ليس كل حديث تفرد به أي ثقة كان مقبول ،كما سبق بيانه في نوع
الشاذ ،ثم أن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر ،لن
تفرده بالحديث ل يلزم منه تطرق السهو والغفلة إلى غيره من الثقات ،إذ ل مخالفة في
روايته لهم بخلف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظا وأكثر عددا ،فالظن
غالب بترجيح روايتهم على روايته ومبنى هذا المر على غلبة الظن ) .
وقال في "فتح الباري" ج 12ص ( : 312والتحقيق أنهما -الشيخان -ليس لهما في تقديم
الوصل عمل مطرد بل هو دائر مع القرينة مهما ترجح بها اعتمداه وإل كم حديث أعرضا عن
تصحيحه للختلف في وصله وإرساله ) ا.هـ. .
وقال السخاوي في "الغاية شرح الهداية" ج 1ص 293بعد أن ذكر المذاهب المذكورة في
المسألة ( :ولكن الحق أنه ل طراد فيهما -أي تعارض الوصل والرسال أو الرفع والوقف -
لحكم معين بل الترجيح يختلف بحسب ما يظهر للناقد كما قرره شيخنا وبسطه في محل آخر )
ا.هـ. .
وقال في "فتح المغيث" ج 1ص 194 ، 193بعد كلم ... ( :والظاهر أن محل القوال فيما لم
يظهر فيه ترجيح ،كما أشار إليه شيخنا وأومأ إليه ما قدمته عن ابن سيد الناس ،وإل فالحق
حسب الستقرار من صنيع متقدمي الفن ،كابن مهدي والقطان وأحمد والبخاري ،عدم الجزم
بحكم كلي ،بل ذلك دائر مع الترجيح ،فتارة يترجح الوصل وتارة الرسال وتارة يترجح عدد
الذوات على الصفات ،وتارة العكس ،ومن راجع أحكامهم الجزائية تبين له ذلك ،والحديث
المذكور لم يحكم له البخاري بالوصل لمجرد أن الواصل معه زيادة ،بل لما انضم لذلك من
قرائن رجحته ،ككون يونس بن أبي إسحاق وابنيه إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق
موصول ،ول شك أن آل الرجل أخص به من غيرهم ل سيما وإسرائيل قال فيه الدارقطني :
يشبه أن يكون القول قوله ،ووافقهم على الوصل عشرة من أصحاب أبي إسحاق ممن سمعه
من لفظه ،واختلفت مجالسهم في الخذ عنه كما جزم به الترمذي .
وأما شعبة والثوري فكان أحدهما له عنه عرضا في مجلس واحد لما رواه الترمذي من طريق
الطيالسي ،حثنا شعبة قال :سمعت الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول :قال
رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) (( :ل نكاح إل بولي )) ؟ فقال أبو إسحاق :نعم .
ول يخفى رجحان الول هذا إذا قلنا حفظ الثوري وشعبة في مقابل عدد الخرين ،مع أن
الشافعي يقول :العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد ،ويتأيد كل ذلك بتقديم البخاري نفسه
للرسال في أحاديث أخر لقرائن قامت عنده ،ومنها أنه ذكر لبي داود الطيالسي حديثا وصله
وقال :إرساله أثبت هذا حاصل ما أفاده شيخنا مع زيادة ،وسبقه لكون ذلك مقتضى كلم
الئمة :العلئي ومن قبله ابن دقيق العيد وغيرهما وسيأتي في العلل أنه كثر العلل
بالرسال والوقف للوصل والرفع إن قويا عليهما وهو شاهد لما قررناه ) .
وقال السيوطي في "التدريب" ج 2ص ( : 206وهذا القسم مع النوع السابق ) وهو المزيد
في متصل السانيد ( يعترض بكل منهما على الخر ) لنه ربما كان الحكم للزايد وربما كان
للناقص والزايد وهم ،وهو يشتبه على كثير من أهل الحديث ول يدركه إل النقاد ا.هـ . .وما
بين القواس من كلم المام النووي .
وقال البقاعي :بعد أن أورد كلما لبن الصلح في هذه المسألة ،ذكر فيه أن الصحيح عند
المحدثين والصوليين أن الحكم لمن وصل الرواية ،قال :إن ابن الصلح خلط طريقة
المحدثين بطريقة الصوليين ،فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه ،وهو
الذي ل ينبغي أن يعدل عنه ،وذلك أنهم ل يحكمون فيها بحكم مطرد ،وإنما يديرون ذلك مع
القرائن ا.هـ. .
قلت :وهذا هو الحق الحقيق بالقبول ،وهو الذي جرى عليه عمل المحققين من الفقهاء ،كما
يعرف ذلك من له أدنى ممارسة لهذا الفن .
ونقل الحافظ العلئي عن شيخه ابن الزملكاني أنه فرق بين مسألتي تعارض الوصل والرسال
والرفع والوقف ،بأن الوصل في السند زيادة عن الثقة فتقبل وليس الرفع زيادة في المتن
فتكون علة ،وتقرير ذلك أن المتن إنما هو قول النبي (صلى ال عليه وسلم) ،فإن كان من
قول الصحابي فليس بمرفوع فصار منافيا له ؛ لن ما دونه من قول الصحابي مناف لكونه من
كلم النبي عليه الصلة والسلم ،وأما الموصل والمرسل فكل منهما موافق للخر في كونه
من كلم النبي (صلى ال عليه وسلم) ،وهو قول قوي له وجه وجيه من الحق كما هو ظاهر
جلي واضح غير خفي ،وبذلك تعرف أن الحكم برفع هذه الرواية إلى النبي (صلى ال عليه
وسلم) ل يتمشى إل على رأي من يقول إن الحكم للوصل مطلقا في حالة التعارض ؛ وقد رأيت
أنه قول ضعيف جدا مخالف لما عليه جماهير المحققين من الفقهاء والمحدثين .
وأما ما ذكره بعض المتحذلقين ( )1من أن لحديث صهيب شواهد مرفوعة من طريق أنس بن
مالك وكعب بن عجرة وأبي بن كعب وأبي موسى الشعري ،وموقوفة من طريق أبي بكر
الصديق وحذيفة وعلي بن أبي طالب وأبي موسى الشعري ،فهذا الكلم منه يدل بأوضح
دللة وينادي بأعلى صوت على قلة علمه أو سوء قصده وخباثة طبعه ،وقد يجتمع كل ذلك ؛
وهو الذي أجزم به ،وأستطيع أن أستدل له وأبرهن عليه بما ل يدع مجال للشك أو التشكيك
في ذلك من كل من شم رائحة العلم والنصاف ولو مرة واحدة في حياته ،ومن أوضح الدلة
وأسطع البراهين وأقوى الحجج على ذلك قوله بعدما أورد حديث ابن عمر في تفسير قول ال
تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ( القيامة : ) 23 ، 22:والحديث في درجة
الحسن ،مع أنه حديث موضوع وكذب مخترع مصنوع ،كما ل يخفى على طالب علم ؛ وذلك
لن في إسناد ثوير بن أبي فاختة ،وهو ثوير كاسمه.
قال المام سفيان الثوري :ثوير ركن من أركان الكذب .وقال الدارقطني وابن الجنيد :متروك
.وقال البخاري :تركه يحيى وابن مهدي .وقال في الوسط :كان ابن عيينة يغمزه أي
بالكذب ،وروى الساجي عن أيوب أنه قال :لم يكن مستقيم الشأن ،وقال الجوزجاني :ليس
بثقة .وقال ابن حبان :كان يقلب السانيد حتى يجيء في رواياته بأشياء كأنها موضوعة .
هذا وقد اضطرب فيه ؛ فرواه مرة مرفوعا ،ورواه مرة موقوفا ،ورواه مرة عن ابن عمر
( رضي ال عنهما ) مباشرة ،ورواه مرة أخرى عنه بالواسطة ،وهذا الضطراب وحده منه
يكفي للجزم ببطلن هذا الحديث من أصله ؛ فكيف ورواية ركن من أركان الكذب )2( .
هذا وللحديث شاهدان من طريق ابن عباس وأنس ( رضي ال عنهما ) لبد من التنبيه عليهما
مخافة أن يغتر بهما بعض من ل علم له .
أما حديث ابن عباس ؛ ففي إسناده باذام مولى هانيء ( رضي ال عنهما ) وهو ضعيف جدا .
قال ابن عدي :ما علمت أحدا من المتقدمين رضيه ،وقد جاء من طريق أخرى ؛ ولكن في
إسنادها عطية العوفي ؛ وهو مدلس ؛ وقد عنعن كما في "الشريعة" للجري ،و"العتقاد"
للبيهقي ،ثم هو ضعيف ل تقبل له رواية ولو صرح بالسماع ،قال ابن حنبل :ليحل كتب
حديثه إل على جهة التعجب ،وقد ضعفه أحمد وهشيم وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي
والساجي وابن عدي وآخرون .
وأما حديث أنس ففي إسناده صالح بن بشير المري ،قال الفلس :منكر الحديث جدا .وقال
النسائي :متروك .وقال أحمد :ليس هو صاحب حديث .وقال البخاري :نمكر الحديث .وقال
ابن حبان :كان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن ونحو هؤلء على التوهم فيجعله
عن أنس ،فظهر من روايته الموضوعات التي عن الثبات ،فاستحق الترك عن الحتجاج ،
كان يحيى بن معين شديد الحمل عليه .
وإذا تقرر ذلك فإليك الجواب عن تلك الروايات التي احتج بها ذلك المتحذلق .
================================
قال البخاري :قال ابن المبارك لوكيع :عندنا شيخ يقال له أبو عصمة كان يضع كما يضع
المعلى بن هلل .وقال ابن معين :ليس بشيء ،ول يكتب حديثه .وقال أبو حاتم ومسلم
والدولبي والدارقطني والساجي :متروك الحديث ،وزاد الساجي :عنده أحاديث بواطيل .
وقال البخاري :ذاهب الحديث .وقال النسائي :ليس بثقة ول مأمون ،وقال في موضع آخر :
سقط حديثه ،وقال مرة :ليس بثقة ول يكتب حديثه .وقال ابن حبان :كان يقلب السانيد ،
يروي عن الثقات ما ليس من أحاديث الثبات ؛ ل يجوز الحتجاج به بحال ،وقال أيضا :نوح
الجامعي ،جمع كل شيء إل الصدق .وقال أبو علي النيسابوري :كان كذابا .وقال النقاش :
روى الموضوعات ،وكذبه ابن عيينة .وقال الحاكم :أبو عصمة مقدم في علومه إل أنه
ذاهب الحديث بمرة ،وقد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة ،وقال أيضا :لقد
كان جامعا رزق كل شيء إل الصدق ؛ نعوذ بال من الخذلن .وقال الخليلي :أجمعوا على
ضعفه .
وفيها أيضا سلم بن سالم البلخي ؛ وهو ضعيف جدا ،قال أبو زرعة :ل يكتب حديثه وأومأ
بيده إلى فيه ،قال ابن حاتم :يعني ل يصدق .وقال ابن المبارك :اتق حيات سلم ل تلسعك ،
وقال الخليلي :أجمعوا على ضعفه ،ولم يرو عنه من أهل بلخ إل من لم يكن الحديث من
صنعته ،وقال ابن حبان :منكر الحديث ؛ يلقب الخبار قلبا .
وللحديث طريق أخرى ؛ ولكنها ليست مما يفرح به ؛ لن في إسنادها عمر ابن سعيد البصري
البح ،قال البخاري :منكر الحديث ؛ أي ل تحل الرواية عنه كما هو معلوم من صنيع
البخاري ،بل صرح بذلك البخاري نفسه كما تجد ذلك في "الميزان" وغيره .
وفيها أيضا عبدال بن محمد بن جعفر القاضي ،قال الدارقطني في سؤالت الحاكم :كذاب
يضع.
وفيها أيضا عنعنة مدلسين ؛ مع اختلط أحدهما ،على أن هذه الطريق إنما هي موجودة في
كتاب "الرؤية" المنسوب إلى الدارقطني ؛ وهو ليس عنه ،وإنما هو مكذوب عليه ،والمتهم
به ابن كادش أو العشاري ،وبيان ذلك في غير هذا الموضع .
-1وأما رواية كعب بن عجرة فهي من طريق ابن حميد قال :حدثنا إبراهيم بن المختار عن
ابن جريج عن عطاء عن كعب ،وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء والكذابين .
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
-2ابن حميد :هو محمد بن حميد التميمي الرازي ؛ ضعيف جدا ،سئل عنه النسائي فقال :
ليس بشيء ،قيل له :البته ،قال :نعم ،وقال في موضع آخر :كذاب .وقال البخاري :فيه
نظر ،وهذا جرح شديد كما هو معلوم من صنيع البخاري .وقال ابن حبان :ينفرد عن الثقات
بالمقلوبات .وقال أبو علي النيسابوري :قلت لبن خزيمة :لو حدث السناد عن محمد بن
حميد ؛ فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ،فقال :إنه لم يعرفه ؛ ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى
عليه أصل .وسئل عنه أبو زرعة ،فأومأ بإصبعه إلى فيه ،فقيل له :كان يكذب ؟ فقال
برأسه :نعم ،فقال له السائل :كان قد شاخ ؛ لعله كان يعمل عليه ويدلس عليه ،فقال :ل يا
بني كان يتعمد .وقال ابن خراش :كان وال يكذب .وقال صالح جزرة :ما رأيت أجرأ على
ال منه ،وقال :ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني .
وإبراهيم بن المختار ضعيف ،قال البخاري :فيه نظر ،وهذا جرح شديد كما تقدم من صنيع
البخاري .وقال زنيج :تركته ،ولم يرضه .وذكره ابن حبان في الثقات وقال :يتقي حديثه
من رواية ابن حميد عنه ،قلت :وهذا الحديث منها
وابن جريج ؛ مدلس ،وقد عنعن ،قال الدارقطني :تجنب تدليس ابن جريج ؛ فإنه قبيح
التدليس ،ل يدلس إل فيما سمعه من مجروح ،مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة
وغيرهما ،وفي كتاب علي ابن المديني ،سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن
عطاء الخراساني فقال :ضعيف ،قلت ليحيى :إنه يقول أخبرني ،قال :إنه لشيء ؛ كله
ضعيف ؛ إنما هو كتاب دفعه إليه.
وعطاء الخراساني ،قد ضعفه جماعة ،قال ابن حبان :كان رديء الحفظ يخطيء ول يعلم ؛
فبطل الحتجاج به .وقال الحافظ :صدوق يهم كثيرا ويدلس ويرسل ،وقد كذبه سعيد بن
المسيب.
ثم إن هذه الرواية منقطعة ؛ لن عطاء هذا لم يسمع من أحد من الصحابة إل من أنس ،كما
قال الطبراني .وله طريق أخرى ،وهي باطلة أيضا ؛ لن في إسنادها عباد بن كثير الثقفي ،
وهو متروك ،قال أحمد :روى أحاديث مكذوبة لم يسمعها ،وفيها غير ذلك .
-3وأما رواية أبي بن كعب ،فهي من طريق زهير بن محمد ،قال :حدثني من سمع أبا
العالية قال :حدثنا أبي بن كعب .
زهير بن محمد :يخطيء يغلط ،قال يحيى في رواية :ضعيف .وقال النسائي :ضعيف ،
وقال في موضع آخر :ليس بالتقوى .وقال عثمان الدارمي :له أغاليط كثيرة ،وذكره أبو
زرعة في "الضعفاء" .وقال أبو حاتم :محله الصدق وفي حفظه سوء .وقال الساجي :
منكر الحديث .وقال ابن حبان :يخطيء ويخالف .
وعمرو بن أبي سلمة روايته عن زهير ضعيفة ،قال أحمد :روى عن زهير أحاديث بواطيل .
نعم تابعة الوليد بن مسلم ؛ لكنه يدلس التسوية ،ثم فيها الرجل الراوي عن أبي العالية وهو
غير معروف ،وقد جاءت من طريق أخرى ،وهي واهية بمرة لن في إسنادها محمد بن
زكريا الغلبي الضبي ،وهو وضاع كما قال الدارقطني وجاءت من طريق أخرى وهي ضعيفة
أيضا .
-1وأما رواية أبي موسى الشعري ؛ ففي إسنادها أبان بن أبي عياش ،قال أحمد ابن حنبل :
متروك الحديث ؛ ترك الناس حديثه منذ دهر ،وقال أيضا :ل يكتب حديثه .وقال يحيى
والفلس والنسائي والدارقطني وأبو حاتم :متروك الحديث ،وزاد أبو حاتم :وكان رجل
صالحا ؛ ولكنه بلي بسوء الحفظ ،وقال النسائي في موضع :ليس بثقة ول يكتب حديثه .
وقال الحاكم أبو أحمد :منكر الحديث ،تركه شعبه وأبو عوانة ويحيى وعبدالرحمن .وقد
روي عنه من طريقين :
إحداهما :رواها ابن وهب ،قال :أخبرني شبيب عن أبان ؛ ورواية ابن وهب عن شبيب
ضعيفة ،كما قال ابن عدي وتابعه الحافظ .
والثانية :رواها قيس بن الربيع ،وقيس هذا قال عنه الحافظ في "التقريب" :صدوق ،تغير
لما كبر ؛ أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به .
-5وجاء أيضا من طريق ابن عمر ،وفي إسناده ضعيفان :أبو معشر والهيثم بن حميد ،وقد
تكون فيها غير ذلك فإن إسنادها ل يحضرني الن .
ثم إن هذه الرواية مرسلة ؛ لن عامر بن سعد -الراوي عن أبي بكر الصديق -لم يسمع
منه ،نعم جاءت من طريق أخرى موصولة ؛ لكن سعيد بن نمران -راويها عن الصديق -
مجهول .
-2وأما رواية حذيفة ،ففيها أيضا أبو إسحاق السبيعي ،وقد عرفت حاله .
3وأما رواية علي بن أبي طالب ،ففي إسنادها الحارث العور ؛ وهو ضعيف جدا ،قال
البخاري في "التاريخ الكبير" عن إبراهيم :إنه اتهم الحارث ،وقال أيضا عن مغيرة :
سمعت الشعبي :حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين ،ونحو ذلك في "التاريخ الصغير" ،
وفي "الميزان" قال أيوب :كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي باطل .وفيه
أيضا قال ابن المديني :كذاب ،واختلفت الرواية عن ابن معين في شأنه ،وأكثر الرواية عنه
أنه يضعفه .
وفي "التهذيب" عن ابن شاهين في "الثقات" قال :قال أحمد بن صالح المصري :الحارث
العور ثقة ما أحفظه ! ما أحسن ما روى عن علي ! وأثنى عليه ،قيل له :فقد قال الشعبي
كان يكذب ،قال :لم يكن يكذب في الحديث إنما كان كذبه في رأيه ،قال الشيخ أحمد شاكر في
تعليقاته على مسند أحمد :هذا تمحل وتأول ضعيف بغيد ،ما الكذب في الرأي هذا ؛ والشعبي
يقول :حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين .ا.هـ. .
وقال :أبو زرعة :الحارث ل يحتج بحديثه .وقال الحاكم :ليس بقوي ،ول ممن يحتج به .
وقال الدارقطني :الحارث ضعيف .وقال ابن حبان :كان الحارث غاليا في التشيع ؛ واهيا في
الحديث ،وفيه غير ما ذكرنا
-4وأما رواية أبي موسى الشعري ،ففيها أبو بكر الهذلي ،وهو متروك وقد كذب ،قال ابن
معين :ليس بشيء ،وقال في موضع آخر :ليس بثقة .وقال يحيى :وكان غندر يقول :كان
أبو بكر إمامنا وكان يكذب .وقال النسائي وعلي بن الجنيد :متروك الحديث .وقال ابن
المديني :ضعيف ليس بشيء ،وقال مرة :ضعيف جدا ،وقال مرة :ضعيف .وقال
الدارقطني :منكر الحديث متروك .وقال البخاري والساجي :ليس بالحافظ عندهم .
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
-5وأما رواية ابن مسعود ،ففي إسنادها أبو بكر عبدال بن سليمان بن الشعث ،وهو
كذاب ؛ كما قال عنه أبوه ؛ وهو أدرى الناس به ،قال ابن الجنيد :سمعت أبا داود يقول :
ابني عبدال كذاب .وقال ابن صاعد :كفانا ما قال أبوه فيه .وقال أبو القاسم البغوي -بعد أن
قرأ له كتابا : -أنت وال عندي منسلخ من العلم .
وفيها عامر بن الفرات ،وهو مجهول .وفيها من لم أجد له ترجمة .وفيها أسباط بن نصر
كثير الخطأ .
-6وكذا يقال عن رواية ابن عباس ( رضي ال عنهما ) لنها من الطريق نفسها .وجاء عنه
أيضا من طريق أخرى ،وفي إسنادها الحكم بن أبان ،وهو ضعيف .
على أن هذا الحديث لو ثبت لما كان فيه دليل على ما ادعوه ؛ لن النظر يأتي لمعان عدة كما
هو معروف ،وانظر "الحق الدامغ" لشيخنا العلمة الخليلي -حفظه ال تعالى . -
هذه خمسة وعشرون ( )1حديثا بعضها موجودة في الصحيحين ،وبعضها الخر في أحدهما؛
قد ضعفها جمع من العلماء ،ومنهم :أحمد وابن تيمية وابن القيم واللباني ،وقد تقدم كلم
ابن تيمية واللباني على أحاديث الشيخين ،ولهما ولغيرهما كلم آخر ل نطيل به المقام ،وقد
ضعف العلماء جماعة من رجال الشيخين ولول خوف الطالة لذكرت طائفة منهم .
...تنبيهات :
أ -أن هناك أحاديث أخرى في الصحيحين أو أحدهما قد ضعفها كثير من العلماء منها :
( )1حديث جابر بن عبدال ( رضي ال عنهما ) قال (( :نهى رسول ال أن تنكح المرأة على
عمتها أو خالتها )) رواه البخاري 5108وغيره من طريق عاصم عن الشعبي أنه سمع جابرا
( رضي ال عنه ) ،قال البيهقي :الحفاظ يرون رواية عاصم خطأ .
( )2عن أنس بن مالك ( رضي ال عنه ) قال وقت لنا رسول ال (صلى ال عليه وسلم) في
قص الشارب وتقليم الظافر وحلق العانة ونتف البط ...الحديث ،رواه مسلم . )258( 51
قال العقيلي :في حديث جعفر -يعني ابن سليمان الضبعي أحد رواة هذا الحديث -نظر وقال
ابن عبد البر :لم يروه إل جعفر بن سليمان وليس بحجة لسوء حفظه وكثرة غلطه ا.هـ. .
وفيه نظر ليس هذا موضع ذكره .
( )3عن أنس بن مالك ( رضي ال عنه ) أن النبي (صلى ال عليه وسلم) نهى عن بيع الثمار
حتى تزهي ،فقيل وما تزهي ؟ قال حتى تحمر قال رسول ال أرأيت إذا منع ال الثمرة بم يأخذ
أحدكم مال أخيه ،رواه البخاري 2197 - 1488ومسلم . )1555( 15
قال الدارقطني أخرجها جميعا -يعني البخاري ومسلما -حديث مالك عن حميد عن أنس
فذكره ثم قال :خالف مالكا جماعة منهم إسماعيل بن جعفر وابن المبارك وهشيم ومروان بن
معاوية ويزيد بن هارون وغيرهم ،قالوا فيه :قال أنس :أرأيت إن منع ال الثمرة .قال :
وقد أخرجها جميعا حديث إسماعيل بن جعفر وقد فصل كلم أنس من كلم النبي (صلى ال
عليه وسلم) .وقد سبق الدارقطني إلى القول بالدراج في هذا الحديث أبو حاتم وأبو زرعة
وغير واحد من أئمة الحديث وال تعالى أعلم .
( )4أن النبي (صلى ال عليه وسلم) لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى خرج
منه ،رواه البخاري ، 4288 ، 1601 ، 398فقد ضعفه جماعة من العلماء منهم ابن تيمية (
)1وال أعلم .
( )5عن أبي قتادة أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال في حديث (( ...إنما التفريط على
من لم يصل الصلة حتى يجيء وقت الصلة الخرى فليصلها حين ينتبه لها ،فإذا كان الغد
فليصلها عند وقتها)) رواه مسلم . )681( 311
قال الخطابي كما في "الفتح" ج 2ص : 90ل أعلم أحدا قال بظاهره وجوبا ،قال :ويشبه
أن يكون المر فيه للستحباب ا.هـ. .
قال الحافظ :ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضا ؛ بل عدوا الحديث غلطا من رواية ؛
وحكى ذلك الترمذي عن البخاري ،ويؤيد ذلك ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين
أيضا أنهم قالوا :يا رسول ال أل نقضيها لوقتها من الغد ؟ فقال رسول ال (( :ل ينهاكم ال
عن الربا ويأخذه منكم )) ا.هـ. .
( )6حديث عائشة ( رضي ال عنها ) مرفوعا (( عشرة من الفطرة ...إلخ )) رواه مسلم 56
( )261وغيره .قال النسائي ج 8ص : 128وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه
بالصواب من حديث مصعب بن شيبة -يعني هذا الحديث -ومصعب منكر الحديث ا.هـ. .
( )1إل أنه نسبه إلى أسامة ،والصحيح أنه عند البخاري من طريق ابن عباس ( رضي ال
عنه ) .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 1ص 6660ط دار الكتب العلمية :وأخرجه السماعيلي
وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق إسحاق بن راهويه عن عبدالرزاق شيخ إسحاق بن
نصر فيه بإسناده هذا فجعله من رواية ابن عباس عن أسامة بن زيد ،وكذلك رواه مسلم من
طريق محمد بن بكر عن ابن جريج وهو الرجح ا.هـ. .
قال الدارقطني :تفرد به مصعب بن شيبة ،وخالفه أبو بشر وسليمان التيمي فروياه عن طلق
قوله غير مرفوع ا.هـ . .وقال في "العلل" :وخالفه -يعني مصعب بن شيبة -سليمان التيمي
وأبو بشر جعفر بن إياس فروياه عن طلق بن حبيب قال ( كان يقال عشرة من الفطرة ) وهما
أثبت من مصعب بن شيبة ،وأصح حديثا ا.هـ. .
وقال ابن عبد الهادي في "المحرر" رقم : 32له علة مؤثرة ا.هـ ، .وقد استنكره أيضا ابن
منده والعقيلي .
( )7حديث ابن عباس ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( قضى
بالشاهد واليمين)) ،رواه مسلم . )1712( 3
هذا الحديث ضعفه جماعة من العلماء منهم ابن معين والبخاري والطحاوي وابن التركماني
وآخرون .
( )8حديث صلته (صلى ال عليه وسلم) الظهر بعد أن طاف بالبيت في حجة الوداع ،فقد
رواه مسلم عن ابن عمر ( رضي ال عنهما ) أنه صلى بمنى ، )1308( 335روراه من
طريق جابر ( رضي ال عنه) أنه ( صلى ال عليه وسلم ) صلها بمكة . )1218( 147
قال ابن حزم :أحد هذين الخبرين كذب ،وقال العيني في "البناية شرح الهداية" :أحد
الخبرين وهم ؛ ولم ندر أيهما ،ومثله عن ابن سيد الناس وابن أبي الوفاء القرشي ،وقال
ابن العربي :وهو مشكل جدا لصحة كل الطريقين ،وأحدهما وهم ل محاله ،ول ندري أيهما
صحيح ا.هـ. .
وحكم ابن القيم بأن الرواية التي فيها أنه صلها بمكة وهم من الوهام ،ورجح ابن الهمام
وعلي القاري والدهلوي وغيرهم الرواية التي فيها أنه (صلى ال عليه وسلم) صلى الظهر
بمكة .وال أعلم .
( )9حديث أبي هريرة ( رضي ال عنه ) أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :إن
العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان ال ليلقي لها بال يرفعه ال بها درجات )) رواه البخاري
6478وغيره .
( )10عن أنس بن مالك ( رضي ال عنه ) قال (( :بعث النبي (صلى ال عليه وسلم) أقواما
من بني سليم إلى بني عامر في سبعين ...إلخ )) رواه البخاري . 2801
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج 6ص 23قوله ( :بعث النبي أقواما من بني سليم إلى
بني عامر ) قال الدمياطي :هو وهم ،فإن بني سليم مبعوث إليهم ،والمبعوث هم القراء ؛
وهم من النصار ا.هـ . .قلت -والقائل ابن حجر -التحقيق :أن المبعوث إليهم بنو عامر أما
بنو سليم فغدروا بالقراء المذكورين ،والوهم في السياق من حفص بن عمر شيخ البخاري
ا.هـ .المراد منه .
هذا ومن الجدير بالذكر أن الحافظ الدمياطي قد ذكر طائفة من الوهام التي وردت في صحيح
المام البخاري كما في "الطبقات الكبرى" لبن السبكي ج 10ص 115وإليك نص ما قاله
في ذلك ،قال ( :وأما إمام الدنيا أبو عبدال البخاري ففي "جامعة الصحيح" أوهام ،منها :
* في ( باب من بدأ بالحلب والطيب عند الغسل ) ذكر فيه حديث عائشة ( :كان النبي (صلى
ال عليه وسلم) إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلب فأخذ بكفه ) الحديث .
ظن البخاري أن الحلب ضرب من الطيب فوهم فيه ،وإنما هو إناء يسع حلب الناقة ،وهو
أيضا المحلب -بكسر الميم . -وحب المحلب -بفتح الميم : -من العقاقير الهندية .
· وذكر في ( باب مسح الرأس كله ) من حديث مالك ،عن عمرو بن يحيى عن أبيه :أن رجل
قال لعبدال بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى :أتستطيع أن تريني كيف كان رسول ال (صلى
ال عليه وسلم) يتوضأ ؟ .
قوله ( جد عمرو بن يحيى ) وهم ،وإنما هو عم أبيه ،وهو عمرو بن أبي حسن ،وعمرو
ابن يحيى بن عمارة بن أبي حسن تميم بن عمرو بن قيس بن محرث بن الحارث بن ثعلبة بن
مازن بن النجار المازني ،ولبي حسن صحبة ،وقد ذكره في الباب بعده على الصواب ،من
حديث وهيب عن عمرو بن يحيى عن أبي قال :شهدت عمرو بن أبي حسن ،سأل عبدال بن
زيد عن وضوء النبي (صلى ال عليه وسلم) ...الحديث .
* وذكر فيه أيضا في ( باب إذا أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة ) من حديث شعبة عن
سعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم عن رجل من الزد يقال له :مالك بن بحينة .
وقد وهم شعبة في قوله ( مالك بن بحينة ) وإنما هو ولده عبدال بن بحينة ،وقد رواه
مسلم ،والنسائي ،وابن ماجة ،على الصواب .
فإما ابن ماجة ؛ فرواه من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه عن حفص عن عبدال بن بحينة ،
ورواه مسلم والنسائي من حديث أبي عوانة عن سعد بن إبراهيم عن حفص عن ابن بحينة ؛
يعني عبدال ،وليس لمالك صحبة ،وإنما الصحبة لولده عبدال بن مالك بن القشب .هذا
قول ابن سعد .
وقال ابن الكلبي :مالك بن معبد بن القشب ،وهو جندب بن نضلة بن عبدال بن رافع ابن
محضب بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن
عبدال بن مالك بن نصر بن الزد .
وبحينة أم عبدال :بنت الحارث بن المطلب بن عبد مناف ،واسمها عبدة ،أخت عبيدة بن
الحارث بن المطلب ،والمقتول يوم بدر ،رفيق حمزة وعلي الذين برزوا يوم بدر لعتبة بن
ربيعة وأخيه شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ،والوليد بن عتبة .ولبحينة صحبة
.
* وذكر فيه أيضا في ( باب من يقدم في اللحد ) في الجنائز :قال جابر ( :فكفن أبي وعمي
في نمرة واحدة ) ولم يكن لجابر عم ،وإنما هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب ،
كانت عنده عمة جابر هند بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن
سلمة .
* وذكر فيه أيضا في ( غزوة المرأة البحر ) عن عبدال بن محمد عن معاوية بن عمرو عن
أبي إسحاق عن عبدال بن عبدالرحمن النصاري عن أنس قال ( :دخل النبي (صلى ال عليه
وسلم) على بنت ملحان ) الحديث .
قال أبو مسعود :يقط بين أبي إسحاق وبين أبي طوالة عبدال بن عبدالرحمن بن معمر بن
حزم :زائدة بن قدامة الثقفي .
* وذكر فيه أيضا في "مناقب عثمان بن عفان" :أن عليا جلد الوليد بن عقبة ثمانين .
والذي رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة من حديث عبد العزيز بن المختار عن الداناج عبدال
بن فيروز عن حضين بن المنذر عن علي :أن عبدالل بن جعفر جلده وعلي يعد ،فلما بلغ
أربعين قال علي :أمسك .
* وذكر فيه أيضا في < باب وفود النصار > ( :حدثنا علي حدثنا سفيان قال :كان عمرو
يقول :سمعت جابر بن عبدال يقول :شهد بي خالي العقبة ،قال عبدال بن محمد :قال ابن
عيينة :أحدهما البراء بن معرور ) .
وهذا وهم ،إنما خاله ثعلبة وعمرو ابنا عنمة بن عدي بن سنان بن نابي بن عمرو بن سواد
ابن غنم بن كعب بن سلمة ،أختهما أنيسة بنت عنمة ،أم جابر بن عبدال .
* وذكر فيه أيضا في < باب فضل من شهد بدرا > :فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن
عبد مناف خبيبا ،وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر .
وهذا وهم ،ما شهد خبيب بن عدي بن مالك بن عامر بن مجدعة بن جحجبا بن كلفة ابن
عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الوس بدرا ،ول قتل الحارث ،وإنما الذي شهد بدرا
وقتل الحارث بن عامر هو خبيب بن إساف بن عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن
الحارث بن الخزرج .
وفي "الجامع" أوهام غير ذلك ) ا.هـ . .وهناك أحاديث أخرى تكلم فيها العلماء وهي في
الصحيحين أو في أحدهما ل نطيل المقام بذكرها .
وقد استندوا في تضعيفهم لهذه الحاديث إلى عدة قواعد حديثيه وأصولية أهمها :
-2المخالفة للواقع ؛ كحديث طلب أبي سفيان من النبي (صلى ال عليه وسلم) للمور الثلثة
.
-3ضعف بعض الرواة ،إذ إن الشيخين قد رويا عن جماعة من الضعفاء ،منهم من جرح
بجرح مجمل وقد أخذ به كثير من العلماء ،منهم من جرح بجرح مفسر ؛ كما هو مبسوط في
كتب الرجال ؛ كما ل يخفى ذلك على من له أدنى إطلع على هذه الكتب ،حتى بالغ ابن القطان
حيث قال :في رجالهما من ل يعرف إسلمه .كما نقله عنه المقبلي ؛ كما في "توضيح
الفكار" للصنعاني ج 1ص . 103 - 102
-4التدليس ،فقد روى الشيخان عن جماعة من المدلسين ؛ ولم يصرحوا بالسماع في بعض
الروايات ؛ ل عند الشيخين ول عند غيرهما ،كما صرح بذلك جماعة من العلماء منهم
البيهقي وابن حزم والمزي والذهبي والحافظ ابن حجر وغيرهم ،وهذا هو الحق الذي ل
محيص عنه .
-5وإني أتحدى أولئك الذين يقولون إن أولئك المدلسين قد صرحوا بالسماع عند غير
الشيخين أن يبينوا لنا تلك المواطن التي صرحوا فيها بالسماع ؛ بشرط أن يكون الراوي الذي
صرح بسماع المدلس من شيخه ثقة ضابطا ؛ وأما إذا كان ضعيفا فل قيمة لتصريحه بالسماع
؛ كما هو غير خاف على من له أدنى ممارسة لهذه الصناعة .
على أنه توجد عند الشيخين بعض الروايات التي لم يصرح رواتها المدلسون بالسماع من
طريق أخرى البتة ،كما صرح به المزي وغيره ،وأما ما يدعيه بعضهم من أن هؤلء الرواة
لعلهم صرحوا بالسماع في بعض الكتب التي لم تصل إلينا ؛ فهذه دعوى فارغة ل يعجز أحد
أن يأتي بها ،ولو أعطى الناس بحسب دعاويهم لدعى من شاء ما شاء ،على أن هذا الكلم
لم يقل به أحد ممن يعتبر به ول دل عليه دليل ؛ بل المة مجمعة على خلفه والدلة دالة على
فساده من أصله ،على أن في بعض رواتهما من يدلس تدليس التسوية ،وهذا الصنف ل يقبل
منهم التصريح بالسماع إل إذا كان ذلك في جميع الطبقات ،وقيل :ل تقبل رواياتهم مطلقا ؛
وهو الصحيح الذي عليه أهل التحقيق ،وال ولي التوفيق .
-6اختلط بعض الرواة ،فقد رويا ـ أي البخاري ومسلم ـ عن بعض المختلطين ممن ل يعرف
عنهم :هل حدثوا بهذه الروايات قبل اختلطهم أو بعد ذلك ؟ لعدم وجود دليل يدل على ذلك ،
وأما ما يردده بعضهم :بأن هذه الروايات محمولة على أنهم قد حدثوا بها قبل اختلطهم ؛
فدعوى ل دليل عليها كسابقتها ،وال المستعان .
-7الشذوذ .
-8النكارة .
وهذان المران واضحان مما سبق ،وقد رأيت بعض المثلة عليهما .
-9الوقف ،وقد قدمنا بعض المثلة أيضا .
-11القلب ،وقد تقدم بعض المثلة عليه أيضا ؛ كما صرح به غير واحد من العلماء ،وهناك
أسباب أخرى يحاج بسطها ـ مع هذه ـ إلى رسالة خاصة .
ب -أن هذه الحاديث قد رواها جماعة من أئمة الحديث غير الشيخين ؛ ولم أذكر ذلك عند
تخريجها لن أرباب هذه النحلة يعترفون بوجود بعض الحاديث الضعيفة في مصنفات أولئك
الئمة ،كما أن أكثرهم يقر بوجود بعض الحاديث الموضوعة فيها ؛ كما هو مقرر في
موضعه .
ج -أن هذه الحاديث ـ التي ذكرناها ـ ليست كلها ضعيفة عندنا ؛ بل منها الصحيح ومنها
الحسن ومنها الضعيف ومنها الموضوع ...إلخ .ولذلك قلنا ( بغض النظر عن رأينا فيها )
وإنما قصدنا من ذكرها أن نبين أن المة لم تجتمع على صحة كل ما في الصحيحين ؛ كما
يدعي الحشوية .
د -ذكرنا أن المام الشافعي ويحيى القطان وعبدالرحمن بن مهدي وغيرهم ممن تقدموا على
الشيخين قد ضعفوا بعض الحاديث التي رواها الشيخان ،وقد سمعت أن بعض الحشوية قد
اعترض على ذلك بدعوى أن هؤلء كانوا سابقين على الشيخين ،فل يمكن أن يضعفوا شيئا
من أحاديثهما ،أو ما أشبه هذا الهراء ،وهذا العتراض مما يضحك الثكلى وذلك لنه من
المعلوم لدى العقلء قاطبة أن الحديث إذا كان ضعيفا بسبب معارضته للكتاب أو السنة
المتواترة معارضة ل يمكن الجمع بينهما وبينه ،أو كان شاذا أو معل أو في إسناده ضعيف
وما أشبه ذلك ،فل يمكن أن يحكم بصحته بمجرد رواية فلن أو فلن له ،فتضعيف أولئك
العلم لبعض أحاديث الشيخين ل يمكن أن يرد أو يلغى بمجرد رواية الشيخين أو أحدهما
لتلك الحاديث التي انتقدها عليهما من تقدمهما من العلماء ،وهذا أمر واضح ل يحتاج إلى
زيادة بيان ،وال المستعان .
ه -ادعى بعض الناس أنه ل ينبغي أن يقال عن حديث رواه الشيخان أو أحدهما هذا حديث
صحيح رواه البخاري أو مسلم أو كلهما وذلك لمرين :
أحدهما :أن أحاديثهما صحيحة ثابته فل داعي لن ينص على ذلك .
والثاني :أن ذلك مخالف لصنيع العلماء السابقين حيث إنهم لم يقولوا عن أي حديث رواه
الشيخان أو أحدهما صحيح رواه البخاري أو صحيح رواه مسلم أو صحيح رواه الشيخان .
أما المر الول :فقد تقدم بيانه بما فيه الكفاية .
وأما المر الثاني :فهو منقوص بما صنعه كثر من العلماء الذين ثبت عنهم ذلك ،فقد ثبت
مثل هذا الكلم عن كثير من العلماء منهم الدارقطني والبيهقي وابن منده والذهبي وابن الثير
وابن السبكي وابن الملقن والحافظ ابن حجر وغيرهم ،وقد أكثر من ذلك ابن الملقن في
"البدر المنير" والحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" فانظر هما إن شئت أن تتحق
من ذلك وال أعلم .
و -أن تضعيف أصحابنا ( رضوان ال عليهم ) لبعض أحاديث الشيخين أو غيرهما ؛ وكذلك
عدم احتجاجهم بالحاديث الحادية في مسائل العقيدة ؛ ل يعني ـ بوجه ول بآخر ـ أنهم يرون
ضعف جميع ما في هذه الكتب أو أنهم ليرون الحتجاج بما فيها ؛ كما توهم الحشوية
المجسمة ؛ حيث ادعوا زورا وبهتانا أن الباضية ل يحتجون بأحاديث الشيخين أو بما في
كتب السنة ...إلخ هرائهم .
ومن نظر في شيء من كتب أصحابنا ( رضوان ال عليهم ) وجد ما فيها يكذب هذه الدعوى
من أصلها ؛ ويجتثها من أساسها ،فإنهم ( رضوان ال عليهم ) قد احتجوا فيها بمئات بل
آلف الحاديث ؛ كما ل يخفى ذلك على من له أدنى إطلع على شيء من هذه الكتب ؛ بل إنهم
قد نصوا على ذلك ،وإليك بعض ما قالوه في ذلك -:
-1قال ال تعالى -في حديث قدسي (( : -ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة :رجل أعطى بي ثم
غدر ،ورجل باع حرا فأكل ثمنه ،ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره )) رواه
البخاري 2227و . 2270
قال اللباني في "ضعيف الجامع" : 4/111رواه أحمد والبخاري عن أبي هريرة ضعيف ،
وقال في "إرواء الغليل" ج 5ص ( : 310وخلصة القول أن هذا السناد ضعيف ،وأحسن
أحواله أنه يحتمل التحسين ،وأما التصحيح فهيهات ) .
.
هذا ومن الجدير بالذكر أني قد بينت في تلك الرسالة أن المام الربيع وشيخه المام أبا عبيدة
(رحمهما ال تعالى) من الثقات الثبات ،بخلف ما تدعيه الحشوية المجسمة ،وقد ذكرت في
تلك الرسالة أن المام الربيع قد قال عنه المام أحمد ل بأس به ،وأن ابن حبان قد ذكره في
كتابه "الثقات" ،وكذا قد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" ،وأن المام أبا عبيدة قد وثقه
المام يحيى بن معين ،وأزيد هنا أن ابن شاهين قد قال عن المام الربيع ( رحمه ال ) ثقة
كما في "الثقات" له ص . 127
( -2كان له (صلى ال عليه وسلم) فرس يقال له اللحيف ) رواه البخاري ، )2( 2855قال
اللباني في "ضعيف الجامع" : 4/208رواه البخاري عن سهل بن سعد .
( -3ترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر ) ...رواه البخاري ( ، ) 7435ضعيف
قوله عيانا ( )2فقال بعد كلم ... ( :ولذلك لم تطمئن النفس لصحة هذه ( عيانا ) لتفرد أبي
شهاب بها ؛ فهي منكرة أو شاذة على القل ) "ظلل الجنة" ص 201حديث رقم . 461
(( -4ل يشربن أحد منكم قائما ،فمن نسي فليستقئ )) رواه مسلم . )2026( 116
قال اللباني في "الضعيفة" ج 2ص ( : 326منكر بهذا اللفظ ،أخرجه مسلم في صحيحه
من طريق عمر بن حمزة ) .إلى أن قال ( :قلت -أي اللباني :وعمر هذا وإن احتج به مسلم
فقد ضعفه المام أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم ،ولذلك أورده الذهبي في "الميزان"
وذكره في "الضعفاء" ،وقال :صعفه ابن معين لنكارة حديثه وقال الحافظ في "التقريب" :
ضعيف ...إلخ ).
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
(( -5إن من شر الناس عند ال منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم
ينشر سرها)) رواه مسلم ، )1437( 123قال في "ضعيف الجامع" : 2/192ضعيف ،رواه
مسلم ،وكذا ضعفه في "إرواء الغليل" ، 75 ، 7/74و "غاية المرام" ص ، 150و
"مختصر صحيح مسلم" تعليق ، 150و "آداب الزفاف" . 142
-6حديث (( إني لفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل )) يعني الجماع دون إنزال ،رواه مسلم ( 89
. )350
قال في "الضعيفة" ( : 407 ، 2/406ضعيف مرفوعا ) .إلى أن قال ( :وهذا سند ضعيف
له علتان :الولى عنعنة أبي الزبير ؛ فقد كان مدلسا ...إلخ ،الثانية ضعف عياض بن
عبدالرحمن الفهري المدني ...إلخ .
(( -7ل تذبحوا إل مسنة إل أن تتعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن )) ،رواه مسلم رقم
. )1963( 13
قال اللباني ( :رواه أحمد ومسلم و ...و ...ضعيف ) "ضعيف الجامع" 6/64و "إرواء
الغليل" رقم ، 1131و "الحاديث الضعيفة" . 1/91وقال هناك بعد كلم ( :ثم بدا لي أني
كنت واهما في ذلك تبعا للحافظ ،وأن هذا الحديث الذي صححه هو وأخرجه مسلم كان
الحرى به أن يحشر في زمرة الحاديث الضعيفة ...إلخ ) .
(( -8إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلته بركعتين خفيفتين )) رواه مسلم . )768( 198
هذا الحديث أورده اللباني في صحيحته ج 2ص 110وقال ( :هذا إسناد رجاله ثقات ،لكن
له علتان ؛ عنعنة قتادة وسوء حفظ مطر الوراق ) .
(( -10ل تدخل الملئكة بيتا فيه كلب ول تماثيل )) رواه مسلم . )2106( 87
قال اللباني في "غاية المرام" ص ( : 104صحيح دون قول عائشة ( ل) فإنه شاذ أو
منكر ).
وقد ضعف أيضا روايات أخرى ل نطيل بذكرها ،وقد قدمنا عن المام أحمد أنه ضعف أو
استنكر ثمانية أحاديث من أحاديث الشيخين أو أحدهما ،وأزيد هنا حديثين لكمال العشرة :
أولهما :حديث ابن عباس ( رضي ال عنهما ) ،عند مسلم ( (( )1أيما إهاب دبغ فقد طهر)).
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" ج 18ص 17بعد أن ذكره ( :فإن هذا انفرد به مسلم
عن البخاري ،وقد ضعفه المام أحمد وغيره ) .
ثانيهما :حديث السيدة عائشة ( رضي ال عنها ) ،عند البخاري 1952ومسلم ( 153
، )1147أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) قال (( :من مات وعليه صوم صام عنه
وليه)) ،فقد استنكره المام أحمد كما في "سير أعلم النبلء" ج 6ص 10للمام الذهبي .
وقد قدمنا أيضا عن ابن تيمية وابن القيم أنهما ضعفا طائفة من أحاديث الشيخين ،وذكرنا
بعض المثلة على ذلك ولدينا عنهما مزيد ،وقد ضعف شارح الطحاوية حديثا في
الصحيحين ،وصدر حديثا عند البخاري بلفظه ( روي ) الموضوعة للدللة على التضعيف أو
التشكيك ،وقد نسب هذا الحديث لمسلم ،ول يوجد عنده كما ذكر اللباني في تخريجه .
هذا وقد وجدنا أكثر من مائة عالم ( )1من أصحاب المذاهب الربعة وغيرهم ضعفوا بعض
أحاديث الشيخين ،أو أنهم قالوا بوجود بعض الحاديث الضعيفة فيهما ،ولول خوف الطالة
لذكرتهم مع بعض الحاديث التي ضعفوها ،وسأفرد ذلك برسالة خاصة بإذن ال تعالى ،وإذا
عرفت هذا تبين لك مقدار علم هؤلء الحشوية المتعالمين الذين يدعون زورا وبهتانا أن
أحاديث الشيخين تفيد القطع ،أو أنها صحيحة باتفاق الجميع ،وإنني لعجب كل العجب منهم
كيف خفي عليهم ذلك مع شهرته ؟! .
وأعجب من ذلك أنهم ل يدرون ما في الصحيحين من الحاديث ؛ فتراهم ينسبون إليهما مال
يوجد فيهما ،ولدينا أمثلة على ذلك عن بعض المتقدمين وبعض المتأخرين من أرباب هذه
النحلة الخاسرة (. )1
وأعجب من ذلك وأغرب أنهم يردون أحاديث الشيخين متى حل لهم ذلك ،ولو كانت موافقة
لنص الكتاب ،وللمتواتر من سنة النبي الواب (صلى ال عليه وسلم) ،وعلى جميع
الصحاب ،والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب ،باتفاق أولي اللباب ،ولما أجمعت عليه
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
المة المشهود لجماعها بالصواب ،كما هو مقرر عند المحققين من الكتاب ،من المخالفين
والصحاب ،كما صنع الشيخ الحراني عندما رد حديث (( كان ال ولم يكن شيء غيره ))
الذي رواه المام البخاري ( )3191وغيره ،حين رآه مخالفا لمشربه العكر وقوله النكر ،
القائل :إن العلم قديم بالنوع ،تبعا لرسطو طاليس وفلسفة اليونان وحثالة الهندوس
والبوذية والبرهمية ،مع أن هذه الرواية صحيحة ثابتة ،وقد رد عليه كثير من العلماء بسبب
ذلك ،وفسقوه وضللوه وبدعوه وشنعوا عليه .
الهوامش :
...برقم )366( 105ولفظه عنده (( إذا دبغ الهاب فقد طهر )) .
وغيرهم كثير ،وأغلب هؤلء ـ كما ترى ـ من أتباع المذاهب الربعة ( )1؛ بل فيهم أئمة
المذاهب أنفسهم ،وقد ضعف كثير من أئمة المذاهب الخرى طائفة من أحاديث الشيخين ،
واستدلوا في ذلك إلى قواعد كالجبال الرواسي ،ولول خوف الطالة لذكرت بعضا منهم ؛ مع
بعض المثلة على ما ضعفوه من أحاديث الشيخين ؛ وما احتجوا به على ذلك ،ولعلنا نذكر
ذلك في مناسبة أخرى إن شاء ال تعالى .
( )1بل كلهم باشتثناء ستة منهم ،وهم :ابن حزم والجلل وابن الوزير والمقبلي والصنعاني
والشوكاني ،والحشوية يجلون هؤلء أكثر من إجللهم لبعض أتباع المذاهب الربعة ،كما
هو غير خاف على من نظر في شيء من مصنفاتهم ،وال أعلم .
=======================
..1.اعلم أني إنما أذكر كلم هذا الرجل من باب إلزامه ،وإلزام أتباعه ،العاكفين على قراءة
كتبه على ما فيها من أخطاء فادحة وتناقضات واضحة ،وإل فإنه ليس عندنا هنالك كما بينت
.--2ولفظه عنده :كان للنبي (صلى ال عليه وسلم) في حائطنا فرس يقال له اللحيف .
...هذا الحديث عندنا ضعيف بذكر هذه الزيادة (عيانا) وبدونها ،كما بيناه في غير هذا
الموضع ،وال المستعان
وقال ص ( : 203وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية
وغيرهما ،ممن اتخذ إلهه هواه ،وأضله ال على علم ،وختم على سمعه وقبله ،وجعل على
بصره غشاوة ،فمن يهديه من بعد ال ؟! وكيف تجاوز هؤلء الملحدون الحدود وتعدوا
الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة ؟! فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم ،وليسوا
كذلك ...إلخ ) .
وقال في حاشيته على "مناسك النووي" ص 489طبعة المكتبة السلفية ( :ول يغتر بإنكار
ابن تيمية لسن زيارته (صلى ال عليه وسلم) ،فإنه عبد أضله ال ؛ كما قال العز ابن
جماعة ،وأطال في الرد عليه التقي السبكي في تصنيف مستقل ،ووقوعه في حق رسول ال
(صلى ال عليه وسلم) ليس بعجيب ؛ فإنه وقع في حق ال سبحانه وتعالى عما يقول
الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ،فنسب إليه العظائم كقوله :إن ل تعالى جهة ويدا ورجل
وعينا وغير ذلك من القبائح الشنيعة ،ولقد كفره كثير من العلماء ،عامله ال بعدله وخذل
متبعيه الذين نصروا ما افتراه على الشريعة الغراء ) ( )1اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" ( :قال شيخنا -أي المام
الحافظ العراقي -في شرح الترمذي ( :الصحيح في تكفير منكر الجماع ؛ تقييده بإنكار ما
علم وجوبه بالتواتر ) ومنه القول بحدوث العلم ،وقد حكى القاضي عياض وغيره الجماع
على تكفير من يقول بقدم العلم )) .
وقال ابن دقيق العيد ( :وقع هنا من يدعي الحذق في المعقولت ،ويميل إلى الفلسفة ،فظن
أن المخالف في حدوث العلم ل يكفر ،لنه من قبيل مخالفة الجماع ،وتمسك بقولنا إن منكر
الجماع ل يكفر على الطلق ،حتى يثبت النقل بذلك متواترا عن صاحب الشرع ،قال :وهو
متمسك ساقط إما عن عمى في البصيرة أو تعام ،لن حدوث العلم من قبيل ما اجتمع فيه
الجماع والتواتر بالنقل ) ا.هـ. .
هذا ولقد زاد الشيخ الحراني في نغمة طنبوره ،حيث نسب القول بقدم العلم بالنوع إلى أكثر
أهل الحديث ومن وافقهم ،حيث قال في "موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله" -المطبوع
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
على هامش منهاج البدعة -ج 2ص ( : 75وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم ل
يجعلون النوع حادثا بل قديما ،ويفرقون بين حدوث النوع وحدوث الفرد من أفراده ،كما
يفرق جمهور العقلء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه ) ا.هـ . .وهو في نقله هذا غير
صادق ،وذلك لما قدمنا من الجماع على خلفه .
وقال عنه أيضا في نفس الكتاب :فإن قلت :كيف تحكي الجماع السابق على مشروعية
الزيارة والسفر إليها وطلبها ؛ وابن تيمية من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك كله ؛
كما رآه التقي السبكي بخطه ،وأطال ـ أعني ابن تيمية ـ في الستدلل لذلك بم تمجه السماع
وتنفر عنه الطباع ،بل زعم حرمة السفر لها إجماعا ،وأنه ل تقصر فيه الصلة ،وأن جميع
الحاديث الواردة فيه موضوعة ،وتبعه بعض من تأخر من أهل مذهبه .
قلت ـ الهيثمي ـ :من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الدين عليه ،
وهل هو إل كما قال جماعة من الئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى
أظهروا عوار سقطاته ،وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز ابن جماعة ( :عبد أضله ال تعالى
وأغواه وألبسه رداء الخزي وأرداه وبوأه من قوة الفتراء والكذب ما أعقبه الهون وأوجب له
الحرمان ).
وقال عنه في "شرح الشمائل" ( :قال ابن القيم عن شيخه ابن تيمية :أنه ذكر شيئا بديعا ؛
وهو أنه (صلى ال عليه وسلم) لما رأى ربه واضعا يده بين كتفيه أكرم ذلك الموضع
بالعذبة ،قال العراقي :لم نجد لذلك أصل ـ يعني من السنة ـ ،قال ابن حجر الهيثمي :بل هذا
من قبيل رأيهما وضللهما ؛ إذ هو مبني على ما ذهبا إليه وأطال في الستدلل له ،والحط
على أهل السنة في نفيهم له ؛ وهو إثبات الجهة والجسمية ل تعالى ،ولهما في هذا المقام
من القبائح وسوء العتقاد ما تصم عنه الذان ،ويقضى عليه بالزور والبهتان ،فقبحهما ال
،وقبح من قال بقولهما ،والمام أحمد وأتباع مذهبه مبرءون عن هذه الوصمة القبيحة ؛
كيف وهي كفر عند كثيرين ) .
وقال عنه أيضا في "الفتاوى الحديثية" ص ( : 144ابن تيمية عبد خذله ال ـ تعالى ـ وأضله
وأعماه وأذله ،وبذلك صرح الئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله ،ومن أراد ذلك
فعليه بمطالعة كلم المام المجتهد المتفق على إمامته وجللته وبلوغه مرتبة الجتهاد أبي
الحسن السبكي وولده التاج والشيخ المام العز ابن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من
الشافعية والمالكية والحنفية ،والحاصل :أنه ليقام لكلمه وزن بل يرمى به في كل وعر
وحزن ،ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال ومضل جاهل غال ،وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته ) .
وقال عنه الذهبي في "زغل العلم" ص ( : 17وقد تعبت في وزنه وتفتيشه حتى مللت في
سنين متطاولة فما وجدت الذي أخره بين أهل مصر والشام ومقته في نفوسهم ،وازدروا به
وكذبوه وكفروه إل الكبر والعجب وفرط الغرام في رياسة المشيخة والزدراء بالكبار ،فانظر
كيف وبال الدعاوى ومحبة الظهور ...وما دفع ال عنه وعن أتباعه أكثر ،وما جرى عليهم
إل بعض ما يستحقون ،فل تكن في ريب من ذلك ) ا.هـ. .
وإليك النصيحة التي كتبها المام الذهبي لبن تيمية ،قال بعد كلم ( :إلى كم ترى القذاة في
عين أخيك وتنسى الجذع في عينك ! .إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك ،وتذم العلماء
،وتتبع عورات الناس ؛ مع علمك بنهي الرسول (صلى ال عليه وسلم) (( ل تذكروا موتاكم
إل بخير ؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا )) ،بلى أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك :إنما
الوقيعة في هؤلء الذين ما شموا رائحة السلم ،ول عرفوا ما جاء به محمد (صلى ال عليه
وسلم) وهو جهاد .بلى وال عرفوا خيرا كثيرا مما إذا عمل به العبد فقد فاز ،وجهلوا شيئا
كثيرا مما ل يعنيهم و (( من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه )) .
يا رجل بال عليك كف عنا ؛ فإنك محجاج عليم اللسان ل تقر ول تنام .إياكم والغلوطات في
الدين ،كره نبيك (صلى ال عليه وسلم) المسائل وعابها ،ونهى عن كثرة السؤال ؛ وقال :
(( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان )) وكثرة الكلم بغير زلل تقسي القلب
إذا كان في الحلل والحرام ،فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلسفة وتلك الكفريات
التي تعمي القلوب .وال قد صرنا ضحكة في الوجود ؛ فإلى كم تنبش دقائق الكفريات
الفلسفية لنرد عليها بعقولنا .
يا رجل قد بلغت ( سموم ) الفلسفة وتصنيفاتهم مرات .وكثرة استعمال السموم يدمن عليه
الجسم وتكمن وال في البدن .واشوقاه إلى مجلس فيه تلوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت
بتفكر .وآها لمجلس يذكر فيه البرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ،بلى عند ذكر
الصالحين يذكرون بالزدراء واللعنة ،كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين
فواخيتهما ،بال خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب ،وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها
من أساس الضلل قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ،ومن لم يعرفها فهو كافر أو
حمار ،ومن لم يكفره فهو أكفر من فرعون ،وتعد النصارى مثلنا ،وال في القلوب شكوك
إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد .
يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والنحلل ؛ لسيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا
شهوانيا ،لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه ؛ وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه ،فهل
معظم أتباعك إل قعيد مربوط خفيف العقل ،أو عامي كذاب بليد الذهن ،أو غريب واجم قوي
المكر ،أو ناشف صالح عديم الفهم ،فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل .
يامسلم أقدم حمار شهواتك لمدح نفسك ،إلى كم تصادقها وتعادي الخبار ،إلى كم تصادقها
وتزدري البرار ،إلى كم تعظمها وتصغر العباد ،إلى متى تخالفها وتمقت الزهاد ؟ أما آن لك
أن ترعوي ،أما حان لك أن تتوب وتنيب ،أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل ،بلى ـ
وال ـ ما أذكر أنك الموت ؛ بل تزدري بمن يذكر الموت ،فما أظنك تقبل على قولي ،ول
تصغي إلى وعظي ؛ بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات ،وتقطع لي أذناب الكلم
،ولتزال تنتصر حتى أقول :والبتة سكت .
فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعداؤك .وأعداؤك ـ وال
ـ فيهم صلحاء وعقلء وفضلء ؛ كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر
.قد رضيت منك بأن تسبني علنية وتنتفع بمقالتي سرا ( فرحم ال امرءا أهدى إلى عيوبي )
ا.هـ . .المراد منه .
هذا ماذكره المام الذهبي عن ابن تيمية ،ومن المعلوم أن الذهبي من أتباع ابن تيمية
المتأثرين ببعض عقائده الفاسدة ؛ كما ذكر ذلك تلميذه العلمة التاج السبكي في عدة مواضع
من كتاب "الطبقات الكبرى" ،وقد نقلت بعضا منها في غير هذا الموضع ،وأكتفي هنا بقوله
:والذي أفتي به أنه ل يجوز العتماد على كلم شيخنا الذهبي في ذم أشعري ول شكر حنبلي
ا.هـ . .وعليه فإذا قدح الذهبي في حشوية كابن تيمية الحراني يجب أن يعض على كلمه
بالنواجذ .
وقال الحافظ العلئي كما في "ذخائر القصر" لبن طولون ص 33 ، 32عند ذكره للمسائل
التي فيها ابن تيمية ( :وأما مقالته في أصول الدين فمنها قوله :إن ال ـ سبحانه ـ محل
الحوادث تعالى ال عما يقول علوا كبيرا ،وأنه مركب مفتقر إلى ذاته افتقار الكل إلى الجزء ،
وأن القرآن محدث في ذاته ـ تعالى ـ ،وأن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع ال مخلوقا دائما ،
فجعله موجبا بالذات ل فاعل بالختيار ـ سبحانه وتعالى ما أحمله ! ـ ،ومنها قوله بالجسيمة
وبالجهة والنتقال ؛ وهو مردود .وصرح في بعض تصانيفه بأنه قدر العرش ل أكبر منه ول
أصغر ـ تعالى عن ذلك ـ ... ،وأن عذاب أهل النار ينقطع ول يتأبد ،ومن أفراده أيضا أن
النوراة والنجيل لم تبدل ألفاظهما بل هي باقية على ما أنزلت بل وقع التحريف في تأويلها ،
وله فيه مصنف آخر ما رأيت وأستغفر ال من كتابه مثل هذا فضل عن اعتقاده ) ا.هـ. .
وقال الشيخ الغماري في "جؤنة العطار" ج 1ص ( : 3وهذه الشام اليوم قد تسرب إليها
اللحاد والزندقة زيادة على ما كان فيها سابقا من النصب وغيره ،ولو لم يكن بعد فتنة بني
أمية إل ظهور ابن تيمية منها لكفى أن تذم ،فإن كل مبتدع وضال من المقلدة إنما ضل حتى
كفر ؛ بقراءة كتب ابن تيمية ،ويكفي أن قرن الشيطان النجدي وأذنابه من أولد أفكار ابن
تيمية ول يخفى شرهم وعظيم ضررهم على السلم وأهله ) ا.هـ. .
وقال في "القول الجلي" ـ بعد كلم ـ ... ( :فقبح ال ابن تيمية وأخزاه وجازاه بما يستحق ،
وقد فعل والحمد ل إذ جعله إمام كل ضال بعده ،وجعل كتبه هادية إلى الضلل ؛ فما أقبل
عليها أحد واعتنى بشأنها إل وصار إمام ضللة في عصره ،ويكفي أن أخرج من صلب
أفكاره الخبيثة قرن الشيطان وأتباعه كلب النار وشر من تحت أديم السماء ،والذين ملوا
الكون ظلمة وسوادا وجهة بالجرائم والعظائم في كل مكان ،والكل في صحيفة ابن تيمية إمام
الضالين وشيخ المجرمين ،وقد قال رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( :من سن سنة سيئة
فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )) ،وقال (صلى ال عليه وسلم) (( :من
دعا إلى ضللة كان عليه إثم من تبعه إلى يوم القيامة )) ا.هـ. .
وبمناسبة ذكرنا لقوال بعض العلماء في ابن تيمية ،فل بأس من أن نسمعك بعض ما قيل في
بعض أرباب هذه النحلة الخاسرة -:
( )1أبو العز ابن كادش العكبراوي ؛ وهو كذاب مخلط حشوي مشبه مجسم ضال مضل ،قال
ابن النجار :كان مخلطا كذابا ل يحتج بمثله وللئمة فيه مقال .وقال ابن النماط :كان مخلطا
.وقال أبو سعيد ابن السمعاني :كان ابن ناصر سيء الرأي فيه .قال ابن عساكر :قال لي
أبو العز ابن كادش ؛ وسمع رجل وضع في حق علي حديثا :وضعت أنا في حق أبي بكر
حديثا ؛ بال أليس فعلت جيدا ؟ قال الذهبي في "سير أعلم النبلء" 19/559معلقا على ذلك
:قلت :هذا يدل على جهله ؛ يفتخر بالكذب على رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ا.هـ. .
قلت :فياويحه من الوعيد الشديد الثابت عن رسول ال في حق من كذب عليه ـ عليه أفضل
الصلة والسلم ـ وياويح من يحتج برواياته من ذلك .
أما قول الذهبي في "الميزان" : 1/78أقر بوضع حديث وتاب وأناب ؛ فمع أنه ل قيمة له في
باب الحتجاج ؛ إذ رواية الكذاب ل تقبل ولو تاب وأناب ؛ كما هو مذهب المحققين من
المحدثين والصوليين ،منهم أحمد ابن حنبل والحميدي والصيرفي والسمعاني وابن القطان
وابن جماعة والزركشي وآخرون ؛ فإننا نطالب من يجزم بتوبته بالسناد الصحيح إليه ؛ الذي
فيه صدور هذه التوبة منه ؛ وأنى له ذلك ؟! ،هذا وقد كان ابن كادش صديقا حميما للكذاب
الوضاع الضال المجسم ابن بطة العكبري ،الذي قال عنه الحافظ ابن حجر في "اللسان" ج
4ص : 113وقفت لبن بطة على أمر استعظمته واقشعر جلدي منه ا.هـ. .
ثم أثبت أنه وضاع ،وأنه كان يحك أسماء الئمة من كتب الحديث ويضع اسمه مكان الحك ،
وقال أبو القاسم الزهري :ابن بطة ضعيف ضعيف .وقال أبو ذر الهروي :اجتهدت على أن
يخرج لي شيئا من الصول فلم يفعل فزهدت فيه .وأورد الخطيب البغدادي حديثا في إسناده
ابن بطة ثم قال :وهو موضوع بهذا السناد والحمل فيه على ابن بطة ا.هـ. .
ومن المعلوم أن علماء الحديث إذا قالوا عن حديث ( والحمل فيه على فلن ) أنهم يعنون بذلك
أنه واضعه ،ولذلك أمثلة كثيرة أكتفي هنا بذكر ستة منها -:
-1قال المام الذهبي في "الميزان" ج 1ص 91في ترجمة أحمد بن الحسن أبي حنش :
اتهمه الخطيب بوضع هذا الحديث ـ يعني حديث ( من حفظ القرآن في عشرة ...إلخ ) .
-2جاء في "تنزيه الشريعة المرفوعة" لبن عراق 1/50الحسن بن علي بن محمد اليماني
الدمشقي عن علي بن بابوية السواري :أتى بخبر كذب ،والحمل فيه عليه أو على شيخه
فإنهما مجهولن .
-3وجاء فيه أيضا 1/92عمر بن نسطاس عن بكير بن القاسم بخبر باطل الحمل فيه عليه .
-4وجاء فيه 1/68صالح بن الفتح أبو محمد الشامي عن الفضل بن أحمد بن عامر بخبر
موضوع ،والحمل فيه على أحدهما .
-5وجاء فيه أيضا 1/100محمد بن أحمد الحليمي عن آدم بن أبي إياس بأحاديث باطلة ،قال
ابن ماكول :والحمل فيه عليه .
-6قال الذهبي في "الميزان" ج 1ص 503في ترجمة الحسن بن علن الخراط :قال ابن
الجوزي :وضع هذا الحديث ...قال الخطيب :الحمل فيه على الخراط .
( )2أبو طالب العشاري الكذاب ،قال الذهبي :ليس بحجة ،وقال بعدما ذكر حديثا موضوعا
في سنده العشاري هذا :فقبح ال من وضعه ،والعتب إنما هو على محدثي بغداد كيف تركوا
العشاري يروي هذه الباطيل .
وأورد الحافظ ابن الجوزي حديثا في إسناده العشاري وقال :هذا حديث ل يشك عاقل في
وضعه ...إلى أن قال :وكان مع الذي رواه نوع تغفل ول أحسبه إل في المتأخرين ،وإن كان
يحيى بن معين تكلم في ابن أبي الزناد وحكى فيه كلم غيره ،ثم قال :فلعل بعض أهل الهوى
أدخله في حديثه ا.هـ. .
قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" ج 5ص : 303وقد تقدم في ترجمة النجاد أنه عمر بآخره
وأن الخطيب جوز أن يكون أدخل عليه شيء ،وهذا التجويز محتمل في حق العشاري أيضا ،
وفي حق ابن أبي الزناد بعيد ؛ فقد وثقه مالك ،وعلق له البخاري بالجزم ،والعلم عند ال
تعالى ا.هـ. .
وقال الذهبي في "الميزان" : 657 ، 3/656أدخلوا عليه أشياء فحدث بها بسلمة باطن ،
منها حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء ،ومنها عقيدة الشافعي ا.هـ . .وأقره الحافظ ابن
حجر في "اللسان" ج 5ص 302، 301على ذلك .
( )3قال إمام الحرمين عن السجزي المجسم بعد كلم :وأبدي من غمرات جهله فصول ،
وسوى على قصبة سخافة عقله نصول ،ومخايل الحمق في تضاعيفها مصقولة ،وبعثات
الحقائق دونها معقولة .قال :وهذا الجاهل الغر المتمادي في الجهل المصر يتطلع إلى الرتب
الرفيعة بالدؤب في المطاعن في الئمة والوقيعة ،وقال أيضا :صدر هذا الحمق الباب
بالمعهود من شتمه ،فأف له ولخرقه ،فقد وال سئمت من البحث عن عواره وإبداء شناره ،
وقال :قد كسا هذا التيس الئمة صفاته .وقال :أبدى هذا الحمق كلما ينقض آخره أوله في
الصفات ،وما ينبغي لمثله أن يتكلم في صفات ال تعالى على جهله وسخافة عقله ،وقال
أيضا :قد ذكر هذا اللعين الطريد المهين الشريد فصول وزعم أن الشعرية يكفرون بها ،
فعليه لعائن ال تترى واحدة بعد أخرى ،وما رأيت جاهل أجسر على التكفير وأسرع إلى
التحكم على الئمة من هذا الخرق .
وتكلم السجزي في النزول والنتقال والزوال والتصال والنفصال والذهاب والمجيء ،قال
إمام الحرمين :ومن قال ذلك حل دمه .
( )4الحسين بن علي بن إبراهيم الهوازي ؛ الكذاب الدجال ،قال الذهبي في "الميزان"
: 1/512ألف كتابا في الصفات أتى فيه بموضوعات وفضائح وكان يحط على الشعري ،
وجمع كتابا في ثلبه وقال أبو طاهر :أقرأ عليه العلم ول أصدقه في حرف واحد .وقال
الخطيب البغدادي :الهوازي كذاب في الحديث والقراءات جميعا .
وقال ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ( :ل يستبعدن جاهل كذب الهوازي فيما أورده
من تلك الحكايات ،فقد كان أكذب الناس فيما يدعي من الروايات في القراءات ) ،وقد نص
ابن عساكر بأن الهوازي هذا هو المتهم بوضع حديث (( رأيت ربي بمعنى على جمل أورق
عليه جبة )) ،قلت :وقد أورد هذا الهوازي اللعين في كتابه القذر الذي سماه ـ بغير حق ـ
"البيان في عقود اليمان" جملة نت الحاديث الموضوعة منها :حديث (( إن ال تعالى لما
أراد أن يخلق نفسه خلق الفرس فأجراها حتى عرقت ثم خلق نفسه من العرق )) ؛ قاتل ال
واضعه ماأجراه على ال وأوقحه .
( )5عبدالعزيز بن الحارث التميمي الحشوي المجسم الكذاب الوضاع ،قال الذهبي في ترجمته
في كتاب "الميزان" : 2/624من رؤساء الحنابلة وأكابر البغاددة ؛ إل أنه آذى نفسه ،
ووضع حديثا أو حديثين في "مسند المام أحمد" ،قال ابن زرقويه الحافظ :كتبوا عليه
محضرا بما فعل ،كتب فيه الدارقطني وغيره ـ نسأل ال العافية والسلمة ـ قلت :وقد ابتلى
المام أحمد بن حنبل بأصحاب جهلة كذبوا عليه ونسبوا إليه ما لم يقله من العقائد والراء
الكاسدة ؛ كما ذكره ذلك جماعة كبيرة من العلماء منهم ابن الجوزي وابن الصلح وابن
عبدالسلم والمام السبكي وابنه التاج والذهبي وآخرون .
ومما نسبوه إليه الرد على الجهمية ؛ قال المام الذهبي في "سير أعلم النبلء" ج 11ص
286بعد كلم :ل كرسالة الصطخري ،ول كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبدال ،
وقال بعد أن أورد شيئا من هذه العقيدة الفاسدة الكاسدة :وال ما قالها المام أحمد ،فقاتل ال
واضعها ،ثم قال :فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون مثل هذه الخرافة ويسكتون عليها
ا.هـ. .
وقد كذبوا أيضا على غيره من أئمة المسلمين ؛ فنسبوا إليهم مالم يقولوه ،وحذفوا من
كلمهم مال يتناسب مع معتقداتهم ؛ ولدينا على ذلك أمثلة لبأس بها عن أرباب هذه النحلة
من متقدمين ومتأخرين ومعاصرين ،وقد ذكرنا بعضا منها في غير هذا الموضع .
هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "اللسان" ج 4ص 77وقبله الذهبي في "الميزان" ج 2ص
525عن ابن المسلم أنه سأل عبد العزيز بن الحارث احتج به فقال له :صنعته في الحال
لدفع به الخصم .
( )6شيخ السلم ! بل الضلل :الهكاري ؛ الكذاب المجسم .قال عنه ابن النجار :متهم
بوضع الحديث وتركيب السانيد ،وإن الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات ،وفي حديثه
أشياء موضوعة ،وقال الحافظ في "اللسان" :رأيت بخط بعض أصحاب الحديث أنه كان
يضع الحديث بأصبهان ،وقال ابن عساكر :لم يكن موثوقا به ا.هـ. .
( - )9( ، )8( ، )7ابن حامد وابن الزغواني والقاضي أبو يعلي ،قال عنهم العلمة ابن
الجوزي الحنبلي في "دفع شبه التشبيه" ص 99فما بعدها ( :صنفوا كتبا شانوا بها المذهب
،ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام ؛ فحملوا الصفات على مقتضى الحس ؛ فسمعوا أن ال
تعالى خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ،ووجها زائدا على الذات ،وعينين ،وفما ،
ولهوات ،وأضراسا ،وأضواء لوجهه هي السبحات ،ويدين ،وأصابع ،وكفا ،وخنصرا ،
وإبهاما ،وفخذا ،وساقين ،ورجلين .
وقالوا :ما سمعنا بذكر الرأس ،وقالوا :يجوز أن يمس ويمس ،ويدني العبد من ذاته ،وقال
بعضهم :ويتنفس ؛ ثم يرضون العوام بقولهم :ل كما يعقل وقد أخذوا بالظاهر في السماء
والصفات فسموها تسمية مبتدعة ل دليل لهم في ذلك من النقل ول من العقل ،ولم يلتفتوا إلى
النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة ل تعالى ،ول إلى إلغاء ما يوجبه
الظاهر من سمات الحدوث ...ثم يتحرجون من التشبيه ،ويأنفون من إضافته إليهم ،
ويقولون نحن أهل السنة ،وكلمهم صريح في التشبيه ،وقد تبعهم خلق من العوام ...ولقد
كسيتم هذا المذهب شيئا قبيحا ؛ حتى صار ل يقال عن حنبلي إل مجسم ...وقد كان أبو محمد
التميمي يقول في بعض أئمتكم :لقد شان المذهب شينا قبيحا ل يغسل إلى يوم القيامة ) وله
في ذلك كلم طويل ل نطيل به المقام .
( )10ابن القيم ؛ قال المام العلمة السبكي الشافعي في "السيف الصقيل في الرد على ابن
زفيل" من ص 55فما بعدها ؛ بعد أن نقل كلما لبن القيم ( :انتهى كلم هذا الملحد تبا له ،
وقطع ال دابر كلمه ،انظر هذا الملعون كيف أقام طوائف الشافعية والمالكية والحنفية الذين
هم قدوة السلم وهداة النام في صورة الملحدة الزنادقة ،المقرين على أنفسهم باتباع
فرعون وهامان وأرسطو وابن سينا ؛ المقدمين كلمهم على القرآن ،وأن رائده لعنه ال
ولعنه سألهم عما يقوله أهل الحديث فنسبوهم إلى ما نسبوهم إليه ،وأنه لذلك انحل عن
الديان وخلع ربقة اليمان ...فما أراد هذا إل أن يقرر عند العوام أنه ل مسلم إل هو وطائفته
التي مابرحت ذليلة حقيرة ،وما أدري ما يكون وراء ذلك من قصده الخبيث ؛ فإن الطعن في
أئمة الدين طعن في الدين ،وقد يكون هذا فتح باب الزندقة ونقض الشريعة ،ويأبى ال ذلك
والمؤمنون ،وجماعة من الزنادقة يكون مبدأ أمرهم خفيا حتى تنتشر ناره ويشتعل شناره ،
نسأل ال العافية .
فينبغي لئمة المسلمين وولة أمورهم أن يأخذوا بالحزم ،ويحسموا مادة الشر في مبدئه قبل
أن يستحكم فيصعب عليهم رفعه ،ثم إن هذا الوقح ل يستحيي من ال ول من الناس ؛ ينسب
إلى طوائف المسلمين ما لم يقولوه فيه وفي طائفته وهو يزعم بكذبه أنه متمسك بالقرآن ...
بل هو زيادة من عنده كذب فيها على ال وعلى رسوله ،فهل وصلت الزنادقة والملحدة
والطاعنون في الشريعة إلى أكثر من هذا ؛ بل ول عشر هذا ،وإيهامه الجهال أنه هو
المتمسك بالقرآن والسنة لينفق عندهم كلمه ،ويخفي عنهم سقامه ) .
وقال ص 37بعد كلم ( :فانظر أن مالكا رضي ال عنه وناهيك به ؛ قد فسر الحديث بما قال
هذا المتخلف النحس :إنه إلحاد ،فهو الملحد عليه لعنة ال ،ما أوقحه وما أكثر تجرأه ،
أخزاه ال ) .
وقال :ومن أقبح وأحمق سلوكك وقلة أدبك ،وقال :تقول إنك تريد لقمة الكل ؛ وهل فعل
ذلك أتباع الرسل ؟ هل شكوت إلى إخوانك فيساعدوك كما ساعدوك مرارا بناء على اقتراحي
أيها الكنود ،عفوا ليس لجل لقمة الطعام بل لجل التكاثر في الموال . ) ...
وله كلم طويل لعلنا نذكره في مناسبة أخرى ،ومن المعلوم أن الستانبولي من أخص تلمذة
اللباني ،وبينهما صحبة تقرب من أربعين عاما .
-2قال زهير الشاويش في تعليق له على كتاب "تفضيل الكلب على ممن لبس الثياب" طبع
المكتب السلمي ( :وأخص الذي آتاه ال العلم فانسلخ منه ؛ بلعام ذاك الزمان ومن سار
على دربه واقتفى آثاره من بلعيم هذه اليام ،وإلى صاحب إبليس من هو بالدس والحتيال
معروف وإلى المذمم الكريه ،وإلى من هو بالشؤم في الغرب والشرق موصوف ،وإلى من
زاد على البالة ضغثا وفاق كل من سبقه وخالف كل مظنون ؛ حتى كدنا نتوهم الحديث
الموضوع صحيحا ،أبت النفوس اللئيمة أن تغادر الدنيا حتى تسيء إلى من أحسن إليها ،
وكان من فعله أن أخرجت هذا الكتاب من محبسه ) ويريد بهذا الكلم شيخه اللباني كما هو
غير خاف .
وقال عنه أيضا ( :ومن العجائب أننا رأينا من بعض المشايخ أشد من ذلك ؛ فقد بلغني أن
أحدهم يقول لمن لهم عليه حقوق مادية :عليكم بالتسليم لما أقول ول تناقشوا ول تجادلوا
واقبلوا ما أعترف لكم به فقط لنني ل أكذب ، ...وغفل هذا المغرور بأنه لو كان عندهم ل
يكذب فقد يهم أو ينسى ،وفي طلبه هذا منهم عنت وجبروت ؛ لن ال ـ سبحانه وتعالى ـ يوم
القيامة يسمح لكل نفس أن تجادل عن نفسها ،بل أكاد أقول :إنه بهذا ممن يسمي نفسه
هذا ومن المعلوم أن الشاويش من تلمذة اللباني بل ومن أخصهم لديه ؛ حيث إنه تتلمذ على
يديه أكثر من أربعين عاما ،وقد أثنى عليه اللباني في كثير من كتبه ،وذكر أنه نشأ على
منهاج سلفهم الصالح .
هذا ول أريد أن أطيل هنا الكلم على أفراد هذه الطائفة ،ولعلنا نكتب رسالة خاصة في ذلك ؛
ولكن ل بأس أن نذكر خمسة نصوص لبعض العلماء في أرباب هذه الطائفة إجمال ونرجي
البقية إلى وقت آخر إن شاء ال تعالى -:
)1قال العلمة التقي الحصني الشافعي في مقدمة كتابه "دفع شبه من شبه ونمرد ونسب ذلك
إلى السيد الخليل أحمد" :وبعد :فإن سبب وضعي لهذه الحرف اليسيرة ؛ ما دهمني من
الحيرة من أقوام أخباث السريرة ؛ يظهرون النتماء إلى مذهب السيد الجليل المام أحمد ؛
وهم على خلف ذلك والفرد الصمد ،والعجب أنهم يعظمونه في المل ويتكاتمون إضلله مع
بقية الئمة ،وهم أكفر ممن تمرد وجحد ،ويضلون عقول العوام وضعاف الطلبة بالتمويه
الشيطاني وإظهار التعبد والتقشف وقراءة الحاديث ويعتنون بالمسند ،وكل ذلك خزعبلت
منهم وتمويه ...فالحاصل من كلم ابن حامد والقاضي وابن الزاغوني من التشبيه والصفات
التي ل تليق بجناب الحق سبحانه وتعالى ...هي نزعة سامرية في التجسيم ،ونزعة يهودية
في التشبيه ،وكذا نزعة نصرانية ...وبالغوا في الفتراء إما لجهلهم وإما لضغينة في قلوبهم
لنهم أفراخ السامرة في التشبيه ويهود في التجسيم .
)2قال شارحا "الجوهرة" ص : 183ولقد أسرف بعض الناس في هذا العصر فخاضوا في
متشابه الصفات بغير حق ،وأتوا في أحاديثهم عنها بما لم يأذن به ال ...فهم قوم قد
تصوروا الذات اللهية كما صورتها لهم أخيلتهم ،ثم راحوا يستنهضون ظواهر بعض اليات
إلى تلك الخيلة لتصدقها ،ومن الزيغ يواجهون العامة وأشباههم بما اعتقدوه ،ومن
المؤسف أنهم ينسبون ما يقولون إلى سلفنا الصالح ،ويخيلون إلى الناس أنهم سلفيون .
ومن أقوالهم :أن ال سبحانه يشار إليه بالشارة الحسية ،وأن له من الجهات الست جهة
الفوق ،وأنه استوى على العرش بذاته استواء حقيقيا ؛ بمعنى أنه استقر استقرارا حقيقيا ،
غير أنهم يعودون للقول بأنه ليس كاستقرارنا وليس على ما نعرف ،وليس لهم مستند في
ذلك إل التشبث بالظواهر ،ولقد تجلى مذهب السلف والخلف آنفا ؛ وفيه :أنه حمل متشابهات
الصفات على ظواهرها مع القول بأنها باقية على حقيقتها ليس رأيا لحد من المسلمين ؛ إنما
هو رأي لبعض أصحاب الديان الخرى كاليهود والنصارى وأهل النحل الضالة كالمشبهة
والمجسمة .
وقال ص : 188والحق أنه ليس أحد من السلف فعل ما فعلوه ،ول أحد من الخلف ذهب إليه
ا.هـ .المراد منه .
)3قال العفيف اليافعي في "مرهم العلل المعضلة في دفع الشبه والرد على المعتزلة" :
ومتأخرو الحنابلة غلوا في دينهم غلوا فاحشا ،وتسفهوا سفها عظيما ،وجسموا تجسيما
قبيحا ،وشبهوا ال بخلقه تشبيها شنيعا ،وجعلوا له من عباده أمثال كثيرة ؛ حتى قال أبو
بكر ابن العربي في "العواصم" :أخبرني من أثق به من مشيختي ،أن القاضي أبا يعلي
الحنبلي كان إذا ذكر ال سبحانه يقول فيما ورد من هذه الظواهر في صفاته ـ تعالىـ :
ألزموني ماشئتم فإني ألتزمه إل اللحية والعورة .قال أئمة بعض أهل الحق :وهذا كفر قبيح ،
واستهزاء بال تعالى شنيع ،وقائله جاهل به تعالى ،ل يقتدي به ول يلتفت إليه ،ول هو
متبع لمامة الذي ينتسب إليه ويتستر به ؛ بل هو شريك للمشركين في عبادة الصنام ؛ فإنه
ما عبد ال ول عرفه ،وإنما صور صنما في نفسه ،ـ فتعالى ال عما يقول الملحدون
والجاحدون علوا كبيرا ـ اه.
قال اليافعي :ولقد أحسن ابن الجوزي من الحنابلة ؛ حيث صنف كتابا في الرد عليهم ونقل
عنهم أنهم أثبتوا ل صورة كصورة الدمي في أبعاضها ،وقال في كتابه :هؤلء قد كسوا هذا
المذهب شينا قبيحا ؛ حتى صار ل يقال عن حنبلي إل مجسم .قال :هؤلء متلعبون ،وما
عرفوا ال ،ول عندهم من السلم خير ،ول يحدثون فإنهم يكابرون العقول وكأنهم يحدثون
الصبيان والطفال .قال :وكلمهم صريح في التشبيه ،وقد تبعهم خلق من العوام وفضحوا
التابع والمتبوع ا.هـ. .
وكيف يدعي على السلف أنهم يعتقدون التجسيم والتشبيه ،أو يسكتون عند ظهور البدع
ويخالفون قوله تعالى ( ول تلبسوا الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ) ( البقرة 42:
) ،وقوله ( وإذ أخذ ال ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول تكتمونه ) ( آل عمران :
، ) 187وقوله ( لتبين للناس مانزل إليهم ) ( النحل ) 44 :والعلماء ورثة النبياء ،فيجب
عليهم من البيان ما وجب على النبياء ،وقال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) (آل عمران ، )104:ومن أنكر المنكرات التجسيم
والتشبيه ،ومن أفضل المعروف التوحيد والتنزيه وإنما سكت السلف قبل ظهور البدع ،
فورب السماء ذات الرجع والرض ذات الصدع لقد شمر السلف للبدع لما ظهرت ،فقمعوها
أتم القمع ،وردعوا أهلها فردوا على القدرية والجهمية والجبرية وغيرهم من أهل البدع ،
فجاهدوا في ال حق جهاده .
والجهاد ضربان :ضرب بالجدل والبيان وضرب بالسيف والسنان ،فليت شعري فما الفرق
بين مجادلة الحشوية وغيرهم من أهل البدع ! ولول خبث في الضمائر وسوء اعتقاد في
السرائر ( يستخفون من الناس ول يستخفون من ال وهو معهم إذ يبيتون ول يرضى من
القول ) (النساء ، )108:وإذ سئل عن غير الحشو من البدع أجاب فيه بالحق ،ولول ما
انطوى عليه باطنه من التجسيم لجاب في مسائل الحشو بالتوحيد والتنزيه ،ولم تزل هذه
الطائفة المبتدعة قد ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا ( كلما أقدوا نارا للحرب أطفأها ال
ويسعون في الرض فسادا وال ل يحب المفسدين ) (المائدة )64 :ل تلوح لهم فرصة إل
إليها ،ول فتنة إل أكبوا عليها .ا.هـ ، .ومثله لبن جهبل في رده على ابن تيمية كما في
"الطبقات الكبرى" للتاج السبكي .
)5قال العلمة التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" عن هؤلء الحشوية بعد كلم :
( فهذه عقيدتهم ويرون أنهم مسلمون ؛ وأنهم أهل السنة ،ولو عدوا عددا لما بلغ علماؤهم
ول عالم فيهم على الحقيقة مبلغا يعتبر ،ويكفرون غالب علماء المة ثم يعتزون إلى المام
أحمد ابن حنبل وهو منهم بريء ) ا.هـ . .وله ولغيره كلم آخر ل نطيل المقام بذكره .
ونحن بدورنا نتحدى من يثبت القول بقدم العلم بالنوع عن أكثر أهل الحديث وغيرهم ...
نتحداه أن يسمي لنا جماعة من هؤلء العلماء إن كان صادقا فيما يقول ،ولئن كان ابن تيمية
قد أفضى إلى ما قدم غير مأسوف عليه ؛ فإنا ننقل هذا التحدي إلى أتباعه العاكفين على قراءة
كتبه العكرة .
وكذلك رد الشيخ الحراني كثيرا من الحاديث النبوية المروية في الصحيحين وغيرهما من
الكتب الحديثية المعتضدة بإجماع المة المحمدية وبكثير من اليات القرآنية ،الدالة دللة
صريحة جلية على بقاء النار وخلود أهلها الشرار المشركين الفجار ،حيث قال بفنائها ،وأن
أهلها يخرجون منها إلى خير دار وأحسن قرار ،إلى جنات تجري من تحتها النهار مع
النبيين الطهار والصحابة الخيار من المهاجرين والنصار ومن تبعهم من البرار ،وقد رد
عليه الئمة النظار بأدلة كالشمس في رابعة النهار ،ولهذا الحراني كثير من الراء
المستقبحة والقوال المستشنعة التي خالف فيها الئمة العلماء من المفسرين والمحدثين
والفقهاء ،كما بين ذلك جماعة من النبهاء ،فليراجع كلمهم من شاء ؛ فإن فيه الشفاء من
عضال الداء ،وال يهدي من يشاء ،ونسأله سبحانه الهداية والتوفيق وأن يسلك بنا أحسن
طريق ،إنه سبحانه أهل ذلك والقادر عليه .
وبهذا ينتهي الجواب والحمد ل الملك الوهاب ،والصلة والسلم على النبي القانت الواب ،
وعلى الل والصحاب والتابعين لهم بإحسان ،وعلى جميع من إلى ربه أناب واتقى يوم
الحساب .
===============================
-1وقال عنه في "الجواهر النظم في زيادة القبر النبوي المكرم" :وما زال يتلعب به
الهوى حتى كان مجموعة بدع شنعاء ،ودائرة جهالت وأباطيل شوهاء ،منها ما سبق به ،
ومنها ما لم يسبق إليه ،فنجده في مسائل من علم التوحيد حشويا كراميا يقول في ال
بالجزاء والجهة والمكان والنزول والصعود الحسيين وحلول الحوادث بذاته ـ تعالى ـ ،ومن
ناحية أخرى نجد فيه حضيضة الخوارج يكفر أكابر المة ،ويخطيء أعاظم الئمة ...إلخ
فهرس اليات
أل أن الظالمين في عذاب مقيم
أل تزر وازرة وزر أخرى
أولئك ليس لهم في الخرة إل النار
أولئك يئسوا من رحمتي
إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة ال
إن الظن ل يغني من الحق شيئا
إن ال لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا
إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ،ل يفتر عنهم
إن تتوبا إلى ال فقد صغت قلوبكما
إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر ال لهم
إن يتبعون إل الظن
إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا
اخسئوا فها ول تكلمون
ثم ل يموت فيها ول يحيى
جهنم يصلونها وبئس القرار
الرحمن على العرش استوى
خالدين فيها أبدا
خالدين فيها ل يخفف عنهم العذاب ول هم ينظرون
سبحان ال عما يصفون
ستكتب شهادتهم ويسألون
عليهم نار مؤصدة
فاليوم ل يخرجون منها ول هم يستعتبون
فل يخفف عنهم العذاب
فلن نزيدكم إل عذابا
كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها ال
لتدركه البصار وهو يدرك البصار وهو اللطيف الخبير
ليقضى عليهم فيموتوا ول يخفف
لتبين للناس مانزل إليهم
لقد جئت شيئا نكرا
للذين احسنوا الحسنى وزيادة
ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
فهرس الحاديث
(أ)
آية المنافق ثلث
أحلت لنا ميتتان ودمان
أرأيت لو كان على أبيك دين
أراد ال
أربع من كن فيه كان منافقا خالصا
أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء
أطعم رسول ال (صلى ال عليه وسلم) عن صفية خبزا
أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد
أل أصلي لكم صلة رسول ال (صلى ال عليه وسلم)
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
أن النبي (صلى ال عليه وسم) أمرها أن توافيه يوم النحر
أن النبي (صلى ال عليه وسلم) احتجم وهو صائم
أن النبي (صلى ال عليه وسلم) تزوج ميمونة وهو محرم
أن النبي (صلى ال عليه وسلم) توجه إلى مكة يوم النحر
أن النبي (صلى ال عليه وسلم) ذبح الكبشين بالمدينة
أن رسول ال قضى بالشاهد واليمين
أنت سيد في الدنيا والخرة
أنتم الغر المحجلون يوم القيامة
أيما إهاب دبغ
أيما رجل قال لخيه يا كافر
أيما مس ذكره فليتوضأ
أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر
إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق
إن الخمر قد حرمت
إن العباس سأل رسول ال (صلى ال عليه وسلم) في تعجيل صدقته قبل أن تحل
إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان ال
إن ال أوحى إلي أن تواضعوا
إن ال تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الفرس
إن ال خلق التربة يوم السبت
إن النبي (صلى ال عليه وسلم) صلى الكسوف ثلث ركوعات وأربع
مكتبة الكتب السلمية شبكة الدرة السلمية
شبكة الدرة السلمية
www.aldura.net
إن النبي (صلى ال عليه وسلم) لما دخل البيت دعا في نواحيه
إن النبي (صلى ال عليه وسلم) مسح رأسه حتى بلغ القذال
إن امرأة قالت :إن أمي نذرت
إن ذا اليدين قال لرسول ال (صلى ال عليه وسلم)
إن رجل جاء إلى النبي (صلى ال عليه وسلم) فاعترف بالزنى
إن رجل قال :إن أختي نذرت
إن رسول ال رد ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد
إن من شر الناس عند ال منزلة يوم القيامة
إنطلق بي رسول ال حتى أتى مكة
إنما التفريط على من يصل الصلة حتى
إنه (صلى ال عليه وسلم) لما رأى ربه راضعا يده بين كتفيه
إني لفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل
اليمان بضع وسبعون شعبه
اليمان بضع وستون شعبة
اثنتان في أمتي هما كفر
إذا دبغ الهاب فقد طهر
إذا دخل أهل
إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم
إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح
إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا
إذا مات مبتدع
اغسلوا موتاكم
(ب)
البيعان بالخيار
بعث النبي (صلى ال عليه وسلم) أقواما من بني سليم إلى بني عامر
بينما أنا قائم أطوف بالكعبة فإذا رجل قائم سبط
(ت)
(ح)
(خ)
خروج أبو طالب إلى الشام وخروج معه النبي (صلى ال عليه وسلم)
خرج النبي على قاص
خلق ال التربة
(د)
(ر)
(س)
(ص)
(ع)
(ف)
(ق)
قرأ رسول ال (صلى ال عليه وسلم) (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ))
(ك)
(ل)
(م)
(ن)
نهى رسول ال (صلى ال عليه وسلم) أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها
(و)
(ي)