Professional Documents
Culture Documents
سياسة في ال ّ
شرعيةبين التطبيقات ال ّ
ماسيةح َ
والنفعالت ال َ
تأليف
عبد المالك بن أحمد بن المبارك
رمضاني الجزائري
قرأه وقّرظه
العلّمة الشيخ :محمد ناصر
الدين اللباني
والعلّمة الشيخ :عبد
المحسن بن حمد العبّاد البدر
www.scribd.com/Algerians
5 مدارك النظر في
السياسة
ولو أردنا أن ندخُل اليدان السياسي لدخلناه جهرا ...ولقُدنا المّة كلها للمطالبة بقوقها،
ولكان أسهل شيءٍ علينا أن نسي با على ما نرسه لا ،وأن نَبْلغ من نفوسها إل أقصى غايات
التأثي عليها؛ فإن ما نعلمه ،ول يفى على غينا أن القائد الذي يقول للمّة( :إنّكِ مظلومة
ف حقوقك ،وإنّن أريد إيصالكِ إليها) ،يد منها ما ل يد من يقول لا( :إنّك ضالة عن
أصول دينك ،وإنّن أريد هدايتَك) ،فذلك تلبّيه كلها ،وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها
."...
• وتذيرا من الزبية الت فرّقت شل السلمي:
قال ممد البشي البراهيمي " :أوصيكم بالبتعاد عن هذه الزبيات الت نَجَمَ بالشّر
ناجُها ،وهجم ـ ليفتك بالي والعلم ـ هاجُها ،وسَجَم على الوطن باللح الُجاج
سا ِجمُها ،إنّ هذه الحزاب! كاليزاب؛ جع الاء كَدَرا وفرّقه هَدَرا ،فل الزّلل جع ،ول
الرض نفع! ".
• وتذيرا من مسالك الثوار:
قال ابن خلدون " :ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمي بتغيي النكر من العامة
والفقهاء؛ فإن كثيا من النْتَحِلي للعبادة وسلوك الدين يذهبون إل القيام على أهل الَور
من المراء ،داعي إل تغيي النكر والنهي عنه ،والمر بالعروف رجاءً ف الثواب عليه من
ال ،فيَكثُر أتباعُهم والتشبّثون بم من الغوغاء والدهاء ،ويُعَرّضون أنفسهم ف ذلك
للمهالك ،وأكثرهم يَهلكون ف تلك السبيل مأزورين غي مأجورين؛ لن ال سبحانه ل
يَكتب ذلك عليهم ." ...
• وبيا َن مغبّة الروج على السلطان:
قال السن البصري " :وال! لو أنّ الناس إذا ابُتلُوا مِن قِبَل سلطانم صبوا ،ما لبِثوا
أن يرفع الُ ذلك عنهم؛ وذلك أنم يَفزَعون إل السيف فيو َكلُوا إليه! ووال! ما جاؤوا
علَى بَنِي
سنَى َ
ح ْ ة َرب ِّ َ
ك ال ُ ت كَل ِ َ
م ُ بيوم خي قطّ!" ،ث تل{ :وت َ َّ
م ْ
6
7 مدارك النظر في
السياسة
ن
و ُ
ع ْ
فْر َ
ع ِ
صن َ ُ ما كَا َ
ن يَ ْ د َّ
مْرنا َ صبَُروا و َ ما َ ل بِ َسَرائِي َإِ ْ
شون}. ر ُ ما كَانُوا ي َ ْ
ع ِ و َ
ه َم ُو ُ
ق ْو َ
َ
مدارك النظر في
8
السياسة
تقريظ الكتاب
للعلّمة الشيخ ممد ناصر الدين اللبان
حفظه ال تعال
() قال الشيخ ـ حفظه ال ـ هذا مع أنّن ما زِدْتُ على َوصْفه ببعض ما يب على 1
أمثال تاه أهل العلم! وكذلك فعل الشيخ عبد الحسن العبّاد؛ فقد كره ل تصديرَ اسه
بـ ( العلّمة الشيخ ) على رأس تقريظه الذي تده هنا ف ص ( )12تواضعا منه!
أكتب هذا تذكيا لطلبة العلم بثل هذا اللق ،لِيُجَنّبوا أنفسهم النفخ الفارغ! فقد قيل:
إنّ مدّثا قرأ على العلّمة إبراهيم بن سعيد البّال فقال ":ورضي الُ عن الشيخ
الافظ ،" ..فقال " :قُلْ :رضي الُ عنك؛ إنّما الافظ الدارقطن وعبد الغن! " ،انظر
(( السي )) (.)18/498
وفيه أيضا ( )19/107ف ترجة ابن خَيْرُون ـ الذي كان يُشَبّه بابن معي ـ أنم كتبوا له
8
9 مدارك النظر في
السياسة
ورغم ضيق وقت ،وضعف نشاطي الصحي ،وكثرة أعمال العلمية ،فقد
وجدتُ نفسي مشدودا لقراءته ،وكلما قرأتُ فيه بثًا ُم َعّللً نفسي أن أكتفي
به ،كلما ازددتُ مُضيّا ف القراءة حت أتيت عليه كلّه ،فوجدتُه بقّ فريدا ف
بابه؛ فيه حقائق عن بعض الدعاة ومناهجهم الخالفة لا كان عليه السلف
جةً حول ثورة الزائر وبعض الرؤوس الصال ،واستفدت أنا شخصيّا فوائد ّ
التسببي لا ،والؤيّدين لا بعواطفهم الامة ،والبالغي ف تقويها من ل
يهتمون بقاعدة التصفية والتربية.
ولقد سررتُ جدّا من إشادتك با ،ودندنتك حولا كثيا ،ف الوقت الذي
ل ينتبه لدورها الامّ أكثر الدعاة ف تقيق الجتمع السلمي وإقامة حكم ال
ف الرض ،بل إنا الساس ف ذلك ،فجزاك ال خيا.
وأخيا :ونظرا لتلهّفكم الشديد للجديد من مؤلفات ،فإن أبشّركم بأنّ
تت الطبع منها:
1ـ الجلد الثالث من (( متصر صحيح البخاري )).
2ـ الجلد الامس من (( سلسلة الحاديث الضعيفة )).
3ـ الجلد السادس من (( سلسلة الحاديث الصحيحة )).
4ـ (( صحيح موارد الظمآن )).
5ـ (( ضعيف موارد الظمآن )).
مرّةً ( :الافظ ) ،فغضب وضرب عليه ،وقال " :قرأنا حت يُكتَب ل الافظ؟! ".
() كان عنوان كتاب ما أثبته الشيخ أعله ،ث شاء ال أن يتغي مع بعض التصحيحات 2
والزيادات.
مدارك النظر في
10
السياسة
10
11 مدارك النظر في
السياسة
12
13 مدارك النظر في
السياسة
تقريظ الكتاب
للعلّمة الشيخ عبد الحسن بن حد العَبّاد البدر
حفظه ال تعال
" وعلماء السلف مِن السابقي ومَن بعدهم مِن اللحقي أهل الَب والثر،
وأهل الفقه والنظر ،ل يُذْكَرون إل بالميل ،ومن ذكرهم بسوء فهو على غي
السبيل ".
وف الكتاب فوائد عظيمة ،ودفاع عن الق وحلة العلم الشرعي ،وتوضيح
لبعض القائق من خبي با ،كالوضاع ف الزائر بلدِ الؤلّف.
وف الكتاب ذِكرُ كلمٍ ف صفحت )243( :و( )1()351لثني من شباب
هذه البلد ـ هداها ال ـ اتّهمَ كلّ منهما كبا َر علماء العصر ف هذه البلد
بالقصور؛ لنم أَفتوا بتسويغ ميء قوات أجنبية للمشاركة ف الدفاع عن
البلد إثر الجوم الغاشم من طاغية العراق على الكويت ،وكانت نتيجة ذلك
دحر العدو ،والبقاء بمد ال تعال على المن والطمئنان ،وكان الليق بما
وقد أعجبهما الرأي الخالف لِمَا رآه العلماء أن يّتهِما رأيهما ،ويتذكّرا نتيجة
الرأي الذي رآه بعض الصحابة ف أحد شروط صلح الديبية ،حيث تبيّن
لم أخيا خطأ ذلك الرأي ،فكان الواحد منهم يقول فيما بعد " :يا أيها
الناس! اتّهموا الرأي ف الدين " ،وتسويغ كبار العلماء ميء تلك القوات ف
حينه إنا كان للضرورة ،وهو نظي استعانة السلم بغي السلم ف التخلّص من
اعتداء لصوص أرادوا اقتحام داره ومارسة أنواع الجرام فيها وف أهلها،
أَفَيُقال لذا العتدَى عليه :ل يَسوغ لك الستعانة بكافر ف دفع ذلك الضرر؟!
ث إن اللف حاصل ف أكثر مسائل العلم منذ زمن الصحابة ،ول يكن
بعضهم يُسفّه بعضا فضلً عن أن يكون الصغار هم الذين يترؤون على تسفيه
رأي الكبار كما حصل من هذين الشابي أصلحهما ال.
وف صفحة ( )1()376ذكرُ كلمٍ لثلثة من شباب هذه البلد أتوا فيه
بالغريب العجيب؛ أل وهو التنويه والشادة بروج النساء إل الشوارع
للمظاهرات ،وقد أوضح الؤلف ـ جزاه ال خيا ـ قبل هذه الصفحة فساد
ذلك بالدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف.
وف صفحة ( )2()287نقلُ كلمٍ لحد الشباب ف هذه البلد يقرّر فيه
خلف مذهب أهل السنة والماعة ف معاملة ولة المر ويهيج الغوغاء من
الرجال والنساء على القدام على ما يثي الفت وما يؤول بغي أهل العقل
والثبات والرزانة إل تعريض أنفسهم للضرر ،ومنه إيداعهم السجون ،ول شك
أن من عرّض غيه للضرر يكون له نصيب من تبعة ذلك.
وهذا الكل ُم الثيُ للفتنة قد فاحت ريُه منذ سنوات ف حفل أُقيم لتكري
سنّة أشرف عليه هذا الشابّ؛ وقد سعتُ تسجيلَ ذلك الفل ،ومع حَفَظة ال ّ
كون أحاديث الصحيحي تبلغ عدة آلف فإن اختيار الحاديث القليلة الت
أُلقيَت على الطلبة لختبار حفظهم ملفتٌ للنظر؛ لتعلّق جلة منها بالولة!
يُضاف إل ذلك كون هذا الشاب أصلحه ال عند ذكر هذه البلد ل يصفها
بالسعودية بل يعبّر بالزيرة! أخبن بذا من أثق به.
ومن الي لذا الشاب ومن يطأ عقبه من الشباب أن يكونوا مع الماعة
ويتنبوا الشذوذ واللف والفُرقة ،وأن يفيئوا إل الرشد؛ فإن الرجوع إل
الق خي من التمادي ف الباطل ،كما قال ذلك الحدّث اللهم عمر بن
الطاب .
وف صفحة ( )3()269تد كلما ساقطا لهيّج الغوغاء الشار إليه آنفا،
ينعى فيه على خطيب ل يتكلّم ف الحداث السياسية ،ويُعنَى ف خطبته بذكر
أحوال الخرة والقب والوت والنة والنار والبعث والساب وغيها!! فإن
خلِه الؤلف من مرّد اطّلعك على هذا الكلم يغنيك عن أي تعليق عليه ،ول يُ ْ
التعليق.
وف الكتاب صورة منشور لشخص حاقد موتور ،ل علقة له بالعلم
الشرعي والفقه ف الدين ،احتضنته عاصمة الستعمار ،وفيها عُشّ رُويبضات
الزمن ـ كما قال الؤلف ـ نال ف منشوره من ثلثة أعلم أفذاذ:
الول :صاحب رسول ال معاوية بن أب سفيان أمي الؤمني
وكاتب وحي ربّ العالي ،وأول ملوك السلمي وخي ملوكهم ،وهو أحد
اللفاء الذين قال فيهم النب (( :ل يزال السلمُ عزيزا إل اثن عشر
خليفة )) ،أخرجه مسلم ف (( صحيحه )) من حديث جابر بن سرة ،وقد
َد ّونْتُ جلةً من أقوال أهل النصاف ف هذا الصحاب الليل ف رسالة
مطبوعة بعنوان (( :من أقوال النصفي ف الصحاب الليفة معاوية )).
الثان :شيخ السلم مدّد القرن الثان عشر الشيخ ممد بن عبد الوهاب
رحه ال.
الثالث :شيخنا العلّمة الليل مفت النام مدّد القرن الامس عشر الشيخ
عبد العزيز بن عبد ال بن باز حفظه ال.
وليس بغريب أن يصدر من مثله هذا النشور ،وإنا الغريب أن يوجد ف
بعض شباب بلد التوحيد ـ هداهم ال وأصلحهم ـ من يتل ّقفُه ويَفرح به!
يُقضى على الرء ف أيام منته حت يَرى حسنا ما ليس بالسن
اللّهم أرِنا وإياهم الق حقّا ووفقنا لتّباعه ،والباطلَ باطلً ووفقنا لجتنباه،
ول تعله ملتبسا علينا فنضلّ.
وقد أفصح صاحب النشور عن حزبه الذي ينتمي إليه ،وأكّد أنه سوف
َ
مى ع َ ولَك ِ ْ
ن تَ ْ صاُر َ مى الب ْ َ ع َها ل َ ت َ ْ فإِن َّ َ
يظلّ وفيّا لبادئه { َ
َ
صدُوِر}. في ال ُّ ب ال ّتِي ِ قلُو ُ ال ُ
وإذا كانت هذه الوقيعة الشنيعة ف ثلثة من خيار الناس من الموات
والحياء صدرت مّن زعم نفسه ناطقا رسيّا للجنة الدفاع عن القوق
الشرعية الزعومة ،فكيف سيكون الدفاع الزعوم؟! وهل هؤلء الخيار ل
يستحقّون أن يُذبّ عنهم أو أ ّن نَصيبهم من هذا الناطق الذمّ بوقاحة وَفقْد
َ
ن
منِي َؤ ِم ْ
ن ال ُؤذُو َ ن يُ ْذي َ وال ّ ِحياء ،وال تعال يقولَ { :
هتَاناً
ملُوا ب ُ ْ
حت َ َ
دا ْ ف َ
ق ِ ما اكْت َ َ
سبُوا َ ر َ
غي ْ ِ
ت بِ َ
منَا ِ م ْ
ؤ ِ وال َُ
مبِيناً } ،ويقول الرسول الكري (( :إنّ ما أدرك الناسُ من كلم وإِثْما ً ُ َ
النبوّة الول :إذا ل تستح فاصنع ما شئت )) ،أخرجه البخاري ف (( صحيحه )).
وأقبح شيء تقيّأه ف منشوره قوله ف معاوية وف خلفته " :إنن أعتب
معاوية مغتصبا ،وإنن أعتقد أنه سيلقى جزاءه من ال يوم القيامة على ما
م
ه ْ
ه ِوا ِ ن أَ ْ
ف َ م ْج ِخُر ُة تَ ْ
م ً ارتكبه من جرائم!! "{ ،كَبَُر ْ
ت كَل ِ َ
ن إِل َّ كَِذباً } ،وخلفة معاوية حصلت ف قرن قولُو َإِن ي َ ُ
الصحابة خي القرون ،وقد رضي الصحابة بلفته ،واعتُب عام ( )41عام وليته
عام الماعة؛ إذ تقّق فيه ما أخب به النب عن سبطه السن بن علي رضي
ال عنهما حيث قال (( :إن ابن هذا سّيدٌ ،وسيصلح ال به بي فئتي عظيمتي
من السلمي )) ،أخرجه البخاري ف (( صحيحه )).
ومع هذا كلّه ييء هذا الرويبضة ف القرن الامس عشر ويقول فيه هذا
مدارك النظر في
18
السياسة
الَ للمؤلّف جزيل الثوبة وعظيم الجر ،ولن نبّه على أخطائهم الدايةَ لطريق
القّ والدى ،وصلّى الُ وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا ممّد وعلى آله
وصحبه.
كتبه:
عبد الحسن بن حد العبّاد البدر
الدرّس بالسجد النبوي وبالامعة
السلمية بالدينة النوّرة 1418 / 3 / 25هـ
مدارك النظر في
20
السياسة
ملحظتان
الول :اطّلع العلمة الشيخ ممد بن صال بن عثيمي ـ حفظه ال ـ
على فتاواه الدرجة ف هذا الكتاب ووافق عليها ف ليلة الحد ( 22ربيع الثان
1416هـ) ،فجزاه ال خيا.
توقيع الشيخ:
الثانية :قال كاتبه ـ عفا ال عنه ـ :لا كانت هذه الكتابة الطية ف
موضوع الكتاب قد أَقْدَم عليها العبدُ الضعيف ـ وهو قاصر عنها ـ فقد
تَأّنيْتُ ف طبعه حت يَطّلِع عليه من أهل العلم مَن يُرضَى ،وقد كان هذا والمد
ل ،ول أعلم أحدا منهم إل وأثن عليه ،منهم :الشيخ ممد بن صال بن
عثيمي ،والشيخ صال الفوزان عضوَا هيئة كبار العلماء بالملكة العربية
السعودية ،ومن الساتذة الكبار :الشيخ حاد بن ممد النصاري ـ رحه ال
ـ ،والشيخ ربيع بن هادي الدخلي ،والشيخ ممد بن عبد ال بن سبيل
الرئيس العامّ لشئون السجد الرام وإمام وخطيب السجد الرام وعضو هيئة
كبار العلماء ،والشيخ عبد ال الزاحم رئيس الحاكم الشرعية بالدينة وإمام
وخطيب السجد النبوي ،والشيخ صال العبود مدير الامعة السلمية بالدينة
النبوية ،وغيهم كثي ...فضلً عن كبار طلبة العلم الذين ل يُحصَون كثرةً،
فجزاهم الُ خيا جيعا.
وقد ذكرت هذا ـ ل ليمدحن القارئ! ـ ولكن ليطمئن قلبُه؛ فإن
الفضل ل وحده ،وهو الذي حدُه َزيْنٌ ،و َذمّه شَْي ٌن على القيقة.
20
21 مدارك النظر في
السياسة
إنّ المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن
سيّئات أعمالنا ،من يهدهال فل مضلّ له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن
ل إله إلال وحده ل شريك له ،وأشهد أنّ ممدا عبده ورسوله.
ه ول ق تُ َ
قات ِ ِ ح َّ {يأيّها الذين ءامنوا اتقوا الل َ
ه َ
ن}. َ َ
مو َ سل ِ ُ
م ْ ن إل ّ وأنتُم ُ
موت ُ َّ
تَ ُ
َ
من قكُم ِ خل َ َ م ال ّذي َ قوا ربَّك ُ {يأيّها النا ُ
س ات ّ ُ
هما من ْ ُ
ث ِ جها وب َ َّ و َ خل َ َ نَ ْ
منْها َز ْ ق ِ ةو َ حدَ ٍ س وا ِ ف ٍ
َ ونِساءً وات َّ ُ
ه
ن بِ ِ ساءَلُو َ ذي ت َ َ ه ال ّ ِ قوا الل َ رجال ً كَثِيرا ً َ ِ
قيباً }. َ
م َر ِ علَيْك ُ ْ ه كان َ ن الل َ م إ ِ َّ والْرحا َ
منُوا ات َّ ُ َ َ
ولً قولُوا َ
ق ْ ه و ُ قوا الل َ ن ءَا َ ذي َ ها ال ّ ِ {يَأي ُّ َ
مم ذُنوبَك ُ ْ فْر لَك ْ غ ِ م وي َ ْ عمالَك ْ م أَ ْ ح لَك ُ ْ صل ِ ْ ديدا ً ي ُ ْ س ِ َ
عظِيماً }. وزا ً َ ف ْفاَز َ قدْ َ ف َ ه َ سول َ ُ ه وَر ُ ع الل َ من يُط ِ ِ و َ
أما بعد .فقد منّال تعال على أمة نبيّه ممد بإكمال دينها ،وإتام
نعمته عليها ،ورضاه عنها بالسلم الذي ل يقبل منها دينا سواه ،قالال تعال:
َ َ
متِيع َ
م نِ ْ علَيْك ُ ْت َ م ُ م ْ
م وأت ْ َ م ِدينَك ُ ْ ت لَك ُ ْ
مل ْ ُم أك ْ َ {الي َ ْ
و َ
م ِديناً }. سل َ م ال ِ ْ ت لَك ُ ُ ضي ُ وَر ِ َ
عن طارق بن شهاب قال :جاء رجل من اليهود إل عمر بن الطاب
فقال :يا أمي الؤمني! إنكم تقرؤون آية ف كتابكم لو علينا معشر اليهود
م نزلَتْ لتذنا ذلك اليوم عيدا ،قال :وأيّ آية؟ قال :قوله{ :الي َ ْ
و َ
متِي} فقال أَك ْمل ْت لَك ُم دينَكم َ
ع َ علَيْك ُ ْ
م نِ ْ ت َ م ُ م ْوأت ْ َ ْ َ ْ ِ َ ُ
مدارك النظر في
22
السياسة
ل إن لعلم اليوم الذي نزلت على رسولال والساعة الت نزلت عمر " :وا !
فيها على رسولال :عشية عرفة ف يوم جعة" رواه أحد والبخاري
ومسلم.
قال ابن القيم ـ رحه ال ـ " :فالنعمة الطلقة هي التصلة بسعادة البد،
وهي نعمة السلم والسنة " .ث قال بعد ذكر النبيي والصديقي والشهداء
والصالي " :فهؤلء الصناف الربعة هم أهل هذه النعمة الطلقة ،وأصحابا
َ
ت لَك ُ ْ
م ِدينَك ُ ْ
م مل ْ ُ
م أك ْ َ أيضا هم العنيّون بقولال تعال{ :الي َ ْ
و َ
َ
م
سل َ ت لَك ُ ُ
م ال ِ ْ ضي ُ
وَر ِ
متِي َ
ع َ علَيْك ُ ْ
م نِ ْ ت َم ُم ْ
وأت ْ َ
ِديناً }"(.)1
حكَم بعد وفاة نبيكم بعشر قال أبو العالية ـ رحه ال ـ " :قرأت ال ْ
سني ،فقد أنعمال عَل ّي بنعمتي ،ل أدري أيهما أفضل :أن هدان للسلم،
ول يعلن حَروريا "(.)2
أي نعمة الداية إل السلم من بي اللل الكافرة ،ونعمة الداية إل السنة
من بي الطوائف البتدعة؛ وكانت بدعةُ الوارج الَروريي أشدّها خطفا
للقلوب وترويعا للمسلمي! وال العاصم.
ث أما بعد ،فقد أحكمَال كتابه وأحسن تفصيله ،وفصّل لنا فيه كل ما
ُ
ه ث ُ َّ
م ت ءايات ُ ُ
م ْ حك ِ َبأ ْينفعنا ويضرنا ،وهو القائل{ :الــــر .كِتا ٌ
ء
ي ٍ ل َخبير} وقال{ :وك ُ َّ من لَدُ ْ صل َ ْ ُ
ش ْ َ حكِيم ٍ َ ِ ٍن َ ت ِ ف ِّ
)) () رواه عبدالرزاق ( ،)10/153وابن سعد ( ،)7/114والللكائي ف (( شرح أصول العتقاد 2
)) أصول السنة )) رقم ( ،)240والروي ف (( ذمّ الكلم (( رقم ( ،)230وابن أب زمني ف
(ق /89ب) ،وذكره الذهب ف (( السي )) ( ،)4/212وهو صحيح.
22
23 مدارك النظر في
السياسة
وأما الرضى بدينه :فإذا قال أوحكم أو أمر أو نى ،رضي كل الرضى،
ول يبق ف قلبه حرج من حكمه ،وسلّم له تسليما ،ولو كان مالفا لراد
نفسه أو هواها ،أو قول مقلّده وشيخه وطائفته "(.)1
وكما أنال أكمل دينه علما ،فقد أكمله عملً؛ إذ كما ل يلو زمن من
قائم ل بجته ،فل يلو زمن من طائفة مؤمنة تعمل بذا الدين ،فعن حيد بن
عبد الرحن قال:سعت معاوية خطيبا يقول :سعت النب يقول » :من يُرِد
ال به خيا يفقّهه ف الدين ،وإنا أنا قاسم وال يعطي ،ولن تزال من هذه المة
أمة قائمة على أمرال ،ل يضرّهم من خذلم ول من خالفهم حت يأتيهم أمر
ال وهم على ذلك « متفق عليه.
ث اعلم ـ أيها القاريء! ـ أن الذي دفعن إل هذه الكتابة على الرغم
من القصور ،أنن رأيت شباب السلمي يَرِدون مواقع الِمام ،يرشفون سّه
بسقي أيديهم ول يُحِسّون بلم ،فدعوتُ إل صون العمل السياسي عن العبث
الذي هو أحد أسباب هذا الواقع الشؤوم ،بتأصيل احترام التخصص انطلقا
م} ،ث تَنفّلتُ بضرب َ
علُو ٌم ْ
م َ م َ
قا ٌ ه َ من قاعدة{ :وما ِ
منّا إِل ّ ل َ ُ
الثل بتجربة الزائر؛ زيادةً ف البيان وإمعانا ف العذار لذوي البصائر.
ولعلك واجد ف هذه النافلة أخبارا ل تروقُك ،أو ل يُصدّقها ظنّك،
فتجاوزْها! فإن ذلك ل يضرّك؛ لنن لست من يُحكّم الواقع ف الشرع
النيف ،وِقفْ عند القواعد العلمية؛ فإنا أصل هذا التصنيف ،وال الوفق
لسلوك هدي خي البية.
ث إنن شاكر للشيخ العلمة اللبان وللشيخ العلمة عبد الحسن العبّاد
ـ حفظهما ال تعال ـ تفرّغهما لقراءة هذا الكتاب التواضع وحسن
24
25 مدارك النظر في
السياسة
من كل باب ،فالطرق عليهم مسدودة ،والبواب عليهم مغلقة ،إل من هذا
()
الطريق الواحد ،فإنه متّصل بال موصل إل ال " .
1
قلت :ولكن كثرة ُبنَيّاته العاديات تشكك فيه وتُخذّل عنه ،وإنا انرف
عنه من انرف من الفرق استئناسا بالتّعدّد ،وتوحّشا من التفرّد ،واستعجالً
للوصول ،و ُجبْنا عن تمّل الطول؛ قال ابن القيم " :من استطال الطريق
()
ضعُف مشيُه " .
2
وال الستعان.
وف هذا تنصيص منه ـ رحه ال ـ على أن أفضل من أنعمال عليه بالعلم
والعمل هم أصحاب رسولال ؛ لنم َشهِدوا التنيل ،وشاهَدوا من هدي
الرسول الكري ما فهموا به التأويل السليم ،كما قال ابن مسعود " :من
ستَنّا فلْيستّ بَن قد مات ،فإن ال ّي ل تُ ْؤمَن عليه الفتنة ،أولئك
كان منكم مُ ْ
أصحاب ممد ،كانوا أفضل هذه المة ،وأبرّها قلوبا ،وأعمقها ِعلْما،
وأقلّها تكلّفا ،قوم اختارهمال لصحبة نبيّه وإقامة دينه ،فاعرفوا لم فضلهم،
واتّبِعوهم ف آثارهم ،وتسكوا با استطعتم من أخلقهم ودينهم؛ فإنم
()
كانوا على الدي الستقيم " .
3
وقال أيضا " :إنّال نظر ف قلوب العباد فوجد قلب ممد خي قلوب
العباد ،فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ،ث نظر ف قلوب العباد بعد قلب ممد
).)1/13 )) () (( مدارج السالكي 1
() الصدر السابق (1/72ـ ،)73وقد صحّ هذا التفسي موقوفا على أب العالية والسن، 2
ذكره ابن حبان ف (( الثقات )) ( )6/229تعليقا ،ووصله ابن نصر ف (( السنة )) ( )27وابن
جرير ف (( تفسيه )) ( )184وابن أب حات ف (( تفسيه )) (1/21ـ )22والاكم ()2/259
وصحّحه هو والذهب ،وانظر أيضًا (( المامة والردّ على الرافضة )) لب نعيم ( ،)73فقد
. ورد فيه مثله عن ابن مسعود
() أخرجه بنحوه ابن عبد الب ف (( جامع البيان )) ( )2/97وأبو نعيم ف (( اللية )) عن ابن 3
عمر (.)1/305
مدارك النظر في
30
السياسة
فوجد قلوب أصحابه خي قلوب العباد ،فجعلهم وزراء نبيّه ،يقاتلون على
دينه ،فما رآه السلمون حسَنا فهو عندال حسن ،وما رأوا سيّئا فهو عندال
()
سيّء " . 1
منولذا الصل نظائر وأدلة من الكتاب والسنة ،منها قولال تعال{ :و َ
ويَتَّب ِ ْ
ع هدَى َ ن لَ ُ
ه ال ُ ما تَبَي َّ َ
د َ ع ِمن ب َ ْل ِ سو َ ق الَّر ُ ق ِ
يُشا ِ
َ
مهن َّ َج َه َ ول ّى ون ُ ْ
صل ِ ِ ه ما ت َ َ ول ِّ ِ
ن نُ َ منِي َ
ؤ ِم ْ
ل ال ُ سبِي ِ َ
غيَْر َ
() (( شرح أصول اعتقاد أهل السنة )) لللكائي رقم ( )317وانظر (( الشريعة )) للجري 2
ص (.)14
() انظر تريج استدلل مالك بذه الية ف » إعلم الوقعي « لبن القيّم (4/94ـ .)95 3
() ومن ارتاب ف عدد القرون فليجع إل » الصحيحة « لللبان رقم (.)700 4
30
31 مدارك النظر في
السياسة
فقال » :أوصيكم بتقوىال والسمع والطاعة ،وإنْ عبدا حبشيّا؛ فإنه من يعش
منكم بعدي فسيى اختلفا كثيا ،فعليكم بسنت وسنة اللفاء الهديي
الراشدين ،تسّكوا با وعَضّوا عليها بالنواجذ ،وإياكم ومدثات المور؛ فإن
كل مدَثة بدعة ،وكل بدعة ضللة «.
والشاهد هنا ف المع بي اتباع السنة النبوية وسنة اللفاء الراشدين
الهديي ،ث تأمل كيف جعل النب كلمته هذه وصيّته لمته من بعده
لتعلم صدق القول بأصالة هذا النهج ،ث تأمل كيف قابل الختلف بالتزام
هذا النهج لتعلم أن ضابط ( َفهْم السلف الصال ) سبب النجاة من
التفرّق ،قال الشاطبّ ـ رحه ال ـ " :فقرن ـ كما ترى ـ سنّة
اللفاء الراشدين بسنّته ،وأن مِن اتّباع سنّته اتّباع سنّتهم ،وأن الحدثات
خلف ذلك ،ليست منها ف شيء؛ لنم فيما سَنّوا :إمّا مّتبِعون لسنّة
نبيّهم عليه السلم نفسها ،وإمّا مّتبِعون لا فهموا من سنّته ف الملة
()
والتفصيل على وجه يفى على غيهم مثلُه ،ل زائدة على ذلك " .
1
وقد جعلتُ هذه النصوص من النظائر والدلة على تأصيل ما أنا بصدده؛
لنن وجدت ابن أب العز نزع با عند شرحه قول الطحاوي " :ونتّبع السنة
()
2
والماعة ،ونتنب الشذوذ واللف والفُرقة " .
تطبيق:
لبيان ضرورة تقييد فهم الكتاب بالسنة ،وتقييد فهم الكتاب والسنة با
كان عليه السلف الصال ،أُورد هنا قصة جرَت أيام منة المام أحد ـ رحه
32
33 مدارك النظر في
السياسة
()
ال ـ؛ لبيّن با القصودَين ف آنٍ واحد ،قال الجرّي ـ رحه ال ـ :
1
" بلغن عن الهتدي ـ رحه ال تعال ـ أنه قال :ما قطع أَب ـ يعن الواثق
ـ إل شيخ جيء به من الصيصة ،فمكث ف السجن مدة ،ث إن أب ذكره
يوما فقال :علي بالشيخ ،فأُت به مقيّدا ،فلما أُوقف بي يديه سلّم عليه ،فلم
يرُ ّد عليه السلم ،فقال له الشيخ :يا أمي الؤمني! ما استعملتَ معي أدب ال
حي َّ ٍ
ة م بِت َ ِ تعال ول أدب رسوله ؛ قالال تعال{ :وإذا ُ
حيِّيت ُ ْ
ن ِمنْها أو ُردُّوها} ،وأمر النب بردّ السلم؟! َ
س َح َ حيُّوا بِأ ْ َ
ف َ
فقال له :وعليك السلم .ث قال لبن أب دُؤاد :سَلْهُ ،فقال :يا أمي الؤمني!
حلّ ،ومر أنا مبوس مقيّد ،أُصلّي ف البس بتيممُ ،منِعتُ الاء ،فمُر بقيودي تُ َ
ل باء أتطهر وأصلي ،ث سَلْن ،قال :فأمر فحُلّ قيده ،وأمر له باء ،فتوضأ
وصلى ،ث قال لبن أب دؤاد :سلْهُ ،فقال الشيخ :السألة ل ،ت ْأمُره أن ييبن،
فقال :سل ،فأقبل الشيخ على ابن أب دؤاد يسأله فقال :أخبن عن هذا المر
الذي تدعو الناس إليه ،أشيء دعا إليه رسولال ؟ قال :ل! قال :فشيء دعا
إليه أبو بكر الصديق بعده؟ قال :ل! قال :فشيء دعا إليه عمر بن الطاب
بعدها؟ قال :ل! قال الشيخ :فشيء دعا إليه عثمان بن عفان بعدهم؟
قال :ل! قال :فشيء دعا إليه علي بن أب طالب بعدهم؟ قال :ل! قال
الشيخ :فشيء ل يدعُ رسولال ول أبو بكر ول عمر ول عثمان ول
علي رضيال تعال عنهم تدعو أنت الناس إليه ؟! ليس يلو أن تقول:
علِموه أو جهِلوه؛ فإن قلتَ :علِموه وسكتوا عنه ،و ِسعَنا وإياك ما َوسِع
القوم من السكوت ،فإن قلتَ :جهِلوه وعلِمتُه أنا ،فيا لُكَعُ بن لكع! يهل
() ف » الشريعة « مطوطة تركيا ق ( )24وما بعدها ،وف الطبوع ص (63ـ )64وفيه 1
ثوبه ف فيه يضحك ،ث جعل يقول :صدق ،ليس يلو من أن نقول :جهلوه أو
علموه ،فإن قلنا :علِموه وسكتوا عنه ،و ِسعَنا من السكوت ما وسِع القوم ،وإن
قلنا :جهلوه وعلمته أنت ،فيا لكع بن لكع! يهل النب وأصحابه رضيال
تعال عنهم شيئا تعلمه أنت وأصحابك؟! ث قال :يا أحد! قلت :لبيك ،قال:
لستُ أعنيك ،إنا أعن ابن أب دُؤاد ،فوثب إليه فقال :أعط هذا الشيخ نفقةً
وأخرجه عن بلدنا ".
وف رواية أوردها الذهب ف » السي « .. " :وسقط من عينه ابن أب
دُؤاد ،ول يَمتحن بعدها أحدا " ،وف رواية " :قال الهتدي :فرجعتُ عن هذه
()
القالة ،وأظن أن أب رجع عنها منذ ذلك الوقت" .
2
)(1هكذا ف الطبوع! فلعلها ( الَيْرَى ) من الَي ،جاء ف » لسان العرب « لبن منظور
بتحقيق علي شيي ( " :)3/417والَي بالفتح :شبه الظية أو المى " وأنشد عن بعض
حدّرَ فيها الندى الساكبُ
تَ َ الذليي :فيا رُبّ َحيَى جاديّة
وقال " :فإنه عَن روضة متحيّرة بالاء "(.)3/415
وف الخطوط ما يقرأ ( :البزى ) ،ول أجد له معن ،فال أعلم.
() قال الذهب " :هذه القصة مليحة ،وإن كان ف طريقها مَن يُجهل ولا شاهد " » 2
السي « (.)11/313
قلت :وقد أسندها الجري ف ص ( ،)91وعنه ابن بطة ف » البانة /الرّدّ على الهمية
« ( ،)452وأخرجها أيضا من طرق أخرى ابن بطة تت الرقم السابق و( ،)453والطيب
ف » تاريخ بغداد « (4/151ـ )152و(10/75ـ ،)79وابن الوزي ف
» مناقب المام أحد « ص (431ـ ،)436وعبد الغن القدسي ف » الحنة « ص (169ـ
)174و(167ـ ،)169وابن قدامة ف » التوّابي « ص (210ـ .)215
34
35 مدارك النظر في
السياسة
قلت :تأمل! فإن ردّ الشيخ هذا المرَ العظيمَ إل سية السلف الصال رفع
اللف مباشرة وكان سبب هداية الواثق والهتدي إل ما جاء ذكره ف
القصة ،فهذا يدلّك على أنه تأصيل دقيق ،فاحفظه!
مدارك النظر في
36
السياسة
تنبيه
إذا اختلف سلفنا الصال ف مسألة ما كان تكيم الدليل من الكتاب
م في والسنة هو السلك الوحيد ،لقولال تعال{ :فإن تَنَاَز ْ
عت ُ ْ
ن
منُو َ
ؤ ِ ل إِن كُنت ُ ْ
م تُ ْ سو ِ والَّر ُ
ه َ فُردُّوهُ إلى الل ِ ء َي ٍ
ش ْ َ
ويلً } ،وكلمة ْ خير َ ر ذَل ِ َ
ن تَأ ِس ُ
ح َوأ ْ
ك َ ْ ٌ َ خ ِ
وم ِ ال ِ
والي َ ْ
ه َ ِبالل ِ
يٍء} هنا نكرةٌ ف سياق الشّرط ،فَتعُمّ كل اختلف التضاد ف ش ْ{ َ
()
الصول والفروع ،كما أشار إليه العلّمة ممد المي الشنقيطي .
1
وقال ابن القيم " :ولو ل يكن ف كتابال وسنة رسوله بيانُ ُحكْ ِم ما
تنازَعوا فيه ول يكن كافيا ،ل يَأمر بالرّ ّد إليه؛ إذ مِن المتنِع أن يَأمر تعال
()
2
بال ّردّ عند الناع إل مَن ل يوجَدُ عنده فَصْلُ الناع " .
36
37 مدارك النظر في
السياسة
() » شرح السنة « للبغوي ( ،)1/272وقد أسنده ابن عبد الب ف » جامع بيان العلم 1
()
الوادي؟ فقال :ابن أبزى ،قال :ومَن ابن أبزى؟ قالَ :موْل مِن موالينا ،قال:
2
38
39 مدارك النظر في
السياسة
فدار أمر الرئاسة الدينية والدنيوية على العلم؛ لنه أصل لما ،ولذلك قال
إذن فالذين يتصوّرون قيام دولة السلم بجرد عاطفةٍ إسلمية ،وفك ٍر
مـرّد عن حـجّـة الشـرع يسمّونـه فكـرا إسلميّا! ونتفٍ من العلم
يسمونا ( ثقافةً إسلميةً!) ،وأن التعليم مرحلة قادمة بعدها ،فهؤلء طالبو
سراب؛ لنم يتخيّلونا بل قوة ول أسباب ،وأُول القوّتي قوةُ الدين الذي عليه
ح ًّ
وعدال الؤمني بالنصر فقال{ :وكان َ
علَيْنَا ن َ ْ
صُر قا َ
منِين}؛ ولذا قال ابن القيم " :ولا كان جهادُ أعداءال ف الارج م ْ
ؤ ِ ال ُ
فرعا على جهاد العبد نفسَه ف ذاتال ،كما قال النب » :الجا ِهدُ من جاهَدَ
()
نفسَه ف طاعةال ،والهاجِرُ من هجَرَ ما نى ُال عنه « ،كان جهادُ الّنفْس ُمقَدّما
2
وأحبّ أن أُ نبّه القاريء هنا إل أنن وجدتُ مَن ابتُلي بفكر ثوري يَبْتر كلم ابن تيمية
هذا عند آية الفرقان؛ لن ما بعدها يُحَطّم له الراد من استغلل كلم الشيخ! فتنبّه!
() رواه أحد ( )3/21وغيه وهو صحيح. 2
40
41 مدارك النظر في
السياسة
على جهاد العدوّ ف الارج وأصلً له؛ فإنه مَن ل ياهد نفسَه أولً لتفعل ما
ُأمِرَت به وتترك ما نُهيَت عنه ويارِبْها فال ،ل يْكِنْهُ جهادُ عدوّه ف الارج،
فكيف يكنه جهاد عدوّه والنتصاف منه ،وعدوّه الذي بي جنبيه قاهرٌ له،
متسلّطٌ عليه ،ل ياهده ول ياربه فال ؟! بل ل يكنه الروج إل عدوّه حت
ياهد نفسه على الروج.
فهذان عدوّان قد امُتحِن العبدُ بهادها ،وبينهما عدوّ ثالثٌ ،ل يكنه
جهادها إل بهاده ،وهو واقفٌ بينهما يُثبّطُ العبدَ عن جهادها ويُخذّلُه
ويُرجِف به ،ول يزال ييّل له ما ف جهادها من الشاقّ وترك الظوظ
وفَوْت اللذات والشتهيات ،ول يكنه أن ياهد َذيْنك العدوّيْن إل بهاده،
فكان جهاده هو الصل لهادها ،وهو الشيطان ،قال تعال{ :إ َّ
ن
وا} ،والمر باتاذه عدوّا فات َّ ِ ال َّ
عدُ ًّ
خذُوهُ َ و َ
عدُ ٌّ ن لَك ُ ْ
م َ شيْطَا َ
تنبيهٌ على استفراغ الوُسْع ف ماربته وماهدته ،كأنه عدوّ ل يفْتُر ول يقصر عن
()
ماربة العبد على عدد النفاس " .
1
هذا الكلم ف غاية الودة والوضوح ،وهو تصحيح لنهج الذين يرمون
غيهم بالجارة وبيوتم من زجاج! وف الوقت نفسه ُيعَظّمون السباب الادية
حت يروا أن عدوّهم تكّن لقوّته ،والق أنه ل يدخل عليهم العدوّ بيوتَهم إل
إذا َوهَى بنيانُها؛ أي ل ينهزم السلمون لقوّة عدوّهم ولكن لضعف إيانم،
حت ولو عَرِيَت أيديهم من السباب ـ بعد بذل الوسع ـ كفاهمال ما نابم،
قال ابن تيمية ـ رحه ال ـ " :ومن سنةال أن من ل يُمْكن الؤمنون أن
()
يعيذوه من الذين يؤذونال ورسوله؛ فإنال سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه 2
() تصحّف ف الطبوع إل ( :أن يعذبوه ) ،وهو غي مستقيم ،وما أثبتّه أعله هو الوافق 2
مدارك النظر في
42
السياسة
إياه ،كما قدّمنا بعض ذلك ف قصة الكاتب الفتري ،وكما قال سبحانه:
ركِين .إنَّا ش ِ م ْ
ن ال ُع ِض َ ر ْ وأ َ ْ
ع ِ مُر َ ؤ َ ما ت ُ ْع بِ َ {فا ْ
صدَ ْ
()
زئِين} " .
1
ه ِ ست َ ْم ْك ال ُ كَ َ
فيْنا َ
ل ما عَدَا عليك العدوّ إل بعد أن تَ َولّى عنك الوَِليّ، وقال ابن القيم " :تا !
()
فل تظنّ أن الشيطان َغلَبَ ولكن الافظ أَ ْعرَض " .
2
وقد عرفتَ أنك ُتحْرَم ولءَ ربك إذا تركتَ الأمور وركبتَ الحظور،
كما أنك منصور بفظك َال ف أمره ونيه ،فعاد الصل إل العلم؛ لنه ل
يُعرَف المر والنهي إل به.
42
43 مدارك النظر في
السياسة
لطيفة
روى البخاري ومسلم عن الزبي بن عدي قال :دخلنا على أنس بن مالك
لجّاج ،فقال » :ما مِن عامٍ إلّ والّذي بعدهقال :فشكونا إليه ما نَلقى من ا َ
شرّ منه حت تَ ْلقَوْا ربّكم « ،سعتُ هذا من نبيّكم.
قال ابن حجر " :وقد استُشكل هذا الطلق مع أن بعض الزمنة تكون
ف الشرّ دون الت قبلها ،ولو ل يكن ف ذلك إل زمن عمر بن عبد العزيز،
وهو بعد زمن الجاج بيسي ،وقد اشتهر الي الذي كان ف زمن عمر بن عبد
العزيز ...وأجاب بعضهم أن الراد بالتفضيل تفضيل مموع العصر على
مموع العصر ،فإن عصر الجاج كان فيه كثي من الصحابة ف الحياء ،وف
عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا ،والزمان الذي فيه الصحابة خي من الزمان
()
الذي بعده لقوله » :خي القرون قرن « ...وهو ف الصحيحي " .
1
ث قال " :ث وجدت عن عبدال بن مسعود التصريح بالراد وهو أول
بالتباع ،فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الارث بن حصية عن زيد بن
وهب قال :سعت عبدال بن مسعود يقول " :ل يأت عليكم يوم إل وهو شرّ
من اليوم الذي قبله حت تقوم الساعة ،لست أعن رخاء من العيش يصيبه،
ول مالً يفيده ،ولكن ل يأت عليكم يوم إل وهو أقلّ علما من اليوم الذي
مضى قبله ،فإذا ذهب العلماء استوى الناس ،فل يأمرون بالعروف ول
ينهون عن النكر ،فعند ذلك يهلكون " ،ومن طريق الشعب عن مسروق عنه
قال " :ل يأت عليكم زمان إل وهو شرّ ما كان قبله ،أمَا إن ل أعن أميا
خيا من أمي ،ول عاما خيا من عام ،ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون
() لفظ » الصحيحي « » :خي الناس قرن ،« ...وقد أشار الشيخ اللبان ف تعليقه 1
على » التنكيل « للمعلّمي ( )2/223إل أنه ل أصل للفظ الذي ساقه الافظ هنا.
مدارك النظر في
44
السياسة
()
ث ل تدون منهم خلفاء ،وييء قوم يُفتون برأيهم " .
1
قلت :رفعُ الشكال بالثر هو قرة عيون أهل الثر ،خاصة وهو جارٍ على
الصول؛ لن غالب اللق لِرَحم الال والسلطان وَصول ،أل تسمعال تعال
عنِّي مالِيَه. غنَى َ يب عن أهل الشمال حسرتم قائلي{ :ما أ َ ْ
سلْطَانِيَه}.
عنِّي ُ ك َ هل َ َ
َ
ولو تأمّلتَ فتنةَ الركات السلمية -فضلً عن غيها -لوجدتَها
مموعة ف هاتي النعرتي :تصوّرُ أن خييّة أمة على أخرى تابعة لييّة
حكّامها ،أو وفرة اقتصادها؛ أل ترى أن أكثرهم ل ي ُردّون من عرش اللك
يَدَ لمِس ،ولو كانت طَماعة من ديقراطية الوساوس! وآخرين يرون أن
عودة عزّ السلمي مرهونة بالتفوق الضاري ،ولذلك ل ي ْبرَحون عليه
عاكفي!
وهذا يبيّن لك سرّ عناية ابن مسعود بعالتهما دون غيها ،وتال إنه لفقه
النفس الذي فتحال به عليه ،فلْتعرف ـ أخا السلم ـ للسلف فضلهم،
واستمسك بغرزهم تسترح من شبهات بَُنيّات الطريق.
وأخيا :إل العلم! يا من ينشد عز السلم ،فعن تيم الداري قال :تطاول
الناس ف البناء ف زمن عمر ،فقال عمر " :يا معشر العريب! الرضَ الرضَ!
إنه ل إسلم إل بماعة ،ولجاعة إل بإمارة ،ول إمارة إل بطاعة ،فمن سوّده
قومه على الفقه كان حياة له ولم ،ومن سوّده قومه على غي فقه كان
()
هلكا له ولم " .
2
() » الفتح « ( )21 /13والثر صحيح؛ رواه الفسوي كما ف آخر » العرفة والتاريخ « ( 1
44
45 مدارك النظر في
السياسة
وعن السن قال " :كانوا يقولون :موت العال ثُلْمة ف السلم ل يَسُدّها
()
شيء ما اختلف الليل والنهار " .
1
وعن هلل بن خباب قال :سألت سعيد بن جبي قلت :يا أبا عبدال ! ما
()
علمة هلك الناس؟ قال " :إذا هلك علماؤهم " .
2
() الصدر السابق رقم ( )324وف » شرح السنة « للبغوي أنه من قول ابن مسعود. 1
والثانية :أنال تعال اقتصر على ذكر أعظم كيد يدبّره الكفار للمسلمي
ن
م ْد كَثِيٌر ِ وهو إرادة تكفيهم ،كما قال سبحانه ف الية الخرىَ { :
و َّ
فاراًد إيمانِك ُم ك ُ َّ
ْ ع ِ ِ من ب َ ْو يَُردُّونَكُم ِ ب لَ ْل الكِتَا ِ ه ِ أَ ْ
مه ُ ن لَ ُ ما تَبَي َّ َ د َ
ع ِ من ب َ ْهم ِ س ِف ِد أَن ُعن ِن ِم ْ سدا ً ِ ح َ َ
ق} ،فكأنال يقول :مهما كان مكرهم الكبار الذي تزول منه البال ح ُّ ال َ
ل} ،فإن جبَا ُ ه ال ِ من ْ ُ
ل ِ م لِتَُزو َ مكُْر ُ
ه ْ ن َقال تعال{ :وإن كا َ
إيانكم ل يزول ما أقمتم على تلوة الوحي كتابا وسنة.
وليس هذا غريبا على من أيقن بقلبه أنال جعل معي الياة ف الوحي
َ َ َ
ل
سو ِ ولِلَّر ُ جيبُوا لِل ّ ِ
ه َ ست َ ِ
منُوا ا ْ ن ءَا َ ذي َفقال{ :يَأيُّها ال ّ ِ
م}.حيِيك ُ ْما ي ُ ْ عاك ُ ْ
م لِ َ إِذَا دَ َ
وأعظم الياتَيْن حياةُ القلب ،وأحيا الناس َأتَْبعُهم للوحي ،وهو آ َمنُهم
من الضلل ،وبذا يَ ِدقّ فهمك لقول الرسول » :تركتُ فيكم شيئي لن
تَضلّوا بعدها :كتابَال وسنت ،ولن يتفرّقا حت َيرِدا علي الوض « رواه
الاكم ومالك وهو حسن.
يعمل وقال أبو بكر الصديق " :لستُ تاركا شيئا كان رسولال
به إل عملتُ به ،فإن أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ " رواه
البخاري ومسلم.
فهذا صدّيق المة يشى على نفسه النراف عن الصراط الستقيم إن هو
فرّط ف شيء من هدي النب ـ مع أنه كان شديد التمسك با دَقّ و َجلّ
من سنة نبيّه ـ فكيف قرّت أعْيُن البتدعة وهدأت جفونم ،وقد روى
الشيخان عن أب هريرة أنه قال :لا توفِي رسولال واستُخلِف أبو بكر
بعده ،كفر من كفر من العرب ،قال عمر لب بكر :كيف تقاتل الناس وقد
قال رسول ال » :أُمرتُ أن أقاتل الناس حت يقولوا ل إله إلال ،فمن قال
ل إله إلال عصم من ماله ونفسه إل بقه وحسابه علىال « ،فقال:
ل لقاتلنّ من فرّق بي الصلة والزكاة ،فإن الزكاة حق الال ،وال لو " وا !
منعون عَناقا كانوا يؤدونه إل رسولال لقاتلتهم على منعه " ،فقال
عمر " :فوال! ما هو إل أن رأيتُال قد شرح صدر أب بكر للقتال فعرفتُ أنه
الق".
فتأمل هذا الرص الشديد على أداء الواجب بكل تفاصيله الت كانت على
عهد رسولال ،ولو كانت ف تقدي أحقر شيء.
ولا كان الرسل عليهم الصلة والسلم أتبع اللق للوحي اقترن بم مِن
ن أَنَا ه لَ ْ
غلِب َ َّ ب الل ُتأييدال أكمله ،كما قالال تعال{ :كَت َ َ
عباِدنَا متُنا ل ِ ِت كَل ِ َ ق ْسب َ َ
قد ْ َ سلِي} وقال{ :ول َ َ وُر ُ َ
جندَنَا ن ُ ن .وإ ِ َّ صوُرو َ من ُ م ال َ م لَ ُ
ه ُ ن .إِن َّ ُ
ه ْ سلِي َمْر َ ال ُ
َ
ن
ذي َ سلَنَا وال ّ ِ صُر ُر ُ ن} وقال{ :إِنَّا لَنَن ُ غالِبُو َم ال َه ُ لَ ُ
48
49 مدارك النظر في
السياسة
()
ها ُد} .
1
ش َ م ال َ ْ قو ُم يَ ُ ة الدُّنْيَا وي َ ْ
و َ حيَا ِ
منوا في ال َ ءَا َ ُ
ومن كان لم متّبِعا كان له ِمْثلُ ما لم من التأييد والنصرة ،قالال تعال
َ
من ما و َ لوسى وهارون صلىال عليهما وسلم ولتباعهما{ :أنت ُ َ
ه قا َ
ل الل ُ غالِبُون} ،وقال لعيسى ولتباعه{ :إِذْ َ ما ال َ اتَّب َ َ
عك ُ َ
ك مطَ ِّ
هُر َ و ُ ك إِل َ َّ
ي َ ع َ ف ُ وَرا ِ ك َفي َ و ِّ
مت َ َ
سى إِنِّي ُ عي َ يَا ِ
ُ َ َ
وقَ ك َ
ف ْ عو َ ن اتَّب َ ُذي َ ل ال ّ ِ ع
جا ِو َ فُروا َ ن كَ َ ذي َ ن ال ّ ِم َ ِ
َ
ة}.م ِ قيَا َ وم ِ ال ِفُروا إِلى ي َ ْ ن كَ َ ذي َال ّ ِ
ب ما مِن
قال ابن القيم ـ رحه ال ـ " :فلما كان للنصارى نَصي ٌ
اتّباعه كانوا فوق اليهود إل يوم القيامة ،ولا كان السلمون َأتْبَع له من
()
النصارى كانوا فوق النصارى إل يوم القيامة " .
2
وقال ابن تيمية " :ولذا كل من كان متّبعا للرسول كانال معه بسَب
ها النَّب ِ ُّ َ
نم ِ و َ
ه َ سب ُ َ
ك الل ُ ح ْ ي َ هذا التباع ،قالال تعال{ :يَأي ُّ َ
ن} ،أي حسْبك وحسْبُ مَن اتّبعك ،فك ّل مَن منِي َ
ؤ ِم ْ
ن ال ُ م َ عك ِ اتَّب َ َ
اتّبَع الرسولَ مِن جيع الؤمني فال حسْبه ،وهذا معن كونال معه ،والكفاية
الطلقة مع التّباع الطلق ،والناقصة مع الناقص ،وإذا كان بعض الؤمني به
سبُه ،وهو معه وله نصيب التبعي له قد حصَل له مَن يعاديه على ذلك فال ح ْ
ن اللَه َمَعنَا} ،فإن ن إ ِ َّ حَز ْه ل َ تَ ْ حب ِ ِصا ِ ل لِ َقو ُ من قوله{ :إِذْ ي َ ُ
حبَه ببدنه ،والصل ف هذا القلب، هذا قَ ْلبُه موافِقٌ للرسول وإن ل يكن ص ِ
كما ف الصحيحي عن النب أنه قال:
(( إنّ بالدينة رجا ًل ما ِسرْت مسيا ول قطعتم واديا إلّ كانوا معكم )) ،قالوا:
() انظر » الواب الصحيح لن بدّل دين السيح « لبن تيمية ( )2/179ط .دار العاصمة. 1
مع النب وأصحابه الغزاة ،فلهم معن صُحبته ف الغزاة ،فال معهم بسَب
()
تلك الصحبة العنوية " .
2
() » منهاج السنة « (8/487ـ )488ط .جامعة المام ممد بن سعود. 2
50
51 مدارك النظر في
السياسة
وعن ابن مسعود قال :صلى رسولال العشاء ث انصرف فأخذ بيد عبد
ال بن مسعود حت خرج به إل بطحاءِ مكةَ فأجلسه ث خَطّ عليه خطا ث
قال »:ل َت ْب َر َح ّن خطك فإنه سينتهي إليك رجالٌ ،فل تكلمهم فإنم ل
يكلمونك « ،قال :ث مضى رسولال حيث أراد ،فبينا أنا جالس ف
()
خطي إذ أتان رجال كأنم الزّطّ :أشعارهم وأجسامهم ،ل أرى عورة ول
1
أرى قشرا ،وينتهون إلّ ل ياوزون الط ،ث يَصدرون إل رسولال ،
حت إذا كان من آخر الليل ،لكن رسولال قد جاءن وأنا جالس ،فقال»:
()
لقد أران منذ الليلة « ،ث دخل علي ف خطي فتوسّد فخذي فرقد ،وكان 2
رسولال إذا رقد نفخ ،فبيْنا أنا قاعد ورسولال متوَسد فخذي ،إذا أنا
برجال عليهم ثياب بيض،ال أعلم ما بم من المال ،فانتهوا إل ،فجلس
طائفة منهم عند رأس رسولال وطائفة منهم عند رجليه ،ث قالوا بينهم :ما
رأيْنا عبدا قط أوت مثل ما أوت هذا النبّ :إنّ عينيه تنامان وقلبه يقظان،
اضربوا له مثل َمثَلَ سيّد بن قصرا ،ث جعل مأدبة فدعا الناس إل طعامه
وشرابه ،فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ،ومن ل يبْه عاقبه أو
قال عذّبه ،ث ارتفعوا ،واستيقظ رسولال عند ذلك فقال:
(( سعتَ ما قال هؤلء؟ وهل تدري من هؤلء؟ )) قلتُ:ال ورسوله أعلم ،قال:
(( هم اللئكة ،فتدري ما الثل الذي ضربوا؟ )) قلتُ:ال ورسوله أعلم ،قال(( :
الثل الذي ضربوا :الرحن تبارك وتعال بن النة ودعا إليها عباده ،فمن أجابه
)
3
دخل النة ،ومن ل يبه عاقبه أو عذّبه ))( .
() » العواصم من القواصم « لبن العرب ص ( ،)63وانظر إن شئت التوسع (( تاريخ 1
يقضي با قضوا به ،ولكن الشرع الذي تعلّمه أبو بكر من النب هو الذي
هداه إل ما شحّت به قرائحُهم؛ أل وهو خوفُه من تأخي ما قدّمه رسول
ال ،فكانت عاقبة التمسك بالسنة النتصار على العدو والثبات على
السلم.
تنبيه:
قال الشيخ ممد المي الشنقيطي ـ رحه ال ـ " :وقد حقق العلماءُ أن
غلبة النبياء على قسمي :غلبة بالجة والبيان ،وهي ثابتة لميعهم ،وغلبة
بالسيف والسنان ،وهي ثابتة لصوص الذين أُمروا منهم بالقتال ف سبيل
()
ال . "...
1
كانوا أتبعهم للكتاب والسنة ،فل يستغرِبنّ خلفيّ أن تتمع كلمة أهل العلم
على تفسي الطائفة النصورة بأهل الديث ف قوله » :من ُيرِدال به خيا
مع أنه ل يفى على الصيف ارتباط الملة الول ـ الت هي الفقه ف
الدين ـ بالخرى ـ الت هي انتصار هذه الطائفة ـ وهو من جوامع كلمه
)
(. 2
() راجع » :شرف أصحاب الديث « للخطيب البغدادي ،و» الصحيحة « لللبان ( 2
،)270و» أهل الديث هم الطائفة النصورة الناجية « للشيخ ربيع بن هادي الدخلي.
54
55 مدارك النظر في
السياسة
حتَّى
ن َ
منُو َ ك ل َ يُ ْ
ؤ ِ فل َ َ
وَرب ِّ َ فيهلكه " ،وجعل يتلو هذه اليةَ { :
م }.
ه ْجَر بَيْن َ ُ ما َ
ش َ في َك ِمو َحكِّ ُ
يُ َ
وقال أبو طالب الشكان :وقيل له :إن قوما يدَعون الديث ويذهبون إل
رأي سفيان ،فقال " :أعجب لقوم سعوا الديث وعرفوا السناد وصحته،
َ يدَعونه ويذهبون إل رأي سفيان وغيه ،قالال َ { :
ن ر ال ّ ِ
ذي َ فلْي َ ْ
حذَ ِ
م فتْن َ ٌ َ عن أ َمر َ خال ِ ُ
ه ْصيب َ ُو يُ ِ
ةأ ْ م ِ
ه ْ
صيب َ ُ ن َ ْ ْ ِ ِ
ه أن ت ُ ِ فو َ يُ َ
م}! وتدري ما الفتنة؟ الكفر ،قالال تعال{ :وال ِ َ
ة
فتْن َ ُ ب ألِي ٌ عذَا ٌ َ
ل} ،فيدَعون الديثَ عن رسولال وتغلبهم َ
ن ال َ
قت ْ ِ م َأكْبَُر ِ
أهواؤُهم إل الرأي ،فإذا كان الخالف عن أمره قد حُذّر من الكفر والشرك أو
من العذاب الليم ،دلّ على أنه قد يكون مفضيا إل الكفر أو العذاب
()
الليم . " ...
1
ومن الكلمات السائرة عند السلف قولم " :أسرع الناس ِردّة أصحابُ
()
الهواء " .
2
ولا كان أصل كفر أهل الكتاب من جهة مالفة الرسل قالال تعال:
َ َ {ات َّ َ
ه
ن الل ِ
من دُو ِ م أْربَابا ً ِ
ه ْ
هبَان َ ُ
م وُر ْ
ه ْ
حبَاَر ُخذُوا أ ْ
ن َمْريَم} ،وف هذا السياق الكري فائدتان: ح اب ْ َ سي َم ِوال َ َ
الول :أن سبب كفرهم هو تعظيمهم علماءهم حت غضّوا من حقال
ورسوله ف التحاكم إليهما ،فعن عدي بن حات قال :أتيتُ النب وف عنقي
() » الصارم السلول « ص (56ـ )57والثر الول عن أحد تده ف » البانة )) لبن 1
صليب من ذهب ،فقال »:يا عديّ! اطرح عنك هذا الوثن « ،وسعته يقرأ من
َ َ سورة براءة {ات َّ َ
من م أْربَابا ً ِ ه ْهبَان َ ُ
وُر ْ م َه ْ خذُوا أ ْ
حبَاَر ُ
ه } ،قال (( :أمَا إنم ل يكونوا يعبدونم ،ولكنهم كانوا إذا أَحلّوا ن الل ِ
دُو ِ
()
1
لم شيئا استحلّوه ،وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه )) .
والثانية :أن ف القتصار على التنديد بصنيع اليهود والنصارى تنبيها على
قسمي الخالفة للرسل ل ثالث لما ،وها:
ـ التفريط :الذي هو النصيب الوفر لليهود مؤذي النبياء وقَتلَتِهم.
ـ الفراط :الذي هو النصيب الوفر للنصارى ذوي الغلوّ.
وهذا من إعجاز القرآن العظيم .وقد جاء التحذير منهما مقترني ف
حديث واحد ،هو قول الرسول »:دعون ما تركتكم؛ فإنا هلك مَن كان
قبلكم بكثرة سؤالم واختلفهم على أنبيائهم ،فإذا نيتُكم عن شيء فاجتنبوه
وإذا أمرتكم بشيء فأْتوا منه ما استطعتم « متفق عليه.
فقوله » :بكثرة سؤالم « ف الفراط والغلو.
وقوله » :واختلفهم على أنبيائهم « ف التفريط والتقصي.
()
ولذلك أورده البخاري ف " كتاب العتصام بالكتاب والسنة " ،وهو
2
58
59 مدارك النظر في
السياسة
() » الستقامة « ( )1/42وانظر إن شئت » اجتماع اليوش السلمية « لبن القيم ص(.)6 1
مدارك النظر في
60
السياسة
ً
ما حظا ّ ِ
م َّ سوا َ م َ
فن َ ُ ه ْ ميثَا َ
ق ُ خذْنَا ِ صاَرى أ َ َ قالُوا إِنَّا ن َ ََ
ضاءَ إِلىغ َ
وةَ والب َ ْعدَا َم ال َ
ه ُ فأ َ ْ
غَريْنَا بَيْن َ ُ ه َ ذُكُِّروا ب ِ ِ
ة} ،قال ابن تيمية " :فهذا نصّ ف أنم تركوا بعض ما م ِقيَا َوم ِ ال ِ يَ ْ
()
1
ُأمِروا به فكان تركه سببا لوقوع العداوة والبغضاء الحرّمَيْن " .
نفو َ ر ُ وكذلك اليهود تركوا بعض ما أُمروا به كما قال تعال{ :ي ُ َ
ح ِّ
ً
ه }،ما ذُكُِّروا ب ِ ِ م َّحظّا ِ سوا َ ه ون َ ُ ع ِ
ض ِ
وا ِم َعن َ م َ الكَل ِ َ
لكن تركهم له كان ناشئا عن تقصيهم العروف بسبب كراهيتهم لا أنزلال ،
ل إِلَي ْ َ ُ
ك ز َ ما أن ِ هم َ من ْ ُن كَثِيرا ً ِ
كما قال تعال{ :ولَيَزيدَ َّ
وة َ
عدَا َ
م ال َ
ه ُ
قيْنَا بَيْن َ ُفرا ً وأَل ْ َ غيَانا ً َ
وك ُ ْ ك طُ ْمن َرب ِّ َ ِ
()
ة} .2
م ِ قيَا َ
وم ِ ال ِضاءَ إِلى ي َ ْغ َ والب َ ْ
وقال ابن تيمية " :واللف الواقع ف غي أهل اللل أكثر منه ف أهل اللل،
فكل من كان إل متابعة النبياء أقرب كان اللف بينهم أقل؛ فاللف
النقول عن فلسفة اليونان والند وأمثالم أمر ل يُحصيه إلال ،وبعده اللف
عن أعظم اللل ابتداعا كالرافضة فينا ،وبعد ذلك اللف الذي بي العتزلة
ونوهم ،وبعد ذلك خلف الفرق النتسبة إل الماعة ،كالكلّبية والكرّامية
والشعرية ونوهم ،وبعد ذلك اختلف أهل الديث ،وهم أقل الطوائف
اختلفا ف أصولم ،لن مياثهم من النبوة أعظم من مياث غيهم،
هل الل ِحب ْ ِ
موا ب ِ َ
ص ُ فعصمهم حبلال الذي اعتصموا به ،فقال{ :وا ْ
عت َ ِ
()
ميعاً } " .
ج ِ
َ 3
60
61 مدارك النظر في
السياسة
ومن الدرر الغوال لب الظفر السمعان قوله " :وما يدلّ على أن أهل
الديث هم على القّ أنك لو طالعتَ جيع كتبهم الصنّفة من أوّلم إل
آخرهم ،قديهم وحديثهم مع اختلف بلدانم وزمانم وتباعد ما بينهم ف
الديار ،وسكون كل واحد منهم قطرا من القطار ،وجدتَهم ف بيان
العتقاد على وتيةٍ واحدةٍ ونطٍ واحدٍ ،يْرون فيه على طريقة ل ييدون
عنها ول ييلون فيها ،قولُهم ف ذلك واحدٌ ونقلُهم واحدٌ ،ل ترى بينهم
اختلفا ول تفرّقا ف شيء ما وإن قلّ ،بل لو جعت جيع ما جرى على
ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلب واحد وجرى على
فلَلسان واحد ،وهل على الق دليل أبيَن من هذا؟ قالال تعال{ :أ َ َ
ه
ر الل ِغي ْ ِد َ
عن ِ
ن ِ م ْ و كَا َ
ن ِ ول َ ْن َقْرءَا َن ال ُيَتَدَبَُّرو َ
موا
ص ُعت َ ِ
وا ْ ختِلَفا ً كَثِيراً } وقال تعالَ { : ها ْ في ِ
جدُوا ِ و َ لَ َ
قوا}. ول َ ت َ َ
فَّر ُ ميعا ً َج ِه َل الل ِ
حب ْ ِ
بِ َ
وأما إذا نظرتَ إل أهل الهواء والبدع رأيتَهم متفرّقي متلفي أو شِيَعا
وأحزابا؛ ل تكاد تد اثني منهم على طريقةٍ واحدةٍ ف العتقاد ،يبَدّع
بعضهم بعضا ،بل َي ْرَتقُون إل التكفي؛ يكفّر البنُ أباه ،والرجلُ أخاه،
والارُ جارَه ،تراهم أبدا ف تنازعٍ وتباغضٍ واختلفٍ ،تنقضي أعمارُهم ول
شتَّى ذَل ِ َ
ك م َ قلُوب ُ ُ
ه ْ ميعا ً َ
و ُ ج ِم َ
ه ْسب ُ ُح َ َتتّفق كلماتُهم {ت َ ْ
() َ
ن} " .
1
قلُو َ
ع ِ م ل َ يَ ْ و ٌ م َ
ق ْ بِأن َّ ُ
ه ْ
والغرض من هذا كله بيان لوق الزية بن خالف الرسول وتعجيلها
لم ،بسبب الختلف الضروب عليهم ،وقد روى ابن سعد والبيهقي وأحد
وغيهم بأسانيد عن جع من الصحابة دخل حديث بعضهم ف حديث بعض،
قالوا :وبعث رسولال عبدال بن حذافة السهمي ،وهو أحد الستة ،إل
كسرى يدعوه إل السلم وكتب معه كتابا ،قال عبدال :فدفعتُ إليه كتاب
رسولال ،ث أخذه فمزّقه ،فلما بلغ ذلك رسولال قال (( :الله م مزّق
)
ملكه ))( ،وكتب كسرى إل باذان عامله على اليمن أن ابعث من عندك 1
رجلي جلْدين إل هذا الرجل الذي بالجاز ف ْليَأتيان ببه ،فبعث باذان
قهرمان ورجل آخر ،وكتب معهما كتابا ،فقدِما الدينة ،فدفعا كتاب باذان
إل النب ،فتبسم رسولال ودعاها إل السلم وفرائصهما ترعد ،وف
رواية :فلما رأى شَواربما مفتولة وخدودها ملوقة ،أشاح عنهما وقال:
حكُما مَن أمركما بذا )) قال :أمَرنا ربنا ـ يعنيان كسرى ـ فقال النب (( َويْ َ
(( :ولكن أمرن رب أن أُع ِفيَ ليت وأن أُحفي شارب )) ،وقال:
(( ارجعا عن يومكما هذا حت تأتيان الغد فأخبكما با أريد )) ،فجاءاه
من الغد فقال لما (( :أَبْلغا صاحبكما أن رب قد قتل ربه كسرى ف هذه
()
الليلة )) ،فوجدوه كما قال .
2
وف هذه القصة أن النب علِم هلك كسرى لَمّا ترّأ على رسالته ،ول
يُراع له حرمته؛ لنال قضى بقطع دابر شانء رسوله وتعجيل بتره فقال:
و الَبْتَُر} .ومن حسن الوافقة أن قاتل كسرى ابنُه، ه َ
ك ُ شانِئ َ َ ن َ {إ َّ
()
كما ذكر ذلك الافظ ف » الفتح « ،وهو من تام العجاز ف إلقاء العداوة
3
بي أفراد المة الواحدة ،كيف وهي عداوة أهل بيت واحد؟! تقيقا لقولال
وم
ضاءَ إِلى ي َ ْ ِ غ َوالب َ ْ
وة َ َ
عدَا َم ال َه ُقيْنَا بَيْن َ ُوأَل ْ َ
تعالَ { :
() إل هنا رواية البخاري ف » صحيحه « ،لكن زيادة هذا الدعاء هي عنده مرسلة. 1
() انظر » الصحيحة « لللبان ( ،)1429وتريه على » فقه السية « للغزال (388ـ .)389 2
62
63 مدارك النظر في
السياسة
ة}.
م ِ
قيَا َال ِ
وقارن قصة كسرى هذه بقصة قيصر الت رواها البخاري وغيه ،وفيها
قول قيصر لب سفيان ف رسولال ..." :فإن كان ما تقول حقا فسيملك
موضع قدميّ هاتي ،وقد كنتُ أعلم أنه خارج ،ل أكن أظن أنه منكم ،فلو
أن أعلم أن أ ْخلُص إليه لتَجَشّ ْمتُ لقاءه ،ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قَدمه
."...
قال ابن تيمية " :وقد كتب النب إل كسرى وقيصر ،وكلها ل
يُسْلم ،لكن قيصر أكرمَ كتاب النب وأكرم رسوله ،فثبَت ملكُه ،فيقال:
إن اللك باقٍ ف ذريته إل اليوم ،وكسرى مزّق كتاب رسولال
واستهزأ برسولال ،فقتلهال بعد قليل ومزّق ملكه كل مزق ول يبق
شانِئ َ َ
ك ن َ للكاسرة ملك ،وهذا ـ وال أعلم ـ تقيق لقوله تعال{ :إ َّ
و الَبْتَر} ،فكلّ مَن شنَأه وأبغضه وعاداه فإنال يقطع دابره ويحق ه َ
ُ
عينه وأثره ،وقد قيل :إنا نزلت ف العاص بن وائل أو ف عقبة بن أب معيط
أو ف كعب بن الشرف ،وقد رأيتَ صنيعال بم ،ومن الكلم السائر:
()
( لوم العلماء مسمومة ) ،فكيف بلحوم النبياء عليهم السلم؟!" .
1
قلت :تأمل قوله " :إن ا ُللْك باقٍ ف ذرّيّته إل اليوم " ،مع قول هرقل
بعد قراءته كتاب رسولال ف الرواية السابقة " :يا معشر الروم! هل
لكم ف الفلح والرشد وأنْ يثبت ُم ْل ُككُم فتُبايِعوا هذا النب؟."..
وقال ابن تيمية " :ونظي هذا ما ح ّدثَناه أعداد من السلمي العدول أهل
الفقه والبة عما جرّبوه مرات متعددة ف حصر الصون والدائن الت
بالسواحل الشامية ،لا حصَر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا ،قالوا :كنا
() » الصارم السلول « ص (164ـ ،)165وانظر (( الفتح )) لبن حجر (.)1/44 1
مدارك النظر في
64
السياسة
نن نصر الصن أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو متنع علينا حت
نكاد نيأس ،إذ تعرّض أهله لسبّ رسولال والوقيعة ف عرضه فعجلنا فتحه
وتيسر ،ول يكد يتأخر إل يوما أو يومي أو نو ذلك ،ث يفتح الكان عنوة،
ويكون فيهم ملحمة عظيمة ،قالوا حت إن كنّا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا
سعناهم يقعون فيه ،مع امتلء القلوب غيظا عليهم با قالوه فيه،كما حدّثن
بعض الصحاب الثقاة أنّ السلمي من أهل الغرب حالم مع النصارى
كذلك ،ومن سنّةال أن يعذّب أعداءه تارة بعذاب من عنده ،وتارة بأيدي
()
عباده الؤمني " .
1
وقال ابن تيمية " :سورة الكوثر :ما أجلّها من سورة! وأغزر فوائدها
على اختصارها! وحقيقة معناها ُتعْلم من آخرها ،فإنه سبحانه وتعال بَتَر
شانء رسوله من كل خي ،فيَبتر ذكره وأهله وماله فيخسر ذلك ف
الخرة ،ويبتر حياته فل ينتفع با ،ول يتزوّد فيها صالا لعاده ،ويبتر قلبه
فل يعي الي ،ول يؤهّله لعرفته ومبته واليان برسله ،ويبتر أعماله فل
يستعمله ف طاعة ،ويبتره من النصار فل يد له ناصرا ول عونا ،ويبتره من
جيع القرب والعمال الصالة فل يذوق لا طعما ول يد لا حلوة ،وإن
باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها ،وهذا جزاء من شنَأ بعض ما جاء به
الرسول وردّه لجل هواه أومتبوعه أو شيخه أو أميه أو كبيه ،كمن
شنأ آيات الصفات وأحاديث الصفات ،وتأوّلا على غي مرادال ورسوله
منها ،أو حلها على ما يوافق مذهبه ومذهب طائفته ،أو تنّى أل تكون
آيات الصفات أنزلت ،ول أحاديث الصفات قالا رسولال ...ومن
أقوى علمات شناءته لا وكراهته لا أنه إذا سعها حي يَستدل با أهلُ
64
65 مدارك النظر في
السياسة
السنة على ما دلت عليه من الق اشأز من ذلك ،وحاد ونفر من ذلك ،لِما
ف قلبه من البغض لا والنفرة عنها ،فأي شانء للرسول أعظم من هذا ...
وكذا مَن آثر كلم الناس وعلومهم على القرآن والسنة ،فلول أنه شانء
لِما جاء به الرسول ما فعل ذلك ،حت إن بعضهم لينسى القرآن بعد أن
حفظه ،ويشتغل بقول فلن وفلن ...
فالذرَ الذرَ! أيها الرجل من أن تكره شيئا ما جاء به الرسول أو
تردّه لجل هواك ،أو انتصارا لذهبك أو لشيخك ،أو لجل اشتغالك
بالشهوات أو بالدنيا؛ فإنال ل يوجب على أحد طاعة أحد إل طاعة رسوله
والخذ با جاء به ،بيث لو خالف العبد جيع اللق واتبع الرسول ما سأله
ال عن مالفة أحد ،فإن من يطيع أو يطاع إنا يطاع تبعا للرسول ،وإل لو
أمر بلف ما أمر به الرسول ما أطيع .فاعلم ذلك واسع وأطع ،واتبع ول
تبتدع ،تكن أبتر مردودا عليك عملُك ،بل ل خي ف عمل أبتر من ا ِلتّباع،
()
1
ول خي ف عامله ،وال أعلم " .
() كتبه الشيخ بكر أبو زيد ف » الردّ على الخالف من أصول السلم « ص (75ـ .)76 1
بالقسط والشّهادة ل الّلذين أمرنا بما ولو مع أنفسنا وأهل ملّتنا كما قال
َ َ
ط
س ِ ق ْن بِال ِمي َوا ِ منُوا كُونُوا َ
ق َّ ذين آ َ تعال{ :يَأي ُّ َ
ها ال ّ ِ
فسك ُ َ َ َ
نوالِدَي ْ ِو ال َ مأ ِ علَى أن ُ ِ ْ و َ ول َ ْه َهدَاءَ لِل ّ ِ ش َ ُ
ما
ه َ ه أَ ْ َ قيرا ً َ و َ َ
غنِيًّا أ ْ ن َ قَربِين إِن يَك ُ ْ وال َ ْ
ولى ب ِ ِ فالل ُ ف ِ
َ َ
ضوار ُ ع ِ
و تُ ْ ووا أ ْ وإِن تَل ْ ُدلُوا َ ع ِ
وى أن ت َ ْ ه َ عوا ال َ فل َ تَتَّب ِ ُ َ
خبِيراً } وال ّليّ هو الكذب، ن َ ملُو َ ع َ
ما ت َ ْن بِ َ ه كَا َ ن الل َ فإ ِ َّ َ
()
والعراض هو الكتمان كما قال ابن تيمية ،فكيف يطيب لؤمن دعوةٌ مع
1
68
69 مدارك النظر في
السياسة
قال ابن تيمية ف هذا العن " :ويب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذبّ
عنهم أو أثن عليهم أو عظّم كتبهم أو عُرِف بساعدتم ومعاونتهم أو كره
الكلم فيهم أو أخذ يعتذر لم ،بأنّ هذا الكلم ل يُدرَى ما هو؟ أو من قال
إنّه صنّف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه العاذير الت ل يقولا إل جاهل أو منافق،
بل تب عقوبة كل من عَرَف حالم ول يعاون على القيام عليهم ،فإنّ القيام
على هؤلء من أعظم الواجبات لنم أفسدوا العقول والديان على خلق من
الشايخ والعلماء واللوك والمراء ،وهم يسعون ف الرض فسادا ويصدّون عن
()
سبيلال " .
1
() اختصار لا كتبه الشيخ بكر ف كتابه » حكم النتماء إل الحزاب « ص (53ـ .)54 2
مدارك النظر في
70
السياسة
الحاديث الت يظهر منها أ ّن الوارج شرّ من الكفار مطلقا ،مع أنّ الصّحابة ل
يكفّروهم ،قال ـ رحه ال ـ " :وما زالت سية السلمي على هذا ،ما
جعلوهم مرتدّين كالذين قاتلهم الصدّيق ،هذا مع أمر رسولال بقتالم
ف الحاديث الصحيحة ،وما ُروِيَ من أنم » شرّ قتلى تت أدي السماء،
خي قتيل من قتلوه « ف الديث الذي رواه أبو أمامة ،رواه التّرمذيّ
()
وغيه ؛ أي أنم شرّ على السلمي من غيهم؛ فإنّهم ل يكن أحد شرّا على 1
السلمي منهم :ل اليهود ول النّصارى؛ فإنّهم كانوا متهدين ف قتل كل
()
مسلم ل يوافقهم مستحلي لدماء السلمي وأموالم وقتل أولدهم، 2
()
مكفّرين لم ،وكانوا متديّني بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم الضلّة "...
3
أي أ ّن الوارج أقلّ جرية من الكفار ف اليزان العامّ الخي ،يكفي أنم " من
الكفر فرّوا " ،لكن بالنسبة لا يعان منهم السلمون وما يوقعون بم من الحن
() صحّحه اللبان ف تقيقه لـ » سنن الترمذي « برقم ( ،)2398ولعلّ سبب تصدير ابن 1
تيمية له بصيغة التمريض هو روايته له بالعن كما يظهر من سياقه ،وهو مسلك معروف
عند بعض التقدّمي من الحدّثي كالبخاري ف » صحيحه « ،ول يعنون به ـ حينئذ ـ
تضعيف الديث ،ولفظه عند الترمذي من رواية أب غالب قال :رأى أبو أمامة رؤوسا
منصوبة على درج دمشق ،فقال أبو أمامة »:كلب النار ،شرّ قتلى تت أدي السماء،
جوهٌ} إل ودُّ ُ
و ُ س َ
وت َ ْ
جوهٌ َ
و ُ م تَبْي َ ُّ
ض ُ خي قتلى من قتلوه « ،ث قرأ{ :ي َ ْ
و َ
آخر الية ،قلت لب أمامة :أنت سعتَه من رسولال ؟ قال " :لو ل أسعه إل مرّة أو
(( مرّتي أو ثلثا أو أربعا حت عدّ سبعا ما حدّثتكموه " ،وعند ابن ماجه ( )1/62بلفظ:
وخي قتيل من
قتلوا )).
() أي أنم يُجهِدون أنفسهم ف قتل السلمي كما سيأت. 2
70
71 مدارك النظر في
السياسة
والبليا فهم أعظم شرّا من الكفار ،بل ل يلص الكفار إل السلمي كما
يلص إليهم هؤلء ،ولذلك قد ُتقَدّم عقوبتهم ف الدنيا قبل غيهم ،وتأمّل فقه
ابن تيمية حي قال بعد كلمه السّابق بصفحتي " :والعقوبة ف الدنيا تكون
لدفع ضرره عن السلمي ،وإن كان ف الخرة خيا مّن ل يُعاقَب ،كما
ُيعَاقَب السلم الَُت َعدّي للحدود ول ُيعَاقَب أهل ال ّذمّة من اليهود والنّصارى،
والسلم ف الخرة خي منهم ".
فاحفظ هذا ،وعضّ عليه بالنّواجذ تتهاوى بي يديك عساكر الباطل
العطّلة لجاهدة البدع وأهلها ،كأولئك القائلي " :إن ل تكونوا معنا فأنتم
معهم!! " ،أو كأولئك القائلي " :تُوَجّهون سهامكم إل إخوانكم،
والعلمانيون والشيوعيون أنشط ما يكونون ف نشر اللفات بينكم؟! ".
()
قال ابن تيمية " :إذ تطهي سبيلال ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي
1
هؤلء وعدوانم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق السلمي ،ولول من
يقيمهال لدفع ضرر هؤلء لفسد الدين ،وكان فساده أعظم من فساد استيلء
العدو من أهل الرب؛ فإن هؤلء إذا استولوا ل يفسدوا القلوب وما فيها
من الدين إل تبعا ،وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء ،وقد قال النب
(( :إنال ل ينظر إل صوركم وأموالكم،وإنا ينظر إل قلوبكم
)
وأعمالكم ))( ." ...
2
منافق ،لكن قالوها ظانّي أنا هدى وأنا خي وأنا دين ،ولو ل تكن كذلك
()
لوجب بيان حالم " .
1
() » منهاج السنة « (5/155ـ ،)159وانظر » مدارج السالكي « لبن القيم (.)1/72 2
74
75 مدارك النظر في
السياسة
()
ي بسنده إل نصر بن " الذبّ عن السنة أفضل من الهاد " ،رواه الرو ّ
1
بالتراك :الكفار .وقد وجدتُ مثل هذا عند من هو أعلى طبقةً من الميدي؛
قال عاصم بن شُ َميْخ :فرأيتُ أبا سعيد ـ يعن الدري ـ بعد ما كبِر ويداه
ترتعش يقول " :قتالم ـ أي الوارج ـ أجلّ عندي من قتال عِدّتم من
()
الترك " . 4
() رواه ابن أب شيبة ( )15/303وأحد ( ،)3/33هكذا وقع عنده :عاصم بن شيخ بالاء 4
وهو الصحيح ،وقد رواه ابنه عبد ال ف » كتاب السنة « ( )2/635بإسناد أبيه نفسه إل
أنه جاء ف الطبوع بتحقيق ممد بن سعيد القحطان :عاصم بن شيج باليم ،وقد كنت
حسبته خطأ مطبعيا لول أن وجدته مُثبَتا كذلك مرتي! قال مققه ف أولها(" :)2/634
عاصم بن شيج! بعجمتي مصغرا ،وتشديد اليم!! الغيلن ...التقريب (."!!!)1/384
فرجعت إل » التقريب « فإذا فيه " :عاصم بن شيخ بعجمتي مصغرا ،أبو الفَرَجّل بفتح
الفاء والراء وتشديد اليم ،"...فعرفت أن هذا الطأ من تصرّف الحقق حي انقلبت
عليه خاء اسم أب عاصم إل جيم كنيته ،مع أن قراءة شيج بيم مشددة متعذّرة!
وهذه الرواية أعلّها الحقق بعكرمة بن عمار ،إل أنن وجدت لا متابعا عند ابن أب شيبة
مدارك النظر في
76
السياسة
قلت :ولذلك قال ابن هبية ف حديث أب سعيد ف قتال الوارج " :وف
الديث أن قتال الوارج أول من قتال الشركي؛ والكمة فيه أن قتالم
حفظ رأس مال السلم ،وف قتال أهل الشرك طلب الربح؛ وحفظ رأس
()
الال أول " . 1
وقال أبو عبيد القاسم بن سلّم " :التبع للسنة كالقابض على المر،
()
وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف ف سبيل ال " .
2
وقال ابن القيم " :والهاد بالجة واللسان مقدّم على الهاد بالسيف
()
والسنان " . 3
ف » الصنف « ( )15/331من طريق يزيد بن هارون قال أخبنا العوام بن حوشب قال
يقول ف قتال الوارج " :لَ ُهوَ أحبّ إلّ من قتال حدّثن من سع أبا سعيد الدري
الديلم " ،ومثل هذه التابعة تنفع على الرغم من جهالة من روى عنه العوام بن حوشب،
كما أجابن به شيخاي الفاضلن :عبد الحسن العباد وربيع الدخلي إذا ل يكن ف السناد مقال
آخر ،ول سيما وأن الجهول من أهل القرون الشهود لا باليية كما نبّه عليه ابن كثي ف
» الباعث الثيث « ص ( ،)97مع العلم أنه من ثبت ساعه من أب سعيد ـ كما مرّ ـ وليس هو
عاصم بن شيخ الذي ف إسناد أحد؛ لنه ليس ف شيوخ العوام ،وحديث عكرمة ينجب؛ لن
ضعفه يسي ،فقد قال فيه الافظ ف » التقريب « رقم ( " :)276صدوق يغلط " وال أعلم.
فائدة :نقل ابن منظور ف » لسان العرب « ف مادة ( :دل ) عن ابن سيده أن الديلم جيل من
الناس من الترك.
() » فتح الباري « لبن حجر (.)12/301 1
() » شرح القصيدة النونية « للشيخ ممد خليل هراس ( ،)1/12وانظر » :الواب 3
76
77 مدارك النظر في
السياسة
بل ربا كان النب يُعنّف العلماء من أصحابه إذا أخطأوا أكثر من
غيهم ،وخذ على سبيل الثال قوله لعاذ حي أطال الصلة بالناس » :أفتّان
أنت يا معاذ؟! « متفق عليه ،ويقابله تلطفه بالعراب الذي بال ف السجد
كما ف صحيح البخاري وغيه .وقال لسامة بن زيد حي قَتل ف العركة
مشركا بعد أن نطق بكلمة التوحيد »:يا أسامة! أقتلته بعدما قال:ل إله إل
ال ؟! « قال أسامة " :فما زال يكررها حت تنيتُ أن ل أكن أسلمت قبل
ذلك اليوم ".
وقد استفاد أسامة من هذا التعنيف ف النصح أيام الفتنة الت كانت بعد
مقتل عثمان ،فأورثه توَرّعا عن دماء السلمي ،قال الذهب ـ رحه ال
ـ:
" انتفع أسامة من يوم النب ،إذ يقول له » :كيف بل إله إلال يا
()
أسامة؟! « فكفّ يده ،ولزم بيته ،فأحسن " .
1
قلت:ال أكب! ما أعظم التربية النبوية! وما أحقر التربية الزبية! الت مِن
يوم أن حرّمت أصل ( الرد على الخالف ) وأبناؤها ل يتورّعون عن دماء
السلمي ،اتّخذوها هدرا باسم الهاد ،ول تكاد تقوم فتنة إل وهم وَقودها أو
موقدوها ،هذه نتيجة مداهنة بعضهم بعضا لوهْم الشتغال بالكفار!! ولذلك
قال ابن تيمية " :الؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الخرى ،وقد ل
ينقلع الوسخ إل بنوع من الشونة ،لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة
()
ما نَحمد معه ذلك التخشي " .إذن فهذا اللي الذي تستعمله كثي من
2
78
79 مدارك النظر في
السياسة
ما يتسببون ف استعداء العداء على السلمي ـ ليس من الولء ف شيء؛ لنه
يزيدهم إغراقا ف ضللم لعدم شعورهم بعظم الناية.ث إن الشدة السلوكة مع
السلمي أحيانا ،باعثها الغية عليهم من أن يُرَوا ملطخي بشيء من
القاذورات ،والسعي ف تتي الصف وسدّ خروقه حت ل يُؤتى من قبله،
فليُعلم .ولذا قال العلمة عبد العزيز بن باز تت عنوان» :الدلة الكاشفة
لخطاء بعض الكتّاب « " :ول شك أن الشريعة السلمية الكاملة جاءت
بالتحذير من الغلوّ ف الدين ،وأمرت بالدعوة إل سبيل الق بالكمة والوعظة
السنة والدال بالت هي أحسن ،ولكنها ل تمل جانب الغلظة والشدّة ف
ملّها حيث ل ينفع اللي والدال بالت هي أحسن؛ كما قال سبحانه:
غل ُ ْ د الك ُ َّ ها النَّب ِ ُّ َ
ظ وا ْ
ن َقي َف ِ
منَا ِ
وال ُ
فاَر َ ه ِ
جا ِ
ي َ {يَأي ُّ َ
َ َ َ
ن
ذي َ قاتِلُوا ال ّ ِ
منُوا َن ءَا َ
ذي َها ال ّ ِ م} وقال تعال{ :يَأي ُّ َ ه ْعلي ْ ِ
َ َ
من الك ُ َّ
مواعل َ ُوا ْ ة َ غلْظ َ ً
م ِ فيك ُ ْجدُوا ِولْي َ ِر َ فا ِ م ِ َ يَلُونَك ُ ْ
ه َ
ل ول َ تُجاِدلُوا أ َ ْ ن} وقال تعالَ { : قي َ مت َّ ِع ال ُم َ
ه َ
ن الل َ أ َ َّ
َ َ َ َ َ
موا ن ظَل َ ُ ن إِل ّ ال ّ ِ
ذي َ س ُ
ح َ
يأ ْ ه َ ب إِل ّ بِال ّتِي ِ الكِتَا ِ
م} الية ،أما إذا ل ينفع واستمرّ صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق فه ْ
من ْ ُ
ِ
عمله ول يبال بالواعظ والناصح ،فإن الواجب الخذ على يديه ومعاملته
بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حدّ أو تعزير أو تديد أو توبيخ حت يقف
()
عند حدّه وينجر عن باطله " .
1
() » مموع فتاوى ومقالت متنوّعة « للشيخ عبد العزيز بن باز (3/202ـ .)203 1
مدارك النظر في
80
السياسة
80
81 مدارك النظر في
السياسة
الرجوع إل صفاء الوحيي :الكتاب والسنة على فهم السلف الصال :أهل
القرون الثلثة الول.
وإذ قد امتدت يد التحريف إل صفاء السلم حت لوّثته ،وإل جاله حت
شوّهته ،كانت تصفيته من كل دخيل من أوجب الواجبات ،ما دام الق الذي
بعثال به نبيه مضمون البقاء إل يوم تبدل الرض والسماوات ،بضمان
ن}. فظُو َ حا ِ وإِنَّا ل َ ُ
ه لَ َ ن نََّزلْنَا ال ِ
ذّكَْر َ ح ُ ال القائل{ :إنَّا ن َ ْ
وإذا دبّ التحريف إل قوم ،وشحّت مناهجهم عن التصفية ،أصابتهم
حية ل يفرّقون معها بي حلل وحرام ،كما روى مسلم عن عياض بن حار
الجاشعي أن رسولال قال ذات يوم ف خطبته » :أل إن رب أمرن أن
ح ْلتُه عبدا حللٌ ،وإن أُعلّمكم ما جهلتم ما علّمن يومي هذا :كل مالٍ نَ َ
خلقت عبادي حنفاء كلهم ،وإنم أتتهم الشياطي فاجْتالتهم عن دينهم،
وح ّرمَت عليهم ما أحللْتُ لم ،وأم َرتْهم أن يشركوا ب ما ل أنزل به
سلطانا ،وإنال نظر إل أهل الرض فمقتهم :عربَهم وعجمَهم ،إل بقايا من
أهل الكتاب «.
() رواه أبو داود وهو صحيح ،انظر » الصحيحة « لللبان رقم (.)11 1
مدارك النظر في
82
السياسة
ولا كانت الاهلية على هذا الوصف الذي ف الديث ،بعثال نبيه ممدا
ملّصا لا دينها من الشوائب ،ومربيا لا على السلم الذي ارتضاه لا
ربا ،وعلى قاعدة (التصفية والتربية) وإن شئت قل (التخلية والتحلية) كانت
دعوة السلم ،ففي التوحيد ل يترب الرء عليه سليما حت يتخلص من
ت
غو ِفْر بِالطَّا ُ
من يَك ْ ُ رواسب الشرك ،ولذلك قال ال تعالَ {:
ف َ
قى لَ وث ْ َ
ة ال ُ
و ِ
عْر َ س َ
ك بِال ُ م َ
ست َ ْ
دا ْ ف َ
ق ِ ه َمن بِالل ِ وي ُ ْ
ؤ ِ
م لها} ،وف التشريع ل يتربّى الرء عليه سليما حت يتخلّص صا َ
ف َ ان ِ
من البدع ،ولذلك كان النب ف كل خطبة جعة يأمر بلزوم الدين
الصحيح التمثل ف الكتاب والسنة ويذّر ما يَغشّه وُيكَدّر صفاءه وهو
البدع؛ فقد روى مسلم عن جابر قال :كان رسولال إذا خطب احرّت
عيناه ،وعل صوته ،واشتد غضبه ،كأنه منذر جيش ،يقول:
» صبّحكم ومسّاكم « ،ويقول » :بعثت أنا والساعة كهاتي « ويقرن بي
إصبعيه السبابة والوسطى ،ويقول » :أما بعد ،فإن خي الديث كتابال ،
وخي الدي هدي ممد ،وشر المور مدثاتا ،وكل بدعة ضللة «،
وتكراره لذه الملة دليل تأصيلها وشدّ العناية إليها .وخلصة هذه القاعدة
أنا تعن تصفية السلم من كل دخيل ،وتربية الناس على هذا السلم
الصيل؛ أي تصفية التوحيد من الشرك ،والسنة من البدعة ،والفقه من
الراء الادثة الرجوحة ،والخلق من سلوك المم الالكة القبوحة،
والحاديث النبوية الصحيحة من الحاديث الكذوبة الفضوحة ...
()
وهكذا . 1
() مَن أراد بسطا ف الوضوع فليجع إل كتاب » التصفية والتربية « لخينا علي بن 1
تطبيق:
اجتمع الشيخ ممد ناصر الدين اللبان بعلي بن حاج القائد الروحي
ـ كما يقولون ـ للحزب الزائري :البهة السلمية للنقاذ وكان الشيخ
على دراية دقيقة بوادثهم ،وبلغه أن مؤيّديهم ُيعَدّون بالليي ،فكان ما سأله
عنه ما أُثبتُه هنا اختصارا أن قال له الشيخ " :أَكُلّ الذين معك يعرفون أنال
مستوٍ على عرشه؟ " وبعد أخذ وردّ ،وترّب وصدّ ،قال السئول :نرجو
ذلك! قال له الشيخ " :دَعْك من الواب السياسي! " ،فأجابه بالنفي ،فقال
()
الشيخ " :يكفين منك هذا! " .
1
هذا السؤال تفرضه قاعدة التصفية والتربية الت هي أدق ميزان تعرف به
الدعوات الهادية اليوم؛ لن من عجز عن تصفية عقائد مؤيّديه ومبيه
وتربيتهم على العقيدة السليمة ،يكون أعجز عن تصفية ثراتا من أخلق
وأحكام أمة فيها مبغضوه وماربوه ،فكيف بتربيتهم بعد ذلك؟! وال يقول:
غيُِّروا ما وم ٍ حتَّى ي ُ َ ق ْما ب ِ َ
غيُِّر َه ل َ يُ َ ن الل َ{إ َّ
م} ،ث الهاد نفسه ل يكون إل بأمة مؤتلفة القلوب؛ لن ه ْس ِ ف ِبِأَن ُ
ذي أَيَّدَ َ َ
ه
ر ِص ِ
ك بِن َ ْ و ال ّ ِ ه َالئتلف رافد النصر كما قالال تعالُ {:
َ
م} ،والقلوب إن ل تتمع ن ُ ُ
قلوب ِ ِ
ه ْ ف بَي ْ َ وأَل ّ َ
ن َ منِي َ ؤ ِ م ْ
وبِال َُ
على العقيدة السلفية كان أصحابا ف شقاق ليبه اجتماعهم ف صناديق
مث ْ ِ
ل منُوا ب ِ ن ءَا َ ماطبا أصحاب النب َ { :
فإ ِ ْ القتراع ،قالال
َ
م فإِنَّما ُ
ه ْ ول ّ ْ
وا َ وإِن ت َ َ
وا َ
هتَدَ ْ
دا ْ ف َ
ق ِ ه َ
م بِ ِمنت ُ ْما ءَا َ
ق} .ومهما تكن عليه الغثائية السياسية من تميع ،فإن بداية قا ٍ ش َ
في ِ
أمر عقيدتا إل تييع ،وناية تميعها إل تفرّق وتبديع؛ لن اجتماع البدان
لن يكون إل مؤقّتا ،إذا كان عقد القلوب مشتّتا ،ول أجد لؤلء أصدق
ْ
ديدٌ
ش ِم َ ه ْم بَيْن َ ُ ه ْ وصف من قولال تعال ف اليهود{ :بَأ ُ
س ُ
قلُوبُهم شتَّى}. ميعا ً َ
و ُ مج ِ ه ْسب ُ ُ
ح َ
تَ ْ
وجاع المر أن ال وعد بالستخلف السن من عبده وحده بل إشراك
َ
ملُوا
ع ِو َم َ منك ُ ْمنُوا ِن ءَا َ
ذي َه ال ّ ِ
عدَ الل ُو َفقالَ { :
َ
خل َ َ
ف ست َ ْما ا ْ ض كَ َ م في الْر ِ ه ْفن َّ ُخل ِ َ ست َ ْت لَي َ ْ حا ِ صال ِ َال َّ
َ َ
م ال ّذي ه ُم ِدين َ ُ ه ْ ن لَ ُ
كّن َ َّ
م ِم ولَي ُ َ ه ْ من َ
قبْل ِ ِ ن ِ ال ّذي َ
َ
مناًمأ ْ ه ْ ف ِو ِخ ْ د َ ع ِمن ب َ ْ هم ِ دلن َّ ُ م ولَيُب َ ِ ضى ل َ ُ
ه ْ اْرت َ َ
شيْئاً } ،ول يوز أن يُدفع ف ن بِي َ ركُو َ ش ِ عبُدُونَنِي ل َ ي ُ ْ يَ ْ
صدر هذا النص بضرب المثال التاريية على نقضه؛ لن السلم وقّاف عند
َ َ
ه ل إ َّ
ن الل َ مثا َ
ه ال ْربُوا لِل ّ ِ فل َ ت َ ْ
ض ِ النص ،وقد قالال تعالَ { :
َ
ن}.مو َ عل َ ُ
م ل َ تَ ْ عل َ ُ
م وأنت ُ ْ يَ ْ
وأما تديد الشيخ سؤاله ف مسألة الستواء؛ فلنا مفترق الطرق بي أهل
السنة وأصحاب الهواء ،ولنا العقيدةُ السهلة الت كان يعرفها متمع النب
الذي فتح الدنيا وقاد المم ،حت الواري من رعاة الغنم .وامتحان الشيخ با
جبهة النقاذ ،مسلك سلفي وإن رغم أنف كل خلْفي ،فقد روى مسلم وغيه
عن معاوية بن الكم السلمي قال :كانت ل غنم بي أُحد والوانية فيها
جارية ل ،فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة ،وأنا رجل من
بن آدم ،فأسفت ،فصككتها ،فأتيت النب فذكرت ذلك له ،فعظّم ذلك
ل أفل أعتقها؟ قال (( :ادعها )) ،فدعوتا فقال لا: عليّ ،فقلت :يا رسول ا !
(( أينال ؟ )) قالت " :ف السماء " ،قال (( :من أنا؟ )) قالت " :أنت رسول
ال " ،قال (( :أعِتقْها؛ فإنا مؤمنة )).
84
85 مدارك النظر في
السياسة
غيُْره}، ن إِل َ ٍ
ه َ ما لَكُم ِ
م ْ ه َ الذين قالوا لقومهم{ :ا ْ
عبُدُوا الل َ
فقدّموا الهتمام بشرك القبور على الهتمام بشرك القصور ـ إن صح هذا
()
التعبي ـ ،لذا ل تكن المامة من أصول اليان .
1
تنبيه:
أرسل علي بن حاج رسالة سرية بتاريخ20( :صفر 1415هـ ) إل
الماعات السلحة يقول ف ق ( )2منها " :ولذلك رأينا ف تاريخ علماء
السلمي أنه يكون بينهم خلف حت ف بعض السائل العقائدية فضل عن
الفرعية ،ولكن يَخرجون ف الهاد صفا واحدا أمام العدو الكافر ،فكان
اليش يَضمّ ف جنباته من شت الذاهب الفرعية وماهدين من الفِرق
السلمية! ." ...
بل قعّد بعدها قاعدة غريبة ادّعى فيها التفاق ،وهي قوله " :إن السائل
الختلفة ل إنكار فيها!! "(.)2
قلت :أول :ل ريب أن السلمي ـ بعد الرعيل الول ـ قد اختلفوا ف
أعظم ما ف هذا الدين ،أل وهو اختلفهم ف ربم :ف أسائه وصفاته ،فيكون
حينئذ إنكار السلف على الخالفي ف ذلك جهدا ضائعا عند هذا؛ لنه
خلف التفاق ال ّدعَى!
ثانيا :ليس غريبا أن يالف ابنُ حاج العلمةَ اللبان ف عدم اشتراط
العتقد الصحيح للنهوض بالمة؛ للفوارق العلمية والنهجية الت بينهما ،ولكن
() لبن تيمية كلم نفيس ف ذلك ف » منهاج السنة « (1/106ـ )110فراجعه ،وف قتال 1
الولة من أجل الدنيا واِلتباسه بالمر بالعروف والنهي عن النكر ف ( ،)5/152ومثله عنه
ف » العقود الدرية « لبن عبد الادي ص (.)147
)(2قد تكلمتُ على بعض ما ف هذه الرسالة ف حاشية ص ( 359ـ )361من هذا الكتاب.
86
87 مدارك النظر في
السياسة
الغريب أل يصدع ابن حاج برأيه عند الشيخ! وأن يكتم عنه ( كلمة الق
هذه! ) ويُظهر الوفاق له تويها على السلفيي! ث يَكتبها ف الظلم!!
ط}.حي ٌ م ِ
م ُ ه ْ {والل ُ
وَرآئ ِ ِ
من َه ِ
مدارك النظر في
88
السياسة
انشقت جاعة النهضة وهي أبعدها عن التمييع ،وأقربا عناية بالتربية ،لكن
بل تصحيح ول تصفية ،وظهرت دعوة جاعة التبليغ ،على ضعف حيث برّز
() ( الَزْأَرَة ) :عَلَم على الحلِيّي من ( الخوان السلمي ) ،انشقوا عنهم بسبب أن 1
هؤلء يرون عالية المارة ،وهم يرون جَزْأَرة الدعوة أي أنا جزائرية العمل والمارة،
وعقيدتم أشعرية يدافعون عنها بقوة ،وهم أشد تعصبا لا من تيّع الخوان العاليي ،وقد
كان لم ملة » النفي « وغيها ،بل لم اليوم جريدة » العقيدة « الت وقّفت أقلمها
لرب العقيدة السلفية بل هوادة ،ومذهبهم الفقهي مالكي على احتراق شديد ف
التعصب له ،وهم كـ ( الخوان ) ف تميش السّنة والستخفاف بدعاتا ،والتساهل مع
البدعة وأهلها إلّ من خالفهم ف الوجهة السياسيّة ،وتصوفهم كتصوف سعيد حوى،
صاحب الكتاب الشئوم » تربيتنا الرّوحية « وغيه من الكتب الغوية .وهم ـ مع
تظاهرهم بالسماحة مع الخالف ـ من أسرع الناس لوءا إل العنف مع الخالف من
السلمي وغيهم؛ إذ يبدؤون بالطعن ف نيّته للوصول إل إبعاده من الجتمع ،فيقولون:
هو عميل أو يُلصقونه بذيل السلطان! فإن أعياهم ذلك وكان للمخالف لسان صدق ف
الناس ،قذفوه بأيّ سيّئة خلقية من الفواحش النَفّرة! فإن أعياهم ذلك أغرَوا به السلطة
الت ياربونا ف الفاء! فإن أعياهم ذلك سلّطوا عليه سفهاءهم بالضرب والتنكيل !...
هذا ولم تأييد قويّ للشيعة اليرانية ،ولئن زعموا أنّه مرّد تأييد سياسيّ ،وليس تأييدا
عقديّا! قلنا :هو عي التفريق بي الدّين والدّولة؛ وهل الدين إل العقيدة؟! وهل السياسة
الرشيدة إل ثرة العقيدة السليمة؟! قال ابن القيم " :وتقسيم بعضهم طرق الكم إل
شريعة وسياسة كتقسيم غيهم الدين إل شريعة وحقيقة ،وكتقسيم آخرين الدين إل
عقل ونقل ،وكل ذلك تقسيم باطل ،بل السياسة والقيقة والطريقة والعقل كل ذلك
89
مدارك النظر في
90
السياسة
العلم ،وقوة حيث ضعف ،إل أن انتشارها ليس بذاك .ولا كان جيع
الخوان بعقد السياسة يتناكحون ،وباء التصويت يتناسلون ،وف علم
الكتاب والسنة يتزاهدون ،وُلِد لم مولود عاقّ ،سّوه بالجرة والتكفي
كيل يكون بينه وبي نسبهم إلاق ،وادّعوا أنه خرّيج السلفية وأهل الثر،
لجَر « ،وقد شهد العدول يوم ولكن الق أن » الولد للفراش وللعاهِر ا َ
كان يُلقَم بأيديهم ثدي التكفي من صحف سيد قطب ،كما قيل:
أخوها َغذَْت ُه أمُه بلبانا فإن ل تكُ ْن ُه أو يكُنْهافإنّه
وهم جيعا وإن كانوا ل يَرضَون بسن البنّا بديلً ،فل يقبلون ف سيد
قطب جرحا ول تعديلً .أما تفرقهم فنتيجة حتمية لن غاب عنده أصل
( التصفية والتربية ).
عاش هؤلء آنذاك ف صراع ضائع مع الشيوعية ،أمضى سلحهم:
السرحيات والناشيد ورياضة ركضٍ كركض الوحشي ف البية.
ولغياب أصل الرد على الخالف ،مع ظهور قرن الشيطان ف إيران وتتابع
التأييد الجازف ،تَلقّى هؤلء ـ عن بكرة أبيهم ـ دعوة المين بكل ترحاب
وتنان ،ولغياب أصل السلفية عندهم ل يشعروا بأدن إث وهم يتمعون بن
يكيل لصحاب رسولال أفظع السباب وأقذع الشنآن ،فما أوسع
صدورهم لكل خلف عقدي ما ل يكن سلفيا! وما أضيقها على كل خلف
حزب خاصة إذا كان النقد سلفيا! وتراهم من كل حدب ينسلون ،وإل
ماضرات الرافضي رشيد بن عيسى يتنادون ،ف عقر دارهم وبدعوة منهم ،ل
ف
و َ س ْيفتر عن التفكه بأعراض السلف الصال وهم يضحكون! {و َ
يتظاهر بنهيهم عن مثل هذا الكفاح .وقامت هذه الماعات كلها ـ ول تبز
الفُرقة بينها بعدُ ـ بظاهرة ف الامعة الركزية بالزائر العاصمة ،يطالِبون فيها
بتحكيم الشريعة ،وكان ـ يومها ـ علي بن حاج يقول " :أعطون دليلً
واحدا من الكتاب أو السنة على مشروعية الظاهرات وأنا معكم "!! لكن
مشكلته أنه إذا خطب أظهر الوفاق للمتظاهرين ،وال أعلم با هو ف قلبه
دفي.
من أجل ذلك ضيّق عليه النظام ،حت خطب ف الناس قائل " :لقد ُخيّرْتُ
بي ترك الطابة أو السجن ،وأنا أختار ما اختار يوسف عليه الصلة والسلم
َ
عونَنِيما يَدْ ُم َّ ب إِل َّ
ي ِ ح ُّ
نأ َ ج ُس ْ
ب ال ِّحي قال َ{:ر ِّ
ه}"!! وكانت هذه الدروشة مضرب الثل ف الشجاعة لدى الرعاع ،إل إِلَي ْ ِ
أن أحد الفطناء اعترض عليه بعد ذلك قائل " :لقد تل ْوتَ ف خطبتك آية ف
غي ملها؛ وذلك أن يوسف عليه الصلة والسلم قال ذلك حي ُخيّر بي
خيّرتَ بي ترك وسيلة من وسائل الدعوة وبي الفاحشة والسجن ،أما أنت ف ُ
السجن ،وقد علّمتَنا مرارا أن الكومة لو منعتك من كلمة السجد ،فلن تَحُول
بينك وبي الدعوة ،فلك الكلمة ف القهى والوليمة والأت وغيها ،فل أظنك
بذا الطأ تدخل السجن إل عقوبة من ال ." ..
وأُدخل السجن هو وكثي من الدعاة ،وأُرْغم بعضهم على القامة البية،
ضيّق على الدعوة بعدما كانت ف غنً عن ذلك. وُ
ول بدّ من التذكي ههنا أن عباسي مدن من غلة حزب ( الَزْأَرة )! وهو
كذلك إل الن! وإنا الذي جعه بعلي بن حاج هو أمران:
الوّل :أ ّن الَنظّرين القيقيّي للجزأرة منعوه من القيادة بعد نازلة الامعة
الركزية آنفة الذكر؛ يوم أن أجعوا ف السجن على أنه ـ بمقه وتسرّعه ـ
93
مدارك النظر في
94
السياسة
94
95 مدارك النظر في
السياسة
خاصة من قِبل بعض خرّيي الامعة السلمية بالدينة النبوية ،الذين ل َت ْغتَل
عقولَهم الدعواتُ الزبية ،كما كان لرسائل الدعوة الت يرجع با العتمرون
أثر بالغ ف نشر العلم الصحيح؛ لن جلّها ف أبواب العقيدة وأْنعِم با عقيدة!
وأعظَم منه قيام اللحق الثقاف السعودي بتوزيع » مموع فتاوى ابن تيمية «
ف الوساط العلمية عن طريق بعض الفضلء بوزارة الشئون الدينية ،واستفاد
الئمة منه استفادة عظيمة لول أن مَن َعتْه بعدها يد طُرُِقيّة مذهبية شقيّة.
وأعظَم من هذا كله أن الديار الزائرية حظيَت بعناية أكب مدّثي هذا
العصر ،أل وهو الشيخ ممد ناصر الدين اللبان ـ حفظه ال ـ؛ فقد أخب
الثقة أنه حضر عنده ف بيته ،فجاءته خسون مكالة هاتفية من الزائر ف ملس
واحد! فكان ـ حفظه ال ـ غرسه بالردن ،وثار دعوته متدة إل الزائر،
فسبحان ال الادي! أقول هذا لن الكثي ظنّ أن سلفية الزائر هي مولود (
البهة السلمية للنقاذ ) ،كل! فإنه ل وجود لذه البهة يومئذ ،بل كان
علي بن حاج ف السجن الول نسيا منسيّا.
2ـ جلّ الماعات الخرى الت سبق الديث عنها :وهي وإن كانت
لت َؤصّل دعوتا إل على السياسة ،فقد أرغمتها سياسة الديد والنار ـ بعد
نازلة الامعة ـ على احتراف العلم وترك السياسة إل ف الظلم .وقد كنتُ
انبهرتُ يوم دخلت مساجد بعض الامعات ،فرأيتُ فيها لول مرة لوحة
منصوبة على الدار ،كتِب عليها ف يوم :أحكام التجويد ،وف آخر :فقه ،وف
ثالث :علوم القرآن ...ال ،مع أنن ل أكن أسع فيها من قبلُ إل قال
الودودي ،وقال سيد قطب ،وقال سعيد حوّى ...وأقرب علم إل الشرع
عرفتُه عنهم هو السية النبوية ،لكن دراستهم لا كانت لغراض سياسية،
حت لكأنم ل يعرفون منها إل الغزوات! ولذلك فإن أشد ما يكرهون عند
96
97 مدارك النظر في
السياسة
3ـ وافق هذا إقامةُ الدولة معارضَ كبية للكتاب ،مع إقبال على
الؤلفات السلمية يفوق الوصف ،وربا بيع ألف ألف كتاب ف أسبوعي
فقط.
وظهرت ثرة الدعوة العلمية ف سرعة فائقة ،وكانت الصدارة فيها للدعوة
السلفية الت لقيت ف العاصمة حفاوة رائقة ،وبدأت تبسط أجنحتها خارجها
على الرغم من قلة دعاتا وكثرة عِداتا ،وقلة مراجعها العلمية ،وكثرة ماربيها
بالؤترات الرسية ،لكن مساجدها هي الطروقة ،ونشراتا هي الوثوقة ،فقد
كان الطلبة يضرون دروسها بانتظام ومواظبة ،وربا بلغ عددهم اللفي ف
الجلس الواحد ،ليس ف المعة ،بل ف درس الليل ،أما المعة فيسافَر لا من
مئات الميال ،وظهرمن الشباب السلفي مَن عُلّقت عليه آمال وآمال :ف شغفه
العلمي ،والتزامه العملي ،واشتهر بفظ القرآن ،حت كان َموْئل الباحثي عن
أئمة رمضان ،مع التنبيه على أنه الوقت الذي أفلست فيه الماعات الخرى،
() وإنا اخترت التمثيل بساجد الامعات؛ لنا عُشّ الخوان والنهضويي والقليميي، 1
ل يسمحون فيها لغيهم بنصف كلمة ولو كانت تلوة إمام ف صلة سريّة! وهم
يُرَكّزون على الامعات لظنهم أن الدعوة تنتصر بالاديات والشهادات ل بالستضعَفي
» :وهل تُنصَرون وتُرزَقون إل بضعفائكم « رواه الذين قال فيهم رسول ال
البخاري.
97
مدارك النظر في
98
السياسة
وكل من أضحى سلفيا من رموزهم ففي هذه الدة القصية ،وفيها برز انقسام
الخوان بلء إل الكتل الثلثة الت ذكرتا ف أول هذا الفصل.
وإذا رأيتن هنا أنى باللوم الشديد على بعض الدعاة وأغضّ الطرف
عن حسناتم؛ فلنن ل أرى من تسبّب ف وَأْد هذا الي العظيم إل جانيا
على السلم والسلمي أعظم جناية ،ولو رأيتَ ما رأيتُ لقلتَ :ليس الب
كالعاينة.
ومن بركة العلم أن كثيا من القواني الوضعية أخذ ف انسار سريع ،على
الرغم من ندرة التعرض لنقضها ،فقد أدرك الناس ـ بتعلم السنة ـ مناهضتها
للشرع ،حت الداريّ الذي يفظها أضحى ل يعرفها إل حِبا على ورق؛ لنه
يسمع ف مسجده أو ف مكتبه ما يُضْعف قناعته با .وأعرف من هدم ستي
قبّة ف منطقة واحدة من الغرب الزائري ،ووجد من السئولي من يدعمه على
الرغم من إرجاف الصوفية القبوريي ،وأضحت الحافظة على الصلوات ف
العمل ل تقبل الدل ،بل فَرض القانو ُن بناءَ مسجد ف كل مؤسسة ،وكاد
يُقضى على مشكلة الصيام بالساب ،بل قُضي عليها لول تقصي بعض الثقات
الوكّلي بترقّب اللل ،كما قلّت بيوت الفساد والمارات وعوقب الفطر ف
رمضان بل عذر عقوبة رسية ،بل لقد نوقش ف البلان لول مرة بشكل
مفتوح :منع المور ،ورياضة الرأة ،وغيها من القضايا وفق الحكام
الشرعية.
أما الظاهر السلمية كاللباب للمرأة والزي السلمي للرجل ،فلم تعُد
مل نقاش ،حت اللحية الت ينعها القانون العسكري على النود ،قد ُرِئيَ منهم
أنفسهم من يوَفّرها ،وح ِظيَ ذوو الظاهر السلمية بتوقي كبي لدى الناس.
وأما من الناحية المنية فقد كانت الزائر من آمَن بلد ال؛ وقد كان
98
99 مدارك النظر في
السياسة
الواحد منا يكث سنوات متتابعات ل يَحمِل معه أوراقه الثبوتية! وكانت
الشّرَط نادرا ما يملون معهم السلح ،بل ذُكِر ل أن بعضهم كان يضع ف
حزامه خشب ًة تُشبِه السدّس بَدَله!
أكتب هذا تذكيا بأصل ( نيل السؤدد بالعلم ) ،لَيقْصُر الدعاة من
زهدهم ف نشر العلم الصحيح؛ لنم إن ل يَحْرِموا الناس من بركته ،وظهر ف
المة الخلص ل ف العمل به ،غيّرال ما بم من بأس .وإنا عربون الفتنة ف
انصراف العلماء عن تعليم أمتهم الكتاب والسنة أي العلم الذي يعن
الميع ،إل الهد الضائع ف السياسات العصرية الت ل تعن إل فئة
مصورة على أكب تقدير ،وهذا خلف سية النب ،فعن جابر قال :مكث
رسولال بكة عشر سني ،يتبع الناس بعكاظ ومنة ،وف الواسم بن
يقول (( :من يُؤوين؟ من ينصرن حت أَبلّغ رسالة رب وله النة؟ )) ،حت إن
الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر ـ كذا قال ـ فيأتيه قومه فيقولون" :
احذر غلم قريش ل يفتنك " ،ويشي بي رحالم وهم يشيون إليه بالصابع،
حت بعثناال إليه من يثرب ،فآويْناه وصدّقناه ،فيخرج الرجل منا فيؤمن،
ويُقرئه القرآن ،فينقلب إل أهله فيُسلِمون بإسلمه ،حت ل يَبق دار من دور
النصار إل وفيها من السلمي يُظهرون السلم ،ث ائتمروا جيعا ،فقلنا:
" حت مت نترك رسولال يُطرَد ف جبال مكة وياف؟ " ،فرحل إليه منا
سبعون رجل حت قدِموا عليه ف الوسم ،فواعدناه شعب العقبة ،فاجتمعنا عليه
ل نبايعك؟ قال: من رجل ورجلي حت تَوافينا ،فقلنا :يا رسول ا !
» تبايعون على السمع والطاعة ف النشاط والكسل ،والنفقة ف العسر واليسر،
وعلى المر بالعروف والنهي عن النكر ،وأن تقولوا فال ،ل تافون فال
لومة لئم ،وعلى أن تنصرون ،فتمنعون إذا قدِمت عليكم ما تنعون منه
99
مدارك النظر في
100
السياسة
()
أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم النة . « ...
1
من مظاهر رفعال لمة العلم أن الشيوعيي ـ الذين كانوا ياولون التسلّل
ف الدولة الت كانت لم بالرصاد آنذاك ـ قلّوا بصفة مدهشة! واعتزلم
الناس ،إل أنم ل ييْأسوا ،فحاولوا بكل وسيلة ضرب السلم ،فلم يدوا أنفع
لم من استفزاز شخصية إسلمية ثورية ،يستطيعون التحكم فيها بالتهييج
السياسي ،ويبدو أنم ل يدوا أحسن من علي بن حاج ف شبابه وقوة
نشاطه ،وسحر بيانه وشدة نقمة سجي على نظامه ،فأُخرج من السجن قبل
انتهاء مدته ،ث هُّيئَت له ثورة شعبية! عُرفت بثورة ( 5أكتوبر 1988م) ،وزُعِم
أنا شعبية شعبية!! وزُعِم أن أمن الدولة ُمنِع من التدخل!! وقُرْقِر ف أذن علي
بن حاج أن ( الشعب ) ينتظر كلمة السجد!! فجعل يقذف بلسانه ذات
اليمي وذات الشمال ،وكان ج ّل حديثه بل قُلْ كل حديثه عن السجن
والكومة ،فنصح له الدعاة السلفيون بل وغيهم لكن بل جدوى .ث نُصِب
خ السياسي :التعددية الزبية ،وقيل للناس هل أنتم متحزّبون؟! لعلنا له الف ّ
نتّبع الكثرة إن كانوا هم الغالبي؟! فاستجاب لم أصحاب الوعي السياسي
عن بكرة أبيهم!! مِن الماعات السلمية الت هي على مستوى تديات
العصر!!! لنم يكثرون عند الطمع ،ويقلّون عند الفزع ،و(اليد الشعبية!)
تتصيّدهم حزبا حزبا ،وخَطَبَ العدوّ دعا َة الماسة ،وتَ ّم النكاح حت
ت ّلقَت الزبية ف ظلمات ثلث :ظلمة الهل بالشريعة ،وظلمة إغلق
العقل عند شباب حديد بالطبيعة ،وظلمة الستفزاز الارجي الذي ل
يألوهم خبالً ول مكرًا ول خديعة! وكَوّن علي بن حاج حزبه ف ليل من
السياسة غاسق ،وسّوه ( :جبهة النقاذ السلمية ) ،ومن يومها والزائر
() رواه أحد والبيهقي والاكم وهو صحيح كما ف » الصحيحة « ( )63لللبان. 1
100
101 مدارك النظر في
السياسة
وطبيعة التحزب تغنيك عما يتبعها من عنف ،كانت تُستدرَج إليه البهة
ف سرعة جعلت ( الحزاب السلمية ) الخرى مقبوضة اليد ،توجِس من
التحزب خيفة ،ولكن ما دام ل بد ـ عندهم ـ من البديل ولو ل يكن
مشروعا ،فقد أنشأوا لم ( :رابطة الدعوة السلمية ) ،لتكون لا الوصاية
الدعوية على غيهم ،وأوغلوا فيها عباسي مدن وعلي بن حاج ليكونوا تت
عينهم ،وَتوّجوا القليمي الشيخ أحد سحنون كرئيس شرف ،والرئاسة القيقية
ترجع إل حِرَِفيّي الحتيال ف حلبة النطاح الزب :إما إقليمي ،أو إخوان ،أو
نضوي ،أو رافضي !...وما سُ ّميَت رابطة إل لنم يربطون عقدها ،وكلّ
فيها بسحر السياسة نافث ،فنعوذ بال من شر النفاثات ف العقد.
لكن رُقيتها ل تفلح طويل ف علي بن حاج رغم اجتماع النافخي فيه،
فكان كلما أراد أن يالفهم فعل ول يبالِ بخالفيه ،من أجل ذلك استشارن
بعض القليميي ف أن يتَخلّلوا صفوف جبهة النقاذ ،فقلت :ولِمَ؟ قال:
( )352وابن أب شيبة (15/17ـ )18وأحد ف )) () رواه نعيم بن حاد ف (( الفت 1
(( الزهد )) ( )2/136وأبو نعيم ف (( اللية )) ( )1/274واللفظ له وأبو عمرو الدان ف (( السنن
الواردة ف الفت )) (.)28
101
مدارك النظر في
102
السياسة
خفّف من جنون الرجلي :مدن وابن حاج! " ،فقلت " :إذن سُيوَرّطانكم " لُن َ
فيما تكرَهون " ،فلم يقبلوا النصيحة ،وانرط كبيهم ممد سعيد الونّاس،
قدُوا ناراً َ َ
و َ
ما أ ْوزعموا " :أنه ل يزيد على وظيفة الماية الدنية {كُل ّ َ
ها اللُه } بأيدينا!" ،واتّخذ المي ُع من السياسة جارحةَ فأ َ َ
ب أَطْ َحْر ِلِل ْ َ
صَيدٍ َيجْمعون با الرغوة ،واتّخذها أعداؤهم آلةَ كَيدٍ يَجهضون با الدعوة،
ولذلك ل يض إل زمن يسي ،وإذا بالميع بمأة الفت يُكوَى ،وال يهديهم.
أما الخوان العاليون فقد أظهروا بقوة رفضهم للتحزب ،وتظاهروا بسلوك
طريق التربية ،وأعلن ذلك أميهم مفوظ نناح ف الرائد بل خفاء ،وهم
يترقّبون يوم مذبة البهة ليقال لم :يا لكم مِن حكماء! ،ولكن ذلك ل
يصل ،بل هالم أن نحت البهة ف النتخابات البلدية وامتدّ سلطانا ،وظنوا
ا ُللْك غنيمة باردة ،فلم يلبثوا إل قليل حت قصروا عمر الكمة وخلعوا برقع
التربية ،وقالوا " :السياسة من الدين ول بد من الزبية! " ،لكن قطار البهة
حشد الشود ول يُبقِ لم من الصوات ظَهرا مركوبا إل الكم إل بّة
شيوعية ووطنية ،فكانوا كالشاة العائرة بي غنمي ،وأخيا تالفوا مع
الحزاب الشيوعية والوطنية! نعوذ بال من الور بعد الكور.
وف آخر سنة (1411هـ) غيّر النظام الاكم قانون النتخابات ،ورأت
جبهة النقاذ أنا مكيدة مدبّرة ،فدعت إل إضراب عام عن العمل،
واعتصموا ببعض الساحات العامة ،وبدأ الدّ يظهر بعد هذه ( السرحية )،
فمِن البهة عنف اللسان ،ومِن مالفيهم عنف السّنان .وبينما أنا ف بيت ف
حيّ يقال له :جسر قسنطينة ،إذ سعت صارخا من مكبّر صوت السجد ينَدّد
بفعل بعض عسكر الدولة ،لكنه أرشد إل الصب ،فحمدت ال .ول ألبث إل
قليل فإذا بصارخ آخر من مسجد ثان يكرّر التنديد ،لكنه مصحوب بالنداء
102
103 مدارك النظر في
السياسة
إل الهاد!! فقلتُ ف نفسي " :هذا ( حزب إسلمي ) يريد إقامة دولة
السلم وقد عجز عن توحيد كلمة مسجدين ف هذا الظرف العصيب؟ يا لا
من مغامرة يُساق إليها بلد مسلم! قد فع ْلتَها بذه المة يا ابن حاج!" ففزعت
خيّلت قصة حاة إل الصلة ،ول أشعر حت فاضت عيناي بالدمع ،وجال ف ُم َ
َ
صدُوِر}. ت ال ُّ م بِذا ِ
علي ٌ
ه َ م إِن َّ ُ
سل ّ َ
ه َ بسورية{ ،ولَك ِ َّ
ن الل َ
وف سنة (1412هـ) دخلت الحزاب الترشيحات البلانية ،وفازت جبهة
النقاذ ف الدور الول منها ،ث تغيّرت الوضاع فجأة ،واستقال رئيس
المهورية ابن جديد ،واستبدلت الكومة بأخرى ...
فلجأ خطباء البهة إل منابر الساجد مستنفرين المة إل الهاد؛ يتلثّم
الطيب كيما يُعرَف ،فيشتم ث يصلي بالناس المعة ث يفرّ! وربا فرّ قبل
الصلة!! وإذا حضرت الشرطة ل تد إل البرياء ،فتأخذهم بريرة أولئك
البطال! أبطال هذه اللعبة الصبيانية ـ وإن رأوها مناورة حركية ـ!! ودخلوا
ف ( مضاربة بل رمح ،وليل بل صبح ).
103
مدارك النظر في
104
السياسة
وأما الشيخ سلطان فكان شديد التحذير منه؛ بل كان ينهى الناسَ عن حضور دروس هذا
الشابّ؛ وسعتُه مرّةً يقول :كيف يُفتِي الناسَ مَن ليُحسِنُ قراءةَ القرآنَ؟! ومثّل لذلك
بآية{ :وبَثّ مِنْهُما رِجَالً ،}...ويقول " :إنه يقرؤها بدّ الثاء ( :وبَثّا )!!
104
105 مدارك النظر في
السياسة
م ن يَكُن ل َ ُ
ه ُ ومضة من كتب ابن تيمية فمن باب قوله تعال{ :وإ ْ
الح ُ ْ
عنِين} ،مع ذلك فيُفصّل كلمه على قدّه ببتر مذ ْ ِ ق يَأتُوا إِلَي ْ ِ
ه ُ َ ّ
نصوصه ،واقرأ إن شئت ما كتبه ف حكم الضراب ،ينكشف لك ما قلته بل
ارتياب.
وهذه عاقبة من ل يسعْه ما وسع السلف ،وشبّهتُ حاله ف تأثّره بالخوان
ـ وهو يريد انتقادهم فيما زعم ـ بال الغزال الذي قال فيه أبو بكر بن
العرب " :شيخُنا أبو حامد :بلع الفلسفة ،وأراد أن يتقيّأهم فما استطاع!
()
" . 1
() » السي « للذهب ( ،)19/327وانظر » مموع الفتاوى « لبن تيمية (.)13/238 1
() انظر مثل كتاب » ل إله إل ال عقيدةً ومنهجا ً « ...ص ( )174لترى كيف يغمز 2
مؤلفُه ممدُ قطب من قناة علماء الكتاب والسنة ،ويستهجن عمل من يقوم بتحقيق
الخطوطات! ويستنكف أن يسمّيهم علماء!! مع ذلك فهو عند قوم " :من الخوان
العتدلي! بل من السلفيي!!" ،لكنه ـ عندهم ـ سلفيّ العتقد ،عصريّ الواجهة!!!
لنه ل يُضيّع وقته ف مواجهة الفرق العقدية القدية بزعم اندراسها! وهي ـ كما يقال
ـ:
( شنشنة أعرفها من أخزم )؛ وإل فلماذا إصراره على الردّ على الرجئة ـ وهي فِرقة
قدية ـ لول أنه وجاعته يريدون تنفي الشباب السلفي من علمائهم بسبب أن هؤلء
105
مدارك النظر في
106
السياسة
الثانية :ما لقيه ف السجن ورّثه النتقام للنفس ،وكرّه إليه أهل العلم الذين
ل يشاركونه الرأي ف مصادمة الكومات ،وعلى هذا أمارات ظاهرة ،أذكر منها:
1ـ عند خروجه من السجن ناية سنة (1407هـ) ،ألقى دروسا ف
موضوع الكبائر من الكتاب النسوب للذهب ـ رحه ال ـ ف ذلك ،فقال ف
أول درس له " :درج العلماء على البدء بكبية الشرك ،وأنا أرى البدء
يُفَصّلون ف قضية الكم بغي ما أنزل ال ول يُكفّرون مطلقًا؛ بل ل أدري هل تنبّه
القاريء إل أن هذا الرجل ضاعف حديثه عن الرجاء ف كتبه الخية بعد أن استوطن
السعودية!! فانظر مثلً كتبه »:الصحوة السلمية « و» التفسي السلمي للتاريخ « و»
واقعنا العاصر « ...مع أنك ل تكاد تعثر على هذه الكلمة ـ الرجاء ـ ف كتبه
القدية ،ما يدلك على أنه استلّها من قاموس السلفيي بعد أن سكن ديارهم ليحاربم با،
ولعله ل يَسمع با من قبل! وقد كان نائب علي بن حاج ف البهة الزائرية السمّى
الاشي سحنون يُلقّب كلّ مَن ل يُكفّر الكام بذا اللقب ( :مرجيء! ) فلما سألتُه عن
مصدره قال :ممد قطب وعبد الرحن عبد الالق!!
ول يقف ممد قطب عند هذا حت أغرى أحدَ أبناء الزيرة العربية ليكتب ف ذلك ،كل
ذلك توكيدا منه للهتمام بعالة داء الرجاء السيطر على علمائها ف زعمه!! ول تكاد
تد كتابا أُلّف اليوم ف الرجاء إل وعليه بصماته؛ من تقدي أو استشهاد مؤلّفه بأقواله؛
فانظر مقدّمته الافلة لكتاب تلميذه الميم سفر الوال » ظاهرة الرجاء ف الفكر
السلمي « ،ث هي ُحذِفَت الن ف طبعته الرسية!! بل تد هذا الخي ف كتابه
» العلمانية « يأت بآية الكم بغي ما أنزل ال من غي تعريج على تفسي السلف لا،
وعلى رأسهم التفسي الشهور والصحيح السناد عن حب المة عبد ال بن عباس
رضي ال عنهما وغيه! فهل يعن هذا أنه غي راضٍ بالتفصيل السلفي الأثور ف السألة؟
انظر ص ( )685وما بعدها لترى كيف يُنَزّل الكمَ من ظاهر الية السابقة على عموم
حكام السلمي حت يُخَيّل إل القاريء أن ل تأويل للية عند السلف إل ذلك التعميم!
وتأمّل ف كتابه هذا عدد النقولت الائلة عن شيخه إل جنب نقولته الزيلة عن السلف
106
107 مدارك النظر في
السياسة
تفهم ما قلتُه! وقد وجدتُ عند الشيخ اللبان كلما رصينا ف السألة ،فقد سئل عما
يأت:
" فضيلة الشيخ! ل يفى عليكم ما احتوته الساحة الفغانية ( ف ذلك الوقت ) من
الماعات والفرق الضالة الت كثرت ف ذلك الي ف صفوفها ،والت استطاعت
ـ وللسف ـ أن تبثّ أفكارها الارجة عن منهج السلف الصال ف شبابنا السلفي
الذي كان ياهد ف أفغانستان ،ومن هذه الفكار :تكفي الكام وإحياء السنن الهجورة
كالغتيالت كما يدّعون ،والن وبعد رجوع الشباب السلفي إل بلدهم ( بعد الهاد )
قام بعضهم ببثّ هذه الراء والشبه بي الشباب ف متمعاتم ." ...
فأجاب بعد أن بيّن خطورة تنكّب تفسي السلف للوحيي " :فكان أمرا طبيعيا جدا أن
ومنهج السلف ينحرفوا كما انرف من سبقهم عن كتاب ال وسنة رسول ال
الصال ،ومن هؤلء :الوارج قديا وحديثا؛ فإن أصل التكفي الذي ذكرناه ف هذا
ما حك ُ ْ
م بِ َ م يَ ْ الزمان :الية الت يُدَندِنون حولا؛ أل وهي قوله تعال{:و َ
من ل َ ْ
ن} ..فمن جهل الذين يتجون بذه الية م الكَا ِ
فُرو َ ه ُ
ك ُفأُولَئ ِ َ
ه َل الل ُأَنَز َ
..أنم ل يُِلمّوا على القل ببعض النصوص الت جاء فيها ذكر لفظة الكفر؛ فأخذوها
على أنا تعن الروج من الدين ،وأنه ل فرق بي هذا الذي وقع ف الكفر وبي أولئك
الشركي من اليهود والنصارى ...ويُسلّطون هذا الفهم الاطيء على كثيين وهم
بريئون منه ." ...
ث تدّث عن تفسي ابن عباس الذي ياول ممد قطب وأتباعه جعله وصفا خاصا بلفاء
107
مدارك النظر في
108
السياسة
الضور خطة لفظ الدعوة من الختلل فيما أظن ،ودار الوار الت:
قلتُ لم :أتعلمون أن فيكم عالا؟ فأجابوا جيعا بالنفي ،با فيهم هو.
قلت :با أن الطأ ف هذه القضايا الكبية وارد جدا على غي العلماء ،وأنه
قد يكلف المة دماءها وأعراضها ،فأنا أقترح عليكم أمرين ها:
أ ـ تركُ الوض ف السائل الت هي أكب من حجمنا ،وإسنادُها إل
بن أمية ،فقال " :وكأنه ـ أي ابن عباس ـ طرق سعه يومئذ ما نسمعه اليوم تاما ،أن
:ليس الكفر الذي تذهبون هناك أناسا يفهمون الية على ظاهرها دون تفصيل ،فقال
إليه ،إنه ليس كفرا ينقل عن اللة ،هو كفر دون كفر ...إل أن قال " :فابن تيمية
ـ يرحه ال ـ وتلميذه وصاحبه ابن قيم الوزية يدندنان دائما حول ضرورة التفريق بي
الكفر العتقادي والكفر العملي؛ وإل وقع السلم من حيث ل يدري ف فتنة الروج عن
جاعة السلمي الت وقع فيها الوارج قديا وبعض أذنابم حديثا ."...ث ذكر بعض ما
جرى بينه وبي بعض الخالفي أنه قال لم " :فأنتم أول ل تستطيعون أن تكموا على
كل حاكم يكم بالقواني الغربية الكافرة أو بكثي منها أنه لو سئل لجاب بأن الكم
بذه القواني هو الق والصال ف هذا العصر ،وأنه ل يوز الكم بالسلم ،لو سئلوا ل
تستطيعون أن تقولوا بأنم ييبون بأن الكم با أنزل ال اليوم ل يليق؛ وإل لصاروا كفارا
دون شك ول ريب ،فإذا نزلنا إل الحكومي وفيهم العلماء ،وفيهم الصالون
وال ..فكيف تكمون عليهم بالكفر بجرد أن تروهم يعيشون تت حكم يشملهم كما
يشملكم أنتم تاما ،لكنكم تعلنون أن هؤلء كفار بعن مرتدين ." ...ث تكلم عن
الاكم بغي ما أنزل ال فقال " :فل تستطيع أن تقول بكفره حت يعرب عما ف قلبه؛ بأنه
،وحينئذ فقط تستطيع أن تقول إنه كافر كفر ردّة ...ث ل يرى الكم با أنزل ال
كنت ول أزال أقول لؤلء الذين يدندنون حول تكفي حكام السلمي :هبُوا أن الكام
كفار كفر ردّة ،ماذا يكن أن تعملوه؟ هؤلء الكفار احتلوا من بلد السلم ،ونن هنا
مع السف ابتلينا باحتلل اليهود لفلسطي ،فماذا نستطيع نن وأنتم أن نعمل مع هؤلء
108
109 مدارك النظر في
السياسة
أهلها مهما ابتُلينا بإرشاد الناس ،ومن فضلال علينا أننا ل نتلف ف الرجع
الؤهّل لا ،فالسلفيون ل يعرفون اليوم على وجه الرض أعلم من الشيخ
اللبان والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمي وإخوانم من أهل العلم بالثر،
ومن فضلال علينا تيسّر التصال بم ،وتواضعهم لكل سائل ،وتوحيد مصدر
التلقي من أعظم نعمال علينا.
حت تستطيعوا أنتم مع الكام الذين تظنون أنم من الكفار؟ هل تركتم هذه الناحية جانبا
وبدأت بتأسيس القاعدة الت على أساسها تقوم قائمة الكومة السلمة؟ وذلك باتباع سنة
الت ربّى أصحابه عليها ..وذلك ما نعبّر عنه ف كثي من مثل هذه الناسبة رسول ال
بأنه ل بدّ لكل جاعة مسلمة تعمل بق لعادة حكم السلم ،ليس فقط على أرض
َ َ
س َ
ل ذي أْر َ و ال ّ ِ السلم ،بل على الرض كلها ،تقيقا لقوله تبارك وتعالُ {:
ه َ
وول َ ْ
ه َن كُل ِّ ِ
دي ِ علَى ال ِّهَرهُ َ ْ
ق لِيُظ ِح ِّن ال َ
وِدي ِ
دى َ ه َ
ه بِال ُسول َ ُ
َر ُ
ن} ،وقد جاء ف بعض الحاديث الصحيحة أن هذه الية ستتحقق ركُو َ م ْ
ش ِ رهَ ال ُ كَ ِ
فيما بعد؛ فلكي يتمكن السلمون من تقيق هذا النص القرآن :هل يكون الطريق بإعلن
الثورة على هؤلء الكام الذين يظنون أن كفرهم كفر ردّة ،ث مع ظنهم هذا ـ وهو
ظنّ خاطيء ـ ل يستطيعون أن يعملوا شيئا! ما هو النهج؟ ما هو الطريق؟ لشك أن
يدندن حوله ويذكّر أصحابه به ف كل خطبة (( :وخي الطريق هو ما كان رسول ال
))؛ فعلى السلمي كافة وخاصة منهم من يهتمّ بإعادة الكم الدى هدى ممد
:وهو ما نكن نن عنه بكلمتي السلمي أن يبدأ من حيث بدأ رسول ال
خفيفتي ( :التصفية والتربية )؛ ذلك لننا نن نعلم حقيقة يغفل عنها أو يتغافل عنها ف
الصح أولئك الغلة الذين ليس لم إل إعلن تكفي الكام ،ث ل شيء؛ وسيظلون
يعلنون تكفي الكام ث ل يصدر منهم إل الفت؛ والواقع ف هذه السنوات الخية
الت يعلمونا بدْءا من فتنة الرم الكي إل فتنة مصر وقتل السادات وذهاب دماء كثي
من السلمي البرياء ،بسبب هذه الفتنة ،ث أخيا ف سورية ،ث الن ف مصر والزائر
مع السف ..ال .كل هذا بسبب أنم خالفوا كثيا من نصوص الكتاب والسنة،
109
مدارك النظر في
110
السياسة
القيّم الذي تفضّل به صاحب الفضيلة الشيخ ممد ناصر الدين اللبان ـ وفّقه ال ـ
النشور ف صحيفة » السلمون « الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفي من حكم
بغي ما أنزل ال من غي تفصيل ،فألفيتُها كلمة قيّمة قد أصاب فيها الق ،وسلك فيها
سبيل الؤمني ،وأوضح ـ وفّقه ال ـ أنه ل يوز لحد من الناس أن يكفّر من حكم
بغي ما أنزل ال بجرد الفعل من دون أن يَعْلم أنه استحلّ ذلك بقلبه ،واحتجّ با جاء
ف ذلك عن ابن عباس رضي ال عنهما وعن غيه من سلف المة » ( " ..السلمون «
12/5/1416هـ ـ عدد ،557:ص .)7
وعودا على بدء أقول :إن هذا النراف العقدي الذي عند قطب قد انتقلت عدواه إل
أتباعه؛ ومن تتبّع نشراتم يدهم ف تبّط ذريع ف بعض مسائل العقيدة ،خاصة منها أصل
التوحيد؛ وهو مباحث اليان وما يقابله من الكفر وما يتبعه من حكم بالتكفي ،ولست
الن بصددها ،مع أنه قد جاء أشراطها! فانظر مثلً كتاب » السك والعنب ف خطب
النب « لعائض القرن ،فقد أتى فيه برافات التصوفة؛ كدعوته إل الحتفال بيوم الجرة
النبوية ـ وهو احتفال مبتدَع شبيهٌ باحتفال البتدعة بالولد النبوي ـ مضاهاة
للكافرين كما نصّ عليه ف (1/189ـ ،)191وتييجه ف (1/74ـ )75على شدّ الرحال إل
ف قصة مشهورة هي عمدة الرافيي ،وقد ؛ عازيا هذا الفعل إل بلل قب النبّ
استنكرها الذهبّ ف » السي « ( ،)1/358وابن عبد الادي ف » الصارم النكي «
ص (314ـ ،)320وقال فيها ابن حجر ف » لسان اليزان« ( " :)1/108وهي قصة بيّنة
الوضع " ،ولسماحة مفت الديار السعودية الشيخ ممد بن إبراهيم ـ رحه ال ـ ردّ
111
مدارك النظر في
112
السياسة
صفر سنة (1409هـ) ،نزلت بالناس نازلة ( 5أكتوبر 1988م ) آنفة الذكر،
وشارك فيها علي بن حاج مشاركة من فقد عقله ،وأفت فيها بالتحزبات
والظاهرات والضرابات بل والضرابات عن الطعام ،من غي أن يذكر ما
()
عاهد عليه إخوانه ليال عيد الفطر !
1
3ـ طلب منه كثي من أتباعه الذين لم ميل سلفي أن يتصل بأهل العلم
وافر عليها ف » شفاء الصدور ف الردّ على الواب الشكور « ص (13ـ ،)21وكذا
الشيخ اللبان ف » دفاع عن الديث النبوي والسية « ص (94ـ )102وقال " :فهذه
الرواية باطلة موضوعة؛ ولوائح الوضع عليها ظاهرة من وجوه عديدة ،" ...إل أن قال:
" قوله (:ويُمرّغ وجهه عليه ) ،قلت :وهذا دليل آخر على وضع هذه القصة وجهل
من أولئك الهلة الذين ل يقفون عند حدود الشرع واضعها؛ فإنه يصوّر لنا أن بللً
إذا رأوا القبور ،فيفعلون عندها ما ل يوز من الشركيات و الوثنيات ،كتلمس القب
والتمسح به وتقبيله "...ص (.)96
قلت :وتقبيل القب الذي جعله الشيخ اللبان من دين القبوريي ـ كما ترى ـ هو عي
ما أمر به القرن السلمي؛ حيث قال ف ص ( )57من كتابه » لن اللود « بصراحة:
وضَعْ قُبْلةً يا صاحِ منك على فـحيّ القـبـورَ الـاثـلت تـحيّة
اللحد
أكـرم ميـت ف الـورى لُـفّ ف على خي من مسّ الثرى بعبيه
بـرد
مباشرة سائلً ذلك منه ـ ل من ال ـ؛ فقال وجعل رجاءه الشفاعة من الرسول
فيها أيضا:
إذا طاشت الحلمُ ف موقف مردي وأرجو ببّي من رسول شفاعة
وراحته السـمحـاء تـأبـى عـن عساه بقرب الب يذكرن به
112
113 مدارك النظر في
السياسة
ـ أيام نازلة أكتوبر هذه ـ ليستفيد منهم فيما أهمّ المة ،فلم يستجب لم،
بل لا وجده ذوو العقل منهم ل يسند فتاواه الغريبة عن النهج السلفي إل أحد
من العلماء السلفيي ،ويستدلّ لا بأقوال مَن ل علقة له بالعلم كالخوان
الذين سبق تسمية بعضهم ،نبذوه مرة واحدة ،خاصة وأنه قد صاحَبَ ذلك
ظهورُه ف الصحف وتويزه التصوير بعد أن كان يرّمه! فعرفوا أنا فتاوى
الـرد
َ َ
ه}،
عندَهُ إِل ّ بِإذْن ِ ِ
ع ِ ذي ي َ ْ
شف ُ قلت :قال ال تعالَ {:
من ذَا ال ّ ِ
ميعاً }.
ج ِ
ة َ
ع ُ
فا َ ه ال َّ
ش َ ل لل ِ وقالُ {:
ق ْ
فقال فيها أيضا: وجعل النجاة من فزع الصراط بيد النب
مرور صراط مفزع مصلت الدّ أريد بدحي أن يَُبلّغن النجا
ل إِنِّي َ
ل قلت :يا هذا! أقصر عن هذا الغلوّ الهلك؛ فقد قال ال لنبيّه ُ {:
ق ْ
َ
ه
ن الل ِ
م َ ل إِنِّي لَن ي ُ ِ
جيَرنِي ِ ق ْشداًُ . ول َ َر َ
ضًّرا َ
م َ ك لَك ُ ْ
مل ِ ُأ ْ
حداً }.ملْت َ َ
ه ُ
من دُون ِ ِجدَ ِنأ ِ ول َ ْ
حدٌ َ أ َ
بأنه " :إنسان عي الكون " ف والذي تشيب له رؤوس أهل التوحيد وَصفه النبّ
كتابه » السك والعنب « ()1/190؛ وهذا عي قول غلة الصوفية أصحاب وحدة الوجود؛
ـ إنسان فقد قال الزول ف » دلئل اليات « ص ( " :)71وهو ..ـ يعن النبّ
عي الوجود والسبب ف كل موجود ( "...نقلً عن كتاب » فضل الصلة على النبّ
« لفضيلة الشيخ عبد الحسن العبّاد ـ حفظه ال ـ ص .)22
وف ص ( )335من » السك والعنب « ترى القرن يكفّر بالكبية؛ حيث يقول " :وهي ـ
أي السكرات والخدّرات ـ أعظم ما عُصِيَ ال تعال به ف أرضه!! ".
قلتُ :هذا نتُ مذهب الوارج الصريح! فهل ترى قد شابهُ مسك وعنب؟ أم هل ينفع أن
يقال :سبقُ لسانٍ من خطيب منب؟ فلماذا إذا يطبعه ف ذاك الدفتر؟! وهل يُقبل من
صاحبه أن َيدّعي أن كلم الوارج مفتر؟! وهو ياطب علماءَ السلمي بقوله ف ص ()47
من
113
مدارك النظر في
114
السياسة
» لن اللود «:
ل يَعرِف العابد مَن صلى وصامـا صَلّ مـا شـئـتَ وصُمْ فالـدّين
عـمّـة بيضاء واصبغـهـا واجعل السبـحـة متريـن وخـذ
رخـامـــا
يتلـظّـى ف واتـرك العـالـم ف غــوغــائـه
ليـالـيــه اضـطـرامــــا
أنــت مِـن أحد يـكفيك أنــت قـسّيس مـن الرهبان ما
اللمـــا
دامــت الـدنـيــا بـلءً ل تـخـادعن بزيّ الشيـخ مـا
وظـلمـــا
أنت إل مـدنــف أنـت تـأليــفـك للمـوات مـا
حــبّ الكلمـا
مذهـب التقلـيد قد زدت كل يوم تشـرح الـمـت عـلـى
قــتاما
حـينـما خِفتَ من الباغي حُساما والواشي السود أشغلت بـا
عمر فتوى مثلكم خسون عـامـا ل تقل شيخي كلما وانتـظـر
ل تـدانيـهـا والسـياسـات حِمـى مـذورة
فــتـلـقـيك حـطـاما
114
115 مدارك النظر في
السياسة
أسلوب التهوّر ،وعن استعمال اللفاظ الت تُبعد الشقة بينهم وبي حكّامهم
()
جنُون منها إل التعوّر ،ومثّل بلفظ ( الطواغيت ) ،فكان هذا كالذبح
1
ول يَ ْ
لعلي بن حاج؛ لنه يَجترّ هذه الكلمة ف دروسه اجترارَ الغنم للهشيم عند
استراحتها ،بل لعلّ دعوته ل تعيش إل با ،وجاهيه ل تنتعش إل عند ساعها!
وهو ساكت على مضض ،ولا كان الشيخ ييب على السئلة
قلت :إذا ل تنفع عنده عبادةُ السلفي ول تسبيحُ الصوف ما داما عازفي عن الفقه الركي
البتدع ،وبسببه خرج كلّ منهما :ليس مِن دائرة العلم فقط ،بل ومن دائرة السلم؛ لنه
صرّح بل تشبيه ول تأويل أنما صارا من النصارى ،بل من قساوستهم؛ وذلك قوله:
ف قوله " :ما أنت " أنت قسيس من الرهبان!!" ،وأكّده حي أخرجه من ملّة أحد
من أحد!! " ،وهذا ـ وال! ـ جُرم عظيم ف حق إخوانه السلمي! فكيف وهو حُكْم
على علماء السلمي!!! فهل ترؤ ـ أيها القاريء ـ على تسمية أحد من السلمي ـ
فضل عن علمائهم ـ باليهودي أو النصران؛ لنه ل يلتفت إل ( فقه الواقع )؟! أعاذك
ال.
هذا تكفيه بالكبية وبالوهم أيضا نثرا وشعرا! وذاك تريفه نثرا وشعرا! فبأيّ حديث
بعده يؤمنون؟! وتسمية قصيدته بـ( لن اللود ) مأخوذ من اسم غِناء امرأة مشهورة ف
هذا العصر!
ومثله أو أفظع منه ف التكفي بالكبية قولُ سلمان العودة ف شريط» جلسة على
حكم الرصيف « ف مُغَنّ ياهر بفسقه " :هذا ل يَغفر ال له! إل أن يتوب؛ لن النبّ
بأنه ل يُعافَى » كلّ أمت معاف « !...لنم مرتَدّون بفعلهم هذا!! ...هذه رِدّة عن
السلم!! هذا مَلّد ـ والعياذ بال ـ ف نار جهنم إل أن يتوب!! لاذا؟ لنه ل يؤمن
سآءَ
و َ
ة َ ح َ
ش ً فا ِ زنَى إِنَّه كَا َ
ن َ قَربُوا ال ّ ِ َ {:
ول َ ت َ ْ بقول ال
سبِيلً }؛ بال عليكم! الذي يَعرف أنّ الزن حرام وفاحشة ويُسخط ال ،هل يفتخر
َ
أمام الناس؟! أمام الليي أو فئات اللوف من الناس؟! ...ل يَفعل هذا مؤمن أبدا!
115
مدارك النظر في
116
السياسة
."...
قلتُ :ف قوله " :ل يغفر ال له!" جرأة عظيمة على ال! أول يقرأ ما رواه جندب أن
حدّث » أن رجل قال :وال! ل يغفر ال لفلن! وإنّ ال تعال قال :مَن رسول ال
ذا الذي يَتأَلّى عليّ أن ل أغفر لفلن ،فإن قد غفرتُ لفلن وأَحبطتُ عملك « أو
كما قال ،رواه مسلم ،قال ابن أب زمني ف » أصول السنة « ص ( " :)257ومَن مات
مِن الؤمني مُصِرّا على ذنبه فهو ف مشيئته وخياره ،وليس لحدٍ أن يَتسَوّر على ال ف
علم غَيْبه وبحود قضائه؛ فيقول :أَبَى ربّك أن يَغْفِر للمُصرّين ،كما أَبَى أن يُ َعذّب
َ َ
ن
هتَا ٌ
هذَا ب ُ ْ حان َ َ
ك َ سب ْ َ
هذَا ُ ن لَنَا أن نَتَكَل ّ َ
م بِ َ التائبي! { َ
ما يَكُو ُ
م}!" اهـ.
عظِي ٌ
َ
كنتُ أتن أن يكون هذا الكلم سبق لسان قد تاب منه صاحبه ،ولزم بيته واشتغل بنفسه
فعلّمها ما ينفعها ،إل أن وجدتُه مدوّنا ف كتاب له بعنوان الشريط نفسه! بل وأصرّ عليه
ف شريط آخر بعد هذا عنوانه » :الشباب :أسئلة ومشكلت « بتاريخ21/5/1411( :هـ)
فال الستعان.
هذا ،وقد كنتُ ـ من زمن بعيد ـ ألحظ على أتباع هؤلء الشتراك ف التكفي بكبية
الربا لشبهات تَوهّموها قرائن دالة على استحللا! فعرفتُ أنه ليس َثمّ دخان بل نار! ث
رأيتُ ناصر العمر يلمّح له ف كتابه » التوحيد أ ّولً « ص (66ـ )67تت عنوان:
معاصٍ أم كفر؟ وصرّح به سفر الوال ف ص ( )138من » وعد كيسنجر « فقال:
" ...واستبحنا الربا!! " ،ث أخذ هذا الذهبُ يُرب الريش حت كان منه ما ذكرته آنفا!
116
117 مدارك النظر في
السياسة
كما هو ول ترّفوه!".
وأما الثانية فهي قوله " :نيط الشيخ علما بأن لنا جاعة للنهي عن
الشرك!!".
قلت :أما الول فقد أراد با إيهام الضور أنه والشيخ ف طريق واحد!
وهو ف هذا متفنّن لبق .وأما الثانية فهي ماملة واضحة لدعاة التوحيد
وشبيه بذا قول سفر الوال أيضا ف ناية الوجه الول وبداية الثان من شريط » دروس
الطحاوية « ( .. " :)2/272هذا الترو بوليتان عبارة عن فندق ف دولة خليجية :دب ..
فيها هذا الفندق ،بكل صراحة يقول :إنّ فيه مشروبات؛ اللي يسمونا الشروبات
الروحية ،يعن أنه يقدّم المور بالضافة إل ما فيه من الشليهات أو ـ أيضا ـ
الفيديوات إل آخره ،فهذه دعوة صرية إل المر ،وملوءة الدعوة ـ أيضا ـ مرفق
بذلك :الصور اللي تثبت أنم ـ والعياذ بال ـ رقص متلط وتعرّي مع شرب للخمر،
نعوذ بال من هذا الكفر؛ لنّ استحلل ما حرّم ال تبارك وتعال هو بل ريب كفر
صريح !!!".
قلت :تأمل! فقد قدّم صورة ماهرات بالعاصي ،وسى الدعاية لا استحلل ،ث رتّب على
ذلك الكمَ بالتكفي الذي ل يترك لنا مال لتأويله بـ ( كفر دون كفر ) حي قال" :
كفر صريح " ،وهذا التخبّط الذي عند القوم ف مسألة الستحلل هو الذي جعلهم
يرتعون ف مذهب الوارج؛ وإل فما الفرق بي هذه العاصي وغيها؟! وهل يُمتنَع أن ثّ
عاصيا ف الدنيا ل َيدْعُ صاحبا له إل مشاركته ف إثه؟! وإنه ليؤسفنا أن يكون هذا هو
الشرح للعقيدة الطحاوية!
وقد سُئل الشيخ اللبان عن كتاب (( :ظاهرة الرجاء ف الفكر السلمي )) لسفر
الوال ،وفيه التكفي ببعض الكبائر! فقال:
" كان من ـ أنا ـ رأيٌ ،صدر من يوما ما ،منذ نو من ثلثي سنة حينما كنت ف
الامعة (يقصد الامعة السلمية بالدينة النبوية) ،وسُئلتُ ف ملس حافلٍ عن رأيي ف
117
مدارك النظر في
118
السياسة
جاعة التبليغ ،فقلتُ يومئذ :صوفية عصرية ،فالن خطر ف بال أن أقول بالنسبة لؤلء
الماعة الذين خرجوا ف العصر الاضر وخالفوا السلف ،أقول هنا تاوبا مع كلمة
الافظ الذهب :خالفوا السلف ف كثي من مناهجمهم ،بدا ل أن أسّيهم :خارجية
عصرية ،فهذا يشبه الروج الن فيما ـ يعن ـ نقرأ من كلمهم؛ لنم ـ ف الواقع ـ
كلمهم ينحو منحى الوارج ف تكفي مرتكب الكبائر ،لكنهم ـ ولعل هذا ما أدري؟
منَّك ُ ْ
م ر َ ج ِأن أقول :غفلة منهم أو مكر منهم!! وهذا أقوله أيضا من باب {ول ي َ ْ
قَوى} ـ ب لِلت َّ ْ و أَ ْ
قَر ُ دلُوا ُ
ه َ دلُوا ا ْ
ع ِ ع ِ
َ
وم ٍ على أن ل َ ت َ ْ ن َ
ق ْ َ
شنَآ ُ
ما أدري ل يصرّحون بأنّ كل كبية هي مكفّرة! لكنهم يُدندنون حول بعض الكبائر
ويسكتون أو يرّون على الكبائر الخرى! ولذلك فأنا ل أرى أن نُطلق القول ونقول
فيهم :إنم خوارج إل من بعض الوانب ،وهذا من العدل الذي أُمرنا
به ." ...
ث أبدى الشيخُ استغرابَه من بعض ما ف حواشي الكتاب؛ مثل رَمْي مَن ل يُكَفّر تاركَ
الصلة بالرجاء!! واستغرب أن يكون هذا من سفر الوال؛ معلّل إيّاه بقوله " :لن
سفرا ـ أقلّ ما أقول ـ يُظهر الجلل لللبان! ." ...
من شريط (( السرورية خارجية عصرية )) ناية الوجه الول ،تسجيلت القدس بالردن.
فهؤلء أربعة من أبناء الزيرة السلفية صاروا ضحايا فكر ممد قطب؛ انرفوا ف شيء من
عقيدتم ،بل ف أصل العقيدة ـ كما سبق ـ فانرفت دعوتم ،كما ستقرؤون ذلك ف
موضعه من هذا الكتاب إن شاء ال .ث كيف رضي هؤلء لنفسهم التتلمذ على يدي
118
119 مدارك النظر في
السياسة
بن حاج بأمتار فقط!! على الرغم من ذلك فقد قال له عدنان ف الطار " :إذا
رغبتَ ف اللقاء فأنا مستع ّد للغاء الرحلة؟ " فلم يبه!
ولو اعتذر ابنُ حاج بأن الخ الزائر ليس عالا تُشَدّ إليه الرحال لوجدنا له
مرجا؛ ولكنه أوجس منه خيفة لا علِم أنه أتى من السعودية فَتوَهّمه على
شاكلة ( الوهّابيي ) الُخدّرين للنشاط الركي ف اعتقاده! أو أنه حامل فكر
رجل عَزّ عليه التجرّد من غزو لباس الفرنة إل يوم الناس هذا ،فأنّى له التجرّد من
نظامهم؟! ثّ هم أعلم منه بشرع ال؟! والمر ل.
هذا وقد وجدتُ ف كلم أحد متبوعي هؤلء الشباب الذكورين التكفيَ الصريح بكبية
اللواط؛ فقد قال ممد سرور زين العابدين ف كتابه (( منهج النبياء ف الدعوة إل ال )) (
" :)1/158فليس مِن الستغرَب أن تكون مشكلة إتيان الذكران مِن العالي أهمّ قضية ف
دعوة قوم لوط عليه السلم؛ لن قومه لو استجابوا له ف دعوته إل اليان بال وعدم
الشراك به لا كان لستجابتهم له أيّ معن إذا ل يُقلِعوا عن عاداتم البيثة الت
اجتمعوا عليها ،ول يَتستّروا ف فعلها!!!".
قلت :فهل بعد هذا التصريح أدن شكّ ف التزامه مذهبَ الوارج؟! ث لبدّ أن يُلحَظ
تقييدُ السألة عنده بالتستّر من عدمه ،وإدارته الكمَ بالتكفي عليه ليُربَط بكلم سلمان
العودة السابق ف تكفيه الجاهر بالفسق؛ فقد بلغن من أكثر من مصدر أن هذا الخي
كان ـ وهو صغي ـ كثي التردّد على ممد سرور! وقد قال عمرو بن قيس اللئي" :
إذا رأيتَ الشَابّ أوّلَ ما يَنشأُ مع أهل السنة والماعة فارْجُه ،وإذا رأيتَه مع أهل
البدع فايْئَسْ منه؛ فإنّ الشّابّ على َأوّل نُشُوئه " ،رواه ابن بطة ف (( البانة )) ( )44وهو
صحيح.
بل ل يكتفِ ممد سرور بذا حت بيّن ـ بل مواراة ـ أنه قال هذا من أجل إسقاط
منهج السلف ف ادّعائهم أن الشرك هو أخطر ما عُصِيَ الُ به! فقد قال ف ص ( )159وهو
يتحدّث دائما عن اللواط " :ثة أمر لبدّ من التنويه إليه ،وهو أن كلّ نبّ بعثه الُ لداية
119
مدارك النظر في
120
السياسة
قومه وإصلح ما فسد من أخلقهم وعاداتم ،وهذا يقتضي أن يتصدّى النبّ لعلج
ومواجهة أخطر الشكلت مهما كلّفه ذلك من تضحيات!! وهذا يالف سلوك بعض
الدعاة ف عصرنا؛ الذين يعالون قضايا عفا عليها الزمن ."!!!...
قلتُ :فهذا يدلّ على أنه يرى كبيةَ اللواط أخطر من الشرك بال!! فهل وصل الوارج
الوّلون والخِرون إل هذا الضلل قبله؟! وقد أحسن الردّ عليه فضيلة الشيخ صال
الفوزان ف شريط (( أهية التوحيد )) .
وأعود إل قضية الستحلل هذه لنقل كلم الشيخ اللبان من كتابه » العقيدة
الطحاوية :شرح وتعليق « ص (40ـ )41بعد ردّه على التخبّطي ف التكفي بالستحلل،
فقال " :وقد نبتت نابتةٌ جديدة اتّبَعوا هؤلء ـ أي الوارج والعتزلة ـ ف تكفيهم جاهي
ت بطوائف منهم ،...ولم شبهات كشبهات الوارج؛
السلمي رؤوسا ومرؤوسي ،اجتمع ُ
مثل النصوص الت فيها ( مَن فعل كذا فقد كفر ) ،وقد ساق الشارح ـ رحه ال تعال ـ
طائفة منها هنا ،ونقل عن أهل السنة ـ القائلي بأن اليان قول وعمل ،يزيد وينقص ـ أن
الذنب أيّ ذنب كان؛ هو كفر عملي ل اعتقادي ،وأن الكفر عندهم على مراتب :كفر دون
ت عن فهمه النابتةُ الشار
كفر؛ كاليان عندهم ،ث ضرب على ذلك مثال هاما طالا غفلَ ْ
إليها ،فقال ـ رحه ال تعال ـ ص ( " :)363وهنا أمر ينبغي أن يُتفطّن له ،وهو أن الكم بغي
ما أنزل ال قد يكون كفرا ينقل عن اللّة ،وقد يكون معصية :كبي ًة أو صغيةً ،ويكون كفرا:
إما مازيا وإما كفرا أصغر ،على القولي الذكورين؛ وذلك بسب حال الاكم ."...
قلت :للشيخ صال بن عبد العزيز آل الشيخ تفصيل طيّب لسألة الستحلل ف شريطي
من شرحه لـ » كتاب التوحيد « للمجدّد ممد بن عبد الوهاب ف " باب طاعة العلماء
120
121 مدارك النظر في
السياسة
على الردن ف جولة سياسية ـ كما يقولون ـ ول يزر الشيخ اللبان! وأنا
أعرف عن الزائريي عيبَهم الشديد على السلفي الذي يُحرَم من زيارة هؤلء
العلماء ،نظرا لندرة أمثالم عندنا ،ولذلك لموه كثيا؛ لنه دليل على أنه غي
()
سلفي أو ف نفسه منهم شيء خفيّ!
1
أمران :الول :أن ف أكثرها غمزا للطلبة السلفيي الذين يرفضون ثوريته ،خاصة منهم
التخرّجون من الامعة السلمية بالدينة النبوية ـ كما صرّح فيها بذلك ـ
الثان :أنه كتبها ف السجن الول؛ أي قبل دخوله ف التحزب العلن ،ما يدلّ على أن
تامله على السلفيي قدي ،فافهم!
121
مدارك النظر في
122
السياسة
أب قبيس وماطبته كفار قريش!! وبطلن هذا ل يتاج إل بيان مهما تعلّق صاحبه
بالقشّة ،لكن حسبك ههنا أن تقف على نوع من أراجيف الستدلل لتبيّن غرابة الفقه
السياسي العاصر ،ومغبّة استغلل النصوص الشرعية للنوات الثورية!
() ف » تاج العروس « ( " :)3/43وعوّر الراعي الغنم تعويرا :عرّضها للضياع ". 1
() التكتمّ والنقباض الذي يلتزمه ابن حاج مع السلفيي أمر عرفتُه عنه كل هذه الدة الت 1
كنتُ وإخوان نلقاه فيها؛ بل ل أكاد أَعرف عنه كلما ناقشتُه ـ على كثرة ما ضيّعتُ
من وقت ف عتاب له ـ معارضة قط ،إل مرة واحدة ـ فيما أذكر ـ صرّح بالخالفة
بعد استفزاز طويل !..قال فضيلة الشيخ صال اللحيدان ـ حفظه ال ـ " :جلسنا مع
عباسي مدن وعلي بن حاج أيام أزمة الليج ،فكان ابن حاج ـ طول اللسة ـ
ساكتا؛ فإما أن يكون سكوته سكوتا سياسيا ،وإما يكون تأدّبا مع رئيسه مدن! وأنا
أُرجّح الول؛ لنه ليس لعباسي تكوين علمي شرعي ،وإنا هو ف علم النفس
والتربية!!" ،قلت :لقد صدقتْ فراسةُ الشيخ؛ فإن ابن حاج آخذ على نفسه أن يكتم
الشقاق ويتظاهر بالوفاق تعجيل للفراق! وأصدق وصْف يليق به أنه وسواس إذا خل
بماعته من العوامّ الوامّ أو الزبيي التكفييي والركيي ،خنّاس إذا حضر عنده
122
123 مدارك النظر في
السياسة
()
عائدة إل عائدة خوف الرجل من انتشار الق .
1
10ـ كما أخبونا أنه حي أقنعه الشيخ بضرورة التسجيل ،قَِبلَ على
شرط غريب ،وهو عدم نشر الشريط حت يأذن هو به للشيخ!!! وهذا أقبح
تصرّف يصدر من طالب مع شيخ ،ورحمال زمانا كان فيه السلف يطمعون
ف السماع من شيوخهم ولو بتحمّل الضرب ،قال الذهب " :قال يعقوب بن
إسحاق الروي عن صال بن ممد الافظ سعت هشام بن عمار يقول:
دخلت على مالك فقلت له :حدّثن ،فقال :اقرأ ،فقلت :ل ،بل حدّثن ،فقال:
اقرأ ،فلما أكثرت عليه ،قال :يا غلم تعال! اذهب بذا فاضربه خسة عشر،
فذهب ب فضربن خس عشرة دِرّة ،ث جاء ب إليه ،فقال :قد ضربته ،فقلت
له :لِمَ ظلمتن؟ ضربتن خس عشرة درة بغي جرم ،ل أجعلك ف ِحلّ ،فقال
مالك :فما كفارته؟ قلت :كفارته أن تَدثن بمسة عشر حديثا ،قال :فحدثن
بمسة عشر حديثا ،فقلت له :زدْ من الضرب وزدْ ف الديث ،فضحك
مالك وقال :اذهب "(.)2
11ـ بذه النفرة الت كان يدها علي بن حاج من العلماء تفهم سرّ
تكراره ف غي ما شريط مسجّل أنه ألّف كتابا أساه (( :بي علماء السجون
وعلماء الصحون! « ،مع كثرة إيراده لحاديث القُصّاص ف مواجهة الكام
السلفيّون!! وهو يعرِف حقّ العرفة أنه مانبٌ لدي السلف ـ كما صرّح بذلك ف
بعض الجالس ـ ،وأن الذي دفعه إل ما هو فيه إنا هو ردود فعل نفسية! ولقد صدق
من قال :نن ف زمن يصدق عليه وصف القائل :لئن كانت آفة اللوك سوء السية ،فإن
آفة الدعاة خبث السريرة!
() قاله الشيخ اللبان ف شريط مسجل له من » سلسلة الدى والنور « رقم (.)438/1 1
123
مدارك النظر في
124
السياسة
على طريقة الوارج ،ولو كان أبطاله من شرار البتدعة ،كعمرو بن عُبيد
العتزل ،فينشأ ف نفوس الناشئة أنه ل عال إل من دخل السجن؟!
وبذا التنفي من العلماء فسد سلوك الشباب تاههم ،وظهر لول مرة
ف الزائر فُرقة بي السلفيي؛ إذ أصبحتَ تسمع بسلفية علمية وسلفية
حركية! ووُصف بالرجاء كل من دعا إل الكمة والصبوالخذ بسية
الرسول ف جهاده ،وهذه هي بركة التحزب!
وأخيا ل بدّ من كلمة متصرة جدا عن هذا الرجل ،أرى أنا ُتعَرّف به
جيّدا ،وهي أن علي بن حاج يعيش بنفسية متوترة؛ يثور على الألوف،
ويستثي الغريب الخوف ،وتراه ل يثبت على مذهب؛ بل يُكثر التنقل من
غريب إل أغرب؛ يتتبّع الديد الذي يثي النتباه ،ويَم ّل العتيق ولو ل يكن به
()
اشتباه ؛ فحي كان تريج عبد الميد كشك مطلب الشباب كان 1
()
( كشكيا! ) ،ويوم أن تكّن المين من الكم مدحه مدحا كبيا! وحي
2
يقول " :بعد خسة عشر يوما أخبكم هل الرئيس الشاذل بن جديد كافر أو ل؟!!! ".
() وذلك ف أول درس ألقاه ف مسجد المام الشافعي بالراش ف عاصمة الزائر ،ولئن 2
بقي مِن أصحابه القدمي مَن ل يَحصده الرصاص بعد ليذكرنّ ذلك ـ إن شاء ال ـ
وذلك يوم أن وصف المين بصاحب اللحية البيضاء توقيا! فـ { ُ
قت ِ َ
ل
ن}! صو َخَّرا ُال َ
124
125 مدارك النظر في
السياسة
ف العايرِ ،وهنا وضع رحله ،وربط فرسه ،و ُشلّ منه التفكي ،ورضي ف العني ِ
سبيل ذلك بالعاطب ،واستأنسَ بوحوش التكفي ،واستقرّت به الراكب ،وال
وحده أعلم بالذي يتلوه.
ويَعرف هذا مَن تذكّر تنقّله السريع ف موضوعات دروسه؛ فهو ل يكاد
يفتتح كتابا إل تركه وقفز إل غيه؛ فمن (( شرح السنة )) للبغوي إل
(( الكبائر )) للذهب ،فتفسي القرآن ،فتبسيطه ،فتزكية النفوس ،فالسياسة
الشرعية ...كل هذه الدروس وقف فيها عند بدايتها بالتداول ،وف كل مرة
يسمع الضور وعدًا قصي العمر يقول :اليوم نبدأ درس كذا من كتاب فلن!
وهكذا ...
وقد بيّن الاورديّ هذه النفسي َة الغريبة الت عرفها من أهلها ،وكأنه يعيش
صْبوَة؛ وقال النبّ بي أظهرنا فقال " :مع أن لكل جديد لذّة ،ولكلّ مستحدَث َ
)
(( :إنّ أخوف ما أخاف على أمت منافقٌ عليمُ اللسان ))( ،فتصي البدعُ
1
فاشية ،ومذاهب القّ واهية ،ث يُفضي المرُ إل التحزّب والعصبة؛ فإذا رأوا
كثرةَ جعهم وقوّ َة شوكتهم داخلهم ِعزّ القوّة ونوةُ الكثرة ،فتضافرَ جهالُ
نسّاكهم وفسقةُ علمائهم باليل على مالفيهم! فإذا استتبّ لم ذلك زاحوا
السلطانَ ف رئاسته ،وقبّحوا عند العامة جيلَ سيته ،فربا انفتق ما ل يرتق؛
()
فإنّ كبار المور تبدو صغارا " .
2
وسرّ هذه التناقضات التعاقبة عليه والتنقّلت التناوبة عليه ثوريّتُه التأصّلة
خبُر الرجل يقول :إنه ذو شخصيّتي! والقيقة أن له ف نفسه ،وبعض مَن ل َي ْ
شخصيّة ثابتة؛ أل وهي الثورية الت تدّثتُ عنها آنفا وطول نفَسه ف
125
مدارك النظر في
126
السياسة
الثر:
" أي ينتقل من رأي إل رأي!".
وعن خالد بن سعد مول أب مسعود قال :دخل أبو مسعود على حذيفة
وهو مريض ،فأسنده إليه ،فقال أبومسعود :أوصنا ،فقال حذيفة " :إن الضللة
حقّ الضللة أن تعرف ما كنتَ تنكِر وتنكِر ما كنتَ تعرِف،
()
وإيّاك والتلوّن ف الدين!! " ،وف رواية " :فإن رأَى حللً كان يراه
2
حراما ،" ...وقال إبراهيم " :كانوا َيرَون التلوّن ف الدين مِن شكّ
()
القلوب " .ومن أوضح علمات هذا الشكّ اتباعُ الرءِ القّ مَرّبا ل له 3
متجرّدا ،وأن ُي ْؤثِر دليل الواقع على نصّ الوحي ،كما قال حذيفة " :إنّ
أخوف ما أخاف على هذه المة أنْ يُؤْثِروا ما َيرَون على ما َيعْلمون ،وأنْ
() رواه مالك ف (( الوطأ )) (917ـ الندوي ) وهو صحيح ،وهو من الروايات العزيزة 1
الت حفظتها لنا رواية ممد بن السن الشيبان ،ورواه الدارمي ( )1/91وغيه .ولذا الثر
للجري ص ( ،)56و(( البانة )) لبن بطة ( )583و» ترتيب )) قصة انظر (( الشريعة
الدارك « للقاضي عياض (.)1/170
() رواه نعيم بن حاد ف (( الفت )) ( )130وابن أب شيبة ( )15/88وابن بطة ف 2
( )25و(571ـ )573والاكم ( )4/467وأبو نعيم (1/272ـ )273وأبو عمرو )) (( البانة
الدان ف (( السنن الواردة ف الفت )) ( )26وهو صحيح؛ لن له شاهدا عند نعيم ابن حاد
أيضا ( )134وأب القاسم البغوي ف (( العديات )) (.)3117
() رواه ابن بطة ف (( البانة )) (.)575 3
126
127 مدارك النظر في
السياسة
()
ضلّوا وهم ل يشعرون " ،وقد اشتهر عند كثي من الناس أن ابن حاج
1
يَ ِ
سلفي بسبب أنه جرّب السلفية زمنا ،فلما ل يد فيها نمته الثورية ورأى أنا
صفّي ما بينه وبي حكامه من حسابات نفسية تركها باطنا ول يُصرّح ل تُ َ
هْرج َ بذلك ظاهرا ،وال وحده الادي؛ لنّه هو القائل{ :وإ ْ
ن تَ ْ
فى}. سَّر وأ َ ْ
خ َ م ال ِّ عل َ ُ فإن َّ ُ
ه يَ ْ ل َ
و ِ بِال َ
ق ْ
ومِن طرقه الت كان يسلكها للتأثي على الماهي التظاهر بالورع البارد إذا
قيل له بأن فلنا يردّ عليك! فيقول " :أقول كما يقول أبو ضمضم إذا أصبح:
تصدّقتُ بعرضي على مَن ظلمن ،رواه مسلم!! " كذا يقول ويردّد.
()
وهذا مع أنه ل يَ ْروِه مسلم بل هو ضعيف ل يصحّ رفعه ،فهو من
2
127
مدارك النظر في
128
السياسة
على ِنيّاتم!!! ويعزو ذلك لبن تيمية! نعوذ بال من قلّة الياء!
128
129 مدارك النظر في
السياسة
() ولبيان أثر العلم ف تصي الدعوة السلمية ما يكدّر صفاءها أقول :ما من دعوة طيبة 1
ظهرت إل جُنّد لا من البتدعة من يُعطّلها أو يشتّتها ،ولقد اشتهر اليوم أن حامل لواء
الجهاض على الدعوة السلمية هم جاعة التكفي العائدين من أفغانستان ـ مع السف
ـ والق أن هؤلء ما دخلوا قرية إل أفسدوها ،إل أنم ظلوا ف الزائر مدحورين
مقهورين ،يَنقصون ول يزيدون ،والسر ف ذلك أن هذا البلد خُصّ بعناية الشيخ اللبان
سدّ ذي القرني على يأجوج ومأجوج ،ول
الذي كان علمه سدا ف وجه التكفي ك َ
يرجوا منه إل يوم خرج علي بن حاج من السجن الول ،وإل فكيف يُفسّر تذيرهم ل
ولغيي من التعرض للرد عليه ،مع أنم كفّروه بعد أن وضع أوراق اعتماد حزبه بالبلان
أي قبل أن يُصرّح بتكفي الدولة!!
130
131 مدارك النظر في
السياسة
() قال اليدان ف » ممع المثال « رقم ( " :)2427كانت براقش كلبة لقوم من العرب، 1
فأُغي عليهم ،فهربوا ومعهم براقش ،فاتبع القومُ آثارَهم بنباح براقش ،فهجموا عليهم
فاصطلموهم ،قال حزة بن بيض:
ل يَساري ول يين رَمَتْنِي ل تكن عن جناية لقَتـن
وعلى نفسـها بـراقش تَجن بل جَناها أخ عليّ كري
131
مدارك النظر في
132
السياسة
132
133 مدارك النظر في
السياسة
ولكن الثانية هي الت أقصد؛ لن فكرتا ل تعد َحكْرا على فئة معروفة من
الناس بل ظهرت ف هذا العصر الخي مع الخوان السلمي ،ث ل يلبث هؤلء
أن تلوا عنها متأثرين بفكرة الجموعة الول ،ث لبسها ورثة الوارج :جاعة
الجرة والتكفي،وتداولوها مع شيوخهم القطبيي ،ث بكر من هؤلء أريد
للسلفية أن تلبسها .وكم كنت أتردد عند كتابة هذه الكلمات رجاء أن تكون
نصيب قلم أقدر عليها من ،وهم كثيون ،ولكن ذلك ل يصل بالصورة
الدقيقة والصرية والفصلة الت ينبغي أن تكون ،إذ الشبهات فيها كثية جدا
وجذورها عريقة ف حقيقة المر ،فل تكفي فيها بُلْغة الغريب ،ث استخرتال
ف ذلك واستعنت به وحده فوفّق لا يأت:
التأمل ف أحوال السلمي اليوم يزم بأنم قد استيقظوا بعد سُبات عميق،
وأحسوا بضرورة العودة إل أصلهم التليد العريق ،وتذكروا شخصيتهم الضائعة
المتهنة من قِبَل من جعلتهم قُدوتَها برهة من الزمن فلم ينصحوا لا ،أقصد أن
عاطفة إسلمية ما ـ كما يقولون اليوم ـ ل تزال ف قلوب السلمي ،ما
يبعث ف النفوس السرور لنا أول البشرات ،إل أنه ل يوز أن ندخل َلغَطا
إعلميا ل يت إل السلم بصلة فنبز هذه الصورة فوق حجمها ،مستعملي
الجهر السياسي الكذاب ،مارين أعداء ال ف مكرهم ودهائهم وتزويرهم
القائق ،بل الق والق نقول ،إنال ل ينصر إل الؤمني فهو القائل:
ح ًّ
ن} والؤمنون مؤمنون ما ل منِي َ م ْ
ؤ ِ صُر ال ُ علَيْنَا ن َ ْ
قا َ ن َ{وكا َ
َ
نولَى ال ّذي َ م ْ
ه َ
ن الل َ ك بِأ َّ يكذبوا ليتولهم مولهم القائل{ :ذَل ِ َ
هم}. ولَى ل َ ُ م ْ ن لَ َ ري َ ف ِ
ن الكا ِ وأ َ َّمنُوا َ
ءَا َ
لذا فإن ماولة إفزاع العدو بإبراز هذه اليقظة السلمية الول ف صورة
الستيقظ النشيط ،الذي ل يبق على عينيه غبش ،وأنه قادر على أن يُبصر
134
135 مدارك النظر في
السياسة
المور وُيَبصّر با على حقيقتها ،وأن يقدّر لا أقواتا تقدير العال البصي لن يعود
على الدعوة السلمية إل بالبوار؛ لن ذلك يستعدي العداء القوياء على
السلمي الضعفاء الذين ل يتولهمال ما داموا مقيمي على هذا الكذب والراء ،ث
هو غش للمسلمي؛ لنه ينفخ فيهم غرورا قد رأينا عاقبته ف بلد السلم.
بل نقول :المد ل الذي أيقظنا ،إل أننا ف أول الفطنة ما أحوجه إل
إرشاد ،على عوج ف التابعة ما أحوجه إل سداد ،فنحن كصب عطشان قد
فرح به أبواه لنباهته فتركاه يروي عطشه بيده ،ل يُؤمَن عليه أن يتناول السم
الزعاف ،أو سقياه ماءً زُلل دون َروِية ف رعاية إذن لوشك أن يَشْرَق.
والذي نعتقده بصراحة تامة أن أكثر الرشدين اليوم على غي الادة
السلفية إذ أشعروا أمتهم هذه ـ الت ل تزال عليها غيبوبة الستيقظ من نومه
ـ أن مشكلتها سياسية وهي ل ترفع بعدُ قدميها عن سرير النوم ،فإذا با
تُدْعى لل َعدْو إل سرير اللك ،ف برج ل يترك لا عقل تفكر به ،ويا لا من
جرية! لنا تريف لا عن معرفة الداء ،فكيف الهتداء إل الدواء؟! ويا لا
من مصيبة!! لنا صد عن سبيلال التمثلة ف تعلم الكتاب والسنة
وتعظيمهما والحتفاء بجالس أهلهما ،إل تعلم السياسات العصرية
والعكوف على مصادرها من إعلم مرئي ومسموع ،وجرائد وملت:
الصدق فيها منوع ،حت إنه ليمضي على من دثارُه الكتاب والسنة ،وشعاره
الفيديو وملة البيان والسنة ،يومُه بل أسبوعُه بل ربا شهره ل يد وقتا ول
شوقا إل آية من الكتاب ،واسأله ـ إن شئت ـ منذ كم ل يرفع الغبار عن
الصحيحي على حي عدم غفلته عن جريدة اليوم بل وخب الي!! والمر ل.
ول تسارع إل إنكار هذا لنن ما جئتك بعلم حت تناقشه وإنا هو خب
الواقع!
135
مدارك النظر في
136
السياسة
()
روى أبو نعيم ف اللية بإسناده عن رجل من أشجع قال " :سع الناس
1
()
أقبل على كتاب فيه عجائب الوّلي ،فرضي ال عنهم جيعا؛ ما أشدّ
3
() رواه ابن الضريس ف (( فضائل القرآن )) ( )88والطيب ف (( الامع )) ( ،)1490وهو ف 3
136
مدارك النظر في
142
السياسة
معن السياسة
()
السياسة لغةً " :هي القيام على الشيء با يُصلحه " .
1
قلت :ومنه قول أساء بنت أب بكر الصدّيق رضي ال عنهما " :تزوّجَن
الزبي ومالَه ف الرض مالٌ ...فكنتُ أعلف فرسه ،وأكفيه مؤنته ،وأسوسه،
ق النوى لِناضحه ...حت أَرسل إلّ أبو بكر بعد ذلك خادما فك َفتْنوأد ّ
()
سياسةَ الفرس ،فكأنا أعتقن " ،ولذلك كتب ابن الزار القيوان ف
2
إصلح شئون الصبيان والحافظة على طبيعة أجسامهم و ِطبّها مؤلّفا أساه
(( سياسة الصبيان وتدبيهم )) ؛ لن لفظة ( السياسة ) مشتقة من " السُوس
()
بالضم :الطبيعة والصل واللق والسجية " .
3
ومن هذا العن العام أُخذ العن الاص الت وهو " :من السوس ،وهي
()
الرياسة ،وف الديث »:كان بنو إسرائيل يَسوسهم أنبياؤهم « أي يتول
4
()
أمرهم كما يفعل المراء والولة بالرعية " .
5
() » لسان العرب « لبن منظور بتحقيق علي شيي (.)6/429 1
() » الطبقات الكبى « لبن سعد ( )8/182وصحّحه الافظ ف » الصابة « (.)4/224 2
142
143 مدارك النظر في
السياسة
ابن تيمية " :يب أن يُعرف أن ولية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل ل
قيام للدين والدنيا إل با ،فإن بن آدم ل تتم مصلحتهم إل بالجتماع لاجة
بعضهم إل بعض ،ول بد لم عند الجتماع من رأس ...إل أن قال :لنّال
تعال أوجب المر بالعروف والنهي عن النكر ،ول يتم ذلك إل بالقوة
()
والمارة ،ولذا روي (( :أن السلطان ظلال ف الرض )) ويقال:
2
()
( ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بل سلطان ) والتجربة تبيّن ذلك ،
3
() هذه العبارة من الكلمات السلفية الت لو كان شيء منها وحيًا لكانت هذه منه؛ ومن 3
143
مدارك النظر في
144
السياسة
ولذا كان السلف كالفضيل بن عياض وأحد بن حنبل وغيها يقولون :لو
كان لنا دعوة مستجابة لدعونا با للسلطان ...فالواجب اتاذ المارة دينا
وقربة يتقرب با إلال ؛ فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل
()
القربات ،وإنا يفسد فيها حال أكثر الناس لبتغاء الرئاسة أو الال با " .
1
ول تستوحش من قول خلّف السابق .. " :وإن ل يتفق وأقوا َل الئمة
الجتهدين "؛ فإن القصود به أن السياسة الشرعية ليست حكرا على الئمة
عاش أيام المن والرخاء ف الزائر ،ورأى الفت الت توج بالناس اليوم كموج البحر
أدرك مغبّة الروج على الكام؛ فقد ظهرت دولة ف دولة! واستحرّ القتل ف السلمي
بيد عمياء ،واستغل الشيوعيون الوضع للتخلص من بعض الخلصي ،واندفع الشباب
البيء إل اليجاء اندفاعا منونابسبب فتاوى رُوَيبِضات هذا الزمن ،وانتعشَ الكفرُ عند
ذوي النعرة الببرية بسبب تسليط علي بن حاج لسانه عليهم بقّ وبباطل! مع أن ال
َ
ه
ن الل ِ
من دُو ِ
ن ِ
عو َن يَدْ ُ
ذي َ سبُّوا ال ّ ِ ول َ ت َ ُ يقول ف الشركيَ { :
م } ،ولعله لول يدخل معهم ف صراع حزب
عل ٍ
ر ِ ْ
غي ْ ِ عدْ ً
وا ب ِ َ ه َسبُّوا الل َ َ
في َ ُ
لذكر فقه هذه الية ،ولكن ( الكرسي ) ...؟! وترى الواحد يرّ بنقطة التفتيش
العسكرية فل يدري ما يقول؛ لنا قد تكون من الكومة وقد تكون من الثوار! كما ل
يأمن عندها على أهله؛ فقد سُبِيَت النساء السلمات من قِبَل جاعته الت ربّاها ( :جاعة
التكفي ) ،واغتُصبت الموال باسم الغنائم ،ومنعوا السلفيي من الدعوة بزعم" أننا ف
رهج الوت وأنتم ل تزالون ف ( حدّثَنا )؟!!" ،وغلَت السعار حت تضاعفت عشرين
مرة ف كثي من الضروريات ،وفُرضت على الشعب ضرائب ثقيلة بسبب النكسة
القتصادية ،وأثقلُ منها الُرُوش الت تفرضها عليه الماعة السلمية السلحة باسم
النفاق ف سبيل ال! ومَن ل يَستجيب لم من الغنياء فالقتل موعده! وهدموا السور
والبان الامة وقطعوا الطرق الت بذل فيها الشعب أنفس أمواله ...فاجتمع الوع والوف
ما
ف بِ َ
و ِ
خ ْ
وال َ
ع َ
جو ِ
س ال ُ
ه لِبَا َ
ها الل ُ فأَذَا َ
ق َ كما قال ال تعالَ { :
ن} .وهذه هي بركة التحزب! عو َ كَانُوا ي َ ْ
صن َ ُ
144
145 مدارك النظر في
السياسة
التقدمي ،بل ل بأس من أن يتهد العال التبحّر من أول المر فيما يَجدّ للمة
من نوازل بالقيود السابقة ،ولذلك قال " :فالسياسة الشرعية على هذا هي
العمل بالصال الرسلة؛ لن الصلحة الرسلة هي الت ل يقم من الشارع دليل
على اعتبارها أو إلغائها ".
وهو المر الذي نقله ابن القيم عن ابن عقيل نقل الق ّر وهو قوله " :فإن
أردتَ بقولك ( :ل سياسة إل ما وافق الشرع ) أي ل يالف ما نطق به
الشرع فصحيح ،وإن أردتَ ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة؛ فقد
جرى من اللفاء الراشدين من القتل والثل ما ل يحده عال بالسي ،ولو ل
()
يكن إل تريق الصاحف كان رأيا اعتمدوا فيه على مصلحة . " ...
1
ولذلك قال ابن نيم " :وظاهر كلمهم أن السياسة فعل شيء من الاكم
()
لصلحة يراها ،وإن ل يرِد بذا الفعل دليل جزئي " .
2
145
مدارك النظر في
146
السياسة
يُعالوا هذا النراف فضاق عليهم منهج النبيي وسبيل الؤمني حت اعتمدوا
النظم الغربية الكافرة للوصول إل الكم با أنزل ال زعموا! كالولوع باللعبة
الديقراطية ودخول البلانات ،والتّكاء على الغثاء للضغط على الكومات؛
فتارة يدّعون أن المر ف ذلك مصلحة مرسلة والشريعة مرِنة! وتارة يَدّعون
أنم مضطرون إليها وقلوبم لا كارهة!! فما زالت بم هذه السياسة حت
اسَتحْسنوا الكذب والسباب ،واستمْرَأوا اليانة والكر بالحزاب ،وجرى على
لسان العوام أن ل سياسي إل ذو كذب مرتاب .وهذه السالك أشد من
مالفات الكام؛ لن هؤلء ل يُقتَدى بم ف غالب ديار السلم ،أما
السلميون السياسيون فمحطّ نظر الواص والعوام! فما أشدّ منتهم للناس!!
وقد نبّه ابن القيم على هذا اللط ف معان السياسة فقال " :هذا موضع
ضنْك ومعتَرَك صعب ،فرّط فيه طائفة مزلة أقدام ومضلة أفهام ،وهو مقام َ
فعطّلوا الدود وضيّعوا القوق ،وجرّؤوا أهل الفجور على الفساد ،وجعلوا
الشريعة قاصرة ل تَقوم بصال العباد ،وسَدّوا على أنفسهم طرقا صحيحةً من
الطرق الت يُعرَف با الحِق من البطل ،فعطّلوها مع علمهم وعلم الناس با أنا
أدلة حق ،ظنا منهم منافاتا لقواعد الشرع ،والذي أوجب لم ذلك نوعُ
تقصي ف معرفة الشريعة والتطبيق بي الواقع وبينها ،فلما رأى ولة المر ذلك
وأن الناس ل يستقيم أمرهم إل بشيء زائد على ما فهم هؤلء من الشريعة
فأحدثوا لم قواني سياسية ينتظم با مصال العال ،فتولّد من تقصي أولئك ف
الشريعة وإحداث هؤلء ما أَحدثوه من أوضاع سياستهم شرّ طويل وفساد
س ّوغَتعريض ،وتفاقم المر حت تعذّر استدراكُه ،وأفرط فيه طائفة أخرى ف َ
منه ما يُناقض حكم ال ورسوله ...ول نقول إن السياسة العادلة مالفة
للشريعة الكاملة ،بل هي جزء من أجزائها وباب من أبوابا ،وتسميتها
146
147 مدارك النظر في
السياسة
()
1
( سياسة ) أمر اصطلحي ،وإل فإذا كانت عَدْلً فهي من الشرع " .
قلت :هذه الرونة الشروعة ف سياسة اللق يكن التمثيل لا با رواه
الشعب قال :قال زياد " :ما غلبن أميُ الؤمني ( أي معاوية ) بشيء من
السياسة إل ببابٍ واحدٍ :استعملتُ رجلً فكثُر خراجه ،فخشي أن أعاقبه ،ففرّ
إل معاوية ،فكتبت إليه :إنّ هذا أدب سوء لن قبلي ،فكتب إلّ :إنه ليس
ينبغي ل ول لك أن نسُوس الناس بسياسة واحدة؛ أن نلي جيعا فتمرح الناسُ
ف العصية ،أو نشتدّ جيعا فنحمل الناسَ على الهالك ،ولكن تكون للشدّة
()
والفظاظة ،وأكون للّي والرّأفة " .
2
قلتُ :هذه السياسة الت فاق با معاوية زيادا هي الت مكّنَته مِن أن
يكم أهل الشام أربعي سنة ف وُدّ تامّ كما ذكر أهل التاريخ.
() رواه ابن أب شيبة (11/92ـ ،)93وانظر له طريقي آخرين ف » الفوائد والخبار « 2
147
مدارك النظر في
142
السياسة
الصلح السياسي
الشكلة ف هذا الصراع الحتدم ثنائية:
الول :هل الصلح يتم عن طريق إصلح الاكم أو عن طريق إصلح
المة؟
الثانية :إذا كان ل بدّ من المارسة السياسية فمن هم أهلُها؟
أما الواب عن الول ففي نص آية وحديث ـ ول اجتهاد مع النص ـ
ما حتَّى ي ُ َ
غي ُِّروا َ وم ٍ َ ما ب ِ َ
ق ْ ه ل َ يُ َ
غي ُِّر َ قالال تعال{ :إ ِ َّ
ن الل َ
م}.
ه ْ
س ِ بِأَن ُ
ف ِ
فما أوضحه من بيان! لكن مع وضوحه فأكثر من تسمّوا بأساء حركات
إسلمية قد اجتهدوا وجاء لسان حالم يقول :إنال ل يغي ما بقوم حت
يغيوا ما بكوماتم!! ول حول ول قوة إل بال ،غاضّي الطرف عن السية
النبوية الفسرة لذا البيان ،غافلي عن أنه ل عزّ لم حت يتحكم الدين ف
نفوسهم ،لديث ابن عمر رضيال عنهما أن النب قال » :إذا تبايعتم
بالعينة وأخذت أذناب البقر ،ورضيتم بالزرع ،وتركتم الهاد ،سلطال عليكم
ذ ًل ل يرفعه عنكم حت ترجعوا إل دينكم « رواه أبو داود وهو حسن.
ه هذا حكمال ورسوله { َ َ
وآيَات ِ ِ
ه َ
عدَ الل ِ
ث بَ ْدي ٍ ح ِ ي َ فبِأ ِ ّ
ن}؟!منُو َ يُ ْ
ؤ ِ
فاحذروا ـ أي إخواننا! ـ من رد الق تاكما إل واقعكم أو اغترارا
بتجربتكم أو إرضاءً لنخالة أذهانكم! أوَ ليس قد حكمال أن ل تكي ف
الرض ول استخلف ول أمن ول نصر إل بأمة ،وأي أمة؟! إنا أمة العبادة
مع توحيد خالص فاقرأ كلما ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من خلفه تنيل
َ
ممنك ُ ْ منُوا ِذين ءا َ ه ال ّ ِعدَ الل ُ و َمن حكيم حيد الذي قالَ { :
143 مدارك النظر في
السياسة
َ
ماض كَ َ م في الْر ِ ه ْ فن َّ ُستَخل ِ َ ت لَي َ ْحا ِ صال ِ َملُوا ال َّ ع ِو َ
َ
م
ه ُ م ِدين َ ُه ْ ن لَ ُمكِن َ َّم ولَي ُ َ ه ْ قبْل ِ ِ من َ ن ِ ذي َ ف ال ّ ِ خل َ َست َ ْ ا ْ
َ َ
مناً
مأ ْ ه ْ ف ِ
و ِخ ْد َ ع ِ من ب َ ْ هم ِ دّلَن َّ ُ
ولَيُب َ ِ
م َه ْ ضى ل َ ُ ذي اْرت َ َ ال ّ ِ
شيْئاً }. ن بِي َ ركُو َ ش ِعبُدُونَنِي ل َ ي ُ ْ يَ ْ
وعلى كل حال ل أطيل ف هذا ،وإنا أحيلكم على كتاب ل تقع عين
على مثله ف هذا الزمان ،وهو بعنوان » منهج النبياء ف الدعوة إلال فيه
الكمة والعقل « للدكتور ربيع بن هادي الدخلي ،ول تغترّوا بن حاول أن
ينسج على عنوانه الاتع ما يضاهيه؛ فإنه ل يأت إل بالباطل و با يشبه خيوط
العنكبوت.
وف الواب عن الشكلة الثانية أقول:
أ ّولً :لست باجة إل تقرير أن السياسة من الدين؛ لنن ل أظن أن
مستواكم اللقي قد هبط بكم إل رمي أخيكم ـ كاتب هذه السطور ـ بأنه
يفرق بي الدين والدولة بعد أن قالال تعال{ :إنَّا أَنَزلْنَا إِلَي ْ َ
ك
ك اللُه }. ما أََرا َ س بِ َ َ
ن الن ّا ِ حك ُ َ
م بَي ْ َ ق لِت َ ْ
ح ِّ
ب بِال َالكِتَا َ
وأخب أن تعطيل الشريعة اتباع للهوى فقال{ :وأَنَزلْنَا إِلَي ْ َ
ك
بن الكِتَا ِ م َ ه ِن يَدَي ْ ِ ما بَي ْ َ دّّقا ً ل ِ َ
ص ِ م َق ُ ح ِّ ب بِال َ الكِتَا َ
ه ول َ تَتَّب ِ ْ
ع ل الل ُ ما أَنَز َ هم ب ِ َ حكُم بَيْن َ ُ ه َ
فا ْ علَي ْ ِ منا ً َ هي ْ ِ
م َو ُ
ق}.ح ِّ ن ال َ م َ ك ِ جاءَ َ ما َ ع َّ م َ ه ْ واءَ ُ ه َأَ ْ
م
حك َ ف ُ وليس تعطيل الشريعة إل جاهلية مقيتة قالال تعال{ :أ َ َ
حكْما ً ل ِ َ َ
ومٍ ق ْ ه ُن الل ِ م َ ن ِ س ُ ح َ نأ ْ م ْ نو َ غو َ هلِي َّ ِ
ة يَب ْ ُ الجا ِ
قنُون}. يُو ِ
وثانيا :اعلم أن سبب فشل الركات السلمية اليوم ف إصلح هذا
مدارك النظر في
144
السياسة
ولست أعن هنا عدم النصيحة لولة المور بالطريق الشروع ومن ينفع
ال به وإعانتهم ف الي؛ فقد فعله يوسف من قبل حي قال:
م}، في ٌ َ علَى َ علْنِي َ {ا ْ
علِي ٌظ َ ح ِ
ض إنِّي َ ن الْر ِ خَزائ ِ ِ ج َ
كما أن سية السلف ف الخلص ف النصيحة لولة المور وعدم غشّهم فيها
معروفة ،ول سيما إذا كانت البل ُد بل َد توحيد ومافظة على الصلوات وحبّ
()
للخي . 1
ولكنن مَذّر من سياسة مَدّ السور الت عند الخوان السلمي! أوَ ما
()
رأيتم ما أصابم مِن رقّة دين وفتنة فيه؟!
2
() ولذلك عقد البخاريّ ف (( صحيحه )) ( " :)13/180باب العرفاء للناس " ،أي ف الي. 1
() انظر لبن تيمية بثًا هاماّ ف هذا الوضوع ف » مموع الفتاوى « ( )14/479وما 2
بعدها.
147 مدارك النظر في
السياسة
()
الجتهد ف النوازل ،فهذا النوع الذي يَسوغ لم الفتاء ويَسوغ
2
استفتاؤهم ويتأدى بم فرضُ الجتهاد ،وهم الذين قال فيهم رسولال :
» إنال يبعث لذه المة على رأس كل مائة سنة من يدّد لا
()
دينها « ". 3
قلت :أي بلوغ درجة الجتهاد كما قال الاوردي " :العلم الؤدي إل
()
الجتهاد ف النوازل والحكام" ،وقال الشاطب " :بل إذا عرضت النوازل
4
روجع با أصولا فوُجدَت فيها ،ول يدها مَن ليس بجتهد ،وإنا يدها
()
الجتهدون الوصوفون ف علم أصول الفقه " .
5
فتدبر هذا العلم! وتدبر هذه الدقة الت لو حرص السلميون على
تقيقها لصانوا هذا الدين من عبث حدثاء السنان.
() قال الشيخ بكر أبو زيد " :يراد بالنوازل :الوقائع والسائل الستجدة والادثة الشهورة 2
وقد مثّل ابن رجب لذا بالمام أحد ـ رحهما ال ـ؛ فقد بيّن وجه
استحقاقه لنصب الفتوى ف الوادث ـ أي النوازل ـ بأن وَصَفه ببلوغ
النهاية ف معرفته بالقرآن والسنة والثار ،فمِنَ القرآن :ناسخه ومنسوخه،
ومُقدّمه و ُمؤَخّره ،وجَمْعه ف تفسيه مِن أقوال الصحابة والتابِعي الشيءَ
الكبي .ومِ َن السنةِ :ح ْفظُه لا ،ومعرفته بصحيحها من سقيمها ،ومعرفته
بالثقات من الجروحي ،وبطُرق الديث وعلله ،ليس ف الرفوع منه فحسب،
بل وف الوقوف منه! وبفقهه .وبعلوم الئمة :ذَكر أنه عُرِض عليه عامّة أقوالم
...إل أن قال " :ومعلوم أنّ مَن َفهِمَ ِعلْم هذه العلوم كلّها وبرع فيها،
فأسهلُ شيء عنده معرفةُ الوادث والواب عنها ،على قياس تلك الصول
الضبوطة والآخذ العروفة ،و ِمنْ هنا قال عنه أبو ثور :كان أحد إذا سئل عن
()
مسألةٍ كأ ّن عِلْمَ الدنيا َل ْوحٌ بي عينيه ،أو كما قال " .
2
قلت :فأيّ هؤلء الذين ابتدعوا اليوم ( فقه الواقع ) ـ لِيُسقِطوا به العلماء
ـ تَ َروْنه قد بلغ ف العلوم هذه الغاية ،حت جعلتموه ف نوازل السياسة لكم
آية؟!
لقد كان أحد ـ رحه ال ـ يُفت ف الوادث وينهى تلمذته عن ذلك؛
قال ابن رجب " :وأمّا ِعلْمُ السلم ـ يعن اللل والرام كما فسّره هو ف
كتابه الذكور ص ( )46ـ فكان يُجيب فيه عن الوادث الواقعة مّا ل يَسبق
() من كتابه الطبوع باسم (( الرّدّ على مِن اتبع غي الذاهب )) ...ص (39ـ .)44 2
149 مدارك النظر في
السياسة
فيها كلمٌ؛ للحاجة إل ذلك ،مع َنهْيه لصحابه أن يتكلّموا ف مسائل ليس
()
لم فيها إمام " .
1
ومِن كلم ابن القيّم السابق تَعلم أن رجوع الشباب اليوم ف النوازل
السياسية إل الركيي والتكوّني على موائد الجلت ووسائل العلم
والتخرّجي من خليا الخيّمات ـ مهما زعموا أنم متحرّرون من قيود غابر
الذاهب أو متضلّعون بأسرار ما يعاصرون من الذاهب ـ مصادمٌ لذه
النصوص الت أوردتُها عن هؤلء العلم ،وأن العمّمي من مقلّدة الذاهب غي
داخلي ف قول ابن القيّم ( :الذين يسوغ استفتاؤهم ويتأدّى بم فرض
الجتهاد )...مهما ( تَدَ ْكتَرُوا )؛ ل ّن القلّد غي الجتهد ،بل القلّد هو
الاهل! كما هو معلوم من كتب أصول الفقه؛ قال الطيب البغدادي... " :
حت يد طريقا إل العلم بأحكام النوازل وتييز القّ من الباطل ،فهذا ما ل
()
مندوحة للمفت عنه ،ول يوز له الخلل بشيء منه " .
2
ولذا كان مِنَ الهية بكان أن يُ َميّز طالبُ العلم أهلَ الفتوى ف هذا
اليدان مِن غيهم مّن تسوّروا الحراب ،أو دخلوه من غي هذا الباب؛ فقد
كان سلفُنا الصال على دراية تامّة بذلك؛ قال أبو حات الرازي ـ رحه ال
ـ:
" مذهبنا واختيارنا اتّباعُ رسول ال وأصحابه والتّابعي ومَن بعدهم
بإحسانٍ ...ولزوم الكتاب والسنة والذّبّ عن الئمّة الّتبِعة لثار السلف،
واختيار ما اختاره أهلُ السنة من الئمة ف المصار ،مثل مالك بن أنس ف
() (( الصدر السابق )) ص ( ،)48وانظر (( مناقب المام أحد )) لبن الوزي ص ( )231و
(( 1
الدينة ،والوزاعي بالشّام ،والليث بن سعد بصر ،وسفيان الثوري وحّاد بن
زيد بالعراقِ ،منَ الوادث مّا ل يوجد فيه رواية عن النبّ والصحابة
()
والتّابعي ،وَترْك رأي ا ُللَبّسي الُمَوّهي الزخرفي المخرِقي الكذّابي!" .
1
إذا فقد بان لذي بصية الطّالب للحقّ مَن يسوغ استفتاؤه ف هذا.
فمالكم ـ يا شباب السلم! ـ تتهافتون على السياسة ،وتوي إليها
أفئدتكم ،وتأتون مالسها من كل فجّ عميق ،كأنا لكم! ولعل رجالا ل يلقوا
بعد ف أوساطكم؟! فأول لكم :تعلّم ما ف الكتاب والسنة ما تقدرون عليه
ويب عليكم أو يُستحب؛ لنه أثبت لستقامتكم وأضمن لوصولكم إل ما
قفزت إليه الن ،قالال تعال{ :ول َ َ
نعظُو َ علُوا َ
ما يُو َ م َ
ف َ ه ْو أن َّ ُ
َ ْ
شدَّ تَثْبِيتاً }.وأ َ َ
م َ خيْرا ً ل َ ُ
ه ْ ه لَكَا َ
ن َ بِ ِ
ولا أضحى العملُ السياسي ـ الذي يؤمّه الشبابُ اليوم ـ مطّيةً للولوغ
به إل العنف السمّى زورا جهادا ،ولا كان هؤلء ـ أنصافُ التعلّمي ـ
يهجمون بل تردّد ول تفّظ على البحث ف دقائق مسائل الهاد ،أجدن
حينئذ حريصا على نقل كلمة عظيمة لبن تيمية ـ رحه ال ـ قالا ف
معرض كلمه عن الهاد ،فقال " :وف الملة فالبحثُ ف هذه الدّقائق من
()
وظيفة خَواصّ أهل العلم " .
2
قال أبو شامة " :وأكثر ما أُت الناس ف البدع بذا السبب؛ ُيظَنّ ف
شخص أنه من أهل العلم والتقوى ،وليس هو ف نفس المر كذلك ،فيَرْمقون
أقواله وأفعاله ،فَيتّبِعونه ف ذلك ،فتفسد أمورهم؛ ففي الديث عن ثوبان
أن النب قال (( :إنّ ما أتوّف على أمت الئمةَ الُضلّي )) أخرجه ابن ماجه
والترمذي وقال :هذا حديث صحيح ،وف (( الصحيح )) أن النب قال (( :إنّ
() رواه الفسوي ف (( العرفة والتاريخ )) ( )1/670والطيب ف (( الفقيه والتفقه )) (.)1039 1
قلت :لقد قلت لنائب علي بن حاج :الاشي سحنون ف مسجد صلح الدين بيّ بلكور
ف العاصمة ـ وهو يستعدّ لول مظاهرة لبهته ـ " :قد سألنا العلماء :الشيخ اللبان
والشيخ ابن باز عن حكم الظاهرة ،فمنعاها ،فمَن أئمّتكم ف هذا الشأن؟ فقال " :كما
مدارك النظر في
152
السياسة
قلت :وعلى هذا كان هدي السلف؛ قال هشام بن عروة " :ما سعتُ أب
يقول ف شيء قطّ برأيه ،قال :وربا سئل عن الشيء فيقول :هذا مِن خالص
()
السلطان " . 1
وقال ابن هرمز " :أدركتُ أهل الدينة ،وما فيها إل الكتاب والسنة،
()
والمر ينِل فينظر فيه السلطان " .
2
ه فمَن هو الرجل الصال لذلك إذن؟ قالال تعال{ :إ َّ
ن الل َ
ة في ال ِ ْ
سط َ ً علَيْك ُ ْ
صطَفاهُ َ
علمِ م وَزادَهُ ب َ ْ ا ْ
سم } فهو ليس عالما ً فقط ،بل مبسو ٌ
ط له ج ْ ِ
وال ِ
في العلم! قال ابن مسعود " :ليزال الناس صالي متماسكي ما
أتاهم العلم من أصحاب ممد ومن أكابرهم ،فإذا أتاهم من أصاغرهم
()
هلكوا " . 3
() أسنده ابن البارك ف (( الزهد )) ( )1/281وعبد الرزاق ( )257 ،11/249وابن العراب ف 3
،)22/109وتابعه َج ْمعٌ .وذكر ابن حجر ف (( الفتح )) (13/301ـ )302أنه رواه قاسم بن
أصبغ ف (( مصنفه )) بسند صحيح عن عمر نوه.
قلت :وهو عند الللكائي ف (( شرح أصول العتقاد )) (.)101
() » شرح السنة « للبغوي (.)1/318 4
مدارك النظر في
154
السياسة
وليس كل مَن فَقه ف الدين عَرَف التأويل ،فمعرفة التأويل يَختص به
()
الراسخون ف العلم " .
1
قلت :تأمل هذا تفهم سبب عدم الكتفاء ف أمر السياسة بالعلم ،بل ل بدّ
من الرسوخ فيه ،ومَن عرَف مِن الشباب تأويل ابن عباس لسورة النصر ـ
كما ف تام قصة عمر السابقة ـ عرَف هل يَصلح لذا المر أو ل؟
وروى البخاري عن ابن عباس قال :كنتُ أُقْريء رجال من الهاجرين
منهم عبدالرحن بن عوف ،فبينما أنا ف منله بن وهو عند عمر بن الطاب
ف آخر حجة حجها ،إذ رجع إل عبدالرحن فقال :لو رأيتَ رجل أتى أمي
الؤمني اليوم فقال :يا أمي الؤمني هل لك ف فلن يقول :لو قد مات عمر
لقد بايعت فلنا ،فوال ماكانت بيعة أب بكر إل فلتة فتمت ،فغضب عمر ث
قال :إن إن شاءال لقائم العشية ف الناس فمحذّرهم هؤلء الذين يريدون أن
يغصبوهم أمورهم ،قال عبدالرحن :فقلت " :يا أمي الؤمني! ل تفعل ،فإن
()
الوسم يمع رَعاع الناس وغوغاءهم؛ فإنم هم الذين يغلبون على قربك
2
:إن الوسم () قال ابن منظور ف » لسان العرب « ( " :)128 /8وف حديث عمر 2
حي تقوم ف الناس ،وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيّرها عنك كل
مطي ،وأن ل َيعُوها ،وأن ل يضعوها على مواضعها ،فأمهل حت تقدم
الدينة فإنا دار الجرة والسنة ،فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ،فتقول
ما قلت متمكنا ،فيعي أهل العلم مقالتك ،ويضعونا على مواضعها " ،فقال
عمر " :أما وال ـ إن شاءال ـ لقومن بذلك أول مقام أقومه بالدينة ." ...
فما أعظم هذه الشورة! وما أقواه من متمع عرف مقادير الشياء! وأين
هذه التربية والنظر الصيف من قوم يذيعون كل خب عند العوام والواص،
خاصة منها الخبار السياسية الت فتنت الناس اليوم ،يتحدثون عنها ف حاسة
كبية كأنم يستغيثون باللق من ظلم اللق ،ل تراه عليهم وهم يقررون
التوحيد ويدفعون الشرك .وهل كان عمر يمع الناس ويقول لم :اجعوا ل
قصاصات الرائد ،وأنا أحللها لكم علنية ،ف شجاعة تامة ،ل أخاف حاكما
ول طاغوتا؟!
كل! ل يتصور هذا ف عمر الذي زجره النب زجرا شديدا عن
تتبع صحائف أهل الكتاب ،فعن جابر بن عبدال أن عمر بن الطاب أتى النب
بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ،فقرأه النب فغضب قال:
()
» أمَُتهَوّكون فيها يا ابن الطاب؟! ،والذي نفسي بيده لقد جئتكم با
1
الغوغاء ووقع فريسة ف أيديهم ،نسأل ال الثبات والصب على إرضائه وحده.
() " التّهَوّك كالتهوّر ،وهو الوقوع ف المر بغي روية ،التهوّك :الذي يقع ف كل أمر. 1
فتأمّلوا هذا الواب الكيم فإنه مستوحى من جواب بعض السلف حيث
طلب منه بعض الثائرين أن ينكر على الليفة عثمان بن عفان ،ففي
الصحيحي عن أسامة بن زيد أنه قيل له :أل تدخل على عثمان لتكلمه؟ فقال:
" أترون أن ل أكلمه إل ُأسِعكم؟ وال لقد كلمته فيما بين وبينه ما دون أن
أفتح أمرا ل أحب أن أكون أول من فتحه " .وف رواية " :إن أكلمه ف
السر ".
ومثله ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي ال عنهما قال " :دخلتُ على
حفصة ونسْواتا تنطف ،قلت :قد كان من أمر الناس ما تَرَيْن ،فلم يُجعل ل
() من شريط » أسئلة حول لنة القوق الشرعية « ف موضعي منه. 1
157 مدارك النظر في
السياسة
من المر شيء ،قالت :اِلْحق فإنم ينتظرونك ،وأخشى أن يكون ف احتباسك
عنهم فرقة ،فلم ت َدعْهُ حت ذهب ،فلما تفرّق الناسُ خطب معاوية قال :من
كان يريد أن يتكلم ف هذا المر فليُطْلع لنا قرنه ،فلنحن أحقّ به منه ومن أبيه،
قال حبيب بن مسلمة :فهلّ أجبته؟ قال عبد ال :فحللتُ َحبْوت وهمت أن
أقول :أحقّ بذا المر منك مَن قاتلك وأباك على السلم ،فخشيتُ أن أقول
كلمة تفرّق بي المع وتَسفِك الدم ويُحمَل عن غي ذلك ،فذكرتُ ما أعدّ
ال ف النان ،قال حبيب :حُفظتَ وعُصمتَ ".
قلت :يظهر من هذه الرواية رجاحة عقل ابن عمر رضي ال عنهما
وسياسته الرشيدة؛ حيث منَعته مصلحة اجتماع المة على رجل واحد مِن
ذكر مصلحته الاصة ،على الرغم من أن معاوية كان يقصده بكلمته تلك؛
كما ف رواية عبد الرزاق بسند البخاري نفسه ،قال الراويُ " :يعَرّض بعبد ال
()
بن عمر " ،ث ل بدّ من التنبيه على أنه جاء ف » أمال ابن النباري « زيادة
1
بالسند الت ،قال الراوي :حدّثنا ممد ثنا أبو بكر ثنا موسى بن ممد
()
الياط ثنا عثمان بن أب شيبة ثنا أبو معاوية عن العمش عن حبيب بن أب 2
ثابت عن هزيل بن شرحبيل قال " :خطب الناسَ معاويةُ فقال :لو بايع الناسُ
عبدا مدّعا لتبعتُهم ،ولو ل يبايعون برضاهم ما أكرهتُهم ،فنل ،فقال له
ت قول ينبغي أن تأمّله ،فرجع إل النب فقال " ... عمرو بن العاص :قد قل َ
()
بنحوه .
3
قلت :فيُفهَم من هذه الرواية أن معاوية قال كلمةَ تواضعٍ ف وقت اشتداد
() ترجم له ابن عساكر ف » تاريخ دمشق « عند حرف اليم. 2
الفت ـ أيام صفي كما نبّه عليه الافظ ـ المر الذي يتناف مع سياسة المة
بالزم سدّا لبواب الشر ،ولذلك لا نبّهه عمرو بن العاص غيّر اللهجة،
وهذا ـ بغضّ النظر عن قضية صفي ـ هو الذي تقتضيه السياسة؛ فقد نصّ
()
بعض الفقهاء على أن سلوك السياسة هو الخذ بالزم ،وعند بعضهم أن
1
()
السياسة شَرْعٌ مغلّظ ،وال أعلم.
2
() انظر » معي الكام « لعلء الدين الطرابلسي ص ( ،)164و» حاشية ابن عابدين « (.)4/15 2
159 مدارك النظر في
السياسة
تزويقات قُصّاص هذا الزمان والكلمات النمقة الؤنّثة الت يبهرجون با سترا
لعورتم العلمية ،وتغريرا بالسذج إل بدعتهم الزبية ،والقيقة أنه هو العلم لو
وجدوا له صبا.
لقد عقد البخاري ـ رحه ال ـ ف »صحيحه « ف" باب العلم قبل
()
القول والعمل" مقارنة بي ابن عباس وأب ذر رضيال عنهما يبي با معن 1
ه ر أَن ي ُ ْ
ؤتِي َ ُ
ه الل ُ ش ٍ ( الربان ) ف قوله تعال{ :ما كا َ
ن لِب َ َ
س كُونُوا َ قو َ والنُّب ُ َّ
وةَ ث ُ َّ
م يَ ُ حك ْ َ
ل لِلن ّا ِ م َ وال ُ
ب َ
الكِتا َ
ن بِماولَكِن كُونُوا َربَّانِي ِّي َ ه َ ن الل ِ من دُو ِ عبَادا ً لي ِ
ِ
ن} بي فيه أن سو َ وبِما كُنت ُ ْ
م تَدُْر ُ ب َ
ن الكِتا َمو َ عل ِّ ُ كُنت ُ ْ
م تُ َ
أبا ذر كان يذيع كل خب َيعْلَمه من رسولال خوف كتمان العلم،
وقد ل يراعى ف ذلك مستوى الناس أو قدرتم على التحمل .وأما ابن عباس
فخلف ذلك.
()
قال ـ رحه ال ـ " :وقال أبو ذر :لو وضعتم الصَمْصامة على هذه
2
() الصّمْصامة :هي "السيف القاطع" » ،لسان العرب « بتحقيق علي شيي (.)7/414 2
161 مدارك النظر في
السياسة
رجل فوقف عليه ث قال :أل ُتنْه؟ فرفع رأسه إليه ،فقال :أرقيب أنت علي؟ لو
وضعتم ...فذكره مثله .ورويناه ف اللية من هذا الوجه ،وبيّن أن الذي
()
خاطبه رجل من قريش ،وأن الذي ناه عن الفتيا عثمان " .
1
وقال ابن القيّم ـ رحه ال ـ " :وفيه أيضا تنبيه لهل العلم على تربية
المة كما يُرب الوالدُ ولدَه؛ فُي َربّونم بالتدريج والترقي من صغار العلم إل
كباره ،وتميلهم منه ما يطيقون كما يفعل الب بولده الطفل ف إيصال
()
الغذاء إليه . " ...
3
وقد ذكر ابنُ حجر أيضا ف موضع آخر فقال بعد ذكر اللف بي أب
ذر وجهور الصحابة ف كن الال عن شداد بن أوس أنه قال " :كان أبو ذر
يسمع من رسولال الديث فيه الشدة ث يرج إل قومه ،ث يرخص فيه
النب فل يسمع الرخصة ،ويتعلق بالمر الول ".
() هو ف (( اللية )) لب نعيم ( ،)1/119وصحّحه ابن حجر ف (( الطالب العالية )) (،)3051 1
:رُبّ مبلّغ أوعى من سامع )؛ وفيه الث أبواب متتابعة وهي قوله ( :باب قول النب
على تبليغ العلم ،ث قوله ( :باب العلم قبل القول والعمل )؛ وفيه تفسي معن الربان
يتخولم بالوعظة والعلم وذلك بلزوم الكمة ف التبليغ ،ث قوله ( :باب ما كان النب
كي ل ينفروا )؛ وفيه بيان لختياره ف معن الربان ،فتدبر هذا!
() » مفتاح دار السعادة « (.)1/69 3
مدارك النظر في
162
السياسة
وقال مالك " :اعلم أنه ليس يسلم الرجل حدّث بكل ما سع ،ول يكون
إماما أبدا وهو يدث بكل ما سع " رواه مسلم ف مقدمة » صحيحه «.
قلت :ولعله السر ف قول النب لب ذر (( :يا أبا ذر ،إن أراك ضعيفا وإن
أحب لك ما أحب لنفسي ،ل تََأ ّم َرنّ على اثني ،ول تَوَّلَينّ مال يتيم )) رواه مسلم.
قال الذهب " :وقد قال النب لب ذر ـ مع قوة أب ذر ف بدنه
وشجاعته ـ » :يا أبا ذر! إن أراك ضعيفا «.
فهذا ممول على ضعف الرأي؛ فإنه لو ول مال يتيم ،لنفقه كله ف سبيل
الي ،ولترك اليتيم فقيا .فقد ذكرنا أنه كان ل يستجيز ادّخار النقدين.
والذي يتأمّر على الناس ،يريد أن يكون فيه حلم ومداراة ،وأبو ذر كانت
()
فيه حدّة ـ كما ذكرناه ـ فنصحه النب " .
1
اللصة
إن من يعلّم الناس عامةً القضايا السياسية ليس ربانيا ،وإن زعم أنه يريد
توعية الغافلي وتريك الامدين ،أو يريد تقيق شولية العمل السلمي ،أل ترى
ما بوب له البخاري حي قال " :باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن
قوله " :حدّثوا الناس با يعرفون أتريدون ل يفهموا " وروى فيه عن علي
أن يُ َكذّبال ورسوله؟! " ،وف » صحيح مسلم « أن ابن مسعود قال:
" ما أنت بحدث قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان لبعضهم فتنة ".
وف » الصحيحي «أن أبا هريرة كره التحديث بديث الِراَبيْن ـ الذي
فيه تنقّص بعض الكام ـ لظهور بوادر الروج عليهم ف وقته مع تفشي
الهل ،وكان يقول " :لو شئتُ لسَمّيتُهم " ،ومثله عن حذيفة ،قال
الافظ " :ولذا كره أحد التحديث ببعض دون بعض الحاديث الت
ظاهرها الروج على السلطان ،" ...فتأمل تصرف هؤلء الكماء من
الفقهاء ،وقارن بينه وبي تصرف متناقضي زماننا ،الذين إن سَلّموا بأن الردود
على الكام بالطريقة العروفة اليوم ل يُجنَى منها خي ،فإنم يزعمون أنه ل بد
من بيان تطيطهم الاكر للمسلمي وفضح أسرارهم ليعرفوهم ...ال ،كأنه ل
يبق من بنيان دين السلمي إل هذا ،مع أن أكثر ديار السلمي ل تزال مقيمة
على شرك القبور .ولتعلم قيمة العلماء الربانيي اقت الشرطة السجلة الت
ناقش فيها الشيخ اللبان الدكتور ناصر العمر فإن فيها علما جّا ،وأذكر بذه
الناسبة أن هذا الخي حي ذكر أن أصل كتابه » فقه الواقع « ماضرة عامة
اعترض عليه الشيخ قائل " :هذا خطأ؛ لن فقه الواقع ل يكون إل بي
()
العلماء أو القوياء من طلبة العلم . " ...
1
() من (( سلسلة الدى والنور )) رقم ( ،)605/1وهو أحد الشرطة الكثية الت كانت 1
مدارك النظر في
164
السياسة
ومن خالف هذا النهج الرصي وقع وأوقع ف فتنة عظيمة؛ لنّ التحليلت
السياسية من أصعب المور ،ث الختلف ف يسيها أسرع شيء إحراجا
للصدور ،وأكثر فتنة للناس لضيق عَطَنهم ،خاصة ف عصر أضحى فيه الولء
()
والباء بي السلميي الواعي!! سياسيا بالدرجة الول ل عقديا .
2
بينهما ،والت فكّ ال أسرها من أيدي قوم حرصوا على كتمانا ،أسأل ال تعال أن يأذن
بتسريح البقية.
() لقد منّ ال على الشيخ اللبان برأة ف الق نادرة ،ومنها إفتاء الفلسطينيي بالجرة من 2
بلدهم على تفصيل يطلب من التسجيلت ،فإذا بالثائرة تثور ،كأن الشيخ كفر أو اعتدى على
صفة من صفات ال تعال ،وأخذ البتدعة يطبّلون للفتنة ،مع أنا مسألة فقهية قد وافقه عليها
كثي من الراسخي ف العلم كالشيخ ابن باز مثل ،وقد طبع بالزائر كتاب بعنوان (( حكم
الجرة من خلل ثلث رسائل جزائرية )) بتحقيق د /ممد بن عبد الكري ،من هذه
الثلث (( :أسن التاجر ف بيان أحكام من تغلب على وطنه النصارى ول يهاجر ،وما يترتب
عليه من العقوبات والزواجر )) لحد بن يي الونشريسي ( طبعة سنة 1981م ) ،وقد أعده
للتحقيق أحد إخواننا من بلد الشام ،فعسى أن يكون صدوره قريبا ليَدفع عن مقدّسي
الوطان الريبة.
ث أقول :لاذا هذه الشنشنة ،والغفلة عما هو أعظم منها؟! كإنكار العقيدة السلفية ومنها
الستواء على العرش وغيها من السائل الت يتقزز منها مثيو هذه الفتنة كالبوطي
والغزال ومصطفى الزرقاء وغيهم من العروفي بالتمذهب والتقليد ـ فيما يسمونه ـ
باليض والنفاس ،و( التمجهد ) ف دماء وأعراض الناس!! الائفي من الضغط الشعب!
الستجيبي للسياسات القومية والبعثية! فتنبهوا ـ معشر السلمي عامة ،والسلفيي
خاصة! ـ إل أن ولءكم عقدي قبل كل شيء ،وتفطنوا إل الذين يصطادون ف الياه
العكرة باستغلل الزمات السياسية الت تنق الماهي مع عاطفة فلسطي الرية! ل َهمّ
لم إل إسقاط النهج السلفي! ولو كانوا منصفي لهّهم ما هم فيه من حية عقدية عن
165 مدارك النظر في
السياسة
وقال الشافعي ـ رحه ال ـ " :ول يشاوِر إذا نزل الشكل إل أمينا
عالا بالكتاب والسنة والثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب " »
متصر الزن «.
قال ابن الصباغ ف الشامل " :اعتب الشافعي أن يكون المام من أهل
()
الجتهاد؛ لنه إذا ل يكن من أهل الجتهاد فل قول له ف الادثة " .
2
وقال الشاطبّ " :إنّ العلماء نقلوا التّفاق على أنّ المامة الكبى ل
()
تنعقد إل لن نال رتبة الجتهاد والفتوى ف علوم الشرع " .
3
قلت :وهذا التّفاق ل يضره وجود الخالف؛ لنّ من خالف فقد شرط
الجتهاد فيمن يستفتيه المام كما قال الشهرستان " :ولكن يب أن يكون
()
معه من يكون من أهل الجتهاد فياجعه ف الحكام " .فعاد المر إل
4
اشتراط الجتهاد سواء ف المام نفسه أو فيمن يرجع إليه المامُ من الفقهاء.
وقال ابن حدان الرّان " :الجتهد الطلق وهو الذي ذكرناه آنفا إذا
استقلّ إدراكه للحكام الشرعيّة من الدلّة العامة والاصة ،وأحكام الوادث
()
منها . "...
5
وأقول :إنّال اختار آدم للفة الرض دون اللئكة ل لكونه عالا ببعض
دون بعض ،ولكن لكونه ميطا با عبّرال عنه بلفظ الكلية حي قال:
َ َ َ
ها}.ماءَ} ول يسكت ولكن زاد {كُل ّ َ س َ
م ال ْ عل ّ َ
م آدَ َ {و َ
قال :قاعدت أبا هريرة خس سني فسمعته يدّث عن النب قال (( :كانت
بنو إسرائيل تسوسُهم النبياءُ ،كلما َهلَك نبّ َخَلفَه نبّ ،إل أنّه ل نبّ
بعدي )) متفق عليه ،ومصداقه ف كتابال قوله سبحانه{ :إنّا أنَزلْنَا
َ
ن
ذي َ م بِها النَّبِيُّو َ
ن ال ّ ِ حك ُ ُ
ونُوٌر ي َ ْ
هدًى َفيها ُ وَراةَ ِ الت َّ ْ
َ َ
حبَاُر }... وال َ ْ والَّربَّانِيُّو َ
ن َ ن هادُوا َ
ذي َ سل َ ُ
موا لِل ّ ِ أ ْ
الية.
إذن فالسياسة كانت للنبياء عليهم الصلة والسلم؛ لنم كانوا أحقّ
با وأهلها ،فإذا مات النبياء عليهم الصلة والسلم كانت نصيب ورثتهم
قال رسولال » :إنّ العلماء ورثة النبياء « رواه التّرمذيّ وهو حسن.
فما لطلبة العلم يومون حول التّركة طامعي ،وليس لم فيها نصيب ل
تعصيبا ول مفترضي؟! ولذا كان من دقّة التّعبي القرآنّ أن وصف الُ
الرّجال الستحقي للمامة بـ ( اليقي ) ف علمهم فقال سبحانه:
َ م أَئ ِ َّ
صبَُرواما َرنا ل َ َّ ن بِأ ْ
م ِ هدُو َة يَ ْ
م ً ه ْ علْنَا ِ
من ْ ُ {و َ
ج َ
ن} ،فجعل اليقي بدل العلم للفرق الواضح قنُو َ وكَانُوا بِآياتِنَا يو ِ َ
بي مرّد العلم وبي علم اليقي ،والقام مقام إمامة واقتداء ،وقد قال ابن القيم
ـ رحه ال ـ " :فأخب أن إمامة الدين إنا تُنال بالصب
()
واليقي " ،فما أعظم أسرار الكتاب!
1
ومن هنا قال ابن تيمية " :كان الرسولُ وخلفاؤه يَسوسون الناس ف
دينهم ودنياهم ،ث تفرقت المور :فصار أمراء الرب يسوسون الناس ف
أمر الدنيا والدين الظاهر ،وشيوخ العلم والدين يسوسون الناس فيما يُرجَع
تنبيهان
1ـ ليزول ال َعجَب من قوم ـ أحسن ما يقال فيهم أنم طلبة علم
ـ يَقيسون أنفسهم على ابن تيمية ـ رحه ال ـ فمارسوا السياسة بدعوى
أنّ ابن تيمية كان يارس السياسة! والواب من ثلثة أوجه:
الول :أنّ هذا النّوع من الستدلل بأحوال الرّجال على حكم شرعي
خبط منهجي ل تعرفه السلفية وخطأ يقدح ف توحيد التابعة ،وذلك ل ّن ابن
تيمية ـ كغيه من أهل العلم ـ يُست َد ّل له ول يُست َد ّل به ،كما ذكر ذلك
هو نفسه ـ رحه ال ـ ف (( رفع اللم )) وغيه من مصنفاته ،فهل من
متذكر؟!
الثان :أنّ ابن تيمية ـ رحه ال ـ ل يارس السياسة وإنا أفت ف
السياسة كما أفت ف غيها من فنون الشّريعة ،وقد كان يقول " :أنا رجل
()
1
ملّة ،ل رجل دَوْلة " 0
الثّالث :أين أنتم من ابن تيمية؟! ذلك الجتهد الطلق ،يقاس عليه طلبة
العلم اليوم؟! ما أشبهه بقياس الدّادين على اللئكة! قال رسولال :
» التشبّعُ با ل ُيعْطَ كلبِس ثوَب ْي زور « متفق عليه.
2ـ وأغرق ف الطأ :مَن يتجّ بمارسة يوسف السياسة حي قال:
ض} مع أنّه ما دخلها إل وله ِ ن الَْرِ علَى َ
خَزائ ِ علْنِي َ {ا ْ
ج َ
()
م} .وأهل البلغة
2
علِي ٌ
ظ َفي ٌ ح ِشهادة منال مكتوب عليها {إنِّي َ
يفرّقون جيّدا بي
( الافظ ) و( الفيظ ) ،وبي ( العال ) و( العليم ) ،فتدبّر هذا فإنّه من
() انظر (( بجة قلوب البرار )) للشيخ عبد الرحن السعدي ص (150ـ .)151 2
مدارك النظر في
172
السياسة
أسرار الكتاب الكيم! كما أنّه يُتعجّب من آخرين سوّغوا لنفسهم استلم
الوظائف السياسية اليوم با ف ذلك البلانات الكافرة أوالفاجرة ،متجّي بفعل
يوسف عليه الصلة والسلم ،غافلي عن أنّه ل يَسألا ولكن عَرَضها عليه
اللِك نفسه ،ول يَقبلها إل بعد أن ضمن له المن والتّمكي ،فل مضايقات
ول استفزاز ،ول تنّلت ول استدراج ،ول مساومات ول احتجاج،
مل ِ ُ
ك ائْتُونِي ب ِ ِ
ه ولذلك تأمل ترتيبه ف قوله تعال{ :وقا َ
ل ال َ
ل إن َّ َ َ َ
م
و َ
ك الي َ ْ قا َه َ ما كَل ّ َ
م ُ فل َ َّ
سي َ ف ِ ه لِن َ ْص ُ
خل ِ ْ
ست َ ْ أ ْ
علَى َ علْنِي َ ن .قا َ َ
نخَزائ ِ ِ ج َ
لا ْ مي ٌ نأ ِ مكِي ٌلَدَيْنَا َ
م} ،وأما هؤلء فقد أُعجِبوا بإيانم في ٌ َ
علِي ٌ ظ َ ح ِ
ض إِنِّي َ الْر ِ
وحَسّنوا ظنّهم بأنفسهم حت صوّر لم الشيطان خيال التّصلب ف الق ،وهم
ذائبون ف رضا أنظمة اللق ،وال الستعان .أما يوسف فلم ييّع دينَه ،ول
َي ْألُ من السياسة الشرعيّة جهدَه ،ول نفّذ قانون اللك الكافر باسم مصلحة
ك
مل ِ ِ
ن ال َخاهُ في ِدي ِخذَ أ َ َ
ن لِيَأ ْ ُ
الدعوة قالال تعال{ :ما كا َ
وقَ ك ُ ِّ
ل و َ
ف ْ من نَشاءُ َ
ت َ
ع دََرجا ٍ ه نَْر َ
ف ُ شاءَ الل ُإِل َّ أَن ي َ َ
()
م} . علْم ٍ َ
علِي ٌ 1
ِذي ِ
ولو تنّلنا جدلً إل مدّعاهم لقلنا كما قال علماء أصول الفقهَ " :ش ْر ُ
ع
مَن قبلنا ليس شرعا لنا فيما خالف فيه شرعنا " وقد خالفه؛ لننا نينا عن
سؤال المارة كما ف حديث عبد الرحن بن سرة قال :قال ل رسولال :
» يا عبد الرحن! لتسأل المارة؛ فإنّك إن أُعطِيتَها عن مسألة وُكِلْتَ إليها
وإن أُعطيتها من غي مسألة أُعِنتَ عليها « متفق عليه .ولقلنا إنّ يوسف عليه
الصلة والسلم قد زكّاهال وليَعمَل إل بأمرال ،أي كل البشر تري عليهم
() رواه ابن سعد ف » الطبقات الكبى « ( ،)4/335وفيه أبو هلل الراسب ،وهو ـ وإن 1
مدارك النظر في
174
السياسة
ـ أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا فيما خالف فيه شرعنا ،وقد خالفه.
ـ أن يوسف تصرّف فيما تصرف فيه بنصب الرسالة ،فلو جاز لحد
أن يقتدي به فيه فوارثه الشرعي وهو الجتهد؛ قال ابن عبد الب " :فإذا كان
ذلك ،فجائز للعالِم حينئذ الثناء على نفسه ،والتنبيه على موضعه ،فيكون
()
حينئذ تدّث بنعمة ربّه عنده على وجه الشكر لا " .وال أعلم.
1
كان حديثه ل يُطرَح بالرّة ـ فقد تابعه أيوب السختيان كما ف » السي « للذهب (
،)2/612وبه يصحّ الثر ،والمد ل.
() » جامع بيان العلم وفضله « (.)1/176 1
175 مدارك النظر في
السياسة
تأصيل
َ َ َ
ف
و ِ خ ْ و ال َ نأ ِ م ِ
ن ال ْ م َ مٌر ِ مأ ْ ه ْ جاءَ ُ قالال تعال{ :وإِذَا َ
وإِلى أُولِي ل َسو ِ و َردُّوهُ إِلَى الَّر ُ ول َ ْه َ عوا ب ِ ِ أَذَا ُ
َ َ
ول َ ْ
ولَ م َه ْ من ْ ُه ِ ستَنْبِطُون َ ُ ن يَ ْ ذي َ ه ال ّ ِم ُ م لَ َ
عل ِ َ ه ْ
من ْ ُر ِم ِال ْ
شيطَان إلَّ
َ ِ م ال َّ ْ ه لتَّب َ ْ
عت ُ ُ مت ُ ُح َ وَر ْ م َ علَيِك ُ ْ ه َ ض ُ
ل الل ِ ف َْ
قلِيلً } [النساء.]83 :َ
هذه الية ف بيانا الواضح أصل ف هذا الباب ،قال الشيخ عبد الرحن
السّعدي " :هذا تأديب منال لعباده عن فعلهم هذا غي اللئق ،وأنّه ينبغي لم
إذا جاءهم أمر من المور الهمّة والصال العامة ما يتعلّق بالمن وسرور
الؤمني أو بالوف الذي فيه مصيبة ،عليهم أن يتثبّتوا ول يستعجلوا بإشاعة
ذلك الب ،بل يردّونه إل الرسول وإل أول المر منهم أهل الرّأي والعلم
والنّصح والعقل والرّزانة الذين يعرفون المور ويعرفون الصال وضدّها ،فإن
رأوا ف إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمني وسرورا لم وترزا من أعدائهم فعلوا
ذلك ،وإن رأوا ما فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرّته تزيد على مصلحته
َ
م} أي ه ْ
من ْ ُ
ه ِستَنبِطُون َ ُ ه ال ّذي َ
ن يَ ْ م ُ ل يذيعوه ،ولذا قال{:ل َ َ
عل ِ َ
يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السّديدة وعلومهم الرّشيدة .وف هذا دليل
لقاعدة أدبيّة وهي إذا حصل بث ف أمر من المور ينبغي أن ُيوَلّى من هو
أهل لذلك ويُجعل من أهله ،ول يُتقدّم بي أيديهم فإنّه أقرب إل الصّواب
وأحرى للسّلمة من الطأ وفيه النّهي عن العجلة والتّسرع لنشر المور من
حي ساعها ،والمر
مدارك النظر في
176
السياسة
صنعتَ كذا وكذا ،فقلت لا :ومَا لكِ أنت ولا ههنا؟ وما تكل ُفكِ ف أمر
أريده؟ فقالت :عجبا لك يا ابن الطّاب! ما تريد أن ترا َجعَ أنت وإنّ ابنتك
لتُراجِعُ رسولال حت يظ ّل يومه غضبان .قال عمر :فآخذُ ردائي ث أخرج
مكان ،حت أدخل على حفصة فقلت لا :يا بنيّة! إنّك لتُراجعي رسولال
حت يظلّ يومه غضبان؟ فقالت حفصة :وال إنّا لنُراجعُه .فقلت :تعلمي أنّي
أحذّرُك عقوبةَال وغضبَ رسوله ،قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِر.
أفََت ْأمَن إحداكنّ أن يغضبال عليها لغضب رسوله .فإذا هي قد هلكت .ل
تراجعي رسولال ول تسأليه شيئا ،وسلين ما بدا لك ،يا بنيّة! ل يَغرنّك
()
هذه الت قد أعجبها حسنها وحبّ رسولال إيّاها .ث خرجتُ حت
1
أدخلَ على أمّ سلمة لقرابت منها ،فكلمتها فقالت ل أمّ سلمة :عجبا لك يا
ابن الطّاب! قد دخلتَ ف كل شيء حت تبتغي أن تدخلَ بي رسولال
وأزواجه! قال :فأخ َذتْن أخذا كسرتن عن بعض ما كنت أجد ،فخرجت من
عندها .قال :وكان ل جار من النصار ،فكنّا نتناوب النّزول إل رسولال
،فينل يوما وأنزل يوما ،فيأتين بب الوحي وغيه ،وآتيه بثل ذلك ،ونن
حينئذ نتخوّف ملِكا من ملوك غسّان ،ذُكر لنا أنّه يريد أن يسي إلينا فقد
ق الباب ،وقال :افتح، امتلت صدورنا منه ،فأتى صاحب النصاري عشاء يد ّ
افتح ،فقلت :جاء الغسّانّ؟ فقال :أشَدّ من ذلك؛ اعتزل رسولال أزواجه،
فقلت :رَغِمَ أنفُ حفصة وعائشة ،قد كنت أظنّ هذا كائنا ،حت إذا صلّيت
الصّبح شددت علي ثياب ،وف رواية :دخلت السجد ،فإذا الناس يَْنكُتون
()
بالصى ويقولون طلّق رسولال نساءَه 2
ـ وذلك قبل أن يؤمرن بالجاب ـ قال عمر :فقلت :لَعلمنّ ذلك اليوم،
وأتيت الُجَر فإذا ف كل بيت ُبكَاء .قال :فدخلت على عائشة فقلت :يا بنت
أب بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسولال ؟ فقالت :مال ومالك يا
()
ابن الطّاب؟ عليك ب َعيْبَتك قال :فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لا:
3
() ينكتون بالصى :أي يضربون به الرض ،كفعل الهموم الفكّر. 2
() عليك بعيبتك :الراد عليك بوعظ ابنتك .قال أهل اللّغة :العيبة ف كلم العرب وعاء 3
يعل النسان فيه أفضل ثيابه ونفيس متاعه ،فشبّهت ابنته با .
مدارك النظر في
178
السياسة
يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسولال ؟ وال لقد علِمتِ أنّ رسول
ال ل يبّكِ ،ولول أنا لطلّقكِ رسولال ،فبكت أشدّ البكاء ،فقلتُ لا:
()
أين رسولال ؟ قالت :هو ف خزانته ف الَشْرُبة ،فدخلت فإذا أنا برباح
1
()
غلم رسولال قاعدا على أَ ْس ُكفّةِ الشربة مُدَلّ رجليه على نقي من
2
خشب ـ وهو جذع يرقى عليه رسولال وينحدر ـ فناديت :يا رباح،
استأذن ل عندك على رسولال ،فنظر رباحٌ إل الغرفة ،ث نظر إلّ فلم يقل
شيئا ،ث قلت :يا رباح ،استأذن ل عندك على رسولال ،فنظر رباحٌ إل
الغرفة ث نظر إلّ فلم يقل شيئا ،ث رفعت صوت فقلتُ :يا رباح ،استأذن ل
عندك على رسولال ،فإنّي أظنّ أنّ رسولال ظنّ أنّي جئت من أجل
حفصة ،وال لئن أمرن رسولال بضرب عنقها لضربنّ عُُنقَها ،ورفعت
صوت ،فأومأ إلّ أن ارقَه ،فدخلت فسلّمت على رسولال ،فإذا هو متّكئ
()
على رَملِ حصي قد أثّر ف جنبه ،قال :ودخلت عليه حي دخلت وأنا أرى
3
ف وجهه الغضب ،فقلت :يا رسولال ! ما يشقّ عليك من شأن النساء؟ فإن
كنت طلّقتهنّ فإنّال معك وملئكته وجبيل وميكائيل وأنا وأبو بكر
والؤمنون معك ،وقلّما تكلمتُ ـ وأحدال ـ بكلم إل رجوت أن يكونال
سى َرب ُّ ُ
ه ع َ يصدّق قول الذي أقول ،ونزلت هذه الية؛ آية التّخيي { َ
وإِن ن}َ { ، خيْرا ً ِ
منك ُ َّ واجا ً َ ن أَن يبدل َ َ
ه أْز َ
ُ ْ ِ ُ إِن طَل َّ َ
قك ُ َّ
ح
صال ِ ُ
و َ ري ُ
ل َ جب ْ ِ ولَهُ َ
و ِ م ْ
و َ ه َ
ه ُ ن الل َ فإ ِ َّ
ه َ علَي ْ ِ
هَرا َ تَظَا َ
هيٌر} ،وكانت عائشة عدَ ذَل ِ َ َ ملَئِك َ ُ م ْ
كظ ِ ة بَ ْ وال َ ن َ منِي َ
ؤ ِ ال ُ
() على رمل حصي :يقال :رملت الصي وأرملته ،إذا نسجته. 3
179 مدارك النظر في
السياسة
بنت أب بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبّ ،فقلت :أطلّقت ـ يا
ل ـ نساءَك؟ فرفع رأسه إلّ وقال »:ل « ،فقلتُ:ال أكب! لو رأيتنا رسول ا !
يا رسولال ! وكنّا معشر قريش ،قوما نغلِب النساء ،فلمّا قدمنا الدينة وجدنا
ت على امرأت قوما تغِلبُهم نساؤهم ،فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ،فتغضّب ُ
يوما ،فإذا هي تراجعن ،فأنكرتُ أن تراجعن ،فقالت :ما تنكرُ أن أراجعك؟
لياجعنَه وتجره إحداه ّن اليوم إل اللّيلة ،فقلتُ :قد فوال ! إنّ أزواج النب
خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر ،أفتأمن إحداهنّ أن يغضبال عليها لغضب
رسوله فإذا هي قد هلكت؟ فتبسّم رسولال ،فقلتُ :يا رسولال ،قد
ك هي أوسم منكِ ت على حفصة فقلتُ :ل يغرنّكِ أن كانت جارت ِ دخل ُ
وأحبّ إل رسولال منكِ ،فتبسّم أخرى ،فقلتُ :أستأنس يا رسولال ؟
قال »:نعم « ،فجلستُ ،فرفعتُ رأسي ف البيت فوال ! ما رأيتُ فيه شيئا يردّ
البصر إل أُهُبا ثلثة ،فنظرتُ ببصري ف خزانة رسولال فإذا أنا بقبضة من
() ()
شعي نو الصّاع ومثلها قَرَظًا ف ناحية الغرفة ،وإذا أُفِيقٌ معلّقٌ ،قال:
2 1
فابتدرت عيناي قال »:ما يبكيك يا ابن الطّاب؟ « ،قلتُ :يا نبّال ،ومال ل
أبكي؟ وهذا الصي قد أثّر ف جنبك ،وهذه خزانتك ل أرى فيها إل ما أرى
وذاك قيصر وكسرى ف الثّمار والنار ،وأنت رسولال وصفوته وهذه
خزانتك ،فقلت :ادعُال يا رسولال ! أن يوسّع على أمّتك فقد وسّع على
فارس والرّوم ،وهم ل يعبدونال ! فاستوى جالسا ث قال »:أف شكّ أنت يا
ابن الطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لم طيّباتم ف الياة الدنيا ،يا ابن الطّاب،
أل ترضى أن تكون لنا الخرة ولم الدنيا؟ « قلت :بلى ،فقلت :استغفر ل ،يا
ت السجد والسلمون ينكُتون بالصى، رسولال ! قلتُ :يا رسولال ،إنّي دخل ُ
يقولون :طلّق رسولال نساءَه ،أفأنزلُ فأخبهم أنك ل تطلّقهنّ؟ قال:
()
(( نعم ،إن شِئت )) فلم أزل أُحدّثه حت َتحَسّر الغضب عن وجهه ،وحت
1
بعض فوائدها
ـ أوّلا أن عمر بن الطاب وغيه من الصحابة كان قد بلغهم أن
َملِك غسّان يدبّر لم شرا ،فلم يثنهم هذا عن طلب العلم بزعم تتبّع الخبار!
ومع السف الشديد إنك لتدخل الكتبات العامة الت يرتادها طلبة العلم
الشرعي فتجد أكثرهم ف جانب الجلت و( الدوريات ) يستطلعون الواقع!
مع أن الكتبات زاخرة بكتب التوحيد والتفسي والسنة ،ول تكاد جوعهم
تكثر ههنا إل لبحث مدفوع إليه دفعا لنيل شهادة أو لدراهم معدودة! اللهم
إل القليل الذين ُحبّبَ إليهم الدين حقيقة .ويال العجب! فكم هم الذين
ليست لم أوراد يومية من الذكار النبوية ،مع أن وِرْدهم مع الذاعات
والرائد آنية!! وال الستعان.
ـ و منها التحذير من إشاعة الخبار الت وصفها بالوف والمن،
والسياسة ـ من هذا الباب ـ إمّا خب سار آمن ،وإمّا خب موف مزن ،وتد
اليوم عمدة السياسيي اللّى على تتبّع الخبار ،وتراهم يُفنون أعمارهم ف
دراسة طرق إذاعتها بدقّة ،حت يتمكّنوا من تويف الؤمني وتأمي أعداء
الدين ،ومن تأمّل أحوال السلميّي ـ الذين يتوسّلون إل توعية أتباعهم من
الواص والعوام بتحليل الخبار السياسية والتّظاهر بسعة الطّلع فيها ـ من
أشدّ الناس تأثّرا بإرجافها ،مّا يبعث ف نفوسهم فزعا شديدا من أعدائهم ،حت
إنم ليحسبون كل صيحة عليهم ،وأنّ كل هزية فمن مكرهم بم ،مع هذا
فهم يَظهرون للسّذج شجعانا إذ ظنّوهم يصدعون بالق ،ومن أمارات هذا
التّأثّر أنك لو قلت لم دعوا العوام ل تشغلوهم بالقضايا السياسية ،ول تدموا
أعداءكم بإذاعة أخبارهم ،لنّها توهن السلمي ف استضعافهم ،وليسعكم قول
مه ْم كَيْدُ ُ ضُّرك ُ ْ صبُِروا وتَت َّ ُ
قوا ل َ ي َ ُ ال تعال حينئذ {وإِن ت َ ْ
مدارك النظر في
182
السياسة
بذا يتبيّن لنا سرّ منعال تعال الؤمني أن يشغلوا أنفسهم بالعدّة الاديّة ف
الوقت الذي هم ف حاجة إل العدّة اليانيّة ،والمع بينهما ـ كما يتخيّله
الحاولون العتدال والتّوسّط ـ ف وقت افتقارها وافتقار السلطان خطأ
واضح وخلف السّية النبوية؛ لنّه ل بدّ أن تطغى إحداها على الخرى ،ولّا
كان النسان أكثر إيانا بعال الشّهادة من عال الغيب ،فإنّه ل بدّ أن ييل إل
الستعداد الادّي الذي يثّل عال الشّهادة حت يفقد أعظم روافد النصر وهو
التوكل علىال ،إغراقا ف التوكل على السباب ،مع أنّال يقول{ :إن
من ذَا
ف َم َ خذ لْك ُ ْ ب لَكُم َ
وإِن ي َ ْ غال ِ َفل َ َه َ
م الل ُصْرك ُ ُ يَن ُ
فلْيت َ َ
وك ّ ِ
ل ه َ َ َ َ علَى الل ِ
هو َد ِ
ع ِ
من ب َ ْ صُركُم ِ ذي يَن ُ ال ّ ِ
ن}. منُو َ م ْ
ؤ ِ ال ُ
وتأمّل كيف جعل الرّس ُل عليهم الصلة والسلم الص َب على الذى ،من
علَى الل ِ
ه ل َوك َّ َ َ َ
ما لَنَا أل ّ نَت َ َ التوكل قالال تعال حكاية عنهم { َ
و َ
علَى َ
ما ءَاذَيْت ُ ُ
مونَا ن َ صبَِر َّ ولَن َ ْسبُلَنَا َ
هدَانَا ُ و َ
قدْ َ َ
كّلُون }. فلْيت َ
و ِ مت َ َ
ل ال ُ وك ّ ِ وعلَى الل ِ
ه َ َ َ َ َ
إذن فالبدء بالستعداد اليان ث إتباعه ـ بعده وليس معه ـ
بالستعداد الادّي كما قالال تعال للمؤمني ف الدينة الذين حقّقوا أصل
ة من ُ
ق َّ
و ٍ عتُم ِ ستَط َ ْ
هم ما ا ْ اليان ف مكّة{ :وأ َ ِ
عدُّوا ل َ ُ
موك ُ ْعدُ َّه و َ و الل ِعدُ َّه َ ن بِ ِ هبُو َ ل تُْر ِ خي ْ ِ
ط ال َربَا ِ
من ِ و ِ
َ
م}. ه ْ عل َ ُ
م ُ ه يَ ْم الل ُ ه ُ
مون َ ُعل َ ُم ل َ تَ ْ ه ْمن دُون ِ ِ ن ِري َخ ِ
وءَا َ
خلصة هذه الفائدة :التحذير من إشاعة الخبار؛ لنّها تمل معها أمنها
أو خوفها ،والنّفوس ضعيفة ،هذا مع ما فيها من شهوة التّطلّع إل الواقع،
خاصة واقع الكراسي؛ فإنّ الفئدة توي إليها معرضة عن الوحي ،وإليك هذه
العبة:
علَي َ َ
ن
س َ ح َ كأ ْ ص َ ْ ق ُّ ن نَ ُ عن سَعد ف قولال { :ن َ ْ
ح ُ
ص} الية ،قال :أنزلال القرآن على رسوله فتله عليهم زمانا، ص ِ ق َ ال َ
فقالوا :يا رسولال لو قَصَصْتَ علينا؟ فأنزلال تعال{ :الـــر .تِل ْ َ
ك
كعلَي ْ َ
ص َق ُّ ن نَ ُ مبِين} إل قوله {ن َ ْ
ح ُ ب ال ُ
ت الكِتَا ِ
ءايَا ُ
مدارك النظر في
184
السياسة
()1 َ
زمانا ،فقالوا :يا ص} الية ،فتلها رسولال ص ِ ق َ ن ال َس َ ح َ أ ْ
ث ل لو حَ ّدثْتَنا؟ فأنزلال تعال{ :الله ن ََز َ َ رسول ا !
دي ِح ِن ال َ س َح َلأ ْ ُ ّ
كِتَابا ً ُمتَشابِهاً } الية ،قال :كل ذلك يُؤثَرون بالقرآن ( وف موارد
الظّمآن :كل ذلك يؤمرون بالقرآن ) قال خلّد :وزاد فيه آخر ،قال :قالوا :يا
َ
منُوا أَن ن ءَا َ ن لِل ّ ِ
ذي َ
ْ
م يَأ ِ
َ
ل لو ذَكّرْتنَا؟ فأنزلال تعال {أل َ ْ رسول ا !
()
ه } الية .
2
ذك ْ ِ
ر الل ِ م لِ ِ
ه ْقلُوب ُ ُ
ع ُ ش َ خ َ
تَ ْ
فتأمّل هذه التربية الربانية والرّعاية النبوية للصّحابة وقد عرفت ثارها
فيهم ،وتأمّل تربية من يستجيب لرغبة العوام فيفسدهم بالخبار السياسية
ويهيّج الشباب بل فائدة ،ث هو يتململ قائل :لاذا يتخلّفون عن دروس
العلم الصحيح الت فيها تلوة الوحيي ،بل وتعلّم العقيدة الصحيحة الت
هي مفتاح النة ،ويزدحون على الدّروس السياسية الت تروّعهم ،بل
تتخبّطهم تبّط الِنّة.
وإن تعجب فعجب قول ناصر العمر ف شريط ( السعادة بي الوهم
والقيقة ) " :هذه قصة عجيبة تابعتُ فصولا على مدى خسة عشر عاما ...
وقد تابعت شخصيا هذه القصة منذ أكثر من خسة عشر عاما ،وهي قصة
() عند أب عبيد ف » فضائل القرآن « ص ( " :)53ثّ ملّوا ملّة أخرى ". 1
() رواه البزار كما ف (( البحر الزخار )) ( )1152و( )1153و أبو يعلى ( )740وابن حبان ( 2
الكثي من واقع الناس ،فيأتيه العاميّ بالب اليقي فيفت على غرار ما سع،
وخذ مثال على ذلك قصّة الثلثة الذين عزفوا عن الدنيا ...وهل نسيت أنّ
ح ْ َ
كجئْت ُ َ
هو ِط بِ ِ ما ل َ ْ
م تُ ِ حط ْ ُ
ت بِ َ الدهد قال لسليمان { :أ َ
ن} ،فهذا طائر عَلِم من الواقع مال يعلمه رسول قي ٍ
سبَإ ٍ بِنَبَإ ٍ ي َ ِ
من َ
ِ
أوت من اللك ما ل يؤته أحد من قبله ول من بعده ،بل كان يعلم من واقع
الطي والنمل ومنطقها ما هو معلوم ،فما لعصافي الحزاب السلمية
حلّق ف أجواء مكذوبة حسبوها تتطاول على العلماء ،أن رأوا أنفسهم تُ َ
يقي النباء؟!! قال العلمة عبد العزيز بن باز .." :وما يَكثر فيه الكلم من
مظاهر الهل بالواقع اتّهام بعض أهل العلم والفضل بالهل بأحوال النافقي
والعلمانيي ،وهذا غي قادح؛ إذ يوجد ف المة منافق أو زنديق ل يَعلمه
العلماء ول يَعرفون حاله ،ول ُيعَدّ هذا الفاء عيبا ف حقهم ،قال المام
الذهب ف ترجة اللج :كان جاعة ف أيام النب منتسبون إل صحبته وإل
ملّته وهم ف الباطن مردة النافقي ،قد ل يَعرفهم نب ال ول يَعلَم بم قال
ق لَ فا ِعلَى الن ِّ َ مَردُوا َ ة َ دين َ ِ
م ِل ال َ ه ِ ن أَ ْم ْ ال تعال{:و ِ
ن} ،فإذا جاز مَّرتَي ْ ِ ذّب ُ ُ
هم َ ع ِ
سن ُ َم َ ه ْ عل َ ُ
م ُ ن نَ ْح ُ م نَ ْ
ه ْ
م ُعل َ ُ
تَ ْ
على سيّد البشر أن ل يَعلَم ببعض النافقي ـ وهم معه ف الدينة سنوات ـ
فبالول أن يَخفَى حال جاعة من النافقي الفارغي عن دين السلم بعده
()
على أمته . " ...
1
من أجل هذا ل أذكر هنا هذا العلم أعن السمّى ( فقه الواقع ) ف صفات
الجتهد .ومن مظاهر الغلوّ فيه أنّن سعت مرارا من يتناقل قصّة عن الشيخ
()
ممد ابن عثيمي ـ حفظه ال ـ يريدون إدانته بهله بالواقع زعموا ،
2
فيقولون:
" لقد نُبّه الشيخ على وجود ملّت خليعة بالسواق ،وف كل مرّة ينكر ذلك؛
لنّه ل يرها ،فبينما هو ف درسه إذ دخل عليه من رمى بالجلّة ف حجره ،فقام
() من» وجوب طاعة السلطان ف طاعة الرحن « لحمد العرين ص (44ـ .)45 1
() وهذا التّجهيل لكبار العلماء منتشر جدّا ف أوساط الشباب الشتغل بالسّياسة حتّى 2
سّوا
( هيئة كبار العلماء ) هيئة كبار العملء! فال حسيبهم.
مدارك النظر في
188
السياسة
() عن » موارد الظّمآن « للشّيخ عبد العزيز السّلمان ( ،)3/4والبيتان الولن لبن حزم 1
ـ رحه ال ـ على أنه قال ف الثان منهما " :دعاءٌ إل القرآن والسنن ،"...انظر
(( جذوة القتبس )) لحمد بن أب نصر فتّوح الميدي ص (.) 310
189 مدارك النظر في
السياسة
الخبار ،ل يأمرهم بتحليلها ولكن بردّها إل أهلها كما قال سبحانه{ :ول َ ْ
و
َ ُ
ه
م ُ م لَ َ
عل ِ َ ه ْ
من ْ ُ
ر ِ
م ِ
وإِلى أولِي ال ْ ل َ سو ِ َردُّوهُ إِلى الَّر ُ
َ
م}.ه ْ
من ْ ُه ِستَنبِطُون َ ُ
ن يَ ْ ال ّ ِ
ذي َ
وف مالفة هذه الية خيانة للمانة الت أمرال بأدائها إل أهلها {ِإ ّ
ن
وإِذَا
ها َ هل ِ َت إِلَى أ َ ْ ؤدُّوا الَمانَا ِم أَن ت ُ َمُرك ُ ْ
ْ
ه يَأ ُ الل َ
ل إ ِ َّ َ َ
ه
ن الل َ عدْ ِ موا بِال َحك ُ ُ
س أن ت َ ْ
ن الن ّا ِ متُم بَي ْ َحك َ ْ َ
ما يَِعظُكُم بِه} ،وف مالفتها خراب الدنيا ،فعن أب هريرة قال: ع َّ نِ ِ
بينما النب ف ملس يدّث القوم جاءه أعرابّ فقال :مت الساعة؟ فمضى
رسولال يدّث ،فقال بعض القوم :سع ما قال ،فكره ما قال ،وقال
بعضهم :بل ل يسمع ،حت إذا قضى حديثه قال » :أين ـ أُراه ـ السائل عن
ضّيعَت المانة فانتظر الساعة الساعة؟ « ،قال :ها أنا يا رسولال ! قال » :فإذا ُ
« ،قال :كيف إضاعتها؟ قال » :إذا وُسّد المرُ إل غي أهله فانتظر الساعة
« رواه البخاري..
فعجبا لقوم وسّدوا هذه المور إل طلبة العلم! باني على أوهام الشباب
عللَ وقصورا ،فتارة يريدون ملسا للشّورى بالسعودية للتسلل فيه ،وتارة
يريدون لنة لقوق النسان الشرعيّة ،ونايتها التّملّص بل التّخلّص من جود
()
هيئة كبار العلماء زعموا! وكان عاقبة ذلك خسرا .
1
() الغريب أن هذه الطالب لتأسيس مثل هذه الجالس من أصحاب هذا الفكر نفسه قد 1
ردّ عليها العلمة عبد ال بن حيد ـ رحه ال ـ من أكثر من ثلثي سنة ،ث هي اليوم
تيا! انظر » الرسائل السان ف نصائح الخوان « ص ( .) 32
مدارك النظر في
190
السياسة
ت أنا وحُميد بن عبد الرّحن الِ ْميَري حاجّي أو معتمرين، الُهن ،فانطلق ُ
فقلنا :لو لقينا أحدا من أصحاب رسولال فسألناه عمّا يقول هؤلء ف
القدر ،ف ُوفّق لنا عبدال بن عمر بن الطّاب داخل السجد ،فاكتنفته أنا
وصاحب أحدنا عن يينه والخر عن شاله ،فظننت أنّ صاحب سيكِل الكلم
إلّ فقلتُ :أبا عبد الرّحن! إنّه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويت َقفّرون
العلم ،وذكر من شأنم وأنم يزعمون أن ل قدر ،وأنّ المر ُأنُف.قال :فإذا
لقيت أولئك فأخبهم أنّي بريء منهم ،وأنم برآء منّي.والذي يلف به عبد
ال بن عمر! لو أنّ لحدهم مثل أُحد ذهبا فأنفقه ،ما قُبِل منه حت يؤمن
بالقدر ،ث قال :حدّثن أب عمر بن الطّاب قال :بينما نن عند رسولال
ذات يوم ،إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب ،شديد سواد الشّعر ،ل يُرَى
عليه أثر السّفر ول يعرفه منّا أحد ،حت جلس إل النب ،فأسند ركبتيه إل
ركبتيه ،ووضع كفّيه على فخذيه ،وقال :يا ممد! أخبن عن السلم .فقال
رسولال » :السلم أن تشهد أن ل إله إلال وأنّ ممدا رسولال
وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتجّ البيت إن استطعت إليه سبيل
« ،قال :صدقتَ ،فعجبنا له يسأله ويصدّقه ،قال :فأخبن عن اليان ،قال» :
أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ،وتؤمن بالقدر خيه وشرّه
« ،قال :صدقتَ ،قال :فأخبن عن الحسان قال » :أن تعبدال كأنك تراه،
فإن ل تكن تراه فإنّه يراك « ،قال :فأخبن عن الساعة قال »:ما السئول عنها
بأعلم من السائل « قال :فأخبن عن أمارتا ،قال » :أن تلد ا َل َمةُ َربّتَها ،وأن
ترى الفاة العراة العالة رِعاء الشاء يتطاولون ف البنيان « ،قال :ث انطلق،
فلبث مليّا ث قال ل »:يا عمر أتدري من السائل؟ « قلت:ال ورسوله أعلم،
قال »:فإنّه جبيل أتاكم يعلّمكم دينكم « رواه مسلم.
191 مدارك النظر في
السياسة
لذا الديث ف » كتاب التوحيد « بقوله " :باب ما جاء ف القدَر " وذكر فيه
مسائل منها قوله " :الثامنة :عادة السلف ف إزالة الشبهة بسؤال العلماء
()
" . 2
سعت أب يدّث عن أبيه قال " :كنّا نلس على باب عبدال بن مسعود قبل
صلة الغداة ،فإذا خرج مشينا معه إل السجد ،فجاءنا أبو موسى الشعري
فقال :أخَرَج إليكم أبو عبد الرحن بعد؟ قلنا :ل ،فجلس معنا حت خرج،
شرح أصول (( () رواه الطبان ( )12/430وابن منده ف (( اليان )) ( )11والللكائي ف 1
() ف الطبوع :عمر بن يي ،وهو تصحيف .والصّواب ما أثبته ،وهو :عمرو بن يي بن 3
عمرو ابن سلمة بن الارث الكوف .انظر » :تذيب الكمال « ( ،)7/132ترجة الكم ابن
البارك الباهلي.
مدارك النظر في
192
السياسة
فلمّا خرج قمنا إليه جيعا ،فقال أبو موسى الشعريّ :يا أبا عبد الرحن! إنّي
رأيت ف السجد آنفا أمرا أنكرته ،ول أر والمد ل إل خيا ،قال :فما هو؟
فقال :إن عشت فستراه ،قال :رأيت ف السجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون
الصلة ،وف كل حلقة رجل ،وف أيديهم حصى ،فيقول :كبّروا مائة،
فيكبّرون مائة ،فيقول :هلّلوا مائة ،فيهلّلون مائة ،ويقول :سبّحوا مائة،
فيسبّحون مائة ،قال :فماذا قلت لم؟ قال :ما قلت لم شيئاَ انتظار رأيك ـ
أو انتظار أمرك ـ قال :أفل أمرتم أن َيعُدّوا سيئاتم وضمنت لم أن ل
يضيع من حسناتم .ث مضى ومضينا معه حت أتى حلقة من تلك اللق،
فوقف عليهم ،فقال :ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا :يا أبا عبد الرحن!
حصى َنعُدّ به التكبي والتهليل والتسبيح ،قال :فعدّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن ل
يضيع من حسناتكم شيء؛ َويْحَكم يا أمّة ممد! ما أسرع هلكتكم ،هؤلء
صحابة نبيّكم متوافرون ،وهذه ثيابه ل َتبْلَ ،وآنيته ل تكسر ،والذي نفسي
بيده إنّكم لعلى ملّة هي أهدى من ملّة ممد؟ أو مفتتحو باب ضللة؟ قالوا:
وال ،يا أبا عبد الرحن ما أردنا إل الي ،قال :وكم من مريد للخي لن يصيبه.
إنّ رسولال حدثنا أن قوما يقرؤن القرآن ل ياوز تراقيهم ،وايْمُال ،ما
أدري لعلّ أكثرهم منكم؛ ث تولّى عنهم ،فقال عمرو بن سلمة :رأينا عامة
()
1
أولئك الِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الوارج " .
فخذوا العبة أي إخوان! من صنيع أب موسى ،فهو ل يقضي بشيء
فيما هو نازلة ف زمانه حت يعرضه على الفقيه ،مع أنّه من الفقه بكان مكي!
أليس هذا النهج عاصمة العواصم ،وفاضحة كل متعال؟!
جدّ من يا ليت شعري ما ضرّ شبابنا ودعاتنا لو أخذوا بذا الدب فيما يَ ِ
() » سنن الدّارمي « (رقم ،)210وهو ف » السلسلة الصحيحة « لللبان رقم (.)2005 1
193 مدارك النظر في
السياسة
() هو الرّاجع إل القّ الشيخ سعد الصيّن ـ حفظه ال ـ ،كنت لقيته من عشر 1
مدارك النظر في
194
السياسة
ل
سو ِو َردُّوهُ إِلَى الَّر ُ ول َ ْـ ومنها أنّ ف قوله تعالَ { :
َ َ ُ
ستَنبِطُون َ ُ
ه ن يَ ْ ه ال ّ ِ
ذي َ م ُ م لَ َ
عل ِ َ ه ْمن ْ ُ
ر ِ
م ِ
وإِلى أولِي ال ْ
ل على أنّ أخبار الواقع ترجع إل أهل العلم والسلطان؛ فهم م} دلي ً
ه ْمن ْ ُ
ِ
أولو المر ،ث من هؤلء جاعة تتول استنباط الحكام الشرعية لذا الواقع،
م} ،قال الطبي ـ رحه ال ـ " :يعن ه ْ وليسوا كلهم؛ لنّال قالِ { :
من ْ ُ
و َردُّوهُ} المر الذي نالم من عدوّهم والسلمي ،إل جلّ ثناؤه {ول َ ْ
رسولال وإل أول المر ،يعن :وإل أمرائهم ،وسكتوا فلم يذيعوا ما
جاءهم من الب ،حت يكون رسولال أو ذوو أمرهم هم الذين يتولّون
الب عن ذلك بعد أن تثبت عندهم صحّته أوبطلنه ،فيصححوه إن كان
()
صحيحا أو يبطلوه إن كان باطلً . "...
1
قلتُ :ولذا فرمي بعض أهل العلم بالنزواء والنطواء على أنفسهم ظلم؛
لنّال تعال ل يفرض هذا العلم إل على الكفاية بصريح هذه الية .ولو كانوا
مصيبي ف انتقادهم لكانوا مطئي؛ لنم لا تفقّهوا ف الواقع ـ وقد رأوا
أنفسهم أهلً لذلك! ـ فقد َك َفوْا غيهم هذه الؤنة ،فعل َم العتاب علمَ؟!
قال العلّمة ربيع بن هادي الدخلي ـ حفظه ال ـ " :فإذا كان بعض
الحزاب يدّعي أنّه يعرف فقه الواقع وما يدبّر للمسلمي ،فلماذا تلوم
السّلفيي وتصفهم بالغفلة عن واقع المّة ،وقد سقط عنهم هذا الواجب
بقيام غيهم به؟! ".
سنوات ف بيته بالردن ،وكان يومها متحمّسا لم ،ثّ أُخبتُ بعدها بسنوات عن
81 تراجعه ،ثّ قرأت ما كتبه فيهم ،فجزاه ال خيا ،انظر »:حقيقة الدّعوة إل ال « (ص
ـ ط .الثانية).
() » تفسي الطّبي « (4/183ـ )184ط .دار الكتب العلمية. 1
195 مدارك النظر في
السياسة
قلت :فافهم هذا ـ رحك ال ـ وأنصف! وقال " :ول يوز أن يُنال من
العلماء والدّعاة الذين تشغلهم واجباتُهم العلمية والدّعوية عن متابعة الصّحف
والجلّت وتقارير الخابرات المريكية والسرائيلية وغيها؛ مكتفي بتابعة
غيهم لذه المور ،وهذا ما يقتضيه العقل والشرع ل العواطف العمياء ،فقد
()
فرغ العلماء من بيان واجبات العيان وواجبات الكفاية " .
1
وهذا يذكّرن أيضا بذلك الوار العلمي الاتع بي الشيخ اللبان والشّابّ
ناصر العمر ،حيث كان هذا الخي يقرأ فصولً من كتابه » فقه الواقع «،
فكان كلما أدخل طلبة العلم ف هذا الفقه ،يقول له الشيخ :اشطُب على
كلمة ( طلبة العلم ) وضع بدلَها ( بعض أهل العلم ) ،فتأمّل هذا وعضّ
عليه بالنواجذ!
ـ ومنها أن مالفة هذا النهج يفتح شرّا مستطيا على المّة لقولال تعال
ه
مت ُ ُ
ح َعلَيْكُم وَر ْ
ه َ ل الل ِ ض ُ
ف ْول َ َ ف ختام آية الباب{ :ول َ ْ
قلِيلً } ،وباتّباع الشيطان تَحصل الفرقة؛ ن إل َّ َ شيْطَا َ عت ُم ال َّ
لتَّب َ ْ ُ
َ
يه َ قولُوا ال ّتِي ِ عباِدي ي َ ُ قل ل ِ ِ كما قالال تعال{ :و ُ
َ
ن الشيْطَا َ
ن مإ ّه ْ ن يَنَز ُ
غ بَيْن َ ُ ن الشيْطا َ نإ ّس ُح َأ ْ
وا ً ُمبِيناً } .وسبحان من هذا وحيه! فمنذ أنعد ُ ّ
ن َ
سا ِ
ن لِلِن َكا َ
دخل طلبة العلم العمل السياسي مالفي هدي النبياء وقعت فُرقة عظيمة؛
إذ ل أعرف بالزائر زمنا تفرقنا فيه شذر مذر ،وتزّقنا فيه كل مزّق إل يوم
نُصب لنا الَبّ على الفخّ السياسي ،فمدّ إليه بعض طلبة العلم ـ إن حسنّا
بم الظّنّ ـ أيديهم! لقد كان الواحد يستأنس بأخيه إذا عرفه بزيّه السلمي،
ويسلّم عليه مهما بعُدَ عنه ،وأما اليوم فودّ لو أنّه ل يره؛ لنّه ل يدري أيردّ
() ليس ف مالفة فتوى الشايخ مذور ما دام طالب العلم قد اقتنع بفتوى لشيخ متأهل 1
لا ،وإنا الحذور أن يستقلّ هو بالفتوى وليس أهل لا ،وأن يضجّ با ويثي الشّغب
ويستغيث بالغوغاء ،وتعظم البليّة إذا كان جلّ عمدته على أخبار العال! ث يب التنبه إل
أن السلطان السلم إذا حل المة على فتوى متهدي زمانه يكون هذا شبيها بنقض
الكم ف القضاء ،وقد مرّ بنا منع عثمان أبا ذر رضي ال عنهما من الفتوى ،فليُذكر!
وقد طلب من أحد الطلبة الزائريي بكة أن أُ َحدّثه عن أخبار الزائر أيّام التشنجات
السياسية ،فقلت له :ل مانع عندي ،ولكن لو شئتَ أنبأتك بأفضل مّا سألت ،قال :ما
هو؟ قلت :ألّ تسأل عمّا سألت ،لنّه مشغلة ل ناية لا ،قال ـ مستنكرا ـ :لكن يا
أخي! ل بدّ أن أعرف واقع بلدي للمر بالعروف والنّهي عن النكر ...فقلت :أرأيت
دراستك هذه الت هاجرت لتحصيلها بالدّيّار السعودية أعواما ،أفرغت منها حت تضمّ
إليها غيها؟ قال :صحيح ،الواد كثية جدّا ووقت ل يفي بثلثها ـ أو كلمة نوها ـ
فقلت :سبحانال ! وتسأل عن علم ل تُسأل عنه يوم القيامة ،لتزاحم بوقته وقتَ العلوم
الشرعيّة الت تُسأل عنها يوم القيامة؟ ث هبْكَ قد عرفت واقع بلدك الذي أنت بعيد عنه
الن ،فبأيّ علم تلّ مشاكله ،أبالعلم الشرعي الذي ل تصّله بعد ،أم بعلم آخر لعلّه أشبه
197 مدارك النظر في
السياسة
قال العلّمة ربيع بن هادي الدخلي " :وليس لحد أن يلقي بثقل هذه
الواجبات على طلّب العلم؛ فإن هذا من إسناد المر إل غي أهله ،وهو من
أشراط الساعة ،وهو مّا يؤدّي إل الفساد والفساد والفت ،وليس مّا يفيد
المّة أن يصي الشباب بأجعهم من أساطي السياسة ول من شبكات
التّجسس! فإن هذا مّا يؤدي إل الهل بالعلوم الشرعية ،وإل تقسيم المّة
إل أحزاب سياسية متناحرة ،كل حزب يريد أن ينفرد بالكم ،وكل فرد
()
يريد أن َيعْتَليَ عرش المامة والرئاسة " .
1
وقال عن جناية هذا الفقه ـ إن صحّت تسميته بذلك ـ على العلم" :
ف التغالي ف السياسة تاويل وتطاول ل يطاق على أهل الديث والتوحيد،
وغمط شديد ،وتهيل وتقي ،ورمي لم بالعظائم ،فمن غلوّهم ومبالغاتم الت
ل عهد لعلم علماء السلم با تويلهم بعلم الواقع ،وادعاؤهم وادعاء
الصبيان منهم أنم علماء الواقع ،وتنيدهم الشباب لقراءة الصّحف والجلّت
ومتابعة الذاعة ،وصرفهم بذلك عن حفظ الكتاب والسّنة ،والشتغال
()
بفقههما ،وإشغالم عن العلوم الشرعيّة " .
2
ث كل من تتبّع فتنة الرم ال ّك ّي الشهورة عند رأس هذا القرن ،وما وقع
ف سوريا ومصر ،يرى جاعات ترب بيوتا بأيديها ،وليس معها أهل العلم
بترقيعات الخوان السلمي؟! وليس إل هذا الثان وهو شبيه بالعلمنة؛ لنّها فتاوى واقعية
غي شرعية ،باعتبار أنّها ردود أفعال.
صدَمُ السلمون حي تبلغهم عن السلميي الركيي ـ كما يسمّون أنفسهم ـ
ولذلك يُ ْ
فتاوى ل تتلف ف كثي ول قليل عن أقوال العلمانيي ،والساء أتركها لكم ،ول تنفع
النيّة السنة وحدها.
() الصدر نفسه ص (95ـ .)96 1
الذين وصفنا لك .واليوم ف الزائر أيضا ،وقد اعترف علي ابن حاج لماعته
بعدم وجود كفاية من أهل العلم ف صفوفهم ،فقال ف رسالته إليهم الؤرخة ف
( 15/10/1994م ) ف ق ( " :)3وأنا أعلم أنه لو وُجد معكم عدد كافٍ من
الدعاة وأهل العلم لا وقعت بعض هذه الخطاء الشرعية الفادحة!!! ".
199 مدارك النظر في
السياسة
كتبتُ هذا ث فوجئتُ بدعوة رجل يقال له ممد السعري ،ل تسَعْه أرض ال
حت اختار لنفسه ديار الكفر ببيطانيا ،يكتب عن السلم مع أنه ل هو ف العي
ول ف النفي ،تبعته جاهي غفية وهي ل تعرف عنه إل كلمه السياسي ف صورة
استرجاع الظال!!
() » صحيح ابن ماجه « لللبان رقم ( )144وقال " :حسن ". 2
203 مدارك النظر في
السياسة
قال العلمة عبد العزيز بن باز ف صاحب هذا النشور .. " :مِن الاقدين
الاهلي الذين باعوا دينهم وباعوا أمانتهم على الشيطان من جنس ممد
()
السعري " . 1
قلتُ :ول بدّ من تذكّر أنه ل يكاد أحد يهل عفّة لسان الشيخ ابن باز،
فإذا سلّط لسانه على أحد فثَمّ أمر عظيم! وصورة هذا النشور تدلّك عليه ،بل
وُتعَرّفك ببلغ علم صاحبه ودينه ،ومع ذلك فقد وجد لدعوته رَواجا ف سوق
أصحاب ( الصحوة! ) ،وكيف ل تروج بضاعتُهم وسلمان العودة ـ هدانا
ال وإياه ـ دعا ف الوجه الثان من شريط » أخي رجل المن « إل تأييد لنة
()
هذا الرجل الوتور فكيف بالتباع؟!! .
2
ولذلك وجدتُ ابن بطّة العكبي يقول ف زمنه " :والناس ف زماننا هذا
أسرابٌ كالطي يتبع بعضهم بعضا ،لو ظهر لم من يدّعي النّبوة ،مع علمهم بأن
رسولال خات النبياء ،أو من َيدّعي الربوبية لوَجد على ذلك أتباعا وأشياعا
()
" . 3
ولعلك لحظت أنه ما من دعوة يراد لا رواج إل اسُت ِغلّ ف ذلك القضايا
السياسية ،كما هو بادٍ ما أبرزته ف هذه الصورة .وكذلك فعلت ملة
() جريدة » السلمون « العدد 543 :ـ 2صفر 1416هـ. 1
() ولسلمان أيضا كلم مثله ف ماضرته الت ألقاها بعرعر تهيدًا لنشاء هذه اللجنة 2
بعنوان
» حقوق النسان ف السلم « وأخرى بعنوان » يا أُهيل الرم « ،وقد قامت هيئة كبار
العلماء لذه الدعوة بالرصاد ـ والمد ل ـ منهم الشيخ ابن عثيمي كما نبّهتُ عليه
أعظم جرما من طعنه ف ص ( 165ـ ،)166ث إنّ طعن السعري ف الصحاب معاوية
غيه من علمائنا الذكورين؛ فل تغفل!
() » البانة « (.)1/272 3
مدارك النظر في
206
السياسة
» السنة « ـ الت يستقي منها ( شباب الصحوة! ) أخبار العال ـ فقد جعت
ف عشّها البيطان رويبضات الزمن وترّأت على النيل من علماء السنة؛ فهي
بالمس ف عدد رمضان 1413هـ أخذت تقدح ف عرض أحد كبار العلماء
السلفيي ،وهو الشيخ ممد أمان الامي ـ رحه ال ـ ،ول تَعرِف له سابقته
ف العلم والدعوة ،ول وَقّرته ف سنّه ،حت جعلت تستهزيء بلهجته ،وتقول:
إنه ينطق الاء هاء؛ ومثّلت بكلمة ( ُم ْلهِد! ) بدلً من ( ُم ْلحِد! ) ،نعوذ بال
من قلة الياء! بله من َفقْد الياء!!
بل حت العلمة اللبان ل يَسْلَم من طعنها اللذع بقلم ممد سرور زين
العابدين! وهي اليوم تستغل قضية الصلح مع اليهود لتؤجّر أحدهم فيطعن ف
()
العلمة عبد العزيز بن باز ،واستنجد ف ذلك بالدكتور يوسف القرضاوي
1
الذي رمى الشيخ بأنه يُفت فيما ليس له به علم! وذلك قوله " :وهل الشيخ
علىعلم حقًا با يري حت يُدْل بدَلْوه ف هذا الوقت بالذات ،وف مثل هذا
()
الوضوع الطي؟ . "...ث أخذ كاتب » السنة! « يفصح عما ف نفسه
2
قائل " :هل يَعرف الشيخ ما معن الستعمرات الستيطانية؟ ل أظن! كما ل
أظن أنه ـ ف هذه السن ـ يكنه أن يَدَع أحدا من تلميذه أن يشرح
ويوضح له هذا الصطلح وما يترتب على استيطان هؤلء اليهود ." ..
قلتُ :إذن فالشيخ ل يَعرف ول يب أن يَعرف؛ لن كبَر سنّه َورّثه كبْرا
عن تقبل النصح!!
شقّ له فيه غبار ـ ومع هذه التهم الالكة فإن الشيخ ـ ف أدبه الذي ل يُ َ
ل يَزد على أن قال بعد البيان العلمي " :ما ذكرناه ف الصلح مع اليهود
أختا للديقراطية الكافرة فقالوا " :وإذا كان للشورى معناها الاص ف نظر
السلم فإنا تلتقي ف الوهر مع النظام الديقراطي " .وفيه دعوتُهم
الكومةَ أن تلتزم بالقانون الوضعي ل الشريعة فقالوا .. " :بإصرار الخوان
على مطالبة الكومة بأل تقابل العنف بالعنف ،وأن تلتزم بأحكام القانون
والقضاء " ،بل رضوا لنفسهم ذلك فقالوا " :ولكنهم ( أي الخوان ) ظلوا
على الدوام ملتزمي بأحكام الدستور والقانون ." ..ول يقولوا هذا َت ِقيّة
منهم ،ولكن عن قناعة كما شهدوا على أنفسهم قائلي " :والمر ف ذلك
كله ليس أمر سياسة أو مناورة ،ولكن أمر دين وعقيدة ،يلقى ( الخوان
َ
ن
م ْن إل ّ َ و َول َ بَن ُ ما ٌ
ل َ ع َ م ل َ يَن َ
ف ُ السلمون ) عليها ربم {ي َ ْ
و َ
كان الول بالدكتور أن يراجع كلمة قطبه هذه؛ فهي خطأ فادح! وأين
خطأ العلمة ابن باز ـ لو كان خطأ ـ من هذه الت صرح بعض أهل العلم
فيها بأنه ليس بينها وبي الكفر حجاب؟
أهذا التحامي للباطل غيةٌ على الدين وحربٌ على اليهود أم هي حرب
على النهج السلفي؟!
شكوتُ إل القرضاوي ما قاله شيخه البنا ،فإذا ب أجدن ضيّعتُ
شكواي ،لن القرضاوي نفسه على دربه يسي؛ حيث قال " :فنحن ل نقاتل
اليهود من أجل العقيدة!! إنا نقاتلهم من أجل الرض!! ل نقاتلهم لنم
()
كفار!!! وإنا نقاتلهم لنم اغتصبوا أرضنا وأخذوها بغي حق " .
2
() جريدة » الراية « القطرية ،العدد ( 4696ـ الربعاء 24شعبان 1415هـ ). 2
209 مدارك النظر في
السياسة
هدَيْتَنا}. قلُوبَنَا ب َ ْ
عدَ إِذْ َ غ ُ قلتُ{ :ربَّنا ل ت ُ ِ
ز ْ
ث أعود إل آية الباب قائل :فهلّ أخذت العبة من سبب نزول آية الباب،
وتدبرت الفرق بي العوام الذين سارعوا إل إذاعة خب تطليق النب نساءه،
حت كادوا يفتنون أهل الدينة كلها ،وبي أناة أهل العلم كابن عباس الذي
مكث سنة كاملة ل يقول فيه شيئا حت يسأل عمر ،وعمر ل َي ْلوِي على شيء
من الشاعة حت يسأل أهل الستنباط ،مع أنه منهم ،أجعي .وهو الذي
()
كان يقول " :تفقّهوا قبل أن تُسَوّدوا " .
1
()
وف » التواري على تراجم أبواب البخاري « " :وجه مطابقة قول عمر
2
للترجة ـ أي :باب الغتباط ف العلم والكمة ـ أنّه جعل السيادة من
ثرات العلم ،وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة ،وذلك
يقق استحقاق العلم؛ لنه يغتبط به صاحبه لنه سبب سيادته " .وقال ابن
حجر " :إن تعجلتم الريّاسة الت من عادتا أن تنع صاحبها من طلب العلم
فاتركوا تلك العادة ،وتعلّموا العلم لتحصل لكم الغبطة القيقية ".
وقال الطّاب عند شرحه حديث (( يظهر الهل " :)) ...يريد ـ وال
أعلم ـ ظهور النتحِلي للعلم الترئسي على الناس به قبل أن يتفقّهوا ف الدين
()
ويرسخوا ف علمه " .
3
() رواه البخاري تعليقا ،ووصله الدارمي ( )1/79وأبو خيثمة ف (( العلم )) ( )9وابن أب 1
شيبة (8/540ـ )541وابن عبد الب ف (( الامع )) (508ـ 509ـ الزهيي ) والطيب ف
(( الفقيه والتفقه )) (771ـ 774ـ العزازي ) ،وإسناده صحيح كما ف » الفتح « (.)1/166
() ص ( )58لبن النيّر. 2
طويل بي الشيخ اللبان وبي بعض شباب جبهة النقاذ السلمية الزائرية،
زعم هذا الخي إغلق الَمّارات وبيوت الفواحش أيام عمل البهة ف مبالغة
()
مدهشة ،فأجاب الشيخ بنع دخول البلانات ل َيلْوي على شيء من نتائج 1
() لو جاز أن نبن الفقه على النتائج الواقعية لقلنا :لئن أراد هذا الشاب من إغلق بيوت 1
الفواحش بعضها ،بقوة حديد جبهة النقاذ لقلنا إن عشرات منها قد أغلقت أبوابا قبل
وجود البهة ،بل وعلي بن حاج غائب ف السّجن الوّل ،أيام كانت السّلفية تكتسح
السّاحات الدعوية ف سرعة جعلت ( الخوان السلمي ) و( الَزْأَرة ) يوشون بشبابا
إل الكام ـ كما هي عادتم ـ لن دعوة هؤلء أفلست؛ إذ قلّت ف ذلك الوقت
التمَوّجات السياسية الت با يستعطفون الناس كسبا لصواتم! فكره الناس مالسهم؛
لنا حلقة مفرغة دائمة الدوران بل عائد ،وهي :فلسطي ،أفغانستان !..ف ماضرات
تسخي الكراسي والتهريج المل ،وتوجّه الناس إل دعوة السلف؛ لنم وجدوها تُعلّمهم
دينهم ،وحوّل الكثي منهم ملت الفواحش إل ملت طاعة ل عن رضا وقناعة بالجّة
الدينية ،فما لبث علي بن حاج أن خرج من السّجن حت الْتفّ حوله الغوغاء ،ول يطل
عمر حزبه سوى ثلث سنوات ضرب فيها الدعوة السلمية عرض الائط ،وعرّض
ن}.
عو َ ما كَانُوا ي َ ْ
صن َ ُ ه بِ َ
م الل ُ ف يُنَب ِّئ ُ ُ
ه ُ و َ
س ْ البقية من شبابا للذبح { َ
و َ
211 مدارك النظر في
السياسة
()
هذه الزية الول ،فقال :إذا عرَضت لنا قضية فقهية فيها رأيي ،فيها رأي
1
عند الفقهاء راجح ومرجوح ،وإذا ما أخذنا بالقول الرّاجح فيها تسببنا ف فتنة
أو مشكلة أو تفرقة بي السلمي ،فهل يوز لنا أن نأخذ بالقول الرجوح
لصلحة وحدة السلمي؟.
فقال الشيخ " :هذه هي السياسة! هذه هي السياسة! ".
فقال ممد إبراهيم شقرة :هذه السياسة ليست شرعية.
فقال الشيخ :أي نعم ،ث قال " :السألة ف القيقة مهمة جدّا ،أنا سعت
أن البهة أو النهضة ما أدري ـ الساء ما حفظتها بعد جيدا ـ فيها مليي،
أليس صحيحا هذا "؟.
فقال الشّاب مستبشرا :نعم.
قال الشيخ :كم ألف عال فيهم؟.
فقال الشّاب :ما فيه!.
قال :كم مائة عال؟.
قال :ل ،ما هو موجود!.
قال :طيب من يقودهم ـ يا جاعة ـ هؤلء؟.
()
قال :الشيوخ قليلي يعن؟.
2
قال الشيخ " :إذن أنتم تعيشون ف الوهام ،ومن ذلك هذا السؤال الذي
أنت تطرحه الن حينما يكون ف هؤلء الليي من السلمي علماء يستطيعون
أن يديروا دفة الحكومي من أهل العلم ،حينما يوجد فيهم الئات ول أقول
اللوف ليس هناك حاجة أن يطرح مثل هذا السؤال :راجح ومرجوح ،هل
يوز لنا أن نأخذ بالقول الرجوح ونترك القول الراجح ،هذا :الفقيه هو الذي
ييب عن هذا ،وأنا أضرب لكم مثلً من واقع حياتنا مع الحزاب ،أنا قلت
مرة لحد أفراد حزب التحرير :يا جاعة أنتم تريدون أن تقيموا الدولة
السلمة ،وأنتم ل تدرسون الشريعة من أصولا وقواعدها ،وأنتم تتجّون ف
كتبكم ببعض الحاديث غي الصحيحة؟! ".
قال :أخي! نن نستعي بأمثالكم.
قال الشيخ " :هذا الواب هو أول الزية ،لنه حينما يكون هناك حزب
يعتمد على غيه ،معناها أنه حزب ف قوته غي مكتمل ،وكان هذا الرجل قال
ل :ل زلتم أنتم تضيّعون أوقاتكم ف الكتب الصفراء " ...ث قال الشيخ عن
مليي جبهة النقاذ " :لكن هؤلء أليسوا باجة إل أطباء بدن؟ ل شك أنه
عندكم أطباء بدن بالئات بل باللوف ،طيب أليسوا باجة إل أطباء ـ كما
يقولون ف العصر الاضر ـ ف الرّوح؟ هذا أول وأحوج وأحوج ،هل هؤلء
موجودون بتلك النسبة؟ الواب :ل ." ...ث أخب عن ماطبته حزب التحرير
قائل " :افرضوا أنكم ما بي عشية وضحاها أقمتم َعلَم الدولة السلمية ،يعن
حكَم بابانقلب من النقلبات ،لكن الشّعب ما عنده استعداد لن ُي ْ
أنزلال ،يكن ...أنتم ...جاعتكم قالوا :قرار رقم واحد ،اثني :منوع
ـ مثل ـ دخول السينماءات ،منوع خروج النساء متبجات ...ال ،ستجد
213 مدارك النظر في
السياسة
ـ يكن ـ بعض نسائكم أول من يالف هذه القواني السلمية! لاذا؟ ل ّن
الشعب ل يُربّ على ذلك ،ومن يربّي الشعب؟ هم العلماء ،وهل كل نوع من
أنواع العلماء؟ ." ...ث تكلم عن علماء الكتاب والسنة العاملي بما ،ث قال:
" لذلك أنا أعتقد أن الهاد الكب الن هو :هذه الليي الملينة أن ترج
العشرات من العلماء السلمي هناك ،حت تتولوا توجيه الليي إل تعريفهم
بدينهم وتربيتهم على هذا السلم ،أما الوصول إل الكم ،فكل طائفة تاول
أن تصل إل الكم ،ث تستعمل القوّة ف تنفيذ قراراتا وقوانينها ،سواء كانت
حقّا أو باطل ،والسلم ليس كذلك ".
ولو أن إخواننا هؤلء أخذوا بذه النصيحة الذهبية لنّبوا السلم
والسلمي الفتنة العظيمة الت يعيشها اليوم كل العال السلمي ،وف كل مرة
تؤخّر الدعوة السلمية بعجلة شبابا وانراف موجّهيها ،ومن استعجل الشيء
قبل أوانه ابتلي برمانه ،وال العاصم.
وأختم بذه الكلمة الت أرجو من إخوان أن يعوها ،وهي:
لئن كان ف الروج على الكّام من الشّر ما برهن عليه تواطؤ
النصوص الشرعية مع الخبار الواقعية ،كما ظهر من صنيع حدثاء السنان
ف كل الزمان ،فشر منه الروج على العلماء بإهدار حقهم ،وعدم اعتماد
فتاواهم إل ما وافق أهواء الركيي ،واستصغار شأنم ف السياسة ،ورميهم
بعلماء بيت الوضوء! وما أشبهها من اللقاب الت يَ ْنبِز با البتدعة صاغرا
عن صاغر العلماء السلفيي كابرا بعد كابر؛ وف هذا إهدار للشريعة
()
بتجريح حلتها وشهودها ،وال الوعد .
1
() كلّ من دخل العمل السياسي قبل أوانه أو من غي بابه قال مثل هذا ،ومن ل تسمعوه 1
فهو على الطريق ..حت علي بن حاج ،فقد وقع ف نبز شيوخ السلفية كما ستقرؤه هنا
مدارك النظر في
214
السياسة
و لقد كان يقال ف الزائر " :جبهة النقاذ ل تركن إل الذين ظلموا "،
فإذا بم لا دارت عليهم الدائرة ،وأسلمهم أتباعهم إل عدوهم ،يكتبون بيانا
يطالِبون فيه الدول الكافرة وغيها بأن تقاطع الزائر اقتصاديا؛ لنا
غصبت الشّعب حقه ف حرية الختيار! ث يكتبون آخر يستغيثون فيه
بالبلانات العالية ،ومعلوم أنه ـ فضلً عن كونه استعانة بالكفار ـ فهو
استغاثة بالبلان السرائيلي ،لنم ل يستثنوه ـ كما ستراه هناـ مع علم
إن شاء ال ،وقد كان قبلها ينهى عن ذلك ،فما زالت به السياسة حت رمى بالنفاق
القائلي بلزوم البيوت وعدم الشتراك ف الضراب عن العمل الذي نظمته جبهته ،ول
يُشتهر من قال به من أهل العلم يومئذ إلّ الشيخ اللبان ،وقد أبلغناه كلمة الشيخ هذه،
بل وقد أذيعت فتواه ف ساحة الضراب ـ ساحة أول ماي ـ بكبّر الصوت على
مراغمة لنوف أتباع البهة ،فقام ابن حاج بعدها حي اعتقل بكتابة ذلك ف رسالة على
طرّتا
" قال الق ..وقال الباطل! " ،وفيها رمى الشيخَ بالنفاق بطريقة سياسية ( انظر فيها :ق
6أ ـ ب ،ق 11أ ،ق 13أ ـ ب ،ق 14ب )..وقد خانه قلمه عن التعريض ف (ق 18ب)
حت قال " :فالتعلل والروب من نصرة الق باسم الفتنة إنا هو شأن النافقي أو البناء
." !!...والذي يدل على أنه يقصد الشيخ اللبان وأتباعه قوله ف (ق 12أ):
" فهل يُقال بعد هذا كله أن ( كذا ) جهاد الطوائف المتنعة عن التزام شرائع السلم
فتنة عمياء صماء بكماء؟!!! ".
قلت :هذه الملة الخية الت يَرُدّ عليها علي بن حاج تدها ف شريط استجواب مع
الشيخ اللبان ،الذي سبق أن ذكرتُ أعله أنه أُذيع على مسامع البهة .فبهذا إذا يَبي
لك الردود عليه! ( وانظر إن شئت أيضا :ق 20أ ـ ب ).
أما علماء السعودية فهو من زمن بعيد يسميهم " :علماء البلط! بل علماء أمريكا!! بل
علماء الدولر"!!! ث وجدته يقول ف رسالته إل وزير التصال ـ وقد صورتا هنا بعد
بيان البهة الت ـ " :ولذلك أقول جازما ـ بإذن ال تعال ـ إن النظام الزائري يب
215 مدارك النظر في
السياسة
ماهدته شرعا كما يب مقاومته حت بعيار الغرب؛ لن الكثي من دعاة السوء يستنكف
على أن يسمي مقاومة السلطة الطاغية الباغية البدّلة لشرع ال والغتصبة لق الشعب ف
الختيار جهادا ...وهل تريدون منا الضوع والنوع للطواغيت بثل هذه الفتاوى
الباطلة الت يصدرها علماء السلطة والشرطة؟! وإن لقولا بصراحة ووضوح :إن بثل
هذه الفتاوى الباطلة ضاعت حقوق الشعوب وخدرت أعصابا حت أصبحت لعبة ف يد
الطواغيت ." ...
قلت :إذن فالعلماء العلم ـ أمثال ابن باز واللبان وابن عثيمي ـ الذين ستقرأ هنا
فتواهم الوحدة ف النع من مقاتلة النظام الزائري ي َعدّون دعاة سوء وتدير؟! وعلماء
سلطة وشرطة؛ لن هؤلء جيعا استنكفوا عن تسمية ما أنتم فيه جهادا؟! ول حول ول
قوة إل بال.
مدارك النظر في
216
السياسة
() ()
إل السّادة البلانيي ف الدّاخل والارج
3 2
() سّوه ( نداءًا ) ،وهو استعانة بالكفار! وقد كانوا من قبل حرّموها بشدّة على 1
ُ
ه
مون َ ُ
ر ُ عاما ً وي ُ َ
ح ِّ ه َ السّعوديّة ف فتنة الليج!! فهم كما قال تعال{:ي ُ ِ
حل ّون َ ُ
عاماً } ،ولو قلنا إنه استغاثة بالبلانات الّت يتظاهرون بالكفر با لكنّا أقرب إل الواقع؛ َ
لنّهم نافقوا البلان العالي واستكانوا له حي خدعهم نظامهم ،وصدق ال تعال فيهم
َ َ
صاب َ ُ
ه نأ َ فإ ِ ْ ف َ حْر ٍ علَى َ ه َ عبُدُ الل َ من ي َ ْ س َ ن الن ّا ِ م َ حي قالَ { :
و ِ
َ مأ َ َّ
سَر خ ِ ه َ ه ِ ج ِ و ْ علَى َ ب َ قل َ َ ة ان َ فتْن َ ٌ ه ِ صابَت ْ ُ نأ َ وإ ِ ْ ه َ ن بِ ِ خيٌْر اطْ َ َ
نمن دُو ِ عو ِ ن .يَدْ ُ مبِي ُ ن ال ُ سَرا ُ خ ْ و ال ُ ه َ َ
خَرةَ ذَل ِك ُ وال ِ الدّنْيَا َُ
عيدُ. ضلل الب َ ِ ُ َ َ و ال ّ ه َ ه ذل ِك ُ َ َ ع ُ َ
ما ل يَنف ُ َ و َ ض ّرهُ َ ُ ما ل ي َ َُ ه َ الل ِ
س ْ ئ ب َ ول ى َ ول م ال س ْ ئ بَ ل ه ع
ِ ْ
ف َ ن من ب ر ْ
ق َ أ ه ُ
ر ض من َ ل عو يَدْ ُ
َ َ ِ َ ْ َ ِ ِ َ ُ ِ َ ّ ُ َ
َ
عو َ
ك خدَ ُ ريدُوا أن ي َ ْ وإِن ي ُ ِ شيُر} ،ولقد كان يكفيهم ربم الّذي قالَ { : ع ِ ال َ
ذي أَيَّدَ َ َ
ن}. منِي َ ؤ ِم ْ وبِال ُ ه َ ر ِ ص ِ ك بِن َ ْ و ال ّ ِ ه َ ه ُ ك الل ُ سب َ َ ح ْ ن َ فإ ِ َّ َ
» :ل تقولوا للمنافق سيّد؛ فإنّه إن قال :قال رسول ال () عن بريدة بن الصيب 2
يكن سيّدا فقد أسخطتم ربّكم عزّ وجلّ « رواه أبو داود وغيه وهو صحيح.
() هذا تأكيد منهم لضللم على أنّهم يستغيثون بكلّ برلانيّي العال دون استثناء البلان 3
السرائيلي!
() وهذه كفريّة فظيعة معناها إعطاء غي ال حق التشريع ،وأن الشعب لو استحب الكفر 4
217 مدارك النظر في
السياسة
لا تنصّ عليه الادّتي ( هكذا ) 6،7 :من دستور 1989 ... 23م ،والذي قد عبّر
عن اختياره بكل حريّة ف جوّ من الدوء والنّظام ف انتخابات /28ديسمب/
،1991الت أسفرت ف دورها الول عن فوز البهة السلمية للنقاذ بـ(
)188مقعدا من مموع ( )430مقعدا ،وجبهة القوى الشتراكيّة بـ()25مقعدا،
وجبهة التّحرير الوطنيّة بـ()16مقعدا ،والحزاب بـ( )3مقاعد.
وقد نشرت هذه النّتائج بالريدة الرّسيّة للجمهوريّة( ،العدد ،)1:الصّادر
بتاريخ/28 :جادى الثانية1412/هـ ،الوافق :ليوم 4/1/1992م.
ف الوقت الذي كان الشّعب يستعدّ لوض غمار الدّورالثان ،إذا به يفاجأ
بوضعية سياسيّة معقّدة؛ تثّلت فيما يلي:
()
1ـ استقالة رئيس المهوريّة الت تتعارض مع روح الدّستور .
1
على السلم ،ول يرّم ما حرّم ال ،ول دان دين القّ ليس بلوم ،وال تعال يقول:
َ { َ
ولَر َخ ِ ول َ بِالي َ ْ
وم ِ ال ِ ه َن بِالل ِ
منُو َ ن ل َ يُ ْ
ؤ ِ قاتِلُوا ال ّ ِ
ذي َ
ن
ن ِدي َ
دينُو َ ول َ ي َ ِ
ه َسول َ ُ
وَر ُه َ
م الل ُ حَّر َما َن َ مو َ ر ُ
ح ِّيُ َ
ق ،}...ردّدوها قبل أن يصلوا إل سدة الكم ،فكيف لو وصلوا ؟! فكأن ح ِّ ال َ
كرسي الكم هدف يُرتكب من أجله كلّ مرّم ،ولو كان كفرا! وإذا كانوا يعتبون
النّظام السّائد كافرا ،فكيف يستخدِمون الكفر لنفي الكفر ،وتكيم السلم؟! قال ال
َ
ما لَكُم م النَّاُر َ
و َ سك ُ ُ
م َّ موا َ
فت َ َ ظَل َ ُ ن
ذي َ تعال{ :ول َ تَْركَنُوا إِلَى ال ّ ِ
ن}. َ
صُرو َ ل َ تُن َ مولِيَاءَ ث ُ َّ
نأ ْم ْ
ه ِن الل ِ من دُو ِ
ِ
() اقرأ واعجب من تعظيمهم لذا الدّستور الذي ياربونه زعموا! وجدوه حيّا بروحه، 1
حيْنَا مع أنّ السلمي ل يعرفون إلّ روح الوحي؛ قال ال تعال{ :وكَذَل ِ َ َ
و َكأ ْ َ
َ
ن ول َ الِي َ
ما ُ ب َ ما الكِتَا ُري َ ت تَدْ ِما كُن َ رنَا َ م ِ نأ ْ ك ُروحا ً ِ
م ْ إِلَي ْ َ
كوإِن َّ َ
عبَاِدنَا َ ن ِ م ْ من ن َ َ
شاءُ ِ ه َدي ب ِ ِ علْنَاهُ نُورا ً ن َ ْ
ه ِ ج َ ولَكِن َ َ
قيم }. ت س م
ِ َ ٍ ُ ْ َ ِ ٍ ط را ص ى َ ل ِ إ لَ َ ْ ِ
دي ه ت
وتأمّل كيف أسفوا على ذهاب ملك الشّاذل بن جديد الّذي قالوا عنه من قبلُ ـ أيّام
مدارك النظر في
218
السياسة
2ـ العلن عن حلّ البلان وقت تقدي الستقالة ،علما بأنّ هذا الجراء
يقتضي دستوريا استشارة رئيس الجلس الشّعب الوطنّ ،ورئيس الكومة وفقا
للمادة ( )12من الدّستور.
3ـ قبول الجلس الدستوري للستقالة فورا ،وتليه عن تول منصب
رئاسة الدولة بالّنيّابة ،وفق ما تقتضيه الادة ( ) 84من الدستور.
4ـ تاوز الجلس العلى للمن لختصاصاته الدّستورية كهيئة
استشارية.
()
هذه الوضعية السياسية غي الشرعية أدّت إل اغتصاب ومصادرة إرادة
1
بناءً على ذلك؛ فإننا نن منتخب البهة السلمية للنقاذ مثلي أغلبية
()
الشعب الزائريّ ،نتوجّه إل البلانيي ف الدّاخل والارج ،الؤمني بإرادة
3
بعده.
() تأمل؛ فإنم ل يتكلمون إل بالشعب والدستور! 2
() ما أفظع هذا؛ لنّه صار إيانا بإرادة الشّعوب واختيارها وتقرير مصيها؛ وال تعال 3
ما ع ُ
ل َ ه يَ ْ
ف َ ن الل َ د} ،ويقول{ :إ َّ ري ُ
ما ي ُ ِم َ حك ُ ُ
ه يَ ْ يقول{ :إ ّ
ن الل َ
ه}. حك ْ ِ
م ِ ب لِ ُ ع ِّ
ق َ م لَ ُ
م َ حك ُ ُ ريدُ} ،ويقول{ :والل ُ
ه يَ ْ يُ ِ
219 مدارك النظر في
السياسة
()
2ـ عدم العتراف باليئات الت ل تظى بتزكية الشّعب واختياره .
2
() إذن فالستبداد الّذي تارسه اليئات الدستورية ليس به بأس! أل يكن أن ينطبق هذا 1
() تأمّل تعبيهم هذا الّذي ل يتلف عن تعبي الدّيقرطيي ،وهل للشّعب طموح وللمّة 1
إرادة مع إرادة ال؟! ولاذا ل يعبون بالسلم بدل عن القاموس الديقراطي؟! أهي
ن} ،أم
هنُو َ ن َ
فيُدْ ِ ه ُ
و تُدْ ِ مداهنة للنظام العالي؟ فإنّ ال تعال يقولَ { :
ودُّوا ل َ ْ
َ
عَّز ُ
ة ولِل ّ ِ
ه ال ِ هو انزام وشعور بالذلّ لو نادوا بالسلم؟ فإنّ ال تعال يقولَ { :
ن}. مو َ عل َ ُ
ن ل َ يَ ْ
قي َ
ف ِ
منَا ِ ولَك ِ َّ
ن ال ُ ن َ
منِي َ
ؤ ِ ولِل ْ ُ
م ْ ه َ
سول ِ ِ
ولَِر ُ
َ
مدارك النظر في
222
السياسة
()
الطية لدستور . 89 1
() ()
النتخاب ،ويداس الدّستور والقواني وكافّة القيم النسانيّة .
4 3
() إنّه انتهاك للدستور وتاوز له بدءًا وانتهاءًا كما قالوا ،فأين السلم؟! اللهمّ إلّ أن 1
السلم؟!
() هذا إيان منكم بالدستور والقواني الوضعية ،بل إذا ساءكم أن يداس الدستور 3
َ
م تََر إِلَى والقواني فهل يسرّكم أن ترفعوها فوق رؤوسكم؟! قال ال تعال{:أل َ ْ
َ
منل ِز َِ ما أُن و َ
ك َل إِلَي ْ َز َ ِ ما أُن
َ ِ منُوا بَ م ءَا ْ ه َ
ن أن َّ ُ مو َُ ع
ن يَْز ُ ذي َ ال ّ ِ
َ
مُروا أَن غوت و َ ُ
قدْ أ ِ موا إِلَى الطّا ُ ِ َ حاك َ ُن أن يَت َ َ
َ
ريدُو َ ك يُ ِقبْل ِ َ َ
َ َ ه وي ُريدُ ال َّ
ضلَل ً بَِعيداً }. م َ ه ْضل ّ ُ ن أن ي ُ ِ شيْطَا ُ فُروا ب ِ ِ َ ِ يَك ْ ُ
() هذه الكلمة مستلة من القاموس الاسون ،قال الشيخ بكر أبو زيد ف » معجم الناهي 4
اللفظية « ص ( " : )87اتسع انتشار هذه اللفظة الباقة بي السلمي عامتهم وخاصتهم،
ويَسَْتمْلِح الواحد نفسه حي يقول ( :هذا عمل إنسان ) ،وهكذا حت ف صفوف
التعلمي والثقفي ،وما يَدري السكي أنا على معن» ماسونية « وأنا كلمة يلوكها
بلسانه وهي حرب عليه؛ لنا ضد الدين؛ فهي دعوة إل أن نواجه العان السامية ف
َ الياة بالنسانية ل بالدين ،إنا ف العن شقيقة قول النافقي{ :وإِذَا ل َ ُ
ن قوا ال ّ ِ
ذي َ
قالُوا إِنَّا م َ ه ْ وا إِلى َ
شيَاطِين ِ ِ خل َ ْ
وإِذَا َ منَّا َ
قالُوا ءَا َ منُوا َ ءَا َ
ن} ".زئُو َه ِ
ست َ ْم ْ
ن ُ ح ُما ن َ ْ َ عك ُ ْ
م إِن ّ َ م َ
َ
223 مدارك النظر في
السياسة
()
بسلمة الشخاص البدنيّة والعنويّة الت يضمنها الشرع والعراف الدّولية با
4
() هذه الكلمة عظيمة ف ميزان الشّرع ،لنّها تليك للشعب ما ل يوز أن يكون إل ل 1
َ َ
ه}.
م إِل ّ لِل ّ ِ
حك ْ ُ تعال القائل{:إ ِ ِ
ن ال ُ
() هكذا دون استثناء ،إذن حت العلمانيي والشّيوعيي وغيهم! ول حول ول قوّة إلّ 2
بال.
() الزنا والرّبا إذا كانا عن تراض فهما من الريّات الفردية الكفولة قانونا ،وكذا 3
الجتماع على مائدة المر بل الجتماع عند موسم قبوري من الريّات الماعية ،فلماذا
ل تدّدوها؟ أم تافون ألّ تُسمَع استغاثتكم؟!
() ما أقل ما يستعملون اللفاظ السلمية على استحياء وخجل؛ لنّ كلمة ( الشّرع ) 4
الواردة هنا تتمل الشرع السلمي ،كما تتمل الشرع القانون ،وحلها على
العن الثان هو النسب بطبيعة هذا الطاب؛ لننا ل نرهم يعبون إلّ بـ ( الشرعية
الدستورية ) ،فبقيت كلمة ( الشروع السلمي ) يتيمة ف هذه اللئحة إل أن يضمّوا
إليها قولم ( :والساس باختيار الشّعب )؛ لنّها وحدها قاصرة!! ومثلها كلمة ( القضية
السلمية ) ،و( الشعب الزائري السلم ) الّت ف ختام كلمتهم هذه.
مدارك النظر في
224
السياسة
()4 ()
شرعييّن للشّعب ،حاملي برنامج! يسد طموحاته ؛ نعتبأنّ الجلس
3
() هذا مع ما فيه من اعتراف بالدستور ،فإنّه يعن أن الجلس العلى للدولة وغيه من 2
أمّا السلم فبيء من أن يثله الهال بشرعه ،إذ حسْبُ هؤلء أن يتوبوا من كلماتم
الكفرية ،فكيف يَصْلُحون لقيادة المّة السلمية؟!
وأمّا القانون فكيف يرضون لنفسهم أن يثلوه وقد أعزّهم ال بالسلم؟!
() ل الشرع السلمي! 4
() ال أكب! إنّها السّنن؛ كيف أضحى نظام النتخابات الديقراطي إطارا شرعيا ،بل 5
يءٌ}؟! َ
ر َ
ش ْ م ِ
ن ال ْ
م َ
ك ِ { :لَي ْ َ
س لَ َ () فماذا أبقيتم ل تعال القائل لنبيّه 7
عظِيماً }.
ول ً َ قولُو َ
ن َ
ق ْ () تأمّل هذه الكفرية! {إنَّك ُ ْ
م لَت َ ُ 3
() السار النتخاب نظام كافر؛ لنّه يساوَى فيه بي السلم والكافر ،وال تعال يقول: 4
ن}؟! حك ُ ُ
مو َ ف تَ ْ ما لَك ُ ْ
م كَي ْ َ ن َ
مي َ
ر ِ
ج ِ ن كَال ُ
م ْ مي َ
سل ِ ِ
م ْ
ل ال ُع ُ
ج َ {أ َ َ
فن َ ْ
س الذَّكَُر
ولَي ْ َولنّه يساوَى فيه بي الذّكر والنثى ،وال تعال يقولَ { :
كَالُنثَى} ،وأعظم هذه كلّها أنّه يساوَى فيه السلم بالكفر حي يعل ف كفت
التصويت.
مدارك النظر في
226
السياسة
للمّة ،وبعيدا عن الثّورات السياسية الت تريد أن تعل منه أداة بيد الطغمة
الاكمة لضرب اختيار الشّعب(.)1
د ـ نصرّ على أن يتحمّل الجلس الدّستوريّ مسئوليّاته كاملة.
وف التام :إنّنا نعتقد أنّ كل ما حدث ابتداءً من استقالة الرئيس الشاذل
ابن جديد ،إل فرض ملس الوصاية على الشّعب إنا هو مؤامرة نسجت
فواحسرتا على من اعتب هذا النّظام النتخاب متوفر الشروط كافة ،ودينه مهان ف
عوا
هنُوا وتَدْ ُ صناديق القتراع يُعْلَى عليه .أما سع هؤلء ربم يقول{ :فل ت َ ِ
م ال َ ْ سلْم َ
مولَن يَتَِرك ُ ْ عك ُ ْ
م َ م َ
ه َ
والل ُ
ن َ عل َ ْ
و َ إلى ال َّ ِ َ
وأنت ُ ُ
م}.مالَك ُ ْ أَ ْ
ع َ
() ل ما اختار ال! لقد أخذت أبث ف هذه اللئحة وهذا النّداء عن كلمة ( الكم با 1
أنزل ال ) ،أو ( تطبيق الشريعة السلمية ) ،فلم أعثر على كلمة منها ولو مرةً واحدة
إلّ الكلمات النّاعمة الت ل تزعج أصحاب البلان كقولم ( :الشروع السلمي )،
و( القضية السلمية ) ،بينما حظي ذكر ( الشعب ) ،و( الدستور ) عندهم بأكثر من
( )47مرة ف ورقتي ونصف ورقة فقط؛ حرصا منهم على أن يكون المر والسيادة
خالصي لما ليس ل تعال فيهما نصيب؛ ريثما يتمكّنون ..زعموا!! ،عاملهم ال با
يستحقون.
وتأمّل! فإن حديثهم كله انتصار لـ ( اختيار الشعب ) ،و( إرادة الشعب )،
و( طموحات الشعب ) ،و( سيادة الشعب ) ،وحسرتم كلّها على عدم احترام
( أحكام الدستور ) ،و( الشروعية الدستورية القانونية ) ،و( سيادة الجلس الشعب
الوطن ) ،و( الريات الفردية والماعية ) ،و( ثوابت المّة ) ،و( الريّات
السياسية ) ،و( القيّم النسانية )...
قبّح ال هذا الدّين! ما ترك شيئا ل إلّ جعله قربانا لطواغيته؛ إنّه دين الديقراطية ،وهذه
اللفاظ الفجّة من قاموسه الّذي استبدلوه بالوحي وأعطوا به الدّنيّة ف دينهم ،قال ال
حيْنَا إِلَي ْ َ َ َ تعال{ :وإِن كَادُوا لَي َ ْ
ي
ر َ ك لِت ْ
فت َ ِ و َ ن ال ّ ِ
ذي أ ْ ع ِ فتِنُون َ َ
ك َ
227 مدارك النظر في
السياسة
()
خيوطها ف إطار النّظام الدّول الديد لقصاء السلم عن حياة السلمي ،
1
كنظام متمع وإياد مبّر مفتعل للّ البهة السلمية الت رفعت لواء القضيّة
السلمية ف الزائر بقّ ،وبالتال يصفو الوّ للغرب الكافر وأذنابه ف بلدنا
ب على الشّعب الزائريّ السلم .قال تعال: لفرض الشروع الغر ّ
قلِبُون}. قل َ ٍ
ب يَن ْ َ من ْ َ موا أ َ َّ
ي ُ ن ظَل َ ُ
م الذي َ عل َ ُ
سي َ ْ { َ
و َ
ختم البهة ...
ت
د َ ك لَ َ
قدْ ك ِ ْ خلِيلً .ول َ ْ
ول َ أن ثَبَّتْنا َ ك َ خذُو َ وإِذا ً لت َّ َ غيَْرهُ َ علَيْنَا َ َ
فع َ ض و ة ا ي ح ال ف ع ض َ
ك ا ن ْ
ق َ ذَ ل ً ذا إ .ً يل ل َ
ق ً ئا ي َ
ش م ه يَ ل إ ن َ ك ر
َ َ ِ َ ِ ْ َ ِ ْ َ ِ ِ ْ ُ ِ ْ ِ ْ تَ ْ
صيراً }. علَيْنَا ن َ ِك َ جدُ ل َ َ م ل َ تَ ِ ت ث ُ َّ ما ِم َ ال َ
وأختم هذا التعليق بكلمة سعتها من بعض أهل العلم ،حيث قال:
" إنّ إقصاء جبهة النقاذ السلمية من النتخابات البلانية ف الزائر نعمة من ال؛
لنّه لو قامت لا قائمة لوشك النّاس على الوقوع ف الشّرك ،إذ يقال :هذا فضل
الديقراطية على السلم؛ إذ با وصلت البهة إل الكم ،مع أنّ السلم يستمدّ قوّته
منه ل من غيه ،ول يفتقر إل أن ُيمَدّ من الكفر ببله ،ول ينعدم وجوده حت يُظن أن
ل سبيل إل عزّه إلّ السّبيل الديقراطي ." ...
() هذا تناقض عجيب! كيف يستغيثون بالبلان العالي وهم يَشهدون بأنه هو الذي سنّ 1
فيهم مؤامرة النظام الديد؟!! فل إله إل ال كم هو خائب أمر مَن ُوكِل إل نفسه!
مدارك النظر في
228
السياسة
" ..فإذا كان التذمر مشروع ( كذا ) ف ( 88أكتوبر ) فما الذي جعله إرهابا
ف ( )1992بعد مصادرة حق الشعب ف الختيار؟! ".
وافترى على السلم الكفرية الديقراطية؛ فقال ف ق ( " :)5والسلم ل
يَعرف مشروعية السلطة إل بأمرين:
1ـ التقيد بأحكام الشريعة.
2ـ واختيار الاكم برضا الشعب ،فإذا فقد شرط من الشرطي بالنظام
فاقد ( كذا ) للشرعية؛ فل شرعية ول مشروعية للنظام إل بالمرين
معا ...وعدم توفر رضا الشعب والمة على الاكم هو اغتصاب لق المة
ف الختيار ".
قلتُ :لقد نسف أمرُه الثان أمرَه الول؛ وإل فمت كان رضا الشعب من
أحكام الشريعة؟! إن ف هذا الكلم هدْما للفة عمر وعثمان وعلي بل
وسائر اللفاء ،وتفصيله عند حديثي عن الشورى ف آخر الفصل الت.
وأغرق ف الضلل حي أخذ يؤكّد صحة الذهب الديقراطي وينسبه إل
السلم ويستدل له بأقوال الفكرين والقانونيي الكفار ،فقال ف رسالته إل
231 مدارك النظر في
السياسة
ينقل من دين الكفار ما يوافق فكره الثوري؛ فينقل ف هذه الورقة وما بعدها
وما قبلها بقليل عن جون أوف ساليزيري وجان لوك وولز وبرنتون
وفرانكفورت ولسكي وفولتي ،وعن القانون الفرنسي الشهي ديي ـ كما
قال هو ـ قوله " :إن السلطة ف أي بلد ينبغي أن تكون مقيّدة بقانون
أعلى ،وهذا القانون العلى غي مكتوب ( القاعدة القانونية ) ،وتاهل هذه
الرابطة والعدوان عليها يوجب القاومة " .وينقل حت عن القانون الفرنسي
( 24يونيو 1793م ) نصه " :إن للناس الق ف مراجعة دستورهم وتعديله
وتغييه حيث ل يق ليل معي عن طريق دستور يضعه أن يتحكم ف الجيال
() قلتُ :مثله قول سلمان العودة ف شريط » المة الغائبة « ـ وهو يتحدّث عن 1
() ومثله قول سلمان العودة مشيدا ومنبهرا بالرية الغربية " :وكما أسلفتُ :العلم 1
الناضج هو أفضل الوسائل ف كشف الفضائح ووضع النقاط على الروف؛ كما هو
الال عند الغرب!! " ،من شريط له بعنوان »:حقوق النسان ف السلم «.
233 مدارك النظر في
السياسة
" :)24وقال فرانكفورت ( :مالفة حرية القول ولو كانت استيحاء من حالة
هسترية فإن تقييدها يُمثّل تدهورا ف حق الواطن ،ول يكن التذرع
بتقييدها ضد الشيوعيي ،وإل خلقنا قطعة من جهنم داخل أرضنا ) ".
والعجب العجيب والنبأ الغريب الذي ل يسبقه إليه الوائل ول عرفه
العلماء الفطاحل أنه فسّر تصرّف علي بن أب طالب ف مقاتلته الوارج
بقوله عن هؤلء ف ق ( " :)24وكانوا يُمثّلون العارضة السياسية النحرفة أو
التطرفة بلغة العصر!! ولكن كيف عاملهم ( أي علي )؟ هل نسف بيوتم؟
هل شرّدهم ف البلد؟ هل ..هل ،" ...إل أن قال ف ق (:)25
" فقد أقرّ لم برية الرأي السياسي وهم أعدائه ( كذا ) وماربيه ( كذا )
بل ومكفريه ( كذا ) ،" !!..وقال علي ابن حاج " :وف قوله ( أي قول عليّ
ابن أب طالب للخوارج ) [ :ل نبدأكم ( كذا ) بقتال ] تأمينا لم من الوف
واعترافا لم بق النقد مهما كان متطرفا شرط أن ل يسلك مسلك القتال
والقتل " ،ث جاء بقاصمة الظهور فقال " :أل يسبق المام علي ( ض )
( كذا ) بذا القول قول روزفلت ..للكنجرس :يب أن تسود العال الريات
الربع .. :العبادة ." !!!..
قلتُ :فهذا صريح ف تأييده هذا القول ،فكيف يُطمَع ف نقده له! نسأل
()
ال العافية .ويزيد إغراقا ف الضلل فيقول " :ورغم كل ما حدث للمام 1
() قلت :لئن تثّل ابن حاج برسالة الكنجرس هذه ،فإن سلمان العودة تثّل بسياسة 1
قلتُ :سبحان ال! ما هذه الحاماة للخوارج؟! أيكون علي حينئذ قد
أهدر الدماء البيئة؟! وهل يلك عليّ أن ينهى عن قتلهم والرسول يقول:
» لئن أدرَكْتُهم لَقتلنّهم قتْلَ عاد « رواه البخاري ومسلم؟! هل يتصوّر
النتخابات ـ وتصل إل الكومة ،فلماذا ل يقتدون بم ف هذا؟!!".
مع ذي الويصرة ـ رأس () ومثله ،بل وأفظع منه تفسي سلمان العودة تصرّفَ النب 1
الوارج ـ بشيء ما سبقه إليه أحد من العالِمي؛ حيث قال ف شريط » لاذا ناف
ل يأمر بالقبض على هذا الرجل الذي قال النقد « " :والثابت ف الصحيح أن النب
!ـ ل يأمر بالقبض عليه قط! ول تلك الكلمة وشكّك ف القيادة العليا ـ قيادة النب
أودعه ف السجن! ول فتح ماضر للتحقيق معه! ول حكم بسجن مؤبّد ول بغي
مؤبّد! ول شهّر به!! ول فضحه أبدا!! وإنا تركه حرّا طليقا ل يتعرّض له بشيء،
قال » :رحم ال أخي موسى « ...هذا النهج التربوي النبوي العظيم سوى أنه
ظ ّل هو السنة التّبعة للمسلمي قرونا طويلة!!! ." ...
قلتُ :إنه من نكد العيش أن نَحْيا إل زمان نسمع فيه هذا!! وهو ُي َذكّرن أولً بقول يزيد
ابن حبيب ـ رحه ال ـ وهو يتحدّث عن فتنة العالِم فقال ... " :ومنهم مَن يَروي
كل ما سع حت أن يَروي كلم اليهود والنصارى إرادة أن يُعَزّز كلمه " ،رواه ابن
البارك ف (( الزهد )) (40ـ أحد فريد ) والطاب ف (( العزلة )) ص (.)214
وثانيا:ل يذكُر صاحبُ (( الصحيح )) ـ البخاريّ رحه ال ـ هذا الفقهَ الذي استنبطه
هذا العترض عليه " :باب مَن ترك سلمان! بل قال عند ذكر سبب عدم قتل النب
قتال الوارج للتألّف وأن ل ينفر الناس عنه " ،انظر (( الفتح )) ( .) 12/269
قلتُ :ل مِن أجل حريّة الرأي كما زعم الردود عليه!!
وقال ابن تيمية " :فكأنه َعلِم أنه ل بدّ من خروجهم ـ أي الوارج ـ وأنه ل مَطمع ف
استئصالم؛ كما أنه لا َعلِم أن الدجال خارج ل مالة نى عم َر عن قتل ابن صيّاد ،وقال » :إنْ
235 مدارك النظر في
السياسة
ث السلمي على قتال الوارج مسلم أن يرؤ عليّ على ذلك وهو الذي ح ّ
يوم النهروان وجعل يُذكّرهم با حفظه عن رسول ال ف ذلك ،فعن سويد
بن غفلة قال :قال عليّ :إذا ح ّدثْتُكم عن رسول ال حديثًا فلَن َأخِرّ
من السماء أحب إلّ من أن أَكْذب عليه ،وإذا ح ّدثْتُكم فيما بين وبينكم فإن
الرب خدعة ،وإن سعتُ رسول ال يقول » :سيَخرج قوم ف آخر
الزمان حداث السنان سفهاء الحلم ،يقولون من خي قول البية ،ل
ياوز إيانُهم حناجرَهم ،يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية،
َيكُ ْن ُه فلن تُسلّط عليه ،وإن ل َيكُنه فل خي لك ف قتله «؛ فكان هذا ما أوجب نيه بعد ذلك
عن قتل ذي الويصرة لا لزه ف غنائم حني ،وكذلك لا قال عمر :ائذن ل فأضرب عنقه،
قال» :د ْعهُ؛ فإن له أصحابا ،يقر أحدكم صلته مع صلتم ،وصيامه مع صيامهم ،يرقون من
الدين كما يرق السهم من الرميّة « إل قوله » :يَخرجون على حي فُرقة من الناس «؛ فأمر
بتركه لجل أن له أصحابا خارجي بعد ذلك ،فظهر أن علمه بأنم ل ب ّد أن يرجوا منَعه من أن
يقتل منهم أحدا فيتحدّث الناس بأن ممدا يقتل أصحابه الذين يُصلّون معه ،وتنفر بذلك
عن السلم قلوبٌ كثية من غي مصلحة تغمر( الصل :تعمر ) هذه الفسدة ،هذا مع أنه
" ،من » الصارم السلول « ص ( كان له أن يعفو عمن آذاه مطلقا ،بأب هو وأمي
.)187
قلتُ :فهأنت ـ أيها القاريء ـ بي الفقه السلفي الذي نقلتُه لك آنفا عن البخاري
وابن تيمية ،وبي الفقه الغربّ الذي تشرّبه مَن يُرَى ويُرِي أنه عدوّ له!! فبأيّ الديي
تتدي أيها النصف؟ وإنه لن العجائب توافق كلمات علي بن حاج مع كلمات سلمان
العودة
ـ كما ترى ـ ف النبهار بالغرب الكافر وماولة الروج من السجن بالتحاكم إل
قانونه والستغاثة بشفاعة مفكريه ،والغراب والتغرّب ف تفسي نصوص التاريخ
السلمي وتحّل أراجيف الستدلل مع أنه ل يَر أحدها الخر! فسبحان من جعل »
الرواح جنودا منّدة؛ ما تعارف منها ائتلف ،وما تناكر منها اختلف! «.
مدارك النظر في
236
السياسة
فأينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن ف َقتْلهم أجرًا لِمن قتَلهم يوم القيامة «
( رواه البخاري ومسلم ) .كيف وقد صحّ عنه أنه أه ّل وكبّر لا أيقن أنه
()
ل يقتل إل الوارج ( رواه أحد وأبو يعلى ) ،وعند أحد وغيه أنه سجد
1
()
سجدة شكر ،ولذلك قال الجري .. " :فصار سيفُ عليّ بن أب طالب ف 2
()
الوارج سيفَ حق إل أن تقوم الساعة " .
3
بل قال الشافعي " :فأما الوارج فل نعلم أحدا منهم كره قتاله إياهم "
()
رواه البيهقي وأسند بعده نو هذه الكلمة إل ابن سيين .
4
() انظر » كتاب السنة « لبن أب عاصم بتحقيق اللبان رقم (.)913 1
() انظر تسي الشيخ اللبان لذا الثر ف » إرواء الغليل « رقم (.)476 2
كلمة عن الرجئة
إنّ الذي دعان إل عقد هذا الفصل هو أنن رأيت كثيا من الغرضي
يَرمون الشيخ ابن باز والشيخ اللبان والشيخ ابن عثيمي بالرجاء؛ لن هؤلء
فسّروا آيةَ الكم بغي ما أنزل ال على التفصيل العروف عند السلف ،ول
ُي َكفّروا مطلقا( ،)1ولنم ينعون الروج على الكام الظلمة من السلمي ما ل
يروا كفرا بواحا ،بل ولو رأوا كفرا بواحا منعوه أيضا إذا كانت الصلحة
الشرعية والقدرة تْنأَيان عن ذلك ...وأقول:
1ـ إنّ القول بالروج السابق هو مذهب الرجئة؛ فقد روى ابن شاهي
ضلّة!" ،قيل له :بَيّن لنا رحك ال!
عن الثوري أنه قال " :اتّقوا هذه الهواء ال ِ
فقال سفيان " :أما الرجئة فيقولون ،" ...وذكر شيئا من أقوالم ،إل أن قال:
" وهُم َيرَوْن السيفَ على أهل القبلة! "(.)2
وروى أيضا أنه قيل لبن البارك :ترى رأي الرجاء؟ فقال " :كيف
أكون مرجئا؛ فأنا ل أرى السيف؟! .)3(" ..
بل روى الصابون بإسناده الصحيح إل أحد بن سعيد الرباطي أنه قال:
قال ل عبد ال بن طاهر " :يا أحد! إنكم تبغضون هؤلء القوم (يعن الرجئة)
جهلً ،وأنا أُبغضهم عن معرفة؛ أولً :إنم ل َيرَوْن للسلطان طاعة .)4("...
() انظر ـ إن شئت ـ هنا التعليق على منهج ممد قطب ف هامش ص ( 109ـ )122؛ 1
واقرأ لزاما كتاب (( التحذير من فتنة التكفي )) للئمة الثلثة الذكورين أعله ،ف طبعته
الت حقّقها الخ علي حسن اللب؛ فإنه نفيس.
() رواه ف (( الكتاب اللطيف )) ( )15والللكائي ف (( شرح أصول العتقاد )) (.)1834 2
قلت :أل تدلّ هذه النصوص دللةً واضحةً على أنم هم الرجئة على
القيقة ،وأن أئمتنا الذكورين آنفا براءٌ من ذلك.
ول عجب حينئذ أن ينشأ الرجاء على أعقاب الروج؛ قال قتادة " :إنا
حدَثَ الرجاء بعد فتنة ابن الشعث "(.)1
ومن الدلة على إرجائهم أيضا:
2ـ ترك الستثناء ف اليان وما يتبعه ،وإنْ زعم بعضهم ـ بلسانه ـ
أنه على مذهب السلف ،ألَ تراهم يقولون ( :الشهيد حسن البنا ..الشهيد
سيّد قطب ،)..ولو قيل لم :إن كان وَصْفهم بالشهادة واجبا حركيّا ما لكم
منه بدّ فاستثنُوا بقولكم ـ على القل ـ ( :إن شاء ال)؛ فقد عقد البخاري
ف كتاب الهاد من (( صحيحه )) بابا ف ذلك فقال " :باب ل يُقال فلن
شهيد " ،وذكر الدلة على ذلك ،قلتُ :وقد طُلِب منهم هذا مرارا
فاستنكفوا؛ وقالوا إنا أنتم ف الهاد تطعنون ،وللمخابرات العالية مُسَخّرون!!
وهذا الستنكاف عن الستثناء هو أصل الرجاء؛ قال عبد الرحن بن
مهدي ـ رحه ال ـ " :أصل الرجاء ت ْركُ الستثناء "(.)2
() رواه عبد ال بن أحد ف (( السنة )) ( )644واللل ف (( السنة )) ( )1230وابن العراب 1
3ـ ث عودا على بدء فأقول :إن الرجئة الولي ُأتُوا من قِبَل تعظيمهم
اليانَ واستهانتهم بالعاصي؛ فاستبعدوا لذلك أن يبط اليان بالذنوب،
فقالوا " :ل يضرّ مع اليان ذنب! " ،فمن ثَمّ كان ضللم .وأما هؤلء
ـ اليوم ـ فأُتوا من ِقبَل تعظيمهم السياسةَ؛ وكل من كان معهم ف حركتهم
فهو صاحب الولء ،ول يضرّ مع الفقه الركي ذنب ،ولو كان هو الشرك
بربّ العالي!!! أل ترى كيف يسقط أقطابم والَُنظّرون لم ف العظائم ول
حرّكون ساكنا غيةً على الدين؟! إنا غيتم علىحزبم وحركتهم!! أل ُي َ
ترى كيف يُقيمون الدنيا ول يُقعدونا إن سعوا الشيخ عبد العزيز والشيخ
اللبان يقولن بترك الواجهة الدموية مع اليهود ريثما يتقوّى السلمون؟! وهي
فتوى من مته َديْن حقيقةً .وأما إذا أخطأ مُحرّكوهم ،فإ ّن الواجب الركي
ض الطرف عنهم مهما كانت شناعتها ،وما أكثر ما يُفتُون ف الدماء عندهم غ ّ
والعراض والموال فيُهدِرونا! مع أنم لو بلغوا درجة طلبة العلم لكان هذا
أحسن الظنّ بم!
ـ فهذا علي بن حاج ُيفْت بقتل آلف من السلمي وبتشريد بقيتهم
ويُ َروّع بلدا آمنا ،ويقول ما يقول من الشادة بالذهب الديقراطي وغي ذلك
ما نقلتُه عنه َقبْل ،مع ذلك فل ينتقده ـ عندهم ـ إل عميلٌ!!
ـ ويطعن من قَبْله سيّدُ قطب ف بعض أنبياء ال تعال ،ويطعن ف جع من
الصحابة الشهود لم بالنة ،ويرى السياسة الشرعية متمثلة ف الذهب
الشتراكي الغال ،وغيها من الدواهي الت بيّنها الشيخ ربيع الدخلي ف كتبه
الخية ،وقد قال اللبان " :حامل لواء الرح والتعديل ف هذا العصر :الشيخ
ربيع " ،وهذه شهادة من متخصّص(!)1
(( () من تسجيلت طيبة بالدينة النبوية بعنوان :منهج الوازنات برقم ،)86( :نقلً عن 1
246 مدارك النظر في
السياسة
السياسة ،مع العلم بأن سياستهم هذه ل تعدو أن تكون مزيا من الشتراكية
والديقراطية؛ كما هو معلوم عند من اطّلع على كتب سيّد قطب وغيه من
هو على شاكلته ،بل قلْ باختصار :هي الفقه الركي البتدع ،والرجئة ل
ينفوا تضرّر صاحب اليان بشرك يرتكبه ،بل اعترفوا بأنه ل ينفع مع الكفر
حسنة ،وأما هؤلء فهم شافعون لئمتهم ولو قالوا بالكفر الصريح كما
سبق!!!
4ـ هذا الصل تبعه أصل آخر عند الرجئة ،أل وهو عدم بيان السنة
للناس ،مع ترك الرّدّ على البتدعة؛ قال ابن تيمية ـ رحه ال ـ بعد كلم له
عن أهل التكفي " :وبإزاء هؤلء الكفّرِين بالباطل أقوامٌ ل يَعرِفون اعتقاد أهل
السنة والماعة كما يب ،أو يَعرفون بعضه ويهلون بعضه ،وما عرفوه منه
قد ل يَُبيّنونه للناس بل يكتمونه( ،)1ول ينهون عن البدع الخالفة للكتاب
والسنة( ،)2ول يذمّون أهل البدع ويعاقبونم( ،)3بل لعلهم يذمّون الكلم ف
السنة وأصول الدين ذمّا مطلقا( .. )4أو ُي ِقرّون الميع على مذاهبهم
() كـبعض ( الخوان السلمي ) الذين تربوا ف بيئة سلفية ،لكن حزبيتهم تنهاهم عن 1
بيان العقيدة السلفية وتأمرهم بالتمذهب وتنهاهم عن إطْلع الناس عما ف الذاهب
الخرى من السنة؛ لن ذلك يُفرّق الصف حسب فلسفتهم!
() انظر كلم حسن البنا ف (( مذكرات الدعوة والداعية )) ص (64ـ )65حول ضرورة 2
السكوت عن اللف العروف ف السائل العقدية مثل حلقات أهل الطرق الصوفية
والتوسل بالصالي ودعاء القبور !...ليقول ف آخرها " :وهذه السائل اختلف فيها
السلمون مئات السني ،وما زالوا متلفي! وال تبارك وتعال يرضى منا بالبّ والوحدة!! ".
() كـ (الخوان ) الذين قالوا :نذمّ البدعة ول نذمّ صاحبها! ونكره البدعة ول نكره صاحبها!! 3
() كـ (الخوان ) الذين قالوا :الكلم ف السنة قشور! والكلم ف أساء ال السن 4
الختلفة( ... )1وهذه الطريقة قد تغلب على كثي من الرجئة وبعض التفقهة
والتصوّفة والتفلسفة ...وكل هاتي الطريقتي ( أي الكفّرة والرجئة ومن
معهم ) منحرفة خارجة عن الكتاب والسنة "(.)2
ول يَختلف اثنان أن هذا من أعظم السس الت يرتكز عليها دين الركية؛
وهل ثَمّ أحدٌ يُنكر مقولتهم ( :ليَعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ،ولنعمل
فيما اتّفقنا عليه!! ) ،وقد بيّنت ـ ف هامش قريب ـ من كلم حسن البنا
أنم يَعنون الختلف بإطلق! قالوا هذا؛ لنم لو أخذوا يُنكرون على أهل
البدع لضيّعوا أكثر متبوعيهم الذين يدّونم ف الغيّ!
ث ل يقف هذا عند أهل البدع ،بل تعدّاه إل أهل الكفر؛ فقد سبق أن
نقلتُ ف ص ( )220كلم ( الخوان ) ف رضاهم بُأ ُخوّة النصارى لم بل
ومطالبتهم بذلك! كما نقلتُ كلم حسن البنا ف ص ( ،)221والقرضاوي
ص ( )222ف أنه ل خصومة دينية بيننا وبي اليهود!! فماذا بعد هذا؟!
شتَّى}؛إذ فيهم
م َ قلُوب ُ ُ
ه ْ ميعا ً َ
و ُ ج ِ
م َ
ه ْ
سب ُ ُ () كـ (الخوان )؛ فإنك {ت َ ْ
ح َ 1
الصوف على اختلف طرقهم ،والشعري والاتريدي والرافضي والهمي والعتزل ...
وسلوا علي بن حاج :لاذا ل يُنكر على الطرقيي ف مدينة أدرار وقد نزل بساحتهم
للدعاية النتخابية ،وسع منهم ما يَمسّ جناب التوحيد؟! وكذا اجتماعهم بالباضية بدينة
غرداية؟! فإنّ هداية رجل واحد منهم خي لكم من المارة الت صرفتم إليها وجوهكم؛
قد قال (( :لنْ يَهدي ا ُل بك رج ًل واحدا خيُ لك من ُحمْر النّعَم ))؟! أليس رسول ال
رواه البخاري ومسلم.
() (( مموع الفتاوى )) ( ،)12/467وانظر (( بدائع التفسي )) لبن القيم (.)5/458 2
249 مدارك النظر في
السياسة
فهذه أربعة أصول وافقوا فيها الرجئة ،فأيّ الناس أحقّ بوصف الرجاء؟!
سلّت؟! والمر ل.
أليس يَصدق فيهم قول القائل :رمتن بدائها وان َ
250 مدارك النظر في
السياسة
فروق جوهرية تتجلى من كلمة ذهبية لبن القيم ـ رحه ال ـ حيث يقول:
" ول يتمكّن الفت ول الاكم من الفتوى إل بنوعي من الفهم:
أحدها :فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن
والمارات والعلمات حت ييط به علما.
والنوع الثان :فهم الواجب ف الواقع ،وهو فهم حكمال الذي َحكَم به
ف كتابه أو على لسان رسوله ف هذا الواقع ،ث يطبّق أحدها على الخر ،فمن
بذل جهده واستفرغ وسعه ف ذلك ل يُعدَم أجرين أو أجرا ،فالعال مَن
يتوصّل بعرفة الواقع والتفقّه فيه إل معرفة حكمال ورسوله ،كما توصّل شاهد
()
يوسف بشقّ القميص مِن دبر إل معرفة براءته وصدقه ،وكما توصّل سليمان 2
()
بقوله » :ائتون بالسكي حت أشقّ الولد بينكما « إل معرفة عي الم ،
3
() انظر » الطرق الكمية « لبن القيم بتحقيق بشي عيون ص ( )4و» النخول « للغزال 1
ص (462ـ ،)464وبفقه النفس وصف الذهب عمر بن عبد العزيز كما ف » السي « (.)5/120
من ه ِ ص ُ مي َ ق ِ ت َ د ْ ق َّ بو َ ستَبَقا البا َ () وهو الذي قال ال تعال فيه{ :وا ْ 2
َ وأَل ْ َ
د
ن أَرا َ م ْ جَزاءُ َ ما َ ت َ قال َ ْ ب َ دى البَا ِ ها ل َ َ د َ سي ِّ َ فيَا َ ر َ د َب ُ ٍ ُ
ي ه لَ قا َ م. ي لَ أ ب َا ذ ع و َ أ ن ج س ي ن َ أ َ ّ ل إ ً سوءا كَ ل ه أ
ِ َ ٌ ِ ٌ َ ُ ْ َ َ ْ ِ ُ ِ ْ بِ
َ
نها إِن كَا َ هل ِ َ نأ ْ م ْ هدٌ ِ شا ِ هدَ َ ش ِو َ سي َ ف ِ عن ن َ ْ ودَتْنِي َ َرا َ
ن َ
وإِن كا َ نَ . ن الكاِذبِي َ َ م َ و ِ ه َ و ُ ت َ ق ْ د َ ص َف َ ل َ قب ُ ٍ من ُ قدّ ِ َ ه ُ ص ُ مي ُ ق ِ َ
ما َرءَا َ َ
ن .فل ّ َ قي َ صاِد ِ َ ن ال ّ م َ و ِ ه ِ و ُ ت َ َ
ر فكذب َ َْ َ من دُب ُ ٍ ه قدّ ِ َ ُ ص ُ مي ُ ق ِ َ
م.عظِي ٌ ن َ دك ُ َّ ن كَي ْ َ ن إ ِ َّ دك ُ َّ من كَي ْ ِ ه ِ ل إن َّ ُ قا َ ر َ من دُب ُ ٍ قدَّ ِ ه ُ ص ُ مي َ ق ِ َ
َ َ
ن
م َت ِ ك كُن ِ ك إِن ّ ِ ري لِذَنب ِ ف ِ غ ِ ست َ ْ وا ْ هذَا َ ن َ ع ْ ض َ ر ْ ع ِ فأ ْ س ُ يُو ُ
ن}. خاطِئِي َ ال َ
قال » :كانت أن رسول ال () وهو ما رواه البخاري ومسلم عن أب هريرة 3
امرأتان معهما ابناها جاء ذئب فذهب بابن إحداها فقالت لصاحبتها إنا ذهب بابنك
251 مدارك النظر في
السياسة
وكما توصّل أمي الؤمني علي عليه السلم بقوله للمرأة الت حَلت كتاب
حاطب لّا أنكرته " :لَُتخْرِ ِجنّ الكتاب أو لنُجَرّ َدنّك " إل استخراج الكتاب
()
منها ،وكما توصّل الزبي بن العوّام بتعذيب أحد ابن أب القيق بأمر رسول 1
()
ال حت دلّهم على كن ُحيَي لّا ظهر له كذبه ف دعوى ذهابه بالنفاق
2
وقالت الخرى إنا ذهب بابنك فتحاكمتا إل داود عليه السلم فقضى به للكبى
فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلم فأخبتاه فقال ائتون بالسكي أشقه بينكما،
فقالت الصغرى ل تفعل يرحك ال هو ابنها ،فقضى به للصغرى «.
وف الستشهاد بذه القصة قال ابن القيم ف » الطرق الكمية « ص ( " :)5فاستدل
برضا الكبى بذلك وأنا قصدت السترواح إل التّأسي بساواة الصغرى ف فقد ولدها
وبشفقة الصغرى عليه وامتناعها من الرضا بذلك على أنا هي أمه وأن الامل لا على
المتناع هو ما قام بقلبها من الرحة والشفقة الت وضعها ال تعال ف قلب الم وقويت
هذه القرينة عنده حت قدمها على إقراره فإنه حكم به لا مع قولا (هو ابنها) ".
وأبا مرثد قال " :بعثن رسول ال () القصة رواها البخاري ومسلم عن علي 1
والزبي ابن العوام وكلنا فارس ،وقال »:انطلقوا حت تأتوا روضة خاخ فإن با امرأة من
الشركي معها كتاب من حاطب بن أب بلتعة إل الشركي « ،فأدركناها تسي على بعي
،فقلنا :الكتاب ؟ فقالت :ما معي من كتاب ،فأنناها فالتمسنا لا حيث قال رسول
لتخرجن الكتاب أو لنجرّدَنّك ،فلما رأت فلم نر كتابا ،فقلنا ما كذب رسول ال
لدّ َأهْوَت إل حجزتا وهي متجزة بكساء فأخرجته ،فانطلقنا با إل رسول ال
اِ
فقال عمر :يا رسول ال قد خان ال ورسوله والؤمني فدعن فلضرب عنقه ،فقال النب
» :ما حلك على ما صنعت؟ « قال حاطب :وال ما ب إل أن أكون مؤمنا بال
؛ أردتُ أن تكون ل عند القوم يد يدفع ال با عن أهلي ومال وليس أحد من ورسوله
أصحابك إل له هناك من عشيته مَن يدافع ال به أهله وماله ،فقال » :صدق ،ل تقولوا
له إل خيا « فقال عمر :إنه قد خان ال ورسوله والؤمني فدعن فلضرب عنقه فقال» :
252 مدارك النظر في
السياسة
()1
بقوله " :الال كثي والعهد أقرب من ذلك " ،وكما توصّل النعمان بن بشي
بضرب التهَمي بالسرقة إل ظهور الال السروق عندهم ،فإن ظهر وإل ضرب
مَن اتّهمهم كما ضربم ،وأخب أن هذا حكم رسولال .ومَن تأمل
الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بذا ،ومن سلك غي هذا أضاع على
الناس حقوقهم ،ونسبه إل الشريعة الت بَعثال با
أليس من أهل بدر؟ فقال لعل ال قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت
لكم النة ـ أو قد غفرت لكم ـ « فدمعت عينا عمر وقال :ال ورسوله أعلم .فأنزل
َ َ
وك ُ ْ
م د َّ
ع ُ
و َ عدُ ِّ
وي َ منُوا ل َ تَت َّ ِ
خذُوا َ ن ءَا َ
ذي َ ال السورة {يَأي ُّ َ
ها ال ّ ِ
أَْولِيَاءَ}".
تَوصّل إل استخراج الكتاب من الرأة بسلوك هذه الطريقة والشاهد من القصة أن عليّا
الحرّمة من أصلها ،قال ابن القيم ف » الطرق الكمية « ص ( " :)9وعلى هذا إذا ادعى
الصم الفَلَس وأنه ل شيء معه فقال الدعي للحاكم :الال معه ،وسأل تفتيشه وجب
على الاكم إجابته إل ذلك ليصل صاحب الق إل حقه ".
وعلى هذا بوب البخاري ف » صحيحه « لذه القصة بقوله ( باب إذا اضطر الرجل إل
النظر ف شعور أهل اللة والؤمنات )..انظر الديث برقم (.)3081
() جاء ف النسخة الطبوعة (كن جب ) وهو تريف فليصحح. 2
لا أجْلَى يهود بن () قال ابن القيم ف الطرق الكمية ص( " :)7وشَرْحُ ذلك أنه 1
النضي من الدينة على أنه لم ما حلت البل من أموالم غي اللقة والسلح ،وكان لبن
أب الُقيق مال عظيم بلغ مَسْك ( وهو جلد ) ثور من ذهب وحلي ،فلما فتح رسول ال
خيب وكان بعضها عنوة وبعضها صلحا ففتح أحد جانبيها صلحا ،وتصن أهل
أربعة عشر يوما ،فسألوه الصلح ،وأرسل ابنُ أب الانب الخر ،فحاصرهم رسول ال
» :نعم « فنل ابن أب انزل فأكلمك ،فقال رسول ال القيق إل رسول ال
على حقن دماء من ف حصونم من القاتلة ،وترك الذرية لم القيق فصال رسول ال
253 مدارك النظر في
السياسة
()
رسوله " . 1
ومن خلل هذه المثلة وشرح ابن القيم لا يتبيّن لك أنه ـ رحه ال ـ
يتحدّث عن الفراسة الت ُيؤْتاها الاكم حينما تعرض له قضايا يَجهلها ول
يَعرف واقعها ،ل كما َظ ّن قوم ـ حي وجدوا ابن القيم استعمل لفظ ( فهم
الواقع والفقه فيه ) ـ أنه يعن فقه الواقع الذي استحدثوه ،وفسّروه بالطّلع
وبي ما كان لم من ويرجون من خيب وأرضها بذراريهم ،ويُخَلّون بي رسول ال
مال وأرض ،وعلى الصفراء والبيضاء والكراع واللقة ،إل ثوبا على ظهر إنسان فقال
» :وبرئت منكم ذمة ال وذمة رسوله إن كتمتمون شيئا « ،فصالوه على رسول ال
ذلك.
قال حاد بن سلمة :أخبنا عبيد ال بن عمر عن نافع عن ابن عمر :أن رسول ال
قاتل أهل خيب حت ألأهم إل قصرهم فغلب على الزرع والرض والنخل فصالوه على
الصفراء والبيضاء واشترط عليهم أن يُجْلَوا منها ولم ما حلت ركابم ولرسول ال
أل يكتموا ول يُغيّبوا شيئا فإن فعلوا فل ذمة لم ول عهد ،فغيّبوا مَسْكا فيه مال وحلي
لعم ليي بن أخطب كان احتمله معه إل خيب حي أجليت النضي فقال رسول ال
حيي بن أخطب » :ما فعل مَسْكُ حيي الذي جاء به من النضي؟ « قال أذهبته النفقات
والروب ،قال » :العهد قريب والال أكثر من ذلك « ،فدفعه رسول ال إل الزبي،
فمسه بعذاب ،وقد كان قبل ذلك دخل خربة ،فقال :قد رأيت حُييّا يطوف ف خربة ها
ابن أب القيق هنا ،فذهبوا فطافوا فوجدوا الَسْك ف الربة فقتل رسول ال
ـ وأحدُها زوج صفية ـ بالنكث الذي نكثوا " ،رواه أبو داود والبيهقي واللفظ له وهو
صحيح.
أمر الزبي أن يقرر عمّ حيي بن قال ابن القيم مبينا الشاهد من القصة " :أن النب
أخطب بالعذاب على إخراج الال الذي غيبه وادعى نفاده فقال له »:العهد قريب والال
أكثر من ذلك « فهاتان قرينتان ف غاية القوة :كثرة الال ،وقصر الدة الت ينفق كله
فيها ".
254 مدارك النظر في
السياسة
على الواقع ومتابعة أخباره! فإن هذا العن ل ُيعَرّج عليه ـ رحه ال ـ قط،
لنه ليس عِلما فكيف يكون فقها وهو مقدور لكل ( حشّاش ) ونوكي؟! ث
إنن ما زدْتُ ههنا على أن نق ْلتُ كلمه الذي ف » إعلم الوقعي « ـ وهو
الذي أخطأوا فهمه ـ بشرحه له هو نفسه ف » الطرق الكمية «.
ولذلك صدّر ابن القيم كتابه » الطرق الكمية ف السياسة الشرعية «
بالديث عن فراسة الاكم والقاضي ،بل لقد جاء عنوانه ف بعض
الخطوطات » :الفِراسة الَرْضية ف أحكام السياسة الشرعية « فتدبّر! ومِن
كلم ابن القيم هذا أخذت تسمية كتاب ،فوصفت القادر على هذا النوع من
()
الفهم بوصفي ها :الجتهاد والفراسة .
1
لذا فإن الذي ننعاه على متفقهي زماننا ف واقع السلمي ليس هو مرد
الطلع على مكايد العداء ،فهذا شرّ ل بدّ من معرفته ،ولكن ننعى عليهم ما
يأت:
أ ـ تأسيسهم الصلح على العمل السياسي ،وهذا الطأ وحده كاف
لسقاط منهجهم كله نظرا لخالفته منهج النبياء صلىال عليهم وسلم ،فكيف
وقد انضمّ إليه ما سيأت.
ب ـ دخولم ف العمل السياسي وإفتاؤهم ف قضاياه وليسوا من أهله قال
م}.عل ْ ٌ
ه ِ س لَ َ
ك بِ ِ ما لَي ْ َف َق ُ ال تعال{ :ول ت َ ْ
ج ـ و ِمنْ ث ا ْفتِياتم على أهله:العلماء والمراء ،قالال تعال{ :ول َ ْ
و
َ ُ
ه
م ُ م لَ َ
عل ِ َ ه ْ
من ْ ُ
ر ِ
م ِ
وإلى أولِي ال ْ ل َ سو ِ َردّوهُ إِلى الَّر ُ
َ
م}.
ه ْ
من ْ ُه ِستَنبِطُون َ ُ
ن يَ ْ ال ّ ِ
ذي َ
() وذلك لن اسه ف الصل كان »:السياسة بي فراسة الجتهدين وتَكَيّس الُراهقي «. 1
255 مدارك النظر في
السياسة
بطريقة الوارج ،الت أول علماتا التشهي بأخطائهم على النابر ،ونايتها
الت ل مناص منها الروج عليهم ،وف ذلك مالفة صرية للهدي النبوي ف
النكار عليهم ،قال ابن أب عاصم ف » كتاب السنة « " :باب كيف نصيحة
الرعية للولة " ،وأسند فيه عن شريح بن عبيد الضرمي وغيه قال :جلد
عياض بن غنم صاحبَ دار حي فتحت ،فأغلظ له هشام بن حكيم القول حت
غضب عياض ،ث مكث ليال فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه ،ث قال هشام
لعياض :أل تسمع النب يقول » :إن مِن أشد الناس عذابا أشدهم عذابا ف
الدنيا للناس « ،فقال عياض بن غنم " :يا هشام بن حكيم قد سعنا ما سعتَ
ورأينا ما رأيتَ ،أو ل تسمع رسولال يقول » :مَن أراد أن يَنصح
خلُو به ،فإن قَِبلَ منه
لسلطان بأمر فل يُبْدِ له علنية ،ولكن ليأخذ بيده فَي ْ
فذاك ،وإل كان قد أدّى الذي عليه له « ،وإنك يا هشام لنت الريء إذ
تتريء على سلطانال ،فهلّ خشيتَ أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان
()
1
ال تبارك وتعال؟!" .
وحت ل يَعظم عليك أن نسبتُ مالفي هذا النهج إل مسلك الوارج،
فإنن أورد هنا ما رواه الترمذي وغيه عن زياد بن كُسيب العدوي قال :كنتُ
مع أب بكرة تت منب ابن عامر ،وهو يطب وعليه ثياب رقاق ،فقال أبو
بلل :انظروا إل أمينا يلبس ثياب الفساق ،فقال أبوبكرة :اسكت؛ سعتُ
()
2
رسول ال يقول » :من أهان سلطان ال ف الرض أهانه ال « .
قال الذهب " :أبو بلل هذا هو مرداس بن أُدَيّة ،خارجيّ ،ومن جهله عدّ
() انظر » ظلل النة ف تريج السنة « لللبان رقم ( )1096وقد رواه أحد واللفظ له 1
وعلى كل حال فإن مرّد التحريض على السلطان السلم ـ وإن كان
() رواه أحد (4/382ـ )383وحسنه اللبان ف الصدر السابق ص (.)508 3
()» كتاب السنة « رقم ( ،)1509وقد انقلب اسم أب سعيد ( جهان ) على مقق الكتاب 4
فاسقا ـ صنعة الوارج ،قال ابن حجر ف وصف بعض أنواع الوارج:
()
" وال َقعَدية الذين ُي َزيّنون الروجَ على الئمة ول يباشِرون ذلك " ،وقال
1
()
عبد ال بن ممد الضعيف " :قَعَدُ الوارج هم أخبث الوارج " .
2
قلت :فأيّ الطباء اليوم سَلِم من هذه اللوثة؟! ولسيما منهم الذين
يطبون من الناس جهرتم والشهرة عندهم! فاللهم سلّم!!
ولذلك قال الشيخ صال السدلن فيهم .. " :فالبعض من الخوان قد
يفعل هذا بسن نية معتقدا أن الروج إنا يكون بالسلح فقط ،والقيقة أن
الروج ل يقتصر على الروج بقوة السلح ،أو التمرد بالساليب العروفة
فقط ،بل إن الروج بالكلمة أشد من الروج بالسلح؛ لن الروج بالسلح
والعنف ل يُرَبّيه إل الكلمة فنقول للخوة الذين يأخذهم الماس ،ونظن منهم
الصلح إن شاء ال تعال عليهم أن يتريثوا ،وأن نقول لم رويدا فإن صلفكم
وشدتكم ترب شيئا ف القلوب ،ترب القلوب الطرية الت ل تعرف إل
الندفاع ،كما أنا تفتح أمام أصحاب الغراض أبوابا ليتكلموا وليقولوا ما ف
أنفسهم إن حقا وإن باطل.
ول شك أن الروج بالكلمة واستغلل القلم بأي أسلوب كان أو
استغلل الشريط أو الحاضرات والندوات ف تميس الناس على غي وجه
() » هدي الساري « ص ( )483وانظر (( الصابة )) عند ترجة عمران بن حطّان ،و
(( 1
غراس الساس )) ص ( ،)372ثلثتها لبن حجر؛ فإنك واجد ف كل منها فائدة زائدة.
() رواه أبو داود ف (( مسائل أحد )) ص ( )271بسند صحيح ،قال الافظ عبد الغن بن 2
سعيد " :رجلن نبيلن لزمهما لقبان قبيحان :معاوية بن عبد الكري الضالّ؛ وإنا ضلّ ف
طريق مكة ،وعبد ال بن ممد؛ وإنا كان ضعيفا ف جسمه ل ف حديثه " ،كما ف
(( تذيب الكمال )) للمزّي ( ،)16/99وقال النسائي " :شيخ صال ثقة ،والضعيف لقب
لكثرة عبادته ".
259 مدارك النظر في
السياسة
شرعي أعتقد أن هذا أساس الروج بالسلح ،وأحذر من ذلك أشد التحذير،
وأقول لؤلء :عليكم بالنظر إل النتائج وإل من سبقهم ف هذا الجال ،لينظروا
إل الفت الت تعيشها بعض الجتمعات السلمية ما سببها وما الطوة الت
أوصلتهم إل ما هم فيه ،فإذا عرفنا ذلك ندرك أن الروج بالكلمة واستغلل
وسائل العلم والتصال للتنفي والتحميس والتشديد يُ َربّي الفتنة ف
()
القلوب " .
1
() » مراجعات ف فقه الواقع السياسي « د /عبد ال الرفاعي ص ( 88ـ .)89 1
() رواه ابن سعد ( )7/164وابن أب حات ف » تفسيه « (/3ق 178ـ أ ـ الحمودية ) 2
والجري ف » الشريعة « (65ـ بترقيمي ) وبيّنتُ هناك وجه تسينه با ل يتّسع له القام
هنا.
260 مدارك النظر في
السياسة
الوسائل قد سيطر عليها اليهود عليهم منال الذّلّة ،وخب الكافر مردود باتفاق
أهل اللة ،ومن الغفلة بكان أن يَتصوّر السلم عدوّه يُهدي إليه مططاته من
خلل نشرات علنية ،كما فعل سفر الوال ف نشرة الخبار الت جعها ف
كتاب أساه » وعد كيسنجر « ،وحسِب نَشرته علما! وأضاع معها عمرا
نفيسا بل طائل ،بل أضاع با أعمار الغمر من الشباب؛ فقد جاءت نَشْرتُه
نُشرةَ تبيب بي طلبة العلم وأهله أصحاب الفضائل ،فضلً عمّا فيها من إغراء
()
المراء بالعلماء ما يوقع بينهم وَحشة ،والتجربة تدلّ على ذلك .
1
والعتزلة ف مسألة الروج وساه » المامة العظمى عند أهل السنة والماعة! « وأشد منه
أسفا أن يتصر آخَرُ كتاب » غياث المم « ويقرر ف حاشيته ذاك الذهب الشئوم كما
ف ص (73ـ ،)93مضيفا إليه التكفي بطريقة ذاك الذهب نفسه كما ف حاشية
ص (40ـ ،)71ث يقوم سفر الوال بتوزيعه علينا ـ نن معشر الجاج ـ بأعداد هائلة!
فهل يريد توسيع دائرة الروج على الكام من الملكة السعودية إل غيها؟ أم أنم كتبوا
على غلف الكتاب ( :الطريق إل اللفة ) سهوا؟!!
261 مدارك النظر في
السياسة
أشخاصا لنقل الخبار ،كما يفعل الكفار ،وحينئذ ل نكون نن عالة ف تلقي
الخبار من أعدائنا وخصومنا ،ث ناول أن نطبق القيد الذي ذكرته أنت .ل
يستطيع أي إنسان إذا أراد أن يتأكد من صحة بعض هذه الخبار ،ما
يستطيع أن يتأكد من ذلك؛ لن مصادرها أجنبية ،تاما لو أردنا أن نتأكد
من صحة بعض الخبار ف التوراة والنيل ،ليس عندنا وسيلة لعرفة الخبار
الت ف التوراة والنيل :ما هو صحيح ما ليس بصحيح ،إل بقابلتها بأخبار
أهل صدق وثقة و ...ال ،فإذا هؤلء ل يكونوا موجودين ذهبت أدراج من
يريد فقه الواقع معرفة حقيقية اعتمادا منه على الخبار الت ترِدنا من بلد
الكفر والضلل والفسق والفجور ،ل يكن حينئذ تقيق ما ألحتَ إليه من
التثبت ،ولذلك ( فقه الواقع ) هذا الن نظري ،ول يكن أن يكون واقعيا
إل بإياد شركة توظّف أناسا لنقل الخبار بطرق موثوقة ينطبق عليها تاما
علم مصطلح الديث.
قال العمر :إذا ل يوجد هذا يا شيخ ،حت يوجد هذا المر؟
قال اللبان :إيه! من الصعب تقيقه.
قال العمر :أل نستفيد يا شيخ من بعض ..
قال اللبان :يا شيخ! ـ باركال فيك ـ لكثرة الخبار وكثرة الخبين
من الكفار ،يضيع الباحث بي هذه الخبار وهذه ،ما يستطيع أن يتحقق إل ما
()
ندر جدا جدا " .
1
() من أشرطة » سلسلة الدى والنور « بعنوان »:فقه الواقع « مناقشة العلمة اللبان 1
قلت :ولذلك تد الدهد وصف نبأه الذي أخب به سليمان عليه الصلة
ن} ،مع ذلك قي ٍ سبَإ ٍ بِنَبَإ ٍ ي َ ِمن َ ك ِ جئْت ُ َوالسلم باليقي فقال{:و ِ
ومع أنال سخّر لسليمان النّ واليوان ،فإنه لا كان اليوان مصدرا قاصرا
سنَنظُُر من مصادر التلقي ،قال سليمان عليه الصلة والسلمَ { :
ل ما أعظم هذا ن} ،فل إله إل ا ! َ َ
ن الكَاِذبِي َ م َ ت ِم كُن َ
تأ ْ ق َ صد َ ْ
أ َ
النهج وما أعدله وما أدقه! فاحرص على هذه الدقة الت لست واجدها إل عند
السلفية ،لنا حققت منهج أهل الديث بدارة ،وليس مرد انتساب لم مع
تأثّر بالغ بناهج أخرى .وعلى هذا ل لوم على السلفية إذا كانت ل ترفع رأسا
بذه الخبار الت ملت أدمغة الشباب اليوم ،ول تطيب با نفسا ول تعوّل
عليها ،مع التنبيه علىأنه قد يستفاد منها بعد تبيّن صدقها من كذبا ،وتُبن
عليها أحكام بالقرائن الت تتفّ با ،لكن تنبّه
قلُها إل ـ أخي القاريء! ـ تنبّه إل قولال تعال{ :وما يَع ِ
مون} ،أي ل يقدر عليها إل من جعال له بي التضلّع بعلم العال ِ ُ
الكتاب والسنة حت يصي متهدا ،وبي قوة الفراسة وصدق التوسّم كما
()
سبق بيانه .
1
الصحف والجلت والذاعات! فوسائل العلم اليوم ل يُمكن العتماد عليها ،وربا
يكون هناك مططات سابقة تغيّرت الحوال حت أصبحت هذه الخططات غي سليمة،
وإذا تأمّل العاقل فيما جرى من الحداث خلل عشرين سنة تبيّن له أن جيع التقديرات
الت ُقدّرت أصبحت غي واقعية ،لذا نرى أن إشغال الشباب عن التفقّه ف دين ال عز
وجل إل التفقّه ف الواقع ومطاردة الجلت والصحف والذاعات وما أشبه ذلك ...
نرى أنه خطأ ف النهج ،" ...من شريط مسجل باسم (( :لقاء أب السن الأرب مع
الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمي )).
() وعلى هذا ل تستغرب أن تسمع سفر الوال ف أيام فتنة الليج يستدل ـ با قرأه ف 1
264 مدارك النظر في
السياسة
إحدى الجلت الكافرة :مِن أن المريكان يتدرّبون ف صحراء ( نيفادا ) ـ على أن
ذلك يعن أنم كانوا يريدون غزو الليج العرب بدليل أن مناخ تلك الصحراء كمناخ هذا
الليج! وقرر من حينه أن قضية الليج هي استعمار له!!
() » الطرق الكمية « ص (.)9 1
265 مدارك النظر في
السياسة
قلت :لو عاش الشيخ ابن حيد إل زمننا هذا لوجد الكثي من تتابع على
هذا الذي استغربه؛ فقد قال عبد الرحن عبد الالق .. " :وأنه ل بدّ لكل
لكن صدق الشيخ ابن حيد ـ رحه ال! ـ؛ فإنه ل يُعلم أحد من
العقلء سبقه هو وسلمان وعبد الرحن إل هذا فضلً عن أهل العلم! خاصة ف
هذه الجالت الثلثة الطية ،الت أجع أهل العلم على عدم فرضها على
العيان ،وإليك بيان ذلك ف إلاعة سريعة؛ لن مظانا ل تفى على صغار
طلبة العلم:
ـ أما السياسة :فقد بيّنتُ أدلة حصر مارستها ف أول المر :العلماء
والمراء ،فل أعيده.
ـ وأما العلم :فقد نصّال تعال بأنه ل يفرض طلبه إل على طائفة من
السلمي ،أما الخرون فيكفيهم أن يعْلموا منه ما يقيمون به دينهم ودنياهم،
فروا كَا َّ
ة
ف ً ن لِيَن ْ ِ ُ
منُو َ م ْ
ؤ ِ ن ال ُ قالال عز وجل{:و َ
ما كَا َ
ف َّ م طَائ ِ َ
هوا
ق ُ ة لِيَت َ َ
ف ٌ ه ْمن ْ ُة ِق ٍ فْر َ من ك ُ ِّ
ل ِ فَر ِول َ ن َ َ فل َ َْ
م ه ْ َ ذُروا َ
عوا إلي ْ ِ ج ُ م إِذَا َر َ ه ْم ُو َ
ق ْ ن ولِيُن ِ
دي ِ في ال ِّ
َ َ
ن}. حذَُرو َم يَ ْ ه ْعل ّ ُل َ
قال القرطب " :وف هذا إيابُ التفقّه ف الكتاب والسنة وأنه على الكفاية
()
دون العيان " . 2
() من » السلمون والعمل السياسي « ص ( ،)76ول يُستَغرَب هذا الوضوحُ ف النراف 1
من عبد الرحن ،لكن الذي يُستغرب هو انطلؤه على كثي من قرّاء كتابه هذا! ولقد
كان صدورُه أولَ شيء شدّ به عليّ بن حاج أزره! وأوّل شيء شجّعه على إظهار ما كان
يُخفيه عن السلفيي!! وأخذ يومها يلقي منه دروسه!!
() » تفسي القرطب « ( )8/186ط :دار الكتب العلمية. 2
268 مدارك النظر في
السياسة
خي ْ ِ
ر ن إلى ال َ عو َ
ة يَدْ ُم ٌ م أ ُ َّ فقال{ :ولْتَكُن ِ
منك ُ ْ
ر} ،قال ابن ْ
منك َ ِ
ن ال ُ
ع ِن َو َ
ه ْف ويَن ْ َ عُرو ِ م ْ
ن بِال َ
مُرو َ
ويَأ ُ
كثي " :والقصود من هذه الية أن تكون فِرقة من هذه المة متصدية لذا
()
الشأن ، " ...ث أشار إل وجوب المر بالعروف والنهي عن النكر على
1
الناس؛ كل بسَبه.
2ـ إيغاله العوام فيها يوَرّطهم ف ثلث فت هي:
ـ أنه يُرَبّي فيهم التجرّؤ على الفتيا.
ـ ويدفعهم إل التجنّي على أهل العلم إذا ل يفهموا مسالكهم ،وَتعْظم
الفتنة بم ف القضايا السياسية ،بل يفتِنون حت دعاتم ،أل ترهم ف قضية
الليج كيف كانوا بفهوم العوام مصورين ،وتت ضغوط مطالبهم مأسورين؟
ـ وتييجهم على المراء ،والنوح بم إل التكفي ،ومَن جرّب جاعة
التكفي عرف كيف احتوى الهال الدعوة ،والمرل.
3ـ دعوته المة إل دراسة الصال والفاسد من أكب مزالقه؛ لن تبيّن
الصلحة ـ الت فيها المن ـ من الفسدة ـ الت فيها الوف ـ ل يَقدر عليه
إل الراسخون ف العلم :أهل الستنباط ،ويظهر هذا الصر ف قوله تعال:
عوا ب ِ ِ
ه ف أَذَا ُ
و ِخ ْ
و ال َ َ
نأ ِ م ِ
َ
ن ال ْ م َ
مٌر ِ
َ
مأ ْ ه ْ{وإذَا جاءَ ُ
َ ُ
هم
من ْ ُ
ر ِ
م ِ
ل وإلى أولِي ال ْ سو ِو َردُّوهُ إلى الَّر ُ ول َ َْ
َ
م}. ه ْ
من ْ ُ ستَنبِطُون َ ُ
ه ِ ن يَ ْ ه ال ّ ِ
ذي َ م ُ
عل ِ َلَ َ
4ـ كثيا ما تد الهيّجي من الراهقي السياسيي يُشَرّكون العامة فيما
يسمونه واقع المة ،حت إذال ينتج عن تليلتم شيء من غُنْمها ،شرّكوهم ف
غُرْمها ،ول يقع اللوم عليهم وحدهم ،كما صرّح به هنا سلمان حي قال" :
() وإل هذا جنح القرطب ف تفسيه ( )4/106والشوكان ف » فتح القدير « (.)1/396 1
269 مدارك النظر في
السياسة
فتتحمّلونه جيعا ،لن يتحمّله العال وحده ،ول الاكم وحده ،ول الداعية
()
وحده!! " .
1
ف شريط » القواعد ف توحيد الكلمة «؛ حيث يقول " :القاعدة الثالثة ... :لك الغنم،
وليس عليك الغرم ،" !!..فحمدت ال على أنن ما جنيتُ عليه ،ول يُحمد على مكروه
سواه .وكيف ل يُغَرّم مَن يفت الشباب بدخول العارك الت توردهم الهالك وقد قال
ف أدن من ذلك » :قتلوه ،قتلهم ال « رواه أبو داود وهو صحيح؛ قال رسول ال
ابن تيمية عند هذا الديث " :فإن هؤلء أخطأوا بغي اجتهاد؛ إذ ل يكونوا مِن أهل العلم
" ،من » مموع الفتاوى « (.)20/254
() ومن شاء التأكد فليطلب من هذه الماعة شريطا معروفا باسم » شريط الزقازيق « 2
شهر صفر لسنة 1409هـ ،راجع قصة هذه السية هنا ص (.)312
270 مدارك النظر في
السياسة
ن}!!مي َ عال َ ِ
ال َ
5ـ كلم سلمان هذا كله دعوة إل الديقراطية بعينها ،وهومن يُظهر
الكفر با ،وإل كيف يدعو المة كلها إل الشورى ف السياسة؟! المر الذي
يدلّك على أن هؤلء أرادوا أن يكونوا واقعيي ،فإذا هم قد صاروا ف يد
الديقراطية واقعي!
6ـ استدلله بآيت الشورى لتقرير هذا العن الديقراطي ف غاية
السقوط ،وقبيح جدا بالسلم ـ بصفة كونه مسلما ـ أن يقع فيه ،فكيف
بطالب العلم؟! فكيف بن قيل له (:فضيلة الشيخ؟! ) فكيف بن أُريد له أن
يُضَمّ رقمُ هاتفه إل أرقام أصحاب الفضيلة هيئة كبار العلماء؟!
ث اعلم ـ أعاذكال من الهل ـ أن الشورى ف السلم متصة بالئمة
العلم ،سواء أكان ذلك فيما بينهم ،أم فيما بينهم وبي الكام.
واعلم ـ أيضا ـ أنه ل مشورة فيما ثبت فيه نصّ من كتابال أو سنة
خي النام عليه الصلة والسلم ،وإليك باختصار شديد أدلة هذين الكمي:
قال البخاري ف كتاب الحكام من » صحيحه « " :باب بطانة المام
وأهل مشورته ،البطانة :الدُخَلء " ،وأسند فيه عن أب سعيد الدري عن النب
قال » :ما بعثال من نبّ ول استخلف من خليفة إل كانت له بطانتان:
بطانة تأمره بالعروف وتُضّه عليه ،وبطانة تأمره بالشر وتضّه عليه ،فالعصوم
من عَصمال تعال «.
دلّ هذا الديث مع تبويبه على أن أهل الشورى ليسوا المة كلها كما
زعم سلمان! وإنا هم بطانة المام ،خاصة وأن لذا الديث سبب ورود من
طريق البخاري نفسه ،لكن ف غي » صحيحه « ،وإنا رواه عنه تلميذه
271 مدارك النظر في
السياسة
()
الترمذي ف » سننه « ،وفيه قصة خروج النب وأب بكر وعمر من 1
بيوتم بسبب الوع ،فكان إذن أبو بكر وعمر هم بطانة رسولال .
ل ـ فقه ابن عباس حي فسّر قوله تعال: ولذلك تدبّر ـ رحك ا !
()
{وشاوِرْهُمْ ف ا َل ْمرِ} قال " :أبو بكر وعمر رضيال عنهما " .
2
() إسناده صحيح ،رواه النحاس ف » الناسخ والنسوخ « ( )889والاكم ( )3/70وصححه 2
هو والذهب.
تنبيه :وقع ف » الستدرك « قولُ الاكم ( :أنبأنا أبو جعفر ممد بن أحد البغدادي )..
وهو تصحيف ،وإنا الصواب :ممد بن ممد ،كما ذكره على الصواب ابن كثي ف
تفسيه (.)1/630
272 مدارك النظر في
السياسة
وقال ـ رحه ال ـ " :فإذا عزم الرسول ل يكن لبشر التقدم على
ال ورسوله ".
() انظر » تفة الحوذي « ( )5/373و» منهاج السنة « لبن تيمية (.)8/390 1
() وانظر إن شئت » تفسي القرطب « ( )4/161ط .دار الكتب العلمية. 3
273 مدارك النظر في
السياسة
قلت :أي صار وحيًا ،ولذلك قال ابن حجر " :ويُستفاد من ذلك أن أمره
إذا ثبت ل يكن لحد أن يالفه ول يتحيّل ف مالفته " ،وكذا قال سفيان
()
1
ابن عيينة .
وقال ـ رحه ال ـ " :وشاور النب أصحابه يوم أحد ف الُقام
والروج ،فلما لبس َل ْأمَته وعزم قالوا :أَقِمْ ،فلم يَمِلْ إليهم بعد العزم وقال:
» لينبغي لنب يلبس َلأْمته فيضعها حت يَحكمال « .وشاور عليّا وأسامة فيما
َرمَى به أهلُ الفك عائشة فسمع منهما حت نزل القرآن ،فجلد الرامي ول
يلتفت إل تنازعهم ولكن حكم با أمرهال ،وكانت الئمة بعد النب
يستشيون المناء من أهل العلم ف المور الباحة ليأخذوا بأسهلها ،فإذا وضح
الكتاب أو السنة ل يتعدّوه إل غيه اقتداء بالنب ،ورأى أبو بكر قتال مَن
مَنع الزكاة فقال عمر :كيف تقاتل وقد قال رسولال » :أُمرتُ أن أقاتل
الناس حت يقولوا ل إله إلال ،فإذا قالوا ل إله إلال عصموا من دماءهم
وأموالم إل بقها وحسابم علىال « فقال أبو بكر " :وال لقاتلن مَن فرّق
بي ما جع رسولال " ،ث تابعه عمر ،فلم يلتفت أبو بكر إل مشورة إذ
كان عنده حكم رسولال »:مَن بدّل دينه فاقتلوه «.
ب مشورة عمر ،كهولً كانوا أو شبانا " اهـ. وكان القراءُ أصحا َ
وهو يقصد بكلمه الخي ما رواه هو ف » صحيحه « موصولً عن ابن
عباس قال " :قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنل على ابن أخيه الرّ
ابن قيس بن حصن ،وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر ،وكان القراء أصحابَ
ملس عمر ومشاورته كهول كانوا أو شبانا ".
وشرح ابن حجر كلمة ( القراء ) بقوله " :جع قاريء ،والراد بم
وروى البيهقي بسند صححه ابن حجر عن ميمون بن مهران قال " :كان
أبو بكر إذا ورد عليه خصم نظر ف كتابال فإن وجد فيه ما يقضي به
قضى بينهم ،فإن ل يد ف الكتاب نظر هل كانت من النب فيه سنة ،فإن
علمها قضى با ،وإن ل يعلم خرج فسأل السلمي فقال :أتان كذا وكذا،
فنظرت ف كتابال وف سنة رسولال فلم أجد ف ذلك شيئا فهل تعلمون
أنّ نبال قضى ف ذلك بقضاء ،فربا قام إليه الرهط ،فقالوا :نعم قضى فيه
بكذا وكذا فيأخذ بقضاء رسولال ـ قال جعفر :وحدثن غي ميمون أن
أبا بكر كان يقول عند ذلك :المد ل الذي جعل فينا من يفظ عن نبينا
ـ وإن أعياه ذلك دعا رؤوس السلمي وعلماءهم فاستشارهم فإذا
اجتمع رأيهم على المر قضى به.
قال جعفر :وحدثن ميمون أن عمر بن الطاب كان يفعل ذلك ،فإن
أعياه أن يد ف القرآن والسنة نظر هل كان لب بكر فيه قضاء ،فإن وجد
أبا بكر قد قضى فيه بقضاء قضى به ،وإل دعا رؤوس السلمي
()
2
وعلماءهم فاستشارهم ،فإذا اجتمعوا على المر قضى بينهم " .
()
3
ث ذكر ابن حجر مشاورات عمر وعثمان لهل اللّ والعقد .
ومن أقوى ما يُستدل به هنا ما وقع ف وفاة عمر حي قيل له " :أوصِ
يا أمي الؤمني! استخلف ،قال :ما أجد أحق بذا المر من هؤلء النفر ـ أو
الرهط ـ الذين توف رسولال وهو عنهم راضٍ ،فسمى عليا وعثمان
وعلى فرض أنه يصلح دليل لدّعاهم فقد قال النووي " :قال العلماء :إنا
قصد اختبار النصار لنه ل يكن بايعهم على أن يَخرجوا معه للقتال وطلب
العدو ،وإنا بايعهم على أن ينعوه من يقصده ،فلما عرض للخروج لعي أب
7ـ وف نعي سلمان على المة عدم تدخلها ف الشورى يقول " :وهذا
خطأ؛ لنه يَختصر المة ـ كما ذكرتُ ـ ف أفراد " ،ث نزع بآيت الشورى،
هذا كله يدل على إيابه الشورى ،ليس فقط على ول المر ،بل على المة
كلها كما يظهر من سياقه .وهذا لو وافقناه عليه لبطلنا خلفة أب بكر
وعمر وعثمان ،ولبطلنا الستخلف الذي وردت الدلة بوازه ،منها ما
رواه البخاري ومسلم عن عبدال ابن عمر رضيال عنهما قال " :قيل لعمر:
أل تستَخلِف؟ قال " :إن أستخلِف فقد استخلَف من هو خي من :أبو بكر،
وإن أترك فقد ترك من هو خي من :رسولال ،فأثنوا عليه ،فقال:
" راغب وراهب ،ودِدتُ أن نوتُ منها كفافا ل لّ ول علي ،ل أتمّلها حيا
وميتا ".
وهذا من أقوى الدلة على كون أب بكر استخلَف عمر من بعده ول
يترك المر شورى ،فهل يرؤ أحد على تطئة أب بكر ،والهاجرون
والنصار شهود لينكرون؟! بل إن رسولال لو علم ف المة اختلفا ف
تولية أب بكر لعهِد إليه من غي شورى ،فعن عائشة قالت :دخل علي رسول
ال ف اليوم الذي بُديء فيه ،فقال (( :ادعي ل أباكِ وأخاكِ حت أكتب لب
بكر كتابا )) ،ث قال (( :يأب ُالوالؤمنون إل أبا بكر )) أخرجه البخاري ومسلم
وغيها.
قال شارح العقيدة الطحاوية " :والظاهر ـ وال أعلم ـ أن الراد أنه ل
يستخلِف بعهد مكتوب ،ولو كتب عهدا لكتبه لب بكر ،بل قد أراد كتابته
ث تركه ،وقال »:يأبال والسلمون إل أبا بكر « ،فكان هذا أبلغ من مرد
العهد ،فإن النب دلّ السلمي على استخلف أب بكر ،وأرشدهم إليه
بأمور متعددة ،من أقواله وأفعاله ،وأخب بلفته إخبارَ راض بذلك ،حامدٍ له،
وعزم على أن يكتب بذلك عهدا ،ث علِم أن السلمي يتمعون عليه ،فترك
()
الكتاب اكتفاء بذلك " .
1
قال أبو يعلى الفرّاء " :ويوز للمام أن يعهد إل إمام بعده ،ول يتاج ف
ذلك إل شهادة أهل اللّ والعقد ،وذلك لن أبا بكر عهد إل عمر رضيال
عنهما ،وعمر عهد إل ستة من الصحابة ،ول يَعتبا ف حال العهد شهادة
()
أهل اللّ والعقد " .
2
وقال الاوردي " :وأما انعقاد المامة بعهد مَن قبلَه فهو ما انعقد الجاع
على جوازه ،ووقع التفاق على صحته لمرين عمِلَ السلمون بما ول
يتناكروها:
أحدها :أن أبا بكر عهد با إل عمر فأثبت السلمون إمامته
بعهده.
والثان :أن عمر عهد با إل أهل الشورى فقبلت الماعة دخولم
فيها ،وهم أعيان العصر اعتقادا لصحة العهد با ،وخرج باقي الصحابة منها،
وقال علي للعباس رضوانال عليهما حي عاتبه على الدخول ف الشورى:
كان أمرا عظيما من أمور السلم ل أر لنفسي الروج منه ،فصار العهد با
()
إجاعا ف انعقاد المامة " .
3
فهل يبقى للقول بوجوب الشورى مل مع هذه الدلة القوية؟ قال ابن
القيم ف فوائد قصة الديبية " :ومنها استحباب مشورة المام رعيته وجيشه،
استخراجا لوجه الرأي ،واستطابة لنفوسهم ،وأمنا لعتبهم ،وتعرفا لصلحة
يتص بعلمها بعضهم دون بعض ،وامتثال لمر الرّب ف قوله تعال:
هم في الَْمر} وقد مدح سبحانه وتعال عباده بقوله: وْر ُشا ِ{و َ
() َ
1
م} " . ه ْ م ُ
شوَرى بَيْن َ ُ ه ْ
مُر ُ{وأ ْ
8ـ وأخيا أقول :إنّ نسبة هذا النهج إلىالسلف تت عنوان ( :حديث
حول منهج السلف ) غي مقبولة ،لا بيّنت ما بينهما من أرحام غي موصولة،
ودعوتنا لؤلء الدعاة أن يعطوا القوس باريها ،ويتركوا الطي لاديها ،ريثما
يراجعون أنفسهم ،ويتهيؤون لا يسنون؛ فإن قيمة الرء ما يسن.وفقال
الميع للخي.
ولا كان هذا النوع من الفقه ـ أعن فقه الواقع ـ بذه الثابة من التخبيط
والتخليط،كان لعلمائنا نظرة خاصة فيه للمحاذير الت نبّه عليها العلمة ربيع
ابن هادي الدخلي ـ حفظه ال ـ حيث قال " :إنّ من أغرب ما يقع فيه
التحمسون لفقه الواقع أنم يقدّمونه للنّاس وكأنّه أشرف العلوم وأهها،
ولقد غل فيه بعضهم غلوا شديدا فجعل العلوم الشرعية من مقوماته ،ونسج
حوله من الالت الكبية ،بال يسبقه إليه الولون والخرون ،وهو ف حقيقته
ل يسمى علما ول فقها ،ولو كان علما أو فقها فأين الؤلفات فيه؟! وأين
علماؤه وفقهاؤه ف السابق واللحق؟! وأين مدارسه؟! لاذا ل يسمى علما ول
فقها إسلميا؟ لنه ذو أهداف سياسية خطية منها:
أ ـ إسقاط النهج السلفي؛ لن فقه الواقع ليتلف عن مبدإ الصوفية ف
التفريق بي الشريعة والقيقة؛ إذ هدفهم من ذلك إسقاط الشريعة.
() ول يزال المر بؤلء يتفاقم حت يُغلوا ف السياسة إل حد استصغار علوم الشرع ف 1
جنبها ،حت ولو كانت عقيدة التوحيد!! ووال لقد مكثت أياما وليال باهتا مهموما
لكلمة شنيعة قالا سلمان العودة ف شريط » حول الحداث الديدة « رقم ( )78وهي
280 مدارك النظر في
السياسة
ح ـ يرتكز هذا العلم الفتعل على البالغات والتهويل ،حيث جُعلت علوم
الشريعة والتاريخ من مقوماته ،فأين جهابذة العلماء وعباقرتم عن هذا العلم
وعن التأليف والتدريس فيه والشادة به والتخصص فيه وإنشاء الامعات أو
على القل أقسام التخصص فيه؟!
ط ـ ولا كان هذا الفقه بذه الصفات الذميمة ل ينشأ عنه إل اليال
قوله .." :فتأت إل خطيب فتجد كأنه قد أصم أذنيه ول يسمع شيئا ،يتكلم عن
موضوع بعيد بالرة؛ إما أن يتكلم تت الرض فيما يتعلق بأحوال الخرة والقب
والوت ،وإما أن يتكلم فوق السماء فيما يتعلق بأمور النة والنار والبعث والساب
وغيها ،كل هذه المور حق والكلم فيها حق ،لكن ينبغي أن النسان يستغل فرصة
كون النفوس متهيّئة للوعظ والرشاد والتوجيه ،وأخذ الدروس والعب من هذه
الحداث ،ويُطَمئن الناس على هذا المر؛ يكون مصدر طمأنينة للناس ،مصدر سكينة
لنفوسهم ،يُحيي العان اليانية ف قلوبم ـ كما ذكرتُ ـ يبي لم الخاطر الت
تدّدهم ،بيث يكون الكلم متعلقا بالواقع .أما أن نعيش أحداث ( هكذا ) مؤلة
تُحرّك قلوبنا جيعا ،ث نأت للمتحدّث أو الطيب فنجده يتكلم ف واد آخر ،فهذا ف الواقع
ـ يعن ـ ذهول ( هكذا ) وغيبوبة ل يوز أن يقع الؤمن أو العال أو الداعية ضحيتها ...
"؟!
قلتُ :يالا من مصيبة! ل أعتقد أن بعد الستهانة بالعقيدة مصيبة! أرأيتم ـ يا شباب
السلم!ـ فعل السياسة العصرية بأهلها ؟!
أرأيتم هذه الصياغة التهكمية بن يريدون تليص الناس من النار ؟! آلعقيدة أم فقه
الواقع؟!! مع أن الرء لو جهل واقعه لا حال ذلك بينه وبي النة ،ولكنه لو جهل عقيدته
فمن ذا الذي ينجيه من النار؟ فأي الطيبي أحق بالنعي إن كنتم تعلمون؟ قال ال تعال:
ن ذَل ِ َ
ك ما دُو َ فُر َ غ ِ
وي َ ْ
ه َك بِ ِشَر َفُر أَن ي ُ ْ ه ل َ يَ ْ
غ ِ ن الل َ {إ ِ َّ
ضلَلً ل َ ض َّقدْ َ ف َه َك بِالل ِر ْ من ي ُ ْ من ي َ َ
ش ِ و َ
شاءُ َ لِ َ
عيداً } .وإنه لعظيم جدا بكل مسلم أن يَتصوّر أحداث الواقع ـ الت تَؤُزّ الناس بَ ِ
281 مدارك النظر في
السياسة
جدُ
أَزّا ـ باعث طمأنينة! ومصدر سكينة!! وسببا لحياء اليان ف القلوب!!! ول يَ ِ
ذلك ف أركان اليان؟! وكأن ابن القيم سع ذلك من سلمان فأجابه بقوله " :وكذلك
إنا هي تقرير لصول اليان :من اليان بال وملئكته وكتبه ورسله كانت خطبته
ولقائه وذكر النة والنار ،وما أعدّ ال لوليائه وأهل طاعته ،وما أعدّ لعدائه وأهل
معصيته ،فيَمل القلوب من خطبته إيانا وتوحيدا ومعرفةً بال وأيامه ،ل كخطب غيه
الت إنا تُفيد أمورا مشتركة بي اللئق :وهي النَوح على الياة والتخويف بالوت؛
فإن هذا ل يُحصّل ف القلب إيانا بال ول توحيدا له ،ول معرفة خاصة به ،ول تذكيا
بأيامه ،ول بَعْثا للنفوس على مبته ،ول شوقا إل لقائه ،فيَخرج السامعون ول يستفيدوا
فائدة ،غي أنم يوتون وتُقسم أموالم ويُبلي الترابُ أجسامَهم ،فيا ليت شعري! أي
إيان حصل بذا؟ وأي توحيد ومعرفة وعلم نافع حصل؟ " ( » زاد العاد « .)1/423
قلت :إنا أراد ابن القيم الردّ على صنفي من الطباء ،الول :هم الوعاظ القَصّاصون،
والثان :هم الذين أنا بصدد الديث عنهم ،فهل يُصَدّق فقهاء الواقع أن قائل هذا ل
يعيش معنا؟ وإنا قاله با فتح ال عليه من ( فقه النفس ) مع أنه ل يَعرف عن واقعنا
شيئا! رحه ال رحة واسعة ،هذا كلم رجل امتل قلبه بتعظيم العقيدة؛ لنه سلفي ،ل
كما يقول سلمان ف » هكذا علّم النبياء!! « ص ( .. " :)44فجزء من هذا اليسرِ اليسرُ
ف العقيدة؛ بيث تستطيع أن تشرح لي إنسان عقيدة التوحيد ف عشر دقائق أو
نوها!! ."..
قلت :هكذا صنيع كل سياسي من هؤلء الدعاة الراكضي خلف كراسي الكم؛ ليس
282 مدارك النظر في
السياسة
أما فقه الواقع الذي يتفي به علماء السلم ،ومنهم ابن القيم ،والسياسة
السلمية العادلة ،فمرحبا بما وعلى الرأس والعي ،وإن جهلهما وتنكّر لما
()
الخوان السلمون . " ...
1
لديهم وقت يُضيّعونه مع العقيدة! على أنم ل يتضجّرون من الساعات الطويلة ،بل
والعمار الديدة الت أكلتها السياسات! وإن كان النبياء قد ضيّعوا أعمارهم فيها كما
يبدو من هذا الكلم؟!
() » أهل الديث هم الطائفة النصورة الناجية « ص (93ـ .)95 1
283 مدارك النظر في
السياسة
على كل حال فإنّ كاتب هذه السّطور حاول التّصال بالدكتور سفر
الوال مرارا ،أقلّها ثلث مرّات! وف كلها يعتذر بكثرة الشغال مع ضيق
الوقت ـ أعانهال على طاعته ،لكن قد وصل إليه غيي من نعرفه ويعرفه،
فأفاده ما ف نفسي وزاد وأجاد ،فحمدتال على بلوغ الراد ،ووعد الدكتور
() أقصد دعوتم إل ذكر ماسن أهل البدع والخالفي عند ذكر مساوئهم باسم 1
النصاف! بل وذكر ماسن الكفار أيضا!! وسّوه ( منهج الوازنة!!! ) ،وقد بيّن فضيلة
الشيخ ربيع بن هادي الدخلي عوار هذا الذهب ف » منهج أهل السنة والماعة ف نقد
الكتب والطوائف والرجال « وف » الحجة البيضاء لماية السنة الغراء « با ل تده عند
غيه.
284 مدارك النظر في
السياسة
ألّ يعتمد مستقبلً إل على هذا الصدر الوثوق ،لكن ل يطل الزّمن حت
عادت ( حليمة إل عادتا القدية! ) ،فرابن أمرُه وأمرُ جاعته ل ّن مثل هذا
التصلّب ف الباطل عرفناه ِممَن أخبارُهم ل تنبع من واقعٍ ما بقدر ما هي تنتمي
إل تزّب ما!!
خاصة وأنم ف كل مرّة يصلون قضيّة الزائر بقضايا ف السّعودية
ينكرونا ،فيقولون :كيف ل تتجاوب الدولة السّعودية مع البهة السلمية
للنقاذ الت بلغت من الطّهر كذا وكذا ،على حي تاوبا مع الكومة
الزائرية الت بلغت من الرّجس كذا وكذا ،وربا حكوا أنّ بينهما دعما ماديّا،
فلم يدوا سبيل إل النكار على دولتهم إل باستغلل قضايا العال كواسطة،
ومنها اضطرّوا إل تجيم الق الذي لدى جبهة النقاذ ،وتقليص باطلها ،بل
ض منه! كما ستقرؤه هنا وإليكم فقه الواقع!
الغ ّ
285 مدارك النظر في
السياسة
() رواه البخاري ( )6/254رقم ( 3124ـ الفتح) ،ومسلم ( )3/1366رقم (.)1747 1
287 مدارك النظر في
السياسة
ث كيف يستنتج سلمان أن تلك الثورة ـ الت ظهر له منها أنا شعبية
إسلمية ـ كانت سبب رضوخ الكومة للتعددية الزبية؟ أليس من الائز أن
يقال :بل هي ف ٌخ نَصَبته أيد من خارج البلد ،وهي حريصة على نصب
العداوة بي هؤلء وبي حكوماتم لضرب السلم بالسلميي التحمسي
الذين ل يرون إل الَبّ الميل ،سواء أكانوا من الدّعاة ف الداخل أم من
الطبّلي الؤيّدين من الارج أمثالكم؟
وعلى كل حال :استنتاجك مردود بإجاع أصحاب هذا الواقع الخالف
منهم والدافع ،وما كل ما يعلم يقال ،وإن من الشارة ما يغن عن صريح
العبارة .وما قالته الصحافة ف ثورة البز قد صدقت فيه وهي كذوب ،والدّليل
عليه أنّه لّا كانت جبهة النقاذ ف أ ْوجِ قوتا ،ودعت إل إضراب عام عن
العمل ل يستجب لا إل القليل ،أحوج ما تكون إل نصي ،لنّ هذا الضراب
يسّ خبزة النصار ،هذا مع التهديد الشّديد الله جة منها لن ل يساهم ف
الضراب برق الحلّت وتكسيها ،...ويكفي لتصديق ما أقول أنّ عباسي
مدن ـ النّاطق الرسي لذا الزب ـ كان شديد السى والتململ من هذه
الشاركة والؤازرة الضّعيفة ،وذلك ف خطابه الشديد بساحة الضراب،
وأشرطة الضراب مفوظة.
ومع هذا يقال " :ليست ثورة خبز "!!
وهذا نائبه علي بن حاج لّا كان يطب ،فيتحدث عن إسراف ال ُكبَراء
واستئثارهم بالواد الغذائية وغيها من متاع الدنيا بألفاظ نابية جدّا كان للنّاس
ضجيجُ تاوبٍ كبي ،كأنك ف ملعب أو ملهى ،واسألوا ثقاتكم عن أشرطة
أيّام الضراب ،فسيخبونكم إن كانوا صادقي.
قال سلمان " :ليوجد ف صفوف البهة شيعي واحد!! ".
288 مدارك النظر في
السياسة
النقد :قال عباسي مدن ـ النّاطق الرّسي للجبهة ـ " :إنّ الصباح الذي
أضاءه المام المين نوّر قلوبنا جيعا ،إننا نعتقد أنّ الثورة اليرانية ستنقذ
المّة السلمية ،بل البشرية جعاء ...إنّ الشعب الزائري على أهبة
()
الستعداد للوقوف بانبكم صفّا واحدا لرفع رايةال أكب ف العال " .هذا
1
تصريح رئيس البهة ،وهو يزور إيران أيّام قوّة جبهة النقاذ الت يصفها
سلمانُ بالسلفية!!
ول أظنّك ـ يا أخانا سلمان ـ تادل عن الذين يتانون أنفسهم ،فتقول
كما يقول من ميّع عقيدته " :ليس هذا الكلم من مدن إل تعاطفا سياسيا مع
الشيعة "! لنّه َمهْما قيل فيك إنك مصاب بلوثة إخوانية ،فل أتصوّرك قائله،
لنك تربيت ف الديار السّلفية الت كانت أوّل النتبهي للخطر الرافضي ،فإن
أبيتَ أن تكون سلفيا فللديار عليك ِمنّة ،فاحفظ لا ذمّتها.
وأنا أقول شيئا من العسي قبوله عندك وعند الكثي وهو أنّ علي بن حاج
نفسه الناقم على الشيعة ،قد سئل من قِبل صحاف فرنسي عن الثورة اليرانية،
فأجاب ـ كما سعته ف التسجيل ـ " :ومن قال لكم أنّها ليست ثورة
إسلمية؟ ومن قال :المين ليس مسلما؟! " ،قلت :إنا ل! ومَن مِن
السّياسيي ل يعش كالزئبق؟! ثبّتناال .
() ملة » السنّة « (عدد /11ص ،)57أعزو إل هذه الجلة لنّها مرجع القوم ،وإلّ فليست 1
عندنا عمدة ف أخبارها؛ لنّها على طريقة " قمّش ول تفتّش " ،كالصحافة العالية ـ
خاصة إذا كانت أشبه با عند الكتب الستراتيجي البيطان! ول تنفعها عاطفتها
السلمية؛ لنّها أخبار تبنَى عليها أحكام شرعيّة ،وخب الكافر مردود باتفاق العلماء.
لكن لّا كنا نعرف أن ( مدن ) يقول أكثر من هذا ،ثّ تأكدنا منه بطريقتنا ـ طريقة
السناد العال؛ لنه جارٌ ل ـ أثبتناه هنا.
289 مدارك النظر في
السياسة
قال سلمان " :وكان معظم القائمي على تلك البهة من الشهود لم
بالعلم والكمة ،والعقل ،والعقيدة السّلفية الواضحة الصّافية السليمة ." ...
النقد :أما العلم فقد أجع الناس على أنّه ل عال بالزائر بعد جعية
العلماء ،وإليك علم من زكّيتَ :استوردَت الكومة شياها من أستراليا لعيد
الضحى عام 1412هـ ،وكانت جبهة النقاذ تيء للعيد مثل ما فعلت
الكومة ،وكل منهما يتربصّ بالشّعب اصطياده من بطنه! فلم تنجح البهة من
جهة السعار ،وتافت الناس على سوق الكومة؛ لنم مع البز حيث دار ،ث
حدث أن لوحظ ف الشّياه الكومية عيبٌ من عيوب الضحية عند الالكية؛
أل وهو أن أذنابا مقطوعة ،وحدث تشويش كبي لدى الناس ،من مبيح ومن
مرّم ،وأفت يلف شراطي ـ مفت جبهة النقاذ ـ ف جريدتا ( النقذ ) بعدم
الواز!! ول ندري أهي فتوى خاصة بالرّهان السّياسي أم هي جود مالكي
وأثر فكر جَزْأَرِيّ؟! وأحلها مرّ.
وف مدينة سطيف ـ بالشّرق الزائري ـ سئل عباسي مدن عن حكم
لم الدّجاج غي الذبوح ،فأجاب بفذلكة سياسية أضحت مضرب الثل عند
جهّال الركيي ،فقال " :تسألونن عن الدّجاج غي الذبوح ،فهلّ سألتمون
عن المّة الذبوحة؟!".
فتأمّل كيف تورّع الفت ف ذيل شاة ورعا سياسيا! ف دقة مالكية! وأما
رئيسه فلم ُتبْقِ السياسة للمذهب الالكي على بطنه رقيبا.
أليست حياة هذه ( المّة الذبوحة ) هو مطلبه؟ أليس النصر بدعاء
الستضعفي؟ بلى ،إنّ رسولال قال (( :إنا ينصرال هذه المّة بضعيفها؛
)
بدعوتم ،وصلتم ،وإخلصهم ))( .ومن شرط إجابة الدّعاء أكل اللل
1
() رواه البخاري ( 6/104رقم 2896ـ الفتح) ،والنّسائي ( )6/352رقم ( )3178واللفظ له. 1
290 مدارك النظر في
السياسة
كما جاء عن أب هريرة ،قال :قال رسولال »:أيّها النّاس! إنّال طيّبٌ ل
هايقبل إل طيّبا .وإنّال أمر الؤمني با أمر به الرسلي ،فقال{ :يا أي ُّ َ
َ
صالِحا ً إنّيملُوا َ ع َ
وا ْت َن الطّي ِّبَا ِ م َل كُلُوا ِس ُ الُّر ُ
َ
منُوا كُلُوا
ن ءَا َ م} ،وقال{ :يأيُّها ال ّ ِ
ذي َ علِي ٌملُون َ ع َما ت َ ْ
بِ َ
م} ،ث ذكر الرجل يطيل السّفر أشعث قنَاك ُ ْ
ما َرَز ْ من طَيِّبا ِ
ت َ ِ
أغب يدّ يديه إل السماء :يا ربّ! يا ربّ! ومطعمه حرام ،ومشربه حرام،
291 مدارك النظر في
السياسة
()
وملبسه حرام ،وغُذِيَ بالرام .فأنّى يستجاب لذلك؟! « ،قلتُ:
1
وأما العقل ،فأين هو عند علي بن حاج الذي إذا خطب سبّ الرؤساء سبّا
فظيعا ،بأسائهم ،وأساء نسائهم ،وليس هذا سبق لسان من خطيب غضوب،
بل جلّ خطبه على هذا ،ومعروف عند أتباعه أنّ كل خطبة ودرس له إذال
يصحبه سباب مباشر لذع بعبارات نابية ليس بشيء ،ول تتناقله اللسن ،ول
يفى عليكم أسلوب الثارة واستغلل عواطف الشباب الامة ،فقد جرّبتم
كم يقتل من عقل ،فأين العقل؟ وأين هو من قول الرسول » :ما بال أقوام
()
يقولون كذا؟ . «...
3
أين عقل وحكمة هذا الرجل وهو يأمر ـ ف درس عام ـ بتكسي كل
شيء حكوميّ ،كان على إثره تكسي مقرّ الطوط الوّية السعوديّة بالزائر
أيام قضية الليج غضبا للعراق؟!
أين عقله يوم جع الناس ف مسجد ( السنّة!) بباب الوادي بالزائر
العاصمة ،عقب فتنة( 5ـ أكتوبر ـ 1988م) مباشرة ،ليلة الثني بعد صلة
الغرب والعشاء جع تقدي؛ لنّها صلة خوف!! وقال " :قام شبه إجاع من
الدّعاة على ترك السية أو الظاهرة ،والعبد الضّعيف ـ يقصد نفسَه ـ
يرى القيام با ،فإن وافقتم فكبّروا ،وإل رجعنا إل بيوتنا!!! " ،فكبّر هوامّ
() لنّه طلقها ف حيضتها ،والسنّة التطليق ف طهر ل يامع فيه. 1
() أخرجه ابن سعد ف » الطبقات « ( ،)3/343وابن شبة ف (( تاريخ الدينة )) (،)3/923 2
يقول ف ابنه ما شاء ،ول ينقص واللّل ف » السنّة « رقم ( .)344وعمر بن الطّاب
ذلك من قدره؛ لنّ كلمة الوالد ف ولده تكون كمحاسبة الرء نفسه ،وعتابه عليها ،وابن
فقيه عظيم القدر ،وسوق هذه القصّة هنا ليس عقد مقارنة بي فقه ابن عمر وبي عمر
فقه نالة هذا الزّمان ،ولكنّها عبة للطامي إل تشييد دولة السلم على أحلم الهّال.
() انظر » صحيح الامع « برقم ( 5570ـ .)5576 3
293 مدارك النظر في
السياسة
االعوامّ عن بكرة أبيهم ،فقرّر ف حينه مسية سلمية! سلمية! مات فيها الئات
من الشباب ف مقتبل العمر!! آلعقل ـ يا سلمان!ـ يأمره بترك مشورة عقلء
المّة الذين سّاهم هو بـ ( الدّعاة ) ،ليستشي الدّهاء والسوقة والحداث؟!!
أتدري ـ يا سلمان! ـ أنّه لا زار أحد القطّان الزائر ،وألقى ماضرة
عن قضيّة الكويت ف جع قال فيه هو " :ل أَرَ كاليوم جهورا غفيا " ،بسجد
ابن باديس بالقبة بالزائر العاصمة ـ وهو السجد الذي يطب فيه علي بن
حاج ـ هتف الناس عندها " :الكويت! الكويت! " ،ث بعدها مباشرة ف
ملعب ( )5جويلية بالعاصمة ،خطب القطان ف الناس وأثار قضية الكويت ،ث
قام التهوّر أسعد التميمي الفلسطين ـ الذي جاء ليمحو أثر القطّان وقد كان
رفض تسليم القطان عليه بضرة المهورـ ودعا الناس إل الهاد لتحرير
فلسطي وترير السعودية ودول الليج! فقام علي بن حاج وعرّض بقضية
الليج ووقّع على الضي مع التميمي ،ووقّع الناس بعده مقتدين به؟! واغتاظ
الناس على القطان ،وليحمد ربّه الذي أناه منهم بعد أن كادوا يَفتكون به!
()
وكانت مسرحية عجيبة لكنها مسجّلة فاطلبوها .
1
() ل أدري ما سبب إخبار القطان بعدها بلف هذا مع أن الناس يومها أهانوه إهانة 1
عظيمة؟!
294 مدارك النظر في
السياسة
ف الرح والتعديل ،فقال " :ذاك رجل كل يوم بعقل؛ فقد تَشَيّع أيّام حرب
إيران ضد العراق ،ث هو اليوم ( َتعَرّق ) " ،وحذّر منه بشدّة ومِن تميعه
للموال .وللشيخ كلمته السموعة عند الزائريي ،بل ما عصمهمال تعال ف
كثي من مواطن الفت إل به ،فلم يكن من علي بن حاج إل أن يامل السلفيي
بالتظاهر بالتعقل بعد أن كاد التميمي يذبه وجاعته ف أوّل مطار يطيون منه
إل فلسطي أو إل تل أبيب!! هذا السّبب الول.
وأما السبب الثان :فهو فكر عباسي مدن القومي الَزْأَري ـ وإن ل يكن
جزْأَرِيا انتماءًا ـ؛ إذ هو ل يرى أيّ جهادٍ للجزائريي خارج الزائر ،فسترا
للخلف الذي بينه وبي علي بن حاج كان ما كان ،وال الستعان.
أين عقل من يدعو الناس إل تريق الافلت الكوميّة للنّقل الماعيّ
بجّة رفض الدولة تسليمها لم أيّام الظاهرات؟ هذا عقل عباسي مدن!
ث قبل هذا كله أين عقل من يصدّق الديقراطية اليوم ف وعدها
السلميي بإهداء كرسيّ الكم إن كانت لم الصوات؟! وأين عقل من
حرٍيُلدغ من جُحْر مرّات ،وقد قال رسولال » :ل ُيلْدغُ الؤمنُ من ُج ْ
()
واحدٍ مرتي «؟ .
1
هذا غيض من فيض ،يكفي اللّبيب لتبيّن المر على حقيقته .وكم قلنا
لبهة النقاذ :لو ل يكن لكم علم بالشرع أو من يبصّركم به ،لكان العقل
ي كافيًا لدايتكم إل الق ف هذه السائل الواضحة جدّا ،وقد وجدنا البشر ّ
هذا العقل عند كثي من العوام الذين كانوا يلحظون هذا النراف ،آسفي
شاءُ إِلى من ي َ َدي َ ه ِ على تلبّس دعاتم وهداتم به {والل ُ
ه يَ ْ
قيمٍ }. ست َ ِ
م ْ
ط ُ
صَرا ٍِ
() رواه البخاري ( 10/546رقم 6133ـ الفتح ) ومسلم ( 4/2295رقم .)2998 1
295 مدارك النظر في
السياسة
واليهود والشّيوعيي وغيها يضحّون ،وقد رأى الناس كلهم كيف أنّ
الشيوعيي العُزّل ف روسيا كانوا يواجهون الدبّابات بعد النقلب بصدورهم
العارية وسوَاعدهم الت لتمل شيئا حت سقط ذلك النقلب ،ويظنّ كثيون
أنّ أهل لإله إلال ليستطيعون أن يدافعوا عن دينهم ول أن يصبوا عليه ،لاذا
نسيء الظنّ بأهل لإله إلال إل هذا الدّ؟ لاذا نوّن من شأن هذه الماهي
السلمة ف الزائر وف غي الزائر ،ونعتقد أنّها تنفض عن قيادتا وعن
اختيارها وعن رغبتها ف الدين لدن مضايقة يكن أن تقع ." ...
النقد :أيا سلمان ل يُ َمثّل للمسلمي بالكافرين فضلً عن إظهار الكافرين
َ
ن لَ بالشجاعة وناح الطريق ،أما سعتال تعال يقول{ :لِل ّذي َ
َ
علَى}؟ ل ال َ ْ مث َ ُ
ه ال َولِل ّ ِ
ء َو ِ ل ال َّ
س ْ مث َ ُة َخَر ِ
ن بِال ِمنُو َ يُ ْ
ؤ ِ
أمَا وجدتَ ـ وقد وجدت ـ ف سي الصّالي من الولي والخرين ما
يغنيك عن هذا؟
ول أعتقد أن قصورك ف الطلع على التاريخ السلمي هو الذي حرمك
ما أردتَ ،ولكن قصور التاريخ السلمي عن أن يدّك بثورة على الوصف
الذي تب هو السبب الذي حلك على البحث ف تاريخ الشيوعية عن الثل
العلى الذي ارتضيتَه لخوانك؛ لنه ليس ف السلم ثورات ،فتمثلتَ بالثورة
الشيوعية الت ل يكمها دين ول يدعمها عقل!
أهل " ل إله إلال " أعقل من أن يستبدلوا الثورة بالهاد.
أهل " ل إله إلال " أعزّ من أن يقتدوا بأعداء " ل إله إلال " ،وقد قال
()
1
رسولال » :ليس لنا مث ُل السّوْء « .
وعن عائشة رضيال عنها قالت :لّا اشتكى النب ذكرَت بعضُ نسائه
() طرف من حديث ابن عباس رواه البخاري ( 5/277رقم 2622ـ » الفتح « ) وغيه. 1
298 مدارك النظر في
السياسة
كنيسةً رأيْنَها بأرض البشة يقال لا ( مارِية ) ،وكانت أ ّم سلمة وأمّ حبيبة
رضيال عنهما أتَتا أرض البشة ،فذكرتا من حُسنها وتصاويرَ فيها ،فرفع
ك إذا مات منهم الرجل الصّال بََنوْا على قبه مسجدا ،ث رأسه فقال »:أولئ ِ
()
1
صوّروا فيه تلك الصورةَ ،أولئكِ شِرارُ اللق عند ال « .
فتأمّل كيف ل يسكت النب عمّا يشعر بالدح للكفار ـ مع أنه خب
عن واقع صادق ـ حسما لادة التأسي بم ،خاصة ف مثل مقام الشّرك بال ،
لنّ النّفوس مبولة على حبّ المثال الستحسنة ،فكان يب إظهار أعداءال
ف أخزى صورهم؛ لنّ كفرهم مُذهب لسناتم.
ومن عجيبب صنعال بسلمان أنّه كرّر هذا الثال الذي يدعو فيه إل العنف
بقوة ف ماضرة لضعف اللق وهم النساء ،فقد قال ف شريط »:هوم ملتزمة
« رقم ( )106ـ ف بداية الوجه الول ـ " :ضغوط الناس ل يكن إهالا بال
من الحوال الن! ونن ف عصرٍ صار للجماهي تأثي كبي ،فأسقطوا زعماء
كبار( كذا ) ،وهزّوا عروش ( كذا ) ،وحطّموا أسوارا وحواجز ،ولزالت
صورة العزّل الذين يواجهون الدّبابات بصدورهم ف التاد السوفيت ." ...
قلتُ :يبدو أن هذه الصّورة أثّرت ف حياة سلمان العودة إل ح ّد أنّه ل
يهوّن من شأن أيّ غوغائية لواجهة الدّبابات ،ولو كانت صدر فتاة ملتزمة
وساعدها النّاعم! ولو ف السّعودية!! لنّه يقول بعد هذا " :فإذا كان الجتمع
نقا ِ ري َ م َ
ف ِ ه ْ الذي نعيش فيه متمعا منقسما ،وهذه حقيقة { َ
فإِذَا ُ
مون} ...فيجب أن يارس اليّرون كافة الوسائل لتحقيق ص ُ
خت َ ِ
يَ ْ
قناعاتم الشرعية ،والشكوى وسيلة ل يكن أن نوّن منها أو من شأنا،
ولكنها من أضعف الوسائل خاصة إذا ل يكن معها غيها!! ".
() رواه البخاري ( 3/247رقم 1341ـ » الفتح «) ومسلم ( 1/375رقم .)528 1
299 مدارك النظر في
السياسة
وف أوّل هذا الشّريط بعد أن حرص على أن تنال الرأة الشهادات العالية
ف التعليم حت ل تترك الجال للعلمانيات! أخذ يُحَرّض على الروج بصراحة
قائل " :إنّن أعتقد أنّ زمن الشّكوى قد انتهى أو كاد أن ينتهي ـ أعن ـ
أنّ دور اليّرين واليّرات ل يوز أبدا أن يتوقف عند مرد رفع الشّكاوي
إل الهات الختصة حصل كذا وحصل كذا ." ...
قلت :ماذا تريد ـ يا سلمان!ـ بذا التّهييج؟! إنه تريض صريح على
الروج؛ لن الشكوى باللسان ل تكفي عندك! وليس فوق التغيي باللسان
ع الرّجا َل أنفسهم با فوقإل اليد كما هو معلوم ،وقد ل يكلّف الشر ُ
«ذلك .فلئن شحّت نفسُك عن قبول العاذير ،فـ » رفقا بالقوارير !
ث تأمل اعتماد سلمان ـ كغيه من الثوار ـ على الغثاء وقارنه بقول
الؤرّخ ابن خلدون ـ رحه ال ـ " :ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمي
بتغيي النكر من العامة والفقهاء؛ فإن كثيا من ال ْنَتحِلي للعبادة وسلوك
الدين يذهبون إل القيام على أهل الَور من المراء ،داعي إل تغيي النكر
والنهي عنه ،والمر بالعروف رجاءً ف الثواب عليه من ال ،فيَكثُر أتباعُهم
والتشبّثون بم من الغوغاء والدهاء ،وُي َعرّضون أنفسهم ف ذلك للمهالك،
وأكثرهم يَهلكون ف تلك السبيل مأزورين غي مأجورين؛ لن ال سبحانه ل
()
يَكتب ذلك عليهم . " ...
1
ونن إخوانك ـ أن نعيش ف أيامنا هذه أسوأ الحوال .أنت تكتب من وراء
مكتبك الترف ،وإخوانك الجاهدون الذين حسّنت فيهم ظنّك قد حلقوا
لِحاهم ،وترّدوا من ثيابم السلمية وحلقوا شعورهم وقصروها على أقبح
وأحدث صورة يعرف عليها الكفار والفسّاق ،ونن نقاسي ما نقاسيه بظهرنا
السلمي ،ول يثبت اليوم على زيّه السلمي إل السّلفي غي التحزّب ،يضي
إل بيتال خائفا يترقب ،فل يدري أيرجع إل بيته أم يُدسّ ف التّراب؟
وهل يغن عنك شيئا هذا التناقض الت حي قلت بعده مباشرة " :نن
لندعو إخواننا ف الزائر ول ف أي بلد آخر إل مواجهة دامية لتمد عقباها
." ..
النقد :إنّ قولك " :ل تمد عقباها " فذلكة يتخذها السياسيون للتخلص
من العُتبَى ولو مشوا على حبلي متضادي التّجاه! لنّ هذه الملة إمّا هي
صفة كاشفة ،فيكون العن متفقا مع سابقه ف التحريض على الواجهة الدّامية
لن رجم بالغيب فرأى العقب ممودة ،وإمّا هي بيان للواقع ،فإن غضضنا
الطرف عن كلماتك الت تتّهمك بالتحريض ل تنج من التناقض؛ لنك تدعو
إل الواجهة ولو بالصدور العارية ،والسّواعد الت ل تمل شيئا ،ث تتظاهر
بالترّاجع ( العاقل! ) مع أنّ الذي يرجّح أنك تقصد الول هو نصيحتك
للجبهة بعده مباشرة بقولك " :يكن أن تصب ويكن أن تصابر ويكن أن تظل
وفيّة لدينها ولقادتا السلميي الن ،وبعد شهر ،وبعد سنة ،وبعد سنوات،
وتظل تنادي بالسلم وتصب وتتحمّل وتبذل الزيد من القتلى الذين نتسبهم
عندال تعال شهداء،ومن التضحيات ومن تمّل السّجون وتمّل الذى حت
يظهرهاال تعال ." ...
النقد :جاء ف شريط من » سلسلة الدى والنّور « رقم ( )470/1قول
301 مدارك النظر في
السياسة
السائل للشيخ اللبان " :هناك ـ يا شيخ ـ من يقول إنّه من يقتل الن على
السّاحة الصرية بي الكومة والخوة؛ بعض الخوة يقول إنّه شهيد ،والديث
()
يقول » :إذا التقى السلمان بسيفيهما فالقاتل والقتول ف النار «؟ .
1
أجاب الشيخ " :أولً :الواب عن هذا السؤال باختصار :أنّ من يقتل ف
هذه الجابات الت تقع بي الدولة وبي بعض أفراد الشّعب السلم ،وأستدرك
هنا على نفسي ،فأقول :بي الدولة الت ل تكم با أنزلال وبي بعض أفراد
الشعب الذي يطالب الدولة بأن تكم با أنزلال ،فما يقع من قتلى بي
الطّرفي ،فليس فيهم من يصح أن يقال فيه :إنّه شهيد ".
ث فصّل ف التفريق بي الشّهادة القيقية والشّهادة الكمية ،وقال بعدها:
" هؤلء الذين أنت تسأل عنهم ل يَصْدُق فيهم ل الشهادة القيقية ،بل ول
الشّهادة الكمية " .ث أفاض ف تعليل ذلك بعلم غزير ،يب على الشباب
التحيّر اليوم طلبه ،لنّه شحّت فهومُ كثيٍ من أهل العلم عن استنباطه .وال
يعصم التحمّسي من ش ّر الهل به.
قال سلمان " :هذا مع أنّ وضع البهة السلمية للنقاذ ف الزائر وضع
جيّد ،وهي امتداد لمعية العلماء ،فهي ذات اتاه سلفي ف الغالب ." ..
النقد :هنا خطآن من أخطاء الواقع يدلن على أنّ هؤلء ل يصلحون بعد
للعلم السلمي ،وها:
الول :ل يطر ببال ول ببال أحد من النخرطي ف جبهة النقاذ هذا
المتداد ،وحبله مقطوع من زمن بعيد ،وقد حيّرن هذا الب إذ ل أتصوّره
لظة من حيات بل ول ادّعاه الناطق الرسي لبهة النقاذ ول نائبه ،مَن مِن
أعضاء جعية العلماء هو الن ف حزب جبهة النقاذ ؟ لقد مات معظم أعضاء
() طرف من حديث أب بكرة ،رواه البخاري ( 1/106رقم 31ـ » الفتح « ) وغيه. 1
302 مدارك النظر في
السياسة
المعية ففي أيّ مقبة ّت الجتماع بينهما وأعطيت البهة اليثاق والعهد من
سئَلُون}! ومن بقي من م وي ُ ْه ْ
هادَت ُ ُش َب َشيوخها ؟ {ستُكْت َ ُ
شيوخ المعية ل يُعرف له نشاط ف البهة؛ لنّ المعية ُحلّت قبل وجود
البهة بنحو ثلثي سنة ،بل ومن سوء حظ أخينا سلمان أنّ أعضاء المعية
الحياء قد أسّسوا لم جعيتهم من جديد إظهارا لخالفتها للدَ ِعيّ ا ُلتََبنّى.
وأنشأت لا جريدة » البصائر« الت ل علقة لا ببهة النقاذ ل تلميحا
ولتصريا ،بل أقول صراحة :إنّ جلّ أعضائها كانوا أشدّ ما يكونون على
البهة لنم حكوميّون ،لم مراكز مرموقة ،خاصة ف وزارة الشّئون الدينية
ر}.خبِي ٍل َمث ْ ُ
ك ِ{ول يُنَبِّئ ُ َ
ث من النّاحية التاريية والنهجية ف آنٍ واحدٍ ،أقول :لو أنّ العضاء
الحياء من المعية انضمّوا إل جبهة النقاذ ل يكن لك أن تربط بي المعية
الت أسّسها ابن باديس ـ رحه ال ـ وبي هؤلء؛ ذلك لنّ المعية ل
تُؤسّس أصالة كحزب سياسي ،ويكفيك تسميتها ( جعية العلماء السلمي
الزائريي ) ،وعملها كان مؤَصّل على التعليم ،خاصة على التّصفية والتربية،
ف الوقت الذي كانت فيه الحزاب يتناثر طَ ْلعُها كطلع الفُطور .ث كان بينها
وبي الحزاب الوطنية التحمّسة لقتال الفرنسيي خلف شديد ،لنّها كانت
ترفض دخول العركة والمّة ل تيأ بعد ،كما يقوله السلفيون ف كل زمان
ومكان تف ّقهًا على أبواب الهاد ،خاصة منهم الشيخ ممد البشي البراهيمي
ـ وهو رحه ال لسان المعية ـ ،وهاك كلماته ف حكم التحزّب ،قال" :
أوصيكم بالبتعاد عن هذه الزبيات الت َنجَمَ بالشّر ناجها ،وهجم ـ
ليفتك بالي والعلم ـ هاجها ،وسَجَم على الوطن باللح الُجاج ساجِمُها،
إنّ هذه الحزاب كاليزاب ،جع الاء كَدَرا وفرّقه هَدَرا ،فل الزّلل جع،
303 مدارك النظر في
السياسة
( )،
ول الرض نفع " وقال أيضا " :إنّنا نعدّ من ضعف النتائج من أعمال
1
الحزاب ف هذا الشرق كله آتيا من غفلتهم عن هذه الصول ،ومن إهالم
()
2
لتربية الماهي وتصحيح مقوّماتا حت تصبح أمّة وقوة ورأيا عاما " ..
ويقول ... " :إذا كان من خصائص الستعمار أن يُضْعف القوّمات ويُميتَها،
ث يكون من خصائص أغلب الحزاب أنّها تملها ول تلتفت إليها ،فهل يلم
العقلء إذا حكموا بأنّ هذه الحزاب شرّ على الشرق من الستعمار؟ "،
ويقول عن المعية " :جعية العلماء جعية علمية دينية تذيبية فهي بالصفة
الول تعلّم وتدعو إل العلم وترغّب فيه وتعمل على تكينه ف النفوس بوسائل
علنية واضحة لتتستر ،وهي بالصفة الثانية تعلّم الدين والعربية؛ لنما شيآن
متلزمان ،وتدعو إليهما وترغّب فيهما ،وتنحو ف الدين منحاها الصوصي؛
وهو الرجوع به إل نقاوته الول وساحته ف عقائده وعبادته؛ لنّ هذا هو
معن الصلح الذي أُسّست لجله ووقّفت نفسها عليه ،وهي تعمل ف هذه
الهة أيضا بوسائل علنية ظاهرة ،وبقتضى الصفة الثالثة تدعو إل مكارم
()
الخلق ، " ...ولا كانت المعية غي سياسية ،وكانت الحزاب السياسية 3
تشوش على التعلمي التجمعي حول المعية با تسميه جهادا ضدّ فرنسا ،قام
إنكار المعية عليها ،فقد قال فيها البراهيمي ـ رحه ال ـ " :وف باب
العمال ل نر منهم إل عمل واحدا ،هو الذي سيناه :جناية الزبية على
التعليم والعلم .هؤلء القوم قطعوا العوام الطوال ،ف القوال والدال ،وجع
() » البصائر « (العدد13 /4:ـ شوال ـ 1366هـ ) ،وأرجو من القاريء أن يتنبه هنا 2
الموال ،وتعليل المّة باليال ،ومموع هذا هو ما يسمونه سياسية ووطنية ...
كثرت مواسم النتخاب حت أصبحت كأعياد اليهود ،ليفصل بعضها عن
بعض إل اليام والسابيع ،وكان ذلك كله مقصودا من الستعمار ،لا يعلمه
ف أمّتنا من ضعف ،وف أحزابنا من تاذل وأطماع ،وف مؤسساتنا ومشاريعنا
العلمية من اعتماد على الوحدات التماسكة من المّة ،فأصبح يرميهم ف كل
فصل بانتخاب يوهن به صَرْح التعليم ،ويفرّق به المعيات التراصّة حوله،
والتعليم هو عدو الستعمار اللدّ لو كان هؤلء القوم يعقلون ".
ث تدّث عن أثر الزبيات ف تزيق صفّ الطّلبة فقال " :ولو أنّ مدارسنا
اشتدت أصولا ،وامتدت فروعها ،وكانت تأوي ف الانب الال إل ركن
شديد ،وترجع ف الانب العلمي إل رأي رشيد ،لكان وبال هذه النعَرات
الزبية الشيطانية راجعا إل أصحابه وحدهم ...هذه إحدى جنايات الزبية
()
على التعليم ،زيادة على جنايتها على الخوة والصلحة الوطنية العامة " .
1
ولعلّ أصرح كلمة تُبيّن أن جعية العلماء ل تنهج النهج السياسي هي وصية
رئيسها الشيخ عبد الميد بن باديس ـ رحه ال ـ لطلبته حي جعهم
بالسجد الخضر ف قسنطينة فقال " :اتقوا ال! ارحوا عباد ال! اخدموا العلم
بتعلّمه ونشره ،تمّلوا كل بلء ومشقة ف سبيله ،ولَْيهُن عليكم كل عزيز،
وْلَتهُن عليكم أرواحكم من أجله .أما المور الكومية وما يتصّل با فدعوها
()
2
لهلها ،وإياكم أن تتعرّضوا لا بشيء " .
وهو يقول هذا عن دراية با يُدبّر للمسلمي من مكائد ،ولذلك قال" :
...حُوربت فيكم العُروبة حت ظُنّ أن قد مات منكم عِرْقُها ،ومُسخ فيكم
ح بلِبلُكم بأشعارها فتثي الشعور والشاعر، نُطقُها ،فجئتم بعد قرن ،تَصْدَ ُ
وتدر خطباؤُكم بشقاشقها ،فتد ّك الصونَ والعاقلَ ،ويهز كتّابكم أقلمها،
فتصيب ال ِكلَى والفاصل.
وحورب فيكم السلم حت ُظنّ أن قد طُمست أمامكم معالُه ،وانتُزعت
منكم عقائدُه ومكارمُه ،فجئتم بعد قرن ،ترفعون عَلَم التوحيد ،وتنشرون من
الصلح لواء التجديد ،وتدعون إل السلم ،كما جاء به ممد ،ل كما
حرّفه الاهلون ،وشوّهه الدّجّالون ،ورضيه أعداؤه.
وحورب فيكم العلمُ حت ظُن أن قد رضيتم بالهالة ،وأخلدت للنذالة،
ونسيتم كل علم إل ما يَ ْرشَحُ به لكم ،أو ما يزج با هو أضرّ من الهل
عليكم ،فجئتم بعد قرن ترفعون للعِلم بناءً شاما ،وتشيّدون له صرحا سامقا،
فأسستم على قواعد السلم والعروبة والعلم والفضيلة جعيتَكم هذه؛ جعية
العلماء السلمي الزائريي.
وحوربت فيكم الفضيلة ،فسِمْتُم السف ،و ُديّثتم بالصّغار حت ظُن أن قد
زالت الروءة والنجدة ،وفارَقتْكم العزّة والكرامة ،فَرَئِ ْمتُم الضَيْم ،ورضيتم
الَيْف ،وأعطيتم با َلقَادة ،فجئتم بعد قرن تنفُضون غبار الذّل ،وُتهَزْهِزون
أسس الظلم ،وُتهَ ْمهِمون هَ ْمهَمَة الكري الحنّق ،وتُ َزمْجِرون ز ْمجَرَة العزيز
()
الهان ،وتطالبون مطالبة من يعرف له حقّا ل بدّ أن يعطاه أو يأخذه " .
1
والسي ف خطّ مستقيم ،وما كنّا لنجد هذا كله إل فيما تفرّغنا له من خدمة
العلم والدين ،وف خدمتهما أعظم خدمة ،وأنفعها للنسانية عامة.
ولو أردنا أن ندخُل اليدان السياسي لدخلناه جهرا ،ولضربنا فيه الثل با
عُرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا ،ولقُدنا المّة كلها للمطالبة بقوقها ،ولكان
أسهل شي ٍء علينا أن نسي با على ما نرسه لا ،وأن نَبْلغ من نفوسها إل أقصى
غايات التأثي عليها ،فإن ما نعلمه ،ول يفى على غينا أن القائد الذي يقول
للمّة:
ك إليها ) ،يد منها ما ل ( إنّك مظلومة ف حقوقك ،وإنّن أريد إيصال ِ
يد من يقول لا ( :إنّك ضالة عن أصول دينك ،وإنّن أريد هدايتَك )،
فذلك تلبّيه كلها ،وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها .وهذا كله نعلمه ،ولكنّنا
اخترنا ما اخترنا لا ذكرنا وبيّنا ،وإنّنا ـ فيما اخترناه ـ بإذنال لَمَاضون،
()
1
وعليه متوكّلون " .
وهذا يشبه كلم ابن تيمية ـ رحه ال ـ حي قال " :وكثي مّن خرج
على ولة المور أو أكثرهم إنا خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه ،ول
يصبوا على الستئثار ،ث إنّه يكون لول المر ذنوب أخرى فيبقى بغضه
ل تكون فتنة لستئثاره يعظّم تلك السيّئات ،ويبقى القاتل له ظانّا أنه يقاتله لئ ّ
ويكون الدين كله ل ،ومن أعظم ما حرّكه عليه طلب غرضه :إما ولية،
ُ وإما مال كما قال تعالَ {:
م نل َ وإ ِ ْ
ضوا َ ها َر ُ من َ ن أعطُوا ِ فإ ِ ْ
()
خطُون} ،وف الصحيح عن النب
2
هم يَس َ منها إذَا ُ وا ِيُعط َ ْ
أنّه قال » :ثلثة ل يكلمهمال ول ينظر إليهم يوم القيامة ول يزكّيهم ولم
() عند البخاري ( 5/335رقم 2672ـ الفتح) ،ومسلم ( 1/103رقم .)174 2
307 مدارك النظر في
السياسة
عذاب أليم :رجل على فضل ماء ينعه من ابن السبيل ،يقولال له يوم القيامة:
اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل مال تعمل يداك ،ورجل بايع إماما
ليبايعه إل لدنيا؛ إن أعطاه منها رضي ،وإن منعه سخط ،ورجل حلف على
()
سلعة بعد العصر كاذبا :لقد أُعطي با أكثر مّا أُعطي « .
1
وقد قال ابن تيمية " :والفتنة إذا وقعت عجز العقلء فيها عن دفع السفهاء،
صيب َ َّ
ن ة ل تُ ِ فتْن َ ً
قوا ِ وهذا شأن الفت ،كما قال تعال{:وات َّ ُ
َ
صًة} ،وإذا وقعتْ الفتنة ل يَسْلَم مِن م خا َّمنك ُ ْ ذين ظَل َ ُ
موا ِ ال ّ ِ
()
1
التلوّث با إل مَن عصمه ال " .
الثان :تنبّه أيّها القاريء إل أصل أخشى أن تنساه ،وهو أنّ السّلفية ل
تعرف الزبية ،بل ل يكن يُفرّق بي السّلفي والخوان إل با ،وتذكّر أنّ
جبهة النقاذ حزبٌ كما يصرّح به رؤوسها أنفسهم ،وقد كتب علي بن حاج
ف تأييد بدعة التحزب ،فإل أي الفريقي تنتمي جبهة النقاذ ؟
ولو سلّمنا بأنّ الزبية من السلم ،وأنّ العلماء الكبار كانوا مطئي ف
إنكارهم ذلك ،لقلنا :إنّ وصف سلمان للجبهة بأنّها سلفية خلف الواقع ،لن
()
كلمه هذا جاء عقب إقصاء السلفيي منها ،وإدخال علي ابن حاج وعباسي
2
() يب التنبه إل أنّ القصود بسلفيي جبهة النقاذ عوامهم؛ لنّ الواص من طلبة العلم 2
ل ينخرط منهم ف هذا الزب إلّ أناس معدودون ل يلون اليد الواحدة ،مع أن أول من
أشاع السلفية عنهم ونسبهم إليها الخوان السلمون لضرب النهج السلفي بأخطاء
البهة ،وال حسيبهم.
309 مدارك النظر في
السياسة
الشيخ من نوادر أهل العلم الذين عُرفوا بصفاء النهج والثبات عليه ،ومن هذا
الصفاء إنكاره الشديد على الشتغلي بالسياسة الن ،خاصة التحزّبي منهم،
وكلمته الت أضحت كالكمة الت ل يسبق إليها ـ فيما علمت ـ مشهورة،
. () رواه مسلم ف مقدمة » صحيحه « ( 1/10رقم )5عن أب هريرة 1
() لّا سع بعض إخواننا من مدينة وهران بالغرب الزائري كلم سلمان ،سألوا الشيخ 2
الوقّر ممّد إبراهيم شقرة ـ حفظه ال ـ عن ذلك فأجاب بالبديهة " :ل! الشيخ ل
يؤيّد من له نشاط سياسي اليوم " ،وشرح ذلك ،فتأمّل!.
310 مدارك النظر في
السياسة
أل وهي قوله " :أرى الن من السياسة ترك السياسة " .الشيخ كالبل
الشامخ ليتزحزح ،كم كلمه التحزبون وأرادوا استدراجه واستعطافه ،وكانوا
يكلمونه طوال هذه السنوات كل ليلة ،وحرّفوا لديه القائق وأرادوا منه نصف
كلمة تؤيّدهم ،ولكن الشيخ ف صبه العجيب وجلده الشديد وحلمه الطويل
يقول ف جرأته العروفة مع القريب والبعيد " :لحزبية ف السلم " .يا سلمان
أين فقهك للواقع ؟ لقد سارت الركبان ف كل أصقاع العمورة بكلمة تقول:
" لئن جاز أن تستغل الركات السلمية الاكرة كبار الشايخ بالتمويه عليهم،
فإن الشيخ اللبان ميؤوس منه عندهم " .أنت ـ ياسلمان! ـ قلت " :لاذا
نوّن من شأن هذه الماهي السلمة ف الزائر وف غي الزائر ونعتقد أنا
تنفضّ " ...توسّمت انتصار البهة وهي تاصَر بقوة ،وهذه فراستك! فكيف
كان اغترارك حي رأيتها بعدها قد حازت مقاعد البلان؟ وتأمّل فراسة الشيخ
اللبان أيّام انتصار البهة ف النتخابات البلانية ،حي كاد الناس ـ أصحاب
النتائج ـ يُجمعون على أنّها وصلت ،أخبن الشيخ علي بن حسن بن عبد
الميد آخر سنة 1412هـ ،حدّثه الشيخ سليم اللل أنه كان عند الشيخ
اللبان حي أُخب بالنتصار الذكور فقال الشيخ :رغوة صابون أو كلمة
نوها ،ث مشيت إل بيت الشيخ سليم اللل طلبا للسناد العال وهو صحيح
كالشمس كما ترى ،فقال ل " :قال الشيخ :هذه رغوة فقاقيع " .بالزم من
غي الشّك الذي تفّظ فيه الشيخ علي حفظهماال تعال ،وها مل صدق
والمد ل ،ومن ارتاب فإن الشيخ حيّ يرزق وهاتفه بل حجاب.
فهل الشيخ يكره قيام دولة السلم ؟ أم هي فراسة متهد قد ظهر صدقها،
ول يدركها طالب العلم مهما جع من قصاصات الرائد ؟! فأي الفريقي
أحق بالديث ف هذه السائل :أهو طالب العلم الذي ل هو يعرف تحيص
311 مدارك النظر في
السياسة
الخبار ،ول هو يتأن لتبيّن الصدق من الكذب ،ول هو يسن تليل واقع
ن الِعلْم}! أم هو العال الجتهد السنّ
م َ
هم ِ مبْل َ ُ
غ ُ الناس؟ {ذَل ِ َ
ك َ
ولَو َردُّوه إِلىالذي أدّبته النّصوص وحنّكته التجارب؟ { َ
ُ
ن
ذي َه ال ِ
م ُ منهم ل َ َ
عل ِ َ ر ِ
م ِ
وإِلى أولي ال ْ الرسول َ
هم} .وف جواب الشيخ أمارة واضحة على قوة إيانه ستَنْبِطُونَه ِ
من ُ يَ ْ
بالغيب ،ويقينه ف صدق نصوص الوحيي ،وأنه ل تدعه نتائج الواقع ما ل
تؤسّس على الشرع ـ نسبه كذلك ـ ويا ليت شعري كيف يكون يوم
أصحاب النتائج إذا أحي الدجالُ القتولَ بي أيديهم وأَخرج كنوزَ الرض
()
...؟ فاللهم حفظك .
1
() لقد صرّح ل الشيخ الفاضل علي بن حسن اللب ـ ف اعتراف صادق ـ أنه ـ يوم 1
بلغته كلمة الشيخ هذه ـ وقع ف نفسه منها شيء ،قال " :لننا بكم شبابنا ننظر بغي
عي العال البصي ،فقلتُ ف نفسي :لو أن الشيخ غَضّ من هذه طرفا ،لن القوم قد
وصلوا ،وإن كنتُ على يقي بخالفتهم للمنهج النبوي ،لكن نن شباب ...ث ل َيمْضِ
إل زمن يسي حت عظُم ف نفسي قدر شيخي أكثر ." ...
قلتُ :جزاك ال خيا؛ فإن الرجوع إل الق فضيلة.
312 مدارك النظر في
السياسة
يعلقوا من الفاكس ورقة واحدة قليلة السطر بالنسبة للورقات الخرى ،ل
يراد منها إل التدليس ،وكتمنا ذلك وقلنا " :اتبع الكذّاب إل باب الدّار "،
فاتصلنا بالردن مباشرة فجاءنا من الشيخ الفاكس بتمامه ،فإذا هو ستّ
ورقات!كما أنه قد سئل الشيخ نفسه عما يلي:
قال السائل :قال بعض الدعاة ف شريط له عندنا هنا ف السعودية بعنوان
()
» كلمة حق ف السألة الزائرية « ،قال هذا الداعية إنكم أرسلتم رسالة إل
1
جبهة النقاذ ف الزائر تؤيّدونا فيما قامت به ،وتثونا على الستمرار ،وأن
تلك الرسالة قد قُرئت على الناس ف الساجد ،وقد كان لا أثر كبي ف
صفوف جبهة النقاذ ،فالسؤال :هل هذا حصل منكم ،نرجو التوضيح؟
َ
ها الواب " :إذا كان هذا الداعية تعرفه فاقرأ عليه قوله تعال{ :يَأي ُّ َ
َ
فتَبَيَّنُوا} إل آخر ق بِنَبَإ ٍ َ
س ٌفا ِم َ جاءَك ُ ْ
منُوا إِن َ ذين ءَا َال ّ ِ
الية ،وقال عليه السلم » :بسْب امريء من الكذب أن يَدّث بكل ما سع
« ،هذا أول ،ليطلب مِن الذي أخبه بذا الب الزور النصَ الذي أرسلتُه إليهم
بطي ،هذا الواب عما سألتَ " .واقرأ الن ـ يا سلمان! ـ هذا النص إن
ل يسبق لك أن قرأته ،ث ضع فقهك للواقع ف ميزان الصائغ ،فهل تراه يزن
شعرة؟!
النتخاب يوم ونصف يوم سألوا الشيخ عن مصي أمة!! فهل هذا هو دين طالب الق؟!
ث لا جاءهم القّ من الشيخ ل يرفعوا به رأسا؛ لنم استمروا فيما ناهم عنه ،كما تراه
ههنا!
316 مدارك النظر في
السياسة
منه التحزب والتفرق كما هو الواقع الن مع السف ف الفغان ،ولذلك قال
َ
ن
ذي َن ال ّ ِ نِ .
م َ ركِي َ م ْ
ش ِ ن ال ُ ربنا ف القرآن { :ول َ تَكُونُوا ِ
م َ
م ب بِ َ َ شيَعا ً ك ُ ُّ
م وكَانُوا ِ فَّر ُ َ
ما لدَي ْ ِ
ه ْ حْز ٍ
ل ِ ه ْ
قوا ِدين َ ُ
حون} ،وقال رسول ال :ل تقاطعوا ول تدابروا ول تباغضوا
» ر ُف َِ
ول تاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم ال رواه مسلم.
«
فعليكم إذن بالتصفية والتربية ،بالتأن؛ فإن التأن من الرحن والعجلة من
»
()
الشيطان ،كما قال نبينا عليه الصلة والسلم ،ولذلك قيل :من استعجل
1
«
الشيئ قبل أوانه ابتلي برمانه ،ومن رأى العبة بغيه فليعتب ،فقد جرب
بعض السلميي من قبلكم ف غي ما بلد إسلمي الدخول ف البلان بقصد
إقامة دولة السلم ،فلم يرجعوا من ذلك ول بفي حني ! ذلك لنم ل
يعملوا بالكمة القائلة " :أقيموا دولة السلم ف قلوبكم تقم لكم ف
أرضكم " ،وهكذا كما قال »:إن ال ل ينظر إل صوركم وأموالكم
ولكن ينظر إل قلوبكم وأعمالكم رواه مسلم.
«
فال سبحانه وتعال أسأل أن يلهمنا رشدنا ،وأن يعلمنا ما ينفعنا ،ويهدينا
للعمل بشرعةِ ربنا ،متبعي ف ذلك سنة نبينا ومنهج سلفنا ،فإن الي كله ف
التباع والشر كله ف البتداع ،وأن يفرج عنا ما أهّنا وأغمّنا وأن ينصرنا على
من عادانا ،إنه سيع ميب.
عمان صباح الربعاء 19جادى الخرة سنة 1412هـ.
وكتب
()
ممد ناصر الدين اللبان أبو عبد الرحن .
2
() حديث ثابت ،رواه أبو يعلى والبيهقي ،انظر » الصحيحة « برقم (.)1795 1
() انظر ملة » الصالة « العدد الرابع ص (15ـ .)22قلتُ :لقد استغل بعض الزبيي 2
321 مدارك النظر في
السياسة
كلم الشيخ ليدّعي أنه يرى جواز دخول البلان والنتخابات! مع أن هذا الذي نَقلْتُه هنا
عن الشيخ من أوضح الواضحات ف نفي ذلك ،لكن خوفا من أن يَنطلي أمرهم على
السذج أقول :إن الشيخ يرى تري دخول البلان وما يَتْبعه من انتخاب لدليلي قد
ذكرها هو نفسه هنا ،وها:
الول :أنه بدعة؛ إذ وسائل الدعوة ف مثل هذه توقيفية ،انظر إن شئت » الجج القوية
على أن وسائل الدعوة توقيفية « لعبد السلم بن برجس ،على أن هذا ل يتلف مع قوله
بأنا تَحكُمها الصال الرسلة عموما؛ وكثيا ما كان الشيخ يُرَدّد كلم ابن تيمية من »
اقتضاء الصراط الستقيم « ص ( " :)278فكلّ أمر يكون القتضي لفعله على عهد رسول
موجودا لو كان مصلحة ول يُفعل ،يُعلَم أنه ليس بصلحة ...ونن نعلم أن هذا ال
ضللة قبل أن نعلم نيا خاصّا عنها أو أن نعلم ما فيها من الفسدة ".
قلت :وقد سبق أن نقلتُ كلم الشيخ ف أن هذا التحزّب للعمل السياسي مالف لدي
الذي دُعي بكة للمشاركة ف السلطة فأبَى؛ لنه أصّل عملَه على التربية العقدية النب
واللقية باديء ذي بدء ،كما هو معلوم ،هذا ف الكلم عن قيام القتضي مع ترك الفعل،
وأما العلم بالنهي فواردٌ أيضا ،ويُبَيّنه كلمُ الشيخ بعد هذا ،وأما العلم بالفسدة ف هذا
العمل ،فبيانه منه ـ حفظه ال ـ ف ملحظة قريبة ،وال ولّ التوفيق.
والثان :أنه تشَبّهٌ بالكفار؛ إذ ل يَختلف اثنان ف أنه نظام مستورَد منهم.
فهذان المران يدلن على أن الشيخ ل يُحرّمه لفسدة زمنية أو مكانية يكن نسخها
بصلحة زمنية أو مكانية ،كل! بل حرّمه لذاته ،فتنبّه! ول يلتبِسن عليك أن َجوّز الشيخُ
322 مدارك النظر في
السياسة
وذلك قبل أن يري ما جرى ،ولكنّن علمتُ فيما بعد أنّ الشيخ ل يفعل ذلك
لبعض السباب الاصة ".
النقد :إنّ ما نقلته عن الشيخ هنا ل يستدعي النّقد؛ لنك نقضت أوّله
بآخره فلم تأت بشيءٍ ،وأستدرك هنا فأقول :ل تأت بشيءٍ من العلم ،وإل
ي علماء! ل
فقد أتيت عظائم ،لنك تنسب ما ل حقيقة له إل العلماء ،وأ ّ
النتخابَ لبقية السلمي با فيهم النساء؛ لن هذا قاله الشيخ ف حالة ما إذا تَعنّت
السلميون وأبَوا إل دخول البلان ،فحينئذ ما داموا داخلي ـ وإن رغمَت فتاوى أهل
العلم ـ فقد رأى الشيخ أنه ل بدّ على غيهم من السلمي أن ينتخبوا أقرب حزب إل
السلم ،من باب دفع الفسدة الكبى بالصغرى ،ولكن الشيخ ينهى عن الدخول معهم
ف التحزب والتنظيم ...وكثيا ما سُجّل للشيخ قولُه لذه البهة وغيها " :إن ركبتم
رؤوسكم وأبَيتم إل أن تكونوا كبش الفداء فعلى السلمي الخرين أن يتاروا من هذه
الحزاب أقربا إل السلم؛ ل لنم سيُقدّمون خيا ،ولكن من باب التقليل من شرّهم
" ،هذا هو رأي الشيخ فليُعلم!
ملحظة :والغريب أن ينقل عبدُ الرحن عبد الالق ف ص ( )73من كتابه » مشروعية
الدخول إل الجالس التشريعية « كلمَ الشيخ اللبان هذا مبتورا لي ّدعِي أن منع الشيخ
دخول هذه الجالس " إنا من باب أنه خلف الول " ،كذا قال ـ هداه ال ـ مع أنه
ل يفَى عليه ول على غيه أن الشيخ ـ حفظه ال ـ ما اشتدّ انتقادُه عليه ـ هو
بالصوص ـ كما اشتدّ ف هذه السألة بعينها ،يوم أن دعاه إل بيته للمناقشة فيها ،فلم
يستجب له! وقال له الشيخ " :يا عبد الرحن! إن أَعِظك أن تكون من الاهلي! ".
قلت :ولول خشية التلبيس ما كلّفت نفسي نقل هذا الت:
جاء ف شريط مسجّل من (( سلسلة الدى والنور )) رقم ( )352/1أن سائلً قال للشيخ
اللبان :سعنا أنك قلت ـ يا شيخ! ـ يوز ( أي دخول البلانات ) ولكن بشروط؟!
قال الشيخ " :ل! ما يوز! هذه الشروط ـ إذا كانت ـ تكون نظرية وغي عملية،
323 مدارك النظر في
السياسة
ُت ْغفِل ـ يا سلمان! ـ أنك تتحدّث عمن حىال بم دعوة السّلف؛ ل تُغفِل
ـ ياسلمان! ـ أنك تتحدّث عمن ل يُعرف لم نظي ف العال السلمي؛ ل
تُغفِل ـ يا سلمان! ـ أنك تب عمّن قيّضال لفتاواهم نقلة أمناء ،ينفون
عنهم تزوير الزوّرين ،وتريف الغالي.
لو رأيتنا ـ ياسلمان! ـ ونن نتردد على الشيخ العلّمة عبد العزيز بن
نفوسهم ـ مع ذلك فنحن لنرى أنه يوز لدولة مسلمة أن تسمح لثل هذا التكتّل
وهذا التحزّب ،ولو ف دائرة السلم؛ لن هذا ليس من صنيع السلمي ،بل هو من
ن
ركِي َ
ش ِم ْن ال ُ م َ ول َ تَكُونُوا ِ
عادة الكافرين ،ولذلك قال ربّ العاليَ {:
شيَعا ً ك ُ ُّ َ
بحْز ٍ
ل ِ وكَانُوا ِ م َه ْ
قوا ِدين َ ُفَّر ُن َذي َ ن ال ّ ِ
م َ
ِ
ن} ". حو َ
ر ُف ِم َه ْ بِ َ َ
ما لدَي ْ ِ
() قطعة من حديث أخرجه البخاري ( 8/370رقم 4774ـ الفتح) ،ومسلم ( 4/2155رقم 1
.)2798
325 مدارك النظر في
السياسة
فعليهم أن َيعِظوا الناس ويذكّروهم بالعذاب والحاديث ومن كان عنده شبهة
يادلونه بالت هي أحسن :الية معناها كذا ،الديث معناه كذا ،قالال كذا،
قال رسوله كذا ،حت تزول الشّبهة وحت يظهر الق .هذا هو الواجب على
إخواننا ف الزائر وف غي الزائر ،فالواجب عليهم أن يسلكوا مسلك
الرسول عليه الصلة والسلم حي كان ف مكّة والصّحابة كذلك ،بالكلم
الطيّب والسلوب السن؛ لنّ السلطان ليس لم الن لغيهم ،وعليهم أن
يناصحوا السلطان والسؤولي بالكمة والكلم الطيب والزّيارات بالنيّة الطيبة
حت يتعاونوا على إقامة أمرال ف أرضال ،وحت يتعاون الميع ف ردع الجرم
وإقامة الق؛ فالمراء والرّؤساء عليهم التّنفيذ ،والعلماء والدّعاة إلال عليهم
النصيحة والبلغ والبيان .نسألال للجميع الداية ".
السؤال الثان:
قامت الماعة السلمية السلّحة بتهديد أئمّة وزارة الشّئون الدينيّة
بالزائر ،الذين ل يصرّحون بسبّ الكّام على النابر؛ إمّا توقيف صلة
الماعة والمعة وإمّا القتل بجّة أنّه موظّف لدى الطّواغيت ،وقد نفّذوا القتل
ف مموعة من الئمّة الذين ل يستجيبوا لم كما تعطّلت صلة الماعة ف
بعض الدن فما حكم هذا الفعل؟
الواب " :ما يصلح هذا! هذا أيضا غلط ،هذا ما يصلح! الواجب على
الدّعاة أن ينصحوا الناس بالكلم الطيب ينصحوا الطباء وينصحوا الئمّة حت
يستعملوا ما شرعال ،أما سبّ المراء على النابر فليس من العلج ،فالعلج
الدّعاء لم بالداية والتّوفيق وصلح النّيّة والعمل وصلح البطانة ،هذا هو
العلج،لنّ سبّهم ل يزيدهم إل شرّا ،ل يزيدهم خيا ،سبّهم ليس من
الصلحة ،ولكن يُدعَى لم بالداية والتّوفيق والصّلح حت يقيموا أمرال ف
أرضال وأنّال يصلح لم البطانة أو يبدلم بي منهم إذا أبوا ،أن يصلحهم أو
يبدلم بي منهم ،أما سبّهم ولعنهم أو سب الشّرطة أو لعنهم أو ضربم أو
ضرب الطباء كل هذا ليس من السلم .الواجب النصيحة والبلغ والبيان
س} ،فالقرآن بلغ والسنة بلغ، َ قالال جلّ وعل{ :هذا بَل َ ٌ
غ لِلن ّا ِ
ذَركم به ن لُن ْ ِ ي هذا القرءا ُ ي إل ّ ح َ قال جلّ وعل{ :وأُو ِ
َ َ
تما أن َ س}{ ،إِن َّ َر النا ّ َذ ِمن بَلَغ} ،قال ج ّل وعل{ :وأن ِ و َ
ل} ،فالعلماء هم خلفاء وكِي ٌ ء َي ٍ ش ْل َ علَى ك ُ ِّ ه َذيٌر والل ُنَ ِ
الرّسل ،ينذرون الناس و يذّرونم من عقابال ويرشدونم إل طاعةال
328 مدارك النظر في
السياسة
الواب " :أنصحهم بالتوبة إلال وأن يلتزموا الطريقة الت سار عليها
السّلف الصّال بالدعوة إلال بالكمة والوعظة السنة والدال بالت هي
َ
ه
عا إلى الل ِ من دَ َ ول ً ِ
م َّ ق ْن َ س ُ ح َ نأ ْ أحسن،ال يقول{ :و َ
م ْ
صالِحاً } ،فل يوَرّطون أنفسهم ف أعمال تسبّب التّضييق على ل َ م َ
ع ِ
و َ
الدعوة وإيذاء الدّعاة
وقلّة العلم ،لكن إذا كانت الدعوة بالكلم الطيب والسلوب السن
كثر الدّعاة وانتفع الناس بم ،وسعوا كلمهم واستفادوا منهم وحصل
ف الساجد وف غي الساجد اللقات العلميّة والواعظ الكثية حت ينتفع
النّاس.
ال يهدي الميع ،نسألال للجميع الداية والتّوفيق " اهـ.
قال سلمان " :والبهة ف حقيقة المر ما كانت مؤيّدة للعراق!! ".
م إ ِ َّ
ن عل ْ ٌ
ه ِ
ك بِ ِس لَ َما لَي ْ َف َ ق ُ النقد :قالال تعال{ :ول َ ت َ ْ
ه
عن ْ ُ
ن َ ل أُولَئ ِ َ
ك كا َ د ك ُ ُّ
ؤا َ وال ُ
ف َ صَر َ
والب َ َ
ع َ م َ ال َّ
س ْ
سئُولً }. م ْ
َ
أما سعت أو رأيت ف الرّائي والرائد الكثية علي بن حاج ف بدلة
عسكريّة إفرنيّة ومعه ممد سعيد والاشي سحنون وغيهم ،يسوقون قطيعا
كبيا من التباع الاملي ال َعلَم العراقي متوجّهي إل وزارة الدّفاع بالزائر،
طالبي السّلح للقتال مع العراق؟! رافعي أصواتَهم بتافات السّبّ للسّعوديّة
والكويت؟! ومنهم من كان يَحمل صورة المين؟!!
أما سعت باليش الغفي الذي بعثته جبهة النقاذ إل العراق للجهاد تت
راية صدّام؟ ل أكن أدري ـ يا سلمان! ـ أنّ غفلتك عن واقع الزائر بلغت
بك هذا الدّ! أما تدري أنّ هذا اليش ـ عند مروره بالردن ـ صلّى
330 مدارك النظر في
السياسة
المعة بسجد خطب فيه أسعد التّميمي ووصف يومها الشيخ ابن باز ف
خطبة ناريّة تجّميّة بأعمى البصر والبصية ،بل بالكفر الخرج من اللّة بزعم
موالة الكفار؟! ول ينكر ذلك أحد بتصريح أو كتابة ..ل النّاطق الرّسي
للجبهة ول نائبه! بل تغدّى جع من ( اليش السلمي! ) عنده ف انبساط
وغرور كبي ،ووقع ف تلك الغزوة!! من منكرات سرقات الموال وغيها ما
ل أحبّ ذكره .أخبنا به أعضاء البهة أنفسهم حي تنبّهوا ،وهو خب متواتر
بالزائر ،على الرغم من تواصي مسئوليهم بالكتمان.
أما سعت ـ يا سلمان! ـ خطبة علي بن حاج ف أوّل جعة ألقاها بعد
رجوعه من رحلته هذه ـ أيّام الحتلل العراقي للكويت ـ ف مسجد السنة
بباب الوادي ،وأوّل درس ألقاه ف اليوم نفسه بي الغرب والعشاء ف مسجد
الشّافعي بالرّاش بالزائر العاصمة؟ لقد وصف مشايخ السّعوديّة ـ بدون
استثناء ـ بعلماء البلط ،ولعلّه نسي أن يستثنيك منهم فاعذره !! وقال ماطبا
لم بلهجة شديدة ـ ما معناه ـ " :أنتم تتورّعون من التّكفي لنكم تزعمون
أنكم أتباع الشيخ ممد بن عبد الوهاب ،فلماذا ف قضيّة الليج صرت تكفّرون
صدّاما؟! " ،وقنت ف صلة المعة ودعا فيها للعراق بالنصر ،ودعا على آل
صباح وآل سعود باللكة ،وكان من دعائه السجوع :اللهم عليك باليهود،
وآل سعود!! وبكى بكا ًء شديدا ،توّل فيه السجدكله إل نيب وعويل ،أشدّ
مّا عرف عن الشّيعة عند حسيْنيّاتم ،كل هذا مسجّل ف أشرطة يوزّعونا.
وقال ف الشّريط نفسه " :عندي حلّ :ف هذا الجّ نشي جيعا إل البيت
الرام ونعتصم به فل نرج حت ترج أمريكا من الليج وآلُ سعود!! " أو
()
كلمة نوها ،وكذَب عندها على الشيخ اللبان حي نسب إليه تراجعا عن 1
() وقد كّلمَنا ـ يومها ـ الشيخُ اللبان فزِعا؛ وأخبنا أن ابنه سع هذا من إذاعة 1
331 مدارك النظر في
السياسة
فتياه ف قضيّة الليج ،وأنّ الشيخ الن يرى وجوب الروج إل العراق
لنصرتم ،وأطلق المر هكذا ليوهم أنه ناقش الشيخ حت أقنعه بوجوب القتال
سَرائُِر}؟ م تُبْلَى ال َّ و َمع العراق! فكيف إذا جعكال به عنده {ي َ ْ
ث ساق قطعانه إل العراق بذا التّمويه ،الذي كان من أكب أسباب نفي
نموا أ َ َّ عل َ ُ
م يَ ْ
َ
كثي من السلفيي معه استبعادا منهم لكذبه ،قالال { :أل َ ْ
ب}! ن الله َ َ م وأ َ َّ
غيُو ِ م ال ُ عل ّ ُ َ ه ْوا ُ
ج َ
م ون َ ْ سَّر ُ
ه ْ م ِ عل َ ُ
ه يَ ْ
الل َ
وأزيدك علما بأنّ خطبته هذه نقلت مباشرة بالتّلفزيون العراقيّ وفيها
َ
صاُر مى الب ْ َ ع َ شبّه ابن حاج صدّاما بالد بن الوليد! {فإن َّ َ
ها ل َ ت َ ْ
صدُوِر}. ب الَّتي في ال ُّ قلُو ُمى ال ُ ولَكِن ت َ ْ
ع َ
فهل فقهت هذا الواقع يا سلمان؟!
قال سلمان " :مّا تُتّهم به جبهة النقاذ أنّها تثي الفت وتدعو إل
العنف ..عجيب !..جبهة النقاذ ..لزالت تلك نفسها تدعو النّاس إل
الصب ..ل تصغ إل هذا الكلم ." ...
النقد :مسكي أنت ـ يا سلمان! ـ؛ إذ تقول هذا الكلم عقب قول
بعض دعاة البهة " :إنّ دم الرّئيس الشاذل حلل! " ف خطاب عام بساحة
أوّل ماي بالعاصمة أيّام الضراب ،و ُجنْدُ الرّئيس يلحظون ويسمعون من
قرب ،وقال عباسي مدن ـ وا ْعجَبْ مّا قال ولعليك إن أنكرت عقلك ـ:
()
" لو وقع انقلب للحكومة الالية لرجنا نساء وأطفال ورجال و ...وأعلنّا
1
إسرائيل ،وسألنا عن صدقه ،وأمرنا بقوّة أن نتصدّى لذا الشابّ كي ل يُلحِد ف الرمي
الشريفي ،جزاه ال خيا.
() حكومة الشاذل بن جديد آنذاك. 1
332 مدارك النظر في
السياسة
الهاد " ،لقد خسرَت البهة كثيا من السؤولي لّا رأوا منها تركيزها على
العنف من أوّل يوم ،بل ل تعرف الدوء قطّ إل حي فازت بالنتخابات
البلديّة ،فأضحى دعاتم ـ الذين أنشأوا حزبم هذا على التّكفي للحكومة إل
أقصى حدّ ـ يقولون " :أخطر شيء على الدعوة جاعة التّكفي! " ،حت علي
ابن حاج الذي قلنا له مرارا " :احذر جاعة التّكفي وحذّر منهم " ،فكان
يقول " :بل هم إخواننا قد قاموا ف وجه الطّاغوت! " ،فلمّا تفتّحت الكومة
مع البهة بعد تلك النتخابات ،وكفّرته هذه الماعة تبّم لا ،فما أعزّ
الخلصي للدّين ف دفاعهم عنه ،ل عن النّفس! كيف تَدّعي أنا ل تقُم على
العنف ،وقد كتب سعيد ملوف ـ أحد الشبوهي من رؤوس البهة ـ كتاب
المعة حت يسقط النّظام وإل ،" !...وف بعض النسخ " :والماعة أيضا!! "،
وقد تعطّلت المعة ف كل مساجد ولية ( البويرة ) من السبوع الثان لشهر
شعبان (1414هـ) ،ومِن قبلها ف مدينة ( الخضرية ) ،وبعدها ف مدينة
( القادرية ) و( الميس مليانة ) و( برج منايل ) بل وف بعض الساجد الكبية
ف العاصمة وغيها ،فإذا ل يشتهر عن الوارج ترك المعة فهل يُلحق هؤلء
بالشّيعة الروافض؟! كما أنم قَتلوا بعض الئمّة الرسيّي على الرّغم من أنه ل
علقة لم بالسياسة ل من قريب ول من بعيد! أما تديد الدّعاة السّلفيّي بالقتل
فهذا أشهر من أن يذكر .وال وحده الستعان على ما تصف به البهة بأنّها
()
سلفيّة يا سلمان!
1
() إنم استحلوا دماء هؤلء الدعاة السلفيي؛ لنم ل ينخرطوا ف جبهة النقاذ ول يرون 1
العسكرية لداء ما يُسمى بـ( الدمة الوطنية ) يُقتل من قِبل هذه الماعة بل استتابة!
ولو كان مُكرَها!! ولو كان صوّاما قوّاما نائيا يرابط عند الثغور!!! وأعرف منهم من له
يد بيضاء ف الدعوة السلفية ل يرج الن من بيته ل إل جاعة ول إل جعة بعد أن أنى
خدمته العسكرية! وآخرين خرجوا من البلد مباشرة :من الثكنة إل الطار! ومنهم من
قَتَل أباه بجة أنّه كان يُؤوي ابنه ف إجازته العسكرية!! وسلفيّون ل يشاركوا ببنت شفة
ف التّحزّب والقتال هم الن ف غياهب سجون النّظام؛ لنّ ( ماهدي البهة! ) يتعمّدون
الوشاية بم ليَستروا أصحابم لدن مضايقة تقع! بل أعرف منهم مَن يتقصّد بيوت
السلفيي لجراء العمليات السلّحة عندها حت يُوَرّطهم!! وكذا قتل الرضيع وهو يلقم
ثدي أمه!!! بزعم أن هذا الشعب صار كافرا لوالته النظام! ولئن زعموا أنا تصرفات
فردية! قلنا :إذًا فصفوفكم مهزوزة ،فأي جهاد هذا؟! ث لعلّك ـ يا سلمان! ـ ل تكن
تتصوّر هذا؟ لنّك لست عالا حتّى تتصوّره كما تصوّره الشّيخ اللبان والشّيخ ابن باز
وغيها مّن ينطق بكمة الشارع ،ل بلطمة السّوقة وخناق الواقع ،فليتك ل تقحم نفسك
فيما هو أكب منك؛ قال ابن تيمية موضّحا أن العال التبحّر هو وحده القادر على بيان
وقت وجوب الهاد مِن عدمه " :وف الملة فالبحث ف هذه الدقائق من وظيفة خواص
أهل العلم » " ..منهاج السنة « (.)4/504
قلت :ولذلك فإن اعتماد الشباب اليوم على فتاوى طلبة العلم ف أبواب الهاد أو ما
يُسمّونه ( :قضايا مصيية ) من أعظم الغب؛ لنم ل يفعلون هذا إل لسوء ظنهم بملة
335 مدارك النظر في
السياسة
والذي يدلك ـ أخي القاريء ـ على أن هذه التصرفات صادرة عن قناعة من زعماء
جبهة النقاذ وليست ما تفردت به ( الماعة السلحة ) ،قول زعيمهم الذي ل يُشَق له
غبار :علي ابن حاج ف رسالة سرية أرسلها إل الجاهدين عامة والمراء خاصة ف ق (
:)1
" بسم ال الرحن الرحيم .إل الخوة القادة الجاهدين أجعي دون استثناء .هذه رسالة
نُصح ف ال من أخيكم السجي أب عبد الفتاح من زنزانة الظلم والطغيان رقم ()09
بالسجن العسكري البُليدة بتاريخ ( 20صفر 1415هـ) ... :تعلَمون جيعا أنه قد كتبتُ
مموعة من الرسائل ...وضمنتُ تلك الرسائل نصائح ف وحدة الصف ،وأعلنتُ ف
بعضها مشروعية جهاد النظام القائم والساندة للمجاهدين ول أفرق بي الماعة السلحة
ول جيش النقاذ ."...
بل صرّح بأن التفريق بي جيش النقاذ والماعة السلمية السلحة ل حقيقة له فقال:
" ..لن النظام الكافر وقوة الكر ف الارج تريد أن تفرّق بي الماعة السلمية
السلحة واليش السلمي للنقاذ ،وهذا قمة الكر ." ..
قلتُ :فهل بقي لحدٍ مال للتفريق بي اليشي الذكورين وقد صرّح رأسُ هذه الفتنة
القيقي و ُم ِمدّ هذه الماعات ف الغيّ من أوّل مهدها:علي بنُ حاج بأنما جاعة
واحدة؟!
ث أقول :إن عُشّاق الثورات ،ولسيما التظاهرين منهم بالياد ـ كلما واجههم واقعٌ مرّ
من مازي هؤلء السفّاكي للدماء ـ ياولون إلصاق ذلك بالكومة! ولريب أنه قد
337 مدارك النظر في
السياسة
ربّهم! ومن كان يفظ نصيبا من كتابال أُنسيَه ،وكان الدعو شرّاطي
ـ قبل البهة ـ يعلّم أحكام تلوة القرآن برواية ورش ـ الرواية القروء با
ف الزائر ـ حت نفعال به خلقا كثيا ،مع التّنبيه على أنّه كان ـ تقريبا ـ
الوحيد على هذا ف الزائر كلها ،ما أنعش التّلوة الصحيحة ،وما أن جاءت
البهة حت انرط فيها هذا الشيخ ،وذهبت حلقاته كأن ل تكن بالمس،
اندسّ ف صفوف هذه جاعةٌ من كبار الجرمي الشيوعيي ،وأنه عند وقوع الفت ُيمْكن
أن يَحْدث كل شيء! وقد حدث ما يدلّ عليه ،منه أنّ جاعةً من الاقدين على السلم
استغلّوا الوضع للق لِحَى التديّني وخلع ثيابم السلمية وماولة القضاء على كل مظهر
حدِث الرعب ف الناس !!...هذا
من مظاهر السلم؛ بزعم أنه مظهر أفغان أو إيران يُ ْ
مثال واحد ،ومعه أشياء أخرى يعرفها من يعرفها ويهلها من يهلها ،وما كلّ ما يُعْلَم
يقال! وليست العبة ف سردها ،وإنا العبة ف التأكيد على أن هذا أحدُ النتائج الت كان
حذّر منها ف أبواب الروج على الولة ،وأنه من النتائج الت ل يُمكن ضبطها،
العلماء يُ َ
وأن متوَلّي كبها هو أوّل مَن سنّها ،كما مرّ.
فإن ل يكن لم أدلّة على اتّهام الدولة بذلك لؤوا إل إلصاقها بإحدى الماعات
السلمية ويَصِفونا بالشذوذ حت يَخدَعوا السذّج!! فإن أعياهم ذلك بأن فضحهم واحد
منهم ـ كما فعل الاشي سحنون منتقدا ،وكما فعل ابن حاج مفتخرا كما سبق هنا ـ
قالوا :هذه تصرّفات فردية!! وهكذا ...
ث أعود إل رسالة هذا الشابّ الذكور ،فأقول :هذا تصريه الجمل ،ويأتيك الن تصريه
الفصل الذي يدلك على أن علي بن حاج وراء الكثي من عمليات التحريق للمؤسسات
العلمية والشركات التجارية والوزارات والنكسات القتصادية والغتيالت للجانب
وغيهم ...قال ف هذه الرسالة ف ق ( " :)3والنظام الكافر ف الزائر أقسى الضربات
عليه هي ضرب القوات المنية كسلطة ل كأشخاص! وكذا عملء بع ( ...كلمة
مسوحة من الصل ) التثبت الشرعي!! وضرب الجانب خاصة من فرنسا وضرب
338 مدارك النظر في
السياسة
القتصاد وضرب السياحة؛ هذه مقاتل النظام وهنا تقع النكاية ،ول شك أن السلمي
يضربون هذه الهداف وف ذهنهم التخطيط للعمار والبناء إذا انتصروا!! وليس هذا
من التخريب!! ".
تنبيهان:
الول :كان مكتوبا ف رسالته هذه رمز عملية زائد العروف ف لغة الساب بعد كل
فقرة من فقراتا الخية ،فاستعضت منه بواو العطف ـ كما تلحظ ـ لن ذلك الرمز
ل يكن الساب صليب وإن سوه بغي اسه ،فعن عائشة رضي ال عنها (( :أنّ النبّ
يترك ف بيته شيئا فيه تصاليب إل نقضه )) رواه أحد ( )237 ،6/52والبخاري ( ،)5952ول
يزال علماؤنا على هذا؛ ولقد رأيتُ ـ يوما ـ على مقدّمة وكذا مؤخّرة سيارة العلمة
الثري عبد العزيز بن باز صليبا الذي زعم صانعوه أنه مرّد رمز للشركة! فكأن الشيخ
كُلّم ف ذلك؛ لنه كفيف ـ زاده ال بصيةً ـ فرأيته من غده يركب سيارته تلك وليس
عليها شيء من رموز دين الكفار! فجزاه ال خيا ،وهو معروف ـ حفظه ال ـ بسرعة
الوبة إل القّ وتعظيم حرمات ال .كما ذَكر ل الثقة أنه رآه ـ يوما ـ وقد ابيضّت
:الضاب؟! " ،قال: ليته ،فقال له " :يا شيخ عبد العزيز! أين سنة النب
" فما مضت عليه ليلته إل وليته حراء تلل!! ".
الثان :لعلك ـ أخي القاريء ـ فهمت من قوله " :ضَرْب القوات المنية كسلطة ل
كأشخاص " ،أنه يعن قتل السئولي الباشرين للجرام دون غيهم من الذين هم أكلة
خبز ف وظيفتهم ،فأقول :إنه يعن قتل كل شرطي من غي استثناء ،بدليل قوله ف رسالته
339 مدارك النظر في
السياسة
الت وجّهها إل وزير التصال ـ وقد سبق تصوير قطعة منها ـ ف ق (" :)57
فالجاهدين
( كذا ) الذين يقاتلون أعوان الظلمة ل يقاتلونم لذوات أشخاصهم؛ ولكن لنم السياج
الذي يتمي به الستبد الطاغية ،فالذين يقتلون أعوان المن واليش والدرك يقاتلونم
بذا العتبار ،ولو تلى هؤلء على الطواغيت لنار كل طاغية مستبد ".
قلتُ :ل ريب حينئذ أن يكون نصيب كل شرطي الوت؛ لن جيعهم سياج للمسئولي
كما هو معلوم! ولذلك جاءت ثرة هذه الكلمات أننا رأيناهم يقتلون بل تييز! بسب
كل شرطي من الث أن يلبس البدلة العسكرية ،ولو كان يعمل ف الحوال الدنية
كالبلدية وغيها!! بل يكفي أنه كان منهم ،فيقتلونه ولو تقاعد من زمن بعيد ،ناهيك عن
أنواع التعذيب عندهم؛ فلقد ذكر لنا من كان معهم ث فارقهم أشياء يعجز القلم عن
تدوينها ...وهذه ـ وال ـ من الدواهي الت تشيب منها الرؤوس ـ وقد شابت! ـ
ولول أنا أضحت عند جيع الشعب من الخبار التواترة لمكن التكذيب أو إلصاقها
بغيهم ،وأنّى هذا؟! وما من أحد إل وهو يعرف من أقاربه أو من أصحابه من يباشر شيئا
من هذه الشناعات؟! وكم هم الذين تابوا من معارفنا فصدّقوا هذا كله ،بل زادوا عليه
!!...
ث أعود إليك ـ يا سلمان! ـ لقول :كتبتُ هذا وأنا حسن الظن بك ،ث إذا بظن
ييب حي وجدتك ف شريط (( مهرجان بريدة )) تبارِك هذه الجزرة الدموية الت ذهب
الشعب الزائري ضحيتها ،حيث قلتَ بعد الربع الول من الوجه الول من الشريط
340 مدارك النظر في
السياسة
س ن أ َ َّ
س َ م ْف َعامة وغي ذلك من القواعد غي الؤسّسة ،وصدقال { :أ َ َ
ن
م ْ خيٌْر أ َ َّ ن َ وا ٍض َ
ر ْه و ِن الل ِم َوى ِ علَى ت َ ْ
ق َ ه َبُنْيَان َ ُ
هاٍر}.ف َجُر ٍفا ُ ش َ س بُنْيَانَه على َ
س َ أ َ َّ
ها خلُو َ هذا وكان يُكتب على مدخل بلديّتهم بلون ذهبّ { :ادْ ُ
ن}!! سلَم ٍ آ ِ
منِي َ بِ َ
الثان " :أتَدْرون كم دَفعَت الزائر كدولة وكأمة؟ كم دفعَت ثنا للعدوان على رجال
السلم :على عباسي مدن وعلى علي بن حاج وعلى غيهم من رموز الدعوة ورموز
السلم؟ فقط عشرة آلف قتيل!!! منهم الجانب!!! ".
قلتُ :ف هذا الكلم التهافت أمران أحدها يدل على الخر ،وها:
الول :أن سلمان ربط هذه التضحيات وهذا القتل بسبب إلقاء القبض على الدعاة الذين
سى ،فإذا كانت هذه اللف مباركة لنا كانت ف سبيل الدعاة! فلماذا ل يَربط
تضحيتها بسبب إقصاء الشريعة من الكم ،مع أن هذا الداعي الخي كان قائما قبل أن
يولد هؤلء القبوض عليهم؟! لاذا ل يُتحدّث عن التضحيات إل حي يُقصَى الدعاة من
ساحة الدعوة؟! فأين هذه التضحيات وقد أُقصيَت الشريعة قبل ذلك؟! فعُلِم حينئذ أن
هذه الدعوةَ دعوةٌ إل تقديس العباد وأفكارهم ل تقديس دين ربّ العباد! ث تضاعف هذا
العدد اليوم أضعافا مضاعفة! فأي قلب هذا الذي يفرح لراب ديار السلمي؟! انظر هنا
ص ( )415تسّرَ الشيخ ابن عثيمي على هلك هذه اللف الت فرح با سلمان ،وطلب
التأسي با متمنّيا أن تكون أكثر كما رأيتَ!!
الثان :لعلك لحظتَ ـ أخي القاريء ـ أن سلمان يريد بذا تصي نفسه ـ إذا قُبِض
سدّ دموي أغزر من مزرة الزائر ،لن هذه كان فيها " فقط عشرة آلف
عليه ـ ب َ
قتيل!! " ،فهو ل يتكلم عن الزائر إل لِيُمثّل با لوضعه ف السعودية ،ودليلي عليه قوله
بعده بقليل " :قضيتنا ( أي ف السعودية ) أكب من هذا البلد ( أي الزائر ) ،ولكن
هذا البلد أيضا من ضمن قضايانا !!! " ،قلت :فتدبر! ولو ربط هذه اللف بإقصاء
341 مدارك النظر في
السياسة
وأقول بصراحة :لول أنّال قدّر ما قدّر لوشك النّاس على بغض كل ما
يقال له ( إسلميّ )؛ من أجل ما يرون عليه الستوى السلميّ ،بدءا
بالختلسات البلديّة ،وانتهاءً بطب المعة الت ل تزيد على الشتائم النابية!
ومن علمات استصغارهم العلوم الشرعيّة أن ترى السئولي الذين
وصفتَهم ـ يا سلمان ـ ل يُختاروا على أساس درايتهم بالشرع ،ولكن على
أساس الدّراية بالعلوم الدنية ،وهذا برز بشكل كبي جدّا حي هجمت
( الزأرة ) على البهة ،فلم نر من الرشّحي للبلان إل طبيبا أو مهندسا أو
رياضيا أو إداريا سياسيا ،بزعم البة بالعلوم الدنية ،فأخّروا ذوي الشّهادات
الشرعيّة خجلً من أن تضحك عليهم الضارة ،وهذا نعرفه من النّخالة
السياسية الت دنست حرم العلم الشرعي ،إذ غالب الركات السلمية على
بسم ال الرحن الرحيم .إل أب َشمِر ذي خولن سلم عليك ،فإنا نمد إليك ال الذي
ل إله إل هو ،ونوصيك بتقوى ال وحده ل شريك له ،فإن دين ال رُشد وهدى ف
الدنيا ،وناة وفوز ف الخرة ،وإن دين ال طاعة ،ومالفة من خالف سنة نبيه وشريعته،
فإذا جاءك كتابنا هذا فانظر أن تؤدي ـ إن شاء ال ـ ما افترض ال عليك من حقّه،
تستحق بذلك ولية ال وولية أوليائه ،والسلم عليك ورحة ال.
فقلت له :فإن أناك عنهم ،قال :فكيف أتّبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك؟ قال:
قلت :أفتحب أن أُدخلك على وهب بن منبّه حت تسمع قوله ويبك خبَهم؟ قال :نعم!
فنلت ونزل معي إل صنعاء ،ث غدونا حت أدخلته على وهب بن منبّه ،ومسعودُ بنُ
عوف والٍ على اليمن من قِبل عروة بن ممد ـ قال علي بن الدين :هو عروة بن ممد
بن عطية السّعدي ،ولؤنا لم من سعد بن بكر بن هوازن ـ قال :فوجدنا عند وهب
نفرا من جلسائه ،فقال ل بعضُهم :من هذا الشيخ؟ فقلتُ :هذا أبو َشمِر ذو خولن من
أهل حَضور وله حاجة إل أب عبد ال ،قالوا :أفل يذكرها؟ قلت :إنا حاجة يريد أن
يستشيه ف بعض أمره ،فقام القوم ،وقال وهب :ما حاجتك يا ذا خولن؟ فهَرَج وجبُن
من الكلم ،فقال ل وهب :عبّر عن شيخك ،فقلت :نعم يا أبا عبد ال! إن ذا خولن من
أهل القرآن وأهل الصلح فيما علمنا ،وال أعلم بسريرته ،فأخبَن أنه عرضَ له نفرٌ من
أهل صنعاء من أهل حروراء فقالوا له :زكاتك الت تؤدّيها إل المراء ل تُجزي عنك فيما
بينك وبي ال؛ لنم ل يضعونا ف مواضعها ،فأدّها إلينا فإنا نضعها ف مواضعها،
نقسمها ف فقراء السلمي ونقيم الدود ،ورأيت أن كلمَك يا أبا عبد ال! أشفى له من
كلمي ،ولقد ذكر ل أنه يؤدي إليهم الثمرة للواحد مائة فرق على دوابّه ويبعث با مع
343 مدارك النظر في
السياسة
هذا التنقص ،وإن صرخت باسم الشرع ،وهو عي التفريق بي الدين والدولة
لنم يتشدّدون ف اشتراط العرفة بالعلوم العصرية لن ينصّب رئيسا للدولة
السلمية ،وأما ف الدين فيكفي فيه عندهم شيء من العاطفة السلمية فقط!!
ومن الدّواهي أنّ ( الزْأَرة ) ينعون الثوب السعودي؛ لنّه دليل على الرّواسب
السلفيّة والتأثر بالغزو الوهابّ ،ولكن ل بأس عندهم بالبدلة الفرنسيّة؛ لنّها
رقيقه .فقال له وهب :يا ذا خولن أتريد أن تكون بعد الكِبَر حروريا ( يعن خارجيا من
الوارج )؟! ،تشهد على من هو خي منك بالضللة؟! فماذا أنت قائل ل غدا حي يقفك
ال ومن شهدتَ عليه؟! ،ال يشهد له باليان وأنت تشهد عليه بالكفر؟! وال يشهد له
بالدى ،وأنت تشهد عليه بالضللة؟! فأين تقع إذا خالف رأيُك أمرَ ال وشهادتُك شهادةَ
ال؟! أخبِرن يا ذا خولن! ماذا يقولون لك؟ فتكلّم عند ذلك ذو خولن ،وقال لوهب:
إنم يأمرونن أن ل أتصدّق إل على من يرى رأيهم ،ول أستغفر إل له ،فقال له وهب:
ذكر صدقتَ ،هذه منتهم الكاذبة! فأما قولم ف الصدقة فإنه قد بلغن أن رسول ال
أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار ف هرّة ربطتها ،فل هي أطعمتها ،ول هي تركتها
تأكل من خشاش الرض ،أَفإنسان من يعبد ال ويوحّده ول يشرك به شيئا أحب إل ال
َ
معا َ ن الطّ َ مو َ ع ُمن أن يُطعمه من جوع أو هرة؟! وال يقول ف كتابه{:ويُطْ ِ
علَى حبه مسكينا ً ويتِيما ً َ
ه
ه الل ِ ج ِ و ْ م لِ َمك ُ ْ
ع ُما نُطْ ِسيراً .إِن َّ َ وأ ِ
َ َ َ ُ ِّ ِ ِ ْ ِ
وماً ي انب
َ ِّ َ َ ْ ر من ُ ِف خاَ ن ا
ِّ ََ نإ .ً ورا ُ ك ُ
ش َ ولم َ َ ً َ
ء زا ج منك ُ ْ ل َ نُ ِ
ريدُ ِ
مطَِريراً } يقول :يوما عسيا غضوبا على أهل معصيته لغضب ال عبُوسا ً َ
ق ْ َ
ومِ } ـ حت بلغ {وكا َ
ن شَّر ذَل ِ َ
ك الي َ ْ ه َ
م الل ُ
ه ُ و َ
قا ُ عليهمَ { ،
ف َ
شكُوراً } ـ ث قال وهب :ما كاد تبارك وتعال أن يفرغ من نعت ما م ْهم َ عي ُ ُ
س ْ
َ
أعد لم بذلك من النعيم ف النة.
وأما قولم :ل يُستغفر إل لن يرى رأيهم! أَهم خي من اللئكة؟ وال تعال يقول ف
م
ه ْد َرب ِّ ِ
م ِ
ح ْ
ن بِ َ
حو َ
سب ِّ ُ ملَئِك َ ُ
ة يُ َ سورة {حم عسق}َ { :
وال َ
ض} ،وأنا أُقسم بال ما كانت اللئكة ليقدروا َ
في الْر ِ من ِ ن لِ َ
فُرو َ
غ ِ
ست َ ْ
وي َ ْ
َ
344 مدارك النظر في
السياسة
ـ زيادة الغتيالت والرائم ف شهر رمضان بشكل رهيب جدا؛ بزعم أنه شهر
غزوات! لكنهم ل يغزون الكفار ،وإنا يغزون السلمي تقرّبا إل ال!! وانظر مثله عند
347 مدارك النظر في
السياسة
أجدادهم يوم أن تعاهدوا على قتل خية البشر ـ ف أيامهم ـ :علي بن أب طالب
ف ليلة ( 21من رمضان ) ،انظر الصدر السابق (.)2/296 وعمرو بن العاص ومعاوية
ـ قتل الستضعَفي من النساء والولدان ،وانظر مثله عند الوارج الذين قتلوا عبد ال بن
)) خباب رضي ال عنهما وبقر بطن جاريته عن ولدها وهي حامل ف (( طبقات ابن سعد
(5/245ـ )246و(( مسند أحد )) ( )5/110وغيها ،وهو صحيح.
ملحظة :ل أورد هنا الوثائق الت فيها هذه الرائم الذكورة إشفاقا على البقية الباقية من
السلمي هناك من أن تنالم أيدي الجرام بسوء ،الذين » يقتلون أهل السلم ويدَعون
أهل الوثان « كما أخب عليه الصلة والسلم ،وهو حديث متفق عليه.
() لحمد بن ممد الرامشي كما ف » بغية الوعاة « للسيوطي (.)1/218 1
مدارك النظر في
348
السياسة
القضي لم!! وهذا هو الَور بعينه ،فإن قلتَ :اكتفيتُ با تنشره الصحف،
فقد عرفتَ ما فيه إن كنتَ قرأتَ هذا الكتاب من أوله ،ث الصحف نفسها ل
َتعُدِ اليوم معبّرة عن رأي النظام؛ لن ال ُكتّاب أضحوا ي َعبّرون عن رأيهم الاص
ف ظل الديقراطية والتعددية الزبية ،وإن كنتَ أنت ل تزال تعيش زمن
الشتراكية ف الزائر ،فاعلم أن هذا قد مضى من سنوات قبل بروز جبهة
النقاذ ،وعجيب ألّ تدري وأنت اتمتَ علماء بلدك بالقصور ف اطلعهم
على الواقع؟!!
2ـ القضاء السياسي أخطر أنواع القضاء ،ول نعرف أنك أهل للقضاء
فضلً عن أهليّتك للحديث ف السياسة!! لا بيّنتُه ف هذا الكتاب مِن اشتراط
بلوغ درجة الجتهاد لذلك ،بل الذي نعرفه أن علماء بلدك نوْك عنها ،بل
منعوك من التدريس نفسه ،كما ستقرأ بيانم هنا إن شاءال .
ـ قال سفر " :وأنا بنلة القاضي ...كلّ منّا كذلك ".
ـ النقد :فيه َتجْرِيءُ عامة الناس على القضاء ،وعلى الدخول ف
()
السياسة ،وهو أسوأ شيء يتعلّمونه منك .
1
() وهذا النهج العروف اليوم عند مَن يُ َركّز ف دعوته على السياسة ،يعود عليه ف آخر 1
المر ،ومثاله عندنا ف الزائر؛ فإنّ الذين يقومون اليوم بأفظع الرائم هم أشباه العراب
من الؤيّدين لبهة النقاذ ،الذين ل نصيب لم من العلم الشرعي؛ كان أشباه سفر
يوغلونم ف السياسة وينفخون فيهم عاطفة إسلمية فارغة ،فلما وجد منهم بعضُهم هذه
التصرفات رجع إل بعض رشده ،وحاولوا أن يتراجعوا عن بعض ما هم فيه من عمل
مسلّح إجراميّ ،فقابلهم هؤلء العراب بالتهديد ،ونفّذوا ف بعضهم القتل؛ متجي
عليهم با كانوا يسمعون منهم " :أنتم دعاة فقط! أما السياسة ،فكلنا سياسيون!! "،
ورموهم با كانوا يرمون به السلفيي " :إنكم ما نَكلْتم عن متابعة الهاد إل لب فيكم!
وقد كنتم بالمس القريب للمنابر تُرعِدون ،وللمتردّدين عن متابعتكم من الماهي
351 مدارك النظر في
السياسة
فالقضية شرعية وليست عاطفية ،وإل فما قولك ف ماسبةال الؤمني لا
عصوا رسولال ف أُحد ،مع أنم هم الؤمنون وعدوّهم وثنّ كافر! وال
سبحانه وتعال قد تركهم ينكشفون أمام عدوّهم وقال{ :أ َ
و ل َ َّ
ما
هذَام أَنَّى َ قلْت ُ ْ
ها ُمثْلَي ْ َ
صبْتُم ِ
ة َ َ
قدْ أ َ صيب َ ٌ
م ِصابَتْكُم ُأ َ
َ
ء
ي ٍ
ش ْل َ علَى ك ُ ِّ ه َ ن الل َ م إ َّ
سك ُ ْف ِد أَن ُعن ِن ِم ْو ِ
ه َ
ل ُ ق ُْ
قِديٌر}.
َ
وِبعَدْلك هذا ـ يا سفر!ـ اتّبعَت الركاتُ السلميةُ الدعواتِ
الباطنيةَ الدامة؛ لنم اكتفوا منهم با ظهر لم من شعارهم ،كما اكتفيتَ
أنت بذلك! وغفلوا ـ كما غفلتَ ول أحبّ أن أقول :تغافلتَ ـ عن
إمرارهم على الغربال الثان أل وهو متابعة السنة ،إذن فلماذا يلم من اتّبع
َ
علَى م َّ
ن َ المين حي رآه يرفع شعار قوله تعال{ :ون ُ ِ
ريدُ أن ن َ ُ
م أَئ ِ َّ َ َ
ة
م ً عل َ ُ
ه ْ ج َ
ض ون َ ْ
فوا في الْر ِ ع ُض ِست ُ ْ
ذين ا ْ ال ّ ِ
ن}؟!
رثِي َوا ِم ال َ عل َ ُ
ه ُ ج َ
ون َ ْ
ولاذا يُلم مَن اندع بصدام حسي؛ وقد رآه كَتب على صواريه أساء
الصحابة وتاب توبةً سياسيةً ،حت قال فيه علي بن حاج ف كلمته الت
ألقاها يوم رجع من العراق ـ وقد سبق ذِكر شيء منها ـ " :الرجل
تاب! ويريد السلم وسوف يُطبّق الشريعة!! فهل شققنا على قلبه حت
نكفّره؟! " ،هكذا قال الرجل الذي َشبّهه سلمان العودة بابن تيمية!! فهل
تتصوّرون يوما ابن تيمية يَتبع صداما ،أو أنه يقول مثل هذا ف جنكز خان؟!!
فاللهم رحاك.
هؤلء وأذنابم كلهم تأثروا بقوم وجدوهم يمِلون شعارات إسلمية ف
وجوه كفار خلّص فما أغن عنهم جعهم وما كانوا يستكثرون.
عَدْلُك هذا ـ يا سفر! ـ هو الذي حَرَمكَ من فهم معن الولء حت
ت شر البتدعة ،بل إنك جعلته قاعدة ـ ويا بئس ما قعّدت له! ـ حي احتضن َ
قلتَ ف الربع الخي من الوجه الثان للشريط نفسه:
" يب أن نأخذ قاعدة :ميزة الدعوات السلمية ف العال كله على ما
فيها من تفاوت ،وما بينها من أخطاء ،ميزتا أنا تنبع من داخل المة! يعن
مدارك النظر في
354
السياسة
ـ وقال بأن جبهة التحرير تقول " :نن حزب علمان ،وهذا ف
الدستور ،ل يفونه أبدا! ".
ـ النقد :أقول لك ـ يا سفر! ـ كلمة ليست دفاعا عن جبهة التحرير
ن
شنَآ ُ م َ منَّك ُ ْ
ر َ ل ـ ولكن من باب قولال تعال{:ول ي َ ْ
ج ِ ـ معاذ ا !
وى}: ب لِلت َّ ْ
ق َ قَر ُ و أَ ْ دلُوا ُ
ه َ دلُوا ا ْ
ع ِ ع ِ
َ َ
علَى أل ّ ت َ ْ
وم ٍ َ َ
ق ْ
أتدّاك أن توجِد لنا هذا النص من الدستور الزائري! ولو قلنا إنم كذلك
لقلنا هم أمكر من أن يسجّلوه ف دستورهم لتعثُر عليه أنت بسذاجتك هذه،
ألَ شيء من الفطنة يا قوم!
ـ وجعل سفر يعدّد حجج جبهة النقاذ ناقل عنها قولا " :وأنا عندي
ثاني بالائة من الشعب كلهم يريدون السلم ،هذا برنامنا وهذا تطبيقنا ،وأنا
طلبت من الناس أن يطالبوا ببقاء نظام النتخاب كما هو ." ...
ـ النقد :ذِكْر هذه النسبة الئوية والطالبة بالنظام النتخاب سلوك للطريق
الديقراطي؛ لنه تكيم للشعب كما ل يَخفى ،فلماذا يذكره سفر على أنه
حجة من غي إنكار ،بل تكراره له ثلث مرات دليل على القرار ،بل لقد
صرّح بأنه ينصر جبهة تريد تقيق الديقراطية ،حت لكَأنّك تسمع كلم
رجل عريق غريق ف الديقراطية ،وذلك قوله عن جبهة النقاذ .. " :وأنا تريد
تقيق الذي يزعمون أنه ديقراطية وتريد أن ترشّح وتصوّت "!! قلتُ :هكذا
يصرّح سفر بأنه زَعْمٌ عند أولئك ،لكنه إرادة عند البهة! بل جع بي الق
والباطل فقال " :وأيهما الذي وقف ضد الق وإرادة الشعب؟! ".
قلتُ :إذا كانت هذه حججا فيا ليت شعري ما ملّ دعوة النبياء من
الشرعية وقد قلّ تابعهم وكثُر مالفهم حت يأت النب وليس معه أحد؟!
ـ وقال عن جبهة التحرير " :هؤلء َنحّوا كتابال سبحانه وتعال عن
357 مدارك النظر في
السياسة
الكم ".
ـ النقد :هذا من أخطائك الواقعية؛ لن الذي يسمعه يظن أنم وجدوا
كتابال يكم الناس فعمدوا إل إقصائه ،وليس المر كذلك ،لنه من يوم
الستقلل ل يُحكّم كتابال ،وث فرق واضح بي من يعمِد إل تنحية شريعة
ال ،وبي من يد شريعة الشيطان تكم ول يغيّرها ،فمن العدل إذن أن يقال:
وجدوا قواني وضعية فلم يغيّروها .ول نقول هذا مادلة عن الثيم؛ وإنا لنه
قد يوجد ف بعض البلد السلمية من الكام مَنْ لو نادى بتحكيم شرع ال
لداههم العدو من ساعتهم ،ولذلك عذر أهل العلم النجاشي حي ل يغي
()
شريعة النصارى الكافرة لعجزه .ث لو رجعنا إل التاريخ لوجدنا أن الذين
1
نّوا كتابال قبل الستعمار الفرنسي هم التصوفة ،ولستُ الن بصدده ،لكن
لعلّ هذا ل يهمّ سفرا؛ لن التصوّفة عنده يَنبعون من داخل المة! كما قال هو
ف كلمته الت سبق أن نقلتُها.
ـ وبعد ذكر الثماني بالائة قال " :الن الشعب أفاق واستيقظ كما
استيقظت ـ والمد ل ـ المة السلمية ف كل مكان ،يريدون كتابال ،
يريدون أن يعودوا إل إيانم ودينهم وأصالتهم الت نُزعت منهم قهرا ".
ـ النقد :هل يعن هذا أن مَن دخل مساجد الزائر ف صلة الفجر
وجد ثاني بالائة من الشعب مستيقظا يؤدي الصلة؟! فإن كان كذلك فهي
َ
حيْنَا يقظة صادقة وهي من أعظم البشرات بالنصر ،كما قال تعال{ :وأ ْ
و َ
صَر بُيُوتاً م ْ مك ُ َ
ما ب ِ ِ و ِ
ق ْ ه أَن تَب َ َّ
وءَا ل ِ َ وأ َ ِ
خي ِ سى َ مو َإلى ُ
ر صلَةَ وب َ ّ ِ
ش ِ موا ال َّ قي ُ ة وأ َ ِقبْل َ ً
م ِ علُوا بُيُوتَك ُ ْ ج َوا ْ
َ
ن} .ولكنك تعن باليقظة تصويتا لسل ٍم ل يُعمل به ،أَضفيتَ منِي َؤ ِم ْال ُ
عليه هالةً من الوصف السياسي الداع ،مع أنم لو كانوا صادقي ف رجوعهم
إل دينهم فمَن الذي قهرهم حت ل يؤدّوا هذه الفريضة؟ ومن الذي منعهم من
أداء زكواتم؟ ومَن الذي منعهم من تجيب نسائهم؟ ومن ..ومن ..؟!
فدعْك ـ يا سفر! ـ من حديث السياسيي وحدّث الناس بالشرع؛ فإن
الفلح كله فيه .ولقد حُدّث الشيخ اللبان عن هذه اليقظة وعددها الائل،
فسارع إل سؤال شرعي عن معرفة هؤلء لربم ،وهو قصة الستواء الت مرّت
بنا ف بداية الكتاب ،فتأمل تصرف سفر وتصرف الشيخ اللبان تدرك قيمة
أهل العلم ،ث ل يطل الزمن حت أخبنا أهل الزائر ف هذه السنة (1417هـ)
بالجاع أن الناس هناك وصلوا إل دَرْك من التفسّخ الخلقي ما رأوه من قبل
وي ست َ ِ ه ْ
ل يَ ْ ل َ قطّ! فأين هي الثمانون بالئة يا سفر؟! قال ال ُ { :
ق ْ
َ َ
أُلُوا مون إِنَّما يَتَذَكَُّر وال ّذين ل َ ي َ ْ
عل َ ُ ن َ عل َ ُ
مو َ ن يَ ْذي َال ّ ِ
ب}. َ
اللْبَا ِ
ـ وُي ِقرّ الضراب الستورد من الكفار قائل " :لا جاءت جبهة إسلمية
قالت :نريد النتخاب يبقى نظامه كما هو ،ويتعجل با ف موعدها ونن نريد
أن ندخل انتخابات ،قالوا :ل ،غيّروا النظام ،فقالوا :إذن يا ناس ،يا من
ستنتخبون :من تنتخبون؟ اعتصموا وأضرِبوا! لن القانون قد تغيّر؛ قانون
النتخابات ،ول تستخدموا القوة ...إذن هذا واضح أنا دعوة سلمية ".
ـ النقد :لاذا ل يكن حديثك عن حكم الضراب؟! عن حكم من يناشد
النظام لسترجاع ما يناقض الشرع وهو قانون النتخاب؟! أم أن دخول ذلك
العترك ل يُبقي للشرع اعتبارا؟! يا سفر! إن التشبه بالكفار أمارة السران
َ َ َ
ن
ذي َعوا ال ّ ِمنُوا إِن تُطِي ُ ذين ءَا َ ها ال ّ ِكما قالال { :يَأي ُّ َ
ن.ري َس ِ فتَن ْ َ
قلِبُوا خا ِ قابِك ُ ْ
م َ على أ َ ْ
ع َ م َ فُروا يَُردُّوك ُ ْ
كَ َ
359 مدارك النظر في
السياسة
الزائريي علقة!! وقد سبق الر ّد على هذا الدّعاء فل نعيده ،لكن الذي
يلفت النتباه هو التواطؤ على هذا الطإ :منه ومن سلمان ومن القرن ومن
بشر البشر ومن ممد سرور ـ كما سيأت ـ فعلى ماذا يدلّ هذا؟!
ـ ومن فضائح هذه الخطاء الواقعية الت ت َعجّبتُ منها جدا قوله " :وحت
البهة ليست حزبا سياسيا ،اسألوا من يَعرِف الحزاب ،اقرأوا ف ( الياة ) أو
ف غيها!!! ".
يءٌ
ش ْهذَا ل َ َ ـ النقد :هذا ل يَدّعِه حت أهل البهة! {إ ِ َّ
ن َ
ب}. جا ٌع َ
ُ
ـ وقال عن الزائر " :هذا البلد إذا سع أن أهل البلد الطاهرة القدسة
الذين يَدينونال تعال بعقيدة التوحيد ـ والمدل ـ! وعندهم العلماء! وف
بلدهم الرَمان الشريفان! أنّ موقفهم منهم هو نفس موقف العلم الفرنسي
والغرب يسقط ف أيديهم! وال ! يشعرون بالرارة ...فالفروض أن يروا منا
التأييد والتشجيع ." ...
ـ النقد :اعلم ـ يا سفر! ـ أنه ل يوز لك أن تامل من حسّن ظنّه
فيك حت تسكت عن أخطائه ،بل أنت مطالب بكلمة الق وافقت منه رضا
أو سخطا ،واعلم أن ما ادّعيته عنهم مِن إحسان الظن بعلماء الملكة ليس
بصحيح؛ لنم عندهم موضع تمة خاصة بعد قضية الليج ـ كما بيّنتُه ـ
ول يعبؤون بفتاواهم إطلقا؛ أل ترى أن عباسي وابن حاج حي زارا السعودية
تاشيَا جهدها لقاء هيئة كبار العلماء؟! لنما تصوّرا باب التحزب موصَدا
من أصله ف دار الفتاء ،وإل فهاتوا لنا شيئا مكتوبا أو مسموعا بينهما وبي
هيئة كبار العلماء .وف الوقت الذي قلتَ فيه ما قلتَ ـ يا سفر!ـ كان
( الَزْأَرِيون ) قد احتوَوا البهة ،وهم القائلون " :كل ما أتانا من السعودية
361 مدارك النظر في
السياسة
() أذكر بذه الناسبة أن الشيخ اللبان ذكر ـ يومها ـ أن أول شرط ف توبة صدام أن 1
والصحيح أنك خالفتَ إجاعهم على تطئة الوقف السعودي ،وما اشتهر
اشتهارا رسيا أن حزبي منها أقاما مسيات واسعة لتأييد العراق ،وها:
جبهة النقاذ كما سبق ،وحزب الخوان السلمي :حاس ،بقيادة مفوظ
نناح الذي حشد الناس من أجل ذلك ف تمّع صاخب ،وإن كان هو ل
يِب أن يَعرِف عنه ( إخوان الليج ) هذا ليبقى موصول العطاء موفور
الانب! ولول أن السلفيي خالفوا هذا الجاع لكان اتفاقا على الضلل،
والنة ل وحده.
تناقضٌ :نفى سفر أن يكون قد عرف عن السلميي التعاطف مع العراق،
وإذا به يقول بعدها بثوانٍ " :هذا المر ،أخطأ فيه كثيون وأصاب كثيون!
فتنة عمياء التبست على أكثر المة! وهذا الال ليس خاصّا بالزائر ،بل
معظم العال السلمي تعاطف ل حبا ف صدام أبدا ،ولكن من أجل
أمريكا!! " .أقول :إذا كانت فتنة عمياء يُعتذر فيها للمخطيء فهل يصْدق
العتذار للحكومة الزائرية بثل ما قلتَ؟! أم أنك بذا تعتذر لنفسك عن
()
1
خطئك السيم الذي صدر عنك يومها؟!
ومن طريف الوافقات أن هؤلء ( الثماني بالائة ) الذين اعتذر لم سفر
بأنم استيقظوا وقاموا ضد أمريكا ف قضية الليج ،ما كادت تنقضي الزمة
بأيام حت جعلت أمريكا دعاية للهجرة إل بلدها ،فإذا بك ترى جيوشا
جرارة من هؤلء ( الستيقظي ) عند السفارة المريكية يسألونا تأشية العمل،
وكأنه ل يتخلّف منهم أحد! مع ذلك فهؤلء عند سلمان ل يثوروا من أجل
البز!! وعند سفر يريدون السلم!! ول أدري هل حقيقةً تهلون واقع أمتكم
أم أنكم تتجاهلونه بدافع التفاؤل السياسي؟! وليس العجب أن يصدر من
ح َّ
ق ن ال َ سو َم تَلْب ِ ُ ب لِ َ ل الكِتا ِ ه َوكتمانه ،وقد قال تعال{ :يأ َ ْ
ن} ،وإنا نبّهتُ ق َ
مو َ عل َ ُم تَ ْ ح َّ َ
وأنت ُ ْ ن ال َ ل وتَكْت ُ ُ
مو َ بِالبَاط ِ ِ
على خطورته؛ لن بعضهم يغرّه بعضُ الق الذي يكون مع الرء ،ويتحاشى
انتقاده ناظرا منه التصريح بالباطل! والقيقة أنه ل يكن لن كان من هذه اللة
أن يأت بباطل خالص ،فلذلك يغترّ بصاحبه من يغترّ ،وبذا يُهدم الق ،قال
ابن تيمية " :وكل مَن سِوى أهل السنة والديث من الفِرق فل ينفرد عن أئمة
الديث بقول صحيح ،بل ل بد أن يكون معه من دين السلم ما هو حق،
وبسبب ذلك وقعت الشبهة؛ وإل فالباطل الحض ل يشتبه على أحد ،ولذا
سُمي أهل البدع أهل الشبهات ،وقيل فيهم إنم يلبسون الق بالباطل ،وهكذا
()
أهل الكتاب معهم حق وباطل . " ...منه:
1
1ـ قولك هنا " :نن ل نكّم الشعب أصل ،ولكن من حيث الواقع
الشعب مع من؟ ".
ـ النقد :إذن فثَمّ حكم الشرع الذي يرّم التحاكم إل الشعب ،وثَمّ
حكم الواقع الذي يبيحه أو يوجبه أو يستحبه ،ول مفرّ من واحدة من هذه
الحكام الثلثة التبقية لنك تقول بعدها مباشرة " :ثاني ف الائة من الشعب
." ...وتقول على لسان البهة " :ونَدخل جيعا النتخابات ،فإن فزنا فنحن
نَحكم البلد بكتابال وسنة رسوله ،وإن فازوا قلنا :إنا ل وإنا إليه
راجعون! والشعب قد اختار الشتراكية علينا ".
قلتُ :بأي حكم أبتَ لم دخول النتخابات؟ أبالشرع أم بالواقع؟!! وال
الستعان.
2ـ قولك " :فإذا قيل :لاذا تتكلمون عن هذه البهة؟ قالوا :لنا وقفتْ
() قاله سفر ف شريط » ففرّوا إل ال « يوم سئل عن سبب سكوت علماء الملكة عن 1
فضح الحزاب العاصرة كحزب البعث إل لا كانت أزمة الليج؟ فقال " :لاذا نضع
اللوم دائما على جهة معينة؟ وخاصة الذي يعيش معترك معي ( هكذا ) وظروف
( هكذا ) معينة تُحتّم عليه ماملت!! وأوضاع ( هكذا ) صعبة! نن الذين ف ببوحة
أن نقول الق ف بيوتنا ،ف مساجدنا ...علماؤنا يا إخوان! كفاهم! كفاهم! ل نبّر
لم كل شيء ،ل نقول هم معصومون!! ...نن نقول :نعم! عندهم تقصي ف معرفة
الواقع ،عندهم أشياء نن نستكملهم! ليس من فضلنا عليهم ،لكن عشنا أحداث
( هكذا ) وهم ما عاشوها بكم الزمن الذي عاشوا! أو بأحكام أوضاع أخرى!! ...
ومع ذلك أقول :السئولية الساس علينا نن طلبة العلم بالدرجة الول! وبعض
هؤلء العلماء قد بدأ يسلّم المر؛ لنه ـ يعن ـ انتهوا ف السن!!! أو إل مرحلة
!..؟ " .قلت :ما أشد هذا الكلم؛ إذ هو ظلمات بعضها فوق بعض! ومن استمع إل
الشريط كله تبيّن له منهج سفر الذي أنا بصدده الن؛ إذ مدح العلماء بطريقة ما! ث
أجهز عليهم با سبق ذكره ،كالذي يُسمّن كبشه ليعَيّد به!! نسأل ال لنا وله الداية.
مدارك النظر في
366
السياسة
تدّثنا سرّا " :إن موقف الشيخ اللبان أقرب إل الشرع ،وموقف علمائنا
أقرب إل الواقع!!! " .اعلم ـ يا أخانا سفر! ـ أن اللبان متهد خالف
علماء الملكة ف القضية ،ولكنه قال فيهم من التوقي قولً حسنا ،خاصة منهم
الشيخ ابن باز ،حفظال الميع.
3ـ قولك " :القضية الت نتكلم عنها ليست مرد فلن ول فلن ،إن
كان من أولياءال فال ول التقي وسينصرهم ولو بعد حي ،وإن كانوا غي
ذلك فقد جاءهم عُجلت إليهم بعض ذنوبم ،لكن ليست هذه هي الشكلة،
لاذا تُصوّر القضية بذا الشكل ،القضية قضية إسلم يُحارَب ".
ـ النقد :تأمّل كيف يشي بك مشية سلفية حت إذا كنتَ قاب قوسي
من النتيجة أو أدن صرفك عنها بدندنة خلفية ،كأنه اكتشف جديدا حي علِم
أن القضية قضية إسلم يُحارب!! وكأنه إذا كان السلم يارَب ل يَصحّ
الديث عن التقوى واليان؛ لنه يعوق ( الهاد )!! وكأنه ل يبّ أن تصوّر
خذّل عن الصراع السياسي!! بل ول بأس القضية بالشكل الشرعي؛ لنا تُ َ
عنده من الصب على الزية من أجل إشعار الصم بأننا له بالرصاد!! فل إله
إلال ! ما أغرب هذا الضطراب النهجي الدين! وإنن لشفق على أهله منه.
4ـ ومنه قولك ف شريط ( )252من شرح الطحاوية " :نعتقد كذلك أن
قيام السلم ف الرض ليس بذه الطرق وهذه الوسيلة بالضرورة ـ أي
الوسيلة الديقراطية ـ بل الطريق الصحيح والنهج الق هو الدعوة وطلب
العلم ونشر الفقه ف الدين وتريبة الناس على ذلك ،" ..قلتُ :إن أسارير
حيّا السلفي حي يسمع هذه الكلمات سرعان ما البشر الت تظهر على ُم َ
تتحوّل إل حية وعبوسة قاتة وهو يسمع نقيضه منه بعد ثوانٍ فقط؛ وهو
قوله " :لكن نن نتكلّم عن واقع ،عن قضية واقعة!! ".
367 مدارك النظر في
السياسة
قلتُ :كأن النهج السلمي الذي قرره أو ًل يُعنَى بعال اليال ،وأما النهج
الخالف فواقعي!! ويزيد المر فداحة حي يتمنّى من هذا النهج الخالف بل
الكافر أن يقيم له دولة السلم!! فيقول ... " :فوال إنه لفتحٌ كبي أن تقوم
دولة لـ( ل إله إل ال ) على منهج السلف الصال واللفة الراشدة ف
الزائر!!! ".
قلت :تأمّل كيف ينفي أن يكون مسلكا شرعيا ،مع ذلك فهو يأمل منه
قيام اللفة الراشدة؟!!
ترجو النجاة ول تسلك مسالكها إن السفينة ل تري على اليبس
ومن الغريب أنن استمعتُ إل شريط مسجّل مع سفر ،فيه أنه يعلم أن
جبهة النقاذ ل تَبْنِ عملها على الساس الذي اعتمده النب ف دعوته
وجهاده؛ فقد قال " :ولكن هل مرّ هذا الشعب ( يعن الزائري ) ومرّت هذه
الدعوة برحلة التمحيص والتربية على منهج علمي عقدي دعوي متوازن
شامل ،كما مرّت الماعة السلمية الول ف عهد النب ،وكما ينبغي أن
ترّ كل الدعوات؟ ...حقيقةً إن الوضع ف الزائر كان فيه نوع واضح من
التعجّل ف قطف الثمرة! وربا كان هناك أيضا شيء من العجاب أو شيء
من الخذ بذه الماهي التجمّعة ،الت ل ينقصها ف الماس ،ول نشكّ ـ إن
شاء ال ـ ف حاسها ،لكن الماس وحده ل يكفي ،ول بدّ من الرور بذا
النهج والتمحيص فيه؛ ولذلك ند مَن نكص على عقبيه ،مَن خرج عن
الصف السلمي بالكلية ،مَن باع نفسه للسلطة ،مَن فعل ..مَن فعل ..أفعال
)
1
كثية تدلّ على أن الصفّ ل يُ َمحّص ف الصل . ("!!...
ث تأمّل ما يدلّك ـ أخي القاريء ـ على أن هذه الخطاء صدرت منه
عن علم؛ فقد قال بعد أن بيّن شيئا من سية النب ف تنقية الصفوف
وتحيصها " :فما ل يَصِل من دقّة التربية وترسيخ مفاهيم العقيدة
وتصحيحها ف الناس إل مثل هذا فإنا ل نتوقّع إل نتائج سريعة ،وأيضا هذه
النتائج السريعة تتقوّض سريعا ."...
قلت :فلم غرّرْتَ بماعتنا ـ يا سفر!ـ وأنت تعلم كل هذا؟! نعوذ بال
من أن يُضِلّنا الُ على علم ،وصدق من قال " :لقد ضرّهم من غرّهم! ".
إن هذا ليد ّل على أحد أمرين:
ـ إما أنك شاكّ فيما تقول ومرتاب ف سية النب .
ـ وإما أنك كنت كاتا هذا عن السلمي؛ تزجّ بم ف ليل من الشرور
حالك ،وأنت تدري أنم ل يرجون منها إل بي معطوب وهالك!!
والذي يترجح لديّ أن كلها عليك وارد؛ بدليل أنك ما كنتَ تقول هذا
أيام نشاط البهة ،وإنا قلتَه بعد هزيتها السياسية ،وقد سبق أن نقلتُ كلمَ
بعض السلف ف أن التنقل من رأي إل رأي من شكّ القلوب ،كما سبق أن
ذكرتُ كلم بعض أتباع السلف بقّ ـ كالشيخ اللبان ـ ف البهة قبل
الزية وبعد الزية ،بل وحت أيام انتصارها السياسي :كلم واحد ل تُزعزعه
النتائج! وبذا يتبيّن القاريء معن الرسوخ ف العلم؛ قال السن البصري:
" إنّ هذه الفتنة إذا أقبلت َعرَفها كلّ عال ،وإذا أدبرت عرفها كلّ
جاهل "(.)1
قلتُ :لنه ل فائدة من معرفتها بعد وقوعها وصيورة الرء موعظةً لغيه،
بل وإهلكه العباد بفتاواه الرتَجلة! وهذا كلم السن فيمن عرف أنا فتنة
بعدما رأى نتائجها الوخيمة؛ أي أنه ساه جاهلً! فما قوله ـ رحه ال ـ
فيمن ل يَعرِف بعدُ أنا فتنة ،وقد رأى من نتائجها ما شيّب الرؤوس! مِن
تسلّط الكفار الشيوعيي واستضعاف الؤمني وانتهاك العراض وانتشار الشرك
بصفة رسية وتفشي القتل والسرقة وتعذّر المر بالعروف والنهي عن النكر
بعد أن كان مكنا وكثرة النتكاسات الدينية والجاهرة بالفجور وشرب
المور بعد أن تَوارت ف كثي من الدن وخراب الساجد من عمّارها بعد أن
كان التورّك ف الصلة متعذّرا لشدّة الزحام!!! ...
ولنا أن نتمثّل با كان يَتمثّل به ابن عباس ؛ إذ يقول:
()1
ول الدارُ بالدار الت كنتُ أَعرِف! فما النّاسُ بالناس الذين َعهِدتُهم
ماذا يقول السن فيمن عرف هذا وزيادة ،ول يفهم بعد أنه فتنة؟!
بل يُصِ ّر على أنه تقدّم!! ويقول:
" وأنا ف القيقة ف تقويي العام أعتب أن ما حدث ف الزائر أو غيها
هو تقدّم بالنسبة للعال السلمي ،لو ل يكن فيه إل التجربة!!! ".
قلتُ :هذا كلم سفر! وهو الذي جعلن أُصَدّق فيه المر الثان الذي
ذكرتُه آنفا ،وإنه لتناقض ميّر جدا! ل يكاد يصدر من عاقل؛ لن الرجل يبن
من مقدّمات خاطئة ـ ف واقع البهة ـ نتائج صائبة ف خيالهُ ،تعَدّ تقدّما
عنده! لكنك ـ أخي القاريء! ـ إذا عرفتَ أن هذا الفكر إرثٌ ( إخوان )
ل تستغربه من سفر؛ فكثيا ما رأيته يزج بي السلفية ـ الت هي دعوة بيئته
الصيلة ـ والخوانية الوافدة عليه وعلى بيئته ،خاصة من ممد قطب ،وهذا
هو التلبيس! ولذلك كان لَبْس الق بالباطل أخا الكتمان ،كثيا ما يتمعان،
ن
مو َ ل وتَكْت ُ ُ ن الح َّ
ق بِالبَاط ِ ِ سو َ م تَلْب ِ ُ كما قال ال تعال{:ل ِ َ
مون}. الح َ َ
عل َ ُ
م تَ ْ
ق وأنت ُ ْ
َ ّ
قال ابن تيمية " :فمن لَبَس القّ بالباطل كتم الق ،" ...إل أن قال:
" وجع بينهما ـ أي ف الية السابقة ـ بدون إعادة حرف النفي؛ لنّ اللبس
مستلزمٌ للكتمان ،ول يقتصر على اللزوم؛ لنّ اللزم مقصودٌ بالنهي "(.)2
ث لعلك ل تنتبه إل قوله " :لو ل يكن فيه إل التجربة! "؛ فإن هذه
التجارب الت يوقعها ( الخوان السلمون ) على الشعوب السلمية ف
أعراضهم وأموالم ودمائهم بل وف دينهم هي من أصولم العلومة ،كأن هذه
الشعوب بائم ف متب الباحثي عن النتائج الصحيحة بعد تيه طويل!! ث هم
يُسَمّون الطأ صوابا ،والتأخّر تقدّما ،والنتكاسة يقظةً حت ل يُفطَن لم،
وليُدرَك َغوْرُ الرح الذي أصابوا به المة!
ومن أصولم أيضا ضرورة التضحية بيل أو أجيال للوصول ...كأن هذه
الشعوب البيئة ملكٌ خالصٌ لم!! وكل هذا ورِثوه من الشيوعيي ،من خلل
تاربم ف ( الواقع ) كما أشرتُ إليه عند الر ّد على سلمان الذي صرّح ـ
بل تورية ـ بأنه متأثّر بم جدّا.
والذي يظهر أن سبب هذا التخبط هو الطأ ف فهم الولء للمؤمني،
وهو المر الثان ـ بعد العدل ـ الذي بن عليه سفر ماضرته ـ الت
ت شيئا منها ف مطلع هذا الردّ ،خاصة ف مقدمتها ،ومادام قد بيّنتُ هذا ذكر ُ
المر ف بداية الكتاب عند أصل ( الردّ على الخالف ) فل أعيده ،بل أكتفي
بأن أنقل هنا ر ّد الشيخ ممد البشي البراهيمي على مَن أنكر على جعيته ما
ينكَر علينا اليوم ،قال ـ رحه ال ـ " :ولو أَنصفَ خصومُنا لعلموا أن
إنكارنا عليهم هو دليل أخوّتنا لم ،بل دليل صدقنا ف هذه الخوة؛ فلو ل
يكونوا إخواننا ف الدين لا أنكرنا عليهم ما أنكره الدين ،وأن الدين الذي
أوجب علينا أن ننكر النكر ،يوجب عليهم الفيئة إل الق ،ويوجب علينا
جيعا التحاكم إل كتابال وسنة نبيه والرضا بكمهما والتسليم لما
والرجوع إل سبيلهما الامعة ،وقد دعوناهم إل هذا ول نزال ندعوهم
()
. "... 1
ـ ومن أخطاء سفر الواقعية الت يضحك منها أتباع البهة أنفسهم :زعمه
ف آخر شريط رقم ( )252ـ الشار إليه آنفا ـ أنه ل ( جَزْأَرة ) ف جبهة
النقاذ!! بل أمْرُه َقبْله بقليل بحاربتها وفضحها وسائر الحزاب الخرى؛
حيث قال ... " :وبيان القومية الت يسمونا ( :الزْأرة ) أو أيا كانت!! ".
ـ النقد :اعلم ـ يا سفر! ـ أن انتقادك ( الزأرة ) يعن انتقادك
( البهة )؛ لنا تمل شعارها ،ولنا تواجه العداء نفسهم الذين تواجههم
البهة ،فبأيّ شرع تؤيّد هؤلء وتردّ على أولئك؟!
ث لقد كانت ( الَزْأَرة ) منفصلة عن جبهة النقاذ عند ميلد هذه ،ث
() ولو كنتَ ـ يا سفر! ـ بعلي بن حاج وجاعته رحيما لبيّنتَ لم حكم الضرَاب 2
م إ ِ َّ
ن سك ُ ْ قتُلُوا أَن ُ
ف َ عن الطعام الذي تواتر عنهم؛ لن ال تعال يقول{:ول ت َ ْ
حيماً }. ن بِك ُ ْ
م َر ِ ه كَا َ
الل َ
مدارك النظر في
372
السياسة
أخذت تتوغّل فيها شيئا فشيئا حت أضحى رئيسها ممد سعيد يثل الرجل
الثالث من البهة؛ ول يكاد الناس ينسون صورة خروج علي بن حاج ف بدلة
عسكرية مع الاشي سحنون وممد سعيد الونّاس هذا وغيهم متماسكي
اليدي ف مظاهرة تضامن مع العراق!! وبعد أن سجن ابن حاج وعباسي
مدن تولّى ممد سعيد رئاسة البهة ،وخطب لول مرة ف مسجد البهة!! ف
هذا الوقت الذي أضحى فيه جلّ منظري ومنظمي ومستشاري ومرشّحي
البهة من الزأرة ،وف الليلة نفسها الت كان هؤلء يفوزون ف النتخابات
البلانية يتكلم سفر بكلمته تلك وينفي وجود ( الزأرة ) ف صفوف
البهة!!! ودليل تأريخ كلمة سفر هذه أنه قال فيها " :وإل الن شيوخها ف
السجن؛ الشيخ عباسي مدن والشيخ علي بن حاج ،" ...ث يتحدّث عن
نتائج النتخابات فيقول " :فالزب الاكم ستة عشر مقعد ( كذا ) ،والبهة
مائتي واثني وقد تزيد ،وقد تصل الليلة ـ يكن ـ مائتي وعشرة ".
قلتُ :إن هذا الذي وقعتَ فيه ـ يا سفر! ـ يفسّر بأحد أمرين :إما أنك
ل تدري أن البهة و( الزأرة ) اسان لسمى واحد؛ لنما روحان اتّحدا،
فحرمك الُ حسنَ التوفيق ف قضية قفوتَ فيها ما ليس لك به علم ،وإما أنك
تدري ولكنك ...وأنا ل أحبّ لك هذه؛ لنّ كبية الكذب شيمة تشي
صاحبها ،ولكن أرى أن تقنع بالول؛ أل وهي أنك تكلمتَ عن واقع ل
تفقهه ،وهذا أصغر الكبيتي ،نسأل ال أن يتوب علينا وعليك.
373 مدارك النظر في
السياسة
النقد :أما الرجل الول فقد انتهى به المر ف آخر أيامه إل أن صار رأسا ف
التكفي ،وكان لبياناته الخية اليد الطول ف إراقة الدماء بشكل فظيع جدا ،وكذا
إضلل الشباب عن سواء السبيل! وعلى كل حال فقد سبق الديث عنه .وأما
الخران فهما من حزب ( الزأرة ) ،وما أدراك ما ( الزأرة! ) ،ولما يدٌ معروفة
ف منع السّلفيّي قديا وحديثا من أيّ نشاط ف مساجدها وها معروفان
بانتقاصهما أهل الديث وانتصارها للكوثريّ وأب غدّة ومنهجهما.
قال " :إنّي أؤكد لك ـ يا أخي! ـ أنّ البهة السلمية للنقاذ تعتب من
أعداء الرّافضة ،ل أقول لك ليس فيها شيعيّ بل هي من أعداء الرّافضة ".
النقد :كسابقه ف نقد سلمان .ث هؤلء الذين سّاهم علماء ل يعرف عنهم
أيّ استنكار على الشّيعة ،بل كثيا ما كانوا ينكرون علينا انتقادنا الشّيعة ويقولون:
" عليكم مسحة سعوديّة! " ،وهم يقصدون :سلفيّة؛ لنم ترّجوا من جامعات
السعودية!!
وقد اضطرن كلمه هذا إل أن أُخب القاريء بأن للشيخ أحد سحنون ـ
الذي عدّه من علماء البهة ـ رثاء للرافضي المين ،هذه هي صورته بتوقيعه ،ل
على أنه شيعي ،ولكن بيانا للواقع لفقهاء الواقع!
مدارك النظر في
376
السياسة
() هو مصطفى الغماري أستاذ بكلية الدب بامعة الزائر ،كان من ( الَزْأَرة ) ،ث 1
جاءت ثورة المين فجرفه سيلُها حت صار رافضيا مترقا! ول سيما يوم أن زار إيران،
وأغدقوا عليه بالدايا الثمينة! فهناك خلع عقيدته إل عقيدتم!! وله نظم شعري ف
ملتم!! مع ذلك فل يزال شاعر ( الَزْأرة )!! اجتمعتُ به يوما ف مدينة ا َلدِيّة،
فسمعته يطعن ف الشيخ اللبان طعنا شديدا ،فقال له أحد تلمذة ممد قطب ـ وهو
من أصحابه! ـ :لكن ل تَنْسَ أن الذين قاموا على آل سعود بالسلح ف الرم الكي
سنة (1400هـ) هم تلميذ اللبان!!! فقال مباشرةً " :عجيب! إذن فالشيخ عال!! ما
كنتُ أدري أن الشيخ بذا الستوى العال!!! ".
قلت :تأمّل هذا الستوى العال عند الروافض!! وهذا الذي نُسب للشيخ اللبان يوهم أنه
كان بأمر منه أو برضا منه! ول يصحّ؛ فالشيخ ل يتحمّل خطأ غيه ،فقد قال ال تعال:
وْزَر أ ُ ْ
خَرى} ،ث إنن سعت الشيخ اللبان يُسأل عن هذه {ول ت َ ِ
زُر وازرةٌ ِ
(( الماعة الارجة؟ فكان من جوابه أن ساهم " :خوارج! " .من شريط مسجّل ف
سلسلة الدى والنور )) رقم ( )751/1ف ترجة الشيخ.
وقال الشيخ ف (( الصحيحة )) ( " :)5/278واعلم أيها الخ الؤمن! أنّ كثيا من الناس
تَطيش قلوبم عند حدوث بعض الفت ،ول بصية عندهم تاهها ...ومثل جاعة
( جهيمان ) ...الذي قام بفتنة الرم الكي على رأس سنة ( )1400هجرية ،وزعم أنّه
معه الهدي النتظر! وطلب من الاضرين ف الرم أن يبايعوه ،وكان قد اتّبَعه بعضُ
البسطاء والغَفّلي والشرار من أتباعه ،ث قضى الُ على فتنتهم بعد أن سفكوا كثيا من
مدارك النظر في
378
السياسة
وخــيــر جـــار
ول تــــعــذّبــه يــا إلـــــهــــي
بــــزمــــهـــريــــر ول بـــنـــار
فــإنّــه عــاش فــي جــــهــــاد
بـــــل هـــــــدوء ول قــــــرار
381 مدارك النظر في
السياسة
ومن طريف تربّص الحزاب بعضها ببعض أن سحنونا ـ على الرغم من
اعترافه بأنه أديبٌ وليس عالا بالشرع ـ يَعتذر بأن الذي وسوس إليه بأن ينظم
هذه الرثية الخزية هو مفوظ نناح أمي الخوان السلمي ،فهل يريد نناح أن
يلعب على البلي كما هي عادته؟ حت إذا أحر َجتْه معارفُه بإيران بسؤاله عن
موقف الخوان من موت المين ،قال " :أل نكن معكم؟! وهذه قصيدة شاعرنا
سحنون تعبّر عما ف نفوسنا من أل!! " .وإذا جاء يوم الذاذ من عند دول الليج،
سواء ليجمع الموال باسم السلفية ـ وقد فعله ـ أو باسم الخوان قال " :أرأيتم
حي انشقت ( الزْأَرة ) الحلية عن أمّها العالية هبط با الستوى إل حدّ رثائهم
الرافضة!! ".
قلت :وقديًا قيل ( :مصارع الرجال تت بروق الطمع ) ،بل قالال تعال:
ن إِلى
عو َ
مو ُ
ج ُ ن لَ َ
م ْ ري َ
خ ِ
ن وال ِ ولِي َ ن ال َ َّ ل إِ ّ { ُ
ق ْ
()
وم ٍ َمْعلُومٍ } . 1
ت يَ ْميقا ِ ِ
() وهذا الرجل معروف بكثرة الستهزاء بالتديّني ،السنّيّي منهم خاصة! ول أحد مِن 1
أتباعه أو غيهم يُنكِر أنه كان يُشَبّه الرأة النتقبة بمثّل كافر ُي ْدعَى ( زُورّو )
( ) zorro؛ لنه كان ل يَكشف من عينيه إل سوادها!!
ويُسمّي السواك الذي أمر به الصطفى ورضي به الربّ ( عودَ مكنسة!!! ) ،قال ال
شيْئاً}.
ه َ ن الل ِ
م َه ِ ك لَ ُ
فلَن تَمل ِ َ
ه َ
فتْنَت َ ُ
ه ِ
رِد الل ُ
من ي ُ ِتعال{:و َ
وكان يُنَكّت بالدولة السعودية بُغية الطعن ف علمائها السلفيي فيقول " :ف السعودية حُوت
مذبوح على الطريقة السلمية!! "؛ يقول هذا ليُوهِم الناس أنّ الدولة السعودية تستغفل
علماءها بذلك!! هذا ،وقد سُرّ سنة (1417هـ)؛ إذ غَنِم صاحبُه بالزب من البلان
بصيد ،أل وهو وزارة الصيد البحري!!
ث إنّه ف هذه السنة (1418هـ ) مدّ يدَيْه إل البلان كرّةً أخرى فرمى إليه بعَ ْظمٍ :أل وهو وزارة
السياحة! بركّباتا السياحية! وما أدراك ما الركّبات السياحية!! ول سيما ما كان منها على
383 مدارك النظر في
السياسة
قال عن المعية " :ومن مشاهي علمائها الشيخ عمر العرباوي ـ رحه
ال ـ الذي مات ف القامة البية ف أول عهد ابن جديد ،وهو شيخُ العال
السلفي الشهي علي بن حاج ـ كشف ال كربته ـ "!
النقد :الشيخ العرباوي ـ رحه ال ـ مات ف بيته عزيزا مكرّما ،ول
يكن تت القامة البية ،وكان يزاول عمله الدعوي بكل حرية .ومن فراسة
هذا الشيخ أنه كان يقول عن عباسي مدن قبل ميلد البهة ـ لنه توف قبلها
بنحو أربع سني ـ " :أحذّركم هذا الغِرّ " .كما أن علي بن حاج كان يلقي
أحيانا دروسه بسجده والشيخ كاره ،فكيف يكون شيخا له؟! مع أنه قد تقدم ما
فيه.
قال " :أحبّ أن أذكّركم بأمر وهو أنّ إخوتنا الزائريّي قد استفتوا
الشيخي المامي العالي :الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ممد بن عثيمي
شواطيء البحار؛ حيث الختلط الذي ل يَتوارى دونه عار! ناهيك عن تقدي المور :أ ّم
الدواء! ف مراقصها ذات الليال المراء! فكيف رضي لنفسه أن يتحوّل خادِما لفنادقها؛ يُقدّم
لا حُوت وزارته الول ويَسقي شعبه خرا؟! آحوتٌ مذبوحٌ على الطريقة السلمية ـ على
تعبيكم ـ شرّ أم التوقيع على انتهاك هذه الرمات على ( الطريقة السلمية! )؟! فأين
فلسفتكم الوهية ف ( َأ ْسلَمَة الجهزة الدارية )؟!
أم عندكم (رقص إسلمي؟!) و( غناء إسلمي؟!) و(اختلط إسلمي بريء؟!) ،فأين ( سراب البديل
السلمي؟!!) .هذا مع أنه يَنْزل كلّ سنة تت الضيافة اللكية ف هذا البلد المي ،وهو
يعرف الثل الذي يقول عندنا " :يأكل الغَلّة وَي ُ
سبّ اللّة!!! " .وهكذا فإ ّن الذنب ل يُنسى؛
َ ْ
ه}.
سو ُ قال ال تعال{:أ َ
حصاُه الل ُ
ه ون َ ُ
وأخبار مفوظ هذه مفوظة ف أشرطة دروسه عند عامة الناس ،بل أخبار مفوظ يدها يوم
ظ} ،يومَ ل ينوح على نناح أحد ،بل سيكون يومئذ هو ح ُ
فو ٍ م ْ
ح َ
و ٍ القيامة{ ِ
في ل َ ْ
م تَأْتِي ك ُ ُّ
سَها}، عن ن َ ْ
ف ِ جاِد ُ
ل َ س تُ َ ل نَ ْ
ف ٍ و َوحده ( النحناح )؛{ي َ ْ
ن}! غاب ُ ِم الت َّ َ
و ُ {ذَل ِ َ
ك يَ ْ
مدارك النظر في
384
السياسة
ف ذلك ،فقالوا لم :إذا كان هذا يقّق مصلحة السلم ويتمّ من خلله المر
بالعروف والنّهي عن النكر ،فإنّه ل بأس أن تدخلوا النتخابات البلانيّة،
وهذه ،كما حدّثن أحد الخوة الثّقات الزائريّي مسجّلة ف أشرطة ".
النقد :أما ما يصّ استفتاء الشيخي من قبل البهة فهذا ل يلجؤون إليه
إل كما قالال تعال{ :وإن يكُن ل َهم الح ُ ْ
ق يَأتُوا إلَي ْ ِ
ه َ ّ ُ ُ َ ِ
عنِين}؛ لنما عندهم من علماء أمريكا ،ل يرجان من اليض مذْ ِ
ُ
والنّفاس! ويعلمال كم وقعوا فيهما خاصة ف قضيّة الليج ،وعلى رأسهم
عباسي مدن فهو شديد البغض لما ،وكذا علي بن حاج على تستّر وتقيّة! أما
ممد سعيد الونّاس وأصحابه
( الَزْأَريّون ) فإنّهم يعتبونما بدوا! ل جهاد لما يعيشان القرون الوسطى
()
على حدّ اعتقاد ممد الغزالّ فيهما وما يلمزها به!! .
1
() كنت ذكرت ف فصل سبق أن أول من نبز أهل العلم بـ ( علماء اليض 1
والنفاس! ) هم ( الخوان السلمون ) ،وأستدرك على نفسي ههنا لقول :بل هم أول
من ركّزَ على تلقيبهم بذلك ف هذا العصر ،وإل فهم قد ورِثوا هذا الضللَ من أهل
البدع التكلّمي الذين كانوا ل يرفعون رأسا بفقه الكتاب والسنة ،ويوم أن كان علماؤنا
الوائل ينكرون بشدّةٍ الفلسفةَ الت كانت تُستَورَد من اليونان وقواني الفرس والرومان
وغيها من البلد الكافرة ،كان خصومهم يرمونم با يُرْمَى به أتباعُهم اليوم أصحابُ
الثر ،وهو ( أنكم جامدون! ول تاولون التصال بالعال الارجي لتُفيدوا من علومه!
ونن نفعل ذلك لندرك واقع عدوّنا ،) ...وقد نبّه فضيلة الشيخ علي بن ناصر الفقيهي
ـ حفظه ال ـ ف ندوة أقيمت بالامعة السلمية ف الدينة النبوية ليلة الميس (
11صفر 1417هـ) على أن هذه البدعة ليست جديدة ،وذكر هناك كلما للشاطب من
(( العتصام )) ( )2/239كأنّه استلّه بالنقاش؛ إذ فيه " :وروي عن إساعيل بن علية قال:
حدّثن اليسع قال :تكلّم واصل بن عطاء يوما ـ يعن العتزل ـ فقال عمرو بن عبيد:
385 مدارك النظر في
السياسة
أما ما يصّ ابن باز فقد مضى .وأما الشيخ ابن عثيمي ـ حفظهال ـ
فصحيح أنّه جوّز لم دخول البلان ،لكن ل بدّ من التنبه إل أنم ل يستفتوا
الشيخ إل بعد أن دخلوا ف العمل السياسي بنحو سنتي! فلو كانوا طلب حقّ
لعلموا قبل أن يعملوا كما قال البخاري " :باب العلم قبل القول والعمل "!
ولو كانوا طلّب حقّ لخذوا بعي العتبار الشروط الت اشترطها الشيخ ف
ذلك ،وهي قيود أربعة ـ وليست واحدة كما زعم بِشر ـ لو تأمّلتها لرأيتَ
أنّ الشيخ قد قيّدهم بوثاق شديد ل يَخْطون به خطوة واحدة ،وإليكموها،
قال:
ـ أول :ليوز الروج على الئمة ومنابذتم إل حي يكفرون كفرا
صريا لقول النب » :إل أن تروا كفرا بواحا « ...الديث متفق عليه.
ـ ثانيا :العلم بكفرهم ،والعلماء هم الذين يقدّرونه ،وأنا ل أَقْدر على
أن أحكم على حكوماتكم؛ لنّن ل أعرفها ،وف الديث السابق » :عندكم
فيه منال برهان «.
ـ ثالثا :تقّق الصلحة ف ذلك وانتفاء الفسدة ،وتقديرها لهل العلم
أيضا.
أل تسمعون؟! ما كلم السن وابن سيين ـ عندما تسمعون ـ إل خِرْقة حيض
ملقاة!! وروي أن زعيما من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلم على الفقه،
فكان يقول :إنّ علم الشافعي وأب حنيفة جلته ل يَخرُج عن سراويل امرأة!! ".
قال الشاطب " :هذا كلم هؤلء الزائغي ،قاتلهم ال!".
قلت :فماذا يكون قول الشاطب لو أدرك أهل زماننا من الركيّي الزبيّي وهم يَتفكّهون
بأعراض أهل العلم ورثة النبياء؟! ( ولكلّ قومٍ وارث!!).
أما أثر عمرو بن عبيد فقد رواه العقيلي ف (( الضعفاء )) ( )3/285وابن عدي ف (( الكامل )) (
،)5/1756وهو حسن.
مدارك النظر في
386
السياسة
قيد خامس مهمّ :وهو أن الشيخ يشترط فيمن يارس السياسة أن يكون
من أهل العلم الذين بلغوا درجة أهل الستنباط؛ بدليل قوله " :السياسة لا
قوم ،والدين له قوم؛ وقد أشار ال إل هذا ف قوله تعال{:وإذَا
وول َ ْ
ه َعوا ب ِ ِ ف أَذَا ُ
و ِ
خ ْ
و ال َ َ
نأ ِ م ِ
َ
ن ال ْ م َ
َ
مأ ْ
مٌر ِ ه ْجاءَ ُ َ
َ ُ
ه
م ُ
عل ِ َم لَ َ
ه ْ من ْ ُ
ر ِ وإِلَى أولِي ال ْ
م ِ ل َ سو ِ َردُّوهُ إِلى الَّر ُ
َ
م} ...وليس قول هذا فصل السياسة ه ْمن ْ ُه ِ ستَنبِطُون َ ُن يَ ْذي َ ال ّ ِ
()
عن الدين أبدا! الدي ُن نفسُه سياسة " .
2
شريطا للشيخ يباع قيل :فيه فتواه ف تأييد دخول البلانات ...إل ،فلما سألت عن
الشريط فإذا جاعة البهةل ينشروا منه إل ربع ساعة الت فيها ما يوافق أهواءهم ،مع أنّ
مدّة الشّريط ساعة إل ربعا تقريبا .وللشيخ أيضا كلم مطوّل ف شريطي آخرين ل
يَخرجان عما كتبته هنا.
() من شريط مسجّل باسم (( لقاء أب السن الأرب مع الشيخ ابن باز والشيخ ابن 2
)). عثيمي
387 مدارك النظر في
السياسة
قيد سادس :نقول لؤلء :لو تنّلنا معكم جدلً إل أنكم سألتم الشيخ
فأيّدكم فيما أنتم فيه ،فلماذا تلجؤون دائما إل العنف بعد أن تستنفدوا قواكم
ف لعبة ( البلان )؟! فهلّ سألتم الشيخ عن ذلك أيضا؟! لاذا ل تسألونه عن
حلكم السلح ضدّ النظام الاكم أو ضدّ الحزاب الت تواجهكم؟!
والواب هو :لنكم ل تسألون سؤال متعلّم! وإنا تسألون سؤال مَن حل
معتقدا ،ويبحث له عن مؤيّد!! والدليل على ذلك هو أنكم إذا قيل لكم:
اسألوه :هل هذا العنف جهاد؟ قلتم :الشيخ ل يعرِف واقعنا!!
وإذا قيل لكم :إذن َوضّحوا له واقعكم!
قلتم :الشيخ مداهن لنظمة الطواغيت!!
فهذه ثلثة أشياء:
ـ الول :ليس فيكم علماء متهدون.
ـ الثان :تتخذون من فتوى الشيخ متكأً للوصول إل التكفي ،ث إل
العنف الذي ُتبَيّتونه! وأنتم تعلمون أن الشيخ يُخالفكم فيهما جيعا؛ ولكنه
الوى ...
ـ الثالث :أن الشيخ عندكم ليعرف واقع الكومات! أو هو مغفّل! أو
هو مداهن! فمنكم مَن صرّح ومنكم مَن ينتظِر!! وما بدّلْتم تبديلً!
ث يشاءال أن يتأخّر نشر هذا البحث حت يُسمعن أحد الخوة شريطا
ُسجّل مع الشيخ ف شوال (1414هـ) فيه قول السائل:
وهل كذلك أنكم قلتم باستمرار الواجهة ضد النظام بالزائر؟
فأجاب " :ما قلنا بشيء من ذلك! ".
قال السائل :ف اشتداد هذه الضايقات هل تُشرَع الجرة إل بلد
الكفر؟
مدارك النظر في
388
السياسة
أجل إحداث مثل هذه الفوضى! والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلا شرارة ث
تكون جحيما؛ لن الناس إذا كره بعضُهم بعضا وكرهوا ولة أمورهم حلوا
السلح ـ ما الذي ينعهم؟ـ فيحصل الش ّر والفوضى ...وقد أمر النبّ
عليه الصلة والسلم من رأى من أميه شيئا يكرهه أن يصب ،وقال » :من
مات على غي إمام مات ميتة جاهلية « .الواجب علينا أن ننصح بقدر
الستطاع ،أما أن نظهر البارزة والحتجاجات َعلَنا فهذا خلف هَدي
السلف ،وقد علمتم الن أن هذه المور ل تَمُتّ إل الشريعة بصلة ول إل
الصلح بصلة ،ما هي إل مضرّة ...الليفة الأمون قَتل من العلماء الذين
ل يقولوا بقوله ف خَلْق القرآن ،قتل جعا من العلماء وأجب الناس على أن
يقولوا بذا القول الباطل ،ما سعنا عن المام أحد وغيه من الئمة أن أحدا
منهم اعتصم ف أي مسجد أبدا ،ول سعنا أنم كانوا ينشرون معايبه من
أجل أن يَحمل الناسُ عليه القد والبغضاء والكراهية ...ول نؤيّد
الظاهرات أو العتصامات أو ما أشبه ذلك ،ل نؤيّدها إطلقا ،ويكن
الصلح بدونا ،لكن ل بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تاول
()
بثّ مثل هذه المور " .
1
() جريدة » السلمون « عدد ( )540ص ( )10ـ المعة ( 11الحرم 1416هـ). 1
مدارك النظر في
390
السياسة
قلت :أما بلغكَ أنّ عائشة رضيال عنها كانت تبكي على خروجها هذا
بكاء شديدا؟ فعن قيس بن حازم قال :لّا أقبلت عائشة بلغت مياه بن عامر
لوْأب ،قالت :ما
ليل فنبحت الكلب ،فقالت :أيّ ماء هذا؟ قالوا :ماء ا َ
أظنن إل راجعة ،فقال بعض من كان معها :بل تقدمي فياكِ السلمون
فيصلحال ذات بينهم ،قالت :إنّ رسولال قال لا ذات يوم » :كيف
لوْأَب « رواه أحد وابن حبّان وصحّحه هو بإحداك ّن َتنْبح عليها كِلب ا َ
والاكم والذّهبّ وابن كثي وقال ابن حجر " :وسنده على شرط
() ()
الصحيح " ،وقال اللبانّ " :إسناده صحيح جدّا " .
3 2
فتأمّل قوله " :فياكِ السلمون فيصلحال ذات بينهم " ،وما بي هذه النيّة
ونيّة التظاهرات ف أن يراهنّ النّاس فيتشجّع بنّ الؤمنون ويتصاغر الجرمون
ف زعمهنّ ،مع الفرق الواضح بي فعل عائشة هذا الذي ل تبتغ به سوى
الصلح بي أبنائها الؤمني وحقن دمائهم ،وبي فعل التظاهرات الداخلت
ف السياسة.
ت عائشة الندم ،كما أخرجه ابن عبد الب ف وقال الزيلعي " :وقد أظهر ْ
كتاب » الستيعاب « عن ابن أب عتيق وهو عبد ال بن ممد بن عبد الرحن
ابن أب بكر الصديق قال :قالت عائشة لبن عمر :يا أبا عبد الرحن! ما مَنعَك
أن تنهان عن مسيي؟ قال :رأيتُ رجل غلب عليكِ ـ يعن ابن الزبي ـ
قال الذهب " :وذكره ،ث ذكر رواية أخرى منه فيها أن خروجها هذا
جعلها تعدل عن تَحديث نفسها بالدفن ف حجرتا كما كانت تأمل ،فعن
حدّث نفسها أن إساعيل بن أب خالد عن قيس قال :قالت عائشة وكانت تُ َ
تُدفن ف بيتها ،فقالت " :إن أَ ْحدَثتُ بعد رسول ال حَدَثا ،ادفنون مع
أزواجه ،فدُفِنَت بالبقيع رضي ال عنها ".
قال الذهب " :قلت :تعن بالدَث مسيها يوم المل ،فإنا ندمَت ندامة
كلية وتابت من ذلك ،على أنا ما فعلت ذلك إل متَأوّلة قاصدة للخي،
كما اجتهد طلحة بن عبدال والزبي بن العوام وجاعة من الكبار ،رضي ال
()
عن الميع " .
2
ول تنس أنّ عائشة أمّ للمؤمني جيعا ،فأين هؤلء منها ،ولذلك روى
البخاريّ عن أب مري عبدال بن زياد السديّ قال " :لّا سار طلحة والزبي
وعائشة إل البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدِما علينا
الكوفة فصعدا النب ،فكان السن بن علي فوق النب ف أعله ،وقام عمار
أسفل من السن فاجتمعنا إليه ،فسمعت عمّارا يقول :إ ّن عائشة قد سارت
إل البصرة ،وال إنّها لزوجة نبيّكم ف الدنيا والخرة ،ولكنّال تبارك
وتعال ابتلكم ليعلمَ إيّاه تطيعون أم هي؟ ".
ورحمال زمانا كان أهله يستنبطون حكمال ف السائل السياسية بجرد
دخول النساء فيها ويزمون بفسادها ولو كان فيها أمّ الؤمني ،فقد روى
() » السي « ( )2/193وأثر عائشة هذا رواه ابن سعد ف » الطبقات « ( )8/59والاكم ( 2
.)4/6
393 مدارك النظر في
السياسة
البخاري أيضا عن أب بكرة قال " :لقد نفعنال بكلمة سعتُها من رسول
ال ،أيام المل بعد ما كدتُ أن ألق بأصحاب المل فأقاتل معهم ،قال:
لا بلغ رسولَال أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال »:لن
يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة «.
فكيف يزعم سفر الوال ف شريط رقم ( )185من » شرح العقيدة
الطحاوية « أنّ الظاهرة النسوية أسلوب من أساليب الدعوة والتأثي؟! وهذا
سلمان يُسَرّ بروج النساء للمظاهرة فيقول ف شريط » للنساء فقط « " :إننا
سعنا ف البلد الخرى أخبارا سارة على العودة الصادقة ـ خاصة ف أوساط
الفتيات ـ إل ال ،كل الناس سعوا بالظاهرة الصاخبة ف الزائر،
وقادتا مموعة من النساء ،وبلغ العدد فيها ما يزيد على مئات اللوف ".
وتال إن أمر هؤلء لعجب! مَن كان يتصور أن جزيرة العرب ـ بعد دعوة
الشيخ ممد بن عبد الوهاب ـ سوف تلد أمثال هؤلء؟! أبعد حياة العفة
الت حافظ عليها مسلموها ييء سفر وسلمان والقرن إل النساء
ليخرجوهن من بيت عزهن تكثرا بن وتقوّيا بالقوارير؟! سفر يبيّن الثر
العميق ف خروج الرأة للمظاهرة! والقرن يؤكده بالقَسَم!! وسلمان يهيّجها
()
لتصب على الدبابات!!! يا له من دين غريب!
1
() ومن ضحايا هذا الفكر رجل يقال له مال البوق ،كان له شريط مسجّل كثي 1
الذيوع عندنا ،وهو خطبة جعة ،استفتحها بالديث الوضوع » من ل يهتمّ بأمر
السلمي فليس منهم « ،انظر » الضعيفة « لللبان رقم (.)309
وتعرّض فيه لفتنة الزائر فقال " :وإنّه من الؤسف جدّا أن تُنقل إلينا الخبار على غي
وجهها؛ وما ذلك إل لنّ الذي يسيطر على وكالت النباء ف العال هم اليهود أو
نصارى أو الذين يأخذون عنهم ،أذناب لم ،فيأخذون عنهم الخبار ،ومن ث يعلنونا لنا
باللّيل والنّهار ،" ...قال ـ هداه ال ـ " :وقد كان يوجد بقيّة باقية من علماء رابطة
مدارك النظر في
394
السياسة
ال ـ " :فإنّ من النّاس من يكون عنده نوع من الدين مع جهل عظيم،
فهؤلء يتكلم أحدهم بل علم فيخطئ ،ويب عن المور بلف ما هي عليه
خبا غي مطابق ،ومن تكلم ف الدين بغي الجتهاد السوّغ له الكلمَ وأخطأ
فإنّه كاذب آث كما قاله النبّ ف الديث الذي ف السنن عن بريدة عن
النب أنّه قال » :القضاة ثلثة قاضيان ف النار وقاضٍ ف النة ،رجل قضى
على جهل فهو ف النار ،ورجل عرف الق وقضى بلفه فهو ف النار ،ورجل
()
علم الق فقضى به فهو ف النة « ث قال ف الرجل الول :فهو الذي يهل
2
وإن ل يتعمّد خلف الق فهو ف النار ،بلف الجتهد الذي قال فيه النب :
()
(( إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران ،وإن اجتهد الاكم فأخطأ فله أجر )) ،
1
فهذا الذي جعل له أجرا مع خطئه؛ لنّه اجتهد فاتّقىال ما استطاع ،بلف
من قضى با ليس له به علم وتكلم بدون الجتهاد السوّغ له الكلم ،فإنّ هذا
كما ف الديث عن ابن عباس عن النبّ أنّه قال » :من قال ف القرآن برأيه
فليتبوّأ مقعده من النار « وف رواية » :من قال ف القرآن برأيه فأصاب فقد
()
أخطأ ،ومن أخطأ فليتبوّأ مقعده من النار« ،وف الصحيحي عن عبدال بن
2
عمرو عن النبّ أنّه قال » :إنّال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من النّاس
ولكنّه يقبضه بقبض العلماء ،فإذا ل يبق عالا اتّخذ النّاس رؤوسا جهّال
فسُئلوا فأفتوا بغي علم فضلّوا وأضلّوا « ،وف رواية للبخاري » :فأفتوا
برأيهم « .وهذا بلف الجتهد الذي اتّقىال ما استطاع ،وابتغى طلب العلم
بسب المكان ،وتكلم ابتغاء وجهال ،وعلم رجحان دليل على دليل فقال
بوجب الرّاجح ،فهذا مطيع ل مأجور أجرين إن أصاب ،وإن أخطأ أجرا
واحدا ...والقصود أنّ من تكلم بل علم يسوغ وقال غي الق فإنّه يسمّى
كاذبا ...ويطلق عليه الكذب ،كما قال النبّ » :كذب أبو السّنابل «
()
ومثل هذا كثي " .
3
() » الرّدّ على الخنائي « (9ـ )11نقل عن » منهج أهل السنّة والماعة ف نقد 3
قال :لو شاء ل يلس يقضي وهو ل يسن يقضي " ،وعند البغوي " :ذنبه ألّ
يكون قاضيا إذا ل يعلم " ،قال البيهقي " :تفسي أب العالية على من ل يسن
يقضي دليل على أنّ الب ورد فيمن اجتهد رأيه وهو من غي أهل الجتهاد،
فإن كان من أهل الجتهاد فأخطأ فيما يسوغ فيه الجتهاد رُفع عنه خطؤه إن
شاءال بكم الّنبّ ف حديث عمرو بن العاص وأب هريرة
رضيال عنهما وذلك يرد وبال التّوفيق ".
يريد هنا حديث » :إذا اجتهد الاكم .« ...وقال البغويّ " :قوله :
» اجتهد فأخطأ فهو ف النار « ،أراد به إذا كان اجتهاده على غي علم ،فأما
من كان من أهل الجتهاد ففرضه الجتهاد فيما يع ّن له من الوادث،
()
والطأ فيه عنه موضوع " .
1
() انظر هذه الروايات والقوال ف » أخبار القضاة « لوكيع ( ،)1/18و» سنن البيهقي «( 1
()
لرجل أن َيرَى نفسَه أهلً لشيء حت يسأل من كان أعلم منه " .
2
وينبغي أن يراعى دقّة التّعبي ف هذه الجازات؛ فإنّ تزكية امرىء بالتّقوى
ل تغنيه كبي شيء ف التّبليغ عن دينال تعال ،كما أنّ تزكيته بالعلم عموما
وبإجال ل تغنيه كثيا ف فقه النوازل ،وقد قال ابن سيين " :إنّ هذا العلم
دين ،فانظروا عمّن تأخذون دينكم " رواه مسلم ف مقدمة » الصحيح «.
قال ابن رشد ف شروط من يتصدى للفتوى ف النوازل:
ـ " أن يراه الناس ( أي العلماء كما سيأت ف كلم الشاطب ) أهلً لذلك.
ـ الثان :أن يرى نفسه قد جع شروط الجتهاد.
فإذا اجتمعت فيه هذه الصال مع العدالة والي والدين صحّ استفتاؤه
()
فيما يَنل من الحكام . " ...
3
()
شهَد له
وأوضح هذا الشاطبّ بأبدع بيان حيث قال " :والعالِم إذا ل يَ ْ
4
شهَد فيه غيه، العلماءُ فهو ف الكم باقٍ علىالصل مِن عدَم العلم حت يَ ْ
وَيعْلَم مِن نفسه ما ُشهِد له به ،وإل فهو على يقي من عدَم العلم أو على
شكّ ،فاختيار القدام ف هاتي الالتي على الحجام ل يكون إل باتباع
الوى؛ إذ كان ينبغي له أن يَستفت ف نفسه غيه ،ول يَفعل! وكان من حقه
() رواه أبونعيم ( )6/316والطيب ف (( الفقيه والتفقه )) (1041ـ العزازي ) وهو صحيح، 1
والتفقه )) (.)1042
() (( البيان والتحصيل )) (.)17/339 3
() قال اللبان ههنا بعد ما أشار إل (( العتصام )) ( " :)3/99تأمّلوا ل يقل :طالب 4
وقال ابن القيم ـ رحه ال ـ " :من أفت النّاس وليس بأهل للفتوى فهو
آث عاص ،ومن أقرّه من ولة المور على ذلك فهو آث عاص .وقال أبو الفرج
ل المر منعهم كما فعل بنو أميّة ،وهؤلء بنلة من يدلّ ابن الوزي :ويلزم و ّ
الرّكب وليس له علم بالطريق ،وبنلة من ل معرفة له بالطّب وهو يُطبّ
النّاس ،بل هؤلء أسوأ حال من هؤلء كلهم .وإذا تعيّن فعلى ولّ المر منع
من ل يسن التّطبّب من مداواة الرضى ،فكيف بن ل يعرف الكتاب والسنّة
ول يتفقّه ف الدين .قال :وكان شيخنا ( أي ابن تيمية ) شديد النكار على
هؤلء فسمعته يقول :قال ل بعض هؤلء :أجُعلت متسبا على الفتوى؟ فقلت
له :يكون على البّازين والطبّاخي متسب ول يكون على الفتوى متسب؟!
()
" . 2
() أرجو ألّ نتلف ف هذه الساء لنّ ما يمع بيننا من معتقد السّلف أمت من أن 1
يذرى تت أدراج رياح الزبيّة ،وأرجو أن يكونوا عندكم فقهاء يصلحون للفتوى فيما
يسمّى اليوم بالقضايا الصييّة ،أرجو أن نكون صادقي ف هذا الوصف ،وألّ يغالط
بعضنا بعضا بأن يظهر توقيهم ويبيّت ف نفسه أو حزبه ما ل يرضى ربّنا من القول،
كما فعل ف هذه اليّام من ترجم للشّيخ ابن باز ـ متّع ال السلمي بياته ـ ف ملّة
سياسيّة ،فإنّ من يقرؤها ل يتصور الشيخ إلّ شيخ زاوية أو تكِيّة ،يدخل عليه النّاس
فيكرمهم بالطّعام والشّراب ويرجون! ويأتيه الطّلبة فيسخو عليهم با آتاه ال ،أمّا
( القضايا الصييّة )
ـ كما يقولون ـ فالشّيخ عنها بعزل حتّى يرج من غفلته!! هذا هو شيخ البكة؛ ل
يُعمل بفتياه إلّ ف العبادات والعاملت الالية ،أمّا السّياسة فل! إلّ ما وافقوه عليه ،أو
ما سبقوا به غيهم إليه من التّمويه على خلف الواقع حتّى يفتيهم با يبّون! ما أشبه
هؤلء بال القلّدة الّذين يتبّكون ويستسقون بقراءة صحيح البخاريّ ،عن عبادة بن
قال » :ليس من أمّت من ل يُجِلّ كبينا ،ويرحم أنّ رسول ال الصّامت
صغينا ،ويعرف لعالنا حقه « رواه أحد و هو صحيح.
مدارك النظر في
402
السياسة
وغيهم ـ حفظهم الـ ؛ لنّه ل معن لدخولكم ف هذا المر وهيئة كبار
العلماء بي أظهركم ،ث " إنّ أحدكم ليفت ف السألة لو وردت على عمر
()
بن الطّاب لمع لا أهل بدر" .
1
وقد بان لكم إن شاءال أنكم تدّثون بكل شيء مّا أوقعكم ف الخبار
بلف الواقع ،ومنها التّحليل على غي مراد الشارع ،وقد قال المام مالك ـ
رحه ال ـ لبن وهب " :اعلم أنّه ليس يسلم رجل حدّث بكل ما سع ،ول
يكون إماما أبدا وهو يدّث بكل ما سع" ،رواه مسلم.
خاصة وليس لكم إجازة من قِبل هيئة كبار العلماء للتّكلم ف هذه
القضايا ،بل قد َن َهوْكم عنها صراحة وعلى رأسهم العلمة الشيخ عبد العزيز
ابن باز ـ حفظه ال ـ كما ف هذا البيان الت ،وقد صوّرته كما هو:
() هذه الكلمة قالا أبو الَصِي السديّ ،انظر (( تذيب الكمال « للمزي (،)19/406 1
هذه صورة الوثيقة الت فيها بيان هيئة كبار العلماء بالملكة
العربية السعودية ف توقيف سفر الوال وسلمان العودة
مدارك النظر في
404
السياسة
الواجب اليوم
أعقد هذا الفصل ليعلم أولئك الذين سّيتُ ف هذه الدعوة ،با ينبغي أن
يَشغلوا به هذه الثروة الائلة من شباب دعوة السلم.
وأنقل إليكم كلمات من غرر الكم عن ابن القيم وعبد الرحن السعدي
ـ رحهما الـ وأرجو أن تتأمّلوها جيّدا ،باركال فيكم.
إصلح الوقت لصلح الال:
()
قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف فصل » كيف تُصِْلحُ حَالَكَ؟ « " :هَلُمّ
1
إل الدّخول علىال وماورته ف دار السلم بل نَصَب ول تعب ول عناء ،بل
من أقرب الطّرق وأسهلها ،وذلك أنك ف وقت بي وقتي ،وهو ف القيقة
عمرك ،وهو وقتك الاضر بي ما مضى وما يستقبل ،فالذي مضى تصلحه
بالتوبة والنّدم والستغفار ،وذلك شيء ل تعب عليك فيه ول نصب ول معاناة
عمل شاقّ ،إنا هو عمل القلب ".
قلت :ما مضى من وقتك ف معصيةال يكنك استرجاعه ،مهما قيل
" الوقت كالسيف إن ل تقطعه قطعك " ،وهي حكمة صحيحة إل أنّال
استثن منها التّائبي ،فمهما ضيّعوا من وقت ف زن ،بل ف قتل ،بل ف شرك،
فإنّ من تاب منها استدرك وقته ليس صحيفة بيضاء فحسب ،بل قد كتب
عليها السنات بدل السيّئات كأنّ وقته قد عُمّر با ،وال ل يعجزه شيء وهو
َ
ولَ خَر َه إِلَــها ً ءَا َ
ع الل ِ
م َ
ن َ
عو َ ن ل َ يَدْ ُ القائل{ :وال ّ ِ
ذي َ
َ َ ن الن َّ ْ
ولَق َ ح ِّه إل ّ بِال َ حَّر َ
م الل ُ س ال ّتِي َ ف َ قتُلُو َ يَ ْ
ف لَ ُ
ه ع ْ ضا َق أَثاما ً ي ُ َك يَل ْ َ ل ذَل ِ َ ع ْف َ من ي َ ْ نو َ يَْزنُو َ
َ
ب
من تَا َ هانا ً إِل ّ َم َ ه ُ
في ِخلُدْ ِ ة وي َ ْ م ِ
قيَا َ م ال ِ و َ ب يَ ْعذَا ُال َ
() » الفوائد « ص (115ـ .)116 1
مدارك النظر في
406
السياسة
ه د ُ
ل الل ُ فأُولَئ ِ َ
ك يُب َ ِّ صالِحا ً َمل ً َ
ع َل َم َع ِ
نو َ م َ وءَا َ َ
حيماً }. فورا ً َر ِ ه َ
غ ُ وكَا َ
ن الل ُ ت َسنَا ٍح َم َ سيِّئَات ِ ِ
ه ْ َ
وقال " :وتتنع فيما يُستقبل من الذّنوب ،وامتناعك ترك وراحة ليس هو
عمل بالوارح يشقّ عليك معاناته ،وإنا هو عزم ونيّة جازمة تريح بدنك
وقلبك وسرّك ،فما مضى تصلحه بالتوبة ،وما يستقبل تصلحه بالمتناع والعزم
والنيّة ".
قلت :وبذا يتبيّن لك سرّ اقتران التوبة بالستغفار ف مثل قوله تعال:
فوٌر ه َ
غ ُ والل ُ
ه َ فُرون َ ُ
غ ِ ه وي َ ْ
ست َ ْ فل َ يَتُوبُو َ
ن إلى الل ِ {أ َ َ
م}. حي ٌ َر ِ
فالستغفار على معن ترك ما مضى ،والتوبة على معن عدم الصرار ف
َ
علُوا ن إِذَا َ
ف َ ذي َالستقبل ،وقد جعال بينهما ف آية واحدة فقال{ :وال ّ ِ
م ذَكَُروا الل َ
ه ه ْ
س ُف َ موا أَن ُ و ظَل َ ُ
ش ً َ
ةأ ْ ح َ فا ِ َ
َ
ب إل ّ الل ُ
ه فُر الذُّنُو َ غ ِمن ي َ ْ مو َ فُروا لِذُنُوب ِ ِ
ه ْ غ َست َ ْ
فا ْ َ
ن}.
مو َ عل َ ُ
م يَ ْ
ه ْو ُعلُوا َ ما َ
ف َ علَى َ صُّروا َم يُ ِ ول َ ْ َ
ب ول تعبٌ،ولك ّن قال ـ رحه ال ـ " :وليس للجوارح ف هذين نص ٌ
الشأن ف عمرك ،وهو وقتك الذي بي الوقتي ،فإن أضعته أضعت سعادتك
وناتك ،وإن حفظته مع إصلح الوقتي اللذين قبله وبعده با ذُكر نوت
وفزت بالرّاحة واللّذة والنّعيم ".
قلت :وهذا يدلّك على س ّر اشتراطال تعال الصلح مع التوبة الت إذا
علَى م َ أُطلقت دخل فيها الستغفار ،كقوله تعال { :كَت َ َ
ب َربُّك ُ ْ
فسه الَرحم َ َ
هال َ ٍ
ة سوءا ً ب ِ َ
ج َ م ُمنك ُ ْ
ل ِ م َ
ع ِ
ن َم ْ
ه َة أن َّ ُ ّ ْ َ نَ ْ ِ ِ
م تَاب من بعده وأ َصل َح َ َ
م}،حي ٌ فوٌر َر ِغ ُه َفأن َّ ُ َ ْ ِ ِ َ ْ َ َ ِ ث ُ َّ
407 مدارك النظر في
السياسة
ك َ َ َ
فإ ِ َّ
ن صل َ ُ
حوا َ د ذَل ِ َ َ
وأ ْ ع ِ
من ب َ ْ
ن تَابُوا ِ
ذي َوكقوله{ :إل ّ ال ّ ِ
م} ،فالصلح حينئذ يكون على معن إصلح الوقت حي ٌفوٌر َر ِ ه َ
غ ُ الل َ
الاضر ،وقد قيل:
ما مضى ُحلْم و الؤمّل غيبٌ ولك الساعة الت أنت فيها
وهذا يُبيّن لك وجه ذكر ( الصلح ) بعد آيات التوبة ،وال أعلم.
قال ـ رحه ال ـ " :وحفظه أشقّ من إصلح ما قبله وما بعده ،فإنّ
حفظه أن تلزم نفسك با هو أول با وأنفع لا ،و أعظم تصيل لسعادتا ،وف
هذا تفاوت النّاس أعظم تفاوت ،فهي وال أيّامك الالية الت تمع فيها الزّاد
لعادك ،إمّا إل النة وإمّا إل النار ." ...
قلت :من تدبّر القرآن وجد دعوته ل ترج عن هذه الوقات الثّلثة،
ُ
تصل َ ْ ف ِّم ُ ه ث ُ َّ ت ءَايَات ُ ُم ْحك ِ َ بأ ْ قالال تعال{ :الـــر .كِتَا ٌ
َ َ َ َ
ه إنَّنِي لَكُم عبُدُوا إل ّ الل َ ر .أل ّ ت َ ْ خبِي ٍ حكِيم ٍ َ ن َ من ل ّدُ ْ ِ
َ
م تُوبُوا م ث ُ َّ فُروا َربَّك ُ ْ غ ِست َ ْ نا ْ شيٌر .وأ ِ ذيٌر وب َ ِ ه نَ ِمن ْ ُ ِ
ه} ،أي إنا َأ ْحكَم ُال كتابَه وفصّله لتعبدوه ف هذه الوقات الثلثة با إِلَي ُ ِ
أَمر.
فقوله{ :أَل َّ تَْعبُدُوا إل َّ اللَه } لعبادة الوقت الاضر؛ إذ التّوحيد
أنفع وأصلح وأول الطّاعات ،وألزمُها مصاحَبةً لصاحبه.
فُروا َربَّكُم} للماضي. َ
غ ِست َ ْنا ْ وقوله{ :وأ ِ
()
ه} للمستقبل .
1
م تُوبُوا إِلَي ْ ِ وقوله{ :ث ُ َّ
() وهو أحد القوال الّت فسّر با الستغفار والتّوبة اللذان ف الية كما حكاه الشّوكان 1
ف » فتح القدير « ( ،)2/481وهذا التفصيل الذي ذكره ابن القيّم ف تقسيم الوقات ليس
نتاج فكر مرّد! بل أخذه ـ رحه ال ـ من هدي السلف؛ فانظر لذلك آثارا لم ف
مدارك النظر في
408
السياسة
م ن َربِّي َر ِ
حي ٌ م تُوبُوا إِلَي ْ ِ
ه إ ِ َّ فُروا َربَّك ُ ْ
م ث ُ َّ غ ِ
ست َ ْ { َ
وا ْ
ودُودٌ}.َ
وعن أب سعيد الدري أنّ نبّال قال » :كان فيمن كان قبلكم
رجل قتل تسعة وتسعي نفسا ،فسأل عن أعلم أهل الرض ،فدُلّ على راهب،
فأتاه فقال :إنّه قتل تسعة وتسعي نفسا ،فهل له من توبة؟ فقال :ل! فقتله
فكمّل به مائة! ث سأل عن أعلم أهل الرض ،ف ُد ّل على رجل عال ،فقال :إنّه
قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال :نعم! ومَن يَحُول بينه وبي التوبة؟
فانطلِقْ إل أرض كذا وكذا؛ فإنّ با أناسا يعبدونال تعال فاعبدال معهم ،ول
ترجع إل أرضك؛ فإنّها أرض سوء ،فانطلقَ حت إذا نصف الطريق أتاه الوت،
فاختصمت فيه ملئكة الرحة وملئكة العذاب ،فقالت ملئكة الرحة :جاء
تائبا ُمقْبلً بقلبه إلال تعال ،وقالت ملئكة العذاب :إنه ل يعمل خيا قطّ،
فأتاهم ملك ف صورة آدمي فجعلوه بينهم ـ أي َحكَما ـ فقال :قيسوا ما
بي الرضي فإل أيّتهما كان أدن فهو له ،فقاسوا فوجدوه أدن إل الرض
الت أراد ،فقبضته ملئكة الرحة « متفق عليه.
ف هذه القصة يظهر جليّا إصلحُ هذا الرجل للوقات الثلثة ،فبعد أن
صلِح حاضرَه فورا، تاب من ماضيه ،وعزم على التوبة ف مستقبله ،اشتغل با يُ ْ
أل وهو الجرة من دار الفساد ول يترك لطول المل مالً ،ولذلك ل تد له
اللئكة من عمل صال إل هجرته هذه ،ولا كانت هي عبادةَ الوقت غُفر له؛
لنّ التزامه با دليل على الخلص للحق جلّ وعل ،ومنه يظهر أنه كان موحّدا.
ل
وعن الباء قال :أتى النبّ رجلٌ م َقنّع بالديد ،فقال :يا رسول ا !
أقاتل أو أُ ْسلِم؟ قال » :أَسلِم ث قاتل « ،فأسلم ث قاتل ف ُقتِل! فقال رسولال
» :عَمِلَ قليلً وأُجِر كثيا « متفق عليه.
مدارك النظر في
410
السياسة
قلت :ويدل عليه قول النبّ » :كلّ النّاس َيغْدُو؛ فبائعٌ نفسَه:
ف ُمعِْتقُها أو مُوِبقُها « رواه مسلم ،وف رواية (( :يا كعب بن عجرة! الناس
)
غاديان . ()) ...
2
ه قلت :كلّهم َيغْدُون ،فمن ل يبع نفسه ل الذي قال{ :إ ِ َّ
ن الل َ
هم بِأ َ َّ
ن وال َ ُ
فس ه م َ
وأ ْ
م َ
َ
ن أن ُ َ ُ ْ َ
منِي َ م ْ
ؤ ِ ن ال ُ
م َ
شتََرى ِ ا ْ
()
جنََّة} ،باعها للشيطان الترصّد ؛ وذلك لنّال خلق للنسان
3
م ال َ
ه ُلَ ُ
وقتا ،وأمره بعبادات مناسبة لوقته فليست ( الواجبات أكثر من الوقات )
()
كما زعم حسن البنا .
4
() رواه عبد الرزاق ( )20719وعبد بن حيد ( )1138وأحد ( )3/321وابن حبان (،)7497 2
الت فحواها اتام ال بالظلم ـ كما ترى ـ قد جُعلت من وصايا المام ،وكثيا ما
تُوزّع ف الحافل العامة .هذا وإن كنا نعلم أنم يقصدون با استنهاض المم للقيام
بالواجبات الركية! فنحن ل نعلم إل الواجبات الشرعية بيسرها وساحتها ،والمد ل
التفرّد بالكم؛ وإل فلو كان المر لؤلء لرهقونا بواجبات ما أنزل ال با من سلطان!
مدارك النظر في
412
السياسة
ن} ول يقل َتِبعَه؛ فإنّ ف معن {أَتْبََعُه} أدركه شيْطَا ُ عه ال َّ َ
{فأتْب َ َ ُ
()
ولقه ،وهو أبلغ من تبعه لفظا ومعنًى " .
1
حكمة ذلك :لعل الكمة ف هذا كله ما أشار إليه الشيخ عبد الرحن
السعدي ـ رحه ال ـ حي قال " :يرشدال عباده من جهة العمل إل قصر
نظرهم على الالة الاضرة الت هم فيها ...وهذه القاعدة الليلة دعا إليها
القرآن ف آيات عديدة ،وهي من أعظم ما يدل على حكمةال ،ومن أعظم ما
يرقي العالي إل كل خي دين ودنيوي ،فإنّ العامل إذا اشتغل بعمله الذي هو
وظيفة وقته ،قصر فكره وظاهره وباطنه عليه فينجح ،ويتمّ له المر بسب
حاله ،وإن تشوّقت نفسه إل أعمال أخرى ل ين وقتها بعد ،شُغل با ث
استبعد حصولا ففترت عزيته ،وانلّت هّته ،وصار نظره إل العمال الخرى
كليل ،يُنقص من إتقان عمله الاضر و َجمْع المّة عليه ،ث إذا جاءت وظيفة
()
العمل الخر جاءه وقد ضعفت هّته وقلّ نشاطه " .
2
ه لَئ ِ ْ
ن هدَ الل َ
عا َ
ن َ
م ْ هم َ من ْ ُ قلت :ومنه قولال عزّ وجلَّ { :
و ِ
ن
م َن ِ ن ولَنَكُون َ َّ صدَّ َ
ق َّ ه لَن َ َّضل ِ ِ ف ْمن ِ ءَاتَانَا ِ
خلُوا ب ِ ِ
ه ه بَ ِ ضل ِ ِف ْ من َ هم ِ ما ءَاتَا ُ نَ .
فل َ َّ حي َصال ِ ِال َّ
َ
في فاقا ً ِ م نِ َ ه ْقب َ ُ ن .فأ َ ْ
ع َ ضو َ ر ُ ع ِم ْ هم ُ وا و ُ ول ّ ْ وت َ َ
ما
ه َ
فوا الل َ ما أ َ ْ
خل َ ُ ه بِ َ
ون َ ُ
ق ْ وم ِ يَل ْ َ
م إِلى ي َ ْ ه ْ ُ ُ
قلوب ِ ِ
ن}. ذبُو َ ما كَانُوا يَك ْ ِ وب ِ َ
عدُوهُ َ و َ َ
وقال أيضا " :وربا كان الثان متوقفا على الول ف حصوله أو تكميله،
فيفوت الول والثان ".
ُ ُ َ
ولَن ءَاَمنُوا ل َ ْ ذي َل ال ّ ِ قلت :ومنه قوله تعال{ :وي َقو
ُ
سوَرةٌت ُ زل َ ْ
فإِذَا أن ِسوَرةٌ} أي تأمر بالقتال ،قالَ { : ت ُ زل َ ْ
نُ ّ ِ
َ قتَا ُ َ
في ن ِ ذي َ ت ال ّ ِ ل َرأي ْ َ ها ال ِ في َ ة وذُكَِر ِ م ٌ حك َ َ م ْ ُ
علَي ْ ِ
ه ي َ ش ِّ غ ِ م ْ ك نَظََر ال َ ن إِلَي ْ َ ض يَنظُُرو َ مَر ٌ هم َ قلوب ِ ِ
ُ ُ
ف. م .طَا َ من الموتَ َ .
عُرو ٌ م ْل َ و ٌ ق ْ و َة َ ع ٌ ه ْ ولَى ل َ ُ فأ ْ َ ْ ِ ِ َ
م. َ
ه ْخيْرا ً ل َ ُ ن َ ه لَكَا َ قوا الل َ صدَ ُ و َ فل َ ْ مُر َ م ال ْ عَز َ فإِذَا َ َ
َ م أَن ت ُ ْ َ
ضسدُوا في الْر ِ ف ِ ول ّيْت ُ ْم إِن ت َ َ سيْت ُ ْ ع َ ل َ ه ْ ف َ َ
ُ َ َ َ َ
ه
م الل ُ ه ُ عن َ ُ ن لَ َذي َ ك ال ّ ِ م .أولئ ِ مك ُ ْحا َ عوا أْر َ قط ِّ ُ وت ُ َ
م}. َ وأ َ ْ ص َّ َ َ
ه ْ صاَر ُ مى أب ْ َ ع َ م َ ه ْ
م ُ فأ َ
فتدبّر كيف كان عاقبة السيّئة السوأى؛ إذ تولّوا عن القناعة بأمرال لم
بالصلة و الزكاة ،وطمحت نفوسهم إل جهاد عدوّهم قبل أن يُكتب
عليهم ،فلمّا كتب عليهم الهاد تولّوا ،فأصابتهم لعنةال لنّ ذلك الطموح
كان حاسة عجول ،أو دفاع منتقم ،أو استشفاء متغيّظ متحرّف لقتال
متحيّز إل نفسه ،إل غي ذلك ما ترشح به قلوب الركات السلمية
اليوم .ولذا ترى السلمي اليوم ـ على وعيهم الكبي لا يدور حولم ويُدبّر
لم فيما يقال ـ ل ينقطع سؤالم عن سبب تأخر صلح الشتغلي بالدعوة،
وقد يكونون ذوي نشاط وتنظيم كبيين ،ف حي يقرأون عن الصحابة سية
شبيهة باليال ف عال الكمال ،وهم ل يتنبّهون إل هذه القاعدة الليلة أل
415 مدارك النظر في
السياسة
ب هذه اليات على آية فيها المر ومن أسرار الكتاب العزيز أن تُرتّ َ
بإصلح الوقت الاضر بالتّوحيد ،وإصلح الاضي والستقبل بالستغفار وذلك
َ َ
فْرغ ِ ست َ ْ
وا ْ ه َ ه إِل ّ الل ُ ه ل َ إِل َ َ م أن َّ ُ عل َ ْفا ْ قولال تعالَ { :
ت}. منَا ِ ؤ ِ م ْ وال ُ منِين َ ؤ ِ م ْ ولِل ْ ُك َ لِذَنب ِ َ
َ َ
م قل ّبَك ُ ْ مت َم ُ عل َ ُه يَ ْ والل ُ وما أحسن خاتتها حي قال سبحانهَ { :
م}! واك ُ ْمث ْ َو َ
ول َ ْ
و وينبّهال تعال على ما ف هذا النهج من ثبات على الدين فيقولَ { :
م} أي بقاتلة العدوّ، سك ُ ْ ف َ قتُلُوا أَن ُ نا ْ َ
مأ ِ ه ْ أَنَّا كَتَبْنَا َ َ
علي ْ ِ
م} أي بالجرة من الوطان البيبة ،قال: َ
رك ُ ْ من ِديَا ِ جوا ِ خُر ُ وا ْ {أ ِ
() ل يَكب عليك استدلل بذا الديث ف الباب فقد سبقن إل نظيه الشيخ ابن عثيمي 1
حي قال " :إن ماطبة السئولي ف الدولة مِن على هذا النب ل يَقتضيه العقل ،ول
» :مِن يأمر به الشرع؛ لنه ل يُجدي شيئا ،وما ل يُجدي شيئا فقد قال النب
حسن إسلم الرء تَرْكه ما ل يعنيه « " ..من » فتوى حول فت الرائد والجلت «
ص (.)12
مدارك النظر في
416
السياسة
م}!ه ْ
من ْ ُل ِقلِي ٌعلُوهُ إِل َّ َ ف َما َ { َ
ث قال{ :ول َ َ
نه لَكَا َ عظُو َ
ن بِ ِ علُوا َ
ما يُو َ ف َم َه ْو أن َّ ُ َ ْ
شدَّ تَثْبِيتاً } ،فأخب سبحانه أنّ ترك الشتغال وأ َ َ
م َ خيْرا ً ل َ ُ
ه ْ َ
بجاهدة العدوّ بالسّيف وتعويضه بجاهدة النّفس ف ذلك الوقت هو أشدّ ما
يثَبّت على هذا الدين ،وإل فقد قال السن ـ رحه
()
ال ـ " :من علمة إعراضال عن عبده أن يعل شغله فيما ل يعنيه " .
1
() (( التمهيد )) لبن عبد الب ( )9/200و» الرسالة الُغْنية « لبن البناء ص (.)62 1
417 مدارك النظر في
السياسة
العبادة الفضلى
سرّ السألة يتمثل ف معرفة العبادة الفضلى الت يركّز عليها وتستوعب
وقت الرء ،وحول هذا جدل معروف لست بصدده ،وإنا أذكر ما أعتقده
حقيقا بالتّحقيق ناقل عن ابن القيم ـ رحه ال ـ قوله " :من ل يكن وقته
ل وبال فالوت خي له من الياة ،وإذا كان العبد وهو ف الصلة ،ليس له من
()
صلته إل ما عقَل منها ،فليس له من عمره إل ما كان فيه بال ول " .
1
قلت :أما أن يكون الوقت ل فهو استنفاد العمر ف العبادة على تنوعها
حت ل يكون للشيطان منه نصيب ،ومن فعله فقد حقق قوله تعال{ :إِيَّا َ
ك
د}.عب ُ ُ
نَ ْ
وأما أن يكون الوقت بال فهو أل تشغل وقتك إل بعبادة تناسبه ،تستوحيها
ن}،عي ُ ست َ ِ
ك نَ ْ من الشرع النيف ،ومن َفعَله فقد حقق قولهَ { :
وإِيَّا َ
قال ابن القيم " :أفضل العبادة :العمل على مرضاة الرب ف كل وقت با
()
2
هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته " .
فأفضلها عند جهاد العدوّ جهاده ،ولو آل ذلك إل ترك قيام اللّيل وصيام
ن.قْرءَا ِ ن ال ُم َ
سَر ِ ما تَي َ َّ
قَرءُوا َفا ْالنهار ،قالال تعالَ { :
َ
ن
ربُو َ
ض ِن يَ ْخُرو َ ضى وءَا َ مْر َ منكُم َ ن ِسيَكُو ُ م أن َ عل ِ ََ
نخُرو َ ه وءَا َ ل الل ِ من َ َ
ض ِ ف ْ ن ِ غو َض يَبْت َ ُ
في الْر ِ
سَر ِمنُْه}. ما تَي َ َّقَرءُوا َ فا ْه َل الل ِ
سبِي ِ ن في َ قاتِلُو َ يُ َ
» :إنّ ل َزوْرك عليك وأفضلها عند نزول الضيف القيام بقه لقول النبّ
حقّا « رواه مسلم.
وأفضلها عند ساع الذان أن تَترك ما أنت فيه من ذكر ،وأن تيب الؤذّن
لقول النبّ » :إذا سعتم الؤذّن فقولوا مثل ما يقول « ال ..الديث
الذي رواه مسلم.
وأفضلها عند أوقات الصلوات البادرة إل الامع والنصح ف أدائها على
ول َ بَي ْ ٌ ْ أكمل وجه لقولال تعالِ { :
ع جاَرةٌ َ م تِ َ
ه ْ هي ِ ل ل َ تُل ِ جا ٌ ر َ
وإِيتَاِء الَّزكَاِة}. ة َ صل َ ِ قام ِ ال َّ وإ ِ َ
ه َ عن ِذك ْ ِ
ر الل ِ َ
وأفضلها عند السّحَر تلوة القرآن والدعاء والستغفار والصلة لقولال
َ
ن}جدُو َ س ُم يَ ْه ْ و ُ
ل َ ه ءَانَاءَ الل ّي ْ ِ ت الل ِتعال{ :يَتْلُون ءَايَا ِ
ن}. َ
فُرو َ غ ِست َ ْم يَ ْ ه ْر ُحا ِ س َوبِال ْ ولقولهَ { :
وأفضلها عند ضرورة الحتاج إغاثته بالاه أو البدن أو الال لقول النبّ
»:أطعموا الائع ،وعُودُوا الريض ،وفُكّوا العان « رواه البخاري.
وأفضلها عند لقاء أخيك التسليم عليه ولو أدى إل قطع الذّكر ،وأفضلها
عند مرضه أو موته عيادته وتشييع جنازته لقول النبّ » :حقّ السلم على
السلم خس :ردّ السلم وعيادة الريض واتّباع النائز وإجابة الدعوة
وتشميت العاطس « متفق عليه.
وأفضلها عند أذاة الناس لك أداء واجب الصب ،مع خلطتك لجتمعهم
دون الرب منه لقول النبّ » :الؤمن الذي يالط النّاس ويصب على
أذاهم ،خي من الذي ل يالط النّاس ول يصب على أذاهم « رواه ابن ماجه
وهو حسن ،هذا ف أذيّة نفسك ،أما إذا خفتَ منهم على دينك فأفضل العبادة
اعتزالم ،إذ ُخلْطَتهم ف الشر شر ،ودين الرء رأس ماله ،لقول النبّ :
» كيف بك يا عبدال بن عمرو إذا بقيتَ ف حُثالة من النّاس مَ َرجَت عهودهم
وأماناتم ،واختلفوا فصاروا هكذا « وشبّك بي أصابعه ،قال :قلت :يا رسول
419 مدارك النظر في
السياسة
ال ما تأمرن؟ قال » :عليك باصة نفسك ودع عنك عوامهم « رواه ابن
حبّان وهو صحيح.
مدارك النظر في
420
السياسة
الطاعة
تعمّدت ذكر هذه المثلة بأدلّتها من الكتاب والسنة لسببي:
الول :أنّ تنوّع العبادات تابع لدلة الوحيي ل غي.
الثان :أنّ انتقال العبد من عبادة إل أخرى بسب وقت كل منها دليل
على أنّه عبد حقيقيّ ل ،لنّه ل يتحرك بواه ول بنتاج عقله ول بعادة قومه،
وإنا يقوم ويقعد بال ،فهو " :صاحب تعبّد مطلق ،ليس له غرض ف تعبّد
بعينه ،يُؤْثره على غيه ،بل غرضه تتبّع مرضاةال تعال أين كانت ...فهو ل
يزال متنقّل ف منازل العبودية ...فإن رأيت العلماء رأيته معهم ،وإن رأيت
العبّاد رأيته معهم ،وإن رأيت الجاهدين رأيته معهم ،وإن رأيت الذّاكرين
رأيته معهم ،وإن رأيت التصدّقي الحسني رأيته معهم ...فهذا هو العبد
الطلق ،ل يكن عمله على مراد نفسه وما فيها لذّتا وراحتها من العبادات،
بل هو على مراد ربّه ،ولو كانت راحة نفسه ولذّتا ف سواه ،فهذا هو
ن} حقّا ،القائم با صِدقا،عي ُ
ست َ ِ وإِيَّا َ
ك نَ ْ عبُدُ َ التحقق بـ {إيَّا َ
ك نَ ْ
ملبسه ما تيّأ ،ومأكله ما تيسّر ،واشتغاله با أَمرال به ف كل وقت بوقته،
وملسه حيث انتهى به الكان ووجده خاليا ...حر مرّد ،دائر مع المر
حيث دار ،يدين بدين المر أنّى توجهت ركائبُه ،و يدور معه حيث
استقلّت مضاربُه ،يأنس به كل مقّ ،و يستوحش منه كل مبطل ،كالغيث
حيث وقع نفع ،وكالنّخلة ل يسقط ورقها ،وكلها منفعة حت شوكها،
وهو موضع الغلظة منه على الخالفي لمر ال ،والغضب إذا انتهكت مارم
ال ،فهو ل وبال ومع ال ،قد صحب ال بل خَلق ،وصحب الناس بل
نفس ،بل إذا كان مع ال عزل اللْق عن البي ،وتلّى عنهم ،فواهًا له ما
أغربه بي الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أنسه بال وفرحه به
421 مدارك النظر في
السياسة
"( )
وطمأنينته وسكونه إليه! وال الستعان ،وعليه التكلن .
1
الصدق ف الطاعة
قد يبدو النّاس كثيين ف طاعةال ،خاصة عند أول الماسة ،وإذا حقّت
القائق وابتلي الؤمنون تيّز النفيس من السيس ،وبان من هو على الطاعة
حريص من هو ف الصف دسيس ،وكم هم الذين استعاروا ثوب السلفية ،فإذا
رأوا من الهرّجي الضعفاء من يكي صولة السد ،جاؤوه هرعي قد نفضوا
أيديهم من التصفية والتربية ،وحدثاء السنان ف غرّة شبابم يُوعَدُون ويُ َمّنوْن
غُروراً }. ن إِل َّ ُ هم ال َّ
شيْطَا ُ عدُ ُ ُما ي َ ِ زوراَ { ،
و َ
وحرف السألة :ف الصدق ،و تال ما ُأتِيت الركات السلمية اليوم إل من
جهة عدم صدق معظمها ف إظهار الطاعة وحب التحاكم إل الكتاب والسنة؛
أل ترى أنم يؤمرون من قبل علماء السلفية بالصب والتحمل وعدم استعداء العداء
عليهم بالتّهييج السياسي وتتلى عليهم اليات البيّنات والحاديث الصحيحات
فيأبون إل تكيم عواطفهم؟! كما فعل أشياعهم من قبل؛ متجّي بشمولية السلم
لكل جوانب الياة ،مع أنم ـ ف حقيقة أمرهم ـ قد حصروا السلم ف دائرة
()
الكم ،وإذا وصلوا إل الكم فل إسلم! ومتجي بأنّ الهاد بالسيف من
1
الدين ،غاضّي الطرف عن أننا مطالبون باتباع أحسن ما أنزل من الدين ،وليس ف
ذلك اتباع لسلك الذين جعلوا القرآن عضي ،أليس من تنيل رب العالي قوله:
ُ َ
ل من َ
قب ْ ِ من َربِّكُم ِ ل إِلَيْكُم ِ ز َ ما أن ِ ن َ س َح َ عوا أ ْ {واتَّب ِ ُ
ن}؟! وقوله: غت َ ً َ ْ َ
عُرو َ ش ُ م ل َ تَ ْ ة وأنت ُ ْ ب بَ ْ عذَا ُ م ال َ أن يَأتِيَك ُ ُ
ه أُولَئ ِ َ َ َ
ك سن َ ُح َنأ ْ عو َ فيَتَّب ِ ُل َ و َ ق ْ ن ال َ عو َ م ُ ست َ ِ ذين ي َ ْ {ال ّ ِ
َ ُ وأُولَئ ِ َ َ
ب}؟! وقوله: م ألُو اللْبَا ِ ه ْك ُ ه َ م الل ُ ه ُ هدَا ُ ن َ ذي َ ال ّ ِ
ها}. َ ك يَأ ْ ُم َ مْر َ وة ْ ها ب ِ ُ { َ
سن ِ َح َخذُوا بِأ ْ و َ
ق ْ وأ ُ ق َّ ٍ َ خذ ْ َ ف ُ
والقتال إذا ل َيحِن وقته فليس أحسن ما أُنزل وإن كان ما أُنزل ول شك،
ل ولذا حذّرال تعال الفئة الؤمنة الول من استعجال القتال فقال{ :وي َ ُ
قو ُ
ُ َ
سوَرةٌ ت ُ زل َ ْفإِذَا أن ِ سوَرةٌ َ ت ُ زل َ ْول َ ن ُ ّ ِ منُوا ل َ ْ ن ءَا َ ذي َ ال ّ ِ
َ قتَا ُ َ
في ن ِ ذي َ ت ال ّ ِ ل َرأي ْ َ ها ال ِ في َة وذُكَِر ِ م ٌحك َ َ م ْ ُ
علَي ْ ِ
ه ي َ ش ِّغ ِ م ْ ك نَظََر ال َ ن إِلَي ْ َ
ض يَنظُُرو َ مَر ٌ هم َ قلوب ِ ِ
ُ ُ
ت} ،ث نبّه على أنّ مشكلة الستعجلي ف تنكّبهم الطاعة و ِ م ْ
ن ال َ م َ ِ
م طَا َ الاضرة فقالَ َ { :
ف} ،ث عُرو ٌ م ْ ل َ و ٌ ق ْةو َ ع ٌ ه ْولَى ل َ ُ فأ ْ
معَز َ فإِذَا َنبّه على أن حرف الشكلة ف الصدق ،فقال سبحانهَ { :
َ
هم}؛ لنه أَثبت للمرء خيْرا ً ل َ ُ ن َه لَكَا َ قوا الل َ صد َ ُو َفل َ ْ
مُر َال ْ
منُوا أ َ َّ َ
م ن لَ ُ
ه ْ ن ءَا َذي َ ر ال ّ ِ
ش ِعلى الق ،ولذلك قالال تعال{ :وب َ ّ ِ
م}.ه ْ
عندَ َرب ِّ ِ ق ِصد ْ ٍ م ِقدَ ََ
وسر إضافة القَدَم إل الصدق أمران:
الول :أنّه دليل على الثبات ،إذ يعبّر عنه بثبات القدم؛ لنّه ل يثبت إل
قائم على قدميه.
الثان :أنّه دليل على السي الثيث إلال من غي التفات إل العوقات؛ لنّ
السي ل يكون إل بالقدم ،كما يعبّر عن النعمة باليد؛ لنا العطية وعن الثناء
()
باللسان . 1
فدلّ هذا كله على أن الثبات على الدين والسبق إل ربّ العالي إنا ها
()
بالصدق ف الطاعة . 2
() انظر إن شئت » روح العان « لللوسي (11/62ـ ،)63و» زاد السي « لبن الوزي 2
(4/5ـ .)6
مدارك النظر في
424
السياسة
فعاد المر حينئذ إل القلب؛ لنه وعاء الصدق ،قال ابن القيم عند قوله
ه}" : قلْب ِ ِ
ءو َ مْر ِ ن ال َ
ل بَي ْ َحو ُ ه يَ ُ موا أ َ َّ
ن الل َ عل َ ُ
تعال{ :وا ْ
وف الية قول آخر أن العن أنه سبحانه قريب من قلبه ل تفى عليه خافيةٌ؛
فهو بينه وبي قلبه ،ذكره الواقدي عن قتادة ،وكان هذا أنسب بالسياق؛ لن
الستجابة أصلها بالقلب فل تنفع الستجابة بالبدن دون القلب؛ فإنال
سبحانه بي العبد وبي قلبه ،فيعلم هل استجاب له قلبه ،وهل أضمر ذلك أو
()
1
أضمر خلفه " .
روى أبو داود وأحد بإسناد صحيح عن وهب قال :سألت جابرا عن
شأن ثقيف إذ بايعت؟ قال :اشترطت على النبّ أن ل صدقة عليها ول
جهاد ،وأنه سع النبّ بعد ذلك يقول » :سيتصدّقون وياهدون إذا
أسلموا « قلت :فتأمّل سياسة رسولال مع قوم ظهر صدقهم من إخبارهم
بتقصيهم وعدم الغشّ ف بيعة السلم والطاعة ،فل عجب أن يسن
إسلمهم ،وأن يثبّتهمال مع أب بكر الصديق ف حروب الردّة حي قلّ النصي،
واشتد من البيب النكي ،وأعجب منه ما رُوي عن الغية بن شعبة أنه
قال " :فدخلوا ف السلم ،فل أعلم قوما من العرب بن أَب ول قبيلة
كانوا أصح إسلما ول أبعد أن يوجد فيهم غشّ ل ولكتابه
()
منهم " .
2
اللصة
أكثر القراء ـ ف زمن الوهن العلمي ـ يطبون من فهارس الكتب
الخبار ،خاصة إذا زيّنتْها السياسةُ! فبعضهم ل يتمالك عندها حت لعله ل
يعلق بذهنه منها إل هي! وبعضهم ينثن عن متابعة القراءة؛ لنه انتقِد له فيها
متبوعه ،وما أقل من ينتصر للحق قبل الرجال! فكل هؤلء ل يستفيدون من
الي إن ُوجِد ف كتاب هذا؛ لن أخبار الناس عُرفَت أو أُنكرت ل تغيها
هراً }. َ { َ
مرآءً ظَا ِ م إِل ّ ِ
ه ْفي ِ
ر ِ فل َ ت ُ َ
ما ِ
فأرجو حينئذ من القاريء إمعان النظر ف الصول والقواعد العلمية الت
نقلتها عن أهل العلم ،والت منها:
1ـ أنن بذلت نصحي للمتصدين للدعوة أنه بدلً من أن يستجيبوا
للستفزازات السياسية ،ويُضيّعوا مواهبهم ف الهاوشات الزبية ،فلُي ْعنَوا
بتعظيم الشريعة :تعلّمًا وتعليمًا؛ حت يُخرج ال منهم أو من أصلبم علماء
متهدين ،يكونون على مستوى ما استعجلوه الن ،ليحققوا الصل الذي من
أجله ألّفت هذا الكتاب ،أل وهو ألّ يُفت ف النوازل السياسية إل عال
متهد .وما َت َغوّل سفلة من رجال القانون للتوغّل ف هذا اليدان ـ بزعم أن
الشريعة ليست حكرا على أحد ـ إل عدوان عظيم؛ جرّؤوا به نوابت من
شباب السلم على ولوج هذا الباب زاعمي أن الشريعة أمرت كل مسلم
بالجتهاد ف كل الستجدات!
2ـ ومنها ما جعلته مدخلً لكتاب ،وهي:
ـ أن الطريق الذي ارتضاه لنا ربنا واحد.
ـ وأن هذا الطريق منضبط بفهم السلف الصال للكتاب والسنة.
ـ وأن التمسك بالسنة ف أمن من الزية والكفر.
مدارك النظر في
428
السياسة
() ()
ساباط على بساط ،يُحاكي فيكم سنّة ال ف السباط .
4 3
َ
ي عشْرةَ م اثْنَت َ ْ () سنة ال ف السباط هي التفرق ،قال تعال{:وقطّ ْ
عناه ُ 4
ما} .وما أصدق هذه الوصاف الت ذكرها الشيخ على التحزب! لذا ُ َ
سباطا ً أ َ
م ً أ ْ
ل يكن هذا السجع كسجع الكهان؛ لن الكهان يكذبون ،وهذا حق مثلما أنكم
تنطقون؛ فإنه وإن بدا التحزب واصل جامعا ،فإنه ل يلبث أن يكون مزقا قاطعا .وإن
بدا أنه ييي ف الناس الغية على الحارم ،فإن حقيقته أنه ييي فيهم الغية على (مارم
الزب) ويقتل فيهم الغية على مارم ال؛ أل ترى الواحد منهم إذا انتُقِد قطب حزبه
كيف يفارق ،وتيَى فيه معان الباء؟! وإذا جاءه الطاعن ف الصحابة فل بأس أن يعانق،
429 مدارك النظر في
السياسة
4ـ كما بيّنتُ أن تضييع الدعوة إل الدين الق وتنكّب طريق النبياء
سببه تفسيُ أكثرِ الدعاة اليوم الدينَ تفسيا سياسيا و َحصْرُ الدعوة ف السبيل
خيّل إليهم من سحرها أنا تسعى!! مع أناالسياسية أو التركيز عليها؛ يُ َ
تزيدهم كل يوم نكسة ،وترجع بم القهقرى ،وهذا أيضا من إفرازات الزبية،
الت كثيا ما تَخدع ،حت يظن الظّانّ أن الطرق مسدودة إل بخالفة
النبياء!!!
5ـ لذا بذلت وسعي ف ربط هذه المة بعلمائها :علماء الكتاب والسنة
ل علماء ضرائر كتب العلم :الرائد ...
ولعل القاريء يلحظ أنه ليس لقلمي ف هذا الؤلّف سوى النقول عنهم؛
أبيّن هذا كي ل يقال :كيف تكتب ف السياسة ولستَ من أهل الجتهاد؟!
هذا ،وشباب الدعوة مع هذه الؤلفات ف أمر عجب! فمنهم من أقعده
العجز عن طلب معال المور ،وطمع ف دخول حى غيه ،فزعم أن باب
ويذكر معه معاذير الولء؟! بل ل يانع من التقارب مع الطاعن ف صفات ربه بنجر
التأويل والتحريف ،أو بتسليط سيف التكذيب والتكييف .وهكذا يمع الزبُ ما صفا
وكدر من العتقد ،كما يمع اليزاب من الاء ما صلح وفسد ،كما أن التحزب تغرير
بسراب المان ،وحسبك أنه حرب على العلم؛ كما يظهر من أول كلم الشيخ .ث إنن
حي كنت أعدّ الكتاب للطبع جاءن الب التواتر بأن الثوار عندنا وصل بم الد إل منع
التعليم الشرعي؛ فأقفلوا العهد الوطن العال لصول الدين بالزائر زمنا؛ لنه مؤسسة من
مؤسسات دولة الطاغوت!! فاللهم رحاك.
() » آثاره « (2/350ـ .) 351 5
مدارك النظر في
430
السياسة
الاتة
ال وحده يعلم أنّن ما كتبت ما كتبت تتبّعا للعورات ،ول تفكّها
بالسوءات ،ول طلبا للنّزال ،ول حبّا ف الدال ،ول نصرةً لنظمة الباطل ،ول
خذلنا للقائمي ف وجه الصّائل ،ولكنّن رأيت شباب السلم ف زهرة
عمره ،وقوّة نشاطه ،أقبل على العلم ،وربا ضاقت عليه دياره حت هان عليه
مفارقتها ( ،كالنحلة ترحل إل الكان السحيق ،لترجع إل خليّتها بالرحيق )،
وكلما لحت على ميّاه مايل النجابة ُمدّت إليه يَدٌ عجلَى لتقطع عنه الطريق،
بإشغاله بالسياسة العصرية الت أضحت حيلة كل متال ،وحِلية كل بطّال،
يلقط فُتات الخبار ،من موائد إعلم الكفار ،يبلعها بل هضم ،ث يتقيّؤها على
أنه الحلّل الفهم ،فتارة يطيع عاطفة غي معصومة ،وتارة يتبع مصلحة موهومة،
فتأسّى به منهم من صارت السياسة عنده غراما ،فقلت ل بد من تبيب الزّوج
على زوجها وإل كانت الفتنة لزاما ،بتبيان منهج السلف عليهم منال رضاه،
با ل مطمع ف طَرْق حاه ،وربط المّة بعلمائها ،عصمة لا من أن يسوقها
الرّويبضة سوق النعاج إل حتفها.
فيا طلبة العلم! اصبوا على طلب العلم كتابا وسّنةً؛ فإنكم على خي! ول
تستبطئوا الوصول فقد جدّ بكم السي ،ول تقروا ما أنتم عليه؛ فإنه الهاد
الكب! قال ابن القيم ـ رحه ال ـ " :فقوام الدين بالعلم والهاد ،ولذا
كان الهاد نوعي:
ـ جهاد باليد والسنان ،وهذا الشارك فيه كثي.
ـ والثان :الهاد بالجة والبيان ،وهذا جهاد الاصة من أتباع الرسل،
وهو جهاد الئمة ،وهو أفضل الهادين؛ لعظم منفعته وشدّة مؤنته وكثرة
شئْنَا لَب َ َ
عثْنَا كيّةَ { :
ول َ ْ
و ِ أعدائه ،قال تعال ف سورة الفرقان وهي م ّ
مدارك النظر في
432
السياسة
ن
ري َ ع الكَا ِ
ف ِ ذيراً َ .
فل َ تُط ِ ِ ة نَ ِ ل َ
قْري َ ٍ في ك ُ ِّ ِ
هادا ً كَبِيراً } ،فهذا جهاد لم بالقرآن ،وهو
ج َ ه ِ م بِ ِ هدْ ُ
ه ْ جا ِ
و َ َ
()
أكب الهادين ،وهو جهاد النافقي أيضا ؛ فإن النافقي ل يكونوا يقاتِلون
1
السلمي ،بل كانوا معهم ف الظاهر ،وربا كانوا يقاتِلون عدوّهم معهم ،ومع
د الك ُ َّ ها النَّب ِ ُّ َ
فاَر ه ِ
جا ِ
ي َ هذا فقد قال تعال{ :يَأي ُّ َ
م} ،ومعلوم أنّ جهاد النافقي كان ه ْ ظ َ َ غل ُ ْوا ْ
علي ْ ِ ن َ
()
قي َ
ف ِ
منَا ِ
وال ُ َ
بالجة والقرآن ، "..وف (( جامع بيان العلم )) لبن عبد الب قول بعضهم
2
()
: 3
109 وف الامش :التخبط العقدي عند تلميذ ممد قطب................. •
163 • أثر عظيم ف منع تعليم العوامّ السياسة ،وفتوى للشيخ ابن عثيمي......
173 • الشيخ اللبان ينهى ناصر العمر عن إسناد فقه الواقع لطلبة العلم.......
176 ـ الامعون لفنون الشريعة هم السياسيون الشرعيون....................
178ـ نكت ف آيات الكتاب...............................................
182وابن تيمية............. الردّ على مارسي السياسة الستدِلّي بفعل يوسف
186ـ آية تأصيل حكم الباب وبعض فوائدها................................
193 • حكم إذاعة الخبار السياسية.......................................
196 قصة عظيمة ف ني الصحابة عن تتبع الخبار........................ •
213 أمثلة من انداع الزبيي السياسيي بالسياسات الائرة وجهلهم بالواقع •
دفاع عن أئمة السنة ،ور ّد على ( الخوان السلمي ) ف موالتم لليهود •
219 والنصارى.........................................................
223 نصيحة الشيخ اللبان لبهة النقاذ.................................. •
266ـ كلمة ذهبية لبن القيم ف التفريق بي فقه الواقع وفقه النفس...........
271 سلمان العودة ينفي وجود الرجعية العلمية الصحيحة ف الزيرة وغيها •
278لعرفة الواقع.......................................................
283سلمان العودة يوجب على عامة الناس الدخول ف الشورى الديقراطية. •
سلمان يدعو جبهة النقاذ ونساء السعودية إل التمثل بالثورة الشيوعية ف •
334• تكذيب اللبان وابن باز فيما ادّعاه عليهما سلمان من تأييد البهة....
335صورة فاكس الشيخ اللبان لبهة النقاذ ونصّه...................... •
344• الردّ على عبد الرحن عبد الالق فيما نسبه للشيخ اللبان (هامش)....
347• فتوى الشيخ ابن باز ف نازلة الزائر.................................
354البهة وقضية الليج............................................... •
390• تناقضاته...........................................................
391كلم ساقط جدا ف الطعن ف العلماء ( هامش )..................... •